بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 62

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 62: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب السماء و العالم

أبواب الدواجن و قد مضت منها الأنعام

باب 1 استحباب اتخاذ الدواجن فی البیوت

«1»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ (1) عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: كَانُوا یُحِبُّونَ أَنْ یَكُونَ فِی الْبَیْتِ الشَّیْ ءُ الدَّاجِنُ مِثْلُ الْحَمَامِ وَ الدَّجَاجِ أَوِ الْعَنَاقِ لِیَعْبَثَ بِهِ صِبْیَانُ الْجِنِّ وَ لَا یَعْبَثُونَ بِصِبْیَانِهِمْ (2).

«2»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ، عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی یَحْیَی الْمَدَائِنِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَكْثِرُوا مِنَ الدَّوَاجِنِ فِی بُیُوتِكُمْ تَتَشَاغَلْ (3)

بِهَا الشَّیَاطِینُ عَنْ صِبْیَانِكُمْ (4).


1- 1. هكذا فی الكتاب فی مطبوعه و مخطوطه و فیه تصحیف و الصحیح كما فی المصدر: الحسن بن ظریف.
2- 2. قرب الإسناد: 45.
3- 3. فی المخطوطة: لتشاغل.
4- 4. طبّ الأئمّة: 117.

بیان: قال الجوهری دجن بالمكان دجونا أقام به و أدجن مثله و قال ابن السكیت شاة داجن و راجن إذا ألفت البیوت و استأنست قال و من العرب من یقولها بالهاء و كذلك غیر الشاة قال لبید

حتی إذا یئس الرماة و أرسلوا***غضفا دواجن قافلا أعصامها

أراد به كلاب الصید.

و قال فی النهایة فیه لعن اللّٰه من مثل بدواجنه هی جمع داجن و هو الشاة التی یعلفها الناس فی منازلهم یقال شاة داجن و دجنت تدجن دجونا و المداجنة حسن المخالطة و قد یقع علی غیر الشاة من كل ما یألف البیوت من الطیر و غیرها و المثلة بها أن یخصیها و یجدعها انتهی (1).

و قال الدمیری الدجن الشاة التی یعلفها الناس فی منازلهم و كذلك الناقة و الحمام البیوتی و الأنثی داجنة و الجمع دواجن و قال أهل اللغة دواجن البیوت ما ألفها من الطیر و الشاة و غیرهما و قد دجن فی بیته إذا لزمه (2).

ص: 2


1- 1. النهایة 2: 14.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 236.

باب 2 فضل اتخاذ الدیك و أنواعها و اتخاذ الدجاج فی البیت و أحكامها

«1»- الْعُیُونُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ حَمَّوَیْهِ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام: فِی الدِّیكِ الْأَبْیَضِ خَمْسُ خِصَالٍ مِنْ خِصَالِ الْأَنْبِیَاءِ مَعْرِفَتُهُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَ الْغَیْرَةُ وَ السَّخَاءُ وَ الشَّجَاعَةُ وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ(1).

«2»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، فِی مَنَاهِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: نَهَی عَنْ سَبِّ الدِّیكِ وَ قَالَ إِنَّهُ یُوقِظُ لِلصَّلَاةِ(2).

«3»- الْمَكَارِمُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: تَعَلَّمُوا مِنَ الدِّیكِ خَمْسَ خِصَالٍ مُحَافَظَتَهُ عَلَی أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَ الْغَیْرَةَ وَ السَّخَاءَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ كَثْرَةَ الطَّرُوقَةِ(3).

«4»- كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ الْحَضْرَمِیِّ، عَنْ حُمَیْدِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ دِیكاً رِجْلَاهُ فِی الْأَرْضِ وَ رَأْسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ جَنَاحٌ لَهُ فِی الْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ لَهُ فِی الْمَغْرِبِ یَقُولُ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ صَاحَتِ الدُّیُوكُ وَ أَجَابَتْهُ فَإِذَا سُمِعَ صَوْتُ الدِّیكِ فَلْیَقُلْ أَحَدُكُمْ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ (4).

«5»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: دِیكٌ أَفْرَقُ أَبْیَضُ (5) یَحْفَظُ دُوَیْرَةَ

ص: 3


1- 1. عیون الأخبار ج 1: 277 الخصال 1: 298.
2- 2. مجالس الصدوق: 254( 662) و رواه فی الفقیه 4: 3 باسناد المناهی.
3- 3. مكارم الأخلاق: 154.
4- 4. كتاب جعفر بن محمّد بن شریح:
5- 5. فی المصدر: دیك ابیض افرق یحرس.

أَهْلِهِ وَ سَبْعَ دُوَیْرَاتٍ حَوْلَهُ (1).

بیان: قال فی القاموس دیك أفرق بین الفرق عرفه مفروق.

«6»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ رُشَیْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دِیكٌ أَفْرَقُ أَبْیَضُ (2) یَحْرُسُ دُوَیْرَتَهُ وَ سَبْعَ دُوَیْرَاتٍ حَوْلَهُ وَ لَنَفْضَةٌ مِنْ حَمَامَةٍ مُنَمَّرَةٍ(3) أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِ دُیُوكٍ فُرْقٍ بِیضٍ (4).

«7»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ حُسْنُ الطَّاوُسِ فَقَالَ لَا یَزِیدُكَ عَلَی حُسْنِ الدِّیكِ الْأَبْیَضِ بِشَیْ ءٍ قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ الدِّیكُ أَحْسَنُ صَوْتاً مِنَ الطَّاوُسِ وَ هُوَ أَعْظَمُ بَرَكَةً یُنَبِّهُكَ فِی مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا یَدْعُو الطَّاوُسُ بِالْوَیْلِ بِخَطِیئَتِهِ الَّتِی ابْتُلِیَ بِهَا(5).

«8»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیٍّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ (6) رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الدِّیكُ الْأَبْیَضُ صَدِیقِی وَ صَدِیقُ كُلِّ مُؤْمِنٍ (7).

«9»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیٍ (8) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی شُعَیْبٍ الْمَحَامِلِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: فِی الدِّیكِ خَمْسُ خِصَالٍ مِنْ خِصَالِ الْأَنْبِیَاءِ السَّخَاءُ وَ الشَّجَاعَةُ(9)

ص: 4


1- 1. فروع الكافی 6: 549.
2- 2. فی المصدر: دیك أبیض أفرق.
3- 3. طیر منمر: فیه نقط سود.
4- 4. فروع الكافی 6: 550.
5- 5. فروع الكافی 6: 550 فیه: لخطیئة.
6- 6. فی المصدر:« عنه عن بعض أصحابه» و مرجع الضمیر غیر معلوم.
7- 7. فروع الكافی 6: 550.
8- 8. فی المصدر:« عنه عن بعض أصحابه» و مرجع الضمیر غیر معلوم.
9- 9. زاد فی المصدر بعد الشجاعة: القناعة. و الظاهر أنّه زائد و الا تزید عن خمس.

وَ الْمَعْرِفَةُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ(1)

وَ كَثْرَةُ الطَّرُوقَةِ وَ الْغَیْرَةُ(2).

بیان: كثرة الطروقة بفتح الطاء من قولهم طروقة الفحل أی أنثاه فالمراد كثرة الأزواج أو بالضم مصدر طرق الفحل الناقة إذا نزا علیها فالمراد كثرة الجماع.

«10»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیٍّ وَ عِدَّةٍ(3) مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ جَمِیعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: صِیَاحُ الدِّیكِ صَلَاتُهُ وَ ضَرْبُهُ بِجَنَاحِهِ رُكُوعُهُ وَ سُجُودُهُ (4).

بیان: كأنه إشارة إلی قوله تعالی وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ كما مر و قد مر استحباب اتخاذ الدجاج فی الباب السابق.

«11»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْوَزُّ جَامُوسُ الطَّیْرِ وَ الدَّجَاجُ خِنْزِیرُ الطَّیْرِ وَ الدُّرَّاجُ حَبَشُ الطَّیْرِ وَ أَیْنَ أَنْتَ عَنْ فَرْخَیْنِ نَاهِضَیْنِ رَبَّتْهُمَا امْرَأَةٌ مِنْ رَبِیعَةَ بِفَضْلِ قُوتِهَا(5).

بیان: الوز لغة فی الإوز و كونه جاموس الطیر لأنسه بالحماءة و المیاه و شبه الدجاج بالخنزیر فی أكل العذرة و كون الدراج حبش الطیر لسواده و كأن التخصیص بامرأة ربیعة لكون طیرهم أجود أو كونهم أحذق فی ذلك أو كون الشائع فی ذلك الزمان وجود هذا الطیر أو كثرته عندهم.

ص: 5


1- 1. فی المصدر: باوقات الصلوات.
2- 2. فروع الكافی 6: 550.
3- 3. فی المصدر: عنه و عن عدة من أصحابنا.
4- 4. فروع الكافی 6: 550.
5- 5. فروع الكافی 6: 312 و رواه البرقی فی المحاسن: 474. و روی بإسناده عن ابن الحسن النهدی عن علیّ بن أسباط رفعه الی أمیر المؤمنین علیه السلام انه ذكر عنده لحم الطیر فقال: اطیب اللحم لحم فرخ غذته فتاة من ربیعة بفضل قوتها.

«12»- الْكَافِی، عَنْ أَحْمَدَ عَنِ السَّیَّارِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: ذَكَرْتُ اللُّحْمَانَ بَیْنَ یَدَیْ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ أَطْیَبَ اللُّحْمَانِ لَحْمُ الدَّجَاجِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَلَّا إِنَّ ذَلِكَ خَنَازِیرُ الطَّیْرِ وَ إِنَّ أَطْیَبَ اللُّحْمَانِ لَحْمُ فَرْخٍ نَهَضَ أَوْ كَادَ یَنْهَضُ (1).

«13»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی قَالَ: أَكَلْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَدَعَا وَ أُتِیَ بِدَجَاجَةٍ مَحْشُوَّةٍ وَ بِخَبِیصٍ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَذِهِ أُهْدِیَتْ لِفَاطِمَةَ ثُمَّ قَالَ یَا جَارِیَةُ ائْتِنَا بِطَعَامِنَا الْمَعْرُوفِ فَجَاءَ بِترید [بِثَرِیدٍ] وَ خَلٍّ وَ زَیْتٍ (2).

«14»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، رُوِیَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَأْكُلُ الدَّجَاجَ وَ الْفَالُوذَجَ وَ كَانَ یُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَ الْعَسَلُ (3).

بیان: أكثر الأخبار تدل علی كراهة لحم الدجاج و لم أر من تعرض لها غیر أن الشهید رحمه اللّٰه فی الدروس ذكر الروایة المتقدمة و یمكن حمل أخبار الذم علی ما إذا كانت جلالة أو قریبة من الجلل و لم یستبرأ فمع الاستبراء ثلاثة أیام یزول التحریم أو الكراهة

كَمَا رَوَی الدِّمْیَرِیُّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَأْكُلَ دَجَاجَةً أَمَرَ بِهَا فَرُبِطَتْ أَیَّاماً ثُمَّ یَأْكُلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

انتهی (4).

و التعلیل الوارد فی الأخبار المتقدمة ربما یشعر بذلك 15 حیاة الحیوان، الدیك ذكر الدجاج و جمعه دیوك و دیكة و تصغیره دویك و یسمی الأنیس و المؤانس و من شأنه أنه لا یحنو علی ولده و لا یألف زوجة واحدة و هو أبله الطبیعة و ذلك أنه إذا سقط من حائط لم تكن له هدایة ترشده إلی دار أهله و فیه من الخصال الحمیدة أن یسوی بین دجاجه و لا یؤثر واحدة علی واحدة إلا نادرا

ص: 6


1- 1. فروع الكافی 6: 312. و رواه البرقی فی المحاسن: 475 عن السیاری.
2- 2. المحاسن: 400 فیه: بثرید.
3- 3. مجمع البیان 3: 236 ط الصیداء.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 241.

و أعظم ما فیه من العجائب معرفة الأوقات اللیلیة فیقسط أصواته علیها تقسیطا لا یكاد یغادر منه شیئا سواء طال أو قصر و یوالی صیاحه قبل الفجر و بعده فسبحان من هداه لذلك و لهذا أفتی القاضی حسین و المتولی و الرافعی بجواز اعتماد الدیك المجرب فی أوقات الصلاة(1) و من غرائب أمره أنه إذا كانت الدیكة بمكان و دخل علیهم دیك غریب سفدته كلها قال الجاحظ و یدخل فی الدیك الهندی و الجلاسی و النبطی و السندی و الزنجی قال و زعم أهل التجربة أن الدیك الأبیض الأفرق من خواصه أن یحفظ الدار التی هو فیها و زعموا أن الرجل إذا ذبح الدیك الأبیض الأفرق لم یزل ینكب (2) فی أهله و ماله

رَوَی عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ قَانِعٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَی جَابِرِ بْنِ أَثْوَبَ بِسُكُونِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَ فَتْحِ الْوَاوِ وَ هُوَ أَثْوَبُ بْنُ عُتْبَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الدِّیكُ الْأَبْیَضُ خَلِیلِی.

وَ إِسْنَادُهُ لَا یَثْبُتُ وَ رَوَاهُ غَیْرُهُ بِلَفْظِ: الدِّیكُ الْأَبْیَضُ صَدِیقِی وَ عَدُوُّ الشَّیْطَانِ یَحْرُسُ صَاحِبَهُ وَ سَبْعَ دُورٍ خَلْفَهُ.

وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْتَنِیهِ فِی الْبَیْتِ وَ الْمَسْجِدِ.

وَ فِی تَرْجَمَةِ الْبَزِّیِّ الرَّاوِی عَنِ ابْنِ كَثِیرٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَقُولُ: الدِّیكُ الْأَبْیَضُ الْأَفْرَقُ حَبِیبِی وَ حَبِیبُ جَبْرَئِیلَ یَحْرُسُ بَیْتَهُ وَ سِتَّةَ عَشَرَ بَیْتاً مِنْ جِیرَانِهِ.

وَ رَوَی الشَّیْخُ مُحِبُّ الدِّینِ الطَّبَرِیُّ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ لَهُ دِیكٌ أَبْیَضُ وَ كَانَتِ الصَّحَابَةُ یُسَافِرُونَ بِالدِّیكَةِ لِتُعَرِّفَهُمْ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ.

وَ فِی الصَّحِیحَیْنِ وَ سُنَنِ أَبِی دَاوُدَ وَ التِّرْمِذِیِّ وَ النَّسَائِیِّ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ صِیَاحَ الدِّیَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكاً وَ إِذَا سَمِعْتُمْ نُهَاقَ الْحَمِیرِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَیْطَاناً.

ص: 7


1- 1. فی المصدر: فی اوقات الصلوات.
2- 2. أی یصیبه النكبة أی المصیبة.

قال القاضی سببه رجاء تأمین الملائكة علی الدعاء و استغفارهم و شهادتهم له بالإخلاص و التضرع و الابتهال و فیه استحباب الدعاء عند حضور الصالحین و التبرك بهم و إنما أمرنا بالتعوذ من الشیطان عند نهیق الحمیر لأن الشیطان یخاف من شره عند حضوره فینبغی أن یتعوذ منه انتهی

وَ فِی مُعْجَمِ الطَّبَرَانِیِّ وَ تَارِیخِ أَصْبَهَانَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ دِیكاً أَبْیَضَ جَنَاحَاهُ مَوْشِیَّانِ بِالزَّبَرْجَدِ وَ الْیَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ لَهُ جَنَاحٌ بِالْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ بِالْمَغْرِبِ وَ رَأْسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ قَوَائِمُهُ فِی الْهَوَاءِ وَ یُؤَذِّنُ كُلَّ سَحَرٍ فَیَسْمَعُ تِلْكَ الصَّیْحَةَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَیْنِ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ فَعِنْدَ ذَلِكَ یُجِیبُهُ دُیُوكُ الْأَرْضِ فَإِذَا دَنَا یَوْمُ الْقِیَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی ضُمَّ جَنَاحَكَ وَ غُضَّ صَوْتَكَ فَیَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَیْنِ أَنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ وَ الْبَیْهَقِیُّ فِی الشِّعْبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ دِیكاً رِجْلَاهُ فِی التُّخُومِ وَ رَأْسُهُ (1)

تَحْتَ الْعَرْشِ مَطْوِیَّةً فَإِذَا كَانَ هَنَةٌ(2)

مِنَ اللَّیْلِ صَاحَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ فَتَصِیحُ الدِّیَكَةُ.

وَ فِی كِتَابِ فَضْلِ الذِّكْرِ لِلْحَافِظِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْیَانِیِّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ دِیكاً بَرَاثِنُهُ (3) فِی الْأَرْضِ السُّفْلَی وَ عُنُقُهُ مَثْنِیٌّ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ جَنَاحَاهُ فِی الْهَوَاءِ یَخْفِقُ بِهِمَا فِی السَّحَرِ كُلَّ لَیْلَةٍ یَقُولُ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّنَا الرَّحْمَنِ (4) الْمَلِكِ لَا إِلَهَ غَیْرُهُ (5).

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ یُحِبُّهَا اللَّهُ تَعَالَی صَوْتُ

ص: 8


1- 1. فی المصدر: و عنقه.
2- 2. الهنة: الطائفة من اللیل.
3- 3. فی المصدر: رجلاه.
4- 4. فی المصدر: ربنا الملك الرحمن.
5- 5. هذه و امثالها من روایات العامّة لم تثبت من طریق الخاصّة و فیها غرابة شدیدة و لعلّ المراد بالدیك ملك یشابهه و علی أی فالسكوت عنها طریق النجاة.

الدِّیكِ وَ صَوْتُ قَارِئِ الْقُرْآنِ وَ صَوْتُ الْمُسْتَغْفِرِینَ بِالْأَسْحارِ.

وَ رَوَی الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَ أَبُو دَاوُدَ وَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ زَیْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِیِّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَسُبُّوا الدِّیكَ فَإِنَّهُ یُوقِظُ لِلصَّلَاةِ.

إسناده جید و فی لفظ فإنه یدعو إلی الصلاة قال الإمام الحلیمی قوله صلی اللّٰه علیه و آله فإنه یدعو إلی الصلاة فیه دلیل علی أن كل من استفید منه خیر لا ینبغی أن یسب و یستهان بل حقه أن یكرم و یشكر و یتلقی بالإحسان و لیس معنی دعاء الدیك إلی الصلاة أن یقول

بصراخه حقیقة الصلاة أو قد حانت الصلاة بل معناه أن العادة قد جرت بأن یصرخ صرخات متتابعة عند الفجر و عند الزوال فطرة فطره اللّٰه علیها فتذكر الناس بصراخه الصلاة و لا یجوز لهم أن یصلوا بصراخه من غیر دلالة سواه إلا من جرب منه ما لا یخلف فیصیر ذلك له إشارة و اللّٰه أعلم انتهی

وَ رَوَی الْحَاكِمُ فِی الْمُسْتَدْرَكِ (1) عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَذِنَ لِی أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِیكٍ رِجْلَاهُ فِی الْأَرْضِ وَ عُنُقُهُ مَثْنِیَّةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ قَالَ فَیُرَدُّ عَلَیْهِ مَا یَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ بِی لَاذِباً.

وَ رَوَی أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّیُّ وَ الْغَزَالِیُّ عَنْ مَیْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِی أَنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ مَلَكاً فِی صُورَةِ دِیكٍ رَأْسُهُ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَ جَنَاحَاهُ مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ(2)

فَإِذَا مَضَی ثُلُثُ اللَّیْلِ الْأَوَّلِ ضَرَبَ بِجَنَاحَیْهِ وَ زَقَا(3) وَ قَالَ لِیَقُمِ الْقَائِمُونَ فَإِذَا مَضَی نِصْفُ اللَّیْلِ ضَرَبَ بِجَنَاحَیْهِ وَ زَقَا وَ قَالَ لِیَقُمِ الْمُصَلُّونَ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ ضَرَبَ بِجَنَاحَیْهِ وَ زَقَا وَ قَالَ لِیَقُمِ الْغَافِلُونَ وَ عَلَیْهِمْ أَوْزَارُهُمْ وَ مَعْنَی زَقَا صَاحَ.

ص: 9


1- 1. زاد فی المصدر: فی أوائل كتاب الایمان و الطبرانی و رجاله رجال الصحیح.
2- 2. فی المصدر: براثنه من لؤلؤ صیصیته من زبرجد أخضر.
3- 3. زقا الطائر: صاح.

وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْ إِخْصَاءِ الْخَیْلِ وَ الْغَنَمِ وَ الدِّیكِ (1).

و قال إنما النماء فی الخیل و تحرم المنافرة بالدیكة(2) و قال الدجاج مثلث الدال الواحدة دجاجة الذكر و الأنثی فیه سواء و الهاء فیه كبطة و حمامة و من عجیب أمرها أنه یمر بها سائر السباع فلا یخشاها فإذا مر بها ابن آوی و هی علی سطح أو جدار أو شجرة رمت بنفسها إلیه و توصف بسرعة الانتباه و قوة(3) النوم و یقال إن نومها و استیقاظها إنما هو بمقدار خروج النفس و رجوعه و یقال إنما تفعل ذلك من شدة الجبن و أكثر ما عندها من الحیلة أنها لا تنام علی الأرض بل ترتفع علی رف أو جذع أو جدار أو ما قارب ذلك و الدجاج مشترك الطبیعة یأكل اللحم و الذباب و ذلك من طباع الجوارح و یأكل الخبز و یلقط الحب و ذلك من طباع بهائم الطیر(4)

و الفرخ یخرج من البیضة تارة بالحضن و تارة بأن یدفن فی الزبل (5) و نحوه.

وَ رَوَی ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِیثِ أَبِی هُرَیْرَةَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ الْأَغْنِیَاءَ بِاتِّخَاذِ الْغَنَمِ وَ أَمَرَ الْفُقَرَاءَ بِاتِّخَاذِ الدَّجَاجِ (6).

ص: 10


1- 1. فی المصدر: و فی الكامل فی ترجمة عبد اللّٰه بن نافع مولی ابن عمر أن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله نهی عن خصاء الدیك و الغنم و الخیل.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 249 و 250.
3- 3. فی المصدر: و توصف الدجاجة بقلة النوم و سرعة الانتباه.
4- 4. زاد فی المصدر: و یعرف الدیك من الدجاجة و هو فی البیضة و ذلك ان البیضة اذا كانت مستطیلة محدودة الاطراف فهی مخرج الاناث و ان كانت مستدیرة عریضة الاطراف فهی مخرج الذكور.
5- 5. الزبل: السرجین او السرقین، یستفاد من ذلك أن انتاج الدجاج من وضع البیض تحت حرارة، كان معمولا سابقا، و لعلّ المعاصرین تفطنوا من ذلك لاختراعهم الجدیدة.
6- 6. زاد فی المصدر: و قال:« عند اتخاذ الأغنیاء الدجاج یأذن اللّٰه تعالی بهلاك القری» و فیه: یعنی ان الأغنیاء إذا ضیقوا علی الفقراء فی مكاسبهم و خالطوهم فی معایشهم تعطل سببهم و هلكوا و فی هلاك الفقراء بوار و فی ذلك هلاك القری و بوارها.

و یحل أكل الدجاج

لِمَا رَوَی الشَّیْخَانِ وَ التِّرْمِذِیُّ وَ النَّسَائِیُّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ رهدم [زَهْدَمِ] بْنِ الْمُصْرِمِ الْحَرَمِیِ (1)

قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ فَدَعَا بِمَائِدَةٍ عَلَیْهَا لَحْمُ دَجَاجَةٍ فَخَرَجَ مِنْ بَنِی تَیْمِ اللَّهِ أَحْمَرُ شَبِیهٌ بِالْمَوَالِی فَقَالَ هَلُمَّ فَتَلَكَّأَ(2)

فَقَالَ هَلُمَّ فَإِنِّی رَأَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْكُلُ مِنْهُ.

و فی لفظ یأكل دجاجة و هذا الرجل إنما تلكأ لأنها تأكل العذرة(3) فقذره و یحتمل أن یكون تردد لالتباس الحكم علیه أو لم یكن عنده دلیل فتوقف حتی یعلم حكم اللّٰه تعالی.

ص: 11


1- 1. فی المخطوطة: عن ابن رهدم مصرم الحرمی و فی المصدر: عن زهدم بن مضرم الجرمی.
2- 2. أی أبطأ و توقف.
3- 3. فی المصدر: و هذا الرجل تلكأ لانه رآه یأكل العذرة.

باب 3 الحمام و أنواعه من الفواخت و القماری و الدباسی و الوراشی و غیرها

«1»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الشَّیْ ءَ إِذَا اخْتَلَفَ لَمْ یُلْقَحْ قُلْتُ فَإِنَّ النَّاسَ یَزْعُمُونَ الطَّیْرُ الرَّاعِبِیُ (1)

أَحَدُ أَبَوَیْهِ وَرَشَانٌ وَ قَدْ نَرَاهُ یَبِیضُ وَ یُفْرِخُ قَالَ كَذَبُوا إِنَّهُ قَدْ یُلْقَی الْوَرَشَانُ عَلَی الطَّیْرِ فَیَتَزَاوَجُ وَ یَبِیضُ وَ یُفْرِخُ وَ لَا یُفْرِخُ نَسْلُهُ أَبَداً(2).

تبیان قوله إن الشی ء إذا اختلف لم یلقح أی إذا تولد الحیوان من جنسین مختلفین یكون عقیما لا یلد فقال الراوی الراعبی مع كونه من جنسین مختلفین یبیض و یفرخ و جوابه علیه السلام یحتمل وجهین أحدهما تكذیب الناس فی ذلك و إفادة أنه لا یبیض و لا یفرخ بل كل راعبی یتولد من جنسین و ثانیهما أن یكون المعنی أن ما یحصل من الورشان و الجنس الآخر هو غیر الراعبی و لا یفرخ و لعله أظهر.

و قال الدمیری الراعبی طائر متولد بین الورشان و الحمام و هو شكل عجیب قاله القزوینی (3).

و قال الورشان هو ساق حر و قیل طائر متولد بین الفاختة و الحمامة و بعضهم یسمیه الوراشین و هو أصناف منها النوبی و هو أسود حجازی إلا أنه أشجی صوتا من الورشان یوصف بالحنو علی الأولاد حتی أنه ربما قتل نفسه إذا رآها

ص: 12


1- 1. فی المصدر: ان الطیر الراعبی.
2- 2. الخصال 2: 181( طبعة قم).
3- 3. حیاة الحیوان 1: 265.

فی ید القانص (1).

و قال ساق حر الورشان و هو ذكر القماری لا یختلفون فی ذلك (2).

«2»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ: سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ مَعْنَی هَدِیرِ الْحَمَامِ الرَّاعِبِیَّةِ فَقَالَ تَدْعُو عَلَی أَهْلِ الْمَعَازِفِ وَ الْقِیَانِ وَ الْمَزَامِیرِ وَ الْعِیدَانِ (3).

بیان: فی القاموس المعازف الملاهی كالعود و الطنبور و الواحد عزف أو معزف كمنبر و مكنسة و القیان جمع القینة الأمة المغنیة فهو عطف علی الأهل و یقدر المضاف فی الأخیرین.

«3»- الْإِخْتِصَاصُ، وَ الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: أُهْدِیَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَاخِتَةٌ وَ وَرَشَانٌ وَ طَیْرٌ رَاعِبِیٌّ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَمَّا الْفَاخِتَةُ فَتَقُولُ فَقَدْتُكُمْ فَقَدْتُكُمْ فَافْقِدُوهَا قَبْلَ أَنْ تَفْقِدَكُمْ فَأَمَرَ بِهَا فَذُبِحَتْ وَ أَمَّا الْوَرَشَانُ فَیَقُولُ قُدِّسْتُمْ قُدِّسْتُمْ فَوَهَبَهُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ وَ الطَّیْرُ الرَّاعِبِیُّ یَكُونُ عِنْدِی أُسَرُّ بِهِ (4).

بیان: قال الدمیری الفاختة واحدة الفواخت من ذوات الأطواق زعموا أن الحیات تهرب من صوتها و هی عراقیة و لیست حجازیة و فیها فصاحة و حسن صوت و فی طبعها الأنس و تعیش فی الدور و العرب تصفها بالكذب فإن صوتها عندهم هذا أوان الرطب تقول ذلك و النخل لم تطلع و تعمر(5) و قد ظهر منه ما عاش خمسا و عشرین سنة و ما عاش أربعین سنة(6).

ص: 13


1- 1. حیاة الحیوان 2: 284.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 8.
3- 3. عیون الأخبار ج 1 ص 246 علل الشرائع 2: 283 و 284 فیه: القینات.
4- 4. الاختصاص: 294 فیه: انسی به، بصائر الدرجات: 234 ط التبریز.
5- 5. فی المصدر: و هذا الطائر یعمر كثیرا.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 137 و 138.

«4»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی أَحْمَدَ عَنْ شُعَیْبِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام جَالِساً فَسَمِعَ صَوْتاً مِنَ الْفَاخِتَةِ فَقَالَ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ تَقُولُ فَقَدْتُكُمْ فَافْقِدُوهَا قَبْلَ أَنْ تَفْقِدَكُمْ (1).

و منه عن البرقی عن النضر عن یحیی الحلبی عن ابن مسكان عن أبی أحمد عن سعد بن الحسن عن أبی جعفر علیه السلام: مثله (2).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: سَمِعْتُ فَاخِتَةً تَصِیحُ مِنْ دَارِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ أَ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ هَذِهِ الْفَاخِتَةُ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ تَقُولُ فَقَدْتُكُمْ أَمَا إِنَّا لَنَفْقِدَنَّهَا قَبْلَ أَنْ تَفْقِدَنَا قَالَ فَأَمَرَ بِهَا فَذُبِحَتْ (3).

«6»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ وَ الْبَرْقِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَسَمِعَ صَوْتَ فَاخِتَةٍ فِی الدَّارِ فَقَالَ أَیْنَ هَذِهِ الَّتِی أَسْمَعُ صَوْتَهَا قُلْنَا هِیَ فِی الدَّارِ أُهْدِیَتْ لِبَعْضِهِمْ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَمَا لَنَفْقِدَنَّكِ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدَنَا قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ مِنَ الدَّارِ(4).

بیان: ربما یحمل دعاؤها علی صاحب البیت بأنها لخساستها و بعض جهات الشر فیها فی صوتها نحوسة تترتب علیها الجلاء و الهلاك فكأنها تدعو علی صاحب البیت و لا ضرورة فی ارتكاب هذه التكلفات كما عرفت سابقا.

«7»- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ أَبِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الرَّاعِبِیَّةَ فِی

ص: 14


1- 1. بصائر الدرجات: 343.
2- 2. بصائر الدرجات: 344.
3- 3. بصائر الدرجات: 344.
4- 4. بصائر الدرجات: 346.

بُیُوتِكُمْ فَإِنَّهَا تَلْعَنُ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام (1).

الكافی، عن علی بن إبراهیم: مثله (2).

«8»- الْكَامِلُ، عَنْ أَبِیهِ وَ أَخِیهِ وَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ صَنْدَلٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِی بَیْتِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَنَظَرْتُ إِلَی الْحَمَامِ الرَّاعِبِیِّ یُقَرْقِرُ طَوِیلًا فَنَظَرَ إِلَیَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام طَوِیلًا فَقَالَ یَا دَاوُدُ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ هَذَا الطَّیْرُ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ یَدْعُو عَلَی قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَاتَّخِذُوهُ فِی مَنَازِلِكُمْ (3).

الكافی، عن العدة عن أحمد بن محمد عن الجامورانی: مثله (4).

«9»- إِرْشَادُ الْمُفِیدِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَامَةَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كَانَتْ لِابْنِ ابْنَتِی حَمَامَاتٌ فَذَبَحْتُهُنَّ غَضَباً ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَی مَكَّةَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ علیه السلام قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَمَّا طَلَعَتْ رَأَیْتُ فِیهَا حَمَاماً كَثِیراً قَالَ قُلْتُ أَسْأَلُهُ مَسَائِلَ وَ أَكْتُبُ مَا یُجِیبُنِی عَنْهَا وَ قَلْبِی مُتَفَكِّرٌ فِیمَا صَنَعْتُ بِالْكُوفَةِ وَ ذَبْحِی لِتِلْكَ الْحَمَامَاتِ مِنْ غَیْرِ مَعْنًی وَ قُلْتُ فِی نَفْسِی لَوْ لَمْ یَكُنْ فِی الْحَمَامِ خَیْرٌ لَمَا أَمْسَكَهُنَّ فَقَالَ لِی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَا لَكَ یَا بَا حَمْزَةَ قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ خَیْرٌ قَالَ كَانَ قَلْبُكَ فِی مَكَانٍ آخَرَ قُلْتُ إِی وَ اللَّهِ وَ قَصَصْتُ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ وَ حَدَّثْتُهُ بِأَنِّی ذَبَحْتُهُنَّ فَالْآنَ أَنَا أَعْجَبُ بِكَثْرَةِ مَا عِنْدَكَ مِنْهَا قَالَ فَقَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام بِئْسَ مَا صَنَعْتَ یَا أَبَا حَمْزَةَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ عبثا [عَبَثٌ] بِصِبْیَانِنَا نَدْفَعُ عَنْهُمُ الضَّرَرَ بِانْتِفَاضِ الْحَمَامِ وَ أَنَّهُنَّ یُؤْذِنَّ بِالصَّلَاةِ فِی آخِرِ اللَّیْلِ فَتَصَدَّقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ دِینَاراً فَإِنَّكَ قَتَلْتَهُنَّ غَضَباً(5).

ص: 15


1- 1. كامل الزیارات: 98.
2- 2. فروع الكافی 6: 547 و 548 زاد فی آخره: و لعن اللّٰه قاتله.
3- 3. كامل الزیارات: 98.
4- 4. فروع الكافی 6: 547 فیه: الی حمام راعبی یقرقر فنظر.
5- 5. إرشاد المفید.

بیان: انتفاض الحمام تحركها و نفض أجنحتها و یدل علی لزوم الكفارة إذا قتل الحمام غضبا و لعله محمول علی الاستحباب و لم أر من تعرض له.

«10»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ،(1) عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَامَةَ قَالَ: رَأَیْتُ فِی مَنْزِلِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام زَوْجَ حَمَامٍ أَمَّا الذَّكَرُ فَإِنَّهُ كَانَ أَخْضَرَ بِهِ شَیْ ءٌ مِنَ السَّمْرِ وَ أَمَّا الْأُنْثَی فَسَوْدَاءَ وَ رَأَیْتُهُ یَفُتُّ لَهُمَا الْخُبْزَ وَ هُوَ عَلَی الْخِوَانِ وَ یَقُولُ إِنَّهُمَا لَیُحَرِّكَانِ مِنَ اللَّیْلِ وَ یُؤْنِسَانِ وَ مَا مِنِ انْتِفَاضَةٍ یَنْتَفِضَانِهَا مِنَ اللَّیْلِ إِلَّا دَفَعَ اللَّهُ بِهَا مَنْ دَخَلَ الْبَیْتَ مِنَ الْأَرْوَاحِ.

بیان: الأرواح الجن.

«11»- مَشَارِقُ الْأَنْوَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: عَادَانَا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ حَتَّی مِنَ الطُّیُورِ الْفَاخِتَةِ وَ مِنَ الْأَیَّامِ الْأَرْبِعَاءِ(2).

«12»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَنَفْضَةٌ مِنْ حَمَامَةٍ مُنَمَّرَةٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِ دُیُوكٍ فُرْقٍ بِیضٍ (3).

بیان: قال فی القاموس النمرة بالضم النكتة من أی لون كان و الأنمر ما فیه نمرة بیضاء و أخری سوداء و هی نمراء و النمر ككتف و بالكسر سبع معروف سمی للنمر التی فیه.

«13»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ الْأَصْبَهَانِیِّ قَالَ: أُهْدِیَتْ لِإِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صُلْصُلًا فَدَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُ قَالَ هَذَا الطَّیْرُ الْمَشْئُومُ أَخْرِجُوهُ فَإِنَّهُ یَقُولُ فَقَدْتُكُمْ فَافْقِدُوهُ قَبْلَ أَنْ یَفْقِدَكُمْ (4).

ص: 16


1- 1. طبّ الأئمّة:
2- 2. مشارق الأنوار: لیست عندی نسخته.
3- 3. فروع الكافی 6: 549 و 550 فیه:« علی بن سلیمان بن رشید» و فیه:« القاسم ابن عبد الرحمن الهاشمی» و تقدم الحدیث بتمامه فی الباب السابق.
4- 4. فروع الكافی 6: 551.

الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِیِّ: مِثْلَهُ (1).

بیان: قال الدمیری الصلصل بالضم الفاختة و كذا ذكره الجوهری و غیره و قال الفیروزآبادی الصلصل كهدهد طائر أو الفاختة.

«14»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ وَ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: الْحَمَامُ مِنْ طُیُورِ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام (2).

«15»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی مَوْلَی آلِ سَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ حَمَامٍ كَانَ بِمَكَّةَ حَمَامٌ كَانَ لِإِسْمَاعِیلَ علیه السلام (3).

«16»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ أَصْلَ حَمَامِ الْحَرَمِ بَقِیَّةُ حَمَامٍ كَانَ لِإِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ علیهما السلام اتَّخَذَهَا كَانَ یَأْنَسُ بِهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُسْتَحَبُّ أَنْ یَتَّخِذَ طَیْراً مَقْصُوصاً یَأْنَسُ بِهِ مَخَافَةَ الْهَوَامِ (4).

بیان: الهوام جمع الهامة و هی كل ذات سم یقتل و قد یقع الهوام علی كل ما یدب من الحیوان و إن لم یقتل و كأن المراد هنا الجن و إن احتمل أن یكون نافعا لدفع الهوام أیضا.

«17»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: هَذِهِ الْحَمَامُ حَمَامُ الْحَرَمِ هِیَ مِنْ نَسْلِ حَمَامِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الَّتِی كَانَتْ لَهُ (5).

ص: 17


1- 1. بصائر الدرجات: 345.
2- 2. فروع الكافی 6: 546.
3- 3. فروع الكافی 6: 546 فیه: حمام لإسماعیل علیه السلام .
4- 4. فروع الكافی 6: 564 فیه: تأنس به.
5- 5. فروع الكافی 6: 546.

«18»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنِ ابْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ مِنْ بَیْتٍ فِیهِ حَمَامٌ إِلَّا لَمْ یُصِبْ أَهْلَ ذَلِكَ الْبَیْتِ آفَةٌ مِنَ الْجِنِّ إِنَّ سُفَهَاءَ الْجِنِّ یَعْبَثُونَ فِی الْبَیْتِ فَیَعْبَثُونَ بِالْحَمَامِ وَ یَدَعُونَ الْإِنْسَانَ (1).

«19»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: شَكَا رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله (2)

الْوَحْشَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ یَتَّخِذَ فِی بَیْتِهِ زَوْجَ حَمَامٍ (3).

«20»- وَ مِنْهُ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَنْدَلٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: ذُكِرَتِ الْحَمَامُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ اتَّخِذُوهَا فِی مَنَازِلِكُمْ فَإِنَّهَا مَحْبُوبَةٌ لَحِقَتْهَا دَعْوَةُ نُوحٍ علیه السلام وَ هِیَ آنَسُ شَیْ ءٍ فِی الْبُیُوتِ.

«21»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الْحَمَامُ طَیْرٌ مِنْ طُیُورِ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام الَّتِی كَانُوا یُمْسِكُونَ فِی بُیُوتِهِمْ وَ لَیْسَ مِنْ بَیْتٍ فِیهِ حَمَامٌ إِلَّا لَمْ یُصِبْ (4) أَهْلَ ذَلِكَ الْبَیْتِ آفَةٌ مِنَ الْجِنِّ إِنَّ سُفَهَاءَ الْجِنِّ یَعْبَثُونَ فِی الْبَیْتِ فَیَعْبَثُونَ بِالْحَمَامِ وَ یَدَعُونَ النَّاسَ قَالَ فَرَأَیْتُ فِی بَیْتِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَمَاماً لِابْنِهِ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام (5).

«22»- وَ مِنْهُ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَوَّلُ علیه السلام: وَ نَظَرْتَ (6)

ص: 18


1- 1. فروع الكافی 6: 546.
2- 2. فی المصدر: الی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- 3. فروع الكافی 6: 546. و روی الصدوق نحوه مرسلا فی الفقیه 3: 220.
4- 4. فی المصدر: الا لم تصب.
5- 5. فروع الكافی 6: 547 فیه: بیوت.
6- 6. فی المصدر: و نظر.

إِلَی حَمَامٍ فِی بَیْتِهِ مَا مِنِ انْتِفَاضٍ یَنْتَفِضُ بِهَا إِلَّا نَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مَنْ دَخَلَ الْبَیْتَ مِنْ عُزْمَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ (1).

بیان: العزمة بالضم أسرة الرجل و قبیلته و الجمع كصرد و بالتحریك المصححون للمودة و كأن المراد هنا طائفة من الجن یدخلون البیوت و یوادون أهلها.

«23»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ یَحْیَی الْأَزْرَقِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ خَفِیقَ (2) أَجْنِحَةِ الْحَمَامِ لَیَطْرُدُ الشَّیَاطِینَ (3).

بیان: خفیق جناح الطائر صوته و یقال خفق الطائر أی طار و أخفق إذا ضرب بجناحیه.

«24»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَدْفَعُ بِالْحَمَامِ عَنْ هَدَّةِ الدَّارِ(4).

بیان: عن هدة الدار أی كسرها و هدمها أو یدفع الضرر عن ضعفاء الدار كالنساء و الصبیان و فی القاموس الهد الهدم الشدید و الكسر و الصوت الغلیظ و الرجل الضعیف و الهدهد بفتحتین أصوات الجن بلا واحد انتهی.

و فی بعض النسخ عن أهل هذه الدار و هو أظهر.

«25»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَصْبَهَانِیِ (5) قَالَ: اسْتَهْدَانِی إِسْمَاعِیلُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام

ص: 19


1- 1. فروع الكافی 6: 547.
2- 2. فی المصدر: الخفیف بالفاءین.
3- 3. فروع الكافی 6: 547 فیه: لتطرد. و رواه الصدوق فی الفقیه 3: 220 مرسلا عن أمیر المؤمنین علیه السلام و فیه حفیف.
4- 4. فروع الكافی 6: 547.
5- 5. فی المصدر: عن عثمان الأصبهانیّ.

فَأَهْدَیْتُ لَهُ طَیْراً رَاعِبِیّاً فَدَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ اجْعَلُوا هَذَا الطَّیْرَ الرَّاعِبِیَّ مَعِی فِی الْبَیْتِ یُؤْنِسُنِی قَالَ وَ قَالَ عُثْمَانُ دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ بَیْنَ یَدَیْهِ حَمَامٌ یَفُتُّ لَهُنَّ خُبْزاً(1).

بیان: فی القاموس الفت الدق و الكسر بالأصابع انتهی و یدل علی استحباب (2)

إطعام الحمام الراعبیة و فت الخبز لها.

«26»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَارِقِیِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَرَأَیْتُ عَلَی فِرَاشِهِ ثَلَاثَ حَمَامَاتٍ خُضْرٍ قَدْ ذَرَقْنَ عَلَی الْفِرَاشِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَؤُلَاءِ الْحَمَامُ تَقْذَرُ الْفِرَاشَ فَقَالَ لَا إِنَّهُ یُسْتَحَبُّ أَنْ یُمْسَكْنَ (3) فِی الْبَیْتِ (4).

بیان: ذرق الطائر قد یكون بالذال و الزای و الفعل كضرب و نصر.

«27»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلّی اللّٰه علیه و آله زَوْجُ حَمَامٍ أَحْمَرَ(5).

«28»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ(6) عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ(7) عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ السِّنْدِیِ (8) عَنْ یَحْیَی الْأَزْرَقِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: احْتَفَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِئْراً فَرَمَوْا فِیهَا فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ فَجَاءَ حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهَا فَقَالَ لَتَكُفُّنَّ أَوْ لَأُسْكِنَنَّهَا الْحَمَامَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ خَفِیقَ (9) أَجْنِحَتِهَا یَطْرُدُ

ص: 20


1- 1. فروع الكافی 6: 548.
2- 2. استفادة الاستحباب الشرعی من أمثال تلك الافعال بعید، الا أن یستفاد ذلك من استحباب اتخاذه فی البیت التزاما.
3- 3. فی المصدر: ان تسكن فی البیت.
4- 4. فروع الكافی 6: 548.
5- 5. فروع الكافی 6: 548.
6- 6. لم یذكر فی المصدر: عن ابن أبی عمیر.
7- 7. فی نسخة من المصدر: عمرو.
8- 8. فی المصدر: إبراهیم السندی.
9- 9. فی المصدر: حفیف.

الشَّیَاطِینَ (1).

بیان: الخطاب للجن و الشیاطین الذین كان الرمی منهم.

«29»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ (2) قَالَ: ذُكِرَ الْحَمَامُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّ عُمَرَ رَأَی حَمَاماً یَطِیرُ وَ رَجُلٌ تَحْتَهُ یَعْدُو فَقَالَ عُمَرُ شَیْطَانٌ یَعْدُو تَحْتَهُ شَیْطَانٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا كَانَ إِسْمَاعِیلُ عِنْدَكُمْ فَقِیلَ صِدِّیقٌ فَقَالَ فَإِنَّ بَقِیَّةَ حَمَامِ الْحَرَمِ مِنْ حَمَامِ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام (3).

«30»- وَ مِنْهُ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنِ اتَّخَذَ طَیْراً فِی بَیْتِهِ فَلْیَتَّخِذْ وَرَشَاناً فَإِنَّهُ أَكْثَرُ شَیْ ءٍ ذِكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَكْثَرُ تَسْبِیحاً وَ هُوَ طَیْرٌ یُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (4).

«31»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَصْبَهَانِیِّ قَالَ: اسْتَهْدَانِی إِسْمَاعِیلُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام طَیْراً مِنْ طُیُورِ الْعِرَاقِ فَأَهْدَیْتُ لَهُ وَرَشَاناً فَدَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَرَآهُ فَقَالَ إِنَّ الْوَرَشَانَ یَقُولُ بُورِكْتُمْ بُورِكْتُمْ فَأَمْسِكُوهُ (5).

«32»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سَیْفٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ نَهَی ابْنَهُ إِسْمَاعِیلَ

ص: 21


1- 1. فروع الكافی 6: 548.
2- 2. فی المصدر: عن بعض أصحابنا.
3- 3. فروع الكافی 6: 548 فیه: ان بقیة.
4- 4. فروع الكافی 6: 550 فیه: من اتخذ فی بیته طیرا فلیتخذ ورشانا فانه أكثر شیئا لذكر اللّٰه.
5- 5. فروع الكافی 6: 551 فیه: عثمان الأصبهانیّ.

عَنِ اتِّخَاذِ الْفَاخِتَةِ وَ قَالَ إِنْ كُنْتَ وَ لَا بُدَّ مُتَّخِذاً فَاتَّخِذْ وَرَشَاناً فَإِنَّهُ كَثِیرُ الذِّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1).

بیان: كأنه علیه السلام لم یكن یعلم صلاح إسماعیل فی اتخاذ الحمام مطلقا كما یومی إلیه الخبر.

«33»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَتْ فِی دَارِ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَاخِتَةٌ فَسَمِعَهَا یَوْماً وَ هِیَ تَصِیحُ فَقَالَ لَهُمْ أَ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ هَذِهِ الْفَاخِتَةُ فَقَالُوا لَا قَالَ تَقُولُ فَقَدْتُكُمْ فَقَدْتُكُمْ ثُمَّ قَالَ لَنَفْقِدَنَّهَا قَبْلَ أَنْ تَفْقِدَنَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَذُبِحَتْ (2).

«34»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَامُورَانِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ(3) عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِی یَا بَا مُحَمَّدٍ اذْهَبْ بِنَا إِلَی إِسْمَاعِیلَ نَعُودُهُ وَ كَانَ شَاكِیاً فَقُمْنَا فَدَخَلْنَا عَلَی إِسْمَاعِیلَ فَإِذَا فِی مَنْزِلِهِ فَاخِتَةٌ فِی قَفَصٍ تَصِیحُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا بُنَیَّ مَا یَدْعُوكَ إِلَی إِمْسَاكِ هَذِهِ الْفَاخِتَةِ أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهَا مَشُومَةٌ أَ وَ مَا تَدْرِی مَا تَقُولُ قَالَ إِسْمَاعِیلُ لَا قَالَ إِنَّمَا تَدْعُو عَلَی أَرْبَابِهَا فَتَقُولُ فَقَدْتُكُمْ فَقَدْتُكُمْ فَأَخْرِجُوهَا(4).

الخرائج، عن أبی بصیر: مثله (5).

«35»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الطَّیْرِ یُرْسَلُ مِنَ الْبَلَدِ الْبَعِیدِ الَّذِی لَمْ یَرَهُ قَطُّ فَیَأْتِی فَقَالَ یَا ابْنَ عُذَافِرٍ هُوَ یَأْتِی مَنْزِلَ صَاحِبِهِ مِنْ ثَلَاثِینَ فَرْسَخاً عَلَی

ص: 22


1- 1. فروع الكافی 6: 551 فیه: و قال: ان كنت لا بد.
2- 2. فروع الكافی 6: 551.
3- 3. فی المصدر: عن ابن أبی حمزة.
4- 4. فروع الكافی 6: 551 و 552.
5- 5. الخرائج.

مَعْرِفَتِهِ وَ حِسِّهِ (1) فَإِذَا زَادَتْ عَلَی ثَلَاثِینَ فَرْسَخاً جَاءَتْ إِلَی أَرْبَابِهَا بِأَرْزَاقِهَا(2).

بیان: قوله علیه السلام بأرزاقها أی تأتی بسبب أنه قدر رزقها فی بیت صاحبها بتسبیب اللّٰه تعالی من غیر معرفة لها بالطریق و الروایة الآتیة أیضا هذا مغزاها و الأكل بالضم و بضمتین الثمر و الرزق و الحظ من الدنیا كما ذكره الفیروزآبادی.

«36»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَا أَتَی مِنْ ثَلَاثِینَ فَرْسَخاً فَبِالْهِدَایَةِ وَ مَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَبِالْأُكُلِ (3).

«37»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الطَّیْرُ یَجِی ءُ مِنَ الْمَكَانِ الْبَعِیدِ قَالَ إِنَّمَا یَجِی ءُ لِرِزْقِهِ (4).

«38»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ دَاوُدَ الْحَدَّادِ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ الْحَمَامُ یُرْسَلْنَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْبَعِیدَةِ فَتَأْتِی وَ یُرْسَلْنَ مِنَ الْمَكَانِ الْقَرِیبِ فَلَا تَأْتِی فَقَالَ إِذَا انْقَطَعَ أُكُلُهُ فَلَا تَأْتِی (5).

بیان: إذا انقطع أكله أی من الدنیا فیموت أو من بیت صاحبه فیذهب إلی مكان آخر.

«39»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ (6)

عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ الْبَاقِرُ فِی طَرِیقِ مَكَّةَ وَ مَعَهُ أَبُو أُمَیَّةَ الْأَنْصَارِیُّ وَ هُوَ زَمِیلُهُ فِی مَحْمِلِهِ فَنَظَرَ إِلَی زَوْجِ وَرَشَانٍ فِی جَانِبِ الْمَحْمِلِ مَعَهُ فَرَفَعَ أَبُو أُمَیَّةَ یَدَهُ لَیُنَحِّیَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ مَهْلًا فَإِنَّ هَذَا

ص: 23


1- 1. فی المصدر: و حسبه.
2- 2. فروع الكافی 6: 549.
3- 3. فروع الكافی 6: 549.
4- 4. فروع الكافی 6: 549.
5- 5. فروع الكافی 6: 549.
6- 6. فی المصدر:« موسی بن الحسن عن أحمد بن الحسین عن أحمد بن إبراهیم». و الاسناد معلق علی ما قبله راجعه.

الطَّیْرَ جَاءَ یَسْتَجِیرُ بِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَإِنَّ حَیَّةً تُؤْذِیهِ وَ تَأْكُلُ فِرَاخَهُ كُلَّ سَنَةٍ وَ قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ یَدْفَعَ عَنْهُ وَ قَدْ فَعَلَ (1).

«40»- مَشَارِقُ الْأَنْوَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِذْ وَقَعَ عَلَیْهِ وَرَشَانَانِ ثُمَّ هَدَلَا(2)

فَرَدَّ عَلَیْهِمَا فَطَارَا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هَذَا فَقَالَ هَذَا طَائِرٌ ظَنَّ فِی زَوْجَتِهِ سُوءاً فَحَلَفَتْ لَهُ فَقَالَ لَهَا لَا أَرْضَی إِلَّا بِمَوْلَایَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ فَجَاءَتْ فَحَلَفَتْ لَهُ بِالْوَلَایَةِ أَنَّهَا لَمْ تَخُنْهُ فَصَدَّقَهَا وَ مَا مِنْ أَحَدٍ یَحْلِفُ بِالْوَلَایَةِ إِلَّا صَدَقَ إِلَّا الْإِنْسَانُ فَإِنَّهُ حَلَّافٌ مَهِینٌ (3).

«41»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ دَاوُدَ الْحَذَّاءِ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ إِذْ نَظَرْتُ إِلَی زَوْجِ حَمَامٍ عِنْدَهُ یَهْدِرُ الذَّكَرُ عَلَی الْأُنْثَی فَقَالَ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ قُلْتُ لَا قَالَ یَقُولُ یَا سَكَنِی وَ عِرْسِی مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْكِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام (4).

42 حیاة الحیوان، الحمام قال الجوهری و هو عند العرب ذوات الأطواق نحو الفواخت و القماری و ساق حر و القطا و الوراشین و أشباه ذلك یقع علی الذكر و الأنثی لأن الهاء إنما دخلته علی أنه واحد من جنس لا للتأنیث و عند العامة أنها الدواجن فقط

الواحد حمامة و حكی أبو حاتم عن الأصمعی فی كتاب الطیر الكبیر أن الحمام هو الیمام البری (5) الواحدة یمامة و هو ضروب و الفرق بین الحمام الذی عندنا و الیمام أن فی أسفل ذنب الحمامة مما یلی ظهرها بیاض و أسفل ذنب الیمامة لا بیاض فیه انتهی.

و نقل النووی فی التحریر عن الأصمعی أن كل ذات طوق فهو حمام و المراد

ص: 24


1- 1. دلائل الإمامة، 98( ط 2) فیه، جاء یستخفر بنا.
2- 2. هدل الحمام: صوت.
3- 3. مشارق الأنوار: لیست عندی نسخته.
4- 4. دلائل الإمامة: 134 و 135.
5- 5. فی المصدر: ان الیمام هو الحمام البری.

بالطوق الخضرة أو الحمرة أو السواد المحیط بعنق الحمامة فی طوقها و كان الكسائی یقول الحمام هو البری و الیمام ما یألف البیوت و الصواب ما قاله الأصمعی و نقل الأزهری عن الشافعی أن الحمام كل ما عب و هدر و إن تفرقت أسماؤه فی الطائر عب (1) و لا یقال شرب و الهدر جمع الصوت (2) و مواصلته من غیر تقطیع له قال الرافعی و الأشبه أن ما عب هدر و لو اقتصروا فی تفسیر الحمام علی العب لكفاهم و یدل علیه أن الشافعی ذكر فی عیون المسائل و ما عب من الماء عبا فهو حمام و ما شرب قطرة قطرة كالدجاج فلیس بحمام انتهی و فیما قاله الرافعی نظر لأنه لا یلزم من العب الهدیر و قال الشاعر:

علی حویضی نغر مكب***إذا فترت فترة یعب

و حمرات شربهن عب

وصف النغر بالعب مع أنه لا یهدر و إلا كان حماما و النغر نوع من العصفور(3)

إذا علمت ذلك انتظم لك كلام الشافعی و أهل اللغة یقولون إن الحمام یقع علی الذی یألف البیوت و یستفرخ فیها و علی الیمام و القماری و ساق حر و هو ذكر القمری و الفواخت و الدبسی (4) و القطا و الوراشین و الیعاقیب (5) و السنفین (6)

ص: 25


1- 1. فی المصدر: و العب بالعین المهملة: شدة جرع الماء من غیر تنفس، قال ابن سیده: یقال فی الطائر: عب.
2- 2. فی المصدر: ترجیع الصوت.
3- 3. یكون حمر المناقیر.
4- 4. الدبسی بفتح الدال و كسر السین المهملة و یقال أیضا بضم الدال: طائر صغیر منسوب الی دبس الرطب و الادبس من الطیر و الخیل: الذی فی لونه غبرة بین السواد و الحمرة و هذا النوع قسم من الحمام البری، و قیل هو ذكر الیمام قال الجاحظ: قال صاحب منطق الطیر: یقال فی الوحشی من القماری و الفواخت و ما اشبه ذلك: دباسی.
5- 5. جمع الیعقوب: ذكر الحجل.
6- 6. هكذا فی المطبوع و فی المخطوط:« السفنین» و كلاهما مصحفان و الصحیح« الشفنین» قال الدمیری: الشفنین كالبشنین بكسر الشین المعجمة و هو متولد بین نوعین مأكولین و عده الجاحظ فی أنواع الحمام و بعضهم یقول هو الذی تسمیه العامّة الیمام، و صوته فی الترنم كصوت الرباب و فیه تحزین.

و الواعی (1) و الوردانی و الطورانی و سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی بیان ذلك كل واحد فی بابه و الكلام الآن فی الحمام الذی یألف البیت و هو قسمان أحدهما البری الذی یلازم البروج و ما أشبه ذلك و هو كثیر النفور سمی بریا لذلك و الثانی الأهلی و هو أنواع مختلفة و أشكال متباینة منها المراغیش و الرواعب و العداد و المضرب (2) و القلاب و المنسوب و هو بالنسبة إلی ما تقدم كالعتاق من الخیل و تلك كالبراذین قال الجاحظ الفقیع من الحمام كالصقلابی من الناس و هو الأبیض

رَوَی أَبُو دَاوُدَ وَ ابْنُ مَاجَهْ الطَّبَرَانِیُّ وَ ابْنُ حِبَّانَ بِإِسْنَادٍ جَیِّدٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَی رَجُلًا یَتْبَعُ حَمَامَةً فَقَالَ شَیْطَانٌ یَتْبَعُ شَیْطَانَهُ.

وَ رُوِیَ: شَیْطَانٌ یَتْبَعُهُ شَیْطَانٌ.

قال البیهقی و حمله بعض أهل العلم علی إدمان صاحب الحمام علی الاشتغال به (3)

و الارتقاء به علی الأسطحة التی یشرف منها علی بیوت الجیران (4)

و روی عن أسامة(5) بن زید قال شهدت عمر بن عبد العزیز یأمر بالحمام الطائرة فتذبح و تترك المقصصات

وَ رَوَی ابْنُ قَانِعٍ وَ الطَّبَرَانِیُّ عَنْ حَبِیبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی كَبْشَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُعْجِبُهُ النَّظَرُ إِلَی الْأُتْرُجِّ وَ الْحَمَامِ الْأَحْمَرِ.

وَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِی تَارِیخِ نَیْسَابُورَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُعْجِبُهُ النَّظَرُ إِلَی الْخُضْرَةِ وَ إِلَی الْحَمَامِ الْأَحْمَرِ.

ص: 26


1- 1. هكذا فی الكتاب و فی المصدر: و الزاغ.
2- 2. فی المصدر: العداد و السداد و المضرب.
3- 3. فی المصدر: علی اطارته و الاشتغال به.
4- 4. زاد فی المصدر بعد ذلك: و حرمهم لاجله.
5- 5. فی المصدر:« و روی البیهقیّ عن أسامة بن زید» و فیه بالحمام الطیار.

قال ابن قانع و الحافظ أبو موسی قال هلال بن العلا الحمام الأحمر التفاح قال أبو موسی و هذا التفسیر لم أره لغیره و كان فی منزله صلی اللّٰه علیه و آله حمام أحمر اسمه وردان

وَ فِی عَمَلِ الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ لِابْنِ السُّنِّیِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنَّ عَلِیّاً شَكَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَحْشَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ یَتَّخِذَ زَوْجَ حَمَامٍ وَ أَنْ یَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَی عِنْدَ هَدِیرِهِ.

و رواه الحافظ بن عساكر و قال إنه غریب جدا و سنده ضعیف

وَ رَوَی ابْنُ عَدِیٍّ فِی كَامِلِهِ فِی تَرْجَمَةِ مَیْمُونِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّهُ اشْتَكَی (1) إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَحْشَةَ فَقَالَ لَهُ اتَّخِذْ زَوْجاً مِنْ حَمَامٍ تُؤْنِسْكَ وَ تُوقِظْكَ لِلصَّلَاةِ بِتَغْرِیدِهَا(2) وَ اتَّخِذْ دِیكاً یُؤْنِسْكَ وَ یُوقِظْكَ لِلصَّلَاةِ.

وَ رُوِیَ أَیْضاً فِی تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الطَّحَّانِ عَنْ مَیْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الْمَقَاصِیصَ (3) فِی بُیُوتِكُمْ فَإِنَّهَا تُلْهِی الْجِنَّ عَنْ صِبْیَانِكُمْ.

وَ قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: شَكَا رَجُلٌ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَحْشَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اتَّخِذْ زَوْجاً مِنْ حَمَامٍ (4).

رواه الطبرانی و فیه الصلت بن الجراح لا یعرف و بقیة رجاله رجال الصحیح

وَ فِی كَامِلِ ابْنِ عَدِیٍّ فِی تَرْجَمَةِ سَهْلِ بْنِ وَزِیرٍ(5)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: شَكَتِ الْكَعْبَةُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی قِلَّةَ زُوَّارِهَا فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهَا لَأَبْعَثَنَ (6) أَقْوَاماً یَحِنُّونَ إِلَیْهَا كَمَا تَحِنُّ الْحَمَامَةُ إِلَی فِرَاخِهَا.

وَ فِی سُنَنِ أَبِی دَاوُدَ وَ النَّسَائِیِّ مِنْ حَدِیثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ جَیِّدٍ أَنَّ النَّبِیَ

ص: 27


1- 1. فی المصدر: شكی.
2- 2. فی المصدر: من حمام تؤنسك و تصیب من فراخها و توقظك للصلاة.
3- 3. أی مقطوع الجناح.
4- 4. و روی الصدوق نحوه فی الفقیه 3: 220.
5- 5. فی المخطوطة:« درین و فی المصدر: فریر.
6- 6. فی المصدر: لا بعثن إلیك.

صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَكُونُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ یَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ كَحَوَامِلِ الْحَمَامِ لَا یُرِیحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.

و من طبعه أنه یألف وكره و لو أرسل من ألف فرسخ و یحمل الأخبار و یأتی بها من المسافة البعیدة(1)

فی المدة القریبة و فیه ما یقطع ثلاثة آلاف فرسخ فی یوم واحد و ربما اصطید و غاب عن وطنه عشر حجج و أكثر ثم هو علی ثبات عقله و قوة حفظه و نزوعه إلی وطنه حتی یجد فرصة فیصیر إلیه و سباع الطیر تطلبه أشد طلب و خوفه من الشواهین أشد من خوفه من غیره و هو أطیر منه و من سائر الطیر كله لكنه یذعر منه و یعتریه ما یعتری الحمار إذا رأی الأسد و الشاة إذا رأت الذئب و الفأر إذا رأت الهر و من عجیب الطبیعة فیه ما حكاه ابن قتیبة فی عیون الأخبار عن المثنی بن زهیر أنه قال لم أر شیئا قط من رجل و امرأة إلا و قد رأیته فی الحمام ما رأیت حمامة إلا ترید ذكرها و لا ذكرا إلا یرید أنثاه إلی أن یهلك أحدهما أو یفقد و رأیت

حمامة تتزین للذكر ساعة یریدها و رأیت حمامة لها زوج و هی تمكن آخر ما تعدوه و رأیت حمامة تقمط(2) حمامة و یقال إنها تبیض عن ذلك لكن لا یكون لذلك البیض فراخ و رأیت ذكرا یقمط ذكرا و رأیت ذكرا یقمط من كل لقی (3) و لا یزوج و أنثی یقمطها كل من رآها من الذكور و لا تزوج (4) و لیس من الحیوان ما یستعمل التقبیل عند السفاد إلا الإنسان و الحمام و هو عفیف السفاد یجر ذنبه لیعفی أثر الأنثی كأنه قد علم ما فعلت و یجتهد فی إخفائه (5)

و قد یسفد لتمام ستة أشهر و الأنثی تحضن (6) أربعة عشر یوما و تبیض

ص: 28


1- 1. فی المصدر: من البلاد البعیدة.
2- 2. قمطه طعم الشی ء: ذاقه.
3- 3. فی المصدر: و رأیت ذكرا یقمط كل ما لقی و لا یزاوج.
4- 4. فی المصدر: كل ما رآها من الذكور و لا تزاوج.
5- 5. فی المصدر: فیجتهد فی اخفائه.
6- 6. فی المصدر: و الأنثی تحمل.

بیضتین یخرج من الأولی ذكر و من الثانیة أنثی (1)

و بین الأولی و الثانیة یوم و لیلة و الذكر یجلس علی البیض و یسخنه جزءا من النهار و الأنثی بقیة النهار و كذلك فی اللیل و إذا باضت الأنثی و أبت الدخول علی بیضها لأمر ما ضربها الذكر و اضطرها إلی الدخول و إذا أراد الذكر أن یسفد الأنثی أخرج فراخه عن الوكر و قد ألهم هذا النوع أن فراخه إذا خرجت من البیض بأن یمضغ الذكر ترابا مالحا و یطعمها إیاه لیسهل به سبیل المطعم فسبحان اللطیف الخبیر الذی آتی كل نفس هداها و زعم أرسطو أن الحمام یعیش ثمان سنین و ذكر الثعلبی و غیره عن وهب بن منبه فی قوله تعالی وَ رَبُّكَ یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ یَخْتارُ(2) قال اختار من الغنم الضأن و من الطیر الحمام و ذكر أهل التاریخ أن المسترشد لما حبس رأی فی منامه علی یده حمامة مطوقة فأتاه آت و قال له خلاصك فی هذا فلما أصبح حكی ذلك لابن سكینة(3) الإمام فقال له ما أولته قال أولته ببیت أبی تمام:

هن الحمام فإن كسرت عیافه***من حائهن فإنهن حمام

و خلاصی فی حمامی فقتل بعد أیام یسیرة سنة تسع و عشرین و خمسمائة(4).

ص: 29


1- 1. فی المصدر: احداهما ذكر و الثانیة انثی.
2- 2. القصص: 68.
3- 3. فی المصدر: لابن السكینة.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 186 و 187.

باب 4 الطاوس

«1»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ،: مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام یَذْكُرُ فِیهَا عَجِیبَ خِلْقَةِ الطَّاوُسِ ابْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِیباً مِنْ حَیَوَانٍ وَ مَوَاتٍ وَ سَاكِنٍ وَ ذِی حَرَكَاتٍ فَأَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ الْبَیِّنَاتِ عَلَی لَطِیفِ صَنْعَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ مَا انْقَادَتْ لَهُ الْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِهِ وَ مَسَلِّمَةً لَهُ وَ نَعَقَتْ فِی أَسْمَاعِنَا دَلَائِلُهُ

عَلَی وَحْدَانِیَّتِهِ وَ مَا ذَرَأَ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الْأَطْیَارِ الَّتِی أَسْكَنَهَا أَخَادِیدَ الْأَرْضِ وَ خُرُوقَ فِجَاجِهَا وَ رَوَاسِیَ أَعْلَامِهَا مِنْ ذَوَاتِ أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ(1)

وَ هَیَئَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَبَایِنَةٍ مُصَرَّفَةٍ فِی زِمَامِ التَّسْخِیرِ وَ مُرَفْرِفَةٍ بِأَجْنِحَتِهَا فِی مَخَارِقِ الْجَوِّ الْمُنْفَسِحِ وَ الْفَضَاءِ الْمُنْفَرِجِ كَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِی عَجَائِبِ صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ وَ رَكَّبَهَا فِی حِقَاقِ مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ وَ مَنَعَ بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ خَلْقِهِ أَنْ یَسْمُوَ فِی الْهَوَاءِ خُفُوفاً وَ جَعَلَهُ یَدِفُّ دَفِیفاً وَ نَسَقَهَا عَلَی اخْتِلَافِهَا فِی الْأَصَابِیغِ بِلَطِیفِ قُدْرَتِهِ وَ دَقِیقِ صَنْعَتِهِ فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِی قَالَبِ لَوْنٍ لَا یَشُوبُهُ غَیْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِیهِ وَ مِنْهَا مَغْمُوسٌ فِی لَوْنِ صِبْغٍ قَدْ طُوِّقَ بِخِلَافِ مَا صُبِغَ بِهِ وَ مِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُسُ الَّذِی أَقَامَهُ فِی أَحْكَمِ تَعْدِیلٍ وَ نَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِی أَحْسَنِ تَنْضِیدٍ بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ وَ ذَنَبٍ أَطَالَ مَسْحَبَهُ إِذَا دَرَجَ إِلَی الْأُنْثَی نَشَرَهُ مِنْ طَیِّهِ وَ سَمَا بِهِ مُطِلًّا عَلَی رَأْسِهِ (2) كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِیٍّ عَنَجَهُ نُوتِیُّهُ یَخْتَالُ بِأَلْوَانِهِ وَ یَمِیسُ بِزَیَفَانِهِ یُفْضِی كَإِفْضَاءِ الدِّیَكَةِ وَ یَؤُرُّ بِمَلَاقِحِهِ أَرَّ الْفُحُولِ الْمُغْتَلِمَةِ لِلضِّرَابِ أُحِیلُكَ مِنْ ذَلِكَ عَلَی مُعَایَنَةٍ لَا كَمَنْ یُحِیلُ عَلَی ضَعِیفٍ إِسْنَادُهُ وَ لَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ یَزْعُمُ أَنَّهُ یُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُهُ فَتَقِفُ فِی ضَفَّتَیْ جُفُونِهِ وَ أَنَّ أُنْثَاهُ تَطْعَمُ ذَلِكَ ثُمَّ یبیض [تَبِیضُ] لَا مِنْ لِقَاحِ

ص: 30


1- 1. فی المصدر: من ذات اجنحة مختلفة و هیئات متباینة.
2- 2. فی المصدر: مظلا علی رأسه.

فَحْلٍ سِوَی الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ لَمَا كَانَ ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ الْغُرَابِ تَخَالُ قَصَبَهُ مَدَارِیَ مِنْ فِضَّةٍ وَ مَا أُنْبِتَ عَلَیْهَا مِنْ عَجِیبِ دَارَاتِهِ وَ شُمُوسِهِ خَالِصَ الْعِقْیَانِ وَ فِلَذَ الزَّبَرْجَدِ فَإِنْ شَبَّهْتَهُ بِمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ قُلْتَ جُنِیَ مِنْ زَهْرَةِ كُلِّ رَبِیعٍ (1)

وَ إِنْ ضَاهَیْتَهُ بِالْمَلَابِسِ فَهُوَ كَمَوْشِیِّ الْحُلَلِ أَوْ مُونِقِ عَصْبِ الْیَمَنِ (2) وَ إِنْ شَاكَلْتَهُ بِالْحُلِیِّ فَهُوَ كَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ قَدْ نُطِّقَتْ بِاللُّجَیْنِ الْمُكَلَّلِ یَمْشِی مَشْیَ الْمَرِحِ الْمُخْتَالِ وَ یَتَصَفَّحُ ذَنَبَهُ وَ جَنَاحَهُ (3) فَیُقَهْقِهُ ضَاحِكاً لِجَمَالِ سِرْبَالِهِ وَ أَصَابِیغِ وِشَاحِهِ فَإِذَا رَمَی بِبَصَرِهِ إِلَی قَوَائِمِهِ زَقَا مُعْوِلًا بِصَوْتٍ یَكَادُ یُبِینُ عَنِ اسْتِغَاثَتِهِ وَ یَشْهَدُ بِصَادِقِ تَوَجُّعِهِ لِأَنَّ قَوَائِمَهُ حُمْشٌ كَقَوَائِمِ الدِّیَكَةِ الْخِلَاسِیَّةِ وَ قَدْ نَجَمَتْ مِنْ ظُنْبُوبِ سَاقِهِ صِیصِیَةٌ خَفِیَّةٌ وَ لَهُ فِی مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَةٌ خَضْرَاءُ مُوَشَّاةٌ وَ مَخْرَجُ عَنُقِهِ كَالْإِبْرِیقِ وَ مَغْرِزُهَا إِلَی حَیْثُ بَطْنُهُ كَصِبْغِ الْوَسِمَةِ الْیَمَانِیَّةِ أَوْ كَحَرِیرَةٍ مُلْبَسَةٍ مِرْآةً ذَاتَ صِقَالٍ وَ كَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ إِلَّا أَنَّهُ یُخَیَّلُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَ شِدَّةِ بَرِیقِهِ أَنَّ الْخُضْرَةَ النَّاضِرَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِهِ وَ مَعَ فَتْقِ سَمْعِهِ خَطٌّ كَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِی لَوْنِ الْأُقْحُوَانِ أَبْیَضُ یَقَقٌ فَهُوَ بِبَیَاضِهِ فِی سَوَادِ مَا هُنَالِكَ یَأْتَلِقُ وَ قَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ بِقِسْطٍ عَلَاهُ بِكَثْرَةِ صِقَالِهِ وَ بَرِیقِهِ وَ بَصِیصِ دِیبَاجِهِ وَ رَوْنَقِهِ فَهُوَ كَالْأَزَاهِیرِ الْمَبْثُوثَةِ لَمْ تُرَبِّهَا أَمْطَارُ رَبِیعٍ وَ لَا شُمُوسُ قَیْظٍ وَ قَدْ یَتَحَسَّرُ مِنْ رِیشِهِ وَ یَعْرَی مِنْ لِبَاسِهِ فَیَسْقُطُ تَتْرَی وَ یَنْبُتُ تِبَاعاً فَیَنْحَتُّ مِنْ قَصَبِهِ انْحِتَاتَ أَوْرَاقِ الْأَغْصَانِ ثُمَّ یَتَلَاحَقُ نَامِیاً حَتَّی یَعُودَ كَهَیْئَتِهِ قَبْلَ سُقُوطِهِ لَا یُخَالِفُ سَائِرَ أَلْوَانِهِ (4)

وَ لَا یَقَعُ لَوْنٌ فِی غَیْرِ مَكَانِهِ وَ إِذَا تَصَفَّحْتَ شَعْرَةً مِنْ شَعَرَاتِ قَصَبِهِ أَرَتْكَ

ص: 31


1- 1. فی المصدر: جنی جنی من زهرة كل ربیع.
2- 2. فی المصدر: او كمونق عصب الیمن.
3- 3. فی المصدر: و جناحیه.
4- 4. هكذا فی الكتاب مطبوعه و مخطوطه، و لكن فی المصدر المطبوع:« سالف ألوانه» و یظهر ممّا سیجی ء عن المصنّف فی تفسیر الحدیث أن الأصل كان:« سالف الوانه» و فی بعض النسخ: سائر الوانه.

مَرَّةً حُمْرَةً وَرْدِیَّةً وَ تَارَةً خُضْرَةً زَبَرْجَدِیَّةً وَ أَحْیَاناً صُفْرَةً عَسْجَدِیَّةً فَكَیْفَ تَصِلُ إِلَی صِفَةِ هَذَا عَمَائِقُ الْفِطَنِ أَوْ تَبْلُغُهُ قَرَائِحُ الْعُقُولِ أَوْ تَسْتَنْظِمُ وَصْفَهُ أَقْوَالُ الْوَاصِفِینَ وَ أَقَلُّ أَجْزَائِهِ قَدْ أَعْجَزَ الْأَوْهَامَ أَنْ تُدْرِكَهُ وَ الْأَلْسِنَةَ أَنْ تَصِفَهُ فَسُبْحَانَ الَّذِی بَهَرَ الْعُقُولَ عَنْ وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاهُ لِلْعُیُونِ فَأَدْرَكَتْهُ مَحْدُوداً مُكَوَّناً وَ مُؤَلَّفاً مُلَوَّناً وَ أَعْجَزَ الْأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِیصِ صِفَتِهِ وَ قَعَدَ بِهَا عَنْ تَأْدِیَةِ نَعْتِهِ وَ سُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ الذَّرَّةِ وَ الْهَمَجَةِ إِلَی مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِیتَانِ وَ الْأَفْیِلَةِ وَ وَأَی عَلَی نَفْسِهِ أَنْ لَا یَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِیهِ الرُّوحَ إِلَّا وَ جَعَلَ الْحِمَامَ مَوْعِدَهُ وَ الْفَنَاءَ غَایَتَهُ (1).

قال السید رضی اللّٰه عنه تفسیر بعض ما جاء فیها من الغریب و یؤر بملاقحه الأر كنایة عن النكاح یقال أر المرأة(2) یؤرها إذا نكحها زوجها و قوله كأنه قلع داری عنجه نوتیه القلع شراع السفینة و داری منسوب إلی دارین و هی بلدة علی البحر یجلب منها الطیب و عنجه أی عطفه یقال عنجت الناقة أعنجها عنجا إذا عطفتها و النوتی الملاح و قوله علیه السلام ضفتی جفونه أراد جانبی جفونه و الضفتان الجانبان و قوله علیه السلام و فلذ الزبرجد الفلذ جمع فلذة و هی القطعة و قوله كبائس اللؤلؤ الرطب الكبائس جمع الكباسة العذق و العسالیج الغصون واحدها عسلوج (3).

توضیح: الطاوس علی فاعول و تصغیره طویس و طوست المرأة أی تزینت و الحیوان بالتحریك جنس الحی و یكون بمعنی الحیاة و الموات كسحاب ما لا روح فیه و أرض لم تحی بعد و التی لا مالك لها و لا ساكن كالأرض و الجبال و ذی حركات كالماء و النار أی المتحرك بطبعه أو الأعم و لا یضر التداخل و اللطیف الدقیق و ما مفعول أقام و الضمیر عائد إلی ما فی به و له راجع إلی اللّٰه و یحتمل أن یعود إلی ما و نعقت أی صاحت و الغرض الإشعار

ص: 32


1- 1. نهج البلاغة: 520- 525( طبع فیض) فیه: و الفیلة.
2- 2. فی المصدر: أر الرجل المرأة.
3- 3. نهج البلاغة: 529( طبع فیض).

بوضوح الدلائل و الضمیر فی دلائله راجع إلی اللّٰه أو إلی ما و ما ذرأ أی خلق و قیل الذرء مختص بخلق الذریة و الأخادید جمع أخدود بالضم و هو الشق فی الأرض و الطیر الذی یسكن الأخدود كالقطا و الفجاج بالكسر جمع فج بالفتح و هو الطریق الواسع بین الجبلین و القبج یسكن الفجاج و الأعلام الجبال و رواسیها ثوابتها و العقبان و الصقور و نحوهما تسكن الجبال الراسیة و التصریف التقلیب و التحویل من حال إلی حال و مصرفة منصوبة علی الحالیة و فی بعض النسخ مجرور علی أنه صفة لذوات أجنحة و كذلك مرفرفة و زمه شده و الزمام ككتاب ما یزم به و زمام البعیر خطامه و زمام التسخیر القدرة الكاملة.

و رفرف الطائر بجناحیه إذا بسطهما عند السقوط علی شی ء یحوم علیه لیقع فوقه و مخارق الجو أمكنتها التی تخرق الهواء فتدخلها و المنفسخ الواسع و الفضاء بالفتح المكان الواسع و الحقاق بالكسر جمع حق بالضم و هو مجمع المفصلین من الأعضاء و احتجاب المفاصل استتارها باللحم و الجلد و نحوهما و عبل الشی ء بالضم عبالة بالفتح فیهما مثل ضخم ضخامة وزنا و معنی

أن یسمو أی یعلو فی السماء أی فی جهة العلو و فی بعض النسخ فی الهواء و الخفوق بالضم سرعة الحركة و دف الطائر كمد حرك جناحیه لطیرانه و معناه ضرب بهما دفیه و هما جناحاه قیل و ذلك إذا أسرع مشیا و رجلاه علی وجه الأرض ثم یستقل طیرانا و دفیف الطائر طیرانه فوق الأرض (1) یقال عقاب دفوف و دفت الحمامة كفرت إذا سارت سیرا لینا كذا فی المصباح و یظهر من كلام بعضهم أن الفعل كمد فیهما و یدف فیما عندنا من النسخ بكسر العین و نسقها أی رتبها یقال نسقت الدر كنصرت أی نظمتها و نسقت الكلام أی عطفت بعضه علی بعض و الأصابیغ جمع أصباغ بالفتح جمع صبغ بالكسر و هو اللون أی جعل كلا منها علی لون خاص علی وفق الحكمة البالغة و غمسه فی الماء كضربه دخله و الاغتماس الارتماس

ص: 33


1- 1. فی النسخة المخطوطة: فوق الأرض.

شبه الطیر بالثوب الذی دقه الصباغ إذا أراد صبغه و القالب بالفتح كما فی النسخ قالب الخف و غیره كالخاتم و الطابع و بالكسر البسر الأحمر و فی القاموس القالب البسر الأحمر و كالمثال یفرغ فیه الجواهر و فتح لامه أكثر و شاة قالب لون علی غیر لون أمها و فی حدیث شعیب و موسی علیهما السلام لك من غنمی ما جاءت به قالب لون تفسیره فی الحدیث أنها جاءت علی غیر ألوان أمهاتها كأن لونها قد انقلب و منه حدیث علی علیه السلام فی صفة الطیور فمنها مغموس فی قالب لون لا یشوبه غیر لون ما غمس فیه انتهی (1).

و الأظهر أن الغمس فی قالب اللون عبارة عن إحاطة اللون الواحد بجمیع أجزائه كما یحیط القالب بالأشیاء المصوغة بالصب فیه من نحاس و نحوه و علی الكسر یمكن أن یكون المراد بقالب اللون اللون الذی یقلب اللون إلی لون آخر و لون صبغ فی بعض النسخ بجر لون مضافا إلی صبغ علی الإضافة البیانیة و فی بعضها بالجر منونا و صبغ علی صیغة الماضی المجهول أی صبغ ذلك المغموس و الطوق حلی للعنق و كل ما استدار بشی ء و هذا النوع كالفواخت و نحوها و التعدیل التسویة و منه تعدیل القسمة و المراد إعطاء كل شی ء منه فی الخلق ما یستحقه و خلقه خالیا من نقص و نضد متاعه كنصر و نضده بالتشدید أی جعل بعضه فوق بعض أی رتب ألوانه بجناح أشرج قصبه أی ركب بعضها فی بعض كما یشرج العیبة أی یداخل بین أشراجها و هی عراها.

و سحبه كمنعه جره علی وجه الأرض و سحبت المرأة ذیلها إذا درج أی مشی و طوی الصحیفة كرمی ضد نشرها و سما كدعا أی ارتفع و سما به أی أعلاه و رفعه و أطل علیه أی أشرف و القطع بالكسر الشراع و الداری منسوب إلی دارین و هو موضع فی البحر كان یؤتی منه الطیب من الهند و هو الآن خراب لا عمارة به و لا سكنی و فیه آثار قدیمة و النسبة إلیه لأنه كان مرسی (2) السفن فی زمانه علیه السلام

ص: 34


1- 1. النهایة 3: 304.
2- 2. المرسی: محل وقوف السفن.

و عنجه كنصره أی عطفه و قیل هو أن یجذب الراكب خطام البعیر فیرده علی رجلیه.

و فی النهایة النوتی الملاح الذی یدبر السفینة فی البحر و قد نات ینوت نوتا إذا تمایل من النعاس كان النوتی یمیل السفینة من جانب إلی جانب انتهی (1)

و لطف التشبیه واضح.

و اختال أی تكبر و أعجب بنفسه و یمیس أی یتبختر و زاف یزیف زیفانا أی تبختر فی مشیه و یفضی أی یسفد و یقال أفضی المرأة أی جامعها أو خلا بها و الدیكة كقردة جمع دیك بالكسر و فی بعض النسخ و فی نهایة ابن الأثیر كإفضاء الدیكة و یؤر كیمد أرا بالفتح أی یجامع و القح الفحل الناقة أی أحبلها و الملاقحة مفاعلة منه و فی بعض النسخ بملاقحه علی صیغة الجمع مضافا إلی الضمیر أی بآلات تناسله و أعضائه و الفحل الذكر من كل حیوان و غلم كعلم أی اشتد شبقه و اغتلم البعیر إذا هاج من شدة شهوة الضراب.

و قوله علیه السلام أر الفحول المغتلمة لیس فی بعض النسخ و الإحالة من الحوالة علی ضعیف إسناده أی إسناده الضعیف و فی بعض النسخ علی ضعف بصیغة المصدر مبالغة و یقال سفحت الدم كمنعت أی أرقته و الدمع أی أرسلته و فی بعض النسخ تنشجها كتضرب یقال نشج القدر و الزق أی غلی ما فیه حتی سمع له صوت و لعل الأول أوضح فإن الفعل لیس متعدیا بنفسه علی ما فی كتب اللغة و ضفتا جفونه جانباها و كذلك ضفتا النهر و الوادی و تطعم علی صیغة التفعل بحذف إحدی التاءین و بجس الماء تبجیسا فجره فتبجس و انبجس و یوجد الكلمة فی النسخ بهما أی الدمع المنفجر.

قال بعض الشارحین زعم قوم أن اللقاح فی الطاوس بالدمعة و أمیر المؤمنین علیه السلام لم یحل ذلك و لكنه قال لیس بأعجب من مطاعمة الغراب و العرب تزعم أن الغراب لا یسفد و من أمثالهم أخفی من سفاد الغراب فیزعمون أن اللقاح

ص: 35


1- 1. النهایة 4: 191 و فیه:« فی حدیث علیّ علیه السلام كانه قطع داری عنجه نوتیه» ثم ذكر التفسیر.

من المطاعمة و انتقال جزء من الماء الذی فی قانصة الذكر إلی الأنثی من منقاره و أما الحكماء فقل أن یصدقوا بذلك علی أنهم قد قالوا فی كتبهم ما یقرب من هذا قال ابن سینا و القبجة تحبلها ریح تهب من ناحیة الحجل الذكر و من سماع صوته قال و النوع المسمی مالاقیا(1) تتلاصق بأفواهها ثم تتشابك فذاك سفادها و لا یخفی أن المثل المذكور لا یدل علی أن الغراب لا یسفد بل الظاهر منه خلافه إلا أن یكون مراد القائل أیضا ذلك و أما كلامه علیه السلام فالظاهر منه أن الطاوس لقاحه بالسفاد لقوله علیه السلام یؤر بملاقحه و لتعبیره عن القول الآخر بالزعم و أن الغراب لقاحه بالمطاعمة.

و فی القاموس الحمام إذا أدخل فمه فی فم أنثاه فقد تطاعما و طاعما و خال الشی ء كخاف أی ظنه و خاله یخیله لغة فیه و تقول فی المضارع للمتكلم إخال بكسر الهمزة علی غیر قیاس و هو أكثر استعمالا و بنو أسد یفتحون علی القیاس و المداری بالدال

المهملة علی ما فی أكثر النسخ جمع مدری بكسر المیم قال ابن الأثیر المدری و المدراة شی ء من حدید(2) أو خشب علی شكل سن من أسنان المشط و أطول منه یسرح به الشعر المتلبد و یستعمله من لا مشط له (3).

و كان فی نسخة ابن میثم بالذال المعجمة قال و هی خشبة ذات أطراف كأصابع الكف ینقی به الطعام و الدارة هالة القمر و ما أحاط بالشی ء كالدائرة و العقیان بالضم الذهب الخالص و قیل ما ینبت منه نباتا و الفلذ كعنب جمع فلذة بالكسر و هی القطعة من الذهب و الفضة و غیرهما و فلذت له من الشی ء كضربت أی قطعت و الزبرجد جوهر معروف قیل و یسمیه الناس البلخش و قیل هو الزمرد و جنیت الثمرة و الزهرة و اجتنیتها بمعنی و الجنی فعیل منه و فی بعض النسخ جنی كحصی و هو ما یجنی من الشجر ما دام غضا بمعنی فعیل و لفظة الفعل المجهول لیست

ص: 36


1- 1. فی المخطوطة: ملاقیا.
2- 2. فی المصدر: شی ء یعمل.
3- 3. النهایة 2: 23.

فی بعض النسخ و زهر النبات بالفتح نوره و الواحدة زهرة كتمر و تمرة قالوا و لا یسمی زهرا حتی تفتح و المضاهاة و المشاكلة و المشابهة بمعنی و استعمال فاعل بمعنی فعل بالتشدید كثیر لا سیما فی كلامه علیه السلام و اللباس و اللبس بالكسر فیهما و الملبس واحد و الوشی نقش الثوب من كل لون و الموشی كمرمی المنقش و الحلل كصرد جمع حلة بالضم و هی إزار و رداء من برد أو غیره فلا تكون حلة إلا من ثوبین أو ثوب له بطانة و شی ء أنیق أی حسن معجب و المونق مفعل منه قلبت الهمزة واوا و العصب بالفتح ضرب من البرود و الحلی بضم الحاء و كسر اللام و تشدید الیاء جمع حلی بالفتح و التخفیف و هو ما یزین به من مصوغ المعدنیات أو الحجارة و الفصوص جمع فص كفلس و فلوس قال ابن السكیت كسر الفاء ردی و قال الفیروزآبادی الفص للخاتم مثلثة و الكسر غیر لحن و نطقت باللجین أی جعلت الفضة كالنطاق لها و هو ككتاب شبه إزار فیه تكة تلبسه المرأة و قیل شقة تلبسها المرأة و تشد وسطها بحبل و ترسل الأعلی علی الأسفل إلی الأرض و الأسفل ینجر علی الأرض (1) و كلل فلانا ألبسه الإكلیل و هو بالكسر التاج و شبه عصابة زین بالجوهر و قال بعض الشارحین شبه علیه السلام بالفصوص المختلفة الألوان المنطقة فی الفضة أی المرصعة فی صفائح الفضة و المكلل الذی جعل كالإكلیل و حاصل الكلام أنه علیه السلام شبه قصب ریشه بصفائح من فضة رصعت بالفصوص المختلفة الألوان فهی كالإكلیل بذلك الترصیع و الأظهر أن المكلل وصف للجین و مرح كفرح وزنا و معنی فهو مرح ككتف و قیل المرح أشد من الفرح (2) و قیل هو النشاط و تصفحت الكتاب أی قلبت صفحاته و قه كفر أی ضحك و قال فی ضحكه قه بالسكون فإذا كرر قیل قهقه قهقهة مثل دحرج دحرجة و الجمال الحسن فی الخلق و الخلق و السربال بالكسر القمیص أو كل ما لبس و الوشاح ككتاب شی ء ینسج من أدیم و یرصع

ص: 37


1- 1. فی المخطوطة: یجر علی الأرض.
2- 2. فی المخطوطة: اشد الفرح.

شبه قلادة تلبسه النساء و زقا یزقو أی صاح و أعول أی رفع صوته بالبكاء و الصیاح و استغاث طلب العون و النصر و توجع أی تفجع أو تشكو لأن قوائمه حمش أی دقاق یقال رجل أحمش الساقین و الخلاسیة بالكسر هی التی بین الدجاجة الهندیة و الفارسیة و الولد بین أبوین أبیض و سوداء و أسود و بیضاء ذكره فی العین و نجم النبات و غیره كقعد نجوما أی ظهر و طلع و الظنبوب بالضم حرف العظم الیابس من قدم الساق ذكره الجوهری و فی القاموس حرف الساق من قدم أو عظمه أو حرف عظمه و الصیصیة فی الأصل شوكة الحائك التی بها یسوی السداة و اللحمة قال الجوهری و منه صیصیة الدیك التی فی رجله و العرف بالضم شعر عنق الفرس و غیره و القنزعة بضم القاف و الزای ما ارتفع من الشعر و قیل الخصلة من الشعر یترك علی رأس الصبی.

موشاة أی منقشة و المخرج اسم مكان أی محل خروج عنقه كمحل خروج عنق الإبریق و یشعر بأن عنقه كعنق الإبریق أو مصدر أی خروج عنقه كخروج عنق الإبریق فالإشعار أقوی و الإبریق فارسی معرب (1) و غرزته كضربت أی أثبته فی الأرض و مغرزها مبتدأ خبره كصبغ الوسمة و بطنه مبتدأ خبر محذوف أی مغرزها إلی حیث بطنه موجودا و ممتدا و منتهی إلیه كصبغ إلی آخره و حیث تضاف إلی الجملة غالبا و هو فی المعنی مضافة إلی المصدر الذی تضمنته الجملة قالوا حیث و إن كانت مضافة إلی الجملة فی الظاهر لكن لما كانت فی المعنی مضافة إلی المصدر فأضافتها إلیها كلا إضافة و لذا بنیت علی الضم كالغایات علی الأعرف فقال الرضی رضی اللّٰه عنه حذف خبر المبتدإ الذی بعد حیث غیر قلیل.

و الوسمة بكسر السین كما فی بعض النسخ و هی لغة الحجاز و أفصح من السكون و أنكر الأزهری السكون و بالسكون كما فی بعض النسخ و جوزه بعضهم نبت یختضب بورقه و قیل هو ورق النیل و الصقال ككتاب اسم من صقله كنصر أی

ص: 38


1- 1. معرب آبریز و هو الذی یقال له بالفارسیة: آفتابه.

جلاه فهو مصقول و صقیل و اللفاع ككتاب الملحفة أو الكساء أو كل ما تتلفع به المرأة و تلفع الرجل بالثوب إذا اشتمل به و تغطی و فی بعض النسخ متقنع و المقنع و المقنعة بالكسر فیهما ما تتقنع به المرأة و القناع ككتاب أوسع منهما و المعجر كمنبر ثوب أصغر من الرداء تلبسه المرأة و قال المطرزی ثوب كالعصابة تلفه المرأة علی استدارة رأسها و السحم بالتحریك و السُّحْمة بالضم السواد و الأسحم الأسود و خیل له كذا بالبناء للمفعول من الخیال بمعنی الوهم و الظن أی لبس علیه و فی بعض النسخ یخیل علی صیغة المعلوم فالفاعل ضمیر الطاوس و البریق اللمعان.

و استدق أی صار دقیقا و هو ضد الغلیظ و المستدق علی صیغة اسم الفاعل و فی بعض النسخ علی صیغة اسم المفعول قال ابن الأثیر استدق الدنیا أی احتقرها و استصغرها و هو استفعل من الشی ء الدقیق الصغیر و المشبه علی الأول القلم و علی الثانی المرقوم و یمكن أن تكون الإضافة علی الأول لأدنی ملابسة فإن الرقم الدقیق له نسبة إلی القلم و الأقحوان بالضم البابونج و أبیض یقق بالتحریك أی شدید البیاض و ائتلق و تألق أی التمع و علا فلان فلانا أی غلبه و ارتفع علیه و بص كفر أی برق و لمع و الدیباج ثوب سداه و لحمته إبریسم و قیل هو معرب ثم كثر حتی اشتقت العرب منه فقالوا دبج الغیث الأرض دبجا إذا

سقاها فأنبت أزهارا مختلفة لأنه اسم للمنقش و رونق الشی ء ماؤه و حسنه أی أخذ من كل لون نصیبا و زاد علی اللون بالبریق و اللمعان و الزهرة بالفتح و بالتحریك النبات و نوره و الجمع أزهار و جمع الجمع أزاهر(1).

و البث النشر و التفریق و رب فلان الأمر أی أصلحه و قام بتدبیره و رب الدهن أی طیبه و القیظ فصل الصیف و شدة الحر و لعل الجمع فی الأمطار باعتبار الدفعات و فی الشموس بتعدد الإشراق فی الأیام أو باعتبار أن الشمس الطالع فی كل یوم فرد علی حدة لاختلاف التأثیر فی نضج الثمار و تربیة النبات باختلاف الحر

ص: 39


1- 1. فی النسخة المخطوطة: أزاهیر.

و البرد و غیر ذلك و تحسر البعیر علی صیغة التفعل أی سقط من الإعیاء و فی بعض النسخ تنحسر علی صیغة الانفعال تقول حسره كضربه و نصره فانحسر أی كشفه فانكشف و العُرْی بالضم خلاف اللبس و الفعل كرضی و تتری فیه لغتان تنون و لا تنون مثل علقی فمن ترك صرفها فی المعرفة جعل ألفها ألف التأنیث و هو أجود و أصلها وَتْری من الوتر و هو الفرد قال اللّٰه تعالی ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا(1) أی واحدا بعد واحد و من نونها جعل ألفها ملحقة ذكره الجوهری و قال بعض شارحی النهج تتری أی شیئا بعد شی ء و بینهما فترة و هذا مما یغلط فیه قوم فیعتقدون أن تتری للمواصلة و الالتصاق و ینبت تباعا أی لا فترات بینهما و كذلك حال الریش الساقط و التِّباع بالكسر الولاء و انحتت ورق الشجر أی سقطت.

و قوله علیه السلام سالف ألوانه فی بعض النسخ سائر ألوانه قال الجوهری سائر الناس أی جمیعهم و فی المصباح قال الأزهری اتفق أهل اللغة أن سائر الشی ء باقیه قلیلا كان أو كثیرا و لعل المراد عدم مخالفة لون الریش النابت للباقی من السوالف أو المراد عدم التخالف بین الأریاش النابتة و ما فی الأصل أوضح و الورد بالفتح من كل شجرة نورها و غلب علی الورد الأحمر و التارة الحین و الزمان و العَسجد كجعفر الذهب و العُمق بالضم و بالفتح قعر البئر و نحوها و الفِطَن كعنب جمع فطنة بالكسر و هی الحذق و العلم بوجوه الأمور و عمائق الفطن الأذهان الثاقبة و القریحة أول ما یستنبط من البئر و منه قولهم لفلان قریحة جیدة یراد استنباط العلم بجودة الطبع و اقترحت الشی ء أی ابتدعته من غیر سبق مثال و الواو فی قوله علیه السلام و أقل للحال و لا ریب أن العشرة أقل الأجزاء التی بها قوام الحیوان و المراد بعجز الأوهام العجز عن وصف علل هذه الألوان و اختلافها و اختصاص كل بموضعه و سائر ما أشار علیه السلام إلیه أو العجز عن إدراك جزئیات الأوصاف المذكورة و تشریح الهیئات الظاهرة و الخصوصیات الخفیة فی خلق ذلك الحیوان كما هو المناسب لما بعده و بهره كمنعه أی غلبه و جلاه بالتشدید و التخفیف علی اختلاف النسخ أی

ص: 40


1- 1. المؤمنون: 44.

كشفه و التكوین الإحداث و الإیجاد و قعد بها أی أقعدها و أعجزها و الغرض الدلالة علی عجز العقول عن إدراك ذاته سبحانه فإنها إذا عجزت عن إدراك مخلوق ظاهر للعیون علی الصفات المذكورة فهی بالعجز عن إدراكه سبحانه و وصفه أحری و كذلك الألسن فی تلخیص صفته و تأدیة نعته.

و دَمَج الشی ء كنصر دموجا دخل فی الشی ء و استحكم فیه و أدمجه غیره و الذرة واحدة الذر و هی صغار النمل و الهَمَجة واحدة الهمج كذلك و هو ذباب صغیر كالبعوض یسقط علی وجوه الغنم و الحمر و أعینها و الحیتان جمع حوت و الأَفْیِلَة جمع فیل و المعروف بین أهل اللغة فِیَلَة كعنبة كما فی بعض النسخ و أفیال و فیول و قال ابن السكیت و لا تقل أَفْیِلَة و وأی أی وعد و اضطرب أی تحرك و الشبح الشخص و أولج أی و أدخل و الحمام ككتاب قضاء الموت و قدره.

«2»- تَنْبِیهُ الْخَاطِرِ لِلْوَرَّامِ،: دَخَلَ طَاوُسٌ الْیَمَانِیُّ عَلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَنْتَ طَاوُسٌ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ طَاوُسٌ طَیْرٌ مَشُومٌ مَا نَزَلَ بِسَاحَةِ قَوْمٍ إِلَّا آذَنَهُمْ بِالرَّحِیلِ (1).

بیان: یدل علی تأثیر الطیرة فی الجملة.

«3»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام حُسْنُ الطَّاوُسِ فَقَالَ لَا یَزِیدُكَ عَلَی حُسْنِ الدِّیكِ الْأَبْیَضِ بِشَیْ ءٍ(2) قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ الدِّیكُ أَحْسَنُ صَوْتاً مِنَ الطَّاوُسِ وَ هُوَ أَعْظَمُ بَرَكَةً یُنَبِّهُكَ فِی مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ وَ إِنَّمَا یَدْعُو الطَّاوُسُ بِالْوَیْلِ بِخَطِیئَتِهِ (3) الَّتِی ابْتُلِیَ بِهَا(4).

و قال الدمیری الطاوس طائر معروف تصغیره طویس و كنیته أبو الحسن

ص: 41


1- 1. تنبیه الخاطر:
2- 2. فی المصدر: شی ء.
3- 3. فی المصدر: لخطیئة.
4- 4. فروع الكافی 6: 550.

و أبو الوشی و هو من الطیر كالفرس من الدواب (1)

عزا و حسنا و فی طبعه العفة و حب الزهو بنفسه و الخیلاء و الإعجاب بریشه و عقده لذنبه كالطاق لا سیما إذا كانت الأنثی ناظرة إلیه و الأنثی تبیض بعد أن یمضی لها من العمر ثلاث سنین و فی ذلك الأوان یكمل ریش الذكر و یتم لونه و تبیض الأنثی مرة واحدة فی السنة اثنتی عشرة بیضة و أكثر(2) و یفسد فی أیام الربیع و یلقی ریشه فی الخریف كلما یلقی الشجر ورقه فإذا بدا طلوع الأوراق فی الشجرة طلع ریشه و هو كثیر العبث بالأنثی إذا حضنت و ربما كسر البیض و لهذه العلة یحضن بیضه تحت الدجاج و لا تقوی الدجاجة علی حضن أكثر من بیضتین و ینبغی أن تتعاهد الدجاجة بجمیع ما تحتاج إلیه من الأكل و الشرب مخافة أن تقوم عنه فیفسده الهواء و الفرخ الذی یخرج من حضن الدجاجة یكون قلیل الحسن ناقص الخلق و ناقص الجثة و مدة حضنه ثلاثون یوما و أعجب الأمور أنه مع حسنه یتشأم به و كان هذا و اللّٰه أعلم أنه لما كان سببا لدخول إبلیس الجنة و خروج آدم منها و سببا لخلو تلك الدار من آدم مدة دوام الدنیا كرهت إقامته فی الدور بسبب ذلك (3).

«4»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: الطَّاوُسُ مَسْخٌ كَانَ رَجُلًا جَمِیلًا فَكَابَرَ امْرَأَةَ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ تُحِبُّهُ فَوَقَعَ بِهَا ثُمَّ رَاسَلَتْهُ بَعْدُ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ طَاوُسَیْنِ أُنْثَی وَ ذَكَراً فَلَا تَأْكُلْ لَحْمَهُ وَ لَا بَیْضَهُ (4).

ص: 42


1- 1. فی المصدر: و هو فی الطیر كالفرس فی الدوابّ.
2- 2. فی المصدر: و أقل و أكثر و لا تبیض متتابعا.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 59 و 60.
4- 4. فروع الكافی 6: 247 فیه:« و لا یؤكل» و رواه أیضا بالاسناد فی ص 245 الا انه اقتصر فقال: الطاوس لا یحل اكله و لا بیضه.

باب 5 الدراج و القطا و القبج و غیرها من الطیور و فضل لحم بعضها علی بعض

«1»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: أَطْعِمُوا الْمَحْمُومَ لَحْمَ الْقِبَاجِ فَإِنَّهُ یُقَوِّی السَّاقَیْنِ وَ یَطْرُدُ الْحُمَّی طَرْداً(1).

«2»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ قَالَ: تَغَذَّیْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَأُتِیَ بقطاط [بِقَطَاةٍ] فَقَالَ إِنَّهُ مُبَارَكٌ وَ كَانَ أَبِی یُعْجِبُهُ وَ كَانَ یَأْمُرُ أَنْ یُطْعَمَ صَاحِبَ الْیَرَقَانِ یُشْوَی لَهُ فَإِنَّهُ یَنْفَعُهُ (2).

«3»- الْخَرَائِجُ، رُوِیَ عَنِ الْحَسَنِ علیه السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَوْماً بِأَرْضِ قَفْرٍ فَرَأَی دُرَّاجاً فَقَالَ یَا دُرَّاجُ مُنْذُ كَمْ أَنْتَ فِی هَذِهِ الْبَرِّیَّةِ وَ مِنْ أَیْنَ مَطْعَمُكَ وَ مَشْرَبُكَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا فِی هَذِهِ الْبَرِّیَّةِ مُنْذُ مِائَةِ سَنَةٍ إِذَا جُعْتُ أُصَلِّی عَلَیْكُمْ فَأَشْبَعُ وَ إِذَا عَطِشْتُ أَدْعُو عَلَی ظَالِمِیكُمْ فَأَرْوَی (3).

«4»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِی الْحَسَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ رَفَعَهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ لَحْمُ الطَّیْرِ فَقَالَ أَطْیَبُ اللَّحْمِ لَحْمُ فَرْخٍ غَذَّتْهُ فَتَاةٌ مِنْ رَبِیعَةَ بِفَضْلِ قُوتِهَا(4).

ص: 43


1- 1. فروع الكافی 6: 312.
2- 2. فروع الكافی 6: 312.
3- 3. الخرائج.
4- 4. المحاسن 474.

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ رَفَعَهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: الْإِوَزُّ(1) جَامُوسُ الطُّیُورِ وَ الدَّجَاجُ خِنْزِیرُ الطَّیْرِ وَ الدُّرَّاجُ حَبَشُ الطَّیْرِ فَأَیْنَ أَنْتَ عَنْ فَرْخَیْنِ نَاهِضَیْنِ رَبَّتْهُمَا امْرَأَةٌ مِنْ رَبِیعَةَ بِفَضْلِ قُوتِهَا(2).

«6»- وَ مِنْهُ، عَنِ السَّیَّارِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: ذُكِرَتِ اللُّحْمَانُ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ عُمَرُ حَاضِرٌ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ أَطْیَبَ اللُّحْمَانِ لَحْمُ الدَّجَاجِ وَ قَالَ (3)

أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَلَّا إِنَّ ذَلِكَ خَنَازِیرُ الطَّیْرِ وَ إِنَّ أَطْیَبَ اللَّحْمِ لَحْمُ فَرْخِ حَمَامٍ قَدْ نَهَضَ أَوْ كَادَ یَنْهَضُ (4).

«7»- وَ مِنْهُ، عَنِ السَّیَّارِیِّ عَمَّنْ رَوَاهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَقْتُلَ غَیْظَهُ فَلْیَأْكُلْ لَحْمَ الدُّرَّاجِ (5).

الكافی، عن العدة عن البرقی عن السیاری: مثله (6).

«8»- الطب، [طب الأئمة علیهم السلام] عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَقْتُلَ (7)

غَیْظَهُ فَلْیَأْكُلِ الدُّرَّاجَ (8).

«9»- وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: مَنِ اشْتَكَی فُؤَادَهُ وَ كَثُرَ غَمُّهُ فَلْیَأْكُلِ الدُّرَّاجَ (9).

10 حیاة الحیوان، الدراج بالضم كرمان واحدته دراجة و هو طائر مبارك

ص: 44


1- 1. فی المصدر: الوز جاموس الطیر.
2- 2. المحاسن: 474.
3- 3. فی المصدر: فقال.
4- 4. المحاسن: 475. و روی نحوه الكلینی عن العدة عن البرقی فی الفروع 6: 312.
5- 5. المحاسن: 475. و روی نحوه الكلینی عن العدة عن البرقی فی الفروع 6: 312.
6- 6. الفروع 6: 312 فیه:« عمن رواه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام » و فیه: أن یقل.
7- 7. فی النسخة المخطوطة: أن یقل غیظه.
8- 8. طبّ الأئمّة:
9- 9. طبّ الأئمّة.

كثیر النتاج مبشر بالربیع (1)

و تطیب نفسه علی الهواء الصافی و هبوب الشمال و یسوء حاله بهبوب الجنوب حتی إنه لا یقدر علی الطیران و هو طائر أسود باطن الجناحین و ظاهرهما أغبر علی خلقة القطا إلا أنه ألطف منه و الجاحظ جعله من أقسام الحمام و من شأنه أنه لا یجعل بیضه فی موضع واحد بل ینقله لئلا یعرف أحد مكانه قال ابن سینا لحمه أفضل من لحوم الفواخت و أعدل و ألطف و أكله یزید فی الدماغ و الفهم و المنی (2)

و قال القبج بفتح القاف و إسكان الباء الحجل و القبجة اسم جنس یقع علی الذكر و الأنثی حتی تقول یعقوب (3) فیختص بالذكر و كذلك الدراجة حتی تقول الحیقطان (4) و النحلة حتی تقول یعسوب

و مثله كثیر(5) و الذكر یوصف بالقوة علی السفاد و لكثرة سفاده یقصد موضع البیض فیكسره لئلا تشتغل الأنثی بحضنه عنه و لذا الأنثی إذا أتی أوان بیضها تهرب و تختبئ رغبة فی الفرخ و هی إذا هربت بهذا السبب ضاربت الذكور بعضها بعضا و كثر صیاحها ثم إن المقهور یتبع القاهر و یفسد القوی الضعیف و القبج یغیر أصواته بأنواع شتی بقدر حاجته إلی ذلك و تعمر خمس عشرة سنة(6)

و من عجیب أمرها أنها إذا قصدها الصیاد خبأت رأسها تحت الثلج و تحسب أن الصیاد لا یراها و ذكورها شدید الغیرة علی إناثها و الأنثی تلقح من رائحة الذكر و هذا النوع كله یحب الغناء و الأصوات

ص: 45


1- 1. زاد فی المصدر: و هو القائل:« بالشكر تدوم النعم» و صوته مقطع علی هذه الكلمات.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 243.
3- 3. یعقوب: ذكر الحجل.
4- 4. فی المصدر: حتی تقول: حیقطان و البومة حتّی تقول: صدی او فیاد، و الحباری حتی تقول: خرب، و كذا النعامة حتّی تقول: ظلیم، و النحلة.
5- 5. فی المصدر هنا زیادة منها: و اناثه تبیض خمس عشرة بیضة.
6- 6. فی المصدر: و یعمر خمس عشرة سنة.

الطیبة و ربما وقعت من أوكارها عند سماع ذلك فیأخذها الصیاد(1) و قال القطا معروف واحده قطاة و هو نوعان كدری و جونی و زاد الجوهری نوعا ثالثا و هو القطاط(2)

و الكدری أغبر اللون رقش الظهر و البطون صفر الحلوق قصار الأذناب و هی ألطف من الجونیة و الجونیة سود بطون الأجنحة و القوادم و ظهرها أغبر أرقط تعلوه صفرة(3) و إنما سمیت جونیة لأنها لا تفصح بصوتها إذا صوتت و إنما تغرغر بصوت فی حلقها و الكدریة فصیحة تنادی باسمها(4) و فی طبعها أنها إذا أرادت الماء ارتفعت من أفاحیصها أسرابا(5) لا متفرقة عند طلوع الفجر فتقطع إلی حین طلوع الشمس مسیرة سبع مراحل فحینئذ تقع علی الماء فتشرب نهلا(6) و العرب تصف القطا بحسن المشی و تشبه مشی النساء الخفرات بمشیها(7)

وَ رَوَی ابْنُ حَیَّانَ وَ غَیْرُهُ مِنْ حَدِیثِ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِیثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ بَنَی لِلَّهِ مَسْجِداً وَ لَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَی اللَّهُ تَعَالَی لَهُ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ.

مفحص القطاة بفتح المیم موضعها الذی تجثم (8) فیه و تبیض كأنها تفحص

ص: 46


1- 1. حیاة الحیوان 2: 168 و 169 زاد فیه: و حكمها: حل الاكل لأنّها من الطیبات.
2- 2. هكذا فی الكتاب و الصحیح كما فی المصدر: الغطاة.
3- 3. زاد فی المصدر: و هی أكبر من الكدری تعدل جونیة بكدرتین.
4- 4. زاد فی المصدر: و لا تضع القطاط بیضها الا افرادا.
5- 5. جمع السرب: القطیع من الظباء و الطیر و غیرهما.
6- 6. زاد فی المصدر: و النهل: شرب الإبل و الغنم أول مرة، فإذا شربت اقامت حول الماء متشاغلة الی مقدار ساعتین أو ثلاث ثمّ تعود الی الماء ثانیة.
7- 7. فی المصدر:« بحسن المشی لتقارب خطاها و مشیها یشبه مشی النساء الخفرات بمشیتهن». أقول: خفرت الجاریة: استحیت أشد الحیاء فهی خفر و خفرة و مخفار.
8- 8. جثم الطائر: تلبد بالارض، و المجثم: محل الجثوم.

عنه التراب أی تكشفه و الفحص البحث و الكشف و خصت القطا بهذا لأنها لا تبیض فی شجرة و لا علی رأس جبل إنما تجعل مجثمها علی بسیط الأرض دون تلك الطیور(1) فلذلك شبه به المسجد و لأنها توصف بالصدق كأنه أشار بذلك إلی الإخلاص فی بنائه و قیل إنما شبه بذلك لأن أفحوصها یشبه محراب المسجد فی استدارته و تكوینه و قیل خرج ذلك مخرج الترغیب بالقلیل من مخرج الكثیر كما خرج مخرج التحذیر بالقلیل عن الكثیر

كَقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ یَسْرِقُ الْبَیْضَةَ فَتُقْطَعُ یَدُهُ وَ یَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ یَدُهُ.

و لأن الشارع یضرب المثل بما لا یكاد یقع كقوله و لو سرقت فاطمة بنت محمد و هی علیها السلام لا یتوهم علیها السرقة(2).

ص: 47


1- 1. فی المصدر: دون سائر الطیور.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 180 و 181 فیه: منها السرقة.

أبواب الوحوش و السباع من الدواجن و غیرها

باب 1 الكلاب و أنواعها و صفاتها و أحكامها و السنانیر و الخنازیر فی بدء خلقها و أحكامها

الآیات:

المائدة: قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ

الأعراف: وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ یَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا

الكهف: وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَیْهِ بِالْوَصِیدِ إلی قوله تعالی سَیَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ یَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَیْبِ وَ یَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ

تفسیر:

سیأتی تفسیر الآیة الأولی.

و قال الدمیری دل علی أن للعالم فضیلة لیست للجاهل لأن الكلب إذا علم تحصل له فضیلة علی غیر المعلم فالإنسان أولی بذلك لا سیما(1) إذا عمل بما علم

ص: 48


1- 1. فی المصدر: و الإنسان إذا كان له علم أولی أن یكون له فضل علی غیره كالجاهل لا سیما.

كَمَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: لِكُلِّ شَیْ ءٍ قِیمَةٌ وَ قِیمَةُ الْمَرْءِ مَا یُحْسِنُهُ (1).

و أما آیات الأعراف فالمشهور أنها فی بلعم بن باعوراء كما مرت قصته فی المجلد الخامس.

قال الدمیری قال قتادة هذا مثل ضربه اللّٰه تعالی لكل من عرض علیه الهدی فأبی أن یقبله وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها أی وفقناه للعمل بها فكان (2)

یرفع بذلك منزلته فی الدنیا و الآخرة وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ أی ركن إلی الدنیا و شهواتها و لذاتها فعوقب فی الدنیا بأنه كان یلهث كما یلهث الكلب یشبه (3) به صورة و هیئة.

قال القتیبی كل شی ء یلهث إنما یلهث من إعیاء أو عطش إلا الكلب فإنه یلهث فی حال الكلال (4) و حال الراحة و فی حال الری و فی حال العطش فضربه اللّٰه تعالی مثلا لمن كذب بآیاته فقال إن وعظته فهو ضال و إن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث و إن تتركه علی حالة لهث انتهی.

و اللّٰهث نفس (5) بسرعة و حركة أعضاء الفم معها و امتداد اللسان (6) قال الواحدی و غیره هذه الآیة من أشد الآی علی أهل العلم و ذلك أن اللّٰه تعالی أخبر أنه آتاه من (7)

اسمه الأعظم و الدعوات المستجابات و العلم و الحكمة فاستوجب بالسكون إلی الدنیا و اتباع الهوی تغییر النعم (8) بالانسلاخ عنها و من ذا الذی (9)

ص: 49


1- 1. حیاة الحیوان 2: 220.
2- 2. فی المصدر: فكنا نرفع.
3- 3. فی المصدر: فشبه به.
4- 4. فی المصدر: فی حال التعب.
5- 5. فی المصدر: تنفس.
6- 6. زاد فی المصدر: و خلقة الكلب انه یلهث علی كل حال.
7- 7. فی المصدر: آتاه آیاته من اسمه.
8- 8. فی المصدر: تغییر النعمة علیه.
9- 9. فی المصدر: و من الذی.

یسلم من هاتین الحالتین إلا من عصمه اللّٰه (1).

و قال أكثر أهل التفسیر علی أن كلب أهل الكهف كان من جنس الكلاب و روی عن ابن جریح (2)

أنه قال كان أسدا و یسمی الأسد كلبا و قال قوم كان رجلا طباخا لهم حكاه الطبری و یضعفه بسط الذراعین فإنه فی العرف من صفة الكلب و روی أن جعفر بن محمد الصادق علیه السلام قرأ كالبهم فیحتمل أن یرید هذا الرجل و قال خالد بن معدان لیس فی الجنة من الدواب سوی كلب أهل الكهف و حمار عزیر و ناقة صالح و قیل إن من أحب أهل الخیر نال من بركتهم كلب أحب أهل فضل صحبهم ذكره اللّٰه تعالی فی القرآن معهم و الوصید فناء الكهف و قیل هو التراب و قیل هو الباب و قیل عتبة الباب و قیل إن الكلب كان لهم و قیل

مروا بكلب فنبح لهم فطردوه فعاد فطردوه مرارا(3) فقام الكلب علی رجلیه و رفع یدیه إلی السماء كهیئة الداعی و نطق فقال لا تخافوا منی فإنی أحب أحباء اللّٰه فنوموا حتی أحرسكم.

و قال السدی لما خرجوا مروا براع و معه كلب فقال الراعی إنی أتبعكم علی أن أعبد اللّٰه تعالی معكم قالوا سر فسار معهم و تبعهم الكلب فقالوا یا راعی هذا الكلب ینبح علینا و ینبه بنا فما لنا به من حاجة فطردوه فأبی إلا أن یلحق بهم فرجموه فرفع یدیه كالداعی فأنطقه اللّٰه تعالی فقال یا قوم لم تطردوننی لم ترجموننی لم تضربوننی فو اللّٰه لقد عرفت اللّٰه قبل أن تعرفوه بأربعین سنة فتعجبوا من ذلك و زادهم اللّٰه بذلك هدی

قَالَ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ علیه السلام: كَانَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ صَیَاقِلَةً(4).

قال عمرو بن دینار إن مما أخذ علی العقرب أن لا تضر أحدا فی لیل أو

ص: 50


1- 1. حیاة الحیوان 2: 222.
2- 2. الصحیح كما فی المصدر: ابن جریج بالجیم فی الأول و الآخر.
3- 3. فی المصدر: مرارا و هو یعود.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 204 و 205.

نهار صلی علی نوح (1) و مما أخذ علی الكلب أن لا یضر أحدا حمل علیه فی لیل أو نهار قرأ(2) وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَیْهِ بِالْوَصِیدِ و قال القرطبی بلغنا عمن تقدم أن فی سورة الرحمن آیة یقرؤها الإنسان علی الكلب إذا حمل علیه فلا یؤذیه بإذن اللّٰه عز و جل و هی یا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ الآیة(3).

«11»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُكْرَهُ أَنْ یَكُونَ فِی دَارِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْكَلْبُ (4).

«12»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ یَتَّخِذُ كَلْباً إِلَّا نَقَصَ فِی كُلِّ یَوْمٍ مِنْ عَمَلِ صَاحِبِهِ قِیرَاطٌ(5).

بیان: لعله محمول علی الكراهة كما یشیر إلیه الخبر السابق و علی كلب لم یكن فی اتخاذه منفعة أو لم یكن بینه و بینه باب مغلق مع أنه یحتمل أن یكون مع الحالین أخف كراهة.

قال الدمیری لا یجوز اقتناء الكلب الذی لا نفع فیه و ذلك لما فی اقتنائها من مفاسد الترویع و العقر للمار و لعل ذلك لمجانبة الملائكة لمحلها و مجانبة الملائكة أمر شدید لما فی مخالطتهم من الإلهام إلی الخیر و الدعاء إلیه و اختلف الأصحاب فی جواز اتخاذ الكلب لحفظ الدرب و الدور علی وجهین أصحهما الجواز و اتفقوا علی جواز اتخاذه للزارع (6) و الماشیة و الصید لكن یحرم اقتناء كلب

ص: 51


1- 1. فی موضع من المصدر: أن لا یضر باحد فی لیل و لا نهار قال: سلام علی نوح.
2- 2. فی موضع من المصدر: باحد ممن حمل علیه إذا قال.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 214 و 218.
4- 4. فروع الكافی 6: 552.
5- 5. فروع الكافی 6: 552.
6- 6. فی النسخة المخطوطة:« للمزارع» و فی المصدر: للزراعة.

الماشیة قبل شرائها و كذلك كلب الزرع و الصید لمن لا یزرع و لا یصید فلو خالف و اقتنی نقص من أجره كل یوم قیراط و فی روایة قیراطان و كلاهما فی الصحیح و حمل ذلك علی نوع من الكلاب بعضها(1) أشد أذی من بعض أو لمعنی فیها أو یكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع فیكون القیراطان فی المدن و نحوها و القیراط فی البوادی أو یكون ذلك فی زمنین ذكر القیراط أولا ثم ذكر التغلیظ(2)

فذكر القیراطین و المراد بالقیراط مقدار معلوم عند اللّٰه تعالی ینقص من أجر عمله و اختلفوا فی المراد بما نقص منه فقیل مما مضی من عمله و قیل من مستقبله و قیل قیراط من عمل اللیل و قیراط من عمل النهار و قیل قیراط من عمل الفرض و قیراط من عمل النفل و أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح علیه السلام قال یا رب أمرتنی أن أصنع الفلك و أنا فی صناعة أصنع أیاما فیجیئونی باللیل فیفسدون كل ما عملت فمتی یلتئم لی ما أمرتنی به فقد طال علی أمری فأوحی اللّٰه إلیه یا نوح اتخذ كلبا یحرسك فاتخذ نوح كلبا و كان یعمل بالنهار و ینام باللیل فإذا جاء قومه لیفسدوا باللیل (3)

ینبحهم الكلب فینتبه نوح فیأخذ الهراوة و یثب لهم و یهربون منه فالتأم له ما أراد(4).

«13»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَلْبِ یُمْسَكُ فِی الدَّارِ قَالَ لَا(5).

«14»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُوسُفَ بْنِ عَقِیلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا خَیْرَ فِی الْكَلْبِ

ص: 52


1- 1. فی المصدر: اذ بعضها.
2- 2. فی المصدر: فذكر القیراط اولا ثمّ زاد فی التغلیظ.
3- 3. فی المصدر: لیفسدوا باللیل عمله.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 219 فیه: فیهربون.
5- 5. فروع الكافی 6: 552 فیه: نمسكه فی الدار.

إِلَّا كَلْبَ الصَّیْدِ أَوْ كَلْبَ مَاشِیَةٍ(1).

«15»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ جَرَّاحٍ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تُمْسِكْ كَلْبَ الصَّیْدِ فِی الدَّارِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ بَابٌ (2).

بیان: كأن المراد بالباب الباب المغلق علیه

لِمَا رَوَی الصَّدُوقُ عَلَیْهِ الرَّحْمَةُ فِی الْفَقِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: لَا تُصَلِّ فِی دَارٍ فِیهَا كَلْبٌ إِلَّا أَنْ یَكُونَ كَلْبَ الصَّیْدِ وَ أَغْلَقْتَ دُونَهُ بَاباً فَلَا بَأْسَ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَیْتاً فِیهِ كَلْبٌ وَ لَا بَیْتاً فِیهِ تَمَاثِیلُ وَ لَا بَیْتاً فِیهِ بَوْلٌ مَجْمُوعٌ فِی آنِیَةٍ(3).

انتهی.

و یحتمل أن یكون المراد أن كون الكلب فی بیت آخر لا یوجب نقص صلاة المصلی و إن كان بین البیت الذی فیه الكلب و بین البیت الذی یصلی فیه باب فإنهما لا یصیران بذلك بیتا واحدا و الأول أظهر لما مر

وَ لِمَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ أَیْضاً عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ كَلْبِ الصَّیْدِ یُمْسَكُ فِی الدَّارِ قَالَ إِذَا كَانَ یُغْلَقُ دُونَهُ الْبَابُ فَلَا بَأْسَ (4).

و قال العلامة قدس سره فی المنتهی یكره الصلاة فی بیت فیه كلب لما رواه ابن بابویه عن الصادق علیه السلام و ذكر الخبر المتقدم

ثُمَّ قَالَ وَ رَوَی الشَّیْخُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَانِی فَقَالَ إِنَّا مَعَاشِرَ الْمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَیْتاً فِیهِ كَلْبٌ وَ لَا تَمَاثِیلُ جَسَدٍ وَ لَا إِنَاءٌ یُبَالُ فِیهِ.

و نفور الملائكة یؤذن بكونه لیس هو موضع رحمة فلا یصلح أن یتخذ للعبادة انتهی (5)

ص: 53


1- 1. فروع الكافی 6: 552 فیه: فی الكلاب.
2- 2. فروع الكافی 6: 552.
3- 3. من لا یحضره الفقیه 1: 159.
4- 4. فروع الكافی 6: 552.
5- 5. المنتهی:

و نحوه قال الشهید نور اللّٰه مرقده فی الذكری (1).

و قال الدمیری قال أبو عمرو بن الصلاح لا تصحب الملائكة رفقة فیها كلب و لا جرس ثم قال و أما قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا تدخل الملائكة بیتا فیه كلب و لا صورة فقال العلماء سبب امتناعهم من البیت الذی فیه الصورة كونها معصیة فاحشة و فیها مضاهاة خلق اللّٰه

تعالی (2)

و بعضها فی صورة ما یعبدون من دون اللّٰه عز و جل و سبب امتناعهم من البیت الذی فیه الكلب لكثرة أكله النجاسات و لأن بعض الكلاب یسمی شیطانا كما جاء فی الحدیث و الملائكة ضد الشیطان و لقبح رائحة الكلب أو لملائكة تكره الرائحة الخبیثة و لأنها منهی عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة علیه (3)

و صلاتها فیه و استغفارها له و تبركها علیه فی بیته و دفعها أذی الشیاطین.

و الملائكة الذین لا یدخلون بیتا فیه كلب و لا صورة هم ملائكة یطوفون بالرحمة و التبرك و الاستغفار و أما الحفظة و الموكلون بقبض الأرواح فیدخلون فی كل بیت و لا تفارق الحفظة الآدمی فی حال (4) لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم و كتابتها.

قال الخطابی و إنما لا تدخل الملائكة بیتا فیه كلب و لا صورة مما یحرم اقتناؤه من الكلاب و الصور و أما ما لیس اقتناؤه بحرام من كلب الصید و الزرع و الماشیة و الصورة التی تمتهن فی البساط و الوسادة و غیرها فلا یمتنع دخول الملائكة بسببه و أشار القاضی إلی نحو ما قاله الخطابی و قال النووی و الأظهر أنه عام فی كل كلب و صورة و إنهم یمتنعون من الجمیع لإطلاق الأحادیث و أما الجرو

ص: 54


1- 1. الذكری:
2- 2. فی المصدر: و فیها مضاهاة لخلق اللّٰه تعالی.
3- 3. فی المصدر: بیته.
4- 4. فی المصدر: و لا تفارق الحفظة بنی آدم فی حال من الأحوال.

الذی كان فی بیت النبی صلی اللّٰه علیه و آله تحت السریر كان له فیه عذر ظاهر فإنه لم یعلم به و مع هذا امتنع جبرئیل علیه السلام من دخول البیت بسببه فلو كان العذر فی وجود الكلب و الصورة لا یمنعهم لم یمتنع جبرئیل (1).

«16»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَخَّصَ لِأَهْلِ الْقَاصِیَةِ فِی الْكَلْبِ یَتَّخِذُونَهُ (2).

بیان: القاصیة البعیدة عن المعمورة.

«17»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْكَلْبِ السَّلُوقِیِّ فَقَالَ إِذَا مَسِسْتَهُ فَاغْسِلْ یَدَكَ (3).

بیان: غسل الیدین إذا كان رطبا علی الوجوب و إذا كان یابسا علی الاستحباب علی المشهور و سیأتی الكلام فیه فی كتاب الطهارة.

و قال الدمیری فی حیاة الحیوان الكلب حیوان معروف و ربما وصف به فقیل للرجل كلب و للمرأة كلبة و الجمع أكلب و كلاب و كلیب مثل أعبد و عباد و عبید و هو جمع عزیز و الأكالب جمع أكلب قال ابن سیده و قد قالوا فی جمع كلاب كلابات (4).

و هو نوعان أهلی و سلوقی نسبة إلی سلوق و هی مدینة بالیمن تنسب إلیها الكلاب السلوقیة و كلا النوعین فی الطبع سواء و فی طبعه الاحتلام و تحیض إناثه و تحمل الأنثی ستین یوما و منها ما یقل عن ذلك و تضع جراءها عمیا فلا تفتح عیونها إلا بعد اثنی عشر یوما و الذكور تهیج قبل الإناث و ینزو الذكر إذا كمل له سنة و ربما تسفد قبل ذلك و إذا سفد الكلبة كلاب مختلفة الألوان أدت إلی كل كلب شبهه.

ص: 55


1- 1. حیاة الحیوان 2: 219 و 220.
2- 2. فروع الكافی 6: 553.
3- 3. فروع الكافی 6: 553.
4- 4. فی المصدر: فی جمع كلب: كلاب.

و فی الكلب من اقتفاء الأثر و شم الرائحة ما لیس لغیره من الحیوانات و الجیفة أحب إلیه من اللحم الغریض و یأكل العذرة و یرجع فی قیئه و بینه و بین الضبع عداوة شدیدة و ذلك إذا كان فی موضع مرتفع و وطئت الضبع ظله فی القمر رمی بنفسه إلیها مخذولا فتأكله و إذا دهن كلب بشحمها جن و اختلط و إذا حمل إنسان لسان ضبع لم تنبح علیه الكلاب و من طبعه أنه یحرس ربه و یحمی حرمه شاهدا و غائبا ذاكرا و غافلا نائما و یقظان و هو أیقظ الحیوان عینا فی وقت حاجته إلی النوم و إنما غالب نومه نهارا عند الاستغناء عن الحراسة و هو فی نومه أسمع من فرس و أحذر من عقعق و إذا نام كسر أجفان عینیه و لا یطبقهما و ذلك لخفة نومه و سبب خفته أن دماغه بارد بالنسبة إلی دماغ الإنسان و من عجیب طباعه أنه یكرم الجلة من الناس و أهل الوجاهة و لا ینبح علی أحد منهم و ربما حاد عن طریقه و ینبح علی الأسود من الناس و الدنس الثیاب و الضعیف الحال و من طباعه البصبصة و الترضی و التودد و التألف بحیث إذا دعی بعد الضرب و الطرد رجع و إذا لاعبه ربه عضه العض الذی لا یؤلم و أضراسه لو أنشبها فی الحجر لنشبت و یقبل التأدیب و التلقین و التعلیم حتی لو وضعت علی رأسه مسرجة و طرح له مأكول لم یلتفت إلیه ما دام علی تلك الحالة فإذا أخذت المسرجة عن رأسه وثب إلی مأكوله و تعرض له أمراض سوداویة فی زمن مخصوص و یعرض للكلب الكلب و هو بفتح اللام و هو داء یشبه الجنون.

و علامة ذلك أن تحمر عیناه و تعلوهما غشاوة و تسترخی أذناه و یندلع لسانه و یكثر لعابه و سیلان أنفه و یطأطئ رأسه و ینحدب ظهره و یتعوج صلبه إلی جانب و لا یزال یدخل ذنبه بین رجلیه و یمشی خائفا مغموما كأنه سكران و یجوع فلا یأكل و یعطش فلا یشرب و ربما رأی الماء فیفزع منه و ربما یموت منه خوفا و إذا لاح له شبح حمل علیه من غیر نبح و الكلاب تهرب منه فإن دنا منها غفلة بصبصت له و خضعت و خشعت بین یدیه فإذا عقر هذا الكلب إنسانا عرض له أمراض ردیة

ص: 56

منها أن یمتنع من شرب الماء حتی یهلك عطشا و لا یزال یستسقی حتی إذا سقی الماء لم یشربه فإذا استحكمت هذه العلة به فقعد للبول خرج منه شی ء علی هیئة صورة الكلاب الصغار(1) قال صاحب الموجز فی الطب الكلب حالة كالجذام تعرض للكلب و الذئب و ابن آوی و ابن عرس و الثعلب ثم ذكر غالب ما تقدم و قال غیره الكلب جنون یصیب الكلاب فتموت و تقتل كل شی ء عضته إلا الإنسان فإنه قد یعالج فیسلم قال و داء الكلب یعرض للحمار و یقع فی الإبل أیضا فیقال كلبت الإبل تكلب كلبا و أكلب القوم إذا وقع فی إبلهم و یقال كلب الكلب و استكلب إذا ضری (2) و تعود أكل الناس انتهی.

و ذكر القزوینی فی عجائب المخلوقات أن بقریة من أعمال حلب بئرا یقال لها بئر الكلب إذا شرب منها من عضه كلب الكلب (3) برأ و هی مشهورة.

و أما السلوقی فمن طباعه أنه إذا عاین الظباء قریبة منه أو بعیدة عرف المقبل من المدبر و مشی الذكر من مشی الأنثی و یعرف المیت من الناس و المتماوت حتی أن الروم لا تدفن میتا حتی تعرضه علی الكلاب فیظهر لهم من شمها إیاه علامة یستدل بها علی حیاته أو موته و یقال إن هذا لا یوجد إلا فی نوع منها یقال له القلطی و هو صغیر الجرم قصیر القوائم جدا و یسمی الصینی و إناث السلوقی أسرع تعلما من الذكور و الفهد بالعكس و السود من الكلاب أقل صبرا من غیرها.

وَ فِی كِتَابِ فَضْلِ الْكِلَابِ عَلَی كَثِیرٍ مِمَّنْ لَبِسَ الثِّیَابَ، لِمُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الْمَرْزُبَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلًا قَتِیلًا فَقَالَ مَا شَأْنُهُ فَقَالُوا إِنَّهُ وَثَبَ عَلَی غَنَمِ بَنِی زُهْرَةِ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَوَثَبَ عَلَیْهِ كَلْبُ الْمَاشِیَةِ

ص: 57


1- 1. فی المصدر: علی هیئة الكلاب الصغار.
2- 2. ضری الكلب بالصید: تعوده و اولع به.
3- 3. فی المصدر: الكلب الكلب.

فَقَتَلَهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله قَتَلَ نَفْسَهُ وَ أَضَاعَ دِینَهُ (1) وَ عَصَی رَبَّهُ وَ خَانَ أَخَاهُ وَ كَانَ الْكَلْبُ خَیْراً مِنْهُ.

و قال ابن عباس كلب أمین خیر من صاحب خئون قال و كان للحارث بن صعصعة ندماء لا یفارقهم و كان شدید المحبة لهم فخرج فی بعض متنزهاته و معه ندماؤه فتخلف منهم واحد فدخل علی زوجته فأكلا و شربا ثم اضطجعا فوثب الكلب علیها فقتلهما فلما رجع الحارث إلی منزله وجدهما قتیلین فعرف الأمر فأنشأ یقول:

فیا عجبا للخل یهتك حرمتی***و یا عجبا للكلب كیف یصون

و ما زال یرعی ذمتی و یحوطنی***و یحفظ عرسی و الخلیل یخون.

و ذكر الإمام أبو الفرج بن الجوزی فی بعض مصنفاته أن رجلا خرج فی بعض أسفاره فمر علی قبة مبنیة أحسن بناء بالقرب من ضیعة هناك و علیها مكتوب من أحب أن یعلم سبب بنائها فلیدخل القریة فدخل القریة و سأل أهلها عن سبب بناء القبة فلم یجد عند أحد خبرا من ذلك إلی أن دل علی رجل قد بلغ من العمر مائتی سنة فسأله فأخبره عن أبیه أنه حدثه أن ملكا كان بتلك الأرض و كان له كلب لا یفارقه فی سفر و لا حضر و لا نوم و لا یقظة و كانت له جاریة خرساء مقعدة فخرج ذات یوم فی تنزهاته (2)

و أمر بربط الكلب لئلا یذهب معه و أمر طباخه أن یصنع له طعاما من اللبن كان یهواه و إن الطباخ صنعه و جاء به فوضعه عند الجاریة و الكلب و تركه مكشوفا و ذهب فأقبلت حیة عظیمة إلی الإناء فشربت من ذلك الطعام و ردته و ذهبت فأقبل الملك من نزهته (3) و أمر بالطعام فوضع بین یدیه فجعلت الجاریة تصفق بیدیها و تشیر إلی الملك أن لا یأكله فلم یعلم أحد ما ترید فوضع الملك یده فی الصحفة و جعل الكلب یعوی و یصیح و یجذب نفسه من السلسلة

ص: 58


1- 1. فی المصدر: و اضاع دیته.
2- 2. فی المخطوطة:« الی متنزهاته» فی المصدر: الی بعض متنزهاته.
3- 3. فی المصدر: من متنزهه.

حتی كاد أن یقتل نفسه فعجب الملك (1)

من ذلك و أمر بإطلاقه فأطلق فغدا إلی الملك و قد رفع یده باللقمة إلی فیه فوثب الكلب و ضربه علی یده فطار اللقمة منها فغضب الملك و أخذ طبرا كان بجنبه و هم أن یضرب به الكلب فأدخل الكلب رأسه فی الإناء و ولغ من ذلك الطعام و انقلب علی جنبه و قد تناثر لحمه فعجب الملك ثم التفت إلی الجاریة فأشارت إلیه بما كان من أمر الحیة ففهم الملك الأمر و أمر بإراقة الطعام و تأدیب الطباخ لكونه ترك الآنیة مكشوفة و أمر بدفن الكلب و ببناء القبة علیه و بتلك الكتابة التی رأیتها قال و هی أغرب ما یحكی.

و فی كتاب النشور(2) عن أبی عثمان المدینی قال إنه كان فی بغداد رجل یلعب بالكلاب فأسحر یوما فی حاجة له و تبعه كلب كان یختصه من كلابه فرده فلم یرجع فتركه و مشی حتی انتهی إلی قوم كان بینه و بینهم عداوة فصادفوه بغیر عدة فقبضوا علیه و الكلب یراهم و أدخلوه الدار فدخل الكلب معهم فقتلوا الرجل و ألقوه فی بئر و طموا رأس البئر و ضربوا الكلب و أخرجوه و طردوه فخرج یسعی إلی بیت صاحبه فعوی فلم یعبئوا به و افتقدت أم الرجل ابنها و علمت أنه قد تلف فأقامت علیه المأتم و طردت الكلاب عن بابها فلزم ذلك الكلب الباب و لم ینطرد فاجتاز یوما بعض قتلة صاحبه بالباب و الكلب رابض فلما رآه وثب إلیه و خمش (3)

ساقیه و نهشه و تعلق به و اجتهد المجتازون فی تخلیصه منه فلم یمكنهم و ارتفعت للناس ضجة عظیمة و جاء حارث الدرب فقال لم یتعلق هذا الكلب بالرجل إلا و له معه قصة و لعله هو الذی جرحه و سمعت أم القتیل الكلام فخرجت فحین رأت الكلب متعلقا بالرجل تأملت الرجل فذكرت (4) أنه كان أحد أعداء ابنها و ممن یتطلبه فوقع فی نفسها أنه قاتل ابنها فتعلقت به فرفعوهما إلی الراضی باللّٰه فادعت علیه

ص: 59


1- 1. فی المصدر: فتذكرت.
2- 2. فی المصدر: فتعجب الملك.
3- 3. فی المصدر: و فی كتاب النشوان.
4- 4. خمش الوجه: خدشه و لطمه.

القتل فأمر بحبسه بعد أن ضربه فلم یقر فلزم الكلب باب الحبس فلما كان بعد أیام أمر الراضی بإطلاقه فلما خرج من باب الحبس تعلق الكلب (1)

كما فعل أولا فعجب الناس من ذلك و جهدوا علی خلاصه منه فلم یقدروا علی ذلك إلا بعد جهد جهید و أخبر الراضی بذلك فأمر بعض غلمانه أن یطلق الرجل و یرسل الكلب خلفه و یتبعه فإذا دخل الرجل داره بادره و دخل و أدخل الكلب (2)

و مهما رأی الكلب یعمل یعلمه بذلك ففعل ما أمره به فلما دخل الرجل داره بادره غلام الخلیفة و دخل و أدخل الكلب معه ففتش البیت فلم یر أثره و لا خبره (3)

و أقبل الكلب ینبح و یبحث عن موضع البئر التی طرح فیها القتیل فعجب (4) الغلام من ذلك و أخبر الراضی بأمر الكلب فأمر بنبشه فنبشه الغلام فوجد الرجل قتیلا فأخذ(5)

صاحب الدار إلی بین یدی الراضی فأمر بضربة فأقر علی نفسه و علی جماعة بالقتل فقتل فطلب الباقون فهربوا.

و فی عجائب المخلوقات أن شخصا قتل شخصا بأصبهان و ألقاه فی بئر و للمقتول كلب یری ذلك فكان یأتی كل یوم إلی رأس البئر و ینحی التراب عنها و یشیر إلیها و إذا رأی القاتل نبح علیه فلما تكرر ذلك منه حفروا البئر فوجدوا القتیل بها ثم أخذوا الرجل و قرروه فأقر فقتلوه به.

وَ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِی كِتَابِ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ وَ أُنْسِ الْجَالِسِ،: أَنَّهُ قِیلَ لِجَعْفَرٍ الصَّادِقِ علیه السلام وَ هُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَیْ عَشَرَ كَمْ تَتَأَخَّرُ الرُّؤْیَا فَقَالَ خَمْسِینَ سَنَةً لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَی كَأَنَّ كَلْباً أَبْقَعَ وَلَغَ فِی دَمِهِ فَأَوَّلَهُ بِأَنَّ رَجُلًا یَقْتُلَ الْحُسَیْنَ ابْنَ بِنْتِهِ فَكَانَ الشِّمْرَ بْنَ ذِی الْجَوْشَنِ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ كَانَ أَبْرَصَ فَتَأَخَّرَتِ

ص: 60


1- 1. فی المصدر:« تعلق به الكلب» و فیه: فتعجب.
2- 2. فی المصدر: و ادخل الكلب معه، فمهما.
3- 3. فی المصدر: فلم یر اثرا و لا خبرا.
4- 4. فی المصدر: فتعجب.
5- 5. فی المصدر: فنبشوها فوجدوا الرجل قتیلا فأخذوا.

الرُّؤْیَا بَعْدَ خَمْسِینَ سَنَةً.

و فی الرسالة القشیری فی باب الجود و السخاء أن عبد اللّٰه بن جعفر خرج إلی ضیعة فنزل علی نخیل قوم و فیهم غلام أسود یعمل علیها إذ أتی الغلام بغدائه و هو ثلاثة أقراص فرمی بقرص منها إلی كلب كان هناك فأكله ثم رمی إلیه الثانی و الثالث فأكلهما و عبد اللّٰه بن جعفر ینظر فقال یا غلام كم قوتك كل یوم قال ما رأیت فلم آثرت هذا الكلب قال إن هذه الأرض لیست بأرض كلاب و إنه جاء من مسافة بعیدة جائعا فكرهت رده فقال له عبد اللّٰه بن جعفر فما أنت صانع الیوم قال أطوی (1) یومی

هذا فقال عبد اللّٰه بن جعفر لأصحابه ألام علی السخاء و هذا أسخی منی ثم إنه اشتری الغلام فأعتقه و اشتری الحائط و ما فیه و وهب ذلك له (2).

و دخل أبو العلاء المعری یوما علی الشریف المرتضی فعثر برجل فقال الرجل من هذا الكلب فقال أبو العلاء الكلب من لا یعرف للكلب سبعین اسما فقربه المرتضی و اختبره فوجده علامة و إنه جری (3) ذكر المتنبی یوما فتنقصه الشریف المرتضی و ذكر معایبه فقال أبو العلاء المعری لو لم یكن من شعر المتنبی إلا قوله (4)

لك یا مُنازلُ فی القلوب مَنازلُ

لكفاه شرفا و فضلا فغضب الشریف المرتضی و أمر بسحبه (5) و إخراجه من مجلسه ثم قال لمن حضر مجلسه أ تدرون أی شی ء أراد هذا الأعمی بذكر هذه

ص: 61


1- 1. طوی الرجل: تعمد الجوع و قصده.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 197- 200.
3- 3. فی المصدر: ثم جری.
4- 4. فی المصدر: لو لم یكن للمتنبی من الشعر الا قوله.
5- 5. فی المصدر: و امر بسحبه برجله.

القصیدة و للمتنبی أحسن منها(1)

و لم یذكرها قالوا لا قال إنما أراد قوله فیها(2)

و إذا أتتك مذمتی من ناقص***فهی الشهادة لی بأنی كامل (3).

«18»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: بَعَثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ فَقَالَ لَا تَدَعْ صُورَةً إِلَّا مَحَوْتَهَا وَ لَا قَبْراً إِلَّا سَوَّیْتَهُ وَ لَا كَلْباً إِلَّا قَتَلْتَهُ (4).

بیان: قال الدمیری رَوَی مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلِ (5) قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُكُمْ وَ بَالُ الْكِلَابِ ثُمَّ رَخَّصَ فِی كَلْبِ الصَّیْدِ وَ كَلْبِ الْغَنَمِ.

فحمل الأصحاب الأمر بقتلها علی الكلب الكلب و الكلب العقور و اختلفوا فی قتل ما لا ضرر فیه منها فقال القاضی حسین و إمام الحرمین و الماوردی و النووی و مسلم لا یجوز قتلها و قیل إن الأمر بقتلها منسوخ و علی الكراهة اقتصر الرافعی فی الشرح و تبعه فی الروضة و زاد أنها كراهیة تنزیه (6) لا تحریم لكن قال الشافعی و اقتل الكلاب التی لا نفع فیها حیث وجدتها و هذا هو الراجح فی المهمات (7).

«19»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرَاوِذِیِ (8)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ

ص: 62


1- 1. فی المصدر: أجود منها.
2- 2. فی المصدر: انما أراد أن یذمنی بقوله فیها.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 203.
4- 4. فروع الكافی 6: 528. و فیه روایات اخری راجعها.
5- 5. فی المصدر: مغفل.
6- 6. فی المصدر: كراهة تنزیه.
7- 7. حیاة الحیوان 2: 219 فیه:« و اقتلوا» و فیه: وجدتموها.
8- 8. لعله مصحف البردادی نسبة الی برداد: قریة من قری سمرقند.

السَّمَرْقَنْدِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعْدٍ التِّرْمِذِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْیَمَانِیِّ قَالَ: لَمَّا رَكِبَ نُوحٌ علیه السلام فِی السَّفِینَةِ أَلْقَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّكِینَةَ عَلَی مَا فِیهَا مِنَ الدَّوَابِّ وَ الطَّیْرِ وَ الْوَحْشِ فَلَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ فِیهَا یَضُرُّ شَیْئاً كَانَتِ الشَّاةُ تَحْتَكُّ بِالذِّئْبِ وَ الْبَقَرَةُ تَحْتَكُّ بِالْأَسَدِ وَ الْعُصْفُورُ یَقَعُ عَلَی الْحَیَّةِ فَلَا یَضُرُّ شَیْ ءٌ شَیْئاً وَ لَا یُهَیِّجُهُ وَ لَمْ یَكُنْ لَهَا(1) ضَجَرٌ وَ لَا صَخَبٌ (2) وَ لَا سُبَّةٌ وَ لَا لَعْنٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ وَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حُمَةَ كُلِّ ذِی حُمَةٍ فَلَمْ یَزَالُوا كَذَلِكَ فِی السَّفِینَةِ حَتَّی خَرَجُوا مِنْهَا وَ كَانَ الْفَأْرُ قَدْ كَثُرَ فِی السَّفِینَةِ وَ الْعَذِرَةُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نُوحٍ علیه السلام أَنْ یَمْسَحَ الْأَسَدَ فَمَسَحَهُ فَعَطَسَ فَخَرَجَ مِنْ مَنْخِرَیْهِ هِرَّانِ ذَكَرٌ وَ أُنْثَی فَخَفَّفَ الْفَأْرَ وَ مَسَحَ وَجْهَ الْفِیلِ فَعَطَسَ فَخَرَجَ مِنْ مَنْخِرَیْهِ خِنْزِیرَانِ ذَكَرٌ وَ أُنْثَی فَخَفَّفَ الْعَذِرَةَ(3).

بیان: فی القاموس الحمة كثبة السم أو الإبرة یضرب بها الزنبور و الحیة و نحو ذلك أو یلذع بها و الجمع حمات و حمی.

«20»- الْعِلَلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْقَطَّانِ عَنْ أَبِی الطَّیِّبِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِیسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ الْعُمَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْكَلْبَ قَالَ خَلَقَهُ مِنْ بُزَاقِ إِبْلِیسَ قِیلَ وَ كَیْفَ ذَلِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ وَ حَوَّاءَ إِلَی الْأَرْضِ أَهْبَطَهُمَا كَالْفَرْخَیْنِ الْمُرْتَعِشَیْنِ فَعَدَا إِبْلِیسُ الْمَلْعُونُ إِلَی السِّبَاعِ وَ كَانُوا قَبْلَ آدَمَ فِی الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ طَیْرَیْنِ قَدْ وَقَعَا مِنَ السَّمَاءِ لَمْ یَرَ الرَّاءُونَ أَعْظَمَ مِنْهُمَا تَعَالَوْا فَكُلُوهُمَا

ص: 63


1- 1. فی المصدر: و لم یكن فیها.
2- 2. الصخب بالتحریك: اختلاط الأصوات.
3- 3. علل الشرائع 2: 181 و 182.

فَتَعَاوَتِ السِّبَاعُ مَعَهُ وَ جَعَلَ إِبْلِیسُ یَحُثُّهُمْ وَ یَصِیحُ وَ یَعِدُهُمْ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ فَوَقَعَ مِنْ فِیهِ مِنْ عَجَلَةِ كَلَامِهِ بُزَاقٌ فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْبُزَاقِ كَلْبَیْنِ أَحَدُهُمَا ذَكَرٌ وَ الْآخَرُ أُنْثَی فَقَامَا حَوْلَ آدَمَ وَ حَوَّاءَ الْكَلْبَةُ بِجُدَّةَ وَ الْكَلْبُ بِالْهِنْدِ فَلَمْ یَتْرُكُوا السِّبَاعَ أَنْ یَقْرَبُوهُمَا وَ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ الْكَلْبُ عَدُوُّ السَّبُعِ وَ السَّبُعُ عَدُوُّ الْكَلْبِ (1).

«21»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ (2) رَفَعَ الْحَدِیثَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكَلْبِ وَ نَهِیقَ الْحَمِیرِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ فَإِنَّهُمْ (3) یَرَوْنَ وَ لَا تَرَوْنَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (4) الْخَبَرَ.

«22»- الْقَصَصُ، بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ (5) عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَبِی أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ قَوْمَ نُوحٍ علیه السلام شَكَوْا إِلَی نُوحٍ علیه السلام الْفَأْرَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی الْفَهْدَ فَعَطَسَ فَطَرَحَ السِّنَّوْرَ فَأَكَلَ الْفَأْرَ وَ شَكَوْا إِلَیْهِ الْعَذِرَةَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْفِیلَ أَنْ یَعْطِسَ فَسَقَطَ الْخِنْزِیرُ(6).

«23»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنِ ابْنِ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ امْرَأَةً عُذِّبَتْ فِی هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا حَتَّی مَاتَتْ عَطَشاً(7).

ص: 64


1- 1. علل الشرائع 2: 182 و 183.
2- 2. فی المصدر: عن عمه یعقوب.
3- 3. فی نسخة من المصدر: فانهن.
4- 4. علل الشرائع 2: 270 فی نسخة منه: یردون ما لا ترون.
5- 5. فی النسخة المخطوطة: عن ابان.
6- 6. قصص الأنبیاء: مخطوط.
7- 7. ثواب الأعمال:

«24»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الرُّویَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِیمِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّیبَاجِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: رَأَیْتُ فِی النَّارِ صَاحِبَ الْعَبَاءِ الَّتِی قَدْ غَلَّهَا وَ رَأَیْتُ فِی النَّارِ صَاحِبَ الْمِحْجَنِ الَّذِی كَانَ یَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ وَ رَأَیْتُ فِی النَّارِ صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ تَنْهَشُهَا مُقْبِلَةً وَ مُدْبِرَةً كَانَتْ أَوْثَقَتْهَا لَمْ تَكُنْ تُطْعِمُهَا وَ لَمْ تُرْسِلْهَا تَأْكُلُ مِنْ حِشَاشِ الْأَرْضِ وَ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَیْتُ صَاحِبَ الْكَلْبِ الَّذِی أَرْوَاهُ مِنَ الْمَاءِ(1).

تبیان قال فی النهایة المحجن عصا معقفة الرأس كالصولجان و المیم زائدة و منه الحدیث كان یسرق الحاج بمحجنه فإذا فطن به قال تعلق بمحجنی انتهی (2).

وَ أَقُولُ صَاحِبُ الْكَلْبِ إِشَارَةٌ إِلَی مَا رَوَاهُ الدِّمْیَرِیُّ عَنْ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: بَیْنَمَا امْرَأَةٌ تَمْشِی بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ إِذَا اشْتَدَّتْ عَلَیْهَا الْعَطَشُ فَنَزَلَتْ بِئْراً فَشَرِبَتْ ثُمَّ صَعِدَتْ فَوَجَدَتْ كَلْباً یَأْكُلُ الثَّرَی مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَتْ لَقَدْ بَلَغَ بِهَذَا الْكَلْبِ مِثْلُ الَّذِی بَلَغَ بِی ثُمَّ نَزَلَتِ الْبِئْرَ فَمَلَأَتْ خُفَّهَا وَ أَمْسَكَتْهُ بِفِیهَا ثُمَّ صَعِدَتْ فَسَقَتْهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهَا ذَلِكَ وَ غَفَرَ لَهَا فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ وَ لَنَا فِی الْبَهَائِمِ أَجْرٌ قَالَ نَعَمْ فِی كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ(3).

و قال فی النهایة و فیه فإذا كلب یأكل الثری من العطش أی التراب الندی (4).

أقول: فالظاهر علی هذا صاحبه الكلب التی أروته إلا أن یكون إشارة إلی قصة أخری شبیهة بذلك.

ص: 65


1- 1. نوادر الراوندیّ: 28.
2- 2. النهایة 1: 238.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 197 و 198.
4- 4. النهایة 1: 148.

«25»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ الْحَوَارِیُّونَ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ لَوْ بَعَثْتَ لَنَا رَجُلًا شَهِدَ السَّفِینَةَ فَحَدَّثَنَا عَنْهَا فَانْطَلَقَ بِهِمْ حَتَّی انْتَهَی إِلَی كُثُبٍ (1) مِنْ تُرَابٍ فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ وَ قَالَ أَ تَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هَذَا كَعْبُ حَامِ بْنِ نُوحٍ فَضَرَبَ الْكَثِیبَ بِعَصَاهُ وَ قَالَ قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ قَدْ شَابَ (2) قَالَ لَهُ عِیسَی هَكَذَا هَلَكْتَ قَالَ لَا مِتُّ وَ أَنَا شَابٌّ وَ لَكِنَّنِی ظَنَنْتُ أَنَّهَا السَّاعَةُ فَمِنْ ثَمَّ شِبْتُ قَالَ حَدِّثْنَا عَنْ سَفِینَةِ نُوحٍ قَالَ كَانَ طُولُهَا أَلْفَ ذِرَاعٍ وَ مِائَتَیْ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهَا سِتَّمِائَةِ ذِرَاعٍ كَانَتْ ثَلَاثَ طَبَقَاتٍ فَطَبَقَةٌ فِیهَا الدَّوَابُّ وَ الْوَحْشُ وَ طَبَقَةٌ فِیهَا الْإِنْسُ وَ طَبَقَةٌ فِیهَا الطَّیْرُ فَلَمَّا كَثُرَ أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی نُوحٍ أَنِ اغْمِزْ ذَنَبَ الْفِیلِ فَغَمَزَهُ فَوَقَعَ مِنْهُ خِنْزِیرٌ وَ خِنْزِیرَةٌ فَأَقْبَلَا عَلَی الرَّوْثِ فَلَمَّا وَقَعَ الْفَأْرُ بِخَرَزِ السَّفِینَةِ یُقْرِضُهُ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی نُوحٍ أَنِ اضْرِبْ عَیْنَیِ الْأَسَدِ فَخَرَجَ مِنْ مَنْخِرِهِ سِنَّوْرٌ وَ سِنَّوْرَةٌ فَأَقْبَلَا عَلَی الْفَأْرِ فَقَالَ لَهُ عِیسَی كَیْفَ عَلِمَ نُوحٌ أَنَّ الْبِلَادَ قَدْ غَرِقَتْ قَالَ بَعَثَ الْغُرَابَ یَأْتِیهِ بِالْخَبَرِ فَوَجَدَ جِیفَةً فَوَقَعَ عَلَیْهَا فَدَعَا عَلَیْهِ بِالْخَوْفِ فَلِذَلِكَ لَا یَأْلَفُ الْبُیُوتَ ثُمَّ بَعَثَ الْحَمَامَةَ فَجَاءَتْ بِوَرَقِ زَیْتُونٍ بِمِنْقَارِهَا وَ طِینٍ بِرِجْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّ الْبِلَادَ قَدْ غَرِقَتْ فَطَوَّقَهَا الْخُضْرَةَ الَّتِی فِی عُنُقِهَا وَ دَعَا لَهَا أَنْ تَكُونَ فِی أُنْسٍ وَ أَمَانٍ فَمِنْ ثَمَّ تَأْلَفُ الْبُیُوتَ فَقَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ أَ لَا تَنْطَلِقُ بِهِ إِلَی أَهَالِینَا فَیَجْلِسَ مَعَنَا وَ یُحَدِّثَنَا قَالَ كَیْفَ یَتْبَعُكُمْ مَنْ لَا رِزْقَ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ عُدْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَعَادَ تُرَاباً.

وَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا حَمَلَ نُوحٌ فِی السَّفِینَةِ الْأَسَدَ قَالَ یَا رَبِّ إِنَّهُ یَسْأَلُنِی الطَّعَامَ مِنْ أَیْنَ أُطْعِمُهُ قَالَ إِنِّی سَوْفَ أَشْغَلُهُ عَنِ الطَّعَامِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْحُمَّی فَكَانَ نُوحٌ یَأْتِی بِالْكَبْشِ فَیَقُولُ كُلْ فَیَقُولُ الْأَسَدُ آهِ.

وَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ نُوحٌ أَنْ یَحْمِلَ مِنْ كُلٍّ زَوْجَیْنِ اثْنَیْنِ قَالَ

ص: 66


1- 1. الكثب: التل من الرمل.
2- 2. شاب: ابیض شعره.

كَیْفَ أَصْنَعُ بِالْأَسَدِ وَ الْبَقَرِ وَ كَیْفَ أَصْنَعُ بِالْعَنَاقِ وَ الذِّئْبِ وَ كَیْفَ أَصْنَعُ بِالْحَمَامِ وَ الْهِرِّ(1) قَالَ مَنْ أَلْقَی بَیْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ قَالَ أَنْتَ یَا رَبِّ قَالَ فَإِنِّی أُؤَلِّفُ بَیْنَهُمْ حَتَّی لَا یَتَضَادُّونَ (2).

توضیح: خرز السفینة الخیوط التی تخاط بها. 26 حیاة الحیوان، السِّنَّوْر بكسر السین المهملة و فتح النون المشددة واحد السنانیر حیوان متواضع ألوف خلقه اللّٰه تعالی لدفع الفأرة قیل إن أعرابیا صاد سنورا فلم یعرفه فتلقاه رجل فقال ما هذا السنور و لقی آخر فقال ما هذا القِطّ ثم لقی آخر فقال ما هذا الهِرّ ثم لقی آخر فقال ما هذا الضَّیْوَن ثم لقی آخر فقال ما هذا الخَیْدَع ثم لقی آخر فقال ما هذا الخَیْطَل ثم لقی آخر فقال ما هذا الدِّمّ فقال الأعرابی أحمله و أبیعه لعل اللّٰه تعالی أن یجعل فیه مالا كثیرا فلما أتی به إلی السوق قیل له بكم هذا فقال بمائة درهم فقیل له إنه یساوی نصف درهم فرمی به و قال لعنه اللّٰه ما أكثر أسماءه و أقلّ ثمنه و هذه الأسماء للذكر قاله فی الكفایة و قال ابن قتیبة یقال فی الأنثی سنورة

وَ رَوَی الْحَاكِمُ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْتِی دَارَ قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ دُونَهُ دُورٌ لَا یَأْتِیهَا فَشَقَّ عَلَیْهِمْ ذَلِكَ فَكَلَّمُوهُ فَقَالَ إِنَّ فِی دَارِكُمْ كَلْباً قَالُوا فَإِنَّ فِی دَارِهِمْ سِنَّوْراً فَقَالَ السِّنَّوْرُ سَبُعٌ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی قَالَ: الْهِرَّةُ لَیْسَتْ بِنَجِسٍ إِنَّمَا هِیَ مِنَ الطَّوَّافِینَ عَلَیْكُمْ.

و الطوافون الخدم و الطوافات الخدامات جعلها بمنزلة الممالیك و قیل إن أهل سفینة نوح علیه السلام تأذوا من الفأر فمسح نوح جبهة الأسد فعطس و رمی بالسنور فلذلك هو أشبه شی ء بالأسد بحیث لا یمكن أن یصور الهر إلا جاء أسدا و هو ظریف

ص: 67


1- 1. هذا یخالف ما تقدم من أن الهر لم یكن قبل ذلك بل وجد فی السفینة.
2- 2. الدّر المنثور ج 3 ص 328 و 329 و 330.

لطیف یمسح بلعابه وجهه (1) و إذا جاعت الأنثی أكلت أولادها و قد یخلق اللّٰه فی قلب الفیل الهرب (2) منه فهو إذا رأی سنورا هرب و حكی أن جماعة من الهند هزموا بذلك و السنور ثلاثة أنواع أهلی و وحشی و السنور الزباد و یناسب الإنسان فی أمور منها أن یعطس و یتثاءب و یتمطی و یتناول الشی ء بیده و ذكر القزوینی عن ابن الفقیه أن لبعض السنانیر أجنحة كأجنحة الخفافیش من أصل الأذن إلی الذنب قال العلماء اتخاذ السنور و تربیته مستحبّ (3).

«27»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: الْكِلَابُ السُّودُ الْبُهْمُ مِنَ الْجِنِ (4).

«28»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِیمَا بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ إِذَا الْتَفَتَ عَنْ یَسَارِهِ فَإِذَا كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِیمٌ فَقَالَ مَا لَكَ قَبَّحَكَ اللَّهُ مَا أَشَدَّ مُسَارَعَتَكَ فَإِذَا هُوَ شِبْهٌ بِالطَّائِرِ فَقُلْتُ مَا هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ هَذَا عَثِمٌ (5) بَرِیدُ الْجِنِّ مَاتَ هِشَامٌ السَّاعَةَ فَهُوَ یَطِیرُ یَنْعَاهُ فِی كُلِّ بَلْدَةٍ(6).

«29»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مِسْمَعٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:

ص: 68


1- 1. زاد فی المصدر: و إذا تلطخ شی ء من بدنه نظفه و هو فی آخر الشتاء تهیج شهوته فیتألم ألما شدیدا من لذع مادة النطفة فلا یزال یصیح حتّی یلقی تلك المادة.
2- 2. فی المصدر: و قد جعل اللّٰه تعالی فی قلب الفیل الفرق منه.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 24 و 25.
4- 4. الفروع 6: 552.
5- 5. فی المصدر: غثیم.
6- 6. فروع الكافی 6: 553 فیه: و هو.

الْكِلَابُ مِنْ ضَعَفَةِ الْجِنِّ فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً وَ شَیْ ءٌ مِنْهَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَلْیُطْعِمْهُ أَوْ لِیَطْرُدْهُ فَإِنَّ لَهَا أَنْفُسَ سَوْءٍ(1).

«30»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ الْكِلَابِ فَقَالَ كُلُّ أَسْوَدَ بَهِیمٍ وَ كُلُّ أَحْمَرَ بَهِیمٍ وَ كُلُّ أَبْیَضَ بَهِیمٍ فَلِذَلِكَ خَلَقَ الْكِلَابَ مِنَ الْجِنِّ وَ مَا كَانَ أَبْلَقَ فَهُوَ مَسْخٌ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ (2).

بیان: كون الكلب الأسود و غیره من الجن یحتمل أن یكون المعنی أنه علی صفتها أو أنه قد تتصور الجن بصورته أو مسخ من الجن أی كان فی الأصل جنیا فمسخ بتلك الصورة و أما كون الأبلق مسخا من الجن و الإنس فهو أیضا یحتمل تطیر الوجوه المذكورة بأنه علی صفة شرار الجن و الإنس معا أو قد یكون ممسوخا من الجن و قد یكون ممسوخا من الإنس أو متولدا من ممسوخ الجن و ممسوخ الإنس.

قَالَ الدِّمْیَرِیُّ رَوَی مُسْلِمٌ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْحِمَارُ وَ الْمَرْأَةُ وَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ قِیلَ لِأَبِی ذَرٍّ مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْكَلْبِ الْأَحْمَرِ [وَ] مِنَ الْكَلْبِ الْأَصْفَرِ قَالَ یَا ابْنَ أَخِی سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَمَّا سَأَلْتَنِی عَنْهُ (3) فَقَالَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَیْطَانٌ.

فحمله بعض أهل العلم علی ظاهره و قال الشیطان یتصور بصورة الكلاب السود و لذا

قَالَ علیه السلام: اقْتُلُوا مِنْهُنَّ كُلَّ أَسْوَدَ بَهِیمٍ.

و قیل لما كان الكلب الأسود أشد ضررا من غیره و أشد ترویعا كان المصلی إذا رآه اشتغل عن صلاته فانقطعت علیه لذلك و كذلك تأول الجمهور قوله صلی اللّٰه علیه و آله یقطع الصلاة المرأة

ص: 69


1- 1. فروع الكافی 6: 553 فیه: الطعام.
2- 2. فروع الكافی 6: 553.
3- 3. فی المصدر: مثل ما سألتنی.

و الحمار فإن ذلك (1) مبالغة فی الخوف علی قطعها و إفسادها بالشغل عن المذكورات و ذلك أن (2) المرأة تفتن و الحمار ینهق و الكلب الأسود یروع و یشوش الفكر فلما كانت هذه الأمور آئلة إلی القطع جعلها قاطعة و احتج أحمد بحدیث الكلب الأسود علی أنه لا یجوز صیده و لا یحل لأنه شیطان (3).

و قال الخنزیر مشترك بین البهیمیة و السبعیة فالذی فیه من السبع الناب و أكل الجیف و الذی فیه من البهیمیة الظلف و أكل العشب و العلف و یقال أنه لیس شی ء من ذوات الأذناب (4) ما للخنزیر من قوة نابه حتی أنه یضرب بنابه صاحب السیف و الرمح فیقطع كل ما لاقی جسده من عظم و عصب و من عجیب أمره إذا قلعت إحدی عینیه مات سریعا.

وَ رَوَی ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِیضَةٌ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ وَ وَاضِعُ الْعِلْمِ فِی غَیْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِیرِ الْجَوْهَرَ وَ اللُّؤْلُؤَ وَ الدُّرَّ(5).

و قال فی الإحیاء جاء رجل إلی ابن سیرین و قال رأیت كأنی أعلق الدر فی أعناق الخنازیر فقال أنت تعلم الحكمة غیر أهلها(6).

ص: 70


1- 1. فی المصدر: بان ذلك.
2- 2. فی المصدر: و افسادها من الشغل بهذه المذكورات و ذلك لان.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 218 و 219.
4- 4. فی المصدر: من ذوات الانیاب و الاذناب.
5- 5. فی المصدر: و الدر و الذهب.
6- 6. حیاة الحیوان 1: 219 و 220.

باب 2 الثعلب و الأرنب و الذئب و الأسد

«1»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ (1) قَالَ إِنَّ رَجُلًا انْطَلَقَ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَأَخَذَ ثَعْلَباً فَجَعَلَ یُقَرِّبُ النَّارَ إِلَی وَجْهِهِ وَ جَعَلَ الثَّعْلَبُ یَصِیحُ وَ یُحْدِثُ مِنِ اسْتِهِ وَ جَعَلَ أَصْحَابُهُ یَنْهَوْنَهُ عَمَّا یَصْنَعُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَبَیْنَمَا الرَّجُلُ نَامَ إِذْ جَاءَتْهُ حَیَّةٌ فَدَخَلَتْ فِی فِیهِ فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّی جَعَلَ یُحْدِثُ كَمَا أَحْدَثَ الثَّعْلَبُ ثُمَّ خَلَّتْ (2) عَنْهُ.

«2»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ نَسِیرُ أَنَا عَلَی حِمَارٍ لِی وَ هُوَ عَلَی بَغْلَةٍ لَهُ (3)

إِذْ أَقْبَلَ ذِئْبٌ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَحَبَسَ لَهُ الْبَغْلَةَ حَتَّی دَنَا مِنْهُ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی قَرَبُوسِ (4) السَّرْجِ وَ مَدَّ عُنُقَهُ إِلَیْهِ وَ أَدْنَی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أُذُنَهُ مِنْهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ امْضِ فَقَدْ فَعَلْتُ فَرَجَعَ مُهَرْوِلًا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ رَأَیْتُ عَجَباً فَقَالَ هَلْ تَدْرِی مَا قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ فَقَالَ ذَكَرَ أَنَّ زَوْجَتَهُ فِی هَذَا الْجَبَلِ وَ قَدْ عَسُرَ عَلَیْهَا وِلَادَتُهَا فَادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُخَلِّصَهَا وَ أَنْ لَا یُسَلِّطَ شَیْئاً مِنْ نَسْلِی

ص: 71


1- 1. المائدة: 95.
2- 2. فروع الكافی 4: 397.
3- 3. فی المصدر: فبینا نسیر بین مكّة و المدینة و انا علی حمار و هو علی بغلة.
4- 4. فی المصدر: فدنا منه حتّی وضع.

عَلَی أَحَدٍ مِنْ شِیعَتِكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ (1).

«3»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْقَاضِی أَبِی الْفَرَجِ الْمُعَافِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَشْرَسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ حَكِیمُ بْنُ عَبَّاسٍ الْكَلْبِیُّ یُنْشِدُ النَّاسَ بِالْكُوفَةِ هِجَاءَكُمْ فَقَالَ هَلْ عَلِقْتَ مِنْهُ بِشَیْ ءٍ قَالَ بَلَی فَأَنْشَدَهُ:

صَلَبْنَا لَكُمْ زَیْداً عَلَی جِذْعِ نَخْلَةٍ***وَ لَمْ نَرَ مَهْدِیّاً عَلَی الْجِذْعِ یُصْلَبُ

وَ قِسْتُمْ بِعُثْمَانَ عَلِیّاً سَفَاهَةً***وَ عُثْمَانُ خَیْرٌ مِنْ عَلِیٍّ وَ أَطْیَبُ

فَرَفَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُمَا یَنْتَفِضَانِ رِعْدَةً فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَسَلِّطْ عَلَیْهِ كَلْبَكَ قَالَ فَخَرَجَ حَكِیمٌ مِنَ الْكُوفَةِ فَأَدْلَجَ (2)

فَلَقِیَهُ الْأَسَدُ فَأَكَلَهُ فَجَاءُوا(3)

بِالْبَشِیرِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِذَلِكَ فَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِداً وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی صَدَقَنا وَعْدَهُ (4).

بیان: فی النهایة فی حدیث حلیمة ركبتُ أَتَاناً لی فخرجت أمام الركب حتی ما یعلق بها أحد منهم أی ما یتصل بها و یلحقها و فی حدیث ابن مسعود أن أمیرا كان بمكة یسلم تسلیمتین فقال أنی علقها فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كان یفعلها أی من أین تعلمها و ممن أخذها(5).

«4»- الدَّلَائِلُ، عَنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

ص: 72


1- 1. دلائل الإمامة: 98 فیه: فقد رأیت عجبا فقال علیه السلام: هذا الذئب ذكر لی ان زوجته فی هذا الجبل قد عسر علیها ولادها و سألنی أن أدعو اللّٰه لیحفظها و لا یسلط شیئا من نسلها علی شیعتنا.
2- 2. أی سار فی اللیل كله او فی آخره.
3- 3. فی المصدر: فجاء البشیر.
4- 4. دلائل الإمامة: 115 فیه:« عمر بن محمّد الأزدیّ» و فیه: فسلط علیه كلبا من كلابك.
5- 5. النهایة 3: 138.

مِیثَمٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ خَرَجَ إِلَی ضَیْعَةٍ لَهُ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ فَبَیْنَمَا هُمْ یَسِیرُونَ إِذاً ذِئْبٌ قَدْ أَقْبَلَ إِلَیْهِ فَلَمَّا رَأَی غِلْمَانَهُ أَقْبَلُوا إِلَیْهِ قَالَ دَعُوهُ فَإِنَّ لَهُ حَاجَةً فَدَنَا مِنْهُ حَتَّی وَضَعَ كَفَّهُ عَلَی دَابَّتِهِ وَ تَطَاوَلَ بِخَطْمِهِ وَ طَأْطَأَ رَأْسَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَكَلَّمَهُ الذِّئْبُ بِكَلَامٍ لَا یُعْرَفُ فَرَدَّ عَلَیْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِثْلَ كَلَامِهِ فَرَجَعَ یَعْدُو(1)

فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ قَدْ رَأَیْنَا عَجَباً فَقَالَ إِنَّهُ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ خَلَّفَ زَوْجَتَهُ خَلْفَ هَذَا الْجَبَلِ فِی كَهْفٍ وَ قَدْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ وَ خَافَ عَلَیْهَا فَسَأَلَنِی الدُّعَاءَ لَهَا بِالْخَلَاصِ وَ أَنْ یَرْزُقَهُ اللَّهُ ذَكَراً یَكُونُ لَنَا وَلِیّاً وَ مُحِبّاً فَضَمِنْتُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فَانْطَلَقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ انْطَلَقْنَا مَعَهُ إِلَی ضَیْعَتِهِ وَ قَالَ إِنَّ الذِّئْبَ قَدْ وُلِدَ لَهُ جِرْوُ ذَكَرٍ قَالَ فَمَكَثْنَا فِی ضَیْعَتِهِ مَعَهُ شَهْراً ثُمَّ رَجَعَ مَعَ أَصْحَابِهِ فَبَیْنَا هُمْ رَاجِعُونَ إِذَا هُمْ بِالذِّئْبِ وَ زَوْجَتِهِ وَ جِرْوِهِ فَعَوَوْا فِی وَجْهِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَجَابَهُمْ بِمِثْلِهِ وَ رَأَوْا أَصْحَابُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْجِرْوَ وَ عَلِمُوا أَنَّهُ قَدْ قَالَ لَهُمُ الْحَقَّ وَ قَالَ لَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام تَدْرُونَ مَا قَالُوا قَالُوا لَا قَالَ كَانُوا یَدْعُونَ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ بِحُسْنِ الصَّحَابَةِ وَ دَعَوْتُ لَهُمْ بِمِثْلِهِ وَ أَمَرْتُهُمْ أَنْ لَا یُؤْذُوا لِی وَلِیّاً وَ لَا لِأَهْلِ بَیْتِی فَضَمِنُوا لِی ذَلِكَ (2).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ وَفَدَ بِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَی الْكُوفَةِ فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ قَالَ لِی یَا مُفَضَّلُ هَلْ لَكَ فِی مُرَافَقَتِی فَقُلْتُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ إِذَا كَانَتِ اللَّیْلَةُ فَصِرْ إِلَیَّ فَلَمَّا كَانَ فِی نِصْفِ اللَّیْلِ خَرَجَ وَ خَرَجْتُ مَعَهُ فَإِذَا أَنَا بِأَسَدَیْنِ مُسْرَجَیْنِ مُلْجَمَیْنِ قَالَ فَخَرَجْتُ فَضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی

ص: 73


1- 1. فرجع یعوو.
2- 2. دلائل الإمامة: 119 و 120.

عَیْنَیَ (1) فَشَدَّهَا ثُمَّ حَمَلَنِی رَدِیفاً فَأَصْبَحَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنَا مَعَهُ فَلَمْ یَزَلْ فِی مَنْزِلِهِ حَتَّی قَدِمَ عِیَالَهُ (2).

«6»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَخِیهِ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ نُوحٍ (3) عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِی یَا بَا خَالِدٍ خُذْ رُقْعَتِی فَأْتِ غَیْضَةً قَدْ سَمَّاهَا فَانْشُرْهَا فَأَیُّ سَبُعٍ جَاءَ مَعَكَ فَجِئْنِی بِهِ قَالَ قُلْتُ أَعْفِنِی (4) جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ فَقَالَ لِی اذْهَبْ یَا بَا خَالِدٍ قَالَ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی یَا بَا خَالِدٍ لَوْ أَمَرَكَ جَبَّارٌ عَنِیفٌ (5) ثُمَّ خَالَفْتَهُ إِذاً كَیْفَ یَكُونُ حَالُكَ قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ حَتَّی إِذَا صِرْتُ إِلَی الْغَیْضَةِ وَ نَشَرْتُ الرُّقْعَةَ جَاءَ مَعِی وَاحِدٌ مِنْهَا فَلَمَّا صَارَ بَیْنَ یَدَیْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام نَظَرْتُ إِلَیْهِ وَاقِفاً مَا یُحَرِّكُ مِنْ شَعْرِهِ شَعْرَةً فَأَوْمَأَ بِكَلَامٍ لَمْ أَفْهَمْهُ قَالَ فَلَبِثْتُ عِنْدَهُ وَ أَنَا مُتَعَجِّبٌ مِنْ سُكُونِ السَّبُعِ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لِی یَا بَا خَالِدٍ مَا لَكَ تَتَفَكَّرُ قَالَ قُلْتُ أُفَكِّرُ فِی إِعْظَامِ السَّبُعِ قَالَ ثُمَّ مَضَی السَّبُعُ فَمَا لَبِثْتُ إِلَّا وَقْتاً قَلِیلًا حَتَّی طَلَعَ السَّبُعُ وَ مَعَهُ كِیسٌ فِی فِیهِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هذا لَشَیْ ءٌ عَجِیبٌ قَالَ یَا بَا خَالِدٍ هَذَا كِیسٌ وَجَّهَ بِهِ إِلَیَّ فُلَانٌ (6)

مَعَ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ وَ احْتَجْتُ إِلَی مَا فِیهِ وَ كَانَ الطَّرِیقُ مَخُوفاً فَبَعَثْتُ هَذَا السَّبُعَ فَجَاءَ بِهِ قَالَ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی وَ اللَّهِ لَا أَبْرَحُ حَتَّی یَقْدَمَ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَ أَعْلَمَ ذَلِكَ قَالَ فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ لِی نَعَمْ یَا بَا خَالِدٍ لَا تَبْرَحْ حَتَّی یَأْتِیَ الْمُفَضَّلُ قَالَ فَتَدَاخَلَنِی وَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ حَیْرَةٌ ثُمَ

ص: 74


1- 1. فی المصدر: علی عینی.
2- 2. دلائل الإمامة: 125 و 126.
3- 3. فی المصدر:« عن عبد اللّٰه بن محمّد بن منصور بزج» أقول: لعل بزج مصحف بزرج و هو معرب بزرگ، و منصور بن بزرج مذكور فی الرجال.
4- 4. فی المصدر: اعفنی من ذلك.
5- 5. فی المصدر: جبار عنید.
6- 6. فی المصدر: فلان بن فلان.

قُلْتُ أَقِلْنِی جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ أَقَمْتُ أَیَّاماً ثُمَّ قَدِمَ الْمُفَضَّلُ وَ بَعَثَ إِلَیَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ الْمُفَضَّلُ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ إِنَّ فُلَاناً بَعَثَ مَعِی كِیساً فِیهِ مَالٌ فَلَمَّا صِرْتُ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا جَاءَ سَبُعٌ وَ حَالَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ رِحَالِنَا فَلَمَّا مَضَی السَّبُعُ طَلَبْتُ الْكِیسَ فِی الرَّحْلِ فَلَمْ أَجِدْهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا مُفَضَّلُ أَ تَعْرِفُ الْكِیسَ قَالَ نَعَمْ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا جَارِیَةُ هَاتِی الْكِیسَ فَأَتَتْ بِهِ الْجَارِیَةُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ الْمُفَضَّلُ قَالَ نَعَمْ هَذَا هُوَ الْكِیسُ ثُمَّ قَالَ یَا مُفَضِّلُ تَعْرِفُ السَّبُعَ قَالَ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ كَانَ فِی قَلْبِی فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ رُعْبٌ فَقَالَ لَهُ ادْنُ مِنِّی فَدَنَا مِنْهُ ثُمَّ وَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لِأَبِی خَالِدٍ امْضِ بِرُقْعَتِی إِلَی الْغَیْضَةِ فَأْتِنَا بِالسَّبُعِ فَلَمَّا صِرْتُ إِلَی الْغَیْضَةِ فَفَعَلْتُ مِثْلَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ جَاءَ السَّبُعُ مَعِی فَلَمَّا صَارَ بَیْنَ یَدَیْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام نَظَرْتُ إِلَی إِعْظَامِهِ إِیَّاهُ فَاسْتَغْفَرْتُ فِی نَفْسِی ثُمَّ قَالَ یَا مُفَضَّلُ هَذَا هُوَ قَالَ نَعَمْ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ یَا مُفَضِّلُ أَبْشِرْ فَأَنْتَ مَعَنَا(1).

بیان: كان وضع الید لذهاب الرعب.

«7»- المهج، [مهج الدعوات] عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ الرَّبِیعِ قَالَ: اصْطَبَحَ الرَّشِیدُ یَوْماً ثُمَّ اسْتَدْعَی حَاجِبَهُ فَقَالَ لَهُ امْضِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الْعَلَوِیِّ وَ أَخْرِجْهُ مِنَ الْحَبْسِ وَ أَلْقِهِ بِرْكَةَ السِّبَاعِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ لَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی الْبِرْكَةِ فَتَحْتُ بَابَهَا وَ أَدْخَلْتُهُ فِیهَا وَ فِیهَا أَرْبَعُونَ سَبُعاً وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَالَ فَعُدْتُ إِلَیْهِ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ یُصَلِّی وَ السِّبَاعُ حَوْلَهُ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ الطَّوِیلِ الَّذِی تَقَدَّمَ فِی بَابِ مُعْجِزَاتِهِ علیه السلام.

و قال السید(2) رضی اللّٰه عنه ربما كان هذا الحدیث عن الكاظم علیه السلام لأنه كان محبوسا عند الرشید لكنی ذكرت هذا كما وجدته (3).

«8»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

ص: 75


1- 1. دلائل الإمامة: 128 و 129.
2- 2. أی السیّد ابن طاوس.
3- 3. مهج الدعوات:

أَبِی هَاشِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَعَ أَصْحَابِهِ فِی طَرِیقِ مَكَّةَ فَمَرَّ بِهِ ثَعْلَبٌ وَ هُمْ یَتَغَدَّوْنَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام لَهُمْ هَلْ لَكُمْ أَنْ تُعْطُونِی مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَا تُهَیِّجُونَ هَذَا الثَّعْلَبَ حَتَّی أَدْعُوَهُ فَیَجِی ءَ إِلَیْنَا فَحَلَفُوا لَهُ فَقَالَ یَا ثَعْلَبُ تَعَالِ أَوْ قَالَ ائْتِنَا فَجَاءَ الثَّعْلَبُ حَتَّی وَقَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَطَرَحَ إِلَیْهِ عُرَاقاً(1) فَوَلَّی بِهِ لِیَأْكُلَهُ فَقَالَ لَهُمْ هَلْ لَكُمْ أَنْ تُعْطُونِی مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَ أَدْعُوَهُ أَیْضاً فَیَجِی ءَ فَأَعْطَوْهُ فَدَعَا فَجَاءَ فَكَلَحَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِی وَجْهِهِ فَخَرَجَ یَعْدُو فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَنِ الَّذِی خَفَرَ(2) ذِمَّتِی فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا كَلَحْتُ فِی وَجْهِهِ وَ لَمْ أَدْرِ فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَسَكَتَ (3).

أقول: قال الدمیری الثعلب معروف و الأنثی ثعلبة و الجمع ثعالب و أثعل

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: شَرُّ السِّبَاعِ هَذِهِ الْأَثْعُلُ. یعنی الثعالب.

و من حیلته فی طلب الرزق أنه یتماوت و ینفخ بطنه و یرفع قوائمه حتی یظن أنه مات فإذا قرب منه حیوان وثب علیه و صاده و حیلته هذه لا تتم فی كلب الصید و قیل للثعلب ما لك تعدو أكثر من الكلب فقال أعدو لنفسی و الكلب یعدو لغیره.

قال الجاحظ و من العجب فی قسمة الأرزاق أن الذئب یصید الثعلب فیأكله و الثعلب یصید القنفذ و یأكله و القنفذ یصید الأفعی و یأكلها و الأفعی تصید العصفور و تأكله و العصفور یصید الجراد و یأكله و الجراد یلتمس فراخ الزنابیر و یأكلها و الزنبور یصید النحلة و النحلة یصید الذبابة و یأكلها و الذبابة تصید البعوضة و تأكلها و العنكبوت یصید الذبابة(4) و یأكلها و الذئب یطلب أولاد الثعلب فإذا ولد

ص: 76


1- 1. العراق بالضم: العظم اكل لحمه.
2- 2. خفر فلانا: نقض عهده. غدر به.
3- 3. الاختصاص: 298 فیه: ایكم الذی خفر ذمتی.
4- 4. المصدر خال عن قوله: و العنكبوت اه و لعلّ الصحیح: لیصید البعوضة.

وضع أوراق العنصل علی باب وجاره لیهرب الذئب منها(1).

وَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: نَهَانِی (2) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الصَّلَاةِ عَنْ ثَلَاثٍ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّیكِ وَ إِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَ الْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ (3).

«9»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ أَنَا أَسِیرُ عَلَی حِمَارٍ لِی وَ هُوَ عَلَی بَغْلَةٍ لَهُ إِذْ أَقْبَلَ ذِئْبٌ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَحَبَسَ الْبَغْلَةَ وَ دَنَا الذِّئْبُ مِنْهُ حَتَّی وَضَعَ یَدَهُ عَلَی قَرَبُوسِ سَرْجِهِ وَ مَدَّ عُنُقَهُ إِلَی أُذُنِهِ وَ أَدْنَی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أُذُنَهُ مِنْهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ امْضِ فَقَدْ فَعَلْتُ فَرَجَعَ مُهَرْوِلًا فَقُلْتُ لَهُ رَأَیْتُ عَجِیباً قَالَ وَ تَدْرِی مَا قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّهُ قَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ زَوْجَتِی فِی ذَلِكَ الْجَبَلِ وَ قَدْ تَعَسَّرَ عَلَیْهَا وِلَادُهَا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ یُخَلِّصَهَا وَ أَنْ لَا یُسَلِّطَ شَیْئاً مِنْ نَسْلِی عَلَی أَحَدٍ مِنْ شِیعَتِكُمْ فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ (4).

10 حیاة الحیوان، الذئب یهمز و لا یهمز و أصله الهمز و الأنثی ذئبة و جمع القلة أذؤب و الكثیر ذئاب و ذؤبان و الأسد و الذئب یختلفان فی الجوع و الصبر علیه-(5)

فالأسد شدید النهم حریص شره و هو مع ذلك یحتمل أن یبقی أیاما لا یأكل شیئا و الذئب و إن كان أقفر منزلا و أقل خصبا و أكثر كدا إذا لم یجد شیئا اكتفی بالنسیم فیقتات به و جوفه یذیب العظم المصمت و لا یذیب نوی التمر و من عجیب

ص: 77


1- 1. حیاة الحیوان 1: 127 و 128.
2- 2. فی المصدر: نهانا.
3- 3. حیاة الحیوان 1: 130.
4- 4. الاختصاص: 300.
5- 5. فی المصدر: و للاسد و الذئب فی الصبر علی الجوع ما لیس لغیرهما من الحیوان لكن الأسد.

أمره أنه ینام بإحدی عینیه (1) و الأخری یقظی حتی تكتفی العین النائمة من النوم ثم یفتحها و ینام بالأخری لیحترس بالیقظی و تستریح النائمة و متی وطئ ورق العنصل مات من ساعته و عداوته للغنم بحیث إنه إذا اجتمع جلد شاة مع جلد ذئب تمعط جلد الشاة و الذئب إذا غلب علیه الجوع عوی فتجتمع له الذئاب و یقف بعضها إلی بعض فمن ولی منها وثب الباقون علیه فأكلوه و

إذا عرض للإنسان و خاف العجز عنه عوی عواء استغاثة فتسمعه الذئاب فتقبل علی الإنسان إقبالا واحدا و هم سواء فی الحرص علی أكله فإن أدمی الإنسان واحدا منها وثب الباقون علی المدمی فمزقوه و تركوا الإنسان

وَ رَوَی الْحَاكِمُ فِی مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ قَالَ: بَیْنَمَا رَاعٍ یَرْعَی بِالْحَرَّةِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ عَلَی شَاةٍ فَحَالَ الرَّاعِی بَیْنَ الذِّئْبِ وَ بَیْنَهَا فَأَقْعَی الذِّئْبُ عَلَی ذَنَبِهِ وَ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ تَحُولُ بَیْنِی وَ بَیْنَ رِزْقٍ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَیَّ فَقَالَ الرَّجُلُ یَا عَجَبَاهْ ذِئْبٌ یُكَلِّمُنِی فَقَالَ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنِّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2) بَیْنَ الْحَرَّتَیْنِ یُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا سَبَقَ فَزَوَّی الرَّاعِی شِیَاهَهُ إِلَی زَاوِیَةٍ مِنْ زَوَایَا الْمَدِینَةِ ثُمَّ أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی النَّاسِ فَقَالَ صَدَقَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ.

قال ابن عبد البر و غیره كلم الذئب من الصحابة ثلاثة رافع بن عمیرة و سلمة بن الأكوع و أهبان بن أوس الأسلمی قال و لذلك تقول العرب هو كذئب أهبان یتعجبون منه و ذلك

أَنَّ أُهْبَانَ بْنَ أَوْسٍ الْمَذْكُورَ كَانَ فِی غَنَمٍ لَهُ فَشَدَّ الذِّئْبُ عَلَی شَاةٍ مِنْهَا فَصَاحَ بِهِ أُهْبَانُ فَأَقْعَی لَهُ الذِّئْبُ وَ قَالَ أَ تَنْزِعُ مِنِّی رِزْقاً رَزَقَنِیهِ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ أُهْبَانُ مَا سَمِعْتُ وَ لَا رَأَیْتُ أَعْجَبَ مِنْ هَذَا ذِئْبٌ یَتَكَلَّمُ فَقَالَ (3) أَ تَعْجَبُ مِنْ هَذَا وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ هَذِهِ النَّخَلَاتِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی

ص: 78


1- 1. فی المصدر: باحدی مقلتیه.
2- 2. فی المصدر: هذا رسول اللّٰه« ص».
3- 3. فی المصدر: فقال الذئب.

الْمَدِینَةِ یُحَدِّثُ بِمَا كَانَ وَ یَكُونُ وَ یَدْعُو إِلَی اللَّهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ لَا یُجِیبُونَهُ (1)

قَالَ فَجِئْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْبَرْتُهُ بِالْقِصَّةِ وَ أَسْلَمْتُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَدِّثْ بِهِ النَّاسَ.

قال عبد اللّٰه بن أبی داود السجستانی الحافظ فیقال لأهبان مكلم الذئب و لأولاده أولاد مكلم الذئب و محمد بن الأشعث الخزاعی من ولده و اتفق مثل ذلك لرافع بن عمیرة و سلمة بن الأكوع

وَ فِی الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا إِذْ جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ فَقَالَتِ الْأُخْرَی إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ فَتَحَاكَمَا إِلَی دَاوُدَ علیه السلام فَقَضَی بِهِ لِلْكُبْرَی فَخَرَجَتَا إِلَی سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَأَخْبَرَتَاهُ بِذَلِكَ فَقَالَ ائْتُونِی بِالسِّكِّینِ أَشُقَّهُ بَیْنَكُمَا(2) فَقَالَتِ الصُّغْرَی لَا یَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَی بِهِ لِلصُّغْرَی قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِالسِّكِّینِ قَطُّ إِلَّا یَوْمَئِذٍ وَ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا الْمُدْیَةَ.

وَ فِی تَارِیخِ ابْنِ النَّجَّارِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: بَیْنَمَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ تَغْسِلُ ثِیَابَهَا وَ صَبِیٌّ لَهَا یَدِبُّ بَیْنَ یَدَیْهَا إِذاً جَاءَ سَائِلٌ فَأَعْطَتْهُ لُقْمَةً مِنْ رَغِیفٍ كَانَ مَعَهَا فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ جَاءَ ذِئْبٌ فَالْتَقَمَ الصَّبِیَّ فَجَعَلَتْ تَعْدُو خَلْفَهُ وَ هِیَ تَقُولُ یَا ذِئْبُ ابْنِی یَا ذِئْبُ ابْنِی فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً انْتَزَعَ الصَّبِیَّ مِنْ فَمِ الذِّئْبِ وَ رَمَی بِهِ إِلَیْهَا وَ قَالَ لُقْمَةٌ بِلُقْمَةٍ.

وَ هُوَ فِی الْحِلْیَةِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِینَارٍ قَالَ: أَخَذَ السَّبُعُ صَبِیّاً لِامْرَأَةٍ فَتَصَدَّقَتْ بِلُقْمَةٍ فَأَلْقَاهَا السَّبُعُ فَنُودِیَتْ لُقْمَةٌ بِلُقْمَةٍ(3).

و قال الأرنب واحدة الأرانب و هو حیوان یشبه العناق قصیر الیدین طویل الرجلین و هو اسم جنس یطلق علی الذكر و الأنثی و یقال إنها إذا رأت البحر

ص: 79


1- 1. فی المصدر: و بما یكون و یدعو الناس إلی اللّٰه و الی عبادته و هم لا یجیبونه.
2- 2. فی المصدر:« بینكما نصفین» و فیه: لا و یرحمك اللّٰه.
3- 3. حیاة الحیوان 1: 260- 262.

ماتت و لذلك لا توجد بالسواحل و هذا لا یصح عندی و تزعم العرب فی أكاذیبها أن الجن تهرب منها لموضع حیضها و التی تحیض من الحیوان أربع المرأة و الضبع و الخفاش و الأرنب و یقال إن الكلبة تحیض و من أمثالهم المشهورة قولهم فی بیته یؤتی الحكم و هو مما وضعته العرب علی ألسنة البهائم قالوا إن الأرنب التقطت تمرة فاختلسها الثعلب فأكلها فانطلقا یختصمان إلی الضب فقالت الأرنب یا أبا حسل فقال سمیعا دعوت قالت أتیناك لنختصم (1) قال عادلا حكمتما قالت فأخرج إلینا قال فی بیته یؤتی الحكم قالت إنی وجدت تمرة قال حلوة فكلیها قالت فاختلسها الثعلب قال لنفسه بغی الخیر قالت فلطمته قال أخذت بحقك قالت فلطمنی قال حر انتصر(2) قالت فاقض بیننا قال قد قضیت فذهبت أقواله كلها مثلا و مثل هذا أن عدی بن أرطاة أتی شریحا القاضی فی مجلس حكمه فقال أین أنت قال بینك و بین الحائط قال اسمع منی قال للاستماع جلست قال إنی تزوجت امرأة قال بالرفاء و البنین قال و شرط أهلها أنی لا أخرج من بیتهم قال أوف لهم بالشرط قال فإنی أرید الخروج قال فی حفظ اللّٰه قال فاقض بیننا قال قد فعلت قال فعلی من حكمت قال علی ابن أمك قال بشهادة من قال بشهادة ابن أخت خالتك (3)

و قال الأسد من السباع معروف و جمعه أسود و أسد و أسد و الأنثی أسدة و له أسماء كثیرة قال ابن خالویه للأسد خمسمائة اسم و صفة و زاد علیه علی بن قاسم اللغوی مائة و ثلاثین اسما و هو أشرف الحیوان المتوحشة إذ منزلته منها منزلة الملك المهاب لقوته و شجاعته و قساوته و شهامته و شراسة خلقه و لذلك یضرب بها

ص: 80


1- 1. فی المصدر: لنختصم إلیك.
2- 2. فی المصدر: انتصر لنفسه.
3- 3. حیاة الحیوان 1: 14 و 15.

المثل فی القوة و النجدة و البسالة و شدة الإقدام و الصولة(1) و قیل لحمزة أسد اللّٰه و یقال من نبل الأسد أنه اشتق لحمزة من اسمه و للأسد من الصبر علی الجوع و قلة الحاجة إلی الماء ما لیس لغیره من السباع و لا یأكل (2) من فریسة غیره و إذا شبع

من فریسته تركها و لم یعد إلیها و إذا جاع ساءت أخلاقه و إذا امتلأ من الطعام ارتاض و لا یشرب من ماء ولغ فیه كلب و هو ینهش و لا یأكل و ریقه قلیل جدا و لذلك یوصف بالبخر و یوصف بالشجاعة و الجبن فمن جبنه أنه یفزع من صوت الدیك و نقر الطست و من السنور و یتحیر عند رؤیة النار و هو شدید البطش و لا یألف شیئا من السباع لأنه لا یری فیها ما یكافئه و متی وضع جلدها علی شی ء من جلودها تساقطت شعورها و لا یدنو من المرأة الطامث و لو بلغه الجهد(3)

و یعمر كثیرا و علامة كبره سقوط أسنانه و فی الحلیة، لأبی نعیم قال بلغنی أن الأسد لا یأكل إلا من أتی محرما

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ 14 سَفِینَةَ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ رَكِبْتُ سَفِینَةً فِی الْبَحْرِ فَانْكَسَرَتْ فَرَكِبْتُ لَوْحاً فَأَخْرَجَنِی إِلَی أَجَمَةٍ فِیهَا أَسَدٌ فَأَقْبَلَ إِلَیَّ فَقُلْتُ أَنَا سَفِینَةُ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا تَائِهٌ فَجَعَلَ یَغْمِزُنِی بِمَنْكِبِهِ حَتَّی أَقَامَنِی عَلَی الطَّرِیقِ ثُمَّ هَمْهَمَ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ السَّلَامُ.

وَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی عُتْبَةَ بْنِ أَبِی لَهَبٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَیْهِ كَلْباً مِنْ كِلَابِكَ فَافْتَرَسَهُ الْأَسَدُ بِالزَّرْقَاءِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ.

وَ رَوَی الْحَافِظُ أَبُو نُعَیْمٍ بِسَنَدِهِ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هَبَّارٍ قَالَ: تَجَهَّزَ أَبُو لَهَبٍ وَ ابْنُهُ عُتْبَةُ نَحْوَ الشَّامِ فَخَرَجْتُ مَعَهُمَا فَنَزَلْنَا السَّرَاةَ قَرِیباً مِنْ صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ فَقَالَ الرَّاهِبُ مَا أُنْزِلُكُمْ هَاهُنَا هُنَا سِبَاعٌ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ أَنْتُمْ عَرَفْتُمْ سِنِّی وَ حَقِّی قُلْنَا أَجَلْ قَالَ إِنَّ مُحَمَّداً دَعَا عَلَی ابْنِی فَاجْمَعُوا مَتَاعَكُمْ عَلَی هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ ثُمَّ افْرُشُوا لِابْنِی عَلَیْهِ

ص: 81


1- 1. فی المصدر: و الجرأة و الصولة.
2- 2. فی المصدر: و من شرف نفسه انه لا یأكل.
3- 3. فی المصدر: و لو بلغه الجهد و لا یزال محموما.

وَ نُومُوا حَوْلَهُ فَفَعَلْنَا ذَلِكَ وَ جَمَعْنَا الْمَتَاعَ حَتَّی ارْتَفَعَ وَ دُرْنَا حَوْلَهُ وَ بَاتَ عُتْبَةُ فَوْقَ الْمَتَاعِ فَجَاءَ الْأَسَدُ فَشَمَّ وُجُوهَنَا ثُمَّ وَثَبَ فَإِذَا هُوَ فَوْقَ الْمَتَاعِ فَقَطَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ سَیْفِی یَا كَلْبُ وَ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی غَیْرِ ذَلِكَ وَ فِی رِوَایَةٍ فَضَرَبَهُ (1)

بِیَدِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَخَدَشَهُ فَقَالَ قَتَلَنِی فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ وَ طَلَبْنَا الْأَسَدَ فَلَمْ نَجِدْهُ.

و إنما سماه النبی صلی اللّٰه علیه و آله كلبا لأنه شبهه (2) فی رفع رجله عند البول

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ فِی صَحِیحِهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ(3).

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ بِیَدِ مَجْذُومٍ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةً بِاللَّهِ وَ تَوَكُّلًا عَلَیْهِ وَ أَدْخَلَهَا مَعَهُ الصَّحْفَةَ.

قال الشافعی فی عیوب الزوجین إن الجذام و البرص یعدی و قال إن ولد المجذوم قل ما یسلم منه قلت معنی قوله إنه یعدی أی بتأثیر اللّٰه تعالی لا بنفسه لأن اللّٰه تعالی أجری العادة بابتلاء السلیم عند مخالطة المبتلی و قد یوافق قدرا و قضاء فیظن أنه عدوی و قد قال صلی اللّٰه علیه و آله لا عدوی و لا طیرة و قوله فی الولد قل ما یسلم منه فقد قال الصیدلانی معناه أن الولد قد ینزعه عرق من الأب فیصیر أجذم و قد قال صلی اللّٰه علیه و آله لرجل قد قال له إن امرأتی ولدت غلاما أسود لعل عرقا نزعه و بهذا الطریق یحصل الجمع بین هذه الأحادیث

وَ جَاءَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا یُورِدُ ذُو عَاهَةٍ عَلَی مُصِحٍّ.

وَ الَّذِی ذَكَرُهُ: أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَاهُ مَجْذُومٌ لِیُبَایِعَهُ فَلَمْ

ص: 82


1- 1. فی المصدر: فوثب الأسد فضربه.
2- 2. فی المصدر: لانه یشبهه.
3- 3. رواه الصدوق فی الفقیه 4: 258 بإسناده عن حماد بن عمرو و انس بن محمّد عن أبیه جمیعا عن جعفر بن محمّد عن أبیه عن جده عن علیّ بن أبی طالب علیه السلام عن النبیّ« ص».

یَمُدَّ یَدَهُ إِلَیْهِ بَلْ قَالَ أَمْسِكْ یَدَكَ فَقَدْ بَایَعْتُكَ.

وَ فِی مُسْنَدِ أَحْمَدَ، أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تُطِیلُوا النَّظَرَ إِلَی الْمَجْذُومِ وَ إِذَا كَلَّمْتُمُوهُ فَلْیَكُنْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُ قِیدُ رُمْحٍ (1).

و قد ذكر الشیخ صلاح الدین فی القواعد أن الأم إذا كان بها جذام أو برص سقط حقها من الحضانة لأنه یخشی علی الولد من لبنها و مخالطتها

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ وَ غَیْرِهِ (2) عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا یَقُولُ الْأَسَدُ فِی زَئِیرِهِ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ یَقُولُ اللَّهُمَّ لَا تُسَلِّطْنِی عَلَی أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرُوفِ.

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (3) قَالَ: إِذَا كُنْتَ بِوَادٍ تَخَافُ فِیهِ الْأَسَدَ فَقُلْ أَعُوذُ بِدَانِیَالَ وَ بِالْجُبِّ مِنْ شَرِّ الْأَسَدِ.

انتهی أشار بذلك إلی مَا رَوَاهُ الْبَیْهَقِیُّ فِی الشِّعْبِ: أَنَّ دَانِیَالَ علیه السلام طُرِحَ فِی الْجُبِّ وَ أُلْقِیَت عَلَیْهِ السِّبَاعُ فَجَعَلَتِ السِّبَاعُ تَلْحَسُهُ وَ تُبَصْبِصُ إِلَیْهِ فَأَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ لَهُ دَانِیَالُ (4)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یَنْسَی مَنْ ذَكَرَهُ.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الدُّنْیَا: أَنَّ بُخْتَنَصَّرَ ضَرَی (5)

أَسَدَیْنِ وَ أَلْقَاهُمَا فِی جُبٍّ وَ أَمَرَ بِدَانِیَالَ فَأُلْقِیَ عَلَیْهِمَا فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اشْتَهَی الطَّعَامَ وَ الشَّرَابَ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی أَرْمِیَا وَ هُوَ بِالشَّامِ أَنْ یَذْهَبَ إِلَی دَانِیَالَ بِطَعَامٍ وَ شَرَابٍ وَ هُوَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ فَذَهَبَ إِلَیْهِ (6) حَتَّی وَقَفَ عَلَی رَأْسِ الْجُبِّ وَ قَالَ دَانِیَالُ دَانِیَالُ فَقَالَ مَنْ هَذَا

ص: 83


1- 1. فی المصدر: قدر رمح.
2- 2. فی المصدر: الطبرانی و أبو منصور الدیلمیّ و الحافظ المنذری.
3- 3. فی المصدر: روی ابن السنی فی عمل الیوم و اللیلة من حدیث داود بن الحصین عن عكرمة عن ابن عبّاس عن علیّ علیه السلام.
4- 4. فی المصدر: فاتاه ملك فقال له: یا دانیال، فقال: من أنت؟ قال: أنا رسول ربك ارسلنی إلیك بطعام، فقال دانیال.
5- 5. ضری الكلب بالصید: عوده إیّاه و اغراه به.
6- 6. فی المصدر: فذهب به إلیه.

قَالَ أَرْمِیَا قَالَ مَا جَاءَ بِكَ قَالَ أَرْسَلَنِی إِلَیْكَ رَبُّكَ قَالَ دَانِیَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یَنْسَی مَنْ ذَكَرَهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یُخَیِّبُ مَنْ رَجَاهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ یَكِلْهُ إِلَی سِوَاهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَجْزِی بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَجْزِی بِالصَّبْرِ نَجَاةً وَ غُفْرَاناً وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَكْشِفُ ضُرَّنَا بَعْدَ كَرْبِنَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هُوَ ثِقَتُنَا حِینَ یَسُوءُ ظَنُنَّا بِأَعْمَالِنَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هُوَ رَجَاؤُنَا حِینَ تَنْقَطِعُ الْحِیَلُ مِنَّا.

و روی ابن أبی الدنیا من وجه آخر أن الملك الذی كان دانیال فی سلطانه جاءه المنجمون و أصحاب العلم و أخبروه أنه یولد لیلة كذا و كذا غلام یفسد ملكك فأمر بقتل من ولد فی تلك اللیلة فلما ولد دانیال ألقته أمه فی أجمة أسد فبات الأسد و لبؤته یلحسانه نجاه اللّٰه بذلك حتی بلغ ما بلغ و كان من أمره ما قدره العزیز العلیم (1).

ص: 84


1- 1. حیاة الحیوان 1: 2- 4.

باب 3 الظبی و سائر الوحوش

اشارة

«1»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَیَّاطِ(1)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُكَیْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ أَقْبَلَ ظَبْیٌ مِنَ الصَّحْرَاءِ حَتَّی قَامَ حِذَاءَهُ وَ حَمْحَمَ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ هَذِهِ الظَّبْیَةُ قَالَ تَقُولُ إِنَّ فُلَاناً الْقُرَشِیَّ أَخَذَ خِشْفَهَا بِالْأَمْسِ وَ أَنَّهَا لَمْ تُرْضِعْهُ مِنْ أَمْسِ شَیْئاً فَبَعَثَ إِلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَرْسِلْ إِلَیَّ بِالْخِشْفِ فَبَعَثَ بِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَمْحَمَتْ وَ ضَرَبَتْ بِیَدَیْهَا ثُمَّ رَضَعَ مِنْهَا فَوَهَبَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام لَهَا وَ كَلَّمَهَا بِكَلَامٍ نَحْوِ كَلَامِهَا فَتَحَمْحَمَتْ وَ ضَرَبَتْ بِیَدَیْهَا وَ انْطَلَقَتْ وَ الْخِشْفُ مَعَهَا فَقَالُوا لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا الَّذِی قَالَتْ فَقَالَ دَعَتِ اللَّهَ لَكُمْ وَ جَزَتْكُمْ خَیْراً(2).

أقول: قد مر مثله بأسانید فی باب المعجزات.

«2»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الْآمِصِ فَقَالَ مَا هُوَ فَذَهَبْتُ أَصِفُهُ فَقَالَ أَ لَیْسَ الْیَحَامِیرَ قُلْتُ بَلَی قَالَ أَ لَیْسَ تَأْكُلُونَهُ (3)

بِالْخَلِّ وَ الْخَرْدَلِ وَ الْأَبْزَارِ قُلْتُ بَلَی قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ (4).

بیان: كذا فی أكثر النسخ الیحامیر و هو جمع الیحمور و هو حمار الوحش و فی القاموس الآمص و الآمیص طعام یتخذ من لحم عجل بجلده أو مرق السكباج

ص: 85


1- 1. فی المصدر:« الحناط» و فی نسخة: عن محمّد بن مسكین.
2- 2. الاختصاص: 299.
3- 3. فی المصدر: أ لیس یأكلونه.
4- 4. المحاسن: 472.

المبرد المصفی من الدهن معربا خامیر انتهی.

فلعلهم كانوا یعملون الآمص من لحوم الیحامیر و فی بعض النسخ الخامیر مكان الیحامیر و هو أنسب بما ذكره الفیروزآبادی لكن ظاهر العنوان فی المحاسن الأول حیث قال لحوم الظباء و الیحامیر و ذكر هذه الروایة فقط(1) و ضم الظباء مع الخامیر غیر مناسب و سیأتی الكلام فی حل الظباء و أشباهها فی الأبواب الآتیة 3 حیاة الحیوان، الیحمور دابة وحشیة(2) لها قرنان طویلان كأنهما منشاران ینشر بهما الشجر إذا عطش و ورد الفرات یجد الشجر ملتفة فینشرها بهما و قیل إنه الیامور نفسه و قرونه كقرون الأیل یلقیها فی كل سنة و هی صامتة لا تجویف فیها و لونه إلی الحمرة و هو أسرع من الأیل و قال الجوهری الیحمور حمار الوحش و دهنه ینفع من الاسترخاء الحاصل فی أحد شقی الإنسان إذا استعمل مع دهن البلسان نفع و ذكر ابن الجوزی فی كتاب العرائس أن بعض طلبة العلم خرج من بلاده فرأی (3)

شخصا فی الطریق فلما كان قریبا من المدینة التی قصدها قال له ذلك الشخص قد صار لی علیك حق و ذمام و أنا رجل من الجان و لی إلیك حاجة فقال ما هی قال إذا أتیت إلی مكان كذا و كذا فإنك تجد فیه دجاجا بینها دیك فاسأل عن صاحبه و اشتره منه و اذبحه فهذه حاجتی إلیك قال فقلت له یا أخی و أنا أیضا أسألك حاجة قال و ما هی قلت إذا كان الشیطان ماردا لا تعمل فیه العزائم و ألح بالأذی منا ما دواؤه فقال دواؤه أن یؤخذ قدر فتر من جلد یحمور(4) و یشد به إبهاما المصاب من یدیه شدا وثیقا ثم یؤخذ له من دهن السداب

ص: 86


1- 1. و لیس فی الروایة ذكر للظباء و لعله كانت فی المحاسن الاصلی روایة تدلّ علی الظباء و لم یظفر بها النسّاخ.
2- 2. فی المصدر: و حشیة نافرة.
3- 3. فی المصدر: فرافق.
4- 4. فی المصدر: ان یؤخذ له وتر قدر شبر من جلد یحمور.

البری فتقطر فی أنفه الأیمن أربعا و فی الأیسر ثلاثا فإن السالك (1) له یموت و لا یعود إلیه بعده قال فلما دخلت المدینة أتیت إلی ذلك المكان فوجدت الدیك لعجوز فسألتها بیعه فأبت فاشتریته منها بأضعاف ثمنه فلما اشتریته تمثل لی من بعید و قال لی بالإشارة اذبحه فذبحته فخرج عند ذلك رجال و نساء و جعلوا یضربوننی و یقولون یا ساحر فقلت لست بساحر فقالوا إنك منذ ذبحت الدیك أصیبت شابة عندنا بجنی و أنه منذ سلكها(2) لم یفارقها فطلبت وترا قدر شبر من جلد یحمور و دهن السداب البری (3) فأتونی بهما فشددت إبهامی ید الشابة شدا وثیقا فصاح (4) و قال أنا علمتك علی نفسی قال ثم قطرت الدهن فی أنفها الأیمن أربعا و فی الأیسر ثلاثا فخر میتا من ساعته و شفی اللّٰه تعالی تلك الشابة و لم یعاودها بعده الشیطان (5).

«4»- الدَّلَائِلُ لِلطَّبَرِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ بِشْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَتْ ظَبْیَةٌ فَتَبَصْبَصَتْ وَ ضَرَبَتْ بِذَنَبِهَا فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ هَذِهِ الظَّبْیَةُ قُلْنَا مَا نَدْرِی (6) فَقَالَ تَزْعُمُ أَنَّ رَجُلًا اصْطَادَ خِشْفاً(7) لَهَا وَ هِیَ تَسْأَلُنِی أَنْ أُكَلِّمَهُ أَنْ یَرُدَّهُ عَلَیْهَا فَقَامَ وَ قُمْنَا مَعَهُ حَتَّی جَاءَ إِلَی بَابِ الرَّجُلِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ وَ الظَّبْیَةُ مَعَنَا فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِنَّ هَذِهِ الظَّبْیَةَ زَعَمَتْ كَذَا وَ كَذَا وَ أَنَا أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَیْهَا فَدَخَلَ

ص: 87


1- 1. فی المصدر: فان الماسك به.
2- 2. فی المصدر: منذ مسكها.
3- 3. فی المصدر: و شیئا من دهن السداب البری.
4- 4. فی المصدر: فلما فعلت بها ذلك صاح.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 294 و 295.
6- 6. فی المصدر: فقلنا: لا.
7- 7. الخشف بتثلیث الخاء: ولد الظبی اول ما یولد.

الرَّجُلُ مُسْرِعاً دَارَهُ وَ أَخْرَجَ إِلَیْهِ الْخِشْفَ وَ سَیَّبَهُ (1) وَ مَضَتِ الظَّبْیَةُ وَ الْخِشْفُ مَعَهَا وَ أَقْبَلَتْ تُحَرِّكُ ذَنَبَهَا(2)

فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ هَلْ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ فَقُلْنَا مَا نَدْرِی فَقَالَ إِنَّهَا تَقُولُ رَدَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ كُلَّ حَقٍّ غُصِبْتُمْ عَلَیْهِ أَوْ كُلَّ غَائِبٍ وَ كُلَّ سَبَبٍ تَرْجُونَهُ وَ غَفَرَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ كَمَا رَدَّ عَلَیَّ وَلَدِی (3).

5 حیاة الحیوان، ذكر ابن خلكان فی ترجمة جعفر الصادق علیه السلام

أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا حَنِیفَةَ مَا تَقُولُ فِی مُحْرِمٍ كَسَرَ رَبَاعِیَةَ ظَبْیٍ فَقَالَ یَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ لَا أَعْلَمُ (4)

فِیهِ فَقَالَ إِنَّ الظَّبْیَ لَا یَكُونُ لَهُ رباعیا [رَبَاعِیَةٌ] وَ هُوَ ثَنِیٌّ أَبَداً.

كذا حكاه كشاجم فی كتاب المصائد و المطارد.

و قال الجوهری فی مادة سنن فی قول الشاعر فی وصف إبل.

فجاءت كسن الظبی لم أر مثلها***سناء قتیل (5)أو حلوبة جائع

أی هی ثنیان لأن الثنی هو الذی یلقی ثنیته و الظبی لا تثبت له ثنیة قط فهی ثنی أبدا

وَ رَوَی الدَّارَقُطْنِیُّ وَ الطَّبَرَانِیُّ فِی مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَ الْبَیْهَقِیُّ فِی سُنَنِهِ (6)

عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی قَوْمٍ قَدْ صَادُوا ظَبْیَةً وَ شَدُّوهَا إِلَی عَمُودِ فُسْطَاطٍ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی وَضَعْتُ وَ لِی خِشْفَانِ فَاسْتَأْذِنْ لِی أَنْ أُرْضِعَهُمَا ثُمَّ أَعُودَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله خَلُّوا عَنْهَا حَتَّی تَأْتِیَ خِشْفَیْهَا تُرْضِعُهُمَا وَ تَأْتِی إِلَیْكُمْ قَالُوا وَ مَنْ لَنَا بِذَلِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا فَأَطْلَقُوهَا فَذَهَبَتْ فَأَرْضَعَتْهُمَا

ص: 88


1- 1. سیبه ای تركه مرت حیث شاءت.
2- 2. فی المصدر: فمضت الظبیة و معها خشفها و هی تحرك ذنبها.
3- 3. دلائل الإمامة: 89 فیه قلنا لا قال: تقول.
4- 4. فی المصدر: لا اعلم ما فیه.
5- 5. فی المصدر: شفاء علیل.
6- 6. فی المصدر:« فی شعبه» أقول: أی فی كتاب شعب الایمان.

ثُمَّ عَادَتْ إِلَیْهِمْ فَأَوْثَقُوهَا فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَبِیعُونِیهَا قَالُوا هِیَ لَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَخَلُّوا عَنْهَا فَأَطْلَقَهَا.

وَ فِی رِوَایَةٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: لَمَّا أَطْلَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَیْتُهَا تُسَبِّحُ فِی الْبَرِّیَّةِ وَ هِیَ تَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الصَّحْرَاءِ فَإِذَا مُنَادٍ یُنَادِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْتَفَتَ فَلَمْ یَرَ أَحَداً ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا ظَبْیَةٌ مَوْثُوقَةٌ فَقَالَتْ ادْنُ مِنِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَنَا مِنْهَا فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ فَقَالَتْ إِنَّ لِی خِشْفَتْیِن فِی هَذَا الْجَبَلِ فَخَلِّنِی حَتَّی أَذْهَبَ إِلَیْهِمَا فَأُرْضِعَهُمَا ثُمَّ أَرْجِعَ إِلَیْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَفْعَلِینَ فَقَالَتْ عَذَّبَنِیَ اللَّهُ عَذَابَ الْعَشَّارِ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ فَأَطْلَقَهَا فَذَهَبَتْ فَأَرْضَعَتْ خِشْفَیْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَأَوْثَقَهَا وَ انْتَبَهَ الْأَعْرَابِیُّ فَقَالَ أَ لَكَ حَاجَةٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ تُطْلِقُ هَذِهِ فَأَطْلَقَهَا فَخَرَجَتْ تَعْدُو وَ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ.

وَ فِی دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَیْهَقِیِّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِظَبْیَةٍ مَرْبُوطَةٍ إِلَی خِبَاءٍ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِی حَتَّی أَذْهَبَ فَأُرْضِعَ خِشْفِی ثُمَّ أَرْجِعَ فَتَرْبُطُنِی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله صَیْدُ قَوْمٍ وَ رَبِیطَةُ قَوْمٍ فَأَخَذَ عَلَیْهَا فَحَلَفَتْ لَهُ فَحَلَّهَا فَمَا مَكَثَتْ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی جَاءَتْ وَ قَدْ نَفَضَتْ مَا فِی ضَرْعِهَا فَرَبَطَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ أَتَی خِبَاءَ أَصْحَابِهَا(1) فَاسْتَوْهَبَهَا مِنْهُمْ فَوَهَبُوهَا لَهُ فَحَلَّهَا ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ عَلِمَتِ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِیناً أَبَداً.

و ذكر الأزرقی فی تعظیم صید الحرم عن عبد العزیز بن أبی داود(2)

إن قوما انتهوا إلی ذی طوی و نزلوا بها فإذا ظبی من ظباء الحرم قد دنا منهم فأخذ رجل منهم بقائمة من قوائمه فقال له أصحابه ویلك أرسله فجعل یضحك و أبی أن یرسله

ص: 89


1- 1. فی المصدر: ثم أتی خباء اصحابها.
2- 2. فی المصدر: ابی رواد.

فبعر الظبی و بال ثم أرسله فناموا فی القائلة فانتبه بعضهم فإذا هو بحیة منطویة علی بطن الرجل الذی أخذ الظبی فقال له أصحابه ویلك لا تحرك فلم تنزل الحیة عنه حتی كان منه من الحدث ما كان من الظبی ثم روی عن مجاهد قال دخل قوم مكة تجارا من الشام (1) فی الجاهلیة بعد قصی بن كلاب فنزلوا بوادی طوی تحت سمرات یستظلون بها فاختبزوا ملة(2)

لهم و لم یكن معهم أدم فقام رجل منهم إلی قوسه فوضع علیها سهما ثم رمی به ظبیة من ظباء الحرم و هی حولهم ترعی فقاموا إلیها فسلخوها و طبخوها لیأتدموا بها فبینما هم كذلك و قدرهم علی النار تغلی بها و بعضهم یشوی إذ خرجت من تحت القدر عنق من النار عظیمة فأحرقت القوم جمیعا و لم تحرق ثیابهم و لا أمتعتهم و لا السمرات التی كانوا تحتها و رأیت فی مختصر الإحیاء للشیخ شرف الدین بن یونس شارح التنبیه فی باب الإخلاص أن من أخلص لله تعالی فی العمل و إن لم ینو(3)

ظهرت آثار بركته علیه و علی عقبه إلی یوم القیامة كما قیل إنه لما أهبط آدم علیه السلام إلی الأرض جاءته وحوش الفلاة تسلم علیه و تزوره فكان یدعو لكل جنس بما یلیق به فجاءته طائفة من الظباء فدعا لهن و مسح علی ظهورهن فظهر منهن نوافج المسك فلما رأی ما فیها من ذلك غزلان أخر فقالوا(4) من أین هذا لكن فقلن زرنا صفی اللّٰه آدم

ص: 90


1- 1. فی المصدر: دخل مكّة قوم تجار من الشام.
2- 2. الملّة: الجمر. الرماد الحار، خبز ملة: هو الذی یخبز فیها، و فی المصدر فاختبزوا علی ملة لهم.
3- 3. فی المصدر: و لم ینو به مقابلا.
4- 4. فی المصدر: فلما رأی بواقیها ذلك قلن.

فدعا لنا و مسح علی ظهورنا فمضی البواقی إلیه فدعا لهن و مسح علی ظهورهن فلم یظهر لهن من ذلك شی ء فقالوا قد سلمنا كما فعلتم فلم نر شیئا مما حصل لكم فقالوا أنتم كان عملكم لتنالوا كما نال إخوانكم و أولئك كان عملهم لله من غیر شی ء فظهر ذلك فی نسلهم و عقبهم إلی یوم القیامة(1)

انتهی.

ص: 91


1- 1. حیاة الحیوان 2: 70- 74 فیه: فقلن قد فعلنا كما فعلتن فلم نر شیئا مما حصل لكن، فقیل: انتن كان عملكن لتنلن كما نال اخوانكن و اولئك كان عملهن للّٰه من غیر شی ء فظهر ذلك فی نسلهن و عقبهن الی یوم القیامة.
أبواب الصید و الذبائح و ما یحل و ما یحرم من الحیوان و غیره
باب 1 جوامع ما یحل و ما یحرم من المأكولات و المشروبات و حكم المشتبه بالحرام و ما اضطروا إلیه

الآیات:

البقرة: الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ 22.

و قال تعالی: هُوَ الَّذِی خَلَقَ لَكُمْ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً 29

و قال تعالی: كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ 60

و قال تعالی: یا أَیُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِی الْأَرْضِ حَلالًا طَیِّباً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ 168

و قال سبحانه: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَیْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ 172و173

آل عمران: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِی إِسْرائِیلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ فَمَنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 93و94

ص: 92

المائدة: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِیمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما یُتْلی عَلَیْكُمْ غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ1

و قال تعالی: حُرِّمَتْ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِیرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّیَةُ وَ النَّطِیحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ إلی قوله تعالی فَمَنِ اضْطُرَّ فِی مَخْمَصَةٍ غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ یَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ 3و4

و قال: الْیَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ 5

و قال تعالی: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدِینَ وَ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَیِّباً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ 87و88

و قال تعالی: لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِیما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ 93

و قال تعالی: قُلْ لا یَسْتَوِی الْخَبِیثُ وَ الطَّیِّبُ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِیثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ یا أُولِی الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 100

الأنعام: وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَیْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَیْهِ وَ إِنَّ كَثِیراً لَیُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِینَ 119

هُوَ الَّذِی (1) أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَ غَیْرَ مَعْرُوشاتٍ وَ النَّخْلَ وَ الزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَ الزَّیْتُونَ وَ الرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَ غَیْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَ آتُوا

ص: 93


1- 1. الظاهر أنّه سقط هنا قوله:« و قال تعالی» علی ما هو من دأبه عند فصل الآیات.

حَقَّهُ یَوْمَ حَصادِهِ وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفِینَ وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ ثَمانِیَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ قُلْ آلذَّكَرَیْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَیَیْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَیَیْنِ نَبِّئُونِی بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِ قُلْ آلذَّكَرَیْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَیَیْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَیَیْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً لِیُضِلَّ النَّاسَ بِغَیْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ قُلْ لا أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ مَیْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِیرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِیمٌ وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوایا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ141-146

الأعراف: وَ لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِیها مَعایِشَ قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ 10

و قال تعالی: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفِینَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِیَ لِلَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا خالِصَةً یَوْمَ الْقِیامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ 31و32

و قال تعالی: وَ یُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ وَ یُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ 157

یونس: وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِی إِسْرائِیلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ93

إبراهیم: فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ إلی قوله وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ32

الحجر: وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِیها مَعایِشَ وَ مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِینَ 20

النحل: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِیها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ5

و قال تعالی: وَ إِنَّ لَكُمْ فِی الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِیكُمْ مِمَّا فِی بُطُونِهِ مِنْ بَیْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِینَ وَ مِنْ ثَمَراتِ النَّخِیلِ وَ الْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً

ص: 94

وَ رِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ66و67

و قال تعالی: وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ 72

و قال تعالی: فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَیِّباً وَ اشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ 114-116

طه: فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّی كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ 53و54

و قال تعالی: كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فِیهِ فَیَحِلَّ عَلَیْكُمْ غَضَبِی81

المؤمنون: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِیلٍ وَ أَعْنابٍ لَكُمْ فِیها فَواكِهُ كَثِیرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَیْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِینَ وَ إِنَّ لَكُمْ فِی الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِیكُمْ مِمَّا فِی بُطُونِها وَ لَكُمْ فِیها مَنافِعُ كَثِیرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ18-21

لقمان: أَ لَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ أَسْبَغَ عَلَیْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً20

التنزیل: أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَی الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ أَ فَلا یُبْصِرُونَ 27

فاطر: وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِیًّا12

یس: وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ یَأْكُلُونَ إلی قوله تعالی لِیَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَ ما عَمِلَتْهُ أَیْدِیهِمْ أَ فَلا یَشْكُرُونَ سُبْحانَ الَّذِی خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ33-35

المؤمنین: اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَ لَكُمْ فِیها مَنافِعُ وَ لِتَبْلُغُوا عَلَیْها حاجَةً فِی صُدُورِكُمْ وَ عَلَیْها وَ عَلَی الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ79و80

عبس: فَأَنْبَتْنا فِیها حَبًّا وَ عِنَباً وَ قَضْباً وَ زَیْتُوناً وَ نَخْلًا وَ حَدائِقَ غُلْباً وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ 27-32

ص: 95

تفسیر:

الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً یدل علی جواز الانتفاع بالأرض علی أی وجه كان من السكنی و الزراعة و العمارة و حفر الأنهار و إجراء القنوات و غیرها من وجوه الانتفاعات إلا ما أخرجه الدلیل.

و قوله رِزْقاً لَكُمْ (1) یدل علی حلیة جمیع الثمرات و بیعها و سائر الانتفاعات و لكم صفة رزقا إن أرید به المرزوق و مفعول له إن أرید به المصدر كأنه قال رزقه إیاكم و یدل تتمة الآیة علی وجوب شكر المنعم هُوَ الَّذِی خَلَقَ لَكُمْ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً امتن سبحانه علی عباده بخلق جمیع ما فی الأرض لهم و هذا یدل علی صحة انتفاعهم بكل ما فیها من وجوه المصالحة إذا خلا عن المفسدة و منه یستدل علی أن الأصل فی الأشیاء الإباحة إذ هی مباحة لمن خلقت له و قیل الامتنان بخلق الجمیع یقتضی حل الجمیع و أن لكل شی ء منها فائدة و نفعا و ما یقال من أن ما لا نفع به كالسم و العقرب و بعض الحشرات خارج عن ذلك ففیه نظر و أن عدم الوجدان لا یدل علی عدم الوجود و وجود ضرر فی شی ء لا یدل علی انتفاء النفع فیه أ لا تری أن المأكولات الطیبة تضر المریض غایة المضرة و من تأمل فی حكمته تعالی لم یتجاسر بمثل هذا المقال فلعل المراد أن لیس فی الخلق ما هو ضرر محض خال عن النفع بل إنما فیه من جهة ضررا و جهة خلا من ذلك الوجه من المنفعة لا یقع به امتنان من تلك الجهة بل الامتنان من جهة النفع مع الخلو عن الضرر و الطیب فی بعض الآیات إشارة إلی ذلك كما فسره الطبرسی أن المراد الطاهر من كل شبهة خبث و ضرر و اللّٰه أعلم انتهی.

و قال البیضاوی معنی لَكُمْ لأجلكم و انتفاعكم فی دنیاكم باستنفاعكم بها فی مصالح أبدانكم بوسط أو غیر وسط أو دینكم بالاستدلال و الاعتبار و التعرف بما یلائمها من لذات الآخرة و آلامها فهو یقتضی إباحة الأشیاء النافعة و لا یمنع اختصاص بعضها ببعض لأسباب عارضة فإنه یدل علی أن الكل للكل لا أن كل

ص: 96


1- 1. قوله:« جعل لكم» و« رزقا لكم» و أمثالهما تدلّ علی أن ما فی الأرض یعم كل فرد من الإنسان و انهم مشتركون فیه بالسویة علی الأصل، إلا ما اخرج بالدلیل.

واحد لكل واحد و ما یعم كل ما فی الأرض لا الأرض إلا إذا أرید به جهة السفل كما یراد بالسماء جهة العلو و جمیعا حال من الموصول الثانی كُلُوا وَ اشْرَبُوا ظاهر الخطاب لبنی إسرائیل فالمراد ما رزقهم اللّٰه من المن و السلوی و العیون و یمكن الاستدلال علی العموم بوجه لا یخلو من تكلف (1).

یا أَیُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِی الْأَرْضِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه عن ابن عباس أنها نزلت فی ثقیف و خزاعة و بنی عامر بن صعصعة و بنی مدلج لما حرموا علی أنفسهم من الحَرْث و الأَنعام و البَحِیرة و السَّائبة و الْوَصِیلة(2).

و قال قدس سره اختلف الناس فی المآكل و المنافع لا ضرر علی أحد فیها(3)

فمنهم من ذهب إلی أنها علی الحظر(4) و منهم من ذهب إلی أنها علی الإباحة و اختاره المرتضی رحمه اللّٰه و منهم من وقف بین الأمرین و جوز كل واحد منهما و هذه الآیة دالة علی إباحة المآكل إلا ما دل الدلیل علی حظره فجاءت مؤكدة لما فی العقل انتهی (5).

و المراد بالأكل إما خصوص الأكل اللغوی أو مطلق الانتفاع فإنه مجاز شائع و الحلال هو الجائز من أفعال العباد و نظیره المباح و الطیب یقال لمعان الأول ما حلله الشارع. الثانی ما كان طاهرا. الثالث ما خلا عن الأذی فی النفس و البدن. الرابع ما یستلذه الطبع المستقیم و لا یتنفر عنه. الخامس ما لم یكن فیه جهة قبح توجب المنع عنه كما نفهم من أكثر موارد استعماله و ستعرفه و الخطاب هنا عام لجمیع المكلفین من بنی آدم

ص: 97


1- 1. أنوار التنزیل.
2- 2. مجمع البیان 1: 252 فیه: و الوصیلة فنهاهم اللّٰه عن ذلك.
3- 3. فی المصدر: و المنافع التی لا ضرر علی أحد فیها.
4- 4. الحظر: المنع.
5- 5. مجمع البیان 1: 252.

و الأمر فی كُلُوا للإباحة و لما كان فی المأكول ما یحرم و ما یحل بین ما یجب أن یكون علیه من الصفة فقال حَلالًا و قیل الأمر للوجوب نظرا إلی مراعاة القید طَیِّباً قیل هو الحلال أیضا جمع بینهما لاختلاف اللفظین تأكیدا و قیل ما تستطیبونه و تلذونه فی العاجل و الآجل و فی الكشاف و الجوامع طاهرا من كل شبهة قیل و لا یبعد علی تقدیر مفعولیة حَلالًا و حالیته أن یراد بالحلال ما خلا من جهة الحظر بحسب ذاته و أحواله الغالبة و الطیب ما خلا من جهة الحظر من كل وجه (1).

و أقول علی تقدیر حالیة الطیب و حمل الأمر علی الرجحان الأظهر أن یكون الحلال للاحتراز عن الحرام و الطیب للاحتراز عن الشبهات ثم قوله حَلالًا إما مفعول كلوا و من حینئذ ابتدائیة أو بیانیة و ظاهر الكشاف أنها تبعیضیة و منع منه التفتازانی لأن من التبعیضیة فی موقع المفعول أی كلوا بعض ما فی الأرض.

قال فإن قیل لم لا یجوز أن یكون حالا من حلالا قلنا لأن كون من التبعیضیة ظرفا مستقرا و كون اللغو حالا مما لا تقول به النحاة و قیل فیه نظر لأن كون من التبعیضیة فی موضع المفعول لیس معناه أنه مفعول به من حیث الإعراب مغن عن المفعول به بل إنما یتحد مع المفعول به انتهی.

أو حال من المفعول و هو مِمَّا فِی الْأَرْضِ فیكون المراد بما فی الأرض المأكولات المحللة أو صفة مصدر محذوف أی كلوا أكلا حلالا و من للتبعیض أو ابتدائیة إما كونه مفعولا له أو تمیزا كما زعم بعضهم فغیر واضح و طیبا مثل حلالا أو صفته.

أقول: هذا ما ذكره القوم و الأظهر عندی أن حلالا و طیبا للتأكید لا للتقیید سواء جعلا حالین مؤكدتین أو غیره لأن التقیید مع حمل الأمر علی الإباحة كما ذكره الأكثر یجعل الكلام خالیا عن الفائدة إذ حاصله حینئذ أحل لكم ما أحل لكم إذ یجوز لكم الانتفاع بما أحل لكم.

فإن قیل كیف یستقیم هذا مع أنه معلوم أن ما فی الأرض مشتمل علی

ص: 98


1- 1. تفسیر الكشّاف:

محرمات كثیرة قلنا إذا حملنا من علی التبعیض لا یرد ذلك و أیضا یمكن أن یكون هذا قبل تحریم ما حرم من الأشیاء فإنه یظهر من بعض الأخبار أنه لم یجب قبل الهجرة شی ء سوی الشهادتین و ما یتبعهما من العقائد و لم یحرم سوی الشرك و إنكار النبوة و ما یلزمهما و بعد الهجرة نزلت الواجبات و المحرمات تدریجا علی أنه یمكن أن یكون عاما مخصصا كما فی سائر العمومات فتدل علی حل ما فی الأرض جمیعا إلا ما أخرجه الدلیل.

و قیل یظهر من عمومات الخطاب حل المحللات للكفار و الفساق أیضا و جواز إعطائهم منها إلا ما دل علی المنع منه دلیل وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ أی لا تتبعوا وساوس الشیطان فی تحریم ما أحل اللّٰه أو فی ترك شكر ما أنعم اللّٰه و یؤید الأول قوله وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیهما السلام: أَنَّ خُطُوَاتِ الشَّیْطَانِ الْحَلْفُ بِالطَّلَاقِ وَ النَّذْرُ فِی الْمَعَاصِی وَ كُلُّ یَمِینٍ بِغَیْرِ اللَّهِ (1).

أقول: یحتمل أن یكون المراد الحلف و النذر علی تحریم المحللات بقرینة صدر الآیة.

و قیل فی هذا النهی تنبیه علی أن المراد بحلالا فی الأمر التقیید لا إطلاق حل ما فی الأرض و المأكول منه أو الأكل و هو یعم مخالفة الأمر بالتعدی إلی أكل غیر الحلال و باجتناب أكل الحلال و فعل غیر ذلك من المحرمات انتهی و ضعفه ظاهر مما ذكرنا یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ مضمون صدر الآیة قریب مما تقدم إلا أنها خاصة باعتبار الخطاب للمؤمنین و قیل الأمر للترغیب أو لإباحة أكل ما یستلذه المؤمنون و یستطیبونه و یعدونه طیبا لا خبیثا ینفر عنه الطبع و یجزم العقل بقبح أكله مثل الدم و البول و المنی و الحشرات و غیرها فیفهم منه كونه طاهرا أیضا إذ النجس خبیث و لیس مما یعدونه طیبا فهو فی الدلالة علی

ص: 99


1- 1. مجمع البیان 2: 252.

إباحة جمیع ما یعده العقل طیبا و لا یجد فیه ضررا و خبثا مما یسمی رزقا لبنی آدم أی ینتفع به فی الأكل أصرح مما تقدم ففهم كون الأشیاء علی أصل الحلیة منها أولی.

أقول: علی سیاق ما قدمنا یكون الحاصل كلوا مما لم یدل دلیل شرعی علی تحریمه فیما رزقناكم و مكناكم من التصرف فیه أو مما لم یكن فیه جهة قبح واقعی فیرجع إلی الأول لأنه یعلم ذلك ببیان الشارع أو مما لم یكن مضرا بالنفس و البدن أو مما یستلذه الطبع المستقیم و لا یتنفر عنه إما بناء علی الغالب من أنه لا یرغب إلی غیر ذلك أو بناء علی أن سیاق الآیة مشتمل علی الامتنان و عمدة الامتنان به لا بما تتنفر الطباع عنه أو لمرجوحیة أكل الخبائث غیر المحرمة بناء علی أن الأمر للإباحة الصرفة أو لرجحان التصرف فی الطیبات و أكلها بناء علی أن الأمر للاستحباب.

و بالجملة یشكل الاستدلال بأمثاله علی تحریم ما تتنفر عنه عامة الطباع.

و قال الرازی اعلم أن الأكل قد یكون واجبا و ذلك عند دفع الضرر و قد یكون مندوبا و ذلك أن الضیف قد یمتنع من الأكل إذا انفرد و ینبسط إذا سوعد فهذا مندوب و قد یكون مباحا إذا خلا عن هذه العوارض و الأصل فی الشی ء أن یكون خالیا عن العوارض فلا جرم كان مسمی الأكل مباحا و إذا كان الأمر كذلك كان الأمر كذلك.

ثم قال احتج الأصحاب أن الرزق قد یكون حراما بقوله مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ بأن الطیب هو الحلال فلو كان كل رزق حلالا لكان المعنی كلوا من محللات ما حللنا لكم فیكون تكرارا و هو خلاف الأصل و أجابوا عنه بأن الطیب فی اللغة عبارة المستلذ المستطاب و لعل أقواما ظنوا أن التوسع فی المطاعم و الاستكثار من طیباتها ممنوع منه فأباح اللّٰه تعالی ذلك بقوله كلوا من لذائذ ما أحللنا لكم فكان تخصیصه بالذكر لهذا المعنی انتهی (1).

ص: 100


1- 1. تفسیر الرازیّ.

و مضمون باقی الآیة تعلیق وجوب الشكر لله علی عبادتهم إیاه و تلخیصه أن العبادة له إن كانت واجبة علیكم لأنه إلهكم فالشكر له أیضا واجب علیكم فإنه منعم محسن إلیكم كذا ذكره الطبرسی (1) رحمه اللّٰه و قال الرازی فیه وجوه أحدها و اشكروا اللّٰه إن كنتم عارفین باللّٰه و نعمه فعبر عن معرفة اللّٰه تعالی بعبادته إطلاقا لاسم الأثر علی المؤثر.

و ثانیها معناه إن كنتم تریدون أن تعبدوا اللّٰه فاشكروه فإن الشكر رئیس العبادات.

و ثالثها و اشكروا اللّٰه الذی رزقكم هذه النعمة إن كنتم إیاه تعبدون أی إن صح أنكم تخصونه بالعبادة و تقرون أنه هو سبحانه إلهكم لا غیر انتهی (2).

و أقول یحتمل أن یكون الغرض أن شكركم إنما یصح و یستقیم بترك الشرك و إخلاص العبادة له تعالی.

إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ كان هذه الآیة كالاستثناء عن عموم ما تقدم أو أنه سبحانه لما أمر فی الآیة بأكل الطیبات بین فی هذه الآیة الخبائث لیعلم أن ما سواها من الطیبات و إنما علی المشهور بین أهل العربیة و الأصولیین للحصر فیدل علی حصر المحرمات من المأكولات فی هذه الأشیاء فهی حجة فی حل ما سواها إلا ما أخرجه الدلیل.

و قال البیضاوی المراد قصر الحرمة علی ما ذكر مما استحلوه لا مطلقا أو قصر حرمته علی حال الاختیار كأنه قیل إنما حرم علیكم هذه الأشیاء ما لم تضطروا إلیها انتهی (3).

و یمكن أن یكون التحریم فی هذا الوقت مقصورا علی ما ذكر فحرم بعد ذلك غیرها كما مر و الأول من المحرمات فی تلك الآیة المیتة و هی علی المشهور ما فارقه

ص: 101


1- 1. مجمع البیان 2: 252.
2- 2. تفسیر الرازیّ.
3- 3. أنوار التنزیل.

الروح لا علی وجه التذكیة الشرعیة و فی المجمع هی كل ما له نفس سائلة من دواب البر و طیره مما أباح اللّٰه أكله إنسیهما و وحشیهما(1)

فارقه روحه من غیر تذكیة و قیل المیتة كل ما فارقته الحیاة من دواب البر و طیره بغیر تذكیة

وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ سَمَّی الْجَرَادَ وَ السَّمَكَ مَیْتاً فَقَالَ مَیْتَتَانِ مُبَاحَتَانِ الْجَرَادُ وَ السَّمَكُ.

انتهی (2).

و لا یبعد أن یكون إطلاق المیتة علی السمك و الجراد علی المجاز فإن إخراج الأول من الماء و قبض الثانی تذكیتهما.

و استدل بهذه الآیة و أمثالها علی حرمة جمیع انتفاعات المیتة إلا ما أخرجه الدلیل لأن الحرمة المضافة إلی العین تفید عرفا حرفة التصرف فیها مطلقا و قیل الحرمة المضافة إلی كل عین تفید تحریم الانتفاع المتعارف الغالب فیه فإن المتبادر فی تحریم المیتة الأكل لا سیما ذكرها مع الدم و لحم الخنزیر و فی تحریم الأمهات الوطء و هكذا و كان هذا أقوی و حملوا المیتة علیها و علی أجزائها التی تحل فیها الحیاة فلا تحرم ما لا تحل فیه الحیاة منها إلا ما كان خبیثا علی المشهور لا لذلك بل لكونه خبیثا علی رأیهم و حمل علیه كل ما أبین من حی مما حلت فیه الحیاة.

و الثانی الدم و قید بالمسفوح لتقییده به فی الآیة الأخری و المطلق محمول علی المقید و المسفوح هو الذی یخرج بقوة عند قطع عرق الحیوان أو ذبحه من سفحت الماء إذا صببته أی المصبوب و احترز به عما یخرج من الحیوان بتثاقل كدم السمك فلا یكون

نجسا و اختلفوا فی حرمته فقیل هو حرام لإطلاق هذه الآیة و قد عرفت جوابه و لأنه من الخبائث و قد منع ذلك و ستسمع الكلام فی الخبائث و حرمتها.

و أما الدم المختلف فی الذبیحة فی الحیوان مأكول اللحم فلا أعرف خلافا بین

ص: 102


1- 1. فی المصدر: اهلیها و وحشیها.
2- 2. مجمع البیان 3: 157.

الأصحاب فی كونه حلالا و نقل العلامة الإجماع علیه و ما یجذبه النفس إلی باطن الذبیحة لیس فی حكم المتخلف فی الحل و الطهارة و فی تحریم المتخلف فی الكَبِد و القلب وجهان و لا یبعد ترجیح عدم التحریم لظاهر الآیة إلا أن یثبت كونه خبیثا و حرمة مطلق الخبیث و الدم المتخلف فی حیوان غیر مأكول اللحم تابع لذلك الحیوان و ظاهر الأصحاب الحكم بنجاسته و نقل عن بعض المتأخرین التوقف فیها و ما عدا المذكورات من الدماء التی لم تخرج بقوة من عرق و لا لها كثرة انصباب لكنه مما له نفس فظاهر الأصحاب الاتفاق علی نجاسته و ظاهر الفاضلین دعوی الإجماع علیه و یستفاد من بعض الأخبار أیضا فیلزم التحریم أیضا و أما دم غیر السمك مما لا نفس له فقد نقل جماعة من الأصحاب الإجماع علی طهارته و الكلام فی حله و حرمته كالكلام فی دم السمك. الثالث لحم الخنزیر قیل خص اللحم و إن كان كل أجزائه محرما لأنه هو المقصود بالأكل و غیره تابع و لشدة حرص الكفرة و مزید اعتقادهم بحسنه و بركته فخصه ردا علیهم.

الرابع ما أهل به لغیر اللّٰه أی ما رفع به الصوت عند ذبحه لغیر اللّٰه كالصنم و المسیح و غیرهما و الإهلال أصله رؤیة الهلال یقال أَهَلَّ الهلال و أَهْلَلْتَهُ لكن لما جرت العادة برفع الصوت بالتكبیر إذا رئی سمی ذلك إهلالا ثم قیل لرفع الصوت و إن كان لغیره و قال فی موضع آخر وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ قیل فهذا مطلق و الأول مقید فیحمل الثانی علی الأول أو بینهما عموم و خصوص من وجه فجمع بینهما بمقتضی الروایات المعتبرة و سیأتی أحكام التسمیة إن شاء اللّٰه.

فَمَنِ اضْطُرَّ أی إلی أكل هذه الأشیاء قال الطبرسی رحمه اللّٰه ضرورة مجاعة عن أكثر المفسرین و قیل ضرورة إكراه عن مجاهد و تقدیره فمن خاف علی النفس من الجوع و لا یجد مأكولا یسد به الرمق و قوله غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فیه ثلاثة أقوال

ص: 103

أحدها غیر باغ لذة و لا عاد سد الجوعة.

و ثانیها غیر باغٍ فی الإفراط و لا عادٍ فی التقصیر.

و ثالثها غیر باغ علی المسلمین (1) و لا عادٍ علیه بالمعصیة و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام انتهی (2).

وَ فِی الْكَافِی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: الْبَاغِی الَّذِی یَخْرُجُ عَلَی الْإِمَامِ وَ الْعَادِی الَّذِی یَقْطَعُ الطَّرِیقَ لَا تَحِلُّ لَهُمَا الْمَیْتَةُ(3).

و فی التهذیب الباغی باغی الصید و العادی السارق لیس لهما أن یأكلا المیتة إذا اضطرا هی حرام علیهما(4)

وَ فِی الْفَقِیهِ عَنِ الْجَوَادِ علیه السلام قَالَ: الْعَادِی السَّارِقُ وَ الْبَاغِی الَّذِی یَبْغِی الصَّیْدَ بَطَراً أَوْ لَهْواً لَا لِیَعُودَ بِهِ عَلَی عِیَالِهِ لَیْسَ لَهُمَا أَنْ یَأْكُلَا الْمَیْتَةَ إِذَا اضْطُرَّا هِیَ حَرَامٌ عَلَیْهِمَا فِی حَالِ الِاضْطِرَارِ كَمَا هِیَ حَرَامٌ عَلَیْهِمَا فِی حَالِ الِاخْتِیَارِ وَ لَیْسَ لَهُمَا أَنْ یَقْصُرَا فِی صَوْمٍ وَ لَا صَلَاةٍ فِی سَفَرٍ(5).

و قال البیضاوی و غیر باغ بالاستیثار علی مضطر آخر و لا عاد سد الرمق و الجوعة و قیل غیر باغ علی الوالی و لا عاد بقطع الطریق فعلی هذا لا یباح علی العاصی بالسفر و هو ظاهر مذهب الشافعی و قول أحمد(6).

ص: 104


1- 1. فی المصدر: غیر باغ علی امام المسلمین.
2- 2. مجمع البیان 1: 257.
3- 3. فروع الكافی 6: 265 رواه الكلینی بإسناده عن العدة عن سهل بن زیاد عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر عمن ذكره عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
4- 4. تهذیب الأحكام: ج 9 ص 78.
5- 5. من لا یحضره الفقیه 3: 217 رواه الصدوق فی حدیث طویل بإسناده عن عبد العظیم بن عبد اللّٰه الحسنی عن أبی جعفر محمّد بن علی الرضا علیه السلام.
6- 6. أنوار التنزیل.

فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی لا حرج علیه و إنما ذكر هذا اللفظ لتبیین أنه لیس بمباح فی الأصل و إنما رفع الحرج للضرورة إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ إنما ذكر المغفرة لأجل أمرین إما لتبیین أنه إذا كان یغفر المعصیة فإنه لا یؤاخذ فیما رخص فیه و إما لأنه وعد بالمغفرة عند الإنابة إلی الطاعة مما كانوا علیه من تحریم ما لم یحرمه اللّٰه من السائبة و غیرها انتهی (1).

و أقول و إن كان ظاهر بعض الأخبار اختصاص الحكم بالاضطرار فی المخمصة لكن لفظ الآیة شامل لكل اضطرار من مجاعة أو خوف قتل أو ضرر عظیم لا یتحمل عادة.

كُلُّ الطَّعامِ فی المجمع كل المأكولات كانَ حِلًّا أی حلالا لِبَنِی إِسْرائِیلَ و إسرائیل هو یعقوب علیه السلام إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِیلُ عَلی نَفْسِهِ اختلفوا فی ذلك الطعام فقیل إن یعقوب علیه السلام أخذه وجع العرق الذی یقال له عرق النسا فنذر إن شفاه اللّٰه أن یحرم العروق و لحم الإبل و هو أحب الطعام إلیه عن ابن عباس و غیره و قیل حرم إسرائیل علی نفسه لحم الجزور تعبدا لله و سأل اللّٰه أن یجیز له فحرم اللّٰه تعالی ذلك علی ولده عن الحسن و قیل حرم زائدتی الكبد و الكلیتین و الشحم إلا ما حملته الظهور عن عكرمة و اختلف فی أنه كیف حرمه علی نفسه فقیل بالاجتهاد و قیل بالنذر و قیل بنص ورد علیه و قیل حرمه كما یحرم المستظهر فی دینه من الزهاد اللذة علی نفسه مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ أی كل الطعام كان حلا لبنی إسرائیل قبل نزول التوراة علی موسی فإنها تضمنت تحریم ما كان حلالا(2) لبنی إسرائیل و اختلفوا فیما حرم علیهم و حالها بعد نزول التوراة.

فقیل إنه حرم علیهم ما كانوا یحرمونه قبل نزولها اقتداء بأبیهم یعقوب عن السدی.

ص: 105


1- 1. مجمع البیان 1: 257 فیه:« لیبین» و فیه:« بما رخص فیه» و فیه: الی طاعة اللّٰه.
2- 2. فی المصدر: بعض ما كان حلالا.

و قیل لم یحرمه اللّٰه علیهم فی التوراة و إنما حرم علیهم بعد التوراة بظلمهم و كفرهم و كانت بنو إسرائیل إذا أصابوا ذنبا عظیما حرم اللّٰه علیهم طعاما طیبا و صب علیهم رجزا و هو الموت و ذلك قوله تعالی فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ (1) و قیل لم یكن شی ء من ذلك حراما علیهم فی التوراة و إنما هو شی ء حرموه علی أنفسهم اتباعا لأبیهم و أضافوا تحریمه إلی اللّٰه فكذبهم اللّٰه تعالی (2)

فاحتج علیهم بالتوراة و أمرهم بالإتیان بها و بأن یقرءوا ما فیها فإنه كان فی التوراة أنها كانت حلالا للأنبیاء و إنما حرمها إسرائیل علی نفسه فلم یجسروا علی إتیانها لعلمهم بصدقه صلی اللّٰه علیه و آله و كذبهم و كان ذلك دلیلا علی صحة نبوته مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أی بعد قیام الحجة فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لأنفسهم (3).

و أقول ظاهره علی بعض الوجوه تحلیل ما حرموه علی أنفسهم فتأمل.

أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِیمَةُ الْأَنْعامِ قد مر تفسیره فی باب الأنعام إِلَّا ما یُتْلی عَلَیْكُمْ قیل أی إلا محرم ما یتلی علیكم كقوله حُرِّمَتْ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ أو إلا ما یتلی علیكم آیةُ تحریمِهِ غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ حال من الضمیر فی لكم و قیل من واو أوفوا و قیل استثناء و هو تعسف و الصید یحتمل المصدر و المفعول وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ حال عما استكن فی محلی و الحرم جمع حرام و هو المحرم و سیأتی تفسیر الآیات فی كتاب الحج إن شاء اللّٰه تعالی.

وَ الْمُنْخَنِقَةُ قال الطبرسی رحمه اللّٰه تعالی هی التی تدخل رأسها بین شعبین من شجر فتختنق (4)

و تموت عن السدی و قیل هی التی تخنق بحبل الصائد و تموت

ص: 106


1- 1. النساء: 160.
2- 2. أضاف فی المصدر: و قال: قل یا محمد:« فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها» حتی یتبین انه كما قلت لا كما قلتم« إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ» فی دعواكم، فاحتج.
3- 3. مجمع البیان 2: 475.
4- 4. فی المصدر: بین شعبتین من شجرة فتنخنق.

عن الضحاك و قتادة و قال ابن عباس كان أهل الجاهلیة یخنقونها فیأكلونها وَ الْمَوْقُوذَةُ هی التی تضرب حتی تموت عن ابن عباس و السدی و الوقذ شدة الضرب یقال وقذتها أقذها وقذا و أوقذتها إیقاذا إذا أثخنتها ضربا.

وَ الْمُتَرَدِّیَةُ و هی التی تقع من جبل أو موضع عال أو تقع فی بئر فتموت عن ابن عباس و غیره و متی وقع فی بئر و لا یقدر علی تذكیته جاز أن یطعن و یضرب (1)

فی غیر المذبح حتی یبرد ثم یؤكل.

وَ النَّطِیحَةُ و هی التی تنطحها غیرها فتموت و إنما تثبت فیها الهاء و إن كان فعیل بمعنی المفعول لا تثبت فیها الهاء مثل لحیة دَهِین و عین كَحیل و كف خَضیب لأنها أدخلت فی حیز الأسماء و قال بعض الكوفیین إنما تحذف الهاء من فعیلة بمعنی مفعولة إذا كانت صفة لاسم قد تقدمها مثل كف خضیب و عین كحیل فأما إذا حذف الكف و العین و ما یكون فعیل نعتا له و اجتزءوا بفعیل أثبتوا فیه ها التأنیث لیعلم بثبوتها فیه أنها صفة لمؤنث فیقال رأینا كحیلة و خضیبة.

وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ أی و حرم علیكم ما أكله السبع بمعنی قتله السبع و هو فریسة السبع عن ابن عباس و غیره.

إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ یعنی إلا ما أدركتم ذكاته فذكیتموه من هذه الأشیاء

وَ رُوِیَ عَنِ السَّیِّدَیْنِ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ علیهما السلام: أَنَّ أَدْنَی مَا تُدْرِكُ بِهِ الذَّكَاةُ أَنْ تُدْرِكَهُ یَتَحَرَّكُ أُذُنَهُ أَوْ ذَنَبَهُ أَوْ یَطْرِفُ عَیْنَهُ.

و اختلف فی الاستثناء إلی ما ذا یرجع فقیل یرجع إلی جمیع ما تقدم ذكره من المحرمات سوی ما لا یقبل من الخنزیر(2) و الدم عن علی علیه السلام و ابن عباس.

و قیل هو استثناء من التحریم لا من المحرمات لأن المیتة لا ذكاة لها و للخنزیر فمعناه حرمت علیكم سائر ما ذكر إلا ما ذكیتم مما أحله اللّٰه لكم بالتذكیة فإنه

ص: 107


1- 1. فی المصدر: و یضرب بالسكین.
2- 2. فی المصدر: سوی ما لا یقبل الذكاة من الخنزیر.

حلال لكم انتهی (1).

و قیل الاستثناء راجع إلی الأخیر فقط.

ثم قال رحمه اللّٰه و متی قیل ما وجه التكرار فی قوله وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ إلی آخر ما عدد تحریمه مع أنه افتتح الآیة بقوله حُرِّمَتْ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ و هی تعم جمیع ذلك و إن اختلفت أسباب الموت من خنق أو ترد أو نطح أو إهلال لغیر اللّٰه به أو أكل سبع.

فالجواب أن الفائدة فی ذلك أنهم كانوا لا یعدون المیتة إلا ما مات حتف أنفه من دون شی ء من هذه الأسباب فأعلمهم اللّٰه سبحانه أن حكم الجمیع واحد و أن وجه الاستباحة هو التذكیة المشروعة فقط قال السدی إن ناسا من العرب كانوا یأكلون جمیع ذلك و لا یعدونه میتا إنما یعدون المیت الذی یموت من الوجع.

وَ ما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ أی الحجارة التی كانوا یعبدونها و هی الأوثان یعنی حرم علیكم ما ذبح علی اسم الأوثان و قیل معناه ما ذبح للأوثان تقربا إلیها و اللام و علی یتعاقبان أ لا تری إلی قوله سبحانه فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ (2) بمعنی علیك و كانوا

یقربون و یلطخون الأوثان بدمائها قال ابن جریح (3) لیست النصب أصناما إنما الأصنام ما یصور و ینقش بل كانت حجارة منصوبة حول الكعبة(4)

و كانت ثلاثمائة و ستین حجرا و قیل كانت ثلاثمائة منها لخزاعة و كانوا إذا ما ذبحوا نضحوا الدم علی ما أقبل من البیت و شرحوا الدم (5)

و جعلوه علی الحجارة فقال المسلمون یا رسول اللّٰه كان أهل الجاهلیة یعظمون البیت بالدم فنحن أحق بتعظیمه فأنزل اللّٰه

ص: 108


1- 1. مجمع البیان 3: 156- 158.
2- 2. الواقعة: 91.
3- 3. الصحیح: ابن جریج بالجیم فی أوله و آخره.
4- 4. فی المصدر: ما تصور و تنقش بل كانت احجارا منصوبة حول الكعبة.
5- 5. فی المصدر: و شرحوا اللحم.

سبحانه لَنْ یَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِنْ یَنالُهُ التَّقْوی مِنْكُمْ (1) وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ موضعه رفع أی و حرم علیكم الاستقسام بالأَزْلام و معناه طلب قسم الأَرزاق بالقِداح التی كانوا یتفأَّلون بها فی أسفارهم و ابتداء أمورهم و هی سهام كانت للجاهلیة مكتوب علی بعضها أمرنی ربی و علی بعضها نهانی ربی و بعضها غفل (2) لم یكتب علیها شی ء فإذا أرادوا سفرا أو أمرا یهتمون به ضربوا تلك القداح فإن خرج السهم الذی علیه أمرنی ربی مضی الرجل لحاجته و إن خرج الذی علیه نهانی ربی لم یمض و إن خرج ما لیس علیه شی ء أعادوها فبین اللّٰه تعالی أن العمل بذلك حرام عن الحسن و جماعة من المفسرین ثم ذكر ما سیأتی عن علی بن إبراهیم ثم قال و قیل هی كعاب فارس و الروم التی كانوا یتقامرون بها عن مجاهد و قیل الشطرنج عن سفیان بن وكیع ذلِكُمْ فِسْقٌ معناه أن جمیع ما سبق ذكره فسق أی ذنب عظیم و خروج عن طاعة اللّٰه إلی معصیته عن ابن عباس و قیل إن ذلكم إشارة إلی الاستقسام بالأزلام أی إن ذلك الاستقسام فسق و هو الأظهر انتهی (3). و قیل علی الأول و سبب التحریم أنه دخول فی علم الغیب و ضلال باعتقاد أن ذلك طریق إلیه و افتراء علی اللّٰه إن أرید بربی اللّٰه و جهالة و شرك إن أرید به الصنم و علی هذا یفهم منه تحریم الاستخارة المشهورة التی قال الأكثر بجوازها بل باستحبابها و تدل علیه الروایات فلا یكون سبب التحریم ما ذكر بل مجرد النص المخصوص و تكون الاستخارة خارجة عنه بالنص فإن الظاهر أن خصوص ما كانوا یفعلونه من اقتراح أنفسهم لا طریق إلیه شرعا و الروایات طرق شرعیة و حجة بالغة و لیس هذا مثل ذلك كذا ذكره بعض المحققین.

ص: 109


1- 1. الحجّ: 37.
2- 2. الغفل: ما لا علامة فیه من القداح و الدوابّ و غیرهما.
3- 3. مجمع البیان 3: 157 و 158.

و أقول یظهر من بعض الأخبار أیضا أنهم كانوا یضربون بالقداح عند آلهتهم و یتوسلون فی ذلك إلیهم فیمكن أن یكون كونه فسقا من هذه الجهة أیضا.

ثم إن الآیات المتعرضة بین تلك الآیات و بین قوله فَمَنِ اضْطُرَّ اعتراض بما یوجب التجنب عنها و هو أن تناولها فسوق و حرمتها من جملة الدین الكامل و النعمة التامة و الإسلام المرضی.

و أقول لا یبعد تغییر نظم الآیات عن الترتیب المنزل لدلالة الروایات المتواترة من طرق الخاصة و العامة أنها نزلت فی ولایة أمیر المؤمنین علیه السلام التی نزلت یوم الغدیر فلعلهم تعمدوا ذلك تبعیدا للأذهان عن فهم المراد.

فَمَنِ اضْطُرَّ فِی مَخْمَصَةٍ فی المجمع معناه فمن دعته الضرورة فی مجاعة حتی لا یمكنه الامتناع من أكله عن ابن عباس و غیره غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ أی غیر مائل إلی إثم و هو نصب علی الحال یعنی فمن اضطر إلی أكل المیتة و ما عدد اللّٰه تحریمه عند المجاعة الشدیدة غیر متعمد لذلك و لا مختار له و لا مستحل (1)

فإن اللّٰه سبحانه أباح تناول ذلك له قدر ما یمسك به رمقه بلا زیادة علیه عن ابن عباس و غیره و به قال أهل العراق و قال أهل المدینة یجوز أن یشبع منه عند الضرورة و قیل إن معنی قوله غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ غیر عاص بأن یكون باغیا أو عادیا أو خارجا فی معصیة عن قتادة.

فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ فی الكلام محذوف دل ما ذكر علیه و المعنی فمن اضطر إلی ما حرمت علیه غیر متجانف لإثم فأكله فإن اللّٰه غفور لذنوبه ساتر علیه أكله لا یؤاخذه به و لیس یرید أن یغفر له عقاب ذلك الأكل و لا یستحق (2)

العقاب علی فعل المباح و هو رحیم أی رفیق بعباده و من رحمته أباح لهم ما حرم علیهم فی حال الخوف علی النفس یَسْئَلُونَكَ یا محمد ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ معناه أی

ص: 110


1- 1. فی المصدر: و لا مستحل له.
2- 2. فی المصدر: لانه أباحه له و لا یستحق.

شی ء أحل لهم أی یستخبرك المؤمنون ما ذا أحل لهم من المطاعم و المآكل و قیل من الصید و الذبائح قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ منها و هی الحلال الذی أذن لكم ربكم فی أكله من المأكولات و الذبائح و الصید عن الجبائی و أبی مسلم و قیل مما لم یرد بتحریمه كتاب و لا سنة و هذا أولی لما ورد أن الأشیاء كلها علی الإطلاق و الإباحة حتی یرد الشرع بالتحریم و قال البلخی الطیبات ما یستلذ(1).

الْیَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ قال رحمه اللّٰه هذا یقتضی تحلیل كل مستطاب من الأطعمة إلا ما قام الدلیل علی تحریمه (2).

أقول: سیأتی تفسیر الآیة فی باب ذبائح الكفار إن شاء اللّٰه.

لا تُحَرِّمُوا قال فی المجمع هو یحتمل وجوها منها أن یرید لا تعتقدوا تحریمها.

و منها أن یرید لا تظهروا تحریمها.

و منها أن یرید لا تحرموها علی غیركم بالفتوی و الحكم.

و منها أن لا تجروها مجری المحرمات فی شدة الاجتناب.

و منها أن یرید لا تلتزموا تحریمها بنذر أو یمین فوجب حمل الآیة علی جمیع هذه الوجوه و الطیبات اللذیذات التی تشتهیها النفوس و تمیل إلیها القلوب و قد یقال الطیب بمعنی الحلال كما یقال یطیب له كذا أی یحل له و لا یلیق ذلك بهذا الموضع (3).

أقول: فیه نظر و قد مضی الكلام منا فیه و یحتمل أن یكون المراد بالطیب ما لم یكن فیه جهة قبح و خبث معنوی و كل ما أحله اللّٰه فهو كذلك فذكره لتعلیل الحكم فكأنه قال لا تحرموا ما أحل اللّٰه لكم فإن كل ما أحله لكم لیس فیه قبح و خباثة فلم تحرمونها علی أنفسكم.

ص: 111


1- 1. مجمع البیان 3: 159- 161.
2- 2. مجمع البیان 3: 162:
3- 3. مجمع البیان 3: 236.

وَ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قال المحقق الأردبیلی رحمه اللّٰه أی لا تحرموا علی أنفسكم ما أحل اللّٰه لكم و رزقكم و لا تجتنبوا منه تنزها بل كلوا فإن جمیع ما رزقكم اللّٰه حلال طیب فحلالا حال مبینة لا مقیدة و كذلك طیبا و یحتمل التقیید و یكون سبب التقیید ما تقدم فیما قبل من قوله لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ حیث نهی هناك عن تحریم طیبات ما أحل اللّٰه أی ما طاب و لذ منه فإنه قیل الظاهر أن قید طیبات ما أحل اللّٰه للوقوع و أنه محل للتحریم و إلا جعل جمیع ما أحل اللّٰه حراما منهیا و یحتمل أن یكون الإضافة بیانیة أیضا

وَ رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ وَصَفَ الْقِیَامَةَ لِأَصْحَابِهِ یَوْماً وَ بَالَغَ فِی إِنْذَارِهِمْ فَرَقُّوا فَاجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِی بَیْتِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَ اتَّفَقُوا عَلَی أَنْ لَا یَزَالُوا صَائِمِینَ قَائِمِینَ وَ أَنْ لَا یَأْكُلُوا اللَّحْمَ وَ لَا یَنَامُوا عَلَی الْفِرَاشِ وَ لَا یَقْرَبُوا النِّسَاءَ وَ الطِّیبَ وَ یَرْفُضُوا لَذَّاتِ الدُّنْیَا وَ یَلْبَسُوا الْمُسُوحَ أَیِ الصُّوفَ وَ یَسِیحُوا فِی الْأَرْضِ أَیْ یَسِیرُوا فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّی لَمْ أُؤْمَرْ بِذَلِكَ إِنَّ لِأَنْفُسِكُمْ عَلَیْكُمْ حَقّاً فَصُومُوا وَ أَفْطِرُوا وَ قُومُوا وَ نَامُوا فَإِنِّی أَقُومُ وَ أَنَامُ وَ أَصُومُ وَ أُفْطِرُ وَ آكُلُ اللَّحْمَ وَ الدَّسَمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِی فَلَیْسَ مِنِّی.

و الروایة مشهورة.

أو لأن النفس إلیه أمیل فهو مظنة التحریم فلا دلالة فی الآیة علی أن الرزق قد یكون حلالا و قد یكون حراما فالحرام أیضا یكون رزقا كما هو معتقد الجهال و العوام الذین یأكلون أموال الناس و یقولون هذا رزقنا اللّٰه إیاه و هو مقتضی مذهب الأشاعرة و أشار إلیه البیضاوی بأنه لو لم یقع الرزق علی الحرام لم یكن لذكر الحلال فائدة زائدة و هو خیال باطل إذ ما یحتاج ذكر كل شی ء إلی فائدة زائدة مع وجودها و هی هنا الإشارة إلی عدم معقولیة المنع بأن ذلك حلال رزقكم اللّٰه فلا معنی للتحریم و المنع.

و بالجملة القید قد یكون للكشف و البیان و قد یكون للإشارة إلی عدم معقولیة الاجتناب و أن ذلك الوصف هو الباعث لمذمة التارك و قد یكون لغیر ذلك و هنا یكفی الأولان فالآیة دلت علی عدم جواز التجاوز عن حدود اللّٰه و التشریع

ص: 112

و عدم حسن الاجتناب عما أحل اللّٰه و یحتمل أن یكون باعتقاد التحریم أو المرجوحیة فلا ینافی الترك للتزهد و لئلا یصیر سببا للنوم و الكسل و قساوة القلب و لهذا نقل أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ما أكل خبز الحنطة و لا شبع من خبز الشعیر و زهد أمیر المؤمنین علیه السلام مشهور و لكن ینبغی أن یكون ذلك باعتقاد التَأَسِّی إلا أنه إذا اجتنب لبعض الفوائد مثل كونه سببا لقلة النوم و إصلاح النفس و تذلیلها فالظاهر أنه لا بأس به مع اعتقاد الحلیة انتهی (1).

وَ قَالَ فِی الْمَجْمَعِ، رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام وَ بِلَالٍ وَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَأَمَّا عَلِیٌّ فَإِنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا یَنَامَ اللَّیْلَ أَبَداً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَ أَمَّا بِلَالٌ فَإِنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا یُفْطِرَ بِالنَّهَارِ أَبَداً وَ أَمَّا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَإِنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا یَنْكِحَ أَبَداً.

و قال ابن عباس یرید من طیبات الرزق اللحم و غیره.

وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ هذا استدعاء إلی التقوی بألطف الوجوه و تقدیره أیها المؤمنون باللّٰه لا تضیعوا إیمانكم بالتقصیر فی التقوی فتكون علیكم الحسرة العظمی و اتقوا فی تحریم ما أحل اللّٰه لكم و فی جمیع معاصیه من به تؤمنون و هو اللّٰه سبحانه و فی هاتین الآیتین دلالة علی كراهة التخلی و التفرد و التوحش و الخروج عما علیه الجمهور فی التأهل و طلب الولد و عمارة الأرض

وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله: كَانَ یَأْكُلُ الدَّجَاجَ وَ الْفَالُوذَجَ وَ كَانَ یُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَ الْعَسَلُ وَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ حُلْوٌ یُحِبُّ الْحَلَاوَةَ وَ قَالَ إِنَّ فِی بَطْنِ الْمُؤْمِنِ زَاوِیَةً لَا یَمْلَؤُهَا إِلَّا الْحَلْوَاءُ(2).

لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فی المجمع أی إثم و حرج فِیما طَعِمُوا من الخمر و المیسر قبل نزول التحریم و فی تفسیر أهل البیت علیهم السلام فیما طعموا من الحلال و هذه اللفظة صالحة للأكل و الشرب جمیعا روی عن ابن عباس

ص: 113


1- 1. زبدة البیان 621- 622 ط المكتبة المرتضویة.
2- 2. مجمع البیان: 3 236.

و أنس و ابن عازب و مجاهد و قتادة و الضحاك أنه لما نزل تحریم الخمر و المیسر قالت الصحابة یا رسول اللّٰه ما تقول فی إخواننا الذین مضوا و هم یشربون الخمر و یأكلون المیسر فأنزلت هذه الآیة و قیل إنها نزلت فی القوم الذین حرموا علی أنفسهم اللحوم و سلكوا طریق الترهب كعثمان بن مظعون و غیره فبین اللّٰه لهم أنه لا جناح فی تناول المباح مع اجتناب المحرمات إِذا مَا اتَّقَوْا شربها بعد التحریم وَ آمَنُوا باللّٰه وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أی الطاعات ثُمَّ اتَّقَوْا أی داموا علی الاتقاء وَ آمَنُوا أی داموا علی الإیمان ثُمَّ اتَّقَوْا بفعل الفرائض وَ أَحْسَنُوا بفعل النوافل و علی هذا یكون الاتقاء الأول اتقاء الشرب بعد التحریم و الاتقاء الثانی هو الدوام علی ذلك و الاتقاء الثالث اتقاء جمیع المعاصی و ضم الإحسان إلیه و قیل إن الاتقاء الأول هو اتقاء المعاصی العقلیة التی یختص المكلف و لا یتعداه و الإیمان الأول الإیمان باللّٰه تعالی و بما أوجب اللّٰه الإیمان به و الإیمان بقبح هذه المعاصی و وجوب تجنبها

و الاتقاء الثانی هو الاتقاء عن المعاصی السمعیة و الإیمان بقبحها و وجوب اجتنابها و الاتقاء الثالث یختص بمظالم العباد و ربما یتعدی إلی الغیر من الظلم و الفساد. و قال أبو علی الجبائی أن الشرط الأول یتعلق بالزمان الماضی و الشرط الثانی یتعلق بالدوام علی ذلك و الاستمرار علی فعله و الشرط الثالث یختص بمظالم العباد ثم استدل علی أن هذه الاتقاء یختص بالمظالم (1)

بقوله وَ أَحْسَنُوا فإن الإحسان إذا كان متعدیا وجب أن یكون المعاصی التی أمروا باتقائها قبله أیضا متعدیة و هذا ضعیف لأنه لا تصریح فی الآیة بأن المراد به الإحسان المتعدی و لا یمتنع أن یرید بالإحسان فعل الحسن و المبالغة فیه و إن اختص الفاعل و لا یتعداه كما یقولون لمن بالغ فی فعل الحسن أحسنت و أجملت ثم لو سلم أن المراد به الإحسان المتعدی فلم لا یجوز أن یعطف فعل متعد علی فعل لا یتعدی و لو صرح سبحانه و قال و اتقوا القبائح كلها و أحسنوا إلی غیرهم لم یمتنع و لعل أبا علی إنما عدل فی الشرط

ص: 114


1- 1. فی المصدر: بمظالم العباد.

الثالث عن ذكر الأحوال لما ظن أنه لا یمكن فیه ما أمكن فی الأول و الثانی و هذا ممكن غیر ممتنع بأن یحمل الشرط الأول علی الماضی و الثانی علی الحال و الثالث علی المنتظر المستقبل و متی قیل إن المتكلمین عندهم لا واسطة بین الماضی و المستقبل فإن الفعل إما أن یكون موجودا فیكون ماضیا و إما أن یكون معدوما فیكون مستقبلا و إنما ذكر الأحوال الثلاث النحویون فجوابه أن الصحیح أنه لا واسطة فی الوجود(1) كما ذكرت غیر أن الموجود فی أقرب الزمان لا یمتنع أن نسمیه حالا و نفرق بینه و بین الغابر السالف و الغابر المنتظر انتهی (2).

و قال بعض المحققین للإیمان درجات و منازل كما دلت علیه الأخبار الكثیرة و أوائل درجات الإیمان تصدیقات مشوبة بالشكوك و الشبه علی اختلاف مراتبها و یمكن معها الشرك وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (3) و عنها یعبر بالإسلام فی الأكثر قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِكُمْ (4) و أواسطها تصدیقات لا یشوبها شك و لا شبهة الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتابُوا(5) و أكثر إطلاق الإیمان علیها خاصة إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ (6) و أواخرها تصدیقات كذلك مع كشف و شهود و ذوق و عیان و محبة كاملة لله سبحانه و شوق تام إلی حضرته المقدسة یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْكافِرِینَ یُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لا یَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ

ص: 115


1- 1. فی المصدر: لا واسطة فی الوجود بین المعدوم و الموجود.
2- 2. مجمع البیان 3: 240 و 24.
3- 3. یوسف: 106.
4- 4. الحجرات: 14.
5- 5. الحجرات: 15.
6- 6. الأنفال: 2.

یَشاءُ(1) و عنها العبارة تارة بالإحسان الإحسان أن تعبد اللّٰه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه یراك و أخری بالإیقان وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ (2) و إلی المراتب الثلاثة الإشارة بقوله عز و جل لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِیما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ (3) و إلی مقابلاته التی هی مراتب الكفر الإشارة بقوله جل و عز إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ یَكُنِ اللَّهُ لِیَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِیَهْدِیَهُمْ سَبِیلًا(4) أقول و سیأتی تحقیق ذلك فی كتاب الإیمان و الكفر.

و قال الرازی فإن قیل لم شرط رفع الجناح علی التناول المطعومات بشرط الإیمان و التقوی مع أن من المعلوم أن من لم یؤمن و من لم یتق ثم تناول شیئا من المباحات فإنه لا جناح علیه فی ذلك التناول بلی علیه جناح فی ترك الإیمان و فی ترك التقوی قلنا لیس هذا للاشتراط بل لبیان أن أولئك الأقوام الذین نزلت فیهم هذه الآیة كانوا علی هذه الصفة ثناء علیهم (5).

و قال الطبرسی و الأَجَلُّ المرتضی علی بن الحسین الموسوی قدس اللّٰه روحه ذكر فی بعض مسائله أن المفسرین تشاغلوا بإیضاح الوجه فی التكرار الذی تضمنه هذه الآیة و ظنوا أنه المشكل فیها و تركوا ما هو أشد إشكالا من التكرار و هو أنه تعالی نفی الجناح عن الذین آمنوا و عملوا الصالحات فیما یطعمونه بشرط الاتقاء و الإیمان و عمل الصالحات و الإیمان و عمل الصالحات لیس بشرط فی نفی الجناح فإن المباح إذا وقع من الكافر فلا إثم علیه و لا وزر.

ص: 116


1- 1. المائدة: 54.
2- 2. البقرة: 4.
3- 3. المائدة: 93.
4- 4. النساء: 137.
5- 5. تفسیر الرازیّ.

و قال و لنا فی حل هذه الشبهة طریقان أحدهما أن یضم إلی المشروط المصرح بذكره غیره حتی یظهر تأثیر ما شرط فیكون تقدیر الآیة لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِیما طَعِمُوا و غیره إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لأن الشرط فی نفی الجناح لا بد من أن یكون له تأثیر حتی یكون متی انتفی ثبت الجناح و قد علمنا أن باتقاء المحارم ینتفی الجناح فیما یطعم فهو الشرط الذی لا زیادة علیه و لما ولی ذكر الاتقاء الإیمان و عمل الصالحات و لا تأثیر لهما فی نفی الجناح علمنا أنه أضمر ما تقدم ذكره لیصح الشرط و یطابق المشروط لأن من اتقی الحرام فیما لا یطعم لا جناح علیه فیما یطعمه و لكنه قد یصح أن یثبت علیه الجناح فیما أخل به من واجب أو ضیعة من فرض فإذا شرطنا أنه وقع اتقاء القبیح ممن آمن باللّٰه و عمل الصالحات ارتفع الجناح عنه من كل وجه و لیس بمنكر حذف ما ذكرناه لدلالة الكلام علیه فمن عادة العرب أن یحذفوا ما یجری هذا المجری و یكون قوة الدلالة علیه مغنیة عن النطق به و مثله قول الشاعر

تراه كان اللّٰه یجدع أنفه***و عینیه إن مولاه بات (1) له و فر.

لما كان الجدع لا یلیق بالعین و كانت معطوفة علی الأنف الذی یلیق الجدع به أضمر ما یلیق بالعین من الفقوء و ما جری مجراه (2).

و الطریق الثانی هو أن یجعل الإیمان و عمل الصالحات هنا لیس بشرط حقیقی و إن كان معطوفا علی الشرط فكأنه تعالی لما أراد أن یبین وجوب الإیمان و عمل الصالحات عطفه علی ما هو واجب من اتقاء المحارم لاشتراكهما فی الوجوب و إن لم یشتركا فی كونهما شرطا فی نفی الجناح فیما یطعم و هذا توسع فی البلاغة یحار فیه العقل استحسانا و استغرابا انتهی كلامه رحمه اللّٰه.

و قد قیل أیضا فی الجواب فی ذلك أن المؤمن یصح أن یطلق علیه أنه لا جناح علیه و الكافر مستحق للعقاب مغمور فلا یطلق علیه هذا اللفظ و أیضا فإن الكافر قد سد

ص: 117


1- 1. فی المصدر: ثاب له وفر.
2- 2. فی المصدر: من البخص و ما یجری مجراه.

علی نفسه طریق معرفة التحلیل و التحریم فلذلك خص المؤمن بالذكر. و قوله وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ أی یرید ثوابهم و إجلالهم و إكرامهم و تجلیلهم

وَ یُرْوَی: أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ الْخَمْرَ فِی أَیَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَرَادَ أَنْ یُقِیمَ عَلَیْهِ الْحَدَّ فَقَالَ لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ الْآیَةَ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ یَدْرَأَ عَنْهُ الْحَدَّ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَدِیرُوهُ عَلَی الصَّحَابَةِ فَإِنْ لَمْ یَسْمَعْ أَحَداً مِنْهُمْ قَرَأَ عَلَیْهِ آیَةَ التَّحْرِیمِ فَادْرَءُوا عَنْهُ الْحَدَّ وَ إِنْ كَانَ قَدْ سَمِعَ فَاسْتَتِیبُوهُ وَ أَقِیمُوا عَلَیْهِ الْحَدَّ فَإِنْ لَمْ یَتُبْ وَجَبَ عَلَیْهِ الْقَتْلُ (1).

و أقول یمكن أن یقال فی جواب الشبهة التی أوردها السید رضی اللّٰه عنه لا نسلم أن المباح علی الكفار مباح و یمكن أن تكون الإباحة مشروطة بالإیمان كما أن صحة العبادات مشروطة به كما یظهر من كتاب أمیر المؤمنین علیه السلام إلی أهل مصر مع محمد بن أبی بكر و غیره من الأخبار أن اللّٰه لا یحاسب المؤمن علی لذات الدنیا و یحاسب غیره علیها و إنما أباحها للمؤمنین فالمراد بعمل الصالحات ولایة الأئمة علیهم السلام و بالتقوی ترك الأطعمة المحرمة فیستفاد من الآیة عدم الجناح علی المؤمنین فی أی شی ء أكلوا و شربوا إذا اجتنبوا المأكولات و المشروبات المحرمة و ثبوت الجناح علی المؤمنین إذا أكلوا و شربوا الحرام و علی غیرهم مطلقا لعدم حصول شرط الإباحة فیهم و یحتمل علی وجه بعید أن یكون المراد أن صرف المستلذات لا یضر لمن كمل إیمانه و إنما یضر الناقصین الذین یصیر ذلك سببا لطغیان نفوسهم و غلبة الشهوات المحرمة علیهم فالریاضات البدنیة مستحبة مطلوبة لأمثال هؤلاء لتكمیل نفوسهم و إخراج الشهوات و حب اللذات عن قلوبهم.

قُلْ لا یَسْتَوِی الْخَبِیثُ وَ الطَّیِّبُ قال فی المجمع (2)

لما بین سبحانه الحلال و الحرام بین أنهما لا یستویان فقال سبحانه قُلْ یا محمد لا یَسْتَوِی أی لا یتساوی الْخَبِیثُ وَ الطَّیِّبُ أی الحرام و الحلال عن الحسن و الجبائی و قیل الكافر و المؤمن

ص: 118


1- 1. مجمع البیان 3: 240- 242.
2- 2. مجمع البیان 3: 249.

عن السدی وَ لَوْ أَعْجَبَكَ أیها السامع أو أیها الإنسان كَثْرَةُ الْخَبِیثِ أی كثرة ما تراه من الحرام لأنه لا یكون فی الكثیر من الحرام بركة و یكون فی القلیل من الحلال بركة و قیل إن الخطاب للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و المراد أمته فَاتَّقُوا اللَّهَ أی فاجتنبوا ما حرم اللّٰه علیكم یا أُولِی الْأَلْبابِ یا ذوی العقول لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أی لتفلحوا و تفوزوا بالثواب العظیم و النعیم المقیم انتهی.

و أقول یمكن تعمیم الطیب و الخبیث بحیث یشمل كل ما فیه جهة خبث و رداءة واقعیة سواء كان إنسانا أو مالا أو مأكولا أو مشروبا فإنه لا یستوی مع الطیب الطاهر من ذلك الجنس و إن كان الخبیث أكثر أی لیس مدار القبول و الكمال علی الكثرة بل علی الحسن و الطیب الواقعیین و لا یخفی أنه لا یدخل فیهما الخبیث و الطیب الذین اصطلح علیهم الأصحاب من كون الشی ء مرغوبا للناس أو عدمه ما حرم علیكم أی بقوله حُرِّمَتْ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَیْهِ مما حرم علیكم فإنه أیضا حلال حال الضرورة وَ إِنَّ كَثِیراً لَیُضِلُّونَ بتحلیل الحرام و تحریم الحلال بِأَهْوائِهِمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ أی بتشهیهم بغیر تعلق بدلیل یفید العلم إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِینَ أی المتجاوزین الحق إلی الباطل و الحلال إلی الحرام.

أقول: و یدل علی أن الأصل فی المأكولات لا سیما فی الذبائح الحل و لا یجوز الحكم بالتحریم إلا بدلیل و إنه تحل المحرمات عند الضرورة أی ضرورة كانت.

هُوَ الَّذِی أَنْشَأَ فی المجمع أی خلق و ابتدأ علی مثال (1) جَنَّاتٍ أی بساتین فیها الأشجار المختلفة مَعْرُوشاتٍ مرفوعات بالدعائم قیل هو ما عرشه من الكروم و نحوها عن ابن عباس و قیل عرشها أن یجعل لها حظائر كالحیطان وَ غَیْرَ مَعْرُوشاتٍ یعنی ما خرج من قبل نفسه فی البراری و الجبال من أنواع الأشجار عن ابن عباس و قیل غیر مرفوعات بل قائمة علی أصولها مستغنیة عن التعریش وَ النَّخْلَ

ص: 119


1- 1. فی المصدر: خلق و ابتدع لا علی مثال.

وَ الزَّرْعَ أی أنشأ النخل و الزرع مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ أی طعمه و قیل ثمره و قیل هذا وصف للنخل و الزرع جمیعا فخلق سبحانه بعضها مختلف اللون و الطعم و الرائحة و الصورة و بعضها مختلفا فی الصورة متفقا فی الطعم و بعضها مختلفا فی الطعم متفقا فی الصورة و كل ذلك یدل علی توحیده و علی أنه قادر علی ما یشاء عالم بكل شی ء وَ الزَّیْتُونَ وَ الرُّمَّانَ مُتَشابِهاً(1) فی الطعم و اللون و الصورة وَ غَیْرَ مُتَشابِهٍ إذا أثمر فیها و إنما قرن الزیتون إلی الرمان لأنهما متشابهان باكتنان (2) الأوراق فی أغصانها كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ

إِذا أَثْمَرَ المراد به الإباحة و إن كان بلفظ الأمر قال الجبائی و جماعة هذا یدل علی جواز الأكل من الثمر و إن كان فیه حق الفقراء انتهی (3). و أقول الضمیر فی ثمره راجع إلی كل من المذكورات فیدل علی إباحة الجمیع مع أن ذكرها فی مقام الامتنان أیضا یدل علی ذلك وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصادِهِ قیل هی الزكاة و فی أخبارنا أنه غیر الزكاة و سیأتی إن شاء اللّٰه فی محله وَ لا تُسْرِفُوا أی فی الإتیان و الصدقة أو فی الأكل قبل الحصاد أو مطلقا و قیل أی لا تنفقوا فی المعصیة و قد مر تفسیر سائر الآیات فی باب الأنعام إلی قوله تعالی قُلْ لا أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ أی طعاما محرما علی آكل یأكله و المراد بالوحی ما فی القرآن أو الأعم و فیه تنبیه علی أن لا تحریم إلا بوحی لا بغیره فإنه لا ینطق عن الهوی إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحی إِلَّا أن یكون الطعام مَیْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی مصبوبا و إنما خص المصبوب بالذكر لأن ما یختلط باللحم منه مما لا یمكن تخلیصه منه معفو مباح (4) أَوْ لَحْمَ خِنزِیرٍ إنما خص الأشیاء الثلاثة هنا بذكر التحریم مع أن غیرها محرم فإنه سبحانه ذكر فی المائدة تحریم المُنْخَنِقَةِ و المَوْقُوذَةِ و المُتَرَدِّیَةِ و النَّطِیحَةِ و غیرها لأن جمیع ذلك

ص: 120


1- 1. فی المصدر:« و الزیتون و الرمان» أی و أنشأ الزیتون و الرمان« متشابها».
2- 2. فی النسخة المخطوطة:« باكثار» و فی المصدر: باكتناز.
3- 3. مجمع البیان 4: 374 و 375.
4- 4. فی المصدر: معفو عنه مباح.

یقع علیه اسم المیتة فیكون فی حكمها فأجمل هاهنا و فصل هناك و أجود من هذا أن یقال خص هذه الأشیاء بالتحریم تعظیما لحرمتها و بین تحریم ما عداها فی مواضع أخر إما بنص القرآن أو بوحی غیر القرآن و أیضا فإن هذه السورة مكیة و المائدة مدنیة فیجوز أن یكون غیر ما فی الآیة من المحرمات إنما حرم فیما بعد و المیتة عبارة عما كان فیه حیاة ففقدت من غیر تذكیة شرعیة فَإِنَّهُ رِجْسٌ أی نجس و الرجس اسم لكل شی ء مستقذر منفور عنه و الرجس أیضا العذاب و الهاء فی قوله فَإِنَّهُ عائد إلی ما تقدم ذكره انتهی (1).

و قیل الضمیر راجع إلی الخنزیر أو لحمه و قذارته لتعوده أكل النجاسة.

أَوْ فِسْقاً قال البیضاوی عطف علی لحم خنزیر و ما بینهما اعتراض للتعلیل أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ صفة له موضحة و إنما سمی ما ذبح علی اسم الصنم فسقا لتوغله فی الفسق و یجوز أن یكون فسقا مفعولا له من أهل و هو عطف علی یكون و المستكن فیه راجع إلی ما رجع إلیه المستكن فی یكون (2) وَ عَلَی الَّذِینَ هادُوا أی علی الیهود فی أیام موسی علیه السلام حَرَّمْنا كُلَّ ذِی ظُفُرٍ فی المجمع اختلف فی معناه فقیل هو كل ما لیس بمُنْفَرِجِ الأَصَابع كالإبل و النَّعام و الإِوَّز و البَطِّ عن ابن عباس و ابن جبیر و غیرهما و قیل هو الإبل فقط و قیل یدخل فیه كل السباع و الكلاب و السنانیر و ما یصطاد بظفره و قیل كل ذی مخلب من الطیر و كل ذی حافر من الدواب وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ شُحُومَهُما من الثرب (3) و شحم الكلی و غیر ذلك إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما من الشحم

و هو اللحم السمین فإنه لم یحرم علیهم أَوِ الْحَوایا أی ما حملته الحوایا من الشحم و الحوایا هی المباعر و قیل هی بنات اللبن و قیل هی الأمعاء التی علیها الشحوم (4).

ص: 121


1- 1. مجمع البیان 4: 378.
2- 2. أنوار التنزیل:
3- 3. الثرب: الشحم الرقیق الذی علی الكرش و الامعاء.
4- 4. مجمع البیان 4: 379.

و قال البیضاوی هی جمع حاویة أو حاویاء كقاصعاء و قواصع أو حویة كسفینة و سفائن و قیل هو عطف علی شحومهما و أو بمعنی الواو(1).

أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ فی الكشاف و غیره هو شحم الألیة لاتصالها بالعُصْعُص (2) و قیل المُخُّ و فی الكنز هو شحم الجَنْب و الأَلْیَة لأنها مركبة علی العصعص و دخول شحم الجنب فیما حملت الظهور أظهر و قیل و فی الآیة دلالة علی حل هذه الأشیاء فی شریعتنا و إلا لما كان لتخصیص الیهود بالتحریم معنی و یدل أیضا علی التخصیص قوله سبحانه ذلِكَ جَزَیْناهُمْ بِبَغْیِهِمْ مع معاونة قرائن لا تخفی (3).

وَ إِنَّا لَصادِقُونَ فی المجمع أی فی الإخبار عن التحریم و عن بغیهم و فی كل شی ء و فی أن ذلك التحریم عقوبة لأوائلهم و مصلحة لما بعدهم إلی وقت النسخ (4).

و قال رحمه اللّٰه فی قوله وَ لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِی الْأَرْضِ أی مكناكم من التصرف فیهما و ملكناكموها و جعلناها لكم قرارا وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِیها مَعایِشَ أی ما تعیشون به من أنواع الرزق و وجوه النعم و المنافع و قیل یرید المكاسب و الإقدار علیها بالعلم و القدرة و الآلات قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ أی أنتم مع هذه النعم التی أنعمناها علیكم لتشكروا قد قل شكركم (5) وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا صورته صورة الأمر و المراد به الإباحة و هو عام فی جمیع المباحات وَ لا تُسْرِفُوا أی و لا تجاوزوا الحلال إلی الحرام قال مجاهد لو أنفقت مثل أحد فی طاعة اللّٰه لم تكن مسرفا و لو أنفقت درهما أو مدا فی معصیة اللّٰه لكان إسرافا و قیل معناه لا تخرجوا عن حد الاستواء فی زیادة المقدار

ص: 122


1- 1. أنوار التنزیل:
2- 2. العصعص: عظم الذنب.
3- 3. الكشّاف،.
4- 4. مجمع البیان 4: 379 فیه: لمن بعدهم.
5- 5. مجمع البیان 4: 400.

و قد حكی أن الرشید كان له طبیب نصرانی حاذق فقال ذات یوم لعلی بن الحسین بن واقد لیس فی كتابكم من علم الطب شی ء و العلم علمان علم الأدیان و علم الأبدان فقال له علی قد جمع اللّٰه الطب كله فی نصف آیة من كتابه و هو قوله كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا و جمع نبینا صلی اللّٰه علیه و آله الطب فی قوله المعدة بیت الداء و الحمیة رأس كل دواء و أعط كل بدن ما عودته فقال الطبیب ما ترك كتابكم و لا نبیكم لجالینوس طبا.

و قیل معناه لا تأكلوا محرما و لا باطلا علی وجه لا یحل و أكل الحرام و إن قل إسراف و مجاوزة الحد و ما استقبحه العقلاء و عاد بالضرر علیكم فهو إسراف أیضا لا یحل كمن یطبخ القدر بماء الورد و یطرح فیها المسك و كمن لا یملك إلا دینار فاشتری به طیبا و تطیب به و ترك عیاله محتاجین إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفِینَ أی یبغضهم.

و لما حث سبحانه علی تناول الزینة عند كل مسجد و ندب إلیه و أباح الأكل و الشرب و نهی عن الإسراف و كان قوم من العرب یحرمون كثیرا من هذا الجنس حتی أنهم كانوا یحرمون السمون و الإبان فی الإحرام و كانوا یحرمون السوائب و البحائر أنكر عز اسمه ذلك علیهم فقال قُلْ یا محمد مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ أی من حرم الثیاب التی یتزین بها الناس مما أخرجها اللّٰه من الأرض لعباده وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قیل هی المستلذات من الرزق و قیل هی المحللات و الأول أظهر لخلوصها یوم القیامة للمؤمنین قُلْ هِیَ لِلَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا خالِصَةً یَوْمَ الْقِیامَةِ قال ابن عباس یعنی أن المؤمنین یشاركون المشركین فی الطیبات فی الدنیا فأكلوا من طیبات طعامهم و لبسوا من جیاد ثیابهم و نكحوا من صالح نسائهم ثم یخلص اللّٰه الطیبات فی الآخرة للذین آمنوا و لیس للمشركین فیها شی ء و قیل معناه قل هی فی الحیاة الدنیا للذین آمنوا غیر خالصة من الهموم و الأحزان و المشقة

ص: 123

و هی خالصة یوم القیامة عن ذلك كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ أی كما نمیز لكم الآیات و ندلكم بها علی منافعكم و صلاح دینكم كذلك نفصل الآیات لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ انتهی (1).

و أقول یمكن أن یكون تقدیر الآیة هی للذین آمنوا مخصوصة بهم و خلقناها لهم حال كونها خالصة لهم یوم القیامة أی یشركهم الكفار و المخالفون فی الدنیا غصبا و خالصة لهم فی القیامة لا یشركونهم فیها فیؤید ما ذكرنا فی قوله تعالی لَیْسَ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا الآیة و كأنه یومی إلی هذا ما ذكره أمیر المؤمنین فی كتابه إلی أهل مصر و اعلموا عباد اللّٰه أن المتقین حازوا عاجل الخیر و آجله شاركوا أهل الدنیا علی دنیاهم و لم یشاركهم أهل الآخرة فی آخرتهم أباحهم اللّٰه فی الدنیا ما كفاهم و به أغناهم قال اللّٰه عز اسمه قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الآیة قال الرازی هی للذین آمنوا فی الحیاة الدنیا غیر خالصة لهم لأن المشركین شركاؤهم فیها خالصة یوم القیامة لا یشركهم فیها أحد فإن قیل هلا قیل للذین آمنوا و لغیرهم قلنا للتنبیه علی أنها خلقت للذین آمنوا علی طریق الأصالة و أن الكفرة تبع لهم كقوله وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِیلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلی عَذابِ النَّارِ ثم قال قرأ نافع خالصة بالرفع و الباقون بالنصب قال الزجاج الرفع علی أنه خبر بعد خبر و المعنی قل هی ثابتة للذین آمنوا خالصة یوم القیامة.

قال أبو علی یجوز أن یكون خالصة خبر المبتدإ و قوله لِلَّذِینَ آمَنُوا متعلقا بخالصة و التقدیر هی خالصة للذین آمنوا فی الحیاة الدنیا و أما النصب فعلی الحال و المعنی أنها ثابتة للذین آمنوا فی حال كونها خالصة لهم یوم القیامة انتهی (2).

وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ بِإِسْنَادِهِ (3) عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ أَوِ الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ قَالَ: قُلْتُ

ص: 124


1- 1. مجمع البیان 4: 413.
2- 2. تفسیر الرازیّ.
3- 3. و الاسناد هكذا: محمّد بن یحیی عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن عبد اللّٰه بن أحمد عن علیّ بن النعمان عن صالح بن حمزة عن أبان بن مصعب عن یونس بن ظبیان.

لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَعَثَ جَبْرَئِیلَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَخْرِقَ بِإِبْهَامِهِ ثَمَانِیَةَ أَنْهَارٍ فِی الْأَرْضِ مِنْهَا سَیْحَانُ وَ جَیْحُونُ وَ هُوَ نَهَرُ بَلْخَ وَ الْخُشُوعُ وَ هُوَ نَهَرُ الشَّاشِ وَ مِهْرَانُ وَ هُوَ نَهَرُ الْهِنْدِ وَ نِیلُ مِصْرَ وَ دِجْلَةُ وَ الْفُرَاتُ فَمَا سَقَتْ أَوِ اسْتَقَتْ فَهُوَ لَنَا وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِشِیعَتِنَا وَ لَیْسَ لِعَدُوِّنَا مِنْهَا شَیْ ءٌ إِلَّا مَا غُصِبَ عَلَیْهِ وَ إِنَّ وَلِیَّنَا لَفِی أَوْسَعَ فِیمَا بَیْنَ ذِهْ إِلَی ذِهْ یَعْنِی بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ هِیَ لِلَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا الْمَغْصُوبِینَ عَلَیْهَا خالِصَةً لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ بِلَا غَصْبٍ (1).

ثم قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی هذه الآیة دلالة علی جواز لبس الثیاب الفاخرة و أكل الأطعمة الطیبة من الحلال.

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ عَلِیِّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام: أَنَّهُ كَانَ یَشْتَرِی كِسَاءً بِخَمْسِینَ دِینَاراً فَإِذَا أَصَافَ (2)

تَصَدَّقَ بِهِ لَا یَرَی بِذَلِكَ بَأْساً وَ یَقُولُ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الْآیَةَ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ یُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ عَلَیْهِ جُبَّةُ خَزٍّ وَ طَیْلَسَانُ خَزٍّ فَنَظَرَ إِلَیَّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا خَزٌّ مَا تَقُولُ فِیهِ فَقَالَ وَ مَا بَأْسٌ بِالْخَزِّ قُلْتُ وَ سَدَاهُ إِبْرِیسَمٌ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فَقَدْ أُصِیبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ عَلَیْهِ جُبَّةُ خَزٍّ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا بَعَثَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْخَوَارِجِ لَبِسَ أَفْضَلَ ثِیَابِهِ وَ تَطَیَّبَ بِأَطْیَبِ طِیبِهِ وَ رَكِبَ أَفْضَلَ مَرَاكِبِهِ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ فَوَاقَفَهُمْ قَالُوا یَا ابْنَ عَبَّاسٍ بَیْنَا أَنْتَ خَیْرُ النَّاسِ إِذَا أَتَیْتَنَا فِی لِبَاسِ الْجَبَابِرَةِ وَ مَرَاكِبِهِمْ فَتَلَا هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ إِلَی آخِرِهَا فَالْبَسْ وَ تَجَمَّلْ فَإِنَّ اللَّهَ جَمِیلٌ وَ یُحِبُّ الْجَمَالَ وَ لْیَكُنْ مِنَ الْحَلَالِ.

و فی هذه الآیة أیضا دلالة علی أن الأشیاء علی الإباحة لقوله تعالی مَنْ

ص: 125


1- 1. أصول الكافی 1: 409.
2- 2. أی دخل فی الصیف.

حَرَّمَ فالسمع ورد مؤكدا لما فی العقل انتهی (1).

ثم حصر سبحانه المحرمات بقوله قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْیَ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ أَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ و كأنه إشارة إلی أن أكل الطیبات و التمتع بالمستلذات المحللة لیس بحرام بل الحكم بكونه حراما حرام لأنه قول علی اللّٰه بغیر علم.

و قیل الفواحش جمیع القبائح و الكبائر ما علن منها و ما خفی و قیل هی الزنا و قیل الطواف عاریا و قیل الإثم الذنوب و المعاصی و قیل ما دون الحد و قیل الخمر و البغی الظلم و الفساد و قوله بِغَیْرِ الْحَقِ تأكید.

قوله سبحانه وَ یُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ فی مجمع البیان معناه یبیح لهم المستلذات الحسنة و یحرم علیهم القبائح و ما تعافه الأنفس و قیل یحل لهم ما اكتسبوه من وجه طیب و یحرم علیهم ما اكتسبوه من وجه خبیث و قیل یحل لهم ما حرمه علیهم رهابینهم (2) و أحبارهم و ما كان یحرمه أهل الجاهلیة من البحائر و السوائب و یحرم علیهم المیتة و الدم و لحم الخنزیر و ما ذكر معها انتهی (3).

و أقول استدل أكثر أصحابنا علی تحریم كثیر من الأشیاء التی تستقذرها طباع أكثر الخلق بهذه الآیة و فیه نظر إذ الظاهر من سیاق الآیة مدح النبی صلی اللّٰه علیه و آله و شریعته بأن ما یحل لهم هو طیب واقعا و إن لم نفهم طیبه و ما یحرم علیهم هو الخبیث واقعا و إن لم نعلم خبثه كالطعام اللذیذ الذی عمل من مال السرقة تستلذه الطباع و هو خبیث واقعا و أكثر الأدویة التی یحتاج الناس إلیها فی غایة البشاعة و النكارة و تستقذرها الطباع و لم أر قائلا بتحریمها فالحمل علی المعنی الذی لا یحتاج إلی تخصیص و یكون موافقا لقواعد الإمامیة من الحسن و القبح العقلیین أولی من الحمل علی معنی یحتاج إلی تخصیصات كثیرة بل ما یخرج عنهما أكثر مما یدخل فیهما

ص: 126


1- 1. مجمع البیان 4: 413.
2- 2. جمع البرهان.
3- 3. مجمع البیان 4: 487.

كما لا یخفی علی من تتبع مواردهما و یمكن أن یقال هذه الآیة كالصریحة فی الحسن و القبح العقلیین و لم یستدل بها الأصحاب رضی اللّٰه عنهم.

و قال الشهید الثانی رفع اللّٰه درجته فی المسالك و الطیب یطلق علی الحلال قال تعالی كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ أی من الحلال و علی الطاهر قال تعالی فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً(1) أی طاهرا و علی ما لا أذی فیه كالزمان الذی لا حر فیه و لا برد یقال هذا زمان طیب و ما تستطیبه النفس و لا تنفر منه كقوله تعالی یَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ (2) إذ لیس المراد منها هنا الحلال لعدم الفائدة فی الجواب علی تقدیره لأنهم سألوه أن یبین لهم الحلال فلا یقول فی الجواب الحلال و لا الطاهر لأنه إنما یعرف من الشرع توقیفا و لا ما لا أذی فیه لأن المأكول لا یوصف به فتعین المراد ردهم إلی ما یستطیبونه و لا یستخبثونه لردهم

إلی عادتهم و ما هو مقرر فی طباعهم و لأن ذلك هو المتبادر من معنی الطیب عرفا و فی الأخبار ما ینبه علیه و المراد بالعرف الذی یرجع إلیه فی الاستطابة عرف الأوساط من أهل الیسار فی حالة الاختیار دون أهل البوادی و ذوی الاضطرار من جفاة العرب فإنهم یستطیبون ما دب و درج كما سئل بعضهم مما یأكلون فقال كل ما دب و درج إلا أم جنین فقال بعضهم لیهن أم جنین العافیة لكونها أمنت أن تؤكل هذا خلاصة ما قرره الشیخ فی المبسوط و غیره إلا أنه فصل أولا المحلل إلی حیوان و غیره و قسم الحیوان إلی حی و غیره و قال ما كان من الحیوان حیا فهو حرام حیث لم یرد به الشرع محتجا بأن ذبح الحیوان محظور و ما كان من الحیوان غیر حی أو من غیره فهو علی أصل الإباحة و فی استثناء الحیوان الحی من ذلك نظر لعموم الأدلة و الاستناد إلی تحریم ذبحه بدون الشرع فی حیز المنع فهذا هو الأصل الذی یرجع إلیه فی باب الأطعمة انتهی (3).

ص: 127


1- 1. النساء: 43.
2- 2. المائدة: 4.
3- 3. المسالك.

و أقول قد عرفت ضعف بعض هذا الكلام فیما مضی و نقول أیضا قوله لیس المراد الحلال فی محل المنع لاحتمال أن یكون اللام للعهد أی ما بینا لكم حله ثم ذكر سائر المحللات بعده و ذكره لعنوان الطیبات لبیان أن ما أحللناه لكم هو الطیب واقعا فكذا ما أحللناه لكم و قوله لأنه إنما یعرف من الشرع لا یصلح دلیلا لعدم حمل الجواب علیه بعد بیان اللّٰه فی كتابه و علی لسان نبیه النجاسات فیفید أن غیر النجاسات المنصوص علیها حلال و ما خرج عنها بدلیل ثم قوله لأن المأكول لا یوصف به فی محل المنع لأن كثیرا من المأكولات و المشروبات تفسد العقل أو البدن و أیضا حصر معنی الطیب فیما ذكره ممنوع إذ یحتمل أن یكون المراد بالطیب ما لم یكن فیه خبث معنوی و قبح واقعی لتضمنه ضررا دینیا أو دنیویا و إن أمكن إرجاعه إلی ما لا أذی فیه.

وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ یحتمل بعض الوجوه المتقدمة فأخرج لكم من الثمرات رزقا لكم إنما قال مِنَ الثَّمَراتِ لأن جمیعها لا تصلح لذلك و یحتمل البیان.

قال البیضاوی رزقا لكم تعیشون به و هو یشمل المطعوم و الملبوس و هو مفعول أخرج و مِنَ الثَّمَراتِ بیان أو حال منه و یحتمل عكس ذلك و یجوز أن یراد به المصدر فینصب بالعلة أو المصدر لأن أخرج فی معنی رزق.

وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِیَ فِی الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ أی بمشیته إلی حیث توجهتم وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ فجعلها معدة لانتفاعكم و تصرفكم و قیل تسخیرها هذه الأشیاء تعلیم كیفیة اتخاذها(1).

و أقول الآیة علی حل ثمرات ما یخرج من الأرض و جواز الانتفاع بها أكلا و شربا و لبسا و علی جواز اتخاذ الفلك و ركوبها و علی جواز الشرب من الأنهار و الوضوء و الغسل و سائر الانتفاعات بها إلا ما أخرجه الدلیل و كذا سقی الزروع و الأشجار و رشها علی الأرض و غیر ذلك من الانتفاعات التی لم یرد نهی عنها

ص: 128


1- 1. أنوار التنزیل:

و جعلنا لكم قبلها(1) وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَیْنا فِیها رَواسِیَ وَ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْزُونٍ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِیها مَعایِشَ تعیشون بها و فی المجمع أی خلقنا لكم فی الأرض معایش من زرع أو نبات و قیل معناه أی مطاعم و مشارب تعیشون بها و قیل هی التصرف فی أسباب الرزق فی مدة الحیاة وَ مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِینَ یعنی العبید و الدواب یرزقهم اللّٰه تعالی و لا ترزقونهم (2).

و قال البیضاوی عطف علی معایش أو محل لكم.

فَأَسْقَیْناكُمُوهُ أی جعلناه لكم سقیا وَ ما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِینَ أی بحافظین و لا محرزین بل اللّٰه یحفظه ثم یرسله من السماء ثم یحفظه فی الأرض ثم یخرجه من العیون بقدر الحاجة(3).

وَ إِنَّ لَكُمْ فِی الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً قال البیضاوی أی دلالة یعبر بها من الجهل إلی العلم نُسْقِیكُمْ مِمَّا فِی بُطُونِهِ استئناف لبیان العبرة و إنما ذكر الضمیر و وحده هنا للفظه و أنثه فی سورة المؤمنین للمعنی فإن الأنعام اسم جمع و من قال إنه جمع نَعَم جعل الضمیر للبعض فإن اللبن لبعضها دون جمیعها أو الواحدة أو له علی المعنی فإن المراد به الجنس و قرأ جماعة بالفتح مِنْ بَیْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً فإنه یخلق من بعض الأجزاء الدم المتولد من الأجزاء اللطیفة التی فی الفرث و هی الأشیاء المأكولة المنهضمة بعض الانهضام فی الكرش و عن ابن عباس أن البهیمة إذا انعلفت و انطبخ العلف فی كرشها كان أسفله فرثا و أوسطه لبنا و أعلاه دما و لعله إن صح فالمراد أن وسطه یكون مادة اللبن و أعلاه مادة الدم الذی یغذی البدن لأنهما لا یتكونان فی الكَرِش و یبقی ثُفْلُهُ و هو الفَرْثُ ثم یمسكها ریثما یهضمها هضما ثانیا فیحدث أخلاط أربعة معها مائیة فیمیز القوة الممیزة تلك المائیة مما زاد علی قدر الحاجة من المریتین و تدفعها إلی الكلیة و المَرارة و الطِّحال ثم یوزع الباقی علی الأعضاء بتجبنها فیجری

ص: 129


1- 1. هكذا فی النسخ و لعلّ الصحیح: جعلنا لكم قبلها الأرض.
2- 2. مجمع البیان 6: 333.
3- 3. أنوار التنزیل:

إلی كل حقه علی ما یلیق به بتقدیر الحكیم العلیم ثم إن كان الحیوان أنثی زاد أخلاطها علی قدر غذائها لاستیلاء البرودة و الرطوبة علی مزاجها فیندفع الزائد أولا إلی الرحم لأجل الجنین فإذا انفصل انْصَبَّ ذلك الزائد أو بعضه إلی الضروع فیَبِیضُ بمجاورة لحومها البیض فیصیر لبنا و من تدبر صُنع اللّٰه فی إحداث الأَخلاط و الأَلبان و إِعداد مَقَارِّها و مَجاریها و الأسباب المُوَلِّدة و القوی المتصرفة فیها كل وقت علی ما یلیق اضطر إلی الإقرار بكمال حكمته و سبوغ رحمته و من الأولی تبعیضیة لأن اللبن بعض ما فی بطنها و الثانیة ابتدائیة كقولك سقیت من الحوض لأن بین الفرث و الدم المحل الذی یبتدئ منه الاستسقاء و هی متعلقة بنسقیكم أو حال من لبنا قدم علیه لتنكیره و للتنبیه علی أنه موضع العبرة خالِصاً صافیا لا یستصحب لون الدم و لا رائحة الفرث أو مصفی عما یصحبه من الأجزاء الكثیفة بتضییق مخرجه سائِغاً لِلشَّارِبِینَ سهل المرور فی حلقهم انتهی (1).

و قال الرازی فی تأویل الآیة المراد أن اللبن إنما یتولد من بعض أجزاء الدم و الدم إنما یتولد من الأجزاء اللطیفة التی فی الفرث و هو الأشیاء المأكولة الحاصلة فی الكَرِش فهذا اللبن متولد من الأجزاء التی كانت حاصلة فیما بین الفرث أولا ثم كانت حاصلة فیما بین الدم ثانیا و صفاه اللّٰه تعالی عن تلك الأجزاء الكثیفة الغلیظة و خلق فیها الصفات التی باعتبارها صارت لبنا موافقا لبدن الطفل انتهی (2).

وَ مِنْ ثَمَراتِ النَّخِیلِ وَ الْأَعْنابِ قیل متعلق بمحذوف أی و نسقیكم من ثمرات النخیل و الأَعناب من عصیرهما و قیل أی و لكم عبرة فیما أخرج اللّٰه لكم من ثمرات النخیل و الأعناب و قیل معناه من ثمرات النخیل و الأعناب ما تتخذون منه سُكَّرا و العرب تضمر ما الموصولة كثیرا و الأعناب عطف علی الثمرات و السُّكَّر

ص: 130


1- 1. أنوار التنزیل:
2- 2. تفسیر الرازیّ:

اختلف المفسرون فی معناه فقیل السُّكَّر الخمر و الرزق الحسن التمر و الزبیب و الدبس و السیلان و الخل و قیل سكرا مفعول تتخذون علی جهة الاستفهام و عامل رزقا مقدر و التقدیر تتخذون منه سكرا و قد رزقناكم منه رزقا حسنا فیكون فیه جمع بین المعاتبة و المنة و لذلك أسند الاتخاذ إلیهم و قیل السكر الخل و الرزق الحسن ما هو خیر منه و قیل السكر كل ما حرم اللّٰه من ثمارها خمرا كان أو غیره كالنبیذ و الفقاع و ما أشبههما و الرزق الحسن و ما أحله اللّٰه من ثمارهما و قیل السكر ما یشبع و یسد الجوع.

و قال علی بن إبراهیم السكر الخل و روی عن الصادق علیه السلام أنها نزلت قبل آیة التحریم فنسخت بها(1).

و فیه دلالة علی أن المراد به الخمر و قد جاء بالمعنیین جمیعا قیل و علی إرادة الخمر لا یستلزم حلها فی وقت لجواز أن یكون عتابا و منة قبل بیان تحریمها و معنی النسخ نسخ السكوت عن التحریم فلا ینافی ما جاء فی أنها لم تكن حلالا قط و فی مقابلتها بالرزق الحسن تنبیه علی قبحها إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ أی یستعملون عقولهم بالنظر و التأمل فی الآیات.

وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ قال البیضاوی أی من اللذائذ و الحلالات و من للتبعیض فإن المرزوق فی الدنیا أنموذج منها أَ فَبِالْباطِلِ یُؤْمِنُونَ و هو أن الأصنام ینفعهم أو أن من الطیبات ما یحرم علیهم كالسوائب و البحائر وَ بِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ یَكْفُرُونَ حیث أضافوا نعمه إلی الأصنام أو حرموا ما أحل اللّٰه لهم فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قال أمرهم بأكل ما أحل اللّٰه لهم و شكر ما أنعم علیهم بعد ما زجرهم عن الكفر و هددهم علیه ثم عدد علیهم محرماته لیعلم أن ما عداها حل لهم ثم أكد ذلك بالنهی عن التحریم و التحلیل بأهوائهم فقال وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ كما قالوا ما فِی بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا الآیة و سیاق الكلام و تصدیر الجملة بإنما یفید حصر المحرمات

ص: 131


1- 1. تفسیر القمّیّ:

فی الأجناس الأربعة إلا ما ضم إلیه دلیل كالسباع و انتصاب الكذب بلا تقولوا و هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ مفعول لا تقولوا أو الكذب منتصب بتصف و ما مصدریة أی لا تقولوا هذا حلال و هذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب مبالغة فی وصف كلامهم بالكذب كما أن حقیقة الكذب كانت مجهولة و ألسنتهم تصفها و تعرفها بكلامهم هذا و لذلك عد من فصیح الكلام كقولهم وجهها یصف الجمال و عینها یصف السحر.

لِتَفْتَرُوا تعلیل لا یتضمن الغرض أَزْواجاً أی أصنافا سمیت بذلك لازدواجها و اقتران بعضها ببعض مِنْ نَباتٍ بیان أو صفة لأزواجا و كذلك شَتَّی و یحتمل أن یكون صفة للنبات فإنه من حیث إنه مصدر فی الأصل یستوی فیه الواحد و الجمع و هو جمع شتیت كمریض و مرضی أی متفرقات فی الصور و الأعراض و المنافع یصلح بعضها للناس و بعضها للبهائم فلذلك قال كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ و هو حال من ضمیر فَأَخْرَجْنا علی إرادة القول أی أخرجنا أصناف النبات قائلین كلوا و ارعوا و المعنی معد بها لانتفاعكم بالأكل و العلف آذنین فیه (1).

كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ فی المجمع صورته الأمرد و المراد به الإباحة وَ لا تَطْغَوْا فِیهِ أی و لا تتعدوا فیه فتأكلوه علی الوجه المحرم علیكم و قیل أی لا تتجاوزوا عن الحلال إلی الحرام أو لا تتناولوا من الحلال للاستعانة به علی المعصیة فَیَحِلَّ عَلَیْكُمْ غَضَبِی أی فیجب علیكم عقوبتی و من ضم الحاء فالمعنی فتنزل علیكم عقوبتی (2) ماءً بِقَدَرٍ قیل بتقدیر یكثر نفعه و یقل ضرره أو بمقدار ما علمناه من صلاحهم فَأَسْكَنَّاهُ فجعلناه ثابتا مستقرا فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ أی علی إزالته بالإفساد أو التصعید أو التعمیق بحیث یتعذر استنباطه لَقادِرُونَ كما كنا قادرین علی إنزاله فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ أی بالماء لَكُمْ فِیها فی الجنات فَواكِهُ كَثِیرَةٌ تتفكهون بها وَ مِنْها أی و من الجنات ثمارها و زُرُوعها تَأْكُلُونَ تغذیا أو ترزقون و تحصلون معایشكم من قولهم فلان یأكل من حِرفته

ص: 132


1- 1. أنوار التنزیل:
2- 2. مجمع البیان ج 7 ص 33.

و یجوز أن یكون الضمیران للنخیل و الأعناب أی لكم فی ثمرتها أنواع من الفواكه الرُّطَب و العِنَب و التمر و الزبیب و العصیر و الدبس و غیر ذلك و طعام تأكلونه وَ شَجَرَةً عطف علی جنات تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَیْناءَ جبل موسی بین مصر و أَیْلَةَ و قیل بفلسطین تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ أی متلبسا بالدهن مستصحبا له و یجوز أن تكون الباء صلةً مُعَدِّیَةً لِتنبت كما فی قولك ذهبت بزید وَ صِبْغٍ لِلْآكِلِینَ عطف علی الدهن جار علی إعرابه عطف أحد وصفی الشی ء علی الآخر أی تنبت بالشی ء الجامع بین كونه دهنا یدهن به و یسرج به و كونه إداما یصبغ به الخبز أی یغمس به للائتدام سَخَّرَ لَكُمْ ما فِی السَّماواتِ بأن جعله أسبابا(1)

مُحَصِّلَةً لمنافعكم وَ ما فِی الْأَرْضِ بأن مكنكم من الانتفاع به أو بوسط أو بغیر وسط ظاهِرَةً وَ باطِنَةً أی محسوسة و معقولة أو ما تعرفونه و ما لا تعرفونه إِلَی الْأَرْضِ الْجُرُزِ أی التی جرز نباتها أی قطع و أزیل لا التی لا تنبت لقوله فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً و قیل اسم موضع بالیمن تَأْكُلُ مِنْهُ أی من الزرع أنعامهم كالتبن و الورق وَ أَنْفُسُهُمْ كالحب و الثمر أَ فَلا یُبْصِرُونَ فیستدلون به علی كمال قدرته و فضله أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا جنس الحب فَمِنْهُ یَأْكُلُونَ قدم الصلة للدلالة علی أن الحب معظم ما یؤكل و یعاش به لِیَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ أی ثمر ما ذكر و هو

الحبات و قیل الضمیر لله علی طریقة الالتفات و الإضافة إلیه لأن الثمر بخلقه وَ ما عَمِلَتْهُ أَیْدِیهِمْ عطف علی الثمر و المراد ما یتخذ منه كالعصیر و الدبس و نحوهما و قیل ما نافیة و المراد أن التمر بخلق اللّٰه لا بفعلهم أَ فَلا یَشْكُرُونَ أمر بالشكر لأنه إنكار لتركه خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها أی الأنواع و الأصناف مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ من النبات و الشجر وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الذكر و الأنثی وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ و أزواجا و مما لم یطلعهم اللّٰه علیه

ص: 133


1- 1. زاد فی المصدر: و مكنكم من الانتفاع به و العروج إلیه بسلطان العلم و القدرة كما قال سبحانه: لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ.

و لم یجعل لهم طریقا إلی معرفته (1) فَأَنْبَتْنا فِیها حَبًّا كالحنطة و الشعیر وَ عِنَباً وَ قَضْباً یعنی الرطبة سمیت بمصدر قضبه إذا قطعه لأنها تقضب مرة بعد أخری وَ حَدائِقَ غُلْباً أی عظاما وصف به الحدائق لِتَكَاثُفِهَا و كثرة أشجارها أو لأنها ذات أشجار غِلاظ مستعار من وصف الرقاب وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا أی مرعی من أب إذا أم لأنه یؤم و ینتجع أو من أب لكذا إذا تهیأ له لأنه مهیأ للرعی أو فاكهة یابسة تؤب للشتاء مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ فإنَّ الأَنواع المذكورة بعضها طعام و بعضها علف.

«1»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَا حَفْصُ مَا أَنْزَلْتُ الدُّنْیَا مِنْ نَفْسِی إِلَّا بِمَنْزِلَةِ الْمَیْتَةِ إِذَا اضْطُرِرْتُ إِلَیْهَا أَكَلْتُ مِنْهَا الْخَبَرَ(2).

«2»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَخْبِرْنِی جُعِلْتُ فِدَاكَ لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَ الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یُحَرِّمْ ذَلِكَ عَلَی عِبَادِهِ وَ أَحَلَّ لَهُمْ سِوَاهُ مِنْ رَغْبَةٍ مِنْهُ فِیمَا حَرَّمَ عَلَیْهِمْ وَ لَا زُهْدٍ(3) فِیمَا أَحَلَّ لَهُمْ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ وَ عَلِمَ مَا تَقُومُ بِهِ أَبْدَانُهُمْ وَ مَا یُصْلِحُهُمْ فَأَحَلَّهُ لَهُمْ وَ أَبَاحَهُ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَیْهِمْ بِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِمَصْلَحَتِهِمْ وَ عَلِمَ عَزَّ وَ جَلَّ مَا یَضُرُّهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ وَ حَرَّمَهُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ أَبَاحَهُ لِلْمُضْطَرِّ وَ أَبَاحَهُ لَهُ فِی الْوَقْتِ (4)

الَّذِی لَا یَقُومُ بَدَنُهُ إِلَّا بِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ یَنَالَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْبُلْغَةِ لَا غَیْرِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْمَیْتَةُ فَلَا یُدْمِنُهَا(5) أَحَدٌ

ص: 134


1- 1. و من القوی أن یكون معناه انه خلق الازواج كلها ممّا تنبت الأرض و من انفسهم و ممّا لا یعلمونه ممّا له تأثیر فی خلقها.
2- 2. تفسیر القمّیّ:
3- 3. فی المصدر:« و لا زاهدا» و فی الكافی: رغبة منه فیما حرم علیهم و لا زاهدا.
4- 4. فی المصدر و الكافی: و أحله فی الوقت.
5- 5. ادمن الشی ء: ادامه.

إِلَّا ضَعُفَ بَدَنُهُ وَ نَحَلَ جِسْمُهُ وَ ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ وَ انْقَطَعَ نَسْلُهُ وَ لَا یَمُوتُ آكِلُ الْمَیْتَةِ إِلَّا فَجْأَةً وَ أَمَّا الدَّمُ فَإِنَّهُ یُورِثُ أَكْلُهُ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ وَ یُبْخِرُ الْفَمَ (1) وَ یُسِی ءُ الْخُلُقَ وَ یُورِثُ الْكَلَبَ (2) وَ الْقَسْوَةَ لِلْقَلْبِ وَ قِلَّةَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ حَتَّی لَا یُؤْمَنَ أَنْ یَقْتُلَ وَلَدَهُ وَ وَالِدَیْهِ وَ لَا یُؤْمَنَ عَلَی حَمِیمِهِ وَ لَا یُؤْمَنَ عَلَی مَنْ یَصْحَبُهُ وَ أَمَّا لَحْمُ الْخِنْزِیرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَسَخَ قَوْماً فِی صُوَرٍ شَتَّی شِبْهِ الْخِنْزِیرِ وَ الدُّبِّ وَ الْقِرْدِ وَ مَا كَانَ مِنَ الْأَمْسَاخِ (3) ثُمَّ نَهَی عَنْ أَكْلِ الْمَثُلَةِ نَسْلِهَا(4) لِكَیْلَا یَنْتَفِعَ النَّاسُ بِهَا وَ لَا یُسْتَخَفَّ بِعُقُوبَتِهِ وَ أَمَّا الْخَمْرُ فَإِنَّهُ حَرَّمَهَا لِفِعْلِهَا وَ فَسَادِهَا وَ قَالَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ یُورِثُهُ الِارْتِعَاشَ وَ یَذْهَبُ بِنُورِهِ وَ یَهْدِمُ مُرُوءَتَهُ وَ یَحْمِلُهُ عَلَی أَنْ یَجْسُرَ عَلَی الْمَحَارِمِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ رُكُوبِ الزِّنَا وَ لَا یُؤْمَنُ إِذَا سَكِرَ أَنْ یَثِبَ عَلَی حَرَمِهِ (5) وَ لَا یَعْقِلُ ذَلِكَ وَ الْخَمْرُ لَا تَزِیدُ شَارِبَهَا إِلَّا كُلَّ شَرٍّ(6).

الكافی، عن العدة عن سهل بن زیاد و علی بن إبراهیم عن أبیه جمیعا عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عبد اللّٰه عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و عدة من أصحابنا أیضا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن أسلم عن عبد الرحمن بن سالم عن مفضل بن عمر: مثله (7).

بیان: یظهر من سند المحاسن أنه سقط عن محمد بن علی قبل عن محمد

ص: 135


1- 1. فی المصدر و الكافی: و یبخر الفم و ینتن الریح و یسی ء الخلق.
2- 2. فی المحاسن:« الكلف» و لعله مصحف.
3- 3. فی الكافی: من المسوخ.
4- 4. فی المخطوطة:« ثم نهی عن أكلها و أكل نسلها» و فی المحاسن:« عن أكلها و أكل شبهها» و فی الكافی: ثم نهی عن أكله للمثلة.
5- 5. وثب یثب: نهض و قام، قفز و طفر. و لعله كنایة عن الزنا أو القتل.
6- 6. المحاسن: 304.
7- 7. فروع الكافی 6: 242.

بن أسلم فی نسخ الكافی.

و فی القاموس البُلغة بالضم ما یتبلغ به من العیش و قال الكَلَب بالتحریك العطش و الحرص و الشدة و الأكل الكثیر بلا شبع و صیاح من عضه الكلب الكلب و جنون الكلاب المعتری من أكل لحم الإنسان و شبه جنونها المعتری للإنسان من عضها انتهی و كأن المراد إما العطش أو الحرص فی الأكل أو جنون یشبه حالة من عضه الكلب.

و فی القاموس مثل بفلان مثلا و مثلة بالضم نكل كمثل تمثیلا و هی المَثُلة بضم الثاء و سكونها و الوثوب كنایة عن الجماع و الحرم بضم الحاء و فتح الراء اللواتی تحرم نكاحهن و یحتمل أن یراد بالوثوب القتل و بالحرمة نساؤه كما فی القاموس.

«3»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ(1) قَالَ الْبَاغِیُ الَّذِی یَخْرُجُ عَلَی الْإِمَامِ وَ الْعَادِی الَّذِی یَقْطَعُ الطَّرِیقَ لَا یَحِلُّ لَهُمَا الْمَیْتَةُ(2).

«4»- وَ قَدْ رُوِیَ: أَنَّ الْعَادِیَ اللِّصُّ وَ الْبَاغِیَ الَّذِی یَبْغِی الصَّیْدَ لَا یَجُوزُ لَهُمَا التَّقْصِیرُ فِی السَّفَرِ وَ لَا أَكْلُ الْمَیْتَةِ فِی حَالِ الِاضْطِرَارِ(3).

«5»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ رَفَعَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ قَالَ الْبَاغِی الظَّالِمُ وَ الْعَادِی الْغَاصِبُ (4).

«6»- وَ مِنْهُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ

ص: 136


1- 1. البقرة: 173. و الانعام: 145.
2- 2. معانی الأخبار: 214( طبعة الغفاری).
3- 3. معانی الأخبار: 214.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 74.

غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ قَالَ الْبَاغِی الَّذِی یَخْرُجُ عَلَی الْإِمَامِ وَ الْعَادِی الَّذِی یَقْطَعُ الطَّرِیقَ لَا یَحِلُّ لَهُمَا الْمَیْتَةُ.

«7»- وَ قَدْ رُوِیَ: أَنَّ الْعَادِیَ اللِّصُّ وَ الْبَاغِیَ الَّذِی یَبْغِی الصَّیْدَ لَا یَجُوزُ لَهُمَا التَّقْصِیرُ فِی السَّفَرِ وَ لَا أَكْلُ الْمَیْتَةِ فِی حَالِ الِاضْطِرَارِ.

«8»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ رَفَعَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ قَالَ الْبَاغِی الظَّالِمُ وَ الْعَادِی الْغَاصِبُ.

«9»- وَ مِنْهُ،(1) عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ(2) قَالَ الْبَاغِی الْخَارِجُ عَلَی الْإِمَامِ وَ الْعَادِی اللِّصُ (3).

بیان: الذی یتلخص من مجموع الأخبار هو أن السفر الذی لا یجوز فیه قصر الصلاة و الصوم للمعصیة و العدوان لا یحل أكل المیتة إذا اضطر فیه إلیها.

«10»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ ذَكَرَ مَا یَحِلُّ أَكْلُهُ وَ مَا یَحْرُمُ بِقَوْلٍ مُجْمَلٍ فَقَالَ أَمَّا مَا یَحِلُّ لِلْإِنْسَانِ أَكْلُهُ مِمَّا خَرَّجَتِ الْأَرْضُ فَثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مِنَ الْأَغْذِیَةِ صِنْفٌ مِنْهَا جَمِیعُ صُنُوفِ الْحَبِ (4)

كُلِّهِ كَالْحِنْطَةِ وَ الْأَرُزِّ وَ الْقُطْنِیَّةِ وَ غَیْرِهَا وَ الثَّانِی صُنُوفُ الثِّمَارِ كُلِّهَا وَ الثَّالِثُ صُنُوفُ الْبُقُولِ وَ النَّبَاتِ فَكُلُّ شَیْ ءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْیَاءِ فِیهِ غِذَاءٌ لِلْإِنْسَانِ وَ مَنْفَعَةٌ وَ قُوَّةٌ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا كَانَ فِیهِ الْمَضَرَّةُ(5) فَحَرَامٌ أَكْلُهُ إِلَّا فِی حَالِ التَّدَاوِی بِهِ وَ أَمَّا مَا یَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ لُحُومِ الْحَیَوَانِ فَلَحْمُ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ وَ الْإِبِلِ وَ مِنْ لُحُومِ الْوَحْشِ كُلُّ مَا لَیْسَ لَهُ نَابٌ وَ لَا مِخْلَبٌ وَ مِنْ لُحُومِ الطَّیْرِ كُلُّ مَا

ص: 137


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 74.
2- 2. ما جعلناه بین العلامتین زائد من سهو المقابلة راجع ط كمبانیّ ص 765.( ب).
3- 3. لم یذكر الحدیثان المرویان عن دعائم الإسلام فی النسخة المخطوطة: و الكتاب لیس عندی.
4- 4. فی المخطوطة: جمیع صنوف الحبوب.
5- 5. فی المخطوطة: من المضرة.

كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ وَ مِنْ صَیْدِ الْبَحْرِ كُلُّ مَا لَهُ قِشْرٌ وَ مَا عَدَا ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَ مَا كَانَ مِنَ الْبَیْضِ مُخْتَلِفَ الطَّرَفَیْنِ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا یَسْتَوِیَ طَرَفَاهُ فَهُوَ مِنْ بَیْضِ مَا لَا یُؤْكَلُ لَحْمُهُ (1).

بیان: قال فی النهایة فیه كان یأخذ من القطنیة العشر هی بالكسر و التشدید واحدة القطانی كالعدس و الحمص و اللوبیا و نحوها(2).

و فی القاموس القطنیة بالضم و الكسر النبات و حبوب الأرض أو ما سوی الحنطة و الشعیر و الزبیب و التمر أو هی الحبوب التی تطبخ الشافعی العدس و الخلر(3)

و الفول و الدجر و الحمص الجمع القطانی أو هی الخلف و خضر الصیف.

«11»- الدَّعَائِمُ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الْمُضْطَرُّ یَأْكُلُ الْمَیْتَةَ وَ كُلَّ مُحَرَّمٍ إِذَا اضْطُرَّ إِلَیْهِ (4).

«12»- وَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام: إِذَا اضْطُرَّ الْمُضْطَرُّ إِلَی أَكْلِ الْمَیْتَةِ أَكَلَ حَتَّی یَشْبَعَ وَ إِذَا اضْطُرَّ إِلَی الْخَمْرِ شَرِبَ حَتَّی یَرْوِی وَ لَیْسَ لَهُ أَنْ یَعُودَ إِلَی ذَلِكَ حَتَّی یُضْطَرَّ إِلَیْهِ أَیْضاً(5).

«13»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّهُ ذُكِرَ الْجُبُنُّ الَّذِی یَعْمَلُهُ الْمُشْرِكُونَ وَ أَنَّهُمْ یَجْعَلُونَ فِیهِ الْإِنْفَحَةَ مِنَ الْمَیْتَةِ وَ مِمَّا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ لَمْ یُؤْكَلْ وَ إِنْ كَانَ الْجُبُنُّ مَجْهُولًا لَا یُعْلَمُ مَنْ عَمِلَهُ وَ بِیعَ فِی سُوقِ الْمُسْلِمِینَ فَكُلْهُ (6).

«14»- تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، بِأَسَانِیدِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: وَ أَمَّا مَا فِی الْقُرْآنِ تَأْوِیلُهُ فِی تَنْزِیلِهِ فَهُوَ كُلُّ آیَةٍ مُحْكَمَةٍ نَزَلَتْ فِی تَحْرِیمِ شَیْ ءٍ مِنَ الْأُمُورِ الْمُتَعَارَفَةِ الَّتِی كَانَتْ فِی أَیَّامِ الْعَرَبِ تَأْوِیلُهَا فِی تَنْزِیلِهَا فَلَیْسَ یُحْتَاجُ فِیهَا إِلَی تَفْسِیرٍ أَكْثَرَ مِنْ تَأْوِیلِهَا وَ ذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَی فِی التَّحْرِیمِ حُرِّمَتْ عَلَیْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ

ص: 138


1- 1. دعائم الإسلام: لیس عندی.
2- 2. النهایة 3: 298.
3- 3. الخلر: نبات، و قیل: إنّه الفول او الماش.
4- 4. دعائم الإسلام: لیس عندی.
5- 5. دعائم الإسلام: لیس عندی.
6- 6. دعائم الإسلام: لیس عندی.

وَ أَخَواتُكُمْ (1) إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ قَوْلِهِ إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ(2) الْآیَةَ وَ قَوْلِهِ تَعَالَی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِیَ مِنَ الرِّبا(3) الْآیَةَ إِلَی قَوْلِهِ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا(4) وَ قَوْلِهِ تَعَالَی قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَیْكُمْ (5) إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ مِثْلُ ذَلِكَ فِی الْقُرْآنِ كَثِیرٌ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا یَحْتَاجُ الْمُسْتَمِعُ لَهُ إِلَی مَسْأَلَةٍ عَنْهُ وَ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی مَعْنَی التَّحْلِیلِ أُحِلَّ لَكُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّیَّارَةِ(6) وَ قَوْلِهِ وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا(7) وَ قَوْلِهِ تَعَالَی یَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ إِلَی قَوْلِهِ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ (8) وَ قَوْلِهِ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ (9) وَ قَوْلِهِ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِیمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما یُتْلی عَلَیْكُمْ غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (10) وَ قَوْلِهِ أُحِلَّ لَكُمْ لَیْلَةَ الصِّیامِ الرَّفَثُ إِلی نِسائِكُمْ (11) وَ قَوْلِهِ لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ (12) وَ مِثْلُهُ كَثِیرٌ(13).

تفسیر علی بن إبراهیم، مرسلا: مثله (14).

«15»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام سُئِلَ عَنْ سُفْرَةٍ وُجِدَتْ فِی الطَّرِیقِ مَطْرُوحَةً كَثُرَ لَحْمُهَا وَ خُبْزُهَا وَ جُبُنُّهَا وَ بَیْضُهَا وَ فِیهَا سِكِّینٌ فَقَالَ یُقَوَّمُ مَا فِیهَا ثُمَّ یُؤْكَلُ لِأَنَّهُ یَفْسُدُ وَ لَیْسَ لَهُ بَقَاءٌ فَإِنْ جَاءَ طَالِبٌ لَهَا غَرِمُوا لَهُ الثَّمَنَ قِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا نَدْرِی

ص: 139


1- 1. النساء: 3؟؟؟.
2- 2. البقرة: 173.
3- 3. البقرة: 278.
4- 4. البقرة: 275.
5- 5. الأنعام: 151.
6- 6. المائدة: 96.
7- 7. المائدة: 2.
8- 8. المائدة: 4.
9- 9. المائدة: 5.
10- 10. المائدة: 1.
11- 11. البقرة: 187.
12- 12. المائدة: 87.
13- 13. المحكم و المتشابه:
14- 14. تفسیر القمّیّ:

سُفْرَةَ مُسْلِمٍ أَوْ سُفْرَةَ مَجُوسِیٍّ فَقَالَ هُمْ فِی سَعَةٍ حَتَّی یَعْلَمُوا(1).

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلی: مثله (2).

«16»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الرُّویَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِیمِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّیبَاجِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِیهِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ سُفْرَةٍ وُجِدَتْ فِی الطَّرِیقِ فِیهَا لَحْمٌ كَثِیرٌ وَ خُبْزٌ كَثِیرٌ وَ بَیْضٌ وَ فِیهَا سِكِّینٌ فَقَالَ یُقَوَّمُ مَا فِیهَا ثُمَّ یُؤْكَلُ لِأَنَّهُ یَفْسُدُ فَإِذَا جَاءَ طَالِبُهَا غُرِمَ لَهُ فَقَالُوا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا نَعْلَمُ أَ سُفْرَةُ ذِمِّیٍّ هِیَ أَمْ مَجُوسِیٍّ فَقَالَ هُمْ فِی سَعَةٍ مِنْ أَكْلِهَا حَتَّی یَعْلَمُوا(3).

«17»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ وَ أُخْرَی مَذْبُوحَةٍ عُمِّیَ عَلَی صَاحِبِهَا فَلَا یَدْرِی الذَّكِیَّةَ مِنَ الْمَیْتَةِ فَقَالَ یَرْمِی بِهِمَا جَمِیعاً إِلَی الْكِلَابِ (4).

«18»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: إِنْ وَجَدْتَ لَحْماً وَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ ذَكِیٌّ أَوْ مَیْتَةٌ فَأَلْقِ مِنْهُ قِطْعَةً عَلَی النَّارِ فَإِنْ تَقَبَّضَ فَهُوَ ذَكِیٌّ وَ إِنِ اسْتَرْخَی عَلَی النَّارِ فَهُوَ مَیِّتٌ وَ كُلُّ صَیْدٍ إِذَا اصْطَدْتَهُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَلَالٌ سِوَی مَا قَدْ بَیَّنْتُ لَكَ مِمَّا جَاءَ فِی الْخَبَرِ بِأَنَّ أَكْلَهُ مَكْرُوهٌ (5).

توضیح: و تبیین اعلم أنه یستفاد من هذه الأخبار أحكام مهمة الأول یستفاد من روایة السكونی و الدیباجی أن الأصل فی اللحم المطروح التذكیة ما لم یعلم أنه میتة كما هو الظاهر مما مر من عمومات الآیات و الأخبار و من

ص: 140


1- 1. المحاسن: 452.
2- 2. فروع الكافی 6: 297.
3- 3. نوادر الراوندیّ: 50 فیه: هم فی سعة ما لم یعلموا.
4- 4. نوادر الراوندیّ: 46.
5- 5. فقه الرضا:

حصر المحرمات فی أشیاء معدودة لیس هذا منها و یمكن تقییده بما إذا كان فی بلاد المسلمین و كأنه الظاهر بل یمكن تخصیصه بما إذا دلت القرائن علی أنها كانت من مسلم و لا ینافیه قول السائل أو سفرة مجوسی إذ محض الاحتمال یكفی لهذا السؤال لكن قوله حتی یعلموا یدل علی أن مع الظن بكونه من كافر یجوز أكله إلا أن یحمل العلم علی ما یعم الظن و المشهور بین الأصحاب

خلافه و الأصل عندهم عدم التذكیة حتی یعلم بها أو یؤخذ من ید مسلم أو من سوق المسلمین حتی بالغ بعضهم بأن جلد المصحف إذا وجد فی مسجد جلده فی حكم المیتة و ذهب بعض الأصحاب إلی أنه یجوز التعویل علی الأمارات المفیدة للظن فی ذلك قال الشهید الثانی قدس سره فی التقاط النعلین و الإداوة و السوط لا یخفی أن الأغلب علی النعل أن یكون من الجلد و كذا الإداوة و السوط و إطلاق الحكم بجواز التقاطها إما محمول علی ما لا یكون منها من الجلد لأن المطروح منه مجهولا میتة لأصالة عدم التذكیة أو محمول علی ظهور أمارات تدل علی ذكاته فقد ذهب بعض الأصحاب إلی جواز التعویل علیها.

و قال العلامة رحمه اللّٰه فی التحریر لو وجد ذبیحة مطروحة لم یحل له أكلها ما لم یعلم أنه تذكیة مسلم أو یوجد فی یده (1).

و قال المحقق الأردبیلی نور اللّٰه ضریحه فی شرح الإرشاد دلیل اجتناب اللحم المطروح غیر معلوم الذبح هی أن الأصل فی المیتة التحریم لأن زوال الروح معلوم و التذكیة مشروطة بأمور كثیرة وجودیة و الأصل عدمها و لكن قد یعلم بالقرائن و لهذا یعلم الهدی إذا ذبح و یدل علیه بعض الأخبار أیضا عموما مثل صحیحة عبد اللّٰه بن سنان من تغلیب الحلال و خصوصا روایة السكونی و ذكر هذه الروایة ثم قال و ضعف السند لا یضر لأنها موافقة للعقل و لغیرها و فیها أحكام كثیرة منها طهارة اللحم المطروح و الجلد كذلك و یحمل علی وجود القرینة الدالة علی كونهما كانا فی

ص: 141


1- 1. تحریر الاحكام:

ید المسلم و كون اللحم فی ید المجوسی غیر ظاهر فیحل ذبیحة الكافر فافهم و جواز التصرف بالأكل فی مال الناس إذا علم الهلاك من غیر إذن الحاكم مع التقویم علی نفسه و عدم اشتراط العدالة فی المقوم و المتصرف و الغرامة للصاحب و كون الجاهل معذورا حتی یعلم فتأمل و بالجملة القرینة المفیدة للظن الغالب معتبرة فكیف ما یفید العلم و الظن المتأخم له انتهی (1).

ثم اعلم أنه قال المحقق رحمه اللّٰه فی الشرائع إذا وجد لحم و لا یدری أ ذكی هو أم میت قیل یطرح فی النار فإن انقبض به فهو ذكی و إن انبسط فهو میت (2).

و قال العلامة طاب ثراه فی القواعد لو وجد لحم مطروح لا یعلم ذكاته اجتنب و قیل یطرح فی النار فإن انقبض فهو ذكی و إن انبسط فمیت (3).

و قال الشهید الثانی رفعت درجته فی المسالك بعد إیراد كلام المحقق هذا القول هو المشهور بین الأصحاب خصوصا المتقدمین.

قال الشهید رحمه اللّٰه فی الشرح لم أجد أحدا خالف فیه إلا المحقق فی الشرائع و الفاضل فإنهما أورداها بلفظ قیل المشعر بالضعف مع أن المحقق وافقهم فی النافع و فی المختلف لم یذكرها فی مسائل الخلاف و لعله لذلك و استدل بعضهم علیه بالإجماع

قال الشهید و هو غیر بعید و یؤیده موافقة ابن إدریس علیه فإنه لا یعتمد علی أخبار الآحاد فلو لا فهمه الإجماع لما ذهب إلیه و الأصل فیه

رِوَایَةُ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ بِإِسْنَادِهِ إِلَی إِسْمَاعِیلَ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی رَجُلٍ دَخَلَ قَرْیَةً فَأَصَابَ فِیهَا لَحْماً لَمْ یَدْرِ أَ ذَكِیٌّ هُوَ أَمْ مَیِّتٌ قَالَ فَاطْرَحْهُ عَلَی النَّارِ فَكُلُّ مَا انْقَبَضَ فَهُوَ ذَكِیٌّ وَ كُلُّ مَا انْبَسَطَ فَهُوَ مَیِّتٌ (4).

ص: 142


1- 1. شرح الإرشاد:
2- 2. شرائع الإسلام:
3- 3. قواعد الاحكام:
4- 4. رواه الكلینی فی فروع الكافی 6: 261 بإسناده عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر عن إسماعیل بن عمر.

و مع هذا الاشتهار فطریقها لا یخلو من ضعف فلتوقف المصنف عن موافقتهم فی الحكم وجه وجیه و ظاهر الروایة أنه لا یحكم بحل اللحم و عدمه باختبار بعضه بل لا بد من اختبار كل قطعة منه علی حدة و یلزم كل واحدة حكمها بدلیل قوله كل ما انقبض فهو حلال و كل ما انبسط فهو حرام و من هنا مال الشهید رحمه اللّٰه فی الدروس إلی تعدیتها إلی اللحم المشتبه منه الذكی بغیره فیتمیز بالنار كذلك انتهی (1).

و أقول عبارة الفقه أحسن من عبارة هذا الخبر و یدل علی الاكتفاء بالقطعة فی الحكم علی الكل و مما ذكره رحمه اللّٰه من امتحان كل قطعة إن كان مراده القطعات المتصلة ففی غایة البعد و یلزم أن نفصل حیث أمكن و نختبر بل إلی الأجزاء التی لا تتجزی مع إمكان وجودها و إن أراد القطعات المنفصلة فإن لم تعلم كونها من حیوان واحد فلا ریب أنه كذلك و مع العلم فیه إشكال و الأحوط التعدد.

ثم اعلم أنه لا تنافی بین روایة شعیب و روایة السكونی فإن الأولی ظاهرة فی النی غیر المطبوخ و الثانیة فی المطبوخ و بعد الطبخ لا یفید الامتحان إذ الظاهر أن الانقباض فی المذكی لأنه یخرج منه أكثر الدم الكائن فی العروق فینجمد علی النار و المیتة غالبا لا یخرج منه الدم فینجمد فی العروق فإذا مسته النار تسیل الدماء و تنبسط اللحم و بعد الطبخ تخرج منه الرطوبات و لا یبقی فیه شی ء حتی یمكن امتحانه بذلك.

فإن قیل جوابه علیه السلام یشمل هذا المورد أیضا.

قلت قوله هم فی سعة لا عموم فیه و لو قیل برجوع الضمیر إلی الناس فیمكن حمل هذا الخبر علی الاستحباب أو یقال كونهم فی سعة إذا لم یكن لهم طریق إلی العلم و هاهنا لهم طریق إلیه.

ص: 143


1- 1. المسالك.

الثانی ذهب أكثر الأصحاب إلی أنه إذا اختلط الذكی بالمیت وجب الامتناع من الجمیع حتی یعلم الذكی بعینه لكن خصوا الحكم بما إذا كان محصورا دفعا للحرج لوجوب اجتناب المیت و لا یتم إلا باجتناب الجمیع

وَ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَ الْحَرَامُ إِلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ.

و یرد علیه أن وجوب اجتناب المیتة مطلقا ممنوع لجواز كون التحریم مخصوصا بما إذا كان عینه معلوما(1) كما تدل علیه الأخبار الصحیحة و أما الروایة فهی عامیة مخالفة للروایات المعتبرة و الأصل و العمومات و حصر المحرمات یرجح الحل مع أنه یمكن قراءة الحرام منصوبا لیكون مفعولا و موافقا لغیرها كما ذكره المحقق الأردبیلی رحمه اللّٰه.

و قیل یباع ممن یستحل المیتة ذهب إلیه الشیخ فی النهایة و تبعه ابن حمزة و العلامة فی المختلف و مال إلیه المحقق قدس اللّٰه روحه فی الشرائع مع قصده لبیع المذكی

وَ الْمُسْتَنَدُ صَحِیحَةُ الْحَلَبِیِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِذَا اخْتَلَطَ الذَّكِیُّ بِالْمَیْتَةِ بَاعَهُ مِمَّنْ یَسْتَحِلُّ الْمَیْتَةَ(2).

و حسنة الحلبی (3) أیضا یدل علیه و منع ابن إدریس من بیعه و الانتفاع به

ص: 144


1- 1. فیه اشكال اذ الاحكام تتعلق بذات الموضوعات مجردة عن وصفی العلم و الجهل و الروایات المتقدمة عدا واحدة منها فی الشك البدوی الذی لا یعلم أن هذا اللحم من ذبیحة المسلم أو من غیره، و لا تشمل موردا یعلم بوجود اللحم المیت فی البین، نعم واحد منها ورد فی مورد یعلم اجمالا بوجود المیت فحكم فیه بوجوب الاجتناب، و اما الحدیث النبوی فظاهره أن الحرام مرفوع و كونه منصوبا خلاف الظاهر لا یقال به الا بقرینة و دلیل.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 6: 260 بإسناده عن محمّد بن یحیی بن أحمد بن محمّد بن علیّ بن الحكم عن ابی المغراء عن الحلبیّ و زاد فی آخره: و یأكل ثمنه.
3- 3. و هی ما رواه أیضا الكلینی فی الفروع 6: 260 بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن حماد عن الحلبیّ عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه سئل عن رجل كانت له غنم و بقر و كان یدرك الذكی منها فیعزله و یعزل المیتة ثمّ ان المیتة و الذكی اختلطا فكیف یصنع به؟ فقال: یبیعه ممن یستحل المیتة و یأكل ثمنه فانه لا بأس به.

مطلقا لمخالفة الروایة لأصول المذهب و المحقق رحمه اللّٰه وجه الروایة بما إذا قصد بیع المذكی حسب و استشكل بأنه مع عدم التمییز یكون المبیع مجهولا و لا یمكن إقباضه فلا یصح بیعه منفردا و أجاب فی المختلف بأنه لیس بیعا حقیقیا بل هو استنقاذ مال الكافر من یده برضاه فكان سائغا و إنما أطلق علیه اسم البیع لمشابهته له فی الصورة من حیث إنه بذل مال فی مقابلة عوض و اعترض علیه بأن مستحل المیتة أعم ممن یباح ماله إذ لو كان ذمیا كان ماله محترما(1)

فلا یصح إطلاق القول ببیعه كذلك علی مستحل المیتة فالأولی العمل بالروایة الصحیحة و ترك تلك المعارضات فی مقابلها نعم روایة الراوندی ظاهرها عدم جواز البیع لكن لا تعارض هذه الصحیحة سندا مع أنه لا تعارض بینهما حقیقة فإن الظاهر أن الرمی إلی الكلاب كنایة عن عدم جواز استعمالهما و أكلهما(2) فلا ینافی جواز إعطائهما من یشبه الكلاب و كأنه لم یقل أحد بتعین إطعامهما الكلاب كسائر المیتات.

و مال الشهید إلی عرضه علی النار و اختباره بالانبساط و الانقباض كما مر فی اللحم المجهول و ضعف ببطلان القیاس مع وجود الفارق و هو أن اللحم المطروح یحتمل كونه بأجمعه مذكی و كونه غیر مذكی فكونه میتة غیر معلوم بخلاف المتنازع فیه فإنه مشتمل علی المیتة قطعا فلا یلزم من الحكم فی المشتبه تحریمه كونه كذلك فی المعلوم التحریم و قال المحقق الأردبیلی رحمه اللّٰه هو محل تأمل لما علم من الروایة العلة و هی حصول العلم بتعین إحداهما و هو أعم من المطروح المشتبه بالمیتة علی أنه لیس بفارق فإن المطروح بحكم المیتة شرعا عندهم و أن كل واحد من المیتة و المشتبه یحتمل أن یكون میتة فوجود المیتة یقینا هنا لا ینفع فلا بد أن یمنع استقلال العلة مع الاشتباه و مثله یرد فی جمیع القیاسات المنصوصة العلة أو

ص: 145


1- 1. فی المخطوطة: كان ماله محقونا.
2- 2. یمكن أن یقال: انها تدلّ علی أعمّ من الاكل و البیع فیبقی التنافی بحاله.

یمنع الأصل انتهی (1).

الثالث یدل الخبران الأولان علی ما ذكره الأصحاب من أنه إذا التقط ما لا یبقی كالطعام فهو مخیر بین أن یتملكه بالقیمة أو یبیعه و یأخذ ثمنه ثم یعرفه و بین أن یدفعه إلی الحاكم لیعمل فیه ما هو الحظ للمالك.

وَ رَوَوْا عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنِ الْتَقَطَ طَعَاماً فَلْیَأْكُلْهُ.

لكن الخبران إنما یدلان علی جواز الأكل و الأول علی أنه إذا جاء صاحبه غرم له الثمن (2)

و سیأتی الكلام فیه إن شاء اللّٰه فی محله.

الرابع قوله علیه السلام كل صید إلخ یدل علی أن الأصل فی الحیوان كونه حلالا و قابلا للتذكیة إلا ما أخرجه الدلیل.

و قال الشهید الثانی قدس سره الأصل فیما یحل أكله و ما یحرم أن یرجع إلی الشرع فما أباحه فهو مباح و ما حظره فهو محظور و ما لم یكن له فی الشرع ذكر كان المرجع فیه إلی عادة العرب فما استطابته فهو حلال و ما استخبثته فهو حرام ثم استدل رحمه اللّٰه بالآیات المتقدمة و قد مر هنا الكلام فیه.

و قال المحقق الأردبیلی طاب ثراه قد توافق دلیل العقل و النقل علی إباحة أكل كل شی ء خال عن الضرر و قد تبین دلالة العقل علی أن الأشیاء خالیة عن الضرر مباحة ما لم یرد ما یخرجه عن ذلك و الآیات الشریفة فی ذلك كثیرة أیضا مثل خَلَقَ لَكُمْ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً(3) وَ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَیِّباً(4) هما حالان مؤكدان لا مقیدان و هو ظاهر و الأخبار أیضا كثیرة و الإجماع أیضا واقع فالأشیاء كلها علی الإباحة بالعقل و النقل كتابا و سنة و إجماعا إلا ما ورد النص بتحریمه

ص: 146


1- 1. شرح الإرشاد:
2- 2. كلاهما تدلّ علی جواز الاكل بعد التقویم، و الغرامة لصاحبه ان جاء و طالب.
3- 3. البقرة: 29.
4- 4. المائدة: 88.

إما بالعموم مثل وَ یُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ (1) فما علم أنه خبیث فهو حرام و لكن معنی الخبیث غیر ظاهر إذ الشرع ما بینه و اللغة غیر مراد و العرف غیر منضبط فیمكن أن یقال المراد عرف أوساط الناس و أكثرهم حال الاختبار مثل أهل المدن و الدور لا أهل البادیة لأنه لا خبیث عندهم بل یطیبون جمیع ما یمكن أكله و لا اعتداد بهم.

و إما بالخصوص مثل حُرِّمَتْ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ(2) الآیة و بالجملة الظاهر الحل حتی یعلم أنه حرام لخبثه أو لغیره لما تقدم و لصحیحة ابن سنان و یؤیده حصر المحرمات مثل قُلْ لا أَجِدُ(3) الآیة فالذی یفهم من غیر شك هو الحل ما لم یعلم وجه التحریم حتی فی المذبوح من الحیوان و أجزاء المیتة فما علم أنه میتة أو ما ذبح علی الوجه الشرعی فهو أیضا حرام إلا ما یستثنی و أما المشتبه و المجهول غیر المستثنی فالظاهر من كلامهم أنه حرام أیضا و فیه تأمل قد مر إلیه الإشارة هذه الضابطة علی العموم من غیر نظر إلی دلیل خاص و ما ورد فیه دلیل الخصوصیة مفصلا فهو تابع لدلیله تحریما و تحلیلا فتأمل (4)

انتهی كلامه قدس سره و هو فی غایة المتانة.

«19»- الْفَقِیهُ، وَ التَّهْذِیبُ، عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ قَالَ مَا ذُبِحَ لِصَنَمٍ أَوْ وَثَنٍ أَوْ شَجَرٍ حَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ كَمَا حَرَّمَ الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ أَنْ یَأْكُلَ الْمَیْتَةَ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَتَی تَحِلُّ لِلْمُضْطَرِّ الْمَیْتَةُ فَقَالَ

ص: 147


1- 1. الصحیح:« و یحرم علیكم الخبائث» راجع الأعراف: 157.
2- 2. المائدة: 3.
3- 3. الأنعام: 145.
4- 4. شرح الإرشاد:

حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَكُونُ بِأَرْضٍ فَتُصِیبُنَا الْمَخْمَصَةُ فَمَتَی تَحِلُّ لَنَا الْمَیْتَةُ قَالَ مَا لَمْ تَصْطَبِحُوا أَوْ تَغْتَبِقُوا أَوْ تَحْتَفِئُوا بَقْلًا فَشَأْنَكُمْ بِهَا قَالَ عَبْدُ الْعَظِیمِ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا مَعْنَی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ(1) قَالَ الْعَادِی السَّارِقُ وَ الْبَاغِی الَّذِی یَبْغِی الصَّیْدَ بَطَراً أَوْ لَهْواً لَا لِیَعُودَ بِهِ عَلَی عِیَالِهِ لَیْسَ لَهُمَا أَنْ یَأْكُلَا الْمَیْتَةَ إِذِ اضْطُرَّا هِیَ حَرَامٌ عَلَیْهِمَا فِی حَالِ الِاضْطِرَارِ كَمَا هِیَ حَرَامٌ عَلَیْهِمَا فِی حَالِ الِاخْتِیَارِ وَ لَیْسَ لَهُمَا أَنْ یُقَصِّرَا فِی صَوْمٍ وَ لَا صَلَاةٍ فِی سَفَرٍ فَقُلْتُ فَقَوْلُهُ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّیَةُ وَ النَّطِیحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ (2) قَالَ الْمُنْخَنِقَةُ الَّتِی انْخَنَقَتْ بِإِخْنَاقِهَا حَتَّی تَمُوتَ وَ الْمَوْقُوذَةُ الَّتِی مَرِضَتْ وَ وَقَذَهَا الْمَرَضُ حَتَّی لَمْ یَكُنْ بِهَا حَرَكَةٌ وَ الْمُتَرَدِّیَةُ الَّتِی تَتَرَدَّی مِنْ مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ إِلَی أَسْفَلَ أَوْ تَتَرَدَّی مِنْ جَبَلٍ أَوْ فِی بِئْرٍ فَتَمُوتُ وَ النَّطِیحَةُ الَّتِی تَنْطَحُهَا بَهِیمَةٌ أُخْرَی فَتَمُوتُ وَ مَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهَا فَمَاتَ وَ

مَا ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ عَلَی حَجَرٍ أَوْ صَنَمٍ إِلَّا مَا أُدْرِكَتْ زَكَاتُهُ (3) فَذُكِّیَ قُلْتُ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ (4) قَالَ كَانُوا فِی الْجَاهِلِیَّةِ یَشْتَرُونَ بَعِیراً فِیمَا بَیْنَ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ وَ یَسْتَقْسِمُونَ عَلَیْهِ بِالْقِدَاحِ وَ كَانَتْ عَشَرَةً سَبْعَةٌ لَهَا أَنْصِبَاءُ(5) وَ ثَلَاثَةٌ لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا أَمَّا الَّتِی لَهَا أَنْصِبَاءُ فَالْفَذُّ وَ التَّوْأَمُ وَ النَّافِسُ الْحِلْسُ وَ الْمُسْبِلُ وَ الْمُعَلَّی وَ الرَّقِیبُ وَ أَمَّا الَّتِی لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا فَالسَّفِیحُ وَ الْمَنِیحُ وَ الْوَغْدُ(6)

فَكَانُوا یُجِیلُونَ السِّهَامَ بَیْنَ عَشَرَةٍ فَمَنْ خَرَجَ بِاسْمِهِ

ص: 148


1- 1. البقرة: 173.
2- 2. المائدة: 4.
3- 3. فی الفقیه: الا ما ادرك زكاته.
4- 4. المائدة: 4.
5- 5. الانصباء جمع النصیب: الحظ، الحصة من الشی ء.
6- 6. هذه اسام لسهام المیسر.

سَهْمٌ مِنَ الَّتِی لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا أُلْزِمَ ثُلُثَ ثَمَنِ الْبَعِیرِ فَلَا یَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّی تَقَعَ السِّهَامُ الثَّلَاثَةُ لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا إِلَی ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ فَیُلْزِمُونَهُمْ ثَمَنَ الْبَعِیرِ ثُمَّ یَنْحَرُونَهُ وَ یَأْكُلُهُ السَّبْعَةُ الَّذِینَ لَمْ یَنْقُدُوا فِی ثَمَنِهِ شَیْئاً وَ لَمْ یُطْعِمُوا مِنْهُ الثَّلَاثَةَ الَّذِینَ نَقَدُوا ثَمَنَهُ شَیْئاً فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ ذَلِكَ فِیمَا حَرَّمَ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ یَعْنِی حَرَاماً(1).

تبیین: المَخْمَصَةُ المَجاعة قوله علیه السلام ما لم تصطبحوا هذا الخبر روته العامة أیضا عن أبی واقد عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و اختلفوا فی تفسیره قال فی النهایة و منه الحدیث أنه سئل متی تحل لنا المیتة فقال ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بها بقلا الاصطباح هاهنا أكل الصَّبوح و هو الغداء و الغَبوق العشاء و أصلهما فی الشرب ثم استعملا فی الأكل أی لیس لكم أن تجمعوهما من المیتة قال الأزهری قد أنكر هذا علی أبی عبید و فسر أنه أراد إذا لم تجدوا لبنیة تصطبحونها أو شرابا تغتبقونه و لم تجدوا بعد عدم الصبوح و الغبوق بقلة تأكلونها حلت لكم المیتة و قال هذا هو الصحیح (2).

و قال فی باب الحاء مع الفاء قال أبو سعید الضریر صوابه ما لم تحتفوا بها بغیر همز من أحفی الشعر و من قال تحتفئوا مهموزا من الحفإ و هو البرری فباطل لأن البرری لیس من البقول و قال أبو عبید هو من الحفإ مهموز مقصور و هو أصل البرری الأبیض الرطب منه و قد یؤكل یقول ما لم تقتلعوا هذا بعینه فتأكلوه و یروی ما لم تحتفوا بتشدید الفاء من احتففت الشی ء إذا أخذته كله كما تحف المرأة وجهها من الشعر(3).

و قال فی باب الجیم مع الفاء و منه الحدیث متی تحل لنا المیتة قال ما لم تجتفئوا بقلا أی تقتلعوه و ترموا به من جفأت القدر إذا رمیت بما یجتمع

ص: 149


1- 1. من لا یحضره الفقیه 3: 216 و 217 تهذیب الأحكام:
2- 2. النهایة 2: 271.
3- 3. النهایة 1: 276.

علی رأسها من الزبد و الوسخ (1).

و قال فی باب الخاء مع الفاء أو تختفوا بقلا أی تظهرونه یقال اختفیت الشی ء إذا أظهرته و أخفیته إذا سترته انتهی (2).

و قال الطیبی تحتفوا بها أی بالأرض فشأنَكم بِها أی الزموا المیتة و أو بمعنی الواو فیجب نفی الخلال الثلاث حتی تحل لنا المیتة و ما للمدة أی یحل لكم مدة عدم اصطباحكم انتهی.

و أقول فی بعض نسخ الفقیه بالواو فی الموضعین فلا یحتاج إلی تكلف و علی الحاء المهملة یحتمل أن تكون كنایة عن استیصال البقل فإن هذا شائع فی عرفنا علی التمثیل فلعله كان فی عرفهم أیضا كذلك و فی بعض نسخ التهذیب تحتقبوا بالحاء المهملة و القاف و الباء الموحدة فالمراد به الادخار قال فی القاموس احتقبه ادخره و قال الحقیبة كل ما شد فی مؤخر رحل أو قتب و الظاهر أنه تصحیف.

بإخناقها كأنه علی بناء الإفعال أی بأن یخنقها غیره أو بأن یختنق فی مضیق أو بالفتح علی صیغة الجمع أی بأسباب خنقها قال الجوهری الخنق بكسر النون مصدر قولك خنقه یخنقه و كذلك خنقه و منه الخناق و أخنق هو و اختنقت الشاة بنفسها فهی منخنقة.

و فی القاموس الزَّلَم محركة قدح لا ریش علیه و الأنصباء جمع النصیب و الأسماء السبعة المذكورة فی الخبر علی خلاف الترتیب المشهور و لعله من الرواة أو یقال أنه علیه السلام لم یكن بصدد تعلیمه بل أشار مجملا إلی ما كانوا یعلمونه بل یمكن أن یكون علیه السلام تعمد ذلك لئلا یكون تعلیما للقمار و إن أمكن الاستدلال به علی جواز تعلیم القمار و تعلمه لغیر العمل قال الجوهری سهام المَیْسَرة عشرة أولها الفَذُّ ثم التَّوْأَم ثم الرقیب ثم الحلس ثم النَّافس ثم المُسبِل ثم المُعَلَّی

ص: 150


1- 1. النهایة 1: 195.
2- 2. النهایة 1: 343.

و ثلاثة لا أنصباء لها و هی السفیح و المنیح و الوغد انتهی مع أن بینهم أیضا خلافا فی بعضها قال الفیروزآبادی المسبل كمحسن السادس أو الخامس من قداح المیسر(1).

«20»- تُحَفُ الْعُقُولِ، فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَمَّا مَا یَحِلُّ لِلْإِنْسَانِ أَكْلُهُ مِمَّا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ فَثَلَاثَةُ صُنُوفٍ مِنَ الْأَغْذِیَةِ صِنْفٌ مِنْهَا جَمِیعُ الْحَبِّ كُلِّهِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَ الشَّعِیرِ وَ الْأَرُزِّ وَ الْحِمَّصِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ الْحَبِّ وَ صُنُوفِ السَّمَاسِمِ وَ غَیْرِهَا كُلُّ شَیْ ءٍ مِنَ الْحَبِّ مِمَّا یَكُونُ فِیهِ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ فِی بَدَنِهِ وَ قُوتُهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ تَكُونُ فِیهِ الْمَضَرَّةُ عَلَی الْإِنْسَانِ فِی بَدَنِهِ فَحَرَامٌ

أَكْلُهُ إِلَّا فِی حَالِ الضَّرُورَةِ وَ الصِّنْفُ الثَّانِی مِمَّا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ صُنُوفُ الثِّمَارِ كُلِّهَا مِمَّا یَكُونُ فِیهِ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَ مَنْفَعَةٌ لَهُ وَ قُوتُهُ بِهِ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا كَانَ فِیهِ الْمَضَرَّةُ عَلَی الْإِنْسَانِ فِی أَكْلِهِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَ الصِّنْفُ الثَّالِثُ جَمِیعُ صُنُوفِ الْبُقُولِ وَ النَّبَاتِ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنَ الْبُقُولِ كُلِّهَا مِمَّا فِیهِ مَنَافِعُ الْإِنْسَانِ وَ غِذَاؤُهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا كَانَ مِنْ صُنُوفِ الْبُقُولِ مِمَّا فِیهِ الْمَضَرَّةُ عَلَی الْإِنْسَانِ فِی أَكْلِهِ نَظِیرُ بُقُولِ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ وَ نَظِیرُ الدِّفْلَی (2) وَ غَیْرُ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ السَّمِّ الْقَاتِلِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَ أَمَّا مَا یَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ لُحُومِ الْحَیَوَانِ فَلُحُومُ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ وَ الْإِبِلِ وَ مَا یَحِلُّ مِنْ لُحُومِ الْوَحْشِ كُلُّ مَا لَیْسَ فِیهِ نَابٌ وَ لَا لَهُ مِخْلَبٌ وَ مَا یَحِلُّ مِنْ لُحُومِ الطَّیْرِ كُلُّ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا لَمْ یَكُنْ لَهُ قَانِصَةٌ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ صُنُوفِ الْجَرَادِ

ص: 151


1- 1. و فی النافس أیضا اختلاف انه الخامس أو الرابع.
2- 2. الدفلی بكسر اوله مقصورا: نبت زهره اعتیادیا كالورد الأحمر و حمله كالخرنوب یقال له بالفارسیة: خرزهره.

وَ أَمَّا مَا یَجُوزُ أَكْلُهُ مِنَ الْبَیْضِ فَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا اسْتَوَی طَرَفَاهُ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَ مَا یَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْ صَیْدِ الْبَحْرِ مِنْ صُنُوفِ السَّمَكِ مَا كَانَ لَهُ قُشُورٌ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا لَمْ یَكُنْ لَهُ قُشُورٌ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ وَ مَا یَجُوزُ مِنَ الْأَشْرِبَةِ مِنْ جَمِیعِ صُنُوفِهَا فَمَا لَا یُغَیِّرُ الْعَقْلَ كَثِیرُهُ فَلَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ یُغَیِّرُ مِنْهَا الْعَقْلَ كَثِیرُهُ فَالْقَلِیلُ مِنْهُ حَرَامٌ (1).

بیان: جمع السماسم إما باعتبار أنواعها من البری و البستانی أو باعتبار معانیه علی المجاز أو باعتبار إطلاقها علی ما یشبهها من الحبوب الصغار توسعا.

قال الفیروزآبادی السمسم بالكسر حب الحل و البری منه یعرف بخلبهنك و الجُلْجُلان و حبه و قال الدِّفل بالكسر و كذكری نبت مر فارسیه خرزهره (2)

قتال زهره كالورد الأحمر و حمله كالخُرنُوب نافع للجَرَب و الحِكَّة طَلاء و لوجع الركبة و الظهر ضمادا و لطرد البراغیث و الأرض (3)

رَشّاً بطبیخه و لإزالة البرص طلاء بلُبه اثنتی عشرة مرة بعد الإنقاء.

«21»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ (4) قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ الْجُبُنِّ فَقَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِی عَنْ طَعَامٍ یُعْجِبُنِی ثُمَّ أَعْطَی الْغُلَامَ دَرَاهِمَ (5) فَقَالَ یَا غُلَامُ ابْتَعْ لِی جُبُنّاً وَ دَعَا بِالْغَدَاءِ فَتَغَدَّیْنَا مَعَهُ وَ أُتِیَ بِالْجُبُنِّ فَقَالَ كُلْ (6) فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْغَدَاءِ قُلْتُ مَا تَقُولُ فِی الْجُبُنِّ قَالَ أَ وَ لَمْ تَرَنِی أَكَلْتُهُ قُلْتُ بَلَی

ص: 152


1- 1. تحف العقول: 337 و 338.
2- 2. فی المخطوطة: یقال بفارسیة: خرزهره.
3- 3. الأرض جمع الأرضة: دویبة تأكل الخشب.
4- 4. فی المصدر: ابن محبوب عن عبد اللّٰه بن سنان عن عبد اللّٰه بن سلیمان.
5- 5. فی الكافی: درهما.
6- 6. الكافی: فاتی بالجبن فأكل و أكلنا معه فلما فرغنا.

وَ لَكِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ فَقَالَ سَأُخْبِرُكَ عَنِ الْجُبُنِّ وَ غَیْرِهِ كُلُّ مَا یَكُونُ فِیهِ حَلَالٌ وَ حَرَامٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّی تَعْرِفَ الْحَرَامَ بِعَیْنِهِ فَتَدَعَهُ (1).

الكافی، عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد بن عیسی عن ابن محبوب: مثله (2).

بیان: فی القاموس الجبن بالضم و بضمتین و كعتل معروف انتهی و الظاهر أن السؤال عن الجبن لأن العامة كانوا یتنزهون عنه لاحتمال أن تكون الإنفحة التی یأخذون منها الجبن مأخوذة من میتة و الإنفحة عندنا من المستثنیات من المیتة فیمكن أن یكون جوابه علیه السلام علی سبیل التنزل أی لو كانت الإنفحة بحكم المیتة لكان یجوز لنا أكل الجبن لعدم العلم باتخاذه منها فكیف و هی لا یجری فیها حكم المیتة أو باعتبار نجاستها قبل الغسل علی القول بها أو باعتبار أن المجوس كانوا یعملونها غالبا كما یظهر من بعض الأخبار.

و قال فی النهایة فی حدیث ابن الحنفیة كل الجبن عرضا أی اشتره ممن وجدته و لا تسأل عمن عمله من مسلم أو غیره مأخوذ من عرض الشی ء أی ناحیته (3).

«22»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ الْجُبُنِّ وَ قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِی مَنْ رَأَی أَنَّهُ یُجْعَلُ فِیهِ الْمَیْتَةُ فَقَالَ مِنْ أَجْلِ (4) مَكَانٍ وَاحِدٍ یُجْعَلُ فِیهِ الْمَیْتَةُ حُرِّمَ فِی جَمِیعِ الْأَرَضِینَ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مَیْتَةٌ فَلَا تَأْكُلْهُ وَ إِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَاشْتَرِ وَ كُلْ (5)

وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْتَرِضُ السُّوقَ فَأَشْتَرِی بِهَا اللَّحْمَ وَ السَّمْنَ وَ الْجُبُنَّ وَ اللَّهِ مَا أَظُنُّ كُلَّهُمْ یُسَمُّونَ هَذِهِ الْبَرْبَرُ وَ هَذِهِ السُّودَانُ (6).

ص: 153


1- 1. المحاسن: 495.
2- 2. فروع الكافی 6: 339 و فیه: ابن محبوب عن عبد اللّٰه بن سنان عن عبد اللّٰه بن سلیمان.
3- 3. النهایة 3: 93.
4- 4. فی المصدر: أ من اجل.
5- 5. فی المصدر: فاشتر و بع و كل.
6- 6. المحاسن: 945.

تبیین: اعتراض السوق أن یأتیه و یشتری من أی بایع كان من غیر تفحص و سؤال قال الجوهری و خرجوا یضربون الناس عن عرض أی عن شق و ناحیة كیفما اتفق لا یبالون من ضربوا و قال محمد بن الحنفیة كل الجبن عرضا قال الأصمعی یعنی اعترضه (1) و اشتره ممن وجدته و لا تسأل عن عمله (2) أ من عمل أهل الكتاب أم عمل المجوس و یقال استعرض العرب أی سل من شئت منهم.

و فی القاموس بربر جیل و الجمع البرابرة و هم أمة بالمغرب و أمة أخری بین الحبوش و الزنج یقطعون مذاكیر الرجال و یجعلونها مهور نسائهم انتهی. ثم إن الخبر یدل علی جواز شراء اللحوم و أمثالها من سوق المسلمین و مرجوحیة التفحص و السؤال و قال المحقق رحمه اللّٰه و غیره ما یباع فی أسواق المسلمین من الذبائح و اللحوم یجوز شراؤه و لا یلزم الفحص عن حاله. و قال فی المسالك لا فرق فی ذلك بین ما یوجد بید رجل معلوم الإسلام و مجهوله و لا فی المسلم بین كونه ممن یستحل ذبیحة الكتابی و غیره علی أصح القولین عملا بعموم النصوص و الفتاوی و مستند الحكم أخبار كثیرة و مثله ما یوجد بأیدیهم من الجلود و اعتبر فی التحریر كون المسلم ممن لا یستحل ذبائح أهل الكتاب و هو ضعیف جدا لأن جمیع المخالفین یستحلون ذبائحهم فیلزم علی هذا أن لا یجوز أخذه من المخالفین مطلقا و الأخبار ناطقة بخلافه و اعلم أنه لیس فی كلام الأصحاب ما یعرف به سوق الإسلام من غیره فكان الرجوع فیه إلی العرف

وَ فِی مُوَثَّقَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْفَرْوِ الْیَمَانِیِّ وَ فِیمَا صُنِعَ فِی أَرْضِ الْإِسْلَامِ قُلْتُ لَهُ وَ إِنْ كَانَ فِیهَا غَیْرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَالَ إِذَا كَانَ الْغَالِبَ عَلَیْهَا الْمُسْلِمُونَ فَلَا بَأْسَ.

و علی هذا ینبغی أن یكون العمل و هو غیر مناف للعرف أیضا فیتمیز سوق الإسلام بأغلبیة المسلمین فیه سواء كان حاكمهم مسلما و حكمه نافذا أم لا عملا

ص: 154


1- 1. فی المخطوطة: اعرضه.
2- 2. و لعله تصحیف: من عمله.

بالعموم و كما یجوز شراء اللحم و الجلد من سوق الإسلام لا یلزم البحث عنه هل ذابحه مسلم أم لا و أنه هل سمی و استقبل بذبیحته القبلة أم لا و لا یستحب و لو قیل بالكراهة كان وجها للنهی عنه فی الخبر الذی أقل مراتبه الكراهة و فی الدروس اقتصر علی نفی الاستحباب.

«23»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ حَبِیبٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْجُبُنِّ وَ أَنَّهُ تُوضَعُ فِیهِ الْإِنْفَحَةُ مِنَ الْمَیْتَةِ(1) قَالَ لَا یَصْلُحُ ثُمَّ أَرْسَلَ بِدِرْهَمٍ قَالَ (2) اشْتَرِ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَ لَا تَسْأَلْهُ عَنْ شَیْ ءٍ(3).

«24»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ(4) عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ الْجُبُنِّ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّهُ لَطَعَامٌ یُعْجِبُنِی فَسَأُخْبِرُكَ عَنِ الْجُبُنِّ وَ غَیْرِهِ كُلُّ شَیْ ءٍ فِیهِ الْحَلَالُ وَ الْحَرَامُ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّی تَعْرِفَ الْحَرَامَ فَتَدَعَهُ بِعَیْنِهِ (5).

«25»- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْمَشِیخَةِ لِابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ ضُرَیْسٍ الْكُنَاسِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ السَّمْنِ وَ الْجُبُنِّ نَجِدُهُ فِی أَرْضِ الْمُشْرِكِینَ فِی الرُّومِ أَ نَأْكُلُهُ قَالَ فَقَالَ أَمَّا مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ قَدْ خَالَطَهُ الْحَرَامَ فَلَا تَأْكُلْهُ وَ أَمَّا مَا لَمْ تَعْلَمْ فَكُلْهُ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ (6).

«26»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ:

ص: 155


1- 1. فی المحاسن: و انه یصنع فیه الانفحة قال:
2- 2. فی المصدر: فقال.
3- 3. المحاسن: 496.
4- 4. فی المصدر: عن معاویة بن عمار.
5- 5. المحاسن: 496.
6- 6. السرائر:

كُلُّ شَیْ ءٍ یَكُونُ فِیهِ حَرَامٌ وَ حَلَالٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ أَبَداً حَتَّی تَعْرِفَ مِنْهُ الْحَرَامَ بِعَیْنِهِ فَدَعْهُ (1).

«27»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ علیه السلام، قَالَ علیه السلام: قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یا أَیُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِی الْأَرْضِ مِنْ ثِمَارِهَا وَ أَطْعِمَتِهَا حَلالًا طَیِّباً لَكُمْ إِذَا أَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ فِی تَعْظِیمِ مَنْ عَظَّمَهُ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِمَنْ أَهَانَهُ وَ صَغَّرَهُ (2).

«28»- وَ مِنْهُ، قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا بِتَوْحِیدِ اللَّهِ وَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِمَامَةِ عَلِیٍّ وَلِیِّ اللَّهِ كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ عَلَی مَا رَزَقَكُمْ مِنْهَا بِالْمُقَامِ عَلَی وَلَایَةِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ لِیَقِیَكُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ شُرُورَ الشَّیَاطِینِ الْمُتَمَرِّدَةِ عَلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَ (3).

«29»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ (4) قَالَ: سَأُخْبِرُكَ عَنِ الْجُبُنِّ وَ غَیْرِهِ كُلُّ مَا كَانَ فِیهِ حَلَالٌ وَ حَرَامٌ فَهُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّی تَعْرِفَ الْحَرَامَ بِعَیْنِهِ فَتَدَعَهُ (5).

«30»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی الْجُبُنِّ قَالَ كُلُّ شَیْ ءٍ لَكَ حَلَالٌ حَتَّی یَجِیئَكَ شَاهِدَانِ یَشْهَدَانِ عِنْدَكَ أَنَّ فِیهِ مَیْتَةً(6).

بیان: یدل علی أن أمثال هذه من قبیل ما تقبل فیه الشهادة لا الروایة و قد اختلف الأصحاب فیه.

ص: 156


1- 1. السرائر:
2- 2. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام: 265 فی ط.
3- 3. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام : 266.
4- 4. تقدم الحدیث بتمامه عنه و عن المحاسن تحت الرقم 21.
5- 5. فروع الكافی 6: 339.
6- 6. فروع الكافی 6: 339.

«31»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مُحَرِّمَ الْحَلَالِ كَمُحِلِّ الْحَرَامِ (1).

الضوء فائدة الحدیث الأمر بالانتهاء إلی ما حده اللّٰه فی التحلیل و التحریم و إعلام أن من حرم الحلال عوقب معاقبة من حلل الحرام و الراوی ابن عمر(2).

«32»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ وَ عِدَّةٍ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: التَّقِیَّةُ فِی كُلِّ شَیْ ءٍ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ اضْطُرَّ إِلَیْهِ ابْنُ آدَمَ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ (3).

«33»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: الْمُضْطَرُّ لَا یَشْرَبُ الْخَمْرَ لِأَنَّهَا لَا تَزِیدُهُ إِلَّا شَرّاً فَإِنْ شَرِبَهَا قَتَلَتْهُ فَلَا تَشْرَبَنَّ مِنْهَا قَطْرَةً(4).

الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ (5)

عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ وَ لِأَنَّهُ إِنْ شَرِبَهَا قَتَلَتْهُ فَلَا یَشْرَبْ مِنْهُ قَطْرَةً(6).

«34»- وَ رُوِیَ: لَا تَزِیدُهُ إِلَّا عَطَشاً(7).

ثم قال الصدوق رحمه اللّٰه جاء هذا الحدیث هكذا كما أوردته و شرب الخمر فی حال الاضطرار مباح مطلق مثل المیتة و الدم و لحم الخنزیر و إنما أوردته لما فیه من العلة و لا قوة إلا باللّٰه (8).

«35»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ قَالَ الْبَاغِی طَالِبُ الصَّیْدِ وَ الْعَادِی السَّارِقُ لَیْسَ لَهُمَا أَنْ یُقَصِّرَا

ص: 157


1- 1. الشهاب: لیست نسخته عندی موجودة.
2- 2. الضوء لیست نسخته عندی موجودة.
3- 3. المحاسن: 259.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 74.
5- 5. فی المصدر أحمد بن الفضل المعروف بأبی عمر( و) طیبة.
6- 6. علل الشرائع 2: 154.
7- 7. علل الشرائع 2: 154.
8- 8. علل الشرائع 2: 154.

مِنَ الصَّلَاةِ وَ لَیْسَ لَهُمَا إِذَا اضْطُرَّا إِلَی الْمَیْتَةِ أَنْ یَأْكُلَاهَا وَ لَا یَحِلُّ لَهُمَا مَا یَحِلُّ لِلنَّاسِ إِذَا اضْطُرُّوا(1).

«36»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ الَّتِی مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا بِلَا ذَبَاحَةٍ مِنْ حَیْثُ أَذِنَ اللَّهُ فِیهَا وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ أَنْ یَأْكُلُوهُ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَیْرِ اللَّهِ مَا ذُكِرَ اسْمُ غَیْرِ اللَّهِ عَلَیْهِ مِنَ الذَّبَائِحِ وَ هِیَ الَّتِی یَتَقَرَّبُ بِهَا الْكُفَّارُ بِأَسَامِی أَنْدَادِهِمُ الَّتِی اتَّخَذُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ فَمَنِ اضْطُرَّ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ غَیْرَ باغٍ وَ هُوَ غَیْرُ بَاغٍ عِنْدَ ضَرُورَتِهِ عَلَی إِمَامٍ هُدًی وَ لا عادٍ وَ لَا مُعْتَدٍ قَوَّالٍ بِالْبَاطِلِ فِی نُبُوَّةِ مَنْ لَیْسَ بِنَبِیٍّ وَ لَا إِمَامَةِ مَنْ لَیْسَ بِإِمَامٍ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ فِی تَنَاوُلِ هَذِهِ الْأَشْیَاءِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ سَتَّارٌ لِعُیُوبِكُمْ أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ رَحِیمٌ بِكُمْ حِینَ أَبَاحَ لَكُمْ فِی الضَّرُورَةِ مَا حَرَّمَهُ فِی الرَّخَاءِ(2).

تبیین: و تفضیل اعلم أنه لا خلاف فی الجملة فی أن تحریم تناول المحرمات مختص بحال الاختیار و مع الضرورة یسوغ التناول (3) إلا للباغی و العادی و قد مضت الأقوال فیهما فی تفسیر الآیة و اختلف الأصحاب أیضا فیهما فقیل الباغی الخارج علی إمام زمانه و العادی الذی یقطع الطریق و قیل الباغی الآخذ عن مضطر مثله بأن یكون لمضطر آخر شی ء لسد رمقه فیأخذه منه و ذلك غیر جائز بل یترك نفسه حتی یموت و لا یمیت الغیر و العادی الذی یتجاوز مقدار الضرورة قیل الباغی الطالب للمیتة أو الطالب للذة و العادی الذی یتجاوز مقدار الشبع

ص: 158


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 75.
2- 2. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام : 268.
3- 3. بل الظاهر من روایة لزوم ذلك، و الروایة: ذكرها الصدوق فی الفقیه 3: 218 و كان المناسب أن یذكرها المصنّف فی الباب و لعله غفل عنها و هی: قال الصادق علیه السلام : من اضطر الی المیتة و الدم و لحم الخنزیر فلم یأكل شیئا من ذلك حتّی یموت فهو كافر. و هذا فی نوادر الحكمة لمحمّد بن أحمد بن یحیی بن عمران الأشعریّ.

و قد عرفت ما ورد فی الأخبار من تفسیرهما و الاضطرار یحصل بخوف التلف و هل یشترط فیه الظن أو یكفی مجرد الخوف فیه إشكال و ألحق الأكثر بخوف التلف خوف المرض الذی لیس بیسیر و كذا زیادته أو طوله و كذا خوف العجز بترك التناول عن المشی الضروری أو مصاحبة الرفقة الضروریة حیث یخاف بالتخلف عنهم علی نفسه أو عرضه و كذا الخوف علی من معه و ربما یلحق بها الخوف علی تلف المال علی بعض الوجوه لحصول معنی الاضطرار فی هذه الصورة و قال الشیخ فی النهایة لا یجوز أن یأكل المیتة إلا إذا خاف تلف النفس فإن خاف ذلك أكل ما یمسك به الرمق و لا یمتلئ منه و وافقه جماعة من الأصحاب و لا یجب الامتناع إلی أن یشرف علی الموت فإن التناول حینئذ لا ینفع و لا یختص جواز تناول المحرم فی حال الاضطرار بنوع منه لكن بعض المحرمات مقدم علی بعض كما سیأتی و لا ریب و لا خلاف فی أن المضطر یجوز له أن یتناول قدر سد الرمق یعنی ما یحفظ نفسه عن الهلاك و لا یجوز له أن یزید علی الشبع اتفاقا و هل یجوز له أن یزید عن سد الرمق إلی الشبع ظاهر الأكثر العدم و هو حسن إن اندفعت به الحاجة أما لو دعت الضرورة إلی الشبع كما لو كان فی بادیة و خاف أن لا یقوی علی قطعها لو لم یشبع أو احتاج إلی المشی أو العدو و توقف علی الشبع جاز تناول ما دعت الضرورة إلیه و یجوز التزود منه إذا خاف عدم الوصول إلی الحلال ثم هل التناول فی موضع الضرورة علی وجه الوجوب أو علی سبیل الرخصة فله التنزه عنه الأقرب الأول لأن تركه یوجب إعانته علی نفسه و قد نهی عنه فی الكتاب و السنة(1) و إذا تمكن المضطر من أخذ مال الغیر فإن كان الغیر محتاجا مثله فلا یجوز الأخذ عنه ظلما و هو أحد معانی الباغی كما سبق و یحتمل عدم جواز الأخذ عنه مطلقا

لأنه یوجب هلاكه فهو كإهلاك الغیر لإبقاء نفسه و الأقرب أنه لا یجوز إیثار الغیر إذا كان ذلك موجبا لهلاك نفسه لقوله تعالی وَ لا تُلْقُوا(2) الآیة.

ص: 159


1- 1. اوردنا ما یدلّ علی ذلك عن الفقیه قبل ذلك.
2- 2. البقرة: 195.

و قیل یجوز لقوله تعالی وَ یُؤْثِرُونَ عَلی أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ(1) و ضعف بأن الخاص حاكم علی العام و لو لم یكن المالك مضطرا إلیه و كان هناك مضطر وجب علی المالك بذله له إن كان المضطر مسلما و كذا إذا كان ذمیا أو مستأمنا علی المعروف بینهم و لو ظن الاحتیاج إلیه فی ثانی الحال ففی وجوب البذل للمضطر فی الحال نظر و لو منع المالك جاز للمضطر الأخذ عنه قهرا بل یجب علیه ذلك بل المقاتلة علیه و لو كان للمضطر ثمن لم یجب علی المالك البذل مجانا و لو طلب المالك الثمن حینئذ وجب علی المضطر بذله و إن طلب زیادة عن ثمن المثل قال الشیخ لا تجب الزیادة و لعل الأقرب الوجوب لارتفاع الضرورة بالتمكن و لو لم یكن للمضطر ثمن ففی وجوب البذل علیه عند القدرة قولان و لو وجدت میتة و طعام الغیر فإن بذل له الغیر طعامه بغیر عوض أو بعوض هو قادر علیه لم تحل المیتة و إن كان العوض أكثر من ثمن المثل علی الأقرب و إن لم یبذل المالك و قدر علی الأخذ منه قهرا أو كان المالك غالبا ففی تقدیم أكل المیتة أو مال الغیر أو التخییر أوجه.

و لو لم یوجد إلا الخمر قال الشیخ فی المبسوط لا یجوز رفع الضرورة بها و ذهب جماعة منهم الشیخ فی النهایة إلی الجواز ترجیحا لحفظ النفس و یدل علیه ما سیأتی من خبر محمد بن عذافر و غیره و هی و إن كان فیها جهالة لكنها مرویة بأسانید یؤید بعضها بعضا و یدل علی الأول ما تقدم من روایة أبی بصیر التی رواها العیاشی و الصدوق و فی سندها ضعف و یمكن حملها علی تحریم التداوی بها و إن كانت التتمة التی رواها الصدوق مرسلا ظاهرها شمولها للعطش أیضا و أما التداوی بالخمر و سائر المحرمات فقد مر الكلام فیه فی أبواب الطب و قد مر أیضا أن عند الضرورة البول مقدم علی الخمر و بول نفسه علی بول غیره علی قول و قالوا لو لم یجد إلا آدمیا میتا جاز له الأكل منه و استثنی بعضهم ما إذا كان المیت نبیا و لو وجد المضطر میتة و لحم آدمی أكل المیتة دون الآدمی و لو

ص: 160


1- 1. الحشر: 9.

وجد آدمیا حیا فإن كان معصوم الدم لم یجز و إن كان كافرا كالذمی و المعاهد و كذا لا یجوز للسید أكل عبده و لا للوالد أكل ولده و إن لم یكن معصوم الدم كالحربی و المرتد جاز له قتله و أكله و إن كان قتله متوقفا علی إذن الإمام لأن ذلك مخصوص بحالة الاختیار و فی معناهما الزانی المحصن و المحارب و تارك الصلاة مستحلا و غیرهم ممن یباح قتله و لو كان له علی غیره قصاص و وجده فی حالة الاضطرار فله قتله قصاصا و أكله و أما المرأة الحربیة و صبیان أهل الحرب ففی جواز قتلهم و أكلهم وجهان و رجح بعض المتأخرین الجواز لأنهم لیسوا بمعصومین و لیس المنع من قتلهم فی غیر حالة الضرورة لحرمة روحهم و لهذا لا یتعلق به كفارة و لا دیة بخلاف الذمی و المعاهد و إذا لم یجد المضطر سوی نفسه بأن یقطع فِلْذَةً من فَخِذه و نحوه من

المواضع اللَّحِمَة فإن كان الخوف فیه كالخوف علی النفس بترك الأكل أو أشد حرم القطع قطعا و إن كان أرجی للسلامة ففیه وجهان.

ص: 161

باب 2 علل تحریم المحرمات من المأكولات و المشروبات

«1»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَ لَا لَذَّةَ أَفْضَلُ مِنْهَا قَالَ حَرَّمَهَا لِأَنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ وَ رَأْسُ كُلِّ شَرٍّ یَأْتِی عَلَی شَارِبِهَا سَاعَةٌ یُسْلَبُ لُبُّهُ وَ لَا یَعْرِفُ رَبَّهُ وَ لَا یَتْرُكُ مَعْصِیَةً إِلَّا رَكِبَهَا وَ لَا حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا وَ لَا رَحِماً مَاسَّةً إِلَّا قَطَعَهَا وَ لَا فَاحِشَةً إِلَّا أَتَاهَا وَ السَّكْرَانُ زِمَامُهُ بِیَدِ الشَّیْطَانِ إِنْ أَمَرَهُ أَنْ یَسْجُدَ لِلْأَوْثَانِ سَجَدَ وَ یَنْقَادُ حَیْثُ مَا قَادَهُ قَالَ فَلِمَ حَرَّمَ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ قَالَ لِأَنَّهُ یُورِثُ الْقَسَاوَةَ وَ یَسْلُبُ الْفُؤَادَ رَحْمَتَهُ وَ یُعَفِّنُ الْبَدَنَ وَ یُغَیِّرُ اللَّوْنَ وَ أَكْثَرَ مَا یُصِیبُ الْإِنْسَانَ الْجُذَامُ یَكُونُ مِنْ أَكْلِ الدَّمِ قَالَ فَأَكْلُ الْغُدَدِ قَالَ یُورِثُ الْجُذَامَ قَالَ فَالْمَیْتَةُ لِمَ حَرَّمَهَا قَالَ فَرْقاً بَیْنَهَا وَ بَیْنَ مَا یُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ الْمَیْتَةُ قَدْ جَمَدَ فِیهَا الدَّمُ وَ تَرَاجَعَ إِلَی بَدَنِهَا فَلَحْمُهَا ثَقِیلٌ غَیْرُ مَرِی ءٍ لِأَنَّهَا یُؤْكَلُ لَحْمُهَا بِدَمِهَا قَالَ فَالسَّمَكُ مَیْتَةٌ قَالَ إِنَّ السَّمَكَ ذَكَاتُهُ إِخْرَاجُهُ حَیّاً مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ یُتْرَكُ حَتَّی یَمُوتَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَیْسَ لَهُ دَمٌ وَ كَذَلِكَ الْجَرَادُ(1).

بیان: فی القاموس بینهم رحم ماسة قرابة قریبة.

قوله علیه السلام فرقا بینها أقول لما كان للموت الذی هو سبب التحریم سببان أحدهما عدم رعایة شرائط الذبح و النحر كالتسمیة و الاستقبال و ثانیهما عدم الذبح و النحر أصلا فذكر علیه السلام لكل واحد منهما علة فعلل الأول بعلة دینیة روحانیة و هو إطاعة أمر اللّٰه و البركات المترتبة علیها للبدن و الروح فی الدنیا و الآخرة

ص: 162


1- 1. الاحتجاج: ص.

مع أنه یمكن أن یكون لرعایة تلك الشرائط لا سیما التسمیة مدخلا فی منافع أجزاء الذبیحة و موافقتها للأبدان.

و علل الثانی بأنه مع عدم الذبح و النحر تتفرق الدماء التی فی العروق فی اللحم فتؤكل معه فیترتب علیه المفاسد المترتبة علی شرب الدم فاعترض السائل بأنه علی هذا یلزم حرمة السمك لأنه لا ذبح فیه و لا یخرج عنه الدم فأجاب علیه السلام بأنه لیس فیه دم كثیر سائل لیحتاج إلی الذبح لإخراجه و الدم القلیل الذی فیه كالدم المتخلف فی اللحم فیما له نفس سائلة فكما لا یضر الدم المتخلف و لا یحرم أكله فكذا هذا الدم.

«2»- الْعِلَلُ، وَ الْمَجَالِسُ، لِلصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیه السلام لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ

الْمَیْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ وَ الْخَمْرَ(1)

فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یُحَرِّمْ ذَلِكَ عَلَی عِبَادِهِ وَ أَحَلَّ لَهُمْ مَا سِوَی ذَلِكَ مِنْ رَغْبَةٍ فِیمَا أَحَلَّ لَهُمْ وَ لَا زُهْدٍ فِیمَا حَرَّمَ عَلَیْهِمْ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ وَ عَلِمَ (2) مَا تَقُومُ بِهِ أَبْدَانُهُمْ وَ مَا یُصْلِحُهَا(3) فَأَحَلَّهُ لَهُمْ وَ أَبَاحَهُ وَ عَلِمَ مَا یَضُرُّهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ (4)

ثُمَّ أَحَلَّهُ لِلْمُضْطَرِّ فِی الْوَقْتِ الَّذِی لَا یَقُومُ بَدَنُهُ إِلَّا بِهِ فَأَحَلَّهُ لَهُ بِقَدْرِ الْبُلْغَةِ(5)

لَا غَیْرِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَمَّا الْمَیْتَةُ فَإِنَّهُ لَمْ یَنَلْ أَحَدٌ مِنْهَا إِلَّا ضَعُفَ بَدَنُهُ وَ أُوهِنَتْ قُوَّتُهُ وَ انْقَطَعَ نَسْلُهُ وَ لَا یَمُوتُ آكِلُ الْمَیْتَةِ إِلَّا فَجْأَةً

ص: 163


1- 1. الفاظ الحدیث من المجالس، و اما هی فی العلل فتختلف مع المجالس فی بعض المواضع منها هاهنا ففیه: محمّد بن عذافر عن بعض رجاله عن ابی جعفر علیه السلام قال: قلت له: لم حرم اللّٰه عزّ و جلّ الخمر و المیتة و الدم و لحم الخنزیر.
2- 2. فی المصدرین: فعلم.
3- 3. فی المصدرین و الاختصاص: و ما یصلحهم.
4- 4. فی العلل و الاختصاص: فنهاهم عنه و حرمه علیهم.
5- 5. فی العلل و الاختصاص: فأمره أن ینال منه بقدر البلغة.

وَ أَمَّا الدَّمُ فَإِنَّهُ یُورِثُ أَكْلُهُ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ وَ یُورِثُ الْكَلَبَ (1) وَ قَسَاوَةَ الْقَلْبِ وَ قِلَّةَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ ثُمَّ لَا یُؤْمَنُ عَلَی حَمِیمِهِ وَ لَا یُؤْمَنُ عَلَی مَنْ صَحِبَهُ وَ أَمَّا لَحْمُ الْخِنْزِیرِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَسَخَ قَوْماً فِی صُوَرٍ شَتَّی مِثْلِ الْخِنْزِیرِ وَ الْقِرْدِ وَ الدُّبِّ ثُمَّ نَهَی عَنْ أَكْلِ الْمَثُلَةِ(2)

لِكَیْلَا یُنْتَفَعَ بِهَا وَ لَا یُسْتَخَفَّ بِعُقُوبَتِهَا وَ أَمَّا الْخَمْرُ فَإِنَّهُ حَرَّمَهَا لِفِعْلِهَا وَ فَسَادِهَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ وَ یُورِثُهُ الِارْتِعَاشَ وَ یَهْدِمُ مُرُوءَتَهُ وَ تَحْمِلُهُ عَلَی التَّجَسُّرِ(3)

عَلَی الْمَحَارِمِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ رُكُوبِ الزِّنَا حَتَّی لَا یُؤْمَنَ إِذَا سَكِرَ أَنْ یَثِبَ عَلَی حُرَمِهِ وَ هُوَ لَا یَعْقِلُ ذَلِكَ وَ الْخَمْرُ لَا تَزِیدُ شَارِبَهَا إِلَّا كُلَّ شَرٍّ(4).

العلل، عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمد بن عیسی و إبراهیم بن هاشم جمیعا عن ابن بزیع عن محمد بن عذافر عن أبیه عن أبی جعفر علیه السلام: سواء(5) أقول روی فی العلل الخبر بالسند الأول و فیه عن بعض رجاله مكان عن أبیه: الإختصاص، عن محمد بن عبد اللّٰه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (6)

ص: 164


1- 1. الكلب: العطش الشدید و داء یشبه الجنون یأخذ الكلاب فتعض الناس، و یعرض ذلك للإنسان الذی عضه ذلك الكلب.
2- 2. فی نسخة من المجالس و فی الاختصاص: عن أكل مثله.
3- 3. فی المصدرین: علی أن یجسر.
4- 4. علل الشرائع 2: 169 و 170، المجالس: 395( م 95).
5- 5. علل الشرائع 2: 170.
6- 6. الاختصاص: 103 فیه:« من رغبة فیما حرم علیهم و لا رهبة فیما أحل لهم» و فیه: « و أباحه لهم تفضلا منه علیهم لمصلحتهم» و فیه:« ثم أباحه للمضطر و احله له فی الوقت» و فیه« فانها لا یدنو منها أحد و لا یأكل الاضعف بدنه و نحل جسمه و ذهبت قوته و انقطع نسله و لا یموت إلا فجأة» و فیه:« و اما الدم فانه یورث أكله الماء الأصفر و یبخر الفم و ینتن الریح و یسی ء الخلق و یورث الكلب و القسوة للقلب و قلة الرأفة و الرحمة حتّی لا یؤمن أن یقتل و لده و والدیه و لا یؤمن علی حمیمه و علی من صحبه» و فیه:« فی صورة شی ء شبه الخنزیر و القرد و الدب و كان من الامساخ» و فیه: یذهب بقوته و یهدم مروءته.

العیاشی، عن محمد بن عبد اللّٰه عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (1) العلل، لمحمد بن علی بن إبراهیم عن أبیه عن جده إبراهیم بن هاشم عن محمد بن عیسی بن عبید عن عمر بن عثمان عن محمد بن علی عن بعض أصحابنا قال: قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام و ذكر مثله (2).

«3»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِیعٍ وَ رَوَی فِی الْعُیُونِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ وَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِیُّ وَ عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْمُكَتِّبُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ وَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیُّ وَ عَلِیُّ بْنُ عِیسَی الْمُجَاوِرُ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَی الْبَرْقِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَیْهِ حَرَّمَ الْخِنْزِیرَ لِأَنَّهُ مُشَوَّهٌ جَعَلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ عِظَةً لِلْخَلْقِ وَ عِبْرَةً وَ تَخْوِیفاً وَ دَلِیلًا عَلَی مَا مُسِخَ عَلَی خِلْقَتِهِ وَ لِأَنَّ غِذَاءَهُ أَقْذَرُ الْأَقْذَارِ مَعَ عِلَلٍ كَثِیرَةٍ وَ كَذَلِكَ حَرَّمَ الْقِرْدَ لِأَنَّهُ مُسِخَ مِثْلَ الْخِنْزِیرِ جَعَلَ عِظَةً وَ عِبْرَةً لِلْخَلْقِ دَلِیلًا عَلَی مَا مُسِخَ عَلَی خِلْقَتِهِ وَ صُورَتِهِ وَ جَعَلَ فِیهِ شِبْهاً مِنَ الْإِنْسَانِ لِیَدُلَّ عَلَی أَنَّهُ (3)

مِنَ الْخَلْقِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ أَیْضاً مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ حُرِّمَتِ الْمَیْتَةُ لِمَا فِیهَا مِنْ إِفْسَادِ الْأَبْدَانِ وَ الْآفَةِ وَ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَجْعَلَ التَّسْمِیَةَ سَبَباً لِلتَّحْلِیلِ وَ فَرْقاً بَیْنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الدَّمَ كَتَحْرِیمِ الْمَیْتَةِ لِمَا فِیهِ مِنْ فَسَادِ الْأَبْدَانِ وَ لِأَنَّهُ یُورِثُ الْمَاءَ الْأَصْفَرَ وَ یُبْخِرُ الْفَمَ وَ یُنَتِّنُ الرِّیحَ وَ یُسِی ءُ الْخُلُقَ وَ یُورِثُ الْقَسْوَةَ لِلْقَلْبِ

ص: 165


1- 1. تفسیر العیّاشیّ: ج 1 ص 291.
2- 2. العلل مخطوط لیست نسخته عندی.
3- 3. فی النسخة المخطوطة: دلیلا علی انه.

وَ قِلَّةَ الرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ حَتَّی لَا یُؤْمَنَ أَنْ یَقْتُلَ وَلَدَهُ وَ وَالِدَهُ وَ صَاحِبَهُ وَ حَرَّمَ الطِّحَالَ لِمَا فِیهِ مِنَ الدَّمِ وَ لِأَنَّ عِلَّتَهُ وَ عِلَّةَ الدَّمِ وَ الْمَیْتَةِ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ یَجْرِی مَجْرَاهَا فِی الْفَسَادِ(1).

بیان: قوله و لما أراد اللّٰه أشار إلی العلة الدینیة التی ذكرناها فی الخبر الأول.

«4»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: اعْلَمْ یَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمْ یُبِحْ أَكْلًا وَ لَا شُرْباً إِلَّا مَا فِیهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَ الصَّلَاحِ وَ لَمْ یُحَرِّمْ إِلَّا مَا فِیهِ الضَّرَرُ وَ التَّلَفُ وَ الْفَسَادُ فَكُلُّ نَافِعٍ مُقَوٍّ لِلْجِسْمِ فِیهِ قُوَّةٌ لِلْبَدَنِ فَحَلَالٌ وَ كُلُّ مُضِرٍّ یَذْهَبُ بِالْقُوَّةِ أَوْ قَاتِلٍ فَحَرَامٌ مِثْلُ السُّمُومِ وَ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ وَ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ وَ مَا لَا قَانِصَةَ لَهُ مِنْهَا وَ مِثْلُ الْبَیْضِ إِذِ اسْتَوَی طَرَفَاهُ وَ السَّمَكِ الَّذِی لَا فُلُوسَ لَهُ فَحَرَامٌ كُلُّهُ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَ الْعِلَّةُ فِی تَحْرِیمِ الْجِرِّیِّ وَ مَا أُجْرِیَ مَجْرَاهُ مِنْ سَائِرِ الْمُسُوخِ الْبَرِّیَّةِ وَ الْبَحْرِیَّةِ مَا فِیهَا مِنَ الضَّرَرِ لِلْجِسْمِ لِأَنَّ اللَّهَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ مَثَّلَ عَلَی صُوَرِهَا مُسُوخاً فَأَرَادَ أَنْ لَا یُسْتَخَفَّ بِمِثْلِهِ وَ الْمَیْتَةُ تُورِثُ الْكَلَبَ وَ مَوْتَ الْفَجْأَةِ وَ الْأَكْلَةِ وَ الدَّمُ یُقْسِی الْقَلْبَ وَ یُورِثُ الدَّاءَ الدُّبَیْلَةَ وَ أَمَّا السُّمُومُ فَقَاتِلَةٌ وَ الْخَمْرُ تُورِثُ قَسَاوَةَ الْقَلْبِ وَ یُسَوِّدُ الْأَسْنَانَ وَ یُبْخِرُ الْفَمَ وَ یُبَعِّدُ مِنَ اللَّهِ وَ یُقَرِّبُ مِنْ سَخَطِهِ وَ هُوَ مِنْ شَرَابِ إِبْلِیسَ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله شَارِبُ الْخَمْرِ مَلْعُونٌ شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَبَدَةِ أَوْثَانٍ یُحْشَرُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ (2).

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَیْهِ الرِّضَا علیه السلام فِیمَا كَتَبَ إِلَیْهِ مِنَ الْعِلَلِ إِنَّا وَجَدْنَا كُلَّ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَفِیهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ وَ بَقَاؤُهُمْ وَ لَهُمْ إِلَیْهِ الْحَاجَةُ الَّتِی لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهَا وَ وَجَدْنَا الْمُحَرَّمَ مِنَ الْأَشْیَاءِ لَا حَاجَةَ لِلْعِبَادِ

ص: 166


1- 1. علل الشرائع 2: 170 و 171.
2- 2. فقه الرضا:

إِلَیْهِ وَ وَجَدْنَاهُ مُفْسِداً دَاعِیاً إِلَی الْفَنَاءِ وَ الْهَلَاكِ ثُمَّ رَأَیْنَاهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ أَحَلَّ بَعْضَ مَا حَرَّمَ فِی وَقْتِ الْحَاجَةِ لِمَا فِیهِ مِنَ الصَّلَاحِ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ نَظِیرَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ إِذَا اضْطُرَّ إِلَیْهِ الْمُضْطَرُّ لِمَا فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الصَّلَاحِ وَ الْعِصْمَةِ وَ دَفْعِ الْمَوْتِ فَكَیْفَ الدَّلِیلُ عَلَی أَنَّهُ لَمْ یُحِلَّ مَا یُحِلُّ إِلَّا مَا فِیهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِلْأَبْدَانِ وَ حَرَّمَ مَا حَرَّمَ لِمَا فِیهِ مِنَ الْفَسَادِ(1).

أقول: تمام الخبر مع ما یؤید ذلك من الأخبار أوردناها فی باب علل الشرائع و الأحكام من كتاب العدل.

ص: 167


1- 1. علل الشرائع 2: 279.
باب 3 ما یحل من الطیور و سائر الحیوان و ما لا یحل

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَنْ سَلَمَةَ بَیَّاعِ الْجَوَارِی قَالَ: سَأَلَنِی رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنْ أَقُومَ لَهُ فِی بَیْدَرٍ وَ أَحْفَظَهُ فَكَانَ إِلَی جَانِبِی دَیْرٌ فَكُنْتُ أَقُومُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَأَتَوَضَّأُ وَ أُصَلِّی فَنَادَانِی الدَّیْرَانِیُّ ذَاتَ یَوْمٍ فَقَالَ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِی تُصَلِّی فَمَا أَرَی أَحَداً یُصَلِّیهَا فَقُلْتُ أَخَذْنَاهَا عَنِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ وَ عَالِمٌ هُوَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ سَلْهُ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ عَنِ الْبَیْضِ أَیُّ شَیْ ءٍ یَحْرُمُ مِنْهُ وَ عَنِ السَّمَكِ أَیُّ شَیْ ءٍ یَحْرُمُ مِنْهُ وَ عَنِ الطَّیْرِ أَیُّ شَیْ ءٍ یَحْرُمُ مِنْهُ قَالَ فَحَجَجْتُ مِنْ سَنَتِی فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ

لَهُ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَنِی أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ قَالَ وَ مَا هِیَ قُلْتُ قَالَ لِی سَلْهُ عَنِ الْبَیْضِ أَیُّ شَیْ ءٍ یَحْرُمُ مِنْهُ وَ عَنِ السَّمَكِ أَیُّ شَیْ ءٍ یَحْرُمُ مِنْهُ وَ عَنِ الطَّیْرِ أَیُّ شَیْ ءٍ یَحْرُمُ مِنْهُ فَقَالَ قُلْ لَهُ أَمَّا الْبَیْضُ كُلُّ مَا لَمْ تَعْرِفْ رَأْسَهُ مِنِ اسْتِهِ فَلَا تَأْكُلْهُ وَ أَمَّا السَّمَكُ فَمَا لَمْ یَكُنْ لَهُ قِشْرٌ فَلَا تَأْكُلْهُ وَ أَمَّا الطَّیْرُ فَمَا لَمْ تَكُنْ لَهُ قَانِصَةٌ فَلَا تَأْكُلْهُ قَالَ فَرَجَعْتُ مِنْ مَكَّةَ فَخَرَجْتُ إِلَی الدَّیْرَانِیِّ مُتَعَمِّداً فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ هَذَا وَ اللَّهِ نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه یؤكل من طیر الماء ما كانت له قانصة أو صیصیة و یؤكل من طیر البر ما دف و لا یؤكل ما صف فإن كان الطیر یصف و یدف و كان دفیفه أكثر من صفیفه أكل و إن كان صفیفه أكثر من دفیفه لم یؤكل (1).

بیان: المعروف بین الأصحاب أن بیض الطیور تابع لها فی الحل أو الحرمة و مع الاشتباه یؤكل ما اختلف طرفاه و لا یؤكل ما اتفقا و یدل علیه أخبار كثیرة

ص: 168


1- 1. الخصال ج 1 ص 139 و 140.

و سیأتی حكم السمك إن شاء اللّٰه.

و قال الجوهری القانصة واحدة القوانص و هی للطیر بمنزلة المصارین لغیرها و قال المصیر المعا و هو فعیل و الجمع المصران مثل رغیف و رغفان و المصارین جمع الجمع انتهی.

و یظهر من حدیث سماعة أنها بمنزلة المعدة للإنسان

حَیْثُ رُوِیَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كُلْ مِنْ طَیْرِ الْبَرِّ مَا كَانَ لَهُ حَوْصَلَةٌ وَ مِنْ طَیْرِ الْمَاءِ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ كَقَانِصَةِ الْحَمَامِ لَا كَمَعِدَةِ الْإِنْسَانِ.

و قال الشهید الثانی قدس سره و الصیصیة بكسر أوله بغیر همز الإصبع الزائدة فی باطن رجل الطائر بمنزلة الإبهام من بنی آدم لأنها شوكته و یقال للشوكة صیصیة أیضا انتهی.

ثم اعلم أن المعروف من مذهب الأصحاب أنه یحرم من الطیر ما كان صفیفه فی الطیران أكثر من دفیفه و لو تساویا أو كان الدفیف أكثر لم یحرم و المتساوی غیر مذكور فی الروایات و كأنه لندرة وقوعه و صعوبة استعلامه لكن یدل علی الحل عموم الآیات و الروایات و المعروف من مذهبهم أیضا أن ما لیست له قانصة و لا حوصلة و لا صیصیة فهو حرام و ما له إحداها فهو حلال و لا فرق فیه و فی الضابطة السابقة بین طیر البر و الماء.

و قال الشهید الثانی رحمه اللّٰه عند قول المحقق قدس اللّٰه روحه و ما له أحدها فهو حلال ما لم ینص علی تحریمه نبه بقوله ما لم ینص علی تحریمه علی أن هذه العلامات إنما تعتبر فی الطائر المجهول أما ما نص علی تحریمه فلا عبرة فیه بوجود هذا و الظاهر

أن الأمر لا یختلف و لا یعرف طیر محرم له أحد هذه و محلل خال عنها لكن المصنف رحمه اللّٰه تبع فی ذلك مورد النص حیث قال الرضا علیه السلام و القانصة و الحوصلة یمتحن بها من الطیر ما لا یعرف طیرانه و كل طیر مجهول.

ثم قال یقال دف الطائر فی طیرانه إذا حرك جناحیه كأنه یضرب بهما

ص: 169

دفه یعنی جنبه و صف إذا لم یتحرك كما تفعل الجوارح.

و قال الحوصلة بتشدید اللام و تخفیفها ما یجمع فیها الحب مكان المعدة لغیره.

«2»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: تَنَزَّهُوا عَنْ أَكْلِ الطَّیْرِ الَّذِی لَیْسَتْ لَهُ قَانِصَةٌ وَ لَا صِیصِیَةٌ وَ لَا حَوْصَلَةٌ وَ اتَّقُوا كُلَّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ(1).

توضیح: المراد بذی الناب كل ما له ناب أو الناب الذی یفترس به قال فی المصباح الناب من الإنسان هو الذی یلی الرباعیات قال ابن سینا و لا یجمع فی حیوان ناب و قرن معا.

و قال الشهید الثانی رحمه اللّٰه المراد من ذی الناب الذی یعدو به علی الحیوان و یقوی به و هو شامل للضعیف منه و القوی فیدخل فیه الكلب و الأسد و النمر و الفهد و الدب و القرد و الفیل و الذئب و الثعلب و الضبع و ابن آوی لأنها عادیة بأنیابها و خالف فی الجمیع مالك فكره السباع كلها من غیر تحریم و وافقنا أبو حنیفة علی تحریم جمیع ذلك و فرق الشافعیة بین ضعیف الناب منها كالثعلب و الضبع و ابن آوی و قویها فحرم الثانی دون الأول انتهی.

و فی القاموس المخلب ظفر كل سبع من الماشی و الطائر أو هو لما یصید من الطیر و الظفر لما لا یصید انتهی.

و عد المحقق قدس نفسه من محرمات الطیر ما كان له مخلاب یقوی به علی الطیر كالبازی و الصقر و العقاب و الشاهین و الباشق أو ضعیفا كالنسر و الرخمة و البغاث و قال فی المسالك تحریم ما كان له مخلاب من الطیر عندنا موضع وفاق و مالك علی أصله فی حله.

«3»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ

ص: 170


1- 1. الخصال 2: 615 و الحدیث من اجزاء حدیث اربعمائة.

عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ: أَنَّ الرِّضَا علیه السلام كَتَبَ إِلَیْهِ حَرَّمَ سِبَاعَ الطَّیْرِ وَ الْوُحُوشَ كُلَّهَا لِأَكْلِهَا مِنَ الْجِیَفِ وَ لُحُومِ النَّاسِ وَ الْعَذِرَةِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دَلَائِلَ مَا أَحَلَّ مِنَ الْوَحْشِ وَ الطَّیْرِ وَ مَا حَرَّمَ كَمَا قَالَ أَبِی علیه السلام كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِی مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ حَرَامٌ وَ كُلُّ مَا كَانَ لَهُ قَانِصَةٌ مِنَ الطَّیْرِ فَحَلَالٌ وَ عِلَّةٌ أُخْرَی تُفَرِّقُ بَیْنَ مَا أُحِلَّ مِنَ الطَّیْرِ وَ مَا حُرِّمَ قَوْلُهُ كُلْ مَا دَفَّ وَ لَا تَأْكُلْ مَا صَفَّ وَ حَرَّمَ الْأَرْنَبَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ السِّنَّوْرِ وَ لَهَا مَخَالِبُ كَمَخَالِبِ السِّنَّوْرِ وَ سِبَاعِ الْوُحُوشِ فَجَرَتْ مَجْرَاهَا فِی قَذَرِهَا فِی نَفْسِهَا وَ مَا یَكُونُ مِنْهَا مِنَ الدَّمِ كَمَا یَكُونُ مِنَ النِّسَاءِ لِأَنَّهَا مَسْخٌ (1).

العیون، بالأسانید المتقدمة فی الباب السابق عن ابن سنان: مثله (2).

توضیح: فجعل اللّٰه المفعول الثانی لجعل قوله كل ذی ناب إلخ أی لما كانت العلة فی حرمتها افتراسها الحیوانات و أكلها اللحوم جعل الفرق بینها و بین غیرها ما یدل علیه من الناب و المخلب و كذا القانصة دلیل علی أكلها الحبوب دون اللحوم فإن ما یأكل اللحم فله معدة كمعدة الإنسان و قوله علیه السلام و علة أخری یمكن أن یكون بیانا لقاعدة أخری ذكرها استطرادا فیكون المراد بالعلة القاعدة توسعا أو یكون الصفیف أیضا من علامات الجلادة و السبعیة كما هو الظاهر و یحتمل أن یكون و علة أخری كلام ابن سنان لكنه بعید و قوله علیه السلام و ما یكون منها كأنه معطوف علی أنها فیكون علة أخری للتحریم و یحتمل أن یكون الموصول مبتدأ و قوله لأنها مسخ خبر فیستفاد منها علة للتحریم أیضا.

«4»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِیَّةِ أَ تُؤْكَلُ قَالَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّمَا نَهَی عَنْهَا

ص: 171


1- 1. علل الشرائع: 167 و 168 فیه: و سباع الوحش.
2- 2. عیون الأخبار: ج 2 ص 93.

لِأَنَّهُمْ كَانُوا یَعْمَلُونَ عَلَیْهَا فَكَرِهَ أَنْ یُفْنُوهَا(1).

كتاب المسائل، بإسناده: مثله (2).

بیان: المعروف بین الأصحاب حتی كاد أن یكون إجماعا حل لحوم الخیل و البغال و الحمیر الأهلیة و ذهب أبو الصلاح إلی تحریم البغال و الأشهر أقوی لعموم الآیات و خصوص الأخبار و اختلف فی أشدها كراهة بعد اتفاقهم علی كراهة الجمیع فقیل البغال و قال الحمیر و كان الأقرب الأخیر.

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ بِسْطَامَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِ (3): أَنَّهُ سُئِلَ مَا قَوْلُكَ فِی هَذَا السَّمَكِ الَّذِی یَزْعُمُ إِخْوَانُنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّهُ حَرَامٌ فَقَالَ أَبُو سَعِیدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ الْكُوفَةُ جُمْجُمَةُ الْعَرَبِ وَ رُمْحُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ كَنْزُ الْإِیمَانِ فَخُذْ عَنْهُمْ أُخْبِرْكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَثَ (4) بِمَكَّةَ یَوْماً وَ لَیْلَةً بِذِی طُوًی ثُمَّ خَرَجَ وَ خَرَجْتُ مَعَهُ فَمَرَرْنَا بِرِفْقَةٍ جُلُوسٍ یَتَغَدَّوْنَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ الْغَدَاءَ فَقَالَ لَهُمْ أَفْرِجُوا لِنَبِیِّكُمْ فَجَلَسَ بَیْنَ رَجُلَیْنِ وَ جَلَسْتُ وَ تَنَاوَلَ رَغِیفاً فَصَدَعَ نِصْفَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی أُدْمِهِمْ فَقَالَ مَا أُدْمُكُمْ فَقَالُوا الْجِرِّیثُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَمَی بِالْكِسْرَةِ مِنْ یَدِهِ وَ قَامَ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ وَ تَخَلَّفْتُ بَعْدَهُ لِأَنْظُرَ مَا رَأَی النَّاسُ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِیمَا بَیْنَهُمْ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْجِرِّیثَ وَ قَالَتْ طَائِفَةٌ لَمْ یُحَرِّمْهُ وَ لَكِنْ عَافَهُ وَ لَوْ كَانَ حَرَّمَهُ لَنَهَانَا عَنْ أَكْلِهِ قَالَ فَحَفِظْتُ مَقَالَةَ الْقَوْمِ وَ تَبِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 172


1- 1. قرب الإسناد: 117.
2- 2. بحار الأنوار 10:
3- 3. رواه الكلینی فی فروع الكافی 6: 243 عن الحسین بن محمّد. و فیه: علی بن الحسن العبدی عن ابی هارون عن ابی سعید الخدریّ.
4- 4. فی المصدر:« انه مكث» و فی الكافی: اخبرك ان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله مكث بمكّة یوما و لیلة یطوی.

حَتَّی لَحِقْتُهُ ثُمَّ غَشِیَنَا رِفْقَةٌ أُخْرَی یَتَغَدَّوْنَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ الْغَدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ (1)

أَفْرِجُوا لِنَبِیِّكُمْ فَجَلَسَ بَیْنَ رَجُلَیْنِ وَ جَلَسْتُ مَعَهُ فَلَمَّا تَنَاوَلَ كِسْرَةَ الْقَوْمِ نَظَرَ إِلَی أُدْمِهِمْ فَقَالَ مَا أُدْمُكُمْ هَذَا قَالُوا ضَبٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَمَی بِالْكِسْرَةِ وَ قَامَ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ فَتَخَلَّفْتُ بَعْدَهُ فَإِذَا بِالنَّاسِ (2)

فِرْقَتَانِ قَالَ فِرْقَةٌ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الضَّبَّ فَمَنْ هُنَاكَ لَمْ یَأْكُلْهُ وَ قَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَی إِنَّمَا عَافَهُ وَ لَوْ حَرَّمَهُ لَنَهَانَا عَنْهُ قَالَ ثُمَّ تَبِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی لَحِقْتُهُ فَمَرَرْنَا بِأَصْلِ الصَّفَا وَ فِیهَا قُدُورٌ تَغْلِی فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ تَكَرَّمْتَ عَلَیْنَا حَتَّی تُدْرِكَ قُدُورُنَا قَالَ وَ مَا فِی قُدُورِكُمْ قَالُوا حُمُرٌ لَنَا كُنَّا نَرْكَبُهَا فَقَامَتْ فَذَبَحْنَاهَا فَدَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْقُدُورِ فَأَكْفَأَهَا بِرِجْلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ جَوَاداً وَ تَخَلَّفْتُ بَعْدَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَحْمَ الْحُمُرِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ كَلَّا إِنَّمَا أَفْرَغَ قُدُورَكُمْ حَتَّی لَا تَعُودُوهُ فَتَذْبَحُوا دَوَابَّكُمْ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ فَتَبِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا بَا سَعِیدٍ ادْعُ بِلَالًا فَلَمَّا جَاءَهُ بِلَالٌ (3) قَالَ یَا بِلَالُ اصْعَدْ أَبَا قُبَیْسٍ فَنَادِ عَلَیْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَرَّمَ الْجِرِّیَّ وَ الضَّبَّ وَ الْحُمُرَ الْأَهْلِیَّةَ أَلَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَأْكُلُوا مِنَ السَّمَكِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ قِشْرٌ وَ مَعَ الْقِشْرِ فُلُوسٌ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَسَخَ سَبْعَمِائَةِ أُمَّةٍ عَصَوُا الْأَوْصِیَاءَ بَعْدَ الرُّسُلِ فَأَخَذَ أَرْبَعَمِائَةِ أُمَّةٍ مِنْهُمْ بَرّاً وَ ثَلَاثُمِائَةٍ مِنْهُمْ بَحْراً ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ (4).

توضیح: جمجمة العرب أی محل جماجم العرب و أشرافها و التشبیه بالرمح لأنها بها یدفع اللّٰه البلایا عن العرب فی القاموس الجمجمة بالضم القحف و الجماجم السادات و القبائل التی تنسب إلیها البطون و فی النهایة یقال للسادات جماجم و منه

ص: 173


1- 1. فی الكافی: فقال لهم: نعم افرجوا.
2- 2. فی الكافی: فاذا الناس.
3- 3. فی المصدر: فلما جئته ببلال.
4- 4. علل الشرائع 2: 146 و 147، و الآیة فی سبا: 19.

حدیث عمر ائت الكوفة فإن بها جمجمة العرب أی ساداتها لأن الجمجمة الرأس و هو أشرف الأعضاء و قیل جماجم العرب التی تجمع البطون فتنسب إلیها و قال فیه السلطان ظل اللّٰه و رمحه استوعب بهاتین الكلمتین نوعی ما علی الوالی للرعیة أحدهما الانتصار من الظالم و الإعانة و الآخر إرهاب العدو لیرتدع عن قصد الرعیة و أذاهم و یأمنوا بمكانه من الشر و العرب تجعل الرمح كنایة عن الدفع و المنع و فی القاموس ذو طوی مثلثة الطاء و ینون موضع قرب مكة و فی النهایة بضم الطاء و فتح الواو المخففة موضع عند باب مكة یستحب لمن دخل مكة أن یغتسل به انتهی (1).

و فی الكافی یطوی بصیغة المضارع من طوی من الجوع یطوی طوی فهو طاو أی خالی البطن جائع لم یأكل.

الغداء بالنصب أی احضر و تغد معنا و فی المصباح الإدام ما یؤتدم به مائعا كان أو جامدا و جمعه أدم مثل كتاب و كتب یسكن للتخفیف فیعامل معاملة المفرد و یجمع علی آدام مثل قفل و أقفال و الجریث كسكیت سمك لا فلس له.

و فی القاموس عاف الطعام أو الشراب و قد یقال فی غیرهما یعافه و یعیفه كرهه فلم یشربه و فی الكافی و تبعت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله جوادا.

قال فی النهایة فیه فی حدیث سلیم بن صرد فسرت إلیه جوادا أی سریعا كالفرس الجواد و یجوز أن یرید سیرا جوادا كما یقال سرنا عقبه جوادا أی بعیدة(2).

ثم غشینا بالكسر بصیغة المتكلم من غشیه أی جاءه.

قوله لو تكرمت علینا فی الكافی لو عرجت علینا فی النهایة فیه لم أعرج علیه أی لم أقم و لم أحتبس (3) حتی تدرك قدورنا برفع القدور من قولهم

ص: 174


1- 1. النهایة 3: 54.
2- 2. النهایة 1: 216.
3- 3. النهایة 3: 89.

أدرك الشی ء أی بلغ وقته كقولهم إدراك الثمرات أو بالنصب أی تلحقها و تأكلها و علی التقدیرین المراد بالقدور و ما فیها و یقال قامت الدابة أی وقفت حتی لا تعودوه من باب التفعیل من العادة و فی الكافی كیلا تعودوا(1) من العود قوله فبعث فی أكثر نسخ الكافی فبعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی فلما جئته قال یا با سعید و كأن المراد بالقشر الجلد الصلب (2) فَجَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ الآیة فی قصة قوم سبأ أی جعلناهم بحیث یتعجب الناس بهم تعجبا و ضرب مثل فیقولون تفرقوا أیدی سبأ وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أی فرقناهم

غایة التفریق حتی لحق غسان منهم بالشام و أنمار بیثرب و جذام بتهامة و الأزد بعمان و لعل تحریم الحمر محمول علی الكراهیة الشدیدة أو علی النسخ بأن كانت محرمة ثم نسخ.

«6»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَخْبِرْنِی لِمَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَسَخَ قَوْماً فِی صُوَرٍ شَتَّی مِثْلِ الْخِنْزِیرِ وَ الْقِرْدِ وَ الدُّبِّ ثُمَّ نَهَی عَنْ أَكْلِ الْمَثُلَةِ لِكَیْلَا یُنْتَفَعَ بِهَا وَ لَا یُسْتَخَفَّ بِعُقُوبَتِهِ (3).

«7»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، بِالْأَسَانِیدِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِیمَا رَوَاهُ مِنَ الْعِلَلِ: أَنَّهُ كَتَبَ الرِّضَا علیه السلام إِلَیْهِ أَحَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْبَقَرَ وَ الْغَنَمَ وَ الْإِبِلَ لِكَثْرَتِهَا وَ إِمْكَانِ وُجُودِهَا وَ تَحْلِیلِ بَقَرِ الْوَحْشِ وَ غَیْرِهَا مِنْ أَصْنَافِ مَا یُؤْكَلُ مِنَ الْوَحْشِ الْمُحَلَّلَةِ لِأَنَّ غِذَاءَهَا غَیْرُ مَكْرُوهٍ وَ لَا مُحَرَّمٍ وَ لَا هِیَ مُضِرَّةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَ لَا مُضِرَّةٌ بِالْإِنْسِ وَ لَا فِی خَلْقِهَا تَشْوِیهٌ (4).

ص: 175


1- 1. فی الكافی: حتی لا تعودوا.
2- 2. و لعله الذی یقال له بالفارسیة، پولك و فلس.
3- 3. علل الشرائع 2: 170.
4- 4. علل الشرائع 2: 248.

«8»- الْخِصَالُ، عَنْ سِتَّةٍ مِنْ مَشَایِخِهِ (1)

مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِی مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ (2).

«9»- الْعُیُونُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ: فِیمَا كَتَبَ الرِّضَا علیه السلام لِلْمَأْمُونِ یَحْرُمُ كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ ذِی مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ(3).

«10»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ أَنَّ ابْنَ أُذَیْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الْأَهْلِیَّةِ فَقَالَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَكْلِهَا یَوْمَ خَیْبَرَ وَ إِنَّمَا نَهَی عَنْ أَكْلِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَةً لِلنَّاسِ وَ إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْقُرْآنِ (4).

بیان: لعل الحصر إضافی أو المعنی ما حرم اللّٰه فی القرآن أعم من أن یكون فی ظهر القرآن و نفهمه أو فی بطنه و بینه الحجج علیهم السلام لنا.

«11»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ وَ إِنَّمَا نَهَی عَنْهَا مِنْ أَجْلِ ظُهُورِهَا مَخَافَةَ أَنْ یُفْنُوهَا وَ لَیْسَتِ الْحَمِیرُ بِحَرَامٍ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ لا(5) أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَ

ص: 176


1- 1. هم أحمد بن محمّد بن الهیثم العجلیّ و أحمد بن الحسن و محمّد بن أحمد السنائی و الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المكتب و عبد اللّٰه بن محمّد الصائغ و علیّ بن عبد اللّٰه الوراق عن ابی العباس أحمد بن یحیی بن زكریا القطان.
2- 2. الخصال 2: 603 و 609.
3- 3. عیون أخبار الرضا ج 2 ص 162.
4- 4. علل الشرائع 2: 149 و 250.
5- 5. الأنعام: 145.

مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ(1).

المقنع، مرسلا: مثله (2).

«12»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ اللَّیْثِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ أَبِی علیه السلام عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِیَّةِ قَالَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَكْلِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَةَ النَّاسِ (3) یَوْمَئِذٍ وَ إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِی الْقُرْآنِ (4).

«13»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، بِالْأَسَانِیدِ الْمُتَقَدِّمَةِ(5)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِیمَا رَوَاهُ مِنَ الْعِلَلِ قَالَ: كَتَبَ إِلَیْهِ الرِّضَا علیه السلام كَرِهَ أَكْلُ لُحُومِ الْبِغَالِ وَ الْحُمُرِ الْأَهْلِیَّةِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَی ظُهُورِهَا وَ اسْتِعْمَالِهَا وَ الْخَوْفِ مِنْ إِفْنَائِهَا لِقِلَّتِهَا لَا لِقَذَرِ خِلْقَتِهَا وَ لَا قَذَرِ غِذَائِهَا(6).

«14»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تَأْكُلْ جِرِّیثاً وَ لَا مَارْمَاهِیجاً وَ لَا طَافِیاً وَ لَا إِرْبِیَانَ وَ لَا طِحَالًا لِأَنَّهُ بَیْتُ الدَّمِ وَ مُضْغَةُ الشَّیْطَانِ (7).

بیان: الجِرِّیث كسكیت سمك و قیل هو الجِرِّیُّ كذمی و هما و المارماهی أسماء لنوع واحد من السمك غیر ذی فلس قال الدمیری و الجریث بكسر الجیم و الراء المهملة و بالثاء المثلثة هو هذا السمك الذی یشبه الثعبان و جمعه جراری و یقال له أیضا الجری بالكسر و التشدید و هو نوع من السمك یشبه الحیة و یسمی بالفارسیة مارماهی انتهی و ظاهر الخبر مغایرة الجریث للمارماهیج و هو معرب

ص: 177


1- 1. علل الشرائع 2: 250.
2- 2. المقنع.
3- 3. فی المصدر:« للناس» و زاد فی نسخة فی آخر الحدیث: و الا فلا.
4- 4. علل الشرائع 2: 250.
5- 5. فی الخبر الثالث.
6- 6. علل الشرائع 2: 250 فیه:« و الخوف من فنائها» عیون الأخبار:
7- 7. علل الشرائع 2: 249.

المارماهی و یمكن أن یكون العطف للتفسیر و ظاهر بعض الأصحاب أیضا المغایرة و الطافی الذی یموت فی الماء و یعلو فوقه و الإِرْبیان بالكسر سمك كالدُّود ذكره الفیروزآبادی.

و أقول المشهور حله و له فلس و یأكله أهل البحرین و یذكرون له خواصا كثیرة قال الدمیری روبیان هو سمك صغار جدا أحمر و ذكر له خواصا.

و قال العلامة رحمه اللّٰه فی التحریر یجوز أكل الإربیان بكسر الألف و هو أبیض كالدود و كالجراد انتهی.

و لعل الخبر محمول علی الكراهة و المضغة بالضم القطعة من اللحم قدر ما یمضغ و إنما نسب إلی الشیطان لأن إبراهیم علیه السلام أعطاه إبلیس كما سیأتی إن شاء اللّٰه.

«15»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ الْوَاعِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ: فِی حَدِیثِ أَسْئِلَةِ الشَّامِیِّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَدْ نَهَی عَنْ أَكْلِ الصُّرَدِ وَ الْخُطَّافِ (1).

«16»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: وَ سُئِلَ عَنْ لَحْمِ الْخَیْلِ وَ الْبِغَالِ وَ الْحُمُرِ فَقَالَ حَلَالٌ وَ لَكِنْ تَعَافُونَهَا(2).

«17»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَسْأَلُهُ عَنْ لُحُومِ الْبُخْتِ وَ أَلْبَانِهِنَّ فَكَتَبَ لَا بَأْسَ (3).

بیان: فی القاموس البخت بالضم الإبل الخراسانیة كالبختیة و الجمع بخاتی و بخاتی و بخات انتهی و ربما یفهم من نفی البأس الكراهة و فیه نظر نعم نفیه لا ینافی الكراهة فی عرف الأخبار إن كان عموم النكرة فی سیاق النفی یقتضی الكراهة

ص: 178


1- 1. علل الشرائع 2: 281. عیون الأخبار ج 1 ص 243.
2- 2. المحاسن: 473.
3- 3. المحاسن: 473.

أیضا لأنها بأس.

و قال فی الدروس قال ابن إدریس و الفاضل بكراهة الحمار الوحشی و الحلی بكراهة الإبل و الجوامیس و الذی فی مكاتبة أبی الحسن علیه السلام فی لحم حمر الوحش تركه أفضل و روی فی لحم الجاموس لا بأس به انتهی.

و أقول الذی وجدته فی الكافی لأبی الصلاح رحمه اللّٰه یكره أكل الجوامیس و البخت و حمر الوحش و الأهلیة انتهی.

فنسبه الشهید قدس سره إلیه القول بكراهة مطلق الإبل سهو و كیف یقول بذلك مع أن مدار النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة علیهم السلام كان علی أكل لحومها و التضحیة بها لكن الغالب فی تلك البلاد الإبل العربیة لا الخراسانیة و القول بكراهة لحم البخاتی له وجه.

لَمَّا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ بِسَنَدٍ فِیهِ ضَعْفٌ عَنِ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: لَا آكُلُ لُحُومَ الْبَخَاتِیِّ وَ لَا آمُرُ أَحَداً بِأَكْلِهَا.

«18»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: یُؤْكَلُ مِنَ الطَّیْرِ مَا یَدِفُّ بِجَنَاحَیْهِ وَ لَا یُؤْكَلُ مَا یَصُفُّ وَ إِنْ كَانَ الطَّیْرُ یَدِفُّ وَ یَصُفُّ وَ كَانَ دَفِیفُهُ أَكْثَرَ مِنْ صَفِیفِهِ أُكِلَ وَ إِنْ كَانَ صَفِیفُهُ أَكْثَرَ مِنْ دَفِیفِهِ لَمْ یُؤْكَلْ (1).

«19»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ زَرَعَ حِنْطَةً فِی أَرْضٍ فَلَمْ یَزْكُ فِی زَرْعِهِ أَوْ خَرَجَ زَرْعُهُ كَثِیرَ الشَّعِیرِ فَبِظُلْمِ عَمَلِهِ فِی مِلْكِ رَقَبَةِ الْأَرْضِ أَوْ بِظُلْمِ مُزَارِعِهِ وَ أَكَرَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِینَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَیْهِمْ طَیِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ یَعْنِی لُحُومَ الْإِبِلِ وَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ وَ قَالَ إِنَّ إِسْرَائِیلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ هَیَّجَ عَلَیْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَی نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ وَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لَمْ یُحَرِّمْهُ وَ لَمْ یَأْكُلْهُ (2).

بیان: الاستشهاد بالآیة من جهة أن بنی إسرائیل لما علموا بالمعاصی حرم اللّٰه

ص: 179


1- 1. فقه الرضا:
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 284.

علیهم بعض ما أحل لهم و لما لم یكن فی هذه الأمة نسخ لم یحرم علیهم و لكن حرمهم الطیبات و سلب عنهم البركات و علی القول بأن اللّٰه لم یحرم علیهم و لكن حرموا علی أنفسهم فالمعنی أن اللّٰه سلب عنهم التوفیق حتی حرموها علی أنفسهم فحرموا بذلك من الطیبات فالاستشهاد بالآیة أظهر و لم یأكله أی موسی علیه السلام بقرینة المقام أو إسرائیل.

«20»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ عَلِیّاً سُئِلَ عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الْفِیلِ وَ الدُّبِّ وَ الْقِرْدِ فَقَالَ لَیْسَ هَذَا مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعَامِ الَّتِی تُؤْكَلُ (1).

«21»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ عَنِ الْجَامُوسِ وَ أَعْلَمْتُهُ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ یَقُولُونَ إِنَّهُ مَسْخٌ فَقَالَ أَ وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِ وَ كَتَبْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام بَعْدَ مَقْدَمِی مِنْ خُرَاسَانَ أَسْأَلُهُ عَمَّا حَدَّثَنِی بِهِ أَیُّوبُ فِی الْجَامُوسِ فَكَتَبَ هُوَ مَا قَالَ لَكَ (2).

بیان: ظاهره أن الاثنین من البقر الجاموس و النوع المأنوس و هذا التفسیر لم أره فی كلام المفسرین و یحتمل أن یكون المراد أن اللّٰه أحل البقر الأهلی و الوحشی أو الذكر و الأنثی من الأهلی و الجاموس صنف من الأهلی كما صرح به الدمیری و غیره فإطلاق الآیة یشمله و قوله و كتبت كلام الراوی عن أیوب و من أسقط السند أسقطه.

«22»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنْ سِبَاعِ الطَّیْرِ وَ الْوَحْشِ حَتَّی ذَكَرْنَا الْقَنَافِذَ وَ الْوَطْوَاطَ وَ الْحَمِیرَ وَ الْبِغَالَ وَ الْخَیْلَ فَقَالَ لَیْسَ الْحَرَامُ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ قَالَ نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحَمِیرِ وَ إِنَّمَا نَهَاهُمْ مِنْ أَجْلِ ظُهُورِهِمْ أَنْ یُفْنُوهُ وَ لَیْسَ الْحَمِیرُ بِحَرَامٍ وَ قَالَ اقْرَأْ هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ لا أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ مَیْتَةً أَوْ

ص: 180


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 290.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 380.

دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِیرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ (1).

بیان: روی فی المقنع مرسلا: مثله (2) و روی الشیخ فی التهذیب بسند صحیح عن حریز عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام: مثله (3).

و فی القاموس الوطواط ضرب من خطاطیف الجبال و الخفاش.

و قال الدمیری الوطواط الخفاش (4) و قال فی التهذیب بعد إیراد هذه الروایة قوله علیه السلام لیس الحرام إلی آخره المعنی فیه أنه لیس الحرام المخصوص المغلظ الشدید الحظر إلا ما ذكره اللّٰه تعالی فی القرآن و إن كان فیما عداه أیضا محرمات كثیرة إلا أنه دونه فی التغلیظ انتهی (5).

و ربما یحمل علی أن الجواب مخصوص بالخیل و البغال و الحمیر و قد یحمل ما ورد فی السباع علی قبولها للتذكیة و جواز استعمال جلودها فی غیر الصلاة بخلاف ما هو محرم فی القرآن كالخنزیر و لا یخفی ما فی الجمیع من البعد و لعل الحمل علی التقیة أظهر.

«23»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حُرِّمَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ كُلُّ ذِی ظُفُرٍ وَ الشُّحُومُ إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوایا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ (6).

«24»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَبْوَالِ الْخَیْلِ وَ الْبِغَالِ وَ الْحَمِیرِ قَالَ نَكْرَهُهَا فَقُلْتُ أَ لَیْسَ لَحْمُهَا حَلَالًا قَالَ فَقَالَ أَ لَیْسَ قَدْ بَیَّنَ اللَّهُ لَكُمْ وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِیها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَ قَالَ وَ الْخَیْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِیرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِینَةً فَجَعَلَ لِلْأَكْلِ الْأَنْعَامَ الَّتِی قَصَّ اللَّهُ فِی الْكِتَابِ وَ جَعَلَ

ص: 181


1- 1. تفسیر العیّاشیّ: ج 1 ص 382.
2- 2. المقنع:
3- 3. تهذیب الأحكام:
4- 4. حیاة الحیوان 2: 290.
5- 5. تهذیب الأحكام:
6- 6. تفسیر العیّاشیّ: ج 1 ص 383.

لِلرُّكُوبِ الْخَیْلَ وَ الْبِغَالَ وَ الْحَمِیرَ وَ لَیْسَ لُحُومُهَا بِحَرَامٍ وَ لَكِنَّ النَّاسَ عَافُوهَا(1).

«25»- الْمَكَارِمُ، قَالَ زُرَارَةُ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام مَا یُؤْكَلُ مِنَ الطَّیْرِ فَقَالَ كُلْ مَا دَفَّ وَ لَا تَأْكُلْ مَا صَفَّ قَالَ قُلْتُ الْبَیْضُ فِی الْآجَامِ قَالَ مَا اسْتَوَی طَرَفَاهُ فَلَا تَأْكُلْ وَ مَا اخْتَلَفَ طَرَفَاهُ فَكُلْ قُلْتُ فَطَیْرُ الْمَاءِ قَالَ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ فَكُلْ وَ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ قَانِصَةٌ فَلَا تَأْكُلْ (2).

«26»- وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: إِنْ كَانَ الطَّیْرُ یَصُفُّ وَ یَدِفُّ وَ كَانَ دَفِیفُهُ أَكْثَرَ مِنْ صَفِیفِهِ أُكِلَ وَ إِنْ كَانَ صَفِیفُهُ أَكْثَرَ مِنْ دَفِیفِهِ لَمْ یُؤْكَلْ وَ یُؤْكَلُ مِنْ صَیْدِ الْمَاءِ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ أَوْ صِیصِیَةٌ وَ لَا یُؤْكَلُ مَا لَیْسَتْ لَهُ قَانِصَةٌ وَ لَا صِیصِیَةٌ(3).

«27»- الْهِدَایَةُ،: كُلْ مِنَ الطَّیْرِ مَا دَفَّ وَ لَا تَأْكُلْ مَا صَفَّ فَإِنْ كَانَ الطَّیْرُ یَصُفُّ وَ یَدُفُّ وَ كَانَ دَفِیفُهُ أَكْثَرَ مِنْ صَفِیفِهِ أُكِلَ وَ إِنْ كَانَ صَفِیفُهُ أَكْثَرَ مِنْ دَفِیفِهِ لَمْ یُؤْكَلْ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كُلَّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ وَ الْحُمُرِ الْإِنْسِیَّةِ فَحَرَامٌ وَ یُؤْكَلُ مِنْ طَیْرِ الْمَاءِ مَا كَانَتْ لَهُ قَانِصَةٌ حَیّاً أَوْ مَیِّتاً(4).

بیان: أو میتا أی مذبوحا.

«28»- الْمُقْنِعُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ وَ الْحُمُرِ الْإِنْسِیَّةِ حَرَامٌ (5).

«29»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ السَّیَّارِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ یَذْهَبُ بِالْقَرَمِ (6).

«30»- وَ فِی حَدِیثٍ مَرْوِیٍّ قَالَ: مِنْ تَمَامِ حُبِّ الْإِسْلَامِ حُبُّ لَحْمِ الْجَزُورِ(7).

بیان: قال فی القاموس الجزور البعیر أو خاص بالناقة المجزورة و ما یذبح من الشاة و قال الجوهری الجزور من الإبل یقع علی الذكر و الأنثی و هی تؤنث

ص: 182


1- 1. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 255.
2- 2. مكارم الأخلاق: 84.
3- 3. مكارم الأخلاق: 84.
4- 4. الهدایة:
5- 5. المقنع:
6- 6. المحاسن: 474.
7- 7. المحاسن: 474.

و الجمر الجزر و قال الدمیری بعد ذكر هذا و قال ابن سیدة الجزور الناقة التی تجزر و فی كتاب العین الجزر من الضأن و المعز خاصة مأخوذة من الجزر و هو القطع (1) و فی المصباح المنیر الجزور من الإبل خاصة یقع علی الذكر و الأنثی قال ابن الأنباری و زاد الصغانی و الجزور الناقة التی تنحر و جزرت الجزور و غیرها من باب قتل نحرتها و الفاعل جزار انتهی و المراد هنا مطلق البعیر أو الناقة و فی الصحاح القرم بالتحریك شدة شهوة اللحم.

«31»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَزَّازِ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ لَحْمِ الْغُرَابِ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ (2).

توضیح: لعل المراد بفسقه أكله الجیف و الخبائث قال فی النهایة فیه خمس فواسق یقتلن فی الحل و الحرام أصل الفسوق الخروج عن الاستقامة و الجور و به سمی العاصی فاسقا و إنما سمیت هذه الحیوانات فواسق علی الاستعارة لخبثهن و قیل لخروجهن من الحرمة فی الحل و الحرم أی لا حرمة لهن بحال و منه حدیث عائشة و سألت عن أكل الغراب فقالت و من یأكله بعد قوله فاسق و قال الخطابی أراد بتفسیقها تحریم أكلها(3).

«32»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْغُرَابِ الْأَبْقَعِ وَ الْأَسْوَدِ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُمَا فَقَالَ لَا یَحِلُّ أَكْلُ شَیْ ءٍ مِنَ الْغِرْبَانِ زَاغٍ وَ لَا غَیْرِهِ (4).

تبیین: اعلم أنه اختلف الأصحاب فی حل الغراب بأنواعه بسبب اختلاف الروایات فیه فذهب الشیخ فی الخلاف إلی تحریم الجمیع محتجا بالأخبار و إجماع

ص: 183


1- 1. حیاة الحیوان 1: 140.
2- 2. علل الشرائع 2: 171 طبعة قم.
3- 3. النهایة 3: 225 و 226.
4- 4. بحار الأنوار 10:

الفرقة و تبعه جماعة منهم العلامة فی المختلف و ولده و كرهه مطلقا الشیخ فی النهایة و كتابی الحدیث (1) و القاضی و المحقق فی النافع و فصل آخرون منهم الشیخ فی المبسوط علی الظاهر منه و ابن إدریس و العلامة فی أحد قولیه فحرموا الأسود الكبیر و الأبقع و أحلوا الزاغ و الغداف و هو الأغبر الرمادی. و احتج المحللون

بِرِوَایَةِ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَكْلَ الْغُرَابِ لَیْسَ بِحَرَامٍ إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ لَكِنَّ الْأَنْفُسَ تَتَنَزَّهُ عَنْ كَثِیرٍ مِنْ ذَلِكَ تَقَذُّراً.

و حجة المحرمین مطلقا صحیحة علی بن جعفر المتقدمة و أولها الشیخ رحمه اللّٰه بأن المراد أنه لا یحل حلالا طلقا و إنما یحل مع ضرب من الكراهة و حاول بذلك الجمع بین الخبرین و ربما تحمل روایة زرارة علی نفی التحریم المستند إلی كتاب اللّٰه فلا ینافی تحریمه بالسنة. و أما المفصلون فلیس لهم علی هذا(2) روایة بخصوصها و إن كان فی المبسوط قد ادعی ذلك و لیس فیه جمع بین الروایات للتصریح بالتعمیم فی الجانبین و ربما احتج له بأن الأولین من الخبائث لأنهما یأكلان الجیف و الأخیرین من الطیبات لأنهما یأكلان الحب و بهذا احتج من فصل من العامة و ابن إدریس استدل علی تحریم الأولین بأنهما من سباع الطیر بخلاف الأخیرین لعدم الدلیل علی تحریمهما فإن الأخبار لیست علی هذا الوجه حجة عنده و بالجملة الحل مطلقا و إن كان أقوی لموافقته لعموم الآیات و الأخبار كما عرفت و الأخبار المخصوصة متعارضة و أصل الحل قوی لكن الاحتیاط فی الاجتناب عن الجمیع و یقوی ذلك شمول كل ذی مخلب من الطیر لأكثرها بل لجمیعها و احتمال التقیة فی أخبار الحل أیضا و إن كان بینهم أیضا خلاف فی ذلك لكن الحل بینهم أشهر قال الشیخ فی الخلاف الغراب كله حرام علی الظاهر فی الروایات و قد روی فی بعضها رخص و هو الزاغ و هو غراب الزرع و الغداف و هو أصغر منه أغبر اللون كالرماد و قال الشافعی

ص: 184


1- 1. أی التهذیب و الاستبصار.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: فلیس لهم علیه.

الأسود و الأبقع حرام و الزاغ و الغداف علی وجهین أحدهما حرام و الثانی حلال و به قال أبو حنیفة دلیلنا إجماع الفرقة و عموم الأخبار فی تحریم الغداف و طریقة الاحتیاط یقتضی أیضا ذلك انتهی.

ثم اعلم أن المعروف المعدود فی الكتب تحریم الخفاش و الوطواط و الطاوس و الزنابیر و الذباب و البق و الأرنب و الضب و الحشار كلها كالحیة و العقرب و الفأرة و الجرزان و الخنافس و الصراصر و بنات وردان و البراغیث و القمل و الیربوع و القنفذ و الوبر و الخز و الفنك و السمور و السنجاب و إقامة الدلیل علی أكثرها لا یخلو من إشكال و المعروف بینهم حل الحمام كلها كالقماری و الدباسی و الورشان و حل الحجل و القبج و الدراج و القطا و الطیهوج و الدجاج و الكروان و الكركی و الصعوة و البط و قد مرت العمومات الواردة فی التحلیل و التحریم و اللّٰه الهادی إلی الصراط المستقیم.

«33»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ ذِی نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَ مِخْلَبٍ مِنَ الطَّیْرِ حَرَامٌ (1).

«34»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا یُؤْكَلُ الذِّئْبُ وَ لَا النَّمِرُ وَ لَا الْفَهْدُ وَ لَا الْأَسَدُ وَ لَا ابْنُ آوَی وَ لَا الدُّبُّ وَ لَا الضَّبُعُ وَ لَا شَیْ ءٌ لَهُ مِخْلَبٌ (2).

«35»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ أُوتِیَ بِضَبٍّ فَلَمْ یَأْكُلْ مِنْهُ وَ قَذَّرَهُ (3).

«36»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الضَّبِّ وَ الْقُنْفُذِ وَ غَیْرِهِ مِنْ حَرَشَةِ الْأَرْضِ كَالضَّبِّ وَ غَیْرِهِ (4).

«37»- وَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَی فَرَسٍ لَهُ یَكِیدُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اذْبَحْهُ یَكُنْ لَكَ أَجْرٌ بِذَبْحِكَ إِیَّاهُ وَ أَجْرٌ بِاحْتِسَابِكَ لَهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لِی مِنْهُ شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ كُلْ وَ أَطْعِمْنِی فَأَهْدَی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُ فَخِذاً فَأَكَلَ وَ أَطْعَمَنَا(5).

ص: 185


1- 1. دعائم الإسلام؛ لیست عندی نسخته.
2- 2. دعائم الإسلام؛ لیست عندی نسخته.
3- 3. دعائم الإسلام؛ لیست عندی نسخته.
4- 4. دعائم الإسلام؛ لیست عندی نسخته.
5- 5. دعائم الإسلام؛ لیست عندی نسخته.

«38»- وَ رُوِّینَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ نَهَی عَنْ ذَبْحِ الْخَیْلِ (1).

قال المؤلف فیشبه و اللّٰه أعلم أن یكون نهیه عن ذلك إنما هو استهلاك السالم السوی منها لأن اللّٰه عز و جل أمر بإعدادها و ارتباطها فی سبیله و الذی جاء عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إنما هو فیما أشفی علی الموت (2) و خیف علیه الهلاك منها و اللّٰه أعلم.

«39»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِیَّةِ یَوْمَ خَیْبَرَ(3).

«40»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا تُؤْكَلُ الْبِغَالُ (4).

توضیح: من حرشة الأرض أی من صیدها فی القاموس حرش الضب یحرشه حرشا و حراشا و تحراشا صاده كاحترشه و ذلك بأن یحرك یده علی باب جحره لیظنه حیة فیخرج ذنبه لیضربها فیأخذه انتهی.

و فی بعض النسخ حشرات الأرض و هو أظهر و الظاهر زیادة الضب فی الأول أو فی الأخیر و فی النهایة فیه أنه دخل علی سعد و هو یكید بنفسه أی یجود بها یرید النزع و الكید السوق و منه حدیث عمر تخرج المرأة إلی أبیها یكید بنفسه أی عند نزع روحه و موته (5).

یكن لك أجر لعل المراد تؤجر بأصل الذبح و إن لم تقصد به القربة و مع قصد القربة لك أجران أو المراد به اذبحه للصدقة أو لإطعام المؤمنین فیكون لك أجر لتخلیصك إیاه من المشقة لله و أجر آخر لما قصدت من الخیر أو المراد إعطاء الأجرین لفعل واحد هو الذبح لله أو المراد بالاحتساب الصبر علی الموت و

ص: 186


1- 1. دعائم الإسلام: لیست عندی نسخته.
2- 2. أشفی علیه: أشرف. أی قارب الموت.
3- 3. دعائم الإسلام: لیست عندی نسخته.
4- 4. دعائم الإسلام: لیست عندی نسخته.
5- 5. النهایة 4: 44.

تلف المال أی لو لم تذبحه كان لك أجر بأصل المصیبة و یحصل لك بالذبح أجر آخر.

و قال الفاضل المحدث الأسترآبادی رحمه اللّٰه أی لك أجران لتخلیصك إیاه من الألم و لتفریقك لحمه حسبة لله تعالی فتردد الأنصاری فی أنه أمره بتفریق كل لحمه أم بتفریق بعضه.

وَ رُوِیَ هَذَا الْحَدِیثُ فِی التَّهْذِیبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی الْجَوْزَاءِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله انْحَرْهُ یُضَعَّفْ لَكَ بِهِ أَجْرَانِ بِنَحْرِكَ إِیَّاهُ (1) إلخ.

و ما هنا أظهر و لا بد من تأویل النحر الوارد هناك بالذبح للإجماع علی أنه لا یجزی النحر فی الفرس.

فذلكة لا ریب فی حل الأنعام الثلاثة و المعروف بین الأصحاب حتی كاد أن یكون اتفاقیا حل لحوم الدواب الثلاثة إلا قول أبی الصلاح بتحریم البغال و هو ضعیف و یكره أن یذبح بیده ما رباه من النعم و یؤكل من الوحشیة البقر و الكباش الجبلیة و الحمر و الغزلان و الیحامیر و قال الفاضل بكراهة الحمار الوحشی و فی بعض الروایات تركه أفضل.

و یحرم الكلب و الخنزیر للنص و الاتفاق و لا یعرف خلاف بین الأصحاب فی تحریم كل سبع سواء كان له ناب أو ظفر كالأسد و النمر و الفهد و الذئب و السنور و الثعلب و الضبع و ابن آوی و یدل علیه الأخبار و لا أعرف أیضا خلافا بیننا فی تحریم المسوخات لكن قد وردت أخبار كثیرة فی حل كثیر من السباع و غیرها و حملها الأصحاب علی وجوه قد أشرنا إلی بعضها و المعروف المذكور فی أكثر الكتب تحریم الأرنب و الضب و الحشار كلها كالحیة و العقرب و الفأرة و الجزر و الخنافس و الصراصر و بنات وردان و البراغیث و القمل و الیربوع و القنفذ و الوبر و الخز

ص: 187


1- 1. تهذیب الأحكام:

و الفنك و السمور و السنجاب و العظایة و إقامة الدلیل علیها لا یخلو من إشكال و العمل علی المشهور رعایة للاحتیاط و بعدا عن مذهب المخالفین و لا أعرف أیضا خلافا بیننا فی تحریم كل ذی مخلب من الطیر سواء كان قویا كالبازی و الصقر و العقاب و الشاهین و الباشق أو ضعیفا كالنسر و الرَّخَمَةِ و البُغاث و قد مر ما یدل علی ذلك.

ص: 188

باب 4 الجراد و السمك و سائر حیوان الماء

الآیات:

النحل: وَ هُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِیًّا

فاطر: وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِیًّا

تفسیر:

سَخَّرَ الْبَحْرَ قیل أی جعله بحیث یتمكنون من الانتفاع به بالركوب و الاصطیاد و الغوص لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِیًّا سمی لحما جریا علی اللغة و عرفا یطلق مقیدا فیقال لحم السمك و یقابل به المطلق فیقال أكلت لحما و سمكا و تقییده بالطری لیس مخصصا له بالتحلیل للإجماع علی حل غیره أیضا لكن لما خرجت مخرج الامتنان و كان فی طراوته ألذ كان التقیید به ألیق و قیل وصفه بالطری لسرعة تطرق التغییر إلیه و لا ریب أنه أطری اللحوم و استدل مالك و الثوری بالآیة علی أن السمك لحم فإذا حلف لا یأكل لحما حنث بالسمك و أجیب بأنه لحم لغة لا عرفا و الأیمان مبنیة علی العرف لكونه طاریا علی اللغة ناسخا لحكمها و فیه إشكال وَ مِنْ كُلٍ أی من البحرین تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِیًّا الكلام فیه كما مر.

و قال الدمیری السمك من خلق الماء الواحدة سمكة و الجمع أسماك و سموك و هو أنواع كثیرة و لكل نوع اسم خاص

قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَلْفَ أُمَّةٍ سِتَّمِائَةٍ مِنْهَا فِی الْبَحْرِ وَ أَرْبَعَمِائَةٍ فِی الْبَرِّ.

و من أنواع الأسماك ما لا یدرك الطرف أولها و آخرها لكبرها و ما لا یدركها الطرف لصغرها و كله یأوی الماء و یستنشقه كما یستنشق بنو آدم و حیوان البر الهواء إلا أن حیوان البر یستنشق الهواء بالأنوف و یصل ذلك إلی قصبة الرئة و السمك یستنشق بأصداغه فیقوم له الماء فی تولد الروح الحیوانی فی قلبه مقام الهواء و إنما استغنی عن الهواء فی إقامة

ص: 189

الحیوان و لم نستغن نحن و ما أشبهنا من الحیوان عنه لأنه من عالم الماء و الأرض دون عالم الهواء و نحن من عالم الماء و الهواء و الأرض و نسیم البر لو مر علی السمك ساعة لهلك (1) و هو بجملته شره كثیر الأكل لبرد مزاج معدته و قربها من فمه و أنه لیس له عنق و لا صوت إذ لا یدخل إلی جوفه هواء البتة و لذلك یقول بعضهم إن السمك لا رئة له كما أن الفرس لا طحال له و الجمل لا مرارة له و النعامة لا مخ له.

و صغار السمك تحترس من كباره فلذلك تطلب ماء الشطوط و الماء القلیل الذی لا یحمل الكبیر و هو شدید الحركة لأن قوته المحركة للإرادة تجری فی مسلك واحد لا ینقسم فی عضو خاص و هذا بعینه موجود فی الحیات و من السمك ما یتولد بسفاد و منها ما یتولد بغیره إما من الطین أو من الرمل و هو الغالب فی أنواعه و غالبا یتولد من العفونات و بیض السمك لیس له بیاض و لا صفرة إنما هو لون واحد و فی البحر من العجائب ما لا یستطاع حصره حكی القزوینی فی عجائب المخلوقات عن عبد الرحمن بن هارون المغربی قال ركبت بحر المغرب فوصلت إلی موضع یقال له البرطون و كان معنا غلام صقلی له صنارة(2)

فألقاها فی البحر فصاد بها سمكة نحو الشبر فنظرنا فإذا خلف أذنها الیمنی مكتوب لا إله إلا اللّٰه و فی قفاها محمد و فی خلف أذنها الیسری رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (3).

«1»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِدْمَانُ أَكْلِ السَّمَكِ الطَّرِیِّ یُذِیبُ الْجَسَدِ وَ كَانَ إِذَا أَكَلَ السَّمَكَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِیهِ وَ أَبْدِلْنَا خَیْراً مِنْهُ (4).

«2»- وَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَكْلُ التَّمْرِ بَعْدَهُ یُذْهِبُ أَذَاهُ (5).

«3»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ نَهَی عَنْ أَكْلِ مَا صَادَهُ الْمَجُوسُ مِنَ الْحُوتِ وَ

ص: 190


1- 1. فی المصدر: و نسیم البر الذی یعیش به الطیر لو دام علی السمك ساعة قتله.
2- 2. صنارة الصیاد: قطعة ملتویة من نحاس أو حدید تنشب فی حلق الصید.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 20.
4- 4. دعائم الإسلام: نسخته لیست عندی.
5- 5. دعائم الإسلام: نسخته لیست عندی.

الْجَرَادِ لِأَنَّهُ لَا یَأْكُلُ مِنْهُ إِلَّا مَا أُخِذَ حَیّاً(1).

«4»- الْهِدَایَةُ،: كُلْ مِنَ الْمِسْكِ مَا كَانَ لَهُ فُلُوسٌ وَ لَا تَأْكُلْ مَا لَیْسَ لَهُ فَلْسٌ وَ ذَكَاةُ السَّمَكِ وَ الْجَرَادِ أَخْذُهُ وَ لَا تَأْكُلِ الدَّبَا مِنَ الْجَرَادِ وَ هُوَ الَّذِی لَا یَسْتَقِلُّ بِالطَّیَرَانِ وَ لَا تَأْكُلْ مِنَ السَّمَكِ الْجِرِّیثَ وَ لَا الْمَارْمَاهِیَ وَ لَا الطَّافِیَ وَ لَا(2) الزِّمِّیرَ(3).

«5»-: وَ سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنِ الرَّبِیثَا فَقَالَ لَا تَأْكُلْهَا فَإِنَّا لَا نَعْرِفُهَا فِی السَّمَكِ (4).

بیان: هذا الخبر المرسل رواه الشیخ بسند موثق عن عمار الساباطی (5) و حمله علی الكراهة و ظاهر الأصحاب أن الربیثا غیر الإربیان و یظهر من خبر سیأتی أنهما واحد و لم یذكر الربیثا فیما عندنا من كتب اللغة و لا كتب الحیوان لكنه مذكور فی أخبارنا و كتب أصحابنا و لم یختلفوا فی حله قال فی السرائر لا بأس بأكل الكنعت و یقال أیضا الكنعد بالدال غیر المعجمة و لا بأس أیضا بأكل الربیثا بفتح الراء و كسر الباء و كذلك لا بأس بأكل الإربیان بكسر الألف و تسكین الراء و كسر الباء و هو ضرب من السمك البحری أبیض كالدود و الجراد و الواحدة إربیانة انتهی (6)

و قد مضی خبر آخر فی النهی عن الإربیان.

«6»- كِتَابُ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ (7): كَانَ أَصْحَابُ الْمُغِیرَةِ یَكْتُبُونَ إِلَیَّ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الْجِرِّیثِ وَ الْمَارْمَاهِی وَ الزِّمِّیرِ وَ مَا لَیْسَ لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ حَرَامٌ هُوَ أَمْ لَا فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِیَ اقْرَأْ هَذِهِ الْآیَةَ الَّتِی فِی

ص: 191


1- 1. دعائم الإسلام:
2- 2. الزمیر بكسر الزاء و فتحها و تشدید المیم: نوع من السمك له شوك ناتئ علی ظهره و أكثر ما یكون فی المیاه العذبة.
3- 3. الهدایة: 17.
4- 4. الهدایة: 7 فی نسخة: من السمك.
5- 5. تهذیب الأحكام 9: 80( طبعة الآخوندی) رواه بإسناده عن محمّد بن أحمد بن یحیی عن أحمد بن الحسن بن علیّ بن فضال عن عمرو بن سعید عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسی.
6- 6. السرائر: 358 باب ما یستباح اكله.
7- 7. القائل محمّد بن مسلم و المسئول أبو جعفر الباقر علیه السلام.

الْأَنْعَامِ فَقَرَأْتُهَا حَتَّی فَرَغْتُ مِنْهَا قَالَ فَقَالَ لِی إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ لَكِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا یَعَافُونَ الشَّیْ ءَ وَ نَحْنُ نَعَافُهُ (1).

التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمٍ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِی الْأَنْعَامِ قُلْ لا أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ قَالَ فَقَرَأْتُهَا إلخ (2).

بیان: فی القاموس الزمیر كسكیت نوع من السمك و ذكر أكثر أصحابنا الزمار و اعلم أنه لا خلاف بین المسلمین فی حل السمك الذی له فلس و المعروف من مذهب الأصحاب تحریم ما لیس علی صورة السمك من أنواع الحیوان البحری و ادعی الشهید الثانی رحمه اللّٰه نفی الخلاف بین أصحابنا فی تحریمه و تأمل فیه بعض المتأخرین لعدم ثبوت الإجماع علیه و شمول الأدلة العامة فی التحلیل (3) له كما عرفت و لا ریب فی أن العمل بما ذكره الأصحاب أولی و أحوط و اختلف الأصحاب فیما لا فلس له من السمك فذهب الأكثر و منهم الشیخ فی أكثر كتبه إلی تحریمه مطلقا و ذهب الشیخ فی كتابی الأخبار(4) إلی الإباحة ما عدا الجری و حمل الأخبار الدالة علی تحریمها علی الكراهة لروایات صحیحة دالة علی الحل منها هذه الروایة و المحرمون حملوها علی التقیة و هو أحوط.

«7»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَكْتُوبٌ عَلَی الْجَرَادَةِ بِالسُّرْیَانِیَّةِ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِی لَا شَرِیكَ لِی الْجَرَادُ جُنْدٌ مِنْ جُنْدِی أُسَلِّطُهُ عَلَی مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِی (5).

وَ عَنْ أَبِی زُهَیْرٍ قَالَ: لَا تَقْتُلُوا الْجَرَادَ فَإِنَّهُ جُنْدٌ مِنْ جُنْدِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ (6).

ص: 192


1- 1. كتاب عاصم بن حمید: 25 فیه صدر و ذیل اسقطهما المصنّف و فیه: و المارماهیك.
2- 2. تهذیب الأحكام 9: 6 فیه: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الجری و المارماهی.
3- 3. فی النسخة المخطوطة: فی التعلیل له.
4- 4. أی التهذیب و الاستبصار.
5- 5. الدّر المنثور:
6- 6. الدّر المنثور:

«9»- وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كُنَّا عَلَی مَائِدَةٍ أَنَا وَ أَخِی مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ بنی [بَنُو] عَمِّی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ قُثَمُ وَ الْفَضْلُ فَوَقَعَتْ جَرَادَةٌ فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لِلْحَسَنِ تَعْلَمُ مَا مَكْتُوبٌ عَلَی جَنَاحِ الْجَرَادَةِ فَقَالَ سَأَلْتُ أَبِی فَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی عَلَی جَنَاحِ الْجَرَادَةِ مَكْتُوبٌ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا رَبُّ الْجَرَادَةِ وَ رَازِقُهَا إِذَا شِئْتُ بَعَثْتُهَا رِزْقاً لِقَوْمٍ وَ إِنْ شِئْتُ (1)

عَلَی قَوْمٍ بَلَاءً فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا وَ اللَّهِ مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ.

«10»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ، بِإِسْنَادِ الطَّبَرَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: كُنَّا عَلَی مَائِدَةٍ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ (2).

بیان: یحتمل أن یكون الكتابة المذكورة كنایة عن أن خلقتها علی الهیئة المذكورة تدل علی وجود الصانع و وحدته و كونه رب الجرادة و غیرها و أنها تكون نعمة و بلاء و فیها استعدادهما و اللّٰه یعلم (3).

«11»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْجِرِّیِّ یَحِلُّ أَكْلُهُ فَقَالَ إِنَّا وَجَدْنَاهُ فِی كِتَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَرَاماً(4).

«12»- كِتَابُ صِفَاتِ الشِّیعَةِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَقَرَّ بِسَبْعَةِ أَشْیَاءَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ (5) وَ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَایَةِ وَ الْإِیمَانِ

ص: 193


1- 1. فی المصدر: و ان شئت بعثتها بلاء علی قوم.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 136.
3- 3. و انما ذكر انه مكتوب علی جناحه لان قوته و طیرانه و بعثه رزقا لقوم و بلاء لآخرین تكون به.
4- 4. بحار الأنوار 10: 254، طبعة الآخوندی.
5- 5. الجبت: الصنم و كل ما یعبد من دون اللّٰه و یطاع من غیر اذن اللّٰه و الطاغوت: كل متعد و یعبر عنه بالدیكتاتور، رأس الضلال، الصارف عن طریق الخیر. كل معبود دون اللّٰه، و البراءة عنهما: الخروج عن طاعتهما و القیام لاعدامهما، و فی قبال ذلك الإقرار بأن الولایة و الحكومة لیست الا لأولیاء اللّٰه و خلصائه، و لمن جعلهم اللّٰه خلفاءه علی الناس و هم الأئمّة علیهم السلام.

بِالرَّجْعَةِ وَ الِاسْتِحْلَالِ لِلْمُتْعَةِ وَ تَحْرِیمِ الْجِرِّیِّ وَ الْمَسْحِ عَلَی الْخُفَّیْنِ (1).

«13»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْجَرَادِ نُصِیبُهُ مَیِّتاً فِی الصَّحْرَاءِ أَوْ فِی الْمَاءِ أَ یُؤْكَلُ قَالَ لَا تَأْكُلْهُ قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْجَرَادِ نَصِیدُهُ فَیَمُوتُ بَعْدَ مَا نَصِیدُهُ فَیُؤْكَلُ قَالَ لَا بَأْسَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّبَی مِنَ الْجَرَادِ أَ یُؤْكَلُ قَالَ لَا حَتَّی یَسْتَقِلَّ بِالطَّیَرَانِ (2).

كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام: مِثْلَ الْجَمِیعِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِی الْأَخِیرِ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّبَی هَلْ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا یَحِلُّ أَكْلُهُ حَتَّی یَطِیرَ(3).

بیان: الدبی بفتح الدال و تخفیف الباء مقصورا هو الجراد قبل أن یطیر و ظهر جناحه (4)

و الواحدة دباة بفتح الدال أیضا.

و قال فی النهایة و قیل هو نوع یشبه الجراد(5).

و یظهر من الأخبار الأول و لا خلاف ظاهرا فی أن ذكاة الجراد أخذه حیا بالید أو بالآلة و المشهور أنه لا یشترط إسلام الآخذ إذا شاهده المسلم و ذهب ابن زهرة إلی المنع من صید غیر المسلم له مطلقا و لعل الأشهر أقوی و لو مات فی الماء أو فی الصحراء قبل أخذه لم یحل و لو وقع فی أجمة نار فأحرقتها و فیها جراد لم تحل و إن قصده المحرق لا أعرف فیه خلافا بینهم و تدل علیه روایة عمار(6) و لا خلاف أیضا فی عدم حل الدبی و المشهور أنه یباح أكله حیا و بما فیه كالسمك و اشترط بعضهم فی حله الموت و سیأتی ما یدل علی عدم الاشتراط.

ص: 194


1- 1. صفات الشیعة: 178 فیه:« البراءة من الطواغیت» و فیه؛ و ترك المسح علی الخفین.
2- 2. قرب الإسناد: 116.
3- 3. بحار الأنوار 10: 287 و 252( طبعة الآخوندی).
4- 4. فی المخطوطة: و أن ظهر جناحه.
5- 5. النهایة 2: 13.
6- 6. لم یذكر فی المخطوطة:« عمار» بل قال: و تدلّ علیه روایة.

«14»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: النُّونُ ذَكِیٌّ وَ الْجَرَادُ ذَكِیٌّ وَ أَخْذُهُ حَیّاً ذَكَاةٌ.

«15»- وَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الطَّافِی وَ هُوَ مَا مَاتَ فِی الْبَحْرِ مِنْ صَیْدِهِ قَبْلَ أَنْ یُؤْخَذَ.

«16»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا یُؤْكَلُ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ قِشْرٌ وَ كَرِهَ السُّلَحْفَاةَ وَ السَّرَطَانَ وَ الْجِرِّیَّ وَ مَا كَانَ فِی الْأَصْدَافِ وَ مَا جَانَسَ ذَلِكَ (1).

«17»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا صَادَتِ الْمَجُوسُ مِنَ الْجَرَادِ وَ السَّمَكِ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ صَیْدُهُ ذَكَاتُهُ لَا بَأْسَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ اللَّحْمِ الَّذِی یَكُونُ فِی أَصْدَافِ الْبَحْرِ وَ الْفُرَاتِ أَ یُؤْكَلُ فَقَالَ ذَلِكَ لَحْمُ الضَّفَادِعِ لَا یَصْلُحُ أَكْلُهُ (2).

قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ: مِثْلُ السُّؤَالِ الْأَخِیرِ إِلَّا أَنَّ فِیهِ لَا یَحِلُّ أَكْلُهُ (3)

كَمَا فِی الْكَافِی.

بیان: ذلك لحم الضفادع أی شبیه به و حكمه حكمه و فیه إشعار بكونه حیوانا و قال الدمیری الصدف من حیوانات البحر و فی حدیث ابن عباس إذ مطرت السماء فتحت الصدف أفواهها و هو غلاف اللؤلؤ الواحدة صدفة.

«18»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، وَ كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِ السُّلَحْفَاةِ وَ السَّرَطَانِ وَ الْجِرِّیِّ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا یَحِلُّ أَكْلُ السُّلَحْفَاةِ وَ السَّرَطَانِ وَ الْجِرِّیِ (4).

ص: 195


1- 1. دعائم الإسلام: لیست عندی نسخته.
2- 2. بحار الأنوار 10: 277 فیه:« عما اصاب» و 261 فیه: فلا یصلح اكله.
3- 3. قرب الإسناد: 118 و فیه: فی أجواف البحر.
4- 4. قرب الإسناد: 118، بحار الأنوار 10: 261 فیه: عن اكل السلحفاة و السرطان و الجری، قال: اما الجری فلا یؤكل و لا السلحفاة و لا السرطان.

فائدة قال الدمیری السلحفاة البریة بفتح اللام واحدة السلاحف قال أبو عبیدة و حكی الراوی سلحفة و سلحفاة(1) و هی بالهاء عند الكافة و عند ابن عبدوس السلحفا بغیر هاء و ذكرها یقال له غیلم و هذا الحیوان یبیض فی البر فما نزل فی البحر كان لجأة و ما استمر فی البر كان سلحفاة و یعظم الصنفان جدا إلی أن یصیر كل واحد منهما حمل جمل و إذا أراد الذكر السفاد و الأنثی لا تطیعه یأتی الذكر بحشیشة فی فیه خاصیتها أن صاحبها یكون مقبولا فعند ذلك تطاوعه و هذه الحشیشة لا یعرفها إلا قلیل من الناس و هی إذا باضت صرفت همتها إلی بیضها بالنظر إلیه و لا تزال كذلك حتی یخلق الولد منها إذ لیس لها أن تحضنه حتی یكمل بحرارتها لأن أسفلها صلب لا حرارة فیه و ربما تقبض السلحفاة علی ذنب الحیة و تقمع رأسها من ذنبها(2) و الحیة تضرب بنفسها علی ظهر السلحفاة و علی الأرض حتی تموت و لذكرها ذكران و للأنثی فرجان و الذكر یطیل المكث فی السفاد و السلحفاة مولعة بأكل الحیات فإذا أكلتها أكلت بعدها سعترا و الترس الذی علی ظهرها وقایتها(3).

و قال السلحفاة البحریة اللجاة بالجیم و هی تعیش فی البر و البحر و اللجأة البحریة لها لسان فی صدورها من أصابته به من الحیوان قتله و لها حیلة عجیبة فی صیدها من طائر أو غیره و ذلك أنها تغوص فی الماء ثم تتمرغ فی التراب ثم تكمن للظبی (4)

فی مواضع شربها فیختفی علیه لونها فتمسكه و تغوص به فی الماء حتی یموت و قال أرسطاطالیس فی النعوت ما خرج من بیض اللجأة مستقبل البحر صار إلی البحر و ما خرج مستقبل البر صار إلی البر و كلهن یردن الماء لأنهن

ص: 196


1- 1. فی المصدر: و حكی الرواسی سلحفیة مثل بلهنیة.
2- 2. فی المصدر: فتقطع رأسها و تمضغ من ذنبها.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 17.
4- 4. فی المصدر: للطیر.

من خلق الماء قال و هی تأكل الثعابین (1).

و قال السرطان بفتح السین و الراء المهملتین و بالنون فی آخره حیوان معروف و یسمی عقرب الماء و كنیته أبو بحر و هو من خلق الماء و یعیش فی البر أیضا و هو جید المشی سریع العدو ذو فكین و مخالب و أظفار حداد كثیر الأسنان صلب الظهر من رآه رأی حیوانا بلا رأس و لا ذنب عیناه فی كتفه و فمه فی صدره و فكاه مستویان من الجانب (2)

و له ثمانیة أرجل و هو یمشی علی جانب واحد و یستنشق الماء و الهواء معا و یسلخ جلده فی السنة ست مرات و یتخذ لجحره بابین أحدهما إلی الماء و الآخر إلی الیبس فإذا سلخ جلده سد علیه ما یلی الماء خوفا علی نفسه من سباع السمك و ترك ما یلی الیبس مفتوحا لیصل إلیه الریح فتجف رطوبته و یشتد فإذا اشتد فتح ما یلی الماء و طلب معاشه و قال أرسطاطالیس فی النعوت و زعموا أنه إذا وجد سرطان میت فی حفرة مستلقیا علی ظهره فی قریة أو أرض تأمن تلك البقعة من الآفات السماویة و إذا علق علی الأشجار یكثر ثمرها(3).

«19»- الْكَافِی (4)، [الْمَكَارِمُ]، عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا تَبِیعُوا الْجِرِّیَّ وَ لَا الْمَارْمَاهِیَ وَ لَا الطَّافِیَ.

«20»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْمَدِینِیِّ وَ غَیْرِهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْحُوتُ ذَكِیٌّ حَیَّةً وَ مَیِّتَةً(5).

و منه عن أبیه عن عون بن حریز عن عمرو بن مروان الثقفی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (6)

ص: 197


1- 1. حیاة الحیوان 2: 227.
2- 2. فی المصدر: مشقوقان من الجانبین.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 14.
4- 4. لم یذكر فی المخطوطة: الكافی.
5- 5. المحاسن: 475.
6- 6. المحاسن: 475.

بیان: یدل علی أن الحوت یحل أكله حیا كما هو المشهور بین الأصحاب و ذهب الشیخ فی المبسوط إلی توقف حله علی الموت خارج الماء استنادا إلی أن ذكاته إخراجه من الماء حیا و موته خارجه فقبل موته لم تحصل الذكاة و لهذا لو عاد إلی الماء و

مات فیه حرم و لو كان قد تمت ذكاته لما حرم بعدها و أجیب بمنع كون ذكاته یحصل بالأمرین معا بل بالأول خاصة بشرط عدم عوده إلی الماء و موته فیه مع أن عمومات الحل یشمله.

«21»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: إِنْ وَجَدْتَ سَمَكَةً وَ لَمْ تَدْرِ أَ ذَكِیٌّ هُوَ أَمْ غَیْرُ ذَكِیٍّ وَ ذَكَاتُهُ أَنْ یُخْرَجَ مِنَ الْمَاءِ حَیّاً فَخُذْ مِنْهُ وَ اطْرَحْهُ فِی الْمَاءِ فَإِنْ طَفَا عَلَی رَأْسِ الْمَاءِ مُسْتَلْقِیاً عَلَی ظَهْرِهِ فَهُوَ غَیْرُ ذَكِیٍّ وَ إِنْ كَانَ عَلَی وَجْهِهِ فَهُوَ ذَكِیٌ (1).

بیان: ذكر هذه العبارة بعینها الصدوق رحمه اللّٰه فی الفقیه و المقنع (2)

و قال فی الدروس و یحرم الطافی إذا علم أنه مات فی الماء و لو علم كونه مات خارج الماء حل و لو اشتبه فالأقرب التحریم ثم ذكر كلام المقنع و قال و اختاره الفاضل انتهی و قال یحیی بن سعید فی الجامع إذا نصب شبكة فاجتمع فیها سمك جاز أكله فإن علم أن فیه میتا فی الماء و لم یتمیز ألقی ذلك فی الماء فإن طفا علی ظهره لم یؤكل و إن طفا علی وجهه أكل و كذلك صید الحظائر و قال ابن حمزة فی الوسیلة إن وجدت سمكة علی شاطئ الماء و لم تعلم حالها ألقیت فی الماء فإن طفت علی الظهر فهی میتة و إن طفت علی الوجه فذكیة(3) و نحوه قال سلار فی المراسم (4) و عد ابن البراج فی المهذب فی السموك المحللة كل ما وجد منه علی ساحل البحر و ألقی فی الماء فرسب أسفله و لم یطف علیه انتهی.

ص: 198


1- 1. فقه الرضا: 40.
2- 2. من لا یحضره الفقیه 3: 207، المقنع: 35 فیهما:« و لم تعلم أذكی» و الظاهر من الكتابین انه من كلام الصدوق.
3- 3. الوسیلة: 70.
4- 4. المراسم: 28.

و كأنه حمل هذا الخبر علی هذا المعنی و لا یخفی ما فیه و لعل السر فیما ورد فی الخبر أن الذی یموت فی الماء یتنفخ بطنه غالبا فیقع فی الماء علی ظهره دون ما مات خارج الماء و الظاهر أن وقوع السمك الطری المیت علی وجهه فی الماء فی غایة الندرة و أما غیر الطری فهو یرسب فی الماء سواء مات خارج الماء أو داخله و لعله لذلك أعرض عنه أكثر المتأخرین.

«21»- الْمَكَارِمُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِسْقَنْقُورِ یُدْخَلُ فِی دَوَاءِ الْبَاهِ لَهُ مَخَالِیبُ وَ ذَنَبٌ أَ یَجُوزُ أَنْ یُشْرَبَ فَقَالَ إِذَا كَانَ لَهُ قُشُورٌ فَلَا بَأْسَ (1).

توضیح: قال فی القاموس إسقنقور دابة تنشأ بشاطئ بحر النیل لحمها باهی.

و قال الدمیری فی الإسقنقور قال بختیشوع إنه التمساح البری لحمه حار فی الطبقة الثانیة(2)

إذا ملح و شرب منه مثقال زاد فی الباه و تهیج الشهوة و یسخن الكلی الباردة و قال ابن زهیر هی دابة بمصر شكلها كالوزغة علی عظیم خلقته و إذا علقت عینها علی من یفزع باللیل أبرأته إذا لم یكن من خلط و قال أرسطاطالیس فی كتاب الحیوان الكبیر إن شربه یهیج الباه و یزید فی

الإنعاظ فی سائر البلاد إلا بمصر و هو أنفس ما یهدی منها لملوك الهند فإنهم یذبحونه بسكین من ذهب و یحشونه من ملح مصر و یحملونه كذلك إلی أرضهم فإذا وضعوا منه مثقالا(3)

علی بیض أو لحم و أكل نفع من ذلك نفعا بلیغا(4).

و التمساح تبیض فی البر فما وقع من ذلك فی الماء صار تمساحا و ما بقی صار

ص: 199


1- 1. مكارم الأخلاق: 83 و 84 فیه: ان كان له.
2- 2. فی المصدر: فی الدرجة الثانیة.
3- 3. فی المصدر: مثقالا من ذلك الملح.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 17.

سقنقورا(1) و قال السقنقور نوعان هندی و مصری منه ما یتولد ببحر القلزم و بلاد الحبشة و هو یغتذی بالسمك فی الماء و فی البر بالقطا یسترطه (2) كالحیات و أنثاه تبیض عشرین بیضة تدفنها فی الرمل فیكون ذلك حضنا لها و من عجیب أمره أنه إذا عض إنسانا و سبقه إلی الماء(3) و اغتسل منه مات السقنقور و إن سبق السقنقور إلی الماء مات الإنسان و المختار من أعضائه ما یلی ذنبه من ظهره فهو أبلغ نفعا و هذا الحیوان ما دام رطبا(4) لحمه حار رطب فی الدرجة الثانیة و أما مملوحه المجفف فإنه أشد حرارة و أقل رطوبة قال فی المفردات السقنقور الهندی نحو ذراعین طولا و عرضه نحو نصف ذراع و لحمه إذا أكل منه اثنان بینهما عداوة زالت و صارا متحابین و خاصیة لحمه و شحمه إنهاض شهوة الجماع و تقویة الإنعاظ و النفع من الأمراض الباردة التی بالعصب و قال أرسطو لحم السقنقور الهندی إذا طبخ بإسفیداج نفخ اللحم و أسمن و لحمه یذهب وجع الصلب و وجع الكلیتین و یدر المنی و خوزته الوسطی إذا علقت علی صلب إنسان هیجت الإحلیل و زادت الجماع (5).

«22»- جَامِعُ الشَّرَائِعِ، لِیَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: كُلُّ مَا كَانَ فِی الْبَحْرِ مِمَّا یُؤْكَلُ فِی الْبَرِّ مِثْلُهُ فَجَائِزٌ أَكْلُهُ وَ كُلُّ مَا كَانَ فِی الْبَحْرِ مِمَّا لَا یَجُوزُ أَكْلُهُ فِی الْبَرِّ لَمْ یَجُزْ أَكْلُهُ (6).

بیان: لم أر قائلا بهذا الخبر إلا أن الفاضل المذكور نقله روایة و قد قال قبل ذلك لا یحل من صید البحر سوی السمك فقد قیل فیه مثل كل ما فی البر

ص: 200


1- 1. حیاة الحیوان 1: 117.
2- 2. أی یبتلعه.
3- 3. فی المصدر: و سبقه الإنسان الی الماء.
4- 4. فی المصدر: ما دام طریا فهو حار.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 16.
6- 6. جامع الشرائع: لیست عندی نسخته.

و لا من السمك إلا ذو فلس (1).

«23»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ كُلِّهِمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ: الْحِیتَانُ وَ الْجَرَادُ ذَكِیٌّ كُلُّهُ (2).

بیان: الذكی فعیل بمعنی مفعول من التذكیة و هی قطع الأوداج و كان المعنی أنهما لا یحتاجان إلی الذبح و النحر بل یكفی أخذهما كما سیأتی إن شاء اللّٰه.

«24»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَكْلِ الْجَرَادِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ نَثْرَةٌ مِنْ حُوتَةِ الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ إِنَّ الْجَرَادَ وَ السَّمَكَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَاءِ فَهُوَ ذَكِیٌّ وَ الْأَرْضُ لِلْجَرَادِ مَصْیَدَةٌ وَ السَّمَكُ أَیْضاً قَدْ یَكُونُ (3).

بیان: قال فی النهایة فی حدیث ابن عباس الجراد نثرة الحوت أی عطسته و حدیث كعب إنما هو نثرة حوت (4) و فی جامع الأصول النثرة للدواب شبه العطسة نثرت الدابة إذا طرحت ما فی أنفها من الأذی.

و قال الدمیری اختلف فی الجراد هل هو صید بری أو بحری فقیل بحری

لِمَا رَوَی ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا عَلَی الْجَرَادِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَهْلِكْ كِبَارَهُ وَ أَفْسِدْ صِغَارَهُ وَ اقْطَعْ دَابِرَهُ وَ خُذْ بِأَفْوَاهِهِ عَنْ مَعَایِشِنَا وَ أَرْزَاقِنَا(5).

فقال إن الجراد نثرة الحوت من البحر أی عطسته و المراد أن الجراد من صید البحر یحل للمحرم أن یصیده و حكی الموفق بن طاهر قولا غریبا أنه من صید البحر

ص: 201


1- 1. فی المخطوطة: الا ذو الفلس.
2- 2. قرب الإسناد: 10.
3- 3. قرب الإسناد: 24.
4- 4. النهایة 4: 133.
5- 5. زاد فی المصدر: انك سمیع الدعاء.

لأنه یتولد من روث السمك و هو شاذ انتهی (1).

أقول: كان بعض أفراد الجراد یتولد من نثرة الحوت أو هو علی سبیل التشبیه أی هو فی الخلق و الطیب شبیه بالسمك فكأنه یتولد من نثرته و قوله إذا خرج متعلق بالسمك أو بهما إذا تولد الجراد من الماء و یؤیده أن الجراد فی الكافی مؤخر عن السمك فقوله و الأرض للجراد مصیدة أی غالبا قوله علیه السلام و السمك أیضا قد یكون فی الكافی و للسمك قد تكون أیضا و هو أظهر أی الأرض قد تكون مصیدة للسمك أیضا كما إذ وثب علی الساحل فأدركه إنسان فأخذه قبل موته.

«25»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَرٌ علیه السلام (2) عَنِ الرَّبِیثَا فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَدِدْنَا أَنَّ عِنْدَنَا مِنْهَا(3).

«26»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ سَمَكَةٍ وَثَبَتْ مِنَ النَّهَرِ فَوَقَعَتْ عَلَی الْجُدِّ(4) فَمَاتَتْ هَلْ یَصْلُحُ أَكْلُهَا قَالَ إِنْ أَخَذْتَهَا(5) قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَكُلْهَا وَ إِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَهَا فَلَا تَأْكُلْهَا(6)

وَ سَأَلْتُهُ عَمَّا حَسَرَ الْمَاءُ مِنْ صَیْدِ الْبَحْرِ وَ هُوَ مَیِّتٌ هَلْ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا وَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّمَكِ یُصَادُ ثُمَّ یُوثَقُ فَیُرَدُّ إِلَی الْمَاءِ حَتَّی یَجِی ءَ مَنْ یَشْتَرِیهِ فَیَمُوتُ بَعْضُهُ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا لِأَنَّهُ مَاتَ فِی الَّذِی فِیهِ حَیَاتُهُ وَ رِسَالَتُهُ عَنِ الصَّیْدِ یَحْبِسُهُ فَیَمُوتُ فِی مَصِیدَتِهِ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ إِذَا كَانَ مَحْبُوساً فَكُلْ فَلَا بَأْسَ (7).

ص: 202


1- 1. حیاة الحیوان 1: 137 و 138.
2- 2. فی المصدر: قال: سمعت جعفرا یقول و سئل عن الربیثا.
3- 3. قرب الإسناد: 16.
4- 4. فی المصدر: علی الجرف.
5- 5. فی المصدر: إذا اخذتها.
6- 6. قرب الإسناد: 117.
7- 7. قرب الإسناد: 118.

كتاب المسائل: مثل الجمیع (1).

تبیین: لا خلاف بین الأصحاب فی عدم حل ما مات من السمك فی غیر الشبكة و الحظیرة و المشهور بینهم أن ذكاة السمك أخذه حیا سواء أخذه من الماء أو ثبت الید علیه خارج الماء حیا و لا فرق بین أن یكون المخرج من الماء مسلما أو كافرا علی المشهور نعم لا یحل ما وجد فی ید الكافر حتی یعلم أنه مات بعد إخراجه من الماء.

و ظاهر المفید تحریم ما أخرجه الكافر مطلقا و قال ابن زهرة الاحتیاط تحریم ما أخرجه الكافر و یظهر من الشیخ فی الإستبصار الحل إذا أخذه منه المسلم حیا و الأول أظهر و قیل المعتبر خروجه من الماء حیا سواء أخرجه من الماء مخرج أم لا و اختاره المحقق رحمه اللّٰه فی النكت و یدل علیه روایة زرارة قال قلت السمكة تثب من الماء فتقع علی الشط فتضطرب حتی تموت فقال كلها و روایة أخری و تدل صدر هذه علی عدم حلها إن مات قبل أخذها و هو أحوط و إن أمكن حمله علی الكراهة و لا یشترط فی حل السمك التسمیة و غیرها مما یعتبر فی الذبح و قال صاحب الوسیلة التسمیة مستحبة فیه و لو أخذ و أعید فی الماء فمات فیه لم یحل كما یدل علیه هذا الخبر و كذا لو نصب الماء عنه لا خلاف فی حرمته و أما إذا نصب شبكة فمات بعض ما حصل فیها و اشتبه الحی بالمیت فقد قیل حل الجمیع حتی یعلم المیت بعینه اختاره الشیخ فی النهایة و القاضی و استحسنه المحقق لدلالة الأخبار الصحیحة علیه و ذهب ابن أبی عقیل إلی الحل مع التمیز(2)

أیضا و هو الظاهر من الأخبار و أن المعتبر فی حله قصد الاصطیاد و یدل علیه آخر الخبر أیضا و ذهب ابن إدریس و العلامة و أكثر المتأخرین إلی تحریم الجمیع لأن ما مات فی الماء حرام و المجموع محصور و قد اشتبه الحلال بالحرام فیكون الجمیع حراما و لو لم یشتبه

ص: 203


1- 1. بحار الأنوار 10: 281.
2- 2. فی المخطوطة: مع التمییز.

فأولی بتحریم المیت و أجابوا عن الأخبار بعدم صراحتها فی الموت فی الماء فلعله مات خارج الماء أو علی الشك فی موته فی الماء فإن الأصل بقاء الحیاة إلی أن فارقته و الأصل الإباحة.

و أقول حرمة المشتبه بالحرام ممنوع و قد مضت الأخبار الدالة علی خلافها و الاحتیاط طریق النجاة.

«26»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَنْ سَلَمَةَ بَیَّاعِ الْجَوَارِی قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَمَّا السَّمَكُ فَمَا لَمْ یَكُنْ لَهُ قِشْرٌ فَلَا تَأْكُلُهُ الْخَبَرَ(1).

«27»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ وَ خَمْسَةٍ أُخْرَی عَنْ مَشَایِخِهِ (2) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: یُؤْكَلُ مِنَ الْجَرَادِ مَا اسْتَقَلَّ بِالطَّیَرَانِ وَ ذَكَاةُ السَّمَكِ وَ الْجَرَادِ أَخْذُهُ (3).

وَ قَالَ علیه السلام: الْجِرِّیُّ وَ الْمَارْمَاهِی وَ الطَّافِی وَ الزِّمِّیرُ حَرَامٌ وَ كُلُّ سَمَكٍ لَا تَكُونُ لَهُ فُلُوسٌ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ (4).

«28»- الْعُیُونُ (5)، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فِیمَا كَتَبَ لِلْمَأْمُونِ یَحْرُمُ الْجِرِّیُّ وَ السَّمَكُ و الطَّافِی وَ الْمَارْمَاهِی

ص: 204


1- 1. الخصال 1: 139 و 140( طبعة الغفاری) و الحدیث طویل.
2- 2. و هم: أحمد بن محمّد بن الهیثم العجلیّ و محمّد بن أحمد السنانی و الحسین بن إبراهیم بن أحمد بن هشام المكتب و عبد اللّٰه بن محمّد الصائغ و علیّ بن عبد اللّٰه الوراق رضی اللّٰه عنهم.
3- 3. الخصال 2: 610( طبعة الغفاری).
4- 4. الخصال 2: 609 و 610 طبعة الغفاری.
5- 5. عیون أخبار الرضا 2: 126( طبعة قم) باب ما كتبه الرضا علیه السلام للمأمون.

وَ الزِّمِّیرُ وَ كُلُّ سَمَكٍ لَا یَكُونُ لَهُ فَلْسٌ.

«29»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فِی جَوَابِ مَا سَأَلَ الزِّنْدِیقَ إِنَّ السَّمَكَ ذَكَاتُهُ إِخْرَاجُهُ حَیّاً مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ یُتْرَكُ حَتَّی یَمُوتَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَیْسَ لَهُ دَمٌ وَ كَذَلِكَ الْجَرَادُ الْخَبَرَ(1).

«30»- الْعُیُونُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ نُعَیْمِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ (2) عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی الرِّضَا علیه السلام اخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَیَّ فِی الرَّبِیثَا فَمَا تَأْمُرُنِی فِیهَا فَكَتَبَ لَا بَأْسَ بِهَا(3).

«31»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تَأْكُلْ جِرِّیثاً وَ لَا مَارْمَاهِیجاً وَ لَا إِرْبِیَانَ وَ لَا طِحَالًا لِأَنَّهُ بَیْتُ الدَّمِ وَ مُضْغَةُ الشَّیْطَانِ (4).

«32»- تُحَفُ الْعُقُولِ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ صُنُوفِ الْجَرَادِ وَ مَا یَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْ صَیْدِ الْبَحْرِ مِنْ صُنُوفِ السَّمَكِ مَا كَانَ لَهُ قُشُورٌ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَ مَا لَمْ یَكُنْ لَهُ قُشُورٌ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ (5).

«33»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی (6) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعِجْلِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْمَعْرُوفِ بِبُرْدٍ(7)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُدَاهِیٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عُمَرَ

ص: 205


1- 1. الاحتجاج: 190( طبعة المرتضویة).
2- 2. فی المصدر: قال حدّثنی عمی أبو عبد اللّٰه محمّد بن شاذان.
3- 3. عیون أخبار الرضا: 190 و 191( طبع نجم الدولة).
4- 4. علل الشرائع 2: 249( طبعة قم).
5- 5. تحف العقول: 337 و 338.
6- 6. فی المصدر: و الكافی: موسی بن جعفر.
7- 7. فی الكافی: عن أحمد بن یحیی المعروف بكرد عن عبد اللّٰه بن أیّوب عن عبد اللّٰه ابن هاشم عن عبد الكریم بن عمرو الخثعمیّ.

الْجُعْفِیِّ عَنْ حَبَابَةَ الْوَالِبِیَّةِ قَالَتْ: رَأَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی شُرْطَةِ الْخَمِیسِ وَ مَعَهُ دِرَّةٌ یَضْرِبُ بِهَا بَیَّاعِی الْجِرِّیِّ وَ الْمَارْمَاهِی وَ الزِّمِّیرِ(1)

وَ الطَّافِی وَ یَقُولُ لَهُمْ یَا بَیَّاعِی مُسُوخِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ جُنْدَ بَنِی مَرْوَانَ فَقَامَ إِلَیْهِ فُرَاتُ بْنُ أَحْنَفَ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا جُنْدُ بَنِی مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ أَقْوَامٌ حَلَقُوا اللِّحَی وَ فَتَلُوا الشَّوَارِبَ (2).

«34»- صَحِیفَةُ الرِّضَا، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ: كُنَّا أَنَا وَ أَخِی الْحَسَنُ وَ أَخِی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ بَنُو عَمِّی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ قُثَمُ وَ الْفَضْلُ عَلَی مَائِدَةٍ(3) نَأْكُلُ فَوَقَعَتْ جَرَادَةٌ عَلَی الْمَائِدَةِ فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لِلْحَسَنِ یَا سَیِّدِی مَا الْمَكْتُوبُ (4) عَلَی جَنَاحِ الْجَرَادَةِ قَالَ سَأَلْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ سَأَلْتُ جَدَّكَ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَلَی جَنَاحِ الْجَرَادِ مَكْتُوبٌ إِنِّی أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا رَبُّ الْجَرَادَةِ وَ رَازِقُهَا إِذَا شِئْتُ بَعَثْتُهَا لِقَوْمٍ رِزْقاً وَ إِذَا شِئْتُ بَعَثْتُهَا عَلَی قَوْمٍ بَلَاءً فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَبَّلَ رَأْسَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ (5).

دعوات الراوندی، عن الحسین علیه السلام: مثله (6).

«35»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَا بَأْسَ بِكَوَامِیخِ الْمَجُوسِ وَ لَا بَأْسَ بِصَیْدِهِمْ لِلسَّمَكِ (7).

بیان: حمله الشیخ و غیره علی ما إذا أخذ المسلم منهم حیا أو شاهد المسلم إخراجه من الماء و الظاهر أن الكوامیخ هی المتخذة من السمك و هذا التأویل فیه فی غایة

ص: 206


1- 1. فی المصدر و الكافی: الزمار.
2- 2. كمال الدین: 269( ط 1) و ج 2: 536( ط 2) و أصول الكافی 1: 346.
3- 3. فی المصدر: علی مائدة واحدة.
4- 4. فی المصدر تعلم: ما المكتوب.
5- 5. صحیفة الرضا: 41.
6- 6. دعوات الراوندیّ: مخطوط.
7- 7. المحاسن: 454.

البعد و یمكن حمله علی التقیة أو علی ما ادعوا عدم ملاقاتهم لها مع حمل الكامخ علی غیر المتخذ من السمك.

«36»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ قَالَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: عَلَیْكُمْ بِالسَّمَكِ فَإِنَّهُ إِنْ أَكَلْتَهُ بِغَیْرِ خُبْزٍ أَجْزَأَكَ وَ إِنْ أَكَلْتَهُ بِخُبْزٍ أَمْرَأَكَ (1).

بیان: فی النهایة مرأنی الطعام و أمرأنی إذا لم یثقل علی المعدة و انحدر عنها طیبا(2)

قال الفراء یقال هنأنی الطعام و مرأنی بغیر ألف فإذا أفردوها عن هنأنی قالوا أمرأنی.

«37»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ نُوحٍ النَّیْسَابُورِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَكَلَ السَّمَكَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِیهِ وَ أَبْدِلْنَا بِهِ خَیْراً مِنْهُ (3).

«38»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ وَ یَعْقُوبَ بْنِ زَیْدٍ عَنِ الْعَبْدِیِ (4)

عَنِ ابْنِ سِنَانٍ وَ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: السَّمَكُ الطَّرِیُّ یُذِیبُ الْجَسَدَ(5).

«39»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بِكْرٍ الْقَصِیرِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام: مِثْلَهُ (6).

«40»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّامِیِّ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: السَّمَكُ یُذِیبُ الْجَسَدَ(7).

«41»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَكْلُ الْحِیتَانِ یُذِیبُ

ص: 207


1- 1. المحاسن: 475.
2- 2. النهایة 4: 92.
3- 3. المحاسن: 475 و 676.
4- 4. فی المصدر: عن القندی.
5- 5. المحاسن: 476.
6- 6. المحاسن: 476.
7- 7. المحاسن: 476.

الْجَسَدَ(1).

«42»- وَ مِنْهُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مِثْلَهُ (2).

«43»- وَ مِنْهُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ أُخْتِ الْأَوْزَاعِیِّ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ الْیَسَعِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: السَّمَكُ الطَّرِیُّ یُذِیبُ اللَّحْمَ (3).

«44»- وَ مِنْهُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی رَفَعَهُ قَالَ: السَّمَكُ (4) یُذِیبُ شَحْمَ الْعَیْنِ (5).

«45»- وَ فِی حَدِیثٍ أُخْرَی عَنْ مِسْمَعٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: السَّمَكُ الطَّرِیُّ یُذِیبُ بِمُخِّ الْعَیْنِ (6).

«46»- وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: یُذْبِلُ الْجَسَدَ(7).

«47»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَكْلُ الْحِیتَانِ یُورِثُ السِّلَ (8).

«48»- وَ مِنْهُ، عَنْ نُوحٍ النَّیْسَابُورِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ مَوْلًی لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (9) قَالَ: دَعَا بِتَمْرٍ فِی اللَّیْلِ فَأَكَلَهُ ثُمَّ قَالَ مَا بِی شَهْوَتُهُ وَ لَكِنِّی أَكَلْتُ سَمَكاً ثُمَّ قَالَ وَ مَنْ بَاتَ وَ فِی جَوْفِهِ سَمَكٌ وَ لَمْ یُتْبِعْهُ بِتَمْرٍ أَوْ عَسَلٍ لَمْ یَزَلْ عِرْقُ الْفَالِجِ یَضْرِبُ

ص: 208


1- 1. المحاسن: 486. أقول: كان المصنّف قدّس سرّه أدرج بین متن و اسناد من غیره و الموجود فی المصدر: عن بعض أصحابنا عن عبد اللّٰه بن عبد الرحمن عن شعیب عن ابی بصیر رفعه قال أمیر المؤمنین« ع»: اكل الحیتان یذیب الجسد. ثم ذكر حدیث محمّد بن سوقه عن أبی عبد اللّٰه« ع» و قال: السمك یذیب البدن.
2- 2. المحاسن: 476 ذكرنا متنه فی التعلیقة المتقدمة.
3- 3. المحاسن: 476.
4- 4. فی المصدر: السمك الطری.
5- 5. المحاسن: 476.
6- 6. المحاسن: 476.
7- 7. المحاسن: 476.
8- 8. المحاسن: 476.
9- 9. فی المخطوطة: عن كامل مولی لابی عبد اللّٰه« ع» ظ.

عَلَیْهِ حَتَّی یُصْبِحَ (1).

«49»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ سَعِیدٍ قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ علیه السلام وَ خَرَجْنَا مَعَهُ نَمْشِی حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی أَصْحَابِ السَّمَكِ فَجَمَعَهُمْ فَقَالَ أَ تَدْرُونَ لِأَیِّ شَیْ ءٍ جَمَعْتُكُمْ قَالُوا لَا قَالَ لَا تَشْتَرُوا الْجِرِّیَّ وَ لَا الْمَارْمَاهِیَ وَ لَا الطَّافِیَ عَلَی الْمَاءِ وَ لَا تَبِیعُوهُ (2).

«50»- وَ مِنْهُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ حَدَّثَنِی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَرْكَبُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ یَمُرُّ بِسُوقِ الْحِیتَانِ فَیَقُولُ أَلَا لَا تَأْكُلُوا وَ لَا تَبِیعُوا مَا لَمْ یَكُنْ لَهُ قِشْرٌ(3).

«51»- وَ مِنْهُ، عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِی یَقُولُ: إِذَا ضَرَبَ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ فَمَا أَصَابَ فِیهَا مِنْ حَیٍّ وَ مَیِّتٍ (4) فَهُوَ حَلَالٌ مَا خَلَا مَا لَیْسَ لَهُ قِشْرٌ وَ لَا یُؤْكَلُ الطَّافِی مِنَ السَّمَكِ (5).

بیان: قال الشیخ فی التهذیب هذا الخبر محمول علی أنه حلال له الحی و المیت إذا لم یتمیز له فأما مع تمیزه فلا یجوز أكل ما مات فیه انتهی (6).

و ربما یحمل علی ما إذ لم یعلم موته قبل الخروج من الماء و بعده.

وَ رَوَی الشَّیْخُ بِسَنَدٍ صَحِیحٍ (7) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی رَجُلٍ نَصَبَ

ص: 209


1- 1. المحاسن: 477.
2- 2. المحاسن: 477.
3- 3. المحاسن: 477.
4- 4. فی المصدر: أومیت.
5- 5. المحاسن: 477.
6- 6. تهذیب الأحكام 9: 12 طبعة الآخوندی، و الحدیث رواه الشیخ فی التهذیب و الاستبصار 4: 62 بإسناده عن محمّد بن یعقوب عن علیّ بن إبراهیم عن هارون بن مسلم. و رواه الكلینی فی الكافی 2: 144.
7- 7. و الاسناد هكذا: الحسین بن سعید عن فضاله عن القاسم بن برید عن محمّد ابن مسلم.

شَبَكَةً فِی الْمَاءِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی بَیْتِهِ وَ تَرَكَهَا مَنْصُوبَةً فَأَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَ قَدْ وَقَعَ فِیهَا سَمَكٌ فَیَمُوتُنَ (1) فَقَالَ مَا عَمِلَتْ یَدُهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا وَقَعَ فِیهَا(2).

و قد عرفت ما ذكره الأصحاب فیه.

و أقول یحتمل أن یكون نصب تلك الشبكة فی المواضع التی تزید الماء فیها ثم تنقص بالمد و الجزر كالبصرة فعند المد تدخل الحیتان فی الشبكة و عند الجزر تبقی فیها و یخرج منها الماء فحینئذ لا یكون موتها فی الماء فقوله علیه السلام ما عملت یده لبیان أن الموت فیها بمنزلة الأخذ بالید و هذا وجه قریب شائع.

«52»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ مُعَتِّبٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام یَوْماً یَا مُعَتِّبُ اطْلُبْ لَنَا حِیتَاناً طَرِیَّةً فَإِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَحْتَجِمَ فَطَلَبْتُهَا لَهُ فَأَتَیْتُهُ بِهَا فَقَالَ لِی یَا مُعَتِّبُ سَكْبِجْ لِی شَطْرَهَا وَ اشْوِ لِی شَطْرَهَا قَالَ فَتَغَدَّی مِنْهَا أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَ تَعَشَّی (3).

بیان: سكبج أی اطبخ به سكباجا و هو بالكسر معرَّب (4).

«53»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنَ حَنْظَلَةَ قَالَتْ: حَمَلَتِ الرَّبِیثَا فِی صُرَّةٍ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ كُلْهَا وَ قَالَ لَهَا قِشْرٌ(5).

«54»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ یَحْیَی الْأَحْوَلِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام یَأْكُلُ مَعَ جَمَاعَةٍ فَأُتِیَ بِسُكُرُّجَاتٍ فَمَدَّ یَدَهُ إِلَی سُكُرُّجَةٍ فِیهَا رَبِیثَا فَأَكَلَ مِنْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا وَ قَدْ رَأَیْتُكَ أَكَلْتَهَا

ص: 210


1- 1. فی المصدر: فیمتن.
2- 2. تهذیب الأحكام 9: 11( طبعة الآخوندی) و رواه فی الاستبصار 4: 61، و رواه الصدوق فی الفقیه 3: 206 و الكلینی فی الفروع 6: 217.
3- 3. المحاسن: 477.
4- 4. فی نسخة: معروف.
5- 5. المحاسن: 478 فیه: و قد رأیتك.

فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا(1).

توضیح: قال فی النهایة فیه لا آكل فی سكرجة هی بضم السین و الكاف و الراء و التشدید إناء صغیر یؤكل فیه الشی ء القلیل من الأدم و هی فارسیة و أكثر ما یوضع فیها الكوامیخ و نحوها(2).

«55»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّبِیثَا فَقَالَ قَدْ سَأَلَنِی عَنْهَا غَیْرُ وَاحِدٍ وَ اخْتَلَفُوا عَلَیَّ فِی صِفَتِهَا قَالَ فَرَجَعْتُ فَأَمَرْتُ بِهَا فَجَعَلْتُ (3) ثُمَّ حَمَلْتُهَا إِلَیْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَرَدَّ عَلَیَّ مِثْلَ الَّذِی رَدَّ فَقُلْتُ قَدْ جِئْتُكَ بِهَا فَضَحِكَ فَأَرَیْتُهَا إِیَّاهُ فَقَالَ لَیْسَ بِهِ بَأْسٌ (4).

«56»- وَ مِنْهُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّبِیثَا فَقَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَ لَوَدِدْتُ أَنَّ عِنْدَنَا مِنْهَا(5).

«57»- وَ مِنْهُ، عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ بِإِسْنَادٍ لَهُ قَالَ حَمَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْإِرْبِیَانَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَالَ: إِنَّ هَذَا نَتَّخِذُ مِنْهُ عِنْدَنَا شَیْ ءٌ(6)

یُقَالُ لَهُ الرَّبِیثَا یُسْتَطَابُ أَكْلُهُ وَ یُؤْكَلُ رَطْباً وَ یَابِساً وَ طَبِیخاً وَ إِنَّ أَصْحَابَنَا یَخْتَلِفُونَ مِنْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ إِنَّ أَكْلَهُ لَا یَجُوزُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَأْكُلُهُ فَقَالَ لِی كُلْهُ فَإِنَّهُ جِنْسٌ مِنَ السَّمَكِ أَ مَا تَرَاهَا تَقَلْقَلُ فِی قِشْرِهَا(7).

بیان: تقلقل أی یسمر لها صوت إذا حركت فی صرة و نحوها و ذلك بسبب أن لها قشرا و إذا كان لها قشر و فلوس فهی حلال فی القاموس قلقل صوت

ص: 211


1- 1. المحاسن: 478.
2- 2. النهایة 2: 185.
3- 3. فی المصدر: فجعلت فی وعاء.
4- 4. المحاسن: 478.
5- 5. المحاسن: 478.
6- 6. فی المصدر: و قال له: ان هذا یتخذ منه عندنا شی ء.
7- 7. المحاسن: 478 و 479.

و الشی ء قلقلة و قلقالا بالكسر و یفتح حركه.

و فی النهایة فیه و نفسه تقلقل فی صدره أی تتحرك لا بصوت شدید(1)

و أصله الحركة و الاضطراب (2).

«58»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِیِّینَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكِیمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَدِیدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِذَا أَكَلْتَ السَّمَكَ فَاشْرَبْ عَلَیْهِ الْمَاءَ(3).

«59»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ الْیَسَعِ وَ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بِالطَّائِفِ نَأْكُلُ إِذَا جَاءَتْ جَرَادَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَی الْمَائِدَةِ فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ مَا سَمِعْتَ وَالِدَكَ یُحَدِّثُ فِی هَذَا الْكِتَابِ الَّذِی عَلَی جَنَاحِ الْجَرَادَةِ فَقُلْتُ قَالَ علیه السلام إِنَّ عَلَیْهِ مَكْتُوباً إِنِّی أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا خَلَقْتُ الْجَرَادَ جُنْداً مِنْ جُنُودِی وَ أُسَلِّطُهُ عَلَی مَنْ شِئْتَ مِنْ خَلْقِی (4).

«60»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْمِیثَمِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ مَیْمُونٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ مِقْسَمٍ مَوْلَی ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا سَیَّرَ ابْنُ الزُّبَیْرِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ إِلَی الطَّائِفِ وَ زَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ قَالَ فَبَیْنَا هُوَ ذَاتَ یَوْمٍ عِنْدَهُ إِذْ جِی ءَ بِالْخِوَانِ لِلْغَدَاءِ فَجَاءَتْ جَرَادَةٌ ضَخْمَةٌ حَتَّی تَقَعَ عَلَی الْمَائِدَةِ فَسَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ صَوْتَ وَقْعِهَا فَقَالَ مَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِی أَسْمَعُ (5)

قَالُوا جَرَادَةٌ سَقَطَتْ عَلَی الْمَائِدَةِ قَالَ فَمَنْ تَنَاوَلَهُ قَالُوا مُقَسِّمٌ قَالَ یَا مُقَسِّمُ انْشُرْ جَنَاحَیْهَا

ص: 212


1- 1. فی المصدر: ای تتحرك بصوت شدید.
2- 2. النهایة 3: 308.
3- 3. المحاسن: 479.
4- 4. المحاسن: 479.
5- 5. یظهر من السیاق أن الواقعة كانت بعد عمی ابن عبّاس فانه كان فی اواخر عمره مكفوفا.

فَانْظُرْ مَا ذَا تَرَی تَحْتَهَا قَالَ أَرَی نُقَطاً سُوداً قَالَ (1) فَضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی فَخِذِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ وَ كَانَ إِلَی جَنْبِهِ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ فِی هَذَا شَیْ ءٌ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ جَرَادَةٍ إِلَّا وَ تَحْتَ جَنَاحِهَا مَكْتُوبٌ بِالسُّرْیَانِیَّةِ إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ قَاصِمُ الْجَبَابِرَةِ خَلَقْتُ الْجَرَادَ جُنْداً مِنْ جُنُودِی (2) أُهْلِكُ بِهِ مَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقِی قَالَ فَتَبَسَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ عَمِّ هَذَا وَ اللَّهِ مِنْ مَكْنُونِ عِلْمِنَا فَاحْتَفِظْ بِهِ (3).

«61»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْمَدِینِیِّ وَ غَیْرِهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْجَرَادُ ذَكِیٌّ حَیُّهُ وَ مَیْتُهُ (4).

«62»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عِیَاضٍ (5)

اللَّیْثِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَقُولُ: الْجَرَادُ ذَكِیٌّ وَ الْحِیتَانُ ذَكِیٌّ فَمَا مَاتَ فِی الْبَحْرِ فَهُوَ مَیِّتٌ (6).

«63»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَوْنِ بْنِ جَرِیرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَارُونَ الثَّقَفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْجَرَادُ ذَكِیٌّ كُلُّهُ وَ الْحِیتَانُ ذَكِیٌّ كُلُّهُ وَ أَمَّا مَا هَلَكَ فِی الْبَحْرِ فَلَا تَأْكُلْهُ (7).

«64»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: یُؤْكَلُ مِنَ السَّمَكِ مَا كَانَ لَهُ فُلُوسٌ وَ ذَكَاةُ السَّمَكِ وَ الْجَرَادِ أَخْذُهُ وَ لَا یُؤْكَلُ مَا یَمُوتُ فِی الْمَاءِ مِنْ سَمَكٍ وَ جَرَادٍ وَ غَیْرِهِ وَ إِذَا اصْطَدْتَ سَمَكاً وَ فِی جَوْفِهِ أُخْرَی أَكَلْتَ إِذَا كَانَ لَهَا فُلُوسٌ وَ رُوِیَ لَا یُؤْكَلُ مَا فِی جَوْفِهِ لِأَنَّهُ

ص: 213


1- 1. فی المصدر: فقال: صدقت، قال.
2- 2. فی المصدر: خلقت الجراد و جعلته جندا من جنودی.
3- 3. المحاسن: 479 و 480.
4- 4. المحاسن: 480.
5- 5. فی المصدر: عن انس بن عیاض اللیثی.
6- 6. المحاسن: 480.
7- 7. المحاسن: 480.

طُعْمَةٌ(1) وَ لَا یُؤْكَلُ الْجِرِّیُّ وَ لَا الْمَارْمَاهِی وَ لَا الزِّمَّارُ وَ لَا الطَّافِی وَ هُوَ الَّذِی یَمُوتُ فِی الْمَاءِ فَیَطْفُو عَلَی رَأْسِ الْمَاءِ(2).

تفصیل و تبیین قوله إذا اصطدت سمكا أقول ورد بهذا المضمون روایتان إِحْدَاهَا مَا رَوَی الشَّیْخُ بِإِسْنَادِهِ (3) عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ عَلِیّاً سُئِلَ عَنْ سَمَكَةٍ شُقَّ بَطْنُهَا فَوُجِدَ فِیهَا سَمَكَةٌ أُخْرَی فَقَالَ كُلْهَا جَمِیعاً(4).

و الأخری ما رواه بسند مرسل (5) یمكن أن یعد فی الموثقات

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ رَجُلٌ أَصَابَ سَمَكَةً وَ فِی جَوْفِهَا سَمَكَةٌ قَالَ یُؤْكَلَانِ (6) جَمِیعاً.

و عمل بها الشیخ فی النهایة و المفید و جماعة و منع ابن إدریس من حلها ما لم تخرج من بطنها حیة لأن شرط حل السمك أخذه من الماء حیا و الجهل بالشرط یقتضی الجهل بالمشروط و وافقه العلامة فی المختلف و التحریر و ولده و فی القواعد رجح مذهب الشیخ و المحقق فی النافع و مال إلیه فی الشرائع و العمل بالروایتین أقوی و یؤیده هذه الروایة.

و قول علیه السلام إذا كان له فلوس أی كانت من الحیتان التی لها فلس و یحتمل أن یكون المعنی لم تتسلخ فلوسها فإنها حینئذ تغیرت و صارت خبیثة

ص: 214


1- 1. فی المصدر: لانه طعمة.
2- 2. فقه الرضا: 40.
3- 3. الاسناد هكذا محمّد بن یعقوب عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلیّ عن السكونی.
4- 4. تهذیب الأحكام: 9: 8.
5- 5. و السند هكذا: محمّد بن یعقوب عن أبی علی الأشعریّ عن الحسن بن علیّ الكوفیّ عن العباس بن عامر عن ابان عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام . أقول: و یوجد الحدیثان فی فروع الكافی: 2 144( ط 1).
6- 6. فی المصدر: تؤكلان جمیعا.

كَمَا رَوَی الشَّیْخُ بِسَنَدٍ(1)

فِیهِ جَهَالَةٌ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِی حَیَّةٍ ابْتَلَعَتْ سَمَكَةً ثُمَّ طَرَحَتْهَا وَ هِیَ حَیَّةٌ تَضْطَرِبُ آكُلُهَا قَالَ إِنْ كَانَ فُلُوسُهَا قَدْ تَسَلَّخَتْ فَلَا تَأْكُلْهَا وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَسَلَّخَتْ فَكُلْهَا(2).

و ذهب الشیخ فی النهایة إلی حلها مطلقا ما لم تتسلخ و لم یعتبر إدراكها حیة و فی المختلف عمل بموجب الروایة و اعتبر المحقق و ابن إدریس و جماعة فی الحل أخذها حیة و هو أحوط و إن كان العمل بالروایة حسنا و اعتبار عدم التسلخ هنا إما للخباثة أو لتأثیر السم فیها و لعله أظهر و الروایة التی رواها لم أجدها فیما عندنا من الكتب و لعلها محمولة علی التسلخ بقرینة التعلیل إذ الظاهر أن قوله لأنه طعمة أراد به أنه صار غذاءه فهو إشارة إلی تغیره.

«65»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْجَارُودِ الْعَبْدِیِّ مِنْ وُلْدِ الْحَكَمِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ مُیَسِّرٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: السَّمَكُ یُذِیبُ شَحْمَةَ الْعَیْنِ (3).

«66»- وَ عَنْهُ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ هَذَا السَّمَكَ لَرَدِی ءٌ لِغِشَاوَةِ الْعَیْنِ وَ إِنَّ هَذَا اللَّحْمَ الطَّرِیَّ یُنْبِتُ اللَّحْمَ (4).

«67»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَقِلُّوا مِنْ أَكْلِ السَّمَكِ فَإِنَّ لَحْمَهُ یُذْبِلُ الْبَدَنَ وَ یُكْثِرُ الْبَلْغَمَ وَ یُغَلِّظُ النَّفْسَ (5).

بیان: كان غلظ النفس كنایة عن البلادة و سوء الفهم أو الهم و الحزن و یمكن أن یقر النفس بالتحریك كنایة عن بطئه.

ص: 215


1- 1. و الاسناد هكذا: محمّد بن یعقوب عن محمّد بن أحمد بن یحیی عن یعقوب بن یزید عن أحمد بن المبارك عن صالح بن أعین عن الوشا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام .
2- 2. تهذیب الأحكام 9: 8 و رواه الكلینی فی الفروع 2: 144( ط 1).
3- 3. طبّ الأئمّة: 84. طبعة النجف.
4- 4. طبّ الأئمّة: 84. طبعة النجف.
5- 5. طبّ الأئمّة: 173.

«68»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَدْ كَانَ أَصْحَابُ الْمُغِیرَةِ یَكْتُبُونَ إِلَیَّ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الْجِرِّیِّ وَ الْمَارْمَاهِی وَ الزِّمِّیرِ وَ مَا لَیْسَ لَهُ قِشْرٌ مِنَ السَّمَكِ أَ حَرَامٌ هُوَ أَمْ لَا قَالَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ هَذِهِ الْآیَةَ الَّتِی فِی الْأَنْعَامِ قُلْ لا أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ مَیْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِیرٍ قَالَ فَقَرَأْتُهَا حَتَّی فَرَغْتُ مِنْهَا فَقَالَ إِنَّمَا الْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا یَعَافُونَ أَشْیَاءَ فَنَحْنُ نَعَافُهَا(1).

«69»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ الْجِرِّیِّ فَقَالَ وَ مَا الْجِرِّیُّ فَنَعَتُّهُ لَهُ فَقَالَ لا أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً عَلی طاعِمٍ یَطْعَمُهُ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ ثُمَّ قَالَ لَمْ یُحَرِّمِ اللَّهُ شَیْئاً مِنَ الْحَیَوَانِ فِی الْقُرْآنِ إِلَّا الْخِنْزِیرَ بِعَیْنِهِ وَ یَكْرَهُ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنَ الْبَحْرِ لَیْسَ فِیهِ قِشْرٌ قَالَ قُلْتُ وَ مَا الْقِشْرُ قَالَ هُوَ الَّذِی مِثْلُ الْوَرَقِ وَ لَیْسَ هُوَ بِحَرَامٍ إِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ (2).

«70»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْأَصْبَغِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: أُمَّتَانِ مُسِخَتَا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَمَّا الَّتِی أَخَذَتِ الْبَحْرَ فَهِیَ الْجِرِّیثُ (3) وَ أَمَّا الَّذِی أَخَذَتِ الْبَرَّ فَهُوَ الضِّبَابُ (4).

«71»- وَ مِنْهُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدٍ(5) رَفَعَهُ إِلَی أَحَدِهِمْ قَالَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ وَ قَالُوا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ هَذَا الْجَرَارِیَّ تُبَاعُ فِی أَسْوَاقِنَا قَالَ فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ضَاحِكاً ثُمَّ قَالَ قُومُوا لِأُرِیَكُمْ عَجَباً وَ لَا تَقُولُوا فِی وَصِیِّكُمْ إِلَّا خَیْراً فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَوْا شَاطِئَ الْفُرَاتِ (6)

فَتَفَلَ فِیهِ تَفْلَةً وَ تَكَلَّمَ

ص: 216


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 1: 382.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 383.
3- 3. فی نسخة: فهی الجراری.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 2: 34.
5- 5. فی المصدر:« هارون بن عبید» و فی الوسائل:« هارون بن عبد ربه» و فی البرهان: هارون بن عبد العزیز.
6- 6. فی المصدر: فأتوا شاطئ بحر.

بِكَلِمَاتٍ فَإِذَا بِجِرِّیثَةٍ(1) رَافِعَةٍ رَأْسَهَا فَاتِحَةٍ فَاهَا فَقَالَ له [لَهَا] أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ أَنْتِ الْوَیْلُ لَكِ وَ لِقَوْمِكِ فقال [فَقَالَتْ] نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَقُولُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً(2) الْآیَةَ فَعَرَضَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَلَایَتَكَ فَقَعَدْنَا عَنْهَا فَمَسَخَنَا اللَّهُ فَبَعْضُنَا فِی الْبَرِّ وَ بَعْضُنَا فِی الْبَحْرِ فَأَمَّا الَّذِینَ فِی الْبَحْرِ فَنَحْنُ الْجَرَارِیُّ وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی الْبَرِّ فَالضَّبُّ

وَ الْیَرْبُوعُ قَالَ ثُمَّ الْتَفَتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَیْنَا فَقَالَ أَ سَمِعْتُمْ مَقَالَتَهَا قُلْنَا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ لَتَحِیضُ كَمَا تَحِیضُ نِسَاءُكُمْ (3).

«72»- الْمَكَارِمُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَكْلُ الْحِیتَانِ یُورِثُ السِّلَ (4).

«73»- عَنْهُ علیه السلام قَالَ: أَكْلُ السَّمَكِ الطَّرِیِّ یُذِیبُ الْجَسَدَ(5).

«74»- عَنْهُ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَكَلَ السَّمَكَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِیهِ وَ أَبْدِلْنَا خَیْراً مِنْهُ (6).

«75»- عَنِ الْحِمْیَرِیِّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ أَشْكُو إِلَیْهِ أَنَّ بِی دَماً وَ صَفْرَاءَ فَإِذَا احْتَجَمْتُ هَاجَتِ الصَّفْرَاءُ وَ إِذَا أَخَّرْتُ الْحِجَامَةَ أَضَرَّ بِیَ الدَّمُ فَمَا تَرَی فِی ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَیَّ احْتَجِمْ وَ كُلْ عَلَی أَثَرِ الْحِجَامَةِ سَمَكاً طَرِیّاً فَأَعَدْتُ عَلَیْهِ الْمَسْأَلَةَ فَكَتَبَ إِلَیَّ احْتَجِمْ وَ كُلْ عَلَی أَثَرِ الْحِجَامَةِ سَمَكاً طَرِیّاً بِمَاءٍ وَ مِلْحٍ فَاسْتَعْمَلْتُ ذَلِكَ فَكُنْتُ فِی عَافِیَةٍ وَ صَارَ غِذَائِی (7).

«76»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَقُولُ: الْجَرَادُ ذَكِیٌ

ص: 217


1- 1. فی المصدر: فاذا بجریة.
2- 2. الأعراف: 163.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ 2: 35.
4- 4. مكارم الأخلاق: 83( طبعة التفرشی) فیه: لحم الحیتان.
5- 5. مكارم الأخلاق: 83.
6- 6. مكارم الأخلاق: 83.
7- 7. مكارم الأخلاق: 83 فی نسخة: و صار ذلك غذائی.

وَ الْحِیتَانُ ذَكِیٌّ وَ مَا مَاتَ فِی الْبَحْرِ فَهُوَ مَیْتَةٌ(1).

«77»- عَنْهُ أَیْضاً قَالَ: الْحِیتَانُ وَ الْجَرَادُ ذَكِیٌّ كُلُّهُ (2).

«78»- رُوِیَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: تَفَرَّقُوا وَ كَبِّرُوا(3) فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَذَهَبَ الْجَرَادُ(4).

«79»- الْكَشِّیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْعَمْرَكِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَیْبَةَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُثَنَّی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ وَ زِیَادٍ عَنْ حَرِیزٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی حَنِیفَةَ فَقَالَ لِی أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا یَكُونُ فِیهَا شَیْ ءٌ فَمَا تَقُولُ فِی جَمَلٍ أُخْرِجَ مِنَ الْبَحْرِ فَقُلْتُ إِنْ شَاءَ فَلْیَكُنْ جَمَلًا وَ إِنْ شَاءَ فَلْیَكُنْ بَقَرَةً إِنْ كَانَتْ عَلَیْهِ فُلُوسٌ أَكَلْنَاهُ وَ إِلَّا فَلَا(5).

الإختصاص، عن جعفر بن الحسین المؤمن عن حیدر بن محمد بن نعیم عن ابن قولویه عن ابن العیاشی جمیعا عن محمد بن مسعود: مثله (6).

أقول: تمامه فی باب مناظرات أصحاب أبی عبد اللّٰه علیه السلام مع المخالفین.

«80»- الدَّلَائِلُ، لِلْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْبَغْدَادِیِّ قَالَ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ الْمُعْضِلَاتِ رِوَایَةَ أَبِی طَالِبٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ رَبَاحٍ یَرْفَعُهُ عَنْ رِجَالِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِی مَجْلِسِ سَیِّدِنَا أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام إِذْ وَقَفَ بِهِ (7)

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَدَّعِی أَنَّ یُونُسَ بْنَ مَتَّی عُرِضَ عَلَیْهِ وَلَایَةُ أَبِیكَ فَلَمْ یَقْبَلْهُ فَحُبِسَ فِی بَطْنِ الْحُوتِ قَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَ مَا

ص: 218


1- 1. مكارم الأخلاق: 84.
2- 2. مكارم الأخلاق: 84.
3- 3. هی رقیة لتفرق الجراد.
4- 4. مكارم الأخلاق: 84.
5- 5. رجال الكشّیّ: 244( ط 1) و 328( ط 2).
6- 6. الاختصاص: 206 و 207.
7- 7. فی المصدر: إذ وقف علیه.

أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إِنِّی لَا أَقْبَلُهُ فَقَالَ أَ تُرِیدُ أَنْ یَصِحَّ لَكَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَهُ اجْلِسْ ثُمَّ دَعَا غُلَامَهُ فَقَالَ لَهُ جِئْنَا بِعِصَابَتَیْنِ وَ قَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ شُدَّ عَیْنَ عَبْدِ اللَّهِ بِإِحْدَی الْعِصَابَتَیْنِ وَ اشْدُدْ عَیْنَكَ بِالْأُخْرَی فَشَدَدْنَا أَعْیُنَنَا فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ ثُمَّ قَالَ حُلُّوا أَعْیُنَكُمْ فَحَلَلْنَاهَا فَوَجَدْنَا أَنْفُسَنَا عَلَی بِسَاطٍ وَ نَحْنُ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فَاسْتَجَابَ لَهُ حِیتَانُ الْبَحْرِ إِذْ ظَهَرَتْ فِیهِنَّ حُوتَةٌ عَظِیمَةٌ(1)

فَقَالَ لَهَا مَا اسْمُكِ فَقَالَتْ اسْمِی نُونٌ فَقَالَ لَهَا لِمَ حُبِسَ یُونُسُ فِی بَطْنِكِ فَقَالَتْ لَهُ عُرِضَ عَلَیْهِ وَلَایَةُ أَبِیكَ فَأَنْكَرَهَا فَحُبِسَ فِی بَطْنِی فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا وَ أَذْعَنَ أُمِرْتُ فَقَذَفْتُهُ وَ كَذَلِكَ مَنْ أَنْكَرَ وَلَایَتَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ یُخَلَّدُ فِی نَارِ الْجَحِیمِ فَقَالَ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَ سَمِعْتَ وَ شَهِدْتَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ (2) فَقَالَ شُدُّوا أَعْیُنَكُمْ فَشَدَدْنَاهَا فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ ثُمَّ قَالَ حُلُّوهَا فَحَلَلْنَاهَا فَإِذَا نَحْنُ عَلَی الْبِسَاطِ فِی مَجْلِسِهِ فَوَدَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ انْصَرَفَ فَقُلْتُ لَهُ یَا سَیِّدِی لَقَدْ رَأَیْتُ فِی یَوْمِی عَجَباً وَ آمَنْتُ بِهِ فَتَرَی عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ یُؤْمِنُ بِمَا آمَنْتُ بِهِ (3) فَقَالَ لِی أَ لَا تُحِبُّ أَنْ تَعْرِفَ ذَلِكَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ قُمْ فَاتَّبِعْهُ وَ مَاشِهِ وَ اسْمَعْ مَا یَقُولُ لَكَ فَتَبِعْتُهُ فِی الطَّرِیقِ وَ مَشَیْتُ مَعَهُ فَقَالَ لِی إِنَّكَ لَوْ عَرَفْتَ سِحْرَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمَا كَانَ هَذَا بِشَیْ ءٍ فِی نَفْسِكَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ یَتَوَارَثُونَ السِّحْرَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمْتُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا یَقُولُ إِلَّا حَقّاً(4).

ص: 219


1- 1. فی المصدر: ثم تكلم بكلام فاجابه حیتان البر و ظهرت حوتة عظیمة.
2- 2. فی المصدر: فالتفت الی عبد اللّٰه و قال له: أسمعت و شهدت؟ قال: نعم.
3- 3. فی المصدر: أ تری ان عبد اللّٰه بن عمر یؤمن به!.
4- 4. دلائل الإمامة: 92 فیه: فرجعت و انا عالم ان الامام لا یقول الا حقا.
باب 5 أنواع المسوخ و أحكامها و علل مسخها

«1»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ: الْمُسُوخُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ الْفِیلُ وَ الدُّبُّ وَ الْأَرْنَبُ وَ الْعَقْرَبُ وَ الضَّبُّ وَ الْعَنْكَبُوتُ وَ الدُّعْمُوصُ (1) وَ الْجِرِّیُّ وَ الْوَطْوَاطُ وَ الْقِرْدُ وَ الْخِنْزِیرُ وَ الزُّهَرَةُ وَ سُهَیْلٌ قِیلَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا كَانَ سَبَبُ مَسْخِ هَؤُلَاءِ قَالَ أَمَّا الْفِیلُ فَكَانَ رَجُلًا جَبَّاراً لُوطِیّاً لَا یَدَعُ رَطْباً وَ لَا یَابِساً وَ أَمَّا الدُّبُّ فَكَانَ رَجُلًا مُؤَنَّثاً یَدْعُو الرِّجَالَ إِلَی نَفْسِهِ وَ أَمَّا الْأَرْنَبُ فَكَانَتِ امْرَأَةً قَذِرَةً لَا تَغْتَسِلُ مِنْ حَیْضٍ (2) وَ لَا غَیْرِ ذَلِكَ وَ أَمَّا الْعَقْرَبُ فَكَانَ رَجُلًا هَمَّازاً لَا یَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ وَ أَمَّا الضَّبُّ فَكَانَ رَجُلًا أَعْرَابِیّاً یَسْرِقُ الْحُجَّاجَ بِمِحْجَنِهِ وَ أَمَّا الْعَنْكَبُوتُ فَكَانَتِ امْرَأَةً سَحَرَتْ زَوْجَهَا وَ أَمَّا الدُّعْمُوصُ فَكَانَ رَجُلًا نَمَّاماً یَقْطَعُ بَیْنَ الْأَحِبَّةِ وَ أَمَّا الْجِرِّیُّ فَكَانَ رَجُلًا دَیُّوثاً یَجْلِبُ الرِّجَالَ عَلَی حَلَائِلِهِ وَ أَمَّا الْوَطْوَاطُ فَكَانَ رَجُلًا سَارِقاً یَسْرِقُ الرُّطَبَ مِنْ رُءُوسِ النَّخْلِ وَ أَمَّا الْقِرَدَةُ فَالْیَهُودُ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ (3) وَ أَمَّا الْخَنَازِیرُ فَالنَّصَارَی حِینَ سَأَلُوا الْمَائِدَةَ فَكَانُوا بَعْدَ نُزُولِهَا أَشَدَّ مَا كَانُوا تَكْذِیباً وَ أَمَّا سُهَیْلٌ فَكَانَ رَجُلًا عَشَّاراً بِالْیَمَنِ وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَإِنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً تُسَمَّی نَاهِیدَ وَ هِیَ الَّتِی تَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ افْتُتِنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ (4).

ص: 220


1- 1. الدعموص بالضم: دودة سوداء تكون فی الغدران إذا نشت، و العامّة تسمیها البلعط.
2- 2. فی المصدر: من حیض و لا جنابة.
3- 3. فی نسخة: حین اعتدوا فی السبت.
4- 4. علل الشرائع 2: 172 طبعة قم.

بیان: لا یدع رطبا و لا یابسا أی كان یطأ كل من یقدر علیه من الرجال و المحجن كمنبر العصا المعوجة قوله علیه السلام و هی التی إلخ یدل علی أنه مما اشتهر عند العامة و لا أصل له فما سیأتی محمول علی التقیة كما مر و الدیوث بفتح الدال و تشدید الیاء هو ما ذكر فی الخبر.

«2»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَعْلَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنِ الْمُسُوخِ فَقَالَ اثْنَا عَشَرَ صِنْفاً وَ لَهَا عِلَلٌ فَأَمَّا الْفِیلُ فَإِنَّهُ مَسْخٌ كَانَ مَلِكاً زَنَّاءً لُوطِیّاً وَ مُسِخَ الدُّبُّ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْرَابِیّاً دَیُّوثاً وَ مُسِخَتِ الْأَرْنَبُ لِأَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً تَخُونُ زَوْجَهَا وَ لَا تَغْتَسِلُ مِنْ حَیْضٍ وَ لَا جَنَابَةٍ وَ مُسِخَ الْوَطْوَاطُ لِأَنَّهُ كَانَ یَسُوقُ تُمُورَ النَّاسِ وَ مُسِخَ سُهَیْلٌ لِأَنَّهُ كَانَ عَشَّاراً بِالْیَمَنِ وَ مُسِخَتِ الزُّهَرَةُ لِأَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً فُتِنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ وَ أَمَّا الْقِرَدَةُ وَ الْخَنَازِیرُ فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ وَ أَمَّا الْجِرِّیُّ وَ الضَّبُّ فَفِرْقَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ حِینَ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ عَلَی عِیسَی علیه السلام لَمْ یُؤْمِنُوا بِهِ فَتَاهُوا فَوَقَعَتْ فِرْقَةٌ فِی الْبَحْرِ وَ فِرْقَةٌ فِی الْبَرِّ وَ أَمَّا الْعَقْرَبُ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا نَمَّاماً وَ أَمَّا الزُّنْبُورُ فَكَانَ لَحَّاماً یَسْرِقُ فِی الْمِیزَانِ (1).

بیان: مسخ أصحاب السبت خنازیر مخالف لظاهر الآیة و ما مر أصوب و یمكن الجمع بأن التعبیر فی الآیة بالقردة لكون أكثرهم مسخوا بها و أما أصحاب المائدة فیمكن أن یكون فیهم أیضا خنازیر لم یذكر فی هذا الخبر و سائر الاختلافات فی تلك الأخبار یمكن حمل بعضها علی التقیة و بعضها علی تعدد وقوع المسخ.

«3»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْخُفَّاشُ امْرَأَةً سَحَرَتْ ضَرَّةً لَهَا فَمَسَخَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خُفَّاشاً وَ إِنَّ الْفَأْرَ كَانَ سِبْطاً مِنَ الْیَهُودِ غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمْ فَمَسَخَهُمْ فَأْراً وَ إِنَّ الْبَعُوضَ كَانَ رَجُلًا یَسْتَهْزِئُ بِالْأَنْبِیَاءِ فَمَسَخَهُ (2) اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ

ص: 221


1- 1. علل الشرائع 2: 171 طبعة قم.
2- 2. فی المصدر: یستهزئ بالأنبیاء و یكلح فی وجوههم و یصفق بیدیه فمسخه اللّٰه.

بَعُوضاً وَ إِنَّ الْقَمْلَةَ هِیَ مِنَ الْجَسَدِ(1)

وَ إِنَّ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانَ قَائِماً یُصَلِّی إِذْ أَقْبَلَ إِلَیْهِ سَفِیهٌ مِنْ سُفَهَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَجَعَلَ یَهْزَأُ بِهِ وَ یَكْلَحُ فِی وَجْهِهِ فَمَا بَرِحَ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّی مَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَمْلَةً وَ إِنَّ الْوَزَغَ كَانَ سِبْطاً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَسُبُّونَ أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ وَ یُبْغِضُونَهُمْ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ أَوْزَاغاً وَ أَمَّا الْعَنْقَاءُ فمن [فَمِمَّنْ] غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ فَمَسَخَهُ وَ جَعَلَهُ مَثُلَةً فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ نَقِمَتِهِ (2).

بیان: هی من الجسد أی تتولد من جسد الإنسان و لكن شبیهها كانت من مسوخ بنی إسرائیل و فی بعض النسخ بالحاء المهملة أی كان سبب مسخها الحسد و فی القاموس كلح كمنع كلوحا بالضم تكشر(3) فی عبوس و تكلح تبسم.

«4»- الْمَحَاسِنُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُغِیرَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: الْمُسُوخُ مِنْ بَنِی آدَمَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صِنْفاً مِنْهُمُ الْقِرَدَةُ وَ الْخَنَازِیرُ وَ الْخُفَّاشُ (4)

وَ الضَّبُّ وَ الدُّبُّ وَ الْفِیلُ وَ الدُّعْمُوصُ وَ الْجِرِّیثُ وَ الْعَقْرَبُ وَ سُهَیْلٌ وَ قُنْفُذٌ وَ الزُّهَرَةُ وَ الْعَنْكَبُوتُ فَأَمَّا الْقِرَدَةُ فَكَانُوا قَوْماً یَنْزِلُونَ بَلْدَةً عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ فَصَادُوا الْحِیتَانَ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قِرَدَةً وَ أَمَّا الْخَنَازِیرُ فَكَانُوا قَوْماً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ دَعَا عَلَیْهِمْ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیه السلام فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَنَازِیرَ وَ أَمَّا الْخُفَّاشُ (5) فَكَانَتِ امْرَأَةً مَعَ ضَرَّةٍ لَهَا فَسَحَرَتْهَا فَمَسَخَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خُفَّاشاً(6) وَ أَمَّا الضَّبُّ فَكَانَ أَعْرَابِیّاً بَدَوِیّاً لَا یَرِعُ عَنْ قَتْلِ مَنْ مَرَّ بِهِ مِنَ النَّاسِ فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ضَبّاً وَ أَمَّا الْفِیلُ فَكَانَ رَجُلًا یَنْكِحُ الْبَهَائِمَ

ص: 222


1- 1. فی نسخة من المصدر: هی من الحسد.
2- 2. علل الشرائع 2 ر 172 ط قم.
3- 3. كشر و كشر عن اسنانه: كشف عنها و أبداها.
4- 4. فی المصدر: الخشاف.
5- 5. فی المصدر: و اما الخشاف.
6- 6. فی العلل: خشافا.

فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیلًا وَ أَمَّا الدُّعْمُوصُ فَكَانَ رَجُلًا زَانِیَ الْفَرْجِ لَا یَرِعُ (1)

مِنْ شَیْ ءٍ فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دُعْمُوصاً وَ أَمَّا الْجِرِّیثُ فَكَانَ رَجُلًا نَمَّاماً فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جِرِّیثاً وَ أَمَّا الْعَقْرَبُ فَكَانَ رَجُلًا هَمَّازاً لَمَّازاً فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَقْرَباً وَ أَمَّا الدُّبُّ فَكَانَ رَجُلًا یَسْرِقُ الْحَاجَّ فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ دُبّاً وَ أَمَّا السُّهَیْلُ (2)

فَكَانَ رَجُلًا عَشَّاراً صَاحِبَ مِكَاسٍ فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سُهَیْلًا وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَكَانَتِ امْرَأَةً فُتِنَتْ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ فَمَسَخَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ زُهَرَةً وَ أَمَّا الْعَنْكَبُوتُ فَكَانَتِ امْرَأَةً سَیِّئَةَ الْخُلُقِ عَاصِیَةً لِزَوْجِهَا مُوَلِّیَةً عَنْهُ فَمَسَخَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْكَبُوتاً وَ أَمَّا الْقُنْفُذُ فَكَانَ رَجُلًا سَیِّئَ الْخُلُقِ فَمَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُنْفُذاً(3).

توضیح: لا یرع من الورع أی لا یتقی و لا یكف الهمز و اللمز العیب و الإشارة بالعین و الحاجب و نحوهما و اللمزة من یعیبك فی وجهك و الهمزة من یعیبك فی الغیب و المكس النقص و الظلم و تماكسا فی البیع تشاحا و دون ذلك مكاس و عكاس بكسرهما و هو أن تأخذ بناصیته و یأخذ بناصیتك.

«5»- الْمَجَالِسُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْوَارِیِّ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعْدَوَیْهِ الْبَرْدَعِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ زَكَرِیَّا بْنِ یَحْیَی بْنِ عُبَیْدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْقَلَانِسِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَیْسِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُعَتِّبٍ مَوْلَی جَعْفَرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْمُسُوخِ قَالَ هُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ الدُّبُّ وَ الْفِیلُ وَ الْخِنْزِیرُ وَ الْقِرْدُ وَ الْجِرِّیثُ وَ الضَّبُّ وَ الْوَطْوَاطُ وَ الدعموس [الدُّعْمُوصُ] وَ الْعَقْرَبُ وَ الْعَنْكَبُوتُ وَ الْأَرْنَبُ وَ زُهَرَةُ(4) وَ سُهَیْلٌ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ سَبَبُ مَسْخِهِمْ قَالَ أَمَّا الْفِیلُ فَكَانَ رَجُلًا لُوطِیّاً لَا یَدَعُ رَطْباً وَ لَا یَابِساً وَ أَمَّا الدُّبُّ فَكَانَ رَجُلًا مُؤَنَّثاً

ص: 223


1- 1. فی نسخة من العلل: لا یرع.
2- 2. فی المصدر: و اما سهیل.
3- 3. علل الشرائع 2: 173. المجالس ....
4- 4. فی نسخة من العلل: و الزهرة.

یَدْعُو الرِّجَالَ إِلَی نَفْسِهِ وَ أَمَّا الْخِنْزِیرُ فَقَوْمُ نَصَارَی سَأَلُوا رَبَّهُمْ عَزَّ وَ جَلَّ إِنْزَالَ (1) الْمَائِدَةِ عَلَیْهِمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ عَلَیْهِمْ كَانُوا أَشَدَّ كُفْراً وَ أَشَدَّ تَكْذِیباً وَ أَمَّا الْقِرَدَةُ فَقَوْمٌ اعْتَدَوْا فِی السَّبْتِ وَ أَمَّا الْجِرِّیثُ فَكَانَ دَیُّوثاً یَدْعُو الرِّجَالَ إِلَی أَهْلِهِ وَ أَمَّا الضَّبُّ فَكَانَ أَعْرَابِیّاً یَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ وَ أَمَّا الْوَطْوَاطُ فَكَانَ یَسْرِقُ الثِّمَارَ مِنْ رُءُوسِ النَّخْلِ وَ أَمَّا الدُّعْمُوصُ فَكَانَ نَمَّاماً یُفَرِّقُ بَیْنَ الْأَحِبَّةِ وَ أَمَّا الْعَقْرَبُ فَكَانَ رَجُلًا لَذَّاعاً لَا یَسْلَمُ عَلَی لِسَانِهِ (2) أَحَدٌ وَ أَمَّا الْعَنْكَبُوتُ فَكَانَتِ امْرَأَةً سَحَرَتْ زَوْجَهَا وَ أَمَّا الْأَرْنَبُ فَكَانَتِ امْرَأَةً لَا

تَطَّهَّرُ مِنْ حَیْضٍ وَ لَا غَیْرِهِ وَ أَمَّا سُهَیْلٌ فَكَانَ عَشَّاراً بِالْیَمَنِ وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَكَانَتِ امْرَأَةً نَصْرَانِیَّةً وَ كَانَتْ لِبَعْضِ مُلُوكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ هِیَ الَّتِی فُتِنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ وَ كَانَ اسْمُهَا نَاهِیلَ وَ النَّاسُ یَقُولُونَ نَاهِیدُ(3).

قال الصدوق رضی اللّٰه عنه إن الناس یغلطون فی الزهرة و سهیل و یقولون إنهما كوكبان و لیسا كما یقولون و لكنهما دابتان من دواب البحر سمیا بكوكبین كما سمی الحمل و الثور و السرطان و الأسد و العقرب و الحوت و الجدی و هذه حیوانات سمیت علی أسماء الكواكب و كذلك الزهرة و سهیل و إنما غلط الناس فیهما دون غیرهما لتعذر مشاهدتهما و النظر إلیهما لأنهما من البحر المطیف بالدنیا بحیث لا تبلغه سفینة و لا تعمل فیه حیلة و ما كان اللّٰه عز و جل لیمسخ العصاة أنوارا مضیئة فیبقیهما ما بقیت الأرض و السماء و المسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة أیام حتی ماتت و هذه الحیوانات التی تسمی المسوخ فالمسوخیة لها اسم مستعار مجازی بل هی مثل المسوخ التی حرم اللّٰه تعالی أكل لحومها لما فیه من المضار وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیه السلام: نَهَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ أَكْلِ الْمَثُلَةِ لِكَیْلَا یُنْتَفَعَ بِهَا وَ لَا یُسْتَخَفَّ بِعُقُوبَتِهِ (4).

ص: 224


1- 1. فی العلل: ان ینزل.
2- 2. فی نسخة من العلل: من لسانه.
3- 3. علل الشرائع 2: 174( ط قم) و لم نجد الحدیث فی المجالس و لعله مصحف الخصال. راجع الخصال 2: 88( ط 1).
4- 4. علل الشرائع 2: 174.

«6»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ بَشَّارٍ الْقَزْوِینِیِّ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَزْوِینِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَیْنِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیَّ الْكُوفِیَّ یَقُولُ فِی سُهَیْلٍ وَ زُهَرَةَ إِنَّهُمَا دَابَّتَانِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ الْمُطِیفِ بِالدُّنْیَا فِی مَوْضِعٍ لَا تَبْلُغُهُ سَفِینَةٌ وَ لَا تَعْمَلُ فِیهِ حِیلَةٌ وَ هُمَا الْمَسْخَانِ الْمَذْكُورَانِ فِی أَصْنَافِ الْمُسُوخِ وَ یَغْلَطُ مَنْ یَزْعُمُ أَنَّهُمَا الْكَوْكَبَانِ الْمَعْرُوفَانِ بِسُهَیْلٍ وَ الزُّهَرَةِ وَ أَنَّ هَارُوتَ وَ مَارُوتُ كَانَا رُوحَانِیَّیْنِ قَدْ هُیِّئَا وَ رُشِّحَا لِلْمَلَائِكَةِ وَ لَمْ یُبْلَغْ بِهِمَا حَدَّ الْمَلَائِكَةِ فَاخْتَارَا(1) الْمِحْنَةَ وَ الِابْتِلَاءَ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا كَانَ وَ لَوْ كَانَا مَلَكَیْنِ لَعُصِمَا فَلَمْ یَعْصِیَا وَ إِنَّمَا سَمَّاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ مَلَكَیْنِ بِمَعْنَی أَنَّهُمَا خُلِقَا لِیَكُونَا مَلَكَیْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ (2) بِمَعْنَی سَتَكُونُ مَیِّتاً وَ یَكُونُونَ مَوْتَی (3).

توضیح: قال الجوهری فلان یرشح للوزارة أی یربی و یؤهل لها قوله للملائكة أی لكونهم منهم و الأظهر للملكیة.

«7»- الْإِخْتِصَاصُ، وَ الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ كَرَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْوَزَغِ فَقَالَ هُوَ رِجْسٌ وَ هُوَ مَسْخٌ فَإِذَا قَتَلْتَهُ فَاغْتَسِلْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَبِی كَانَ قَاعِداً فِی الْحِجْرِ وَ مَعَهُ رَجُلٌ یُحَدِّثُهُ فَإِذَا وَزَغٌ یُوَلْوِلُ بِلِسَانِهِ فَقَالَ أَبِی لِلرَّجُلِ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ هَذَا الْوَزَغُ فَقَالَ الرَّجُلُ لَا عِلْمَ لِی بِمَا یَقُولُ قَالَ فَإِنَّهُ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَئِنْ ذَكَرْتَ عُثْمَانَ لَأَسُبَّنَّ عَلِیّاً أَبَداً حَتَّی یَقُومَ مَنْ هَاهُنَا(4).

دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ

ص: 225


1- 1. هكذا فی الكتاب و أكثر نسخ المصدر، و فی بعض نسخ المصدر؛« فاختارا» بصیغة التثنیة.
2- 2. الزمر: 30.
3- 3. علل الشرائع 2: 175 ط قم.
4- 4. الاختصاص: 301 بصائر الدرجات: 103« ط 1».

أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ: مِثْلَهُ (1) كا، [الكافی] عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ قَالَ وَ قَالَ أَبِی لَیْسَ یَمُوتُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ مَیِّتٌ إِلَّا مُسِخَ وَزَغاً(2).

«8»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ أَبِی سُمَیْنَةَ(3)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام هَلْ یَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِ الْفِیلِ فَقَالَ لَا فَقُلْتُ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ مَثُلَةٌ وَ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ لُحُومَ الْأَمْسَاخِ وَ لُحُومَ مَا مُثِّلَ بِهِ فِی صُوَرِهَا(4).

العلل، عن محمد بن علی ماجیلویه عن عمه محمد بن أبی القاسم عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه البرقی عن محمد بن أسلم الجبلی: مثله (5).

«9»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَاتِكَةَ الدِّمَشْقِیِّ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِیِ (6) عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَسَخَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ (7)

اثْنَیْ عَشَرَ جُزْءاً فَمَسَخَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنَازِیرَ وَ السُّهَیْلَ وَ الزُّهَرَةَ وَ الْعَقْرَبَ وَ الْفِیلَ وَ الْجِرِّیَّ وَ هُوَ سَمَكٌ لَا یُؤْكَلُ الدُّعْمُوصَ وَ الدُّبَّ وَ الضَّبَّ وَ الْعَنْكَبُوتَ وَ الْقُنْفُذَ قَالَ حُذَیْفَةُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَسِّرْ لَنَا هَذَا كَیْفَ مُسِخُوا قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الْقِرَدَةُ فَمُسِخُوا لِأَنَّهُمْ اصْطَادُوا الْحِیتَانَ فِی السَّبْتِ عَلَی عَهْدِ دَاوُدَ النَّبِیِّ علیه السلام وَ أَمَّا الْخَنَازِیرُ فَمُسِخُوا لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا

ص: 226


1- 1. دلائل الإمامة: 99.
2- 2. الروضة: 232( ط الآخوندی) فیه:« فقال رجس و هو مسخ كله» و فیه لئن ذكرتم عثمان بشتیمة لاشتمن علیا.
3- 3. فی المصدر: عن بكر بن صالح و محمّد بن علی عن محمّد بن اسلم الطبریّ.
4- 4. المحاسن: 472.
5- 5. علل الشرائع 2: 171.
6- 6. فی المصدر: عن عبد الرحمن القرشیّ.
7- 7. فی المصدر: من بنی آدم.

بِالْمَائِدَةِ الَّتِی نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ عَلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام وَ أَمَّا السُّهَیْلُ فَمُسِخَ لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا عَشَّاراً فَمَرَّ بِهِ عَابِدٌ مِنْ عُبَّادِ ذَلِكَ الزَّمَانِ فَقَالَ الْعَشَّارُ دُلَّنِی عَلَی اسْمِ اللَّهِ الَّذِی یُمْشَی بِهِ عَلَی وَجْهِ الْمَاءِ وَ یُصْعَدُ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ فَدَلَّهُ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ الْعَشَّارُ قَدْ یَنْبَغِی لِمَنْ عَرَفَ هَذَا الِاسْمَ أَنْ لَا یَكُونَ فِی الْأَرْضِ بَلْ یُصْعَدَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ فَمَسَخَهُ اللَّهُ وَ جَعَلَهُ آیَةً لِلْعَالَمِینَ (1) وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَمُسِخَتْ لِأَنَّهَا هِیَ الْمَرْأَةُ الَّتِی فَتَنَتْ هَارُوْتَ وَ مَارُوتَ الْمَلَكَیْنِ وَ أَمَّا الْعَقْرَبُ فَمُسِخَ لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا نَمَّاماً یَسْعَی بَیْنَ النَّاسِ بِالنَّمِیمَةِ وَ یُغْرِی بَیْنَهُمُ

الْعَدَاوَةَ(2) وَ أَمَّا الْفِیلُ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا جَمِیلًا فَمُسِخَ لِأَنَّهُ كَانَ یَنْكِحُ الْبَهَائِمَ الْبَقَرَ وَ الْغَنَمَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ وَ أَمَّا الْجِرِّیُّ فَمُسِخَ لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مِنَ التُّجَّارِ وَ كَانَ یَبْخَسُ النَّاسَ فِی الْمِكْیَالِ وَ الْمِیزَانِ وَ أَمَّا الدُّعْمُوصُ فَمُسِخَ لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا إِذَا جَامَعَ النِّسَاءَ(3) لَمْ یَغْتَسِلْ مِنَ الْجَنَابَةِ وَ یَتْرُكُ الصَّلَاةَ فَجَعَلَ اللَّهُ قَرَارَهُ فِی الْمَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنْ جَزَعِهِ عَنِ الْبَرْدِ وَ أَمَّا الدُّبُّ فَمُسِخَ لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا یَقْطَعُ الطَّرِیقَ لَا یَرْحَمُ غَرِیباً وَ لَا فَقِیراً إِلَّا صلبه (4) [سَلَبَهُ] وَ أَمَّا الضَّبُّ فَمُسِخَ لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ وَ كَانَتْ خَیْمَتُهُ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ وَ كَانَ إِذَا مَرَّتِ الْقَافِلَةُ تَقُولُ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ كَیْفَ نَأْخُذُ الطَّرِیقَ إِلَی كَذَا وَ كَذَا فَإِنْ أَرَادَ الْقَوْمُ الْمَشْرِقَ رَدَّهُمْ إِلَی الْمَغْرِبِ وَ إِنْ أَرَادُوا الْمَغْرِبَ رَدَّهُمْ إِلَی الْمَشْرِقِ وَ تَرَكَهُمْ یَهِیمُونَ (5)

لَمْ یُرْشِدْهُمْ إِلَی سَبِیلِ الْخَیْرِ وَ أَمَّا الْعَنْكَبُوتُ فَمُسِخَتْ

ص: 227


1- 1. قد تقدم بیان للصدوق علیه الرحمة یبطل ذلك، و أن مقالة كون الكوكبین السهیل و الزهرة مسوختان من أغالیط الناس. و الروایة كما تری من رواة العامّة ذكرها المفید فی كتابه.
2- 2. أی القاها و افسد بینهم.
3- 3. فی المصدر: إذا حضر النساء.
4- 4. فی المصدر: لا یرحم غنیا و لا فقیرا الا سلبه.
5- 5. هام علی وجهه: ذهب لا یدری أین یتوجه.

لِأَنَّهَا كَانَتْ خَائِنَةً لِلْبَعْلِ وَ كَانَتْ تُمَكِّنُ فَرْجَهَا سِوَاهُ وَ أَمَّا الْقُنْفُذُ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِیدِ الْعَرَبِ فَمُسِخَ لِأَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ الضَّیْفُ رَدَّ الْبَابَ فِی وَجْهِهِ وَ یَقُولُ لِجَارِیَتِهِ اخْرُجِی إِلَی الضَّیْفِ فَقُولِی لَهُ إِنَّ مَوْلَایَ غَائِبٌ عَنِ الْمَنْزِلِ فَیَبِیتُ الضَّیْفُ بِالْبَابِ جُوعاً وَ یَبِیتُ أَهْلُ الْبَیْتِ شِبَاعاً مُخْصِبِینَ (1).

«10»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ كَرَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْوَزَغِ فَقَالَ رِجْسٌ وَ هُوَ مَسْخٌ كُلُّهُ فَإِذَا قَتَلْتَهُ فَاغْتَسِلْ (2).

«11»- كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّی، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْبِلَادِ(3) عَنْ عَمَّارِ بْنِ عَاصِمٍ السِّجِسْتَانِیِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَی بَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَدَخَلْتُ عَلَیْهِ فَقُلْتُ (4) أَخْبِرْنِی عَنِ الْحَیَّةِ وَ الْعَقْرَبِ وَ الْخُنْفَسِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ أَ مَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ وَ مَا كُلَّ كِتَابِ اللَّهِ أَعْرِفُ فَقَالَ أَ وَ مَا تَقْرَأُ أَ وَ لَمْ یَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ یَمْشُونَ فِی مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِی ذَلِكَ لَآیَةً أَ فَلَا یَتَذَكَّرُونَ قَالَ فَقَالَ هُمْ أُولَئِكَ خَرَجُوا مِنَ الدَّارِ فَقِیلَ لَهُمْ كُونُوا شَیْئاً(5).

«12»- الْكَافِی، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْحَسَنِ (6)

عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

ص: 228


1- 1. الاختصاص: 138.
2- 2. بصائر الدرجات: 103 فیه:« و إذا قتلته» و الحدیث تقدم آنفا.
3- 3. فی المصدر: عن أبی البلاد.
4- 4. فی المصدر: جئت الی باب أبی عبد اللّٰه علیه السلام و أردت الا أستأذن علیه فأقعد و أقول لعله یرانی بعض من یدخل فیخبره فیأذن لی، قال: فبینا أنا كذلك اذ دخل علیه شباب أدم فی ازر و أردیة، ثمّ لم أرهم خرجوا، فخرج عیسی شلقان فرآنی، فقال: أبا عاصم! أنت هاهنا؟ فدخل و استأذن، فدخلت علیه فقال أبو عبد اللّٰه علیه السلام : مذمتی أنت هاهنا یا عمار؟ قال فقلت: من قبل أن یدخل إلیك شباب الادم لم أرهم خرجوا، فقال أبو عبد اللّٰه علیه السلام : هؤلاء قوم من الجن جاءوا یسألون عن أمر دینهم، قال: فقلت.
5- 5. كتاب محمّد بن المثنی: 92 فیه: أخرجوا من النار فقیل لهم: كونوا نششا.
6- 6. أی الحسن بن علیّ الوشاء.

بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ حُجْرَتِهِ وَ مَرْوَانُ وَ أَبُوهُ یَسْتَمِعَانِ إِلَی حَدِیثِهِ (1) فَقَالَ لَهُ الْوَزَغُ بْنُ الْوَزَغِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَمِنْ یَوْمِئِذٍ یَرَوْنَ أَنَّ الْوَزَغَ یَسْمَعُ الْحَدِیثَ (2).

بیان: أی لما شبههما صلی اللّٰه علیه و آله بالوزغ حین استمعا إلی حدیثه فهو أن الوزغ أیضا تفعل ذلك.

«13»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: الطَّاوُسُ مَسْخٌ كَانَ رَجُلًا جَمِیلًا فَكَابَرَ امْرَأَةَ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ تُحِبُّهُ فَوَقَعَ بِهَا ثُمَّ رَاسَلَتْهُ بَعْدُ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ طَاوُسَیْنِ أُنْثَی وَ ذَكَراً فَلَا تَأْكُلْ لَحْمَهُ وَ لَا بَیْضَهُ (3).

«14»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْكَلْبِیِّ النَّسَّابَةِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْجِرِّیِّ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ مَسَخَ طَائِفَةً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَمَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَحْراً(4) فَهُوَ الْجِرِّیُّ وَ الزِّمِّیرُ وَ الْمَارْمَاهِی وَ مَا سِوَی ذَلِكَ وَ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ بَرّاً(5) فَالْقِرَدَةُ وَ الْخَنَازِیرُ وَ الْوَرَكُ وَ مَا سِوَی ذَلِكَ (6).

«15»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الزَّیَّاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ رَاكِبٌ وَ أَنَا أَمْشِی مَعَهُ فَمَرَرْنَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَ هُوَ رَاكِبٌ فَلَمَّا بَصُرَ بِنَا شَالَ الْمِقْرَعَةَ لِیَضْرِبَ بِهَا فَخِذَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَوْمَأَ إِلَیْهَا الصَّادِقُ علیه السلام

ص: 229


1- 1. أی كانا یسترقان السمع لیسمعا ما یقول الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لازواجه و أهل بیته و یخبرا به المنافقین فیذیعونه.
2- 2. الروضة: 238.
3- 3. فروع الكافی 6: 247 فیه: و لا یؤكل لحمه و لا بیضه.
4- 4. فی المصدر: البحر.
5- 5. فی المصدر: البر.
6- 6. فروع الكافی 6: 221 فیه: و الخنازیر و الوبر و الورل و ما سوی ذلك.

فَجَفَّتْ یَمِینُهُ وَ الْمِقْرَعَةُ فِیهَا فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِالرَّحِمِ إِلَّا عَفَوْتَ عَنِّی فَأَوْمَأَ إِلَیْهِ بِیَدِهِ فَرَجَعَتْ یَدُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیَّ وَ قَالَ لِی یَا مُفَضَّلُ وَ قَدْ مَرَّتْ عَظَایَةٌ مِنَ الْعَظَاءِ مَا یَقُولُ النَّاسُ فِی هَذِهِ قُلْتُ یَقُولُونَ إِنَّهَا حَمَلَتِ الْمَاءَ فَأَطْفَأَتْ نَارَ إِبْرَاهِیمَ فَتَبَسَّمَ علیه السلام ثُمَّ قَالَ لِی یَا مُفَضَّلُ وَ لَكِنْ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ وَ وُلْدُهُ (1) وَ إِنَّمَا یَرِقُّ النَّاسُ عَلَیْهِمْ لِمَا مَسَّهُمْ مِنَ الْوِلَادَةِ وَ الرَّحِمِ (2).

بیان: كان المعنی أنهم أرجاس أعداء لأهل البیت علیهم السلام مثل هذه المسوخ و ضمیر علیهم إما راجع إلی عبد اللّٰه و ولده أو إلی المسوخ.

تذییل اعلم أن أنواع المسوخ غیر مضبوطة فی كلام أكثر الأصحاب بل أحالوها علی هذه الروایات و إن كان فی أكثرها ضعفا علی مصطلحهم فالذی یحصل من جمیعها ثلاثون صنفا الفیل و الدب و الأرنب و العقرب و الضب و الوزغ و العظایة و العنكبوت و الدعموص و الجری و الوطواط و القرد و الخنزیر و الكلب و الزهرة و سهیل و طاوس و الزنبور و البعوض و الخفاش و الفأر و القملة و العنقاء و القنفذ و الحیة و الخنفساء و الزمیر و المارماهی و الوبر و الورل لكن یرجع بعضها إلی بعض.

قال الدمیری الفیل معروف و جمعه أفیال و فیول و فیلة و قال ابن السكیت و لا تقل أفیلة و الفیلة ضربان فیل و زندفیل (3) و هما كالبخاتی و العراب و بعضهم یقول الفیل الذكر و الزند(4) فیل الأنثی و هذا النوع لا یلاقح إلا فی بلاده و معادنه و إن صار أهلیا و هو إذا اغتلم أشبه الجمل فی ترك الماء و العلف حتی تتورم رأسه و لم یكن لسواسه (5) غیر الهرب منه و الذكر ینزو إذا مضی من عمره خمس سنین و زمان نزوه

ص: 230


1- 1. لعل المعنی أن هذه الدابّة مع حیوانیتها كانت تدفع عن إبراهیم، و انی مع أنه من ذریته و ذرّیة محمد صلی اللّٰه علیه و آله و علی و فاطمة علیهما السلام یفعل بی عبد اللّٰه بن الحسن ما تری، ثمّ ذكر علیه السلام بعد ذلك ما یكون سببا لرقة الناس علیهم و تعظیمهم.
2- 2. دلائل الإمامة: 144 و 145.
3- 3. فی المصدر: و زند بیل.
4- 4. فی المصدر: و الزند بیل.
5- 5. فی المصدر: لسائسه الا الهرب منه.

الربیع و الأنثی تحمل سنتین فإذا حملت لا یقربها الذكر و لا یمسها و لا ینزو علیها إذا وضعت إلا بعد ثلاث سنین و قال عبد اللطیف البغدادی إنها تحمل سبع سنین و لا ینزو إلا علی فیلة واحدة و له علیها غیرة شدیدة و إذا تم حملها و أرادت الوضع دخلت النهر حتی تضع ولدها لأنها تلد و هی قائمة(1)

و لا فواصل لقوائمها و الذكر عند ذلك یحرسها و ولدها من الحیات و یقال الفیل یحقد كالجمل فربما قتل سائسه حقدا علیه.

تزعم الهند أن لسان الفیل مقلوب و لو لا ذلك لتكلم و یعظم ناباه و ربما بلغ الواحد منهما مائة من و خرطومه من غضروف و هو أنفه و یده التی یوصل بها الطعام و الشراب إلی فیه و یقاتل بها و یصیح و لیس صیاحه علی مقدار جثته و إنه كصیاح الصبی و له فیه من القوة بحیث یقلع به الشجر من منابتها و فیه من الفهم ما یقبل به التأدیب و یفعل ما یأمره به سائسه من السجود للملوك و غیر ذلك من الخیر و الشر فی حالتی السلم و الحرب و فیه من الأخلاق أنه یقاتل بعضه بعضا و المقهور منها یخضع

للقاهر و الهند تعظمه لما اشتمل علیه من الخصال المحمودة من علو سمكه و عظم صورته و بدیع منظره و طول خرطومه و سعة أذنه (2) و طول عمره و ثقل حمله و خفة وطئه فإنه ربما مر بالإنسان فلا یشعر به من حسن خطوه و استقامته.

و لطول عمره حكی أرسطو أن فیلا ظهر أن عمره أربعمائة سنة و اعتبر ذلك بالوسم و بینه و بین السنور عداوة طبیعیة حتی أن الفیل یهرب منه كما أن السبع یهرب من الدیك الأبیض و كما أن العقرب متی أبصرت الوزغة ماتت.

و فی الحلیة فی ترجمة أبی عبد اللّٰه القلانسی أنه ركب البحر فی بعض سیاحاته فعصفت علیهم الریح فتضرع أهل السفینة إلی اللّٰه تعالی و نذروا النذور إن نجاهم اللّٰه تعالی فألحوا علی أبی عبد اللّٰه فی النذر فأجری اللّٰه علی لسانه أن قال إن خلصنی اللّٰه

ص: 231


1- 1. فی المصدر: لانها لا تلد إلا و هی قائمة.
2- 2. فی المصدر: وسعة اذنیه.

تعالی مما أنا فیه لا آكل لحم الفیل فانكسرت السفینة و أنجاه اللّٰه و جماعة من أهلها إلی الساحل فأقاموا بها أیاما من غیر زاد فبینما هم كذلك إذا هم بفیل صغیر فذبحوه و أكلوا لحمه سوی أبی عبد اللّٰه فلم یأكل منه وفاء بالعهد الذی كان منه فلما نام القوم جاءتهم أم ذلك الفیل تتبع أثره و تشم الرائحة فمن وجدت منه رائحة لحمه داسته بیدیها و رجلیها إلی أن تقتله قال فقتلت الجمیع ثم جاءت إلی فلم تجد منی رائحة اللحم فأشارت إلی أن اركبها فركبتها فسارت بی سیرا شدیدا اللیل كله ثم أصبحت فی أرض ذات حرث و زرع فأشارت إلی أن أنزل فنزلت عن ظهرها فحملنی أولئك القوم إلی ملكهم فسألنی ترجمانه فأخبرته بالقصة فقال لی إن الفیلة سارت بك فی هذه اللیلة مسیرة ثمانیة أیام قال فكنت عندهم إلی أن حملت و رجعت إلی أهلی.

و لما كان فی أول المحرم سنة اثنین و ثمانین و ثمانمائة من تاریخ ذی القرنین و كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله حملا فی بطن أمه حضر أبرهة(1) ملك الحبشة یرید هدم الكعبة و معه (2) جیش عظیم و معه فیله محمود و كان قویا عظیما و اثنا عشر فیلا غیره و قیل ثمانیة و ساق الحدیث كما مر فی كتاب أحوال النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی أن قال ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة و دعا اللّٰه تعالی ثم قال:

لاهم إن المرء یمنع رحله فامنع حلالك***و انصر علی آل الصلیب و عابدیه الیوم آلك

لا یغلبن صلیبهم و محالهم أبدا محالك

ثم أرسل حلقة الباب و انطلق هو و من معه من قریش إلی الجبال و أبرهة(3)

ص: 232


1- 1. فی المصدر: و كان النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله یومئذ حملا فی بطن أمه حضر ابرهة الاشرم.
2- 2. فی المصدر: یرید هدم الكعبة و كان قد بنی كنیسة بصنعاء و أراد أن یصرف إلیها الحاجّ فخرج رجل من بنی كنانة فقعد فیها لیلا فأغضبه ذلك و حلف لیهد من الكعبة فخرج و معه.
3- 3. فی المصدر: الی الجبال ینظرون ما ابرهة فاعل بمكّة إذا دخلها، فحینئذ جاءت قدرة الواحد الاحد القادر المقتدر فاصبح ابرهة.

مُتَهَیِّأً لدخولها و هدمها(1)

و قدم فیله محمودا أمام جیشه فلما وجه الفیل إلی مكة أقبل نفیل بن حبیب فأخذ بأذن الفیل و قال ابرك محمودا و ارجع راشدا فإنك فی بلد اللّٰه الحرام ثم أرسل أذنه فبرك الفیل و ضربوه بالحدید حتی أدموه لیقوم فأبی فوجهوه إلی الیمن فقام یهرول فوجهوه إلی الشام ففعل مثل ذلك (2) فعند ذلك أرسل اللّٰه عَلَیْهِمْ طَیْراً أَبابِیلَ تَرْمِیهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّیلٍ فتساقطوا بكل طریق و هلكوا علی كل منهل و أصیب أبرهة حتی تساقط أنملة أنملة حتی قدموا به صنعاء و هو مثل فرخ الطائر حتی انصدع صدره عن قلبه (3) و انفلت وزیره و طائر یحلق فوقه حتی بلغ النجاشی فقص علیه القصة فلما انتهی وقع علیه الحجر فخر میتا بإذن اللّٰه بین یدیه.

قال السهیلی قوله فبرك الفیل فیه نظر فإن الفیل لا یبرك كما یبرك الجمل فیحتمل أن یكون بروكه سقوطه إلی الأرض لما جاء من أمر اللّٰه سبحانه و یحتمل أن یكون فعل فعل البارك الذی یلزم موضعه و لا یبرح فعبر بالبارك عن ذلك قال و قد سمعت من یقول إن فی الفیلة صنفا یبرك كما یبرك الجمل فإن صح و إلا فتأویله ما قدمناه قال و قول عبد المطلب لاهم إلی آخره العرب تحذف الألف و اللام من اللّٰهم و یكتفی بما بقی و الحلال متاع البیت و أراد به سكان الحرم و معنی محالك كیدك و قوتك (4).

و قال الدب من السباع و الأنثی دبة و هو یحب العزلة فإذا جاء الشتاء دخل وجاره (5)

الذی اتخذه فی الغیران و لا یخرج حتی یطیب الهواء و إذا جاع یمص (6)

یدیه و رجلیه فیندفع بذلك عنه الجوع و یخرج فی الربیع أسمن ما

ص: 233


1- 1. فی المصدر: لدخول مكّة و هدم البیت.
2- 2. زاد فی المصدر: فوجهوه الی مكّة فبرك.
3- 3. فی المصدر: فما مات حتّی انصدع قلبه عن صدره.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 160- 163.
5- 5. الوجار بالفتح و الكسر: جحر الضبع.
6- 6. فی المصدر: یمتص.

كان و هو مختلف الطباع لأنه یأكل ما تأكله السباع و ما ترعاه البهائم و ما یأكله الإنسان و فی طبعه فطنة عجیبة لقبول التأدیب لكنه لا یطیع معلمه إلا بعنف عظیم و ضرب شدید(1).

و قال الضب بفتح الضاد حیوان بری معروف یشبه الورل قال ابن خالویه الضب لا یشرب الماء و یعیش سبعمائة سنة فصاعدا و یقال إنه یبول فی كل أربعین یوما قطرة و لا یسقط له سن و یقال إن سنه قطعة واحدة لیست بمفرجة(2)

قال عبد اللطیف البغدادی الورل و الضب و الحرباء و شحمة الأرض و الوزغ كلها متناسبة فی الخلق و للضب ذكران و للأنثی فرجان كما للورل و الحرذون و الضب یخرج من جحره كلیل البصر فیجلوه بالتحدق للشمس و یغتذی بالنسیم و یعیش ببرد الهواء و ذلك عند الهرم و فناء الرطوبات و نقص الحرارات و بینه و بین العقرب مودة فلذلك یهیئ (3)

فی جحره لتلسع المتحرش (4) إذا أدخل یده لأخذه و لا یتخذ جحره إلا فی كدیة حجر خوفا من السیل و الحافر و لذلك توجد براثنه ناقصة كلیلة و ذلك لحفر الأماكن الصعبة(5) و فی طبعه النسیان و عدم الهدایة و به یضرب المثل فی الحیرة و لذلك لا یحفر جحره إلا عند أكمة أو صخرة لئلا یضل عنه إذا خرج لطلب الطعم و یوصف بالعقوق لأنه یأكل حسوله (6)

و هو طویل العمر و من هذه الجهات یناسب الحیات و الأفاعی و من شأنه أنه لا یخرج فی الشتاء من جحره

رَوَی الدَّارَقُطْنِیُّ وَ الْبَیْهَقِیُّ وَ الْحَاكِمُ وَ ابْنُ عَدِیٍّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ فِی مَحْفِلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِیٌّ مِنْ بَنِی سُلَیْمٍ قَدْ صَادَ ضَبّاً وَ جَعَلَهُ فِی كُمِّهِ لِیَذْهَبَ

ص: 234


1- 1. حیاة الحیوان 1: 236 و 237.
2- 2. فی المصدر: ان اسنانه قطعة واحدة لیست مفرقة.
3- 3. فی المصدر: یؤویها.
4- 4. أی الصائد للضباب.
5- 5. فی المصدر: لحفره بها فی الاماكن الصعبة.
6- 6. الحسول جمع الحسل: ولد الضب.

بِهِ إِلَی رَحْلِهِ فَرَأَی جَمَاعَةً(1)

فَقَالَ عَلَی مَنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ فَقَالُوا عَلَی هَذَا الَّذِی یَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِیٌّ فَأَتَاهُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ مَا اشْتَمَلَتِ النِّسَاءُ عَلَی ذِی لَهْجَةٍ أَكْذَبَ مِنْكَ فَلَوْ لَا أَنْ یُسَمِّیَنِیَ الْعَرَبُ عَجُولًا لَقَتَلْتُكَ وَ سَرَرْتُ النَّاسَ بِقَتْلِكَ أَجْمَعِینَ فَقَالَ عُمَرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِی أَقْتُلْهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَلِیمَ كَادَ أَنْ یَكُونَ نَبِیّاً ثُمَّ أَقْبَلَ الْأَعْرَابِیُّ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّی لَا آمَنْتُ بِكَ أَوْ یُؤْمِنَ بِكَ هَذَا الضَّبُ (2)

وَ أَخْرَجَ الضَّبَّ مِنْ كُمِّهِ فَطَرَحَهُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنْ آمَنَ بِكَ آمَنْتُ بِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا ضَبُّ فَكَلَّمَهُ الضَّبُّ بِلِسَانٍ طَلْقٍ فَصِیحٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ یَفْهَمُهُ الْقَوْمُ جَمِیعاً لَبَّیْكَ وَ سَعْدَیْكَ یَا رَسُولَ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ تَعْبُدُ قَالَ الَّذِی فِی السَّمَاءِ عَرْشُهُ وَ فِی الْأَرْضِ سُلْطَانُهُ وَ فِی الْبَحْرِ سَبِیلُهُ وَ فِی الْجَنَّةِ رَحْمَتُهُ وَ فِی النَّارِ عَذَابُهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَنْ أَنَا یَا ضَبُّ قَالَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَ خَاتَمُ النَّبِیِّینَ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ صَدَّقَكَ وَ قَدْ خَابَ مَنْ كَذَّبَكَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً وَ اللَّهِ لَقَدْ أَتَیْتُكَ وَ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ هُوَ أَبْغَضُ إِلَیَّ مِنْكَ وَ وَ اللَّهِ لَأَنْتَ السَّاعَةَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ نَفْسِی وَ مِنْ وُلْدِی فَقَدْ آمَنَ بِكَ شَعْرِی وَ بَشَرِی وَ دَاخِلِی وَ خَارِجِی وَ سِرِّی وَ عَلَانِیَتِی فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدَاكَ إِلَی هَذَا الَّذِی یَعْلُو وَ لَا یُعْلَی عَلَیْهِ وَ لَا یَقْبَلُهُ اللَّهُ إِلَّا بِصَلَاةٍ وَ لَا یَقْبَلُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِقُرْآنٍ قَالَ فَعَلِّمْنِی فَعَلَّمَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله سُورَةَ الْفَاتِحَةِ وَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ فِی الْبَسِیطِ وَ لَا فِی الْوَجِیزِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَذَا كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ لَیْسَ بِشِعْرٍ إِذَا قَرَأْتَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأْتَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وَ إِذَا قَرَأْتَهَا مَرَّتَیْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأْتَ ثُلُثَیِ الْقُرْآنِ وَ إِذَا قَرَأْتَهَا ثَلَاثاً فَكَأَنَّمَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ إِنَّ إِلَهَنَا یَقْبَلُ الْیَسِیرَ وَ یُعْطِی الْكَثِیرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَكَ مَالٌ فَقَالَ مَا فِی بَنِی سُلَیْمٍ قَاطِبَةً رَجُلٌ أَفْقَرُ مِنِّی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَصْحَابِهِ أَعْطُوهُ فَأَعْطَوْهُ حَتَّی أَبْطَرُوهُ (3)

ص: 235


1- 1. فی المصدر: فرأی جماعة محتفین بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله .
2- 2. فی المصدر: حتی یؤمن هذا الضب.
3- 3. أبطره: صیره بطرا. و البطر: الدهشة و الحیرة عند هجوم النعمة.

فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْطَیْتُهُ نَاقَةً عُشَرَاءَ(1) تَلْحَقُ وَ لَا تُلْحَقُ أُهْدِیَتْ إِلَیَّ یَوْمَ تَبُوكَ فَخَرَجَ الْأَعْرَابِیُّ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَلَقَّاهُ أَلْفُ أَعْرَابِیٍّ عَلَی أَلْفِ دَابَّةٍ بِأَلْفِ سَیْفٍ فَقَالَ لَهُمْ أَیْنَ تُرِیدُونَ فَقَالُوا نُرِیدُ هَذَا الَّذِی یَكْذِبُ وَ یَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِیٌّ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالُوا لَهُ صَبُؤْتَ (2) فَحَدَّثَهُمْ بِحَدِیثِهِ فَقَالُوا كُلُّهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ أَتَوُا النَّبِیَّ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنَا بِأَمْرِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله كُونُوا تَحْتَ رَایَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ فَلَمْ یُؤْمِنْ فِی أَیَّامِهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْعَرَبِ وَ لَا مِنْ غَیْرِهِمْ أَلْفٌ غَیْرُهُمْ.

و قال فی الحكم، یحل أكل الضب بالإجماع و حكی القاضی عیاض عن قوم تحریمه (3).

و قال الوزغة بفتح الواو و الزای و الغین المعجمة دویبة معروفة و هی و سام أبرص جنس فسام أبرص كباره و اتفقوا علی أن الوزغ من الحشرات المؤذیات و جمع الوزغة وزغ و أوزاغ و وزغان و إزغان علی البدل

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ وَ النَّسَائِیُّ وَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ شَرِیكٍ: أَنَّهَا اسْتَأْمَرَتِ (4) النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی قَتْلِ الْوِزْغَانِ فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ.

وَ فِی الصَّحِیحَیْنِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَ سَمَّاهُ فُوَیْسِقاً وَ قَالَ كَانَ یَنْفُخُ النَّارَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ.

و كذلك رواه أحمد فی مسنده

وَ رَوَی الْحَاكِمُ (5) فِی الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ لَا یُولَدُ لِأَحَدٍ مَوْلُودٌ إِلَّا أُتِیَ بِهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَدْعُو لَهُ فَأُدْخِلَ عَلَیْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَالَ

ص: 236


1- 1. العشراء من النوق بضم العین: التی مضی لحملها عشرة أشهر او ثمانیة او هی كالنفساء من النساء.
2- 2. صبأ: خرج من دین الی دین، و المعنی ارتددت.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 52- 54.
4- 4. أی شاورته.
5- 5. فی المصدر: و روی الحاكم فی كتاب الفتن و الملاحم من المستدرك.

هُوَ الْوَزَغُ بْنُ الْوَزَغِ الْمَلْعُونُ بْنُ الْمَلْعُونِ.

ثم قال صحیح الإسناد

وَ رَوَی بَعْدَهُ بِیَسِیرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ: لَمَّا بَایَعَ مُعَاوِیَةُ لِابْنِهِ یَزِیدَ قَالَ مَرْوَانُ سُنَّةُ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی بَكْرٍ سُنَّةُ هِرَقْلَ وَ قَیْصَرَ(1) فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ أَنْتَ الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكَ وَ الَّذِی قالَ لِوالِدَیْهِ أُفٍّ لَكُما(2) فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ كَذَبَ وَ اللَّهِ مَا هُوَ بِهِ وَ لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَنَ أَبَا مَرْوَانَ وَ مَرْوَانَ فِی صُلْبِهِ.

ثُمَّ رُوِیَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِیِّ وَ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ: أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ اسْتَأْذَنَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَرَفَ صَوْتَهُ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ عَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ عَلَی مَنْ یَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ إِلَّا الْمُؤْمِنَ مِنْهُمْ وَ قَلِیلٌ مَا هُمْ یُسْرِفُونَ فِی الدُّنْیَا وَ یُضَیَّعُونَ فِی الْآخِرَةِ ذَوُو مَكْرٍ وَ خَدِیعَةٍ یُعْطَوْنَ فِی الدُّنْیَا وَ مَا لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.

و أما تسمیة الوزغ فویسقا فنظیره الفواسق الخمس التی تقتل فی الحل و الحرم و أصل الفسق الخروج و هذه المذكورات خرجت عن خلق معظم الحشرات و نحوها بزیادة الضرر و الأذی و ذكر أصحاب الآثار أن الوزغ أصم قالوا و السبب فی صممه ما تقدم من نفخة النار علی إبراهیم فصم لأجل ذلك و برص و من طبعه أنه لا یدخل بیتا فیه رائحة الزعفران و الحیات تألفه كما تألف العقارب الخنافس و هو یلقح بفیه و یبیض كما تبیض الحیات و یقیم فی جحره زمن الشتاء لا یطعم شیئا(3) و قال العظاءة بالظاء المعجمة و المد دویبة أكبر من الوزغة و قال الأزهری هی دویبة ملساء تعدو و تتردد كثیرا تشبه بسام أبرص إلا أنها أحسن منه و لا تؤذی (4) و هی أنواع كثیرة منها الأبیض و الأحمر و الأصفر و الأخضر و كلها منقطة بالسواد و فی طبعها محبة الشمس لتصلب فیها(5).

ص: 237


1- 1. و فی ذلك دلالة علی أن سنة الإسلام فی نصب الخلیفة تخالف سنة الملوك، فسنة الإسلام فی ذلك علی وجدان الفضیلة و الصلاحیة فی الخلیفة، و سنة الملوك علی الوراثة قط.
2- 2. الأحقاف: 17.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 288.
4- 4. زاد فی المصدر: و تسمی شحمة الأرض و شحمة الرمل.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 84.

و قال السام (1) أبرص بتشدید المیم قال أهل اللغة هو من كبار الوزغ (2) و قال الدعموص بفتح الدال دویبة كالخنفساء(3) و بضم الدال دویبة تغوص فی الماء و الجمع الدعامیص قال السهیلی الدعموص سمكة صغیرة كحیة الماء و فی الحدیث أن رجلا زنی فمسخه اللّٰه تعالی دعموصا.

قال الجاحظ إذا كبر الناموس صار دعامیص و هو تتولد من الماء الراكد و إذا كبر صار فراشا و لعل هذا هو عمدة من جعل الجراذ بحریا و الدعموص هو من الخلق الذی لا یعیش فی ابتداء أمره إلا فی الماء ثم بعد ذلك یستحیل بعوضا و ناموسا(4)

و قال الوطواط الخفاش انتهی (5).

و قال الفیروزآبادی الوطواط الخفاش و ضرب من خطاطیف الجبال و قال الدمیری القرد حیوان معروف و جمعه قرود و قد یجمع علی قردة بكسر القاف و فتح الراء المهملة و الأنثی قردة بكسر القاف و إسكان الراء و جمعها قردة بكسر القاف و فتح الراء و هو حیوان قبیح ملیح ذكی سریع الفهم یتعلم الصنعة أهدی ملك النوبة إلی المتوكل قردا خیاطا و آخر صائغا و أهل الیمن یعلمون القرد القیام بحوائجهم حتی أن البقال و القصاب یعلم القرد حفظ الدكان حتی یعود صاحبه و یعلم السرقة فیسرق و القردة تلد فی البطن الواحد عشرة و اثنی عشر و الذكر ذو غیرة شدیدة علی الإناث و هذا الحیوان شبیه بالإنسان فی غالب حالاته فإنه یضحك و یطرب و یقعی و یحكی و یتناول الشی ء بیده و له أصابع مفصلة إلی أنامل و أظفار و یقبل التلقین و التعلیم و یأنس بالناس و یمشی علی رجلین حینا یسیرا و یمشی علی أربع مشیه المعتاد و لشفر عینیه الأسفل أهداب و لیس ذلك لشی ء من الحیوان سواه و هو

ص: 238


1- 1. فی المصدر:« سام ابرص» بلا حرف تعریف.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 8.
3- 3. فیه تصحیف، و هی تفسیر للدعسوقة علی ما فی المصدر.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 244.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 290.

كالإنسان إذا سقط فی الماء غرق كالإنسان الذی لا یحسن السباحة(1) و یأخذ نفسه بالزواج و الغیرة علی الإناث و هما خصلتان من مفاخر الإنسان و إذا زاد به الشبق استمنی بفیه و تحمل الأنثی ولدها كما تحمل المرأة و فیه من قبول التأدیب و التعلیم ما لا یخفی و لقد درب قرد لیزید علی ركوب الحمار و سابق به مع الخیل و روی ابن عدی فی كامله عن أحمد بن طاهر أنه قال شهدت بالرملة قردا صائغا(2) فإذا أراد أن ینفخ أشار إلی رجل حتی ینفخ له.

وَ رَوَی الْبَیْهَقِیُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَشُوبُوا اللَّبَنَ بِالْمَاءِ فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ فِیمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ یَبِیعُ اللَّبَنَ وَ یَشُوبُهُ بِالْمَاءِ فَاشْتَرَی قِرْداً وَ رَكِبَ الْبَحْرَ حَتَّی إِذَا لَحِجَ فِیهِ أَلْهَمَ اللَّهُ تَعَالَی الْقِرْدَ صُرَّةَ الدَّنَانِیرِ فَأَخَذَهَا وَ صَعِدَ الدَّقَلَ فَفَتَحَ الصُّرَّةَ وَ صَاحِبُهَا یَنْظُرُ إِلَیْهِ فَأَخَذَ دِینَاراً وَ رَمَی بِهِ فِی الْبَحْرِ وَ دِینَاراً فِی السَّفِینَةِ حَتَّی قَسَمَهَا نِصْفَیْنِ فَأَلْقَی ثَمَنَ الْمَاءِ فِی الْبَحْرِ وَ ثَمَنَ اللَّبَنِ فِی السَّفِینَةِ.

وَ رَوَی الْحَاكِمُ فِی الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی ابْنِ عَبَّاسٍ وَ هُوَ یَقْرَأُ فِی الْمُصْحَفِ قَبْلَ ذَهَابِ بَصَرِهِ وَ یَبْكِی فَقُلْتُ مَا یُبْكِیكَ جَعَلَنِی اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ هَذِهِ الْآیَةُ وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَةِ الَّتِی كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ (3) قَالَ ثُمَّ قَالَ أَ تَعْرِفُ أَیْلَةَ قُلْتُ وَ مَا أَیْلَةُ قَالَ قَرْیَةٌ كَانَ بِهَا أُنَاسٌ مِنَ الْیَهُودِ فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمْ صَیْدَ الْحِیتَانِ یَوْمَ السَّبْتِ فَكَانَتِ الْحِیتَانُ تَأْتِیهِمْ

یَوْمَ السَّبْتِ شُرَّعاً بِیضاً سِمَاناً كَأَمْثَالِ الْمَخَاضِ فَإِذَا كَانَ غَیْرُ یَوْمِ السَّبْتِ لَا یَجِدُونَهَا وَ لَمْ یُدْرِكُوهَا(4)

إِلَّا بِمَشَقَّةٍ وَ مَئُونَةٍ ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ حُوتاً یَوْمَ السَّبْتِ فَرَبَطَهُ إِلَی وَتِدٍ فِی السَّاحِلِ وَ تَرَكَهُ فِی الْمَاءِ حَتَّی إِذَا كَانَ الْغَدُ أَخَذَهُ فَأَكَلَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ بَیْتٍ مِنْهُمْ فَأَخَذُوا وَ شَوَوْا فَوَجَدَ جِیرَانُهُمْ رِیحَ الشِّوَاءِ فَفَعَلُوا كَفِعْلِهِمْ وَ كَثُرَ ذَلِكَ فِیهِمْ فَافْتَرَقُوا فِرَقاً فِرْقَةٌ أَكَلَتْ وَ فِرْقَةٌ نَهَتْ

ص: 239


1- 1. فی المصدر: و إذا سقط فی الماء غرق كالآدمی الذی لا یحسن السباحة.
2- 2. فی المصدر: قردا یصوغ.
3- 3. الأعراف: 163.
4- 4. فی المصدر: و لا یدركونها.

وَ فِرْقَةٌ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ (1) الْآیَةَ وَ قَالَتِ الْفِرْقَةُ الَّتِی نَهَتْ إِنَّمَا نُحَذِّرُكُمْ غَضَبَ اللَّهِ وَ عِقَابَهُ أَنْ یُصِیبَكُمْ بِخَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ بَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ وَ اللَّهِ مَا نُسَاكِنُكُمْ فِی مَكَانٍ أَنْتُمْ فِیهِ وَ خَرَجُوا مِنَ السُّورِ ثُمَّ غَدَوْا عَلَیْهِ مِنَ الْغَدِ فَضَرَبُوا بَابَ السُّورِ فَلَمْ یُجِبْهُمْ أَحَدٌ وَ تَسَوَّرَ إِنْسَانٌ مِنْهُمُ السُّورَ فَقَالَ قِرَدَةٌ وَ اللَّهِ لَهَا أَذْنَابٌ تَتَعَاوَی ثُمَّ نَزَلَ وَ فَتَحَ الْبَابَ وَ دَخَلَ النَّاسُ عَلَیْهِمْ فَعَرَفَتِ الْقِرَدَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ وَ لَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقِرَدَةِ قَالَ فَیَأْتِی الْقِرَدَةُ إِلَی نَسِیبِهِ وَ قَرِیبِهِ فَیَحْتَكُّ بِهِ وَ یَلْصَقُ إِلَیْهِ فَیَقُولُ لَهُ أَنْتَ فُلَانٌ فَیُشِیرُ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ وَ یَبْكِی وَ تَأْتِی الْقِرَدَةُ إِلَی نَسِیبِهَا وَ قَرِیبِهَا الْإِنْسِیِّ فَیَقُولُ أَنْتِ فُلَانَةُ فَیُشِیرُ بِرَأْسِهَا أَنْ نَعَمْ وَ تَبْكِی قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَسْمَعُ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ (2) فَلَا أَدْرِی مَا فَعَلَتِ الْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ فَكَمْ قَدْ رَأَیْنَا مُنْكَراً فَلَمْ نَنْهَ عَنْهُ (3) فَقَالَ عِكْرِمَةُ فَقُلْتُ مَا تَرَی جَعَلَنِی اللَّهُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ قَدْ أَنْكَرُوا وَ كَرِهُوا حِینَ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً فَأَعْجَبَهُ قَوْلِی ذَلِكَ وَ أَمَرَ لِی بِبُرْدَیْنِ غَلِیظَیْنِ فَكَسَانِیهِمَا.

ثم قال هذا صحیح الإسناد و أیلة بین مدین و الطور علی شاطئ البحر و قال الزهری القریة طبریة الشام.

وَ فِی الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: رَأَیْتُ فِی مَنَامِی كَأَنَّ بَنِی الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ یَنْزُونَ عَلَی مِنْبَرِی كَمَا تَنْزُو الْقِرَدَةُ فَمَا رُئِیَ صلی اللّٰه علیه و آله ضَاحِكاً حَتَّی مَاتَ (4).

ثم قال صحیح الإسناد عن شرط مسلم.

ص: 240


1- 1. الأعراف: 164.
2- 2. الأعراف: 165.
3- 3. فی المصدر: من منكر و لم ننه عنه.
4- 4. فی المصدر: فما رئی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله مستجمعا ضاحكا حتّی مات.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ فِی مُعْجَمِهِ (1)

عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی آخِرِ الزَّمَانِ تَأْتِی الْمَرْأَةُ فَتَجِدُ زَوْجَهَا قَدْ مُسِخَ قِرْداً لِأَنَّهُ لَا یُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ.

و اختلف العلماء فی الممسوخ هل یعقب أم لا علی قولین أحدهما نعم و هو قول الزجاج و القاضی أبی بكر المغربی المالكی و قال الجمهور لا یكون ذلك قال ابن عباس لم یعش ممسوخ قط أكثر من ثلاثة أیام و لا یأكل و لا یشرب (2).

و قال الخنزیر مشترك بین البهیمة و السبعیة فالذی فیه من السبع الناب و أكل الجیف و الذی فیه من البهیمة الظلف و أكل العشب و العلف و یقال أنه لیس لشی ء من ذوات الأذناب (3) ما للخنزیر من قوة نابه حتی أنه یضرب بنابه صاحب السیف و الرمح فیقطع كل ما لاقی من جسده من عظم و عصب و ربما طال ناباه فیلتقیان فیموت عند ذلك جوعا لأنهما یمنعانه من الأكل و یأكل الحیات أكلا ذریعا(4) و لا تؤثر فیه سمومها و من عجیب أمره إذا قلعت إحدی عینیه مات سریعا.

و ذكر أهل التفسیر أن عیسی علیه السلام استقبل رهطا من الیهود فلما رأوه قالوا جاء الساحر ابن الساحرة و قذفوه و أمه فدعا علیهم و لعنهم فمسخهم اللّٰه خنازیر.

وَ رَوَی ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِیضَةٌ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ وَ وَاضِعُ الْعِلْمِ فِی غَیْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِیرِ الْجَوْهَرَ وَ اللُّؤْلُؤَ وَ الدُّرَّ(5).

قال فی الإحیاء جاء رجل إلی ابن سیرین و قال رأیت كأنی أقلد الدر أعناق الخنازیر فقال أنت تعلم الحكمة غیر أهلها و قال القمل معروف واحدته قملة.

قال الجوهری و القمل المعروف یتولد من العرق و الوسخ إذا أصاب ثوبا أو

ص: 241


1- 1. فی المصدر: من معجم الاوسط.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 172 و 173.
3- 3. فی المصدر: من ذوات الانیاب و الاذناب ما للخنزیر من القوّة فی نابه.
4- 4. یقال: موت ذریع ای فاش او سریع، و قتل ذریع أی فظیع.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 219 و 220.

بدنا أو ریشا أو شعرا حتی یصیر المكان عفنا.

قال الجاحظ و ربما كان الإنسان قمل الطباع و إن تنظف و تعطر و بدل الثیاب قال و من طبعه أنه یكون فی شعر الرأس فی الأحمر أحمر و فی الأسود أسود و فی الأبیض أبیض و متی تغیر الشعر تغیر إلی لونه و هو من الحیوان الذی إناثه أكبر من ذكوره و یقال ذكوره الصیبان و قیل الصیبان بیضه (1).

و قال عنقاء مغرب (2) قال بعضهم هو طائر غریب یبیض بیضا كالجبال و تبعد فی طیرانها و قیل سمیت بذلك لأنه كان فی عنقها بیاض كالطوق و قیل هو طائر یكون عند مغرب الشمس و قال القزوینی إنها أعظم الطیر جثة و أكبرها خلقة تختطف الفیل كما تختطف الحدأة الفأرة و كان فی قدیم الزمان بین الناس فتأذوا منها إلی أن سلب یوما عروسا بحلیها فدعا علیها حنظلة النبی فذهب اللّٰه بها إلی بعض جزائر البحر المحیط وراء خط الإستواء و هی جزیرة لا یصل إلیه الناس و فیها حیوان كثیر كالفیل و الكركدن و الجاموس و الببر و السماع (3)

و جوارح الطیر و عند طیران عنقاء مغرب یسمع لأجنحتها دوی كدوی الرعد العاصف (4) و السیل و تعیش ألفی سنة و تتزاوج إذا مضی لها خمسمائة سنة فإذا كان وقت بیضها ظهر بها ألم شدید ثم أطال فی وصفها.

و ذكر أرسطاطالیس فی النعوت أن العنقاء قد تصاد فیصنع من مخالیبها أقداح عظام للشرب قال و كیفیة صیدها أنهم یوقفون ثورین و یجعلون بینهما عجلة و یثقلونها بالحجارة العظام و یتخذون بین یدی العجلة بیتا یختبئ فیه رجل معه نار فتنزل العنقاء علی الثورین لتخطفهما فإذا نشبت أظفارها فی الثورین أو أحدهما لم تقدر علی اقتلاعهما لما علیهما من الحجارة الثقیلة و لم تقدر علی الاستقلال لتخلص بمخالیبها(5)

ص: 242


1- 1. حیاة الحیوان 2: 183.
2- 2. فی المصدر: عنقاء مغرب و مغربة من الألفاظ الدالة علی غیر معنی.
3- 3. فی المصدر: و البقر و سائر أنواع السباع.
4- 4. فی المصدر: كدوی الرعد القاصف.
5- 5. فی المصدر: لتخلص مخالبها.

فیخرج الرجل بالنار فیحرق أجنحتها قال و العنقاء لها بطن كبطن الثور و عظام كعظام السبع و هی من أعظم سباع الطیر انتهی.

و قال العكبری فی شرح المقامات إن أهل الرس كان بأرضهم جبل یقال له مخ صاعد فی السماء قدر میل و كان به طیور كثیرة و كانت العنقاء به و هی عظیمة الخلق لها وجه كوجه الإنسان و فیها من كل حیوان شبه و هی من أحسن الطیر و كانت تأتی فی السنة مرة هذا الجبل فتلتقط طیوره فجاعت فی بعض السنین و أعوزها الطیر فانقضت علی صبی فذهبت به ثم ذهب بجاریة أخری فشكوا ذلك إلی نبیهم حنظلة بن صفوان فدعا علیها فأصابتها صاعقة فاحترقت و كان حنظلة فی زمن الفترة بین عیسی و محمد صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ فِی رَبِیعِ الْأَبْرَارِ(1) فِی بَابِ الطَّیْرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ فِی زَمَنِ مُوسَی طَائِراً اسْمُهَا الْعَنْقَاءُ لَهَا أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَ وَجْهُهَا كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ وَ أَعْطَاهَا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ قِسْطاً وَ خَلَقَ لَهَا ذَكَراً مِثْلَهَا وَ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنِّی خَلَقْتُ طَائِرَیْنِ عَجِیبَیْنِ

وَ جَعَلْتُ رِزْقَهُمَا فِی الْوُحُوشِ الَّتِی حَوْلَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ جَعَلْتُهُمَا زِیَادَةً فِیمَا وَصَلْتُ بِهِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ تَنَاسَلَا وَ كَثُرَ نَسْلُهُمَا فَلَمَّا تُوُفِّیَ مُوسَی علیه السلام انْتَقَلَتْ فَوَقَعَتْ بِنَجْدٍ وَ الْحِجَازِ فَلَمْ تَزَلْ تَأْكُلُ الْوُحُوشَ وَ تَخْطَفُ الصِّبْیَانَ إِلَی أَنْ بنی (2) [نُبِّئَ] خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَبْسِیُّ مِنْ بَنِی عَبْسٍ قَبْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَشَكَوْا إِلَیْهِ مَا یَلْقَوْنَ مِنْهَا فَدَعَا اللَّهَ عَلَیْهَا فَانْقَطَعَ نَسْلُهَا وَ انْقَرَضَتْ فَلَا تُوجَدُ الْیَوْمَ (3).

و قال القنفذ بالذال المعجمة و بضم القاف و بفتحها(4) هو صنفان قنفذ یكون بأرض مصر قدر الفأر و قنفذ(5) یكون بأرض الشام و العراق بقدر الكلب القلطی و

ص: 243


1- 1. فی المصدر: و فی آخر ربیع الابرار.
2- 2. هكذا فی الكتاب، و فی المصدر:« الی ان نبئ» و الظاهر انهما مصحفان و الصحیح:« الی ان نبأ» او الی أن أنبا.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 112 و 113.
4- 4. الصحیح كما فی المصدر: بضم الفاء و فتحها.
5- 5. فی المصدر: و دلدل یكون بأرض الشام.

بینهما كالفرق بین الفأر و الجراد(1)

و هو لا یظهر إلا لیلا و هو مولع بأكل الأفاعی و لا یتألم بها و إذا لذعته الحیة أكل السعتر البری فیبرأ و له خمسة أسنان فی فیه و البریة منها تسفد قائمة و ظهر الذكر لاصق ببطن الأنثی.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ وَ غَیْرُهُ (2) عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ لَیْلَةٌ شَدِیدَةَ الظُّلْمَةِ وَ الْمَطَرِ فَقُلْتُ لَوِ اغْتَنَمْتُ اللَّیْلَةَ شُهُودَ الْعَتَمَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَفَعَلْتُ فَلَمَّا رَآنِی قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لَبَّیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قُلْتُ عَلِمْتُ أَنَّ شَاهِدَ الصَّلَاةِ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ قَلِیلٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَشْهَدَهَا مَعَكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا انْصَرَفْتَ فَأْتِنِی فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ أَتَیْتُ إِلَیْهِ فَأَعْطَانِی عُرْجُوناً كَانَ فِی یَدِهِ فَقَالَ هَذَا یُضِی ءُ أَمَامَكَ عَشْراً وَ مِنْ خَلْفِكَ عَشْراً ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ خَلَفَكَ فِی أَهْلِكَ فَاذْهَبْ بِهَذَا الْعُرْجُونِ فَاسْتَضِئْ بِهِ حَتَّی تَأْتِیَ بَیْتَكَ فَتَجِدَهُ فِی زَاوِیَةِ الْبَیْتِ فَاضْرِبْهُ بِالْعُرْجُونِ قَالَ فَخَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَضَاءَ الْعُرْجُونُ مِثْلَ الشَّمْعَةِ نُوراً فَاسْتَضَأْتُ بِهِ وَ أَتَیْتُ أَهْلِی فَوَجَدْتُهُمْ قَدْ رَقَدُوا فَنَظَرْتُ إِلَی الزَّاوِیَةِ فَإِذَا فِیهَا قُنْفُذٌ فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ بِالْعُرْجُونِ حَتَّی خَرَجَ.

وَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَ الْبَزَّازُ وَ رِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِیحِ (3).

و قال الوبر بفتح الواو و تسكین الباء الموحدة دویبة أصغر من السنور طحلاء اللون لا ذنب لها تقیم فی البیوت و جمعها وبور و بیرر و بار(4) و الأنثی وبرة و قول الجوهری لا ذنب لها أی لا ذنب طویل و إلا فالوبر له ذنب قصیر جدا و الناس یسمون الوبر بغنم بنی إسرائیل و یزعمون أنها مسخت لأن ذنبها مع صغره یشبه إلیه الخروف و هو قول شاذ لا یلتفت إلیه (5).

و قال الورل بفتح الواو و الراء المهملة و باللام فی آخره دابة علی خلقه الضب

ص: 244


1- 1. هكذا فی المطبوع و المخطوط و فیه تصحیف و الصحیح كما فی المصدر: كالفرق بین الجرذ و الفأر.
2- 2. فی المصدر: روی الطبرانی فی معجمه الكبیر و الحافظ ابن منیر الحلبیّ و غیرهما.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 187 و 188.
4- 4. فی المصدر: جمعها وبور و وبار و وبارة.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 281.

إلا أنه أعظم منه و الجمع أورال و ورلان و الأنثی ورلة.

و قال القزوینی إنه أعظم من الوزغ و سام أبرص طویل الذنب سریع السیر خفیف الحركة و قال عبد اللطیف الورل و الضب و الحرباء و شحمة الأرض و الوزغ كلها متناسبة فی الخلق فأما الورل و هو الحرذون فلیس فی الحیوان أكثر سفادا منه و بینه و بین الضب عداوة فیغلب الورل الضب و یقتله لكنه لا یأكله كما یفعل بالحیة و هو لا یتخذ بیتا لنفسه و لا یحفر جحرا بل یخرج الضب من جحره صاغرا و یستولی علیه و إن كان أقوی براثن منه لكن الظلم یمنعه من الحفر و لهذا یضرب به المثل فی الظلم و یقال أظلم أو أجبر من ورل و یكفی فی ظلمه أنه یغصب الحیة جحرها و یبلعها و ربما قتل فوجد فی جوفه الحیة العظیمة و هو لا یبتلعها حتی یشدخ رأسها و یقال أنه یقاتل الضب و الجاحظ یقول الحرذون غیر الورل و وصفه بأنه دابة تكون بناحیة مصر ملیحة موشاة بألوان كثیرة و لها كف ككف الإنسان مقسومة أصابعها إلی الأنامل (1).

ص: 245


1- 1. حیاة الحیوان 2: 285 و 286.
باب 6 الأسباب العارضة المقتضیة للتحریم

«1»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِیمِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّیبَاجِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ جَدِّهِ مُوسَی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ حَمَلٍ غُذِّیَ بِلَبَنِ خِنْزِیرَةٍ فَقَالَ قَیِّدُوهُ (1)

وَ اعْلِفُوهُ الْكُسْبَ وَ النَّوَی وَ الْخُبْزَ إِنْ كَانَ اسْتَغْنَی عَنِ اللَّبَنِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنِ اسْتَغْنَی عَنِ اللَّبَنِ فَیُلْقَی عَلَی ضَرْعِ شَاةٍ سَبْعَةَ أَیَّامٍ (2).

«2»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مِثْلَهُ (3).

بیان: الكسب بالضم عصارة الدهن و قوله سبعة أیام كأنه متعلق بالشقین معا كما یستفاد من كلام الأصحاب و ستعرف.

«3»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ وَ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَعاً عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا یَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ حَمَلٍ یَرْضِعُ (4)

مِنْ خِنْزِیرَةٍ ثُمَّ اسْتُفْحِلَ الْحَمَلُ فِی غَنَمٍ فَخَرَجَ لَهُ نَسْلٌ مَا قَوْلُكَ فِی نَسْلِهِ فَقَالَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مِنْ نَسْلِهِ بِعَیْنِهِ فَلَا تَقْرَبْهُ وَ أَمَّا مَا لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجُبُنِّ كُلْ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ (5).

ص: 246


1- 1. فی المصدر:« عودوه» و الظاهر أنّه مصحف.
2- 2. نوادر الراوندیّ: 50.
3- 3. فروع الكافی 6: 250 فیه:« و النوی و الشعیر و الخبز» و فیه: سبعة أیّام ثمّ یؤكل لحمه.
4- 4. فی المصدر: رضع.
5- 5. قرب الإسناد: 47.

«4»- الْمُقْنِعُ،: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ جَدْیٍ رَضَعَ مِنْ خِنْزِیرَةٍ(1) حَتَّی كَبِرَ وَ شَبَّ وَ اشْتَدَّ عَظْمُهُ ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا اسْتَفْحَلَهُ فِی غَنَمِهِ فَأَخْرَجَ لَهُ نَسْلًا(2) فَقَالَ أَمَّا مَا عَرَفْتَ مِنْ نَسْلِهِ بِعَیْنِهِ فَلَا تَقْرَبْهُ وَ أَمَّا مَا لَا تَعْرِفُهُ فَكُلْهُ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجُبُنِ (3).

بَیَانٌ رَوَاهُ فِی الْكَافِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَ أَنَا حَاضِرٌ عِنْدَهُ عَنْ جَدْیٍ رَضَعَ وَ ذَكَرَ نَحْواً مِنَ الْمُقْنِعِ (4).

«5»- وَ رَوَی أَیْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ رَفَعَهُ قَالَ: لَا تَأْكُلْ مِنْ لَحْمِ حَمَلٍ رَضَعَ مِنْ لَبَنِ خِنْزِیرَةٍ(5).

و اعلم أن المعروف بین الأصحاب أن الحیوان إذا شرب لبن خنزیرة فإن لم یشتد بأن ینبت علیه لحمه و یشتد عظمه و تزید قوته كره لحمه و یستحب استبراؤه بسبعة أیام بأن یعلف بغیره فی المدة المذكورة و لو كان فی محل الرضاع أرضع من حیوان محلل كذلك و إن اشتد حرم لحمه و لحم نسله ذكرا كان الشارب أم أنثی و ذهبوا أن الاستبراء فی هذا القسم لا ینفع و بهذا الوجه جمع الشیخ بین الأخبار و تبعه القوم و یمكن الجمع بینها بحمل النهی عن ما قبل الاستبراء و تعمیم الاستبراء أو تخصیصه بصورة الاشتداد و مع التعمیم یكون قبل الاستبراء مع عدم الاشتداد مكروها و معه حراما و یدل خبر حنان علی أن المشتبه بالنسل لا یجب اجتنابه و هو الظاهر من كلام القوم و إن مقتضی قواعدهم وجوب اجتناب الجمیع من باب المقدمة و قد

ص: 247


1- 1. فی المصدر: من لبن خنزیرة.
2- 2. فی المصدر و الكافی:« فاخرج له نسل» و فی نسخة من المصدر: فخرج له نسل.
3- 3. المقنع: 35.
4- 4. فروع الكافی 6: 249 فیه: فلا تقربنه و اما ما لم تعرفه فكله فهو بمنزلة الجبن و لا تسأل عنه.
5- 5. فروع الكافی 6: 250 فیه: یرضع.

عرفت أن ظاهر الآیات و الأخبار خلافه و قال فی الروضة و لا یتعدی الحكم إلی غیر الخنزیرة عملا بالأصل و إن ساواه فی الحكم كالكلب مع احتماله انتهی.

و اعلم أن جماعة من الأصحاب حكموا بكراهة لحم حیوان رضع من امرأة حتی اشتد عظمه قال فی التحریر و لو شرب من لبن امرأة و اشتد كره لحمه و لم یكن محظورا انتهی و مستندهم

صَحِیحَةُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی قَالَ: كَتَبْتُ إِلَیْهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ مِنْ كُلِّ سَوْءٍ امْرَأَةٌ أَرْضَعَتْ عَنَاقاً حَتَّی فُطِمَتْ وَ كَبِرَتْ وَ ضَرَبَهَا الْفَحْلُ ثُمَّ وَضَعَتْ أَ یَجُوزُ أَنْ یُؤْكَلَ لَحْمُهَا وَ لَبَنُهَا فَكَتَبَ علیه السلام فِعْلٌ مَكْرُوهٌ لَا بَأْسَ بِهِ (1).

وَ فِی الْفَقِیهِ: كَتَبَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی إِلَی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ امْرَأَةٌ أَرْضَعَتْ عَنَاقاً بِلَبَنِهَا(2) حَتَّی فَطَمَتْهَا فَكَتَبَ علیه السلام فِعْلٌ مَكْرُوهٌ وَ لَا بَأْسَ بِهِ (3).

أقول: الحدیث یحتمل معنیین أحدهما أن الإرضاع فعل مكروه و الأكل لا بأس به و عبارة الفقیه بهذا أنسب و الثانی أن الأكل مكروه لیس بحرام و هذا بعبارة التهذیب حیث حذف الواو أنسب (4) ثم علی ما فی الفقیه (5) إن كان السؤال عن اللحم فالمراد عدم البأس بلحم العناق علی المعنی الأول و علی ما فی التهذیب یحتمل العناق و الأولاد و الأعم و یؤید كون المراد عدم البأس بلحمها

مَا رَوَاهُ فِی التَّهْذِیبِ أَیْضاً بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی جَدْیٍ رَضَعَ مِنْ لَبَنِ امْرَأَةٍ حَتَّی اشْتَدَّ عَظْمُهُ وَ نَبَتَ

ص: 248


1- 1. رواه الشیخ فی التهذیب 9: 45 و فیه:« جعلنی اللّٰه فداك» و رواه الكلینی فی فروع الكافی 9: 250 عن العدة عن أحمد بن محمّد. و فیهما جمیعا: و لا بأس به: و رواه الشیخ فی التهذیب 7: 325 بإسناد آخر و الفاظ غیره و فیه: یجوز ان یؤكل لبنها و تباع و تذبح و یؤكل لحمها فكتب علیه السلام : فعل مكروه و لا بأس به.
2- 2. فی المصدر: ارضعت عناقا من الغنم بلبنها.
3- 3. من لا یحضره الفقیه 3: 212.
4- 4. قد عرفت أن الواو موجود فی التهذیب و الكافی.
5- 5. الظاهر بقرینة الكافی و التهذیب أن الحدیث المروی فی الفقیه منقول بالاختصار فالعمل علی الموجود فی الكافی و التهذیب اصوب.

لَحْمُهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِلَحْمِهِ (1).

قال المحقق الأردبیلی قدس سره بعد إیراد خبر التهذیب الأول فیها إن المكروه لا بأس به و أنه مع الكبر و الشدة مكروه فبدونهما یجوز بالطریق الأولی و یحتمل الكراهة مطلقا و الظاهر أن المراد لحمها و لحم نسلها فتأمل (2).

«5»- الدَّعَائِمُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ وَ أَلْبَانِهَا وَ بَیْضِهَا حَتَّی تُسْتَبْرَأَ وَ الْجَلَّالَةُ(3) هِیَ الَّتِی [تَتَخَلَّلُ] تجلل (4) الْمَزَابِلَ فَتَأْكُلُ الْعَذِرَةَ(5).

«6»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: النَّاقَةُ الْجَلَّالَةُ تُحْبَسُ عَلَی الْعَلَفِ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ الْبَقَرَةُ عِشْرِینَ یَوْماً وَ الشَّاةُ سَبْعَةَ أَیَّامٍ وَ الْبَطَّةُ خَمْسَةَ أَیَّامٍ وَ الدَّجَاجَةُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ تُؤْكَلُ بَعْدَ ذَلِكَ لُحُومُهَا وَ تُشْرَبُ أَلْبَانُ ذَوَاتِ الْأَلْبَانِ مِنْهَا وَ یُؤْكَلُ بَیْضُ مَا یَبِیضُ مِنْهَا(6).

«7»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: النَّاقَةُ الْجَلَّالَةُ لَا یُحَجُّ عَلَی ظَهْرِهَا وَ لَا یُشْرَبُ لَبَنُهَا وَ لَا یُؤْكَلُ لَحْمُهَا حَتَّی یُقَیَّدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ الْبَقَرَةُ الْجَلَّالَةُ عِشْرِینَ یَوْماً وَ الْبَطَّةُ الْجَلَّالَةُ خَمْسَةَ أَیَّامٍ وَ الدَّجَاجُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ (7).

«8»- الْمُقْنِعُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَا تَشْرَبْ مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ وَ إِنْ أَصَابَكَ شَیْ ءٌ مِنْ عَرَقِهَا فَاغْسِلْهُ (8).

ص: 249


1- 1. رواه الشیخ فی التهذیب 7: 324 بإسناده عن محمّد بن علیّ بن محبوب عن محمّد بن عیسی عن علیّ بن الحكم عمن رواه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام .
2- 2. شرح الإرشاد: كتاب الاطعمة.
3- 3. لعل التفسیر من صاحب الدعائم.
4- 4. فی النسخة المخطوطة: تتخلل المزابل.
5- 5. الدعائم لم یكن عندی.
6- 6. الدعائم لم یكن عندی.
7- 7. نوادر الراوندیّ: 51 فیه:« و الدجاجة» و قد سقطت عن المطبوع جملة.
8- 8. المقنع: 35 فیه: لا تشرب من لبن.

تفصیل قال فی النهایة فیه أنه نهی عن أكل الجلالة و ركوبها الجلالة من الحیوان التی تأكل العذرة و الجلة البعر فوضع موضع العذرة یقال جلت الدابة الجلة و اجتلتها فهی جالة و جلالة إذا التقطها(1).

فأما أكل الجلالة فحلال إن لم یظهر النتن فی لحمها و أما ركوبها فلعله لما یكثر من أكلها العذرة و البعر و تكثر النجاسة علی أجسامها و أفواهها و تلمس راكبها بفمها و ثوبه بعرقها و فیه أثر العذرة و البعر فیتنجس و اللّٰه أعلم انتهی (2).

ثم اعلم أن المشهور بین الأصحاب أن الجلل یوجب تحریم اللحم و ذهب الشیخ و ابن الجنید إلی الكراهة و كلام الشیخ فی المبسوط مشعر باتفاقها علیه و قیل بالتحریم إن كان الغذاء بالعذرة محضا و الكراهة إن كان غالبا و التحریم أحوط مع الاغتذاء بالعذرة محضا و إن كان إثباته بحسب الدلیل مشكلا و أما الحج علیها أو ركوبها مطلقا فالظاهر أنه محمول علی الكراهة و یمكن أن یكون لكراهة عرقها.

قال ابن الجنید رحمه اللّٰه و الجلال من سائر الحیوان مكروه أكله و كذلك شرب ألبانها و الركوب علیها انتهی و اختلفوا فیما یحصل به الجلل فالمشهور أنه یحصل بأن یغتذی الحیوان بعذرة الإنسان لا غیر و ألحق أبو الصلاح بالعذرة غیرها من النجاسات

و هو ضعیف و النصوص و الفتاوی المعتبرة خالیة عن تقدیر المدة التی یحصل فیها ذلك لكن یستفاد من بعض الروایات المعتبرة فی ذلك أن تكون العذرة غذاءه و من بعضها أن الخلط لا یوجب الجلل و قدره بعضهم أن ینمو ذلك فی بدنه و یصیر جزءا منه و بعضهم بیوم و لیلة و قال یحیی بن سعید بأكل العذرة خالصة یومها أجمع و قدر آخرون بأن یظهر النتن فی لحمه و جلده یعنی رائحة العذرة و قال الشیخ فی المبسوط و الخلاف إن الجلالة هی التی تكون أكثر علفها العذرة فلم یعتبر تمحض العذرة و الظاهر فی مثله الرجوع إلی صدق الجلل عرفا و فی معرفته إشكال و الأشهر طهارة الجلال بل

ص: 250


1- 1. فی المصدر: إذا التقطتها.
2- 2. النهایة 1: 201.

القائل بالنجاسة غیر معلوم لكن تدل علیها بعض الأخبار و حملت علی كراهة و الأقرب وقوع التذكیة علیه لعموم الأدلة ثم إن تحریم الجلال علی القول به أو الكراهة لیس بالذات بل بسبب الاغتذاء بالعذرة فلیس مستقرا بل إلی أن یقطع ذلك الاغتذاء و یغتذی بغیره بحیث یزول عنه اسم الجلل و النصوص الواردة فی هذا الباب غیر نقی الأسانید و فتاوی الأصحاب فی بعضها متفقة و فی بعضها مختلفة فالمتفق علیه استبراء الناقة بأربعین یوما و یدل علیه الروایات و من المختلف فیه البقرة قیل یستبرأ بأربعین كالناقة و یدل علیه زائدا علی ما تقدم روایة مسمع (1)

و قیل بعشرین یوما و هو أشهر لروایة السكونی (2)

و مرفوعة یعقوب (3) و روایة یونس (4)

و منه الشاة

ص: 251


1- 1. المذكور فی الكافی 6: 253 و التهذیب 9: 45 و الاستبصار 4: 77 رواه الكلینی عن العدة عن سهل عن محمّد بن الحسن بن شمون عن عبد اللّٰه بن عبد الرحمن عن مسمع عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام :« الناقة الجلالة لا یؤكل لحمها و لا یشرب لبنها حتّی تغذی أربعین یوما و البقرة الجلالة لا یؤكل لحمها و لا یشرب لبنها حتّی تغذی ثلاثین یوما و الشاة الجلالة لا یؤكل لحمها و لا یشرب لبنها حتّی تغذی عشرة أیام، و البطة الجلالة لا یؤكل لحمها حتّی تربط خمسة أیام، و الدجاجة ثلاثة أیام» هكذا الحدیث فی الكافی و اما الحدیث فی التهذیب فیختلف حكم البقرة فی نسختها ففی المطبوع بالنجف:« عشرین یوما» و فی الطبع الأول أیضا: عشرون و لكن ذكر فی هامشه عن نسخة:« أربعین» و عن اخری« ثلاثین» و فی الاستبصار أیضا:« أربعین یوما» و حكم الشاة فی التهذیب و الاستبصار: خمسة أیام.
2- 2. رواه الكلینی فی الكافی 6: 251 بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلیّ عن السكونی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام : الدجاجة الجلالة لا یؤكل لحمها حتّی تقید ثلاثة أیّام و البطة الجلالة خمسة أیام، و الشاة الجلالة عشرة أیّام و البقرة الجلالة عشرین یوما، و الناقة أربعین یوما. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 46 و فی الاستبصار 4: 77 عن محمّد بن یعقوب.
3- 3. الموجود فیه: ثلاثون كما رواه الكلینی فی الكافی 6: 252 عن العدة عن سهل عن یعقوب بن یزید رفعه قال: قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام : الإبل الجلالة إذا أردت نحرها تحبس البعیر أربعین یوما و البقرة ثلاثین یوما و الشاة عشرة أیام.
4- 4. رواه الكلینی فی الفروع 6: 252 بإسناده عن الحسین بن محمّد عن السیاری. عن أحمد بن الفضل عن یونس عن الرضا علیه السلام فی السمك الجلال أنّه سأله عنه فقال: ینتظر به یوما و لیلة، و قال السیاری: ان هذا لا یكون الا بالبصرة، و قال فی الدجاج: یحبس ثلاثة أیّام و البطة سبعة أیّام و الشاة أربعة عشر یوما و البقرة ثلاثین یوما و الإبل أربعین یوما ثمّ تذبح.

و المشهور أن استبراءها بعشرة لروایة السكونی و مرفوعة یعقوب و روایة مسمع و قیل بسبعة(1) و قیل بخمسة و فی روایة یونس أربعة عشر و فی روایة مسمع البطة الجلالة لا یؤكل لحمها حتی تربط خمسة أیام و فی روایة السكونی الدجاجة الجلالة لا یؤكل لحمها حتی تقید ثلاثة أیام و البطة خمسة أیام و اكتفی الصدوق فی المقنع للبطة بثلاثة أیام و رواه فی الفقیه عن القاسم بن محمد الجوهری (2) و من الأصحاب من اعتبر فی الدجاجة خمسة أیام و قیل أكثر و مستند الكل لا یخلو من ضعف علی المشهور و قیل مراعاة العرف متجه و الأحوط مراعاة أكثر الأمرین من زوال الجلل العرفی و أكثر المقدرات و فی كلام الأصحاب الربط و العلف بالطاهر فی المدة المقدرة و ربما اعتبر الطاهر بالأصالة و المذكور فی بعض الروایات الحبس حسب و الظاهر أن الغرض زوال الجلل فلا یتوقف علی الربط و لا علی الطهارة بل الظاهر حصوله بالاغتذاء بغیر العذرة و الأحوط مراعاة المشهور و لا یؤكل الجلال من السمك حتی یستبرأ یوما و لیلة عند الأكثر استنادا إلی روایة یونس عن الرضا و اكتفی الصدوق بیوم إلی اللیل لروایة الجوهری. و قال أبو الصلاح فی الكافی فی عداد المحرمات و ما أدمن شرب النجاسات حتی یمنع منها عشرا و جلالة الغائط حتی تحبس الإبل و البقر أربعین یوما و الشاة سبعة أیام و البطة و الدجاج خمسة(3) أیام و روی فی الدجاج خاصة بثلاثة أیام و جلالة ما عدا العذرة من النجاسات حتی تحبس

ص: 252


1- 1. فی النسخة المطبوعة: بتسعة.
2- 2. الفاظ الحدیث: ان البقرة تربط عشرین یوما و الشاة تربط عشرة أیّام و البطة تربط ثلاثة أیام، و روی ستة أیام، و الدجاجة تربط ثلاثة أیّام و السمك الجلال یربط یوما الی اللیل فی الماء راجع الفقیه 3: 214.
3- 3. فی المختلف: عشرة أیام.

الأنعام سبعا و الطیر یوما و لیلة.

و قال العلامة رحمه اللّٰه فی المختلف (1) بعد نقل هذه العبارة. و الذی ورد فی ذلك

مَا رَوَاهُ مُوسَی بْنُ أُكَیْلٍ (2) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: فِی شَاةٍ شَرِبَتْ بَوْلًا ثُمَّ ذُبِحَتْ فَقَالَ یُغْسَلُ مَا فِی جَوْفِهَا ثُمَّ لَا بَأْسَ بِهِ.

و كذلك إذا اعتلف بالعذرة ما لم تكن جلالة و الجلالة التی یكون ذلك غذاؤها و قول أبی الصلاح لم تقم علیه دلالة عندی انتهی (3) و المشهور بین الأصحاب أنه لو شرب الحیوان المحلل خمرا لم یؤكل ما فی جوفه من الأمعاء و القلب و الكبد. و یجب غسل اللحم

لِرِوَایَةِ زَیْدٍ الشَّحَّامِ (4) عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی شَاةٍ شَرِبَتْ خَمْراً حَتَّی سَكِرَتْ ثُمَّ ذُبِحَتْ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ لَا یُؤْكَلُ مَا فِی بَطْنِهَا.

و الروایة مع ضعفها علی المشهور أخص من المدعی من وجوه و أنكر الحكم المذكور ابن إدریس و قال بالكراهة و لعله أقرب و المشهور أنه إذا شرب بولا غسل ما فی بطنه و أكل لروایة ابن أكیل المتقدمة و هی علی طریقة الأصحاب ضعیفة من وجوه إلا أنه لا أعرف رادا للحكم و قیل إن هذا إنما یكون إذا ذبح فی الحال بعد الشرب بخلاف ما إذا تأخر بحیث صار جزءا من بدنه و هو ظاهر غیر بعید عن سیاق الخبر.

«9»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِ (5)، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْكَاظِمِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام

ص: 253


1- 1. المختلف 2: 127.
2- 2. المختلف 2: 127.
3- 3. رواه الكلینی فی الفروع 6؛ 251 عن محمّد بن یحیی عن محمّد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن علیّ بن حسان عن علیّ بن عقبة عن موسی بن اكیل، و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 47، و الاستبصار 4: 78 عن محمّد بن أحمد بن یحیی.
4- 4. رواه الكلینی فی الفروع 6: 251 عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن ابن فضال عن أبی جمیلة عن زید الشحام. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 43 عن محمّد بن أحمد بن یحیی عن محمّد بن عبد الجبار عن أبی جمیلة.
5- 5. نوادر الراوندیّ: 50 فیه: عن قدر فیها فأرة.

عَنْ قِدْرٍ طُبِخَتْ فَإِذَا فِیهَا فَأْرَةٌ مَیِّتَةٌ قَالَ یُهَرَاقُ الْمَرَقُ وَ یُغْسَلُ اللَّحْمُ وَ یُنَقَّی وَ یُؤْكَلُ.

بیان: رواه الشیخ (1) بإسناده عن السكونی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و لیس فیه و ینقی و علیه عمل الأصحاب و ربما یستشكل بأنه مع الطبخ و الغلیان ینفذ الماء النجس فی أعماق اللحم و التوابل فكیف تطهر بمجرد الغسل (2) و یمكن أن یحمل علی أن ینقع فی الماء الطاهر حتی یصل إلی كل ما وصل إلیه النجس و یمكن أن یكون قوله علیه السلام و ینقی إشارة إلی ذلك لكن كلام الأصحاب و روایة السكونی غیر مقیدة بذلك و إن كان أحوط.

«10»- تُحَفُ الْعُقُولِ،: سَأَلَ یَحْیَی بْنُ أَكْثَمَ مُوسَی الْمُبَرْقَعَ عَنْ رَجُلٍ أَتَی إِلَی قَطِیعِ غَنَمٍ فَرَأَی الرَّاعِیَ یَنْزُو عَلَی شَاةٍ مِنْهَا فَلَمَّا بَصُرَ بِصَاحِبِهَا خَلَّی سَبِیلَهَا فَدَخَلَتْ بَیْنَ الْغَنَمِ كَیْفَ تُذْبَحُ وَ هَلْ یَجُوزُ أَكْلُهَا أَمْ لَا فَسَأَلَ مُوسَی أَخَاهُ أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّهُ إِنْ عَرَفَهَا ذَبَحَهَا وَ أَحْرَقَهَا وَ إِنْ لَمْ یَعْرِفْهَا قَسَمَ الْغَنَمَ نِصْفَیْنِ وَ سَاهَمَ بَیْنَهُمَا فَإِذَا وَقَعَ عَلَی أَحَدِ النِّصْفَیْنِ فَقَدْ نَجَا النِّصْفُ الْآخَرُ ثُمَّ یُفَرِّقُ النِّصْفَ الْآخَرَ فَلَا یَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّی تَبْقَی شَاتَانِ فَیُقْرِعُ بَیْنَهُمَا فَأَیُّهُمَا وَقَعَ السَّهْمُ بِهَا ذُبِحَتْ وَ أُحْرِقَتْ وَ نَجَا سَائِرُ الْغَنَمِ (3).

بَیَانٌ رَوَی الشَّیْخُ هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الرَّجُلِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَظَرَ إِلَی رَاعٍ نَزَا عَلَی شَاةٍ قَالَ إِنْ عَرَفَهَا ذَبَحَهَا وَ أَحْرَقَهَا وَ إِنْ لَمْ یَعْرِفْهَا قَسَمَهَا نِصْفَیْنِ أَبَداً حَتَّی یَقَعَ السَّهْمُ بِهَا فَتُذْبَحُ وَ تُحْرَقُ وَ قَدْ نَجَتْ سَائِرُهَا(4).

ص: 254


1- 1. رواه الشیخ فی التهذیب 9: 86 بإسناده عن محمّد بن یعقوب عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلیّ عن السكونی: و رواه الكلینی فی الفروع 6: 261.
2- 2. یرد هذا الاشكال علی نسخة المصنّف من النوادر و التهذیب و الفروع و أمّا علی النسخة المطبوعة من النوادر فلا نعم الاشكال وارد علی نقل الشیخ و الكلینی.
3- 3. تحف العقول: 477 و 480.
4- 4. تهذیب الأحكام 9: 43.

و أقول الظاهر أن الرجل أبو الحسن علیه السلام و هذا مختصر من الحدیث الذی رویناه أولا و قال فی المسالك بمضمون الروایة عمل الأصحاب مع أنها لا تخلو من ضعف و إرسال لأن راویها محمد بن عیسی عن الرجل و محمد بن عیسی مشترك (1)

بین الأشعری الثقة و الیقطینی و هو ضعیف فإن كان المراد بالرجل الكاظم علیه السلام كما هو الغالب فهی مع ضعفها بالاشتراك (2) مرسلة لأن كلا الرجلین لم یدرك (3) الكاظم علیه السلام و إن أرید به غیره أو كان مبهما كما هو مقتضی لفظه فهی مع ذلك مقطوعة انتهی (4).

و أقول یرد علیه أن الظاهر أنه الیقطینی كما یظهر من الأمارات و الشواهد الرجالیة لكن الظاهر ثقته و القدح غیر ثابت و جل الأصحاب یعدون حدیثه صحیحا و كون المراد بالرجل الكاظم علیه السلام غیر معروف بل الغالب التعبیر بالرجل و الغریم و أمثالهما عند شدة التقیة بعد زمان الرضا علیه السلام كما لا یخفی و هذا بقرینة الراوی یحتمل الجواد و الهادی و العسكری علیهم السلام لكن الظاهر الهادی علیه السلام بقرینة الروایة الأولی فظهر أن الخبر صحیح مع أنه لم یرده أحد من الأصحاب.

و قال فی المسالك و لو لم یعمل بها فمقتضی القواعد الشرعیة أن المشتبه فیه إن كان محصورا حرم الجمیع و إن كان غیر محصور جاز أكله إلی أن تبقی واحدة كما فی نظائره انتهی (5).

و أقول تحریم الجمیع فی المحصور غیر معلوم كما عرفت و العمل بالقرعة فی الأمور المشتبهة غیر بعید عن القواعد الشرعیة و قد ورد فی كثیر من نظائره ثم إن الأصحاب قالوا إذا وطئ الإنسان حیوانا مأكولا حرم لحمه و لحم نسله و لو اشتبه بغیره قسم فرقتین و أقرع علیه مرة بعد أخری حتی تبقی واحدة و قال فی

ص: 255


1- 1. فی المصدر: لان راویها محمّد بن عیسی مشترك.
2- 2. فی المصدر: باشتراك الراوی بین الثقة و غیره.
3- 3. فی المصدر: لم یدركا.
4- 4. المسالك 2: 239.
5- 5. المسالك 2: 239.

المسالك إطلاق الإنسان یشمل الصغیر و الكبیر و المنزل و غیره كذلك الحیوان یشمل الذكر و الأنثی ذات الأربع و غیره كالطیر لكن الروایة وردت بنكاح البهیمة و هی لغة اسم لذات الأربع من حیوان البر و البحر فینبغی أن یكون العمل علیه تمسكا بالأصل فی موضع الشك و یحتمل العموم لوجود السبب المحرم و عدم الخصوصیة للمحل و هو الذی یشعر به إطلاق كلام المصنف و

غیره و لا فرق فی ذلك بین العالم بالحكم و الجاهل ثم إن علم الموطوء بعینه اجتنب و سری إلی نسله و إن اشتبه أقرع للروایة ثم قال بعد ما مر و علی تقدیر العمل بالروایة(1) فیعتبر فی القسم كونه نصفین كما ذكر فیها و إن كان قولهم (2) فریقین أعم منه ثم إن كان العدد زوجا فالنصف حقیقة ممكن و إن كان فردا اغتفر زیادة الواحدة فی أحد النصفین و كذا القول بعد الانتهاء إلی عدد فرد كثلاثة(3).

«11»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: إِذَا جُعِلَتْ سَمَكَةٌ مَعَ الْجِرِّیِّ فِی السَّفُّودِ إِنْ كَانَتِ السَّمَكَةُ فَوْقَهُ فَكُلْهَا وَ إِنْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَلَا تَأْكُلْ وَ إِذَا كَانَ اللَّحْمُ مَعَ الطِّحَالِ فِی السَّفُّودِ أُكِلَ اللَّحْمُ وَ الْجُوذَابَةُ لِأَنَّ الطِّحَالَ فِی حِجَابٍ وَ لَا یَنْزِلُ مِنْهُ شَیْ ءٌ إِلَّا أَنْ یُثْقَبَ فَإِنْ ثُقِبَ سَالَ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْكَلْ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْجُوذَابَةِ وَ لَا غَیْرِهِ وَ یُؤْكَلُ مَا فَوْقَهُ (4).

«12»- الْمُقْنِعُ،: إِذَا كَانَ اللَّحْمُ مَعَ الطِّحَالِ فِی سَفُّودٍ أُكِلَ اللَّحْمُ إِذَا كَانَ فَوْقَ الطِّحَالِ فَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنَ الطِّحَالِ لَمْ یُؤْكَلْ وَ یُؤْكَلُ جُوذَابُهُ لِأَنَّ الطِّحَالَ فِی حِجَابٍ وَ لَا یَنْزِلُ مِنْهُ شَیْ ءٌ إِلَّا أَنْ یُثْقَبَ فَإِنْ ثُقِبَ سَالَ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْكَلْ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْجُوذَابِ وَ إِنْ جُعِلَتْ سَمَكَةٌ یَجُوزُ أَكْلُهَا مَعَ جِرِّیٍّ أَوْ غَیْرِهَا مِمَّا لَا یَجُوزُ أَكْلُهُ فِی سَفُّودٍ أُكِلَتِ الَّتِی لَهَا فَلْسٌ إِذَا كَانَتْ فِی السَّفُّودِ فَوْقَ الْجِرِّیِّ وَ فَوْقَ الَّتِی لَا تُؤْكَلُ فَإِنْ كَانَتْ أَسْفَلَ مِنَ الْجِرِّیِّ لَمْ تُؤْكَلْ (5).

ص: 256


1- 1. فی المصدر: و علی تقدیر العمل بالروایة كما هو المشهور.
2- 2. فی المصدر: و ان كان قول المصنّف: فریقین.
3- 3. المسالك 2: 239.
4- 4. فقه الرضا: 40.
5- 5. المقنع: 35.

الْفَقِیهُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِذَا كَانَ اللَّحْمُ مَعَ الطِّحَالِ وَ ذَكَرَ مِثْلَ مَا فِی الْمُقْنِعِ (1).

تبیین: السفود كتنور الحدیدة التی تشوی بها اللحم و فی القاموس الجوذاب بالضم طعام السكر و أرز و لحم انتهی.

و الظاهر أن المراد هنا الخبز المشرود تحت الطحال و اللحم الذین علی السفود لیجری علیها ما ینفصل منهما و عمل بما ورد فی الفقیه أكثر الأصحاب. و الأصل فیه عندهم

مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ (2)

فِی الْمُوَثَّقِ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ الطِّحَالِ أَ یَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ لَا تَأْكُلْهُ فَهُوَ دَمٌ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ (3)

فِی سَفُّودٍ مَعَ لَحْمٍ وَ تَحْتَهُ خُبْزٌ وَ هُوَ الْجُوذَابُ أَ یُؤْكَلُ مَا تَحْتَهُ قَالَ نَعَمْ یُؤْكَلُ اللَّحْمُ وَ الْجُوذَابُ وَ یُرْمَی بِالطِّحَالِ

لِأَنَّ الطِّحَالَ فِی حِجَابٍ لَا یَسِیلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الطِّحَالُ مَشْقُوقاً أَوْ مَثْقُوباً فَلَا تَأْكُلْ مِمَّا یَسِیلُ عَلَیْهِ الطِّحَالُ وَ عَنِ الْجِرِّیِّ یَكُونُ فِی السَّفُّودِ مَعَ السَّمَكِ قَالَ یُؤْكَلُ مَا كَانَ فَوْقَ الْجِرِّیِّ وَ یُرْمَی بِمَا سَالَ عَلَیْهِ الْجِرِّیُّ.

و هذا مطابق لما فی الفقیه و أما ما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه فی الكتابین فهو مخالف للخبرین فإن عبارته تدل علی عدم حل اللحم إذا كان تحت الطحال و إن لم یكن مثقوبا و الروایتان تدلان علی الحل مطلقا إذا لم یكن مثقوبا قال فی الدروس إذا شوی الطحال مع اللحم فإن لم یكن مثقوبا أو كان اللحم فوقه فلا بأس و إن كان مثقوبا و اللحم تحته حرم ما تحته من لحم و غیره و قال الصدوق رحمه اللّٰه إذا لم یثقب لم یؤكل اللحم إذا كان أسفل و یؤكل الجوذاب و هو الخبز(4).

ص: 257


1- 1. من لا یحضره الفقیه 3: 214 و 215.
2- 2. رواه الشیخ فی التهذیب 9: 81 بإسناده عن محمّد بن أحمد بن یحیی عن أحمد بن الحسن بن علیّ بن فضال عن عمرو بن سعید عن مصدق بن صدقة عن عمّار بن موسی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
3- 3. فی المصدر: فان كان الطحال.
4- 4. الدروس: كتاب الاطعمة: الدرس الثالث.

و قال قدس سره أیضا.

رَوَی عَمَّارٌ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: فِی الْجِرِّیِّ مَعَ السَّمَكِ فِی سَفُّودٍ بِالتَّشْدِیدِ مَعَ فَتْحِ السِّینِ یُؤْكَلُ مَا فَوْقَ الْجِرِّیِّ وَ یُرْمَی مَا سَالَ عَلَیْهِ.

و علیها ابنا بابویه و طرد الحكم فی مجامعة ما یحل أكلها لما یحرم قال الفاضل لم یعتبر علماؤنا ذلك و الجری طاهر و الروایة ضعیفة السند انتهی (1).

و أقول عدم نجاسة الجری لا ینافی الحكم المذكور فإنه لیس باعتبار النجاسة بل باعتبار أنه یجری من الطحال و الجری و غیرهما دم و أجزاء مائعة بعد تأثیر الحرارة و یتشرب منها ما تحته و ضعف الروایات فی هذا الباب منجبر بالشهرة بین الأصحاب و حل ما یحكم بالحل فیها مؤید بالأصل و العمومات.

ص: 258


1- 1. الدروس: كتاب الاطعمة: الدرس الأول.
باب 7 الصید و أحكامه و آدابه

الآیات:

المائدة: غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ قوله سبحانه وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا و قال تعالی یَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ و قال عز و جل یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ

تفسیر:

قد مر تفسیر بعض الآیات فی كتاب الحج (1)

و مر بعضها فی الأبواب السابقة وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ قالوا یحتمل أن یكون عطفا علی الطیبات بأخذ ما

موصولة و لكن بحذف مضاف أی مصیده أو صیده أی صید الكلاب التی تصیدون بها بقرینة قوله مُكَلِّبِینَ فإنه مشتق من الكلب أی حال كونكم صاحبی الصید بالكلاب أو أصحاب التعلیم للكلاب فیلزم كون الجوارح كلابا فیحل ما ذبحه الكلب المعلم.

و ذهب أكثر المخالفین إلی أن المراد بالجوارح كلاب الصید علی أهلها من الطیور و ذوات الأربع من السباع و إطلاق المكلبین باعتبار كون المعلم فی الأغلب كلبا أو لأن كل سبع یسمی كلبا قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی دعائه اللّٰهم سلط علیه كلبا من كلابك فسلط اللّٰه علیه الأسد لكنه خلاف الظاهر و ستأتی الأخبار الكثیرة فی ذلك قال فی مجمع البیان الجوارح هی الكلاب فقط عن ابن

ص: 259


1- 1. كتاب الحجّ لم یتقدم قبلا، بل یأتی فی المجلد 21، و لعلّ قوله:« مر» اشتباه من النسّاخ او كان دونه المنصف قبلا.

عمر و الضحاك و السدی. و المروی عن أئمتنا علیهم السلام فإنهم قالوا هنا الكلب المعلم خاصة أحل اللّٰه صیدها إن أدركه صاحبه و قد قتل لقوله فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ (1) و قوله مُكَلِّبِینَ منصوب علی الحال و قوله تُعَلِّمُونَهُنَ حال ثانیة أو استئناف مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ متعلق بتعلمونهن أی مما ألهمكم اللّٰه من الحیل و طرق التأدیب فإن العلم به إلهام منه تعالی أو اكتساب بالعقل الذی هو عطیة من اللّٰه تعالی أیضا و قیل أی مما عرفكم اللّٰه أن تعلموهن من اتباع الصید بإرسال صاحبه و انزجاره بزجره و انصرافه بدعائه فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ متفرع علی ما تقدم و یحتمل كونه جزاء لقوله وَ ما عَلَّمْتُمْ فتكون ما شرطیة أی كلوا مما أمسكت الجوارح علیكم.

قال البیضاوی و هو ما لم یأكل منه لقوله صلی اللّٰه علیه و آله لعدی بن حاتم و إن أكل منه فلا تأكل إنما أمسك علی نفسه فاشترط فی حله أن یكون الكلب ما أكل منه فلو أكل حرم.

ثم قال و إلیه ذهب أكثر الفقهاء و قال بعضهم لا یشترط ذلك فی سباع الطیر لأن تأدیبها إلی هذا الحد متعذر و قال آخرون لا یشترط مطلقا انتهی (2).

وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ الضمیر لما علمتم و المعنی سموا علیه عند إرساله أو لما أمسكن بمعنی سموا علیه إذا أدركتم ذكاته أو سموا عند أكله و الأول أظهر و أشهر كما سیأتی وَ اتَّقُوا اللَّهَ فی أوامره و نواهیه فلا تخالفوها بوجه إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ لأنه لا یَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِی السَّماواتِ وَ لا فِی الْأَرْضِ یَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْیُنِ وَ ما تُخْفِی الصُّدُورُ و إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ و العبد فی مقام التقصیر فیما دق و جل ففیه كمال التنبیه علی كمال الغفلة و غایة الاهتمام بسرعة الامتثال فقد أعذر من أنذر كذا قیل ثم اعلم أنه یستفاد من الآیات

ص: 260


1- 1. مجمع البیان 3: 161 فیه: احله اللّٰه إذا ادركه صاحبه و قد قتله.
2- 2. أنوار التنزیل 1: 324.

أحكام الأول تدل الآیات منطوقا و مفهوما علی إباحة الصید و المصید فی الجملة و ادعوا علیها إجماع الأمة و الروایات فی ذلك مستفیضة من طرق الخاصة و العامة و استثنی منها صید البر فی حال الإحرام علی التفصیل المتقدم فی كتاب الحج و ظاهر

الأصحاب أن صید اللّٰهو فعله حرام لكن الظاهر أن مصیده لا یكون حراما لأن حرمة الفعل لا یستلزم تحریمه بل یمكن المناقشة فی تحریم الفعل أیضا لأن عدم قصر الصلاة و الصوم لا یستلزم التحریم لكن الظاهر أنه لا خلاف بینهم فیه و فی بعض الروایات إشعار به.

الثانی ظاهر الآیة اشتراط كون الجارح كلبا كما عرفت. قال الشهید الثانی رحمه اللّٰه الاصطیاد یطلق علی معنیین أحدهما إثبات الید علی الحیوان الوحشی بالأصالة المحلل المزیل لامتناعه بآلة الاصطیاد اللغوی و إن بقی بعد ذلك علی الحیاة و أمكن تذكیته بالذبح.

و الثانی عقره المزهق لروحه بآلة الصید علی وجه یحل أكله فالصید بالمعنی الأول جائز إجماعا بكل آلة یتوصل بها إلیه من كلب و سبع و جارح و غیرها و إنما الكلام فی الاصطیاد بالمعنی الثانی و الإجماع واقع أیضا علی تحققه بالكلب المعلم من جملة الحیوان بمعنی ما أخذه و جرحه و أدركه صاحبه میتا أو فی حركة المذبوح یحل أكله و یقوم إرسال الصائد و جرح الكلب فی أی موضع كان مكان الذبح فی المقدور علیه و اختلفوا فی غیره من جوارح الطیر و السباع فالمشهور بین الأصحاب بل ادعی علیه المرتضی إجماعهم علی عدم وقوعه بها للآیة فإن الجوارح و إن كانت عامة إلا أن الحال فی قوله مُكَلِّبِینَ الواقع من ضمیر عَلَّمْتُمْ خصص الجوارح بالكلاب فإن المكلب مؤدب الكلاب لأجل الصید و ذهب الحسن بن أبی عقیل إلی حل صید ما أشبه الكلب من الفهد و النمر و غیرهما لعموم الجوارح و لورود أخبار صحیحة و غیرها بأن الفهد كالكلب فی ذلك و اختلف تأویل الشیخ لها فتارة خصها بموردها و جوز صید الفهد كالكلب محتجا بأن الفهد یسمی كلبا فی اللغة و تارة حملها علی التقیة و ثالثة علی حال الضرورة و وردت أخبار بحل صید

ص: 261

غیر الفهد أیضا و حملها علی إحدی الأخیرتین.

الثالث ظاهر الآیة شمولها لكل الكلب سلوقیا كان أو غیره و لا خلاف فیه ظاهرا بیننا و سواء كان أسود أو غیره و هو أصح القولین و استثنی ابن الجنید رحمه اللّٰه الكلب الأسود و قال لا یجوز الاصطیاد به و هو مذهب أحمد و بعض الشافعیة محتجا بالروایة عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه لا یؤكل صیده و قال إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أمر بقتله.

الرابع یستفاد من الآیة الكریمة أن الكلب الذی یحل مقتوله لا بد أن یكون معلما إذ التقدیر و أحل لكم صید ما علمتم من الجوارح فعلق حل صیدها علی كونه معلما و اعتبروا فی صیرورة الكلب معلما ثلاثة أمور أحدها أن یسترسل باسترسال صاحبه و إشارته و الثانی أن ینزجر بزجره و هكذا أطلق أكثرهم و قیده فی الدروس بما إذا لم یكن بعد إرساله علی الصید لأنه لا یكاد أن ینفك حینئذ و استحسنه الشهید الثانی رحمه اللّٰه و قریب منه فی التحریر و هو غیر بعید.

الثالث أن یمسك الصید و لا یأكل منه و فی هذا اعتبار وصفین أحدهما أن یحفظه و لا یخلیه و الثانی أن لا یأكل منه و ذهب جماعة من الأصحاب منهم الصدوقان و الحسن إلی أن عدم الأكل لیس بشرط و به روایات كثیرة و لا یخلو من قوة فیحمل أخبار عدم الأكل علی الكراهة أو التقیة و هو أظهر

لِصَحِیحَةِ حَكَمِ بْنِ حُكَیْمٍ (1) قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا تَقُولُ فِی الْكَلْبِ یَصِیدُ الصَّیْدَ فَیَقْتُلُهُ قَالَ

ص: 262


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 203 بإسناده عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن یحیی عن جمیل بن دراج عن حكم بن حكیم الصیرفی و فیه:« لا بأس باكله» و فیه: یقولون: انه إذا قتله و أكل منه. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 23 و الاستبصار 4: 69 بإسناده عن محمّد بن یعقوب و فیها: لا بأس كل.

لَا بَأْسَ كُلْ قَالَ قُلْتُ إِنَّهُمْ یَقُولُونَ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَی نَفْسِهِ فَلَا تَأْكُلْهُ فَقَالَ كُلْ أَ وَ لَیْسَ قَدْ جَامَعُوكُمْ عَلَی أَنَّ قَتْلَهُ ذَكَاتُهُ قَالَ قُلْتُ بَلَی قَالَ فَمَا تَقُولُونَ فِی شَاةٍ ذَبَحَهَا رَجُلٌ أَ ذَكَّاهَا قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ السَّبُعَ جَاءَ بَعْدَ مَا ذَكَّاهَا فَأَكَلَ بَعْضَهَا أَ تُؤْكَلُ الْبَقِیَّةُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِذَا أَجَابُوكَ إِلَی هَذَا فَقُلْ لَهُمْ كَیْفَ تَقُولُونَ إِذَا ذَكَّی ذَلِكَ فَأَكَلَ مِنْهَا لَمْ تَأْكُلُوا وَ إِذَا ذَكَّی هَذَا وَ أَكَلَ أَكَلْتُمْ.

و حمل الشیخ هذه الأخبار علی الأكل نادرا و هو بعید و فرق ابن الجنید بین أكله منه قبل موت الصید و بعده و جعل الأول قادحا فی التعلیم دون الثانی و هذا أیضا وجه للجمع بین الأخبار و كأنه یومی إلیه خبر ابن حكیم و العامة أیضا مختلفون فی هذا الحكم بسبب اختلاف الأحادیث النبویة و إن كان الأشهر بینهم الاشتراط و قد یستدل علی الاشتراط بقوله تعالی وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ و الظاهر أنه مخصص بقوله تعالی وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ بشهادة الأخبار الكثیرة و علی القول باعتبار عدم الأكل لا یضر شرب الدم و الأمور المعتبرة فی التعلیم لا بد أن تتكرر مرة بعد أخری لیغلب علی الظن تأرب الكلب و لم یقدر أكثر الأصحاب عدد المرات و اكتفی بعضهم بالتكرار مرتین و اعتبر آخرون ثلاث مرات و كان الأقوی الرجوع فی أمثاله إلی العرف لفقد النص علی التحدید و حیث تحقق التعلیم لو خالف فی بعض الصفات مرة لم یقدح فیه فإن عاد ثانیا بنی علی أن التعلم هل یكفی فیه المرتان أم لا فإن اكتفینا بهما زال بهما و إن اعتبرنا الثلاث فكذلك هنا و كذا إن اعتبرنا العرف كذا ذكره الشهید الثانی قدس اللّٰه روحه.

الخامس الآیة تومی إلی عدم حل صید الكفار لأن الخطاب فیها متوجه إلی المسلمین فكأنه قید الحل بما أمسك علی المسلمین و لا خلاف فی تحریم صید غیر أهل الكتاب من الكفار و أما أهل الكتاب فالخلاف فیهم هنا كالخلاف فیهم فی ذبائحهم كما سیأتی.

السادس المشهور بین الأصحاب أن الاعتبار فی حل الصید بالمرسل لا المعلم فإن كان المرسل مسلما فقتل حل و لو كان المعلم مجوسیا أو وثنیا و لو كان المرسل

ص: 263

غیر مسلم لم یحل و لو كان المعلم مسلما بل ادعی علیه الشیخ فی الخلاف إجماع الفرقة و یدل علیه

صَحِیحَةُ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ(1) قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَلْبُ الْمَجُوسِیِّ یَأْخُذُهُ الْمُسْلِمُ فَیُسَمِّی حِینَ یُرْسِلُهُ یَأْكُلُ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَیْهِ فَقَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ مُكَلَّبٌ وَ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ.

و قال فی المبسوط لا یحل مقتول ما علمه المجوسی محتجا بقوله تعالی تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ و هذا لم یعلمه المسلم

وَ بِرِوَایَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) بْنِ سَیَابَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ كَلْبُ مَجُوسِیٍّ أَسْتَعِیرُهُ فَأَصِیدُ بِهِ قَالَ لَا تَأْكُلْ مِنْ صَیْدِهِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ عَلَّمَهُ مُسْلِمٌ.

و أجیب بأن الآیة خرجت مخرج الغالب لا علی وجه الاشتراط و النهی فی الخبر محمولة علی الكراهة جمعا مع أن الراوی مجهول و الشیخ فی كتابی الأخبار جمع بینهما بحمل الأول علی ما إذا علمه المسلم بعد أخذه و الثانی علی ما إذا لم یعلمه و استشهد للجمع

بِرِوَایَةِ السَّكُونِیِ (3) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَلْبُ الْمَجُوسِیِّ لَا

ص: 264


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 208 بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن هشام بن سالم عن سلیمان بن خالد، و رواه الصدوق فی الفقیه 3: 202 و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 30 و الاستبصار 4: 70 عن الحسین بن سعید عن النضر بن سوید عن هشام ابن سالم و فیها:« الرجل المسلم» و فیها أیضا: أ یأكل.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 6: 209 عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن علی بن الحكم عن منصور بن یونس عن عبد الرحمن بن سیابة، و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 30 و فی الاستبصار 4: 70 بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن علیّ بن الحكم عن سیف بن عمیرة عن منصور بن حازم عن عبد الرحمن بن سیابة و اللفظ المنقول من الشیخ، و أما الكافی ففیه: قال: قلت لابی عبد اللّٰه علیه السلام : انی استعیر كلب المجوسی. و فیه أیضا: علمه مسلم فتعلمه.
3- 3. رواه الكلینی فی الفروع 6: 209 بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلیّ عن السكونی. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 30 و فی الاستبصار 4: 70 بإسناده عن محمّد بن یعقوب، و فی ذیل الحدیث: و كلاب أهل الذمّة و بزاتهم حلال للمسلمین أن یأكلوا صیدها.

تَأْكُلْ صَیْدَهُ إِلَّا أَنْ یَأْخُذَهُ الْمُسْلِمُ فَیُعَلِّمَهُ وَ یُرْسِلَهُ وَ كَذَلِكَ الْبَازِی.

و هذا یدل علی أن مذهبه فی كتابی الأخبار كمذهبه فی المبسوط و الأحوط ذلك و إن كان الأظهر حمل أخبار المنع علی التقیة فإنه مذهب الحسن و الثوری و جماعة من العامة. السابع دلت الآیة علی وجوب التسمیة و حملها علی التسمیة عند الأكل بعید جدا و لا خلاف فی وجوب التسمیة و اشتراطها فی حل ما یقتله الكلب و السهم عندنا و عند كل من أوجبها فی الذبیحة و قد اشتركا فی الدلالة من قوله تعالی وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ و اختص هذا المحل بتلك الآیة و لا خلاف أیضا فی

إجزائها إذا وقعت عند الإرسال لانطباق جمیع الأدلة علیه و لتصریحه علیه السلام فی صحیحة أبی عبیدة(1)

و یسمی إذا سرحه لأن إذا ظرف زمان و فیها معنی الشرط غالبا و اختلفوا فی إجزائها إذا وقعت فی الوقت الذی بین الإرسال و عضة الكلب أو إصابة السهم و اختار أكثر المتأخرین الإجزاء لأن ضمیر عَلَیْهِ راجع إلی القید المضمر فی قوله مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ و هو یصدق بذكر اسم اللّٰه فی جمیع الوقت المذكور و محل الخلاف ما إذا تعمد تأخیرها عن الإرسال أما لو نسی و ذكر فی الأثناء فلا شبهة فی اعتبارها حینئذ.

إذا تقرر ذلك فلو ترك التسمیة عمدا لم یحل للنهی عن أكله المقتضی للتحریم و لو نسی التسمیة حل أكله كما سیأتی فی الذبح إن شاء اللّٰه.

و اختلف فی الجاهل فمنهم من ألحقه بالناسی و منهم من ألحقه بالعامد.

الثامن ذكر الأصحاب أن الحیوان المحلل لحمه المحرم میتته إما أن یكون

ص: 265


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 203 بإسناده عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد« عن سالم» و علیّ بن إبراهیم عن أبیه و محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد جمیعا عن ابن محبوب عن علیّ بن رئاب عن أبی عبیدة الحذاء. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 26 بإسناده عن الحسن بن محبوب.

مقدورا علی ذبحه أو ما فی معناه أو غیر مقدور بأن كان متنفرا متوحشا فالمقدور علیه لا یحل إلا بالذبح فی الحلق أو اللبة علی ما سیأتی تفصیله إن شاء اللّٰه تعالی و لا فرق بین ما هو إنسی فی الأصل و بین الوحشی إذا استأنس أو حصل الظفر به و المتوحش كالصید جمیع أجزائه مذبح ما دام علی الوحشیة حتی إذا رمی إلیه سهما أو أرسل كلبا فأصاب شیئا من بدنه فمات حل و هو فی الصید الوحشی موضع وفاق بین المسلمین و فی الإنسی إذا توحش كما إذا ند بعیر موضع وفاق منا و أكثر العامة و خالف فیه مالك فقال لا یحل إلا بقطع الحلقوم كذا ذكره الشهید الثانی قدس سره.

أقول: الإنسی كالوحش إذا لم یقدر علی ذبحه أو نحره لا ریب فی أنه یجوز صیده و قتله بالسیف و الرمح و أمثالهما لأخبار كثیرة دالة علیه و إن كان أكثرها فی البعیر و البقر و القتل بالسیف و الحربة لكن الظاهر شمول الحكم لغیر البعیر و الغنم و للسهم أیضا و إن استشكل المحقق الأردبیلی رحمه اللّٰه فی السهم و أما اصطیادها بالكلب فمشكل إذ لم أر فی الأخبار المعتبرة ما یدل علیه و یشكل الحكم بدخوله فی الصید المذكور فی الآیات و ظاهر التذكیة ما كان بلا واسطة مع أنه داخل فیما أكل السبع و الاستثناء غیر معلوم

وَ مَا رُوِیَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كُلُّ إِنْسِیَّةٍ تَوَحَّشَتْ فَذَكِّهَا ذَكَاةَ الْوَحْشِیَّةِ.

عامی و فی دلالته أیضا نظر نعم سیأتی فی خبر فی باب التذكیة و سنتكلم علیه إن شاء اللّٰه بل لم أر فی قدماء الأصحاب ما یدل علیه أیضا بل إنما ذكروا العقر بالآلة قال الشیخ فی الخلاف كل حیوان مقدور علی ذكاته إذا لم یقدر علیه بأن یصیر مثل الصید

أو یتردی فی بئر فلا یقدر علی موضع ذكاته كان عقره ذكاته فی أی موضع وقع منه (1)

و به قال من الصحابة علی علیه السلام و ابن مسعود و ابن عمر و ابن عباس و من التابعین عطا و طاوس و الحسن و من الفقهاء الثوری و أبو حنیفة و أصحابه و الشافعی و ذهبت طائفة إلی أن ذكاته فی الحلق و اللبة مثل المقدور علیه فإن عقره فقتله فإن كان فی غیرهما لم یحل أكله (2).

ص: 266


1- 1. فی المصدر: وقع فیه.
2- 2. فی المصدر: فان عقره فقتله فی غیرهما لم یحل اكله.

ذهب إلیه سعید بن المسیب و ربیعة و مالك و اللیث بن سعد و دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم (1).

ثم روی أخبارا من طریق العامة دالة علی جواز القتل بالسهم و الطعن فی الفخذ و نحوهما.

و قال صاحب الجامع إن استعصی الثور أو اغتلم البعیر أو تردی فی بئر أخذ بالسیف و السهم كالصید و نحوه ذكر الأكثر.

التاسع ذهب الشیخ قدس سره فی المبسوط و الخلاف إلی أن معض الكلب من الصید طاهر لقوله تعالی فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ و لم یأمر بالغسل (2)

و هو مذهب بعض العامة و المشهور بین الأصحاب نجاسته لأن الكلب نجس و قد لاقی الصید برطوبة و أجابوا عن الاستدلال بالآیة بأن الإذن فی الأكل من حیث إنه صید لا ینافی المنع من أكله لمانع آخر كالنجاسة كما أن قوله تعالی فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ و كُلُوا وَ اشْرَبُوا و أمثالها لا ینافی المنع من الأكل من المأذون لعارض النجاسة و غیرها.

و أقول إن استدل بالفاء بأنها للتعقیب بلا تراخ فالجواب أن الفاء هنا لیس للتعقیب بل للتفریع و لو سلم فلا ینافی التعقیب العرفی الفاصلة بالغسل كما أنه لا ینافی الفصل بالسلخ و القطع و الطبخ.

العاشر إذا أرسل كلبه المعلم أو سلاحه من سهم و سیف و غیرهما فأصابه فعلیه أن یسارع إلیه بالمعتاد فإن لم یدركه حیا حل و إن أدركه حیا فإن لم یبق فیه حیاة مستقرة بأن كان قد قطع حلقومه و مریه أو أجافه (3) و خرق أمعاءه فتركه حتی مات حل و إن بقیت فیه حیاة مستقرة وجبت المبادرة إلی ذبحه بالمعتاد فإن أدرك ذكاته حل و إن تعذر من غیر تقصیر الصائد حتی مات فهو كما لو لم یدركه حیا علی المشهور و ذهب الشیخ فی الخلاف و ابن إدریس و العلامة إلی تحریمه و الأول أقوی و إن

ص: 267


1- 1. الخلاف 2: 204( ط 1).
2- 2. الخلاف 2: 202 المبسوط: كتاب الصید، و فیه: أن النجاسة احوط.
3- 3. اجافه الطعنة أو بالطعنة: بلغ بها جوفه.

لم یتعذر و تركه حتی مات فهو حرام كذا ذكره الأكثر. و قال فی المسالك التفصیل باستقرار الحیاة و عدمه هو المشهور بین الأصحاب و الأخبار خالیة من قید الاستقرار بل منها ما هو المطلق فی أنه إذا أدرك ذكاته ذكاه و منها هو دال علی الاكتفاء

بكونه حیا و كلاهما لا یدل علی الاستقرار و منها ما هو مصرح بالاكتفاء فی إدراك تذكیته بأن یجده یركض برجله أو یطرف عینه أو یتحرك ذنبه قال الشیخ یحیی بن سعید اعتبار استقرار الحیاة لیس من المذهب و علی هذا ینبغی أن یكون العمل ثم علی تقدیر إدراكه حیا و إمكان تذكیته لا یحل حتی یذكی و لا یعذر بعدم وجود الآلة لكن هنا قال الشیخ فی النهایة إنه یترك الكلب حتی یقتله ثم لیأكل إن شاء و اختار جماعة منهم الصدوق و ابن الجنید و العلامة فی المختلف استنادا إلی عموم قوله تعالی فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ و

خُصُوصِ صَحِیحَةِ جَمِیلٍ (1) عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یُرْسِلُ الْكَلْبَ عَلَی الصَّیْدِ فَیَأْخُذُهُ وَ لَا یَكُونُ مَعَهُ سِكِّینٌ فَیُذَكِّیَهُ بِهَا أَ فَیَدَعُهُ حَتَّی یَقْتُلَهُ وَ یَأْكُلَ مِنْهُ قَالَ لَا بَأْسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ.

و أجیب عن الآیة بأنها لا تدل علی العموم و إلا لجاز مع وجود آلة الذبح و عن الروایة بأنها لا تدل علی المطلوب لأن الضمیر المستكن فی قوله فیأخذه راجع إلی الكلب لا إلی الصائد و البارز راجع إلی الصید و التقدیر فیأخذ الكلب الصید و هذا لا یدل علی إبطال امتناعه بل جاز أن یبقی امتناعه و الكلب ممسك له فإذا قتله حینئذ فقد قتل ما هو ممتنع فیحل بالقتل و فیه نظر لأن تخصیص الآیة بعدم الجواز مع وجود آلة الذبح بالإجماع و الأدلة لا تدل علی تخصیصها فی محل النزاع لأن الاستدلال حینئذ بعمومها من جهة كون العام المخصوص حجة فی الباقی فلا یبطل تخصیصها بالمتفق علیه دلالتها علی غیره و الروایة ظاهرة فی صیرورة الصید غیر ممتنع من جهات إحداها قوله و لا یكون معه سكین فإن مقتضاه أن المانع له من تذكیته عدم

ص: 268


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 204 بإسناده عن العدة عن سهل بن زیاد و علی بن إبراهیم عن أبیه، و محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد جمیعا عن أحمد بن محمّد بن أبی نصر عن جمیل بن دراج و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 23 بإسناده عن محمّد بن یعقوب.

السكین لا عدم القدرة علیه لكونه ممتنعا و لو كان حینئذ ممتنعا لما كان لقوله و لا یكون معه سكین فائدة أصلا.

و الثانیة قوله فیذكیه بها ظاهر أیضا فی أنه لو كان معه سكین لذكاه بها فیدل علی إبطال امتناعه.

و الثالثة قوله أ فیدعه حتی یقتله ظاهر أیضا فی أنه قادر علی أن لا یدعه یقتله و أنه إنما یترك تذكیته و یدع الكلب یقتله لعدم السكین.

«1»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ علیه السلام قَالَ: مَا أَخَذَ الْبَازِی وَ الصَّقْرُ فَقَتَلَهُ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ إِلَّا مَا أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ أَنْتَ وَ قَالَ علیه السلام إِذَا رَمَیْتَ صَیْداً فَتَغَیَّبَ عَنْكَ فَوَجَدْتَ سَهْمَكَ فِیهِ فِی مَوْضِعِ مَقْتَلٍ فَكُلْ وَ لَا تَأْكُلْ مَا قَتَلَهُ الْحَجَرُ وَ الْبُنْدُقُ وَ الْمِعْرَاضُ إِلَّا مَا ذَكَّیْتَ (1).

بیان: قال فی القاموس الباز و البازی ضرب من الصقور و الجمع بواز و بزاة كأنه من بزا یبزو إذا تطاول و تأنس و الرجل قهره و بطش به كأبزی به.

و قال الدمیری البازی أفصح لغاته بازی مخففة الیاء و الثانیة باز و الثالثة بازی بتشدید الیاء و هو مذكر و یقال فی التثنیة بازان (2) و فی الجمع بزاة كقاض و قضاة(3) و یقال للبزاة و الشواهین و غیرها مما یصید صقور و لفظه مشتق من البزوان و هو الوثب و قال فی عجائب المخلوقات یقال أنه لا یكون إلا أنثی و ذكرها من أنواع أخر من الحدأة و الشواهین (4)

و لهذا اختلف أشكالها(5).

و قال الصقر الطائر الذی یصاد به و قال ابن سیدة الصقر كل شی ء یصید من البزاة و الشواهین و الجمع أصقر و صقور و صقورة و صقار و صقارة.

ص: 269


1- 1. قرب الإسناد: 51.
2- 2. فی المصدر: بازیان.
3- 3. فی المصدر: كقاضیان و قضاة.
4- 4. فی المصدر: من نوع آخر كالحداء و الشواهین.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 77.

قال سیبویه جاءوا بالهاء فی هذا الجمع توكیدا(1)

نحو فعولة و الأنثی صقرة و الصقر هو الأجدل و یقال له القطامی و هو أحد أنواع الجوارح الأربعة و هی الصقر و الشاهین و العقاب و البازی و العرب یسمی كل طائر یصید صقرا ما خلا النسر و العقاب و تسمیة الأكدر و الأجدل و هو من الجوارح بمنزلة البغال من الدواب لأنه أصبر علی الشدة و أحمل لغلیظ الغذاء(2)

و أحسن ألفا و أشد إقداما علی جملة الطیر من الكركی و غیره و لبرد مزاجه لا یشرب ماء و لو أقام دهرا انتهی (3).

و اعلم أن الآلات التی یصاد بها و یحصل بها الحل قسمان حیوان و جماد و قد تقدم بعض الكلام فی القسم الأول و الكلام هنا فی الثانی و هو إما مشتمل علی نصل كالسیف و الرمح و السهم أو خال عن النصل و لكنه محدد بشی ء یصلح للخرق أو مثقل یقتل بثقله كالحجر و البندق و الخشبة غیر المحددة و الأول یحل مقتوله سواء مات بجرحه أم لا كما لو أصاب معترضا و لا خلاف فیه بین أصحابنا صریحا و تدل علیه الأخبار الكثیرة.

و قال سلار فی المراسم العلیة اعلم أن الصید علی ضربین أحدهما تؤخذ بمعلم الكلاب أو الفهد أو الصقر أو البازی أو النبل أو النشاب أو الرمح أو السیف أو المعراض أو الحبالة و الشبكة.

و الآخر ما یصاد بالبندق و الحجارة و الخشب فالأول كله إذا لحق ذكاته حل إلا ما یقتله معلم الكلاب فإنه حل أیضا و إن أكل منه الكلب نادرا حل و إن اعتاد الأكل لم یحل منه إلا ما یذكی.

و الثانی لا یؤكل منه إلا ما یلحق ذكاته و هو بخلاف الأول لأنه یكره

ص: 270


1- 1. فی المصدر: فی مثل هذا الجمع تأكیدا.
2- 2. فی المصدر: لغلیظ الغذی و الاذی.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 44.

و قد روی تحریم ما یصاد بقسی البندق و روی جواز أكل ما قتل بسهم أو سیف أو رمح إذا سمی القاتل انتهی (1).

و ظاهره التوقف فی حل ما قتله السهم و السیف و الرمح و هو ضعیف.

و الثانی یحل مقتوله بشرط أن یخرقه بأن یدخل فیه و لو یسیرا و یموت بذلك فلو لم یخرق لم یحل.

و الثالث لا یحل مقتوله مطلقا سواء خدش أو لم یخدش و سواء قطعت البندقة رأسها أم عضوا آخر منه كما یدل علیه هذا الخبر

وَ رَوَوْا عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ لِعَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ لَا تَأْكُلْ مِنَ الْبُنْدُقِ إِلَّا مَا ذَكَّیْتَ.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْهُ: أَنَّهَا لَا تَصِیدُ صَیْداً وَ لَا تَنْكَأُ عَدُوّاً وَ لَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَ تَفْقَأُ الْعَیْنَ.

و المعراض كمفتاح سهم لا ریش فیه ذكره فی المصباح و فی القاموس المعراض كمحراب سهم بلا ریش دقیق الطرفین غلیظ الوسط یصیب بعرضه انتهی.

و أقول هنا محمول علی ما إذا أصاب بالعرض و لم یكن له نصل.

لَمَّا رَوَاهُ أَبُو عُبَیْدَةَ(2) فِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا رَمَیْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَرَقَ (3)

فَكُلْ

ص: 271


1- 1. المراسم العلیة: 28.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 6: 212 عن العدة عن سهل بن زیاد و محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد جمیعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبی عبیدة. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 35 عن الحسن بن محبوب.
3- 3. هكذا فی المصدر بالراء المهملة، و ذكر الجزریّ نحو الحدیث فی النهایة 1: 327 و فیه: بالزاء المعجمة قال: فی حدیث عدی: قلت: یا رسول اللّٰه انا نرمی بالمعراض فقال: كل ما خزق و ما اصاب بعرضه فلا تأكل. خزق السهم و خسق: إذا اصاب الرمیة و نفذ فیها، و سهم خازق و خاسق، و فی حدیث سلمة بن الاكوع: فاذا كنت فی الشجراء خزقتهم بالنبل أی أصبتهم بها، و فی حدیث الحسن: لا تأكل من صید المعراض الا ان یخزق و قد تكرر فی الحدیث.

وَ إِنْ لَمْ یَخْرِقْ وَ اعْتَرَضَ فَلَا تَأْكُلْ.

وَ رَوَوْا(1) عَنْ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ صَیْدِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ إِنْ قَتَلَ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَ إِنْ قَتَلَ بِثَقَلِهِ فَلَا تَأْكُلْ.

وَ رَوَی الْحَلَبِیُّ فِی الصَّحِیحِ (2) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الصَّیْدِ یَرْمِیهِ الرَّجُلُ بِسَهْمٍ فَیُصِیبُهُ مُتَعَرِّضاً فَیَقْتُلُهُ وَ قَدْ سَمَّی حِینَ رَمَاهُ وَ لَمْ تُصِبْهُ الْحَدِیدَةُ فَقَالَ إِنْ كَانَ السَّهْمُ الَّذِی أَصَابَهُ هُوَ الَّذِی قَتَلَهُ فَإِنْ أَرَادَ فَلْیَأْكُلْهُ.

و أقول فی الاصطیاد بالآلة المستحدثة التی حدثت فی هذه الأعصار یقال له التفنگ إشكال و لا یبعد القول بالحل فیه لا سیما إذا جعل فیها مكان الرصاص القطعات المحددة الصغیرة من الحدید لعموم أدلة الحل و دخوله تحت عموم قول أبی جعفر علیه السلام من قتل صیدا بسلاح (3) و أخبار البندقة(4)

مصروفة إلی المعروف فی ذلك الزمان و یؤیده ما مر أنها لا تصید صیدا إلخ و الأحوط الاجتناب ثم إن الأصحاب عدوا من الشروط المعتبرة فی حل الصید بالكلب و السهم أن یحصل موته بسبب الجرح فلو مات بصدمة أو افتراس سبع أو أعان ذلك الجرح غیره لم یحل و یتفرع علی ذلك ما لو غاب الصید و حیاته مستقرة ثم وجده میتا فإنه لا یحل لاحتمال أن یكون مات بسبب آخر و لا أثر لكون الكلب مضمخا بدمه فربما جرحه الكلب و أصابته آفة أخری و لو انتهت به الجراحة إلی حالة حركة المذبوح حل و إن غاب

ص: 272


1- 1. فی النسخة المخطوطة: و روی.
2- 2. رواه الشیخ فی التهذیب 2: 347( ط 1) و 9: 33( ط 2) عن الحسین ابن سعید عن صفوان بن یحیی عن ابن مسكان عن الحلبیّ و فی الطبعة الثانیة: فان رآه فلیأكله. و رواه الكلینی فی الفروع 6: 212 عن ابی علی الأشعریّ عن محمّد بن عبد الجبار و محمّد بن إسماعیل عن الفضل بن شاذان جمیعا عن صفوان بن یحیی و فیه:« فاذا رآه فلیأكل» و رواه الصدوق أیضا فی الفقیه 3: 203 و فیه: فاذا رآه فلیأكله.
3- 3. راجع الوسائل 16: 288 فیه: من جرح صیدا بسلاح.
4- 4. رواها صاحب الوسائل فی المجلد 16: 235 راجعها.

و كذا لو فرض علمه بأنه مات من جراحته إلا أن الفرض لما كان بعیدا أطلقوا التحریم و المعتبر من العلم هنا الظن الغالب كما لو وجد الضربة فی مقتل و لیس هناك سبب آخر صالح للموت كما یدل علیه هذا الخبر

وَ رَوَوْا عَنْ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَهْلِ صَیْدٍ وَ إِنَّ أَحَدَنَا یَرْمِی الصَّیْدَ فَیَغِیبُ عَنْهُ اللَّیْلَتَیْنِ وَ الثَّلَاثَ فَیَجِدُهُ مَیِّتاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا وَجَدْتَ فِیهِ أَثَرَ سَهْمِكَ وَ لَمْ یَكُنْ فِیهِ أَثَرُ سَبُعٍ وَ عَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتْلَهُ فَكُلُّ.

«2»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ ظَبْیٍ أَوْ حِمَارِ وَحْشٍ أَوْ طَیْرٍ صَرَعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ رَمَاهُ بَعْدَ مَا صَرَعَهُ قَالَ كُلْهُ مَا لَمْ یَتَغَیَّبْ إِذَا سَمَّی وَ رَمَاهُ (1).

بیان: إذا سمی أی الثانی و یحتمل الأعم و التخصیص بالأول بعید و یدل الخبر علی أحكام الأول حل حمار الوحش الثانی اشتراط عدم الغیبة فی حل المرمی و كأنه محمول علی عدم العلم بأنه مات برمیته كما مر الثالث أنه إذا صرعه و رماه غیره لم یحرم و یشكل بأن الأول إن صیره بالصرع فی حكم المذبوح فاشتراط التسمیة فی الثانی لا فائدة فیه و لا یصیر بترك التسمیة حراما

حینئذ كما هو المشهور إلا أن نخص التسمیة بالأول و إن لم یصر كذلك و صار مثبتا فهو حیوان غیر ممتنع لا بد من ذبحه فرمیه یصیر سببا لحرمته و ضمان الرامی للأول إلا أن یحمل علی أنه بعد الصرع لم یصر مثبتا بل هو بعد ممتنع فیجوز رمیه لكنه بعید. قال فی التحریر إذ رماه الأول فأثبته ثم رماه الثانی فإن كان الأول موجبا بأن أصاب مذبحه أو وقع فی قلبه فالثانی لا ضمان علیه إلا أن ینقصه برمیه شیئا فیضمن بعضه و یحل و إن كان الأول غیر موج فالثانی إن وجاه حرم إلا أن یكون قد ذبحه و إن لم یوجه فإن ذكی بعد ذلك حل و إن لم یدرك ذكاته فإن الأول لم یقدر علیها فعلی الثانی كمال قیمته معیبا بالعیب الأول لأن جرحه هو الذی حرمه فكان الضمان

ص: 273


1- 1. قرب الإسناد: 117.

علیه و إن قدر علی ذكاته و أهمل حتی مات بالجرحین فعلی الثانی نصف قیمته معیبا للأول انتهی.

«3»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنْ كَلْبِ الْمَجُوسِ یُكَلِّبُهُ الْمُسْلِمُ وَ یُسَمِّی وَ یُرْسِلُهُ قَالَ نَعَمْ إِنَّهُ مُكَلِّبٌ إِذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ فَلَا بَأْسَ (1).

بیان: فی القاموس المكلب معلم الكلاب الصید.

«4»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: الْفَهْدُ مِنَ الْجَوَارِحِ وَ الْكِلَابُ الْكُرْدِیَّةُ إِذَا عُلِّمَتْ فَهِیَ بِمَنْزِلَةِ السَّلُوقِیَّةِ(2).

بیان: فی القاموس السلوق كصبور قریة بالیمن تنسب إلیه الدروع و الكلاب أو بلد بطرف أرمنیة أو إنما نسبتا إلی سلقیة محركة بلد للروم فغیر للنسب انتهی.

و الخبر بظاهره یدل علی حل صید الفهد و حمل علی التقیة كما عرفت و كون الراوی عامیا یؤیده و رواه فی الكافی بإسناده إلی السكونی عنه علیه السلام قال الكلاب الكردیة(3)

إلخ و لیس فیه ذكر الفهد و یحتمل كون الفقرة الأولی جملة برأسها و یكون الغرض أنه من الجوارح لكن لیس بمكلب و إن كان بعیدا و قال فی المسالك لا فرق فی الكلب بین السلوقی و غیره إجماعا.

«5»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، لِعَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرِّجَالِ هَلْ یَصْلُحُ لَهُ أَنْ یَصِیدَ حَمَامَ الْحَرَمِ فِی الْحِلِّ فَیَذْبَحَهُ فَیَدْخُلَ الْحَرَمَ فَیَأْكُلَهُ فَقَالَ لَا یَصْلُحُ أَكْلُ حَمَامِ الْحَرَمِ عَلَی حَالٍ (4).

بیان: سیأتی حكمه فی كتاب الحج إن شاء اللّٰه.

ص: 274


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 1: 293.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 294.
3- 3. رواه الكلینی فی الفروع 6: 205 بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلیّ عن السكونی.
4- 4. بحار الأنوار 10: 251 فیه: فیدخله الحرم.

«6»- الدَّعَائِمُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: الطَّیْرُ فِی وَكْرِهِ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ فَإِذَا طَارَ فَصِیدُوهُ (1) إِنْ شِئْتُمْ.

«7»- وَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام: وَ لَا یُصَادُ مِنَ الصَّیْدِ إِلَّا مَا أَضَاعَ التَّسْبِیحَ.

«8»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الطَّیْرُ إِذَا مُلِكَ ثُمَّ طَارَ ثُمَّ أُخِذَ فَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السلام یَعْنِی الْبُزَاةَ وَ نَحْوَهَا لِأَنَّ أَصْلَهَا مُبَاحٌ وَ نَهَی عَنْ صَیْدِ الْحَمَامِ فِی الْأَمْصَارِ وَ رَخَّصَ فِی صَیْدِهَا فِی الْقُرَی.

«9»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الصَّیْدُ لِمَنْ سَبَقَ إِلَی أَخْذِهِ (2).

بیان: إذا أطلق الصید من یده فإن لم ینو قطع ملكه عنه فلا خلاف فی بقاء ملكه علیه و إن قطع نیته عن ملكه ففی خروجه عنه قولان أحدهما و هو الأشهر عدمه و الثانی أنه یخرج بذلك عن ملكه ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط و احتجوا علیه بأن الأصل فی الصید انفكاك الملك عنه و إنما حصل ملكه بالید و قد زالت و لا یخفی وهنه و یتفرع علی زوال ملكه عنه ملك من یصیده ثانیا له فلیس للأول انتزاعه منه و علی القول بعدمه هل تكون نیة رفع ملكه عنه أو تصریحه بإباحته موجبا لإباحة أحد غیره له وجهان أحدهما العدم لبقاء الملك المانع من تصرف الغیر فیه و أصحهما إباحته لغیره بمعنی أنه لا ضمان علی من أكله و لكن یجوز للمالك الرجوع فیه ما دامت عینه موجودة كنثار العرس و الخبر علی تقدیر صحته یؤید مختار المبسوط و كان النهی عن صید الحمام فی الأمصار لكون الغالب فیها الملك و یمكن أن یحمل علی ما إذا كان علیها أثر الملك أو علی الكراهة و فی بعض النسخ مكان القری العراء و هو الفضاء لا یستتر فیه بشی ء و بالقصر الناحیة و الجناب فالمراد به الصحاری.

«10»- الدَّعَائِمُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ قَالَ هِیَ الْكِلَابُ.

ص: 275


1- 1. فی النسخة المخطوطة: فتصیدوه ان شئتم.
2- 2. الدعائم: لیس نسخته موجودة عندی.

وَ الْجَارِحُ الْكَاسِبُ وَ مِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ یَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ(1) أَیْ كَسَبْتُمْ.

«11»- وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَا أَمْسَكَتِ الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ أُكِلَ وَ إِنْ قَتَلَتْهُ وَ مَا قَتَلَتِ الْكِلَابُ غَیْرُ الْمُعَلَّمَةِ فَلَا یُؤْكَلُ یَعْنِی إِذَا سَمَّی اللَّهَ عِنْدَ إِرْسَالِهِ وَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ إِذَا نَسِیَ التَّسْمِیَةَ(2).

«12»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُمَا رَخَّصَا فِی أَكْلِ مَا أَمْسَكَهُ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ وَ إِنْ قَتَلَهُ وَ أَكَلَ مِنْهُ وَ لَمْ یُرَخِّصَا فِیمَا أَكَلَ مِنْهُ الطَّیْرُ.

«13»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: الصُّقُورُ وَ الْبُزَاةُ مِنَ الْجَوَارِحِ.

«14»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الْفَهْدُ الْمُعَلَّمُ كَالْكَلْبِ یُؤْكَلُ مَا أَمْسَكَ.

«15»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ صَیْدِ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَ هَذَا خُصُوصٌ إِذَا كَانَ بَهِیماً كُلَّهُ.

«16»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الْكِلَابُ كُلُّهَا بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ إِذَا عُلِّمَ الْكُرْدِیُّ فَهُوَ كَالسَّلُوقِیِّ.

«17»- وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَرْسَلَ كَلْباً وَ لَمْ یُسَمِّ فَلَا یَأْكُلْ یَعْنِی مَا قُتِلَ مِنَ الصَّیْدِ إِذَا تَرَكَ التَّسْمِیَةَ عَمْداً فَإِنْ نَسِیَ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَهُ فَلْیَأْكُلْ (3).

«18»- وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی الصَّیْدِ یَأْخُذُهُ الْكَلْبُ فَیُدْرِكُهُ الرَّجُلُ حَیّاً ثُمَّ یَمُوتُ یَعْنِی فِی الْمَكَانِ مِنْ فِعْلِ الْكَلْبِ قَالَ كُلْ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ فَأَمَّا إِنْ أَخَذَهُ الصَّائِدُ حَیّاً فَتَوَانَی فِی ذَبْحِهِ أَوْ ذَهَبَ بِهِ إِلَی مَنْزِلِهِ فَمَاتَ أَوْ لَمْ یَكُنِ الْكَلْبُ الَّذِی قَتَلَهُ معلم [مُعَلَّماً] لَمْ یَجُزْ أَكْلُهُ.

«19»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی كَلْبِ الْمَجُوسِیِّ لَا یُؤْكَلُ صَیْدُهُ إِلَّا أَنْ یَأْخُذَهُ

ص: 276


1- 1. الأنعام: 60.
2- 2. الظاهر ان التفسیر من صاحب الدعائم.
3- 3. التفسیر من صاحب الدعائم ظاهرا.

مُسْلِمٌ فَیُقَلِّدَهُ وَ یُعَلِّمَهُ وَ یُرْسِلَهُ قَالَ وَ إِنْ أَرْسَلَهُ الْمُسْلِمُ جَازَ أَكْلُ مَا أَمْسَكَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ عَلَّمَهُ.

«20»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ الصَّیْدَ بِالسَّیْفِ أَوْ طَعَنَهُ بِالرُّمْحِ أَوْ رَمَاهُ بِالسَّهْمِ فَقَتَلَهُ وَ قَدْ سَمَّی اللَّهَ حِینَ فَعَلَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَ قَالَ فِی الرَّجُلِ یَرْمِی الصَّیْدَ فَیَقْصُرُ عَنْهُ فَیَبْتَدِرُ الْقَوْمُ فَیُقَطِّعُونَهُ بَیْنَهُمْ یَعْنِی بِضَرْبِهِمْ إِیَّاهُ بِسُیُوفِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَخْذِهِ قَالَ حَلَالٌ أَكْلُهُ.

«21»- وَ سُئِلَ علیه السلام: عَنْ ثَوْرٍ وَحْشِیٍّ ابْتَدَرَهُ قَوْمٌ بِأَسْیَافِهِمْ وَ قَدْ سَمَّوْا فَقَطَّعُوهُ بَیْنَهُمْ فَقَالَ ذَكَاةٌ وَحِیَّةٌ وَ لَحْمٌ حَلَالٌ.

«22»- وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی الرَّجُلِ یَرْمِی الصَّیْدَ فَیَتَحَامَلُ وَ السَّهْمُ فِیهِ أَوِ الرُّمْحُ أَوْ یَتَحَامَلُ بِشِدَّةِ الضَّرْبَةِ فَیَغِیبُ عَنْهُ ثُمَّ یَجِدُهُ مِنَ الْغَدِ مَیِّتاً وَ فِیهِ سَهْمُهُ أَوْ یَكُونُ ضَرَبَهُ أَوْ أَصَابَهُ بِسَهْمٍ فِی مَقْتَلٍ عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ لَا مِنْ فِعْلِ غَیْرِهِ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ فَقَدْ رُوِّینَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَا أَصْمَیْتَ فَكُلْ وَ مَا أَنْمَیْتَ فَلَا تَأْكُلْ.

فَالْإِصْمَاءُ أَنْ یُصِیبَ الرَّمْیَةُ فَیَمُوتَ مَكَانَهَا وَ الْإِنْمَاءُ أَنْ یُصِیبَهَا یَتَوَارَی عَنْهُ ثُمَّ یَمُوتَ وَ هَذَا قَوْلٌ مُجْمَلٌ قَدْ یَكُونُ نَهْیَ تَأْدِیبٍ أَوْ یَكُونُ فِی شَكٍّ مِمَّا أَنْمَی هَلْ قَتَلَهُ بَضَرْبَتِهِ أَمْ لَا وَ الَّذِی ذَكَرْنَاهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام هُوَ مُفَسِّرٌ وَ مَا لَا شُبْهَةَ فِیهِ أَنَّهُ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ.

«23»- وَ عَنْ عَلِیٍّ وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُمَا قَالا فِی الصَّیْدِ یَضْرِبُهُ الصَّائِدُ فَیَتَحَامَلُ فَیَقَعُ فِی مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ یَتَرَدَّی مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ فَیَمُوتُ قَالَ لَا یُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ.

«24»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَا قُتِلَ بِالْحَجَرِ وَ الْبُنْدُقِ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ لَمْ یُؤْكَلْ إِلَّا أَنْ یُدْرَكَ ذَكَاتُهُ.

«25»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ كَرِهَ مَا قُتِلَ مِنَ الصَّیْدِ بِالْمِعْرَاضِ إِلَّا أَنْ لَا یَكُونَ لَهُ سَهْمٌ غَیْرُهُ.

و المعراض سهم لا ریش فیه یرمی فیمضی بالعرض.

ص: 277

«26»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ صَیْدِ الْمَجُوسِ وَ عَنْ ذَبَائِحِهِمْ.

یَعْنِی بِصَیْدِهِمْ هَذَا مَا قَتَلُوهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ أَوْ قَتَلَتْهُ كِلَابُهُمُ الَّتِی أَرْسَلُوهَا.

«27»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَا أَخَذَتِ الْحِبَالَةُ فَمَاتَ فِیهَا فَهِیَ مَیْتَةٌ وَ مَا أُدْرِكَ حَیّاً ذَكِیٌّ فَأُكِلَ (1).

بیان: قوله و الجارح كأنه من كلام المؤلف و كذا قوله یعنی فی المواضع و قوله و هذا خصوص و البهمة غایة السواد و البهیم الخالص الذی لا یخالط لونه لون و القید مأخوذ

عَمَّا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ وَ الشَّیْخُ (2) بِإِسْنَادِهِمَا عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِیمُ لَا تَأْكُلْ صَیْدَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ علیه السلام أَمَرَ بِقَتْلِهِ.

قوله قال و إن أرسله الظاهر أنه مضمون حدیث آخر كما مر ذكاة وحیة قال فی المصباح الوحا السرعة یمد و یقصر و موت وحی مثل سریع وزنا و معنی فعیل بمعنی فاعل و ذكاة وحیة أی سریعة و نحوه قال فی المغرب و قال القتل بالسیف أوحی أی أسرع و فی أكثر نسخ التهذیب وجیئة بالجیم مهموز من وجأته بالسكین ضربته بها و كأنه تصحیف.

و قال فی النهایة فیه كل ما أصمیت و دع ما أنمیت الإصماء أن تقتل الصید مكانه و معناه سرعة إزهاق الروح من قولهم للمسرع صمیان و الإنماء أن تصیب إصابة غیر قاتلة فی الحال یقال أنمیت الرمیة و نمت بنفسها و معناه إذا صدت بكلب

ص: 278


1- 1. الدعائم: لیست نسخته عندی و الروایات كلها مذكورة فی مستدرك الوسائل راجعه.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 6: 206 بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلیّ عن السكونی و فیه:« لا یؤكل» و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 80 بإسناده عن محمّد بن أحمد بن یحیی عن بنان عن أبیه عن ابن المغیرة عن السكونی و فیه: الكلب الأسود لا یؤكل صیده فان.

أو سهم أو غیرهما فمات و أنت تراه غیر غائب عنك فكل منه و ما أصبته ثم غاب عنك فمات بعد ذلك فدعه لأنك لا تدری أ مات بصیدك أم بعرض آخر(1) انتهی.

قوله علیه السلام إلا أن لا یكون إلخ ظاهره أن صید المعراض إنما یحل مع الاضطرار و فقدان آلة غیره

وَ قَدْ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ وَ الشَّیْخُ (2) فِی الْحَسَنِ كَالصَّحِیحِ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا صَرَعَ الْمِعْرَاضُ مِنَ الصَّیْدِ فَقَالَ إِنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ نَبْلٌ غَیْرُ الْمِعْرَاضِ وَ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ فَلْیَأْكُلْ مِمَّا قَتَلَ وَ إِنْ كَانَتْ لَهُ نَبْلٌ غَیْرُهُ فَلَا.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی رَوَیَا(3) عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ هُوَ مِرْمَاتَكَ أَوْ صَنَعْتَهُ لِذَلِكَ.

و لم یقل بهذه التفاصیل ظاهرا أحد لأنه إن كان له نصل قالوا یحل مقتولة مطلقا و إن لم یكن له نصل لا یحل مطلقا عندهم كما عرفت و یمكن حملها علی الاستحباب و علی كونه ذا حدید أو یكون بعضها(4) كنایة عن كونه ذا حدید و الأحوط عدم الاكتفاء بالمعراض إذا لم یخرق من غیره ضرورة.

وَ رَوَی الشَّیْخُ فِی الصَّحِیحِ (5) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا رَمَیْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَرَقَ فَكُلْ وَ إِنْ لَمْ یَخْرِقْ وَ اعْتَرَضَ فَلَا تَأْكُلْ.

ص: 279


1- 1. النهایة 2: 300 فیه أم بعارض آخر.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 6: 212 بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن حماد عن الحلبیّ. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 35 بإسناده عن محمّد بن یعقوب. و رواه الصدوق فی الفقیه 3: 203 بإسناده عن حماد عن الحلبیّ.
3- 3. أی الكلینی و الشیخ و هی روایة رواه الكلینی فی الفروع 6: 212 عن محمّد بن یحیی عن عبد اللّٰه بن محمّد عن علیّ بن الحكم عن ابان عن زرارة و إسماعیل الجعفی انهما سألا أبا جعفر علیه السلام عما قتل المعراض قال: لا بأس اه. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 35 بإسناده عن محمّد بن یعقوب.
4- 4. صنعته ظ.
5- 5. فی حدیث أبی عبیدة و قد تقدم.

أقول: فی روایاتنا و المضبوط فی كتب أصحابنا بالخاء المعجمة و الراء المهملة(1) و فی روایات العامة بالزای قال فی النهایة فی حدیث عدی قلت یا رسول اللّٰه إنا نرمی بالمعراض فقال كل ما خزق و ما أصاب بعرضه فلا تأكل خزق السهم و خسق إذا أصاب الرمیة و نفذ فیها و سهم خازق و خاسق انتهی (2).

و لا خلاف فی أن ما قتله الحبالة و الشبكة أو قطعته من الصید حرام.

«28»- الْخِلَافُ لِلشَّیْخِ، رَوَی عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ وَ ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَیْكَ قُلْتُ فَإِنْ قَتَلَ قَالَ إِذْ قَتَلَهُ وَ لَمْ یَأْكُلْ مِنْهُ شَیْئاً فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَیْكَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی أَرْسَلْتُ كَلْبِی فَقَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَ ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَ إِلَّا فَلَا تَأْكُلْ قُلْتُ فَإِنِّی أَرْسَلْتُ كَلْبِی وَ أَجِدُ عَلَیْهِ كَلْباً فَقَالَ لَا تَأْكُلْ إِنَّكَ إِنَّمَا سَمَّیْتَ عَلَی كَلْبِكَ (3) قَالَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَصِیدُ وَ إِنَّ أَحَدَنَا یَرْمِی الصَّیْدَ فَیَغِیبُ عَنْهُ اللَّیْلَتَیْنِ وَ الثَّلَاثَ فَیَجِدُهُ مَیِّتاً وَ فِیهِ سَهْمُهُ فَقَالَ إِذَا وَجَدْتَ فِیهِ أَثَرَ سَهْمِكَ وَ لَمْ یَكُنْ فِیهِ أَثَرُ سَبُعٍ وَ عَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتَلَهُ فَكُلْ (4)

وَ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الصَّیْدِ فَقَالَ إِذَا رَمَیْتَ الصَّیْدَ وَ ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَقُتِلَ فَكُلْ وَ إِنْ وَقَعَ فِی الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی الْمَاءُ قَتَلَهُ أَمْ سَهْمُكَ (5).

أقول: إنما أوردت هذا الخبر مع كونه عامیا لأن راویه و هو عدی كان من خواص أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام و كان معه فی غزواته و قال الفضل بن شاذان إنه من السابقین الذین رجعوا إلی أمیر المؤمنین علیه السلام و لاشتماله علی أحكام كثیرة مفهوما و منطوقا و أكثرها مما عمل به الأصحاب و مؤیدة بأخبار كثیرة من طرقنا و بیناها

ص: 280


1- 1. أی خرق.
2- 2. النهایة 1: 327.
3- 3. الخلاف 2: 202.
4- 4. الخلاف 2: 203.
5- 5. الخلاف 2: 304.

فیما مضی و سیأتی.

«29»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ اتَّبَعَ الصَّیْدَ غَفَلَ.

الضوء، ضوء الشهاب معناه و اللّٰه أعلم أن الذی یتبع الصید و ینقطع إلیه بنفسه وراءه یصده عن العبادات الواجبة علیه و لا شك أن للصید ضراوة و حرصا و شهوة تصده عن جمیع المهمات و تصدف عن العبادات و یجوز أن یكون الصید كنایة عن طلب الدنیا فیقول علیه السلام من اتبع الصید أی الدنیا غفل أی من حبس نفسه علی الحطام و جعله من أهم الأمور فكأنه یصید صیدا(1).

«30»- صَحِیفَةُ الرِّضَا، بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ علیه السلام بِإِسْنَادِهِ إِلَی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَرَّ جَعْفَرٌ بِصَیَّادٍ فَقَالَ یَا صَیَّادُ أَیُّ شَیْ ءٍ أَكْثَرُ مَا یَقَعُ فِی شَبَكَتِكَ قَالَ الطَّیْرُ الزَّاقُّ قَالَ فَمَرَّ وَ هُوَ یَقُولُ هَلَكَ صَاحِبُ الْعِیَالِ (2).

بیان: الزاق الذی له فرخ یزقه و زق الطائر إطعامه فرخه.

«31»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَرٌ عَنْ صَیْدِ الْكِلَابِ وَ الْبُزَاةِ وَ الرَّمْیِ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا مَا صَادَهُ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ وَ قَدْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَكُلْهُ وَ إِنْ كَانَ قَدْ قَتَلَهُ وَ أَكَلَ مِنْهُ وَ قَالَ فِی الَّذِی یَرْمِی بِالسَّیْفِ وَ الْحَجَرِ وَ النُّشَّابِ وَ الْمِعْرَاضِ لَا یُؤْكَلُ إِلَّا مَا ذُكِّیَ مِنْهُ وَ كَذَا مَا صَادَ الْبَازِی وَ الصُّقُورَةُ وَ غَیْرُهُمَا مِنَ الطَّیْرِ لَا تَأْكُلْ إِلَّا مَا ذُكِّیَ مِنْهُ (3).

بیان: قوله و الرمی كذا فی أكثر النسخ و كأنه تصحیف و علی تقدیره أعرض علیه السلام عن جوابه و یمكن أن یقرأ الرمی كغنی و هو سحابة عظیمة القطر فالمراد به ما سقط بالصاعقة و الرمی كما لو صوت الحجر یرمی به الصبی و هو أیضا مناسب أو هو بالفتح و المراد بالبنادق و الجلاهق و فی القاموس النشاب بالضم النبل الواحدة بهاء و بالفتح متخذة و أقول قد تقدم الكلام فیه.

ص: 281


1- 1. شرح الشهاب: لیس عندی.
2- 2. صحیفة الرضا: لم نجده فیه.
3- 3. قرب الإسناد: 39 و 40.

«32»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَخَذَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ الصَّیْدَ فَكُلْهُ أَكَلَ مِنْهُ أَوْ لَمْ یَأْكُلْ قُتِلَ أَوْ لَمْ یُقْتَلْ (1).

«33»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ یُقْسِینَ الْقَلْبَ اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ وَ طَلَبُ الصَّیْدِ وَ إِتْیَانُ بَابِ السُّلْطَانِ الْخَبَرَ(2).

«34»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ قَالَ رُوِیَ عَنِ الْحَسَنِ (3)

بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی الْمَرْوَزِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعٌ یُفْسِدْنَ الْقَلْبَ وَ یُنْبِتْنَ النِّفَاقَ فِی الْقَلْبِ كَمَا یُنْبِتُ الْمَاءُ الشَّجَرَ اسْتِمَاعُ اللَّهْوِ وَ الْبَذَاءُ وَ إِتْیَانُ بَابِ السُّلْطَانِ وَ طَلَبُ الصَّیْدِ(4).

بیان: البذاء الفحش و الكلام القبیح.

«35»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ بَدَا جَفَا وَ مَنْ تَبِعَ الصَّیْدَ غَفَلَ (5) وَ مَنْ لَزِمَ السُّلْطَانَ افْتَتَنَ وَ مَا یَزْدَادُ مِنَ السُّلْطَانِ قُرْباً إِلَّا زَادَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی بُعْداً(6).

توضیح: فی النهایة من بدا جفا أی من نزال البادیة صار فیه جفاء الأعراب (7)

ص: 282


1- 1. قرب الإسناد: 51.
2- 2. الخصال ....
3- 3. فی المصدر: روی الحسن.
4- 4. الخصال 1: 227.
5- 5. فی المصدر: و من اتبع الصید غفل.
6- 6. الأمالی 1: 270 طبعة النجف.
7- 7. النهایة 1: 81.

و قال من اتبع الصید غفل أی یشتغل به قلبه و یستولی علیه حتی یصیر فیه غفلة(1).

و فی الفائق بدوت أبدو إذا أتیت البدو جفا أی صار فیه جفاء الأعراب لتوحشه و انفراده عن الناس غفل أی شغل الصید قلبه و ألهاه حتی صارت فیه غفلة و لیس الغرض ما تزعمه جهلة الناس أن الوحش نعم الجن فمن تعرض لها خبلته و غفلته انتهی.

و قال الطیبی من اعتاده للهو و الطرب غفل لأنهما یصدران من القلب المیت و من اصطاد للقوت جاز انتهی.

و أقول یحتمل أن یكون المعنی أنه لولوعه بالصید یغفل عن المهالك فی المسالك فیخاطر بنفسه.

«36»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ رَفَعَ الْحَدِیثَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَتَّبِعُوا الصَّیْدَ فَإِنَّكُمْ عَلَی غِرَّةٍ الْخَبَرَ(2).

بیان: علی غرة بالكسر أی علی غفلة فی تلك الحالة عما یعرض لكم من المهالك كما ذكرنا فی الخبر السابق و كأن المراد اتباع الصید إلی حیث یذهب من المسافات البعیدة أو هی من الغرر بمعنی الهلاك أی أنتم بمعرض هلاك و فی بعض النسخ علی غیره و كأنه تصحیف.

«37»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، رُوِیَ: أَنَّ الْعَادِیَ اللِّصُّ وَ الْبَاغِیَ الَّذِی یَبْغِی الصَّیْدَ لَا یَجُوزُ لَهُمَا التَّقْصِیرُ فِی السَّفَرِ وَ لَا أَكْلُ الْمَیْتَةِ فِی حَالِ الِاضْطِرَارِ(3).

«38»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ لَحِقَ حِمَاراً أَوْ ظَبْیاً فَضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَقَطَعَهُ نِصْفَیْنِ هَلْ یَحِلُ

ص: 283


1- 1. النهایة 3: 176.
2- 2. علل الشرائع 2: 280 طبعة قم.
3- 3. معانی الأخبار: 214 طبعة الغفاری.

أَكْلُهُ قَالَ نَعَمْ إِذَا سَمَّی وَ سَأَلْتُ عَنْ رَجُلٍ لَحِقَ حِمَاراً أَوْ ظَبْیاً فَضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَصَرَعَهُ أَ یُؤْكَلُ قَالَ إِذَا أَدْرَكَ ذَكَاتَهُ أُكِلَ وَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ یَغِیبَ عَنْهُ أَكَلَهُ (1).

تبیان قال فی المسالك إذا رمی الصید بآلة كالسیف فقطع منه قطعة كعضو منه فإن بقی الباقی مقدورا علیه و حیاته مستقرة فلا إشكال فی تحریم ما قطع منه لأنه قطعة أبینت من حی قبل تذكیته و إن لم یبق حیاة الباقی مستقرة فمقتضی قواعد الصید حل الجمیع لأنه مقتول به فكان بجملته حلالا و لو قطعه نصفین أی قطعتین و إن كانا مختلفتین فی المقدار فإن لم یتحركا فهما حلالان و كذا لو تحركا حركة المذبوح سواء خرج منها دم معتدل أم من أحدهما أم لا و كذا لو تحرك أحدهما حركة المذبوح دون الآخر و سواء فی ذلك النصف الذی فیه الرأس و غیره و إن تحرك أحدهما حركة مستقر الحیاة و ذلك لا یكون إلا فی النصف الذی فیه الرأس فإن كان قد أثبته بالجراحة الأولی فقد صار مقدورا علیه فتعین الذبح و لا تجزی سائر الجراحات و تحل تلك القطعة دون المبانة و إن لم یثبته بها و لا أدركه و ذبحه بل جرحه جرحا آخر مدنفا حل الصید دون تلك القطعة و إن مات بهما ففی حلها وجهان أجودهما العدم و إن مات بالجراحة الأولی بعد مضی زمان و لم یتمكن من الذبح حل باقی البدن و فی القطعة السابقة الوجهان و أولی بالحل هنا لو قیل به ثمة و الأصح التحریم هذا هو الذی تقتضیه قواعد أحكام الصید مع قطع النظر عن الروایات الشاذة و فی المسألة أقوال منتشرة مستندة إلی اعتبارات أو روایات شاذة مشتملة علی ضعف و قطع و إرسال منها أنه مع تحرك أحد النصفین دون الآخر فالحلال هو المتحرك خاصة و أن حلهما معا مشروط بحركتهما أو عدم حركتهما معا مع خروج الدم و هو قول الشیخ فی النهایة.

و منها أن حلهما مشروط بتساویهما و مع تفاوتهما یؤكل ما فیه الرأس إذا كان أكبر و لم یشترط الحركة و لا خروج الدم و هو قول الشیخ أیضا فی كتابی الفروع.

ص: 284


1- 1. قرب الإسناد: 117 و 118.

و منها اشتراط الحركة و خروج الدم فی كل واحد من النصفین و متی انفرد أحدهما بالشرط أكل و ترك ما لا یجمعها فلو لم یتحرك واحد منهما حرم و هو قول القاضی و منها أنه مع تساویهما یشترط فی حلهما خروج الدم منهما و إن لم یخرج دم فإن كان أحد الشقین أكثر و معه الرأس حل ذلك الشق فإن تحرك أحدهما حل المتحرك و هو قول ابن حمزة و اختار المحقق و جماعة حلهما مطلقا إن لم یكن فی المتحرك حیاة مستقرة و هو الأقوی انتهی.

و بالجملة المسألة فی غایة الإشكال و صحیحة الحلبی تدل علی الحل مطلقا و كذا هذا الخبر و سائر الأخبار مقتضی الجمیع بینها أنه إذا قده بنصفین عرفا بأن لا یكون بینهما تفاوت كثیر یحلان مطلقا إلا إذا تحرك أحدهما و لم یتحرك الآخر فیحل المتحرك حسب و لو كان بینهما تفاوت كثیر یحل الأكبر إذا كان من جانب الرأس دون الأصغر و لو كان بالعكس یحلان و به یمكن الجمع بینها و اللّٰه یعلم و یدل الحدیث علی جواز الاصطیاد بالسیف و علی حل حمار الوحش.

قوله إذا أدرك ذكاته أی أدركه حیا و ذكاه.

«39»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: یَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّیِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ وَ هُوَ صَیْدُ الْكِلَابِ الْمُعَلَّمَةِ خَاصَّةً أَحَلَّهَا اللَّهُ إِذَا أَدْرَكْتَهُ وَ قَدْ قَتَلَهُ لِقَوْلِهِ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ.

وَ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَیْدِ الْبُزَاةِ وَ الصُّقُورِ وَ الْفُهُودِ وَ الْكِلَابِ قَالَ لَا تَأْكُلُوا إِلَّا مَا ذَكَّیْتُمْ إِلَّا الْكِلَابَ قُلْتُ فَإِنْ قَتَلَتْهُ قَالَ كُلْ فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ ثُمَّ قَالَ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنَ السِّبَاعِ تُمْسِكُ الصَّیْدَ عَلَی نَفْسِهَا إِلَّا الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ فَإِنَّهَا تُمْسِكُ عَلَی صَاحِبِهَا وَ قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ فَاذْكُرِ اللَّهَ عَلَیْهِ فَهُوَ ذَكَاتُهُ (1).

ص: 285


1- 1. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 151. طبعة التفرشی فیه: فاذكر اسم اللّٰه علیه فهو ذكاته.

«40»- الْقَصَصُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: كَانَ وَرَشَانٌ یُفْرِخُ فِی شَجَرَةٍ وَ كَانَ رَجُلٌ یَأْتِیهِ إِذَا أَدْرَكَ الْفَرْخَانِ فَیَأْخُذُ الْفَرْخَیْنِ فَشَكَا ذَلِكَ الْوَرَشَانُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ إِنِّی سَأَكْفِیكَهُ قَالَ فَأَفْرَخَ الْوَرَشَانُ وَ جَاءَ الرَّجُلُ وَ مَعَهُ رَغِیفَانِ فَصَعِدَ الشَّجَرَةَ وَ عَرَضَ لَهُ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ أَحَدَ الرَّغِیفَیْنِ ثُمَّ صَعِدَ فَأَخَذَ الْفَرْخَیْنِ وَ نَزَلَ بِهِمَا فَسَلَّمَهُ اللَّهُ لِمَا تَصَدَّقَ بِهِ (1).

بیان: كأن فیه إیماء إلی كراهة أخذ الفراخ من الأوكار كما ذكره الأصحاب و وردت به الروایات قال فی الدروس یكره صید الطیر و الوحش لیلا و أخذ الفراخ من أعشاشها.

«41»- الْمَحَاسِنُ، مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی الْیَقْطِینِیُّ عَنْ أَبِی عَاصِمٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ مَاهَوَیْهِ الْمَدَارِیِ (2) عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ أَبَانٍ الرَّازِیِّ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ زَاذَانَ فَرُّوخُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام یَسْأَلُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَرْكُضُ فِی الصَّیْدِ لَا یُرِیدُ بِذَلِكَ طَلَبَ الصَّیْدِ وَ إِنَّمَا یُرِیدُ بِذَلِكَ التَّصْحِیحَ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِلَّا اللَّهْوُ(3).

بیان: الركض تحریك الرجل و الدفع و استحثاث الفرس للعدو و العدو كذا فی القاموس و الفعل كنصر قوله لا یرید بذلك طلب الصید یحتمل وجهین الأول أنه لا یصید لكنه یركض خلف الصید و الثانی أنه یصید لیس غرضه اللّٰهو بالصید و لا الصید فی نفسه

و إنما غرضه طلب صحة البدن و ما یوجبها كهضم الطعام و دفع فضول الرطوبات عن البدن و الأخیر أظهر معنی و الأول لفظا و لا یبعد جواز هذا النوع من الصید من فحاوی كلام الأصحاب فإنهم حكموا بحرمة الصید لهوا و بطرا و بحل الصید للقوت و للتجارة و دلائلهم علی تحریم الأول و جواز الأخیرین یقتضی جواز هذا و أمثاله قال فی التذكرة اللاهی بسفره كالمتنزه بصیده بطرا و لهوا لا یقصر عند علمائنا لأن اللّٰهو حرام فالسفر له معصیة و لو كان الصید لقوته و قوت عیاله وجب القصر لأنه فعل مباح و لو كان للتجارة فالوجه القصر فی الصلاة و الصوم

ص: 286


1- 1. قصص الأنبیاء: مخطوط.
2- 2. فی المصدر: هشام بن ماهویه المداری.
3- 3. المحاسن: 628، فیه: لا للهو.

لأنه مباح انتهی و كون هذا المقصود مباحا ظاهر.

«42»- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ علیه السلام: اعْلَمْ یَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَّ الطَّیْرَ إِذَا مَلَكَ جَنَاحَهُ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ إِلَّا أَنْ یَعْرِفَ صَاحِبَهُ فَیَرُدَّ عَلَیْهِ وَ لَا یَصْلُحُ أَخْذُ الْفِرَاخِ مِنْ أَوْكَارِهَا فِی جَبَلٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ أَجَمَةٍ حَتَّی یَنْهَضَ وَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُرْسِلَ الْكَلْبَ عَلَی الصَّیْدِ فَسَمِّ اللَّهَ عَلَیْهِ فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ حَیّاً فَاذْبَحْهُ أَنْتَ وَ إِنْ أَدْرَكْتَهُ وَ قَدْ قَتَلَهُ كَلْبُكَ (1) فَكُلْ مِنْهُ وَ إِنْ أَكَلَ بَعْضَهُ لِقَوْلِهِ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ مَعَكَ حَدِیدٌ تَذْبَحُهُ فَدَعِ الْكَلْبَ عَلَی الصَّیْدِ وَ سَمَّیْتَ عَلَیْهِ حَتَّی یَقْتُلَ ثُمَّ تَأْكُلُ مِنْهُ وَ إِنْ أَرْسَلْتَ عَلَی الصَّیْدِ كَلْبَكَ فَشَارَكَهُ كَلْبٌ آخَرُ فَلَا تَأْكُلْهُ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ ذَكَاتَهُ وَ إِنْ رَمَیْتَ وَ سَمَّیْتَ وَ أَدْرَكْتَهُ وَ قَدْ مَاتَ فَكُلْهُ إِذَا كَانَ فِی السَّهْمِ زُجُّ حَدِیدٍ وَ إِنْ وَجَدْتَهُ مِنَ الْغَدِ وَ كَانَ سَهْمُكَ فِیهِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَكَ قَتَلَهُ وَ إِنْ رَمَیْتَ وَ هُوَ عَلَی جَبَلٍ فَأَصَابَهُ سَهْمُكَ وَ وَقَعَ فِی الْمَاءِ وَ مَاتَ فَكُلْهُ إِذَا كَانَ رَأْسُهُ خَارِجاً مِنَ الْمَاءِ وَ إِنْ كَانَ رَأْسُهُ فِی الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْهُ وَ لَا تَأْكُلْ مَا اصْطَدْتَ بِبَازٍ أَوْ صَقْرٍ أَوْ فَهْدٍ أَوْ عُقَابٍ أَوْ غَیْرِ ذَلِكَ إِلَّا مَا أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ إِلَّا الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا قَتَلَتْهُ إِذَا كُنْتَ سَمَّیْتَ عَلَیْهِ (2).

تبیین: أكثر هذا الفصل أورده الصدوق فی الفقیه (3).

قوله إذا ملك جناحه أی استقل بالطیران فالتقیید لكراهة الصید قبل الطیران و هو بعید أو المراد عدم كونه مقصوصا فإنه علامة سبق الملك فلا یملكه الآخذ إلا بعد التعریف و كذا إذا كان معقورا و ظاهره أن الأصل فی الطیر الإباحة بعد الطیران و إن علم أنه كان له مالك إلا أن یعرف المالك بعینه فیرده علیه لكن لم أر قائلا به و قیل المراد بملك الجناحین نهوضه من الوكر فالمراد أنه لا یجوز اصطیاده بالرمی و نحوه فإنه غیر ممتنع و لا یخفی بعده قوله و سمیت علیه حال بتقدیر قد أی و قد سمیت علیه حین إرسال الكلب فلا تحتاج إلی تسمیة أخری فشاركه كلب

ص: 287


1- 1. فی المصدر: الكلب.
2- 2. فقه الرضا: 40.
3- 3. من لا یحضره الفقیه 3: 205 راجعه ففیه اختلاف حش.

آخر أی غیر معلم أو غیر مسمی علیه و علم أن إزهاق الروح بهما أو لم یعلم أنه بهما أو بأیهما و إذا علم أنه بالمعلم المسمی علیه لم یضر

وَ یُؤَیِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ فِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ(1)

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَیْثُ قَالَ: إِنْ وَجَدَ مَعَهُ كَلْباً غَیْرَ مُعَلَّمٍ فَلَا یَأْكُلْ مِنْهُ.

وَ عَنْ أَبِی (2) بَصِیرٍ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ أَرْسَلُوا كِلَابَهُمْ وَ هِیَ مُعَلَّمَةٌ كُلُّهَا وَ قَدْ سَمَّوْا عَلَیْهَا فَلَمَّا أَنْ مَضَتِ الْكِلَابُ دَخَلَ فِیهَا كَلْبٌ غَرِیبٌ لَا یَعْرِفُونَ لَهَا صَاحِباً فَاشْتَرَكَتْ جَمِیعُهَا فِی الصَّیْدِ فَقَالَ لَا یُؤْكَلُ مِنْهُ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِی أَخَذَهُ مُعَلَّمٌ أَمْ لَا.

قوله علیه السلام إذا كان فی السهم إلخ محمول علی ما إذا لم یخرق بحده كما مر.

قوله و إن رمیت فی الفقیه إن رمیته و هو علی جبل فسقط و مات فلا تأكله و إن رمیته و أصابه سهمك و وقع فی الماء فمات فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء و إن كان رأسه فی الماء فلا تأكله.

و المشهور بین الأصحاب أنه لا یحل إذا تردی من جبل أو وقع فی ماء فمات نعم لو صیر حیاته غیر مستقرة حل.

وَ فِی صَحِیحَةِ الْحَلَبِیِ (3) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ یَرْمِی صَیْداً وَ

ص: 288


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 203 بإسناده عن العدة عن سهل و علیّ بن إبراهیم عن ابیه و محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد جمیعا عن ابن محبوب عن علیّ بن رئاب عن أبی عبیدة الحذاء و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 26 عن الحسن بن محبوب.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 6: 206 عن محمّد بن یحیی عن محمّد بن أحمد عن بعض أصحابنا عن الحسن بن علیّ بن أبی حمزة عن أبیه عن ابی بصیر و فیه: و لم یعرفوا له صاحبا فاشتركن جمیعا و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 26 بإسناده عن محمّد بن یعقوب.
3- 3. رواه الكلینی فی الفروع 6: 215 عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن حماد عن الحلبیّ. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 38 عن محمّد بن یعقوب.

هُوَ عَلَی جَبَلٍ أَوْ حَائِطٍ فَیَخْرِقُ فِیهِ السَّهْمُ فَیَمُوتُ فَقَالَ كُلْهُ مِنْهُ وَ إِنْ وَقَعَ فِی الْمَاءِ مِنْ رَمْیَتِكَ فَمَاتَ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ.

وَ رُوِیَ نَحْوُهُ بِسَنَدٍ مُوَثَّقٍ عَنْ سَمَاعَةَ(1) وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ (2) الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: لَا تَأْكُلْ مِنَ الصَّیْدِ إِذَا وَقَعَ فِی الْمَاءِ فَمَاتَ.

و قال فی المسالك هذا أی عدم الحل إذا علم استناد موته إلیهما أو إلی غیر الرمیة أو شك فی الحال و لو علم استناد موته إلی الرمیة عادة حل لوجود المقتضی و انتفاء المانع و إن أفاد الماء فی التردی تعجیلا و قید الصدوقان الحل بأن یموت و رأسه خارج الماء و لا بأس به لأنه أمارة علی قتله بالسهم إن لم یظهر خلاف ذلك.

«43»- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا رَمَیْتَ بِسَهْمِكَ فَوَجَدْتَهُ وَ لَیْسَ بِهِ أَثَرٌ غَیْرُ أَثَرِ سَهْمِكَ وَ تَرَی أَنَّهُ لَمْ یَقْتُلْهُ غَیْرُ سَهْمِكَ فَكُلْ تَغَیَّبَ عَنْكَ أَوْ لَمْ یَتَغَیَّبْ عَنْكَ (3).

«44»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ صَیْدِ الْبُزَاةِ وَ الصُّقُورِ وَ الْفُهُودِ وَ الْكِلَابِ فَقَالَ لَا تَأْكُلْ مِنْ صَیْدِ شَیْ ءٍ مِنْهَا إِلَّا الْكِلَابَ (4) قُلْتُ فَإِنَّهُ قَتَلَهُ قَالَ كُلْ فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ (5).

ص: 289


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 215 عن العدة عن أحمد بن محمّد بن خالد عن عثمان بن عیسی عن سماعة. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 38 عن محمّد بن یعقوب.
2- 2. هكذا فی الكتاب و الموجود فی المصادر: خالد بن الحجاج، روی الكلینی فی الفروع 6: 215 الحدیث عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن محمّد بن عیسی عن حجاج عن خالد بن الحجاج و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 37 عن أحمد بن محمّد بن عیسی.
3- 3. السرائر: 464.
4- 4. فی المصدر: لا تأكل من صید شی ء منها الا ما ذكیت الا الكلاب.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ 1: 294 و رواه الكلینی و الشیخ و علیّ بن إبراهیم فی الكافی و التهذیب و التفسیر راجع الوسائل 16: 208.

«45»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: عَنِ الرَّجُلِ سَرَّحَ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ وَ یُسَمِّی إِذَا سَرَّحَهُ قَالَ یَأْكُلُ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَیْهِ وَ إِنْ أَدْرَكَهُ وَ قَتَلَهُ وَ إِنْ وُجِدَ مَعَهُ كَلْبٌ غَیْرُ مُعَلَّمٍ فَلَا یَأْكُلْ مِنْهُ قُلْتُ وَ الصَّقْرُ وَ الْعُقَابُ وَ الْبَازِی قَالَ إِنْ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ مِنْهُ وَ إِنْ لَمْ تُدْرِكْ ذَكَاتَهُ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ قُلْتُ فَالْفَهْدُ لَیْسَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ قَالَ فَقَالَ لَا لَیْسَ شَیْ ءٌ مُكَلَّبٌ إِلَّا الْكَلْبَ (1).

«46»- وَ مِنْهُ، عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَبِی یُفْتِی وَ كُنَّا نُفْتِی وَ نَحْنُ نَخَافُ فِی صَیْدِ الْبَازِی وَ الصُّقُورِ فَأَمَّا الْآنَ فَإِنَّا لَا نَخَافُ وَ لَا یَحِلُّ صَیْدُهُمَا إِلَّا أَنْ یُدْرَكَ ذَكَاتُهُ وَ إِنَّهُ لَفِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ اللَّهَ قَالَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ فَهِیَ الْكِلَابُ (2).

بیان: فهی الكلاب أی الجوارح المذكورة فی الآیة المراد بها الكلاب لقوله مُكَلِّبِینَ و قال المحدث الأسترآبادی رحمه اللّٰه یعنی أن المراد من المكلبین الكلاب.

و فی تفسیر علی بن إبراهیم روایة أخری یؤید ذلك فعلم من ذلك أن قراءة علی بفتح اللام و القراءة الشائعة بین العامة بكسر اللام انتهی.

و أقول لا ضرورة إلی هذا التكلف و تغییر القراءة المشهورة.

«47»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا خَلَا الْكِلَابَ مِمَّا یَصِیدُ الْفُهُودُ وَ الصُّقُورُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ فَلَا تَأْكُلَنَّ مِنْ صَیْدِهِ إِلَّا مَا أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ مُكَلِّبِینَ فَمَا خَلَا الْكِلَابَ فَلَیْسَ صَیْدُهُ بِالَّذِی یُؤْكَلُ إِلَّا أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ (3).

«48»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ فِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ اللَّهُ إِلَّا مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَهِیَ الْكِلَابُ (4).

«49»- وَ مِنْهُ، عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: سُئِلَ عَنِ الصَّیْدِ یَأْخُذُهُ الْكَلْبُ

ص: 290


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 1: 294 و رواه الكلینی و الشیخ راجع الوسائل 16: 207.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 294 و رواه الكلینی و الشیخ راجع الوسائل 16: 220.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ 1: 295.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 1: 295.

فَیَتْرُكُهُ الرَّجُلُ حَتَّی یَمُوتَ قَالَ نَعَمْ كُلْ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ (1).

بیان: هذا مختصر من صحیحة جمیل المتقدمة فی الحكم التاسع و قد مر الكلام فیه.

«50»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی حَنْظَلَةَ(2) عَنْهُ علیه السلام: فِی الصَّیْدِ یَأْخُذُهُ الْكَلْبُ فَیُدْرِكُهُ الرَّجُلُ فَیَأْخُذُهُ ثُمَّ یَمُوتُ فِی یَدِهِ أَ یَأْكُلُ (3)

قَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ (4).

بیان: كأنه محمول علی عدم استقرار الحیاة علی طریقة القوم أو عدم إمكان الذبح لقصر الزمان أو فقد الآلة علی قول أو قتل الكلب له مع بعد علی قول.

«51»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَیْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا أَمْسَكَ الْكَلْبُ مِمَّا لَمْ یَأْكُلِ الْكَلْبُ مِنْهُ فَإِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَهُ فَلَا تَأْكُلْهُ (5).

«52»- وَ مِنْهُ، عَنْ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْفَهْدُ مِمَّا قَالَ اللَّهُ مُكَلِّبِینَ (6).

«53»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَیْكَ الْكَلْبُ وَ إِنْ بَقِیَ ثُلُثُهُ (7).

«54»- الْهِدَایَةُ،: كُلْ كُلَّ مَا صَادَ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ وَ إِنْ قَتَلَهُ وَ أَكَلَ مِنْهُ وَ لَمْ یُبْقِ مِنْهُ إِلَّا بَضْعَةً وَاحِدَةً وَ لَا تَأْكُلْ مَا صِیدَ بِبَازٍ أَوْ صَقْرٍ أَوْ فَهْدٍ أَوْ عُقَابٍ إِلَّا مَا أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ وَ مَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ وَ لَمْ یُسَمِّ تَعَمُّداً فَأَصَابَ صَیْداً لَمْ یَحِلَّ أَكْلُهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ لا

ص: 291


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 1: 295.
2- 2. فی المصدر: عن ابن حنظلة.
3- 3. فی المصدر: أ یاكل منه.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 1: 295.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ 1: 295.
6- 6. تفسیر العیّاشیّ 1: 295.
7- 7. تفسیر العیّاشیّ 1: 295 فیه: ما امسك علیه الكلاب.

تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ (1) وَ إِنْ نَسِیَ فَلْیُسَمِّ حِینَ یَأْكُلُ وَ كَذَلِكَ فِی الذَّبِیحَةِ وَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُمُرِ الْوَحْشِیَّةِ وَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا صِیدَ بِاللَّیْلِ وَ لَا یَجُوزُ صَیْدُ الْحَمَامِ بِالْأَمْصَارِ وَ لَا یَجُوزُ أَخْذُ الْفِرَاخِ مِنْ أَوْكَارِهَا فِی جَبَلٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ أَجَمَةٍ حَتَّی یَنْهَضَ (2).

بیان: فلیسم حین یأكل محمول علی الاستحباب و لا بأس بأكل أی لیس الفعل بحرام أو المعنی أن كراهة الفعل لا یسری إلی الأكل و لا یجوز ظاهره الحرمة و لم أر قائلا بها غیره و كذا ذكره فی المقنع أیضا و حمله علی الاصطیاد بالكلب و السهم و أمثاله بعیدة نعم یمكن حمل عدم الجواز فی كلامه علی الكراهة الشدیدة قال فی المختلف یكره أخذ الفراخ من أعشاشهن.

و قال الصدوق و أبوه لا یجوز أخذ الفراخ من أوكارها فی جبل أو بئر أو أجمة حتی ینهض فإن قصد التحریم صارت المسألة خلافیة لنا الأصل عدم التحریم.

«55»- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی رَجُلٍ صَادَ حَمَاماً أَهْلِیّاً قَالَ إِذَا مَلَكَ جَنَاحَهُ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ (3).

«56»- وَ مِنْهُ، نَقْلًا مِنْ جَامِعِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الطَّیْرُ یَقَعُ فِی الدَّارِ فَنَصِیدُهُ وَ حَوْلَنَا حَمَامٌ لِبَعْضِهِمْ فَقَالَ إِذَا مَلَكَ جَنَاحَهُ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ قَالَ قُلْتُ یَقَعُ عَلَیْنَا فَنَأْخُذُهُ وَ قَدْ نَعْلَمُ لِمَنْ هُوَ قَالَ إِذَا عَرَفْتَهُ فَرُدَّهُ عَلَی صَاحِبِهِ (4).

بیان: قال فی الروضة لا یملك الصید المقصوص أو ما علیه أثر الملك لدلالة القص و الأثر علی مالك سابق و الأصل بقاؤه و یشكل بأن مطلق الأثر إنما یدل علی المؤثر أما المالك فلا لجواز وقوعه من غیر مالك أو ممن لا یصلح للتملك أو ممن لا یحترم

ص: 292


1- 1. زاد فی المصدر بعد ذلك و انه لفسق یعنی حرام.
2- 2. الهدایة: 17.
3- 3. السرائر: 468.
4- 4. السرائر: 469 فیه: و قد نعرف لمن هو.

ماله فكیف یحكم بمجرد الأثر بمالك محترم مع أنه أعم و العام لا یدل علی الخاص و علی المشهور یكون مع الأثر لقطة و مع عدم الأثر فهو لصائده و إن كان أهلیها كالحمام للأصل إلا أن یعرف مالكه فیدفعه إلیه.

«57»- الْمُخْتَلَفُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ عَمَّارٍ السَّابَاطِیِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: خُرْءُ الْخُطَّافِ لَا بَأْسَ بِهِ وَ هُوَ مِمَّا یَحِلُّ أَكْلُهُ وَ لَكِنْ كُرِهَ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ اسْتَجَارَ بِكَ وَ أَوَی فِی مَنْزِلِكَ كُلُّ طَیْرٍ یَسْتَجِیرُ بِكَ فَأَجِرْهُ (1).

بیان: یدل علی كراهة صید كل ما عشش فی دار الإنسان أو هرب من سبع و غیره و أوی إلیه.

ص: 293


1- 1. المختلف 2: 127.
باب 8 التذكیة و أنواعها و أحكامها

الآیات:

البقرة: إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً إلی قوله فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ

المائدة: حُرِّمَتْ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِیرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّیَةُ وَ النَّطِیحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ الأنعام فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآیاتِهِ مُؤْمِنِینَ وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَیْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَیْهِ و قال تعالی وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ وَ إِنَّ الشَّیاطِینَ لَیُوحُونَ إِلی أَوْلِیائِهِمْ لِیُجادِلُوكُمْ وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ و قال تعالی وَ أَنْعامٌ لا یَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا افْتِراءً عَلَیْهِ سَیَجْزِیهِمْ بِما كانُوا یَفْتَرُونَ و قال تعالی أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ

الحج: لِیَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلی ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعامِ و قال تعالی وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِیها خَیْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها

الكوثر: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ

تفسیر:

أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ظاهره أن البقرة مذبوحة لا منحورة قال الطبرسی رحمه اللّٰه الذبح فری الأوداج و ذلك فی البقر و الغنم و النحر فی الإبل و لا یجوز فیها عندنا غیر ذلك و فیه خلاف بین الفقهاء

وَ قِیلَ لِلصَّادِقِ علیه السلام: إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ یَذْبَحُونَ

ص: 294

الْبَقَرَةَ فِی اللَّبَّةِ فَمَا تَرَی فِی أَكْلِ لَحْمِهَا فَسَكَتَ هُنَیْئَةً ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ لَا تَأْكُلْ إِلَّا من [مَا] ذُبِحَ مِنْ مَذْبَحِهِ (1).

أقول: و قد مضی تفسیر آیة المائدة و تدل علی وجوب التذكیة و حرمة ما ذكی بغیر اسم اللّٰه من الأصنام و غیرها و سیأتی فی الأخبار تفسیرها.

فَكُلُوا قال الطبرسی رحمه اللّٰه إن المشركین لما قالوا للمسلمین أ تأكلون ما قتلتم أنتم و لا تأكلون ما قتل ربكم فكأنه سبحانه قال لهم أعرضوا عن جهلكم فكلوا و المراد به الإباحة و إن كانت الصیغة صیغة الأمر مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ یعنی ذكر اللّٰه (2) عند ذبحه دون المیتة و ما ذكر علیه اسم الأصنام و الذكر هو قول بسم اللّٰه و قیل هو كل اسم یختص اللّٰه سبحانه به أو صفة تختصه كقول باسم الرحمن أو باسم القدیم أو باسم القادر لنفسه أو العالم لنفسه و ما یجری مجراه و الأول مجمع علی جوازه و الظاهر یقتضی جواز غیره لقوله سبحانه قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی (3) إِنْ كُنْتُمْ بِآیاتِهِ مُؤْمِنِینَ یعنی إن كنتم مؤمنین بأن عرفتم اللّٰه و رسوله و صحة ما أتاكم به من عند اللّٰه فكلوا ما أحل دون ما حرم و فی هذه الآیة دلالة علی وجوب التسمیة علی الذبیحة و علی أن ذبائح الكفار لا یجوز أكلها لأنهم لا یسمون اللّٰه علیها و من سمی منهم لا یعتقد وجوب ذلك و لأنه یعتقد أن الذی یسمیه هو الذی أبد شرع موسی أو عیسی فإذن لا یذكرون اللّٰه حقیقة وَ ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ تقدیره أی شی ء لكم فی أن لا تأكلوا فیكون ما للاستفهام و هو اختیار الزجاج و غیره من البصریین و معناه ما الذی یمنعكم أن تأكلوا مما ذكر اسم اللّٰه عند ذبحه و قیل معناه لیس لكم أن لا تأكلوا فیكون ما للنفی وَ قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ أی بین لكم ما حَرَّمَ عَلَیْكُمْ قیل هو ما ذكر فی سورة المائدة من قوله حُرِّمَتْ

ص: 295


1- 1. مجمع البیان 1: 132.
2- 2. یعنی ذكر اسم اللّٰه.
3- 3. الإسراء: 110.

عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ الآیة و اعترض علیه بأنها نزلت بعد الأنعام بمدة إلا أن یحمل (1) علی أنه بین علی لسان الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و بعد ذلك نزل به القرآن و قیل إنه ما فصل فی هذه السورة فی قوله قُلْ لا أَجِدُ فِی ما أُوحِیَ إِلَیَّ مُحَرَّماً الآیة و قرأ أهل الكوفة غیر حفص فَصَّلَ لَكُمْ بالفتح ما حرم بالضم و قرأ أهل المدینة و حفص و یعقوب و سهل فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ كلیهما بالفتح و قرأ الباقون فصل لكم ما حرم بالضم فیهما وَ لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ یعنی عند الذبح من الذبائح و هذا تصریح فی وجوب التسمیة علی الذبیحة لأنه لو لم یكن كذلك لكان ترك التسمیة غیر محرم لها وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ یعنی و إن أكل ما لم یذكر اسم اللّٰه علیه لفسق وَ إِنَّ الشَّیاطِینَ یعنی علماء الكافرین و رؤساءهم المتمردین فی كفرهم لَیُوحُونَ أی یؤمون و یشیرون إِلی أَوْلِیائِهِمْ الذین اتبعوهم من الكفار لِیُجادِلُوكُمْ فی استحلال المیتة قال الحسن كان مشركو العرب یجادلون المسلمین فیقولون لهم كیف تأكلون ما تقتلونه

أنتم و لا تأكلون مما یقتله اللّٰه و قتیل اللّٰه أولی بأكل من قتلكم فهذه مجادلتهم و قال عكرمة إن قوما من مجوس فارس كتبوا إلی مشركی قریش و كانوا أولیاءهم فی الجاهلیة أن محمدا و أصحابه یزعمون أنهم یتبعون أمر اللّٰه ثم یزعمون أن ما ذبحوه حلال و ما قتله اللّٰه حرام فوقع ذلك فی نفوسهم فذلك إیحاؤهم إلیهم و قال ابن عباس معناه أن الشیاطین من الجن و هم إبلیس و جنوده لیوحون إلی أولیائهم من الإنس و الوحی إلقاء المعنی إلی النفس من وجه خفی و هم یلقون الوسوسة إلی قلوب أهل الشرك ثم قال سبحانه وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أیها المؤمنون فیما یقولونه من استحلال المیتة و غیره إِنَّكُمْ إذا لَمُشْرِكُونَ لأن من استحل المیتة فهو كافر بالإجماع و من أكلها محرما لها مختارا فهو فاسق و هو قول الحسن و جماعة المفسرین و قال عطا إنه مختص بذبائح العرب التی كانت تذبحها للأوثان (2).

لا یَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا قال البیضاوی أی فی الذبح و إنما یذكرون أسماء

ص: 296


1- 1. فی المصدر: فلا یصحّ أن یقال: إنّه فصل الا أن یحمل.
2- 2. مجمع البیان 4: 356- 358.

الأصنام علیها و قیل لا یحجون علی ظهورها افْتِراءً عَلَیْهِ نصب علی المصدر لأن ما قالوه تقول علی اللّٰه و الجار متعلق بقالوا أو بمحذوف فهو صفة له (1) أو علی الحال أو المفعول له و الجار متعلق به أو بالمحذوف سَیَجْزِیهِمْ بِما كانُوا یَفْتَرُونَ بسببه أو بدله (2) أَوْ فِسْقاً قد مر تفسیره و یدل علی تحریم ما ذكر اسم غیر اللّٰه عند ذبحه لِیَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ یدل علی أن النسك إنما یصح و یتقبل إذا ذكر علیه عند ذبحه اسم اللّٰه دون غیره و إنما خص بالأنعام إیماء إلی أن الهدی لا یكون إلا منها و یدل علی أن الهدی و الأضحیة و ذكر اسم اللّٰه علی الذبیحة كان فی جمیع الشرائع حیث قال وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِیَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ إلخ.

فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْها قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی فی حال نحرها و عبر به عن النحر و قال ابن عباس هو أن یقول اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر اللّٰهم منك و لك صَوافَ أی قیاما مقیدة علی سنة محمد صلی اللّٰه علیه و آله عن ابن عباس و قیل هو أن تعقل إحدی یدیها و تقوم علی ثلاث (3) تنحر كذلك و تسوی بین أوظفتها(4) لئلا یتقدم بعضها علی بعض عن مجاهد و قیل هو أن تنحر و هی صافة أی قائمة قد ربطت یداها بین الرسغ (5) و الخف إلی الركبة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام هذا فی الإبل فأما البقر فإنه تشد یداها و رجلاها و یطلق ذنبها و الغنم تشد ثلاث قوائم منها و یطلق فرد رجل منها فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها أی سقطت إلی الأرض و عبر بذلك عن تمام خروج الروح منها فَكُلُوا مِنْها و هذا إذن و لیس بأمر لأن أهل الجاهلیة كانوا یحرمونها علی نفوسهم و قیل إن الأكل منها واجب إذا تطوع بها انتهی (6)

ص: 297


1- 1. فی المصدر: او بمحذوف هو صفة له.
2- 2. أنوار التنزیل 1: 405.
3- 3. فی المصدر: علی ثلاثة.
4- 4. الاوظفة جمع الوظیف: مستدق الذراع او الساق من الخیل و الإبل و غیرها.
5- 5. الرسغ: الموضع المستدق بین الحافر و موصل الوظیف من الید و الرجل. المفصل ما بین الساعد و الكف او الساق و القدم و مثل ذلك من الدابّة.
6- 6. مجمع البیان 7: 86.

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ فی الجمع أی فصل صلاة العید و انحر هدیك و قیل صل صلاة الغداة بجمع (1)

و انحر البدن بمنی و الجمع هو المشعر

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: إِنَّ أُنَاساً كَانُوا یُصَلُّونَ لِغَیْرِ اللَّهِ وَ یَنْحَرُونَ لِغَیْرِ اللَّهِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ وَ نَحْرُهُ لِلْبُدْنِ تَقَرُّباً إِلَی اللَّهِ وَ خَالِصاً لَهُ.

انتهی (2).

و أقول یدل هذه التفاسیر علی كون النحر مشروعا فی البدن بل عدم جواز غیره فیها.

و لنرجع إلی تفاصیل الأحكام المستنبطة من تلك الآیات الأول تدل بعمومها علی حل كل ما ذكر اسم اللّٰه علیها إلا ما أخرجه الدلیل و قد مر الكلام فیه.

الثانی استدل بها علی وجوب التسمیة عند الذبح بل عند الاصطیاد أیضا مطلقا إلا ما أخرجه الدلیل من السمك و الجراد و لعل مرادهم بالوجوب الوجوب الشرطی بمعنی اشتراطها فی حل الذبیحة و لذا عبر الأكثر بالاشتراط و أما الوجوب بالمعنی المصطلح فیشكل إثباته إلا بأن یتمسك بأن ترك التسمیة إسراف و إتلاف للمال بغیر الجهة الشرعیة و أما الاشتراط فلا خلاف فیه من بین الأصحاب فلو أخل بها عمدا لم یحل قطعا و ظاهر الآیة عدم الحل مع تركها نسیانا أیضا لكن الأصحاب خصوها بالعمد للأخبار الكثیرة الدالة علی الحل مع النسیان و فی بعضها إن كان ناسیا فلیسم حین یذكر و یقول بسم اللّٰه علی أوله و آخره و حمل علی الاستحباب إذ لا قائل ظاهرا بالوجوب و فی الجاهل وجهان و ظاهر الأصحاب التحریم و لعله أقرب لعموم الآیة و الأقوی الاكتفاء بها و إن لم یعتقد وجوبها لعموم الآیة خلافا للعلامة رحمه اللّٰه فی المختلف قال فی الدروس لو تركها عمدا فهو میتة إذا كان معتقدا لوجوبها و فی غیر المعتقد نظر و ظاهر الأصحاب التحریم و لكنه یشكل بحكمهم بحل ذبیحة المخالف علی الإطلاق

ص: 298


1- 1. فی المصدر: صلاة الغداة المفروضة بجمع.
2- 2. مجمع البیان 10: 549 و 550.

ما لم یكن ناصبیا و لا ریب أن بعضهم لا یعتقد وجوبها و یحلل الذبیحة و إن تركها عمدا انتهی.

و قال فی الروضة یمكن دفعه بأن حكمهم بحل ذبیحته من حیث هو مخالف و ذلك لا ینافی تحریمها من حیث الإخلال بشرط آخر نعم یمكن أن یقال بحلها منه عند اشتباه الحال عملا بأصالة الصحة و إطلاق الأدلة و ترجیحا للظاهر من حیث رجحانها

عند من لا یوجبها و عدم اشتراط اعتقاده الوجوب بل المعتبر فعلها و إنما یحكم بالتحریم مع العلم بعدم تسمیته و هذا حسن و مثله القول فی الاستقبال.

الثالث تدل الآیة علی الاكتفاء بمطلق ذكر اسمه تعالی عند الذبح أو النحر أو إرسال الكلب أو السهم و نحوه فیكفی التكبیر أو التسبیح أو التحمید أو التهلیل و أشباهها كما صرح به الأكثر و لو اقتصر علی لفظة اللّٰه ففی الاكتفاء به قولان من صدق ذكر اسم اللّٰه علیه و من دعوی أن العرف یقتضی كون المراد ذكر اللّٰه بصفة كمال و ثناء و كذا الخلاف لو قال اللّٰهم ارحمنی و اغفر لی و قالوا لو قال بسم اللّٰه و محمد بالجر لم یجز لأنه شرك و كذا لو قال و محمد رسول اللّٰه و لو رفع فیهما لم یضر لصدق التسمیة بالأولی تامة و عطف الشهادة للرسول صلی اللّٰه علیه و آله زیادة خیر غیر منافیة بخلاف ما لو قصد التشریك و لو قال اللّٰهم صل علی محمد و آله فالأقوی الإجزاء و هل یشترط التسمیة بالعربیة یحتمله لظاهر قوله اسم اللّٰه و عدمه لأن المراد من اللّٰه هنا الذات المقدسة فیجزی ذكر غیره من أسمائه و هو متحقق بأی لغة اتفقت و علی ذلك یتحرج ما لو قال بسم الرحمن و غیره من أسمائه المختصة أو الغالبة غیر لفظ اللّٰه. الرابع ذكر الأصحاب أنه یستحب فی ذبح الغنم أن یربط یداه و رجل واحد و یطلق الأخری و یمسك صوفه أو شعره حتی یبرد و فی البقر أن یعقل یداه و رجلاه و یطلق ذنبه و فی الإبل أن تربط خفا یدیه معا إلی إبطیه و تطلق رجلاه و تنحر قائمة أو تعقل یده الیسری من الخف إلی الركبة و یوقفها علی الیمنی و یمكن أن یفهم من الآیة الكریمة استحباب كون البدن قائمة عند النحر لقوله تعالی صَوافَ قال البیضاوی قائمات قد صففن أیدیهن و أرجلهن و قرئ صوافن من

ص: 299

صفن الفرس إذا أقام علی ثلاث و طرف سنبك الرابعة لأن البدنة تعقل إحدی یدیها فتقوم علی ثلاث (1).

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قرأ ابن مسعود و ابن عباس و ابن عمر و أبو جعفر الباقر علیه السلام و قتادة و عطا و الضحاك صوافن بالنون و قرأ الحسن و شقیق و أبو موسی الأشعری و سلیمان التیمی صوافی و قال فأما صوافن فمثل الصَّافِناتُ و هی الجیاد من الخیل إلا أنه استعمل هاهنا فی الإبل و الصافن الرافع إحدی رجلیه متعمدا علی سنبكها و الصوافی الخوالص لوجه اللّٰه انتهی (2).

و أقول فعلی هذا القراءة المرویة عن الباقر علیه السلام و غیره یدل علی استحباب قیامها و عقل إحدی یدیها بل علی نحرها علی القراءتین و أن ذبحها قائمة غیر جائز جدا(3)

و أما الأخبار الواردة فی ذلك فَقَدْ رُوِیَ بِسَنَدٍ فِیهِ جَهَالَةٌ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الذَّبْحِ فَقَالَ إِذَا ذَبَحْتَ فَأَرْسِلْ وَ لَا تَكْتِفْ وَ لَا تَقْلِبِ السِّكِّینَ لِتُدْخِلَهَا مِنْ تَحْتِ الْحُلْقُومِ وَ تَقْطَعَهُ إِلَی فَوْقُ وَ الْإِرْسَالُ لِلطَّیْرِ خَاصَّةً فَإِنْ تَرَدَّی فِی جُبٍّ أَوْ وَهْدَةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلَا تَأْكُلْهُ وَ لَا تُطْعِمْهُ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِی التَّرَدِّی قَتَلَهُ أَوِ الذَّبْحُ وَ إِنْ كَانَ شَیْ ءٌ مِنَ الْغَنَمِ فَأَمْسِكْ صُوفَهُ أَوْ شَعْرَهُ وَ لَا تُمْسِكْ (4)

یَداً وَ لَا رِجْلًا وَ أَمَّا الْبَقَرَةُ فَاعْقِلْهَا وَ أَطْلِقِ الذَّنَبَ وَ أَمَّا الْبَعِیرُ فَشُدَّ أَخْفَافَهُ إِلَی آبَاطِهِ وَ أَطْلِقْ رِجْلَیْهِ وَ إِنْ أَفْلَتَكَ شَیْ ءٌ مِنَ الطَّیْرِ وَ أَنْتَ تُرِیدُ ذَبْحَهُ أَوْ نَدَّ(5) عَلَیْكَ فَارْمِ (6) بِسَهْمِكَ فَإِذَا هُوَ سَقَطَ فَذَكِّهِ بِمَنْزِلَةِ الصَّیْدِ(7).

ص: 300


1- 1. أنوار التنزیل 2: 103 و 104.
2- 2. مجمع البیان 7: 85.
3- 3. هكذا فی المطبوع، و فی النسخة المخطوطة: فان ذبحها قائمة عسر جدا.
4- 4. فی المصدر: و لا تمسكن.
5- 5. ند البعیر: نفر و ذهب شاردا.
6- 6. فی المصدر: فارمه.
7- 7. رواه الكلینی فی الفروع 6: 229 عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن أبی هاشم الجعفری عن أبیه عن حمران بن أعین و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 55.

و قال فی المسالك المراد بشد أخفافه إلی آباطه أن یجمع یدیه و یربطهما فیها بین الخف و الركبة و بهذا صرح فی روایة أبی الصباح و فی روایة أبی خدیجة أنه یعقل یدها الیسری خاصة و لیس المراد فی الأول أنه یعقل خفی یدیه معا إلی إباطه لأنه لا یستطیع القیام حینئذ و المستحب فی الإبل أن تكون قائمة و المراد فی الغنم بقوله و لا تمسك یدا و لا رجلا أنه یربط یدیه و إحدی رجلیه من غیر أن یمسكها بیده انتهی.

و أقول لم أر فی الأخبار شد رجلی الغنم و إحدی یدیه لكن ذكره الأصحاب فإن كان له مستند كما هو الظاهر یمكن حمل هذا الخبر علی عدم إمساك الید و الرجل بعد الذبح و إنما یمسك صوفه أو شعره لئلا یتردی فی بئر أو غیرها.

وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ فِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْها صَوافَ قَالَ ذَلِكَ حِینَ تَصُفُّ لِلنَّحْرِ تَرْبِطُ یَدَیْهَا مَا بَیْنَ الْخُفِّ إِلَی الرُّكْبَةِ وَ وُجُوبُ جُنُوبِهَا إِذَا وَقَعَتْ عَلَی الْأَرْضِ (1).

وَ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَیْفَ تُنْحَرُ الْبَدَنَةُ فَقَالَ تُنْحَرُ وَ هِیَ قَائِمَةٌ مِنْ قِبَلِ الْیَمِینِ (2).

وَ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ هُوَ یَنْحَرُ بَدَنَتَهُ مَعْقُولَةً یَدُهَا الْیُسْرَی ثُمَّ یَقُومُ مِنْ جَانِبِ یَدِهَا الْیُمْنَی وَ یَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَ لَكَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ مِنِّی ثُمَّ یَطْعُنُ فِی لَبَّتِهَا ثُمَّ یُخْرِجُ السِّكِّینَ بِیَدِهِ فَإِذَا وَجَبَتْ قَطَعَ مَوْضِعَ الذَّبْحِ بِیَدِهِ (3).

الخامس ظاهر قوله تعالی فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها الاكتفاء فی حلها

ص: 301


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 4: 498 عن أبی علی الأشعریّ عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن یحیی عن عبد اللّٰه بن سنان.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 4: 497 عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن إسماعیل عن محمّد بن الفضیل عن أبی الصباح الكنانیّ.
3- 3. رواه الكلینی فی الفروع 4: 498 عن محمّد بن یحیی عن محمّد بن الحسین عن عبد الرحمن بن أبی هاشم البجلیّ عن أبی خدیجة.

بسقوطها علی الأرض و لا یجب الصبر إلی أن یبرد أو تزول حیاتها بالكلیة و إن أوله الأصحاب بالموت و لم أر من استدل به علی ذلك فإنما ذكروه تأویلا لا یصار إلیه إلا بدلیل.

قال فی المسالك سلخ الذبیحة قبل بردها أو قطع شی ء منها فیه قولان أحدهما التحریم ذهب إلیه الشیخ فی النهایة بل ذهب إلی تحریم الأكل أیضا و تبعه ابن البراج و ابن حمزة استنادا إلی رِوَایَةِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام: الشَّاةُ إِذَا ذُبِحَتْ (1) وَ سُلِخَتْ أَوْ سُلِخَ شَیْ ءٌ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ فَلَیْسَ یَحِلُّ أَكْلُهَا(2).

و الأقوی الكراهة و هو قول الأكثر للأصل و ضعف الروایة بالإرسال فلا یصلح دلیلا علی التحریم بل الكراهة للتسامح فی دلیلها و ذهب الشهید رحمه اللّٰه إلی تحریم الفعل دون الذبیحة أما الأول فلتعذیب الحیوان المنهی عنه و أما الثانی فلعموم قوله تعالی فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ انتهی.

و قال فی المختلف عد أبو الصلاح فی المحرمات ما قطع من الحیوان قبل الذكاة و بعدها قبل أن یجب جنوبها و یبرد بالموت و جعله میتة و الذی ذكره فی المقطوع قبل الذكاة جید أما المقطوع بعدها فهو فی موضع المنع لنا أنه امتثل الأمر بالتذكیة و قد وجدت احتج بقوله فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها و الجواب أنه مفهوم خرج مخرج الأغلب فلا یكون حجة انتهی.

و أقول قید البرد فی غایة الغرابة فإن نهایة ما یعتبر فیه زوال الحیاة و الحرارة تبقی بعده غالبا بزمان و لذا لم یكتفوا فی وجوب الغسل بالمس بالموت بل اعتبروا البرد بعده و اعتباره فی حكم خاص لا یستلزم اعتباره فی جمیع الأحكام.

السادس قوله تعالی إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ یدل علی أن ما أكل السبع أو الأعم منه

ص: 302


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 230 و فیه: إذا ذبحت الشاة و سلخت.
2- 2. و الحدیث لا یدلّ علی ذلك أیضا فانه اعتبر فیها الموت، و هو یحصل بزوال الحیات دون البرد.

و مما تقدم إذا أدركت تذكیته حل و اختلف الأصحاب فی وقت أدرك الذكاة قال فی المسالك اختلف الأصحاب فیما به تدرك الذكاة من الحركة و خروج الدم بعد الذبح و النحر فاعتبر المفید و ابن الجنید فی حلها الأمرین معا الحركة و خروج الدم و اكتفی الأكثر و منهم الشیخ و ابن إدریس و المحقق و أكثر المتأخرین بأحد الأمرین و منهم من اعتبر الحركة وحدها و منشأ الاختلاف الاكتفاء فی بعض الروایات بالحركة و فی بعضها بخروج الدم انتهی.

و أقول كان الاكتفاء بأحدهما أظهر و إن كانت الحركة أقوی سندا ثم الظاهر من كلام الأصحاب أن المعتبر الحركة بعد التذكیة و فی أكثر الأخبار إجمال و صریح بعضها أن العبرة بها قبل التذكیة و كان الأحوط اعتبار البعد.

و قال المحقق الأردبیلی رحمه اللّٰه الظاهر أن كون الحركة أو الدم أو كلیهما علی الخلاف علامة للحل إنما هو فی المشتبه لأنه إن علم حیاته قبل الذبح فذبح و لم یوجد أحدهما فالظاهر الحل لأنه قد علم حیاته و ذبحه علی الوجه المقرر فأزال روحه به فیحل

فتأمل فإن بعض الأخبار الصحیحة تدل علی اعتبار الدم بعد إبانة الرأس من غیر المشتبه و لعل ذلك أیضا للاشتباه الحاصل بعده بأن الإزالة بقطع الأعضاء الأربعة أو غیره فلا یخرج عن الاشتباه فتأمل انتهی (1).

و أما استقرار الحیاة التی اعتبرها جماعة من الأصحاب و أومأنا إلیه سابقا فالأخبار خالیة عنه.

و قال فی الدروس المشرف علی الموت كالنطیحة و المتردیة و أكیل السبع و ما ذبح من قفاه اعتبر فی حله استقرار الحیاة فلو علم بموته قطعا فی الحال حرم عند الجماعة و لو علم بقاء الحیاة فهو حلال و لو اشتبه اعتبر بالحركة و خروج (2)

الدم قال و ظاهر الأخبار و القدماء أن خروج الدم و الحركة أو أحدهما كاف و لو لم یكن فیه حیاة مستقرة و فی الآیة إیماء إلیه من قوله تعالی حُرِّمَتْ

ص: 303


1- 1. شرح الإرشاد: كتاب الصید و الذباحة.
2- 2. فی المصدر: او خروج الدم.

عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ إلی قوله إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ ثم قال و نقل عن الشیخ یحیی أن استقرار الحیاة لیس من المذهب و نعم ما قال انتهی (1).

و أقول نعم ما قالا رضی اللّٰه عنهما فإن الظاهر أن هذا مأخوذ من المخالفین و لیس فی أخبارنا منه عین و لا أثر و تفصیل القول فی ذلك أن اعتبار استقرار الحیاة مذهب الشیخ و تبعه الفاضلان و فسره بعضهم بأن مثله یعیش الیوم أو الأیام و قیل نصف یوم و هذا مما لم یدل علیه دلیل و لا هو معروف بین القدماء و أما إذ علم أنه میت بالفعل و أن حركته حركة المذبوح كحركة الشاة بعد إخراج حشوها ففی وقوع التذكیة علیه إشكال و إن كان ظاهر الأدلة وقوعها أیضا قال المحقق الأردبیلی بعد إیراد ما فی الدروس و لا یخفی الإجمال و الإغلاق فی هذه المسألة و الذی معلوم أنه إذا صار الحیوان الذی یجری فیه الذبح بحیث علم أو ظن علی الظاهر موته أی أنه میت بالفعل و أن حركته حركة المذبوح مثل حركة الشاة بعد إخراج حشوها و ذبحها و قطع أعضائها و الطیر كذلك فهو میتة لا ینعقد الذبح (2) و إن علم عدمه فهو حی یقبل التذكیة و یصیر بها طاهرا و یجری فیه أحكام المذبوح و الظاهر أنه كذلك و إن علم أنه یموت فی الحال و الساعة لعموم الأدلة التی تقتضی ذبح ذی الحیاة فإنه حی مقتول و مذبوح بالذبح الشرعی و لا یؤثر فی ذلك أنه لو لم یذبح لمات سریعا أو بعد ساعة فما فی الدروس فلو علم موته إلخ محل تأمل فإنه یفهم منه أن المدار علی قلة الزمان و كثرته فتأمل و بالجملة فینبغی أن یكون المدار علی الحیاة و عدمها لا طول زمانها و عدمه لما مر فافهم و أما إذا اشتبه حاله و لم یعلم موته بالفعل و لا حیاته و أن حركته حركة المذبوح أو حركة ذی الحیاة فیمكن الحكم بالحل للاستصحاب و التحریم للقاعدة السالفة(3) ثم أجری رحمه اللّٰه فیه اعتبار الحركة أو الدم كما ذكرنا.

ص: 304


1- 1. الدروس: كتاب التذكیة.
2- 2. فی المصدر: لا ینفعه الذبح.
3- 3. شرح الإرشاد: كتاب الصید و الذبائح.

و أقول ما ذكره قدس سره من حركة المذبوح إن أراد بها حركة التقلص التی تكون فی اللحم المسلوخ و نحوه فلا شبهة فی أنه لا عبرة بها و أنه قد زالت عنه الحیاة فلا تقع تذكیة و إن أراد بها الحركة التی تكون بعد فری الأوداج و شبهه و تسمی فی العرف حركة المذبوح فعدم قبول التذكیة أول الكلام لأنه لا شك أنه لم یفارقه الروح بعد كمن كان فی النزع و بلغت روحه حلقومه فإنه لا یحكم علیه حینئذ بالموت و إن علم أنه لا یعیش ساعة بل عشرها و لذا اختلفوا فیما إذا ذبح الإبل ثم نحره بعد الذبح أو نحر الغنم أو البقر ثم ذبح بعده هل یحل أم لا فذهب الشیخ فی النهایة و جماعة إلی الحل لتحقق التذكیة مع بقاء الحیاة عندها فهو داخل تحت قوله تعالی إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ و سائر العمومات و من اعتبر استقرار الحیاة حكم بالحرمة و الظاهر أن مراده الثانی حیث قال رحمه اللّٰه فی ذیل هذه المسألة بعد ما نقل وجوه الحل فتأمل لأن الحكم بالحل و الدم بعد قطع الأعضاء المهلك مشكل فإنه بعد ذلك فی حكم المیت و الاعتبار بتلك الحركة و الدم مشكل فإن مثلهما لا یدل علی الحیاة الموجبة للحل فلا ینبغی جعلها دلیلا و التحقیق ما أشرنا إلیه انتهی (1). السابع المشهور بین الأصحاب أنه یعتبر فی الذبح قطع أربعة أعضاء من الحلق الحلقوم و هو مجری النفس دخولا و خروجا و المری ء كأمیر بالهمز و هو مجری الطعام و الشراب و الودجان و هما عرقان فی صفحتی العنق یحیطان بالحلقوم و اقتصر ابن الجنید علی قطع الحلقوم لِصَحِیحَةِ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ لَمْ یَكُنْ بِحَضْرَتِهِ سِكِّینٌ أَ فَیَذْبَحُ بِقَصَبَةٍ فَقَالَ اذْبَحْ بِالْحَجَرِ وَ الْعَظْمِ وَ الْقَصَبَةِ وَ الْعُودِ إِذَا لَمْ تُصِبِ الْحَدِیدَ إِذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَ خَرَجَ الدَّمُ فَلَا بَأْسَ (2).

و

ص: 305


1- 1. شرح الإرشاد: كتاب الصید و الذباحة.
2- 2. رواه الكلینی فی الفروع 6: 228 عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن زید الشحام. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 51 و فی الاستبصار 4: 80 عن الحسن بن محبوب عن زید الشحام.

استدل للمشهور

بِصَحِیحَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَنِ الْمَرْوَةِ وَ الْقَصَبَةِ وَ الْعُودِ أَ یُذْبَحُ بِهِنَّ إِذَا لَمْ یَجِدُوا سِكِّیناً قَالَ إِذَا فَرَی الْأَوْدَاجَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ (1).

و یمكن الاعتراض علیه بوجوه الأول أن الأوداج و إن كان جمعا فلو سلم كونه حقیقة فی الثلاث فما فوقها فإطلاقه علی الاثنین أیضا مجاز شائع حتی قیل إنه حقیقة فیه و لو لم یكن هذا أولی من تغلیب الودج علی الحلقوم و المری ء فلیس أدنی منه إذ لا شك أن إطلاق الودج علیهما مجاز.

قال فی القاموس الودج محركة عرق فی العنق كالوداج بالكسر و فی الصحاح الودج و الوداج عرق فی العنق و هما ودجان.

و فی المصباح الودج بفتح الدال و الكسر لغة عرق الأخدع الذی یقطعه الذابح فلا تبقی معه حیاة و یقال فی الجسد عرق واحد حیث ما قطع مات صاحبه و له فی كل عضو اسم فهو فی العنق الودج و الورید أیضا و فی الظهر النیاط و هو عرق ممتد فیه و الأبهر و هو عرق مستبطن الصلب و القلب متصل به و الوتین فی البطن و النساء فی الفخذ و الأیجل فی الرجل و الأكحل فی الید و الصافن فی الساق.

و قال فی المجرد أیضا الورید عرق كبیر یدور فی البدن و ذكر معنی ما تقدم لكنه خالف فی بعضه ثم قال و الودجان عرقان غلیظان یكتنفان بثغرة النحر و الجمع أوداج و فی النهایة فی حدیث الشهداء و أوداجهم تشخب دما هی ما أحاط بالعنق من العروق التی یقطعها الذابح واحدها ودج بالتحریك و قیل الودجان

ص: 306


1- 1. رواه الكلینی فی الفروع 6: 228 عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن عبد الرحمن بن الحجاج و عن ابی علی الأشعریّ عن محمّد بن عبد الجبار عن صفوان بن یحیی عن عبد الرحمن بن الحجاج مثله. و رواه الشیخ فی التهذیب 9: 52 و الاستبصار 4: 80 عن محمّد بن یعقوب و رواه الصدوق فی من لا یحضره الفقیه 3: 208 بإسناده عن صفوان بن یحیی عن عبد الرحمن بن الحجاج.

عرقان غلیظان من جانبی ثغرة النحر و منه الحدیث كل ما أفری الأوداج انتهی (1).

فیمكن الجمع بین الصحیحتین بالتخییر إن لم تاب عن إحداث قول لم یظهر به قائل و بالجمع إن أبینا لأنه یظهر من العلامة فی المختلف المیل إلیه.

الثانی أن دلالة الخبر الثانی علی عدم الاجتزاء بقطع الحلقوم بالمفهوم و دلالة الأول علی الاجتزاء بالمنطوق و هو مقدم علی المفهوم.

الثالث أن مفهوم الخبر الثانی تحقق بأس عند عدم فری الأوداج و البأس أعم من الحرمة فیمكن حمله علی الكراهة.

الرابع أن فری الأوداج لا یقتضی قطعها رأسا الذی هو المعتبر علی القول المشهور لأن الفری الشق و إن لم ینقطع قال الهروی فی حدیث ابن عباس كل ما أفری الأوداج أی شققها و أخرج ما فیها من الدم (2).

قال فی المسالك بعد ذكر هذا الوجه و الوجه الثانی فقد ظهر أن اعتبار قطع الأربعة لا دلیل علیها إلا الشهرة و لو عمل بالروایتین لاكتفی (3) بقطع الحلقوم وحده أو فری الأوداج بحیث یخرج منها الدم و لم یستوعبها(4) إلا أنه لا قائل بهذا الثانی من الأصحاب نعم هو مذهب بعض العامة.

و فی المختلف قال بعد نقل الخبرین هذا أصح ما وصل إلینا فی هذا الباب و لا دلالة فیه علی قطع ما زاد علی الحلقوم و الأوداج (5).

ص: 307


1- 1. النهایة 4: 213.
2- 2. النهایة 3: 216 فیه خلاف ما ذكره المصنّف قال: الفری: القطع یقال: فریت الشی ء افریه فریا: إذا شققته و قطعته للاصلاح. ثم قال: و منه: حدیث ابن عبّاس: كل ما افری الاوداج ای ما شقها و قطعها حتّی یخرج ما فیها من الدم.
3- 3. فی المصدر: و لو عمل بالروایتین و اعتبر الحل لاكتفی.
4- 4. فی المصدر: و ان لم یستوعبها.
5- 5. المختلف 3: 138.

و أراد بذلك أن قطع المری ء لا دلیل علیه إذ لو أراد بالأوداج ما یشمله لم یفتقر إلی إثبات أمر آخر لأن ذلك غایة ما قیل و فیه میل إلی قول آخر و هو اعتبار قطع الحلقوم و الودجین لكن قد عرفت أن الروایة لا تدل علی اعتبار قطعها رأسا و أن الأوداج بصیغة الجمع تطلق علی أربعة فتخصیصها بالودجین و الحلقوم لیس بجید و كیف قرر فالوقوف مع القول المشهور هو الأحوط انتهی.

و أقول إطلاق الأوداج (1) علی الأربعة إطلاق مجازی من الفقهاء و لا حجر فی المجاز فیمكن إطلاقها علی الثلاثة أیضا بل هو أقرب إلی الحقیقة.

ثم إن هذا القول و قول ابن الجنید و القول بالتخییر الذی ذكرنا سابقا كل ذلك أوفق لعموم الآیات من المشهور فإن قوله تعالی فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ یشملها و أیضا قوله إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ یشملها و أیضا لأن التذكیة لیس إلا الذبح أو النحر و لم یثبت كونها حقیقة شرعیة فی المعنی الذی ذكره القوم.

قال الراغب فی المفردات حقیقة التذكیة إخراج الحرارة الغریزیة لكن خص فی الشرع بإبطال الحیاة علی وجه دون وجه و یدل علی هذا الاشتقاق قولهم فی المیت خامد و هامد و فی النار الهامدة میتة(2) و قال الذبح شق حلق الحیوانات (3).

و فی الصحاح التذكیة الذبح و قال الذبح الشق و الذبح مصدر ذبحت الشاة انتهی و الظاهر أن التذكیة و الذبح لغة و عرفا یتحققان بفری الحلقوم أو الودجین.

الثامن أن إطلاق الآیات تدل علی تحقق التذكیة بكل آلة یتحقق بها الذبح إلا أن یقال المطلق ینصرف إلی الفرد الشائع الغالب و هو التذكیة بالحدید

ص: 308


1- 1. فی المخطوطة: اطلاق الجمع.
2- 2. المفردات: 180.
3- 3. المفردات: 177.

لكن الأصحاب اتفقوا علی أنه لا تتحقق التذكیة إلا بالحدید مع الاختیار و لا یجزی غیره و إن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس و الرصاص و الفضة و الذهب و غیرها.

و أما مع الاضطرار فجوزوا بكل ما فری الأعضاء من المحددات و لو من خشب أو قصب أو حجر عد السن و الظفر و ادعوا الإجماع علیه و دلت الأخبار الكثیرة علی عدم جواز التذكیة بغیر الحدید فی حال الاختیار و جواز التذكیة بما سوی السن و الظفر فی حال الاضطرار و أما السن و الظفر ففی جواز التذكیة بهما عند الضرورة قولان أحدهما العدم ذهب إلیه الشیخ فی المبسوط و الخلاف و ادعی فیه إجماعنا و استدل علیه

بِرِوَایَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِیجٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ (1) وَ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَكُلُوا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِنٍّ أَوْ ظُفُرٍ وَ سَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ مِنَ الْإِنْسَانِ وَ أَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَی الْحَبَشَةِ.

و الثانی الجواز ذهب إلیه ابن إدریس و أكثر المتأخرین للأصل و عدم ثبوت المانع فإن خبره عامی و التصریح بجوازه بالعظم فی صحیحة الشحام السابقة و دلالة التعلیل الوارد فی هذا الخبر علی عدم الجواز بالعظم فیتعارض الخبران فیقدم الصحیح منهما أو یحمل الآخر علی الكراهة كذا قال فی المسالك.

و قال و ربما فرق بین المتصلین و المنفصلین من حیث إن المنفصلین كغیرهما من الآلات بخلاف المتصلین فإن القطع بهما یخرج عن مسمی الذبح بل هو أشبه بالأكل و التقطیع و المقتضی للذكاة هو الذبح و یحمل النهی فی الخبر علی المتصلین جمعا و الشهید فی الشرح استقرب المنع من التذكیة بالسن و الظفر مطلقا للحدیث المتقدم و جوزها بالعظم و غیرهما لما فیه من الجمع بین الخبرین لكن یبقی فیه منافاة التعلیل لذلك.

ص: 309


1- 1. انهر الدم: اظهره و أساله.

و قال فی الروضة و علی تقدیر الجواز هل یساویان غیرهما مما یفری غیر الحدید أو یترتبان علی غیرهما مطلقا مقتضی استدلال المجوز بالحدیثین الأول.

و فی الدروس استقرب الجواز مطلقا مع عدم غیرهما و هو الظاهر من تعلیقه الجواز بهما هنا علی الضرورة إذ لا ضرورة مع وجود غیرهما و هذا هو الأولی انتهی.

و أقول الفرق بین المتصلین و المنفصلین كأنه مأخوذ من العامة و لم أره فی كلام القوم و إن كان له وجه.

«1»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ علیه السلام قَالَ: أَیُّمَا إِنْسِیَّةٍ تَرَدَّتْ فِی بِئْرٍ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَی مَنْحَرِهَا فَلْیَنْحَرْهَا مِنْ حَیْثُ یَقْدِرُ عَلَیْهَا وَ یُسَمِّی اللَّهَ عَلَیْهَا وَ تُؤْكَلُ قَالَ وَ سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَمَّا تَرَدَّی عَلَی مَنْحَرِهِ فَیُقْطَعُ وَ یُسَمَّی عَلَیْهِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَ أَمَرَ بِأَكْلِهِ (1).

بیان: أیما إنسیة أی بدنة إنسیة أو دابة فالمراد بالنحر أعم من الذبح تغلیبا علی منحره فی بعض النسخ بالخاء المعجمة و فی بعضها بالمهملة و لكل وجه یرجعان إلی معنی واحد و لا خلاف فی أن كل ما یتعذر ذبحه أو نحره من الحیوان إما لاستعصائه أو لحصوله فی موضع لا یتمكن المذكی من الوصول إلی موضع الذكاة منه و خیف فوته جاز أن یعقر بالسیوف أو غیرهما مما یجرح و یحل و إن لم یصادف موضع الذكاة و كما یسقط اعتبار موضع الذبح أو النحر یسقط الاستقبال به مع تعذره و لو أمكن أحدهما وجب و سقط المعتذر.

و قالوا كما یجوز ذلك للخوف من فوته یجوز للاضطرار إلی أكله و قیل و المراد بالضرورة هنا مطلق الحاجة إلیه.

«2»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَقُولُ: لَا بَأْسَ بِذَبِیحَةِ الْمَرْأَةِ(2).

ص: 310


1- 1. قرب الإسناد: 51.
2- 2. قرب الإسناد: 51.

بیان: لا خلاف بین الأصحاب فی حل ذبیحة المرأة و لم أر من حكم بالكراهة أیضا لكن ورد فی بعض الأخبار أنها لا تذبح إلا عند الضرورة و فی بضعها إذا كن نساء لیس معهن رجل فلتذبح أعقلهن و فی بعضها إذا لم یوجد من یذبح غیرها و فی بعضها لا بأس بذبیحة الصبی و الخصی و المرأة إذا اضطروا إلیه (1)

و فیها دلالة علی المرجوحیة و الكراهة فی الجملة إن لم تكن محمولة علی التقیة.

«3»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: إِذَا اسْتَصْعَبَتْ عَلَیْكُمُ الذَّبِیحَةُ فَعَرْقِبُوهَا فَإِنْ لَمْ تَقْدِرُوا أَنْ تُعَرْقِبُوهَا فَإِنَّهُ یُحِلُّهَا مَا یُحِلُّ الْوَحْشُ (2).

بیان: فعرقبوها أی لتمكنوا من ذبحها فإنه یحلها ظاهره الحل بصید الكلب أیضا لكن الروایة ضعیفة و الراوی عامی.

«4»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الشَّاهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ الْخَالِدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ التَّمِیمِیِ (3)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَذْبَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ(4).

التحف، و المكارم، مرسلا: مثله (5).

«5»- الْعُیُونُ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فِیمَا كَتَبَ لِلْمَأْمُونِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَی النَّبِیِّ وَاجِبَةٌ(6)

فِی

ص: 311


1- 1. راجع وسائل الشیعة 16: 276- 278.
2- 2. قرب الإسناد: 68.
3- 3. فی المصدر: محمّد بن أحمد بن صالح التمیمی قال: حدّثنا أبی قال: حدّثنا أبی قال: حدّثنی انس بن محمّد أبو مالك.
4- 4. الخصال 2: 511 طبعة الغفاری.
5- 5. مكارم الأخلاق: 243 و الحدیث لم یوجد فی تحف العقول.
6- 6. أی ثابتة.

كُلِّ مَوْطِنٍ وَ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَ الذَّبَائِحِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ (1).

بَیَانٌ رُوِیَ مِثْلُ ذَلِكَ فِی الْخِصَالِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: وَ فِیهِ وَ الرِّیَاحُ مَكَانَ ذَبَائِحَ (2).

و ما فی العیون أظهر و كأنه محمول علی تأكید الاستحباب قال الشیخ فی الخلاف یستحب أن یصلی علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله عند الذبیحة و أن یقول اللّٰهم تقبل منی و به قال الشافعی و قال مالك تكره الصلاة علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله (3) و أن یقول اللّٰهم تقبل منی دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم (4) و أیضا قوله یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ (5) و ذلك علی عمومه إلا ما أخرجه الدلیل و قد روی فی التفسیر قوله تعالی وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (6) ألا ما أذكر(7) إلا و تذكر معی و قد أجمعنا علی ذكر اللّٰه فوجب أن یذكر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (8).

أقول: ثم ذكر رحمه اللّٰه دلائل أخری لا تخلو من ضعف و كان هذا الخبر الحسن یكفی لإثبات الاستحباب مع ثبوته فی جمیع الأوقات و أما قوله تقبل منی فسیأتی فی باب الأضحیة الأدعیة المشتملة علیه.

وَ رَوَی الشَّیْخُ فِی الْخِلَافِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ وَ ذَبَحَهُ وَ قَالَ اللَّهُمَ (9) تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ(10).

ص: 312


1- 1. عیون أخبار الرضا: 267 طبعة التفرشی.
2- 2. الخصال 2: 607.
3- 3. فی المصدر: تكره الصلاة علی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله عند الذبیحة.
4- 4. المصدر خال عن قوله؛ و أخبارهم.
5- 5. الأحزاب: 56.
6- 6. الشرح: 4.
7- 7. فی المصدر: ان لا اذكر.
8- 8. الخلاف 2: 207( ط 1).
9- 9. فی المصدر: بسم اللّٰه، اللّٰهمّ اه.
10- 10. الخلاف 2: 208.

«6»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَذْبَحُ عَلَی غَیْرِ قِبْلَةٍ قَالَ لَا بَأْسَ إِذَا لَمْ یَتَعَمَّدْ وَ إِنْ ذَبَحَ وَ لَمْ یُسَمِّ فَلَا بَأْسَ أَنْ یُسَمِّیَ إِذَا ذَكَرَ بِسْمِ اللَّهِ عَلَی أَوَّلِهِ وَ آخِرِهِ ثُمَّ یَأْكُلُ (1).

بیان: أجمع الأصحاب علی اشتراط استقبال القبلة فی الذبح و النحر و أنه لو أخل به عامدا حرمت و لو كان ناسیا لم تحرم و الجاهل كالناسی و دلت علی جمیع ذلك الأخبار المعتبرة منها

مَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُ (2) فِی الْحَسَنِ كَالصَّحِیحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ ذَبَحَ ذَبِیحَةً فَجَهِلَ أَنْ یُوَجِّهَهَا إِلَی الْقِبْلَةِ قَالَ كُلْ مِنْهَا قُلْتُ لَهُ فَإِنَّهُ لَمْ یُوَجِّهْهَا(3)

قَالَ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا(4) وَ قَالَ علیه السلام إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَذْبَحَ فَاسْتَقْبِلْ بِذَبِیحَتِكَ الْقِبْلَةَ.

وَ أَیْضاً رَوَی بِسَنَدٍ(5) مِثْلَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ ذَبِیحَةٍ ذُبِحَتْ بِغَیْرِ الْقِبْلَةِ قَالَ كُلْ وَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ یَتَعَمَّدْهُ.

و قال فی المسالك من لا یعتقد وجوب الاستقبال فی معنی الجاهل فلا تحرم ذبیحته و المعتبر الاستقبال بمذبح الذبیحة و مقادیم بدنها و لا یشترط استقبال الذابح و إن كان ظاهر العبارة یوهم ذلك حیث إن ظاهر الاستقبال بها أن یستقبل هو معها أیضا علی حد قولك ذهبت بزید و انطلقت به بمعنی ذهابهما و انطلاقهما معا و وجه عدم اعتبار استقباله أن التعدیة بالباء یفید معنی التعدیة بالهمزة كما فی قوله تعالی ذَهَبَ اللَّهُ

ص: 313


1- 1. بحار الأنوار 10: 265.
2- 2. رواه فی الفروع 6: 233 عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن عمر ابن أذینة عن محمّد بن مسلم.
3- 3. أی عالما عامدا.
4- 4. اختصر الحدیث، و الموجود فی المصدر بعد ذلك: و لا تأكل من ذبیحة ما لم یذكر اسم اللّٰه عزّ و جلّ علیها.
5- 5. رواه أیضا فی الفروع 6: 233 عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن حماد بن عیسی عن حریز عن محمّد بن مسلم.

بِنُورِهِمْ (1) أی أذهب نورهم و فی الخبر الثانی ما یرشد إلی الاكتفاء بتوجهها إلی القبلة خاصة.

و ربما قیل بأن الواجب هنا الاستقبال بالمنحر و المذبح خاصة و لیس ببعید و یستحب استقبال الذابح أیضا هذا كله مع العلم بجهة القبلة أما لو جهلها سقط اعتبارها لتعذرها كما یسقط اعتبارها فی المستعصی لذلك انتهی (2).

و أقول الظاهر أنه یكفی الاستقبال بأی وجه كان سواء أضجعها علی الیمین أو علی الیسار كما هو الشائع أو لم یضجعها و أقامها و استقبل بمقادیمها إلیها كالطیر لإطلاق الاستقبال الشامل لجمیع تلك الصور و كون استقبال الملحود بالإضجاع علی الیمین لا

یستلزم كونه فی جمیع الموارد كذلك مع أن الذبح علی هذا الوجه فی غایة العسر غالبا إلا للأعسر(3) الذی یعمل بالید الیسری و هو نادر بین الناس بل یمكن أن یقال الإطلاق ینصرف إلی الفرد الشائع الغالب و هو الإضجاع علی الیسار فیشكل الحكم بأن الاحتیاط یقتضی الإضجاع علی الیمین فتأمل.

«7»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ ذَبِیحَةِ الْجَارِیَةِ هَلْ یَصْلُحُ قَالَ إِذَا كَانَتْ لَا تَنْخَعُ (4) وَ لَا تَكْسِرُ الرَّقَبَةَ فَلَا بَأْسَ وَ قَالَ قَدْ كَانَتْ لِأَهْلِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام جَارِیَةٌ تَذْبَحُ لَهُمْ (5).

بیان: المشهور بین الأصحاب كراهة نخع الذبیحة و هو أن یبلغ بالسكین النخاع مثلث النون فیقطعه أو یقطعه قبل موتها و النخاع هو الخیط الأبیض وسط الفقار بالفتح ممتدا من الرقبة إلی عجب الذنب بفتح العین و سكون الجیم و هو أصله و قیل یحرم لورود النهی عنه فی الخبر الصحیح و هو أحوط و علی تقدیره لا تحرم الذبیحة و ربما

ص: 314


1- 1. البقرة: 17.
2- 2. المسالك 2: 226 و 227.
3- 3. الاعسر: الذی یعمل بشماله.
4- 4. نخع الذبیحة: جاوز بالسكین منتهی الذبح فاصاب نخاعها.
5- 5. بحار الأنوار 10: 256 فیه: هل تصلح.

قیل بالتحریم أیضا و إنما یحرم الفعل علی القول به مع تعمده فلو سبقت یده فقطعه فلا بأس. و من مكروهات الذبح أشیاء ذكرها الأصحاب الأول أن یقلب السكین أی یدخلها تحت الحلقوم و یقطعه مع باقی الأعضاء إلی خارج و حرم الشیخ فی التهذیب و تبعه القاضی و قد ورد النهی عنه فی روایة حمران (1).

الثانی یكره أن یذبح حیوان و آخر ینظر إلیه لروایة غیاث بن إبراهیم (2)

و حرمه الشیخ فی النهایة و هو ضعیف.

الثالث یكره إیقاعها لیلا إلا أن یخاف الفوت لروایة أبان بن تغلب عن الصادق علیه السلام (3).

الرابع إیقاعها یوم الجمعة إلی الزوال إلا عن ضرورة لروایة الحلبی عن الصادق (4)

علیه السلام و الظاهر كراهة الفعل فی جمیع ذلك و لا تسری الكراهة إلی أكل المذبوح كما یوهمه كلام بعض الأصحاب إذ لا تلازم بینهما.

و قال فی المسالك قد بقی للذبح وظائف منصوصة ینبغی إلحاقها بما ذكر و هی تحدید الشفرة و سرعة القطع و أن لا یری الشفرة للحیوان و أن یستقبل الذابح القبلة و لا یحركه و لا یجره من مكان إلی آخر بل یتركه إلی أن یفارقه الروح و أن یساق إلی المذبح برفق و یضجع برفق و یعرض علیه الماء قبل الذبح و یمر السكین بقوة(5)

و یجد فی الإسراع لیكون أوحی و أسهل.

وَ رَوَی شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَیْكُمُ الْإِحْسَانَ فِی

ص: 315


1- 1. راجع الوسائل 16: 255.
2- 2. راجع الوسائل 16: 258.
3- 3. راجع الوسائل 16: 274.
4- 4. راجع الوسائل 16: 247 و فی الروایة: كان رسول اللّٰه« ص» یكره الذبح و اراقة الدم یوم الجمعة قبل الصلاة إلا عن ضرورة.
5- 5. زاد فی المصدر بعد ذلك: و تحامل ذهابا و عودا.

كُلِّ شَیْ ءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَ إِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَ لْیُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَ لْیُرِحْ ذَبِیحَتَهُ.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ أَنْ یُحَدَّ الشِّفَارُ وَ أَنْ یُوَارَی عَنِ الْبَهَائِمِ وَ قَالَ إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْیُجْهِزْ.

انتهی (1).

و أقول الأخبار عامیة لكنها موافقة لاعتبار العقل و العمومات و ما سیأتی من الأخبار.

«8»- الدَّعَائِمُ،: وَ مَنْ ذَبَحَ فِی الْحَلْقِ دُونَ الْغَلْصَمَةِ(2)

مَا یَجُوزُ ذَبْحُهُ مِنَ الْحَیَوَانِ عَلَی مَا یَجِبُ مِنْ سُنَّةِ الذَّبْحِ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَ الْمَرِی ءَ وَ الْوَدَجَیْنِ وَ أَنْهَرَ الدَّمَ وَ مَاتَتِ الذَّبِیحَةُ مِنْ فِعْلِهِ ذَلِكَ فَهِیَ ذَكِیَّةٌ بِإِجْمَاعٍ فِیمَا عَلِمْنَاهُ.

وَ عَنْ عَلِیٍّ وَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُمَا قَالا: مَا قُطِعَ مِنَ الْحَیَوَانِ فَبَانَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ یُذَكَّی فَهُوَ مَیْتَةٌ لَا یُؤْكَلُ وَ یُذَكَّی الْحَیَوَانُ وَ یُؤْكَلُ بَاقِیهِ إِنْ أَدْرَكَ ذَكَاتَهُ.

«9»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: عَلَامَةُ الذَّكَاةِ أَنْ تَطْرِفَ الْعَیْنُ أَوْ یَرْكُضَ الرِّجْلَ أَوْ یَتَحَرَّكَ الذَّنَبُ أَوِ الْأُذُنُ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ وَ هراق [هُرِقَ] مِنْهَا دَمٌ عِنْدَ الذَّبَائِحِ وَ هِیَ لَا تَتَحَرَّكُ لَمْ تُؤْكَلْ.

«10»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: تُرْفَقُ بِالذَّبِیحَةِ وَ لَا یُعْنَفُ بِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ وَ لَا بَعْدُ وَ كَرِهَ أَنْ یُضْرَبَ عُرْقُوبُ الشَّاةِ بِالسِّكِّینِ.

«11»- وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الذَّبِیحَةِ تَتَرَدَّی بَعْدَ أَنْ تُذْبَحَ عَنْ مَكَانٍ عَالٍ أَوْ تَقَعُ فِی مَاءٍ أَوْ نَارٍ قَالَ إِنْ كُنْتَ قَدْ أَجَدْتَ الذَّبْحَ وَ بَلَغْتَ الْوَاجِبَ فِیهِ فَكُلْ.

«12»- وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ نَهَی عَنْ ذَبِیحَةِ الْمُرْتَدِّ.

«13»- وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الشَّاةِ تُذْبَحُ قَائِمَةً قَالَ لَا یَنْبَغِی ذَاكَ السُّنَّةُ أَنْ تُضْجَعَ وَ تُسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةُ.

«14»- وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْبَعِیرِ یُذْبَحُ أَوْ یُنْحَرُ قَالَ السُّنَّةُ أَنْ یُنْحَرَ

ص: 316


1- 1. المسالك 2: 228.
2- 2. الغلصمة: اللحم بین الرأس و العنق.

قِیلَ كَیْفَ یُنْحَرُ قَالَ یُقَامُ قَائِماً حِیَالَ الْقِبْلَةِ وَ یُعْقَلُ یَدُهُ الْوَاحِدَةُ وَ یَقُومُ الَّذِی یَنْحَرُهُ حِیَالَ الْقِبْلَةِ فَیَضْرِبُ فِی لَبَّتِهِ بِالشَّفْرَةِ حَتَّی تَقْطَعَ وَ تَفْرِیَ.

«15»- وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْبَقَرِ مَا یُصْنَعُ بِهَا تُنْحَرُ أَوْ تُذْبَحُ قَالَ السُّنَّةُ أَنْ تُذْبَحَ وَ تُضْجَعَ لِلذَّبْحِ وَ لَا بَأْسَ إِنْ نُحِرَتْ.

«16»- وَ عَنْهُ علیه السلام: سُئِلَ عَنِ الذَّبِیحَةِ إِنْ ذُبِحَتْ مِنَ الْقَفَا قَالَ إِنْ لَمْ یَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ وَ إِنْ تَعَمَّدَهُ وَ هُوَ یَعْرِفُ سُنَّةَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِیحَتُهُ وَ یُحْسِنُ أَدَبَهُ.

«17»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَاتَیْنِ أَحَدُهُمَا ذَكِیَّةٌ وَ الْأُخْرَی غَیْرُ ذَكِیَّةٍ لَمْ تُعْرَفِ الذَّكِیَّةُ مِنْهُمَا قَالَ رُمِیَ بِهِمَا جَمِیعاً(1).

بیان: فی القاموس هراق الماء یهریق بفتح الهاء هراقة بالكسر صبه و أصله أراقه یریقه إراقة.

و قال العرقوب عصب غلیظ فوق عقب الإنسان و من الدابة فی رجلها بمنزلة الركبة فی یدها قوله لا ینبغی ظاهره الجواز مع الكراهة و الشفرة بالفتح السكین العظیم و الفری الشق قوله و لا بأس إن نحرت محمول علی التقیة و المشهور كراهة الذبح من القفا و قال العلامة رحمه اللّٰه و غیره لو قطع رقبة المذبوح من قفاه و بقیت أعضاء الذبح فإن كانت حیاة مستقرة ذبحت و حلت و إن لم تبق حیاة مستقرة لم تحل.

و أقول قد عرفت عدم الدلیل علی اشتراط استقرار الحیاة و ما یتوهم من أنه اشترك فی إزهاق روحه الذبح الشرعی و غیره فلا وجه له و أنه مع تحقق الذبح و بقاء الحیاة لا عبرة بذلك كأكیل السبع و غیره.

«18»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِیِّ قَالَ: جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ إِنَّ رَجُلًا ضَرَبَ بَقَرَةً بِفَأْسٍ فَوَقَذَهَا(2) ثُمَ

ص: 317


1- 1. دعائم الإسلام: نسخته لیست عندی.
2- 2. و قذه: صرعه، ضربه شدیدا حتّی أشرف علی الموت.

ذَبَحَهَا فَلَمْ یُرْسِلْ إِلَیْهِ الْجَوَابَ وَ دَعَا سَعِیدَةَ فَقَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا جَاءَنِی فَقَالَ إِنَّكِ أَرْسَلْتِ إِلَیَّ فِی صَاحِبِ الْبَقَرَةِ الَّتِی ضَرَبَهَا بِفَأْسٍ فَإِنْ كَانَ الدَّمُ خَرَجَ مُعْتَدِلًا فَكُلُوا وَ أَطْعِمُوا وَ إِنْ كَانَ خَرَجَ خُرُوجاً عِتِیّاً(1) فَلَا تَقْرَبُوهُ قَالَ فَأَخَذَتِ الْغُلَامَ (2) فَأَرَادَتْ ضَرْبَهُ فَبَعَثَ إِلَیْهَا اسْقِیهِ السَّوِیقَ فَإِنَّهُ یُنْبِتُ اللَّحْمَ وَ یَشُدُّ الْعَظْمَ (3).

تِبْیَانٌ رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُ (4) رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ (5) قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذْ جَاءَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَقُولُ لَكَ جَدِّی إِنَّ رَجُلًا ضَرَبَ بَقَرَةً بِفَأْسٍ فَسَقَطَتْ ثُمَّ ذَبَحَهَا فَلَمْ یُرْسِلْ مَعَهُ بِالْجَوَابِ وَ دَعَا سَعِیدَةَ مَوْلَاةَ أُمِّ فَرْوَةَ فَقَالَ لَهَا إِنَّ مُحَمَّداً جَاءَنِی بِرِسَالَةٍ مِنْكِ فَكَرِهْتُ (6) أَنْ أُرْسِلَ إِلَیْكِ بِالْجَوَابِ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الَّذِی ذَبَحَ الْبَقَرَةَ حِینَ ذَبَحَ خَرَجَ الدَّمُ مُعْتَدِلًا فَكُلُوا وَ أَطْعِمُوا وَ إِنْ كَانَ خَرَجَ خُرُوجاً مُتَثَاقِلًا فَلَا تَقْرَبُوهُ.

و روی التهذیب، أیضا بإسناده عن أحمد بن محمد(7): و الظاهر أن سعیدة أرسلها إلی جد محمد و التقریر فقال لها قولی له إن محمدا و یحتمل أن یكون فی الأصل جدتی و كانت هی سعیدة كما هو ظاهر قرب الإسناد.

و فی القاموس الوقذ شدة الضرب و شاة و قیذ و موقوذة قتلت بالخشب و الوقیذ

ص: 318


1- 1. فی المصدر:« منتنا» أقول: لعله مصحف متثاقلا.
2- 2. لعله الرجل الذی ضرب البقرة بفأس.
3- 3. قرب الإسناد: 21.
4- 4. فی الفروع 6: 232.
5- 5. فی المصدر: علی بن الحكم عن سلیم الفراء عن الحسن بن مسلم.
6- 6. كره ان یرسل معه بالجواب إما لأنه كان یتقی عنه او كان فی المجلس من یتقی عنه.
7- 7. رواه الشیخ فی التهذیب 9: 56 و فیه: أحمد بن محمّد عن علیّ بن الحكم عن سلیم الفراء عن الحسین بن مسلم.

السریع و الشدید المرض المشرف كالموقوذ و وقذه صرعه و سكته و غلبه و تركه علیلا كأوقذه و قوله عتیا تصحیف و الظاهر متثاقلا كما فی الكتابین و علی تقدیره كنایة عن التثاقل لأن عتیا بضم العین و كسرها مصدر عتا بمعنی استكبر و تجاوز عن الحد كأن الدم یستكبر عن الخروج.

و فی بعض النسخ عننا بنونین من قولهم عن السیر فلانا أضعفه و أعناه قال فأخذت الغلام أی أخذت سعیدة أو الجلدة و إن كانت غیرها محمدا(1) فأرادت ضربة لظنها أنه قصر فی الإبلاغ أو كان السؤال بغیر أمرها و الأمر بسقی السویق لتلافی ما أصابه من خوف الضرب و الخبر الصحیح یدل علی الاكتفاء فی إدراك التذكیة بخروج الدم المعتدل.

«19»- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ وَ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ وَ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْأَزْدِیِّ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَنْطِیِّ مَعاً عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ حُرِّمَتْ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِیرِ(2) الْآیَةَ قَالَ الْمَیْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِیرِ مَعْرُوفٌ وَ ما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ یَعْنِی مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَ أَمَّا الْمُنْخَنِقَةُ فَإِنَّ الْمَجُوسَ كَانُوا لَا یَأْكُلُونَ الذَّبَائِحَ وَ یَأْكُلُونَ الْمَیْتَةَ وَ كَانُوا یَخْنُقُونَ الْبَقَرَ وَ الْغَنَمَ فَإِذَا اخْتَنَقَتْ وَ مَاتَتْ أَكَلُوهَا وَ الْمُتَرَدِّیَةُ كَانُوا یَشُدُّونَ أَعْیُنَهَا وَ یُلْقُونَهَا مِنَ السَّطْحِ فَإِذَا مَاتَتْ أَكَلُوهَا وَ النَّطِیحَةُ كَانُوا یُنَاطِحُونَ (3) بِالْكِبَاشِ فَإِذَا مَاتَتْ إِحْدَاهَا أَكَلُوهَا وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ فَكَانُوا یَأْكُلُونَ مَا یَقْتُلُهُ الذِّئْبُ وَ الْأَسَدُ(4)

ص: 319


1- 1. مفعول اخذت. ای اخذت سعیدة محمّدا. أقول: تقدم منا احتمال آخر.
2- 2. المائدة: 4.
3- 3. نطحه الثور و نحوه: أصابه بقرنه. و ناطحه بمعنی نطحه.
4- 4. هكذا فی المخطوطة و المصدر، و فی المطبوعة:« الذئب و الأسد و الارنب» و فی التفسیر: و الأسد و الدب.

فَحَرَّمَ اللَّهُ ذَلِكَ وَ ما ذُبِحَ عَلَی النُّصُبِ كَانُوا یَذْبَحُونَ لِبُیُوتِ النِّیرَانِ وَ قُرَیْشٌ كَانُوا یَعْبُدُونَ الشَّجَرَ وَ الصَّخْرَ فَیَذْبَحُونَ لَهُمَا وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ قَالَ كَانُوا یَعْمِدُونَ إِلَی الْجَزُورِ فَیُجَزُّونَهُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ یَجْتَمِعُونَ عَلَیْهِ فَیُخْرِجُونَ السِّهَامَ وَ یَدْفَعُونَهَا إِلَی رَجُلٍ وَ السِّهَامُ عَشَرَةٌ سَبْعَةٌ لَهَا أَنْصِبَاءُ(1) وَ ثَلَاثَةٌ لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا فَالَّتِی لَهَا أَنْصِبَاءُ الْفَذُّ وَ التَّوْأَمُ وَ الْمُسْبِلُ وَ النَّافِسُ وَ الْحِلْسُ وَ الرَّقِیبُ وَ الْمُعَلَّی فَالْفَذُّ لَهُ سَهْمٌ وَ التَّوْأَمُ لَهُ سَهْمَانِ وَ الْمُسْبِلُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَ النَّافِسُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَ الْحِلْسُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَ الرَّقِیبُ لَهُ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَ الْمُعَلَّی لَهُ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ وَ الَّتِی لَا أَنْصِبَاءَ لَهَا السَّفِیحُ وَ الْمَنِیحُ وَ الْوَغْدُ وَ ثَمَنُ الْجَزُورِ عَلَی مَنْ لَمْ یَخْرُجْ لَهُ مِنَ الْأَنْصِبَاءِ شَیْ ءٌ وَ هُوَ الْقِمَارُ فَحَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (2).

تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، مُرْسَلًا: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ الْمُتَرَدِّیَةِ وَ الْمَوْقُوذَةُ كَانُوا یَشُدُّونَ أَرْجُلَهَا وَ یَضْرِبُونَهَا حَتَّی تَمُوتَ فَإِذَا مَاتَتْ أَكَلُوهَا وَ الْمُتَرَدِّیَةُ كَانُوا یَشُدُّونَ أَعْیُنَهَا(3)

إلخ.

و كأنه سقط من النساخ أو الرواة و أقول هذا الخبر صریح فی مخالفة المشهور فی السبعة إلا فی الأول و الثانی و السابع كما عرفت قوله علیه السلام علی من لم یخرج له من الأنصباء اللام للعهد أی الثلاثة و فی بعض النسخ علی من لم یخرج فالمراد بالأنصباء السبعة.

«20»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ عَنْ ذَبِیحَةِ الْأَغْلَفِ فَقَالَ علیه السلام كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام لَا یَرَی بِهَا بَأْساً(4).

بیان: لا خلاف فیه ظاهرا بین الأصحاب قال فی الدروس یحل ذبیحة الممیز و المرأة و الخصی و الخنثی و الجنب و الحائض و الأغلف و الأعمی إذا سدد لما روی

ص: 320


1- 1. أنصباء جمع النصیب: الحظ. الحصة من الشی ء.
2- 2. الخصال 2: 451 و 452.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 149 و 150.
4- 4. قرب الإسناد: 24( ط 1).

عنهما علیهما السلام و ولد الزنا علی الأقرب (1).

«21»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ: لَا بَأْسَ بِذَبِیحَةِ الْمَرْوَةِ وَ الْعُودِ وَ أَشْبَاهِهِمَا مَا خَلَا السِّنَّ وَ الْعَظْمَ (2).

«22»- بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ: إِذَا أَسْرَعَتِ السِّكِّینُ فِی الذَّبِیحَةِ فَقَطَعَتِ الرَّأْسَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا(3).

بیان: یدل الخبر الأول علی جواز الذبح بالحجارة المحددة و العود و أشباههما و حمل الضرورة و الثانی منطوقا علی عدم البأس بإبانة الرأس إذا كان بغیر اختیار و مفهوما علی مرجوحیة الأكل إذا كانت الإبانة عمدا و فیه قولان أحدهما التحریم ذهب إلیه الشیخ فی النهایة و ابن الجنید و جماعة

لِصَحِیحَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا تَنْخَعْ وَ لَا تَقْطَعِ الرَّقَبَةَ بَعْدَ مَا یُذْبَحُ (4).

قالوا هو نهی و الأصل فیه التحریم.

و الثانی الكراهة ذهب إلیه الشیخ فی الخلاف و ابن إدریس و المحقق و العلامة فی غیر المختلف ثم علی تقدیر التحریم هل تحرم الذبیحة أم لا فیه قولان أحدهما التحریم ذهب إلیه الشیخ فی النهایة و ابن زهرة و قیل لا یحرم

لِصَحِیحَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَابِحِ طَیْرٍ قَطَعَ رَأْسَهُ أَ یُؤْكَلُ مِنْهُ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ لَا یَتَعَمَّدُ(5).

ص: 321


1- 1. الدروس: كتاب الصید و الذباحة.
2- 2. قرب الإسناد: 51.
3- 3. قرب الإسناد: 51.
4- 4. رواه الكلینی فی الفروع و الشیخ فی التهذیب راجع الوسائل 16: 267.
5- 5. لم نجد ذلك عن محمّد بن مسلم، نعم روی مثل ذلك الصدوق فی الفقیه عن حماد عن الحلبیّ. راجع الوسائل 16: 259.

و لو أبان الرأس بغیر تعمد فلا إشكال فی عدم التحریم لهذا الخبر و غیره من الأخبار.

«23»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ ذَبَحَ فَقَطَعَ الرَّأْسَ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ الذَّبِیحَةُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ خَطَأً أَوْ سَبَقَهُ السِّكِّینُ أَ یُؤْكَلُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ لَا یَعُودُ(1).

«24»- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ السُّكَّرِیِ (2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا الْجَوْهَرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: لَا تَذْبَحُ الْمَرْأَةُ إِلَّا مِنِ اضْطِرَارٍ(3).

«25»- مَجَالِسُ، ابْنِ الشَّیْخِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَی التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ قُتَیْبَةَ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ زَكَرِیَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَا تَسْتَعِنْ بِالْمَجُوسِ وَ لَوْ عَلَی أَخْذِ قَوَائِمِ شَاتِكَ وَ أَنْتَ تُرِیدُ ذَبْحَهَا(4).

بیان: محمول علی الكراهة و یدل علی أنه یجوز أن یأخذ غیر الذابح قوائم الشاة عند الذبح.

«26»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها(5) قَالَ وَقَعَتْ عَلَی الْأَرْضِ فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَ الْمُعْتَرَّ الْخَبَرَ(6).

ص: 322


1- 1. بحار الأنوار 10: 278 طبعة الآخوندی.
2- 2. فی المصدر: الحسن بن علیّ العسكریّ.
3- 3. الخصال: 2: 141( ط 1) و 2؛ 585 طبعة الغفاری.
4- 4. أمالی الطوسیّ ....
5- 5. الحجّ: 36.
6- 6. معانی الأخبار: 208 طبعة الغفاری.

«27»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، بِالْأَسَانِیدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِی بَابِ عِلَلِ تَحْرِیمِ الْمُحَرَّمَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ: أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام كَتَبَ إِلَیْهِ حَرَّمَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَیْرِ اللَّهِ لِلَّذِی أَوْجَبَ عَلَی خَلْقِهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِهِ وَ ذِكْرِ اسْمِهِ عَلَی الذَّبَائِحِ الْمُحَلَّلَةِ وَ لِئَلَّا یُسَاوَی بَیْنَ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَیْهِ وَ بَیْنَ مَا جُعِلَ عِبَادَةً لِلشَّیَاطِینِ وَ الْأَوْثَانِ لِأَنَّ فِی تَسْمِیَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْإِقْرَارَ بِرُبُوبِیَّتِهِ وَ تَوْحِیدِهِ وَ مَا فِی الْإِهْلَالِ لِغَیْرِ اللَّهِ مِنَ الشِّرْكِ بِهِ وَ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَی غَیْرِهِ لِیَكُونَ ذِكْرُ اللَّهِ وَ تَسْمِیَتُهُ عَلَی الذَّبِیحَةِ فَرْقاً بَیْنَ مَا أَحَلَّ وَ بَیْنَ مَا حَرَّمَ (1).

توضیح: كأن قوله حرم ما أهل به إلی قوله المحللة تعلیل لوجوب ذكر اسمه سبحانه علی الذبائح و المعنی أنه لما كان أعظم أصول الدین الإقرار به سبحانه و كان تكریر ذلك سببا لرسوخ هذا الاعتقاد و إعلان الأمر الذی به یتحقق إسلام العباد و كان الذبح مما یحتاج إلیه الناس و یتكرر وقوعه فلذا أوجب علی العباد الإقرار بذلك عنده و بقیة الكلام تعلیل لتحریم ذكر اسم غیره تعالی

عند الذبائح لأنه یتضمن خلاف هذا المقصود و إعلان الشرك و الإقرار به فحرم الذبیحة عند ذلك لینزجروا فقوله لیكون ذكر اللّٰه كالنتیجة لما تقدم و اللّٰه یعلم.

«27»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ یَذْبَحُونَ الْبَقَرَ فِی اللَّبَبِ فَمَا تَرَی فِی أَكْلِ لُحُومِهَا قَالَ فَسَكَتَ هُنَیْهَةً ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا یَفْعَلُونَ لَا تَأْكُلْ إِلَّا مَا ذُبِحَ مِنْ مَذْبَحِهِ (2).

«28»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كُلْ كُلَّ شَیْ ءٍ مِنَ الْحَیَوَانِ غَیْرَ الْخِنْزِیرِ وَ النَّطِیحَةِ وَ الْمَوْقُوذَةِ وَ الْمُتَرَدِّیَةِ وَ مَا أَكَلَ السَّبُعُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ إِلَّا ما ذَكَّیْتُمْ فَإِنْ أَدْرَكْتَ شَیْئاً مِنْهَا وَ عَیْنٌ تَطْرِفُ أَوْ قَائِمَةٌ تَرْكُضُ أَوْ ذَنَبٌ یُمْصَعُ فَذَبَحْتَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْهُ قَالَ وَ إِنْ ذَبَحْتَ ذَبِیحَةً فَأَجَدْتَ الذَّبْحَ فَوَقَعَتْ فِی النَّارِ أَوْ فِی الْمَاءِ

ص: 323


1- 1. عیون الأخبار: 244( طبعة التفرشی) فیه:« لئلا یسوی» و فیه: فرقا بین ما احل اللّٰه و بین ما حرم اللّٰه.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 47 و رواه الكلینی و الطوسیّ راجع الوسائل 16: 257.

أَوْ مِنْ فَوْقِ بَیْتٍ أَوْ مِنْ فَوْقِ جَبَلٍ إِذَا كُنْتَ قَدْ أَجَدْتَ الذَّبْحَ فَكُلْ (1).

بیان: قوله و النطیحة إما عطف علی الخنزیر فالمراد بها و بما بعدها عدم إدراك ذكاتها أو عطف علی الحیوان أو علی كل شی ء و المراد إدراك التذكیة و هو أظهر و أنسب بما بعده و علی التقدیرین مخصص بالكلب و المسوخات و غیرهما مما مر و مصعت الدابة بذنبها حركة و هو كمنع و المراد بإجادة الذبح قطع ما یجب قطعة من أعضاء الذبح و یدل علی أنه إذا وقع علی الذبیحة بعد الذبح و قبل الموت ما یوجب هلاكه لو لم یذبح لم یضر.

قال فی التحریر إذا قطع الأعضاء فوقع المذبوح فی الماء قبل خروج الروح أو وطئه ما خرج الروح به لم یحرم.

«29»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: الْمُتَرَدِّیَةُ وَ النَّطِیحَةُ وَ مَا أَكَلَ السَّبُعُ إِذَا أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْهُ (2).

«30»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَیُّوقِ بْنِ قسوط [قُرْطٍ] عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ الْمُنْخَنِقَةُ قَالَ الَّتِی تَخْتَنِقُ فِی رِبَاطِهَا وَ الْمَوْقُوذَةُ الْمَرِیضَةُ الَّتِی لَا تَجِدُ أَلَمَ الذَّبْحِ وَ لَا تَضْطَرِبُ وَ لَا یَخْرُجُ لَهَا دَمٌ وَ الْمُتَرَدِّیَةُ الَّتِی تَرَدَّی مِنْ فَوْقِ بَیْتٍ أَوْ نَحْوِهِ وَ النَّطِیحَةُ الَّتِی یَنْطَحُ صَاحِبُهَا(3).

بیان: ینطح صاحبها أی ینطحها صاحبها.

«31»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ یَذْبَحُ الذَّبِیحَةَ فَیُهَلِّلُ أَوْ یُسَبِّحُ أَوْ یُحَمِّدُ أَوْ یُكَبِّرُ قَالَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ (4).

«32»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ ذَبِیحَةِ الْمَرْأَةِ وَ الْغُلَامِ هَلْ یُؤْكَلُ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً وَ ذَكَرَتِ اسْمَ اللَّهِ حَلَّتْ ذَبِیحَتُهَا

ص: 324


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 1: 291 و 292 و رواه الطوسیّ فی التهذیب راجع الوسائل 16: 262.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 292.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ 1: 292.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 1: 375.

وَ إِذَا كَانَ الْغُلَامُ قَوِیّاً عَلَی الذَّبْحِ وَ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ حَلَّتْ ذَبِیحَتُهُ وَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مُسْلِماً فَنَسِیَ أَنْ یُسَمِّیَ فَلَا بَأْسَ إِذَا لَمْ تَتَّهِمْهُ (1).

بیان: لا خلاف فی عدم حل ذبیحة المجنون و الصبی غیر الممیز و لا فی أنه تحل ذبیحة الصبی الممیز إذا أحسن الذبح و سمی و فی بعض الأخبار إذا تحرك و كان له خمسة أشبار و أطاق الشفرة(2) و كأن تلك الأوصاف لبیان القدرة و التمیز و فی بعض الأخبار إذا خیف فوت الذبیحة و لم یوجد غیره و فی بعضها إذا اضطروا إلیه و كأنها محمولة علی الكراهة مع عدم الضرورة و إن لم یذكرها الأصحاب و الأحوط العمل بها قوله علیه السلام إذا لم تتهمه بأن یكون مخالفا لا یعتقد وجوب التسمیة و یتهم بتركه عمدا موافقا لعقیدته.

«33»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَیْكُمُ الْمَیْتَةَ الَّتِی مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا بِلَا ذَبَاحَةٍ مِنْ حَیْثُ أَذِنَ اللَّهُ فِیهَا وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِیرِ أَنْ یَأْكُلُوهُ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَیْرِ اللَّهِ مَا ذُكِرَ عَلَیْهِ اسْمُ غَیْرِ اللَّهِ مِنَ الذَّبَائِحِ وَ هِیَ الَّتِی تَتَقَرَّبُ بِهَا الْكُفَّارُ بِأَسَامِی أَنْدَادِهِمُ الَّتِی اتَّخَذُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ (3).

«34»- النَّجَاشِیُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ نُوحٍ عَنْ فَهْدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی الْحَرَشِیِّ عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ سَمِعْتُ الْجَارُودَ یُحَدِّثُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی رِیَاحٍ یُقَالُ لَهُ سُحَیْمُ بْنُ أُثَیْلٍ نَافَرَ غَالِباً أَبَا الْفَرَزْدَقِ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ عَلَی أَنْ یَعْقِرَ هَذَا مِنْ إِبِلِهِ مِائَةً إِذَا وَرَدَتِ الْمَاءَ(4) فَلَمَّا وَرَدَتِ الْمَاءَ قَامُوا إِلَیْهَا بِالسُّیُوفِ فَجَعَلُوا یَضْرِبُونَ عَرَاقِیبَهَا فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَی الْحَمِیرَاتِ وَ الْبِغَالِ یُرِیدُونَ اللَّحْمَ قَالَ وَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْكُوفَةِ قَالَ فَجَاءَ عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْنَا وَ هُوَ یُنَادِی أَیُّهَا النَّاسُ

ص: 325


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 1: 375.
2- 2. راجع الوسائل 16: 275.
3- 3. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام : 245.
4- 4. فی المصدر: علی أن یعقر هذا من ابله مائة، و هذا من ابله مائة إذا وردت الماء.

لَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِهَا وَ إِنَّمَا أُهِلَّ بِهَا لِغَیْرِ اللَّهِ (1).

توضیح: نافر بالنون و الفاء أی غالبه بالمراهنة بالسباق أو بالمفاخرة بالحسب أو الكرم و السخاء فی القاموس النفر الغلبة و النفارة بالضم ما یأخذه النافر من المنفور أی الغالب من المغلوب و أنفره علیه و نفره قضی له علیه بالغلبة و نافرا حاكما فی الحسب أو المفاخرة.

و فی النهایة فی حدیث أبی ذر نافر أخی أنیس فلانا الشاعر تنافر الرجلان إذا تفاخرا ثم حكما بینهما واحدا أراد أنهما تفاخرا أیهما أجود شعرا و المنافرة المفاخرة و المحاكمة یقال نافره فنفره ینفره بالضم إذا غلبه انتهی (2).

فالأظهر أن المراد أنهما تفاخرا فراهنا علی أن من حكم علیه یعقر مائة من الإبل و قوله علیه السلام أهل بها لغیر اللّٰه لعله أراد به أنها أخذت بالمراهنة كالقمار و لا یحل أكلها فیحمل علی أنهم نحروها بعد العقر أو ذكر علیه السلام أحد أسباب حرمتها و یحمل علی أنها كانت نافرة لا یقدر علیها و لم یسموا علیها فلذا علل بعد التسمیة و كان الأول أظهر.

«35»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ بَشِیرِ بْنِ خَیْثَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ دَخَلَ السُّوقَ وَ قَالَ یَا مَعْشَرَ اللَّحَّامِینَ مَنْ نَفَخَ مِنْكُمْ فِی اللَّحْمِ فَلَیْسَ مِنَّا(3).

بیان: النفخ فی اللحم یحتمل الوجهین الأول ما هو الشائع من النفخ فی الجلد لسهولة السلخ و الثانی التدلیس الذی یفعل بعض الناس من النفخ فی الجلد الرقیق الذی علی اللحم لیری سمینا و هذا أظهر.

«36»- الْمَجَازَاتُ النَّبَوِیَّةُ،: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ عَنِ الذَّبْحِ بِالسِّنِّ وَ الظُّفُرِ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَ أَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَی الْحَبَشَةِ.

ص: 326


1- 1. فهرست النجاشیّ: 119 و 120( ط 1).
2- 2. النهایة 4: 173 و زاد: و نفره و أنفره: إذا حكم له بالغلبة.
3- 3. كتاب الغارات: لم یطبع بعد.

قال السید رضی اللّٰه عنه و هذا استعارة و المدی السكاكین فكأنه علیه السلام قال و الأظفار سكاكین الحبشة لأنهم یذبحون بحدها و یقیمونها مقام المدی فی التذكیة بها و الظفر هاهنا اسم للجنس كالدینار و الدرهم فی قولهم أهلك الناس الدینار و الدرهم أی الدنانیر و الدراهم و لذلك صح أن یقول مدی الحبشة و المدی جمع لأن الواحدة مدیة(1).

تأیید قال فی القاموس المدیة مثلثة الشفرة و الجمع مدی و مدی.

«37»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الرَّیَّانِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ دُرُسْتَ (2) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الرَّأْسُ مَوْضِعُ الذَّكَاةِ الْحَدِیثَ (3).

«38»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْبَدَنَةِ كَیْفَ یَنْحَرُهَا قَائِمَةً أَوْ بَارِكَةً قَالَ یَعْقِلُهَا وَ إِنْ شَاءَ قَائِمَةً وَ إِنْ شَاءَ بَارِكَةً(4).

«39»- الدَّعَائِمُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ ذَبَحَ ذَبِیحَةً فَلْیُحِدَّ شَفْرَتَهُ وَ لْیُرِحْ ذَبِیحَتَهُ.

«40»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَذْبَحَ ذَبِیحَةً فَلَا تُعَذِّبِ الْبَهِیمَةَ أَحِدَّ الشَّفْرَةَ وَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ لَا تَنْخَعْهَا حَتَّی تَمُوتَ یَعْنِی بِقَوْلِهِ وَ لَا تَنْخَعْهَا قَطْعَ النُّخَاعِ وَ هُوَ عَظْمٌ فِی الْعُنُقِ.

«41»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُمَا قَالا فِیمَنْ ذَبَحَ بِغَیْرِ الْقِبْلَةِ إِنْ كَانَ أَخْطَأَ أَوْ نَسِیَ أَوْ جَهِلَ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ وَ تُؤْكَلُ ذَبِیحَتُهُ وَ إِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَ لَا یَجِبُ (5) أَنْ تُؤْكَلَ ذَبِیحَتُهُ تِلْكَ إِذَا تَعَمَّدَ خِلَافَ السُّنَّةِ.

ص: 327


1- 1. المجازات النبویّة: 430. طبع القاهرة.
2- 2. فی المصدر: او درست قال: ذكرنا الرءوس عند أبی عبد اللّٰه و الرأس من الشاة فقال: الرأس موضع الذكاة و أقرب من المرعی و أبعد من الاذی.
3- 3. المحاسن: 469.
4- 4. قرب الإسناد: 104 فیه: یعقلها ان شاء قائمة ا ه.
5- 5. فی المخطوطة: و لا یوجب.

«42»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْیَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ.

«43»- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: وَ یُجْزِیهِ أَنْ یَذْكُرَ اللَّهَ وَ مَا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ أَجْزَأَهُ وَ إِنْ تَرَكَ التَّسْمِیَةَ مُتَعَمِّداً لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِیحَتُهُ وَ إِنْ جَهِلَ ذَلِكَ أَوْ نَسِیَهُ سَمَّی إِذَا ذَكَرَ وَ أُكِلَ.

«44»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الْمُثْلَةِ بِالْحَیَوَانِ وَ عَنْ صَبْرِ الْبَهَائِمِ.

و الصبر(1) الحبس و من حبس شیئا فقد صبره و منه قیل قتل فلان صبرا إذا أمسك علی الموت فالمصبورة من البهائم هی المختمة كالدجاجة و غیرها من الحیوان تربط و توضع فی مكان ثم ترمی حتی تموت.

«45»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً عَبَثاً أَتَی اللَّهَ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَهُ صُرَاخٌ یَقُولُ یَا رَبِّ سَلْ هَذَا فِیمَ قَتَلَنِی بِغَیْرِ ذَبْحٍ فَلْیَحْذَرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الْمُثْلَةِ وَ لْیُحِدَّ شَفْرَتَهُ وَ لَا یُعَذِّبِ الْبَهِیمَةَ.

«46»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ أَنْ تُسْلَخَ الذَّبِیحَةُ أَوْ تُقْطَعُ رَأْسُهَا حَتَّی تَمُوتَ وَ تَهْدَأَ.

«47»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: اذْبَحْ فِی الْمَذْبَحِ یَعْنِی دُونَ الْغَلْصَمَةِ وَ لَا تَنْخَعِ الذَّبِیحَةَ وَ لَا تَكْسِرِ الرَّقَبَةَ حَتَّی یَمُوتَ.

«48»- وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ یَنْخَعُ الذَّبِیحَةَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمُوتَ یَعْنِی كَسْرَ عُنُقِهَا قَالَ قَدْ أَسَاءَ وَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا.

«49»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ قَطْعِ رَأْسِ الذَّبِیحَةِ فِی وَقْتِ الذَّبْحِ.

«50»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَی رِفَاعَةَ أَنْ یَأْمُرَ الْقَصَّابِینَ أَنْ یُحْسِنُوا الذَّبْحَ فَمَنْ صَمَّمَ فَلْیُعَاقِبْهُ وَ لْیُلْقِ مَا ذَبَحَ إِلَی الْكِلَابِ.

«51»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَ لَا یَتَعَمَّدُ الذَّابِحُ قَطْعَ الرَّأْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَهْلٌ.

«52»- وَ عَنْهُ وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِما علیه السلام أَنَّهُمَا قَالا: فِیمَنْ لَمْ یَتَعَمَّدْ قَطْعَ رَأْسِ

ص: 328


1- 1. الظاهر أن التفسیر من صاحب الدعائم.

الذَّبِیحَةِ فِی وَقْتِ الذَّبْحِ وَ لَكِنْ سَبَقَهُ السِّكِّینُ فَأَبَانَ رَأْسَهَا قَالا تُؤْكَلُ إِذَا لَمْ یَتَعَمَّدْ ذَلِكَ.

«53»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الذَّبْحِ إِلَّا فِی الْحَلْقِ یَعْنِی إِذَا كَانَ مُمْكِناً.

«54»- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: وَ لَا تُؤْكَلْ ذَبِیحَةٌ لَمْ تُذْبَحْ مِنْ مَذْبَحِهَا.

«55»- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وَ لَوْ تَرَدَّی ثَوْرٌ أَوْ بَعِیرٌ فِی بِئْرٍ أَوْ حُفْرَةٍ أَوْ هَاجَ فَلَمْ یُقْدَرْ عَلَی مَنْحَرِهِ وَ لَا مَذْبَحِهِ فَإِنَّهُ یُسَمَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ یُطْعَنُ حَیْثُ أَمْكَنَ مِنْهُ وَ یُؤْكَلُ.

«56»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الذَّبْحِ بِغَیْرِ الْحَدِیدِ.

1، 5، 6- 57- وَ عَنْ عَلِیٍّ وَ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا ذَكَاةَ إِلَّا بِحَدِیدَةٍ.

«58»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ كَرِهَ ذَبْحَ ذَاتِ الْجَنِینِ وَ ذَاتِ الدَّرِّ بِغَیْرِ عِلَّةٍ.

«59»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیهما السلام: أَنَّهُمَا رَخَّصَا فِی ذَبِیحَةِ الْغُلَامِ إِذَا قَوِیَ عَلَی الذَّبْحِ وَ ذَبَحَ عَلَی مَا یَنْبَغِی وَ كَذَلِكَ الْأَعْمَی إِذَا سَدَّدَ وَ كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَحْسَنَتْ.

«60»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الذَّبْحِ عَلَی غَیْرِ طَهَارَةٍ فَرَخَّصَ فِیهِ.

«61»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّهُ رَخَّصَ فِی ذَبِیحَةِ الْأَخْرَسِ إِذَا عَقَلَ التَّسْمِیَةَ وَ أَشَارَ بِهَا(1).

توضیح: قال فی النهایة فیه أنه نهی عن المثلة یقال مثلت بالحیوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه و شوهت به و الاسم المثلة و منه الحدیث نهی أن یمثل بالدواب أی تنصب فترمی أو تقطع أطرافها و هی حیة و زاد فی الروایة و أن یؤكل الممثول بها(2).

ص: 329


1- 1. دعائم الإسلام: لیست نسخته موجودة عندی.
2- 2. النهایة 4: 82.

و قال فیه أنه نهی عن قتل شی ء من الدواب صبرا هو أن یمسك شی ء من ذوات الروح حیا ثم یرمی بشی ء حتی یموت و منه الحدیث نهی عن المصبورة و نهی عن صبر ذی الروح انتهی (1) و فسر بعض أصحابنا الذبح صبرا بأن یذبحه و حیوان آخر ینظر إلیه و لم أجد هذا المعنی فی اللغة و تهدأ أی تسكن و قال الجوهری الغلصمة رأس الحلقوم و هو الموضع الناتی فی الحلق و غلصمه أی قطع غلصمته.

فمن صمم كذا فی النسخ فهو إما بالتخفیف كعلم بفك الإدغام كما جوز هنا أی لم یسمع و لم یقل أو بالتشدید علی بناء التفعیل أی عزم علی ما هو علیه و لم یرتدع و قال فی المسالك الأخرس إن كان له إشارة مفهمة حلت ذبیحته و إلا فهو كغیر القاصد(2).

«62»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِی مَخْلَدٍ السَّرَّاجِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ مُعَتِّبٌ فَقَالَ بِالْبَابِ رَجُلَانِ فَقَالَ أَدْخِلْهُمَا فَدَخَلَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّی رَجُلٌ سَرَّاجٌ أَبِیعُ جُلُودَ النَّمِرِ فَقَالَ مَدْبُوغَةٌ هِیَ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَیْسَ بِهِ بَأْسٌ (3).

«63»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ الصَّیْقَلِ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَیْهِ قَوَائِمَ السُّیُوفِ الَّتِی تُسَمَّی السَّفَنَ أَتَّخِذُهَا مِنْ جُلُودِ السَّمَكِ فَهَلْ یَجُوزُ الْعَمَلُ بِهَا وَ لَسْنَا نَأْكُلُ لُحُومَهَا فَكَتَبَ لَا بَأْسَ (4).

بیان: اعلم أن الحیوان منه ما تقع علیه الزكاة إجماعا و هو ما یؤكل لحمه و منه ما لا تقع علیه إجماعا و هو الآدمی مطلقا و نجس العین كالكلب و الخنزیر

ص: 330


1- 1. النهایة 2: 272.
2- 2. مسالك الافهام 2: 225.
3- 3. التهذیب 6: 374.
4- 4. التهذیب 6: 371.

بمعنی أن الآدمی لا تطهر میتته بالذبح و إن جاز ذبحه كالكافر و نجس العین لا یطهر بالذكاة بل تبقی علی نجاسته و منه ما فی وقوعها علیه خلاف فمنها المسوخ فمن قال بنجاستها كالشیخین و سلار قال بعدم وقوع الذكاة علیها كما لا تقع علی الكلب و

الخنزیر و هو ضعیف و من قال بطهارتها كأكثر الأصحاب اختلفوا فذهب المرتضی و جماعة إلی وقوعها علیها و نفاه جماعة و منها الحشرات كالفأر و ابن عرس و الضب و الخلاف فیه كالخلاف فی سابقه.

الثالث السباع كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و المشهور بین الأصحاب وقوع الذكاة علیها بمعنی إفادتها جواز الانتفاع بجلدها لطهارته و قال الشهید رحمه اللّٰه لا یعلم القائل بعدم وقوع الذكاة علیها و قد دلت علیه أخبار و إن قدح فی إسناد أكثرها و إذا قلنا بوجوب الذكاة علی السباع أو غیرها من غیر المأكول فالأشهر بین المتأخرین أن طهارة جلدها لا یتوقف علی الدباغ و قال الشیخان و المرتضی و القاضی و ابن إدریس بافتقاره إلی الدبغ ببعض الأخبار التی یمكن حملها علی الاستحباب.

ص: 331

كلمة المصحّح

بسمه تعالی

انتهی الجزء التاسع من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأبرار و هو الجزء الثانی و الستّون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة الرائقة. و قد قابلناه علی النسخة الّتی صحّحها الفاضل المكرّم الشیخ عبد الرحیم الربانیّ المحترم بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولیّ التوفیق.

محمّد الباقر البهبودی

ص: 332

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

أبواب الدواجن

«1»- باب استحباب اتّخاذ الدواجن فی البیوت 2- 1

«2»- باب فضل اتّخاذ الدیك و أنواعها و اتّخاذ الدجاج فی البیت و أحكامها 11- 3

«3»- باب الحمام و أنواعه من الفواخت و القماری و الدباسیّ و الوراشی و غیرها 29- 12

«4»- باب الطاوس 42- 30

«5»- باب الدراج و القطا و القبج و غیرها من الطیور و فضل لحم بعضها علی بعض 47- 43

أبواب الوحوش و السباع من الدواجن و غیرها

«1»- باب الكلاب و أنواعها و صفاتها و أحكامها و السنانیر و الخنازیر فی بدء خلقها و أحكامها 70- 48

«2»- باب الثعلب و الأرنب و الذئب و الأسد 84- 71

«3»- باب الظبی و سائر الوحوش 91- 85

أبواب الصید و الذبائح و ما یحلّ و ما یحرم من الحیوان و غیره

«1»- باب جوامع ما یحل و ما یحرم من المأكولات و المشروبات و حكم المشتبه بالحرام و ما اضطرّوا إلیه 161- 92

ص: 333

«2»- باب علل تحریم المحرمات من المأكولات و المشروبات 167- 162

«3»- باب ما یحلّ من الطیور و سائر الحیوان و ما لا یحلّ 188- 168

«4»- باب الجراد و السمك و سائر حیوان الماء 219- 189

«5»- باب أنواع المسوخ و أحكامها و علل مسخها 245- 220

«6»- باب الأسباب العارضة المقتضیة للتحریم 258- 246

«7»- باب الصید و أحكامه و آدابه 293- 259

«8»- باب التذكیة و أنواعها و أحكامها 331- 294

ص: 334

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام.

ضا: لفقه الرضا علیه السلام.

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام.

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام.

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 335

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.