بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 61

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 61: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب السماء و العالم

أبواب الحیوان و أصنافها و أحوالها و أحكامها

باب 1 عموم أحوال الحیوان و أصنافها

الآیات:

الأنعام: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ یَطِیرُ بِجَناحَیْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِی الْكِتابِ مِنْ شَیْ ءٍ ثُمَّ إِلی رَبِّهِمْ یُحْشَرُونَ

النحل: وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ و قال تعالی أَ لَمْ یَرَوْا إِلَی الطَّیْرِ مُسَخَّراتٍ فِی جَوِّ السَّماءِ ما یُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ

الأنبیاء: وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ وَ كُنَّا فاعِلِینَ

النور: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِما یَفْعَلُونَ و قال تعالی وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلی بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلی رِجْلَیْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلی أَرْبَعٍ یَخْلُقُ اللَّهُ ما یَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ

النمل: وَ قالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ فَهُمْ

یُوزَعُونَ حَتَّی إِذا أَتَوْا عَلی وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ إلی قوله تعالی وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ فَمَكَثَ غَیْرَ بَعِیدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ إلی قوله سبحانه قال سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِینَ اذْهَبْ بِكِتابِی هذا فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ

العنكبوت: وَ كَأَیِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ یَرْزُقُها وَ إِیَّاكُمْ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ

لقمان: وَ بَثَّ فِیها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ

ص: وَ الطَّیْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ

الزخرف: وَ الَّذِی خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها الجاثیة وَ فِی خَلْقِكُمْ وَ ما یَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آیاتٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ

الملك: أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلَی الطَّیْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ یَقْبِضْنَ ما یُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ بَصِیرٌ التكویر وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ

الفیل: أَ لَمْ تَرَ كَیْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِیلِ إلی آخر السورة.

تفسیر:

قال الطبرسی قدس سره فی قوله تعالی وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِی الْأَرْضِ أی ما من حیوان یمشی علی وجه الأرض وَ لا طائِرٍ یَطِیرُ بِجَناحَیْهِ جمع بهذین اللفظین جمیع الحیوانات لأنها لا تخلو أن تكون تطیر بجناحیه أو تدب و إنما قال یَطِیرُ بِجَناحَیْهِ للتوكید و رفع اللبس لأن القائل قد یقول طر فی حاجتی أی أسرع فیها أو لأن السمك تطیر فی الماء و لا جناح لها و إنما خرج السمك عن الطائر لأنه من دواب البحر و إنما أراد تعالی ما فی الأرض و ما فی الجو(1)

ص: 2


1- 1. مجمع البیان 4: 297.

و أقول: قیل إنها تشمل الحیتان أیضا إما بدخولها فی الأول لأنها تدب فی الماء أو فی الثانی و لا یخفی بعدهما.

و قال الرازی فی قوله إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ قال الفراء یقال كل صنف من البهائم أمة و جاء فی الحدیث لو لا أن الكلاب أمة تسبح لأمرت (1) بقتلها فجعل الكلاب أمة إذا ثبت هذا فنقول الآیة دلت علی أن هذه الدواب و الطیور أمثالنا و لیس فیها ما یدل علی أن هذه المماثلة فی أی المعانی حصلت و لا یمكن أن یقال المراد حصول المماثلة من كل الوجوه و إلا لكان یجب كونها أمثالنا(2) فی الصورة و الصفة و الخلقة و ذلك باطل فظهر أنه لا دلالة فی الآیة علی أن تلك المماثلة حصلت فی أی الأحوال و الأمور فاختلف الناس فی تفسیر الأمر الذی حكم اللّٰه فیه بالمماثلة بین البشر و بین الدواب و الطیور و ذكروا فیه أقوالا.

الأول نقل الواحدی عن ابن عباس أنه قال یرید یعرفوننی و یوحدوننی و یسبحوننی و یحمدوننی و إلی هذا القول ذهبت طائفة عظیمة من المفسرین و قالوا إن هذه الحیوانات تعرف اللّٰه و تحمده و تسبحه و احتجوا علیه بقوله وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (3) و بقوله فی صفة الحیوانات كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ (4) و لأنه تعالی (5) خاطب النمل و الهدهد.

و عن أبی الدرداء قال أبهمت عقول البهم عن كل شی ء إلا أربعة(6) أشیاء

ص: 3


1- 1. فی المصدر: لو لا ان الكلاب امة من الأمم لامرت بقتلها.
2- 2. فی المصدر: امثالا لنا.
3- 3. الإسراء: 44.
4- 4. النور: 41.
5- 5. فی المصدر: و بما أنّه تعالی.
6- 6. فی المصدر: الا عن أربعة.

معرفة الإله و طلب الرزق و معرفة الذكر و الأنثی و تهیأ كل واحد منهما لصاحبه.

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً عَبَثاً جَاءَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَعِجُّ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی یَقُولُ یَا رَبِّ إِنَّ هَذَا قَتَلَنِی عَبَثاً لَمْ یَنْتَفِعْ بِی وَ لَمْ یَدَعْنِی فَآكُلَ مِنْ حُشَارَةِ(1) الْأَرْضِ.

الثانی أن المراد كونها أمثالكم فی كونها أمما و جماعات و فی كونها مخلوقة بحیث یشبه بعضها بعضا و یأنس بعضها ببعض و یتوالد بعضها من بعض إلا أن للسائل أن یقول حمل الآیة علی هذا الوجه لا یفید فائدة معتبرة إذ معلوم لكل أحد كونها كذلك.

الثالث أن المراد أنها أمثالنا فی أن دبرها اللّٰه تعالی و خلقها و تكفل برزقها و هذا یقرب من القول الثانی فیما ذكر.

الرابع أن المراد أنه تعالی كما أحصی فی الكتاب كل ما یتعلق بأحوال البشر من العمر و الرزق و الأجل و السعادة و الشقاوة فكذلك أحصی فی الكتاب جمیع هذه الأحوال فی حق كل الحیوانات قالوا و الدلیل علیه قوله تعالی ما فَرَّطْنا فِی الْكِتابِ مِنْ شَیْ ءٍ و الخامس أنه أراد تعالی أنها أمثالها(2) فی أنها تحشر یوم القیامة و توصل (3) إلیها حقوقها كما

رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ قَالَ یُقْتَصُّ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ.

السادس ما رواه الخطابی عن سفیان بن عیینة أنه لما قرأ هذه الآیة قال ما فی الأرض آدمی إلا و فیه شبه من بعض البهائم فمنهم من یقدم إقدام الأسد و منهم من یعدو عدو الذئب و منهم من ینبح نباح الكلب و منهم من یتطوس

ص: 4


1- 1. فی المصدر:( خشاش الأرض) و المعنی واحد و هو حشرات الأرض.
2- 2. فی المصدر: امثالنا.
3- 3. فی المصدر: یوصل.

كفعل الطاوس و منهم من یشبه الخنزیر فإنه لو ألقی إلیه الطعام الطیب تركه و إذا أقام الرجل عن رجیعة ولغت (1) فیه و كذلك نجد من الآدمیین من لو سمع خمسین حكمة لم یحفظ واحدة منها فإن أخطأت مرة واحدة حفظها و لم یجلس مجلسا إلا رواه عنه.

ثم قال فاعلم یا أخی أنك إنما تعاشر البهائم و السباع فبالغ فی الاحتراز.

ثم قال ذهب القائلون بالتناسخ إلی أن الأرواح البشریة إن كانت سعیدة مطیعة لله موصوفة بالمعارف الحقة و بالأخلاق الطاهرة فإنها بعد موتها تنقل إلی أبدان الملوك فربما قالوا إنها تنقل إلی مخالطة عالم الملائكة و إن كانت شقیة جاهلة عاصیة فإنها تنقل إلی أبدان الحیوانات و كلما كانت تلك الأرواح أكثر شقاوة و استحقاقا للعذاب نقلت إلی بدن حیوان أخس و أكثر تعبا و شقاء و احتجوا علی صحة قولهم بهذه الآیة فقالوا صریح هذه الآیة یدل علی أنه لا دابة و لا طیر إلا و هی أمم أمثالنا و لفظ المماثلة یقتضی حصول المساواة فی جمیع الصفات الذاتیة و أما الصفات العرضیة المفارقة فالمساواة فیها غیر معتبرة فی حصول المماثلة.

ثم إن القائلین بهذا القول زادوا علیه و قالوا قد ثبت بهذا أن أرواح جمیع الحیوانات عارفة بربها و عارفة بما تحصل لها من السعادة و الشقاوة و أن اللّٰه تعالی أرسل إلی كل جنس منها رسولا من جنسها.

و احتجوا علیه بأنه ثبت بهذه الآیة أن الدواب و الطیور أمم ثم إنه تعالی قال وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِیها نَذِیرٌ(2) و ذلك تصریح بأن لكل طائفة من هذه الحیوانات رسولا أرسله اللّٰه إلیه ثم أكدوا ذلك بقصة الهدهد و النمل و سائر القصص المذكورة فی القرآن. و اعلم أن القول بالتناسخ قد أبطلناه بالدلائل الجیدة فی علم الأصول و أما

ص: 5


1- 1. فی المصدر: ولغ فیه.
2- 2. فاطر: 24.

هذه الآیة فقد ذكرنا أنه یكفی فی ضبط حصول المماثلة(1) فی بعض الأمور المذكورة فلا حاجة إلی إثبات ما ذكره أهل التناسخ (2) انتهی.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه إِلَّا أُمَمٌ أی أصناف مصنفة تعرف بأسمائها یشتمل كل صنف علی العدد الكثیر عن مجاهد أَمْثالُكُمْ قیل یرید أشباهكم فی إبداع اللّٰه إیاها و خلقه لها و دلالته علی أن لها صانعا و قیل إنما مثلت الأمم من غیر الناس بالناس فی الحاجة إلی مدبر یدبرهم فی أغذیتهم و أكلهم و لباسهم و نومهم و یقظتهم و هدایتهم إلی مراشدهم إلی ما لا یحصی كثرة من أحوالهم و مصالحهم و أنهم یموتون و یحشرون و بین بهذا أنه لا یجوز للعباد أن یتعدوا فی ظلم شی ء منها فإن اللّٰه خالقها و المنتصف لها.

ثم قال فی قوله سبحانه إِلی رَبِّهِمْ یُحْشَرُونَ معناه یحشرون إلی اللّٰه بعد موتهم یوم القیامة كما یحشر العباد فیعوض اللّٰه تعالی ما یستحق العوض منها و ینتصف لبعضها من بعض.

و فیما رووه عن أبی هریرة أنه قال یحشر اللّٰه الخلق یوم القیامة البهائم و الدواب و الطیر و كل شی ء فیبلغ من عدل اللّٰه تعالی یومئذ أن یأخذ للجماء من القرناء(3) ثم یقول كونی ترابا فلذلك یقول الكافر یا لَیْتَنِی كُنْتُ تُراباً(4)

«14»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ: بَیْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا انْتَطَحَتْ (5)

عَنْزَانِ (6) فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَدْرُونَ فِیمَ انْتَطَحَا فَقَالُوا لَا نَدْرِی قَالَ لَكِنَّ اللَّهَ یَدْرِی

ص: 6


1- 1. فی المصدر: فقد ذكرنا ما یكفی فی صدق حصول المماثلة.
2- 2. تفسیر الرازیّ 12: 213- 215.
3- 3. الجماء جمع الاجم: الكبش لا قرن له. و القرناء جمع الاقرن: ما له قرنان.
4- 4. النبأ: 40.
5- 5. نطحه: اصابه بقرنه و انتطح الكبشان: نطح احدهما الآخر.
6- 6. فی المصدر: اذ نطحت عنزان.

وَ سَیَقْضِی بَیْنَهُمَا وَ عَلَی (1) هَذَا فَإِنَّمَا جُعِلَتْ أَمْثَالَنَا فِی الْحَشْرِ وَ الْقِصَاصِ (2).

و استدلت جماعة من أهل التناسخ بهذه الآیة علی أن البهائم و الطیور مكلفة لقوله أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ و هذا باطل لأنا قد بینا أنها من أی جهة تكون أمثالنا و لو وجب حمل ذلك علی العموم لوجب أن تكون أمثالنا فی كونها علی مثل صورنا و هیئاتنا و خلقتنا و أخلاقنا فكیف یصح تكلیف البهائم و هی غیر عاقلة و التكلیف لا یصح إلا مع كمال العقل انتهی (3).

و قال الرازی للفضلاء فیه قولان.

الأول أنه تعالی یحشر البهائم و الطیور لإیصال الأعواض إلیها و هو قول المعتزلة و ذلك لأن إیصال الآلام إلیها من غیر سبق جنایة لا یحسن إلا للعوض و لما كان إیصال العوض إلیها واجبا فاللّٰه تعالی یحشرها لیوصل تلك الأعواض إلیها.

و القول الثانی قول أصحابنا إن الإیجاب علی اللّٰه تعالی محال بل اللّٰه یحشرها بمجرد الإرادة و المشیة و مقتضی الإلهیة.

و احتجوا علی أن القول بوجوب العوض علی اللّٰه تعالی باطل بأمور. الأول أن الوجوب عبارة عن كونه مستلزما للذم عند الترك و كونه تعالی مستلزما للذم محال لأنه كامل لذاته و الكامل لذاته لا یعقل كونه مستحقا للذم بسبب أمر منفصل لأن ما یكون لازما بالذات لا یبطل عند عروض أمر من الخارج (4).

الثانی أنه لو حسن إیصال الضرر إلی الغیر لأجل العوض لوجب أن یحسن منا إیصال المضار إلی الغیر لأجل التزام العوض من غیر رضاه و ذلك باطل فثبت أن القول بالعوض باطل.

إذا عرفت هذا فلنذكر بعض التفاریع الذی ذكرها القاضی فی هذا الباب.

ص: 7


1- 1. الظاهر الحدیث ینتهی بقوله: بینهما، و بعده من كلام الطبرسیّ.
2- 2. فی المصدر: و الاقتصاص.
3- 3. مجمع البیان 4: 297 و 298.
4- 4. زاد فی المصدر حجة أخری و هی انه تعالی مالك لكل المحدثات، و المالك یحسن تصرفه فی ملك نفسه من غیر حاجة الی العوض.

الأول قال كل حیوان استحق العوض عن (1) اللّٰه مما لحقه من الآلام و كان ذلك العوض لم یصل إلیه فی الدنیا فإنه یجب علی اللّٰه حشره (2)

فی الآخرة لیوفر علیه العوض و الذی لا یكون كذلك فإنه لا یجب حشره عقلا إلا أنه تعالی أخبر أنه یحشر الكل فمن حیث السمع یقطع بذلك و إنما قلنا إن فی الحیوانات من لا یستحق العوض البتة لأنه ربما بقیت مدة حیاتها مصونة عن الآلام ثم إنه تعالی یمیتها من غیر إیلام أصلا فإنه لم یثبت بالدلیل أن الموت لا بد و أن یحصل معه شی ء من الآلام (3) و علی هذا التقدیر فإنه لا یستحق العوض البتة.

الثانی كل حیوان أذن اللّٰه فی ذبحه فالعوض علی اللّٰه و هی علی أقسام.

منها ما أذن فی ذبحها لأجل الأكل و منها ما أذن فی ذبحها لأجل كونها مؤذیة مثل السباع العادیة و الحشرات المؤذیة و منها ما أوذی بالأمراض (4).

و منها ما أذن اللّٰه فی حمل الأحمال الثقیلة علیها و استعمالها بالأفعال الشاقة و أما إذا ظلمها الناس فذلك العوض علی ذلك الظالم و إذا ظلم بعضها بعضا فذلك العوض علی ذلك الظالم.

فإن قیل إذا ذبح ما یؤكل لحمه لا علی وجه التذكیة فعلی من العوض.

أجاب بأن ذلك ظلم و العوض علی الذابح و لذلك

نَهَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ ذَبْحِ الْحَیَوَانِ إِلَّا لِأَكْلِهِ (5).

الثالث المراد من العوض منافع عظیمة بلغت فی الجلالة و الرفعة إلی حیث لو كانت هذه البهیمة عاقلة و علمت أنه لا سبیل لها إلی تحصیل تلك المنفعة إلا بواسطة تحمل ذلك الذبح فإنها كانت ترضی به فهذا هو العوض الذی لأجله یحسن الإیلام و الإضرار.

ص: 8


1- 1. فی المصدر: علی اللّٰه.
2- 2. فی المصدر: حشره عقلا.
3- 3. فی المصدر: من الایلام.
4- 4. فی المصدر: ما آلمهما بالامراض.
5- 5. فی المصدر: الا لمأكله.

الرابع مذهب القاضی و أكثر معتزلة البصرة أن العوض منقطع قال القاضی و هو قول أكثر المفسرین لأنه قال إنه تعالی بعد توفیر العوض علیها یجعلها ترابا و عنده یقول الكافر یا لَیْتَنِی كُنْتُ تُراباً(1) قال أبو القاسم یجب كون العوض دائما(2).

و احتج القاضی علی قوله بأنه یحسن من الواحد منا أن یلتزم عملا شاقا لمنفعة منقطعة(3) فعلمنا أن إیصال الألم إلی الغیر غیر مشروط بدوام الأجر(4).

و احتج البلخی علی قوله بأن قال لا یمكن قطع ذلك العوض إلا بإماتة تلك البهیمة و إماتتها توجب الألم و ذلك الألم یوجب عوضا آخر و هكذا إلی ما لا آخر له.

و الجواب عنه أنه لم یثبت بالدلیل أن الإماتة لا یمكن تحصیلها إلا مع الإیلام.

الخامس أن البهیمة إذا استحقت علی بهیمة أخری عوضا فإن كانت البهیمة الظالمة قد استحقت علی اللّٰه عوضا فإن اللّٰه تعالی ینقل ذلك العوض إلی المظلوم و إن لم یكن الأمر كذلك فاللّٰه تعالی یكمل هذا العوض فهذا مختصر من أحكام الأعواض علی قول المعتزلة انتهی كلامه فی هذا المقام (5).

و قال فی قوله تعالی وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ قد ذكرنا أن السجود علی نوعین سجود هو عبادة كسجود المسلمین لله و سجود عبارة عن الانقیاد و الخضوع (6) و یرجع حاصل هذا السجود إلی أنها فی أنفسها ممكنة الوجود و العدم قابلة لهما فإنه لا یرجح (7)

ص: 9


1- 1. النبأ: 40.
2- 2. فی المصدر: یجب أن یكون العوض دائما.
3- 3. فی المصدر: و الاجرة منقطعة.
4- 4. فی المصدر: الاجرة.
5- 5. تفسیر الرازیّ 12: 218- 220.
6- 6. فی المصدر: عن الانقیاد للّٰه تعالی و الخضوع.
7- 7. فی المصدر: و انه لا یترجح.

أحد الطرفین علی الآخر إلا لمرجح فمن (1) الناس من قال المراد هنا المعنی الثانی لأن اللائق بالدابة لیس له إلا هذا السجود و منهم من قال المراد هو المعنی الأول لأنه اللائق بالملائكة و منهم من قال هو لفظ مشترك و حمل المشترك علی معنییه جائز و هو ضعیف (2).

و قال فی قوله تعالی أَ لَمْ یَرَوْا إِلَی الطَّیْرِ هذا دلیل آخر علی كمال قدرة اللّٰه تعالی و حكمته فإنه لو لا أنه تعالی خلق الطیر خلقة معها یمكنه الطیران و خلق الجو خلقة معها یمكن الطیران فیها(3) لما أمكن ذلك فإنه تعالی أعطی الطیر جناحا یبسطه مرة و یكسره أخری مثل ما یعمل السابح فی الماء و خلق الهواء خلقة لطیفة رقیقة یسهل خرقه (4) و النفاذ فیه و لو لا ذلك لما كان الطیران ممكنا ما یُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ المعنی أن جسد الطیر جسم ثقیل و الجسم الثقیل یمتنع بقاؤه فی الجو معلقا من غیر دعامة تحته و لا علاقة فوقه فوجب أن یكون الممسك له فی ذلك الجو هو اللّٰه تعالی قال القاضی إنما أضاف اللّٰه تعالی هذا الإمساك إلی نفسه لأنه تعالی هو الذی أعطی الآلات التی لأجلها یتمكن الطیر من تلك الأفعال فلما كان تعالی هو السبب لذلك لا جرم صحت الإضافة انتهی (5).

قوله تعالی: " والطیر " أی والطیر أیضا تسبح، وقد مر أن تسبیحها إما محمول علی الحقیقة بناء علی شعورها، أو جعلها اللّٰه فی هذا الوقت ذات شعور معجزة لداود علیه السلام، أو تسبیحها بلسان الحال، كما مر فی تسبیح الجمادات، أو هو من السباحة قال الرازی: وأما الطیر فلا امتناع فی أن یصدر عنها الكلام، ولكن أجمعت الأمة علی

ص: 10


1- 1. نقله المصنّف من هنا إلی آخر كلامه باختصار.
2- 2. تفسیر الرازیّ 20: 42 و 44.
3- 3. فی المصدر: الطیران فیه.
4- 4. فی المصدر: یسهل بسببها خرقه.
5- 5. تفسیر الرازیّ 2: 90 و 91 فیه: فلما كان تعالی هو المسبب لذلك لا جرم صحت هذه الإضافة إلی اللّٰه تعالی.

أن المكلفین إما الجن أو الإنس أو الملائكة فیمتنع فیها أن تبلغ فی العقل إلی درجة التكلیف بل یكون حاله (1) كحال الطفل فی أن یؤمر و ینهی و إن لم یكن مكلفا فصار ذلك معجزة من حیث جعلها فی الفهم بمنزلة المرافق (2).

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه تسخیر الطیر له تسبیح یدل علی أن مسخرها قادر لا یجوز علیه ما یجوز علی العباد عن الجبائی و علی بن عیسی و قیل إن الطیر كانت تسبح معه بالغداة و العشی معجزة له عن وهب وَ كُنَّا فاعِلِینَ أی قادرین علی فعل هذه الأشیاء ففعلناها دلالة علی نبوته (3).

قوله سبحانه أَ لَمْ تَرَ قال الرازی أی أ لم تعلم و ظاهره الاستفهام و المراد به التقریر و البیان.

و اعلم أنه إما أن یكون المراد من التسبیح دلالته بهذه الأشیاء(4) علی كونه تعالی منزها عن النقائص موصوفا بنعوت الجلال (5) و إما أن یكون المراد منه فی حق البعض الدلالة علی التنزیه و فی حق الباقین النطق باللسان و الأول أقرب و أما القسم الثالث فهو أن یقال استعمل اللفظ الواحد فی الحقیقة و المجاز معا و هو غیر جائز فلم یبق إلا الأول.

فإن قیل فالتسبیح بهذا المعنی حاصل لجمیع المخلوقات فما وجه تخصیصه هنا بالعقلاء.

قلنا لأن خلقة العقلاء أشد دلالة علی وجود الصانع سبحانه لأن العجائب فیها أكثر(6).

ص: 11


1- 1. فی المصدر: بل تكون علی حالة.
2- 2. تفسیر الرازیّ 22: 200.
3- 3. مجمع البیان 7: 58.
4- 4. فی المصدر: دلالة هذه الأشیاء.
5- 5. زاد فی المصدر: و اما أن یكون المراد منه أنّها تنطق بالتسبیح و تتكلم به.
6- 6. فی المصدر: لان العجائب و الغرائب فی خلقهم أكثر و هی العقل و النطق و الفهم.

و لما ذكر(1)

أن أهل السماوات و أهل الأرض یسبحون ذكر أن الذین استقروا فی الهواء و هو الطیر یسبحون و ذلك لأن إعطاء الجرم الثقیل القوة التی تقوی بها علی الوقوف فی جو السماء صافة باسطة أجنحتها بما فیها من القبض و البسط من أعظم الدلائل علی قدرة الصانع المدبر سبحانه و جعل طیرانها سجودا منها له سبحانه و ذلك یؤكد ما ذكرناه أن المراد من التسبیح دلالة هذه الأمور علی التنزیه لا النطق اللسانی كُلٌّ قَدْ عَلِمَ أی علم اللّٰه و یدل علیه قوله وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِما یَفْعَلُونَ و هو اختیار جمهور المتكلمین.

و الثانی أن یعود الضمیر فی علم و الصلاة و التسبیح علی لفظ كل أی أنهم یعلمون ما یجب علیهم من الصلاة و التسبیح.

و الثالث أن تكون الهاء راجعة إلی اللّٰه (2)

یعنی قد علم كل مسبح و كل مصل صلاته (3) التی كلفه إیاها و علی هذین التقدیرین فقوله وَ اللَّهُ عَلِیمٌ استئناف

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ(4) الْبَاقِرِ علیه السلام فَقَالَ لِی أَ تَدْرِی مَا تَقُولُ هَذِهِ الْعَصَافِیرُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ بَعْدَ طُلُوعِهَا قَالَ (5) فَإِنَّهُنَّ یُقَدِّسْنَ رَبَّهُنَّ وَ یَسْأَلْنَهُ قُوتَ یَوْمِهِنَّ.

و استبعد المتكلمون ذلك فقالوا الطیر لو كانت عارفة باللّٰه لكانت كالعقلاء الذین یفهمون كلامنا و إشارتنا لكنها لیست كذلك فإنا نعلم بالضرورة أنها أشد نقصانا

ص: 12


1- 1. فیه اختصار، و تمامه علی ما فی المصدر: اما قوله تعالی:« وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ»، فلقائل أن یقول: ما وجه اتصال هذا بما قبله؟ و الجواب انه سبحانه لما ذكر.
2- 2. فی المصدر: علی ذكر اللّٰه.
3- 3. فی المصدر: صلاة اللّٰه.
4- 4. فی المصدر:« محمّد بن جعفر الباقر» و لعله تصحیف من النسّاخ.
5- 5. فی المصدر: قال: لا، قال.

من الصبی الذین لا یعرف هذه الأمور فبأن یمتنع ذلك فیها أولی و إذا ثبت أنها لا تعرف اللّٰه استحال كونها مسبحة له بالنطق فثبت أنها لا تسبح اللّٰه إلا بلسان الحال.

ثم ذكر كثیرا من الحیل الدقیقة الصادرة عن الحیوانات كما سیأتی و استدل بها علی شعورها و عقلها ثم قال و الأكیاس من العقلاء یعجزون عن أمثال هذه الحیل فإذا جاز ذلك فلم لا یجوز أن یقال إنها ملهمة عن اللّٰه سبحانه بمعرفته و الثناء علیه و كانت (1) غیر عارفة بسائر الأمور التی یعرفها الناس و لله در شهاب السمعانی حیث قال جل جناب العز و الجلال عن أن یوزن بمیزان الاعتزال (2).

و قال فی قوله سبحانه وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فی هذه الآیة سؤالات الأول قال اللّٰه خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ مع أن كثیرا من الحیوانات غیر مخلوقة من الماء كالملائكة(3) و هو أعظم المخلوقات عددا و أنهم (4) مخلوقون من النور و أما الجن فهم مخلوقون من النار و خلق اللّٰه آدم من التراب (5)

و خلق اللّٰه عیسی من الریح لقوله فَنَفَخْنا فِیهِ مِنْ رُوحِنا(6) و أیضا نری أن كثیرا من الحیوانات یتولد لا عن النطفة.

و الجواب من وجوه أحدها و هو الأحسن ما قاله القفال و هو أن مِنْ ماءٍ صلة كُلَّ دَابَّةٍ و لیس هو من صلة خَلَقَ و المعنی أن كل دابة متولدة من الماء فهی مخلوقة لله.

و ثانیها أن أصل جمیع المخلوقات الماء علی ما روی أول ما خلق اللّٰه تعالی جوهرة فنظر إلیها بعین الهیبة فصارت ماء ثم من ذلك الماء خلق النار و الهواء و النور

ص: 13


1- 1. فی المصدر: و ان كانت.
2- 2. تفسیر الرازیّ 24: 10- 12.
3- 3. فی المصدر: اما الملائكة.
4- 4. فی المصدر: و هم مخلوقون.
5- 5. زاد فی المصدر: لقوله:« خلقه من تراب» أقول: الآیة فی آل عمران: 59.
6- 6. التحریم: 12.

و لما كان المقصود من هذه الآیة بیان أصل الخلقة و كان الأصل الأول هو الماء لا جرم ذكره علی هذا الوجه.

و ثالثها أن المراد من الدابة الذی یدب (1)

علی وجه الأرض و مسكنهم هناك لتخرج الملائكة و الجن (2)

و لما كان الغالب جدا من هذه الحیوانات كونهم مخلوقین من الماء إما لأنها متولدة من النطفة و إما لأنها لا تعیش إلا بالماء لا جرم أطلق الكل تنزیلا للغالب منزلة الكل.

الثانی لم سمی الزحف علی البطن مشیا و الجواب هذا علی سبیل الاستعارة كما یقال فلان لا یمشی له أمر و علی طریق المشاكلة.

الثالث أنه لم تنحصر(3)

القسمة لأنا نجد ما یمشی علی أكثر من أربع مثل العناكب و العقارب و مثل الحیوان الذی له أربع و أربعون رجلا الذی یسمی دخال الأذن.

و الجواب القسم الذی ذكرتم كالنادر فكان ملحقا بالعدم و لأن الفلاسفة یقولون ما له قوائم كثیرة فالاعتماد له إذا مشی علی أربع جهاته لا غیر فكأنه یمشی علی أربع و لأن قوله یَخْلُقُ اللَّهُ ما یَشاءُ تنبیه علی أن الحیوانات كما اختلف بحسب كیفیة المشی فكذا هی مختلفة بحسب أمور أخر.

و لنذكر هاهنا بعض تلك التقسیمات التقسیم الأول الحیوانات قد تشترك فی أعضاء و قد تتباین بأعضاء أما الشركة فمثل اشتراك الإنسان و الفرس فی أن لهما لحما و عصبا و عظما و أما التباین فإما أن یكون فی نفس العضو أو فی صفته.

ص: 14


1- 1. فی المصدر: التی تدب.
2- 2. فی المصدر: فیخرج عنه الملائكة و الجن.
3- 3. فی المصدر: لم یستوف القسمة.

أما الأول فعلی وجهین أحدهما أن لا یكون العضو حاصلا للآخر و إن كانت أجزاؤه حاصلة للثانی كالفرس و الإنسان فإن الفرس له ذنب و الإنسان لیس له ذنب و لكن أجزاء الذنب لیس إلا العظم و العصب و اللحم و الجلد و الشعر و كل ذلك حاصل للإنسان.

و الثانی أن لا یكون ذلك العضو حاصلا للثانی لا بذاته و لا بأجزائه مثل أن للسلحفاة صدفا یحیط به و لیس للإنسان و للسمك فلوس (1)

و للقنفذ شوك و لیس شی ء منها للإنسان.

و أما التباین فی صفة العضو فإما أن یكون من باب الكمیة أو الكیفیة أو الوضع أو الفعل أو الانفعال أما الذی فی الكمیة فإما أن یتعلق بالمقدار مثل أن عین البوم كبیرة و عین العقاب صغیرة أو بالعدد مثل أن أرجل بعض العناكب ستة و أرجل ضرب آخر ثمانیة أو عشرة و الذی فی الكیفیة فكاختلافها فی الألوان و الأشكال و الصلابة و اللین و الذی فی الوضع فمثل اختلاف وضع ثدی الفیل فإنه قریب من الصدور و ثدی الفرس فإنه عند السرة و أما الذی فی الفعل فمثل كون أذن الفیل للذب (2) مع كونه آلة للسمع و لیس كذلك الإنسان (3) و كون أنفه آلة للقبض دون أنف غیره و أما الذی فی الانفعال فمثل كون عین الخفاش سریعة التحیر فی الضوء و عین الخطاف خلاف ذلك. التقسیم الثانی للحیوان إما أن یكون مائیا بأن یكون مسكنه الأصلی هو الماء أو أرضیا أو یكون مائیا ثم یصیر أرضیا أما الحیوانات المائیة فتعتبر أحوالها من وجوه الأول إما أن یكون مكانه و غذاؤه و نفسه مائیا فله بدل التنفس

ص: 15


1- 1. فی المصدر: و لیس للإنسان ذلك و كذا للسمك فلوس.
2- 2. فی المصدر: صالحا للذب.
3- 3. فی المصدر: فی الإنسان.

جذب الماء إلی بطنه ثم رده (1)

و لا یعیش إذا فارقه و السمك كله كذلك (2) أو مكانه و غذاؤه مائی لا یتنفس و لا یستنشق مثل أصناف من الصدف لا تظهر للهواء و لا تستدخل الماء إلی باطنها.

الثانی الحیوانات المائیة بعضها ماؤها الأنهار الجاریة و بعضها ماؤها البطائح مثل الضفادع و بعضها ماؤها میاه البحر(3).

الثالث منها لجیة و منها شطیة و منها طینیة و منها صخریة.

الوجه الرابع الحیوان المنتقل فی الماء منه ما یعتمد فی غوصه علی رأسه و فی السباحة علی أجنحته كالسمك و منه ما یعتمد فی السباحة علی أرجله كالضفادع و منه ما یمشی فی قعر الماء كالسرطان و منه ما یزحف مثل ضرب من السمك لا جناح له كالدود.

و أما الحیوانات البریة فتعتبر أحوالها أیضا من وجهین الأول أن منها ما یتنفس من طریق واحد كالفم و الخیشوم و منه ما لا یتنفس كذلك بل علی نحو آخر(4) مثل الزنبور و النحل.

الثانی أن الحیوانات الأرضیة منها ما له مأوی معلوم و منها ما مأواه كیف اتفق إلا أن تلد فیقیم للحضانة و اللواتی لها مأوی فبعضها مأواه قلة رابیة(5) و بعضها مأواه وجه الأرض.

ص: 16


1- 1. فی المصدر: فله بدل التنفس فی الهواء التنشق المائی فهو یقبل الماء الی باطنه ثمّ یرده.
2- 2. سقط هنا قسم آخر فهو علی ما فی المصدر: و منه ما مكانه و غذاؤه مائی و لكن یتنفس من الهواء مثل السلحفاة المائیة.
3- 3. فی المصدر: بعضها مأواها میاه الأنهار الجاریة و بعضها میاه البطائح و بعضها مأواها میاه البحر.
4- 4. فی المصدر: بل علی نحو آخر من مسامه.
5- 5. فی المصدر: فبعضها مأواه شق و بعضها حفر و بعضها مأواه قلة رابیة.

الثالث الحیوان البری كل طائر منه ذو جناحین فإنه یمشی برجلیه و من جملة ذلك مشیه صعب علیه كالخطاف الكبیر الأسود و الخفاش و أما الذی جناحه جلد أو غشاء فقد یكون عدیم الرجل كضرب من الحیات بالحبشة تطیر.

الرابع الطیر تختلف فبعضها تتعایش معا كالكراكی و بعضها تعیش منفردا كالعقاب و جمیع الجوارح التی تتنازع علی الطعم لاحتیاجها إلی الاجتهاد لتصید(1) و منها ما تتعایش زوجا كالقطا و منها ما تجتمع تارة و تنفرد أخری ثم إن المنفرد قد تكون مدنیة و قد تكون بریة صرفة و قد تكون بستانیة.

و الإنسان من بین الحیوان هو الذی لا یمكنه أن یعیش وحده فإن أسباب حیاته و معیشته تلتئم بالمشاركة المدنیة و النحل و بعض الفراش یشارك الإنسان فی ذلك لكن الحدا و الكراكی (2)

تطیع رئیسا واحدا و النمل لها اجتماع و لا رئیس لها.

الخامس الطیر منه آكل لحم و منه لاقط حب و منه آكل عشب و قد یكون للبعض طعم معین كالنحل فإن غذاءه الزهر و العنكبوت فإن غذاءه الذباب و قد یكون بعضه متفق الطعم.

و أما القسم الثالث و هو الحیوان الذی یكون تارة مائیا و أخری بریا فیقال إنه حیوان یكون فی البحر و یعیش فیه ثم إنه یبرز إلی البر و یبقی فیه.

القسم الثالث منه ما هو إنسی بالطبع فمنه ما یسرع استیناسه (3) و یبقی

ص: 17


1- 1. فی المصدر: الی الاحتیال لتصید و منافستها فیه.
2- 2. فی المصدر: و النحل و النمل و بعض الغرانیق یشارك الإنسان فی ذلك لكن النحل و الكراكی.
3- 3. الظاهر أن نسخة المصنّف كانت ناقصة، و الصحیح كما فی المصدر: الحیوان منه ما هو انسی بالطبع كالانسان و منه ما هو انسی بالمولد كالهرة و الفرس، و منه ما هو انسی بالقسر كالفهد، و منه ما لا یأنس كالنمر، و المستأنس بالقسر منه ما یسرع استئناسه.

مستأنسا كالفیل و منه ما یبطئ كالأسد و یشبه أن یكون من كل نوع صنف إنسی و صنف وحشی حتی من الناس.

التقسیم الرابع من الحیوان ما هو مصوت و منه ما لا صوت له و كل مصوت فإنه یصیر عند الاغتلام و حركة شهوة الجماع أشد تصویتا حتی الإنسان (1) و منه ما له شبق یسفد كل وقت كالدیك و منه عفیف له وقت معین.

التقسیم الخامس بعض الحیوانات هادئ الطبع قلیل الغضب مثل البقر و بعضه شدید الجهل حاد الغضب كالخنزیر البری و بعضها حلیم حمول كالبعیر و بعضها سریع الحركات كالحیة(2) و بعضها قوی جری ء شهم كبیر النفس كریم الطبع كالأسد و منها قوی محتال (3)

وحشی كالذئب و بعضها محتال مكار ذی الحركات (4)

كالثعلب و بعضها غضوب شدید الغضب سفیه إلا أنه ملق متودد كالكلب و بعضها شدید اللین مستأنس كالفیل و القرد و بعضها حسود مباه (5)

بجماله كالطاوس و بعضها شدید الحفظ(6) كالجمل و الحمار لا ینسی كل منهما الطریق الذی رآه.

التقسیم السادس من الحیوانات ما تناسله بأن تلد حیوانا(7) و بعضها ما تناسله بأن تلد أنثاه دودا(8) انتهی.

و قال النیسابوری منه ولود و منه بیوض و كل أذون ولود و كل

ص: 18


1- 1. الصحیح كما فی المصدر: الا الإنسان.
2- 2. فی المصدر: و بعضها ردی ء الحركات مغتال كالحیة.
3- 3. فی المصدر: مغتال.
4- 4. فی المصدر: ردی ء الحركات.
5- 5. فی المصدر: متباه.
6- 6. فی المصدر: شدید التحفظ.
7- 7. فی المصدر: ان تلد أنثاه حیوانا.
8- 8. تفسیر الرازیّ 24: 16- 19 زاد فیه بعد ذلك: كالنحل و العنكبوت فانها تلد دودا، ثمّ ان أعضاءه تستكمل بعده، و بعضها تناسله بأن تبیض انثاه بیضا.

صموخ بیوض سوی الخشاف.

و فی قوله إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ إشارة إلی أن اختصاص كل حیوان بهذه الخواص و بأمثالها لا یكون إلا عن قادر مختار قهار(1) انتهی.

و قال البیضاوی فی قوله تعالی عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ النطق و المنطق فی المتعارف كل لفظ یعبر به عما فی الضمیر مفردا كان أو مركبا و قد یطلق لكل ما یصوت به علی التشبیه و التبع كقولهم نطقت الحمامة و منه الناطق و الصامت للحیوان و الجماد فإن الأصوات الحیوانیة من حیث إنها تابعة للتخیلات منزلة منزلة العبارات سیما و فیها ما تتفاوت باختلاف الأغراض بحیث یفهمها

ما من جنسه (2)

و لعل سلیمان مهما سمع صوت حیوان علم بقوته القدسیة التخیل الذی صوته و الغرض الذی توخاه (3) به و من ذلك ما حكی أنه مر ببلبل یتصوت و یترقص فقال یقول إذا أكلت نصف تمرة فعلی الدنیا العفاء و صاحت فاختة فقال إنها تقول لیت الخلق لم یخلقوا فلعله كان صوت البلبل عن شبع و فراغ بال و صیاح الفاختة عن مقاساة شدة و تألم قلب فَهُمْ یُوزَعُونَ یحبسون بحبس أولهم عن آخرهم لیتلاحقوا حَتَّی إِذا أَتَوْا عَلی وادِ النَّمْلِ واد بالشام كثیر النمل و التعدیة بعلی إما لأن إتیانهم كان من علی أو لأن المراد قطعه من قولهم أتی الشی ء إذا أنفده و بلغ آخره كأنهم أرادوا أن ینزلوا أخریات الوادی قالَتْ نَمْلَةٌ كأنها لما رأتهم متوجهین إلی الوادی فرت عنهم مخافة حطمهم فتبعها غیره (4) فصاحت صیحة نبهت (5)

بها ما بحضرتها من النمال فتبعتها فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء و مناصحتهم و لذلك أجروا مجراهم مع أنه لا یمتنع أن خلق

ص: 19


1- 1. تفسیر النیسابوریّ 3: 91 فیه: الا عن فاعل مختار قدیر قهار.
2- 2. فی المصدر: ما هو من جنسه.
3- 3. توخی الامر: تعمده و تطلبه دون سواه.
4- 4. فی المصدر: غیرها.
5- 5. فی المصدر: تنبهت.

اللّٰه فیها العقل و النطق (1).

و قال النیسابوری قال المفسرون إنه تعالی جعل الطیر فی أیامه مما له عقل (2) و لیس كذلك حال الطیر فی أیامنا و إن كان فیها ما قد ألهمه اللّٰه تعالی الدقائق التی خصت بالحاجة إلیها یحكی أنه مر علی بلبل فی شجرة فقال لأصحابه إنه یقول أكلت نصف تمرة و علی الدنیا العفاء أی التراب و صاحت فاختة فأخبر الناس أنها تقول لیت ذا الخلق لم یخلقوا و صاح طاوس فقال یقول كما تدین تدان و أخبر أن الهدهد یقول استغفروا اللّٰه یا مذنبون و الخطاف یقول قدموا خیرا تجدوه و الرخمة(3) تقول سبحان ربی الأعلی مل ء سمائه و أرضه و القمری یقول سبحان ربی الأعلی و القطاة تقول من سكت سلم و الببغاء(4)

تقول ویل لمن الدنیا همه و الدیك یقول اذكروا اللّٰه یا غافلون و النسر یقول یا ابن آدم عش ما شئت و آخرك الموت و العقاب یقول فی البعد من الناس أنس (5).

و قال الطبرسی قدس سره أهل العربیة یقولون لا یطلق النطق علی غیر بنی آدم و إنما یقال الصوت لأن النطق عبارة عن الكلام و لا كلام للطیر إلا أنه لما فهم سلیمان معنی صوت الطیر سماه منطقا مجازا و قیل إنه أراد حقیقة

ص: 20


1- 1. أنوار التنزیل 2: 194 و 195.
2- 2. هذا بعید فی الغایة، و كأنّ قائل ذلك لما لم یتیسر له فهم الآیة تمسك بذلك.
3- 3. الرخمة بالتحریك: طائر أبقع یشبه النسر فی الخلقة، و كنیتها أم جعران و أم رسالة و أم عجیبة و أم كبیر، و یقال لها: الانوق. قال الدمیری: من طبع هذا الطائر انه لا یرضی من الجبال الا بالموحش منها و لا من الاماكن الا باسحقها و ابعدها من اماكن اعدائه و لا من الهضاب الا بصخورها، و الأنثی منه لا تمكن من نفسها غیر ذكرها و تبیض بیضة واحدة و ربما أتأمت.
4- 4. الببغاء: طائر اخضر یسمی بالدرة و الطوطی.
5- 5. تفسیر النیسابوریّ 3: 135.

المنطق لأن من الطیر ما له كلام یهجی كالطوطی قال المبرد العرب تسمی كل مبین عن نفسه ناطقا و متكلما و قال علی بن عیسی إن الطیر كانت تكلم سلیمان معجزة له كما أخبر عن الهدهد و منطق الطیر صوت تتفاهم به معانیها علی صیغة واحدة بخلاف منطق الذی یتفاهمون به المعانی علی صیغ مختلفة و لذلك لم نفهم عنها مع طول مصاحبتها و لم تفهم هی عنا لأن أفهامنا مقصورة علی تلك الأمور المخصوصة و لما جعل سلیمان یفهم عنها كان قد علم منطقها(1).

و قال رحمه اللّٰه و اختلف فی سبب تفقده (2) للهدهد من بین الطیر فقیل إنه احتاج إلیه فی سفره لیدله علی الماء لأنه یقال أنه یری الماء فی بطن الأرض كما نراه فی القارورة عن ابن عباس، وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَیْفَ تَفَقَّدَ سُلَیْمَانُ الْهُدْهُدَ مِنْ بَیْنِ الطَّیْرِ قَالَ لِأَنَّ الْهُدْهُدَ یَرَی الْمَاءَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ كَمَا یَرَی أَحَدُكُمُ الدُّهْنَ فِی الْقَارُورَةِ فَنَظَرَ أَبُو حَنِیفَةَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ ضَحِكَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا یُضْحِكُكَ قَالَ ظَفِرْتُ بِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ الَّذِی یَرَی الْمَاءَ فِی بَطْنِ الْأَرْضِ لَا یَرَی الْفَخَّ فِی التُّرَابِ حَتَّی تَأْخُذَ بِعُنُقِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا نُعْمَانُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ الْقَدَرُ أَغْشَی الْبَصَرَ(3).

ثم قال رحمه اللّٰه فی قوله لَأُعَذِّبَنَّهُ كما صح نطق الطیر و تكلیفه فی زمانه معجزة له جازت معاتبته علی ما وقع منه من تقصیر فإنه كان مأمورا بطاعته فاستحق العقاب علی غیبته (4).

و قال فی قوله تعالی وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ الآیة قال الجبائی لم یكن

ص: 21


1- 1. مجمع البیان 7: 214.
2- 2. فی المصدر: تفقده الهدهد.
3- 3. مجمع البیان 7: 217 و 218.
4- 4. مجمع البیان 7: 218.

الهدهد عارفا باللّٰه تعالی و إنما أخبر بذلك كما یخبر مراهقو صبیاننا لأنه لا تكلیف إلا علی الملائكة و الإنس و الجن فیرانا الصبی علی عبادة اللّٰه فیتصور أن ما خالفها باطل فكذلك الهدهد تصور له أن ما خالف فعل سلیمان باطل و هذا الذی ذكره خلاف ظاهر القرآن لأنه لا یجوز أن یفرق بین الحق الذی هو السجود لله و بین الباطل الذی هو السجود للشمس و أن أحدهما حسن و الآخر قبیح إلا العارف باللّٰه سبحانه و بما یجوز علیه و بما لا یجوز هذا مع نسبة تزیین أعمالهم و صدهم عن طریق الحق إلی الشیطان و هذه مقالة من یعرف العدل و أن القبیح غیر جائز علی اللّٰه تعالی (1).

و قال قدس سره فی قوله سبحانه فی سورة العنكبوت وَ كَأَیِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا أی و كم من دابة لا یكون رزقها مدخرا معدا عن الحسن و قیل معناه لا یطیق حمل رزقها لضعفها و تأكل بأفواهها عن مجاهد و قیل إن الحیوان أجمع من البهائم و الطیور و غیرها مما یدب علی وجه الأرض لا یدخر القوت لغدها إلا بنی آدم و النملة و الفأرة بل تأكل منها قدر كفایتها فقط عن ابن عباس اللَّهُ یَرْزُقُها وَ إِیَّاكُمْ أی یرزق تلك الدابة الضعیفة التی لا تقدر علی حمل رزقها و یرزقكم أیضا فلا تتركوا الهجرة بهذا السبب عن ابن عمر قال خرجنا مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی دخل بعض حیطان الأنصار فجعل یلتقط من التمر و یأكل فقال یا ابن عمر ما لك لا تأكل فقلت لا أشتهیه یا رسول اللّٰه فقال و لكنی أشتهیه و هذه صبیحة رابعة منذ لم أذق طعاما و لو شئت لدعوت ربی فأعطانی مثل ملك كسری و قیصر فكیف بك یا ابن عمر إذا بقیت مع قوم یخبئون رزق سنتهم لضعف الیقین فو اللّٰه ما برحنا حتی نزلت الآیة وَ هُوَ السَّمِیعُ أی لأقوالكم عند مفارقة أوطانكم الْعَلِیمُ بأحوالكم لا یخفی علیه شی ء من سركم و إعلانكم (2).

ص: 22


1- 1. مجمع البیان 7: 218.
2- 2. مجمع البیان 8: 291.

و قال قدس اللّٰه روحه وَ الطَّیْرَ أی و سخرنا الطیر مَحْشُورَةً أی مجموعة إلیه تسبح اللّٰه تعالی معه كُلٌ یعنی كل الطیر و الجبال لَهُ أَوَّابٌ رجاع إلی ما یرید مطیع له بالتسبیح معه قال الجبائی لا یمتنع أن یكون اللّٰه تعالی خلق فی الطیور من المعارف ما یفهم به أمر داود و نهیه فیطیعه فیما یرید منها و إن لم تكن كاملة العقل مكلفة(1).

و قال الرازی فإن قیل كیف یصدر تسبیح اللّٰه عن الطیر مع أنه لا عقل له قلنا لا یبعد أن یقال إن اللّٰه تعالی كان یخلق لها عقولا حتی تعرف اللّٰه فتسبحه حینئذ و كل ذلك كان معجزة لداود علیه السلام انتهی (2).

خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها قیل یعنی أزواج الحیوان من ذكر و أنثی و قیل أی الأشكال و قیل أی الأصناف و قیل كل ممكن فهو زوج تركیبی و الواحد الحق و الفرد المطلق هو اللّٰه تعالی وَ ما یَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ أی و فی خلق ما یفرق علی وجه الأرض من الحیوان علی اختلاف أجناسها و منافعها و المقاصد المطلوبة منها دلالات واضحات علی وجوده سبحانه و علمه و قدرته و حكمته و لطفه لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ قیل أی یطلبون علم الیقین بالتدبر و التفكر.

قوله سبحانه صافَّاتٍ قیل أی باسطات أجنحتهن فی الجو عند طیرانها فإنهن إذا بسطنها صففن قوادمها وَ یَقْبِضْنَ أی و یضممنها إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستظهار به علی التحرك و لذلك عدل به إلی صیغة الفعل للتفرقة بین الأصیل فی الطیران و الطاری علیه ما یُمْسِكُهُنَ فی الجو علی خلاف طبعهن إِلَّا الرَّحْمنُ الشامل رحمته كل شی ء بأن خلقهن علی أشكال و خصائص هیئاتهن للحركة فی الهواء إِنَّهُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ بَصِیرٌ یعلم كیف یخلق الغرائب و یدبر العجائب.

و أقول فی سورة الفیل و قصته دلالة علی شعور الحیوانات و كونها مطیعة

ص: 23


1- 1. مجمع البیان 8: 496 فیه:[ تفهم] و فیه: فتطیعه.
2- 2. تفسیر الرازیّ 26: 186 فیه:« لا عقل لهما» و فیه: عقلا.

لأمره سبحانه فإن الظاهر أن الطیور كانت حیوانات و لم تكن من الملائكة و إن احتملت ذلك و كذا الفیلة حیث امتنعت من دخول الحرم و فهمت كلام عبد المطلب و سجدت له رضی اللّٰه عنه كما مر مفصلا فی ذكر تلك القصة نعم یمكن أن یكون اللّٰه تعالی جعلها فی ذلك الوقت ذوات شعور و معرفة كرامة للبیت و عبد المطلب و إرهاصا لنبوة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله.

«1»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ صدیق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ طَیْرٍ یُصَادُ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ وَ لَا یُصَادُ شَیْ ءٌ مِنَ الْوُحُوشِ إِلَّا بِتَضْیِیعِهِ التَّسْبِیحَ (1).

العیاشی عن إسحاق: مثله (2).

«2»- التَّفْسِیرُ،: وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ أَیْ مِنْ مَنِیٍ (3) فَمِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلی بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلی رِجْلَیْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلی أَرْبَعٍ یَخْلُقُ اللَّهُ ما یَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ قَالَ عَلَی رِجْلَیْنِ النَّاسُ وَ عَلَی بَطْنِهِ الْحَیَّاتُ وَ عَلَی أَرْبَعٍ الْبَهَائِمُ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلَی أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (4).

بیان: قال الدمیری قال الجاحظ الحیوان علی أربعة أقسام شی ء یمشی و شی ء یطیر و شی ء یعوم (5) و شی ء ینساخ فی الأرض ألا إن كل طائر یمشی (6) و لیس كل شی ء یمشی یطیر(7) فالنوع الذی یمشی هو علی ثلاثة أقسام ناس

ص: 24


1- 1. تفسیر القمّیّ: 459.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ.
3- 3. فی التفسیر المطبوع: ای من میاه.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 459.
5- 5. عام فی الماء: سبح.
6- 6. فی المصدر: كل شی ء یطیر یمشی.
7- 7. فی نسخة: و لیس كل شی ء یمشی فهو طائر.

و بهائم و سباع و الطیر كله سبع و بهیمة و همج و الخشاش ما لطف جرمه و صغر جسمه (1) و كان عدیم السلاح و الهمج لیس من الطیر و لكنه یطیر و هو فیما یطیر كالحشرات فیما یمشی و السبع من الطیر ما أكل اللحم خالصا و البهیمة ما أكل الحب خالصا و المشترك كالعصفور فإنه لیس بذی مخلب و لا منسر و هو یلقط الحب و هو مع ذلك یصید النمل إذا طار و یصید الجراد و یأكل اللحم و لا یزق فراخه كما یزق الحمام فهو مشترك الطبیعة و أشباه العصافیر من المشترك كثیرة و لیس كل ما طار بجناحین من الطیر فقد یطیر الجعلان و الذباب و الزنابیر و الجراد و النمل و البعوض و الفراش و الأرضة و النحل و غیر ذلك و لا یسمی

طیورا و كذلك الملائكة تطیر و لها أجنحة و لیست من الطیر و كذلك جعفر بن أبی طالب ذو جناحین یطیر بهما فی الجنة و لیس من الطیر(2).

«3»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّهُ مَا یُصَادُ مِنَ الطَّیْرِ إِلَّا بِتَضْیِیعِهِمُ التَّسْبِیحَ (3).

«4»- الْعِلَلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَتِ الْوُحُوشُ وَ الطَّیْرُ وَ السِّبَاعُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُخْتَلِطاً بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ نَفَرَتْ وَ فَزِعَتْ فَذَهَبَ كُلُّ شَیْ ءٍ إِلَی شَكْلِهِ (4).

ص: 25


1- 1. فی نسخة: و صغر شخصه.
2- 2. حیاة الحیوان: 206( مادة الحیوان).
3- 3. قرب الإسناد: 55 فیه: داووا مرضاكم بالصدقة، و ادفعوا أبواب البلاء بالدعاء و حصنوا اموالكم بالزكاة فانه ما یصاد ما تصید من الطیر.
4- 4. علل الشرائع 1: 5.

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ رَفَعَهُ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكَلْبِ وَ نَهِیقَ (1) الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ فَإِنَّهُمْ یَرَوْنَ (2)

مَا لَا تَرَوْنَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ الْخَبَرَ(3).

«6»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ الثَّقَفِیِّ الْكَاتِبِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ (4) بْنِ بَشِیرٍ الدُّهْنِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عمرة الْقَیْسِیِّ عَنْ عَبَّادٍ الْمِنْقَرِیِ (5) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِظَبْیَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِطُنُبِ فُسْطَاطٍ فَلَمَّا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَطْلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهَا مِنْ لِسَانِهَا فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُمُّ خِشْفَیْنِ (6) عَطْشَانَیْنِ وَ هَذَا ضَرْعِی قَدِ امْتَلَأَ لَبَناً فَخَلِّنِی حَتَّی أَنْطَلِقَ (7)

فَأُرْضِعَهُمَا ثُمَّ أَعُودَ فَتَرْبُطَنِی (8)

كَمَا كُنْتُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَیْفَ وَ أَنْتِ رَبِیطَةُ قَوْمٍ وَ صَیْدُهُمْ قَالَتْ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَجِی ءُ فَتَرْبُطُنِی كَمَا كُنْتُ أَنْتَ بِیَدِكَ (9)

فَأَخَذَ عَلَیْهَا مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَعُودَنَّ وَ خَلَّی سَبِیلَهَا

ص: 26


1- 1. فی المصدر: و نهیق الحمیر.
2- 2. الصحیح كما فی بعض نسخ المصدر: فانهن یرون.
3- 3. علل الشرائع 2: 270 و للحدیث صدر و ذیل تركهما المصنّف.
4- 4. فی نسخة من المصدر: الحرب.
5- 5. فی المصدر:[ عمیرة العبسی: عن حماد المقرئ] و فی بعض النسخ: عباد المقرئ.
6- 6. الخشف بتثلیث الخاء: ولد الظبی أول ما یولد.
7- 7. فی المصدر: لا نطلق.
8- 8. فی المصدر: فیربطنی.
9- 9. فی المصدر: سأجیئ فتربطنی أنت بیدك كما كنت.

فَلَمْ تَلْبَثْ إِلَّا یَسِیراً حَتَّی رَجَعَتْ قَدْ فَرَغَتْ مَا فِی ضَرْعِهَا فَرَبَطَهَا نَبِیُّ اللَّهِ كَمَا كَانَتْ ثُمَّ سَأَلَ لِمَنْ هَذَا الصَّیْدُ قَالُوا(1) یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ لِبَنِی فُلَانٍ فَأَتَاهُمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ الَّذِی اقْتَنَصَهَا(2) مِنْهُمْ مُنَافِقاً فَرَجَعَ عَنْ نِفَاقِهِ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ فَكَلَّمَهُ النَّبِیُّ لِیَشْتَرِیَهَا مِنْهُ (3) قَالَ بَلْ أُخَلِّی سَبِیلَهَا فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ أَنَّ الْبَهَائِمَ یَعْلَمُونَ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِیناً(4).

بیان: من الموت أی من أصل وقوعه أو من شدائد الموت و العقوبات الواقعة بعده و الأهوال المتوقعة عنده و بعده و لعله أظهر.

«7»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ یَعْقُوبُ علیه السلام لِابْنِهِ یَا بُنَیَّ لَا تَزْنِ فَلَوْ أَنَّ الطَّیْرَ زَنَی لَتَنَاثَرَ رِیشُهُ (5).

«8»- الْخَرَائِجُ، رُوِیَ أَنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام سُئِلَ فِی حَالِ صِغَرِهِ عَنْ أَصْوَاتِ الْحَیَوَانَاتِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِمَامِ أَنْ یَكُونَ عَالِماً بِجَمِیعِ اللُّغَاتِ حَتَّی أَصْوَاتِ الْحَیَوَانَاتِ فَقَالَ عَلَی مَا رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِیمِیُّ عَنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا صَاحَ النَّسْرُ فَإِنَّهُ یَقُولُ یَا ابْنَ آدَمَ عِشْ مَا شِئْتَ فَآخِرُهُ الْمَوْتُ (6) وَ إِذَا صَاحَ الْبَازِی یَقُولُ یَا عَالِمَ الْخَفِیَّاتِ وَ یَا كَاشِفَ الْبَلِیَّاتِ وَ إِذَا صَاحَ الطَّاوُسُ یَقُولُ مَوْلَایَ ظَلَمْتُ نَفْسِی وَ اغْتَرَرْتُ بِزِینَتِی فَاغْفِرْ لِی وَ إِذَا صَاحَ الدُّرَّاجُ یَقُولُ الرَّحْمَنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَی وَ إِذَا صَاحَ الدِّیكُ یَقُولُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ لَمْ یَنْسَ ذِكْرَهُ وَ إِذَا قَرْقَرَتِ الدَّجَاجَةُ تَقُولُ یَا إِلَهَ الْحَقِّ أَنْتَ الْحَقُّ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ یَا اللَّهُ یَا حَقُ

ص: 27


1- 1. فی المصدر: فقیل له: هذه.
2- 2. فی الكتاب و مصدره اقتضها و الظاهر أنّه مصحف« اقتنصها» أی اصطادها.
3- 3. فی المصدر: فكلمه النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فی بیعها لیشتریها منه.
4- 4. أمالی ابن الشیخ 2: 68، و 289( ط 1).
5- 5. المحاسن: 106.
6- 6. فی النسخة المخطوطة: فان آخره الموت.

وَ إِذَا صَاحَ الْبَاشَقُ یَقُولُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ إِذَا صَاحَتِ الحداء [الْحِدَأَةُ](1)

تَقُولُ تَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ تُرْزَقْ وَ إِذَا صَاحَ الْعُقَابُ یَقُولُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ لَمْ یَشْقَ وَ إِذَا صَاحَ الشَّاهِینُ یَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً وَ إِذَا صَاحَتِ الْبُومَةُ یَقُولُ الْبُعْدُ مِنَ النَّاسِ أُنْسٌ وَ إِذَا صَاحَ الْغُرَابُ یَقُولُ یَا رَازِقُ ابْعَثِ الرِّزْقَ الْحَلَالَ وَ إِذَا صَاحَ الْكُرْكِیُّ یَقُولُ اللَّهُمَّ احْفَظْنِی مِنْ عَدُوِّی وَ إِذَا صَاحَ اللَّقْلَقُ یَقُولُ مَنْ تَخَلَّی عَنِ النَّاسِ نَجَا مِنْ أَذَاهُمْ وَ إِذَا صَاحَ الْبَطَّةُ تَقُولُ غُفْرَانَكَ یَا اللَّهُ وَ إِذَا صَاحَ الْهُدْهُدُ یَقُولُ مَا أَشْقَی مَنْ عَصَی اللَّهَ وَ إِذَا صَاحَ الْقُمْرِیُّ یَقُولُ یَا عَالِمَ السِّرِّ وَ النَّجْوَی یَا اللَّهُ وَ إِذَا صَاحَ الدُّبْسِیُ (2) یَقُولُ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ سِوَاكَ یَا اللَّهُ وَ إِذَا صَاحَ الْعَقْعَقُ یَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ خَافِیَةٌ وَ إِذَا صَاحَ الْبَبَّغَاءُ یَقُولُ مَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ غَفَرَ ذَنْبَهُ وَ إِذَا صَاحَ الْعُصْفُورُ یَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا یُسْخِطُ اللَّهَ وَ إِذَا صَاحَ الْبُلْبُلُ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً وَ إِذَا صَاحَ الْقَبْجَةُ(3)

تَقُولُ قَرُبَ الْحَقُّ قَرُبَ وَ إِذَا صَاحَتِ السُّمَانَاةُ(4)

یَقُولُ یَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْفَلَكَ عَنِ الْمَوْتِ وَ إِذَا صَاحَ السَّوْذَنِیقُ (5) یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ وَ آلُهُ خِیَرَةُ اللَّهِ وَ إِذَا صَاحَتِ الْفَاخِتَةُ یَا وَاحِدُ یَا أَحَدُ یَا فَرْدُ یَا صَمَدُ وَ إِذَا صَاحَ الشِّقِرَّاقُ یَقُولُ مَوْلَایَ أَعْتِقْنِی مِنَ النَّارِ وَ إِذَا صَاحَتِ الْقُنْبُرَةُ تَقُولُ مَوْلَایَ تُبْ عَلَی كُلِّ مُذْنِبٍ مِنَ الْمُذْنِبِینَ وَ إِذَا صَاحَ الْوَرَشَانُ یَقُولُ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ ذَنْبِی شَقِیتُ وَ إِذَا صَاحَ الشِّفْنِینُ (6)

یَقُولُ لَا قُوَّةَ إِلَّا

ص: 28


1- 1. فی النسخة المخطوطة: الحداءة.
2- 2. قال الدمیری: الدبسی بفتح الدال و كسر السین و یقال: بضم الدال: طائر منسوب الی دبس الرطب، و هو قسم من الحمام البری و لونه الدكنة و قیل: هو ذكر الیمام.
3- 3. القبجة: الحجل و هی اسم جنس یقع علی الذكر و الأنثی.
4- 4. فی النسخة المخطوطة: السمانی تقول.
5- 5. فی حیاة الحیوان: السوذنیق: الصقر.
6- 6. قال الدمیری: الشفنین بكسر الشین: هو متولد بین نوعین مأكولین و عده الجاحظ فی أنواع الحمام و بعضهم یقول: هو الذی تسمیه العامّة الیمام و صوته فی الترنم كصوت الرباب و فیه تحزین.

بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَ إِذَا صَاحَتِ النَّعَامَةُ تَقُولُ لَا مَعْبُودَ سِوَی اللَّهِ وَ إِذَا صَاحَتِ الْخُطَّافَةُ فَإِنَّهَا تَقْرَأُ سُورَةَ الْحَمْدِ وَ تَقُولُ یَا قَابِلَ تَوْبَةِ التَّوَّابِینَ یَا اللَّهُ لَكَ الْحَمْدُ وَ إِذَا صَاحَتِ الزَّرَافَةُ تَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَ إِذَا صَاحَ الْحَمَلُ یَقُولُ كَفَی بِالْمَوْتِ وَاعِظاً وَ إِذَا صَاحَ الْجَدْیُ یَقُولُ عَاجَلَنِیَ الْمَوْتُ ثَقُلَ ذَنْبِی وَ ازْدَادَ وَ إِذَا صَاحَ الْأَسَدُ یَقُولُ أَمْرُ اللَّهِ مُهِمٌّ مُهِمٌّ وَ إِذَا صَاحَ الثَّوْرُ یَقُولُ مَهْلًا مَهْلًا یَا ابْنَ آدَمَ أَنْتَ بَیْنَ یَدَیْ مَنْ یَرَی وَ لَا یُرَی وَ هُوَ اللَّهُ وَ إِذَا صَاحَ الْفِیلُ یَقُولُ لَا یُغْنِی عَنِ الْمَوْتِ قُوَّةٌ وَ لَا حِیلَةٌ وَ إِذَا صَاحَ الْفَهْدُ یَقُولُ یَا عَزِیزُ یَا جَبَّارُ یَا مُتَكَبِّرُ یَا اللَّهُ وَ إِذَا صَاحَ الْجَمَلُ یَقُولُ سُبْحَانَ مُذِلِّ الْجَبَّارِینَ سُبْحَانَهُ وَ إِذَا صَهَلَ الْفَرَسُ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَ إِذَا صَاحَ الذِّئْبُ یَقُولُ مَا حَفِظَ اللَّهُ لَنْ یَضِیعَ أَبَداً وَ إِذَا صَاحَ ابْنُ آوَی یَقُولُ الْوَیْلُ الْوَیْلُ لِلْمُذْنِبِ الْمُصِرِّ وَ إِذَا صَاحَ الْكَلْبُ یَقُولُ كَفَی بِالْمَعَاصِی ذُلًّا وَ إِذَا صَاحَ الْأَرْنَبُ یَقُولُ لَا تُهْلِكْنِی یَا اللَّهُ لَكَ الْحَمْدُ وَ إِذَا صَاحَ الثَّعْلَبُ یَقُولُ الدُّنْیَا دَارُ غُرُورٍ وَ إِذَا صَاحَ الْغَزَالُ یَقُولُ نَجِّنِی مِنَ الْأَذَی وَ إِذَا صَاحَ الْكَرْكَدَّنُ یَقُولُ أَغِثْنِی وَ إِلَّا هَلَكْتُ یَا مَوْلَایَ وَ إِذَا صَاحَ الْإِبِلُ یَقُولُ حَسْبِیَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ حَسْبِیَ اللَّهُ وَ إِذَا صَاحَ النَّمِرُ یَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ تَعَزَّزَ بِالْقُدْرَةِ سُبْحَانَهُ وَ إِذَا سَبَّحَتِ الْحَیَّةُ تَقُولُ مَا أَشْقَی مَنْ عَصَاكَ یَا رَحْمَانُ وَ إِذَا

سَبَّحَتِ الْعَقْرَبُ تَقُولُ الشَّرُّ شَیْ ءٌ وَحْشٌ ثُمَّ قَالَ علیه السلام مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا وَ لَهُ تَسْبِیحٌ یَحْمَدُ بِهِ رَبَّهُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ(1) إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ (2).

بیان: قال الدمیری النسر طائر معروف و هو عریف الطیر و یقول فی

ص: 29


1- 1. الإسراء: 44.
2- 2. لم نجد الحدیث فی الخرائج المطبوع، و الذی یستفاد من مواضع من البحار أن النسخة المطبوعة من الخرائج مختصر من نسخة المصنّف.

صیاحه ابن آدم عش ما شئت فإن الموت ملاقیك كذا قال الحسن بن علی رضی اللّٰه عنهما قال و فی هذا مناسبة لما خص النسر به من طول العمر یقال إنه من أطول الطیر عمرا و إنه یعمر ألف سنة

وَ فِی كِتَابِ نَفَخَاتِ الْأَزْهَارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: سَمِعْتُ حَبِیبِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ هَبَطَ عَلَیَّ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ سَیِّداً فَسَیِّدُ الْبَشَرِ آدَمُ وَ سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ أَنْتَ وَ سَیِّدُ الرُّومِ صُهَیْبٌ وَ سَیِّدُ فَارِسَ سَلْمَانُ وَ سَیِّدُ الْحَبَشِ بِلَالٌ وَ سَیِّدُ الشَّجَرِ السِّدْرُ وَ سَیِّدُ الطَّیْرِ النَّسْرُ وَ سَیِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ وَ سَیِّدُ الْأَیَّامِ یَوْمُ الْجُمُعَةِ وَ سَیِّدُ الْكَلَامِ الْعَرَبِیَّةُ وَ سَیِّدُ الْعَرَبِیَّةِ الْقُرْآنُ وَ سَیِّدُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ(1).

و قال البازی أفصح لغاته مخففة الیاء و الثانیة باز و الثالثة بازی بتشدید الیاء و التثنیة بازان (2) و الجمع بزاة و فی عجائب المخلوقات لا یكون إلا أنثی و ذكرها من أنواع أخر(3)

من الحداء و الشواهین و لهذا اختلف أشكالها(4).

و قال طاوس فی طبعه العفة و حب الزهو(5) بنفسه و الخیلاء و الإعجاب بریشه و عقده لذنبه كالطاق لا سیما إذا كانت الأنثی ناظرة إلیه إلی آخر ما سیأتی (6).

و قال فی الدراج و هو القائل بالشكر قدوم النعم و صوته مقطع علی هذه الكلمات (7).

ص: 30


1- 1. حیاة الحیوان: 251 و 252.
2- 2. فی المصدر: و التثنیة بازیان.
3- 3. فی المصدر: من نوع آخر كالحداء.
4- 4. حیاة الحیوان: 77.
5- 5. الزهو: الفخر. التیه و الكبر.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 59.
7- 7. حیاة الحیوان 1: 243.

و فی القاموس القرقرة هدیر البعیر و صوت الحمام انتهی (1).

و الباشق معرب باشه (2) و هو معروف و الحدأة كعنبة طائر معروف (3) و قال الدمیری إن العقاب إذا صاحت تقول فی البعد من الناس راحة(4).

و قال الكركی طائر كبیر معروف و الجمع الكراكی و هو من الحیوان الذی لا یصح إلا برئیس و فی طبعه التناصر و لا تطیر الجماعة منه متفرقة بل صفا واحدا یقدمها واحد منها كالرائس (5) و هی تتبعه یكون ذلك حینا ثم یخلفه آخر منها مقدما حتی یصیر الذی كان مقدما مؤخرا(6)

و قال الدبسی بفتح الدال و ضمها طائر صغیر منسوب إلی دبس الرطب و هو قسم من الحمام البری (7) و قال العقعق كثعلب تسمی كندش و هو طائر علی قدر الحمامة و علی شكل الغراب و جناحاه أكبر من جناحی الحمامة و هو ذو لونین أبیض و أسود طویل الذنب لا یأوی تحت سقف و لا یستظل به و فی طبعه الزنا و الخیانة و یوصف بالسرقة و الخبث (8) و قال الببغاء بثلاث باءات موحدات أولاهن و ثالثتهن مفتوحات (9) و الثانیة ساكنة و بالغین المعجمة هی الطائر الأخضر المسمی بالدرة و هی فی قدر الحمامة یتخذها الناس للانتفاع بصوتها و لها قوة علی حكایة الأصوات و قبول

ص: 31


1- 1. القاموس: مادة القر.
2- 2. القاموس: مادة بشق.
3- 3. القاموس: مادة الحدأ.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 87 فیه: عن الناس.
5- 5. فی المصدر: كالرئیس لها.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 194.
7- 7. حیاة الحیوان 1: 238.
8- 8. حیاة الحیوان 2: 102.
9- 9. فی المصدر: مفتوحتان.

التلقین یتخذها الملوك و الأكابر لتنم ما تسمع من الأخبار و تتناول مأكولها برجلها(1) كما یتناول الإنسان الشی ء بیده (2) و فی القاموس الببغاء و قد تشدد الباء الثانیة طائر أخضر(3).

قوله قرب الحق علی بناء المجرد أو التفعیل و الحق الرب سبحانه أو القیامة أو ضد الباطل.

و قال الدمیری القبجة اسم جنس تقع علی الذكر و الأنثی (4).

و قال السمانی بضم السین و فتح النون (5) اسم طائر یلبد بالأرض و لا یكاد یطیر إلا أن یطار و إذا سمع الرعد مات و یسكت فی الشتاء و إذا أقبل الربیع یصیح (6).

و فی القاموس السوذنیق كزنجبیل و یضم أوله و السیذنوق بضم أوله و فتحه و كسر النون و فتحه و السذانق بفتح النون و ضمه و السوذنیق الصقر و الشاهین (7).

و قال الدمیری الفاختة واحدة الفواخت من ذوات الأطواق و هی بفتح الفاء و كسر الخاء المعجمة و بالتاء المثناة فی آخرها قاله فی الكفایة و زعموا أن الحیات تهرب من صوتها و فیها فصاحة و حسن صوت و فی طبعها الأنس بالناس و تعیش فی الدور و العرب تصفها بالكذب فإن صوتها عندهم هذا أوان الرطب تقول ذلك و النخل لم تطلع.

و أقول المشهور أنها بالتاء المثناة الفوقانیة كما فی القاموس و غیره و قال الدمیری الشقراق بفتح الشین و كسرها و ربما قالوا الشرقراق طائر هو صغیر

ص: 32


1- 1. فی المصدر: لینم بما یسمع من الاخبار و یتناول مأكوله برجله.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 80.
3- 3. القاموس: الببغاء.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 169.
5- 5. فی المصدر: علی وزن الحباری.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 18.
7- 7. القاموس: السوذنیق.

یسمی الأخیل و العرب تتشأم به و هو أخضر ملیح بقدر الحمامة خضرته حسنة مشبعة فی أجنحته سواد و له مشتی و مصیف و یكون مخططا بحمرة و خضرة و سواد(1) و فی القاموس القبر كسكر و صرد طائر الواحدة بهاء و یقال القنبراء و الجمع قنابر و لا تقل قنبرة كقنفذة أو لغیة(2).

و قال الدمیری الورشان ساق حر و هو ذكر القماری و قیل إنه طائر متولد بین الفاختة و الحمامة یوصف بالحنو علی أولاده حتی أنه ربما قتل نفسه إذا رآها فی ید القانص قال عطاء إنه یقول لدوا للموت و ابنوا للخراب و هذه لام العاقبة مجازا(3).

و قال الشفنین بالكسر متولد بین نوعین مأكولین و عده الجاحظ فی أنواع الحمام و قیل هو الذی تسمیه العامة الیمام و صوته فی الترنم كصوت الرباب و فیه تحزین و تحسن أصواتها إذا اختلطت و من طبعه إذا فقد أنثاه لم یزل أغرب إلی أن یموت و كذلك الأنثی (4).

و قال ذكر الثعلبی أن آدم علیه السلام لما خرج من الجنة اشتكی الوحشة(5) فآنسه اللّٰه بالخطاف و ألزمها البیوت فهی لا تفارق بنی آدم أنسا لهم قال و معها أربع آیات من كتاب اللّٰه عز و جل لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلی جَبَلٍ لَرَأَیْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ إلی آخر السورة(6) و تمد صوتها بقوله الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ (7)

ص: 33


1- 1. حیاة الحیوان 2: 38.
2- 2. القاموس: القبر.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 284.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 36.
5- 5. فی المصدر: اشتكی إلی اللّٰه تعالی الوحشة.
6- 6. الحشر: 20- 24.
7- 7. حیاة الحیوان 1: 213.

و قال الزرافة بفتح الزای و ضمها حسنة الخلق طویلة الیدین قصیره الرجلین مجموع یدیها و رجلیها نحو عشرة أذرع رأسها كرأس الإبل و قرنها كقرن البقر و جلدها كجلد النمر و قوائمها و أظلافها كالبقر و ذنبها كذنب الظبی لیس لها ركب فی رجلیها إنما ركبتاها فی یدیها و إذا مشت قدمت الرجل الیسری و الید الیمنی بخلاف ذوات الأربع فإنها تقدم الید الیسری و من طبعها التودد و التأنس (1)

و لما علم اللّٰه أن قوتها فی الشجر(2) جعل یدیها أطول من رجلیها لتستعین بذلك علی المرعی منها(3) و قیل هی متولدة بین ثلاثة حیوانات الناقة الوحشیة و البقرة الوحشیة و الضبعان (4).

أقول: سیأتی تمام القول فی ذلك إن شاء اللّٰه.

و قال الدمیری الحمل الخروف إذا بلغ ستة أشهر و قیل هو ولد الضأن الجذع فما دونه (5).

«9»- الْمَنَاقِبُ (6)، [تَفْسِیرُ الثَّعْلَبِیِ] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا: إِذَا صَاحَ النَّسْرُ قَالَ ابْنَ آدَمَ عِشْ مَا شِئْتَ آخِرُهُ الْمَوْتُ وَ إِذَا صَاحَ الْغُرَابُ قَالَ إِنَّ فِی الْبُعْدِ مِنَ النَّاسِ أُنْساً وَ إِذَا صَاحَ الْقُنْبُرَةُ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ مُبْغِضِی آلِ مُحَمَّدٍ وَ إِذَا صَاحَ الْخُطَّافُ قَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ یَمُدُّ الضَّالِّینَ كَمَا یَمُدُّهَا الْقَارِئُ (7).

ص: 34


1- 1. فی المصدر: فانها تقدم الید الیمنی و الرجل الیسری، و من طبها التودد و التأنس و تجتر و تبعر.
2- 2. فی المصدر: من الشجر.
3- 3. فی المصدر: علی الرعی منها بسهولة.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 4.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 192.
6- 6. فی المطبوع: العیّاشیّ و المناقب، و لعله وهم.
7- 7. مناقب آل أبی طالب 3: 223.

«10»- الْكَافِی، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْعَاصِمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِیهِ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَی أَبَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَا مِنْ طَیْرٍ یُصَادُ إِلَّا بِتَرْكِهِ التَّسْبِیحَ وَ مَا مِنْ مَالٍ یُصَابُ إِلَّا بِتَرْكِ الزَّكَاةِ(1).

«11»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَوْ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ بِیَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ إِنَّ كَلَامَ الطَّیْرِ فِیهِ إِذَا لَقِیَ (2) بَعْضُهُ بَعْضاً سَلَامٌ سَلَامٌ یَوْمٌ صَالِحٌ (3).

«12»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدْنَا مَجْلِسَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِعِدَّةٍ مِنَ الْعَجَمِ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ فَقَالُوا جِئْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنْ سِتِّ خِصَالٍ فَإِنْ أَنْتَ أَخْبَرْتَنَا آمَنَّا وَ صَدَّقْنَا وَ إِلَّا كَذَّبْنَا وَ جَحَدْنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سَلُوا مُتَفَقِّهِینَ وَ لَا تَسْأَلُوا مُتَعَنِّتِینَ قَالُوا أَخْبِرْنَا مَا یَقُولُ الْفَرَسُ فِی صَهِیلِهِ وَ الْحِمَارُ فِی نَهِیقِهِ وَ الدُّرَّاجُ فِی صِیَاحِهِ وَ الْقُنْبُرَةُ فِی صَفِیرِهَا وَ الدِّیكُ فِی نَعِیقِهِ وَ الضِّفْدِعُ فِی نَقِیقِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِذَا الْتَقَی الْجَمْعَانِ وَ مَشَی الرِّجَالُ إِلَی الرِّجَالِ بِالسُّیُوفِ یَرْفَعُ الْفَرَسُ رَأْسَهُ فَیَقُولُ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ وَ یَقُولُ الْحِمَارُ فِی نَهِیقِهِ اللَّهُمَّ الْعَنِ الْعَشَّارِینَ وَ یَقُولُ الدِّیكُ فِی نَعِیقِهِ بِالْأَسْحَارِ اذْكُرُوا اللَّهَ یَا غَافِلِینَ وَ یَقُولُ الضِّفْدِعُ فِی نَقِیقِهِ سُبْحَانَ الْمَعْبُودِ فِی لُجَجِ الْبِحَارِ وَ یَقُولُ الدُّرَّاجُ فِی صِیَاحِهِ الرَّحْمَنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَی وَ تَقُولُ الْقُنْبُرَةُ فِی صَفِیرِهَا اللَّهُمَّ الْعَنْ مُبْغِضِی آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ فَقَالُوا آمَنَّا وَ صَدَّقْنَا وَ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ فَقَالَ علیه السلام أَ لَا أُفِیدُكُمْ قَالُوا بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ إِنَّ لِلْفَرَسِ فِی كُلِّ یَوْمٍ ثَلَاثَ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ یَقُولُ فِی أَوَّلِ نَهَارِهِ

ص: 35


1- 1. فروع الكافی 3: 505 طبعة الآخوندی.
2- 2. فی المصدر: إذا التقی.
3- 3. فروع الكافی 3: 415 و 416.

اللَّهُمَّ وَسِّعْ عَلَی سَیِّدِیَ الرِّزْقَ وَ یَقُولُ فِی وَسَطِ النَّهَارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِی أَحَبَّ إِلَی سَیِّدِی مِنْ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ وَ یَقُولُ فِی آخِرِ نَهَارِهِ اللَّهُمَّ ارْزُقْ سَیِّدِی عَلَی ظَهْرِیَ الشَّهَادَةَ(1).

بیان: نعق الغراب بالعین المهملة و المعجمة ینعق نعیقا صاح و نق الضفدع ینق نقیقا صاح.

«13»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ (2)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ نَاضِحاً(3) كَانَ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا اسْتَنَ (4) قَالَ بَعْضُ أَهْلِهِ لَوْ نَحَرْتُمُوهُ فَجَاءَ الْبَعِیرُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَرْغُو فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی صَاحِبِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ إِنَّ هَذَا یَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ لَكُمْ شَابّاً حَتَّی إِذَا هَرِمَ وَ إِنَّهُ قَدْ نَفَعَكُمْ وَ إِنَّكُمْ أَرَدْتُمْ نَحْرَهُ (5)

فَقَالَ صَدَقَ فَقَالَ لَا تَنْحَرُوهُ وَ دَعُوهُ (6).

«14»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی خَالِدٍ(7) قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام

ص: 36


1- 1. الاختصاص: 136.
2- 2. فی المصدر:« أحمد بن الحسن بن علیّ بن فضال عن عبد اللّٰه بن بكیر» و لعلّ فیه سقط، و الحسن بن فضال ای الحسن بن علیّ بن فضال.
3- 3. الناضح: البعیر الذی یستقی علیه.
4- 4. فی المصدر:« استسن» و هو الصحیح ای كبرت سنه.
5- 5. فی المصدر: ثم انكم اردتم نحره.
6- 6. الاختصاص: 294 فیه: و دعوه فدعوه.
7- 7. الظاهر أنّه هو محمّد بن الحسن شنبولة القمّیّ الأشعریّ المعدود من أصحاب الرضا علیه السلام، و الروایة مرسلة، و رواه الصفار فی البصائر: 101 عن محمّد بن الحسین عن العباس بن معروف عن أبی القاسم الكوفیّ عن محمّد بن الحسن بن محمّد بن عمران زرعة عن سماعة عن ابی بصیر عن رجل، و رواه أیضا الطبریّ فی دلائل الإمامة 88: عن العباس بن معروف و فیه:« الحسن بن عمران» و الظاهر أنّه و ما فی البصائر مصحفان و الصحیح:« الحسن بن محمّد بن عمران» و هو الحسن بن محمّد بن عمران بن عبد اللّٰه الأشعریّ بقرینة روایته عن زرعة. و فی اسناد دلائل الإمامة أیضا سقط و ارسال راجعه. و الظاهر من متن الاختصاص و البصائر أن الذی یروی عن الإمام علیه السلام رجل اسمه عبد العزیز فتأمل.

إِلَی مَكَّةَ فَلَمَّا دَخَلْنَا الْأَبْوَاءَ كَانَ عَلَی رَاحِلَتِهِ وَ كُنْتُ أَمْشِی فَوَافَی غَنَماً وَ إِذَا نَعْجَةٌ قَدْ تَخَلَّفَتْ عَنِ الْغَنَمِ وَ هِیَ تَثْغُو ثُغَاءً شَدِیداً وَ تَلْتَفِتُ وَ إِذَا رِخْلَةٌ خَلْفَهَا تَثْغُو وَ تَشْتَدُّ فِی طَلَبِهَا فَلَمَّا قَامَتِ الرِّخْلَةُ ثَغَتِ النَّعْجَةُ فَتَبِعَتْهَا الرِّخْلَةُ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَا عَبْدَ الْعَزِیزِ أَ تَدْرِی مَا قَالَتِ النَّعْجَةُ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی قَالَ فَإِنَّهَا قَالَتِ الْحَقِی بِالْغَنَمِ فَإِنَّ أُخْتَهَا عَامَ الْأَوَّلِ تَخَلَّفَتْ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَكَلَهَا الذِّئْبُ (1).

بیان: الثغاء صیاح الغنم و الرخل بكسر الراء الأنثی من سخال الضأن.

«15»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ (2)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الذِّئَابَ جَاءَتْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَطْلُبُ أَرْزَاقَهَا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنْ شِئْتُمْ صَالَحْتُهَا

عَلَی شَیْ ءٍ تُخْرِجُوهُ إِلَیْهَا وَ لَا تَرْزَأُ(3) مِنْ أَمْوَالِكُمْ شَیْئاً وَ إِنْ تَرَكْتُمُوهَا تَعْدُو وَ عَلَیْكُمْ حِفْظُ أَمْوَالِكُمْ قَالُوا بَلْ نَتْرُكُهَا كَمَا هِیَ تُصِیبُ مِنَّا مَا أَصَابَتْ وَ نَمْنَعُهَا مَا اسْتَطَعْنَا(4).

«16»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ بِشْرٍ وَ إِبْرَاهِیمَ ابْنَیْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِمَا عَنْ حُمْرَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَاعِداً فِی جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذَا جَاءَتْهُ ظَبْیَةٌ فَبَصْبَصَتْ عِنْدَهُ وَ ضَرَبَتْ بِیَدَیْهَا فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام أَ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ

ص: 37


1- 1. الاختصاص: 294.
2- 2. فی المصدر: الحسن بن علیّ بن فضال.
3- 3. رزأ الرجل ماله: اصاب منه شیئا مهما كان ای نقصه.
4- 4. الاختصاص: 595 و رواه فی البصائر: 101 راجعه.

هَذِهِ الظَّبْیَةُ قَالُوا لَا قَالَ تَزْعُمُ هَذِهِ الظَّبْیَةُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ رَجُلًا مِنْ قُرَیْشٍ اصْطَادَ خِشْفاً لَهَا فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ إِنَّمَا جَاءَتْ أَنْ أَسْأَلَهُ أَنْ یَضَعَ الْخِشْفَ بَیْنَ یَدَیْهَا فَتُرْضِعَهُ ثُمَّ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ قُومُوا بِنَا فَقَامُوا بِأَجْمَعِهِمْ فَأَتَوْهُ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ لِأَبِی مُحَمَّدٍ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی مَا جَاءَ بِكَ فَقَالَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّی عَلَیْكَ إِلَّا أَخْرَجْتَ إِلَیَّ الْخِشْفَ الَّذِی اصْطَدْتَهَا الْیَوْمَ فَأَخْرَجَهَا فَوَضَعَهَا بَیْنَ یَدَیْ أُمِّهَا فَأَرْضَعَتْهَا فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَسْأَلُكَ یَا فُلَانُ لَمَّا وَهَبْتَ لَنَا الْخِشْفَ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ فَأَرْسَلَ الْخِشْفَ مَعَ الظَّبْیَةِ فَمَضَتِ الظَّبْیَةُ فَبَصْبَصَتْ وَ حَرَّكَتْ ذَنَبَهَا فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام تَدْرُونَ مَا قَالَتِ الظَّبْیَةُ قَالُوا لَا قَالَ قَالَتْ رَدَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ كُلَّ غَائِبٍ لَكُمْ وَ غَفَرَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ كَمَا رَدَّ عَلَیَّ وَلَدِی (1).

بیان: بصبص الكلب حرك ذنبه و الخشف مثلثة ولد الظبی أول ما یولد أو أول مشیه أو التی نفرت من أولادها و تشردت.

«17»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِیَّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ تَمَعَّكَ فَرَسُهُ ذَاتَ یَوْمٍ فَحَمْحَمَ فِی تَمَعُّكِهِ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ هِیَ حَسْبُكَ الْآنَ فَقَدِ اسْتُجِیبَ لَكَ فَاسْتَرْجَعَ الْقَوْمُ وَ قَالُوا خُولِطَ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ لِلْقَوْمِ مَا لَكُمْ قَالُوا تُكَلِّمُ بَهِیمَةً مِنَ الْبَهَائِمِ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِذَا تَمَعَّكَ الْفَرَسُ دَعَا بِدَعْوَتَیْنِ فَیُسْتَجَابُ لَهُ یَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِی أَحَبَّ مَالِهِ إِلَیْهِ وَ الدَّعْوَةُ الثَّانِیَةُ اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ عَلَی ظَهْرِیَ الشَّهَادَةَ وَ دَعْوَتَاهُ مُسْتَجَابَتَانِ (2).

«18»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ نَادَتِ

ص: 38


1- 1. الاختصاص: 297 و الحدیث یوجد فی البصائر 103 و فی دلائل الإمامة 89 و فیه اختصار و فی ذیله: رد اللّٰه علیكم كل حقّ غصبتم علیه و كل غائب و كل سبب ترجونه و غفر إلخ.
2- 2. نوادر الراوندیّ: 15 فیه: اللّٰهمّ ارزقه الشهادة علی ظهری.

الطَّیْرُ الطَّیْرَ وَ الْوَحْشُ الْوَحْشَ وَ السِّبَاعُ السِّبَاعَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ هَذَا یَوْمٌ صَالِحٌ (1).

«19»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، مِنْ خُطْبَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی صِفَةِ عَجِیبِ خَلْقِ أَصْنَافٍ مِنَ الْحَیَوَانِ (2) وَ لَوْ فَكَّرُوا فِی عَظِیمِ الْقُدْرَةِ وَ جَسِیمِ النِّعْمَةِ لَرَجَعُوا إِلَی الطَّرِیقِ وَ خَافُوا عَذَابَ الْحَرِیقِ وَ لَكِنِ الْقُلُوبُ عَلِیلَةٌ وَ الْبَصَائِرُ مَدْخُولَةٌ أَ لَا یَنْظُرُونَ إِلَی صَغِیرِ مَا خَلَقَ كَیْفَ أَحْكَمَ خَلْقَهُ وَ أَتْقَنَ تَرْكِیبَهُ وَ فَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ سَوَّی لَهُ الْعَظْمَ وَ الْبَشَرَ انْظُرُوا إِلَی النَّمْلَةِ فِی صِغَرِ جُثَّتِهَا وَ لَطَافَةِ هَیْئَتِهَا لَا تَكَادُ تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ وَ لَا بِمُسْتَدْرَكِ الْفِكَرِ كَیْفَ دَبَّتْ عَلَی أَرْضِهَا وَ ضَنَّتْ (3) عَلَی رِزْقِهَا تَنْقُلُ الْحَبَّةَ إِلَی جُحْرِهَا وَ تُعِدُّهَا فِی مُسْتَقَرِّهَا تَجْمَعُ فِی حَرِّهَا لِبَرْدِهَا وَ فِی وُرُودِهَا لِصَدَرِهَا مَكْفُولَةٌ بِرِزْقِهَا مَرْزُوقَةٌ بِرِفْقِهَا لَا یُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ وَ لَا یَحْرِمُهَا الدَّیَّانُ وَ لَوْ فِی الصَّفَا الْیَابِسِ وَ الْحَجَرِ الْجَامِسِ (4) وَ لَوْ فَكَّرْتَ فِی مَجَارِی أَكْلِهَا وَ فِی عُلْوِهَا وَ سُفْلِهَا وَ مَا فِی الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِیفِ بَطْنِهَا وَ مَا فِی الرَّأْسِ مِنْ عَیْنِهَا وَ أُذُنِهَا لَقَضَیْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً وَ لَقِیتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً فَتَعَالَی الَّذِی أَقَامَهَا عَلَی قَوَائِمِهَا وَ بَنَاهَا عَلَی دَعَائِمِهَا لَمْ یَشْرَكْهُ فِی فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ وَ لَمْ یُعِنْهُ فِی خَلْقِهَا قَادِرٌ وَ لَوْ ضَرَبْتَ فِی مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَایَاتِهِ مَا دَلَّتْكَ الدَّلَالَةُ إِلَّا عَلَی أَنَّ فَاطِرَ النَّمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ لِدَقِیقِ تَفْصِیلِ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ غَامِضِ اخْتِلَافِ كُلِّ حَیٍّ وَ مَا الْجَلِیلُ وَ اللَّطِیفُ وَ الثَّقِیلُ وَ الْخَفِیفُ وَ الْقَوِیُّ وَ الضَّعِیفُ فِی خَلْقِهِ إِلَّا سَوَاءٌ كَذَلِكَ السَّمَاءُ وَ الْهَوَاءُ وَ الرِّیَاحُ وَ الْمَاءُ فَانْظُرْ إِلَی الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النَّبَاتِ وَ الشَّجَرِ وَ الْمَاءِ وَ الْحَجَرِ وَ اخْتِلَافِ هَذَا اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ تَفَجُّرِ هَذِهِ الْبِحَارِ وَ كَثْرَةِ هَذِهِ الْجِبَالِ وَ طُولِ هَذِهِ الْقِلَالِ وَ تَفَرُّقِ هَذِهِ اللُّغَاتِ وَ الْأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ (5)

فَالْوَیْلُ لِمَنْ جَحَدَ الْمُقَدِّرَ وَ أَنْكَرَ الْمُدَبِّرَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ

ص: 39


1- 1. نوادر الراوندیّ: 24.
2- 2. فی المصدر: فی صفة خلق أصناف الحیوان.
3- 3. فی المصدر و نسخة من الكتاب: و صبت.
4- 4. الجامس: الجامد.
5- 5. زاد فی هامش طبعة الكمبانیّ« فالویل لمن أنكر المختلفات» و لكن سائر النسخ و المصدر خالیة عنها.

كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارِعٌ وَ لَا لِاخْتِلَافِ صُوَرِهِمْ مَانِعٌ وَ لَمْ یَلْجَئُوا إِلَی حُجَّةٍ فِیمَا ادَّعَوْا وَ لَا تَحْقِیقٍ لِمَا أَوْعَوْا وَ هَلْ یَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَیْرِ بَانٍ أَوْ جِنَایَةٌ مِنْ غَیْرِ جَانٍ وَ إِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِی الْجَرَادَةِ إِذْ خَلَقَ لَهَا عَیْنَیْنِ حَمْرَاوَیْنِ وَ أَسْرَجَ لَهَا حَدَقَتَیْنِ قَمْرَاوَیْنِ وَ جَعَلَ لَهَا السَّمْعَ الْخَفِیَّ وَ فَتَحَ لَهَا الْفَمَ السَّوِیَّ وَ جَعَلَ لَهَا الْحِسَّ الْقَوِیَّ وَ نَابَیْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ وَ مِنْجَلَیْنِ بِهِمَا تَقْبِضُ یَرْهَبُهَا الزُّرَّاعُ فِی زَرْعِهِمْ وَ لَا یَسْتَطِیعُونَ ذَبَّهَا وَ لَوْ أَجْلَبُوا بِجَمْعِهِمْ حَتَّی تَرِدَ الْحَرْثَ فِی نَزَوَاتِهَا وَ تَقْضِیَ مِنْهُ شَهَوَاتِهَا وَ خَلْقُهَا كُلُّهُ لَا یُكَوِّنُ إِصْبَعاً مُسْتَدِقَّةً فَتَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِی یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ یُعَفِّرُ لَهُ (1) خَدّاً وَ وَجْهاً وَ یُلْقِی بِالطَّاعَةِ إِلَیْهِ سِلْماً وَ ضَعْفاً وَ یُعْطِی لَهُ الْقِیَادَ رَهْبَةً وَ خَوْفاً فَالطَّیْرُ مُسَخَّرَةٌ لِأَمْرِهِ أَحْصَی عَدَدَ الرِّیشِ مِنْهَا وَ النَّفَسَ وَ أَرْسَی قَوَائِمَهَا عَلَی النَّدَی وَ الْیَبَسِ قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وَ أَحْصَی أَجْنَاسَهَا فَهَذَا غُرَابٌ وَ هَذَا عُقَابٌ وَ هَذَا حَمَامٌ وَ هَذَا نَعَامٌ دَعَا كُلَّ طَیْرٍ بِاسْمِهِ وَ تَكَفَّلَ بِرِزْقِهِ (2) وَ أَنْشَأَ السَّحَابَ الثِّقَالَ فَأَهْطَلَ دِیَمَهَا وَ عَدَّدَ قِسَمَهَا فَبَلَّ الْأَرْضَ بَعْدَ جُفُوفِهَا وَ أَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا(3).

تبیین: التفكیر إعمال النظر فی الشی ء یقال فكر فیه كضرب و فكر بالتشدید و أفكر و تفكر بمعنی و الجسیم العظیم و الحریق اسم من الاحتراق و البصائر جمع البصیرة و هی و البصر بالتحریك العلم و الخبرة و فی بعض النسخ الأبصار موضع البصائر و الدخل بالتحریك ما داخلك من فساد فی عقل أو جسم و العیب و الریبة یقال هذا الأمر فیه دخل و دغل بمعنی و قد دخل كفرح و دخل علی البناء للمفعول و الإحكام الإتقان و ركبه تركیبا أی وضع بعضه علی بعض فتركب و فلق كضرب أی شق فانفلق و منه فالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوی (4) و استوی

ص: 40


1- 1. فی المصدر: و یعنو له.
2- 2. فی المصدر و فی نسخة من الكتاب: و كفل له برزقه.
3- 3. نهج البلاغة 1: 373- 376.
4- 4. الأنعام: 95.

الشی ء اعتدل و سویته عدلته و النملة واحدة النمل و الجثة بالضم للإنسان شخصه قاعدا أو نائما فإن كان منتصبا فهو طل بالتحریك و الشخص عام كذا قیل. و فی القاموس جثة الإنسان شخصه و لطف الشی ء ككرم لطافة بالفتح و قیل هو اسم أی صغر و دق و الهیئة حال الشی ء و كیفیته و نلته بالكسر أنیله أی أصبته و اللحظ فی الأصل النظر بمؤخر العین و هو أشد التفاتا من الشزر و فی بعض النسخ بلحظ النظر و استدرك الشی ء و أدركه بمعنی ذكره الجوهری و استدركت ما فات و تداركته بمعنی و استدركت الشی ء بالشی ء أی حاولت إدراكه به و الفكر كعنب جمع فكرة بالكسر و هو إعمال النظر و قیل اسم من الافتكار كالعبرة من الاعتبار و فی بعض النسخ الفكر بسكون العین و مستدرك الفكر علی بناء المفعول یحتمل أن یكون مصدرا أی إدراك الفكر أو یطلبها الإدراك و لعله أنسب بقوله علیه السلام بلحظ البصر و أن یكون اسم مفعول أی بالفكر الذی یدركه الإنسان و یصل إلیه أو یطلب إدراكه أی منتهی طلبه لا یصل إلی إدراك ذلك و أن یكون اسم مكان و الباء بمعنی فی و دب كفر أی مشی رویدا و صبت علی بناء المفعول من الصب و هو فی الأصل الإراقة و قیل هو علی العكس أی صبت رزقها علیها و الظاهر أنه لا حاجة إلیه أی كیف ألهمت حتی انحطت علی رزقها و استعیر له الصب لهجومها علیه و فی بعض النسخ و ضنت بالضاد المعجمة و النون علی بناء المعلوم أی بخلت برزقها و ذكر دبیبها لأنه متوقف علی القوائم و المفاصل و القوی الجزئیة و تركبها فیها مع غایة صغرها علی وجه تنتظم به حركاتها السریعة المتتابعة مظهر للقدرة و لطیف الصنعة و ذكر الصب أو الضنة للدلالة علی علمها بحاجتها إلی الرزق و حسن نظرها فی الإعداد و الحفظ و الجحرة بالضم الحفرة التی تحتفرها الهوام و السباع لأنفسها و أعده أی هیأه و مستقرها موضع استقرارها و الورود فی الأصل الإشراف علی الماء للشرب و الصدر بالتحریك رجوع الشاربة من الورود كأن المعنی تجمع فی أیام التمكن من الحركة لأیام العجز عنها فإنها تظهر فی الصیف و تخفی فی الشتاء لعجزها عن البرد و كفل كنصر و قیل كعلم و شرف أی

ص: 41

ضمن قیل تقول كفلته و به و عنه إذا تحملت به بوفقها أی بقدر كفایتها(1) و أغفلت الشی ء إغفالا أی تركته إهمالا من غیر نسیان و المنان المنعم المعطی من المن بمعنی العطاء لا من المنة و قد یشتق منه و هو مذموم و حرمه كمنعه ضد أعطاه و الدیان الحاكم و القاضی و قیل القهار و قیل السائس و هو القائم علی الشی ء بما یصلحه كما تفعل الولاة و الأمراء بالرعیة و وجه المناسبة علی الأخیر واضح و لعله علی الأول هو أن أعطاه كل شی ء ما یستحقه و لو علی وجه التفضل من فروع الحكم بالحق و علی الثانی

الإشعار بأن قهره سبحانه لا یمنعه عن العطاء كما یكون فی غیره أحیانا و الصفا مقصورا الحجارة و قیل الحجر الصلد الضخم لا ینبت شیئا و الواحدة صفاة و جمس و جمد بمعنی و قیل أكثر ما یستعمل فی الماء جمد و فی السمن و غیره جمس و صخرة جامسة أی ثابتة فی موضعها و الأكل بالضم كما فی بعض النسخ و بضمتین كما فی بعضها المأكول و الأكلة بالضم اللقمة و علوها و سفلها بالضم فیهما فی بعض النسخ و بالكسر فی بعضها و الضمیران كالسوابق.

قال بعض شراح النهج علوها رأسها و ما یلیه إلی الجزء المتوسط و یحتمل رجوعهما إلی المجاری و الشراسیف مقاط الأضلاع و هی أطرافها التی تشرف علی البطن و قیل الشرسوف كعصفور غضروف معلق بكل ضلع مثل غضروف الكتف و لا حاجة إلی الحمل علی المجاز كما یظهر من كلام بعض الشارحین و الأذن بضمتین فی النسخ و القضاء یكون بمعنی الأداء قال اللّٰه تعالی فَإِذا قَضَیْتُمْ مَناسِكَكُمْ (2) و قال فَإِذا قَضَیْتُمُ الصَّلاةَ(3) و قضاء العجب أو التعجب الكامل و قال بعض الشارحین یحتمل أن یكون بمعنی الموت من قولهم قضی فلان أی مات أی لقضیت نحبك من شدة تعجبك و یكون عجبا نصبا علی المفعول له و لا یخفی بعده و الدعامة و الدعام بالكسر فیهما عماد البیت و الخشب المنصوب للتعریش

ص: 42


1- 1. او بما یوافقها من الرزق.
2- 2. البقرة: 200.
3- 3. النساء: 103.

و فیه تشبیه لها بالبیت المبنی علی الدعائم و فی بعض النسخ لم یعنه و الضرب فی الأرض السیر فیها أو الإسراع فیه و الدلالة بالفتح كما فی بعض النسخ و بالكسر كما فی بعضها الاسم من قولك دله إلی الشی ء و علیه أی أرشده و سدده و الغامض خلاف الواضح و الغرض من الكلام دفع توهم یسر الخلق و سهولة الإبداع فی بعض الأشیاء للصغر و خفاء دقائق الصنع و الجلیل العظیم یقال جل كفر جلالة بالفتح أی عظم و الغرض استواء نسبة القدرة الكاملة إلی الأنواع كذلك السماء قیل المشبه به الأمور المتضادة السابقة و المشبه هو السماء و الهواء و الریاح و الماء و وجه الشبه هو حاجتها فی خلقها و تركیبها و أحوالها المختلفة و المتفقه إلی صانع حكیم و یحتمل أن یكون التشبیه فی استواء نسبة القدرة.

فانظر إلی الشمس و القمر إلخ أی تدبر فیما أودع فی هذه الأشیاء من غرائب الصنعة و لطائف الحكمة و قیل استدلال بإمكان الأعراض علی ثبوت الصانع بأن یقال كل جسم یقبل لجسمیته المشتركة بینه و بین سائر الأجسام ما یقبله غیره من الأجسام فإذا اختلف الأجسام فی الأعراض فلا بد من مخصص و هو الصانع الحكیم انتهی.

و اختلاف اللیل و النهار تعاقبهما و فجر الماء أی فتح له طریقا فتفجر و انفجر أی جری و سال و المراد بالبحار الأنهار العظیمة أو البحار المعروفة و تفجرها جریانها لو وجدت طریقا و القلال كجبال جمع قلة بالضم و هی أعلی الجبل و قیل الجبل و تفرق اللغات اختلافها و تباینها كما قال عز و جل وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ (1) و الویل الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب و علم واد فی جهنم و الجملة تحتمل الإخبار و الدعاء قال سیبویه الویل مشترك بین الدعاء و الخبر.

و المراد بالنبات ما ینبت فی الصحاری و الجبال من غیر زرع و لیس المراد أن النبات لیس له مقدر و لا مدبر بل المعنی أن النبات المذكور كما أنه لیس له مدبر من البشر یزعمون أن الإنسان یحصل من غیر مدبر أصلا و قیل المراد أنهم قاسوا

ص: 43


1- 1. الروم: 22.

أنفسهم علی النبات الذی جعلوا من الأصول المسلمة أنه لا مقدر له بل ینبت بنفسه من غیر مدبر و ذكر الاختلاف فی الصور لأنه من الدلائل الواضحة علی الصانع لم یلجئوا أی لم یستندوا و الغرض استنادهم فی دعواهم إلی قیاس باطل و ظن ضعیف كما قال عز و جل وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا یَظُنُّونَ (1) و أوعی الشی ء و وعاه علی المجرد كما فی بعض النسخ أی حفظه و جمعه أی لم یرتبوا العلوم الضروریة و لم یحصلوا المقدمات علی وجهها حتی تفضی إلی نتیجة صحیحة و جنی فلان جنایة بالكسر أی جر جریرة علی نفسه و قومه و یقال جنیت الثمرة أجنیها و اجتنیتها أی اقتطفتها و اسم الفاعل منها جان إلا أن المصدر من الثانی جنی لا جنایة و الغرض دعوی الضرورة فی الاحتیاج إلی الصانع و الفاعل كالبناء و الجنایة لا الاستناد إلی القیاس.

قلت فی الجرادة أی تكلمت فی بدیع صنعتها و عجیب فطرتها و أسرج لها حدقتین أی جعلهما مضیئتین كالسراج قمراوین أی منیرتین كاللیلة القمراء المضیئة بالقمر و جعل لها السمع الخفی أی عن أعین الناظرین و قیل المراد بالخفی اللطیف السامع لخفی الأصوات فوصف بالخفة مجازا من قبیل إطلاق اسم المقبول علی القابل و هو أنسب بقوله علیه السلام و جعل لها الحس القوی و قیل أراد بحسها قوتها الوهمیة و بقوته حذقتها(2)

فیما ألهمت إیاه من وجوه معاشها و تصرفها یقال لفلان حس حاذق إذا كان ذكیا فطنا دراكا و الناب فی الأصل السن خلف الرباعیة و قرض كضرب أی قطع و المنجل كمنبر حدیدة یقضب بها الزرع و قیل المنجلان رجلاها شبههما بالمناجل لعوجهما و خشونتهما و رهبه كعلم أی خاف و ذب عن حریمه كمد أی دفع و حمی و أجلبوا أی تجمعوا و تألبوا و أجلب علی فرسه أی استحثه للعدو بوكز أو صیاح أو نحو ذلك بجمعهم أی بأجمعهم و كلمة

ص: 44


1- 1. الجاثیة: 24.
2- 2. فی الشرح لابن میثم: و بقوة حذقها.

لو للوصل و الحرث الزرع و نزا كدعا أی وثب و خلقها الجملة حالیة و استدق صار دقیقا الذی یسجد أی حقیقة فإنه یسجد له الملائكة و المؤمنون من الثقلین طوعا حالتی الشدة و الرخاء و الكفرة له كرها حال الشدة و الضرورة أو أعم منها و من السجدة المجازیة و هی الخضوع و الدخول تحت ذل الافتقار و الحاجة كما مر مرارا و العقر بالتحریك و قد یسكن وجه الأرض و یطلق علی التراب و عفره فی التراب كضرب و عفره تعفیرا أی مرغه فیه و كان التعفیر فی البعض كأهل السماوات كنایة عن غایة الخضوع و الإلقاء بالطاعة مجاز عن الانقیاد و فی بعض النسخ بالطاعة إلیه و السلم بالكسر كما فی بعض النسخ الصلح و بالتحریك كما فی بعضها الاستسلام و الانقیاد و القیاد بالكسر ما یقاد به و إعطاء القیاد الانقیاد و الرهبة الخوف و أرسی أی أثبت و الندی (1) البلل و المطر و الیبس بالتحریك ضد الرطوبة و طریق یبس أی لا نداوة فیه و لا بلل و الحمام بالفتح كل ذی طوق

من الفواخت و القماری و الوراشین و غیرها و الحمامة تقع علی الذكر و الأنثی كالحیة و النعامة و اسم الجنس من النعامة نعام بالفتح و الغرض بیان عموم علمه سبحانه و قدرته دعا كل طائر باسمه قیل الدعاء استعارة فی أمر كل نوع بالدخول فی الوجود و قد عرفت أن ذلك الأمر یعود إلی حكم القدرة الإلهیة علیه بالدخول فی الوجود كقوله تعالی فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا(2) الآیة و لما استعار الدعاء رشح بذكر الاسم لأن الشی ء إنما یدعی باسمه و یحتمل أن یرید الاسم اللغوی و هو العلامة فإن لكل نوع من الطیر خاصة و سمة لیست للآخر و یكون المعنی أنه تعالی أجری علیها حكم القدرة بما لها من السمات و الخواص فی العلم الإلهی و اللوح المحفوظ و قال بعضهم أراد أسماء الأجناس و ذلك أن اللّٰه تعالی كتب فی اللوح المحفوظ كل لغة تواضع علیها العباد فی المستقبل و ذكر

ص: 45


1- 1. الندی هنا: مقابل الیبس فیعم الماء كانه یرید ان اللّٰه جعل من الطیر ما تثبت ارجله فی الماء و منه ما لا یمشی الأعلی الأرض الیابسة.
2- 2. فصّلت: 11.

الأسماء التی یتواضعون علیها و ذكر لكل اسم مسماة فعند إرادة خلقها نادی كل نوع باسمه فأجاب داعیه و أسرع فی إجابته و كفل برزقه أی ضمن و السحاب جمع سحابة و هی الغیم و الهطل بالفتح تتابع المطر أو الدمع و سیلانه و قیل تتابع المطر المتفرق العظیم القطر و الدیمة بالكسر مطر یدوم فی سكون بلا رعد و برق و الجمع دیم كعنب و تعدید القسم إحصاء ما قدر منها لكل بلد و أرض علی وفق الحكمة و البلة بالكسر ضد الجفاف یقال بله فابتل و الجفوف بالضم الجفاف بالفتح و الجدوب بالضم انقطاع المطر و یبس الأرض.

«20»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا یَعْلَمُ ابْنُ آدَمَ مَا أَكَلْتُمْ سَمِیناً(1).

الضوء فی الحدیث استزادة من بنی آدم و إعلام أن البهائم لو كان لها عقل لكانت أضبط منهم و ذلك لأنها لیست بمكلفة و لو علمت بالموت لم تأكل و لم تشرب فكانت تهزل و ابن آدم یأكل و یشرب و یعلم أنه غدا میت و فیه تعییر بالقصور عن البهائم فی هذه الخلة خاصة فعلیك أیها العاقل بالانتباه من سنة الغفلة فإن هذا الخطاب لك و فائدة الحدیث إعلام أن البهائم الخرس لو علمت الموت لما سمنت بالرتوع فی المراتع و لأمسكت عن الرعی (2).

«21»- كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا یُصَادُ مِنَ الطَّیْرِ إِلَّا مَا ضَیَّعَ التَّسْبِیحَ (3).

«22»- أَصْلٌ قَدِیمٌ مَنْقُولٌ مِنْ خَطِّ التَّلَّعُكْبَرِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُوسَی بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ مَوْلًی لِلْقُمِّیِّینَ قَدْ أَخْبَرَنِی عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی مَا یَقُولُ الْحِمَارُ فِی نَهِیقِهِ وَ مَا یَقُولُ الْفَرَسُ فِی

ص: 46


1- 1. لم نجد الحدیث فی النسخة المطبوعة التی عندی من الشهاب.
2- 2. لم نجد نسخة كتاب الضوء.
3- 3. الأصول الستة عشر: 77.

صَهِیلِهِ وَ مَا یَقُولُ الدُّرَّاجُ فِی صَوْتِهِ وَ مَا تَقُولُ الْقُنْبُرَةُ فِی صَوْتِهَا وَ مَا یَقُولُ الضِّفْدِعُ فِی نَقِیقِهِ وَ مَا یَقُولُ الْهُدْهُدُ فِی صَوْتِهِ قَالَ فَأَطْرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَعِدْ عَلَیَّ یَا یَهُودِیُّ قَالَ فَأَعَادَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الْحِمَارُ فَیَلْعَنُ الْعَشَّارَ وَ أَمَّا الْفَرَسُ فَیَقُولُ الْمُلْكُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ وَ أَمَّا الدُّرَّاجُ فَیَقُولُ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی وَ أَمَّا الدِّیكُ فَیَقُولُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ وَ أَمَّا الضِّفْدِعُ فَیَقُولُ اذْكُرُوا اللَّهَ یَا غَافِلِینَ وَ أَمَّا الْهُدْهُدُ فَیَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا دَاوُدُ یَعْنِی سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ وَ أَمَّا الْقُنْبُرَةُ فَیَقُولُ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ یُبْغِضُ أَهْلَ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1).

«23»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: إِنَّمَا سُمِّیَتِ الْوَحْشُ لِأَنَّهَا اسْتَوْحَشَتْ مِنْ آدَمَ یَوْمَ هُبُوطِهِ (2).

«24»- الْمَنَاقِبُ لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ، رَوَی أَبُو بَكْرٍ الشِّیرَازِیُّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ مُقَاتِلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَرَضَ اللَّهُ أَمَانَتِی (3) عَلَی السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ فَقُلْنَ رَبَّنَا لَا نَحْمِلُنَا(4)

بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ وَ لَكِنَّهَا نَحْمِلُهَا بِلَا ثَوَابٍ وَ لَا عِقَابٍ وَ إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ أَمَانَتِی وَ وَلَایَتِی عَلَی الطُّیُورِ فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهَا الْبُزَاةُ الْبِیضُ وَ الْقَنَابِرُ وَ أَوَّلُ مَنْ جَحَدَهَا الْبُومُ وَ الْعَنْقَاءُ فَأَمَّا الْبُومُ فَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَظْهَرَ بِالنَّهَارِ لِبُغْضِ الطَّیْرِ لَهَا وَ أَمَّا الْعَنْقَاءُ فَغَابَتْ فِی الْبِحَارِ لَا تُرَی وَ إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ إِمَامَتِی عَلَی الْأَرَضِینَ فَكُلُّ بُقْعَةٍ آمَنَتْ بِوَلَایَتِی جَعَلَهَا طَیِّبَةً زَكِیَّةً وَ جَعَلَ نَبَاتَهَا وَ ثَمَرَهَا حُلْواً عَذْباً وَ جَعَلَ مَاءَهَا زُلَالًا وَ كُلُّ بُقْعَةٍ جَحَدَتْ إِمَامَتِی وَ أَنْكَرَتْ وَلَایَتِی جَعَلَهَا سَبِخَةً وَ جَعَلَ نَبَاتَهَا مُرّاً عَلْقَماً وَ جَعَلَ ثَمَرَهَا الْعَوْسَجَ وَ الْحَنْظَلَ وَ جَعَلَ مَاءَهَا مِلْحاً أُجَاجاً ثُمَّ قَالَ وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ یَعْنِی أُمَّتَكَ یَا مُحَمَّدُ وَلَایَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِمَامَتَهُ بِمَا فِیهَا مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ إِنَّهُ كانَ

ص: 47


1- 1. لم نجد ذلك الأصل.
2- 2. لم نجد العلل لمحمّد بن إبراهیم.
3- 3. هكذا فی الكتاب و مصدره و لعلّ الصحیح:« امامتی».
4- 4. فی المصدر: لا تحملنا.

ظَلُوماً لِنَفْسِهِ جَهُولًا(1) لِأَمْرِ رَبِّهِ مَنْ لَمْ یُؤَدِّهَا بِحَقِّهَا فَهُوَ ظَلُومٌ غَشُومٌ (2).

بیان: فی القاموس العلقم الحنظل و كل شی ء مر و النبقة المرة فإن قلت لما أبوا أولا حملها كیف قبل بعض الطیور و الأرضین قلت لیس فی أول الخبر ذكر الأرضین و لا فی آخره العرض علی السماوات فلا تنافی لكن یرد علیه أنه تفسیر للآیة و فیها ذكر إباء

السماوات و الأرضین و الجبال جمیعا فذكر السماوات أولا علی المثال و الاكتفاء فی البعض لظهور البواقی فإما أن یحمل العرض أولا علی العرض علی مجموع السماوات و الأرضین و الجبال إجمالا و الثانی علی العرض علی كل حیوان و كل بقعة تفصیلا أو یقال لیس فی أول الخبر إلا امتناعها عن الحمل بالثواب و العقاب فلا ینافی قبول بعضها و رد بعضها عند العرض بلا ثواب و لا عقاب فقوله و لكنا نحملها قول بعضهم أو قول الجملة باعتبار البعض أو یحمل الأول علی الظاهری و الثانی علی القلبی و اللّٰه یعلم.

«25»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِیمَ حِینَ أُلْقِیَ فِی النَّارِ لَمْ تَكُنْ فِی الْأَرْضِ دَابَّةٌ إِلَّا تُطْفِئُ عَنْهُ النَّارَ غَیْرَ الْوَزَغِ فَإِنَّهُ كَانَ یَنْفُخُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَتْلِهِ.

وَ عَنْ أُمِّ شَرِیكٍ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ وَ قَالَ كَانَتْ تَنْفُخُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام.

وَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ بَعْضِهِمْ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كَانَتِ الضِّفْدِعُ تُطْفِئُ النَّارَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ وَ كَانَتِ الْوَزَغُ تَنْفُخُ عَلَیْهِ فَنَهَی عَنْ قَتْلِ هَذَا وَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ.

وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا الضِّفْدِعَ فَإِنَّ صَوْتَهُ تَسْبِیحٌ وَ تَقْدِیسٌ وَ تَكْبِیرٌ إِنَّ الْبَهَائِمَ اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا فِی أَنْ تُطْفِئَ النَّارَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ فَأَذِنَ لِلضَّفَادِعِ فَتَرَاكَبَتْ عَلَیْهِ فَأَبْدَلَهَا اللَّهُ بِحَرِّ النَّارِ الْمَاءَ(3).

ص: 48


1- 1. الأحزاب: 72.
2- 2. مناقب آل أبی طالب 2: 141 و 142.
3- 3. الدّر المنثور 4: 321 و 322 فیه: بحر النار برد الماء.

وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ 17 كَعْبٍ الْحِبْرِ قَالَ: جَاءَتْ هَامَّةٌ(1) إِلَی سُلَیْمَانَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَقَالَ وَ عَلَیْكِ السَّلَامُ یَا هَامُّ أخبرنی [أَخْبِرِینِی] كَیْفَ لَا تَأْكُلِینَ الزَّرْعَ فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لِأَنَّ آدَمَ عَصَی رَبَّهُ بِسَبَبِهِ فَلِذَلِكَ لَا آكُلُهُ قَالَ فَكَیْفَ لَا تَشْرَبِینَ الْمَاءَ قَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ أَغْرَقَ بِالْمَاءِ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَرَكْتُ شُرْبَهُ قَالَ فَكَیْفَ تَرَكْتِ الْعُمْرَانَ وَ سَكَنْتِ الْخَرَابَ قَالَتْ لِأَنَّ الْخَرَابَ مِیرَاثُ اللَّهِ وَ أَنَا أَسْكُنُ فِی مِیرَاثِ اللَّهِ وَ قَدْ(2) ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْیَةٍ بَطِرَتْ مَعِیشَتَها إِلَی قَوْلِهِ وَ كُنَّا نَحْنُ الْوارِثِینَ (3).

وَ عَنْ 17 أَبِی الصِّدِّیقِ النَّاجِی قَالَ: خَرَجَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ یَسْتَسْقِی بِالنَّاسِ فَمَرَّ عَلَی (4) نَمْلَةٍ مُسْتَلْقِیَةٍ عَلَی قَفَاهَا رَافِعَةٍ قَوَائِمَهَا إِلَی السَّمَاءِ وَ هِیَ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَنَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَیْسَ لَنَا غِنًی عَنْ رِزْقِكَ فَإِمَّا أَنْ تَسْقِیَنَا وَ إِمَّا أَنْ تُهْلِكَنَا فَقَالَ سُلَیْمَانُ لِلنَّاسِ ارْجِعُوا فَقَدْ سَقَاكُمْ بِدَعْوَةِ غَیْرِكُمْ (5).

وَ عَنْ أَبِی الدَّرْدَاءِ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ علیه السلام یَقْضِی بَیْنَ الْبَهَائِمِ یَوْماً وَ بَیْنَ النَّاسِ یَوْماً فَجَاءَتْ بَقَرَةٌ فَوَضَعَتْ قَرْنَهَا عَلَی حَلْقَةِ الْبَابِ ثُمَّ نَغَمَتْ (6) كَمَا تَنْغَمُ الْوَالِدَةُ عَلَی وَلَدِهَا وَ قَالَتْ كُنْتُ شَابَّةً كَانُوا یُنْتِجُونِّی وَ یَسْتَعْمِلُونِّی ثُمَّ إِنِّی كَبِرْتُ فَأَرَادُوا أَنْ یَذْبَحُونِی فَقَالَ 17 دَاوُدُ أَحْسِنُوا إِلَیْهَا لَا تَذْبَحُوهَا ثُمَّ قَرَأَ(7) عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ(8).

ص: 49


1- 1. الهامة: طیر اللیل و هو الصدی: و الصدی: الذكر من البوم.
2- 2. لعله من كلام الراوی.
3- 3. الدّر المنثور 5: 103 و الآیة فی القصص: 58.
4- 4. فی المصدر: قمر بنملة.
5- 5. الدّر المنثور 5: 103.
6- 6. فی المصدر: تنغمت.
7- 7. أی أبا الدرداء.
8- 8. الدّر المنثور 5: 103 و الآیة فی النمل: 16.

وَ عَنْ نَوْفٍ وَ الْحَكَمِ قَالا: كَانَ النَّمْلُ فِی زَمَنِ سُلَیْمَانَ أَمْثَالَ الذُّبَابِ (1).

وَ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ كَیْفَ تَفَقَّدَ سُلَیْمَانُ الْهُدْهُدَ مِنْ بَیْنِ الطَّیْرِ قَالَ إِنَّ سُلَیْمَانَ نَزَلَ مَنْزِلًا فَلَمْ یَدْرِ مَا بُعْدُ الْمَاءِ وَ كَانَ الْهُدْهُدُ یَدُلُّ سُلَیْمَانَ عَلَی الْمَاءِ فَأَرَادَ أَنْ یَسْأَلَهُ عَنْهُ فَفَقَدَهُ قِیلَ كَیْفَ ذَاكَ وَ الْهُدْهُدُ یُنْصَبُ لَهُ الْفَخُّ یُلْقَی عَلَیْهِ التُّرَابُ وَ یَضَعُ لَهُ الصَّبِیُّ الْحِبَالَةَ فَیُغَیِّبُهَا فَیَصِیدُهَا فَقَالَ إِذَا جَاءَ الْقَضَاءُ ذَهَبَ الْبَصَرُ(2).

«26»- كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُكَیْمٍ (3) عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَهِرَ دَاوُدُ علیه السلام لَیْلَةً یَتْلُو الزَّبُورَ فَأَعْجَبَتْهُ (4) عِبَادَتُهُ فَنَادَتْهُ ضِفْدِعٌ یَا دَاوُدُ تَعْجَبُ مِنْ سَهَرِكَ لَیْلَةً وَ إِنِّی لَتَحْتَ هَذِهِ الصَّخْرَةِ مُنْذُ أَرْبَعِینَ سَنَةً مَا جَفَّ لِسَانِی عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (5).

«27»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ: مَا بُهِمَتِ الْبَهَائِمُ عَنْهُ فَلَمْ تُبْهَمْ عَنْ أَرْبَعَةٍ مَعْرِفَتُهَا بِالرَّبِّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ مَعْرِفَتُهَا بِالْمَوْتِ وَ مَعْرِفَتُهَا بِالْأُنْثَی مِنَ الذَّكَرِ وَ مَعْرِفَتُهَا بِالْمَرْعَی الْخِصْبَ (6).

ص: 50


1- 1. الدّر المنثور 5: 104.
2- 2. الدّر المنثور 5: 104.
3- 3. اسناد الحدیث علی ما فی المصدر هكذا: الشیخ أبو محمّد هارون بن موسی بن احمد التلعكبری قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعید الهمدانیّ قال: اخبرنا علی بن حسن بن علیّ بن فضال قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن حكیم قال: حدّثنی عمی عبد الملك بن حكیم.
4- 4. فیه غرابة لان الأنبیاء علیهم السلام عندنا معصومون.
5- 5. الأصول الستة عشر: 101.
6- 6. الخصال 1: 260 طبعة الغفاری.

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ: مِثْلَهُ (1).

الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ الصَّحِیحِ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ: مِثْلَهُ.

ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ أَمَّا الْخَبَرُ الَّذِی رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَوْ عَرَفَتِ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا تَعْرِفُونَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِیناً قَطُّ.

فلیس بخلاف هذا الخبر لأنها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون (2).

«28»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ فَیْضٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَقُولُ: مَهْمَا أُبْهِمَتْ عَنْهُ الْبَهَائِمُ فَلَمْ تُبْهَمْ عَنْ أَرْبَعٍ مَعْرِفَتُهَا بِالرَّبِّ عِزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَتُهَا بِالْمَرْعَی الْخِصْبَ وَ مَعْرِفَتُهَا بِالْأُنْثَی عَنِ الذُّكْرِ وَ مَعْرِفَتُهَا بِالْمَوْتِ وَ الْفِرَارِ مِنْهُ.

قال أبو المفضل حدثنا محمد بن صالح عن أحمد بن محمد بجمیع كتاب المشیخة عن ابن محبوب (3).

«29»- الْكَافِی، عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَجَّالِ وَ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَهْمَا أُبْهِمَ عَلَی الْبَهَائِمِ مِنْ شَیْ ءٍ فَلَا یُبْهَمُ عَلَیْهَا أَرْبَعُ خِصَالٍ مَعْرِفَةُ أَنَّ لَهَا خَالِقاً وَ مَعْرِفَةُ طَلَبِ الرِّزْقِ وَ مَعْرِفَةُ الذَّكَرِ مِنَ الْأُنْثَی وَ مَخَافَةُ الْمَوْتِ (4).

«30»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ (5) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَقَدْ شَكَرَتِ الشَّیَاطِینُ الْأَرَضَةَ حِینَ أَكَلَتْ عَصَاةَ سُلَیْمَانَ علیه السلام حَتَّی

ص: 51


1- 1. الكافی 6: 539 طبعة الآخوندی.
2- 2. من لا یحضره الفقیه 2: 188 طبعة الآخوندی.
3- 3. المجالس و الاخبار: 26( ط 1) و 207( ط 2).
4- 4. الكافی 6: 539.
5- 5. فی المصدر: عن الحسین بن الحسن بن أبان.

سَقَطَ وَ قَالُوا عَلَیْكِ الْخَرَابُ وَ عَلَیْنَا الْمَاءُ وَ الطِّینُ فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَوْضِعٍ إِلَّا رَأَیْتَ مَاءً وَ طِیناً(1).

«31»- الْمَنَاقِبُ لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ، فِی حَدِیثِ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ: أَنَّهُ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَی زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام وَ قَالَ یَا ابْنَ الْحُسَیْنِ أَنْتَ تَقُولُ إِنَّ یُونُسَ بْنَ مَتَّی إِنَّمَا لَقِیَ مِنَ الْحُوتِ مَا لَقِیَ لِأَنَّهُ عُرِضَتْ عَلَیْهِ وَلَایَةُ جَدِّی فَتَوَقَّفَ عِنْدَهَا فَقَالَ بَلَی ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ قَالَ فَأَرِنِی آیَةَ ذَلِكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ فَأَمَرَ بِشَدِّ عَیْنَیْهِ بِعِصَابَةٍ وَ عَیْنَیَّ بِعِصَابَةٍ ثُمَّ أَمَرَ بَعْدَ سَاعَةٍ بِفَتْحِ أَعْیُنِنَا فَإِذَا نَحْنُ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ تَضْرِبُ أَمْوَاجُهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ یَا سَیِّدِی دَمِی فِی رَقَبَتِكَ اللَّهَ اللَّهَ فِی نَفْسِی فَقَالَ هِیَهْ وَ أُرِیهْ إِنْ كُنْتُ مِنَ الصَّادِقِینَ ثُمَّ قَالَ یَا أَیَّتُهَا الْحُوتُ قَالَ فَأَطْلَعَ الْحُوتُ رَأْسَهُ مِنَ الْبَحْرِ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِیمِ وَ هُوَ یَقُولُ لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ یَا وَلِیَّ اللَّهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا حُوتُ یُونُسَ یَا سَیِّدِی قَالَ أَنْبِئْنَا بِالْخَبَرِ قَالَ یَا سَیِّدِی إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَبْعَثْ نَبِیّاً مِنْ آدَمَ إِلَی أَنْ صَارَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا وَ قَدْ عَرَضَ عَلَیْهِ وَلَایَتَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَمَنْ قَبِلَهَا مِنَ الْأَنْبِیَاءِ سَلِمَ وَ تَخَلَّصَ وَ مَنْ تَوَقَّفَ عَنْهَا وَ تَمَنَّعَ (2) فِی حَمْلِهَا لَقِیَ مَا لَقِیَ آدَمُ مِنَ الْمَعْصِیَةِ وَ مَا لَقِیَ نُوحٌ مِنَ الْغَرَقِ وَ مَا لَقِیَ إِبْرَاهِیمُ مِنَ النَّارِ وَ مَا لَقِیَ یُوسُفُ مِنَ الْجُبِّ وَ مَا لَقِیَ أَیُّوبُ مِنَ الْبَلَاءِ وَ مَا لَقِیَ دَاوُدَ مِنَ الْخَطِیئَةِ إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ یُونُسَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَا یُونُسُ تَوَلَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً علیه السلام وَ الْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِینَ مِنْ صُلْبِهِ فِی كَلَامٍ لَهُ قَالَ فَكَیْفَ أَتَوَلَّی مَنْ لَمْ أَرَهُ وَ لَمْ أَعْرِفْهُ وَ ذَهَبَ مُغْتَاظاً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیَّ أَنِ الْتَقِمِی یُونُسَ وَ لَا تُوهِنِی لَهُ عَظْماً فَمَكَثَ فِی بَطْنِی أَرْبَعِینَ صَبَاحاً یَطُوفُ مَعِیَ الْبِحَارَ فِی ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ یُنَادِی (3) لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ قَدْ قَبِلْتُ

ص: 52


1- 1. علل الشرائع 1: 70 طبعة قم.
2- 2. فی المصدر: و تعتع فی حملها.
3- 3. فی المصدر: انه لا إله.

وَلَایَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِینَ مِنْ وُلْدِهِ فَلَمَّا أَنْ آمَنَ بِوَلَایَتِكُمْ أَمَرَنِی رَبِّی فَقَذَفْتُهُ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَقَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام ارْجِعْ أَیُّهَا الْحُوتُ إِلَی وَكْرِكَ وَ اسْتَوَی الْمَاءُ(1).

أقول: قد مر شرح الخبر و تأویله فی معجزات علی بن الحسین علیه السلام و باب أحوال یونس علیه السلام.

«32»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: یَا مُفَضَّلُ فَكِّرْ فِی هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْحَیَوَانِ وَ فِی خَلْقِهَا عَلَی مَا هِیَ عَلَیْهِ بِمَا فِیهِ صَلَاحُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فَالْإِنْسُ لَمَّا قُدِّرُوا أَنْ یَكُونُوا ذَوِی ذِهْنٍ وَ فِطْنَةٍ وَ عِلَاجٍ لِمِثْلِ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ مِنَ الْبِنَاءِ وَ النِّجَارَةِ وَ الصِّنَاعَةِ وَ الْخِیَاطَةِ(2) وَ غَیْرِ ذَلِكَ خُلِقَتْ لَهُمْ أَكُفٌّ كِبَارٌ ذَوَاتُ أَصَابِعَ غِلَاظٍ لِیَتَمَكَّنُوا مِنَ الْقَبْضِ عَلَی الْأَشْیَاءِ وَ أَوْكَدُهَا هَذِهِ الصِّنَاعَاتُ وَ آكِلَاتُ اللَّحْمِ لَمَّا قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ مَعَایِشُهَا(3)

مِنَ الصَّیْدِ خُلِقَتْ لَهُمْ أَكُفٌّ لِطَافٌ مُدَّمِجَةٌ(4)

ذَوَاتُ بَرَاثِنَ (5) وَ مَخَالِیبَ تَصْلُحُ لِأَخْذِ الصَّیْدِ وَ لَا تَصْلُحُ لِلصِّنَاعَاتِ وَ آكِلَاتُ النَّبَاتِ لَمَّا قُدِّرَ أَنْ یَكُونُوا لَا ذَاتَ صَنْعَةٍ وَ لَا ذَاتَ صَیْدٍ خُلِقَتْ لِبَعْضِهَا أَظْلَافٌ تَقِیهَا(6) خُشُونَةَ الْأَرْضِ

ص: 53


1- 1. مناقب آل أبی طالب 3: 281.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: و الصناعة( و الخیاطة خ) و فی كتاب التوحید من البحار 3: 92:« و الصیاغة» و فی بعض النسخ: و الخیاطة.
3- 3. فی النسخة المخطوطة: معایشهم.
4- 4. قال المصنّف فی كتاب التوحید: مدمجة ای انضم بعضها الی بعض قال الجوهریّ دمج الشی ء دموجا: إذا دخل فی الشی ء و استحكم فیه، و ادمجت الشی ء: إذا الففته فی ثوب و فی بعض النسخ: مدبحة بالباء و الحاء المهملة و لعلّ المراد معوجة من قولهم: دبح تدبیحا ای بسط ظهره و طأطأ رأسه، و هو تصحیف أقول: و یمكن أن یكون مصحف« مذبحة» كما فی بعض النسخ.
5- 5. البراثن من السباع و الطیر: بمنزلة الأصابع من الإنسان. و المخلب. ظفر البرثن.
6- 6. فی نسخة: تقیمها.

إِذَا حَاوَلَ طَلَبَ الرَّعْیِ وَ لِبَعْضِهَا حَوَافِرُ مُلَمْلَمَةٌ ذَوَاتُ قَعْرٍ كَأَخْمَصِ الْقَدَمِ تَنْطَبِقُ عَلَی الْأَرْضِ لِیَتَهَیَّأَ لِلرُّكُوبِ وَ الْحَمُولَةِ تَأَمَّلِ التَّدْبِیرَ فِی خَلْقِ آكِلَاتِ اللَّحْمِ مِنَ الْحَیَوَانِ حِینَ خُلِقَتْ (1)

ذَوَاتُ أَسْنَانٍ حِدَادٍ وَ بَرَاثِنَ شِدَادٍ وَ أَشْدَاقٍ وَ أَفْوَاهٍ وَاسِعَةٍ فَإِنَّهُ لَمَّا قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ طُعْمُهَا اللَّحْمَ خُلِقَتْ خِلْقَةً تُشَاكِلُ ذَلِكَ وَ أُعِینَتْ بِسِلَاحٍ وَ أَدَوَاتٍ تَصْلُحُ لِلصَّیْدِ وَ كَذَلِكَ تَجِدُ سِبَاعَ الطَّیْرِ ذَوَاتَ مَنَاقِیرَ وَ مَخَالِیبَ مُهَیَّأَةٍ لِفِعْلِهَا وَ لَوْ كَانَتِ الْوُحُوشُ ذَوَاتَ مَخَالِبَ كَانَتْ قَدْ أُعْطِیَتْ مَا لَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ لِأَنَّهَا لَا تَصِیدُ وَ لَا تَأْكُلُ اللَّحْمَ وَ لَوْ كَانَتِ السِّبَاعُ ذَوَاتَ أَظْلَافٍ كَانَتْ قَدْ مُنِعَتْ مَا تَحْتَاجُ إِلَیْهِ أَعْنِی السِّلَاحَ الَّذِی بِهِ تَصِیدُ وَ تَتَعَیَّشُ أَ فَلَا تَرَی كَیْفَ أُعْطِیَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّنْفَیْنِ مَا یُشَاكِلُ صِنْفَهُ وَ طَبَقَتَهُ بَلْ مَا فِیهِ بَقَاؤُهُ وَ صَلَاحُهُ انْظُرِ الْآنَ إِلَی ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَیْفَ تَرَاهَا تَتْبَعُ أُمَّهَاتِهَا(2) مُسْتَقِلَّةً بِأَنْفُسِهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَی الْحَمْلِ وَ التَّرْبِیَةِ كَمَا تَحْتَاجُ أَوْلَادُ الْإِنْسِ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَیْسَ عِنْدَ أُمَّهَاتِهَا مَا عِنْدَ أُمَّهَاتِ الْبَشَرِ مِنَ الرِّفْقِ وَ الْعِلْمِ بِالتَّرْبِیَةِ وَ الْقُوَّةِ عَلَیْهَا بِالْأَكُفِّ وَ الْأَصَابِعِ الْمُهَیَّأَةِ لِذَلِكَ أُعْطِیَتِ النُّهُوضَ وَ الِاسْتِقْلَالَ بِأَنْفُسِهَا وَ كَذَلِكَ تَرَی كَثِیراً مِنَ الطَّیْرِ كَمِثْلِ الدَّجَاجِ وَ الدُّرَّاجِ وَ الْقَبْجِ (3)

تَدْرُجُ وَ تَلْقُطُ حِینَ یَنْقَابُ عَنْهَا الْبَیْضُ فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا ضَعِیفاً لَا نُهُوضَ فِیهِ كَمِثْلِ فِرَاخِ الْحَمَامِ وَ الْیَمَامِ وَ الْحُمَّرِ فَقَدْ جُعِلَ فِی الْأُمَّهَاتِ فَضْلُ عَطْفٍ عَلَیْهَا فَصَارَتْ تَمُجُّ الطَّعَامَ فِی أَفْوَاهِهَا بَعْدَ مَا تُوعِیهِ حَوَاصِلُهَا فَلَا تَزَالُ تَغْذُوهَا حَتَّی تَسْتَقِلَّ بِأَنْفُسِهَا وَ لِذَلِكَ لَمْ تُرْزَقِ الْحَمَامُ فِرَاخاً كَثِیرَةً مِثْلَ مَا تُرْزَقُ الدَّجَاجُ لِتَقْوَی الْأُمُّ عَلَی تَرْبِیَةِ فِرَاخِهَا فَلَا تَفْسُدَ وَ لَا تَمُوتَ فَكُلٌّ أُعْطِیَ بِقِسْطٍ مِنْ تَدْبِیرِ الْحَكِیمِ اللَّطِیفِ الْخَبِیرِ

ص: 54


1- 1. فی النسخة المخطوطة: حیث جعلت.
2- 2. فی المخطوطة و فی التوحید: اماتها.
3- 3. القبج بالقاف و الباء المفتوحین: طائر یشبه الحجل.

انْظُرْ إِلَی قَوَائِمِ الْحَیَوَانِ كَیْفَ تَأْتِی أَزْوَاجاً لِتَهَیَّأَ(1) لِلْمَشْیِ وَ لَوْ كَانَتْ أَفْرَاداً لَمْ تَصْلُحْ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْمَاشِیَ یَنْقُلُ بَعْضَ قَوَائِمِهِ وَ یَعْتَمِدُ عَلَی بَعْضٍ فَذُو الْقَائِمَتَیْنِ یَنْقُلُ وَاحِدَةً وَ یَعْتَمِدُ عَلَی وَاحِدَةٍ وَ ذُو الْأَرْبَعِ یَنْقُلُ اثْنَیْنِ وَ یَعْتَمِدُ عَلَی اثْنَیْنِ وَ ذَلِكَ مِنْ خِلَافٍ لِأَنَّ ذَا الْأَرْبَعِ لَوْ كَانَ یَنْقُلُ قَائِمَتَیْنِ مِنْ أَحَدِ جَانِبَیْهِ وَ یَعْتَمِدُ عَلَی قائِمَتَیْنِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ لَمَا یَثْبُتُ عَلَی الْأَرْضِ كَمَا لَا یَثْبُتُ السَّرِیرُ وَ مَا أَشْبَهَهُ فَصَارَ یَنْقُلُ الْیُمْنَی مِنْ مَقَادِیمِهِ مَعَ الْیُسْرَی مِنْ مَآخِیرِهِ وَ یَنْقُلُ الْأُخْرَیَیْنِ أَیْضاً مِنْ خِلَافٍ فَیَثْبُتُ عَلَی الْأَرْضِ وَ لَا یَسْقُطُ إِذَا مَشَی أَ مَا تَرَی الْحِمَارَ كَیْفَ یَذِلُّ لِلطَّحْنِ وَ الْحَمُولَةِ وَ هُوَ یَرَی الْفَرَسَ مُودَعاً مُنَعَّماً وَ الْبَعِیرَ لَا یُطِیقُهُ عِدَّةُ رِجَالٍ لَوِ اسْتَعْصَی كَیْفَ كَانَ یَنْقَادُ لِلصَّبِیِّ وَ الثَّوْرَ الشَّدِیدَ كَیْفَ كَانَ یُذْعِنُ لِصَاحِبِهِ حَتَّی یَضَعَ النِّیرَ عَلَی عُنُقِهِ وَ یَحْرِثَ بِهِ وَ الْفَرَسَ الْكَرِیمَ یَرْكَبُ السُّیُوفَ وَ الْأَسِنَّةَ بِالْمُوَاتَاةِ(2) لِفَارِسِهِ وَ الْقَطِیعَ مِنَ الْغَنَمِ یَرْعَاهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ لَوْ تَفَرَّقَتِ الْغَنَمُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِی نَاحِیَةٍ لَمْ یَلْحَقْهَا وَ كَذَلِكَ جَمِیعُ الْأَصْنَافِ الْمُسَخَّرَةِ لِلْإِنْسَانِ (3) فَبِمَ كَانَتْ كَذَلِكَ إِلَّا بِأَنَّهَا عَدِمَتِ الْعَقْلَ وَ الرَّوِیَّةَ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَعْقِلُ وَ تُرَوِّی (4) فِی الْأُمُورِ كَانَتْ خَلِیقَةً أَنْ تَلْتَوِیَ عَلَی الْإِنْسَانِ فِی كَثِیرٍ مِنْ مَآرِبِهِ (5) حَتَّی یَمْتَنِعَ الْجَمَلُ عَلَی قَائِدِهِ وَ الثَّوْرُ عَلَی صَاحِبِهِ وَ تَتَفَرَّقَ الْغَنَمُ عَنْ رَاعِیهَا وَ أَشْبَاهُ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ وَ كَذَلِكَ هَذِهِ السِّبَاعُ لَوْ كَانَتْ ذَاتَ عَقْلٍ وَ رَوِیَّةٍ فَتَوَازَرَتْ عَلَی النَّاسِ كَانَتْ خَلِیقَةً أَنْ تُحَاجَّهُمْ (6) فَمَنْ كَانَ یَقُومُ لِلْأُسْدِ وَ الذِّئَابِ وَ النُّمُورَةِ وَ الدِّبَبَةِ لَوْ

ص: 55


1- 1. فی كتاب التوحید من البحار: لتتهیأ.
2- 2. المواتاة: الموافقة.
3- 3. فی الموضع المتقدم: مسخرة للإنسان.
4- 4. تروی: تفكر.
5- 5. المآرب: الحوائج.
6- 6. هكذا فی النسخ، و فی توحید البحار: تجتاحهم، و لعله الصحیح ای تستأصلهم و تهلكهم.

تَعَاوَنَتْ وَ تَظَاهَرَتْ عَلَی النَّاسِ أَ فَلَا تَرَی كَیْفَ حُجِرَ ذَلِكَ عَلَیْهَا وَ صَارَتْ مَكَانَ مَا كَانَ یُخَافُ مِنْ إِقْدَامِهَا وَ نِكَایَتِهَا(1)

تَهَابُ مَسَاكِنَ النَّاسِ وَ تُحْجِمُ عَنْهَا ثُمَّ لَا تَظْهَرُ وَ لَا تَنْتَشِرُ لِطَلَبِ قُوتِهَا إِلَّا بِاللَّیْلِ فَهِیَ مَعَ صَوْلَتِهَا كَالْخَائِفِ لِلْإِنْسِ بِلَا مَقْمُوعَةٍ(2)

مَمْنُوعَةٍ مِنْهُمْ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَسَاوَرَتْهُمْ فِی مَسَاكِنِهِمْ وَ ضَیَّقَتْ عَلَیْهِمْ (3) ثُمَّ جُعِلَ فِی الْكَلْبِ مِنْ بَیْنِ هَذِهِ السِّبَاعِ عَطْفٌ عَلَی مَالِكِهِ وَ مُحَامَاةٌ عَنْهُ وَ حِفَاظٌ لَهُ فَهُوَ یَنْتَقِلُ عَلَی الْحِیطَانِ وَ السُّطُوحِ فِی ظُلْمَةِ اللَّیْلِ لِحِرَاسَةِ مَنْزِلِ صَاحِبِهِ وَ ذَبِّ الدَّغَّارِ عَنْهُ (4) وَ یَبْلُغُ مِنْ مَحَبَّتِهِ لِصَاحِبِهِ أَنْ یَبْذُلَ نَفْسَهُ لِلْمَوْتِ دُونَهُ وَ دُونَ مَاشِیَتِهِ وَ مَالِهِ وَ یَأْلَفُهُ غَایَةَ الْإِلْفِ حَتَّی یَصْبِرَ مَعَهُ عَلَی الْجُوعِ وَ الْجَفْوَةِ فَلِمَ طُبِعَ الْكَلْبُ عَلَی هَذِهِ الْإِلْفِ إِلَّا لِیَكُونَ حَارِساً لِلْإِنْسَانِ لَهُ عَیْنٌ بِأَنْیَابٍ وَ مَخَالِیبَ وَ نُبَاحٌ هَائِلٌ لِیُذْعَرَ مِنْهُ السَّارِقُ وَ یَتَجَنَّبَ الْمَوَاضِعَ الَّتِی یَحْمِیهَا وَ یَحْضُرُهَا(5) یَا مُفَضَّلُ تَأَمَّلْ وَجْهَ الدَّابَّةِ كَیْفَ هُوَ فَإِنَّكَ تَرَی الْعَیْنَیْنِ شَاخِصَتَیْنِ أَمَامَهَا لِتُبْصِرَ مَا بَیْنَ یَدَیْهَا لِئَلَّا تَصْدِمَ حَائِطاً أَوْ تَتَرَدَّی فِی حُفْرَةٍ وَ تَرَی الْفَمَ مَشْقُوقاً شَقّاً فِی أَسْفَلِ الْخَطْمِ وَ لَوْ شُقَّ كَمَكَانِ الْفَمِ مِنَ الْإِنْسَانِ فِی مُقَدَّمِ الذَّقَنِ لَمَا اسْتَطَاعَ أَنْ یَتَنَاوَلَ

بِهِ شَیْئاً مِنَ الْأَرْضِ أَ لَا تَرَی أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا یَتَنَاوَلُ الطَّعَامَ بِفِیهِ وَ لَكِنْ بِیَدِهِ تَكْرِمَةً لَهُ عَلَی سَائِرِ الْآكِلَاتِ فَلَمَّا لَمْ یَكُنْ لِلدَّابَّةِ یَدٌ تَتَنَاوَلُ بِهَا الْعَلَفَ جُعِلَ خَطْمُهَا مَشْقُوقاً مِنْ أَسْفَلِهِ لِتَقْبِضَ بِهِ عَلَی الْعَلَفِ ثُمَّ تَقْضَمَهُ وَ أُعِینَتْ بِالْجَحْفَلَةِ تَتَنَاوَلُ بِهَا مَا قَرُبَ وَ مَا بَعُدَ اعْتَبِرْ بِذَنَبِهَا وَ الْمَنْفَعَةِ لَهَا فِیهِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطَّبَقِ عَلَی الدُّبُرِ وَ الْحَیَاءِ جَمِیعاً یُوَارِیهِمَا وَ یَسْتُرُهُمَا وَ مِنْ مَنَافِعِهَا فِیهِ أَنَّ مَا بَیْنَ الدُّبُرِ وَ مَرَاقَّیِ الْبَطْنِ مِنْهَا وَضَرٌ یَجْتَمِعُ عَلَیْهِ الذُّبَابُ وَ الْبَعُوضُ فَجُعِلَ لَهَا الذَّنَبُ كَالْمَذَبَّةِ تَذُبُّ بِهَا عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ

ص: 56


1- 1. نكی ینكی نكایة العدو و فی العدو: قهره بالقتل و الجرح.
2- 2. فی نسخة: غیر مقمعة.
3- 3. فی نسخة: و ضیعت علیهم.
4- 4. أی و دفع الهجوم عنه. و فی نسخة: و ذب الذعار عنه.
5- 5. فی نسخة:( و یحفرها) و لعله مصحف:« و یخفرها» كما فی التوحید من البحار.

وَ مِنْهَا أَنَّ الدَّابَّةَ تَسْتَرِیحُ إِلَی تَحْرِیكِهِ وَ تَصْرِیفِهِ یَمْنَةً وَ یَسْرَةً فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ قِیَامُهَا عَلَی الْأَرْبَعِ بِأَسْرِهَا وَ شُغِلَتِ الْمُقَدِّمَتَانِ بِحَمْلِ الْبَدَنِ عَنِ التَّصَرُّفِ وَ التَّقَلُّبِ كَانَ لَهَا فِی تَحْرِیكِ الذَّنَبِ رَاحَةٌ وَ فِیهِ مَنَافِعُ أُخْرَی یَقْصُرُ عَنْهَا الْوَهْمُ یُعْرَفُ مَوْقِعُهَا فِی وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَیْهَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الدَّابَّةَ تَرْتَطِمُ فِی الْوَحَلِ (1) فَلَا یَكُونُ شَیْ ءٌ أَعْوَنَ عَلَی نُهُوضِهَا مِنَ الْأَخْذِ بِذَنَبِهَا وَ فِی شَعْرِ الذَّنَبِ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ كَثِیرَةٌ یَسْتَعْمِلُونَهَا فِی مَآرِبِهِمْ ثُمَّ جُعِلَ ظَهْرُهَا مُسَطَّحاً مَبْطُوحاً(2) عَلَی قَوَائِمَ أَرْبَعٍ لِیُتَمَكَّنَ مِنْ رُكُوبِهَا وَ جُعِلَ حَیَاؤُهَا بَارِزاً مِنْ وَرَائِهَا لِیَتَمَكَّنَ الْفَحْلُ مِنْ ضَرْبِهَا وَ لَوْ كَانَ أَسْفَلَ الْبَطْنِ كَمَكَانِ الْفَرْجِ مِنَ الْمَرْأَةِ لَمْ یَتَمَكَّنِ الْفَحْلُ مِنْهَا أَ لَا تَرَی أَنَّهُ لَا تستطیع [یَسْتَطِیعُ] أَنْ یَأْتِیَهَا كِفَاحاً كَمَا(3) یَأْتِی الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ تَأَمَّلْ مِشْفَرَ الْفِیلِ وَ مَا فِیهِ مِنْ لَطِیفِ التَّدْبِیرِ فَإِنَّهُ یَقُومُ مَقَامَ الْیَدِ فِی تَنَاوُلِ الْعَلَفِ وَ الْمَاءِ وَ ازْدِرَادِهِمَا(4) إِلَی جَوْفِهِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ یَتَنَاوَلَ شَیْئاً مِنَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَیْسَتْ لَهُ رَقَبَةٌ یَمُدُّهَا كَسَائِرِ الْأَنْعَامِ فَلَمَّا عَدِمَ الْعُنُقَ أُعِینَ مَكَانَ ذَلِكَ بِالْخُرْطُومِ الطَّوِیلِ لِیَسْدُلَهُ (5) فَیَتَنَاوَلَ بِهِ حَاجَتَهُ فَمَنْ ذَا الَّذِی عَوَّضَهُ مَكَانَ الْعُضْوِ الَّذِی عَدِمَهُ مَا یَقُومُ مَقَامَهُ إِلَّا الرَّءُوفُ بِخَلْقِهِ وَ كَیْفَ یَكُونُ هَذَا بِالْإِهْمَالِ كَمَا قَالَتِ الظَّلَمَةُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا بَالُهُ لَمْ یَخْلُقْ ذَا عُنُقٍ كَسَائِرِ الْأَنْعَامِ قِیلَ لَهُ إِنَّ رَأْسَ الْفِیلِ وَ أُذُنَیْهِ أَمْرٌ عَظِیمٌ وَ ثِقْلٌ ثَقِیلٌ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَی عُنُقٍ عَظِیمَةٍ لَهَدَّهَا وَ أَوْهَنَهَا فَجَعَلَ رَأْسَهُ مُلْصَقاً بِجِسْمِهِ لِكَیْلَا یَنَالَ مِنْهُ مَا وَصَفْنَا وَ خَلَقَ لَهُ مَكَانَ الْعُنُقِ هَذَا الْمِشْفَرَ لِیَتَنَاوَلَ بِهِ غِذَاءَهُ فَصَارَ مَعَ عَدَمِهِ الْعُنُقَ مُسْتَوْفِیاً مَا فِیهِ بُلُوغُ حَاجَتِهِ

ص: 57


1- 1. أی تسقط فیه.
2- 2. أی ملقی علی وجهه.
3- 3. أی مستقبلا.
4- 4. الازدراد: البلع.
5- 5. أی لیرسله و یرخیه.

انْظُرِ الْآنَ كَیْفَ حَیَاءُ الْأُنْثَی مِنَ الْفِیَلَةِ فِی أَسْفَلِ بَطْنِهَا فَإِذَا هَاجَتْ لِلضِّرَابِ ارْتَفَعَ وَ بَرَزَ حَتَّی یَتَمَكَّنَ الْفَحْلُ مِنْ ضَرْبِهَا فَاعْتَبِرْ كَیْفَ جُعِلَ حَیَاءُ الْأُنْثَی مِنَ الْفِیَلَةِ عَلَی خِلَافِ مَا عَلَیْهِ فِی غَیْرِهَا مِنَ الْأَنْعَامِ ثُمَّ جُعِلَتْ فِیهِ هَذِهِ الْخَلَّةُ لِیَتَهَیَّأَ لِلْأَمْرِ الَّذِی فِیهِ قِوَامُ النَّسْلِ وَ دَوَامُهُ فَكِّرْ فِی خَلْقِ الزَّرَافَةِ(1) وَ اخْتِلَافِ أَعْضَائِهَا وَ شِبْهِهَا بِأَعْضَاءِ أَصْنَافٍ مِنَ الْحَیَوَانِ فَرَأْسُهَا رَأْسُ فَرَسٍ وَ عُنُقُهَا عُنُقُ جَمَلٍ وَ

أَظْلَافُهَا أَظْلَافُ بَقَرَةٍ وَ جِلْدُهَا جِلْدُ نَمِرٍ وَ زَعَمَ نَاسٌ مِنَ الْجُهَّالِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ نِتَاجَهَا مِنْ فُحُولٍ شَتَّی قَالُوا وَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَصْنَافاً مِنْ حَیَوَانِ الْبَرِّ إِذَا وَرَدَتِ الْمَاءَ تَنْزُو عَلَی بَعْضِ السَّائِمَةِ وَ یُنْتَجُ مِثْلُ هَذَا الشَّخْصِ الَّذِی هُوَ كَالْمُلْتَقَطِ مِنْ أَصْنَافٍ شَتَّی وَ هَذَا جَهْلٌ مِنْ قَائِلِهِ وَ قِلَّةُ مَعْرِفَتِهِ بِالْبَارِی جَلَّ قُدْسُهُ وَ لَیْسَ كُلُّ صِنْفٍ مِنَ الْحَیَوَانِ یُلْقِحُ كُلَّ صِنْفٍ فَلَا الْفَرَسُ یُلْقِحُ الْجَمَلَ وَ لَا الْجَمَلُ یُلْقِحُ الْبَقَرَ وَ إِنَّمَا یَكُونُ التَّلْقِیحُ مِنْ بَعْضِ الْحَیَوَانِ فِیمَا یُشَاكِلُهُ وَ یَقْرُبُ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا یُلْقِحُ الْفَرَسَ الحمارة [الْحِمَارُ] فَیَخْرُجُ بَیْنَهُمَا الْبَغْلُ وَ یُلْقِحُ الذِّئْبُ الضَّبُعَ فَیَخْرُجُ بَیْنَهُمَا السِّمْعُ عَلَی أَنَّهُ لَیْسَ یَكُونُ فِی الَّذِی یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِهِمَا عُضْوٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِی الزَّرَافَةِ عُضْوٌ مِنَ الْفَرَسِ وَ عُضْوٌ مِنَ الْجَمَلِ وَ أَظْلَافٌ مِنَ الْبَقَرَةِ بَلْ یَكُونُ كَالْمُتَوَسِّطِ بَیْنَهُمَا الْمُمْتَزِجِ مِنْهُمَا كَالَّذِی تَرَاهُ فِی الْبَغْلِ فَإِنَّكَ تَرَی رَأْسَهُ وَ أُذُنَیْهِ وَ كَفَلَهُ وَ ذَنَبَهُ وَ حَوَافِرَهُ وَسَطاً بَیْنَ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ مِنَ الْفَرَسِ وَ الْحِمَارِ وَ شَحِیجَهُ (2) كَالْمُمْتَزِجِ مِنْ صَهِیلٍ وَ نَهِیقِ الْحِمَارِ فَهَذَا دَلِیلٌ عَلَی أَنَّهُ لَیْسَتِ الزَّرَافَةُ مِنْ لِقَاحِ أَصْنَافٍ شَتَّی مِنَ الْحَیَوَانِ كَمَا زَعَمَ الْجَاهِلُونَ بَلْ هِیَ خَلْقٌ عَجِیبٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لِلدَّلَالَةِ عَلَی قُدْرَتِهِ الَّتِی لَا یُعْجِزُهَا شَیْ ءٌ وَ لِیُعْلِمَ أَنَّهُ خَالِقُ أَصْنَافِ الْحَیَوَانِ كُلِّهَا یَجْمَعُ بَیْنَ مَا یَشَاءُ مِنْ أَعْضَائِهَا فِی أَیِّهَا شَاءَ وَ یُفَرِّقُ مَا شَاءَ مِنْهَا فِی أَیِّهَا شَاءَ وَ یَزِیدُ فِی الْخِلْقَةِ مَا شَاءَ وَ یَنْقُصُ مِنْهَا مَا شَاءَ دَلَالَةً عَلَی قُدْرَتِهِ عَلَی الْأَشْیَاءِ وَ أَنَّهُ لَا یُعْجِزُهُ شَیْ ءٌ

ص: 58


1- 1. الزرافة: دابة یقال لها بالفارسیة: اشترگاوپلنگ.
2- 2. شحج البغل او الغراب: صوت او غلظ صوته.

أَرَادَهُ جَلَّ وَ تَعَالَی فَأَمَّا طُولُ عُنُقِهَا وَ الْمَنْفَعَةُ لَهَا فِی ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْشَأَهَا وَ مَرْعَاهَا فِی غَیَاطِلَ (1) ذَوَاتِ أَشْجَارٍ شَاهِقَةٍ ذَاهِبَةٍ طُولًا فِی الْهَوَاءِ فَهِیَ تَحْتَاجُ إِلَی طُولِ الْعُنُقِ لِتَنَاوَلَ بِفِیهَا أَطْرَافَ تِلْكَ الْأَشْجَارِ فَتَتَقَوَّتَ مِنْ ثِمَارِهَا تَأَمَّلْ خَلْقَ الْقِرْدِ وَ شِبْهَهُ بِالْإِنْسَانِ فِی كَثِیرٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَعْنِی الرَّأْسَ وَ الْوَجْهَ وَ الْمَنْكِبَیْنِ وَ الصَّدْرَ وَ كَذَلِكَ أَحْشَاؤُهُ شَبِیهَةٌ أَیْضاً بِأَحْشَاءِ الْإِنْسَانِ وَ خُصَّ مَعَ ذَلِكَ بِالذِّهْنِ وَ الْفِطْنَةِ الَّتِی بِهَا یَفْهَمُ عَنْ سَائِسِهِ مَا یُومِئُ إِلَیْهِ (2) وَ یَحْكِی كَثِیراً مِمَّا یَرَی الْإِنْسَانَ بِفِعْلِهِ حَتَّی أَنَّهُ یَقْرُبُ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَ شَمَائِلِهِ فِی التَّدْبِیرِ فِی خِلْقَتِهِ عَلَی مَا هِیَ عَلَیْهِ أَنْ یَكُونَ (3) عِبْرَةً لِلْإِنْسَانِ فِی نَفْسِهِ فَیَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ طِینَةِ الْبَهَائِمِ وَ سِنْخِهَا(4) إِذْ كَانَ یَقْرُبُ مِنْ خَلْقِهَا هَذَا الْقُرْبَ وَ لَوْ لَا أَنَّهُ فَضِیلَةٌ(5)

فَضَّلَهُ (6) بِهَا فِی الذِّهْنِ وَ الْعَقْلِ وَ النُّطْقِ كَانَ كَبَعْضِ الْبَهَائِمِ عَلَی أَنَّ فِی جِسْمِ الْقِرْدِ فُضُولًا أُخْرَی یُفَرَّقُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْإِنْسَانِ كَالْخَطْمِ وَ الذَّنَبِ الْمُسَدَّلِ وَ الشَّعْرِ الْمُجَلِّلِ لِلْجِسْمِ كُلِّهِ وَ هَذَا لَمْ یَكُنْ مَانِعاً لِلْقِرْدِ أَنْ یُلْحَقَ بِالْإِنْسَانِ لَوْ أُعْطِیَ مِثْلَ ذِهْنِ الْإِنْسَانِ وَ عَقْلِهِ وَ نُطْقِهِ وَ الْفَصْلُ الْفَاصِلُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْإِنْسَانِ بِالصِّحَّةِ(7)

هُوَ النَّقْصُ فِی الْعَقْلِ وَ الذِّهْنِ

وَ النُّطْقِ انْظُرْ یَا مُفَضَّلُ إِلَی لُطْفِ اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ بِالْبَهَائِمِ كَیْفَ كُسِیَتْ أَجْسَامُهُمْ هَذِهِ الْكِسْوَةَ مِنَ الشَّعْرِ وَ الْوَبَرِ وَ الصُّوفِ لِیَقِیَهَا مِنَ الْبَرْدِ وَ كَثْرَةِ الْآفَاتِ وَ أُلْبِسَتِ

ص: 59


1- 1. الغیاطل جمع الغیطل و هو الشجر الكثیر الملتف.
2- 2. أی یشیر إلیه.
3- 3. أی خلق كذلك لان یكون عبرة للإنسان.
4- 4. السنخ: الأصل.
5- 5. فی المخطوطة و فی التوحید من البحار: و انه لو لا فضیلة.
6- 6. فی التوحید من البحار: فضله اللّٰه بها.
7- 7. أی الفصل الصحیح الذی یصلح لان یكون فاصلا. و قال المصنّف: فی أكثر النسخ: « و هو» و علی هذا فلا یبعد أن تكون الصحة تصحیف القحة ای قلة الحیاء.

الْأَظْلَافَ (1) وَ الْحَوَافِرَ وَ الْأَخْفَافَ لِیَقِیَهَا مِنَ الْحَفَاءِ إِذْ كَانَتْ لَا أَیْدِیَ لَهَا وَ لَا أَكُفَّ وَ لَا أَصَابِعَ مُهَیَّأَةً لِلْغَزْلِ وَ النَّسْجِ فَكُفُوا بِأَنْ جُعِلَ كِسْوَتُهُمْ فِی خِلْقَتِهِمْ بَاقِیَةً عَلَیْهِمْ مَا بَقُوا لَا یَحْتَاجُونَ إِلَی تَجْدِیدِهَا وَ الِاسْتِبْدَالِ بِهَا فَأَمَّا الْإِنْسَانُ فَإِنَّهُ ذُو حِیلَةٍ وَ كَفٍّ مُهَیَّأَةٍ لِلْعَمَلِ فَهُوَ یَنْسِجُ وَ یَغْزِلُ وَ یَتَّخِذُ لِنَفْسِهِ الْكِسْوَةَ وَ یَسْتَبْدِلُ بِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَ لَهُ فِی ذَلِكَ صَلَاحٌ مِنْ جِهَاتٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ یَشْتَغِلُ بِصَنْعَةِ اللِّبَاسِ عَنِ الْعَبَثِ وَ مَا یُخْرِجُهُ إِلَیْهِ الْكِفَایَةُ وَ مِنْهَا أَنَّهُ یَسْتَرِیحُ إِلَی خَلْعِ كِسْوَتِهِ (2) وَ لُبْسِهَا إِذَا شَاءَ وَ مِنْهَا أَنَّهُ یَتَّخِذُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْكِسْوَةِ ضُرُوباً لَهَا جَمَالٌ وَ رَوْعَةٌ(3) فَیَتَلَذَّذُ بِلُبْسِهَا وَ تَبْدِیلِهَا وَ كَذَلِكَ یَتَّخِذُ بِالرِّفْقِ مِنَ الصَّنْعَةِ ضُرُوباً مِنَ الْخِفَافِ وَ النِّعَالِ یَقِی بِهَا قَدَمَیْهِ وَ فِی ذَلِكَ مَعَایِشُ لِمَنْ یعلمه [یَعْمَلُهُ] مِنَ النَّاسِ وَ مَكَاسِبُ یَكُونُ فِیهَا مَعَاشُهُمْ وَ مِنْهَا أَقْوَاتُهُمْ وَ أَقْوَاتُ عِیَالِهِمْ فَصَارَ الشَّعْرُ وَ الْوَبَرُ وَ الصُّوفُ یَقُومُ لِلْبَهَائِمِ مَقَامَ الْكِسْوَةِ وَ الْأَظْلَافُ وَ الْحَوَافِرُ وَ الْأَخْفَافُ مَقَامَ الْحِذَاءِ فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِی خِلْقَةٍ عَجِیبَةٍ فِی الْبَهَائِمِ فَإِنَّهُمْ یُوَارُونَ أَنْفُسَهُمْ إِذَا مَاتُوا كَمَا یُوَارِی النَّاسُ مَوْتَاهُمْ وَ إِلَّا فَأَیْنَ جِیَفُ هَذِهِ الْوُحُوشِ وَ السِّبَاعِ وَ غَیْرِهَا لَا یُرَی مِنْهَا شَیْ ءٌ وَ لَیْسَتْ قَلِیلَةً فَتَخْفَی لِقِلَّتِهَا بَلْ لَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّهَا أَكْثَرُ مِنَ النَّاسِ لَصَدَقَ فَاعْتَبِرْ ذَلِكَ بِمَا تَرَاهُ فِی الصَّحَارِی وَ الْجِبَالِ مِنْ أَسْرَابِ الظِّبَاءِ وَ الْمَهَا وَ الْحَمِیرِ وَ الْوُعُولِ وَ الْأَیَائِلِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ وَ أَصْنَافِ السِّبَاعِ مِنَ الْأُسُدِ وَ الضِّبَاعِ وَ الذِّئَابِ وَ النُّمُورِ وَ غَیْرِهَا وَ ضُرُوبِ الْهَوَامِّ وَ الْحَشَرَاتِ وَ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَ كَذَلِكَ أَسْرَابُ الطَّیْرِ مِنَ الْغِرْبَانِ وَ الْقَطَا وَ الْإِوَزِّ وَ الْكَرَاكِی (4) وَ الْحَمَامِ وَ سِبَاعِ الطَّیْرِ

ص: 60


1- 1. فی كتاب التوحید من البحار: و البست قوائمها الاظلاف.
2- 2. فی التوحید: الی خلع كسوته إذا شاء.
3- 3. الروعة: المسحة من الجمال.
4- 4. الغربان جمع الغراب، و القطا جمع القطاة طائر فی حجم الحمام. و الاوز جمع الاوزة: طائر مائی یقال له: الوزة ایضا: و الكراكی جمع الكركی: طائر كبیر أغبر اللون طویل العنق و الرجلین، ابتر الذنب، قلیل اللحم، یأوی الی الماء احیانا.

جَمِیعاً وَ كُلُّهَا لَا یُرَی مِنْهَا إِذَا مَاتَتْ (1) إِلَّا الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ یَصِیدُهُ قَانِصٌ وَ یَفْتَرِسُهُ سَبُعٌ فَإِذَا أَحَسُّوا بِالْمَوْتِ كَمَنُوا(2) فِی مَوَاضِعَ خَفِیَّةٍ فَیَمُوتُونَ فِیهَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَامْتَلَأَتِ الصَّحَارِی مِنْهَا حَتَّی تَفْسُدَ رَائِحَةُ الْهَوَاءِ وَ یُحْدَثَ الْأَمْرَاضُ وَ الْوَبَاءُ فَانْظُرْ إِلَی هَذَا الَّذِی یَخْلُصُ إِلَیْهِ النَّاسُ وَ عَمِلُوهُ بِالتَّمْثِیلِ الْأَوَّلِ الَّذِی مُثِّلَ لَهُمْ كَیْفَ جُعِلَ طَبْعاً وَ فِی الْبَهَائِمِ وَ غَیْرِهَا ادِّكَاراً لِیَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ مَعَرَّةِ مَا(3)

یُحْدَثُ عَلَیْهِمْ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَ الْفَسَادِ فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِی الْفَطَنِ الَّتِی جُعِلَتْ فِی الْبَهَائِمِ لِمَصْلَحَتِهَا بِالطَّبْعِ وَ الْخِلْقَةِ لُطْفاً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمْ لِئَلَّا یَخْلُوَ مِنْ نِعَمِهِ جَلَّ وَ عَزَّ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ لَا بِعَقْلٍ وَ رَوِیَّةٍ فَإِنَّ الْأُیَّلَ یَأْكُلُ الْحَیَّاتِ فَیَعْطَشُ عَطَشاً شَدِیداً فَیَمْتَنِعُ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ خَوْفاً مِنْ أَنْ یَدِبَّ السَّمُّ فِی جِسْمِهِ فَیَقْتُلَهُ وَ یَقِفُ عَلَی الْغَدِیرِ وَ هُوَ مَجْهُودٌ عَطَشاً فَیَعِجُّ عَجِیجاً عَالِیاً وَ لَا یَشْرَبُ مِنْهُ وَ لَوْ شَرِبَ لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ فَانْظُرْ إِلَی مَا جُعِلَ مِنْ طِبَاعِ هَذِهِ الْبَهِیمَةِ مِنْ تَحَمُّلِ الظَّمَاءِ الْغَالِبِ خَوْفاً مِنَ الْمَضَرَّةِ فِی الشُّرْبِ وَ ذَلِكَ مِمَّا لَا یَكَادُ الْإِنْسَانُ الْعَاقِلُ الْمُمَیِّزُ یَضْبِطُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ الثَّعْلَبَ إِذَا أَعْوَزَهُ الطُّعْمُ تَمَاوَتَ وَ نَفَخَ بَطْنَهُ حَتَّی یَحْسَبَهُ الطَّیْرُ مَیِّتاً فَإِذَا وَقَعَتْ عَلَیْهِ لِتَنْهَشَهُ وَثَبَ عَلَیْهَا فَأَخَذَهَا فَمَنْ أَعَانَ الثَّعْلَبَ الْعَدِیمَ النُّطْقِ وَ الرَّوِیَّةِ بِهَذِهِ الْحِیلَةِ إِلَّا مَنْ تَوَكَّلَ بِتَوْجِیهِ الرِّزْقِ لَهُ مِنْ هَذَا وَ شِبْهِهِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ الثَّعْلَبُ یَضْعُفُ عَنْ كَثِیرٍ مِمَّا یَقْوَی عَلَیْهِ السِّبَاعُ مِنْ مُسَاوَرَةِ الصَّیْدِ أُعِینَ بِالدَّهَاءِ(4) وَ الْفِطْنَةِ وَ الِاحْتِیَالِ لِمَعَاشِهِ وَ الدُّلْفِینَ یَلْتَمِسُ صَیْدَ الطَّیْرِ فَیَكُونُ حِیلَتُهُ فِی ذَلِكَ أَنْ یَأْخُذَ السَّمَكَ فَیَقْتُلَهُ وَ یَشْرَحَهُ (5) حَتَّی یَطْفُوَ عَلَی

ص: 61


1- 1. فی كتاب التوحید: و كلها لا یری منها شی ء إذا ماتت.
2- 2. أی تواروا و اختفوا.
3- 3. المعرة: الاذی.
4- 4. الدهاء: جودة الرأی و الحذق. المكر و الاحتیال.
5- 5. شرح اللحم: قطعه قطعا طوالا.

الْمَاءِ ثُمَّ یَكْمُنُ تَحْتَهُ وَ یُثَوِّرُ الْمَاءَ الَّذِی عَلَیْهِ حَتَّی لَا یَتَبَیَّنَ شَخْصُهُ فَإِذَا وَقَعَ الطَّیْرُ عَلَی السَّمَكِ الطَّافِی وَثَبَ إِلَیْهَا فَاصْطَادَهَا فَانْظُرْ إِلَی هَذِهِ الْحِیلَةِ كَیْفَ جُعِلَتْ طَبْعاً فِی هَذِهِ الْبَهِیمَةِ لِبَعْضِ الْمَصْلَحَةِ قَالَ الْمُفَضَّلُ فَقُلْتُ خَبِّرْنِی یَا مَوْلَایَ عَنِ التِّنِّینِ وَ السَّحَابِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ السَّحَابَ كَالْمُوَكَّلِ بِهِ یَخْتَطِفُهُ حَیْثُمَا ثَقِفَهُ كَمَا یَخْتَطِفُ حَجَرُ الْمِغْنَاطِیسِ الْحَدِیدَ فَهُوَ لَا یَطْلُعُ رَأْسَهُ فِی الْأَرْضِ خَوْفاً مِنَ السَّحَابِ وَ لَا یَخْرُجُ إِلَّا فِی الْقَیْظِ مَرَّةً إِذَا سحت [صَحَتِ] السَّمَاءُ فَلَمْ یَكُنْ فِیهَا نُكْتَةٌ مِنْ غَیْمَةٍ قُلْتُ فَلِمَ وَكَّلَ السَّحَابَ بِالتِّنِّینِ یَرْصُدُهُ وَ یَخْتَطِفُهُ إِذَا وَجَدَهُ قَالَ لِیَدْفَعَ عَنِ النَّاسِ مَضَرَّتَهُ قَالَ الْمُفَضَّلُ فَقُلْتُ قَدْ وَصَفْتَ لِی یَا مَوْلَایَ مِنْ أَمْرِ الْبَهَائِمِ مَا فِیهِ مُعْتَبَرٌ لِمَنِ اعْتَبَرَ فَصِفْ لِیَ الذَّرَّةَ(1) وَ النَّمْلَ وَ الطَّیْرَ فَقَالَ علیه السلام یَا مُفَضَّلُ تَأَمَّلْ وَجْهَ الذَّرَّةِ الْحَقِیرَةِ الصَّغِیرَةِ هَلْ تَجِدُ فِیهَا نَقْصاً عَمَّا فِیهِ صَلَاحُهَا فَمِنْ أَیْنَ هَذَا التَّقْدِیرُ وَ الصَّوَابُ فِی خَلْقِ الذَّرَّةِ إِلَّا مِنَ التَّدْبِیرِ الْقَائِمِ فِی صَغِیرِ الْخَلْقِ وَ كَبِیرِهِ انْظُرْ إِلَی النَّمْلِ وَ احْتِشَادِهَا فِی جَمْعِ الْقُوتِ وَ إِعْدَادِهِ فَإِنَّكَ تَرَی الْجَمَاعَةَ مِنْهَا إِذَا نَقَلَتِ الْحَبَّ إِلَی زُبْیَتِهَا بِمَنْزِلَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ یَنْقُلُونَ الطَّعَامَ أَوْ غَیْرَهُ بَلْ لِلنَّمْلِ فِی ذَلِكَ مِنَ الْجِدِّ وَ التَّشْمِیرِ مَا لَیْسَ لِلنَّاسِ مِثْلُهُ أَ مَا تَرَاهُمْ یَتَعَاوَنُونَ عَلَی النَّقْلِ كَمَا یَتَعَاوَنُ النَّاسُ عَلَی الْعَمَلِ ثُمَّ یَعْمِدُونَ إِلَی الْحَبِّ فَیُقَطِّعُونَهُ قِطَعاً لِكَیْلَا یَنْبُتَ فَیَفْسُدَ عَلَیْهِمْ (2) فَإِنْ أَصَابَهُ نَدًی أَخْرَجُوهُ فَنَشَرُوهُ حَتَّی یَجِفَّ ثُمَّ لَا یَتَّخِذُ النَّمْلُ الزُّبْیَةَ(3) إِلَّا فِی نَشَزٍ مِنَ الْأَرْضِ كَیْ لَا یُفِیضَ السَّیْلُ فَیُغْرِقَهَا(4)

فَكُلُّ هَذَا مِنْهُ بِلَا عَقْلٍ

ص: 62


1- 1. الذرة: النملة الصغیرة الحمراء.
2- 2. و یقطع الكسفرة و یقسمها ارباعا لما الهم من ان نصفها أیضا ینبت.
3- 3. الزبیة بالضم: الحفرة.
4- 4. قال الدمیری: یحفر قریته بقوائمه و هی ست، فإذا حفرها جعل فیها تعاریج لئلا یجری إلیها ماء المطر، و ربما اتخذ قریة فوق قریة بسبب ذلك، و انما یفعل ذلك خوفا علی ما یدخره من البلل، و من عجائبه اتخاذ القریة تحت الأرض و فیها منازل و دهالیز و غرف و طبقات معلقة یملؤها حبوبا و ذخائر للشتاء.

وَ لَا رَوِیَّةٍ بَلْ خِلْقَةٌ خُلِقَ عَلَیْهَا لِمَصْلَحَةٍ لُطْفاً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ انْظُرْ إِلَی هَذَا الَّذِی یُقَالُ لَهُ اللَّیْثُ وَ تُسَمِّیهِ الْعَامَّةُ أَسَدَ الذُّبَابِ وَ مَا أُعْطِیَ مِنَ الْحِیلَةِ وَ الرِّفْقِ فِی مَعَاشِهِ فَإِنَّكَ تَرَاهُ حِینَ یُحِسُّ بِالذُّبَابِ قَدْ وَقَعَ قَرِیباً مِنْهُ تَرَكَهُ مَلِیّاً حَتَّی كَأَنَّهُ مَوَاتٌ لَا حَرَاكَ بِهِ فَإِذَا رَأَی الذُّبَابَ قَدِ اطْمَأَنَّ وَ غَفَلَ عَنْهُ دَبَّ دَبِیباً دَقِیقاً(1) حَتَّی یَكُونَ مِنْهُ بِحَیْثُ یَنَالُهُ وَثْبُهُ ثُمَّ یَثِبُ عَلَیْهِ فَیَأْخُذُهُ فَإِذَا أَخَذَهُ اشْتَمَلَ عَلَیْهِ بِجِسْمِهِ كُلِّهِ مَخَافَةَ أَنْ یَنْجُوَ مِنْهُ فَلَا یَزَالُ قَابِضاً عَلَیْهِ حَتَّی یُحِسَّ بِأَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ وَ اسْتَرْخَی ثُمَّ یُقْبِلُ عَلَیْهِ فَیَفْتَرِسُهُ وَ یَحْیَا بِذَلِكَ مِنْهُ فَأَمَّا الْعَنْكَبُوتُ فَإِنَّهُ یَنْسِجُ ذَلِكَ النَّسْجَ فَیَتَّخِذُهُ شَرَكاً وَ مَصْیَدَةً لِلذُّبَابِ ثُمَّ یَكْمُنُ فِی جَوْفِهِ فَإِذَا نَشِبَ (2) فِیهِ الذُّبَابُ أَحَالَ (3) عَلَیْهِ یَلْدَغُهُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ فَیَعِیشُ بِذَلِكَ مِنْهُ فَكَذَلِكَ یُحْكَی صَیْدُ الْكِلَابِ وَ النُّهُودِ وَ هَكَذَا یُحْكَی صَیْدُ الْأَشْرَاكِ وَ الْحَبَائِلِ فَانْظُرْ إِلَی هَذِهِ الدُّوَیْبَةِ الضَّعِیفَةِ كَیْفَ جَعَلَ طَبْعَهَا مَا لَا یَبْلُغُهُ الْإِنْسَانُ إِلَّا بِالْحِیلَةِ وَ اسْتِعْمَالِ آلَاتٍ فِیهَا فَلَا تَزْدَرِ(4) بِالشَّیْ ءِ إِذَا كَانَتِ الْعِبْرَةُ فِیهِ وَاضِحَةً كَالذَّرَّةِ وَ النَّمْلَةِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَعْنَی النَّفِیسَ قَدْ یُمَثَّلُ بِالشَّیْ ءِ الْحَقِیرِ فَلَا یَضَعُ مِنْهُ (5) ذَلِكَ كَمَا لَا یَضَعُ مِنَ الدِّینَارِ وَ هُوَ مِنْ ذَهَبٍ أَنْ یُوزَنَ بِمِثْقَالٍ مِنْ حَدِیدٍ تَأَمَّلْ یَا مُفَضَّلُ جِسْمَ الطَّائِرِ وَ خِلْقَتَهُ فَإِنَّهُ حِینَ قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ طَائِراً فِی

ص: 63


1- 1. فی المخطوطة: دب دبیبا رقیقا.
2- 2. نشب فیه: وقع فیما لا مخلص منه.
3- 3. احال علیه: اقبل، و فی كتاب التوحید« اجال علیه» أی اداره، و یحتمل أن یكون مصحفا.
4- 4. هكذا فی النسخ و الظاهر أنّه مصحف« فلا تزدرأ» حیث قال المصنّف فی تفسیر الحدیث فی كتاب التوحید الازدراء: الاحتقار.
5- 5. أی لا ینقص من قدر المعنی النفیس تمثیله بالشی ء الحقیر، قال الفیروزآبادی: وضع عنه: حط من قدره.

الْجَوِّ خُفِّفَ جِسْمُهُ وَ أُدْمِجَ خَلْقُهُ فَاقْتَصَرَ بِهِ مِنَ الْقَوَائِمِ الْأَرْبَعِ عَلَی اثْنَتَیْنِ وَ مِنَ الْأَصَابِعِ الْخَمْسِ عَلَی أَرْبَعٍ وَ مِنْ مَنْفَذَیْنِ لِلزِّبْلِ وَ الْبَوْلِ عَلَی وَاحِدٍ یَجْمَعُهُمَا ثُمَّ خُلِقَ ذَا جُؤْجُؤٍ مُحَدَّدٍ لِیَسْهُلَ عَلَیْهِ أَنْ یَخْرِقَ الْهَوَاءَ كَیْفَ مَا أَخَذَ فِیهِ كَمَا جُعِلَ السَّفِینَةُ بِهَذِهِ الْهَیْئَةِ لِتَشُقَّ الْمَاءَ وَ تَنْفُذَ فِیهِ وَ جُعِلَ فِی جَنَاحَیْهِ وَ ذَنَبِهِ رِیشَاتٌ طِوَالٌ مِتَانٌ لِیَنْهَضَ بِهَا لِلطَّیَرَانِ وَ كُسِیَ كُلُّهُ الرِّیشَ لِیُدَاخِلَهُ الْهَوَاءُ فَیُقِلَّهُ وَ لَمَّا قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ طُعْمُهُ الْحَبَّ وَ اللَّحْمَ یَبْلَعُهُ بَلْعاً بِلَا مَضْغٍ نُقِصَ مِنْ خَلْقِهِ الْأَسْنَانُ وَ خُلِقَ لَهُ مِنْقَارٌ صُلْبٌ جَاسٍ یَتَنَاوَلُ بِهِ طُعْمَهُ فَلَا ینسجح [یَنْسَحِجُ] مِنْ لَقْطِ الْحَبِّ وَ لَا یَتَقَصَّفُ مِنْ نَهْشِ اللَّحْمِ وَ لَمَّا عَدِمَ الْأَسْنَانَ وَ صَارَ یَزْدَرِدُ الْحَبَ (1) صَحِیحاً وَ اللَّحْمَ غَرِیضاً أُعِینَ بِفَضْلِ حَرَارَةٍ فِی الْجَوْفِ تَطْحَنُ لَهُ الطُّعْمَ طَحْناً یَسْتَغْنِی بِهِ عَنِ الْمَضْغِ وَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَجَمَ الْعِنَبِ وَ غَیْرِهِ یَخْرُجُ مِنْ أَجْوَافِ الْإِنْسِ صَحِیحاً وَ یُطْحَنُ فِی أَجْوَافِ الطَّیْرِ لَا یُرَی لَهُ أَثَرٌ ثُمَّ جُعِلَ مِمَّا یَبِیضُ بَیْضاً وَ لَا یَلِدُ وِلَادَةً لِكَیْلَا یَثْقُلَ عَنِ الطَّیَرَانِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْفِرَاخُ فِی جَوْفِهِ تَمْكُثُ حَتَّی تَسْتَحْكِمَ لَأَثْقَلَتْهُ وَ عَاقَتْهُ عَنِ النُّهُوضِ وَ الطَّیَرَانِ فَجُعِلَ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنْ خَلْقِهِ مُشَاكِلًا لِلْأَمْرِ الَّذِی قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ عَلَیْهِ ثُمَّ صَارَ الطَّائِرُ السَّائِحُ فِی هَذَا الْجَوِّ یَقْعُدُ عَلَی بَیْضِهِ فَیَحْضُنُهُ أُسْبُوعاً وَ بَعْضُهَا أُسْبُوعَیْنِ وَ بَعْضُهَا

ثَلَاثَةَ أَسَابِیعَ حَتَّی یَخْرُجَ الْفَرْخُ مِنَ الْبَیْضَةِ ثُمَّ یُقْبِلُ عَلَیْهِ فَیَزُقُّهُ الرِّیحَ لِتَتَّسِعَ حَوْصَلَتُهُ لِلْغِذَاءِ ثُمَّ یُرَبِّیهِ وَ یُغَذِّیهِ بِمَا یَعِیشُ بِهِ فَمَنْ كَلَّفَهُ أَنْ یَلْقُطَ الطُّعْمَ وَ یَسْتَخْرِجَهُ بَعْدَ أَنْ یَسْتَقِرَّ فِی حَوْصَلَتِهِ وَ یَغْذُوَ بِهِ فِرَاخَهُ وَ لِأَیِّ مَعْنًی یَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَشَقَّةَ وَ لَیْسَ بِذِی رَوِیَّةٍ وَ لَا تَفَكُّرٍ وَ لَا یَأْمُلُ فِی فِرَاخِهِ مَا یَأْمُلُ الْإِنْسَانُ فِی وَلَدِهِ مِنَ الْعِزِّ وَ الرِّفْدِ(2) وَ بَقَاءِ الذِّكْرِ فَهَذَا مِنْ فِعْلٍ یَشْهَدُ(3) بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَی فِرَاخِهِ لَعَلَّهُ لَا یَعْرِفُهَا وَ لَا یُفَكِّرُ فِیهَا وَ هِیَ دَوَامُ النَّسْلِ وَ بَقَاؤُهُ لُطْفاً مِنَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ

ص: 64


1- 1. أی یبتلعه.
2- 2. فی كتاب التوحید من البحار:« فهذا هو فعل یشهد» و فی نسخة: فهذا من فعله یشهد.
3- 3. الرفد: النصیب. المعاونة.

انْظُرْ إِلَی الدَّجَاجَةِ كَیْفَ تُهَیَّجُ لِحِضْنِ الْبَیْضِ وَ التَّفْرِیخِ وَ لَیْسَ لَهَا بَیْضٌ مُجْتَمَعٌ وَ لَا وَكْرٌ(1)

مُوَطَّأٌ بَلْ تَنْبَعِثُ وَ تَنْتَفِخُ وَ تُقَوْقِی وَ تَمْتَنِعُ مِنَ الطُّعْمِ حَتَّی یُجْمَعَ لَهَا الْبَیْضُ فَتَحْضُنُهُ فَتُفَرِّخُ فَلِمَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا إِلَّا لِإِقَامَةِ النَّسْلِ وَ مَنْ أَخَذَهَا بِإِقَامَةِ النَّسْلِ وَ لَا رَوِیَّةَ وَ لَا تَفَكُّرَ لَوْ لَا أَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَی ذَلِكَ اعْتَبِرْ بِخَلْقِ الْبَیْضَةِ وَ مَا فِیهَا مِنَ الْمُحِ (2) الْأَصْفَرِ الْخَاثِرِ وَ الْمَاءِ الْأَبْیَضِ الرَّقِیقِ فَبَعْضُهُ لِیُنْشَرَ مِنْهُ الْفَرْخُ وَ بَعْضُهُ لِیُغَذَّی (3) بِهِ إِلَی أَنْ تَنْقَابَ عَنْهُ الْبَیْضَةُ وَ مَا فِی ذَلِكَ مِنَ التَّدْبِیرِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ نَشْوُ الْفَرْخِ فِی تِلْكَ الْقِشْرَةِ الْمُسْتَحْصَنَةِ(4)

الَّتِی لَا مَسَاغَ لِشَیْ ءٍ إِلَیْهَا لَجُعِلَ مَعَهُ فِی جَوْفِهَا مِنَ الْغِذَاءِ مَا یَكْتَفِی بِهِ إِلَی وَقْتِ خُرُوجِهِ مِنْهَا كَمَنْ یُحْبَسُ فِی حِصْنٍ حَصِینٍ (5) لَا یُوصَلُ إِلَی مَنْ فِیهِ فَیُجْعَلُ مَعَهُ مِنَ الْقُوتِ مَا یَكْتَفِی بِهِ إِلَی وَقْتِ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَكِّرْ فِی حَوْصَلَةِ الطَّائِرِ وَ مَا قُدِّرَ لَهُ فَإِنَّ مَسْلَكَ الطُّعْمِ إِلَی الْقَانِصَةِ(6) ضَیِّقٌ لَا یَنْفُذُ فِیهِ الطَّعَامُ إِلَّا قَلِیلًا قَلِیلًا فَلَوْ كَانَ الطَّائِرُ لَا یَلْقُطُ حَبَّةً ثَانِیَةً حَتَّی تَصِلَ الْأُولَی الْقَانِصَةَ لَطَالَ عَلَیْهِ وَ مَتَی كَانَ یَسْتَوْفِی طُعْمَهُ فَإِنَّمَا یَخْتَلِسُهُ اخْتِلَاساً لِشِدَّةِ الْحَذَرِ فَجُعِلَتِ الْحَوْصَلَةُ كَالْمِخْلَاةِ الْمُعَلَّقَةِ أَمَامَهُ لِیُوعِیَ (7) فِیهَا مَا أَدْرَكَ مِنَ الطُّعْمِ بِسُرْعَةٍ ثُمَّ تُنْفِذُهُ إِلَی الْقَانِصَةِ عَلَی مَهْلٍ وَ فِی الْحَوْصَلَةِ أَیْضاً خَلَّةٌ أُخْرَی فَإِنَّ مِنَ الطَّائِرِ مَا یَحْتَاجُ إِلَی أَنْ یَزُقَّ فِرَاخَهُ فَیَكُونُ رَدُّهُ لِلطُّعْمِ مِنْ قُرْبٍ أَسْهَلَ عَلَیْهِ

ص: 65


1- 1. الوكر بفتح الواو و سكون الكاف: عش الطائر.
2- 2. فی نسخه:« المخ» بالخاء المعجمة. و قال الأصمعی: اخثرت الزبد: تركته خاثرا، و ذلك إذا لم تذبه.
3- 3. فی نسخة: لیغتذی.
4- 4. فی نسخة: المستحسفة.
5- 5. فی النسخة المخطوطة و فی كتاب التوحید من البحار: فی حبس حصین.
6- 6. القانصة للطیر: كالمعدة للإنسان.
7- 7. اوعی الزاد: جعله فی الوعاء.

قَالَ الْمُفَضَّلُ فَقُلْتُ إِنَّ قَوْماً مِنَ الْمُعَطِّلَةِ یَزْعُمُونَ أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَلْوَانِ وَ الْأَشْكَالِ فِی الطَّیْرِ إِنَّمَا یَكُونُ مِنْ قِبَلِ امْتِزَاجِ أَخْلَاطٍ وَ اخْتِلَافِ مَقَادِیرِهَا بِالْمَرَجِ (1) وَ الْإِهْمَالِ فَقَالَ یَا مُفَضَّلُ هَذَا الْوَشْیُ (2) الَّذِی تَرَاهُ فِی الطَّوَاوِیسِ وَ الدُّرَّاجِ وَ التَّدَارِجِ (3)

عَلَی اسْتِوَاءٍ وَ مُقَابَلَةٍ كَنَحْوِ مَا یُخَطُّ بِالْأَقْدَامِ كَیْفَ یَأْتِی بِهِ الِامْتِزَاجُ (4) الْمُهْمَلُ عَلَی شَكْلٍ وَاحِدٍ لَا یَخْتَلِفُ وَ لَوْ كَانَ بِالْإِهْمَالِ لَعَدِمَ الِاسْتِوَاءَ وَ لَكَانَ مُخْتَلِفاً تَأَمَّلْ رِیشَ الطَّیْرِ كَیْفَ هُوَ فَإِنَّكَ تَرَاهُ مَنْسُوجاً كَنَسْجِ الثَّوْبِ مِنْ سُلُوكٍ (5) دِقَاقٍ قَدْ أُلِّفَ بَعْضُهُ إِلَی بَعْضٍ كَتَأْلِیفِ الْخَیْطِ إِلَی الْخَیْطِ وَ الشَّعْرَةِ إِلَی الشَّعْرَةِ ثُمَّ تَرَی ذَلِكَ النَّسْجَ إِذَا مَدَدْتَهُ یَنْفَتِحُ قَلِیلًا وَ لَا یَنْشَقُّ لِتُدَاخِلَهُ الرِّیحُ فَیَقِلَّ الطَّائِرُ إِذَا طَارَ وَ تَرَی فِی وَسَطِ الرِّیشَةِ عَمُوداً غَلِیظاً مَتِیناً قَدْ نُسِجَ عَلَیْهِ الَّذِی هُوَ مِثْلُ الشَّعْرِ لِیُمْسِكَهُ بِصَلَابَتِهِ وَ هُوَ الْقَصَبَةُ الَّتِی فِی وَسَطِ الرِّیشَةِ وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ أَجْوَفُ لِیَخِفَّ عَلَی الطَّائِرِ وَ لَا یَعُوقَهُ عَنِ الطَّیَرَانِ هَلْ رَأَیْتَ یَا مُفَضَّلُ هَذَا الطَّائِرَ الطَّوِیلَ السَّاقَیْنِ وَ عَرَفْتَ مَا لَهُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ فِی طُولِ سَاقَیْهِ فَإِنَّهُ أَكْثَرُ ذَلِكَ فِی ضَحْضَاحٍ مِنَ الْمَاءِ فَتَرَاهُ بِسَاقَیْنِ طَوِیلَیْنِ كَأَنَّهُ رَبِیئَةٌ فَوْقَ مَرْقَبٍ وَ هُوَ یَتَأَمَّلُ مَا یَدِبُّ فِی الْمَاءِ فَإِذَا رَأَی شَیْئاً مِمَّا یَتَقَوَّتُ بِهِ خَطَا خُطُوَاتٍ

ص: 66


1- 1. قال المصنّف: المرج بالتحریك: الفساد و الاضطراب و الاختلاط، و فی بعض النسخ بالزای المعجمة، و الأول أظهر.
2- 2. الوشی: نقش الثوب و یكون من كل لون.
3- 3. التدرج و التذرج: طائر حسن الصورة ارقش طویل الذنب، و الجمع تدارج، و أوردنا كلام الدمیری فی كتاب التوحید راجع ج 3: 105.
4- 4. أراد علیه السلام بالامتزاج الطبیعة التی یقولها القائلون باستناد الموجودات إلیها فی زماننا هذا.
5- 5. السلوك جمع السلك و هو جمع السلكة بالكسر: الخیط یخاط بها.

رَقِیقاً(1) حَتَّی یَتَنَاوَلَهُ وَ لَوْ كَانَ قَصِیرَ السَّاقَیْنِ وَ كَانَ یَخْطُو نَحْوَ الصَّیْدِ لِیَأْخُذَهُ یُصِیبُ بَطْنُهُ الْمَاءَ فَیَثُورُ وَ یُذْعَرُ(2)

مِنْهُ فَیَتَفَرَّقُ عَنْهُ فَخُلِقَ لَهُ ذَلِكَ الْعَمُودَانِ لِیُدْرِكَ بِهِمَا حَاجَتَهُ وَ لَا یَفْسُدَ عَلَیْهِ مَطْلَبُهُ تَأَمَّلْ ضُرُوبَ التَّدْبِیرِ فِی خَلْقِ الطَّائِرِ فَإِنَّكَ تَجِدُ كُلَّ طَائِرٍ طَوِیلِ السَّاقَیْنِ طَوِیلَ الْعُنُقِ وَ ذَلِكَ لِیَتَمَكَّنَ مِنْ تَنَاوُلِ طُعْمِهِ مِنَ الْأَرْضِ وَ لَوْ كَانَ طَوِیلَ السَّاقَیْنِ قَصِیرَ الْعُنُقِ لَمَا اسْتَطَاعَ أَنْ یَتَنَاوَلَ شَیْئاً مِنَ الْأَرْضِ وَ رُبَّمَا أُعِینَ مَعَ طُولِ الْعُنُقِ بِطُولِ الْمَنَاقِیرِ لِیَزْدَادَ الْأَمْرُ عَلَیْهِ سُهُولَةً لَهُ وَ إِمْكَاناً أَ فَلَا تَرَی أَنَّكَ لَا تُفَتِّشُ شَیْئاً مِنَ الْخِلْقَةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ عَلَی غَایَةِ الصَّوَابِ وَ الْحِكْمَةِ انْظُرْ إِلَی الْعَصَافِیرِ كَیْفَ تَطْلُبُ أُكُلَهَا بِالنَّهَارِ فَهِیَ لَا تَفْقِدُهُ وَ لَا هِیَ تَجِدُهُ مَجْمُوعاً مُعَدّاً بَلْ تَنَالُهُ بِالْحَرَكَةِ وَ الطَّلَبِ وَ كَذَلِكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ فَسُبْحَانَ مَنْ قَدَّرَ الرِّزْقَ كَیْفَ قَوَّتَهُ (3) فَلَمْ یَجْعَلْ مِمَّا لَا یُقْدَرُ عَلَیْهِ إِذْ جَعَلَ لِلْخَلْقِ حَاجَةً إِلَیْهِ وَ لَمْ یَجْعَلْهُ مَبْذُولًا یَنَالُهُ (4) بِالْهُوَیْنَا إِذَا كَانَ لَا صَلَاحَ فِی ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ یُوجَدُ مَجْمُوعاً مُعَدّاً كَانَتِ الْبَهَائِمُ تَتَقَلَّبُ عَلَیْهِ وَ لَا تَتَقَلَّعُ عَنْهُ حَتَّی تَبْشَمَ فَتَهْلِكَ وَ كَانَ النَّاسُ أَیْضاً یَصِیرُونَ بِالْفَرَاغِ إِلَی غَایَةِ الْأَشَرِ وَ الْبَطَرِ حَتَّی یَكْثُرَ الْفَسَادُ وَ یَظْهَرَ الْفَوَاحِشُ أَ عَلِمْتَ مَا طُعْمُ هَذِهِ الْأَصْنَافِ مِنَ الطَّیْرِ الَّتِی لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِاللَّیْلِ كَمِثْلِ الْبُومِ وَ الْهَامِ (5)

وَ الْخُفَّاشِ قُلْتُ لَا یَا مَوْلَایَ

ص: 67


1- 1. فی نسخة: خطوات رقیقات.
2- 2. أی و یخاف منه.
3- 3. فی نسخة:« كیف قدره» و فی النسخة المخطوطة: كیف قدر.
4- 4. فی نسخة:« ینال بالهوینا» أقول: الهوینا: التؤدة و الرفق و هی تصغیر الهونی، و الهونی تأنیث الاهون.
5- 5. الهام جمع الهامة نوع من البوم الصغیر تألف القبور و الاماكن الخربة و تنظر من كل مكان، اینما درت ادارت رأسها، و تسمی أیضا الصدی.

قَالَ إِنَّ مَعَاشَهَا مِنْ ضُرُوبٍ تَنْتَشِرُ فِی هَذَا الْجَوِّ مِنَ الْبَعُوضِ وَ الْفَرَاشِ وَ أَشْبَاهِ الْجَرَادِ وَ الْیَعَاسِیبِ وَ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الضُّرُوبَ مَبْثُوثَةٌ فِی الْجَوِّ لَا یَخْلُو مِنْهَا مَوْضِعٌ وَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِأَنَّكَ إِذَا وَضَعْتَ سِرَاجاً بِاللَّیْلِ فِی سَطْحٍ أَوْ عَرْصَةِ دَارٍ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ مِنْ هَذَا شَیْ ءٌ كَثِیرٌ فَمِنْ أَیْنَ یَأْتِی ذَلِكَ كُلُّهُ إِلَّا مِنَ الْقُرْبِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّهُ یَأْتِی مِنَ الصَّحَارِی وَ الْبَرَارِی قِیلَ لَهُ كَیْفَ یُوَافِی تِلْكَ السَّاعَةَ مِنْ مَوْضِعٍ بَعِیدٍ وَ كَیْفَ یُبْصِرُ مِنْ ذَلِكَ الْبُعْدِ سِرَاجاً فِی دَارٍ مَحْفُوفَةٍ بِالدُّورِ فَیَقْصِدُ إِلَیْهِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ عِیَاناً تَتَهَافَتُ عَلَی السِّرَاجِ (1)

مِنْ قُرْبٍ فَیَدُلُّ ذَلِكَ عَلَی أَنَّهَا مُنْتَشِرَةٌ فِی كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْجَوِّ فَهَذِهِ الْأَصْنَافُ مِنَ الطَّیْرِ تَلْتَمِسُهَا إِذَا خَرَجَتْ فَتَتَقَوَّتُ بِهَا فَانْظُرْ كَیْفَ وُجِّهَ الرِّزْقُ لِهَذِهِ الطُّیُورِ الَّتِی لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِاللَّیْلِ مِنْ هَذِهِ الضُّرُوبِ الْمُنْتَشِرَةِ فِی الْجَوِّ وَ اعْرِفْ ذَلِكَ الْمَعْنَی فِی خَلْقِ هَذِهِ الضُّرُوبِ الْمُنْتَشِرَةِ الَّتِی عَسَی أَنْ یَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهَا فَضْلٌ لَا مَعْنَی لَهُ خُلِقَ الْخُفَّاشُ خِلْقَةً عَجِیبَةً بَیْنَ خِلْقَةِ الطَّیْرِ وَ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ بَلْ هُوَ إِلَی ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَقْرَبُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ ذُو أُذُنَیْنِ نَاشِزَتَیْنِ وَ أَسْنَانٍ وَ وَبَرٍ وَ هُوَ یَلِدُ وِلَاداً وَ یَرْضِعُ وَ یَبُولُ وَ یَمْشِی إِذَا مَشَی عَلَی أَرْبَعٍ (2)

وَ كُلُّ هَذَا خِلَافُ صِفَةِ الطَّیْرِ ثُمَّ هُوَ أَیْضاً مِمَّا یَخْرُجُ بِاللَّیْلِ وَ یَتَقَوَّتُ مِمَّا یَسْرِی فِی الْجَوِّ مِنَ الْفَرَاشِ وَ مَا أَشْبَهَهُ وَ قَدْ قَالَ الْقَائِلُونَ إِنَّهُ لَا طُعْمَ لِلْخُفَّاشِ وَ إِنَّ غِذَاءَهُ مِنَ النَّسِیمِ وَحْدَهُ وَ ذَلِكَ یَفْسُدُ وَ یَبْطُلُ مِنْ جِهَتَیْنِ إِحْدَاهُمَا خُرُوجُ مَا یَخْرُجُ مِنْهُ مِنَ الثُّفْلِ وَ الْبَوْلِ فَإِنَّ هَذَا لَا یَكُونُ مِنْ غَیْرِ طُعْمٍ وَ الْأُخْرَی أَنَّهُ ذُو أَسْنَانٍ وَ لَوْ كَانَ لَا یَطْعَمُ شَیْئاً لَمْ یَكُنْ لِلْأَسْنَانِ فِیهِ مَعْنًی وَ لَیْسَ فِی الْخِلْقَةِ شَیْ ءٌ لَا مَعْنَی لَهُ وَ أَمَّا الْمَآرِبُ فِیهِ فَمَعْرُوفَةٌ حَتَّی أَنَّ زِبْلَهُ یَدْخُلُ فِی

ص: 68


1- 1. أی تتساقط علیه و تتابع.
2- 2. و قال الدمیری: یحیض و یطهر و یضحك كما یضحك الإنسان.

بَعْضِ الْأَعْمَالِ (1)

وَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَرْبِ فِیهِ خِلْقَتُهُ الْعَجِیبَةُ الدَّالَّةُ عَلَی قُدْرَةِ الْخَالِقِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ تَصَرُّفِهِ فِیمَا شَاءَ كَیْفَ شَاءَ لِضَرْبٍ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فَأَمَّا الطَّائِرُ الصَّغِیرُ الَّذِی یُقَالُ لَهُ ابْنُ تُمَّرَةَ فَقَدْ عَشَّشَ فِی بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فِی بَعْضِ الشَّجَرِ فَنَظَرَ إِلَی حَیَّةٍ عَظِیمَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ نَحْوَ عُشِّهِ فَاغِرَةً(2) فَاهَا لِتَبْلَعَهُ فَبَیْنَمَا هُوَ یَتَقَلَّبُ وَ یَضْطَرِبُ فِی طَلَبِ حِیلَةٍ مِنْهَا إِذْ وَجَدَ حَسَكَةً(3) فَحَمَلَهَا فَأَلْقَاهَا فِی فَمِ الْحَیَّةِ فَلَمْ تَزَلِ الْحَیَّةُ تَلْتَوِی وَ تَتَقَلَّبُ حَتَّی مَاتَتْ أَ فَرَأَیْتَ لَوْ لَمْ أُخْبِرْكَ بِذَلِكَ كَانَ یَخْطُرُ بِبَالِكَ أَوْ بِبَالِ غَیْرِكَ أَنَّهُ یَكُونُ مِنْ حَسَكَةٍ مِثْلُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ الْعَظِیمَةِ أَوْ یَكُونُ مِنْ طَائِرٍ صَغِیرٍ أَوْ كَبِیرٍ مِثْلُ هَذِهِ الْحِیلَةِ اعْتَبِرْ بِهَذَا وَ كَثِیرٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ تَكُونُ فِیهَا مَنَافِعُ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِحَادِثٍ یُحْدَثُ بِهِ وَ الْخَبَرِ یُسْمَعُ بِهِ (4) انْظُرْ إِلَی النَّحْلِ وَ احْتِشَادِهِ فِی صَنْعَةِ الْعَسَلِ وَ تَهْیِئَةِ الْبُیُوتِ الْمُسَدَّسَةِ وَ مَا تَرَی فِی ذَلِكَ

اجْتِمَاعَهُ مِنْ دَقَائِقِ الْفِطْنَةِ(5)

فَإِنَّكَ إِذَا تَأَمَّلْتَ الْعَمَلَ رَأَیْتَهُ عَجِیباً لَطِیفاً وَ إِذَا رَأَیْتَ الْمَعْمُولَ وَجَدْتَهُ عَظِیماً شَرِیفاً مَوْقِعُهُ مِنَ النَّاسِ وَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَی الْفَاعِلِ أَلْفَیْتَهُ غَبِیّاً جَاهِلًا بِنَفْسِهِ فَضْلًا عَمَّا سِوَی ذَلِكَ فَفِی هَذَا أَوْضَحُ الدَّلَالَةِ عَلَی أَنَّ الصَّوَابَ وَ الْحِكْمَةَ فِی هَذِهِ الصَّنْعَةِ لَیْسَتْ لِلنَّحْلِ بَلْ هِیَ لِلَّذِی طَبَعَهُ عَلَیْهَا وَ سَخَّرَهُ فِیهَا لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ انْظُرْ إِلَی هَذِهِ الْجَرَادِ مَا أَضْعَفَهُ وَ أَقْوَاهُ فَإِنَّكَ إِذَا تَأَمَّلْتَ خَلْقَهُ رَأَیْتَهُ كَأَضْعَفِ

ص: 69


1- 1. قال الدمیری: ان زبله إذا طلی به علی القوابی قلعها، و ذكر لاجزائه الأخری خواصا كثیرة. منها ان طبخ رأسه فی اناء او حدید بدهن زنبق و یغمر فیه مرارا حتّی یتهری و یصفی ذاك الدهن عنه و یدهن به صاحب النقرس و الفالج القدیم و الارتعاش و التورم فی الجسد فانه ینفعه ذلك و یبرئه.
2- 2. فغرفاه: فتحه.
3- 3. الحسك: نبات شائك.
4- 4. فی التوحید من البحار: او خبر یسمع به.
5- 5. فی نسخة: و ما تری فی اجتماعه من دقائق الفطنة.

الْأَشْیَاءِ وَ إِنْ دَلَفَتْ (1)

عَسَاكِرُهُ نَحْوَ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ لَمْ یَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ یَحْمِیَهُ مِنْهُ أَ لَا تَرَی أَنَّ مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ لَوْ جَمَعَ خَیْلَهُ وَ رَجِلَهُ لِیَحْمِیَ بِلَادَهُ مِنَ الْجَرَادِ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی ذَلِكَ أَ فَلَیْسَ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَی قُدْرَةِ الْخَالِقِ أَنْ یَبْعَثَ أَضْعَفَ خَلْقِهِ إِلَی أَقْوَی خَلْقِهِ فَلَا یَسْتَطِیعُ دَفْعَهُ انْظُرْ إِلَیْهِ كَیْفَ یَنْسَابُ (2) عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مِثْلَ السَّیْلِ فَیُغْشِی السَّهْلَ وَ الْجَبَلَ وَ الْبَدْوَ وَ الْحَضَرَ حَتَّی یَسْتُرَ نُورَ الشَّمْسِ بِكَثْرَتِهِ فَلَوْ كَانَ مِمَّا یُصْنَعُ بِالْأَیْدِی مَتَی كَانَ یَجْتَمِعُ مِنْهُ هَذِهِ الْكَثْرَةُ وَ فِی كَمْ مِنْ سَنَةٍ كَانَ یَرْتَفِعُ فَاسْتَدِلَّ بِذَلِكَ عَلَی الْقُدْرَةِ الَّتِی لَا(3)

یَئُودُهَا شَیْ ءٌ وَ لَا یُكْثِرُ عَلَیْهَا تَأَمَّلْ خَلْقَ السَّمَكِ وَ مُشَاكَلَتَهُ لِلْأَمْرِ الَّذِی قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ عَلَیْهِ فَإِنَّهُ خُلِقَ غَیْرَ ذِی قَوَائِمَ لِأَنَّهُ لَا یَحْتَاجُ إِلَی الْمَشْیِ إِذَا كَانَ مَسْكَنُهُ الْمَاءَ وَ خُلِقَ غَیْرَ ذِی رِئَةٍ لِأَنَّهُ لَا یَسْتَطِیعُ أَنْ یَتَنَفَّسَ وَ هُوَ مُنْغَمِسٌ فِی اللُّجَّةِ(4)

وَ جُعِلَتْ لَهُ مَكَانَ الْقَوَائِمِ أَجْنِحَةٌ شِدَادٌ یَضْرِبُ بِهَا فِی جَانِبَیْهِ كَمَا یَضْرِبُ الْمَلَّاحُ بِالْمَجَاذِیفِ (5)

جَانِبَیِ السَّفِینَةِ وَ كُسِیَ جِسْمُهُ قُشُوراً مِتَاناً مُتَدَاخِلَةً كَتَدَاخُلِ الدُّرُوعِ وَ الْجَوَاشِنِ لِتَقِیَهُ مِنَ الْآفَاتِ فَأُعِینَ بِفَضْلِ حِسٍّ فِی الشَّمِّ لِأَنَّ بَصَرَهُ ضَعِیفٌ وَ الْمَاءُ یَحْجُبُهُ فَصَارَ یَشَمُّ الطُّعْمَ مِنَ الْبُعْدِ الْبَعِیدِ فَیَنْتَجِعُهُ (6) وَ إِلَّا فَكَیْفَ یَعْلَمُ بِهِ بِمَوْضِعِهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ فِیهِ إِلَی صِمَاخَیْهِ مَنَافِذَ فَهُوَ یَعُبُ (7) الْمَاءَ بِفِیهِ وَ یُرْسِلُهُ مِنْ صِمَاخَیْهِ (8) فَیَتَرَوَّحُ إِلَی ذَلِكَ كَمَا یَتَرَوَّحُ غَیْرُهُ مِنَ الْحَیَوَانِ إِلَی أَنْ تَنَسَّمَ هَذَا النَّسِیمَ فَكِّرِ الْآنَ فِی كَثْرَةِ نَسْلِهِ وَ مَا خُصَّ بِهِ

ص: 70


1- 1. دلفت الكتیبة فی الحرب: تقدمت.
2- 2. انساب: جری و مشی مسرعا.
3- 3. لا یئودها ای لا یثقلها.
4- 4. لجة الماء: معظمه.
5- 5. المجذاف: ما تجری به السفینة.
6- 6. انتجع: طلب الكلا فی موضعه.
7- 7. أی یشرب او یكرع بلا تنفس.
8- 8. الصمخ: خرق الاذن الباطن الماضی الی الرأس.

مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّكَ تَرَی فِی جَوْفِ السَّمَكَةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْبَیْضِ مَا لَا یُحْصَی كَثْرَةً وَ الْعِلَّةُ فِی ذَلِكَ أَنْ یَتَّسِعَ لِمَا یَغْتَذِی بِهِ مِنْ أَصْنَافِ الْحَیَوَانِ فَإِنَّ أَكْثَرَهَا یَأْكُلُ السَّمَكَ حَتَّی أَنَّ السِّبَاعَ أَیْضاً فِی حَافَاتِ الْآجَامِ (1) عَاكِفَةٌ عَلَی الْمَاءِ(2) أَیْضاً كَیْ تُرْصِدَ السَّمَكَ فَإِذَا مَرَّ بِهَا خَطِفَتْهُ فَلَمَّا كَانَتِ السِّبَاعُ تَأْكُلُ السَّمَكَ وَ الطَّیْرُ یَأْكُلُ السَّمَكَ وَ النَّاسُ یَأْكُلُونَ السَّمَكَ وَ السَّمَكُ یَأْكُلُ السَّمَكَ كَانَ مِنَ التَّدْبِیرِ فِیهِ أَنْ یَكُونَ عَلَی مَا هُوَ عَلَیْهِ مِنَ الْكَثْرَةِ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ سَعَةَ حِكْمَةِ الْخَالِقِ وَ قِصَرَ عِلْمِ الْمَخْلُوقِینَ فَانْظُرْ إِلَی مَا فِی الْبِحَارِ مِنْ ضُرُوبِ السَّمَكِ وَ دَوَابِّ الْمَاءِ وَ الْأَصْدَافِ وَ الْأَصْنَافِ الَّتِی لَا تُحْصَی وَ لَا تُعْرَفُ مَنَافِعُهَا إِلَّا الشَّیْ ءُ بَعْدَ الشَّیْ ءِ یُدْرِكُهُ النَّاسُ بِأَسْبَابٍ تُحْدَثُ مِثْلُ الْقِرْمِزِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا عَرَفَ النَّاسُ صِبْغَهُ بِأَنَّ كَلْبَةً تَجُولُ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ فَوَجَدَتْ شَیْئاً مِنَ الصِّنْفِ الَّذِی یُسَمَّی الْحَلَزُونَ فَأَكَلَتْهُ فَاخْتَضَبَ خَطْمُهَا بِدَمِهِ فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَی حُسْنِهِ فَاتَّخَذُوهُ صِبْغاً وَ أَشْبَاهُ هَذَا مِمَّا یَقِفُ النَّاسُ عَلَیْهِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ وَ زَمَاناً بَعْدَ زَمَانٍ (3).

توضیح: و أوكدها أی أوكد الأشیاء و أحوجها إلی هذا النوع من الخلق هذه الصناعات و یمكن أن یكون فعلا و الضمیر راجعا إلی جنس البشر أی ألزمها و ألهمها هذه الصناعات و لا یبعد إرجاعه إلی الكف أیضا و الململم بفتح اللامین المجتمع المدور المصموم و الیمام حمام الوحش و فی حیاة الحیوان قال الأصمعی إنه الحمام الوحشی الواحدة یمامة و قال الكسائی هی التی تألف البیوت (4) و قال الحمر بضم الحاء المهملة و تشدید المیم و بالراء المهملة ضرب من الطیر كالعصفور و روی أبو داود الطیالسی و الحاكم و قال صحیح الإسناد عن ابن مسعود قال كنا عند النبی صلی اللّٰه علیه و آله فدخل رجل غیضة فأخرج منها بیضة حمرة فجاءت

ص: 71


1- 1. أی جوانبها.
2- 2. عكف علی الشی ء: اقبل علیه مواظبا.
3- 3. رواه المصنّف بتفصیله فی كتاب التوحید راجع ج 3: 92- 110.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 296 باب الیاء.

الحمرة تزف علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (1)

و أصحابه فقال لأصحابه أیكم فجع هذه فقال رجل یا رسول اللّٰه أخذت بیضها و فی روایة الحاكم فریخها(2) فقال صلی اللّٰه علیه و آله رده رده رحمة لها انتهی (3).

و فی القاموس الحمر كصرد طائر و تشدد المیم و المودع بفتح الدال المستریح و نیر الفدان الخشبة المعترضة فی عنق الثورین و الدببة كعنبة جمع الدب و العین بالفتح الغلظ فی الجسم و الخشونة و الخطم بالفتح من كل دابة مقدم أنفه و فمه و الجحفلة بمنزلة الشفة للبغال و الحمیر و الخیل و الحیاء الفرج و المراد بمراقی البطن ما ارتفع منه من وسطه أو قرب منه و الوضر الدرن.

و قال الدمیری ذكر القزوینی أن فرج الفیلة تحت إبطها فإذا كان وقت الضراب ارتفع و برز للفحل حتی یتمكن من إتیانها فسبحان من لا یعجزه شی ء(4).

أقول: سیأتی أحوال الفیل فی باب المسوخ إن شاء اللّٰه و قال الدمیری الزرافة بفتح الزای و ضمها مخففة الراء و هی حسنة الخلق طویلة الیدین قصیرة الرجلین مجموع یدیها و رجلیها نحو عشرة أذرع رأسها كرأس الإبل و قرنها كقرن البقر و جلدها كجلد النمر و قوائمها و أظلافها كالبقر و ذنبها كذنب الظبی لیس لها ركب فی رجلیها إنما ركبتاها فی یدیها و إذا مشت قدمت الرجل الیسری و الید الیمنی بخلاف ذوات الأربع كلها فإنها تقدم الید الیسری و الرجل الیمنی (5) و فی طبعها التودد و التأنس و تجتر و تبعر و لما علم اللّٰه تعالی أن قوتها فی الشجر(6)

ص: 72


1- 1. فی المصدر: تزف علی رأس رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
2- 2. فی المصدر: فرخها.
3- 3. حیاة الحیوان 191 و 192 باب الحاء.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 160.
5- 5. فی المصدر: فانها تقدم الید الیمنی و الرجل الیسری و من طبعها.
6- 6. فی المصدر: من الشجر.

جعل یدیها أطول من رجلیها و تستعین (1)

بذلك علی الرعی منها و فی تاریخ ابن خلكان فی ترجمة محمد بن عبد اللّٰه العتبی البصری الأخباری الشاعر أنه كان یقول الزرافة بفتح الزای و ضمها الحیوان المعروف و هی متولدة بین ثلاثة حیوانات الناقة الوحشیة(2)

و البقر الوحشیة و الضبعان و هو الذكر من الضباع فیقع الضبعان علی الناقة فیأتی بولد بین الناقة و الضبع فإن كان الولد ذكرا وقع علی البقرة فتأتی بالزرافة و ذلك فی بلاد الحبشة و لذلك قیل لها الزرافة و هی فی الأصل الجماعة فلما تولدت من جماعة قیل لها ذلك و العجم یسمونها أشتر گاو پلنگ (3)

و قال قوم إنها متولدة من حیوانات (4) و سبب ذلك اجتماع الدواب و الوحوش فی القیظ عند المیاه فتتسافد فیلقح منها ما یلقح و یمتنع ما یمتنع و ربما سفد الأنثی من الحیوان ذكور كثیرة فتختلط میاهها فیأتی منها خلق مختلف الصور و الأشكال و الألوان و الجاحظ لا یرتضی هذا القول و یقول إنه جهل شدید لا یصدر إلا عمن لا تحصیل لدیه لأن اللّٰه تعالی یَخْلُقُ ما یَشاءُ و هو نوع من الحیوان قائم بنفسه كقیام الخیل و الحمیر و مما یحقق ذلك أنه یلد مثله و قد شوهد ذلك (5). و قال السمع بكسر السین ولد الذئب من الضبع و هو سبع مركب فیه شدة الضبع و قوتها و جرأة الذئب و خفته و یزعمون أنه كالحیة لا یعرف العلل و لا یموت حتف أنفه و أنه أسرع عدوا من الریح (6) و قال القرد حیوان معروف و جمعه قرود و قد یجمع علی قردة بكسر القاف

ص: 73


1- 1. فی المصدر: لتستعین بذلك علی الرعی منها بسهولة قاله القزوینی فی عجائب المخلوقات.
2- 2. فی المصدر: بین الناقة الوحشیة.
3- 3. فی المصدر: لان اشتر: الجمل، و گاو: البقرة، و پلنگ: الضبع.
4- 4. فی المصدر: من حیوانات مختلفة.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 4.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 19.

و فتح الراء المهملة و الأنثی قردة بكسر القاف و إسكان الراء و جمعها قرد بكسر القاف و فتح الراء و بالدال فی آخره مثل قربة و قرب و كنیته أبو خالد و أبو حبیب و أبو زنة و أبو قشة(1) و هو حیوان قبیح ملیح ذكی سریع الفهم یتعلم الصنعة أهدی ملك النوبة إلی المتوكل قردا خیاطا و آخر صائغا و أهل الیمن یعلمون القردة القیام بحوائجهم حتی أن البقال و القصاب یعلم القردة حفظ الدكان حتی یعود صاحبه و یعلم السرقة فیسرق نقل الشیخان عن القاضی حسین أنه قال لو علم قرد النزول إلی الدار و إخراج المتاع ثم نقب و أرسل القرد فأخرج المتاع ینبغی أن لا یقطع لأن للحیوان اختیارا و روی عن أحمد بن طاهر أنه قال شهدت بالرملة قردا صائغا فإذا أراد أن ینفخ أشار إلی رجل حتی ینفخ له انتهی (2).

و سیأتی سائر أحواله فی باب المسوخ.

و شحیج البغل و الحمار صوتهما و الأسراب جمع السرب و هو القطیع من الظبا و القطا و الخیل و نحوها و المها جمع المهاة و هی البقر الوحشیة.

قال الدمیری و قیل المها نوع من البقر الوحشی و الأنثی من المها إذا حملت هربت من البقر و من طبعها الشبق و الذكر لفرط شهوته یركب ذكرا آخرا و المها أشبه شی ء بالمعز الأهلیة و قرونها صلاب جدا و مخها یطعم صاحب القولنج ینفعه نفعا و من استصحب معه شعبة من قرن المها نفرت منه السباع و إذا بخر بقرنه أو جلده أو ظفره فی بیت نفرت منه الحیات و رماد قرنه یذر علی السن المتأكلة یسكن وجعها و شعره إذا بخر به بیت هربت منه الفأر و الخنافس و إذا أحرق قرنه و جعل فی طعام صاحب حمی الربع (3)

فإنها تزول عنه و إذا شرب فی شی ء من الأشربة زاد فی الباه و قوی العصب و زاد فی الإنعاظ و إذا نفخ فی أنف الراعف قطع

ص: 74


1- 1. فی المصدر: و أبو حبیب و أبو خلف و أبو ربّه و أبو قشة.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 171 و 172.
3- 3. فی المصدر: صاحب الحمی الربع.

دمه و إذا أحرق قرناه حتی یصیرا رمادا و أدیفا(1) بخل و طلی به موضع البرص مستقبل الشمس فإنه یزول و إذا استف (2) منه مقدار مثقال فإنه لا یخاصم أحدا إلا غلب علیه (3) و الوعل بالفتح و ككتف تیس الجبل و الجمع أوعال و وعول قال الدمیری الوعل بفتح الواو و كسر العین المهملة الأروی و هو التیس الجبلی و فی طبعه أنه یأوی إلی الأماكن الوعر الخشنة و لا یزال مجتمعا فإذا كان وقت الولادة تفرق و إذا اجتمع فی ضرع أنثی لبن امتصته و الذكر إذا عجز عن النزو أكل البلوط فتقوی شهوته و إذا لم یجد الأنثی انتزع المنی بالامتصاص من فیه (4) و ذلك إذا جذبه الشبق و فی طبعه أنه إذا أصابه جرح طلب الخضرة التی

فی الحجارة فیمصها و یجعلها فی الجرح (5)

فیبرأ و إذا أحس بقناص و هو فی مكان مرتفع استلقی علی ظهره ثم یزج نفسه فینحدر و یكون قرناه و هما فی رأسه إلی عجزه یقیانه ما یخشی من الحجارة و یسرعان به لملوستهما علی الصفا انتهی (6).

و الأیل بضم الهمزة و كسرها و فتح الیاء المشددة و كسید الذكر من الأوعال و یقال هو الذی یسمی بالفارسیة گوزن و الجمع أیاییل قال الدمیری و أكثر أحواله شبیهة ببقر الوحش و إذا خاف من الصید یرمی نفسه من رأس الجبل و لا یتضرر بذلك و عدد سنی عمره العقد التی فی قرنه و إذا لسعته الحیة أكل السرطان و یصادق السمك فهو یمشی إلی الساحل لیری السمك و السمك یقرب من البر لیراه و الصیادون یعرفون هذا فیلبسون جلده لیقصدهم السمك فیصطادون

ص: 75


1- 1. داف و أداف الدواء: خلطه.
2- 2. سف الدواء و السویق و نحوهما: اخذه غیر ملتوت.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 236 و 237.
4- 4. فی المصدر: بفیه.
5- 5. فی المصدر: فیمتصها و یجعلها علی الجرح.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 290 و 291.

منه و هو مولع بأكل الحیات یطلبها حیث وجدها و ربما لسعته فتسیل دموعه إلی نقرتین تحت محاجر عینیه یدخل الإصبع فیها فتجمد تلك الدموع فتصیر كالشمع فیتخذ دریاقا لسم الحیات و هو البادزهر الحیوانی و أجوده الأصفر و أماكنه بلاد السند و الهند و فارس و إذا وضع علی لسع الحیات و العقارب نفعها و إن أمسكه شارب السم فی فیه نفعه و له فی دفع السموم خاصیة عجیبة و هذا الحیوان لا تنبت له قرون إلا بعد مضی سنتین من عمره فإذا نبت قرناه نبتا مستقیمین كالوتدین و فی الثالثة یتشعب (1) و لا تزال التشعب فی زیادة إلی تمام ست سنین فحینئذ یكونان كشجرتین فی رأسه ثم بعد ذلك یلقی قرنیه فی كل سنة مرة ثم ینبتان فإذا نبتا تعرض بهما للشمس لیصلبا و الأیل فی نفسه جبان دائم الرعب و هو یأكل الحیات أكلا ذریعا و إذا أكل الحیات بدأ بأكل ذنبها إلی رأسها و هو یلقی قرونه فی كل سنة و ذلك إلهام من اللّٰه تعالی لما للناس فیها من المنفعة لأن الناس یطردون بقرنه كل دابة سوء و ییسر عسر الولادة و ینفع الحوامل و یخرج الدود من البطن إذا أحرق جزء منه و لعق بالعسل.

و قال أرسطو إن هذا النوع یصاد بالصفیر و الغناء و لا ینام ما دام یسمع ذلك فالصیادون یشغلونه بذلك و یأتونه من ورائه فإذا رأوه قد استرخت أذناه أخذوه و ذكر من عصب لا لحم و لا عظم و قرنه مصمت لا تجویف فیه و یسمن هذا الحیوان سمنا كثیرا فإذا اتفق له ذلك هرب خوفا من أن یصاد و إن الأیائل تأكل الأفاعی فی الصیف فتحمی و تلتهب لحرارتها فتطلب الماء فإذا رأته امتنعت من شربه و حامت علیه تتنسمه (2)

لأنها لو شربته فی تلك الحالة فصادف الماء السم الذی فی أجوافها هلكت فلا تزال تمتنع من شرب الماء حتی یطول بها الزمان فیذهب ثوران السم ثم تشربه فلا یضرها و إذا بخر بقرنه طرد الهوام و كل ذی سم و إذا أحرق

ص: 76


1- 1. فی المصدر: و فی الثالثة یتشعبان.
2- 2. أی تشمه و وجد نسیمه.

قرنه و استیك به قلع الصفرة و الحفر من الأسنان و شد أصولها و من علق علیه شیئا من أجزائه لم ینم ما دام علیه و إذا جفف قضیبه و سفی هیج الباه و إذا شرب دمه فتتت الحصاة التی فی المثانة انتهی (1).

و القانص الصائد و المراد بالتمثیل ما ذكر اللّٰه تعالی فی قصة هابیل المعرة الأذی قوله علیه السلام لا یعقل لعل المراد أن هذه الأمور بمحض لطفه سبحانه حیث یلهمهم ذلك لا بعقل و رویة.

و قال الفیروزآبادی الدلفین بالضم دابة بحریة تنجی الغریق و قال الدمیری الدلفین (2)

ضبطه الجوهری فی باب السین بضم الدال فقال الدخس مثل الصرد دابة فی البحر تنجی الغریق تمكنه من ظهرها تستعین (3) علی السباحة و تسمی الدلفین و قال بعضهم إنه خنزیر البحر و هو دابة تنجی الغریق و هو كثیر بأواخر نیل مصر من جهة البحر المالح لأنه یقذف به البحر إلی النیل و صفته كصفة الزق المنفوخ و له رأس صغیر جدا و لیس فی دواب البحر دابة لها رئة سواه و لذا یسمع منه النفخ و النفس و هو إذا ظفر بالغریق كان أقوی الأسباب فی نجاته لأنه لا یزال یدفعه إلی البر حتی ینجیه و لا یؤذی أحدا و لا یأكل إلا السمك و ربما ظهر علی وجه الماء كأنه میت (4) و هو یلد و یرضع و أولاده تتبعه حیث ذهب و لا یلد إلا فی الصیف و فی طبعه الأنس (5)

و خاصة بالصبیان و إذا صید جاءت دلافین كثیرة لقتال صائده و إذا لبث فی العمق حینا حبس نفسه و صعد بعد ذلك مسرعا مثل السهم لطلب النفس فإن كانت بین یدیه سفینة وثب وثبة و ارتفع بها عن

ص: 77


1- 1. حیاة الحیوان 1: 76 و 77.
2- 2. فی المصدر: الدلفین: الدخس.
3- 3. فی المصدر: لتستعین به علی السباحة.
4- 4. فی المصدر: كانه میت.
5- 5. فی المصدر: و من طبعه الانس بالناس.

السفینة و لا یری منها ذكر إلا مع أنثی انتهی (1).

و قال الفیروزآبادی التنین كسكین حیة عظیمة و قال الدمیری ضرب من الحیات كأكبر ما یكون منها(2)

و قال القزوینی فی عجائب المخلوقات إنه شر من الكوسج فی فمه أنیاب مثل أسنة الرماح و هو طویل كالنخلة السحوق أحمر العینین مثل الدم واسع الفم و الجوف براق العینین یبتلع كثیرا من الحیوانات یخافه حیوان البر و البحر إذا تحرك یموج البحر لشدة قوته و أول أمره تكون حیة متمردة تأكل من دواب البر ما تری فإذا كثر فسادها احتملها ملك و ألقاها فی البحر فتفعل فی دواب البحر ما كانت تفعل (3)

بدواب البر فیعظم بدنها فیبعث اللّٰه تعالی إلیها ملكا یحملها و یلقیها إلی یأجوج و مأجوج (4) و روی بعضهم أنه

رأی تنینا طوله نحو فرسخین و لونه مثل لون النمر مفلسا مثل فلوس السمك بجناحین عظیمین علی هیئة جناحی السمك و رأسه كرأس الإنسان لكنه كالتل العظیم و أذناه طویلتان و عیناه مدورتان كبیرتان جدا انتهی (5).

و أقول لم أر فی كلامهم اختطاف السحاب للتنین و قال الفیروزآبادی القیظ صمیم الصیف من طلوع الثریا إلی طلوع السهیل و الزبیة بالضم الحفرة و النشز بالفتح و بالتحریك المكان المرتفع و قال الجوهری اللیث الأسد و ضرب من العناكب یصطاد الذباب بالوثب و یقال أحال علیه بالسوط یضربه أی أقبل قوله فكذلك أی كفعل اللیث و قوله هكذا أی كفعل العنكبوت قال الدمیری العنكبوت دویبة تنسج فی الهواء و جمعها عناكب و الذكر عنكب و

ص: 78


1- 1. حیاة الحیوان 1: 245.
2- 2. زاد فی المصدر: و كنیته أبو مرداس و هو أیضا نوع من السمك.
3- 3. فی المصدر: بدواب البحر ما كانت تفعله.
4- 4. فیه غرابة شدیدة و هو بالقصة اشبه.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 120.

وزنه فعللوت و هی قصار الأرجل كبار العیون للواحد ثمانیة أرجل و ست أعین (1) فإذا أراد صید الذباب لطأ بالأرض و سكن إلی أطرافه و جمع نفسه ثم وثب علی الذباب فلا یخطئه. قال أفلاطون أحرص الأشیاء الذباب و أقنع الأشیاء العنكبوت فجعل اللّٰه رزق أقنع الأشیاء أحرص الأشیاء فسبحان اللطیف الخبیر و هذا النوع یسمی الذباب و منها نوع یضرب بالحمرة له زغب و له فی رأسه أربع إبر ینهش بها و هو لا ینسج بل یحفر بیته فی الأرض و یخرج باللیل كسائر الهوام منها الرتیلا قال الجاحظ الرتیل نوع من العناكب و تسمی عقرب الحیات (2) لأنها تقتل الحیات و الأفاعی و قیل إنها ستة أنواع و قیل ثمانیة و كلها من أصناف العنكبوت و قال الجاحظ ولد العنكبوت أعجب من الفروخ الذی یخرج إلی الدنیا كاسبا كاسیا لأن ولد العنكبوت یقوی علی النسج ساعة یولد من غیر تلقین و لا تعلیم و یبیض و یحضن و أول ما یولد یكون دودا صغارا ثم یتغیر و یصیر عنكبوتا و تكمل صورته عند ثلاثة أیام و هو یطاول للفساد فإذا أراد الذكر الأنثی جذب بعض خیوط نسجها من الوسط فإذا فعل ذلك فعلت الأنثی مثله فلا یزالان یتدانیان حتی یتشابكا فیصیر بطن الذكر قبالة بطن الأنثی و هذا النوع من العناكب حكیم و من حكمته أنه یمد السدی ثم یعمل اللحمة و یبتدئ من الوسط و یهیئ موضعا لما یصیده من مكان آخر كالخزانة فإذا وقع شی ء فیما نسجه و تحرك عمد إلیه و شبك علیه شیئا یضعفه (3) فإذا علم ضعفه حمله و ذهب به إلی خزانته فإذا خرق الصید من النسج شیئا عاد إلیه و رمه و الذی تنسجه لا یخرجه من جوفها بل من خارج جلدها و فمها مشقوق بالطول (4)

و هذا النوع ینسج بیته دائما مثلث الشكل و تكون سعة بیتها بحیث

ص: 79


1- 1. فی المصدر: و ست عیون.
2- 2. فی المصدر: عقرب الحیات و الافاعی.
3- 3. فی المصدر: و شبك علیه حتّی یضعفه.
4- 4. فی المصدر ذكر الافعال و الضمائر بلفظ المذكر.

یغیب فیه شخصها انتهی (1). و یقال وضع عنه أی حط من قدره و أقله أی حمله و رفعه و جسا كدعا صلب و یبس و سحجت جلده فانسحج أی قشرته فانقشر و التقصف التكسر و الغریض الطری أی غیر مطبوخ و العجم بالتحریك النوی و تقوقی أی تصیح و المح بضم المیم و الحاء المهملة صفرة البیض و فی بعض النسخ بالخاء المعجمة و تنقاب أی تنفلق و ماء ضحضاح قریب القعر و الربیئة بالهمز العین و الطلیعة الذی ینظر للقوم لئلا یدهمهم عدو و المرقب الموضع المشرف یرتفع علیه الرقیب و البشم محركة التخمة بشم كفرح و الفراش هی التی تقع فی السراج و الیعسوب أمیر النحل و طائر أصغر من الجرادة أو أعظم و فی القاموس التمرة كقبرة أو ابن تمرة طائر أصغر من العصفور و قال القرمز صبغ أرمنی یكون من عصارة دود فی آجامهم و قال الحلزون محركة دابة تكون فی الرمث أی بعض مراعی الإبل أقول و یظهر من الخبر اتحادهما و یحتمل أن یكون المراد أن من صبغ الحلزون تفطنوا بأعمال القرمز للصبغ لتشابههما.

قال الدمیری الحلزون دود فی جوف أنبوبة حجریة یوجد فی سواحل البحار و شطوط الأنهار و هذه الدود تخرج بنصف بدنها من جوف تلك الأنبوبة الصدفیة و تمشی یمنة و یسرة تطلب مادة تغتدی بها فإذا أحست برطوبة و لین انبسطت إلیها و إذا أحست بخشونة أو صلابة انقبضت و غاصت فی جوف الأنبوبة الصدفیة حذرا من المؤذی لجسمها و إذا انسابت جرت بیتها معها انتهی (2).

أقول: قد أوردنا الخبر بتمامه و شرحناه علی وجه آخر فی كتاب التوحید تذییل نفعه جلیل اعلم أنه قد ظهر من سیاق هذا الخبر فی مواضع أن الأعمال الصادرة عن الحیوانات العجم لیست علی جهة الفهم و الشعور و إنما هی طبائع طبعت علیها و قد لاح من ظواهر كثیر من الآیات و الأخبار أن لها شعورا

ص: 80


1- 1. حیاة الحیوان 1: 266 و 2: 114.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 171.

و معرفة بل لهم تكالیف یعاقبون علی ترك بعضها فی الدنیا و علی ترك بعضها فی الآخرة لا علی الدوام بل فی مدة یحصل فیها التقاص بین مظلومها و ظالمها و قد اختلف الحكماء و المتكلمون من الخاص و العام فی ذلك فالحكماء ذهبوا إلی تجرد النفوس الناطقة الإنسانیة و إلی أنه لا یتأتی إدراك الكلی إلا من المجرد فلذا خصوا إدراكه بالإنسان و أما سائر الحیوانات فتدرك بالقوی الدراكة البدنیة الأمور الجزئیة كإدراك الشاة معنی جزئیا فی الذئب یوجب نفورها عنه و أكثر المتكلمین أیضا نفوا عنها الفهم و الشعور و العقل التی هی مناط التكلیف و أولوا الآیات و الأخبار الواردة فی ذلك كما عرفت سابقا و سیأتی و الحق أنه لم یدل دلیل قاطع علی نفی العقل و التكلیف عنها مطلقا بل إنما یدل علی أنها لیست فی درجة الإنسان فی إدراك المعانی الدقیقة و التكالیف العظیمة التی كلف بها الإنسان و الوعد بالنعیم الدائم و الوعید بالعذاب المخلد فیحتمل أن تكون مدركة لبعض الأمور الكلیة و المصالح الجلیة المتعلقة ببقاء نوعها و غذائها و نموها و ملهمة بمعرفة صانعها و طاعة إمام الزمان و سائر الأمور الواردة فی الأخبار المعتبرة و لا استحالة فی ذلك و لا یلزم من ذلك أن تكون كسائر المكلفین مكلفة بجمیع التكالیف معاقبة علی ترك كلها و أیضا نفی التكلیف لا یدل علی سلب العقول و الشعور مطلقا فإن المراهقین غیر مكلفین قد یكون لهم من إدراك العلوم و تحقیق المطالب ما لم یحصل لكثیر من المكلفین علی أنه یمكن حمل بعض الآیات و الأخبار علی أنه تعالی لإظهار المعجز لنبی

أو وصی أو الكرامة لولی أعطاها فی ذلك الوقت عقلا و شعورا بها یصدر منها بعض أقوال العقلاء و أفعالهم كما مر أو أوجد فیها كلاما أو فعلا بحیث لا تشعر لما ذكروا و إن كان بعیدا و أما القول بأن صدور الأعمال الوثیقة و الصنائع الدقیقة منها إنما هی من طبع طبعت علیها من غیر شعور بها و فائدتها ففی غایة البعد و یمكن تأویل ما یوهم ذلك فی حدیث المفضل علی أن المعنی أن اللّٰه تعالی یلهمها عند حاجة إلی أمر من الأمور و مصلحة من المصالح ذلك من غیر أن یحصل لها ذلك العلم بالأخذ من معلم أو بتحصیل تجربة أو الرجوع إلی كتاب كما

ص: 81

تتفق تلك الأمور لأكثر أفراد البشر العاقلین كما أن الطفل عند الولادة یلقی علیه شهوة الغذاء و البكاء لتحصیله و یلهم كیفیة مص الثدی و أمثال ذلك مما مر شرحه و تفصیله.

و لنذكر هنا بعض ما ذكره محققو أصحابنا و غیرهم فی ذلك فمنها ما ذكره السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی كتاب الغرر حیث سئل ما القول فی الأخبار الواردة فی عمدة كتب من الأصول و الفروع بمدح أجناس من الطیر و البهائم و المأكولات و الأرضین و ذم أجناس منها كمدح الحمام و البلبل و القنبر و الحجل و الدراج و ما شاكل ذلك من فصیحات الطیر و ذم الفواخت و الرخم و ما یحكی من أن كل جنس من هذه الأجناس المحمودة ینطق بثناء علی اللّٰه تعالی و علی أولیائه و دعاء لهم و دعاء علی أعدائهم و أن كل جنس من هذه الأجناس المذمومة ینطق بضد ذلك من ذم الأولیاء علیهم السلام و كذم الجری و ما شاكله من السمك و ما نطق به الجری من أنه مسخ بجحده الولایة و ورود الآثار بتحریمه لذلك و كذم الدب و القرد و الفیل و سائر المسوخ المحرمة و كذم البطیخة التی كسرها أمیر المؤمنین علیه السلام فصادفها مرة فقال من النار إلی النار(1) و دحا بها من یده ففار من الموضع الذی سقطت فیه دخان و كذم الأرضین السبخة و القول بأنها جحدت الولایة أیضا و قد جاء فی هذا المعنی ما یطول شرحه و ظاهره مناف لما تدل العقول علیه من كون هذه الأجناس مفارقة لقبیل ما یجوز تكلیفه و یسوغ أمره و نهیه و فی هذه الأخبار التی أشرنا إلیها أن بعض هذه الأجناس یعتقد الحق و یدین به و بعضها یخالفه و هذا كله مناف لظاهر ما العقلاء علیه.

و منها ما یشهد أن لهذه الأجناس منطقا مفهوما و ألفاظا تفید أغراضها و أنها بمنزلة الأعجمی و العربی اللذین لا یفهم أحدهما صاحبه و أن شاهد ذلك من قول اللّٰه سبحانه فیما حكاه عن سلیمان علیه السلام یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ

ص: 82


1- 1. فی نسخة: و الی النار.

وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ (1) و كلام النملة أیضا مما حكاه اللّٰه سبحانه و كلام الهدهد و احتجاجه و فهمه و جوابه فلینعم بذكر ما عنده مثابا إن شاء اللّٰه و باللّٰه التوفیق.

و أجاب رضی اللّٰه عنه اعلم أن المعول فیما نعتقد علی (2) ما تدل الأدلة علیه من نفی و إثبات فإذا دلت الأدلة علی أمر من الأمور وجب أن نبنی كل وارد من الأخبار إذا كان ظاهره بخلافه علیه و نسوقه إلیه و نطابق بینه و بینه و نخلی ظاهرا إن كان له و نشرط إن كان مطلقا و نخصه إن كان عاما و نفضله إن كان مجملا و نوفق بینه و بین الأدلة من كل طریق اقتضی الموافقة و آل إلی المطابقة و إذا كنا نفعل ذلك و لا نحتشمه فی ظواهر القرآن المقطوع علی صحته المعلوم وروده فكیف نتوقف عن ذلك فی أخبار آحاد لا توجب علما و لا تثمر یقینا فمتی وردت علیك أخبار فأعرضها علی هذه الجملة و ابنها علیها و افعل فیها ما حكمت به الأدلة و أوجبته الحجج العقلیة و إن تعذر فیها بناء و تأویل و تخریج و تنزیل فلیس غیر الإطراح لها و ترك التعریج علیها و لو اقتصرنا علی هذه الجملة لاكتفینا فیمن یتدبر و یتفكر و قد یجوز أن یكون المراد بذم هذه الأجناس من الطیر أنها ناطقة بضد الثناء علی اللّٰه و بذم أولیائه و نقص أصفیائه ذم متخذیها(3) و مرتبطیها و أن هؤلاء المغرین بمحبة هذه الأجناس و اتخاذها هم الذین ینطقون بضد الثناء علی اللّٰه تعالی و یذمون أولیاءه و أحباءه فأضاف النطق إلی هذه الأجناس و هو لمتخذیها أو مرتبطیها للتجاور و التقارب و علی سبیل التجوز و الاستعارة كما أضاف اللّٰه تعالی السؤال فی القرآن إلی القریة و إنما هو لأهل القریة و كما قال تعالی وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِیداً وَ

ص: 83


1- 1. النمل: 16.
2- 2. لعل كلمة( علی) زائدة.
3- 3. فی المصدر: معناه ذمّ متخذیها.

عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَ كانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً(1) و فی هذا كله حذوف و قد أضیف فی الظاهر الفعل إلی من هو فی الحقیقة متعلق بغیره و القول فی مدح أجناس من الطیر و الوصف لها بأنها تنطق بالثناء علی اللّٰه و المدح لأولیائه یجری علی هذا المنهاج الذی نهجناه.

فإن قیل كیف یستحق مرتبط هذه الأجناس مدحا بارتباطها و مرتبط بعض آخر ذما بارتباطه حتی علقتم المدح و الذم بذلك.

قلنا ما جعلنا لارتباط هذه الأجناس حظا فی استحقاق مرتبطیها مدحا و لا ذما و إنما قلنا إنه غیر ممتنع أن تجری عادة المؤمنین الموالین لأولیاء اللّٰه تعالی و المعادین لأعدائه بأن بالغوا(2) ارتباط أجناس من الطیر و كذلك تجری عادة بعض أعداء اللّٰه تعالی باتخاذ بعض أجناس الطیر فیكون متخذ بعضها ممدوحا لا من أجل اتخاذه لكن لما هو علیه من الاتخاذ الصحیح فیضاف المدح إلی هذه الأجناس و هو لمرتبطها و النطق بالتسبیح و الدعاء الصحیح إلیها و هو لمتخذها تجوزا و اتساعا و كذلك القول فی الذم المقابل للمدح. فإن قیل فلم نهی عن اتخاذ بعض هذه الأجناس إذا كان الذم لا یتعلق باتخاذها و إنما یتعلق ببعض متخذیها لكفرهم و ضلالهم.

قلنا یجوز أن یكون فی اتخاذ هذه البهائم المنهی عن اتخاذها و ارتباطها مفسدة و لیس یقبح خلقها فی الأصل لهذا الوجه لأنها خلقت لینتفع بها من سائر وجوه الانتفاع سوی الارتباط و الاتخاذ الذی لا یمتنع تعلق المفسدة به و یجوز أیضا أن یكون فی

اتخاذ هذه الأجناس المنهی عنها شؤم و طیرة فللعرب فی ذلك مذهب معروف و یصح هذا النهی أیضا علی مذهب من نفی الطیرة علی التحقیق لأن الطیرة و التشؤم و إن كان لا تأثیر لهما علی التحقیق فإن النفوس تستشعر ذلك و یسبق

ص: 84


1- 1. الطلاق: 8 و 9.
2- 2. فی المصدر: بأن یألفوا.

إلیها ما یجب علی كل حال تجنبه و التوقی عنه (1)

و علی هذا یحمل معنی قوله علیه السلام لا یورد ذو عاهة علی مصح و أما تحریم السمك الجری و ما أشبهه فغیر ممتنع لشی ء یتعلق بالمفسدة فی تناوله كما نقول فی سائر المحرمات فأما القول بأن الجری نطق بأنه مسخ لجحده الولایة فهو مما یضحك منه و یتعجب من قائله و الملتفت إلی مثله فأما تحریم الدب و القرد و الفیل فكتحریم كل محرم فی الشریعة و الوجه فی التحریم لا یختلف و القول بأنها ممسوخة إذا تكلفنا حملناه علی أنها كانت علی خلق حمیدة غیر منفور عنها ثم جعلت علی هذه الصور الشنیة علی سبیل التنفیر عنها و الزیادة عن الصد(2) فی الانتفاع بها لأن بعض الأحیاء لا یجوز أن یكون غیره علی الحقیقة و الفرق بین كل حیین معلوم ضرورة فكیف یجوز أن یصیر حی حیا آخر غیره و إذا أرید بالمسخ هذا فهو باطل و إن أرید غیره نظرنا فیه و أما البطیخة فقد یجوز أن یكون أمیر المؤمنین علیه السلام لما ذاقها و نفر عن طعمها و زادت كراهیته له قال من النار و إلی النار أی هذا من طعام أهل النار و ما یلیق بعذاب أهل النار كما یقول أحدنا ذلك فیما یستوبیه و یكرهه و یجوز أن یكون فوران الدخان عند الإلقاء لها علی سبیل التصدیق لقوله علیه السلام من النار و إلی النار و إظهار المعجز له و أما ذم الأرضین السبخة و القول بأنها جحدت الولایة فمتی لم یكن محمولا معناه علی ما قدمناه من جحد هذه الأرض و سكانها الولایة لم یكن معقولا و یجری ذلك مجری قوله تعالی وَ كَأَیِّنْ مِنْ قَرْیَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ (3) و أما إضافة اعتقاد الحق إلی بعض البهائم و اعتقاد الباطل و الكفر إلی بعض آخر فمما تخالفه العقول و الضرورات لأن هذه البهائم غیر عاقلة و لا كاملة و لا مكلفة فكیف تعتقد حقا أو باطلا و إذا ورد أثر فی ظاهره شی ء من هذه المحالات فالوجه فیه إما إطراح أو تأول علی المعنی الصحیح و قد نهجنا

ص: 85


1- 1. فی نسخة من الكتاب و مصدره: و التوقی منه.
2- 2. فی المصدر: فی الصد عن الانتفاع بها.
3- 3. الطلاق: 8.

طریق التأویل و بینا كیف التوصل إلیه فأما حكایته تعالی عن سلیمان علیه السلام یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ (1) فالمراد به أنه علم ما یفهم به ما تنطق به الطیر و تتداعی فی أصواتها و أغراضها و مقاصدها بما یقع منها من صیاح علی سبیل المعجزة لسلیمان علیه السلام و أما الحكایة عن النملة بأنها قالت یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ (2) فقد یجوز أن یكون المراد به أنه ظهر منها دلالة القول علی هذا المعنی و أشعرت باقی النمل و خوفتهم من الضرر بالمقام و أن النجاة فی الهرب إلی مساكنها فتكون إضافة القول إلیه مجازا أو استعارة كما قال الشاعر:

و شكا إلی بعیرة و تحمحم (3).

و كما قال الآخر

و قالت له العینان سمعا و طاعة.

و یجوز أن یكون وقع من النملة كلام ذو حروف منظومة كما یتكلم أحدنا یتضمن المعانی المذكورة و یكون ذلك معجزة لسلیمان علیه السلام لأن اللّٰه تعالی سخر له الطیر و أفهمه معانی أصواتها علی سبیل المعجز له و لیس هذا بمنكر فإن النطق بمثل هذا الكلام المسموع منا لا یمتنع وقوعه ممن لیس بمكلف (4) و لا كامل العقل أ لا تری أن المجنون و من لم یبلغ الكمال من الصبیان قد یتكلمون بالكلام المتضمن للأغراض و إن كان التكلیف و الكمال عنهم زائلین و القول فیما حكی عن الهدهد یجری علی الوجهین اللذین ذكرناهما فی النملة فلا حاجة بنا إلی إعادتهما و أما حكایة أنه قال لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ (5)

ص: 86


1- 1. النمل: 16.
2- 2. النمل: 18.
3- 3. فی المصدر: و شكا الی بعبرة و تحمحم.
4- 4. فی المصدر: مما لیس بمكلف.
5- 5. النمل: 21.

و كیف یجوز أن یكون ذلك فی الهدهد و هو غیر مكلف و لا یستحق مثله العذاب فالجواب عنه أن العذاب اسم للضرر الواقع و إن لم یكن مستحقا فلیس یجری مجری العقاب الذی لا یكون إلا جزاء علی أمر تقدم فلیس یمتنع أن یكون معنی لأعذبنه أی لأؤلمنه و یكون اللّٰه تعالی قد أباحه الإیلام له كما أباحه الذبح له لضرب من المصلحة كما سخر له الطیر یصرفها فی منافعه و أغراضه و كل هذا لا ینكر فی نبی مرسل تخرق له العادات و تظهر علی یده المعجزات و إنما یشتبه علی قوم یظنون أن هذه الحكایات تقتضی كون النملة و الهدهد مكلفین و قد بینا أن الأمر بخلاف ذلك (1).

و قال قدس اللّٰه روحه أیضا فی جواب المسائل الطرابلسیات فأما الاستبعاد فی النملة أن تنذر باقی النمل بالانصراف عن الموضع و التعجب من فهم النملة عن الأخری و من أن یخبر عنها بما نطق القرآن به من قوله یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا الآیة فهو فی غیر موضعه لأن البهیمة قد تفهم عن الأخری بصوت یقع منها أو فعل كثیرا من أغراضها و لهذا نجد الطیور و كثیرا من البهائم یدعو الذكر منها الأنثی بضرب من الصوت یفرق بینه و بین غیره من الأصوات التی لا تقتضی الدعاء و الأمر فی ضروب الحیوانات و فهم بعضها عن بعض مرادها و أغراضها بفعل یظهر أو صوت یقع أظهر من أن یخفی و التغابی عن ذلك مكابرة فما المنكر علی هذا أن یفهم باقی النمل من تلك النملة التی حكی عنها ما حكی الإنذار و التخویف فقد نری مرارا نملة تستقبل أخری و هی متوجهة إلی جهة فإذا حاذتها و باشرها عادت عن جهتها و رجعت معها و تلك الحكایة البلیغة الطویلة لا یجب أن تكون النملة قائلة لها و لا ذاهبة إلیها و إنها لما خوفت من الضرر الذی أشرف النمل علیه جاز أن یقول الحاكی لهذه الحال تلك الحكایة

البلیغة المرتبة لأنها لو كانت قائلة ناطقة و مخوفة بلسان و بیان لما قالت إلا مثل ذلك و قد یحكی العربی عن الفارسی كلاما مرتبا مهذبا

ص: 87


1- 1. غرر الفوائد: 395- 397.

ما نطق به الفارسی و إنما أشار إلی معناه فقد زال التعجب من الموضعین معا و أی شی ء أحسن و أبلغ و أدل علی قوة البلاغة و حسن التصرف فی الفصاحة من أن تشعر نملة لباقی النمل بالضرر لسلیمان و جنده بما یفهم به أمثالها عنها فیحكی هذا المعنی الذی هو التخویف و التنفیر بهذه الألفاظ المونقة و الترتیب الرائق الصادق و إنما یضل عن فهم هذه الأمور و سرعة الهجوم علیها من لا یعرف مواقع الكلام الفصیح و مراتبه و مذاهبه (1).

و قال شارح المقاصد ذهب جمهور الفلاسفة إلی أنه لیست لغیر الإنسان من الحیوانات نفوس مجردة مدركة للكلیات و بعضهم إلی أننا لا نعرف وجود النفس لها لعدم الدلیل و لا نقطع بالانتفاء لقیام الاحتمال و ما یتوهم من أنه لو كانت لها نفوس لكانت إنسانا لأن حقیقته النفس و البدن لا غیر لیس بشی ء لجواز اختلاف النفسین بالحقیقة و جواز التمیز بفصول آخر لا نطلع علی حقیقتها و ذهب جمع من أهل النظر إلی ثبوت ذلك تمسكا بالمعقول و المنقول أما المعقول فهو أنا نشاهد منها أفعالا غریبة تدل علی أن لها إدراكات عقلیة كالنحل فی بناء بیوته المسدسة و الانقیاد لرئیس و النمل فی إعداد الذخیرة و الإبل و البغل و الخیل و الحمار فی الاهتداء إلی الطریق فی اللیالی المظلمة و الفیل فی غرائب أحوال تشاهد منه و كثیر من الطیور و الحشرات فی علاج أمراض تعرض لها إلی غیر ذلك من الحیل العجیبة التی یعجز عنها كثیر من العقلاء و أما المنقول فكقوله تعالی وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ (2) الآیة و قوله تعالی وَ أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ (3) الآیة و قوله تعالی یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَ الطَّیْرَ(4) و قوله تعالی حكایة عن الهدهد أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ

ص: 88


1- 1. جواب المسائل الطرابلسیات: لم یطبع.
2- 2. النور: 41.
3- 3. النمل: 68.
4- 4. السبأ: 10.

بِهِ (1) و حكایة عن النملة یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا(2) مَساكِنَكُمْ الآیة(3).

و قال الرازی فی المطالب العالیة فی البحث عن نفوس سائر الحیوانات أما الفلاسفة المتأخرون فقد اتفقوا علی أن لها قوی جسمانیة و أنه یمتنع أن تكون لها نفوس مجردة و لم یذكروا فی تقریره حجة و لا شبهة و لیس لأحد أن یقول لو كانت نفوسها نفوسا مجردة لوجب كونها مساویة للنفوس البشریة فی تمام الماهیة فیلزم وقوع الاستواء فی العلوم و الأخلاق و ذلك محال فإنا

نقول الاستواء فی التجرد استواء فی قید سلبی و قد عرفت أن الاستواء فی القیود السلبیة لا یوجب الاستواء فی تمام الماهیة و أما سائر الناس فقد اختلفوا فی أنه هل لها نفوس مجردة و هل لها شی ء من القوة العقلیة أم لا فزعم طائفة من أهل النظر و من أهل الأثر أن ذلك ثابت و احتجوا علی صحته بالمعقول و المنقول أما المعقول فهو أنهم قالوا إنا نشاهد من هذه الحیوانات أفعالا لا یصدر إلا من أفاضل العقلاء و ذلك یدل علی أن لها قدرا من العقل و بینوا ذلك بوجوه.

الأول أن الفأرة تدخل ذنبها فی قارورة الدهن ثم تلحسه و هذا الفعل لا یصدر عنها إلا لعلمها بمجموع مقدمات فأحدها أنها محتاجة إلی الدهن و ثانیها أن رأسها لا تدخل فی القارورة و ثالثها أن ذنبها تدخل و رابعها أن المقصود حاصل بهذا الطریق فوجب الإقدام علیه.

الثانی أن النحل یبنی البیوت المسدسة و هذا الشكل فیه منفعتان لا یحصلان إلا من المسدس و تقریره أن الأشكال علی قسمین منها أشكال متی ضم بعضها إلی بعض امتلأت العرصة منها إلا أن زوایاها ضیقة فتبقی معطلة و منها أشكال لیست كذلك فالقسم الأول كالمثلثات و المربعات فإنهما و إن امتلأت العرصة منها إلا أن زوایاها ضیقة فیبقی معطلة و أما المسبع و المثمن و غیرهما فزوایاها و إن كانت واسعة إلا أنه لا تمتلأ العرصة

ص: 89


1- 1. النمل: 22.
2- 2. النمل: 18.
3- 3. شرح المقاصد: نسخته لیست موجودة عندی.

منها بل یبقی بینها فضاء فأما الشكل المستجمع لكلتا المنفعتین فلیس إلا المسدس و ذلك لأن زوایاها واسعة فلا یبقی شی ء من الجوانب فیه معطلا و إذا ضمت المسدسات بعضها إلی بعض لم یبق فیما بینها فرجة ضائعة فإذا ثبت أن الشكل الموصوف بهاتین الصفتین هذا المسدس لا جرم اختار النحل بناء بیوتها علی هذا الشكل و لو لا أنه تعالی أعطاها من الإلهام و الذكاء لما حصل هذا الأمر و فیه أعجوبة ثانیة و هی أن البشر لا یقدر علی بناء البیت المسدس إلا بالمسطر و البركار و النحل یبنی تلك البیوت من غیر حاجة إلی شی ء من الآلات و الأدوات. و اعلم أن عجائب أحوال النحل فی رئاسته و فی تدبیره لأحوال الرعیة و فی كیفیة خدمة الرعیة لذلك الرئیس كثیرة مذكورة فی كتاب الحیوان.

الثالث أن النمل یسعی فی إعداد الذخیرة لنفسها و ما ذاك إلا لعلمها بأنها قد تحتاج فی الأزمنة المستقبلة إلی الغذاء و لا تكون قادرة علی تحصیله فی تلك الأوقات فوجب السعی فی تحصیله فی هذا الوقت الذی حصلت فیه القدرة علی تحصیل الذخیرة و من عجائب أحوالها أمور ثلاثة أحدها أنها إذا أحست بنداوة المكان فإنها تشق الحبة بنصفین لعلمها بأن الحبة لو بقیت سالمة و وصلت النداوة إلیها لنبت منها و تفسد الحبة علی النملة أما إذا صارت مشقوقة بنصفین لم تنبت و ثانیها إذا وصلت النداوة إلی تلك الأشیاء ثم طلعت الشمس فإنها تخرج تلك الأشیاء من جحرها و تضعها حتی تجف و ثالثها أن النملة إذا أخذت فی نقل متاعها إلی داخل الجحر أنذر ذلك بنزول الأمطار و هبوب الریاح و هذه الأحوال تدل علی حصول ذكاء عظیم لهذا الحیوان الصغیر.

الرابع أن العنكبوت تبنی بیوتها علی وجه عجیب و ذلك لأنها ما نسجت الشبكة التی هی مصیدتها إلا بعد أن تفكرت أنه كیف ینبغی وضعها حتی یصلح لاصطیاد الذباب بها و هذه الأفعال فكریة لیست أقل من الأفكار الإنسانیة.

الخامس أن الجمل و الحمار إذا سلكا طریقا فی اللیلة الظلماء ففی المرة الثانیة یقدر علی سلوك ذلك الطریق من غیر إرشاد مرشد و لا تعلیم معلم حتی أن

ص: 90

الناس إذا اختلفوا فی ذلك الطریق و قدموا الجمل و تبعوه وجدوا الطریق المستقیم عند متابعته.

و أیضا إن الإنسان لا یمكنه الانتقال من بلد إلی بلد إلا عند الاستدلال بالعلامات المخصوصة إما الأرضیة كالجبال و الریاح أو السماویة كأحوال الشمس و القمر و أما القطا فإنه یطیر فی الهواء من بلد إلی بلد طیرانا سویا من غیر غلط و لا خطاء و كذلك الكراكی تنتقل من طرف من أطراف العالم إلی طرف آخر لطلب الهواء الموافق من غیر غلط البتة فهذا فعل یعجز عنه أفضل البشر و هذا النوع من الحیوان قادر علیه.

السادس أن الدب إذا أراد أن یفترس الثور علم أنه لا یمكنه أن یقصده ظاهرا فیقال إنه یستلقی فی ممر ذلك الثور فإذا قرب الثور و أراد نطحه جعل قرنیه فیما بین ذراعیه و لا یزال ینهش ما بین ذراعیه حتی یثخنه و أیضا أنه یأخذ العصا و یضرب الإنسان حتی یتوهم أنه مات فیتركه و ربما عاد یشمه و یتجسس نفسه (1) و أیضا یصعد الشجر أخف صعود و یأخذ الجوز بین كفیه و یضرب ما فی أحد كفیه علی ما فی الكف الآخر ثم ینفخ فیه و یزیل القشور و یأكل اللب.

السابع أن الثعلب إذا اجتمع البق الكثیر و البعوض الكثیر علی جلده أخذ بفیه قطعة من جلد حیوان میت ثم إنه یضع یده و رجلیه فی الماء و لا یزال یغوص فیه قلیلا قلیلا فإذا أحس البق و البعوض بالماء أخذت تصعد إلی المواضع الخارجة من الثعلب من الماء ثم إن الثعلب لا یزال یغوص قلیلا قلیلا و تلك الحیوانات ترتفع قلیلا قلیلا فإذا غاص كل بدنه فی الماء و بقی رأسه خارج الماء تصاعد كل تلك الحیوانات إلی الرأس ثم إنه یغوص رأسه فی الماء قلیلا قلیلا فتلك الحیوانات تنتقل إلی تلك الجلدة المیتة و تجتمع فیها فإذا أحس الثعلب بانتقالها إلی تلك الجلدة رماها فی الماء و خرج من الماء سلیما فارغا عن تلك الحیوانات الموذیة و لا شك أنها حیلة عجیبة فی دفع الموذیات.

ص: 91


1- 1. فی النسخة المخطوطة: و یتحس نفسه.

الثامن یقال إن من خواص الفرس أن كل واحد منها یعرف صوت الفرس الذی قاتله و الكلاب تتعالج بالعشبة المعروفة لها و الفهد إذا سقی الدواء المعروف بخانق الفهد(1) طلب زبل الإنسان فأكله و التمساح تفتح فاها لطائر مخصوص یدخل فی فمها و ینظف ما بین أسنانها و علی رأس ذلك الطیر شی ء كالشوك فإذا هم التمساح بالتقام ذلك الطیر تأذی من ذلك الشوك ففتح فاه فخرج ذلك الطیر و السلحفاة تتناول بعد أكل الحیة صعترا جبلیا ثم تعود قد شوهد ذلك و حكی بعض الثقات المحبین للصید أنه شاهد الحباری تقاتل الأفعی و تنهزم عنه إلی بقلة تتناول منها ثم تعود و لا تزال تفعل ذلك و كان ذلك الشیخ قاعدا فی كن غائر كما تفعله الصیادون و كانت البقلة قریبة فی ذلك الموضع فلما اشتغل الحباری بالأفعی قلع الرجل تلك البقلة فعادت الحباری إلی

منبتها فأخذت تدور حول منبتها دورانا متتابعا ثم سقطت و ماتت فعلم ذلك الرجل أنها كانت تتعالج بأكلها من لسعة الأفعی و تلك البقلة هی الخس البری (2) و أما ابن عرس فإنه یستظهر فی قتال الحیة بأكل السداب فإن النكهة السدابیة مما یكرهها الأفعی و الكلاب إذا تدود بطنها أكلت سنبل الحیة و إذا جرحت اللقالق بعضها بعضا عالجت تلك الجراحات بالصعتر الجبلی فتأمل من أین حصلت لهذه الحیوانات هذا الطب و هذا العلاج.

التاسع أن القنافذ قد تحس بریح الشمال و الجنوب قبل الهبوب فتغیر المدخل إلی حجرتها یحكی أنه كان بالقسطنطنیة رجل قد جمع مالا كثیرا بسبب أنه كان ینذر بالریاح قبل هبوبها و ینتفع الناس بذلك الإنذار و كان السبب فیه قنفذ فی داره یفعل الفعل المذكور.

العاشر أن الخطاف صناع حسن فی اتخاذ العش لنفسه من الطین و قطع الخشب فإذا أعوزه الطین ابتل و تمرغ فی التراب لیحمل جناحاه قدرا من الطین و إذا أفرخ بالغ فی تعهد الفراخ و یأخذ زرقها بمنقارها و یرمیها عن العش ثم

ص: 92


1- 1. خانق الفهد: حشیش.
2- 2. فی نسخة: الجرجیر البری.

تعلمها إلقاء الزرق بالتولیة نحو طرف العش.

الحادی عشر إذا قرب الصائد من مكان فرخ القبجة ظهرت له القبجة و قربت منه مطیعة لأجل أن یتبعها ثم تذهب إلی جانب آخر سوی جانب فراخها.

الثانی عشر ناقر الخشب قلما یجلس علی الأرض بل یجلس علی الشجر و ینقر الموضع الذی یعلم أن فیه دودا.

الثالث عشر الغرانیق (1) تصعد فی الجو جدا عند الطیران فإن حصل عباب (2) أو سحاب یحجب بعضها عن بعض أحدثت عن أجنحتها حفیفا مسموعا و یصیر ذلك الصوت سببا لاجتماعها و عدم تفرقها و إذا نامت نامت علی فرد رجل قد اضطبعت (3) الرءوس إلا القائد فإنه ینام مكشوف الرأس فیسرع انتباهه و إذا أحس بأحد أو صوت صاح تنبیها للباقین.

الرابع عشر النعامة إذا اجتمع لها من بیضها عشرون أو ثلاثون قسمتها ثلاثة أثلاث فتدفن ثلثا منها فی التراب و ثلثا تتركها فی الشمس و ثلثا تحتضنه فإذا خرجت الفراریخ كسرت ما كان فی الشمس و سقت تلك الفراریخ ما فیها من الرطوبات التی ذوبتها الشمس و رققتها فإذا قویت تلك الفراریخ أخرجت الثلث الثانی الذی دفنته فی الأرض و ثقبتها و قد اجتمع فیها النمل و الذباب

و الدیدان و الحشرات فتجعل تلك الأشیاء طعمة لتلك الفراریخ فإذا تم ذلك فقد صارت تلك الفراریخ قادرة علی الرعی و الطلب و لا شك أن هذا الطریق حیلة عجیبة فی تربیة الأولاد.

و لنكتف من هذا النوع بهذا القدر الذی ذكرناه فإن الاستقصاء فیه مذكور فی كتاب الحیوان و قد ظهر منها أن هذه الحیوانات قد تأتی بأفعال یعجز أكثر

ص: 93


1- 1. جمع الغرنیق بضم الغین و فتح النون: طائر ابیض طویل العنق من طیر الماء و قیل: إنّه الذكر من طیر الماء و قیل: هو الكراكی، و قیل: طیر سوداء فی قدر البط.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: ضباب.
3- 3. اضطبع الشی ء: أدخله تحت ضبعیه.

الأذكیاء من الناس عنها و لو لا كونها عاقلة فاهمة لما صح شی ء من ذلك فهذا ما یتعلق بالعقل و أما النقل فقد تمسكوا فی إثبات قولهم بآیات فإحداها قوله تعالی حكایة عن سلیمان علیه السلام یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ (1) و الثانیة(2) قوله تعالی حَتَّی إِذا أَتَوْا عَلی وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ (3) و الثالثة(4) وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ(5) و هذا التهدید لا یعقل إلا مع العاقل.

و الرابعة(6) قوله تعالی حكایة عن الهدهد أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ (7) إلی آخر الآیة.

و الخامسة(8) قوله وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ (9) قیل معناه كل من الطیر قد علم صلاته و تسبیحه.

قَالَ بَعْضُهُمْ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام فَقَالَ لِی أَ تَدْرِی مَا تَقُولُ هَذِهِ الْعَصَافِیرُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ بَعْدَ طُلُوعِهَا قُلْتُ لَا قَالَ إِنَّهَا تُقَدِّسُ رَبَّهَا وَ تَسْأَلُهُ قُوتَ یَوْمِهَا.

ص: 94


1- 1. النمل: 16.
2- 2. فی النسخة المطبوعة: الحجة الثانیة.
3- 3. النمل: 18.
4- 4. فی النسخة المطبوعة: الحجة الثالثة.
5- 5. النمل: 20.
6- 6. فی النسخة المطبوعة: الحجة الرابعة.
7- 7. النمل: 22.
8- 8. فی النسخة المطبوعة: الحجة الخامسة.
9- 9. النور: 41.

و أقول رأیت فی بعض الكتب أن فی بعض الأوقات اشتد القحط و عظم حر الصیف و الناس خرجوا إلی الاستسقاء فلما أبلحوا(1) قال خرجت إلی بعض الجبال فرأیت ظبیة جاءت إلی موضع كان فی الماضی من الزمان مملوا من الماء و لعل تلك الظبیة كانت

تشرب منه فلما وصلت الظبیة إلیه ما وجدت فیه شیئا من الماء و كان أثر العطش الشدید ظاهرا علی تلك الظبیة فوقفت و حركت رأسها إلی جانب السماء فأطبق الغیم و جاء الغیث الكثیر.

ثم إن أنصار هذا القول قالوا لما بینا بالدلیل أن هذه الحیوانات تهدی إلی الحیل اللطیفة فأی استبعاد فی أن یقال إنها تعرف أن لها ربا و مدبرا و خالقا و هذا تمام القول فی دلائل هذه الطائفة.

و احتج المنكرون لكونها عاقلة عارفة بأن قالوا لو كانت عاقلة لوجب أن تكون آثار العقل ظاهرة فی حقها لأن حصول العقل لها مع أنه لا یمكنها الانتفاع البتة بذلك العقل عبث و ذلك لا یلیق بالفاعل الحكیم إلا أن آثار العقل غیر ظاهرة فیها لأنها لا تحترز عن الأفعال القبیحة و لا تمیز بین ما ینفعها و بین ما یضرها فوجب القطع بأنها غیر عاقلة.

و لمجیب أن یجیب فیقول إن درجات العلوم و المعارف كثیرة و اختلاف النفوس فی ماهیتها محتمل فلعل خصوصیة نفس كل واحد منها لا تقتضی إلا النوع المعین من العقل و إلا القسم المخصوص من المعرفة فإن كان المراد بالعقل جمیع العلوم الحاصلة للإنسان فحق أنها لیست عاقلة و إن كان المراد بالعقل معرفة نوع من هذه الأنواع فظاهر أنها موصوفة بهذه المعرفة و بالجملة فالحكم علیها بالثبوت و العدم حكم علی الغیب و لا یعلم الغیب إلا اللّٰه و لیكن هاهنا آخر كلامنا فی النفوس الحیوانیة و اللّٰه أعلم انتهی كلامه.

ص: 95


1- 1. فی النسخة المطبوعة:« فلما افلحوا» و لعلّ كلاهما مصحفان و الصحیح:« فلما بلحوا» أی اعیوا و عجزوا یقال: بلح و بلح علی ای لم اجد عنده شیئا، أو الصحیح: فما أفلحوا.

و قال الدمیری الغرنیق بضم الغین و فتح النون قال الجوهری و الزمخشری إنه طائر أبیض من طیر الماء طویل العنق (1) و قال فی النهایة إنه الذكر من طیر الماء و یقال غرنیق و غرنوق و قیل هو الكركی و قیل الغرانیق و الغرانقة طیر أسود فی حد البط(2) و قال القزوینی الغرنیق (3) من الطیور القواطع و هی إذا أحست بتغیر الزمان عزمت علی الرجوع إلی بلادها فعند ذلك تتخذ قائدا حارسا ثم تنهض معا فإذا طارت ترتفع فی الهواء حتی لا یعرض لها شی ء من السباع فإذا رأت غیما أو غشیها اللیل أو سقطت للطعم أمسكت عن الصیاح كیلا یحس بها العدو و إذا أرادت النوم أدخل كل واحد منها رأسه تحت جناحه لعلمه بأن الجناح أحمل للصدمة من الرأس لما فیه من العین التی هی أشرف الأعضاء و الدماغ الذی هو ملاك البدن و ینام كل واحد منها قائما علی إحدی رجلیه حتی لا یكون نومها(4) ثقیلا و أما قائدها و حارسها فلا ینام و لا یدخل رأسه فی جناحه و لا یزال ینظر فی جمیع الجوانب فإذا أحس بأحد صاح بأعلی صوته (5) انتهی.

قوله قد اضطبعت أی أدخلت رأسها فی ضبعها.

ص: 96


1- 1. فی المصدر: طائر ابیض طویل العنق من طیر الماء.
2- 2. فی المصدر: طیور سود فی قدر البط.
3- 3. فی المصدر: الغرنوق.
4- 4. فی المصدر: نومه.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 125 و 126.

باب 2 أحوال الأنعام و منافعها و مضارها و اتخاذها

الآیات:

المائدة: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِیمَةُ الْأَنْعامِ 1.

الأنعام: وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِیباً إلی قوله ساءَ ما یَحْكُمُونَ 136.

و قال سبحانه وَ قالُوا ما فِی بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ إلی قوله ما كانُوا مُهْتَدِینَ 138.

و قال تعالی وَ مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَ فَرْشاً إلی آخر الآیة142.

النحل: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِیها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَ لَكُمْ فِیها جَمالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَ حِینَ تَسْرَحُونَ وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلی بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ وَ الْخَیْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِیرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِینَةً وَ یَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ5-8.

و قال سبحانه وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُیُوتاً تَسْتَخِفُّونَها یَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَ یَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلی حِینٍ80.

الحج: وَ یَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِی أَیَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلی ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَ أَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِیرَ إلی قوله تعالی وَ أُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما یُتْلی عَلَیْكُمْ إلی قوله تعالی وَ الْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِیها خَیْرٌ إلی قوله عز و جل كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ28-36.

المؤمنون: وَ إِنَّ لَكُمْ فِی الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِیكُمْ مِمَّا فِی بُطُونِها وَ لَكُمْ فِیها مَنافِعُ كَثِیرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَ عَلَیْها وَ عَلَی الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ 21و22.

فاطر: وَ مِنَ النَّاسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ28.

یس: وَ خَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما یَرْكَبُونَ42.

ص: 97

و قال عز و جل: أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَیْدِینا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وَ ذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَ مِنْها یَأْكُلُونَ وَ لَهُمْ فِیها مَنافِعُ وَ مَشارِبُ أَ فَلا یَشْكُرُونَ71-73.

الزمر: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِیَةَ أَزْواجٍ6.

المؤمن: اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَ مِنْها تَأْكُلُونَ وَ لَكُمْ فِیها مَنافِعُ وَ لِتَبْلُغُوا عَلَیْها حاجَةً فِی صُدُورِكُمْ وَ عَلَیْها وَ عَلَی الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ 79و80.

حمعسق: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَ مِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً یَذْرَؤُكُمْ فِیهِ 42.

الزخرف: وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ12.

الغاشیة: أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ 17.

تفسیر:

بَهِیمَةُ الْأَنْعامِ ذهب أكثر المفسرین إلی أنها إضافة بیان أو إضافة الصفة إلی الموصوف أرید بها الأزواج الثمانیة و المستفاد من أكثر الأخبار أن بیان حل الأنعام فی آیات أخر و المراد هنا بیان الأجنة التی فی بطونها

وَ رُوِیَ فِی الْكَافِی فِی الْحَسَنِ كَالصَّحِیحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَحَدَهُمَا علیهما السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِیمَةُ الْأَنْعامِ فَقَالَ الْجَنِینُ فِی بَطْنِ أُمِّهِ إِذَا أَشْعَرَ وَ أَوْبَرَ فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ فَذَلِكَ الَّذِی عَنَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (1).

فعلی هذا الإضافة بتقدیر من أو اللام و یمكن حمل الخبر علی أن المراد أن الجنین أیضا داخل فی الآیة فیكون الغرض بیان الفرد الأخفی أو یكون تحدیدا لأول تسمیتها بالبهیمة و حلها فلا ینافی التعمیم قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی تأویله علی أقوال أحدها أن المراد به الأنعام و إنما ذكر البهیمة للتأكید فمعناه أحلت لكم الأنعام الإبل و البقر و الغنم.

و ثانیها أن المراد بذلك أجنة الأنعام التی توجد فی بطون أمهاتها إذا أشعرت و قد ذكیت الأمهات و هی میتة فذكاتها ذكاة أمهاتها و هو المروی عن أبی جعفر

ص: 98


1- 1. فروع الكافی 6: 234.

و أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و ثالثها أن بهیمة الأنعام وحشیها كالظبی (1) و البقر الوحشی و حمر الوحش و الأولی حمل الآیة علی الجمیع انتهی (2) و الآیة تدل علی حل أكل لحوم البهائم بل سائر أجزائها بل جمیع الانتفاعات منها إلا ما أخرجه الدلیل وَ جَعَلُوا أی مشركو العرب لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ أی خلق مِنَ الْحَرْثِ أی الزرع وَ الْأَنْعامِ نَصِیباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ من غیر أن یؤمروا به وَ هذا لِشُرَكائِنا یعنی الأوثان فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا یَصِلُ إِلَی اللَّهِ وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ یَصِلُ إِلی شُرَكائِهِمْ و روی أنهم كانوا یعینون شیئا من حرث و نتاج لله و یصرفونه فی الضیفان و المساكین و شیئا منهما لآلهتهم و ینفقون علی سدنتها(3) و یذبحون عندها ثم إن رأوا ما عینوا لله أزكی بدلوه بما لآلهتهم و إن رأوا ما لآلهتهم أزكی تركوه لها حبا لها و اعتلوا لذلك بأن اللّٰه أغنی و روی فی المجمع عن أئمتنا علیهم السلام أنه كان إذا اختلط ما جعل للأصنام بما جعل لله ردوه و إذا اختلط ما جعل اللّٰه بما جعلوه للأصنام تركوه و قالوا اللّٰه أغنی و إذا انخرق الماء(4) من الذی لله فی الذی للأصنام لم یسدوه و إذا انخرق (5) من الذی للأصنام فی الذی لله سدوه و قالوا اللّٰه غنی (6) ساءَ ما یَحْكُمُونَ أی ساء الحكم حكمهم هذا(7) وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ أی حرام لا یَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ(8) یعنون خدمة الأوثان و الرجال دون النساء بِزَعْمِهِمْ أی بغیر حجة وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها(9) یعنی البحائر و السوائب و الحوامی وَ أَنْعامٌ لا یَذْكُرُونَ

ص: 99


1- 1. فی المصدر: كالظباء و بقر الوحش.
2- 2. مجمع البیان 3: 152.
3- 3. أی خدمها و بوابها.
4- 4. فی المصدر: و إذا تخرق الماء.
5- 5. فی المصدر: و إذا تخرق الماء.
6- 6. فی المصدر: اللّٰه اغنی.
7- 7. مجمع البیان 4: 370.
8- 8. أی الا من نشاء أن نأذن له أكلها.
9- 9. یعنی الانعام التی حرموا الركوب و الحمل علیها.

اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا فی الذبح بل یسمون آلهتهم و قیل لا یحجون علی ظهورها افْتِراءً عَلَیْهِ نصب علی المصدر سَیَجْزِیهِمْ بِما كانُوا یَفْتَرُونَ وَ قالُوا ما فِی بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ یعنون أجنة البحائر و السوائب خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلی أَزْواجِنا أی إن ولد حیا وَ إِنْ یَكُنْ مَیْتَةً فَهُمْ فِیهِ شُرَكاءُ أی الذكور و الإناث فیه سواء سَیَجْزِیهِمْ وَصْفَهُمْ أی جزاء وصفهم الكذب علی اللّٰه فی التحلیل و

التحریم إِنَّهُ حَكِیمٌ عَلِیمٌ قَدْ خَسِرَ الَّذِینَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ أی بناتهم سَفَهاً بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ من البحائر و نحوها افْتِراءً عَلَی اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَ ما كانُوا مُهْتَدِینَ إلی الحق و الصواب وَ مِنَ الْأَنْعامِ أی و أنشأ من الأنعام.

حَمُولَةً وَ فَرْشاً قیل فیه وجوه الأول أن الحمولة كبار الإبل أو الأعم و الفرش صغارها الدانیة من الأرض مثل الفرش المفروش علیها الثانی أن الحمولة ما یحمل علیه من الإبل و البقر و الفرش الغنم الثالث أن الحمولة كل ما حمل من الإبل و البقر و الخیل و البغال و الحمیر و الفرش الغنم روی ذلك عن ابن عباس فكأنه ذهب إلی أنه یدخل فی الأنعام الحافر علی وجه التبع.

و الرابع أن معناه ما ینتفعون به فی الحمل و ما یفترشونه فی الذبح فمعنی الافتراش الاضطجاع للذبح.

و الخامس أن الفرش ما یفرش من أصوافها و أوبارها أی من الأنعام ما یحمل علیه و منها ما یتخذ من أوبارها و أصوافها ما یفرش و یبسط و قیل أی ما یفرش المنسوج من شعره و صوفه و وبره و یدل علی جواز حمل ما یقبل الحمل منها و ذبح ما یستحق الذبح منها أو افتراش أصوافها و أوبارها و أشعارها(1).

كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی استحلوا الأكل مما أعطاكم اللّٰه و لا تحرموا شیئا منها كما فعله أهل الجاهلیة فی الحرث و الأنعام و علی هذا یكون الأمر علی ظاهره و یمكن أن یكون المراد نفس الأكل فیكون بمعنی

ص: 100


1- 1. ذكر الطبرسیّ تلك الوجوه فی مجمع البیان 4: 376.

الإباحة(1).

وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ قال البیضاوی أی فی التحلیل و التحریم من عند أنفسكم إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ ظاهر العداوة ثَمانِیَةَ أَزْواجٍ بدل من حمولة و فرشا أو مفعول كلوا و لا تتبعوا معترض بینهما أو فعل دل علیه أو حال من ماء بمعنی مختلفة أو متعددة و الزوج ما معه آخر من جنسه یزاوجه و قد یقال لمجموعهما و المراد الأول (2).

مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ قال الطبرسی قدس سره معناه ثمانیة أفراد لأن كل واحد من ذلك یسمی زوجا فالذكر زوج الأنثی و الأنثی زوج الذكر و قیل معناه ثمانیة أصناف مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ یعنی الذكر و الأنثی وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ الذكر و الأنثی و الضأن ذوات الصوف من الغنم و المعز ذوات الشعر منه و واحد الضأن ضائن و الأنثی ضائنة و واحد المعز ماعز و قیل المراد بالاثنین الأهلی و الوحشی من الضأن و المعز و البقر و المراد بالاثنین من الإبل العراب و البخاتی و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قُلْ یا محمد صلی اللّٰه علیه و آله لهؤلاء المشركین الذین یحرمون ما أحل اللّٰه تعالی آلذَّكَرَیْنِ من الضأن و المعز حَرَّمَ اللّٰه أَمِ الْأُنْثَیَیْنِ منهما أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَیَیْنِ أی أم حرم ما اشتمل علیه رحم الأنثی من الضأن و الأنثی من المعز و إنما ذكر اللّٰه هذا علی وجه الاحتجاج علیهم بین به فریتهم و كذبهم علی اللّٰه تعالی فیما ادعوا من أن ما فی بطون الأنعام حلال للذكور و حرام علی الإناث و غیر ذلك مما حرموه فإنهم لو قالوا حرم الذكرین لزمهم أن یكون كل ذكر حراما و لو قالوا حرم الأنثیین لزمهم أن یكون كل أنثی حراما و لو قالوا حرام ما اشتملت علیه رحم الأنثی من الضأن و المعز لزمهم تحریم الذكور و الإناث فإن أرحام الإناث تشتمل علی الذكور و الإناث فیلزمهم بزعمهم تحریم هذا الجنس صغارا و كبارا ذكورا و إناثا و لم یكونوا یفعلون ذلك بل كانوا یخصون

ص: 101


1- 1. مجمع البیان 4: 377.
2- 2. أنوار التنزیل 1: 406.

بالتحریم بعضا دون بعض فقد لزمتهم الحجة ثم قال نَبِّئُونِی بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ معناه أخبرونی بعلم عما ذكرتموه من تحریم ما حرمتموه و تحلیل ما حللتموه إن كنتم صادقین فی ذلك وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِ قُلْ یا محمد آلذَّكَرَیْنِ حَرَّمَ اللّٰه منهما أَمِ الْأُنْثَیَیْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَیْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَیَیْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ أی حضورا إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا أی أمركم به و حرمه علیكم حتی تضیفوه إلیه و إنما ذكر ذلك لأن طرق العلم إما الدلیل الذی یشترك العقلاء فی إدراك الحق به أو المشاهدة التی یختص بها بعضهم دون بعض فإذا لم یكن أحد من الأمرین سقط المذهب فَمَنْ أَظْلَمُ لنفسه مِمَّنِ افْتَری عَلَی اللَّهِ كَذِباً أی أضاف إلیه تحریم ما لم یحرمه و تحلیل ما لم یحلله لِیُضِلَّ النَّاسَ بِغَیْرِ عِلْمٍ أی یعمل عمل القاصد إلی إضلالهم من أجل دعائه إیاهم إلی ما لا یثق بصحته مما لا یأمن أن یكون فیه هلاكهم و إن لم یقصد إضلالهم إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ إلی الثواب لأنهم مستحقون العقاب الدائم بكفرهم و ضلالهم (1).

أقول: و سیأتی تفسیر سائر الآیات فی الأبواب الآتیة.

وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها قال الطبرسی قدس سره معناه و خلق الأنعام من الماء كما خلقكم منه لقوله وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ(2) و أكثر ما یتناول الأنعام الإبل و یتناول البقر و الغنم أیضا و فی اللغة هی ذوات الأخفاف و الأظلاف دون ذوات الحوافر لَكُمْ فِیها دِفْ ءٌ أی لباس عن ابن عباس و غیره و قیل ما یستدفأ به مما یعمل من صوفها و وبرها و شعرها فیدخل فیه الأكیسة و اللحف و الملبوسات و المبسوطات (3) و غیرها قال الزجاج أخبر سبحانه أن فی الأنعام ما یدفئنا و لم یقل و لكم فیها ما یكنكم من البرد لأن ما ستر من الحر ستر من البرد و قال

ص: 102


1- 1. مجمع البیان 4: 377.
2- 2. النور: 45.
3- 3. فی المصدر: و الملبوسات و غیرها.

فی موضع آخر سَرابِیلَ تَقِیكُمُ الْحَرَّ(1) فعلم أنها تقی البرد أیضا فكذلك هاهنا و قیل إن معناه و خلق الأنعام لكم أی لمنافعكم ثم ابتدأ و أخبر فقال فِیها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ أی و لكم فیها منافع أخر من الحمل و الركوب و إثارة الأرض و الدر(2) و النسل وَ مِنْها

تَأْكُلُونَ أی و من لحومها تأكلون وَ لَكُمْ فِیها جَمالٌ أی حسن منظر و زینة حِینَ تُرِیحُونَ أی حین تردونها إلی مراحها و هو حیث تأوی إلیه لیلا وَ حِینَ تَسْرَحُونَ أی ترسلونها بالغداة إلی مراعیها و أحسن ما تكون إذا راحت عظاما ضروعها ممتلیة بطونها منتصبة أسنمتها(3) و كذلك إذا سرحت إلی المراعی رافعة رءوسها فیقول الناس هذا جمال فلان و مواشیه فیكون له فیها جمال وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ أی أمتعتكم إِلی بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ أی و تحمل الإبل و بعض البقر أحمالكم الثقیلة إلی بلد بعید لا یمكنكم أن تبلغوه من دون الأحمال إلا بمشقة و كلفة تلحق أنفسكم فكیف تبلغونه مع الأحمال لو لا أن اللّٰه سخر هذه الأنعام لكم حتی حملت أثقالكم إلی أین شئتم و قیل إن الشق معناه الشطر و النصف فیكون المراد إلا بأن یذهب شطر قوتكم أی نصف قوة الأنفس و قیل معناه تحمل أثقالكم إلی مكة لأنها من بلاد الفلوات عن ابن عباس و عكرمة إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ أی ذو رأفة و رحمة و لذلك أنعم علیكم بخلق هذه الأنعام ابتداء منه بهذا الإنعام (4). وَ الْخَیْلَ أی و خلق لكم الخیل وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِیرَ لِتَرْكَبُوها فی حوائجكم و تصرفاتكم وَ زِینَةً أی و لتتزینوا بها من اللّٰه سبحانه علی خلقه بأن خلق لهم من الحیوان ما یركبونه و یتجملون به و لیس فی هذا ما یدل علی تحریم أكل لحومها

ص: 103


1- 1. النحل: 81.
2- 2. هكذا فی النسخ و فی المصدر: و الزرع.
3- 3. جمع السنام: حدبة فی ظهر البعیر.
4- 4. مجمع البیان 6: 350.

وَ یَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (1) من أصناف الحیوان و النبات و الجماد لمنافعكم (2) وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ أی الأنطاع و الأدم بُیُوتاً تَسْتَخِفُّونَها أی خیاما و قبابا یخف علیكم حملها فی أسفاركم یَوْمَ ظَعْنِكُمْ أی ارتحالكم من مكان إلی مكان وَ یَوْمَ إِقامَتِكُمْ أی الیوم الذی تنزلون موضعا تقیمون فیه أی لا یثقل علیكم فی الحالین (3) وَ مِنْ أَصْوافِها و هی للضأن وَ أَوْبارِها و هی للإبل وَ أَشْعارِها و هی للمعز أَثاثاً أی مالا عن ابن عباس و قیل أنواعا من متاع البیت من الفرش و الأكیسة و قیل طنافس و بسطا و ثیابا و كسوة و الكل متقارب وَ مَتاعاً تتمتعون به و معاشا تتجرون فیه إِلی حِینٍ أی إلی یوم القیامة أو إلی وقت الموت و یحتمل أن یكون المراد به موت المالك أو موت الأنعام و قیل إلی وقت البلی و الفناء(4) و فیه إشارة إلی أنها فانیة فلا ینبغی للعاقل أن یختارها علی نعیم الآخرة انتهی (5).

قوله سبحانه عَلی ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِیمَةِ الْأَنْعامِ یدل علی حل الأنعام الثلاثة و التسمیة عند ذبحها علی بعض الوجوه إِلَّا ما یُتْلی عَلَیْكُمْ أی تحریمه من المیتة و المنخنقة و الموقوذة و ما لم یذكر اسم اللّٰه علیه و سائر ما سیأتی.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه البدن جمع بدنة و هل الإبل المبدنة بالسمن قال الزجاج یقولون بدنت الإبل أی سمنتها و قیل أصل البدن الضخم و كل ضخم بدن و قیل البدن الناقة و البقرة مما یجوز فی الهدی و الأضاحی مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ أی من أعلام دینه و قیل من أعلام مناسك الحج لَكُمْ فِیها خَیْرٌ أی نفع فی الدنیا و الآخرة و قیل أراد

ص: 104


1- 1. فیه إشارة الی سائر المراكب التی لم تكن موجودة فی ذلك العصر، فتشمل السیارات الموجودة فی عصرنا و ما سیأتی بعد.
2- 2. فی المصدر: فی الحالتین.
3- 3. مجمع البیان 6: 352.
4- 4. و یحتمل أن یكون المراد الی حین یصلح للتمتع و هو بصلاحیة الطرفین فإذا انعدم احدهما او فسد یخرج عن الصلاحیة.
5- 5. مجمع البیان 6: 377.

بالخیر ثواب الآخرة كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ أی ذللناها لكم حتی لا تمتنع عما تریدون منها من النحر و الذبح بخلاف السباع الممتنعة و لتنتفعوا بركوبها و حملها و نتاجها نعمة منا علیكم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ذلك (1) وَ إِنَّ لَكُمْ فِی الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً أی دلالة تستدلون بها علی قدرة اللّٰه تعالی نُسْقِیكُمْ مِمَّا فِی بُطُونِها أراد به اللبن وَ لَكُمْ فِیها مَنافِعُ كَثِیرَةٌ فی ظهورها و ألبانها و أولادها(2)

و أصوافها و أشعارها وَ مِنْها تَأْكُلُونَ أی من لحومها و أولادها و التكسب بها وَ عَلَیْها یعنی علی الإبل الخاصة وَ عَلَی الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ و هذا كقوله وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ(3) أما فی البر فالإبل و أما فی البحر فالسفن (4) وَ مِنَ النَّاسِ وَ الدَّوَابِ التی تدب علی وجه الأرض وَ الْأَنْعامِ كالإبل و الغنم و البقر مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ أی كاختلاف الثمرات و الجبال (5) وَ خَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما یَرْكَبُونَ أی و خلقنا لهم من مثل سفینة نوح سفنا یركبون فیها و قیل إن المراد به الإبل و هی سفن البر عن مجاهد و قیل مثل السفینة من الدواب كالإبل و البقر و الحمیر عن الجبائی أَ وَ لَمْ یَرَوْا أی أ و لم یعلموا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ أی لمنافعهم مِمَّا عَمِلَتْ أَیْدِینا أی مما ولینا خلقه بإبداعنا و إنشائنا لم نشارك فی خلقه و لم نخلقه بإعانة معین و الید فی اللغة علی أقسام منها الجارحة و منها النعمة و منها القوة و منها تحقیق الإضافة یقال فی معنی النعمة لفلان عندی ید بیضاء و بمعنی القدرة(6) تلقی فلان قولی بالیدین أی بالقوة و التقبل و یقولون هذا ما جنت یداك و هو المعنی فی الآیة و إذا قال الواحد منا عملت هذا بیدی دل ذلك علی انفراده بعمله من غیر أن یكله إلی

ص: 105


1- 1. مجمع البیان 7: 85 و 86.
2- 2. فی المصدر: و أوبارها.
3- 3. الإسراء: 70.
4- 4. مجمع البیان 7: 103.
5- 5. مجمع البیان 8: 407 فیه: و البقر خلق مختلف ألوانه كذلك.
6- 6. فی المصدر: بمعنی القوّة.

أحد أَنْعاماً یعنی الإبل و البقر و الغنم فَهُمْ لَها مالِكُونَ و لو لم نخلقها(1) لما ملكوها و لما انتفعوا بها و بألبانها و ركوبها و لحومها و قیل فهم لها ضابطون قاهرون لم نخلقها وحشیة نافرة منهم لا یقدرون علی ضبطها فهی مسخرة لهم و هو قوله وَ ذَلَّلْناها لَهُمْ أی سخرناها لهم حتی صارت منقادة فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَ مِنْها یَأْكُلُونَ قسم الأنعام بأن جعل منها ما یركب و منها ما یذبح فینتفع بلحمه

و یؤكل قال مقاتل الركوب الحمولة یعنی الإبل و البقر وَ لَهُمْ فِیها مَنافِعُ وَ مَشارِبُ فمن منافعها لبس أصوافها و أشعارها و أوبارها و أكل لحومها و ركوب ظهرها(2) إلی غیر ذلك من أنواع المنافع الكثیرة فیها و المشارب من ألبانها أَ فَلا یَشْكُرُونَ اللّٰه علی هذه النعم (3).

وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِیَةَ أَزْواجٍ فیه وجوه أحدها أن معنی الإنزال هنا الإحداث و الإنشاء كقوله قَدْ أَنْزَلْنا عَلَیْكُمْ لِباساً(4) و لم ینزل اللباس و لكن أنزل الماء الذی هو سبب القطن و الصوف و اللباس یكون منهما فكذلك الأنعام تكون بالنبات و النبات بالماء.

و الثانی أنه أنزلها بعد أن خلقها فی الجنة عن الجبائی قال و فی الخبر الشاة من دواب الجنة و الإبل من دواب الجنة و الثالث أن المعنی جعلها نزلا و رزقا لكم و یعنی بالأزواج الثمانیة من الأنعام الإبل و البقر و الغنم الضأن و المعز من كل صنف اثنان هما زوجان (5).

أقول: و قال البیضاوی وَ أَنْزَلَ لَكُمْ أی و قضی أو قسم لكم فإن قضایاه توصف بالنزول من السماء حیث كتب فی اللوح أو أحدث بأسباب نازلة منها كأشعة

ص: 106


1- 1. فی المصدر: ای و لو لم نخلقها.
2- 2. فی المصدر: و ركوب ظهورها.
3- 3. مجمع البیان 8: 433.
4- 4. الأعراف: 26.
5- 5. مجمع البیان 8: 490.

الكواكب و الأمطار(1) اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ قال فی المجمع من الإبل و البقر و الغنم لِتَرْكَبُوا مِنْها أی لتنتفعوا بركوبها وَ مِنْها تَأْكُلُونَ یعنی أن بعضها للركوب و الأكل كالإبل و البقر و بعضها للأكل كالأغنام و قیل المراد بالأنعام هاهنا الإبل خاصة لأنها التی تركب و تحمل علیها فی أكثر العادات و اللام فی قوله لِتَرْكَبُوا لام الغرض و إذا كان اللّٰه تعالی خلق هذه الأنعام و أراد أن ینتفع خلقه بها و كان جل جلاله لا یرید القبیح و لا المباح فلا بد أن یكون أراد انتفاعهم بها علی وجه القربة إلیه و الطاعة له وَ لَكُمْ فِیها مَنافِعُ من جهة ألبانها و أصوافها و أوبارها و أشعارها وَ لِتَبْلُغُوا عَلَیْها حاجَةً فِی صُدُورِكُمْ بأن تركبوها و تبلغوا المواضع التی تقصدونها بحوائجكم وَ عَلَیْها أی و علی الأنعام و هی الإبل هنا وَ عَلَی الْفُلْكِ أی و علی السفن تُحْمَلُونَ یعنی علی الإبل فی البر و علی الفلك فی البحر تحملون فی الأسفار(2).

جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ قال البیضاوی من جنسكم أَزْواجاً نساء وَ مِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً أی و خلق للأنعام من جنسها أزواجا أو خلق لكم من الأنعام أصنافا أو ذكورا و إناثا یَذْرَؤُكُمْ یكثركم من الذرء و هو البث فِیهِ فی هذا التدبیر و هو جعل الناس و الأنعام أزواجا یكون بینهم توالد فإنه كالمنبع للبث و التكثیر(3).

أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ قال الطبرسی قدس سره كانت الإبل عیشا من عیشهم فیقول أ فلا یتفكرون فیها و ما یخرج اللّٰه من ضروعها مِنْ بَیْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِینَ یقول كما صنعت هذا لهم فكذلك أصنع لأهل الجنة فی الجنة و قیل معناه أ فلا یعتبرون بنظرهم إلی الإبل و ما ركبه اللّٰه علیه من عجیب الخلق فإنه مع عظمته و قوته یذلله الصغیر فینقاد له بتسخیر اللّٰه إیاه لعباده فیبركه و یحمل علیه ثم یقوم و لیس ذلك فی غیره من ذوات الأربع فلا یحمل علی شی ء منها

ص: 107


1- 1. أنوار التنزیل 2: 353.
2- 2. مجمع البیان 8: 534.
3- 3. أنوار التنزیل 2: 394.

إلا و هو قائم فأراهم اللّٰه سبحانه هذه الآیة فیه لیستدلوا علی توحیده بذلك و سئل الحسن عن هذه الآیة و قیل له الفیل أعظم من الإبل فی الأعجوبة فقال أما الفیل فالعرب بعید العهد بها ثم هو خنزیر لا یركب ظهرها و لا یؤكل لحمها و لا یحلب درها و الإبل من أعز مال العرب و أنفسه تأكل النوی و القت و تخرج اللبن و یأخذ الصبی بزمامها فیذهب بها حیث شاء مع عظمها فی نفسها و یحكی أن فأرة أخذت تجرها و هی تتبعها حتی دخلت الجحر فجرت الزمام و بركت الناقة فجرت فقربت فمها من جحر الفأر انتهی (1).

و قال الرازی للإبل خواص منها أنه تعالی جعل الحیوان الذی یقتنی (2)

أصنافا شتی فتارة یقتنی لیؤكل لحمه و تارة لیشرب لبنه و تارة لیحمل الإنسان فی الأسفار و تارة لینقل أمتعة الإنسان من بلد إلی بلد و تارة لیكون به زینة و جمال و هذه المنافع بأسرها حاصلة فی الإبل و إن شیئا من سائر الحیوانات لا تجتمع فیه هذه الخصال (3).

و ثانیها أنه فی كل واحد من هذه الخصال أفضل من الحیوان الذی لا توجد فیه إلا هذه الخصلة لأنها إن جعلت حلوبة سقت فأروت الكثیر و إن جعلت أكولة أطعمت و أشبعت الكثیر و إن جعلت ركوبة أمكن أن یقطع بها من المسافة المدیدة(4)

ما لا یمكن قطعه بحیوان آخر و ذلك لما ركب فیها من القوة علی مداومته علی السیر(5) و الصبر علی العطش و الاجتزاء من العلوفات ما لا یجتزئ (6) به حیوان آخر و إن جعلت حمولة(7) استقلت بحمل الأحمال الثقلیة التی لا یستقل بها سواها و منها

ص: 108


1- 1. مجمع البیان 10: 480.
2- 2. فی نسخة: یقتنی به.
3- 3. اختصر المصنّف.
4- 4. فی المصدر: من المسافات المدیدة.
5- 5. فی المصدر: من قوة احتمال المداومة علی السیر.
6- 6. فی المصدر: بما لا یجتزئ حیوان آخر.
7- 7. فی المصدر: و ان جعلت حملة.

أن هذا الحیوان كان أعظم الحیوانات وقعا فی قلوب العرب و لذلك جعلوا دیة(1) قتل الإنسان إبلا و كان ملوكهم إذا أرادوا(2) المبالغة فی إعطاء الشاعر الذی جاء من المكان البعید أعطوه مائة(3) بعیر لأن امتلاء العین منه أشد من امتلاء العین من غیره و لهذا قال وَ لَكُمْ فِیها جَمالٌ (4) الآیة و منها أنی كنت مع جماعة فی مفازة فضللنا الطریق فقدموا جملا و تبعوه فكان ذلك الإبل (5) ینعطف من تل إلی تل و من جانب إلی جانب و الجمیع كانوا یتبعونه حتی وصل إلی الطریق بعد زمان طویل و هذا من قوة(6) تخیل ذلك الحیوان بالمرة الواحدة(7) كیف انحفظت فی خیاله صورة تلك المعاطف حتی أن الذی عجز جمع من العقلاء إلی الاهتداء إلیه فإن ذلك الحیوان اهتدی إلیه.

و منها أنها مع كونها فی غایة القوة علی العمل مباینة لغیرها فی الانقیاد و الطاعة لأضعف الحیوانات كالصبی و مباینة لغیرها أیضا فی أنها یحمل علیها و هی باركة ثم تقوم فهذه الصفات الكثیرة الموجودة فیها توجب علی العاقل أن ینظر فی خلقتها و تركیبها و یستدل بذلك علی وجود الصانع الحكیم سبحانه ثم إن العرب من أعرف الناس بأحوال الإبل فی صحتها و سقمها و منافعها و مضارها فلهذه الأسباب حسن من الحكیم تعالی أن یأمر بالتأمل فی خلقتها(8).

أقول: و قال الدمیری فی حیاة الحیوان الإبل الجمال و هی اسم واحد یقع علی

ص: 109


1- 1. فی المصدر: و لذلك فانهم جعلوا.
2- 2. فی المصدر: و كان الواحد من ملوكهم إذا أراد.
3- 3. فی المصدر:( جاءه) و فیه: اعطاء مائة بعیر.
4- 4. النحل: 6.
5- 5. فی المصدر: ذلك الجمل.
6- 6. فی المصدر: فتعجبنا من قوة.
7- 7. فی المصدر: انه بالمرة الواحدة.
8- 8. تفسیر الرازیّ 31: 156 و 157.

الجمع لیس بجمع و لا اسم جمع إنما هو دال علی الجنس

وَ رَوَی ابْنُ مَاجَهْ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا وَ الْغَنَمُ بَرَكَةٌ وَ الْخَیْرُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِی الْخَیْلِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

و الإبل من الحیوان العجیب (1) و إن كان عجبها سقط من أعین الناس لكثرة رؤیتهم لها و هو أنه حیوان عظیم الجسم شدید الانقیاد ینهض بالحمل الثقیل و یبرك به و تأخذ زمامة فأرة تذهب به حیث شاءت و تحمل علی ظهره بیتا یقعد فیه الإنسان (2)

مع مأكوله و مشروبه و ملبوسه و ظروفه و وسائده كما فی بیته و تتخذ للبیت سقفا(3)

و هو یمشی بكل هذه و لهذا قال تعالی أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ و عن بعض الحكماء أنه حدث عن البعیر و عظم خلقه (4)

و كان قد نشأ بأرض لا إبل بها ففكر(5) ثم قال یوشك أن تكون طوال الأعناق و حین أراد اللّٰه (6) بها أن تكون سفائن البر صبرها علی احتمال العطش حتی أن ظمأها یرتفع إلی العشر و جعلها ترعی كل شی ء نابت فی البراری و المفاوز ما لا یرعاه سائر البهائم و فی الحدیث لا تسبوا الإبل فإن فیها رقوء الدم و مهر الكریمة أی تعطی (7) فی الدیات فتحقن بها الدماء فتقطع عن أن یهراق (8) دم القاتل و قال أصحاب الكلام فی طبائع الحیوان لیس لشی ء من الفحول مثل ما للجمل عند هیجانه إذ یسوء خلقه و یظهر زبده و رغاؤه فلو حمل ثلاثة أضعاف عادته حمل و یقل أكله (9)

وَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الصَّلَاةِ

ص: 110


1- 1. فی المصدر: و الإبل من الحیوانات العجیبة.
2- 2. فی المصدر: و یتخذ علی ظهره بیت یقعد الإنسان فیه.
3- 3. فی المصدر: كانه فی بیته و یتخذ للبیت سقف.
4- 4. فی المصدر: و عن بدیع خلقها.
5- 5. فی المصدر: ففكر ساعة.
6- 6. فی المصدر: و حیث أراد اللّٰه.
7- 7. فی المصدر: أی انها تعطی.
8- 8. فی المصدر: و تمنع من أن یهراق.
9- 9. زاد فی المصدر: و یخرج الشقشقة و هی الجلدة الحمراء التی یخرجها من جوفه و ینفخ فیها فتظهر من شدقه لا یعرف ما هی ا ه.

فِی مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَقَالَ لَا تُصَلُّوا فِی مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّیَاطِینِ (1)

وَ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِی مَرَابِضِ الْغَنَمِ فَقَالَ صَلُّوا فِیهَا(2) فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ(3).

وَ فِی مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَ الْحَاكِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله دَخَلَ حَائِطاً لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ فَإِذَا فِیهِ جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَرَفَتْ عَیْنَاهُ فَمَسَحَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله سَنَامَهُ (4) فَسَكَنَ ثُمَّ قَالَ مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ فَجَاءَ فَتًی مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ هُوَ لِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَ لَا تَتَّقِی اللَّهَ فِی هَذِهِ الْبَهِیمَةِ الَّتِی مَلَّكَكَ اللَّهُ إِیَّاهَا فَإِنَّهُ یَشْكُو(5)

إِلَیَّ أَنَّكَ تُجِیعُهُ وَ تُذِیبُهُ.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ حَتَّی إِذَا كُنَّا بِحَرَّةِ(6)

وَاقِمٍ أَقْبَلَ جَمَلٌ یَرْفُلُ حَتَّی دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَرْغُو عَلَی هَامَتِهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَذَا الْجَمَلَ یَسْتَعْدِینِی عَلَی صَاحِبِهِ یَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ یَحْرُثُ عَلَیْهِ مُنْذُ سِنِینَ حَتَّی أَجْرَبَهُ (7) وَ أَعْجَفَهُ وَ كَبُرَ سِنُّهُ أَرَادَ نَحْرَهُ اذْهَبْ یَا جَابِرُ

ص: 111


1- 1. فی المصدر: فانها مأوی الشیاطین.
2- 2. فی المصدر: فانها مباركة.
3- 3. حیاة الحیوان: 9- 11.
4- 4. فی المصدر: سنامه، و فی روایة: فمسح ذفرییه فسكن.
5- 5. فی المصدر: فانه شكا.
6- 6. فی معجم البلدان: حرة و اقم احدی حرتی المدینة و هی الشرقیة سمیت برجل من العمالیق اسمه و اقم نزلها فی الدهر الأول، و فی هذه الحرة كانت وقعة الحرة المشهورة فی أیّام یزید بن معاویة فی سنة 63 و أمیر الجیش من قبل یزید مسلم بن عقبة المری و سموه لقبیح صنیعه مسرفا، قدم المدینة فنزل حرة و اقم و خرج إلیه أهل المدینة یحاربونه فكسرهم و قتل من الموالی ثلاثة آلاف و خمسمائة رجل، و من الأنصار الفار و اربعمائة و قیل: الفا و سبعمائة، و من قریش الفا و ثلاثمائة، و دخل جنده المدینة فنهبوا الأموال و سبوا الذرّیة و استباحوا الفروج، و حملت منهم ثمانمائة حرة و ولدن ا ه.
7- 7. فی المصدر: حتی اعجزه.

إِلَی صَاحِبِهِ فَأْتِ بِهِ قَالَ مَا أَعْرِفُهُ قَالَ إِنَّهُ سَیَدُلُّكَ عَلَیْهِ قَالَ فَخَرَجَ بَیْنَ یَدَیَّ مُعْنِقاً حَتَّی وَقَفَ بِی مَجْلِسَ بَنِی حَطْمَةَ(1) فَقُلْتُ أَیْنَ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ قَالُوا هَذَا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ فَخَرَجَ مَعِی حَتَّی إِذَا جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ جَمَلَكَ یَزْعُمُ أَنَّكَ حَرَثْتَ عَلَیْهِ زَمَاناً حَتَّی إِذَا أَجْرَبْتَهُ وَ أَعْجَفْتَهُ وَ كَبُرَ سِنُّهُ أَرَدْتَ نَحْرَهُ (2)

قَالَ وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ (3)

قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هَكَذَا جَزَاءُ الْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ ثُمَّ قَالَ بِعْنِیهِ (4) قَالَ نَعَمْ فَابْتَاعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الشَّجَرِ حَتَّی نَصَبَ سَنَامُهُ وَ كَانَ إِذَا اعْتَلَّ عَلَی بَعْضِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ مِنْ نَوَاضِحِهِمْ شَیْ ءٌ أَعْطَاهُ إِیَّاهُ فَمَكَثَ كَذَلِكَ زَمَاناً(5).

و قال البقر اسم جنس یقع علی الذكر و الأنثی و إنما دخلته الهاء للوحدة و الجمع بقرات و هو حیوان شدید القوة كثیر المنفعة خلقه اللّٰه ذللا(6) و لم یخلق له سلاحا شدیدا كما للسباع لأنه فی رعایة الإنسان فالإنسان یدفع عنه عدوه فلو كان له سلاح لصعب علی الإنسان ضبطه و البقر الأجم (7) یعلم أن سلاحه فی رأسه فیستعمل محل القرن كما تری فی العجاجیل قبل نبات قرونها تنطح برءوسها تفعل ذلك طبعا و هی أجناس منها الجوامیس و هی أكثرها ألبانا و أعظمها أجسادا(8)

و منها العراب و هی جرد ملس الألوان و منها نوع آخر یقال له الدربانة(9) و البقر ینزو ذكورها

ص: 112


1- 1. فی المصدر: بنی خطمة.
2- 2. فی المصدر: حتی إذا أعجزته و أعجفته و كبر سنه أردت أن تنحره.
3- 3. فی المصدر: لكذلك.
4- 4. فی المصدر: تبیعه؟.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 145.
6- 6. فی المصدر: ذلولا.
7- 7. أی الذی لا قرن له.
8- 8. فی المصدر: و اعظمها اجساما.
9- 9. فی المصدر: و هی التی تنقل علیها الاحمال و ربما كانت اسنمة.

علی إناثها إذا تمت لها سنة من عمرها فی الغالب و هی كثیرة المنی و كل الحیوان إناثه أرق صوتا من الذكور إلا البقر فإن الأنثی أفخم و أجهر و لیس لجنس البقر ثنایا علیا فهی تقطع الحشیش بالسفلی.

و ذكر صاحب الترغیب و الترهیب و البیهقی فی الشعب عن ابن عباس أن ملكا من الملوك خرج یتصید فی مملكته مختفیا من الناس (1) فنزل علی رجل له بقرة فراحت علیه تلك البقرة فحلبت مقدار ثلاثین بقرة فحدث الملك نفسه أن یأخذها فلما كان من الغد غدت البقرة إلی مرعاها ثم راحت فحلبت نصف ذلك فدعا الملك صاحبها فقال أخبرنی عن بقرتك هذه لم نقص حلابها أ لم یكن مرعاها الیوم مرعاها بالأمس قال بلی و لكن أری الملك أضمر لبعض الرعیة سوء فنقص لبنها فإن الملك إذا ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة قال فعاهد الملك ربه أن لا یأخذها و لا یظلم أحدا قال فغدت ثم راحت (2) فحلبت حلابها فی الیوم الأول فاعتبر الملك بذلك و عدل و قال إن الملك إذا ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة لا جرم لأعدلن و لأكونن علی أفضل الحالات (3).

و قال الغنم الشاة لا واحد له من لفظه

وَ رَوَی عَبْدُ بْنُ حُمَیْدٍ بِسَنَدِهِ إِلَی عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: افْتَخَرَ أَهْلُ الْإِبِلِ وَ أَهْلُ الْغَنَمِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ السَّكِینَةُ وَ الْوَقَارُ فِی أَهْلِ الْغَنَمِ وَ الْفَخْرُ وَ الْخُیَلَاءُ فِی الْفَدَّادِینَ أَهْلِ الْإِبِلِ.

و هو فی الصحیحین بألفاظ مختلفة منها السكینة(4) فی أهل الغنم و الفخر و الریاء فی الفدادین أهل الخیل و الوبر و فی لفظ الفخر و الخیلاء فی أصحاب الإبل و السكینة و الوقار فی أصحاب الشاة.

أراد بالسكینة السكون و بالوقار التواضع و أراد بالفخر التفاخر بكثرة

ص: 113


1- 1. فی المصدر: خرج من بلده یسیر فی مملكته و هو مستخف من الناس.
2- 2. فی المصدر: فغدت فرعت ثمّ راحت.
3- 3. حیاة الحیوان 1: 105- 107.
4- 4. فی المصدر: السكینة و الوقار.

المال و الجاه و غیر ذلك من مراتب أهل الدنیا و بالخیلاء التكبر و التعاظم و منه قوله تعالی إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ(1) و مراده بالوبر أهل الإبل لأنه لها كالصوف للغنم (2) و الشعر للمعز و لذلك قال تعالی وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلی حِینٍ (3) و هذا منه صلی اللّٰه علیه و آله إخبار عن أكثر حال أهل الغنم و أهل الإبل و أغلبه و قیل أراد به أی بأهل الغنم أهل الیمن لأن أكثرهم أهل الغنم بخلاف ربیعة و مضر فإنهم أصحاب إبل.

و الغنم علی ضربین ضائنة و ماعزة قال الجاحظ و اتفقوا علی أن الضأن أفضل من الماعز(4)

و استدلوا علیه بأوجه منها أن اللّٰه تعالی بدأ بذكر الضأن فی القرآن فقال مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ (5) و منها قوله إِنَّ هذا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً(6) و منها فَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ (7) و مما یذكر من فضلها أنها تلد فی السنة مرة و تفرد غالبا و المعز تلد مرتین و قد تثنی و تثلث و البركة فی الضأن أكثر و من ذلك أن الضأن إذا رعت شیئا من الكلأ فإنه ینبت و إذا رعت الماعز شیئا لا ینبت لأن المعز تقلعه من أصولها و الضأن ترعی ما علی وجه الأرض و أیضا فإن صوف الضأن أفضل من شعر المعز و أعز قیمة و لیس الصوف إلا للضأن و منها أنهم كانوا إذا مدحوا

ص: 114


1- 1. لقمان: 18.
2- 2. فی المصدر: كالصوف للضأن.
3- 3. النحل: 80.
4- 4. فی المصدر: من المعز.
5- 5. الأنعام: 143.
6- 6. فی المصدر: و تسعون نعجة ولی نعجة واحدة. و لم یقل: تسع و تسعون عنزا و لی عنز واحدة. أقول: الآیة فی ص: 23.
7- 7. زاد فی المصدر: و اجمعوا كما قال الحافظ انه كبش. أقول: الآیة فی الصافّات: 107.

شخصا قالوا إنما هو كبش و إذا ذموه قالوا ما هو إلا تیس (1) و مما أهان اللّٰه به التیس أن جعله مهتوك الستر مكشوف القبل و الدبر بخلاف الكبش و لذا شبه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله المحلل بالتیس المستعار.

و منها أن رءوس الضأن أطیب و أفضل من رءوس الماعز و كذلك لحمها فإن أكل لحم الماعز یحرك المرة السوداء و یولد البلغم و یورث النسیان و یفسد الدم و لحم الضأن عكس ذلك قال أبو زید یقال لما تضعه الغنم و المعز حالة وضعه سخلة ذكرا كان أو أنثی و جمعها سخل بفتح السین و سخال بكسرها ثم لا یزال اسمه ذلك ما دام یرضع اللبن ثم یقال للذكر و الأنثی بهمة بفتح الباء و الجمع بهم بضمها و یقال لولد المعز حین یولد سلیل و سلیط فإذا بلغ أربعة أشهر و فصل عن أمه و أكل من البقل فإن كان من أولاد المعز فهو جفر و الأنثی جفرة و الجمع جفار فإذا قوی و أتی علیه حول فهو عریض و جمعه عرضان بكسر العین و العتود نوع منه و جمعه أعتدة و عتدان و هو فی ذلك جدی (2)

و الأنثی عناق إذا كان من أولاد المعز و یقال له إذا تبع أمه تلو لأنه یتلو أمه و یقال للجدی أمر بضم الهمزة و تشدید المیم و الراء المهملة فی آخره و یقال له هلع و هلعة بضم الهاء و تشدید اللام و البكرة العناق أیضا و العطعط الجدی فإذا أتی علیه حول فالذكر تیس و الأنثی عنز ثم یكون جذعا فی السنة الثانیة و الأنثی جذعة فإذا طعن فی السنة الثالثة فهو ثنی و الأنثی ثنیة فإذا طعن فی السنة الرابعة كان رباعیا و الأنثی رباعیة(3) ثم تكون سدسا و الأنثی سدسة(4) ثم یكون ضالعا و الأنثی كذلك و یقال ضلع یضلع ضلوعا و الجمع الضلع

ص: 115


1- 1. فی المصدر: انما هو تیس و اذ أرادوا المبالغة فی الذم قالوا: انما هو تیس فی سفینة.
2- 2. فی المصدر: و هو فی كل ذلك جدی.
3- 3. زاد فی المصدر بعد ذلك: ثم یكون خماسیا و الأنثی خماسیة.
4- 4. فی المصدر: ثم یكون سداسیا و الأنثی سداسیة.

بتشدید اللام (1) و قال الجلان و الجلام (2) من أولاد المعز خاصة و فی الحدیث فی الأرنب یصیبها المحرم جلان (3).

قال الجاحظ و قد قالوا فی أولاد الضأن كما قالوا فی أولاد المعز إلا فی مواضع قال الكسائی هی خروف (4) فی العریض من أولاد المعز و الأنثی خروفة و یقال له حمل و الأنثی رخل بفتح الراء المهملة و كسر الخاء المعجمة و الجمع رخال بضم الراء و هو مما جمع علی غیر قیاس كما قالوا فی المرضع ظئر و ظؤار و للشاة القریبة العهد بالنتاج ربی و رباب و البهمة للذكر و الأنثی من أولاد الضأن و المعز جمیعا و لا یزال كذلك حتی یأكل و یجتر ثم هو قرقر بقافین مكسورتین و الجمع قرقار و قرقور و هذا كله حین یأكل و یجتر و الجلام بكسر الجیم الجدی أیضا و البذج بفتح الباء و الذال المعجمة و بالجیم فی آخره من أولاد الضأن خاصة و الجمع بذجان.

وَ رَوَی ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِیحٍ عَنْ أُمِّ هَانِی قَالَتْ: إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهَا اتَّخِذِی غَنَماً فَإِنَّ فِیهَا الْبَرَكَةَ وَ شَكَتْ إِلَیْهِ امْرَأَةٌ أَنَّ غَنَمَهَا لَا تَزْكُو فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا أَلْوَانُهَا قَالَتْ سُودٌ فَقَالَ عَفِّرِی أَیِ اسْتَبْدِلِی أَغْنَاماً بِیضاً فَإِنَّ الْبَرَكَةَ فِیهَا.

وَ فِی الْحَدِیثِ: صَلُّوا فِی مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَ امْسَحُوا رُغَامَهَا.

و الرغام ما یسیل من الأنف.

وَ رَوَی أَبُو دَاوُدَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَتْ لَهُ مِائَةُ شَاةٍ لَا یُرِیدُ أَنْ تَزِیدَ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله كُلَّمَا وُلِدَتْ سَخْلَةٌ ذَبَحَ مَكَانَهَا شَاةً.

ص: 116


1- 1. فی المصدر: ثم یكون صالغا و الأنثی كذلك، و یقال: صلغ یصلغ صلوغا و الجمع الصلغ بتشدید الصاد و اللام.
2- 2. فی المصدر:« الحلان و الجلام» أقول: و لعلّ الصحیح فیهما بالحاء المهملة.
3- 3. فی المصدر: الحلان.
4- 4. فی المصدر: هو خروف.

وَ رَوَی مَالِكٌ وَ أَبُو دَاوُدَ وَ الْبُخَارِیُّ وَ النَّسَائِیُّ وَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یُوشِكُ أَنْ یَكُونَ خَیْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَماً یَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَ مَوَاضِعَ الْقَطْرِ یَفِرُّ بِدِینِهِ مِنَ الْفِتَنِ.

شعف الجبال بفتح الشین المعجمة و العین المهملة رءوسها و شعف كل شی ء أعلاه قال أبو الزناد خص علیه السلام الغنم من بین سائر الأشیاء حضا علی التواضع و تنبیها علی إیثار الخمول و ترك الاستعلاء و الظهور و قد رعاها الأنبیاء و الصالحون

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا رَاعِیَ غَنَمٍ (1).

وَ أَخْبَرَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ السَّكِینَةَ فِی أَهْلِ الْغَنَمِ.

وَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا وَ قَدْ رَعَی الْغَنَمَ قِیلَ وَ أَنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَ أَنَا(2).

قیل و الحكمة أن اللّٰه عز و جل جعل الرعی فی الأنبیاء تقدمة لهم لیكونوا رعاة الخلق و تكون (3) أممهم رعایا لهم.

وَ رَوَی الْحَاكِمُ فِی مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: رَأَیْتُ غَنَماً سُوداً دَخَلَتْ فِیهَا غَنَمٌ كَثِیرٌ بِیضٌ فَقَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْعَجَمُ (4) یَشْرَكُونَكُمْ فِی دِینِكُمْ وَ أَنْسَابِكُمْ قَالُوا الْعَجَمُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ كَانَ الْإِیمَانُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَیَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنَ الْعَجَمِ.

و فی عجائب المخلوقات عن موسی بن عمران علیه السلام: أنه اجتاز بعین ماء فی سفح جبل فتوضأ منها ثم ارتقی الجبل لیصلی إذ أقبل فارس فشرب من ماء العین و ترك عنده كیسا فیه دراهم و ذهب مارا فجاء بعده راعی غنم فرأی الكیس فأخذه و مضی ثم جاء بعده شیخا علیه أثر البؤس و علی رأسه حزمة حطب فوضعها هناك ثم

ص: 117


1- 1. فی المصدر: إلا رعی غنما.
2- 2. زاد فی المصدر: و كنت أرعاها لاهل مكّة بالقراریط. قال سوید: یعنی كل شاة بقیراط.
3- 3. فی المصدر: و لتكون.
4- 4. العجم: الفرس، خلاف العرب.

استلقی لیستریح فما كان إلا قلیلا حتی عاد الفارس فطلب كیسه (1) فلم یجده فأقبل علی الشیخ یطالبه فأنكر فلم یزالا كذلك حتی ضربه و لم یزل یضربه حتی قتله فقال موسی یا رب كیف العدل فی هذه الأمور فأوحی اللّٰه إلیه أن الشیخ كان قتل أبا الفارس و كان علی أب الفارس دین لأب الراعی مقدار ما فی الكیس فجری بینهما القصاص و قضی الدین و أنا حكم عدل (2).

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ سُفْیَانَ الْحَرِیرِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْبَرَكَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةُ أَعْشَارِهَا فِی التِّجَارَةِ وَ الْعُشْرُ الْبَاقِی فِی الْجُلُودِ.

قال الصدوق رضی اللّٰه عنه یعنی بالجلود الغنم و تصدیق ذلك ما رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: تِسْعَةُ أَعْشَارِ الرِّزْقِ فِی التِّجَارَةِ وَ الْجُزْءُ الْبَاقِی فِی السَّابِیَاءِ.

یعنی الغنم حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: تِسْعَةُ أَعْشَارِ الرِّزْقِ فِی التِّجَارَةِ وَ الْجُزْءُ الْبَاقِی فِی السَّابِیَاءِ.

یَعْنِی الْغَنَمَ (3).

بیان: قال فی النهایة بعد إیراد الروایة فی السابیاء یرید به النتاج فی المواشی و كثرتها یقال إن لآل فلان سابیاء أی مواشی كثیرة و الجمع السوابی و هی فی الأصل الجلدة التی یخرج فیها الولد و قیل هی المشیمة انتهی (4).

أقول: الجلود فی الخبر الأول لعله أرید به ذوات الجلود من الحیوانات و فی

ص: 118


1- 1. فی المصدر: یطلب كیسه.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 130- 134.
3- 3. الخصال 2: 445 و 446 طبعة الغفاری.
4- 4. النهایة 2: 157.

القاموس الجلد محركة الشاة یموت ولدها حین تضع كالجلدة محركة فیهما و الكبار من الإبل لا صغار فیها و من الغنم و الإبل ما لا أولاد لها و لا ألبان و ككتاب من الإبل الغزیرات اللبن كالمجالید أو ما لا لبن لها و لا نتاج و الجلد الذكر وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَیْنا(1) أی لفروجهم (2).

«2»- الْفَقِیهُ، قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: اتَّقُوا اللَّهَ فِیمَا خَوَّلَكُمْ وَ فِی الْعُجْمِ مِنْ أَمْوَالِكُمْ فَقِیلَ لَهُ وَ مَا الْعُجْمُ قَالَ الشَّاةُ وَ الْبَقَرُ وَ الْحَمَامُ (3).

«3»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: قَالَ أَبُو الْجَارُودِ فِی قَوْلِهِ وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِیها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ (4) وَ الدِّفْ ءُ حَوَاشِی الْإِبِلِ وَ یُقَالُ بَلْ هِیَ الْأَدْفَاءُ مِنَ الْبُیُوتِ وَ الثِّیَابِ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ دِفْ ءٌ أَیْ مَا یَسْتَدْفِئُونَ بِهِ مِمَّا یُتَّخَذُ مِنْ صُوفِهَا وَ وَبَرِهَا قَوْلُهُ وَ لَكُمْ فِیها جَمالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَ حِینَ تَسْرَحُونَ قَالَ حِینَ یَرْجِعُ مِنَ الْمَرْعَی وَ حِینَ تَسْرَحُونَ حِینَ یَخْرُجُ إِلَی الْمَرْعَی قَوْلُهُ وَ تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلی بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ قَالَ إِلَی مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ جَمِیعِ الْبُلْدَانِ ثُمَّ قَالَ وَ الْخَیْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِیرَ

لِتَرْكَبُوها وَ لَمْ یَقُلْ عَزَّ وَ عَلَا لِتَرْكَبُوهَا وَ تَأْكُلُوهَا(5)

كَمَا قَالَ فِی الْأَنْعَامِ وَ یَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ قَالَ الْعَجَائِبَ الَّتِی خَلَقَهَا اللَّهُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ(6).

بیان: قوله حواشی الإبل أی صغار أولادها و هذا تفسیر آخر غیر التفاسیر المشهورة لكنه موافق للغة قال الفیروزآبادی الحشو صغار الإبل كالحاشیة(7) و قال

ص: 119


1- 1. فصّلت: 21.
2- 2. القاموس: جلد.
3- 3. من لا یحضره الفقیه 3: 220 و زاد فیه: و اشباه ذلك.
4- 4. النحل: 5.
5- 5. فی المصدر: و لتأكلوها.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 357 و الآیات فی أوائل سورة النحل.
7- 7. القاموس: حشو.

الدِّفْ ءُ بالكسر و یحرك نقیض حدة البرد و إبل مُدْفِئَةٌ و مُدْفَأَةٌ و مُدَفَّأَةٌ و مُدَفِّئَةٌ كثیر الأوبار و الشحوم و الدِّفْ ءُ بالكسر نتاج الإبل و أوبارها و الانتفاع بها(1).

و قال الراغب الدف ء خلاف البرد قال تعالی لَكُمْ فِیها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ و هو لما یدفئ و رجل دفآن و امرأة دفأی و بیت دفی ء(2) قوله من البیوت أی الخیم من الشعر و الصوف قوله و لم یقل إلی آخره كان غرضه أنها لیست مما أعدت للأكل و رغب فی أكلها إلا أنها محرمة(3) فیدل علی كراهتها كما هو المشهور.

«4»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ زِیَادٍ الْقَنْدِیِّ عَنْ أَبِی وَكِیعٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنِ الْحَارِثِ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَلَیْكُمْ بِالْغَنَمِ وَ الْحَرْثِ فَإِنَّهُمَا یَرُوحَانِ بِخَیْرٍ وَ یَغْدُوَانِ بِخَیْرٍ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَیْنَ الْإِبِلُ قَالَ تِلْكَ أَعْنَانُ الشَّیَاطِینِ وَ یَأْتِیهَا خَیْرُهَا مِنَ الْجَانِبِ الْأَشْأَمِ (4) قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ سَمِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ تَرَكُوهَا فَقَالَ إِذاً لَا یَعْدَمَهَا الْأَشْقِیَاءُ الْفَجَرَةُ(5).

بیان: قال فی النهایة سئل علیه السلام عن الإبل فقال أعنان الشیاطین الأعنان النواحی كأنه قال إنها لكثرة آفاتها كأنها من نواحی الشیاطین فی أخلاقها و طبائعها و فی حدیث آخر لا تصلوا فی أعطان الإبل لأنها خلقت من أعنان الشیاطین (6).

ص: 120


1- 1. القاموس: الدف ء.
2- 2. المفردات: 170.
3- 3. هكذا فی النسخ. و لعلّ الصحیح: لا انها محرمة.
4- 4. أی من الجانب الایسر، و المراد من خیرها لبنها، لانها تحلب و تركب من الجانب الایسر.
5- 5. الخصال 1: 45 و 46( طبعة الغفاری).
6- 6. النهایة 3: 153.

«5»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّ الْمَالِ خَیْرٌ قَالَ زَرْعٌ زَرَعَهُ صَاحِبُهُ وَ أَصْلَحَهُ وَ أَدَّی حَقَّهُ یَوْمَ حَصَادِهِ قِیلَ فَأَیُّ الْمَالِ بَعْدَ الزَّرْعِ خَیْرٌ قَالَ رَجُلٌ فِی غَنَمَةٍ قَدْ تَبِعَ بِهَا مَوَاضِعَ الْقَطْرِ یُقِیمُ الصَّلَاةَ وَ یُؤْتِی الزَّكَاةَ قِیلَ فَأَیُّ الْمَالِ بَعْدَ الْغَنَمِ خَیْرٌ قَالَ الْبَقَرُ تَغْدُو بِخَیْرٍ وَ تَرُوحُ بِخَیْرٍ قِیلَ فَأَیُّ الْمَالِ بَعْدَ الْبَقَرِ خَیْرٌ قَالَ الرَّاسِیَاتُ فِی الْوَحَلِ وَ الْمُطْعِمَاتُ فِی الْمَحْلِ نِعْمَ الشَّیْ ءُ النَّخْلُ مَنْ بَاعَهُ فَإِنَّمَا ثَمَنُهُ بِمَنْزِلَةِ رَمَادٍ عَلَی رَأْسِ شَاهِقٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عاصِفٍ إِلَّا أَنْ یُخْلِفَ مَكَانَهَا قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَیُّ الْمَالِ بَعْدَ النَّخْلِ خَیْرٌ فَسَكَتَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فَأَیْنَ الْإِبِلُ قَالَ فِیهَا الشَّقَاءُ وَ الْجَفَاءُ وَ الْعَنَاءُ وَ بُعْدُ الدَّارِ تَغْدُو مُدْبِرَةً وَ تَرُوحُ مُدْبِرَةً وَ لَا یَأْتِی خَیْرُهَا إِلَّا مِنْ جَانِبِهَا الْأَشْأَمِ أَمَا إِنَّهَا لَا تَعْدَمُ الْأَشْقِیَاءَ الْفَجَرَةَ(1).

معانی الأخبار، عن أبیه عن علی بن إبراهیم عن أبیه: مثله (2)

الكافی، عن علی بن إبراهیم: مثله.

بیان: قد تبع بها الباء للتعدیة أو للمصاحبة أو للسببیة أی یتبع لغنمه مواضع قطر السماء و نزول المطر فإذا رأی ماء و عشبا نزل هناك تغدو بخیر أی بلبن أی تأتی به غدوا و رواحا و الخیر كل ما یرغب فیه و یكون نافعا و قال الراغب الخیر و الشر یقالان علی وجهین أحدهما أن یكونا اسمین كقوله تعالی وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَی الْخَیْرِ(3) و الثانی أن یكونا وصفین و تقدیراهما تقدیر أفعل منه نحو هذا خیر من ذلك و أفضل كقوله تعالی نَأْتِ (4) بِخَیْرٍ مِنْها(5)

ص: 121


1- 1. الخصال 1: 246.
2- 2. معانی الأخبار: 197.
3- 3. آل عمران: 104.
4- 4. البقرة: 106.
5- 5. المفردات: 160.

قوله الراسیات فی الوحل أی النخیل التی نشبت عروقها فی الطین و ثبتت فیه و هی تطعم أی تثمر فی المحل و هو بالفتح الجدب و انقطاع المطر و التخصیص بها لأنها تحمل العطش أكثر من سائر الأشجار قوله فإنما ثمنه هو قائم مقام الخبر كأنه قیل فلا یری خیرا لأن ثمنه فلذا خلا عن العائد أو هو خبر بإرجاع ضمیر ثمنه إلی الموصول قوله صلی اللّٰه علیه و آله بمنزلة رماد اقتباس من قوله تعالی مَثَلُ الَّذِینَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عاصِفٍ لا یَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلی شَیْ ءٍ(1) و العصف اشتداد الریح وصف به زمانه للمبالغة كقولهم نهاره صائم و لیله قائم و اشتدت به أی حملته و أسرعت الذهاب به و الشاهق المرتفع من الجبال و الأبنیة و غیرها إلا أن یخلف مكانها أی مثله أو الأعم و الأول أظهر و الشقاء الشدة و العسر أو هو ضد السعادة و الجفاء البعد عن الشی ء و ترك الصلة و البر و غلظ الطبع و فی القاموس جفا علیه كذا ثقل و جفا ماله لم یلازمه و أجفی الماشیة أتعبها و لم یدعها تأكل.

و أقول هنا أكثر المعانی مناسب فإن فیها غلظ الطبع و من یلازمها یصیر كذلك كما یری فی الأعراب و الجمالین و یبعد عن صاحبه للرعی و إن كان المراد ببعد الدار أیضا ذلك و تتعب صاحبها و تثقل علی صاحبها لقلة منافعها و العناء التعب تغدو مدبرة لأنها تطلب العلف من صاحبها غدوة و لیست لها منفعة تداركه و كذا فی الرواح أما إنها لا تعدم الأشقیاء الفجرة أی أنها مع هذه الخلال لا یتركها الأشقیاء و یتخذونها للشوكة و الرفعة التی فیها و لا یصیر قولی هذا سببا لتركهم لها و ما یروی عن الشیخ البهائی قدس سره أن المعنی أن من جملة مفاسدها أنه تكون معها غالبا شرار الناس و هم الجمالون فهذا الخبر و إن كان یحتمله لكن سائر الأخبار مصرحة بالمعنی الأول.

«6»- الْمَعَانِی، وَ الْخِصَالُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِیِ (2) عَنْ صَالِحِ

ص: 122


1- 1. إبراهیم: 18.
2- 2. فی المصدر: محمّد بن أبی عبد اللّٰه الكوفیّ.

بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْغَنَمُ إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ أَقْبَلَتْ وَ الْبَقَرُ إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ وَ الْإِبِلُ أَعْنَانُ الشَّیَاطِینِ إِذَا أَقْبَلَتْ أَدْبَرَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ وَ لَا یَجِی ءُ خَیْرُهَا إِلَّا مِنَ الْجَانِبِ الْأَشْأَمِ (1)

قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ یَتَّخِذُهَا بَعْدَ ذَا قَالَ فَأَیْنَ الْأَشْقِیَاءُ الْفَجَرَةُ.

قال صالح و أنشد إسماعیل بن مهران:

هی المال لو لا قلة الخفض حولها***فمن شاء داراها و من شاء باعها(2).

المعانی عن محمد بن هارون الزنجانی عن علی بن عبد العزیز عن أبی عبید أنه قال قوله أعنان الشیاطین أعنان كل شی ء نواحیه و أما الذی یحكیه أبو عمرو فأعنان الشی ء نواحیه قالها أبو عمرو و غیره فإن كانت الأعنان محفوظة فأراد أن الإبل من نواحی الشیاطین أی أنها علی أخلاقها و طبائعها و قوله لا تقبل إلا مولیة و لا تدبر إلا مولیة فهذا عندی كالمثل الذی یقال فیها إنها إذا أقبلت أدبرت و إذا أدبرت أدبرت و ذلك لكثرة آفاتها و سرعة فنائها و قوله لا یأتی خیرها إلا من جانبها الأشأم یعنی الشمال یقال للید الشمال الشؤمی (3) و منه قول اللّٰه عز و جل وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ(4) یرید أصحاب الشمال و معنی قوله لا یأتی نفعها إلا من هناك یعنی أنها لا تحلب و لا تركب إلا من شمالها و هو الجانب الذی یقال له الوحشی فی قول الأصمعی لأنه الشمال قال و الأیمن هو الإنسی و قال بعضهم لا و لكن الإنسی هو الذی یأتیه الناس فی الاحتلاب و الركوب و الوحشی هو الأیمن لأن الدابة لا تؤتی من جانبها الأیمن إنما تؤتی من الأیسر

ص: 123


1- 1. فی نسخة من المعانی: الا من جانبها الاشأم.
2- 2. معانی الأخبار: 321: الخصال 1: 246.
3- 3. فی المصدر: الشؤم.
4- 4. الواقعة: 9.

قال أبو عبید فهذا هو القول عندی و إنما الجانب الوحشی الأیمن لأن الخائف إنما یفر من موضع المخافة إلی موضع الأمن (1).

توضیح:

قَالَ الزَّمَخْشَرِیُّ فِی الْفَائِقِ: سُئِلَ عَنِ الْإِبِلِ فَقَالَ أَعْنَانُ الشَّیَاطِینِ لَا تُقْبِلُ إِلَّا مُوَلِّیَةً وَ لَا تُدْبِرُ إِلَّا مُوَلِّیَةً وَ لَا یَأْتِی نَفْعُهَا إِلَّا مِنْ جَانِبِهَا الْأَشْأَمِ.

الأعنان النواحی جمع عنن و عن یقال أخذنا كل عن و سن و فن أخذ من عن كما أخذ العرض من عرض

وَ فِی الْحَدِیثِ: أَنَّهُمْ كَرِهُوا الصَّلَاةَ فِی أَعْطَانِ الْإِبِلِ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ أَعْنَانِ الشَّیَاطِینِ.

قال الجاحظ یزعم بعض الناس أن الإبل لكثرة آفاتها أن من شأنها إذا أقبلت أن یتعقب إقبالها الإدبار و إذا أدبرت أن یكون إدبارها ذهابا و فناء و مستأصلا و لا یأتی نفعها یعنی منفعة الركوب و الحلب إلا من جانبها الذی دیدن العرب أن یتشأموا به و هو جانب الشمال و من ثم سموا الشمال شؤمی قال:

فأنحی علی شؤمی یدیه فذادها.

فهی إذا للفتنة مظنة و للشیاطین مجال متسع حیث تسببت أولا إلی إغراء المالكین (2)

علی إخلالهم بشكر النعمة العظیمة فیها فلما زواها عنهم لكفرانهم أغرتهم أیضا علی أغفال ما لزمهم من حق جمیل الصبر علی المرزئة بها و سولت لهم فی الجانب الذی یستملون منه نعمتی الركوب و الحلب أنه الجانب الأشأم و هو فی الحقیقة الأیمن و الأبرك

وَ قَالَ أَیْضاً: قِیلَ أَیْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّ أَمْوَالِنَا أَفْضَلُ قَالَ الْحَرْثُ وَ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَالْإِبِلُ قَالَ تِلْكَ عَنَاجِیجُ الشَّیَاطِینِ.

العنجوج من الخیل و الإبل الطویل العنق فعلول من عنجه إذا عطفه لأنه یعطف عنقه لطولها فی كل جهة و یلویها لیا و راكبه یعجنها إلیه بالعنان الزمام یرید أنها مطایا الشیاطین و منه قوله إن علی ذروة كل بعیر شیطانا

ص: 124


1- 1. معانی الأخبار: 321 و 322.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: علی اغرامها لمالكیهن.

و قال فی النهایة لا یأتی خیرها إلا من جانبها الأشأم یعنی الشمال و منه قولهم للید الشمال الشؤمی تأنیث الأشأم یرید بخیرها لبنها لأنها إنما تحلب و تركب من الجانب الأیسر(1) انتهی.

و قال الجوهری الوحشی الجانب الأیمن من كل شی ء هذا قول أبی زید و أبی عمرو قال عنترة:

و كأنما تنأی بجانب دفها***الوحشی من هزج العشی مئوم

و إنما تنأی بالجانب الوحشی لأن سوط الراكب فی یده الیمنی.

و قال الراعی:

فمالت علی شق وحشیها***و قد ریع جانبها الأیسر.

و یقال لیس شی ء یفزع إلا مال علی جانبه الأیمن لأن الدابة لا تؤتی من جانبها الأیمن و إنما تؤتی فی الاحتلاب و الركوب من جانبها الأیسر فإنما خوفه منه و الخائف إنما یفر من موضع المخافة إلی موضع الأمن و كان الأصمعی یقول الوحشی الجانب الأیسر من كل شی ء و فی المصباح المنیر الوحشی من كل دابة الجانب الأیمن قال الأزهری قال أئمة العربیة الوحشی من جمیع الحیوان غیر الإنسان الجانب الأیمن و هو الذی لا یركب منه الراكب و لا یحلب منه الحالب و الإنسی الجانب الآخر و هو الأیسر و روی أبو عبیدة عن الأصمعی أن الوحشی هو الذی یأتی منه الراكب و یحلب منه الحالب لأن الدابة تستوحش عنده فتفر منه إلی الجانب الأیمن قال الأزهری و هو غیر صحیح عندی قال ابن الأنباری ما من شی ء یفزع إلا مال إلی جانبه الأیمن لأن الدابة إنما تؤتی للحلب و الركوب من الجانب الأیسر فتخاف منه فتفر من موضع المخافة و هو الجانب الأیسر إلی موضع الإنس و هو الجانب الأیمن فلهذا قیل الوحشی الجانب الأیمن انتهی.

و أقول یرد فی الخبر إشكال و هو أن الحلب و الركوب من الجانب الأیمن

ص: 125


1- 1. النهایة 2: 217.

لا اختصاص لهما بالإبل فكیف صارا سببا لذم خصوص الإبل و التكلف الذی ارتكبه الجاحظ فی غایة السماجة و الركاكة إلا أن یقال الركوب من بین الأنعام الثلاثة مختص بالإبل و الحلب و إن كان مشتركا لكن قد تحلب الشاة بل البقرة أیضا من جانب الخلف و أیضا فیهما من السهولة و البركة ما یقاوم ذلك و قد یقال یمكن أن یكون كون الخبر من الجانب الأشأم كنایة عن أن نفعها مشوب بضرر عظیم فإن الیمن منسوب إلی الیمین و الشؤم منسوب إلی الیسار أو یكون الأشأم أفعل تفضیل من الشأمة و یكون الغرض موتها و استیصالها أی خیرها فی عدمها مبالغة فی قلة نفعها كان عدمها أنفع من وجودها.

«7»- الْخِصَالُ، فِی الْأَرْبَعِمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَفْضَلُ مَا یَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ فِی مَنْزِلِهِ لِعِیَالِهِ الشَّاةُ فَمَنْ كَانَتْ فِی مَنْزِلِهِ شَاةٌ قَدَّسَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ فِی كُلِّ یَوْمٍ مَرَّةً وَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَاتَانِ قَدَّسَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ مَرَّتَیْنِ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ كَذَلِكَ فِی الثَّلَاثِ یَقُولُ بُورِكَ فِیكُمْ (1).

«8»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّا نَرَی الدَّوَابَّ فِی بُطُونِ أَیْدِیهَا الرُّقْعَتَیْنِ مِثْلَ الْكَیِّ فَمِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ ذَلِكَ قَالَ ذَلِكَ مَوْضِعُ مَنْخِرَیْهِ فِی بَطْنِ أُمِّهِ وَ ابْنُ آدَمَ مُنْتَصِبٌ فِی بَطْنِ أُمِّهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ(2) وَ مَا سِوَی ابْنِ آدَمَ فَرَأْسُهُ فِی دُبُرِهِ وَ یَدَاهُ بَیْنَ یَدَیْهِ (3).

ص: 126


1- 1. الخصال 2: 617، رواه الصدوق بإسناده عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن محمّد ابن عیسی عن القاسم بن یحیی عن جده الحسن بن راشد عن أبی بصیر و محمّد بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه عن أبیه عن آبائه.
2- 2. البلد: 4.
3- 3. الخصال 2: 181 طبعة قم.

الْفَقِیهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْحِمْیَرِیِّ جَمِیعاً عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ مَوْضِعُ مَنْخِرَیْهِ فِی بَطْنِ أُمِّهِ (1).

«9»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ یَكُونُ فِی مَنْزِلِهِ عَنْزٌ حَلُوبٌ إِلَّا قُدِّسَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَ بُورِكَ عَلَیْهِمْ وَ إِنْ كَانَتِ اثْنَتَیْنِ قُدِّسُوا وَ بُورِكَ عَلَیْهِمْ كُلَّ یَوْمٍ مَرَّتَیْنِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَ كَیْفَ یُقَدَّسُونَ قَالَ یَقِفُ عَلَیْهِمْ مَلَكٌ كُلَّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءٍ فَیَقُولُ قُدِّسْتُمْ وَ بُورِكَ عَلَیْكُمْ وَ طِبْتُمْ وَ طَابَ إِدَامُكَ فَقُلْتُ لَهُ مَا مَعْنَی قُدِّسْتُمْ قَالَ طُهِّرْتُمْ (2).

المحاسن، عن ابن محبوب: مثله (3)

الكافی، عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد بن عیسی عن ابن محبوب: مثله (4).

بیان: العنز الأنثی من المعز.

«10»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِمِنًی إِذْ أَقْبَلَ أَبُو حَنِیفَةَ عَلَی حِمَارٍ لَهُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُقَایِسَكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَیْسَ

فِی دِینِ اللَّهِ قِیَاسٌ وَ لَكِنْ أَسْأَلُكَ عَنْ حِمَارِكَ هَذَا فِیمَ أَمْرُهُ قَالَ وَ عَنْ أَیِّ أَمْرِهِ تَسْأَلُ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ هَاتَیْنِ النُّكْتَتَیْنِ اللَّتَیْنِ بَیْنَ یَدَیْهِ مَا هُمَا فَقَالَ أَبُو حَنِیفَةَ خَلْقٌ فِی الدَّوَابِّ كَخَلْقِ أُذُنَیْكَ وَ أَنْفِكَ فِی رَأْسِكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام

ص: 127


1- 1. من لا یحضره الفقیه 2: 189( طبعة الآخوندی) فیه: قال: قلت له جعلت فداك نری الدوابّ فی بطون ایدیها مثل الرقعتین فی باطن یدیها مثل الكی فای شی ء هو؟.
2- 2. ثواب الأعمال: 93 و رواه فی الفقیه 3: 220 عن الحسن بن محبوب عن محمّد بن مارد باختلاف.
3- 3. المحاسن: 640 فیه اختلاف لفظی.
4- 4. فروع الكافی 6: 544 فیه:[ یقف علیهم ملك فی كل صباح فیقول] و فیه اختلاف آخر.

خَلَقَ اللَّهُ أُذُنَیَّ لِأَسْمَعَ بِهِمَا وَ خَلَقَ عَیْنَیَّ لِأُبْصِرَ بِهِمَا وَ خَلَقَ أَنْفِی لَأَجِدَ بِهِ الرَّائِحَةَ الطَّیِّبَةَ وَ الْمُنْتِنَةَ فَفِیمَا خُلِقَ هَذَانِ وَ كَیْفَ نَبَتَ الشَّعْرُ عَلَی جَمِیعِ جَسَدِهِ مَا خَلَا هَذَا الْمَوْضِعَ فَقَالَ أَبُو حَنِیفَةَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَسْأَلُكَ (1) عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ تَسْأَلُنِی عَنْ مَسَائِلِ الصِّبْیَانِ فَقَامَ وَ خَرَجَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ لَهُ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ سَأَلْتَهُ عَنْ أَمْرٍ أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَهُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ(2) یَعْنِی مُنْتَصِباً فِی بَطْنِ أُمِّهِ مَقَادِیمُهُ إِلَی مَقَادِیمِ أُمِّهِ وَ مَآخِیرُهُ إِلَی مَآخِیرِ أُمِّهِ غِذَاؤُهُ مِمَّا تَأْكُلُ أُمُّهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُ أُمُّهُ وَ تُنَسِّمُهُ تَنْسِیماً وَ مِیثَاقُهُ الَّذِی أَخَذَ اللَّهُ عَلَیْهِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَإِذَا دَنَا وِلَادَتُهُ أَتَاهُ مَلَكٌ یُسَمَّی الزَّاجِرَ فَیَزْجُرُهُ فَیَنْقَلِبُ فَتَصِیرُ مَقَادِیمُهُ إِلَی مَآخِرِ أُمِّهِ وَ مَآخِیرُهُ إِلَی مُقَدَّمِ أُمِّهِ (3)

لِیُسَهِّلَ اللَّهُ عَلَی الْمَرْأَةِ وَ الْوَلَدِ أَمْرَهُ وَ یُصِیبُ ذَلِكَ جَمِیعَ النَّاسِ إِلَّا إِذَا كَانَ عَامِیاً(4)

فَإِذَا زَجَرَهُ فَزَعَ وَ انْقَلَبَ وَ وَقَعَ إِلَی الْأَرْضِ بَاكِیاً مِنْ زَجْرَةِ الزَّاجِرِ وَ نَسِیَ الْمِیثَاقَ وَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَمِیعَ الْبَهَائِمِ فِی بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا مَنْكُوسَةً مُقَدَّمُهَا إِلَی مُؤَخَّرِ أُمِّهَا وَ مُؤَخَّرُهَا إِلَی مُقَدَّمِ أُمِّهَا(5)

وَ هِیَ تَتَرَبَّصُ فِی الْأَرْحَامِ مَنْكُوسَةً قَدْ أُدْخِلَ رَأْسُهَا بَیْنَ یَدَیْهَا وَ رِجْلَیْهَا تَأْخُذُ الْغِذَاءَ مِنْ أُمِّهَا فَإِذَا دَنَا وِلَادَتُهَا انْسَلَّتْ انْسِلَالًا وَ امْتَرَقَتْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا وَ هَاتَانِ الَّتِی بَیْنَ أَیْدِیهَا(6) كُلُّهَا مَوْضِعُ أَعْیُنِهَا فِی بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا وَ مَا فِی عَرَاقِیبِهَا مَوْضِعُ مَنَاخِیرِهَا لَا یَنْبُتُ عَلَیْهِ الشَّعْرُ وَ هُوَ لِلدَّوَابِّ كُلِّهَا مَا خَلَا الْبَعِیرَ فَإِنَّ عُنُقَهُ طَالَ فَنَفَذَ رَأْسُهُ بَیْنَ

ص: 128


1- 1. فی المصدر: أتیتك أسألك.
2- 2. البلد: 4.
3- 3. فی المصدر: الی مقادیم أمه.
4- 4. فی المصدر: عاتیا.
5- 5. فی المصدر: منكوسین مقدمها الی مواخر امهاتها و مؤخرها الی مقدم امهاتها.
6- 6. فی المصدر: انسلت انسلالا و موضع اعینها فی بطون امهاتها و هاتان النكتتان اللتان بین أیدیها.

قَوَائِمِهِ فِی بَطْنِ أُمِّهِ (1).

بیان: تنسمه تنسیما كان المعنی أن بنفسه مما تتنفس به أمه یصل إلیه أثر ذلك النسیم قوله إلا إذا كان عامیا أی أعمی البصر أو أعمی القلب مخالفا و فی بعض النسخ عانیا بالنون أی إلا أن یقدر اللّٰه تعالی أن یكون فی عناء و مشقة علیه و علی أمه الولادة

و الأظهر أنه كان فی الأصل إلا إذا كان یتنا أو میتونا بتقدیم المثناة التحتانیة علی المثناة الفوقانیة ثم النون قال فی القاموس الیتن أن تخرج رجلا المولود قبل یدیه و قد خرج یتنا أیتنت و یتنت و هی موتن و موتنة و هو میتون و القیاس موتن (2).

و فی النهایة الیتن الولد الذی تخرج رجلاه من بطن أمه قبل رأسه و قد أیتنت الأم إذا جاءت به یتنا(3).

و فی القاموس مرق السهم من الرمیة مروقا خرج من الجانب الآخر و كانت امرأة تغزو فحبلت فذكر لها الغزو فقالت روید الغزو یتمرق أی أمهل الغزو حتی یخرج الولد و الامتراق سرعة المروق (4).

ثم اعلم أن الخبر یشعر بأن الانتصاب فی الرحم الذی هو شأن الإنسان أصعب و أشق من الهیئة التی علیها غیره فلذا فسر علیه السلام به الآیة.

«11»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الشَّاةَ نِعْمَ الْمَالُ الشَّاةُ(5).

بیان: كان شاة الأولی منصوبة علی الإغراء و الأخری تأكید و خبره محذوف و لیس فی الكافی الشاة الأولی.

ص: 129


1- 1. المحاسن: 304 و 305.
2- 2. القاموس: الیتن.
3- 3. النهایة 4: 380.
4- 4. القاموس: مرق.
5- 5. المحاسن: 640.

«12»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا بُنَیَّ اتَّخِذِ الْغَنَمَ وَ لَا تَتَّخِذِ الْإِبِلَ (1).

«13»- وَ مِنْهُ، عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا كَانَتْ لِأَهْلِ بَیْتٍ شَاةٌ قَدَّسَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ(2).

«14»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عُبَیْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا اتَّخَذَ أَهْلُ الْبَیْتِ الشَّاةَ قَدَّسَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ كُلَّ یَوْمٍ تَقْدِیسَةً قُلْتُ كَیْفَ یَقُولُونَ قَالَ یَقُولُونَ قُدِّسْتُمْ قُدِّسْتُمْ (3).

«15»- قَالَ وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ قَالَ: إِذَا اتَّخَذَ أَهْلُ الْبَیْتِ ثَلَاثَ شِیَاهٍ (4).

«16»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ شَاةٌ قَدَّسَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ تَقْدِیسَةً وَ انْتَقَلَ عَنْهُمُ الْفَقْرُ مَنْقَلَةً(5)

وَ مَنْ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ شَاتَانِ قَدَّسَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ مَرَّتَیْنِ وَ ارْتَحَلَ عَنْهُمُ الْفَقْرُ مَنْقَلَتَیْنِ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَ شِیَاهٍ قَدَّسَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ثَلَاثَ تَقْدِیسَاتٍ وَ انْتَقَلَ عَنْهُمُ الْفَقْرُ(6).

بیان: و انتقل عنهم الفقر أی رأسا كما سیأتی (7).

«17»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ وَ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لِعَمَّتِهِ مَا یَمْنَعُكِ مِنْ أَنْ تَتَّخِذِی فِی بَیْتِكِ بِبَرَكَةٍ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْبَرَكَةُ فَقَالَ شَاةٌ تُحْلَبُ فَإِنَّهُ مَنْ كَانَتْ (8) فِی دَارِهِ شَاةٌ تُحْلَبُ أَوْ نَعْجَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ فَبَرَكَاتٌ كُلُّهُنَ (9).

قال و روی أبی عن أحمد بن النضر عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام (10):

ص: 130


1- 1. المحاسن: 460.
2- 2. المحاسن: 460.
3- 3. المحاسن: 460.
4- 4. المحاسن: 460.
5- 5. فی المصدر: منتقلة.
6- 6. المحاسن: 640.
7- 7. سیأتی ذلك فی الخبر 20.
8- 8. فی الكافی: من كان.
9- 9. المحاسن: 641.
10- 10. المحاسن: 641.

الكافی، عن العدة عن البرقی: مثله إلی آخر الخبر بالسند الأول (1).

بیان: كأن المراد بالشاة المعز أو النعجة الأنثی من الضأن و الشاة أعم من الضأن و المعز تطلق علی الذكر و الأنثی كما ذكره الفیروزآبادی و فی الكافی أو بقرة تحلب.

«18»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أُمِّ أَیْمَنَ فَقَالَ مَا لِی لَا أَرَی فِی بَیْتِكِ الْبَرَكَةَ فَقَالَتْ أَ وَ لَیْسَ فِی بَیْتِی بَرَكَةٌ قَالَ لَسْتُ أَعْنِی لَكِ (2) ذَاكِ شَاةٌ تَتَّخِذِیهَا تَسْتَغْنِی وُلْدَكِ مِنْ لَبَنِهَا وَ تَطْعَمِینَ مِنْ سَمْنِهَا وَ تُصَلِّینَ فِی مَرْبِضِهَا(3).

بیان: لست أعنی أی عدم البركة مطلقا لك أی بركة ذاك أی الذی قلت أو لست أعنی و أقول لك ذاك الذی فهمت هی شاة و لا یبعد أن یكون ذلك مكان لك.

«19»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ حُمَیْدٍ اللالی (4) [الْآبِی] عَنْ أُمِّ رَاشِدٍ مَوْلَاةِ أُمِّ هَانِی: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ دَخَلَ عَلَی أُمِّ هَانِی فَقَالَتْ أُمُّ هَانِی قَدِّمِی لِأَبِی الْحَسَنِ طَعَاماً فَقَدَّمْتُ مَا كَانَ فِی الْبَیْتِ فَقَالَ مَا لِی لَا أَرَی عِنْدَكُمُ الْبَرَكَةَ فَقَالَتْ أُمُّ هَانِی لِأَبِی الْحَسَنِ أَ وَ لَیْسَ هَذَا بَرَكَةً فَقَالَ لَسْتُ أَعْنِی هَذَا إِنَّمَا أَعْنِی الشَّاةَ فَقَالَتْ مَا لَنَا مِنْ شَاةٍ فَآكُلَ وَ أَسْتَسْقِیَ (5).

بیان: فقالت أم هانی أی لمولاتها أم راشد فقدمت علی صیغة المتكلم فآكل أی من سمنها و أستسقی أی من لبنها.

ص: 131


1- 1. فروع الكافی 6: 545.
2- 2. فی نسخة:[ اعنی ذلك] و فی أخری:« اعنی لك ذلك» و فی المصدر: اعنی ذلك، ذاك شاة.
3- 3. المحاسن: 641.
4- 4. فی نسخة:« السلامی» و فی المصدر: الآبی.
5- 5. المحاسن: 641.

«20»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عُبَیْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا اتَّخَذَ أَهْلُ الْبَیْتِ (1)

شَاةً آتَاهُمُ اللَّهُ بِرِزْقِهَا وَ زَادَ فِی أَرْزَاقِهِمْ وَ ارْتَحَلَ عَنْهُمُ الْفَقْرُ مَرْحَلَةً فَإِنِ اتَّخَذُوا شَاتَیْنِ آتَاهُمُ اللَّهُ بِأَرْزَاقِهَا وَ زَادَ فِی أَرْزَاقِهِمْ وَ ارْتَحَلَ عَنْهُمُ الْفَقْرَ مَرْحَلَتَیْنِ وَ إِنِ اتَّخَذُوا ثَلَاثاً آتَاهُمُ اللَّهُ بِأَرْزَاقِهَا وَ زَادَ فِی أَرْزَاقِهِمْ وَ ارْتَحَلَ عَنْهُمُ الْفَقْرُ رَأْساً(2).

الكافی، عن أبی علی الأشعری عن الحسن بن علی عن عبیس: مثله (3).

«21»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ تَرُوحُ عَلَیْهِمْ ثلاثین [ثَلَاثُونَ] شَاةً إِلَّا نَزَلَ الْمَلَائِكَةُ(4)

تَحْرُسُهُمْ حَتَّی یُصْبِحُوا(5).

«22»- وَ مِنْهُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ شَاةٌ عِیدِیَّةٌ(6) ارْتَحَلَ الْفَقْرُ عَنْهُ مَنْقَلَةً وَ مَنْ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ اثْنَتَانِ ارْتَحَلَ عَنْهُ الْفَقْرُ مَنْقَلَتَیْنِ وَ مَنْ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ ثَلَاثَةٌ نَفَی اللَّهُ عَنْهُمُ الْفَقْرَ(7).

بیان: عیدیة فی بعض النسخ بالیاء المثناة و كأن المراد نجیبة قال الفیروزآبادی العید بالكسر شجر جبلی و فحل معروف منه النجائب العیدیة أو نسبة إلی العیدی بن الندعی أو إلی عاد بن عاد أو إلی بنی عید بن الآمری (8) و فی

ص: 132


1- 1. فی الكافی: أهل بیت.
2- 2. المحاسن: 641 و 642.
3- 3. فروع الكافی 6: 544.
4- 4. فی المصدر: یروح علیهم ثلاثون شاة الا تنزل الملائكة.
5- 5. المحاسن: 642.
6- 6. فی نسخة: عبدیة.
7- 7. المحاسن: 642.
8- 8. القاموس: العود.

بعضها بالباء الموحدة قال فی القاموس بنو العبید بطن و هو عبدی كهذلی و قال العبدی نسبة إلی عبد القیس (1) و كأن شیاههم كانت أحسن و أكثر لبنا.

«23»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّهِیكِیِّ وَ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ أَبِی وَكِیعٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَلَیْكُمْ بِالْغَنَمِ وَ الْحَرْثِ فَإِنَّهُمَا یَغْدُوَانِ بِخَیْرٍ وَ یَرُوحَانِ بِخَیْرٍ(2).

بیان: كان الغدو و الرواح هنا كنایة عن دوام المنفعة و استمرارها(3)

إذ فی كثیر من الأزمان لا یعودان بخیر لا سیما فی الحرث.

«24»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ كَانَتْ فِی مَنْزِلِهِ شَاةٌ قَدَّسَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ فِی كُلِّ یَوْمٍ مَرَّةً وَ مَنْ كَانَتِ اثْنَتَیْنِ (4) قَدَّسَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ فِی كُلِّ یَوْمٍ مَرَّتَیْنِ وَ كَذَلِكَ فِی الثَّلَاثَةِ وَ یَقُولُ اللَّهُ بُورِكَ فِیكُمْ (5).

«25»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ یَكُونُ عِنْدَهُمْ شَاةٌ لَبُونٌ إِلَّا قُدِّسُوا كُلَّ یَوْمٍ مَرَّتَیْنِ قُلْتُ وَ كَیْفَ یُقَالُ لَهُمْ قَالَ یُقَالُ لَهُمْ بُورِكْتُمْ بُورِكْتُمْ (6).

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن ابن سنان عن ابن عجلان: مثله (7).

ص: 133


1- 1. القاموس: العبد.
2- 2. المحاسن: 643.
3- 3. فی نسخة: و استقرارها.
4- 4. فی المصدر: و من كان عنده اثنتان.
5- 5. المحاسن: 643.
6- 6. المحاسن: 643.
7- 7. الفروع 6: 544.

«26»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ لَهَا مَا لِی لَا أَرَی فِی بَیْتِكِ الْبَرَكَةَ قَالَتْ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِنَّ الْبَرَكَةَ لَفِی بَیْتِی فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ ثَلَاثَ بَرَكَاتٍ الْمَاءِ وَ النَّارِ وَ الشَّاةِ(1).

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن حماد: مثله (2).

بیان: إن البركة لفی بیتی أی بسبب وجودك و فی القاموس الْبَرَكَةُ محركة النماء و الزیادة و السعادة و بَارِكْ علی محمد و آل محمد أدم له ما أعطیته من التشریف و الكرامة و الْبِرْكَةُ بالكسر الشاة الحلوبة و الاثنان بِرْكَتَانِ و الجمع بِرْكَاتٌ انتهی (3) و بركة النار لعلها تحریص علی إیقادها للطبخ فی البیت فإنه یوجب البركة.

«27»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا(4).

«28»- وَ مِنْهُ، عَنِ النَّهِیكِیِّ وَ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی وَكِیعٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: وَ سُئِلَ (5) عَنِ الْإِبِلِ فَقَالَ تِلْكَ أَعْنَانُ الشَّیَاطِینِ وَ یَأْتِی خَیْرُهَا مِنَ الْجَانِبِ الْأَشْأَمِ قِیلَ إِنْ سَمِعَ النَّاسُ هَذَا تَرَكُوهَا قَالَ إِذاً لَا یَعْدَمَهَا الْأَشْقِیَاءُ الْفَجَرَةُ(6).

«29»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اشْتَرِ لِی جَمَلًا وَ لْیَكُنْ أَسْوَدَ فَإِنَّهَا أَطْوَلُ شَیْ ءٍ أَعْمَاراً ثُمَّ قَالَ لَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ كُنْهَ حُمْلَانِ اللَّهِ عَلَی

ص: 134


1- 1. المحاسن: 643.
2- 2. فروع الكافی 6: 545.
3- 3. القاموس: البركة.
4- 4. المحاسن: 635.
5- 5. فی المصدر: و قد سئل.
6- 6. المحاسن: 638.

الضَّعِیفِ مَا غَالَوْا بِبَهِیمَةٍ(1).

«30»- وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اشْتَرِ السُّودَ الْقِبَاحَ مِنْهَا فَإِنَّهَا أَطْوَلُ شَیْ ءٍ أَعْمَاراً(2).

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ خُذْهُ أَشْوَهَ فَإِنَّهُ أَطْوَلُ شَیْ ءٍ أَعْمَاراً فَاشْتَرَیْتُ لَهُ جَمَلًا بِثَمَانِینَ دِرْهَماً فَأَتَیْتُهُ بِهِ.

و فی حدیث آخر إلخ (3) بیان فی القاموس شاه وجهه شوها و شوهة قبح كشوه كفرح فهو أشوه و شوهه اللّٰه قبح وجهه و كمعظم القبیح الشكل (4).

«31»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حُسَیْنِ (5)

بْنِ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ قَالَ: اشْتَرَیْتُ إِبِلًا وَ أَنَا بِالْمَدِینَةِ مُقِیمٌ فَأَعْجَبَنِی إِعْجَاباً شَدِیداً فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَذَكَرْتُهُ فَقَالَ وَ مَا لَكَ وَ لِلْإِبِلِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهَا كَثِیرَةُ الْمَصَائِبِ قَالَ فَمِنْ إِعْجَابِی بِهَا أَكْرَیْتُهَا وَ بَعَثْتُ بِهَا غِلْمَانِی إِلَی الْكُوفَةِ قَالَ فَسَقَطَتْ كُلُّهَا فَدَخَلْتُ عَلَیْهِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ فَلْیَحْذَرِ(6) الَّذِینَ یُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِیبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (7).

الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ اشْتَرَیْتُ إِلَی قَوْلِهِ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام فَذَكَرْتُهَا لَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَبَعَثْتُ بِهَا مَعَ غِلْمَانٍ لِی إِلَی الْكُوفَةِ(8).

ص: 135


1- 1. المحاسن: 639.
2- 2. المحاسن: 639.
3- 3. فروع الكافی 6: 543.
4- 4. القاموس: شاه.
5- 5. فی المصدر: الحسین.
6- 6. النور: 63.
7- 7. المحاسن: 639.
8- 8. فروع الكافی 6: 543.

بیان: الاستشهاد بالآیة مبنی علی أن قوله قول اللّٰه و مخالفة أمره مخالفة لأمر اللّٰه.

«32»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ مُرْسَلًا عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُتَخَطَّی الْقِطَارُ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ لَیْسَ مِنْ قِطَارٍ إِلَّا وَ مَا بَیْنَ الْبَعِیرِ إِلَی الْبَعِیرِ شَیْطَانٌ (1).

«33»- وَ مِنْهُ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ وَ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام لَیَبْتَاعُ الرَّاحِلَةَ بِمِائَةِ دِینَارٍ وَ یُكْرِمُ بِهَا نَفْسَهُ (2).

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر: مثله (3).

بیان: یدل علی استحباب ركوب الدابة الفارهة و المغالاة فی ثمنها لإكرام النفس عند الناس.

«34»- الْبَصَائِرُ، وَ الْإِخْتِصَاصُ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ صُهْبَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَ هِیَ غَزْوَةُ بَنِی ثَعْلَبَةَ(4) مِنْ غَطَفَانَ أَقْبَلَ حَتَّی إِذَا كَانَ قَرِیباً مِنَ الْمَدِینَةِ إِذَا بَعِیرٌ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ قِبَلِ الْبُیُوتِ حَتَّی انْتَهَی (5) إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَضَعَ جِرَانَهُ إِلَی الْأَرْضِ ثُمَّ جَرْجَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ تَدْرُونَ مَا یَقُولُ هَذَا الْبَعِیرُ فَقَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِی أَنَّ صَاحِبَهُ عَمِلَ

ص: 136


1- 1. المحاسن: 639 و رواه الكلینی فی الفروع 6: 543 و لم یذكر: عن أبیه.
2- 2. المحاسن: 639.
3- 3. فروع الكافی 6: 542.
4- 4. فی المصدر:« بنی ثعلبة» و هو الصحیح و هم بنو ثعلبة بن سعد بن قیس غزاهم رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله سنة الرابع من الهجرة.
5- 5. ما نقله المصنّف من الحدیث یوافق الفاظ الاختصاص، و اما البصائر فیخالفه فی الفاظ ففیه:« إذا بعیر یرقل حتّی انتهی» و فیه: ثم خرخر.

عَلَیْهِ حَتَّی إِذَا أَكْبَرَهُ وَ أَدْبَرَهُ وَ أَهْزَلَهُ أَرَادَ نَحْرَهُ وَ بَیْعَ لَحْمِهِ (1) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَابِرُ اذْهَبْ بِهِ إِلَی صَاحِبِهِ وَ ائْتِنِی بِهِ فَقُلْتُ لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهُ فَقَالَ هُوَ یَدُلُّكَ عَلَیْهِ قَالَ فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی بَنِی وَاقِفٍ فَدَخَلَ فِی زُقَاقٍ فَإِذَا أَنَا بِمَجْلِسٍ فَقَالُوا یَا جَابِرُ كَیْفَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَیْفَ تَرَكْتَ الْمُسْلِمِینَ قُلْتُ هُمُ الصَّالِحُونَ وَ لَكِنْ أَیُّكُمْ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِیرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَا فَقُلْتُ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا لِی قُلْتُ اسْتَعْدَی عَلَیْكَ بَعِیرُكَ فَجِئْتُ أَنَا وَ الْبَعِیرُ وَ صَاحِبُهُ (2) إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ بَعِیرَكَ یُخْبِرُنِی أَنَّكَ عَمِلْتَ عَلَیْهِ حَتَّی إِذَا أَكْبَرْتَهُ وَ أَدْبَرْتَهُ وَ أَهْزَلْتَهُ أَرَدْتَ نَحْرَهُ وَ بَیْعَ لَحْمِهِ فَقَالَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَبِعْنِیهِ (3) قَالَ هُوَ لَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله بَلْ (4) بِعْنِیهِ فَاشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَی صَفْحَتِهِ فَتَرَكَهُ یَرْعَی فِی ضَوَاحِی الْمَدِینَةِ فَكَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا أَرَادَ الرَّوْحَةَ أَوِ الْغَدْوَةَ مَنَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ جَابِرٌ رَأَیْتُهُ بَعْدُ وَ قَدْ ذَهَبَ دَبَرُهُ وَ صَلُحَ (5).

بیان: أكبره أی جعله كبیرا فی السن مجازا أو وجده كبیرا و أدبره أی جعله ذا دبر و هو بالتحریك قرحة الدابة و ضواحی المدینة نواحیها و فی القاموس منحه كمنعه و ضربه أعطاه و الاسم المنحة بالكسر و منحه الناقة جعل له وبرها و لبنها و ولدها و هی المنحة و المنیحة.

«35»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ وَ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام جَاءَتْ نَاقَةٌ لَهُ مِنَ الرَّعْیِ حَتَّی ضَرَبَتْ بِجِرَانِهَا الْقَبْرَ

ص: 137


1- 1. فی البصائر: اراد ان ینحره و یبیع لحمه.
2- 2. فی البصائر: فجئت انا و هو و البعیر الی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- 3. فی البصائر: بعه منی قال: بل هو.
4- 4. فی البصائر: بل بعه منی.
5- 5. بصائر الدرجات: 101 لم یذكر فیه:( و صلح) الاختصاص: 299 و 300.

وَ تَمَرَّغَتْ عَلَیْهِ إِنَّ أَبِی كَانَ یَحُجُّ عَلَیْهَا وَ یَعْتَمِرُ وَ لَمْ یَقْرَعْهَا قَرْعَةً قَطُّ(1).

«36»- أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ أَصْحَابِنَا عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الشَّاةُ الْمُنْتَجَةُ(2) بَرَكَةٌ(3).

«37»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْجُعْفِیِّ وَ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عَمْرٍو وَ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ أَبِی الدَّیْلَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حَمَلَ نُوحٌ علیه السلام فِی السَّفِینَةِ الْأَزْوَاجَ الثَّمَانِیَةَ الَّتِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ ثَمانِیَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَیْنِ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِ (4) فَكَانَ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَیْنِ زَوْجٌ دَاجِنَةٌ یُرَبِّیهَا النَّاسُ وَ الزَّوْجُ الْآخَرُ الضَّأْنُ الَّتِی تَكُونُ فِی الْجِبَالِ الْوَحْشِیَّةِ أُحِلَّ لَهُمْ صَیْدُهَا وَ مِنَ الْمَعْزِ اثْنَیْنِ زَوْجٌ دَاجِنَةٌ یُرَبِّیهَا النَّاسُ وَ الزَّوْجُ الْآخَرُ الظِّبَاءُ(5) الَّتِی تَكُونُ فِی الْمَفَاوِزِ وَ مِنَ الْإِبِلِ اثْنَیْنِ الْبَخَاتِیُّ وَ الْعِرَابُ وَ مِنَ الْبَقَرِ اثْنَیْنِ زَوْجٌ دَاجِنَةٌ لِلنَّاسِ وَ الزَّوْجُ الْآخَرُ الْبَقَرَةُ الْوَحْشِیَّةُ وَ كُلُّ طَیْرٍ طَیِّبٍ وَحْشِیٍّ وَ إِنْسِیٍّ ثُمَّ غَرِقَتِ الْأَرْضُ (6).

«38»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِیَّاكُمْ وَ الْإِبِلَ الْحُمْرَ فَإِنَّهَا أَقْصَرُ الْإِبِلِ أَعْمَاراً(7).

ص: 138


1- 1. الاختصاص: 301 و رواه الصفار فی البصائر: 103 بإسناده عن أحمد بن محمّد عن البرقی و إبراهیم بن هاشم عن ابن أبی عمیر.
2- 2. فی نسخة: المنیحة.
3- 3. لم نجد ذلك الأصل.
4- 4. الأنعام: 143 و 144.
5- 5. فی المصدر: الظبی.
6- 6. روضة الكافی: 283 و 284.
7- 7. فروع الكافی 6: 543 و 544.

الْمَكَارِمُ، مُرْسَلًا عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: مِثْلَهُ (1).

«39»- الْكَافِی، عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ كُنْهَ حُمْلَانِ اللَّهِ لِلضَّعِیفِ مَا غَالَوْا بِبَهِیمَةٍ(2).

بیان: فی النهایة كنه الأمر حقیقته و قیل وقته و قدره و قیل غایته (3).

و قال قال أبو موسی أرسلنی أصحابی إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أسأله الحملان الحملان مصدر حمل یحمل حملانا و ذلك أنهم أنفذوه (4) یطلب منه شیئا یركبون علیه و منه تمام الحدیث

قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ أَرَادَ إِفْرَادَهُ تَعَالَی بِالْمَنِّ عَلَیْهِمْ وَ قِیلَ لَمَّا سَاقَ اللَّهُ إِلَیْهِ هَذِهِ الْإِبِلَ وَقْتَ حَاجَتِهِمْ كَانَ هُوَ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَیْهَا وَ قِیلَ كَانَ نَاسِیاً لِیَمِینِهِ أَنَّهُ لَا یَحْمِلُهُمْ فَلَمَّا أَمَرَ لَهُمْ بِالْإِبِلِ قَالَ مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ كَمَا قَالَ لِلصَّائِمِ الَّذِی أَفْطَرَ نَاسِیاً اللَّهُ أَطْعَمَكَ وَ سَقَاكَ.

انتهی (5)

و الحاصل هنا أنه تعالی لما كان هو المقوی للضعیف لحمل الثقیل نسب الحمل إلیه سبحانه.

«40»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ عَلَی ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِیرٍ شَیْطَاناً فَامْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ وَ ذَلِّلُوهَا وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّمَا یَحْمِلُ اللَّهُ (6).

بیان: فامتهنوها أی ابتذلوها و استخدموها.

ص: 139


1- 1. مكارم الأخلاق: 138.
2- 2. فروع الكافی 6: 542.
3- 3. النهایة 4: 38.
4- 4. فی المصدر: أرسلوه.
5- 5. النهایة 1: 295.
6- 6. فروع الكافی 4: 542.

«41»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَوْ یَعْلَمُ الْحَاجُّ مَا لَهُ مِنَ الْحُمْلَانِ مَا غَالَی أَحَدٌ بِبَعِیرٍ(1).

«42»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ شَیْئاً اخْتَارَ مِنَ الْإِبِلِ النَّاقَةَ وَ مِنَ الْغَنَمِ الضَّائِنَةَ(2).

بیان: فی القاموس الضائن خلاف الماعز من الغنم و الجمع ضأن و یحرك و كأمیر و هی ضائنة و الجمع ضوائن (3).

«43»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی وَصْفِ حَمَلَةِ الْكُرْسِیِّ أَحَدُهَا فِی صُورَةِ الثَّوْرِ(4)

وَ هُوَ سَیِّدُ الْبَهَائِمِ وَ لَمْ یَكُنْ فِی هَذِهِ الصُّوَرِ أَحْسَنُ مِنَ الثَّوْرِ وَ لَا أَشَدُّ انْتِصَاباً مِنْهُ حَتَّی

اتَّخَذَ الْمَلَأُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ الْعِجْلَ فَلَمَّا عَكَفُوا عَلَیْهِ وَ عَبَدُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَفَضَ الْمَلَكُ الَّذِی فِی صُورَةِ الثَّوْرِ رَأْسَهُ اسْتِحْیَاءً مِنَ اللَّهِ أَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شَیْ ءٌ یُشْبِهُهُ وَ تَخَوَّفَ (5) أَنْ یَنْزِلَ بِهِ الْعَذَابُ الْخَبَرَ(6).

«44»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِیٍّ الْبَصْرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ حَمَّادٍ النَّهَاوَنْدِیِ

ص: 140


1- 1. فروع الكافی: 542.
2- 2. فروع الكافی 6: 544.
3- 3. القاموس: الضائن.
4- 4. صدر الحدیث هكذا: ان علیّا علیه السلام سئل عن قول اللّٰه عزّ و جلّ:« وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ» قال: السماوات و الأرض و ما فیهما من مخلوق فی جوف الكرسیّ و له أربعة املاك یحملونه باذن اللّٰه، فاما ملك منهم فی صورة الآدمیین و هی اكرم الصور علی اللّٰه و هو یدعو اللّٰه و یتضرع إلیه و یطلب الشفاعة و الرزق لبنی آدم، و الملك الثانی فی صورة الثور و هو سید البهائم« إلی أن قال:» و لم یكن.
5- 5. فی المصدر: من دون اللّٰه ما یشبهه و یخاف.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 75 و 76 و قد اسقط المصنّف من وسط الحدیث و آخره جملة.

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْتَثْنَی (1)

عَنْ مُوسَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ شُرَیْحٍ الْكِنْدِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَیُّوبَ عَنْ جَمِیلِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَكْرِمُوا الْبَقَرَ فَإِنَّهَا سَیِّدُ الْبَهَائِمِ مَا رَفَعَتْ طَرْفَهَا إِلَی السَّمَاءِ حَیَاءً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُنْذُ عُبِدَ الْعِجْلُ (2).

«45»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِیٍّ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا(3) عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّهُ سَأَلَ (4) رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الثَّوْرِ مَا بَالُهُ غَاضٌّ طَرْفَهُ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ قَالَ حَیَاءً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا عَبَدَ قَوْمُ مُوسَی الْعِجْلَ نَكَسَ رَأْسَهُ وَ سَأَلَهُ مَا بَالُ الْمَاعِزِ مُفَرْقَعَةُ الذَّنَبِ بَادِیَةُ الْحَیَاءِ وَ الْعَوْرَةِ فَقَالَ لِأَنَّ الْمَاعِزَ عَصَتْ نُوحاً علیه السلام لَمَّا أُدْخِلَتِ (5)

السَّفِینَةَ فَدَفَعَهَا فَكَسَرَ ذَنَبَهَا وَ النَّعْجَةُ مَسْتُورَةُ الْحَیَاءِ وَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ النَّعْجَةَ بَادَرَتْ بِالدُّخُولِ إِلَی السَّفِینَةِ فَمَسَحَ نُوحٌ علیه السلام یَدَهُ عَلَی حَیَائِهَا وَ ذَنَبِهَا فَاسْتَوَتِ الْأَلْیَةُ(6).

بیان: تدل هذه الأخبار علی أن الثور لم یكن قبل عبادة بنی إسرائیل العجل علی هذه الخلقة و لا استبعاد فیه و یمكن أن یقال المراد لما علم اللّٰه أنه سیعبد علی هذه الخلقة و كذا القول فی الماعز و النعجة و لكنه بعید.

«46»- الْمَجَازَاتُ النَّبَوِیَّةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ الْإِبِلِ فَقَالَ

ص: 141


1- 1. فی المصدر:« الستیتی» و ذكر اختلاف النسخ فی هامشه راجع.
2- 2. علل الشرائع 2: 180( طبعة قم).
3- 3. فی المصدر: عن أبیه عن آبائه عن علیّ بن أبی طالب علیه السلام.
4- 4. فی العلل: انه سأله.
5- 5. فی المصدر: لما ادخلها.
6- 6. علل الشرائع 2: 180 و 181 عیون الأخبار: 134 و 136 فیه: فاسترت بالالیة.

أَعْنَانُ الشَّیَاطِینِ لَا تُقْبِلُ إِلَّا مُوَلِّیَةً وَ لَا تُدْبِرُ إِلَّا مُوَلِّیَةً وَ لَا یَأْتِی نَفْعُهَا إِلَّا مِنْ جَانِبِهَا الْأَشْأَمِ.

قال السید الرضی رضی اللّٰه عنه فقوله أعنان الشیاطین مجاز و الأعنان النواحی و قال بعضهم الصحیح أن عنان الشی ء نواحیه فالأول قول البصریین و الثانی قول الكوفیین و المراد علی القولین المبالغة فی وصف الإبل بأخلاق السیئة و الطباع المستعصیة فكأن الشیاطین تنهاها و تأمرها(1) و مما یؤید ذلك قوله صلی اللّٰه علیه و آله الإبل خلقت من الشیاطین و قوله إن علی ذروة كل بعیر شیطانا ثم ذكر نحوا مما مر من كلام الزمخشری (2).

«47»- الْمَجَازَاتُ، قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا الْإِبِلَ فَإِنَّهَا رَقُوءُ الدَّمِ.

و إنما المراد أنها إذا أعطیت فی الدیات كانت سببا لانقطاع الدماء المطلولة(3)

و الثارات المطلوبة فشبه علیه السلام تلك الحال بالعرق العائذ(4)

و الدم السائل الذی إذا ترك لج و استنثر الدم و إذا عولج انقطع و رقأ و یروی فإن فیها رقوء الدم (5).

«48»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ 17 زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: امْتَنَعَتْ (6) عَلَی نُوحٍ الْمَاعِزَةُ أَنْ تَدْخُلَ السَّفِینَةَ فَدَفَعَهَا فِی ذَنَبِهَا فَمِنْ ثَمَّ انْكَسَرَ ذَنَبُهَا فَصَارَ مَعْقُوفاً وَ بَدَا حَیَاؤُهَا وَ مَضَتِ النَّعْجَةُ حَتَّی دَخَلَتْ فَمَسَحَ عَلَی ذَنَبِهَا فَسَتَرَ حَیَاءَهَا(7).

بیان: عقفه كضربه عطفه و الحیاء الفرج من ذوات الخف و الظلف و السباع.

ص: 142


1- 1. فی المصدر: فكان الشیاطین تختلها و تنفرها و تنهاها و تأمرها.
2- 2. المجازات النبویّة: 290( طبعة القاهرة).
3- 3. المطلولة: المسفوكة المراقة.
4- 4. العرق العائذ: السائل الذی لا ینقطع.
5- 5. المجازات النبویّة: 327.
6- 6. فی المصدر: استصعبت.
7- 7. الدّر المنثور 3: 329 و 330.

«49»- الدَّلَائِلُ لِلطَّبَرِیِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْكَرْخِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی مَكَّةَ فَبَلَغْنَا الْأَبْوَاءَ فَإِذَا غَنَمٌ وَ نَعْجَةٌ قَدْ تَخَلَّفَتْ عَنِ الْقَطِیعِ وَ هِیَ تَثْغُو ثُغَاءً شَدِیداً وَ تَلْتَفِتُ إِلَی سَخْلَتِهَا تَثْغُو وَ تَشْتَدُّ فِی طَلَبِهَا فَكُلَّمَا قَامَتِ السَّخْلَةُ(1) ثَغَتِ النَّعْجَةُ فَتَتْبَعُهَا السَّخْلَةُ فَقَالَ یَا أَبَا بَصِیرٍ تَدْرِی مَا تَقُولُ النَّعْجَةُ لِسَخْلَتِهَا فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی فَقَالَ إِنَّهَا تَقُولُ الْحَقِی بِالْغَنَمِ فَإِنَّ أُخْتَكَ عَامَ أَوَّلٍ تَخَلَّفَتْ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَكَلَهَا الذِّئْبُ (2).

باب 3 البحیرة و أخواتها

الآیات:

المائدة: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِیلَةٍ وَ لا حامٍ وَ لكِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا یَفْتَرُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ وَ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ

تفسیر:

ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ قال الطبرسی رحمه اللّٰه یرید ما حرمها علی ما حرمها أهل الجاهلیة و لا أمر بها و البحیرة هی الناقة التی كانت إذا نتجت خمسة أبطن و كان آخرها ذكرا بحروا أذنها و امتنعوا من ركوبها و نحرها و لا تطرد عن ماء و لا تمنع من مرعی فإذا لقیها المعیی لم یركبها عن الزجاج و قیل إنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن نظروا فی البطن الخامس فإن كان ذكرا نحروه فأكله الرجال و النساء جمیعا و إن كانت أنثی شقوا أذنها فتلك البحیرة ثم لا یجز لها وبر و لا یذكر علیها اسم اللّٰه إن ذكیت و لا یحمل علیها و حرم علی النساء أن

ص: 143


1- 1. فی المصدر: فكلما لعبت السخلة.
2- 2. دلائل الإمامة: 88:

یذقن من لبنها شیئا و لا أن ینتفعن بها و كان لبنها و منافعها للرجال خاصة دون النساء حتی تموت فإذا ماتت اشترك الرجال و النساء فی أكلها عن ابن عباس و قیل إن البحیرة بنت السائبة عن محمد بن إسحاق وَ لا سائِبَةٍ و هی ما كانوا یسیبونها فإن الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو لبرء من علة و ما أشبه ذلك فقال ناقتی سائبة فكانت كالبحیرة فی أن لا ینتفع بها و أن لا تخلأ عن ماء و لا تمنع من رعی عن الزجاج و علقمة(1).

و قیل هی التی تسیب للأصنام أی تعتق لها و كان الرجل یسیب من ماله ما یشاء فیجی ء به إلی السدنة و هم خدمة آلهتهم فیطعمون من لبنها أبناء السبیل و نحو ذلك عن ابن عباس و ابن مسعود و قیل إن السائبة هی الناقة إذا تابعت بین عشر إناث لیس فیهن ذكر سیبت فلم یركبوها و لم یجزوا وبرها و لا یشرب لبنها(2) إلا ضیف فما نتجت بعد ذلك من أنثی شق أذنها ثم یخلی سبیلها مع أمها و هی البحیرة عن محمد بن إسحاق وَ لا وَصِیلَةٍ و هی فی الغنم كانت الشاة إذا ولدت أنثی فهی لهم و إذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم فإن ولدت ذكرا و أنثی قالوا وصلت أخاها فلم یذبحوا الذكر لآلهتهم عن الزجاج و قیل كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإن كان السابع جدیا ذبحوه لآلهتهم و لحمه للرجال دون النساء و إن كان عناقا استحیوها و كانت من عرض الغنم و إن ولدت فی البطن السابع جدیا و عناقا قالوا إن الأخت وصلت أخاها محرمة علینا(3)

فحرما جمیعا و كانت المنفعة و اللبن للرجال دون النساء عن ابن مسعود و مقاتل و قیل الوصیلة الشاة إذا أتأمت عشر إناث فی خمسة أبطن لیس فیها ذكر جعلت وصیلة فقالوا قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإناث عن محمد بن إسحاق وَ لا حامٍ و هو الذكر من الإبل كانت العرب إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا قد حمی

ص: 144


1- 1. فی المصدر: عن الزجاج و هو قول علقمة.
2- 2. فی المصدر: و لم یشرب لبنها.
3- 3. فی المصدر: فحرمته علینا.

ظهره فلا یحمل علیه و لا یمنع من ماء و لا من مرعی عن ابن عباس و ابن مسعود و غیرهما و قیل إنه الفحل إذا لقح ولد ولده قیل حمی ظهره فلا یركب عن الفراء.

أعلم اللّٰه أنه لم یحرم من هذه الأشیاء شیئا قال المفسرون

رَوَی ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَیِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ كَانَ قَدْ مَلَكَ مَكَّةَ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَیَّرَ دِینَ إِسْمَاعِیلَ فَاتَّخَذَ الْأَصْنَامَ وَ نَصَبَ الْأَوْثَانَ وَ بَحَرَ الْبَحِیرَةَ وَ سَیَّبَ السَّائِبَةَ وَ وَصَلَ الْوَصِیلَةَ وَ حَمَی الْحَامِیَ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: فَلَقَدْ رَأَیْتُهُ فِی النَّارِ تُؤْذِی أَهْلَ النَّارِ رِیحُ قُصْبِهِ.

و یروی یجر قصبه فی النار وَ لكِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا یَفْتَرُونَ عَلَی اللَّهِ الْكَذِبَ أی یكذبون علی اللّٰه بادعائهم أن هذه الأشیاء من فعل اللّٰه أو أمره وَ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ خص الأكثر بأنهم لا یعقلون لأنهم أتباع فهم لا یعقلون أن ذلك كذب و افتراء كما یعقله الرؤساء و قیل إن معناه أن أكثرهم لا یعقلون ما حرم علیهم و ما حلل لهم یعنی أن المعاند هو الأقل منهم (1).

«1»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِیلَةٍ وَ لا حامٍ (2) قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِیَّةِ كَانَ إِذَا وَلَدَتِ النَّاقَةُ وَلَدَیْنِ فِی بَطْنٍ وَاحِدٍ قَالُوا وَصَلَتْ فَلَا یَسْتَحِلُّونَ ذَبْحَهَا وَ لَا أَكْلَهَا وَ إِذَا وَلَدَتْ عَشْراً جَعَلُوهَا سَائِبَةً وَ لَا یَسْتَحِلُّونَ ظَهْرَهَا وَ أَكْلَهَا وَ الْحَامُ فَحْلُ الْإِبِلِ لَمْ یَكُونُوا یَسْتَحِلُّونَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ یُحَرِّمُ شَیْئاً مِنْ ذَا(3).

العیاشی، عن محمد بن مسلم: مثله (4).

ص: 145


1- 1. مجمع البیان 3: 252 و 253.
2- 2. المائدة: 103.
3- 3. معانی الأخبار: 148 فیه: من ذلك.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 1: 347 فیه: ان اللّٰه لم یحرم شیئا من هذا.

«2»- الْمَعَانِی، وَ قَدْ رُوِیَ: أَنَّ الْبَحِیرَةَ النَّاقَةُ إِذَا نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ فَإِنْ كَانَ الْخَامِسُ ذَكَراً نَحَرُوهُ فَأَكَلَهُ الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ وَ إِنْ كَانَ الْخَامِسُ أُنْثَی بَحَرُوا أُذُنَهَا أَیْ شَقُّوهُ وَ كَانَتْ حَرَاماً عَلَی النِّسَاءِ وَ الرِّجَالِ لَحْمُهَا وَ لَبَنُهَا فَإِذَا مَاتَتْ حَلَّتْ لِلنِّسَاءِ وَ السَّائِبَةُ الْبَعِیرَةُ یُسَیَّبُ بِنَذْرٍ یَكُونُ عَلَی الرِّجَالِ إِنْ سَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مَرَضٍ أَوْ بَلَّغَهُ مَنْزِلَهُ أَنْ یَفْعَلَ ذَلِكَ وَ الْوَصِیلَةُ مِنَ الْغَنَمِ كَانَ إِذَا وَلَدَتِ الشَّاةُ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ فَإِنْ كَانَ السَّابِعُ ذَكَراً ذُبِحَ وَ أَكَلَ مِنْهُ الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ وَ إِنْ كَانَتْ أُنْثَی تُرِكَتْ فِی الْغَنَمِ وَ إِنْ كَانَ ذَكَراً وَ أُنْثَی قَالُوا وَصَلَتْ أَخَاهَا فَلَمْ تُذْبَحْ وَ كَانَ لُحُومُهَا حَرَاماً عَلَی النِّسَاءِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ یَمُوتُ مِنْهَا شَیْ ءٌ فَیَحِلُّ أَكْلُهَا لِلرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ الْحَامُ

الْفَحْلُ إِذَا رُكِبَ وَلَدُ وَلَدِهِ قَالُوا حَمَی ظَهْرَهُ وَ قَدْ یُرْوَی أَنَّ الْحَامَ هُوَ مِنَ الْإِبِلِ إِذَا نُتِجَ عَشَرَةَ أَبْطُنٍ قَالُوا قَدْ حَمَی ظَهْرَهُ فَلَا یُرْكَبُ وَ لَا یُمْنَعُ مِنْ كَلَإٍ وَ لَا مَاءٍ(1).

«3»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِی الْأَحْوَصِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الْبَحِیرَةُ إِذَا وَلَدَتْ [وَ] وَلَدَ وَلَدُهَا بُحِرَتْ (2).

تفسیر علی بن إبراهیم، و أما قوله ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِیلَةٍ وَ لا حامٍ فإن البحیرة كانت إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ففی السادسة قالت العرب قد بحرت فجعلوها للصنم و لا تمنع ماء و لا مرعی و الوصیلة إذا وضعت الشاة خمسة أبطن ثم وضعت فی السادسة جدیا و عناقا فی بطن واحد جعلوا الأنثی للصنم و قالوا وصلت أخاها و حرموا لحمها علی النساء و الحام كان إذا كان الفحل من الإبل جد الجد قالوا حمی ظهره و سموه حام فلا یركب و لا یمنع ماء و لا مرعی و لا یحمل علیه شی ء فرد اللّٰه علیهم فقال ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَةٍ إلی قوله وَ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ (3).

ص: 146


1- 1. معانی الأخبار: 148.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 348.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 175.

باب 4 نادر فی ركوب الزوامل و الجلالات

«1»- الْمَكَارِمُ،: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْإِبِلِ الْجَلَّالَةِ أَنْ یُؤْكَلَ لُحُومُهَا وَ أَنْ یُشْرَبَ لَبَنُهَا وَ لَا یُحْمَلُ عَلَیْهَا الْأُدْمُ وَ لَا یَرْكَبُهَا النَّاسُ حَتَّی تَعَلَّفَتْ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً(1).

بیان: سیأتی حكم أكل لحوم الجلالات و شرب ألبانها و أما النهی عن ركوبها و الحمل علیها فكأنه علی الكراهیة و إنما ذكر الأصحاب كراهة الحج علی الإبل الجلالة قال فی المنتهی یكره الحج و العمرة علی الإبل الجلالات و هی التی تتغذی بعذرة الإنسان خاصة لأنها محرمة فیكره الحج علیها و یدل علیه

مَا رَوَاهُ الشَّیْخُ (2) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: یُكْرَهُ الْحَجُّ وَ الْعُمْرَةُ عَلَی الْإِبِلِ الْجَلَّالاتِ.

«2»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ رَكِبَ زَامِلَةً ثُمَّ وَقَعَ مِنْهَا فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ(3).

الفقیه، بإسناده عن محمد بن سنان: مثله (4).

قال الصدوق رحمه اللّٰه فیهما معنی ذلك أن الناس كانوا یركبون الزوامل فإذا أراد أحدهم النزول وقع من زاملته من غیر أن یتعلق بشی ء من الرحل فنهوا عن

ص: 147


1- 1. مكارم الأخلاق: 138.
2- 2. رواه الشیخ فی التهذیب ج 1: 572 و الكلینی فی الكافی 1: 313. و الصدوق فی من لا یحضره الفقیه 2: 307.
3- 3. معانی الأخبار: 223 طبعة الغفاری.
4- 4. من لا یحضره الفقیه 2: 309.

ذلك لئلا یسقط أحدهم متعمدا فیموت فیكون قاتل نفسه و یستوجب بذلك دخول النار و لیس هذا الحدیث ینهی عن ركوب الزوامل و إنما هو نهی عن الوقوع منها من غیر أن یتعلق بالرحل و الحدیث الذی روی أن من ركب زاملة فلیوص فلیس ذلك أیضا بنهی عن ركوب الزاملة إنما هو الأمر بالوصیة كما قیل من خرج فی حج أو جهاد فلیوص و لیس ذلك بنهی عن الحج و الجهاد و ما كان الناس یركبون إلا الزوامل و إنما المحامل محدثة لم تعرف فیما مضی (1).

بیان: فی النهایة الزاملة البعیر الذی یحمل علیه الطعام و المتاع كأنه فاعلة من الزمل الحمل.

و قال الوالد قدس سره الظاهر كراهة الركوب علیها مع القدرة علی غیرها لما فیه من التعرض للضرر غالبا كما هو شائع أنه قلما یركبها أحد و لم یسقط منها و ذكر بعضهم أن وجه النهی أنه استأجرها لحمل المتاع فلا یجوز الركوب علیها بغیر رضی المكاری لكن یأباه الخبر الثانی و الظاهر أن المراد به الجمال الصعبة التی لم تذلل بعد و قوله رحمه اللّٰه إنما المحامل محدثة لعله أراد أن شیوعها محدثة و إن كان فیه أیضا كلام إذ ذكر المحمل فی الأخبار كثیر.

ص: 148


1- 1. معانی الأخبار: 223( طبعة الغفاری).

باب 5 آداب الحلب و الرعی و فیه بعض النوادر

«1»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الزَّنْجَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِی عُبَیْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ رَفَعَهُ: أَنَّ رَجُلًا حَلَبَ عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله نَاقَةً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله دَعْ دَاعِیَ اللَّبَنِ یَقُولُ أَبْقِ فِی الضَّرْعِ شَیْئاً لَا تَسْتَوْعِبْهُ كُلَّهُ فِی الْحَلْبِ فَإِنَّ الَّذِی تُبْقِیهِ بِهِ یَدْعُو مَا فَوْقَهُ مِنَ اللَّبَنِ وَ یُنْزِلُهُ (1) وَ إِذَا اسْتَقْصَی كُلَّ مَا فِی الضَّرْعِ أَبْطَأَ عَلَیْهِ الدَّرُّ بَعْدَ ذَلِكَ (2).

بیان: قال فی النهایة فیه أنه أمر ضرار بن الأزور أن یحلب له ناقة و قال له دع داعی اللبن لا تجهده أی أبق فی الضرع قلیلا من اللبن (3) و ذكر نحو ذلك.

و فی المجازات النبویة و من ذلك قوله علیه السلام لرجل حلب ناقة دع داعی اللبن قال السید هذه استعارة و المراد أمره أن یبقی فی خلف الناقة(4) شیئا من لبنها من غیر أن یستفرغ جمیعه لأن ما یبقی منه یستنزل عفافتها(5) و یستجم درتها فكأنه یدعو بقیة اللبن إلیه و یكون كالمثابة له و إذا استنفذ الحالب ما فی الخلف أبطأ غزره (6) و قلص دره (7).

ص: 149


1- 1. فی نسخة من المصدر: و یدر له.
2- 2. معانی الأخبار: 284.
3- 3. النهایة 2: 25.
4- 4. خلف الناقة بكسر الحاء و سكون اللام: ثدیها.
5- 5. العفافة: بقیة اللبن فی الضرع بعد ما حلب أكثره و یستجم درتها ای یكثر ادرارها و انزالها اللبن.
6- 6. الغزر: الكثرة، و قلص: قل، و الدر: نزول اللبن فی الضرع.
7- 7. المجازات النبویّة: 250 طبعة القاهرة.

«2»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: نَظِّفُوا مَرَابِضَ (1)

الْغَنَمِ وَ امْسَحُوا رُغَامَهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ(2).

«3»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ رَفَعَهُ (3)

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: امْسَحُوا رُغَامَ الْغَنَمِ وَ صَلُّوا فِی مُرَاحِهَا فَإِنَّهَا دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ.

قال الرغام ما یخرج من أنوفها(4).

«4»- الْكَافِی، عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عُبَیْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: نَظِّفُوا مَرَابِضَهَا وَ امْسَحُوا رُغَامَهَا(5).

توضیح: الرغام بالضم التراب و لعل المعنی مسح التراب عنها و تنظیفها و فی بعض نسخ المحاسن بالعین المهملة و هو المناسب لما فسره به البرقی لكن أكثر نسخ الكافی بالمعجمة و هذا التفسیر و الاختلاف موجودان فی روایات العامة أیضا قال الجزری فی الراء مع العین المهملة فیه صلوا فی مراح الغنم و امسحوا رعامها الرعام ما یسیل من أنوفها(6) ثم قال فی الراء مع الغین المعجمة فی حدیث أبی هریرة صل فی مراح الغنم و امسح الرغام عنها كذا رواه بعضهم بالغین المعجمة و قال إنه ما یسیل من الأنف بالمشهور فیه و المروی بالعین المهملة و یجوز أن یكون أراد مسح التراب عنها رعایة لها و إصلاحا لشأنها انتهی (7).

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ

ص: 150


1- 1. المرابض جمع المربض: مأوی الغنم.
2- 2. المحاسن: 641.
3- 3. فی المصدر: قال: قال.
4- 4. المحاسن: 642.
5- 5. فروع الكافی 6: 544.
6- 6. النهایة 2: 92 و 93.
7- 7. النهایة 2: 95.

هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ كَیْفَ كَانَ یَعْلَمُ قَوْمُ لُوطٍ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ لُوطاً رِجَالٌ فَقَالَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ تَخْرُجُ فَتُصَفِّرُ فَإِذَا سَمِعُوا التَّصْفِیرَ جَاءُوا فَلِذَلِكَ كُرِهَ التَّصْفِیرُ(1).

«6»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: لَا تُصَفِّرْ بِغَنَمِكَ ذَاهِبَةً وَ انْعِقْ بِهَا رَاجِعَةً(2).

بیان: لا تصفر من الصفیر و هو الصوت المعروف قال فی القاموس الصفیر بلا هاء من الأصوات و قد صفر یصفر صفیرا و صفر بالحمار دعاه للماء(3) و قال نعق بغنمه كمنع و ضرب نعقا و نعیقا و نعاقا و نعقانا صاح بها و زجرها انتهی (4).

و یدل علی مرجوحیة الصفیر للغنم و قد مر فی باب الطیرة و العدوی ما یدل علی بعض الوجوه علی النهی عن الصفیر و علی جواز خلط الدابة الجرباء بغیرها و عدم الإِعداء.

ص: 151


1- 1. علل الشرائع 2: 250.
2- 2. المحاسن: 642.
3- 3. القاموس: الصفرة، و فیه: دعاه الی الماء.
4- 4. القاموس: نعق.

باب 6 علل تسمیة الدواب و بدء خلقها

«1»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلَّانٍ (1)

بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی جَوَابِ مَا سَأَلَ الْیَهُودِیُّ إِنَّمَا قِیلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْخَیْلَ قَابِیلُ یَوْمَ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِیلَ وَ أَنْشَأَ یَقُولُ

أَجِدِ الْیَوْمَ وَ مَا***تَرَكَ النَّاسُ دَماً

فَقِیلَ لِلْفَرَسِ إِجِدْ لِذَلِكَ وَ إِنَّمَا قِیلَ لِلْبَغْلِ عَدْ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْبَغْلَ آدَمُ علیه السلام وَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ ابْنٌ یُقَالُ لَهُ مَعَدٌ وَ كَانَ عَشُوقاً لِلدَّوَابِّ وَ كَانَ یَسُوقُ بِآدَمَ علیه السلام فَإِذَا تَقَاعَسَ الْبَغْلُ نَادَی یَا مَعَدُ سُقْهَا فَأَلِفَتِ الْبَغْلَةُ اسْمَ مَعَدٍ فَتَرَكَ النَّاسُ مَعَدَ(2)

وَ قَالُوا عَدْ وَ إِنَّمَا قِیلَ لِلْحِمَارِ

حَرِّ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْحِمَارَ حَوَّاءُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَهَا حِمَارَةٌ وَ كَانَتْ تَرْكَبُهَا لِزِیَارَةِ قَبْرِ وَلَدِهَا هَابِیلَ فَكَانَتْ تَقُولُ فِی مَسِیرِهَا وَا حَرَّاهْ فَإِذَا قَالَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ سَارَتِ الْحِمَارَةُ وَ إِذَا أَمْسَكَتْ تَقَاعَسَتْ فَتَرَكَ النَّاسُ ذَلِكَ وَ قَالُوا حَرِّ(3).

بیان: قوله أجد الیوم كأنه من الإجادة أی أجد السعی لأن الناس لا یتركون الدم بل یطلبونه منی أو من الوجدان أی أجد الناس الیوم لا یتركون الدم أو بتشدید الدال بمعنی الجد و السعی فیرجع إلی المعنی الأول و ربما یقال لعل قوله و ما تصحیف دما أی أجد الیوم أخذت لنفسی دما و انتقمت من

ص: 152


1- 1. فی المصدر:« علی بن محمّد» و علان لقب علیّ بن محمّد بن إبراهیم بن ابان الرازیّ الكلینی، و جزم المصنّف بأن علیّ بن محمّد هو علان لمكان روایة الكلینی عنه.
2- 2. فی نسخة من المصدر: فترك الناس میم معد.
3- 3. علل الشرائع 1: 2 و 3.

عدوی فیكون قوله ترك الناس دما كلامه علیه السلام و علی الأول و الثانی الظاهر أنها كلمة زجر كما فی عد لكن المشهور أنها زجر للإبل قال فی القاموس إجد بالكسر ساكنة الدال زجر للإبل (1) و قال عد عد زجر للبغل (2) و قال الحر زجر للبعیر كما یقال للضأن الحیه (3) انتهی.

و كأنه كان فی أول الحال زجرا للحمار و كذا عد كان زجرا للبغل و لما كانت الإبل أشیع و أكثر عند العرب منهما شاع استعمالهما فیها عندهم.

«2»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عُبْدُوسِ بْنِ أَبِی عُبَیْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ رَكِبَ الْخَیْلَ إِسْمَاعِیلُ وَ كَانَتْ وَحْشِیَّةً لَا تُرْكَبُ فَحَشَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی إِسْمَاعِیلَ مِنْ جَبَلِ مِنًی وَ إِنَّمَا سُمِّیَتِ الْخَیْلَ الْعِرَابَ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَهَا إِسْمَاعِیلُ (4).

بیان: و إنما سمیت الخیل أی نفائسها و عربیها لأن أول من ركبها إسماعیل فإنه كان أصل العرب و أباهم فنسب الخیل إلی العرب قال فی النهایة العرب اسم لهذا الجیل المعروف من الناس و لا واحد له من لفظه سواء أقام بالبادیة أو المدن و النسب إلیهما أعرابی و عربی و فی حدیث سطیح یقود خیلا عرابا أی عربیة منسوبة إلی العرب فرقوا بین الخیل و الناس فقالوا فی الناس عرب و أعراب و فی الخیل عراب (5).

«3»- أَمَانُ الْأَخْطَارِ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ مَوْلَی جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ فِی كِتَابِ نَسَبِ

ص: 153


1- 1. القاموس: الاجاد.
2- 2. القاموس: العد.
3- 3. القاموس: الحر.
4- 4. علل الشرائع 2: 70.
5- 5. النهایة 3: 88.

الْخَیْلِ فِی حَدِیثٍ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ إِسْمَاعِیلَ علیه السلام لَمَّا بَلَغَ أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْبَحْرِ مِائَةَ فَرَسٍ فَأَقَامَتْ تَرْعَی بِمَكَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصْبَحَتْ عَلَی بَابِهِ فَرَسَنَهَا وَ أَنْتَجَهَا وَ رَكِبَهَا(1).

«4»- وَ رُوِیَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْ 17 مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ (2): أَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْخَیْلَ إِسْمَاعِیلُ (3).

بیان: فی القاموس الرسن محركة الحبل و ما كان من زمام علی أنف و رسنها یرسنها و یرسنها و أرسنها جعل لها رسنا و رسنها شدها برسن (4).

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْخَیْلُ الْعِرَابُ وُحُوشاً بِأَرْضِ الْعَرَبِ فَلَمَّا رَفَعَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَیْتِ قَالَ إِنِّی قَدْ أَعْطَیْتُكَ كَنْزاً لَمْ أُعْطِهِ أَحَداً كَانَ قَبْلَكَ قَالَ فَخَرَجَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ حَتَّی صَعِدَا جِیَاداً فَقَالا أَلَا هَلَّا أَلَّا هَلُمَّ فَلَمْ یَبْقَ فِی أَرْضِ الْعَرَبِ فَرَسٌ إِلَّا أَتَاهُ وَ تَذَلَّلَ لَهُ وَ أَعْطَتْ بِنَوَاصِیهَا وَ إِنَّمَا سُمِّیَتْ جِیَاداً لِهَذَا فَمَا زَالَتِ الْخَیْلُ بَعْدُ تَدْعُو اللَّهَ أَنْ یُحَبِّبَهَا إِلَی أَرْبَابِهَا فَلَمْ تَزَلِ الْخَیْلُ حَتَّی اتَّخَذَهَا سُلَیْمَانُ فَلَمَّا أَلْهَتْهُ أَمَرَ بِهَا أَنْ یُمْسَحَ رِقَابُهَا وَ سُوقُهَا(5)

حَتَّی بَقِیَ أَرْبَعُونَ فَرَساً(6).

بیان: قال الفیروزآبادی هلا زجر للخیل (7) و تهلی الفرس أسرع

ص: 154


1- 1. الامان من اخطار الاسفار و الازمان: 97.
2- 2. فی المصدر: عن مسلم بن جندب.
3- 3. الامان من اخطار الاسفار و الازمان: 97.
4- 4. القاموس:« الرسن» فیه: أرسنها: شدها برسن.
5- 5. فی المصدر: أن تمسح أعناقها.
6- 6. علل الشرائع 1: 35 و 36.
7- 7. القاموس: هالاه.

و هلهل زجره بهلا(1) و قال الخیل جماعة الأفراس لا واحد له أو واحده خائل لأنه یختال و الجمع أخیال و خیول و یكسر و الفرسان (2) قال الجوهری جاد الفرس أی صار رائعا یجود جودة بالضم فهو جواد للذكر و الأنثی من خیل جیاد و أجیاد و أجاوید و الأجیاد جبل بمكة سمی بذلك لموضع خیل تبع و سمی قعیقعان لموضع سلاحه و فی القاموس أجیاد شاة و أرض بمكة أو جبل بها لكونه موضع خیل تبع انتهی.

و الخبر(3) یدل علی أن اسم الجبل كان جیادا بدون ألف و یحتمل سقوطه من الرواة أو النساخ و یؤیده أن الدمیری رواه عن ابن عباس و فیه فخرج إسماعیل إلی أجیاد كما سیأتی.

و قوله فلما ألهته إلخ لم یكن فی بعض النسخ و كان المصنف ضرب علیه أخیرا لكونه مخالفا لما اختاره فی تلك القصة كما مر مفصلا فی بابه و هذا موافق لما رواه المخالفون فی ذلك.

«6»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْخَیْلَ كَانُوا(4) وُحُوشاً فِی بِلَادِ الْعَرَبِ فَصَعِدَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام عَلَی جَبَلِ جِیَادٍ ثُمَّ صَاحَا أَلَا هَلَّا أَلَّا هَلُمَّ قَالَ فَمَا بَقِیَ الْفَرَسُ إِلَّا أَعْطَاهُمَا بِیَدِهِ وَ أَمْكَنَ مِنْ نَاصِیَتِهِ (5).

ص: 155


1- 1. القاموس: الهلال.
2- 2. القاموس: خال.
3- 3. و كذلك الاخبار الآتیة تدلّ علی ذلك، و فی المصحف الشریف استعمل الجیاد للخیل فی قوله:« اذ عرض علیه بالعشی الصافنات الجیاد» و ذلك یؤید الروایات التی تدل علی ان اسم الجبل كان جیادا.
4- 4. فی المصدر: كانت.
5- 5. فروع الكافی 5: 47.

الْمَحَاسِنُ، عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ: مِثْلَهُ (1).

«7»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ، نَقْلًا مِنْ تَارِیخِ نَیْسَابُورَ رَوَی (2)

بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَخْلُقَ الْخَیْلَ قَالَ لِرِیحِ الْجَنُوبِ إِنِّی خَالِقٌ مِنْكِ خَلْقاً أَجْعَلُهُ عِزّاً لِأَوْلِیَائِی وَ مَذَلَّةً لِأَعْدَائِی وَ جَمَالًا لِأَهْلِ طَاعَتِی فَقَالَتِ الرِّیحُ اخْلُقْ یَا رَبِّ فَقَبَضَ مِنْهَا قَبْضَةً فَخَلَقَ مِنْهَا فَرَساً وَ قَالَ خَلَقْتُكِ عَرَبِیّاً وَ جَعَلْتُ الْخَیْرَ مَعْقُوداً بِنَاصِیَتِكِ وَ الْغَنَائِمَ مُحْتَازَةً عَلَی ظَهْرِكِ وَ بَوَّأْتُكِ سَعَةً مِنَ الرِّزْقِ وَ أَیَّدْتُكِ عَلَی غَیْرِكِ مِنَ الدَّوَابِّ وَ عَطَفْتُ عَلَیْكِ صَاحِبَكِ وَ جَعَلْتُكِ تَطِیرِینَ بِلَا جَنَاحٍ فَأَنْتِ لِلطَّلَبِ وَ أَنْتِ لِلْهَرَبِ وَ إِنِّی سَأَجْعَلُ عَلَی ظَهْرِكِ رِجَالًا یُسَبِّحُونِّی وَ یُحَمِّدُونِّی وَ یُهَلِّلُونِّی وَ یُكَبِّرُونِّی ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مِنْ تَسْبِیحَةٍ وَ تَهْلِیلَةٍ وَ تَكْبِیرَةٍ یُكَبِّرُهَا صَاحِبُهَا فَتَسْمَعُهُ (3) إِلَّا تُجِیبُهُ بِمِثْلِهَا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ بِخَلْقِ الْفَرَسِ قَالَتْ یَا رَبِّ نَحْنُ مَلَائِكَتُكَ نُسَبِّحُكَ وَ نُحَمِّدُكَ وَ نُهَلِّلُكَ (4)

فَمَا ذَا لَنَا فَخَلَقَ اللَّهُ لَهَا خَیْلًا لَهَا أَعْنَاقٌ كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ یُمِدُّ بِهَا مَنْ یَشَاءُ مِنْ أَنْبِیَائِهِ وَ رُسُلِهِ قَالَ فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَوَائِمُ الْفَرَسِ فِی الْأَرْضِ قَالَ اللَّهُ لَهُ أَذِلَّ بِصَهِیلِكَ الْمُشْرِكِینَ وَ امْلَأْ مِنْهُ آذَانَهُمْ وَ أَذِلَّ بِهِ أَعْنَاقَهُمْ وَ أَرْعِبْ بِهِ قُلُوبَهُمْ قَالَ فَلَمَّا أَنْ عَرَضَ اللَّهُ عَلَی آدَمَ كُلَّ شَیْ ءٍ مِمَّا خَلَقَ قَالَ لَهُ اخْتَرْ مِنْ خَلْقِی مَا شِئْتَ فَاخْتَارَ الْفَرَسَ فَقِیلَ لَهُ اخْتَرْتَ عِزَّكَ وَ عِزَّ وُلْدِكَ خَالِداً مَا خَلَدُوا وَ بَاقِیاً

ص: 156


1- 1. المحاسن: 630 فیه:( عن ابان الأحمر رفعه الی أبی عبد اللّٰه علیه السلام) و فیه: ( كانت الخیل وحوشا) و فیه:( الا هلم، فما فرس الا أعطی بیده) و أورده المصنّف بالفاظه عن المحاسن فی كتاب النبوّة و فیه:( علی أجیاد) راجع ج 12: 114.
2- 2. فی المصدر: رأیت فی تاریخ نیسابور للحاكم أبی عبد اللّٰه فی ترجمة ابی جعفر الحسن بن محمّد بن جعفر الزاهد العابد انه روی.
3- 3. فی المصدر: فتسمعه الملائكة.
4- 4. فی المصدر: و نهللك و نكبرك.

مَا بَقُوا أَبَدَ الْآبِدِینَ وَ دَهْرَ الدَّاهِرِینَ ثُمَّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ رَكِبَهَا إِسْمَاعِیلُ علیه السلام وَ لِذَلِكَ سُمِّیَتِ الْعِرَابَ (1) وَ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَحْشِیّاً(2) كَسَائِرِ الْوُحُوشِ فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَی لِإِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ بِرَفْعِ الْقَوَاعِدِ مِنَ الْبَیْتِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنِّی مُعْطِیكُمَا كَنْزاً ادَّخَرْتُهُ لَكُمَا ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی إِسْمَاعِیلَ أَنِ اخْرُجْ فَادْعُ بِذَلِكَ الْكَنْزِ فَخَرَجَ إِلَی أَجْیَادٍ وَ كَانَ لَا یَدْرِی مَا الدُّعَاءُ وَ مَا الْكَنْزُ فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الدُّعَاءَ فَلَمْ یَبْقَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَرَسٌ بِأَرْضِ الْعَرَبِ إِلَّا أَجَابَتْهُ وَ أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَوَاصِیهَا وَ تَذَلَّلَتْ لَهُ وَ لِذَلِكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ارْكَبُوا الْخَیْلَ فَإِنَّهَا مِیرَاثُ أَبِیكُمْ إِسْمَاعِیلَ (3).

«8»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ جِیَادٍ لِمَ سُمِّیَ جِیَاداً قَالَ لِأَنَّ الْخَیْلَ كَانَتْ وُحُوشاً فَاحْتَاجَ إِلَیْهَا إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ (4) فَدَعَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْ یُسَخِّرَهَا لَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ یَصْعَدَ عَلَی أَبِی قُبَیْسٍ فَیُنَادِیَ (5) أَلَا هَلَّا أَلَّا هَلُمَّ فَأَقْبَلَتْ حَتَّی وَقَفَتْ بِجِیَادٍ فَنَزَلَ إِلَیْهَا فَأَخَذَهَا فَلِذَلِكَ سُمِّیَ جِیَاداً(6).

كتاب المسائل، بإسناده عن علی بن جعفر: مثله (7).

ص: 157


1- 1. فی المصدر: بالعراب.
2- 2. فی المصدر: وحشیة.
3- 3. حیاة الحیوان 1: 224 و 225.
4- 4. فی المصدر: كانت وحشا فاحتاج إلیها إسماعیل علیه السلام.
5- 5. فی المصدر: فامره فصعد علی ابی قبیس ثمّ نادی.
6- 6. قرب الإسناد: 105.
7- 7. أورد المصنّف كتاب المسائل بتمامه فی كتاب الاحتجاجات راجع 10. «249»- 291.

باب 7 فضل ارتباط الدواب و بیان أنواعها و ما فیه شؤمها و بركتها

الآیات:

الأنفال: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَیْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ

النحل: وَ الْخَیْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِیرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِینَةً

ص: إِذْ عُرِضَ عَلَیْهِ بِالْعَشِیِّ الصَّافِناتُ الْجِیادُ فَقالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّی حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَیَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ

تفسیر:

وَ أَعِدُّوا لَهُمْ أی لناقضی العهد أو للكفار مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قیل أی كل ما یتقوی به فی الحرب (1) و فی تفسیر علی بن إبراهیم قال السلاح (2)

وَ فِی الْفَقِیهِ (3) قَالَ علیه السلام: مِنْهُ الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ(4).

وَ فِی تَفْسِیرِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَیْفٌ وَ تُرْسٌ (5).

وَ فِی الْكَافِی مَرْفُوعاً قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 158


1- 1. هذا هو المعنی التام للقوة، و اما سائر ما قیل فی معناه فهو من بیان المصداق لا المفهوم الحقیقی.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 255.
3- 3. من لا یحضره الفقیه 1: 70.
4- 4. علة ذلك ان صاحبه یری شابا فیهاب منه، و لذلك ورد فی الحدیث: فی الخضاب ثلاثة خصال: مهیبة فی الحرب، و محبة الی النساء، و یزید فی الباه.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ 2: 66 رواه عن محمّد بن عیسی عمن ذكره عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، و روی عن عبد اللّٰه بن المغیرة رفعه عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله« او عن جابر بن عبد اللّٰه عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله كما فی نسخة» أنه الرمی.

هُوَ الرَّمْیُ (1).

وَ مِنْ رِباطِ الْخَیْلِ قیل اسم للخیل التی تربط فی سبیل اللّٰه فعال بمعنی مفعول أو مصدر سمی به یقال ربطه ربطا و رابطه مرابطة و رباطا أو جمع ربیط كفصیل و فصال و فی مجمع البیان عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ارتبطوا الخیل فإن ظهورها لكم عز و أجوافها كنز(2) تُرْهِبُونَ أی تخوفون بِهِ الضمیر لما استطعتم أو للإعداد عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ قیل یعنی كفار مكة و أقول خصوص السبب لا یدل علی خصوص الحكم و یدل علی رجحان رباط الخیل للجهاد و لإرهاب أعداء اللّٰه و إن كان فی زمن غیبة الإمام علیه السلام توقعا لظهوره (3)

كما ورد فی الأخبار و قد مر تفسیر الآیة الثانیة و كذا الثالثة فی باب أحوال داود علیه السلام و قالوا الصافن من الخیل الذی یقوم علی طرف سنبك ید أو رجل و هو من الصفات المحمودة فی الخیل لا تكاد تكون إلا فی العراب الخلص و الجیاد جمع جواد أو جود و هو الذی یسرع فی جریه و قیل الذی یجود بالركض و قیل جمع جید و الخیر المال الكثیر و المراد هنا الخیل كَمَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَیْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

و فی قراءة ابن مسعود حب الخیل حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ أی الخیل أو الشمس فَطَفِقَ مَسْحاً قیل أی فأخذ یمسح السیف مسحا بِالسُّوقِ وَ الْأَعْناقِ یقطعها لأنها كانت سبب فوت صلاتها و قیل جعل یمسح بیده أعناقها و سوقها و حبالها و فی الخبر أن الضمیر للشمس و المراد بالمسح بالسوق و الأعناق الوضوء بطریق شرع لهم.

«1»- الْفَقِیهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَیْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ الْمُنْفِقُ عَلَیْهَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ كَالْبَاسِطِ یَدَهُ بِالصَّدَقَةِ لَا یَقْبِضُهَا فَإِذَا أَعْدَدْتَ

ص: 159


1- 1. فروع الكافی 5: 29 رواه عن محمّد بن یحیی عن عمران بن موسی عن الحسن ابن ظریف عن عبد اللّٰه بن المغیرة رفعه قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی قول اللّٰه عزّ و جلّ:« وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَیْلِ» قال: الرمی.
2- 2. مجمع البیان 4: 555.
3- 3. او حفاظة للدفاع عن حریم الإسلام و منافع المسلمین.

شَیْئاً فَأَعِدَّهُ أَقْرَحَ أَرْثَمَ مُحَجَّلَ الثَّلَاثَةِ طُلُقَ الْیَمِینِ كُمَیْتاً ثُمَّ أَغَرَّ(1)

تَسْلَمْ وَ تَغْنَمْ (2).

توضیح: قال فی النهایة فیه (3) خیر الخیل الأرثم الأقرح المحجل الأرثم الذی أنفه أبیض و شفته العلیا(4) و الأقرح ما كان فی جبهته قرحة بالضم و هی بیاض یسیر فی وجه الفرس دون الغرة(5).

و المحجل هو الذی یرتفع البیاض فی قوائمه إلی موضع القید و یجاوز الأرساغ و لا یجاوز الركبتین لأنها مواضع الأحجال و هی الخلاخیل و القیود و لا یكون التحجیل بالید و الیدین ما لم یكن معها رجل أو رجلان (6).

قال و فیه خیر الخیل الأقرح طلق الید الیمنی أی مطلقها لیس فیها تحجیل (7).

«2»- الْكَافِی، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ طَیْفُورٍ الْمُتَطَبِّبِ قَالَ: سَأَلَنِی أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام أَیَّ شَیْ ءٍ تَرْكَبُ قُلْتُ حِمَاراً فَقَالَ بِكَمِ ابْتَعْتَهُ قُلْتُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِینَاراً قَالَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ السَّرَفُ (8) أَنْ تَشْتَرِیَ حِمَاراً بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِینَاراً وَ تَدَعَ بِرْذَوْناً قُلْتُ یَا سَیِّدِی إِنَّ مَئُونَةَ الْبِرْذَوْنِ أَكْثَرُ مِنْ مَئُونَةِ الْحِمَارِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ الَّذِی یَمُونُ الْحِمَارَ یَمُونُ الْبِرْذَوْنَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنِ ارْتَبَطَ دَابَّةً

ص: 160


1- 1. الكمیت من الخیل للمذكر و المؤنث: ما كان لونه بین الأسود و الأحمر. و الاغر: ما كان فی جبهته بیاض.
2- 2. الفقیه 2: 185 و 186.
3- 3. أی فی الحدیث.
4- 4. النهایة 2: 69.
5- 5. النهایة 3: 270.
6- 6. النهایة 1: 237.
7- 7. النهایة 3: 47.
8- 8. فی المصدر: فقال: ان هذا هو السرف.

مُتَوَقِّعاً بِهِ أَمْرَنَا وَ یَغِیظُ بِهِ عَدُوَّنَا وَ هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَیْنَا أَدَرَّ اللَّهُ رِزْقَهُ وَ شَرَحَ صَدْرَهُ وَ بَلَّغَهُ أَمَلَهُ وَ كَانَ عَوْناً عَلَی حَوَائِجِهِ (1).

بیان: فی القاموس مأن القوم احتمل مئونتهم أی قوتهم و قد لا یهمز فالفعل مانهم (2).

«3»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تِسْعَةُ أَعْشَارِ الرِّزْقِ مَعَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ(3).

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (4) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَنِ اشْتَرَی دَابَّةً كَانَ لَهُ ظَهْرُهَا وَ عَلَی اللَّهِ رِزْقُها(5).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اتَّخِذْ حِمَاراً یَحْمِلْ رَحْلَكَ فَإِنَّ رِزْقَهُ عَلَی اللَّهِ قَالَ فَاتَّخَذْتُ حِمَاراً وَ كُنْتُ أَنَا وَ یُوسُفُ أَخِی إِذَا تَمَّتِ السَّنَةُ حَسَبْنَا نَفَقَاتِنَا فَنَعْلَمُ مِقْدَارَهَا فَحَسَبْنَا بَعْدَ شِرَاءِ الْحِمَارِ نَفَقَاتِنَا فَإِذَا هِیَ كَمَا كَانَتْ فِی كُلِّ عَامٍ لَمْ تَزِدْ شَیْئاً(6).

«6»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی الْمُغِیرَةِ(7) عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مِنْ شَقَاءِ الْعَیْشِ

ص: 161


1- 1. فروع الكافی 6: 535.
2- 2. القاموس: المأنة.
3- 3. فروع الكافی 6: 535.
4- 4. فی المصدر: عن محمّد بن الحسین.
5- 5. فروع الكافی 6: 536.
6- 6. فروع الكافی 6: 536.
7- 7. فی المصدر: علی بن المغیرة.

الْمَرْكَبُ السَّوْءُ(1).

«7»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ بَشَّارٍ الْقَزْوِینِیِّ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِیِّ عَنِ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَحْمَرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ دِینَارٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خَیْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ وَ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ(2).

«8»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْأَصَمِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُنَادِی (3)

عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ أَبِی نَعَامَةَ الْعَدَوِیَ (4)

عَنْ مُسْلِمِ بْنِ زَیْدٍ(5) عَنْ أُنَاسِ بْنِ زُهَیْرٍ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ هُبَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: خَیْرُ مَالِ الْمَرْءِ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَوْ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ.

قوله سكة مأبورة یقال هی الطریقة المستقیمة المستویة المصطفة من النخل و یقال إنما سمیت الأزقة سككا لاصطفاف الدور فیها كطرائق النخل هذا فی اللغة

وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَا تُسَمُّوا الطَّرِیقَ السِّكَّةَ فَإِنَّهُ لَا سِكَّةَ إِلَّا سِكَكُ الْجَنَّةِ.

ص: 162


1- 1. فروع الكافی 6: 637.
2- 2. معانی الأخبار: 292 طبعة الغفاری.
3- 3. فی المصدر:« محمّد بن عبید اللّٰه المنادی» و هو الصحیح، قال ابن الأثیر فی اللباب 3: 179: المنادی بضم المیم: نسبة الی من ینادی علی الأشیاء التی تباع و الأشیاء الضائعة، و المشهور بهذه النسبة أبو جعفر محمّد بن أبی داود عبید اللّٰه بن یزید المنادی بغدادیّ مات فی شهر رمضان سنة 272 و كانت ولادته سنة 171 و عمره 101 سنة.
4- 4. هو عمرو بن عیسی بن سوید بن هبیرة.
5- 5. فی المصدر:« مسلم بن بدیل عن ایاس بن زهیر» و فی أسد الغابة 2: 381 فی ترجمة سوید بن هبیرة عبد الحارث الدیلمیّ: روی عنه أیاس بن زهیر أن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله قال: خیر المال للرجل المسلم سكة مأبورة أو مهرة مأمورة. رواه كذا روح بن عبادة عن ابی نعامة عن ایاس بن زهیر عن سوید بن هبیرة.

و أما المأبورة فهی التی قد لقحت قال أبو عبیدة لقحت للواحدة خفیفة و للجمع بالتثقیل لقحت یقال أبرت النخل آبرها أبرا و هی نخلة مأبورة و یقال ائتبرت (1) غیری إذا سألته أن یأبر لك نخلك و كذلك الزرع و الآبر العامل و المؤبر(2) رب الزرع و المأبور الزرع و النخل الذی قد لقح و أما المهرة المأمورة فإنها الكثیرة النتاج و فیها لغتان یقال قد أمرها اللّٰه فهی مأمورة و آمرها ممدودة فهی مؤمرة و قد قرأ بعضهم أَمَرْنا مُتْرَفِیها(3) غیر ممدودة یكون من الأمر و روی عن الحسن أنه فسرها فقال أمرناهم بالطاعة فعصوا و قد یكون أمرنا بمعنی أكثرنا علی قوله مهرة مأمورة و فرس مأمورة و من قرأها آمرنا فمدها فلیس معناه إلا أكثرنا و من قرأها مشددة فقال أمرنا فهذا من التسلیط و یقال فی الكلام قد أمر القوم یأمرون إذا كثروا و هو من قوله مهرة مأمورة(4).

تأیید قال فی القاموس المهر بالضم ولد الفرس أو أول ما ینتج منه و من غیره و الأنثی مهرة و الأم ممهر(5).

و فی النهایة فیه خیر المال مهرة مأمورة و سكة مأبورة المأمورة الكثیرة النسل و النتاج یقال أمرهم اللّٰه فأمروا أی كثروا و فیه لغتان أمرها فهی مأمورة و آمرها فهی مؤمرة(6)

و السكة الطریقة المصطفة من النخل و منها قیل للأزقة سكك لاصطفاف الدور فیها(7).

ص: 163


1- 1. فی نسخة من المصدر: استأبرت.
2- 2. فی المصدر: و المؤتبر.
3- 3. الإسراء: 17.
4- 4. معانی الأخبار: 292 و 293.
5- 5. القاموس: المهر.
6- 6. النهایة 1: 51.
7- 7. النهایة 2: 186.

و المأبورة الملقحة یقال أبرت النخلة و أبرتها فهی مأبورة و مُؤَبَّرَةٌ(1) و الاسم الْإِبَارُ و قیل السكة سكة الحرث و المأبورة المصلحة له أراد خیر المال نتاج أو زرع انتهی (2).

و أقول روی فی شهاب الأخبار و فرس مأمورة(3) و قال فی ضوء الشهاب و روی و مُهرة مأمورة و هو من أمر القوم إذا كثروا و أمرنا له أی كثر و أمرتهم أی أكثرتهم علی فعلتهم لغتان فإن كانت الكلمة من أمر علی فعل فهی علی موجبها و بابها و إن كان من آمر فإنما صار مأمورة لازدواج الكلام و ملاءمته كما قالوا الغدایا و العشایا و كان حقها الغداوات و كما قالوا هنأنی الطعام و مرأنی فإذا أفردوا قالوا أمرأنی

وَ كَقَوْلِهِ علیه السلام: ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَیْرَ مَأْجُورَاتٍ.

و هو من الوزر و كان حقه موزورات (4)

وَ كَقَوْلِهِ علیه السلام: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْهَامَّةِ وَ اللَّامَّةِ.

و إذا أفردت كانت الملمة لأنه من ألم بالشی ء فكأنه یقول صلی اللّٰه علیه و آله خیر المال النخل و النتاج و قال بعد تفسیر السكة بالنخل و فسر الأصمعی هذه الكلمة علی وجه آخر فقال السكة الحدیدة التی تثار بها الأرض للزرع و مأبورة علی هذا أی مصلحة محددة و لا بأس بهذا الوجه و یكون المعنی خیر المال الزرع و النتاج و فی الحدیث ما دخلت السكة دار قوم یعنی الزراعة و اتباع أذناب

البقر و ترك الغزو و إنما كان النخل أو الزرع و النتاج خیر المال لاشتمال النخل و الزرع علی الزكوات و العشور فتتوفر(5) علی المساكین و المحتاجین

ص: 164


1- 1. ضبطهما فی النهایة بالتشدید من باب التفعیل.
2- 2. النهایة 1: 11.
3- 3. الموجود فی شهاب الاخبار المطبوع بضمیمة البیان: 25:« خیر المال سكة مأبورة» و لم یزد علی ذلك و الظاهر أنّه غیر كتاب الشهاب الذی یروی عنه المصنّف.
4- 4. هكذا فی المطبوع و فی المخطوط:« مأزورات» و لعلّ الصحیح: موزورات.
5- 5. فی النسخة المخطوطة: فتوفر.

و المستحقین (1) و علی النتاج لتتوفر(2) علی الغزاة و المجاهدین فی سبیل اللّٰه و فائدة الحدیث تفضیل النخل و الزرع علی سائر وجوه المعاش انتهی (3).

«9»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَسَنِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ التِّرْمِذِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَنْبَسَةَ(4)

عَنْ مَنْصُورِ بْنِ وَرْدَانَ الْعَطَّارِ عَنْ یُوسُفَ بْنِ أَبِی إِسْحَاقَ (5) عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْخَیْلُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مَنِ ارْتَبَطَ فَرَساً فِی سَبِیلِ اللَّهِ كَانَ عَلَفُهُ وَ رَوْثُهُ وَ شَرَابُهُ فِی مِیزَانِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(6).

«10»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ(7) عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: مَنِ ارْتَبَطَ فَرَساً عَتِیقاً مُحِیَتْ عَنْهُ ثَلَاثُ سَیِّئَاتٍ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ كُتِبَتْ لَهُ إِحْدَی وَ عِشْرُونَ حَسَنَةً وَ مَنِ ارْتَبَطَ هَجِیناً مُحِیَتْ عَنْهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ سَیِّئَتَانِ وَ كُتِبَتْ لَهُ سَبْعُ حَسَنَاتٍ وَ مَنِ ارْتَبَطَ بِرْذَوْناً یُرِیدُ بِهِ جَمَالًا أَوْ قَضَاءَ حَوَائِجَ أَوْ دَفْعَ عَدُوٍّ عَنْهُ مُحِیَتْ عَنْهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ سَیِّئَةٌ وَ كُتِبَتْ لَهُ سِتُّ حَسَنَاتٍ (8).

ص: 165


1- 1. فی النسخة المخطوطة: و المحتاجین المستحقین.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: لتوفر.
3- 3. ضوء الشهاب: لم نجد نسخته.
4- 4. فی نسخة من المصدر: سعید بن عنبسة.
5- 5. فی المصدر:« یوسف بن إسحاق بن أبی إسحاق» و هو الصحیح، ذكر ابن حجر فی تهذیب التهذیب 10: 316 من روات منصور بن وردان یوسف بن إسحاق بن أبی إسحاق و أورد ترجمة یوسف فی التقریب و التهذیب فقال: یوسف بن إسحاق بن أبی إسحاق السبیعی و قد ینسب لجده ثقة مات سنة 157.
6- 6. مجالس ابن الشیخ: 244.
7- 7. فی المصدر: یعقوب بن جعفر بن إبراهیم بن محمّد الجعفری.
8- 8. ثواب الأعمال: 103.

الْمَحَاسِنُ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَعْفَرِیِّ: مِثْلَهُ (1) إِلَّا أَنَّ فِیهِ إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً فِی الْأَوَّلِ كَمَا فِی الْفَقِیهِ (2).

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِ (3): مِثْلَ الْمَحَاسِنِ.

بیان: العتیق هو الذی أبواه عربیان قال الجوهری العتیق الكرم و الجمال و العتیق الكریم من كل شی ء و الخیار من كل شی ء و قال الهجنة فی الناس و الخیل إنما تكون من قبل الأم فإذا كان الأب عتیقا و الأم لیست كذلك كان الولد هجینا و الإقراف من قبل الأب انتهی.

و البرذون بالكسر ما لم یكن شی ء من أبویه عربیا قال الدمیری الخیل نوعان عتیق و هجین و الفرق بینهما أن عظم البرذون أعظم من عظم الفرس و عظم الفرس أصلب و أثقل من عظم البرذون و البرذون أحمل من الفرس و الفرس أسرع من البرذون و العتیق بمنزلة الغزال و البرذون بمنزلة الشاة فالعتیق من الخیل ما أبواه عربیان سمی بذلك لعتقه من العیوب و سلامته من الطعن فیه من الأمور المنقصة(4).

ص: 166


1- 1. المحاسن: 631.
2- 2. فیه وهم لان الحدیث الذی روی فی الفقیه یغایر ذلك اسنادا و متنا، و هو حدیث سلیمان بن جعفر الجعفری، قال الصدوق فی الفقیه 2: 186: و روی بكر بن صالح عن سلیمان بن جعفر الجعفری عن أبی الحسن علیه السّلام، قال: سمعته یقول: الخیل علی كل منخر منها شیطان فاذا أراد احدكم ان یلجمها فلیسم. ثم قال: قال: و سمعته یقول: من ربط فرسا عتیقا محیت عنه عشر سیئات و كتبت له احدی عشر حسنة فی كل یوم، و من ارتبط هجینا محیت عنه فی كل یوم سیئتان، و كتب له تسع حسنات فی كل یوم، و من ارتبط برذونا یرید به جمالا او قضاء حاجة أو دفع عدو محیت عنه فی كل یوم سیئة و كتب له ست حسنات، و من ارتبط فرسا أشقر. الی قوله:« لا یدخل بیته حیف» فیما یأتی عن ثواب الأعمال تحت رقم 13.
3- 3. فروع الكافی 5: 48.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 147.

«11»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَیْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِی الْخَیْلِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(1).

«12»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا اشْتَرَیْتَ دَابَّةً فَإِنَّ مَنْفَعَتَهَا لَكَ وَ رِزْقَهَا عَلَی اللَّهِ (2).

الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ اشْتَرِ دَابَّةً(3).

«13»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام (4) یَقُولُ: مَنِ ارْتَبَطَ فَرَساً أَشْقَرَ أَغَرَّ أَوْ أَقْرَحَ (5) فَإِنْ كَانَ أَغَرَّ سَائِلَ الْغُرَّةِ بِهِ وَضَحٌ فِی قَوَائِمِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ لَمْ یَدْخُلْ بَیْتَهُ فَقْرٌ مَا دَامَ ذَلِكَ الْفَرَسُ فِیهِ وَ مَا دَامَ أَیْضاً فِی مِلْكِهِ لَا یَدْخُلُ بَیْتَهُ حَنَقٌ (6).

قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: مَنِ ارْتَبَطَ فَرَساً لِیُرْهِبَ بِهِ عَدُوّاً(7)

أَوْ یَسْتَعِینَ بِهِ عَلَی جَمَالِهِ لَمْ یَزَلْ مُعَاناً عَلَیْهِ أَبَداً مَا دَامَ فِی مِلْكِهِ وَ لَا یَدْخُلُ بَیْتَهُ خَصَاصَةٌ مَا دَامَ فِی مِلْكِهِ (8).

ص: 167


1- 1. ثواب الأعمال: 103 و رواه البرقی فی المحاسن: 631 عن علیّ بن الحكم و فیه: الخیل معقود فی نواصیها الخیر الی یوم القیامة و رواه الكلینی فی الفروع 5: 48 عن العدة عن البرقی.
2- 2. ثواب الأعمال: 103.
3- 3. المحاسن: 625.
4- 4. فی المصدر: أبا الحسن الكاظم علیه السلام.
5- 5. فی المحاسن:« اغر اقرح» و لعله مصحف.
6- 6. فی المحاسن و الفقیه: حیف.
7- 7. فی المحاسن: لرهبة عدو.
8- 8. ثواب الأعمال: 103.

الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ: مِثْلَهُ (1).

بیان: فی القاموس الأشقر من الدواب الأحمر فی مغرة حمرة یحمر منها العرف و الذنب (2).

و قال فی المصباح الشقرة حمرة صافیة فی الخیل و قال الغرة فی الجبهة بیاض فوق الدرهم و فرس أغر و مهرة غراء و نحوه قال الجوهری و قال القرحة فی وجه الفرس ما دون الغرة و الفرس أقرح و قال الوضح الضوء و البیاض یقال بالفرس وضح إذا كانت به وشیة انتهی و الخنق الغیظ و فی بعض نسخ ثواب الأعمال و الفقیه حیق بالیاء و فی القاموس الحیق ما یشتمل علی الإنسان من مكروه فعله (3) و فی أكثر نسخ المحاسن و الفقیه حیف (4) أی ظلم و الخصاصة بالفتح الفقر و فی المحاسن و لا یزال بیته مخصبا ما دام فی ملكه.

«14»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَیْلُ فِی نَوَاصِیهَا الْخَیْرُ(5).

«15»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ الْخَیْرَ كُلَّ الْخَیْرِ(6) فِی نَوَاصِی الْخَیْلِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(7).

ص: 168


1- 1. المحاسن: 631 و 633.
2- 2. القاموس: الاشقر.
3- 3. القاموس: حاق.
4- 4. و هو الموجود فی المصدرین المطبوعین.
5- 5. المحاسن: 630.
6- 6. فی المحاسن:« ان كل الخیر» و رواه الكلینی فی الفروع 5: 48 عن العدة عن البرقی و فیه: الخیر كله.
7- 7. المحاسن: 630.

«16»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَیْلُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(1).

«17»- وَ مِنْهُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: أَهْدَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعَةَ أَفْرَاسٍ مِنَ الْیَمَنِ فَقَالَ (2)

سَمِّهَا لِی فَقَالَ هِیَ أَلْوَانٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَالَ أَ فِیهَا وَضَحٌ فَقَالَ نَعَمْ أَشْقَرُ بِهِ وَضَحٌ قَالَ فَأَمْسِكْهُ عَلَیَّ قَالَ وَ فِیهَا كُمَیْتَانِ أَوْضَحَانِ قَالَ أَعْطِهِمَا ابْنَیْكَ قَالَ وَ الرَّابِعُ أَدْهَمُ بَهِیمٌ قَالَ بِعْهُ وَ اسْتَخْلِفْ ثَمَنَهُ نَفَقَةً لِعِیَالِكَ إِنَّمَا یُمْنُ الْخَیْلِ فِی ذَوَاتِ الْأَوْضَاحِ.

قَالَ وَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: كَرِهْنَا الْبَهِیمَ (3)

مِنَ الدَّوَابِّ كُلِّهَا إِلَّا الْجَمَلَ وَ الْبَغْلَ (4)

وَ كَرِهْتُ شِیَةَ أَوْضَاحٍ فِی الْحِمَارِ وَ الْبَغْلِ الْأَلْوَانِ (5) وَ كَرِهْتُ الْقَرْحَ فِی الْبَغْلِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ بِهِ غُرَّةٌ سَائِلَةٌ وَ لَا أَسْتَثْنِیهَا عَلَی حَالٍ (6) وَ قَالَ إِذَا عَثَرَتِ الدَّابَّةُ تَحْتَ الرَّجُلِ فَقَالَ لَهَا تَعَسْتِ تَقُولُ تَعَسَ وَ انْتَكَسَ أَعْصَانَا لِرَبِّهِ (7).

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَا أَشْتَهِیهَا عَلَی حَالٍ (8).

ص: 169


1- 1. المحاسن: 631 و رواه الكلینی عن العدة عن البرقی.
2- 2. أی فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لعلی علیه السلام.
3- 3. فی المصدر: كرهنا البهم.
4- 4. فی الكافی: الا الحمار و البغل و كرهت شیة الاوضاح.
5- 5. فی الكافی: الالون.
6- 6. فی المصدر: و لا أشتهیها علی حال.
7- 7. المحاسن: 631.
8- 8. فروع الكافی 6: 535 و 536.

الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَكْرٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ فِی ذَوَاتِ الْأَوْضَاحِ (1).

بیان: فقال سمها لی بالتشدید أی صفها أو بالتخفیف من الوسم أی اذكر سمتها و علامتها و فی الفقیه من الیمن فأتاه فقال یا رسول اللّٰه أهدیت لك أربعة أفراس قال صفها و فی القاموس الوضح محركة الغرة و التحجیل فی القوائم (2).

و قال الجوهری الكمیت من الفرس یستوی فیه المذكر و المؤنث و لونه الكمتة و هی حمرة یدخلها قنوء قال سیبویه سألت الخلیل عن كمیت فقال إنما صغر لأنه بین السواد و الحمرة كأنه لم یخلص له واحد منهما فأرادوا بالتصغیر أنه قریب منهما و الفرق بین الكمیت و الأشقر بالعرف و الذنب فإن كانا أحمرین فهو أشقر و إن كانا أسودین فهو كمیت و قال هذا فرس بهیم و هذه فرس بهیم أی مصمت و هو الذی لا یخلط لونه شی ء سوی لونه و الجمع بهم مثل رغیف و رغف و قال الدهمة السواد و قال الشیة كل لون یخالف معظم لون الفرس و غیره و الهاء عوض من الواو الذاهبة من أوله.

قوله علیه السلام الألوان أی فی جمیع الألوان و فی الكافی إلا لون واحد(3) و هو أظهر قوله علیه السلام و لا أستثنیها(4) أی لا أستثنی الغرة و حسنها علی حال و فی الكافی و لا أشتهیها أی و لا أشتهی الغرة و الشیات فیهما علی حال.

«18»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: مَنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ مَنْزِلِ غَیْرِهِ فِی أَوَّلِ الْغَدَاةِ فَلَقِیَ فَرَساً أَشْقَرَ بِهِ أَوْضَاحٌ (5)

ص: 170


1- 1. من لا یحضره الفقیه 2: 186 فیه: قال، ففیها وضح؟ قال: نعم، قال: فیها اشقر به وضح؟ قال: نعم قال: فامسكه علی. و فیه: و استخلف قیمته لعیالك.
2- 2. القاموس: الوضح.
3- 3. قد ذكرنا قبل ذلك ان الموجود فی الكافی: الالون.
4- 4. قد عرفت قبل ذلك ان الموجود فی المصدر:« و لا أشتهیها» و هو یماثل ما فی الكافی.
5- 5. فی ثواب الأعمال: به وضح أو كانت له.

وَ إِنْ كَانَتْ بِهِ غُرَّةٌ سَائِلَةٌ فَهُوَ الْعَیْشُ كُلُّ الْعَیْشِ لَمْ یَلْقَ فِی یَوْمِهِ ذَلِكَ إِلَّا سُرُوراً(1)

وَ إِنْ تَوَجَّهَ فِی حَاجَةٍ فَلَقِیَ الْفَرَسَ قَضَی اللَّهُ حَاجَتَهُ (2).

ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَكْرٍ: مِثْلَهُ وَ لَیْسَ فِیهِ فِی أَوَّلِ الْغَدَاةِ(3).

«19»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ مُرْسَلًا قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مِنْ سَعَادَةِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْمَرْكَبُ الْهَنِی ءُ(4).

و منه عن النوفلی عن السكونی عن أبی عبد اللّٰه عن آبائه علیهم السلام عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله: مثله (5)

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلی: مثله (6).

بیان: الهنی ء ما أتی من غیر مشقة و كأن المراد هنا السریع السیر الموافق.

«20»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ دَابَّةٌ یَرْكَبُهَا فِی حَوَائِجِهِ وَ یَقْضِی عَلَیْهَا حُقُوقَ إِخْوَانِهِ (7).

ص: 171


1- 1. لعل ذلك كنایة عن فضل ارتباط دابة ذلك وصفها، لا انه علیه السلام أراد بذلك التفؤل كما هو المرسوم فی الجاهلیة.
2- 2. المحاسن: 633 و 634.
3- 3. ثواب الأعمال: 103 و رواه الصدوق فی من لا یحضره الفقیه 2: 187 مع الزیادة و فیه:« به أوضاح بورك له فی یومه و ان كانت به غرة سائلة فهو العیش و لم یلق» و فیه: إلا سرورا و قضی اللّٰه عزّ و جلّ له حاجته.
4- 4. المحاسن: 625.
5- 5. المحاسن: 626.
6- 6. فروع الكافی 6: 536 فیه: المرء المسلم.
7- 7. المحاسن: 626.

الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ مِنْ سَعَادَةِ الْمُؤْمِنِ (1).

«21»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّهِیكِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اتَّخِذُوا الدَّوَابَّ فَإِنَّهَا زَیْنٌ وَ تُقْضَی عَلَیْهَا الْحَوَائِجُ وَ رِزْقُهَا عَلَی اللَّهِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی وَ حَدَّثَنِی بِهِ عَمَّارُ بْنُ الْمُبَارَكِ: وَ زَادَ فِیهِ وَ تَلْقَی عَلَیْهَا إِخْوَانَكَ (2).

الكافی، عن علی بن إبراهیم و عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد جمیعا عن محمد بن عیسی عن زیاد القندی عن عبد اللّٰه بن سنان: مثله (3).

«22»- قَالَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ: عَجِبْتُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ كَیْفَ تَفُوتُهُ الْحَاجَةُ(4).

«23»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ(5)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ (6)

قَالَ: حَضَرْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام بِصَرْیَا وَ هُوَ یَعْرِضُ خَیْلًا قَالَ وَ فِیهَا وَاحِدٌ شَدِیدُ الْقُوَّةِ شَدِیدُ الصَّهِیلِ قَالَ فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ لَیْسَ هَذَا مِنْ دَوَابِّ أَبِی (7).

بیان: صریا اسم قریة و هذا إشارة إلی صاحب الصهیل ففیه ذم (8) مثله

ص: 172


1- 1. فروع الكافی 6: 536.
2- 2. المحاسن: 626.
3- 3. فروع الكافی 6: 537 فیه: اتخذوا الدابّة.
4- 4. فروع الكافی 6: 537.
5- 5. فی المصدر:« عن الحجال عن أبی عبد اللّٰه بن محمّد» و لعله تصحیف من النسّاخ او الروات و كان اصله: عن الحجال عبد اللّٰه بن محمّد.
6- 6. فی المصدر: عن محمّد بن القاسم عن الفضیل بن یسار.
7- 7. المحاسن: 635.
8- 8. یحتمل ان لا یرید بذلك ذما بل أراد النفی حقیقة.

أو الجمیع و الغرض أنها لیست مما لسائر الورثة فیه نصیب و لیس فی بعض النسخ لیس.

«24»- الْمَكَارِمُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَیْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ الْمُنْفِقُ عَلَیْهَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ كَالْبَاسِطِ یَدَهُ بِالصَّدَقَةِ لَا یَقْبِضُهَا(1).

«25»- رُوِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَا تَجُزُّوا نَوَاصِیَ الْخَیْلِ وَ لَا أَعْرَافَهَا وَ لَا أَذْنَابَهَا فَإِنَّ الْخَیْرَ فِی نَوَاصِیهَا وَ إِنَّ أَعْرَافَهَا دِفْؤُهَا وَ إِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا(2).

«26»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: یُمْنُ الْخَیْلِ فِی كُلِّ أَحْوَی أَحْمَرَ وَ فِی كُلِّ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُطْلَقُ الْیَمِینِ (3).

«27»- وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْمَطَایَا إِلَیَّ الْحُمُرُ(4) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَرْكَبُ حِمَاراً اسْمُهُ یَعْفُورٌ(5).

بیان: قال فی النهایة فیه ولدت جدیا أسفع أحوی أی أسود لیس شدید البیاض و فیه خیر الخیل الحو الحو جمع أحوی و هو الكمیت الذی یعلوه سواد و الحوة الكمتة و قد حوی فهو أحوی (6).

و فی الصحاح الحوة لون یخالط الكمتة مثل صدأ الحدید و قال الأصمعی الحوة حمرة تضرب إلی السواد و قد احووی الفرس یحووی احوواء و قال بعض العرب یقول حوی یحوی حوة حكاه فی كتاب الفرس و فی النهایة فیه خیر الخیل الأقرح طلق الید الیمنی أی مطلقها لیس فیه تحجیل (7).

«28»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الرُّویَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 173


1- 1. مكارم الأخلاق: 138.
2- 2. مكارم الأخلاق: 138.
3- 3. مكارم الأخلاق: 138.
4- 4. لعل محبوبیة ذلك مختصة بغیر حال الجهاد لانه تدلّ علی التواضع، و اما فی الجهاد فالفضل للخیل.
5- 5. مكارم الأخلاق: 138.
6- 6. النهایة 1: 308.
7- 7. النهایة 3: 47.

الْحَسَنِ التَّمِیمِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّیبَاجِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام ثَلَاثِینَ فَرَساً فِی غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ أَتْلُو عَلَیْكَ آیَةً فِی نَفَقَةِ الْخَیْلِ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً(1) فَهِیَ النَّفَقَةُ عَلَی الْخَیْلِ سِرّاً وَ عَلَانِیَةً(2).

«29»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلَائِكَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَی أَصْحَابِ الْخَیْلِ مَنِ اتَّخَذَهَا لِمَارِقٍ فِی دِینِهِ أَوْ مُشْرِكٍ (3).

«30»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ صَهِیلَ الْخَیْلِ یُفْزِعُ (4) قُلُوبَ الْأَعْدَاءِ وَ رَأَیْتُ جَبْرَئِیلَ علیه السلام تَبَسَّمَ عِنْدَ صَهِیلِهَا فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ لِمَ تَتَبَسَّمُ فَقَالَ وَ مَا یَمْنَعُنِی وَ الْكُفَّارُ تَرْجُفُ قُلُوبُهُمْ فِی أَجْوَافِهِمْ عِنْدَ صَهِیلِهَا(5).

«31»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَزَاةً فَعَطِشَ النَّاسُ عَطَشاً شَدِیداً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ مَنْ یَنْبَعِثُ لِلْمَاءِ(6) فَضَرَبَ النَّاسُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَی فَرَسٍ أَشْقَرَ بَیْنَ یَدَیْهِ قِرْبَةٌ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ وَ بَارِكْ فِی الْأَشْقَرِ(7)

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شُقْرُهَا خِیَارُهَا وَ كُمْتُهَا صِلَابُهَا وَ دُهْمُهَا مُلُوكُهَا فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَزَّ أَعْرَافَهَا وَ أَذْنَابَهَا مَذَابَّهَا(8).

ص: 174


1- 1. البقرة: 274.
2- 2. نوادر الراوندیّ: 33 و 34.
3- 3. نوادر الراوندیّ: 34.
4- 4. فی المصدر: لیفزع.
5- 5. نوادر الراوندیّ: 34.
6- 6. فی المصدر: هل من مغیث بالماء؟.
7- 7. زاد فی المصدر: ثم جاء رجل آخر علی فرس أشقر بین یدیه قربة من ماء. فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: اللّٰهمّ بارك فی الاشقر.
8- 8. نوادر الراوندیّ: 34.

«32»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1): الْخَیْلُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی أَنْ تَقُومَ الْقِیَامَةُ وَ أَهْلُهَا مُعَانُونَ (2) عَلَیْهَا أَعْرَافُهَا وَقَارُهَا وَ نَوَاصِیهَا جَمَالُهَا وَ أَذْنَابُهَا مَذَابُّهَا(3).

تبیان الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ قال الطبرسی رحمه اللّٰه قال ابن عباس نزلت الآیة فی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام كانت معه أربعة دراهم فتصدق بواحد نهارا و تصدق بواحد لیلا و بواحد سرا و بواحد علانیة و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام و روی عن أبی ذر و الأوزاعی أنها نزلت فی النفقة علی الخیل فی سبیل اللّٰه و قیل هی عامة فی كل من أنفق ماله فی طاعة اللّٰه علی هذه الصفة و علی هذا فأقول الآیة نزلت فی علی علیه السلام و حكمها سائر فی كل من فعل مثل فعله و له فضل السبق علی ذلك انتهی (4).

قوله و أذنابها بالنصب عطفا علی أعرافها و مذابها عطف بیان لها و یحتمل رفعهما لیكون جملة(5)

و ظاهره حرمة الجز و یمكن حمله علی شدة الكراهة أو علی ما إذا كان الغرض التدلیس كما هو الشائع.

«33»- أَعْلَامُ الدِّینِ، قِیلَ: حَجَّ الرَّشِیدُ فَلَقِیَهُ مُوسَی علیه السلام عَلَی بَغْلَةٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّشِیدُ مَنْ مِثْلُكَ فِی حَسَبِكَ وَ نَسَبِكَ وَ تَقَدُّمِكَ تَلْقَانِی عَلَی بَغْلَةٍ فَقَالَ تَطَأْطَأَتْ عَنْ خُیَلَاءِ الْخَیْلِ وَ ارْتَفَعَتْ عَنْ ذِلَّةِ الْحَمِیرِ(6).

ص: 175


1- 1. ذكر فی المصدر صدر للحدیث و هو هكذا: قال علیّ علیه السلام: ان رجلا من نجران كان مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی غزاة و معه فرس و كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یستأنس الی صهیله ففقده فبعث إلیه فقال: ما فعل فرسك، قال: اشتد علی شغبه فخصیته فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: مثلت به مثلت به، الخیل.
2- 2. فی المصدر: معاونون علیها.
3- 3. نوادر الراوندیّ: 34.
4- 4. مجمع البیان 2: 388.
5- 5. فی المخطوطة: و یكون جملة.
6- 6. اعلام الدین: مخطوط لم نجد نسخته.

«34»- كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَ التَّبْصِرَةِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: شُقْرُهَا خِیَارُهَا وَ كُمْتُهَا صِلَابُهَا وَ دُهْمُهَا مُلُوكُهَا فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَزَّ أَعْرَافَهَا وَ أَذْنَابَهَا مَذَابَّهَا(1).

«35»- الْفَقِیهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (2) قَالَ نَزَلَتْ فِی النَّفَقَةِ عَلَی الْخَیْلِ.

قال الصدوق رضی اللّٰه عنه هذه الآیة روی أنها نزلت فی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام و كان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدرهم منها باللیل و بدرهم بالنهار و بدرهم فی السر و بدرهم فی العلانیة فنزلت فیه هذه الآیة و الآیة إذا نزلت فی شی ء فهی منزلة فی كل ما یجری فیه فالاعتقاد فی تفسیرها أنها نزلت فی أمیر المؤمنین علیه السلام و جرت فی النفقة علی الخیل و أشباه ذلك (3).

«36»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَیْرُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِی الْخَیْلِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(4).

«37»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: یُمْنُ الْخَیْلِ فِی شُقْرِهَا(5).

الضوء الخیر هو النفع الحسن المرغوب فیه و بالعكس منه الشر و الخیل اسم تقع علی الفرسان و الأفراس فالأول

كَقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا خَیْلَ اللَّهِ ارْكَبِی.

و الثانی

كَقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَفَوْتُ لَكَ عَنْ صَدَقَةِ الْخَیْلِ.

یعنی الأفراس و اشتقاق الخیل من

ص: 176


1- 1. الإمامة و التبصرة مخطوط لم نجد نسخته.
2- 2. البقرة: 274.
3- 3. الفقیه 2: 188.
4- 4. الشهاب ....
5- 5. الشهاب ....

الخیلاء لأن الفرس كان له خیلاء فی نفسه و كذلك الفارس و لذلك یقال ما ركب أحد فرسا إلا وجد فی نفسه نخوة و فی كلام للعجم أن الرستاقی إذا ركب الفرس نسی اللّٰه و الحدیث مقصور علی مدح الأفراس للغناء الذی جعله اللّٰه فیها و لو لا الخیل ما فتحت مدینة و لا یغلب علی بلد من بلاد الكفار و بها استنجد النبی صلی اللّٰه علیه و آله و صحابته من بعده فیما تیسر لهم من الاستیلاء و فتح البلاد و نشر دعوة الإسلام فیها و لو لا تقویهم بها لما تیسر لهم ذلك و لا تمشی لهم أمر ثم إنها من أخص آلات الجهاد و أمر العدد لأعداء الإسلام.

و ذكر النواصی مجاز و إنما اختصها بالذكر لأنها من أول ما یستقبلك منها و یقال أری فی ناصیة فلان خیرا و بالعكس و روی عن وهب بن منبه قال فی بعض الكتب لما أراد اللّٰه أن یخلق الخیل قال للریح الجنوب إنی خالق منك خلقا أجعله عزا لأولیائی و إجلالا لأهل طاعتی فقبض قبضة من ریح الجنوب فخلق منها فرسا و قال سمیتك فرسا و جعلتك عربیا الخیر معقود بناصیتك و الغنم محوز علی ظهرك و جعلتك تطیر بلا جناح فأنت للطلب و أنت للهرب.

و روی أن تمیما الداری كان ینقی شعیرا لفرسه و هو أمیر علی بیت المقدس فقیل له لو كلفت هذا غیرك فقال

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ نَقَّی شَعِیراً لِفَرَسِهِ ثُمَّ قَامَ بِهِ حَتَّی یَعْلِفَهُ عَلَیْهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ شَعِیرَةٍ حَسَنَةً.

وَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ: رِبَاطُ یَوْمٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ خَیْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الرَّجُلِ فِی أَهْلِهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ یَوْماً كُلُّ یَوْمٍ أَلْفُ سَنَةٍ.

و لم تزل العرب مكرمة لخیولها علی ما تنطق به أشعارهم كما قال:

تجاع لها العیال و لا تجاع.

و كما قال:

و ما تستوی و الورد ساعة تفزع.

إلی غیر ذلك مما یطول تعداده و كان من سنتهم فی الجاهلیة أن یتمشی القبیلة إلی القبیلة فی ثلاثة أشیاء إذا ولد لهم غلام شریف أو نتج مهر جواد أو

ص: 177

نبغ لهم شاعر مفلق. و فائدة الحدیث التنبیه علی شرف منزلة الخیل و الأمر بإكرامها و راوی الحدیث ابن عمر رحمه اللّٰه و قال فی الحدیث الثانی الیمن البركة و النماء و قد یمن فلان فهو میمون إذا كان مباركا و یمن هو فهو یأمن و بالعكس منه شئم و شأم و تیمنت بذلك تبركت به و الشقرة فی الإنسان حمرة صافیة مع میل البشرة إلی البیاض و هی فی الخیل حمرة(1)

صافیة یحمر معها العرف و الذنب فإذا اسود فهو الكمیت و الشقرة فی الجمال حمرة شدیدة یقال بعیر أشقر و الشقر شقائق النعمان الواحدة الشقرة قال طرفة

و تساقی القوم كأسا مرة***و علی الخیل (2)دماء كالشقر

و شقرة لقب للحارث بن تمیم بن مر و النسب إلیه شقری بفتح القاف و الأصل فی الكلمة الحمرة.

و روی فی حدیث آخر یمن الخیل فی الشقر و علیكم بكل كمیت أغر محجل أو أشقر و لا تقصوا أعرافها و أذنابها.

وَ عَنْ أَبِی قَتَادَةَ الْأَنْصَارِیِّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أُرِیدُ أَنْ أَشْتَرِیَ فَرَساً فَأَیُّهَا أَشْتَرِی قَالَ اشْتَرِ أَدْهَمَ أَرْثَمَ مُحَجَّلًا مُطْلَقَ الْیَمِینِ أَوْ مِنَ الْكُمْتِ عَلَی هَذِهِ الشِّیَةِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ جُمِعَتْ خَیْلُ الْعَرَبِ فِی صَعِیدٍ وَاحِدٍ مَا سَبَقَهَا إِلَّا الْأَشْقَرُ.

و قال إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعث سریة فكان أول من جاء بالفتح صاحب أشقر.

و لا ریب أن أقوی الخیل الشقر و الكمیت و لا كثیر فرق بینهما إلا بالأعراف و الأذناب و فائدة الحدیث تفضیل الشقر و بیان أنها أیمن و أبرك من غیرها و راوی الحدیث عیسی بن علی الهاشمی عن أبیه عن جده (3).

ص: 178


1- 1. فی المخطوطة: سمرة.
2- 2. فی المخطوطة: و علا الخیل.
3- 3. الضوء: لیست عندی نسخته.

«38»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الشُّومُ فِی الْمَرْأَةِ وَ الْفَرَسِ وَ الدَّارِ(1).

الضوء الشوم نقیض الیمن و روی هذا الحدیث علی وجه آخر

أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا عَدْوَی وَ لَا هَامَةَ وَ لَا صَفَرَ وَ إِنْ تَكُنِ الطِّیَرَةُ فِی شَیْ ءٍ فَفِی الْمَرْأَةِ وَ الْفَرَسِ وَ الدَّارِ.

و العدوی اسم من أعداه الجرب و غیره یعدیه إذا تجاوز منه إلیه و فی حدیث آخر فما أعدی الأول و لا یعنی به أن بعض الأمراض لا یعدی فقد رئی مشاهدة أن الجرب یعدی و الرمد یعدی و غیر ذلك من الأمراض و لكن المعنی و اللّٰه أعلم أنه لا ینبغی للإنسان أن یعتقد أن هذه الأمراض لا تكاد تحصل إلا من العدوی فحسب بل قد تعدی و قد یبتدئها اللّٰه ابتداء من غیر عدوی فلا عدوی مطلقة بحیث لا یكون ابتداء بالمرض و الأولی أن یقال إن اللّٰه تعالی قد أجری العادة بأن تجرب الصحیحة إذا ماست الجربة فی بعض الأحوال و لذلك قال لا یوردن ذو عاهة علی مصح و تكون العدوی محمولة علی هذا ثم ذكر رحمه اللّٰه الهامة و الصفر نحو ما ذكرنا سابقا فی باب العدوی و الطیرة ثم قال قیل إن شوم المرأة كثرة مهرها و سوء خلقها و أن لا تلد و شوم الدار ضیقها و سوء جوارها و شوم الفرس أن لا یغزی علیها و قیل إن الشوم فی هذه الثلاثة لكثرة الإنفاق علیها.

وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِی دَارٍ كَثِیرٌ فِیهَا عَدَدُنَا كَثِیرٌ فِیهَا أَمْوَالُنَا فَتَحَوَّلْنَا إِلَی دَارٍ أُخْرَی فَقَلَّ فِیهَا عَدَدُنَا وَ قَلَّتْ فِیهَا أَمْوَالُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَرُوهَا ذَمِیمَةً وَ لَا تَأْثِیرَ لِلدَّارِ.

بل لعله صلی اللّٰه علیه و آله قال ذلك حتی لا یتأذوا بهذا الاعتقاد و فائدة الحدیث إعلام أن هذه الثلاثة الأشیاء یكثر الخرج علیها و تذهب البركة من المال بسببها و راوی الحدیث عبد اللّٰه بن عمر(2).

ص: 179


1- 1. الشهاب: لیست عندی نسخته.
2- 2. الضوء: لیست عندی نسخته.

«39»- الْمَجَازَاتُ النَّبَوِیَّةُ، قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: خَیْرُ الْخَیْلِ الْأَدْهَمُ الْأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ ثَلَاثاً طُلُقُ الْیَدِ الْیُمْنَی.

قال السید هذه من محاسن الاستعارات لأنه علیه السلام شبه الثلاث من قوائمه لالتفاف التحجیل علیها بالثلاث المعقولة من قوائم البعیر و المشكولة من قوائم الفرس و شبه الیمنی منها لخلوها من التحجیل بالمطلقة من العقال أو العاطلة من الشكال (1)

یقال ناقة طلق (2) إذا لم تكن معقولة و ناقة عطل (3) إذا لم تكن مزمومة(4).

«40»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ، فِی الصَّحِیحِ عَنْ حریر [جَرِیرِ] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَلْوِی نَاصِیَةَ فَرَسٍ بِإِصْبَعِهِ وَ هُوَ یَقُولُ الْخَیْلُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ الْأَجْرُ وَ الْغَنِیمَةُ.

و معنی عقد الخیر بنواصیها أنه ملازم لها كأنه معقود فیها و المراد بالناصیة هنا الشعر المسترسل علی الجبهة قاله الخطابی و غیره قال (5) و كنی بالناصیة عن جمیع ذات الفرس كما یقال فلان مبارك الناصیة و میمون الغرة أی الذات

وَ رَوَی مُسْلِمٌ (6): أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَیْلِ.

ص: 180


1- 1. العقال: القید: و الشكال: الحبل.
2- 2. فی المصدر: و یقال، ناقة علط: إذا لم تكن موسومه، و یقال: طلق: إذا لم تكن معقولة.
3- 3. فی المصدر:« و ناقة علط» أقول: العلط من النوق: ما لا سمة لها و لا خطام.
4- 4. المجازات النبویّة: 121 و 122.
5- 5. فی المصدر: قالوا.
6- 6. فی المصدر: و روی مسلم و أبو داود و الترمذی و النسائی و ابن ماجة عن ابی هریرة.

و الشكال أن یكون الفرس فی رجله الیمنی بیاض أو فی یده الیسری (1) أو فی یده الیمنی و رجله الیسری بیاض كذا وقع فی تفسیر صحیح مسلم و هذا أحد الأقوال فی الشكال و قال أبو عبیدة و جمهور أهل اللغة و العرب أن یكون (2) منه ثلاث قوائم محجلة و واحدة مطلقة تشبیها بالشكال الذی یشكل به الخیل فإنه یكون فی ثلاث قوائم غالبا و قال ابن درید هو أن یكون محجلا فی شق واحد فی یده و رجله فإن كان مخالفا قیل شكال مخالف و قیل الشكال بیاض الرجلین و قیل بیاض الیدین.

قال العلماء و إنما كرهه لأنه علی صورة المشكول و قیل یحتمل أن یكون جرب ذلك الجنس فلم تكن فیه نجابة و قال بعض العلماء فإذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة له بزوال شبه الشكال (3).

وَ رَوَی النَّسَائِیُّ عَنْ أَنَسٍ (4): أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَیْهِ بَعْدَ النِّسَاءِ مِنَ الْخَیْلِ.

إسناده جید.

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ فَرَسٍ إِلَّا وَ یُؤْذَنُ لَهُ عِنْدَ كُلِّ فَجْرٍ(5)

اللَّهُمَّ مَنْ خَوَّلْتَنِی مِنْ بَنِی آدَمَ وَ جَعَلْتَنِی لَهُ فَاجْعَلْنِی أَحَبَّ مَالِهِ وَ أَهْلِهِ إِلَیْهِ (6).

ص: 181


1- 1. فی المصدر: و فی یده الیسری.
2- 2. فی المصدر: اهل اللغة و الغریب هو أن یكون.
3- 3. فی المصدر: لزوال شبهه بالشكال.
4- 4. ذكر فی المصدر اسناده و تركه المصنّف للاختصار.
5- 5. فی المصدر: عند كل فجر بدعوة یدعو بها.
6- 6. فی المصدر: و خولتنی له فاجعلنی أحبّ اهله و ماله إلیه.

وَ فِی طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ بِسَنَدِهِ عَنْ غَرِیبٍ (1) الْمُلَیْكِیِّ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِیَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (2) مَنْ هُمْ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابُ الْخَیْلِ (3) ثُمَّ قَالَ الْمُنْفِقُ عَلَی الْخَیْلِ كَالْبَاسِطِ یَدَیْهِ (4) بِالصَّدَقَةِ لَا یَقْبِضُهَا وَ أَبْوَالُهَا وَ أَرْوَاثُهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ كَذَكِیِّ الْمِسْكِ (5).

و قال الفرس واحد الخیل و الجمع أفراس الذكر و الأنثی فی ذلك سواء و أصله التأنیث و حكی ابن جنی و الفراء فرسة و تصغیر الفرس فریس و إن أردت الأنثی خاصة لم تقل إلا فریسة بالهاء و لفظها مشتق من الافتراس كأنها تفترس الأرض لسرعة مشیها(6)

و راكب الفرس فارس و هو مثل لابن و تامر و روی أبو داود و الحاكم عن أبی هریرة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان یسمی الأنثی من الخیل فرسا.

قال ابن السكیت یقال لراكب ذی الحافر من فرس أو بغل أو حمار فارس.

و الفرس أشبه الحیوان بالإنسان لما یوجد فیه من الكرم و شرف النفس و علو الهمة و تزعم العرب أنه كان وحشیا و أول من ذلله و ركبه إسماعیل علیه السلام و من

ص: 182


1- 1. فیه تصحیف و الصحیح:« عریب» بالمهملة، ترجمه ابن الأثیر فی أسد الغابة 3: 407 قال: عریب أبو عبد اللّٰه الملیكی عداده فی أهل الشام قال البخاری: قیل: له صحبة اهل ثمّ ذكر الحدیث الوارد فی تفسیر الآیة عنه. أقول: هو بضم العین مصغرا.
2- 2. البقرة: 274.
3- 3. فی المصدر: هم أصحاب الخیل.
4- 4. فی المصدر: یده.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 223 و 224.
6- 6. فی المصدر: بسرعة مشیها.

الخیل ما لا یبول و لا یروث ما دام علیه راكبه (1)

و منها ما یعرف صاحبه و لا یمكن غیره من ركوبه و كان لسلیمان علیه السلام خیل ذوات أجنحة و الخیل جنسان (2) عتیق و هجین (3)

فالعتیق ما أبواه عربیان و العتیق الكریم من كل شی ء و الخیار من كل شی ء.

قَالَ 17 الزَّمَخْشَرِیُ (4) فِی الْحَدِیثِ: إِنَّ الشَّیْطَانَ لَا یَقْرَبُ صَاحِبَ فَرَسٍ عَتِیقٍ وَ لَا دَاراً فِیهَا فَرَسٌ عَتِیقٌ.

وَ فِی كِتَابِ الْخَیْلِ، أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الشَّیْطَانَ لَا یَخْبُلُ أَحَداً فِی دَارٍ فِیهَا فَرَسٌ عَتِیقٌ.

وَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مُوسَی (5) أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: فِی هَذِهِ الْآیَةِ وَ آخَرِینَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ (6) قَالَ هُمُ الْجِنُّ لَا یَدْخُلُونَ بَیْتاً فِیهَا فَرَسٌ عَتِیقٌ.

قال ابن عبد البر فی التمهید الفرس العتیق هو الفاره عندنا.

و قال صاحب العین هو السابق.

و فی المستدرك من حدیث معاویة بن حدیج بالحاء المهملة المضمومة و الدال المهملة المفتوحة و بالجیم فی آخره و هو الذی أحرق محمد بن أبی بكر بمصر

عَنْ أَبِی ذَرٍّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ فَرَسٍ عَرَبِیٍّ إِلَّا یُؤْذَنُ لَهُ كُلَّ یَوْمٍ بِدَعْوَتَیْنِ یَقُولُ

ص: 183


1- 1. فی المصدر: ما دام راكبه علیه.
2- 2. فی المصدر: و الخیل نوعان.
3- 3. أسقط المصنّف من هنا ما ذكره سابقا من الفرق بین الفرس و البرذون.
4- 4. فی المصدر: قال الزمخشریّ فی تفسیر سورة الأنفال: و فی الحدیث.
5- 5. فی المصدر: سلیمان بن یسار.
6- 6. الأنفال: 60.

اللَّهُمَّ كَمَا خَوَّلْتَنِی مَنْ خَوَّلْتَنِی فَاجْعَلْنِی مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ إِلَیْهِ.

ثم قال صحیح الإسناد.

و لهذا الحدیث قصة ذكرها النسائی فی كتاب الخیل من سننه فقال قال أبو عبیدة قال معاویة بن حدیج لما افتتحت مصر كان لكل قوم مراغة یمرغون فیها دوابهم فمر معاویة بأبی ذر و هو یمرغ فرسا له فسلم علیه ثم قال یا أبا ذر ما هذا الفرس.

قال هذا فرس لا أراه إلا مستجاب الدعاء قال و هل تدعو الخیل و تجاب قال نعم لیس من لیلة إلا و الفرس یدعو فیها ربه فیقول رب إنك سخرتنی لابن آدم و جعلت رزقی فی یده فاجعلنی أحب إلیه من أهله و ولده فمنها المستجاب و منها غیر المستجاب و لا أری فرسی هذا إلا مستجابا.

و رَوَی الْحَاكِمُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعاً: قَالَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَغْزُوَ فَاشْتَرِ فَرَساً أَدْهَمَ مُحَجَّلًا طُلُقَ الْیُمْنَی فَإِنَّكَ تَغْنَمُ وَ تَسْلَمُ.

ثم قال صحیح علی شرط مسلم.

و الهجین الذی أبوه عربی و أمه عجمیة و المقرف بضم المیم و إسكان القاف و بالراء المهملة و بالفاء فی آخره عكسه و كذلك فی بنی آدم.

وَ فِی كُتُبِ الْغَرِیبِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الرَّجُلَ الْقَوِیَّ الْمُبْدِئَ الْمُعِیدَ عَلَی الْفَرَسِ الْمُبْدِئِ الْمُعِیدِ.

أی الذی أبدأ فی غزوة و أعاد فغزا مرة أخری بعد مرة أی جرب الأمور طورا بعد طور و الفرس المبدئ المعید الذی غزا علیه صاحبه مرة بعد أخری و قیل هو الذی قد ریض و أدب فصار طوع راكبه.

وَ فِی الصَّحِیحِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَكِبَ فَرَساً مَعْرُوراً(1) لِأَبِی طَلْحَةَ وَ قَالَ إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً.

ص: 184


1- 1. أی فرسا جربا.

وَ فِی الْفَائِقِ: أَنَّ أَهْلَ الْمَدِینَةِ فَزِعُوا مَرَّةً فَرَكِبَ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَساً عُرْیاً وَ رَكَضَ فِی آثَارِهِمْ فَلَمَّا رَجَعَ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً.

قال حماد بن سلمة كان هذا الفرس بطیئا فلما قال صلی اللّٰه علیه و آله هذا القول صار سابقا لا یلحق.

وَ رَوَی النَّسَائِیُّ وَ الطَّبَرَانِیُّ مِنْ حَدِیثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ أَخِی سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ عَنْ جُعَیْلٍ الْأَشْجَعِیِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَ أَنَا عَلَی فَرَسٍ عَجْفَاءَ فَكُنْتُ فِی آخِرِ النَّاسِ فَلَحِقَنِی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ سِرْ یَا صَاحِبَ الْفَرَسِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ

اللَّهِ إِنَّهَا فَرَسٌ عَجْفَاءُ ضَعِیفَةٌ فَرَفَعَ صلی اللّٰه علیه و آله بِمِخْصَرَةٍ(1)

كَانَتْ مَعَهُ فَضَرَبَهَا بِهَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِیهَا فَلَقَدْ رَأَیْتُنِی مَا أَمْلِكُ رَأْسَهَا حَتَّی صِرْتُ مِنْ قُدَّامِ الْقَوْمِ وَ لَقَدْ بِعْتُ مِنْ بَطْنِهَا بِاثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً.

وَ رُوِیَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ: أَنَّهُ كَانَ لَا یَرْكَبُ فِی الْقِتَالِ إِلَّا الْإِنَاثَ لِقِلَّةِ صَهِیلِهَا.

و قال ابن محیریز كان الصحابة یستحبون ذكور الخیل عند الصفوف و إناث الخیل عند البیات و الغارات.

وَ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِی صَحِیحِهِ عَنِ ابْنِ عَامِرِ الْهَوْزَنِیِ (2)

عَنْ أَبِی كَبْشَةَ الْأَنْمَارِیِّ وَ اسْمُهُ أَصْرَمُ بْنُ سَعْدٍ(3): أَنَّهُ أَتَاهُ فَقَالَ أَطْرِقْنِی فَرَسَكَ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 185


1- 1. فی المصدر:« مخفقة» أقول: المخفقة: الدرة یضرب بها، و قیل: سوط من خشب. و المخصرة: شی ء كالسوط یتوكا علیه كالعصا.
2- 2. الهوزنی بفتح الهاء و سكون الواو و فتح الزای نسبة الی هوزن بن عوف بن عبد شمس بن وائل بن الغوث، بطن من ذی الكلاع من حمیر.
3- 3. هكذا فی النسخ و فی المصدر:« اسمه عمرو بن سعد» قال ابن حجر فی التقریب 607: أبو كبشة الانماری هو سعید بن عمرو، أو عمرو بن سعید، و قیل: عمر، أو عامر بن سعد، صحابی نزل الشام.

یَقُولُ مَنْ أَطْرَقَ فَرَساً فَعَقَبَ لَهُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ سَبْعِینَ فَرَساً حَمَلَ عَلَیْهَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ إِنْ لَمْ یَعْقُبْ لَهُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ فَرَسٍ حَمَلَ عَلَیْهَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ.

و فی طبع الفرس الزهو و الخیلاء و السرور بنفسه و المحبة لصاحبه و من أخلاقه الدالة علی شرف نفسه و كرمه أنه لا یأكل بقیة علف غیره و من علو همته أن أشقر مروان كان سائسه لا یدخل علیه إلا بإذن و هو أن یحرك له المخلاة فإن حمحم دخل و إن دخل و لم یحمحم شد علیه و الأنثی من الخیل ذات شبق شدید و لذلك تطیع الفحل من غیر نوعها و جنسها.

قال الجاحظ و الحیض یعرض للإناث منهن و لكنه قلیل و الذكر ینزو إلی تمام أربع سنین و ربما عمر إلی التسعین و الفرس یری المنامات كبنی آدم و فی طبعه أنه لا یشرب الماء إلا كدرا فإذا أراه صافیا كدرة و یوصف بحدة البصر و إذا وطئ علی أثر الذئب خدرت قوائمه حتی لا یكاد یتحرك و یخرج الدخان من جلده.

قال الجوهری و یقال إن الفرس لا طحال له و هو مثل لسرعته و حركته كما یقال البعیر لا مرارة له أی لا جسارة له و عن أبی عبیدة و أبی زید قالا الفرس لا طحال له و لا مرارة للبعیر و الظلیم لا مخ له قال أبو زید و كذلك طیر الماء و حیتان البحر لا ألسنة لها و لا أدمغة و السمك لا رئة له و لذلك لا یتنفس و كل ذی رئة یتنفس.

وَ رَوَوْا أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنْ یَكُنِ الْخَیْرُ فِی شَیْ ءٍ فَفِی ثَلَاثٍ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ وَ الْفَرَسِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: الشُّومُ فِی ثَلَاثٍ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ وَ الْفَرَسِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: الشُّومُ فِی الربع [أَرْبَعٍ] ... وَ الْخَادِمِ وَ الْفَرَسِ (1).

ص: 186


1- 1. فی المصدر: و فی روایة: الشوم فی أربع: المرأة و الدار و الفرس و الخادم.

و اختلف العلماء فیه فقیل معناه علی اعتقاد الناس فی ذلك (1)

وَ رُوِیَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ(2) قَالَتْ: لَمْ یَحْفَظْ أَبُو هُرَیْرَةَ لِأَنَّهُ دَخَلَ وَ الرَّسُولُ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ قَاتَلَ اللَّهُ الْیَهُودَ یَقُولُونَ الشُّومُ فِی ثَلَاثٍ إلخ فَسَمِعَ آخِرَ الْحَدِیثِ وَ لَمْ یَسْمَعْ أَوَّلَهُ.

و قال طائفة هی علی ظاهرها فإن الدار قد یجعل اللّٰه سكناها سببا للضرر و الهلاك و كذلك الفرس و الخادم (3) قد یجعل اللّٰه الهلاك عندهما(4) بقضاء اللّٰه و قدره.

و قال الخطابی و كثیرون هو فی معنی الاستثناء من الطیرة أی الطیرة منهی عنها إلا أن یكون له دار یكره سكناها أو امرأة یكره صحبتها أو فرس أو خادم (5)

فلیفارق الجمیع بالبیع و نحوه و طلاق المرأة.

و قال آخرون شوم الدار ضیقها و سوء جیرانها و شوم المرأة عدم ولادتها و سلاطة لسانها و تعرضها للریب و شوم الفرس أن لا یغزی علیها.

و قیل حرانها(6) و غلاء ثمنها و شوم الخادم سوء خلقه و قلة تعهده لما فوض إلیه و قیل المراد بالشوم هنا عدم الموافقة و اعترض بعض الملحدة بحدیث لا طیرة علی هذا و أجاب ابن قتیبة و غیره بأن هذا مخصوص من حدیث طیرة(7)

ص: 187


1- 1. زاد فی المصدر: لا انه خبر من النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله عن اثبات الشوم.
2- 2. زاد فی المصدر: ففی مسند ابی داود الطیالسی عنها انه قیل لها: ان ابا هریرة یقول: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: الشوم فی ثلاث: المرأة و الدار و الفرس فقالت عائشة.
3- 3. فی المصدر: و كذلك المرأة و الفرس و الخادم.
4- 4. فی المصدر: عند وجودهم.
5- 5. فی المصدر: أو فرس أو خادم یكره اقامتهما.
6- 6. حرن الفرس: وقف و لم ینقد.
7- 7. فی المصدر: من حدیث لا طیرة.

أی لا طیرة إلا فی هذه الثلاثة

قَالَ الدِّمْیَاطِیُّ رَوَیْنَا بِالْإِسْنَادِ الصَّحِیحِ عَنْ یُوسُفَ بْنِ مُوسَی الْقَطَّانِ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْبَرَكَةُ فِی ثَلَاثٍ فِی الْفَرَسِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ.

قَالَ یُوسُفُ سَأَلْتُ ابْنَ عُیَیْنَةَ عَنْ مَعْنَی هَذَا الْحَدِیثِ فَقَالَ سُفْیَانُ سَأَلْتُ عَنْهُ الزُّهْرِیَّ فَقَالَ الزُّهْرِیُّ سَأَلْتُ عَنْهُ سَالِماً فَقَالَ سَالِمٌ سَأَلْتُ عَنْهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ (1): سَأَلْتُ عَنْهُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِذَا كَانَ الْفَرَسُ ضَرُوباً فَهُوَ مَشُومٌ وَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ عَرَفَتْ زَوْجاً غَیْرَ زَوْجِهَا فَحَنَّتْ إِلَی الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَهِیَ مَشُومَةٌ وَ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ بَعِیدَةً عَنِ الْمَسْجِدِ لَا یُسْمَعُ فِیهَا الْأَذَانُ وَ الْإِقَامَةُ فَهِیَ مَشُومَةٌ وَ إِذَا كُنَّ بِغَیْرِ هَذَا الْوَصْفِ (2)

فَهُنَّ مُبَارَكَاتٌ (3).

و قال البغل مركب من الفرس و الحمار و لذلك صار له صلابة الحمار و عظم آلات الخیل و كذلك شحیجه أی صوته تولد(4) من صهیل الفرس و نهیق الحمار و هو عقیم لا یولد لكن فی تاریخ ابن البطریق فی حوادث سنة أربع و أربعین و أربعمائة أن بغلة بنابلس ولدت.

و شر الطباع ما تجاذبته الأعراق المتضادة و الأخلاق المتباینة و العناصر المتباعدة و إذا كان الذكر حمارا یكون شدید الشبه بالفرس و إذا كان الذكر فرسا یكون شدید الشبه بالحمار و من العجب أن كل عضو فرضته منه یكون بین الفرس و الحمار و كذلك أخلاقه لیس له ذكاء الفرس و بلادة الحمار.

و یقال إن أول من أنتجها قارون.

و له صبر الحمار و قوة الفرس و یوصف برداءة الأخلاق و التلون لأجل

ص: 188


1- 1. فی المصدر: فقال عبد اللّٰه بن عمر.
2- 2. فی المصدر: بغیر هذه الصفات.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 146- 150.
4- 4. فی المصدر: مولد.

التركیب لكنه یوصف مع ذلك بالهدایة فی كل طریق یسلكه مرة واحدة و هو مع ذلك مركب الملوك فی أسفارها و قعیدة الصعالیك فی قضاء أوطارها مع احتماله الأثقال و صبره علی طول الأنقال و لذلك یقال:

مركب قاض و إمام عدل***و سید و عالم و كهل.

یصلح للرجل و غیر الرجل (1).

وَ رَوَی ابْنُ عَسَاكِرَ فِی تَارِیخِ دِمَشْقَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّ الْبِغَالَ كَانَتْ تَتَنَاسَلُ وَ كَانَتْ أَسْرَعَ الدَّوَابِّ فِی نَقْلِ الْحَطَبِ لِنَارِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ فَدَعَا عَلَیْهَا فَقَطَعَ اللَّهُ نَسْلَهَا.

و عن إسحاق بن (2) حماد بن أبی حنیفة أنه قال كان عندنا طحان رافضی له بغلان سمی أحدهما أبا بكر و الآخر عمر فرمحه أحدهما فقتله فأخبر جدی أبو حنیفة بذلك فقال انظروا الذی رمحه فهو الذی سماه عمر فوجدوه كذلك.

وَ فِی كَامِلِ ابْنِ عَدِیٍّ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَكِبَ بَغْلَةً فَحَادَتْ (3) بِهِ فحسبها [فَحَبَسَهَا] وَ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ یَقْرَأَ عَلَیْهَا قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَسَكَنَتْ.

وَ رَوَی أَبُو دَاوُدَ وَ النَّسَائِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زفیرٍ النَّافِعِیِ (4) الْمِصْرِیِّ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام

ص: 189


1- 1. فی المصدر: و عالم و سید و كهل یصلح للرحل و غیر الرحل.
2- 2. فی المصدر:« إسماعیل بن حماد» و هو الصحیح راجع التقریب: 42.
3- 3. أی مالت به.
4- 4. فی المخطوطة: النافعی( القافقی خ ل) و فی المصدر:« عبد اللّٰه بن زریر الغافقی المصری» و الصحیح هو الذی فی المصدر. قال ابن حجر فی التقریب: 266: عبد اللّٰه بن زریر بتقدیم الزای مصغرا، الغافقی المصری ثقة رمی بالتشیع مات سنة 80، أو بعدها.

قَالَ: أُهْدِیَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام (1) لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِیرَ عَلَی الْخَیْلِ لَكَانَتْ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا یَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ.

قال ابن حبان معناه الذین لا یعلمون النهی عنه قال الخطابی یشبه أن یكون المعنی فی ذلك و اللّٰه أعلم أن الحمیر إذا حملت علی الخیل تعطلت منافع الخیل و قل عددها و انقطع نماؤها و الخیل یحتاج إلیها للركوب (2) و الركض و الطلب و علیها یجاهد العدو و بها تحرز الغنائم و لحمها مأكول و یسهم للفرس كما یسهم للفارس و لیس للبغل شی ء من هذه الفضائل فأحب النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن ینمو عدد الخیل و یكثر نسلها لما فیها من النفع و الصلاح فإذا كانت الفحول خیلا و الأمهات حمیرا فیحتمل أن لا یكون داخلا فی النهی إلا أن یتأول متأول أن المراد بالحدیث صیانة الخیل عن مزاوجة الحمیر و كراهة اختلاط مائها بمائها لئلا یكون منها الحیوان المركب من نوعین مختلفین فإن أكثر الحیوان المركب (3) من جنسین من الحیوان أخبث طبعا من أصولها التی تتولد منها و أشد شراسة كالسِّمْع و نحوه (4).

ثم إن البغل حیوان عقیم لیس لها نسل و لا نماء و لا یذكی و لا یزكی ثم قال و لا أری هذا الرأی طائلا فإن اللّٰه تعالی قال وَ الْخَیْلَ وَ الْبِغالَ وَ الْحَمِیرَ لِتَرْكَبُوها وَ زِینَةً(5)

ص: 190


1- 1. فی المصدر:« فقالوا: لو» أقول: ای أصحابه( ص).
2- 2. فی المصدر: للركوب و العدد و الركض.
3- 3. فی المصدر: فان أكثر الحیوانات المركبة من نوعین.
4- 4. فی المصدر:« كالسمع و العسبار و نحوهما»: أقول: السمع بكسر فسكون: ولد الذئب من الضبع، و العسبار: ولد الذئب او ولد الضبع من الذئب.
5- 5. النحل: 8.

فذكر البغال و امتن علینا بها كامتنانه بالخیل و الحمیر و أفرد ذكرها بالاسم الخاص الموضوع لها و نبه علی ما فیها من الإرب و المنفعة و المكروه من الأشیاء مذموم لا یستحق المدح و لا یقع الامتنان به و قد استعمل صلی اللّٰه علیه و آله البغل و اقتناه و ركبه حضرا و سفرا و لو كان مكروها لم یقتنه و لم یستعمله انتهی.

وَ رَوَی مُسْلِمٌ عَنْ زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: بَیْنَمَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَائِطٍ لِبَنِی النَّجَّارِ عَلَی بَغْلَةٍ لَهُ وَ نَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ وَ كَادَتْ أَنْ تُلْقِیَهُ وَ إِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ مَنْ یَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الْأَقْبُرِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مَتَی مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا عَلَی الْإِشْرَاكِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَی فِی قُبُورِهَا فَلَوْ لَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ یُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِی أَسْمَعُ مِنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَ صلی اللّٰه علیه و آله بِوَجْهِهِ الْكَرِیمِ إِلَیْنَا(1)

فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ(2) فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ فَقَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ مَا بَطَنَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ فَقَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.

وَ فِی مَجْمَعِ الطَّبَرَانِیِّ الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِیثِ أَنَسٍ قَالَ: انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ یَوْمَ حُنَیْنٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ الَّتِی یُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دُلْدُلُ اسْدِی فَأَلْصَقَتْ بَطْنَهَا بِالْأَرْضِ حَتَّی أَخَذَ النَّبِیُّ حَفْنَةً(3)

ص: 191


1- 1. فی المصدر: ثم اقبل النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله علینا بوجهه الكریم.
2- 2. زاد فی المصدر بعد ذلك: فقال: تعوذوا باللّٰه من عذاب النار، فقالوا: نعوذ باللّٰه من عذاب النار.
3- 3. هكذا فی المطبوع و المخطوط، و فی المصدر،« خفة» و لعله مصحف عن« حفنة» أی ملا الكفین.

مِنْ تُرَابٍ فَرَمَی بِهَا وُجُوهَهُمْ قَالَ حم لَا یُنْصَرُونَ (1) قَالَ فَانْهَزَمَ الْقَوْمُ وَ مَا رَمَیْنَاهُمْ بِسَهْمٍ وَ لَا طَعَنَّاهُمْ بِرُمْحٍ وَ لَا ضَرَبْنَاهُمْ بِسَیْفٍ.

وَ فِیهِ مِنْ حَدِیثِ شَیْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَمِّهِ عَبَّاسٍ یَوْمَ حُنَیْنٍ نَاوِلْنِی مِنَ الْبَطْحَاءِ فَأَفْقَهَ اللَّهُ الْبَغْلَةَ كَلَامَهُ فَانْخَفَضَتْ بِهِ حَتَّی كَادَ بَطْنُهَا یَمَسُّ الْأَرْضَ فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْحَصْبَاءِ فَنَفَخَ فِی وُجُوهِهِمْ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ حم لَا یُنْصَرُونَ (2).

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ وَ أَبُو نُعَیْمٍ مِنْ طُرُقٍ صَحِیحَةٍ عَنْ خُزَیْمَةَ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: هَاجَرْتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدِمْتُ عَلَیْهِ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ فَأَسْلَمْتُ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ هَذِهِ الْحِیرَةُ قَدْ رُفِعَتْ إِلَیَّ وَ إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَهَا وَ هَذِهِ الشَّیْمَاءُ بِنْتُ نُفَیْلَةَ الْأَسَدِیَّةُ(3) عَلَی بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةً بِخِمَارٍ أَسْوَدَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ نَحْنُ دَخَلْنَا الْحِیرَةَ فَوَجَدْنَاهَا عَلَی هَذِهِ الصِّفَةِ فَهِیَ لِی قَالَ هِیَ لَكَ فَأَقْبَلْنَا مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ نُرِیدُ الْحِیرَةَ فَلَمَّا دَخَلْنَاهَا كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَلْقَانَا الشَّیْمَاءَ بِنْتَ نُفَیْلَةَ(4) كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ مُعْتَجِرَةً بِخِمَارٍ أَسْوَدَ فَتَعَلَّقْتُ بِهَا فَقُلْتُ هَذِهِ وَهَبَهَا لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ طَلَبَ مِنِّی خَالِدٌ عَلَیْهَا الْبَیِّنَةَ فَأَتَیْتُهُ بِهَا فَسَلَّمَهَا إِلَیَّ وَ نَزَلَ إِلَیْنَا أَخُوهَا عَبْدُ الْمَسِیحِ فَقَالَ لِی أَ تَبِیعُنِیهَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَاحْتَكِمْ بِمَا

ص: 192


1- 1. فی المصدر:« صم لا یبصرون» و الظاهر أنّه مصحف و الصحیح ما فی المتن، قال الجزریّ فی النهایة 1: 296: فی حدیث الجهاد:« إذا بیتم فقولوا: حم لا ینصرون» قیل: معناه اللّٰهمّ لا ینصرون، و یرید به الخبر لا الدعاء لانه لو كان دعاء لقال:« لا ینصروا» مجزوما، فكانه قال: و اللّٰه لا ینصرون، و قیل: ان السور التی فی اولها حم سور لها شأن فنبه ان ذكرها لشرف منزلتها ممّا یستظهر به علی استنزال النصر من اللّٰه، و قوله:« لا ینصرون» كلام مستأنف، كانه حین قال: قولوا: حم، قیل: ما ذا یكون إذا قلناه؟ فقال: لا ینصرون.
2- 2. فی المصدر:« صم لا یبصرون» و الظاهر أنّه مصحف و الصحیح ما فی المتن، قال الجزریّ فی النهایة 1: 296: فی حدیث الجهاد:« إذا بیتم فقولوا: حم لا ینصرون» قیل: معناه اللّٰهمّ لا ینصرون، و یرید به الخبر لا الدعاء لانه لو كان دعاء لقال:« لا ینصروا» مجزوما، فكانه قال: و اللّٰه لا ینصرون، و قیل: ان السور التی فی اولها حم سور لها شأن فنبه ان ذكرها لشرف منزلتها ممّا یستظهر به علی استنزال النصر من اللّٰه، و قوله:« لا ینصرون» كلام مستأنف، كانه حین قال: قولوا: حم، قیل: ما ذا یكون إذا قلناه؟ فقال: لا ینصرون.
3- 3. فی المصدر: بنت نفیل الازدیة.
4- 4. فی المصدر: بنت نفیل.

شِئْتَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَا أَنْقُصُهَا عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ إِلَیَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ لِی لَوْ قُلْتَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ دَفَعْتُهَا إِلَیْكَ فَقُلْتُ لَا أُحِبُّ مَالًا فَوْقَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

قال الطبرانی و بلغنی أن الشاهدین كانا محمد بن مسلمة و عبد اللّٰه بن عمر.

و قال فی الحمار و لیس فی الحیوان ما ینزو علی غیر جنسه و یلقح إلا الحمار و الفرس و هو ینزو إذا تم له ثلاثون شهرا و منه نوع یصلح لحمل الأثقال و نوع لین الأعطاف سریع العدو یسبق براذین الخیل.

و من عجیب أمره إذا شم رائحة الأسد رمی نفسه علیه من شدة الخوف منه یرید بذلك الفرار و یوصف بالهدایة إلی سلوك الطرقات التی مشی فیها و لو مرة واحدة و بحدة السمع.

و للناس فی مدحه و ذمه أقوال متباینة بحسب الأغراض فمن ذلك أن خالد بن صفوان و الفضل بن عیسی الرقاشی كانا یختاران ركوب الحمیر علی ركوب البراذین فأما خالد فلقیه بعض الأشراف بالبصرة علی حمار فقال ما هذا یا با صفوان فقال هذا عیر من

نسل الكداد یحمل الرجلة و یبلغنی العقبة و یقل داؤه و یخف دواؤه و یمنعنی من أن أكون جبارا فی الأرض و أن أكون من المفسدین.

و أما الفضل فإنه سئل عن ركوبه فقال إنه أقل الدواب مئونة و أكثرها معونة و أخفضها مهوی و أقربها مرتقی فسمع أعرابی كلامه فعارضه بقوله الحمار شنار و العیر عار منكر الصوت لا ترقأ به الدماء و لا تمهر به النساء و صوته أنكر الأصوات.

قال الزمخشری الحمار مثل فی الذم الشنیع و الشتمة و من استیحاشهم لذكر اسمه أنهم یكنون عنه و یرغبون عن التصریح به فیقولون الطویل الأذنین كما یكنی عن الشی ء المستقذر و قد عد من مساوئ الآداب أن تجری ذكر الحمار فی مجلس قوم أولی المروة.

و من العرب من لا یركب الحمار استنكافا و إن بلغت به الرجلة الجهد.

و المروءة بالهمز و تركه قال الجوهری هی الإنسانیة و قال ابن فارس الرجولیة

ص: 193

و قیل إن ذا المروءة من یصون نفسه عن الأدناس و لا یشینها عند الناس و قیل من یسیر بسیرة أمثاله فی زمانه و مكانه قال الدارمی قیل المروءة فی الحرفة و قیل فی آداب الدین كالأكل و الصیاح فی الجم الغفیر و انتهار الشائل و قلة فعل الخیر مع القدرة علیه و كثرة الاستهزاء و الضحك و نحو ذلك انتهی.

وَ رُوِیَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیهما السلام: أَنَّهُ كَانَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَ كَانَ لَهُ مَعَ اللَّهِ مُعَامَلَةٌ حَسَنَةٌ وَ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَ كَانَ ضَنِیناً بِهَا وَ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ أَهْلِ زَمَانِهَا مُفْرِطَةً فِی الْجَمَالِ وَ الْحُسْنِ وَ كَانَ یُقْفِلُ عَلَیْهَا الْبَابَ فَنَظَرَتْ یَوْماً شَابّاً فَهَوَتْهُ وَ هَوَاهَا فَعَمِلَ لَهَا مِفْتَاحاً عَلَی بَابِ دَارِهَا وَ كَانَ یَخْرُجُ وَ یَدْخُلُ لَیْلًا وَ نَهَاراً مَتَی شَاءَ وَ زَوْجُهَا لَمْ یَشْعُرْ بِذَلِكَ فَبَقِیَا عَلَی ذَلِكَ زَمَاناً طَوِیلًا فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا یَوْماً وَ كَانَ أَعْبَدَ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ أَزْهَدَهُمْ إِنَّكِ قَدْ تَغَیَّرْتِ عَلَیَّ وَ لَمْ أَعْلَمْ مَا سَبَبُهُ وَ قَدْ تُوَسْوِسُ قَلْبِی عَلَیَّ وَ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا بِكْراً ثُمَّ قَالَ وَ أَشْتَهِی مِنْكِ أَنَّكِ تَحْلِفِی لِی أَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِی رَجُلًا غَیْرِی وَ كَانَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ جَبَلٌ یُقْسِمُونَ بِهِ وَ یَتَحَاكَمُونَ عِنْدَهُ وَ كَانَ الْجَبَلُ خَارِجَ الْمَدِینَةِ عِنْدَهُ نَهَرٌ جَارٍ وَ كَانَ لَا یَحْلِفُ عِنْدَهُ أَحَدٌ كَاذِباً إِلَّا هَلَكَ فَقَالَتْ لَهُ وَ یُطَیِّبُ قَلْبَكَ إِذَا حَلَفْتُ لَكَ عِنْدَ الْجَبَلِ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ مَتَی شِئْتَ فَعَلْتُ فَلَمَّا خَرَجَ الْعَابِدُ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ دَخَلَ عَلَیْهَا الشَّابُّ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا جَرَی لَهَا مَعَ زَوْجِهَا وَ أَنَّهَا تُرِیدُ أَنْ تَحْلِفَ لَهُ عِنْدَ الْجَبَلِ وَ قَالَتْ مَا یُمْكِنُنِی أَنْ أَحْلِفَ كَاذِبَةً وَ لَا أَقُولُ لِزَوْجِی فَبُهِتَ الشَّابُّ وَ تَحَیَّرَ وَ قَالَ فَمَا تَصْنَعِینَ فَقَالَتْ بَكِّرْ غَداً وَ الْبَسْ ثَوْبَ مُكَارٍ وَ خُذْ حِمَاراً وَ اجْلِسْ عَلَی بَابِ الْمَدِینَةِ فَإِذَا خَرَجْنَا فَأَنَا أَدُعُّهُ یَكْتَرِی مِنْكَ الْحِمَارَ فَإِذَا اكْتَرَاهُ مِنْكَ بَادِرْ وَ احْمِلْنِی وَ ارْفَعْنِی فَوْقَ الْحِمَارِ حَتَّی أَحْلِفَ لَهُ وَ أَنَا صَادِقَةٌ أَنَّهُ مَا مَسَّنِی أَحَدٌ غَیْرُكَ وَ غَیْرُ هَذَا الْمُكَارِی فَقَالَ حُبّاً وَ كَرَامَةً وَ إِنَّهُ لَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا قَالَ لَهَا قُومِی إِلَی الْجَبَلِ لِتَحْلِفِی بِهِ قَالَتْ مَا لِی طَاقَةٌ بِالْمَشْیِ فَقَالَ اخْرُجِی فَإِنْ وَجَدْتُ مُكَارِیاً اكْتَرَیْتُ لَكِ فَقَامَتْ وَ لَمْ تَلْبَسْ لِبَاسَهَا فَلَمَّا خَرَجَ الْعَابِدُ وَ زَوْجَتُهُ رَأَتِ الشَّابَّ یَنْتَظِرُهَا فَصَاحَتْ بِهِ یَا مُكَارِی أَكْتَرِی

ص: 194

حِمَارَكَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ إِلَی الْجَبَلِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ تَقَدَّمَ وَ رَفَعَهَا عَلَی الْحِمَارِ وَ سَارُوا حَتَّی وَصَلُوا إِلَی الْجَبَلِ فَقَالَتْ لِلشَّابِّ أَنْزِلْنِی عَنِ الْحِمَارِ حَتَّی أَصْعَدَ الْجَبَلَ فَلَمَّا تَقَدَّمَ الشَّابُّ إِلَیْهَا أَلْقَتْ بِنَفْسِهَا إِلَی الْأَرْضِ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهَا فَشَتَمَتِ الشَّابَّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا لِی ذَنْبٌ ثُمَّ مَدَّتْ یَدَهَا إِلَی الْجَبَلِ فَمَسَكَتْهُ وَ حَلَفَتْ لَهُ أَنَّهُ لَمْ یَمَسَّهَا أَحَدٌ وَ لَا نَظَرَ إِنْسَانٌ مِثْلَ نَظَرِكَ إِلَیَّ مُذْ عَرَفْتُكَ غَیْرُكَ وَ هَذَا الْمُكَارِی فَاضْطَرَبَ الْجَبَلُ اضْطِرَاباً شَدِیداً وَ زَالَ عَنْ مَكَانِهِ وَ أَنْكَرَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ.

و روی البیهقی فی الشعب عن ابن مسعود أنه قال كانت الأنبیاء یركبون الحمر و یلبسون الصوف و یحلبون الشاة و كان للنبی صلی اللّٰه علیه و آله حمار اسمه عفیر بضم العین المهملة و ضبطه القاضی عیاض بالغین المعجمة و اتفقوا علی تغلیطه أهداه له المقوقس و كان فورة بن عمر الجذامی أهدی له حمارا یقال له یعفور مأخوذ من العفرة و هو لون التراب فنفق یعفور فی منصرف النبی صلی اللّٰه علیه و آله من حجة الوداع و ذكر السهیلی أن یعفورا طرح نفسه فی بئر لما مات رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِی تَارِیخِهِ بِسَنَدِهِ إِلَی مَنْصُورٍ وَ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْبَرَ أَصَابَ حِمَاراً أَسْوَدَ فَكَلَّمَ الْحِمَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ قَالَ یَزِیدُ بْنُ شِهَابٍ أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ نَسْلِ جَدِّی سِتِّینَ حِمَاراً لَا یَرْكَبُهَا إِلَّا نَبِیٌّ وَ قَدْ كُنْتُ أَتَوَقَّعُكَ لِتَرْكَبَنِی وَ لَمْ یَبْقَ مِنْ نَسْلِ جَدِّی غَیْرِی وَ لَا مِنَ الْأَنْبِیَاءِ غَیْرُكَ وَ قَدْ كُنْتُ قَبْلَكَ لِتَرْكَبَنِی عِنْدَ رَجُلٍ یَهُودِیٍّ وَ كُنْتُ أَتَعَثَّرُ بِهِ وَ كَانَ یُجِیعُ بَطْنِی وَ یَضْرِبُ ظَهْرِی فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْتَ یَعْفُورٌ یَا یَعْفُورُ تَشْتَهِی الْإِنَاثَ قَالَ لَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَرْكَبُهُ فِی حَاجَتِهِ وَ كَانَ یَبْعَثُ بِهِ خَلْفَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَیَأْتِی الْبَابَ فَیَقْرَعُهُ بِرَأْسِهِ فَإِذَا خَرَجَ صَاحِبُ الدَّارِ أَوْمَأَ إِلَیْهِ فَیَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْسَلَهُ إِلَیْهِ فَیَأْتِی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَ إِلَی بِئْرٍ وَ كَانَتْ لِأَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ فَتَرَدَّی فِیهَا جَزَعاً عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَارَتْ قَبْرَهُ.

وَ فِی كَامِلِ ابْنِ عَدِیٍّ فِی تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ بَشِیرٍ وَ فِی شُعَبِ الْإِیمَانِ لِلْبَیْهَقِیِّ عَنِ الْأَعْمَشِ

ص: 195

عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تَعَبَّدَ رَجُلٌ فِی صَوْمَعَةٍ فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ وَ أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ فَرَأَی حِمَاراً یَرْعَی فَقَالَ یَا رَبِّ لَوْ كَانَ لَكَ حِمَارٌ لَرَعَیْتُهُ مَعَ حِمَارِی فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِیّاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَرَادَ أَنْ یَدْعُوَ عَلَیْهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ إِنَّمَا أُجَازِی الْعِبَادَ عَلَی قَدْرِ عُقُولِهِمْ.

و هو كذلك فی الحلیة فی ترجمة زید بن أسلم.

وَ فِی كِتَابِ ابْتِلَاءِ الْأَخْیَارِ: أَنَّ عِیسَی علیه السلام لَقِیَ إِبْلِیسَ وَ هُوَ یَسُوقُ خَمْسَةَ أَحْمِرَةٍ عَلَیْهَا أَحْمَالٌ فَسَأَلَهُ عَنِ الْأَحْمَالِ فَقَالَ تِجَارَةٌ أَطْلُبُ لَهَا مُشْتَرِینَ فَقَالَ وَ مَا هِیَ التِّجَارَةُ قَالَ أَحَدُهَا الْجَوْرُ قَالَ وَ مَنْ یَشْتَرِیهِ قَالَ السَّلَاطِینُ وَ الثَّانِی الْكِبْرُ قَالَ وَ مَنْ یَشْتَرِیهِ قَالَ الدَّهَاقِینُ وَ الثَّالِثُ الْحَسَدُ قَالَ وَ مَنْ یَشْتَرِیهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَ الرَّابِعُ الْخِیَانَةُ قَالَ وَ مَنْ یَشْتَرِیهَا قَالَ عُمَّالُ التُّجَّارِ وَ الْخَامِسُ الْكَیْدُ قَالَ وَ مَنْ یَشْتَرِیهِ قَالَ النِّسَاءُ.

انتهی.

وَ رَوَی النَّسَائِیُّ وَ الْحَاكِمُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ نَهِیقَ الْحَمِیرِ مِنَ اللَّیْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ فَإِنَّهَا تَرَی مَا لَا تَرَوْنَ وَ أَقَلُّ الْخُرُوجِ إِذَا جَدَّتْ فَإِنَّ اللَّهَ یَبُثُّ فِی اللَّیْلِ مِنْ خَلْقِهِ مَا شَاءَ.

توضیح: فرسا معرورا كذا فی أكثر النسخ و المعرور الأجرب فی النهایة فیه أنه ركب فرسا لأبی طلحة مقرفا المقرف من الخیل الهجین و هو الذی أمه برذونة و أبوه عربی و قیل بالعكس و قیل هو الذی دانی الهجنة و قاربها و قال إن وجدناه لبحرا أی واسع الجری و سمی البحر بحرا لسعته و قال إطراق الفحل إعارته للضراب.

«41»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ أَوْ غَیْرِهِ رَفَعَهُ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِیٍّ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ فَبَصُرَ بِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام مُقْبِلًا رَاكِباً بَغْلًا فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ مَكَانَكُمْ حَتَّی أُضْحِكَكُمْ مِنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ مَا هَذِهِ الدَّابَّةُ الَّتِی لَا تُدْرِكُ عَلَیْهَا الثَّأْرَ وَ لَا تَصْلُحُ عِنْدَ النِّزَالِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ تَطَأْطَأَتْ عَنْ سُمُوِّ الْخَیْلِ وَ تَجَاوَزَتْ قُمُوءَ الْعَیْرِ وَ خَیْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا فَأُفْحِمَ عَبْدُ الصَّمَدِ فَمَا أَحَارَ جَوَاباً(1).

ص: 196


1- 1. الكافی ج 6 ص 540 ط الآخوندی.

إِرْشَادُ الْمُفِیدِ، مُرْسَلًا: مِثْلَهُ (1).

بیان: قال الجوهری قال أبو زید قمأت الماشیة تقمأ قموءا و قموءة إذا سمنت و قمؤ الرجل بالضم قماء و قماءة صار قمیئا و هو الصغیر الذلیل و أقمأته صغرته و ذللته و فی القاموس قمأ كجمع و كرم قماءة و قماء بالضم و الكسر ذل و صغر و الماشیة قموءا و قموءة و قماءة سمنت.

أقول: لو صحت النسخة و ما ذكراه كان إطلاق القموء علی العیر من جهة الاستعارة و العیر بالفتح الحمار و غلب علی الوحشی و عبد الصمد كأنه ابن علی بن عبد اللّٰه بن العباس و قد عد من أصحاب الصادق علیه السلام.

«42»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الزَّنْجَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِی عُبَیْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ بِأَسَانِیدَ مُتَّصِلَةٍ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ علیه السلام كَرِهَ الشِّكَالَ فِی الْخَیْلِ.

یعنی أن یكون ثلاث قوائم منه محجلة و واحدة مطلقة و إنما أخذ هذا من الشكال الذی یشكل به الخیل شبه به لأن الشكال إنما یكون فی ثلاث قوائم أو أن تكون الثلاثة مطلقة و رجل محجلة و لیس یكون الشكال إلا فی الرجل و لا یكون فی الید(2).

بیان: قد مر كلام فی ذلك من الدمیری و قال فی النهایة فیه أنه كره الشكال فی الخیل و هو أن تكون ثلاثة قوائم منه محجلة و واحدة مطلقة تشبیها بالشكال الذی یشكل به الخیل لأنه یكون فی ثلاث قوائم غالبا و قیل هو أن تكون الواحدة محجلة و الثلاث مطلقة و قیل هو أن تكون إحدی یدیه و إحدی رجلیه من خلاف محجلتین و إنما كرهه لأنه كالمشكول صورة تفؤلا و یمكن أن یكون جرب ذلك الجنس فلم یكن فیه نجابة و قیل إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبه الشكال و اللّٰه أعلم.

و فی القاموس شكل الدابة شد قوائمها بحبل كشكلها و اسم الحبل الشكال ككتاب و الشكال وثاق بین الحقب و البطان و بین الید و الرجل و فی الخیل أن یكون

ص: 197


1- 1. إرشاد المفید: 278 ط الآخوندی.
2- 2. معانی الأخبار: 284 ط مكتبة الصدوق.

ثلاث قوائم منه محجلة و الواحدة مطلقة و عكسه أیضا.

«43»- الْمَعَانِی، وَ الْمَجَالِسُ لِلصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ خَالِدِ بْنِ نَجِیحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تَذَاكَرْنَا الشُّومَ فَقَالَ الشُّومُ فِی ثَلَاثَةٍ فِی الْمَرْأَةِ وَ الدَّابَّةِ وَ الدَّارِ فَأَمَّا شُومُ الْمَرْأَةِ فَكَثْرَةُ مَهْرِهَا وَ عُقُوقُ زَوْجِهَا وَ أَمَّا الدَّابَّةُ فَسُوءُ خُلُقِهَا وَ مَنْعُهَا ظَهْرَهَا وَ أَمَّا الدَّارُ فَضِیقُ سَاحَتِهَا وَ شَرُّ جِیرَانِهَا وَ كَثْرَةُ عُیُوبِهَا(1).

«44»- الْمَعَانِی، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الشُّومُ فِی ثَلَاثَةِ أَشْیَاءَ فِی الدَّابَّةِ وَ الْمَرْأَةِ وَ الدَّارِ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَشُومُهَا غَلَاءُ مَهْرِهَا وَ عُسْرُ وِلَادَتِهَا وَ أَمَّا الدَّابَّةُ فَشُومُهَا كَثْرَةُ عِلَلِهَا وَ سُوءُ خُلُقِهَا وَ أَمَّا الدَّارُ فَشُومُهَا ضِیقُهَا وَ خُبْثُ جِیرَانِهَا(2).

بیان: قال فی النهایة فیه إن كان الشوم فی شی ء ففی ثلاث المرأة و الدار و الفرس أی إن كان ما یكره و یخاف عاقبته ففی هذه الثلاث و تخصیصه لها لأنه لما أبطل مذهب العرب فی التطیر بالسوانح و البوارح من الطیر و الظباء و نحوهما قال فإن كانت لأحدكم دار یكره سكناها أو امرأة یكره صحبتها أو فرس یكره ارتباطها فلیفارقها بأن ینتقل عن الدار و یطلق المرأة و یبیع الفرس و قیل إن شوم الدار ضیقها و سوء جارها و شوم المرأة أن لا تلد و شوم الفرس أن لا یغزی علیها و الواو فی الشوم همزة و لكنها خففت فصارت واوا و غلب علیها التخفیف حتی لم ینطق بها مهموزة.

«45»- الْكَشِّیُّ عَنْ حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمَ ابْنَیْ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ بِشْرِ بْنِ طَرْخَانَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْحِیرَةَ أَتَیْتُهُ فَسَأَلَنِی عَنْ صِنَاعَتِی فَقُلْتُ نَخَّاسٌ فَقَالَ نَخَّاسُ الدَّوَابِّ فَقُلْتُ نَعَمْ وَ كُنْتُ رَثَّ الْحَالِ فَقَالَ اطْلُبْ لِی بَغْلَةً فَضْحَاءَ بَیْضَاءَ الْأَعْفَاجِ بَیْضَاءَ الْبَطْنِ فَقُلْتُ مَا رَأَیْتُ هَذِهِ الصِّفَةَ قَطُّ فَقَالَ بَلَی فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِیتُ غُلَاماً تَحْتَهُ بَغْلَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَدَلَّنِی عَلَی مَوْلَاهُ فَأَتَیْتُهُ

ص: 198


1- 1. معانی الأخبار: 152، أمالی الصدوق: 145.
2- 2. معانی الأخبار: 152.

فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّی اشْتَرَیْتُهَا ثُمَّ أَتَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ نَعَمْ هَذِهِ الصِّفَةَ طَلَبْتُ ثُمَّ دَعَا لِی فَقَالَ أَنْمَی اللَّهُ وُلْدَكَ وَ كَثَّرَ مَالَكَ فَرُزِقْتُ مِنْ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ وَ قَنَیْتُ مِنَ الْأَوْلَادِ مَا قَصُرَتْ عَنْهُ الْأُمْنِیَّةُ(1).

«46»- الْكَافِی، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ طَرْخَانَ النَّخَّاسِ قَالَ: مَرَرْتُ بِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَدْ نَزَلَ الْحِیرَةَ فَقَالَ لِی مَا عِلَاجُكَ قُلْتُ نَخَّاسٌ فَقَالَ أَصِبْ لِی بَغْلَةً فَضْحَاءَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا الْفَضْحَاءُ قَالَ دَهْمَاءُ بَیْضَاءُ الْبَطْنِ بَیْضَاءُ الْأَفْجَاجِ بَیْضَاءُ الْجَحْفَلَةِ قَالَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ هَذِهِ الصِّفَةِ فَرَجَعْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَسَاعَةً دَخَلْتُ الْخَنْدَقَ فَإِذَا غُلَامٌ قَدْ أَسْقَی بَغْلَةً عَلَی هَذِهِ الصِّفَةِ فَسَأَلْتُ الْغُلَامَ لِمَنْ هَذِهِ الْبَغْلَةُ فَقَالَ لِمَوْلَایَ فَقُلْتُ یَبِیعُهَا فَقَالَ لَا أَدْرِی فَتَبِعْتُهُ حَتَّی أَتَیْتُ مَوْلَاهُ فَاشْتَرَیْتُهَا مِنْهُ وَ أَتَیْتُهُ بِهَا فَقَالَ هَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِی أَرَدْتُهَا قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ادْعُ اللَّهَ لِی فَقَالَ أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَكَ وَ وَلَدَكَ قَالَ فَصِرْتُ أَكْثَرَ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالًا وَ وَلَداً(2).

توضیح: النخاس فی القاموس بیاع الدواب و الرقیق و قال الحیرة بالكسر بلد قرب الكوفة و قال الأفضح الأبیض لا شدیدا فضح كفرح و الاسم الفضحة بالضم و قال العفج و بالكسر و بالتحریك و ككتف ما ینتقل الطعام إلیه بعد المعدة و الجمع أعفاج و الأعفج العظیمها.

و أقول ما فی الكافی كأنه تصحیف و یرجع بتكلف إلی ما فی الكشی قال فی القاموس فحج فی مشیته تدانی صدور قدمیه و تباعد عقباه كفحج و هو أفحج بین الفحج محركة و التفحج التفریج بین الرجلین و فی بعض النسخ بالجیمین كنایة عن المضیق بین الرجلین و فی القاموس الفج الطریق الواسع بین جبلین و فججت ما بین رجلی فتحت كأفججت و هو یمشی مفاجا و قد تفاج و أفج أسرع و رجل أفج بین الفجج و هو أقبح من الفحج و فی النهایة التفاج المبالغة فی تفریج ما بین الرجلین و هو

ص: 199


1- 1. رجال الكشّیّ ص 311 تحقیق المصطفوی.
2- 2. الكافی ج 6 ص 538.

من الفج الطریق و الجحفلة للحافر كالشفة للإنسان و قنی المال كرمی اكتسبه و فی بعض النسخ و كسبت.

«47»- الْكَشِّیُّ، عَنْ حَمْدَوَیْهِ بْنِ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَیَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَدْ أُسْرِجَ لَهُ بَغْلٌ وَ حِمَارٌ فَقَالَ لِی هَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ مَعَنَا إِلَی مَا لَنَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَیُّهُمَا أَحَبُّ إِلَیْكَ قُلْتُ الْحِمَارُ فَقَالَ الْحِمَارُ أَرْفَقُهُمَا بِی قَالَ فَرَكِبْتُ الْبَغْلَ وَ رَكِبَ الْحِمَارَ ثُمَّ سِرْنَا فَبَیْنَمَا هُوَ یُحَدِّثُنَا إِذِ انْكَبَّ عَلَی السَّرْجِ مَلِیّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقُلْتُ مَا أَرَی السَّرْجَ إِلَّا وَ قَدْ ضَاقَ عَنْكَ فَلَوْ تَحَوَّلْتَ عَلَی الْبَغْلِ فَقَالَ كَلَّا وَ لَكِنَّ الْحِمَارَ اخْتَالَ

فَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَكِبَ حِمَاراً یُقَالُ لَهُ عُفَیْرٌ فَاخْتَالَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَی الْقَرَبُوسِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ یَا رَبِّ هَذَا عَمَلُ عُفَیْرٍ لَیْسَ هُوَ مِنْ عَمَلِی (1).

«48»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عُبَیْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِیِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ یَقُولُ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام قُمْ فَأَسْرِجْ دَابَّتَیْنِ حِمَاراً وَ بَغْلًا فَأَسْرَجْتُ حِمَاراً وَ بَغْلًا وَ قَدَّمْتُ إِلَیْهِ الْبَغْلَ فَرَأَیْتُ أَنَّهُ أَحَبُّهُمَا إِلَیْهِ فَقَالَ مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُقَدِّمَ إِلَیَّ هَذَا الْبَغْلَ قُلْتُ اخْتَرْتُهُ لَكَ قَالَ فَأَمَرْتُكَ أَنْ تَخْتَارَ لِی ثُمَّ قَالَ لِی إِنَّ أَحَبَّ الْمَطَایَا إِلَیَّ الْحُمُرُ قَالَ فَقَدَّمْتُ إِلَیْهِ الْحِمَارَ فَرَكِبَ وَ رَكِبْتُ الْحَدِیثَ (2).

المحاسن، عن أبی فضالة: مثله (3).

ص: 200


1- 1. رجال الكشّیّ ص 215 تحقیق المصطفوی.
2- 2. الكافی ج 8 ص 276.
3- 3. المحاسن: 352.

باب 8 حق الدابة علی صاحبها و آداب ركوبها و حملها و بعض النوادر

اشارة

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لِلدَّابَّةِ عَلَی صَاحِبِهَا خِصَالٌ سِتٌّ یَبْدَأُ بِعَلْفِهَا إِذَا نَزَلَ وَ یَعْرِضُ عَلَیْهَا الْمَاءَ إِذَا مَرَّ بِهِ وَ لَا یَضْرِبُ وَجْهَهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهَا وَ لَا یَقِفُ عَلَی ظَهْرِهَا إِلَّا فِی سَبِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا یُحَمِّلُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَ لَا یُكَلِّفُهَا مِنَ الْمَشْیِ إِلَّا مَا تُطِیقُ (1).

الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لِلدَّابَّةِ عَلَی صَاحِبِهَا خِصَالٌ وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ (2).

تبیان الابتداء بعلفها كأنه علی الاستحباب و إن كان أصل علفها بقدر لا یموت أو بالمتعارف لها واجبا علی الأظهر و كذا عرض الماء كلما مر به مستحب إن لم یعلم تضررها به فإن أصحاب الدواب یظنون تضررها به و إن وجبا فی بعض الأوقات و أصل السقی علی أحد الوجهین واجب و عدم ضرب الوجه كأنه علی الكراهة كما یومئ إلیه التعلیل و إن كان الأحوط الترك.

قوله علیه السلام فإنها تسبح قال الوالد قدس سره أی الوجوه تسبح بالنطق الذی لها فی الوجه أو لأن دلالة الوجوه علی وجود الصانع تعالی و قدرته و علمه و سائر صفاته الكمالیة أكثر من غیرها كما لا یخفی علی من نظر فی كتب التشریح أو التسبیح أمر خاص بها لا نعرفه و یمكن إرجاع الضمیر إلی الدابة و التخصیص بالوجه لكون

ص: 201


1- 1. الخصال ج 1 ص 160.
2- 2. الفقیه ج 2 ص 187. ط نجف.

الضرر و الإهانة فیه أكثر أو لما مر من أن التسبیح بالأعضاء التی فی الوجه.

قوله علیه السلام إلا فی سبیل اللّٰه كأنه علی التمثیل أو ذكر أفضل الأفراد فوق طاقتها أی قدرتها أو وسعها بأن لا یشق علیها و التحریم بالأول أنسب كالكراهة بالثانی و كذا الكلام فی تكلیف المشی.

«2»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لِلدَّابَّةِ عَلَی صَاحِبِهَا سَبْعَةُ حُقُوقٍ لَا یُحَمِّلُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَ لَا یَتَّخِذُ ظَهْرَهَا مَجْلِساً یَتَحَدَّثُ عَلَیْهِ وَ یَبْدَأُ بِعَلْفِهَا إِذَا نَزَلَ وَ لَا یَسِمُهَا فِی وَجْهِهَا وَ لَا یَضْرِبُهَا فِی وَجْهِهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ وَ یَعْرِضُ عَلَیْهَا الْمَاءَ إِذَا مَرَّ بِهِ وَ لَا یَضْرِبُهَا عَلَی النِّفَارِ وَ یَضْرِبُهَا عَلَی الْعِثَارِ لِأَنَّهَا تَرَی مَا لَا تَرَوْنَ (1).

الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لِلدَّابَّةِ عَلَی صَاحِبِهَا سِتَّةُ حُقُوقٍ إِلَی قَوْلِهِ إِذَا مَرَّ بِهِ.

ثم قال بعد أخبار

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: اضْرِبُوهَا عَلَی الْعِثَارِ وَ لَا تَضْرِبُوهَا عَلَی النِّفَارِ(2).

الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّوْفَلِیِّ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ سِتَّةُ حُقُوقٍ إِلَی قَوْلِهِ إِذَا مَرَّ بِهِ (3).

توضیح: أقول قال الصدوق رحمه اللّٰه فی الفقیه (4) أیضا

وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ أَیْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اضْرِبُوهَا عَلَی الْعِثَارِ إلخ.

و قال الوالد قدس سره روی الكلینی و البرقی أخبارا عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الصادق علیه السلام بعكس ذلك بدون ذكر التعلیل فالظاهر أنه وقع السهو من الصدوق رحمه اللّٰه و ذكر التتمة لتوجیه ذلك مع أنه لا ذنب لها فی العثار لأنه إما لزلق أو جحر و أمثالهما انتهی.

ص: 202


1- 1. أمالی الصدوق: 303.
2- 2. الكافی ج 6 ص 538.
3- 3. المحاسن: 637.
4- 4. الفقیه ج 2 ص 187.

و أقول یحتمل أن یكون الخبر ورد علی وجهین و یكون لكل منهما مورد خاص كما إذا كان العثار بسبب كسل الدابة و النفار لرؤیة شبح من البعید یحتمل كونه عدوا أو حیوانا موذیا و بالجملة الأمر لا یخلو من غرابة.

«3»- الْخِصَالُ، فِی الْأَرْبَعِمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ سَافَرَ مِنْكُمْ بِدَابَّةٍ فَلْیَبْدَأْ حِینَ یَنْزِلُ بِعَلْفِهَا وَ سَقْیِهَا(1).

المحاسن، عن القاسم بن یحیی عن جده الحسن عن محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (2).

«4»- الْعِلَلُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ یَرْفَعُ الْحَدِیثَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ: لَا یَرْتَدِفْ ثَلَاثَةٌ عَلَی دَابَّةٍ فَإِنَّ أَحَدَهُمْ مَلْعُونٌ وَ هُوَ الْمُقَدَّمُ (3).

المحاسن، عدة من أصحابنا عن ابن أسباط: مثله (4).

بیان: كأنه محمول علی الكراهة الشدیدة و التخصیص بالمقدم لأنه أضر لأنه یقع علی العنق غالبا.

«5»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَبْصَرَ نَاقَةً مَعْقُولَةً وَ عَلَیْهَا جَهَازُهَا فَقَالَ أَیْنَ صَاحِبُهَا مُرُوهُ فَلْیَسْتَعِدَّ غَداً لِلْخُصُومَةِ(5).

«6»- وَ مِنْهُ، وَ الْفَقِیهُ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَمَّادٍ اللَّحَّامِ قَالَ: مَرَّ قِطَارٌ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام

ص: 203


1- 1. الخصال ج 2 ص 159.
2- 2. المحاسن: 361.
3- 3. علل الشرائع ص 194، الخصال ج 1 ص 49.
4- 4. المحاسن: 627.
5- 5. المحاسن 1: 36.

فَرَأَی زَامِلَةً قَدْ مَالَتْ فَقَالَ یَا غُلَامُ اعْدِلْ عَلَی هَذَا الْجَمَلِ فَإِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْعَدْلَ (1).

بیان: فی النهایة الزاملة البعیر الذی یحمل علیها الطعام و المتاع كأنه فاعلة من الزمل و هو الحمل.

«6»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: حَجَّ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَلَی رَاحِلَتِهِ عَشْرَ حِجَجٍ مَا قَرَعَهَا بِسَوْطٍ وَ لَقَدْ بَرَكَتْ بِهِ سَنَةً مِنْ سَنَوَاتِهِ فَمَا قَرَعَهَا بِسَوْطٍ(2).

وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ شَیْ ءٍ حُرْمَةً وَ حُرْمَةُ الْبَهَائِمِ فِی وُجُوهِهَا(3).

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن النوفلی عن السكونی عنه علیه السلام : مثله (4).

«7»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَضْرِبُوا وُجُوهَ الدَّوَابِّ وَ كُلَّ شَیْ ءٍ فِیهِ الرُّوحُ فَإِنَّهُ یُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللَّهِ (5).

وَ مِنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَا تَضْرِبُوا الدَّوَابَّ عَلَی وُجُوهِهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهَا.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: وَ لَا تَسِمُوهَا فِی وُجُوهِهَا(6).

الكافی، عن العدة عن أحمد بن محمد عن القاسم: مثله (7)

الخصال، فی الأربعمائة: مثل الحدیث الأول.

«8»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا بَلَغَ بِهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَ لَا یَسْتَحْیِی أَحَدُكُمْ

ص: 204


1- 1. الفقیه ج 2 ص 191، المحاسن: 361.
2- 2. المحاسن: 261.
3- 3. المحاسن: 632.
4- 4. الكافی ج 6 ص 539.
5- 5. المحاسن: 633.
6- 6. المحاسن: 633.
7- 7. الكافی ج 6 ص 538.

أَنْ یُغَنِّیَ عَلَی دَابَّتِهِ وَ هِیَ تُسَبِّحُ.

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: اضْرِبُوهَا عَلَی النِّفَارِ وَ لَا تَضْرِبُوهَا عَلَی الْعِثَارِ(1).

وَ مِنْهُ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: لِلدَّابَّةِ عَلَی صَاحِبِهَا سِتَّةُ حُقُوقٍ لَا یُحَمِّلُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا وَ لَا یَتَّخِذُ ظُهُورَهَا مَجَالِسَ فَیَتَحَدَّثُ عَلَیْهَا وَ یَبْدَأُ بِعَلْفِهَا إِذَا نَزَلَ وَ یَعْرِضُ عَلَیْهَا الْمَاءَ إِذَا مَرَّ بِهِ وَ لَا یَسِمُهَا فِی وُجُوهِهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ (2).

وَ مِنْهُ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ قَالَ قَالَ 17 أَبُو ذَرٍّ: تَقُولُ الدَّابَّةُ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِی مَلِیكَ صِدْقٍ یَرْفُقُ بِی وَ یُحْسِنُ إِلَیَّ وَ یُطْعِمُنِی وَ یَسْقِینِی وَ لَا یَعْنُفُ عَلَیَ (3).

وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ دَابَّةٍ یُرِیدُ صَاحِبُهَا أَنْ یَرْكَبَهَا إِلَّا قَالَتِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ بِی رَحِیماً(4).

وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا رَكِبَ الْعَبْدُ الدَّابَّةَ قَالَتِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ بِی رَحِیماً(5).

وَ مِنْهُ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ فِیمَا أَظُنُّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: رُئِیَ أَبُو ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَسْقِی حِمَاراً لَهُ بِالرَّبَذَةِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ أَ مَا لَكَ یَا بَا ذَرٍّ مَنْ یَسْقِی لَكَ هَذَا الْحِمَارَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَ هِیَ تَسْأَلُ كُلَّ صَبَاحٍ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِی مَلِیكاً صَالِحاً یُشْبِعُنِی مِنَ الْعَلَفِ وَ یُرْوِینِی مِنَ الْمَاءِ وَ لَا یُكَلِّفُنِی فَوْقَ طَاقَتِی فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْقِیَهُ بِنَفْسِی (6).

وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ سَیَابَةَ بْنِ ضُرَیْسٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ (7)

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ قَالَ فِیمَا ظَنَ (8).

ص: 205


1- 1. المحاسن: 623.
2- 2. المحاسن: 623.
3- 3. المحاسن: 626.
4- 4. المحاسن: 626.
5- 5. المحاسن: 626.
6- 6. المحاسن: 626.
7- 7. المحاسن: 626.
8- 8. الكافی ج 6 ص 537.

بیان: علی نسخة الكافی الظاهر أن الشك من سلیمان و یحتمل كونه من ابن سنان و علی ما فی المحاسن كان الأخیر متعین و السؤال یحتمل أن یكون بلسان الحال كنایة عن احتیاجها إلی ذلك و اضطرارها فلا بد من رعایتها.

«9»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَیَّ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ أَنْ أَشْتَرِیَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَمَلًا فَاشْتَرَیْتُ جَمَلًا بِثَمَانِینَ دِرْهَماً فَقَدَّمَ بِهِ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِی أَ تَرَاهُ یَحْمِلُ الْقُبَّةَ فَشَدَدْتُ عَلَیْهِ الْقُبَّةَ وَ رَكِبْتُهُ فَاسْتَعْرَضْتُهُ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ یَعْلَمُونَ كُنْهَ حُمْلَانِ اللَّهِ عَلَی الضَّعِیفِ مَا غَالَوْا بِبَهِیمَةٍ(1).

وَ مِنْهُ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ أَنِخْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ فَإِنَّهُ یَشْتَدُّ عَلَیَّ إِنَاخَتُهُ مَرَّتَیْنِ قَالَ افْعَلْ فَإِنَّهُ أَصْوَنُ لِلظَّهْرِ(2).

وَ مِنْهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَا تَضْرِبُوهَا عَلَی الْعِثَارِ وَ اضْرِبُوهَا عَلَی النِّفَارِ وَ قَالَ لَا تُغَنُّوا عَلَی ظُهُورِهَا أَ مَا یَسْتَحْیِی أَحَدُكُمْ أَنْ یُغَنِّیَ عَلَی ظَهْرِ دَابَّتِهِ وَ هِیَ تُسَبِّحُ (3).

وَ مِنْهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام لِابْنِهِ مُحَمَّدٍ علیه السلام حِینَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ إِنِّی قَدْ حَجَجْتُ عَلَی نَاقَتِی هَذِهِ عِشْرِینَ حِجَّةً فَلَمْ أَقْرَعْهَا بِسَوْطٍ قَرْعَةً فَإِذَا نَفَقَتْ فَادْفِنْهَا لَا یَأْكُلْ لَحْمَهَا السِّبَاعُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مِنْ بَعِیرٍ یُوقَفُ عَلَیْهِ مَوْقِفَ عَرَفَةَ سَبْعَ حِجَجٍ إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ نَعَمِ الْجَنَّةِ وَ بَارَكَ فِی نَسْلِهِ فَلَمَّا نَفَقَتْ حَفَرَ لَهَا أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ دَفَنَهَا(4).

بیان: یدل علی استحباب ترك ضرب الدواب لا سیما فی طریق الحج و كأنه

ص: 206


1- 1. المحاسن: 638.
2- 2. المحاسن: 639.
3- 3. المحاسن: 627.
4- 4. المحاسن: 635.

محمول علی ما إذا لم تدع إلیه ضرورة و علی استحباب دفن الناقة التی حج علیها سبع حجج و یحتمل شموله لجمیع الدواب كما یومئ إلیه الخبر الآتی و یحتمل اختصاص الحكم بمركوبهم علیهم السلام لكن التعلیل یومئ إلی التعمیم.

«10»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ دَابَّةٍ عُرِّفَ بِهَا خَمْسَ وَقَفَاتٍ إِلَّا كَانَتْ مِنْ نَعَمِ الْجَنَّةِ قَالَ رَوَی بَعْضُهُمْ وُقِفَ بِهَا ثَلَاثَ وَقَفَاتٍ (1).

وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ أَحَدِهِمَا علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ بَعِیرٍ إِلَّا عَلَی ذِرْوَتِهِ شَیْطَانٌ فَامْتَهِنُوهُنَّ وَ لَا یَقُولُ أَحَدُكُمْ أُرِیحُ بَعِیرِی فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِی یَحْمِلُ (2).

وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّ عَلَی ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِیرٍ شَیْطَاناً فَامْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ وَ ذَلِّلُوهَا وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا فَإِنَّمَا یَحْمِلُ اللَّهُ (3).

وَ مِنْهُ عَنْ أَبِی طَالِبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِیَاضٍ اللَّیْثِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ عَلَی ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِیرٍ شَیْطَاناً فَامْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ وَ ذَلِّلُوهَا وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ (4).

بیان: كما أمركم اللّٰه أی فی قوله تعالی وَ الَّذِی خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلی ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَیْتُمْ عَلَیْهِ وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ وَ إِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (5) فإنه فی قوة الأمر كما سیأتی إن شاء اللّٰه فی باب آداب الركوب.

و یمكن أن یكون المراد بأمره تعالی ما یشمل أمر الرسول و أوصیائه علیهم السلام أیضا.

ص: 207


1- 1. المحاسن: 636.
2- 2. المحاسن: 636.
3- 3. المحاسن: 636.
4- 4. المحاسن: 636.
5- 5. الزخرف: 12- 14.

«11»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ عَنْ أَبِیهِ مَیْمُونٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِلَی أَرْضِهِ بِطِیبَةَ وَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ دِینَارٍ وَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَقَمْنَا بِطِیبَةَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ رَكِبَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام عَلَی جَمَلٍ صَعْبٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ دِینَارٍ مَا أَصْعَبَ بَعِیرَكُمْ فَقَالَ لَهُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ عَلَی ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِیرٍ شَیْطَاناً فَامْتَهِنُوهَا وَ ذَلِّلُوهَا وَ ذَكِّرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا فَإِنَّمَا یَحْمِلُ اللَّهُ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ وَ دَخَلْنَا مَعَهُ بِغَیْرِ إِحْرَامٍ (1).

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: مِثْلَهُ (2).

بیان: كأن المراد بطیبة هنا غیر المدینة بل هی اسم موضع قریب مكة و إنما دخل علیه السلام بغیر إحرام لعدم مضی شهر من الإحرام الأول قال الفیروزآبادی طیبة أی بالفتح المدینة النبویة و بالكسر قریة عند زرود.

«12»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَوْ یَعْلَمُ الْحَاجُّ مَا لَهُ مِنَ الْحُمْلَانِ مَا غَالَی أَحَدٌ لِلْبَعِیرِ(3).

وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ كُنْهَ حُمْلَانِ اللَّهِ عَلَی الضَّعِیفِ مَا غَالَوْا بِبَهِیمَةٍ(4).

وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سُلَیْمَانَ الرَّحَّالِ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ قَالَ: مَرَّ بِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ أَنَا أَمْشِی عَنْ نَاقَتِی فَقَالَ مَا لَكَ لَا تَرْكَبُ فَقُلْتُ ضَعُفَتْ نَاقَتِی وَ أَرَدْتُ أَنْ أُخَفِّفَ عَنْهَا فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ ارْكَبْ فَإِنَّ اللَّهَ یَحْمِلُ عَلَی الضَّعِیفِ وَ الْقَوِیِ (5).

الكافی، عن العدة عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه عن أبیه: مثله (6).

«13»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ:

ص: 208


1- 1. المحاسن: 637.
2- 2. الكافی ج 6 ص 543.
3- 3. المحاسن: 637.
4- 4. المحاسن: 637.
5- 5. المحاسن: 637.
6- 6. الكافی ج 6 ص 542.

إِذَا عَثَرَتِ الدَّابَّةُ تَحْتَ الرَّجُلِ فَقَالَ لَهَا تَعَسْتِ تَقُولُ تَعَسَ وَ انْتَكَسَ أَعْصَانَا لِرَبِّهِ (1).

الكافی، عن عدة من أصحابه عن سهل بن زیاد عن جعفر بن محمد بن یسار عن عبید اللّٰه الدهقان عن درست عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله: و ذكر مثله (2).

توضیح: قال الجوهری التعس الهلاك و أصله الكب و هو ضد الانتعاش و قد تعس بالفتح یتعس تعسا و أتعسه اللّٰه یقال تعسا لفلان أی ألزمه اللّٰه هلاكا.

و قال الفیروزآبادی التعس الهلاك و العثار و السقوط و الشر و البعد و الانحطاط و الفعل كمنع و سمع أو إذا خاطبت قلت تعست كمنع و إذا حكیت قلت تعس كسمع و قال انتكس أی وقع علی رأسه انتهی.

و قوله لربه الظاهر أن المراد به الرب سبحانه كما هو المصرح به فی غیره و یحتمل أن یكون المراد بالرب المالك أی ما عصیتك فی هذه العثرة إذ لم تكن باختیاری و أنت عصیت ربك كثیرا.

«14»- الْمَكَارِمُ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: عَلَی كُلِّ مَنْخِرٍ مِنَ الدَّوَابِّ شَیْطَاناً فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ یُلْجِمَهَا فَلْیُسَمِّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ (3).

الكافی، عن العدة عن أحمد بن محمد عن القاسم بن یحیی عن جده الحسن عن یعقوب بن جعفر قال سمعت أبا الحسن علیهما السلام : و ذكر مثله (4).

«15»- الْمَكَارِمُ، عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: أَیُّمَا دَابَّةٍ اسْتَصْعَبَتْ عَلَی صَاحِبِهَا مِنْ لِجَامٍ وَ نِفَارٍ فَلْیَقْرَأْ فِی أُذُنِهَا أَوْ عَلَیْهَا أَ فَغَیْرَ دِینِ اللَّهِ یَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَ وَ لْیَقُلِ اللَّهُمَّ سَخِّرْهَا وَ بَارِكْ لِی فِیهَا بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اقْرَأْ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ (5).

ص: 209


1- 1. المحاسن: 631.
2- 2. الكافی ج 6 ص 538.
3- 3. مكارم الأخلاق: 303.
4- 4. الكافی ج 6 ص 539.
5- 5. مكارم الأخلاق: 303.

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ (1) بیان قوله علیه السلام أو علیها أی قریبا منها إن لم یقدر علی إدناء الفم من أذنها.

«16»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام : لِلدَّابَّةِ عَلَی صَاحِبِهَا سِتُّ خِصَالٍ یَبْدَأُ بِعَلْفِهَا إِذَا نَزَلَ وَ یَعْرِضُ عَلَیْهَا الْمَاءَ إِذَا مَرَّ بِهِ وَ لَا یَضْرِبُهَا إِلَّا عَلَی حَقٍّ وَ لَا یَحْتَمِلُهَا إِلَّا مَا تُطِیقُ وَ لَا یُكَلِّفُهَا مِنَ السَّیْرِ إِلَّا طَاقَتَهَا وَ لَا یَقِفُ عَلَیْهَا فُوَاقاً.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ كَرَاسِیَّ فَرُبَّ دَابَّةٍ مَرْكُوبَةٍ خَیْرٌ مِنْ رَاكِبِهَا وَ أَطْوَعُ لِلَّهِ تَعَالَی وَ أَكْثَرُ ذِكْراً.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام : نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تُوسَمَ الدَّوَابُّ عَلَی وُجُوهِهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهَا.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَلِّدُوا النِّسَاءَ وَ لَوْ بِسَیْرٍ وَ قَلِّدُوا الْخَیْلَ وَ لَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ(2).

بیان: قال الجوهری الفواق و الفواق ما بین الحلبتین من الوقت لأنها تحلب ثم تترك سویعة یرضعها الفصیل لتدر ثم تحلب یقال ما أقام عنده إلا فواقا.

«17»- الْمَجَازَاتُ النَّبَوِیَّةُ، قَالَ علیه السلام : قَلِّدُوا الْخَیْلَ وَ لَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ(3).

قال السید رضی اللّٰه عنه هذه استعارة علی أحد التأویلین و هو أن یكون المراد النهی عن طلب أوتار الجاهلیة علی الخیل بشن الغارات و شب النائرات و معنی لا تقلدوها أی لا تجعلوها كأنها قلدت درك الوتر فتقلدته و ضمنت أخذ الثأر فضمنته و ذلك عبارة عن فرط جدهم فی الطلب و حرصهم علی الدرك فكأنه علیه السلام قال قلدوا

ص: 210


1- 1. الكافی ج 6 ص 540.
2- 2. نوادر الراوندیّ 14 و 15.
3- 3. المجازات النبویّة: 165.

الخیل طلب أعداء الدین و الدفاع عن المسلمین و لا تقلدوها طلب أوتار الجاهلیة و دخول مصارع الحمیة.

و إذا حمل الخبر علی التأویل الآخر خرج عن أن یكون مجازا و هو أن یكون المراد النهی عن تقلید الخیل أوتار القسی و قیل فی وجه النهی عن ذلك قولان أحدهما أن یكون علیه السلام إنما نهی عنه لأن الخیل ربما رعت الأكلاء و الأشجار فنشبت الأوتار فی أعناقها ببعض شعب ما ترعاه من ذلك فخنقتها أو حبستها علی عدم المأكل و المشرب حتی تقضی نحبها.

و الوجه الآخر أنهم كانوا فی الجاهلیة یعتقدون أن تقلید الخیل بالأوتار یرفع عنها حمة عین العائن و شرارة نظر المستحسن فتكون كالعوذ لها و الأحراز علیها فأراد علیه السلام أن یعلمهم أن تلك الأوتار لا تدفع ضررا و لا تصرف حذرا و إنما اللّٰه سبحانه و تعالی الدافع الكافی و المعیذ الواقی و مما یقوی هذا التأویل ما روی من أمره علیه السلام بقطع الأوتار عن أعناق الخیل.

و لتقلید الخیل وجه آخر و هو أن العرب كانت إذا قدرت و ظفرت قلدت الخیل العمائم و ذكر أن معاویة لما تغلب علی الأمر و دخل الكوفة بعد صلح الحسن علیه السلام فعل ذلك بخیله.

أقول: و ذكر ابن الأثیر فی النهایة هذه الوجوه إلا الأخیر.

«18»- الْمَجَازَاتُ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا سَافَرْتُمْ فِی الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَهَا وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَأَعْطُوا الرِّكَابَ أَسْنَانَهَا(1).

و هذه استعارة و المراد بالأسنة هاهنا علی ما قاله جماعة من علماء اللغة الأسنان و هو جمع جمع لأن الأسنان جمع سن و الأسنة جمع الأسنان و الركب جمع الركاب فكأنه علیه السلام أمرهم بأن یمكنوا ركابهم زمان الخصب من الرعی فی طرق أسفارهم و عند نزولهم و ارتحالهم فكنی عن ذلك بإعطائها أسنانها و المراد تمكینها من استعمال أسنانها فی اجتذاب الأكلاء و الأعشاب فكأنهم بتمكینها من ذلك قد أعطوها أسنانها و هذا كما یقول

ص: 211


1- 1. المجازات النبویّة: 167.

القائل لغیره أعط الفرس عنانها و أعط الراحلة زمامها أی مكنها من التوسع فی الجری و مد العنق فی الخطو.

و عندی فی ذلك وجه آخر و هو أن یكون المراد مكنوا الركاب فی الخصب من أن یسمن بكثرة الرعی فإنهم قد عبروا فی أشعارهم عن سمن الإبل بالسلاح تارة و بالأسنة تارة فإن سمنها و شارتها فی عین صاحبها یمنعه من أن ینحرها للضیافة و یبذلها لطراقه فجعل السمن لها كالسلاح الذی یدافع به عن نحرها و تماطل به عن عقرها.

«19»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِیدَ بْنَ صَبِیحٍ یَقُولُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَبَا حَنِیفَةَ رَأَی هِلَالَ ذِی الْحِجَّةِ بِالْقَادِسِیَّةِ وَ شَهِدَ مَعَنَا عَرَفَةَ فَقَالَ مَا لِهَذَا صَلَاةٌ مَا لِهَذَا حَجٌّ.

وَ حَجَّ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَلَی نَاقَةٍ لَهُ أَرْبَعِینَ حِجَّةً فَمَا قَرَعَهَا بِسَوْطٍ(1).

وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِیحِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَرْثَدُ بْنُ أَبِی مَرْثَدٍ الْغَنَوِیُّ یُعَقِّبُونَ بَعِیراً بَیْنَهُمْ وَ هُمْ مُنْطَلِقُونَ إِلَی بَدْرٍ(2).

بیان: العقبة بالضم النوبة و أعقب زید عمرا ركبا بالنوبة.

«20»- الْفَقِیهُ، قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام : فِی الدَّوَابِّ لَا تَضْرِبُوهَا الْوُجُوهَ وَ لَا تَلْعَنُوهَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَعَنَ لَاعِنَهَا.

وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ: لَا تُقَبِّحُوا الْوُجُوهَ.

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الدَّوَابَّ إِذَا لُعِنَتْ لَزِمَتْهَا اللَّعْنَةُ(3).

توضیح: لا تقبحوا الوجوه أی لا تقولوا لها قبح اللّٰه وجهك أو لا تفعلوا شیئا یصیر سببا لقباحة وجهها قال فی النهایة یقال قبحت فلانا إذا قلت له قبحك اللّٰه من

ص: 212


1- 1. الفقیه ج 2 ص 191.
2- 2. الفقیه ج 2 ص 192.
3- 3. الفقیه ج 2 ص 188.

القبح و هو الإبعاد و منه الحدیث لا تقبحوا الوجه أی لا تقولوا قبح اللّٰه وجه فلان و قیل لا تنسبوا إلی القبح ضد الحسن لأن اللّٰه قد أحسن كل شی ء خلقه.

قوله علیه السلام لزمتها أی یستجاب فیها و یصیر سببا لهلاكها أو لزمتها مقابلة اللعن باللعن قال فی النهایة فی حدیث المرأة التی لعنت ناقتها فی السفر فقال ضعوا عنها فإنها ملعونة قیل إنما فعل ذلك لأنه استجیبت دعاؤها فیها و قیل فعله عقوبة لصاحبها لئلا تعود إلی مثلها و لیعتبر بها غیرها و أصل اللعن الطرد و الإبعاد من اللّٰه تعالی و من الخلق السب و الدعاء.

«21»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّكُونِیِّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُحِبُّ الرِّفْقَ وَ یُعِینُ عَلَیْهِ فَإِذَا رَكِبْتُمُ الدَّوَابَّ الْعِجَافَ فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ مُجْدِبَةً فَانْجُوا عَلَیْهَا وَ إِنْ كَانَتْ مُخْصِبَةً فَأَنْزِلُوهَا مَنَازِلَهَا.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ سَافَرَ مِنْكُمْ بِدَابَّةٍ فَلْیَبْدَأْ حِینَ یَنْزِلُ بِعَلْفِهَا وَ سَقْیِهَا(1).

وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام : إِذَا سِرْتَ فِی أَرْضٍ خِصْبَةٍ فَارْفُقْ بِالسَّیْرِ وَ إِذَا سِرْتَ فِی أَرْضٍ مُجْدِبَةٍ فَعَجِّلْ بِالسَّیْرِ(2).

بیان: العجاف المهازیل فأنزلوها منازلها أی كلفوها علی قدر طاقتها و لا تتعدوا بها المنزل كما فی الثانی فانجوا أی فاسرعوا لتصلوا إلی الماء و الكلاء فارفق بالسیر أی لترعی فی الطریق.

«22»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْجَعْفَرِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام مَتَی أَضْرِبُ دَابَّتِی تَحْتِی فَقَالَ إِذْ لَمْ تَمْشِ تَحْتَكَ كَمَشْیَتِهَا إِلَی مِذْوَدِهَا(3).

الْفَقِیهُ،: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ (4).

بیان: فی أكثر نسخ الكافی المذود بالذال المعجمة و فی أكثر نسخ الفقیه بالزای

ص: 213


1- 1. الفقیه ج 2 ص 189.
2- 2. الفقیه ج 2 ص 190.
3- 3. الكافی ج 6 ص 538.
4- 4. الفقیه ج 2 ص 187.

و الأول أظهر فی القاموس المذود كمنبر معلف الدابة و قال الزود تأسیس الزاد و كمنبر وعاؤه.

«23»- الْكَافِی، عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْخَشَّابِ عَنِ ابْنِ بَقَّاحٍ عَنْ مُعَاذٍ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَا تَتَوَرَّكُوا عَلَی الدَّوَابِّ وَ لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَهَا مَجَالِسَ (1).

بیان: لعل المراد بالتورك علیها الجلوس علیها علی إحدی الوركین فإنها تتضرر به و یصیر سببا لدبرها أو المراد رفع إحدی الرجلین و وضعها فوق السرج للاستراحة قال الجوهری تورك علی الدابة أی ثنی رجله و وضع إحدی وركیه فی السرج و كذلك التوریك و قال أبو عبیدة المورك و الموركة الموضع الذی یثنی الراكب رجله علیه قدام واسطة الرحل إذا مل من الركوب و فی القاموس تورك علی الدابة ثنی رجله لینزل أو لیستریح انتهی.

و فی بعض النسخ لا تتوكئوا من الاتكاء و كأنه تصحیف.

«24»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اضْرِبُوهَا عَلَی النِّفَارِ وَ لَا تَضْرِبُوهَا عَلَی الْعِثَارِ(2).

الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ مِنَ الْحَقِّ أَنْ یَقُولَ الرَّاكِبُ لِلْمَاشِی الطَّرِیقَ.

وَ فِی نُسْخَةٍ أُخْرَی: إِنَّ مِنَ الْجَوْرِ أَنْ یَقُولَ الرَّاكِبُ لِلْمَاشِی الطَّرِیقَ (3).

بیان: كأن قوله و فی نسخة أخری من كلام رواة الكافی و یحتمل كونه من الكلینی بأن یكون اختلاف النسخ فی أصوله و علی التقدیرین فالنسخة الأخری محمولة علی ما إذا كان هناك طریق آخر یمكنه أن یثنی عنانه إلیه و علی النسخة

ص: 214


1- 1. الكافی ج 6 ص 539.
2- 2. فروع الكافی 6: 540.
3- 3. فروع الكافی 6: 540.

الأولی معناه أنه ینبغی للراكب أن یحذر الماشی لیعدل عن طریقه لئلا یصیبه ضرر و یؤید النسخة الثانیة ما سیأتی و لم تكن النسخة الأولی فی بعض نسخ الكافی و إن كانت أظهر.

«25»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مِنَ الْجَوْرِ قَوْلُ الرَّاكِبِ لِلْمَاشِی الطَّرِیقَ (1).

«26»- الْفَقِیهُ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَخِّرُوا الْأَحْمَالَ فَإِنَّ الْیَدَیْنِ مُعَلَّقَةٌ وَ الرِّجْلَیْنِ مُوَثَّقَةٌ(2).

«27»- الْكَافِی، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْعَلَوِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام : مِنْ مُرُوَّةِ الرَّجُلِ أَنْ یَكُونَ دَوَابُّهُ سِمَاناً.

قَالَ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: ثَلَاثٌ مِنَ الْمُرُوَّةِ فَرَاهَةُ الدَّابَّةِ وَ حُسْنُ وَجْهِ الْمَمْلُوكِ وَ الْفَرَسُ السَّرِیُ (3).

بیان: فی القاموس فره ككرم فراهة و فراهیة حذق فهو فاره بین الفروهة(4)

و السری النفیس الشریف.

«28»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ الْفَقِیهُ، فِی حَدِیثِ الْمَنَاهِی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ ضَرْبِ وُجُوهِ الْبَهَائِمِ وَ نَهَی عَنْ قَتْلِ النَّحْلِ وَ نَهَی عَنِ الْوَسْمِ فِی وُجُوهِ الْبَهَائِمِ (5).

«29»- إِرْشَادُ الْمُفِیدِ، عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّافِقِیِ (6) عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ أَبِی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَالْتَاثَتْ عَلَیْهِ

ص: 215


1- 1. الخصال: 3 فیه: للراجل.
2- 2. من لا یحضره الفقیه 2: 191.
3- 3. فروع الكافی 6: 479.
4- 4. القاموس: فره.
5- 5. المجالس: 255( م 66) من لا یحضره الفقیه 4: 5.
6- 6. فی المصدر: الرافعی.

النَّاقَةُ فِی سَیْرِهَا فَأَشَارَ إِلَیْهَا بِالْقَضِیبِ ثُمَّ قَالَ آهِ لَوْ لَا الْقِصَاصُ وَ رَدَّ یَدَهُ عَنْهَا(1).

بیان: فی النهایة فیه إذا التاثت راحلة أحدنا أی أبطأت فی سیرها(2).

«30»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كُلُّ لَهْوِ الْمُؤْمِنِ بَاطِلٌ إِلَّا فِی ثَلَاثٍ فِی تَأْدِیبِهِ الْفَرَسَ وَ رَمْیِهِ عَنْ قَوْسِهِ وَ مُلَاعَبَتِهِ امْرَأَتَهُ فَإِنَّهُنَّ حَقٌّ الْخَبَرَ(3).

«31»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ: أُهْدِیَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَغْلَةٌ أَهْدَاهَا لَهُ كِسْرَی أَوْ قَیْصَرُ فَرَكِبَهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِجُلٍّ مِنْ شَعْرٍ وَ أَرْدَفَنِی خَلْفَهُ الْخَبَرَ(4).

«32»- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، بِالْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یَرْكَبَ الدَّابَّةَ عَلَیْهَا الْجُلْجُلُ قَالَ إِنْ كَانَ لَهُ صَوْتٌ فَلَا وَ إِنْ كَانَ أَصَمَّ فَلَا بَأْسَ (5).

«33»- الْفَقِیهُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ عَلَی ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِیرٍ شَیْطَاناً فَأَشْبِعْهُ وَ امْتَهِنْهُ (6).

تذنیب

ذكر العلامة قدس سره فی المنتهی كثیرا من أخبار حقوق الدابة من غیر تصریح بالوجوب أو الاستحباب و قال و یستحب اتخاذ الخیل و ارتباطها

ص: 216


1- 1. الإرشاد: 240( طبعة الآخوندی).
2- 2. النهایة 4: 72.
3- 3. فروع الكافی 5: 50 صدره: اركبوا و ارموا و ان ترموا أحبّ الی من أن تركبوا ثمّ قال: كل، ذیله: الا ان اللّٰه عزّ و جلّ لیدخل فی السهم الواحد الثلاثة الجنة: عامل الخشبة و المقوی به فی سبیل اللّٰه و الرامی به فی سبیل اللّٰه.
4- 4. من لا یحضره الفقیه 4: 296.
5- 5. بحار الأنوار 10: 264.
6- 6. من لا یحضره الفقیه 2: 190.

استحبابا مؤكدا و قال و ینبغی اجتناب ضرب الدابة إلا مع الحاجة و لا بأس بالعقبة.

و أقول سائر الآداب المذكورة فی هذه الأخبار لم ینص الأصحاب فیها بشی ء فالحكم بالوجوب أو الحرمة فی أكثرها مشكل بل الظاهر أن أكثرها من السنن و الآداب المستحبة المرغوبة لكن الاحتیاط یقتضی العمل بجمیعها ما تیسر.

و قال الدمیری فی حیاة الحیوان فی شرح الكافیة لا یجوز بیع الخیل لأهل الحرب كالسلاح و یكره أن یقلد الأوتار لنهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن ذلك و أمره بقطع قلائد الخیل قال مالك أراه من أجل العین و قال غیره إنما أمر بقطعها لأنهم كانوا یعلقون فیها الأجراس و قال آخرون لأنها تختنق بها عند شدة الركض و یحتمل أن یكون أراد عین الوتر خاصة دون غیره من السیور و الخیوط(1) علی ما كان من عادتهم فی الجاهلیة و قیل معناه لا تطلبوا علیها الأوتار و الذحول و لا تركضوها فی طلب الثأر(2).

وَ فِی شِفَاءِ الصُّدُورِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَضْرِبُوا وُجُوهَ الدَّوَابِّ فَإِنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ.

وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا انْفَلَتَتْ دَابَّةُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَلْیُنَادِ یَا عِبَادَ اللَّهِ احْبِسُوا فَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْأَرْضِ حَاجِزاً سَیَحْبِسُهُ (3).

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ فِی مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِیثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ مِنَ الرَّقِیقِ وَ الدَّوَابِّ وَ الصِّبْیَانِ فَاقْرَءُوا فِی أُذُنِهِ أَ فَغَیْرَ دِینِ اللَّهِ یَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَیْهِ یُرْجَعُونَ (4) ثُمَّ قَالَ یَجِبُ عَلَی مَالِكِ الدَّوَابِّ عَلْفُهَا وَ سَقْیُهَا(5)

لِحُرْمَةِ الرُّوحِ.

ص: 217


1- 1. فی المصدر: و قیل:« معناه» الی قوله:« فی طلب الثأر» ثم زاد بعده: علی ما كان من عادتهم فی الجاهلیة.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 288.
3- 3. فی المصدر: حابسا یحبسها.
4- 4. آل عمران: 83.
5- 5. فی المصدر: علی مالك الدابّة علفها و رعیها و سقیها.

وَ فِی الصَّحِیحِ: عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِی هِرَّةٍ.

فإن لم تكن ترعی لزمه أن یعلفها و یسقیها إلی أول شبعها و ریها دون غایتهما و إن كانت ترعی لزمه إرسالها لذلك حتی تشبع و تروی بشرط فقد السباع (1) و وجود الماء و إن اكتفت بكل من الرعی و العلف خیر بینهما و إن لم تكتف إلا بهما لزماه و إذا احتاجت البهیمة إلی السقی و معه ما یحتاج إلیه لطهارته سقاها و تیمم فإن امتنع من العلف أجبر فی مأكوله علی بیع أو علف أو ذبح و فی غیرها علی بیع أو علف صیانة لها عن الهلاك فإن لم تفعل فعل الحاكم ما تقتضیه المصلحة فإن كان له مال ظاهر بیع فی النفقة فإن تعذر جمیع ذلك فمن بیت المال.

و یستحب أن یقول عند الركوب مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَ التِّرْمِذِیُّ وَ صَحَّحَاهُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رَبِیعَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ قَدْ أُتِیَ بِدَابَّةٍ لِیَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِی الرِّكَابِ (2) قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی فَاغْفِرْ لِی إِنَّهُ لَا یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ثُمَّ ضَحِكَ فَقِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ ضَحِكْتَ فَقَالَ رَأَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ ضَحِكْتَ فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ تَعَالَی لَیَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی ذُنُوبِی یَعْلَمُ (3) أَنَّهُ لَا یَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَیْرِی.

وَ رَوَی أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِیُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا رَكِبَ الْعَبْدُ الدَّابَّةَ وَ لَمْ یَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ رَدِفَهُ الشَّیْطَانُ فَقَالَ تَغَنَّ فَإِنْ كَانَ لَا یُحْسِنُ الْغِنَاءَ قَالَ لَهُ تَمَنَّ فَلَا یَزَالُ فِی أُمْنِیَّتِهِ حَتَّی یَنْزِلَ.

وَ عَنْ أَبِی الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَالَ إِذَا رَكِبَ دَابَّةً بِسْمِ اللَّهِ الَّذِی لَا یَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَیْ ءٌ فِی الْأَرْضِ وَ لَا فِی السَّمَاءِ سُبْحَانَهُ لَیْسَ لَهُ سَمِیٌ سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ وَ إِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی

ص: 218


1- 1. فی المصدر: السباع العادیة.
2- 2. فی المصدر:« قال بسم اللّٰه فلما استوی علی ظهرها: قال الحمد للّٰه ثمّ قال» و فیه: فانه.
3- 3. أی یقول اللّٰه تعالی: یعلم عبدی انه لا یغفر الذنوب غیری، او تفسیر للاعجاب.

مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ إِلَّا قَالَتِ (1) الدَّابَّةُ بَارَكَ اللَّهُ عَلَیْكَ مِنْ مُؤْمِنٍ خَفَّفْتَ عَلَی ظَهْرِی وَ أَطَعْتَ رَبَّكَ وَ أَحْسَنْتَ إِلَی نَفْسِكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ (2)

وَ أَنْجَحَ حَاجَتَكَ.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الدُّنْیَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَیْسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَكِبَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ قَالَتِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ بِی رَفِیقاً رَحِیماً فَإِذَا لَعَنَهَا قَالَتْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی أَعْصَانَا لِلَّهِ (3).

وَ فِی كَامِلِ ابْنِ عَدِیٍّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: اضْرِبُوا الدَّوَابِّ عَلَی النِّفَارِ وَ لَا تَضْرِبُوهَا عَلَی الْعِثَارِ.

و قال یجوز الإرداف علی الدابة إذا كانت مطیقة و لا یجوز إذا لم تطقه.

فَفِی الصَّحِیحَیْنِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْدَفَهُ حِینَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَی الْمُزْدَلِفَةِ ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَی مِنًی وَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْدَفَ مُعَاذاً عَلَی الرَّحْلِ وَ عَلَی حِمَارٍ یُقَالُ لَهُ عُفَیْرٌ(4).

ثم قال و إذا أردف صاحب الدابة فهو أحق بصدرها و یكون الردیف وراءه إلا أن یرضی صاحبها بتقدیمه لجلالة أو غیر ذلك و أفاد الحافظ بن مندة أن الذین أردفهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله ثلاثة و ثلاثون نفسا(5).

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ عَنْ جَابِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی أَنْ یَرْكَبَ ثَلَاثَةٌ عَلَی دَابَّةٍ.

و قال یكره دوام الركوب علی الدابة لغیر حاجة و ترك النزول عنها للحاجة

لِمَا فِی سُنَنِ أَبِی دَاوُدَ وَ الْبَیْهَقِیِّ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ(6)

أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِیَّاكُمْ أَنْ

ص: 219


1- 1. فی المصدر:« و صلّی اللّٰه علی سیدنا محمّد و علیه السلام قالت» و فیه: عن ظهری.
2- 2. فی المصدر: لك فی سفرك.
3- 3. فی المصدر: قالت: علی اعصانا للّٰه لعنة اللّٰه.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 230- 233.
5- 5. زاد فی المصدر: و امر صلّی اللّٰه علیه و آله عبد الرحمن بن أبی بكران یعتمر باخته عائشة من التنعیم فاردفها وراءه علی راحلته و أردف( ص) صفیة أم المؤمنین وراءه حین تزوجها بخیبر.
6- 6. فی المصدر: من حدیث ابی مریم عن ابی هریرة.

تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبْلِغَكُمْ إِلی بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ وَ جَعَلَ لَكُمْ فِی الْأَرْضِ مُسْتَقَرّاً فَاقْضُوا عَلَیْهَا حَاجَاتِكُمْ.

و یجوز الوقوف علی ظهرها للحاجة ریثما تقضی لما روی مسلم و أبو داود و النسائی عن أم الحصین الأخمصیة(1) أنها قالت حججت مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حجة الوداع فرأیت أسامة و بلالا أحدهما أخذ خطام ناقة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الآخر رافع ثوبه یستره من الحر حتی رمی جمرة العقبة.

و قال الشیخ عز الدین بن عبد السلام فی الفتاوی الموصلیة النهی عن ركوب الدواب و هی واقفة محمول علی ما إذا كان لغیر غرض صحیح و أما الركوب الطویل فی الأغراض الصحیحة فتارة یكون مندوبا كالوقوف بعرفة و تارة یكون واجبا كوقوف الصفوف فی قتال المشركین و قتال كل من یجب قتاله و كذلك الحراسة فی الجهاد و إذا خیف هجمة العدو و هذا لا خلاف فیه انتهی (2).

أقول: سیأتی الأخبار المناسبة للباب فی أبواب السفر و أبواب آداب الركوب إن شاء اللّٰه.

ص: 220


1- 1. فی المصدر: الاحمسیة.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 235.

باب 9 إخصاء الدواب و كیها و تعرقبها و الإضرار بها و بسائر الحیوانات و التحریش بینها و آداب إنتاجها و بعض النواد

باب 9 إخصاء الدواب و كیها و تعرقبها(1)

و الإضرار بها و بسائر الحیوانات و التحریش بینها و آداب إنتاجها و بعض النوادر

الآیات:

النساء: وَ إِنْ یَدْعُونَ إِلَّا شَیْطاناً مَرِیداً لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِیباً مَفْرُوضاً وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّیَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطانَ وَلِیًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِیناً

تفسیر:

فَلَیُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ قیل أی یشقونها لتحریم ما أحل اللّٰه و هی عبارة عما كانت العرب تفعل بالبحائر و السوائب و إشارة إلی تحریم كل ما أحل و نقص كل ما خلق كاملا بالفعل أو بالقوة وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ عن وجهه صورة أو صفة و یندرج فیه ما قیل من فقوء عین الحامی و خصاء العبید و البهائم و الوسم (2) و الوشم و الوشر و اللواط و السحق و نحو ذلك و عبادة الشمس و القمر و تغییر فطرة اللّٰه التی هی الإسلام و استعمال الجوارح و القوی فیما لا یعود علی النفس كمالا و لا یوجب لها من اللّٰه زلفی و بالجملة یمكن أن یستدل به علی تحریم الكی و إخصاء الإنسان و الحیوانات مطلقا بل التحریش بینها لأنها لم تخلق لذلك إلا ما أخرجه الدلیل.

قال الطبرسی قدس اللّٰه روحه وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ أی لآمرنهم بتغییر خلق اللّٰه فلیغیرنه و اختلف فی معناه فقیل یرید دین اللّٰه و أمره عن ابن عباس و إبراهیم و مجاهد و الحسن و قتادة و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و یؤیده قوله سبحانه فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ

ص: 221


1- 1. فی المخطوطة: و عرقبتها( تعرقبها خ ل).
2- 2. الوسم: اثر الكی. و الوشم: غرز الابرة فی البدن و ذر النیلج علیه و بالفارسیة یقال: خالكوبی. و الوشر: تحدید الأسنان و ترقیقها.

و أراد بذلك تحریم الحلال و تحلیل الحرام و قیل أراد معنی الخصاء عن عكرمة و شهر بن حوشب و أبی صالح عن ابن عباس و كرهوا الإخصاء فی البهائم و قیل إنه الوشم عن ابن مسعود و قیل إنه أراد الشمس و القمر و الحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلی عبادتها عن الزجاج (1).

«1»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْخِصَاءِ فَلَمْ یُجِبْنِی ثُمَّ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام بَعْدَهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ (2).

الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ عَنِ الْإِخْصَاءِ(3).

بیان: محمول علی إخصاء الحیوانات كما سیأتی و المشهور فیه الكراهة و قیل بالحرمة و المشهور أظهر قال العلامة رحمه اللّٰه فی المنتهی نقل ابن إدریس عن بعض علمائنا أن إخصاء الحیوان محرم قال و الأولی عندی تجنب ذلك و أنه مكروه دون أن یكون محرما محظورا لأنه ملك للإنسان یعمل به ما شاء مما فیه الصلاح له (4)

و ما روی فی ذلك یحمل علی الكراهیة دون الحظر.

«2»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ إِخْصَاءِ الْغَنَمِ قَالَ لَا بَأْسَ (5).

«3»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا حَرَنَتْ عَلَی أَحَدِكُمْ دَابَّةٌ فِی أَرْضِ الْعَدُوِّ

ص: 222


1- 1. مجمع البیان 3: 113.
2- 2. المحاسن: 628.
3- 3. من لا یحضره الفقیه 3: 216 فیه: لا بأس به.
4- 4. الضمیر ان عاد الی الحیوان فالتعلیل صحیح و اما ان عاد الی الإنسان ففی عموم التعلیل نظر.
5- 5. قرب الإسناد: 131.

فَلْیَذْبَحْهَا(1) وَ لَا یُعَرْقِبْهَا(2).

«4»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ مُؤْتَةَ كَانَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَی فَرَسٍ لَهُ فَلَمَّا الْتَقَوْا نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَعَرْقَبَهَا بِالسَّیْفِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرْقَبَ فِی الْإِسْلَامِ (3).

المحاسن، عن النوفلی: مثله (4).

بیان: یدل علی جواز العرقبة مع الضرورة.

«5»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَبَشِیٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ وَ جَعْفَرِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَجُلٌ شَیْخٌ نَاسِكٌ یَعْبُدُ اللَّهَ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَبَیْنَا هُوَ یُصَلِّی وَ هُوَ فِی عِبَادَتِهِ إِذْ بَصُرَ بِغُلَامَیْنِ صَبِیَّیْنِ قَدْ أَخَذَا دِیكاً وَ هُمَا یَنْتِفَانِ رِیشَهُ فَأَقْبَلَ عَلَی مَا فِیهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَ لَمْ یَنْهَهُمَا عَنْ ذَلِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الْأَرْضِ أَنْ سِیخِی بِعَبْدِی فَسَاخَتْ بِهِ الْأَرْضُ فَهُوَ یَهْوِی فِی الدردون أَبَدَ الْآبِدِینَ وَ دَهْرَ الدَّاهِرِینَ (5).

بیان: الدردون لم أجده فی كتب اللغة و كأنه اسم طبقة من طبقات الأرض أو طبقات جهنم و یدل علی عدم جواز الإضرار بالحیوانات بغیر مصلحة و وجوب نهی الصبیان عن مثله و فیه مبالغة عظیمة فی الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر.

«6»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّهُ كَرِهَ إِخْصَاءَ الدَّوَابِّ وَ التَّحْرِیشَ بَیْنَهَا(6).

ص: 223


1- 1. فی المصدر:« دابة یعنی اقامت فی أرض العدو او فی سبیل اللّٰه فلیذبحها» أقول: حرنت الدابّة: وقفت و لم تنقد. عرقب الرجل الدابّة: قطع عرقوبها. و العرقوب: عصب غلیظ فوق العقب.
2- 2. فروع الكافی 5: 49.
3- 3. فروع الكافی 5: 49.
4- 4. المحاسن: 634.
5- 5. المجالس و الاخبار: 63.
6- 6. المحاسن: 634.

«7»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِیمِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ نَجْرَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزَاةٍ وَ مَعَهُ فَرَسٌ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْتَأْنِسُ إِلَی صَهِیلِهِ فَفَقَدَهُ فَبَعَثَ إِلَیْهِ فَقَالَ مَا فَعَلَ فَرَسُكَ فَقَالَ اشْتَدَّ عَلَیَّ شَغْبُهُ فَخَصَیْتُهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَثَّلْتَ بِهِ مَثَّلْتَ بِهِ الْخَیْلُ مَعْقُودٌ فِی نَوَاصِیهَا الْخَیْرُ إِلَی أَنْ تَقُومَ الْقِیَامَةُ(1) وَ أَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَیْهَا أَعْرَافُهَا وَقَارُهَا وَ نَوَاصِیهَا جَمَالُهَا وَ أَذْنَابُهَا مَذَابُّهَا(2).

«8»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنِ الْكَاهِلِیِّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ أَنَا عِنْدَهُ (3)

عَنْ قَطْعِ أَلَیَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِقَطْعِهَا إِذَا كُنْتَ تُصْلِحُ بِهَا مَالَكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ فِی كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ مَا قُطِعَ مِنْهَا مَیْتٌ لَا یُنْتَفَعُ بِهِ (4).

بیان: یفهم منه أن كل إضرار بالحیوان یصیر سببا لإصلاحه جائز و إن لم ینتفع به الحیوان.

«9»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْكَشُوفِ وَ هُوَ أَنْ تُضْرَبَ النَّاقَةُ وَ وَلَدُهَا طِفْلٌ (5) إِلَّا أَنْ یُتَصَدَّقَ بِوَلَدِهَا أَوْ یُذْبَحَ وَ نَهَی مِنْ أَنْ یُنْزَی حِمَارٌ عَلَی عَتِیقَةٍ.

بیان: فی القاموس الكشوف كصبور الناقة یضربها الفحل و هی حامل و ربما ضربها و قد عظم بطنها فإن حمل علیها الفحل سنتین ولاء فذلك الكشاف بالكسر أو هو

ص: 224


1- 1. فی المصدر: الی یوم القیامة.
2- 2. نوادر الراوندیّ: 34.
3- 3. فی المصدر: و انا عنده یوما.
4- 4. فروع الكافی 6: 254 و 255.
5- 5. لان ذلك یصیر سببا لنقص لبنها و عدم رشد ولدها.

أن تلقح حین تنتج أو أن یحمل علیها فی كل عام و ذلك أردأ النتاج.

«10»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبَّادِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَمِیرِ نُنْزِیهَا عَلَی الرَّمَكِ لِتُنْتَجَ الْبِغَالَ أَ یَحِلُّ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ أَنْزِهَا(1).

بیان: الرمكة محركة الفرس و البرذونة تتخذ للنسل و الجمع رمك و جمع الجمع أرماك ذكره الفیروزآبادی.

و أقول لا تنافی بین هذه الخبر و بین الخبر السابق و اللاحق لأن النهی فیهما متعلق بالنزو علی العتیقة العربیة و التجویز فی هذا الخبر للبرذون مع أن الخبر الآتی یحتمل كونه مختصا بهم علیهم السلام بل ظاهره ذلك.

«11»- صَحِیفَةُ الرِّضَا، بِإِسْنَادِ الطَّبْرِسِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ لَا تَحِلُّ لَنَا صَدَقَةٌ(2) وَ أُمِرْنَا بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ وَ أَنْ لَا نُنْزِیَ حِمَاراً عَلَی عَتِیقَةٍ وَ لَا نَمْسَحَ عَلَی خُفٍ (3).

بیان: قال فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام أمرنا أن لا ننزی الحمر علی الخیل أی نحملها علیه للنسل یقال نزوت علی الشی ء أنزو نزوا إذا وثبت علیه و قد یكون فی الأجسام و المعانی ثم ذكر عن الخطابی بعض الوجوه التی ذكرها الدمیری مما أوردته سابقا(4).

«12»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام مَرَّ بِبَهِیمَةٍ وَ فَحْلٌ یَسْفَدُهَا عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ فَأَعْرَضَ عَلِیٌّ علیه السلام بِوَجْهِهِ فَقِیلَ لَهُ لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ إِنَّهُ لَا یَنْبَغِی أَنْ تَصْنَعُوا(5) مَا یَصْنَعُونَ

ص: 225


1- 1. تهذیب الأحكام.
2- 2. فی المخطوطة: انا أهل البیت لا تحل لنا الصدقة.
3- 3. صحیفة الرضا: 5.
4- 4. النهایة 4: 147.
5- 5. فی المصدر: أن یصنعوا.

وَ هُوَ مِنَ الْمُنْكَرِ إِلَّا أَنْ تُوَارُوهُ (1)

حَیْثُ لَا یَرَاهُ رَجُلٌ وَ لَا امْرَأَةٌ(2).

«13»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ التَّمِیمِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ الدِّیبَاجِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: مِثْلَهُ (3).

بیان: فی القاموس سفد الذكر علی الأنثی كضرب و علم سفادا بالكسر نزا و أسفدته و تسافد السباع.

«14»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی نَصْرٍ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الزَّوْجِ مِنَ الْحَمَامِ یُفْرِخُ عِنْدَهُ یَتَزَوَّجُ الطَّیْرُ أُمَّهُ وَ ابْنَتَهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِمَا كَانَ بَیْنَ الْبَهَائِمِ (4).

«15»- السَّرَائِرُ، مِنْ كِتَابِ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عِیسَی بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مِسْمَعٍ كِرْدِینٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ التَّحْرِیشِ بَیْنَ الْبَهَائِمِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَّا الْكَلْبَ (5).

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ أَكْرَهُ ذَلِكَ إِلَّا الْكِلَابَ (6).

«16»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّحْرِیشِ بَیْنَ الْبَهَائِمِ فَقَالَ كُلُّهُ مَكْرُوهٌ إِلَّا الْكِلَابَ (7).

ص: 226


1- 1. فی المصدر: الا أن یواروه.
2- 2. المحاسن: 634.
3- 3. نوادر الراوندیّ: 14 فیه:« علی بهیمة» و فیه:« فاعرض بوجهه عنها» و فیه: أن یصنعوا ما صنعوا و هو من المنكر و لكن ینبغی لهم أن یواروه.
4- 4. فروع الكافی 6: 548.
5- 5. السرائر.
6- 6. فروع الكافی 6: 554.
7- 7. المحاسن: 628.

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ كُلُّهُ یُكْرَهُ إِلَّا الْكَلْبَ (1).

«17»- الْفَقِیهُ،: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ تَحْرِیشِ الْبَهَائِمِ إِلَّا الْكِلَابَ (2).

بیان: قوله علیه السلام إلا الكلاب كأن المراد به تحریش الكلب علی الصید لا تحریش الكلاب بعضها علی بعض و الأخبار و إن وردت بلفظ الكراهة لكن قد عرفت أن الكراهة فی عرف الأخبار أعم من الحرمة و هو لهو و لغو و إضرار بالحیوانات بغیر مصلحة فلا یبعد القول بالتحریم و اللّٰه یعلم.

«18»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ الْفَقِیهُ، فِی مَنَاهِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الْوَسْمِ فِی وُجُوهِ الْبَهَائِمِ (3).

«19»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الدَّابَّةِ أَ یَصْلُحُ أَنْ یَضْرِبَ وَجْهَهَا أَوْ یَسِمَهُ بِالنَّارِ قَالَ لَا بَأْسَ (4).

«20»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ سِمَةِ الْغَنَمِ فِی وُجُوهِهَا فَقَالَ سِمْهَا فِی آذَانِهَا(5).

«21»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ سِمَةِ الْمَوَاشِی فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهَا إِلَّا فِی الْوَجْهِ (6).

الكافی، عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب: مثله (7).

«22»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام

ص: 227


1- 1. فروع الكافی 6: 553 و 554 فیه: كله مكروه الا الكلب.
2- 2. من لا یحضره الفقیه 4: 5.
3- 3. مجالس الصدوق: 255( م 66) من لا یحضره الفقیه 4: 5.
4- 4. قرب الإسناد: 121.
5- 5. المحاسن: 644.
6- 6. المحاسن: 644.
7- 7. فروع الكافی 6: 545 فیه: إلا فی الوجوه.

قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا إِلَّا مَا كَانَ فِی الْوَجْهِ (1).

«23»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ وَسْمِ الْمَوَاشِی فَقَالَ تُوسَمُ فِی غَیْرِ وَجْهِهَا(2).

«24»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَنِ الدَّابَّةِ یَصْلُحُ أَنْ یَضْرِبَ وَجْهَهَا وَ یَسِمَهَا بِالنَّارِ فَقَالَ لَا بَأْسَ (3).

«25»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَنْ تُوسَمَ الْبَهَائِمُ فِی وَجْهِهَا وَ أَنْ یُضْرَبَ وُجُوهُهَا فَإِنَّهَا تُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهَا(4).

«26»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَسِمُ الْغَنَمَ فِی وُجُوهِهَا قَالَ سِمْهَا فِی آذَانِهَا(5).

«27»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: لَا بَأْسَ بِسِمَةِ الْمَوَاشِی إِذَا تَنَكَّبْتُمْ وُجُوهَهَا(6).

«28»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ، رَوَی الْبُخَارِیُّ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّ بِحِمَارٍ وُسِمَ فِی وَجْهِهِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ بِهَذَا(7).

«29»- وَ فِی رِوَایَةٍ: لَعَنَ اللَّهُ الَّذِی وَسَمَهُ (8).

ص: 228


1- 1. المحاسن: 644 فیه: لا بأس به.
2- 2. المحاسن: 644 فیه: فی غیر وجوهها.
3- 3. المحاسن: 628.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 2: 294.
5- 5. فروع الكافی 6: 545.
6- 6. قرب الإسناد: 39 فیه: لا بأس بسمة المواشی بالنار إذا أنتم تنكبتم وجوهها.
7- 7. حیاة الحیوان 1: 182 فیه:« من فعل هذا» و فیه: وسم هذا.
8- 8. حیاة الحیوان 1: 182 فیه:« من فعل هذا» و فیه: وسم هذا.

باب 10 النحل و النمل و سائر ما نهی عن قتله من الحیوانات و ما یحل قتله منها من الحیات و العقارب و الغربان و غیرها و النهی عن حرق الحیوانات و تعذیبها

الآیات:

المائدة: فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً الآیة

النحل: وَ أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِی مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِی مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِی سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا یَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَتَفَكَّرُونَ

النمل: حَتَّی إِذا أَتَوْا عَلی وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا یَحْطِمَنَّكُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها إلی قوله تعالی وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ فَقالَ ما لِیَ لا أَرَی الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِینَ الآیات.

تفسیر:

قد مرت قصة الغراب الذی علم قابیل كیف یواری جسد هابیل علیه السلام حین قتله قوله تعالی وَ أَوْحی رَبُّكَ قال الرازی یقال وحی و أوحی و هو الإلهام و المراد من الإلهام أنه تعالی قرر فی نفسها هذه الأعمال العجیبة التی یعجز عنها العقلاء من البشر و بیانه من وجوه الأول أنها تبنی البیوت المسدسة من أضلاع متساویة لا یزید بعضها علی بعض بمجرد طباعها و العقلاء من البشر لا یمكنهم بناء مثل تلك البیوت إلا بآلات و أدوات مثل المسطر و الفرجار و الثانی أنه ثبت فی الهندسة أن تلك البیوت لو كانت مشكلة بأشكال سوی المسدسات فإنه یبقی بالضرورة ما بین تلك البیوت فرج خالیة ضائعة فاهتداء تلك الحیوان الضعیف إلی هذه الحكمة الخفیة و الدقیقة اللطیفة من الأعاجیب.

ص: 229

و الثالث أن النحل یحصل بینها واحد كالرئیس للبقیة و ذلك الواحد یكون أعظم جثة من الباقی و یكون نافذ الحكم علی تلك البقیة و هم یخدمونه و یحملونه عند تعبه و ذلك أیضا من الأعاجیب.

و الرابع أنها إذا ذهبت عن وكرها ذهبت مع الجمعیة إلی موضع آخر فإذا أرادوا عودها إلی وكرها ضربوا الطبول و آلات الموسیقی و بواسطة تلك الألحان یقدرون علی ردها إلی وكرها و هذه أیضا حالة عجیبة فلما امتاز هذا الحیوان بهذه الخواص العجیبة الدالة علی مزید الذكاء و الكیاسة لیس إلا علی سبیل الإلهام و هو حالة شبیهة بالوحی لا جرم قال تعالی فی حقها وَ أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ و اعلم أن الوحی قد ورد فی حق الأنبیاء كقوله تعالی وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ یُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْیاً(1) و فی الأولیاء أیضا قال تعالی وَ إِذْ أَوْحَیْتُ إِلَی الْحَوارِیِّینَ (2) و بمعنی الإلهام فی حق البشر وَ أَوْحَیْنا إِلی أُمِّ مُوسی (3) و فی حق سائر الحیوان خاص و قال الزجاج یجوز أن یقال سمی هذا الحیوان نحلا لأن اللّٰه تعالی نحل الناس العسل الذی یخرج من بطونها و قال غیره النحل یذكر و یؤنث و هی مؤنثة فی لغة الحجاز و لذلك أنثها اللّٰه و كذلك كل جمع لیس بینه و بین الواحدة إلا الهاء أَنِ اتَّخِذِی أن مفسرة لأن فی الإیحاء معنی القول وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ أی یبنون و یسقفون و قرئ بضم الراء و كسرها.

و اعلم أن النحل نوعان أحدهما ما یسكن فی الجبال و الغیاض و لا یتعهدها أحد من الناس و النوع الثانی التی یسكن بیوت الناس و یكون فی تعهدات الناس فالأول هو المراد بقوله أَنِ اتَّخِذِی مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ و الثانی هو المراد بقوله وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ و إنما قال مِنَ الْجِبالِ و مِنَ الشَّجَرِ لئلا تبنی بیوتها فی كل جبل و شجر بل فی مساكن یوافق مصالحها و یلیق بها و اختلفوا فی

ص: 230


1- 1. الشوری: 51.
2- 2. المائدة: 111.
3- 3. القصص: 7.

هذا الأمر.

فمن الناس من یقول لا یبعد أن یكون لهذه الحیوانات عقول و أن یتوجه علیها من اللّٰه أمر و نهی و قال آخرون لیس الأمر كذلك بل المراد منه أنه تعالی خلق فیها غرائز و طبائع توجب هذه الأحوال ثُمَّ كُلِی مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ من للتبعیض أو لابتداء الغایة رأیت فی كتب الطب أنه تعالی دبر هذا العالم علی وجه یحدث فی الهواء طل لطیف فی اللیالی و یقع ذلك الطل علی أوراق الأشجار

فقد تكون تلك الأجزاء الطلیة لطیفة الصور متفرقة علی الأوراق و الأزهار و قد تكون كثیرة بحیث یجتمع منها أجزاء محسوسة أما القسم الثانی فإنه مثل الترنجبین فإنه طل ینزل من الهواء و یجتمع علی أطراف الشجر فی بعض البلدان و ذلك محسوس و أما القسم الأول فهو الذی ألهم اللّٰه تعالی هذا النحل تلتقط تلك الذرات من الأزهار و أوراق الأشجار بأفواهها و تأكلها و تغتذی بها فإذا شبعت التقطت بأفواهها مرة أخری شیئا من تلك الأجزاء ثم تذهب بها إلی بیوتها و تضعها هناك كأنها تحاول أن تدخر لنفسها غذاءها فإذا اجتمع فی بیوتها من تلك الأجزاء الطلیة شی ء كثیر فذاك هو العسل.

و من الناس من یقول إن النحل تأكل من الأزهار الطیبة و الأوراق العطرة أشیاء ثم إنه تعالی یقلب تلك الأجسام فی داخل بطنه عسلا ثم إنها تقی ء مرة أخری فذاك هو العسل و القول الأول أقرب إلی العقل و أشد مناسبة للاستقراء فإن طبیعة الترنجبین قریبة إلی العسل فی الطعم و الشكل و لا شك أنه طل یحدث فی الهواء و یقع علی أطراف الأشجار و الأزهار فكذا هاهنا و أیضا فنحن نشاهد أن هذا النحل إنما تغتذی بالعسل و لذلك فإنا إذا أخرجنا العسل من بیوت النحل تركنا لها بقیة من ذلك العسل لأجل أن تغتذی بها فعلمنا أنها تغتذی بالعسل و أنها إنما تقع علی الأشجار و الأزهار لأنها تغتذی بتلك الأجزاء الطلیة العسلیة الواقعة من الهواء علیها إذا عرفت هذا فنقول قوله كُلِی مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كلمة من هاهنا تكون لابتداء الغایة و لا تكون للتبعیض علی هذا القول فَاسْلُكِی

ص: 231

سُبُلَ رَبِّكِ (1) أی الطرق التی ألهمك و أفهمك فی عمل العسل أو یكون المراد فاسلكی فی طلب تلك الثمرات سبل ربك و فی قوله ذُلُلًا قولان الأول أنه حال من السبل لأن اللّٰه تعالی ذللها لها و وطئها و سهلها كقوله هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا(2) الثانی أنه حال من الضمیر فی قوله فَاسْلُكِی أی و أتی یا أیتها النحل ذلك منقادة لما أمرت به غیر ممتنعة یَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها هذا رجوع من الخطاب إلی الغیبة و السبب فیه أن المقصود من ذكر هذه الأحوال أن یحتج الإنسان المكلف به علی قدرة اللّٰه تعالی و حكمته و حسن تدبیره لأحوال العالم العلوی و السفلی فكأنه تعالی لما خاطب النحل بما سبق ذكره خاطب الإنسان و قال إنما ألهمنا هذا النحل لهذه العجائب لأجل أن یخرج مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ثم إنا ذكرنا أن من الناس من یقول العسل عبارة عن أجزاء طلیة تحدث فی الهواء و تقع علی أطراف الأشجار و علی الأوراق و الأزهار فیلقطها الزنبور بفمه فإذا ذهبنا إلی هذا الوجه كان المراد من قوله یَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها أی من أفواهها و كل تجویف فی داخل البدن فإنه یسمی بطنا أ لا تری أنهم یقولون بطون الدماغ و عنوا بها تجاویف الدماغ فكذا هاهنا یَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها أی أفواهها و أما علی قول أهل الظاهر و هو أن النحل تأكل الأوراق و الثمرات ثم تقی ء فذلك هو العسل فالكلام ظاهر ثم وصف العسل بكونه شرابا لأنه تارة یشرب وحده و تارة یتخذ منه الأشربة و بأنه مختلف ألوانه و المقصود منه إبطال القول بالطبع لهذا الجسم مع كونه متشابه الطبیعة لما حدث علی ألوان مختلفة دل ذلك علی حدوث تلك الألوان بتدبیر الفاعل المختار لا لأجل

ص: 232


1- 1. من العجائب التی لم یعلم رمزها الی زماننا هذا هی أن النحل بكثرتها كیف كیف تهتدی الی خلیته مع كثرة الخلایا، و اظن ان قوله:« فَاسْلُكِی سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا» اشارة الی الطریقة التی علمها ربها للاهتداء الی ذلك.
2- 2. الملك: 15.

إیجاب الطبیعة و بأن فیه شفاء للناس و فیه قولان الأول و هو الصحیح أنه صفة للعسل.

فإن قالوا كیف یكون شفاء للناس و هو یضر بالصفراء و یهیج المرار قلنا إنه تعالی لم یقل إنه شفاء لكل الناس و لكل داء و فی كل حال بل لما كان شفاء فی الجملة إنه قل معجون من المعاجین إلا و تمامه و كماله یحصل بالعجن بالعسل و أیضا فالأشربة المتخذة منه فی الأمراض البلغمیة عظیمة النفع.

و القول الثانی و هو قول مجاهد إن المراد أن القرآن فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ و علی هذا التقدیر فقصة تولد العسل من النحل تمت عند قوله مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ثم ابتدأ و قال فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ أی فی هذا القرآن حصل ما هو شفاء للناس من الكفر و البدعة مثل هذا الذی مر فی قصة النحل و عن ابن مسعود أن العسل شفاء من كل داء و القرآن فیه شِفاءٌ لِما فِی الصُّدُورِ و اعلم أن هذا القول ضعیف من وجهین الأول أن الضمیر یجب عوده إلی أقرب المذكورات و ما ذاك إلا قوله شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ و أما الحكم بعوده إلی القرآن مع أنه غیر مذكور فیما سبق فهو غیر مناسب الثانی

مَا رَوَی أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ: أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ إِنَّ أَخِی یَشْتَكِی بَطْنَهُ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ سَقَیْتُهُ فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُ فَقَالَ علیه السلام اذْهَبْ فَاسْقِهِ عَسَلًا وَ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ كَذَبَ بَطْنُ أَخِیكَ فَسَقَاهُ فَبَرَأَ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ.

و حملوا قوله صدق اللّٰه علی قوله تعالی فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ و ذلك أنما یصح لو كان هذا صفة للعسل فإن قال قائل فما المراد من قوله علیه السلام صدق اللّٰه و كذب بطن أخیك قلنا العلة أنه علیه السلام علم بنور الوحی أن ذلك العسل سیظهر نفعه بعد ذلك فلما لم یظهر فی الحال مع أنه علیه السلام كان عالما بأنه سیظهر نفعه بعد ذلك كان هذا جاریا مجری الكذب فلهذا السبب أطلق علیه هذا اللفظ انتهی (1).

ص: 233


1- 1. تفسیر الرازیّ.

و آیات النمل قد مر تفسیرها و تدل علی شرافة فی الجملة للنملة و علی بعض ما سیأتی ذكره و كذا آیات الهدهد تدل علی كرامته و بعض ما سیأتی من أحواله و قد مضت قصته و سیأتی بعضها.

و قال الدمیری فی حیاة الحیوان النحل ذباب العسل

وَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الذُّبَابُ كُلُّهُ فِی النَّارِ إِلَّا النَّحْلَ.

و واحدة النحل نحلة و قرأ یحیی بن وثاب وَ أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحَلِ بفتح الحاء و الجمهور بالإسكان قال الزجاج فی تفسیر سورة النساء سمیت نحلا لأن اللّٰه تعالی نحل الناس العسل الذی یخرج منها إذ النحلة العطیة و كفاها شرفا قول اللّٰه عز و جل وَ

أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ فأوحی اللّٰه سبحانه و تعالی إلیها فأثنی علیها فعلمت مساقط الأنوار من وراء البیداء فتقع هناك علی كل نورة عبقة و زهرة أنقة ثم تصدر عنها بما تحفظه رضابا و تلفظه شرابا(1).

قال فی عجائب المخلوقات یقال لیوم عید الفطر یوم الرحمة إذ أوحی اللّٰه تعالی فیه إلی النحل صنعة العسل فبین سبحانه أن فی النحل أعظم اعتبار و هو حیوان فهیم ذو كیس و شجاعة و نظر فی العواقب و معرفة بفصول السنة و أوقات المطر و تدبیر المراتع و المطاعم و الطاعة لكبیره و الاستكانة لأمیره و قائده و بدیع الصنعة و عجیب الفطرة. قال أرسطو النحل تسعة أصناف منها ستة یأوی بعضها إلی بعض و غذاؤها من الفضول الحلوة و الرطوبات التی ترشح بها الزهر و الورق و یجمع ذلك كله و یدخره و هو العسل و أوعیته و یجمع مع ذلك رطوبات دسمة یتخذ منها بیوت العسل و هی الشمع و هو یلقطها بخرطومه و یحملها علی فخذیه و ینقلها من فخذیه إلی صلبه هكذا.

قال و القرآن یدل علی أنها ترعی الزهر فیستحیل فی جوفها عسلا و تلقیه

ص: 234


1- 1. فی المصدر: قال القزوینی فی عجائب المخلوقات.

من أفواهها فیجمع منه القناطیر المقنطرة قال تعالی ثُمَّ كُلِی مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِی سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا یَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِیهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ و قوله مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ المراد به بعضها نظیره قوله وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ یرید به البعض و اختلاف الألوان فی العسل بحسب اختلاف النحل (1)

و قد یختلف طعمه لاختلاف المرعی و من هذا المعنی قول زینب للنبی صلی اللّٰه علیه و آله جرست نحلة العرفط حین شبهت رائحته برائحة المغافیر و الحدیث مشهور فی الصحیحین و غیرهما.

و من شأنه فی تدبیر معاشه أنه إذا أصاب موضعا نقیا بنی فیه بیتا من الشمع ثم یبنی (2)

البیوت التی یأوی فیها الملوك ثم بیوت الذكور التی لا تعمل فیها شیئا(3) و الذكور أصغر جرما من الإناث و هی تكثر المادة داخل الخلیة و هی إذا طارت تخرج بأجمعها و ترتفع فی الهواء ثم تعود إلی الخلیة و النحل تعمل الشمع أولا ثم تلقی البزر لأنه له بمنزلة العش للطائر فإذا ألقته قعدت و تحضنه كما تحضن الطیر(4) فیتكون من ذلك البزر دود ثم تنهض الدود فتغذی أنفسها(5) ثم تطیر و النحل لا یقعد علی أزهار مختلفة بل علی زهر واحد و تملأ بعض البیوت عسلا و بعضها فراخا و من عادتها أنها إذا رأت فسادا من ملك إما أن تعزله أو تقتله و أكثر ما تقتل خارج الخلیة و الملوك لا تخرج إلا مع جمیع النحل و الملك إذا عجز عن الطیران حملته و سیأتی بیان هذا فی أواخر الكتاب فی لفظ الیعسوب و من خصائص الملك أنه لیس له حمة یلسع بها و أفضل ملوكها الشقر و أسوؤها

الرقط بسواد و النحل تجتمع فتقتسم الأعمال فبعضها یعمل الشمع و بعضها یعمل العسل و بعضها یسقی الماء و بعضها یبنی البیوت و بیوتها من أعجب الأشیاء لأنها مبنیة علی الشكل المسدس الذی

ص: 235


1- 1. فی المصدر: بحسب اختلاف النحل و المرعی.
2- 2. فی المصدر: بیوتا من الشمع اولا ثمّ بنی.
3- 3. فی المصدر: لا تعمل شیئا.
4- 4. فی المصدر: قعدت علیه و حضنته كما یحضن الطیر.
5- 5. فی المصدر: دود أبیض ثمّ ینهض الدود و تغذی نفسها.

لا ینخرق (1) كأنه استنبط بقیاس هندسی ثم هو فی دائرة مسدسة لا یوجد فیها اختلاف فبذلك اتصلت حتی صارت كالقطعة الواحدة و ذلك لأن الأشكال من الثلاث إلی العشر إذا جمع كل واحد منها إلی أمثاله لم یتصل و جاءت بینها خروج إلا الشكل المسدس فإنه إذا اجتمع إلی أمثاله اتصل كأنه قطعة واحدة و كل هذا بغیر مقیاس و لا آلة و لا فكرة(2) بل ذلك من أثر صنع اللطیف الخبیر و إلهامه إیاها كما قال تعالی وَ أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِی مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ الآیة.

فتأمل كمال طاعتها و حسن امتثالها لأمر ربها كیف اتخذت بیوتا فی هذه الأمكنة الثلاثة الجبال و الشجر و بیوت الناس حیث یعرشون أی حیث یبنون العروش فلا تری للنحل بیتا فی غیر هذه الثلاثة البتة و تأمل كیف كانت أكثر بیوتها فی الجبال و هی المتقدمة فی الآیة ثم الأشجار و هی دون ذلك ثم فیما یعرش الناس و هی أقل بیوتها فانظر كیف أداها حسن الامتثال إلی أن اتخذت البیوت قبل المرعی و هی تتخذها أولا فإذا استقر لها بیت خرجت عنه فرعت و أكلت من كل الثمرات ثم آوت إلی بیوتها لأن ربها سبحانه و تعالی أمرها باتخاذ البیوت أولا ثم بالأكل بعد ذلك.

قال فی الإحیاء انظر إلی النحلة كیف أوحی اللّٰه إلیها حتی اتخذت من الجبال بیوتا و كیف استخرج من لعابها الشمع و العسل و جعل أحدهما ضیاء و الآخر شفاء ثم لو تأملت عجائب أمرها فی تناولها الأزهار و الأنوار و احترازها من النجاسات و الأقذار و طاعتها لواحد من جملتها و هو أكثرها شخصا و هو أمیرها ثم ما سخر اللّٰه سبحانه و تعالی أمیرها من العدل و الإنصاف بینها حتی أنه لیقتل علی باب المنفذ كل

ص: 236


1- 1. فی المصدر: لا ینحرف.
2- 2. فی المصدر: و لا بركار.

ما وقع منها علی نجاسة لقضیت من ذلك العجب إن كنت بصیرا علی نفسك (1) و فارغا من هم بطنك و فرجك و شهوات نفسك فی معاداة أقرانك و موالاة إخوانك ثم دع عنك جمیع ذلك فانظر إلی بنیانها بیتها من الشمع و اختیارها من جمیع الأشكال المسدس فلا تبنی بیتها مستدیرا و لا مربعا و لا مخمسا بل مسدسا لخاصیة فی الشكل المسدس یقصر فیه فهم المهندس (2) و هو أن أوسع الأشكال و أحواها المسدس و ما یقرب منه فإن المربع یخرج منه زوایا ضائعة و شكل النحل مستدیر مستطیل فترك المربع حتی لا یبقی الزوایا فارغة ثم لو بناها مستدیرة لبقیت خارج البیوت فرج ضائعة فإن الأشكال

المستدیرة إذا اجتمعت لم تجتمع متراصة و لا شكل فی الأشكال ذوات الزوایا یقرب فی الاحتواء من المستدیر ثم تتراص الجملة بحیث لا یبقی بعد اجتماعها فرجة إلا المسدس و هذه خاصیة هذا الشكل فانظر كیف ألهم اللّٰه تعالی النحل علی صغر جرمه ذلك لطفا به و عنایة بوجوده فیما هو المحتاج إلیه لیتهیأ عیشه (3) فسبحانه ما أعظم شأنه و أوسع لطفه و امتنانه.

و فی طبعه أنه یهرب بعضه عن بعض و یقاتل بعضه بعضا فی الخلایا و یلسع من دنا من الخلیة و ربما هلك الملسوع و إذا هلك منها شی ء داخل الخلایا أخرجته الأحیاء إلی الخارج و فی طبعه أیضا النظافة فلذلك یخرج رجیعه من الخلیة لأنه منتن الریح و هو یعمل زمانی الربیع و الخریف و الذی یعمله (4) فی الربیع أجود و الصغیر أعمل من الكبیر و هو یشرب من الماء ما كان عذبا صافیا یطلبه حیث كان و لا یأكل من العسل إلا قدر شبعه و إذا قل العسل فی الخلیة قذفه بالماء لیكثر خوفا علی نفسه من نفاده لأنه إذا نفد أفسد النحل بیوت الملوك و بیوت الذكور و ربما قتلت ما كان منها هناك.

ص: 237


1- 1. فی المصدر: فی نفسك.
2- 2. فی المصدر: یقصر فهم المهندس عن درك ذلك.
3- 3. فی المصدر: لیهنأ عیشه.
4- 4. فی المصدر: یعسله.

قال حكیم من الیونانیین لتلامذته كونوا كالنحل فی الخلایا قالوا و كیف النحل (1) قال إنها لا تترك عندها بطالا إلا أبعدته و أقصته عن الخلیة لأنه یضیق المكان و یفنی العسل و یعلم النشیط الكسل.

و النحل یسلخ جلده كالحیات و توافقه الأصوات اللذیذة المطربة و یضره السوس و دواؤه أن یطرح فی كل خلیة كف ملح و أن یفتح فی كل شهر مرة و یدخن بأخثاء البقر.

و فی طبعه أنه متی طار عن الخلیة یرعی ثم یعود فتعود كل نحلة إلی مكانها لا تخطئه و أهل مصر یحولون أبواب الخلایا فی السفن و یسافرون بها إلی المواضع الزهر و الشجر فإذا اجتمع فی المرعی فتحت أبواب الخلایا فتخرج النحل منها و یرعی یومه أجمع فإذا أمسی عاد إلی السفینة و أخذت كل نحلة مكانها من الخلیة لا تتخطاه (2).

وَ رَوَی أَحْمَدُ وَ ابْنُ أَبِی شَیْبَةَ وَ الطَّبَرَانِیُّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْمُؤْمِنُ كَالنَّحْلَةِ تَأْكُلُ طَیِّباً وَ تَضَعُ طَیِّباً وَقَعَتْ فَلَمْ تَكْسِرْ وَ لَمْ تَفْسُدْ.

و فی شعب البیهقی عن مجاهد قال صاحبت عمر من مكة إلی المدینة فما سمعته یحدث عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلا هذا الحدیث

إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ النَّحْلَةِ إِنْ صَاحَبْتَهُ نَفَعَكَ وَ إِنْ شَاوَرْتَهُ نَفَعَكَ وَ إِنْ جَالَسْتَهُ نَفَعَكَ وَ كُلُّ شَأْنِهِ مَنَافِعُ وَ كَذَلِكَ النَّحْلَةُ كُلُّ شَأْنِهَا مَنَافِعُ.

قال ابن الأثیر وجه المشابهة بین المؤمن و النحلة حذق النحل و فطنته و قلة أذاه و حقارته و منفعته و قنوعه و سعیه فی النهار و تنزهه عن الأقذار و طیب أكله و أنه لا یأكل من كسب غیره و نحوله و طاعته لأمیره و للنحل آفات (3) تقطعه عن عمله منها الظلمة و الغیم و الریح و الدخان و الماء و النار و كذلك المؤمن له آفات

ص: 238


1- 1. فی المصدر: و كیف النحل فی الخلایا؟.
2- 2. فی المصدر: من الخلیة لا تتغیر عنه.
3- 3. فی المصدر: و ان للنحل آفات.

تفتره عن عمله منها ظلمة الغفلة و غیم الشك و ریح الفتنة و دخان الحرام و ماء السعة و نار الهوی.

وَ فِی مُسْتَدْرَكِ الدَّارِمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كُونُوا فِی النَّاسِ كَالنَّحْلَةِ فِی الطَّیْرِ إِنَّهُ لَیْسَ فِی الطَّیْرِ إِلَّا وَ هُوَ یَسْتَضْعِفُهَا وَ لَوْ تَعْلَمُ الطَّیْرُ مَا فِی أَجْوَافِهَا مِنَ الْبَرَكَةِ لَمْ یَفْعَلُوا ذَلِكَ بِهَا(1)

وَ خَالِطُوا النَّاسَ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ وَ زَایِلُوهُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَ قُلُوبِكُمْ فَإِنَّ لِلْمَرْءِ مَا اكْتَسَبَ وَ هُوَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ مَنْ أَحَبَّ.

وَ فِیهِ أَیْضاً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سَأَلَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ كَیْفَ تَجِدُ نَعْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی التَّوْرَاةِ فَقَالَ كَعْبٌ نَجِدُهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُولَدُ بِمَكَّةَ وَ یُهَاجِرُ إِلَی طَیْبَةَ وَ یَكُونُ مُلْكُهُ بِالشَّامِ لَیْسَ بِفَحَّاشٍ وَ لَا صَخَّابٍ فِی الْأَسْوَاقِ وَ لَا یُكَافِئُ السَّیِّئَةَ بِالسَّیِّئَةِ وَ لَكِنْ یَعْفُو وَ یَصْفَحُ أُمَّتُهُ الْحَامِدُونَ (2) یَحْمَدُونَ اللَّهَ تَعَالَی فِی كُلِّ سَرَّاءَ وَ ضَرَّاءَ یُوضِئُونَ أَطْرَافَهُمْ وَ یَأْتَزِرُونَ فِی أَوْسَاطِهِمْ یَصُفُّونَ فِی صَلَاتِهِمْ كَمَا یَصُفُّونَ فِی قِتَالِهِمْ دَوِیُّهُمْ فِی مَسَاجِدِهِمْ كَدَوِیِّ النَّحْلِ یَسْمَعُ مُنَادِیهِمْ فِی جَوِّ السَّمَاءِ.

و ذكر ابن خلكان فی ترجمة عبد المؤمن بن علی ملك المغرب أن أباه كان یعمل الطین فخارا و أنه كان فی صغره نائما فی دار أبیه و أبوه یعمل الطین فسمع أبوه دویا فی السماء فرفع رأسه فرأی سحابة سوداء من النحل قد هوت مطبقة علی الدار فاجتمعت كلها علی ولده و هو نائم فغطته و أقامت علیه مدة ثم ارتفعت عنه و ما تألم منها و كان بالقرب منه رجل یعرف الزجر فأخبره أبوه بذلك فقال یوشك أن یجتمع علی ولدك أهل المغرب (3) فكان كذلك و كان من أمر ولده ما اشتهر من ملك المغرب الأعلی و الأدنی.

و جمهور الناس علی أن العسل یخرج من أفواه النحل

وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ تَحْقِیراً لِلدُّنْیَا أَشْرَفُ لِبَاسِ ابْنِ آدَمَ فِیهَا لُعَابُ دُودَةٍ وَ أَشْرَفُ

ص: 239


1- 1. فی المصدر: ما فعلت ذلك بها، خالطوا.
2- 2. فی المصدر: الحمادون.
3- 3. فی المصدر: جمیع أهل المغرب.

شَرَابِهِ فِیهَا رَجِیعُ نَحْلَةٍ.

و ظاهر هذا أنه من غیر الفم كذا نقله عنه ابن عطیة

وَ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ (1) قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْیَا سِتَّةُ أَشْیَاءَ مَطْعُومٌ وَ مَشْرُوبٌ وَ مَلْبُوسٌ وَ مَرْكُوبٌ وَ مَنْكُوحٌ وَ مَشْمُومٌ فَأَشْرَفُ الْمَطْعُومِ الْعَسَلُ وَ هُوَ مَذْقَةُ ذُبَابٍ وَ أَشْرَفُ الْمَشْرُوبِ الْمَاءُ وَ یَسْتَوِی فِیهِ الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ وَ أَشْرَفُ الْمَلْبُوسِ الْحَرِیرُ وَ هُوَ نَسْجُ دُودَةٍ وَ أَشْرَفُ الْمَرْكُوبِ الْفَرَسُ وَ عَلَیْهِ تُقْتَلُ الرِّجَالُ وَ أَشْرَفُ الْمَنْكُوحِ الْمَرْأَةُ وَ هُوَ مَبَالٌ فِی مَبَالٍ وَ أَشْرَفُ الْمَشْمُومِ الْمِسْكُ وَ هُوَ دَمُ حَیَوَانٍ.

و التحقیق أن العسل یخرج من بطونها لكن لا ندری أ من فمها أم من غیره و لا یتم صلاحه إلا بحمو أنفاسها(2) و قد صنع أرسطاطالیس بیتا من زجاج لینظر إلی كیفیة ما تصنع فأبت أن تعمل حتی لطخته من باطن الزجاج بالطین كذا قاله الغزنوی و غیره و روینا فی تفسیر الكواشی الأوسط أن العسل ینزل من السماء فینبت فی أماكن من الأرض فیأتی النحل فیشربه ثم یأتی الخلیة فیلقیه فی الشمع المهیإ للعسل فی الخلیة لا كما یتوهمه بعض الناس من أن العسل من فضلات الغذاء و أنه قد استحال فی المعدة عسلا هذه عبارته و اللّٰه أعلم (3).

توضیح: عبق به الطیب لصق و الرضاب كغراب الریق المرشوف جرست أی أكلت و الجرس اللحس باللسان و العرفط شجر الطلح و له صمغ كریه الرائحة و الخلی ما تعسل فیه النحل و السوس دود یقع فی الصوت و الأخثاء جمع الخثی بالكسر و هو فضلة البقر.

«1»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ وَادِیاً یُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ قَدْ حَمَاهُ اللَّهُ بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ وَ هُوَ النَّمْلُ لَوْ رَامَتْهُ الْبَخَاتِیُّ مَا قَدَرَتْ عَلَیْهِ (4).

2 حیاة الحیوان، النمل معروف الواحدة نملة و الجمع نمال و أرض نملة

ص: 240


1- 1. فی المصدر: و المعروف عنه أنّه قال.
2- 2. أی بحرارة انفاسها. و فی المصدر: بحمی انفاسها.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 245- 248.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 476.

ذات نمل و طعام منمول أصابه النمل (1)

و النملة بالضم النمیمة یقال رجل نمل أی نمام و ما أحسن قول الأول:

اقنع فما تبقی (2)بلا بلغة***فلیس ینسی ربنا النملة

إن أقبل الدهر فقم قائما***و إن تولی مدبرا فنم له (3)

و سمیت نملة لتنملها و هو كثرة حركتها و قلة قوائمها و النمل لا یتزاوج و لا یتلاقح إنما یسقط منه شی ء حقیر فی الأرض فینمو حتی یصیر بیظا ثم یتكون منه و البیض كله بالضاد المعجمة إلا بیض النمل فإنه بالظاء المشالة و النمل عظیم الحیلة فی طلب الرزق فإذا وجد شیئا أنذر الباقین یأتون إلیه (4) و قیل إنما یفعل ذلك منها رؤساؤها و من طبعه أنه یحتكر(5) فی زمن الصیف لزمن الشتاء و له فی الاحتكار من الحیل ما أنه إذا احتكر ما یخاف إنباته قسمته نصفین ما خلا الكسفرة فإنه یقسمها أرباعا لما ألهم أن كل نصف منها ینبت و إذا خاف العفن علی الحب أخرجه إلی ظاهر الأرض و نشره و أكثر ما یفعل ذلك لیلا فی ضوء القمر و یقال إن حیاته لیست من قبل ما یأكله و لا قوامه و ذلك أنه (6) لیس له جوف ینفذ فیه الطعام و لكنه مقطوع نصفین و إنما قوته إذا قطع الحب فی استنشاق ریحه فقط و ذلك یكفیه و قد روی عن سفیان بن عیینة أنه قال لیس شی ء یخبأ قوته (7)

إلا الإنسان و العقعق و النمل و الفأر و به جزم فی الإحیاء فی باب التوكل و عن بعضهم أن البلبل یحتكر(8)

ص: 241


1- 1. فی المصدر: إذا اصابه النمل.
2- 2. فی المصدر: بما تلقی.
3- 3. فی المصدر: نم له.
4- 4. فی المصدر: لیأتوا إلیه و یقال.
5- 5. فی المصدر: یحتكر قوته من زمن.
6- 6. فی المصدر: و ذلك لانه.
7- 7. فی المصدر: لیس شی ء یحتال لقوته.
8- 8. فی المصدر: یحتكر الطعام.

و یقال إن للعقعق مخابی إلا أنه ینساها و النمل شدید الشم و من أسباب هلاكه نبات أجنحته فإذا صار النمل كذلك أخصبت العصافیر لأنها تصیدها فی حال طیرانها و قد أشار إلی ذلك أبو العتاهیة بقوله:

و إذا استوت للنمل أجنحة***حتی تطیر فقد دنا عطبه

و كان الرشید یتمثل بذلك كثیرا عند نكبة البرامكة و هو یحفر قریة بقوائمه و هی ست فإذا حفرها جعل فیها تعاویج لئلا یجری إلیها ماء المطر و ربما اتخذ قریة فوق قریة بسبب ذلك و إنما یفعل ذلك خوفا علی ما یدخره من البلبل قال البیهقی فی الشعب و كان عدی بن حاتم الطائی یفت الخبز للنمل و یقول إنهن جارات و لهن علینا حق الجوار و سیأتی فی الوحش عن الفتح بن خرشف الزاهد أنه كان یفت الخبز لهن فی كل یوم فإذا كان یوم عاشوراء لم تأكله و لیس فی الحیوان ما یحمل ضعف بدنه مرارا غیره علی أنه لا یرضی بأضعاف الأضعاف حتی أنه تتكلف حمل (1) نوی التمر و هو لا ینتفع به و إنما یحمله علی حمله الحرص و الشره و هو یجمع غذاء سنین لو عاش و لا یكون عمره أكثر من سنة و من عجائبه اتخاذ القریة تحت الأرض و فیها منازل و

دهالیز و غرف و طبقات معلقات یملؤها حبوبا و ذخائر للشتاء و منها ما یسمی الفارسی (2)

و هو من النمل بمنزلة الزنابیر من النحل و منها ما یسمی نمل الأسد سمی بذلك لأن مقدمه یشبه وجه الأسد و مؤخره یشبه النمل

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ وَ أَبُو دَاوُدَ وَ النَّسَائِیُّ وَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَ نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَذَعَتْهُ نَمْلَةٌ فَأَمَرَ

ص: 242


1- 1. فی المصدر: لحمل نوی.
2- 2. فی المصدر: الذر الفارسیّ.

بِجِهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا وَ أَمَرَ بِهَا فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً.

قال أبو عبد اللّٰه الترمذی فی نوادر الأصول لم یعاتبه (1) علی تحریقها و إنما عاتبه لكونه أخذ البری ء بغیر البری ء و هذا النبی (2) هو موسی بن عمران علیه السلام و إنه قال یا رب تعذب أهل قریة بمعاصیهم و فیهم الطائع و كأنه أحب أن یریه ذلك من عنده فسلط علیه الحر حتی التجأ إلی شجرة مستروحا إلی ظلها و عنده قریة نمل فغلبه النوم فلما وجد لذة النوم لذعته نملة فدلكهن بقدمه فأهلكهن و أحرق مسكنهن فأراه تعالی الآیة فی ذلك عبرة لما لذعته نملة كیف أصیب الباقون بعقوبتها یرید أن ینبهه علی أن العقوبة من اللّٰه تعالی تعم الطائع و العاصی فتصیر رحمة و طهارة و بركة علی المطیع و شرا و نقمة و عدوانا(3) علی العاصی و علی هذا لیس فی الحدیث ما یدل علی كراهة و لا حظر فی قتل النمل فإن من آذاك حل لك دفعه عن نفسك و لا أحد من خلق اللّٰه تعالی أعظم حرمة من المؤمن و قد أبیح لك دفعه عن نفسك بضرب أو قتل علی ما له من المقدار فكیف بالهوام و الدواب التی قد سخرت للمؤمن و سلط علیها(4) فإذا آذته أبیح له قتلها و قوله فهلا نملة واحدة دلیل علی أن الذی یؤذی یقتل و كل قتل كان لنفع أو دفع ضرر فلا بأس به عند العلماء و لم یخص تلك النملة التی لذعت من غیرها لأنه لیس المراد القصاص لأنه لو أراد لقال فهلا نملتك التی لذعتك و لكن قال فهلا نملة فكأن نملة تعم البری ء و الجانی و ذلك لیعلم أنه أراد أن ینبهه لمسألة ربه فی عذاب أهل قریة فیهم المطیع و العاصی و قد قیل إن فی شرع هذا النبی علیه السلام كانت العقوبة للحیوان بالتحریق جائزة فلذلك إنما عاتبه اللّٰه تعالی فی إحراق الكثیر لا فی أصل

ص: 243


1- 1. فی المصدر: لم یعاتبه اللّٰه.
2- 2. فی المصدر: قال القرطبیّ: هذا النبیّ.
3- 3. فی المصدر: و سوء و نقمة و عذابا علی العاصی.
4- 4. فی المصدر: و سلط علیها و سلطت علیه.

الإحراق أ لا تری قوله فهلا نملة واحدة و هو بخلاف شرعنا فَإِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ نَهَی عَنْ تَعْذِیبِ الْحَیَوَانِ بِالنَّارِ وَ قَالَ لَا یُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی.

فلا یجوز إحراق الحیوان بالنار إلا إذا أحرق إنسانا فمات بالإحراق فلوارثه الاقتصاص بالإحراق للجانی و أما قتل النملة فمذهبنا لا یجوز لحدیث ابن عباس أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ النَّمْلَةِ وَ النَّحْلَةِ وَ الْهُدْهُدِ وَ الصُّرَدِ.

رواه أبو داود بإسناد صحیح علی شرط الشیخین و المراد النمل الكبیر السلیمانی كما قاله الخطابی و البغوی فی شرح السنة أما النمل الصغیر المسمی بالذر فقتله جائز و كره مالك قتل النمل إلا أن یضر و لا یقدر علی دفعه إلا بالقتل و أطلق ابن أبی زید جواز قتل النمل إذا آذت و قیل إنما عاتب اللّٰه تعالی هذا النبی لانتقامه لنفسه بإهلاك جمع آذاه واحد منهم و كان الأولی به الصفح و الصبر و لكن وقع للنبی صلی اللّٰه علیه و آله أن هذا النوع مؤذ لبنی آدم و حرمة بنی آدم أعظم من حرمة غیره من الحیوان فلو انفرد له هذا النظر و لم ینضم إلیه التشفی الطبیعی لم یعاتب فعوتب علی التشفی بذلك و اللّٰه أعلم

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ فِی مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ وَ الدَّارَقُطْنِیُ (1)

أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ 17 مُوسَی علیه السلام كَانَ یُبْصِرُ دَبِیبَ النَّمْلِ عَلَی الصَّفَا فِی اللَّیْلَةِ الظَّلْمَاءِ مِنْ مَسِیرَةِ عَشَرَةِ فَرَاسِخَ.

وَ رَوَی التِّرْمِذِیُّ الْحَكِیمُ فِی نَوَادِرِهِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ یَسَارٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَ شَهِدَ بِهِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الشِّرْكَ فَقَالَ هُوَ أَخْفَی فِیكُمْ مِنْ دَبِیبِ النَّمْلِ وَ سَأَدُلُّكَ عَلَی شَیْ ءٍ إِذَا فَعَلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْكَ صِغَارَ الشِّرْكِ وَ كِبَارَهُ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ شَیْئاً وَ أَنَا أَعْلَمُ وَ أَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ (2) تَقُولُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَ رَوَی أَیْضاً عَنْ أَبِی أُمَامَةَ الْبَاهِلِیِّ قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا

ص: 244


1- 1. فی المصدر: روی الدارقطنی و الطبرانی فی معجمه الاوسط عن أبی هریرة.
2- 2. فی المصدر: لما تعلم و لا أعلم.

عَابِدٌ وَ الْآخَرُ عَالِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَی الْعَابِدِ كَفَضْلِی عَلَی أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَ مَلَائِكَتَهُ وَ أَهْلَ الْأَرْضِ حَتَّی النَّمْلَةَ فِی جُحْرِهَا وَ حَتَّی الْحُوتَ فِی الْبَحْرِ لَیُصَلُّونَ عَلَی مُعَلِّمِی النَّاسِ الْخَیْرَ.

قال الترمذی حدیث حسن صحیح و سمعت أبا عثمان الحسین بن حریث الخزاعی یقول سمعت الفضیل بن عیاض یقول عالم معلم (1) یدعی كبیرا فی ملكوت السماوات

وَ رُوِیَ: أَنَّ النَّمْلَةَ الَّتِی خَاطَبَتْ 17 سُلَیْمَانَ علیه السلام أَهْدَتْ إِلَیْهِ نَبِقَةً فَوَضَعَهَا عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فِی كَفِّهِ فَقَالَتْ:

أَ لَمْ تَرَنَا نُهْدِی إِلَی اللَّهِ مَالَهُ***وَ إِنْ كَانَ عَنْهُ ذَا غِنًی فَهُوَ قَابِلُهُ

وَ لَوْ كَانَ یُهْدَی لِلْجَلِیلِ بِقَدْرِهِ***لَقَصَّرَ عَنْهُ الْبَحْرُ حِینَ یُسَاحِلُهُ

وَ لَكِنَّنَا نُهْدِی إِلَی مَنْ نُحِبُّهُ***فَیَرْضَی بِهِ عَنَّا وَ یَشْكُرُ فَاعِلَهُ

وَ مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ كَرِیمٍ فِعَالُهُ***وَ إِلَّا فَمَا فِی مِلْكِنَا مَا یُشَاكِلُهُ

فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام بَارَكَ اللَّهُ فِیكُمْ فَهُوَ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ أَكْثَرُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَی (2).

وَ رُوِیَ: أَنَّ رَجُلًا اسْتَوْقَفَ الْمَأْمُونَ لِیَسْتَمِعَ مِنْهُ فَلَمْ یَقِفْ لَهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی اسْتَوْقَفَ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام لِنَمْلَةٍ لِیَسْتَمِعَ مِنْهَا وَ مَا أَنَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی بِأَحْقَرَ مِنْ نَمْلَةٍ وَ مَا أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ بِأَعْظَمَ مِنْ سُلَیْمَانَ علیه السلام فَقَالَ الْمَأْمُونُ صَدَقْتَ وَ وَقَفَ وَ سَمِعَ كَلَامَهُ وَ قَضَی حَاجَتَهُ.

و قال فخر الدین الرازی فی تفسیر قوله تعالی حَتَّی إِذا أَتَوْا عَلی وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ الآیة وادی النمل بالشام كثیر النمل فإن قیل لم أتی بعلی قلت لوجهین أحدهما أن إتیانهم كان من فوق فأتی بحرف الاستعلاء الثانی أنه یراد به قطع الوادی و بلوغ آخره من قولهم أتی علی الشی ء إذا

ص: 245


1- 1. فی المصدر: عالم عامل معلم.
2- 2. فی المصدر: اشكر خلق اللّٰه و أكثر خلق اللّٰه توكلا علی اللّٰه تعالی.

بلغ آخره تكلمت النملة بذلك و هذا غیر مستبعد فإن حصول العلم و النطق لها ممكن فی نفسه و اللّٰه تعالی قادر علی الممكنات و حكی عن قتادة أنه دخل الكوفة فاجتمع علیه الناس فقال سلوا عما شئتم و كان أبو حنیفة حاضرا و هو یومئذ غلام حدث فقال سلوه عن نملة سلیمان علیه السلام أ كانت ذكرا أم أنثی فأفحم (1)

فقال أبو حنیفة كانت أنثی فقیل له كیف عرفت ذلك قال من قوله تعالی قالَتْ نَمْلَةٌ و لو كانت ذكرا لقال قال نملة لأن النمل مثل الحمامة و الشاة فی وقوعها علی الذكر و الأنثی و رأیت فی بعض الكتب المعتمدة أن تلك النملة إنما أمر رعیتها بالدخول فی مساكنهم لئلا تری النعم فتقع (2)

فی كفران نعم اللّٰه تعالی علیها و فی هذا تنبیه علی أن مجالسة أرباب الدنیا محظورة

رُوِیَ: أَنَّ 17 سُلَیْمَانَ قَالَ لَهَا لِمَ قُلْتَ لِلنَّمْلِ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ أَ خِفْتَ عَلَیْهَا مِنِّی ظُلْماً قَالَتْ لَا وَ لَكِنِّی خَشِیتُ أَنْ یُفْتَنُوا بِمَا یَرَوْا مِنْ جَمَالِكَ وَ زِینَتِكَ فَیَشْغَلَهُمْ ذَلِكَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَی.

قال الثعلبی و غیره إنها كانت مثل الذئب فی العظم و كانت عرجاء ذات جناحین و ذكر عن مقاتل أن سلیمان علیه السلام سمع كلامها من ثلاثة أمیال و قال بعض أهل العلم (3) إنها تكلمت لعشرة أنواع من البدیع قولها یا نادت أَیُّهَا نبهت النَّمْلِ سمت ادْخُلُوا أمرت

مَساكِنَكُمْ نعتت لا یَحْطِمَنَّكُمْ حذرت سُلَیْمانُ خصت وَ جُنُودُهُ عمت وَ هُمْ أشارت لا یَشْعُرُونَ اعتذرت و المشهور أنه النمل الصغار و اختلف فی اسمها فقیل كان اسمها طاغیة(4)

و قیل كان اسمها خرمی قیل كان نمل الوادی كالذئاب قیل كالبخاتی

ص: 246


1- 1. فی المصدر: فسألوه فافحم.
2- 2. فی المصدر: فی مساكنها لئلا تری النعم التی أوتیها سلیمان و جنوده فتقع.
3- 3. فی المصدر: و قال بعض أهل التذكیر.
4- 4. فی المصدر: طاخیة.

وَ رَوَی الدَّارَقُطْنِیُّ وَ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَقْتُلُوا النَّمْلَةَ فَإِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام خَرَجَ ذَاتَ یَوْمٍ یَسْتَسْقِی فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ مُسْتَلْقِیَةٍ عَلَی قَفَاهَا رَافِعَةٍ قَوَائِمَهَا تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَی لَنَا عَنْ فَضْلِكَ اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِذُنُوبِ عِبَادِكَ الْخَاطِئِینَ وَ اسْقِنَا مَطَراً تُنْبِتْ لَنَا بِهِ شَجَراً وَ تُطْعِمْنَا بِهِ ثَمَراً فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام لِقَوْمِهِ ارْجِعُوا فَقَدْ كُفِینَا وَ سُقِیتُمْ بِغَیْرِكُمْ (1).

«3»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُلُّ مَا خَافَ الْمُحْرِمُ عَلَی نَفْسِهِ مِنَ السِّبَاعِ وَ الْحَیَّاتِ وَ غَیْرِهَا فَلْیَقْتُلْهُ فَإِنْ لَمْ یُرِدْكَ فَلَا تُرِدْهُ (2).

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَحْرَمْتَ فَاتَّقِ اللَّهَ قَتْلَ الدَّوَابِّ كُلِّهَا إِلَّا الْأَفْعَی وَ الْعَقْرَبَ وَ الْفَأْرَةَ فَإِنَّهَا تُوهِی السِّقَاءَ وَ تَخْرِقُ عَلَی أَهْلِ الْبَیْتِ وَ أَمَّا الْعَقْرَبُ فَالنَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَدَّ یَدَهُ إِلَی الْحَجَرِ فَلَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ فَقَالَ لَعَنَكِ اللَّهُ لَا بَرّاً تَدَعِینَ وَ لَا فَاجِراً وَ الْحَیَّةُ إِذَا أَرَادَتْكَ فَاقْتُلْهَا فَإِنْ لَمْ تُرِدْكَ فَلَا تُرِدْهَا وَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ وَ السَّبُعُ إِذَا أَرَادَاكَ (3)

فَإِنْ لَمْ یُرِیدَاكَ فَلَا تُرِدْهُمَا وَ الْأَسْوَدُ الْغَدِرُ فَاقْتُلْهُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ ارْمِ الْغُرَابَ رَمْیاً وَ الْحِدَأَةَ عَلَی ظَهْرِ بَعِیرِكَ (4).

بیان: قوله علیه السلام توهی السقاء الوهی الشق فی الشی ء و تخرقه استرخاء رباطه أی تشق القربة أو تأكل رباطها فیهراق ماؤها و تحرق علی أهل البیت لأنها أجر الفتیلة فتحرق ما فی البیت و فی القاموس الأسود الحیة العظیمة و الأسودان الحیة و العقرب و الوصف بالغدر كأنه لغدره و أخذه بغتة و قال صاحب المنتقی قال فی القاموس غدر اللیل كفرح الظلم فهی غدرة كفرحة فكأنه استعیر منه

ص: 247


1- 1. حیاة الحیوان 2: 263- 266.
2- 2. فروع الكافی 4: 363.
3- 3. فی نسخة من المصدر: إذا اراداك فاقتلهما.
4- 4. فروع الكافی 4: 363.

الغدر لشدید السواد من الحیة و السبع تعمیم بعد التخصیص أو أراد به أكمل أفراده و هو الأسد و قیل المراد به الذئب.

«5»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: یَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مَا عَدَا عَلَیْهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ غَیْرِهِ وَ یَقْتُلُ الزُّنْبُورَ وَ الْعَقْرَبَ وَ الْحَیَّةَ وَ النَّسْرَ وَ الذِّئْبَ وَ الْأَسَدَ وَ مَا خَافَ أَنْ یَعْدُوَ عَلَیْهِ مِنَ السِّبَاعِ وَ الْكَلْبِ الْعَقُورِ(1).

«6»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُقْتَلُ فِی الْحَرَمِ وَ الْإِحْرَامِ الْأَفْعَی وَ الْأَسْوَدُ الْغَدِرُ وَ كُلُّ حَیَّةِ سَوْءٍ وَ الْعَقْرَبُ وَ الْفَأْرَةُ وَ هِیَ الْفُوَیْسِقَةُ وَ تُرْجَمُ الْغُرَابُ وَ الْحِدَأَةُ رَجْماً فَإِنْ عَرَضَ لَكَ لُصُوصٌ امْتَنَعْتَ مِنْهُمْ (2).

«7»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ (3) علیهما السلام قَالَ: یَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الزُّنْبُورَ وَ النَّسْرَ وَ الْأَسْوَدَ الْغَدِرَ وَ الذِّئْبَ وَ مَا خَافَ أَنْ یَعْدُوَ عَلَیْهِ وَ قَالَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ هُوَ الذِّئْبُ (4).

بیان: كأنه تفسیر الكلب العقور الذی وقع فی كلام النبی صلی اللّٰه علیه و آله و ستأتی الأخبار فیما رخص فی قتله و ما لم یرخص فیه فی كتاب الحج إن شاء اللّٰه تعالی.

و قال الدمیری الأفعی الأنثی من الحیات و الذكر الأفعوان بضم الهمزة و العین قال الزبیدی الأفعی حیة رقشاء دقیقة العنق عریضة الرأس و ربما كانت ذات قرنین و من عجائب أمرها ما حكاه ابن شبرمة أن أفعی نهشت غلاما فی رجله فانصدعت جبهته.

و قال القزوینی هی حیة قصیرة الذنب من أخبث الحیات إذا فقئت عینها

ص: 248


1- 1. قرب الإسناد: 66.
2- 2. فروع الكافی 4: 364.
3- 3. لم یذكر فی المصدر المطبوع قوله: عن أبیه.
4- 4. فروع الكافی 4: 364.

تعود و لا تغمض حدقتها البتة تختفی فی التراب أربعة أشهر فی البرد ثم تخرج و قد أظلمت عیناها فتقصد(1) شجر الرازیانج فتحك عینها به فترجع إلیها ضوء.

و قال الزمخشری یحكی أن الأفعی إذ أتت علیها ألف سنة عمیت و قد ألهمها اللّٰه تعالی أن تمسح العین (2) بورق الرازیانج الرطب یرد إلیها بصرها فربما كانت فی بریة و بینها و بین الریف مسیرة أیام فتطوی تلك المسافة علی طولها و علی عماها حتی تهجم فی بعض البساتین علی شجرة الرازیانج لا تخطئها فتحك بها عینها فترجع باصرة بإذن اللّٰه تعالی.

و إذا قطع ذنبها عاد كما كان و إذا قلع نابها طلع (3) بعد ثلاثة أیام و إن شجت (4) تبقی تتحرك ثلاثة أیام و هی أعدی عدو للإنسان و بقر الوحش یأكلها أكلا ذریعا(5)

و إذا مرضت أكلت ورق الزیتون فتشفی و من الأفاعی ما تتسافد بأفواهها و إذا وطئ الذكر الأنثی وقع مغشیا علیه فتعمد الأنثی إلی موضع مذاكیره فتقطعها نهشا فیموت من ساعته (6).

و قال الأسود السالخ نوع من الأفعوان شدید السواد سمی بذلك لأنه یسلخ جلده كل عام

وَ فِی الصَّحِیحَیْنِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَیْنِ فِی الصَّلَاةِ الْعَقْرَبِ وَ الْحَیَّةِ(7).

ص: 249


1- 1. فی المصدر: تطلب.
2- 2. فی المصدر: أن مسح عینها.
3- 3. فی المصدر: عاد.
4- 4. فی المصدر: و إذا ذبحت.
5- 5. زاد فی المصدر: و حكی انها نهشت ناقة فی مشفرها و لها فصیل ترضعها فمات الفصیل فی الحال قبل موت أمه.
6- 6. حیاة الحیوان 1: 19.
7- 7. اختصر المصنّف و فیما كان اختصره: روی أبو داود و النسائی و الحاكم و صححه عن عبد اللّٰه بن عمر قال: كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله اذا سافر فاقبل اللیل قال: یا ارض ربی و ربك اللّٰه أعوذ باللّٰه من شرك و شر ما فیك و شر ما خلق فیك و شر ما یدب علیك، أعوذ باللّٰه من اسد و اسود و من الحیة و العقرب و من ساكن البلد و من شر والد و ما ولد.

وَ رَوَی الْبَیْهَقِیُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ فَذَهَبَ یَوْماً فَقَعَدَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَنَزَعَ خُفَّیْهِ قَالَ وَ لَبِسَ أَحَدَهُمَا فَجَاءَ طَائِرٌ فَأَخَذَ الْخُفَّ الْآخَرَ فَحَلَقَ بِهِ فِی السَّمَاءِ فَانْسَلَّتْ مِنْهُ أَسْوَدُ سَالِخٌ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِیَ اللَّهُ تَعَالَی بِهَا اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَنْ یَمْشِی عَلی رِجْلَیْنِ وَ مِنْ شَرِّ مَنْ یَمْشِی عَلی أَرْبَعٍ وَ مِنْ شَرِّ(1) مَنْ یَمْشِی عَلی بَطْنِهِ (2).

و قال العقرب دویبة من الهوام تكون للذكر و الأنثی بلفظ واحد واحدة العقارب و قد یقال للأنثی عقربة و عقرباء ممدودا(3) و منها السود و الخضر و الصفر و هن قواتل و أشدها بلاء الخضر و هی مائیة الطباع كثیرة الولد و عامة هذا النوع إذا حملت الأنثی منه یكون حتفها فی ولادتها لأن أولادها إذا استوی خلقها یأكلون بطنها و یخرجون (4) فتموت الأم و الجاحظ لا یعجبه هذا القول و یقول قد أخبرنی من أثق به أنه رأی العقرب تلد من فیها و تحمل أولادها علی ظهرها و هی علی قدر القمل كثیرة العدد و الذی ذهب إلیه الجاحظ هو الصواب و العقرب أشر ما تكون إذا كانت حاملا و لها ثمانیة أرجل و عیناها فی ظهرها و من عجیب أمرها أنها لا تضرب المیت و لا النائم حتی یتحرك بشی ء من بدنه فإنها عند ذلك تضربه و هی تأوی إلی الخنافس و تسالمها و ربما لسعت الأفعی فتموت و هی تلسع بعضها بعضا فتموت قاله الجاحظ.

و من شأنها أنها إذا لسعت الإنسان فرت فرار من یخشی العقاب (5) و من لطیف أمرها أنها مع صغرها تقتل الفیل و البعیر بلسعها و من نوع العقارب الطیارة قالوا

ص: 250


1- 1. قدم فی المصدر الجملة الأخیرة علی الجملتین اللتین قبلها.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 17.
3- 3. فی المصدر: و اسمها بالفارسیة: الرشك بضم الراء.
4- 4. فی المصدر: فتخرج.
5- 5. فی المصدر: فرار مسی ء یخشی العقاب.

و هذا النوع یقتل غالبا و قیل یصح بیع النمل بنصیبین لأنه تعالج به العقارب الطیارة(1).

وَ رُوِیَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یُصَلِّی فَقَامَ إِلَی جَنْبِهِ یُصَلِّی بِصَلَاتِهِ فَجَاءَتْ عَقْرَبٌ حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ تَرَكَتْهُ وَ ذَهَبَتْ نَحْوَ عَلِیٍّ علیه السلام فَضَرَبَهَا بِنَعْلِهِ حَتَّی قَتَلَهَا(2) فَلَمْ یَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَتْلِهَا بَأْساً.

وَ رَوَی ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ رَافِعٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَتَلَ عَقْرَباً وَ هُوَ یُصَلِّی.

وَ فِیهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَذَعَتِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَقْرَبٌ وَ هُوَ فِی الصَّلَاةِ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ مَا تَدَعُ مُصَلِّیاً وَ لَا غَیْرَ الْمُصَلِّی (3) اقْتُلُوهَا فِی الْحِلِّ وَ الْحَرَمِ.

وَ رَوَی أَبُو نُعَیْمٍ وَ الْمُسْتَغْفِرِیُّ وَ الْبَیْهَقِیُ (4)

عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَذَعَتِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَقْرَبٌ وَ هُوَ فِی الصَّلَاةِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ مَا تَدَعُ مُصَلِّیاً وَ لَا نَبِیّاً وَ لَا غَیْرَهُ إِلَّا لَذَعَتْهُ وَ تَنَاوَلَ نَعْلَهُ فَقَتَلَهَا بِهَا ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَ مِلْحٍ فَجَعَلَ یَمْسَحُ عَلَیْهَا وَ یَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ (5).

و قال الغراب معروف سمی بذلك لسواده و هو أصناف الغداف و الزاغ و الأكحل و غراب الزرع و الأورق و هذا الصنف یحكی جمیع ما یسمعه و الغراب الأعصم عزیز الوجود قالت العرب أعز من الغراب الأعصم

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَثَلُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ فِی النِّسَاءِ كَمَثَلِ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ فِی مِائَةِ غُرَابٍ.

ص: 251


1- 1. فی المصدر: العقارب الطیارة التی بها.
2- 2. و الظاهر أنّه علیه السّلام قتله فی الصلاة فعلیه فقوله لم یر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لقتلها بأسا أی فی الصلاة.
3- 3. فی المصدر: و لا غیر مصل.
4- 4. فی المصدر: ابو نعیم فی تاریخ اصبهان و المستغفری فی الدعوات و البیهقیّ فی الشعب.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 93- 95.

وَ فِی رِوَایَةٍ: قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْغُرَابُ الْأَعْصَمُ قَالَ الَّذِی إِحْدَی رِجْلَیْهِ بَیْضَاءُ.

و قال فی الإحیاء الأعصم أبیض البطن و قیل أبیض الجناحین و قیل أبیض الرجلین.

و غراب اللیل قال الجاحظ هو غراب ترك أخلاق الغراب (1) و تشبه بأخلاق البوم فهو من طیر اللیل.

و قال أرسطاطالیس الغربان أربعة أجناس أسود حالك و أبلق و مطرف ببیاض لطیف الجرم یأكل الحب و أسود طاوسی براق الریش و رجلاه كلون المرجان یعرف بالزاغ.

قال صاحب المنطق الغراب من لئام الطیر و لیس من كرامها و لا من أحرارها و من شأنه أكل الجیف و القمامات و هو أما حالك السواد شدید الاحتراق و یكون مثله فی الناس الزنج فإنهم شرار الخلق تركیبا و مزاجا و الغراب الأبقع أكثر معرفة منه (2)

و غراب البین الأبقع قال الجوهری و هو الذی فیه سواد و بیاض.

و قال صاحب المنطق الغربان من الأجناس التی أمر بقتلها فی الحل و الحرم من الفواسق اشتق لها ذلك الاسم (3) من اسم إبلیس لما یتعاطاه من الفساد الذی هو من شأن إبلیس و اشتق ذلك أیضا لكل شی ء اشتد أذاه و أصل الفسق الخروج عن الشی ء و فی الشرع الخروج عن الطاعة.

و قال الجاحظ غراب البین نوعان غراب (4) صغیر معروف باللؤم و الضعف و

ص: 252


1- 1. فی المصدر: اخلاق الغربان.
2- 2. فی المصدر: فالغراب الشدید السواد لیس له معرفة و لا كمال و الغراب الا بقع كثیر المعرفة و هو ألام من الأسود.
3- 3. أی اسم الفاسق.
4- 4. فی المصدر: احدهما غراب.

أما الآخر فإنه ینزل فی دور الناس و یقع علی مواضع إقامتهم إذا ارتحلوا عنها و بانوا(1) فلما كان هذا الغراب لا یوجد إلا عند مباینتهم (2) عن منازلهم اشتقوا له هذا الاسم من البینونة.

و قال المقدسی هو غراب أسود ینوح نوح الحزین المصاب و ینعق ببین الخلان و الأحباب إذا رأی شملا مجتمعا أنذر بشتاته و إن شاهد ربعا عامرا بشر بخرابه و درس عرصاته یعرف النازل و الساكن بخراب الدور و المساكن و یحذر الآكل غصة المآكل و یبشر الراحل بقرب المراحل ینعق (3) بصوت فیه تحزین كما یصیح المعلن بالتأذین

وَ فِی سُنَنِ أَبِی دَاوُدَ وَ النَّسَائِیِّ وَ ابْنِ مَاجَهْ (4): أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی الْمُصَلِّیَ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ وَ افْتِرَاشِ السَّبُعِ (5).

یرید بنقرة الغراب تخفیف السجود و أنه لا یمكث فیها إلا قدر وضع الغراب منقاره فیما یرید أكله.

وَ رَوَی الدَّارَقُطْنِیُّ عَنِ ابْنِ أُمَامَةَ قَالَ: دَعَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِخُفَّیْهِ لِیَلْبَسَهُمَا فَلَبِسَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ جَاءَ غُرَابٌ فَاحْتَمَلَ الْآخَرَ وَ رَمَی بِهِ فَخَرَجَتْ مِنْهُ حَیَّةٌ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ كَانَ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ فَلَا یَلْبَسُ خُفَّیْهِ حَتَّی یَنْفُضَهُمَا(6).

و فی طبع الغراب كله الاستتار عند السفاد و هو یسفد مواجهة و لا یعود إلی الأنثی بعد ذلك لقلة وفائه و الأنثی تبیض أربع بیضات أو خمس و إذا

ص: 253


1- 1. فی المصدر: و بانوا منها.
2- 2. فی المصدر: إلا عند بینونتهم.
3- 3. فی المصدر:« ینغق» ثم قال: و نغق بالغین عند جمهور أهل اللغة و هو الذی قاله ابن قتیبة، و جعل غیره خطأ و نقل البطلیوسی عن صاحب المنطق انه قال: نعق الغراب و نغق قال: و بالغین المعجمة أحسن.
4- 4. فی المصدر: من حدیث عبد الرحمن بن شبل.
5- 5. زاد فی المصدر: و ان یوطن الرجل المكان كما یوطنه البعیر.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 119- 121.

خرجت الفراخ من البیض طردتها لأنها تخرج قبیحة المنظر جدا إذ تكون صغار الأجرام عظام الرءوس و المناقیر جرد اللون (1)

متفاوتات الأعضاء فالأبوان ینكران الفراخ و یطیران لذلك و یتركانه (2)

فیجعل اللّٰه قوته فی الذباب و البعوض الكائن فی عشه إلی أن یقوی و ینبت ریشه فیعود إلیه أبواه و علی الأنثی الحضن (3) و الذكر أن یأتیها بالطعم و فی طبعه أنه لا یتعاطی الصید بل إن وجد جیفة أكلها و إلا مات جوعا أو یتقمقم كما یتقمقم صغار الطیر و فیه حذر شدید و تنافر و الغداف یقاتل البوم و یخطف بیضها و یأكله و من عجیب أمره أن الإنسان إذا أراد أن یأخذ فراخه تحتمل الأنثی (4) و الذكر فی أرجلهما حجارة و یتحلقان فی الجو و یطرحان الحجارة علیه یریدان بذلك دفعه و العرب تتشأم بالغراب و غراب البین الأبقع و هو الذی فیه سواد و بیاض و قال صاحب المجالسة سمی بذلك لأنه بان عن نوح علیه السلام لما وجهه لینظر إلی الماء فذهب و لم یرجع و لذلك تشأموا به و ذكر ابن قتیبة أنه سمی فاسقا لذلك أیضا(5). و یقال إذا صاح الغراب مرتین فهو شر و إذا صاح ثلاث مرات فهو خیر علی قدر عدد الحروف (6).

و كان ابن عباس إذا نعق الغراب یقول اللّٰهم لا طیر إلا طیرك و لا خیر إلا خیرك و لا إله غیرك.

و یقال إن الغراب یبصر من تحت الأرض بقدرة منقاره و روی أن قابیل حمل أخاه و مشی به حتی أروح فلم یدر ما یصنع به فبعث اللّٰه غرابین قتل أحدهما الآخر

ص: 254


1- 1. فی المصدر: جرداء اللون.
2- 2. فی المصدر: فالابوان ینظران الفرخ كذلك فیتركانه.
3- 3. فی المصدر: ان یحضن.
4- 4. فی المصدر: یحمل الذكر و الأنثی.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 119 و 120.
6- 6. حیاة الحیوان: 121.

ثم بحث فی الأرض بمنقاره و دفن أخاه فاقتدی به قابیل فلما رجع آدم من مكة قال أین هابیل قال لا أدری فقال اللّٰهم العن أرضا شربت دمه فمن ذلك الوقت ما شربت الأرض دما(1).

قال مقاتل و كان قبل ذلك السباع و الطیور تستأنس بآدم فلما قتل قابیل هابیل هربت منه الطیر و الوحش و شاكت الأشجار و حمضت الفواكه و ملحت المیاه و اغبرت الأرض (2).

و یحرم أكل الغراب الأبقع الفاسق و أما الأسود الكبیر الجبلی (3)

فهو حرام أیضا علی الأصح و غراب الزرع حلال علی الأصح.

وَ فِی صَحِیحِ الْبُخَارِیِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَیْسَ عَلَی قَاتِلِهِنَّ جُنَاحٌ الْغُرَابُ وَ الْحِدَأَةُ وَ الْفَأْرَةُ وَ الْحَیَّةُ وَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ.

وَ فِی سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (4) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحَیَّةُ فَاسِقَةٌ وَ الْفَأْرَةُ فَاسِقَةٌ وَ الْغُرَابُ فَاسِقٌ (5).

و قال الفأر بالهمز جمع فأرة و هی أصناف الجرذ و الفأر المعروفان و منها الیرابیع و الزباب و الخلد فالزباب صم و الخلد أعمی و الیربوع و فأرة البیش و فأرة الإبل و فأرة المسك و ذات النطاق فأما فأرة البیت فهی الفویسقة التی أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله بقتلها فی الحل و الحرم و إنما سمیت فواسق لخبثهن و قیل لخروجهن عن الحرمة فی الحل و الحرم أی لا حرمة لهن بحال و قیل سمیت بذلك لأنها عمدت إلی حبال سفینة نوح فقطعتها.

ص: 255


1- 1. راجع المصدر فان المصنّف ادخل بعض حدیث فی حدیث آخر فأورده بشكل حدیث واحد.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 122.
3- 3. فی المصدر: و هو الجبلی.
4- 4. فی المصدر: و فی سنن ابن ماجة و البیهقیّ عن عائشة انها قالت: قال.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 123 و 124.

وَ رَوَی الطَّحَاوِیُّ عَنْ یَزِیدَ بْنِ أَبِی نُعَیْمٍ: أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا سَعِیدٍ الْخُدْرِیَّ لِمَ سُمِّیَتِ الْفَأْرَةُ فُوَیْسَقَةً قَالَ اسْتَیْقَظَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ لَیْلَةٍ وَ قَدْ أَخَذَتْ فَأْرَةٌ فَتِیلَةَ السِّرَاجِ لِتُحْرِقَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَیْتَ فَقَامَ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهَا وَ قَتَلَهَا وَ أَحَلَّ قَتْلَهَا لِلْحَلَالِ وَ الْمُحْرِمِ.

وَ رَوَی الْحَاكِمُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِیلَةَ فَذَهَبَتِ الْجَارِیَةُ فَزَجَرَتْهَا(1) فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله دَعِیهَا فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الْخُمْرَةِ الَّتِی كَانَ قَاعِداً عَلَیْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ یَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَی هَذَا فَتُحْرِقُكُمْ.

و الخمرة السجادة التی یصلی علیها المصلی سمیت بذلك لأنها تخمر الوجه أی تغطیه.

وَ فِی صَحِیحِ مُسْلِمٍ وَ غَیْرِهِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِإِطْفَاءِ النَّارِ عِنْدَ النَّوْمِ وَ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفُوَیْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَی أَهْلِ الْبَیْتِ بَیْتَهُمْ نَاراً.

و الفأر نوعان جرذان و فئران و كلاهما له حاسة السمع و البصر و لیس فی الحیوانات أفسد من الفأر و لا أعظم أذی منه و من شأنه أنه یأتی القارورة الضیقة الرأس فیحتال حتی یدخل فیها ذنبه فكلما ابتل بالدهن أخرجه و امتصه حتی لا یدع فیها شیئا و لا یخفی ما بین الفأر و الهر من العداوة و السبب فی ذلك أن نوحا علیه السلام لما حمل فی السفینة من كل زوجین اثنین شكا أهل السفینة الفأرة و أنها تفسد طعامهم و متاعهم فأوحی اللّٰه إلی الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها(2).

و الزباب جمع الزبابة بالفتح الفأرة البریة تسرق كل ما تحتاج إلیه و تستغنی (3)

ص: 256


1- 1. فی المصدر: تزجرها.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 138 و 139.
3- 3. فی المصدر: و ما تستغنی عنه.

عنه و قیل هی فأرة عمیاء صماء و یشبه بها الرجل الجاهل (1).

و الخلد بالضم و قد یفتح و یكسر هی دویبة عمیاء صماء لا تعرف ما بین یدیها إلا بالشم و قیل فأر أعمی لا یدرك إلا بالشم (2) و قال أرسطو(3)

كل حیوان له عینان إلا الخلد و إنما خلق كذلك لأنها ترابی جعل اللّٰه له الأرض كالماء للسمك و غذاؤه من بطنها و لیس له فی ظاهرها قوة و لا نشاط و لما لم یكن له بصر عوضه اللّٰه تعالی حدة السمع فتدرك الوطء الخفی من مسافة بعیدة فإذا أحس بذلك یختفی فی الأرض (4) و قیل إن سمعه مقدار بصر غیره (5).

و الیربوع حیوان طویل الیدین جدا(6) و له ذنب كذنب الجرذ یرفعه صعدا لونه كلون الغزال و هو یسكن بطن الأرض لتقوم رطوبتها له مقام الماء و هو یؤثر النسیم و یكره البخار أبدا یتخذ حجرة فی نشز من الأرض ثم یحفر بیته فی مهب الریاح الأربع و یتخذ فیه كوی و یسمی النافقاء و القاصعاء و الراهطاء فإذا طلب من إحدی هذه الكوی نافق أی خرج من النافقاء و إن طلب من النافقاء خرج من القاصعاء.

و ظاهر بیته تراب و باطنه حفر و كذلك المنافق ظاهره إیمان و باطنه كفر و به سمی المنافق قال القزوینی هو من نوع الفأر و هو من الحیوان الذی له رئیس مطاع

ص: 257


1- 1. حیاة الحیوان 2: 3.
2- 2. زاد فی المصدر: فتخرج من جحرها و هی تعلم ان لا سمع لها و لا بصر فتفتح فاها و تقف عند جحرها فیأتی الذباب فیقع علی شدقها و یمر بین لحییها فتدخله جوفها بنفسها فهی تتعرض لذلك فی الساعات التی یكون فیها الذباب أكثر.
3- 3. فی المصدر: فی كتاب النعوت.
4- 4. فی المصدر: جعل یحفر فی الأرض.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 215.
6- 6. فی المصدر: طویل الرجلین قصیر الیدین جدا.

ینقاد إلیه و إذا كان فیها یكون من بینها فی مكان مشرف أو علی صخرة ینظر إلی الطریق من كل ناحیة فإن رأی ما یخافه ضرب بأسنانه (1)

و صوت فإذا سمعته انصرفت إلی حجرتها فإن قصر الرئیس حتی أدركهم أحد و صاد منهم شیئا اجتمعوا علی الرئیس فقتلوه و ولوا غیره (2)

و إذا خرجت لطلب المعاش خرج الرئیس أولا یشرف (3)

فإن لم یر شیئا یخافه مر إلیها یصوت و یضرب بأسنانه فتخرج والیا(4).

و روی الزمخشری عن سفیان بن عیینة أنه قال لیس من الحیوان شی ء یخبأ قوته إلا الإنسان و النمل و الفأر و العقعق.

و العقعق طائر علی قدر الحمامة و علی شكل الغراب و جناحاه أكبر من جناحی الحمامة و هو ذو لونین أبیض و أسود طویل الذنب و یقال له القعقع أیضا و هو لا یأوی تحت السقف و لا یستظل به بل یهیئ و كره فی المواضع المشرفة و فی طبعه الزنا و الخیانة و یوصف بالسرقة و الخبث و العرب تضرب به المثل فی جمیع ذلك (5).

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا یُدْرَی مَا فَعَلَتْ وَ لَا أَرَاهَا إِلَّا الْفَأْرَ أَ لَا تَرَاهَا إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الْإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْهُ وَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاةِ شَرِبَتْهُ.

قال النووی و غیره و معنی هذا أن لحوم الإبل و ألبانها حرمت علی بنی إسرائیل دون لحوم الغنم و ألبانها فدل علی أن امتناع الفأرة من لبن الإبل دون لبن الغنم علی أنها مسخ من بنی إسرائیل.

و أما فأرة البیش بالكسر و هو السم فدویبة تشبه الفأر و لیست بفأرة و لكن هكذا تسمی و تكون فی الریاض و الغیاض و هی تتخللها طلبا لمنابت السموم لتأكلها و لا

ص: 258


1- 1. فی المصدر: فان رأی ما یخافه علیها صر بأسنانه.
2- 2. فی المصدر: حتی أدركها أحد و صاد منها شیئا اجتمعت علی الرئیس فقتلته و ولت غیره و هی إذا.
3- 3. فی المصدر:« یتشوف» أی نظر و أشرف.
4- 4. فی المصدر:« یخافه صر باسنانه و صوت إلیها فتخرج» راجع حیاة الحیوان 2: 295.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 102.

تضرها و كثیرا ما تطلب البیش.

و أما ذات النطاق فهی فأرة منقطة ببیاض و أعلاها أسود شبهوها بالمرأة ذات النطاق و هی التی تلبس قمیصتین ملونین و تشد وسطها ثم ترسل الأعلی علی الأسفل قاله القزوینی أیضا.

و أما فأرة المسك مهموزة كفأرة الحیوان قال و یجوز ترك الهمزة كما فی نظائره و قال الجوهری و ابن مكی لیست مهموزة و هو شذوذ منهما قال الجاحظ فأرة المسك نوعان الأول منهما دویبة تكون فی بلاد التبت تصاد لنوافجها و سررها فإذا صیدت شدت بعصائب و هی متدلیة(1) فیجتمع فیها دمها فإذا أحكم ذلك ذبحت (2) و ما أكثر من یأكلها عندنا فهی غیر مهموزة لأنها من فار یفور و هی النافجة كذا قاله القزوینی و فی التحریر فارة المسك.

و الثانی جرذان سود تكون فی البیوت لیس عندها إلا تلك الرائحة اللازمة و رائحته كرائحة المسك إلا أنه لا یوجد منه المسك و أما فأرة الإبل فقال فی الصحاح هی أن یفوح منها رائحة طیبة إذا رعت العشب و زهرة ثم شربت و صدرت عن الماء ففاحت (3)

منها رائحة طیبة و یقال لتلك الرائحة فأرة الإبل و یحرم أكل جمیع الفأر إلا الیربوع و یكره أكل سؤر الفأر(4).

«8»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ قَالَ إِلْهَامٌ (5).

ص: 259


1- 1. فی المصدر: و تبقی متدلیة.
2- 2. زاد فی المصدر: فاذا ماتت فورت السرة التی عصبت ثمّ تدفن فی الشعیر حینا حتّی یستحیل ذلك الدم المختنق هناك الجامد بعد موتها مسكا ذكیا بعد ما لا یرام نتینا.
3- 3. فی المصدر: عن الماء ندیت جلودها ففاحت.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 139 و 140.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ ج 2 ص 263.

«9»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدٍ صَالِحٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ النَّاسَ أَصَابَهُمْ قَحْطٌ شَدِیدٌ عَلَی عَهْدِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَیْهِ وَ طَلَبُوا إِلَیْهِ أَنْ یَسْتَسْقِیَ لَهُمْ قَالَ فَقَالَ لَهُمْ إِذَا صَلَّیْتُ الْغَدَاةَ مَضَیْتُ فَلَمَّا صَلَّی الْغَدَاةَ مَضَی وَ مَضَوْا فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ إِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ یَدَهَا إِلَی السَّمَاءِ وَاضِعَةٍ قَدَمَیْهَا عَلَی الْأَرْضِ وَ هِیَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ وَ لَا غِنَی بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلَا تُهْلِكْنَا بِذُنُوبِ بَنِی آدَمَ قَالَ فَقَالَ سُلَیْمَانُ علیه السلام ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِیتُمْ بِغَیْرِكُمْ فَسُقُوا فِی ذَلِكَ الْعَامِ وَ لَمْ یُسْقَوْا مِثْلَهُ قَطُّ(1).

«10»- الْخَرَائِجُ، عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّ عُصْفُوراً وَقَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ جَعَلَ یَصِیحُ وَ یَضْطَرِبُ فَقَالَ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ فَقُلْتُ لَا قَالَ قَالَ لِی إِنَّ حَیَّةً تُرِیدُ أَنْ تَأْكُلَ فِرَاخِی فِی الْبَیْتِ فَقُمْ وَ خُذْ تِلْكَ النِّسْعَةَ(2) وَ ادْخُلِ الْبَیْتَ وَ اقْتُلِ الْحَیَّةَ فَقُمْتُ وَ أَخَذْتُ النِّسْعَةَ وَ دَخَلْتُ الْبَیْتَ وَ إِذَا حَیَّةٌ تَجُولُ فِی الْبَیْتِ فَقَتَلْتُهَا(3).

«11»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِیِّ: أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَتْلِ الْحَیَّاتِ قَالَ اقْتُلْ كُلَّ شَیْ ءٍ تَجِدُهُ فِی الْبَرِّیَّةِ إِلَّا الْجَانَّ وَ نَهَی عَنْ قَتْلِ عَوَامِرِ الْبُیُوتِ قَالَ لَا تَدَعْهُنَّ مَخَافَةَ تَبِعَاتِهِنَّ فَإِنَّ الْیَهُودَ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ مَنْ قَتَلَ عَامِرَ بَیْتٍ أَصَابَهُ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ تَرَكَهُنَّ مَخَافَةَ تَبِعَاتِهِنَّ فَلَیْسَ مِنِّی وَ إِنَّمَا تَتْرُكُهَا لِأَنَّهَا لَا تُرِیدُكَ وَ قَالَ رُبَّمَا قَتَلَهُنَّ فِی بُیُوتِهِنَ (4).

بیان: قال الدمیری الجان حیة بیضاء(5) و قیل الحیة الصغیرة و قال الجوهری حیة بیضاء.

و قال الفیروزآبادی حیة أكحل العین لا تؤذی كثیرة فی البیوت.

ص: 260


1- 1. روضة الكافی: 246 فیه: ما لم یسقوا مثله قط.
2- 2. النسع: سیر او حبل عریض تشد به الرحال، و القطعة منه، النسعة.
3- 3. الخرائج.
4- 4. من لا یحضره الفقیه 3: 221 فیه: لا تدعوهن.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 133.

و فی النهایة فی حدیث قتل الحیات إن لهذه البیوت عوامر فإذا رأیتم منها شیئا فحرجوا علیها(1) ثلاثا العوامر الحیات التی تكون فی البیوت واحدها عامر و عامرة قیل سمیت عوامر لطول أعمارها(2).

«12»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی السَّمَّانِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُؤْكَلَ مَا تَحْمِلُهُ النَّمْلَةُ بِفِیهَا وَ قَوَائِمِهَا(3).

بیان: النهی علی المشهور محمول علی الكراهة.

قال الدمیری یكره أكل ما حملت النملة بفیها و قوائمها لما روی الحافظ أبو نعیم فی الطب النبوی عن صالح بن خوات بن جبیر عن أبیه عن جده أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نهی عن أن یؤكل ما حملته النمل بفیها و قوائمها(4).

«13»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مُتَوَجِّهِینَ إِلَی مَكَّةَ حَتَّی إِذَا كُنَّا بِسَرِفٍ اسْتَقْبَلَهُ غُرَابٌ یَنْعِقُ فِی وَجْهِهِ فَقَالَ مُتْ جُوعاً مَا تَعْلَمُ شَیْئاً إِلَّا وَ نَحْنُ نَعْلَمُهُ إِلَّا أَنَّا أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقُلْنَا هَلْ كَانَ فِی وَجْهِهِ شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ سَقَطَتْ نَاقَةٌ بِعَرَفَاتٍ (5).

دلائل الطبری، عن علی بن هبة اللّٰه عن الصدوق عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن البرقی عن النضر: مثله (6).

ص: 261


1- 1. حرج علیه: قال له: انت فی حرج أی ضیق، و قال المصنّف ای تعزم علیها و تقسم علیها بان لا تضر و لا تظهر.
2- 2. النهایة 3: 144.
3- 3. تهذیب الأحكام.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 267.
5- 5. بصائر الدرجات: 345 ط تبریز.
6- 6. دلائل الإمامة: 135.

بیان: لعله كان متوجها إلی عرفات لأكل الناقة المیتة و كان جائعا و لم یكن علمه من جهة المشاهدة بل بما أعطاه اللّٰه من العلم بجهة رزقه أو ببعض الوقائع كما هو المشهور فی الغراب.

«14»- الْمَكَارِمُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: تَعَلَّمُوا مِنَ الْغُرَابِ ثَلَاثَ خِصَالٍ اسْتِتَارَهُ بِالسِّفَادِ وَ بُكُورَهُ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ وَ حَذَرَهُ (1).

«15»- الْخِصَالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ أَبِی لَیْلَی: أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ سَأَلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام عَنْ سَبْعَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ حَیَّةُ الْجَنَّةِ وَ الْغُرَابُ الَّذِی بَعَثَهُ اللَّهُ یَبْحَثُ فِی الْأَرْضِ وَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ (2).

«16»- الْفَقِیهُ،: رُوِیَ مَنْ قَتَلَ وَزَغاً فَعَلَیْهِ الْغُسْلُ وَ قَالَ بَعْضُ مَشَایِخِنَا إِنَّ الْعِلَّةَ فِی ذَلِكَ أَنَّهُ یَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ فَیَغْتَسِلُ مِنْهَا(3).

«17»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ، فِی الْحَدِیثِ الصَّحِیحِ مِنْ رِوَایَةِ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً مِنْ أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَ كَذَا مِنَ الْحَسَنَةِ وَ مَنْ قَتَلَهَا فِی الضَّرْبَةِ الثَّانِیَةِ فَلَهُ كَذَا وَ كَذَا حَسَنَةً دُونَ الْأُولَی (4)

وَ فِیهِ أَیْضاً أَنَّ مَنْ قَتَلَهَا فِی الْأُولَی فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَ فِی الثَّانِیَةِ دُونَ ذَلِكَ وَ فِی الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: اقْتُلُوا الْوَزَغَ وَ لَوْ فِی جَوْفِ الْكَعْبَةِ.

وَ فِی حَدِیثِ عَائِشَةَ: أَنَّهُ كَانَ فِی بَیْتِهَا رُمْحٌ مَوْضُوعٌ فَقِیلَ لَهَا مَا تَصْنَعِینَ بِهَا فَقَالَتْ نَقْتُلُ بِهِ الْوَزَغَ فَإِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَنَا أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أُلْقِیَ فِی النَّارِ

ص: 262


1- 1. مكارم الأخلاق: 154.
2- 2. الخصال ج 2 ص 8.
3- 3. من لا یحضره الفقیه ج 1 ص 44.
4- 4. فی المصدر زاد: و من قتلها فی الثالثة فله كذا و كذا حسنة دون الثانیة.

وَ لَمْ تَكُنْ فِی الْأَرْضِ دَابَّةٌ إِلَّا أَطْفَأَتْ عَنْهُ النَّارَ غَیْرَ الْوَزَغِ (1) فَإِنَّهُ كَانَ یَنْفُخُ عَلَیْهِ (2) فَأَمَرَ علیه السلام بِقَتْلِ الْوَزَغِ.

و كذلك رواه أحمد فی مسنده.

وَ فِی تَارِیخِ ابْنِ النَّجَّارِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً مَحَا اللَّهُ عَنْهُ سَبْعَةَ خَطِیئَاتٍ.

وَ فِی الْكَامِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فَكَأَنَّمَا قَتَلَ شَیْطَاناً.

ثم قال و أما تقیید الحسنات فی الضربة الأولی بمائة و فی الثانیة بسبعین كما هو فی بعض الروایات فجوابه أنه كقوله فی صلاة الجماعة بسبع و عشرین و بخمس و عشرین إن مفهوم العدد لا یعمل به فذكر السبعین لا یمنع المائة فلا تعارض بینهما أو لعله أخبرنا بالسبعین ثم تصدق اللّٰه بالزیادة(3) فأعلم به صلی اللّٰه علیه و آله حین أوحی إلیه بعد ذلك أو أنه یختلف باختلاف قاتلی الوزغ بحسب نیاتهم و إخلاصهم و كمال أحوالهم و نقصها فتكون المائة للكامل (4) منهم و السبعون لغیره و قال یحیی بن یعمر سبب كثرة الحسنات فی المبادرة أن تكرر الضرب فی قتلها یدل علی عدم الاهتمام بأمر صاحب الشرع إذ لو قوی عزمه و اشتدت حمیته لقتلها فی المرة الأولی لأنه حیوان لطیف لا یحتاج إلی كثرة مئونة فی الضرب فحیث لم یقتلها فی المرة الأولی دلت علی ضعف عزمه و لذلك نقص أجره عن المائة إلی السبعین و علل عز الدین بن عبد السلام كثرة الحسنات فی الأولی بأنه إحسان فی

ص: 263


1- 1. یأتی من الخصال ان هوام الأرض استأذن اللّٰه ان تصب علیه الماء فلم یأذن اللّٰه عزّ و جلّ بشی ء منها الا للضفدع.
2- 2. فی المصدر: ینفخ علیه النار.
3- 3. فی المصدر: بالزیادة علینا.
4- 4. فی المصدر: للاكمل منهم.

القتل فدخل فی قوله صلی اللّٰه علیه و آله إذا قتلتم فأحسنوا القتلة و لأنه (1) مبادرة إلی الخیر فیدخل تحت قوله تعالی فَاسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ (2) و قال و علی كل المعنیین (3) فالحیة و العقرب أولی بذلك لعظم مفسدتهما(4).

«18»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِیهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَتْلِ النَّمْلَةِ قَالَ لَا تَقْتُلْهَا إِلَّا أَنْ تُؤْذِیَكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ أَ یَصْلُحُ قَالَ لَا تُؤْذِیهِ وَ لَا تَقْتُلُهُ وَ لَا تَذْبَحُهُ فَنِعْمَ الطَّیْرُ هُوَ(5).

«19»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْمَدِینِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْ قَتْلِ خَمْسَةٍ الصُّرَدِ وَ الصُّوَّامِ وَ الْهُدْهُدِ وَ النَّحْلَةِ وَ النَّمْلَةِ وَ الضِّفْدِعِ وَ أَمَرَ بِقَتْلِ خَمْسَةٍ الْغُرَابِ وَ الْحِدَأَةِ وَ الْحَیَّةِ وَ الْعَقْرَبِ وَ الْكَلْبِ الْعَقُورِ.

قال الصدوق هذا أمر إطلاق و رخصة لا أمر وجوب و فرض (6).

بیان: یدل علی اتحاد الصرد و الصوام كما یظهر من كلام الدمیری و أكثر اللغویین لكن الفقهاء عدوهما اثنین قال فی القاموس الصرد بضم الصاد و فتح الراء طائر ضخم الرأس یصطاد العصافیر و هو أول طائر صام لله تعالی و الجمع صردان.

و قال فی النهایة فیه أنه نهی المحرم عن قتل الصرد و هو طائر ضخم الرأس

ص: 264


1- 1. فی المصدر: أو أنه.
2- 2. المائدة: 48.
3- 3. فی المصدر: و علی كلا المعنیین.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 288.
5- 5. قرب الإسناد: 121 فیه: عبد اللّٰه بن الحسن عن جده علیّ بن جعفر.
6- 6. عیون الأخبار ج 1 ص 277 الخصال 1: 297 فیه:[ الصرد الصوام] و فیه[ الحدأة] و لم نجد الحدیث فی العلل و الظاهر أنّه تصحیف الخصال.

و المنقار له ریش عظیم نصفه أبیض و نصفه أسود و منه حدیث ابن عباس أنه نهی عن قتل أربع من الدواب النملة و النحلة و الهدهد و الصرد.

قال الخطابی إنما جاء فی قتل النمل عن نوع منه خاص و هو الكبار ذوات الأرجل الطوال لأنها قلیلة الأذی و الضرر و أما النحلة فلما فیها من المنفعة و هو العسل و الشمع و أما الهدهد و الصرد فلتحریم لحمهما لأن الحیوان إذا نهی عن قتله و لم یكن ذلك لاحترامه أو الضرر فیه كان لتحریم لحمه أ لا تری أنه نهی عن قتل الحیوان لغیر مأكله و یقال إن الهدهد منتن الریح فصار فی معنی الجلالة و الصرد تتشأم به العرب و تتطیر بصوته و شخصه و قیل إنما كرهوه من اسمه من التصرید و هو التقلیل (1).

و قال فیه خمس (2) یقتلن فی الحل و الحرم و عد منها الحداء و هو هذا الطائر المعروف من الجوارح واحدها حدأة بوزن عنبة(3).

و قال فیه خمس یقتلن فی الحل و الحرم و عد منها الكلب العقور و هو كل سبع یعقر أی یجرح و یقتل و یفترس كالأسد و النمر و الذئب سماها كلبا لاشتراكها فی السبعیة و العقور من أبنیة المبالغة انتهی (4).

و أقول التعمیم الذی ادعاها غیر معلوم و كأن المراد بالعقور الكلب الهراش (5)

الذی یضر و لا ینفع.

«20»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِیرٍ الرَّقِّیِّ قَالَ: بَیْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ عِنْدَ أَبِی

ص: 265


1- 1. النهایة 2: 281.
2- 2. فی المصدر: خمس فواسق یقتلن.
3- 3. النهایة 1: 239.
4- 4. النهایة 3: 131.
5- 5. تقدم فی حدیث غیاث بن إبراهیم المروی عن قرب الإسناد اطلاقه علی الذئب أیضا.

عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذْ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ بِیَدِهِ خُطَّافٌ مَذْبُوحٌ فَوَثَبَ إِلَیْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَتَّی أَخَذَهُ مِنْ یَدِهِ ثُمَّ دَحَی بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ قَالَ أَ عَالِمُكُمْ أَمَرَكُمْ بِهَذَا(1) أَمْ فَقِیهُكُمْ لَقَدْ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْ قَتْلِ سِتَّةٍ النَّحْلَةِ وَ النَّمْلَةِ وَ الضِّفْدِعِ وَ الصُّرَدِ وَ الْهُدْهُدِ وَ الْخُطَّافِ فَأَمَّا النَّحْلَةُ فَإِنَّهَا تَأْكُلُ طَیِّباً وَ تَضَعُ طَیِّباً وَ هِیَ الَّتِی أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهَا لَیْسَتْ مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ (2) وَ أَمَّا النَّمْلَةُ فَإِنَّهُمْ قُحِطُوا عَلَی عَهْدِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام فَخَرَجُوا یَسْتَسْقُونَ فَإِذَا هُمْ بِنَمْلَةٍ قَائِمَةٍ عَلَی رِجْلَیْهَا مَادَّةٍ یَدَهَا إِلَی السَّمَاءِ وَ هِیَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا غِنَی بِنَا عَنْ فَضْلِكَ فَارْزُقْنَا مِنْ عِنْدِكَ وَ لَا تُؤَاخِذْنَا بِذُنُوبِ سُفَهَاءِ وُلْدِ آدَمَ فَقَالَ لَهُمْ سُلَیْمَانُ ارْجِعُوا إِلَی مَنَازِلِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ سَقَاكُمْ بِدُعَاءِ غَیْرِكُمْ وَ أَمَّا الضِّفْدِعُ فَإِنَّهُ لَمَّا أُضْرِمَتِ النَّارُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام شَكَتْ هَوَامُّ الْأَرْضِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَصُبَّ عَلَیْهَا الْمَاءَ فَلَمْ یَأْذَنِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِشَیْ ءٍ مِنْهَا إِلَّا لِلضِّفْدِعِ فَاحْتَرَقَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَ بَقِیَ مِنْهُ الثُّلُثُ وَ أَمَّا الْهُدْهُدُ فَإِنَّهُ كَانَ دَلِیلَ سُلَیْمَانَ علیه السلام إِلَی مُلْكِ بِلْقِیسَ وَ أَمَّا الصُّرَدُ فَإِنَّهُ كَانَ دَلِیلَ آدَمَ علیه السلام مِنْ بِلَادِ سَرَانْدِیبَ إِلَی بِلَادِ جُدَّةَ شَهْراً وَ أَمَّا الْخُطَّافُ فَإِنَّ دَوَرَانَهُ فِی السَّمَاءِ أَسَفاً لِمَا فُعِلَ بِأَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَسْبِیحُهُ قِرَاءَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ أَ لَا تَرَوْنَهُ وَ هُوَ یَقُولُ وَ لَا الضَّالِّینَ (3).

«21»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْمُعَلَّی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ الْمُرَادِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: نُهِیَ عَنْ أَكْلِ الصُّرَدِ وَ الْخُطَّافِ (4).

ص: 266


1- 1. أی امركم بقتله.
2- 2. أی لیست من الجن الذی أوحی إلیه و لا من الانس، و حاصله أنّه یوجد من اوحی الیه من غیرهما و هو النمل.
3- 3. الخصال 1: 326.
4- 4. علل الشرائع ج 2 ص 281، عیون الأخبار ج 1 ص 243.

«22»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْجِعَابِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِیمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ قَتَلَ حَیَّةً قَتَلَ كَافِراً(1).

«23»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ یَقْتُلُ الْحَیَّةَ وَ قَالَ لَهُ السَّائِلُ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ تَرَكَهَا تَخَوُّفاً مِنْ تَبِعَتِهَا فَلَیْسَ مِنِّی قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ تَرَكَهَا تَخَوُّفاً مِنْ تَبِعَتِهَا فَلَیْسَ مِنِّی فَإِنَّهَا حَیَّةٌ لَا تَطْلُبُكَ فَلَا بَأْسَ بِتَرْكِهَا(2).

«24»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، وَ الْفَقِیهُ،: فِی مَنَاهِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ نَهَی أَنْ یُحْرَقَ شَیْ ءٌ مِنَ الْحَیَوَانِ بِالنَّارِ وَ نَهَی عَنْ قَتْلِ النَّحْلِ (3).

«25»- ثَوَابُ الْأَعْمَالِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ امْرَأَةً عُذِّبَتْ فِی هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا حَتَّی مَاتَتْ عَطَشاً(4).

«26»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: بَعَثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ فَقَالَ لَا تَدَعْ صُورَةً إِلَّا مَحَوْتَهَا وَ لَا قَبْراً إِلَّا سَوَّیْتَهُ وَ لَا كَلْباً إِلَّا قَتَلْتَهُ (5).

«27»- السَّرَائِرُ، مِنْ كِتَابِ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عود [عُرْوَةَ] الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَا تَقُولُ فِی قَتْلِ الذَّرِّ قَالَ اقْتُلْهُنَّ آذَتْكَ

ص: 267


1- 1. عیون الأخبار ج 2 ص 65.
2- 2. معانی الأخبار: 173.
3- 3. مجالس الصدوق: 254 و 255( م 66) من لا یحضره الفقیه 4: 3.
4- 4. ثواب الأعمال 327 تحقیق الغفاری.
5- 5. المحاسن: 613.

أَوْ لَمْ تُؤْذِكَ (1).

«28»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَا بَأْسَ بِقَتْلِ النَّمْلِ آذَتْكَ أَوْ لَمْ تُؤْذِكَ (2).

«29»- الْمَكَارِمُ، مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَقْذَرُ الذُّنُوبِ ثَلَاثَةٌ قَتْلُ الْبَهِیمَةِ وَ حَبْسُ مَهْرِ الْمَرْأَةِ وَ مَنْعُ الْأَجِیرِ أَجْرَهُ (3).

بیان: كأن المراد بقتل البهیمة قتلها بغیر الذبح أو عند الحاجة إلیها فی الجهاد و غیره (4).

«30»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی قَوْمٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً حَیَّةً وَ هُمْ یَرْمُونَهَا بِالنَّبْلِ فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ (5).

«31»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: رَأَیْتُ فِی النَّارِ صَاحِبَ الْهِرَّةِ تَنْهَشُهَا مُقْبِلَةً وَ مُدْبِرَةً كَانَتْ أَوْثَقَتْهَا وَ لَمْ تَكُنْ تُطْعِمُهَا وَ لَا تُرْسِلُهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشَةِ الْأَرْضِ (6).

بیان: قال فی النهایة فی الحدیث إن امرأة ربطت هرة فلم تطعمها و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض أی هوامها و حشراتها و فی روایة من خشیشها و هی بمعناه و یروی بالحاء المهملة و هو یابس النبات و هو وهم و قیل إنما هو خشیش بضم الخاء المعجمة تصغیر خشاش علی الحذف أو خشیش من غیر حذف و منه حدیث العصفور لم ینتفع بی و لم یدعنی أختش من الأرض أی آكل من خشاشها(7).

ص: 268


1- 1. السرائر: 467.
2- 2. السرائر: 467.
3- 3. المكارم: 123.
4- 4. أو من غیر حاجة كالصید للتنزّه و نحوه.
5- 5. نوادر الراوندیّ: 43.
6- 6. نوادر الراوندیّ: 28 فیه: حشاش.
7- 7. النهایة 1: 329.

«32»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَتْلِ الْحَیَّاتِ قَالَ خُلِقَتْ هِیَ وَ الْإِنْسَانُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَدُوٌّ لِصَاحِبِهِ إِنْ رَآهَا أَفْزَعَتْهُ وَ إِنْ لَذَعَتْهُ أَوْجَعَتْهُ فَاقْتُلْهَا حَیْثُ وَجَدْتَهَا(1).

«33»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ مَجِی ءِ الشَّهَوَاتِ وَ الْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ نُزُولِ الشُّبُهَاتِ وَ یُحِبُّ السَّمَاحَةَ وَ لَوْ عَلَی تَمَرَاتٍ (2)

وَ یُحِبُّ الشَّجَاعَةَ وَ لَوْ عَلَی قَتْلِ حَیَّةٍ(3).

الضوء قوله علیه السلام یحب الشجاعة هذا مثل یعنی أنه عز و جل یحبه علی قدر عنائه و مبلغ بلائه و إن لم یكن إلا یسیرا فكثیر الشجاعة عنده محمود و قلیله غیر مردود و علی ذكر الحیة فلنذكر مما ورد فیه طرفا

وَ رُوِیَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله: اقْتُلُوا الْأَبْتَرَ وَ ذو [ذَا] الطُّفْیَتَیْنِ (4).

فالأبتر القصیر الذنب و ذو الطفیتین (5) الذی علی ظهره خطان كالخوصتین و الطفی الخوص.

وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ تَرَكَ الْحَیَّاتِ مَخَافَةَ طَلَبِهِنَّ فَلَیْسَ مِنَّا.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: اقْتُلُوا الْحَیَّاتِ فَمَنْ خَافَ إِثَارَهُنَّ فَلَیْسَ مِنَّا.

وَ سُئِلَ عَنْ حَیَّاتِ الْبُیُوتِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ شَیْئاً فِی مَسَاكِنِكُمْ فَقُولُوا أَنْشُدُكُمُ الْعَهْدَ الَّذِی أَخَذَ عَلَیْكُمْ نُوحٌ علیه السلام أَنْشُدُكُمُ الْعَهْدَ الَّذِی أَخَذَ عَلَیْكُمْ سُلَیْمَانُ علیه السلام أَنْ تُؤْذُونَا فَإِنْ عُدْنَ فَاقْتُلُوهُنَّ.

و عن ابن مسعود اقتلوا الحیات كلها إلا الجان الأبیض لأنه قصبة فضة

ص: 269


1- 1. الدّر المنثور ج 1 ص 55.
2- 2. فی المخطوطة: و لو علی التمرات.
3- 3. الشهاب: لیس عندی نسخته.
4- 4. هكذا فی المطبوع و فی النسخة المخطوطة:« الطفیئتین» و فی المنجد. الطفیة: ضرب من الحیات الخبیثة؛ و الجمع طفی. و فی النهایة: فیه:« اقتلوا ذا الطفیتین و الابتر» الطفیة: خوصة المقل فی الأصل و جمعها طفی شبه الخطین اللذین علی ظهر الحیة بخوصتین.
5- 5. هكذا فی المطبوع و فی النسخة المخطوطة:« الطفیئتین» و فی المنجد. الطفیة: ضرب من الحیات الخبیثة؛ و الجمع طفی. و فی النهایة: فیه:« اقتلوا ذا الطفیتین و الابتر» الطفیة: خوصة المقل فی الأصل و جمعها طفی شبه الخطین اللذین علی ظهر الحیة بخوصتین.

و قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ تَرَكَ قَتْلَ الْحَیَّةِ خَشْیَةَ النَّارِ فَقَدْ كَفَرَ.

یعنی كفر بأمری لأنی أمرت بقتلهن (1).

بیان: إثارهن كذا فی النسخ القدیمة و كأنه من الثأر بمعنی طلب الدم و فی النهایة فی الحدیث أنه ذكر الحیات فقال من خشی إربهن فلیس منا الإرب بكسر الهمزة و سكون الراء الدهاء أی من خشی غائلتها و جبن عن قتلها للذی قیل فی الجاهلیة إنها تؤذی قاتلها أو تصیبه بخبل فقد فارق سنتنا و خالف ما نحن علیه (2).

«34»- الشِّهَابُ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً عَبَثاً جَاءَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَهُ صُرَاخٌ حَوْلَ الْعَرْشِ یَقُولُ رَبِّ سَلْ هَذَا فِیمَ قَتَلَنِی مِنْ غَیْرِ مَنْفَعَةٍ(3).

الضوء العبث من فعل العالم ما لیس فیه غرض مثله و قیل هو ما خلط به لعب یقول صلی اللّٰه علیه و آله ناهیا عن العبث رادا من اللعب ضاربا المثل بالعصفور الذی یقتله العابث من غیر غرض صحیح إن العصفور المقتول باطلا یجی ء یوم القیامة و یصرخ حول العرش متظلما یسأل ربه أن یسأل قاتله لم قتله من غیر جلب منفعة و لا دفع مضرة و هذا مثل ضربه بالعصفور و إذا كان ظلم العصفور فی صغر جسمه و حقارته لا یترك و لا یهمل بل یستوفی عوض ما أصابه من الألم فكیف بما فوقه من بنی آدم و غیرهم و إذا كان اللّٰه تعالی قد مكن المؤلم من الإیلام فلا بد أن یكون هو المستوفی لعوضه منه و كلام العصفور یجوز أن یكون علی طریق المثل و تقریب الحال و یكون المعنی أن اللّٰه تعالی لا شك مستوف عوض ألم القتل من القاتل فكأنه یتظلم حول العرش و ینصفه و یجوز أن یكون علی حقیقته و ینطقه اللّٰه تعالی فیتظلم حول العرش و یكون ذكر ذلك لطفا لمن یسمعه و فیه أن الصید لغیر غرض قبیح و كذلك صید اللّٰهو و اللعب و فی

ص: 270


1- 1. الضوء: لم نجد نسخته.
2- 2. النهایة 1: 29.
3- 3. الشهاب: لم نجد نسخته.

الحدیث دلالة علی أن جمیع الحیوانات من الوحوش و الطیور تنشر و فیه إثبات الأعواض و فائدة الحدیث تعظیم أمر الظلم و إعلام أن اللّٰه تعالی لا یهمله و لو كان بالعصفور و راوی الحدیث أنس بن مالك (1).

«35»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ خَالِدٍ قَالَ: لَمَّا حَمَلَ 17 نُوحٌ فِی السَّفِینَةِ مَا حَمَلَ جَاءَتِ الْعَقْرَبُ فَقَالَتْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَدْخِلْنِی مَعَكَ قَالَ لَا أَنْتَ تَلْذَعِینَ النَّاسَ وَ تُؤْذِینَهُمْ قَالَتْ لَا احْمِلْنِی مَعَكَ فَلَكَ اللَّهُ عَلَیَّ أَنْ لَا أَلْذَعَ مَنْ یُصَلِّی عَلَیْكَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ(2).

«36»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِیَادٍ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام یَقُولُ: وَ سُئِلَ (3) عَنْ قَتْلِ الْحَیَّاتِ وَ النَّمْلِ فِی الدُّورِ إِذَا آذَیْنَ قَالَ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِنَّ وَ إِحْرَاقِهِنَّ إِذَا آذَیْنَ وَ لَكِنْ لَا تَقْتُلُوا مِنَ الْحَیَّاتِ عَوَامِرَ الْبُیُوتِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ شَابّاً مِنَ الْأَنْصَارِ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ أُحُدٍ وَ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ فَغَابَ فَرَجَعَ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَتِهِ تَطْلُعُ مِنَ الْبَابِ فَلَمَّا رَآهَا أَشَارَ إِلَیْهَا بِالرُّمْحِ فَقَالَتْ لَهُ لَا تَفْعَلْ وَ لَكِنِ ادْخُلْ فَانْظُرْ(4) مَا فِی بَیْتِكَ فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِحَیَّةٍ مُطَوَّقَةٍ عَلَی فِرَاشِهِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا هَذَا الَّذِی أَخْرَجَنِی فَطَعَنَ الْحَیَّةَ فِی رَأْسِهَا ثُمَّ عَلَّقَهَا فَجَعَلَ (5) یَنْظُرُ إِلَیْهَا وَ هِیَ تَضْطَرِبُ فَبَیْنَمَا(6) هُوَ كَذَلِكَ إِذْ سَقَطَ فَانْدَقَّتْ

عُنُقُهُ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَهَی یَوْمَئِذٍ عَنْ قَتْلِهَا وَ أَمَّا مَنْ قَالَ مَنْ تَرَكَهُنَّ مَخَافَةَ تَبِعَتِهِنَّ فَلَیْسَ مِنَّا لِمَا سِوَی ذَلِكَ (7) فَأَمَّا عُمَّارُ الدَّارِ فَلَا تُهَاجُ لِنَهْیِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَتْلِهِنَّ یَوْمَئِذٍ(8).

ص: 271


1- 1. الضوء: لم نجد نسخته.
2- 2. الدّر المنثور ج 3 ص 330.
3- 3. فی المصدر: و سمعت جعفرا و سئل عن قتل النمل و الحیات فی الدور.
4- 4. فی المصدر: و انظر الی ما فی بیتك.
5- 5. فی المصدر: و جعل.
6- 6. فی المصدر: فبینا.
7- 7. فی المصدر: لما سوی ذلك منهن فاما عمّار الدور.
8- 8. قرب الإسناد: 4.

«37»- النَّجَاشِیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ الْجُعْفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْحَكَمِ الرَّافِعِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی رَافِعٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ نَائِمٌ أَوْ یُوحَی إِلَیْهِ وَ إِذَا حَیَّةٌ فِی جَانِبِ الْبَیْتِ إِلَی أَنْ قَالَ فَاسْتَیْقَظَ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الْحَیَّةِ فَقَالَ اقْتُلْهَا فَقَتَلْتُهَا الْخَبَرَ(1).

«38»- تُحَفُ الْعُقُولِ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی وَصِیَّتِهِ لِعَلِیٍّ علیه السلام قَالَ إِذَا رَأَیْتَ حَیَّةً فِی رَحْلِكَ فَلَا تَقْتُلْهَا حَتَّی تُحَرِّجَ عَلَیْهَا ثَلَاثاً فَإِنْ رَأَیْتَهَا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلْهَا فَإِنَّهَا كَافِرَةٌ یَا عَلِیُّ إِذَا رَأَیْتَ حَیَّةً فِی طَرِیقٍ فَاقْتُلْهَا فَإِنِّی اشْتَرَطْتُ عَلَی الْجِنِّ أَنْ لَا یَظْهَرُوا فِی صُورَةِ الْحَیَّاتِ (2).

توضیح: حتی تحرج علیها أی تعزم و تقسم علیها بأن لا تضر و لا تظهر فی النهایة الحرج الإثم و الضیق و منه الحدیث اللّٰهم إنی أحرج حق الضعیفین الیتیم و المرأة أی أضیقه و أحرمه علی من ظلمهما یقال حرج علی ظلمك أی حرمه (3).

«39»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ 17 جُوَیْرِیَةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ قَوْمٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا وَ مَعَنَا امْرَأَةٌ فَنَامَتْ وَ انْتَبَهَتْ وَ حَیَّةٌ مُتَطَوِّقَةٌ عَلَیْهَا جَمَعَتْ رَأْسَهَا مَعَ ذَنَبِهَا بَیْنَ ثَدْیَیْهَا فَهَالَنَا ذَلِكَ وَ ارْتَحَلْنَا فَلَمْ تَزَلْ مُتَطَوِّقَةً عَلَیْهَا لَا تَضُرُّهَا شَیْئاً حَتَّی دَخَلْنَا أَنْصَابَ الْحَرَمِ فَانْسَابَتْ (4) فَدَخَلْنَا مَكَّةَ فَقَضَیْنَا نُسُكَنَا وَ انْصَرَفْنَا حَتَّی إِذَا كُنَّا بِالْمَكَانِ الَّذِی تَطَوَّقَتْ عَلَیْهَا فِیهِ الْحَیَّةُ وَ هُوَ الْمَنْزِلُ الَّذِی نَزَلْنَا فِیهِ فَنَامَتْ فَاسْتَیْقَظَتْ وَ الْحَیَّةُ مُتَطَوِّقَةً عَلَیْهَا ثُمَّ صَفَرَتِ الْحَیَّةُ فَإِذَا بِالْوَادِی یَسِیلُ عَلَیْنَا حَیَّاتٌ فَنَهَشَتْهَا حَتَّی بَقِیَتْ عِظَاماً فَقُلْتُ لِلَّتِی كَانَتِ الْجَارِیَةُ لَهَا وَیْحَكِ أَخْبِرِینَا عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ قَالَتْ بَغَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

ص: 272


1- 1. فهرست النجاشیّ: 3.
2- 2. تحف العقول: 12.
3- 3. النهایة 1: 246.
4- 4. انصاب الحرم ای اعلامها، و أنساب: مشی مسرعا.

كُلَّ مَرَّةٍ تَلِدُ وَلَداً فَإِذَا وَضَعَتْهُ سَجَّرَتِ التَّنُّورَ فَأَلْقَتْهُ فِیهِ (1).

«40»- الْخَرَائِجُ، عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّ عُصْفُوراً وَقَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ جَعَلَ یَصِیحُ وَ یَضْطَرِبُ فَقَالَ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ فَقُلْتُ لَا فَقَالَ قَالَ لِی إِنَّ حَیَّةً تُرِیدُ أَنْ تَأْكُلَ فِرَاخِی فِی الْبَیْتِ فَقُمْ وَ خُذْ تِلْكَ النِّسْعَةَ وَ ادْخُلِ الْبَیْتَ وَ اقْتُلِ الْحَیَّةَ فَقُمْتُ وَ أَخَذْتُ النِّسْعَةَ وَ دَخَلْتُ الْبَیْتَ وَ إِذَا حَیَّةٌ تَجُولُ فِی الْبَیْتِ فَقَتَلْتُهَا(2).

«41»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: إِنَّ الْعَقْرَبَ لَذَعَتْ (3) رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَعَنَكِ اللَّهُ فَمَا تُبَالِینَ مُؤْمِناً آذَیْتِ أَمْ كَافِراً ثُمَّ دَعَا بِالْمِلْحِ فَدَلَكَهُ فَهَدَأَتْ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِی الْمِلْحِ مَا بَغَوْا(4) مَعَهُ دِرْیَاقاً(5).

بیان: هدأ كمنع سكن.

«42»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ وَ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِیمَ جَمِیعاً عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَذَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَقْرَبٌ فَنَفَضَهَا وَ قَالَ لَعَنَكِ اللَّهُ فَمَا یَسْلَمُ مِنْكِ مُؤْمِنٌ وَ لَا كَافِرٌ ثُمَّ دَعَا بِمِلْحٍ فَوَضَعَهُ عَلَی مَوْضِعِ اللَّذْعَةِ ثُمَّ عَصَرَهُ بِإِبْهَامِهِ حَتَّی ذَابَ ثُمَّ قَالَ لَوْ یَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِی الْمِلْحِ مَا احْتَاجُوا مَعَهُ إِلَی تِرْیَاقٍ (6).

43 حیاة الحیوان، قال أصحابنا ما لیس مأكولا من الدواب و الطیور إن كان فیه مضرة متمحضة استحب قتله للمحرم و غیره كالفواسق الخمس و الذئب و

ص: 273


1- 1. الدّر المنثور.
2- 2. النسخة المخطوطة خلی عن هذا الحدیث، و هو الصحیح لانه تقدم تحت رقم 10.
3- 3. فی المصدر: لسعت.
4- 4. أی ما طلبوا معه دریاقا. و فی بعض النسخ: ما احتاجوا معه دریاقا.
5- 5. فروع الكافی 6: 337.
6- 6. فروع الكافی 6: 327.

الأسد و النمر و النسر و الحدأة و البرغوث و القمل و البق و أشباهها(1) فإن كان فیه منفعة و مضرة كالفهد و الكلب المعلم و العقاب و البازی و الصقر و نحوها فلا یستحب قتلها لما فیها من منفعة الاصطیاد و لا یكره لما فیها من الضرر و هو الصیال علی حمام الناس و العقر و إن لم یكن فیه نفع و لا ضرر كالخنافس و الدیدان و الجعلان و السرطان و النعامة و الرخمة و العظاءة و الذباب و أشباهها فیكره قتلها و لا یحرم علی ما قطع به الجمهور و حكی الإمام وجها شاذا أنه یحرم قتل الطیور دون الحشرات لأنه عبث بلا حاجة(2) و قال فی الحیة اسم یطلق علی الذكر و الأنثی فإن أردت التمییز قلت هذا حیة ذكر و هذه أنثی (3)

قاله المبرد فی الكامل و إنما دخلته الهاء لأنه واحد من جنس كبطة و دجاجة علی أنه قد روی عن بعض العرب أنه قال رأیت حیا علی حیة أی ذكر علی أنثی و النسبة إلی حیة حیوی و الحیوت ذكر الحیات أنشد الأصمعی:

و تأكل الحیة و الحیوتا***و تخنق العجوز أو تموتا

و ذكر ابن خالویه لها مائتی اسم و نقل السهیلی عن المسعودی أن اللّٰه تعالی لما أهبط الحیة إلی الأرض أنزلها بسجستان فهی أكثر أرض اللّٰه حیات و لو لا العربد یأكلها و یفنی كثیرا منها لخلت من أهلها لكثرة الحیات و قال كعب الأحبار أهبط اللّٰه الحیة بأصبهان و إبلیس بجدة و حواء بعرفة و آدم بجبل سراندیب و هو بأعلی الصین فی بحر الهند عال یراه البحریون من مسافة أیام و فیه أثر قدم آدم علیه السلام مغموسة فی الحجر و تری علی هذا الجبل كل لیلة كهیئة البرق من غیر سحاب و لا بد له فی كل یوم من مطر یغسل موضع قدم آدم علیه السلام و یقال إن الیاقوت الأحمر یوجد علی هذا الجبل فتحدره السیول و الأمطار من

ص: 274


1- 1. فی المصدر: و القمل و الزنبور و البق و القراد و اشباهها.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 233.
3- 3. فی المصدر: و هذه حیة انثی.

ذروته إلی الحضیض و یوجد فیه ألماس أیضا و به یوجد العود كذا قاله القزوینی و الحیة أنواع منها الرقشاء و هی التی فیها نقط سواد و بیاض و یقال لها الرقطاء أیضا و هی من أخبث الأفاعی و تزعم الأعراب أن الأفاعی صم و كذلك النعام و من أنواعها الأزعر و هو غالب فیها و منها ما هو أزب ذو شعر و منها ذوات القرون و أرسطو ینكر ذلك قال الراجز:

و ذات قرنین طحون الضرس***تنهش لو تمكنت من نهش

تدیر عینا كشهاب القیش (1)

و منها الشجاع بالضم و الكسر و هو الحیة العظیمة التی تواثب الفارس (2)

و الراجل و تقوم علی ذنبها و ربما لقت (3) رأس الفارس و تكون بالصحاری (4) و منها العربد و هی حیة عظیمة تأكل الحیات و منها الأصلة و هو عظیم جدا و له وجه كوجه الإنسان و یقال إنه یصیر كذلك إذا مرت علیه ألوف من السنین و من خاصیة هذا أن یقتل بالنظر و منها الصل و سمی المكللة لأنها مكللة الرأس و قیل الصل الأول و هذه المكللة شدیدة الفساد تحرق كل ما مرت علیه و لا ینبت حول جحرها شی ء من الزرع أصلا و إذا جاذی مسكنها طائر سقط و لا یمر حیوان بقربها إلا هلك و تقبل بصفیرها علی غلوة سهم و من وقع علیها بصره (5) و لو من بعد مات و من نهشته مات فی الحال و ضربها فارس برمحه فمات هو و فرسه و هی كثیرة ببلاد الترك و منها ذو الطفیتین و الأبتر

فِی الصَّحِیحَیْنِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: اقْتُلُوهُمَا فَإِنَّهُمَا یَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ وَ یَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَالَی.

قال الزهری و نری ذلك من سمها

ص: 275


1- 1. فی المصدر:« نهس» و فیه: كشهاب القبس. راجع حیاة الحیوان 1: 199.
2- 2. فی المصدر: تثب علی الفارس.
3- 3. فی المصدر: و ربما بلغت.
4- 4. حیاة الحیوان 2: 34.
5- 5. فی المصدر: و من وقع علیه بصرها.

و منها الناظر متی وقع نظره علی إنسان مات الإنسان من ساعته و منها نوع آخر إذا سمع الإنسان صوته مات و قد جاء فی حدیث الخدری عن الشاب الأنصاری الذی طعن الحیة برمحه فماتت و مات الشاب من ساعته و من أسماء الحیة العین و العیم (1) و الأین و الأرقم و الأصلة و الجان و الثعبان و الشجاع و الأزب و الأزعر و الأبتر و الناشر و الأفعی و الأفعوان الذكر من الأفاعی و الأرقم و الأرقش و الصل و الأرقط و ذو الطفیتین و العربد قال ابن الأثیر و یقال للحیات أبو البختری و أبو الربیع و أبو عثمان و أبو العاصی و أبو دعور و أبو وثاب و أبو یقظان و أم طبق و أم عافیة و أم عثمان و أم الفتح و أم محبوب و بنات طبق (2) و الحیة الصماء و هی شدیدة الشر و الصمة الذكر من الحیات و به سمی والد درید بن الصمة و زعم أهل الكلام فی طبائع الحیوان أن الحیة تعیش ألف سنة و هی فی كل سنة تسلخ جلدها و تبیض ثلاثین بیضة علی عدد أضلاعها فتجمع النمل (3) فیفسد غالب بیضها و لا یصلح منه إلا القلیل و إذا لذعتها العقرب ماتت. و من أنواعها الحریش و شرها الأفاعی و مساكنها الرمال و بیض الحیات مستطیل و هو أكدر اللون و أخضر و أسود و أرقط و أبیض و فی بعضه نمش (4) و لمع و السبب فی اختلاف ذلك لا یعرف و داخله شی ء كالصدید و هو فی جوفها متصل (5)

طولا علی خط واحد و لیس للحیات سفاد یعرف و إنما هو التواء بعضها علی بعض و لسانها مشقوق فیظن بعض الناس أن لها لسانین و توصف بالنهم و الشرة لأنها

ص: 276


1- 1. زاد فی المصدر: و الصم.
2- 2. قد اسقطت من المصدر عدة من الأسماء.
3- 3. فی المصدر: فیجتمع علیه النمل.
4- 4. فی المصدر: النمش: نقط بیض و سود او بقع تقع فی الجلد تخالف لونه.
5- 5. فی المصدر: منضذ.

تبتلع الفراخ من غیر مضغ كما یفعل الأسد و من شأنها أنها إذا ابتلعت شیئا له عظم أتت شجرة أو نحوها فتلتوی علیه التواء شدیدا حتی یتكسر ذلك فی بطنها و من عادتها أنها إذا نهشت انقلبت فیتوهم بعض الناس أنها فعلت (1) لتفرغ سمها و لیس كذلك و من شأنها إذا لم تجد طعاما عاشت بالنسیم و تقتات به الزمن الطویل و تبلغ الجهد من الجوع و لا تأكل إلا لحم الشی ء الحی و هی إذا كبرت صغر جرمها و أقنعت بالنسیم و لا تشتهی الطعام و من غرائب أمرها أنها لا ترید الماء و لا ترده إلا أنها لا تضبط نفسها عن الشراب إذا شمته لما فی طبعها من الشوق إلیه فهی إذا وجدته شربت منه حتی تسكر و ربما كان السكر سبب هلاكها و الذكر لا یقیم بموضع واحد و إنما تقیم الأنثی علی بیضها حتی یخرج فراخها و تقوی علی الكسب ثم هی سائرة(2)

و عینها لا تدور فی رأسها كأنها مسمار مضروب فی رأسها و كذلك عین الجراد و إذا قلعت عادت و كذلك نابها إذا قلع عاد بعد ثلاثة أیام و كذلك ذنبها إذا قطع نبت و من عجیب أمرها أنها تهرب من الرجل العریان و تفرح بالنار و تطلبها و تتعجب من أمرها و تحب اللبن حبا شدیدا و إذا ضربت بسوط مسه عرق الخیل ماتت و تذبح فتبقی أیاما لا تموت و إذا عمیت أو خرجت من

الأرض (3) و هی لا تبصر طلبت الرازیانج الأخضر فتحك به بصرها فتبصر فسبحان من قَدَّرَ فَهَدی قدر علیها العمی و هداها إلی ما یزیله عنها و لیس فی الأرض (4)

مثل الحیة إلا و جسم الحیة أقوی منه و كذلك إذا أدخلت صدرها فی جحر أو صدع لم یستطع أقوی الناس إخراجها منه و ربما تقطعت و لا تخرج و لیس لها قوائم و لا أظفار تنشب بها(5) و إنما قوی ظهرها هذه

ص: 277


1- 1. فی المصدر: انما فعلت ذلك.
2- 2. فی المصدر: ثم هی سائرة فان وجدت جحرا انسابت فیه.
3- 3. فی المصدر: من تحت الأرض لا تبصر.
4- 4. فی المصدر: و لیس شی ء فی الأرض.
5- 5. فی المصدر: تتثبت بها.

القوة بسبب كثرة أضلاعها فإن له ثلاثین ضلعا و إذا مشت مشت علی بطنها فتدافع أجزاؤها و تسعی بذلك الدفع الشدید و الحیات من أصل الطبع مائیة و تعیش فی البحر بعد أن كانت بریة و فی البر بعد أن كانت بحریة قال الجاحظ الحیات ثلاثة أنواع منها ما لا ینفع للسعته تریاق و لا غیره كالثعبان و الأفعی و الحیة الهندیة و نوع منها ینفع فی لسعته الدریاق و ما كان سواهما مما یقتل فإنما یقتل بواسطة الفزع كما حكی أن شخصا نام تحت شجرة فتدلت علیه حیة فعضت رأسه فانتبه مخمر الوجه فحك رأسه و تلفت فلم یر أحدا فلم یرتب (1) بشی ء و وضع رأسه و نام فلما كان بعد ذلك بمدة قال له بعض من رآه هل علمت مم كان انتباهك تحت الشجرة قال لا و اللّٰه ما علمت قال إنما كان من حیة تدلت علیك فعضت رأسك فلما قمت فزعا تقلصت ففزع فزعة فاتت فیها نفسه (2) قال فهم یزعمون أن الفزع هو الذی هیج السم و فتح مسام البدن حتی مشی السم فیه انتهی و ذكر القرطبی فی سورة غافر عن ثور بن یزید عن خالد بن معدان عن كعب الأحبار أنه قال لما خلق اللّٰه تعالی العرش قال لم یخلق اللّٰه خلقا أعظم منی و اهتز تعاظما فطوقه بحیة لها سبعون ألف جناح فی كل جناح سبعون ألف لسان (3) یخرج من أفواهها كل یوم من التسبیح عدد قطر المطر و عدد ورق الشجر و عدد الحصی و الثری و عدد أیام الدنیا و عدد الملائكة أجمعین فالتوت الحیة علی العرش فالعرش إلی نصف الحیة و هی ملتویة علیه فتواضع عند ذلك انتهی و ذكر أبو الفرج بن الجوزی عن بشر بن الفضل قال خرجنا حجاجا فمررنا

ص: 278


1- 1. هكذا فی الكتاب و فی المصدر:« فلم یرتب» و هو الصحیح من ارتاب یرتاب بفلان: اتهمه و رأی منه ما یریبه.
2- 2. فی المصدر: فاضت فیها نفسه.
3- 3. فیه تفصیل اختصره المصنّف لغرابته.

بماء من میاه العرب فوصف لنا فیه ثلاث جوار أخوات بارعات فی الجمال و أنهن یتطببن و یعالجن فأحببنا أن نراهن فعمدنا إلی صاحب لنا فحكینا(1) ساقه بعود حتی أدمیناه ثم حملناه و أتینا به إلیهن و قلنا هذا سلیم فهل من راق فخرجت إلینا الأخت الصغری فإذا جاریة كالشمس الطالعة فجاءت حتی وقفت علیه و نظرته فقالت لیس بسلیم قلنا و كیف ذلك قالت إنه خدشه عود بال علیه حیة ذكر و الدلیل علی ذلك أنه إذا طلعت الشمس مات قال فلما طلعت الشمس مات فعجبنا من ذلك و انصرفنا و قال

أیضا إن عیسی علیه السلام مر بحواء(2) یطارد حیة فقالت الحیة یا روح اللّٰه قل له لئن لم یلتفت عنی لأضربنه ضربة أقطعه قطعا فمر عیسی ثم عاد فإذا الحیة فی سلة الحاوی (3) فقال لها عیسی أ لست القائلة كذا و كذا فكیف صرت معه فقالت یا روح اللّٰه إنه قد حلف لی و الآن غدرنی (4)

فسم غدره أضر علیه من سمی و فی عجائب المخلوقات للقزوینی أن الریحان الفارسی لم یكن قبل كسری أنوشیروان و إنما وجد فی زمانه و سببه أنه كان ذات یوم جالسا للمظالم إذ أقبلت حیة عظیمة تنساب تحت سریره فهموا بقتلها فقال كسری كفوا عنها فإنی أظنها مظلومة فمرت تنساب فأتبعها كسری بعض أساورته فلم یزل سائرة حتی نزلت علی فوهة(5) بئر فنزلت فیها ثم أقبلت تتطلع فنظر الرجل فإذا فی قعر البئر حیة مقتولة و علی متنها عقرب أسود فأدلی رمحه إلی العقرب و نخسها به و أتی الملك فأخبره بحال الحیة فلما كان فی العام القابل أتت تلك الحیة فی الیوم الذی كان كسری جالسا فیه للمظالم و جعلت تنساب حتی وقفت بین یدیه فأخرجت من (6) فیها بزرا أسود فأمر

ص: 279


1- 1. فی المصدر: فحككنا.
2- 2. الحواء:« جامع الحیات» و فی المصدر: مربحا و.
3- 3. الحاوی: الذی یرقی الحیة.
4- 4. فی المصدر: غدربی.
5- 5. فوهة البئر و الوادی و الطریق: فمها.
6- 6. فی المصدر: فنفضت من فیها.

الملك أن یزرع فنبت منه الریحان و كان الملك كثیر الزكام و أوجاع الدماغ فاستعمل (1) منه فنفعه جدا(2)

و ذكر المسعودی عن الزبیر بن ركاز(3) أن أخوین فی الجاهلیة خرجا مسافرین فنزلا فی ظل شجرة بجنب صفاة فلما دنا الرواح خرجت لهما من تحت الصفاة حیة تحمل دینارا فألقته إلیهما فقالا إن هذا لمن كنز هنا فأقاما ثلاثة أیام و هی فی كل یوم تخرج إلیهما دینارا فقال أحدهما للآخر إلی متی ننتظر هذه الحیة ألا نقتلها و نحفر هذا الكنز فنأخذه فنهاه أخوه و قال ما تدری لعلك تعطب و لا تدرك المال فأبی علیه ثم أخذ فأسا و رصد الحیة حتی خرجت فضربها ضربة جرح رأسها و لم یقتلها و بادرت إلیه الحیة فقتلته و رجعت إلی جحرها فدفنه أخوه و أقام حتی إذا كان الغد خرجت الحیة معصوبا رأسها و لیس معها شی ء فقال یا هذه و اللّٰه ما رضیت ما أصابك و لقد نهیت أخی عن ذلك فلم یقبل فإن رأیتی أن تجعلی اللّٰه (4)

بیننا علی أن لا تضرنی و لا أضرك و ترجعین إلی ما كنت علیه أولا فقالت الحیة لا قال لأی شی ء قالت لأنی أعلم أن نفسك لا تطیب لی أبدا و أنت تری قبر أخیك و نفسی لا تطیب لك أبدا و أنا أذكر هذه الشجة(5)

وَ فِی مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَتَلَ حَیَّةً فَكَأَنَّمَا قَتَلَ رَجُلًا مُشْرِكاً بِاللَّهِ وَ مَنْ تَرَكَ حَیَّةً مَخَافَةَ عَاقِبَتِهَا فَلَیْسَ مِنَّا.

و قال ابن عباس إن الحیات مسخن كما مسخت القردة من بنی إسرائیل و كذا رواه الطبرانی عنه عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كذا ابن حبان

ص: 280


1- 1. من القصص المختلقة لعدل كسری و كم له من نظیر.
2- 2. حیاة الحیوان: 199- 201.
3- 3. هكذا فی الكتاب و هو مصحف و الصحیح كما فی المصدر الزبیر بن بكار.
4- 4. فی المصدر: فهل لك أن نجعل اللّٰه.
5- 5. هذه من غرائب ابن بكار و كم له من نظیر.

و أما الحیات التی فی البیوت فلا تقتل حتی تنذر ثلاثة أیام

لِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ بِالْمَدِینَةِ جِنّاً قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَیْتُمْ مِنْهَا شَیْئاً فَآذِنُوهُ (1) ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ.

و حمل بعض العلماء ذلك علی المدینة وحده و الصحیح أنه عام فی كل بلد لا تقتل حتی تنذر

رَوَی مُسْلِمٌ وَ مَالِكٌ فِی آخِرِ الْمُوَطَّإِ وَ غَیْرُهُمَا عَنْ أَبِی السَّائِبِ مَوْلَی هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ فِی بَیْتِهِ فَوَجَدْتُهُ یُصَلِّی فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُ فَرَاغَهُ فَسَمِعْتُ حَرَكَةً تَحْتَ السَّرِیرِ فِی نَاحِیَةِ الْبَیْتِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَیَّةٌ فَوَثَبْتُ لِأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إِلَیَّ أَنِ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ أَشَارَ إِلَی بَیْتٍ فِی الدَّارِ فَقَالَ أَ تَرَی هَذَا الْبَیْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَ فِیهِ فَتًی مِنَّا حَدِیثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْخَنْدَقِ وَ كَانَ ذَلِكَ الْفَتَی یَسْتَأْذِنُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ وَ یَرْجِعُ إِلَی أَهْلِهِ فَاسْتَأْذَنَهُ یَوْماً فَقَالَ لَهُ صلی اللّٰه علیه و آله خُذْ عَلَیْكَ سِلَاحَكَ فَإِنِّی أَخْشَی عَلَیْكَ بَنِی قُرَیْظَةَ فَأَخَذَ الْفَتَی سِلَاحَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی أَهْلِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ بَیْنَ الْبَابَیْنِ قَائِمَةً فَأَهْوَی إِلَیْهَا بِالرُّمْحِ لِیَطْعَنَهَا بِهِ وَ قَدْ أَصَابَتْهُ غَیْرُهُ فَقَالَتِ اكْفُفْ عَلَیْكَ رُمْحَكَ وَ ادْخُلِ الْبَیْتَ حَتَّی تَنْظُرَ مَا الَّذِی أَخْرَجَنِی فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِحَیَّةٍ عَظِیمَةٍ مُطَوِّقَةٍ عَلَی الْفِرَاشِ فَأَهْوَی إِلَیْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَوَكَزَهُ (2) فِی الدَّارِ فَاضْطَرَبَتْ عَلَیْهِ وَ خَرَّ الْفَتَی مَیِّتاً فَمَا یُدْرَی أَیُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتاً الْحَیَّةُ أَمِ الْفَتَی قَالَ فَجِئْنَا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْنَاهُ بِذَلِكَ وَ قُلْنَا ادعوا [ادْعُ](3) اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یُحْیِیَهُ فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا(4) لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ بِالْمَدِینَةِ جِنّاً قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَیْتُمْ مِنْهَا شَیْئاً فَآذِنُوهُ (5) ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ

ص: 281


1- 1. فی المخطوطة: فانذروه.
2- 2. المصدر: فركزه.
3- 3. فی المصدر: ادع اللّٰه.
4- 4. فی المصدر: استغفروا ربكم.
5- 5. فی المخطوطة: فانذروه خ.

فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَیْطَانٌ.

و اختلف العلماء فی تفسیر الإنذار هل هو ثلاثة أیام أو ثلاث مرات و الأول علیه الجمهور و كیفیته أن یقول أنشدكن بالعهد الذی أخذه علیكن نوح و سلیمان علیهما السلام أن لا تبدوا لنا و لا تعادونا(1)

وَ فِی أُسْدِ الْغَابَةِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا ظَهَرَتِ الْحَیَّةُ فِی الْمَسْكَنِ فَقُولُوا لَهَا إِنَّا نَسْأَلُكَ بِعَهْدِ نُوحٍ وَ بِعَهْدِ سُلَیْمَانَ علیهما السلام لَا تُؤْذِینَا فَإِنْ عَادَتْ فَاقْتُلُوهَا.

وَ رُوِیَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَیْنِ قَالَ: أَخَذَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِعِمَامَتِی مِنْ وَرَائِی وَ قَالَ یَا عِمْرَانُ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْإِنْفَاقَ وَ یُبْغِضُ الْإِقْتَارَ فَأَنْفِقْ وَ أَطْعِمْ وَ لَا تُصَرْصِرْ(2)

فَیَعْسُرَ عَلَیْكَ الطَّلَبُ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ هَجْمِ الشُّبُهَاتِ وَ الْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ نُزُولِ الشَّهَوَاتِ (3) وَ یُحِبُّ السَّمَاحَةَ وَ لَوْ عَلَی تَمَرَاتٍ وَ یُحِبُّ الشَّجَاعَةَ وَ لَوْ عَلَی قَتْلِ حَیَّةٍ.

و عند الحنفیة ینبغی أن لا تقتل الحیة البیضاء لأنها من الجان و قال الطحاوی لا بأس بقتل الجمیع و الأولی هو الإنذار(4)

وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ فِی الصَّحِیحَیْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَیَوَانِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: لَعَنَ اللَّهُ مَنِ اتَّخَذَ شَیْئاً فِیهِ الرُّوحُ غَرَضاً(5).

ص: 282


1- 1. فی المخطوطة:« و لا تعودونا» و فی المصدر: و لا تؤذونا.
2- 2. هكذا فی الكتاب، یقال: صرصر الرجل أی صاح، و صرصر الشی ء: جمعه و ضم اطراف ما انتشر منه. و فی المصدر: و لا تعسر فیعسر علیك الطلب.
3- 3. فی المصدر: عند نزول البلایا.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 203- 205.
5- 5. زاد فی المصدر: و فی روایة نهی رسول اللّٰه« ص» أن تصبر البهائم. قال العلماء: تصبیر البهائم هو أن تحتبس و هی احیاء لتقتل بالرمی و نحوه، و هو معنی قوله: لا تتخذوا شیئا فیه الروح غرضا ای یرمی.

أی یرمی كالغرض من الجلود و غیرها و هذا النهی للتحریم لأن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لعن فاعله و لأنه تعذیب للحیوان و إتلاف لنفسه و تضییع لمالیته و تفویت لذكاته إن كان یذكی و لمنفعته إن لم یكن یذكی (1).

«44»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: سَأَلَ شَامِیٌّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَمْ حَجَّ آدَمُ مِنْ حِجَّةٍ فَقَالَ لَهُ سَبْعِینَ حِجَّةً مَاشِیاً عَلَی قَدَمَیْهِ وَ أَوَّلُ حِجَّةٍ حَجَّهَا كَانَ مَعَهُ الصُّرَدُ یَدُلُّهُ عَلَی مَوَاضِعِ الْمَاءِ وَ خَرَجَ مَعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ قَدْ نُهِیَ عَنْ أَكْلِ الصُّرَدِ وَ الْخُطَّافِ وَ سَأَلَهُ مَا بَالُهُ لَا یَمْشِی

قَالَ لِأَنَّهُ نَاحَ عَلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَطَافَ حَوْلَهُ أَرْبَعِینَ عَاماً یَبْكِی عَلَیْهِ وَ لَمْ یَزَلْ یَبْكِی مَعَ آدَمَ علیه السلام فَمِنْ هُنَاكَ سَكَنَ الْبُیُوتَ وَ مَعَهُ تِسْعُ آیَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِمَّا كَانَ آدَمُ یَقْرَؤُهَا فِی الْجَنَّةِ وَ هِیَ مَعَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثَلَاثُ آیَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْكَهْفِ وَ ثَلَاثُ آیَاتٍ مِنْ سُبْحَانَ وَ هِیَ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ وَ ثَلَاثُ آیَاتٍ مِنْ یس وَ جَعَلْنا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا(2).

«45»- الْعُیُونُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: فِی جَنَاحِ كُلِّ هُدْهُدٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَكْتُوبٌ بِالسُّرْیَانِیَّةِ آلُ مُحَمَّدٍ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ(3).

«46»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَیْفٍ التَّمِیمِیِ (4) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اسْتَوْصُوا بِالصَّائِیَاتِ خَیْراً یَعْنِی الْخُطَّافَ فَإِنَّهُ آنَسُ طَیْرِ النَّاسِ بِالنَّاسِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 283


1- 1. حیاة الحیوان 1: 207.
2- 2. عیون الأخبار ج 1 ص 243، علل الشرائع 2: 281 و 282( ط قم).
3- 3. عیون الأخبار ج 1 ص 261.
4- 4. فی الكافی: محمّد بن یوسف التمیمی.

صلی اللّٰه علیه و آله أَ تَدْرُونَ مَا تَقُولُ الصَّائِیَةُ إِذَا تَرَنَّمَتْ تَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ حَتَّی تَقْرَأَ أُمَّ الْكِتَابِ فَإِذَا كَانَ فِی آخِرِ تَرَنُّمِهَا قَالَتْ وَ لَا الضَّالِّینَ (1).

الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَمِیعاً عَنِ الْجَامُورَانِیِّ: مِثْلَهُ وَ فِیهِ اسْتَوْصُوا بِالصَّئِینَاتِ وَ مَا تَقُولُ الصَّئِینَةُ إِذَا مَرَّتْ وَ تَرَنَّمَتْ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ مَدَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا الضَّالِّینَ (2).

بیان: قال الدمیری السنونو بضم السین و النونین الواحدة سنونوة و هو نوع من الخطاطیف و لذلك سمی حجر الیرقان حجر السنونو و لكن تصحف علی عجائب المخلوقات فقال حجر الصنونو بالصاد و الصواب أنه بالسین المهملة نسبة إلی هذا النوع من الخطاطیف (3).

الْمُخْتَلَفُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ عَمَّارِ بْنِ مُوسَی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: خُرْءُ الْخُطَّافِ لَا بَأْسَ بِهِ هُوَ مِمَّا یُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَ لَكِنْ كُرِهَ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ اسْتَجَارَ بِكَ وَ آوَی فِی مَنْزِلِكَ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ یَسْتَجِیرُ بِكَ فَأَجِرْهُ (4).

التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارٍ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ لَفْظَةَ خُرْءٍ(5).

«48»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: عَنِ الرَّجُلِ یُصِیبُ خُطَّافاً فِی الصَّحْرَاءِ أَوْ یَصِیدُهُ أَ یَأْكُلُهُ قَالَ هُوَ مِمَّا یُؤْكَلُ وَ عَنِ الْوَبْرِ یُؤْكَلُ قَالَ

ص: 284


1- 1. بصائر الدرجات 346.
2- 2. فروع الكافی 6: 223 و 224 فیه؛ مد بها رسول اللّٰه صوته: و لا الضالین.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 26.
4- 4. مختلف الاحكام ص 172.
5- 5. تهذیب الأحكام.

لَا هُوَ حَرَامٌ (1).

بیان: حمل الشیخ قوله هو مما یؤكل علی التعجب و الإنكار و هو بعید و الأولی حمل أخبار النهی علی الكراهة كما فعله الأكثر.

«49»- التَّهْذِیبُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الشِّقِرَّاقِ فَقَالَ كُرِهَ قَتْلُهُ لِحَالِ الْحَیَّاتِ قَالَ وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً یَمْشِی فَإِذَا شِقِرَّاقٌ قَدِ انْقَضَ (2) فَاسْتَخْرَجَ مِنْ خُفِّهِ حَیَّةً(3).

بیان: قوله علیه السلام لحال الحیات أی لأنه یأكلها و فی وجوده منفعة عظیمة فلذا كره قتله أو لأنه أخرج الحیة من خفه صلی اللّٰه علیه و آله فصار بذلك محترما أو لأنه یأكل الحیة ففیه سمیته فالمراد بقتله قتله للأكل و الأول أظهر.

«50»- الْخَرَائِجُ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْخُطَّافِ فَقَالَ لَا تُؤْذُوهُ فَإِنَّهُ لَا یُؤْذِی شَیْئاً وَ هُوَ طَیْرٌ یُحِبُّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (4).

«51»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ نَشِیطِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: لَا أَرَی بِأَكْلِ الْحُبَارَی بَأْساً وَ إِنَّهُ جَیِّدٌ لِلْبَوَاسِیرِ وَ وَجَعِ الظَّهْرِ وَ هُوَ مِمَّا یُعِینُ عَلَی كَثْرَةِ الْجِمَاعِ (5).

52 حیاة الحیوان، الهدهد بضم الهاءین و إسكان الدال المهملة و بفتح الهاءین و إسكان الدال المهملة بینهما طائر معروف ذو خطوط و ألوان كثیرة و الجمع الهداهد بالفتح هو طیر منتن الریح طبعا لأنه یبنی أفحوصته (6) فی الزبل و هذا عام فی جمیع جنسه

ص: 285


1- 1. تهذیب الأحكام ج 9 ص 21.
2- 2. انقض الطائر: هوی لیقع.
3- 3. تهذیب الأحكام ج 9 ص 21.
4- 4. الخرائج.
5- 5. فروع الكافی 6: 313.
6- 6. الافحوصة: الموضع الذی تفحص القطاة التراب عنه لتبیض فیه.

و یذكر عنه أنه یری الماء فی باطن الأرض كما یراه الإنسان فی باطن الزجاج و زعموا أنه كان دلیل سلیمان علیه السلام علی الماء و بهذا تفقده لما فقده و كان سبب غیبة الهدهد عن سلیمان علیه السلام أنه لما فرغ من بناء بیت المقدس عزم علی الخروج إلی أرض الحرم فتجهز و استصحب من الجن و الإنس و الشیاطین و الطیر و الوحش ما بلغ عسكره مائة فرسخ فحملتهم الریح فلما وافی الحرم أقام به ما شاء اللّٰه أن یقیم و كان ینحر كل یوم طول مقامه (1) خمسة آلاف ناقة و یذبح خمسة آلاف ثور و عشرین ألف شاة و إنه قال لمن حضره من أشراف قومه إن هذا مكان یخرج منه نبی عربی من صفته كذا و كذا یعطی النصر علی من ناواه و تبلغ هیبته مسیرة الشهر القریب و البعید عنده فی الحق سواء لا تأخذه فی اللّٰه لومة لائم قالوا فبأی دین یدین یا نبی اللّٰه قال بدین الحنیفیة فطوبی لمن أدركه و آمن به قالوا فكم بیننا و بین خروجه قال مقدار ألف عام (2) فلیبلغ الشاهد منكم الغائب فإنه سید الأنبیاء و خاتم الرسل و أقام سلیمان علیه السلام بمكة حتی قضی نسكه ثم خرج من مكة صباحا و سار نحو الیمن فوافی صنعاء وقت الزوال و ذلك مسیرة شهر فرأی أرضا حسنا تزهو خضرتها فأحب النزول فیها لیصلی و یتغذی فلما نزل قال الهدهد إن سلیمان قد اشتغل بالنزول فارتفع نحو السماء فنظر إلی طول الدنیا و عرضها یمینا و شمالا فرأی بستانا لبلقیس فمال إلی الخضرة فوقع فیه فإذا هو بهدهد من هداهد الیمن فهبط علیه و كان اسم هدهد سلیمان یعفور فقال (3) لیعفور من أین أقبلت و أین ترید قال أقبلت من الشام مع صاحبی سلیمان بن داود علیه السلام فقال و من سلیمان قال ملك الجن و الإنس و الشیاطین و الطیور و الوحوش و الریاح و ذكر له من عظمة ملك سلیمان

ص: 286


1- 1. المصدر: طول مقامه بمكّة.
2- 2. بین مولده صلّی اللّٰه علیه و آله و نبوة سلیمان( ع) اكثر من الف و خمسمائة عام، و لعلّ الوهم من الراوی.
3- 3. فی المصدر: فقال هدهد الیمن لیعفور.

و ما سخر له من كل شی ء فمن أین أنت قال الهدهد الآخر أنا من هذه البلاد و وصف له ملك بلقیس و أن تحت یدها اثنی عشر ألف قائد تحت كل قائد مائة ألف مقاتل (1) ثم قال فهل أنت منطلق معی حتی تنظر إلی ملكها فقال أخاف أن یتفقدنی سلیمان فی وقت الصلاة إذا احتاج إلی الماء فقال الهدهد الیمانی إن صاحبك یسره أن تأتیه بخبر هذه الملكة فمضی معه و نظر إلی ملك بلقیس و ما رجع إلی سلیمان إلا بعد العصر فكان سلیمان علیه السلام قد نزل علی غیر ماء(2) فسأل الإنس و الجن و الشیاطین عن الماء

فلم یعلموا له خبرا فتفقد الطیر و تفقد الهدهد(3)

فدعا عریف الطیر و هو النسر و سأله عن الهدهد فلم یجد علمه عنده فغضب سلیمان علیه السلام عند ذلك و قال لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً الآیة ثم دعا بالعقاب و هو سید الطیر و قال علی بالهدهد الساعة فارتفع فی الهواء و نظر إلی الدنیا كالقصعة فی ید الرجل ثم التفت یمینا و شمالا فإذا هو بالهدهد مقبلا من نحو الیمن فانقض یریده فناشده اللّٰه تعالی و قال أسألك بحق الذی قواك و أقدرك علی إلا ما رحمتنی و لم تتعرض لی بسوء فتركه ثم قال له ویلك ثكلتك أمك إن نبی اللّٰه قد حلف لیعذبك أو لیذبحنك فقال الهدهد أ و ما استثنی نبی اللّٰه قال بلی أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ فقال الهدهد فنجوت إذا ثم طار الهدهد و العقاب حتی أتیا سلیمان علیه السلام فلما قرب منه الهدهد أرخی ذنبه و جناحه یجرهما علی الأرض تواضعا له فأخذ سلیمان علیه السلام برأسه فمده إلیه فقال یا نبی اللّٰه اذكر وقوفك بین یدی اللّٰه عز و جل فارتعد سلیمان و عفا عنه ثم سأله عن سبب غیبته فأخبره بأمر بلقیس

ص: 287


1- 1. فیه غرابة شدیدة.
2- 2. ظاهر قوله:( رأی ارضا حسناء تزهو خضرتها) أن الأرض كانت ذات ماء، و ظاهره أیضا انه نزل علی تلك الأرض المخضرة.
3- 3. فی المصدر: ففقد الهدهد.

و قد تقدمت الإشارة إلی طرف من قصتها.

و أما قوله لَأُعَذِّبَنَّهُ أراد تعذیبه بما یحتمله حاله لیعتبر به أبناء جنسه و قیل كان عذاب سلیمان علیه السلام للطیر أن ینتف ریشه و ذنبه و یلقیه ممعطا(1)

لا یمتنع من النمل و لا من هوام الأرض و هو أظهر الأقاویل و قیل أن یطلی بالقطران و یشمس و قیل أن یلقی للنمل تأكله و قیل إیداعه القفص و قیل التفریق بینه و بین إلفه و قیل إلزامه صحبة الأضداد و عن بعضهم أنه قال أضیق السجون صحبة الأضداد و قیل حبسه مع غیر جنسه و قیل إلزامه خدمة أقرانه و قیل تزویجه عجوزا.

فإن قلت من أین حل تعذیب الهدهد قلت یجوز أن یبیح اللّٰه له ذلك كما أباح ذبح البهائم و الطیور للأكل و غیره من المنافع.

حكی القزوینی أن الهدهد قال لسلیمان علیه السلام أرید أن تكون فی ضیافتی قال أنا وحدی قال لا بل أنت و أهل عسكرك فی جزیرة كذا فی یوم كذا فحضر سلیمان بجنوده فطار الهدهد فاصطاد جرادة و خنقها و رمی بها فی البحر و قال كلوا یا نبی اللّٰه من فاته اللحم ناله المرق فضحك سلیمان و جنوده من ذلك حولا كاملا.

و قال عكرمة إنما صرف سلیمان علیه السلام عن ذبح الهدهد لأنه كان بارا بوالدیه ینقل الطعام إلیهما فیزقهما فی حالة كبرهما.

قال الجاحظ هو وفاء حفوظ ودود و ذلك أنه إذا غابت أنثاه لم یأكل و لم یشرب و لم یشتغل بطلب طعم و لا غیره و لا یقطع الصیاح حتی تعود إلیه فإن حدث حادث أعدمه إیاها لم یسفد بعدها أنثی أبدا و لم یزل صائحا علیها ما عاش و لم یشبع أبدا من طعم بل یناله منه ما یمسك رمقه إلی أن یشرف علی الموت فعند ذلك ینال منه یسیرا.

و فی الكامل و شعب الإیمان للبیهقی أن نافعا سأل ابن عباس فقال سلیمان علیه السلام مع ما خوله اللّٰه تعالی من الملك كیف عنی بالهدهد مع صغره فقال ابن عباس إنه احتاج إلی الماء و الهدهد كانت الأرض له كالزجاج فقال ابن الأزرق

ص: 288


1- 1. معط الریش: نتفه.

لابن عباس قف یا وقاف كیف ینظر الماء من تحت الأرض و لا یری الفخ إذا غطی له بقدر إصبع من تراب فقال ابن عباس إذا نزل القضاء عمی البصر.

ثم قال و الأصح تحریم أكله لنهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن قتله (1) و لأنه منتن الریح و یقتات الدود و قیل یحل أكله (2).

و قال الحباری بضم الحاء المهملة طائر معروف و هو اسم جنس یقع علی الذكر و الأنثی واحده و جمعه سواء و إن شئت قلت فی الجمع حبارات و هو من أشد الطیر طیرانا و أبعدها صوتا(3) و هو طائر طویل العنق رمادی اللون فی منقاره بعض طول و یضرب بها المثل فی الحمق (4).

و قال الصرد كرطب قال الشیخ أبو عمرو بن الصلاح هو مهمل الحروف علی وزن جعل كنیته أبو كثیر و هو طائر فوق العصفور یصید العصافیر و الجمع صردان قاله النضر بن شمیل و هو أبقع ضخم الرأس یكون فی الشجر نصفه أبیض و نصفه أسود ضخم المنقار له برثن عظیم یعنی أصابعه عظیمة لا یری إلا فی سعفة أو فی شجرة لا یقدر علیه أحد و هو شرس النفس شدیدة النقرة غذاؤه من اللحم و له صفیر مختلف یصفر لكل طائر یرید صیده بلغته فیدعوه إلی التقرب منه فإذا اجتمعوا إلیه شد علی بعضهم و له منقار شدید فإذا نقر واحدا قده من ساعته و أكله و لا یزال كذلك هذا دأبه و مأواه الأشجار و رءوس القلاع. و نقل أبو الفرج بن الجوزی فی المدهش فی قوله تعالی وَ إِذْ قالَ مُوسی لِفَتاهُ الآیة عن ابن عباس و الضحاك و مقاتل قالوا إن موسی علیه السلام لما أحكم التوراة و علم ما فیها قال فی نفسه لم یبق فی الأرض أحد أعلم منی من غیر أن یتكلم مع أحد فرأی فی منامه كان اللّٰه أرسل الماء بالماء حتی غرق ما بین المشرق و المغرب فرأی

ص: 289


1- 1. فی المصدر: عن اكله.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 272- 274.
3- 3. فی المصدر: و أبعدها شوطا.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 163.

فتاه (1)

علی البحر فیها صردة فكانت الصردة تجی ء للماء الذی غرق الأرض فتنقل الماء بمنقارها ثم تدفعه فی البحر فلما استیقظ الكلیم هاله ذلك فجاءه جبرائیل فقال ما لی أراك یا موسی كئیبا فأخبره بالرؤیا فقال إنك زعمت أنك استغرقت العلم كله فلم یبق فی الأرض من هو أعلم منك و إن لله عبدا علمك فی علمه كالماء الذی حملته الصردة بمنقارها فدفعته فی البحر فقال یا جبرائیل من هذا العبد فقال الخضر بن عامیل من ولد الطیب یعنی إبراهیم الخلیل علیه السلام قال من أین أطلبه قال اطلبه من وراء هذا

البحر فقال من یدلنی علیه قال بعض زادك قالوا فمن حرصه علی رؤیاه لم یستخلف فی قومه (2) و مضی لوجهه و قال لفتاه یوشع هل أنت موازری قال نعم قال اذهب فاحتمل لنا زادا فانطلق یوشع فاحتمل أرغفة و سمكة عتیقة مالحة ثم سارا فی البحر حتی خاضا وحلا و طینا و لقیا تعبا و نصبا حتی انتهیا إلی صخرة ناتئة فی البحر خلف بحر أرمنیة [إرمینیة] یقال لتلك الصخرة قلعة الحرس.

فأتیاها فانطلق موسی لیتوضأ فاقتحم مكانا فوجد عینا من عیون الجنة فی البحر فتوضأ منها و انصرف و لحیته تقطر ماء و كان علیه السلام حسن اللحیة و لم یكن أحد أحسن لحیة منه فنفض موسی لحیته فوقعت منها قطرة علی تلك السمكة المالحة و ماء الجنة لا یصیب شیئا میتا إلا عاش فعاشت السمكة و وثبت فی البحر فسارت فصار مجراها فی البحر سربا و نسی یوشع ذكر السمكة فَلَمَّا جاوَزا قالَ موسی لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا الآیة فذكر له أمر السمكة فقال له ذلك الذی نریده فرجعا یقصان أثرهما فأوحی اللّٰه إلی الماء فجمد و صار سربا علی قامة موسی و فتاه فجری الحوت أمامهما حتی خرج إلی البر فصار مسیره لهما جادة فسلكاها فناداهما مناد من السماء إن دعا الجادة فإنه طریق الشیاطین إلی عرش إبلیس و خذا ذات الیمین.

فأخذا ذات الیمین حتی انتهیا إلی صخرة عظیمة و عندها مصلی فقال موسی

ص: 290


1- 1. هكذا فی الكتاب و فی المصدر:« قتاة» و لعله مصحف: قنات ای نبات.
2- 2. فی المصدر: علی لقیاه لم یستخلف علی قومه.

ما أحسن هذا المكان ینبغی أن یكون لذلك العبد الصالح فلم یلبثا أن جاء الخضر حتی انتهی إلی ذلك المكان و البقعة فلما قام علیها اهتزت خضرا قالوا و إنما سمی الخضر لأنه لا یقوم علی بقعة بیضاء إلا صارت خضراء فقال موسی علیه السلام السلام علیك یا خضر فقال و علیك السلام یا موسی یا نبی بنی إسرائیل فقال و من أدراك من أنا قال أدرانی الذی دلك علی مكانی فكان من أمرهما ما كان و ما قصه القرآن العظیم انتهی.

و قال القرطبی و یقال له الصرد الصوام روینا فی معجم عبد الغنی بن قانع عن أبی غلیظة أمیة بن خلف الجمحی قال رآنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علی یده صرد(1) فقال هذا أول طیر صام عاشوراء و كذلك أخرجه الحافظ أبو موسی و الحدیث مثل اسمه غلیظ قال الحاكم و هو من الأحادیث التی وضعها قتلة الحسین علیه السلام رواه أبو عبد اللّٰه بن معاویة بن موسی بن أبی غلیظ نشیط بن مسعود بن أمیة بن خلف الجمحی عن أبیه عن أبی غلیظ قال رآنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و علی یده صردة(2) قال هذا أول طیر صام عاشوراء.

و هو حدیث باطل و رواته مجهولون.

و قیل لما خرج إبراهیم علیه السلام من الشام لبناء البیت كانت السكینة معه و الصرد و كان الصرد دلیله علی الموضع و السكینة بمقداره فلما صار إلی موضع البیت وقفت السكینة فی موضع البیت و نادت ابن یا إبراهیم علی مقدار ظلی.

وَ رَوَی أَحْمَدُ وَ أَبُو دَاوُدَ وَ ابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْ قَتْلِ النَّحْلَةِ وَ النَّمْلَةِ وَ الْهُدْهُدِ وَ الصُّرَدِ.

و العرب تتشأم بصوته و شخصه قال القاضی أبو بكر إنما نهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن قتله لأن العرب كانت تتشأم به فنهی عن قتله لیخلع عن قلوبهم ما ثبت فیها من اعتقادهم الشوم فیه لا أنه حرام (3).

ص: 291


1- 1. فی المصدر: و علی یدی صرد.
2- 2. فی المصدر: و علی یدی صرد.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 41 و 42.

و قال الشقراق بفتح الشین و كسرها و ربما قالوا الشرقراق طائر ضعیف (1) یسمی الأخیل و العرب تتشأم به و هو أخضر ملیح بقدر الحمام خضرته حسنة مشبعة فی أجنحته سواد و یكون مخططا بحمرة و خضرة أو سواد و فی طبعه شره و شراسة و سرقة فراخ غیره و هو لا یزال متباعدا من الإنس و یألف الروابی و رءوس الجبال لكنه یحضن بیضه فی العمران العوالی التی لا تناله الأیدی و عشه شدید النتن.

و قال الجاحظ إنه نوع من الغربان و فی طبعه العفة عن الفساد و هو كثیر الاستغاثة إذا حاربه طائر ضربه و صاح كأنه المضروب ثم قال و الأكثر علی تحریمه و قال بعض الأصحاب بحله (2) و قال الفیروزآبادی الشقراق و یكسر الشین و الشقراق كقرطاس و الشرقراق بالفتح و الكسر و الشرقرق كسفرجل طائر معروف مرقط بخضرة و حمرة و بیاض و تكون بأرض الحرم انتهی.

و قال الدمیری الحداء بكسر الحاء أخس الطائر(3) و جمعها حدأ مثل عنبة و عنب و من ألوانها السود و الرمد و هی لا تصید و إنما تخطف و من طبعها أنها تقف فی الطیران و لیس ذلك لغیرها من الكواسر و زعم بعضهم أن الحدأة و العقاب یتبدلان فتصیر الحدأة عقابا أو العقاب حدأة و قال القزوینی إنها سنة ذكر و سنة أنثی

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ (4) أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: خَمْسٌ فَوَاسِقُ یُقْتَلْنَ فِی الْحِلِّ وَ الْحَرَمِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: لَیْسَ لِلْمُحْرِمِ فِی قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ الْحِدَأَةُ وَ الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَ الْعَقْرَبُ وَ الْفَأْرَةُ وَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ.

نبه صلی اللّٰه علیه و آله بذكر هذه الخمسة علی جواز قتل كل مضر فیجوز قتل الفهد و النمر و الذئب و الصقر و الباشق و الشاهین و الزنبور و البق و البرغوث و البعوض و الوزغ و الذباب و النمل إذا آذاه (5).

ص: 292


1- 1. فی المصدر: و هو طائر صغیر.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 38.
3- 3. فی المصدر: اخس الطیر.
4- 4. زاد فی المصدر: من حدیث ابن عمر و عائشة و حفصة.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 165 و 166.

و قال الخطاف جمعه خطاطیف و یسمی زوار الهند و هو من الطیور القواطع إلی الناس یقطع البلاد البعیدة إلیهم رغبة فی القرب منهم ثم إنها تبنی بیوتها فی أبعد المواضع عن الوصول إلیها و هذا الطائر یعرف عند الناس بعصفور الجنة لأنه زهد فیما بأیدیهم من الأقوات فأحبوه لأنه إنما یتقوت بالبعوض و الذباب و من عجیب أمره أن عینه تقلع و ترجع (1) و لا یری واقفا علی شی ء یأكله أبدا و لا مجتمعا بأنثاه و الخفاش یعادیه فلذلك إذا أفرخ یجعل فی عشه قضبان الكرفس فلا یؤذیه إذا شم رائحته و لا یفرخ فی عش عتیق حتی یطینه بطین جدید و یبنی عشه بناء عجیبا و ذلك أنه یبنی الطین مع التبن فإذا لم یجد طینا مهیأ ألقی نفسه فی الماء ثم یتمرغ فی التراب حتی یمتلئ جناحاه و یصیر شبیها بالطین فإذا هیأ عشه جعله علی القدر الذی یحتاج إلیه هو و أفراخه و لا یلقی فی عشه زبلا بل یلقیه إلی خارج فإذا كبرت فراخه علمها ذلك و أصحاب الیرقان یلطخون فراخ الخطاف بالزعفران فإذا رآها صفرا ظن أن الیرقان أصابها من شدة الحر فیذهب فیأتی بحجر الیرقان من أرض الهند فیطرحه علی فراخه و هو حجر صغیر فیه خطوط بین الحمرة و السواد و یعرف بحجر السنونو فیأخذه المحتال فیعلقه علیه أو یحكه و یشرب من مائه یسیرا فإنه یبرأ بإذن اللّٰه تعالی و الخطاف متی سمع صوت الرعد یكاد أن یموت.

و قال أرسطو فی كتاب النعوت الخطاطیف إذا عمیت أكلت من شجرة یقال لها عین شمس فیرد بصرها لما فی تلك الشجرة من المنفعة للعین.

و فی رسالة القشیری فی آخر باب المحبة أن خطافا راود خطافة علی قبة سلیمان علیه السلام فامتنعت منه فقال لها أ تمنعین علی و لو شئت لقلبت القبة علی سلیمان فسمعه سلیمان فدعاه و قال ما حملك علی ما قلت فقال یا نبی اللّٰه العشاق لا یؤاخذون بأقوالهم قال صدقت.

و ذكر الثعلبی و غیره فی تفسیر سورة النمل أن آدم علیه السلام لما خرج من

ص: 293


1- 1. فی المصدر: ثم ترجع.

الجنة اشتكی الوحشة فآنسه اللّٰه بالخطاف و ألزمها البیوت فهی لا تفارق بنی آدم أنسا لهم قال و معها أربع آیات من كتاب اللّٰه العزیز و هی لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلی جَبَلٍ إلی آخر السورة و تمد صوتها بقوله الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ و الخطاطیف أنواع منها نوع یألف سواحل البحر یحفر بیته هناك و یعشش فیه و هو صغیر الجثة دون عصفور الجنة و لونه رمادی و الناس یسمونه سنونو بضم السین المهملة و نونین و منها نوع أخضر علی ظهره بعض حمرة أصغر من الدرة یسمیه أهل مصر الخضیری لخضرته یقتات الفراش و الذباب و نحو ذلك و منها نوع طویل الأجنحة رقیقها یألف الجبال و یأكل النمل و هذا النوع یقال له السمائم مفردة سمامة و منهم من یسمی هذا النوع السنونو الواحدة سنونوة و هو كثیر فی المسجد الحرام یعشش فی سقفه فی باب (1) بنی شیبة و بعض الناس یزعم أن ذلك هو الأبابیل الذی عذب اللّٰه تعالی به أصحاب الفیل.

ثم قال یحرم أكل الخطاطیف

لِمَا رَوَی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِیَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ قَتْلِ الْخَطَاطِیفِ (2).

وَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَتْلِ الْخَطَاطِیفِ عَوَّادِ الْبُیُوتِ (3).

و عن ابن عمر قال لا تقتلوا الضفادع فإن نقیقها تسبیح و لا تقتلوا الخطاف فإنه لما خرب بیت المقدس قال رب سلطنی علی البحر حتی أغرقهم (4).

و قال فی الضفدع هو بكسر الضاد مثل الخنصر واحد الضفادع و الأنثی

ص: 294


1- 1. فی المصدر: فی باب إبراهیم و باب.
2- 2. زاد فی المصدر: و قال: لا تقتلوا هذه العوذ انها تعوذ بكم من غیركم، و رواه البیهقیّ و قال: انه منقطع. قال: و رواه إبراهیم بن طهمان ا ه.
3- 3. فی المصدر: عوذ البیوت. و من هذه الطریق رواه أبو داود فی مراسیله؛ قال البیهقیّ: و هو منقطع أیضا لكن صح عن عبد اللّٰه بن عمر. ا ه.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 212 و 213.

ضفدعة و ناس یقولون ضفدع بفتح الدال قال الخلیل لیس فی الكلام فعلل إلا أربعة أحرف درهم و هجرع و هو الطویل و هبلع و هو الأكول و قلعم و هو اسم.

و قال ابن الصلاح الأشهر فیه من حیث اللغة كسر الدال و فتحها أشهر فی السنة العامة و أشباه العامة من الخاصة و قد أنكره بعض أئمة اللغة و قال البطلیوسی فی شرح أدب الكاتب و حكی أیضا ضفدع بضم الضاد و فتح الدال و هو نادر حكاه المطرزی أیضا قال فی الكفایة و ذكر الضفادع یقال له العلجوم بضم العین و الجیم و إسكان اللام و الواو و آخره میم و الضفدع أنواع كثیرة و تكون من سفاد و غیر سفاد و تتولد من المیاه القائمة الضعیفة الجری و من العفونات و عقب الأمطار الغزیرة حتی یظن أنه یقع من السحاب لكثرة ما یری منه علی الأسطحة عقیب المطر و الریح و لیس ذلك عن ذكر و أنثی و إنما اللّٰه تعالی یخلقه فی تلك الساعة من طباع تلك التربة و هی من الحیوان التی لا عظام لها و منها من ینق و منها ما لا ینق و الذی منها ینق یخرج صوته من قرب أذنه و یوصف بحدة السمع إذا تركت النقیق و كانت خارج الماء و إذا أرادت أن تنق أدخلت فكها الأسفل فی الماء و متی دخل الماء فی فیها لا تنق قال عبد القاهر و الثعبان یستدل بصیاح الضفدع علیه فیأتی علی صیاحه فیأكله و تعرض لبعض الضفادع مثل ما یعرض لبعض الوحوش من رؤیة النار حیرة إذا رأتها و تتعجب منها لأنها تنق فإذا أبصرت النار سكتت و لا تزال تدمن النظر إلیها و أول نشوها فی الماء أن تظهر مثل حب الدخن الأسود ثم تخرج منه و هی كالدعموص ثم بعد ذلك ینبت لها الأعضاء فسبحان القادر علی ما یشاء و علی ما یرید سبحانه لا إله غیره إلا هو.

وَ فِی الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِیٍّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَتَلَ ضِفْدِعاً فَعَلَیْهِ شَاةٌ مُحْرِماً كَانَ أَوْ حَلَالًا.

قال سفیان یقال أنه لیس شی ء أكثر ذكرا لله منه.

و فیه أنه روی عن جابر الجعفی عن عكرمة عن ابن عباس أن ضفدعا ألقت

ص: 295

نفسها فی النار من مخافة اللّٰه فأثابهن اللّٰه بها برد الماء و جعل نقیقهن التسبیح

وَ قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَتْلِ الضِّفْدِعِ وَ الصُّرَدِ وَ النَّحْلَةِ.

قال و لا أعلم لحماد بن عبید غیر هذا الحدیث قال البخاری لا یصح حدیثه و قال أبو حاتم لیس بصحیح الحدیث.

وَ فِی كِتَابِ الزَّاهِرِ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِیِّ: أَنَّ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ لَأُسَبِّحَنَّ اللَّهَ اللَّیْلَةَ تَسْبِیحاً مَا سَبَّحَهُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ فَنَادَتْهُ ضِفْدِعَةٌ مِنْ سَاقِیَةٍ فِی دَارِهِ یَا دَاوُدُ تَفْخَرُ عَلَی اللَّهِ بِتَسْبِیحِكَ إِنَّ لِی (1)

لَسَبْعِینَ سَنَةً مَا جَفَّ لِسَانِی مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ إِنَّ لِی لَعَشْرَ لَیَالٍ مَا طَعِمْتُ خُضْراً وَ لَا شَرِبْتُ مَاءً اشْتِغَالًا بِكَلِمَتَیْنِ فَقَالَ مَا هُمَا قَالَتْ یَا مُسَبَّحاً بِكُلِّ لِسَانٍ وَ مَذْكُوراً بِكُلِّ مَكَانٍ فَقَالَ دَاوُدُ فِی نَفْسِهِ وَ مَا عَسَی أَنْ أَقُولَ أَبْلَغَ مِنْ هَذَا.

وَ رَوَی الْبَیْهَقِیُّ فِی شُعَبِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ دَاوُدَ ظَنَّ فِی نَفْسِهِ أَنَّ أَحَداً لَمْ یَمْدَحْ خَالِقَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا یَمْدَحُهُ بِهِ (2)

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ مَلَكاً وَ هُوَ قَاعِدٌ فِی مِحْرَابِهِ وَ الْبَرَكَةُ إِلَی جَانِبِهِ فَقَالَ یَا دَاوُدُ افْهَمْ مَا تَصُوتُ بِهِ الضِّفْدِعَةُ فَأَنْصَتَ إِلَیْهَا فَإِذَا هِیَ تَقُولُ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ مُنْتَهَی عِلْمِكَ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ كَیْفَ تَرَی فَقَالَ وَ الَّذِی جَعَلَنِی نَبِیّاً إِنِّی لَمْ أَمْدَحْهُ بِهَذَا.

و فی كتاب فضل الذكر لجعفر بن محمد الفریابی الحافظ العلامة عن عكرمة أنه قال صوت الضفدع تسبیح.

و فیه أیضا عن الأعمش عن أبی صالح أنه سمع صوت صریر باب فقال هذا منه تسبیح.

قال الرئیس ابن سینا إذا كثرت الضفادع فی سنة و زادت عن العادة یقع الوباء عقیبها.

و قال القزوینی الضفادع تبیض فی الرمل مثل السلحفاة و هی نوعان جبلیة و مائیة.

ص: 296


1- 1. فی المصدر: تفتخر علی اللّٰه بتسبیحك و ان لی.
2- 2. فی المصدر: مما مدحه به.

و نقل الزمخشری فی الفائق عن عمر بن عبد العزیز قال سأل رجل ربه أن یریه موضع الشیطان من قلب ابن آدم فرأی فیما یری النائم رجلا كالبلور یری داخله من خارجه و رأی الشیطان فی صورة الضفدع له خرطوم كخرطوم البعوضة قد أدخله فی منكبه الأیسر إلی قلبه یوسوس له فإذا ذكر اللّٰه خنس.

وَ رَوَی ابْنُ عَدِیٍّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ فَإِنَّ نَقِیقَهَا تَسْبِیحٌ.

و قال الزمخشری إنها تقول فی نقیقها سبحان الملك القدوس.

و عن أنس لا تقتلوا الضفادع فإنها مرت بنار إبراهیم علیه السلام فحملت فی أفواهها الماء و كانت ترشه علی النار.

وَ فِی شِفَاءِ الصُّدُورِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ فَإِنَّ نَقِیقَهُنَّ تَسْبِیحٌ (1).

فذلكة اعلم أن أكثر الأصحاب حكموا بكراهة أكل الهدهد و الفاختة و القبرة و الحباری و الصرد و الصوام و الشقراق و اختلفوا فی الخطاف فذهب أكثر المتأخرین إلی الكراهة و ذهب الشیخ فی النهایة و القاضی و ابن إدریس إلی التحریم بل ادعی ابن إدریس علیه الإجماع و استدلوا علی كراهة أكثر ما ذكر بما مر من الأخبار الناهیة عن قتلها و إیذائها و لا یخفی أنها لا تدل علی كراهة أكل لحمها بعد القتل فإن الظاهر أن ذلك لكرامتها و احترامها لا لكراهة لحومها و حرمتها و الأخبار الآتیة فی الفاختة إنما تدل علی كراهة إیوائها فی البیوت بل ربما یشعر بحسن قتلها و أكلها قال المحقق الأردبیلی قدس سره بعد إیراد روایات النهی عن قتل الهدهد و ظاهر الدلیل هو التحریم و الحمل علی الكراهة كأنه للأصل و العمومات و حصر المحرمات و لعدم القائل بالتحریم علی الظاهر تأمل.

ثم اعلم أن الكلام فی كراهة أكل اللحم و الدلیل ما دل علیه بل علی النهی عن أذاه و قتله و هو غیر مستلزم للنهی عن أكل لحمه و هو ظاهر فإن فی أكله بعد

ص: 297


1- 1. حیاة الحیوان 2: 57 و 58.

القتل لیس أذاه و أیضا یحتمل أن یكون المراد بالنهی قتله لا للأكل بل لأذاه یؤیده قوله لا یؤذی و العلة أیضا فإن كونه نعم الطیر لا یستلزم عدم قتله للأكل فإن الغنم أیضا موصوف بأنه نعم المال أو مال مبارك و نحو ذلك مع أنه خلق للأكل و لا شك أن الاجتناب عن أذاه أولی و أحوط.

ثم قال رحمه اللّٰه فی حدیث الخطاف المتقدم یفهم منه أن المراد بالنهی عن القتل النهی عن الأكل حیث دحا به بعد أن كان مذبوحا(1) ثم نقل النهی عن القتل فتأمل و لكن فی السند جهالة و اضطراب.

و قال قدس سره و أما كراهة الحباری فلیس علیها دلیل واضح سوی أنه مذكور فی أكثر الكتب قال فی التحریر و بها روایة شاذة نعم فی صحیحة عبد اللّٰه بن سنان قال سئل أبو عبد اللّٰه علیه السلام و أنا أسمع ما تقول فی الحباری قال إن كانت له قانصة فكل الخبر و هی مشعرة بعدم ظهور حالها فالاجتناب أولی فتأمل انتهی.

و أقول كان وجه التأمل أنه لا إشعار فی كلامه علیه السلام بالكراهة بل الظاهر أن غرضه علیه السلام بیان القاعدة الكلیة لبعد عدم علمه علیه السلام بذلك و یحتمل أن یكون فی هذا التعبیر مصلحة أخری كتقیة و نحوها و بالجملة عدم الكراهة أظهر لما ورد فی الصحیح عن كردین المسمعی قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الحباری قال لوددت أن عندی منه فآكل حتی أمتلئ (2).

و لروایة بسطام بن صالح.

و أما الحیات فالظاهر جواز قتلها مطلقا إلا عوامر البیوت إذا لم تؤذ أصحاب البیت فإنه یحتمل أن تكون فیها كراهة لكن ینبغی أن لا یكون الاحتراز عن قتلهن لتوهم إثم فی قتلهن أو ضرر منهن و أما التفاصیل الواردة فی أخبار العامة

ص: 298


1- 1. و لعلّ ذلك كان لشدة غضبه علیه السّلام علی قتله فلا یدلّ علی حرمة الا كل بعد ذبحه.
2- 2. من لا یحضره الفقیه 3: 206.

فلم نجده فی أخبارنا و أما سائر المؤذیات فلا بأس بقتلهن و ما لم یؤذ منها فلعل الأفضل الاجتناب عن قتلها تنزها لا تحریما للتعلیلات الواردة فی بعض الأخبار فتفطن.

و أما تعذیب الحیوان الحی بلا مصلحة داعیة إلی ذلك فهو قبیح عقلا و یشعر فحاوی بعض الأخبار بالمنع عنه فالأحوط تركه و لم یتعرض أكثر أصحابنا لتلك الأحكام إلا نادرا.

ص: 299

باب 11 القبرة و العصفور و أشباههما

«1»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْجَامُورَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: لَا تَقْتُلُوا الْقُبَّرَةَ(1)

وَ لَا تَأْكُلُوا لَحْمَهَا فَإِنَّهَا كَثِیرَةُ التَّسْبِیحِ وَ تَقُولُ فِی آخِرِ تَسْبِیحِهَا لَعَنَ اللَّهُ مُبْغِضِی آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام (2).

«2»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام (3): الْقُنْزُعَةُ الَّتِی هِیَ عَلَی رَأْسِ الْقُبَّرَةِ(4)

مِنْ مَسْحَةِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام وَ ذَلِكَ أَنَّ الذَّكَرَ أَرَادَ أَنْ یَسْفَدَ أُنْثَاهُ فَامْتَنَعَتْ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهَا لَا تَمْتَنِعِی مَا أُرِیدُ(5) إِلَّا أَنْ یُخْرِجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنِّی نَسَمَةً یَذْكُرُ رَبَّهُ (6)

فَأَجَابَتْهُ إِلَی مَا طَلَبَ فَلَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَبِیضَ قَالَ لَهَا أَیْنَ تُرِیدِینَ أَنْ تَبِیضِینَ فَقَالَتْ لَهُ لَا أَدْرِی أُنَحِّیهِ عَنِ الطَّرِیقِ فَقَالَ لَهَا إِنِّی خَائِفٌ أَنْ یَمُرَّ

بِكِ مَارُّ الطَّرِیقِ وَ لَكِنِّی أَرَی لَكِ أَنْ تَبِیضِی قُرْبَ الطَّرِیقِ فَمَنْ رَآكِ (7) قُرْبَهُ تَوَهَّمَ أَنَّكِ تَعْرِضِینَ لِلَقْطِ الْحَبِّ مِنَ الطَّرِیقِ فَأَجَابَتْهُ إِلَی ذَلِكَ وَ بَاضَتْ وَ حَضَنَتْ حَتَّی أَشْرَفَتْ عَلَی النِّقَابِ (8)

فَبَیْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ إِذْ

ص: 300


1- 1. فی المصدر: القنبرة.
2- 2. فروع الكافی 6: 225.
3- 3. القنزعة: الخصلة من الشعر تترك علی الرأس.
4- 4. فی المصدر: القنبرة.
5- 5. فی المصدر: فما ارید.
6- 6. فی المخطوطة:« یذكر به» و فی المصدر: تذكر به.
7- 7. فی المصدر: فمن یراك.
8- 8. النقاب: شق البیضة عن الفرخ.

طَلَعَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام فِی جُنُودِهِ وَ الطَّیْرُ تُظِلُّهُ فَقَالَتْ لَهُ هَذَا سُلَیْمَانُ قَدْ طَلَعَ عَلَیْنَا فِی جُنُودِهِ وَ لَا آمَنُ أَنْ یَحْطِمَنَا وَ یَحْطِمَ بَیْضَنَا فَقَالَ لَهَا إِنَّ سُلَیْمَانَ علیه السلام لَرَجُلٌ رَحِیمٌ بِنَا فَهَلْ عِنْدَكِ شَیْ ءٌ هَیَّأْتِهِ لِفِرَاخِكِ (1) إِذَا نَقَبْنَ قَالَتْ نَعَمْ عِنْدِی جَرَادَةٌ خَبَأْتُهَا مِنْكَ أَنْتَظِرُ بِهَا فِرَاخِی إِذَا نَقَبْنَ فَهَلْ عِنْدَكَ أَنْتَ شَیْ ءٌ(2) قَالَ نَعَمْ عِنْدِی تَمْرَةٌ خَبَأْتُهَا مِنْكِ لِفِرَاخِنَا فَقَالَتْ خُذْ أَنْتَ تَمْرَتَكَ وَ آخُذُ أَنَا جَرَادَتِی وَ نَعْرِضُ لِسُلَیْمَانَ علیه السلام فَنُهْدِیهِمَا لَهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ یُحِبُّ الْهَدِیَّةَ فَأَخَذَ التَّمْرَةَ فِی مِنْقَارِهِ وَ أَخَذَتْ هِیَ الْجَرَادَةَ فِی رِجْلَیْهَا ثُمَّ تَعَرَّضَا لِسُلَیْمَانَ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُمَا وَ هُوَ عَلَی عَرْشِهِ بَسَطَ یَدَیْهِ لَهُمَا فَأَقْبَلَا فَوَقَعَ الذَّكَرُ عَلَی الْیُمْنَی وَ وَقَعَتِ الْأُنْثَی عَلَی الْیُسْرَی (3)

فَسَأَلَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا فأخبره [فَأَخْبَرَاهُ] فَقَبِلَ هَدِیَّتَهُمَا وَ جَنَّبَ جُنُودَهُ عَنْ بَیْضِهِمَا(4) فَمَسَحَ عَلَی رَأْسِهِمَا وَ دَعَا لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ فَحَدَثَتِ الْقُنْزُعَةُ عَلَی رَأْسِهِمَا مِنْ مَسْحَةِ سُلَیْمَانَ علیه السلام (5).

تبیان قال الجوهری القبرة واحدة القبر و هو ضرب من الطیر و القنبراء لغة فیها و الجمع القنابر و العامة تقول القنبرة.

أقول: الأخبار تدل علی أنها مع النون أیضا لغة فصیحة كما مر عن القاموس قولا و نقل الدمیری عن البطلیوسی فی شرح أدب الكاتب أنها أیضا لغة فصیحة قال و فی طبعه أنه لا یهوله صوت صائح و ربما رمی بالحجر فاستخف بالرامی و لطئ بالأرض حتی یجاوزه الحجر و هو یضع وكره علی الجادة حبا للإنس انتهی (6).

و قال الجوهری حضن الطائر بیضه یحضنه إذا ضمه إلی نفسه تحت جناحه

ص: 301


1- 1. فی بعض النسخ: خبأته لفراخك.
2- 2. فی المصدر: فهل عند أنت شی ء.
3- 3. فی المصدر:« علی الیمین» و علی الیسار و سألهما.
4- 4. فی المصدر: و جنب جنده عنهما و عن بیضهما و مسح.
5- 5. فروع الكافی 6: 225 و 226.
6- 6. حیاة الحیوان 2: 169 و 170.

علی النقاب أی شق البیضة عن الفرخ و الحطم الكسر و لعل الخوف لاحتمال النزول أو لاجتماع الناس للنظر إلی شوكته و زینته و غرائب أمره فیحطمون فالإسناد إلیه إسناد إلی السبب البعید.

و قال المحقق الأردبیلی روح اللّٰه روحه بعد إیراده الروایة الأخیرة فیها أحكام مثل قصد النسل من النكاح و التجنب عن كسر بیض الطیور و أخذها و الهدیة و قبولها و إن كان قلیلا جدا و كان لصاحبها طلب من المهدی إلیه و الدعاء له بالبركة و غیرها و إن كان فی شرع سلیمان علیه السلام فتأمل انتهی.

و قال شارح اللمعة نور اللّٰه ضریحه كراهة القبرة منضمة إلی البركة بخلاف الفاختة.

«3»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِغَزَالٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فِی حَائِطٍ لَهُ إِذْ جَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أَخَذَ یَصِیحُ وَ یُكْثِرُ الصِّیَاحَ وَ یَضْطَرِبُ فَقَالَ لِی تَدْرِی مَا یَقُولُ هَذَا الْعُصْفُورُ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ وَلِیُّهُ أَعْلَمُ فَقَالَ یَقُولُ یَا مَوْلَایَ إِنَّ حَیَّةً تُرِیدُ أَنْ تَأْكُلَ فِرَاخِی فِی الْبَیْتِ فَقُمْ بِنَا نَدْفَعْهَا عَنْهُ وَ عَنْ فِرَاخِهِ فَقُمْنَا وَ دَخَلْنَا الْبَیْتَ فَإِذَا حَیَّةٌ تَجُولُ فِی الْبَیْتِ فَقَتَلْنَاهَا(1).

«4»- الْبَصَائِرُ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الْوَشَّاءِ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی دَارِهِ وَ فِیهَا عَصَافِیرُ وَ هُنَّ یَصِحْنَ فَقَالَ لِی أَ تَدْرِی مَا یَقُلْنَ هَؤُلَاءِ الْعَصَافِیرُ قُلْتُ لَا أَدْرِی قَالَ یُسَبِّحْنَ رَبَّهُنَّ وَ یَطْلُبْنَ رِزْقَهُنَ (2).

دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ الْوَشَّاءِ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَنْصُورٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ: یُسَبِّحْنَ رَبَّهُنَّ وَ یُهَلِّلْنَ وَ یَسْأَلْنَهُ قُوتَ یَوْمِهِنَّ ثُمَّ قَالَ یَا بَا حَمْزَةَ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ(3).

ص: 302


1- 1. دلائل الإمامة: 172.
2- 2. بصائر الدرجات 99 ط حجر.
3- 3. دلائل الإمامة: 88.

«5»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَی أَبَانٍ بَیَّاعِ الزُّطِّیِّ قَالَ: كُنَّا فِی حَائِطٍ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ نَفَرٌ مَعِی قَالَ فَصَاحَتِ الْعَصَافِیرُ فَقَالَ أَ تَدْرِی مَا تَقُولُ فَقُلْنَا جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ لَا نَدْرِی مَا تَقُولُ فَقَالَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَا بُدَّ لَنَا مِنْ رِزْقِكَ فَأَطْعِمْنَا وَ اسْقِنَا(1).

«6»- مَشَارِقُ الْأَنْوَارِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فَإِذَا نَحْنُ بِقَاعٍ مُجْدِبٍ یَتَوَقَّدُ حَرّاً وَ هُنَاكَ عَصَافِیرُ فَتَطَایَرْنَ حَوْلَ بَغْلَتِهِ فَزَجَرَهَا فَقَالَ لَا وَ لَا كَرَامَةَ قَالَ ثُمَّ سَارَ إِلَی مَقْصِدِهِ فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنَ الْغَدِ وَ عُدْنَا إِلَی الْقَاعِ فَإِذَا الْعَصَافِیرُ قَدْ طَارَتْ وَ دَارَتْ حَوْلَ بَغْلَتِهِ وَ رَفْرَفَتْ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ اشْرَبِی وَ ارْوِی قَالَ فَنَظَرْتُ وَ إِذَا فِی الْقَاعِ ضَحْضَاحٌ مِنَ الْمَاءِ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی بِالْأَمْسِ مَنَعْتَهَا وَ الْیَوْمَ سَقَیْتَهَا فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْیَوْمَ خَالَطَهَا الْقَنَابِرُ فَسَقَیْتُهَا وَ لَوْ لَا الْقَنَابِرُ لَمَا سَقَیْتُهَا فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی وَ مَا الْفَرْقُ بَیْنَ الْقَنَابِرِ وَ الْعَصَافِیرِ فَقَالَ وَیْحَكَ أَمَّا الْعَصَافِیرُ فَإِنَّهُمْ مَوَالِی عُمَرَ لِأَنَّهُمْ مِنْهُ وَ أَمَّا الْقَنَابِرُ فَإِنَّهُمْ مِنْ مَوَالِینَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ إِنَّهُمْ یَقُولُونَ فِی

صَفِیرِهِمْ بُورِكْتُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ بُورِكَتْ شِیعَتُكُمْ وَ لَعَنَ اللَّهُ أَعْدَاءَكُمْ ثُمَّ قَالَ عَادَانَا مِنْ كُلٍّ شَیْ ءٌ حَتَّی مِنَ الطُّیُورِ الْفَاخِتَةُ وَ مِنَ الْأَیَّامِ الْأَرْبِعَاءُ(2).

«7»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْمَدَنِیِ (3) عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: لَا تَأْكُلُوا الْقُنْبُرَةَ وَ لَا تَسُبُّوهَا وَ لَا تُعْطُوهَا الصِّبْیَانَ یَلْعَبُونَ بِهَا فَإِنَّهَا كَثِیرَةُ التَّسْبِیحِ لِلَّهِ وَ تَسْبِیحُهَا لَعَنَ اللَّهُ مُبْغِضِی آلِ مُحَمَّدٍ(4).

ص: 303


1- 1. بصائر الدرجات.
2- 2. مشارق الأنوار: 114.
3- 3. فی المخطوطة و فی الكافی:« المدینی» و فی المصدر: المدائنی.
4- 4. المجالس و الاخبار: 71 فیه: سمعت أبا الحسن الرضا علیه السلام یقول: لا تقتلوا القبرة و لا تأكلوا لحمها فانها كثیرة التسبیح و تقول فی آخر تسبیحها: لعن ا ه.

«8»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَقُولُ: مَا أَزْرَعُ الزَّرْعَ لِطَلَبِ الْفَضْلِ فِیهِ وَ مَا أَزْرَعُهُ إِلَّا لِیَتَنَاوَلَهُ الْفَقِیرُ وَ ذُو الْحَاجَةِ وَ لِیَتَنَاوَلَ مِنْهُ الْقُنْبُرَةُ خَاصَّةً مِنَ الطَّیْرِ(1).

الكافی، عن العدة عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه عن علی بن محمد بن سلیمان عن أبی أیوب: مثل الخبرین (2).

تبیین: یظهر من المجالس أن علی بن محمد بن سلیمان هو القاسانی و أن سلیمان تصحیف شیرة فإن القاسانی هو علی بن محمد بن شیرة كما ذكره النجاشی ثم اعلم أنه لا یبعد أن تكون الأخبار الواردة فی حب بعض الحیوانات و النباتات و الجمادات لهم علیهم السلام و بغض بعضها لهم و كونها منسوبة إلی أعدائهم محمولة علی أنه للأشیاء الحسنة ارتباط واقعی منسوب بعضها إلی بعض و للأجناس الخبیثة ربط واقعی لبعضها إلی بعض سواء كانت من الإنسان و الحیوانات أو الجمادات (3) أو الأعمال أو الأفعال أو الأخلاق أو غیرها فالطیور الحسنة مثلا من جهة حسنها الواقعی كأنها تحب المقدسین من البشر لاشتراكها معهم فی الحسن و كذا النباتات و الجمادات و غیرها و الأمور القبیحة و الأشیاء الخبیثة لها مناسبة بالملعونین من البشر فكأنها تحبهم لمناسبتها لهم و تبغض الأئمة و شیعتهم لمباینتها إیاهم و التسلیم لها مجملا و تفویض علمها إلیهم أحوط و أولی و قد مر بعض القول فی مثله 9 حیاة الحیوان، العصفور بضم العین و حكی ابن رشیق الفتح أیضا و الأنثی عصفورة قال حمزة سمی عصفورا لأنه عصی و فر و هو أنواع منها ما یطرب بصوته و منها ما یعجب بصوته و حسنه و العصفور الصوار هو الذی یجیب إذا دعی و عصفور الجنة هو الخطاف و أما العصفور الدوری فإن فی طباعه اختلافا و ذلك أن فیه من الطباع ما یشبه طباع السباع و هو أكل اللحم و لا یزق فراخه و من

ص: 304


1- 1. المجالس و الاخبار: 71.
2- 2. فروع الكافی 6: 225 فیه: لیناله المعتر.
3- 3. فی المخطوطة: و الحیوانات و الجمادات.

البهائم أنه لیس بذی مخلب و لا منسر و یأكل الحب و إذا سقط علی عود قدم أصابعه الثلاث و أخر الدابرة و سائر سباع الطیر(1)

تقدم إصبعین و تفرج إصبعین و یأكل الحب و البقول و یتمیز الذكر منها بلحیة سوداء كما مر للرجل و التیس و الدیك و لیس فی الأرض طائر و لا سبع و لا بهیمة أحنی من العصفور علی ولده و لا أشد له عشقا و ذلك مشاهد عند أخذ فراخها و وكره فی العمران تحت السقوف خوفا من الجوارح و إذا خلت مدینة من أهلها ذهبت العصافیر منها فإذا عادوا إلیها عادت العصافیر بها و العصفور لا یعرف المشی و إنما یثب وثبا و هو كثیر السفاد فربما سفد فی الساعة الواحدة مائة مرة و لذلك قصر عمره فإنه لا یعیش فی الغالب أكثر من سنة و لفرخه تدرب علی الطیران حتی أنه یدعی فیجیب قال الجاحظ بلغنی أنه یرجع من فرسخ و من أنواعه عصفور الشوك و مأواه السباخ و زعم أرسطو أن بینه و بین الحمار عداوة لأن الحمار إذا كان به دبر حكه بالشوك الذی یأوی إلیه هذا العصفور فیقتله و ربما نهق الحمار فتسقط فراخه أو بیضه من جوف وكره فلذلك هذا العصفور إذا رأی الحمار رفرف فوق رأسه و علی عینه و آذاه بطیرانه و صیاحه و من أنواعه القبرة و حسون (2) و هو ذو ألوان بحمرة و صفرة و بیاض و سواد و زرقة و خضرة و هو یقبل التعلیم فیتعلم أخذ الشی ء من ید الإنسان المتباعد و یأتی به إلی مالكه (3) و منها البلبل و الصعوة و الحمرة و العندلیب و المكاكی و الصافر و التنوط و الوضع و البرقش و القبعة

وَ رَوَی الْبَیْهَقِیُّ وَ ابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدِهِمَا إِلَی أَبِی مَالِكٍ قَالَ: مَرَّ 17 سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام بِعُصْفُورٍ یَدُورُ حَوْلَ عُصْفُورَةٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ تَدْرُونَ مَا یَقُولُ قَالُوا وَ مَا

ص: 305


1- 1. فی المصدر: و سائر أنواع الطیر.
2- 2. حیاة الحیوان 2: 80.
3- 3. حیاة الحیوان: 1: 169.

یَقُولُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ قَالَ یَخْطُبُهَا إِلَی نَفْسِهِ وَ یَقُولُ تُزَوِّجِینِی أُسْكِنْكِ أَیَّ قُصُورِ دِمَشْقَ شِئْتَ قَالَ سُلَیْمَانُ وَ قُصُورُ دِمَشْقَ مَبْنِیَّةٌ بِالصَّخْرِ لَا یَقْدِرُ أَنْ یُسْكِنَهَا لَكِنَّ كُلَّ خَاطِبٍ كَذَّابٌ.

وَ رَوَی ابْنُ قَانِعٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً عَبَثاً عَجَّ إِلَی اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ یَقُولُ یَا رَبِّ عَبْدُكَ قَتَلَنِی عَبَثاً وَ لَمْ یَقْتُلْنِی لِمَنْفَعَةٍ.

وَ فِی الْحِلْیَةِ لِلْحَافِظِ أَبِی نُعَیْمٍ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِیُّ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام إِذَا عَصَافِیرُ یَطِرْنَ حَوْلَهُ وَ یَصْرُخْنَ فَقَالَ یَا بَا حَمْزَةَ هَلْ تَدْرِی مَا تَقُولُ هَذِهِ الْعَصَافِیرُ قُلْتُ لَا قَالَ إِنَّهَا تُقَدِّسُ رَبَّهَا جَلَّ وَ عَلَا وَ تَسْأَلُهُ قُوتَ یَوْمِهَا.

و قال ابن عباس لما ركب موسی و الخضر علیهما السلام السفینة جاء عصفور حتی وقع علی حرف السفینة ثم نقر فی البحر(1) فقال له الخضر ما نقص علمی و علمك من علم اللّٰه إلا مثل (2) ما نقص هذا العصفور من البحر قال العلماء لفظ النقص لیس هنا علی ظاهره و إنما معناه أنما علمی و علمك بالنسبة إلی علم اللّٰه كنسبة ما نقره (3) هذا العصفور من هذا البحر قلت و هذا علی التقریب إلی الأفهام و إلا فنسبة علمهما أقل و أحقر.

وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ إِنْسَانٍ یَقْتُلُ عُصْفُوراً فَمَا فَوْقَهَا بِغَیْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهَا قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا حَقُّهَا قَالَ أَنْ یَذْبَحَهَا فَیَأْكُلَهَا وَ أَنْ لَا یَقْطَعَ رَأْسَهَا وَ یَرْمِیَ (4)

بِهِ.

رواه النسائی و لحم العصافیر حار یابس أجود من لحم الدجاج و أجودها الشتویة السمان و أكلها یزید فی المنی و الباه لكنها تضر أصحاب الرطوبات الأصلیة و یدفع ضررها دهن اللوز و هی تولد خلطا صفراویا توافق من الإنسان الشیوخ و من الأمزجة

ص: 306


1- 1. فی المصدر: فنقر نقرة او نقرتین فی البحر.
2- 2. فی المصدر: الا كنقرة هذا العصفور. و فی الروایة الأخری: الا مثل ا ه.
3- 3. فی المصدر: ما نقص.
4- 4. فی المصدر: فیرمی به.

الباردة و من الأزمان الشتاء(1)

وَ رَوَی الْحَافِظُ أَبُو نُعَیْمٍ وَ صَاحِبُ التَّرْغِیبِ وَ التَّرْهِیبِ مِنْ حَدِیثِ مَالِكِ بْنِ دِینَارٍ: أَنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام مَرَّ عَلَی بُلْبُلٍ فَوْقَ شَجَرَةٍ تُصَفِّرُ وَ تُحَرِّكُ رَأْسَهَا وَ تُمِیلُ ذَنَبَهَا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ تَدْرُونَ مَا یَقُولُ قَالُوا لَا قَالَ إِنَّهُ یَقُولُ أَكَلْتُ نِصْفَ تَمْرَةٍ وَ عَلَی الدُّنْیَا الْعَفَا.

و هو الدروس و ذهاب الأثر و قیل التراب (2) و قال الصعوة من صغار العصافیر أحمر الرأس (3) و قال الحمر بضم الحاء المهملة و تشدید المیم و الراء المهملة ضرب من الطیر كالعصفور

وَ رُوِیَ (4) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَخَلَ رَجُلٌ غَیْضَةً فَأَخْرَجَ مِنْهَا بَیْضَةَ حُمَّرَةٍ(5) فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ تُرَفْرِفُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ (6) صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَیُّكُمْ فَجَعَ هَذِهِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذْتُ بَیْضَهَا وَ فِی رِوَایَةٍ فُرَیْخَهَا(7)

فَقَالَ رُدَّهُ رُدَّهُ رَحْمَةً لَهَا.

و فی الترمذی و ابن ماجه عن عامر الدارمی مثله (8) و قال العندلیب الهزار و الجمع العنادل و البلبل یعندل إذا صوت (9) و قال المكاء(10)

بالمد و التشدید طائر و جمعه المكاكی و المكاء الصغیر و هذا

ص: 307


1- 1. حیاة الحیوان 2: 80- 82.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 112.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 43.
4- 4. فی المصدر: روی أبو داود و الطیالسی و الحاكم و قال: صحیح عن ابن مسعود.
5- 5. فی المصدر: بیض حمرة.
6- 6. فی المصدر: ترف علی رأس رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
7- 7. فی المصدر: و فی روایة الحاكم: أخذت فرخها.
8- 8. حیاة الحیوان 1: 191 و 192.
9- 9. حیاة الحیوان 2: 110.
10- 10. فی المصدر: بضم المیم.

الطائر یصفر و یصوت كثیرا(1) و قال القزوینی هو من طیر البادیة یتخذ أفحوصة عجیبا و بینه و بین الحیة معاداة فإن الحیة تأكل بیضه و فراخه و حدث هشام بن سالم أن حیة أكلت بیض مكاء فجعل المكاء یشرشر(2)

علی رأسها و یدنو منها حتی إذا فتحت فاها ألقی فی فیها حسكة فأخذت بحلق الحیة فماتت (3) و قال الصافر و یقال الصفار(4) طائر معروف من أنواع العصافیر و من شأنه أنه إذا أقبل اللیل یأخذ بغصن شجرة و یضم علیه رجلیه و ینكس رأسه ثم لا یزال یصیح حتی یطلع الفجر و یظهر النور قال القزوینی إنما یصیح خوفا من السماء أن تقع علیه قال غیره الصافر التنوط و إنه إن كان له وكر جعله كالخریطة و إن لم یكن له وكر شرع یتعلق بالأغصان كما ذكرناه (5) و قال التنوط بضم التاء و كسرها و قد یفتح و فتح النون و ضم الواو المشددة و قیل یجوز الفتح أیضا قال الأصمعی إنما سمی بذلك لأنه یدلی خیطا من شجرة یفرخ فیها و الواحدة تنوطة و من شأنه إذا أقبل علیه اللیل ینتقل فی زوایا بیته و یدور فیها و لا یأخذه قرار إلی الصبح خوفا علی نفسه (6) و قال الوضع بفتح الواو و الضاد المعجمة(7) و العین المهملة الصعوة و قیل هو طائر أصغر من العصفور و فی الحدیث أن إسرافیل علیه السلام له جناح بالمشرق و جناح بالمغرب و أن العرش

ص: 308


1- 1. فی المصدر: قال البغوی: اسم طائر ابیض یكون بالحجاز له صفیر.
2- 2. أی یرفرف.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 236.
4- 4. فی المصدر: الصفاریة.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 39.
6- 6. حیاة الحیوان 1: 120.
7- 7. فی المصدر: الوصع بفتح الواو و الصاد المهملة.

علی منكب إسرافیل لیتضاءل الأحیان لعظمة اللّٰه تعالی حتی یصیر مثل الوضع (1) و البرقش بالكسر طائر صغیر مثل العصفور و یسمیه أهل الحجاز السرسوز(2) و قال القبعة بضم القاف و تخفیف الباء الموحدة و العین المهملة المفتوحتین طویر أبقع مثل العصفور و یكون عنده حجرة الجرذان فإذا فرغ أو رمی بجحر انقبع فیها قاله ابن السكیت و قوله انقبع فیها أی دخل الجحر فالتجأ فیه (3).

ص: 309


1- 1. حیاة الحیوان 2: 289 و 290 فیه: مثل الوصع.
2- 2. هكذا فی الكتاب، و الصحیح كما فی المصدر: شرشور، راجع حیاة الحیوان 1: 88.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 171.

باب 12 الذباب و البق و البرغوث و الزنبور و الخنفساء و القملة و القرد و الحلم و أشباهها

الآیات:

البقرة: إِنَّ اللَّهَ لا یَسْتَحْیِی أَنْ یَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها

الحج: یا أَیُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ یَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَیْئاً لا یَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ

تفسیر:

أَنْ یَضْرِبَ مَثَلًا ما أی للحق یوضحه به لعباده المؤمنین أی مثل كان ما بعوضة فما فوقها و هو الذباب رد بذلك علی من طعن فی ضربه الأمثال بالذباب و بالعنكبوت و بمستوقد النار و الصیب فی كتابه و فی مجمع البیان عن الصادق علیه السلام إنما ضرب اللّٰه المثل بالبعوضة لأنها علی صغر حجمها خلق اللّٰه فیها جمیع ما خلق اللّٰه فی الفیل مع كبره و زیادة عضوین آخرین (1) فأراد اللّٰه أن ینبه بذلك المؤمنین علی لطیف خلقه و عجیب صنعه فَاسْتَمِعُوا لَهُ أی استماع تدبر و تفكر إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ یعنی الأصنام لَنْ یَخْلُقُوا ذُباباً أی لا یقدرون علی خلقه مع صغره وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ أی و لو تعاونوا علی خلقه وَ إِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ إلخ أی فكیف یكونون آلهة قادرین علی المقدورات كلها.

وَ رُوِیَ فِی الْكَافِی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَانَتْ قُرَیْشٌ تُلَطِّخُ الْأَصْنَامَ الَّتِی كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ بِالْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ وَ كَانَ یَغُوثُ قِبَالَ الْبَابِ وَ یَعُوقُ عَنْ یَمِینِ الْكَعْبَةِ وَ نَسْرٌ عَنْ یَسَارِهَا وَ كَانُوا إِذَا دَخَلُوا خَرُّوا سُجَّداً لِیَغُوثَ وَ لَا یَنْحَنُونَ ثُمَّ یَسْتَدِیرُونَ

ص: 310


1- 1. سیأتی فی الحدیث:« أنه فضل علی الفیل بالجناحین» و فی كلام الدمیری: ان للبعوض مضافا الی أعضاء الفیل رجلین زائدتین و أربعة اجنحة و خرطوم الفیل مصمت و خرطومه مجوف نافذ للجوف.

بِحِیَالِهِمْ إِلَی یَعُوقَ ثُمَّ یَسْتَدِیرُونَ عَنْ یَسَارِهَا بِحِیَالِهِمْ إِلَی نَسْرٍ ثُمَّ یُلَبُّونَ فَیَقُولُونَ لَبَّیْكَ اللَّهُمَّ لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ لَا شَرِیكَ لَكَ إِلَّا شَرِیكٌ هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَ مَا مَلَكَ قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ ذُبَاباً أَخْضَرَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ فَلَمْ یَبْقَ مِنْ ذَلِكَ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ شَیْئاً إِلَّا أَكَلَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ

یا أَیُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ الْآیَةَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أَیْ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِیمِهِ أَوْ مَا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ حَیْثُ أَشْرَكُوا بِهِ وَ سَمَّوْا بِاسْمِهِ مَا هُوَ أَبْعَدُ الْأَشْیَاءِ عَنْهُ مُنَاسَبَةً(1).

«1»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْبُرْغُوثِ وَ الْقَمْلَةِ وَ الْبَقَّةِ فِی الْحَرَمِ (2).

«2»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ مُثَنَّی بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ یَقْتُلُ الْبَقَّةَ وَ الْبُرْغُوثَ إِذَا آذَیَاهُ قَالَ نَعَمْ (3).

«3»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ یَعْنِی الْمُرَادِیَّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الذُّبَابِ یَقَعُ فِی الدُّهْنِ وَ السَّمْنِ وَ الطَّعَامِ فَقَالَ لَا بَأْسَ كُلْ (4).

«4»- السَّرَائِرُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ جَمِیلٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْمُحْرِمِ یَقْتُلُ الْبَقَّةَ وَ الْبَرَاغِیثَ إِذَا آذَیَاهُ قَالَ نَعَمْ (5).

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنِ الرَّبِیعِ صَاحِبِ الْمَنْصُورِ قَالَ: قَالَ الْمَنْصُورُ

ص: 311


1- 1. رواه الكلینی فی الكافی فی باب النوادر من الحجّ عن محمّد بن یحیی عن بعض أصحابه عن العباس بن عامر عن أحمد بن رزق الغمشانی عن عبد الرحمن بن الاشل بیاع الانماط راجع فروع الكافی 4: 542.
2- 2. فروع الكافی 4: 364 فیه عن بعض أصحابنا عن زرارة.
3- 3. فروع الكافی 4: 364 فیه إذا أراداه.
4- 4. تهذیب الأحكام ج 9 ص 86 ط النجف.
5- 5. السرائر: 466.

یَوْماً لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَدْ وَقَعَ عَلَی الْمَنْصُورِ ذُبَابٌ فَذَبَّهُ عَنْهُ (1) ثُمَّ وَقَعَ عَلَیْهِ فَذَبَّهُ عَنْهُ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِأَیِّ شَیْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الذُّبَابَ قَالَ لِیُذِلَّ بِهِ الْجَبَّارِینَ (2).

«6»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الصُّهْبَانِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَوْ لَا(3)

مَا یَقَعُ مِنَ الذُّبَابِ عَلَی طَعَامِ النَّاسِ مَا وُجِدَ مِنْهُمْ إِلَّا مَجْذُوماً(4).

«7»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِی إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْیَغْمِسْهُ فِیهِ فَإِنَّ فِی إِحْدَی جَنَاحَیْهِ شِفَاءً وَ فِی الْأُخْرَی سَمّاً وَ إِنَّهُ یَغْمِسُ جَنَاحَهُ الْمَسْمُومَ فِی الشَّرَابِ وَ لَا یَغْمِسُ الَّذِی فِیهِ الشِّفَاءُ فَاغْمِسُوهَا لِئَلَّا یَضُرَّكُمْ (5).

وَ قَالَ علیه السلام: لَوْ لَا الذُّبَابُ الَّذِی یَقَعُ فِی أَطْعِمَةِ النَّاسِ مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُونَ لَأَسْرَعَ فِیهِمُ الْجُذَامُ (6).

«8»- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیه السلام: لَوْ لَا أَنَّ النَّاسَ یَأْكُلُونَ الذُّبَابَ مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُونَ لَجُذِمُوا أَوْ قَالَ لَجُذِمَ (7) عَامَّتُهُمْ (8).

«9»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ شُعَیْبٍ عَنْ عِیسَی بْنِ حَسَّانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ

ص: 312


1- 1. كرر فی المصدر قوله: ثم وقع علیه فذبه عنه.
2- 2. علل الشرائع 2: 182.
3- 3. من هذا الحدیث و الأحادیث التی تأتی بعده یستفاد ان فی الذباب مادة تضاد الجذام و تدافعه و هذا ممّا لم یهتد إلیه الی الآن العلوم العصریة، و حقیق ذلك بأن یبحث عنه و یجرب.
4- 4. علل الشرائع 2: 182.
5- 5. طبّ الأئمّة: 106.
6- 6. طبّ الأئمّة: 106.
7- 7. فی المخطوطة-: لجذموا عامتهم.
8- 8. طبّ الأئمّة: 106.

عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَتْ خُنْفَسَاءُ فَقَالَ نَحِّهَا فَإِنَّهَا قِشَّةٌ مِنْ قِشَاشِ النَّارِ(1).

بیان: فی القاموس القشة بالكسر دویبة كالخنفساء.

و قال الدمیری الخنفساء بفتح الفاء ممدودة و الأنثی خنفساة بالهاء(2)

تتولد من عفونة الأرض و بینها و بین العقرب صداقة و هی أنواع منها الجعل و حمار قبان و بنات وردان و الحنطب و هو ذكر الخنافس و الخنفساء مخصوصة بكسرة الفسو.

وَ رَوَی ابْنُ عَدِیٍّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لِیَدَعَنَّ النَّاسُ فَخْرَهُمْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ أَوْ لِیَكُونَنَّ أَبْغَضَ إِلَی اللَّهِ مِنَ الْخَنَافِسِ.

و حكی القزوینی أن رجلا رأی خنفساء فقال ما یرید(3) اللّٰه من خلق هذه أحسن شكلها(4) أو طیب ریحها فابتلاه اللّٰه بقرحة عجز عنها الأطباء حتی ترك علاجها فسمع یوما صوت طبیب من الطرقیین و هو ینادی فی الدرب فقال هاتوه حتی ینظر فی أمری فقالوا ما تصنع بطریقی (5)

و قد عجز عنك حذاق الأطباء فقال لا بد لی منه فلما أحضروه و رأی القرحة استدعی بخنفساء فضحك الحاضرون فتذكر العلیل القول الذی سبق منه فقال أحضروا له ما طلب فإن الرجل علی بصیرة(6) فأحرقها و ذر رمادها علی قرحته فبرأ بإذن اللّٰه تعالی فقال للحاضرین إن اللّٰه تعالی أراد أن یعرفنی أن أخس المخلوقات أعز الأدویة(7).

و قال الذباب معروف واحدته ذبابة و جمعه أذبة و ذبان بكسر الذال و تشدید الباء الموحدة و بالنون فی آخره قال أفلاطون إن الذباب أحرص الأشیاء

ص: 313


1- 1. تهذیب الأحكام ج 9 ص 82.
2- 2. زاد فی المصدر: دویبة سوداء أصغر من الجعل منتنة الریح.
3- 3. فی المصدر: ما ذا یرید اللّٰه تعالی.
4- 4. فی المصدر: أ لحسن شكلها أو لطیب ریحها.
5- 5. فی المصدر: بطرفی.
6- 6. فی المصدر: علی بصیرة من أمره فاحضروها له فاحرقها.
7- 7. حیاة الحیوان 1: 222 و 223.

و لم یخلق للذباب أجفان لصغر أحداقها و من شأن الأجفان أن تصقل مرآة الحدقة من الغبار فجعل اللّٰه لها عوض الأجفان یدین تصقل بهما مرآة حدقتها فلذا تری الذباب یمسح بیدیه عینیه و هو أصناف كثیرة متولدة من العفونة قال الجاحظ الذباب عند العرب یقع علی الزنابیر و البعوض (1) بأنواعه كالبق و البراغیث و القمل و الصواب و الناموس و الفراش و النمل و الذباب المعروف عند الإطلاق العرفی و هو أصناف النغر و القمع و الخازباز و الشعراء و ذباب الكلاب و ذباب الریاض و ذباب الكلاء و الذباب الذی یخالط الناس یخلق من السفاد و قد یخلق من الأجسام و یقال إن الباقلاء إذا عتق فی موضع استحال كله ذبابا فطار من الكوی التی فی ذلك الموضع و لا یبقی فیه غیر القشر.

وَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عُمُرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ لَیْلَةً وَ الذُّبَابُ كُلُّهُ فِی النَّارِ إِلَّا النَّحْلَ.

قیل كونه فی النار لیس بعذاب و إنما هو لیعذب به أهل النار لوقوعه علیهم

وَ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: وُكِّلَ بِالْمُؤْمِنِ مِائَةٌ وَ سِتُّونَ مَلَكاً یَذُبُّونَ عَنْهُ مَا لَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ فَمِنْ ذَلِكَ سَبْعَةُ أَمْلَاكٍ یَذُبُّونَ عَنْهُ كَمَا یُذَبُّ عَنْ قَصْعَةِ الْعَسَلِ الذُّبَابُ فِی یَوْمِ الصَّائِفِ وَ لَوْ بَدَوْا لَكُمْ لَرَأَیْتُمُوهُمْ عَلَی كُلِّ سَهْلٍ وَ جَبَلٍ كُلٌّ بَاسِطٌ یَدَهُ فَاغِرٌ فَاهُ وَ لَوْ وُكِّلَ الْعَبْدُ إِلَی نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ لَاخْتَطَفَتْهُ الشَّیَاطِینُ.

و العرب یجعل الذباب و الفراش و الدبر و نحوه كلها واحدا و جالینوس یقول إنه ألوان فللإبل ذباب و للبقر ذباب و أصله دود صغار تخرج من أبدانهن فتصیر ذبابا و زنابیر و ذباب الناس یتولد من الزبل إذا هاجت (2) ریح الجنوب و یخلق فی تلك الساعة و إذا هبت ریح الشمال خف و تلاشی و هو من ذوات الخراطیم كالبعوض انتهی.

و من عجیب أمره أنه یلقی رجیعه علی الأبیض أسود و علی الأسود أبیض

ص: 314


1- 1. فی المصدر: علی الزنابیر و النحل و البعوض.
2- 2. فی المصدر: و یكثر الذباب.

و لا یقع علی شجرة الیقطین و لذلك أنبتها اللّٰه علی یونس علیه السلام حین خرج من بطن الحوت و لو وقعت علیه ذبابة لآلمته فمنع اللّٰه تعالی عنه الذباب فلم یزل كذلك حتی تصلب جسمه و لا یظهر كثیرا إلا فی الأماكن العفنة و مبدأ خلقه منها ثم من السفاد و ربما بقی الذكر علی الأنثی عامة الیوم و من الحیوان الشمسیة(1) لأنه یخفی شتاء و یظهر صیفا.

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ غَیْرُهُ (2) أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِی إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْیَمْقُلْهُ فَإِنَّ فِی أَحَدِ جَنَاحَیْهِ دَاءً وَ فِی الْآخَرِ دَوَاءً وَ إِنَّهُ یَتَّقِی بِجَنَاحِهِ الَّذِی فِیهِ الدَّاءُ.

وَ فِی رِوَایَةِ النَّسَائِیِّ وَ ابْنِ مَاجَهْ: أَنَّ إِحْدَی جَنَاحَیِ الذُّبَابِ سَمٌّ وَ الْآخَرَ شِفَاءٌ فَإِذَا وَقَعَ فِی الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّهُ یُقَدِّمُ السَّمَّ وَ یُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ.

و قال الخطابی و قد تكلم علی هذا الحدیث بعض من لا خلاق له و قال كیف یكون هذا و كیف یجتمع الداء و الشفاء فی جناحی ذبابة و كیف تعلم ذلك فی نفسها حتی تقدم جناح الداء و تؤخر جناح الشفاء و ما أداها إلی ذلك قال و هذا سؤال جاهل أو متجاهل فإن الذی یجد نفسه و نفوس عامة الحیوان (3) قد جمع فیها بین الحرارة و البرودة و الرطوبة و الیبوسة و هی أشیاء متضادة إذا تلاقت تفاسدت ثم یری اللّٰه (4) سبحانه قد ألف بینها و قهرها علی الاجتماع و جعل منها قوی الحیوان التی منها بقاؤه و صلاحه لجدیر أن لا ینكر اجتماع الداء و الشفاء فی جزءین من حیوان واحد و أن الذی ألهم النحلة أن تتخذ البیت العجیب الصنعة و أن تعسل فیه و ألهم الذرة أن تكتسب قوتها و تدخره لأوان حاجتها إلیه هو الذی خلق الذبابة و جعل لها الهدایة إلی أن تقدم جناحا و تؤخر

ص: 315


1- 1. فی المصدر: و هو من الحیوانات الشمسیة.
2- 2. فی المصدر: و روی البخاری و أبو داود و النسائی و ابن ماجة و ابن خزیمة و ابن حبان.
3- 3. فی المصدر: و نفس سائر الحیوانات.
4- 4. فی المصدر: ثم یری ان اللّٰه.

جناحا(1) لما أراد من الابتلاء الذی هو مدرجة التعبد و الامتحان الذی هو مضمار التكلیف و له فی كل شی ء حكمة و عنوان وَ ما یَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ انتهی.

و قد تأملت الذباب فوجدته یتقی بجناحه الأیسر و هو مناسب للداء كما أن الأیمن مناسب للشفاء و قد استفید من الحدیث أنه إذا وقع فی المائع لا ینجسه لأنه لیست له نفس سائلة.

و لو وقع الزنبور أو الفراش أو النحل أو أشباه ذلك فی الطعام فهل یؤمر بغمسه لعموم قوله صلی اللّٰه علیه و آله إذا وقع الذباب فی إناء أحدكم الحدیث و هذه الأنواع كلها یقع علیها اسم الذباب فی اللغة كما تقدم و قد قال علی علیه السلام فی العسل إنه مذقة ذبابة و قد مر أن الذباب كله فی النار إلا النحل فسمی الكل ذبابا فإذا كان كذلك فالظاهر وجوب حمل الأمر بالغمس علی الجمیع إلا النحل فإن الغمس قد یؤدی إلی قتله.

وَ فِی شِفَاءِ الصُّدُورِ وَ تَارِیخِ ابْنِ النَّجَّارِ مُسْنَداً: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ لَا یَقَعُ عَلَی جَسَدِهِ وَ لَا عَلَی ثِیَابِهِ ذُبَابٌ أَصْلًا.

و الذباب أجهل الخلق لأنه یلقی نفسه فی الهلكة(2).

و قال البق المعروف هو الفسافس یقال إنه یتولد من النفس الحار و

ص: 316


1- 1. اعلم انه قد أورد حدیث الذباب كل من الخاصّة و العامّة فی كتبهم المعتبرة و تكلم علیه كثیر ممن شأنهم الاعتراض بكل ما لم یوافق نظره، و اعترض علی سابقا بعض الاطباء أیضا فاجبته بانك ما جربت هذا حتّی یمكنك نفیه، و استنكارك لیس إلا صرف الاستبعاد و العلم لم یكشف عن ذلك قناعه فای مانع فی ان اللّٰه جعل فیه مادة مضرة یقال لها: میكروب، و جعل فیه ضده و دافعه، و لعلّ تقدیمه الجناح الذی فیه الداء لازالته عن نفسه. و ظفرت بعد هذه المحاورة بكتاب كل ما فی صحیح البخاریّ صحیح و رأیت انه تكلم علی هذا الحدیث و ما اعترض علیه، و اجاب بأن بعض الاطباء العصری استكشف أن فی الذباب مادة یوجب الداء و فیه ما یدفعه أقول: و لعله یستفاد من تقدیم الجناح الذی فیه الداء أن الماء یدفع ذلك الداء و هو ضده و رافعه.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 254- 259.

لشدة رغبته فی الإنسان إذا شم رائحته رمی بنفسه علیه (1).

وَ فِی حَدِیثِ الطَّبَرَانِیِّ بِإِسْنَادٍ جَیِّدٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَایَ هَاتَانِ وَ أَبْصَرَتْ عَیْنَایَ هَاتَانِ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ آخِذٌ بِكَفَّیْهِ جَمِیعاً حَسَناً أَوْ حُسَیْناً وَ قَدَمَاهُ عَلَی قَدَمَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ حُزُقَّةٌ حُزُقَّةٌ تَرَقَّ عَیْنَ بَقَّةٍ فَیَرْقَی الْغُلَامُ فَیَضَعُ قَدَمَیْهِ عَلَی صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ افْتَحْ فَاكَ ثُمَّ قَبَّلَهُ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّهُ فَإِنِّی أُحِبُّهُ.

رواه البزار ببعض هذا اللفظ و الحزقة الضعیف المتقارب الخطو ذكر له ذلك علی سبیل المداعبة و التأنیس و ترق معناه اصعد و عین بقة كنایة عن ضعف العین (2)

مرفوع خبر مبتدإ محذوف.

وَ فِی تَارِیخِ ابْنِ النَّجَّارِ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَقُولُ: فِی خُطْبَتِهِ ابْنُ آدَمَ تُؤْلِمُهُ بَقَّةٌ وَ تُنَتِّنُهُ عَرْقَةٌ(3) وَ تَقْتُلُهُ شَرْقَةٌ(4).

و قال الزنبور الدبر و هی تؤنث و الزنابیر لغة فیها و ربما سمیت النحلة زنبورا و الجمع الزنابیر و هو صنفان جبلی و سهلی فالجبلی یأوی الجبال و یعیش فی الشجر(5)

و لونه إلی السواد و بداءة خلقه دود حتی یصیر كذلك و یتخذ بیوتا من تراب كبیوت النحل و یجعل لبیوته أربعة أبواب لمهاب الریاح الأربع و له حمة یلسع بها و غذاؤه من الثمار و الأزهار و یتمیز ذكورها من إناثها بكبر الجثة و السهلی لونه أحمر و یتخذ عشه تحت الأرض و یخرج التراب منه كما یفعل النمل و یختفی فی الشتاء لأنه متی ظهر فیه هلك فهو ینام طول الشتاء كالمیتة و لا یجمع القوت للشتاء بخلاف النمل فإذا جاء الربیع و قد صار من البرد و عدم

ص: 317


1- 1. فی المصدر: فی الإنسان لا یتمالك إذا شم رائحته الا رمی نفسه علیه.
2- 2. فی المصدر: عن صغر العین، مرفوع علی أنّه خبر.
3- 3. فی المصدر: و تتبعه حرقة.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 110 و 111.
5- 5. فی المصدر: و یعشش فی الشجر.

القوت كالخشب الیابس نفخ اللّٰه فی تلك الجثة الحیاة فعاشت مثل العام الأول و ذلك دأبها و فی هذا النوع صنف مختلف اللون مستطیل الجسد فی طبعه الحرص و الشره یطلب المطابخ و یأكل ما فیها من اللحوم و یطیر مفردا(1)

و یسكن بطن الأرض و الجدران و هذا الحیوان بأسره مقسوم فی وسطه و لذلك لا یتنفس من جوفه البتة و متی غمس فی الدهن سكنت حركته و إنما ذلك لضیق منافذه فإن طرح فی الخل عاش (2) و یحرم أكله و یستحب قتله

لِمَا رُوِیَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ قَتَلَ زُنْبُوراً اكْتَسَبَ ثَلَاثَ حَسَنَاتٍ.

لكن یكره إحراق بیوتها بالنار و سئل أحمد عن تدخین بیوت الزنابیر فقال إذا یخشی أذاها فلا بأس و هو أحب إلی من تحریقه (3).

و قال الدبر بفتح الدال جماعة النحل قال السهیلی الدبر الزنابیر و قال الأصمعی لا واحد له من لفظه و یقال إن واحده خشرمة.

و فی الفائق أن سكینة بنت الحسین علیه السلام جاءت إلی أمها الرباب و هی صغیرة تبكی فقالت ما بك قالت مرت بی دبیرة فلسعتنی بأبیرة.

أرادت تصغیر دبرة و هی النحلة سمیت بذلك لتدبیرها فی عمل العسل (4).

و قال البرغوث واحد البراغیث و ضم بائه أكثر من كسرها و حكی الجاحظ أن البرغوث من الحیوان الذی یعرض له الطیران كما یعرض للنحل و هو یطیل السفاد و یبیض فیفرخ بعد أن یتولد و هو ینشأ أولا من التراب لا سیما فی الأماكن المظلمة و سلطانه فی أواخر فصل الشتاء و أول فصل الربیع و یقال إنه علی صورة الفیل و له أنیاب یعض بها و خرطوم یمص به و لا یسب لما روی عن أنس أن النبی

ص: 318


1- 1. فی المصدر: و یطیر منفردا.
2- 2. فی المصدر: فاذا طرح فی الخل عاش و طار و یحرم اكله لاستخباثه.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 6 و 7 فیه: من تحریقها و لا یصحّ بیعها لأنّها من الحشرات.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 237 و 238.

صلی اللّٰه علیه و آله سمع رجلا یسب برغوثا فقال لا تسبه فإنه أیقظ نبیا لصلاة الفجر.

وَ مِنْ مُعْجَمِ الطَّبَرَانِیِّ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَآذَتْنَا الْبَرَاغِیثُ فَسَبَبْنَاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَسُبُّوهَا فَنِعْمَتِ الدَّابَّةُ فَإِنَّهَا أَیْقَظَتْكُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ.

وَ فِی دَعَوَاتِ الْمُسْتَغْفِرِیِّ عَنْ أَبِی ذَرٍّ(1) أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا آذَاكَ الْبُرْغُوثُ فَخُذْ قَدَحاً مِنْ مَاءٍ وَ اقْرَأْ عَلَیْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ ما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَی اللَّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا الْآیَةَ ثُمَّ یَقُولُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ فَكُفُّوا شَرَّكُمْ وَ أَذَاكُمْ عَنَّا ثُمَّ تَرُشُّهُ حَوْلَ فِرَاشِكَ فَإِنَّكَ تَبِیتُ آمِناً مِنْ شَرِّهَا وَ یُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِلْمُحِلِّ وَ الْمُحْرِمِ (2).

«10»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً أَصْغَرَ مِنَ الْبَعُوضِ وَ الْجِرْجِسُ أَصْغَرُ مِنَ الْبَعُوضِ وَ الَّذِی نُسَمِّیهِ نَحْنُ الْوَلَعَ أَصْغَرُ مِنَ الْجِرْجِسِ وَ مَا فِی الْفِیلِ شَیْ ءٌ إِلَّا وَ فِیهِ مِثْلُهُ وَ فُضِّلَ عَلَی الْفِیلِ بِالْجَنَاحَیْنِ (3).

بیان: قال الجوهری الجرجس لغة فی القرقس و هو البعوض الصغار.

و أقول لعل قوله علیه السلام أصغر من البعوض یعنی به أصغر من سائر أنواعه لیستقیم قوله علیه السلام ما خلق اللّٰه خلقا أصغر من البعوض و یوافق كلام أهل اللغة علی أنه یحتمل أن یكون الحصر فی الأول إضافیا كما أن الظاهر أنه لا بد من تخصیصه بالطیور إذ قد یحس من الحیوانات ما هو أصغر من البعوض (4) إلا أن یقال

ص: 319


1- 1. فی المصدر: و فی كتاب الدعوات للمستغفری عن ابی الدرداء و فی شرح المقامات للمسعودیّ عن أبی ذرّ رضی اللّٰه عنه.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 87 و 88.
3- 3. روضة الكافی: 248.
4- 4. قد ورد فی الحدیث فی وجه تسمیة اللّٰه باللطیف: لانه خلق ما لا یعرف ذكره من انثاه و ما لا یكاد یستبینه العیون لصغره، و فی الصحیفة السجّادیة: و امزج میاههم بالوباء، و هما یدلان علی وجود حیوانات ذرّیة.

یمكن أن یكون للبعوض أنواع صغار لا یكون شی ء من الحیوانات أصغر منها و الوالع غیر مذكور فی كتب اللغة و الظاهر أنه أیضا صنف من البعوض و قال الدمیری البعوض دویبة و قال الجوهری إنه البق الواحدة بعوضة و هو وهم و الحق أنهما صنفان صنف كالقراد لكن له أرجل خفیة(1) و رطوبة ظاهرة یسمی بالعراق و الشام الجرجس قال الجوهری و هو لغة فی القرقس و هو البعوض الصغار و البعوض علی خلقة الفیل إلا أنه أكثر أعضاء منه فإن للفیل أربعة أرجل و خرطوما و ذنبا و للبعوض مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان و أربعة أجنحة و خرطوم الفیل مصمت و خرطومه مجوف نافذ للجوف فإذا طعن به جسد الإنسان استقی الدم و قذف به إلی جوفه فهو له كالبلعوم و الحلقوم فلذلك اشتد عضها و قویت علی خرق الجلود الغلاظ و مما ألهمه اللّٰه تعالی أنه إذا جلس علی عضو من أعضاء الإنسان لا یزال یتوخی بخرطومه المسام التی یخرج منها العرق لأنها أرق بشرة من جلد الإنسان فإذا وجدها وضع خرطومه فیها و فیه من الشره أن یمص الدم إلی أن ینشق و یموت أو إلی أن یعجز عن الطیران فیكون ذلك سبب هلاكه و من ظریف (2) أمره أنه ربما قتل البعیر و غیره من ذوات الأربع فیبقی طریحا فی الصحراء فیجتمع حوله السباع و الطیر مما یأكل الجیف (3) فمتی أكل منها شیئا مات لوقته و كان بعض جبابرة الملوك بالعراق یعذب بالبعوض فیأخذ من یرید قتله فیخرجه مجردا إلی بعض الآجام التی بالبطائح و یتركه فیها مكتوفا فیقتل فی أسرع وقت.

وَ رَوَی التِّرْمِذِیُّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْیَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَی مِنْهَا كَافِراً شَرْبَةَ مَاءٍ.

و روی وهب بن منبه أرسل اللّٰه (4) البعوض علی نمرود و اجتمع منه فی عسكره

ص: 320


1- 1. فی المصدر: خفیفة.
2- 2. فی المصدر: و من عجیب امره.
3- 3. فی المصدر: و الطیر التی تأكل الجیف.
4- 4. فی المصدر:« لما ارسل اللّٰه البعوض علی النمرود اجتمع».

ما لا یحصی عددا فلما عاین نمرود(1)

ذلك انفرد عن جیشه و دخل بیته و أغلق الباب و أرخی الستور و نام علی قفاه مفكرا فدخلت بعوضة فی أنفه فصعدت إلی دماغه فتعذب (2)

بها أربعین یوما إلی أن كان یضرب برأسه الأرض و كان أعز الناس عنده من یضرب رأسه ثم سقط منه كالفرخ و هو یقول كذلك یسلط اللّٰه رُسُلَهُ عَلی مَنْ یَشاءُ من عباده ثم هلك حینئذ.

وَ رَوَی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ارْفُقْ بِصَاحِبِی فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ قَالَ إِنِّی بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِیقٌ وَ مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ إِلَّا أَتَصَفَّحُهُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَ لَوْ أَنِّی أَرَدْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرْتُ حَتَّی یَكُونَ مِنَ اللَّهِ الْأَمْرُ بِقَبْضِهَا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بَلَغَنِی أَنَّهُ یَتَصَفَّحُهُمْ عِنْدَ مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ.

و من هذا یعلم أن ملك الموت هو الموكل بقبض كل روح (3).

و البعوضة علی صغر جرمها قد أودع اللّٰه تعالی فی مقدم دماغها قوة الحفظ و فی وسطه قوة الفكر و فی مؤخره قوة الذكر و خلق لها حاسة البصر و حاسة اللمس و حاسة الشم و خلق لها منفذا للغذاء و مخرجا للفضلة و خلق لها جوفا و معاء و عظاما فسبحان من قَدَّرَ فَهَدی و لم یخلق شیئا من المخلوقات سدی (4).

ص: 321


1- 1. فی المصدر: النمرود.
2- 2. فی المصدر: فعذب.
3- 3. فی المصدر: كل ذی روح.
4- 4. حیاة الحیوان 1: 90- 92.

باب 13 الخفاش و غرائب خلقه و عجائب أمره

الآیات:

آل عمران: أَنِّی أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَأَنْفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیْراً بِإِذْنِ اللَّهِ

تفسیر:

المشهور بین المفسرین من الخاصة و العامة أن الطیر كان هو الخفاش قال أبو اللیث فی تفسیره إن الناس سألوا عیسی علی وجه التعنت فقالوا له اخلق لنا خفاشا و اجعل فیه روحا إن كنت من الصادقین فأخذ طینا و جعل خفاشا و نفخ فیه فإذا هو یطیر بین السماء و الأرض و كان تسویة الطین و النفخ من عیسی علیه السلام و الخلق من اللّٰه تعالی و یقال إنما طلبوا منه خلق خفاش لأنه أعجب من سائر الخلق.

و من عجائبه أنه دم و لحم یطیر بغیر ریش و یلد كما یلد الحیوان و لا یبیض كما یبیض سائر الطیور و یكون له الضرع و یخرج منه اللبن و لا یبصر فی ضوء النهار و لا فی ظلمة اللیل و إنما یری فی ساعتین بعد غروب الشمس ساعة و بعد طلوع الفجر ساعة قبل أن یسفر جدا و یضحك كما یضحك الإنسان و تحیض كما تحیض المرأة فلما رأوا ذلك منه ضحكوا و قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِینٌ فذهبوا إلی جالینوس فأخبروه بذلك فقال آمنوا به الخبر.

«1»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ: أَنَّهُ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ سِتَّةٍ لَمْ یَرْكُضُوا فِی رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ كَبْشُ إِسْمَاعِیلَ (1) وَ عَصَا مُوسَی وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ

ص: 322


1- 1. فی الخصال و العلل:« و كبش إبراهیم» و النسخة المخطوطة اكتفی فیها بذكر مسألة الخفاش فقط.

الْخُفَّاشُ الَّذِی عَمِلَهُ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السلام فَطَارَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی (1).

«2»- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ،: مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام یَذْكُرُ فِیهَا بَدِیعَ خِلْقَةِ الْخُفَّاشِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی انْحَسَرَتِ الْأَوْصَافُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهِ وَ رَدَعَتْ عَظَمَتُهُ الْعُقُولَ فَلَمْ یَجِدْ مَسَاغاً إِلَی بُلُوغِ غَایَةِ مَلَكُوتِهِ هُوَ اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِینُ أَحَقُّ وَ أَبْیَنُ مِمَّا تَرَی الْعُیُونُ لَمْ تَبْلُغْهُ الْعُقُولُ بِتَحْدِیدٍ فَیَكُونَ مُشَبَّهاً وَ لَمْ تَقَعْ عَلَیْهِ الْأَوْهَامُ بِتَقْدِیرٍ فَیَكُونَ مُمَثَّلًا خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَی غَیْرِ تَمْثِیلٍ وَ لَا مَشُورَةِ مُشِیرٍ وَ لَا مَعُونَةِ مُعِینٍ فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أُذْعِنُ بِطَاعَتِهِ فَأَجَابَ وَ لَمْ یُدَافِعْ وَ انْقَادَ فَلَا یُنَازِعُ (2)

وَ مِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ وَ عَجَائِبِ خِلْقَتِهِ مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِكْمَةِ فِی هَذِهِ الْخَفَافِیشِ الَّتِی یَقْبِضُهَا الضِّیَاءُ الْبَاسِطُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ یَبْسُطُهَا الظَّلَامُ الْقَابِضُ لِكُلِّ حَیٍّ وَ كَیْفَ غشیت [عَشِیَتْ] أَعْیُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ الشَّمْسِ (3) الْمُضِیئَةِ نُوراً تَهْتَدِی بِهِ فِی مَذَاهِبِهَا وَ تَصِلُ (4) بِعَلَانِیَةِ بُرْهَانِ الشَّمْسِ إِلَی مَعَارِفِهَا وَ رَدَعَهَا بِتَلَأْلُؤِ ضِیَائِهَا عَنِ الْمُضِیِّ فِی سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا وَ أَكَنَّهَا فِی مَكَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِی بُلَجِ ائْتِلَاقِهَا فَهِیَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَی أَحْدَاقِهَا وَ جَاعِلَةُ اللَّیْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِهِ فِی الْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا فَلَا یَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ وَ لَا تَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِیِّ فِیهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ فَإِذَا أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا وَ بَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا وَ دَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَی الضِّبَابِ فِی وِجَارِهَا أَطْبَقَتِ الْأَجْفَانَ عَلَی مَآقِیهَا وَ تَبَلَّغَتْ مَا اكْتَسَبَتْهُ مِنَ الْمَعَاشِ فِی ظُلَمِ لَیَالِیهَا فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّیْلَ لَهَا نَهَاراً وَ مَعَاشاً وَ النَّهَارَ سَكَناً وَ قَرَاراً وَ جَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَی الطَّیَرَانِ كَأَنَّهَا شَظَایَا الْآذَانِ غَیْرَ ذَوَاتِ رِیشٍ وَ لَا قَصَبٍ إِلَّا أَنَّكَ تَرَی مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَیِّنَةً أَعْلَاماً لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا

ص: 323


1- 1. علل الشرائع 2: 282 عیون الأخبار ج 1 ص 244. و رواه أیضا فی الخصال 1: 323 و الحدیث مسند راجع.
2- 2. فی المخطوطة: و لم ینازع.
3- 3. فی المخطوطة: من ان تستمد عن الشمس.
4- 4. فی نسخة: و یتصل.

یَرِقَّا فَیَنْشَقَّا وَ لَمْ یَغْلُظَا فَیَثْقُلَا تَطِیرُ وَ وَلَدُهَا لَاصِقٌ بِهَا لَاجِئٌ إِلَیْهَا یَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ وَ یَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ لَا یُفَارِقُهَا حَتَّی تَشْتَدَّ أَرْكَانُهَا وَ یَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ وَ یَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَیْشِهِ وَ مَصَالِحَ نَفْسِهِ فَسُبْحَانَ الْبَارِئِ لِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلَی غَیْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَیْرِهِ (1).

تبیان الخفاش كرمان معروف و حسر حسورا كقعد كل لطول مدی و نحوه و حسرته أنا یتعدی و لا یتعدی و انحسرت أی كلت و أعیت و كنه الشی ء حقیقته و نهایته و ردعت كمنعت لفظا و معنا و المساغ المسلك و الملكوت العز و السلطان و الحق المتحقق وجوده أو الموجود حقیقة و أبین أی أوضح و كونه سبحانه أحق و أبین مما تری العیون لأن العلم بوجوده سبحانه عقلی یقینی لا یتطرق إلیه ما یتطرق إلی المحسوسات من الغلط و الحد فی اللغة المنع الحاجز بین الشیئین و نهایة الشی ء و طرفه و فی عرف المنطقیین التعریف بالذاتی و المراد بالتحدید هنا إما إثبات النهایة و الطرف المستلزم للمشابهة بالأجسام أو التحدید المنطقی و الأول أنسب بعرفهم و التقدیر إثبات المقدار و كأن المراد بالتمثیل إیجاد الخلق علی حذو ما قد خلقه غیره أو أنه لم یجعل لخلقه مثالا قبل الإیجاد كما یفعله البناء تصویرا لما یرید بناءه و المشورة مفعلة من أشار إلیه بكذا أی أمره به و المشورة بضم الشین كما فی بعض النسخ و الشوری بمعناه و المعونة الاسم من أعانه و عونه فتم خلقه أی بلغ كل مخلوق إلی كماله الذی أراده اللّٰه سبحانه منه أو خرج جمیع ما أراده من العدم إلی الوجود بمجرد أمره و أذعن أی خضع و أقر و أسرع فی الطاعة و انقاد و الجملتان كالتفسیر للإذعان و لعل المراد بالإذعان دخوله تحت القدرة الإلهیة و عدم الاستطاعة للامتناع.

و قوله علیه السلام لم یدافع بیان للإجابة كما أن لم ینازع بیان للانقیاد و إلا لكان العكس أنسب و یحتمل أن یكون إشارة إلی تسبیحهم بلسان الحال كقوله تعالی

ص: 324


1- 1. نهج البلاغة تحت الرقم 153 من قسم الخطب.

وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (1) كما مر و اللطائف جمع لطیفة و هی ما صغر و دق و العجائب جمع عجیبة و عجیب قیل یجمع علی عجائب كأفیل و أفائل و قیل لا یجمع عجیب و لا عجب و الغامض خلاف الواضح و كل شی ء خفی مأخذه و قال بعضهم حاصل الكلام التعجب من مخالفتها لجمیع الحیوانات فی الانقباض عن الضوء و الإشارة إلی خفاء العلة فی ذلك و المراد بالانقباض انقباض أعینها فی الضوء و یكون ذلك عن إفراط التحلل فی الروح النوری لحر النهار ثم یستدرك ذلك برد اللیل فیعود الأبصار.

و قیل الأظهر أنه لیس لمجرد الحر و إلا لزم أن لا یعرضه الانقباض فی الشتاء إلا إذا ظهرت الحرارة فی الهواء و فی الصیف أیضا فی أوائل النهار بل ذلك لضعف فی قوتها الباصرة و نوع من التضاد و التنافر بینها و بین النور كالعجز العارض لسائر القوی المبصرة عن النظر إلی جرم الشمس و أما أن علة التنافر ما ذا ففیه خفاء و هو منشأ التعجب الذی یشیر إلیه الكلام و یمكن أن یعود الضمیر إلیها من غیر تقدیر مضاف و یكون المراد بانقباضها ما هو منشأ اختفائها نهارا و إن كان ذلك ناشئا من جهة الأبصار و العشی بالفتح مقصورا سوء البصر بالنهار أو باللیل و النهار أو العمی و المعنی كیف عجزت و عمیت عن أن تستمد أی تستعین و تتقوی تقول أمددته بمدد إذا أعنته و قویته و مذاهبها طرق معاشها و مسالكها فی سیرها و انتفاعها و تصل بالنصب عطفا علی تستمد و فی بعض النسخ بالرفع عطفا علی تهتدی و فی بعضها و تتصل و الاتصال إلی الشی ء الوصول إلیه.

و البرهان الدلیل و معارفها ما تعرفه من طرق انتفاعها و ردعها أی كفها و ردها و تلألأ البرق أی لمع و السبحات بضمتین جمع سبحة بالضم و هی النور و قیل سبحات الوجه محاسنه لأنك إذا رأیت الوجه الحسن قلت سبحان اللّٰه و قیل سبحان اللّٰه تنزیه له أی سبحان وجهه و الكن بالكسر الستر و أكنه ستره و استكن استتر و كمن كنصر و منع أی استخفی و المكمن الموضع و البلج

ص: 325


1- 1. اسراء: 44.

بالتحریك مصدر بلج كتعب أی ظهر و وضح و صبح أبلج بین البلج أی مشرق و مضی ء ذكره الجوهری و قیل البلج جمع بلجة بالضم و هو أول ضوء الصبح و جاء بلجة أیضا بالفتح و لم أجده فی كلامهم و الائتلاق اللمعان یقال ائتلق و تألق إذا التمع و سدل ثوبه یسدله و أسدله أی أرسله و أرخاه و الجفن بالفتح غطاء العین من أعلاها و أسفلها و الجمع أجفان و جفون و أجفن و الحدقة محركة سواد العین و تجمع علی حداق كما فی بعض النسخ و علی أحداق كما فی بعضها و إسدال جفونها لانقباضها و تأثر حاستها عن الضیاء و قیل لأن تحلل الروح الحامل للقوة الباصرة سبب للنوم أیضا فیكون ذلك الإسدال ضربا من النوم و الالتماس الطلب و أسدف اللیل أی أظلم و فی بعض النسخ أسداف بفتح الهمزة جمع سدف بالتحریك كجمل و إجمال و هو الظلمة و الإضافة للمبالغة و الضمیر فی فیه راجع إلی اللیل و الغسق بالتحریك ظلمة أول اللیل و الدجنة بضم الدال المهملة و الجیم و تشدید النون كحزقة و الدجن كعتل الظلمة و حاصل الكلام التعجب من كون حالها فی الإبصار و التماس الرزق علی عكس سائر الحیوانات و قناع الشمس كنایة عن الظلمة أو ما یحجبها من الآفاق و إلقاء القناع طلوعها و الوضح بالتحریك البیاض من كل شی ء و بیاض الصبح و القمر و فی بعض النسخ دخل من إشراق نورها أی دخل الشی ء من إشراق نورها.

و الضباب بالكسر جمع الضب الدابة المعروفة و وجارها بالكسر جحرها الذی تأوی إلیه و من عادتها الخروج من وجارها عند طلوع الشمس لمواجهة النور علی عكس الخفافیش و مأقیها بفتح المیم و سكون الهمزة و كسر القاف و سكون الیاء كما فی أكثر النسخ لغة فی المؤق بضم المیم و سكون الهمزة أی طرف عینها مما یلی الأنف و هو مجری الدمع من العین و قیل مؤخرها و قال الأزهری أجمع أهل اللغة أن المؤق و المأق بالضم و الفتح طرف العین الذی یلی الأنف و أن الذی یلی الصدغ یقال له اللحاظ و المأقی لغة فیه و قال ابن القطاع مأقی العین فعلی و قد غلط فیه جماعة من العلماء فقالوا هو مفعل و لیس كذلك بل الیاء فی آخره.

ص: 326

للإلحاق قال الجوهری و لیس هو مفعل لأن المیم أصلیة و إنما زیدت فی آخره الیاء للإلحاق و لما كان فعلی بكسر اللام نادرا لا أخت لها ألحق بمفعل و لهذا جمع علی مآق علی التوهم و فی بعض النسخ مآقیها علی صیغة الجمع و تبلغ بكذا أی اكتفی.

و المعاش ما یعاش به و ما یعاش فیه و مصدر بمعنی الحیاة و المناسب هاهنا الأول و فیما سیجی ء الثانی و فی بعض النسخ لیلها موضع لیالیها و السكن بالتحریك ما تسكن إلیه النفس و تطمئن و قر الشی ء كفر أی استقر بالمكان و الاسم القرار بالفتح و قیل

هو اسم مصدر(1) و الشظیة الفلقة من الشی ء فعیلة من قولك تشظت العصا إذا صارت فلقا و الجمع شظایا و القصب الذی فی أسفل الریش للطیور.

و الأعلام جمع علم بالتحریك و هو طراز الثوب و رسم الشی ء و رقمه و أعلاما فی المعنی كالتأكید لبینة و كلمة لها غیر موجودة فی بعض النسخ فیكون قوله جناحان خبر مبتدإ محذوف أی جناحاه لم یجعلا رقیقین بالغین فی الرقة و لا فی الغلظ حذرا من الانشقاق و الثقل المانع من الطیران و لجأ إلی الشی ء أی لاذ و اعتصم به و وقوع الطیر ضد ارتفاعه و أركان كل شی ء جوانبه التی یستند إلیها و یقوم بها و النهوض التحرك بالقیام و نهض الطائر إذا بسط جناحه لیطیر و العیش الحیاة و مصالح الشی ء ما فیه صلاحه ضد الفساد و البارئ الخالق و مثال الشی ء شبهه و خلا أی مضی و سبق أی لم یخلق الأشیاء علی حذو خالق سبقه بل ابتدعها علی مقتضی الحكمة و المصلحة.

قال الدمیری الخفاش بضم الخاء و تشدید الفاء واحد الخفافیش التی تطیر فی اللیل و هو غریب الشكل و الوصف و الخفش صغر العین و ضیق البصر و الأخفش صغیر العین ضعیف البصر و قیل هو عكس الأعشی و قیل هو من یبصر فی الغیم دون الصحو و قال الجوهری هو نوعان فالأعشی من یبصر نهارا لا لیلا و العمش ضعف الرؤیة مع

ص: 327


1- 1. فی المخطوطة: هو مصدر.

سیلان الدمع غالب الأوقات و العور معروف.

قال البطلیوسی الخفاش له أربعة أسماء خفاش و خشاف و خطاف و وطواط و تسمیته خفاشا یحتمل أن یكون مأخوذا من الخفش و الأخفش فی اللغة نوعان ضعیف البصر خلقة و الثانی لعلة حدثت و هو الذی یبصر باللیل دون النهار و فی یوم الغیم دون الصحو.

و ما ذكره من أن الخفاش هو الخطاف فیه نظر و الحق أنه صنفان (1)

و قال قوم الخفاش الصغیر و الوطواط الكبیر و هو لا یبصر فی ضوء القمر و لا فی ضوء النهار و لما كان لا یبصر نهارا التمس الوقت الذی لا یكون فیه ظلمة و لا ضوء و هو قریب غروب الشمس لأنه وقت هیجان البعوض فإن البعوض یخرج ذلك الوقت یطلب قوته و هو دماء الحیوان و الخفاش یطلب الطعم (2) فیقع طالب رزق علی طالب رزق و الخفاش لیس هو من الطیر فی شی ء لأنه ذو أذنین و أسنان و خصیتین (3)

و یحیض و یطهر و یضحك كما یضحك الإنسان و یبول كما تبول ذوات الأربع و یرضع ولده و لا ریش له.

قال بعض المفسرین لما كان الخفاش هو الذی خلقه عیسی بن مریم علیه السلام بإذن اللّٰه تعالی كان مباینا لصنعة اللّٰه تعالی و لهذا جمیع الطیر تقهره و تبغضه فما كان منها یأكل اللحم أكله و ما لا یأكل اللحم قتله فلذلك لا یطیر إلا لیلا.

و قیل لم یخلق عیسی علیه السلام غیره لأنه أكمل الطیر خلقا و هو أبلغ فی القدرة لأن له ثدیا و أسنانا و أذنا(4) و قیل إنما طلبوا خلق الخفاش لأنه من أعجب الطیر(5) إذ هو لحم و دم یطیر بغیر ریش و هو شدید الطیران سریع التقلب

ص: 328


1- 1. فی المصدر: صنفان و هو الوطواط.
2- 2. فی المصدر: و الخفاش یخرج طالبا للطعم.
3- 3. فی المصدر: و خصیتین و منقار.
4- 4. زاد فی المصدر: و تحیض كما تحیض المرأة.
5- 5. فی المصدر: من اعجب الطیر خلقة.

یقتات بالبعوض و الذباب و بعض الفواكه و هو مع ذلك موصف بطول العمر فیقال إنه أطول عمرا من النسر و من حمار الوحش و تلد أنثاه ما بین ثلاثة أفراخ و سبعة و كثیرا ما یسفد و هو طائر فی الهواء و لیس فی الحیوان ما یحمل ولده غیره و القرد و الإنسان و یحمله تحت جناحه و ربما قبض علیه بفیه و هو من حنوه علیه و إشفاقه علیه و ربما أرضعت الأنثی ولدها و هی طائرة و فی طبعه أنه متی أصابه ورق الدلب حذر و لم یطر و یوصف بالحمق و من ذلك إذا قیل له أطرق كری التصق بالأرض (1).

باب 14 البوم

«1»- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ وَ جَمَاعَةِ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ یَقُولُ فِی الْبُومَةِ فَقَالَ هَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَآهَا نَهَاراً(2) قِیلَ لَهُ لَا تَكَادُ تَظْهَرُ بِالنَّهَارِ وَ لَا تَظْهَرُ إِلَّا لَیْلًا قَالَ أَمَا إِنَّهَا لَمْ تَزَلْ تَأْوِی الْعُمْرَانَ فَلَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام آلَتْ عَلَی نَفْسِهَا أَنْ لَا تَأْوِیَ الْعُمْرَانَ أَبَداً وَ لَا تَأْوِیَ إِلَّا الْخَرَابَ فَلَا تَزَالُ نَهَارَهَا صَائِمَةً حَزِینَةً حَتَّی یَجُنَّهَا اللَّیْلُ فَإِذَا جَنَّهَا اللَّیْلُ فَلَا تَزَالُ تَرِنُّ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی تُصْبِحَ (3).

«2»- وَ مِنْهُ، عَنْ حَكِیمِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ صَاعِدٍ الْبَرْبَرِیِّ وَ كَانَ قَیِّماً لِقَبْرِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لِی مَا یَقُولُ النَّاسُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ جِئْنَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَقَالَ تُرَی هَذِهِ الْبُومَةُ(4) كَانَتْ عَلَی عَهْدِ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَأْوِی الْمَنَازِلَ وَ الْقُصُورَ وَ الدُّورَ

ص: 329


1- 1. حیاة الحیوان 1: 4 2 و 215.
2- 2. فی المصدر: بالنهار.
3- 3. كامل الزیارة: 99.
4- 4. فی المصدر: فقال لی: تری هذه البومة؟ ما یقول الناس؟ قال: قلت: جعلت فداك جئنا نسألك. فقال: هذه البومة.

وَ كَانَتْ إِذَا أَكَلَ النَّاسُ الطَّعَامَ تَطِیرُ فَتَقَعُ أَمَامَهُمْ فَیُرْمَی إِلَیْهَا بِالطَّعَامِ وَ تُسْقَی ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَی مَكَانِهَا وَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام خَرَجَتْ مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَی الْخَرَابِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبَرَارِی وَ قَالَتْ بِئْسَ الْأُمَّةُ أَنْتُمْ قَتَلْتُمْ ابْنَ نَبِیِّكُمْ وَ لَا آمَنُكُمْ عَلَی نَفْسِی (1).

«3»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْبُومَةَ لَتَصُومُ النَّهَارَ فَإِذَا أَفْطَرَتْ تَدَلَّهَتْ (2)

عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی تُصْبِحَ (3).

بیان: تدلهت كذا فی أكثر النسخ بالدال المهملة و فی القاموس الدله و الدلهة محركة و الدلوة ذهاب الفؤاد من هم و نحوه و دلهه العشق بكذا تدلیها فتدله و المدله كمعظم الساهی القلب الذاهب العقل من عشق و نحوه و فی بعض النسخ بالواو و فی القاموس الوله محركة الحزن و ذهاب العقل حزنا و الحیرة و الخوف وله كورث و وجل و وعد فهو ولهان و واله و توله و اتله و هی ولهی و والهة و واله و میلاه شدیدة الحزن و الجزع علی ولدها.

«4»- الْكَامِلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُوسَی بْنِ عُمَرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْمِیثَمِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا بَا یَعْقُوبَ رَأَیْتَ بُومَةً قَطُّ تَنَفَّسُ بِالنَّهَارِ فَقَالَ لَا قَالَ وَ تَدْرِی لِمَ ذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ لِأَنَّهَا تَظَلُّ یَوْمَهَا صَائِمَةً فَإِذَا جَنَّهَا اللَّیْلُ أَفْطَرَتْ عَلَی مَا رُزِقَتْ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَرَنَّمُ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی تُصْبِحَ (4).

بیان: تنفس كذا فی أكثر النسخ بالنون و الفاء و كأنه كنایة عن التصویت و الترنم و لا یبعد أن یكون تنغش بالنون و الغین المعجمة قال فی القاموس النغش تحرك الشی ء من مكانه كالانتغاش و التنغش و كل طائر أو هامة تحرك فی مكانه فقد تنغش.

ص: 330


1- 1. كامل الزیارة: 99.
2- 2. فی المصدر: اندبت علی الحسین بن علی علیه السّلام.
3- 3. كامل الزیارة: 99.
4- 4. كامل الزیارة: 99.

«5»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ عَطِیَّةَ أَخِی أَبِی الْعَوَّامِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِیٌّ عَلَی لَقُوحٍ (1) لَهُ فَعَقَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ فَضَرَبَ بِبَصَرِهِ یَمِیناً وَ شِمَالًا كَأَنَّهُ طَائِرُ الْعَقْلِ فَهَتَفَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَلَمْ یَسْمَعْهُ فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصًی فَحَصَبَهُ (2) فَأَقْبَلَ الْأَعْرَابِیُّ حَتَّی نَزَلَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَا أَعْرَابِیُّ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ أَقْصَی الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَرْضُ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ فَمِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ أَقْصَی الدُّنْیَا وَ مَا خَلْفِی مِنْ شَیْ ءٍ أَقْبَلْتُ مِنَ الْأَحْقَافِ قَالَ أَیُّ الْأَحْقَافِ قَالَ أَحْقَافُ عَادٍ قَالَ یَا أَعْرَابِیُّ فَمَا مَرَرْتَ بِهِ فِی طَرِیقِكَ قَالَ مَرَرْتُ بِكَذَا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ مَرَرْتَ بِكَذَا قَالَ الْأَعْرَابِیُّ نَعَمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ مَرَرْتَ بِكَذَا فَلَمْ یَزَلْ یَقُولُ الْأَعْرَابِیُّ إِنِّی مَرَرْتُ وَ یَقُولُ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ مَرَرْتَ بِكَذَا إِلَی أَنْ قَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ فَمَرَرْتَ بِشَجَرَةٍ یُقَالُ لَهُ شَجَرَةُ الرِّقَاقِ قَالَ فَوَثَبَ الْأَعْرَابِیُّ عَلَی رِجْلَیْهِ ثُمَّ صَفَقَ بِیَدِهِ وَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ

رَجُلًا أَعْلَمَ بِالْبِلَادِ مِنْكَ أَ وَطِئْتَهَا قَالَ لَا یَا أَعْرَابِیُّ وَ لَكِنَّهَا عِنْدِی فِی كِتَابٍ یَا أَعْرَابِیُّ إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ لَوَادِیاً یُقَالُ لَهُ الْبَرَهُوتُ تَسْكُنُهُ الْبُومُ وَ الْهَامُ یُعَذَّبُ فِیهِ أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(3).

6 حیاة الحیوان، البوم بضم الباء طائر یقع علی الذكر و الأنثی حتی تقول صدی أو قیادا(4)

فیختص بالذكر كنیة الأنثی أم الخراب و أم الصبیان و یقال لها غراب اللیل و من طبعها أن تدخل علی كل طائرة فی وكره و تخرجه منه و تأكل فراخه و بیضه و هی قویة السلطان فی اللیل لا یحتملها شی ء من الطیر و لا تنام اللیل فإذا رآها الطیر فی النهار قتلوها و نتفوا ریشها للعداوة التی بینها و بینهم و من

ص: 331


1- 1. اللقوح: الفحل من الخیل و الإبل.
2- 2. أی رماه بالحصباء أی الحصی.
3- 3. دلائل الإمامة: 101.
4- 4. هكذا فی الكتاب، و الصحیح: فیاد بالفاء قال الدمیری: الفیاد كصیاد: ذكر البوم.

أجل ذلك صار الصیادون یجعلونها تحت شباكهم لیقع لهم الطیر- و نقل المسعودی عن الجاحظ أن البومة لا تطیر(1) بالنهار خوفا من أن تصاب بالعین لحسنها و جمالها و لما تصور فی نفسها أنها أحسن الطیر لم تظهر إلا باللیل و تزعم العرب فی أكاذیبها أن الإنسان إذا مات أو قتل یتصور(2)

نفسه فی صورة طائر یصرخ علی قبره مستوحشة لجسدها و البوم أصناف و كلها تحب الخلوة بنفسها(3) و التفرد و فی أصل طبعها عداوة الغربان و فی تاریخ ابن النجار أن كسری قال لعامل له صد لی شر الطیر و اشوه بشر الوقود و أطعمه شر الناس فصاد بومة و شواها بحطب الدفلی و أطعمها ساعیا و فی سراج الملوك لأبی بكر الطرطوسی أن عبد الملك بن مروان أرق (4)

لیلة فاستدعی سمیرا(5) له یحدثه فكان فیما حدثه به أن قال یا أمیر المؤمنین كان بالموصل بومة و بالبصرة بومة فخطبت بومة الموصل إلی بومة البصرة بنتها لابنها فقالت بومة البصرة لا أفعل إلا أن تجعل لی صداقها مائة ضیعة خراب فقالت بومة الموصل لا أقدر علی ذلك الآن و لكن إن دام والینا علینا سلمه اللّٰه تعالی سنة واحدة فعلت ذلك فاستیقظ لها عبد الملك و جلس للمظالم و أنصف الناس بعضهم عن بعض و تفقد أمر الولاة و رأیت فی بعض المجامیع بخط بعض العلماء الأكابر أن المأمون أشرف یوما من قصره فرأی رجلا قائما و بیده فحمة و هو یكتب بها علی حائط قصره فقال المأمون

ص: 332


1- 1. فی المصدر: لا تظهر بالنهار.
2- 2. فی المصدر:« تتصور» و فیه: تصرخ.
3- 3. فی المصدر: بانفسها.
4- 4. أرق: ذهب عنه النوم فی اللیل.
5- 5. السمیر: صاحب السمر، و السمر: الحدیث لیلا.

لبعض خدمه اذهب إلی ذلك الرجل فانظر ما كتب (1)

و ائتنی به فبادر الخادم إلی الرجل مسرعا و قبض علیه و تأمل ما كتب فإذا هو:

یا قصر جمع فیك الشوم و اللوم***حتی یعشش فی أركانك البوم

یوما یعشش فیك البوم من فرحی***أكون أول من یرعاك مرغوم (2)

ثم إن الخادم قال له أجب أمیر المؤمنین فقال له الرجل سألتك باللّٰه لا تذهب بی إلیه فقال الخادم لا بد من ذلك (3) فلما مثله بین یدی المأمون أعلمه بما كتب فقال له المأمون ویلك ما حملك علی هذا قال یا أمیر المؤمنین إنه لن یخفی علیك ما حواه قصرك هذا من خزائن الأموال و الحلی و الحلل و الطعام و الشراب و الفرش و الأوانی و الأمتعة و الجواری و الخدم و غیر ذلك مما یقصر عنه وصفی و یعجز عنه فهمی و إنی یا أمیر المؤمنین قد مررت علیه الآن و أنا فی غایة من الجوع و الفاقة فوقفت متفكرا فی أمری فقلت فی نفسی هذا القصر عامر عال و أنا جائع و لا فائدة لی فیه فلو كان خرابا و مررت به لم أعدم منه رخامة أو خشبة أو مسمارا أبیعه و أتقوت بثمنه أ و ما علم أمیر المؤمنین ما قال الشاعر:

إذا لم یكن للمرء فی دولة امرئ***نصیب و لا حظ تمنی زوالها

و ما ذاك من بغض له (4)غیر أنه***یرجی سواها فهو یهوی انتقالها

فقال المأمون یا غلام أعطه ألف دینار ثم قال له هی لك فی كل سنة ما دام قصرنا عامرا بأهله (5).

ص: 333


1- 1. فی المصدر: و انظر ما یكتب.
2- 2. فی المصدر: من ینعیك.
3- 3. فی المصدر: ثم ذهب به.
4- 4. فی المصدر: من بغض لها.
5- 5. حیاة الحیوان 1: 115.

كلمة المحقّق

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

الحمد لله ربّ العالمین و الصلاة و السلام علی محمّد و آله الطیبین الطاهرین و بعد فقد وفّقنا اللّٰه تبارك و تعالی لتصحیح هذا الجزء من كتاب بحار الأنوار و هو الجزء الستّون حسب تجزئتنا قد بذلنا الجهد و المجهود فی تصحیحه و تنمیقه و مقابلته بالنسخ و بمصادره و علّقنا علیه تعلیقاً مختصراً تتمیماً لما لم یذكره المصنّف من غریب الغة و غیره و تبیاناً لما اختلف فی مصادره من نصوصه و كان المرجع فی تصحیحنا مضافا إلی النسخة المطبوعة المعروفة بطبعة أمین الضرب و النسخة المعروفة بطبعة الخونساریّ

نسخة مخطوطة أرسلها الفاضل المحترم السیّد جلال الدین الأرمویّ دامت توفیقاته استكتبها أبو القاسم الرضویّ الموسویّ الخونساریّ فی سنة 1235 نشكر اللّٰه تعالی علی توفیقنا لذلك و نسأله المزید من توفیقه و إفضاله إنّه ذو الفضل العظیم.

قم المشرفة: عبد الرحیم الربانیّ الشیرازیّ عفی عنه و عن والدیه ربیع الأوّل 1392 ق

ص: 334

كلمة المصحّح

بسمه تعالی

انتهی الجزء الثامن من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأبرار و هو الجزء الواحد و الستّون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة النفیسة الرائقة. و قد قابلناه علی النسخة الّتی صحّحها الفاضل الخبیر الشیخ عبد الرحیم الربانیّ المحترم بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولیّ التوفیق.

محمّد الباقر البهبودی

ص: 335

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

أبواب الحیوان و أصنافها و أحوالها و أحكامها

«1»- باب عموم أحوال الحیوان و أصنافها 96- 1

«2»- باب أحوال الأنعام و منافعها و مضارّها و اتّخاذها 143- 97

«3»- باب البحیرة و أخواتها 146- 143

«4»- باب نادر فی ركوب الزوامل و الجلّالات 148- 147

«5»- باب آداب الحلب و الرعی و فیه بعض النوادر 151- 149

«6»- باب علل تسمیة الدوابّ و بدء خلقها 157- 152

«7»- باب فضل ارتباط الدوابّ و بیان أنواعها و ما فیه شؤمها و بركتها 200- 158

«8»- باب حق الدابّة علی صاحبها و آداب ركوبها و حملها و بعض النوادر 220- 201

«9»- باب إخصاء الدوابّ و كیّها و تعرقبهاو الإضرار بها و بسائر الحیوانات و التحریش بینها و آداب إنتاجها و بعض النوادر 228- 221

«10»- باب النحل و النمل و سائر ما نهی عن قتله من الحیوانات و ما یحلّ قتله منها من الحیّات و العقارب و الغربان و غیرها و النهی عن حرق الحیوانات و تعذیبها 299- 229

«11»- باب القبّرة و العصفور و أشباههما 309- 300

«12»- باب الذباب و البقّ و البرغوث و الزنبور و الخنفساء و القملة و القرد و الحلم و أشباهها 321- 310

«13»- باب الخفّاش و غرائب خلقه و عجائب أمره 329- 322

«14»- باب البوم 333- 329

ص: 336

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 337

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.