بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 60

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 60: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب السماء و العالم

باب 1 تأثیر السحر و العین و حقیقتهما زائدا علی ما تقدم فی باب عصمة الملائكة

اشارة

الآیات:

البقرة: یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ إلی قوله فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (1)

الأعراف: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِیمٍ (2)

یونس: وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (3) و قال تعالی قالَ مُوسی ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِینَ (4)

یوسف: وَ قالَ یا بَنِیَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَ ادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَ ما أُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ عَلَیْهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَ لَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَیْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ یُغْنِی عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا حاجَةً فِی نَفْسِ یَعْقُوبَ


1- 1. البقرة: 102.
2- 2. الأعراف: 116.
3- 3. یونس: 77.
4- 4. یونس: 81.

قَضاها وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (1)

طه: قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَ عِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی إلی قوله تعالی إِنَّما صَنَعُوا كَیْدُ ساحِرٍ وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتی (2)

القلم: وَ إِنْ یَكادُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَیُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ یَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِینَ (3)

الفلق: وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِی الْعُقَدِ وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ(4)

تفسیر:

قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ السحر و الكهانة و الحیلة نظائر یقال سحره یسحره سحرا و قال صاحب العین السحر عمل یقرب إلی الشیاطین و من السحر الأخذة التی تأخذ العین حتی تظن أن الأمر كما تری و لیس الأمر كما تری فالسحر عمل خفی لخفاء سببه یصور الشی ء بخلاف صورته و یقلبه عن جنسه فی الظاهر و لا یقلبه عن جنسه فی الحقیقة أ لا تری إلی قوله تعالی یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی (5) و قال فی قوله ما یُفَرِّقُونَ بِهِ فیه وجوه أحدها أنهم یوجدون أحدهما علی صاحبه و یبغضونه إلیه فیؤدی ذلك إلی الفرقة عن قتادة و ثانیها أنهم یغوون أحد الزوجین و یحملونه علی الكفر و الشرك باللّٰه تعالی فیكون بذلك قد فارق زوجه الآخر المؤمن المقیم علی دینه فیفرق بینهما علی اختلاف النحلة و تباین الملة

و ثالثها أنهم یسعون بین الزوجین بالنمیمة و الوشایة حتی یئول أمرهما إلی الفرقة و المباینة إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أی بعلم اللّٰه فیكون تهدیدا أو بتخلیة اللّٰه (6).

ص: 2


1- 1. یوسف: 67، 68.
2- 2. طه: 66- 69.
3- 3. القلم: 51- 52.
4- 4. الفلق: 4، 5-
5- 5. مجمع البیان: ج 1، ص 17.
6- 6. مجمع البیان: ج 1 ص 176( بتلخیص).

و قال البیضاوی المراد بالسحر ما یستعان فی تحصیله بالتقرب إلی الشیطان مما لا یستقل به الإنسان و ذلك لا یستتب إلا لمن یناسبه فی الشرارة و خبث النفس فإن التناسب شرط فی التضام و التعاون و بهذا یمیز الساحر عن النبی و الولی و أما ما یتعجب منه كما یفعله أصحاب الحیل بمعونة الآلات و الأدویة أو یریه صاحب خفة الید فغیر مذموم و تسمیته سحرا علی التجوز أو لما فیه من الدقة لأنه فی الأصل لما خفی سببه (1).

و قال الشیخ قدس سره فی التبیان قیل فی معنی السحر أربعة أقوال أحدها أنه خدع و مخاریق و تمویهات لا حقیقة لها یخیل إلی المسحور أن لها حقیقة. و الثانی أنه أخذ بالعین علی وجه الحیلة و الثالث أنه قلب الحیوان من صورة إلی صورة و إنشاء الأجسام علی وجه الاختراع فیمكن الساحر أن یقلب الإنسان حمارا و ینشئ أجساما و الرابع أنه ضرب من خدمة الجن و أقرب الأقوال الأول لأن كل شی ء خرج عن العادة الجاریة فإنه سحر لا یجوز أن یتأتی من الساحر و من جوز شیئا من هذا فقد كفر لأنه لا یمكن مع ذلك العلم بصحة المعجزات الدالة علی النبوات لأنه أجاز مثله علی جهة الحیلة و السحر(2).

و قال النیسابوری السحر فی اللغة عبارة عن كل ما لطف مأخذه و خفی سببه و منه الساحر العالم و سحره خدعه و السحر الرئة و فی الشرع مختص بكل أمر یختفی سببه و یتخیل علی غیر حقیقته و یجری مجری التمویه و الخداع و قد یستعمل مقیدا فیما یمدح و یحمد و هو السحر الحلال

قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مِنَ الْبَیَانِ لَسِحْراً.

ثم السحر علی أقسام منها سحر الكلدانیین الذین كانوا فی قدیم الدهر و هم قوم یعبدون الكواكب و یزعمون أنها هی المدبرة لهذا العالم و منها تصدر الخیرات

ص: 3


1- 1. أنوار التنزیل: ج 1، ص 102.
2- 2. التبیان 1: 374.

و الشرور و السعادة و النحوسة و یستحدثون الخوارق بواسطة تمزیج القوی السماویة بالقوی الأرضیة و هم الذین بعث اللّٰه إبراهیم علیه السلام مبطلا لمقالتهم. و منها سحر أصحاب الأوهام و النفوس القویة بدلیل أن الجذع الذی یتمكن الإنسان من المشی علیه لو كان موضوعا علی الأرض لا یمكنه المشی علیه لو كان كالجسر و ما ذاك إلا لأن تخیل السقوط متی قوی أوجبه و قد اجتمعت الأطباء علی نهی المرعوف عن النظر إلی الأشیاء الحمر و المصروع عن النظر إلی الأشیاء القویة اللمعان و الدوران و ما ذلك إلا لأن النفوس خلقت مطیعة للأوهام و اجتمعت الأمم علی أن الدعاء مظنة الإجابة و أن الدعاء باللسان من غیر طلب نفسانی قلیل الأثر و الإصابة بالعین مما اتفق علیه العقلاء. و منها سحر من یستعین بالأرواح الأرضیة و هو المسمی بالعزائم و تسخیر الجن. و

منها التخییلات الآخذة بالعیون و تسمی بالشعبدة(1). و منها الأعمال العجیبة التی تظهر من الآلات المركبة علی النسب الهندسیة أو لضرورة الخلاء و من هذا الباب صندوق الساعات و علم جر الأثقال و هذا لا یعد من السحر عرفا لأن لها أسبابا معلومة یقینیة. و منها الاستعانة بخواص الأدویة و الأحجار. و منها تعلیق القلب و هو أن یدعی الساحر أنه قد عرف الاسم الأعظم و أن الجن ینقادون له فی أكثر الأمور فإذا اتفق أن كان السامع ضعیف العقل قلیل التمییز اعتقد أنه حق و تعلق قلبه بذلك و حصل فی قلبه نوع من الرعب و حینئذ تضعف القوی الحساسة فیتمكن الساحر من أن یفعل فیه ما شاء. و منها السعی بالنمیمة و التضریب من وجوه خفیة لطیفة انتهی. و هذا فذلكة مما نقلنا عن الرازی فی باب عصمة الملائكة.

ص: 4


1- 1. بالشعوذة( خ).

و قال أیضا فی قوله سبحانه فَیَتَعَلَّمُونَ أی فیتعلم الناس من الملكین ما یفرقون به بین المرء و زوجه إما لأنه إذا اعتقد أن السحر حق كفر فبانت منه امرأته و إما لأنه یفرق بینهما بالتمویه و الاحتیال كالنفث فی العقد و نحو ذلك مما یحدث اللّٰه عنده الفرك و النشوز ابتلاء منه لأن السحر له أثر فی نفسه بدلیل قوله وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أی بإرادته و قدرته لأنه إن شاء أحدث عند ذلك شیئا من أفعاله و إن شاء لم یحدث و كان الذی یتعلمون منهما لم یكن مقصورا علی هذه الصورة و لكن سكون المرء و ركونه إلی زوجه لما كان أشد خصت بالذكر لیدل بذلك علی أن سائر الصور بتأثیر السحر فیها أولی انتهی. و قد مر من تفسیر الإمام علیه السلام فَیَتَعَلَّمُونَ یعنی طالبی السحر مِنْهُما یعنی مما كتبت الشیاطین علی ملك سلیمان من النیرنجات و مما أنزل علی الملكین ببابل هاروت و ماروت یتعلمون من هذین الصنفین ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ هذا من یتعلم للإضرار بالناس یتعلمون التضریب بضروب الحیل و النمائم و الإیهام أنه قد دفن فی موضع كذا و عمل كذا لیحبب المرأة إلی الرجل و الرجل إلی المرأة أو یؤدی إلی الفراق بینهما وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ أی ما المتعلمون لذلك بضارین به مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ یعنی بتخلیة اللّٰه و علمه فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر و القهر. و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی فَلَمَّا أَلْقَوْا أی فلما ألقی السحرة ما عندهم من السحر احتالوا فی تحریك العصی و الحبال بما جعلوا فیها من الزئبق حتی تحركت بحرارة الشمس و غیر ذلك من الحیل و أنواع التمویه و التلبیس و خیل إلی الناس أنها تتحرك علی ما تتحرك الحیة و إنما سحروا أعین الناس لأنهم أروهم شیئا لم یعرفوا حقیقته و خفی ذلك علیهم لبعده منهم لأنهم لم یخلوا الناس السحر لا حقیقة له لأنه لو صارت حیات حقیقة لم یقل اللّٰه سبحانه سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ بل كان یقول فلما ألقوا صارت حیات انتهی (1).

ص: 5


1- 1. مجمع البیان: ج 4، ص 461.

و قال الرازی احتج القائلون بأن السحر محض التمویه بهذه الآیة قال القاضی لو كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم لا أعینهم فثبت أن المراد أنهم تخیلوا أحوالا عجیبة مع أن الأمر فی الحقیقة ما كان علی وفق ما تخیلوه. قال الواحدی بل المراد سحروا أعین الناس أی قلبوها عن صحة إدراكها بسبب تلك التمویهات (1). و قال الطبرسی وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُونَ أی لا یظفرون بحجة و لا یأتون علی ما یدعونه ببینة و إنما هو تمویه علی الضعفة. ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ أی الذی جئتم به من الحبال و العصی

السحر لا ما جئت به إن اللّٰه سیبطل هذا السحر الذی عظمتموه (2) إِنَّ اللَّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِینَ إن اللّٰه لا یهیئ عمل من قصد إفساد الدین و لا یمضیه و یبطله حتی یظهر الحق من الباطل (3). و قال فی قوله لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ خاف علیهم العین لأنهم كانوا ذوی جمال و هیئة و كمال و هم إخوة أولاد رجل واحد عن ابن عباس و الحسن و قتادة و الضحاك و السدی و أبو مسلم و قیل خاف علیهم حسد الناس إیاهم و أن یبلغ الملك قوتهم و بطشهم فیحبسهم أو یقتلهم خوفا علی ملكه عن الجبائی و أنكر العین و ذكر أنه لم یثبت بحجة و جوزه كثیر من المحققین و رووا فیه الخبر

عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ الْعَیْنَ حَقٌّ تَسْتَنْزِلُ الْحَالِقَ.

و الحالق المكان المرتفع من الجبل و غیره فجعل صلی اللّٰه علیه و آله العین كأنها تحط ذروة الجبل من قوة أخذها و شدة بطشها

وَ وَرَدَ فِی الْخَبَرِ: أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام بِأَنْ یَقُولَ أُعِیذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَیْطَانٍ وَ هَامَّةٍ وَ مِنْ كُلِّ عَیْنٍ لَامَّةٍ.

و روی أن إبراهیم

ص: 6


1- 1. تفسیر الرازیّ ج 14: 203.
2- 2. فی المصدر: فعلتموه.
3- 3. مجمع البیان: ج 5: ص 126.

علیه السلام عوذ ابنیه و أن موسی علیه السلام عوذ ابنی هارون بهذه العوذة و روی أن بنی جعفر بن أبی طالب كانوا غلمانا بیضا فقالت أسماء بنت عمیس یا رسول اللّٰه إن العین إلیهم سریعة أ فأسترقی لهم من العین فقال صلی اللّٰه علیه و آله نعم

وَ رُوِیَ: أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام رَقَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَّمَهُ الرُّقْیَةَ وَ هِیَ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِیكَ مِنْ كُلِّ عَیْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ یَشْفِیكَ.

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كَانَ شَیْ ءٌ یَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَیْنُ.

ثم اختلفوا فی وجه تأثیر الإصابة بالعین فروی عن عمرو بن بحر الجاحظ أنه قال لا ینكر أن ینفصل من العین الصائبة إلی الشی ء المستحسن أجزاء لطیفة تتصل به و تؤثر فیه و یكون هذا المعنی خاصة فی بعض الأعین كالخواص فی بعض الأشیاء و قد اعترض علی ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الأشیاء دون بعض و لأن الأجزاء تكون جواهر و الجواهر متماثلة و لا یؤثر بعضها فی بعض و قال أبو هاشم إنه فعل اللّٰه بالعادة لضرب من المصلحة و هو قول القاضی و رأیت فی شرح هذا للشریف الأجل الرضی الموسوی قدس اللّٰه روحه كلاما أحببت إیراده فی هذا الموضع قال إن اللّٰه یفعل المصالح بعباده علی حسب ما یعلمه من الصلاح لهم فی تلك الأفعال التی یفعلها فغیر ممتنع أن یكون تغییره نعمة زید مصلحة لعمرو و إذا كان تعالی یعلم من حال عمرو أنه لو لم یسلب زیدا نعمته أقبل علی الدنیا بوجهه و نأی عن الآخرة بعطفه و إذا سلب نعمة زید للعلة التی ذكرناها

عوضه (1) عنها و أعطاه بدلا منها عاجلا و آجلا فیمكن أن یتأول قوله علیه السلام العین حق علی هذا الوجه علی أنه قد روی عنه علیه السلام ما یدل علی أن الشی ء إذا عظم فی صدور العباد وضع اللّٰه قدره و صغر أمره و إذا كان الأمر علی هذا فلا ینكر تغییر حال بعض الأشیاء عند نظر بعض الناظرین إلیه و استحسانه له و عظمه فی صدره و فخامته فی عینه

كَمَا رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا سُبِقَتْ نَاقَتُهُ الْعَضْبَاءُ وَ كَانَتْ إِذَا سُوبِقَ بِهَا لَمْ تُسْبَقْ مَا رَفَعَ الْعِبَادُ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا وَضَعَ اللَّهُ مِنْهُ.

و یجوز

ص: 7


1- 1. فیه. عوضه غیرها و أعطاه بدلا منها عاجلا أو آجلا.

أن یكون ما أمر به المستحسن للشی ء عند الرؤیة من تعویذه باللّٰه و الصلاة علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قائما فی المصلحة مقام تغییر حالة الشی ء المستحسن فلا تغییر(1)

عند ذلك لأن الرائی لذلك قد أظهر الرجوع إلی اللّٰه تعالی و الإعاذة به فكأنه غیر راكن إلی الدنیا و لا مغتر بها انتهی كلامه رضی اللّٰه عنه.

وَ ما أُغْنِی عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَیْ ءٍ أی و ما أدفع من قضاء اللّٰه من شی ء إن كان قد قضا علیكم الإصابة بالعین أو غیر ذلك إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أی ما الحكم إلا لله عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ فهو القادر علی أن یحفظكم من العین أو من الحسد و یردكم علی سالمین.

وَ عَلَیْهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ أی لیفوضوا أمورهم (2)

إلیه و لیثقوا به وَ لَمَّا دَخَلُوا مصر مِنْ حَیْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ أی من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم یعقوب ما كانَ یُغْنِی عَنْهُمْ إلخ أی لم یكن دخولهم مصر كذلك یغنی عنهم (3) أی یدفع عنهم شیئا أراد اللّٰه إیقاعه من حسد أو إصابة عین و هو علیه السلام كان عالما بأنه لا ینفع حذر من قدر و لكن كان ما قاله لبنیه حاجة فی قلبه فقضی یعقوب تلك الحاجة أی أزال به اضطراب قلبه لأن لا یحال علی العین مكروه یصیبهم و قیل معناه أن العین لو قدر أن تصیبهم لأصابتهم و هم متفرقون كما تصیبهم مجتمعین.

قال إِلَّا حاجَةً استثناء لیس من الأول بمعنی و لكن حاجة وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ أی لذو یقین و معرفة باللّٰه لِما عَلَّمْناهُ من أجل تعلیمنا إیاه أو یعلم ما علمناه فیعمل به وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ مرتبة یعقوب فی العلم (4).

ص: 8


1- 1. فلا یغتر( خ).
2- 2. أمرهم( خ).
3- 3. فی المصدر: أو.
4- 4. مجمع البیان: ج 5، ص 249- 250.

قال البیضاوی لا یعلمون سر القدر و أنه لا یغنی عنه الحذر(1).

و قال الرازی قال جمهور المفسرین إنه خاف من العین علیهم و لنا هاهنا مقامان:

المقام الأول إثبات أن العین حق و الذی یدل علیه وجهان الأول إطباق المتقدمین من المفسرین علی أن المراد من هذه الآیة ذلك و الثانی مَا رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام ثم ذكر بعض ما مر من الأخبار إلی أن قال

وَ الْخَامِسُ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْتَ أُمِّ سَلَمَةَ وَ عِنْدَهَا صَبِیٌّ یَشْتَكِی فقال (2)

[فَقَالَتْ] یَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْهُ الْعَیْنُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَسْتَرْقُونَ لَهُ مِنَ الْعَیْنِ.

السَّادِسُ قَوْلُهُ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعَیْنُ حَقٌّ وَ لَوْ كَانَ شَیْ ءٌ یَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَتِ الْعَیْنُ الْقَدَرَ.

السابع قالت عائشة كان یأمر العائن أن یتوضأ ثم یغتسل منه المعین الذی أصیب بالعین.

المقام الثانی فی الكشف عن ماهیته فنقول إن الجبائی أنكر هذا المعنی إنكارا بلیغا و لم یذكر فی إنكاره شبهة فضلا عن حجة و أما الذین اعترفوا به و أقروا بوجوده فقد ذكروا فیه وجوها الأول قال الجاحظ تمتد من العین أجزاء فتتصل بالشخص المستحسن فتؤثر و تسری فیه كتأثیر اللسع و السم و النار و إن كان مخالفا فی وجه التأثیر لهذه الأشیاء قال القاضی و هذا ضعیف لأنه لو كان الأمر كما قال لوجب أن یؤثر فی الشخص الذی لا یستحسن كتأثیره فی المستحسن.

و اعلم أن هذا الاعتراض ضعیف و ذلك لأنه إذا استحسن شیئا فقد یحب بقاءه كما إذا استحسن ولد نفسه و بستان نفسه و قد یكره بقاءه كما إذا استحسن الحاسد بحصول شی ء حسن لعدوه فإن كان الأول فإنه یحصل عند ذلك الاستحسان خوف

ص: 9


1- 1. أنوار التنزیل: ج 1، ص 603.
2- 2. فقالت( ظ).

شدید من زواله و الخوف الشدید یوجب انحصار الروح فی داخل القلب فحینئذ یسخن القلب و الروح جدا و تحصل فی الروح الباصر كیفیة قوة مسخنة و إن كان الثانی فإنه یحصل عند ذلك الاستحسان حسد شدید و حزن عظیم بسبب حصول تلك النعمة لعدوه و الحزن أیضا یوجب انحصار الروح فی داخل القلب و تحصل فیه سخونة شدیدة.

فثبت أن عند الاستحسان القوی یسخن الروح جدا فیسخن شعاع العین بخلاف ما إذا لم یستحسن فإنه لا تحصل هذه السخونة فظهر الفرق بین الصورتین و لهذا السبب أمر الرسول صلی اللّٰه علیه و آله العائن بالوضوء و من أصابته العین بالاغتسال.

أقول: علی ما ذكره إذا عاین شیئا عند استحسان شی ء آخر و حصول تلك الحالة فیه أو عند حصول غضب شدید علی رجل آخر أو حصول هم شدید من مصیبة أو خوف عظیم من عدو أن یؤثر نظره إلیه و إلی كل شی ء یعاینه و معلوم أنه لیس كذلك.

ثم قال الرازی الثانی قال أبو هاشم و أبو القاسم البلخی لا یمتنع أن یكون العین حقا و یكون معناه أن صاحب العین إذا شاهد الشی ء و أعجب به استحسانا كانت المصلحة له فی تكلیفه أن یغیر اللّٰه تعالی ذلك الشخص أو ذلك الشی ء حتی لا یبقی قلب ذلك المكلف متعلقا به فهذا التغییر غیر ممتنع ثم لا یبعد أیضا أنه لو ذكر ربه عند تلك الحالة و بعد عن الإعجاب و سأل ربه فعنده تتغیر المصلحة و اللّٰه سبحانه یبقیه و لا یفنیه و لما كانت هذه العادة مطردة لا جرم قیل العین حق.

الوجه الثالث هو قول الحكماء قالوا هذا الكلام مبنی علی مقدمة و هی أنه لیس من شرط المؤثر أن یكون تأثیره بحسب هذه الكیفیات المحسوسة أعنی الحرارة و البرودة و الرطوبة و الیبوسة بل قد یكون التأثیر نفسانیا محضا و لا تكون القوی الجسمانیة لها تعلق به و الذی یدل علیه أن اللوح الذی یكون قلیل العرض إذا كان موضوعا علی الأرض قدر الإنسان علی المشی علیه و لو كان موضوعا فیما بین جدارین عالیین لعجز الإنسان عن المشی علیه و ما ذاك إلا لأن خوفه من

ص: 10

السقوط منه یوجب سقوطه منه فعلمنا أن التأثیرات النفسانیة موجودة.

و أیضا إن الإنسان إذا تصور كون فلان مؤذیا له حصل فی قلبه غضب و سخن مزاجه فمبدأ تلك السخونة لیس إلا ذاك التصور النفسانی و لأن مبدأ الحركات البدنیة لیس إلا التصورات النفسانیة و لما ثبت أن تصور النفس یوجب تغیر بدنه الخاص لم یبعد أیضا أن یكون بعض النفوس تتعدی تأثیراتها إلی سائر الأبدان فثبت أنه لا یمتنع فی العقل كون النفس مؤثرة فی سائر الأبدان و أیضا جواهر النفوس مختلفة بالماهیة فلا یمتنع أن تكون بعض النفوس بحیث یؤثر فی تغییر بدن حیوان آخر بشرط أن تراه و تتعجب منه فثبت أن هذا المعنی أمر محتمل و التجارب من الزمن الأقدم ساعدت علیه و النصوص النبویة نطقت به فعند هذا لا یبقی فی وقوعه شك و إذا ثبت هذا ثبت أن الذی أطبق علیه المتقدمون من المفسرین فی تفسیر هذه الآیة بإصابة العین كلام حق لا یمكن رده (1).

قوله تعالی یُخَیَّلُ قال الطبرسی الضمیر(2) راجع إلی موسی علیه السلام و قیل إلی فرعون أی یری الحبال و العصی مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی (3) و تعدو مثل سیر الحیات و إنما قال یُخَیَّلُ إِلَیْهِ لأنها لم تكن تسعی حقیقة و إنما تحركت لأنهم جعلوا داخلها الزئبق فلما حمیت الشمس طلب الزئبق الصعود فحركت الشمس ذلك فظن أنها تسعی (4).

إِنَّما صَنَعُوا أی إن الذی صنعوه أو إن صنیعهم كَیْدُ ساحِرٍ أی مكره و حیلته وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُ أی لا یظفر ببغیته إذ لا حقیقة للسحر حَیْثُ أَتی أی حیث كان من الأرض و قیل لا یفوز الساحر حیث أتی بسحره لأن الحق یبطله (5).

ص: 11


1- 1. تفسیر الرازیّ 18: 172- 174.
2- 2. فی المصدر: الضمیر فی« الیه».
3- 3. فیه: تسیر و تعدو.
4- 4. مجمع البیان: ج 7، ص 18.
5- 5. المصدر: ج 7، ص 20.

و قال قدس سره فی قوله تعالی وَ إِنْ یَكادُ الَّذِینَ كَفَرُوا إن هی المخففة من الثقیلة(1) لَیُزْلِقُونَكَ أی (2)

یقتلونك و یهلكونك عن ابن عباس و كان یقرؤها كذلك و قیل لیصرعونك عن الكلبی و قیل یصیبونك بأعینهم عن السدی و الكل یرجع فی المعنی إلی الإصابة بالعین و المفسرون كلهم علی أنه المراد فی الآیة و أنكر الجبائی ذلك و قال إن إصابة العین لا تصح.

و قال الرمانی و هذا الذی ذكره غیر صحیح لأنه غیر ممتنع أن یكون اللّٰه تعالی أجری العادة بصحة ذلك لضرب من المصلحة و علیه إجماع المفسرین و جوزه العقلاء فلا مانع منه و قیل إن الرجل منهم كان إذا أراد أن یصیب صاحبه بالعین تجوع ثلاثة أیام ثم كان یصفه فیصرعه بذلك و ذلك بأن یقول الذی (3)

أراد أن یصیبه بالعین لا أری كالیوم إبلا أو شاة أو ما أراد أی كإبل أراها الیوم فقالوا للنبی صلی اللّٰه علیه و آله كما كانوا یقولون (4) لما أرادوا أن یصیبوه بالعین عن الفراء و الزجاج و قیل معناه أنهم ینظرون إلیك عند تلاوة القرآن و الدعاء إلی التوحید نظر عداوة و بغض و إنكار لما یسمعونه و تعجب منه فیكادون یصرعونك بحدة نظرهم و یزیلونك عن موضعك.

و هذا مستعمل فی الكلام یقولون نظر إلی فلان نظرا یكاد یصرعنی و نظرا یكاد یأكلنی فیه و تأویله كله أنه نظر إلی نظرا لو أمكنه معه أكلی أو أن یصرعنی لفعل عن الزجاج.

لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ یعنی القرآن وَ یَقُولُونَ مع ذلك إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَ ما هُوَ أی القرآن إِلَّا ذِكْرٌ أی شرف لِلْعالَمِینَ إلی أن تقوم الساعة أو مذكر لهم قال

ص: 12


1- 1. المثقلة( خ).
2- 2. فیه: لیزهقونك.
3- 3. فی المصدر: للذی یرید.
4- 4. فیه: لما یریدون.

الحسن دواء إصابة العین أن یقرأ الإنسان هذه الآیة انتهی (1).

قوله أی كإبل كأنه حمل قوله أو ما أراد علی تغییر تركیب الكلام و لا یخفی بعده بل الظاهر أن المعنی أو ما أراد أن یصیبه بالعین سوی الإبل فیذكره مكانهما.

و قال رحمه اللّٰه فی نزول سورة الفلق قیل إن لبید بن أعصم الیهودی سحر(2) رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم دس ذلك فی بئر لبنی زریق فمرض رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فبینما هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه و الآخر عند رجلیه فأخبراه بذلك و أنه فی بئر

ذروان فی جف طلعة تحت راعوفة و الجف قشر الطلع و الراعوفة حجر فی أسفل البئر یقف علیه المائح (3)

فانتبه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و بعث علیا علیه السلام و الزبیر و عمارا فنزحوا ماء تلك البئر ثم رفعوا الصخرة و أخرجوا الجف فإذا فیه مشاطة رأس و أسنان من مشطه و إذا فیه معقد فیه إحدی عشرة عقدة مغروزة بالإبر فنزلت هاتان السورتان فجعل كلما یقرأ آیة انحلت عقدة و وجد رسول اللّٰه خفة فقام فكأنما أنشط من عقال.

وَ جَعَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِیكَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ یُؤْذِیكَ مِنْ حَاسِدٍ وَ عَیْنٍ وَ اللَّهُ یَشْفِیكَ و رووا ذلك عن عائشة و ابن عباس و هذا لا یجوز لأن من وصف بأنه مسحور فكأنه قد خبل عقله و قد أبی اللّٰه سبحانه ذلك فی قوله وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ كَیْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا و لكن یمكن أن یكون الیهودی أو بناته علی ما روی اجتهدوا فی ذلك فلم یقدروا علیه و أطلع اللّٰه نبیه صلی اللّٰه علیه و آله علی ما فعلوه من التمویه حتی استخرج و كان ذلك دلالة

ص: 13


1- 1. مجمع البیان: ج 10، ص 341.
2- 2. فیه: لرسول اللّٰه.
3- 3. ماح یمیح میحا و میحوحة: اغترف الماء بكفه.

علی صدقه صلی اللّٰه علیه و آله و كیف یجوز أن یكون المرض من فعلهم و لو قدروا علی ذلك لقتلوه و قتلوا كثیرا من المؤمنین مع شدة عداوتهم لهم.

و قال فی سبحانه وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِی الْعُقَدِ معناه و من شر النساء الساحرات اللاتی ینفثن فی العقد و إنما أمر بالتعوذ من شر السحرة لإیهامهم أنهم یمرضون و یصحون و یفعلون أشیاء(1) من النفع و الضرر و الخیر و الشر و عامة الناس یصدقونهم فیعظم بذلك الضرر فی الدین و لأنهم یموهون (2)

أنهم یخدمون الجن و یعلمون الغیب و ذلك فساد فی الدین ظاهر فلأجل هذا الضرر أمر بالتعوذ من شرهم.

و قال أبو مسلم النفاثات النساء اللاتی یملن آراء الرجال و یصرفنهم عن مرادهم و یردونهم إلی آرائهن لأن العزم و الرأی یعبر عنهما بالعقد فعبر عن حلهما بالنفث فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فیه.

وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ فإنه یحمله الحسد علی إیقاع الشر بالمحسود فأمر بالتعوذ من شره و قیل إنه أراد من شر نفس الحاسد و من شر عینه فإنه ربما أصاب بهما فعان و ضر و قد جاء فی الحدیث أن العین حق و قد مضی الكلام فیه.

وَ رُوِیَ: أَنَّ الْعَضْبَاءَ نَاقَةَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ تَكُنْ تُسْبَقُ فَجَاءَ أَعْرَابِیٌّ عَلَی قَعُودٍ لَهُ فَسَابَقَ بِهَا فَسَبَقَهَا فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَی الصَّحَابَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَقٌّ عَلَی اللَّهِ أَنْ لَا یَرْفَعَ شَیْئاً مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا وَضَعَهُ.

وَ رَوَی أَنَسٌ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَنْ رَأَی شَیْئاً یُعْجِبُهُ فَقَالَ اللَّهُ الصَّمَدُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ لَمْ یَضُرَّ شَیْئاً.

وَ رَوَی أَنَسٌ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله: كَانَ كَثِیراً مَا یُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام بِهَاتَیْنِ السُّورَتَیْنِ.

انتهی (3).

ص: 14


1- 1. فیه: شیئا.
2- 2. فیه: یوهمون.
3- 3. مجمع البیان: ج 10، ص 568- 569.

و أقول قال فی النهایة فی حدیث سحر النبی صلی اللّٰه علیه و آله بئر ذروان بفتح الذال و سكون الراء بئر لبنی زریق بالمدینة.

و قال الراعوفة هی صخرة تترك فی أسفل البئر إذا حفرت تكون ناتئة هناك فإذا أرادوا تنقیة البئر جلس علیها المنقی.

و قیل هی حجر یكون علی رأس البئر یقوم المستقی علیه و یروی بالثاء المثلثة بمعناها و قال فی حدیث سحر النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه جعل فی جف طلعة الجف وعاء الطلع و هو الغشاء الذی یكون فوقه و یروی فی جب طلعة أی فی داخلها.

و قال القعود من الدواب ما یقتعده الرجل للركوب و الحمل و لا یكون إلا ذكرا و القعود من الإبل ما أمكن أن یركب.

و قال البیضاوی وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِی الْعُقَدِ و من شر النفوس أو النساء السواحر اللاتی یعقدن عقدا فی خیوط و ینفثن علیها و النفث بالفتح النفخ مع ریق و تخصیصه لما روی أن یهودیا سحر النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی إحدی عشرة عقدة فی وتر دسه فی بئر فمرض علیه السلام فنزلت المعوذتان و أخبره جبرئیل بموضع السحر فأرسل علیا علیه السلام فجاء به فقرأهما علیه فكان كلما قرأ آیة انحلت عقدة و وجد بعض الخفة.

و لا یوجب ذلك صدق الكفرة فی أنه مسحور لأنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر و قیل المراد بالنفث فی العقد إبطال عزائم الرجال بالحیل مستعار من تلیین العقدة بنفث الریق لیسهل حلها.

وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ إذا أظهر حسده و عمل بمقتضاه (1).

و قال الرازی اختلفوا فی أنه هل یجوز الاستعاذة بالرقی و العوذة أم لا منهم من قال إنه یجوز ثم ذكر احتجاجهم بالروایات المتقدمة و غیرها و من الناس من منع من الرقی

لِمَا رُوِیَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الرُّقَی وَ قَالَ علیه السلام

ص: 15


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 627.

إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً لَا یَكْتَوُونَ وَ لَا یَسْتَرْقُونَ وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ.

وَ قَالَ علیه السلام: لَمْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللَّهِ مَنِ اكْتَوَی وَ اسْتَرْقَی.

و اختلفوا فی التعلیق أیضا فمنهم من منع لبعض الأخبار و منهم من جوز.

سُئِلَ الْبَاقِرُ علیه السلام عَنِ التَّعْوِیذِ یُعَلَّقُ عَلَی الصِّبْیَانِ فَرَخَّصَ فِیهِ وَ اختلفوا فی النفث أیضا فمنهم من أنكر عن عكرمة لا ینبغی للراقی أن ینفث و لا یمسح و لا یعقد إلی آخر ما قال (1).

«1»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی هِجْرَةِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ أَصْحَابِهِ إِلَی الْحَبَشَةِ وَ بَعَثَتْ (2) قُرَیْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ عُمَارَةَ بْنَ الْوَلِیدِ إِلَی النَّجَاشِیِّ لِیَرُدَّهُمْ وَ سَاقَ الْخَبَرَ الطَّوِیلَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ كَانَتْ عَلَی رَأْسِ النَّجَاشِیِّ وَصِیفَةٌ لَهُ تَذُبُّ عَنْهُ فَنَظَرَتْ إِلَی عُمَارَةَ وَ كَانَ فَتًی جَمِیلًا فَأَحَبَّتْهُ فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَی مَنْزِلِهِ قَالَ لِعُمَارَةَ لَوْ رَاسَلْتَ جَارِیَةَ الْمَلِكِ فَرَاسَلَهَا فَأَجَابَتْهُ فَقَالَ عَمْرٌو قُلْ لَهَا تَبْعَثُ إِلَیْكَ مِنْ طِیبِ الْمَلِكِ شَیْئاً فَقَالَ لَهَا فَبَعَثَتْ إِلَیْهِ فَأَخَذَ عَمْرٌو مِنْ ذَلِكَ الطِّیبِ وَ أَدْخَلَهُ عَلَی النَّجَاشِیِّ وَ أَخْبَرَهُ بِمَا جَرَی بَیْنَ عُمَارَةَ وَ بَیْنَ الْوَصِیفَةِ ثُمَّ وَضَعَ الطِّیبَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَغَضِبَ النَّجَاشِیُّ وَ هَمَّ بِقَتْلِ عُمَارَةَ ثُمَّ قَالَ لَا یَجُوزُ قَتْلُهُ فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا بِلَادِی بِأَمَانٍ فَدَعَا السَّحَرَةَ فَقَالَ لَهُمْ اعْمَلُوا بِهِ شَیْئاً أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنَ الْقَتْلِ فَأَخَذُوهُ فَنَفَخُوا(3)

فِی إِحْلِیلِهِ الزِّئْبَقَ فَصَارَ مَعَ الْوَحْشِ یَغْدُو وَ یَرُوحُ وَ كَانَ لَا یَأْنَسُ بِالنَّاسِ فَبَعَثَتْ قُرَیْشٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَمَنُوا لَهُ فِی مَوْضِعٍ حَتَّی وَرَدَ الْمَاءَ مَعَ الْوَحْشِ فَأَخَذُوهُ فَمَا زَالَ یَضْطَرِبُ فِی أَیْدِیهِمْ وَ یَصِیحُ حَتَّی مَاتَ الْخَبَرَ(4).

«2»- جُنَّةُ الْأَمَانِ،: فِی رِوَایَةِ أَدْعِیَةِ السِّرِّ الْقُدْسِیَّةِ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ السِّحْرَ لَمْ

ص: 16


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 32، ص 190.
2- 2. بعث( خ).
3- 3. و نفخوا( خ).
4- 4. تفسیر القمّیّ: 165.

یَزَلْ قَدِیماً وَ لَیْسَ یَضُرُّ شَیْئاً إِلَّا بِإِذْنِی فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ یَكُونَ مِنْ أَهْلِ عَافِیَتِی مِنَ السِّحْرِ فَلْیَقُلِ اللَّهُمَّ رَبَّ مُوسَی الدُّعَاءَ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ لَمْ یَضُرَّهُ سِحْرُ سَاحِرٍ جِنِّیٍّ وَ لَا إِنْسِیٍّ أَبَداً.

«3»- وَ مِنْهُ، رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ الْعَیْنَ حَقٌّ وَ أَنَّهَا تُدْخِلُ الْجَمَلَ وَ الثَّوْرَ التَّنُّورَ.

وَ فِی كِتَابِ الْغُرَّةِ،: أَنَّ رَجُلًا عَیَّاناً(1) رَأَی رَجُلًا رَاكِباً فَقَالَ مَا أَحْسَنَهُ فَسَقَطَتِ الدَّابَّةُ وَ مَاتَتْ وَ مَاتَ الرَّجُلُ.

وَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْمَخْلَدِیِّ قَالَ: كَانَ لِی أَكَّارٌ(2) رَدِی ءُ الْعَیْنِ فَأَبْصَرَ بِیَدِی خَاتَماً فَقَالَ مَا أَحْسَنَهُ فَسَقَطَ الْفَصُّ فَحَمَلْتُهُ فَقَالَ مَا أَحْسَنَهُ فَانْشَقَّ بِنِصْفَیْنِ.

وَ عَنِ الْأَصْمَعِیِّ قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا عَیَّانَانِ فَمَرَّ أَحَدُهُمَا بِحَوْضٍ مِنْ حِجَارَةٍ فَقَالَ بِاللَّهِ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ مِثْلَهُ فَانْصَدَعَ فِلْقَیْنِ فَضَبَّبْتُ بِحَدِیدٍ فَمَرَّ عَلَیْهِ ثَانِیاً فَقَالَ رَاسِلًا(3)

لَعَلَّكَ مَا ضَرَرْتَ أَهْلَكَ (4) فِیكَ فَتَطَایَرَ أَرْبَعَ فِلْقَاتٍ وَ سَمِعَ الثَّانِی صَوْتَ بَوْلٍ مِنْ وَرَاءِ الْحَائِطِ فَقَالَ إِنَّكَ لَشَرُّ شَخْبٍ فَقِیلَ هُوَ ابْنُكَ فَقَالَ وَا انْقِطَاعَ ظَهْرَاهْ وَ اللَّهِ لَا یَبُولُ بَعْدَهَا فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ وَ سَمِعَ أَیْضاً صَوْتَ شَخْبِ بَقَرَةٍ فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ أَیَّتُهُنَّ هَذِهِ فَوُرِّیَ بِأُخْرَی فَهَلَكَتَا جَمِیعاً الْمُوَرَّی بِهَا وَ الْمُوَرَّی عَنْهَا وَ قِصَّةُ الْبَعِیرِ وَ الْأَعْرَابِیِّ مَشْهُورَةٌ مَعْرُوفَةٌ.

«4»- وَ فِی زُبْدَةِ الْبَیَانِ،: أَنَّ یَعْقُوبَ علیه السلام خَافَ عَلَی بَنِیهِ مِنَ الْعَیْنِ لِجَمَالِهِمْ فَقَالَ یا بَنِیَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ الْآیَةَ.

«5»- وَ فِیهِ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعَیْنُ تُنْزِلُ الْحَالِقَ وَ هُوَ ذِرْوَةُ الْجَبَلِ مِنْ قُوَّةِ أَخْذِهَا وَ شِدَّةِ بَطْشِهَا.

ص: 17


1- 1. العیان- بتشدید الیاء-: الشدید الإصابة بالعین.
2- 2. الاكار: الحراث، و الجمع« الاكرة» قال الجوهریّ: كأنّه جمع« آكر» فی التقدیر.
3- 3. فی بعض النسخ: فقال: رأسك.
4- 4. فی بعضها: بأهلك.

«6»- وَ مِنْهُ، ذَكَرَ عَبْدُ الْكَرِیمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِیُّ فِی كِتَابِهِ: أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام نَزَلَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَآهُ مُغْتَمّاً فَسَأَلَهُ عَنْ غَمِّهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْحَسَنَیْنِ علیهما السلام أَصَابَتْهُمَا عَیْنٌ فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ الْعَیْنُ حَقٌّ فَعَوِّذْهُمَا بِهَذِهِ الْعُوذَةِ وَ ذَكَرَهَا.

«7»- الدَّعَائِمُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُجْلِسُ الْحَسَنَ عَلَی فَخِذِهِ الْیُمْنَی وَ الْحُسَیْنَ عَلَی فَخِذِهِ الْیُسْرَی ثُمَّ یَقُولُ أُعِیذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَیْطَانٍ وَ هَامَّةٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ عَیْنٍ لَامَّةٍ ثُمَّ یَقُولُ هَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِیمُ أَبِی علیه السلام یُعَوِّذُ ابْنَیْهِ إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ علیهما السلام.

«8»- وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الرُّقَی بِغَیْرِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَا یُعْرَفُ مِنْ ذِكْرِهِ وَ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الرُّقَی مِمَّا أَخَذَهُ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَ علیه السلام عَلَی الْجِنِّ وَ الْهَوَامِّ.

«9»- وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا رُقَی إِلَّا فِی ثَلَاثٍ فِی حُمَةٍ أَوْ عَیْنٍ أَوْ دَمٍ لَا یَرْقَأُ(1).

وَ الْحُمَةُ السَّمُّ.

«10»- وَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا عَدْوَی وَ لَا طِیَرَةَ وَ لَا هَامَ وَ الْعَیْنُ حَقٌّ وَ الْفَأْلُ حَقٌّ فَإِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَی إِنْسَانٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ إِلَی شَیْ ءٍ حَسَنٍ فَأَعْجَبَهُ فَلْیَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَإِنَّهُ لَا یَضُرُّهُ عَیْنُهُ.

«11»- وَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله : نَهَی عَنِ التَّمَائِمِ وَ التُّوَلِ فَالتَّمَائِمُ مَا یُعَلَّقُ مِنَ الْكُتُبِ وَ الْخَرَزِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ وَ التُّوَلُ مَا تَتَحَبَّبُ بِهِ النِّسَاءُ إِلَی أَزْوَاجِهِنَّ كَالْكِهَانَةِ وَ أَشْبَاهِهَا وَ نَهَی عَنِ السِّحْرِ.

توضیح: فی النهایة فیه أنه كان یتفأل و لا یتطیر الفأل مهموز فیما یسر و یسوء و الطیرة لا یكون إلا فیما یسوء و ربما استعملت فیما یسر و قد أولع الناس بترك الهمزة تخفیفا و إنما أحب الفأل لأن الناس إذا أملوا فائدة اللّٰه و رجوا عائدته عند كل سبب ضعیف أو قوی فهم علی خیر و لو غلطوا فی جهة الرجاء فإن الرجاء

ص: 18


1- 1. أی لا ینقطع.

لهم خیر و إذا قطعوا أملهم أو رجاءهم من اللّٰه كان ذلك من الشر و أما الطیرة فإن فیها سوء الظن باللّٰه و توقع البلاء و معنی التفؤل مثل أن یكون رجل مریض فیتفأل بما یسمع من كلام فیسمع آخر یقول یا سالم أو یكون طالب ضالة فیسمع آخر یقول یا واجد فیقع فی ظنه أنه یبرأ من مرضه أو یجد ضالته.

و قال فی حدیث عبد اللّٰه التَّمَائِمُ وَ الرُّقَی مِنَ الشِّرْكِ التمائم جمع تمیمة و هی خرزات كانت العرب تعلقها علی أولادهم یتقون بها العین فی زعمهم فأبطله الإسلام و إنما جعلها شركا لأنهم أرادوا بها دفع المقادیر المكتوبة علیهم فطلبوا دفع الأذی من غیر اللّٰه الذی هو دافعه و قال فی حدیث عبد اللّٰه التولة من الشرك التولة بكسر التاء و فتح الواو ما یحبب المرأة إلی زوجها من السحر و غیره جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك یؤثر و یفعل خلاف ما قدره اللّٰه تعالی.

و فی القاموس التولة كهمزة السحر أو شبهه و خرز تتحبب معها المرأة إلی زوجها كالتولة كعنبة فیهما.

«12»- الشِّهَابُ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا رُقْیَةَ إِلَّا مِنْ حُمَةٍ أَوْ عَیْنٍ.

الضوء عین مصدر عانه إذا أصابه بعینه إذا نظر إلیه نظر معجب حاسد مستعظم و الحمة السم و أصلها حمو و حمی و الهاء عوض فیها عن الساقط و بهذا الكلام یشیر إلی ما كانت نساء العرب یدعینه من تأخیذ الرجال عن الأزواج و كانت لهن رقی تضحك الثكلان فقال صلی اللّٰه علیه و آله لا رقیة أی لا تصح تأثیر الرقیة إلا فی العین التی تعین الشی ء أی تصیبه و أصل ذلك أنها تستحسنه فیغیره اللّٰه تعالی عند(1)

ذلك لما للناظر إلیه فیه من اللطف أو لغیره من المعتبرین إذا رآه غب اللطافة و الطراوة و الإعجاب بخلاف ما رآه فیستدل بذلك علی أنه لا بقاء لما فی الدنیا و أن نعیمها زائل.

و أما ما یذكر من أن العائن ینظر إلی الشی ء فیتصل به شعاع هو المؤثر فیه فلا تلتفت إلیه لأنا نعلم قطعا أن الشعاع اللطیف لا یعمل فی الحدید و الحجر و غیر

ص: 19


1- 1. عن( خ).

ذلك بل ذلك كله من فعل اللّٰه تعالی علی سبیل اللطف و الإعلام بأن نعیم الدنیا إلی انقراض و الرقیة(1)

التی فیها اسم اللّٰه تعالی أو اسم رسوله صلی اللّٰه علیه و آله أو آیة من كتاب اللّٰه تعالی یشفیه و كذلك من السموم التی یستضر بها الإنسان من لسع الهوام و هذا غیر مدفوع و ما سوی ذلك فمخاریق یجلبون بها أموال الناس و لیس قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا رقیة إلی آخره قطعا لأن تكون رقیة الحق ناجعة فی غیر ذلك من الأدواء بل المعنی أن الرقیة لها تأثیر قوی فیهما

كَمَا فِی قَوْلِهِ: لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ.

وَ رُوِیَ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِیتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِی الْبَارِحَةَ قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِینَ أَمْسَیْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ.

و عن ابن عباس قال كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یعلمنا من الأوجاع كلها أن نقول بِسْمِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ مِنْ شَرِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ(2) وَ مِنْ شَرِّ حَرِّ النَّارِ و فائدة الحدیث أن الرقیة فی غیر العین و الحمة لا تنجع و راوی الحدیث جابر رضی اللّٰه عنه.

«13»- الشِّهَابُ، قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْعَیْنَ لَتُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ وَ الْجَمَلَ (3)

الْقِدْرَ.

الضوء قد تقدم الكلام فیه و أن المؤثر فیما یعینه العائن قدرة اللّٰه عز و جل الذی یَفْعَلُ ما یَشاءُ و یغیر المستحسن من الأشیاء عن حاله اعتبارا للناظر و إعلاما أن الدنیا لا یدوم نعیمها و لا یبقی ما فیها علی وتیرة واحدة و العین ما ذا تكاد تفعل بنظرها لیت شعری و لو كان للعین نفسها أثر لكان یصح أن ینظر العائن إلی بعض أعدائه الذین یرید إهلاكهم و قلعهم فیهلكهم بالنظر و هذا باطل و العین كالجماد إذا انفردت عن الجملة فما ذا تصنع و للفلاسفة فی هذا كلام لا أرید أن أطویه و فائدة الحدیث إعلام أن اللّٰه تعالی قد یغیر بعض ما یستحسنه الإنسان إظهارا

ص: 20


1- 1. فالرقبة( خ).
2- 2. النعار. العرق الذی یفور منه الدم.
3- 3. فی بعض النسخ« و تدخل الجمل».

لقدرته و اعتبارا للمعتبر من خلیقته و راوی الحدیث جابر.

«14»- الْإِحْتِجَاجُ،: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِیمَا سَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ السِّحْرِ مَا أَصْلُهُ وَ كَیْفَ یَقْدِرُ السَّاحِرُ عَلَی مَا یُوصَفُ مِنْ عَجَائِبِهِ وَ مَا یَفْعَلُ قَالَ إِنَّ السِّحْرَ عَلَی وُجُوهٍ شَتَّی وَجْهٌ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ الطِّبِّ كَمَا أَنَّ الْأَطِبَّاءَ وَضَعُوا لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَكَذَلِكَ عِلْمُ السِّحْرِ احْتَالُوا لِكُلِّ صِحَّةٍ آفَةً وَ لِكُلِّ عَافِیَةٍ عَاهَةً وَ لِكُلِّ مَعْنًی حِیلَةً وَ نَوْعٌ (1)

مِنْهُ آخَرُ خَطْفَةٌ وَ سُرْعَةٌ وَ مَخَارِیقُ وَ خِفَّةٌ وَ نَوْعٌ (2)

مِنْهُ مَا یَأْخُذُ أَوْلِیَاءُ الشَّیَاطِینِ عَنْهُمْ قَالَ فَمِنْ أَیْنَ عَلِمَ الشَّیَاطِینُ السِّحْرَ قَالَ مِنْ حَیْثُ عَرَفَ الْأَطِبَّاءُ الطِّبَّ وَ بَعْضُهُ تَجْرِبَةٌ وَ بَعْضُهُ عِلَاجٌ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِی الْمَلَكَیْنِ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ وَ مَا یَقُولُ النَّاسُ بِأَنَّهُمَا یُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ قَالَ إِنَّهُمَا مَوْضِعُ ابْتِلَاءٍ وَ مَوْقِفُ فِتْنَةٍ تَسْبِیحُهُمَا الْیَوْمَ لَوْ فَعَلَ الْإِنْسَانُ كَذَا وَ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَ لَوْ یُعَالِجُ بِكَذَا وَ كَذَا لَصَارَ كَذَا أَصْنَافَ سِحْرٍ(3) فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا یَخْرُجُ عَنْهُمَا فَیَقُولَانِ لَهُمْ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَأْخُذُوا عَنَّا مَا یَضُرُّكُمْ وَ لَا یَنْفَعُكُمْ قَالَ أَ فَیَقْدِرُ السَّاحِرُ أَنْ یَجْعَلَ الْإِنْسَانَ بِسِحْرِهِ فِی صُورَةِ الْكَلْبِ أَوْ الْحِمَارِ أَوْ غَیْرِ ذَلِكَ قَالَ هُوَ أَعْجَزُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ یُغَیِّرَ خَلْقَ اللَّهِ إِنَّ مَنْ أَبْطَلَ مَا رَكَّبَهُ اللَّهُ وَ صَوَّرَهُ غَیْرَهُ فَهُوَ شَرِیكٌ لِلَّهِ (4)

فِی خَلْقِهِ تَعَالَی عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِیراً لَوْ قَدَرَ السَّاحِرُ عَلَی مَا وَصَفْتَ لَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْهَرَمَ وَ الْآفَةَ وَ الْأَمْرَاضَ وَ لَنَفَی الْبَیَاضَ عَنْ رَأْسِهِ وَ الْفَقْرَ عَنْ سَاحَتِهِ وَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ السِّحْرِ النَّمِیمَةَ یُفَرَّقُ بِهَا بَیْنَ الْمُتَحَابَّیْنِ وَ یُجْلَبُ الْعَدَاوَةُ عَلَی الْمُتَصَافِیَیْنِ وَ یُسْفَكُ بِهَا الدِّمَاءُ وَ یُهْدَمُ بِهَا الدُّورُ وَ یُكْشَفُ بِهَا السُّتُورُ وَ النَّمَّامُ أَشَرُّ مَنْ وَطِئَ عَلَی الْأَرْضِ بِقَدَمٍ فَأَقْرَبُ أَقَاوِیلِ السِّحْرِ مِنَ الصَّوَابِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الطِّبِّ إِنَّ السَّاحِرَ عَالَجَ الرَّجُلَ فَامْتَنَعَ مِنْ مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ فَجَاءَ الطَّبِیبُ فَعَالَجَهُ بِغَیْرِ ذَلِكَ

ص: 21


1- 1. فی المصدر: نوع آخر منه.
2- 2. فی المصدر: نوع آخر منه.
3- 3. فی المصدر: السحر.
4- 4. فیه: شریك اللّٰه فی خلقه، تعالی اللّٰه عن ذلك ....

الْعِلَاجِ فَأَبْرَأَ(1).

«15»- تَفْسِیرُ الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْخَزَّازِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ عِیسَی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: سَحَرَ لَبِیدُ بْنُ أَعْصَمَ الْیَهُودِیُّ وَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ الْیَهُودِیَّةُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2)

فَعَقَدُوا لَهُ فِی إِحْدَی عَشْرَةَ عُقْدَةً وَ جَعَلُوهُ فِی جُفٍ (3)

مِنْ طَلْعٍ ثُمَّ أَدْخَلُوهُ فِی بِئْرٍ بِوَادٍ بِالْمَدِینَةِ فِی مَرَاقِی الْبِئْرِ تَحْتَ (4) حَجَرٍ فَأَقَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ لَا یَسْمَعُ وَ لَا یُبْصِرُ وَ لَا یَأْتِی النِّسَاءَ فَنَزَلَ (5) جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ أَنْزَلَ مَعَهُ الْمُعَوِّذَاتِ فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ مَا شَأْنُكَ قَالَ مَا أَدْرِی أَنَا بِالْحَالِ الَّذِی تَرَی قَالَ فَإِنَّ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ وَ لَبِیدَ بْنَ أَعْصَمَ سَحَرَاكَ وَ أَخْبَرَهُ بِالسِّحْرِ وَ حَیْثُ هُوَ ثُمَّ قَرَأَ جَبْرَئِیلُ بِسْمِ اللَّهِ

الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاكَ فَانْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ یَقْرَأُ آیَةً وَ یَقْرَأُ(6) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَنْحَلُّ عُقْدَةٌ حَتَّی قَرَأَهَا عَلَیْهِ إِحْدَی عَشْرَةَ آیَةً وَ انْحَلَّتْ إِحْدَی عَشْرَةَ عُقْدَةً وَ جَلَسَ النَّبِیُّ وَ دَخَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ بِمَا أَخْبَرَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ قَالَ انْطَلِقْ وَ ائْتِنِی (7) بِالسِّحْرِ فَجَاءَ بِهِ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَقَضَ ثُمَّ تَفَلَ عَلَیْهِ وَ أَرْسَلَ إِلَی لَبِیدٍ(8) وَ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ مَا دَعَاكُمْ إِلَی مَا صَنَعْتُمَا ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی لَبِیدٍ وَ قَالَ لَا أَخْرَجَكَ اللَّهُ مِنَ

ص: 22


1- 1. الاحتجاج: 185.
2- 2. فی المصدر: فی عقد من قز أحمر و أخضر و أصفر فعقدوا ....
3- 3. فیه: ثم جعلوه فی جف من طلع- یعنی قشور اللوز-
4- 4. فیه: تحت راعوفة- یعنی الحجر الخارج- فأقام النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله ثلاثا لا یأكل ....
5- 5. فیه: فنزل علیه جبرئیل و نزل معه بالمعوذات.
6- 6. فیه: النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله.
7- 7. فیه: فائتنی بالسحر، فخرج علیّ علیه السلام فجاء به، فأمر به رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله ....
8- 8. فی المصدر: الی لبید بن أعصم و أم عبد اللّٰه الیهودیة.

الدُّنْیَا سَالِماً قَالَ وَ كَانَ مُوسِراً كَثِیرَ الْمَالِ فَمَرَّ بِهِ غُلَامٌ (1)

فِی أُذُنِهِ قُرْطٌ قِیمَتُهُ دِینَارٌ فَجَذَبَهُ (2)

فَخَرَمَ أُذُنَ الصَّبِیِّ وَ أَخَذَهُ فَقُطِعَتْ یَدُهُ فِیهِ (3).

بیان: فی القاموس الجف بالضم وعاء الطلع.

أقول: قد مر الكلام فی تأثیر السحر فی الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام و أن المشهور عدمه

دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ جَعَلَاهُ فِی مَرَاقِی الْبِئْرِ بِالْمَدِینَةِ فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَسْمَعُ وَ لَا یُبْصِرُ وَ لَا یَفْهَمُ وَ لَا یَتَكَلَّمُ وَ لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِمُعَوِّذَاتٍ وَ سَاقَ نَحْوَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَقُطِعَتْ یَدُهُ فَكُوِیَ مِنْهَا فَمَاتَ.

«16»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْبُرْسِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْأَرْمَنِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ لَبَّیْكَ یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ إِنَّ فُلَاناً الْیَهُودِیَّ سَحَرَكَ وَ جَعَلَ السِّحْرَ فِی بِئْرِ بَنِی فُلَانٍ فَابْعَثْ إِلَیْهِ یَعْنِی إِلَی الْبِئْرِ أَوْثَقَ النَّاسِ عِنْدَكَ وَ أَعْظَمَهُمْ فِی عَیْنِكَ وَ هُوَ عَدِیلُ نَفْسِكَ حَتَّی یَأْتِیَكَ بِالسِّحْرِ وَ قَالَ فَبَعَثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ قَالَ انْطَلِقْ إِلَی بِئْرِ ذَرْوَانَ فَإِنَّ فِیهَا سِحْراً سَحَرَنِی بِهِ لَبِیدُ بْنُ أَعْصَمَ الْیَهُودِیُّ فَأْتِنِی بِهِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَانْطَلَقْتُ فِی حَاجَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَبَطْتُ فَإِذَا مَاءُ الْبِئْرِ قَدْ صَارَ كَأَنَّهُ مَاءُ الْحِنَّاءِ مِنَ السِّحْرِ فَطَلَبْتُهُ مُسْتَعْجِلًا حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی أَسْفَلِ الْقَلِیبِ (4) وَ لَمْ أَظْفَرْ

ص: 23


1- 1. فیه: غلام یسعی.
2- 2. فیه: فجاذبه فخرم اذن الصبی فأخذه و قطعت یده فمات من وقته.
3- 3. تفسیر فرات: 233.
4- 4. فلم( خ).

بِهِ قَالَ الَّذِینَ مَعِی مَا فِیهِ شَیْ ءٌ فَاصْعَدْ فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ (1) وَ لَا كُذِبْتُ وَ مَا یَقِینِی بِهِ مِثْلُ یَقِینِكُمْ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ طَلَبْتُ طَلَباً بِلُطْفٍ فَاسْتَخْرَجْتُ حُقّاً فَأَتَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ افْتَحْهُ فَفَتَحْتُهُ فَإِذَا فِی الْحُقِّ قِطْعَةُ كَرَبِ النَّخْلِ فِی وَتَرٍ عَلَیْهَا إِحْدَی وَ عِشْرُونَ عُقْدَةً وَ كَانَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَنْزَلَ یَوْمَئِذٍ الْمُعَوِّذَتَیْنِ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ اقْرَأْهُمَا عَلَی الْوَتَرِ فَجَعَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ كُلَّمَا قَرَأَ آیَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ حَتَّی فَرَغَ مِنْهَا وَ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ نَبِیِّهِ مَا سُحِرَ بِهِ وَ عَافَاهُ وَ یُرْوَی أَنَّ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ علیهما السلام أَتَیَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ یَمِینِهِ وَ الْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ لِمِیكَائِیلَ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مِیكَائِیلُ هُوَ مَطْبُوبٌ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِیدُ بْنُ أَعْصَمَ الْیَهُودِیُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِیثَ إِلَی آخِرِهِ (2).

بیان: فی القاموس الكرب بالتحریك أصول السعف الغلاظ و فی النهایة رجل مطبوب أی مسحور كنوا بالطب عن السحر تفؤلا بالبرء.

«17»- الطب، [طب الأئمة علیهم السلام] عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْبَیْطَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ یُقَالُ لَهُ یُونُسُ الْمُصَلِّی لِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیه السلام: إِنَّ السَّحَرَةَ لَمْ یُسَلَّطُوا عَلَی شَیْ ءٍ إِلَّا الْعَیْنَ (3).

«18»- وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُعَوِّذَتَیْنِ أَنَّهُمَا مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام هُمَا مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّهُمَا لَیْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ فِی قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ لَا فِی مُصْحَفِهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَخْطَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَوْ قَالَ كَذَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ هُمَا مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ الرَّجُلُ فَأَقْرَأْ بِهِمَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فِی الْمَكْتُوبَةِ قَالَ نَعَمْ وَ هَلْ تَدْرِی مَا مَعْنَی الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ نَزَلَتَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَحَرَهُ

ص: 24


1- 1. فی المصدر: ما كذب و ما كذبت.
2- 2. الطب: 113- 114.
3- 3. الطب: 114.

لَبِیدُ بْنُ أَعْصَمَ الْیَهُودِیُّ فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مَا كَانَ (1)

ذَا وَ مَا عَسَی أَنْ یَبْلُغَ مِنْ سِحْرِهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ علیه السلام بَلَی كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَرَی [أَنَّهُ] یُجَامِعُ وَ لَیْسَ یُجَامِعُ وَ كَانَ یُرِیدُ الْبَابَ وَ لَا یُبْصِرُهُ حَتَّی یَلْمَسَهُ بِیَدِهِ وَ السِّحْرُ حَقٌّ وَ مَا سُلِّطَ السِّحْرُ

إِلَّا عَلَی الْعَیْنِ وَ الْفَرْجِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَدَعَا عَلِیّاً علیه السلام وَ بَعَثَهُ لِیَسْتَخْرِجَ ذَلِكَ مِنْ بِئْرِ(2)

أَزْوَانَ وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ بِطُولِهِ إِلَی آخِرِهِ (3).

«19»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ زِیَادِ بْنِ هَارُونَ الْعَبْدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَجَلِیِّ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَعْجَبَهُ شَیْ ءٌ مِنْ أَخِیهِ الْمُؤْمِنِ (4)

فلیثمد [فَلْیُكَبِّرْ] عَلَیْهِ فَإِنَّ الْعَیْنَ حَقٌ (5).

«20»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَیْمُونٍ الْمَكِّیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَوْ نُبِشَ لَكُمْ عَنِ الْقُبُورِ لَرَأَیْتُمْ أَنَّ أَكْثَرَ مَوْتَاهُمْ بِالْعَیْنِ لِأَنَّ الْعَیْنَ حَقٌّ أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الْعَیْنُ حَقٌّ فَمَنْ أَعْجَبَهُ مِنْ أَخِیهِ شَیْ ءٌ فَلْیَذْكُرِ اللَّهَ فِی ذَلِكَ فَإِنَّهُ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ لَمْ یَضُرَّهُ (6).

«21»- وَ مِنْهُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ النُّشْرَةِ لِلْمَسْحُورِ فَقَالَ مَا كَانَ أَبِی علیه السلام یَرَی بِهَا بَأْساً(7).

«22»- الْمَكَارِمُ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الرِّضَا علیه السلام بِخُرَاسَانَ

ص: 25


1- 1. فی المصدر: و ما كاد أو عسی.
2- 2. فیه: ذروان.
3- 3. الطب: 114.
4- 4. فی المصدر: فلیكبر.
5- 5. الطب: 121.
6- 6. الطب: 121.
7- 7. المصدر: 114.

عَلَی نَفَقَاتِهِ فَأَمَرَنِی أَنْ أَتَّخِذَ لَهُ غَالِیَةً فَلَمَّا اتَّخَذْتُهَا فَأُعْجِبَ بِهَا فَنَظَرَ إِلَیْهَا فَقَالَ لِی یَا مُعَمَّرُ إِنَّ الْعَیْنَ حَقٌّ فَاكْتُبْ فِی رُقْعَةٍ الْحَمْدَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ اجْعَلْهَا فِی غِلَافِ الْقَارُورَةِ(1).

«23»- وَ مِنْهُ، رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: الْعَیْنُ حَقٌّ وَ لَیْسَ تَأْمَنُهَا مِنْكَ عَلَی نَفْسِكَ وَ لَا مِنْكَ عَلَی غَیْرِكَ فَإِذَا خِفْتَ شَیْئاً مِنْ ذَلِكَ فَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ ثَلَاثاً(2).

«24»- وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَعْجَبَهُ مِنْ أَخِیهِ شَیْ ءٌ فَلْیُبَارِكْ عَلَیْهِ فَإِنَّ الْعَیْنَ حَقٌ (3).

«25»- وَ مِنْهُ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْعَیْنَ لَیُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ وَ الْجَمَلَ الْقِدْرَ(4).

«26»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا رُقْیَةَ إِلَّا مِنْ حُمَةٍ وَ الْعَیْنِ (5).

«27»- وَ مِنْهُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: لَوْ كَانَ شَیْ ءٌ یَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَهُ الْعَیْنُ (6).

«28»- الْخِصَالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا رُقَی إِلَّا فِی ثَلَاثَةٍ فِی حُمَةٍ أَوْ عَیْنٍ أَوْ دَمٍ لَا یَرْقَأُ(7).

«29»- جَامِعُ الْأَخْبَارِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْعَیْنَ لَتُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ وَ تُدْخِلُ الْجَمَلَ الْقِدْرَ(8).

«30»- وَ جَاءَ فِی الْخَبَرِ: أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَیْسٍ قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ بَنِی

ص: 26


1- 1. مكارم الأخلاق: 445.
2- 2. مكارم الأخلاق: 445.
3- 3. مكارم الأخلاق: 445.
4- 4. مكارم الأخلاق: 445.
5- 5. المصدر: 446، و فیه« و العین حق».
6- 6. المصدر: 479.
7- 7. الخصال: 74.
8- 8. جامع الأخبار: 157 طبعة الحیدریّة.

جَعْفَرٍ تُصِیبُهُمُ الْعَیْنُ فَأَسْتَرْقِی لَهُمْ قَالَ نَعَمْ فَلَوْ كَانَ شَیْ ءٌ یَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَتِ الْعَیْنُ (1).

«31»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا رَفَعَ النَّاسُ أَبْصَارَهُمْ إِلَی شَیْ ءٍ إِلَّا وَضَعَهُ اللَّهُ (2).

«32»- النهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا قَالَ النَّاسُ لِشَیْ ءٍ طُوبَی لَهُ إِلَّا وَ قَدْ خَبَأَ الدَّهْرُ لَهُ یَوْمَ سَوْءٍ(3).

بیان: طوبی كلمة تستعمل فی مقام المدح و الاستحسان و التعجب من حسن الشی ء و كماله و خبأت الشی ء أخبأه أخفیته یوم سوء بالفتح أی یوم نقص و بلیة و زوال و إخفاء الدهر ذلك الیوم كنایة عن جهل الناس بأسبابه و أنه یأتیهم بغتة أو غفلتهم عن عدم ثبات زخارف الدنیا و سرعة زوالها.

ثم إنه یحتمل أن یكون ما ورد فی هذا الخبر و الخبر السابق إشارة إلی تأثیر العیون كما مر أو إلی أن من لوازم الدنیا أنه إذا انتهت فیها حال شخص فی الرفعة و العزة إلی غایة الكمال فلا بد أن یرجع إلی النقص و الزوال فقولهم طوبی له و استحسانهم إیاه و رفع أبصارهم إلیه من شواهد الرفعة و الكمال و هو علامة الأخذ فی الهبوط و الاضمحلال.

و قد یخطر بالبال أن ما ورد فی العین و تأثیرها یمكن أن یكون إشارة إلی هذا المعنی و إن كان بعیدا من بعض الآیات و الأخبار و یمكن تأویلها إلیه و تطبیقها علیه كما لا یخفی علی أولی الأبصار و ما ورد من ذكر اللّٰه و الدعاء عند ذلك لا ینافیه بل یؤیده فإن أمثال ذلك موجبة لدوام النعمة و استمرارها و اللّٰه یعلم حقائق الأمور و دقائق الأسرار.

ص: 27


1- 1. جامع الأخبار: 157 فیه. أ فأسترقی.
2- 2. نوادر الراوندیّ: 17.
3- 3. نهج البلاغة: ج 2، ص 205.

نقل و تحقیق

اعلم أن أصحابنا و المخالفین اختلفوا فی حقیقة السحر و أنه هل له حقیقة أو محض توهم و لنذكر بعض كلماتهم فی ذلك.

قال الشیخ قدس سره فی الخلاف السحر له حقیقة و یصح منه أن یعقد و یؤثر و یسحر فیقتل و یمرض و یكوع (1)

الأیدی و یفرق بین الرجل و زوجته و یتفق له أن یسحر بالعراق رجلا بخراسان فیقتله عند أكثر أهل العلم و أبی حنیفة و أصحابه و مالك و الشافعی.

و قال أبو جعفر الأسترآبادی لا حقیقة له و إنما هو تخییل و شعبدة و به قال المغربی من أهل الظاهر و هو الذی یقوی فی نفسی و یدل علیه قوله تعالی فَإِذا حِبالُهُمْ الآیة(2)

و ذلك أن القوم جعلوا من الحبال كهیئات الحیات و طلوا علیها الزئبق و أخذوا الموعد علی وقت تطلع فیه الشمس حتی إذا وقعت علی الزئبق تحرك فخیل لموسی علیه السلام أنها حیات و لم یكن لها حقیقة و كان هذا فی أشد وقت الحر فألقی موسی عصاه فأبطل علیهم السحر فآمنوا به.

و أیضا فإن الواحد منا لا یصح أن یفعل فی غیره و لیس بینه و بینه اتصال و لا اتصال بما یتصل بما یفعل فیه فكیف یفعل من هو ببغداد فیمن هو بالحجاز و أبعد منها و لا ینفی هذا قوله تعالی وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ(3) لأن ذلك لا نمنع منه و إنما الذی منعنا منه أن یؤثر الساحر الذی یدعونه فأما أن یفعلوا ما یتخیل عنه أشیاء فلا نمنع منه.

و رووا عن عائشة 000 أقول ثم ذكر نحوا مما مر من سحر الیهودی النبی صلی اللّٰه علیه و آله ثم قال و هذه أخبار آحاد لا یعمل علیها فی هذا المعنی و قد روی عن عائشة أنها قالت سحر

ص: 28


1- 1. كوع- كسمع-: عظم كوعه- و هو طرف الزند الذی یلی الإبهام- و اعوج.
2- 2. طه: 76.
3- 3. البقرة: 102.

رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فما عمل فیه السحر و هذا معارض ذلك.

ثم قال قدس سره إذا أقر أنه سحر فقتل بسحره متعمدا لا یجب علیه القود و به قال أبو حنیفة و قال الشافعی یجب علیه القود دلیلنا أن الأصل براءة الذمة و أن هذا مما یقتل به یحتاج إلی دلیل.

و أیضا فقد بینا أن الواحد لا یصح أن یقتل غیره بما لا یباشره به إلا أن یسقیه ما یقتل به علی العادة مثل السم و لیس السحر بشی ء من ذلك.

و قد روی أصحابنا أن الساحر یقتل و الوجه فیه أن هذا فساد فی الأرض و السعی فیها به فلأجل ذلك وجب فیه (1)

القتل.

و قال العلامة نور اللّٰه مرقده فی التحریر السحر عقد و رمی كلام یتكلم به أو یكتبه أو یعمل شیئا یؤثر فی بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غیر مباشرة و قد یحصل به القتل و المرض و التفریق بین الرجل و المرأة و بغض أحدهما لصاحبه و محبة أحد الشخصین للآخر و هل له حقیقة أم لا فیه نظر.

ثم قال و السحر الذی یجب فیه (2)

القتل هو ما یعد فی العرف سحرا كما نقل الأموی فی مغازیه أن النجاشی دعا السواحر فنفخن فی إحلیل عمارة بن الولید فهام مع الوحش فلم یزل معها إلی إمارة عمر بن الخطاب فأمسكه إنسان فقال خلنی و إلا مت فلم یخله فمات من ساعته.

و قیل إن ساحرة أخذها بعض الأمراء فجاء زوجها كالهائم فقال قولوا لها تخل عنی فقالت ائتونی بخیوط و باب فأتوا بذلك فجلست و جعلت تعقد فطار بها الباب فلم یقدروا علیها و أمثال ذلك و أما الذی یعزم علی المصروع و یزعم أنه یجمع الجن و یأسرها فتطیعه فلا یتعلق به حكم و الذی یحل السحر بشی ء من القرآن و الذكر و الأقسام فلا بأس به و إن كان بالسحر حرم علی إشكال.

و قال فی موضع آخر منه الذی اختاره الشیخ رحمه اللّٰه أنه لا حقیقة

ص: 29


1- 1. به( خ).
2- 2. الخلاف 2: 423 و 424.

للسحر و فی الأحادیث ما یدل علی أن له حقیقة فعلی ما ورد فی الأخبار لو سحره فمات بسحره ففی القود إشكال و الأقرب الدیة إلی آخر ما قال.

و قال فی المنتهی نحوا من أول الكلام ثم قال و اختلف فی أنه له حقیقة أم لا قال الشیخ رحمه اللّٰه لا حقیقة له و إنما هو تخییل و هو قول بعض الشافعیة و قال الشافعی له حقیقة و قال أصحاب أبی حنیفة إن كان یصل إلی بدن المسحور كدخان و نحوه جاز أن یحصل منه ما یؤثر فی نفس المسحور من قتل أو مرض أو أخذ الرجل عن امرأته فیمنعه وطأها أو یفرق بینهما أو یبغض أحدهما إلی الآخر أو یحببه إلیه فأما أن یحصل المرض و الموت من غیر أن یصل إلی بدنه شی ء فلا یجوز ذلك.

ثم ذكر رحمه اللّٰه احتجاج الطرفین بآیة یُخَیَّلُ إِلَیْهِ و سورة الفلق ثم قال و روی الجمهور عن عائشة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله سحر حتی یری أنه یفعل الشی ء و لا یفعله و أنه قال لها ذات یوم أ شعرت أن اللّٰه تعالی أفتانی فیما استفتیته أنه أتانی ملكان فجلس أحدهما عند رأسی و الآخر عند رجلی فقال ما وجع الرجل فقال مطبوب قال من طبه قال لبید بن أعصم الیهودی فی مشط و مشاطة فی جف طلعة فی بئر ذی أزوان رواه البخاری و جف الطلعة وعاؤها و المشاطة الشعر الذی یخرج من شعر الرأس و غیره إذا مشط فقد أثبت لهم سحرا و هذا القول عندی باطل و الروایات ضعیفة خصوصا روایة عائشة لاستحالة تطرق السحر إلی الأنبیاء علیهم السلام.

ثم قال إن كان للسحر حقیقة فهو ما یعد فی العرف سحرا ثم ذكر القصتین للنجاشی و الساحرة ثم قال فهذا و أمثاله مثل أن یعقد الرجل المزوج فلا یطیق وطء امرأته هو السحر المختلف فیه فأما الذی یقال من العزم علی المصروع فلا یدخل تحت هذا الحكم و هو عندی باطل لا حقیقة له و إنما هو من الخرافات.

و قال الشهید رفع اللّٰه درجته فی الدروس تحرم الكهانة و السحر بالكلام و الكتابة و الرقیة و الدخنة بعقاقیر الكواكب و تصفیة النفس و التصویر و العقد و النفث

ص: 30

و الأقسام و العزائم بما لا یفهم معناه و یضر بالغیر فعله و من السحر الاستخدام للملائكة و الجن و استنزال الشیاطین فی كشف الغائب و علاج المصاب و منه الاستحضار بتلبیس الروح ببدن منفعل كالصبی و المرأة و كشف الغائب عن لسانه.

و منه النیرنجات و هی إظهار غرائب خواص الامتزاجات و أسرار النیرین و تلحق به الطلسمات و هی تمزیج القوی العالیة الفاعلة بالقوی السالفة المنفعلة لیحدث عنها فعل غریب فعمل هذا كله و التكسب به حرام و الأكثر علی أنه لا حقیقة له بل هو تخییل و قیل أكثره تخییل و بعضه حقیقی لأنه تعالی وصفه بالعظمة فی سحرة فرعون و من التخییل إحداث خیالات لا وجود لها فی الحس المشترك للتأثیر فی شی ء آخر و ربما ظهر إلی الحس.

و تلحق به الشعبذة و هی الأفعال العجیبة المرتبة علی سرعة الید بالحركة فیلبس علی الحس و قیل الطلسمات كانت معجزات للأنبیاء.

و أما الكیمیاء فیحرم المسمی بالتكلیس بالزئبق و الكبریت و الزاج و التصدیة و بالشعر و البیض و المرار و الأدهان كما تفعله الجهال أما سلب الجواهر خواصها و إفادتها خواص أخری بالدواء المسمی بالإكسیر أو بالنار الملینة الموقدة علی أصل الفلزات أو لمراعاة نسبها فی الحجم و الوزن فهذا مما لا یعلم صحته و تجنب ذلك كله أولی و أحری (1).

و قال الشهید الثانی رفع اللّٰه مقامه السحر هو كلام أو كتابة أو رقیة أو أقسام و عزائم و نحوها یحدث بسببها ضرر علی الغیر و منه عقد الرجل عن زوجته بحیث لا یقدر علی وطئها و إلقاء البغضاء بینهما و منه استخدام الملائكة و الجن و استنزال الشیاطین فی كشف الغائبات و علاج المصاب و استحضارهم و تلبسهم ببدن صبی أو امرأة و كشف الغائب علی لسانه فتعلم ذلك و أشباهه و عمله و تعلیمه كله حرام و التكسب به سحت و یقتل مستحله و لو تعلمه لیتوقی به أو لیدفع به المتنبی بالسحر فالظاهر جوازه و ربما وجب علی الكفایة كما هو خیرة الدروس و یجوز

ص: 31


1- 1. الدروس: كتاب المكاسب.

حله بالقرآن و الأقسام كما ورد فی روایة القلاء.

و هل له حقیقة أو هو تخییل الأكثر علی الثانی و یشكل بوجدان أثره فی كثیر من الناس علی الحقیقة و التأثر بالوهم إنما یتم لو سبق للقابل علم بوقوعه و نحن نجد أثره فیمن لا یشعر به أصلا حتی یضر به و لو حمل تخییله علی ما تظهر من تأثیره فی حركات الحیات و الطیران و نحوهما أمكن لا فی مطلق التأثیر و إحضار الجان و شبه ذلك فإنه أمر معلوم لا یتوجه دفعه.

ثم قال و الكهانة عمل یوجب طاعة بعض الجان له و اتباعه له بحیث یأتیه بالأخبار و هو قریب من السحر ثم قال و الشعبذة عرفوها بأنها الحركات السریعة التی تترتب علیها الأفعال العجیبة بحیث یتلبس (1)

علی الحس الفرق بین الشی ء و شبهه لسرعة الانتقال منه إلی شبهه.

أقول: و نحو ذلك قال المحقق الأردبیلی روح اللّٰه روحه فی شرح الإرشاد و قال الظاهر أن له حقیقة بمعنی أنه یؤثر بالحقیقة لا أنه إنما یتأثر بالوهم فقط و لهذا نقل تأثیره فی شخص لم یعرف و لا یشعر بوقوعه فیه نعم یمكن أن لا حقیقة له بمعنی أن لا یوجد حیوان بفعله بل یتخیل كقوله تعالی یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی (2) مع أنه لا ثمرة فی ذلك إذ لا شك فی عقابه و لزوم الدیة و عوض ما یفوت بفعل الساحر علیه.

و قال ابن حجر فی فتح الباری فی العین تقول عنت الرجل أصبته بعینك فهو معیون و معین و رجل عائن و معیان و عیون و العین یضر باستحسان مشوب بحسد من حیث الطبع یحصل للمبصور منه ضرر و قد استشكل ذلك علی بعض الناس فقال كیف

یعمل العین من بعد حتی یحصل الضرر للمعیون و الجواب أن طبائع الناس تختلف فقد یكون ذلك من سم یصل من عین العائن فی الهواء إلی بدن المعیون.

و قد نقل عن بعض من كان معیانا أنه قال إذا رأیت شیئا یعجبنی وجدت

ص: 32


1- 1. یلتبس.
2- 2. طه: 66.

حرارة تخرج من عینی و یقرب ذلك بالمرأة الحائض تضع یدها فی إناء اللبن فیفسد و لو وضعتها بعد طهرها لم یفسد و كذا تدخل البستان فتضر بكثیر من العروش من غیر أن تمسها و من ذلك أن الصحیح قد ینظر إلی العین الرمد فیرمد و یتثاءب (1) بحضرته فیتثاب هو أشار إلی ذلك ابن بطال و قال الخطابی فی الحدیث أن للعین تأثیرا فی النفوس و إبطال قول الطباعیین أنه لا شی ء إلا ما تدركه الحواس الخمس و ما عدا ذلك لا حقیقة له.

و قال المازری زعم بعض الطباعیین أن العائن تنبعث من عینه قوة سمیة تتصل بالمعین فیهلك أو یفسد و هو كإصابة السم من نظر الأفعی و أشار إلی منع الحصر فی ذلك مع تجویزه و أن الذی یتمشی علی طریقة أهل السنة أن العین إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها اللّٰه تعالی أن یحدث الضر عند مقابلة شخص لآخر و هل ثم جواهر خفیة أو لا هو أمر محتمل لا یقطع بإثباته و لا نفیه.

و من قال ممن ینتمی إلی الإسلام من أصحاب الطبائع بالقطع بأن جواهر لطیفة غیر مرئیة تنبعث من العائن فتتصل بالمعیون و تتخلل مسام جسمه فیخلق البارئ الهلاك عندها كما یخلق الهلاك عند شرب السموم فقد أخطأ بدعوی القطع و لكنه جائز أن یكون عادة لیست ضرورة و لا طبیعة انتهی.

و هو كلام سدید و قد بالغ ابن العربی فی إنكاره فقال ذهبت الفلاسفة إلی أن الإصابة بالعین صادرة عن تأثیر النفس بقوتها فیه فأول ما یؤثر فی نفسها ثم یؤثر فی غیرها.

و قیل إنما هو سم فی عین العائن یصیبه بلفحة(2)

عند التحدیق إلیه كما یصیب لفح سم الأفعی من یتصل به.

ثم رد الأول بأنه لو كان كذلك لما تخلفت الإصابة فی كل حال و الواقع بخلافه و الثانی بأن سم الأفعی جزء منها و كلها قاتل و العائن لیس یقتل منه

ص: 33


1- 1. التثاؤب معروف، و هو أن یسترخی فیفتح فمه بلا قصد، و الاسم الثؤباء.
2- 2. لفحت النار أو السموم فلانا: أصاب حرها وجهه و أحرقه.

شی ء فی قولهم إلا بصره و هو معنی خارج عن ذلك قال و الحق أن اللّٰه یخلق عند بصر العائن إلیه و إعجابه به إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة و قد یصرفه قبل وقوعه بالاستعاذة أو بغیرها و قد یصرفه بعد وقوعه بالرقیة أو بالاغتسال أو بغیر ذلك انتهی كلامه.

و فیه بعض ما یتعقب فإن الذی مثل بالأفعی لم یرد أنها تلامس المصاب حتی یتصل به من سمها و إنما أراد أن جنسا من الأفاعی اشتهر أنها إذا وقع بصرها علی الإنسان هلك فكذلك العائن و لیس مراد الخطابی بالتأثیر المعنی الذی تذهب إلیه الفلاسفة بل ما أجری اللّٰه به العادة من حصول الضرر للمعیون و قد أخرج البزاز بسند حسن عن جابر رفعه قال أكثر من یموت بعد قضاء اللّٰه و قدره بالنفس قال الراوی یعنی بالعین و قد أجری اللّٰه العادة بوجود كثیر من القوی و الخواص فی الأجسام و الأرواح كما یحدث لمن ینظر إلیه من یحتشمه من الخجل فتری فی وجهه حمرة شدیدة لم تكن قبل ذلك و كذا الاصفرار عند رؤیة من یخافه و كثیر من الناس یسقم بمجرد النظر إلیه و یضعف قواه و كل ذلك بواسطة ما خلق اللّٰه تعالی فی الأرواح من التأثیرات و لشدة ارتباطها بالعین نسب الفعل إلی العین و لیست هی المؤثرة و إنما التأثیر للروح و الأرواح مختلفة فی طبائعها و قواها و كیفیاتها و خواصها فمنها ما یؤثر فی البدن بمجرد الرؤیة من غیر اتصال به لشدة خبث تلك الروح و كیفیتها الخبیثة.

و الحاصل أن التأثیر بإرادة اللّٰه تعالی و خلقه لیس مقصورا علی الاتصال الجسمانی بل یكون تارة به و تارة بالمقابلة و أخری بمجرد الرؤیة و أخری بتوجه الروح كالذی یحدث من الأدعیة و الرقی و الالتجاء إلی اللّٰه تعالی و تارة یقع ذلك بالتوهم و التخیل و الذی یخرج من عین العائن سهم معنوی إن صادف بدنا لا وقایة له أثر فیه و إلا لم ینفذ السهم بل ربما رد علی صاحبه كالسهم الحسی سواء.

و قال فی بیان السحر قال الراغب و غیره السحر یطلق علی معان أحدها

ص: 34

ما دق و لطف و منه سحرت الصبی خدعته و استملته فكل من استمال شیئا فقد سحره و منه إطلاق الشعراء سحر العیون لاستمالتها النفوس و منه قول الأطباء الطبیعة ساحرة و منه قوله تعالی بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (1) أی مصروفون عن المعرفة

وَ مِنْهُ حَدِیثُ: إِنَّ مِنَ الْبَیَانِ لَسِحْراً.

الثانی ما یقع بخداع و تخییلات لا حقیقة لها نحو ما یفعله المشعبد من صرف الأبصار عما یتعاطاه بخفة یده و إلی ذلك الإشارة بقوله تعالی یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی (2) و قوله تعالی سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ (3) و من هناك سموا موسی علیه السلام ساحرا و قد یستعان فی ذلك بما یكون فیه خاصیة كحجر المغناطیس.

الثالث ما یحصل بمعاونة الشیاطین بضرب من التقرب إلیهم و إلی ذلك الإشارة بقوله تعالی وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ(4).

الرابع ما یحصل بمخاطبة الكواكب و اشتراك روحانیاتها بزعمهم قال ابن حزم و منه ما یؤخذ من الطلسمات كالطابع المنقوش فیه صورة عقرب فی وقت كون القمر فی العقرب فینفع من لدغة العقرب و قد یجمع بعضهم بین الأمرین الاستعانة بالشیاطین و مخاطبة الكواكب فیكون ذلك أقوی بزعمهم.

ثم السحر یطلق و یراد به الآلة التی یسحر بها و یطلق و یراد به فعل الساحر و الآلة تارة تكون معنی من المعانی فقط كالرقی و النفث و تارة تكون من المحسوسات كتصویر صورة علی صورة المسحور و تارة یجمع الأمرین الحسی و المعنوی و هو أبلغ.

و اختلف فی السحر فقیل هو تخییل فقط و لا حقیقة له و قال النووی و الصحیح أن له حقیقة و به قطع الجمهور و علیه عامة العلماء و یدل علیه الكتاب و السنة

ص: 35


1- 1. الحجر: 15.
2- 2. طه: 66.
3- 3. الأعراف: 116.
4- 4. البقرة: 102.

المشهورة انتهی.

لكن محل النزاع أنه هل یقع بالسحر انقلاب عین أو لا فمن قال إنه تخییل فقط منع من ذلك و من قال له حقیقة اختلفوا فی أنه هل له تأثیر فقط بحیث یغیر المزاج فیكون نوعا من الأمراض أو ینتهی إلی الإحالة بحیث یصیر الجماد حیوانا مثلا و عكسه فالذی علیه الجمهور هو الأول و ذهبت طائفة قلیلة إلی الثانی فإن كان بالنظر إلی القدرة الإلهیة فمسلم و إن كان بالنظر إلی الواقع فهو محل الخلاف فإن كثیرا ممن یدعی ذلك لا یستطیع إقامة البرهان علیه.

و نقل الخطابی أن قوما أنكروا السحر مطلقا و كأنه عنی القائلین بأنه تخییل فقط و إلا فهی مكابرة.

و قال المازری جمهور العلماء علی إثبات السحر و أن له حقیقة و نفی بعضهم حقیقته و أضاف ما یقع منه إلی خیالات باطلة و هو مردود لورود النقل بإثبات السحر و لأن العقل لا ینكر أن اللّٰه تعالی قد یخرق العادة عند نطق الساحر بكلام ملفق و تركیب أجسام أو مزج بین قوی علی ترتیب مخصوص و نظیر ذلك ما یقع من حذاق الأطباء من مزج بعض العقاقیر ببعض حتی ینقلب الضار منها بمفرده فیصیر بالتركیب نافعا و قیل لا یزید تأثیر السحر علی ما ذكر اللّٰه تعالی فی قوله ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ (1) لكون المقام مقام تهویل فلو جاز أن یقع أكثر من ذلك لذكره.

قال المازری و الصحیح من جهة العقل أنه یجوز أن یقع به أكثر من ذلك قال و الآیة لیست نصا فی منع الزیادة و لو قلنا إنها ظاهرة فی ذلك.

ثم قال و الفرق بین السحر و المعجزة و الكرامة أن السحر یكون بمعاناة أقوال و أفعال حتی یتم للساحر ما یرید و الكرامة لا تحتاج إلی ذلك بل إنما تقع غالبا اتفاقا و أما المعجزة فتمتاز من الكرامة بالتحدی.

و نقل إمام الحرمین الإجماع علی أن السحر لا یظهر إلا عن فاسق و الكرامة

ص: 36


1- 1. البقرة: 102.

لا تظهر عن (1)

الفاسق و نقل النووی فی زیادات الروضة عن المستولی (2)

نحو ذلك و ینبغی أن یعتبر بحال من یقع الخارق منه فإن كان متمسكا بالشریعة متجنبا للموبقات فالذی یظهر علی یده من الخوارق كرامة و إلا فهو سحر لأنه ینشأ عن أحد أنواعه كإعانة الشیاطین.

و قال القرطبی السحر حیل صناعیة یتوصل إلیها بالاكتساب غیر أنها لدقتها لا یتوصل إلیها إلا آحاد الناس و مادتها الوقوف علی خواص الأشیاء و العلم بوجوه تركیبها و أوقاته و أكثرها تخییلات بغیر حقیقة و إیهامات بغیر ثبوت فیعظم عند من لا یعرف ذلك كما قال اللّٰه تعالی عن سحرة فرعون وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِیمٍ (3) مع أن حبالهم و عصیهم لم تخرج عن كونها حبالا و عصیا.

ثم قال و الحق أن لبعض أصناف السحر تأثیرا فی القلوب كالحب و البغض و إلقاء الخیر و الشر فی الأبدان بالألم و السقم و إنما المنكر أن الجماد ینقلب حیوانا و عكسه بسحر الساحر و نحو ذلك انتهی.

و قال شارح المقاصد السحر إظهار أمر خارق للعادة من نفس شریرة خبیثة بمباشرة أعمال مخصوصة یجری فیها التعلم و التلمذ و بهذین الاعتبارین یفارق المعجزة و الكرامة و بأنه لا یكون بحسب اقتراح المعترض و بأنه یختص ببعض الأزمنة أو الأمكنة أو الشرائط و بأنه قد یتصدی لمعارضته و یبذل الجهد فی الإتیان بمثله و بأن صاحبه ربما یعلن بالفسق و یتصف بالرجس فی الظاهر و الباطن و الخزی فی الدنیا و الآخرة إلی غیر ذلك من وجوه المفارقة و هو عند أهل الحق جائز عقلا ثابت سمعا و كذلك الإصابة بالعین.

و قالت المعتزلة هو مجرد إراءة ما لا حقیقة له بمنزلة الشعبدة التی سببها خفة حركات الید أو خفاء وجه الحیلة فیه.

ص: 37


1- 1. فی أكثر النسخ: علی فاسق.
2- 2. المستوفی( خ).
3- 3. الأعراف: 116.

لنا علی الجواز ما مر فی الإعجاز من إمكان الأمر فی نفسه و شمول قدرة اللّٰه له فإنه هو الخالق و إنما الساحر فاعل و كاسب و أیضا إجماع الفقهاء و إنما اختلفوا فی الحكم و علی الوقوع وجوه.

منها قوله تعالی یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ إلی قوله فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ (1) و فیه إشعار بأنه ثابت حقیقة لیس مجرد إراءة و تمویه و بأن المؤثر و الخالق هو اللّٰه تعالی وحده.

و منها سورة الفلق فقد اتفق جمهور المسلمین علی أنها نزلت فیما كان من سحر لبید بن أعصم الیهودی لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حتی مرض ثلاث لیال.

و منها ما روی أن جاریة سحرت عائشة و أنه سحر ابن عمر حتی تكوعت یده.

فإن قیل لو صح السحر لأضرت السحرة بجمیع الأنبیاء و الصالحین و لحصلوا لأنفسهم الملك العظیم و كیف یصح أن یسحر النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قد قال اللّٰه وَ اللَّهُ یَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (2) وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتی و كانت الكفرة یعیبون النبی صلی اللّٰه علیه و آله بأنه مسحور مع القطع بأنهم كاذبون.

قلنا لیس الساحر یوجد فی كل عصر و زمان و بكل قطر و مكان و لا ینفذ حكمه كل أوان و لا له ید فی كل شی ء(3)

و النبی صلی اللّٰه علیه و آله معصوم من أن یهلكه الناس أو یوقع خللا فی نبوته لا أن یوصل ضررا و ألما إلی بدنه و مراد الكفار بكونه مسحورا أنه مجنون أزیل عقله بالسحر حیث ترك دینهم.

فإن قیل قوله تعالی فی قصة موسی علیه السلام یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها

ص: 38


1- 1. البقرة: 102.
2- 2. المائدة: 67.
3- 3. شان( خ).

تَسْعی (1) یدل علی أنه لا حقیقة للسحر و إنما هو تخییل و تمویه قلنا یجوز أن یكون سحرهم إیقاع ذلك التخیل و قد تحقق و لو سلم فكون أثره فی تلك الصورة هو التخییل لا یدل علی أنه لا حقیقة له أصلا.

و أما الإصابة بالعین و هو أن یكون لبعض النفوس خاصیة أنها إذا استحسنت شیئا لحقه الآفة فثبوتها یكاد یجری مجری المشاهدات التی لا تفتقر إلی حجة

وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعَیْنُ حَقٌّ یُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ وَ الْجَمَلَ الْقِدْرَ.

و قد ذهب كثیر من المفسرین إلی أن قوله تعالی وَ إِنْ یَكادُ الَّذِینَ كَفَرُوا لَیُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَ یَقُولُونَ (2) الآیة نزلت فی ذلك.

و قالوا كان العین فی بنی أسد فكان الرجل منهم یتجوع ثلاثة أیام فلا یمر به شی ء یقول فیه لم أر كالیوم إلا عانه فالتمس الكفار من بعض من كانت له هذه الصنعة أن یقول فی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذلك فعصمه اللّٰه.

و اعترض الجبائی أن القوم ما كانوا ینظرون إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله نظر استحسان بل مقت و نقص.

و الجواب أنهم كانوا یستحسنون منه الفصاحة و كثیرا من الصفات و إن كانوا یبغضونه من جهة الدین.

ثم للقائلین بالسحر و العین اختلاف فی جواز الاستعانة بالرقی و العوذ و فی جواز تعلیق التمائم و فی جواز النفث و المسح و لكل من الطرفین أخبار و آثار و الجواز هو الأرجح و المسألة بالفقهیات أشبه انتهی.

و أقول الذی ظهر لنا مما مضی من الآیات و الأخبار و الآثار أن للسحر تأثیرا ما فی بعض الأشخاص و الأبدان كإحداث حب أو بغض أو هم أو فرح و أما تأثیره فی إحیاء شخص أو قلب حقیقة إلی أخری كجعل الإنسان بهیمة فلا ریب فی نفیهما و أنهما من المعجزات و كذا فی كل ما یكون من هذا القبیل كإبراء

ص: 39


1- 1. طه: 66.
2- 2. القلم: 51.

الأكمه و الأبرص و إسقاط ید بغیر جارحة أو وصل ید مقطوع أو إجراء الماء الكثیر من بین الأصابع أو من حجر صغیر و أشباه ذلك. و الظاهر أن الإماتة أیضا كذلك فإنه بعید أن یقدر الإنسان علی أن یقتل رجلا بغیر ضرب و جرح و سم و تأثیر ظاهر فی بدنه و إن أمكن أن یكون اللّٰه تعالی جعل لبعض الأشیاء تأثیرا فی ذلك و نهی عن فعله كما أنه سبحانه جعل الخمر مسكرا و نهی عن شربه و جعل الحدید قاطعا و منع من استعماله فی غیر ما أحله و كذا التمریض لكنه أقل استبعادا.

فإن قیل مع تجویز ذلك یبطل كثیر من المعجزات و یحتمل فیه السحر.

قلنا قد مر أن المعجزة تحدث عند طلبها بلا آلات و أدوات و مرور زمان یمكن فیه تلك الأعمال بخلاف السحر فإنه لا یحصل إلا بعد استعمال تلك الأمور و مرور زمان و أیضا الفرق بین السحر و المعجزة بین عند العارف بالسحر و حقیقته و لذا حكم بعض الأصحاب بوجوب تعلمه كفایة و یروی عن شیخنا البهائی قدس اللّٰه روحه أنه لو كان خروج الماء من بین أصابع النبی صلی اللّٰه علیه و آله مع قبض یده و ضم أصابعه إلی كفه كان یحتمل السحر و أما مع بسط الأصابع و تفریجها فلا یحتمل السحر و ذلك واضح عند من له دربة(1) فی صناعة السحر.

و أیضا معجزات الأنبیاء لا تقع علی وجه تكون فیه شبهه لأحد إلا أن یقول معاند بلسانه ما لیس فی قلبه فإن الساحر ربما یخیل و یظهر قطرات من الماء من بین أصابعه أو كفه أو من حجر صغیر و إما أن یجری أنهار كبیرة بمحض ضرب العصا أو یروی كثیرا من الناس و الدواب بما یجری من بین أصابعه بلا معاناة عمل أو استعانة بآلة فهذا مما یعرف كل عاقل أنه لا یكون من السحر و كذا إذا دعا علی أحد فمات أو مرض من ساعته فإن مثل هذا لا یكون سحرا بدیهة.

و أما جهة تأثیره فما كان من قبیل التخییلات و الشعبدة فأسبابها ظاهرة عند العاملین بها تفصیلا و عند غیرهم إجمالا كما مر فی سحر سحرة فرعون و استعانتهم

ص: 40


1- 1. درب دربا و دربة: كان حاذقا فی صناعته.

بالزئبق أو إراءتهم أشیاء بسرعة الید لا حقیقة لها.

و أما حدوث الحب و البغض و الهم و أمثالها فالظاهر أن اللّٰه تعالی جعل لها تأثیرا و حرمها كما أومأنا إلیه و هذا مما لا ینكره العقل و یحتمل أن یكون للشیاطین أیضا مدخلا(1)

فی ذلك و یقل أو یبطل تأثیرها بالتوكل و الدعاء و الآیات و التعویذات.

و لذا كان شیوع السحر و الكهانة و أمثالهما فی الفترات بین الرسل و خفاء آثار النبوة و استیلاء الشیاطین أكثر و تضعف و تخفی تلك الأمور عند نشر آثار الأنبیاء و سطوع أنوارهم كأمثال تلك الأزمنة فإنه لیس من دار و لا بیت إلا و فیه مصاحف كثیرة و كتب جمة من الأدعیة و الأحادیث و لیس من أحد إلا و معه مصحف أو عوذة أو سورة شریفة و قلوبهم و صدورهم مشحونة بذلك فلذا لا نری منها أثرا بینا فی تلك البلاد إلا نادرا فی البلهاء و الضعفاء و المنهمكین فی المعاصی و قد نسمع ظهور بعض آثارها فی أقاصی البلاد لظهور آثار الكفر و ندور أنوار الإیمان فیها كأقاصی بلاد الهند و الصین و الترك.

و أما تأثیر السحر فی النبی و الإمام صلوات اللّٰه علیهما فالظاهر عدم وقوعه و إن لم یقم برهان علی امتناعه إذا لم ینته إلی حد یخل بغرض البعثة كالتخبیط و التخلیط فإنه إذا كان اللّٰه سبحانه أقدر الكفار لمصالح التكلیف علی حبس الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و ضربهم و جرحهم و قتلهم بأشنع الوجوه فأی استحالة علی أن یقدروا علی فعل یؤثر فیهم هما و مرضا.

لكن لما عرفت أن السحر یندفع بالعوذ و الآیات و التوكل و هم علیهم السلام معادن جمیع ذلك فتأثیره فیهم مستبعد و الأخبار الواردة فی ذلك أكثرها عامیة أو ضعیفة و معارضة بمثلها فیشكل التعویل علیها فی إثبات مثل ذلك.

و أما ما یذكر من بلاد الترك أنهم یعملون ما یحدث به السحب و الأمطار فتأثیر أعمال مثل هؤلاء الكفرة فی الآثار العلویة و ما به نظام العالم مما یأبی عنه العقول

ص: 41


1- 1. كذا.

السلیمة و الأفهام القویمة و لم یثبت عندنا بخبر من یوثق بقوله.

و أما العین فالظاهر من الآیات و الأخبار أن لها تحققا أیضا إما بأن جعل اللّٰه تعالی لذلك تأثیرا و جعل علاجه التوكل و التوسل بالآیات و الأدعیة الواردة فی ذلك أو بأن اللّٰه تعالی یفعل فی المعین فعلا عند حدوث ذلك لضرب من المصلحة و قد أومأنا إلی وجه آخر فیما مر.

و بالجملة لا یمكن إنكار ذلك رأسا لما یشاهد من ذلك عینا و ورود الأخبار به مستفیضا و اللّٰه یعلم و حججه علیهم السلام حقائق الأمور.

باب 2 حقیقة الجن و أحوالهم

باب 2 حقیقة الجن و أحوالهم (1)

الآیات:

الأنعام: وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَ خَلَقَهُمْ وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِینَ وَ بَناتٍ بِغَیْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَصِفُونَ (2) و قال تعالی وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً یا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَ قالَ أَوْلِیاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِی أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِینَ فِیها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمٌ وَ كَذلِكَ نُوَلِّی بَعْضَ الظَّالِمِینَ بَعْضاً بِما كانُوا یَكْسِبُونَ یا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ یَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ یَقُصُّونَ عَلَیْكُمْ

ص: 42


1- 1. بسم اللّٰه الرحمن الرحیم الحمد للّٰه ربّ العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه محمّد و آله. یقول افقر العباد الی رحمة ربّه الباری عبد الرحیم الربانی الشیرازی عفی عنه و عن والدیه: هذه تعلیقة وجیزة عملت فیها إیضاح بعض غرائب اللغة و مشكلاتها ممّا لم یذكره المصنّف قدّس سرّه و خرجت الأحادیث من مصادرها و قابلت نصوصها علیها، و ذكرت ما اختلف فیها و ربما شرحت بعض الأحادیث و اسانیدها مستعینا من اللّٰه الموفق الصواب و السداد و راجیا منه العفو یوم الحساب انه ولی التوفیق و علیه التكلان.
2- 2. الأنعام: 100.

آیاتِی وَ یُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ یَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلی أَنْفُسِنا وَ غَرَّتْهُمُ الْحَیاةُ الدُّنْیا وَ شَهِدُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِینَ (1).

الأعراف: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِیمٍ (2)

الحجر: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (3)

الشعراء: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلی مَنْ تَنَزَّلُ الشَّیاطِینُ تَنَزَّلُ عَلی كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمٍ یُلْقُونَ السَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (4)

النمل: وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ فَهُمْ یُوزَعُونَ (5) و قال تعالی قالَ عِفْرِیتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ (6)

التنزیل: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ (7)

سبأ: وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ مَنْ یَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ (8) و قال سبحانه بَلْ كانُوا یَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (9)

ص: 43


1- 1. الأنعام: 128- 130.
2- 2. الأعراف: 116.
3- 3. الحجر: 27.
4- 4. الشعراء: 121- 123.
5- 5. النمل:؟؟ 1.
6- 6. النمل: 39.
7- 7. السجدة: 13.
8- 8. سبأ: 12- 14.
9- 9. سبأ: 41.

الأحقاف: أُولئِكَ الَّذِینَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ فِی أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِینَ (1) و قال سبحانه وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِیَ وَلَّوْا إِلی قَوْمِهِمْ مُنْذِرِینَ قالُوا یا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسی مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ وَ إِلی طَرِیقٍ مُسْتَقِیمٍ یا قَوْمَنا أَجِیبُوا داعِیَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ یَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ یُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ وَ مَنْ لا یُجِبْ داعِیَ اللَّهِ فَلَیْسَ بِمُعْجِزٍ فِی الْأَرْضِ وَ لَیْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءُ أُولئِكَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ (2)

الرحمن: وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ(3) و قال عز و جل یا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ (4) و قال سبحانه وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (5) و قال تعالی لَمْ یَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌ (6)

فی موضعین الجن: قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً(7) إلی آخر السورة.

تفسیر:

وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ قال الرازی فی تفسیره إن الذین أثبتوا الشریك لله فرق و طوائف.

فالأولی عبدة الأصنام فهم یقولون الأصنام شركاء لله فی المعبودیة و لكنهم

ص: 44


1- 1. الأحقاف: 18.
2- 2. الأحقاف: 29- 32.
3- 3. الرحمن: 15.
4- 4. الرحمن: 33.
5- 5. الرحمن: 46.
6- 6. الرحمن: 56 و 74.
7- 7. الجن: 1- 28.

یعترفون (1)

بأن هذه الأصنام لا قدرة لها علی الخلق و الإیجاد و التكوین.

و الثانیة الذین یقولون مدبر هذا العالم هو الكواكب و هؤلاء فریقان منهم من یقول إنها واجبة الوجود لذواتها(2)

و منهم من یقول إنها ممكنة الوجود محدثة(3) و خالقها هو اللّٰه تعالی إلا أنه سبحانه فوض تدبیر هذا العالم الأسفل إلیها و هم الذین ناظرهم الخلیل (4).

و الثالثة من المشركین الذین قالوا لجملة هذا العالم بما فیه من السماوات و الأرض إلهان أحدهما فاعل الخیر و ثانیهما فاعل الشر و المقصود من هذه الآیة حكایة مذهب هؤلاء فروی عن ابن عباس أنه قال قوله تعالی وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ نزلت فی الزنادقة الذین قالوا إن اللّٰه و إبلیس أخوان فاللّٰه تعالی خالق النار و الدواب و الأنعام و الخیرات و إبلیس خالق السباع و الحیات و العقارب و الشرور.

و اعلم أن هذا القول الذی ذكره ابن عباس أحسن الوجوه المذكورة فی هذه الآیة لأن بهذا الوجه یحصل لهذه الآیة مزید فائدة مغایرة لما سبق ذكره فی الآیات المتقدمة قال ابن عباس و الذی یقوی هذا الوجه قوله تعالی وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً(5) و إنما وصف بكونه من الجن لأن لفظ الجن مشتق من الاستتار و الملائكة و الروحانیون لا یرون بالعیون فصارت كأنها مستترة من العیون فبهذا(6)

أطلق لفظ الجن علیها.

ص: 45


1- 1. فی المصدر: معترفون.
2- 2. فی المصدر: لذاتها.
3- 3. فی المصدر: ممكنة الوجود لذواتها محدثة.
4- 4. فی المصدر: و هؤلاء هم الذین حكی اللّٰه عنهم أن الخلیل صلّی اللّٰه علیه و سلم ناظرهم بقوله: لا أحبّ الآفلین.
5- 5. الصافّات: 158. قد سقطت هذه الآیة عن قلمه الشریف، و كان یلزم أن یذكرها تلو الآیات.
6- 6. فی المصدر: فبهذا التأویل.

و أقول هذا مذهب المجوس و إنما قال ابن عباس هذا قول الزنادقة لأن المجوس یلقبون بالزنادقة لأن الكتاب الذی زعم زردشت (1) أنه نزل علیه من عند اللّٰه مسمی بالزند و المنسوب إلیه یسمی بالزندی (2) ثم عرب فقیل زندیق ثم جمع فقیل زنادقة.

و اعلم أن المجوس قالوا كل ما فی هذا العالم من الخیرات فهو من یزدان و كل ما فیه من الشرور من أهرمن و هو المسمی بإبلیس فی شرعنا ثم اختلفوا فالأكثرون منهم علی أن أهرمن محدث و لهم فی كیفیة حدوثه أقوال عجیبة و الأقلون منهم قالوا إنه قدیم أزلی و علی القولین فقد اتفقوا علی أنه شریك لله فی تدبیر العالم فخیرات هذا العالم من اللّٰه و شروره من إبلیس. فإن قیل فعلی هذا التقدیر القوم أثبتوا لله شریكا واحدا و هو إبلیس فكیف حكی اللّٰه عنهم أنهم أثبتوا لله شركاء و الجواب أنهم یقولون

عسكر اللّٰه هم الملائكة و عسكر إبلیس هم الشیاطین و الملائكة فیهم كثرة عظیمة و هم أرواح طاهرة مقدسة و هی (3)

تلهم الأرواح البشریة بالخیرات و الطاعات و الشیاطین أیضا فیهم كثرة عظیمة و هی تلقی الوسواس الخبیثة إلی الأرواح البشریة و اللّٰه مع عسكره من الملائكة یحاربون إبلیس مع عسكره من الشیاطین فلهذا السبب حكی اللّٰه عنهم أنهم أثبتوا لله شركاء من الجن.

فإذ عرفت هذا فقوله وَ خَلَقَهُمْ إشارة إلی الدلیل القاطع الدال علی فساد كون إبلیس شریكا لله فی ملكه و تقریره من وجهین.

الأول أنا نقلنا عن المجوس أن الأكثرین منهم معترفون بأن إبلیس لیس بقدیم بل هو محدث و كل محدث فله خالق و ما ذاك إلا اللّٰه سبحانه فیلزمهم القطع

ص: 46


1- 1. فی المصدر: زرادشت.
2- 2. فی المصدر: بالزندی.
3- 3. فی المصدر: و هم یلهمون تلك الأرواح.

بأن خالق إبلیس هو اللّٰه تعالی و لما كان إبلیس أصلا لجمیع الشرور و القبائح (1)

فیلزمهم أن إله العالم هو الخالق لما هو أصل الشرور و المفاسد و إذا كان كذلك امتنع علیهم أن یقولوا لا بد من إلهین یكون أحدهما فاعل الخیرات و الثانی فاعلا للشرور و بهذا الطریق ثبت أن إله الخیر هو بعینه الخالق لهذا الذی هو الشر الأعظم.

و الثانی ما بینا فی كتبنا(2)

أن ما سوی الواحد ممكن لذاته و كل ممكن لذاته فهو محدث ینتج أن ما سوی الواحد الأحد الحق فهو محدث فیلزم القطع بأن إبلیس و جمیع جنوده موصوفون بالحدوث و حصول الوجود بعد العدم فیعود الإلزام المذكور علی ما قررنا.

و قیل المراد بالآیة أن الكفار كانوا یقولون الملائكة بنات اللّٰه و أطلق الجن علیهم لكونهم مستترین عن الأعین و قال الحسن و طائفة إن المراد أن الجن دعوا الكفار إلی عبادة الأصنام و إلی القول بالشرك فقبلوا من الجن هذا القول و أطاعوهم فصاروا من هذا الوجه قائلین بكون الجن شركاء لله و الحق هو القول الأول (3).

وَ خَرَقُوا لَهُ بَنِینَ قال الفراء معنی خرقوا افتعلوا و افتروا فأما الذین أثبتوا البنین فهم النصاری و قوم من الیهود و أما الذین أثبتوا البنات فهم العرب قالوا الملائكة بنات اللّٰه و قوله بِغَیْرِ عِلْمٍ كالتنبیه علی ما هو الدلیل القاطع علی فساد هذا القول لأن الولد(4)

یشعر بكونه متولدا عن جزء من أجزاء الوالد

ص: 47


1- 1. فی المصدر: لجمیع الشرور و الآفات و المفاسد و القبائح. و المجوس سلموا ان خالقه هو اللّٰه تعالی فحینئذ قد سلموا ان اله العالم هو الخالق لما هو أصل الشرور و القبائح و المفاسد.
2- 2. فی المصدر: فی هذا الكتاب و فی كتاب الأربعین فی أصول الدین.
3- 3. التفسیر الكبیر 13: 112- 115، اختصره رحمه اللّٰه فی بعض المواضع.
4- 4. ذكر الرازیّ فی فساد هذا القول وجوه، و الذی ذكره المصنّف هو الوجه الثالث اما الاولان فقال الرازیّ: الحجة الأولی: ان الإله یجب أن یكون واجب الوجود لذاته فولده اما أن یكون واجب الوجود لذاته او لا یكون، فان كان واجب الوجود لذاته كان مستقلا بنفسه قائما بذاته لا تعلق له فی وجوده بالآخر، و من كان كذلك لم یكن والد له البتة لان الولد مشعر بالفرعیة و الحاجة، و اما ان كان ذلك الولد ممكن الوجود لذاته فحینئذ یكون وجوده بایجاد واجب الوجود لذاته، و من كان كذلك فیكون عبد اللّٰه لا والدا له فثبت ان من عرف ان الإله ما هو امتنع منه ان یثبت له البنات و البنین. الحجة الثانیة ان الولد یحتاج إلیه ان یقوم مقامه بعد فنائه، و هذا یعقل فی حق من یفنی، اما من تقدس عن ذلك لم یعقل الولد فی حقه.

و ذلك إنما یعقل فی حق من یكون مركبا و یمكن انفصال بعض أجزائه عنه و ذلك فی حق الأحد(1)

الفرد محال فحاصل الكلام أن من علم أن الإله ما حقیقته استحال أن یقول له ولد فقوله بِغَیْرِ عِلْمٍ إشارة إلی هذه الدقیقة و سُبْحانَهُ تنزیه لله عن كل ما لا یلیق به وَ تَعالی أی هو متعال عن كل اعتقاد باطل (2)

و قول فاسد(3).

قوله سبحانه وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً أی جمیع الخلق أو الإنس و الجن یا مَعْشَرَ الْجِنِ أی یا جماعة الجن قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ أی من إغوائهم و إضلالهم أو منهم بأن جعلتموهم أتباعكم فحشروا معكم وَ قالَ أَوْلِیاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ الذین أطاعوهم رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ أی انتفع الإنس بالجن بأن دلوهم علی الشهوات و ما یتوصل به إلیها و الجن بالإنس بأن أطاعوهم و حصلوا مرادهم و قیل استمتاع الإنس بهم أنهم كانوا یعوذون بهم فی المفاوز عند المخاوف و استمتاعهم بالإنس اعتراف بأنهم یقدرون علی إجارتهم.

وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِی أَجَّلْتَ أی البعث وَ كَذلِكَ نُوَلِّی بَعْضَ الظَّالِمِینَ بَعْضاً

ص: 48


1- 1. فی المصدر: فی حقّ الواحد الفرد الواجب لذاته محال.
2- 2. فیه اختصار و الموجود فی المصدر: و اما قوله:( و تعالی) فلا شك انه لا یفید العلو فی المكان، لان المقصود هاهنا تنزیه اللّٰه تعالی عن هذه الأقوال الفاسدة و العلو فی المكان لا یفید هذا المعنی فثبت ان المراد هاهنا التعالی عن كل اعتقاد باطل و قول فاسد.
3- 3. التفسیر الكبیر 13: 116 و 117.

أی نكل بعضهم إلی بعض أو یجعل (1) بعضهم یتولی بعضا فیغویهم أو أولیاء بعض و قرناؤهم فی العذاب كما كانوا فی الدنیا.

أَ لَمْ یَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ قال الطبرسی رحمه اللّٰه قوله مِنْكُمْ و إن كان خطابا لجمیعهم و الرسل من الإنس خاصة فإنه یحتمل أن یكون لتغلیب أحدهما علی الآخر كما قال سبحانه یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (2) و إن كان اللؤلؤ یخرج من الملح دون العذاب و كما یقال أكلت الخبز و اللبن و إنما یأكل الخبز و یشرب اللبن و هو قول أكثر المفسرین و قیل إنه أرسل رسلا إلی الجن كما أرسل إلی الإنس عن الضحاك و عن الكلبی كان الرسل یرسلون إلی الإنس ثم بعث محمد صلی اللّٰه علیه و آله إلی الإنس و الجن و قال ابن

عباس إنما بعث الرسول من الإنس ثم كان یرسل هو إلی الجن رسولا من الجن و قال مجاهد الرسل من الإنس و النذر من الجن (3).

و أقول قد مر تفسیر الآیات فی كتاب المعاد.

و قال الرازی فی قوله تعالی سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ احتج بهذه الآیة القائلون بأن السحر محض التمویه.

قال القاضی لو كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم لا أعینهم فثبت أن المراد أنهم تخیلوا أحوالا عجیبة مع أن الأمر فی الحقیقة ما كان علی ما وفق ما تخیلوه (4).

وَ الْجَانَ قال البیضاوی أی الجن.

و قیل إبلیس و یجوز أن یراد به كون الجنس بأسره مخلوقا منها و انتصابه بفعل یفسره خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ أی من قبل خلق الإنسان مِنْ نارِ السَّمُومِ أی من

ص: 49


1- 1. فی المخطوطة: أو نجعل.
2- 2. الرحمن: 22.
3- 3. مجمع البیان 4: 367. أقول: هذه كلها اقوال من غیر دلیل.
4- 4. التفسیر الكبیر 14: 203.

نار الحر الشدید النافذ فی المسام و لا یمتنع خلق الحیاة فی الأجرام البسیطة كما لا یمتنع خلقها فی الجواهر المجردة فضلا عن الأجساد المؤلفة التی الغالب فیها الجزء الناری فإنها أقبل لها من التی الغالب فیها الجزء الأرضی و قوله مِنْ نارِ باعتبار الجزء الغالب كقوله خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ (1).

و قال الرازی اختلفوا فی أن الجان من هو قال عطاء عن ابن عباس یرید إبلیس و هو قول الحسن و مقاتل و قتادة.

و قال ابن عباس فی روایة أخری الجان هو أبو الجن و هو قول الأكثرین و سمی جانا لتواریه عن الأعین كما سمی الجن جنا لهذا السبب (2) و الجنین متوار فی بطن أمه و معنی الجان فی اللغة الساتر من قولك جن الشی ء إذا ستره فالجان المذكور هنا یحتمل أن یكون جانا لأنه یستر نفسه عن بنی (3) آدم أو یكون من باب الفاعل الذی یراد به المفعول كما تقول فی لابن و تامر و ماءٍ دافِقٍ و عِیشَةٍ راضِیَةٍ و اختلفوا فی الجن فقال بعضهم إنه جنس غیر الشیاطین و الأصح أن الشیاطین قسم من الجن فكل من كان منهم مؤمنا فإنه لا یسمی بالشیطان و كل من كان منهم كافرا یسمی بهذا الاسم.

و الدلیل علی صحة ذلك أن لفظ الجن مشتق من الاجتنان بمعنی الاستتار فكل من كان كذلك كان من الجن.

و السموم فی اللغة الریح الحارة تكون بالنهار و قد تكون باللیل و علی هذا فالریح الحارة فیها نار و لها لهب علی ما ورد فی الخبر أنها من فیح جهنم (4) قیل سمیت سموما لأنها بلطفها تدخل مسام البدن و هی الخروق الخفیة التی تكون

ص: 50


1- 1. أنوار التنزیل 1: 647 فیه: ابا الجن.
2- 2. فی المصدر: كما سمی الجنین جنینا لهذا السبب.
3- 3. فی المصدر: عن اعین بنی آدم.
4- 4. فی المصدر: فالریح الحارة فیها نار و لها لفح و أوار علی ما ورد فی الخبر انها لفح جهنم.

فی جلد الإنسان یبرز منها عرقه و بخار باطنه.

قال ابن مسعود هذا السموم جزء من سبعین جزءا من السموم التی منها الجان (1) و تلا هذه الآیة.

فإن قیل كیف یعقل حصول الحیوان (2)

من النار قلنا هذا علی مذهبنا ظاهر لأن البنیة عندنا لیست شرطا لإمكان حصول الحیاة فإنه تعالی قادر علی خلق الحیاة و العقل و العلم فی الجوهر الفرد و كذلك یكون قادرا علی خلق الحیاة و العقل فی الجسم الحار(3).

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ قال البیضاوی لما بین أن القرآن لا یصح أن یكون مما تنزلت به الشیاطین أكد ذلك بأن بین أن محمدا صلی اللّٰه علیه و آله لا یصح أن یتنزلوا علیه من وجهین أحدهما أنه إنما یكون (4)

علی شریر كذاب كثیر الإثم فإن اتصال الإنسان بالغائبات لما بینهما من التناسب و التواد و حال محمد صلی اللّٰه علیه و آله علی خلاف ذلك و ثانیهما قوله یُلْقُونَ السَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ أی الأفاكون یلقون السمع إلی الشیاطین فیتلقون منهم ظنونا و أمارات لنقصان علمهم فینضمون إلیها علی حسب تخیلاتهم أشیاء لا یطابق أكثرها كما جاء فی الحدیث الكلمة یختطفها الجنی فیقرؤها(5)

فی أذن ولیه فیزید فیها أكثر من مائة كذبة و لا كذلك محمد صلی اللّٰه علیه و آله فإنه أخبر عن مغیبات كثیرة لا تحصی و قد طابق كلها.

و قد فسر الأكثر بالكل كقوله كُلِّ أَفَّاكٍ و الأظهر أن الأكثریة باعتبار أقوالهم علی معنی أن هؤلاء قل من یصدق منهم فیما یحكی عن الجنی و قیل الضمائر للشیاطین أی یلقون السمع إلی الملإ الأعلی قبل أن رجموا فیختطفون منهم بعض المغیبات.

ص: 51


1- 1. فی المصدر: خلق اللّٰه بها الجان.
2- 2. فی المصدر: خلق الجان.
3- 3. التفسیر الكبیر 19: 180 و 181.
4- 4. فی المصدر: لا یصلح لان تنزلوا علیه من وجهین احدهما انه یكون.
5- 5. فی المصدر: فیقرها.

یوحون (1)

إلی أولیائهم أی یلقون مسموعهم منهم إلی أولیائهم وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ فیما یوحون به إلیهم إذ یسمعونهم لا علی نحو ما تكلمت به الملائكة لشرارتهم أو لقصور فهمهم أو ضبطهم أو أفهامهم (2).

قالَ عِفْرِیتٌ قال البیضاوی خبیث مارد مِنَ الْجِنِ بیان له لأنه یقال للرجل الخبیث المنكر المعفر أقرانه و كان اسمه ذكوان أو صخر(3) قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ مجلسك للحكومة و كان یجلس إلی نصف النهار وَ إِنِّی عَلَیْهِ علی حمله لَقَوِیٌّ أَمِینٌ لا أختزل منه شیئا و لا أبدله انتهی (4).

قوله تعالی مِنَ الْجِنَّةِ یدل علی أن الجن مكلفون و معذبون بالنار مع سائر الكفار.

وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه المعنی و سخرنا له من الجن من یعمل (5) بحضرته و أمام عینه ما یأمرهم به من الأعمال كما یعمل الآدمی بین یدی الآدمی بأمر ربه تعالی و كان یكلفهم الأعمال الشاقة مثل عمل الطین و غیره.

و قال ابن عباس سخرهم اللّٰه لسلیمان و أمرهم بطاعته فیما یأمرهم به و فی هذا دلالة علی أنه قد كان من الجن من هو غیر مسخر له.

وَ مَنْ یَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ أی و من یعدل من هؤلاء الجن الذین سخرناهم لسلیمان عما أمرناهم به من طاعة سلیمان نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِیرِ أی عذاب النار فی الآخرة عن أكثر المفسرین.

و فی هذا دلالة علی أنهم قد كانوا مكلفین.

ص: 52


1- 1. فی المصدر: یوحون به.
2- 2. أنوار التنزیل 2: 190.
3- 3. فی المصدر: او صخرا.
4- 4. أنوار التنزیل: 2: 199.
5- 5. فی المصدر: من یعمل له.

و قیل معناه نذیقه العذاب فی الدنیا و أن اللّٰه سبحانه وكل بهم ملكا بیده سوط من نار فمن زاغ منهم عن طاعة سلیمان ضربه ضربة أحرقته.

یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ و هی بیوت الشریعة.

و قیل هی القصور و المساجد یتعبد فیها و كان مما عملوه بیت المقدس وَ تَماثِیلَ یعنی صورا من نحاس و شبه و زجاج و رخام كانت الجن تعملها.

و قال بعضهم (1)

كانت صورا للحیوانات.

و قال آخرون كانوا یعملون صور السباع و البهائم علی كرسیه لیكون أهیب له.

قال الحسن و لم یكن یومئذ التصاویر محرمة و هی محظورة فی شریعة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله.

و قال ابن عباس كانوا یعملون صور الأنبیاء و العباد فی المساجد لیقتدی بهم

وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا هِیَ تَمَاثِیلُ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ لَكِنَّهَا الشَّجَرُ وَ مَا أَشْبَهَهُ.

وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ أی صحاف كالحیاض یجبی فیها الماء أی یجمع.

و قیل إنه كان یجتمع علی كل جفنة ألف رجل یأكلون بین یدیه وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ أی ثابتات لا تزلن عن أمكنتهن لعظمتهن فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ أی فلما حكمنا علی سلیمان بالموت.

و قیل معناه أوجبنا علی سلیمان (2) ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ أی ما دل الجن علی موته إلا الأرضة و لم یعلموا موته حتی أكلت عصاه فسقط فعلموا أنه میت.

وَ رَوَی أَبُو بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ أَمَرَ الشَّیَاطِینَ فَعَمِلُوا لَهُ قُبَّةً مِنْ قَوَارِیرَ فَبَیْنَمَا هُوَ قَائِمٌ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فِی الْقُبَّةِ یَنْظُرُ إِلَی الْجِنِّ كَیْفَ یَعْمَلُونَ

ص: 53


1- 1. فی المصدر: ثم اختلفوا فقال بعضهم.
2- 2. فی المصدر: علی سلیمان الموت.

وَ هُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ لَا یَصِلُونَ إِلَیْهِ إِذَا رَجُلٌ مَعَهُ فِی الْقُبَّةِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا الَّذِی لَا أَقْبَلُ الرُّشَی وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فِی الْقُبَّةِ قَالَ فَمَكَثُوا سَنَةً یَعْمَلُونَ لَهُ حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فَكَانَ آصِفُ یُدَبِّرُ أَمْرَهُ حَتَّی دَبَّتِ الْأَرَضَةُ فَلَمَّا خَرَّ أَیْ سَقَطَ سُلَیْمَانُ مَیِّتاً تَبَیَّنَتِ الْجِنُ أَیْ ظَهَرَتِ الْجِنُّ فَانْكَشَفَتْ (1)

لِلنَّاسِ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ مَعْنَاهُ فِی الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ.

و قیل إن المعنی تبینت عامة الجن و ضعفاؤهم أن رؤساءهم لا یعلمون الغیب لأنهم كانوا یوهمونهم أنهم یعلمون الغیب. و قیل معناه تبینت الإنس أن الجن كانوا لا یعلمون الغیب فإنهم كانوا یوهمون الإنس أنا نعلم الغیب و إنما قال تَبَیَّنَتِ الْجِنُ كما یقول من یناظر غیره و یلزمه الحجة هل تبین لك أنك باطل (2).

و یؤیده قراءة علی بن الحسین و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام و ابن عباس و الضحاك تبینت الإنس (3).

و أما الوجه فی عمل الجن تلك الأعمال العظیمة فهو أن اللّٰه تعالی زاد فی أجسامهم و قوتهم و غیر خلقهم عن خلق الجن الذین لا یرون للطافتهم و رقة أجسامهم علی سبیل الإعجاز الدال علی نبوة سلیمان فكانوا بمنزلة الأسراء فی یده و كانوا یتهیأ لهم الأعمال التی كان یكلفها إیاهم ثم لما مات علیه السلام جعل اللّٰه خلقهم علی ما كانوا علیه فلا یتهیأ لهم فی هذا الزمان من ذلك شی ء(4).

و قال فی قوله تعالی بَلْ كانُوا یَعْبُدُونَ الْجِنَ بطاعتهم إیاهم فیما دعوهم إلیه من عبادة الملائكة.

ص: 54


1- 1. فی المصدر: فانكشف.
2- 2. فی المصدر: علی باطل.
3- 3. ذكر الطبرسیّ هذه القراءة فی بحث القراءة.
4- 4. مجمع البیان 8: 380 و 382- 384.

و قیل المراد بالجن إبلیس و ذریته و أعوانه أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ مصدقون بالشیاطین مطیعون لهم (1).

و قال فی قوله تعالی وَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ (2) أی كلمة العذاب فِی أُمَمٍ أی مع أمم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ علی مثل حالهم و اعتقادهم.

قال قتادة قال الحسن الجن لا یموتون فقلت أُولئِكَ الَّذِینَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ فِی أُمَمٍ الآیة تدل علی خلافه (3).

قوله تعالی وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ قال الرازی فی كیفیة هذه الواقعة قولان الأول قال سعید بن جبیر كانت الجن تستمع فلما رجموا قالوا هذا الذی حدث فی السماء إنما حدث لشی ء حدث فی الأرض فذهبوا یطلبون السبب.

و كان قد اتفق أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله لما آیس من أهل مكة أن یجیبوه خرج إلی الطائف لیدعوهم إلی الإسلام فلما انصرف إلی مكة و كان ببطن نخلة(4)

أقام به یقرأ القرآن فمر به نفر من أشراف جن نصیبین كان إبلیس بعثهم لیعرف (5)

السبب الذی أوجب حراسة السماء بالرجم فتسمعوا(6)

القرآن و عرفوا أن ذلك السبب.

الثانی أن اللّٰه أمر رسوله أن ینذر الجن و یدعوهم إلی اللّٰه تعالی و یقرأ علیهم القرآن فصرف اللّٰه تعالی إلیه نفرا من الجن لیسمعوا(7) القرآن و ینذروا قومهم.

ص: 55


1- 1. مجمع البیان 8: 395.
2- 2. هكذا فی النسخ المطبوعة، و المخطوطة خالیة عنه، و الصحیح:[ حق علیهم] كما فی المصحف الشریف.
3- 3. مجمع البیان 9: 87.
4- 4. فی المصدر: قام یقرأ القرآن فی صلاة الفجر.
5- 5. فی المصدر: لیعرفوا.
6- 6. فی النسخة المطبوعة بتبریز:[ فتستمعوا] و فی المصدر: فسمعوا القرآن و عرفوا ان ذلك هو السبب.
7- 7. فی المصدر: لیستمعوا منه.

و یتفرع علی ما ذكرناه فروع الأول نقل (1) القاضی فی تفسیره عن الجن أنهم كانوا یهودا لأن فی الجن مللا كما فی الإنس من الیهود و النصاری و المجوس و عبدة الأوثان (2) و أطبق المحققون علی أن الجن مكلفون سئل ابن عباس هل للجن ثواب قال نعم لهم ثواب و علیهم عذاب (3)

یلتقون فی الجنة و یزدحمون علی أبوابها.

الثانی قال صاحب الكشاف النفر دون العشرة و یجمع أنفارا ثم روی ابن جریر الطبری عن ابن عباس أن أولئك الجن كانوا سبعة أنفار من أهل نصیبین فجعلهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رسلا إلی قومهم.

و عن زر بن حبیش كانوا تسعة أحدهم زوبعة(4).

الثالث اختلفوا فی أنه هل كان عبد اللّٰه بن مسعود مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله لیلة الجن أم لا و الروایات فیه مختلفة.

الرابع

رَوَی الْقَاضِی فِی تَفْسِیرِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی جِبَالِ مَكَّةَ إِذْ أَقْبَلَ شَیْخٌ مُتَوَكِّئٌ عَلَی عُكَّازَةٍ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله مِشْیَةَ جِنِّیٍّ وَ نَغْمَتَهُ فَقَالَ أَجَلْ فَقَالَ مِنْ أَیِّ الْجِنِّ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا هَامَةُ بْنُ هِیمِ بْنِ لَاقِیسَ بْنِ إِبْلِیسَ فَقَالَ لَا أَرَی بَیْنَكَ وَ بَیْنَ إِبْلِیسَ إِلَّا أَبَوَیْنِ

فَكَمْ أَتَی عَلَیْكَ قَالَ أَكَلْتُ عُمُرَ الدُّنْیَا إِلَّا أَقَلَّهَا وَ كُنْتُ وَقْتَ قَابِیلَ وَ هَابِیلَ (5)

أَمْشِی بَیْنَ الْآكَامِ وَ ذَكَرَ كَثِیراً مِمَّا مَرَّ بِهِ وَ ذَكَرَ فِی جُمْلَتِهِ أَنْ قَالَ قَالَ لِی عِیسَی إِنْ لَقِیتَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 56


1- 1. فی المصدر: نقل عن القاضی فی تفسیره الجن.
2- 2. فی المصدر: و عبدة الأصنام.
3- 3. فی المصدر: و علیهم عقاب.
4- 4. فی المخطوطة:[ ذویقة] و فی المصدر:[ ذویعة] و لعلّ الصحیح ما فی المتن و هو یناسب معناه اللغوی و هو هیجان الاریاح و تصاعدها الی السماء یقال له بالفارسیة: گردباد.
5- 5. فی المصدر: وقت قتل قابیل.

فَأَقْرِئْهُ عَنِّی السَّلَامَ وَ قَدْ بَلَّغْتُ سَلَامَهُ وَ آمَنْتُ بِكَ (1)

فَقَالَ إِنَّ مُوسَی علیه السلام عَلَّمَنِی التَّوْرَاةَ وَ عِیسَی علیه السلام عَلَّمَنِی الْإِنْجِیلَ فَعَلِّمْنِی الْقُرْآنَ فَعَلَّمَهُ عَشْرَ سُوَرٍ وَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ تتمه (2) [یُتِمَّهُ].

و اختلفوا فی تفسیر قوله وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ فقال بعضهم لما لم یقصد الرسول قراءة القرآن علیهم فهو تعالی ألقی فی قلوبهم میلا إلی القرآن و داعیة إلی استماعه فلهذا السبب قال وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ فَلَمَّا حَضَرُوهُ الضمیر للقرآن أو للرسول قالُوا أی قال بعضهم لبعض أَنْصِتُوا أی اسكتوا مستمعین فلما فرغ من القراءة وَلَّوْا إِلی قَوْمِهِمْ مُنْذِرِینَ ینذرونهم و ذلك لا یكون إلا بعد إیمانهم لأنهم لا یدعون غیرهم إلی استماع القرآن و التصدیق به إلا و قد آمنوا بوعیده (3) قالُوا یا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً إلخ وصفه (4) بوصفین.

الأول كونه مصدقا لكتب الأنبیاء علیهم السلام فهو یماثل سائر الكتب الإلهیة فی الدعوة إلی المطالب العالیة الشریفة.

و الثانی أن هذه المطالب حقة فی أنفسها(5)

یعلم كل أحد بصریح عقله

ص: 57


1- 1. زاد فی المصدر بعد ذلك: فقال علیه السلام: و علی عیسی السلام و علیك یا هامة، ما حاجتك.
2- 2. فی المخطوطة:[ و لم یتمه] و فی المصدر: و لم ینعه قال عمر بن الخطّاب: و لا اراه الا حیا.
3- 3. فی المصدر:[ فعنده] مكان بوعیده.
4- 4. فی المصدر: و وصفوه.
5- 5. الموجود فی المصدر هكذا: الأول: كونه مصدقا لما بین یدیه، ای مصدقا لكتب الأنبیاء، و المعنی ان كتب سائر الأنبیاء كانت مشتملة علی الدعوة الی التوحید و النبوّة و المعاد و الامر بتطهیر الأخلاق فكذلك هذا الكتاب مشتمل علی هذه المعانی. الثانی قوله: [ یهدی الی الحق و الی طریق مستقیم] و اعلم ان الوصف الأول یفید ان هذا الكتاب یماثل. سائر الكتب الإلهیّة فی الدعوة الی هذه المطالب العالیة الشریفة، و الوصف الثانی یفید ان هذه المطالب التی اشتمل القرآن علیها مطلب حقة صدق فی انفسها.

كونها كذلك و إنما قالوا مِنْ بَعْدِ مُوسی لأنهم كانوا علی الیهودیة.

و عن ابن عباس أن الجن ما سمعت أمر عیسی فلذا قالوا مِنْ بَعْدِ مُوسی أَجِیبُوا داعِیَ اللَّهِ أی الرسول أو الواسطة الذی یبلغ عنه.

و یدل علی أنه كان مبعوثا إلی الجن كما كان مبعوثا إلی الإنس قال مقاتل و لم یبعث اللّٰه نبیا إلی الإنس و الجن قبله (1).

و اختلفوا فی أن الجن هل لهم ثواب أم لا قیل لا ثواب لهم إلا النجاة من النار ثم یقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم و احتجوا بقوله تعالی وَ یُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ و هو قول أبی حنیفة و الصحیح أنهم فی حكم بنی آدم فیستحقون الثواب علی الطاعة و العقاب علی المعصیة و هذا قول أبی لیلی (2) و مالك و جرت بینه و بین أبی حنیفة فی هذا الباب مناظرة قال الضحاك یدخلون الجنة و یأكلون و یشربون.

و الدلیل علی صحة هذا القول كل دلیل دل علی أن البشر یستحقون الثواب علی الطاعة فهو بعینه قائم فی حق الجن و الفرق بین البابین بعید جدا انتهی (3).

و قال البیضاوی فی قوله یَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ و هو بعض ذنوبكم و هو ما یكون فی خالص حق اللّٰه فإن المظالم لا یغفر بالإیمان وَ یُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ هو معد للكفار فَلَیْسَ بِمُعْجِزٍ فِی الْأَرْضِ إذ لا ینجی منه مهرب وَ لَیْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءُ یمنعونه منه فِی ضَلالٍ مُبِینٍ حیث اعترضوا عن إجابة من هذا شأنه (4).

ص: 58


1- 1. اختصر المصنّف كلام الرازیّ.
2- 2. الصحیح كما فی المصدر: ابن أبی لیلی.
3- 3. التفسیر الكبیر 28: 31- 33.
4- 4. أنوار التنزیل 2: 432.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قوله تعالی وَ خَلَقَ الْجَانَ أی أبا الجن قال الحسن هو إبلیس أبو الجن و هو مخلوق من لهب النار كما أن آدم مخلوق من طین مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ أی نار مختلط أحمر و أسود و أبیض عن مجاهد.

و قیل المارج الصافی من لهب النار الذی لا دخان فیه (1) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَیُّهَ الثَّقَلانِ أی سنقصد لحسابكم أیها الجن و الإنس و الثقلان أصله من الثقل و كل شی ء له وزن و قدر فهو ثقل و إنما سمیا ثقلین لعظم خطرهما و جلالة شأنهما بالإضافة إلی ما فی الأرض من الحیوانات و لثقل وزنهما بالعقل و التمییز.

و قیل لثقلهما علی الأرض أحیاء و أمواتا و منه قوله تعالی وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها أی أخرجت ما فیها من الموتی.

أَنْ تَنْفُذُوا أی تخرجوا هاربین من الموت مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أی جوانبهما و نواحیهما فَانْفُذُوا أی فاخرجوا فلن تستطیعوا أن تهربوا منه لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ أی حیث توجهتم فثم ملكی و لا تخرجون من سلطانی فأنا آخذكم بالموت (2).

و قیل أی لا تخرجون إلا بقدرة من اللّٰه و قوة یعطیكموها بأن یخلق لكم مكانا آخر سوی السماوات و الأرض و یجعل لكم قوة تخرجون بها إلیه (3).

لَمْ یَطْمِثْهُنَ أی لم یقتضهن و الاقتضاض النكاح بالتدمیة(4) أی لم یطأهن و لم یغشهن إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌ فهن أبكار لأنهن خلقن فی الجنة.

فعلی هذا القول هؤلاء من حور الجنة.

و قیل هن من نساء الدنیا لم یمسسهن منذ أنشئن خلق قال الزجاج

ص: 59


1- 1. مجمع البیان 9: 201.
2- 2. و یحتمل أن یكون ذلك جملة مستأنفة.
3- 3. مجمع البیان 9: 204 و 205.
4- 4. فی المصدر: لم یفتضهن، و الافتضاض: النكاح بالتدمیة.

و فیها دلالة علی أن الجنی یغشی كما یغشی الإنسی و قال ضمرة بن حبیب و فیها دلیل علی أن للجن ثوابا و أزواجا من الحور فالإنسیات للإنس و الجنیات للجن.

و قال البلخی و المعنی أن ما یهب اللّٰه لمؤمنی الإنس من الحور لم یطمثهن إنس و ما یهب اللّٰه لمؤمنی الجن من الحور لم یطمثهن جان انتهی (1).

و قال الرازی فی قوله تعالی فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما الخطاب للإنس و الجن أو الذكر و الأنثی أو المراد التكرار للتأكید.

أو المراد العموم لأن العام یدخل فیه قسمان كالحاضر و غیر الحاضر و السواد و غیر السواد و البیاض و غیره و هكذا أو القلب و اللسان فإن التكذیب قد یكون بالقلب و قد یكون باللسان أو التكذیب للدلائل السمعیة و العقلیة و الظاهر منها الثقلان لقوله سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَیُّهَ الثَّقَلانِ و قوله یا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ و قوله خَلَقَ الْإِنْسانَ وَ خَلَقَ الْجَانَ (2).

و قال فی قوله تعالی لَمْ یَطْمِثْهُنَ إلی آخره ما الفائدة فی ذكر الجان مع أن الجان لا یجامع.

نقول لیس كذلك بل الجن لهم أولاد و ذریة و إنما الخلاف فی أنهم هل یواقعون الإنس أم لا و المشهور أنهم یواقعون و لما كانت الجنة فیها الإنس و الجن كانت مواقعة الإنس إیاهن كمواقعة الجن فوجبت الإشارة إلی نفیهما انتهی (3).

و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ جنة للخائف

ص: 60


1- 1. مجمع البیان 9: 208: بیان:ه انه تعالی لما بین انهم لا یمكن لهم أن یهربوا من الموت بالامر التعجیزی بالانفاذ من اقطار السماوات و الأرض استأنف الكلام ببیان أن النفوذ الی اقطار السماوات و الأرض لا یمكن الا بسلطان العلم و القدرة.
2- 2. التفسیر الكبیر 29: 94 و 95. و اختصره المصنّف.
3- 3. التفسیر الكبیر 29: 130 فیه: و الا لما كان فی الجنة احساب و لا أنساب فكان مواقعة الانس ایاهن كمواقعة الجن من حیث الإشارة الی نفیها.

الإنسی و الأخری للخائف الجنی فإن الخطاب للفریقین.

و المعنی لكل خائفین منكما أو لكل واحد جنة لعقیدته و أخری لعمله أو جنة لفعل الطاعات و أخری لترك المعاصی أو جنة یثاب بها و أخری یتفضل بها علیه أو روحانیة و جسمانیة(1).

و قال فی قوله تعالی أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ النفر ما بین الثلاثة و العشرة و الجن أجسام عاقلة خفیة تغلب علیهم الناریة أو الهوائیة.

و قیل نوع من الأرواح المجردة و قیل نفوس بشریة مفارقة عن أبدانها و فیه دلالة علی أنه صلی اللّٰه علیه و آله ما رآهم و لم یقرأ علیهم و إنما اتفق حضورهم فی بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر اللّٰه به رسوله فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً كتابا عَجَباً بدیعا مباینا لكلام الناس فی حسن نظمه و دقة معناه و هو مصدر وصف به للمبالغة یَهْدِی إِلَی الرُّشْدِ إلی الحق و الصواب فَآمَنَّا بِهِ بالقرآن وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً علی ما نطق به الدلائل القاطعة علی التوحید.

وَ أَنَّهُ تَعالی جَدُّ رَبِّنا قرأ ابن كثیر و البصریان بالكسر علی أنه من جملة المحكی بعد القول و كذا ما بعده إلا قوله وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا وَ أَنَّ الْمَساجِدَ وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ فإنه من جملة الموحی به و وافقهم نافع و أبو بكر إلا فی قوله أَنَّهُ لَمَّا قامَ علی أنه استئناف أو مقول و فتح الباقون الكل إلا ما صدر بالفاء علی أن ما كان من قولهم فمعطوف علی محل الجار و المجرور فی به كأنه قیل صدقناه و صدقنا أَنَّهُ تَعالی جَدُّ رَبِّنا أی عظمته من جد فلان فی عینی إذا عظم (2)

أو سلطانه أو غناه مستعار من الجد الذی هو البخت.

و المعنی وصفه بالتعالی عن الصاحبة و الولد لعظمته أو لسلطانه أو لغناه و قوله مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً بیان لذلك وَ أَنَّهُ كانَ یَقُولُ سَفِیهُنا إبلیس أو مردة الجن عَلَی اللَّهِ شَطَطاً قولا ذا شطط و هو البعد و مجاوزة الحد أو هو شطط لفرط

ص: 61


1- 1. أنوار التنزیل 2: 487.
2- 2. فی المصدر: ای عظم ملكه و سلطانه.

ما أشط فیه و هو نسبة الصاحبة و الولد إلی اللّٰه تعالی وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَی اللَّهِ كَذِباً اعتذار عن اتباعهم للسفیه فی ذلك لظنهم أن أحدا لا یكذب علی اللّٰه و كَذِباً نصب علی المصدر لأنه نوع من القول أو الوصف بمحذوف أی قولا مكذوبا فیه.

وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ فإن الرجل كان إذا مشی بقفر قال أعوذ بسید هذا الوادی من شر سفهاء قومه فَزادُوهُمْ فزادوا الجن باستعاذتهم بهم رَهَقاً كبرا و عتوا أو فزاد الجن الإنس غیا بأن أضلوهم حتی استعاذوا بهم و الرهق فی الأصل غشیان الشی ء.

وَ أَنَّهُمْ و أن الإنس ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أیها الجن أو بالعكس و الآیتان من كلام الجن بعضهم لبعض أو استئناف كلام من اللّٰه و من فتح أن فیهما جعلهما من الموحی به أَنْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً ساد مسد مفعولی ظَنُّوا وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ طلبنا بلوغ السماء أو خبرها و اللمس مستعار من المس للطلب كالحس یقال لمسه و ألمسه و تلمسه كطلبه و أطلبه و تطلبه فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِیداً حرسا اسم جمع كالخدم شَدِیداً قویا و هم الملائكة الذین یمنعونهم عنها وَ شُهُباً جمع شهاب و هو المضی ء المتولد من النار.

وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ مقاعد خالیة عن الحرس و الشهب أو صالحة للرصد(1)

و الاستماع و للسمع صلة لنقعد أو صفة لمقاعد فَمَنْ یَسْتَمِعِ الْآنَ یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً أی شهابا راصدا له و لأجله یمنعه عن الاستماع بالرجم أو ذی شهاب راصدین علی أنه اسم جمع للراصد وَ أَنَّا لا نَدْرِی أَ شَرٌّ أُرِیدَ بِمَنْ فِی الْأَرْضِ بحراسة السماء أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً خیرا وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ المؤمنون الأبرار وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ قوم دون ذلك فحذف الموصوف و هم المقتصدون كُنَّا طَرائِقَ ذوی طرائق أی مذاهب أو مثل طرائق فی اختلاف

ص: 62


1- 1. فی المصدر: او صالحة للترصد.

الأحوال أو كانت طرائقنا طرائق قِدَداً متفرقة مختلفة جمع قدة من قد إذا قطع.

وَ أَنَّا ظَنَنَّا علمنا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِی الْأَرْضِ كائنین فی الأرض أینما كنا(1) وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً هاربین منها إلی السماء أو لن نعجزه فی الأرض إن أراد بنا أمرا أو لن نعجزه هربا إن طلبنا وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدی أی القرآن آمَنَّا بِهِ فَمَنْ یُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا یَخافُ فهو لا یخاف بَخْساً وَ لا رَهَقاً نقصا فی الجزاء و لا أن ترهقه ذلة أو جزاء نقص (2)

لأنه لم یبخس حقا و لم یرهق ظلما لأن من حق الإیمان بالقرآن أن یجتنب ذلك.

وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ الجائرون عن طریق الحق و هو الإیمان و الطاعة فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً توخوا رشدا عظیما یبلغهم إلی دار الثواب وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً توقد بهم كما توقد بكفار الإنس وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا أی أن الشأن

لو استقام الإنس أو الجن أو كلاهما عَلَی الطَّرِیقَةِ لَأَسْقَیْناهُمْ ماءً غَدَقاً علی الطریقة المثلی لوسعنا علیهم الرزق و تخصیص الماء الغدق و هو الكثیر بالذكر لأنه أصل المعاش و السعة و عزة وجوده بین العرب لِنَفْتِنَهُمْ فِیهِ لنختبرهم كیف یشكرونه.

و قیل معناه و أن لو استقام الجن علی طریقتهم القدیمة و لم یسلموا باستماع القرآن لوسعنا علیهم الرزق مستدرجین بهم لنوقعهم فی الفتنة و نعذبهم فی كفرانهم وَ مَنْ یُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ عن عبادته أو موعظته أو وحیه یَسْلُكْهُ أی یدخله عَذاباً صَعَداً شاقا یعلو المعذب و یغلبه مصدر وصف به وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ مختصة به فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً فلا تعبدوا فیها غیره.

و قیل أراد بالمساجد الأرض كلها و قیل المسجد الحرام لأنه قبلة المساجد

ص: 63


1- 1. فی المصدر: اینما كنا فیها.
2- 2. فی المصدر: او جزاء بخس و لا راهق.

و مواضع السجود(1)

علی أن المراد النهی عن السجود لغیر اللّٰه و أراد به (2)

السبعة و السجدات علی أنه جمع مسجد.

وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ أی النبی و إنما ذكر لفظ العبد للتواضع لأنه واقع موقع كلامه عن نفسه و الإشعار بما هو المقتضی لقیامه یَدْعُوهُ یعبده كادُوا كاد الجن یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً متراكمین من ازدحامهم علیه تعجبا مما رأوا من عبادته و سمعوا من قراءته أو كاد الإنس و الجن یكونون علیه مجتمعین لإبطال أمره و هو جمع لبدة و هی ما تلبد بعضه علی بعض كلبدة الأسد.

أقول: قد مضی تفسیر الآیات علی وجه آخر فی أبواب معجزات الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و غیرها.

«1»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ یَرْفَعُهُ إِلَی مُعَتِّبٍ مَوْلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنِّی لَوَاقِفٌ یَوْماً خَارِجاً مِنَ الْمَدِینَةِ وَ كَانَ یَوْمَ التَّرْوِیَةِ فَدَنَا مِنِّی رَجُلٌ فَنَاوَلَنِی كِتَاباً طِینُهُ رَطْبٌ وَ الْكِتَابُ مِنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ بِمَكَّةَ حَاجٌّ فَفَضَضْتُهُ وَ قَرَأْتُهُ فَإِذَا فِیهِ إِذَا كَانَ غَداً افْعَلْ كَذَا وَ كَذَا وَ نَظَرْتُ إِلَی الرَّجُلِ لِأَسْأَلَهُ مَتَی عَهْدُكَ بِهِ فَلَمْ أَرَ شَیْئاً فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ مِنْ شِیعَتِنَا مِنْ مُؤْمِنِی الْجِنِّ إِذَا كَانَتْ لَنَا حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ أَرْسَلْنَاهُمْ فِیهَا(3).

«2»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ ذَكَرَ فِیهِ مَرَضَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّهُ عَادَهُ الْحَسَنَانِ علیهما السلام فَافْتَقَدَهُمَا وَ طَلَبَهُمَا حَتَّی أَتَی حَدِیقَةَ بَنِی النَّجَّارِ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ قَدِ اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ (4) وَ قَدِ اكْتَنَفَتْهُمَا

ص: 64


1- 1. فی المصدر: او مواضع السجود.
2- 2. فی المصدر: او أراد به السبعة و السجدات.
3- 3. دلائل الطبریّ: 132.
4- 4. فی المصدر: و قد تقشعت السماء فوقهما كطبق فهی تمطر كأشد مطر ما رآه الناس قط و قد منع اللّٰه عزّ و جلّ المطر منهما فی البقعة التی هما فیها نائمان لا یمطر علیهما قطرة و قد اكتنفتهما.

حَیَّةٌ لَهَا شَعَرَاتٌ كَآجَامِ الْقَصَبِ وَ جَنَاحَانِ جَنَاحٌ قَدْ غَطَّتْ بِهِ الْحَسَنَ وَ جَنَاحٌ قَدْ غَطَّتْ بِهِ الْحُسَیْنَ علیهما السلام.

فَلَمَّا أَنْ بَصُرَ بِهِمَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله تَنَحْنَحَ فَانْسَابَتِ الْحَیَّةُ وَ هِیَ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّی أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ أَنَّ هَذَیْنِ شِبْلَا نَبِیِّكَ قَدْ حَفِظْتُهُمَا عَلَیْهِ وَ دَفَعْتُهُمَا إِلَیْهِ سَالِمَیْنِ صَحِیحَیْنِ فَقَالَ لَهَا النَّبِیُّ أَیَّتُهَا الْحَیَّةُ فَمَنْ أَنْتِ (1)

قَالَتْ أَنَا رَسُولُ الْجِنِّ إِلَیْكَ فَقَالَ وَ أَیُّ الْجِنِّ قَالَتْ جِنُّ نَصِیبِینَ نَفَرٍ مِنْ بَنِی مُلَیْحٍ نَسِینَا آیَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَبَعَثُونِی إِلَیْكَ لِتُعَلِّمَنَا مَا نَسِینَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَمَّا بَلَغْتُ هَذَا الْمَوْضِعَ سَمِعْتُ مُنَادِیاً یُنَادِی أَیَّتُهَا الْحَیَّةُ إِنَّ هَذَیْنِ شِبْلَا نَبِیِّكِ (2)

فاحفظهما [فَاحْفَظِیهِمَا] مِنَ الْعَاهَاتِ وَ الْآفَاتِ وَ مِنْ طَوَارِقِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ قَدْ حَفِظْتُهُمَا(3)

وَ سَلَّمْتُهُمَا إِلَیْكَ سَالِمَیْنِ صَحِیحَیْنِ وَ أَخَذَتِ الْحَیَّةُ الْآیَةَ وَ انْصَرَفَتْ الْخَبَرَ(4).

«3»- وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ (5)

عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ نَوْحَ الْجِنِّ مُنْذُ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا اللَّیْلَةَ(6) وَ لَا أَرَانِی إِلَّا وَ قَدْ أُصِبْتُ بِابْنِی قَالَتْ وَ جَاءَتِ الْجِنِّیَّةُ مِنْهُمْ تَقُولُ:

أَلَا یَا عَیْنُ فَانْهَمِلِی بِجَهْدٍ***فَمَنْ یَبْكِی عَلَی الشُّهَدَاءِ بَعْدِی

عَلَی رَهْطٍ تَقُودُهُمُ الْمَنَایَا***إِلَی مُتَجَبِّرٍ فِی مِلْكِ عَبْدٍ(7).

ص: 65


1- 1. فی المصدر: ممن أنت؟.
2- 2. فی المصدر: هذان شبلا رسول اللّٰه.
3- 3. فی المصدر: فقد حفظتهما.
4- 4. مجالس الصدوق: 266 و 267 و الحدیث طویل.
5- 5. و الاسناد هكذا: محمّد بن الحسن بن أحمد بن الولید رحمه اللّٰه عن محمّد بن الحسن الصفار عن محمّد بن الحسین بن أبی الخطاب عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن عمرو بن ثابت عن حبیب بن أبی ثابت.
6- 6. أی لیلة عاشوراء، و المراد بابنها هو الحسین بن علیّ علیه السلام.
7- 7. مجالس الصدوق: 85.

«4»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (1) عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَمَا(2) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْمِنْبَرِ إِذْ أَقْبَلَ ثُعْبَانٌ مِنْ نَاحِیَةِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَهَمَّ النَّاسُ أَنْ یَقْتُلُوهُ فَأَرْسَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ كُفُّوا فَكَفُّوا وَ أَقْبَلَ الثُّعْبَانُ یَنْسَابُ (3)

حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْمِنْبَرِ فَتَطَاوَلَ فَسَلَّمَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَأَشَارَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَیْهِ أَنْ یَقِفَ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ أَقْبَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ خَلِیفَتِكَ عَلَی الْجِنِّ وَ إِنَّ أَبِی مَاتَ وَ أَوْصَانِی أَنْ آتِیَكَ فَأَسْتَطْلِعَ رَأْیَكَ وَ قَدْ أَتَیْتُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمَا تَأْمُرُنِی بِهِ وَ مَا تَرَی فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَتَقُومَ مَقَامَ أَبِیكَ فِی الْجِنِّ فَإِنَّكَ خَلِیفَتِی عَلَیْهِمْ قَالَ فَوَدَّعَ عَمْرٌو أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ انْصَرَفَ فَهُوَ خَلِیفَتُهُ عَلَی الْجِنِّ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَیَأْتِیكَ عَمْرٌو وَ ذَاكَ الْوَاجِبُ عَلَیْهِ قَالَ نَعَمْ (4).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ ابْنِ جَبَلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنَّا بِبَابِهِ فَخَرَجَ عَلَیْنَا قَوْمٌ أَشْبَاهُ الزُّطِّ(5)

عَلَیْهِمْ أُزُرٌ وَ أَكْسِیَةٌ فَسَأَلْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْهُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ إِخْوَانُكُمْ مِنَ الْجِنِ (6).

ص: 66


1- 1. فی بعض نسخ المصدر: محمّد بن حسین.
2- 2. فی المصدر: بینا.
3- 3. انساب: جری و مشی مسرعا.
4- 4. أصول الكافی 1: 396.
5- 5. الزط بالضم: جیل من الهند معرب جت بالفتح و القیاس یقتضی فتح معربه ایضا قاله الفیروزآبادی.
6- 6. أصول الكافی 1: 394.

«6»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حجرش (1)

[جَحْرَشٍ] قَالَ حَدَّثَتْنِی حَكِیمَةُ بِنْتُ مُوسَی قَالَتْ: رَأَیْتُ الرِّضَا علیه السلام وَاقِفاً عَلَی بَابِ بَیْتِ الْحَطَبِ وَ هُوَ یُنَاجِی وَ لَسْتُ أَرَی أَحَداً فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی لِمَنْ تُنَاجِی فَقَالَ هَذَا عَامِرٌ الزَّهْرَائِیُّ أَتَانِی یَسْأَلُنِی وَ یَشْكُو إِلَیَّ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ كَلَامَهُ فَقَالَ لِی إِنَّكِ إِنْ سَمِعْتِ كَلَامَهُ (2)

حُمِمْتِ سَنَةً فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ فَقَالَ لِی اسْمَعِی فَاسْتَمَعْتُ فَسَمِعْتُ شِبْهَ الصَّفِیرِ وَ رَكِبَتْنِیَ الْحُمَّی فَحُمِمْتُ سَنَةً(3).

بیان: لعل لخصوص المتكلم أو السامع صنفا أو شخصا مدخلا فی الحمی.

«7»- الْبَصَائِرُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ(4) عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَوْمُ الْأَحَدِ لِلْجِنِّ لَیْسَ تَظْهَرُ فِیهِ لِأَحَدٍ غَیْرِنَا(5).

- 8- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْجَعْفَرِیِ (6)

قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِیمَ بْنَ وَهْبٍ وَ هُوَ یَقُولُ: خَرَجْتُ وَ أَنَا أُرِیدُ أَبَا الْحَسَنِ بِالْعُرَیْضِ فَانْطَلَقْتُ حَتَّی أَشْرَفْتُ عَلَی قَصْرِ بَنِی سَرَاةَ ثُمَّ انْحَدَرْتُ الْوَادِیَ فَسَمِعْتُ صَوْتاً لَا أَرَی شَخْصَهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا أَبَا جَعْفَرٍ صَاحِبُكَ خَلْفَ الْقَصْرِ عِنْدَ السُّدَّةِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ

ص: 67


1- 1. هكذا فی النسخ، و فی المصدر:( جحرش) بتقدیم الجیم. قال فی القاموس جحرش كجعفر: غلیظ مجتمع الخلق.
2- 2. فی المصدر: ان سمعت به.
3- 3. أصول الكافی 1: 395 و 396.
4- 4. فی المصدر:[ موسی بن بكیر] و الظاهر أنّه مصحف و انه موسی بن بكر الواسطی.
5- 5. بصائر الدرجات: 27 و 95( ط 2).
6- 6. فی المصدر:[ یعقوب بن إبراهیم بن محمّد بن عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب] و فی الكافی فی باب مولد أبی الحسن موسی علیه السلام: یعقوب بن جعفر بن إبراهیم.

فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَداً ثُمَّ رَدَّ عَلَیَّ الصَّوْتَ بِاللَّفْظِ الَّذِی كَانَ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَاقْشَعَرَّ جِلْدِی ثُمَّ انْحَدَرْتُ فِی الْوَادِی حَتَّی أَتَیْتُ قَصْدَ الطَّرِیقِ الَّذِی خَلْفَ الْقَصْرِ ثُمَّ أَتَیْتُ السَّدَّ نَحْوَ السَّمُرَاتِ ثُمَّ انْطَلَقْتُ قَصْدَ الْغَدِیرِ فَوَجَدْتُ خَمْسِینَ حَیَّاتٍ رَوَافِعَ (1) مِنْ عِنْدِ الْغَدِیرِ ثُمَّ اسْتَمَعْتُ فَسَمِعْتُ كَلَاماً وَ مُرَاجَعَةً فَطَفِقْتُ (2)

بِنَعْلَیَّ لِیُسْمَعَ وَطْئِی فَسَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَتَنَحْنَحُ فَتَنَحْنَحْتُ وَ أَجَبْتُهُ ثُمَّ هَجَمْتُ (3)

فَإِذَا حَیَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِسَاقِ شَجَرَةٍ فَقَالَ لَا تخشی (4)

[تَخْشَ] وَ لَا ضَائِرَ فَرَمَتْ بِنَفْسِهَا ثُمَّ نَهَضَتْ عَلَی مَنْكِبِهِ ثُمَّ أَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِی أُذُنِهِ فَأَكْثَرَتْ مِنَ الصَّفِیرِ فَأَجَابَ بَلَی قَدْ فَصَلْتُ بَیْنَكُمْ وَ لَا یَبْغِی (5)

خِلَافَ مَا أَقُولُ إِلَّا ظَالِمٌ وَ مَنْ ظَلَمَ فِی دُنْیَاهُ فَلَهُ عَذَابُ النَّارِ فِی آخِرَتِهِ مَعَ عِقَابٍ شَدِیدٍ أُعَاقِبُهُ إِیَّاهُ وَ آخُذُ مَالَهُ (6)

إِنْ كَانَ لَهُ حَتَّی یَتُوبَ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَ لَكُمْ عَلَیْهِمْ طَاعَةٌ فَقَالَ نَعَمْ وَ الَّذِی أَكْرَمَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِالنُّبُوَّةِ وَ أَعَزَّ عَلِیّاً علیه السلام بِالْوَصِیَّةِ وَ الْوَلَایَةِ إِنَّهُمْ لَأَطْوَعُ لَنَا مِنْكُمْ یَا مَعْشَرَ الْإِنْسِ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ (7).

بیان: السراة بالفتح اسم جمع للسری بمعنی الشریف و اسم لمواضع و السمرة بضم المیم شجرة معروفة روافع بالفاء و العین المهملة أی رفعت رءوسها أو بالغین المعجمة من الرفغ و هو سعة العیش أی مطمئنة غیر خائفة أو بالقاف و العین المهملة أی ملونة بألوان مختلفة.

ص: 68


1- 1. فی الطبعة الثانیة: روافع، و فی نسخة بدله: رواقع.
2- 2. فی نسخة من الكتاب و من المصدر: فصفقت.
3- 3. فی المصدر: ثم نظرت و هجمت.
4- 4. فی نسخة:[ لا عسی] و هو مصحف.
5- 5. أی لا یطلب.
6- 6. فی نسخة: مالا.
7- 7. بصائر الدرجات: 29 و 103( ط 2).

و یحتمل أن یكون فی الأصل بالتاء و العین المهملة أی ترتع حول الغدیر فطفقت بنعلی أی شرعت أضرب به و الظاهر أنه بالصاد كما فی بعض النسخ.

و الصفق الضرب یسمع له صوت لا تخشی و لا ضائر أی لا تخافی فإنه لیس هنا أحد یضرك یقال ضاره أی ضره و فی بعض النسخ لا عسی و هو تصحیف وَ قَلِیلٌ ما هُمْ أی المطیعون من الإنس أو من الجن بالنسبة إلی غیرهم من المخلوقات.

«9»- تَفْسِیرُ الْفُرَاتِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ قَبِیصَةَ(1) قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الصَّادِقِ علیه السلام وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ فَسَلَّمْتُ وَ جَلَسْتُ وَ قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَیْنَ كُنْتُمْ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَ اللَّهُ سَمَاءً مَبْنِیَّةً وَ أَرْضاً مَدْحِیَّةً أَوْ ظُلْمَةً أَوْ نُوراً قَالَ یَا قَبِیصَةُ(2) لِمَ سَأَلْتَنِی عَنِ هَذَا الْحَدِیثِ فِی مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ حُبَّنَا قَدِ اكْتُتِمَ وَ بُغْضَنَا قَدْ فَشَا وَ أَنَّ لَنَا أَعْدَاءً مِنَ الْجِنِ (3)

یُخْرِجُونَ حَدِیثَنَا إِلَی أَعْدَائِنَا مِنَ الْإِنْسِ وَ أَنَّ الْحِیطَانَ لَهَا آذَانٌ كَآذَانِ النَّاسِ الْخَبَرَ(4).

«10»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِ الْآیَةَ قَالَ یَعْنِی مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَّا وَ فِی أُمَّتِهِ شَیَاطِینُ الْإِنْسِ وَ الْجِنِ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ أَیْ یَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَا تُؤْمِنُوا بِزُخْرُفِ الْقَوْلِ غُرُوراً فَهَذَا وَحْیُ كَذِبٍ (5).

«11»- تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَیْثُ قَالَ: وَ أَمَّا مَا حُرِّفَ مِنَ الْكِتَابِ فَقَوْلُهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَتِ الْجِنُّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ

ص: 69


1- 1. فی المصدر:[ فیضة بن یزید الجعفی] و لم یذكرهما الرجالیون. و فیه: قال: دخلت علی الصادق جعفر بن محمّد علیه السلام و عنده البوس بن أبی الدرس و ابن ظبیان و القاسم ابن الصیرفی.
2- 2. فی المصدر: یا فیضة.
3- 3. لعله تعریض بجلساء المجلس.
4- 4. تفسیر فرات: 207.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 202 و 201.

مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ (1).

«12»- الْكَافِی، بِسَنَدِهِ الصَّحِیحِ (2) عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ صَبِیحٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَی إِلَی سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام أَنَّ آیَةَ مَوْتِكَ أَنَّ شَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ یُقَالُ لَهَا الحزنوبة [الْخُرْنُوبَةُ] قَالَ فَنَظَرَ سُلَیْمَانُ یَوْماً فَإِذَا الشَّجَرَةُ الحزنوبة [الْخُرْنُوبَةُ] قَدْ طَلَعَتْ فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ لَهَا مَا اسْمُكِ قَالَتْ الحزنوبة [الْخُرْنُوبَةُ] قَالَ فَوَلَّی سُلَیْمَانُ مُدْبِراً إِلَی مِحْرَابِهِ فَقَامَ فِیهِ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ فَقُبِضَ رُوحُهُ مِنْ سَاعَتِهِ قَالَ فَجَعَلَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ یَخْدُمُونَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی أَمْرِهِ كَمَا كَانُوا وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُ حَیٌّ

لَمْ یَمُتْ یَغْدُونَ وَ یَرُوحُونَ وَ هُوَ قَائِمٌ ثَابِتٌ حَتَّی دَنَتِ (3) الْأَرَضَةُ مِنْ عَصَاهُ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ (4) فَانْكَسَرَتْ وَ خَرَّ سُلَیْمَانُ إِلَی الْأَرْضِ أَ فَلَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُ الْآیَةَ(5).

«13»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، بِإِسْنَادِهِ (6) عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: كَانَ (7)

نَقْشُ خَاتَمِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ سُبْحَانَ مَنْ أَلْجَمَ الْجِنَّ بِكَلِمَاتِهِ (8).

«14»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی قِصَّةِ بِلْقِیسَ قَالَ فَارْتَحَلَتْ وَ خَرَجَتْ نَحْوَ سُلَیْمَانَ فَلَمَّا عَلِمَ سُلَیْمَانُ قُدُومَهَا(9)

إِلَیْهِ قَالَ لِلْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ أَیُّكُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها

ص: 70


1- 1. المحكم و المتشابه: 34 فیه:[« تبینت الجن و الانس] و لعله مصحف.
2- 2. الاسناد علی ما فی المصدر هكذا: محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب عن جمیل بن صالح عن الولید بن صبیح.
3- 3. فی المصدر:[ حتی دبت] أقول: الأرضة: دویبة تأكل الخشب.
4- 4. المنسأة: العصا.
5- 5. روضة الكافی: 144 ذكرت الآیة فیه بتمامه.
6- 6. الاسناد علی ما فی المصدر هكذا: حدّثنا ابی رضی اللّٰه عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمّد بن خالد عن محمّد بن علی الكوفیّ عن الحسن بن أبی عقبة الصیرفی عن الحسین بن خالد الصیرفی.
7- 7. فی الوسائل: و كان نقش خاتم سلیمان علیه السلام حرفین اشتقهما من الزبور: سبحان اه.
8- 8. عیون أخبار الرضا: 218.
9- 9. فی المصدر: و ارتحلت نحو سلیمان فلما علم سلیمان باقبالها نحوه.

قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ قالَ عِفْرِیتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ قَالَ سُلَیْمَانُ أُرِیدُ أَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا أَنَا آتِیكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ الْقِصَّةَ(1).

«15»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْبَصْرِیِّ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ نَفَراً مِنَ الْمُسْلِمِینَ خَرَجُوا إِلَی سَفَرٍ فَضَلُّوا الطَّرِیقَ فَأَصَابَهُمْ عَطَشٌ شَدِیدٌ فَتَكَفَّنُوا(2)

وَ لَزِمُوا أُصُولَ الشَّجَرِ فَجَاءَهُمْ شَیْخٌ عَلَیْهِ ثِیَابٌ بِیضٌ فَقَالَ قُومُوا فَلَا بَأْسَ عَلَیْكُمْ فَهَذَا الْمَاءُ فَقَامُوا وَ شَرِبُوا وَ ارْتَوَوْا فَقَالُوا مَنْ أَنْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ أَنَا مِنَ الْجِنِّ الَّذِینَ بَایَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ عَیْنُهُ وَ دَلِیلُهُ فَلَمْ تَكُونُوا تَضَیَّعُوا بِحَضْرَتِی (3).

بیان: فتكفنوا أی لفوا أثوابهم علی أنفسهم بمنزلة الكفن و وطنوا أنفسهم علی الموت و فی بعض النسخ بتقدیم النون علی الفاء أی ذهب كل منهم إلی كنف و جانب (4).

«16»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ زَكَرِیَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ حَوْضِ زَمْزَمَ فَأَتَانِی رَجُلٌ فَقَالَ لِی لَا تَشْرَبْ مِنْ هَذَا الْمَاءِ یَا أَبَا حَمْزَةَ فَإِنَّ هَذَا یَشْتَرِكُ فِیهِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ هَذَا لَا یَشْتَرِكُ فِیهِ إِلَّا الْإِنْسُ قَالَ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ قَوْلِهِ وَ قُلْتُ مِنْ أَیْنَ عَلِمَ هَذَا قَالَ ثُمَّ قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مَا كَانَ مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِی فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ أَرَادَ إِرْشَادَكَ (5).

ص: 71


1- 1. تفسیر القمّیّ: 477 و 478.
2- 2. فی نسخة من الكتاب و مصدره: فتكنفوا.
3- 3. أصول الكافی 1: 167.
4- 4. و یؤید التوجیه الأول ما سیأتی من خبر المحاسن، هو بعینه هذا الخبر فتأمل منه قدّس سرّه.
5- 5. فروع الكافی 6: 390 فیه: فقال علیه السلام لی.

«17»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ رُشَیْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْقَلَانِسِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ قَالَ: ضَلَلْنَا سَنَةً مِنَ السِّنِینَ وَ نَحْنُ فِی طَرِیقِ مَكَّةَ فَأَقَمْنَا ثَلَاثَةَ أَیَّامِ نَطْلُبُ الطَّرِیقَ فَلَمْ نَجِدْهُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ وَ قَدْ نَفِدَ مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ الْمَاءِ عَمَدْنَا إِلَی مَا كَانَ مَعَنَا مِنْ ثِیَابِ الْإِحْرَامِ وَ مِنَ الْحَنُوطِ فَتَحَنَّطْنَا وَ تَكَفَّنَّا بِإِزَارِ إِحْرَامِنَا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فَنَادَی یَا صَالِحُ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَأَجَابَهُ مُجِیبٌ مِنْ بُعْدٍ فَقُلْنَا لَهُ مَنْ أَنْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ أَنَا مِنَ النَّفَرِ الَّذِی قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ وَ لَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ غَیْرِی فَأَنَا مُرْشِدُ الضَّالِّ إِلَی الطَّرِیقِ قَالَ فَلَمْ نَزَلْ نَتَّبِعُ الصَّوْتَ حَتَّی خَرَجْنَا إِلَی الطَّرِیقِ (1).

«18»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الزَّرَنْدِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام (2)

قَالَ: إِذَا ضَلَلْتَ فِی الطَّرِیقِ فَنَادِ یَا صَالِحُ یَا بَا صَالِحٍ أَرْشِدُونَا إِلَی الطَّرِیقِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ فَأَصَابَنَا ذَلِكَ فَأَمَرْنَا بَعْضَ مَنْ مَعَنَا أَنْ یَتَنَحَّی وَ یُنَادِیَ كَذَلِكَ قَالَ فَتَنَحَّی فَنَادَی ثُمَّ أَتَانَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ سَمِعَ صَوْتاً بَرَزَ(3) دَقِیقاً یَقُولُ الطَّرِیقُ یَمْنَةٌ أَوْ قَالَ یَسْرَةٌ فَوَجَدْنَاهُ كَمَا قَالَ وَ حَدَّثَنِی بِهِ أَبِی أَنَّهُمْ حَادُوا عَنِ الطَّرِیقِ بِالْبَادِیَةِ فَفَعَلْنَا ذَلِكَ فَأَرْشَدُونَا وَ قَالَ صَاحِبُنَا سَمِعْتُ صَوْتاً دَقِیقاً یُقَالُ الطَّرِیقُ یَمْنَةٌ فَمَا سِرْنَا إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی عَارَضْنَا الطَّرِیقَ (4).

بیان: فی القاموس الرز بالكسر الصوت تسمعه من بعید أو الأعم.

«19»- الْفَقِیهُ،: لَا یَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالرَّوْثِ وَ الْعَظْمِ لِأَنَّ وَفْدَ الْجِنِّ جَاءُوا إِلَی

ص: 72


1- 1. المحاسن: 379 و 380.
2- 2. فی المصدر: عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام. و فیه: و یا با صالح ارشد انا الی الطریق رحمكما اللّٰه.
3- 3. فی المصدر: یرد دقیقا.
4- 4. المحاسن: 362 و 363.

رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَتِّعْنَا فَأَعْطَاهُمُ الرَّوْثَ وَ الْعَظْمَ فَلِذَلِكَ لَا یَنْبَغِی أَنْ یُسْتَنْجَی بِهِمَا(1).

«20»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ أُكَیْلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ الْحَدِیدَ فِی الدُّنْیَا زِینَةَ الْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ فَحُرِّمَ عَلَی الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ یَلْبَسَهُ فِی الصَّلَاةِ إِلَّا أَنْ یَكُونَ الْمُسْلِمُ فِی قِتَالِ عَدُوٍّ فَلَا بَأْسَ بِهِ (2).

«21»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: إِنَّ الْجِنَّ كَانُوا یَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَمُنِعَتْ فِی أَوَانِ رِسَالَتِهِ بِالرُّجُومِ وَ انْفِضَاضِ النُّجُومِ وَ بُطْلَانِ الْكَهَنَةِ وَ السَّحَرَةِ الْخَبَرَ(3).

«22»- التَّفْسِیرُ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قَالَ فِی الظَّاهِرِ مُخَاطَبَةٌ لِلْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ فِی الْبَاطِنِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ (4).

«23»- الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ (5)

عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْأَكْرَادَ حَیٌّ مِنَ الْجِنِّ كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْغِطَاءَ فَلَا تُخَالِطْهُمْ (6).

ص: 73


1- 1. الفقیه 1: 20.
2- 2. التهذیب 2: 227، فی الحدیث تقطیع و تمامه یأتی فی كتاب الصلاة مع اسناده.
3- 3. قرب الإسناد: 133 و الحدیث طویل.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 659، لا یناسب ذكره هاهنا لانه من كلام القمّیّ و لیس بحدیث.
5- 5. اسقط المصنّف اسناد الحدیث و صدره و هما هكذا: ابی رحمه اللّٰه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمّد عن علیّ بن الحكم عمن حدثه عن ابی الربیع الشامیّ قال: سألت أبا عبد اللّٰه فقلت له: ان عندنا قوما من الاكراد یجیئونا بالبیع و نبایعهم فقال: یا ربیع لا تخالطهم فان الاكراد اه. و روی نحوه أیضا بإسناده عن محمّد بن الحسن عن الحسن بن متیل عن محمّد بن الحسن عن جعفر بن بشیر عن حفص عمن حدثه عن ابی الربیع.
6- 6. علل الشرائع: 178 و 2: 214( ط قم).

«24»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ (1) عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا خَلَعَ أَحَدُكُمْ ثِیَابَهُ فَلْیُسَمِّ لِئَلَّا تَلْبَسَهَا الْجِنُّ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ یُسَمِّ عَلَیْهَا لَبِسَتْهَا الْجِنُّ حَتَّی تُصْبِحَ (2).

«25»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: كَانُوا یُحِبُّونَ أَنْ یَكُونَ فِی الْبَیْتِ الشَّیْ ءُ الدَّاجِنُ مِثْلُ الْحَمَامِ أَوِ الدَّجَاجِ أَوِ الْعَنَاقِ لِیَعْبَثَ بِهِ صِبْیَانُ الْجِنِّ وَ لَا یَعْبَثُونَ بِصِبْیَانِهِمْ (3).

«26»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ(4)،

بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی یَحْیَی قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ رُمِیَ أَوْ رَمَتْهُ الْجِنُّ فَلْیَأْخُذِ الْحَجَرَ الَّذِی رُمِیَ بِهِ فَلْیَرْمِ مِنْ حَیْثُ رُمِیَ وَ لْیَقُلْ حَسْبِیَ اللَّهُ وَ كَفَی سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعَا لَیْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مُنْتَهَی وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْثِرُوا مِنَ الدَّوَاجِنِ فِی بُیُوتِكُمْ تَتَشَاغَلْ بِهَا عَنْ صِبْیَانِكُمْ (5).

بیان: فی الصحاح دجن بالمكان أقام تقول شاة داجن إذا ألفت البیوت.

«27»- الْمَكَارِمُ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَتَی رَجُلٌ (6) فَشَكَا إِلَیْهِ أَخْرَجَتْنَا الْجِنُّ مِنْ مَنَازِلِنَا یَعْنِی عُمَّارَ(7)

مَنَازِلِهِمْ فَقَالَ اجْعَلُوا سُقُوفَ بُیُوتِكُمْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَ اجْعَلُوا الْحَمَامَ فِی أَكْنَافِ الدَّارِ قَالَ الرَّجُلُ فَفَعَلْنَا فَمَا رَأَیْنَا شَیْئاً نَكْرَهُهُ (8).

ص: 74


1- 1. اسناد الحدیث هكذا: ابی قال: حدّثنا محمّد بن یحیی العطّار عن محمّد بن أحمد قال: حدّثنی أبو جعفر أحمد بن أبی عبد اللّٰه عن رجل عن علیّ بن اسباط عن عمه یعقوب رفع الحدیث الی علیّ بن أبی طالب علیه السلام.
2- 2. علل الشرائع: 194 و 2: 270( ط قم) و الحدیث طویل یأتی فی موضعه.
3- 3. قرب الإسناد: 45.
4- 4. الاسناد هكذا: حدّثنا المظفر بن محمّد بن عبد الرحمن قال: حدّثنا عبد الرحمن ابن أبی نجران عن سلیمان بن جعفر عن إبراهیم بن أبی یحیی المدنیّ.
5- 5. طبّ الأئمّة: 117 فیه: یتشاغل بها الشیاطین عن صبیانكم.
6- 6. فی المصدر: أتاه رجل[ فشكی إلیه] فقال.
7- 7. و لعلّ المراد عوامر البیوت أی الحیات، و هی المراد من الجن.
8- 8. مكارم الأخلاق 1: 146.

«28»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ مِنْ بَیْتِ نَبِیٍّ إِلَّا وَ فِیهِ حَمَامَانِ (1) لِأَنَّ سُفَهَاءَ الْجِنِّ یَعْبَثُونَ بِصِبْیَانِ الْبَیْتِ فَإِذَا كَانَ فِیهِ حَمَامٌ عَبَثُوا بِالْحَمَامِ وَ تَرَكُوا النَّاسَ (2).

«29»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: دَخَلَ أَشْجَعُ السُّلَمِیُّ عَلَی الصَّادِقِ علیه السلام فَقَالَ یَا سَیِّدِی أَنَا أَحْصُلُ فِی الْمَوَاضِعِ الْمُفْزِعَةِ(3) فَعَلِّمْنِی شَیْئاً مَا آمَنُ بِهِ عَلَی نَفْسِی قَالَ فَإِذَا خِفْتَ أَمْراً فَاتْرُكْ یَمِینَكَ عَلَی أُمِّ رَأْسِكَ وَ اقْرَأْ بِرَفِیعِ

صَوْتِكَ أَ فَغَیْرَ دِینِ اللَّهِ یَبْغُونَ الْآیَةَ(4) قَالَ أَشْجَعُ فَحَصَلْتُ (5)

فِی وَادٍ فِیهِ الْجِنُّ فَسَمِعْتُ قَائِلًا یَقُولُ خُذُوهُ فَقَرَأْتُهَا فَقَالَ قَائِلٌ كَیْفَ نَأْخُذُهُ وَ قَدِ احْتَجَزَ بِآیَةٍ طَیِّبَةٍ(6).

«30»- مُنْتَخَبُ الْبَصَائِرِ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ: فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ فِی الرَّجْعَةِ وَ أَحْوَالِ الْقَائِمِ علیه السلام قَالَ الْمُفَضَّلُ قُلْتُ یَا سَیِّدِی فَمَنْ یُخَاطِبُهُ قَالَ الْمَلَائِكَةُ وَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْجِنِّ وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ قَالَ الْمُفَضَّلُ یَا سَیِّدِی وَ تَظْهَرُ الْمَلَائِكَةُ وَ الْجِنُّ لِلنَّاسِ

ص: 75


1- 1. فی المصدر: حمام.
2- 2. مكارم الأخلاق 1: 149.
3- 3. فی المطبوع: المواضع المتعدّدة المفزعة.
4- 4. فی المصدر: أفغیر دین اللّٰه تبغون و له اسلم من فی السماوات و الأرض طوعا و كرها و إلیه ترجعون.
5- 5. فی المصدر: فحصلت فی دار تعبث فیه الجن.
6- 6. مجالس الشیخ 1: 288، و اسناد الحدیث هكذا: ابن الشیخ عن أبیه عن ابی محمّد الحسن بن محمّد بن یحیی الفحام عن ابی الحسن محمّد بن أحمد بن عبد اللّٰه الهاشمی المنصوری قال: حدّثنی عم ابی أبو موسی بن أحمد بن عیسی بن المنصور قال: حدّثنی الإمام علیّ بن محمّد العسكریّ اه و للحدیث صدر لم یذكره المصنّف لانه لا یناسب الباب.

قَالَ إِی وَ اللَّهِ یَا مُفَضَّلُ وَ یُخَاطِبُونَهُمْ كَمَا یَكُونُ الرَّجُلُ مَعَ حَاشِیَتِهِ وَ أَهْلِهِ قُلْتُ یَا سَیِّدِی وَ یَسِیرُونَ مَعَهُ قَالَ إِی وَ اللَّهِ یَا مُفَضَّلُ وَ لَیَنْزِلَنَّ أَرْضَ الْهِجْرَةِ مَا بَیْنَ الْكُوفَةِ وَ النَّجَفِ وَ عَدَدُ أَصْحَابِهِ علیه السلام سِتَّةٌ وَ أَرْبَعُونَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ سِتَّةُ آلَافٍ مِنَ الْجِنِ (1)

وَ النُّقَبَاءُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا الْحَدِیثَ (2).

«31»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِیمَا سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فَمِنْ أَیْنَ یصل (3) [أَصْلُ] الْكِهَانَةِ وَ مِنْ أَیْنَ یُخْبَرُ النَّاسُ بِمَا یَحْدُثُ قَالَ إِنَّ الْكِهَانَةَ كَانَتْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ فِی كُلِّ حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ كَانَ الْكَاهِنُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ یَحْتَكِمُونَ إِلَیْهِ فِیمَا یَشْتَبِهُ عَلَیْهِمْ مِنَ الْأُمُورِ بَیْنَهُمْ فَیُخْبِرُهُمْ بِأَشْیَاءَ تَحْدُثُ وَ ذَلِكَ فِی وُجُوهٍ (4) شَتَّی مِنْ فِرَاسَةِ الْعَیْنِ وَ ذَكَاءِ الْقَلْبِ وَ وَسْوَسَةِ النَّفْسِ وَ فِطْنَةِ الرُّوحِ مَعَ قَذْفٍ فِی قَلْبِهِ لِأَنَّ مَا یَحْدُثُ فِی الْأَرْضِ مِنَ الْحَوَادِثِ الظَّاهِرَةِ فَذَلِكَ یَعْلَمُ الشَّیْطَانُ وَ یُؤَدِّیهِ إِلَی الْكَاهِنِ وَ یُخْبِرُهُ بِمَا یَحْدُثُ فِی الْمَنَازِلِ وَ الْأَطْرَافِ وَ أَمَّا أَخْبَارُ السَّمَاءِ فَإِنَّ الشَّیَاطِینَ كَانَتْ تَقْعُدُ مَقَاعِدَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ إِذْ ذَاكَ وَ هِیَ لَا تَحْجُبُ وَ لَا تُرْجَمُ بِالنُّجُومِ وَ إِنَّمَا مُنِعَتْ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ لِئَلَّا یَقَعَ فِی الْأَرْضِ سَبَبٌ یُشَاكِلُ الْوَحْیَ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَ لُبِّسَ (5)

عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ مَا جَاءَهُمْ عَنِ اللَّهِ

ص: 76


1- 1. الموجود فی المصدر المطبوع:« و مثلها من الجن» و الحدیث طویل غیر خال من الغرائب منها انه نص فیه علی وكالة محمّد بن نصیر النمیری مع أن الرجل من الغلاة الملعونین و من المدعین الكاذبین للبابیة، و اسناد الحدیث أیضا مشتمل علی المجهول و الغالی و هو: الحسین بن حمدان( ای الحضینی الفاسد المذهب) عن محمّد بن إسماعیل و علی ابن عبد اللّٰه الحسنیین عن ابی شعیب محمّد بن نصر عن عمر بن الفرات عن محمّد بن المفضل عن المفضل بن عمر.
2- 2. مختصر بصائر الدرجات: 179- 192 راجعه.
3- 3. فی نسخة: اصل.
4- 4. فی المصدر: من وجوه شتّی.
5- 5. فی المصدر: سبب تشاكل الوحی من خبر السماء فیلبس.

لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ وَ نَفْیِ الشَّبَهِ وَ كَانَ الشَّیْطَانُ یَسْتَرِقُ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ بِمَا یَحْدُثُ مِنَ اللَّهِ فِی خَلْقِهِ فَیَخْتَطِفُهَا ثُمَّ یَهْبِطُ بِهَا إِلَی الْأَرْضِ فَیَقْذِفُهَا إِلَی الْكَاهِنِ فَإِذَا قَدْ زَادَ كَلِمَاتٍ مِنْ عِنْدِهِ فَیَخْتَلِطُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ فَمَا أَصَابَ الْكَاهِنُ مِنْ خَبَرٍ مِمَّا كَانَ یُخْبِرُ بِهِ فَهُوَ مَا أَدَّاهُ (1) إِلَیْهِ شَیْطَانُهُ مِمَّا سَمِعَهُ وَ مَا أَخْطَأَ فِیهِ فَهُوَ مِنْ بَاطِلِ مَا زَادَ فِیهِ فَمُذْ مُنِعَتِ الشَّیَاطِینُ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ انْقَطَعَتِ الْكِهَانَةُ وَ الْیَوْمَ إِنَّمَا تُؤَدِّی الشَّیَاطِینُ إِلَی كُهَّانِهَا أَخْبَاراً لِلنَّاسِ مِمَّا یَتَحَدَّثُونَ بِهِ وَ مَا یُحَدِّثُونَهُ وَ الشَّیَاطِینُ تُؤَدِّی إِلَی الشَّیَاطِینِ مَا یَحْدُثُ فِی الْبُعْدِ مِنَ الْحَوَادِثِ مِنْ سَارِقٍ سَرَقَ وَ مَنْ قَاتِلٍ قَتَلَ وَ مِنْ غَائِبٍ غَابَ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِ أَیْضاً صَدُوقٌ وَ كَذُوبٌ فَقَالَ كَیْفَ صَعِدَتِ الشَّیَاطِینُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُمْ أَمْثَالُ النَّاسِ فِی الْخِلْقَةِ وَ الْكَثَافَةِ وَ قَدْ كَانُوا یَبْنُونَ لِسُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام مِنَ الْبِنَاءِ مَا یَعْجِزُ عَنْهُ وُلْدُ آدَمَ قَالَ غُلِّظُوا لِسُلَیْمَانَ كَمَا سُخِّرُوا وَ هُمْ خَلْقٌ رَقِیقٌ غِذَاؤُهُمُ التَّنَسُّمُ (2)

وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ صُعُودُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَ لَا یَقْدِرُ الْجِسْمُ الْكَثِیفُ عَلَی الِارْتِقَاءِ إِلَیْهَا إِلَّا بِسُلَّمٍ أَوْ سَبَبٍ (3).

«32»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْبَرْمَكِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْآبَاءُ ثَلَاثَةٌ آدَمُ وَلَدَ مُؤْمِناً وَ الْجَانُّ وَلَدَ كَافِراً(4)

وَ إِبْلِیسُ وَلَدَ كَافِراً وَ لَیْسَ فِیهِمْ نِتَاجٌ إِنَّمَا یَبِیضُ وَ یُفْرِخُ وَ وُلْدُهُ ذُكُورٌ لَیْسَ فِیهِمْ إِنَاثٌ (5).

ص: 77


1- 1. فی نسخة:« ما اداه به» و فی المصدر: ما اداه إلیه الشیطان.
2- 2. فی المصدر: غذاؤهم النسیم.
3- 3. الاحتجاج: 185 فیه: او بسبب.
4- 4. فی المصدر: و الجان ولد مؤمنا و كافرا.
5- 5. الخصال 1. 152.

«33»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْجِنُّ عَلَی ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ فَجُزْءٌ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَ جُزْءٌ یَطِیرُونَ فِی الْهَوَاءِ وَ جُزْءٌ كِلَابٌ وَ حَیَّاتٌ الْخَبَرَ(1).

«34»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ(2) بْنِ عَلِیٍّ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَبَلَةَ الْوَاعِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ اسْمِ أَبِی الْجِنِّ فَقَالَ شُومَانُ (3) وَ هُوَ

الَّذِی خُلِقَ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ وَ سَأَلَهُ هَلْ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیّاً إِلَی الْجِنِّ فَقَالَ نَعَمْ بَعَثَ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً یُقَالُ لَهُ یُوسُفُ (4)

فَدَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَتَلُوهُ (5).

«35»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ جَعْفَرٍ علیهم السلام (6) قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام قَالَ ذَاتَ یَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ وَهَبَ لِی مُلْكاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی سَخَّرَ لِیَ الرِّیحَ وَ الْإِنْسَ وَ الْجِنَّ وَ الطَّیْرَ وَ الْوُحُوشَ وَ عَلَّمَنِی مَنْطِقَ

ص: 78


1- 1. الخصال 1: 154 ذیله: و الانس علی ثلاثة اجزاء فجزء تحت ظل العرش یوم لا ظل الا ظله، و جزء علیهم الحساب و العذاب و جزء وجوههم وجوه الآدمیین و قلوبهم قلوب الشیاطین.
2- 2. فی نسخة من الكتاب و فی عیون الأخبار: عمرو.
3- 3. فی نسخة: شونان.
4- 4. لعل المراد به یوسف النبیّ الذی ورد اسمه فی القرآن فی سورة المؤمن بقوله تعالی:« وَ لَقَدْ جاءَكُمْ یُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَیِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِی شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّی إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذلِكَ یُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ» منه قدّس سرّه.
5- 5. علل الشرائع: 198 عیون أخبار الرضا: 134.
6- 6. فی العیون: عن أبیه جعفر بن محمّد عن أبیه محمّد بن علی.

الطَّیْرِ وَ آتَانِی كُلَّ شَیْ ءٍ وَ مَعَ جَمِیعِ مَا أُوتِیتُ مِنَ الْمُلْكِ مَا تَمَّ لِی سُرُورُ یَوْمٍ إِلَی اللَّیْلِ وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَدْخُلَ قَصْرِی فِی غَدٍ وَ أَصْعَدَ أَعْلَاهُ وَ أَنْظُرَ إِلَی مَمَالِكِی فَلَا تَأْذَنُوا لِأَحَدٍ عَلَیَّ لِئَلَّا یَرِدَ عَلَیَّ مَا یُنَغِّصُ عَلَیَّ یَوْمِی قَالُوا نَعَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخَذَ عَصَاهُ بِیَدِهِ وَ صَعِدَ إِلَی أَعْلَی مَوْضِعٍ مِنْ قَصْرِهِ وَ وَقَفَ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ یَنْظُرُ إِلَی مَمَالِكِهِ مَسْرُوراً(1) بِمَا أُوتِیَ فَرِحاً بِمَا أُعْطِیَ إِذْ نَظَرَ إِلَی شَابٍّ حَسَنِ الْوَجْهِ وَ اللِّبَاسِ قَدْ خَرَجَ عَلَیْهِ مِنْ بَعْضِ زَوَایَا قَصْرِهِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ (2) سُلَیْمَانُ علیه السلام قَالَ لَهُ مَنْ أَدْخَلَكَ إِلَی هَذَا الْقَصْرِ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَخْلُوَ فِیهِ الْیَوْمَ فَبِإِذْنِ مَنْ دَخَلْتَ فَقَالَ الشَّابُّ أَدْخَلَنِی هَذَا الْقَصْرَ رَبُّهُ وَ بِإِذْنِهِ دَخَلْتُ فَقَالَ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنِّی فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ علیه السلام وَ فِیمَا جِئْتَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ قَالَ امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ فَهَذَا یَوْمُ سُرُورِی أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَكُونَ لِی سُرُورٌ دُونَ لِقَائِهِ فَقَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فَبَقِیَ سُلَیْمَانُ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ وَ هُوَ مَیِّتٌ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَ هُمْ یُقَدِّرُونَ أَنَّهُ حَیٌّ فَافْتَتَنُوا فِیهِ وَ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ سُلَیْمَانَ قَدْ بَقِیَ مُتَّكِئاً عَلَی عَصَاهُ هَذِهِ الْأَیَّامَ الْكَثِیرَةَ وَ لَمْ یَتْعَبْ وَ لَمْ یَنَمْ وَ لَمْ یَأْكُلْ وَ لَمْ یَشْرَبْ إِنَّهُ لَرَبُّنَا الَّذِی یَجِبُ عَلَیْنَا أَنْ نَعْبُدَهُ وَ قَالَ قَوْمٌ إِنَّ سُلَیْمَانَ سَاحِرٌ وَ إِنَّهُ یُرِینَا أَنَّهُ وَاقِفٌ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ یَسْحَرُ أَعْیُنَنَا وَ لَیْسَ كَذَلِكَ فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ إِنَّ سُلَیْمَانَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ یُدَبِّرُ اللَّهُ أَمْرَهُ بِمَا شَاءَ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْأَرَضَةَ فَدَبَّتْ فِی عَصَاهُ (3)

فَلَمَّا أَكَلَتْ جَوْفَهَا انْكَسَرَتِ الْعَصَا وَ خَرَّ سُلَیْمَانُ مِنْ قَصْرِهِ عَلَی وَجْهِهِ فَشَكَرَ الْجِنُّ لِلْأَرَضَةِ صَنِیعَهَا(4)

ص: 79


1- 1. فی نسخة:« سرورا» و كذلك فی العلل.
2- 2. فی العلل:« ابصره» و فی العیون: ابصر به.
3- 3. فی المصدر: فی عصا سلیمان.
4- 4. فی العیون: علی صنیعها.

فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا تُوجَدُ الْأَرَضَةُ فِی مَكَانٍ إِلَّا وَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَلَمَّا قَضَیْنا عَلَیْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلی مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ یَعْنِی عَصَاهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ ما لَبِثُوا فِی الْعَذابِ الْمُهِینِ (1) ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ هَكَذَا وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنَّ الْجِنَّ لَوْ كَانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ.

«36»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَهْلٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ سُهَیْلِ بْنِ غَزْوَانَ الْبَصْرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْجِنِّ كَانَ یُقَالُ لَهَا عَفْرَاءُ وَ كَانَتْ تَنْتَابُ (2) النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَسْمَعُ مِنْ كَلَامِهِ فَتَأْتِی صَالِحِی الْجِنِّ فَیُسْلِمُونَ عَلَی یَدَیْهَا وَ إِنَّهَا فَقَدَهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَ عَنْهَا جَبْرَئِیلَ فَقَالَ إِنَّهَا زَارَتْ أُخْتاً لَهَا تُحِبُّهَا فِی اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله طُوبَی لِلْمُتَحَابِّینَ فِی اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ فِی الْجَنَّةِ عَمُوداً مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ عَلَیْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ قَصْرٍ فِی كُلِّ قَصْرٍ سَبْعُونَ أَلْفَ غُرْفَةٍ خَلَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْمُتَحَابِّینَ وَ الْمُتَزَاوِرِینَ فِی اللَّهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَفْرَاءُ أَیُّ شَیْ ءٍ رَأَیْتِ قَالَتْ رَأَیْتُ عَجَائِبَ كَثِیرَةً قَالَ فَأَعْجَبُ مَا رَأَیْتِ قَالَتْ رَأَیْتُ إِبْلِیسَ فِی الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ عَلَی صَخْرَةٍ بَیْضَاءَ مَادّاً یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ إِلَهِی إِذَا بَرَرْتَ قَسَمَكَ وَ أَدْخَلْتَنِی نَارَ جَهَنَّمَ فَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِلَّا خَلَّصْتَنِی مِنْهَا وَ حَشَرْتَنِی مَعَهُمْ فَقُلْتُ یَا حَارِثُ مَا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِی تَدْعُو بِهَا قَالَ لِی رَأَیْتُهَا عَلَی سَاقِ الْعَرْشِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَخْلُقَ اللَّهُ آدَمَ بِسَبْعَةِ آلَافِ سَنَةٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُمْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَنَا أَسْأَلُهُ بِحَقِّهِمْ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ لَوْ أَقْسَمَ أَهْلُ الْأَرْضِ بِهَذِهِ

ص: 80


1- 1. علل الشرائع: 36 عیون أخبار الرضا. 146. و الآیة فی سبأ: 24.
2- 2. فی نسخة:[ یأتی] و كذلك فی الخصال المطبوع.

الْأَسْمَاءِ لَأَجَابَهُمْ (1).

بیان: قال فی القاموس انتابهم انتیابا أتاهم مرة بعد مرة لو أقسم أهل الأرض أی جمیعهم.

«37»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی حِكَایَةً عَنِ الْجِنِ یا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا إِلَی قَوْلِهِ أُولئِكَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ فَهُوَ(2) كُلُّهُ حِكَایَةٌ عَنِ الْجِنِّ وَ كَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآیَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَی سُوقِ عُكَاظٍ وَ مَعَهُ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ یَدْعُو النَّاسَ

إِلَی الْإِسْلَامِ فَلَمْ یُجِبْهُ أَحَدٌ وَ لَمْ یَجِدْ مَنْ یَقْبَلُهُ (3) ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَكَّةَ فَلَمَّا بَلَغَ مَوْضِعاً یُقَالُ لَهُ وَادِی مَجَنَّةَ تَهَجَّدَ بِالْقُرْآنِ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ فَمَرَّ بِهِ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَلَمَّا سَمِعُوا قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ اسْتَمَعُوا لَهُ فَلَمَّا سَمِعُوا قِرَاءَتَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَنْصِتُوا یَعْنِی اسْكُتُوا فَلَمَّا قُضِیَ أَیْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْقِرَاءَةِ وَلَّوْا إِلی قَوْمِهِمْ مُنْذِرِینَ قالُوا یا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسی مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ وَ إِلی طَرِیقٍ مُسْتَقِیمٍ یا قَوْمَنا أَجِیبُوا داعِیَ اللَّهِ وَ آمِنُوا بِهِ إِلَی قَوْلِهِ أُولئِكَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ فَجَاءُوا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ (4) فَأَسْلَمُوا وَ آمَنُوا وَ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ السُّورَةَ كُلَّهَا فَحَكَی اللَّهُ قَوْلَهُمْ وَ وَلَّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْهِمْ مِنْهُمْ وَ كَانُوا یَعُودُونَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی كُلِّ وَقْتٍ فَأَمَرَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنْ یُعَلِّمَهُمْ وَ یُفَقِّهَهُمْ فَمِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ وَ كَافِرُونَ وَ نَاصِبُونَ وَ یَهُودُ وَ نَصَارَی وَ مَجُوسٌ وَ هُمْ وُلْدُ الْجَانِّ وَ سُئِلَ الْعَالِمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَنْ مُؤْمِنِی الْجِنِّ أَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ

ص: 81


1- 1. الخصال 2: 171.
2- 2. فی نسخة:[ فهذا] و هو الموجود فی المصدر.
3- 3. فی المصدر: و لم یجد أحدا یقبله.
4- 4. فی المصدر: فجاءوا الی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یطلبون شرائع الإسلام.

لِلَّهِ حَظَائِرُ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ یَكُونُ فِیهَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ وَ فُسَّاقُ الشِّیعَةِ(1).

«38»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ لَیْثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اسْتِنْجَاءِ الرَّجُلِ بِالْعَظْمِ أَوِ الْبَعْرِ أَوِ الْعُودِ قَالَ أَمَّا الْعَظْمُ وَ الرَّوْثُ فَطَعَامُ الْجِنِّ وَ ذَلِكَ مِمَّا اشْتَرَطُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَا یَصْلُحُ بِشَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ (2).

«39»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا أَحَبَّ أَنْ یَخْلُقَ خَلْقاً بِیَدِهِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا مَضَی لِلْجِنِّ وَ النَّسْنَاسِ فِی الْأَرْضِ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ قَالَ وَ لَمَّا كَانَ مِنْ شَأْنِ اللَّهِ أَنْ یَخْلُقَ آدَمَ لِلَّذِی أَرَادَ مِنَ التَّدْبِیرِ وَ التَّقْدِیرِ لِمَا هُوَ مُكَوِّنُهُ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ عِلْمِهِ لِمَا أَرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَشَطَ عَنْ أَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ انْظُرُوا إِلَی أَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَلْقِی مِنَ الْجِنِّ وَ النَّسْنَاسِ فَلَمَّا رَأَوْا مَا یَعْمَلُونَ فِیهَا مِنَ الْمَعَاصِی وَ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ الْفَسَادِ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَ غَضِبُوا لِلَّهِ وَ أَسِفُوا عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَمْ یَمْلِكُوا غَضَبَهُمْ أَنْ قَالُوا یَا رَبِّ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْقَادِرُ الْجَبَّارُ الْقَاهِرُ الْعَظِیمُ الشَّأْنِ وَ هَذَا خَلْقُكَ الضَّعِیفُ الذَّلِیلُ فِی أَرْضِكَ یَتَقَلَّبُونَ فِی قَبْضَتِكَ وَ یَعِیشُونَ بِرِزْقِكَ وَ یَسْتَمْتِعُونَ (3)

بِعَافِیَتِكَ وَ هُمْ یَعْصُونَكَ بِمِثْلِ هَذِهِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ لَا تَأْسَفُ وَ لَا تَغْضَبُ وَ لَا تَنْتَقِمُ لِنَفْسِكَ لِمَا تَسْمَعُ مِنْهُمْ وَ تَرَی وَ قَدْ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَیْنَا وَ أَكْبَرْنَاهُ

فِیكَ فَلَمَّا سَمِعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً لِی عَلَیْهِمُ فَیَكُونُ حُجَّةً لِی عَلَیْهِمْ فِی أَرْضِی عَلَی خَلْقِی فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ سُبْحَانَكَ

ص: 82


1- 1. تفسیر القمّیّ: 623 و 624.
2- 2. لم نجد الحدیث فی الكافی و الظاهر ان المصنّف و هم فی ذلك و الصحیح[ التهذیب] راجع التهذیب 1: 101( ط 1) و 354( ط 2).
3- 3. فی نسخة: و یتمتعون.

أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ وَ قَالُوا فَاجْعَلْهُ مِنَّا فَإِنَّا لَا نُفْسِدُ فِی الْأَرْضِ وَ لَا نَسْفِكُ الدِّمَاءَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ یَا مَلَائِكَتِی إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَخْلُقَ خَلْقاً بِیَدِی أَجْعَلُ ذُرِّیَّتَهُ أَنْبِیَاءَ مُرْسَلِینَ وَ عِبَاداً صَالِحِینَ وَ أَئِمَّةً مُهْتَدِینَ أَجْعَلُهُمْ خُلَفَائِی عَلَی خَلْقِی فِی أَرْضِی یَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مَعَاصِیَ (1)

وَ یُنْذِرُونَهُمْ عَذَابِی وَ یَهْدُونَهُمْ إِلَی طَاعَتِی وَ یَسْلُكُونَ بِهِمْ طَرِیقَ سَبِیلِی وَ أَجْعَلُهُمْ حُجَّةً لِی عُذْراً أَوْ نُذْراً وَ أُبِینُ النَّسْنَاسَ (2)

مِنْ أَرْضِی فَأُطَهِّرُهَا مِنْهُمْ وَ أَنْقُلُ مَرَدَةَ الْجِنِّ الْعُصَاةَ عَنْ بَرِیَّتِی وَ خَلْقِی وَ خِیَرَتِی وَ أُسْكِنُهُمْ فِی الْهَوَاءِ وَ فِی أَقْطَارِ الْأَرْضِ لَا یُجَاوِرُونَ نَسْلَ خَلْقِی وَ أَجْعَلُ بَیْنَ الْجِنِّ وَ بَیْنَ خَلْقِی حِجَاباً وَ لَا یَرَی نَسْلُ خَلْقِیَ الْجِنَّ وَ لَا یُؤَانِسُونَهُمْ وَ لَا یُخَالِطُونَهُمْ (3)

فَمَنْ عَصَانِی مِنْ نَسْلِ خَلْقِیَ الَّذِینَ اصْطَفَیْتُهُمْ لِنَفْسِی أَسْكَنْتُهُمْ مَسَاكِنَ الْعُصَاةِ وَ أَوْرَدْتُهُمْ مَوَارِدَهُمْ وَ لَا أُبَالِی فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ یَا رَبِّ افْعَلْ مَا شِئْتَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا بِمَا عَلَّمْتَنَا-(4) إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِیمُ الْحَكِیمُ الْخَبَرَ.

أقول: قد مضی تمامه فی باب ما به قوام بدن الإنسان (5).

«40»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ قَالَ أَبُو إِبْلِیسَ وَ قَالَ الْجِنُّ مِنْ وُلْدِ الْجَانِّ مِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ وَ كَافِرُونَ وَ یَهُودُ وَ نَصَارَی وَ یَخْتَلِفُ أَدْیَانُهُمْ وَ الشَّیَاطِینُ مِنْ وُلْدِ إِبْلِیسَ وَ لَیْسَ فِیهِمْ مُؤْمِنُونَ إِلَّا وَاحِدٌ اسْمُهُ هَامُ بْنُ هِیمَ بْنِ لَاقِیسَ بْنِ إِبْلِیسَ جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَآهُ جَسِیماً عَظِیماً وَ امْرَأً مَهُولًا فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا هَامُ بْنُ هِیمَ بْنِ لَاقِیسَ بْنِ إِبْلِیسَ كُنْتُ یَوْمَ قَتْلِ هَابِیلَ غُلَامَ ابْنَ أَعْوَامٍ أَنْهَی عَنِ الِاعْتِصَامِ وَ آمُرُ بِإِفْسَادِ الطَّعَامِ

ص: 83


1- 1. فی المصدر: عن المعاصی.
2- 2. أی اقطع النسناس من ارضی، و فی نسخة:[ أبیر] أی اهلكهم.
3- 3. فی نسخة: و لما یجالسونهم.
4- 4. فی المصدر: ما علمتنا.
5- 5. علل الشرائع 1: 98.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِئْسَ لَعَمْرِی الشَّابُّ الْمُؤَمِّلُ وَ الْكَهْلُ الْمُؤَمِّرُ فَقَالَ دَعْ عَنْكَ هَذَا یَا مُحَمَّدُ فَقَدْ جَرَتْ تَوْبَتِی عَلَی یَدِ نُوحٍ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ فِی السَّفِینَةِ فَعَاتَبْتُهُ عَلَی دُعَائِهِ عَلَی قَوْمِهِ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِیمَ حَیْثُ أُلْقِیَ فِی النَّارِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ بَرْداً وَ سَلَاماً وَ لَقَدْ كُنْتُ

مَعَ مُوسَی حِینَ غَرَّقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ نَجَّی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَ هُودٍ حِینَ دَعَا عَلَی قَوْمِهِ فَعَاتَبْتُهُ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَ صَالِحٍ (1)

فَعَاتَبْتُهُ عَلَی دُعَائِهِ عَلَی قَوْمِهِ وَ لَقَدْ قَرَأْتُ الْكُتُبَ فَكُلُّهَا تُبَشِّرُنِی بِكَ وَ الْأَنْبِیَاءُ یُقْرِءُونَكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُونَ أَنْتَ أَفْضَلُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَكْرَمُهُمْ فَعَلِّمْنِی مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْكَ شَیْئاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلِّمْهُ فَقَالَ هَامُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّا لَا نُطِیعُ إِلَّا نَبِیّاً أَوْ وَصِیَّ نَبِیٍّ فَمَنْ هَذَا قَالَ هَذَا أَخِی وَ وَصِیِّی وَ وَزِیرِی وَ وَارِثِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ نَعَمْ نَجِدُ اسْمَهُ فِی الْكُتُبِ إِلْیَا فَعَلَّمَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَلَمَّا كَانَتْ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ بِصِفِّینَ جَاءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ (2).

«41»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، وَ الْبَصَائِرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِیمَا بَیْنَ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ إِذَا الْتَفَتَ (3) عَنْ یَسَارِهِ فَإِذَا كَلْبٌ أَسْوَدُ فَقَالَ مَا لَكَ قَبَّحَكَ اللَّهُ مَا أَشَدَّ مُسَارَعَتَكَ فَإِذَا هُوَ شَبِیهٌ بِالطَّائِرِ فَقُلْتُ مَا هُوَ(4)

جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ هَذَا عَثْمٌ بَرِیدُ الْجِنِّ مَاتَ هِشَامٌ السَّاعَةَ فَهُوَ یَطِیرُ یَنْعَاهُ (5) فِی كُلِّ بَلْدَةٍ(6).

الكافی، عن محمد بن یحیی عن محمد بن الحسین عن محمد بن إسماعیل: مثله (7).

ص: 84


1- 1. فی المصدر: و لقد قرأت الكتب مع صالح.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 351.
3- 3. فی الدلائل: فالتفت.
4- 4. فی نسخة:[ ما هذا] و فی الدلائل: ما هذا جعلنی اللّٰه فداك.
5- 5. فی نسخة:[ ینعی به] و هو الموجود فی الدلائل.
6- 6. دلائل الإمامة: 132 بصائر الدرجات: 2.
7- 7. فروع الكافی 6: 553( ط آخوندی) فیه:[ أسود بهیم] و فیه:[ ما هذا] و فیه: غثیم.

«42»- الْمَنَاقِبُ لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ، قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: خَدَمَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِیُّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام دَهْراً مِنْ عُمُرِهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ یَنْصَرِفَ إِلَی أَهْلِهِ فَأَتَی عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ شَكَا إِلَیْهِ شِدَّةَ شَوْقِهِ إِلَی وَالِدَیْهِ فَقَالَ یَا أَبَا خَالِدٍ یَقْدَمُ غَداً رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لَهُ قَدْرٌ وَ مَالٌ كَثِیرٌ وَ قَدْ أَصَابَ بِنْتاً لَهُ عَارِضٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ (1) وَ یُرِیدُونَ أَنْ یَطْلُبُوا مُعَالِجاً یُعَالِجُهَا فَإِذَا أَنْتَ سَمِعْتَ قُدُومَهُ فَأْتِهِ وَ قُلْ لَهُ أَنَا أُعَالِجُهَا لَكَ عَلَی أَنْ أَشْتَرِطَ لَكَ أَنِّی أُعَالِجُهَا عَلَی دِیَتِهَا عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَا تَطْمَئِنَّ إِلَیْهِمْ وَ سَیُعْطُونَكَ مَا تَطْلُبُ مِنْهُمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَدِمَ الرَّجُلُ وَ مَنْ مَعَهُ وَ كَانَ مِنْ عُظَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ فِی الْمَالِ وَ الْمَقْدُرَةِ فَقَالَ أَ مَا مِنْ مُعَالِجٍ یُعَالِجُ بِنْتَ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ أَبُو خَالِدٍ أَنَا أُعَالِجُهَا عَلَی عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِنْ أَنْتُمْ وَفَیْتُمْ وَفَیْتُ لَكُمْ عَلَی أَنْ لَا یَعُودَ إِلَیْهَا أَبَداً فَشَرَطُوا أَنْ یُعْطُوهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَقْبَلَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ إِنِّی أَعْلَمُ أَنَّهُمْ سَیَغْدِرُونَ بِكَ وَ لَا یَفُونَ لَكَ انْطَلِقْ یَا أَبَا خَالِدٍ فَخُذْ بِأُذُنِ الْجَارِیَةِ الْیُسْرَی ثُمَّ قُلْ یَا خَبِیثُ یَقُولُ لَكَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ اخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْجَارِیَةِ وَ لَا تَعُدْ فَفَعَلَ أَبُو خَالِدٍ مَا أَمَرَهُ وَ خَرَجَ مِنْهَا فَأَفَاقَتِ الْجَارِیَةُ وَ طَلَبَ أَبُو خَالِدٍ الَّذِی شَرَطُوا لَهُ فَلَمْ یُعْطُوهُ فَرَجَعَ مُغْتَمّاً كَئِیباً فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ مَا لِی أَرَاكَ كَئِیباً یَا أَبَا خَالِدٍ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُمْ یَغْدِرُونَ بِكَ دَعْهُمْ فَإِنَّهُمْ سَیَعُودُونَ إِلَیْكَ فَإِذَا لَقُوكَ فَقُلْ لَسْتُ أُعَالِجُهَا حَتَّی تَضَعُوا الْمَالَ عَلَی یَدَیْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ (2) فَعَادُوا إِلَی أَبِی خَالِدٍ یَلْتَمِسُونَ مُدَاوَاتَهَا فَقَالَ لَهُمْ إِنِّی لَا أُعَالِجُهَا حَتَّی تَضَعُوا الْمَالَ عَلَی یَدَیْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنَّهُ لِی وَ لَكُمْ ثِقَةٌ فَرَضُوا وَ وَضَعُوا الْمَالَ عَلَی

ص: 85


1- 1. فی الخرائج: قد اصابها عارض من الجن.
2- 2. فی المصدر:[ علی یدی علیّ بن الحسین فانه لی و لكم ثقة( فاصیبت الجاریة و عادوا إلیه و قال: ما امره به فرضوا) و وضعوا المال علی یدی علیّ بن الحسین فرجع] و الظاهر أنّه مصحف لان الظاهر ان ابن شهرآشوب اخرج الحدیث من رجال الكشّیّ و ألفاظه یوافق المتن.

یَدَیْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَرَجَعَ أَبُو خَالِدٍ إِلَی الْجَارِیَةِ فَأَخَذَ بِأُذُنِهَا الْیُسْرَی ثُمَّ قَالَ یَا خَبِیثُ یَقُولُ لَكَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام اخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْجَارِیَةِ وَ لَا تَعْرِضْ لَهَا إِلَّا بِسَبِیلِ خَیْرٍ فَإِنَّكَ إِنْ عُدْتَ أَحْرَقْتُكَ بِنَارِ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِی تَطَّلِعُ عَلَی الْأَفْئِدَةِ فَخَرَجَ مِنْهَا وَ دَفَعَ الْمَالَ إِلَی أَبِی خَالِدٍ فَخَرَجَ إِلَی بِلَادِهِ (1).

الخرائج، عن أبی الصباح الكنانی عنه علیه السلام: مثله (2)

الكشی، وجدت بخط جبرئیل بن أحمد عن محمد بن عبد اللّٰه بن مهران عن محمد بن علی عن علی بن محمد عن الحسن بن علی عن أبیه عن الكنانی: مثله (3).

«43»- الْإِرْشَادُ، لِلْمُفِیدِ وَ إِعْلَامُ الْوَرَی، جَاءَ فِی الْآثَارِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (4)

قَالَ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی بَنِی الْمُصْطَلِقِ جَنَبَ عَنِ الطَّرِیقِ وَ أَدْرَكَهُ اللَّیْلُ فَنَزَلَ بِقُرْبِ وَادٍ وَعِرٍ(5)

فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّیْلِ هَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ یُخْبِرُهُ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ كُفَّارِ الْجِنِّ قَدِ اسْتَبْطَنُوا الْوَادِیَ یُرِیدُونَ كَیْدَهُ علیه السلام وَ إِیقَاعَ الشَّرِّ بِأَصْحَابِهِ عِنْدَ سُلُوكِهِمْ إِیَّاهُ فَدَعَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَی هَذَا الْوَادِی فَسَیَعْرِضُ لَكَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْجِنِّ مَنْ یُرِیدُكَ فَادْفَعْهُ بِالْقُوَّةِ الَّتِی أَعْطَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِیَّاهَا وَ تَحَصَّنْ مِنْهُمْ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ الَّتِی خَصَّكَ بِعِلْمِهَا(6)

وَ أَنْفَذَ مَعَهُ مِائَةَ رَجُلٍ مِنْ أَخْلَاطِ النَّاسِ وَ قَالَ

ص: 86


1- 1. مناقب آل أبی طالب 3: 386.
2- 2. الخرائج و الجرائح: 195 فیه اختلافات لفظیة كثیرة راجعه.
3- 3. رجال الكشّیّ: 81( ط 1) و 112 و 113( ط 2) فیه:[ و لم یعد إلیها] و الفاظه یوافق ما فی الصلب.
4- 4. رواه المفید عن محمّد بن أبی السری التمیمیّ عن أحمد بن الفرج عن الحسن ابن موسی النهدی عن أبیه عن وبرة بن الحارث عن ابن عبّاس.
5- 5. الوعر: الصعب وزنا و معنی.
6- 6. فی الإرشاد و إعلام الوری: خصك بها و بعلمها.

لَهُمْ كُونُوا مَعَهُ وَ امْتَثِلُوا أَمْرَهُ فَتَوَجَّهَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الْوَادِی فَلَمَّا قَرُبَ (1) شَفِیرَهُ أَمَرَ الْمِائَةَ الَّذِینَ صَحِبُوهُ أَنْ یَقِفُوا بِقُرْبِ الشَّفِیرِ وَ لَا یُحْدِثُوا شَیْئاً حَتَّی یَأْذَنَ لَهُمْ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَوَقَفَ عَلَی شَفِیرِ الْوَادِی وَ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ أَعْدَائِهِ وَ سَمَّی اللَّهَ تَعَالَی بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ وَ أَوْمَأَ إِلَی الْقَوْمِ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُ أَنْ یَقْرُبُوا مِنْهُ فَقَرُبُوا وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ فُرْجَةٌ مَسَافَتُهَا غَلْوَةٌ(2) ثُمَّ رَامَ الْهُبُوطَ إِلَی الْوَادِی فَاعْتَرَضَتْ رِیحٌ عَاصِفٌ كَادَ الْقَوْمُ یَقَعُونَ عَلَی وُجُوهِهِمْ لِشِدَّتِهَا وَ لَمْ تَثْبُتْ أَقْدَامُهُمْ عَلَی الْأَرْضِ مِنْ هَوْلِ الْخَصْمِ وَ مِنْ هَوْلِ مَا لَحِقَهُمْ (3)

فَصَاحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنُ عَمِّهِ اثْبُتُوا إِنْ شِئْتُمْ وَ ظَهَرَ لِلْقَوْمِ أَشْخَاصٌ عَلَی صُوَرِ الزُّطِّ یُخَیَّلُ (4)

فِی أَیْدِیهِمْ شُعَلُ النَّارِ قَدِ اطْمَأَنُّوا بِجَنَبَاتِ الْوَادِی فَتَوَغَّلَ (5) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَطْنَ الْوَادِی وَ هُوَ یَتْلُو الْقُرْآنَ وَ یُومِئُ بِسَیْفِهِ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَمَا لَبِثَ الْأَشْخَاصُ حَتَّی صَارَتْ كَالدُّخَانِ الْأَسْوَدِ وَ كَبَّرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ صَعِدَ مِنْ حَیْثُ انْهَبَطَ فَقَامَ مَعَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُ حَتَّی أَسْفَرَ الْمَوْضِعُ عَمَّا اعْتَرَاهُ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا لَقِیتَ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَلَقَدْ كِدْنَا(6) أَنْ نَهْلِكَ خَوْفاً وَ إِشْفَاقاً(7) عَلَیْكَ أَكْثَرَ مِمَّا لَحِقَنَا فَقَالَ علیه السلام لَهُمْ إِنَّهُ لَمَّا تَرَاءَی لِیَ الْعَدُوُّ وَ جَهَرْتُ فِیهِمْ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ فَتَضَاءَلُوا(8)

وَ عَلِمْتُ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ فَتَوَغَّلْتُ الْوَادِیَ

ص: 87


1- 1. فی نسخة: فلما قارب.
2- 2. الغلوة: رمیة سهم ابعد ما تقدر علیه.
3- 3. فی الاعلام: علی الأرض من هول ما لحقهم.
4- 4. فی الاعلام: تخیل.
5- 5. توغل فی البلاد: ذهب و أبعد.
6- 6. فی نسخة من الكتاب و فی إعلام الوری: فقد كدنا.
7- 7. فی إعلام الوری: و اشفاقا علیه فقال.
8- 8. أی فتصاغروا.

غَیْرَ خَائِفٍ مِنْهُمْ وَ لَوْ بَقُوا عَلَی هَیْئَتِهِمْ لَأَتَیْتُ عَلَی آخِرِهِمْ وَ قَدْ كَفَی اللَّهُ كَیْدَهُمْ وَ كَفَی الْمُسْلِمِینَ شَرَّهُمْ وَ سَیَسْبِقُنِی بَقِیَّتُهُمْ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَیُؤْمِنُونَ بِهِ وَ انْصَرَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِمَنْ مَعَهُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَسُرِّیَ عَنْهُ وَ دَعَا لَهُ بِخَیْرٍ وَ قَالَ لَهُ قَدْ سَبَقَكَ یَا عَلِیُّ إِلَیَّ مَنْ أَخَافَهُ اللَّهُ بِكَ فَأَسْلَمَ وَ قَبِلْتُ إِسْلَامَهُ (1).

«44»- الْإِرْشَادُ،: وَ هَذَا الْحَدِیثُ رَوَتْهُ الْعَامَّةُ كَمَا رَوَتْهُ الْخَاصَّةُ وَ لَمْ یَتَنَاكَرُوا شَیْئاً مِنْهُ وَ الْمُعْتَزِلَةُ لِمَیْلِهَا إِلَی مَذْهَبِ الْبَرَاهِمَةِ تَدْفَعُهُ وَ لِبُعْدِهَا عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَخْبَارِ تُنْكِرُهُ وَ هِیَ سَالِكَةٌ فِی ذَلِكَ طَرِیقَ الزَّنَادِقَةِ فِیمَا طَعَنَتْ بِهِ فِی الْقُرْآنِ وَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ أَخْبَارِ الْجِنِّ وَ إِیمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَا قَصَّ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ نَبَئِهِمْ فِی الْقُرْآنِ فِی سُورَةِ الْجِنِّ وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً إِلَی آخِرِ مَا تَضَمَّنَهُ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فِی هَذِهِ السُّورَةِ وَ إِذَا بَطَلَ اعْتِرَاضُ الزَّنَادِقَةِ(2)

فِی ذَلِكَ مَعَ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ وَ الْأُعْجُوبَةِ الْبَاهِرَةِ فِیهِ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ ظُهُورَ

بُطْلَانِ طُعُونِ الْمُعْتَزِلَةِ فِی الْخَبَرِ الَّذِی رَوَیْنَاهُ لِعَدَمِ اسْتِحَالَةِ مَضْمُونِهِ فِی الْعُقُولِ وَ فِی مَجِیئِهِ مِنْ طَرِیقَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ وَ بِرِوَایَةِ فَرِیقَیْنِ مُتَبَایِنَیْنِ بُرْهَانُ صِحَّتِهِ وَ لَیْسَ فِی إِنْكَارِ مَنْ عَدَلَ عَنِ الْإِنْصَافِ فِی النَّظَرِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَ الْمُجَبِّرَةِ قَدْحٌ فِیمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَیْهِ كَمَا أَنَّهُ لَیْسَ فِی جَحْدِ الْمَلَاحِدَةِ وَ أَصْنَافِ الزَّنَادِقَةِ وَ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی وَ الْمَجُوسِ وَ الصَّابِئِینَ مَا جَاءَ فِی صِحَّتِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ بِمُعْجِزَاتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَ حَنِینِ الْجِذْعِ وَ تَسْبِیحِ الْحَصَی فِی كَفِّهِ وَ شَكْوَی الْبَعِیرِ وَ كَلَامِ الذِّرَاعِ وَ مَجِی ءِ الشَّجَرَةِ وَ خُرُوجِ الْمَاءِ مِنْ بَیْنِ أَصَابِعِهِ علیه السلام فِی الْمِیضَاةِ(3) وَ إِطْعَامِ الْخَلْقِ الْكَثِیرِ مِنَ الطَّعَامِ الْقَلِیلِ قَدْحٌ فِی صِحَّتِهَا وَ صِدْقِ رُوَاتِهَا وَ ثُبُوتِ الْحُجَّةِ بِهَا وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَا زَالَ أَجِدُ الْجَاهِلَ مِنَ النَّاصِبَةِ وَ الْمُعَانِدِ یُظْهِرُ التَّعَجُّبَ مِنَ الْخَبَرِ بِمُلَاقَاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْجِنَّ وَ كَفِّهِ شَرَّهُمْ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابِهِ وَ

ص: 88


1- 1. إرشاد المفید: 181( ط 1) و 160( ط آخوندی) إعلام الوری 182.
2- 2. فی المصدر زیادة: بتجویز العقول وجود الجن و إمكان تكلیفهم و ثبوت ذلك.
3- 3. المیضاة بالقصر و كسر المیم و قد تمد: مطهرة كبیرة یتوضأ منها.

یَتَضَاحَكُ لِذَلِكَ وَ یَنْسُبُ الرِّوَایَةَ إِلَی الْخِرَافَاتِ الْبَاطِلَةِ وَ یَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ فِی الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ بِسِوَی ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ علیه السلام وَ یَقُولُ إِنَّهَا مِنْ مَوْضُوعَاتِ الشِّیعَةِ وَ تَخَرُّصِ مَنِ افْتَرَاهُ مِنْهُمْ لِلتَّكَسُّبِ بِذَلِكَ أَوِ التَّعَصُّبِ وَ هَذَا بِعَیْنِهِ مَقَالُ الزَّنَادِقَةِ وَ كَافَّةِ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ فِیمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ خَبَرِ الْجِنِّ وَ إِسْلَامِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ (1) إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً إِلَی آخِرِهِ وَ فِیمَا ثَبَتَ بِهِ الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِی قِصَّةِ لَیْلَةِ الْجِنِّ وَ مُشَاهَدَتِهِ لَهُمْ كَالزُّطِّ وَ فِی غَیْرِ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهُمْ یُظْهِرُونَ التَّعَجُّبَ مِنْ جَمِیعِ ذَلِكَ وَ یَتَضَاحَكُونَ عِنْدَ سِمَاعِ الْخَبَرِ بِهِ وَ الِاحْتِجَاجِ بِصِحَّتِهِ وَ یَسْتَهْزِءُونَ وَ یَلْغَطُونَ فِیمَا یُسْرِفُونَ بِهِ مِنْ سَبِّ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ (2)

وَ نِسْبَتِهِمْ إِیَّاهُمْ إِلَی الْعَجْزِ وَ الْجَهْلِ وَ وَضْعِ الْأَبَاطِیلِ (3) إِلَی آخِرِ مَا أَفَادَهُ قُدِّسَ سِرُّهُ.

بیان: الشفیر ناحیة الوادی و غلوة السهم مرماه و توغل فی الوادی ذهب و بالغ و أبعد و تضاءل تصاغر و انسری الهم عنی و سری انكشف كل ذلك ذكره الفیروزآبادی.

«45»- كِتَابُ الدَّلَائِلِ لِلطَّبَرِیِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَازِنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ التَّمِیمِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جِیرَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْبُهْلُولِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِلَی مَكَّةَ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ مَوَالِیهِ وَ نَاسٍ مِنْ سِوَاهُمْ فَلَمَّا بَلَغَ عُسْفَانَ ضَرَبَ مَوَالِیهِ فُسْطَاطَهُ فِی مَوْضِعٍ مِنْهَا فَلَمَّا دَنَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَالَ لِمَوَالِیهِ كَیْفَ ضَرَبْتُمْ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ وَ هَذَا مَوْضِعُ قَوْمٍ مِنَ الْجِنِّ هُمْ لَنَا أَوْلِیَاءُ وَ لَنَا شِیعَةٌ وَ ذَلِكَ یُضِرُّ بِهِمْ وَ یُضَیِّقُ عَلَیْهِمْ (4)

ص: 89


1- 1. فی المصدر: و قوله.
2- 2. زاد فی المصدر: و استحماق معتقدیه و الناصرین لهم.
3- 3. إرشاد المفید 182- 184 و 161- 163( آخوندی).
4- 4. قوله: و هذا موضع إلی هنا، یوافق نسخة امان الاخطار و اما الدلائل فموجود فیه هكذا:[ انه موضع فیه اولیاؤنا من الجن و لنا شیعة و قد ضیقتم مضربهم علیهم فقالوا] و فی النجوم: و فیه قوم من الجن و هم اولیاء لنا و شیعة و قد اضررنا بهم و ضیقنا علیهم فقالوا.

فَقُلْنَا(1)

مَا عَلِمْنَا ذَلِكَ وَ عَزَمُوا(2) إِلَی قَلْعِ الْفُسْطَاطِ وَ إِذَا هَاتِفٌ یُسْمَعُ صَوْتُهُ وَ لَا یُرَی شَخْصُهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَا تُحَوِّلْ فُسْطَاطَكَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَإِنَّا نَحْتَمِلُ لَكَ ذَلِكَ وَ هَذَا ألطف (3) [لُطْفٌ] قَدْ أَهْدَیْنَاهُ إِلَیْكَ وَ نُحِبُّ أَنْ تَنَالَ مِنْهُ لِنَتَشَرَّفَ (4)

بِذَلِكَ فَإِذَا جَانِبُ الْفُسْطَاطِ طَبَقٌ عَظِیمٌ وَ أَطْبَاقٌ مَعَهُ فِیهَا عِنَبٌ وَ رُمَّانٌ وَ مَوْزٌ وَ فَاكِهَةٌ كَثِیرَةٌ فَدَعَا أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام مَنْ كَانَ مَعَهُ فَأَكَلَ وَ أَكَلُوا مِنْ تِلْكَ الْفَاكِهَةِ(5).

أمان الأخطار، نقلا من كتاب الدلائل مرسلا: مثله (6)

النجوم، روینا بإسنادنا إلی سعید بن هبة اللّٰه الراوندی یرفعه إلی علی بن الحسین علیه السلام: و ذكر مثله (7)

بیان: یدل علی جواز التصرف فیما أتی به الجن كما یقتضیه الأصل.

«46»- عُیُونُ الْمُعْجِزَاتِ، لِلسَّیِّدِ الْمُرْتَضَی (8) مِنْ كِتَابِ الْأَنْوَارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَوَیْهِ (9)

عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَلِیٍّ الدِّمَشْقِیِّ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الزَّبَالِیِ (10)

عَنْ زَاذَانَ

ص: 90


1- 1. فی المصادر: فقالوا.
2- 2. فی نسخة من الكتاب و امان الاخطار: و عمدوا.
3- 3. فی نسخة؛[ لطف] و فی الدلائل:[ الطبق] و فی امان الاخطار:[ اللطف] و فی النجوم، شی ء بعثنا به إلیك فنظروا و إذا بجانب الفسطاط طبق عظیم و فیه اطباق من عنب و رطب و رمان و فواكه كثیرة من الموز و غیره فدعا علیّ بن الحسین علیه السلام رجلا معه و استحضر الناس فاكلوا و ارتحلنا.
4- 4. فی نسخة:[ لنستر] و فی الدلائل:[ لنتشرف فإذا بجانب] و فی امان الاخطار: لنستر بذلك فإذا فی جانب.
5- 5. دلائل الإمامة: 93.
6- 6. امان الاخطار: 124.
7- 7. فرج المهموم. 228.
8- 8. بل الصحیح انه للشیخ حسین بن عبد الوهاب المعاصر للمرتضی و الرضی.
9- 9. فی المصدر: عبد ربّه.
10- 10. فی نسخة:[ الزیاتی] و فی المصدر: الرمانی.

عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ جَالِساً بِالْأَبْطَحِ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَیْنَا بِالْحَدِیثِ إِذْ نَظَرْنَا إِلَی زَوْبَعَةٍ(1) قَدِ ارْتَفَعَتْ فَأَثَارَتِ الْغُبَارَ وَ مَا زَالَتْ تَدْنُو وَ الْغُبَارُ یَعْلُو إِلَی أَنْ وَقَفَ بِحِذَاءِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ بَرَزَ مِنْهَا شَخْصٌ كَانَ فِیهَا ثُمَّ

قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی وَافِدُ قَوْمِی اسْتَجَرْنَا بِكَ فَأَجِرْنَا وَ ابْعَثْ مَعِی مِنْ قِبَلِكَ مَنْ یُشْرِفُ عَلَی قَوْمِنَا فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ بَغَی عَلَیْنَا لِیَحْكُمَ (2) بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ كِتَابِهِ وَ خُذْ عَلَیَّ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِیقَ الْمُؤَكَّدَةَ أَنْ أَرُدَّهُ إِلَیْكَ سَالِماً فِی غَدَاةِ غَدٍ إِلَّا أَنْ تَحْدُثَ عَلَیَّ حَادِثَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَنْتَ وَ مَنْ قَوْمُكَ قَالَ أَنَا عُرْفُطَةُ بْنُ شِمْرَاخٍ (3)

أَحَدُ بَنِی نَجَاحٍ وَ أَنَا وَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِی كُنَّا نَسْتَرِقُ السَّمْعَ فَلَمَّا مُنِعْنَا مِنْ ذَلِكَ آمَنَّا وَ لَمَّا بَعَثَكَ اللَّهُ نَبِیّاً آمَنَّا بِكَ عَلَی مَا عَلِمْتُهُ وَ قَدْ صَدَّقْنَاكَ وَ قَدْ خَالَفَنَا بَعْضَ الْقَوْمِ وَ أَقَامُوا عَلَی مَا كَانُوا عَلَیْهِ فَوَقَعَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمُ الْخِلَافُ وَ هُمْ أَكْثَرُ مِنَّا عَدَداً وَ قُوَّةً وَ قَدْ غَلَبُوا عَلَی الْمَاءِ وَ الْمَرَاعِی وَ أَضَرُّوا بِنَا وَ بِدَوَابِّنَا فَابْعَثْ مَعِی مَنْ یَحْكُمُ بَیْنَنَا بِالْحَقِّ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاكْشِفْ لَنَا عَنْ وَجْهِكَ حَتَّی نَرَاكَ عَلَی هَیْئَتِكَ الَّتِی أَنْتَ عَلَیْهَا قَالَ فَكَشَفَ لَنَا عَنْ صُورَتِهِ فَنَظَرْنَا فَإِذَا شَخْصٌ عَلَیْهِ شَعْرٌ كَثِیرٌ وَ إِذَا رَأْسُهُ طَوِیلٌ طَوِیلُ الْعَیْنَیْنِ عَیْنَاهُ فِی طُولِ رَأْسِهِ صَغِیرُ الْحَدَقَتَیْنِ وَ لَهُ أَسْنَانٌ كَأَنَّهَا أَسْنَانُ السِّبَاعِ ثُمَّ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَ عَلَیْهِ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ عَلَی أَنْ یَرُدَّ عَلَیْهِ فِی غَدٍ مَنْ یَبْعَثُ بِهِ مَعَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ الْتَفَتَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ صِرْ مَعَ أَخِینَا عُرْفُطَةَ(4)

وَ انْظُرْ إِلَی مَا هُمْ عَلَیْهِ وَ احْكُمْ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَیْنَ هُمْ قَالَ هُمْ تَحْتَ

ص: 91


1- 1. الزوبعة: هیجان الریاح و تصاعدها الی السماء.
2- 2. فی المصدر: فیحكم.
3- 3. فی المصدر: غطرفة بن شمراخ.
4- 4. فی المصدر: غطرفة.

الْأَرْضِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَكَیْفَ أُطِیقُ النُّزُولَ تَحْتَ الْأَرْضِ وَ كَیْفَ أَحْكُمُ بَیْنَهُمْ وَ لَا أُحْسِنُ (1) كَلَامَهُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لِأَبِی بَكْرٍ فَأَجَابَ مِثْلَ جَوَابِ أَبِی بَكْرٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی عُثْمَانَ وَ قَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُمَا فَأَجَابَهُ كَجَوَابِهِمَا ثُمَّ اسْتَدْعَی بِعَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ صِرْ مَعَ أَخِینَا عُرْفُطَةَ(2)

وَ تُشْرِفُ عَلَی قَوْمِهِ وَ تَنْظُرُ إِلَی مَا هُمْ عَلَیْهِ وَ تَحْكُمُ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَقَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَعَ عُرْفُطَةَ وَ قَدْ تَقَلَّدَ سَیْفَهُ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَتَبِعْتُهُمَا إِلَی أَنْ صَارَا إِلَی الْوَادِی فَلَمَّا تَوَسَّطَا نَظَرَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ قَدْ شَكَرَ اللَّهُ تَعَالَی سَعْیَكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَارْجِعْ فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إِلَیْهِمَا فَانْشَقَّتِ الْأَرْضُ وَ دَخَلَا فِیهَا وَ عُدْتُ إِلَی مَا كُنْتُ (3)

وَ رَجَعْتُ وَ تَدَاخَلَنِی مِنَ الْحَسْرَةِ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ كُلُّ ذَلِكَ إِشْفَاقاً عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَصْبَحَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَلَّی بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ وَ جَاءَ وَ جَلَسَ عَلَی الصَّفَا وَ حَفَّ بِهِ أَصْحَابُهُ وَ تَأَخَّرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَ أَكْثَرَ الْكَلَامَ إِلَی أَنْ زَالَتِ الشَّمْسُ وَ قَالُوا إِنَّ الْجِنِّیَّ احْتَالَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَرَاحَنَا اللَّهُ مِنْ أَبِی تُرَابٍ وَ ذَهَبَ عَنَّا افْتِخَارُهُ بِابْنِ عَمِّهِ عَلَیْنَا وَ أَكْثَرُوا الْكَلَامَ إِلَی أَنْ صَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ الْأُولَی وَ عَادَ إِلَی مَكَانِهِ وَ جَلَسَ عَلَی الصَّفَا وَ مَا زَالَ مَعَ أَصْحَابِهِ بِالْحَدِیثِ إِلَی أَنْ وَجَبَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَ أَكْثَرُوا الْقَوْمُ الْكَلَامَ وَ أَظْهَرُوا الْیَأْسَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَصَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ الْعَصْرِ وَ جَاءَ وَ جَلَسَ عَلَی الصَّفَا وَ أَظْهَرَ الْفِكْرَ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ظَهَرَتْ شَمَاتَةُ الْمُنَافِقِینَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ فَتَیَقَّنَ الْقَوْمُ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ إِذَا وَ قَدِ انْشَقَّ الصَّفَا وَ طَلَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مِنْهُ وَ سَیْفُهُ یَقْطُرُ دَماً وَ مَعَهُ عُرْفُطَةُ(4)

ص: 92


1- 1. فی نسخة: و لا احس كلامهم.
2- 2. فی المصدر: غطرفة.
3- 3. فی المصدر: و عادت الی ما كانت.
4- 4. فی المصدر: غطرفة.

فَقَامَ إِلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ جَبِینَهُ وَ قَالَ لَهُ مَا الَّذِی حَبَسَكَ عَنِّی إِلَی هَذَا الْوَقْتِ قَالَ علیه السلام صِرْتُ إِلَی جِنٍّ كَثِیرٍ قَدْ بَغَوْا إِلَی عُرْفُطَةَ(1) وَ قَوْمِهِ مِنَ الْمُنَافِقِینَ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَی ثَلَاثِ خِصَالٍ فَأَبَوْا عَلَیَّ وَ ذَلِكَ أَنِّی دَعَوْتُهُمْ إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَی وَ الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِكَ وَ رِسَالَتِكَ فَأَبَوْا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَی أَدَاءِ الْجِزْیَةِ فَأَبَوْا فَسَأَلْتُهُمْ أَنْ یُصَالِحُوا عُرْفُطَةَ(2)

وَ قَوْمَهُ فَیَكُونَ بَعْضُ الْمَرْعَی لِعَرْفَطَةَ(3)

وَ قَوْمِهِ وَ كَذَلِكَ الْمَاءُ فَأَبَوْا ذَلِكَ كُلَّهُ فَوَضَعْتُ سَیْفِی فِیهِمْ وَ قَتَلْتُ مِنْهُمْ ثَمَانِینَ أَلْفاً(4)

فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی مَا حَلَّ بِهِمْ طَلَبُوا الْأَمَانَ وَ الصُّلْحَ ثُمَّ آمَنُوا وَ صَارُوا إِخْوَاناً(5) وَ زَالَ الْخِلَافُ وَ مَا زِلْتُ مَعَهُمْ إِلَی السَّاعَةِ فَقَالَ عُرْفُطَةُ(6)

یَا رَسُولَ اللَّهِ جَزَاكَ اللَّهُ وَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنَّا خَیْراً(7).

«47»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی جَمِیعاً عَنِ الْوَشَّاءِ عَنِ ابْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ مِنْ بَیْتٍ فِیهِ حَمَامٌ إِلَّا لَمْ یُصِبْ أَهْلَ ذَلِكَ الْبَیْتِ آفَةٌ مِنَ الْجِنِّ إِنَّ سُفَهَاءَ الْجِنِّ یَعْبَثُونَ فِی الْبَیْتِ فَیَعْبَثُونَ بِالْحَمَامِ وَ یَدَعُونَ الْإِنْسَانَ (8).

«48»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: الْكِلَابُ السُّودُ البهم [الْبَهِیمُ] مِنَ الْجِنِ (9).

ص: 93


1- 1. فی المصدر: غطرفة.
2- 2. فی المصدر: غطرفة.
3- 3. فی المصدر: غطرفة.
4- 4. فی المصدر: زهاء ثمانین الفا.
5- 5. فی نسخة: اعوانا.
6- 6. فی المصدر: غطرفة.
7- 7. عیون المعجزات: 37- 39.
8- 8. فروع الكافی 6: 546( ط آخوندی) فیه:[ و یتركون الإنسان] و نقل فی الهامش عن بعض النسخ: یدعون الإنسان.
9- 9. فروع الكافی 6: 552: البهیم من الجن.

«49»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مِسْمَعٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْكِلَابُ مِنْ ضَعَفَةِ الْجِنِّ فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً(1) وَ شَیْ ءٌ مِنْهَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَلْیُطْعِمْهُ أَوْ لِیَطْرُدْهُ فَإِنَّ لَهَا أَنْفُسَ سَوْءٍ(2).

«50»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ الْكِلَابِ فَقَالَ كُلُّ أَسْوَدَ بَهِیمٍ وَ كُلُّ أَحْمَرَ بَهِیمٍ وَ كُلُّ أَبْیَضَ بَهِیمٍ فَذَلِكَ (3) خَلْقٌ مِنَ الْكِلَابِ مِنَ الْجِنِّ وَ مَا كَانَ أَبْلَقَ فَهُوَ مَسْخٌ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ (4).

بیان: یحتمل أن یكون المعنی أن أصل خلق الكلب من الجن لما سیأتی أنه خلق من بزاق إبلیس أو أنه فی الصفات شبیه بهم أو أن الجن یتصور بصورتهم أو أنه لما كان الكلب من المسوخ فبعضهم مسخوا من الإنس و بعضهم من الجن.

«51»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ أَنْوَارٍ(5) وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ نَارٍ وَ خَلَقَ الْجِنَّ صِنْفاً مِنَ الْجَانِّ مِنَ الرِّیحِ وَ خَلَقَ الْجِنَّ صِنْفاً مِنَ الْجِنِّ مِنَ الْمَاءِ(6).

أقول: تمامه فی باب قوام بدن الإنسان.

«52»- تَقْرِیبُ الْمَعَارِف، لِأَبِی الصَّلَاحِ الْحَلَبِیِّ نَقْلًا مِنْ تَارِیخِ الْوَاقِدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ أَتَی حُذَیْفَةُ وَ هُوَ بِالْمَدَائِنِ فَقِیلَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقِیتُ رَجُلًا آنِفاً عَلَی الْجِسْرِ فَحَدَّثَنِی أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ قَالَ هَلْ تَعْرِفُ الرَّجُلَ قُلْتُ أَظُنُّنِی أَعْرِفُهُ وَ مَا أُثَبِّتُهُ قَالَ حُذَیْفَةُ إِنَّ ذَلِكَ عَیْثَمُ الْجِنِّیُّ وَ هُوَ الَّذِی یَسِیرُ بِالْأَخْبَارِ

ص: 94


1- 1. فی المصدر: الطعام.
2- 2. فروع الكافی 6: 553.
3- 3. فی نسخة: فلذا.
4- 4. فروع الكافی 6: 553.
5- 5. فی نسخة:[ من نور] و فی المصدر: من النور و خلق الجان من النار.
6- 6. الاختصاص: 109.

فَحَفِظُوا ذَلِكَ الْیَوْمَ وَ وَجَدُوهُ (1) قُتِلَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ (2).

«53»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: الْعِلَّةُ فِی الْجِنِّ أَنَّهُمْ لَا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنَ النَّارِ وَ الْجَنَّةُ هِیَ نُورٌ فَلَا تَجْتَمِعُ النَّارُ وَ النُّورُ وَ سُئِلَ الْعَالِمُ علیه السلام فَقِیلَ لَهُ فَإِذَا لَمْ یَدْخُلُوا الْجَنَّةَ فَأَیْنَ یَكُونُونَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ حَظَائِرَ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ یَكُونُونَ فِیهَا مُؤْمِنُو الْجِنِ (3)

وَ فُسَّاقُ الشِّیعَةِ(4).

«54»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ قَالَ وَ خَلَقَ الْجَانَّ وَ هُوَ أَبُو الْجِنِّ وَ أَنْوَاعَ الطُّیُورِ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ(5).

«55»- الْإِحْتِجَاجُ، مُرْسَلًا عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی أَجْوِبَتِهِ عَنْ مَسَائِلَ طَاوُسٍ الْیَمَانِیِّ قَالَ: فَلِمَ سُمِّیَ الْجِنُّ جِنّاً قَالَ لِأَنَّهُمُ اسْتَجَنُّوا فَلَمْ یُرَوْا(6).

«56»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ،: قِیلَ لَهُ لَمْ یَكُنْ إِبْلِیسُ مَلَكاً قَالَ لَا بَلْ كَانَ مِنَ الْجِنِّ أَ مَا تَسْمَعَانِ اللَّهَ یَقُولُ وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ وَ هُوَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (7).

«57»- تَفْسِیرُ الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ مُعَنْعَناً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: هَبَطَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی مَنْزِلِ أُمِ

ص: 95


1- 1. فی نسخة: فوجدوه.
2- 2. تقریب المعارف: مخطوط لم نجد نسخته.
3- 3. فی نسخة: و یكونون فیها مؤمنی الجن.
4- 4. العلل: مخطوط لم نظفر بنسخته.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 298 فیه: و هو أبو الجن فی یوم السبت و خلق الطیر فی یوم الاربعاء.
6- 6. الاحتجاج: 179.
7- 7. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام: 194 فیه:[ قالا: قلنا له: فعلی هذا لم یكن] و فیه:[ اما تسمعان ان اللّٰه] و فیه:[ كان من الجن فاخبر انه كان من الجن و هو] و الآیة الأولی فی البقرة: 24 و الثانیة فی الحجر: 27.

سَلَمَةَ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ مِلْؤُ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ(1) یُجَادِلُونَ فِی شَیْ ءٍ حَتَّی كَثُرَ بَیْنَهُمُ الْجِدَالُ فِیهِ وَ هُمْ (2)

مِنَ الْجِنِّ مِنْ قَوْمِ إِبْلِیسَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الْمَلَائِكَةِ قَدْ كَثُرَ جِدَالُكُمْ فَتَرَاضَوْا بِحَكَمٍ مِنَ الْآدَمِیِّینَ یَحْكُمُ بَیْنَكُمْ قَالُوا قَدْ رَضِینَا بِحَكَمٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمْ بِمَنْ تَرْضَوْنَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا رَضِینَا بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَهَبَطَ اللَّهُ مَلَكاً مِنْ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ الدُّنْیَا بِبِسَاطٍ وَ أَرِیكَتَیْنِ فَهَبَطَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِی جَاءَ فِیهِ فَدَعَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَقْعَدَهُ عَلَی الْبِسَاطِ وَ وَسَّدَهُ بِالْأَرِیكَتَیْنِ ثُمَّ تَفَلَ فِی فِیهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَلِیُّ ثَبَّتَ اللَّهُ قَلْبَكَ وَ جَعَلَ حُجَّتَكَ بَیْنَ عَیْنَیْكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ فَإِذَا نَزَلَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ اللَّهُ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِی عِلْمٍ عَلِیمٌ (3).

«58»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ خَالِدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: ذَكَرْتُ الْمَجُوسَ وَ أَنَّهُمْ یَقُولُونَ نِكَاحٌ كَنِكَاحِ وُلْدِ آدَمَ وَ أَنَّهُمْ یُحَاجُّونَ بِذَلِكَ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمْ (4)

لَا یُحَاجُّونَكُمْ بِهِ لَمَّا أَدْرَكَ هِبَةُ اللَّهِ قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ زَوِّجْ هِبَةَ اللَّهِ فَأَهْبَطَ اللَّهُ لَهُ حَوْرَاءَ فَوَلَدَتْ أَرْبَعَةَ غِلْمَةٍ ثُمَّ رَفَعَهَا اللَّهُ فَلَمَّا أَدْرَكَ وُلْدُ هِبَةِ اللَّهِ قَالَ یَا رَبِّ زَوِّجْ وُلْدَ هِبَةِ اللَّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَخْطُبَ إِلَی رَجُلٍ مِنَ الْجِنِّ وَ كَانَ مُسْلِماً أَرْبَعَ بَنَاتٍ لَهُ عَلَی وُلْدِ هِبَةِ اللَّهِ فَزَوَّجَهُنَ

ص: 96


1- 1. فی المصدر: ان ملكا من ملائكة السماء.
2- 2. ظاهره ان الضمیر یرجع الی الملائكة، فاطلق لفظة الملائكة علی الجن مجازا.
3- 3. تفسیر فرات: 70 و 71 و الآیة الأولی فی الكهف: 50 و الثانیة فی یوسف: 76.
4- 4. فی المصدر: اما أنتم فلا یحاجونكم به.

فَمَا كَانَ مِنْ جَمَالٍ وَ حِلْمٍ فَمِنْ قِبَلِ الْحَوْرَاءِ وَ النُّبُوَّةِ وَ مَا كَانَ مِنْ سَفَهٍ أَوْ حِدَّةٍ فَمِنَ الْجِنِ (1).

«59»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ آدَمَ وُلِدَ لَهُ أَرْبَعَةُ ذُكُورٍ فَأَهْبَطَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ أَرْبَعَةً مِنَ الْحُورِ الْعِینِ فَزَوَّجَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاحِدَةً فَتَوَالَدُوا ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ رَفَعَهُنَّ وَ زَوَّجَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ أَرْبَعَةً مِنَ الْجِنِّ فَصَارَ النَّسْلُ فِیهِمْ فَمَا كَانَ مِنْ حِلْمٍ فَمِنْ آدَمَ وَ مَا كَانَ مِنْ جَمَالٍ فَمِنْ قِبَلِ الْحُورِ الْعِینِ وَ مَا كَانَ مِنْ قُبْحٍ أَوْ سُوءِ خُلُقٍ فَمِنَ الْجِنِ (2).

«60»- الْفَقِیهُ، عَنِ أَبِیهِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ بُرَیْدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْزَلَ عَلَی آدَمَ حَوْرَاءَ مِنَ الْجَنَّةِ فَزَوَّجَهَا أَحَدَ ابْنَیْهِ وَ تَزَوَّجَ الْآخَرُ ابْنَةَ الْجَانِّ فَمَا كَانَ فِی النَّاسِ مِنْ جَمَالٍ كَثِیرٍ أَوْ حُسْنِ خُلُقٍ فَهُوَ مِنَ الْحَوْرَاءِ وَ مَا كَانَ مِنَ سُوءِ خُلُقٍ فَهُوَ مِنِ ابْنَةِ الْجَانِ (3).

«61»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: فِی أَجْوِبَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلِ الْیَهُودِیِّ فِی فَضْلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی جَمِیعِ الْأَنْبِیَاءِ إِلَی أَنْ قَالَ قَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ فَإِنَّ هَذَا سُلَیْمَانُ سُخِّرَتْ لَهُ الشَّیَاطِینُ یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ لَقَدْ أُعْطِیَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ مِنْ هَذَا إِنَّ الشَّیَاطِینَ سُخِّرَتْ لِسُلَیْمَانَ وَ هِیَ مُقِیمَةٌ عَلَی كُفْرِهَا وَ لَقَدْ سُخِّرَتْ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله الشَّیَاطِینُ بِالْإِیمَانِ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ الْجِنُّ التِّسْعَةُ مِنْ أَشْرَافِهِمْ مِنْ جِنِّ نَصِیبِینَ وَ الْیَمَنِ

ص: 97


1- 1. فروع الكافی 5: 569.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 215.
3- 3. الفقیه 3: 240( ط آخوندی) فیه:« و روی القاسم بن عروة» و لم یذكر فیه صدر الاسناد، و فیه: و ما كان فیهم من سوء.

مِنْ بَنِی عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ(1) مِنَ الْأَحِجَّةِ مِنْهُمْ شَصَاهُ وَ مَصَاهُ (2) وَ الْهَمْلَكَانُ وَ الْمَرْزُبَانُ وَ الْمَازَمَانُ وَ نَضَاهُ وَ هَاصِبٌ وَ هَاضِبٌ (3)

وَ عَمْرٌو وَ هُمُ الَّذِینَ یَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ فِیهِمْ وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ وَ هُمْ تِسْعَةٌ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ الْجِنُّ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِبَطْنِ النَّخْلِ فَاعْتَذَرُوا بِ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً وَ لَقَدْ أَقْبَلَ إِلَیْهِ أَحَدٌ وَ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْهُمْ فَبَایَعُوهُ عَلَی الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ وَ نُصْحِ الْمُسْلِمِینَ وَ اعْتَذَرُوا بِأَنَّهُمْ قَالُوا عَلَی اللَّهِ شَطَطاً وَ هَذَا أَفْضَلُ مِمَّا أُعْطِیَ سُلَیْمَانَ سُبْحَانَ (4) مَنْ سَخَّرَهَا لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تَتَمَرَّدُ وَ تَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ وَلَداً فَلَقَدْ(5) شَمِلَ مَبْعَثُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مَا لَا یُحْصَی (6).

«62»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ الْجِنِ وَ أَنَّهُ تَعالی جَدُّ رَبِّنا فَقَالَ شَیْ ءٌ كَذَّبَهُ الْجِنُّ فَقَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَی كَمَا قَالَ.

وَ عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً قَالَ كَانَ الرَّجُلُ یَنْطَلِقُ إِلَی الْكَاهِنِ الَّذِی یُوحِی إِلَیْهِ الشَّیْطَانُ فَیَقُولُ قُلْ لِشَیْطَانِكَ فُلَانٍ (7)

قَدْ عَاذَ بِكَ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ الْآیَةَ قَالَ كَانَ الْجِنُ

ص: 98


1- 1. فی المصدر: واحد من جن نصیبین و الثمان من بنی عمرو بن عامر.
2- 2. فی المصدر: شضاة و مضاة( شصاة و مصاة خ ل).
3- 3. فی المصدر: هاضب و هضب.
4- 4. فی المصدر: فسبحان.
5- 5. فی المصدر: و لقد شمل.
6- 6. الاحتجاج: 118.
7- 7. فی المصدر: ان فلانا.

یَنْزِلُونَ عَلَی قَوْمٍ مِنَ الْإِنْسِ وَ یُخْبِرُونَهُمُ الْأَخْبَارَ الَّتِی یَسْمَعُونَهَا فِی السَّمَاءِ مِنْ قَبْلِ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ النَّاسُ یَكْهَنُونَ بِمَا خَبَّرَهُمُ الْجِنُّ وَ قَوْلُهُ فَزادُوهُمْ رَهَقاً أَیْ خُسْرَاناً وَ قَالَ الْبَخْسُ النُّقْصَانُ وَ الرَّهَقُ الْعَذَابُ وَ قَوْلُهُ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً أَیْ عَلَی مَذَاهِبَ مُخْتَلِفَةٍ(1).

«63»- بَصَائِرُ الدَّرَجَاتِ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ بَیَّاعِ السَّابِرِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ طَوِیلٌ كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ وَ قَالَ یُشْبِهُ (2) الْجِنَّ وَ كَلَامَهُمْ فَمَنْ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا الْهَامُ بْنُ الْهِیمِ بْنِ لَاقِیسَ بْنِ إِبْلِیسَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ إِبْلِیسَ إِلَّا أَبَوَانِ فَقَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَكَمْ أَتَی لَكَ قَالَ أَكَلْتُ عُمُرَ الدُّنْیَا إِلَّا أَقَلَّهُ أَنَا أَیَّامَ قَتْلِ قَابِیلَ هَابِیلَ غُلَامٌ أَفْهَمُ الْكَلَامَ وَ أَنْهَی عَنِ الِاعْتِصَامِ وَ أَطُوفُ الْأَجْسَامَ (3) وَ آمُرُ بِقَطِیعَةِ الْأَرْحَامِ وَ أُفْسِدُ الطَّعَامَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِئْسَ سِیرَةُ الشَّیْخِ الْمُتَأَمِّلِ وَ الْغُلَامِ الْمُقْبِلِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی تَائِبٌ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی یَدِ مَنْ جَرَی (4)

تَوْبَتُكَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ عَلَی یَدَیْ نُوحٍ وَ كُنْتُ مَعَهُ فِی سَفِینَتِهِ وَ عَاتَبْتُهُ عَلَی دُعَائِهِ عَلَی قَوْمِهِ حَتَّی بَكَی وَ أَبْكَانِی وَ قَالَ لَا جَرَمَ أَنِّی عَلَی ذَلِكَ مِنَ النَّادِمِینَ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ ثُمَّ كُنْتُ مَعَ هُودٍ علیه السلام فِی مَسْجِدِهِ مَعَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ فَعَاتَبْتُهُ عَلَی دُعَائِهِ عَلَی قَوْمِهِ حَتَّی بَكَی وَ أَبْكَانِی وَ قَالَ لَا جَرَمَ أَنِّی عَلَی ذَلِكَ مِنَ النَّادِمِینَ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ ثُمَّ كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِیمَ حِینَ كَادَهُ قَوْمُهُ فَأَلْقَوْهُ فِی النَّارِ فَجَعَلَهَا اللَّهُ

ص: 99


1- 1. تفسیر القمّیّ: 698 و 699.
2- 2. فی نسخة من الكتاب و فی المصدر: بشبه الجن.
3- 3. هكذا فی الكتاب و المصدر، و لعلّ الصحیح: و اطوف الآجام.
4- 4. فی نسخة: جرت.

عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً ثُمَّ كُنْتُ مَعَ یُوسُفَ علیه السلام حِینَ حَسَدَهُ إِخْوَتُهُ فَأَلْقَوْهُ فِی الْجُبِّ فَبَادَرْتُهُ إِلَی قَعْرِ الْجُبِّ فَوَضَعْتُهُ وَضْعاً رَفِیقاً ثُمَّ كُنْتُ مَعَهُ فِی السِّجْنِ أُؤْنِسُهُ فِیهِ حَتَّی أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْهُ ثُمَّ كُنْتُ مَعَ مُوسَی علیه السلام وَ عَلَّمَنِی سِفْراً مِنَ التَّوْرَاةِ وَ قَالَ إِنْ أَدْرَكْتَ عِیسَی علیه السلام فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ فَلَقِیتُهُ وَ أَقْرَأْتُهُ مِنْ مُوسَی علیه السلام السَّلَامَ وَ عَلَّمَنِی سِفْراً مِنَ الْإِنْجِیلِ وَ قَالَ إِنْ أَدْرَكْتَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ فَعِیسَی علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی عِیسَی رُوحِ اللَّهِ وَ كَلِمَتِهِ وَ جَمِیعِ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ السَّلَامُ وَ عَلَیْكَ یَا هَامُ بِمَا بَلَّغْتَ السَّلَامَ فَارْفَعْ إِلَیْنَا حَوَائِجَكَ قَالَ حَاجَتِی أَنْ یُبْقِیَكَ اللَّهُ لِأُمَّتِكَ وَ یُصْلِحَهُمْ لَكَ وَ یَرْزُقَهُمُ الِاسْتِقَامَةَ لِوَصِیِّكَ مِنْ بَعْدِكَ فَإِنَّ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ إِنَّمَا هَلَكَتْ بِعِصْیَانِ الْأَوْصِیَاءِ وَ حَاجَتِی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تُعَلِّمَنِی سُوَراً مِنَ الْقُرْآنِ أُصَلِّی بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ عَلِّمِ الْهَامَ وَ ارْفُقْ بِهِ فَقَالَ هَامٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هَذَا الَّذِی ضَمَمْتَنِی إِلَیْهِ فَإِنَّا مَعَاشِرَ الْجِنِّ قَدْ أُمِرْنَا أَنْ لَا نُكَلِّمَ (1)

إِلَّا نَبِیّاً أَوْ وَصِیَّ نَبِیٍّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا هَامُ مَنْ وَجَدْتُمْ فِی الْكِتَابِ وَصِیَّ آدَمَ قَالَ شِیثُ بْنُ آدَمَ قَالَ مَنْ وَجَدْتُمْ وَصِیَّ نُوحٍ قَالَ سَامُ بْنُ نُوحٍ قَالَ فَمَنْ كَانَ وَصِیَّ هُودٍ قَالَ یُوحَنَّا بْنُ خزان (2) ابْنُ عَمِّ هُودٍ قَالَ فَمَنْ كَانَ وَصِیَّ إِبْرَاهِیمَ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ (3)

قَالَ فَمَنْ كَانَ وَصِیَّ مُوسَی قَالَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ قَالَ فَمَنْ كَانَ وَصِیَّ عِیسَی علیه السلام قَالَ شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ الصَّفَا ابْنُ عَمِّ مَرْیَمَ

ص: 100


1- 1. فی نسخة: ان لا نطیع.
2- 2. فی المصدر:« یوحنا بن حنان» و ذكر فی اثبات الوصیة و غیره ان وصی هود ابنه فالغ.
3- 3. ذكر المسعودیّ فی اثبات الوصیة: 28، ان وصی إبراهیم إسماعیل و بعده قام إسحاق مقامه.

قَالَ فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِی الْكِتَابِ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ هُوَ فِی التَّوْرَاةِ إِلْیَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا إِلْیَا هُوَ عَلِیٌّ وَصِیِّی قَالَ الْهَامُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَهُ اسْمٌ غَیْرُ هَذَا قَالَ نَعَمْ هُوَ حَیْدَرَةُ فَلِمَ تَسْأَلُنِی عَنْ ذَلِكَ قَالَ إِنَّا وَجَدْنَا فِی كِتَابِ الْأَنْبِیَاءِ أَنَّهُ فِی الْإِنْجِیلِ هَیْدَارَا قَالَ هُوَ حَیْدَرَةُ قَالَ فَعَلَّمَهُ عَلِیٌّ علیه السلام سُوَراً مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ هَامٌ یَا عَلِیُّ یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْتَفِی بِمَا عَلَّمْتَنِی مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ نَعَمْ یَا هَامُ قَلِیلُ الْقُرْآنِ (1) كَثِیرٌ ثُمَّ قَامَ هَامٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَدَّعَهُ فَلَمْ یَعُدْ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی قُبِضَ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

بیان: قد یستدل بقوله قد أمرنا أن لا نكلم إلخ علی أن ما یخبر به الناس من كلام الجن كذب و لا یسمع كلامهم غیر الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و فیه نظر لأن كونهم مأمورین بذلك لا یدل علی عدم وقوع خلافه إذ الجن و الشیاطین لیسوا بمعصومین مع أن فی بعض روایات هذه القصة لا نطیع مكان لا نكلم و أیضا الروایات الكثیرة مما أوردنا فی هذا الباب و غیرها دلت علی وقوع التكلم مع سائر الناس فلا بد من تأویل فیه إما بحمله علی الكلام علی وجه الطاعة و الانقیاد أو معاینة مع معرفة كونهم من الجن أو بالتخصیص ببعض الأنواع منهم أو غیر ذلك.

«64»- الْبَصَائِرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ بِشْرٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: حُمِلَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَالٌ مِنْ خُرَاسَانَ مَعَ رَجُلَیْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ لَا یَزَالا یَتَفَقَّدَانِ الْمَالَ حَتَّی مَرَّا بِالرَّیِّ فَدَفَعَ إِلَیْهِمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِمَا كِیساً فِیهِ أَلْفُ (3)

دِرْهَمٍ فَجَعَلَا یَتَفَقَّدَانِ فِی كُلِّ یَوْمٍ الْكِیسَ حَتَّی دَنَیَا مِنَ الْمَدِینَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَعَالَ حَتَّی نَنْظُرَ مَا حَالُ الْمَالِ فَنَظَرَا فَإِذَا الْمَالُ عَلَی حَالِهِ مَا خَلَا كِیسَ الرَّازِیِّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ مَا نَقُولُ السَّاعَةَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنَّهُ كَرِیمٌ وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ یَكُونَ عِلْمُ مَا نَقُولُ

ص: 101


1- 1. فی المصدر: قلیل من القرآن.
2- 2. بصائر الدرجات: 28 قوله: حتی قبض ای رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
3- 3. فی المصدر: فیه الفا درهم.

عِنْدَهُ فَلَمَّا دَخَلَا الْمَدِینَةَ قَصَدَا إِلَیْهِ فَسَلَّمَا إِلَیْهِ الْمَالَ فَقَالَ لَهُمَا أَیْنَ كِیسُ الرَّازِیِّ فَأَخْبَرَاهُ بِالْقِصَّةِ فَقَالَ لَهُمَا إِنْ رَأَیْتُمَا الْكِیسَ تَعْرِفَانِهِ قَالا نَعَمْ قَالَ یَا جَارِیَةُ عَلَیَّ بِكِیسِ كَذَا وَ كَذَا فَأَخْرَجَتِ الْكِیسَ فَرَفَعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَیْهِمَا فَقَالَ أَ تَعْرِفَانِهِ قَالا هُوَ ذَاكَ قَالَ إِنِّی احْتَجْتُ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ إِلَی مَالٍ فَوَجَّهْتُ رَجُلًا مِنَ الْجِنِّ مِنْ شِیعَتِنَا فَأَتَانِی بِهَذَا الْكِیسِ مِنْ مَتَاعِكُمَا(1).

«65»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ قَالَ: أَتَیْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام أُرِیدُ الْإِذْنَ عَلَیْهِ فَإِذَا رَوَاحِلُ عَلَی الْبَابِ مَصْفُوفَةٌ وَ إِذَا أَصْوَاتٌ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَخَرَجَتْ عَلَیَّ قَوْمٌ مُعْتَمُّونَ بِالْعَمَائِمِ یُشْبِهُونَ الزُّطَّ قَالَ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَبْطَأَ إِذْنُكَ الْیَوْمَ وَ قَدْ رَأَیْتُ قَوْماً خَرَجُوا عَلَیَّ مُعْتَمِّینَ بِالْعَمَائِمِ فَأَنْكَرْتُهُمْ فَقَالَ أَ وَ تَدْرِی مَنْ أُولَئِكَ یَا سَعْدُ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ إِخْوَانُكَ مِنَ الْجِنِّ یَأْتُونَنَا یَسْأَلُونَنَا عَنْ حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ وَ مَعَالِمِ دِینِهِمْ (2).

«66»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ عَمَّارٍ السِّجِسْتَانِیِّ قَالَ: كُنْتُ لَا أَسْتَأْذِنُ عَلَیْهِ یَعْنِی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَجِئْتُ ذَاتَ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ فَجَلَسْتُ فِی فُسْطَاطِهِ بِمِنًی قَالَ فَاسْتُوذِنَ لِشَبَابٍ كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الزُّطِّ فَخَرَجَ عِیسَی شَلَقَانُ فَذَكَرْنَا لَهُ فَأَذِنَ لِی قَالَ فَقَالَ لِی یَا أَبَا عَاصِمٍ مَتَی جِئْتَ قُلْتُ قَبْلَ أُولَئِكَ (3)

الَّذِینَ دَخَلُوا عَلَیْكَ وَ مَا رَأَیْتُهُمْ خَرَجُوا قَالَ أُولَئِكَ قَوْمٌ مِنَ الْجِنِّ فَسَأَلُوا عَنْ مَسَائِلِهِمْ ثُمَّ ذَهَبُوا(4).

«67»- الْبَصَائِرُ، وَ دَلَائِلُ الْإِمَامَةِ لِلطَّبَرِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ قَالَ: أَوْصَانِی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام بِحَوَائِجَ لَهُ بِالْمَدِینَةِ

ص: 102


1- 1. بصائر الدرجات: 28.
2- 2. بصائر الدرجات: 28.
3- 3. فی المصدر: قبیل اولئك.
4- 4. بصائر الدرجات: 28.

فَبَیْنَا أَنَا فِی فَجِّ الرَّوْحَاءِ عَلَی رَاحِلَتِی إِذَا إِنْسَانٌ یَلْوِی بِثَوْبِهِ قَالَ فَقُمْتُ لَهُ (1) وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ عَطْشَانُ فَنَاوَلْتُهُ الْإِدَاوَةَ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی بِهَا وَ نَاوَلَنِی كِتَاباً طِینُهُ رَطْبٌ فَنَظَرْتُ إِلَی الْخَاتَمِ فَإِذَا خَاتَمُ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ مَتَی عَهْدُكَ بِصَاحِبِ الْكِتَابِ قَالَ السَّاعَةَ قَالَ فَإِذَا فِیهِ أَشْیَاءُ یَأْمُرُنِی بِهَا قَالَ ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا لَیْسَ عِنْدِی أَحَدٌ قَالَ فَقَدِمَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَلَقِیتُهُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَجُلٌ أَتَانِی بِكِتَابٍ وَ طِینُهُ رَطْبٌ فَقَالَ إِذَا عَجَّلَ بِنَا أَمْرٌ أَرْسَلْتُ بَعْضَهُمْ یَعْنِی الْجِنَ (2) وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی إِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ أُعْطِینَا أَعْوَاناً مِنَ الْجِنِّ إِذَا عَجَّلَتْ بِنَا الْحَاجَةُ بَعَثْنَاهُمْ فِیهَا(3).

«68»- الدَّلَائِلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ وَ عَلِیِّ بْنِ جَرِیرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ قَالَ: طَلَبْتُ الْإِذْنَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام مَعَ أَصْحَابٍ لَنَا لِنَدْخُلَ عَلَیْهِ (4)

فَإِذَا ثَمَانِیَةُ نَفَرٍ كَأَنَّهُمْ مِنْ أَبٍ وَ أُمٍّ عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ زَرَابِیُّ وَ أَقْبِیَةٌ طَاقِیَّةٌ وَ عَمَائِمُ

صُفْرٌ دَخَلُوا فَمَا احْتَبَسُوا حَتَّی خَرَجُوا(5) فَقَالَ لِی یَا سَعْدُ رَأَیْتَهُمْ قُلْتُ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ إِخْوَانُكُمْ مِنَ الْجِنِّ أَتَوْنَا یَسْتَفْتُونَّا فِی حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ كَمَا تَأْتُونَّا وَ تَسْتَفْتُونَّا فِی حَلَالِكُمْ وَ حَرَامِكُمْ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ یَظْهَرُونَ لَكُمْ قَالَ نَعَمْ (6).

البصائر، عن محمد بن إسماعیل عن ابن سنان عن ابن مسكان عن سعد: مثله (7).

ص: 103


1- 1. فی البصائر: فملت إلیه. و فی الدلائل: إذا انا بإنسان یتلونی فقمت الی الاداوة.
2- 2. بصائر الدرجات: 27 دلائل الأئمّة: 100 فیه خلاصة من الحدیث.
3- 3. بصائر الدرجات: 27، الموجود فیه هكذا: و زاد فیه محمّد بن الحسین بهذا الاسناد: یا سدیر اما لنا خدما من الجن فإذا اردنا السرعة بعثناهم.
4- 4. فی المصدر: مع أصحاب لی فدخلت علیه. فاذا عن یمینه نفر.
5- 5. فی المصدر: و عمائم صفر فما لبثوا أن خرجوا.
6- 6. دلائل الأئمّة 101.
7- 7. بصائر الدرجات: 27. ذكر الصفار فی البصائر روایتین عن سعد الاسكاف فالتی یوافق متنها به هو روایة محمّد بن إسماعیل عن علیّ بن حدید عن منصور بن حازم عن سعد الاسكاف الا انه لم یذكر فیها ذیله: فقلت إلخ. و اما الروایة التی أورد المصنّف اسنادها هنا فهی هكذا، سعد الاسكاف قال: طلبت الاذن عن ابی جعفر علیه السلام فبعث الی لا تعجل فان عندی قوما من اخوانكم فلم البث ان خرج علی اثنا عشر رجلا یشبهون الزط علیهم اقبیة طبقین و خفاف فسلموا و مروا و دخلت علی ابی جعفر علیه السلام قلت: جعلت فداك من هؤلاء الذین خرجوا من عندك؟ قال هؤلاء قوم من اخوانكم من الجن، قلت: و یظهرون لكم؟ قال: نعم.

«69»- الْإِخْتِصَاصُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَوْمَ الْجُمُعَةِ فِی الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ طُوَالٌ كَأَنَّهُ بَدَوِیٌّ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام مَا فَعَلَ جِنِّیُّكَ الَّذِی كَانَ یَأْتِیكَ قَالَ إِنَّهُ لَیَأْتِینِی إِلَی أَنْ وَقَفْتُ بَیْنَ یَدَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَحَدِّثِ الْقَوْمَ بِمَا كَانَ مِنْهُ فَجَلَسَ وَ سَمِعْنَا لَهُ فَقَالَ إِنِّی لَرَاقِدٌ بِالْیَمَنِ قَبْلَ أَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا جِنِّیٌّ أَتَانِی نِصْفَ اللَّیْلِ فَرَفَسَنِی (1) بِرِجْلِهِ وَ قَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ ذَعِراً فَقَالَ اسْمَعْ قُلْتُ وَ مَا أَسْمَعُ قَالَ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَ إِبْلَاسِهَا***وَ رَكْبِهَا الْعِیسَ بِأَحْلَاسِهَا(2) تَهْوِی إِلَی مَكَّةَ تَبْغِی الْهُدَی ***مَا طَاهِرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا

فَارْحَلْ إِلَی الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ***وَ ارْمِ بِعَیْنَیْكَ إِلَی رَأْسِهَا(3)

قَالَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَثَ فِی وُلْدِ هَاشِمٍ شَیْ ءٌ أَوْ یَحْدُثُ وَ مَا أَفْصَحَ (4) لِی

ص: 104


1- 1. رفسه: ضربه فی صدره.
2- 2. العیس بالكسر: الإبل البیض یخالط بیاضها شی ء من الشقرة. و الاحلاس جمع حلس و هو كساء یطرح علی ظهر البعیر.
3- 3. الضمیر یرجع الی القبیلة.
4- 4. أی ما بین مراده و لا اوضحه.

وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یُفْصِحَ لِی فَأَرِقْتُ (1) لَیْلَتِی وَ أَصْبَحْتُ كَئِیباً فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْقَابِلَةِ أَتَانِی نِصْفَ اللَّیْلِ وَ أَنَا رَاقِدٌ فَرَفَسَنِی بِرِجْلِهِ وَ قَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ ذَعِراً فَقَالَ اسْمَعْ فَقُلْتُ وَ مَا أَسْمَعُ قَالَ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَ أَخْبَارِهَا***وَ رَكْبِهَا الْعِیسَ بِأَكْوَارِهَا(2)

تَهْوِی إِلَی مَكَّةَ تَبْغِی الْهُدَی***مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا

فَارْحَلْ إِلَی الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ***بَیْنَ رَوَابِیهَا(3) وَ أَحْجَارِهَا

فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَثَ فِی وُلْدِ هَاشِمٍ أَوْ یَحْدُثُ وَ مَا أَفْصَحَ لِی وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یُفْصِحَ لِی فَأَرِقْتُ لَیْلَتِی وَ أَصْبَحْتُ كَئِیباً فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْقَابِلَةِ أَتَانِی نِصْفَ اللَّیْلِ وَ أَنَا رَاقِدٌ فَرَفَسَنِی بِرِجْلِهِ وَ قَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ وَ أَنَا ذَعِرٌ فَقَالَ اسْمَعْ قُلْتُ وَ مَا أَسْمَعُ قَالَ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَ إِلْبَابِهَا***وَ رَكْبِهَا الْعِیسَ بِأَقْتَابِهَا

تَهْوِی إِلَی مَكَّةَ تَبْغِی الْهُدَی***مَا صَادِقُو الْجِنِّ كَكُذَّابِهَا

فَارْحَلْ إِلَی الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ***أَحْمَدَ إِذْ هُوَ خَیْرُ أَرْبَابِهَا(4)

قُلْتُ عَدُوَّ اللَّهِ (5)

أَفْصَحْتَ فَأَیْنَ هُوَ قَالَ ظَهَرَ بِمَكَّةَ یَدْعُو إِلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَأَصْبَحْتُ وَ رَحَلْتُ نَاقَتِی وَ وَجَّهْتُهَا قِبَلَ مَكَّةَ فَأَوَّلُ مَا دَخَلْتُهَا لَقِیتُ أَبَا سُفْیَانَ وَ كَانَ شَیْخاً ضَالًّا فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَیِّ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ مُخْصِبُونَ إِلَّا أَنَّ یَتِیمَ أَبِی طَالِبٍ قَدْ أَفْسَدَ عَلَیْنَا دِینَنَا قُلْتُ وَ مَا اسْمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ أَحْمَدُ قُلْتُ وَ أَیْنَ هُوَ قَالَ تَزَوَّجَ بِخَدِیجَةَ ابْنَةِ(6) خُوَیْلِدٍ فَهُوَ عَلَیْهَا نَازِلٌ

ص: 105


1- 1. ارق: ذهب عنه النوم فی اللیل.
2- 2. الاكوار جمع الكور بالضم و هو الرحل باداته.
3- 3. الروابی جمع الرابیة: ما ارتفع من الأرض.
4- 4. فی نسخة: لیس قداماها كاذبا بها.
5- 5. فی المصدر: قلت: قد و اللّٰه افصحت.
6- 6. فی نسخة: بنت.

فَأَخَذْتُ بِخِطَامِ نَاقَتِی ثُمَّ انْتَهَیْتُ إِلَی بَابِهَا فَعَقَلْتُ نَاقَتِی ثُمَّ ضَرَبْتُ الْبَابَ فَأَجَابَتْنِی مَنْ هَذَا فَقُلْتُ أَنَا أَرَدْتُ مُحَمَّداً فَقَالَتْ اذْهَبْ إِلَی عَمَلِكَ (1) فَقُلْتُ یَرْحَمُكِ اللَّهُ إِنِّی رَجُلٌ أَقْبَلْتُ مِنَ الْیَمَنِ وَ عَسَی اللَّهُ أَنْ یَكُونَ مَنَّ عَلَیَّ بِهِ فَلَا تَحْرِمِینِی النَّظَرَ إِلَیْهِ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله رَحِیماً فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ یَا خَدِیجَةُ افْتَحِی الْبَابَ فَفَتَحَتْ فَدَخَلْتُ فَرَأَیْتُ النُّورَ فِی وَجْهِهِ سَاطِعاً نُورٌ فِی نُورٍ ثُمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ فَإِذَا أَنَا بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ مَعْجُونٌ (2)

عَلَی كَتِفِهِ الْأَیْمَنِ فَقَبَّلْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ:

أَتَانِی نَجِیٌ (3)بَعْدَ هَدْءٍ وَ رَقْدَةٍ***وَ لَمْ یَكُ فِیمَا قَدْ تَلَوْتُ بِكَاذِبٍ

ثَلَاثُ لَیَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَیْلَةٍ***أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَیِّ بْنِ غَالِبٍ

فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَیْلِی الْإِزَارَ وَ وَسَّطَتْ***بِیَ الذِّعْلِبُ الْوَجْنَاءُ بَیْنَ السَّبَاسِبِ (4)

فَمُرْنَا بِمَا یَأْتِیكَ یَا خَیْرَ قَادِرٍ***وَ إِنْ كَانَ فِیمَا جَاءَ شَیْبُ الذَّوَائِبِ (5)

وَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا شَیْ ءَ غَیْرُهُ***وَ أَنَّكَ مَأْمُونٌ (6) عَلَی كُلِّ غَائِبٍ

وَ أَنَّكَ أَدْنَی الْمُرْسَلِینَ وَسِیلَةً***إِلَی اللَّهِ یَا ابْنَ الْأَكْرَمِینَ الْأَطَایِبِ

وَ كُنْ لِی شَفِیعاً یَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ***إِلَی اللَّهِ یُغْنِی عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبٍ

وَ كَانَ اسْمُ الرَّجُلِ سَوَادَ بْنَ قَارِبٍ (7) فَرُحْتُ وَ اللَّهِ مُؤْمِناً بِهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ خَرَجَ إِلَی صِفِّینَ

ص: 106


1- 1. فی المصدر و فی أبواب المعجزات: اذهب الی عملك ما تذرون محمّدا یأویه ظل بیت قد طردتموه و هربتموه و حصنتموه اذهب الی عملك. قلت.
2- 2. فی المصدر: مختوم.
3- 3. النجی: المحدث، و فی المصدر:[ بجنی] و الهدء: السكون.
4- 4. الذعلب: الناقة القویة. و الوجناء: الناقة الصلبة. و السباسب جمع سبسب و هو القفر و المفازة.
5- 5. فی المصدر:[ فیما جا تشیب الذوائب] فعلیه: جا مخفف جاء، و المعنی ای قبلنا و صدقنا بما یأتیك به الوحی من اللّٰه و ان كان فیه أمور شداد تشیب منها الذوائب و الذوائب جمع الذؤابة ای الناصیة.
6- 6. فی نسخة من الكتاب و فی المصدر: مأمور.
7- 7. التفسیر من صاحب كتاب الاختصاص او من الروات.

فَاسْتُشْهِدَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (1).

أقول: قد مر شرحه فی المجلد السادس فی أبواب المعجزات (2).

«70»- وَ وَجَدْتُهُ فِی كِتَابِ مُسْلِمِ بْنِ مَحْمُودٍ مَرْوِیّاً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَفَدَ سَوَادَةُ بْنُ قَارِبٍ عَلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ وَ قَالَ عُمَرُ یَا سَوَادَةُ مَا بَقِیَ مِنْ كِهَانَتِكَ فَغَضِبَ وَ قَالَ مَا أَظُنُّكَ اسْتَقْبَلْتَ بِهَذَا الْكَلَامِ غَیْرِی فَلَمَّا رَأَی عُمَرُ الْكَرَاهَةَ فِی وَجْهِهِ قَالَ یَا سَوَادَةُ إِنَّ الَّذِی كُنَّا عَلَیْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ أَعْظَمُ مِنَ الْكِهَانَةِ فَحَدِّثْنِی بِحَدِیثٍ كُنْتُ أَشْتَهِی أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ بَیْنَا أَنَا فِی إِبِلِی بِالسَّرَاةِ وَ كَانَ لِی نَجِیٌّ مِنَ الْجِنِّ یَأْتِینِی بِالْأَخْبَارِ وَ إِنِّی لَنَائِمٌ ذَاتَ لَیْلَةٍ إِذْ وَكَزَنِی بِرِجْلِهِ فَقَالَ قُمْ یَا سَوَادَةُ فَقَدْ ظَهَرَ الدَّاعِی إِلَی الْحَقِّ وَ إِلَی طَرِیقٍ مُسْتَقِیمٍ فَقُلْتُ أَنَا نَاعِسٌ فَرَجَعَ عَنِّی وَ هُوَ یَقُولُ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَ تِسْیَارِهَا***وَ شَدِّهَا الْعِیسَ بِأَكْوَارِهَا

إِلَی قَوْلِهِ وَ أَحْجَارِهَا فَلَمَّا كَانَ فِی اللَّیْلَةِ الثَّانِیَةِ أَتَانِی فَقَالَ لِی مِثْلَ ذَلِكَ (3)

فَقُلْتُ أَنَا نَاعِسٌ (4) فَوَلَّی عَنِّی وَ أَنْشَأَ یَقُولُ

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَ قُطْرَابِهَا(5)***وَ حَمْلِهَا الْعِیسَ بِأَقْتَابِهَا

إِلَی قَوْلِهِ: مِنْ هَاشِمٍ***لَیْسَ قُدَّامَاهَا كَأَذْنَابِهَا

فَلَمَّا كَانَتْ فِی اللَّیْلَةِ الثَّالِثَةِ قَالَ لِی مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَی فَقُلْتُ أَنَا نَاعِسٌ فَتَوَلَّی عَنِّی وَ هُوَ یَقُولُ:

ص: 107


1- 1. الاختصاص: 181- 183. و فی نسخة منه: فرجعت.
2- 2. المجلد 18: 98- 100 من طبعنا هذا.
3- 3. فی نسخة: مثل ذلك القول.
4- 4. نعس الرجل: أخذته فترة فی حواسه فقارب النوم.
5- 5. فی نسخة:[ و تطرابها] و القطرب: ذكر الغیلان و صغار الجن، و قطرب: أسرع.

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَ تِحْسَاسِهَا(1)***وَ شَدِّهَا الْعِیسَ بِأَحْلَاسِهَا

إِلَی قَوْلِهِ إِلَی رَأْسِهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَنْفَذْتُ إِلَی رَاحِلَةٍ مِنْ إِبِلِی فَرَكِبْتُ عَلَیْهَا حَتَّی أَتَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَثُلْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ:

أَتَانِی نَجِیٌّ بَعْدَ هَدْءٍ وَ رَقْدَةٍ***وَ لَمْ یَكُ فِیمَا قَدْ عَهِدْتُ بِكَاذِبٍ

إِلَی قَوْلِهِ: غَالِبٍ

فَشَمَّرْتُ عَنْ سَاقِی الْإِزَارَ وَ أَرْقَلَتْ***بِیَ الذِّعْبِلُ الْوَجْنَاءُ بَیْنَ السَّبَاسِبِ

فَمُرْنِی بِمَا أَحْبَبْتَ یَا خَیْرَ مُرْسَلٍ***وَ لَوْ كَانَ فِیمَا قُلْتُ شَیْبَ الذَّوَائِبِ

إِلَی قَوْلِهِ: لَا ذُو شَفَاعَةٍ***سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبٍ (2).

«71»- كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّی بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْبِلَادِ(3)

عَنْ عَمَّارِ بْنِ عَاصِمٍ السِّجِسْتَانِیِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَی بَابِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ أَرَدْتُ أَنْ لَا أَسْتَأْذِنَ عَلَیْهِ فَأَقْعُدُ فَأَقُولُ (4) لَعَلَّهُ یَرَانِی بَعْضُ مَنْ یَدْخُلُ فَیُخْبِرَهُ فَیَأْذَنَ لِی قَالَ فَبَیْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ شَبَابٌ أَدَمٌ فِی أُزُرٍ وَ أَرْدِیَةٍ ثُمَّ لَمْ أَرَهُمْ خَرَجُوا فَخَرَجَ عِیسَی شَلَقَانُ فَرَآنِی فَقَالَ یَا أَبَا عَاصِمٍ أَنْتَ هَاهُنَا فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ لِی فَدَخَلْتُ عَلَیْهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مُنْذُ مَتَی أَنْتَ هَاهُنَا یَا عَمَّارُ قَالَ فَقُلْتُ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَدْخُلَ عَلَیْكَ الشَّبَابُ الْأُدُمُ ثُمَّ لَمْ أَرَهُمْ خَرَجُوا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الْجِنِّ جَاءُوا یَسْأَلُونَ عَنْ أَمْرِ دِینِهِمْ (5).

«72»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ أَبِی عَامِرٍ الْمَكِّیِّ قَالَ: خُلِقَ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَ خُلِقَ

ص: 108


1- 1. ذكره المصنّف قبلا فی أبواب المعجزات عن روایة اخری و فیها: تجساسها.
2- 2. كتاب مسلم بن محمود لیس عندی. و ذكر القصة المصنّف فی أبواب المعجزات بصورة اخری راجعها.
3- 3. فی المصدر: عن ابی البلاد.
4- 4. فی المصدر: و أقول.
5- 5. الأصول الستة عشر: 92.

الْجَانُّ مِنْ نَارٍ وَ خُلِقَ الْبَهَائِمُ مِنْ مَاءٍ وَ خُلِقَ آدَمُ مِنْ طِینٍ فَجُعِلَ الطَّاعَةُ فِی الْمَلَائِكَةِ وَ الْبَهَائِمِ (1)

وَ جُعِلَ الْمَعْصِیَةُ فِی الْإِنْسِ وَ الْجِنِ (2).

«73»- تَفْسِیرُ النَّیْسَابُورِیِّ، رَوَی الزُّهْرِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: بَیْنَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ رُمِیَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ إِذَا حَدَثَ مِثْلُ هَذَا قَالُوا كُنَّا نَقُولُ یُولَدُ عَظِیمٌ أَوْ یَمُوتُ عَظِیمٌ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُرْمَی لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَیَاتِهِ وَ لَكِنْ رَبُّنَا تَعَالَی إِذَا قَضَی الْأَمْرَ فِی السَّمَاءِ سَبَّحَتْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَ سَبَّحَ كُلُّ سَمَاءٍ حَتَّی یَنْتَهِیَ التَّسْبِیحُ إِلَی هَذِهِ السَّمَاءِ وَ یَسْتَخْبِرَ أَهْلُ السَّمَاءِ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مَا ذَا قَالَ رَبُّكُمْ فَیُخْبِرُونَهُمْ وَ لَا یَزَالُ یَنْتَهِی ذَلِكَ الْخَبَرُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَی سَمَاءٍ إِلَی أَنْ یَنْتَهِیَ الْخَبَرُ إِلَی هَذِهِ السَّمَاءِ وَ یُتَخَطَّفُ الْجِنُّ فَیُرْمَوْنَ فَمَا جَاءُوا بِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَ لَكِنَّهُمْ یَزِیدُونَ (3).

«74»- كِتَابُ زَیْدٍ الزَّرَّادِ، قَالَ: حَجَجْنَا سَنَةً فَلَمَّا صِرْنَا فِی خَرَابَاتِ الْمَدِینَةِ بَیْنَ الْحِیطَانِ افْتَقَدْنَا رَفِیقاً لَنَا مِنْ إِخْوَانِنَا فَطَلَبْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ فَقَالَ لَنَا النَّاسُ بِالْمَدِینَةِ إِنَّ صَاحِبَكُمْ اخْتَطَفَتْهُ الْجِنُّ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ أَخْبَرْتُهُ بِحَالِهِ وَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ فَقَالَ اخْرُجْ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی اخْتُطِفَ أَوْ قَالَ افْتُقِدَ فَقُلْ بِأَعْلَی صَوْتِكَ یَا صَالِحَ بْنَ عَلِیٍّ إِنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ یَقُولُ لَكَ أَ هَكَذَا عَاهَدَتْ وَ عَاقَدَتِ الْجِنُّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ اطْلُبْ فُلَاناً حَتَّی تُؤَدِّیَهُ إِلَی رُفَقَائِهِ ثُمَّ قُلْ یَا مَعْشَرَ الْجِنِّ عَزَمْتُ عَلَیْكُمْ بِمَا عَزَمَ عَلَیْكُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَمَّا خَلَّیْتُمْ عَنْ صَاحِبِی وَ أَرْشَدْتُمُوهُ إِلَی الطَّرِیقِ قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَلَمْ أَلْبَثْ إِذَا بِصَاحِبِی قَدْ خَرَجَ عَلَیَّ مِنْ بَعْضِ الْخَرَابَاتِ فَقَالَ

ص: 109


1- 1. اقتصر فی المصدر بذكر الملائكة، و لعلّ لفظة: و البهائم، اسقطت عن المطبوع.
2- 2. الدّر المنثور 1: 51 فیه: اخرج ابن أبی حاتم عن محمّد بن عامر المكی قال خلق اللّٰه.
3- 3. تفسیر النیسابوریّ لیست نسخته عندی.

إِنَّ شَخْصاً تَرَاءَی لِی مَا رَأَیْتُ صُورَةً إِلَّا وَ هُوَ أَحْسَنُ (1)

مِنْهَا فَقَالَ یَا فَتَی أَظُنُّكَ تَتَوَلَّی آلَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ إِنَّ هَاهُنَا رَجُلٌ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ لَكَ أَنْ تُؤْجَرَ وَ تُسَلِّمَ عَلَیْهِ فَقُلْتُ بَلَی فَأَدْخَلَنِی مِنْ هَذِهِ الْحِیطَانِ (2)

وَ هُوَ یَمْشِی أَمَامِی فَلَمَّا أَنْ سَارَ غَیْرَ بَعِیدٍ نَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ شَیْئاً وَ غُشِیَ عَلَیَّ فَبَقِیتُ مَغْشِیّاً عَلَیَّ لَا أَدْرِی أَیْنَ أَنَا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ حَتَّی كَانَ الْآنَ فَإِذَا قَدْ أَتَانِی آتٍ وَ حَمَلَنِی حَتَّی أَخْرَجَنِی إِلَی الطَّرِیقِ فَأَخْبَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ الْغُوَّالُ (3) أَوِ الْغُولُ نَوْعٌ مِنَ الْجِنِّ یَغْتَالُ الْإِنْسَانَ فَإِذَا رَأَیْتَ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ فَلَا تَسْتَرْشِدْهُ وَ إِنْ أَرْشَدَكُمْ فَخَالِفُوهُ (4)

وَ إِذَا رَأَیْتَهُ فِی خَرَابٍ وَ قَدْ خَرَجَ عَلَیْكَ أَوْ فِی فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَأَذِّنْ فِی وَجْهِهِ وَ ارْفَعْ صَوْتَكَ وَ قُلْ سُبْحَانَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّمَاءِ نُجُوماً رُجُوماً(5) لِلشَّیاطِینِ عَزَمْتُ عَلَیْكَ یَا خَبِیثُ بِعَزِیمَةِ اللَّهِ الَّتِی عَزَمَ بِهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ رَمَیْتُ بِسَهْمِ اللَّهِ الْمُصِیبِ الَّذِی لَا یُخْطِئُ وَ جَعَلْتُ سَمْعَ اللَّهِ عَلَی سَمْعِكَ وَ بَصَرِكَ وَ ذَلَّلْتُكَ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَ قَهَرْتُ سُلْطَانَكَ بِسُلْطَانِ اللَّهِ یَا خَبِیثُ لَا سَبِیلَ لَكَ فَإِنَّكَ تَقْهَرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ تَصْرِفُهُ عَنْكَ فَإِذَا ضَلَلْتَ الطَّرِیقَ فَأَذِّنْ بِأَعْلَی صَوْتِكَ وَ قُلْ یَا سَیَّارَةَ اللَّهِ دُلُّونَا عَلَی الطَّرِیقِ یَرْحَمْكُمُ اللَّهُ أَرْشِدُونَا یُرْشِدْكُمُ اللَّهُ فَإِنْ أَصَبْتَ وَ إِلَّا

فَنَادِ یَا عُتَاةَ الْجِنِّ وَ یَا مَرَدَةَ الشَّیَاطِینِ أَرْشِدُونِی وَ دُلُّونِی عَلَی الطَّرِیقِ وَ إِلَّا أَشْرَعْتُ (6) لَكُمْ بِسَهْمِ اللَّهِ الْمُصِیبِ إِیَّاكُمْ عَزِیمَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ یَا مَرَدَةَ الشَّیَاطِینِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ مُبِینٍ اللَّهُ غَالِبُكُمْ

ص: 110


1- 1. فی المصدر: احسن منه.
2- 2. فی المصدر: بین هذه الحیطان.
3- 3. هكذا فی الكتاب و مصدره و لعله مصحف و الصحیح: ذلك الغول.
4- 4. فی نسخة من المصدر: فخالفه.
5- 5. فی المصدر: و رجوما.
6- 6. فی المصدر: انتزعت( اسرعت خ ل).

بِجُنْدِهِ الْغَالِبِ وَ قَاهِرُكُمْ بِسُلْطَانِهِ الْقَاهِرِ وَ مُذَلِّلُكُمْ بعزته [بِعِزِّهِ] الْمَتِینِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِیَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ ارْفَعْ صَوْتَكَ بِالْأَذَانِ تُرْشَدْ وَ تُصِیبُ الطَّرِیقَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (1).

«75»- وَ مِنْهُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ الْجِنُّ یَخْطَفُونَ الْإِنْسَانَ فَقَالَ مَا لَهُمْ إِلَی ذَلِكَ سَبِیلٌ لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَ ذَكَرَ الدُّعَاءَ(2).

«76»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ طَارِقِ بْنِ (3) حَبِیبٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً مَعَ عَبْدِ اللَّهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِی الْحِجْرِ إِذْ قَلَصَ (4)

الظِّلُّ وَ قَامَتِ الْمَجَالِسُ إِذَا نَحْنُ بِبَرِیقِ أَیْمٍ طَالِعٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ یَعْنِی بَابَ بَنِی شَیْبَةَ وَ الْأَیْمُ الْحَیَّةُ الذَّكَرُ فَاشْرَأَبَّتْ لَهُ أَعْیُنُ النَّاسِ فَطَافَ بِالْبَیْتِ سَبْعاً وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ وَرَاءَ الْمَقَامِ فَقُمْتُ إِلَیْهِ فَقُلْنَا أَیُّهَا الْمُعْتَمِرُ قَدْ قَضَی اللَّهُ نُسُكَكَ وَ إِنَّمَا بِأَرْضِنَا عَبِیدٌ(5)

وَ سُفَهَاءُ وَ إِنَّمَا نَخْشَی عَلَیْكَ مِنْهُمْ فَكَوَّمَ بِرَأْسِهِ كُومَةً بَطْحَاءَ فَوَضَعَ ذَنَبَهُ عَلَیْهَا فَسَمَا فِی السَّمَاءِ حَتَّی مَا نَرَاهُ (6).

«77»- وَ أَخْرَجَ الْأَزْرَقِیُّ عَنْ 17 أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْجِنِّ فِی الْجَاهِلِیَّةِ تَسْكُنُ ذَا طُوًی وَ كَانَ لَهَا ابْنٌ وَ لَمْ یَكُنْ لَهَا وَلَدٌ غَیْرُهُ فَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبّاً شَدِیداً وَ كَانَ شَرِیفاً فِی قَوْمِهِ فَتَزَوَّجَ وَ أَتَی زَوْجَتَهُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ سَابِعِهِ قَالَ لِأُمِّهِ یَا أُمَّهْ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ سَبْعاً نَهَاراً قَالَتْ لَهُ أُمُّهُ أَیْ بُنَیَّ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ سُفَهَاءَ قُرَیْشٍ فَقَالَ أَرْجُو السَّلَامَةَ فَأَذِنَتْ لَهُ فَوَلَّی فِی صُورَةِ جَانٍّ فَمَضَی نَحْوَ الطَّوَافِ فَطَافَ بِالْبَیْتِ

ص: 111


1- 1. الأصول الستة عشر: 11 و 12.
2- 2. الأصول الستة عشر: 9 و الدعاء طویل.
3- 3. فی المصدر: طلق بن حبیب، و هو الصحیح ترجمه ابن حجر فی تقریب التهذیب و تهذیب التهذیب و قال: طلق بسكون اللام ابن حبیب العنزی بصری صدوق عابد رمی بالارجاء مات بعد التسعین.
4- 4. قلص الظل: انقبض.
5- 5. فی المصدر: و ان بارضنا عبیدا و سفهاء.
6- 6. الدّر المنثور 1: 120.

سَبْعاً وَ صَلَّی خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ مُنْقَلِباً فَعَرَضَ لَهُ شَابٌّ مِنْ بَنِی سَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَثَارَتْ بِمَكَّةَ غُبْرَةٌ حَتَّی لَمْ تُبْصَرْ لَهَا الْجِبَالُ قَالَ أَبُو الطُّفَیْلِ وَ بَلَغَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا تَثُورُ تِلْكَ الْغُبْرَةُ عَنْ مَوْتِ عَظِیمٍ (1) مِنَ الْجِنِّ قَالَ فَأَصْبَحَ مِنْ بَنِی سَهْمٍ عَلَی فُرُشِهِمْ مَوْتَی كَثِیرٌ مِنْ قَتْلَی الْجِنِّ فَكَانَ فِیهِمْ سَبْعُونَ شَیْخاً أَصْلَعَ سِوَی الشَّبَابِ (2).

«78»- وَ عَنِ 17 ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْإِنْسِ فَلَقِیَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالَ هَلْ لَكَ أَنْ تُصَارِعَنِی فَإِنْ صَرَعْتَنِی عَلَّمْتُكَ آیَةً إِذَا قَرَأْتَهَا حِینَ تَدْخُلُ بَیْتَكَ لَمْ یَدْخُلْهُ شَیْطَانٌ فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ الْإِنْسِیُّ فَقَالَ تَقْرَأُ آیَةَ الْكُرْسِیِّ فَإِنَّهُ لَا یَقْرَؤُهَا أَحَدٌ إِذَا دَخَلَ بَیْتَهُ إِلَّا خَرَجَ الشَّیْطَانُ لَهُ خَبَجٌ كَخَبَجِ الْحِمَارِ(3).

«79»- وَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (4) قَالَ: ضَمَّ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَمْرَ الصَّدَقَةِ فَجَعَلْتُهُ فِی غُرْفَةٍ لِی فَكُنْتُ أَجِدُ فِیهِ كُلَّ یَوْمٍ نُقْصَاناً فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی هُوَ عَمَلُ الشَّیْطَانِ فَارْصُدْهُ فَرَصَدْتُهُ لَیْلًا فَلَمَّا ذَهَبَ هَوِیٌّ مِنَ اللَّیْلِ أَقْبَلَ عَلَی صُورَةِ الْفِیلِ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی الْبَابِ دَخَلَ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ عَلَی غَیْرِ صُورَتِهِ فَدَنَا مِنَ التَّمْرِ فَجَعَلَ یَلْتَقِمُهُ فَشَدَدْتُ عَلَی ثِیَابِی فَتَوَسَّطْتُهُ فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ وَثَبْتَ إِلَی تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذْتَهُ وَ كَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَفْضَحُكَ فَعَاهَدَنِی أَنْ لَا یَعُودَ فَغَدَوْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِیرُكَ فَقُلْتُ عَاهَدَنِی أَنْ لَا یَعُودَ فَقَالَ إِنَّهُ عَائِدٌ فَارْصُدْهُ فَرَصَدَتْهُ اللَّیْلَةَ الثَّانِیَةَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ (5) فَعَاهَدَنِی أَنْ لَا یَعُودَ

ص: 112


1- 1. فی المصدر: عند موت.
2- 2. الدّر المنثور 1: 120.
3- 3. الدرر المنثور 1: 323 فیه: اخرج أبو عبید فی فضائله و الدارمیّ و الطبرانی و ابو نعیم فی دلائل النبوّة و البیهقیّ عن ابن مسعود.
4- 4. فی المصدر: اخرج ابن أبی الدنیا فی مكائد الشیطان و محمّد بن نصر و الطبرانی و الحاكم و أبو نعیم و البیهقیّ كلاهما فی الدلائل عن معاذ بن جبل.
5- 5. فی المصدر: فصنع مثل ذلك و صنعت مثل ذلك فعاهدنی.

فَخَلَّیْتُ سَبِیلَهُ ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ إِنَّهُ عَائِدٌ فَارْصُدْهُ فَرَصَدْتُهُ اللَّیْلَةَ الثَّالِثَةَ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ وَ صَنَعْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْتُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ عَاهَدْتَنِی مَرَّتَیْنِ وَ هَذِهِ الثَّالِثَةُ فَقَالَ إِنِّی ذُو عِیَالٍ وَ مَا أَتَیْتُكَ إِلَّا مِنْ نَصِیبِینَ وَ لَوْ أَصَبْتُ شَیْئاً دُونَهُ مَا أَتَیْتُكَ وَ لَقَدْ كُنَّا فِی مَدِینَتِكُمْ هَذِهِ حَتَّی بَعَثَ صَاحِبُكُمْ فَلَمَّا نَزَلَتْ عَلَیْهِ آیَتَانِ نَفَرْنَا(1) مِنْهَا فَوَقَعْنَا بِنَصِیبِینَ وَ لَا یُقْرَءَانِ فِی بَیْتٍ إِلَّا لَمْ یَلِجْ فِیهَا شَیْطَانٌ ثَلَاثاً فَإِنْ خَلَّیْتَ سَبِیلِی عَلَّمْتُكَهُمَا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ آیَةُ الْكُرْسِیِّ وَ آخِرُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ آمَنَ الرَّسُولُ إِلَی آخِرِهَا

فَخَلَّیْتُ سَبِیلَهُ ثُمَّ غَدَوْتُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ صَدَقَ الْخَبِیثُ وَ هُوَ كَذُوبٌ قَالَ فَكُنْتُ أَقْرَؤُهُمَا عَلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا أَجِدُ فِیهِ نُقْصَاناً(2).

«80»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (3) قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَازِلًا عَلَی أَبِی أَیُّوبَ فِی غُرْفَةٍ وَ كَانَ طَعَامُهُ فِی سَلَّةٍ فِی الْمِخْدَعِ فَكَانَتْ تَجِی ءُ مِنَ الْكُوَّةِ كَهَیْئَةِ السِّنَّوْرِ تَأْخُذُ الطَّعَامَ مِنَ السَّلَّةِ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ تِلْكَ الْغُولُ فَإِذَا جَاءَتْ فَقُلْ عَزَمَ عَلَیْكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا تَبْرَحِی فَجَاءَتْ فَقَالَ لَهَا أَبُو أَیُّوبَ عَزَمَ عَلَیْكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا تَبْرَحِی فَقَالَتْ یَا أَبَا أَیُّوبَ دَعْنِی هَذِهِ الْمَرَّةَ فَوَ اللَّهِ لَا أَعُودُ فَتَرَكَهَا ثُمَّ قَالَتْ هَلْ لَكَ أَنْ أُعَلِّمَكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ لَا یَقْرَبُ بَیْتَكَ شَیْطَانٌ تِلْكَ اللَّیْلَةَ وَ ذَلِكَ الْیَوْمَ وَ مِنَ الْغَدِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَتْ اقْرَأْ آیَةَ الْكُرْسِیِّ فَأَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ هِیَ كَذُوبٌ (4).

«81»- وَ عَنْ 17 حَمْزَةَ الزَّیَّاتِ (5)

قَالَ: خَرَجْتُ ذَاتَ لَیْلَةٍ أُرِیدُ الْكُوفَةَ فَآوَانِی

ص: 113


1- 1. فی المصدر: انفرتنا منها.
2- 2. الدّر المنثور 1: 324.
3- 3. فی المصدر: اخرج الحاكم عن ابن عبّاس.
4- 4. الدّر المنثور 1: 325، و ذكر فیه حكایات أخر.
5- 5. فی المصدر: اخرج أبو الشیخ فی العظمة عن حمزة.

اللَّیْلُ إِلَی خَرَابَةٍ فَدَخَلْتُهَا فَبَیْنَمَا أَنَا فِیهَا إِذْ دَخَلَ عَلَیَّ عِفْرِیتَانِ مِنَ الْجِنِّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَذَا حَمْزَةُ بْنُ حَبِیبٍ الزَّیَّاتُ الَّذِی یَقْرِی النَّاسَ بِالْكُوفَةِ قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّهُ قَالَ دَعْهُ الْمِسْكِینُ یَعِیشُ قَالَ لَأَقْتُلَنَّهُ فَلَمَّا أَزْمَعَ عَلَی قَتْلِی قُلْتُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ إِلَی قَوْلِهِ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ وَ أَنَا عَلَی ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِینَ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ دُونَكَ الْآنَ فَاحْفَظْهُ رَاغِماً إِلَی الصَّبَاحِ (1).

«82»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْخَلْقُ أَرْبَعَةٌ فَخَلْقٌ فِی الْجَنَّةِ كُلُّهُمْ وَ خَلْقٌ فِی النَّارِ كُلُّهُمْ وَ خَلْقَانِ فِی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَأَمَّا الَّذِینَ فِی الْجَنَّةِ كُلُّهُمْ فَالْمَلَائِكَةُ وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی النَّارِ كُلُّهُمْ فَالشَّیَاطِینُ وَ أَمَّا الَّذِینَ فِی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَالْجِنُّ وَ الْإِنْسُ لَهُمُ الثَّوَابُ وَ عَلَیْهِمُ الْعِقَابُ (2).

«83»- وَ عَنْ أَبِی ثَعْلَبَةَ(3) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ یَطِیرُونَ فِی الْهَوَاءِ وَ صِنْفٌ حَیَّاتٌ وَ كِلَابٌ وَ صِنْفٌ یَحُلُّونَ وَ یَظْعَنُونَ (4).

«84»- وَ عَنْ 17 وَهْبٍ (5): أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجِنِّ هَلْ یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ أَوْ یَمُوتُونَ أَوْ یَتَنَاكَحُونَ قَالَ هُمْ أَجْنَاسٌ أَمَّا خَالِصُ الْجِنِّ فَهُمْ رِیحٌ لَا یَأْكُلُونَ وَ لَا یَشْرَبُونَ وَ لَا یَمُوتُونَ وَ لَا یَتَوَالَدُونَ.

وَ مِنْهُمْ أَجْنَاسٌ یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ وَ یَتَنَاكَحُونَ وَ یَمُوتُونَ وَ هِیَ هَذِهِ الَّتِی مِنْهَا

ص: 114


1- 1. الدّر المنثور 2: 12.
2- 2. الدّر المنثور 3: 46 فیه: اخرج أبو الشیخ عن ابن عبّاس.
3- 3. فی المصدر: و اخرج الحكیم الترمذی فی نوادر الأصول و ابن أبی حاتم و ابو الشیخ و الطبرانی و الحاكم و اللالكانی فی السنة و البیهقیّ فی الأسماء و الصفات عن ابی ثعلبة الخشنی.
4- 4. الدّر المنثور 3: 46.
5- 5. فی المصدر: اخرج ابن جریر عن وهب ابن منبه. و فیه: و یموتون و یتناكحون فقال.

السَّعَالِی وَ الْغُولُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ (1).

«85»- وَ عَنْ 17 یَزِیدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِلَّا وَ فِی سَقْفِ بَیْتِهِمْ أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْجِنِّ مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِذَا وُضِعَ غذاؤهم [غَدَاؤُهُمْ] نَزَلُوا وَ تَغَدَّوْا وَ إِذَا وُضِعَ عَشَاؤُهُمْ نَزَلُوا فَتَعَشَّوْا مَعَهُمْ (2).

«86»- وَ عَنْ 17 عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: بَیْنَمَا أَنَا لَیْلَةً فِی جَوْفِ اللَّیْلِ عِنْدَ زَمْزَمَ جَالِسٌ إِذَا نَفَرٌ یَطُوفُونَ عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ بِیضٌ لَمْ أَرَ بَیَاضَ ثِیَابِهِمْ بِشَیْ ءٍ قَطُّ فَلَمَّا فَرَغُوا صَلَّوْا قَرِیباً مِنِّی فَالْتَفَتَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ اذْهَبُوا بِنَا نَشْرَبُ مِنْ شَرَابِ الْأَبْرَارِ فَقَامُوا فَدَخَلُوا زَمْزَمَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَوْ دَخَلْتُ عَلَی الْقَوْمِ فَسَأَلْتُهُمْ فَقُمْتُ فَدَخَلْتُ فَإِذَا لَیْسَ فِیهَا أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ(3).

«87»- وَ عَنِ الزُّبَیْرِ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ قَالَ بِنَخْلَةٍ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ كادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً.

«88»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: هَبَطُوا عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ فَلَمَّا سَمِعُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا(4) وَ كَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً الْآیَةَ(5).

«89»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا تِسْعَةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ نَصِیبِینَ فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 115


1- 1. الدّر المنثور 3: 47.
2- 2. الدّر المنثور 3: 47 فیه: اخرج أبو الشیخ عن یزید بن جابر. أقول: یوجد فیه حكایات أخر.
3- 3. الدّر المنثور 6: 46، فیه: اخرج احمد و ابن أبی حاتم و ابن مردویه عن الزبیر.
4- 4. فی المصدر: قالوا: انصتوا قالوا: صه.
5- 5. الدّر المنثور 6: 44: فیه اخرج ابن أبی شیبة و ابن منیع و الحاكم و صححه و ابن مردویه و أبو نعیم و البیهقیّ معافی الدلائل عن ابن مسعود.

صلی اللّٰه علیه و آله رُسُلًا إِلَی قَوْمِهِمْ (1).

«90»- وَ عَنْهُ أَیْضاً قَالَ: صُرِفَتِ الْجِنُّ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّتَیْنِ وَ كَانُوا أَشْرَافَ الْجِنِّ بِنَصِیبِینَ (2).

«91»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ سُئِلَ أَیْنَ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَی الْجِنِّ قَالَ قَرَأَ عَلَیْهِمْ بِشِعْبٍ یُقَالُ لَهُ الْحَجُونُ (3).

«92»- وَ عَنْ 17 عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانُوا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً جَاءُوا مِنْ جَزِیرَةِ الْمَوْصِلِ (4).

«93»- وَ عَنْ 17 صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجاً فَلَمَّا كَانَ بِالْعَرْجِ إِذَا نَحْنُ بِحَیَّةٍ تَضْطَرِبُ فَمَا لَبِثَتْ أَنْ مَاتَتْ فَلَفَّهَا رَجُلٌ فِی خِرْقَةٍ فَدَفَنَهَا ثُمَّ قَدِمْنَا مَكَّةَ فَإِنَّا لَبِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذْ وَقَفَ عَلَیْنَا شَخْصٌ فَقَالَ أَیُّكُمْ صَاحِبُ عَمْرٍو قُلْنَا مَا نَعْرِفُ عَمْراً قَالَ أَیُّكُمْ صَاحِبُ الْجَانِّ قَالُوا هَذَا قَالَ أَمَا إِنَّهُ آخِرُ التِّسْعَةِ مَوْتاً الَّذِینَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ (5).

«94»- وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ النَّفَرُ التِّسْعَةُ مِنْ أَهْلِ نَصِیبِینَ مِنْ بَطْنِ نَخْلَةَ(6)

جَاءُوا قَوْمَهُمْ مُنْذِرِینَ فَخَرَجُوا بَعْدُ وَافِدِینَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمْ

ص: 116


1- 1. الدّر المنثور 6: 44 فیه: اخرج ابن جریر و الطبرانی و ابن مردویه عن ابن عباس و اذ صرفنا إلیك نفرا من الجن یستمعون القرآن الآیة قال.
2- 2. الدّر المنثور 6: 44 فیه: و اخرج الطبرانی فی الاوسط و ابن مردویه عن ابن عبّاس.
3- 3. الدّر المنثور 6: 44 فیه: اخرج ابن مردویه و البیهقیّ فی الدلائل عن ابن مسعود.
4- 4. الدّر المنثور 6: 45 فیه: اخراج ابن أبی حاتم عن عكرمة فی قوله: و اذ صرفنا إلیك نفرا من الجن قال.
5- 5. الدّر المنثور 6: 45 فیه: اخرج الطبرانی و الحاكم و ابن مردویه عن صفوان ابن المعطل.
6- 6. فی المصدر؟ و هم فلان و فلان و فلان و الاردوانیان و الاحقب.

ثَلَاثُمِائَةٍ فَانْتَهَوْا إِلَی الْحَجُونِ فَجَاءَ الْأَخْضَبُ (1)

فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ قَوْمَنَا قَدْ حَضَرُوا الْحَجُونَ یَلْقَوْكَ فَوَاعَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ لِسَاعَةٍ مِنَ اللَّیْلِ بِالْحَجُونِ (2).

«95»- وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَیْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَی آخِرِهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ مَا لِی أَرَاكُمْ سُكُوتاً لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَی الْجِنِّ لَیْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُوداً مِنْكُمْ كُلَّمَا أَتَیْتُ عَلَی قَوْلِهِ فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فَقَالُوا وَ لَا بِشَیْ ءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبِّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ(3).

و عن ابن عمر أیضا: مثله (4).

«96»- وَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: لَمْ تُحْرَسِ الْجِنُّ فِی الْفَتْرَةِ بَیْنَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله حُرِسَتِ السَّمَاءُ الدُّنْیَا وَ رُمِیَتِ الْجِنُّ بِالشِّهَابِ وَ اجْتَمَعَتْ إِلَی إِبْلِیسَ فَقَالَ لَقَدْ حَدَثَ فِی الْأَرْضِ حَدَثٌ فَتَعَرَّفُوا فَأَخْبِرُونَا مَا هَذَا الْحَدَثُ فَبَعَثَ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ إِلَی تِهَامَةَ وَ إِلَی جَانِبِ الْیَمَنِ وَ هُمْ أَشْرَافُ الْجِنِّ وَ سَادَتُهُمْ فَوَجَدُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِنَخْلَةَ فَسَمِعُوهُ یَتْلُو الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِیَ یَعْنِی بِذَلِكَ أَنَّهُ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَّوْا إِلی قَوْمِهِمْ مُنْذِرِینَ مُؤْمِنِینَ لَمْ یَشْعُرْ بِهِمْ حَتَّی نَزَلَ قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ یُقَالُ سَبْعَةٌ مِنْ أَهْلِ نَصِیبِینَ (5).

ص: 117


1- 1. فی المصدر:« فجاء الاحقب» و فیه: یلقونك.
2- 2. الدّر المنثور 6: 45 فیه:« اخرج الواقدی و أبو نعیم عن كعب» أقول: یوجد فیه حكایات أخر لم یذكرها المصنّف.
3- 3. الدّر المنثور 6: 140 فیه: اخرج الترمذی و ابن المنذر و أبو الشیخ فی العظمة و الحاكم و صححه و ابن مردویه و البیهقیّ فی الدلائل عن جابر بن عبد اللّٰه.
4- 4. الدّر المنثور 6: 140 فیه: اخرج البزاز و ابن جریر و ابن المنذر و الدارقطنی فی الافراد و ابن مردویه و الخطیب فی تاریخه بسند صحیح عن ابن عمر. و فیه: لا بشی ء من آلائك ربّنا نكذب فلك الحمد.
5- 5. الدّر المنثور 6: 270 فیه: اخرج ابن المنذر عن عبد الملك.

«97»- وَ عَنْ 17 سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ فِی نَاحِیَةِ دِیَارِ عَادٍ إِذْ رَأَیْتُ مَدِینَةً مِنْ حَجَرٍ مَنْقُورٍ فِی وَسَطِهَا قَصْرٌ مِنْ حِجَارَةٍ تَأْوِیهِ الْجِنُّ فَدَخَلْتُ فَإِذَا شَیْخٌ عَظِیمُ الْخَلْقِ یُصَلِّی نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَ عَلَیْهِ جُبَّةُ صُوفٍ فِیهَا طَرَاوَةٌ فَلَمْ أَتَعَجَّبْ مِنْ عِظَمِ خِلْقَتِهِ كَتَعَجُّبِی مِنْ طَرَاوَةِ جُبَّتِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیَّ السَّلَامَ وَ قَالَ یَا سَهْلُ إِنَّ الْأَبْدَانَ لَا تُخْلِقُ الثِّیَابَ وَ إِنَّمَا تُخْلِقُهَا رَوَائِحُ الذُّنُوبِ وَ مَطَاعِمُ السُّحْتِ وَ إِنَّ هَذِهِ الْجُبَّةَ عَلَیَّ مُنْذُ سَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ لَقِیتُ بِهَا عِیسَی وَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَآمَنْتُ بِهِمَا فَقُلْتُ لَهُ وَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مِنَ الَّذِینَ نَزَلَتْ فِیهِمْ قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ (1).

«98»- وَ عَنْ 17 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: فِی قَوْلِهِ قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ قَالَ كَانُوا مِنْ جِنِّ نَصِیبِینَ (2).

«99»- وَ عَنْ كَرْدَمِ بْنِ أَبِی السَّائِبِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِی إِلَی الْمَدِینَةِ فِی حَاجَةٍ وَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَّةَ فَأَوَیْتُ إِلَی رَاعِی غَنَمٍ (3) فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّیْلُ جَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ فَوَثَبَ الرَّاعِی فَقَالَ یَا عَامِرُ الوادی جارك (4) [أَنَا جَارُ دَارِكَ] فَنَادَی مُنَادٍ لَا نَرَاهُ یَا سِرْحَانُ أَرْسِلْ فَأَتَی الْحَمَلُ یَشْتَدُّ حَتَّی دَخَلَ فِی الْغَنَمِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ بِمَكَّةَ وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ الْآیَةَ(5).

«100»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِی تَمِیمٍ كَانَ جَرِیّاً عَلَی اللَّیْلِ وَ الرِّمَالِ (6)

ص: 118


1- 1. الدّر المنثور 6: 270 فیه: اخرج ابن الجوزی فی كتاب صفوة الصفوة بسنده عن سهل.
2- 2. الدّر المنثور 6: 270 قد سقط الحدیث من المطبوع و بقی قوله: قال: كانوا من جن نصیبین.
3- 3. فی المصدر: فآوانا المبیت الی راعی غنم.
4- 4. فی المصدر: انا جار دارك. و فیه: ارسله.
5- 5. الدّر المنثور 6: 271 فیه اخرج ابن المنذر و ابن أبی حاتم و العقیلی فی الضعفاء و الطبرانی و أبو الشیخ فی العظمة و ابن عساكر عن كردم.
6- 6. فی المصدر:[ جریئا علی اللیل و الرجال] أقول: لعل الصحیح: الرحال.

وَ أَنَّهُ سَارَ لَیْلَةً فَنَزَلَ فِی أَرْضٍ مَجَنَّةٍ فَاسْتَوْحَشَ فَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ تَوَسَّدَ ذِرَاعَهَا وَ قَالَ أَعُوذُ بِأَعَزِّ أَهْلِ هَذَا الْوَادِی (1)

مِنْ شَرِّ أَهْلِهِ فَأَجَارَهُ شَیْخٌ مِنْهُمْ وَ كَانَ فِیهِمْ شَابٌّ وَ كَانَ سَیِّداً فِی الْجِنِّ فَغَضِبَ الشَّابُّ لَمَّا أَجَارَهُ الشَّیْخُ فَأَخَذَ حَرْبَةً لَهُ قَدْ سَقَاهَا السَّمَّ لِیَنْحَرَ بِهَا نَاقَةَ الرَّجُلِ فَتَلَقَّاهُ الشَّیْخُ دُونَ النَّاقَةِ فَقَالَ:

یَا مَالِكَ بْنَ مُهَلْهِلٍ مَهْلًا***فَذَلِكَ مَحْجَرِی وَ إِزَارِی

عَنْ نَاقَةِ الْإِنْسَانِ لَا تَعْرَضْ لَهَا***فَاكْفُفْ یَمِینَكَ رَاشِداً عَنْ جَارِی (2)

تَسْعَی إِلَیْهِ بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ***أُفٍّ لِقُرْبِكَ یَا أَبَا الْقِیطَارِ(3)

وَ أَنْشَدَ أَبْیَاتاً أُخَرَ فِی ذَلِكَ فَقَالَ الْفَتَی:

أَرَدْتَ أَنْ تَعْلُوَ وَ تَخْفِضَ ذِكْرَنَا***فِی غَیْرِ مُرْزِیَةٍ أَبَا الغیراری (4)

مُتَنَحِّلًا أَمْراً لِغَیْرِ فَضِیلَةٍ***فَارْحَلْ فَإِنَّ الْمَجْدَ لِلْمُرَّارِی (5)

مَنْ كَانَ مِنْكُمْ سَیِّداً فِی مَا مَضَی***إِنَّ الْخِیَارَ هُمْ بَنُو الْأَخْیَارِ

فَاقْصِدْ لِقَصْدِكَ یَا مُعَیْكِرُ إِنَّمَا***كَانَ الْمُجِیرُ مُهَلْهِلَ بْنَ دِیَارِی

فَقَالَ الشَّیْخُ صَدَقْتَ كَانَ أَبُوكَ سَیِّدَنَا وَ أَفْضَلَنَا دَعْ هَذَا الرَّجُلَ لَا أُنَازِعُكَ بَعْدَهُ أَحَداً فَتَرَكَهُ فَأَتَی الرَّجُلُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَصَّ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَصَابَ أَحَداً مِنْكُمْ وَحْشَةً أَوْ نَزَلَ بِأَرْضٍ مَجَنَّةٍ فَلْیَقُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ

ص: 119


1- 1. فی المصدر: ذراعیها، و قال: أعوذ بسید هذا الوادی.
2- 2. فی المصدر هكذا: عن ناقة الإنسان لا تعرض لها***و اختر إذا ورد المها اثواری انی ضمنت له سلامة رحله***فاكفف یمینك راشدا عن جاری و لقد اتیت الی ما لم احتسب***الا رعیت قرابتی و جواری.
3- 3. ذكر فی المصدر بیتا آخر هو: لو لا الحیاء و ان اهلك جیرة***لنمزقنك بقوة اظفاری
4- 4. فی المصدر: أ ترید. و فیه: أبا العیزار.
5- 5. فی المصدر: للمرار. فیه: بنو الأخیار و فیه: مهلهل بن وبار.

الَّتِی لَا یُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ ما یَلِجُ فِی الْأَرْضِ وَ ما یَخْرُجُ مِنْها وَ ما یَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما یَعْرُجُ فِیها وَ مِنْ فِتَنِ اللَّیْلِ وَ مِنْ طَوَارِقِ النَّهَارِ إِلَّا طَارِقاً یَطْرُقُ بِخَیْرٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِی ذَلِكَ وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً.

قال أبو نصر غریب جدا لم نكتبه إلا من هذا الوجه (1).

«101»- وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِی تَمِیمٍ یُقَالُ لَهُ رَافِعُ بْنُ عُمَیْرٍ حَدَّثَ عَنْ بَدْءِ إِسْلَامِهِ قَالَ إِنِّی لَأَسِیرُ بِرَمْلِ عَالِجٍ ذَاتَ لَیْلَةٍ إِذْ غَلَبَنِی النَّوْمُ فَنَزَلْتُ عَنْ رَاحِلَتِی وَ أَنَخْتُهَا وَ نِمْتُ وَ قَدْ تَعَوَّذْتُ قَبْلَ نَوْمِی وَ قُلْتُ أَعُوذُ بِعَظِیمِ هَذَا الْوَادِی مِنَ الْجِنِّ فَرَأَیْتُ فِی مَنَامِی رَجُلًا بِیَدِهِ حَرْبَةٌ یُرِیدُ أَنْ یَضَعَهَا فِی نَحْرِ نَاقَتِی فَانْتَبَهْتُ فَزِعاً فَالْتَفَتُّ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَلَمْ أَرَ شَیْئاً فَقُلْتُ هَذَا حُلُمٌ ثُمَّ عُدْتُ

فَغَفَوْتُ (2)

فَرَأَیْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَانْتَبَهْتُ فَدُرْتُ حَوْلَ نَاقَتِی فَلَمْ أَرَ شَیْئاً فَإِذَا نَاقَتِی تَرْعُدُ ثُمَّ غَفَوْتُ فَرَأَیْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَانْتَبَهْتُ فَرَأَیْتُ نَاقَتِی تَضْطَرِبُ وَ الْتَفَتُّ فَإِذَا بِرَجُلٍ شَابٍّ كَالَّذِی رَأَیْتُهُ فِی الْمَنَامِ بِیَدِهِ حَرْبَةٌ وَ رَجُلٍ شَیْخٍ مُمْسِكٍ بِیَدِهِ یَرُدُّهُ عَنْهَا فَبَیْنَمَا هُمَا یَتَنَازَعَانِ إِذَا طَلَعَتْ ثَلَاثَةُ أَثْوَارٍ مِنَ الْوَحْشِ فَقَالَ الشَّیْخُ لِلْفَتَی قُمْ فَخُذْ أَیَّهَا شِئْتَ فِدَاءً لِنَاقَةِ جَارِیَ الْإِنْسِیِّ فَقَامَ الْفَتَی فَأَخَذَ مِنْهَا ثَوْراً(3) وَ انْصَرَفَ ثُمَّ الْتَفَتُّ إِلَی الشَّیْخِ وَ قَالَ یَا هَذَا إِذَا نَزَلْتَ وَادِیاً مِنَ الْأَوْدِیَةِ فَخِفْتَ هَوْلَهُ فَقُلْ أَعُوذُ بِاللَّهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ هَوْلِ هَذَا الْوَادِی وَ لَا تَعُذْ بِأَحَدٍ مِنَ الْجِنِّ فَقَدْ بَطَلَ أَمْرُهَا فَقُلْتُ لَهُ وَ مَنْ مُحَمَّدٌ هَذَا قَالَ نَبِیٌّ عَرَبِیٌّ لَا شَرْقِیٌّ وَ لَا غَرْبِیٌّ بُعِثَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ قُلْتُ فَأَیْنَ مَسْكَنُهُ قَالَ یَثْرِبُ ذَاتُ النَّخْلِ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِی حِینَ تَرَقَّی لِیَ الصُّبْحُ (4) وَ جَدَّدْتُ السَّیْرَ حَتَّی أَتَیْتُ الْمَدِینَةَ

ص: 120


1- 1. الدّر المنثور 6: 271 فیه: اخرج أبو نصر السجزی فی الابانة من طریق مجاهد عن ابن عبّاس.
2- 2. غفا یغفو: نعس. نام نومة خفیفة.
3- 3. فی المصدر: ثورا عظیما.
4- 4. فی المخطوطة:[ حین ترقی لی الصبح] و فی المصدر: حین برق الصبح.

فَرَآنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَدَّثَنِی بِالْحَدِیثِ قَبْلَ أَنْ أَذْكُرَ لَهُ مِنْهُ شَیْئاً وَ دَعَانِی إِلَی الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ قَالَ سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ وَ كُنَّا نَرَی أَنَّهُ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً(1).

«102»- وَ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ قَالَ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَبِیتُ أَحَدُهُمْ بِالْوَادِی فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَیَقُولُ أَعُوذُ بِعَزِیزِ هَذَا الْوَادِی فَزادُوهُمْ رَهَقاً(2).

«103»- وَ عَنِ 17 الْحَسَنِ: فِی قَوْلِهِ وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ قَالَ كَانَ أَحَدُهُمْ فَإِذَا نَزَلَ الْوَادِی قَالَ أَعُوذُ بِعَزِیزِ هَذَا الْوَادِی مِنْ شَرِّ سُفَهَاءِ قَوْمِهِ فَیَأْمَنُ فِی نَفْسِهِ یَوْمَهُ وَ لَیْلَتَهُ (3).

«104»- وَ عَنْ 17 رَبِیعِ بْنِ أَنَسٍ: وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ یَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً قَالَ كَانُوا یَقُولُونَ فُلَانٌ رَبُّ هَذَا الْوَادِی مِنَ الْجِنِّ فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا دَخَلَ ذَلِكَ الْوَادِیَ یَعُوذُ بِرَبِّ الْوَادِی مِنْ دُونِ اللَّهِ فَیَزِیدُهُ بِذَلِكَ رَهَقاً أَیْ خَوْفاً(4).

«105»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الشَّیَاطِینُ لَهُمْ مَقَاعِدُ فِی السَّمَاءِ یَسْمَعُونَ فِیهَا الْوَحْیَ فَإِذَا سَمِعُوا الْكَلِمَةَ زَادُوا فِیهَا تِسْعاً فَأَمَّا الْكَلِمَةُ فَتَكُونُ حَقّاً وَ أَمَّا مَا زَادَ فَیَكُونُ بَاطِلًا فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنِعُوا مَقَاعِدَهُمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِإِبْلِیسَ وَ لَمْ تَكُنِ النُّجُومُ یُرْمَی بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ مَا هَذَا إِلَّا مِنْ أَمْرٍ(5) حَدَثَ فِی الْأَرْضِ فَبَعَثَ

ص: 121


1- 1. الدّر المنثور 6: 272 فیه: اخرج الخرائطی فی كتاب الهواتف عن سعید ابن جبیر.
2- 2. الدّر المنثور 6: 272 فیه: اخرج ابن جریر و ابن مردویه عن ابن عبّاس.
3- 3. الدّر المنثور 6: 272 فیه: اخرج عبد بن حمید و ابن المنذر عن الحسن و فیه: اذ انزل.
4- 4. الدّر المنثور 6: 272 فیه: اخرج عبد بن حمید عن الربیع بن انس.
5- 5. فی المصدر: ما هذا الامر الا لامر حدث.

جُنُودَهُ فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِماً یُصَلِّی بَیْنَ جَبَلَیْنِ بِمَكَّةَ(1)

فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ هَذَا الْحَدَثُ الَّذِی حَدَثَ فِی الْأَرْضِ (2).

«106»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمْ یَكُنِ السَّمَاءُ الدُّنْیَا تُحْرَسُ فِی الْفَتْرَةِ بَیْنَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانُوا یَقْعُدُونَ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله حُرِسَتِ السَّمَاءُ الدُّنْیَا حَرَساً شَدِیداً وَ رُجِمَتِ الشَّیَاطِینُ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَالُوا لا نَدْرِی أَ شَرٌّ أُرِیدَ بِمَنْ فِی الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فَقَالَ إِبْلِیسُ لَقَدْ حَدَثَ فِی الْأَرْضِ حَدَثٌ فَاجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ الْجِنُّ فَقَالَ تَفَرَّقُوا فِی الْأَرْضِ فَأَخْبِرُونِی مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِی حَدَثَ فِی السَّمَاءِ وَ كَانَ أَوَّلَ بَعْثٍ بُعِثَ رَكْبٌ مِنْ أَهْلِ نَصِیبِینَ وَ هُمْ أَشْرَافُ الْجِنِّ وَ سَادَتُهُمْ فَبَعَثَهُمْ إِلَی تِهَامَةَ فَانْدَفَعُوا حَتَّی (3) تَلَقَّوُا الْوَادِیَ وَادِیَ نَخْلَةَ فَوَجَدُوا نَبِیَّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُصَلِّی صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَاسْتَمَعُوا فَلَمَّا سَمِعُوهُ یَتْلُو الْقُرْآنَ قالُوا أَنْصِتُوا وَ لَمْ یَكُنْ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَعْلَمُ أَنَّهُمُ اسْتَمَعُوا لَهُ وَ هُوَ یَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلَمَّا قُضِیَ یَقُولُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَلَّوْا إِلی قَوْمِهِمْ مُنْذِرِینَ یَقُولُ مُؤْمِنِینَ (4).

«107»- وَ عَنِ 17 ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی تَنَبَّأَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنِعَتِ الشَّیَاطِینُ مِنَ السَّمَاءِ وَ رُمُوا بِالشُّهُبِ (5).

«108»- وَ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْجِنُّ قَبْلَ أَنْ یُبْعَثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْتَمِعُونَ

ص: 122


1- 1. فی المصدر: بین جبلی نخلة.
2- 2. الدّر المنثور 6: 273 فیه: اخرج ابن أبی شیبة و احمد و عبد بن حمید و الترمذی و صححه و النسائی و ابن جریر و الطبرانی و ابن مردویه و أبو نعیم و البیهقیّ معا فی دلائل النبوّة عن ابن عبّاس.
3- 3. فی المصدر: حتی بلغوا.
4- 4. الدّر المنثور 6: 273 فیه: اخرج ابن جریر و ابن مردویه و البیهقیّ فی الدلائل عن ابن عبّاس قال: لم تكن.
5- 5. الدّر المنثور 6: 273 فیه: اخرج الواقدی و أبو نعیم فی الدلائل عن ابن عمرو.

مِنَ السَّمَاءِ فَلَمَّا بُعِثَ حُرِسَتْ فَلَمْ یَسْتَطِیعُوا أَنْ یَسْتَمِعُوا فَجَاءُوا إِلَی قَوْمِهِمْ یَقُولُ لِلَّذِینَ (1) لَمْ یَسْتَمِعُوا فَقَالُوا أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِیداً وَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ شُهُباً وَ هِیَ الْكَوَاكِبُ وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ یَسْتَمِعِ الْآنَ یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً یَقُولُ نَجْماً قَدْ أُرْصِدَ لَهُ یُرْمَی بِهِ قَالَ فَلَمَّا رُمُوا بِالنُّجُومِ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ أَنَّا لا نَدْرِی أَ شَرٌّ أُرِیدَ بِمَنْ فِی الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً(2).

وَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَتِ الْجِنُّ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لَنَا فَنَشْهَدَ مَعَكَ الصَّلَوَاتِ فِی مَسْجِدِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً یَقُولُ صَلُّوا لَا تُخَالِطُوا النَّاسَ (3).

«110»- وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ: قَالَتِ الْجِنُّ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله كَیْفَ لَنَا أَنْ نَأْتِیَ الْمَسْجِدَ وَ نَحْنُ نَاءُونَ عَنْكَ وَ كَیْفَ نَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَ نَحْنُ نَاءُونَ عَنْكَ فَنَزَلَتْ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ الْآیَةَ(4).

«111»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلَ الْهِجْرَةِ إِلَی نَوَاحِی مَكَّةَ فَخَطَّ لِی خَطّاً وَ قَالَ لَا تُحْدِثَنَّ شَیْئاً حَتَّی آتِیَكَ ثُمَّ قَالَ لَا یَهُولَنَّكَ شَیْ ءٌ تَرَاهُ فَتَقَدَّمَ شَیْئاً ثُمَّ جَلَسَ فَإِذَا رِجَالٌ سُودٌ كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الزُّطِّ وَ كَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ كادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً(5).

«112»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ یَدْعُوهُ كادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً قَالَ لَمَّا سَمِعُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَتْلُو الْقُرْآنَ كَادُوا یَرْكَبُونَهُ مِنَ الْحِرْصِ لِمَا سَمِعُوهُ (6)

فَلَمْ یَعْلَمْ بِهِمْ حَتَّی أَتَاهُ الرَّسُولُ فَجَعَلَ یَقْرَأُ قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ

ص: 123


1- 1. فی المصدر: یقولون.
2- 2. الدّر المنثور 6: 273 فیه: اخرج ابن مردویه عن ابن عبّاس.
3- 3. الدّر المنثور 6: 274 فیه: اخرج ابن أبی حاتم عن الأعمش.
4- 4. الدّر المنثور 6: 274 فیه: اخرج ابن جریر عن سعید. و فیه: او كیف.
5- 5. الدّر المنثور 6: 274 فیه: اخرج أبو نعیم فی الدلائل عن ابن مسعود.
6- 6. فی المصدر: لما سمعوه یتلو القرآن و دنوا منه فلم یعلم.

نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ (1).

«113»- وَ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ یَدْعُوهُ كادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً قَالَ لَمَّا أَتَی الْجِنُّ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یُصَلِّی بِأَصْحَابِهِ یَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَ یَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ فَعَجِبُوا مِنْ طَوَاعِیَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ فَقَالُوا لِقَوْمِهِمْ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ یَدْعُوهُ كَادُوا یَكُونُونَ عَلَیْهِ لِبَداً(2).

«114»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ الْجِنِّ حَتَّی أَتَی الْحَجُونَ فَخَطَّ عَلَیَّ خَطّاً ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَیْهِمْ فَازْدَادُوا عَلَیْهِ (3)

فَقَالَ سَیِّدُهُمْ یُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ أَ لَا أُرْحِلُهُمْ عَنْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّهُ لَنْ یُجِیرَنِی مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ(4).

بیان: قال الفیروزآبادی الأیم ككیس الحیة الأبیض اللطیف أو عام كالإیم بالكسر و قال اشرأب إلیه مد عنقه لینظر أو ارتفع و قال كوم التراب تكویما جعله كومة كومة بالضم أی قطعة قطعة و رفع رأسها و قال فی النهایة فی حدیث عمر إذا أقیمت الصلاة ولی الشیطان و له خبج الخبج بالتحریك الضراط و یروی بالحاء المهملة و فی حدیث آخر من قرأ آیة الكرسی خرج الشیطان و له خبج كخبج الحمار.

و قال الهوی بالفتح الحین الطویل من الزمان و قیل هو مختص باللیل فتوسطته أی دخلت و قمت وسط البیت و فی النهایة المخدع هو البیت الصغیر الذی یكون داخل البیت الكبیر و تضم میمه و تفتح.

ص: 124


1- 1. الدّر المنثور 6: 275 فیه: اخرج ابن جریر و ابن مردویه عن ابن عبّاس.
2- 2. الدّر المنثور 6: 275 فیه: اخرج عبد بن حمید و الترمذی و الحاكم و صححاه و ابن جریر و ابن مردویه و الضیاء فی المختارة عن ابن عبّاس.
3- 3. فی المصدر: فازدحموا علیه.
4- 4. الدّر المنثور 6: 275 فیه: اخرج ابن مردویه و البیهقیّ فی الدلائل عن ابن مسعود. اقول: و قد ذكر فیه حكایات و روایات كثیرة لم یذكرها المصنّف.

و قال فیه لا غول و لا صفر و لكن السعالی هی جمع سعلاة و هم سحرة الجن أی إن الغول لا تقدر علی أن تغول أحدا أو تضله و لكن فی الجن سحرة كسحرة الإنس لهم تلبیس و تخییل و فی القاموس الزوبعة اسم شیطان أو رئیس للجن و منه سمی الإعصار زوبعة و قال الحجون جبل بمعلاة مكة.

«115»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ، رَوَی الْبَیْهَقِیُّ فِی دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ أَبِی دُجَانَةَ وَ اسْمُهُ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ قَالَ: شَكَوْتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِّی نِمْتُ فِی فِرَاشِی فَسَمِعْتُ صَرِیراً كَصَرِیرِ الرَّحَی وَ دَوِیّاً كَدَوِیِّ النَّحْلِ وَ لَمَعَاناً كَلَمْعِ الْبَرْقِ فَرَفَعْتُ رَأْسِی فَإِذَا أَنَا بِظِلٍّ أَسْوَدَ یَعْلُو وَ یَطُولُ بِصَحْنِ دَارِی فَمَسِسْتُ جِلْدَهُ فَإِذَا هُوَ كَجِلْدِ الْقُنْفُذِ فَرَمَی فِی وَجْهِی مِثْلَ شَرَرِ النَّارِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله عَامِرْ دَارَكَ یَا أَبَا دُجَانَةَ ثُمَّ طَلَبَ دَوَاةً وَ قِرْطَاساً وَ أَمَرَ عَلِیّاً علیه السلام أَنْ یَكْتُبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ إِلَی مَنْ طَرَقَ الدَّارَ(1)

مِنَ الْعُمَّارِ وَ الزُّوَّارِ إِلَّا طَارِقاً یَطْرُقُ بِخَیْرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ لَنَا وَ لَكُمْ فِی الْحَقِّ سَعَةً فَإِنْ یَكُنْ عَاشِقاً مُولَعاً أَوْ فَاجِراً مُقْتَحِماً فَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ یَنْطِقُ عَلَیْنَا وَ عَلَیْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ رُسُلَنا(2) یَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ اتْرُكُوا صَاحِبَ كِتَابِی هَذَا وَ انْطَلِقُوا إِلَی عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ وَ إِلَی مَنْ یَزْعُمُ أَنَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَیْ ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ حم لَا یُبْصِرُونَ

حم عسق تَفَرَّقَ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ بَلَغَتْ حُجَّةُ اللَّهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَسَیَكْفِیكَهُمُ اللَّهُ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ قَالَ أَبُو دُجَانَةَ فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ وَ أَدْرَجْتُهُ وَ حَمَلْتُهُ إِلَی دَارِی وَ جَعَلْتُهُ تَحْتَ رَأْسِی فَبِتُّ لَیْلَتِی فَمَا انْتَبَهْتُ إِلَّا مِنْ صُرَاخِ صَارِخٍ یَقُولُ یَا أَبَا دُجَانَةَ أَحْرَقْتَنَا بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَبِحَقِّ صَاحِبِكَ إِلَّا مَا رَفَعْتَ عَنَّا هَذَا الْكِتَابَ فَلَا عَوْدَ لَنَا فِی دَارِكَ وَ لَا فِی جِوَارِكَ وَ لَا

ص: 125


1- 1. فی المصدر: یطرق.
2- 2. فی المصدر: و رسلنا.

فِی مَوْضِعٍ یَكُونُ فِیهِ هَذَا الْكِتَابُ قَالَ أَبُو دُجَانَةَ(1) لَا أَرْفَعُهُ حَتَّی أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

قَالَ أَبُو دُجَانَةَ وَ لَقَدْ طَالَتْ عَلَیَّ لَیْلَتِی مِمَّا سَمِعْتُ مِنْ أَنِینِ الْجِنِّ وَ صُرَاخِهِمْ وَ بُكَائِهِمْ حَتَّی أَصْبَحْتُ فَغَدَوْتُ فَصَلَّیْتُ الصُّبْحَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَخْبَرْتُهُ بِمَا سَمِعْتُ مِنَ الْجِنِّ لَیْلَتِی وَ مَا قُلْتُ لَهُمْ فَقَالَ یَا أَبَا دُجَانَةَ ارْفَعْ عَنِ الْقَوْمِ فَوَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً إِنَّهُمْ لَیَجِدُونَ أَلَمَ الْعَذَابِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ رَوَاهُ الْوَابِلِیُّ الْحَافِظُ فِی كِتَابِ الْإِبَانَةِ وَ الْقُرْطُبِیُّ فِی كِتَابِ التَّذْكِرَةِ(2).

«116»- الْفِرْدَوْسُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا رَأَیْتَ حَیَّةً فِی الطَّرِیقِ فَاقْتُلْهَا فَإِنِّی قَدْ شَرَطْتُ عَلَی الْجِنِّ أَنْ لَا یَظْهَرُوا فِی صُورَةِ الْحَیَّاتِ فَمَنْ ظَهَرَ فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ (3).

بیان: قال فی النهایة فیه أحل بمن أحل بك أی من ترك إحرامه و أحل بك فقاتلك فاحلل أنت أیضا به و قاتله و قیل معناه إذا أحل رجل ما حرم اللّٰه علیه منك فادفعه أنت من نفسك بما قدرت علیه و فی كتاب أبی عبید عن النخعی فی المحرم یعدو علیه السبع أو اللص أحل بمن أحل بك و فیه أنت محل بقومك أی إنك قد أبحت حریمهم و عرضتهم للهلاك.

«117»- وَ أَقُولُ: مِمَّا یُنَاسِبُ ذَلِكَ وَ یُؤَیِّدُهُ مَا ذَكَرُهُ شَارِحُ دِیوَانِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فِی فَوَاتِحِهِ حَیْثُ قَالَ نَقَلَ أُسْتَادُنَا الْعَلَّامَةُ مَوْلَانَا جَلَالُ الدِّینِ مُحَمَّدٌ الدَّوَانِیُّ عَنِ الشَّیْخِ الْعَالِمِ الْعَامِلِ النَّقِیِّ الْكَامِلِ السَّیِّدِ صَفِیِّ الدِّینِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِیجِیِّ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرَ لِیَ الْفَاضِلُ الْعَالِمُ الْمُتَّقِی شَیْخُ أَبُو بَكْرٍ عَنِ الشَّیْخِ بُرْهَانِ الدِّینِ الْمَوْصِلِیِّ وَ هُوَ رَجُلٌ

ص: 126


1- 1. فی المصدر: فقلت: و اللّٰه لا أرفعه.
2- 2. حیاة الحیوان: فی القنفذ. و فیه: قال البیهقیّ: و قد ورد فی حرز ابی دجانة حدیث طویل غیر هذا موضع لا تحل روایته، و هذا الذی رواه البیهقیّ رواه الدیلمیّ الحافظ فی كتاب الانابة و القرطبیّ فی كتاب التذكار فی أفضل الاذكار.
3- 3. فردوس الاخبار: لم یطبع و لیست عندی نسخته.

عَالِمٌ فَاضِلٌ صَالِحٌ وَرِعٌ إِنَّا تَوَجَّهْنَا مِنْ مِصْرَ إِلَی مَكَّةَ نُرِیدُ الْحَجَّ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا وَ خَرَجَ عَلَیْنَا ثُعْبَانٌ فَثَارَ النَّاسُ إِلَی قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ ابْنُ عَمِّی فَاخْتُطِفَ وَ نَحْنُ نَرَی سَعْیَهُ وَ تَبَادُرَ النَّاسِ عَلَی الْخَیْلِ وَ الرِّكَابِ یُرِیدُونَ رَدَّهُ فَلَمْ یَقْدِرُوا عَلَی ذَلِكَ فَحَصَلَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ

عَظِیمٌ فَلَمَّا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ جَاءَ وَ عَلَیْهِ السَّكِینَةُ وَ الْوَقَارُ فَسَأَلْنَاهُ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَتَلْتُ هَذَا الثُّعْبَانَ الَّذِی رَأَیْتُمُوهُ فَصَنَعَ بِی مَا رَأَیْتُمْ وَ إِذَا أَنَا بَیْنَ قَوْمٍ مِنَ الْجِنِّ یَقُولُ بَعْضُهُمْ قَتَلْتَ أَبِی وَ بَعْضُهُمْ قَتَلْتَ أَخِی وَ بَعْضُهُمْ قَتَلْتَ ابْنَ عَمِّی فَتَكَاثَرُوا عَلَیَّ وَ إِذَا رَجُلٌ لَصِقَ بِی وَ قَالَ لِی قُلْ أَنَا أَرْضَی بِاللَّهِ وَ بِالشَّرِیعَةِ الْمُحَمَّدِیَّةِ فَقُلْتُ ذَلِكَ فَأَشَارَ إِلَیْهِمْ أَنْ سِیرُوا إِلَی الشَّرْعِ فَسِرْنَا حَتَّی وَصَلْنَا إِلَی شَیْخٍ كَبِیرٍ عَلَی مَصْطَبَّةٍ فَلَمَّا صِرْنَا بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ خَلُّوا سَبِیلَهُ وَ ادَّعُوا عَلَیْهِ فَقَالَ الْأَوْلَادُ نَدَّعِی عَلَیْهِ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَانَا فَقُلْتُ حَاشَ لِلَّهِ إِنَّا نَحْنُ وَفْدُ بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ نَزَلْنَا هَذَا الْمَنْزِلَ فَخَرَجَ عَلَیْنَا ثُعْبَانٌ فَتَبَادَرَ النَّاسُ إِلَی قَتْلِهِ فَضَرَبْتُهُ فَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا سَمِعَ الشَّیْخُ مَقَالَتِی قَالَ خَلُّوا سَبِیلَهُ سَمِعْتُ بِبَطْنِ نَخْلَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ تَزَیَّا بِغَیْرِ زِیِّهِ فَقُتِلَ فَلَا دِیَةَ وَ لَا قَوَدَ انْتَهَی وَ أَقُولُ أَخْبَرَنِی وَالِدِی قُدِّسَ سِرُّهُ عَنِ الشَّیْخِ الْأَجَلِّ الْبَهِیِّ الشَّیْخِ بَهَاءِ الدِّینِ مُحَمَّدٍ الْعَامِلِیِّ رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ عَنِ الْمَوْلَی الْفَاضِلِ جَمَالِ الدِّینِ مَحْمُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ- عَنْ أُسْتَاذِهِ الْعَلَّامَةِ الدَّوَانِیِّ- عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ جَرَی عَلَیْهِ تِلْكَ الْوَاقِعَةُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ ذَهَبْتُ إِلَی الْخَلَاءِ فَظَهَرَتْ لِی حَیَّةٌ فَقَتَلْتُهَا فَاجْتَمَعَ عَلَیَّ جَمٌّ غَفِیرٌ وَ أَخَذُونِی وَ ذَهَبُوا إِلَی مَلِكِهِمْ وَ هُوَ جَالِسٌ عَلَی كُرْسِیٍّ وَ ادَّعَوْا عَلَیَّ قَتْلَ وَالِدِهِمْ وَ وَلَدِهِمْ وَ قَرِیبِهِمْ كَمَا مَرَّ فَسَأَلَنِی عَنْ دِینِی فَقُلْتُ أَنَا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَی مَلِكِ الْمُسْلِمِینَ فَلَیْسَ لِی أَنْ أَقْضِیَ عَلَیْهِمْ بِعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَذَهَبُوا بِی إِلَی شَیْخٍ أَبْیَضِ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ جَالِسٍ عَلَی سَرِیرٍ وَقَعَتْ حَاجِبَاهُ عَلَی عَیْنَیْهِ فَرَفَعَهُمَا وَ لَمَّا قَصَصْنَا عَلَیْهِ الْقِصَّةَ قَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی أَخَذْتُمُوهُ مِنْهُ

ص: 127

وَ خَلُّوا سَبِیلَهُ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ تَزَیَّا بِغَیْرِ زِیِّهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ فَجَاءُوا بِی إِلَی هَذَا الْمَكَانِ وَ خَلَّوْا سَبِیلِی (1).

«118»- وَ أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ أَخْبَارِ الْجِنِّ لِلشَّیْخِ مُسْلِمِ بْنِ مَحْمُودٍ مِنْ قُدَمَاءِ الْمُخَالِفِینَ رَوَی بِإِسْنَادِهِ عَنْ دِعْبِلِ بْنِ عَلِیٍّ الْخُزَاعِیِّ قَالَ: هَرَبْتُ مِنَ الْخَلِیفَةِ الْمُعْتَصِمِ فَبِتُّ لَیْلَةً بِنَیْسَابُورَ وَحْدِی وَ عَزَمْتُ عَلَی أَنْ أَعْمَلَ قَصِیدَةً فِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ وَ إِنِّی لَفِی ذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ وَ الْبَابَ مَرْدُودٌ عَلَیَّ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَلِجُ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَاقْشَعَرَّ بَدَنِی مِنْ ذَلِكَ وَ نَالَنِی أَمْرٌ عَظِیمٌ فَقَالَ لَا تَرُعْ عَافَاكَ اللَّهُ فَإِنِّی رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ إِخْوَانِكَ ثُمَّ مِنْ سَاكِنِی الْیَمَنِ طَرَأَ إِلَیْنَا طَارٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ أَنْشَدَنَا قَصِیدَتَكَ وَ أَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهَا مِنْكَ فَأَنْشَدْتُهُ:

مَدَارِسُ آیَاتٍ خَلَتْ مِنْ تِلَاوَةٍ***وَ مَنْزِلُ وَحْیٍ مُقْفِرُ الْعَرَصَاتِ

أُنَاسٌ عَلَی الْخَیْرِ مِنْهُمْ وَ جَعْفَرٌ***وَ حَمْزَةُ وَ السَّجَّادُ ذُو الثَّفِنَاتِ

إِذَا فَخَرُوا یَوْماً أَتَوْا بِمُحَمَّدٍ***وَ جِبْرِیلَ وَ الْفُرْقَانِ وَ السُّوَرَاتِ

فَأَنْشَدْتُهُ إِلَی آخِرِهَا فَبَكَی حَتَّی خَرَّ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ أَ لَا أُحَدِّثُكَ حَدِیثاً یَزِیدُ فِی نِیَّتِكَ وَ یُعِینُكَ عَلَی التَّمَسُّكِ بِمَذْهَبِكَ قُلْتُ بَلَی قَالَ مَكَثْتُ حِیناً أَسْمَعُ بِذِكْرِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَصِرْتُ إِلَی الْمَدِینَةِ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عَلِیٌّ وَ أَهْلُ بَیْتِهِ الْفَائِزُونَ ثُمَّ وَدَّعَنِی لِیَنْصَرِفَ فَقُلْتُ رَحِمَكَ اللَّهُ إِنْ رَأَیْتَ أَنْ تُخْبِرَنِی بِاسْمِكَ قَالَ أَنَا ظَبْیَانُ بْنُ عَامِرٍ.

«119»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: رَكِبْنَا فِی بَحْرِ الْخَزَرِ حَتَّی إِذَا كُنَّا غَیْرَ بَعِیدٍ لَجَّجَ مَرْكَبُنَا وَ سَاقَتْهُ الشِّمَالُ شَهْراً فِی اللُّجَّةِ ثُمَّ انْكَسَرَ بِنَا فَوَقَعْتُ أَنَا وَ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ إِلَی جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ لَیْسَ بِهَا أَنِیسٌ فَجَعَلْنَا نَطْمَعُ فِی الْحَیَاةِ وَ أَشْرَفْنَا عَلَی هُوَّةٍ فَإِذَا بِشَیْخٍ مُسْتَنِدٍ إِلَی شَجَرَةٍ عَظِیمَةٍ فَلَمَّا رَآنَا تَحَسْحَسَ وَ أَنَافَ إِلَیْنَا فَفَزِعْنَا مِنْهُ فَدَنَوْنَا فَقُلْنَا السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَأَنِسْنَا بِهِ وَ جَلَسْنَا إِلَیْهِ فَقَالَ مَا خَطْبُكُمَا

ص: 128


1- 1. شرح دیوان: لیست عندی نسخته.

فَأَخْبَرْنَاهُ فَضَحِكَ وَ قَالَ مَا وَطِئَ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ قَطُّ أَحَدٌ إِلَّا أَنْتُمَا فَمَنْ أَنْتُمَا قُلْنَا مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ بِأَبِی وَ أُمِّیَ الْعَرَبَ فَمِنْ أَیِّهَا أَنْتُمَا فَقُلْتُ أَمَّا أَنَا فَرَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ وَ أَمَّا صَاحِبِی فَمِنْ قُرَیْشٍ قَالَ بِأَبِی وَ أُمِّی قُرَیْشاً وَ أَحْمَدَهَا یَا أَخَا خُزَاعَةَ مَنِ الْقَائِلُ:

كَأَنْ لَمْ یَكُنْ بَیْنَ الْحَجُونِ إِلَی الصَّفَا***أَنِیسٌ وَ لَمْ یَسْمُرْ بِمَكَّةَ سَامِرٌ

قُلْتُ نَعَمْ ذَلِكَ الْحَارِثُ بْنُ مُصَاصٍ الْجُرْهُمِیُّ قَالَ هُوَ ذَلِكَ یَا أَخَا قُرَیْشٍ أَ وُلِدَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ قُلْتُ أَیْنَ یَذْهَبُ بِكَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ أَرَی زَمَاناً قَدْ تَقَارَبَتْ أَیَّامُهُ أَ فَوُلِدَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ قُلْتُ إِنَّكَ تَسْأَلُ مَسْأَلَةَ مَنْ كَانَ مِنَ الْمَوْتَی (1)

قَالَ فَتَزَایَدَ ثُمَّ قَالَ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ الْهَادِی علیه السلام قَالَ قُلْتُ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنْذُ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَشَهَقَ شَهْقَةً حَتَّی ظَنَنَّا أَنَّ نَفْسَهُ خَرَجَتْ وَ انْخَفَضَ حَتَّی صَارَ كَالْفَرْخِ فَأَنْشَأَ یَقُولُ:

وَ لَرُبَّ رَاجٍ حِیلَ دُونَ رَجَائِهِ***وَ مُؤَمِّلٍ ذَهَبَتْ بِهِ الْآمَالُ

ثُمَّ جَعَلَ یَنُوحُ وَ یَبْكِی حَتَّی بَلَّ دَمْعُهُ لِحْیَتَهُ فَبَكَیْنَا لِبُكَائِهِ ثُمَّ قُلْنَا أَیُّهَا الشَّیْخُ قَدْ سَأَلْتَنَا فَأَخْبَرْنَاكَ فَسَأَلْنَاكَ بِاللَّهِ إِلَّا أَخْبَرْتَنَا مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا السَّفَّاحُ بْنُ زَفَرَاتِ الْجِنِّیُّ لَمْ أَزَلْ مُؤْمِناً بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ مُصَدِّقاً وَ كُنْتُ أَعْرِفُ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ كُنْتُ أَرْجُو أَنِّی أَرَی مُحَمَّداً وَ أَنِّی لَمَّا تَعَفْرَتَتِ (2) الْجِنُّ وَ تَطَلَّقَتِ الطَّوَالِقُ مِنْهَا خَبَأْتُ نَفْسِی فِی هَذِهِ الْجَزِیرَةِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَ تَوْحِیدِهِ وَ انْتِصَارِ نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ لَا أَبْرَحَ هَاهُنَا حَتَّی أَسْمَعَ بِخُرُوجِهِ وَ لَقَدْ تَقَاصَرَتْ أَعْمَارُ الْآدَمِیِّینَ بَعْدِی لَمَّا صِرْتُ فِی هَذِهِ الْجَزِیرَةِ مُنْذُ أَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ وَ عَبْدُ مَنَافٍ إِذْ ذَاكَ غُلَامٌ یَفَعٌ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ وُلِدَ لَهُ وَ ذَلِكَ أَنَّا نَجِدُ عِلْمَ الْأَحَادِیثِ وَ لَا یَعْلَمُ الْآجَالَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَمَّا أَنْتُمَا أَیُّهَا الرَّجُلَانِ فَبَیْنَكُمَا وَ بَیْنَ الْآدَمِیِّینَ مَسِیرَةُ أَكْثَرِ مِنْ سَنَةٍ وَ لَكِنْ

ص: 129


1- 1. فی المخطوطة: مسألة من الموتی.
2- 2. تعفرت: صار عفریتا. و العفریت: الخبیث المنكر. النافذ الامر مع دهاء و ذلك من الجن و الانس و الشیاطین.

خُذْ هَذَا الْعُودَ وَ أَخْرِجْ مِنْ تَحْتِ رِجْلِهِ عُوداً فَاكْتَفِلَاهُ كَالدَّابَّةِ فَإِنَّهُ یُؤَدِّیكُمَا إِلَی بِلَادِكُمَا فَاقْرَءَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنِّی السَّلَامَ فَإِنِّی طَامِعٌ بِجِوَارِ قَبْرِهِ قَالَ فَفَعَلْنَا مَا أُمِرْنَاهُ بِهِ فَأَصْبَحْنَا فِی آمُدَ(1).

بیان: طرأ أی أتی من مكان بعید و لجج تلجیجا خاض اللجة و هی معظم الماء و تحسحس أی تحرك و أناف علیه أشرف و كان فیه تضمینا و العفریت بالكسر الخبیث و النافذ فی الأمر المبالغ فیه مع دهاء و قد تعفرت فهی عفریتة و تطلقت الطوالق أی نجت من الحبس و شرعت فی الفساد فی القاموس الطالقة من الإبل ناقة ترسل فی الحی ترعی من جنابهم حیث شاءت.

و قال الكفل بالكسر مركب للرجال یؤخذ كساء فیعقد طرفاه فیلقی مقدمه علی الكاهل و مؤخره مما یلی العجز أو شی ء مستدیر یتخذ من خرق و غیرها و یوضع علی سنام البعیر و اكتفل البعیر جعل علیه كفلا و قال آمد بلد بالثغور.

ص: 130


1- 1. اخبار الجن: لیست نسخة عندی.

باب 3 إبلیس لعنه اللّٰه و قصصه و بدء خلقه و مكایده و مصایده و أحوال ذریته و الاحتراز عنهم أعاذنا اللّٰه من شرورهم

الآیات:

البقرة: وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ إِنَّما یَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَ الْفَحْشاءِ وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (1) و قال تعالی الشَّیْطانُ یَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ یَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ(2) و قال سبحانه الَّذِینَ یَأْكُلُونَ الرِّبا لا یَقُومُونَ إِلَّا كَما یَقُومُ الَّذِی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِ (3)

آل عمران: وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ وَ ذُرِّیَّتَها مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ (4) و قال إِنَّما ذلِكُمُ الشَّیْطانُ یُخَوِّفُ أَوْلِیاءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (5)

النساء: وَ مَنْ یَكُنِ الشَّیْطانُ لَهُ قَرِیناً فَساءَ قَرِیناً(6) و قال تعالی فَقاتِلُوا أَوْلِیاءَ الشَّیْطانِ إِنَّ كَیْدَ الشَّیْطانِ كانَ ضَعِیفاً(7) و قال

ص: 131


1- 1. البقرة: 168 و 169.
2- 2. البقرة: 268.
3- 3. البقرة: 275.
4- 4. آل عمران: 26.
5- 5. آل عمران: 157.
6- 6. النساء: 37.
7- 7. النساء: 76.

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ إِلَّا قَلِیلًا(1) و قال تعالی إِنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَ إِنْ یَدْعُونَ إِلَّا شَیْطاناً مَرِیداً لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِیباً مَفْرُوضاً وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّیَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَ مَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطانَ وَلِیًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِیناً یَعِدُهُمْ وَ یُمَنِّیهِمْ وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ لا یَجِدُونَ عَنْها مَحِیصاً(2)

المائدة: إِنَّما یُرِیدُ الشَّیْطانُ أَنْ یُوقِعَ بَیْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ فِی الْخَمْرِ وَ الْمَیْسِرِ وَ یَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (3)

الأنعام: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ یُوحِی بَعْضُهُمْ إِلی بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً(4) و قال وَ إِنَّ الشَّیاطِینَ لَیُوحُونَ إِلی أَوْلِیائِهِمْ لِیُجادِلُوكُمْ (5) و قال تعالی وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ (6)

الأعراف: وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ لَمْ یَكُنْ مِنَ السَّاجِدِینَ قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما یَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِیها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِینَ قالَ أَنْظِرْنِی إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ قالَ فَبِما أَغْوَیْتَنِی لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِیمَ ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِینَ قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِینَ (7) إلی آخر

ص: 132


1- 1. النساء: 83.
2- 2. النساء: 117- 121.
3- 3. المائدة: 91.
4- 4. الأنعام: 112.
5- 5. الأنعام: 121.
6- 6. الأنعام: 142.
7- 7. الأعراف: 11- 18؛.

ما مر فی قصة آدم و قال تعالی وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّیْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِینٌ (1) و قال تعالی یا بَنِی آدَمَ لا یَفْتِنَنَّكُمُ الشَّیْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَیْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ یَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِیُرِیَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ یَراكُمْ هُوَ وَ قَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّیاطِینَ أَوْلِیاءَ لِلَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ (2) و قال تعالی إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّیاطِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (3) و قال تعالی وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ وَ إِخْوانُهُمْ یَمُدُّونَهُمْ فِی الغَیِّ ثُمَّ لا یُقْصِرُونَ (4)

الأنفال: وَ إِذْ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِیدُ الْعِقابِ (5)

یوسف: إِنَّ الشَّیْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِینٌ (6) و قال تعالی فَأَنْساهُ الشَّیْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ (7) و قال مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّیْطانُ بَیْنِی وَ بَیْنَ إِخْوَتِی (8)

إبراهیم: وَ قالَ الشَّیْطانُ لَمَّا قُضِیَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِی فَلا تَلُومُونِی وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِیَّ إِنِّی كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَ

ص: 133


1- 1. الأعراف: 22.
2- 2. الأعراف: 27.
3- 3. الأعراف: 30.
4- 4. الأعراف: 199- 201.
5- 5. الأنفال: 48.
6- 6. یوسف: 5.
7- 7. یوسف: 42.
8- 8. یوسف: 100.

الظَّالِمِینَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (1)

الحجر: وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ رَجِیمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِینٌ (2) و قال سبحانه وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّی خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِیسَ أَبی أَنْ یَكُونَ مَعَ السَّاجِدِینَ قالَ یا إِبْلِیسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِینَ قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِیمٌ وَ إِنَّ عَلَیْكَ اللَّعْنَةَ إِلی یَوْمِ الدِّینِ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِی إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قالَ رَبِّ بِما أَغْوَیْتَنِی لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ قالَ هذا صِراطٌ عَلَیَّ مُسْتَقِیمٌ إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِینَ وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِینَ (3)

النحل: فَزَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِیُّهُمُ الْیَوْمَ (4) و قال تعالی فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ إِنَّهُ لَیْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (5)

الإسراء: إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ كانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ وَ كانَ الشَّیْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً(6) و قال تعالی إِنَّ الشَّیْطانَ یَنْزَغُ بَیْنَهُمْ إِنَّ الشَّیْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا

ص: 134


1- 1. إبراهیم: 22.
2- 2. الحجر: 17 و 18.
3- 3. الحجر: 28- 42.
4- 4. النحل: 62.
5- 5. النحل: 98.
6- 6. الإسراء: 27.

مُبِیناً(1) و قال تعالی وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ قالَ أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِیناً قالَ أَ رَأَیْتَكَ هذَا الَّذِی كَرَّمْتَ عَلَیَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّیَّتَهُ إِلَّا قَلِیلًا قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفی بِرَبِّكَ وَكِیلًا(2)

الكهف: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً(3) و قال تعالی وَ ما أَنْسانِیهُ إِلَّا الشَّیْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ (4)

مریم: یا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّیْطانَ إِنَّ الشَّیْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِیًّا یا أَبَتِ إِنِّی أَخافُ أَنْ یَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّیْطانِ وَلِیًّا(5) و قال تعالی فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّیاطِینَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِیًّا(6) و قال تعالی أَ لَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّیاطِینَ عَلَی الْكافِرِینَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا(7)

طه: فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ إلی قوله تعالی فَوَسْوَسَ إِلَیْهِ الشَّیْطانُ (8)

الأنبیاء: وَ مِنَ الشَّیاطِینِ مَنْ یَغُوصُونَ لَهُ وَ یَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ وَ كُنَّا

ص: 135


1- 1. الإسراء: 53.
2- 2. الإسراء: 60- 65.
3- 3. الكهف: 50 و 51.
4- 4. الكهف: 63.
5- 5. مریم: 44 و 45.
6- 6. مریم: 68.
7- 7. مریم: 83.
8- 8. طه: 116- 120.

لَهُمْ حافِظِینَ (1)

الحج: وَ یَتَّبِعُ كُلَّ شَیْطانٍ مَرِیدٍ كُتِبَ عَلَیْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ یُضِلُّهُ وَ یَهْدِیهِ إِلی عَذابِ السَّعِیرِ(2) و قال تعالی وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِیٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّی أَلْقَی الشَّیْطانُ فِی أُمْنِیَّتِهِ فَیَنْسَخُ اللَّهُ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ ثُمَّ یُحْكِمُ اللَّهُ آیاتِهِ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ لِیَجْعَلَ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ (3)

المؤمنون: وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّیاطِینِ وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ یَحْضُرُونِ (4)

النور: یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ وَ مَنْ یَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّیْطانِ فَإِنَّهُ یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ(5)

الشعراء: فَكُبْكِبُوا فِیها هُمْ وَ الْغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِیسَ أَجْمَعُونَ (6) و قال تعالی وَ ما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّیاطِینُ وَ ما یَنْبَغِی لَهُمْ وَ ما یَسْتَطِیعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ إلی قوله تعالی هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلی مَنْ تَنَزَّلُ الشَّیاطِینُ تَنَزَّلُ عَلی كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمٍ یُلْقُونَ السَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (7)

النمل: وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ (8)

ص: 136


1- 1. الأنبیاء: 82.
2- 2. الحجّ: 3 و 4.
3- 3. الحجّ: 52 و 53.
4- 4. المؤمنون: 97 و 98.
5- 5. النور: 21.
6- 6. الشعراء: 94 و 95.
7- 7. الشعراء: 110- 123.
8- 8. النمل: 24.

القصص: قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِینٌ (1)

سبأ: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ ما كانَ لَهُ عَلَیْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ یُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِی شَكٍّ وَ رَبُّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ حَفِیظٌ(2)

فاطر: إِنَّ الشَّیْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما یَدْعُوا حِزْبَهُ لِیَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِیرِ(3)

یس: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْكُمْ یا بَنِی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ وَ أَنِ اعْبُدُونِی هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِیراً أَ فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (4)

الصافات: وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ مارِدٍ لا یَسَّمَّعُونَ إِلَی الْمَلَإِ الْأَعْلی وَ یُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (5) و قال تعالی طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّیاطِینِ (6)

ص: وَ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ(7) و قال تعالی إِذْ نادی رَبَّهُ أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ (8) و قال تعالی إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّی خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِینٍ فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِیسَ

ص: 137


1- 1. القصص: 15.
2- 2. سبأ: 20 و 21.
3- 3. فاطر: 6.
4- 4. یس: 60- 62.
5- 5. الصافّات: 7- 10.
6- 6. الصافّات: 65.
7- 7. ص: 37 و 38.
8- 8. ص: 41.

اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ قالَ یا إِبْلِیسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِیَدَیَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِینَ قالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِیمٌ وَ إِنَّ عَلَیْكَ لَعْنَتِی إِلی یَوْمِ الدِّینِ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِی إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ قالَ فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِینَ (1)

السجدة: وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ (2)

الزخرف: وَ مَنْ یَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَیِّضْ لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ (3) و قال تعالی وَ لا یَصُدَّنَّكُمُ الشَّیْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ (4)

محمد: الشَّیْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلی لَهُمْ (5)

المجادلة: اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّیْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّیْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (6)

الحشر: كَمَثَلِ الشَّیْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِینَ فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِی النَّارِ خالِدَیْنِ فِیها وَ ذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ (7)

ص: 138


1- 1. ص: 71- 85.
2- 2. فصّلت: 46.
3- 3. الزخرف: 26.
4- 4. الزخرف: 62.
5- 5. محمّد: 25.
6- 6. المجادلة: 19.
7- 7. الحشر: 16 و 17.

الملك: وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّیاطِینِ وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِیرِ وَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ إِذا أُلْقُوا فِیها سَمِعُوا لَها شَهِیقاً وَ هِیَ تَفُورُ تَكادُ تَمَیَّزُ مِنَ الْغَیْظِ كُلَّما أُلْقِیَ فِیها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ یَأْتِكُمْ نَذِیرٌ قالُوا بَلی قَدْ جاءَنا نَذِیرٌ فَكَذَّبْنا وَ قُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِی ضَلالٍ كَبِیرٍ(1)

الناس: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (2)

تفسیر:

وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ قال البیضاوی لا تقتدوا به فی اتباع الهوی فتحرموا الحلال و تحللوا الحرام إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ ظاهر العداوة عند ذوی البصیرة و إن كان یظهر الموالاة لمن یغویه و لذلك سماه ولیا فی قوله أَوْلِیاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ إِنَّما یَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَ الْفَحْشاءِ بیان لعداوته و وجوب التحرز عن متابعته و استعیر الأمر لتزیینه و بعثه لهم علی الشر تسفیها لرأیهم و تحقیرا لشأنهم و السوء و الفحشاء ما أنكره العقل و استقبحه الشرع و العطف لاختلاف الوصفین فإنه سوء لاغتمام العاقل به و فحشاء باستقباحه إیاه.

و قیل السوء یعم القبائح و الفحشاء ما یجاوز الحد فی القبح من الكبائر.

و قیل الأول ما لا حد فیه و الثانی ما شرع فیه الحد وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَی اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ كاتخاذ الأنداد و تحلیل المحرمات و تحریم الطیبات (3).

و قال الرازی اعلم أن أمر الشیطان و وسوسته عبارة عن هذه الخواطر التی نجدها فی أنفسنا و قد اختلف الناس فی هذه الخواطر من وجوه

ص: 139


1- 1. الملك: 5- 9.
2- 2. الناس: 4- 6.
3- 3. أنوار التنزیل 1: 128.

أحدها اختلفوا فی ماهیاتها فقال بعض إنها حروف و أصوات خفیة قالت الفلاسفة(1) إنها تصورات الحروف و الأصوات و أشباهها و تخیلاتها علی مثال الصور المنطبعة فی المرایا فإن تلك الصور تشبه تلك الأشیاء من بعض الوجوه و إن لم تكن مشابهة لها من كل الوجوه و لقائل أن یقول صور هذه الحروف و تخیلاتها هل تشبه هذه الحروف فی كونها حروفا أو لا تشبهها فإن كان

الأول فتصور(2)

الحروف حروف فعاد القول إلی أن هذه الخواطر أصوات و حروف خفیة و إن كان الثانی لم یكن تصورات هذه الحروف حروفا لكنی أجد من نفسی هذه الحروف و الأصوات مترتبة منتظمة علی حسب انتظامها فی الخارج و العربی لا یتكلم فی قلبه إلا بالعربیة و كذا الأعجمی (3) و تصورات هذه الحروف و تعاقبها و توالیها فی الخارج (4) فثبت أنها فی أنفسها حروف و أصوات خفیة.

و ثانیها أن فاعل هذه الخواطر من هو.

أما علی أصلنا أن خالق (5)

الحوادث بأسرها هو اللّٰه تعالی فالأمر ظاهر.

و أما علی أصل المعتزلة فهم لا یقولون بذلك.

و أیضا فإن المتكلم عندهم من فعل الكلام فلو كان فاعل هذه الخواطر هو اللّٰه تعالی و فیها ما یكون كذبا(6)

لزم كون اللّٰه تعالی موصوفا بذلك تعالی اللّٰه عنه.

و لا یمكن أن یقال إن فاعلها هو العبد لأن العبد قد یكره حصول تلك الخواطر و یحتال فی دفعها عن نفسه مع أنها البتة لا یندفع بل ینجر البعض إلی البعض علی سبیل الاتصال فإذا لا بد هاهنا من شی ء آخر و هو إما الملك و إما الشیطان فلعلهما متكلمان بهذا

ص: 140


1- 1. فی المصدر: و قال الفلاسفة.
2- 2. فی المصدر: فصور الحروف.
3- 3. فی المصدر: و كذا العجمی.
4- 4. فی المصدر: و توالیها لا یكون الا علی مطابقة تعاقبها و توالیها فی الخارج.
5- 5. فی المصدر: و هو ان خالق.
6- 6. فی المصدر: كذبا و سخفا.

الكلام فی أقصی الدماغ أو فی أقصی القلب حتی إن الإنسان و إن كان فی غایة الصمم فإنه یسمع هذه الحروف و الأصوات.

ثم إن قلنا بأن الشیطان و الملك ذوات قائمة بأنفسها غیر متحیزة البتة لم یبعد كونها قادرة علی مثل هذه الأفعال و إن قلنا بأنها أجسام لطیفة لم یبعد أیضا أن یقال إنها و إن كانت لا تتولج بواطن البشر إلا أنهم یقدرون علی إیصال هذا الكلام إلی بواطن البشر.

و لا یبعد أیضا أن یقال إنها لغایة لطافتها یقدر علی النفوذ فی مضایق بواطن البشر و مخارق جسمه و توصل الكلام إلی قلبه و دماغه ثم إنها مع لطافتها تكون مستحكمة التركیب بحیث یكون اتصال بعض أجزائه بالبعض اتصالا لا ینفصل فلا جرم لا یقتضی نفوذها فی هذه المضایق و المخارق انفصالها و تفرق أجزائها و كل هذه الاحتمالات مما لا دلیل علی فسادها و الأمر فی معرفة

حقائقها عند اللّٰه تعالی و مما یدل علی إثبات إلهام الملائكة بالخیر قوله تعالی إِذْ یُوحِی رَبُّكَ إِلَی الْمَلائِكَةِ أَنِّی مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِینَ آمَنُوا(1) أی ألهموهم بالثبات (2) و یدل علیه من الأخبار

قَوْلُهُ صلی اللّٰه علیه و آله: لِلشَّیْطَانِ لَمَّةٌ بِابْنِ آدَمَ وَ لِلْمَلَكِ لَمَّةٌ.

وَ فِی الْحَدِیثِ أَیْضاً: إِذَا وُلِدَ الْمَوْلُودُ لِبَنِی آدَمَ قَرَنَ إِبْلِیسُ بِهِ شَیْطَاناً وَ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ مَلَكاً فَالشَّیْطَانُ جَاثِمٌ عَلَی أُذُنِ قَلْبِهِ الْأَیْسَرِ وَ الْمَلَكُ قَائِمٌ (3) عَلَی أُذُنِ قَلْبِهِ الْأَیْمَنِ فَهُمَا یَدْعُوَانِهِ.

و من الصوفیة و الفلاسفة من فسر الملك الداعی إلی الخیر بالقوة العقلیة و فسر الشیطان الداعی إلی الشر بالقوة الشهوانیة و الغضبیة و دلت الآیة علی أن الشیطان لا یأمر إلا بالقبائح لأن اللّٰه تعالی ذكره بكلمة إنما و هی للحصر و قال بعض العارفین إن الشیطان قد یدعو إلی الخیر لكن لغرض أن یجره منه إلی الشر و ذلك إلی

ص: 141


1- 1. الأنفال: 12.
2- 2. فی المصدر: بالثبات و شجعوهم علی اعدائهم.
3- 3. فی المصدر: و الملك جاثم.

أنواع إما أن یجره من الأفضل إلی الفاضل السهل أو من السهل إلی الأفضل الأشق (1)

لیصیر ازدیاد المشقة سببا لحصول النفرة عن الطاعة بالكلیة(2).

و قال فی قوله تعالی الشَّیْطانُ یَعِدُكُمُ الْفَقْرَ اختلفوا فی الشیطان فقیل إبلیس و قیل سائر الشیاطین و قیل شیاطین الجن و الإنس و قیل النفس الأمارة بالسوء و الوعد یستعمل فی الخیر و الشر و یمكن أن یكون هذا محمولا علی التهكم و قد مر الكلام فی حقیقة الوسوسة فی تفسیر الاستعاذة.

و روی ابن مسعود أن للشیطان لمة و هی الإیعاد بالشر و للملك لمة و هی الوعد بالخیر فمن وجد ذلك فلیعلم أنه من اللّٰه و من وجد الأول فلیتعوذ باللّٰه من الشیطان الرجیم و قرأ هذه الآیة و روی الحسن قال بعض المهاجرین من سره أن یعلم مكان الشیطان منه فلیتأمل موضعه من المكان الذی منه یجد الرغبة فی فعل المنكر.

و الفحشاء البخل و الفاحش عند العرب البخل (3) و قال فی قوله تعالی إِلَّا كَما یَقُومُ الَّذِی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِ التخبط معناه التصرف علی غیر استواء و تخبطه الشیطان إذا مسه بخبل أو جنون و تسمی إصابة الشیطان بالجنون و الخبل خبطة و المس

الجنون یقال مس الرجل فهو ممسوس و به مس و أصله من المس بالید كان الشیطان یمس الإنسان فیجننه ثم سمی الجنون مسا كما أن الشیطان یتخبطه و یطؤه برجله فیخبله فسمی الجنون خبطة فالتخبط بالرجل و المس بالید.

و قال الجبائی و الناس یقولون المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لأن الشیطان یمسه و یصرعه و هذا باطل لأن قدرة الشیطان ضعیفة(4)

لا یقدر علی صرع

ص: 142


1- 1. فی المصدر: اما ان یجره من الافضل الی الفاضل لیتمكن من ان یخرجه من الفاضل الی الشر، و اما ان یجره من الفاضل الاسهل الی الافضل الاشق.
2- 2. تفسیر الرازیّ 5: 4 و 5( ط مصر بالمطبعة البهیة).
3- 3. تفسیر الرازیّ 7: 68 و 69 و فیه اختصار.
4- 4. فی المصدر: لان الشیطان ضعیف.

الناس و قتلهم و یدل علیه وجوه أحدها قوله تعالی حكایة عن الشیطان وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِی و هذا صریح فی أنه لیس للشیطان قدرة علی الصرع و القتل و الإیذاء.

و الثانی أن الشیطان إما أن یقال إنه كثیف الجسم أو یقال إنه من الأجسام اللطیفة فإن كان الأول وجب أن یری و یشاهد إذ لو جاز فیه أن یكون كثیفا و یحضر ثم لا یری لجاز أن یكون بحضرتنا شموس و رعود و بروق و جبال و نحن لا نراها و ذلك جهالة عظیمة و لأنه لو كان جسما كثیفا فكیف یمكنه أن یدخل فی باطن بدن الإنسان و أما إن كان جسما لطیفا كالهواء فمثل هذا یمتنع أن تكون فیه صلابة و قوة فیمتنع أن یكون قادرا علی أن یصرع الإنسان و یقتله.

الثالث لو كان الشیطان یقدر علی أن یصرع الإنسان فیقتله لصح أن یفعل مثل معجزات الأنبیاء و ذلك یجر الطعن فی النبوة.

الرابع أن الشیطان لو قدر علی ذلك فلم لا یصرع جمیع المؤمنین و لا یخبطهم (1) من شدة عداوته مع أهل الإیمان و لم لا یغصب أموالهم و یفسد أحوالهم و یفشی أسرارهم و یزیل عقولهم و كل ذلك ظاهر الفساد.

و احتج القائلون بأن الشیطان یقدر علی هذه الأشیاء بوجهین.

الأول ما روی أن الشیاطین فی زمان سلیمان علیه السلام كانوا یعملون الأعمال الشاقة علی ما حكی اللّٰه عنهم أنهم كانوا یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ و الجواب عنه أنه تعالی كثف (2)

أجسامهم فی زمان سلیمان ع.

و الثانی أن هذه الآیة و هی قوله تعالی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِ صریح فی أن تخبطه كان من الشیطان و مسه مسببا(3) عنه.

ص: 143


1- 1. فی المصدر: لم لا یخبطهم.
2- 2. فی المصدر: انه كلفهم.
3- 3. فی المصدر: صریح فی أن یتخبطه الشیطان بسبب مسه.

و الجواب عنه أن الشیطان یمسه بالوسوسة الموذیة التی یحدث عندها الصرع و هو كقول أیوب أَنِّی مَسَّنِیَ الشَّیْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ و إنما یحدث الصرع عند تلك الوسوسة فلا جرم فیصرع عند تلك الوسوسة(1) كما یفزع الجبان من الموضع الخالی و بهذا المعنی (2) لا یوجد هذا الخبط من الفضلاء الكاملین و أهل الحزم و العقل و إنما یوجد فیمن به نقص فی المزاج و خلل فی الدماغ و هذا جملة كلام الجبائی فی هذا الباب.

و ذكر القفال وجها آخر فیه و هو أن الناس یضیفون الصرع إلی الشیطان و إلی الجن فخوطبوا علی ما تعارفوه من هذا.

و أیضا من عادة الناس أنهم إذا أرادوا تقبیح شی ء یضیفوه إلی الشیطان كما فی قوله تعالی طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّیاطِینِ و قال الطبرسی قدس سره قیل إن هذا علی وجه التشبیه لأن الشیطان لا یصرع الإنسان علی الحقیقة و لكن من غلب علیه المرة السوداء و ضعف (3)

ربما یخیل إلیه الشیطان أمورا هائلة و یوسوس إلیه فیقع الصرع عند ذلك من فعل اللّٰه تعالی و نسب ذلك إلی الشیطان مجازا لما كان ذلك عند وسوسته عن الجبائی.

و قیل یجوز أن یكون الصرع من فعل الشیطان فی بعض الناس دون بعض عن أبی الهذیل و ابن الإخشید قالا لأن الظاهر من القرآن یشهد به و لیس فی العقل ما یمنع منه و لا یمنع اللّٰه سبحانه الشیطان عنه امتحانا لبعض الناس و عقوبة لبعض علی ذنب ألم به و لم یتب منه كما یسلط بعض الناس علی بعض فیظلمه و یأخذ ماله و لا یمنعه اللّٰه منه (4).

ص: 144


1- 1. فی المصدر: و انما یحدث الصرع عند تلك الوسوسة لان اللّٰه تعالی خلقه من ضعف الطباع و غلبة السوداء علیه بحیث عند الوسوسة فلا یجترئ فیصرع عند تلك الوسوسة.
2- 2. فی المصدر: و لهذا المعنی.
3- 3. فی المصدر: او ضعف عقله.
4- 4. مجمع البیان 2: 389.

وَ إِنِّی أُعِیذُها بِكَ قال البیضاوی أجیرها بحفظك الرَّجِیمِ المطرود و أصل الرجم الرمی بالحجارة

وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ مَوْلُودٍ یُولَدُ إِلَّا وَ الشَّیْطَانُ یَمَسُّهُ حِینَ یُولَدُ فَیَسْتَهِلُّ مِنْ مَسِّهِ إِلَّا مَرْیَمَ وَ ابْنَهَا.

و معناه أن الشیطان یطمع فی إغواء كل مولود بحیث یتأثر منه إلا مریم و ابنها فإن اللّٰه تعالی عصمها(1)

ببركة هذه الاستعاذة(2).

إِنَّما ذلِكُمُ الشَّیْطانُ یُخَوِّفُ قال الرازی قوله الشیطان خبر ذلكم بمعنی إنما ذلكم المثبط هو الشیطان یُخَوِّفُ أَوْلِیاءَهُ جملة مستأنفة بیان لشیطنته أو الشیطان صفة لاسم الإشارة و یخوف الخبر و المراد بالشیطان الركب و قیل نعیم بن مسعود و سمی شیطانا لعتوه و تمرده فی الكفر كقوله شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِ و قیل هو الشیطان یخوف أولیاءه بالوسوسة(3).

و قال فی قوله سبحانه إِنَّ كَیْدَ الشَّیْطانِ كانَ ضَعِیفاً لأن اللّٰه ینصر أولیاءه و الشیطان ینصر أولیاءه و لا شك أن نصرة الشیطان لأولیائه أضعف من نصرة اللّٰه لأولیائه أ لا تری أن أهل الخیر و الدین یبقی ذكرهم الحمید علی وجه الدهر و إن كانوا حال حیاتهم فی غایة الفقر و الذلة و أما الملوك و الجبابرة فإذا ماتوا انقرضوا(4) و لا یبقی فی الدنیا رسمهم و لا ظلمهم و الكید السعی فی فساد الحال علی جهة الحیلة و فائدة إدخال كان للتأكید لضعف كیده یعنی أنه منذ كان كان موصوفا بالضعف و الذلة(5)

و قال البیضاوی وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ بإرسال الرسول و إنزال الكتاب لَاتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ بالكفر و الضلال إِلَّا قَلِیلًا إلا قلیلا منكم تفضل اللّٰه علیه بعقل راجح اهتدی به إلی الحق و الصواب و عصمه عن متابعة الشیطان كزید بن نفیل

ص: 145


1- 1. فی المصدر: عصمهما.
2- 2. أنوار التنزیل 1: 203.
3- 3. تفسیر الرازیّ 9: 102.
4- 4. فی المصدر: انقرض أثرهم.
5- 5. تفسیر الرازیّ 10: 184.

و ورقة بن نوفل أو إلا اتباعا قلیلا علی الندور(1).

و قال فی قوله سبحانه إِنْ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً یعنی اللات و العزی و مناة و نحوها كان لكل حی صنم یعبدونه و یسمونه أنثی بنی فلان و ذلك إما لتأنیث أسمائها أو لأنها كانت جمادات و الجمادات تؤنث من حیث إنها ضاهت الإناث لانفعالها و لعله تعالی ذكرها بهذا الاسم تنبیها علی أنهم یعبدون ما یسمونه إناثا لأنه ینفعل و لا یفعل و من حق المعبود أن یكون فاعلا غیر منفعل لیكون دلیلا علی تناهی جهلهم و فرط حماقتهم.

و قیل المراد الملائكة لقولهم بنات اللّٰه وَ إِنْ یَدْعُونَ و إن یعبدون بعبادتها إِلَّا شَیْطاناً مَرِیداً لأنه الذی أمرهم بعبادتها و أغراهم علیها فكان طاعته فی ذلك عبادة له و المارد و المرید الذی لا یعلق بخیر و أصل التركیب للملابسة و منه صرح ممرد و غلام أمرد و شجرة مرداء للتی تناثر ورقها لَعَنَهُ اللَّهُ صفة ثانیة للشیطان وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِیباً مَفْرُوضاً عطف علیه أی شیطانا مریدا جامعا بین لعنة اللّٰه و هذا القول الدال علی فرط عداوته للناس.

وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ عن الحق وَ لَأُمَنِّیَنَّهُمْ الأمانی الباطلة كطول (2) البقاء و أن لا بعث و لا عقاب وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ یشقونها لتحریم ما أحله اللّٰه و هی عبارة عما كانت العرب تفعل بالبحائر(3) و السوائب و إشارة إلی تحریم كل ما أحل اللّٰه و نقص كل ما

خلق كاملا بالفعل أو بالقوة وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ عن وجهه صورة أو صفة و یندرج فیه ما قیل من فق ء عین الحامی و خصاء العبید و الوشر و الوشم (4)

و اللواط و السحق و نحو ذلك و عبادة الشمس و القمر و تغییر فطرة اللّٰه

ص: 146


1- 1. أنوار التنزیل 1: 291.
2- 2. فی المصدر: كطول الحیاة.
3- 3. البحائر جمع البحیرة ای مشقوق الاذان كما كانت العرب تفعلها فی الجاهلیة بانعامهم.
4- 4. الوشم: غرز الابرة فی البدن و ذر النیل علیه. یقال له بالفارسیة: خال كوبی. و الوشر: تحدید الأسنان و ترقیقها.

التی هی الإسلام و استعمال الجوارح و القوی فیما لا یعود علی النفس كمالا و لا یوجب لها من اللّٰه زلفا و عموم اللفظ یمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا فی خصاء البهائم للحاجة و الجمل الأربع حكایة عما ذكره الشیطان نطقا أو أتاه فعلا.

وَ مَنْ یَتَّخِذِ الشَّیْطانَ وَلِیًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ بإیثاره ما یدعوه إلیه علی ما أمره اللّٰه به و مجاوزته عن طاعة اللّٰه إلی طاعته فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِیناً إذ ضیع رأس ماله و بدل مكانه من الجنة بمكان من النار یَعِدُهُمْ ما لا ینجز وَ یُمَنِّیهِمْ ما لا ینالون وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً و هو إظهار النفع فیما فیه الضرر و هذا الوعد إما بالخواطر الفاسدة أو بلسان أولیائه وَ لا یَجِدُونَ عَنْها مَحِیصاً معدلا و مهربا(1).

و قال الرازی بعد إیراد كلام المفسرین و یخطر ببالی هاهنا وجه آخر فی تخریج الآیة علی سبیل المعنی و ذلك لأن دخول الضرر و المرض فی الشی ء یكون علی ثلاثة أوجه التشوش و النقصان و البطلان فادعی الشیطان إلقاء أكثر الخلق فی مرض الدین و ضرر الدین و هو قوله وَ لَأُمَنِّیَنَّهُمْ ثم إن هذا المرض لا بد و أن یكون علی أحد العلل الثلاثة التی ذكرناها و هی التشوش و النقصان و البطلان.

فأما التشوش فالإشارة إلیه بقوله وَ لَأُمَنِّیَنَّهُمْ و ذلك لأن صاحب الأمانی یستعمل عقله و فكره فی استخراج المعانی الدقیقة و الحیل و الوسائل اللطیفة فی تحصیل المطالب الشهوانیة و الغضبیة فهذا مرض روحانی من جنس التشوش.

و أما النقصان فالإشارة إلیه بقوله وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ و ذلك لأن بتك الآذان نوع من النقصان و هذا لأن الإنسان إذا صار بحیث یستغرق العقل فی طلب الدنیا صار فاتر الرأی ضعیف الحزم فی طلب الآخرة.

و أما البطلان فالإشارة بقوله فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ و ذلك لأن التغییر(2)

یوجب بطلان الصفة الحاصلة فی المرة الأولی و من المعلوم أن من بقی مواظبا علی طلب اللذات العاجلة معرضا عن السعادات الروحانیة فلا یزال یشتد فی قلبه الرغبة فی الدنیا

ص: 147


1- 1. أنوار التنزیل 1: 303 و 304.
2- 2. فی المصدر: التغییر.

و النفرة عن الآخرة و لا یزال تتزاید هذه الأحوال إلی أن یتغیر القلب بالكلیة فلا یخطر بباله ذكر الآخرة البتة و لا یزول عن خاطره حب الدنیا البتة فتكون حركته و سكونه و قوله (1)

لأجل الدنیا و ذلك یوجب تغیر الخلقة(2) لأن الأرواح البشریة إنما دخلت هذا العالم الجسمانی علی سبیل السفر و هی متوجهة إلی عالم القیامة.

فإذا نسیت معادها و ألفت هذه المحسوسات التی لا بد من انقضائها و فنائها كان هذا بالحقیقة تغیر الخلقة(3)

و هو كما قال تعالی وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ و قال فَإِنَّها لا تَعْمَی الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ(4) و قال فی قوله تعالی إِنَّما یُرِیدُ الشَّیْطانُ إلخ أما وجه العداوة فی الخمر فإن الظاهر فیمن یشربها أنه یشربها مع جماعة و یكون غرضه من ذلك الشرب أن یستأنس برفقائه و یفرح بمحادثتهم و مكالمتهم و كان غرضه من ذلك الاجتماع تأكید الألفة و المحبة إلا أن ذلك ینقلب فی الأغلب إلی الضد لأن الخمر تزیل العقل و إذا زال العقل استولت الشهوة و الغضب من غیر مدافعة العقل و عند استیلائهما تحصل المنازعة بین أولئك الأحباب و تلك المنازعة ربما أدت إلی الضرب و القتل و المشافهة بالفحش و ذلك یوجب أشد(5) العداوة و البغضاء(6).

و أما المیسر ففیه بإزاء التوسعة علی المحتاجین الإجحاف بأرباب الأموال لأن من صار مغلوبا فی القمار مرة دعاه ذلك إلی اللجاج فیه علی رجاء أنه ربما صار غالبا

ص: 148


1- 1. فی المصدر: و قوله و فعله.
2- 2. فی المصدر: تغییرا للخلقة.
3- 3. فی المصدر: تغییرا للخلقة.
4- 4. تفسیر الرازیّ 11: 49 و 50.
5- 5. فی المصدر: یورث.
6- 6. زاد فی المصدر: فالشیطان یسول ان الاجتماع علی الشرب یوجب تأكید الالفة و المحبة. و بالأخرة انقلب الامر و حصلت نهایة العداوة و البغضاء.

فیه و قد یتفق أن لا یحصل له ذلك إلی أن لا یبقی له شی ء من المال و إلی أن یقامر علی لحیته و أهله و ولده و لا شك أنه یبقی بعد ذلك فقیرا مسكینا و یصیر من أعدی الأعداء لأولئك الذین كانوا غالبین له فظهر أن الخمر و المیسر سببان عظیمان فی إثارة العداوة و البغضاء بین الناس و لا شك أن شدة العداوة و البغضاء تفضی إلی أحوال مذمومة من الهرج و المرج و الفتن و كل ذلك مضار لمصالح العالم و أشار إلی المفاسد الدینیة بقوله تعالی وَ یَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ(1) قوله وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا قیل المراد كما أمرناك بعداوة قومك من المشركین فقد أمرنا من قبلك بمعاداة أعدائهم من الجن و الإنس و متی أمر اللّٰه رسوله بمعاداة قوم من المشركین فقد جعلهم أعداء له.

و قیل معناه حكمنا بأنهم أعداء و أخبرنا بذلك لیعاملوهم معاملة الأعداء فی الاحتراز عنهم.

و قیل أی خلینا بینهم و بین اختیارهم العداوة لم نمنعهم من ذلك جبرا.

و قیل إنه سبحانه لما أرسل إلیهم الرسل و أمرهم بدعائهم إلی الإسلام و خلع الأنداد نصبوا عند ذلك العداوة لأنبیائه فلذا أضاف تعالی إلی نفسه و المراد بشیاطین الإنس و الجن مردة الكفار من الفریقین.

و قیل إن شیاطین الإنس الذین یغوونهم و شیاطین الجن الذین هم من ولد إبلیس. و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی تفسیر الكلبی عن ابن عباس أن إبلیس جعل جنده فریقین فبعث فریقا منهم إلی الإنس و فریقا إلی الجن فشیاطین الإنس و الجن أعداء الرسل و المؤمنین فتلقی (2)

شیاطین الإنس و شیاطین الجن فی كل حین فیقول بعضهم لبعض أضللت صاحبی بكذا فأضل صاحبك بمثلها فكذلك یوحی بعضهم إلی بعض

ص: 149


1- 1. تفسیر الرازیّ 12: 80 و 81.
2- 2. فی المصدر فیلتقی.

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَیْضاً أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الشَّیَاطِینَ یَلْقَی بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَیُلْقِی إِلَیْهِ مَا یُغْوِی بِهِ الْخَلْقَ حَتَّی یَتَعَلَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.

یُوحِی أی یوسوس و یلقی خفیة زُخْرُفَ الْقَوْلِ أی المموه المزین الذی یستحسن ظاهره و لا حقیقة له و لا أصل غُرُوراً أی یغرونهم بذلك غرورا أو لیغروهم بذلك (1).

و قال الرازی اعلم أنه لا یجب أن یكون كل معصیة تصدر عن إنسان فإنها تكون بسبب وسوسة شیطان و إلا لزم التسلسل أو الدور(2)

فوجب الاعتراف بانتهاء هذه القبائح و المعاصی إلی قبیح أول و معصیة سابقة حصلت لا بوسوسة شیطان آخر إذا ثبت هذا فنقول إن أولئك الشیاطین كما أنهم یلقون الوساوس إلی الإنس و الجن فقد یوسوس بعضهم بعضا و للناس فیه مذاهب منهم من قال الأرواح إما فلكیة و إما أرضیة و الأرواح الأرضیة منها طیبة طاهرة(3)

و منها خبیثة قذرة شریرة تأمر بالمعاصی و القبائح و هم الشیاطین.

ثم إن تلك الأرواح الطیبة كما أنها تأمر الناس بالطاعات و الخیرات فكذلك قد یأمر بعضهم بعضا بالطاعات و الأرواح الخبیثة كما أنها تأمر الناس بالقبائح و المنكرات فكذلك قد یأمر بعضهم بعضا بتلك القبائح و الزیادة فیها و ما لم یحصل نوع من أنواع المناسبة بین النفوس البشریة و بین تلك الأرواح لم یحصل ذلك الانضمام بالنفوس البشریة و إذا كانت طاهرة نقیة عن الصفات الذمیمة كانت فی جنس الأرواح الخبیثة فتنتظم (4) إلیها.

ص: 150


1- 1. مجمع البیان 4: 352.
2- 2. فی المصدر: و الا لزم دخول التسلسل او الدور فی هؤلاء الشیاطین.
3- 3. فی المصدر: طاهرة خیرة، آمرة بالطاعة و الافعال الحسنة و هم الملائكة الارضیة.
4- 4. هكذا فی المصدر المطبوع و المخطوط، و الصحیح كما فی المصدر: فالنفوس البشریة إذا كانت طاهرة نقیة عن الصفات الذمیمة كانت من جنس الأرواح الطاهرة فتنضم الیها، و إذا كانت خبیثة موصوفة بالصفات الذمیمة كانت من جنس الأرواح الخبیثة فتنضم إلیها ثمّ ان صفات الطهارة.

ثم إن صفات الطهر كثیرة و صفات النقص و الخسران (1) كثیرة و بحسب كل نوع منها طوائف من البشر و طوائف من الأرواح الأرضیة.

و بحسب تلك المجانسة و المشابهة و المشاكلة ینضم الجنس إلی جنسه فإن كان ذلك فی أفعال الخیر كان الحاصل (2)

علیها ملكا و كان تقویة ذلك الخاطر إلهاما و إن كان فی باب الشر كان الحاصل (3)

علیها شیطانا و كان تقویة ذلك الخاطر وسوسة و یقال (4)

فلان یزخرف كلامه إذا زینه بالباطل و الكذب و كل شی ء حسن مموه فهو مزخرف.

و تحقیقه أن الإنسان ما لم یعتقد فی أمر من الأمور كونه مشتملا علی خیر راجح و نفع زائد فإنه لا یرغب فیه و لذلك سمی الفاعل المختار مختارا لكونه طالبا للخیر و النفع ثم إن كان هذا الاعتقاد مطابقا للمعتقد فهو الحق و الصدق و الإلهام و إن كان صادرا من الملك و إن لم یكن مطابقا للمعتقد فحینئذ یكون ظاهره مزینا لأنه فی اعتقاده سبب للنفع الزائد و الصلاح الراجح و یكون باطنه فاسدا لأن هذا الاعتقاد غیر مطابق للمعتقد فكان مزخرفا(5).

قوله تعالی وَ إِنَّ الشَّیاطِینَ قال الطبرسی قدس سره یعنی علماء الكافرین و رؤساءهم المتمردین فی كفرهم لَیُوحُونَ أی یوحون و یشیرون إِلی أَوْلِیائِهِمْ الذین اتبعوهم من الكفار لِیُجادِلُوكُمْ فی استحلال المیتة و قال ابن عباس معناه و إن الشیاطین من الجن و هم إبلیس و جنوده لیوحون إلی أولیائهم من الإنس و الوحی إلقاء

ص: 151


1- 1. فی المصدر: و صفات الخبث و النقصان.
2- 2. فی المصدر: الحامل علیها.
3- 3. فی المصدر: الحامل علیها.
4- 4. اختصره المصنّف و تمامه: إذا عرفت هذا الأصل فنقول: انه تعالی عبر عن هذه الحالة المذكورة بقوله:[ یوحی بعضهم الی بعض زخرف القول غرورا] فیجب علینا تفسیر الفاظ ثلاثة: الأول الوحی و هو عبارة عن الایماء و القول السریع. و الثانی الزخرف و هو الذی یكون باطنه باطلا، و ظاهره مزینا ظاهرا یقال:
5- 5. تفسیر الرازیّ 13: 154 و 155.

المعنی إلی النفس من وجه خفی و هم یلقون الوسوسة إلی قلوب أهل الشرك (1)

قوله فَبِما أَغْوَیْتَنِی قیل أی خیبتنی من رحمتك و جنتك و قیل أی صرت سببا لغوایتی بأن أمرتنی بالسجود لآدم فغویت عنده و قیل أی أهلكتنی بلعنك إیای و قیل هذا جری علی اعتقاد إبلیس فإنه كان مجبرا لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ أی أرصد لهم لأقطع سبیلهم صِراطَكَ الْمُسْتَقِیمَ أی دین الحق أو الأعم و هو منصوب علی الظرفیة و قیل تقدیره علی صراطك ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ إلخ أی من جمیع الجهات و بأی وجه أمكنه.

و قیل من جهة دنیاهم و آخرتهم و من جهة حسناتهم و سیئاتهم عن ابن عباس و غیره.

و حاصله أنی أزین لهم الدنیا و أخوفهم بالفقر و أقول لهم لا جنة و لا نار و لا بعث و لا حساب و أثبطهم عن الحسنات و أشغلهم عنها و أحبب إلیهم السیئات و أحثهم علیها قال ابن عباس و إنما لم یقل و من فوقهم لأن فوقهم جهة نزول الرحمة من السماء فلا سبیل له إلی ذلك و لم یقل من تحت أرجلهم لأن الإتیان منه موحش.

و قیل مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ و عَنْ أَیْمانِهِمْ من حیث یبصرون وَ مِنْ خَلْفِهِمْ و عَنْ شَمائِلِهِمْ من حیث لا یبصرون

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ مَعْنَاهُ أُهَوِّنُ عَلَیْهِمْ أَمْرَ الْآخِرَةِ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ آمُرُهُمْ بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ وَ الْبُخْلِ بِهَا عَنِ الْحُقُوقِ لِتَبْقَی لِوَرَثَتِهِمْ وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ أُفْسِدُ عَلَیْهِمْ أَمْرَ دِینِهِمْ بِتَزْیِینِ الضَّلَالَةِ وَ تَحْسِینِ الشُّبْهَةِ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ بِتَحْبِیبِ اللَّذَّاتِ إِلَیْهِمْ وَ تَغْلِیبِ الشَّهَوَاتِ عَلَی قُلُوبِهِمْ (2).

و قال البیضاوی مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ من حیث یعلمون و یقدرون علی التحرز

ص: 152


1- 1. مجمع البیان 4: 358.
2- 2. الظاهر أنّه یتم الی هاهنا كلام ابی جعفر علیه السلام، و ذكر الأقوال و الروایة الطبرسیّ فی مجمع البیان 4: 404.

عنه وَ مِنْ خَلْفِهِمْ من حیث لا یعلمون و لا یقدرون وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ من حیث یتیسر لهم أن یعلموا أو یتحرزوا و لكن لم یفعلوا لعدم تیقظهم و احتیاطهم و إنما عدی الفعل إلی الأولین بحرف الابتداء لأنه منهما متوجه إلیهم و إلی الآخرین بحرف المجاوزة لأن الآتی منهما كالمنحرف عنهم المار علی عرضهم و نظیره قولهم جلست عن یمینه وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِینَ مطیعین و إنما قاله ظنا لقوله وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ لما رأی مبدأ الشر فیهم متعددا و مبدأ الخیر واحدا و قیل سمعه من الملائكة مَذْؤُماً أی مذموما مَدْحُوراً مطرودا(1).

و قال الرازی بعد ذكر بعض هذه الوجوه أما حكماء الإسلام فقد ذكروا فیها وجوها أخری.

أولها و هو الأشرف الأقوی أن فی البدن قوی أربعا هی الموجبة لفوات السعادات الروحانیة.

فإحداها القوة الخیالیة التی تجمع فیها صور المحسوسات و مثلها و هی موضوعة فی البطن المقدم من الدماغ و صور المحسوسات إنما ترد علیها من مقدمها و إلیه الإشارة بقوله مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ و القوة الثانیة القوة الوهمیة التی تحكم فی غیر المحسوسات بالأحكام المناسبة للمحسوسات و هی موضوعة فی البطن المؤخر من الدماغ و إلیه الإشارة بقوله وَ مِنْ خَلْفِهِمْ و القوة الثالثة الشهوة و هی موضوعة فی الكبد و هی یمین (2)

البدن و القوة الرابعة الغضب و هی موضوعة فی البطن الأیسر من القلب فهذه القوی الأربع هی التی تتولد منها أحوال توجب زوال السعادة الروحانیة و الشیاطین الخارجیة ما لم تستعن بشی ء من هذه القوی الأربع لم یقدر علی إلقاء الوسوسة فهذا هو السبب فی تعیین الجهات الأربع و هو وجه حقیقی شریف.

ص: 153


1- 1. أنوار التنزیل 1: 417.
2- 2. فی المصدر: و هی من یمین البدن.

و ثانیها أن قوله لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ المراد منه الشبهات المبنیة علی التشبیه إما فی الذات و الصفات مثل شبه المجسمة و إما فی الأفعال مثل شبه المعتزلة فی التعدیل و التخویف و التحسین و التقبیح وَ مِنْ خَلْفِهِمْ المراد منه الشبهات الناشئة من التعطیل.

أما الأول فلأن الإنسان یشاهد هذه الجسمانیات و أحوالها و هی حاضرة بین یدیه فیعتقد أن الغائب یجب أن یكون مساویا لهذا الشاهد و هذا یوجب أن یكون مِنْ خَلْفِهِمْ كنایة عن التعطیل لأنه خلافه و أما قوله عَنْ أَیْمانِهِمْ فالمراد به الترغیب فی ترك المأمورات وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ الترغیب فی ترك المنهیات (1).

و ثالثها نقل عن شقیق أنه قال ما من صباح إلا و یأتینی الشیطان من الجهات الأربع من بین یدی و من خلفی و عن یمینی و عن شمالی أما بین یدی فیقول لا تخف فإن اللّٰه غفور رحیم فأقرأ وَ إِنِّی لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً(2) و أما من خلفی فیخوفنی من وقوع أولادی فی الفقر فأقرأ وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِی الْأَرْضِ إِلَّا عَلَی اللَّهِ رِزْقُها(3) و أما من قبل یمینی فیأتینی من قبل النساء(4) فأقرأ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ (5) و أما من قبل شمالی فیأتینی من قبل الشهوات فأقرأ وَ حِیلَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ ما یَشْتَهُونَ (6) ثم قال فالغرض منه أنه یبالغ فی إلقاء الوسوسة و لا یقصر فی وجه من الوجوه الممكنة.

وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الشَّیْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِطَرِیقِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ تَدَعُ دِینَ آبَائِكَ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِیقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ لَهُ تَدَعُ دِیَارَكَ وَ تَتَغَرَّبُ فَعَصَاهُ وَ هَاجَرَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِیقِ الْجِهَادِ فَقَالَ لَهُ تُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَیُقْسَمُ مَالُكَ وَ تُنْكَحُ

ص: 154


1- 1. فی المصدر: فی فعل المنهیات.
2- 2. طه: 82.
3- 3. هود: 6.
4- 4. فی المصدر: من قبل الثناء.
5- 5. القصص: 83.
6- 6. سبا: 54.

امْرَأَتُكَ فَعَصَاهُ فَقَاتَلَ.

فهذا الخبر یدل علی أن الشیطان لا یترك جهة من جهات الوسوسة إلا و یلقیها فی القلب.

فإن قیل فلم لم یذكر من فوقهم و من تحتهم.

قلنا أما فی التحقیق فقد ذكرنا أن القوی التی یتولد منها ما یوجب تفوت (1) السعادات الروحانیة فهی موضوعة فی هذه الجوانب الأربعة.

و أما فی الظاهر فیروی أن الشیطان لما قال هذا الكلام رقت قلوب الملائكة علی البشر فقالوا یا إلهنا كیف یتخلص الإنسان من الشیطان مع كونه مستولیا علیه من هذه الجهات الأربع فأوحی اللّٰه تعالی إلیهم أنه بقی للإنسان جهتان الفوق و التحت فإذا رفع یدیه إلی فوق فی الدعاء علی سبیل الخضوع أو وضع جبهته علی الأرض علی سبیل الخشوع غفرت له ذنب سبعین سنة.

و قال فی نكتة التعدیة بمن فی الأولین و بعن فی الآخرین قد ذكرنا(2) أن المراد من قوله مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ الخیال و الوهم و الضرر الناشی منهما هو حصول العقائد الباطلة و هو الكفر و من قوله عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ الشهوة و الغضب و ذلك هو المعصیة و لا شك أن الضرر الحاصل من الكفر لازم لأن عقابه دائم و أما الضرر الحاصل من المعصیة فسهل لأن عقابه منقطع فلهذا السبب خص هذین القسمین بكلمة عن تنبیها علی أن هذین القسمین فی اللزوم و الاتصال دون القسم الأول.

و قال فی وجه معرفة إبلیس كون أكثرهم غیر شاكرین إنه جعل للنفس تسع (3)

ص: 155


1- 1. فی المصدر: تفویت.
2- 2. و قد ذكر قبل ذلك انه إذا قیل: جلس عن یمینه، معناه انه جلس متجافیا عن صاحب الیمین غیر ملتصق به.
3- 3. و ذكر وجوها اخری لذلك منها انه رآه فی اللوح المحفوظ، و منها انه قال علی سبیل الظنّ.

عشرة قوة و كلها تدعو النفس إلی اللذات الجسمانیة و الطیبات الشهوانیة فعشرة منها الحواس الظاهرة و الباطنة و اثنان الشهوة و الغضب و سبعة هی القوی الكامنة و هی الجاذبة و الماسكة و الهاضمة و الدافعة و الغاذیة و النامیة و المولدة فمجموعها تسعة عشر و هی بأسرها تدعو النفس إلی عالم الجسم و ترغبها فی طلب اللذات البدنیة و أما العقل فهو قوة واحدة و هی التی تدعو النفس إلی عبادة اللّٰه تعالی و طلب السعادة الروحانیة و لا شك أن استیلاء تسع عشرة قوة أكمل من استیلاء القوة الواحدة(1).

قوله تعالی إِنَّهُ یَراكُمْ هُوَ وَ قَبِیلُهُ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی نسله یدل علیه قوله أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی و قیل جنوده و أتباعه من الجن و الشیاطین مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ قال ابن عباس إن اللّٰه تعالی جعلهم یجرون من بنی آدم مجری الدم و صدور بنی آدم مساكن لهم كما قال الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ فهم یرون بنی آدم و بنو آدم لا یرونهم (2)

و إنما لا یراهم البشر لأن أجسامهم شفافة لطیفة یحتاج فی رؤیتها إلی فضل شعاع.

و قال أبو بكر بن الإخشید و أبو الهذیل یجوز أن یمكنهم اللّٰه سبحانه فیتكثفوا فیراهم حینئذ من یحضرهم و إلیه ذهب علی بن عیسی و قال إنهم ممكنون من ذلك و هو الذی نصره الشیخ المفید أبو عبد اللّٰه قال الشیخ أبو جعفر قدس اللّٰه روحه و هو الأقوی عندی و قال الجبائی لا یجوز أن یری الشیاطین و الجن لأن اللّٰه تعالی قال لا تَرَوْنَهُمْ و إنما یجوز أن یروا فی زمن الأنبیاء علیهم السلام بأن یكثف اللّٰه أجسادهم علما(3)

للأنبیاء كما یجوز أن یری الناس الملائكة فی زمن الأنبیاء إِنَّا جَعَلْنَا الشَّیاطِینَ أَوْلِیاءَ لِلَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ أی حكمنا بذلك لأنهم یتناصرون علی الباطل (4).

و قال الرازی قال أصحابنا إنهم یرون الإنسان لأنه تعالی خلق فی عیونهم

ص: 156


1- 1. تفسیر الرازیّ 14: 41- 43.
2- 2. إلی هنا ینتهی كلام ابن عبّاس.
3- 3. فی المصدر: اجسادهم علی الأنبیاء.
4- 4. مجمع البیان 4: 409 و 410.

إدراكا و الإنس لا یرونهم لأنه تعالی لم یخلق هذا الإدراك فی عیون الإنس و قالت المعتزلة الوجه فی أن الإنس لا یرون الجن لرقة أجسام الجن (1) و لطافتها و الوجه فی رؤیة الجن للإنس كثافة أجسام الإنس و الوجه فی أن یری بعض الجن بعضا أن اللّٰه تعالی یقوی شعاع أبصار الجن و یزید فیه و لو زاد اللّٰه فی قوة(2)

بصرنا لرأیناهم كما یری بعضهم بعضا و لو أنه تعالی كثف أجسامهم و بقیت أبصارنا علی هذه الحالة لرأیناهم.

فعلی هذا كون الإنس مبصرا للجن موقوف عند المعتزلة إما علی ازدیاد كثافة أجسام الجن أو علی ازدیاد قوة أبصار الإنس و قوله تعالی مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ یدل علی أن الإنس لا یرون الجن لأن قوله مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ یدل علی أن الإنس لا یرون الجن لأن قوله مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ یتناول أوقات الاستقبال من غیر تخصیص قال بعض العلماء لو قدر الجن علی تغیر(3)

صور أنفسهم بأی صورة شاءوا أو أرادوا لوجب أن ترتفع الثقة عن معرفة الناس فلعل هذا الذی نشاهده و حكم (4) علیه بأنه ولدی أو زوجتی جنی صور نفسه بصورة ولدی أو زوجتی.

و علی هذا التقدیر یرتفع الوثوق عن معرفة الأشخاص و أیضا فلو كانوا قادرین علی تخبیط الناس و إزالة العقل مع أنه تعالی بین العداوة الشدیدة بینهم و بین الإنس فلم لا یفعلون ذلك فی حق أكثر البشر و فی حق العلماء و الأفاضل و الزهاد لأن هذه العداوة بینهم و بین العلماء و الزهاد أكثر و أقوی و لما لم یوجد شی ء من ذلك ثبت أنه لا قدرة لهم علی البشر بوجه من الوجوه و یتأكد هذا بقوله ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ

ص: 157


1- 1. فی المصدر: رقة اجسام الجن.
2- 2. فی المصدر: أبصارنا لرأیناهم كما یری بعضنا بعضا.
3- 3. فی المصدر: علی تغییر.
4- 4. فی المصدر:[ شاءوا و أرادوا] و فیه: اشاهده و احكم علیه.

مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِی قال مجاهد قال إبلیس أعطنا(1) أربع خصال نری و لا نری و نخرج من تحت الثری و یعود شیخنا فتی (2).

قوله تعالی وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّكَ قال الطبرسی قدس سره معناه یا محمد إن نالك من الشیطان وسوسة فی القلب.

و النزغ الإزعاج بالإغواء(3)

و أكثر ما یكون ذلك عند الغضب و أصله الإزعاج بالحركة.

و قیل النزغ الفساد و منه نَزَغَ الشَّیْطانُ بَیْنِی وَ بَیْنَ إِخْوَتِی أی أفسد قال الزجاج النزغ أدنی حركة تكون و من الشیطان أدنی وسوسة فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ أی سل اللّٰه عز اسمه أن یعیذك منه إِنَّهُ سَمِیعٌ للمسموعات عَلِیمٌ بالخفیات.

و قیل سمیع لدعائك علیم بما عرض لك و قیل النزغ أول الوسوسة و المس لا یكون إلا بعد التمكن و لذلك فصل اللّٰه سبحانه بین النبی و غیره فقال للنبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّكَ و قال للناس إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ معناه إذا وسوس إلیهم الشیطان و أغراهم بمعاصیه تَذَكَّرُوا ما علیهم من العقاب بذلك فیجتنبونه و یتركونه قال الحسن یعنی إذا طاف علیهم الشیطان بوساوسه و قال ابن جبیر هو الرجل یغضب الغضبة فیتذكر و یكظم غیظه و قیل طائف غضب و طیف جنون و قیل معناهما واحد فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ للرشد وَ إِخْوانُهُمْ یَمُدُّونَهُمْ فِی الغَیِ معناه و إخوان المشركین من شیاطین الجن و الإنس یمدونهم فی الضلال و المعاصی أی یزیدونهم فیه و یزینون لهم ما هم فیه ثُمَّ لا یُقْصِرُونَ ثم لا یكفون یعنی الشیاطین عن استغوائهم و لا یرحمونهم و قیل معناه و إخوان الشیاطین من الكفار یمدهم الشیاطین فی الغی ثم لا یقصرون هؤلاء(4)

كما یقصر الذین اتقوا و قیل معناه ثم لا یقصر

ص: 158


1- 1. فی المصدر: اعطینا.
2- 2. تفسیر الرازیّ 14: 54.
3- 3. فی المصدر: وسوسة و نسخة فی القلب. و النزع: الازعاج بالاغراء.
4- 4. فی المصدر: ثم لا یقصر هؤلاء مع ذلك.

الشیاطین عن إغوائهم و لا یقصرونهم عن ارتكاب الفواحش (1) و قال رحمه اللّٰه فی قوله سبحانه وَ إِذْ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ أی و اذكروا إذ زین الشیطان للمشركین أعمالهم أی حسنها فی نفوسهم و ذلك أن إبلیس حسن لقریش مسیرهم إلی بدر لقتال النبی صلی اللّٰه علیه و آله وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ أی لا یغلبكم أحد من الناس لكثرة عددكم و قوتكم وَ إِنِّی مع ذلك جارٌ لَكُمْ أی ناصر لكم و دافع عنكم السوء و إنی عاقد لكم (2)

عقد الأمان من عدوكم فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ أی التقت الفرقتان نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ أی رجع القهقری منهزما وراءه وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ أی رجعت عما ضمنت لكم من الأمان و السلامة لأنی أری من الملائكة الذین جاءوا لنصر المسلمین ما لا تَرَوْنَ و كان إبلیس یعرف الملائكة و هم كانوا یعرفونه إِنِّی أَخافُ اللَّهَ أی أخاف عذاب اللّٰه علی أیدی من أراهم وَ اللَّهُ شَدِیدُ الْعِقابِ لا یطاق عقابه.

أقول: ثم ذكر رحمه اللّٰه كیفیة ظهور الشیطان لهم كما ذكرناه فی باب قصة بدر ثم قال و رأیت فی كلام الشیخ المفید أبی عبد اللّٰه محمد بن محمد بن النعمان رحمه اللّٰه أنه یجوز أن یقدر اللّٰه تعالی الجن و من جری مجراهم علی أن یتجمعوا و یعتمدوا ببعض جواهرهم علی بعض حتی یتمكن الناس من رؤیتهم و یتشبهوا بغیرهم من أنواع الحیوان لأن أجسامهم من الرقة علی ما یمكن ذلك فیها و قد وجدنا الإنسان یجمع الهوی و یفرقه و یغیر صور الأجسام الرخوة ضروبا من التغییر و أعیانها لم تزد و لم تنقص و قد استفاض الخبر بأن إبلیس تراءی لأهل دار الندوة فی صورة شیخ من أهل نجد و حضر یوم بدر فی صورة سراقة و أن جبرئیل علیه السلام ظهر لأصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی صورة دحیة الكلبی قال و غیر محال أیضا أن یغیر اللّٰه صورهم و یكثفها فی بعض الأحوال فیراهم

ص: 159


1- 1. مجمع البیان 4: 513 و 514.
2- 2. فی المصدر: و قیل: و انی عاقد لكم.

الناس لضرب من الامتحان (1).

و قال الرازی فی قوله تعالی وَ إِذْ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فی كیفیة هذا التزیین وجهان.

الأول أن الشیطان زین بوسوسته من غیر أن یتحول فی صورة إنسان و هو قول الحسن و الأصم.

الثانی أنه ظهر فی صورة إنسان قالوا إن المشركین حین أرادوا المسیر إلی بدر خافوا من بنی بكر بن كنانة لأنهم كانوا قتلوا منهم واحدا فلم یأمنوا أن یأتوهم من ورائهم فتصور لهم إبلیس بصورة سراقة بن مالك بن جعشم من بنی بكر بن كنانة و كان من أشرافهم فی جند من الشیاطین و معه رایة وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ و إنی مجیركم من بنی كنانة و لما رأی إبلیس الملائكة تنزل نكص (2).

و قیل كانت یده فی ید الحارث بن هشام فلما نكص قال له الحارث أ تخذلنا فی هذه الحال فقال إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ و دفع فی صدر الحارث و انهزموا و فی هذه القصة سؤالات.

الأول ما الفائدة فی تغییر صورة إبلیس إلی صورة سراقة.

و الجواب فیه معجزة عظیمة للرسول و ذلك لأن كفار قریش لما رجعوا إلی مكة قالوا هزم الناس سراقة فقال (3)

ما شعرت بمسیركم حتی بلغتنی هزیمتكم فعند ذلك تبین للقوم أن ذلك الشخص ما كان سراقة بل كان شیطانا.

الثانی أنه تعالی لما غیر صورته إلی صورة البشر فما بقی شیطانا بل صار بشرا.

و الجواب لا نسلم فإن الإنسان إنما كان إنسانا بجوهر نفسه الناطقة و نفوس الشیاطین مخالفة لنفوس البشر فلم یلزم من تغییر الصورة تغییر الحقیقة و هذا الباب أحد الدلائل السمعیة علی أن الإنسان لیس إنسانا بحسب بنیته الظاهرة و صورته

ص: 160


1- 1. مجمع البیان 4: 549 و 550.
2- 2. فی المصدر: فلما رأی إبلیس نزول الملائكة نكص علی عقیبه.
3- 3. فی نسخة: فبلغ ذلك سراقة فقال.

المخصوصة(1)

إلی آخر كلامه فی هذا المقام.

قوله تعالی مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّیْطانُ بَیْنِی فی الكشاف نزغ أفسد بیننا و أغری و أصله من نخس الرائض الدابة و حملها علی الجری (2).

قوله تعالی وَ قالَ الشَّیْطانُ لَمَّا قُضِیَ الْأَمْرُ قال الرازی قال المفسرون إذا استقر أهل الجنة فی الجنة و أهل النار فی النار فیشرع الناس فی لوم إبلیس (3)

و تقریعه فیقوم فیما بینهم خطیبا و یقول ما أخبر اللّٰه تعالی عنه بقوله وَ قالَ الشَّیْطانُ و قیل إن المراد لما انقضت المحاسبة و الأول أولی و المراد بالشیطان إبلیس

وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَ قَضَی الْأَمْرَ بَیْنَهُمْ (4)

یَقُولُ الْكَافِرُ قَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ شَفَعَ لَهُمْ (5)

فَمَنْ یَشْفَعُ لَنَا مَا هُوَ إِلَّا إِبْلِیسُ هُوَ الَّذِی أَضَلَّنَا فَیَأْتُونَهُ وَ یَسْأَلُونَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ (6).

إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ هو البعث و الجزاء علی الأعمال فوفی لكم وَ وَعَدْتُكُمْ خلاف ذلك فَأَخْلَفْتُكُمْ و تقدیر الكلام (7) أن النفس تدعو إلی هذه الأحوال الدنیویة و لا تتصور كیفیة السعادات الأخرویة و الكلمات النفسانیة و اللّٰه یدعو إلیها و یرغب فیها كما قال وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ وَ أَبْقی (8) و قوله وَعْدَ الْحَقِ من قبیل إضافة الشی ء إلی

ص: 161


1- 1. تفسیر الرازیّ 15: 174 و 175.
2- 2. فی النهایة: نزغ الشیطان بینهم ای افسد و أغری، و نزغه بكلمة سوء ای رماه بها و طعن فیه و منه الحدیث: صباح المولود حین یقع نزغة من الشیطان، ای نسخة و طعنة.
3- 3. فی المصدر: اخذ أهل النار فی لوم إبلیس.
4- 4. فی المصدر: و قضی بینهم.
5- 5. فی المصدر: من یشفع.
6- 6. إلی هنا ینتهی الحدیث.
7- 7. فی المصدر: و تقریر الكلام.
8- 8. الأعلی: 17.

نعته (1)

كقوله حَبَّ الْحَصِیدِ(2) و أما قوله ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ أی قدرة و مكنة و تسلط و قهر فأقهركم علی الكفر و المعاصی و ألجئكم إلیها إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ إلا دعائی إلیكم إلی الضلالة(3) بوسوستی و تزیینی و الاستثناء منقطع أو متصل لأن قدرة الإنسان علی حمل الغیر علی عمل من الأعمال تارة تكون بالقهر و القسر و تارة تكون بتقویة الداعیة فی قلبه بإلقاء الوساوس إلیه فهذا نوع من أنواع التسلیط(4) إلا أن ظاهر هذه الآیة یدل علی أن الشیطان لا قدرة له علی تصریع الإنسان و لا علی تعویج أعضائه و جوارحه و لا علی إزالة العقل عنه كما تقوله العوام و الحشویة ثم قال فَلا تَلُومُونِی وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ یعنی ما كان منی إلا الدعاء و الوسوسة و كنتم سمعتم دلائل اللّٰه و شاهدتم مجی ء أنبیاء اللّٰه فكان من الواجب علیكم أن لا تغتروا بقولی و لا تلتفتوا إلی فلما رجحتم قولی علی الدلائل الظاهرة كان اللوم علیكم لا علی فی هذا الباب.

و فی هذه الآیة مسألتان الأولی قالت المعتزلة هذه الآیة تدل علی أشیاء الأول أنه لو كان الكفر و المعصیة من اللّٰه تعالی لوجب أن یقال فلا تلومونی و لا علی أنفسكم فإن اللّٰه قضی علیكم الكفر و أجبركم علیه.

و الثانی ظاهر هذه الآیة تدل علی أن الشیطان لا قدرة له علی تصریع الإنسان و علی تعویج أعضائه و لا علی إزالة العقل عنه كما تقوله العوام و الحشویة.

و الثالث هذه الآیة تدل علی أن الإنسان لا یجوز ذمه و لومه و عقابه بسبب فعل الغیر و عند هذا یظهر أنه لا یجوز عقاب أولاد الكفار بسبب كفر آبائهم.

و أجاب بعض الأصحاب عن هذه الوجوه بأن هذا قول الشیطان فلا یجوز التمسك

ص: 162


1- 1. فی المصدر:[ الی نفسه] و الظاهر أنّه مصحف من الطابع.
2- 2. ق: 9.
3- 3. فی المصدر: الا دعائی إیّاكم الی الضلالة.
4- 4. فی المصدر: من أنواع التسلط.

به و أجاب الخصم عنه بأنه لو كان هذا القول منه باطلا لبین اللّٰه تعالی بطلانه و أظهر إنكاره و أیضا أی فائدة فی ذكر هذا الكلام الباطل و القول الفاسد أ لا تری أن قوله إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ كلام حق و قوله وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ قول حق بدلیل قوله إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِینَ الثانیة هذه الآیة تدل علی أن الشیطان الأصلی هو النفس و ذلك لأن الشیطان بین أنه ما أتی إلا بالوسوسة فلو لا المیل الحاصل بسبب الشهوة و الغضب و الوهم و الخیال لم یكن لوسوسته تأثیر البتة فدل هذا علی أن الشیطان الأصلی هو النفس.

فإن قال قائل بینوا لنا حقیقة الوسوسة.

قلنا الفعل إنما یصدر عن الإنسان لحصول (1)

أمور أربعة یترتب بعضها علی البعض ترتیبا لازما طبیعیا.

بیان:ه أن أعضاء الإنسان بحكم السلامة الأصلیة و الصلاحیة الطبیعیة صالحة للفعل و الترك و الإقدام و الإجحام فلما لم یحصل فی القلب میل إلی ترجیح الفعل علی الترك أو بالعكس فإنه یمتنع صدور الفعل و ذلك المیل هو الإرادة الجازمة و القصد الجازم ثم إن تلك الإرادة الجازمة لا تحصل إلا عند حصول علم و اعتقاد(2) أو ظن بأن ذلك الفعل سبب للنفع أو سبب للضرر فإن لم یحصل فیه هذا الاعتقاد لم یحصل میل لا إلی الفعل و لا إلی الترك.

فالحاصل أن الإنسان إذا أحس بشی ء ترتب علیه شعور بكونه ملائما له أو بكونه منافرا له أو بكونه غیر ملائم و لا منافر فإن حصل الشعور بكونه ملائما له ترتب علیه المیل الجازم إلی الفعل و إن حصل الشعور بكونه منافرا له ترتب علیه المیل الجازم إلی الترك و إن لم یحصل لا هذا و لا ذاك لم یحصل میل لا إلی الشی ء

ص: 163


1- 1. فی النسخة:[ عن الإنسان لامور] و فی المصدر: عند حصول أمور أربعة.
2- 2. فی المصدر: او اعتقاد.

و لا إلی ضده بل بقی الإنسان كما كان و عند حصول ذلك المیل الجازم یصیر القدرة مع ذلك المیل موجبا للفعل إذا عرفت هذا فنقول صدور الفعل عن مجموعی القدرة و الداعی الخالص أمر واجب فلا یكون للشیطان مدخل فیه و صدور المیل عن تصور كونه خیرا أو تصور كونه شرا أمر واجب فلا یكون للشیطان مدخل فیه و حصول تصور كونه خیرا أو تصور كونه شرا غیر مطلق الشعور بذاته أمر لازم فلا مدخل للشیطان فیه فلم یبق للشیطان مدخل فی هذه المقامات (1) إلا فی أن أذكره شیئا(2)

بأن یلقی إلیه حدیثه مثل أن كان الإنسان غافلا عن صورة امرأة فیلقی الشیطان حدیثها فی خاطره و الشیطان لا قدرة له إلا فی هذا المقام و هو عین ما حكی اللّٰه تعالی عنه أنه قال وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِی یعنی ما كان منی إلا هجس (3)

هذه الدعوة فأما بقیة المراتب ما صدرت منی و ما كان لی أثر البتة.

بقی فی هذا المقام سؤالان الأول كیف یعقل تمكن الشیطان من النفوذ فی داخل أعضاء الإنسان و إلقاء الوسوسة إلیه.

و الجواب للناس فی الملائكة و الشیاطین قولان الأول ما سوی اللّٰه بحسب القسمة العقلیة علی أقسام ثلاثة المتحیز و الحال فی المتحیز و الذی لا یكون متحیزا و لا حالا فیه.

و هذا القسم الثالث لم یقم الدلیل البتة علی فساد القول به بل الدلائل الكثیرة قامت علی صحة القول به و هذا هو المسمی بالأرواح فهذه الأرواح إن كانت طاهرة مقدسة من عالم الروحانیات المقدسة(4)

فهم الملائكة و إن كانت خبیثة داعیة إلی

ص: 164


1- 1. فی المصدر: فی شی ء من هذه المقامات.
2- 2. فی النسخة المخطوطة و المطبوعة بتبریز:[ أن ذكره شیئا] و فی المصدر: ان یذكره شیئا.
3- 3. هجس الشی ء فی صدره: خطر بباله. و فی المصدر: الا مجرد هذه الدعوة.
4- 4. فی المصدر: الروحانیات القدسیة.

الشرور و عالم الأجساد و منازل الظلمات فهم الشیاطین.

إذا عرفت هذا فنقول فعلی هذا التقدیر الشیطان لا یكون جسما یحتاج إلی الولوج فی داخل البدن بل هو جوهر روحانی خبیث الفعل مجبول علی الشر و النفس الإنسانیة أیضا كذلك فلا یبعد علی هذا التقدیر أن یلقی شی ء من تلك الأرواح أنواعا من الوساوس و الأباطیل إلی جوهر النفس الإنسانیة.

و ذكر بعض العلماء فی هذا الباب احتمالا ثانیا و هو أن النفس الناطقة البشریة مختلفة بالنوع فهی طوائف و كل طائفة منها فی تدبیر روح من الأرواح السماویة بعینها فنوع من النفوس البشریة تكون حسنة الأخلاق كریمة الأفعال موصوفة بالفرح و السرور و سهولة الأمر و هی تكون منتسبة إلی روح معین من الأرواح السماویة و طائفة أخری منها تكون موصوفة بالحدة و القسوة و الغلظة و عدم المبالاة بأمر من الأمور و هی تكون منتسبة إلی روح أخری من الأرواح السماویة و هذه الأرواح البشریة كالعون (1) لتلك الروح السماوی و كالنتائج الحاصلة و كالفروع المتفرعة علیها و تلك الروح السماویة هی التی تتولی إرشادها إلی مصالحها و هی التی تخصها(2) بالإلهامات فی حالتی النوم و الیقظة و القدماء كانوا یسمون تلك السماوی بالطباع التام و لا شك أن لتلك الروح السماویة(3) التی هی الأصل و الینبوع شعب كثیرة و نتائج كثیرة و هی بأسرها تكون من جنس روح هذا الإنسان و هی لأجل مشاكلتها و مجانستها یعین بعضها بعضا علی الأعمال اللائقة بها و الأفعال المناسبة لطبائعها.

ثم إنها إن كانت خیرة طاهرة طیبة كانت ملائكة و كانت تلك الإعانة مسماة بالإلهام و إن كانت شریرة خبیثة قبیحة الأعمال كانت شیاطین و كانت تلك الإعانة مسماة بالوسوسة و ذكر بعض العلماء أیضا فیه احتمالا ثالثا و هو أن النفوس البشریة

ص: 165


1- 1. فی المصدر: كالاولاد لذلك الروح السماوی.
2- 2. فی المصدر: و ذلك الروح هو الذی یتولی ارشادها الی مصالحها و هو الذی.
3- 3. فی المصدر:[ ذلك الروح السماوی] و فیه: و لا شك ان لذلك الروح السماوی الذی هو الأصل.

و الأرواح الإنسانیة إذا فارقت أبدانها قویت فی تلك الصفات التی اكتسبتها فی تلك الأبدان و كملت فیها فإذا حدثت نفس أخری مشاكلة لتلك النفس المفارقة فی بدن مشاكل لبدن تلك النفس المفارقة حدث بین تلك النفس المفارقة و بین هذا البدن نوع تعلق بسبب المشاكلة الحاصلة بین هذا البدن و بین ما كان بدنا لتلك النفس المفارقة تعلق شدید(1)

بهذا البدن و تصیر تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن و معاضدة لها علی أفعالها و أحوالها بسبب هذه المشاكلة ثم إن كان هذا

المعنی فی أبواب الخیر و البر كان ذلك إلهاما و إن كان من باب (2) الشر كان ذلك وسوسة فهذه وجوه محتملة تفریعا علی القول بإثبات جواهر قدسیة مبرأة من الحجمیة و التحیز(3)

و القول بالأرواح الطاهرة و الخبیثة كلام مشهور عند قدماء الفلاسفة فلیس لهم أن ینكروا إثباتها علی صاحب شریعتنا صلوات اللّٰه علیه.

و أما القول الثانی و هو أن الملائكة و الشیاطین لا بد و أن تكون أجساما فنقول علی هذا التقدیر یمتنع أن یقال إنها أجسام كثیفة بل لا بد من القول بأنها أجسام لطیفة و اللّٰه سبحانه ركبها تركیبا عجیبا و هی أن تكون مع لطافتها لا یقبل التفرق و التمزق و الفساد و البطلان و نفوذ الأجرام اللطیفة فی عمق الأجرام الكثیفة غیر مستبعد أ لا تری أن الروح الإنسانیة جسم لطیف ثم إنه نفذ فی داخل عمق البدن و إذا عقل ذلك فكیف یستبعد نفوذ أنواع كثیرة من الأجسام اللطیفة فی داخل هذا البدن أ لیس أن جرم النار سری فی جرم الفحم و ماء الورد سری فی ورق الورد و دهن السمسم سری فی جسم السمسم فكذا هاهنا(4)

فظهر بما قررنا أن القول بإثبات الجن و الشیاطین

ص: 166


1- 1. فی المصدر: فیصیر لتلك النفس المفارقة تعلق شدید بهذا البدن.
2- 2. فی المصدر: و ان كان فی باب الشر.
3- 3. فی المصدر: مبرأة عن الجسمیة و التحیز.
4- 4. و یمكن ان یستدل لذلك بوجود الأصوات التی نسمعها من المسافات البعیدة فهی مع لطافتها و عبورها عن مصادمات كثیرة لا نتفرق و لا نتمزق: و لا تدخلها الفساد.

أمر لا تحیله العقول و لا تبطله الدلائل و أن الإصرار علی الإنكار لیس إلا من نتیجة الجهل و قلة الفطنة.

و لما ثبت أن القول بالشیاطین ممكن فی الجملة فنقول الأخلق و الأولی أن یقال الملائكة علی هذا القول مخلوقون من النور و أن الشیاطین مخلوقون من الدخان و اللّٰهب كما قال تعالی وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (1) و هذا الكلام من المشهورات عند قدماء الفلاسفة فكیف یلیق بالعاقل أن یستبعده من صاحب شریعتنا صلوات اللّٰه علیه انتهی (2).

و قال البیضاوی فَلا تَلُومُونِی بوسوستی فإن من صرح العداوة لا یلام بأمثال ذلك وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ حیث أطعتمونی إذ دعوتكم و لم تطیعوا ربكم لما دعاكم ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ بمغیثكم من العذاب وَ ما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِیَ بمغیثی إِنِّی كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ما إما مصدریة و هی متعلقة بأشركتمونی أی كفرت الیوم بإشراككم إیای من قبل هذا الیوم أی فی الدنیا بمعنی تبرأت منه و استكبرته (3) كقوله تعالی وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ یَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ أو موصولة بمعنی من و من متعلقة بكفرت أی كفرت بالذی أشركتمونیه و هو اللّٰه تعالی بطاعتكم إیای فیما دعوتكم إلیه من عبادة الأصنام و غیرها من قبل إشراككم حین رددت أمره بالسجود لآدم.

و أشرك منقول من شركت زیدا للتعدیة إلی مفعول ثان إِنَّ الظَّالِمِینَ تتمة كلامه أو ابتداء كلام من اللّٰه (4).

و قال فی قوله سبحانه وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ رَجِیمٍ فلا یقدر أن یصعد إلیها و یوسوس أهلها و یتصرف فی أمرها و یطلع علی أحوالها إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ بدل من كُلِّ شَیْطانٍ و استراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم الیسیرة من قطان

ص: 167


1- 1. الحجر: 27.
2- 2. تفسیر الرازیّ 19: 112- 114.
3- 3. فی المصدر: و استنكرته.
4- 4. أنوار التنزیل 1: 634.

السماوات لما بینهم من المناسبة فی الجوهر أو بالاستدلال من أوضاع الكواكب و حركاتها.

و عن ابن عباس أنهم كانوا لا یحتجبون عن السماوات فلما ولد عیسی منعوا من ثلاث سماوات و لما ولد محمد صلی اللّٰه علیه و آله منعوا من كلها بالشهب و لا یقدح فیه تكونها قبل المولد لجواز أن تكون لها أسباب أخر.

و قیل الاستثناء منقطع أی و لكن من استرق السمع فَأَتْبَعَهُ أی فتبعه و لحقه شِهابٌ مُبِینٌ ظاهر للمبصرین.

و الشهاب شعلة نار ساطعة و قد یطلق للكوكب و السنان لما فوقها من البریق (1).

و قال الرازی فی قوله إِلَّا إِبْلِیسَ أجمعوا علی أن إبلیس كان مأمورا بالسجود لآدم و اختلفوا فی أنه هل كان من الملائكة أم لا(2)

و ظاهره أن اللّٰه تعالی تكلم مع إبلیس بغیر واسطة و أن إبلیس تكلم مع اللّٰه بغیر واسطة فكیف یعقل هذا مع أن مكالمة اللّٰه تعالی بغیر واسطة من أعظم المناصب و أشرف المراتب فكیف یعقل حصوله لرأس الكفرة و رئیسهم.

و لعل الجواب عنه أن مكالمة اللّٰه تعالی إنما كان منصبا عالیا إذا كان علی سبیل الإكرام و الإعظام فأما إذا كان علی سبیل الإهانة و الإذلال فلا(3).

قوله فَاخْرُجْ مِنْها قال البیضاوی أی من السماء أو من الجنة أو من زمرة الملائكة فَإِنَّكَ رَجِیمٌ مطرود عن الخیر و الكرامة فإن من یطرد یرجم بالحجر أو شیطان یرجم بالشهب و هو وعید یتضمن الجواب عن شبهته وَ إِنَّ عَلَیْكَ اللَّعْنَةَ هذا الطرد و الإبعاد إِلی یَوْمِ الدِّینِ فإنه منتهی أمد اللعن لأنه یناسب أیام التكلیف لا زمان الجزاء.

ص: 168


1- 1. أنوار التنزیل 1: 645 و 646.
2- 2. احال الرازیّ جوابه الی ما تقدم فی سورة البقرة.
3- 3. تفسیر الرازیّ 19: 182 و 183.

و قیل و ما فی قوله فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَیْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ بمعنی آخر ینسی عنده هذه.

و قیل إنما حد اللعن به لأنه أبعد غایة یضربها الناس أو لأنه یعذب فیه بما ینسی اللعن معه فیصیر كالزائل قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِی فأخرنی و الفاء متعلقة بمحذوف دل علیه فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِیمٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ أراد أن یجد فسحة فی الإغواء و نجاة عن الموت إذ لا موت بعد وقت البعث فأجابه إلی الأول دون الثانی قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ المسمی فیه أجلك عند اللّٰه أو انقراض الناس كلهم و هو النفخة الأولی عند الجمهور و یجوز أن یكون الأیام الثلاثة یوم القیامة(1) و اختلاف العبارات لاختلاق الاعتبارات فعبر عنه أولا بیوم الجزاء لما عرفت و ثانیا بیوم البعث إذ به یحصل العلم بانقطاع التكلیف و الیأس عن التضلیل و ثالثا بالمعلوم لوقوعه فی الكلامین و لا یلزم منه أن لا یموت فلعله یموت أول الیوم و یبعث الخلائق فی تضاعیفه (2).

قالَ رَبِّ بِما أَغْوَیْتَنِی الباء للقسم و ما مصدریة و جوابه لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ و المعنی أقسم بإغوائك إیای لأزینن لهم المعاصی فی الدنیا التی هی دار الغرور لقوله (3) أَخْلَدَ إِلَی الْأَرْضِ (4) و قیل للسببیة و المعتزلة أولو الإغواء بالنسبة إلی الغی أو التسبب له بأمره إیاه بالسجود لآدم علیه السلام أو بإضلاله عن طریق الجنة(5).

ص: 169


1- 1. فی المصدر: و یجوز ان یراد بالایام الثلاثة یوم القیامة.
2- 2. ثم ذكر ما ذكره الرازیّ قبلا من الوجه لمخاطبة اللّٰه إیّاه فقال: و هذه المخاطبة و ان لم تكن بواسطة لم تدلّ علی علو منصب إبلیس لان خطاب اللّٰه تعالی له علی سبیل الاهانة و الاذلال.
3- 3. فی المصدر: كقوله.
4- 4. الأعراف: 175.
5- 5. أنوار التنزیل 1: 648 و 649.

و قال الرازی اعلم أن أصحابنا قد احتجوا بهذه الآیة علی أنه تعالی قد یرید خلق الكفر فی الكافر و یضله عن الدین و یغویه عن الحق من وجوه الأول أن إبلیس استمهل و طلب البقاء إلی یوم القیامة مع أنه صرح بأنه إنما یطلب هذا(1) لإغواء بنی آدم و إضلالهم و أنه تعالی أمهله و أجابه إلی هذا المطلوب و لو كان تعالی یراعی صلاح المكلفین فی (2)

الدنیا لما أمهله هذا الزمان الطویل و لما أمكنه من الإغواء و الإضلال و الوسوسة.

و الثانی أن أكابر الأنبیاء و الأولیاء مجدون مجتهدون فی إرشاد الخلق إلی الدین الحق و أن إبلیس و رهطه و شیعته مجدون مجتهدون فی الإغواء فلو كان مراد اللّٰه هو الإرشاد و الهدایة لكان من الواجب إبقاء المرشدین و المحقین و إهلاك المضلین و المغوین و حیث فعل بالضد علمنا أنه أراد بهم الخذلان و الكفر.

ثم قال أما الإشكال الأول فللمعتزلة فیه طریقان الأول و هو طریقة الجبائی أنه تعالی إنما أمهل إبلیس تلك المدة الطویلة لأنه تعالی علم أنه لا تتفاوت أحوال الناس بسبب وسوسته فی الكفر و المعصیة البتة و علم أن كل من كفر و عصی عند وسوسته فإنه

بتقدیر(3)

أن لا یوجد إبلیس و لا وسوسته فإن ذلك الكافر و العاصی كان یأتی بذلك الكفر و المعصیة فلما كان الأمر كذلك لا جرم أمهله هذه المدة الطویلة.

الثانی و هو طریقة أبی هاشم أنه لا یبعد أن یقال إنه تعالی علم أن أقواما یقعون بسبب وسوسته فی الكفر و المعاصی إلا أن وسوسته ما كانت موجبة لذلك الكفر و تلك المعاصی غایة(4)

ما فی هذا الباب أن یقال الاحتراز عن القبائح حال عدم

ص: 170


1- 1. فی المصدر: هذا الامهال و الابقاء.
2- 2. فی المصدر: مصالح المكلفین فی الدین.
3- 3. فی المصدر:[ علم انه لا یتفاوت أحوال الناس بسبب وسوسته فبتقدیر ان لا یوجد إبلیس] و قد سقط عنه ما بقی، او كان الزیادة فی نسخة المصنّف من قبل الناسخ.
4- 4. فی المصدر: ما كانت موجبة لذلك الكفر و المعصبة بل الكافر و العاصی بسبب اختیاره اختار ذلك الكفر و تلك المعصیة، اقصی ما فی الباب.

الوسوسة أسهل منه حال وجودها إلا أنه علی هذا التقدیر تصیر وسوسته سببا لزیادة المشقة فی أداء الطاعات و ذلك لا یمنع الحكیم من فعله كما أن إنزال المشاق و المشتبهات سبب الشبهات (1)

و مع ذلك فلم یمتنع فعله فكذا هاهنا و هذان الطریقان هما بعینهما الجواب عن السؤال الثانی (2).

إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ استثناهم لأنه علم أن كیده لا یعمل فیهم.

و قرأ ابن كثیر و ابن عامر بكسر اللام و الباقون بالفتح فعلی الأول أی الذین أخلصوا دینهم و عبادتهم من كل شائب یناقض الإیمان و التوحید و علی الثانی معناه الذین أخلصهم اللّٰه بالهدایة و الإیمان.

هذا صِراطٌ عَلَیَّ مُسْتَقِیمٌ فیه وجوه الأول أن إبلیس لما قال إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ فلفظ الْمُخْلَصِینَ یدل علی الإخلاص فقوله هذا عائد إلیه و المعنی أن الإخلاص طریق علی و إلی أی یؤدی إلی كرامتی و قال الحسن معناه هذا صراط إلی مستقیم و قال آخرون هذا صراط من مر علیه فكأنه مر علی رضوانی و كرامتی و هو كما یقال طریقك علی.

الثانی أن الإخلاص طریق العبودیة فقوله هذا صِراطٌ عَلَیَّ مُسْتَقِیمٌ أی هذا الطریق فی العبودیة طریق علی مستقیم قال بعضهم لما ذكر أن إبلیس یغوی بنی آدم إلا من عصمه اللّٰه بتوفیقه تضمن هذا الكلام تفویض الأمور إلی اللّٰه تعالی و إلی إرادته فقال تعالی هذا صِراطٌ عَلَیَ أی تفویض الأمور إلی إرادتی طریق مُسْتَقِیمٌ إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ اعلم أن إبلیس لما قال لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا عِبادَكَ (3) مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ أوهم هذا الكلام أن له سلطانا علی عباد اللّٰه الذین لا یكونون من المخلصین فبین اللّٰه تعالی أنه لیس له سلطان علی أحد من عبید اللّٰه سواء كانوا

ص: 171


1- 1. فی المصدر: و انزال المتشابهات صار سببا لمزید الشبهات.
2- 2. تفسیر الرازیّ 19: 182- 188.
3- 3. فی المصدر: لازینن لهم فی الأرض و لاغوینهم أجمعین الا عبادك.

مخلصین أو لم یكونوا مخلصین بل من اتبع منهم إبلیس باختیاره صار تبعا له و لكن حصول تلك المتابعة أیضا لیس لأجل أن إبلیس (1) أوهم أن له علی بعض عباد اللّٰه سلطانا فبین تعالی كذبه و ذكر أنه لیس له علی أحد منهم سلطان و لا قدرة أصلا و نظیر هذه الآیة قوله تعالی حكایة عن إبلیس وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ الآیة و قوله لَیْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ و قال الجبائی هذه الآیة تدل علی بطلان قول من زعم أن الشیطان و الجن یمكنهم صرع الناس و إزالة عقولهم كما تقوله العامة و ربما نسبوا ذلك إلی السحرة و قال ذلك خلاف نص القرآن و فی الآیة قول آخر و هو أن إبلیس لما قال إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ فذكر أنه لا یقدر علی إغواء المخلصین صدقه اللّٰه و قال إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ فلهذا قال الكلبی المذكورون فی هذه الآیة هم الذین استثناهم إبلیس و اعلم أنه علی القول الأول یمكن أن یكون قوله إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ استثناء لأن المعنی أن عبادی لیس لك علیهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوین فإن لك علیهم سلطانا بسبب كونهم منقادین لك فی الأمر و النهی و أما علی القول الثانی فیمتنع أن یكون استثناء بل یكون إلا بمعنی لكن وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِینَ قال ابن عباس یرید إبلیس و أشیاعه و من اتبعه من الغاوین (2) فَزَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ قالت المعتزلة الآیة تدل علی فساد قول المجبرة من وجوه (3) شتی.

ص: 172


1- 1. فی العبارة سقط و الصحیح كما فی المصدر: و لكن حصول تلك المتابعة أیضا لیس لاجل أن إبلیس یقهره علی تلك المتابعة او یجبره علیها و الحاصل فی هذا القول ان إبلیس اوهم.
2- 2. التفاسیر مأخوذة من تفسیر الرازیّ باختصار، راجع تفسیر الرازیّ 19: 190 و 191.
3- 3. ذكر الرازیّ فی تفسیره 20: 61 و قال: الأول: انه إذا كان خالق اعمالهم هو اللّٰه تعالی فلا فائدة فی التزیین. و الثانی: ان ذلك التزیین لما كان بخلق اللّٰه تعالی لم یجز ذمّ الشیطان بسببه. و الثالث: ان التزیین هو الذی یدعو الإنسان الی الفعل و إذا كان حصول الفعل فیه بخلق اللّٰه تعالی كان ضروریا فلم یكن التزیین داعیا. و الرابع: ان علی قولهم الخالق لذلك أجدر أن یكون ولیا لهم من الداعی إلیه. و الخامس: انه تعالی اضاف التزیین الی الشیطان و لو كان ذلك المزین هو اللّٰه تعالی لكانت اضافته الی الشیطان كذبا.

فَهُوَ وَلِیُّهُمُ الْیَوْمَ فیه احتمالات (1) الأول أن المراد منه كفار مكة یقول الشیطان ولیهم الیوم یتولی إغواءهم و صرفهم عنك كما فعل بكفار الأمم قبلك.

الثانی أنه أراد بالیوم یوم القیامة یقول فهو ولی أولئك الذین زین لهم أعمالهم یوم القیامة فلا ولی لهم ذلك الیوم و لا ناصر(2).

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ذهب جماعة من الصحابة و التابعین إلی أن الاستعاذة بعد القراءة و أما الأكثرون فقد اتفقوا علی أن الاستعاذة متقدمة.

فالمعنی إذا أردت أن تقرأ القرآن فَاسْتَعِذْ و المراد بالشیطان فی هذه الآیة قیل إبلیس و الأقرب أنه للجنس لأن لجمیع المردة من الشیاطین حظا من الوسوسة و لما أمر اللّٰه رسوله بالاستعاذة من الشیطان و كان ذلك یوهم أن للشیطان قدرة علی التصرف فی أبدان الناس فأزال اللّٰه تعالی هذا الوهم و بین أنه لا قدرة له البتة إلا علی الوسوسة فقال إِنَّهُ لَیْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ و یظهر من هذا أن الاستعاذة إنما تفید إذا خطر فی قلب الإنسان كونه ضعیفا و أنه لا یمكنه التحفظ عن وسوسة الشیطان إلا بعصمة اللّٰه.

إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ قال ابن عباس یطیعونه یقال تولیته أی أطعته و تولیت عنه أی أعرضت عنه.

وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ الضمیر راجع إلی ربهم أو إلی الشیطان أی بسببه

ص: 173


1- 1. الصحیح: فیه احتمالان، كما فی التفسیر.
2- 2. اختصره من تفسیر الرازیّ 20: 61 و 62.

مشركون باللّٰه (1) كانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ المراد من هذه الأخوة التشبه بهم فی هذا الفعل القبیح و ذلك لأن العرب یسمون الملازم للشی ء أخا له فیقول فلان أخو الكرم و الجود و أخو الشعر إذا كان مواظبا علی هذه الأفعال.

و قیل أی قرناؤهم فی الدنیا و الآخرة وَ كانَ الشَّیْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً معنی كون الشیطان كفورا لربه هو أن یستعمل بدنه فی المعاصی و الإفساد فی الأرض و الإضلال للناس و كذلك من رزقه اللّٰه مالا أو جاها فصرفه إلی غیر مرضاة اللّٰه كان كفورا لنعمة اللّٰه و المقصود أن المبذرین موافقون للشیاطین فی الصفة و الفعل ثم الشیطان كفور بربه فلزم كون المبذر كفورا بربه (2).

إِنَّ الشَّیْطانَ یَنْزَغُ بَیْنَهُمْ أی یفسد بینهم و یغری بینهم إِنَّ الشَّیْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِیناً أی العداوة الحاصلة بین الشیطان و بین الإنسان عداوة قدیمة.

و قال البیضاوی فی قوله لِمَنْ خَلَقْتَ طِیناً لمن خلقته من طین فنصب بنزع الخافض و یجوز أن یكون حالا من الراجع إلی الموصول أی خلقته و هو طین أو منه أی أ أسجد له و أصله طین و فیه علی الوجوه إیماء بعلة الإنكار قالَ أَ رَأَیْتَكَ هذَا الَّذِی كَرَّمْتَ عَلَیَ الكاف لتأكید الخطاب لا محل له من الإعراب و هذا مفعول أول و الذی صفته و المفعول الثانی محذوف لدلالة صلته علیه و المعنی أخبرنی عن هذا الذی كرمته علی بأمری بالسجود له لم كرمته علی لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ كلام مبتدأ و اللام موطئة للقسم و جوابه لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّیَّتَهُ إِلَّا قَلِیلًا أی لأستأصلنهم بالإغواء إلا قلیلا لا أقدر أن أقاوم شكیمتهم من احتنك الجراد الأرض إذا جرد ما علیها أكلا مأخوذ من الحنك و إنما علم أن ذلك یتسهل له إما استنباطا من قول الملائكة أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها(3) مع التقریر أو تفرسا من خلقه ذا وهم و شهوة و غضب قالَ اذْهَبْ امض لما قصدته و هو طرد

ص: 174


1- 1. مختصر ممّا فی تفسیر الرازیّ 20: 114 و 115.
2- 2. مختصر ممّا فی تفسیر الرازیّ 20: 193 و 194.
3- 3. البقرة: 30.

و تخلیة بینه و بین ما سولته له نفسه فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جزاؤك و جزاؤهم فغلب المخاطب علی الغائب و یمكن أن یكون الخطاب للتابعین علی الالتفات جَزاءً مَوْفُوراً مكملا من قولهم فر لصاحبك عرضه (1)

و انتصاب جزاء علی المصدر بإضمار فعله أو بما فی جزائكم من معنی تجازون أو حال موطئة لقوله مَوْفُوراً وَ اسْتَفْزِزْ و استخف مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ أن تستفزه و الفز الخفیف بِصَوْتِكَ بدعائك إلی الفساد(2).

و قال الرازی یقال أفزه الخوف و استفزه أی أزعجه و استخفه و صوته دعاؤه إلی معصیة اللّٰه.

و قیل أراد بصوتك الغناء و اللّٰهو و اللعب و الأمر للتهدید وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ قال الفراء إنه من الجلبة و هی الصیاح و قال الزجاج فی فعل و أفعل أجلب علی العدو إجلابا إذا جمع علیه الخیول و قال ابن السكیت یقال هم یَجْلِبُونَ علیه و یُجْلِبُونَ علیه بمعنی أی یعینون علیه (3)

و عن ابن الأعرابی أجلب الرجل (4) الرجل إذا توعده الشر و جمع علیه الجمع فالمعنی علی قول الفراء صح علیهم بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ و علی قول الزجاج أجمع علیهم كل ما تقدر من مكایدك فالباء زائدة و علی قول ابن السكیت أعن علیهم (5) و مفعول الإجلاب محذوف كأنه یستعین علی إغوائهم بخیله و رجله و هذا یقرب من قول ابن الأعرابی و اختلفوا فی تفسیر الخیل و الرجل فروی عن ابن عباس أنه قال كل راكب أو راجل فی معصیة اللّٰه فهو من خیل إبلیس و جنوده و یدخل فیه كل راكب و ماش فی معصیة اللّٰه فخیله و رجله كل من شاركه فی الدعاء

ص: 175


1- 1. یقال: فر لصاحبك عرضه ای اثن علیه و لا تعبد.
2- 2. أنوار التنزیل 1: 703 و 704.
3- 3. فی المصدر: بمعنی انهم یعینون علیه.
4- 4. فی المصدر: اجلب الرجل علی الرجل.
5- 5. فی المصدر: اعن علیهم بخیلك و رجلك.

إلی المعصیة و یحتمل أن یكون لإبلیس جند من الشیاطین بعضهم راكب و بعضهم راجل.

أو المراد منه ضرب المثل و هذا أقرب و الخیل یقع علی الفرسان و علی الأفراس و الرجل جمع راجل كالصحب و الركب وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ هی عبارة عن كل تصرف قبیح فی المال سواء كان ذلك القبح بسبب أخذه من غیر حقه أو وضعه فی غیر حقه و یدخل فیه الربا و الغصب و السرقة و المعاملات الفاسدة كذا قاله القاضی و قال قتادة هی أن جعلوا بحیرة و سائبة و قال عكرمة هی تبكیتهم آذان الأنعام.

و قیل هی أن جعلوا من أموالهم شیئا لغیر اللّٰه كما قال تعالی فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا و الأصوب ما قاله القاضی.

و أما المشاركة فی الأولاد فقالوا إنه الدعاء إلی الزنا أو أن یسموا أولادهم بعبد اللات و عبد العزی أو أن یرغبوا أولادهم فی الأدیان الباطلة أو إقدامهم علی قتل الأولاد و وأدهم أو ترغیبهم فی حفظ الأشعار المشتملة علی الفحش أو ترغیبهم فی القتل و القتال و الحرف الخبیثة الخسیسة.

و الضابط أن یقال إن كل تصرف من المرء فی ولده علی وجه یتأدی ذلك إلی ارتكاب منكر و قبیح فهو داخل فیه.

قوله تعالی عز و جل وَ عِدْهُمْ اعلم أنه لما كان مقصود الشیطان الترغیب فی الاعتقاد الباطل و العمل الباطل و التنفیر عن اعتقاد الحق و عمل (1) الحق و معلوم أن الترغیب فی الشی ء لا یمكن إلا بأن یقرر عنده أنه لا ضرر البتة فی فعله و مع ذلك فإنه یفید المنافع العظیمة و التنفیر عن الشی ء لا یمكن إلا بأن یقرر عنده أنه لا فائدة فی فعله و مع ذلك فیفید المضار العظیمة فإذا ثبت هذا فنقول إن الشیطان إذا دعا إلی المعصیة فلا بد و أن یقرر أولا أنه لا مضرة فی فعله البتة و ذلك لا یمكن إلا إذا قال لا معاد و لا جنة و لا نار و لا حیاة(2) بعد هذه

ص: 176


1- 1. فی المصدر: الاعتقاد الحق و العمل الحق.
2- 2. فی المصدر: و لا حیاة للإنسان فی هذه الدنیا الا به.

الحیاة فبهذا الطریق یقرر عنده أنه لا مضرة البتة فی فعل هذه المعاصی و إذا فرغ من هذا المقام قرر عنده أن هذا الفعل یفید أنواعا من اللذة و السرور و لا حیاة للإنسان إلا فی هذه الدنیا فتفویتها غبن و خسران و أما طریق التنفیر عن الطاعة فهو أن قرر أولا عنده أنه لا فائدة فیه من وجهین (1).

الأول أنه لا جنة و لا نار و لا ثواب و لا عقاب.

و الثانی أن هذه العبادات لا فائدة فیها للعابد و لا للمعبود فكانت عبثا محضا و إذا فرغ من هذا المقام قال إنها یوجب التعب و المحنة و ذلك أعظم المضار فهذه مجامع تلبیس الشیطان فقوله وَ عِدْهُمْ یتناول كل هذه الأقسام.

قال المفسرون وَ عِدْهُمْ (2) بأنه لا جنة و لا نار أو بتسویف التوبة أو بشفاعة الأصنام عند اللّٰه أو بالأنساب الشریفة أو إیثار العاجل علی الآجل.

و بالجملة فهذه الأقسام كثیرة و كلها داخلة فی الضبط الذی ذكرناه وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً لأنه إنما یدعو إلی أحد ثلاثة أمور قضاء الشهوة و إمضاء الغضب و طلب الرئاسة و الرفعة(3)

و لا یدعو البتة إلی معرفة اللّٰه و لا إلی خدمته و تلك الأشیاء الثلاثة معیوبة من وجوه كثیرة.

أحدها أنها فی الحقیقة لیست لذات بل هی خلاص عن الآلام.

و ثانیها أنها و إن كانت لذات و لكنها لذات خسیسة مشترك فیها بین الكلاب و الدیدان و الخنافس.

و ثالثها أنها سریعة الذهاب و الانقضاء و الانقراض.

و رابعها أنها لا تحصل إلا بعد متاعب كثیرة و مشاق عظیمة.

و خامسها أن لذات البطن و الفرج لا یتم إلا بمزاولة رطوبات عفنة مستقذرة.

ص: 177


1- 1. فی المصدر: و تقریره من وجهین: الأول أن یقول: لا جنة.
2- 2. فی المصدر: ای بانه لا جنة.
3- 3. فی المصدر: و علو الدرجة.

و سادسها أنها غیر باقیة بل یمنعها(1) الموت و الهرم و الفقر و الحسرة علی الفوت و الخوف من الموت فلما كانت هذه المطالب و إن كانت لذیذة بحسب الظاهر إلا أنها ممزوجة بهذه الآفات العظیمة و المخافات الجسیمة كانت الترغیب فیها تغریرا إِنَّ عِبادِی أی كلهم أو أهل الفضل و الإیمان منهم كما مر وَ كَفی بِرَبِّكَ وَكِیلًا لما أمكن إبلیس (2) بأن یأتی بأقصی ما یقدر علیه فی باب الوسوسة و كان ذلك سببا لحصول الخوف الشدید فی قلب الإنسان قال وَ كَفی بِرَبِّكَ وَكِیلًا و معناه أن الشیطان و إن كان قادرا فاللّٰه أقدر منه و أرحم بعباده من الكل فهو تعالی یدفع عنه كید الشیطان و یعصمه من إضلاله و إغوائه و فیها دلالة علی أن المعصوم من عصمة اللّٰه و أن الإنسان لا یمكنه أن یحترز بنفسه عن مواقع الضلال (3).

و قال فی قوله تعالی إنه كانَ مِنَ الْجِنِ للناس فی هذه المسألة أقوال الأول أنه من الملائكة و لا ینافی ذلك كونه من الجن و لهم فیه وجوه.

الأول أن قبیله من الملائكة یسمون بذلك بدلیل قوله تعالی وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً(4) و قوله تعالی وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ (5) و الثانی أن الجن سمی جنا للاستتار فهم داخلون فی الجنة(6).

الثالث أنه كان خازن الجنة فنسب إلی الجنة كقولهم كوفی و بصری و عن سعید بن جبیر كان من الجانین الذین یعملون فی الجنان جن من الملائكة(7) یصوغون حلی أهل الجنة مذ خلقوا رواه القاضی فی تفسیره عن هشام عن ابن جبیر.

ص: 178


1- 1. فی المصدر: بل یتبعها.
2- 2. فی المصدر: من أن یأتی.
3- 3. تفسیر الرازیّ 21: 5- 9.
4- 4. الصافّات: 158.
5- 5. الأنعام: 100.
6- 6. فی المصدر: و الملائكة كذلك فهم داخلون فی الجن.
7- 7. فی نسخة:[ من جن الملائكة] و فی المصدر: حی من الملائكة.

و الثانی (1)

أنه من الجن الذین هم الشیاطین و الذین خلقوا من النار و هو أبوهم.

و الثالث قول من قال كان من الملائكة فمسخ و غیر(2).

و قال البیضاوی كانَ مِنَ الْجِنِ حال بإضمار قد أو استئناف للتعلیل كأنه قیل ما له لم یسجد فقیل كان من الجن فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ فخرج عن أمره بترك السجود و الفاء للتسبب و فیه دلیل علی أن الملك لا یعصی البتة و إنما عصی إبلیس لأنه كان جنیا فی أصله أَ فَتَتَّخِذُونَهُ أ عقیب ما وجد منه تتخذونه و الهمزة للإنكار و التعجب وَ ذُرِّیَّتَهُ أولاده و أتباعه و سماهم ذریته مجازا أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی فتستبدلونهم بی فتطیعونهم بدل طاعتی بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا من اللّٰه إبلیس و ذریته ما أَشْهَدْتُهُمْ إلخ نفی إحضار إبلیس و ذریته خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ و إحضار بعضهم خلق بعض لیدل علی نفی الاعتضاد بهم فی ذلك كما صرح به بقوله وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً أی أعوانا ردا لاتخاذهم أولیاء من دون اللّٰه شركاء له فی العبادة فإن استحقاق العبادة من توابع الخالقیة و الاشتراك فیه یستلزم الاشتراك فیها.

و قیل الضمیر للمشركین و المعنی ما أشهدتهم خلق ذلك و ما خصصتهم بعلوم لا یعرفها غیرهم حتی لو آمنوا تبعهم الناس كما یزعمون فلا یلتفت (3) إلی قولهم طمعا فی نصرتهم للدین فإنه لا ینبغی لی أن أعتضد بالمضلین (4) لدینی و قال فی قوله وَ ما أَنْسانِیهُ إلخ أی و ما أنسانی ذكره إِلَّا الشَّیْطانُ فإن أَذْكُرَهُ بدل من الضمیر و هو اعتذار عن نسیانه بشغل الشیطان له بوسواسه (5)

و لعله

ص: 179


1- 1. أی الثانی من الأقوال.
2- 2. تفسیر الرازیّ 21: 136 نقله باختصار.
3- 3. فی المصدر: فلا تلتفت.
4- 4. أنوار التنزیل 2: 17.
5- 5. فی المصدر: بوساوسه و الحال و ان كانت عجیبة لا ینسی مثلها لكنه لما ضری بمشاهدة امثالها عند موسی و الفها قل اهتمامه بها.

نسی ذلك لاستغراقه فی الاستبصار و انجذاب شراشره إلی جناب القدس بما عراه من مشاهدة الآیات الباهرة و إنما نسبه إلی الشیطان هضما لنفسه أو لأن عدم احتمال القوة للجانبین و اشتغالها بأحدهما عن الآخر یعد من نقصان (1) انتهی قوله تعالی لا تَعْبُدِ الشَّیْطانَ أی لا تطعه فی عبادة الآلهة ثم علل ذلك بأن الشیطان عاص لله و المطاوع للعاصی عاص وَلِیًّا أی قرینا فی اللعن أو العذاب تلیه و یلیك أو ثابتا فی موالاته فإنه أكبر من العذاب كما أن رضوان اللّٰه أكبر من الثواب.

قوله وَ الشَّیاطِینَ قال البیضاوی عطف أو مفعول معه لما روی أن الكفرة یحشرون مع قرنائهم من الشیاطین الذین أغووهم كل مع شیطانه فی سلسلة جِثِیًّا علی ركبهم لما یدهمهم من هول المطلع أو لأنه من توابع التواقف للحساب (2).

أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّیاطِینَ عَلَی الْكافِرِینَ قال الطبرسی أی خلینا(3) بینهم و بین الشیاطین إذا وسوسوا إلیهم و دعوهم إلی الضلال حتی أغووهم و لم یحل بینهم و بینهم بالإلجاء و لا بالمنع و عبر عن ذلك بالإرسال علی سبیل المجاز و التوسع و قیل معناه سلطناهم علیهم و یكون فی معنی التخلیة أیضا تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أی تزعجهم إزعاجا من الطاعة إلی المعصیة عن ابن عباس.

و قیل تغریهم إغراء بالشی ء(4)

تقول امض فی هذا الأمر حتی توقعهم فی النار عن ابن جبیر(5).

قوله سبحانه وَ مِنَ الشَّیاطِینِ مَنْ یَغُوصُونَ لَهُ قال الرازی المراد أنهم یغوصون له فی البحار فیستخرجون الجواهر و یتجاوزون ذلك إلی الأعمال المهین (6)

ص: 180


1- 1. أنوار التنزیل 2: 20.
2- 2. أنوار التنزیل 2: 43.
3- 3. فی نسخة:[ و لم یخل] و فی المصدر: و لم نحل.
4- 4. فی نسخة:[ تغویهم اغواء بالشی ء] و فی المصدر: تغریهم اغراء بالشر.
5- 5. مجمع البیان 6: 530 و 531.
6- 6. فی المصدر: الی الاعمال و المهن.

و بناء المدن و القصور و اختراع الصنائع العجیبة كما قال یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ و أما الصناعات فكاتخاذ الحمام و النورة و الطواحین و القواریر و الصابون و لیس فی الظاهر إلا أنه سخرهم لكنه قد روی أنه تعالی سخر كفارهم دون المؤمنین و هو الأقرب من وجهین أحدهما إطلاق لفظ الشیاطین و الثانی قوله وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِینَ فإن المؤمن إذا سخر فی أمر لا یجب أن یحفظ لئلا یفسد و إنما یجب ذلك فی الكافر.

و فی قوله وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِینَ وجوه أحدها أنه تعالی وكل بهم جمعا من الملائكة أو جمعا من مؤمنی الجن.

و ثانیها سخرهم اللّٰه تعالی بأن حبب إلیهم طاعته و خوفهم من مخالفته.

و ثالثها قال ابن عباس یرید و سلطانه مقیم علیهم یفعل بهم ما یشاء.

فإن قیل و عن أی شی ء كانوا محفظین (1)

قلنا فیه ثلاثة أوجه أحدها أنه تعالی كان یحفظهم علیه لئلا یذهبوا و یتركوا و ثانیها كان یحفظهم من أن یهیجوا أحدا فی زمانه و ثالثها كان یحفظهم من أن یفسدوا ما عملوا و كان دأبهم أنهم یعملونه فی النهار ثم یفسدونه فی اللیل و سأل الجبائی نفسه و قال كیف یتهیأ لهم هذه الأعمال و أجسامهم رقیقة لا یقدرون علی عمل الثقیل و إنما یمكنهم الوسوسة و أجاب بأنه سبحانه كثف أجسامهم خاصة و قواهم و زادهم فی عظمهم (2) فیكون ذلك معجزة لسلیمان علیه السلام فلما مات سلیمان علیه السلام ردهم إلی الخلقة الأولی لأنه تعالی لو أبقاهم علی الخلقة الثانیة لصار شبهة علی الناس و لو ادعی متنبئ النبوة و جعله دلالة لكان كمعجزات الرسل فلذلك ردهم إلی خلقهم الأولی.

و اعلم أن هذا الكلام ساقط من وجوه أحدها لم قلت إن الجن من الأجسام و لم لا یجوز وجود محدث لیس بمتحیز و لا قائم بالمتحیز و یكون الجن منهم.

ص: 181


1- 1. فی المصدر: محفوظین.
2- 2. فی المصدر: و زاد فی عظمهم.

فإن قلت لو كان الأمر كذلك لكان مثلا للباری تعالی.

قلت هذا ضعیف لأن الاشتراك فی اللوازم السلبیة(1)

سلمنا أنه جسم لكن لم لا یجوز حصول القدرة علی هذه الأعمال الشاقة فی الجسم اللطیف و كلامه بناء علی أن البنیة شرط و لیس فی یده إلا الاستقراء الضعیف سلمنا أنه لا بد من تكثیف أجسامهم لكن لم قلت إنه لا بد من ردها إلی الخلقة الأولی بعد موت سلیمان علیه السلام و قوله لأنه یفضی إلی التلبیس (2) قلنا التلبیس غیر لازم لأن المتنبئ إذا جعل ذلك معجزة لنفسه فللمدعو(3) أن یقول لم لا یجوز أن یقال إن قوة أجسادهم كانت معجزة لنبی آخر قبلك و مع قیام هذا الاحتمال لا یتمكن المتنبئ من الاستدلال به (4).

و قال البیضاوی وَ یَتَّبِعُ فی المجادلة أو فی عامة أحواله كُلَّ شَیْطانٍ مَرِیدٍ متجرد للفساد و أصله العری (5) كُتِبَ عَلَیْهِ علی الشیطان مَنْ تَوَلَّاهُ تبعه و الضمیر للشأن فَأَنَّهُ یُضِلُّهُ خبر لمن أو جواب له و المعنی كتب علیه إضلال من تولاه لأنه جبل علیه وَ یَهْدِیهِ إِلی عَذابِ السَّعِیرِ بالحمل علی ما یؤدی إلیه (6).

و قال فی قوله فِی أُمْنِیَّتِهِ فی تشهیه بما یوجب (7) اشتغاله بالدنیا

كَمَا قَالَ

ص: 182


1- 1. فیه اختصار و الموجود فی المصدر: لان الاشتراك فی اللوازم الثبوتیة لا یدلّ علی الاشتراك فی الملزومات فكیف اللوازم السلبیة؟.
2- 2. فی المصدر: فان قال: لئلا یفضی الی التلبیس.
3- 3. فی المصدر: فللمدعی.
4- 4. تفسیر الرازیّ 22: 201- 203.
5- 5. یقال: شجرة مرداء ای لا ورق لها، و رملة مرداء: لا نبت علیها و غلام أمرد لم تنبت لحیته. و مردت الغصن: القیت عنه لحاءه.
6- 6. أنوار التنزیل 2: 95.
7- 7. فی المصدر: ما یوجب.

صلی اللّٰه علیه و آله: وَ إِنَّهُ لَیُغَانُ (1) عَلَی قَلْبِی فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِی الْیَوْمِ سَبْعِینَ مَرَّةً.

فَیَنْسَخُ اللَّهُ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ فیبطله و یذهب به بعصمته عن الركون و الإرشاد إلی ما یزیحه ثُمَّ یُحْكِمُ اللَّهُ آیاتِهِ ثم یثبت آیاته الداعیة إلی الاستغراق فی أمر الآخرة وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بأحوال الناس حَكِیمٌ فیما یفعله بهم لِیَجْعَلَ ما یُلْقِی الشَّیْطانُ علة لتمكین الشیطان منه لِلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ شك و نفاق وَ الْقاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ المشركین (2).

أقول: قد مضت الأقوال فی نزول الآیة فی المجلد السادس.

مِنْ هَمَزاتِ الشَّیاطِینِ أی وساوسهم أَنْ یَحْضُرُونِ أن یحوموا حولی فی شی ء من الأحوال (3) فَكُبْكِبُوا فِیها هُمْ وَ الْغاوُونَ أی الآلهة و عبدتهم و الكبكبة تكریر الكب معناه أنه ألقی فی النار ینكب مرة بعد أخری حتی یستقر فی قعرها وَ جُنُودُ إِبْلِیسَ متبعوه من عصاة الثقلین أو شیاطینه (4) وَ ما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّیاطِینُ كما زعمت المشركون أنه من قبیل ما یلقی الشیطان إلی الكهنة وَ ما یَنْبَغِی

لَهُمْ و ما یصلح لهم أن ینزلوا به وَ ما یَسْتَطِیعُونَ و ما یقدرون إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لكلام الملائكة لَمَعْزُولُونَ أی مصرفون عن استماع القرآن من السماء قد حیل بینهم و بین السمع بالملائكة و الشهب.

قیل و ذلك لأنه مشروط بمشاركة فی صفات الذات و قبول فیضان الحق

ص: 183


1- 1. فی النهایة: فیه: انه لیغان علی قلبی حتّی استغفر اللّٰه فی الیوم سبعین مرة، الغین: الغیم و غینت السماء تغان: إذا اطبق علیها الغیم، و قیل: الغین: شجر ملتف. اراد ما یغشاه من السهو الذی لا یخلو منه البشر لان قلبه أبدا كان مشغولا باللّٰه تعالی فان عرض له وقتا ما عارض بشری یشغله: من أمور الأمة و الملّة و مصالحهما عد ذلك ذنبا و تقصیرا فیفزع الی الاستغفار انتهی أقول: لعل الصحیح انه أراد توجهه الی الخلق و الی المأكل و المشرب و لوازمها و ما یطرأ علی الإنسان من اللوازم البشریة.
2- 2. أنوار التنزیل 2: 107 و 108.
3- 3. أنوار التنزیل 2: 127 و 128.
4- 4. أنوار التنزیل 2: 182.

و نفوسهم حینئذ ظلمانیة شریرة(1) ثم لما بین سبحانه أن القرآن لا یصح أن یكون مما تنزلت به الشیاطین أكد ذلك ببیان من تنزلت علیه فقال هَلْ أُنَبِّئُكُمْ إلی قوله عَلی كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمٍ أی كذاب شدید الإثم یُلْقُونَ السَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ أی الأفاكون یلقون السمع إلی الشیاطین فیتلقون منهم ظنونا و أمارات لنقصان علمهم فیضمون إلیها علی حسب تخیلاتهم أشیاء لا یطابق كذا قیل (2).

وَ فِی الْكَافِی، فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ مِنْ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ إِلَّا وَ جَمِیعُ الْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ تَزُورُ أَئِمَّةَ الضَّلَالِ وَ یَزُورُ أَئِمَّةَ الْهُدَی عَدَدُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّی إِذَا أَتَتْ لَیْلَةُ الْقَدْرِ فَهَبَطَ(3) فِیهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَی أُولِی الْأَمْرِ خَلَقَ اللَّهُ أَوْ قَالَ قَیَّضَ اللَّهُ مِنَ الشَّیَاطِینِ بِعَدَدِهِمْ ثُمَّ زَارُوا وَلِیَّ الضَّلَالَةِ فَأَتَوْهُ بِالْإِفْكِ وَ الْكَذِبِ حَتَّی لَعَلَّهُ یُصْبِحُ فَیَقُولُ رَأَیْتُ كَذَا وَ كَذَا فَلَوْ سَأَلَ وَلِیَّ الْأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ لَقَالَ رَأَیْتَ شَیْطَاناً أَخْبَرَكَ بِكَذَا وَ كَذَا حَتَّی یُفَسِّرَ لَهُ تَفْسِیراً وَ یُعْلِمَهُ الضَّلَالَةَ الَّتِی هُوَ عَلَیْهَا(4).

وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ صدق فی ظنه و هو قوله لَأُضِلَّنَّهُمْ و لَأُغْوِیَنَّهُمْ و قرئ بالتشدید أی حققه إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أی إلا فریقا هم المؤمنون لم یتبعوه و تقلیلهم بالإضافة إلی الكفار أو إلا فریقا من فرق المؤمنین لم یتبعوه فی العصیان و هم المخلصون مِنْ سُلْطانٍ أی من تسلط و استیلاء إِلَّا لِنَعْلَمَ إلخ أی

ص: 184


1- 1. ذكره البیضاوی فی تفسیره 1: 189 و فیه: و قبول فیضان الحق و الانتقاش بالصور الملكوتیة و نفوسهم خبیثة ظلمانیة شریرة بالذات لا تقبل ذلك و القرآن مشتمل علی حقائق و مغیبات لا یمكن تلقیها الا من الملائكة.
2- 2. القائل هو البیضاوی فی أنوار التنزیل 2: 190 و فیه: اكد ذلك بأن بین ان محمّدا صلّی اللّٰه علیه و سلّم لا یصلح لان تنزلوا علیه من وجهین: احدهما انه یكون علی شریر كذاب كثیر الاثم فان اتصال الإنسان بالغائبات لما بینهما من التناسب و التواد و حال محمّد صلّی اللّٰه علیه و سلّم علی خلاف ذلك، و ثانیهما قوله یلقون اه.
3- 3. فی المصدر: فیهبط.
4- 4. أصول الكافی 1: 253.

إلا لیتعلق علمنا بذلك تعلقا یترتب علیه الجزاء أو لیتمیز المؤمن من الشاك و المراد من حصول العلم حصول متعلقه مبالغة(1).

وَ فِی الْكَافِی، عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: كَانَ تَأْوِیلُ هَذِهِ الْآیَةِ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الظَّنُّ مِنْ إِبْلِیسَ حِینَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَی فَظَنَّ بِهِمْ إِبْلِیسُ ظَنّاً فَصَدَّقُوا ظَنَّهُ (2).

وَ فِی تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَنْصِبَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِلنَّاسِ فِی قَوْلِهِ یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ فِی عَلِیٍّ بِغَدِیرِ خُمٍّ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ فَجَاءَتِ الْأَبَالِسَةُ إِلَی إِبْلِیسَ الْأَكْبَرِ وَ حَثَوُا التُّرَابَ عَلَی رُءُوسِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِیسُ مَا لَكُمْ قَالُوا إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ عَقَدَ الْیَوْمَ عُقْدَةً لَا یَحُلُّهَا شَیْ ءٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِیسُ كَلَّا إِنَّ الَّذِینَ حَوْلَهُ قَدْ وَعَدُونِی فِیهِ عِدَةً لَنْ یُخْلِفُونِی فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی رَسُولِهِ وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ الْآیَةَ(3).

إِنَّ الشَّیْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ عداوة عامة قدیمة فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا فی عقائدكم و أفعالكم و كونوا علی حذر منه فی مجامع أحوالكم إِنَّما یَدْعُوا إلخ تقدیر لعداوته و بیان لغرضه (4).

أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْكُمْ یا بَنِی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ هو من جملة ما یقال لهم یوم القیامة تقریعا و إلزاما للحجة و عهده إلیهم ما نصب لهم من الدلائل العقلیة و السمعیة الآمرة بعبادته الزاجرة عن عبادة غیره و جعلها عبادة الشیطان لأنه الآمر بها المزین لها.

ص: 185


1- 1. اختصره من أنوار التنزیل 2: 288 و 289.
2- 2. الحدیث طویل رواه الكلینی فی الروضة: 345.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 538 رواه عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن ابن سنان.
4- 4. أنوار التنزیل 2: 297.

إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ تعلیل للمنع عن عبادته بالطاعة فیما یحملهم علیه وَ أَنِ اعْبُدُونِی عطف علی أن لا تعبدوا هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ إشارة إلی ما عهد إلیهم أو إلی عبادته بالطاعة فیما یحملهم علیه و الجملة استئناف لبیان المقتضی للعهد وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِیراً رجوع إلی بیان معاداة الشیطان مع ظهور عداوته و وضوح إضلاله لمن له أدنی عقل و رأی و الجبل الخلق (1).

قوله سبحانه وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ مارِدٍ قال البیضاوی حِفْظاً منصوب بإضمار فعله أو العطف علی زینة باعتبار المعنی كأنه قال إنا خلقنا الكواكب زینة للسماء و حفظا من كل شیطان مارد خارج عن الطاعة برمی الشهب (2).

قال الرازی قال ابن عباس یرید حفظ السماء بالكواكب (3) من كل شیطان تمرد علی اللّٰه قال المفسرون الشیاطین یصعدون (4) إلی قرب السماء فربما سمعوا كلام الملائكة و عرفوا به ما سیكون من الغیوب و كانوا یخبرون به ضعفاءهم و یوهمونهم أنهم یعلمون الغیب فمنعهم اللّٰه تعالی عن الصعود إلی قرب السماء بهذه الشهب فإنه تعالی یرمیهم بها فیحرقهم بها.

و بقی هاهنا سؤالات الأول هذه الشهب هل هی من الكواكب التی زین اللّٰه السماء بها أم لا و الأول باطل لأن هذه الشهب تبطل و تضمحل فلو كانت هذه الشهب تلك الكواكب الحقیقیة لوجب أن یظهر نقصان كثیر فی أعداد كواكب السماء و معلوم أن هذا المعنی لم یوجد البتة و أیضا فجعلها رجوما للشیاطین مما یوجب النقصان فی زینة السماء فكان الجمع بین هذین المقصودین كالمتناقض.

و أما القسم الثانی و هو أن یقال هذه الشهب جنس آخر غیر الكواكب المركوزة

ص: 186


1- 1. أخذه من أنوار التنزیل 2: 315.
2- 2. أنوار التنزیل: 2: 320.
3- 3. إلی هنا انتهی كلام ابن عبّاس.
4- 4. فی المصدر: الشیاطین كانوا یصعدون.

فی الفلك فهذا أیضا مشكل لأنه تعالی قال فی سورة تبارك وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّیاطِینِ و الضمیر عائد إلی المصابیح.

و الجواب أن هذه الشهب غیر تلك الثواقب الباقیة و أما قوله وَ لَقَدْ زَیَّنَّا إلخ فنقول كل منیر یحصل فی الجو العالی فهو مصباح لأهل الأرض إلا أن تلك المصابیح منها باقیة علی وجه الدهر آمنة من التغیر و الفساد و منها ما لا یكون كذلك و هی هذه الشهب التی یحدثها اللّٰه تعالی و یجعلها رجوما للشیاطین (1).

الثانی كیف یجوز أن یذهب الشیاطین إلی السماء حیث یعلمون بالتجربة أن الشهب تحرقهم و لا یصلون إلی مقصودهم البتة و هل یمكن أن یصدر مثل هذا الفعل عن عاقل فكیف من الشیاطین الذین لهم مزیة فی معرفة الحیل الدقیقة و الجواب أن حصول هذه الحالة لیس له موضع معین و إلا لم یذهبوا إلیه و إنما یمنعون من المصیر إلی مواضع الملائكة و مواضعها مختلفة فربما أن صاروا إلی موضع تصیبهم الشهب و ربما صاروا إلی غیره و لا یصادفون الملائكة فلا تصیبهم الشهب فلما هلكوا فی بعض الأوقات و سلموا فی بعضها جاز أن یصیروا إلی مواضع یغلب علی ظنونهم أنه لا تصیبهم الشهب فیها كما یجوز فیمن یسلك البحر أن یسلكه فی موضع یغلب علی ظنه حصول النجاة هذا ما ذكره الجبائی فی تفسیره.

و لقائل أن یقول إنهم إذا صعدوا فإما أن یصلوا إلی مواضع الملائكة أو إلی غیر ذلك الموضع فإن وصلوا إلی مواضع الملائكة احترقوا و إن وصلوا إلی غیرها لم یفوزوا بمقصود أصلا(2)

فبعد هذه التجزئة وجب أن یمتنعوا عن هذا العمل.

ص: 187


1- 1. و یمكن أن یقال: ان تلك الشهب هی الاحجار السماویة التی تقطعت عن كوكب او قطع من بقایا كوكب متهشم موجودة فی جهة من الجو مجذوبة للشمس متی مرت الأرض بجانبها و صارت فی متناول جاذبیتها انجذبت إلیها و احترقت من سرعة هویها و لم یصل الأرض منها شی ء، و ربما وصلت قطعة فغارت فی الأرض علی ما قیل.
2- 2. فی المصدر: لم یفوزوا بمقصودهم اصلا.

و الأقرب فی الجواب أن نقول هذه الواقعة إنما تتفق فی الندرة فلعلها لم یشتهر بین الشیاطین.

الثالث قالوا دلت التواریخ المتواترة علی أن حدوث الشهب كان حاصلا قبل مجی ء النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لذلك (1)

فإن الحكماء الذین كانوا موجودین قبل مجی ء النبی صلی اللّٰه علیه و آله بزمان طویل ذكروا ذلك و تكلموا فی سبب حدوثه.

و أجاب القاضی بأن الأقرب أن هذه الحالة كانت موجودة قبل النبی لكنها كثرت فی زمانه صلی اللّٰه علیه و آله فصار بسبب الكثرة معجزا(2)

انتهی.

و أقول یمكن أن یقال فی الجواب عن السؤال الأول أما أولا فبأنه علی تقدیر كون المراد بالمصابیح الكواكب نمنع عدم التغیر فی أعدادها لأن جمیعها غیر مرصودة لا سیما علی القول بأن المجرة مركبة من الكواكب الصغیرة.

و أما ثانیا فبأن یقال یجوز أن یخلق اللّٰه تعالی فی موضع الكوكب الذی یرمی به الشیاطین كوكبا آخر فلا یحس بزواله.

و أما ثالثا فبأن یقال لعله ینفصل من الكوكب جسم یحرق الشیاطین و یهلكهم مع بقاء الكوكب كما ینفصل عن النار شعل محرقة مع بقائها و الشهاب فی الأصل شعلة نار ساطعة و منه قوله تعالی آتِیكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ و أما السؤال الثانی فأجاب الشیخ رحمه اللّٰه فی التبیان عنه بأنهم ربما جوزوا أن یصادفوا موضعا یصعدون منه لیس فیه ملك یرمیهم بالشهب أو اعتقدوا أن ذلك غیر صحیح و لم یصدقوا من أخبرهم أنهم رموا حین أرادوا الصعود.

و قیل فی الجواب إذا جاء القضاء عمی البصر فإذا قضی اللّٰه علی شیطان بالحرق قبض (3) اللّٰه من نفسه ما یبعثه علی الإقدام علی الهلكة و ربما غفل عن التجربة لشدة حرصه علی درك المقصود و قد یقال فی الجواب عن الثالث بأن ما حدث بولادته صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 188


1- 1. لم یذكر فی المصدر قوله: و لذلك.
2- 2. تفسیر الرازیّ 26: 120 و 121.
3- 3. هكذا فی النسخ و لعلّ الصحیح: قیض اللّٰه، ای قدر اللّٰه.

و بعثه هو طرد الشیاطین بالشهب الثواقب لا وجودها مع أن طائفة زعموا أن هذه الشهب ما كانت موجودة قبل البعث و رووه عن ابن عباس و أبی بن كعب قالوا لم یرم بنجم منذ رفع عیسی ابن مریم علیه السلام حتی بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فرمی بها فرأت قریش أمرا ما رأوه قبل ذلك فجعلوا یسیبون أنعامهم و یعتقون رقابهم یظنون إبان الفناء فبلغ ذلك بعض أكابرهم فقال لم فعلتم ذلك فقالوا رمی بالنجوم فرأینا تتهافت فی السماء فقال اصبروا فإن تكن نجوم معروفة فهو وقت فناء الدنیا و إن كانت نجوم لا تعرف فهو أمر حدث فنظروا فإذا هی لا تعرف فأخبروه فقال فی الأمر مهلة و هذا عند ظهور نبی فما مكثوا إلا یسیرا حتی قدم أبو سفیان علی أخواله و أخبر أولئك الأقوام أنه ظهر محمد بن عبد اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و یدعی أنه نبی مرسل و هؤلاء زعموا أن كتب الأوائل قد توالت علیها التحریفات فلعل المتأخرین ألحقوا هذه المسألة بها طعنا منهم فی هذه المعجزة و كذا الأشعار المنسوبة إلی أهل الجاهلیة لعلها مختلقة علیهم لذلك.

قوله تعالی لا یَسَّمَّعُونَ إِلَی الْمَلَإِ الْأَعْلی قال البیضاوی كلام مبتدأ لبیان حالهم بعد ما حفظ السماء عنهم و لا یجوز جعله صفة ل كُلِّ شَیْطانٍ فإنه یقتضی أن یكون الحفظ من شیاطین لا یسمعون و الضمیر لكل باعتبار المعنی و تعدیة السماع بإلی لتضمنه معنی الإصغاء مبالغة لنفیه و تهویلا لما یمنعهم و یدل علیه قراءة حمزة و الكسائی و حفص بالتشدید من التسمع و هو طلب السماع و الملأ الأعلی الملائكة أو أشرافهم وَ یُقْذَفُونَ یرمون مِنْ كُلِّ جانِبٍ من السماء إذا قصدوا صعوده دُحُوراً علة أی للدحور و هو الطرد أو مصدر لأنه و القذف متقاربان أو حال بمعنی مدحورین أو منزوع عنه الباء جمع دحر و هو ما یطرد به و یقویه القراءة بالفتح و هو یحتمل أیضا أن یكون مصدرا كالقبول أو صفة له أی قذفا دحورا وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ أی عذاب آخر دائم أو شدید و هو عذاب الآخرة إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ استثناء من واو یسمعون و من بدل منه و الخطف الاختلاس و المراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة و أتبع بمعنی تبع و الثاقب المضی ء(1).

ص: 189


1- 1. أنوار التنزیل 2: 320 و 321 و فیه اختصار.

أقول: و قد مر بعض الكلام فی بعض هذه الآیات.

و قال البیضاوی طَلْعُها أی حملها مستعار من طلع الثمر لمشاركته إیاه فی الشكل أو لطلوعه من الشجر كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّیاطِینِ فی تناهی القبح و الهول و هو تشبیه بالمتخیل كتشبیه الفائق فی الحسن بالملك و قیل الشیاطین حیات هائلة قبیحة المنظر لها أعراف و لعلها سمیت بها لذلك (1).

و قال وَ الشَّیاطِینَ عطف علی الریح كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ بدل منه وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ عطف علی كل كأنه فصل الشیاطین إلی عمله استعملهم فی الأعمال الشاقة كالبناء و الغوص و مردة قرن بعضهم مع بعض فی السلاسل لیكفوا عن الشر و لعل أجسامهم شفافة صلبة فلا تری و یمكن تقییدها هذا و الأقرب أن المراد تمثیل كفهم عن الشرور بالإقران فی الصفد و هو القید(2).

و قال الرازی و هاهنا بحث و هو أن هذه الآیات دالة علی أن الشیاطین لها قوة عظیمة و بسبب تلك القوة قدروا علی بناء الأبنیة القویة التی لا یقدر علیها البشر و قدروا علی الغوص فی البحار و احتاج سلیمان علیه السلام إلی قیدهم و لقائل أن یقول هذه الشیاطین إما أن تكون أجسادهم كثیفة أو لطیفة فإن كان الأول وجب أن یراهم من كان صحیح الحاسة إذ لو جاز أن لا نراهم مع كثافة أجسادهم فلیجز أن یكون بحضرتنا جبال عالیة و أصوات هائلة لا نراها و لا نسمعها و ذلك دخول فی السفسطة فإن كان الثانی و هو أن أجسادهم لیست كثیفة بل لطیفة رقیقة فمثل هذا یمتنع أن یكون موصوفا بالقوة الشدیدة و أیضا لزم أن تتفرق أجسادهم و أن تتمزق بسبب الریاح القویة و أن یموتوا فی الحال و ذلك یمنع وصفهم بالآلات القویة(3).

و أیضا الجن و الشیاطین إن كانوا موصوفین بهذه الشدة و القوة فلم لا یقتلون العلماء و الزهاد فی زماننا و لم لا یخربون دیار الناس مع أن المسلمین مبالغون فی إظهار لعنتهم و عداوتهم و حیث لا یحس شی ء من ذلك علمنا أن القول بإثبات الجن و الشیاطین ضعیف.

ص: 190


1- 1. أنوار التنزیل 2: 326،.
2- 2. أنوار التنزیل 2: 346.
3- 3. فی المصدر: و ذلك یمنع من وصفهم ببناء الابنیة القویة.

و اعلم أن أصحابنا یجوزون أن تكون أجسامهم كثیفة مع أنا لا نراها و أیضا لا یبعد أن یقال أجسامهم لطیفة بمعنی عدم اللون و لكنها صلبة بمعنی أنها لا تقبل التفرق و أما الجبائی فقد سلم أنها كانت كثیفة الأجسام و زعم أن الناس كانوا یشاهدونهم فی زمن سلیمان علیه السلام ثم إنهم لما توفی سلیمان علیه السلام أمات اللّٰه تلك الجن و الشیاطین و خلق نوعا آخر من الجن و الشیاطین و الموجود فی زماننا لیس إلا من هذا الجنس (1)

و اللّٰه أعلم انتهی (2).

قال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ آخَرِینَ أی و سخرنا له آخرین من الشیاطین مشددین (3) فی الأغلال و السلاسل من الحدید و كان یجمع بین اثنین و ثلاثة منهم فی سلسلة لا یمتنعون علیه إذا أراد ذلك بهم عند تمردهم.

و قیل إنه إنما كان یفعل ذلك بكفارهم فإذا آمنوا أطلقهم (4).

بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ أی بتعب و مكروه و مشقة و قیل بوسوسة فیقول له طال مرضك و لا یرحمك ربك انتهی (5).

و قال البیضاوی فی قوله تعالی فَإِذا سَوَّیْتُهُ عدلت خلقته اسْتَكْبَرَ تعظم و كانَ أی و صار أو فی علم اللّٰه فَبِعِزَّتِكَ فبسلطانك و قهرك فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ أی فأحق الحق و أقوله.

و قیل الحق الأول اسم اللّٰه تعالی و نصب بحذف حرف القسم و جوابه لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِینَ و ما بینهما اعتراض و هو علی الأول جواب محذوف و الجملة تفسیر للحق المقول و قرأ عاصم و حمزة برفع الأول علی الابتداء

ص: 191


1- 1. فی المصدر: من الجن و الشیاطین تكون اجسامهم فی غایة الرقة و لا یكون لهم شی ء من القوّة و الموجود فی زماننا من الجن و الشیاطین لیس الامن هذا الجن.
2- 2. تفسیر الرازیّ 26: 210 و 211.
3- 3. فی المصدر: مشدودین.
4- 4. مجمع البیان 8: 477.
5- 5. مجمع البیان 8: 478.

أی الحق یمینی أو قسمی أو الخبر أی أنا الحق (1) وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ أی نخس به شبه وسوسته لأنها بعث علی ما لا ینبغی كالدفع بما هو أسوأ و جعل النزغ نازغا علی طریقة جد جده أو أرید به نازغ وصفا للشیطان بالمصدر فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ

هُوَ السَّمِیعُ لاستعاذتك الْعَلِیمُ بنیتك أو بصلاحك (2) وَ مَنْ یَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ یتعامی (3) و یعرض عنه لفرط اشتغاله بالمحسوسات أو انهماكه فی الشهوات نُقَیِّضْ نقدر و نسبب لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ یوسوسه و یغویه (4)

دائما.

أقول:

وَ فِی الْخِصَالِ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ تَصَدَّی بِالْإِثْمِ أَعْشَی عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ مَنْ تَرَكَ الْأَخْذَ عَمَّنْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ قَیَّضَ لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ (5).

سَوَّلَ لَهُمْ قیل أی سهل لهم اقتراف الكبائر و قیل حملهم علی الشهوات وَ أَمْلی لَهُمْ أی و أمد لهم فی الآمال و الأمانی أو أمهلهم اللّٰه و لم یعاجلهم بالعقوبة(6) اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطانُ أی استولی علیهم و هو مما جاء علی الأصل فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ لا یذكرونه بقلوبهم و لا بألسنتهم أُولئِكَ حِزْبُ الشَّیْطانِ جنوده و أتباعه أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّیْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ لأنهم فوتوا علی أنفسهم النعیم المؤبد و عرضوها للعذاب المخلد(7).

كَمَثَلِ الشَّیْطانِ قال البیضاوی أی مثل المنافقین فی إغراء الیهود علی القتال كمثل الشیطان إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ أغراه علی الكفر إغراء الآمر المأمور فَلَمَّا

ص: 192


1- 1. أنوار التنزیل 2: 350 و 351.
2- 2. أنوار التنزیل 2: 389.
3- 3. فی المصدر:[ یتعام] و هو الصحیح.
4- 4. أنوار التنزیل 2: 408.
5- 5. الخصال 2: 633 و 634 طبعة الغفاری و فیها:[ من صدئ] و فیها:[ قیض اللّٰه له] و الحدیث من أجزاء حدیث اربعمائة.
6- 6. أنوار التنزیل 2: 438.
7- 7. أنوار التنزیل 2: 507.

كَفَرَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكَ تبرأ عنه مخافة أن یشاركه فی العذاب و لا ینفعه ذلك كما قال إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِینَ إلی قوله جَزاءُ الظَّالِمِینَ و المراد من الإنسان الجنس و قیل أبو جهل قال له إبلیس یوم بدر لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ الآیة و قیل راهب حمله علی الفجور و الارتداد(1).

وَ لَقَدْ زَیَّنَّا أقول قد مر الكلام فیها فی باب السماوات.

مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه فیه أقوال أحدها أن معناه من شر الوسوسة الواقعة من الجنة التی یوسوسها فی صدور الناس فیكون فاعل یوسوس ضمیر الجنة و إنما ذكر لأن الجنة و الجن واحد و جازت الكنایة عنه و إن كان متأخرا لأنه فی نیة التقدم.

و ثانیها أن معناه من شر ذی الوسواس و هو الشیطان كما جاء فی الأثر أنه یوسوس فإذا ذكر ربه خنس.

ثم وصفه اللّٰه تعالی بقوله الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أی بالكلام الخفی الذی یصل مفهومه إلی قلوبهم من غیر سماع ثم ذكر أن هذا الشیطان الذی یوسوس فی صدور الناس من الجنة و هم الشیاطین كما قال سبحانه إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ (2) ثم عطف بقوله وَ النَّاسِ علی الوسواس و المعنی من شر الوسواس و من شر الناس كأنه أمر أن یستعیذ من شر الجن و الإنس.

و ثالثها أن معناه من شر ذی الوسواس الخناس ثم فسره بقوله مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ كما تقول نعوذ باللّٰه من شر كل مارد من الجن و الإنس و علی هذا فیكون وسواس الجنة هو وسواس الشیطان و فی وسواس الإنس وجهان أحدهما أنه وسوسة الإنسان نفسه.

و الثانی إغواء من یغویه من الناس و یدل علیه قوله شَیاطِینَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِ (3)

ص: 193


1- 1. أنوار التنزیل 2: 511 و 512.
2- 2. الكهف: 51.
3- 3. الأنعام: 112.

فشیطان الجن یوسوس و شیطان الإنس یأتی علانیة و یری أنه ینصح و قصده الشر قال مجاهد الخناس الشیطان إذا ذكر اللّٰه سبحانه خنس و انقبض و إذا لم یذكر اللّٰه انبسط علی القلب و یؤیده

مَا رُوِیَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الشَّیْطَانَ وَاضِعٌ خَطْمَهُ عَلَی قَلْبِ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَنَسَ وَ إِنْ نَسِیَ الْتَقَمَ قَلْبَهُ فَذَلِكَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ.

و قیل الخناس معناه الكثیر الاختفاء بعد الظهور و هو المستتر المختفی عن أعین الناس لأنه یوسوس من حیث لا یری بالعین

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لِقَلْبِهِ فِی صَدْرِهِ أُذُنَانِ أُذُنٌ یَنْفُثُ فِیهَا الْمَلَكُ وَ أُذُنٌ یَنْفُثُ فِیهَا الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ فَیُؤَیِّدُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ بِالْمَلَكِ وَ هُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (1).

«1»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: قَوْلُهُ تَعَالَی وَ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ أَیْ فِی الْبَحْرِ وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ یَعْنِی مُقَیَّدِینَ قَدْ شُدَّ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ هُمُ الَّذِینَ عَصَوْا سُلَیْمَانَ علیه السلام حِینَ سَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُلْكَ سُلَیْمَانَ فِی خَاتَمِهِ فَكَانَ إِذَا لَبِسَهُ حَضَرَتْهُ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الشَّیَاطِینُ وَ جَمِیعُ الطَّیْرِ وَ الْوَحْشِ وَ أَطَاعُوهُ وَ یَبْعَثُ اللَّهُ (2)

رِیَاحاً تَحْمِلُ الْكُرْسِیَّ بِجَمِیعِ مَا عَلَیْهِ مِنَ الشَّیَاطِینِ وَ الطَّیْرِ وَ الْإِنْسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْخَیْلِ فَتَمُرُّ بِهَا فِی الْهَوَاءِ إِلَی مَوْضِعٍ یُرِیدُهُ سُلَیْمَانُ وَ كَانَ یُصَلِّی الْغَدَاةَ

بِالشَّامِ وَ الظُّهْرَ بِفَارِسَ وَ كَانَ یَأْمُرُ الشَّیَاطِینَ أَنْ یَحْمِلُوا الْحِجَارَةَ مِنْ فَارِسَ یَبِیعُونَهَا بِالشَّامِ فَلَمَّا مَسَحَ أَعْنَاقَ الْخَیْلِ وَ سُوقَهَا بِالسَّیْفِ سَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ فَجَاءَ شَیْطَانٌ فَأَخَذَ مِنْ خَادِمِهِ خَاتَمَهُ حَیْثُ دَخَلَ الْخَلَاءَ(3) وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَلَمَّا رَدَّ عَلَیْهِ الْخَاتَمَ وَ لَبِسَهُ (4)

حَوَتْ

ص: 194


1- 1. مجمع البیان 10: 570 و 571.
2- 2. فی المصدر: و أطاعوه فیقعد علی كرسیه و یبعث اللّٰه.
3- 3. فی المصدر:[ سلبه اللّٰه ملكه و كان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه الی بعض من یخدمه فجاء شیطان فخدع خادمه و اخذ من یده الخاتم فلبسه اه] و الحدیث طویل فیه غرابة شدیدة. بل فیه ما یخالف ضرورة المذهب راجعه.
4- 4. فی المصدر:[ فخرت] و ما قبل ذلك نقل بالمعنی راجع المصدر.

عَلَیْهِ الشَّیَاطِینُ وَ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ الطَّیْرُ وَ الْوُحُوشُ وَ رَجَعَ إِلَی مَا كَانَ فَطَلَبَ ذَلِكَ بِالشَّیْطَانِ وَ جُنُودِهِ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ فَقَیَّدَهُمْ وَ حَبَسَ بَعْضَهُمْ فِی جَوْفِ الْمَاءِ وَ بَعْضَهُمْ فِی جَوْفِ الصَّخْرِ بِأَسَامِی اللَّهِ فَهُمْ مَحْبُوسُونَ مُعَذَّبُونَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(1).

«2»- الْقِصَصُ، بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَأْمُرُ الشَّیَاطِینَ فَتَحْمِلُ لَهُ الْحِجَارَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَی مَوْضِعٍ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِیسُ كَیْفَ أَنْتُمْ قَالُوا مَا لَنَا طَاقَةٌ بِمَا نَحْنُ فِیهِ فَقَالَ إِبْلِیسُ أَ لَیْسَ تَذْهَبُونَ بِالْحِجَارَةِ وَ تَرْجِعُونَ فَرَاغاً قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأَنْتُمْ فِی رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ الرِّیحُ سُلَیْمَانَ مَا قَالَ إِبْلِیسُ لِلشَّیَاطِینِ فَأَمَرَهُمْ یَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ ذَاهِبِینَ وَ یَحْمِلُونَ الطِّینَ رَاجِعِینَ إِلَی مَوْضِعِهَا فَتَرَاءَی لَهُمْ إِبْلِیسُ فَقَالَ كَیْفَ أَنْتُمْ فَشَكَوْا إِلَیْهِ فَقَالَ أَ لَسْتُمْ تَنَامُونَ بِاللَّیْلِ قَالُوا بَلَی قَالَ فَأَنْتُمْ فِی رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ الرِّیحُ مَا قَالَتِ الشَّیَاطِینُ وَ إِبْلِیسُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَعْمَلُوا بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَمَا لَبِثُوا إِلَّا یَسِیراً حَتَّی مَاتَ سُلَیْمَانُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ (2).

«3»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ اسْمِ إِبْلِیسَ مَا كَانَ فِی السَّمَاءِ فَقَالَ كَانَ اسْمُهُ الْحَارِثَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ كَفَرَ فَقَالَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ (3).

«4»- التَّفْسِیرُ، قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ قَالَ الرَّجِیمُ أَخْبَثُ الشَّیَاطِینِ قِیلَ وَ لِمَ سُمِّیَ رَجِیماً قَالَ لِأَنَّهُ یُرْجَمُ (4).

«5»- الْقِصَصُ، لِلرَّاوَنْدِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 195


1- 1. تفسیر القمّیّ: 566.
2- 2. قصص الأنبیاء: مخطوط. و أخرجه المصنّف بتمامه مع اسناده فی كتاب النبوّة. راجع ج 14: 72.
3- 3. عیون أخبار الرضا: 133- 135 علل الشرائع: 197 و 198 و الحدیث طویل رواه الصدوق بإسناده عن ابی الحسن محمّد بن عمرو بن علیّ بن عبد اللّٰه البصری عن أبی عبد اللّٰه محمّد بن عبد اللّٰه بن أحمد بن جبلة الواعظ عن أبی القاسم عبد اللّٰه بن أحمد بن عامر الطائی عن أبیه عن علیّ بن موسی الرضا علیه السلام.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 365.

عَنْ ذِی الْكِفْلِ فَقَالَ كَانَ رَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَ اسْمُهُ عُوَیْدُ بْنُ أُدَیْمٍ وَ كَانَ فِی زَمَنِ نَبِیٍّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ(1)

قَالَ مَنْ یَلِی (2) أَمْرَ النَّاسِ بَعْدِی عَلَی أَنْ لَا یَغْضَبَ فَقَامَ فَتًی فَقَالَ أَنَا فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ فَقَامَ الْفَتَی فَمَاتَ ذَلِكَ النَّبِیُّ وَ بَقِیَ ذَلِكَ الْفَتَی وَ جَعَلَهُ اللَّهُ نَبِیّاً وَ كَانَ الْفَتَی یَقْضِی أَوَّلَ النَّهَارِ فَقَالَ إِبْلِیسُ لِأَتْبَاعِهِ مَنْ لَهُ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ یُقَالُ لَهُ الْأَبْیَضُ أَنَا فَقَالَ إِبْلِیسُ فَاذْهَبْ إِلَیْهِ لَعَلَّكَ تُغْضِبُهُ فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ جَاءَ الْأَبْیَضُ إِلَی ذِی الْكِفْلِ وَ قَدْ أَخَذَ مَضْجَعَهُ فَصَاحَ وَ قَالَ إِنِّی مَظْلُومٌ فَقَالَ قُلْ لَهُ تعالی [تَعَالَ] فَقَالَ لَا أَنْصَرِفُ قَالَ فَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ فَقَالَ اذْهَبْ وَ أْتِنِی بِصَاحِبِكَ فَذَهَبَ حَتَّی إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَ تِلْكَ السَّاعَةَ الَّتِی أَخَذَ هُوَ مَضْجَعَهُ فَصَاحَ إِنِّی مَظْلُومٌ وَ إِنَّ خَصْمِی لَمْ یَلْتَفِتْ إِلَی خَاتَمِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَاجِبُ وَیْحَكَ دَعْهُ یَنَمْ فَإِنَّهُ لَمْ یَنَمِ الْبَارِحَةَ وَ لَا أَمْسِ قَالَ لَا أَدَعُهُ یَنَامُ وَ أَنَا مَظْلُومٌ فَدَخَلَ الْحَاجِبُ وَ أَعْلَمَهُ فَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ خَتَمَهُ وَ دَفَعَهُ إِلَیْهِ فَذَهَبَ حَتَّی إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ حِینَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ جَاءَ فَصَاحَ فَقَالَ مَا أَلْتَفِتُ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِكَ وَ لَمْ یَزَلْ یَصِیحُ حَتَّی قَامَ وَ أَخَذَ بِیَدِهِ فِی یَوْمٍ شَدِیدِ الْحَرِّ لَوْ وُضِعَتْ فِیهِ بَضْعَةُ لَحْمٍ عَلَی الشَّمْسِ لَنَضِجَتْ فَلَمَّا رَأَی الْأَبْیَضُ ذَلِكَ انْتَزَعَ یَدَهُ مِنْ یَدِهِ وَ یَئِسَ مِنْهُ أَنْ یَغْضَبَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَلَا قِصَّتَهُ عَلَی نَبِیِّهِ لِیَصْبِرَ عَلَی الْأَذَی كَمَا صَبَرَ الْأَنْبِیَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ عَلَی الْبَلَاءِ(3).

بیان: كأنه سقط من أول الخبر شی ء(4)

و القائل هو(5) نبی آخر غیر ذی

ص: 196


1- 1. فی كتاب النبوّة: فقیل له: ما كان ذو الكفل؟ فقال: كان رجل من حضر موت و اسمه عویدیا بن ادریم قال: من یلی.
2- 2. أی ذلك النبیّ.
3- 3. اخرجه المصنّف مسندا فی كتاب النبوّة فی باب قصص ذی الكفل، راجع ج 13: 405 و ذكر الطبرسیّ فی مجمع البیان ان اسمه عدویا بن ادارین.
4- 4. الحدیث علی النسخة التی ذكرت هاهنا لیس فیها غموض لان الضمیر فی كان یرجع الی ذی الكفل و اسمه عویدیا، و لكن النسخة التی ذكرت فی كتاب النبوّة فیها اشكال حیث ان الظاهر ان عویدیا غیر ذی الكفل و علی ذلك لا یحتاج هاهنا الی بیان.
5- 5. أی القائل: من یلی. و القائل الثانی هو الذی قال: انا.

الكفل و القائل هو علیه السلام كما بیناه فی المجلد الخامس.

«6»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیِ (1)

عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِیفَةَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ (2) صَعِدَ إِبْلِیسُ جَبَلًا بِمَكَّةَ یُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ فَصَرَخَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ بِعَفَارِیتِهِ فَاجْتَمَعُوا إِلَیْهِ فَقَالُوا یَا سَیِّدَنَا لِمَ دَعَوْتَنَا قَالَ نَزَلَتْ

هَذِهِ الْآیَةُ فَمَنْ لَهَا فَقَامَ عِفْرِیتٌ مِنَ الشَّیَاطِینِ فَقَالَ أَنَا لَهَا بِكَذَا وَ كَذَا قَالَ لَسْتَ لَهَا فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَسْتَ لَهَا فَقَالَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ أَنَا لَهَا قَالَ بِمَا ذَا قَالَ أَعِدُهُمْ وَ أُمَنِّیهِمْ حَتَّی یُوَاقِعُوا الْخَطِیئَةَ فَإِذَا وَاقَعُوا الْخَطِیئَةَ أَنْسَیْتُهُمُ الِاسْتِغْفَارَ فَقَالَ أَنْتَ لَهَا فَوَكَّلَهُ بِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(3).

بیان: فی القاموس رجل عفر و عفریة و عفریت بكسرهن خبیث منكر و العفریت النافذ فی الأمر المبالغ فیه مع دهاء.

«7»- الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَنَّاسِ قَالَ إِنَّ إِبْلِیسَ یَلْتَقِمُ الْقَلْبَ فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ فَلِذَلِكَ سُمِّیَ الْخَنَّاسَ (4).

«8»- تَفْسِیرُ الْفُرَاتِ (5)،

بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ علیه السلام: فِیمَا سَأَلَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ

ص: 197


1- 1. هكذا فی نسخة امین الضرب و فی غیرها:[ موسی بن جعفر بن وهب عن علیّ بن وهب عن علیّ بن سلیمان النوفلیّ] و فی المصدر: موسی بن جعفر بن وهب البغدادیّ عن علیّ بن معبد عن علیّ بن سلیمان النوفلیّ.
2- 2. آل عمران: 135.
3- 3. مجالس الصدوق: 287( م 71).
4- 4. علل الشرائع: 178 و ج 2: 213( ط قم) رواه بإسناده عن أبیه عن سعد ابن عبد اللّٰه عن ابی بصیر.
5- 5. فی النسخة المطبوعة: الخصال و تفسیر الفرات: و لم نجد الحدیث فی الخصال. و الظاهر أن الزیادة من الطابع.

أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی خَلْقَ آدَمَ بَعَثَ جَبْرَئِیلَ فَأَخَذَ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ قَبْضَةً فَعَجَنَهُ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ وَ الْمَالِحِ وَ رَكَّبَ فِیهِ الطَّبَائِعَ قَبْلَ أَنْ یَنْفُخَ فِیهِ الرُّوحَ فَخَلَقَهُ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ فَطَرَحَهُ كَالْجَبَلِ الْعَظِیمِ وَ كَانَ إِبْلِیسُ یَوْمَئِذٍ خَازِناً عَلَی السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ یَدْخُلُ فِی مَنْخِرِ آدَمَ ثُمَّ یَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ ثُمَّ یَضْرِبُ بِیَدِهِ عَلَی بَطْنِهِ فَیَقُولُ لِأَیِّ أَمْرٍ خُلِقْتَ لَئِنْ جُعِلْتَ فَوْقِی لَا أَطَعْتُكَ وَ لَئِنْ جُعِلْتَ أَسْفَلَ مِنِّی لَأُعِینُكَ (1)

فَمَكَثَ فِی الْجَنَّةِ أَلْفَ سَنَةٍ مَا بَیْنَ خَلْقِهِ إِلَی أَنْ یُنْفَخَ فِیهِ الرُّوحُ الْحَدِیثَ (2).

«9»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَسْعَدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وَ سُئِلَ عَنِ الْكُفْرِ وَ الشِّرْكِ أَیُّهُمَا أَقْدَمُ فَقَالَ الْكُفْرُ أَقْدَمُ وَ ذَلِكَ أَنَّ إِبْلِیسَ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ وَ كَانَ كُفْرُهُ غَیْرَ شِرْكٍ لِأَنَّهُ لَمْ یَدْعُ إِلَی عِبَادَةِ غَیْرِ اللَّهِ وَ إِنَّمَا دَعَا(3)

إِلَی ذَلِكَ بَعْدُ فَأَشْرَكَ (4).

«10»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی یَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ إِبْلِیسَ سَجَدَ لِلَّهِ بَعْدَ الْمَعْصِیَةِ وَ التَّكَبُّرِ عُمُرَ الدُّنْیَا مَا نَفَعَهُ ذَلِكَ وَ لَا قَبِلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُ مَا لَمْ یَسْجُدْ لِآدَمَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یَسْجُدَ لَهُ الْحَدِیثَ (5).

«11»- الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ قَالَ: دَخَلَ أَبُو حَنِیفَةَ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا حَنِیفَةَ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَقِیسُ قَالَ نَعَمْ أَنَا أَقِیسُ قَالَ وَیْلَكَ لَا تَقِسْ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِیسُ قَالَ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ قَاسَ مَا بَیْنَ النَّارِ وَ الطِّینِ

ص: 198


1- 1. فی المصدر: لا ابقیتك.
2- 2. تفسیر فرات: 67.
3- 3. فی المصدر: و انما دعی.
4- 4. أصول الكافی 2: 386 رواه بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة.
5- 5. روضة الكافی. 270، رواه الكلینی بإسناده عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد و عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد جمیعا عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن عبد الحمید بن أبی العلاء. و للحدیث صدر و ذیل لم یذكرهما المصنّف.

وَ لَوْ قَاسَ نُورِیَّةَ آدَمَ بِنُورِ النَّارِ عَرَفَ فَضْلَ مَا بَیْنَ النُّورَیْنِ وَ صَفَاءَ أَحَدِهِا عَلَی الْآخَرِ(1).

«12»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِبْلِیسُ أَوَّلُ مَنْ تَغَنَّی وَ أَوَّلُ مَنْ نَاحَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ تَغَنَّی (2).

«13»- الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: الْخَمِیسُ یَوْمٌ خَامِسٌ مِنَ الدُّنْیَا وَ هُوَ یَوْمٌ أَنِیسٌ لُعِنَ فِیهِ إِبْلِیسُ وَ رُفِعَ فِیهِ إِدْرِیسُ (3) الْخَبَرَ.

«14»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ إِبْلِیسُ یَوْمَ بَدْرٍ یُقَلِّلُ الْمُسْلِمِینَ فِی أَعْیُنِ الْكُفَّارِ وَ یُكَثِّرُ الْكُفَّارَ فِی أَعْیُنِ الْمُسْلِمِینَ فَشَدَّ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ بِالسَّیْفِ فَهَرَبَ مِنْهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا جَبْرَئِیلُ إِنِّی مُؤَجَّلٌ حَتَّی وَقَعَ فِی الْبَحْرِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام لِأَیِّ شَیْ ءٍ كَانَ یَخَافُ وَ هُوَ مُؤَجَّلٌ قَالَ عَلَی أَنْ یُقْطَعَ بَعْضُ أَطْرَافِهِ (4).

«15»- وَ مِنْهُ (5)،

بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تُؤْوُوا

ص: 199


1- 1. علل الشرائع: 40 و 82( ط قم) و الحدیث طویل لم یذكر تمامه رواه الصدوق بإسناده عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه البرقی عن محمّد بن علی عن عن عیسی بن عبد اللّٰه القرشیّ رفعه قال: دخل.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 40 فیه:( جابر بن عبد اللّٰه) و فیه:[ كان إبلیس] و فیه و اول من ناح و اول من حدا، لما اكل من الشجرة تغنی، فلما هبط حدا فلما استتر علی الأرض ناح یذكره ما فی الجنة.
3- 3. علل الشرائع: 161 و 2: 155( ط قم) و الحدیث طویل رواه الصدوق بإسناده عن الحسین بن یحیی بن ضریس البجلیّ عن أبیه عن ابی جعفر عمارة عن إبراهیم ابن عاصم عن عبد اللّٰه بن هارون الكرخی عن ابی جعفر أحمد بن عبد اللّٰه بن یزید بن سلام بن عبید اللّٰه عن ابیه عن یزید بن سلام.
4- 4. الروضة: 277، أورده المصنّف بإسناده فی غزوة بدر الكبری راجع ج 19: 304.
5- 5. الظاهر ان الضمیر یرجع الی الكافی، و لم نجده بتمامه فی الكافی نعم یوجد الحكم الأول فی باب النوادر من الاطعمة و الاشربة و الحكم الثانی فی باب النوادر من الزی. و التجمل، و الصحیح ان یرجع الضمیر الی العلل فانه ذكر الحدیث فیه فی ص 194 و فی ج 2: 270 مفصلا مع احكام أخر لم یذكرها المصنّف هاهنا، و الحدیث مرویّ فیه بإسناده عن ابیه عن محمّد بن یحیی العطّار عن محمّد بن أحمد عن ابی جعفر أحمد بن أبی عبد اللّٰه عن رجل عن علیّ بن اسباط عن عمه یعقوب رفع الحدیث الی علیّ بن أبی طالب علیه السلام.

مِنْدِیلَ اللَّحْمِ فِی الْبَیْتِ فَإِنَّهُ مَرْبِضُ الشَّیْطَانِ وَ لَا تُؤْوُوا التُّرَابَ خَلْفَ الْبَابِ فَإِنَّهُ مَأْوَی الشَّیْطَانِ فَإِذَا بَلَغَ (1)

أَحَدُكُمْ بَابَ حُجْرَتِهِ فَلْیُسَمِّ فَإِنَّهُ یَفِرُّ الشَّیْطَانُ وَ إِذَا سَمِعْتُمْ نِیَاحَ الْكِلَابِ وَ نَهِیقَ الْحَمِیرِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ فَإِنَّهُمْ یَرَوْنَ وَ لَا تَرَوْنَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ الْخَبَرَ(2).

«16»- الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَسْأَلُهُ عَنْ عِلَّةِ الْغَائِطِ وَ نَتْنِهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ آدَمَ وَ كَانَ جَسَدُهُ طَیِّباً وَ بَقِیَ أَرْبَعِینَ سَنَةً مُلْقًی تَمُرُّ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَتَقُولُ لِأَمْرٍ مَا خُلِقْتَ وَ كَانَ إِبْلِیسُ یَدْخُلُ فِی فِیهِ وَ یَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ فَلِذَلِكَ صَارَ مَا فِی جَوْفِ آدَمَ مُنْتِناً خَبِیثاً غَیْرَ طَیِّبٍ (3).

«17»- الْعِلَلُ، عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَلِیَّةُ أَیُّوبَ الَّتِی ابْتُلِیَ بِهَا فِی الدُّنْیَا لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَیْهِ فَأَدَّی شُكْرَهَا وَ كَانَ إِبْلِیسُ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا یُحْجَبُ دُونَ الْعَرْشِ فَلَمَّا صَعِدَ عَمَلُ أَیُّوبَ بِأَدَاءِ شُكْرِ النِّعْمَةِ حَسَدَهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَیُّوبَ لَمْ یُؤَدِّ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ إِلَّا بِمَا أَعْطَیْتَهُ مِنَ الدُّنْیَا فَلَوْ حُلْتَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ دُنْیَاهُ مَا أَدَّی إِلَیْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ فَسَلِّطْنِی عَلَی دُنْیَاهُ تَعْلَمْ أَنَّهُ لَا یُؤَدِّی شُكْرَ نِعْمَةٍ فَقَالَ قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَی دُنْیَاهُ فَلَمْ یَدَعْ لَهُ دُنْیَا وَ لَا وَلَداً إِلَّا أَهْلَكَ ذَلِكَ (4)

وَ هُوَ یَحْمَدُ

ص: 200


1- 1. فی العلل:[ و إذا] و فیه: فانهن یرون.
2- 2. فروع الكافی 6: 299 و 531.
3- 3. علل الشرائع: 101 و ج 1: 261( ط قم) رواه عن علیّ بن أحمد بن محمّد عن محمّد بن أبی عبد اللّٰه الكوفیّ عن سهل بن زیاد الأدمی عن عبد العظیم بن عبد اللّٰه الحسنی قال: كتبت الی ابی جعفر محمّد بن علیّ بن موسی علیه السلام.
4- 4. فی المصدر: الا اهلكه. كل ذلك.

اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَیُّوبَ یَعْلَمُ أَنَّكَ سَتَرُدُّ عَلَیْهِ دُنْیَاهُ الَّتِی أَخَذْتَهَا مِنْهُ فَسَلِّطْنِی عَلَی بَدَنِهِ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّهُ لَا یُؤَدِّی شُكْرَ نِعْمَةٍ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَی بَدَنِهِ مَا عَدَا عَیْنَیْهِ وَ قَلْبَهُ وَ لِسَانَهُ وَ سَمْعَهُ فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَانْقَضَّ مُبَادِراً خَشْیَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ فَنَفَخَ فِی مَنْخِرَیْهِ مِنْ نَارِ السَّمُومِ فَصَارَ جَسَدُهُ نُقَطاً نُقَطاً(1).

«18»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عُثْمَانَ النَّوَّاءِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَبْتَلِی الْمُؤْمِنَ بِكُلِّ بَلِیَّةٍ وَ یُمِیتُهُ بِكُلِّ مِیتَةٍ وَ لَا یَبْتَلِیهِ بِذَهَابِ عَقْلِهِ أَ مَا تَرَی أَیُّوبَ كَیْفَ سُلِّطَ إِبْلِیسُ عَلَی مَالِهِ وَ عَلَی وُلْدِهِ وَ عَلَی أَهْلِهِ وَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ مِنْهُ وَ لَمْ یُسَلَّطْ عَلَی عَقْلِهِ تُرِكَ لَهُ یُوَحِّدُ اللَّهَ بِهِ (2).

«19»- الْفَقِیهُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِذَا أَتَی أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْیَذْكُرِ اللَّهَ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ الْجِمَاعِ فَكَانَ (3) مِنْهُ وَلَدٌ كَانَ شِرْكَ شَیْطَانٍ وَ یُعْرَفُ ذَلِكَ بِحُبِّنَا وَ بُغْضِنَا(4).

«20»- وَ مِنْهُ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِذَا انْكَشَفَ أَحَدُكُمْ لِبَوْلٍ أَوْ لِغَیْرِ ذَلِكَ فَلْیَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ یَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهُ حَتَّی یَفْرُغَ (5).

«21»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی إِذَا خَرَجْتَ مِنْ مَنْزِلِكَ فِی سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ آمَنْتُ بِاللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَی اللَّهِ مَا شَاءَ

ص: 201


1- 1. علل الشرائع: 36 و ج 1: 71( ط قم).
2- 2. أصول الكافی 2: 256 فیه: لیوحد اللّٰه به.
3- 3. فی المصدر: و كان.
4- 4. الفقیه 3: 256( ط آخوندی).
5- 5. الفقیه 1: 18 فیه: بسم اللّٰه و باللّٰه.

اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (1)

فَتَلَقَّاهُ الشَّیَاطِینُ فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وُجُوهَهَا وَ تَقُولُ مَا سَبِیلُكُمْ عَلَیْهِ وَ قَدْ سَمَّی اللَّهَ وَ آمَنَ بِهِ وَ تَوَكَّلَ عَلَی اللَّهِ وَ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (2).

«22»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ عَلَی ذِرْوَةِ كُلِّ جِسْرٍ شَیْطَاناً فَإِذَا انْتَهَیْتَ إِلَیْهِ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ یَرْحَلْ عَنْكَ (3).

«23»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَتَی الْمَرْأَةَ(4) وَ جَلَسَ مَجْلِسَهُ حَضَرَهُ الشَّیْطَانُ فَإِنْ هُوَ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَنَحَّی الشَّیْطَانُ عَنْهُ وَ إِنْ فَعَلَ وَ لَمْ یُسَمِّ أَدْخَلَ الشَّیْطَانُ ذَكَرَهُ فَكَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا جَمِیعاً وَ النُّطْفَةُ وَاحِدَةٌ قُلْتُ فَبِأَیِّ شَیْ ءٍ یُعْرَفُ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ بِحُبِّنَا وَ بُغْضِنَا(5).

«24»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام: یَا ثُمَالِیُّ إِنَّ الصَّلَاةَ إِذَا أُقِیمَتْ جَاءَ الشَّیْطَانُ إِلَی قَرِینِ الْإِمَامِ فَیَقُولُ هَلْ ذَكَرَ رَبَّهُ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ ذَهَبَ وَ إِنْ قَالَ لَا رَكِبَ عَلَی كَتِفَیْهِ فَكَانَ إِمَامَ الْقَوْمِ حَتَّی یَنْصَرِفُوا قَالَ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَیْسَ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ قَالَ بَلَی لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ یَا ثُمَالِیُّ إِنَّمَا هُوَ الْجَهْرُ بِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ (6).

ص: 202


1- 1. لم یرد فی المصدر قوله: العلی العظیم.
2- 2. الفقیه 2: 177 و 178( ط آخوندی).
3- 3. فروع الكافی 4: 287 رواه عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن قاسم الصیرفی عن حفص بن القاسم و رواه الصدوق فی من لا یحضره الفقیه عن جعفر بن القاسم و البرقی فی المحاسن: 373 عن أبیه عن ابن أبی عمیر.
4- 4. فی المصدر: إذا دنا من المرأة.
5- 5. تهذیب الأحكام 7: 407( ط الآخوندی) الحدیث طویل رواه عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن علیّ بن الحكم عن مثنی بن الولید الحناط عن ابی بصیر و رواه الكلینی و الصدوق أیضا فی الكافی و الفقیه.
6- 6. تهذیب الأحكام 2: 290، رواه عن أحمد بن محمّد عن ابن أبی نجران عن صباح الحذاء عن رجل عن ابی حمرة.

بیان: قرین الإمام الملك الذی یحفظ عمله أو الشیطان الذی وكل به.

«25»- الْمَحَاسِنُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَكَلْتَ الطَّعَامَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فِی أَوَّلِهِ وَ فِی آخِرِهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَمَّی فِی طَعَامِهِ قَبْلَ أَنْ یَأْكُلَ لَمْ یَأْكُلْ مَعَهُ الشَّیْطَانُ (1)

وَ إِذَا سَمَّی بَعْدَ مَا یَأْكُلُ وَ أَكَلَ الشَّیْطَانُ مِنْهُ تَقَیَّأَ مَا كَانَ أَكَلَ (2).

«26»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا وُضِعَ الْغَدَاءُ وَ الْعَشَاءُ فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ اخْرُجُوا فَلَیْسَ هُنَا عَشَاءٌ وَ لَا مَبِیتٌ وَ إِنْ هُوَ نَسِیَ أَنْ یُسَمِّیَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ تَعَالَوْا فَإِنَّ لَكُمْ هُنَا عَشَاءً وَ مَبِیتاً(3).

«27»- وَ قَالَ علیه السلام فِی خَبَرٍ آخَرَ: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَ لَمْ یُسَمِّ كَانَ لِلشَّیْطَانِ فِی وُضُوئِهِ شِرْكٌ وَ إِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ لَبِسَ (4) لِبَاساً یَنْبَغِی أَنْ یُسَمِّیَ عَلَیْهِ فَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ كَانَ لِلشَّیْطَانِ فِیهِ شِرْكٌ (5).

«28»- الْفَقِیهُ،: فِی وَصَایَا النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ یَا عَلِیُّ النَّوْمُ عَلَی أَرْبَعَةٍ نَوْمُ الْأَنْبِیَاءِ عَلَی أَقْفِیَتِهِمْ وَ نَوْمُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی أَیْمَانِهِمْ وَ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَ الْمُنَافِقِینَ عَلَی یَسَارِهِمْ وَ نَوْمُ الشَّیَاطِینِ عَلَی وُجُوهِهِمْ (6).

ص: 203


1- 1. زاد فی المصدر: و إذا لم یسم اكل معه الشیطان.
2- 2. المحاسن: 432 رواه عن ابی أیّوب المدائنی عن محمّد بن أبی عمیر عن حسین ابن مختار عن رجل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.
3- 3. المحاسن: 432 رواه عن ابن فضال عن ابی جمیلة عن محمّد بن مروان و رواه أیضا عن محمّد بن سنان عن العلاء بن فضیل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و رواه أیضا عن محمّد بن سنان عن حماد بن عثمان عن ربعی بن عبد اللّٰه عن الفضیل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام مثله و زاد فیه: فقال: إذا توضأ. الی آخر الحدیث الآتی.
4- 4. فی المصدر: او لیس و كل شی ء صنعه ینبغی.
5- 5. المحاسن: 432 و 433.
6- 6. الفقیه 4: 264.

«29»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ فَإِنَّ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ أَعَاذَهُ اللَّهُ وَ تَعَوَّذُوا مِنْ هَمَزَاتِهِ وَ نَفَخَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ أَ تَدْرُونَ مَا هِیَ أَمَّا هَمَزَاتُهُ فَمَا یُلْقِیهِ فِی قُلُوبِكُمْ مِنْ بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَیْفَ نُبْغِضُكُمْ بَعْدَ مَا عَرَفْنَا مَحَلَّكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ مَنْزِلَتَكُمْ قَالَ أَنْ تُبْغِضُوا(1) أَوْلِیَاءَنَا وَ تُحِبُّوا أَعْدَاءَنَا قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا نَفَخَاتُهُمْ قَالَ هِیَ مَا یَنْفُخُونَ بِهِ عِنْدَ الْغَضَبِ فِی الْإِنْسَانِ الَّذِی یَحْمِلُونَهُ عَلَی هَلَاكِهِ فِی دِینِهِ وَ دُنْیَاهُ وَ قَدْ یَنْفُخُونَ فِی غَیْرِ حَالِ الْغَضَبِ بِمَا یُهْلِكُونَ بِهِ أَ تَدْرُونَ مَا أَشَدُّ مَا یَنْفُخُونَ (2)

وَ هُوَ مَا یَنْفُخُونَ بِأَنْ یُوهِمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَاضِلٌ عَلَیْنَا أَوْ عِدْلٌ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ أَمَّا نَفَثَاتُهُ فَإِنَّهُ یُرِی أَحَدَكُمْ أَنَّ شَیْئاً بَعْدَ الْقُرْآنِ أَشْفَی لَهُ مِنْ ذِكْرِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَیْنَا(3).

«30»- الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ (4) وَ خَمِّرُوا آنِیَتَكُمْ وَ أَوْكِئُوا أَسْقِیَتَكُمْ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ لَا یَكْشِفُ غِطَاءً وَ لَا یَحُلُّ وِكَاءً(5).

«31»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِذَا رَكِبَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ فَسَمَّی رَدِفَهُ مَلَكٌ یَحْفَظُهُ حَتَّی یَنْزِلَ وَ إِذَا رَكِبَ وَ لَمْ یُسَمِّ رَدِفَهُ شَیْطَانٌ فَیَقُولُ لَهُ تَغَنَّ فَإِنْ قَالَ لَهُ لَا أُحْسِنُ قَالَ لَهُ تَمَنَ

ص: 204


1- 1. فی المصدر: بأن تبغضوا.
2- 2. فی المصدر:[ هو ما ینفخون] بلا عاطف.
3- 3. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السلام: 244، اختصره المصنّف.
4- 4. فی المصدر.[ اجیفوا أبوابكم] أقول: اجاف الباب: رده، و خمروا آنیتكم ای غطوها. و الوكاء: ما یشد به.
5- 5. علل الشرائع: 194 و 2: 269( ط قم) رواه عن أبیه عن محمّد بن یحیی العطّار عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن عبد الحمید عن یونس بن یعقوب عمن ذكره عن أبی عبد اللّٰه علیه السّلام عن أبیه عن جابر بن عبد اللّٰه الأنصاریّ. و للحدیث ذیل لم یذكره المصنّف هنا.

فَلَا یَزَالُ یَتَمَنَّی حَتَّی یَنْزِلَ (1).

«32»- الْعُیُونُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ تُغَلُّ مَرَدَةُ الشَّیَاطِینِ (2).

«33»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ(3) عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام رُبَّمَا(4)

حَزِنْتُ فَلَا أَعْرِفُ فِی أَهْلٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ وَ رُبَّمَا فَرِحْتُ فَلَا أَعْرِفُ فِی أَهْلٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ فَقَالَ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَكٌ وَ شَیْطَانٌ فَإِذَا كَانَ فَرَحُهُ كَانَ دُنُوُّ الْمَلَكِ مِنْهُ وَ إِذَا كَانَ حُزْنُهُ كَانَ دُنُوُّ الشَّیْطَانِ مِنْهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (5) الشَّیْطانُ یَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ یَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اللَّهُ یَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ (6).

بیان: كأن المراد أن هذا الهم لأجل وساوس الشیطان لكنه لا یتفطن به الإنسان فیظن أنه بلا سبب.

أو المراد أنه لما كان شأن الشیطان ذلك یصیر محض دنوه سببا للهم أو أراد السائل عدم كونه لفوت تلك الأمور فی الماضی و یجری جمیع الأمور فی الملك أیضا.

«34»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَی أَحَدِهِمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ وَ عَلَی الْأُخْرَی

ص: 205


1- 1. فروع الكافی 6: 540 رواه عن علیّ بن إبراهیم عن محمّد بن عیسی عن الدهقان عن درست عن إبراهیم. و للحدیث ذیل لم یذكره المصنّف هاهنا.
2- 2. عیون أخبار الرضا: 228 و فیه:[ المردة من الشیاطین] و الحدیث بإسناده و تمامه یأتی فی باب فضل شهر رجب.
3- 3. فی نسخة:[ عن اسباط] و فی المصدر: عن عبّاس عن اسباط و فی نسخة منه: الحسن بن علیّ بن عبّاس.
4- 4. فی المصدر: انی ربما.
5- 5. البقرة: 268.
6- 6. علل الشرائع: 42.

شَیْطَانٌ مُفْتِنٌ هَذَا یَأْمُرُهُ وَ هَذَا یَزْجُرُهُ الشَّیْطَانُ یَأْمُرُهُ بِالْمَعَاصِی وَ الْمَلَكُ یَزْجُرُهُ عَنْهَا وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ عَنِ الْیَمِینِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَیْهِ رَقِیبٌ عَتِیدٌ(1).

«35»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلْقَلْبِ أُذُنَیْنِ فَإِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِذَنْبٍ قَالَ لَهُ رُوحُ الْإِیمَانِ لَا تَفْعَلْ وَ قَالَ لَهُ الشَّیْطَانُ افْعَلْ وَ إِذَا كَانَ عَلَی بَطْنِهَا نُزِعَ مِنْهُ رُوحُ الْإِیمَانِ (2).

«36»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِی طَالِبٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عِیَاضٍ اللَّیْثِیِ (3) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ عَلَی ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِیرٍ شَیْطَاناً فَامْتَهِنُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ وَ ذَلِّلُوهَا وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهَا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ (4).

«37»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: الْخَیْلُ عَلَی كُلِّ مَنْخِرٍ مِنْهَا شَیْطَانٌ فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ یُلْجِمَهَا فَلْیُسَمِّ اللَّهَ (5).

«38»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ، بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَكْثِرُوا مِنَ الدَّوَاجِنِ فِی بُیُوتِكُمْ تَتَشَاغَلْ بِهَا الشَّیَاطِینُ عَنْ صِبْیَانِكُمْ (6).

«39»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ

ص: 206


1- 1. أصول الكافی 2: 266، و الآیة فی سورة ق: 18.
2- 2. أصول الكافی 2: 267 رواه عن الحسین بن محمّد عن أحمد بن إسحاق عن سعدان عن ابی بصیر. قوله: و إذا كان علی بطنها، فسره فی هامش البحار بقوله: یعنی ان المرء إذا كان مشغولا بالزنا نزع روح الایمان كما هو أحد الوجوه فی قوله: لا یزنی الزانی و هو مؤمن.
3- 3. الصحیح كما فی المصدر: انس بن عیاض اللیثی.
4- 4. المحاسن: 636.
5- 5. المحاسن: 634.
6- 6. طبّ الأئمّة: 117.

رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَی كُلِّ فَحَّاشٍ بَذِیٍّ قَلِیلِ الْحَیَاءِ لَا یُبَالِی مَا قَالَ وَ لَا مَا قِیلَ لَهُ فَإِنَّكَ إِنْ فَتَّشْتَهُ لَمْ تَجِدْهُ إِلَّا لِغَیَّةٍ أَوْ شِرْكِ شَیْطَانٍ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ فِی النَّاسِ شِرْكُ شَیْطَانٍ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَقْرَأُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ الْخَبَرَ(1).

بیان: فی القاموس ولد غیة و یكسر زنیة.

«40»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: حَیْثُ عَلَّمَهُ الدُّعَاءَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَیْهِ امْرَأَتُهُ وَ قَالَ فِیهِ وَ لَا تَجْعَلْ فِیهِ شِرْكاً لِلشَّیْطَانِ قَالَ قُلْتُ وَ بِأَیِّ شَیْ ءٍ یُعْرَفُ ذَلِكَ قَالَ أَ مَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّیْطَانَ لَیَجِی ءُ حَتَّی یَقْعُدَ مِنَ الْمَرْأَةِ كَمَا یَقْعُدُ الرَّجُلُ مِنْهَا وَ یُحْدِثُ كَمَا یُحْدِثُ وَ یَنْكِحُ كَمَا یَنْكِحُ قُلْتُ بِأَیِّ شَیْ ءٍ یُعْرَفُ ذَلِكَ قَالَ بِحُبِّنَا وَ بُغْضِنَا فَمَنْ أَحَبَّنَا كَانَ نُطْفَةَ الْعَبْدِ وَ مَنْ أَبْغَضَنَا كَانَ نُطْفَةَ الشَّیْطَانِ (2).

«41»- وَ قَالَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ یَجِی ءُ فَیَقْعُدُ كَمَا یَقْعُدُ الرَّجُلُ وَ یُنْزِلُ كَمَا یُنْزِلُ الرَّجُلُ (3).

«42»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ هِشَامٍ عَنْهُ علیه السلام: فِی النُّطْفَتَیْنِ اللَّتَیْنِ لِلْآدَمِیِّ وَ الشَّیْطَانِ إِذَا اشْتَرَكَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام رُبَّمَا خُلِقَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ رُبَّمَا خُلِقَ مِنْهُمَا جَمِیعاً(4).

ص: 207


1- 1. أصول الكافی 2: 323 و 324. رواه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد ابن خالد عن عثمان بن عیسی عن عمر بن أذینة عن أبان بن أبی عیّاش عن سلیم.
2- 2. فروع الكافی 5: 502 رواه الكلینی عن الحسین بن محمّد عن معلی بن محمّد و عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد جمیعا عن الوشاء عن موسی بن بكر عن ابی بصیر، الحدیث طویل أورده فی كتاب النكاح.
3- 3. فروع الكافی 5: 503 رواه الكلینی عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبیه عن حمزة بن عبد اللّٰه عن جمیل بن دراج عن ابی الولید عن ابی بصیر، اورد تمام الحدیث فی كتاب النكاح.
4- 4. فروع الكافی 5: 503 رواه الكلینی عن محمّد بن یحیی عن أحمد بن محمّد عن علی بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبی عبد اللّٰه علیه السّلام.

«43»- تَفْسِیرُ الْفُرَاتِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی بَابِهِ شَیْخاً فَعَرَفَهُ أَنَّهُ الشَّیْطَانُ فَصَارَعَهُ (1) وَ صَرَعَهُ قَالَ قُمْ عَنِّی یَا عَلِیُّ حَتَّی أُبَشِّرَكَ فَقَامَ عَنْهُ فَقَالَ بِمَ تُبَشِّرُنِی یَا مَلْعُونُ قَالَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ صَارَ الْحَسَنُ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ وَ الْحُسَیْنُ عَنْ یَسَارِ الْعَرْشِ یُعْطِیَانِ شِیعَتَهُمَا الْجَوَازَ مِنَ النَّارِ قَالَ فَقَامَ إِلَیْهِ وَ قَالَ أُصَارِعُكَ قَالَ مَرَّةً أُخْرَی (2) قَالَ نَعَمْ فَصَرَعَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ قُمْ عَنِّی حَتَّی أُبَشِّرَكَ فَقَامَ عَنْهُ فَقَالَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ خَرَجَ ذُرِّیَّتُهُ مِنْ ظَهْرِهِ مِثْلَ الذَّرِّ فَأَخَذَ مِیثَاقَهُمْ فَقَالَ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلی قَالَ فَأَشْهَدَهُمْ عَلَی أَنْفُسِهِمْ فَأَخَذَ مِیثَاقَ مُحَمَّدٍ وَ مِیثَاقَكَ فَعَرَّفَ وَجْهَكَ الْوُجُوهَ وَ رُوحَكَ الْأَرْوَاحَ فَلَا یَقُولُ لَكَ أَحَدٌ أُحِبُّكَ إِلَّا عَرَفْتَهُ وَ لَا یَقُولُ لَكَ أَحَدٌ أُبْغِضُكَ إِلَّا عَرَفْتَهُ قَالَ قُمْ صَارِعْنِی قَالَ ثَلَاثَةً(3)

قَالَ نَعَمْ فَصَارَعَهُ وَ صَرَعَهُ فَقَالَ (4)

یَا عَلِیُّ لَا تُبْغِضْنِی وَ قُمْ عَنِّی حَتَّی أُبَشِّرَكَ قَالَ بَلَی وَ أَبْرَأُ مِنْكَ وَ أَلْعَنُكَ قَالَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ مَا أَحَدٌ یُبْغِضُكَ إِلَّا شَرِكْتُ فِی رَحِمِ أُمِّهِ وَ فِی وُلْدِهِ فَقَالَ لَهُ أَ مَا قَرَأْتَ كِتَابَ اللَّهِ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ الْآیَةَ(5).

«44»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ(6): فِی قِصَّةٍ طَوِیلَةٍ فِی

ص: 208


1- 1. فی المصدر:[ حدّثنی إسماعیل بن إبراهیم الفارسیّ معنعنا عن ابی جعفر محمّد بن علی علیه السّلام قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: یا علی قال: لبیك، قال له: اتی الشیطان الوادی فدار فیه؛ فلم یر أحدا حتّی إذا صار علی بابه لقی شیخا فقال: ما تصنع هنا؟ قال: ارسلنی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قال: تعرفنی؟ قال: ینبغی أن تكون انت یا ملعون فما بد أن اصارعك قال: لا بدّ منه، فصارعه] أقول: الظاهر ان صدر الحدیث سقط عنه شی ء.
2- 2. فی المصدر: فقال: اصارعك مرة اخری.
3- 3. فی المصدر: ثالثة.
4- 4. فی المصدر: فصارعه فاعرقه ثمّ صرعه أمیر المؤمنین علیه السّلام قال.
5- 5. تفسیر فرات: 40 و الآیة فی الاسراء: 64.
6- 6. فیه وهم و الموجود فی المصدر: حدّثنی ابی عن فضالة بن أیّوب عن معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّٰه علیه السّلام، و ذكره المصنّف صحیحا فی كتاب النبوّة.

حَجِّ إِبْرَاهِیمَ وَ ذَبْحِهِ ابْنَهُ إِلَی أَنْ قَالَ وَ سَلَّمَا لِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَقْبَلَ شَیْخٌ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ مَا تُرِیدُ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ قَالَ أُرِیدُ أَنْ أَذْبَحَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَذْبَحُ غُلَاماً لَمْ یَعْصِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ طَرْفَةَ عَیْنٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی بِذَلِكَ فَقَالَ رَبُّكَ یَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا أَمَرَكَ بِهَذَا الشَّیْطَانُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ إِنَّ الَّذِی بَلَّغَنِی هَذَا الْمَبْلَغَ هُوَ الَّذِی أَمَرَنِی بِهِ وَ الْكَلَامُ الَّذِی وَقَعَ فِی أُذُنِی (1) فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَمَرَكَ بِهَذَا إِلَّا الشَّیْطَانُ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لَا وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ ثُمَّ عَزَمَ إِبْرَاهِیمُ عَلَی الذَّبْحِ فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ إِنَّكَ إِمَامٌ یُقْتَدَی بِكَ وَ إِنَّكَ إِذَا ذَبَحْتَهُ ذَبَحَ النَّاسُ أَوْلَادَهُمْ فَلَمْ یُكَلِّمْهُ وَ أَقْبَلَ عَلَی الْغُلَامِ وَ اسْتَشَارَهُ فِی الذَّبْحِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ فِی الْفِدَاءِ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَحِقَ إِبْلِیسُ بِأُمِّ الْغُلَامِ حِینَ نَظَرَتْ إِلَی الْكَعْبَةِ فِی وَسَطِ الْوَادِی بِحِذَاءِ الْبَیْتِ فَقَالَ لَهَا مَا شَیْخٌ رَأَیْتُهُ قَالَتْ إِنَّ ذَلِكَ بَعْلِی قَالَ فَوَصِیفٌ رَأَیْتُهُ مَعَهُ قَالَتْ ذَلِكَ ابْنِی قَالَ فَإِنِّی رَأَیْتُهُ وَ قَدْ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْیَةَ لِیَذْبَحَهُ فَقَالَتْ كَذَبْتَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ أَرْحَمُ النَّاسِ كَیْفَ یَذْبَحُ ابْنَهُ قَالَ فَوَ رَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ رَبِّ هَذَا الْبَیْتِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْیَةَ فَقَالَتْ وَ لِمَ قَالَ یَزْعُمُ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ قَالَتْ فَحَقٌّ لَهُ أَنْ یُطِیعَ رَبَّهُ فَوَقَعَ فِی نَفْسِهَا أَنَّهُ قَدْ أُمِرَ فِی ابْنِهَا بِأَمْرٍ فَلَمَّا قَضَتْ مَنَاسِكَهَا أَسْرَعَتْ فِی الْوَادِی رَاجِعَةً إِلَی مِنًی وَ هِیَ وَاضِعَةٌ یَدَهَا عَلَی رَأْسِهَا تَقُولُ رَبِّی لَا تُؤَاخِذْنِی بِمَا عَمِلْتُ بِأُمِّ إِسْمَاعِیلَ (2) الْحَدِیثَ.

«45»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ جَرِیرٍ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ الشَّامِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ آدَمَ

ص: 209


1- 1. لعله معطوف علی الموصول المتقدم ای الكلام الذی وقع فی اذنی امرنی بهذا فیكون كالتفسیر لقوله: الذی بلغنی هذا المبلغ، او المراد بالأول الرب تعالی و بالثانی وحیه و یحتمل أن یكون خبرا لمبتدإ محذوف ای و هو الكلام الذی وقع فی اذنی، و فی الكافی: ویلك الكلام الذی سمعت هو الذی بلغ بی ما تری. قاله المصنّف.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 557- 559 أورده المصنّف بتمامه فی كتاب النبوّة راجع ج 12. «125»- 127.

علیه السلام لَمَّا هَبَطَ مِنَ الْجَنَّةِ اشْتَهَی مِنْ ثِمَارِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَیْهِ قَضِیبَیْنِ مِنْ عِنَبٍ فَغَرَسَهُمَا فَلَمَّا أَوْرَقَا وَ أَثْمَرَا وَ بَلَغَا جَاءَ إِبْلِیسُ فَحَاطَ عَلَیْهِمَا حَائِطاً فَقَالَ لَهُ آدَمُ مَا لَكَ یَا مَلْعُونُ فَقَالَ لَهُ إِبْلِیسُ إِنَّهُمَا لِی فَقَالَ كَذَبْتَ فَرَضِیَا بَیْنَهُمَا بِرُوحِ الْقُدُسِ فَلَمَّا انْتَهَیَا إِلَیْهِ قَصَّ آدَمُ علیه السلام قِصَّتَهُ فَأَخَذَ رُوحُ الْقُدُسِ شَیْئاً مِنْ نَارٍ فَرَمَی بِهَا عَلَیْهِمَا فَالْتَهَبَتْ فِی أَغْصَانِهِمَا حَتَّی ظَنَّ آدَمُ أَنَّهُ لَمْ یَبْقَ مِنْهُمَا شَیْ ءٌ إِلَّا احْتَرَقَ وَ ظَنَّ إِبْلِیسُ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ فَدَخَلَتِ النَّارُ حَیْثُ دَخَلَتْ وَ قَدْ ذَهَبَ مِنْهُمَا ثُلُثَاهُمَا وَ بَقِیَ الثُّلُثُ فَقَالَ الرُّوحُ أَمَّا مَا ذَهَبَ مِنْهُمَا فَحَظُّ إِبْلِیسَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ مَا بَقِیَ فَلَكَ یَا آدَمُ (1).

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه و عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد و سهل بن زیاد جمیعا عن ابن محبوب: مثله (2).

«46»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ(3)

عَنْ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ علیه السلام أَمَرَهُ بِالْحَرْثِ وَ الزَّرْعِ وَ طَرَحَ إِلَیْهِ غَرْساً مِنْ غُرُوسِ الْجَنَّةِ فَأَعْطَاهُ النَّخْلَ وَ الْعِنَبَ وَ الزَّیْتُونَ وَ الرُّمَّانَ فَغَرَسَهَا لِتَكُونَ لِعَقِبِهِ وَ ذُرِّیَّتِهِ فَأَكَلَ هُوَ مِنْ ثِمَارِهَا فَقَالَ لَهُ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ یَا آدَمُ مَا هَذَا الْغَرْسُ الَّذِی لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ فِی الْأَرْضِ وَ قَدْ كُنْتُ بِهَا قَبْلَكَ ائْذَنْ لِی آكُلْ مِنْهُ شَیْئاً فَأَبَی أَنْ یُطْعِمَهُ (4) فَجَاءَ عِنْدَ آخِرِ عُمُرِ آدَمَ فَقَالَ لِحَوَّاءَ إِنَّهُ قَدْ أَجْهَدَنِی الْجُوعُ وَ الْعَطَشُ فَقَالَتْ لَهُ حَوَّاءُ علیها السلام (5) إِنَّ آدَمَ عَهِدَ إِلَیَ

ص: 210


1- 1. علل الشرائع: 163 و ج 2: 162( ط قم) فیه: فحظ لابلیس.
2- 2. فروع الكافی 9: 393 فیه:[ قال: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السّلام عن أصل الخمر كیف كان بدء حلالها و حرامها و متی اتخذ الخمر؟ فقال: ان] و فیه:( ما حالك یا ملعون) و فیه:[ ضغثا من نار و رمی به و العنب فی اغصانهما] و فیه: لم یبق منهما.
3- 3. فی المصدر: عن علیّ بن أبی حمزة.
4- 4. فی المصدر: فابی آدم علیه السّلام أن یدعه فجاء إبلیس.
5- 5. فی المصدر: فقالت له حواء: فما الذی ترید؟ قال: أرید ان تذیقنی من هذه الثمار فقالت حواء.

أَنْ لَا أُطْعِمَكَ شَیْئاً مِنْ هَذَا الْغَرْسِ لِأَنَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ لَا یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تَأْكُلَ (1) مِنْهُ فَقَالَ لَهَا فَاعْصِرِی فِی كَفِّی مِنْهُ شَیْئاً فَأَبَتْ عَلَیْهِ فَقَالَ ذَرِینِی أَمَصَّهُ وَ لَا آكُلْهُ فَأَخَذَتْ عُنْقُوداً مِنْ عِنَبٍ فَأَعْطَتْهُ فَمَصَّهُ وَ لَمْ یَأْكُلْ مِنْهُ شَیْئاً لِمَا كَانَتْ حَوَّاءُ قَدْ أَكَّدَتْ عَلَیْهِ فَلَمَّا ذَهَبَ یَعَضُّهُ جَذَبَتْهُ (2)

حَوَّاءُ مِنْ فِیهِ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی آدَمَ علیه السلام أَنَّ الْعِنَبَ قَدْ مَصَّهُ عَدُوِّی وَ عَدُوُّكَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَدْ حَرَّمْتُ عَلَیْكَ مِنْ عَصِیرَةِ الْخَمْرِ مَا خَالَطَهُ نَفَسُ إِبْلِیسَ فَحُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِأَنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِیسَ مَكَرَ بِحَوَّاءَ حَتَّی مَصَّ الْعِنَبَةَ(3) وَ لَوْ أَكَلَهَا لَحَرُمَتِ الْكَرْمَةُ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَی آخِرِهَا وَ جَمِیعُ ثِمَارِهَا(4)

وَ مَا یَأْكُلُ (5) مِنْهَا ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ لِحَوَّاءَ علیها السلام فَلَوْ أَمْصَصْتِنِی شَیْئاً مِنْ هَذَا التَّمْرِ كَمَا أَمْصَصْتِنِی مِنَ الْعِنَبِ فَأَعْطَتْهُ تَمْرَةً فَمَصَّهَا وَ كَانَتِ (6)

الْعِنَبَةُ وَ التَّمْرُ أَشَدَّ رَائِحَةً وَ أَزْكَی مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ وَ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ فَلَمَّا مَصَّهُمَا عَدُوُّ اللَّهِ ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُمَا وَ انْتَقَصَتْ حَلَاوَتُهُمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ إِنَّ إِبْلِیسَ الْمَلْعُونَ ذَهَبَ (7)

بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ علیه السلام فَبَالَ فِی أَصْلِ الْكَرْمَةِ وَ النَّخْلَةِ فَجَرَی الْمَاءُ فِی عُرُوقِهِمَا(8) بِبَوْلِ عَدُوِّ اللَّهِ فَمِنْ ثَمَّ یَخْتَمِرُ الْعِنَبُ وَ التَّمْرُ فَحَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی ذُرِّیَّةِ آدَمَ كُلَّ مُسْكِرٍ لِأَنَّ الْمَاءَ جَرَی بِبَوْلِ عَدُوِّ اللَّهِ فِی النَّخْلَةِ وَ الْعِنَبِ وَ صَارَ كُلُّ مُخْتَمِرٍ خَمْراً لِأَنَّ الْمَاءَ اخْتَمَرَ فِی النَّخْلَةِ وَ الْكَرْمَةِ مِنْ رَائِحَةِ بَوْلِ عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِیسَ لَعَنَهُ اللَّهُ (9).

ص: 211


1- 1. فی المصدر: منه شیئا.
2- 2. هكذا فی النسخ و فیه وهم و الصحیح كما فی المصدر: فلما ذهب یعض علیه جذبته.
3- 3. فی المصدر: العنب.
4- 4. فی المصدر: و جمیع ثمرها.
5- 5. فی المصدر: و ما یخرج منها.
6- 6. فی المصدر: و كانت العنب.
7- 7. فی المصدر: ثم ان إبلیس ذهب.
8- 8. فی المصدر: علی عروقهما من بول عدو اللّٰه.
9- 9. فروع الكافی 6: 392 و 394.

بیان: قوله علیه السلام فمن ثم یختمر العنب أی یغلی و ینتن و یصیر مسكرا قوله علیه السلام لأن الماء اختمر فی النخلة أی غلی و تغیر و أنتن من رائحة بول عدو اللّٰه.

قال الفیروزآبادی الخمر بالتحریك التغیر عما كان علیه و قال اختمار الخمر إدراكها و غلیانها انتهی.

و یحتمل أن یكون المراد باختمار العنب و التمر تغطیة أوانیهما لیصیرا خمرا و كذا اختمار الماء المراد به احتباسه فی الشجرة لكنه بعید.

و أقول الأخبار بهذا المضمون كثیرة سیأتی بعضها فی محالها.

«47»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ،: قِیلَ لِلْإِمَامِ علیه السلام فَعَلَی هَذَا لَمْ یَكُنْ إِبْلِیسُ أَیْضاً مَلَكاً فَقَالَ لَا بَلْ كَانَ مِنَ الْجِنِّ أَ مَا تَسْمَعُونَ (1)

اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ (2) وَ هُوَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ فِی قِصَّةِ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ (3).

«48»- النهج، [نهج البلاغة] فِی خُطْبَةٍ یَذْكُرُ فِیهَا خِلْقَةَ آدَمَ علیه السلام قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: وَ اسْتَأْدَی اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی الْمَلَائِكَةَ وَدِیعَتَهُ لَدَیْهِمْ وَ عَهْدَ وَصِیَّتِهِ إِلَیْهِمْ فِی الْإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَهُ وَ الْخُنُوعِ (4) لِتَكْرِمَتِهِ فَقَالَ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ وَ قَبِیلَهُ (5)

اعْتَرَتْهُمُ الْحَمِیَّةُ وَ غَلَبَتْ عَلَیْهِمُ الشِّقْوَةُ(6)

وَ تَعَزَّزُوا بِخِلْقَةِ النَّارِ وَ اسْتَوْهَنُوا خَلْقَ الصَّلْصَالِ

ص: 212


1- 1. فی المصدر: اما تسمعان.
2- 2. زاد فی المصدر بعد الآیة: فاخبر انه كان من الجن.
3- 3. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السّلام: 194 و الآیة الأولی فی الكهف: 50 و الثانیة فی الحجر: 27.
4- 4. فی نسخة من المصدر: الخشوع.
5- 5. لم یذكر كلمة[ و قبیله] فی النسخة المطبوعة بمصر و لا فی الشرح لابن أبی الحدید، و ذكر فیهما الضمائر الآتیة كلها بلفظ المفرد.
6- 6. الشقوة بكسر الشین و فتحها: ما حتم علیه من الشقاء و الشقاء ضد السعادة و هو النصب الدائم و الالم الملازم.

فَأَعْطَاهُ النَّظِرَةَ(1) اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ وَ اسْتِتْمَاماً لِلْبَلِیَّةِ وَ إِنْجَازاً لِلْعِدَةِ فَقَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (2) ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِیهَا عَیْشَهُ وَ آمَنَ فِیهَا مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِیسَ وَ عَدَاوَتَهُ فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَیْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ وَ مُرَافَقَةِ(3)

الْأَبْرَارِ(4).

توضیح: استأدی ودیعته أی طلب أداءها و الودیعة إشارة إلی قوله تعالی إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّی خالِقٌ بَشَراً(5) الآیة و الخنوع الخضوع و القبیل فی الأصل الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتی فإن كانوا من أب واحد فهم قبیله و ضم القبیل (6) هنا إلی إبلیس غریب فإنه لم یكن له فی هذا الوقت ذریة و لم یكن أشباهه فی السماء فیمكن أن یكون المراد به أشباهه من الجن فی الأرض بأن یكونوا مأمورین بالسجود أیضا و عدم ذكرهم فی الآیات و سائر الأخبار لعدم الاعتناء بشأنهم أو المراد به طائفة خلقها اللّٰه تعالی فی السماء غیر الملائكة و یمكن أن یكون المراد بالقبیل ذریته و یكون إسناد عدم السجود إلیهم لرضاهم بفعله

كَمَا قَالَ علیه السلام فِی مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّمَا یَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَا وَ السَّخَطُ وَ إِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَمَّهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ لَمَّا عَمُّوهُ بِالرِّضَا فَقَالَ سُبْحَانَهُ فَعَقَرُوها(7) فَأَصْبَحُوا نادِمِینَ (8).

ص: 213


1- 1. النظرة المهلة.
2- 2. ص: 80 و 81.
3- 3. أی مرافقته مع الملائكة الابرار، او أعمّ منهم و ممن یأتی بعد ذلك من الأنبیاء و الصلحاء.
4- 4. نهج البلاغة 1. 24 و 25.
5- 5. الحجر: 28.
6- 6. قد عرفت أن النسخة المطبوعة بمصر و الشرح لابن أبی الحدید هما خالیان عنها.
7- 7. الشعراء: 157.
8- 8. نهج البلاغة 1: 442.

اعترتهم أی غشیتهم و التعزز التكبر و استوهنه أی عده وهنا ضعیفا نفاسة أی بخلا.

«49»- النهج، [نهج البلاغة] فِی الْخُطْبَةِ الْقَاصِعَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَبِسَ الْعِزَّ وَ الْكِبْرِیَاءَ وَ اخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًی (1)

وَ حَرَماً عَلَی غَیْرِهِ وَ اصْطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَی مَنْ نَازَعَهُ فِیهِمَا مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِینَ لِیَمِیزَ الْمُتَوَاضِعِینَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِینَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ الْغُیُوبِ إِنِّی خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِینٍ فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِیسَ (2) اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِیَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَی آدَمَ بِخَلْقِهِ وَ تَعَصَّبَ عَلَیْهِ لِأَصْلِهِ فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِینَ وَ سَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِینَ الَّذِی وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِیَّةِ(3)

وَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبَرِیَّةِ وَ ادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ إِلَی قَوْلِهِ فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْلِیسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِیلَ وَ جَهْدَهُ الْجَهِیدَ وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا یُدْرَی أَ مِنْ سِنِی الدُّنْیَا أَمْ مِنْ سِنِی الْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ(4) سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ بَعْدَ إِبْلِیسَ یَسْلَمُ (5) عَلَی اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِیَتِهِ كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِیُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مَلَكاً إِنَّ حُكْمَهُ فِی أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ(6) فِی إِبَاحَةِ حِمًی حَرَّمَهُ عَلَی الْعَالَمِینَ فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْ یُعْدِیَكُمْ (7) بِدَائِهِ وَ أَنْ

ص: 214


1- 1. الحمی ما حمیته عن وصول الغیر إلیه و التصرف فیه.
2- 2. ص: 71- 74.
3- 3. أبان علیه السّلام ان العصبیّة بكل معانیه من التعصب القومی و الجنسی و اللونی من الشیطان فالاسلام بری ء من كل تعصب.
4- 4. متعلق باحبط أی اضاع عمله بسبب كبر ساعة.
5- 5. أی یسلم من عقابه.
6- 6. الهوادة: اللین و الرخصة.
7- 7. اعداه من علة او خلق: اكسبه مثل ما به من العلة او الخلق.

یَسْتَفِزَّكُمْ (1)

بِخَیْلِهِ وَ رَجِلِهِ فَلَعَمْرِی لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِیدِ وَ أَغْرَقَ بِكُمْ بِالنَّزْعِ الشَّدِیدِ(2) وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِیبٍ (3) وَ قَالَ رَبِّ بِما أَغْوَیْتَنِی لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمْ فِی الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ (4) قَذْفاً بِغَیْبٍ بَعِیدٍ وَ رَجْماً بِظَنٍّ غَیْرِ مُصِیبٍ (5)

فَصَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِیَّةِ وَ إِخْوَانُ الْعَصَبِیَّةِ وَ فُرْسَانُ الْكِبْرِ وَ الْجَاهِلِیَّةِ إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام فَاجْعَلُوا عَلَیْهِ حَدَّكُمْ (6) وَ لَهُ جِدَّكُمْ فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَی أَصْلِكُمْ وَ وَقَعَ فِی حَسَبِكُمْ وَ دَفَعَ فِی نَسَبِكُمْ وَ أَجْلَبَ بِخَیْلِهِ عَلَیْكُمْ وَ قَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِیلَكُمْ (7) إِلَی آخِرِ الْخُطْبَةِ.

بیان: لا یدری علی صیغة المجهول و فی بعض النسخ علی المتكلم المعلوم فعلی الأول لا یدل علی عدم علمه علیه السلام و علی الثانی أیضا المراد به غیره و أدخل نفسه تغلیبا و الإبهام لمصلحة كعدم تحاشی السامعین من طول المدة أو غیره.

قوله علیه السلام أخرج به منها ملكا ظاهره أن إبلیس كان من الملائكة و یمكن الجواب بأن إطلاق الملك علیه لكونه من الملائكة بالولاء و قال بعض شراح النهج یسلم علی اللّٰه أی یرجع إلیه سالما من طرده و لعنه تقول سلم علی هذا الشی ء إذا رجع إلیك سالما و لم یلحقه تلف و الباء للمصاحبة كما فی قوله بأمر و أما الباء فی به فیحتمل المصاحبة و السببیة و قد مر تمام الخطبة و شرحها.

«50»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَبِی هَدِیَّةَ(8) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَ

ص: 215


1- 1. فی المصدر: و ان یستفزكم بندائه و ان یجلب علیكم بخیله و رجله.
2- 2. اغرق النازع: إذا استوفی مد قوسه.
3- 3. لانه یجری من ابن آدم مجری الدم.
4- 4. الحجر: 39.
5- 5. فی المصدر: بظن مصیب.
6- 6. أی غضبكم و حدتكم.
7- 7. نهج البلاغة 1: 396- 399.
8- 8. هكذا فی الكتاب و مصدره و الظاهر أنّه مصحف و الصحیح: هدبة بالباء و هو إبراهیم بن هدبة أبو هدبة الفارسیّ صاحب أنس ترجمه ابن حجر فی لسان المیزان 1: 119 و 120 و قال: بقی الی سنة مائتین: و ترجمه أیضا أبو نعیم فی تاریخ اصبهان 1: 170.

رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ جَالِساً عَلَی بَابِ الدَّارِ مَعَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِذْ أَقْبَلَ شَیْخٌ فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام أَ تَعْرِفُ الشَّیْخَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ مَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا إِبْلِیسُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَوْ عَلِمْتُ (1) یَا رَسُولَ اللَّهِ لَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ فَخَلَّصْتُ أُمَّتَكَ مِنْهُ قَالَ فَانْصَرَفَ إِبْلِیسُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ ظَلَمْتَنِی یَا أَبَا الْحَسَنِ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ فَوَ اللَّهِ مَا شَرِكْتُ أَحَداً أَحَبَّكَ فِی أُمِّهِ (2).

«51»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ الْوَاسِطِیِّ رَفَعَ الْحَدِیثَ قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْجِنِّ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَآمَنَتْ بِهِ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهَا فَجَعَلَتْ تَجِیئُهُ فِی كُلِّ أُسْبُوعٍ فَغَابَتْ عَنْهُ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا الَّذِی أَبْطَأَ بِكِ یَا جِنِّیَّةُ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَیْتُ الْبَحْرَ الَّذِی هُوَ مُحِیطٌ بِالدُّنْیَا فِی أَمْرٍ أَرَدْتُهُ فَرَأَیْتُ عَلَی شَطِّ ذَلِكَ الْبَحْرِ صَخْرَةً خَضْرَاءَ وَ عَلَیْهَا رَجُلٌ جَالِسٌ قَدْ رَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِلَّا مَا غَفَرْتَ لِی فَقُلْتُ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا إِبْلِیسُ فَقُلْتُ وَ مِنْ أَیْنَ تَعْرِفُ هَؤُلَاءِ قَالَ إِنِّی عَبَدْتُ رَبِّی فِی الْأَرْضِ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً وَ عَبَدْتُ رَبِّی فِی السَّمَاءِ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً مَا رَأَیْتُ فِی السَّمَاءِ أُسْطُوَانَةً إِلَّا وَ عَلَیْهَا مَكْتُوبٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَیَّدْتُهُ بِهِ (3).

«52»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ظَهَرَ إِبْلِیسُ لِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ إِذَا عَلَیْهِ مَعَالِیقُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ فَقَالَ لَهُ یَحْیَی مَا هَذِهِ الْمَعَالِیقُ یَا إِبْلِیسُ فَقَالَ هَذِهِ الشَّهَوَاتُ الَّتِی أَصَبْتُهَا مِنِ ابْنِ آدَمَ قَالَ فَهَلْ لِی مِنْهَا شَیْ ءٌ قَالَ رُبَّمَا شَبِعْتَ فَثَقَّلَتْكَ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الذِّكْرِ قَالَ یَحْیَی لِلَّهِ عَلَیَّ أَنْ لَا أَمْلَأَ بَطْنِی مِنْ طَعَامٍ أَبَداً فَقَالَ إِبْلِیسُ لِلَّهِ عَلَیَّ أَنْ لَا أَنْصَحَ مُسْلِماً أَبَداً ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا حَفْصُ وَ لِلَّهِ عَلَی جَعْفَرٍ وَ آلِ جَعْفَرٍ أَنْ لَا یَمْلَئُوا بُطُونَهُمْ مِنْ طَعَامٍ أَبَداً وَ لِلَّهِ عَلَی جَعْفَرٍ وَ آلِ جَعْفَرٍ أَنْ لَا یَعْمَلُوا لِلدُّنْیَا أَبَداً(4).

ص: 216


1- 1. فی نسخة: لو علمته.
2- 2. المحاسن: 332.
3- 3. المحاسن: 332.
4- 4. المحاسن: 439 و 440.

بیان: ثقلتك علی صیغة الغیبة أی الشبعة و یحتمل التكلم بحذف العائد.

«53»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: إِنَّ لِإِبْلِیسَ كُحْلًا وَ سَفُوفاً وَ لَعُوقاً فَأَمَّا كُحْلُهُ فَالنَّوْمُ وَ أَمَّا سَفُوفُهُ فَالْغَضَبُ وَ أَمَّا لَعُوقُهُ فَالْكَذِبُ (1).

بیان: مناسبة الكحل للنوم ظاهر و أما السفوف للغضب فلأن أكثر السفوفات من المسهلات التی توجب خروج الأمور الردیة و الغضب أیضا یوجب صدور ما لا ینبغی من الإنسان و بروز الأخلاق الذمیمة به و یكثر منه و فی القاموس سففت الدواء بالكسر سفا و استففته قمحته أو أخذته غیر ملتوت و هو سفوف كصبور انتهی و أما اللعوق فلأنه غالبا مما یتلذذ به و یكثر منه و الكذب كذلك و فی النهایة فیه إن للشیطان لعوقا و دسوما اللعوق بالفتح اسم لما یلعق به أی یؤكل بالملعقة و الدسام بالكسر ما یسد به الأذن فلا تعی ذكرا و لا موعظة(2).

«54»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ إِبْلِیسَ أَ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ كَانَ یَلِی شَیْئاً مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَقَالَ لَمْ یَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَرَی أَنَّهُ مِنْهَا وَ كَانَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْهَا وَ لَمْ یَكُنْ یَلِی شَیْئاً مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ وَ لَا كَرَامَةَ فَأَتَیْتُ الطَّیَّارَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا سَمِعْتُ فَأَنْكَرَ وَ قَالَ كَیْفَ لَا یَكُونُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ اللَّهُ یَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ الطَّیَّارُ فَسَأَلَهُ وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا(3) فِی غَیْرِ مَكَانٍ

ص: 217


1- 1. المحاسن:
2- 2. و فی النهایة: كل شی ء سددته فقد دسمته یعنی ان وساوس الشیطان مهما وجدت منفذا دخلت فیه.
3- 3. الظاهر أن الطیار سأل عن هذه الآیة توطئة لان یستشكل علیه علیه السّلام زعما انه علیه السّلام یقول بخروج المنافقین عن الخطاب فی قوله: یا ایها الذین آمنوا، فیستشكل بأن المنافقین حیث انهم خارجون عن هذه المخاطبة فكذلك إبلیس أیضا خارج عن الملائكة، و حیث انه علیه السّلام ابان أن المنافقین داخلون فی قوله: یا ایها الذین آمنوا، لم یجد للاشكال سبیلا. و قال المصنّف فی كتاب النبوّة ذیل الخبر: حاصل الحدیث ان اللّٰه تعالی انما ادخله فی لفظ الملائكة لانه كان مخلوطا بهم و كونه ظاهرا منهم، و انما وجه الخطاب فی الامر بالسجود الی هؤلاء الحاضرین و كان من بینهم فشمله الامر، أو المراد انه خاطبهم بیا ایها الملائكة مثلا و كان إبلیس أیضا مأمورا لكونه ظاهرا منهم و مظهرا لصفاتهم، كما ان الخطاب یا ایها الذین آمنوا یشمل المنافقین لكونهم ظاهرا من المؤمنین، و اما ظنّ الملائكة فیحتمل أن یكون المراد انهم ظنوا انه منهم فی الطاعة و عدم العصیان لانه یبعد أن لا یعلم الملائكة انه لیس منهم مع انهم رفعوه الی السماء و اهلكوا قومه فیكون من قبیل قولهم: « سلمان منا أهل البیت» علی انه یحتمل أن یكون الملائكة ظنوا انه كان ملكا جعله اللّٰه حاكما علی الجان، و یحتمل أن یكون هذا الظنّ من بعض الملائكة الذین لم یكونوا بین جماعة منهم قتلوا الجان و رفعوا إبلیس راجع ج 11: 148.

فِی مُخَاطَبَةِ الْمُؤْمِنِینَ أَ یَدْخُلُ فِی هَذِهِ الْمُنَافِقُونَ قَالَ نَعَمْ یَدْخُلُ فِی هَذِهِ الْمُنَافِقُونَ وَ الضُّلَّالُ وَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ(1).

كا، [الكافی] أبو علی الأشعری عن محمد بن عبد الجبار عن علی بن حدید عن جمیل: مثله (2).

«55»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ إِبْلِیسَ أَ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ هَلْ كَانَ یَلِی شَیْئاً مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ قَالَ لَمْ یَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَمْ یَكُنْ یَلِی شَیْئاً مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ وَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ وَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَرَی أَنَّهُ مِنْهَا وَ كَانَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْهَا فَلَمَّا أُمِرَ بِالسُّجُودِ كَانَ مِنْهُ الَّذِی كَانَ (3).

بیان: قوله علیه السلام تری أنه منهم أی فی طاعة اللّٰه و عدم العصیان لمواظبته علی

ص: 218


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 1: 33.
2- 2. الروضة: 274 فیه:[ فقال: لم یكن من الملائكة و لم یكن یلی شیئا من امر السماء و لا كرامة فاتیت] و فیه:[ فانكره] و فیه:[ و اذ قلنا للملائكة اسجدوا إلخ] و فیه، جعلت فداك رأیت قوله عزّ و جلّ. و فیه: من مخاطبة.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ 1: 34.

عبادته سبحانه أزمنة متطاولة لبعد عدم علم الملائكة بأنه لیس منهم بعد أن أسروه من الجن و رفعوه إلی السماء فیكون من قبیل

قَوْلِهِمْ علیهم السلام: سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ.

أو أنهم لما رأوا تباین أخلاقه ظاهرا للجن و تكریم اللّٰه تعالی إیاه و جعله من بینهم بل جعله رئیسا علی بعضهم كما قیل ظنوا أنه كان منهم وقع بین الجن أو أن الظان كان بعض الملائكة.

«56»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ یُونُسَ (1) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قَالَ أَمْرَ اللَّهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ (2).

«57»- وَ مِنْهُ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قَالَ دِینَ اللَّهِ (3).

بیان: فسر علیه السلام فی الخبر الأول خلق اللّٰه بأمر اللّٰه و فی الثانی بدین اللّٰه و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل یرید دین اللّٰه و أمره عن ابن عباس و إبراهیم و مجاهد و الحسن و قتادة و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و یؤیده قوله سبحانه فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ (4) و أراد بذلك تحریم الحلال و تحلیل الحرام و قیل أراد الخصاء و قیل إنه الوشم و قیل إنه أراد الشمس و القمر و الحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلی عبادتها(5).

«58»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كَانَ إِبْلِیسُ أَوَّلَ مَنْ نَاحَ وَ أَوَّلَ مَنْ تَغَنَّی وَ أَوَّلَ مَنْ حَدَا قَالَ لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ تَغَنَّی فَلَمَّا أُهْبِطَ حَدَا بِهِ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عَلَی الْأَرْضِ نَاحَ فَأَذْكَرَهُ مَا فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ آدَمُ رَبِّ هَذَا الَّذِی جَعَلْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ الْعَدَاوَةَ لَمْ أَقْوَ عَلَیْهِ وَ أَنَا فِی الْجَنَّةِ وَ إِنْ لَمْ تُعِنِّی عَلَیْهِ لَمْ أَقْوَ عَلَیْهِ فَقَالَ اللَّهُ

ص: 219


1- 1. فی المصدر: محمّد بن یونس.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 1: 276.
3- 3. المصدر 1: 276.
4- 4. الروم: 30.
5- 5. مجمع البیان 3: 113.

السَّیِّئَةُ بِالسَّیِّئَةِ وَ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَی سَبْعِ مِائَةٍ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ لَا یُولَدُ لَكَ وَلَدٌ إِلَّا جَعَلْتُ مَعَهُ مَلَكاً(1)

أَوْ مَلَكَیْنِ یَحْفَظَانِهِ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ التَّوْبَةُ مَفْرُوضَةٌ(2)

فِی الْجَسَدِ مَا دَامَ فِیهَا الرُّوحُ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَ لَا أُبَالِی قَالَ حَسْبِی قَالَ فَقَالَ إِبْلِیسُ رَبِّ هَذَا الَّذِی كَرَّمْتَ عَلَیَّ وَ فَضَّلْتَهُ وَ إِنْ لَمْ تَفَضَّلْ عَلَیَّ لَمْ أَقْوَ عَلَیْهِ قَالَ لَا یُولَدُ لَهُ وَلَدٌ إِلَّا وُلِدَ لَكَ وَلَدَانِ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ تَجْرِی مِنْهُ مَجْرَی الدَّمِ فِی الْعُرُوقِ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ تَتَّخِذُ أَنْتَ وَ ذُرِّیَّتُكَ فِی صُدُورِهِمْ مَسَاكِنَ قَالَ رَبِّ زِدْنِی قَالَ تَعِدُهُمْ وَ تُمَنِّیهِمْ وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً(3).

«59»- وَ مِنْهُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا یَحْسَبُونَ أَنَّ إِبْلِیسَ مِنْهُمْ وَ كَانَ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْهُمْ فَاسْتَخْرَجَ اللَّهُ مَا فِی نَفْسِهِ بِالْحَمِیَّةِ فَقَالَ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (4).

«60»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الصِّرَاطُ الَّذِی قَالَ إِبْلِیسُ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِیمَ ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ الْآیَةَ هُوَ عَلِیٌّ علیه السلام (5).

«61»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: عَنْ قَوْلِهِ یا بَنِی آدَمَ قَالا هِیَ عَامَّةٌ(6).

أقول: ذكر الخبر فی قوله تعالی یا بَنِی آدَمَ لا یَفْتِنَنَّكُمُ الشَّیْطانُ (7).

«62»- وَ مِنْهُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ: یَا عَبْدَ السَّلَامِ احْذَرِ النَّاسَ وَ نَفْسَكَ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَمَّا النَّاسُ فَقَدْ أَقْدِرُ عَلَی أَنْ أَحْذَرَهُمْ وَ أَمَّا نَفْسِی فَكَیْفَ قَالَ إِنَّ الْخَبِیثَ یَسْتَرِقُ السَّمْعَ یَجِیئُكَ

ص: 220


1- 1. لم یذكر فی المصدر قوله: ملكا.
2- 2. فی المصدر: معروضة.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ 1: 276.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 2: 9 و الآیة فی سورة الأعراف: 26.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ 2: 9 و الآیة فی سورة الأعراف: 26.
6- 6. تفسیر العیّاشیّ 2: 11.
7- 7. الأعراف: 27.

فَیَسْتَرِقُ ثُمَّ یَخْرُجُ فِی صُورَةِ آدَمِیٍّ فَیَقُولُ قَالَ عَبْدُ السَّلَامِ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی هَذَا مَا لَا حِیلَةَ لَهُ قَالَ هُوَ ذَاكَ (1).

بیان: الظاهر أن المراد به ما تلفظ به من معایب الناس و غیرها من الأمور التی یرید إخفاءها فیكون مبالغة فی التقیة و یحتمل شموله لما یخطر بالبال فیكون الغرض رفع الاستبعاد عما یخفیه الإنسان عن غیره ثم یسمعه من الناس و هذا كثیر و المراد بالخبیث الشیطان.

«63»- تَأْوِیلُ الْآیَاتِ الْبَاهِرَةِ، بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ مَرْفُوعاً إِلَی وَهْبِ بْنِ جُمَیْعٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ إِبْلِیسَ وَ قَوْلِهِ رَبِّ فَأَنْظِرْنِی إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ أَیُّ یَوْمٍ هُوَ قَالَ یَا وَهْبُ أَ تَحْسَبُ أَنَّهُ یَوْمُ یَبْعَثُ اللَّهُ النَّاسَ لَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْظَرَهُ إِلَی یَوْمِ یَبْعَثُ اللَّهُ قَائِمَنَا فَیَأْخُذُ بِنَاصِیَتِهِ فَیَضْرِبُ عُنُقَهُ فَذَلِكَ الْیَوْمُ هُوَ الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ (2).

«64»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ یَمُوتُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَحَبَّ إِلَی إِبْلِیسَ مِنْ مَوْتِ فَقِیهٍ (3).

«65»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ نَادَی إِبْلِیسُ یَا وَیْلَهُ (4) أَطَاعَ وَ عَصَیْتُ وَ سَجَدَ وَ أَبَیْتُ (5).

توضیح: قال فی النهایة فی حدیث أبی هریرة إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشیطان یبكی و یقول یا ویله.

ص: 221


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 2: 239.
2- 2. تأویل الآیات الباهرة: 268 و 287 من نسختی، و الآیة فی سورة ص: 79- 81.
3- 3. أصول الكافی 1: 38.
4- 4. فی المصدر: یا ویلاه.
5- 5. الفروع 3: 264( طبعة الآخوندی).

الویل الحزن و الهلاك و المشقة من العذاب و كل من وقع فی هلكة دعا بالویل و معنی النداء فیه یا ویلی و یا حزنی و یا هلاكی و یا عذابی احضر فهذا وقتك و أوانك فكأنه نادی الویل أن یحضره لما عرض له من الأمر الفظیع و الشدة(1) و عدل عن حكایة قول إبلیس یا ویلی كراهة أن یضیف الویل إلی نفسه (2).

«66»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ (3)

عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا هَبَطَ نُوحٌ علیه السلام مِنَ السَّفِینَةِ أَتَاهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ لَهُ مَا فِی الْأَرْضِ رَجُلٌ أَعْظَمَ مِنْهُ عَلَیَّ مِنْكَ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَی هَؤُلَاءِ الْفُسَّاقِ فَأَرَحْتَنِی مِنْهُمْ أَ لَا أُعَلِّمُكَ خَصْلَتَیْنِ إِیَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَهُوَ الَّذِی عَمِلَ بِی مَا عَمِلَ وَ إِیَّاكَ وَ الْحِرْصَ فَهُوَ الَّذِی عَمِلَ بِآدَمَ مَا عَمِلَ (4).

«67»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا دَعَا نُوحٌ علیه السلام رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی قَوْمِهِ أَتَاهُ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ یَا نُوحُ إِنَّ لَكَ عِنْدِی یَداً أُرِیدُ أَنْ أُكَافِیَكَ عَلَیْهَا فَقَالَ نُوحٌ علیه السلام إِنَّهُ لَیُبْغَضُ (5)

إِلَیَّ أَنْ یَكُونَ لَكَ عِنْدِی یَدٌ فَمَا هِیَ قَالَ بَلَی دَعَوْتَ اللَّهَ عَلَی قَوْمِكَ فَأَغْرَقْتَهُمْ فَلَمْ یَبْقَ أَحَدٌ أُغْوِیهِ فَأَنَا مُسْتَرِیحٌ حَتَّی یَنْشَأَ قَرْنٌ آخَرُ وَ أُغْوِیَهُمْ (6)

فَقَالَ لَهُ نُوحٌ علیه السلام مَا الَّذِی تُرِیدُ أَنْ تُكَافِئَنِی بِهِ قَالَ اذْكُرْنِی

ص: 222


1- 1. فی النهایة: من الامر الفظیع و هو الندم علی ترك السجود لآدم علیه السّلام، و أضاف الویل الی ضمیر الغائب حملا علی المعنی، و عدل.
2- 2. النهایة 4: 250.
3- 3. هكذا فی النسخ و فیه وهم و الصحیح كما فی طبعة الغفاری و فی مشیخة الفقیه: سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمّد بن عیسی عن الحسن بن علیّ عن أبان بن عثمان.
4- 4. الخصال 1: 50 طبعة الغفاری.
5- 5. فی المصدر: و اللّٰه انی لیبغض.
6- 6. فی المصدر: فاغویهم.

فِی ثَلَاثِ مَوَاطِنَ (1) فَإِنِّی أَقْرَبُ مَا أَكُونُ إِلَی الْعَبْدِ إِذَا كَانَ فِی إِحْدَاهِنَّ اذْكُرْنِی إِذَا غَضِبْتَ وَ اذْكُرْنِی إِذَا حَكَمْتَ بَیْنَ اثْنَیْنِ وَ اذْكُرْنِی إِذَا كُنْتَ مَعَ امْرَأَةٍ خَالِیاً لَیْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ(2).

«68»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَرْزَمِیِ (3) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَقُولُ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ مَا أَعْیَانِی فِی ابْنِ آدَمَ فَلَمْ یُعْیِنِی مِنْهُ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَخْذُ مَالٍ مِنْ غَیْرِ حِلِّهِ أَوْ مَنْعُهُ مِنْ حَقِّهِ أَوْ وَضْعُهُ فِی غَیْرِ وَجْهِهِ (4).

بیان: أی أیّ شی ء أعجزنی فی إضلال ابن آدم فی أمر من الأمور و معصیة من المعاصی فلا أعجز عن إضلاله فی أحد هذه الأمور الثلاثة فأغویه فی واحدة منها أی غالبا.

«69»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْآبَاءُ ثَلَاثَةٌ آدَمُ وَلَدَ مُؤْمِناً وَ الْجَانُّ وَلَدَ كَافِراً(5) وَ إِبْلِیسُ وَلَدَ كَافِراً وَ لَیْسَ فِیهِمْ نِتَاجٌ إِنَّمَا یَبِیضُ وَ یُفْرِخُ وَ وُلْدُهُ ذُكُورٌ لَیْسَ فِیهِمْ إِنَاثٌ (6).

مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 223


1- 1. فی المصدر: فی ثلاثة مواطن.
2- 2. الخصال 1: 132.
3- 3. العرزمی بتقدیم الراء المهملة علی الزای المعجمة نسبة الی عرزم: بطن من فزارة و جبانة عرزم بالكوفة معروفة و لعلّ هذا البطن نزلوا بها فنسب الیهم.
4- 4. الخصال 1: 132.
5- 5. فی المصدر: و الجان ولد مؤمنا و كافرا.
6- 6. الخصال 1: 152.

سَعِیدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ شَبِیرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ (1)

عَنْ سُلَیْمِ (2) بْنِ بِلَالٍ الْمَدَنِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ إِبْلِیسَ كَانَ یَأْتِی الْأَنْبِیَاءَ علیهم السلام مِنْ لَدُنْ آدَمَ علیه السلام إِلَی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِیحَ علیه السلام یَتَحَدَّثُ عِنْدَهُمْ وَ یُسَائِلُهُمْ وَ لَمْ یَكُنْ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَشَدَّ أُنْساً مِنْهُ بِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَحْیَی یَا أَبَا مُرَّةَ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً فَقَالَ لَهُ أَنْتَ أَعْظَمُ قَدْراً مِنْ أَنْ أَرُدَّكَ بِمَسْأَلَةٍ فَاسْأَلْنِی مَا شِئْتَ فَإِنِّی غَیْرُ مُخَالِفِكَ فِی أَمْرٍ تُرِیدُهُ فَقَالَ یَحْیَی یَا أَبَا مُرَّةَ أُحِبُّ أَنْ تَعْرِضَ عَلَیَّ مَصَایِدَكَ وَ فُخُوخَكَ الَّتِی تَصْطَادُ بِهَا بَنِی آدَمَ فَقَالَ لَهُ إِبْلِیسُ حُبّاً وَ كَرَامَةً وَ وَاعَدَهُ لِغَدٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ یَحْیَی علیه السلام قَعَدَ فِی بَیْتِهِ یَنْتَظِرُ الْمَوْعِدَ وَ أَغْلَقَ عَلَیْهِ الْبَابَ (3)

إِغْلَاقاً فَمَا شَعَرَ حَتَّی سَاوَاهُ مِنْ خَوْخَةٍ كَانَتْ فِی بَیْتِهِ فَإِذَا وَجْهُهُ صُورَةُ وَجْهِ الْقِرْدِ وَ جَسَدُهُ عَلَی صُورَةِ الْخِنْزِیرِ وَ إِذَا عَیْنَاهُ مَشْقُوقَتَانِ طُولًا وَ إِذَا أَسْنَانُهُ وَ فَمُهُ مَشْقُوقاً طُولًا عَظْماً وَاحِداً بِلَا ذَقَنٍ وَ لَا لِحْیَةٍ(4)

وَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَیْدٍ یَدَانِ فِی صَدْرِهِ وَ یَدَانِ فِی مَنْكِبِهِ وَ إِذَا عَرَاقِیبُهُ قَوَادِمُهُ وَ أَصَابِعُهُ خَلْفَهُ وَ عَلَیْهِ قَبَاءٌ قَدْ شَدَّ وَسَطَهُ بِمِنْطَقَةٍ فِیهَا خُیُوطٌ مُعَلَّقَةٌ بَیْنَ أَحْمَرَ وَ أَصْفَرَ وَ أَخْضَرَ وَ جَمِیعَ الْأَلْوَانِ وَ إِذَا بِیَدِهِ جَرَسٌ عَظِیمٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ بَیْضَةٌ وَ إِذَا فِی الْبَیْضَةِ حَدِیدَةٌ مُعَلَّقَةٌ شَبِیهَةٌ بِالْكُلَّابِ فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ یَحْیَی علیه السلام قَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الْمِنْطَقَةُ الَّتِی فِی وَسَطِكَ

ص: 224


1- 1. فی المطبوع:[ شبیر بن إبراهیم] و الرجل غیر مذكور فی الرجال.
2- 2. فی النسخة المخطوطة:[ سلیم] و لعله مصحف، و سلیمان بن بلال المدنیّ مترجم فی كتب الفریقین الا ان طبقته لا یناسب روایته عن الرضا علیه السّلام لانه مات سنة 177 و لذا عده الشیخ و غیره من رجال الصادق علیه السّلام، و أورده ابن داود فی أصحاب الرضا علیه السّلام نقلا عن رجال الشیخ و لكنه وهم.
3- 3. فی المصدر: و أجاف علیه الباب.
4- 4. فی المصدر: و إذا عیناه مشقوقتان طولا و فمه مشقوق طولا و اسنانه و فمه عظما واحدا بلا ذقن و لا لحیة.

فَقَالَ هَذِهِ الْمَجُوسِیَّةُ أَنَا الَّذِی سَنَنْتُهَا وَ زَیَّنْتُهَا لَهُمْ فَقَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الْخُیُوطُ الْأَلْوَانُ قَالَ لَهُ هَذِهِ جَمِیعُ أَصْنَاعِ النِّسَاءِ لَا تَزَالُ الْمَرْأَةُ تَصْنَعُ الصَّنِیعَ (1)

حَتَّی یَقَعَ مَعَ لَوْنِهَا فَأَفْتَتِنَ (2)

النَّاسَ بِهَا فَقَالَ لَهُ فَمَا هَذَا الْجَرَسُ الَّذِی بِیَدِكَ قَالَ هَذَا مَجْمَعُ كُلِّ لَذَّةٍ مِنْ طُنْبُورٍ وَ بَرْبَطٍ وَ مِعْزَفَةٍ وَ طَبْلٍ وَ نَایٍ وَ صُرْنَایٍ وَ إِنَّ الْقَوْمَ لَیَجْلِسُونَ عَلَی شَرَابِهِمْ فَلَا یَسْتَلِذُّونَهُ فَأُحَرِّكُ الْجَرَسَ فِیمَا بَیْنَهُمْ فَإِذَا سَمِعُوهُ اسْتَخَفَّهُمُ الطَّرَبُ فَمِنْ بَیْنِ مَنْ یَرْقُصُ وَ مِنْ بَیْنِ مَنْ یُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ وَ مِنْ بَیْنِ مَنْ یَشُقُّ ثِیَابَهُ فَقَالَ لَهُ وَ أَیُّ الْأَشْیَاءِ أَقَرُّ لِعَیْنِكَ قَالَ النِّسَاءُ هُنَّ فُخُوخِی وَ مَصَایِدِی فَإِنِّی إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَیَّ دَعَوَاتُ الصَّالِحِینَ وَ لَعَنَاتُهُمْ صِرْتُ إِلَی النِّسَاءِ فَطَابَتْ نَفْسِی بِهِنَّ فَقَالَ لَهُ یَحْیَی علیه السلام فَمَا هَذِهِ الْبَیْضَةُ الَّتِی عَلَی رَأْسِكَ قَالَ بِهَا أَتَوَقَّی دَعْوَةَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَمَا هَذِهِ الْحَدِیدَةُ الَّتِی أَرَی فِیهَا قَالَ بِهَذِهِ أُقَلِّبُ قُلُوبَ الصَّالِحِینَ قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَهَلْ ظَفِرْتَ بِی سَاعَةً قَطُّ قَالَ لَا وَ لَكِنْ فِیكَ خَصْلَةٌ تُعْجِبُنِی قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَمَا هِیَ قَالَ أَنْتَ رَجُلٌ أَكُولٌ فَإِذَا أَفْطَرْتَ أَكَلْتَ وَ بَشِمْتَ (3) فَیَمْنَعُكَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ صَلَاتِكَ وَ قِیَامِكَ بِاللَّیْلِ قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَإِنِّی أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً أَنِّی لَا أَشْبَعُ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّی أَلْقَاهُ قَالَ لَهُ إِبْلِیسُ وَ أَنَا أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً أَنِّی لَا أَنْصَحُ مُسْلِماً حَتَّی أَلْقَاهُ ثُمَّ خَرَجَ فَمَا عَادَ إِلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ (4).

بیان: قوله و حبا الظاهر زیادة الواو أو هو عطف علی مفعول له الآخر مثله أی أفعله طاعة و حبا حتی ساواه أی حاذاه محاذ یقال ساواه مساواة ماثله و عادله قدرا أو قیمة و فی القاموس الخوخة كوة تؤدی الضوء إلی البیت و مخترق ما بین كل دارین ما علیه باب و الكلاب كتفاح ما یقال له بالفارسیة قلاب قوله أصناع النساء فی أكثر النسخ بالصاد و العین المهملتین و النون و فی بعضها بالصاد

ص: 225


1- 1. فی المصدر: اصباغ النساء لا تزال المرأة تصبغ الصبغ.
2- 2. فی المصدر: فافتتن.
3- 3. لعل المراد بها الشبع لان الاكل علی حدّ التخمة مناف لزهادة یحیی علیه السّلام و علمه بانه مضر للجسد، او الصحیح ما فی بعض النسخ من انه: و نمت.
4- 4. مجالس ابن الشیخ: 216.

و الباء و الغین المعجمة و بعده لا تزال المرأة تصنع الصنیع علی الأول و تصبغ الصبغ علی الثانی و لعله أظهر أی تتبع الأصباغ و الألوان فی ثیابها و بدنها حتی یوافق لونها و علی الأول أیضا یئول إلیه قال الفیروزآبادی صنع الشی ء صنعا عمله و ما أحسن صنیع (1)

اللّٰه عندك و صنعة الفرس حسن القیام علیه صنعت فرسی صنعا و صنعة و الصنیع ذلك الفرس و الإحسان و هو صنیعی و صنیعتی أی اصطنعته و ربیته و صنعت الجاریة كعنی أحسن إلیها حتی سمنت و صنع الجاریة أی أحسن إلیها و سمنها و رجل صنیع الیدین حاذق فی الصنعة من قوم أصناع الأیدی و الصنع بالكسر الثوب و العمامة و الجمع أصناع و التصنع التزین.

و قال المعازف الملاهی كالعود و الطنبور الواحد عزف أو معزف كمنبر و مكنسة و قال البشم محركة التخمة و السامة بشم كفرح و أبشمه الطعام و فی بعض النسخ و نمت.

«71»- وَ أَقُولُ وَجَدْتُ هَذَا الْخَبَرَ فِی كِتَابِ غَوْرِ الْأُمُورِ لِلتِّرْمِذِیِّ عَلَی وَجْهٍ أَبْسَطَ فَأَحْبَبْتُ إِیرَادَهُ هُنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُقَاتِلٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِی سَهْلٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ إِبْلِیسَ عَدُوَّ اللَّهِ كَانَ یَأْتِی الْأَنْبِیَاءَ وَ یَتَحَدَّثُ إِلَیْهِمْ مِنْ لَدُنْ نُوحٍ إِلَی عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وَ مَا بَیْنَ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ غَیْرَ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ أَكْثَرَ زِیَارَةً وَ لَا أَشَدَّ اسْتِینَاساً مِنْهُ إِلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام وَ إِنَّهُ دَخَلَ عَلَیْهِ ذَاتَ یَوْمٍ فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ یَحْیَی یَا بَا مُرَّةَ وَ اسْمُهُ الْحَارِثُ وَ كُنْیَتُهُ أَبُو مُرَّةَ وَ إِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ إِبْلِیسَ لِأَنَّهُ أُبْلِسَ مِنَ الْخَیْرِ كُلِّهِ یَوْمَ آدَمَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا بَا مُرَّةَ إِنِّی سَائِلُكَ حَاجَةً فَأَحْبَبْتُ (2) أَنْ لَا تَرُدَّنِی عَنْهَا فَقَالَ لَهُ وَ لَكَ ذَلِكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَسَلْ (3)

فَقَالَ لَهُ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا إِنِّی أُحِبُّكَ (4)

تَجِیئُنِی

ص: 226


1- 1. فی المصدر: صنع اللّٰه بالضم و صنیع اللّٰه عندك.
2- 2. فی نسخة: فاحب.
3- 3. فی نسخة: فاسأل.
4- 4. فی نسخة: احب أن تجیئنی.

فِی صُورَتِكَ وَ خَلْقِكَ وَ تَعْرِضُ عَلَیَّ مَصَایِدَكَ (1)

الَّتِی بِهَا تُهْلِكُ النَّاسَ قَالَ إِبْلِیسُ سَأَلْتَنِی أَمْراً عَظِیماً ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً(2) وَ تَفَاقَمَ خَطْبُهُ عِنْدِی وَ لَكِنَّكَ أَعَزُّ عَلَیَّ وَ أَمَنُّ مِنْ أَنْ أَرُدَّكَ بِمَسْأَلَةٍ وَ لَا أُجِیبَكَ بِحَاجَةٍ وَ لَكِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَخْلُوَ بِرُؤْیَتِی فَلَا یَكُونَ مَعَكَ أَحَدٌ غَیْرُكَ فَتَوَاعَدَا لِغَدٍ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ صَدَرَ(3) مِنْ عِنْدِهِ عَلَی ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فِی تِلْكَ السَّاعَةِ تَمَثَّلَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَائِماً فَنَظَرَ إِلَی أَمْرٍ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَظِیمٍ إِذَا هُوَ مَمْسُوخٌ مَنْكُوسٌ مَقْبُوحٌ هَائِلٌ كَرِیهٌ جَسَدُهُ عَلَی أَمْثَالِ أَجْسَادِ الْخَنَازِیرِ وَ وَجْهُهُ عَلَی وَجْهِ الْقِرَدَةِ وَ شُقَّ عَیْنَیْهِ طُولًا وَ شُقَّ فَاهُ طُولًا حِیَالَ رَأْسِهِ وَ أَسْنَانُهُ كُلُّهَا عَظْمٌ وَاحِدٌ لَا ذَقَنَ لَهُ أَصْلًا وَ لَا لِحْیَةَ وَ شَعْرُ رَأْسِهِ مُقَلَّلٌ (4)

مَقْلُوبُ الْمَنْبِتِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَیْدِی یَدَانِ فِی مَنْكِبَیْهِ وَ یَدَانِ فِی جَنْبَیْهِ وَ أَصَابِعُهُ مِمَّا یَلِیهِ مِنَ الْقَدَمِ خَلْفَهُ وَ عَرَاقِیبُهُ (5) أَمَامَهُ وَ أَصَابِعُ یَدَیْهِ سِتَّةٌ وَ خَدُّهُ أَصْلَتُ (6) وَ مَنْخِرَا أَنْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ لَهُ خُرْطُومٌ كَخُرْطُومِ الطَّیْرِ وَ وَجْهُهُ قِبَلَ الْقَفَاءِ أَعْمَشُ الْعَیْنَیْنِ أَعْرَجُ مُعْوَجٌّ لَهُ جَنَاحٌ وَ إِذَا عَلَیْهِ قَمِیصٌ مُقَلَّصٌ (7) قَدْ تَمَنْطَقَ فَوْقَهُ بَعْدَ(8) الْمَجُوسِ وَ إِذَا أَكْوَازٌ صِغَارٌ قَدْ عَلَّقَهُ مِنْ مِنْطَقَتِهِ وَ حَوَالِی قَمِیصِهِ خَیَاعِیلُ (9) شِبْهُ الشُّرْبِ (10)

فِی أَلْوَانٍ شَتَّی مِنْ بَیَاضٍ وَ سَوَادٍ وَ حُمْرَةٍ

ص: 227


1- 1. المصائد جمع المصیدة: ما یصاد به.
2- 2. أی لم اقدر علی رده. و تفاقم الامر: عظم.
3- 3. أی رجع.
4- 4. أی قلیل.
5- 5. العراقیب جمع العرقوب: عصب غلیظ فوق العقب.
6- 6. جبین صلت: واضح مستو بارز.
7- 7. قلص قمیصه فقلص هو: شمره و رفعه فارتفع و تشمر.
8- 8. هكذا فی الكتاب و لعله من عدّ، أی بمثل المجوس.
9- 9. الخیاعیل جمع الخیعل: الفرو، أو ثوب غیر مخیط الفرجن، أو درع یخاط أحد شقیه و یترك الآخر تلبسه المرأة كالقمیص، او قمیص لا كمی له. قاله الفیروزآبادی و لعلّ المراد به هنا غیرها.
10- 10. لعله جمع الشرابة هی ضمة من خبوط یعلق علی اطراف الثوب یقال لها بالفارسیة ریشه، و گلابتون.

وَ صُفْرَةٍ وَ خُضْرَةٍ وَ بِیَدِهِ جَرَسٌ ضَخْمٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ بَیْضَةٌ فِی قُلَّتِهَا حَدِیدَةٌ مُسْتَطِیلَةٌ مُعَقَّفَةُ الطَّرَفِ فَقَالَ لَهُ یَحْیَی أَخْبِرْنِی یَا بَا مُرَّةَ عَمَّا أَسْأَلُكَ مِمَّا أَرَی قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ مَا دَخَلْتُ عَلَیْكَ عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ إِلَّا وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخْبِرَكَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ تَسْأَلُنِی عَنْهُ ثُمَّ لَا أُعَمِّی عَلَیْكَ فَقَالَ حَدِّثْنِی یَا بَا مُرَّةَ إِنَّ إِنْطَاقَكَ هَذَا فَوْقَ الْقَمِیصِ مَا هُوَ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ تَشَبُّهٌ بِالْمَجُوسِ أَنَا وَضَعْتُ الْمَجُوسِیَّةَ فَدِنْتُ بِهَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا هَذِهِ الْأَكْوَازُ الصِّغَارُ الَّتِی هِیَ مُعَلَّقَةٌ مِنْ مِنْطَقَتِكَ مُقَدَّمَةً قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فِیهَا شَهَوَاتِی وَ خَیَاعِیلُ مَصَایِدِی فَأَوَّلُ مَا أَصِیدُ بِهِ الْمُؤْمِنَ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ فَإِنْ هُوَ اعْتَصَمَ بِطَاعَةِ اللَّهِ أَقْبَلْتُ عَلَیْهِ مِنْ قِبَلِ جَمْعِ الْمَالِ مِنَ الْحَرَامِ طَمَعاً فِیهِ حِرْصاً عَلَیْهِ فَإِنْ هُوَ اعْتَصَمَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ أَجْنَبَنِی بِالزَّهَادَةِ أَقْبَلْتُ عَلَیْهِ مِنْ قِبَلِ الشَّرَابِ هَذَا الْمُسْكِرِ حَتَّی أُكَرِّرَ عَلَیْهِ هَذِهِ الشَّهَوَاتِ كُلَّهَا وَ لَا بُدَّ أَنْ یُوَاقِعَ بَعْضَهَا وَ لَوْ كَانَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ قَالَ فَمَا هَذِهِ الْخَیَاعِیلُ إِلَی طَرَفِ قَمِیصِكَ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ هَذِهِ أَلْوَانُ أَصْبَاغِ النِّسَاءِ وَ زِینَتُهُنَّ فَلَا یَزَالُ إِحْدَاهُنَّ تتلون (1)

[تُلَوِّنُ] ثِیَابَهَا حَتَّی تَأْتِیَ عَلَی مَا یَلِیقُ بِهَا فَهُنَاكَ افْتَتَنَ الرِّجَالُ إِلَی مَا عَلَیْهَا مِنَ الزِّینَةِ قَالَ فَمَا هَذَا الْجَرَسُ بِیَدِكَ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ هَذَا مَعْدِنُ الطَّرَبِ وَ جَمَاعَاتُ أَصْوَاتِ الْمَعَازِفِ مِنْ بَیْنِ بَرْبَطٍ وَ طُنْبُورٍ وَ مَزَامِیرَ وَ طُبُولٍ وَ دُفُوفٍ وَ نَوْحٍ وَ غِنَاءٍ وَ إِنَّ الْقَوْمَ یَجْتَمِعُونَ عَلَی مَحْفِلِ شَرٍّ وَ عِنْدَهُمْ بَعْضُ مَا ذَكَرْتُ مِنْ هَذِهِ الْمَعَازِفِ فَلَا یَكَادُونَ یَتَنَعَّمُونَ فِی مَجْلِسٍ وَ یَسْتَلِذُّونَ وَ یُطْرِبُونَ فَإِذَا رَأَیْتُ ذَلِكَ مِنْهُمْ حَرَّكْتُ هَذَا الْجَرَسَ فَیَخْتَلِطُ ذَلِكَ الصَّوْتُ بِمَعَازِفِهِمْ فَهُنَاكَ یَزِیدُ اسْتِلْذَاذُهُمْ وَ تَطْرِیبُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ إِذَا سَمِعَ هَذَا یُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَهُزُّ رَأْسَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یُصَفِّقُ بِیَدَیْهِ فَمَا زَالَ هَذَا دَأْبُهُمْ حَتَّی أَبَرْتُهُمْ (2)

ص: 228


1- 1. فی النسخة المخطوطة: تلون.
2- 2. أی حتّی أهلكتهم.

قَالَ فَمَا هَذِهِ الْبَیْضَةُ عَلَی رَأْسِكَ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ احْتَرِزْ مِنِّی وَ مِنْ مَصَایِدِی الَّتِی وَصَفَتْ لَكَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الصَّالِحُونَ وَ النُّسَّاكُ وَ أَهْلُ الْوَرَعِ كَمَا أَحْرَزَ رَأْسِی هَذِهِ الْبَیْضَةُ مِنْ كُلِّ نَكْبَةٍ قَالَ وَ مَا النَّكْبَةُ قَالَ اللَّعْنَةُ قَالَ فَمَا هَذِهِ الْحَدِیدَةُ الْمُسْتَطِیلَةُ الَّتِی فِی قُلَّتِهَا قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ هِیَ الَّتِی أُقَلِّبُ بِهَا قُلُوبَ الصَّالِحِینَ قَالَ بَقِیَتْ حَاجَةٌ قَالَ قُلْ قَالَ مَا بَالُ خَلْقِكَ وَ صُورَتِكَ عَلَی مَا أَرَی مِنَ الْقُبْحِ وَ التَّقْلِیبِ وَ الْإِنْكَارِ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ هَذَا بِسَبَبِ أَبِیكَ آدَمَ إِنِّی كُنْتُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُكَرَّمِینَ مِمَّنْ لَمْ أَرْفَعْ رَأْسِی مِنْ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ وَ عَصَیْتُ رَبِّی فِی أَمْرِ سُجُودِی لِآدَمَ أَبِیكَ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَیَّ وَ لَعَنَنِی فَحُوِّلْتُ مِنْ صُورَةِ الْمَلَائِكَةِ إِلَی صُورَةِ الشَّیَاطِینِ وَ لَمْ یَكُنْ فِی الْمَلَائِكَةِ أَحْسَنَ صُورَةً مِنِّی فَصِرْتُ مَمْسُوخاً مَنْكُوساً مَقْبُوحاً مَقْلُوباً هَائِلًا كَرِیهاً كَمَا تَرَی قَالَ فَهَلْ أَرَیْتَ صُورَتَكَ هَذِهِ أَحَداً قَطُّ وَ مَصَایِدَكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ لَا وَ عِزَّةِ رَبِّی إِنَّ هَذَا الشَّیْ ءَ مَا نَظَرَ إِلَیْهِ آدَمِیٌّ قَطُّ وَ لَقَدْ أَكْرَمْتُكَ بِهَذِهِ دُونَ النَّاسِ كُلِّهِمْ قَالَ فَتَمِّمْ إِكْرَامَكَ إِیَّایَ بِمَسْأَلَتَیْنِ أَسْأَلُكَ عَنْهُمَا إِحْدَاهُمَا عَامَّةٌ وَ الْأُخْرَی خَاصَّةٌ قَالَ وَ لَكَ ذَلِكَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ فَسَلْ قَالَ حَدِّثْنِی أَیُّ الْأَشْیَاءِ أَرْجَی عِنْدَكَ وَ أَدْعَمُهُ لِظَهْرِكَ وَ أَسْلَاهُ لِكَآبَتِكَ (1) وَ أَقَرُّهُ لِعَیْنِكَ وَ أَشَدُّ لِرُكْنِكَ وَ أَفْرَحُهُ لِقَلْبِكَ قَالَ یَا

نَبِیَّ اللَّهِ إِنِّی أَخَافُ أَنْ تُخْبِرَ بِهِ أَحَداً فَیَحْفَظُونَ ذَلِكَ فَیَعْتَصِمُونَ بِهِ وَ یَضِیعَ كَیْدِی (2) قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فِی الْكِتَابِ شَأْنَكَ وَ كَیْدَكَ وَ بَیَّنَ لِأَنْبِیَائِهِ وَ أَوْلِیَائِهِ فَاحْتَرَزُوا مَا احْتَرَزُوا وَ أَمَّا الْغَاوُونَ فَأَنْتَ أَوْلَی بِهِمْ قَدْ تَلْعَبُ بِهِمْ كَالصَّوَالِجَةِ بِالْكُرَةِ فَلَیْسَ قَوْلُكَ عِنْدَهُمْ أَدْعَی وَ أَعَزَّ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ قَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ أَرْجَی الْأَشْیَاءِ عِنْدِی وَ أَدْعَمَهُ لِظَهْرِی وَ أَقَرَّهُ لِعَیْنِی النِّسَاءُ

ص: 229


1- 1. دعم الشی ء: أسنده لئلا یمیل؛ دعمه: أعانه و قواه. أسلاه عن همه: كشفه عنه. الكأبة: الحزن الشدید.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: فیضیع كیدی.

فَإِنَّهَا حِبَالَتِی وَ مَصَایِدِی وَ سَهْمِیَ الَّذِی بِهِ لَا أُخْطِئُ بِأَبِی هُنَّ لَوْ لَمْ یَكُنَّ هُنَّ مَا أَطَقْتُ إِضْلَالَ أَدْنَی آدَمِیٍّ قُرَّةُ عَیْنِی بِهِنَّ أَظْفَرُ بِمِقْرَاتِی (1) وَ بِهِنَّ أُوقِعُ فِی الْمَهَالِكِ یَا حَبَّذَا هُنَّ إِذَا اغْتَمَمْتُ لَیْسَتْ عَلَی النُّسَّاكِ (2)

وَ الْعُبَّادِ وَ الْعُلَمَاءِ غَلَبُونِی بَعْدَ مَا أَرْسَلْتُ عَلَیْهِمُ الْجُیُوشَ فَانْهَزَمُوا وَ بَعْدَ مَا رَكِبْتُ وَ قَهَرْتُ ذَكَرْتُ النِّسَاءَ طَابَتْ نَفْسِی وَ سَكَنَ غَضَبِی وَ اطْمَأَنَّ كَظْمِی وَ انْكَشَفَ غَیْظِی وَ سَلَتْ كَآبَتِی وَ قَرَّتْ عَیْنِی وَ اشْتَدَّ أَزْرِی (3)

وَ لَوْ لَا هُنَّ مِنْ نَسْلِ آدَمَ لَسَجَدْتُهُنَّ فَهُنَّ سَیِّدَاتِی وَ عَلَی عُنُقِی سُكْنَاهُنَّ وَ عَلَیَّ مَا هُنَ (4)

مَا اشْتَهَتِ امْرَأَةٌ مِنْ حِبَالَتِی (5)

حَاجَةً إِلَّا كُنْتُ أَسْعَی بِرَأْسِی دُونَ رِجْلِی فِی إِسْعَافِهَا بِحَاجَتِهَا لِأَنَّهُنَّ رَجَائِی وَ ظَهْرِی وَ عِصْمَتِی وَ مُسْنَدِی وَ ثِقَتِی وَ غَوْثِی قَالَ وَ مَا نَفْعُكَ وَ فَرَحُكَ فِی ضَلَالَةِ الْآدَمِیِّ وَ بِأَیِّ شَیْ ءٍ سَلَبْتَ عَلَیْهِ (6) قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْأَفْرَاحَ وَ الْأَحْزَانَ وَ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ وَ خَیَّرَنِی فِیهِمَا یَوْمَ آدَمَ فَاخْتَرْتُ الشَّهَوَاتِ وَ الْأَفْرَاحَ وَ اخْتَرْتُ الْحَرَامَ وَ الْفُحْشَ وَ الْمَنَاكِیرَ صَارَتْ تِلْكَ نَهْمَتِی (7)

وَ هَوَایَ وَ خُیِّرَ آدَمُ فَاخْتَارَ الْأَحْزَانَ وَ الْعِبَادَةَ وَ الْحَلَالَ فَصَارَ ذَلِكَ لَهُ نَهْمَةً وَ مُنْیَةً فَذَلِكَ مُنْیَتُهُ وَ نَهْمَتُهُ وَ هَذَا هَوَایَ وَ نَهْمَتِی وَ شَهْوَتِی فَذَلِكَ شَیْئُهُ وَ مَالُهُ وَ مَتَاعُهُ وَ هَذَا شَیْئِی وَ مَالِی وَ مَتَاعِی وَ بِضَاعَتِی وَ شَیْ ءُ الْمَرْءِ كَنَفْسِهِ لِأَنَّ فِیهِ نَهْمَتَهُ وَ شَهْوَتَهُ وَ نَهْمَةُ الْمَرْءِ وَ شَهْوَتُهُ حَیَاتُهُ فَإِذَا سُلِبَ الْحَیَاةَ هَلَكَ الْمَرْءُ فَكَمْ (8) نَرَی مِنْ خَلْقِ اللَّهِ سُلِبَ مِنْهُمْ نَهْمَتُهُ وَ هِمَّتُهُ مَاتَ

ص: 230


1- 1. هكذا فی النسخ و لعله مصحف: بمغزاتی. و المغزاة: الغزو. و مغزی الكلام: مقصده.
2- 2. هكذا فی النسخ و لعله مصحف: إذا اهتممت علی النساك، أو إذا اغتممت أن النساك.
3- 3. أی ظهری.
4- 4. فی المطبوع:[ و علی تمماهن] و لعله مصحف تمامهن.
5- 5. فی النسخة المخطوطة: من حیالتی.
6- 6. فی النسخة المخطوطة:[ سلت علیه].
7- 7. النهمة: الحاجة. بلوغ الهمة و الشهوة فی الشی ء.
8- 8. فی النسخة المخطوطة: و كم یری.

وَ هَلَكَ فَكَذَلِكَ هَذَا إِنَّ مَا اخْتَرْتُ صَارَ ذَلِكَ شَهْوَتِی وَ هَوَایَ وَ حَیَاتِی فَمَهْمَا سُلِبْتُ هَلَكْتُ وَ مَهْمَا ظَفِرْتُ بِهِ فَرِحْتُ وَ حَیِیتُ فَإِذَا رَأَیْتُ شَهْوَتِی وَ هَوَایَ وَ حَیَاتِی عِنْدَ غَیْرِی قَدْ سَلَبَهَا مِنِّی أَجْتَهِدُ كُلَّ الْجَهْدِ حَتَّی أَظْفَرَ بِهَا لِیَكُونَ بِهَا قَوَامَیْ یَدِی (1) لِلْآدَمِیِّ سَلْبُ حَیَاتِی وَ هِیَ الشَّهْوَةُ(2) وَ الْهَوَی فَجَعَلَهَا فِی كِنِّهِ (3) وَ حِرْزِهِ وَ قَدْ تَهَیَّأَ وَ اسْتَعَدَّ یُقَاتِلُنِی وَ یُحَارِبُنِی فَهَلْ بُدٌّ مِنَ الْمُحَارَبَةِ لِیَصِلَ الْمُحِقُّ إِلَی حَقِّهِ وَ یُقْهَرَ الظَّالِمُ فَهَذِهِ حَالَتِی وَ شَأْنِی (4) وَ سَبَبُ فَرَحِی إِذَا غَلَبْتُهُ قَالَ لَهُ وَ مَا ظُلْمُهُ حَیْثُ تَقُولُ یُقْهَرَ الظَّالِمُ قَالَ فَیَظْلِمُنِی إِذَا سَلَبَ هَوَایَ فَجَعَلَهُ فِی كِنِّهِ لَوْلَاهُ كَیْفَ لَا أَطْمَعُ أَنَا فِی حَرْبِهِ وَ حَلَالِهِ كَمَا طَمِعَ فِی حَرَامِی وَ هَوَایَ قَالَ لَهُ أَ لَیْسَ بِمُحَالٍ (5) أَنْ تَقُولَ أَنَا أُرِیدُ اسْتِرْدَادَ هَوَایَ فَتَفْرَحُ إِنْ هُوَ اسْتَعْمَلَهُ وَ تَحْزَنُ إِنْ لَمْ یَسْتَعْمِلْ هَوَاكَ فِی شُئُونِهِ قَالَ إِذَا اسْتَعْمَلَ هَوَایَ لَسْتُ أَحْزَنُ وَ لَكِنِّی أَفْرَحُ لِأَنَّهُ قَدْ أَعْطَانِی نَهْمَتِی الْفَرَحَ إِنَّمَا أَحْزُنُ حَتَّی لَا یَسْتَعْمِلَهُ (6)

لَسْتُ أَطْلُبُ نَهْمَتِی لِأَخْذِهِ مِنِّی فَإِنِّی قَدْ أَمِنْتُ أَنْ لَا یَرُدَّ لِأَنَّهُ قَدْ خُیِّلَ عَلَیْهِ وَ لَكِنَّنِی أُرِیدُ اسْتِعْمَالَهُ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ أَعْطَانِی مُنْیَتِی وَ مُخْتَارِی وَ حَیَاتِی فَهُوَ نَفْسِی فَإِذَا اسْتَعْمَلَ مُنْیَتِی أَحْیَانِی وَ فَرَّحَنِی وَ إِنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَی جِهَتِهِ وَ إِذَا لَمْ یَسْتَعْمِلْهُ فَهُوَ فِی كِنِّهِ كَالْمَسْجُونِ فَإِذَا كَانَ هُوَ فِی كِنِّهِ مَسْجُوناً مُقَیَّداً وَ هُوَ حَیَاتِی كُنْتُ كَأَنِّی الْمَسْجُونُ الْمُقَیَّدُ وَ صِرْتُ حَرْباً(7)

لِأَنَّهُ أَبْدَلَنِی بِمَكَانِ حَیَاتِی الْمَوْتَ فَلَا بُدَّ أَنْ أَحْتَالَ بِكُلِّ حِیلَةٍ آتِیَةٍ بِكُلِّ خُدْعَةٍ وَ أُهَیِّئَ وَ أُزَیِّنَ الْآلَةَ

ص: 231


1- 1. استظهر المصنف انه مصحف: یرید. أقول: الظاهر أن[ للآدمی] أیضا مصحف الآدمی.
2- 2. فی نسخة: و هی شهوتی.
3- 3. الكن: وقاء كل شی ء و ستره. البیت.
4- 4. فی النسخة المخطوطة:[ و ثباتی] و لعله مصحف.
5- 5. أی أ لیس بمحال فی الحكمة.
6- 6. لعله مصحف: حین لا یستعمله.
7- 7. فی النسخة المخطوطة: و قد صرت حزنا.

وَ الْأَدَوَاتِ وَ أُخْرِجَ (1)

الْمَلَاهِی وَ الْأَدَوَاتَ وَ أَضْرِبَهَا وَ أُحَرِّكَهَا وَ أُلَوِّحَهَا لَعَلَّهُ یَرَی ذَلِكَ فَیُطْرِبُ وَ یَذْكُرُ وَ یَنْشَطُ وَ یَغْتَرُّ وَ یُهَیِّجُ (2) فَیَسْتَعْمِلُ الْهَوَاءَ الَّذِی فِیهِ وَ هِیَ حَیَاتِی وَ شَهْوَتِی فَأَحْیَا وَ أَبْهَجُ حَتَّی یَجِدَ هُوَ السَّبِیلَ إِلَی التَّحَرُّكِ وَ الْخَلَاصِ مِنَ السِّجْنِ وَ هَذَا مَا لَمْ أَذْكُرْ لِأَحَدٍ قَطُّ مُنْذُ خُلِقْتُ وَ لَوْ لَا مَا أَرَی لَكَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الْكَرَامَةِ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهَذَا كُلِّهِ قَالَ یَحْیَی علیه السلام فَالْمَسْأَلَةُ الْخَاصَّةُ الَّتِی سَأَلْتُكَ قَالَ نَعَمْ سَلْ قَالَ هَلْ أَصَبْتَ مِنِّی فُرْصَتَكَ قَطُّ فِی لَحْظَةٍ مِنْ بَصَرٍ أَوْ لَفْظَةٍ بِلِسَانٍ أَوْ هَمٍّ بِقَلْبٍ قَالَ اللَّهُمَّ لَا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ یُعْجِبُنِی مِنْكَ خَصْلَةٌ فَكَثُرَ ذَلِكَ عَنْكَ وَ وَقَعَ عِنْدِی مَوْقِعاً شَرِیفاً فَتَغَیَّرَ لَوْنُ یَحْیَی مِنْ قَوْلِهِ وَ تَبَلَّدَ وَ تَقَاصَرَتْ إِلَیْهِ نَفْسُهُ (3) وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَ غُشِیَ عَلَیْهِ قَالَ وَ مَا ذَلِكَ یَا بَا مُرَّةَ قَالَ أَنْتَ رَجُلٌ أَكُولٌ وَ كُنْتَ أَحْیَاناً تُكْثِرُ الطَّعَامَ فَتَبْشَمُ مِنْهُ وَ یَعْتَرِیكَ الْوَهْنُ وَ النَّوْمُ وَ الثِّقْلُ وَ الْكَسَلُ وَ النُّعَاسُ فَكُنْتَ تَنَامُ عَلَی جَنْبِكَ أَحْیَاناً مِنَ الْأَوْقَاتِ الَّتِی كُنْتَ تَقُومُ فِیهَا مِنَ اللَّیْلِ هَذَا یُعْجِبُنِی مِنْكَ

قَالَ وَ بِهَذَا كُنْتَ تَجِدُ عَلَیَّ الْفُرْصَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَشَدَّ لِفَرَحِكَ وَ مَا أَشَدَّ لِحَرَكَتِكَ (4) قَالَ قَدْ ذَكَرْتُ لَكَ فَلَمْ تَحْفَظْهُ وَ لَكِنْ أُجْمِلُكَ جَمِیعَ مَا یَكْرَهُ اللَّهُ فَهُوَ مُخْتَارِی وَ جَمِیعَ مَا یُحِبُّ فَهُوَ مَنْبُوذِی لَمْ أَتَمَالَكْ حَتَّی أَحْتَالَ بِكُلِّ حِیلَةٍ حَتَّی یَنْبِذَهُ وَ أُزَیِّنَ لَهُ مُخْتَارِی حَتَّی یَرْفَعَهُ لِأَنَّ حَیَاتِی فِی اسْتِعْمَالِ مُخْتَارِی وَ مَمَاتِی وَ هَلَاكِی وَ ذُلِّی وَ ضَعْفِی فِی اسْتِعْمَالِهِ مَرْفُوضِی وَ مَنْبُوذِی وَ هُوَ الْحَلَالُ الطَّیِّبُ مِنَ الْأَشْیَاءِ وَ الْأَحْزَانِ وَ مُخْتَارِی الْحَرَامُ وَ الْخَبَثُ مِنَ الْأَشْیَاءِ وَ الْأَفْرَاحِ بِهَا قَدْ خَطَرَ اللَّهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِبْلِیسُ حَسْبُكَ یَا یَحْیَی فَرَحاً بِمَا قَدْ أَظْهَرَ لِیَحْیَی أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ عَلَیْهِ

ص: 232


1- 1. فی النسخة المخطوطة: فاخرج الملاهی و أدواته.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: و یبهج.
3- 3. تبلد: تردد متحیرا. تلهف. صفق بكفیه. تقاصرت نفسه: تضاءلت.
4- 4. فی النسخة المخطوطة: لحزنك.

فُرْصَةً(1)

قَالَ یَحْیَی وَ لَمْ تَجِدْ عَلَیَّ الْفُرْصَةَ مِنْ عُمُرِی إِلَّا الَّذِی ذَكَرْتَ قَالَ اللَّهُمَّ لَا إِلَّا ذَلِكَ قَالَ یَحْیَی عَاهَدْتُ عَزَّ وَ جَلَّ نَذْراً وَاجِباً عَلَی أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْیَا وَ لَا أَشْبَعَ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ فَغَضِبَ إِبْلِیسُ وَ حَزِنَ عَلَی مَا أَخْبَرَهُ فَاحْتَرَزَ یَحْیَی وَ اعْتَصَمَ قَالَ خَدَعْتَنِی یَا ابْنَ آدَمَ وَ كَسَرْتَ ظَهْرِی بِمَا خَدَعْتَنِی وَ أَنَا أُعَاهِدُ اللَّهَ رَبِّی نَذْراً وَاجِباً عَلَی أَنْ لَا أَنْصَحَ آدَمِیّاً وَ لَقَدْ غَلَبْتَنِی یَا ابْنَ آدَمَ وَ كَسَرْتَ ظَهْرِی بِمَا خَدَعْتَنِی حَتَّی سَلِمْتَ مِنِّی وَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ غَضْبَانَ انْتَهَی (2).

و أقول كانت النسخة سقیمة جدا فأثبته كما وجدته تأكیدا و توضیحا لما روی من طرق أهل البیت علیهم السلام.

«72»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَیْدٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیَّ رَحِمَهُ اللَّهُ یَقُولُ: تَمَثَّلَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فِی أَرْبَعِ صُوَرٍ تَمَثَّلَ یَوْمَ بَدْرٍ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِیِّ فَقَالَ لِقُرَیْشٍ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ (3) وَ تَصَوَّرَ یَوْمَ الْعَقَبَةِ فِی صُورَةِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ فَنَادَی إِنَّ مُحَمَّداً وَ الصُّبَاةَ(4) مَعَهُ عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَأَدْرِكُوهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْأَنْصَارِ لَا تَخَافُوا فَإِنَّ صَوْتَهُ لَنْ یَعْدُوَهُ وَ تَصَوَّرَ یَوْمَ اجْتِمَاعِ قُرَیْشٍ فِی دَارِ النَّدْوَةِ فِی صُورَةِ شَیْخٍ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وَ أَشَارَ عَلَیْهِمْ فِی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا أَشَارَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِذْ یَمْكُرُ بِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا لِیُثْبِتُوكَ أَوْ یَقْتُلُوكَ أَوْ یُخْرِجُوكَ وَ یَمْكُرُونَ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ (5) وَ تَصَوَّرَ یَوْمَ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی صُورَةِ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

ص: 233


1- 1. فی النسخة المخطوطة: ساعة فرصة.
2- 2. غور الأمور: لم نجد نسخته.
3- 3. الأنفال: 48.
4- 4. الصباة جمع صابی: من خرج من دین الی دین آخر.
5- 5. الأنفال: 30.

فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ لَا تَجْعَلُوهَا كَسْرَوَانِیَّةً وَ لما [لَا] قَیْصَرَانِیَّةً وَسِّعُوهَا تَتَّسِعْ فَلَا تَرُدُّوهَا فِی بَنِی هَاشِمٍ فَیُنْتَظَرَ بِهَا الْحَبَالَی (1).

بیان: فینتظر بها الحبالی أی إذا كانت الخلافة مخصوصة ببنی هاشم صار الأمر بحیث ینتظر الناس أن تلد الحبالی أحدا منهم فیصیر خلیفة و لم یعطوها غیرهم.

«73»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَمَّا نَدَبَ اللَّهُ الْخَلْقَ إِلَیْهِ أَ دَخَلَ فِیهِ الضُّلَّالُ (2) قَالَ نَعَمْ وَ الْكَافِرُونَ دَخَلُوا فِیهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَدَخَلَ فِی أَمْرِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ إِبْلِیسُ فَإِنَّ إِبْلِیسَ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ(3) فِی السَّمَاءِ یَعْبُدُ اللَّهَ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ أَخْرَجَ مَا كَانَ فِی قَلْبِ إِبْلِیسَ مِنَ الْحَسَدِ فَعَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ إِبْلِیسَ لَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ فَقِیلَ لَهُ فَكَیْفَ وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَی إِبْلِیسَ وَ إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَقَالَ كَانَ إِبْلِیسُ مِنْهُمْ بِالْوَلَاءِ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً قَبْلَ آدَمَ وَ كَانَ إِبْلِیسُ فِیهِمْ حَاكِماً فِی الْأَرْضِ فَعَتَوْا وَ أَفْسَدُوا وَ سَفَكُوا الدِّمَاءَ فَبَعَثَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَقَتَلُوهُمْ وَ أَسَرُوا إِبْلِیسَ وَ رَفَعُوهُ إِلَی السَّمَاءِ فَكَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ یَعْبُدُ اللَّهَ إِلَی أَنْ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی آدَمَ (4).

«74»- وَ مِنْهُ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ قَالَ الرَّجِیمُ أَخْبَثُ الشَّیَاطِینِ فَقُلْتُ لَهُ وَ لِمَ سُمِّیَ رَجِیماً قَالَ لِأَنَّهُ یُرْجَمُ (5).

ص: 234


1- 1. مجالس ابن الشیخ: 111 و 112 فیه: فتنتظر.
2- 2. لعله بتشدید اللام جمع الضال، و مراد السائل أن الخطابات الواردة فی الشرع هل یشمل الضلال و الكافرون أم لا؟ فاجابه بالشمول و مثل ذلك بالخطاب الوارد بالسجود لآدم حیث دخل فیه إبلیس.
3- 3. فی المصدر: كان مع الملائكة.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 32.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 365.

بیان: أی یرجم بالشهب أو باللعن أو فی زمن القائم علیه السلام.

«75»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ أَ فَمِنْ حِكْمَتِهِ أَنْ جَعَلَ لِنَفْسِهِ عَدُوّاً وَ قَدْ كَانَ وَ لَا عَدُوَّ لَهُ فَخَلَقَ كَمَا زَعَمْتَ إِبْلِیسَ فَسَلَّطَهُ عَلَی عَبِیدِهِ یَدْعُوهُمْ إِلَی خِلَافِ طَاعَتِهِ وَ یَأْمُرُهُمْ بِمَعْصِیَتِهِ وَ جَعَلَ لَهُ مِنَ الْقُوَّةِ كَمَا زَعَمْتَ یَصِلُ (1) بِلُطْفِ الْحِیلَةِ إِلَی قُلُوبِهِمْ فَیُوَسْوِسُ إِلَیْهِمْ فَیُشَكِّكُهُمْ فِی رَبِّهِمْ وَ یَلْبِسُ عَلَیْهِمْ دِینَهُمْ فَیُزِیلُهُمْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ حَتَّی أَنْكَرَ قَوْمٌ لَمَّا وَسْوَسَ إِلَیْهِمْ رُبُوبِیَّتَهُ وَ عَبَدُوا سِوَاهُ فَلِمَ سَلَّطَ عَدُوَّهُ عَلَی عَبِیدِهِ وَ جَعَلَ لَهُ السَّبِیلَ إِلَی إِغْوَائِهِمْ قَالَ إِنَّ هَذَا الْعَدُوَّ الَّذِی ذَكَرْتَ

لَا یَضُرُّهُ (2)

عَدَاوَتُهُ وَ لَا یَنْفَعُهُ وَلَایَتُهُ وَ عَدَاوَتُهُ لَا تَنْقُصُ مِنْ مُلْكِهِ شَیْئاً وَ وَلَایَتُهُ لَا تَزِیدُ فِیهِ شَیْئاً وَ إِنَّمَا یُتَّقَی الْعَدُوُّ إِذَا كَانَ فِی قُوَّةٍ یَضُرُّ وَ یَنْفَعُ إِنْ هَمَّ بِمِلْكٍ أَخَذَهُ أَوْ بِسُلْطَانٍ قَهَرَهُ فَأَمَّا إِبْلِیسُ فَعَبْدٌ خَلَقَهُ لِیَعْبُدَهُ وَ یُوَحِّدَهُ وَ قَدْ عَلِمَ حِینَ خَلَقَهُ مَا هُوَ وَ إِلَی مَا یَصِیرُ إِلَیْهِ فَلَمْ یَزَلْ یَعْبُدُهُ مَعَ مَلَائِكَتِهِ حَتَّی امْتَحَنَهُ بِسُجُودِ آدَمَ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حَسَداً وَ شَقَاوَةً غَلَبَتْ عَلَیْهِ فَلَعَنَهُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ أَخْرَجَهُ عَنْ صُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَ أَنْزَلَهُ إِلَی الْأَرْضِ مَلْعُوناً مَدْحُوراً فَصَارَ عَدُوَّ آدَمَ وَ وُلْدِهِ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَ مَا لَهُ مِنَ السَّلْطَنَةِ عَلَی وُلْدِهِ إِلَّا الْوَسْوَسَةَ وَ الدُّعَاءَ إِلَی غَیْرِ السَّبِیلِ وَ قَدْ أَقَرَّ مَعَ مَعْصِیَتِهِ لِرَبِّهِ بِرُبُوبِیَّتِهِ (3).

«76»- وَ مِنْهُ،: فِی أَسْئِلَةِ الزِّنْدِیقِ الْمُدَّعِی لِلتَّنَاقُضِ فِی الْقُرْآنِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْإِیمَانُ بِالْقَلْبِ هُوَ التَّسْلِیمُ لِلرَّبِّ وَ مَنْ سَلَّمَ الْأُمُورَ لِمَالِكِهَا لَمْ یَسْتَكْبِرْ عَنْ أَمْرِهِ كَمَا اسْتَكْبَرَ إِبْلِیسُ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ وَ اسْتَكْبَرَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ عَنْ طَاعَةِ أَنْبِیَائِهِمْ فَلَمْ یَنْفَعْهُمُ التَّوْحِیدُ كَمَا لَمْ یَنْفَعْ إِبْلِیسَ ذَلِكَ السُّجُودُ الطَّوِیلُ فَإِنَّهُ سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً أَرْبَعَةَ آلَافِ عَامٍ لَمْ یُرِدْ بِهَا غَیْرَ زُخْرُفِ الدُّنْیَا وَ التَّمْكِینِ مِنَ النَّظِرَةِ فَكَذَلِكَ لَا تَنْفَعُ الصَّلَاةُ وَ الصَّدَقَةُ إِلَّا مَعَ الِاهْتِدَاءِ إِلَی سَبِیلِ النَّجَاةِ وَ طَرِیقِ الْحَقِ (4)

الْخَبَرَ.

ص: 235


1- 1. فی المصدر: ما یصل.
2- 2. فی المصدر:[ لا تضره] بالتأنیث و كذا: و لا تنفعه.
3- 3. الاحتجاج 2: 80. طبعة دار النعمان.
4- 4. الاحتجاج 1: 368 فیه:[ و لم یرد] و فیه: فلذلك.

«77»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْفَامِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ زِیَادٍ الْكَرْخِیِّ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ نَشَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رَحْمَتَهُ حَتَّی یَطْمَعُ إِبْلِیسُ فِی رَحْمَتِهِ (1).

«78»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: جَاءَ إِبْلِیسُ إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام وَ هُوَ یُنَاجِی رَبَّهُ فَقَالَ لَهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا تَرْجُو مِنْهُ وَ هُوَ فِی هَذِهِ الْحَالِ یُنَاجِی رَبَّهُ فَقَالَ أَرْجُو مِنْهُ مَا رَجَوْتُ مِنْ أَبِیهِ آدَمَ (2)

الْخَبَرَ.

«79»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ قَالَ إِذَا ذَكَّرَهُمُ الشَّیْطَانُ الْمَعَاصِیَ وَ حَمَلَهُمْ عَلَیْهَا یَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (3).

«80»- الْعِلَلُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ(4) بْنِ سَعِیدٍ الْهَاشِمِیِّ عَنْ فُرَاتِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُعْتَمِرٍ(5) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ مَنْصُورٍ(6)

عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی كَثِیرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْعَبْدِیِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: كُنَّا بِمِنًی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ بَصُرْنَا بِرَجُلٍ سَاجِدٍ وَ رَاكِعٍ وَ مُتَضَرِّعٍ فَقُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ صَلَاتَهُ

ص: 236


1- 1. المجالس: 123 فیه: أحمد بن هارون.
2- 2. المجالس: 395.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 234 و الآیة فی الأعراف: 200.
4- 4. فی المصدر: الحسن بن محمّد.
5- 5. فی المصدر: محمّد بن علیّ بن معمر.
6- 6. فی المصدر: عمرو بن منصور.

فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ الَّذِی أَخْرَجَ أَبَاكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فَمَضَی إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام غَیْرَ مُكْتَرِثٍ (1) فَهَزَّهُ هَزَّةً أَدْخَلَ أَضْلَاعَهُ الْیُمْنَی فِی الْیُسْرَی وَ الْیُسْرَی فِی الْیُمْنَی ثُمَّ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَی ذَلِكَ إِلَی أَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ عِنْدِ رَبِّی مَا لَكَ تُرِیدُ قَتْلِی فَوَ اللَّهِ مَا أَبْغَضَكَ أَحَدٌ إِلَّا سَبَقَتْ نُطْفَتِی إِلَی رَحِمِ أُمِّهِ قَبْلَ نُطْفَةِ أَبِیهِ وَ لَقَدْ شَارَكْتُ مُبْغِضِیكَ فِی الْأَمْوَالِ وَ الْأَوْلَادِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2) قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله صَدَقَ یَا عَلِیُّ لَا یُبْغِضُكَ مِنْ قُرَیْشٍ إِلَّا سِفَاحِیٌّ وَ لَا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا یَهُودِیٌّ وَ لَا مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَعِیٌّ وَ لَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا شَقِیٌّ وَ لَا مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا سَلَقْلَقِیَّةٌ وَ هِیَ الَّتِی تَحِیضُ مِنْ دُبُرِهَا ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِیّاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ اعْرِضُوا أَوْلَادَكُمْ عَلَی مَحَبَّةِ عَلِیٍ (3) قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَكُنَّا نَعْرِضُ حُبَّ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی أَوْلَادِنَا فَمَنْ أَحَبَّ عَلِیّاً عَلِمْنَا أَنَّهُ مِنْ أَوْلَادِنَا وَ مَنْ أَبْغَضَ عَلِیّاً انْتَفَیْنَا مِنْهُ (4).

«81»- الْعِلَلُ وَ الْمَجَالِسُ لِلصَّدُوقِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْعَبَّاسِیِّ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ مِرْدَاسٍ الدولقی (5)

[الدُّونَقِیِ] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ الْمَكِّیِّ عَنْ وَكِیعٍ عَنِ الْمَسْعُودِیِّ رَفَعَهُ إِلَی سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: مَرَّ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ بِنَفَرٍ یَتَنَاوَلُونَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَوَقَفَ أَمَامَهُمْ فَقَالَ الْقَوْمُ مَنِ الَّذِی وَقَفَ أَمَامَنَا فَقَالَ أَنَا أَبُو مُرَّةَ فَقَالُوا یَا أَبَا مُرَّةَ أَ مَا تَسْمَعُ كَلَامَنَا فَقَالَ سَوْأَةً لَكُمْ تَسُبُّونَ مَوْلَاكُمْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ قَالُوا لَهُ مِنْ أَیْنَ عَلِمْتَ أَنَّهُ

ص: 237


1- 1. أی غیر مبال به.
2- 2. الإسراء: 64.
3- 3. زاد فی نسخة من المصدر: فان أجابوا فهم منكم و ان أبوا فلبسوا منكم.
4- 4. علل الشرائع 1: 135 و 136 طبعة قم.
5- 5. هكذا فی الكتاب و بعض نسخ المصدر، و فی المصدر المطبوع بقم: الدونقی و هو الصحیح صرّح بذلك ابن الأثیر فی اللباب قال: الدونقی بضم الدال و سكون الواو و فتح النون نسبة الی دونق: قریة من قری نهاوند، و الدونقی هو عمیر بن مرداس.

مَوْلَانَا قَالَ مِنْ قَوْلِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ فَقَالُوا لَهُ فَأَنْتَ مِنْ مَوَالِیهِ وَ شِیعَتِهِ فَقَالَ مَا أَنَا مِنْ مَوَالِیهِ وَ لَا مِنْ شِیعَتِهِ وَ لَكِنِّی أُحِبُّهُ وَ لَا یُبْغِضُهُ أَحَدٌ إِلَّا شَارَكْتُهُ فِی الْمَالِ وَ الْوَلَدِ فَقَالُوا لَهُ یَا بَا مُرَّةَ فَتَقُولُ فِی عَلِیٍّ شَیْئاً فَقَالَ لَهُمْ اسْمَعُوا مِنِّی (1)

مَعَاشِرَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ عَبَدْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْجَانِّ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ فَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ الْجَانَّ شَكَوْتُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَحْدَةَ فَعَرَجَ بِی إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَعَبَدْتُ اللَّهَ فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ أُخْرَی فِی جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ فَبَیْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ نُسَبِّحُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ نُقَدِّسُهُ إِذْ مَرَّ بِنَا نُورٌ شَعْشَعَانِیٌّ فَخَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ لِذَلِكَ النُّورِ سُجَّداً فَقَالُوا سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ هَذَا نُورُ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ أَوْ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ فَإِذَا بِالنِّدَاءِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا هَذَا نُورُ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ لَا نَبِیٍّ مُرْسَلٍ هَذَا نُورُ طِینَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام (2).

بیان: كان اللعین ذكر ذلك لهم لتكون الحجة علیهم أتم و عذابهم أشد لعلمه بأنهم لا یؤمنون بذلك.

«82»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ الْفَضْلِ بْنِ عَامِرٍ الْأَشْعَرِیِّ مَعاً عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مُقْبِلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ حَمَلَنِی جَبْرَئِیلُ عَلَی كَتِفِهِ الْأَیْمَنِ فَنَظَرْتُ إِلَی بُقْعَةٍ بِأَرْضِ الْجَبَلِ حَمْرَاءَ أَحْسَنَ لَوْناً مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَ أَطْیَبَ رِیحاً مِنَ الْمِسْكِ فَإِذَا فِیهَا شَیْخٌ عَلَی رَأْسِهِ بُرْنُسٌ فَقُلْتُ لِجَبْرَئِیلَ مَا هَذِهِ الْبُقْعَةُ الْحَمْرَاءُ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ لَوْناً مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَ أَطْیَبُ رِیحاً مِنَ الْمِسْكِ قَالَ بُقْعَةُ شِیعَتِكَ وَ شِیعَةِ وَصِیِّكَ عَلِیٍّ فَقُلْتُ مَنِ الشَّیْخُ صَاحِبُ الْبُرْنُسِ قَالَ إِبْلِیسُ قَالَ فَمَا یُرِیدُ

ص: 238


1- 1. فی نسخة: كلامی.
2- 2. علل الشرائع 1: 136 و 137، المجالس: 209 فیه: لا نور.

مِنْهُمْ قَالَ یُرِیدُ أَنْ یَصُدَّهُمْ عَنْ وَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَدْعُوَهُمْ إِلَی الْفِسْقِ وَ الْفُجُورِ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ أَهْوِ بِنَا إِلَیْهِمْ فَأَهْوَی بِنَا إِلَیْهِمْ أَسْرَعَ مِنَ الْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَ الْبَصَرِ اللَّامِحِ فَقُلْتُ قُمْ یَا مَلْعُونُ فَشَارِكْ أَعْدَاءَهُمْ فِی أَمْوَالِهِمْ وَ أَوْلَادِهِمْ وَ نِسَائِهِمْ فَإِنَّ شِیعَتِی وَ شِیعَةَ عَلِیٍّ لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطَانٌ فَسُمِّیَتْ (1)

قُمْ (2).

«84»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ شَاذَوَیْهِ الْمُؤَدِّبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَضَی لِعِیسَی علیه السلام ثَلَاثُونَ سَنَةً بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَلَقِیَهُ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَی عَقَبَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ هِیَ عَقَبَةٌ أَفِیقٌ فَقَالَ لَهُ یَا عِیسَی أَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنْ تَكَوَّنْتَ مِنْ غَیْرِ أَبٍ قَالَ عِیسَی علیه السلام بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی كَوَّنَنِی وَ كَذَلِكَ كَوَّنَ آدَمَ وَ حَوَّاءَ قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِی الْمَهْدِ صَبِیّاً قَالَ عِیسَی علیه السلام یَا إِبْلِیسُ بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی أَنْطَقَنِی فِی صِغَرِی وَ لَوْ شَاءَ لَأَبْكَمَنِی قَالَ إِبْلِیسُ فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَتَنْفُخُ فِیهِ فَیَصِیرُ طَیْراً قَالَ عِیسَی علیه السلام بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی خَلَقَنِی وَ خَلَقَ مَا سَخَّرَ لِی قَالَ إِبْلِیسُ فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَشْفِی الْمَرْضَی قَالَ عِیسَی علیه السلام بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی بِإِذْنِهِ أَشْفِیهِمْ وَ إِذَا شَاءَ أَمْرَضَنِی قَالَ إِبْلِیسُ فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تُحْیِی الْمَوْتَی قَالَ عِیسَی علیه السلام بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی بِإِذْنِهِ أُحْیِیهِمْ وَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ یُمِیتَ مَا أَحْیَیْتُ وَ یُمِیتَنِی قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّكَ تَعْبُرُ الْبَحْرَ فَلَا تَبْتَلُّ قَدَمَاكَ وَ لَا تَرْسُخُ فِیهِ قَالَ عِیسَی علیه السلام بَلِ الْعَظَمَةُ لِلَّذِی ذَلَّلَهُ وَ لَوْ شَاءَ أَغْرَقَنِی قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی فَأَنْتَ الَّذِی بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِیَّتِكَ أَنَّهُ سَیَأْتِی عَلَیْكَ یَوْمٌ تَكُونُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ دُونَكَ وَ أَنْتَ فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ تُدَبِّرُ الْأَمْرَ وَ تُقَسِّمُ الْأَرْزَاقَ

ص: 239


1- 1. أی هذه البقعة.
2- 2. علل الشرائع 2: 259.

فَأَعْظَمَ عِیسَی علیه السلام ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ إِبْلِیسَ الْكَافِرِ اللَّعِینِ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام سُبْحَانَ اللَّهِ مِلْ ءَ سَمَاوَاتِهِ وَ أَرْضِهِ وَ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ وَ زِنَةَ عَرْشِهِ وَ رِضَا نَفْسِهِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ ذَهَبَ عَلَی وَجْهِهِ لَا یَمْلِكُ مِنْ نَفْسِهِ شَیْئاً حَتَّی وَقَعَ فِی اللُّجَّةِ الْخَضْرَاءِ قَالَ 17 ابْنُ عَبَّاسٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْجِنِّ تَمْشِی عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ فَإِذَا هِیَ بِإِبْلِیسَ سَاجِداً عَلَی صَخْرَةٍ صَمَّاءَ تَسِیلُ دُمُوعُهُ عَلَی خَدَّیْهِ فَقَامَتْ تَنْظُرُ إِلَیْهِ تَعَجُّباً ثُمَّ قَالَتْ لَهُ وَیْحَكَ یَا إِبْلِیسُ مَا تَرْجُو بِطُولِ السُّجُودِ فَقَالَ لَهَا أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ابْنَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَرْجُو إِذَا بَرَرَنِی عَزَّ وَ جَلَّ قَسَمَهُ وَ أَدْخَلَنِی نَارَ جَهَنَّمَ أَنْ یُخْرِجَنِی مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ (1).

«84»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَطِیَّةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ إِبْلِیسَ عَبَدَ اللَّهَ فِی السَّمَاءِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ فِی رَكْعَتَیْنِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا أَعْطَاهُ ثَوَاباً لَهُ بِعِبَادَتِهِ (2).

«85»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ(3) قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَدِّثْنِی كَیْفَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِإِبْلِیسَ (4) فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ لِشَیْ ءٍ كَانَ تَقَدَّمَ شَكَرَهُ عَلَیْهِ قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ رَكْعَتَانِ رَكَعَهُمَا فِی السَّمَاءِ فِی أَلْفَیْ سَنَةٍ أَوْ فِی (5)

أَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ(6).

«86»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: عَبَدَ اللَّهَ فِی السَّمَاءِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ فِی رَكْعَتَیْنِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا أَعْطَاهُ ثَوَاباً لَهُ بِعِبَادَتِهِ (7).

بیان: یمكن رفع التنافی بین أزمنة الصلاة و السجود بوقوع الجمیع و بصدور

ص: 240


1- 1. المجالس: 122 و 123 فیه: إذا ابر ربی.
2- 2. علل الشرائع 2: 213.
3- 3. الاسناد فی المصدر هكذا: ابی رحمه اللّٰه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّٰه عن الحسن بن عطیة قال.
4- 4. ص: 81 و 82.
5- 5. التردید من الراوی.
6- 6. علل الشرائع 2: 212.
7- 7. لم یذكر المصنّف مصدر الحدیث.

البعض موافقا لأقوال العامة تقیة.

«87»- تَفْسِیرُ 17 عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ فِی خَبَرِ وِلَادَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا رَأَتِ الشَّیَاطِینُ مَا حَدَثَ مِنَ الْآیَاتِ لِوِلَادَتِهِ وَ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ وَ رَمْیِ الشَّیَاطِینِ بِالشُّهُبِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَ اجْتَمَعُوا إِلَی إِبْلِیسَ فَقَالُوا قَدْ مُنِعْنَا مِنَ السَّمَاءِ وَ قَدْ(1)

رُمِینَا بِالشُّهُبِ فَقَالَ اطْلُبُوا فَإِنَّ أَمْراً قَدْ حَدَثَ فِی الدُّنْیَا فَرَجَعُوا وَ قَالُوا لَمْ نَرَ شَیْئاً فَقَالَ إِبْلِیسُ أَنَا لَهَا بِنَفْسِی فَجَالَ بَیْنَ (2) الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْحَرَمِ فَرَآهُ مَحْفُوفاً بِالْمَلَائِكَةِ وَ جَبْرَئِیلُ عَلَی بَابِ الْحَرَمِ بِیَدِهِ حَرْبَةٌ فَأَرَادَ إِبْلِیسُ أَنْ یَدْخُلَ فَصَاحَ بِهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ اخْسَأْ یَا مَلْعُونُ فَجَاءَ مِنْ قِبَلِ حِرَا فَصَارَ مِثْلَ الصَّرِّ فَقَالَ یَا جَبْرَئِیلُ حَرْفٌ أَسْأَلُكَ عَنْهُ قَالَ مَا هُوَ قَالَ مَا هَذَا وَ مَا اجْتِمَاعُكُمْ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ هَذَا نَبِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ وُلِدَ وَ هُوَ آخِرُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَفْضَلُهُمْ قَالَ هَلْ لِی فِیهِ نَصِیبٌ قَالَ لَا قَالَ فَفِی أُمَّتِهِ قَالَ بَلَی قَالَ قَدْ رَضِیتُ (3).

بیان: الصر بالفتح طائر كالعصفور أصفر.

«88»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ إِبْلِیسَ عَدُوَّ اللَّهِ رَنَّ أَرْبَعَ رَنَّاتٍ یَوْمَ لُعِنَ وَ یَوْمَ أُهْبِطَ إِلَی الْأَرْضِ وَ یَوْمَ بُعِثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَوْمَ الْغَدِیرِ(4).

بیان: الرنة بالفتح الصوت و یطلق غالبا علی ما یكون عند مصیبة أو داهیة شدیدة.

«89»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ اسْمَ إِبْلِیسَ الْحَارِثُ وَ إِنَّمَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَا إِبْلِیسُ

ص: 241


1- 1. فی المصدر: و رمینا.
2- 2. فی المصدر: ما بین.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 350 و الحدیث طویل أخرجه المصنّف عنه و عن كمال الدین فی كتاب النبوّة فی باب تاریخ ولادته راجع ج 15: 269- 271.
4- 4. قرب الإسناد.

یَا عَاصِی وَ سُمِّیَ إِبْلِیسُ لِأَنَّهُ أُبْلِسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (1).

بیان: قال الراغب الإبلاس الحزن المعترض من شدة الیأس یقال أبلس و منه اشتق إبلیس فیما قیل قال تعالی وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ یُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (2).

«90»- الْمَعَانِی، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِإِبْلِیسَ كُحْلًا وَ لَعُوقاً وَ سَعُوطاً فَكُحْلُهُ النُّعَاسُ وَ لَعُوقُهُ الْكَذِبُ وَ سَعُوطُهُ الْكِبْرُ(3).

«91»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّیْبَانِیِ (4) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیَّ علیه السلام یَقُولُ: مَعْنَی الرَّجِیمِ أَنَّهُ مَرْجُومٌ بِاللَّعْنِ مَطْرُودٌ مِنْ مَوَاضِعِ الْخَیْرِ لَا یَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إِلَّا لَعَنَهُ وَ إِنَّ فِی عِلْمِ اللَّهِ السَّابِقِ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ علیه السلام لَا یَبْقَی مُؤْمِنٌ فِی زَمَانِهِ إِلَّا رَجَمَهُ بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَرْجُوماً بِاللَّعْنِ (5).

«92»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِمَ سُمِّیَ الرَّجِیمُ رَجِیماً قَالَ لِأَنَّهُ یُرْجَمُ فَقُلْتُ فَهَلْ یَنْقَلِبُ إِذَا رُجِمَ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ یَكُونُ فِی الْعِلْمِ مَرْجُوماً(6).

بیان: قوله فهل ینقلب أی یرجع إلی الحیاة و البقاء بعد الرجم فقال علیه السلام

ص: 242


1- 1. معانی الأخبار: 138 طبعة الغفاری.
2- 2. المفردات 60 و الآیة فی الروم: 12.
3- 3. معانی الأخبار: 138.
4- 4. هكذا فی الكتاب و مصدره و الظاهر أنّه مصحف السنانی نسبة الی جده الأعلی محمّد بن سنان المعروف و الرجل هو أبو عیسی محمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان الزاهری نزیل الری المترجم فی رجال الشیخ فی باب من لم یرو عنهم، راجع ما حققناه فی مقدّمة معانی الاخبار: 60.
5- 5. معانی الأخبار: 139.
6- 6. علل الشرائع 2: 213.

لا و الاستدراك لأنه توهم السائل أن الرجم فی هذه الأزمنة فرفع علیه السلام وهمه بأنه إنما یسمی الآن رجیما لأنه فی علم اللّٰه أنه یصیر بعد ذلك رجیما عند قیام القائم علیه السلام كما مر فی الخبر السابق و یحتمل أن یكون فی الأصل فهل ینفلت و سیأتی فی روایة العیاشی ما یؤیده.

«93»- تَفْسِیرُ 17 عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ أَمَّا بَیْنَ أَیْدِیهِمْ فَهُوَ مِنْ قِبَلِ الْآخِرَةِ لَأُخْبِرَنَّهُمْ أَنَّهُ لَا جَنَّةَ وَ لَا نَارَ وَ لَا نُشُورَ وَ أَمَّا خَلْفَهُمْ یَقُولُ مِنْ قِبَلِ دُنْیَاهُمْ آمُرُهُمْ بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ وَ آمُرُهُمْ أَنْ لَا یَصِلُوا فِی أَمْوَالِهِمْ رَحِماً وَ لَا یُعْطُوا مِنْهُ حَقّاً وَ آمُرُهُمْ أَنْ لَا یُنْفِقُوا عَلَی ذَرَارِیِّهِمْ وَ أُخَوِّفُهُمْ عَلَی الضَّیْعَةِ(1)

وَ أَمَّا عَنْ أَیْمَانِهِمْ یَقُولُ مِنْ قِبَلِ

دِینِهِمْ فَإِنْ كَانُوا عَلَی ضَلَالَةٍ زَیَّنْتُهَا وَ إِنْ كَانُوا عَلَی الْهُدَی جَهَدْتُ عَلَیْهِمْ حَتَّی أُخْرِجَهُمْ مِنْهُ وَ أَمَّا عَنْ شَمَائِلِهِمْ یَقُولُ مِنْ قِبَلِ اللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ (2) وَ أَمَّا قَوْلُهُ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً فَالْمَذْءُومُ الْمَعِیبُ وَ الْمَدْحُورُ الْمَقْصِیُّ أَیْ مُلْقًی فِی جَهَنَّمَ (3).

«94»- الْمَعَانِی، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ قَالَ لَیْسَ لَهُ عَلَی هَذِهِ الْعِصَابَةِ خَاصَّةً سُلْطَانٌ قَالَ قُلْتُ فَكَیْفَ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ فِیهِمْ مَا فِیهِمْ قَالَ لَیْسَ حَیْثُ تَذْهَبُ إِنَّمَا قَوْلُهُ لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ أَنْ یُحَبِّبَ إِلَیْهِمُ الْكُفْرَ وَ یُبَغِّضَ إِلَیْهِمُ الْإِیمَانَ (4).

المحاسن، و العیاشی، عن علی بن النعمان عمن ذكره عنه علیه السلام: مثله (5).

ص: 243


1- 1. فی المصدر: علی ذراریهم و اخوانهم و أخوف علیهم الضیعة.
2- 2. سبأ: 20.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 212 و الآیة فی الأعراف: 17 و 18.
4- 4. معانی الأخبار: 158 و الآیة فی الحجر: 42.
5- 5. المحاسن: 171 و تفسیر العیّاشیّ 2: 242 فی المصادر كلها: قلت: و كیف.

«95»- التَّفْسِیرُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعِیدٍ(1) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَیَّ شَیْ ءٍ یَقُولُ أَصْحَابُكَ فِی قَوْلِ إِبْلِیسَ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ وَ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ قَالَ كَذَبَ یَا إِسْحَاقُ (2) مَا خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَّا مِنْ طِینٍ ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (3) خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ النَّارِ وَ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَ الشَّجَرَةُ أَصْلُهَا مِنْ طِینٍ (4).

بیان: لعل المعنی أن الطین داخل فی طینته و إن كان النار فیه أغلب.

«96»- التَّفْسِیرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَأَنْظِرْنِی (5) إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ یَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ یَوْمٌ یَذْبَحُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی الصَّخْرَةِ الَّتِی فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ (6).

«97»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یُوسُفَ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَنْبَسَةَ مَوْلَی الرَّشِیدِ عَنْ دَارِمِ بْنِ قَبِیصَةَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْكُلُ الطَّلْعَ وَ الْجُمَّارَ(7) بِالتَّمْرِ وَ یَقُولُ إِنَّ إِبْلِیسَ لَعَنَهُ اللَّهُ یَشْتَدُّ غَضَبُهُ وَ یَقُولُ عَاشَ ابْنُ آدَمَ حَتَّی أَكَلَ الْعَتِیقَ بِالْحَدِیثِ (8).

«98»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ الْكَعْبَةِ

ص: 244


1- 1. فی المصدر: سعید بن أبی سعید.
2- 2. فی المصدر: كذب إبلیس یا إسحاق.
3- 3. یس: 80.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 573 فیه: من تلك النار.
5- 5. فی المصدر و فی المصحف: فانظرنی.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 573 و الآیات فی ص: 79- 81.
7- 7. الطلع من النخل: شی ء یخرج كانه نعلان مطبقان و الحمل بینهما منضود. و الجمار بضم الجیم و تشدید المیم: شحم النخلة.
8- 8. عیون الأخبار: 229.

فَإِذَا شَیْخٌ مُحْدَوْدِبٌ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَی عَیْنَیْهِ مِنْ شِدَّةِ الْكِبَرِ وَ فِی یَدِهِ عُكَّازَةٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ بُرْنُسٌ أَحْمَرُ وَ عَلَیْهِ مِدْرَعَةٌ مِنَ الشَّعْرِ فَدَنَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّبِیُّ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ عَلَی الْكَعْبَةِ(1) فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ لِی بِالْمَغْفِرَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خَابَ سَعْیُكَ یَا شَیْخُ وَ ضَلَّ عِلْمُكَ (2) فَلَمَّا تَوَلَّی الشَّیْخُ قَالَ لِی یَا أَبَا الْحَسَنِ أَ تَعْرِفُهُ قُلْتُ لَا(3)

قَالَ ذَلِكَ اللَّعِینُ إِبْلِیسُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَعَدَوْتُ خَلْفَهُ حَتَّی لَحِقْتُهُ وَ صَرَعْتُهُ إِلَی الْأَرْضِ وَ جَلَسْتُ عَلَی صَدْرِهِ وَ وَضَعْتُ یَدِی فِی حَلْقِهِ لِأَخْنُقَهُ فَقَالَ لِی لَا تَفْعَلْ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَإِنِّی مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وَ اللَّهِ یَا عَلِیُّ إِنِّی لَأُحِبُّكَ جِدّاً وَ مَا أَبْغَضَكَ أَحَدٌ إِلَّا شَرِكْتُ أَبَاهُ فِی أُمِّهِ فَصَارَ وَلَدَ زِنًا فَضَحِكْتُ وَ خَلَّیْتُ سَبِیلَهُ (4).

بیان: فی القاموس الحدب محركة خروج الظهر و دخول الصدر و البطن حدب و احدودب و قال العكاز عصا ذات زج و قال البرنس بالضم قلنسوة طویلة أو كل ثوب رأسه منه و قال المدرعة كمكنسة ثوب كالدراعة و لا یكون إلا من صوف.

«99»- التَّفْسِیرُ،: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَ إِنَّمَا هُوَ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (5) مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ اسْمُ الشَّیْطَانِ فِی صُدُورِ النَّاسِ (6) یُوَسْوِسُ فِیهَا وَ یُؤْیِسُهُمْ مِنَ الْخَیْرِ وَ یَعِدُهُمُ الْفَقْرَ وَ یَحْمِلُهُمْ عَلَی الْمَعَاصِی وَ الْفَوَاحِشِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ الشَّیْطانُ یَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ یَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ(7) وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَ لَهُ أُذُنَانِ عَلَی أَحَدِهِمَا مَلَكٌ مُرْشِدٌ وَ عَلَی

ص: 245


1- 1. فی المصدر: و هو مسند ظهره الی الكعبة.
2- 2. فی المصدر: عملك.
3- 3. فی المصدر: قلت: اللّٰهمّ لا.
4- 4. عیون الأخبار: 229 فیه: ولد الزنا.
5- 5. المصدر خال من قوله: و انما هو أعوذ برب الناس.
6- 6. فی المصدر: هو فی صدور الناس.
7- 7. البقرة: 286.

الْآخَرِ شَیْطَانٌ مُفْتَرٍ(1) هَذَا یَأْمُرُهُ وَ ذَا یَزْجُرُهُ كَذَلِكَ مِنَ النَّاسِ شَیْطَانٌ یَحْمِلُ النَّاسَ عَلَی الْمَعَاصِی كَمَا یَحْمِلُ الشَّیْطَانُ مِنَ الْجِنِ (2).

بیان: قوله و إنما هو لعل المراد أن ما قرأه الرسول صلی اللّٰه علیه و آله عند التعوذ بها أسقط منها كلمة قل أو ینبغی ذلك لكل من قرأها لذلك أو ینبغی إعادة تلك الفقرة ثانیة بدون قل

كَمَا رَوَی الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِذَا قَرَأْتَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَقُلْ فِی نَفْسِكَ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَ إِذَا قَرَأْتَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَقُلْ فِی نَفْسِكَ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (3).

«100»- التَّفْسِیرُ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْغَنِیِّ بْنِ سَعِیدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ یُرِیدُ الشَّیْطَانَ عَلَی قَلْبِ ابْنِ آدَمَ لَهُ خُرْطُومٌ مِثْلُ خُرْطُومِ الْخِنْزِیرِ یُوَسْوِسُ ابْنَ آدَمَ إِذَا أَقْبَلَ عَلَی الدُّنْیَا وَ مَا لَا یُحِبُّ اللَّهُ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ انْخَنَسَ یُرِیدُ رَجَعَ قَالَ اللَّهُ الَّذِی یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ یُرِیدُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ (4).

«101»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی الْجَوْزَاءِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حِینَ أَمَرَ آدَمَ أَنْ یَهْبِطَ هَبَطَ آدَمُ وَ زَوْجَتُهُ وَ هَبَطَ إِبْلِیسُ وَ لَا زَوْجَةَ لَهُ وَ هَبَطَتِ الْحَیَّةُ وَ لَا زَوْجَ لَهَا فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ یَلُوطُ بِنَفْسِهِ إِبْلِیسَ فَكَانَتْ ذُرِّیَّتُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ كَذَلِكَ الْحَیَّةُ وَ كَانَتْ ذُرِّیَّةُ آدَمَ مِنْ

ص: 246


1- 1. أی یحملهم علی الفتور و فی بعض النسخ: مفتن.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 744.
3- 3. مجمع البیان 10. 571.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 744.

زَوْجَتِهِ فَأَخْبَرَهُمَا أَنَّهُمَا عَدُوَّانِ لَهُمَا(1).

«102»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام: فِی قَوْلِ لُوطٍ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ فَقَالَ إِبْلِیسُ أَتَاهُمْ فِی صُورَةٍ حَسَنَةٍ فِیهِ تَأْنِیثٌ عَلَیْهِ ثِیَابٌ حَسَنَةٌ فَجَاءَ إِلَی شَبَابٍ مِنْهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَقَعُوا بِهِ وَ لَوْ طَلَبَ إِلَیْهِمْ أَنْ یَقَعَ بِهِمْ لَأَبَوْا عَلَیْهِ وَ لَكِنْ طَلَبَ إِلَیْهِمْ أَنْ یَقَعُوا بِهِ فَلَمَّا وَقَعُوا بِهِ الْتَذُّوهُ ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُمْ وَ تَرَكَهُمْ فَأَحَالَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ (2).

«103»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ قَالَ: سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ اسْمِ إِبْلِیسَ مَا كَانَ فِی السَّمَاءِ فَقَالَ كَانَ اسْمُهُ الْحَارِثَ وَ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ إِبْلِیسُ فَإِنَّهُ أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ (3).

«104»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: رَنَّ إِبْلِیسُ أَرْبَعَ رَنَّاتٍ أَوَّلُهُنَّ یَوْمَ لُعِنَ وَ حِینَ أُهْبِطَ إِلَی الْأَرْضِ وَ حِینَ بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حِینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَ حِینَ أُنْزِلَتْ أُمُّ الْكِتَابِ وَ نَخَرَ نَخْرَتَیْنِ حِینَ أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَ حِینَ أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ(4).

القصص، بإسناده عن الصدوق عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن یعقوب بن یزید عن ابن أبی عمیر عن جمیل بن دراج عنه علیه السلام: مثله (5)

بیان: مخالفة الرنة الرابعة لما سبق (6) لا ضیر فیها لعدم التصریح فیهما بالحصر

ص: 247


1- 1. علل الشرائع 2: 234.
2- 2. علل الشرائع: 234 و الآیة فی العنكبوت: 28.
3- 3. عیون الأخبار: 134 و 136، علل الشرائع 2: 281 و 283.
4- 4. الخصال 1: 263.
5- 5. قصص الأنبیاء: مخطوط.
6- 6. أی فی خبر قرب الإسناد لان فیه: یوم الغدیر راجع الرقم 88.

و النخیر صوت بالأنف یصات به عند الفرح و المرأة تفعله عند الجماع و لذا تكرهه بعض العرب قال فی القاموس نخر ینخر و ینخر نخیرا مد الصوت فی خیاشیمه.

«105»- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ الْفَامِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ بُطَّةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قَالَ إِبْلِیسُ خَمْسَةُ أَشْیَاءَ لَیْسَ لِی فِیهِنَّ حِیلَةٌ وَ سَائِرُ النَّاسِ فِی قَبْضَتِی مَنِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ عَنْ نِیَّةٍ صَادِقَةٍ وَ اتَّكَلَ عَلَیْهِ فِی جَمِیعِ أُمُورِهِ وَ مَنْ كَثُرَ تَسْبِیحُهُ فِی لَیْلِهِ وَ نَهَارِهِ وَ مَنْ رَضِیَ لِأَخِیهِ الْمُؤْمِنِ مَا یَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ لَمْ یَجْزَعْ عَلَی الْمُصِیبَةِ حِینَ تُصِیبُهُ وَ مَنْ رَضِیَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ وَ لَمْ یَهْتَمَّ لِرِزْقِهِ (1).

«106»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْیَشْكُرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ لَهُ مَعَ مَلِكِ الرُّومِ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ سَأَلَهُ فِیمَا سَأَلَهُ عَنْ سَبْعَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ حَیَّةُ الْجَنَّةِ وَ الْغُرَابُ الَّذِی بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَبْحَثُ فِی الْأَرْضِ وَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ (2).

«107»- وَ مِنْهُ (3)،

عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِ (4)

عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ عَطِیَّةَ أَخِی أَبِی الْعُرَامِ (5) قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْمَنْكُوحَ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ لَیْسَ

ص: 248


1- 1. الخصال 1: 285 فیه: بما یرضاه.
2- 2. الخصال 2: 353.
3- 3. هكذا فی النسخ، و لم نجد الحدیث فی الخصال و الظاهر أنّه و هم من المصنّف و صحیحه: العلل.
4- 4. فی المصدر: موسی بن جعفر[ بن الحسین] السعدآبادی.
5- 5. فی العلل: أخی أبی المغراء.

یُبْلِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَذَا الْبَلَاءِ أَحَداً وَ لَهُ فِیهِ حَاجَةٌ إِنَّ فِی أَدْبَارِهِمْ أَرْحَاماً مَنْكُوسَةً وَ حَیَاءُ أَدْبَارِهِمْ كَحَیَاءِ الْمَرْأَةِ وَ قَدْ شَرِكَ فِیهِمْ ابْنٌ لِإِبْلِیسَ یُقَالُ لَهُ زَوَالٌ فَمَنْ شَرِكَ فِیهِ مِنَ الرِّجَالِ كَانَ مَنْكُوحاً وَ مَنْ شَرِكَ فِیهِ مِنَ النِّسَاءِ كَانَ مِنَ الْمَوَارِدِ(1) الْخَبَرَ(2).

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن علی بن معبد: مثله (3) بیان الموارد المجاری و الطرق إلی الماء جمع مورد من الورود استعیر هنا للنساء الزوانی اللاتی لا یمنعن ورود وارد علیهن.

«108»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا وُلِدَ وَلِیُّ اللَّهِ خَرَجَ إِبْلِیسُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَصَرَخَ (4)

صَرْخَةً یَفْزَعُ لَهَا شَیَاطِینُهُ قَالَ فَقَالَتْ لَهُ یَا سَیِّدَنَا مَا لَكَ صَرَخْتَ هَذِهِ الصَّرْخَةَ قَالَ فَقَالَ وُلِدَ وَلِیُّ اللَّهِ قَالَ فَقَالُوا وَ مَا عَلَیْكَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ إِنَّهُ إِنْ عَاشَ حَتَّی یَبْلُغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ هَدَی اللَّهُ بِهِ قَوْماً كَثِیراً قَالَ فَقَالُوا لَهُ أَ وَ لَا تَأْذَنُ لَنَا فَنَقْتُلَهُ قَالَ لَا فَیَقُولُونَ لَهُ وَ لِمَ وَ أَنْتَ تَكْرَهُهُ قَالَ لِأَنَّ بَقَاءَنَا بِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ فَإِذَا لَمْ یَكُنْ فِی الْأَرْضِ مِنْ وَلِیٍّ قَامَتِ الْقِیَامَةُ فَصِرْنَا إِلَی النَّارِ فَمَا لَنَا نَتَعَجَّلُ إِلَی النَّارِ(5).

«109»- قِصَصُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَ كَانَ إِبْلِیسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَمْ مِنَ الْجِنِّ قَالَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَرَی أَنَّهُ مِنْهَا وَ كَانَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْهَا فَلَمَّا أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ كَانَ مِنْهُ الَّذِی كَانَ (6).

ص: 249


1- 1. فی المصدر: كانت[ عقیما خ] من المولود، و نقل عن نسخة بدل ذلك: من الموارد.
2- 2. علل الشرائع: 238 و 239.
3- 3. فروع الكافی 5: 549.
4- 4. فی المصدر: إذا ولد ولی اللّٰه صرخ إبلیس.
5- 5. علل الشرائع 2: 264 فیه: فاذا لم یكن للّٰه فی الأرض ولی.
6- 6. قصص الأنبیاء: مخطوط.

«110»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ إِبْلِیسَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَقَالَ یَا رَبِّ وَ عِزَّتِكَ إِنْ أَعْفَیْتَنِی مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ لَأَعْبُدَنَّكَ عِبَادَةً مَا عَبَدَكَ أَحَدٌ قَطُّ مِثْلَهَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ أُطَاعَ مِنْ حَیْثُ أُرِیدُ(1).

«111»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ یَزِیدَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ نُوحٌ علیه السلام إِلَی الْحِمَارِ لِیُدْخِلَهُ السَّفِینَةَ فَامْتَنَعَ عَلَیْهِ وَ كَانَ إِبْلِیسُ بَیْنَ أَرْجُلِ الْحِمَارِ فَقَالَ یَا شَیْطَانُ ادْخُلْ فَدَخَلَ الْحِمَارُ وَ دَخَلَ الشَّیْطَانُ فَقَالَ إِبْلِیسُ أُعَلِّمُكَ خَصْلَتَیْنِ فَقَالَ نُوحٌ علیه السلام لَا حَاجَةَ لِی فِی كَلَامِكَ فَقَالَ إِبْلِیسُ إِیَّاكَ وَ الْحِرْصَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ أَبَوَیْكَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ إِیَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَنِی مِنَ الْجَنَّةِ فَأَوْحَی اللَّهُ اقْبَلْهُمَا وَ إِنْ كَانَ مَلْعُوناً(2).

«112»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام قَالَ: جَاءَ إِبْلِیسُ إِلَی نُوحٍ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ لَكَ عِنْدِی یَداً عَظِیمَةً فَانْتَصِحْنِی فَإِنِّی لَا أَخُونُكَ فَتَأَثَّمَ نُوحٌ بِكَلَامِهِ وَ مُسَاءَلَتِهِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ كَلِّمْهُ وَ سَلْهُ فَإِنِّی سَأُنْطِقُهُ بِحُجَّةٍ عَلَیْهِ فَقَالَ نُوحٌ علیه السلام تَكَلَّمْ فَقَالَ إِبْلِیسُ إِذَا وَجَدْنَا ابْنَ آدَمَ شَحِیحاً(3) أَوْ حَرِیصاً أَوْ حَسُوداً أَوْ جَبَّاراً أَوْ عَجُولًا تَلَقَّفْنَاهُ تَلَقُّفَ الْكُرَةِ فَإِنِ اجْتَمَعَتْ لَنَا هَذِهِ الْأَخْلَاقُ سَمَّیْنَاهُ شَیْطَاناً مَرِیداً فَقَالَ نُوحٌ علیه السلام مَا الْیَدُ الْعَظِیمَةُ الَّتِی صَنَعْتُ قَالَ إِنَّكَ دَعَوْتَ اللَّهَ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَلْحَقْتَهُمْ فِی سَاعَةٍ بِالنَّارِ فَصِرْتُ فَارِغاً وَ لَوْ لَا دَعْوَتُكَ لَشُغِلْتُ بِهِمْ دَهْراً طَوِیلًا(4).

توضیح: الانتصاح قبول النصیحة و التأثم التحرج و الامتناع مخافة

ص: 250


1- 1. قصص الأنبیاء: مخطوط.
2- 2. قصص الأنبیاء: مخطوط.
3- 3. الشحیح: البخیل.
4- 4. قصص الأنبیاء: مخطوط.

الإثم و التلقف الأخذ بسرعة.

«113»- الْقِصَصُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی 17 ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ إِبْلِیسُ لِنُوحٍ علیه السلام لَكَ عِنْدِی یَدٌ سَأُعَلِّمُكَ خِصَالًا قَالَ نُوحٌ وَ مَا یَدِی عِنْدَكَ قَالَ دَعْوَتُكَ عَلَی قَوْمِكَ حَتَّی أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ جَمِیعاً فَإِیَّاكَ وَ الْكِبْرَ وَ إِیَّاكَ وَ الْحِرْصَ وَ إِیَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّ الْكِبْرَ هُوَ الَّذِی حَمَلَنِی عَلَی أَنْ تَرَكْتُ السُّجُودَ لِآدَمَ فَأَكْفَرَنِی وَ جَعَلَنِی شَیْطَاناً رَجِیماً وَ إِیَّاكَ وَ الْحِرْصَ فَإِنَّ آدَمَ أُبِیحَ لَهُ الْجَنَّةُ وَ نُهِیَ عَنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَحَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَی أَنْ أَكَلَ مِنْهَا وَ إِیَّاكَ وَ الْحَسَدَ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ حَسَدَ أَخَاهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ نُوحٌ علیه السلام فَأَخْبِرْنِی مَتَی تَكُونُ أَقْدَرَ عَلَی ابْنِ آدَمَ قَالَ عِنْدَ الْغَضَبِ (1).

«114»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ دُرُسْتَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْهُمْ علیهم السلام قَالَ: بَیْنَا مُوسَی علیه السلام جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِیسُ وَ عَلَیْهِ بُرْنُسٌ (2)

فَوَضَعَهُ وَ دَنَا مِنْ مُوسَی وَ سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی مَنْ أَنْتَ قَالَ إِبْلِیسُ قَالَ لَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ لِمَا ذَا الْبُرْنُسُ (3)

قَالَ اخْتَطَفْتُ (4) بِهِ قُلُوبَ بَنِی آدَمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی علیه السلام أَخْبِرْنِی بِالذَّنْبِ الَّذِی إِذَا أَذْنَبَهُ ابْنُ آدَمَ اسْتَحْوَذْتَ (5) عَلَیْهِ قَالَ ذَلِكَ إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَ اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ وَ صَغُرَ فِی نَفْسِهِ ذَنْبُهُ وَ قَالَ یَا مُوسَی (6) لَا تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَكَ (7) فَإِنَّهُ لَا یَخْلُو رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَا تَحِلُ (8) لَهُ إِلَّا كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِی وَ إِیَّاكَ أَنْ تُعَاهِدَ اللَّهَ عَهْداً فَإِنَّهُ مَا عَاهَدَ اللَّهَ أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِی حَتَّی أَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْوَفَاءِ

ص: 251


1- 1. قصص الأنبیاء: مخطوط.
2- 2. فی المجالس: برنس ذو لون فلما دنا من موسی خلع البرنس و أقبل علیه فسلم علیه.
3- 3. فی المجالس: فلا قرب اللّٰه دارك فیم جئت؟ قال: انما جئت لاسلم علیك لمكانك من اللّٰه عزّ و جلّ، فقال له موسی: فما هذا البرنس؟.
4- 4. فی النسخة المخطوطة: أختطف به.
5- 5. استحوذ علیه: غلبه و استولی علیه.
6- 6. فی المجالس: و صغر فی عینه ذنبه، ثمّ قال له: اوصیك بثلاث خصال یا موسی.
7- 7. فی المجالس: و لا تخلو بك.
8- 8. فی المجالس: و لا تخلو به.

بِهِ وَ إِذَا هَمَمْتَ بِصَدَقَةٍ فَأَمْضِهَا فَإِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِصَدَقَةٍ كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِی حَتَّی أَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا(1).

مَجَالِسُ الْمُفِیدِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ یُونُسَ عَنْ سَعْدَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ ثُمَّ وَلَّی إِبْلِیسُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا وَیْلَهُ یَا عَوْلَهُ عَلَّمْتُ مُوسَی مَا یُعَلِّمُهُ بَنِی آدَمَ (2)

وَ قَدْ أَوْرَدْنَاهُ فِی بَابِ جَوَامِعِ الْمَسَاوِی.

«115»- الْقِصَصُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ بُرَیْدٍ الْقَصْرَانِیِّ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَعِدَ عِیسَی علیه السلام عَلَی جَبَلٍ بِالشَّامِ یُقَالُ لَهُ أَرِیحَا فَأَتَاهُ إِبْلِیسُ فِی صُورَةِ مَلِكِ فِلَسْطِینَ فَقَالَ لَهُ یَا رُوحَ اللَّهِ أَحْیَیْتَ الْمَوْتَی وَ أَبْرَأْتَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ عَنِ الْجَبَلِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ ذَلِكَ أُذِنَ لِی فِیهِ وَ إِنَّ هَذَا لَمْ یُؤْذَنْ لِی فِیهِ (3).

وَ مِنْهُ، عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ إِبْلِیسُ إِلَی عِیسَی فَقَالَ أَ لَیْسَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تُحْیِی الْمَوْتَی قَالَ عِیسَی بَلَی قَالَ إِبْلِیسُ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ فَوْقِ الْحَائِطِ فَقَالَ عِیسَی علیه السلام وَیْلَكَ إِنَّ الْعَبْدَ لَا یُجَرِّبُ رَبَّهُ وَ قَالَ إِبْلِیسُ یَا عِیسَی هَلْ یَقْدِرُ رَبُّكَ عَلَی أَنْ یُدْخِلَ الْأَرْضَ فِی بَیْضَةٍ وَ الْبَیْضَةُ كَهَیْئَتِهَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی عَزَّ وَ عَلَا لَا یُوصَفُ بِالْعَجْزِ وَ الَّذِی قُلْتَ لَا یَكُونُ (4).

قَالَ الرَّاوَنْدِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ یَعْنِی هُوَ مُسْتَحِیلٌ فِی نَفْسِهِ كَجَمْعِ الضِّدَّیْنِ (5).

«116»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ وَ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَوْلُهُ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِیمَ ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ

ص: 252


1- 1. قصص الأنبیاء: مخطوط.
2- 2. مجالس المفید: 93 فیه:[ سعدان بن مسلم] و فیه. ما لا یعلمه بنی آدم.
3- 3. قصص الأنبیاء: مخطوط.
4- 4. قصص الأنبیاء: مخطوط.
5- 5. أراد علیه السّلام ان ذلك یكون لنقص القابل لا لنقص الفاعل.

أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِینَ (1) فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَا زُرَارَةُ إِنَّمَا صَمَدَ(2) لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ فَأَمَّا الْآخَرِینَ (3) فَقَدْ فَرَغَ مِنْهُمْ (4). العیاشی، عن زرارة: مثله (5).

«117»- الْمَنَاقِبُ، فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الصُّوفِیِّ: أَنَّهُ لَقِیَ إِبْلِیسَ وَ سَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مِنْ وُلْدِ آدَمَ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنْتَ مِنْ قَوْمٍ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ یُحِبُّونَ اللَّهَ وَ یَعْصُونَهُ وَ یُبْغِضُونَ إِبْلِیسَ وَ یُطِیعُونَهُ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا صَاحِبُ الْمِیسَمِ وَ الِاسْمِ الْكَبِیرِ وَ الطَّبْلِ الْعَظِیمِ وَ أَنَا قَاتِلُ هَابِیلَ وَ أَنَا الرَّاكِبُ مَعَ نُوحٍ فِی الْفُلْكِ أَنَا عَاقِرُ نَاقَةِ صَالِحٍ أَنَا صَاحِبُ نَارِ إِبْرَاهِیمَ أَنَا مُدَبِّرُ قَتْلِ یَحْیَی أَنَا مُمَكِّنُ قَوْمِ فِرْعَوْنَ مِنَ النِّیلِ أَنَا مُخَیِّلُ السِّحْرِ وَ قَائِدُهُ إِلَی مُوسَی أَنَا صَانِعُ الْعِجْلِ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَا صَاحِبُ مِنْشَارِ زَكَرِیَّا أَنَا السَّائِرُ مَعَ أَبْرَهَةَ إِلَی الْكَعْبَةِ بِالْفِیلِ أَنَا الْمُجَمِّعُ لِقِتَالِ مُحَمَّدٍ یَوْمَ أُحُدٍ وَ حُنَیْنٍ أَنَا مُلْقِی الْحَسَدِ یَوْمَ السَّقِیفَةِ فِی قُلُوبِ الْمُنَافِقِینَ أَنَا صَاحِبُ الْهَوْدَجِ یَوْمَ الْخُرَیْبَةِ(6) وَ الْبَعِیرِ أَنَا الْوَاقِفُ فِی عَسْكَرِ صِفِّینَ أَنَا الشَّامِتُ یَوْمَ كَرْبَلَاءَ بِالْمُؤْمِنِینَ أَنَا إِمَامُ الْمُنَافِقِینَ أَنَا مُهْلِكُ الْأَوَّلِینَ أَنَا مُضِلُّ الْآخِرِینَ أَنَا شَیْخُ النَّاكِثِینَ أَنَا رُكْنُ الْقَاسِطِینَ أَنَا ظِلُّ الْمَارِقِینَ أَنَا أَبُو مُرَّةَ مَخْلُوقٌ مِنْ نَارٍ لَا مِنْ طِینٍ أَنَا الَّذِی غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِ رَبُّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ الصُّوفِیُّ بِحَقِّ اللَّهِ عَلَیْكَ إِلَّا دَلَلْتَنِی عَلَی عَمَلٍ أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَی اللَّهِ وَ أَسْتَعِینُ بِهِ عَلَی نَوَائِبِ دَهْرِی فَقَالَ اقْنَعْ مِنْ دُنْیَاكَ بِالْعَفَافِ وَ الْكَفَافِ وَ اسْتَعِنْ عَلَی الْآخِرَةِ بِحُبِّ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ بُغْضِ أَعْدَائِهِ فَإِنِّی عَبَدْتُ اللَّهَ فِی سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ وَ عَصَیْتُهُ فِی سَبْعِ أَرَضِیهِ

ص: 253


1- 1. الأعراف: 16 و 17.
2- 2. فی نسخة من العیّاشیّ:[ عمد] و كلاهما بمعنی قصد.
3- 3. فی العیّاشیّ: و اما الآخرون.
4- 4. المحاسن: 171.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ 2: 9.
6- 6. فی المصدر: یوم البصرة و البعیر. أنا صاحب المواقف.

فَلَا وَجَدْتُ مَلَكاً مُقَرَّباً وَ لَا نَبِیّاً مُرْسَلًا إِلَّا وَ هُوَ یَتَقَرَّبُ بِحُبِّهِ قَالَ ثُمَّ غَابَ عَنْ بَصَرِی فَأَتَیْتُ أَبَا جَعْفَرٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ آمَنَ الْمَلْعُونُ بِلِسَانِهِ وَ كَفَرَ بِقَلْبِهِ (1).

بیان: فی القاموس الخریبة كجهینة موضع بالبصرة یسمی البصرة الصغری و المراد بالهودج ما ركبته عائشة یوم الجمل.

«118»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِیَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ إِبْلِیسَ عَبَدَ اللَّهَ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فِی رَكْعَتَیْنِ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ كَانَ إِنْظَارُ اللَّهِ إِیَّاهُ إِلَی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ بِمَا سَبَقَ مِنْ تِلْكَ الْعِبَادَةِ(2).

«119»- وَ مِنْهُ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جُمَیْعٍ مَوْلَی إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ إِبْلِیسَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِی إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ لَهُ وَهْبٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَیُّ یَوْمٍ هُوَ قَالَ یَا وَهْبُ أَ تَحْسَبُ أَنَّهُ یَوْمُ یَبْعَثُ اللَّهُ فِیهِ النَّاسَ إِنَّ اللَّهَ أَنْظَرَهُ إِلَی یَوْمِ یَبْعَثُ فِیهِ قَائِمَنَا فَإِذَا بَعَثَ اللَّهُ قَائِمَنَا كَانَ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ جَاءَ إِبْلِیسُ حَتَّی یَجْثُوَ بَیْنَ یَدَیْهِ عَلَی رُكْبَتَیْهِ فَیَقُولُ یَا وَیْلَهُ مِنْ هَذَا الْیَوْمِ فَیَأْخُذُ بِنَاصِیَتِهِ فَیَضْرِبُ عُنُقَهُ فَذَلِكَ یَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (3).

«120»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (4) وَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ أَ رَأَیْتَ قَوْلَ اللَّهِ إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ مَا تَفْسِیرُ هَذَا قَالَ قَالَ اللَّهُ إِنَّكَ لَا تَمْلِكُ أَنْ تُدْخِلَهُمْ جَنَّةً وَ لَا نَاراً(5).

بیان: كأن المعنی لا تقدر علی إجبارهم علی ما یوجب الجنة أو النار.

«121»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: و إِذا

ص: 254


1- 1. مناقب آل أبی طالب 2: 89.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 2: 241.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ 2: 242.
4- 4. ذكر الحدیث فی المصدر بالاسناد الثانی فقط، و اما الاسناد الأول فله متن آخر غیر ذلك راجعه.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ 2: 242.

قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ إِنَّهُ لَیْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ قَالَ فَقَالَ یَا بَا مُحَمَّدٍ یُسَلَّطُ وَ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی أَبْدَانِهِمْ وَ لَا یُسَلَّطُ عَلَی أَدْیَانِهِمْ قَدْ سُلِّطَ عَلَی أَیُّوبَ فَشَوَّهَ خَلْقَهُ وَ لَمْ یُسَلَّطْ عَلَی دِینِهِ قُلْتُ لَهُ قَوْلُهُ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ قَالَ الَّذِینَ هُمْ بِاللَّهِ مُشْرِكُونَ یُسَلَّطُ عَلَی أَبْدَانِهِمْ وَ عَلَی أَدْیَانِهِمْ (1).

الكافی، عن علی بن محمد عن علی بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن منصور بن یونس عن أبی بصیر: مثله (2).

«122»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ قُلْتُ كَیْفَ أَقُولُ قَالَ تَقُولُ أَسْتَعِیذُ بِالسَّمِیعِ الْعَلِیمِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ قَالَ إِنَّ الرَّجِیمَ أَخْبَثُ الشَّیَاطِینِ قُلْتُ لِمَ یُسَمَّی الرَّجِیمَ قَالَ لِأَنَّهُ یُرْجَمُ قُلْتُ فَمَا یَنْفَلِتُ مِنْهَا شَیْ ءٌ(3) قَالَ لَا قُلْتُ فَكَیْفَ سُمِّیَ الرَّجِیمَ وَ لَمْ یُرْجَمْ بَعْدُ قَالَ یَكُونُ فِی الْعِلْمِ أَنَّهُ رَجِیمٌ (4).

«123»- وَ مِنْهُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ قَالَ لَیْسَ لَهُ أَنْ یُزِیلَهُمْ عَنِ الْوَلَایَةِ فَأَمَّا الذُّنُوبُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ یَنَالُ مِنْهُمْ كَمَا یَنَالُ مِنْ غَیْرِهِمْ (5).

ص: 255


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 2: 269 و الآیة فی النحل 98- 100.
2- 2. روضة الكافی: 288 راجع متنه و اسناده. و أورد المصنّف روایة الكافی بعد ذلك راجع رقم 148.
3- 3. فی النسخة المخطوطة:[ فما یفیت منها شی ء] و فی المصدر: فانفلت منها بشی ء؟.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ 2: 270.
5- 5. تفسیر العیّاشیّ 2: 270 فیه: سألته عن قول اللّٰه: إِنَّهُ لَیْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ * إِنَّما سُلْطانُهُ

«124»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: كَانَ الْحَجَّاجُ ابْنَ شَیْطَانٍ یُبَاضِعُ ذِی الرَّدْهَةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ یُوسُفَ دَخَلَ عَلَی أُمِّ الْحَجَّاجِ فَأَرَادَ أَنْ یُصِیبَهَا فَقَالَتْ أَ لَیْسَ إِنَّمَا عَهْدُكَ بِذَلِكَ السَّاعَةَ فَأَمْسَكَ عَنْهَا فَوَلَدَتِ الْحَجَّاجَ (1).

بیان: یباضع أی یجامع و ذی الردهة نعت أو عطف بیان للشیطان إن لم یكن فی الكلام تصحیف قَالَ فِی النِّهَایَةِ، فِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ ذَكَرَ ذَا الثُّدَیَّةِ فَقَالَ شَیْطَانُ الرَّدْهَةِ.

و الردهة النقرة فی الجبل یستنقع فیها الماء و قیل الردهة قلة الرابیة و فی حدیثه و أما شیطان الردهة فقد كفیته سمعت لها وجیب قلبه قیل أراد به معاویة لما انهزم أهل الشام یوم صفین و أخلد إلی المحاكمة انتهی (2).

و قال ابن أبی الحدید و قال قوم شیطان الردهة أحد الأبالسة المردة من أعوان عدو اللّٰه إبلیس و رووا فی ذلك خبرا عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أنه كان یتعوذ منه و هذا مثل قوله هذا أزب العقبة أی شیطانها و لعل أزب العقبة هو شیطان الردهة بعینه و قال قوم إنه عفریت مارد یتصور فی صورة حیة و یكون فی الردهة(3).

«125»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَذْكُرُ: فِی حَدِیثِ غَدِیرِ خُمٍّ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام مَا قَالَ وَ أَقَامَهُ لِلنَّاسِ صَرَخَ إِبْلِیسُ صَرْخَةً فَاجْتَمَعَتْ لَهُ الْعَفَارِیتُ فَقَالُوا یَا سَیِّدَنَا مَا هَذِهِ الصَّرْخَةُ فَقَالَ وَیْلَكُمْ یَوْمُكُمْ كَیَوْمِ عِیسَی وَ اللَّهِ لَأُضِلَّنَّ فِیهِ الْخَلْقَ قَالَ فَنَزَلَ الْقُرْآنُ وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ فَصَرَخَ إِبْلِیسُ صَرْخَةً فَرَجَعَتْ إِلَیْهِ الْعَفَارِیتُ فَقَالُوا یَا سَیِّدَنَا مَا هَذِهِ الصَّرْخَةُ الْأُخْرَی فَقَالَ وَیْحَكُمْ حَكَی اللَّهُ وَ اللَّهِ كَلَامِی

ص: 256


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 2: 301. و رواه أیضا فی ص 299 بإسناده عن زرارة قال: كان یوسف أبو الحجاج صدیقا لعلی بن الحسین صلوات اللّٰه علیه و أنّه دخل علی امرأته فاراد أن یصیبها أعنی أم الحجاج قال: فقالت له: أ لیس انما عهدك بذلك الساعة، قال: فأتی علی بن الحسین فأخبره فامره أن یمسك عنها فامسك عنها فولدت بالحجاج و هو ابن شیطان ذی الردهة.
2- 2. النهایة 2: 82.
3- 3. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 2: 245 طبعة دار الكتب العربیة الكبری.

قُرْآناً وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِیقاً مِنَ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ لَأُلْحِقَنَّ الْفَرِیقَ بِالْجَمِیعِ قَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ قَالَ ثُمَّ صَرَخَ إِبْلِیسُ صَرْخَةً فَرَجَعَتْ إِلَیْهِ الْعَفَارِیتُ فَقَالُوا یَا سَیِّدَنَا مَا هَذِهِ الصَّرْخَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ وَ اللَّهِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ وَ لَكِنْ وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ یَا رَبِّ لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمُ الْمَعَاصِی حَتَّی أُبَغِّضَهُمْ إِلَیْكَ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ الَّذِی بَعَثَ بِالْحَقِّ مُحَمَّداً لَلْعَفَارِیتُ وَ الْأَبَالِسَةُ عَلَی الْمُؤْمِنِ أَكْثَرُ مِنَ الزَّنَابِیرِ عَلَی اللَّحْمِ وَ الْمُؤْمِنُ أَشَدُّ مِنَ الْجَبَلِ وَ الْجَبَلُ تَدْنُو إِلَیْهِ بِالْفَأْسِ فَتَنْحِتُ مِنْهُ وَ الْمُؤْمِنُ لَا یُسْتَقَلُّ عَنْ دِینِهِ (1).

«126»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ 17 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ: فِی قَوْلِ اللَّهِ إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ وَ كَفی بِرَبِّكَ وَكِیلًا قَالَ نَزَلَتْ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ نَحْنُ نَرْجُو أَنْ یَجْرِیَ لِمَنْ أَحَبَّ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُسْلِمِینَ (2).

«127»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِبْلِیسَ عَلَیْهِ لَعَائِنُ اللَّهِ یَبُثُّ جُنُودَ اللَّیْلِ مِنْ حِینِ تَغِیبُ الشَّمْسُ وَ تَطْلُعُ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی هَاتَیْنِ السَّاعَتَیْنِ وَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ إِبْلِیسَ وَ جُنُودِهِ وَ عَوِّذُوا صِغَارَكُمْ فِی هَاتَیْنِ السَّاعَتَیْنِ فَإِنَّهُمَا سَاعَتَا غَفْلَةٍ(3).

«128»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَابُنْدَادَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ یَحْضُرُهُ الْمَوْتُ إِلَّا وَكَّلَ بِهِ إِبْلِیسُ مِنْ شَیَاطِینِهِ مَنْ یَأْمُرُهُ بِالْكُفْرِ وَ یُشَكِّكُهُ فِی دِینِهِ حَتَّی تَخْرُجَ نَفْسُهُ فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً لَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ فَإِذَا حَضَرْتُمْ مَوْتَاكُمْ فَلَقِّنُوهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَتَّی یَمُوتَ (4).

ص: 257


1- 1. تفسیر العیّاشیّ 2: 301 و الآیات مذكورة فی صدر الباب راجع موضعها.
2- 2. تفسیر العیّاشیّ 2: 302 و 303 و الآیة فی الاسراء: 65.
3- 3. أصول الكافی 2: 522.
4- 4. الكافی 3: 123.

«129»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی قَالَ: فَلَقِّنْهُ كَلِمَاتِ الْفَرَجِ وَ الشَّهَادَتَیْنِ وَ تُسَمِّی لَهُ الْإِقْرَارَ بِالْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّی یَنْقَطِعَ عَنْهُ الْكَلَامُ (1).

«130»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ (2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَصَاعِداً إِلَّا حَضَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِثْلُهُمْ فَإِنْ دَعَوْا بِخَیْرٍ أَمَّنُوا وَ إِنِ اسْتَعَاذُوا مِنْ شَرٍّ دَعَوُا اللَّهَ لِیَصْرِفَهُ عَنْهُمْ وَ إِنْ سَأَلُوا حَاجَةً تَشَفَّعُوا إِلَی اللَّهِ وَ سَأَلُوهُ قَضَاهَا وَ مَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْجَاحِدِینَ إِلَّا حَضَرَهُمْ عَشَرَةُ أَضْعَافِهِمْ مِنَ الشَّیَاطِینِ فَإِنْ تَكَلَّمُوا تَكَلَّمَ الشَّیَاطِینُ بِنَحْوِ كَلَامِهِمْ وَ إِذَا ضَحِكُوا ضَحِكُوا مَعَهُمْ وَ إِذَا نَالُوا مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ نَالُوا مَعَهُمْ فَمَنِ ابْتُلِیَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ بِهِمْ فَإِذَا خَاضُوا فِی ذَلِكَ فَلْیَقُمْ وَ لَا یَكُنْ شِرْكَ شَیْطَانٍ وَ لَا جَلِیسَهُ فَإِنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یَقُومُ لَهُ شَیْ ءٌ وَ لَعْنَتَهُ لَا یَرُدُّهَا شَیْ ءٌ ثُمَّ قَالَ علیه السلام فَإِنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَلْیُنْكِرْ بِقَلْبِهِ وَ لْیَقُمْ وَ لَوْ حَلْبَ شَاةٍ أَوْ فُوَاقَ نَاقَةٍ(3).

بیان: الفواق كغراب بین الحلبتین من الوقت و یفتح أو ما بین فتح یدك و قبضها علی الضرع.

«131»- الْكَافِی، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْفُوظٍ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: لَیْسَ شَیْ ءٌ أَنْكَی لِإِبْلِیسَ وَ جُنُودِهِ مِنْ زِیَارَةِ الْإِخْوَانِ فِی اللَّهِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَ قَالَ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَیْنِ یَلْتَقِیَانِ فَیَذْكُرَانِ اللَّهَ ثُمَّ یَذْكُرَانِ

فَضْلَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَلَا یَبْقَی عَلَی وَجْهِ إِبْلِیسَ مُضْغَةٌ إِلَّا تَخَدَّدُ حَتَّی إِنَّ رُوحَهُ لَتَسْتَغِیثُ (4) مِنْ شِدَّةِ مَا تَجِدُ مِنَ الْأَلَمِ فَتَحُسُّ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ وَ خُزَّانُ الْجِنَانِ فَیَلْعَنُونَهُ حَتَّی لَا یَبْقَی مَلَكٌ مُقَرَّبٌ

ص: 258


1- 1. الكافی 3: 124.
2- 2. فی المصدر:[ علی بن محمّد بن سعد] و فی هامشه: فی بعض النسخ:[ محمّد بن إسماعیل] و فی بعضها: محمّد بن سعید.
3- 3. أصول الكافی 2: 187 و 188.
4- 4. فی المصدر: تستغیث من شدة ما یجد.

إِلَّا لَعَنَهُ فَیَقَعُ خَاسِئاً حَسِیراً مَدْحُوراً(1).

بیان: فی القاموس نكی العدو فیه نكایة قتل و جرح و القرحة نكاها أی قشرها قبل أن تبرأ فندیت و قال خدد لحمه و تخدد هزل و نقص و قال خسأ الكلب طرده و الحسیر الكال و المتلهف و المعیی و الدحر الطرد و الإبعاد و الدفع.

«132»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ زَكَرِیَّا الْمُؤْمِنِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اطْوُوا ثِیَابَكُمْ بِاللَّیْلِ فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ مَنْشُورَةً لَبِسَهَا الشَّیْطَانُ (2).

«133»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا یَحْسَبُونَ أَنَّ إِبْلِیسَ مِنْهُمْ وَ كَانَ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْهُمْ فَاسْتَخْرَجَ مَا فِی نَفْسِهِ بِالْحَمِیَّةِ وَ الْغَضَبِ فَقَالَ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (3).

«134»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: بَیْنَمَا مُوسَی علیه السلام جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِیسُ وَ عَلَیْهِ بُرْنُسٌ ذُو أَلْوَانٍ فَلَمَّا دَنَا مِنْ مُوسَی خَلَعَ الْبُرْنُسَ وَ قَامَ إِلَی مُوسَی فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ مُوسَی مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا إِبْلِیسُ قَالَ أَنْتَ فَلَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ قَالَ إِنِّی إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَیْكَ لِمَكَانِكَ مِنَ اللَّهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی فَمَا هَذَا الْبُرْنُسُ قَالَ بِهِ أَخْتَطِفُ قُلُوبَ بَنِی آدَمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَی فَأَخْبِرْنِی عَنِ الذَّنْبِ الَّذِی إِذَا أَذْنَبَهُ ابْنُ آدَمَ اسْتَحْوَذْتَ (4)

عَلَیْهِ قَالَ إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَ اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ وَ صَغُرَ فِی عَیْنَیْهِ ذَنْبُهُ (5).

ص: 259


1- 1. الأصول 2: 188.
2- 2. الكافی 6: 480 فیه:[ لبسها الشیطان باللیل] أقول: لعل المراد بالشیطان فی أمثال ذلك الموضع هو معنی آخر غیر ما هو المشهور، و تناسب الحكم و الموضوع فی أمثال المقام هو معنی یشبه ما یقال فی زماننا بالمیكروبات و الذرات المضرة.
3- 3. أصول الكافی 2: 308.
4- 4. خطفه: استلبه بسرعة. و استحوذ علیه: غلبه.
5- 5. أصول الكافی 2: 314.

«135»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَزَّازِ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الشَّیْطَانَ یُدَبِّرُ ابْنَ آدَمَ فِی كُلِّ شَیْ ءٍ فَإِذَا أَعْیَاهُ جَثَمَ لَهُ عِنْدَ الْمَالِ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ (1).

بیان: جثم الإنسان و الطائر لزم مكانه فلم یبرح أو وقع علی صدره.

«136»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَقُولُ إِبْلِیسُ لِجُنُودِهِ أَلْقُوا بَیْنَهُمُ الْحَسَدَ وَ الْبَغْیَ فَإِنَّهُمَا یَعْدِلَانِ (2)

عِنْدَ اللَّهِ الشِّرْكَ (3).

«137»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: بَیْتُ الشَّیْطَانِ مِنْ بُیُوتِكُمْ بُیُوتُ الْعَنْكَبُوتِ (4).

«138»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ إِغْلَاقِ الْأَبْوَابِ وَ إِیكَاءِ الْأَوَانِی وَ إِطْفَاءِ السِّرَاجِ فَقَالَ أَغْلِقْ بَابَكَ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ (5)

لَا یَكْشِفُ مُخَمَّراً یَعْنِی مُغَطًّی (6).

ص: 260


1- 1. أصول الكافی 2: 315.
2- 2. أی فی الاخراج من الدین و العقوبة و التأثیر فی فساد نظام العالم، اذا كثر المفاسد التی نشأت فی العالم من مخالفة الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و ترك طاعتهم و شیوع المعاصی انما نشأت من هذین الخصلتین.
3- 3. أصول الكافی 2: 327.
4- 4. الكافی 6: 532.
5- 5. فی المصدر: فان الشیطان لا یفتح بابا، و اطف السراج من الفویسقة و هی الفارة لا تحرق بیتك، و أوك الاناء، و روی أن الشیطان لا یكشف مخمرا یعنی مغطی.
6- 6. الكافی 6: 532 و فیه: عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زیاد عن علیّ بن أسباط عن عمه یعقوب بن سالم رفعه قال: قال أمیر المؤمنین علیه السّلام: لا تؤووا التراب خلف الباب فانه مأوی الشیاطین. الكافی 6: 531.

«139»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ قَالَ: لَا تَشْرَبْ وَ أَنْتَ قَائِمٌ وَ لَا تَبُلْ فِی مَاءٍ نَقِیعٍ وَ لَا تَطُفْ بِقَبْرٍ وَ لَا تَخْلُ فِی بَیْتٍ وَحْدَكَ وَ لَا تَمْشِ بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ(1)

فَإِنَّ الشَّیْطَانَ أَسْرَعَ مَا یَكُونُ إِلَی الْعَبْدِ إِذَا كَانَ عَلَی بَعْضِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَ قَالَ إِنَّهُ مَا أَصَابَ أَحَداً شَیْ ءٌ عَلَی هَذِهِ الْحَالِ فَكَادَ أَنْ یُفَارِقَهُ إِلَّا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (2).

بیان: لا تطف بقبر كان المعنی لا تتغوط علیه قال فی النهایة الطوف الحدث من الطعام و منه الحدیث نهی عن محدثین علی طوفهما أی عند الغائط و فی القاموس الطوف الغائط و طاف ذهب لیتغوط كاطاف علی افتعل.

«140»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِشَیْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَبَاعَدَ الشَّیْطَانُ مِنْكُمْ كَمَا تَبَاعَدَ الْمَشْرِقُ مِنَ الْمَغْرِبِ قَالُوا بَلَی قَالَ الصَّوْمُ یُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ وَ الْمُوَازَرَةُ عَلَی الْعَمَلِ الصَّالِحِ یَقْطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ یَقْطَعُ وَتِینَهُ (3).

بیان: فی النهایة یقطع دابرهم أی جمیعهم حتی لا یبقی منهم أحد و دابر القوم آخر من یبقی منهم و یجی ء فی آخرهم و قال الوتین عرق فی القلب إذا قطع مات صاحبه.

«141»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا طَلَعَ هِلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ غُلَّتْ مَرَدَةُ الشَّیَاطِینِ (4).

ص: 261


1- 1. فی المصدر: فی نعل واحد.
2- 2. الكافی 6: 534. أقول: و فی هذا الباب روایات اخری لم یذكرها المصنّف راجعه.
3- 3. الكافی 4: 62 ذیله: و لكل شی ء زكاة و زكاة الأبدان الصیام.
4- 4. الكافی 4: 67 فیه:[ قال: كان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یقبل بوجهه الی الناس فیقول: یا معشر الناس إذا طلع] و للحدیث ذیل یأتی فی كتاب الصیام.

«142»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ قَالَ: كَانَ الطَّیَّارُ یَقُولُ لِی إِبْلِیسُ لَیْسَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إِنَّمَا أُمِرَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ علیه السلام فَقَالَ إِبْلِیسُ لَا أَسْجُدُ فَمَا لِإِبْلِیسَ یَعْصِی حِینَ لَمْ یَسْجُدْ وَ لَیْسَ هُوَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ فَدَخَلْتُ أَنَا وَ هُوَ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فَأَحْسَنَ وَ اللَّهِ فِی الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ رَأَیْتَ مَا نَدَبَ اللَّهُ إِلَیْهِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ قَوْلِهِ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَ دَخَلَ فِی ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ مَعَهُمْ قَالَ نَعَمْ وَ الضُّلَّالُ وَ كُلُّ مَنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ وَ كَانَ إِبْلِیسُ مِمَّنْ أَقَرَّ بِالدَّعْوَةِ الظَّاهِرَةِ مَعَهُمْ (1).

«143»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام إِیَّاكَ أَنْ تَرْكَبَ مِیثَرَةً حَمْرَاءَ فَإِنَّهَا مِیثَرَةُ إِبْلِیسَ (2).

بیان: فی النهایة فیه أنه نهی عن میثرة الأرجوان المیثرة بالكسر مفعلة من الوثارة یقال وثر وثارة فهو وثیر أی وطی ء لین و هی من مراكب العجم تعمل من حریر أو دیباج یحشی بقطن أو صوف یجعلها الراكب تحته علی الرحال.

«144»- التَّهْذِیبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَیْسَ مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ یُوقَظُ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ

ص: 262


1- 1. أصول الكافی 2: 412 أقول: و رواه الكلینی فی كتاب الروضة: 274 بنحو آخر ذكره بإسناده عن ابی علی الأشعریّ عن محمّد بن عبد الجبار عن علیّ بن حدید عن جمیل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّٰه علیه السّلام عن إبلیس أ كان من الملائكة أم كان یلی شیئا من أمر السماء؟ فقال: لم یكن من الملائكة و لم یكن یلی شیئا من امر السماء و لا كرامة، فأتیت الطیار فاخبرته بما سمعت فانكره و قال: و كیف لا یكون من الملائكة و اللّٰه عزّ و جلّ یقول: « وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ»*؟ فدخل علیه الطیار فسأله و انا عنده فقال له: جعلت فداك رأیت قوله عزّ و جلّ:« یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا»* فی غیر مكان من مخاطبة المؤمنین أ یدخل فی هذا المنافقون؟ قال: نعم یدخل فی هذا المنافقون و الضلال و كل من اقر بالدعوة الظاهرة.
2- 2. الكافی 6: 541.

مَرَّةً أَوْ مَرَّتَیْنِ أَوْ مِرَاراً فَإِنْ قَامَ كَانَ ذَلِكَ وَ إِلَّا فَحَّجَ الشَّیْطَانُ فَبَالَ فِی أُذُنِهِ أَ وَ لَا یَرَی أَحَدُكُمْ أَنَّهُ إِذَا قَامَ وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ قَامَ وَ هُوَ مُتَخَثِّرٌ ثَقِیلٌ كَسْلَانُ (1).

توضیح: كأن بول الشیطان كنایة عن قوة استیلائه و غلبته علیه و إن احتمل الحقیقة أیضا قال فی النهایة فیه أنه بال قائما ففحج رجلیه أی فرقهما و باعد ما بینهما و الفحج تباعد ما بین الفخذین (2)

و قال فیه من نام حتی أصبح فقد بال الشیطان فی أذنه قیل معناه سخر منه و ظهر علیه حتی نام عن طاعة اللّٰه كقول الشاعر: بال سهیل فی الفضیح ففسد أی لما كان الفضیح یفسد بطلوع سهیل كان ظهوره علیه مفسدا له، وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: فَإِذَا نَامَ شَغَرَ الشَّیْطَانُ بِرِجْلِهِ فَبَالَ فِی أُذُنِهِ.

و حدیث ابن مسعود كفی بالرجل شرا أن یبول الشیطان فی أذنه و كل هذا علی سبیل المجاز و التمثیل انتهی (3).

و قال الطیبی فیه تمثیل لتثاقل نومه و عدم تنبهه بصوت المؤذن بحال من بول فی أذنه و فسد حسه.

و قال النووی قال القاضی لا یبعد حمله علی ظاهره و خص الأذن لأنها حاسة الانتباه.

«145»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِإِبْلِیسَ عَوْناً یُقَالُ لَهُ تَمْرِیحٌ إِذَا جَاءَ اللَّیْلُ مَلَأَ مَا بَیْنَ الْخَافِقَیْنِ (4).

ص: 263


1- 1. تهذیب الأحكام 2: 334 و الحدیث مرویّ أیضا فی المحاسن: 86 و فی من لا یحضره الفقیه.
2- 2. النهایة 3: 200.
3- 3. النهایة 1: 119.
4- 4. الروضة: 232. قال المصنّف: ای لاضلال الناس و اضرارهم او للوساوس فی المنام كما رواه الصدوق رحمه اللّٰه فی امالیه عن أبیه بإسناده عن ابی جعفر علیه السّلام قال: سمعته یقول: ان لابلیس شیطانا یقال له: هزع یملا المشرق و المغرب فی كل لیلة یأتی الناس فی المنام. و لعله هذا الخبر فسقط عنه بعض الكلمات فی المتن و السند و وقع فیه بعض التصحیف.

«146»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: قِیلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الَّذِی یُبَاعِدُ الشَّیْطَانَ مِنَّا قَالَ الصَّوْمُ لِلَّهِ یُسَوِّدُ وَجْهَهُ وَ الصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ وَ الْحُبُّ فِی اللَّهِ تَعَالَی وَ الْمُوَاظَبَةُ عَلَی الْعَمَلِ الصَّالِحِ یَقْطَعُ دَابِرَهُ وَ الِاسْتِغْفَارُ یَقْطَعُ وَتِینَهُ (1).

«147»- النهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّیْطَانِ حِینَ نَزَلَ الْوَحْیُ عَلَیْهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّیْطَانُ قَدْ أَیِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَی مَا أَرَی إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِیٍّ وَ لَكِنَّكَ وَزِیرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَی خَیْرٍ(2).

«148»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ یُونُسَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیمِ إِنَّهُ لَیْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَی الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَلی رَبِّهِمْ یَتَوَكَّلُونَ (3) فَقَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ یُسَلَّطُ وَ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ عَلَی بَدَنِهِ وَ لَا یُسَلَّطُ عَلَی دِینِهِ قَدْ سُلِّطَ عَلَی أَیُّوبَ علیه السلام فَشَوَّهَ خَلْقَهُ وَ لَمْ یُسَلَّطْ عَلَی دِینِهِ وَ قَدْ یُسَلَّطُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی أَبْدَانِهِمْ وَ لَا یُسَلَّطُ عَلَی دِینِهِمْ قُلْتُ لَهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ قَالَ الَّذِینَ هُمْ بِاللَّهِ مُشْرِكُونَ یُسَلَّطُ عَلَی أَبْدَانِهِمْ وَ عَلَی أَدْیَانِهِمْ (4).

تبیین: قد مر الكلام فی تفسیر الآیة و لما كانت الاستعاذة الكاملة ملزومة للإیمان الكامل باللّٰه و قدرته و علمه و كماله و الإقرار بعجز نفسه و افتقاره فی جمیع أموره إلی معونته تعالی و توكله فی كل أحواله علیه فلذا ذكر بعد الاستعاذة أنه لیس له

ص: 264


1- 1. نوادر الراوندیّ: 19.
2- 2. نهج البلاغة 1: 417.
3- 3. النحل: 98- 100.
4- 4. روضة الكافی: 288 راجع المصدر فان اسناد الحدیث فیه یخالفه و قد ذكر المصنّف الحدیث ذیل الحدیث 121.

سلطنة و استیلاء علی الذین آمنوا و علی ربهم یتوكلون فالمستعیذ به تعالی فی أمانه و حفظه إذا راعی شرائط الاستعاذة.

و قوله علیه السلام و لا یسلط علی دینه أی فی أصول عقائده أو الأعم منها و من الأعمال فإنه إذا كان علی حقیقة الإیمان و ارتكب بإغوائه بعض المعاصی فاللّٰه یوفقه للتوبة و الإنابة و یصیر ذلك سببا لمزید رفعته فی الإیمان و بعده عن وساوس الشیطان و یدل الخبر علی أن ضمیر به راجع إلی الرب كما هو الأظهر لا إلی الشیطان.

«149»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ هَذَا الْغَضَبَ جَمْرَةٌ مِنَ الشَّیْطَانِ تُوقَدُ فِی قَلْبِ ابْنِ آدَمَ وَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا غَضِبَ احْمَرَّتْ عَیْنَاهُ وَ انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ دَخَلَ الشَّیْطَانُ فِیهِ فَإِذَا خَافَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ فَلْیَلْزَمِ الْأَرْضَ فَإِنَّ رِجْزَ الشَّیْطَانِ لَیَذْهَبُ عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ (1).

«150»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ، قَالَ وَهْبُ (2)

بْنُ الْوَرْدِ: بَلَغَنَا أَنَّ إِبْلِیسَ تَمَثَّلَ لِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَنْصَحُكَ فَقَالَ لَا أُرِیدُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَخْبِرْنِی عَنْ بَنِی آدَمَ فَقَالَ هُمْ عِنْدَنَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ الْأَصْنَافِ عِنْدَنَا نُقْبِلُ عَلَی أَحَدِهِمْ حَتَّی نَفْتِنَهُ فِی دِینِهِ وَ نَسْتَمْكِنَ (3) مِنْهُ فَیَفْزَعُ إِلَی الِاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ فَیُفْسِدُ عَلَیْنَا كُلَّ شَیْ ءٍ نُصِیبُهُ مِنْهُ ثُمَّ نَعُودُ إِلَیْهِ فَیَعُودُ إِلَی الِاسْتِغْفَارِ وَ التَّوْبَةِ فَلَا نَیْأَسُ مِنْهُ وَ لَا نَحْنُ نُدْرِكُ مِنْهُ حَاجَتَنَا فَنَحْنُ مَعَهُ فِی عَنَاءٍ وَ صِنْفٌ (4) هُمْ فِی أَیْدِینَا بِمَنْزِلَةِ الْكُرَةِ فِی أَیْدِی صِبْیَانِكُمْ نَتَلَقَّفُهُمْ كَیْفَ شِئْنَا قَدْ كُفِینَا مَئُونَةَ أَنْفُسِهِمْ وَ صِنْفٌ مِنْهُمْ مِثْلُكَ مَعْصُومُونَ لَا نَقْدِرُ مِنْهُمْ عَلَی شَیْ ءٍ(5).

ص: 265


1- 1. أصول الكافی 2: 304 و 305.
2- 2. فی المصدر: وهیب بن الورد.
3- 3. فی المصدر: و نتمكن منه.
4- 4. فی المصدر: و صنف منهم.
5- 5. حیاة الحیوان: باب الخاء الخشاش.

«151»- الْمُتَهَجِّدُ، عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْعَلَوِیِ (1) عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ: أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام كَتَبَ هَذِهِ الْعُوذَةَ لِابْنِهِ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام وَ سَاقَ الدُّعَاءَ الطَّوِیلَ إِلَی قَوْلِهِ أَمْتَنِعُ مِنْ شَیَاطِینِ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ مِنْ رَجِلِهِمْ وَ خَیْلِهِمْ وَ رَكْضِهِمْ وَ عَطْفِهِمْ وَ رَجْعَتِهِمْ وَ كَیْدِهِمْ وَ شَرِّهِمْ وَ شَرِّ مَا یَأْتُونَ بِهِ تَحْتَ اللَّیْلِ وَ تَحْتَ النَّهَارِ مِنَ الْبُعْدِ وَ الْقُرْبِ وَ مِنْ شَرِّ الْغَائِبِ وَ الْحَاضِرِ إِلَی قَوْلِهِ وَ مِنْ شَرِّ الدَّنَاهِشِ وَ الْحِسِّ وَ اللَّمْسِ وَ اللُّبْسِ (2) وَ مِنْ عَیْنِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ (3) وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ صُورَةٍ وَ خِیَالٍ أَوْ بَیَاضٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ مِثَالٍ (4)

أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ غَیْرِ مُعَاهَدٍ مِمَّنْ یَسْكُنُ (5)

الْهَوَاءَ وَ السَّحَابَ وَ الظُّلُمَاتِ وَ النُّورَ وَ الظِّلَّ وَ الْحَرُورَ وَ الْبَرَّ وَ الْبُحُورَ وَ السَّهْلَ وَ الْوُعُورَ وَ الْخَرَابَ وَ الْعُمْرَانَ وَ الْآكَامَ وَ الْآجَامَ وَ الْمَغَایِضَ وَ الْكَنَائِسَ وَ النَّوَاوِیسَ وَ الْفَلَوَاتِ وَ الْجَبَّانَاتِ مِنَ الصَّادِرِینَ وَ الْوَارِدِینَ مِمَّنْ یَبْدُو بِاللَّیْلِ وَ یَنْتَشِرُ(6)

بِالنَّهَارِ وَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْكَارِ وَ الْغُدُوِّ وَ الْآصَالِ وَ الْمُرِیبِینَ وَ الْأَسَامِرَةِ وَ الْأَفَاتِرَةِ(7)

وَ ابْنِ فِطْرَةٍ(8) وَ الْفَرَاعِنَةِ وَ الْأَبَالِسَةِ وَ مِنْ جُنُودِهِمْ وَ أَزْوَاجِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ وَ قَبَائِلِهِمْ وَ مِنْ هَمْزِهِمْ وَ

لَمْزِهِمْ وَ نَفْثِهِمْ وَ وِقَاعِهِمْ وَ أَخْذِهِمْ وَ سِحْرِهِمْ وَ ضَرْبِهِمْ وَ عَیْنِهِمْ (9) وَ لَمْحِهِمْ وَ احْتِیَالِهِمْ وَ إِحْلَافِهِمْ (10) وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِی شَرٍّ مِنَ السَّحَرَةِ وَ الْغِیلَانِ وَ أُمِّ الصِّبْیَانِ

ص: 266


1- 1. فی المصدر: قال حدّثنا ابی قال: حدّثنی عبد العظیم.
2- 2. الموجود فی المصدر:[ اللمس] فقط، و جعل[ اللبس] فی هامش الكتاب بدله.
3- 3. اسقط المصنّف هنا جملة و هی: و بالاسم الذی اهتز به عرش بلقیس، و اعیذ دینی و نفسی و جمیع ما تحوطه عنایتی.
4- 4. فی هامش المصدر: تمثال خ.
5- 5. فی هامش المصدر: سكن خ.
6- 6. فی المصدر:[ ینشر] و فی هامشه: ینتشر خ.
7- 7. فی المصدر:[ و الافاتنة] و فی هامشه: و الافاترة.
8- 8. هكذا فی المطبوع، و النسخة المخطوطة و المصدر خالیتان عنه، و الظاهر أنّه من زیادة النسّاخ.
9- 9. فی المصدر:[ و عبثهم] و فی هامشه: و عینهم خ.
10- 10. فی المصدر:[ و اخلافهم] و فی هامشه: و اخلاقهم خ.

وَ مَا وَلَدُوا(1)

وَ مَا وَرَدُوا إِلَی آخِرِ الدُّعَاءِ(2).

توضیح: قال الكفعمی رحمه اللّٰه الدناهش جنس من أجناس الجن و الحس الصوت الخفی و برد یحرق الكلاء و القتل و التمثال الصورة و المعاهد الذی حصل منه الأمان و الآكام جمع أكمة و هی الرابیة و الآجام جمع أجمة و هی منبت الشجر و القصب الملتف و المغایض جمع مغیضة و هی الأجمة و كنائس الیهود معروفة.

و النواویس مقابر النصاری و المریبین الذین یأتون بالریبة و التهمة و الأسامرة الذین یتحدثون باللیل و الأفاترة الأبالسة و ابن فطرة حیة خبیثة.

و الفراعنة العتاة و الأبالسة هم الشیاطین و هم ذكور و إناث یتوالدون و لا یموتون و یخلدون فی الدنیا كما خلد إبلیس و إبلیس هو أبو الجن و الجن ذكور و إناث و یتوالدون و یموتون و أما الجان فهو أبو الجن و قیل هو إبلیس و قیل إنه مسخ الجن كما أن القردة و الخنازیر مسخ الإنس و الكل خلقوا قبل آدم علیه السلام و العرب تنزل الجن مراتب فإذا ذكروا الجنس قالوا جن فإن أرادوا أنه یسكن مع الناس قالوا عامر و الجمع عمار فإن كانوا ممن یتعرض للصبیان قالوا أرواح فإن خبث فهو شیطان فإن زاد علی ذلك قالوا مارد فإن زاد علی القوة قالوا عفریت

وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْجِنَّ خَمْسَةَ أَصْنَافٍ صِنْفٌ كَالرِّیحِ فِی الْهَوَاءِ وَ صِنْفٌ حَیَّاتٌ وَ صِنْفٌ عَقَارِبُ وَ صِنْفٌ حَشَرَاتُ الْأَرْضِ وَ صِنْفٌ كَبَنِی آدَمَ عَلَیْهِمُ الْحِسَابُ وَ الْعِقَابُ.

و الغیلان سحرة الجن و أم الصبیان ریح تعرض لهم.

أقول: و سیأتی الدعاء بتمامه مشروحا فی كتاب الدعاء إن شاء اللّٰه.

«152»- الْفَقِیهُ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِذَا تَغَوَّلَتْ بِكُمُ الْغُولُ فَأَذِّنُوا(3).

«153»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عُبَیْدِ بْنِ یَحْیَی بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ (4)

عَنْ سَلَّامٍ

ص: 267


1- 1. لم یذكر فی المصدر قوله: و ما ولدوا.
2- 2. مصباح المتهجد: 340 و 341.
3- 3. من لا یحضره الفقیه 1. 195 فیه: تغولت لكم.
4- 4. فی المصدر: سهل بن سنان.

الْمَدَائِنِیِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا تَغَوَّلَتْ بِكُمُ الْغِیلَانُ فَأَذِّنُوا بِأَذَانِ الصَّلَاةِ.

بیان: قال الشهید رحمه اللّٰه فی الذكری

فِی الْجَعْفَرِیَّاتِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا تَغَوَّلَتْ (1) بِكُمُ الْغِیلَانُ فَأَذِّنُوا بِأَذَانِ الصَّلَاةِ(2).

و رواه العامة و فسره الهروی بأن العرب تقول إن الغیلان فی الفلوات تراءی للناس تتغول تغولا أی تتلون تلونا فتضلهم عن الطریق و تهلكهم و روی فی الحدیث لا غول و فیه إبطال لكلام العرب فیمكن أن یكون الأذان لدفع الخیال الذی یحصل فی الفلوات و إن لم تكن له حقیقة و فی مضمر سلیمان الجعفری سمعته یقول أذن فی بیتك فإنه یطرد الشیطان و یستحب من أجل الصبیان و هذا یمكن حمله علی أذان الصلاة(3).

و فی النهایة فیه لا غول و لا صفر الغول أحد الغیلان و هی جنس من الجن و الشیاطین و كانت العرب تزعم أن الغول تتراءی للناس فتتغول تغولا أی تتلون تلونا فی صور شتی و تغولهم أی تضلهم عن الطریق و تهلكهم فنفاه النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أبطله و قیل قوله لا غول لیس نفیا لعین الغول و وجوده و إنما فیه إبطال مزعم العرب و تلونه بالصور المختلفة و اغتیاله فیكون المعنی بقوله و لا غول أنها لا تستطیع أن تضل أحدا و یشهد له الحدیث الآخر لا غول و لكن السعالی السعالی سحرة الجن أی و لكن فی الجن سحرة لهم تلبیس و تخییل و منه الحدیث إذا تغولت الغیلان فبادروا بالأذان أی ادفعوا شرها بذكر اللّٰه تعالی و هذا یدل علی أنه لم یرد بنفیها عدمها.

«154»- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الشَّیْطَانَ یَجْرِی مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَی الدَّمِ (4)

ص: 268


1- 1. فی المصدر: تغولت لكم.
2- 2. المحاسن: 49.
3- 3. الذكری: 175.
4- 4. لم نجد الحدیث فی النسخة المطبوعة من الشهاب المنضمة مع كتاب البیان للشهید و لیست عندی طبعة اخری و لعلّ النسخة كانت سقیمة.

الضَّوْءُ الشَّیْطَانُ فَیْعَالٌ مِنْ شَطَنَ إِذَا تَبَاعَدَ فَكَأَنَّهُ یَتَبَاعَدُ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قِیلَ إِنَّهُ فَعْلَانُ مِنْ شَاطَ یَشِیطُ إِذَا احْتَرَقَ غَضَباً لِأَنَّهُ یَحْتَرِقُ وَ یَغْضَبُ إِذَا أَطَاعَ الْعَبْدُ فَیَقُولُ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الشَّیْطَانَ لَا یَزَالُ یُرَاقِبُ الْعَبْدَ وَ یُوَسْوِسُ إِلَیْهِ فِی نَوْمِهِ وَ یَقَظَتِهِ وَ هُوَ جِسْمٌ لَطِیفٌ هَوَائِیٌّ یُمْكِنُهُ أَنْ یَصِلَ إِلَی ذَلِكَ وَ الْإِنْسَانُ غَاوٍ غَافِلٌ فَیُوصِلُ كَلَامَهُ وَ وَسْوَاسَهُ إِلَی بَاطِنِ أُذُنِهِ فَیَصِیرُ إِلَی قَلْبِهِ وَ اللَّهُ تَعَالَی هُوَ الْعَالِمُ بِكَیْفِیَّةِ ذَلِكَ فَأَمَّا وَسْوَاسُهُ فَلَا شَكَّ فِیهِ وَ الشَّیْطَانُ هُنَا اسْمُ جِنْسٍ وَ لَا یُرِیدُ بِهِ إِبْلِیسَ فَحَسْبُ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ أَوْلَاداً وَ أَعْوَاناً وَ ذِكْرُ جَرَیَانِهِ مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَی الدَّمِ مَثَلٌ وَ لَا یَعْنِی بِهِ أَنَّهُ یَدْخُلُ عُرُوقَهُ وَ أَوْرَادَهُ وَ تَجَاوِیفَ أَعْضَائِهِ بَلِ الْمَعْنَی أَنَّهُ لَا یُزَایِلُهُ كَمَا یُقَالُ فُلَانٌ یُلَازِمُنِی مُلَازَمَةَ الظِّلِّ وَ مُلَازَمَةَ الْحَفِیظَیْنِ وَ مُلَازَمَةَ الرُّوحِ الْجَسَدَ وَ مُلَازَمَةَ الْقَرْنِ الشَّاةَ إِلَی غَیْرِ ذَلِكَ وَ كَلَامُ الْعَرَبِ إِشَارَاتٌ وَ تَلْوِیحَاتٌ وَ الْكَلَامُ إِذَا ذَهَبَ عَنْهُ الْمَجَازُ وَ الِاسْتِعَارَةُ زَالَتْ طَلَاوَتُهُ (1)

وَ فَارَقَهُ رَوْنَقُهُ وَ بَقِیَ مَغْسُولًا وَ كَانَ سَیِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ وَ فِی كَلَامِ بَعْضِهِمْ احْتَرِسْ مِنَ الشَّیْطَانِ فَإِنَّهُ عَدُوٌّ مُبِینٌ یَرَاكَ وَ لَا تَرَاهُ وَ یَكِیدُكَ وَ أَنْتَ لَا تَعْلَمُ وَ هُوَ قَدِیمٌ وَ أَنْتَ حَدِیثٌ وَ أَنْتَ سَلِیمُ الصَّدْرِ وَ هُوَ خَبِیثٌ وَ فَائِدَةُ الْحَدِیثِ إِعْلَامُ أَنَّ الشَّیْطَانَ یُلَازِمُكَ وَ یُرَاصِدُكَ مِنْ حَیْثُ لَا تَعْلَمُ فَعَلَیْكَ بِالاحْتِرَازِ مِنْهُ وَ التَّوَقِّی مِنْ مَكْرِهِ وَ كَیْدِهِ وَ وَسْوَسَتِهِ وَ الرَّاوِی أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ (2).

«155»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطِیَّةَ أَبِی الْعُرَامِ (3) قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الْمَنْكُوحَ مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ لَیْسَ یُبْلِی اللَّهُ بِهَذَا الْبَلَاءِ أَحَداً وَ لَهُ فِیهِ حَاجَةٌ إِنَّ فِی أَدْبَارِهِمْ أَرْحَاماً مَنْكُوسَةً وَ حَیَاءُ(4) أَدْبَارِهِمْ كَحَیَاءِ الْمَرْأَةِ قَدْ شَرِكَ فِیهِمُ ابْنٌ لِإِبْلِیسَ یُقَالُ لَهُ زَوَالٌ فَمَنْ شَرِكَ فِیهِ مِنَ الرِّجَالِ كَانَ مَنْكُوحاً وَ مَنْ شَارَكَ فِیهِ مِنَ النِّسَاءِ كَانَتْ مِنَ الْمَوَارِدِ

ص: 269


1- 1. الطلاوة: الحسن و البهجة.
2- 2. كتاب الضوء: لم نجد نسخته.
3- 3. رواه الكلینی بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن علیّ بن معبد عن عبد اللّٰه الدهقان عن درست بن أبی منصور عن عطیة أخی أبی العرام.
4- 4. الحیاء: فرج المرأة.

وَ الْعَامِلُ عَلَی هَذَا مِنَ الرِّجَالِ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً لَمْ یَتْرُكْهُ (1) الْخَبَرَ.

«156»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ جَعْفَرٍ(2) قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَوْ أَبَا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَنِ الْمَرْأَةِ تُسَاحِقُ الْمَرْأَةَ وَ كَانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ فَقَالَ مَلْعُونَةٌ مَلْعُونَةٌ الرَّاكِبَةُ وَ الْمَرْكُوبَةُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ لَاقِیسَ بِنْتَ إِبْلِیسَ مَا ذَا جَاءَتْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ هَذَا مَا جَاءَ بِهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلَ أَنْ یَكُونَ الْعِرَاقُ (3) الْخَبَرَ.

«157»- نَوَادِرُ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَابِدٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَقَالَ إِبْلِیسُ لِجُنْدِهِ مَنْ لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ غَمَّنِی فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَا لَهُ فَقَالَ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ قَالَ أُزَیِّنُ لَهُ الدُّنْیَا قَالَ لَسْتَ بِصَاحِبِهِ

قَالَ الْآخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ قَالَ فِی النِّسَاءِ قَالَ لَسْتَ بِصَاحِبِهِ قَالَ الثَّالِثُ أَنَا لَهُ قَالَ فِی أَیِّ شَیْ ءٍ قَالَ فِی عِبَادَتِهِ قَالَ أَنْتَ لَهُ (4)

فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّیْلُ طَرَقَهُ فَقَالَ ضَیْفٌ فَأَدْخَلَهُ فَمَكَثَ لَیْلَتَهُ یُصَلِّی حَتَّی أَصْبَحَ فَمَكَثَ ثَلَاثاً یُصَلِّی وَ لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ مِثْلَكَ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ شَیْئاً مِنَ الذُّنُوبِ وَ أَنْتَ ضَعِیفُ الْعِبَادَةِ قَالَ وَ مَا الذُّنُوبُ الَّتِی أُصِیبُهَا قَالَ خُذْ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَتَأْتِیَ فُلَانَةَ الْبَغِیَّةَ فَتُعْطِیَهَا دِرْهَماً لِلَّحْمِ وَ دِرْهَماً لِلشَّرَابِ وَ دِرْهَماً لِطِیبِهَا وَ دِرْهَماً لَهَا فَتَقْضِیَ حَاجَتَكَ مِنْهَا قَالَ فَنَزَلَ وَ أَخَذَ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَأَتَی بَابَهَا فَقَالَ یَا فُلَانَةُ یَا فُلَانَةُ فَخَرَجَتْ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ مَفْتُونٌ وَ اللَّهِ مَفْتُونٌ وَ اللَّهِ قَالَتْ لَهُ مَا تُرِیدُ قَالَ خُذِی أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ فَهَیِّئِی لِی طَعَاماً وَ شَرَاباً وَ طِیباً وَ تَعَالَیْ حَتَّی آتِیَكِ فَذَهَبَتْ فَدَارَتْ فَإِذَا هِیَ بِقِطْعَةٍ مِنْ حِمَارٍ مَیِّتٍ

ص: 270


1- 1. الكافی 5: 549. و الحدیث له ذیل راجعه.
2- 2. رواه الكلینی بإسناده عن علیّ بن إبراهیم عن أبیه عن علیّ بن القاسم عن جعفر بن محمّد عن الحسین بن زیاد عن یعقوب بن جعفر.
3- 3. الكافی 5: 552، و للحدیث قطعات اخری لم یذكرها المصنّف هاهنا.
4- 4. فی المصدر: انت له انت له.

فَأَخَذَتْهُ ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَی بَوْلٍ عَتِیقٍ فَجَعَلَتْهُ فِی كُوزٍ ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ إِلَیْهِ فَقَالَ هَذَا طَعَامُكِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ وَ هَذَا شَرَابُكِ فَلَا حَاجَةَ لِی فِیهِ اذْهَبِی فَتَهَیَّئِی فَتَقَذَّرَتْ جَهْدَهَا ثُمَّ جَاءَتْهُ فَلَمَّا شَمَّهَا قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیكِ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ كُتِبَ عَلَی بَابِهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِفُلَانَةَ الْبَغِیَّةِ بِفُلَانٍ الْعَابِدِ(1).

«158»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَلَا فَاذْكُرُوا یَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مُحَمَّداً وَ آلَهُ عِنْدَ نَوَائِبِكُمْ وَ شَدَائِدِكُمْ لَیَنْصُرُ اللَّهُ بِهِمْ مَلَائِكَتَكُمْ عَلَی الشَّیَاطِینِ الَّذِینَ یَقْصِدُونَكُمْ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَعَهُ مَلَكٌ عَنْ یَمِینِهِ یَكْتُبُ حَسَنَاتِهِ وَ مَلَكٌ عَنْ یَسَارِهِ یَكْتُبُ سَیِّئَاتِهِ وَ مَعَهُ شَیْطَانَانِ مِنْ عِنْدِ إِبْلِیسَ یُغْوِیَانِهِ فَإِذَا وَسْوَسَا فِی قَلْبِهِ ذَكَرَ اللَّهَ وَ قَالَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ حُبِسَ (2)

الشَّیْطَانَانِ ثُمَّ سَارَ إِلَی إِبْلِیسَ فَشَكَوَاهُ وَ قَالا لَهُ قَدْ أَعْیَانَا أَمْرُهُ فَأَمْدِدْنَا بِالْمَرَدَةِ فَلَا یَزَالُ یُمِدُّهُمَا(3)

حَتَّی یُمِدَّهُمَا بِأَلْفِ مَارِدٍ فَیَأْتُونَهُ فَكُلَّمَا رَامُوهُ ذَكَرَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ لَمْ یَجِدُوا عَلَیْهِ طَرِیقاً وَ لَا مَنْفَذاً قَالُوا لِإِبْلِیسَ لَیْسَ لَهُ غَیْرُكَ تُبَاشِرُهُ بِجُنُودِكَ فَتَغْلِبُهُ وَ تُغْوِیهِ فَیَقْصِدُهُ إِبْلِیسُ بِجُنُودِهِ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی لِلْمَلَائِكَةِ هَذَا إِبْلِیسُ قَدْ قَصَدَ عَبْدِی فُلَاناً أَوْ أَمَتِی فُلَانَةَ بِجُنُودِهِ أَلَا فَقَاتِلُوهُ (4)

فَیُقَاتِلَهُمْ بِإِزَاءِ كُلِّ شَیْطَانٍ رَجِیمٍ مِنْهُمْ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ وَ هُمْ عَلَی أَفْرَاسٍ مِنْ نَارٍ بِأَیْدِیهِمْ سُیُوفٌ مِنْ نَارٍ وَ رِمَاحٌ مِنْ نَارٍ وَ قِسِیٌّ وَ نَشَاشِیبُ وَ سَكَاكِینُ وَ أَسْلِحَتُهُمْ مِنْ نَارٍ(5) فَلَا یَزَالُونَ یُخْرِجُونَهُمْ وَ یَقْتُلُونَهُمْ بِهَا وَ یَأْسِرُونَ إِبْلِیسَ فَیَضَعُونَ عَلَیْهِ تِلْكَ الْأَسْلِحَةَ فَیَقُولُ یَا رَبِّ وَعْدَكَ وَعْدَكَ قَدْ أَجَّلْتَنِی إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ فَیَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی لِلْمَلَائِكَةِ وَعَدْتُهُ أَنْ لَا أُمِیتَهُ وَ لَمْ

ص: 271


1- 1. نوادر علیّ بن أسباط: 127.
2- 2. فی المصدر: خنس الشیطانان.
3- 3. فی المصدر: فلا یزال یمدهما بالمردة.
4- 4. فی المصدر: فقاتلوهم.
5- 5. فی المصدر: و اسلحة من نار.

أَعِدْهُ أَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَیْهِ السِّلَاحَ وَ الْعَذَابَ وَ الْآلَامَ اشْتَفُوا(1)

مِنْهُ ضَرْباً بِأَسْلِحَتِكُمْ فَإِنِّی لَا أُمِیتُهُ فَیُثْخِنُونَهُ بِالْجِرَاحَاتِ ثُمَّ یَدْعُونَهُ فَلَا یَزَالُ سَخِینَ الْعَیْنِ عَلَی نَفْسِهِ وَ أَوْلَادِهِ الْمَقْتُولِینَ الْمُقْتَلِینَ (2)

وَ لَا یَنْدَمِلُ شَیْ ءٌ مِنْ جِرَاحَاتِهِ إِلَّا بِسِمَاعِهِ أَصْوَاتِ الْمُشْرِكِینَ بِكُفْرِهِمْ فَإِنْ بَقِیَ هَذَا الْمُؤْمِنُ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ ذِكْرِهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ بَقِیَ إِبْلِیسُ عَلَی تِلْكَ الْجِرَاحَاتِ (3) وَ إِنْ زَالَ الْعَبْدُ عَنْ ذَلِكَ وَ انْهَمَكَ فِی مُخَالَفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعَاصِیهِ انْدَمَلَتْ جِرَاحَاتُ إِبْلِیسَ ثُمَّ قَوِیَ عَلَی ذَلِكَ الْعَبْدِ حَتَّی یُلْجِمَهُ وَ یُسْرِجَ عَلَی ظَهْرِهِ وَ یَرْكَبَهُ ثُمَّ یَنْزِلَ عَنْهُ وَ یُرْكِبَ ظَهْرَهُ شَیْطَاناً مِنْ شَیَاطِینِهِ وَ یَقُولَ لِأَصْحَابِهِ أَ مَا تَذْكُرُونَ مَا أَصَابَنَا مِنْ شَأْنِ هَذَا ذَلَّ وَ انْقَادَ لَنَا الْآنَ حَتَّی صَارَ یَرْكَبُهُ هَذَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تُدِیمُوا عَلَی إِبْلِیسَ سُخْنَةَ عَیْنِهِ (4)

وَ أَلَمَ جِرَاحَاتِهِ فَدَاوِمُوا عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ ذِكْرِهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ إِنْ زِلْتُمْ عَنْ ذَلِكَ كُنْتُمْ أُسَرَاءَ فَیَرْكَبُ أَقْفِیَتَكُمْ بَعْضُ مَرَدَتِهِ (5).

بیان: النشاشیب جمع النشاب بالضم و التشدید و هو النبل و قال الجوهری سخنة العین نقیض قرتها و قد سخنت عینه بالكسر فهو سخین العین و أسخن اللّٰه عینه أی أبكاه و المقتلین علی بناء المفعول من باب الإفعال أی المعرضین للقتل أو التفعیل تأكیدا لبیان كثرة مقتولیهم.

قال الجوهری أقتلت فلانا عرضته للقتل و قتلوا تقتیلا شدد للكثرة.

«159»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام: الشَّیْطَانُ هُوَ الْبَعِیدُ مِنْ كُلِّ خَیْرٍ الرَّجِیمُ الْمَرْجُومُ بِاللَّعْنِ الْمَطْرُودُ مِنْ بِقَاعِ الْخَیْرِ(6).

ص: 272


1- 1. فی نسخة من المصدر: استبقوا.
2- 2. المصدر خال عن قوله: مقتلین.
3- 3. فی المصدر: بقی علی إبلیس تلك الجراحات.
4- 4. فی المصدر: من سخنة عینه.
5- 5. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السّلام: 159 و 160.
6- 6. التفسیر المنسوب الی الامام العسكریّ علیه السّلام: 5.

«160»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَمَّا نَدَبَ اللَّهُ الْخَلْقَ إِلَیْهِ أَ دَخَلَ فِیهِ الضُّلَّالُ قَالَ نَعَمْ وَ الْكَافِرُونَ دَخَلُوا فِیهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَدَخَلَ فِی أَمْرِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ إِبْلِیسُ فَإِنَّ إِبْلِیسَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِی السَّمَاءِ یَعْبُدُ اللَّهَ وَ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ أَخْرَجَ مَا كَانَ فِی قَلْبِ إِبْلِیسَ مِنَ الْحَسَدِ فَعَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ إِبْلِیسَ لَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ فَقِیلَ لَهُ علیه السلام فَكَیْفَ وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَی إِبْلِیسَ وَ إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَقَالَ كَانَ إِبْلِیسُ مِنْهُمْ بِالْوَلَاءِ وَ لَمْ یَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ

اللَّهَ خَلَقَ خَلْقاً قَبْلَ آدَمَ وَ كَانَ إِبْلِیسُ فِیهِمْ حَاكِماً فِی الْأَرْضِ فَعَتَوْا وَ أَفْسَدُوا وَ سَفَكُوا الدِّمَاءَ فَبَعَثَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَقَتَلُوهُمْ وَ أَسَرُوا إِبْلِیسَ وَ رَفَعُوهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ كَانَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ یَعْبُدُ اللَّهَ إِلَی أَنْ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ (1).

«161»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ ثَابِتٍ الْحَذَّاءِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَرَادَ أَنْ یَخْلُقَ خَلْقاً بِیَدِهِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا مَضَی مِنَ الْجِنِّ وَ النَّسْنَاسِ فِی الْأَرْضِ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ تَعَالَی إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَخْلُقَ خَلْقاً بِیَدِی وَ أَجْعَلَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ أَنْبِیَاءَ وَ مُرْسَلِینَ وَ عِبَاداً صَالِحِینَ وَ أَئِمَّةً مُهْتَدِینَ وَ أَجْعَلَهُمْ خُلَفَاءَ عَلَی خَلْقِی فِی أَرْضِی (2)

وَ أُبِیدَ النَّسْنَاسَ مِنْ أَرْضِی وَ أُطَهِّرَهَا مِنْهُمْ وَ أَنْقُلَ مَرَدَةَ الْجِنِّ الْعُصَاةَ مِنْ بَرِیَّتِی وَ خَلْقِی وَ خِیَرَتِی وَ أُسْكِنَهُمْ فِی الْهَوَاءِ وَ فِی أَقْطَارِ الْأَرْضِ فَلَا یُجَاوِرُونَ نَسْلَ خَلْقِی وَ أَجْعَلَ بَیْنَ الْجِنِّ وَ بَیْنَ خَلْقِی حِجَاباً فَلَا یَرَی نَسْلُ خَلْقِی الْجِنَّ وَ لَا یُجَالِسُونَهُمْ وَ لَا یُخَالِطُونَهُمْ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فَبَقِیَ

ص: 273


1- 1. تفسیر القمّیّ: 32.
2- 2. أسقط المصنّف هنا من الحدیث من دون إشارة و هو: ینهونهم عن معصیتی و ینذرونهم من عذابی و یهدونهم الی طاعتی و یسلكون بهم طریق سبیلی و أجعلهم لی حجة عذرا و نذرا و ابید.

أَرْبَعِینَ سَنَةً مُصَوَّراً فَكَانَ یَمُرُّ بِهِ إِبْلِیسُ اللَّعِینُ فَیَقُولُ لِأَمْرٍ مَا خُلِقْتَ فَقَالَ الْعَالِمُ علیه السّلام فَقَالَ إِبْلِیسُ لَئِنْ أَمَرَنِیَ اللَّهُ بِالسُّجُودِ لِهَذَا لَعَصَیْتُهُ (1) ثُمَّ نَفَخَ فِیهِ (2)

ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ (3) فَأَخْرَجَ إِبْلِیسُ مَا كَانَ فِی قَلْبِهِ مِنَ الْحَسَدِ فَأَبَی أَنْ یَسْجُدَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (4) قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إِبْلِیسُ وَ اسْتَكْبَرَ وَ الِاسْتِكْبَارُ هُوَ أَوَّلُ مَعْصِیَةٍ عُصِیَ اللَّهُ بِهَا(5)

قَالَ فَقَالَ إِبْلِیسُ یَا رَبِّ أَعْفِنِی مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ وَ أَنَا أَعْبُدُكَ عِبَادَةً لَمْ یَعْبُدْكَهَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا حَاجَةَ لِی إِلَی عِبَادَتِكَ إِنَّمَا أُرِیدُ أَنْ أُعْبَدَ مِنْ حَیْثُ أُرِیدُ لَا مِنْ حَیْثُ تُرِیدُ(6)

فَأَبَی أَنْ یَسْجُدَ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِیمٌ وَ إِنَّ عَلَیْكَ لَعْنَتِی إِلی یَوْمِ الدِّینِ قَالَ إِبْلِیسُ یَا رَبِّ وَ كَیْفَ وَ أَنْتَ الْعَدْلُ الَّذِی لَا تَجُورُ وَ لَا تَظْلِمُ فَثَوَابُ عَمَلِی بَطَلَ قَالَ لَا وَ لَكِنْ سَلْنِی مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا مَا شِئْتَ ثَوَاباً لِعَمَلِكَ فَأُعْطِیَكَ فَأَوَّلُ مَا سَأَلَ الْبَقَاءُ إِلَی یَوْمِ الدِّینِ فَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَعْطَیْتُكَ قَالَ سَلِّطْنِی عَلَی وُلْدِ آدَمَ قَالَ سَلَّطْتُكَ قَالَ أَجْرِنِی فِیهِمْ مَجْرَی الدَّمِ فِی الْعُرُوقِ قَالَ قَدْ أَجْرَیْتُكَ قَالَ لَا یُولَدُ لَهُمْ وَلَدٌ

ص: 274


1- 1. فی المصدر: لاعصینه.
2- 2. اسقط المصنّف أیضا من هنا جملة من دون إشارة و هی: فلما بلغت الروح الی دماغه عطس فقال: الحمد للّٰه، فقال اللّٰه تعالی: یرحمك اللّٰه، قال الصادق علیه السّلام: فسبقت له من اللّٰه تعالی: الرحمة ثمّ قال اللّٰه.
3- 3. البقرة: 34. و الأعراف: 11.
4- 4. الأعراف: 12.
5- 5. أی بعد خلق آدم علیه السّلام و الا فقبله ذكر فی الحدیث أن الجن و النسناس عملوا المعاصی من سفك الدماء و الفساد فی الأرض بغیر الحق.
6- 6. لم تذكر فی المصدر المطبوع جملة: لا من حیث ترید.

إِلَّا وُلِدَ لِیَ اثْنَانِ وَ أَرَاهُمْ وَ لَا یَرَوْنِی وَ أَتَصَوَّرُ لَهُمْ فِی كُلِّ صُورَةٍ شِئْتُ فَقَالَ قَدْ أَعْطَیْتُكَ قَالَ یَا رَبِّ زِدْنِی قَالَ قَدْ جَعَلْتُ لَكَ وَ لِذُرِّیَّتِكَ فِی صُدُورِهِمْ أَوْطَاناً قَالَ رَبِّ حَسْبِی فَقَالَ إِبْلِیسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَبِعِزَّتِكَ (1) لَأُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ (2) مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِینَ (3).

«162»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا أَعْطَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِبْلِیسَ مَا أَعْطَاهُ مِنَ الْقُوَّةِ قَالَ آدَمُ یَا رَبِّ سَلَّطْتَ إِبْلِیسَ عَلَی وُلْدِی وَ أَجْرَیْتَهُ فِیهِمْ مَجْرَی الدَّمِ فِی الْعُرُوقِ وَ أَعْطَیْتَهُ مَا أَعْطَیْتَهُ فَمَا لِی وَ لِوُلْدِی فَقَالَ لَكَ وَ لِوُلْدِكَ السَّیِّئَةُ بِوَاحِدَةٍ وَ الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا قَالَ یَا رَبِّ زِدْنِی قَالَ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ إِلَی حِینِ تَبْلُغُ النَّفْسُ الْحُلْقُومَ قَالَ یَا رَبِّ زِدْنِی قَالَ أَغْفِرُ وَ لَا أُبَالِی قَالَ حَسْبِی قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ بِمَا ذَا اسْتَوْجَبَ إِبْلِیسُ مِنَ اللَّهِ أَنْ أَعْطَاهُ مَا أَعْطَاهُ قَالَ بِشَیْ ءٍ كَانَ مِنْهُ شَكَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ قُلْتُ وَ مَا كَانَ مِنْهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ رَكْعَتَانِ رَكَعَهُمَا فِی السَّمَاءِ أَرْبَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ(4).

«163»- دَلَائِلُ الطَّبَرِیِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا لِإِبْلِیسَ مِنَ السُّلْطَانِ قَالَ مَا یُوَسْوِسُ فِی قُلُوبِ النَّاسِ قُلْتُ فَمَا لِمَلَكِ الْمَوْتِ قَالَ یَقْبِضُ أَرْوَاحَ النَّاسِ قُلْتُ وَ هُمَا مُسَلَّطَانِ عَلَی مَنْ فِی الْمَشْرِقِ وَ مَنْ فِی الْمَغْرِبِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا لَكَ أَنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ مِنَ السُّلْطَانِ قَالَ أَعْلَمُ مَا فِی الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ مَا فِی السَّمَاوَاتِ

ص: 275


1- 1. هكذا فی الكتاب و مصدره و الصحیح:[ فبعزتك] راجع سورة ص: 82.
2- 2. الأعراف: 17.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 32- 35 و الحدیث طویل ذكره فی باب خلقه آدم علیه السّلام.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 35.

وَ الْأَرْضِ وَ مَا فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ عَدَدَ مَا فِیهِنَّ وَ لَیْسَ ذَلِكَ لِإِبْلِیسَ وَ لَا لِمَلَكِ الْمَوْتِ (1).

«164»- الْكَافِی، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْجَرِیشِ (2)

قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: لَمَا یَزُورُ(3)

مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ لِلشَّقَاءِ عَلَی أَهْلِ الضَّلَالَةِ مِنْ أَجْنَادِ الشَّیَاطِینِ وَ أَرْوَاحِهِمْ أَكْثَرُ مِمَّا یَزُورُ(4)

خَلِیفَةَ اللَّهِ الَّذِی بَعَثَهُ لِلْعَدْلِ وَ الصَّوَابِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قِیلَ یَا أَبَا جَعْفَرٍ وَ كَیْفَ یَكُونُ شَیْ ءٌ أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ كَمَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ السَّائِلُ یَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنِّی لَوْ حَدَّثْتُ بَعْضَ الشِّیعَةِ بِهَذَا الْحَدِیثِ لَأَنْكَرُوهُ قَالَ كَیْفَ یُنْكِرُونَهُ قَالَ یَقُولُونَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ علیهم السلام أَكْثَرُ مِنَ الشَّیَاطِینِ قَالَ صَدَقْتَ افْهَمْ عَنِّی مَا أَقُولُ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ یَوْمٍ وَ لَا لَیْلَةٍ إِلَّا وَ جَمِیعُ الْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ تَزُورُ أَئِمَّةَ الضَّلَالَةِ وَ یَزُورُ إِمَامَ الْهُدَی عَدَدُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّی إِذَا أَتَتْ لَیْلَةُ الْقَدْرِ فَیَهْبِطُ فِیهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَی وَلِیِّ الْأَمْرِ خَلَقَ اللَّهُ أَوْ قَالَ قَیَّضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الشَّیَاطِینِ بِعَدَدِهِمْ ثُمَّ زَارُوا وَلِیَّ الضَّلَالَةِ فَأَتَوْهُ بِالْإِفْكِ وَ الْكَذِبِ حَتَّی لَعَلَّهُ یُصْبِحُ فَیَقُولُ رَأَیْتُ كَذَا وَ كَذَا فَلَوْ سُئِلَ وَلِیُّ الْأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ لَقَالَ رَأَیْتَ شَیْطَاناً أَخْبَرَكَ كَذَا وَ كَذَا حَتَّی یُفَسِّرَ لَهُ تَفْسِیرَهَا وَ یُعْلِمَهُ الضَّلَالَةَ الَّتِی هُوَ عَلَیْهَا(5)

الْحَدِیثَ.

«165»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

ص: 276


1- 1. دلائل الأمة: 125.
2- 2. هكذا فی النسخ و الصحیح ما فی المصدر بالحاء المهملة: الحریش وزان زبیر، و الرجل مذكور فی فهرست الشیخ و النجاشیّ و قال الثانی: ضعیف جداله كتاب انا انزلناه فی لیلة القدر، و هو كتاب روی الحدیث مضطرب الألفاظ إلخ و قال ابن الغضائری: ضعیف جدا یروی عن ابی جعفر الثانی فضل انا انزلناه فی لیلة القدر، و له كتاب مصنف فاسد الألفاظ تشهد مخایله علی أنّه موضوع، و هذا الرجل لا یلتفت إلیه و لا یكتب من حدیثه انتهی أقول: هذا الحدیث من كتابه المذكور.
3- 3. فی المصدر: لما ترون.
4- 4. فی المصدر: مما ترون.
5- 5. أصول الكافی 1: 252 و 253.

سِنَانٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَابِدٌ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یُقَارِفْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا شَیْئاً فَنَخَرَ إِبْلِیسُ نَخْرَةً فَاجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ جُنُودُهُ فَقَالَ مَنْ لِی بِفُلَانٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَا(1) فَقَالَ مِنْ أَیْنَ تَأْتِیهِ فَقَالَ مِنْ نَاحِیَةِ النِّسَاءِ قَالَ لَسْتَ لَهُ لَمْ یُجَرِّبِ النِّسَاءَ فَقَالَ لَهُ آخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ مِنْ أَیْنَ تَأْتِیهِ قَالَ مِنْ نَاحِیَةِ الشَّرَابِ وَ اللَّذَّاتِ قَالَ لَسْتَ لَهُ لَیْسَ هَذَا بِهَذَا قَالَ آخَرُ فَأَنَا لَهُ قَالَ مِنْ أَیْنَ تَأْتِیهِ قَالَ مِنْ نَاحِیَةِ الْبِرِّ قَالَ انْطَلِقْ فَأَنْتَ صَاحِبُهُ فَانْطَلَقَ إِلَی مَوْضِعِ الرَّجُلِ فَأَقَامَ حِذَاءَهُ یُصَلِّی قَالَ وَ كَانَ الرَّجُلُ یَنَامُ وَ الشَّیْطَانُ لَا یَنَامُ وَ یَسْتَرِیحُ وَ الشَّیْطَانُ لَا یَسْتَرِیحُ فَتَحَوَّلَ إِلَیْهِ الرَّجُلُ وَ قَدْ تَقَاصَرَتْ إِلَیْهِ نَفْسُهُ وَ اسْتَصْغَرَ عَمَلَهُ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بِأَیِّ شَیْ ءٍ قَوِیتَ عَلَی هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ عَادَ عَلَیْهِ فَلَمْ یُجِبْهُ ثُمَّ عَادَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّی أَذْنَبْتُ ذَنْباً وَ أَنَا تَائِبٌ مِنْهُ فَإِذَا ذَكَرْتُ الذَّنْبَ قَوِیتُ عَلَی الصَّلَاةِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی بِذَنْبِكَ حَتَّی أَعْمَلَهُ وَ أَتُوبَ فَإِذَا فَعَلْتُهُ قَوِیتُ عَلَی الصَّلَاةِ فَقَالَ ادْخُلِ الْمَدِینَةَ فَسَلْ عَنْ فُلَانَةَ الْبَغِیَّةِ فَأَعْطِهَا دِرْهَمَیْنِ وَ نَلْ مِنْهَا قَالَ وَ مِنْ أَیْنَ لِی دِرْهَمَیْنِ مَا أَدْرِی مَا الدِّرْهَمَیْنِ فَتَنَاوَلَ الشَّیْطَانُ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ دِرْهَمَیْنِ فَنَاوَلَهُ إِیَّاهُمَا فَقَامَ فَدَخَلَ الْمَدِینَةَ بِجَلَابِیبِهِ یَسْأَلُ عَنْ فُلَانَةَ الْبَغِیَّةِ(2)

فَأَرْشَدُوهُ النَّاسُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ جَاءَ یَعِظُهَا فَأَرْشَدُوهُ فَجَاءَ إِلَیْهَا فَرَمَی إِلَیْهَا بِالدِّرْهَمَیْنِ وَ قَالَ قُومِی فَقَامَتْ فَدَخَلَتْ مَنْزِلَهَا وَ قَالَتِ ادْخُلْ وَ قَالَتْ إِنَّكَ جِئْتَنِی فِی هَیْئَةٍ لَیْسَ یُؤْتَی مِثْلِی فِی مِثْلِهَا فَأَخْبِرْنِی بِخَبَرِكَ فَأَخْبَرَهَا فقال [فَقَالَتْ] لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ تَرْكَ الذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ التَّوْبَةِ وَ لَیْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ التَّوْبَةَ وَجَدَهَا وَ إِنَّمَا یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ هَذَا شَیْطَاناً مُثِّلَ لَكَ فَانْصَرِفْ فَإِنَّكَ لَا تَرَی شَیْئاً فَانْصَرَفَ وَ مَاتَتْ مِنْ لَیْلَتِهَا فَأَصْبَحَتْ فَإِذَا عَلَی بَابِهَا مَكْتُوبٌ احْضُرُوا فُلَانَةَ فَإِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَارْتَابَ النَّاسُ فَمَكَثُوا ثَلَاثاً لَا یَدْفِنُونَهَا ارْتِیَاباً فِی أَمْرِهَا فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی نَبِیٍّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام أَنِ ائْتِ فُلَانَةَ فَصَلِّ عَلَیْهَا وَ مُرِ النَّاسَ أَنْ یُصَلُّوا عَلَیْهَا

ص: 277


1- 1. فی المصدر: أناله.
2- 2. فی المصدر: یسأل عن منزل فلانة البغیة فارشده الناس.

فَإِنِّی قَدْ غَفَرْتُ لَهَا وَ أَوْجَبْتُ لَهَا الْجَنَّةَ بِتَثْبِیطِهَا(1)

عَبْدِی فُلَاناً عَنْ مَعْصِیَتِی (2).

«166»- وَ مِنْهُ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَوْمُ لُوطٍ مِنْ أَفْضَلِ قَوْمٍ خَلَقَهُمُ اللَّهُ فَطَلَبَهُمْ إِبْلِیسُ الطَّلَبَ الشَّدِیدَ وَ كَانَ مِنْ فَضْلِهِمْ وَ خِیَرَتِهِمْ أَنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَی الْعَمَلِ خَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَ تَبْقَی النِّسَاءُ خَلْفَهُمْ فَلَمْ یَزَلْ إِبْلِیسُ یَعْتَادُهُمْ وَ كَانُوا(3) إِذَا رَجَعُوا خَرَّبَ إِبْلِیسُ مَا یَعْمَلُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَعَالَوْا نَرْصُدْ هَذَا الَّذِی یُخَرِّبُ مَتَاعَنَا فَرَصَدُوهُ فَإِذَا هُوَ غُلَامٌ أَحْسَنُ مَا یَكُونُ مِنَ الْغِلْمَانِ فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ الَّذِی تُخَرِّبُ مَتَاعَنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی فَأَجْمَعَ رَأْیُهُمْ (4)

عَلَی أَنْ یَقْتُلُوهُ فَبَیَّتُوهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ صَاحَ فَقَالَ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ كَانَ أَبِی یُنَوِّمُنِی عَلَی بَطْنِهِ فَقَالَ لَهُ تَعَالَ فَنَمْ عَلَی بَطْنِی قَالَ فَلَمْ یَزَلْ یَدْلُكُ الرَّجُلَ حَتَّی عَلَّمَهُ أَنْ یَفْعَلَ بِنَفْسِهِ (5)

فَأَوَّلًا عَلَّمَهُ إِبْلِیسُ وَ الثَّانِیَةَ عَلَّمَهُ هُوَ ثُمَّ انْسَلَّ فَفَرَّ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ یُخْبِرُ بِمَا فَعَلَ بِالْغُلَامِ وَ یُعَجِّبُهُمْ مِنْهُ وَ هُمْ لَا یَعْرِفُونَهُ فَوَضَعُوا أَیْدِیَهُمْ فِیهِ حَتَّی اكْتَفَی الرِّجَالُ (6)

بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ جَعَلُوا یَرْصُدُونَ مَارَّةَ الطَّرِیقِ فَیَفْعَلُونَ بِهِمْ حَتَّی تَنَكَّبَ مَدِینَتَهُمُ النَّاسُ ثُمَّ تَرَكُوا نِسَاءَهُمْ وَ أَقْبَلُوا عَلَی الْغِلْمَانِ فَلَمَّا رَأَی أَنَّهُ قَدْ أَحْكَمَ أَمْرَهُ فِی الرِّجَالِ جَاءَ إِلَی النِّسَاءِ فَصَیَّرَ نَفْسَهُ امْرَأَةً ثُمَّ قَالَ إِنَّ رِجَالَكُنَّ یَفْعَلُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ قَالُوا نَعَمْ قَدْ رَأَیْنَا ذَلِكَ وَ كُلَّ ذَلِكَ یَعِظُهُمْ لُوطٌ علیه السّلام وَ یُوصِیهِمْ وَ إِبْلِیسُ یُغْوِیهِمْ حَتَّی اسْتَغْنَی النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ(7)

الْحَدِیثَ الطَّوِیلَ.

ص: 278


1- 1. ثبطه عن الامر: عوقه و شغله عنه.
2- 2. روضة الكافی: 384 و 385.
3- 3. فی المصدر: فكانوا.
4- 4. فی المصدر: فاجتمع رأیهم.
5- 5. فی المصدر: حتی علمه انه یفعل بنفسه.
6- 6. فی المصدر: حتی اكتفی الرجال بالرجال.
7- 7. الكافی 5: 544.

بیان: یعتادهم أی یعتاد المجی ء إلیهم أو ینتابهم كلما رجعوا أقبل اللعین قال فی القاموس العود انتیاب الشی ء كالاعتیاد و فی المحاسن فلما حسدهم إبلیس لعبادتهم كانوا إذا رجعوا(1)

و فی ثواب الأعمال فأتی إبلیس عبادتهم فأولا علمه (2)

كذا فی النسخ بتقدیم اللام علی المیم فی الموضعین و لعل الأظهر تقدیم المیم (3)

أی أولا أدخل إبلیس ذكر الرجل و ثانیا أدخل الرجل ذكره و علی ما فی النسخ كان المعنی أنه كان أولا معلم هذا الفعل حیث علمه ذلك الرجل ثم صار الرجل معلم الناس.

«167»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ أَمَرَ الْجِنَّ فَبَنَوْا لَهُ بَیْتاً مِنْ قَوَارِیرَ فَبَیْنَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ یَنْظُرُ إِلَی الشَّیَاطِینِ كَیْفَ یَعْمَلُونَ وَ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ إِذْ حَانَتْ (4) مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مَعَهُ فِی الْقُبَّةِ فَفَزِعَ مِنْهُ وَ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا الَّذِی لَا أَقْبَلُ الرُّشَی وَ لَا أَهَابُ الْمُلُوكَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَهُ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَی عَصَاهُ فَمَكَثُوا سَنَةً یَبْنُونَ وَ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَ یَدْأَبُونَ لَهُ وَ یَعْمَلُونَ حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ وَ هِیَ الْعَصَا فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانَ الْجِنُّ یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا سَنَةً فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ فَالْجِنُّ تَشْكُرُ الْأَرَضَةَ بِمَا عَمِلَتْ بِعَصَا سُلَیْمَانَ قَالَ فَلَا تَكَادُ تَرَاهَا فِی مَكَانٍ إِلَّا وُجِدَ عِنْدَهَا مَاءٌ وَ طِینٌ فَلَمَّا هَلَكَ سُلَیْمَانُ وَضَعَ إِبْلِیسُ السِّحْرَ وَ كَتَبَهُ فِی كِتَابٍ ثُمَّ طَوَاهُ وَ كَتَبَ عَلَی ظَهْرِهِ هَذَا مَا وَضَعَ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا لِلْمَلِكِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مِنْ ذَخَائِرِ كُنُوزِ الْعِلْمِ مَنْ أَرَادَ كَذَا وَ كَذَا فَلْیَفْعَلْ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ دَفَنَهُ تَحْتَ السَّرِیرِ ثُمَّ اسْتَشَارَهُ (5)

لَهُمْ فَقَرَأَهُ فَقَالَ الْكَافِرُونَ مَا كَانَ سُلَیْمَانُ علیه السلام یَغْلِبُنَا إِلَّا بِهَذَا وَ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ بَلْ هُوَ

ص: 279


1- 1. المحاسن: 110.
2- 2. فی عقاب الاعمال و المحاسن:« فاولا عمله إبلیس و الثانیة عمله هو» راجع عقاب الاعمال: باب عقاب الوطی.
3- 3. قد عرفت انه الموجود فی عقاب الاعمال و المحاسن.
4- 4. فی المصدر: خانت عنه.
5- 5. هكذا فی الكتاب و مصدره و لعلّ الصحیح كما فی البرهان: استثاره أی اظهره لهم.

عَبْدُ اللَّهِ وَ نَبِیُّهُ (1).

«168»- الدَّعَائِمُ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ لَیْلَةٍ إِذْ رُمِیَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ لِلْقَوْمِ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ إِذَا رَأَیْتُمْ مِثْلَ هَذَا قَالُوا كُنَّا نَقُولُ مَاتَ عَظِیمٌ وَ وُلِدَ عَظِیمٌ قَالَ فَإِنَّهُ لَا یُرْمَی بِهِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لِحَیَاةِ أَحَدٍ وَ لَكِنْ رَبُّنَا إِذَا قَضَی أَمْراً سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ قَالُوا قَضَی رَبُّنَا بِكَذَا فَیَسْمَعُ ذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّتِی تَلِیهِمْ فَیَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّی یَبْلُغَ ذَلِكَ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَیَسْتَرِقُ الشَّیَاطِینُ السَّمْعَ فَرُبَّمَا اعْتَلَقُوا شَیْئاً فَأَتَوْا بِهِ الْكَهَنَةَ فَیَزِیدُونَ وَ یَنْقُصُونَ فَتُخْطِئُ الْكَهَنَةُ وَ تُصِیبُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَنَعَ السَّمَاءَ بِهَذِهِ النُّجُومِ فَانْقَطَعَتِ الْكِهَانَةُ فَلَا كِهَانَةَ وَ تَلَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیه السّلام إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (2) وَ قَوْلُهُ وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ(3) لِلسَّمْعِ الْآیَةَ(4).

بیان: فربما اعتلقوا شیئا أی أحبوه أو تعلموه أو تعلقوا به فی القاموس اعتلقه أی أحبه و تعلقه و تعلق به بمعنی و فی النهایة أنی علقها أی من أین تعلمها و ممن أخذها.

«169»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، لِلسُّیُوطِیِّ عَنِ 17 ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَقِیَ إِبْلِیسُ مُوسَی فَقَالَ لِمُوسَی (5) أَنْتَ الَّذِی اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَ كَلَّمَكَ تَكْلِیماً أَذْنَبْتُ وَ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أَتُوبَ فَاشْفَعْ لِی إِلَی رَبِّی أَنْ یَتُوبَ عَلَیَّ قَالَ مُوسَی نَعَمْ فَدَعَا مُوسَی رَبَّهُ فَقِیلَ یَا مُوسَی قَدْ قُضِیَتْ حَاجَتُكَ فَلَقِیَ مُوسَی إِبْلِیسَ وَ قَالَ قَدْ أُمِرْتَ أَنْ تَسْجُدَ بِقَبْرِ آدَمَ وَ یُتَابَ عَلَیْكَ فَاسْتَكْبَرَ وَ غَضِبَ وَ قَالَ لَمْ أَسْجُدْ لَهُ حَیّاً أَسْجُدُ لَهُ مَیِّتاً ثُمَّ قَالَ إِبْلِیسُ یَا مُوسَی إِنَّ لَكَ عَلَیَّ حَقّاً بِمَا شَفَعْتَ لِی إِلَی رَبِّكَ فَاذْكُرْنِی عِنْدَ ثَلَاثٍ لَا أَهْلِكُكَ فِیمَنْ أُهْلِكُ (6) اذْكُرْنِی

ص: 280


1- 1. تفسیر القمّیّ: 46 و 47.
2- 2. هكذا فی الكتاب و لعله وهم النسّاخ و الصحیح:« شهاب مبین» راجع الحجر 18.
3- 3. الجن: 9.
4- 4. دعائم الإسلام: لیست عندی نسخته.
5- 5. فی المصدر: فقال: یا موسی.
6- 6. فی المصدر: لا أهلك فیهن.

حِینَ تَغْضَبُ فَإِنِّی أَجْرِی مِنْكَ مَجْرَی الدَّمِ وَ اذْكُرْنِی حِینَ تَلْقَی الزَّحْفَ فَإِنِّی آتِی ابْنَ آدَمَ حِینَ یَلْقَی الزَّحْفَ فَأُذَكِّرُهُ وُلْدَهُ وَ زَوْجَتَهُ حَتَّی یُوَلِّی وَ إِیَّاكَ أَنْ تُجَالِسَ امْرَأَةً لَیْسَتْ بِذَاتِ مَحْرَمٍ فَإِنِّی رَسُولُهَا إِلَیْكَ وَ رَسُولُكَ إِلَیْهَا(1).

«170»- وَ عَنْ 17 أَنَسٍ قَالَ: إِنَّ نُوحاً لَمَّا رَكِبَ السَّفِینَةَ أَتَاهُ إِبْلِیسُ فَقَالَ لَهُ نُوحٌ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا إِبْلِیسُ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ قَالَ جِئْتُ تَسْأَلُ لِی رَبَّكَ هَلْ لِی مِنْ تَوْبَةٍ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنَّ تَوْبَتَهُ أَنْ یَأْتِیَ قَبْرَ آدَمَ فَیَسْجُدَ لَهُ قَالَ أَمَّا أَنَا لَمْ أَسْجُدْ لَهُ حَیّاً أَسْجُدُ لَهُ مَیِّتاً قَالَ فَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ (2).

«171»- وَ عَنْ 17 جُنَادَةَ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ قَالَ: أَوَّلُ خَطِیئَةٍ كَانَتِ الْحَسَدُ حَسَدَ إِبْلِیسُ آدَمَ أَنْ یَسْجُدَ لَهُ حِینَ أَمَرَهُ فَحَمَلَهُ الْحَسَدُ عَلَی الْمَعْصِیَةِ(3).

«172»- وَ عَنْ 17 قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا هَبَطَ إِبْلِیسُ قَالَ آدَمُ أَیْ رَبِّ قَدْ لَعَنْتُهُ فَمَا عِلْمُهُ قَالَ السِّحْرُ قَالَ فَمَا قِرَاءَتُهُ قَالَ الشِّعْرُ قَالَ فَمَا كِتَابَتُهُ (4)

قَالَ الْوَشْمُ قَالَ فَمَا طَعَامُهُ قَالَ كُلُّ مَیْتَةٍ وَ مَا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ فَمَا شَرَابُهُ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ قَالَ فَأَیْنَ مَسْكَنُهُ قَالَ الْحَمَّامُ قَالَ فَأَیْنَ مَجْلِسُهُ قَالَ الْأَسْوَاقُ قَالَ فَمَا صَوْتُهُ قَالَ الْمِزْمَارُ قَالَ فَمَا مَصَایِدُهُ قَالَ النِّسَاءُ(5).

«173»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ إِبْلِیسُ لِرَبِّهِ تَعَالَی یَا رَبِّ قَدْ أُهْبِطَ آدَمُ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ سَیَكُونُ كُتُبٌ وَ رُسُلٌ فَمَا كُتُبُهُمْ وَ رُسُلُهُمْ قَالَ رُسُلُهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ النَّبِیُّونَ وَ كُتُبُهُمُ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ وَ الْفُرْقَانُ قَالَ فَمَا كِتَابِی قَالَ كِتَابُكَ الْوَشْمُ وَ قِرَاءَتُكَ الشِّعْرُ وَ رُسُلُكَ الْكَهَنَةُ وَ طَعَامُكَ مَا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ شَرَابُكَ كُلُّ مُسْكِرٍ وَ صِدْقُكَ الْكَذِبُ وَ بَیْتُكَ الْحَمَّامُ وَ مَصَایِدُكَ النِّسَاءُ وَ مُؤَذِّنُكَ الْمِزْمَارُ وَ مَسْجِدُكَ الْأَسْوَاقُ (6).

ص: 281


1- 1. الدّر المنثور 1: 51.
2- 2. الدّر المنثور 1: 51.
3- 3. الدّر المنثور 1: 51.
4- 4. فی المصدر: فما كتابه؟.
5- 5. الدّر المنثور 1: 63.
6- 6. الدّر المنثور 1: 63.

«174»- وَ عَنِ 17 ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ إِبْلِیسُ فِی جُنْدٍ مِنَ الشَّیَاطِینِ وَ مَعَهُ رَایَةٌ فِی صُورَةِ رِجَالٍ مِنْ بَنِی مُدْلِجٍ وَ الشَّیْطَانُ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ الشَّیْطَانُ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ وَ أَقْبَلَ جِبْرِیلُ عَلَی إِبْلِیسَ فَلَمَّا رَآهُ وَ كَانَتْ یَدُهُ فِی یَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِینَ انْتَزَعَ إِبْلِیسُ یَدَهُ (1)

وَ وَلَّی مُدْبِراً وَ شِیعَتَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ یَا سُرَاقَةُ إِنَّكَ جَارٌ لَنَا فَقَالَ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ وَ ذَلِكَ حِینَ رَأَی الْمَلَائِكَةَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِیدُ الْعِقابِ (2).

«175»- وَ عَنْ 17 رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: لَمَّا رَأَی إِبْلِیسُ مَا تَفْعَلُ الْمَلَائِكَةُ بِالْمُشْرِكِینَ یَوْمَ بَدْرٍ أَشْفَقَ أَنْ یَخْلُصَ الْقَتْلُ إِلَیْهِ فَتَشَبَّثَ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَ هُوَ یَظُنُّ أَنَّهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَوَكَزَ فِی صَدْرِ الْحَارِثِ فَأَلْقَاهُ ثُمَّ خَرَجَ هَارِباً حَتَّی أَلْقَی نَفْسَهُ فِی الْبَحْرِ یَرْفَعُ یَدَیْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ نَظْرَتَكَ إِیَّایَ (3).

«176»- وَ عَنْ أَبِی التَّیَّاحِ (4) قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خنیش كَیْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَادَتْهُ الشَّیَاطِینُ قَالَ نَعَمْ تَحَدَّرَتِ الشَّیَاطِینُ مِنَ الْجِبَالِ وَ الْأَوْدِیَةِ یُرِیدُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِمْ شَیْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ یُرِیدُ أَنْ یُحْرِقَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَزِعَ مِنْهُمْ وَ جَاءَهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ قُلْ مَا أَقُولُ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ اللَّاتِی لَا یُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَ بَرَأَ وَ ذَرَأَ وَ مِنْ شَرِّ مَا یَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مِنْ شَرِّ مَا یَعْرُجُ فِیهَا وَ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِی الْأَرْضِ وَ مِنْ شَرِّ مَا یَخْرُجُ

مِنْهَا وَ مِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقاً یَطْرُقُ بِخَیْرٍ یَا رَحْمَانُ قَالَ فَطُفِئَتْ نَارُ الشَّیَاطِینِ وَ هَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (5).

ص: 282


1- 1. فی المصدر: و أقبل جبریل علیه السّلام علی إبلیس و كانت یده فی ید رجل من المشركین فلما رأی جبریل انتزع یده و ولی مدبرا هو و شیعته.
2- 2. الدّر المنثور 2: 190.
3- 3. الدّر المنثور 3: 190.
4- 4. قال ابن حجر فی التقریب: أبو التیاح بفتح اوله و تشدید التحتانیة اسمه یزید ابن حمید.
5- 5. الدّر المنثور:

«177»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ لَیْلَةُ الْجِنِّ أَقْبَلَ عِفْرِیتٌ مِنَ الْجِنِّ فِی یَدِهِ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ فَجَعَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلَا یَزْدَادُ إِلَّا قُرْباً فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ یَنْكَبُّ مِنْهَا لِفِیهِ وَ تُطْفِئُ شُعْلَتَهُ قُلْ أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِیمِ وَ كَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِی لَا یُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَ لَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ ما یَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ مِنْ شَرِّ ما یَعْرُجُ فِیها وَ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِی الْأَرْضِ وَ مِنْ شَرِّ ما یَخْرُجُ مِنْها وَ مِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّیْلِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقاً یَطْرُقُ بِخَیْرٍ یَا رَحْمَانُ فَقَالَهَا فَانْكَبَّ لِفِیهِ وَ طُفِیَتْ شُعْلَتُهُ (1).

تتمة تشمل علی فوائد جمة الأولی لا خلاف بین الإمامیة بل بین المسلمین فی أن الجن و الشیاطین أجسام لطیفة یرون فی بعض الأحیان و لا یرون فی بعضها و لهم حركات سریعة و قدرة علی أعمال قویة و یجرون فی أجساد بنی آدم مجری الدم و قد یشكلهم اللّٰه بحسب المصالح بأشكال مختلفة و صور متنوعة كما ذهب إلیه السید المرتضی رضی اللّٰه عنه أو جعل اللّٰه لهم القدرة علی ذلك كما هو الأظهر من الأخبار و الآثار.

قال صاحب المقاصد ظاهر الكتاب و السنة و هو قول أكثر الأمة إن الملائكة أجسام لطیفة نورانیة قادرة علی التشكلات بأشكال مختلفة كاملة فی العلم و القدرة علی الأفعال الشاقة و ساق الكلام إلی قوله و الجن أجسام لطیفة هوائیة متشكل بأشكال مختلفة و یظهر منها أفعال عجیبة منهم المؤمن و الكافر و المطیع و العاصی و الشیاطین أجسام ناریة شأنها إلقاء النفس فی الفساد و الغوایة بتذكیر أسباب المعاصی و اللذات و إنساء منافع الطاعات و ما أشبه ذلك علی ما قال تعالی حكایة عن الشیطان وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِی فَلا تَلُومُونِی وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ (2) و قیل تركیب الأنواع الثلاثة من امتزاج العناصر الأربعة إلا أن الغالب علی الشیطان عنصر النار و علی الآخرین عنصر الهواء و ذلك أن امتزاج العناصر قد لا یكون علی القرب من الاعتدال بل علی قدر صالح من غلبة أحدهما فإن كانت الغلبة

ص: 283


1- 1. الدّر المنثور:
2- 2. إبراهیم: 22.

للأرضیة یكون الممتزج مائلا إلی عنصر الأرض و إن كانت للمائیة فإلی الماء أو للهوائیة فإلی الهواء أو للناریة فإلی النار لا یبرح و لا یفارق إلا بالإجبار أو بأن یكون حیوانا فیفارق بالاختیار و لیس لهذه الغلبة حد معین بل تختلف إلی مراتب بحسب أنواع الممتزجات التی تسكن هذا العنصر و لكون الهواء و النار فی غایة اللطافة و الشفیف كانت الملائكة و الجن و الشیاطین بحیث یدخلون المنافذ و المضایق حتی أجواف الإنسان و لا یرون بحس البصر إلا إذا اكتسبوا من الممتزجات الأخر التی تغلب علیها

الأرضیة و المائیة جلابیب و غواشی فیرون فی أبدان كأبدان الناس أو غیره من الحیوانات و الملائكة كثیرا ما تعاون الإنسان علی أعمال یعجز هو عنها بقوته كالغلبة علی الأعداء و الطیران فی الهواء و المشی علی الماء و یحفظه خصوصا المضطرین عن كثیر من الآفات و أما الجن و الشیاطین فیخالطون بعض الأناسی و یعاونونهم علی السحر و الطلسمات و النیرنجات ثم تعرض لدفع الشبهة الواردة علی هذا القول و هی أن الملائكة و الجن و الشیاطین إن كانت أجساما ممتزجة من العناصر یجب أن تكون مرئیة لكل سلیم الحس كسائر المركبات و إلا لجاز أن تكون بحضرتنا جبال شاهقة و أصوات هائلة لا نبصرها و لا نسمعها و العقل جازم ببطلان ذلك علی ما هو شأن العلوم العادیة و إن كانت غلبته اللطیف بحیث لا تجوز رؤیة الممتزج یلزم أن لا یروا أصلا و أن تتمزق أبدانهم و تنحل تراكیبهم بأدنی سبب و اللازم باطل لما تواتر من مشاهدة بعض الأولیاء و الأنبیاء(1)

إیاهم و مكالمتهم و من بقائهم زمانا طویلا مع هبوب الریاح العاصفة و الدخول فی المضایق الضیقة و أیضا لو كانوا من المركبات المزاجیة لكانت لهم صور نوعیة و أمزجة مخصوصة تقتضی أشكالا مخصوصة كما فی سائر الممتزجات فلا یتصور التصور بأشكال مختلفة(2).

و الجواب منع الملازمات أما علی القول باستناد الممكنات إلی القادر المختار

ص: 284


1- 1. فی النسخة المخطوطة: بعض الأنبیاء و الأولیاء.
2- 2. فی النسخة المخطوطة: بالاشكال المختلفة.

فظاهر لجواز أن یخلق رؤیتهم فی بعض الأبصار و الأحوال دون البعض و أن یحفظ بالقدرة و الإرادة تركیبهم و یبدل أشكالهم.

و أما علی القول بالإیجاب فلجواز أن یكون فیهم من العنصر الكثیف ما یحصل منه الرؤیة لبعض الأبصار دون البعض و فی بعض الأحوال دون البعض أو یظهروا أحیانا فی أجسام كثیفة هی بمنزلة الغشاء و الجلباب لهم فیبصروا و أن یكون نفوسهم أو أمزجتهم أو صورهم النوعیة تقتضی حفظ تركیبهم عن الانحلال و تبدل أشكالهم بحسب اختلاف الأوضاع و الأحوال و یكون فیهم من الفطنة و الذكاء ما یعرفون به جهات هبوب الریاح و سائر أسباب انحلال التركیب فیحترزون عنها و یأوون إلی أماكن لا یلحقهم ضرر.

و أما الجواب بأنه یجوز أن تكون لطافتهم بمعنی الشفافیة دون رقة القوام فلا یلائم ما یحكی عنهم من النفوذ فی المنافذ الضیقة و الظهور فی ساعة واحدة فی صور مختلفة بالصغر و الكبر و نحو ذلك.

ثم ذكر مذاهب الحكماء فی ذلك فقال و القائلون من الفلاسفة بالجن و الشیطان زعموا أن الجن جواهر مجردة لها تصرف و تأثیر فی الأجسام العنصریة من غیر تعلق بها تعلق النفوس البشریة بأبدانها و الشیاطین هی القوی المتخیلة فی أفراد الإنسان من حیث استیلائها علی القوی العقلیة و صرفها عن جانب القدس و اكتساب الكمالات العقلیة إلی اتباع الشهوات و اللذات الحسیة و الوهمیة.

و منهم من زعم أن النفوس البشریة بعد مفارقتها عن الأبدان و قطع العلاقة عنها إن كانت خیرة مطیعة للدواعی العقلیة فهم الجن و إن كانت شریرة باعثة علی الشرور و القبائح معینة علی الضلال و الانهماك فی الغوایة فهم الشیاطین و بالجملة فالقول بوجود الملائكة و الشیاطین مما انعقد علیه إجماع الآراء و نطق به كلام اللّٰه تعالی و كلام الأنبیاء علیهم السلام و حكی مشاهدة الجن عن كثیر من العقلاء و أرباب المكاشفات من الأولیاء فلا وجه لنفیها كما لا سبیل إلی إثباتها بالأدلة العقلیة ثم ذكر طریقة المتألهین من الحكماء و قولهم بالعالم بین العالمین و عالم المثال و أنهم جعلوا الملائكة و الجن و الشیاطین و الغیلان من هذا العالم و قد مضی بعض الكلام فیه.

ص: 285

الثانیة اختلف أصحابنا و المخالفون فی أن إبلیس هل كان من الملائكة أم لا فالذی ذهب إلیه أكثر المتكلمین من أصحابنا و غیرهم أنه لم یكن من الملائكة و قد مرت الأخبار الدالة علیه قال الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی كتاب المقالات إن إبلیس من الجن خاصة و إنه لیس من الملائكة و لا كان منها قال اللّٰه تعالی إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ (1) و جاءت الأخبار متواترة عن أئمة الهدی من آل محمد علیهم السّلام بذلك و هو مذهب الإمامیة كلها و كثیر من المعتزلة و أصحاب الحدیث (2) انتهی.

و ذهب طائفة من المتكلمین إلی أنه منهم و اختاره من أصحابنا شیخ الطائفة روح اللّٰه روحه فی التبیان و قال و هو المروی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و الظاهر فی تفاسیرنا ثم قال رحمه اللّٰه ثم اختلف من قال كان منهم فمنهم من قال إنه كان خازنا علی الجنان و منهم من قال كان له سلطان سماء الدنیا و سلطان الأرض و منهم من قال إنه كان یوسوس ما بین السماء و الأرض (3)

انتهی.

و احتج الأولون بوجوه أحدها قوله تعالی إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ قالوا و متی أطلق لفظ الجن لم یجز أن یعنی به إلا الجنس المعروف الذی یقابل بالإنس فی الكتاب الكریم.

و أجیب عنه بوجهین الأول أن معنی كانَ مِنَ الْجِنِ صار من الجن كما أن قوله وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ معناه صار من الكافرین ذكر ذلك الأخفش و جماعة من أهل اللغة.

الثانی أن إبلیس كان من طائفة من الملائكة یسمون جنا من حیث كانوا خزنة الجنة و قیل سموا جنا لاجتنانهم من العیون و استشهدوا بقول الأعشی فی سلیمان علیه السلام:

و سخر من جن الملائك تسعة***قیاما لدیه یعملون بلا أجر

ص: 286


1- 1. الكهف: 51.
2- 2. اوائل المقالات: 110.
3- 3. التبیان 1: 150 و 151.

و رد الأول بأنه خلاف الظاهر فلا یصار إلیه إلا لدلیل (1).

و ثانیها قوله تعالی لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (2) فنفی عن الملائكة المعصیة نفیا عاما فوجب أن لا یكون إبلیس منهم.

و أجیب عنه بأنه قوله تعالی لا یَعْصُونَ صفة لخزنة النیران لا لمطلق الملائكة یدل علیه قوله تعالی عَلَیْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ (3) و لا یلزم من كونهم معصومین كون الجمیع كذلك و یرد علیه أن الدلائل الدالة علی عصمة الملائكة كثیرة و قد مر كثیر منها.

و ثالثها أن إبلیس له نسل و ذریة قال تعالی أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ(4) و الملائكة لا ذریة لهم لأنه لیس فیهم أنثی لقوله تعالی وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً(5) و الذریة إنما تحصل من الذكر و الأنثی.

و یمكن الجواب عنه بعد تسلیم دلالة الآیة علی السلب الكلی بأن انتفاء الأنثی فیهم لا یدل علی انتفاء الذریة كما أن الشیاطین لیس فیهم أنثی مع أن لهم ذریة كما مر أن ذریة إبلیس من نفسه و أنه یبیض و یفرخ.

و قال الشیخ رحمه اللّٰه فی التبیان من قال إن إبلیس له ذریة و الملائكة لا ذریة لهم و لا یتناكحون و لا یتناسلون فقد عول علی خبر غیر معلوم (6).

و رابعها أن الملائكة رسول اللّٰه لقوله جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا(7) و رسل اللّٰه معصومون لقوله سبحانه اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ (8) و لا یجوز علی رسل اللّٰه الكفر

ص: 287


1- 1. فی النسخة المخطوطة: بدلیل.
2- 2. التحریم: 9.
3- 3. التحریم: 9.
4- 4. الكهف: 51.
5- 5. الزخرف: 15.
6- 6. التبیان 7: 57.
7- 7. فاطر: 1.
8- 8. الأنعام: 124.

و العصیان ملائكة كانوا أم بشرا.

و أجیب بأنه لیس المراد بالآیة العموم لقوله تعالی اللَّهُ یَصْطَفِی مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ (1) قال فی التبیان و كلمة من للتبعیض بلا خلاف (2).

و لو لم یكن كذلك لجاز لنا أن نخص هذا العموم بقوله تعالی إِلَّا إِبْلِیسَ لأن حمل الاستثناء علی أنه منقطع حمل له علی المجاز كما أن تخصیص العموم مجاز و إذا تعارضا سقطا لو لم یكن التخصیص أولی (3).

و استدلوا علی مغایرة الجن للملائكة بأن الملائكة روحانیون مخلوقون من الریح فی قول بعضهم و من النور فی قول بعضهم و لا یطعمون و لا یشربون و الجن خلقوا من النار لقوله تعالی وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (4) و قد ورد فی الأخبار النهی عن التمسح بالعظم و الروث لكونهما طعاما لهم و لدوابهم.

و أجیب بمنع المقدمات قال فی التبیان الأكل و الشرب لو علم فقدهما فی الملائكة فلا نعلم أن إبلیس كان یأكل و یشرب و قد قیل إنهم یتشممون الطعام و لا یأكلونه (5) انتهی.

و استدل أیضا بقوله تعالی وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً ثُمَّ یَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِیَّاكُمْ كانُوا یَعْبُدُونَ قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِیُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا یَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (6) و عورض بقوله تعالی وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً(7) لأن قریشا قالت الملائكة بنات اللّٰه فرد اللّٰه علیهم بقوله سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ (8)

ص: 288


1- 1. الحجّ: 75.
2- 2. لم یذكر فیه قوله: بلا خلاف، نعم ذكر فی ج 7: 342: عند أهل اللغة.
3- 3. التبیان 1: 153.
4- 4. الحجر: 27.
5- 5. التبیان 7: 57: لم یذكر فیه قوله: و قد قیل و لعله فی موضع آخر.
6- 6. سبأ: 40 و 41.
7- 7. الصافّات: 159 و 160.
8- 8. الصافّات: 159 و 160.

و أجیب بالمنع فإنه فسرت الآیة بوجوه أخری منها أن المراد به قول الزنادقة إن اللّٰه و إبلیس أخوان أو أن اللّٰه خلق النور و الخیر و الحیوان النافع و إبلیس خلق الظلمة و الشر و الحیوان الضار و بعضهم أشركوا الشیطان فی عبادة اللّٰه تعالی و ذلك هو النسب الذی جعلوه بینه سبحانه و بین الجنة.

و منها أنهم قالوا صاهر اللّٰه الجن فحدثت الملائكة.

و احتج القائلون بأنه من الملائكة بوجهین الأول أن اللّٰه تعالی استثناه من الملائكة و الاستثناء یفید إخراج ما لولاه لدخل و ذلك یوجب كونه من الملائكة.

و أجیب بأن الاستثناء هاهنا منقطع و هو مشهور فی كلام العرب كثیر فی كلامه تعالی قال سبحانه لا یَسْمَعُونَ فِیها لَغْواً وَ لا تَأْثِیماً إِلَّا قِیلًا سَلاماً سَلاماً(1) و قال لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ (2) و أیضا فلأنه كان جنیا واحدا بین الألوف من الملائكة فغلبوا علیه فی قوله فَسَجَدُوا ثم استثنی هو منهم استثناء واحد منهم و قد كان مأمورا بالسجود معهم فلما دخل معهم فی الأمر جاز إخراجه بالاستثناء منهم.

و رد بأن كل واحد من هذین الوجهین علی خلاف الأصل فلا یصار إلیه إلا عند الضرورة و الدلائل التی ذكرتموها فی نفی كونه من الملائكة لیس فیها إلا الاعتماد علی العمومات فلو جعلناه من الملائكة لزم تخصیص ما عولتم علیه من العمومات و لو قلنا إنه لیس من الملائكة لزمنا حمل الاستثناء علی المنقطع و معلوم أن تخصیص العموم أكثر فی كتاب اللّٰه من حمل الاستثناء علی المنقطع فكان قولی أولی و أما قولكم إنه جنی واحد بین الألوف من الملائكة فغلبوا علیه فنقول إنما یغلب الكثیر علی القلیل إذا كان ذلك القلیل ساقط العبرة غیر ملتفت إلیه و أما إذا كان معظم الحدیث لیس إلا عن ذلك الواحد لم یجز تغلیب غیره علیه و فیه نظر.

الثانی أنه لو لم یكن من الملائكة لما كان قوله تعالی وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ

ص: 289


1- 1. الواقعة: 26.
2- 2. النساء: 28.

اسْجُدُوا متناولا له فلا یكون تركه للسجود إباء و استكبارا و معصیة و لما استحق الذم و العقاب فعلم أن الخطاب كان متناولا له و لا یتناوله الخطاب إلا إذا كان من الملائكة.

و أجیب بأنه و إن لم یكن من الملائكة إلا أنه نشأ منهم و طالت خلطته بهم و التصق بهم فلا جرم تناوله ذلك الخطاب و أیضا یجوز أن یكون مأمورا بالسجود بأمر آخر و یكون قوله تعالی ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ إشارة إلی ذلك الأمر و رد الأول بأن مخالطته لهم لا یوجب توجه الخطاب إلیه كما حقق فی موضعه و الثانی بأن ظاهر قوله تعالی وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ الآیة أن الإباء و العصیان إنما حصل بمخالفة هذا الأمر لا بمخالفة أمر آخر.

هذا ما قیل أو یمكن أن یقال فی هذا المقام لكن الظاهر من أكثر الأخبار و الآثار عدم كونه من الملائكة و أنه لما كان مخلوطا بهم و توجه الخطاب إلیهم شمله هذا الخطاب و قوله تعالی وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ مبنی علی التغلیب الشائع فی الكلام و أما ما یشعر

به كلام الشیخ رحمه اللّٰه فی التبیان من ورود الأخبار(1) بأن إبلیس كان من الملائكة فلم نظفر بها و إن ورد فی بعضها فهو نادر مؤول.

و قال رحمه اللّٰه و أما ما روی عن ابن عباس من أن الملائكة كانت تقاتل الجن فسبی إبلیس و كان صغیرا فكان مع الملائكة(2)

فتعبد معها فلما أمروا بالسجود لآدم سجدوا إلا إبلیس (3)

فلذلك قال تعالی إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ فإنه خبر واحد لا یصح و المعروف عن ابن عباس أنه كان (4) من الملائكة ف أَبی وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ (5)

ص: 290


1- 1. راجع التبیان 1: 150 و 151.
2- 2. فی المصدر:« كان صغیرا مع الملائكة.
3- 3. فی المصدر: الا إبلیس أبی.
4- 4. فی المصدر: ما قلناه انه كان.
5- 5. التبیان 1: 153.

الثالثة لا خلاف فی أن الجن و الشیاطین مكلفون و أن كفارهم فی النار معذبون و أما أن مؤمنهم یدخلون الجنة فقد اختلف فیه العامة و لم أر لأصحابنا فیه تصریحا.

قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی تَفْسِیرِهِ: سُئِلَ الْعَالِمُ علیه السّلام عَنْ مُؤْمِنِی الْجِنِّ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ لِلَّهِ حَظَائِرُ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ یَكُونُ فِیهَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ وَ فُسَّاقُ الشِّیعَةِ(1).

و لا خلاف فی أن نبینا صلی اللّٰه علیه و آله مبعوث علیهم و أما سائر أولی العزم علیهم السّلام فلم یتحقق عندی بعثهم علیهم نفیا أو إثباتا و إن كان بعض الأخبار یشعر بكونهم مبعوثین علیهم و لا بد فی إثبات الحجة علیهم من بعثة نبی علیهم منهم أو بعثة الأنبیاء من الإنس علیهم أیضا و قد مر أنه بعث فیهم نبی یقال له یوسف و قد مضی كلام الطبرسی رحمه اللّٰه و الأقوال التی ذكرها فی ذلك. الرابعة فیما ذكره المخالفون فی ذلك و روایاتهم التی رووها فی خواصهم و أنواعهم و أحكامهم قال الدمیری فی كتاب حیاة الحیوان إن الجن أجسام هوائیة قادرة علی التشكل بأشكال مختلفة لها عقول و أفهام و قدرة علی الكلام و الأعمال الشاقة و هم خلاف الإنس الواحد جنی و یقال إنما سمیت بذلك لأنها تبقی و لا تری

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ الْحَسَنِیِ (2) أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ فَصِنْفٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ یَطِیرُونَ بِهَا فِی الْهَوَاءِ وَ صِنْفٌ حَیَّاتٌ وَ صِنْفٌ یَحُلُّونَ وَ یَظْعَنُونَ.

و كذلك رواه الحاكم و قال صحیح الإسناد

وَ رَوَی أَبُو الدُّنْیَا فِی كِتَابِ مَكَایِدِ الشَّیْطَانِ مِنْ حَدِیثِ أَبِی الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ حَیَّاتٌ وَ عَقَارِبُ وَ خَشَاشُ

ص: 291


1- 1. تفسیر القمّیّ: 664.
2- 2. هكذا فی الكتاب و فیه وهم و الصحیح كما فی المصدر:[ عن ابی ثعلبة الخشنی] قال ابن الأثیر فی اللباب 1: 374: الخشنی بضم الخاء و فتح الشین و فی آخرها نون. هذه النسبة الی قبیلة و قریة، أما القبیلة فهی من قضاعة نسبة الی خشین بن النمر بن وبرة بن تغلب بن عمران بن حلوان بن الحاف بن قضاعة، منها أبو ثعلبة الخشنی.

الْأَرْضِ وَ صِنْفٌ كَالرِّیحِ فِی الْهَوَاءِ وَ صِنْفٌ عَلَیْهِمُ الْحِسَابُ وَ الْعِقَابُ وَ خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ صِنْفٌ كَالْبَهَائِمِ (1) لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا یَسْمَعُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْیُنٌ لا یُبْصِرُونَ بِها وَ صِنْفٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِی آدَمَ وَ أَرْوَاحُهُمْ أَرْوَاحُ الشَّیَاطِینِ وَ صِنْفٌ كَالْمَلَائِكَةِ فِی ظِلِّ اللَّهِ یَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.

و أجمع المسلمون علی أن نبینا محمد صلی اللّٰه علیه و آله مبعوث إلی الجن كما هو مبعوث إلی الإنس قال اللّٰه تعالی وَ أُوحِیَ إِلَیَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ (2) و الجن بلغهم القرآن و قال تعالی وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ (3) الآیة و قال تَبارَكَ الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلی عَبْدِهِ لِیَكُونَ لِلْعالَمِینَ نَذِیراً(4) و قال وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً(5) لِلْعالَمِینَ (6) وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ (7) و قال الجوهری الناس قد تكون من الجن و الإنس و قال تعالی خطابا لفریقین سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَیُّهَ الثَّقَلانِ فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (8) و الثقلان الجن و الإنس سمیا بذلك لأنهما ثقلا الأرض و قیل لأنهما مثقلان بالذنوب و قال وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (9) و لذلك قیل إن من الجن مقربین و أبرارا كما أن من الإنس كذلك و خالف فی ذلك أبو حنیفة و اللیث فقال ثواب

ص: 292


1- 1. فی المصدر: كالبهائم قال اللّٰه عزّ و جلّ: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا. و قال تعالی: لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِها. ذكر الآیة بتمامها.
2- 2. الأنعام: 19.
3- 3. الأحقاف: 29.
4- 4. الفرقان: 1.
5- 5. الأنبیاء: 107.
6- 6. فی المصدر: و قال تعالی.
7- 7. سبأ: 28.
8- 8. الرحمن: 31 و 32.
9- 9. الرحمن: 46.

المؤمنین منهم أن یجاروا من العذاب و خالفهم الأكثرون (1) حتی أبو یوسف و محمد و لیس لأبی حنیفة و اللیث حجة إلا قوله تعالی یُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ (2) و قوله فَمَنْ یُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا یَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً(3) فلم یذكر فی الآیتین ثوابا غیر النجاة من العذاب.

و الجواب من وجهین أحدهما أن الثواب مسكوت عنه.

و الثانی أن ذلك من قول الجن و یجوز أن یكونوا لم یطلعوا إلا علی ذلك و خفی علیهم ما أعد اللّٰه لهم من الثواب و قیل إنهم إذا دخلوا الجنة لا یكونون مع الإنس بل یكونون فی ربضها(4)

و فی الحدیث عن ابن عباس قال الخلق كلهم أربعة أصناف فخلق فی الجنة كلهم و هم الملائكة و خلق فی النار كلهم و هم الشیاطین و خلق فی الجنة و النار و هم الجن و الإنس لهم الثواب و علیهم العقاب و فیه شی ء(5) و هو أن الملائكة لا یثابون بنعیم الجنة.

و من المستغربات ما رواه أحمد بن مروان المالكی الدینوری عن مجاهد أنه سئل عن الجن المؤمنین أ یدخلون الجنة فقال یدخلونها و لكن لا یأكلون فیها و لا یشربون بل یلهمون التسبیح و التقدیس فیجدون فیه ما یجد أهل الجنة من لذیذ الطعام و الشراب.

و یدل علی عموم بعثته صلی اللّٰه علیه و آله من السنة أحادیث منها مَا رَوَی مُسْلِمٌ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أُعْطِیتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَ أُرْسِلْتُ إِلَی النَّاسِ (6) كَافَّةً.

ص: 293


1- 1. فی المصدر: و خالفهما الاكثرون.
2- 2. الأحقاف: 31.
3- 3. الجن: 13.
4- 4. الربض: مأوی الغنم. مسكن القوم. ما حول المدینة من بیوت و مساكن سور المدینة.
5- 5. أی فی الحدیث شی ء من الغرابة.
6- 6. بناء علی ما تقدم من قول الجوهریّ: الناس قد تكون من الجن و الانس.

وَ فِیهِ مِنْ حَدِیثِ جَابِرٍ: وَ بُعِثْتُ إِلَی كُلِّ أَحْمَرَ وَ أَسْوَدَ.

«14»- وَ فِیهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ لَیْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِی الْأَوْدِیَةِ وَ الشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِیرَ أَوْ اغْتِیلَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَیْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءَ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ فَقُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَیْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ قَالَ أَتَانِی دَاعِی الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ وَ قَرَأْتُ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنَ فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَ نِیرَانِهِمْ وَ سَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ

ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَیْهِ تَأْخُذُونَهُ فَیَقَعُ فِی أَیْدِیكُمْ أَوْفَرَ مَا كَانَ لَحْماً وَ كُلُّ بَعْرٍ عُلِفَ لِدَوَابِّكُمْ قَالَ فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمُ الْجِنِّ.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: صَلَّی بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ الصُّبْحِ فِی مَسْجِدِ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ أَیُّكُمْ یَتَّبِعُنِی إِلَی وَفْدِ الْجِنِّ اللَّیْلَةَ فَسَكَتَ الْقَوْمُ وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَمَرَّ بِی یَمْشِی فَأَخَذَ بِیَدِی فَجَعَلْتُ أَمْشِی مَعَهُ حَتَّی یَتَبَاعَدَ(1)

عَنَّا جِبَالُ الْمَدِینَةِ كُلُّهَا وَ أَفْضَیْنَا إِلَی أَرْضٍ بَرَازٍ وَ إِذَا رِجَالٌ طِوَالٌ كَأَنَّهُمُ الرِّمَاحُ مُسْتَثْفِرِی (2)

ثِیَابِهِمْ مِنْ بَیْنِ أَرْجُلِهِمْ فَلَمَّا رَأَیْتُهُمْ غَشِیَتْنِی رِعْدَةٌ شَدِیدَةٌ حَتَّی مَا تُمْسِكُنِی رِجْلَایَ مِنَ الْفَرَقِ (3)

فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ خَطَّ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِإِبْهَامِ رِجْلِهِ فِی الْأَرْضِ خَطّاً وَ قَالَ لِی اقْعُدْ فِی وَسَطِهِ فَلَمَّا جَلَسْتُ ذَهَبَ عَنِّی كُلُّ شَیْ ءٍ أَجِدُهُ مِنْ رِیبَةٍ وَ بَقِیَ صلی اللّٰه علیه و آله (4)

بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فَتَلَا قُرْآناً رَفِیعاً حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّی مَرَّ بِی فَقَالَ الْحَقْ بِی فَجَعَلْتُ أَمْشِی مَعَهُ فَمَضَیْنَا غَیْرَ بَعِیدٍ فَقَالَ (5) الْتَفِتْ فَانْظُرْ هَلْ تَرَی حَیْثُ كَانَ أُولَئِكَ مِنْ أَحَدٍ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَی سَوَاداً كَثِیرَةً فَخَفَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأْسَهُ إِلَی الْأَرْضِ

ص: 294


1- 1. فی المصادر: حتی تباعدت.
2- 2. فی المصدر: مستدثری.
3- 3. الفرق: الفزع.
4- 4. فی المصدر: و مضی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
5- 5. فی المصدر: فقال صلّی اللّٰه علیه و آله لی.

فَنَظَمَ (1)

عَظْماً بِرَوْثَةٍ فَرَمَی (2) بِهِ إِلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ هَؤُلَاءِ وَفْدُ جِنِّ نَصِیبِینَ سَأَلُونِیَ الزَّادَ فَجَعَلْتُ لَهُمْ كُلَّ عَظْمٍ وَ رَوْثَةٍ قَالَ الزُّبَیْرُ وَ لَا یَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ یَسْتَنْجِیَ بِعَظْمٍ وَ لَا رَوْثَةٍ.

ثُمَّ رَوَی أَیْضاً عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: اسْتَتْبَعَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةً فَقَالَ إِنَّ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ خَمْسَةَ عَشَرَ بَنُو إِخْوَةٍ وَ بَنُو عَمٍّ یَأْتُونَ اللَّیْلَةَ فَأَقْرَأُ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی أَرَادَ فَجَعَلَ لِی خَطّاً ثُمَّ أَجْلَسَنِی فِیهِ وَ قَالَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ هَذَا فَبِتُّ فِیهِ حَتَّی أَتَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ السَّحَرِ(3) وَ فِی یَدِهِ عَظْمٌ حَائِلٌ وَ رَوْثَةٌ وَ جُمْجُمَةٌ وَ قَالَ إِذَا أَتَیْتَ الْخَلَا فَلَا تَسْتَنْجِ بِشَیْ ءٍ مِنْ هَذَا قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قُلْتُ لَأُعَلِّمَنَّ حَیْثُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَذَهَبْتُ فَرَأَیْتُ مَوْضِعَ سَبْعِینَ بَعِیراً.

وَ فِی كِتَابِ خَبَرِ الْبَشَرِ بِخَیْرِ الْبَشَرِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ ظَفَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (4)

وَ هُوَ بِمَكَّةَ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ یَحْضُرَ اللَّیْلَةَ أَمْرَ الْجِنِ (5) فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّی إِذَا كُنَّا بِأَعْلَی مَكَّةَ خَطَّ لِی خَطّاً ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّی قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِیَتْهُ أُسُودٌ كَثِیرَةٌ فَحَالَتْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ حَتَّی مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ ثُمَّ انْطَلَقُوا یَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ (6) ذَاهِبِینَ حَتَّی بَقِیَ مِنْهُمْ رَهْطٌ ثُمَّ أَتَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا فَعَلَ الرَّهْطُ قُلْتُ هُمْ أُولَئِكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَ عَظْماً وَ رَوْثاً فَأَعْطَاهُمْ إِیَّاهُ وَ نَهَی أَنْ یَسْتَطِیبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ.

و فی إسناده ضعف و فیه أیضا عن بلال بن الحارث قال نزلنا مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی بعض أسفاره بالعرج فتوجهت نحوه فلما قاربته سمعت لغطا(7)

و خصومة

ص: 295


1- 1. المصدر: فنظر عظما و روثا.
2- 2. فی المصدر: فرمی بهما.
3- 3. فی المصدر: مع السحر.
4- 4. فی المصدر: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لاصحابه.
5- 5. فی المصدر: أمر الجن فلینطلق معی.
6- 6. فی المصدر: كما یتقطع السحاب.
7- 7. فی المصدر: سمعت لغة.

رجال لم أسمع أحد من ألسنتهم فوقفت حتی جاء النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو یضحك فقال اختصم إلی الجن المسلمون و الجن المشركون و سألونی أن أسكنهم فأسكنت المشركین الغور(1)

كل مرتفع من الأرض جلس و نجد و كل منخفض غور.

وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِینَ إِلَی سُوقِ عُكَاظٍ وَ قَدْ حِیلَ بَیْنَ الشَّیَاطِینِ وَ بَیْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعَتِ الشَّیَاطِینُ إِلَی قَوْمِهِمْ فَقَالُوا مَا لَكُمْ قَدْ حِیلَ (2) بَیْنَنَا وَ بَیْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَ أُرْسِلَتْ عَلَیْنَا الشُّهُبُ قَالُوا(3)

مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَیْ ءٍ حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا فَالْتَقَی الَّذِینَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابَهُ وَ هُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِینَ إِلَی سُوقِ عُكَاظٍ وَ هُوَ یُصَلِّی بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ أَنْصَتُوا(4)

وَ قَالُوا هَذَا الَّذِی حَالَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَ رَجَعُوا إِلَی قَوْمِهِمْ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً الْآیَتَیْنِ (5).

و هذا الذی ذكره ابن عباس أول ما كان من أمر الجن مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لم یكن النبی صلی اللّٰه علیه و آله رآهم إذ ذاك إنما أوحی إلیه بما كان منهم.

روی الشافعی و البیهقی أن رجلا من الأنصار خرج یصلی العشاء فسبته الجن و فقد أعواما و تزوجت امرأته ثم أتی المدینة فسأله عمر عن ذلك فقال اختطفتنی الجن فلبثت فیهم زمانا طویلا فغزاهم جن مؤمنون فقاتلوهم فظهروا علیهم فسبوا منهم سبایا و سبونی معهم فقالوا نراك رجلا مسلما و لا یحل لنا سباؤك فخیرونی بین المقام عندهم أو القفول إلی أهلی فاخترت أهلی فأتوا بی إلی المدینة فقال له عمر ما كان طعامهم (6).

ص: 296


1- 1. فی المصدر:[ فأسكنت المسلمین الجلس و اسكنت المشركین الغور] أقول: الظاهر أن الحدیث ینتهی بذلك، و الباقی كلام الدمیری.
2- 2. فی المصدر: فقالوا: مالكم؟ قالوا حیل.
3- 3. فی المصدر: فقالوا.
4- 4. فی المصدر: أنصتوا له:
5- 5. الجن: 1 و 2.
6- 6. أی طعام مشركیهم، لان مؤمنیهم قد مر ان طعامهم ممّا یذكر اسم اللّٰه علیه.

قال الفول (1)

و ما لم یذكر اسم اللّٰه علیه قال فما كان شرابهم قال الجذف و هو الرغوة لأنها تجذف عن الماء و قیل نبات یقطع و یؤكل و قیل كل إناء كشف عنه غطاؤه.

و أما الإجماع فنقل ابن عطیة و غیره الاتفاق علی أن الجن متعبدون بهذه الشریعة علی الخصوص و أن نبینا محمدا صلی اللّٰه علیه و آله مبعوث إلی الثقلین.

فإن قیل لو كانت الأحكام بجملتها لازمة لهم لكانوا یترددون إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله یتعلمونها(2) و لم ینقل أنهم أتوه إلا مرتین بمكة و قد تجدد بعد ذلك أكثر الشریعة.

قلنا لا یلزم من عدم النقل عدم اجتماعهم به و حضورهم مجلسه و سماعهم كلامه من غیر أن یراهم المؤمنون و یكون (3)

صلّی اللّٰه علیه و آله یراهم هو و لا یراهم أصحابه فإن اللّٰه تعالی یقول عن رأس الجن إِنَّهُ یَراكُمْ هُوَ وَ قَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ (4) فقد یراهم هو صلی اللّٰه علیه و آله بقوة یعطیها اللّٰه له زائدة علی قوة أصحابه و قد یراهم بعض الصحابة فی بعض الأحوال كما رأی أبو هریرة الشیطان الذی یسرق (5)

من زكاة رمضان كما رواه البخاری.

فإن قیل فما تقول فیما حكی عن بعض المعتزلة أنه ینكر وجود الجن قلنا عجب (6) أن یثبت ذلك عمن صدق بالقرآن و هو ناطق بوجودهم

وَ رَوَی الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ وَ النَّسَائِیُّ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ عِفْرِیتاً مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَیَّ الْبَارِحَةَ یُرِیدُ أَنْ یَقْطَعَ عَلَیَّ صَلَاتِی فَذَعَتُّهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَ الْعَیْنِ الْمُهْمَلَةِ أَیْ خَنَقْتُهُ وَ أَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ فِی سَوَارَیِ الْمَسْجِدِ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِی سُلَیْمَانَ علیه السلام وَ قَالَ إِنَ

ص: 297


1- 1. الفول: الباقلی.
2- 2. فی المصدر: حتی یتعلمونها.
3- 3. فی المصدر: و یكون هو صلّی اللّٰه علیه و آله یراهم.
4- 4. الأعراف: 26.
5- 5. فی المصدر: الشیطان الذی أتاه لیسرق.
6- 6. فی المصدر: عجیب.

بِالْمَدِینَةِ جِنّاً قَدْ أَسْلَمُوا وَ قَالَ لَا یَسْمَعُ نِدَاءَ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ (1)

جِنٌّ وَ لَا إِنْسٌ وَ لَا شَیْ ءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

وَ رَوَی مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ قَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِینُهُ مِنَ الْجِنِّ قَالُوا وَ إِیَّاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَ إِیَّایَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِی عَلَیْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا یَأْمُرُنِی إِلَّا بِخَیْرٍ.

و روی فأسلم بفتح المیم و ضمها و صحح الخطابی الرفع و رجح القاضی عیاض و النووی الفتح و أجمعت الأمة علی عصمة النبی صلی اللّٰه علیه و آله من الشیطان و إنما المراد تحذیر غیره من فتنة القرین و وسوسته و إغوائه و أعلمنا أنه معنا لنتحرز منه بحسب الإمكان و الأحادیث فی وجود الجن و الشیاطین لا تحصی و كذلك أشعار العرب و أخبارها فالنزاع فی ذلك مكابرة فیما هو معلوم بالتواتر ثم إنه أمر لا یحیله العقل و لا یكذبه الحس و لذلك جرت التكالیف علیهم و مما اشتهر أن سعد بن عبادة(2) لما لم یبایعه الناس و بایعوا أبا بكر سار إلی الشام فنزل حوران و أقام بها إلی أن مات فی سنة خمس عشرة و لم یختلفوا فی أنه وجد میتا فی مغتسله بحوران و أنهم لم یشعروا بموته (3)

حتی سمعوا قائلا یقول:

نحن قتلنا سید الخزرج سعد بن عبادة***فرمیناه بسهمین و لم نخط فؤاده

فحفظوا ذلك الیوم فوجدوه الیوم الذی مات فیه و وقع فی صحیح مسلم أنه شهد بدرا

ص: 298


1- 1. فی المصدر: مدی صوت المؤذن.
2- 2. لما تخلف سعد عن بیعة أبی بكر و بعده عن بیعة عمر كان ذلك قدحا فی امرهما فأرسل عمر محمّد بن سلمة الأنصاریّ و خالد بن الولید من المدینة لیقتلاه فرمی كل واحد منهما إلیه سهما فقتلاه، و كان مصلحة الوقت یوجب ستره عن العامّة فنسبوه الی الجن، قال ابن أبی الحدید فی شرح النهج: ان رجلا من العامّة سأل شیعیا: لم سكت علی علیه السّلام عن المطالبة بحقه الذی تزعمونه حتّی أمات نفسه و هو صاحب ما هو صاحبه من المآثر المشهورة؟ فقال له: انه خاف أن تقتله الجن!!.
3- 3. فی المصدر: و انهم لم یشعروا بموته بمدینة.

و روی عن حجاج بن علاط السلمی أنه قدم مكة فی ركب فأجنهم اللیل بواد مخوف موحش فقال له أهل الركب قم فخذ لنفسك أمانا و لأصحابك فجعل لا ینام بل یطوف بالركب و یقول:

أعیذ نفسی و أعیذ صحبی***من كل جنی بهذا النقب

حتی أعود سالما و ركبی

فسمع قائلا یقول یا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الآیة(1)

فلما قدم مكة أخبر كفار قریش بما سمع فقالوا صبأت (2)

یا أبا كلاب إن هذا یزعم أنه أنزل علی محمد(3)

فقال و اللّٰه لقد سمعته و سمعه هؤلاء معی ثم أسلم و حسن إسلامه و هاجر إلی المدینة و ابتنی بها مسجدا یعرف به.

و قال محمد بن الحسن الأبرسی قال الربیع سمعت الشافعی یقول من زعم من أهل العدالة أنه یری الجن أبطلنا شهادته لقوله تعالی إِنَّهُ یَراكُمْ هُوَ وَ قَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إلا أن یكون الزاعم نبیا.

و عد ابن سعد و الطبرانی و الحافظ و أبو موسی (4)

و غیرهم عمرو بن جابر الجنی فی الصحابة فرووا بأسانیدهم عن صفوان بن المعطل السلمی أنه قال خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذا نحن بحیة تضطرب فلم نلبث أن ماتت فأخرج لها رجل منا خرقة فلفها فیها ثم حفر لها فی الأرض ثم قدمنا مكة فأتینا المسجد الحرام فوقف علینا رجل فقال أیكم صاحب عمرو بن جابر قلنا ما نعرفه قال أیكم صاحب الجان قالوا هذا قال جزاك اللّٰه (5) خیرا أما إنه كان آخر التسعة الجن (6)

ص: 299


1- 1. الرحمن: 33.
2- 2. صبأ الرجل: خرج من دین الی دین آخر. تدین بدین الصابئین، و كان مشركو مكّة یسمعون من دخل فی الإسلام صابئا.
3- 3. فی المصدر: ان هذا الذی قلته یزعم محمّد انه انزل علیه.
4- 4. فی المصدر: و الحافظ ابی موسی.
5- 5. فی المصدر: جزاك اللّٰه عنا خیرا.
6- 6. فی المصدر: من الجن.

الذین سمعوا القرآن من النبی صلی اللّٰه علیه و آله موتا و كذا رواه الحاكم فی المستدرك.

و ذكر ابن أبی الدنیا عن رجل من التابعین أن حیة دخلت علیه فی خبائه تلهث عطشا فسقاها ثم إنها ماتت فدفنها فأتی له من اللیل فسلم علیه و شكر و أخبر أن تلك الحیة كانت رجلا صالحا من جن نصیبین اسمه زوبعة.

قال و بلغنا من فضائل عمر بن عبد العزیز أنه كان یمشی بأرض فلاة فإذا حیة میتة فكفنها بفضلة من ردائه (1)

فإذا قائل یقول یا سرق أشهد لقد سمعت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقول لك ستموت بأرض فلاة فیكفنك و یدفنك رجل صالح فقال و من أنت یرحمك اللّٰه فقال أنا من الجن الذین سمعوا القرآن من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لم یبق منهم إلا أنا(2) و هذا الذی قد مات (3).

«14»- وَ رَوَی الْبَیْهَقِیُّ فِی دَلَائِلِهِ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ قَالَ: قَاتَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْإِنْسَ وَ الْجِنَ (4)

فَسُئِلَ عَنْ قِتَالِ الْجِنِّ فَقَالَ أَرْسَلَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی بِئْرٍ أَسْتَقِی مِنْهَا فَلَقِیتُ (5) الشَّیْطَانَ فِی صُورَتِهِ حَتَّی قَاتَلَنِی (6) فَصَرَعْتُهُ ثُمَّ جَعَلْتُ أَدْمِی أَنْفَهُ بِفِهْرٍ كَانَ مَعِی أَوْ حَجَرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَصْحَابِهِ إِنَّ عَمَّاراً لَقِیَ الشَّیْطَانَ عِنْدَ بِئْرٍ فَقَاتَلَهُ فَلَمَّا رَجَعْتُ سَأَلَنِی فَأَخْبَرْتُهُ الْأَمْرَ.

و كان أبو هریرة یقول إن عمار بن یاسر أجاره اللّٰه من الشیطان علی لسان نبیه صلی اللّٰه علیه و آله و هذا الذی أشار إلیه البخاری بما رواه (7)

ص: 300


1- 1. فی المصدر: من ردائه و دفنها.
2- 2. فی المصدر: و سرق هذا.
3- 3. قد عرفت فی حكایة صفوان قبل ذلك أن آخر التسعة مات فی زمانها فلم یبق أحد من التسعة حتّی یكفنه و یدفنه عمر بن عبد العزیز هذا، و صفوان بن المعطل من الصحابة مات سنة ثمان و خمسین علی ما قیل و عمر بن عبد العزیز مات سنة احدی و مائة و له أربعون سنة.
4- 4. فی المصدر: الجن و الانس.
5- 5. فی المصدر: فرأیت.
6- 6. فی المصدر: فصارعنی.
7- 7. فی المصدر: و قد أشار إلیه البخاری فیما رواه.

عن إبراهیم النخعی قال ذهب علقمة إلی الشام فلما دخل المسجد قال اللّٰهم ارزقنی (1)

جلیسا صالحا فجلس إلی أبی الدرداء فقال أبو الدرداء ممن أنت قال من أهل الكوفة قال أ لیس فیكم أو منكم صاحب السر الذی لا یعلمه غیره یعنی حذیفة قال قلت بلی قال أ لیس فیكم أو منكم الذی أجاره اللّٰه من الشیطان علی لسان نبیه یعنی عمارا قلت بلی قال أ لیس فیكم أو منكم صاحب السواك أو السوار(2)

قلت بلی قال كیف كان عبد اللّٰه یقرأ وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّی قلت و الذكر و الأنثی الحدیث.

و فی كتاب خبر البشر بخیر البشر عن عبید المكتب عن إبراهیم قال خرج نفر من أصحاب عبد اللّٰه بن مسعود یریدون (3)

الحج حتی إذا كانوا ببعض الطریق رأوا حیة بیضاء تثنی علی الطریق یفوح منها ریح المسك فقال قلت لأصحابی امضوا فلست ببارح حتی أری ما ذا یصیر إلیه أمره فما لبثت أن ماتت فظننت به الخیر لمكان الرائحة الطیبة فكفنته فی خرقة ثم نحیتها عن الطریق و أدركت أصحابی فی المتعشی قال فو اللّٰه إنا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب فقالت واحدة منهن أیكم دفن عمرا فقلنا من عمرو فقالت أیكم دفن الحیة قال قلت أنا قالت أما و اللّٰه لقد دفنت صواما قواما یؤمن بما أنزل اللّٰه و لقد آمن بنبیكم و سمع

صفته فی السماء قبل أن یبعث بأربعمائة سنة قال فحمدت اللّٰه ثم قضینا حجنا ثم مررت بعمر فأخبرته خبر الحیة(4)

فقال صدقت سمعت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقول فیه هذا.

و فیه أیضا عن ابن عمر قال كنت عند عثمان إذ جاءه رجل فقال أ لا أحدثك بعجب (5) قال بلی قال بینما أنا بفلاة من الأرض رأیت عصابتین قد التقتا ثم

ص: 301


1- 1. فی المصدر: اللّٰهمّ یسر لی.
2- 2. فی المصدر: و الوساد.
3- 3. فی المصدر: و أنا معهم یریدون.
4- 4. فی المصدر: الحیة و المرأة.
5- 5. فی المصدر: بعجیب.

افترقتا قال فجئت معتركهما قال فإذا أنا من الحیات شی ء ما رأیت مثله قط و إذا ریح المسك أجده من حیة منها صفراء دقیقة و ظننت أن تلك الرائحة لخیر فیها فأخذتها فلففتها فی عمامتی ثم دفنتها فبینما أنا أمشی إذا منادیا(1) ینادی هداك اللّٰه إن هذین حیان من أحیاء(2) الجن كان بینهما قتال فاستشهدت الحیة التی دفنت و هو من الذین استمعوا الوحی من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

و فیه أیضا أن فاطمة بنت النعمان النجاریة قالت كان تابع (3) من الجن و كان إذا اقتحم البیت الذی أنا فیه اقتحاما فجاءنی یوما فوقع (4) علی الجدار و لم یصنع كما یصنع فقلت له ما بالك لم تصنع كما كنت تصنع صنیعك قبل فقال إنه قد بعث الیوم نبی یحرم الزنا.

و روی أبو بكر فی رباعیاته و القاضی أبو یعلی عن عبد اللّٰه بن الحسین المصیصی قال دخلت علی طرطوس فقیل له (5)

هاهنا امرأة یقال لها نهوس (6) رأت الجن الذین وفدوا علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأتیتها فإذا هی امرأة مستلقیة علی قفاها فقلت رأیت أحدا من الجن الذین وفدوا علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال نعم حدثنی علیة(7)

بن سمحج و سماه النبی صلی اللّٰه علیه و آله عبد اللّٰه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (8): مَا مِنْ مَرِیضٍ یُقْرَأُ

ص: 302


1- 1. فی المصدر: إذا بمناد.
2- 2. فی نسخة من حیات.
3- 3. فی المصدر: قد كان لی تابع.
4- 4. فی المصدر: فوقف.
5- 5. فی المصدر: دخلت طرطوس فقیل لی.
6- 6. فی أسد الغابة: منوس.
7- 7. فی نسخة:[ عبد علیة بن سمج] و فی المصدر:[ حدّثنی سمحج] و هو الصحیح راجع أسد الغابة 2: 353.
8- 8. فی المصدر: قال قلت یا رسول اللّٰه أین كان ربّنا قبل السماوات و الأرض؟ قال: علی حوت من نور یتلجلج فی النور، قالت: قال: تعنی سمحج و سمعته صلّی اللّٰه علیه و آله یقول: ما من مریض.

عِنْدَهُ یس إِلَّا مَاتَ وَ دَخَلَ قَبْرَهُ رَیَّاناً وَ حشره [حُشِرَ] یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَیَّاناً(1).

وَ فِی أُسْدِ الْغَابَةِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَارِجاً مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ إِذْ أَقْبَلَ شَیْخٌ مُتَّكِئٌ (2) عَلَی عُكَّازَةٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مِشْیَةَ جِنِّیٍّ وَ نَغْمَتَهُ قَالَ أَجَلْ قَالَ مِنْ أَیِّ الْجِنِّ قَالَ أَنَا هَامَةُ بْنُ الْهِیمِ أَوْ أَبِی هِیمِ بْنِ لَاقِیسَ بْنِ إِبْلِیسَ قَالَ لَا أَرَی بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ إِلَّا أَبَوَیْنِ قَالَ أَجَلْ قَالَ كَمْ أَتَی عَلَیْكَ قَالَ أَكَلْتُ الدُّنْیَا إِلَّا أَقَلَّهَا كُنْتُ لَیَالِی قَتْلِ قَابِیلَ هَابِیلَ غُلَاماً ابْنَ أَعْوَامٍ فَكُنْتُ أَسْتَوِی (3) عَلَی الْآكَامِ وَ أُوَرِّشُ بَیْنَ الْأَنَامِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله بِئْسَ الْعَمَلُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِی مِنَ الْعَتَبِ فَإِنِّی مِمَّنْ آمَنَ بِنُوحٍ علیه السلام وَ تُبْتُ عَلَی یَدَیْهِ وَ إِنِّی عَاتَبْتُهُ فِی دَعْوَتِهِ فَبَكَی وَ أَبْكَانِی وَ قَالَ إِنِّی وَ اللَّهِ مِنَ النَّادِمِینَ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِینَ وَ لَقِیتُ هُوداً وَ آمَنْتُ بِهِ وَ لَقِیتُ إِبْرَاهِیمَ وَ كُنْتُ مَعَهُ فِی النَّارِ إِذْ أُلْقِیَ فِیهَا وَ كُنْتُ مَعَ یُوسُفَ إِذْ أُلْقِیَ فِی الْجُبِّ فَسَبَقْتُهُ إِلَی قَعْرِهِ وَ كُنْتُ مَعَ شُعَیْبٍ وَ مُوسَی وَ لَقِیتُ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ وَ قَالَ لِی إِنْ لَقِیتَ مُحَمَّداً فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ وَ قَدْ بَلَّغْتُ رِسَالَتَهُ وَ آمَنْتُ بِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلَی عِیسَی وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ مَا حَاجَتُكَ یَا هَامَةُ قَالَ إِنَّ مُوسَی عَلَّمَنِی التَّوْرَاةَ وَ إِنَّ عِیسَی عَلِّمْنِی الْإِنْجِیلَ فَعَلِّمْنِی الْقُرْآنَ فَعَلَّمَهُ.

و فی روایة علمه عشر سور من القرآن و قبض رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لم ینعه إلینا فلا نراه و اللّٰه أعلم إلا حیا.

و فیه أیضا أن عمر بن الخطاب قال ذات یوم لابن عباس حدثنی بحدیث تعجبنی به فقال حدثنی خریم بن فاتك الأسدی أنه خرج یوما فی الجاهلیة فی طلب إبل له قد ضلت فأصابها فی أبرق الغراف و سمی بذلك لأنه یسمع به غریف الجن قال فعقلتها و توسدت ذراع بكر منها ثم قلت أعوذ بعظیم هذا المكان و فی روایة بكبیر هذا الوادی و إذا بهاتف یهتف و یقول:

ص: 303


1- 1. فی المصدر: إلا مات ریان و دخل قبره ریان و حشر یوم القیامة ریان.
2- 2. فی المصدر: یتوكأ.
3- 3. فی المصدر: أتشوف.

تعوذن باللّٰه ذی الجلال (1)***منزل الحرام و الحلال

و وحد اللّٰه و لا تبال***ما هول ذی الجن من الأهوال

فقلت:

یا أیها الداعی ما تخییل (2)***أرشد عنك (3) أم تضلیل

فقال:

هذا رسول اللّٰه ذو الخیرات***جاء بیاسین و حامیمات

و سور بعد مفصلات***یدعو إلی الجنة والنجاة

یأمر بالصوم و بالصلاة***و یزجر الناس عن الهنات

قال فقلت من أنت (4) یرحمك اللّٰه قال أنا مالك بن مالك بعثنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی جن (5)

أهل نجد قال فقلت لو كان لی من یكفینی إبلی هذه لأتیته حتی أؤمن به قال أنا أكفیكها(6) حتی أؤدیها إلی أهلك سالمة إن شاء اللّٰه فاقتعدت (7) بعیرا منها حتی أتیت النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالمدینة فوافقت الناس یوم الجمعة و هم فی الصلاة فإنی أنیخ راحلتی إذ خرج إلی أبو ذر فقال لی یقول لك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ادخل فدخلت فلما رآنی قال ما فعل الشیخ الذی ضمن لك

ص: 304


1- 1. فی المصدر: ویحك عذ باللّٰه ذی الجلال.
2- 2. فی المصدر: فما تخییل.
3- 3. فی المصدر: عندك.
4- 4. فی المصدر: من أنت أیها الهاتف.
5- 5. فی المصدر: الی جن.
6- 6. فی المصدر: فقال: ان أردت الإسلام فأنا أكفیكها حتّی أردها.
7- 7. فی نسخة[ فاعتلقت] و فی المصدر: فامتطیت راحلتی و قصدت المدینة فقدمتها فی یوم جمعة فأتیت المسجد فإذا رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یخطب فأنخت راحلتی بباب المسجد و قلت: ألبث حتّی یفرغ من خطبته فإذا أبو ذر قد خرج فقال: ان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله قد أرسلنی إلیك و هو یقول لك: مرحبا بك قد بلغنی اسلامك فادخل فصل مع الناس، قال: فتطهرت و دخلت فصلیت ثمّ دعانی و قال: ما فعل.

أن یرد إبلك إلی أهلك أما إنه قد أداها(1) إلی أهلك سالمة فقلت رحمه اللّٰه قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أجل رحمه اللّٰه فأسلم و حسن إسلامه.

و فی مسند الدارمی عن الشعبی قال قال عبد اللّٰه بن مسعود لقی رجل من أصحاب رسول اللّٰه (2)

صلی اللّٰه علیه و آله رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسی فقال له الإنسی إنی أراك ضئیلا شخیتا كأن ذراعیك ذراعا كلب فكذلك أنتم معشر الجن أم أنت من بینهم كذلك قال لا و اللّٰه إنی من بینهم لضلیع و لكن عاودنی الثانیة فإن صرعتنی علمتك شیئا ینفعك قال نعم قال فعاوده فصرعه فقال له أ

تقرأ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ قال نعم قال فإنك لا تقرؤها فی بیت إلا خرج منه الشیطان له خبج كخبج الحمار ثم لا یدخل (3) حتی یصبح.

قال الدارمی الضئیل الرقیق (4)

و الشخیت المهزول و الضلیع جید الأضلاع و الخبج الریح قال أبو عبیدة الخبج الضراط.

ثم قال الدمیری یصح انعقاد الجمعة بأربعین مكلفا سواء كانوا من الجن أو من الإنس أو منهما.

قال القمولی لكن نقل (5)

فی مناقب الشافعی أنه كان یقول من زعم من أهل العدالة أنه یری الجن ردت شهادته و عزر لمخالفته قوله تعالی إِنَّهُ یَراكُمْ هُوَ وَ قَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ (6) إلا أن یكون الزاعم نبیا و یحمل قوله علی من

ص: 305


1- 1. فی المصدر: قد ردها.
2- 2. فی المصدر: و فی نسخة: محمّد.
3- 3. فی المصدر: لا یدخله.
4- 4. فی المصدر: الدقیق.
5- 5. فی المصدر: نقل الشیخ أبو الحسن محمّد بن الحسین الابری فی مناقب الشافعی التی الفها عن الربیع أنّه قال: سمعت الشافعی یقول.
6- 6. الأعراف: 27.

ادعی رؤیتهم علی ما خلقوا علیه و قول القمولی علی ما إذا تصورا(1) صور بنی آدم.

و المشهور أن جمیع الجن من ذریة إبلیس و بذلك یستدل علی أنه لیس من الملائكة لأن الملائكة لا یتناسلون لأنهم لیس فیهم إناث و قیل الجن جنس و إبلیس واحد منهم و لا شك أن لهم ذریة(2)

بنص القرآن و من كفر من الجن یقال له شیطان و فی الحدیث لما أراد اللّٰه تعالی أن یخلق لإبلیس نسلا و زوجة ألقی علیه الغضب فطارت منه شظیة من نار فخلق منه امرأته.

و نقل ابن خلكان فی تاریخه فی ترجمة الشعبی أنه قال إنی لقاعد یوما إذ أقبل جمال و معه دن فوضعه ثم جاءنی فقال أنت الشعبی قلت نعم قال أخبرنی هل لإبلیس زوجة فقلت إن ذلك العرس ما شهدته قال ثم ذكرت قوله تعالی أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی فقلت إنه لا یكون ذریة إلا من زوجة فقلت نعم فأخذ دنه و انطلق قال فرأیته یختبرنی (3).

و روی أن اللّٰه تعالی قال لإبلیس لا أخلق لآدم ذریة إلا ذرأت لك مثلها فلیس أحد من ولد آدم (4)

إلا و له شیطان قد قرن به.

و قیل إن الشیاطین فیهم الذكور و الإناث یتوالدون من ذلك و أما إبلیس فإن اللّٰه تعالی خلق له فی فخذه الیمنی ذكرا و فی الیسری فرجا فهو ینكح هذه بهذا فیخرج له كل یوم عشر بیضات (5).

و ذكر مجاهد أن من ذریة إبلیس لاقیس و ولها(6)

و هو صاحب الطهارة

ص: 306


1- 1. فی المصدر: فی صورة.
2- 2. فی المصدر: و لا شك ان الجن ذریته.
3- 3. فی المصدر: فرأیت انه مجتاز بی.
4- 4. فی المصدر: فلیس من ولد آدم أحد الا.
5- 5. زاد فی المصدر: یخرج من كل بیضة سبعون شیطانا و شیطانة.
6- 6. فی المصدر: و ولهان.

و الصلاة و الهفاف و هو صاحب الصحاری و مرة و به یكنی و زلنبور و هو صاحب الأسواق و یزین اللغو و الحلف الكاذب و مدح السلعة و بثر و هو صاحب المصائب یزین خمش الوجوه و لطم الخدود و شق الجیوب و الأبیض و هو الذی یوسوس للأنبیاء و الأعور و هو صاحب الزنا ینفخ فی إحلیل الرجل و عجز المرأة و داسم و هو الذی إذا دخل الرجل بیته و لم یسلم و لم یذكر اسم اللّٰه تعالی دخل معه و وسوس له فألقی الشر بینه و بین أهله فإن أكل و لم یذكر اسم اللّٰه تعالی أكل معه فإذا دخل الرجل بیته و لم یسلم و لم یذكر اللّٰه و رأی شیئا یكره (1) فلیقل داسم داسم أعوذ باللّٰه منه و مطرش (2) و هو صاحب الأخبار یأتی بها فیلقیها فی أفواه الناس و لا یكون لها أصل و لا حقیقة و الأقبض (3)

و أمهم طرطبة و قال النقاش بل هی حاضنتهم و یقال إنه باض ثلاثین بیضة عشرا فی المشرق و عشرا فی المغرب و عشرا فی وسط الأرض و إنه خرج من كل بیضة جنس من الشیاطین كالعفاریت و الغیلان و القطاربة(4) و الجان و أسماء مختلفة كلهم عدو لبنی آدم لقوله تعالی أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ(5) إلا من آمن منهم و كنیة إبلیس أبو مرة.

و اختلف العلماء فی أنه من الملائكة من طائفة(6)

یقال لهم الجن أم لیس من الملائكة و فی أنه اسم عربی أو عجمی (7)

فقال ابن عباس و ابن مسعود و ابن

ص: 307


1- 1. فی المصدر: یكرهه و خاصم أهله فلیقل.
2- 2. فی المصدر: و مطوس.
3- 3. فی المصدر: و الاقنص.
4- 4. فی المصدر: كالغیلان و العقارب و القطارب.
5- 5. الكهف: 51.
6- 6. فی المصدر: و اختلف العلماء فی انه هل من الملائكة من طائفة.
7- 7. و فی المصدر: و فی اسمه هل هو اسم اعجمی أم عربی.

المسیب و قتادة و ابن جریح (1)

و الزجاج و ابن الأنباری كان إبلیس من الملائكة من طائفة یقال لهم الجن و كان اسمه بالعبرانیة عزازیل و بالعربیة الحارث و كان من خزان الجنة و كان رئیس ملائكة سماء الدنیا و سلطانها و سلطان الأرض و كان من أشد

الملائكة اجتهادا و أكثرهم علما و كان یسوس ما بین السماء و الأرض (2)

نعوذ باللّٰه من خذلانه قالوا و قوله تعالی كانَ مِنَ الْجِنِ (3) أی من طائفة من الملائكة هم الجن (4).

و قال ابن جبیر و الحسن لم یكن من الملائكة طرفة عین و إنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس.

و قال عبد الرحمن بن زید و شهر بن حوشب (5)

و إنما كان من الجن الذین ظفر بهم الملائكة فأسره بعضهم و ذهب به إلی السماء.

و قال أكثر أهل اللغة و التفسیر إنما سمی إبلیس لأنه أبلس من رحمة اللّٰه و الصحیح كما قاله الإمام النووی و غیره من الأئمة الأعلام أنه من الملائكة و أنه اسم أعجمی و الاستثناء متصل لأنه لم یقل (6)

إن غیرهم أمر بالسجود و الأصل فی الاستثناء أن یكون من جنس المستثنی منه.

و قال القاضی عیاض الأكثر علی أنه أبو الجن كما أن آدم أبو البشر و الاستثناء من غیر الجنس شائع فی كلام العرب قال تعالی ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ

ص: 308


1- 1. هكذا فی الكتاب و الصحیح اما ابن جریج أو ابن جریر، و الموجود فی المصدر الثانی.
2- 2. زاد فی المصدر: فرأی بذلك لنفسه شرفا عظیما و عظمة فذاك الذی دعاه الی الكبر فعصی و كفر فمسخه اللّٰه شیطانا رجیما ملعونا.
3- 3. الكهف: 51.
4- 4. فی المصدر: یقال لهم: الجن.
5- 5. فی المصدر: ما كان من الملائكة قط و الاستثناء من قطع و زاد ابن حوشب: و انما.
6- 6. فی المصدر: لم ینقل.

و الصحیح المختار علی ما سبق عن النووی و من وافقه و عن محمد بن كعب القرظی أنه قال الجن مؤمنون و الشیاطین كفار و أصلهم واحد و سئل وهب بن منبه عن الجن ما هم و هل یأكلون و یشربون و یتناكحون فقال هم أجناس فأما الصمیم الخالص من الجن فإنهم ریح لا یأكلون و لا یشربون و لا یموتون (1) فی الدنیا و لا یتوالدون و لهم أجناس یأكلون و یشربون و یتناكحون و هم السعالی و الغیلاب و القطارب و أشباه ذلك.

و قال القرافی اتفق الناس علی تكفیر إبلیس بقصته مع آدم علیه السلام و لیس مدرك الكفر فیها الامتناع من السجود و إلا لكان كل من أمر بالسجود فامتنع منه كافرا و لیس كذلك و لا كان كفره لكونه حسد آدم علی منزلته من اللّٰه تعالی و إلا لكان كل حاسد كافرا و لیس كذلك و لا كان كفره لعصیانه و فسوقه و إلا لكان كل عاص و فاسق كافرا و قد أشكل ذلك علی جماعة من الفقهاء(2)

فضلا عن غیرهم و ینبغی أن یعلم أنه إنما كفر لنسبة الحق جل جلاله إلی الجور و التصرف الذی لیس بمرضی و أظهر ذلك من

فحوی قوله أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (3) و مراده علی ما قاله الأئمة المحققون من المفسرین و غیرهم أن إلزام العظیم الجلیل بالسجود للحقیر من الجور و الظلم فهذا وجه كفره لعنه اللّٰه و قد أجمع المسلمون قاطبة علی أن من نسب ذلك للحق تعالی و تنزه كافر.

و اختلفوا هل كان قبل إبلیس كافر أو لا فقیل لا و إنه أول من كفر قیل كان قبله قوم كفار و هم الجن الذین كانوا فی الأرض انتهی.

و قد اختلفوا فی كفر إبلیس هل كان جهلا أو عنادا علی قولین لأهل السنة و لا خلاف أنه كان عالما باللّٰه تعالی قبل كفره فمن قال إنه كفر جهلا قال إنه سلب

ص: 309


1- 1. فی المصدر: و لا ینامون.
2- 2. علی جماعة من متأخری الفقهاء.
3- 3. الأعراف: 11.

العلم الذی كان عنده عند كفره و من قال كفر عنادا قال كفر و معه علمه قال ابن عطیة و الكفر مع بقاء العلم مستبعد إلا أنه عندی جائز لا یستحیل مع خذلان اللّٰه تعالی لمن یشاء.

و ذكر البیهقی فی شرح الأسماء الحسنی فی قوله تعالی ما كانُوا لِیُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ (1) عن عمر بن ذر قال سمعت عمر بن عبد العزیز یقول لو أراد اللّٰه تعالی أن لا یعصی لم یخلق إبلیس و قد بین ذلك فی آیة من كتابه و فصلها علمها من علمها و جهلها من جهلها و هی قوله تعالی ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ بِفاتِنِینَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِیمِ (2) ثم

رُوِیَ مِنْ طَرِیقِ عَمْرِو بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِأَبِی بَكْرٍ یَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا یُعْصَی مَا خَلَقَ إِبْلِیسَ.

انتهی.

و قال رجل للحسن یا أبا سعید أ ینام إبلیس فقال لو نام لوجدنا راحة و لا خلاص للمؤمن منه إلا بتقوی اللّٰه تعالی.

و قال فی الإحیاء(3)

من غفل عن ذكر اللّٰه تعالی و لو لحظة لیس له قرین فی تلك اللحظة إلا الشیطان قال تعالی وَ مَنْ یَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَیِّضْ لَهُ شَیْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ (4) و اختلفوا هل بعث اللّٰه إلیهم من الجن رسلا قبل بعثة نبینا محمد فقال الضحاك

كان منهم رسل لظاهر قوله تعالی یا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ یَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ (5) و قال المحققون لم یرسل إلیهم منهم رسول و لم یكن ذلك فی الجن قط و إنما الرسل من الإنس خاصة و هذا هو الصحیح المشهور أما الجن ففیهم النذر و أما الآیة فمعناها

ص: 310


1- 1. الأنعام: 111.
2- 2. الصافّات: 162 و 163.
3- 3. فی المصدر: فی الاحیاء قبیل بیانه دواء الصبر.
4- 4. الزخرف: 36.
5- 5. الأنعام: 130.

من أحد الفریقین كقوله تعالی یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ (1) و إنما یخرجان من المالح دون العذب.

و قال منذر بن سعید البلوطی قال ابن مسعود إن الذین لقوا النبی صلی اللّٰه علیه و آله من الجن كانوا رسلا إلی قومهم و قال مجاهد النذر من الجن و الرسل من الإنس و لا شك أن الجن مكلفون فی الأمم الماضیة كما هم مكلفون فی هذه الأمة لقوله تعالی أُولئِكَ الَّذِینَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ فِی أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِینَ (2) و قوله تعالی وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ (3) قیل المراد مؤمنو الفریقین فما خلق أهل الطاعة منهم إلا لعبادته و لا خلق الأشقیاء إلا للشقاوة و لا مانع من إطلاق العام و إرادة الخاص و قیل معناه إلا لأمرهم بعبادتی و أدعوهم إلیها و قیل إلا لیوحدونی.

فإن قیل لِمَ اقتصر علی الفریقین و لم یذكر الملائكة فالجواب أن ذلك لكثرة من كفر من الفریقین بخلاف الملائكة فإن اللّٰه تعالی عصمهم كما تقدم.

فإن قیل لم قدم الجن علی الإنس فی هذه الآیة فالجواب أن لفظ الإنس أخف لمكان النون الخفیفة و السین المهموسة و كان الأثقل أولی بأول الكلام من الأخف لنشاط المتكلم و راحته.

فرع كان الشیخ عماد الدین یونس یجعل من موانع النكاح اختلاف الجنس و یقول لا یجوز للإنسی أن یتزوج جنیة لقوله تعالی أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَیْها وَ جَعَلَ بَیْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً(4) فالمودة الجماع و الرحمة الولد

ص: 311


1- 1. الرحمن: 22.
2- 2. الأحقاف: 18.
3- 3. الذاریات: 56.
4- 4. هكذا فی الكتاب مطبوعه و مخطوطه، و فیه وهم و الصحیح كما فی المصدر:« وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً» و قال تعالی:« وَ مِنْ آیاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَیْها وَ جَعَلَ بَیْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً» انتهی أقول: الآیة الأولی فی النحل: 72، و الثانیة فی الروم: 21.

و نص علی منعه جماعة من الحنابلة و فی الفتاوی السراجیة(1) لا یجوز ذلك لاختلاف الجنس و فی القنیة سئل البصری عنه فقال یجوز بحضرة شاهدین و فی مسائل ابن حرب عن الحسن و قتادة أنهما كرها ذلك ثم روی بسند فیه ابن لهیعة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله نهی عن نكاح الجن و عن زید العمی أنه كان یقول اللّٰهم ارزقنی جنیة أتزوج بها تصاحبنی حیثما كانت (2).

و ذكر ابن عدی فی ترجمة نعیم بن سالم بن قنبر مولی علی بن أبی طالب علیه السلام عن الطحاوی قال حدثنا یونس بن عبد الأعلی قال قدم علینا نعیم بن سالم مصر فسمعته یقول تزوجت امرأة من الجن و لم أعد إلی ذلك (3).

وَ رُوِیَ فِی تَرْجَمَةِ سَعِیدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِیرِ بْنِ نَهِیكٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَحَدُ أَبَوَیْ بِلْقِیسَ كَانَ جِنِّیّاً.

قال الشیخ نجم الدین القمولی و فی المنع عن التزویج نظر لأن التكلیف یعم الفریقین قال و قد رأیت شیخا كبیرا صالحا أخبرنی أنه تزوج جنیة انتهی.

قلت و قد رأیت أنا رجلا من أهل القرآن و العلم تزوج (4) أربعا من الجن واحدة بعد واحدة لكن یبقی النظر فی حكم طلاقها و لعانها و الإیلاء منها و عدتها و نفقتها و كسوتها و الجمع بینها و بین أربع سواها و ما یتعلق بذلك و كل ذلك فیه نظر لا یخفی.

قال شیخ الإسلام شمس الدین الذهبی رأیت بخط الشیخ فتح الدین الیعمری یقول و حدثنی عنه عثمان المقاتلی قال سمعت أبا الفتح القشیری یقول سمعت الشیخ عز الدین عبد السلام یقول و قد سئل عن ابن عربی فقال شیخ سوء كذاب

ص: 312


1- 1. فی المصدر: الفتاوی السرجیة.
2- 2. فی المصدر: حیثما كنت.
3- 3. فی المصدر: فلم أرجع إلیه.
4- 4. المصدر: اخبرنی انه تزوج.

فقال (1)

و كذاب أیضا قال نعم تذاكرنا یوما نكاح الجن فقال الجن روح لطیف و الإنس جسم كثیف فكیف یجتمعان ثم غاب عنا مدة و جاء و فی رأسه شجة فقیل له فی ذلك فقال تزوجت امرأة من الجن فحصل بینی و بینها شی ء فشجنی هذه الشجة قال الإمام الذهبی بعد ذلك و ما أظن عن ابن عربی تعمد هذه الكذبة و إنما هی من خرافات الریاضة.

فرع روی أبو عبید فی كتاب الأموال و البیهقی عن الزهری عن النبی أنه نهی عن ذبائح الجن و ذبائح الجن هو أن یشتری الرجل الدار و یستخرج العین و ما أشبه ذلك فیذبح لها ذبیحة للطیرة و كانوا فی الجاهلیة یقولون إذا فعل الرجل ذلك لا یضر أهلها الجن فأبطل صلی اللّٰه علیه و آله ذلك و نهی عنه.

و قال الدمیری لا تدخل الجن بیتا فیه أترج قال وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الْجِنَّ لَا یَدْخُلُونَ دَاراً فِیهِ فَرَسٌ عَتِیقٌ (2).

و أقول قال السعلاة أخبث الغیلان و كذلك السعلاء یمد و یقصر و الجمع السعالی.

قال الجاحظ كان عمرو بن یربوع متولدا من السعلاة و الإنسان قال و ذكروا أن جرهما كان من نتاج الملائكة و بنات آدم قال و كان الملائكة إذا عصی ربه أهبط إلی الأرض فی صورة رجل كما صنع بهاروت و ماروت فولدت منهما جرهما(3).

قال و من هذا الضرب كانت بلقیس ملكة سبإ و كذلك كان ذو القرنین كانت أمه آدمیة و أبوه من الملائكة و لذلك لما سمع عمر رجلا ینادی رجلا یا ذا القرنین قال أ فرغتم من أسماء الأنبیاء فارتفعتم إلی أسماء الملائكة انتهی.

و الحق فی ذلك أن الملائكة معصومون من الصغائر و الكبائر كالأنبیاء علیهم السلام كما

ص: 313


1- 1. فی المصدر: فقیل له.
2- 2. حیاة الحیوان 1: 147- 155 باب الجیم فی الجن.
3- 3. فی المصدر: و ماروت فوقع بعض الملائكة علی بعض بنات آدم فولدت جرهما.

قاله القاضی عیاض و غیره و ما ذكروه من أمر جرهم و ذی القرنین و بلقیس فممنوع و استدلالهم بقصة هاروت و ماروت لیس بشی ء فإنها لم تثبت علی الوجه الذی أرادوه (1)

بل قال ابن عباس هما رجلان ساحران كانا ببابل.

و قال الجاحظ و زعموا أن التناكح و التلاقح قد یقع بین الجن و الإنس لقوله تعالی وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2) و هذا ظاهر و ذلك أن الجنیة إنما تصرع رجال الإنس (3) علی جهة العشق فی طلب السفاد و كذلك رجال الجن لنساء الإنس و لو لا ذلك لعرض الرجال للرجال و النساء للنساء قال تعالی لَمْ یَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لا جَانٌ (4) فلو لا كان الجان تقتض الآدمیات (5) و لم یكن ذلك فی تركیبه لما قال اللّٰه تعالی هذا القول و ذكروا أن الواق واق نتاج ما بین بعض النباتات و بعض الحیوان.

و قال السهیلی السعلاة ما یتراءی للناس بالنهار و الغول الذی یتراءی باللیل (6).

و قال القزوینی السعلاة نوع من المتشیطنة مغایر للغول و أكثر ما توجد السعلاة فی الغیاض إذا ظفرت بإنسان ترقصه و تلعب به كما یلعب القط بالفأر و قال و ربما اصطادها الذئب باللیل فأكلها فإذا افترسها ترفع صوتها و تقول أدركونی فإن الذئب قد أكلنی و ربما تقول من یخلصنی و معی ألف دینار یأخذها و الناس یعرفون أنه كلام السعلاة فلا یخلصها أحد فیأكلها الذئب (7).

ص: 314


1- 1. فی المصدر: اوردوه.
2- 2. الإسراء: 64.
3- 3. فی المصدر: و ذلك أن الجنیات انما تتعرض لصرع رجال الانس.
4- 4. الرحمن: 74.
5- 5. فی المصدر: و لو كان الجان لا یفتض الآدمیات.
6- 6. فی المصدر: للناس باللیل.
7- 7. حیاة الحیوان 2: 14- 16 باب السین.

و قال الدمیری أیضا الغول واحد الغیلان و هو جنس من الجن و الشیاطین و هم سحرتهم قال الجوهری هو من السعالی و الجمع أغوال و غیلان و كل من اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول و التغول التلون.

وَ رَوَی الطَّبَرَانِیُّ وَ غَیْرُهُ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا تَغَوَّلَتْ لَكُمُ الْغِیلَانُ فَنَادُوا بِالْأَذَانِ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ أَدْبَرَ وَ لَهُ حُصَاصٌ.

أَیْ ضُرَاطٌ.

قال النووی فی الأذكار إنه حدیث صحیح أرشد صلی اللّٰه علیه و آله إلی دفع ضررها بذكر اللّٰه.

وَ رَوَاهُ النَّسَائِیُّ فِی آخِرِ سُنَنِهِ الْكُبْرَی عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: عَلَیْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَی بِاللَّیْلِ فَإِذَا تَغَوَّلَتْ لَكُمُ الْغِیلَانُ فَنَادُوا بِالْأَذَانِ.

قال النووی و كذلك ینبغی أن یؤذن أذان الصلاة إذا عرض للإنسان شیطان لما روی مسلم عن سهل بن أبی صالح أنه قال أرسلنی أبی إلی بنی حارثة و معی غلام لنا أو صاحب لنا فناداه مناد من حائط باسمه فأشرف الذی معی علی الحائط فلم یر شیئا فذكرت ذلك لأبی فقال لو شعرت أنك تلقی (1)

هذا لم أرسلك و لكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة فإنی

سَمِعْتُ أَبَا هُرَیْرَةَ یُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الشَّیْطَانَ إِذَا نُودِیَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ.

وَ رَوَی مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا عَدْوَی وَ لَا طِیَرَةَ وَ لَا غُولَ.

قال جمهور العلماء كانت العرب تزعم أن الغیلان فی الفلوات و هی جنس من الشیاطین تتراءی للناس و تتغول تغولا أی تتلون تلونا فتضلهم عن الطریق و تهلكهم فأبطل النبی صلی اللّٰه علیه و آله ذلك و قال آخرون لیس المراد بالحدیث نفی وجود الغول و إنما معناه إبطال ما تزعم (2) العرب من تلون الغول بالصور المختلفة قالوا و معنی لا غول أی لا تستطیع أن تضل أحدا و یشهد له حدیث آخر

ص: 315


1- 1. فی المصدر: تری هذا ما أرسلنك.
2- 2. فی المصدر: ما تزعمه.

لا غول و لكن السعالی قال العلماء السعالی بالسین المفتوحة و العین المهملة من سحرة الجن و منه ما

رَوَی التِّرْمِذِیُّ وَ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ لِی سَهْوَةٌ فِیهَا تَمْرٌ فَكَانَتْ تَجِی ءُ الْغُولُ كَهَیْئَةِ السِّنَّوْرِ فَتَأْخُذُ مِنْهُ فَشَكَوْنَا ذَلِكَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ اذْهَبْ فَإِذَا رَأَیْتَهَا فَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَجِیبِی رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذْتُهَا(1)

فَحَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ فَأَرْسَلَهَا(2)

ثُمَّ جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِیرُكَ قَالَ حَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَبَتْ وَ هِیَ مُعَاوِدَةٌ لِلْكَذِبِ فَأَخَذَهَا وَ قَالَ مَا أَنَا بِتَارِكِكِ حَتَّی أَذْهَبَ بِكِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ إِنِّی ذَاكِرَةٌ لَكَ شَیْئاً آیَةَ الْكُرْسِیِّ اقْرَأْهَا فِی بَیْتِكَ فَلَا یَقْرَبَكَ شَیْطَانٌ وَ لَا غَیْرُهُ فَجَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِیرُكَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله صَدَقَكَ وَ هُوَ كَذُوبٌ (3).

قال الترمذی هذا حدیث حسن غریب و هذا روی مثله البخاری عن أبی هریرة و فی آخره تعلم من تخاطب منذ ثلاث لیال یا أبا هریرة قال لا قال صلی اللّٰه علیه و آله ذاك الشیطان.

و روی الحاكم و ابن حبان عن أبی بن كعب أنه كان له جرین تمر و كان یجده ینقص فحرسه لیلة فإذا هو بمثل الغلام المحتلم قال فسلمت فرد علی السلام فقلت ما أنت ناولنی یدك فإذا(4)

ید كلب و شعر كلب فقلت أ جنی أم إنسی فقال بل جنی قلت إنی أراك ضئیل الخلقة أ هكذا خلق الجن قال لقد علمت الجن

ص: 316


1- 1. فی المصدر: فأخذها.
2- 2. زاد فی المصدر: و جاء الی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فقال: ما فعل أسیرك؟ قال: حلفت أن لا تعود، قال صلّی اللّٰه علیه آله: كذبت و هی معاودة للكذب، قال: فأخذها مرة اخری فحلفت أن لا تعود فأرسلها، ثمّ جاء.
3- 3. فی المصدر: بما قالت فقال صلّی اللّٰه علیه و آله: صدقت و هی كذوب.
4- 4. فی المصدر: فناولنی فاذا.

أن ما فیهم أشد منی فقلت ما یحملك (1) علی ما صنعت قال بلغنی أنك رجل تحب الصدقة فأحببت أن أصیب من طعامك فقلت فما یجیرنا منكم قال تقرأ آیة الكرسی فإنك إن قرأتها غدوة أجرت منا حتی تمسی و إن قرأتها حین تمسی أجرت منا حتی تصبح قال فغدوت إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فأخبرته فقال صدق الخبیث.

و تزعم العرب أنه إذا انفرد الرجل فی الصحراء ظهرت له فی خلقة إنسان فلا یزال یتبعها حتی تضله عن الطریق و تدنو له و تتمثل له فی صور مختلفة فتهلكه روعا و قالوا إذا أرادت أن تضل إنسانا أوقدت له نارا فیقصدها فیفعل ذلك (2) قالوا و خلقتها خلقة إنسان و رجلاها رجلا حمار.

و قال القزوینی و رأی الغول جماعة من الصحابة منهم عمر حین سافر إلی الشام قبل الإسلام فضربها بالسیف و ذكر عن ثابت بن جابر الفهری أنه رأی الغول و ذكر أبیاته النونیة فی ذلك (3).

و قال الدمیری أیضا قطرب طائر یجول اللیل كله لا ینام و قال ابن سیدة إنه الذكر من السعالی و قیل هم صغار الجن و قیل القطارب صغائر الكلاب واحدها قطرب دویبة لا تستریح نهارها سعیا و قال محمد بن ظفر القطرب حیوان یكون بالصعید فی أرض مصر یظهر للمنفرد من الناس فربما صده عن نفسه إذا كان شجاعا و إلا لم ینته حتی ینكحه فإذا نكحه هلك و هم إذا رأوا من ظهر له القطرب قالوا أ منكوح أم مروع فإن قال منكوح یئسوا منه (4)

و إن قال مروع عالجوه قال و قد رأیت أهل مصر یلهجون بذكره (5)

انتهی ما أخرجته من كتاب

ص: 317


1- 1. فی المصدر: ما حملك.
2- 2. فی المصدر: فتفعل به ذلك.
3- 3. حیاة الحیوان 2: 134- 137 باب الغین.
4- 4. فی المصدر: آیسوا من حیاته.
5- 5. حیاة الحیوان 2: 181 باب القاف.

حیاة الحیوان.

و لنبین بعض ما ربما یحتاج إلی البیان الحشاش مثلثة حشرات الأرض و فی النهایة مستطیر أی منتشر متفرق كأنه طائر فی نواحیها و منه حدیث ابن مسعود فقدنا رسول اللّٰه لیلة فقلنا اغتیل استطیر أی ذهب به بسرعة كأن الطیر حملته أو اغتاله أحد و الاستطارة و التطایر التفرق و الذهاب و الاغتیال أن یخدع فیقتل فی موضع لا یراه فیه أحد قوله أوفر ما كان قال الآبی الأظهر أنه مما یبقی علیه بعد الأكل و یحتمل أنه تعالی یخلق ذلك علیها و النظر فی أنه هل یستحب أن لا یستقصی العظام بتقشیر ما علیها و هل یثاب مثله له و الأظهر أن انتفاعهم إنما هو بالشم لأنه لا یبقی علیه ما یقولون إلا أن یكونوا فی القوت بخلاف الإنس انتهی.

و فی النهایة فی صفة الجن فإذا نحن برجال طوال كأنهم الرماح مستثفرین ثیابهم هو أن یدخل الرجل ثوبه بین رجلیه كما یفعل الكلب بذنبه.

و قال العرج بفتح العین و سكون الراء قریة جامعة من أعمال الفرع علی أیام من المدینة و قال اللغط صوت و ضجة لا یفهم معناه و قال الجلس كل مرتفع من الأرض و الغور ما انخفض من الأرض. و قال فیه ذكر عكاظ و هی موضع بقرب مكة كانت تقام به فی الجاهلیة سوق یقیمون فیها أیاما.

و قال فی حدیث عمر إنه سأل رجلا استهوته الجن فقال ما كان طعامهم قال الفول و ما لم یذكر اسم اللّٰه علیه قال فما كان شرابهم قال الجذف الفول هو الباقلی و الجذف بالتحریك نبات یكون بالیمن لا یحتاج آكله معه إلی شرب ماء و قیل هو كل ما لا یغطی من الشراب و غیره قال القتیبی أصله من الجذف القطع أراد ما یرمی به عن الشراب من زبد أو رغوة أو قذی كأنه قطع من الشراب

فرمی به هكذا حكاه الهروی عنه و الذی جاء فی صحاح الجوهری أن القطع هو الجذف بالذال المعجمة و لم یذكره فی الدال المهملة و أثبته الأزهری فیهما.

ص: 318

و قال تفلت علی أی تعرض فی صلاتی فجأة و قال فی ذعت فأمكننی اللّٰه منه فذعته أی خنقته و الذعت و الدعت بالذال و الدال الدفع العنیف و الذعت أیضا المعك فی التراب.

و قال و فیه ما من آدمی إلا و معه شیطان قیل و معك قال نعم و لكن اللّٰه أعاننی علیه فأسلم و فی روایة حتی أسلم أی انقاد و كف عن وسوستی و قیل دخل فی الإسلام فسلمت من شره و قیل إنما هو فأسلم بضم المیم علی أنه فعل مستقبل أی أسلم أنا منه و من شره و یشهد للأول الحدیث الآخر كان شیطان آدم كافرا و كان شیطانی مسلما انتهی.

و أقول قصة سعد مما افتری علی الجن و إنما قتله من بعثه عمر لیقتله كما ذكرناه فی كتاب الفتن مفصلا.

و فی النهایة یقال صبأ فلان إذا خرج من دین إلی دین غیره و كانت العرب تسمی النبی صلی اللّٰه علیه و آله الصابئ لأنه خرج من دین قریش إلی دین الإسلام و یسمون المسلمین الصباة بغیر همز.

و قال لهث الكلب و غیره یلهث لهثا إذا أخرج لسانه من شدة العطش و الحر و قال الفهر الحجر مل ء الكف و قیل هو الحجر مطلقا.

و فی القاموس الغریف صوت الجن و هو جرس یسمع فی المفاوز باللیل و كشداد رمل لبنی سعد أو جبل بالدهناء علی اثنی عشر میلا من المدینة سمی به لأنه كان یسمع به غریف الجن و أبرق الغراف ماء لبنی أسد و قال القعدة بالضم من الإبل ما یقتعده الراعی فی كل حاجة و اقتعده اتخذه قعدة.

و فی النهایة قال للجنی إنی أراك ضئیلا شخیتا الضئیل النحیف الدقیق و الشخت و الشخیت النحیف الجسم الدقیق.

و قال إنی منهم لضلیع أی عظیم الخلق و قیل هو العظیم الصدر الواسع الجبینین و قال الشظیة الفلقة من العصا و نحوها و قال الفیروزآبادی القط بالكسر السنور.

ص: 319

و قال فی النهایة الحصاص شدة العدو و حدته و قیل هو أن یمصع بذنبه و یصر بأذنیه و یعدو و قیل هو الضراط و قال السهوة بیت صغیر منحدر فی الأرض قلیلا شبیه بالمخدع و الخزانة و قیل هو كالصفة یكون بین یدی البیت و قیل شبیه بالرف و الطاق یوضع فیه شی ء و قال الجرین هو موضع تجویف التمر و هو له كالبیدر للحنطة.

و قال الرازی فی مفتتح تفسیره فی تحقیق الاستعاذة من الشیطان و فی بیان المستعاذ منه قال و فیه مسائل المسألة الأولی اختلف الناس فی وجود الجن و الشیاطین فمن الناس من ینكر الجن و الشیاطین و اعلم أنه لا بد من البحث أولا عن ماهیة الجن و الشیاطین فنقول أطبق الكل علی أنه لیس الجن و الشیاطین عبارة عن أشخاص جسمانیة كثیفة تجی ء و تذهب مثل الناس و البهائم بل القول المحصل فیه قولان الأول أنها أجسام هوائیة قادرة علی التشكل بأشكال مختلفة و لها عقول و أفهام و قدرة علی أعمال صعبة شاقة.

و القول الثانی أن كثیرا من الناس أثبتوا أنها موجودات غیر متحیزة و لا حالة فی المتحیز و زعموا أنها موجودات مجردة عن الجسمیة ثم إن هذه الموجودات قد تكون عالیة مقدسة عن تدبیر الأجسام بالكلیة و هی الملائكة المقربون كما قال تعالی وَ مَنْ عِنْدَهُ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا یَسْتَحْسِرُونَ (1) و تلیها مرتبة الأرواح المتعلقة بتدبیر الأجسام و أشرفها حملة العرش كما قال تعالی وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ(2) و المرتبة الثانیة الحافون حول العرش كما قال تعالی وَ تَرَی الْمَلائِكَةَ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ (3)

ص: 320


1- 1. الأنبیاء: 19.
2- 2. الحاقّة: 17.
3- 3. الزمر: 75.

و المرتبة الثالثة ملائكة الكرسی.

و المرتبة الرابعة ملائكة السماوات طبقة فطبقة.

و المرتبة الخامسة ملائكة كرة الأثیر.

و المرتبة السادسة ملائكة كرة الهواء الذی هو فی طبع النسیم.

و المرتبة السابعة ملائكة كرة الزمهریر.

و المرتبة الثامنة مرتبة الأرواح المتعلقة بالبحار.

و المرتبة التاسعة مرتبة الأرواح المتعلقة بالجبال.

و المرتبة العاشرة مرتبة الأرواح السفلیة المتصرفة فی هذه الأجسام النباتیة و الحیوانیة الموجودة فی هذا العالم.

و اعلم أنه علی كلا القولین فهذه الأرواح قد تكون مشرقة إلهیة خیرة سعیدة و هی المسماة بالصالحین من الجن و قد تكون كدرة سفلیة شریرة شقیة و هی المسماة بالشیاطین.

و احتج المنكرون لوجود الجن و الشیاطین بوجوه.

الحجة الأولی أن الشیطان لو كان موجودا لكان إما أن یكون جسما لطیفا أو كثیفا و القسمان باطلان فیبطل القول بوجوده و إنما قلنا إنه یمتنع أن یكون كثیفا لأنه لو كان كذلك لوجب أن یراه كل من كان سلیم الحس إذ لو جاز أن یكون بحضرتنا أجسام كثیفة و نحن لا نراها لجاز أن تكون بحضرتنا جبال عالیة و شموس مضیئة و رعود و بروق مع أنا لا نشاهد شیئا منها و من جوز ذلك كان خارجا عن العقل.

و إنما قلنا إنه لا یجوز كونها أجساما لطیفة لأنه لو كان كذلك لوجب أن یتمزق و یتفرق (1) عند هبوب الریاح العاصفة القویة و أیضا یلزم أن لا یكون لها قدرة و قوة علی الأعمال الشاقة و مثبتو الجن ینسبون إلیها الأعمال الشاقة و لما

ص: 321


1- 1. فی المصدر تتمزق و تتفرق.

بطل القسمان ثبت فساد القول بالجن.

و الحجة الثانیة أن هذه الأشخاص المسماة بالجن إذا كانوا حاضرین فی هذا العالم و مخالطین للبشر فالظاهر الغالب أن یحصل لهم بسبب طول المخالطة و المصاحبة إما صداقة و إما عداوة فإن حصلت الصداقة وجب ظهور المنافع بسبب تلك الصداقة و إن حصلت العداوة وجب ظهور المضار بسبب تلك العداوة إلا أنا لا نری أثرا لا من تلك الصداقة و لا من تلك العداوة و هؤلاء الذین یمارسون صنعة التعزیم إذا تابوا من الأكاذیب یعترفون بأنهم قط ما شاهدوا أثرا من هذا الجن و ذلك مما یغلب علی الظن عدم هذه الأشیاء و سمعت ممن تاب عن هذه الصنعة قال إنی واظبت علی العزیمة الفلانیة كذا من الأیام و ما تركت دقیقة من الدقائق إلا أتیت بها ثم إنی ما شاهدت من تلك الأحوال المذكورة أثرا و لا خبرا.

الحجة الثالثة أن الطریق إلی معرفة هذه الأشیاء إما الحس و إما الخبر و إما الدلیل أما الحس فلم یدل دلیل علی وجود هذه الأشیاء(1)

فإذا كنا لا نری صورة و لا سمعنا صوتا فكیف یمكننا أن ندعی الإحساس بها و الذین یقولون إنا أبصرناها أو سمعنا أصواتها فهم طائفتان المجانین الذین یتخیلون أشیاء بسبب خلل أمزجتهم فیظنون أنهم رأوها و الكاذبون المنحرفون.

و أما إثبات هذه الأشیاء بواسطة إخبار الأنبیاء و الرسل علیهم السلام فباطل لأن هذه الأشیاء لو ثبتت لبطلت نبوة الأنبیاء فإن علی تقدیر ثبوتها یجوز أن یقال إن كل ما تأتی به الأنبیاء من المعجزات إنما حصل بإعانة الجن و الشیاطین و كل فرع أدی إلی إبطال الأصل كان باطلا مثاله إذا جوزنا نفوذ الجن فی بواطن الإنسان فلم لا یجوز أن یقال إن حنین الجذع إنما كان لأجل أن الشیطان

نفذ فی ذلك الجذع ثم أظهر الحنین و لم لا یجوز أن یقال إن الناقة إنما تكلمت مع الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لأجل أن الشیطان دخل فی بطنها و تكلم و لم لا یجوز أن یقال إن الشجرة إنما انقلعت من

ص: 322


1- 1. زاد فی المصدر بعد ذلك: لان وجودها اما بالصورة أو الصوت.

أصلها لأن الشیطان اقتلعها فثبت أن القول بإثبات الجن و الشیاطین یوجب القول ببطلان نبوة الأنبیاء علیهم السلام و أما إثبات هذه الأشیاء بواسطة الدلیل و النظر فهو متعذر لأنا لا نعرف دلیلا عقلیا یدل علی وجود الجن و الشیاطین فثبت أنه لا سبیل لنا إلی العلم بوجود هذه الأشیاء فوجب أن یكون القول بوجود هذه الأشیاء باطلا فهذا جملة شبه منكری الجن و الشیاطین.

و الجواب عن الأول بأنا نقول إن الشبهة التی ذكرتم تدل علی أنه یمتنع كون الجن جسما فلم لا یجوز أن یقال إنه جوهر مجرد عن الجسمیة و اعلم أن القائلین بهذا القول فرق الأولی الذین قالوا النفوس الناطقة البشریة المفارقة للأبدان قد تكون خیرة و قد تكون شریرة فإن كانت خیرة فهی الملائكة الأرضیة و إن كانت شریرة فهی الشیاطین الأرضیة ثم إذا حدث بدن شدید المشابهة ببدن تلك النفس المفارقة(1) و تعلق بذلك البدن نفس شدیدة المتشابهة لتلك النفس المفارقة فحینئذ یحدث لتلك النفس المفارقة ضرب تعلق بهذا البدن الحادث و تصیر تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن علی الأعمال اللائقة بها فإن كانت النفسان من النفوس الطاهرة المشرقة الخیرة كانت تلك المعاونة و المعاضدة إلهاما و إن كانتا من النفوس الخبیثة الشریرة كانت تلك المعاونة و المناصرة وسوسة فهذا هو الكلام فی الإلهام و الوسوسة علی قول هؤلاء.

الفریق الثانی الذین قالوا الجن و الشیاطین جواهر مجردة عن الجسمیة و علائقها و جنسها مخالف لجنس النفوس الناطقة البشریة ثم إن ذلك الجنس یندرج فیه أنواع أیضا فإن كانت طاهرة نورانیة فهی الملائكة الأرضیة و هم المسمون بصالحی الجن و إن كانت خبیثة شریرة فهی الشیاطین المؤذیة إذا عرفت هذا فنقول الجنسیة علة الضم فالنفوس البشریة الطاهرة النورانیة تنضم إلیها تلك الأرواح النورانیة الطاهرة(2) و تعینها علی أعمالها التی هی من أبواب الخیر و البر و التقوی

ص: 323


1- 1. فی المصدر: تلك النفوس المفارقة.
2- 2. فی المصدر: الطاهرة النورانیة.

و النفوس البشریة الخبیثة الكدرة تنضم إلیها تلك الأرواح الخبیثة الشریرة و تعینها علی أعمالها التی هی من باب الشر و الإثم و العدوان.

الفریق الثالث و هم الذین ینكرون وجود الأرواح السفلیة و لكنهم أثبتوا الأرواح (1) المجردة الفلكیة و زعموا أن تلك الأرواح أرواح عالیة قاهرة قویة و هی مختلفة بجواهرها و ماهیاتها فكما أن لكل روح من الأرواح البشریة بدنا معینا فكذلك لكل روح من الأرواح الفلكیة بدن معین و هو ذلك الفلك المعین و كما أن الروح البشری (2) یتعلق أولا بالقلب ثم بواسطته یتعدی أثر

ذلك الروح إلی كل البدن فكذلك الروح الفلكی یتعلق أولا بالكواكب ثم بواسطة ذلك التعلق یتعدی أثر ذلك الروح إلی كلیة ذلك الفلك و إلی كلیة ذلك العالم و كما أنه یتولد فی القلب و الدماغ أرواح لطیفة و تلك الأرواح تتأدی فی الشرایین و الأعصاب إلی أجزاء البدن و تصل بهذا الطریق قوة الحیاة و الحس و الحركة إلی كل جزء من أجزاء الأعضاء فكذلك ینبعث من جرم الكواكب خطوطا شعاعیة تتصل بجوانب العالم و تتأدی قوة ذلك (3)

الكواكب بواسطة تلك الخطوط الشعاعیة إلی أجزاء هذا العالم و كما أن بواسطة الأرواح الفائضة من القلب و الدماغ إلی أجزاء البدن یحصل فی كل جزء من أجزاء ذلك البدن قوی مختلفة و هی الغاذیة و النامیة و المولدة و الحساسة فتكون هذه القوی كالنتائج و الأولاد لجوهر النفس المدبرة لكلیة البدن فكذلك بواسطة الخطوط الشعاعیة المنبثة من الكواكب الواصلة إلی أجزاء هذا العالم تحدث فی تلك الأجزاء نفوس مخصوصة مثل نفس زید و نفس عمرو و هذه النفوس كالأولاد لتلك النفوس الفلكیة و لما كانت النفوس الفلكیة مختلفة فی جواهرها و ماهیاتها فكذلك النفوس المتولدة من نفس فلك زحل مثلا طائفة و النفوس المتولدة من نفس فلك المشتری طائفة

ص: 324


1- 1. فی المصدر: وجود الأرواح.
2- 2. فی المصدر: الروح البشریة تنعلق.
3- 3. فی المصدر: تلك.

أخری فتكون النفوس المنتسبة إلی روح زحل متجانسة متشاركة و یحصل بینها مودة و محبة(1)

و تكون النفوس المنتسبة إلی روح زحل مخالفة بالطبع و الماهیة للنفوس المنتسبة إلی روح المشتری و إذا عرفت هذا فنقول قالوا إن العلة تكون أقوی من المعلول فلكل طائفة من النفوس البشریة طبیعة خاصة و هی تكون معلولة لروح من تلك الأرواح الفلكیة و تلك الطبیعة تكون فی الروح الفلكی أقوی و أعلی بكثیر منها فی هذه الأرواح البشریة و تلك الروح (2) الفلكیة بالنسبة إلی تلك الطائفة من الأرواح البشریة كالأب المشفق و السلطان الرحیم فلهذا السبب تلك الأرواح الفلكیة تعین أولادها علی صلاحها(3) و تهدیها تارة فی النوم علی سبیل الرؤیا و الأخری (4) فی الیقظة علی سبیل الإلهام.

ثم إذا اتفق لبعض هذه النفوس البشریة قوة قویة من جنس تلك الخاصیة و قوی اتصاله بالروح الفلكی الذی هو أصله و معدنه ظهرت علیه أفعال عجیبة و أعمال خارقة للعادات فهذا تفصیل مذاهب من یثبت الجن و الشیاطین و یزعم أنها موجودات لیست أجساما و لا جسما.

و اعلم أن قوما من الفلاسفة طعنوا فی هذا المذهب و زعموا أن المجرد یمتنع علیه إدراك الجزئیات و المجردات یمتنع كونها فاعلة للأفعال الجزئیة.

و اعلم أن هذا باطل لوجهین الأول أنه یمكننا أن نحكم علی هذا الشخص المعین بأنه إنسان و لیس بفرس و القاضی علی الشیئین لا بد و أن یحضره المقضی علیهما فهاهنا شی ء واحد هو مدرك للكلی و هو النفس فیلزم أن یكون المدرك للجزئی هو النفس.

ص: 325


1- 1. فی المصدر: محبة و مودة.
2- 2. فی المصدر: و تلك الأرواح.
3- 3. فی المصدر: علی مصالحها.
4- 4. فی المصدر: و اخری.

الثانی هب أن النفس المجردة لا تقوی علی إدراك الجزئیات ابتداء لكن لا نزاع أنه یمكنها أن تدرك الجزئیات بواسطة الآلات الجسمانیة فلم لا یجوز أن یقال إن تلك الجواهر المجردة المسماة بالجن و الشیاطین لها آلات جسمانیة من كرة الأثیر أو من كرة الزمهریر ثم إنها بواسطة تلك الآلات الجسمانیة تقوی علی إدراك الجزئیات و علی التصرف فی هذه الأبدان فهذا تمام الكلام فی شرح هذا المذهب.

و أما الذین زعموا أن الجن أجسام هوائیة أو ناریة فقالوا الأجسام متساویة فی الحجمیة و المقدار و هذان المعنیان أعراض فالأجسام متساویة فی قبول هذه الأعراض و الأشیاء المختلفة فی الماهیة لا یمتنع اشتراكها فی بعض اللوازم فلم لا یجوز أن یقال إن الأجسام مختلفة بحسب ذواتها المخصوصة و ماهیاتها المعینة و إن كانت مشتركة فی قبول الحجمیة و المقدار و إذا ثبت هذا فنقول لم لا یجوز أن یقال أحد أنواع الأجسام أجسام لطیفة نفاذة حیة لذواتها عاقلة لذواتها قادرة علی الأعمال الشاقة لذواتها و هی غیر قابلة للتفرق و التمزق و إذا كان الأمر كذلك فتلك الأجسام تكون قادرة علی تشكیل أنفسها بأشكال مختلفة ثم إن الریاح العاصفة لا تمزقها و الأجسام الكثیفة لا تفرقها أ لیس أن الفلاسفة قالوا إن النار التی تنفصل عن الصواعق تنفذ فی اللحظة اللطیفة فی بواطن الأحجار و الحدید و تخرج من الجانب الآخر فلم لا یعقل مثله فی هذه الصورة و علی هذا التقدیر فإن الجن تكون قادرة علی النفوذ فی بواطن الناس و علی التصرف فیها و إنها تبقی حیة فعالة مصونة عن الفساد إلی الأجل المعین و الوقت المعلوم فكل هذه الأحوال احتمالات ظاهرة و الدلیل لم یقم علی إبطالها فلم یجز المصیر إلی القول بإبطالها.

و الجواب عن الشبهة الثانیة أنه لا یجب حصول تلك الصداقة و العداوة مع كل واحد و كل واحد لا یعرف إلا حال نفسه أما حال غیره فإنه لا یعلمها فبقی هذا الأمر فی حیز الاحتمال.

ص: 326

فأما الجواب (1)

عن الشبهة الثالثة فهو أنا نقول لا نسلم أن القول بوجود الجن و الملائكة یوجب الطعن فی نبوة الأنبیاء علیهم السلام و سیظهر الجواب عن الشبهة(2)

التی ذكرتموها فیما بعد ذلك فهذا آخر الكلام فی الجواب عن هذه الشبهات.

المسألة الثانیة اعلم أن القرآن و الأخبار یدلان علی وجود الجن و الشیاطین أما القرآن فآیات الآیة الأولی قوله تعالی وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَیْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ یَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِیَ وَلَّوْا إِلی قَوْمِهِمْ مُنْذِرِینَ قالُوا یا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً

أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسی مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ وَ إِلی طَرِیقٍ مُسْتَقِیمٍ (3) و هذا نص علی وجودهم و علی أنهم سمعوا القرآن و علی أنهم أنذروا قومهم.

و الآیة الثانیة قوله تعالی وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ (4) و الآیة الثالثة قوله تعالی فی قصة سلیمان یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِیاتٍ (5) و قال تعالی وَ الشَّیاطِینَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَ غَوَّاصٍ وَ آخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ(6) و قال تعالی وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ إلی قوله تعالی وَ مِنَ الْجِنِّ مَنْ یَعْمَلُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ (7) و الآیة الرابعة قوله تعالی یا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ

ص: 327


1- 1. فی المصدر: و أمّا الجواب.
2- 2. فی المصدر: عن الأجوبة التی.
3- 3. الأحقاف: 29 و 30.
4- 4. البقرة 102.
5- 5. سبأ: 13.
6- 6. ص: 38.
7- 7. سبأ: 12.

أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (1) و الآیة الخامسة قوله تعالی إِنَّا زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِزِینَةٍ الْكَواكِبِ وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ مارِدٍ(2) و أما الأخبار فكثیرة الخبر الأول

رَوَی مَالِكٌ فِی الْمُوَطَّإِ عَنْ صَیْفِیِّ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ أَبِی السَّائِبِ مَوْلَی هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَی أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ فَوَجَدْتُهُ یُصَلِّی فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّی یَقْضِیَ صَلَاتَهُ قَالَ فَسَمِعْتُ تَحْرِیكاً تَحْتَ سَرِیرِهِ فِی بَیْتِهِ فَإِذَا هِیَ حَیَّةٌ نَفَرَتْ فَهَمَمْتُ أَنْ أَقْتُلَهَا(3) فَأَشَارَ أَبُو سَعِیدٍ أَنِ اجْلِسْ (4) فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّی یَقْضِیَ صَلَاتَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ أَشَارَ إِلَی بَیْتٍ فِی الدَّارِ فَقَالَ تَرَی هَذَا الْبَیْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ فِیهِ فَتًی مِنَ الْأَنْصَارِ حَدِیثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ فَرَأَی امْرَأَتَهُ وَاقِفَةً بَیْنَ الْبَابَیْنِ (5)

فَهَیَّأَ الرُّمْحَ لِیَطْعَنَهَا بِسَبَبِ الْغِیرَةِ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ ادْخُلْ بَیْتَكَ لِتَرَی فَدَخَلَ بَیْتَهُ فَإِذَا هُوَ بِحَیَّةٍ عَلَی فِرَاشِهَا فَرَكَزَ فِیهَا رُمْحَهُ فَاضْطَرَبَتِ

الْحَیَّةُ فِی رَأْسِ الرُّمْحِ وَ خَرَّ الْفَتَی فَمَا یُدْرَی (6) أَیُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتاً الْفَتَی أَمِ الْحَیَّةُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (7)

فَقَالَ إِنَّ بِالْمَدِینَةِ جِنِّیّاً قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ بَدَا لَكُمْ مِنْهُمْ فَأَذِّنُوا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ شَیْطَانٌ (8).

ص: 328


1- 1. الرحمن: 33.
2- 2. الصافّات: 6 و 7.
3- 3. فی المصدر: فقمت لاقتلها.
4- 4. فی المصدر: أن اجلس فلما انصرف.
5- 5. فی المصدر: بین الناس فأدركته غیرة فأهوی إلیها بالرمح لیطعنها بسبب الغیرة فقالت: لا تعجل حتّی تدخل و تنظر ما فی بیتك فدخل فإذا هو بحیة مطوقة علی فراشه.
6- 6. فی المصدر: و خر الفتی میتا فما ندری.
7- 7. فی المصدر: فذكرت ذلك لرسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله.
8- 8. فی المصدر: فآذنوه ثلاثة أیّام فان بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فانما هو شیطان.

و الخبر الثانی

روی مالك فی الموطإ عن یحیی بن سعید قال: لما أسری بالنبی صلی اللّٰه علیه و آله رأی عفریتا من الجن یطلبه بشعلة من النار كلما التفت رآه فقال جبرئیل علیه السلام أ لا أعلمك كلمات إذا قلتهن طفیت شعلته و صرفته (1)

قل أعوذ بوجه اللّٰه الكریم و بكلمات (2) اللّٰه التامات التی لا یجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما یَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ و من شر ما یَعْرُجُ فِیها و من شر ما ینزل إلی الأرض و من شر ما یَخْرُجُ مِنْها و من شر فتن اللیل و النهار و من شر طوارق اللیل و النهار إلا طارقا یطرق بخیر یا رحمان.

و الخبر الثالث روی أیضا مالك فی الموطإ أن كعب الأحبار كان یقول أعوذ بوجه اللّٰه العظیم الذی لیس شی ء أعظم منه و بكلماته (3)

التامات التی لا یجاوزهن بر و لا فاجر و بأسمائه كلها ما قد علمت منها و ما لم أعلم من شر ما خلق و ذرأ و برأ.

و الخبر الرابع

رَوَی أَیْضاً مَالِكٌ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ قَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُرَوَّعُ فِی مَنَامِی فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَ عِقَابِهِ وَ شَرِّ عِبَادِهِ وَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّیاطِینِ وَ أَنْ یَحْضُرُونِ.

و الخبر الخامس ما اشتهر و بلغ مبلغ التواتر من خروج النبی صلی اللّٰه علیه و آله لیلة الجن و قراءته علیهم و دعوته إیاهم إلی الإسلام.

و الخبر السادس روی القاضی أبو بكر فی الهدایة أن عیسی علیه السلام دعا ربه أن یریه موضع الشیطان من بنی آدم فأراه ذلك فإذا رأسه مثل رأس الحیة واضع رأسه علی قلبه فإذا ذكر اللّٰه تعالی خنس و إذا لم یذكره وضع رأسه علی حبة قلبه.

و الخبر السابع: قَوْلُهُ علیه السلام: إِنَّ الشَّیْطَانَ لَیَجْرِی مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَی الدَّمِ وَ قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ لَهُ شَیْطَانٌ قِیلَ وَ لَا أَنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَ لَا أَنَا إِلَّا

ص: 329


1- 1. فی المصدر: و خر لفیه.
2- 2. فی المصدر: و بكلماته.
3- 3. فی المصدر: و بكلمات اللّٰه.

أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَعَانَنِی عَلَیْهِ فَأَسْلَمَ.

و الأحادیث فی ذلك كثیرة و القدر الذی ذكرناه كاف.

المسألة الثالثة فی بیان أن الجن مخلوق من النار و الدلیل علیه قوله تعالی وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ و قال تعالی حاكیا عن إبلیس أنه قال خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ و اعلم أن حصول الحیاة فی النار غیر مستبعد أ لا تری أن الأطباء قالوا إن المتعلق الأول للنفس هو القلب و الروح و هما فی غایة السخونة و قال جالینوس إنی بقرت مرة بطن قرد و أدخلت یدی فی بطنه و أدخلت إصبعی فی قلبه فوجدته فی غایة السخونة(1) و نقول أطبق الأطباء علی أن الحیاة لا تحصل إلا بسبب الحرارة الغریزیة و قال بعضهم الأغلب علی الظن أن كرة النار تكون مملوة من الروحانیات.

المسألة الرابعة ذكروا قولین فی أنهم لم سموا بالجن.

الأول أن لفظ الجن مأخوذ من الاستتار و منه الجنة لاستتار أرضها بالأشجار و منه الجنة لأنها(2)

ساترة للإنسان و منه الجن لاستتارهم عن العیون و منه المجنون لاستتار عقله و منه الجنین لاستتاره فی البطن و منه قوله تعالی اتَّخَذُوا أَیْمانَهُمْ جُنَّةً(3) أی وقایة و سترا.

و اعلم أن علی هذا القول یلزم أن تكون الملائكة من الجن لاستتارهم عن العیون إلا أن یقال إن هذا من باب تقیید المطلق بسبب العرف.

و القول الثانی أنهم سموا بهذا الاسم لأنهم كانوا فی أول أمرهم خزان الجنة و القول الأول أقوی.

المسألة الخامسة اعلم أن طوائف المكلفین أربعة الملائكة و الإنس و الجن و

ص: 330


1- 1. فی المصدر: فی غایة السخونة بل تزید.
2- 2. فی المصدر: لكونها.
3- 3. المنافقون: 2.

الشیاطین و اختلفوا فی الجن و الشیاطین فقیل الشیاطین جنس و الجن جنس آخر كما أن الإنسان جنس و الفرس جنس آخر و قیل الجن منهم أخیار و منهم أشرار و الشیاطین اسم لأشرار الجن.

المسألة السادسة المشهور أن الجن لهم قدرة علی النفوذ فی بواطن البشر و أنكر أكثر المعتزلة ذلك و أما المثبتون فقد احتجوا بوجوه الأول أنه إن كان الجن عبارة عن موجود لیس بجسم و لا جسمانی فحینئذ یكون معنی كونه قادرا علی النفوذ فی باطنه أنه یقدر علی التصرف فی باطنه و ذلك غیر مستبعد و إن كان عبارة عن حیوان هوائی لطیف نفاذ كما وصفناه كان نفاذه فی باطن بنی آدم غیر ممتنع قیاسا علی النفس و غیره.

الثانی قوله تعالی لا یَقُومُونَ إِلَّا كَما یَقُومُ الَّذِی یَتَخَبَّطُهُ الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِ (1) الثالث

قَوْلُهُ علیه السلام: إِنَّ الشَّیْطَانَ لَیَجْرِی مِنْ بَنِی آدَمَ مَجْرَی الدَّمِ.

أما المنكرون فقد احتجوا بأمور الأول قوله تعالی حكایة عن إبلیس وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِی (2) صرح بأنه ما كان له علی البشر سلطان إلا من الوجه الواحد و هو إلقاء الوسوسة و الدعوة إلی الباطل.

و الثانی لا شك أن الأنبیاء و العلماء المحققین یدعون الناس إلی لعن الشیطان و البراءة منه فوجب أن تكون العداوة بین الشیاطین و بینهم أعظم أنواع العداوة فلو كانوا قادرین علی النفوذ فی بواطن البشر و علی إیصال البلاء و الشر إلیهم لوجب أن یكون تضرر الأنبیاء و العلماء منهم أشد من تضرر كل أحد و لما لم یكن كذلك علمنا أنه باطل.

المسألة السابعة اتفقوا علی أن الملائكة لا یأكلون و لا یشربون و لا ینكحون یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ و أما الجن و الشیاطین فإنهم یأكلون و یشربون

قَالَ

ص: 331


1- 1. البقرة: 275.
2- 2. إبراهیم: 22.

صلی اللّٰه علیه و آله: فِی الرَّوْثِ وَ الْعَظْمِ إِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ.

و أیضا فإنهم یتوالدون قال تعالی أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِی و اللّٰه أعلم.

المسألة الثامنة فی كیفیة الوسوسة بناء علی ما ورد فی الآثار ذكروا أنه یغوص فی باطن الإنسان و یضع رأسه علی حبة قلبه و یلقی إلیه الوسوسة و احتجوا علیه بما

رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الشَّیْطَانَ لَیَجْرِی مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَی الدَّمِ أَلَا فَضَیِّقُوا مَجَارِیَهُ بِالْجُوعِ.

وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ لَا أَنَّ الشَّیَاطِینَ یَحُومُونَ عَلَی قُلُوبِ بَنِی آدَمَ لَنَظَرُوا إِلَی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ (1).

و من الناس من قال هذه الأخبار لا بد من تأویلها لأنه یمتنع حملها علی ظواهرها و احتج علیه بوجوه الأول أن نفوذ الشیاطین فی بواطن الناس محال لأنه یلزم إما اتساع تلك المجاری أو تداخل تلك الأجسام.

و الثانی ما ذكرنا أن العداوة الشدیدة حاصلة بینه و بین أهل الدین فلو قدر علی هذا النفوذ فلم لم یخصهم بمزید الضرر.

الثالث أن الشیطان مخلوق من النار فلو دخل فی داخل البدن لصار كأنه نفذ النار فی داخل البدن و معلوم أنا لا نحس بذلك (2).

الرابع أن الشیاطین یحبون المعاصی و أنواع الكفر و الفسق ثم إنا نتضرع بأعظم الوجوه إلیهم لیظهروا أنواع الكفر و الفسق فلا نجد منه أثرا و لا فائدة و بالجملة فلا نری من عداوتهم ضررا و لا نجد من صداقتهم نفعا(3).

و أجاب مثبتو الشیاطین عن السؤال الأول بأن علی القول بأنها نفوس مجردة فالسؤال زائل و علی القول بأنها أجسام لطیفة كالضوء و الهواء فالسؤال أیضا زائل.

ص: 332


1- 1. المصدر خال عن كلمة: و الأرض.
2- 2. فی المصدر و معلوم أنّه لا یحس بذلك.
3- 3. فی المصدر: لا من عداوتهم ضررا و لا من صداقتهم نفعا.

و عن الثانی لا یبعد أن یقال إن اللّٰه و الملائكة(1) یمنعونهم من إیذاء علماء البشر.

و عن الثالث أنه لما جاز أن یقول اللّٰه تعالی لنار إبراهیم یا نارُ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ (2) فلم لا یجوز مثله هاهنا.

و عن الرابع أن الشیاطین مختارون و لعلهم یفعلون بعض القبائح دون بعض.

المسألة التاسعة فی تحقیق الكلام فی الوسوسة علی الوجه الذی قرره الشیخ الغزالی فی كتاب الإحیاء قال القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إلیها الأحوال من كل باب أو مثل هدف ترمی إلیه السهام من كل جانب أو مثل مرآة منصوبة یجتاز علیها الأشخاص

فیتراءی (3)

فیها صورة بعد صورة أو مثل حوض ینصب (4) إلیه میاه مختلفة من أنهار مفتوحة و اعلم أن مداخل هذه الآثار المجددة(5)

فی القلب ساعة فساعة إما من الظاهر كالحواس الخمس و إما من الباطن كالخیال و الشهوة و الغضب و الأخلاق المركبة فی مزاج الإنسان فإنه إذا أدرك بالحواس شیئا حصل منه أثر فی القلب و كذا إذا هاجت الشهوة أو الغضب حصل من تلك الأحوال آثار فی القلب و أما إذا منع الإنسان عن الإدراكات الظاهرة فالخیالات الحاصلة فی النفس تبقی و ینتقل الخیال من الشی ء إلی الشی ء(6)

و بحسب انتقال الخیال ینتقل القلب من حال إلی حال فالقلب دائما فی التغیر و التأثر من هذه الأسباب و أخص الآثار الحاصلة فی القلب هی الخواطر و أعنی بالخواطر ما یعرض فیه من الأفكار و الأذكار و أعنی بهذا إدراكات و علوما إما علی سبیل التجدد و إما علی سبیل التذكر فإنما(7) تسمی خواطر من حیث إنها تخطر بالخیال بعد أن

ص: 333


1- 1. فی المصدر: و ملائكته.
2- 2. الأنبیاء: 69.
3- 3. فی المصدر:[ تجتاز] و فیه: فتتراءی.
4- 4. فی المصدر: تنصب.
5- 5. فی المصدر:[ المتجددة] و فی النسخة المخطوطة: المحددة.
6- 6. فی المصدر: من شی ء الی شی ء.
7- 7. فی المصدر: و انما.

كان القلب غافلا عنها فالخواطر هی المحركات للإرادات و الإرادات محركة للأعضاء ثم إن هذه الخواطر المحركة لهذه الإرادات تنقسم إلی ما یدعو إلی الشر أعنی إلی ما یضر فی العاقبة و إلی الخیر أعنی ما ینفع فی العاقبة فهما خاطران مختلفان فافتقرا إلی اسمین مختلفین فالخاطر المحمود یسمی إلهاما و المذموم یسمی وسواسا ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر أحوال حادثة فلا بد لها من سبب و التسلسل محال فلا بد من انتهاء الكل إلی واجب الوجود هذا مخلص كلام الغزالی و قد حذفنا التطویل منه (1).

المسألة العاشرة فی تحقیق الكلام فیما ذكره الغزالی و اعلم أن هذا الرجل دار حول المقصود إلا أنه لا یحصل الغرض إلا من بعد مزید التنقیح فنقول لا بد قبل الخوض فی المقصود من تقدیم مقدمات فالمقدمة الأولی لا شك أن هاهنا مطلوبا و مهروبا و كل مطلوب فإما أن یكون مطلوبا لذاته أو لغیره و لا یجوز أن یكون كل مطلوب مطلوبا لغیره و أن یكون كل مهروب مهروبا عنه لغیره و إلا لزم إما الدور و إما التسلسل و هما محالان فثبت أنه لا بد من الاعتراف بوجود شی ء یكون مطلوبا لذاته و وجود(2) شی ء یكون مهروبا عنه لذاته.

و المقدمة الثانیة أن الاستقراء یدل علی أن المطلوب بالذات هو اللذة و السرور و المطلوب بالتبع ما یكون وسیلة إلیهما و المهروب عنه بالذات هو الألم و الحزن و المهروب عنه بالتبع ما یكون وسیلة إلیهما.

و المقدمة الثالثة أن اللذیذ عند كل قوة من القوی النفسانیة شی ء آخر فاللذیذ عند القوة الباصرة شی ء و اللذیذ عند القوة السامعة شی ء آخر و اللذیذ عند القوة الشهوانیة شی ء ثالث و اللذیذ عند القوة الغضبیة شی ء رابع و اللذیذ عند القوة العاقلة شی ء خامس.

ص: 334


1- 1. فی المصدر: بعد حذف التطویلات منه.
2- 2. فی المصدر: و بوجود شی ء.

و المقدمة الرابعة أن القوة الباصرة إذا أدركت موجودا فی الخارج لزم من حصول ذلك الإدراك البصری وقوف الذهن علی ماهیة ذلك المرئی و عند الوقوف علیه یحصل العلم بكونه لذیذا أو مؤلما أو خالیا عنهما فإن حصل العلم بكونه لذیذا ترتب علی حصول هذا العلم أو الاعتقاد حصول المیل إلی تحصیله و إن حصل العلم بكونه مؤلما ترتب علی هذا العلم أو الاعتقاد حصول المیل إلی البعد عنه و الفرار منه و إن لم یحصل العلم بكونه مؤلما و لا بكونه لذیذا لم یحصل فی القلب لا رغبة إلی الفرار عنه و لا رغبة إلی تحصیله.

المقدمة الخامسة أن العلم بكونه لذیذا إنما یوجب حصول المیل و الرغبة فی تحصیله إذا حصل ذلك العلم خالیا عن المعارض و المعاوق فأما إذا حصل هذا المعارض لم یحصل ذلك الاقتضاء مثاله إذا رأینا طعاما لذیذا فعلمنا بكونه لذیذا إنما یؤثر فی الإقدام علی تناوله إذا لم نعتقد أنه حصل فیه ضرر زائد أما إذا اعتقدنا أنه حصل فیه ضرر زائد فعندئذ یعتبر العقل كیفیة المعارضة و الترجیح فأیهما غلب علی ظنه أنه راجح عمل بمقتضی ذلك الرجحان و مثال آخر لهذا المعنی أن الإنسان قد یقتل نفسه و قد یلقی نفسه من السطح العالی إلا أنه إنما یقدم علی هذا العمل إذا اعتقد أنه بسبب تحمل ذلك العمل المؤلم یتخلص عن مؤلم آخر أعظم منه أو یتوصل به إلی تحصیل منفعة أعلی حالا منها فثبت بما ذكرنا أن اعتقاد كونه لذیذا أو مؤلما إنما یوجب الرغبة و النفرة إذا خلا ذلك الاعتقاد عن المعارض المقدمة السادسة فی بیان أن التقریر الذی بیناه یدل علی أن الأفعال الحیوانیة لها مراتب مترتبة ترتیبا ذاتیا لزومیا عقلیا و ذلك لأن هذه الأفعال مصدرها القریب هو القوی الموجودة فی العضلات إلا أن هذه القوی صالحة للفعل و الترك فامتنع صیرورتها مصدرا للفعل بدلا عن الترك و للترك بدلا عن الفعل إلا بضمیمة تنضم إلیها و هی الإرادات ثم إن تلك الإرادات إنما توجد و تحدث لأجل العلم بكونها لذیذة أو مؤلمة ثم إن تلك العلوم إن حصلت بفعل إنسان عاد البحث الأول فیه و لزم إما الدور و إما التسلسل و هما محالان و إما الانتهاء إلی علوم و إدراكات و تصورات تحصل فی جوهر النفس من

ص: 335

الأسباب الخارجة و هی إما الاتصالات الفلكیة علی مذهب قوم أو السبب الحقیقی فهو أن اللّٰه تعالی یخلق تلك الاعتقادات و العلوم فی القلب فهذا تلخیص الكلام فی أن الفعل كیف یصدر عن الحیوان إذا عرفت هذا فاعلم أن نفاة الشیاطین و نفاة الوسوسة قالوا ثبت أن المصدر القریب للأفعال الحیوانیة هو هذه القوی المركوزة(1) فی العضلات و الأوتاد(2)

و ثبت أن تلك القوی لا تصیر مصادر للفعل و الترك إلا عند انضمام المیل و الإرادة إلیها و ثبت أن تلك الإرادة من لوازم حصول الشعور بكون ذلك الشی ء لذیذا أو مؤلما و ثبت أن حصول ذلك الشعور لا بد و أن یكون بخلق اللّٰه تعالی ابتداء أو بواسطة مراتب شأن كل واحد منها فی استلزام ما بعده علی الوجه الذی قررناه و ثبت أن ترتب (3)

كل واحد من هذه المراتب علی ما قبله أمر لازم لزوما ذاتیا واجبا فإنه إذا أحس بالشی ء و عرف كونه ملائما مال طبعه إلیه و إذا مال طبعه إلیه تحركت القوة إلی الطلب و إذا حصلت هذه

المراتب حصل الفعل لا محالة فلو قدرنا شیطانا من الخارج و فرضنا أنه حصلت له وسوسة كانت تلك الوسوسة عدیمة الأثر لأنه إذا حصلت تلك المراتب المذكورة حصل الفعل سواء حصل هذا الشیطان أو لم یحصل و إن لم یحصل مجموع تلك المراتب امتنع حصول الفعل سواء حصل هذا الشیطان أو لم یحصل فعلمنا أن القول بوجود الشیطان و بوجود الوسوسة قول باطل بل الحق أن نقول إن اتفق حصول هذه المراتب فی الطرف النافع سمیناها بالإلهام و إن اتفق حصولها فی الطرف الضار سمیناها بالوسوسة هذا تمام الكلام فی تقریر هذا الإشكال.

و الجواب أن كل ما ذكرتموه حق و صدق إلا أنه لا یبعد أن یكون الإنسان غافلا عن الشی ء فإذا ذكره الشیطان ذلك الشی ء تذكره ثم عند التذكر ترتب علیه المیل إلیه و ترتب الفعل علی حصول ذلك المیل فالذی أتی به الشیطان الخارجی لیس إلا ذلك التذكر و إلیه الإشارة بقوله تعالی حكایة عن إبلیس أنه قال وَ ما كانَ لِی عَلَیْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ

ص: 336


1- 1. فی المصدر: المذكورة.
2- 2. فی المصدر: و الاوتار.
3- 3. فی المصدر: یترتب المیل علیه و یترتب.

إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِی (1) إلا أنه بقی لقائل أن یقول فالإنسان إنما أقدم علی المعصیة بتذكیر الشیطان فالشیطان إن كان إقدامه علی المعصیة بتذكیر شیطان آخر لزم التسلسل (2)

و إن كان عمل ذلك الشیطان لیس لأجل شیطان آخر ثبت أن ذلك الشیطان الأول إنما أقدم علی ما أقدم علیه لحصول ذلك الاعتقاد فی قلبه و لا بد لذلك الاعتقاد الحادث من محدث و ما ذاك إلا اللّٰه تعالی و عند هذا یظهر أن الكل من عند اللّٰه تعالی فهذا غایة الكلام فی هذا البحث الدقیق العمیق و صار حاصل الكلام

مَا قَالَهُ سَیِّدُ الرُّسُلِ صلی اللّٰه علیه و آله: وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ.

و اللّٰه أعلم.

المسألة الحادیة عشر اعلم أن الإنسان إذا جلس فی الخلوة و تواترت الخواطر فی قلبه فربما صار بحیث كأنه یسمع فی داخل قلبه و دماغه أصواتا خفیة و حروفا خفیة و كأن متكلما یتكلم معه و مخاطبا یخاطبه و هذا أمر وجدانی یجده كل أحد من نفسه ثم اختلف الناس فی تلك الخواطر فقالت الفلاسفة إن هذه الأشیاء لیست حروفا و لا أصواتا و إنما هی تخیلات الأصوات و الحروف و تخیل الشی ء عبارة عن حضور رسمه و مثاله فی الخیال و هذا كما أنا إذا تخیلنا صورة البحار و الأشخاص فأعیان تلك الأشیاء غیر موجودة فی العقل و القلب بل الموجود فی العقل و القلب صورها و أمثلتها و رسومها و هی علی سبیل التمثیل جاریة مجری الصورة المرتسمة فی المرآة فإذا أحسسنا صورة الفلك و الشمس و القمر فی المرآة فإن ذلك لیس بأنه حضرت (3) ذوات هذه الأشیاء فی المرآة فإن ذلك محال و إنما الحاصل فی المرآة رسوم هذه الأشیاء و صورها و أمثلتها فإذا عرفت هذا فی تخیل المبصرات فاعلم أن الحال فی تخیل الحروف و الكلمات المسموعة كذلك فهذا قول جمهور الفلاسفة و لقائل أن یقول هذا الذی سمیته بتخیل الحروف و الكلمات هل هو مساو للحروف و الكلمة فی الماهیة أو لا فإن حصلت المساواة فقد عاد

ص: 337


1- 1. إبراهیم: 22.
2- 2. فی المصدر: لزم تسلسل الشیاطین.
3- 3. فی المصدر: فاذا احسسنا فی المرآة صورة الفلك و الشمس و القمر فلیس ذلك لاجل انه حضرت.

الكلام إلی أن الحاصل فی الخیال حقائق الحروف و الأصوات و إلی أن الحاصل فی الخیال عند تخیل البحر و السماء حقیقة البحر و السماء و إن كان الحق هو الثانی و هو أن الحاصل فی الخیال شی ء آخر مخالف للمبصرات و المسموعات فحینئذ یعود السؤال و هو أنا كیف نجد من أنفسنا صور هذه المرئیات و كیف نجد من أنفسنا هذه الكلمات و العبارات وجدانا لا نشك أنها حروف متوالیة علی العقل متعاقبة علی الذهن فهذا منتهی الكلام فی كلام الفلاسفة و أما الجمهور الأعظم من أهل العلم فإنهم سلموا أن هذه الخواطر المتوالیة المتعاقبة حروف و أصوات خفیة(1).

و اعلم أن القائلین بهذا القول قالوا فاعل هذه الحروف و الأصوات إما ذلك الإنسان أو إنسان آخر و إما شی ء روحانی مباین یمكنه إلقاء هذه الحروف و الأصوات إلی هذا الإنسان سواء قیل إن ذلك المتكلم هو الجن و الشیاطین أو الملك و إما أن یقال خالق تلك الحروف و الأصوات هو اللّٰه تعالی أما القسم الأول و هو أن فاعل هذه الحروف و الأصوات هو ذلك الإنسان فهذا قول باطل لأن الذی یحصل باختیار الإنسان یكون قادرا علی تركه فلو كان حصول هذه الخواطر بفعل الإنسان لكان الإنسان إذا أراد دفعها أو تركها لقدر علیه و معلوم أنه لا یقدر علی دفعها فإنه سواء حاول فعلها أو حاول تركها فتلك الخواطر تتوارد علی طبعه و تتعاقب علی ذهنه بغیر اختیاره.

و أما القسم الثانی و هو أنها حصلت بفعل إنسان آخر فهو ظاهر الفساد و لما بطل هذان القسمان بقی الثالث و هی أنها من فعل الجن أو الملك أو من فعل اللّٰه تعالی و أما الذین قالوا إن اللّٰه لا یجوز أن یفعل القبائح فاللائق بمذهبهم أن یقولوا إن هذه الخواطر الخبیثة لیست من فعل اللّٰه تعالی فبقی أنها من أحادیث الجن و الشیاطین و أما الذین قالوا إنه لا یقبح من اللّٰه شی ء فلیس فی مذهبهم مانع یمنعهم من نسبة

ص: 338


1- 1. فی المصدر: و أصوات حقیقة.

إسناد(1) هذه الخواطر إلی اللّٰه تعالی.

و اعلم أن الثنویة یقولون للعالم إلهان أحدهما خیر و عسكره الملائكة و الثانی شر(2) و عسكره الشیاطین و هما یتنازعان أبدا و كل (3) شی ء فی هذا العالم فلكل واحد منهما تعلق به فالخواطر الداعیة إلی أعمال الخیر إنما حصلت من عساكر اللّٰه و الخواطر الداعیة إلی أعمال الشر إنما حصلت من عساكر الشیطان و اعلم أن القول بإثبات إلهین قول باطل علی ما ثبت فساده بالدلائل فهذا منتهی القول فی هذا الباب.

المسألة الثانیة عشر من الناس من أثبت لهذه الشیاطین قدرة علی الإحیاء و علی الإماتة و علی خلق الأجسام و علی تغییر الأشخاص عن صورتها الأصلیة و خلقتها الأولویة(4) و منهم من أنكر هذه الأحوال و قال إنه لا قدرة لها علی شی ء من هذه الأحوال و أما أصحابنا فقد أقاموا الدلالة علی أن القدرة علی الإیجاد و التكوین و الإحداث لیست إلا لله فبطلت هذه المذاهب كلها بالكلیة و أما المعتزلة فقد سلموا أن الإنسان قادر علی إیجاد بعض الحوادث فلا جرم صاروا محتاجین إلی بیان أن هذه الشیاطین لا قدرة لها علی خلق الأجسام و الحیاة و دلیلهم هو أن قالوا الشیطان جسم و كل جسم فإنه قادر بالقدرة و القدرة التی لنا لا تحصل لإیجاد الأجسام فهذه مقدمات ثلاث فالمقدمة الأولی أن الشیطان جسم فقد بنوا هذه المقدمة علی أن ما سوی اللّٰه إما متحیز و إما حال فی المتحیز و لیس لهم فی إثبات هذه المقدمة شبهة فضلا عن حجة.

و أما المقدمة الثانیة و هی قولهم الجسم إنما یكون قادرا بالقدرة فقد بنوا

ص: 339


1- 1. فی النسخة المخطوطة:[ من نسبة إنشاء هذه الخواطر] و فی المصدر: من اسناد هذه الخواطر.
2- 2. المصدر: شریر.
3- 3. فی المصدر:[ كل] بلا عاطف.
4- 4. فی المصدر: الاولیة.

هذا علی أن الأجسام متماثلة(1) فلو كان شی ء منها قادرا لذاته لكان الكل قادرا لذاته و بناء هذه المقدمة علی تماثل الأجسام.

و أما المقدمة الثالثة و هی قولهم هذه القدرة التی لنا لا تصلح لخلق الأجسام فوجب أن لا تصلح القدرة الحادثة لخلق الأجسام و هذا أیضا ضعیف لأنه یقال لهم لم لا یجوز حصول قدرة مخالفة لهذه القدرة الحاصلة لنا و تكون تلك القدرة صالحة لخلق الأجسام فإنه لا یلزم من عدم وجود الشی ء فی الحال امتناع وجوده فهذا تمام الكلام فی هذه المسألة.

المسألة الثالثة عشر اختلفوا فی أن الجن هل یعلمون الغیب و قد بین اللّٰه تعالی فی كتابه أنهم بقوا فی قید سلیمان علیه السلام و فی حبسه بعد موته مدة و هم ما كانوا یعلمون موته و ذلك یدل علی أنهم لا یعلمون الغیب و من الناس من یقول إنهم یعلمون الغیب ثم اختلفوا فقال بعضهم إن فیهم من یصعد إلی السماوات أو یقرب منها و یتلقی بعض تلك الغیوب (2)

علی ألسنة الملائكة و منهم من قال إن لهم طرقا أخری فی معرفة الغیوب عن اللّٰه تعالی (3).

و اعلم أن فتح الباب فی مثل هذه المباحث لا یفید إلا الظنون و الحسبانات و العالم بحقائقها هو اللّٰه سبحانه و تعالی (4).

و قال أیضا فی تفسیر سورة الجن اختلف الناس قدیما و حدیثا فی ثبوت الجن و نفیه فالنقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكاره و ذلك لأن أبا علی بن سینا قال فی رسالته فی حدود الأشیاء الجن حیوان هوائی متشكل بأشكال مختلفة ثم قال و هذا شرح للاسم.

فقوله فهذا شرح للاسم یدل علی أن هذا الحد شرح المراد من هذا اللفظ

ص: 340


1- 1. فی المصدر: مما تستلزم مماثلة.
2- 2. فی المصدر: و یخبر ببعض الغیوب.
3- 3. فی المصدر: فی معرفة الغیوب لا یعلمها الا اللّٰه.
4- 4. تفسیر الرازیّ 1: 76- 89.

و لیس لهذه الحقیقة وجود فی الخارج (1).

و أما جمهور أرباب الملل و المصدقین للأنبیاء علیهم السلام فقد اعترفوا بوجود الجن و اعترف به جمع عظیم من قدماء الفلاسفة و أصحاب الروحانیات و یسمونها بالأرواح السفلیة و زعموا أن الأرواح السفلیة أسرع إجابة إلا أنها أضعف و أما الأرواح الفلكیة فهی أبطأ إجابة إلا أنها أقوی.

و اختلف المثبتون علی قولین فمنهم من زعم أنها لیست أجساما و لا حاله فی الأجسام بل هی جواهر قائمة بأنفسها قالوا و لا یلزم من هذا أن یقال إنها تكون مساویة لذات اللّٰه لأن كونها لیست أجساما و لا جسمانیة سلوب و المشاركة فی السلوب لا تقتضی المساواة فی الماهیة قالوا ثم إن هذه الذوات بعد اشتراكها فی هذه السلوب أنواع مختلفة بالماهیة كاختلاف ماهیات الأعراض بعد استوائها فی الحاجة إلی المحل فبعضها خیرة و بعضها شریرة و بعضها كریمة حرة محبة للخیرات و بعضها دنیئة خسیسة محبة للشرور و الآفات و لا یعرف عدد أنواعهم و أصنافهم إلا اللّٰه تعالی قالوا و كونها موجودات مجردة لا یمنع من كونها عالمة بالخیرات (2) قادرة علی الأفعال فهذه الأرواح یمكنها أن تسمع و تبصر و تعلم الأفعال الخیرة(3)

فیفعل (4) الأفعال المخصوصة و لما ذكرنا أن ماهیاتها مختلفة لا جرم لا یبعد(5) أن یكون فی أنواعها ما یقدر علی أفعال شاقة عظیمة یعجز عنها قدرة البشر و لا یبعد أیضا أن یكون لكل نوع منها تعلق بنوع مخصوص من أجسام هذا العالم و كما أنه دلت الدلائل الطبیعیة علی أن التعلق (6)

ص: 341


1- 1. هذا لا یدلّ علی ذلك بل المراد انه لیس حدا ذاتیا له بل هو شرح للاسم، و ذلك اعم من أن یكون له وجود فی الخارج أم لا.
2- 2. فی المصدر: عالمة بالخبریات.
3- 3. فی المصدر:[ و تعلم الأحوال الخبریة] و فی النسخة المخطوطة: الأحوال الخیرة.
4- 4. فی المصدر: و تفعل.
5- 5. فی المصدر: لم یبعد.
6- 6. فی المصدر: المتعلق الأول.

الأول للنفس الناطقة التی لیس للإنسان (1)

إلا هی هی الأرواح و هی أجسام بخاریة لطیفة تتولد من ألطف أجزاء الدم و تتكون فی الجانب الأیسر من القلب ثم بواسطة تعلق النفس بهذه الأرواح تصیر متعلقة بالأعضاء التی تسری فیها هذه الأرواح لم یبعد

أیضا أنه یكون (2)

لكل واحد من هؤلاء الجن تعلق بجزء من أجزاء الهواء فیكون ذلك الجزء من الهواء هو المتعلق الأول لذلك الروح ثم بواسطة سریان ذلك الهواء فی جسم آخر كثیف یحصل لتلك الأرواح تعلق و تصرف فی تلك الأجسام الكثیفة.

و من الناس من ذكر فی الجن طریقة أخری فقال هذه الأرواح البشریة و النفوس الناطقة إذا فارقت أبدانها ازدادت قوة و كمالا بسبب ما فی ذلك العالم الروحانی من انكشاف الأسرار الروحانیة فإذا اتفق أن حدث بدن آخر مشابه لما كان لتلك النفس المفارقة من البدن فبسبب تلك المشاكلة یحصل لتلك النفس المفارقة تعلق ما بهذا البدن و تصیر تلك النفس المفارقة كالمعاونة لنفس ذلك البدن فی أفعالها و تدبیرها لذلك البدن فإن الجنسیة علة الضم فإن اتفقت هذه الحالة فی النفوس الخیرة سمی ذلك المعین ملكا و تلك الإعانة إلهاما و إن اتفقت فی النفوس الشریرة سمی ذلك المعین شیطانا و تلك الإعانة وسوسة و القول الثانی فی الجن أنهم أجسام ثم القائلون بهذا المذهب اختلفوا علی قولین منهم من زعم أن الأجسام مختلفة فی ماهیاتها إنما المشترك بینها صفة واحدة و هی كونها بأسرها حاصلة فی الحیز و المكان و الجهة و كونها موصوفة بالطول و العرض و العمق و هذه كلها إشارة إلی الصفات و الاشتراك فی الصفات لا یقتضی الاشتراك فی تمام الماهیة لما ثبت أن الأشیاء المختلفة فی تمام الماهیة لا یمتنع اشتراكها فی لازم واحد قالوا و لیس لأحد أن یحتج علی تماثل الأجسام بأن یقال الجسم من حیث إنه جسم له حد واحد و حقیقة واحدة فیلزم أن لا یصل التفاوت فی ماهیة الجسم من حیث

ص: 342


1- 1. فی المصدر: الإنسان.
2- 2. فی المصدر: أن یكون.

هو جسم بل إن حصل التفاوت حصل فی مفهوم زائد علی ذلك و أیضا فلأنه یمكننا تقسیم الجسم إلی اللطیف و الكثیف و العلوی و السفلی و مورد التقسیم مشترك بین الأقسام فالأقسام كلها مشتركة فی الجسمیة و التفاوت إنما یحصل بهذه الصفات و هی اللطافة و الكثافة و كونها علویة و سفلیة قالوا و هاتان الحجتان ضعیفتان.

أما الحجة الأولی فلأنا نقول كما أن الجسم من حیث إنه جسم له حد واحد و حقیقة واحدة فكذا العرض من حیث إنه عرض له حد واحد و حقیقة واحدة فیلزم منه أن تكون الأعراض كلها متساویة فی تمام الماهیة و هذا مما لا یقوله عاقل بل الحق عند الفلاسفة أنه لیس للأعراض البتة قدر مشترك بینها من الذاتیات إذ لو حصل بینها قدر مشترك لكان ذلك المشترك جنسا لها و لو كان كذلك لما كانت التسعة أجناسا عالیة بل كانت أنواع جنس واحد.

إذا ثبت هذا فنقول الأعراض من حیث إنها أعراض لها حقیقة واحدة و لم یلزم من ذلك أن یكون بینها ذاتی مشترك أصلا فضلا عن أن تكون متساویة فی تمام الماهیة فلم لا یجوز أن یكون الحال فی الجسم كذلك فإنه كما أن الأعراض مختلفة فی تمام الماهیة ثم إن تلك المختلفات متساویة فی وصف عارض و هو كونه عارضا لموضوعاتها فكذا من الجائز أن یكون ماهیات الأجسام مختلفة فی تمام ماهیاتها ثم إنها تكون متساویة فی وصف عارض و هو كونها مشارا إلیها بالحس و حاصلة فی الحیز و المكان و موصوفة بالأبعاد الثلاثة فهذا الاحتمال لا دافع له أصلا.

و أما الحجة الثانیة و هی قولهم إنه یمكن تقسیم الجسم إلی اللطیف و الكثیف فهی أیضا منقوضة بالعرض فإنه یمكن تقسیم العرض إلی الكیف و الكم و لم یلزم أن یكون هناك قدر مشترك من الذاتی فضلا عن التساوی فی كل الذاتیات فلم لا یجوز أن یكون الأمر هنا أیضا كذلك و إذا ثبت أنه لا امتناع فی كون الأجسام مختلفة و لم یدل دلیل علی بطلان هذا الاحتمال و حینئذ قالوا لا یمتنع فی بعض الأجسام اللطیفة الهوائیة أن تكون مخالفة لسائر أنواع الهواء فی الماهیة ثم یكون تلك الماهیة تقتضی لذاتها علما مخصوصا و قدرة مخصوصة علی أفعال عجیبة و علی هذا التقدیر یكون

ص: 343

القول بالجن ظاهر الاحتمال و تكون قدرتها علی التشكل بالأشكال المختلفة ظاهرة الاحتمال.

القول الثانی قول من قال الأجسام متساویة فی تمام الماهیة و القائلون بهذا المذهب أیضا فرقتان الفرقة الأولی الذین زعموا أن البنیة لیست شرطا فی الحیاة و هذا قول الأشعری و جمهور أتباعه و أدلتهم فی هذا الباب ظاهرة قویة قالوا لو كانت البنیة شرطا فی الحیاة(1)

لكان إما أن یقال إن الحیاة الواحدة قامت بمجموع الأجزاء أو یقال قام بكل واحدة من الأجزاء حیاة واحدة علی حدة و الأول محال لأن حلول العرض الواحد فی المحال الكثیرة دفعة واحدة غیر معقول.

و الثانی أیضا باطل لأن الأجزاء التی منها تألف الجسم متساویة و الحیاة القائمة بكل واحد منها متساویة للحیاة القائمة بالجزء الآخر و حكم الشی ء حكم مثله فلو افتقر قیام الحیاة بهذا الجزء إلی قیام تلك الحیاة بذلك الجزء یحصل (2) هذا الافتقار من الجانب الآخر فیلزم وقوع الدور و هو محال و إن لم یحصل هذا الافتقار فحینئذ ثبت أن قیام الحیاة بهذا الجزء لا یتوقف علی قیام الحیاة الثانیة بذلك الجزء الثانی و إذا بطل هذا التوقیف (3) ثبت أنه یصح كون الجزء الواحد موصوفا بالحیاة و العلم و فی القدرة و الإرادة و بطل القول بأن البنیة شرط قالوا و أما دلیل المعتزلة و هو أنه لا بد من البنیة فلیس إلا الاستقراء و هو أنا رأینا أنه متی فسدت البنیة بطلت الحیاة و متی لم تفسد بقیت الحیاة فوجب توقف الحیاة علی حصول البنیة إلا أن هذا ركیك فإن الاستقراء لا یفید القطع بالوجوب فما الدلیل علی أن حال ما لم یشاهد كحال ما شوهد و أیضا فلأن هذا الكلام إنما یستقیم علی قول من ینكر خرق العادات أما من یجوزها فهذا لا یتمشی علی مذهبه و الفرق بینهما فی جعل بعضها علی سبیل العادة و جعل بعضها علی سبیل الوجوب تحكم محض لا سبیل إلیه فثبت أن البنیة لیست شرطا فی الحیاة

ص: 344


1- 1. فی المصدر: للحیاة.
2- 2. فی المصدر: لحصل.
3- 3. فی المصدر؟ هذا التوقف.

و إذا ثبت هذا لم یبعد أن یخلق اللّٰه تعالی فی الجوهر الفرد علما بأمور كثیرة و قدرة علی أشیاء شاقة شدیدة و عند هذا ظهر القول بإمكان وجود الجن سواء كانت أجسامهم لطیفة أو كثیفة و سواء كانت أجرامهم كبیرة أو صغیرة.

القول الثانی أن البنیة شرط الحیاة و أنه لا بد من صلابة من البنیة حتی یكون قادرا علی الأفعال الشاقة.

فهاهنا مسألة أخری و هی أنه هل یمكن أن یكون المرئی حاضرا و الموانع مرتفعة و الشرائط من القرب و البعد حاصلة و تكون الحاسة سلیمة ثم مع هذا لا یحصل الإدراك أو یكون هذا ممتنعا عقلا أما الأشعری و أتباعه فقد جوزوه و أما المعتزلة فقد حكموا بامتناعه عقلا و استدل الأشعری علی قوله بوجوه عقلیة و نقلیة أما العقلیة فأمران.

الأول أنا نری الكبیر من البعید صغیر و ما ذاك إلا أنا نری بعض أجزاء ذلك البعید دون البعض مع أن نسبة الحاسة و جمیع الشرائط إلی تلك الأجزاء المرئیة كهی بالنسبة إلی الأجزاء التی هی غیر مرئیة فعلمنا أن مع حصول سلامة الحاسة و حضور المرئی و حصول الشرائط و انتفاء الموانع لا یكون الإدراك واجبا.

الثانی أن الجسم الكبیر لا معنی له إلا مجموع تلك الأجزاء المتألفة فإذا رأینا ذلك الجسم الكبیر علی مقدار من البعد فقد رأینا تلك الأجزاء فإما أن تكون رؤیة هذا الجزء مشروطة برؤیة ذلك الجزء الآخر أو لا یكون فإن كان الأول لزم الدور لأن الأجزاء متساویة فلو افتقرت رؤیة هذا الجزء إلی رؤیة ذلك الجزء لافتقرت أیضا رؤیة ذلك الجزء إلی رؤیة هذا الجزء فیقع الدور و إن لم یحصل هذا الافتقار فحینئذ رؤیة الجوهر الفرد علی القدر من المسافة تكون ممكنة.

ثم من المعلوم أن ذلك الجوهر الفرد لو حصل وحده من غیر أن ینضم إلیه سائر الجواهر فإنه لا یری فعلمنا أن حصول الرؤیة عند اجتماع جملة الشرائط(1) لا یكون واجبا بل جائزا.

ص: 345


1- 1. فی المصدر: عند اجتماع الشرائط.

و أما المعتزلة فقد عولوا علی أنا إن جوزنا ذلك لجوزنا أن یكون بحضرتنا طبلات و بوقات و لا نراها و لا نسمعها و إذا عارضناهم بسائر الأمور العادیة و قلنا لهم فجوزوا أن یقال انقلبت میاه البحار ذهبا و فضة و الجبال یاقوتا و زبرجدا و حصل (1)

فی السماء حال ما غمضت العین ألف شمس و قمر ثم كما فتحت العین أعدمها اللّٰه تعالی عجزوا عن الفرق و السبب فی هذا التشویش أن هؤلاء المعتزلة نظروا إلی هذه الأمور المطردة فی مناهج العادات فزعموا(2) أن بعضها واجبة و بعضها غیر واجبة فلما لم یجدوا قانونا مستقیما و مأخذا سلیما بین البابین تشوش الأمر علیهم بل الواجب أن یسوی بین الكل فیحكم علی الكل بالوجوب كما هو قول الفلاسفة أو علی الكل بعدم الوجوب كما هو قول الأشعری فأما التحكم فی الفرق فهو بعید.

إذا ثبت هذا ظهر جواز القول بالجن و أن أجسامهم و إن كانت كثیفة قویة إلا أنه لا یمتنع أن لا نراها و إن كانوا حاضرین هذا علی قول الأشعری فهذا هو تفصیل هذه الوجوه.

و أنا متعجب من هؤلاء المعتزلة أنهم كیف یصدقون ما جاء فی القرآن من إثبات الملك و الجن مع استمرارهم علی مذاهبهم و ذلك لأن القرآن دل علی أن للملائكة قوة عظیمة علی الأفعال الشاقة و الجن أیضا كذلك و هذه القدرة لا تثبت إلا فی الأعضاء الكثیفة الصلبة فإذا یجب فی الملك و الجن أن یكونوا كذلك ثم إن هؤلاء الملائكة حاضرون عندنا أبدا و هم الكرام الكاتبون و الحفظة و یحضرون أیضا عند قبض الأرواح و قد كانوا یحضرون عند الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و إن أحدا من القوم ما كان یراهم و كذلك الناس الجالسون عند من یكون فی النزع لا یرون أحدا فإن وجبت رؤیة الكثیف عند الحضور فلم لا نراها و إن لم تجب الرؤیة فقد بطل مذهبهم و إن كانوا موصوفین بالقوة و الشدة مع عدم الكثافة و الصلابة فقد بطل قولهم إن البنیة شرط الحیاة فإن قالوا إنها أجسام لطیفة و لكنها للطافتها لا تقدر علی الأعمال الشاقة فهذا إنكار لصریح القرآن و بالجملة فحالهم فی الإقرار بالملك و الجن مع هذه المذاهب عجیبة(3).

ص: 346


1- 1. فی المصدر: أو حصلت.
2- 2. فی المصدر: فوهموا.
3- 3. تفسیر الرازیّ 30: 148- 152.

بیان:(1)

أقول: إنما أوردت هذه الأقوال الركیكة لتطلع علی مذاهب جمیع الفرق فی ذلك و قد عرفت ما دلت علیه الآیات و الأخبار المعتبرة و أشرنا إلی ما هو الحق الحقیق بالإذعان و لم نتعرض لتزییف الأقوال السخیفة حذرا من الإطناب.

قوله فآذنوه ثلاثة أیام أی فأعلموه و أتموا الحجة علیه قال النووی فإنه إذا لم یذهب بالإنذار علمتم أنه لیس من عوامر البیوت و لا ممن أسلم من الجن بل هو شیطان فاقتلوه و لن یجعل اللّٰه له سبیلا إلی الانتصار علیكم بثأره بخلاف العوامر و صفة الإنذار أن یقول أنشدكم بالعهد الذی أخذ علیكم سلیمان أن تؤذونا و أن تظهروا لنا قالوا لا تقتل حیات المدینة إلا بالإنذار و فی غیرها یقتل بغیره بسبب أن طائفة من الجن أسلم بها و قیل النهی فی حیات البیوت فی جمیع البلاد و ما لیس فی البیوت یقتل بدونه انتهی.

و أقول و فی بعض روایاتهم فلیحرج علیها قال فی النهایة قوله علیه السلام فی قتل الحیات فلیحرج علیها هو أن یقول لها أنت فی حرج أی ضیق إن عدت إلینا فلا تلومینا إن ضیق علیك بالتتبع و الطرد و القتل انتهی.

و قال النووی یقول أحرج علیك باللّٰه و الیوم الآخر أن لا تبدوا لنا و لا تؤذونا و لا تظهروا لنا فإن لم یذهب أو عاد بعده فاقتلوه فإنه إما جنی كافر أو حیة و قوله شیطان أی ولد من أولاد إبلیس أو حیة(2).

ص: 347


1- 1. فی النسخة المخطوطة: تنبیه.
2- 2. أقول: هذا آخر الجزء الثالث و الستون من كتاب بحار الأنوار من المجلد السماء و العالم و یأتی بعده الجزء الرابع و الستون و أوله أبواب الحیوان و أصنافها، و الحمد للّٰه أولا و آخرا و نصلی علی رسوله و آله. قم المشرفة: عبد الرحیم الربانی الشیرازی عفی عنه و عن والدیه.

كلمة المحقّق

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

الحمد لله ربّ العالمین و الصلاة و السلام علی محمّد و آله الطیبین الطاهرین و بعد فقد وفّقنا اللّٰه تبارك و تعالی لتصحیح هذا الجزء من كتاب بحار الأنوار و هو الجزء الستّون حسب تجزئتنا قد بذلنا الجهد و المجهود فی تصحیحه و تنمیقه و مقابلته بالنسخ و بمصادره و علّقنا علیه تعلیقاً مختصراً تتمیماً لما لم یذكره المصنّف من غریب الغة و غیره و تبیاناً لما اختلف فی مصادره من نصوصه و كان المرجع فی تصحیحنا مضافا إلی النسخة المطبوعة المعروفة بطبعة أمین الضرب و النسخة المعروفة بطبعة الخونساریّ نسخة مخطوطة أرسلها الفاضل المحترم السیّد جلال الدین الأرمویّ دامت توفیقاته استكتبها أبو القاسم الرضویّ الموسویّ الخونساریّ فی سنة 1235 نشكر اللّٰه تعالی علی توفیقنا لذلك و نسأله المزید من توفیقه و إفضاله إنّه ذو الفضل العظیم.

قم المشرفة: عبد الرحیم الربانیّ الشیرازیّ عفی عنه و عن والدیه رمضان 1390 ق

ص: 348

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

«1»- باب تأثیر السحر و العین و حقیقتهما زائدا علی ما تقدّم فی باب عصمة الملائكة 1

«2»- باب حقیقة الجنّ و أحوالهم 42

«3»- باب إبلیس لعنه اللّٰه و قصصه و بدء خلقه و مكائده و مصائده و أحوال ذرّیّته و الاحتراز عنهم أعاذنا اللّٰه من شرورهم 131

تتمّة تشمل علی فوائد جمّة (یتعلّق بالباب)

كلمة المصحّح

بسمه تعالی

انتهی الجزء السابع من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأبرار و هو الجزء الثالث و الستّون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة النفیسة الرائقة. و قد قابلناه علی النسخة الّتی صحّحها الفاضل الخبیر الشیخ عبد الرحیم الربانی المحترم بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولیّ التوفیق.

محمّد الباقر البهبودی

ص: 349

ص: 350

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 351

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.