بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 57

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 57: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب السماء و العالم

تتمة أبواب العناصر كائنات الجو البحر و المعادن و الجبال و الأنهار و البلدان و الأقالیم

باب 29 الریاح و أسبابها و أنواعها

اشارة

الآیات:

البقرة: وَ تَصْرِیفِ الرِّیاحِ (1)

الأعراف: وَ هُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ (2)

الحجر: وَ أَرْسَلْنَا الرِّیاحَ لَواقِحَ (3)

الإسراء: فَیُرْسِلَ عَلَیْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّیحِ فَیُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ (4)

الأنبیاء: وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عاصِفَةً تَجْرِی بِأَمْرِهِ إِلی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها(5)

الفرقان: وَ هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ (6)

النمل: وَ مَنْ یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ (7)

الروم: وَ مِنْ آیاتِهِ أَنْ یُرْسِلَ الرِّیاحَ مُبَشِّراتٍ وَ لِیُذِیقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ لِتَجْرِیَ


1- 1. البقرة: 164.
2- 2. الأعراف: 57.
3- 3. الحجر: 22.
4- 4. الإسراء: 69.
5- 5. الأنبیاء: 81.
6- 6. الفرقان: 48.
7- 7. النمل: 63.

الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (1) و قال تعالی وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِیحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ یَكْفُرُونَ (2)

الذاریات: وَ الذَّارِیاتِ ذَرْواً(3) و قال سبحانه وَ فِی عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الرِّیحَ الْعَقِیمَ (4)

القمر: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً صَرْصَراً فِی یَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ(5)

المرسلات: وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَ النَّاشِراتِ نَشْراً(6)

تفسیر:

وَ هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ الرِّیاحَ بُشْراً قال الرازی حدّ الریح أنه هواء متحرّك فنقول كون هذا الهواء متحركا لیس لذاته و لا للوازم ذاته و إلا لدامت الحركة بدوام ذاته فلا بد و أن یكون بتحریك الفاعل المختار و هو اللّٰه جل جلاله قالت الفلاسفة هاهنا سبب آخر و هو أنه یرتفع من الأرض أجزاء أرضیة لطیفة مسخنة(7) تسخینا قویا شدیدا فبسبب تلك السخونة الشدیدة ترتفع و تتصاعد فإذا وصلت إلی القرب من الفلك كان الهواء الملتصق بمقعّر(8) الفلك متحركا علی استدارة الفلك بالحركة المستدیرة التی حصلت لتلك الطبقة من الهواء فهی تمنع هذه الأدخنة من الصعود بل تردّها عن سمت حركتها فحینئذ ترجع تلك الأدخنة و تتفرق فی الجوانب و بسبب ذلك التفرق تحصل الریاح ثم كلما كانت تلك الأدخنة أكثر و كان صعودها أقوی كان رجوعها أیضا أشد حركة فكانت الریاح أشد و أقوی هذا حاصل ما ذكروه و هو باطل و یدل علی بطلانه وجوه

ص: 2


1- 1. الروم: 44.
2- 2. الروم: 51.
3- 3. الذاریات: 1.
4- 4. الذاریات: 41.
5- 5. القمر: 19.
6- 6. المرسلات: 1- 3.
7- 7. فی المصدر: تسخنه.
8- 8. بقعر( خ).

الأول أن صعود الأجزاء الأرضیة إنما یكون لشدة تسخّنها و لا شكّ أن ذلك التسخّن عرضیّ لأن الأرض باردة یابسة بالطبع فإذا كانت تلك الأجزاء الأرضیة متصغرة جدا كانت سریعة الانفعال فإذا تصاعدت و وصلت إلی الطبقة الباردة من الهواء امتنع بقاء الحرارة فیها بل تبرّده جدا و إذا بردت امتنع بلوغها فی الصعود إلی الطبقة الهوائیة المتحرّكة بحركة الفلك فبطل ما ذكروه.

الثانی هب أن تلك الأجزاء الدخانیة صعدت إلی الطبقة الهوائیة المتحركة بحركة الفلك لكنها لما رجعت وجب أن تنزل علی الاستقامة لأن الأرض جسم ثقیل و الثقیل إنما یتحرك بالاستقامة و الریاح لیست كذلك فإنها تتحرك یمنة و یسرة.

الثالث أن حركة تلك الأجزاء الأرضیة النازلة لا تكون حركة قاهرة فإن الریاح إذا أحضرت الغبار الكثیر ثم عاد ذلك الغبار و نزل علی السطوح لم یحس أحد بنزولها و تری هذه الریاح تقلع الأشجار و تهدم الجبال و تموّج البحار.

الرابع أنه لو كان الأمر علی ما قالوه لكانت الریاح كلما كانت أشد وجب أن یكون حصول الأجزاء الغباریة الأرضیة أكثر لكنه لیس الأمر كذلك لأن الریاح قد یعظم عصوفها و هبوبها فی وجه البحر مع أن الحس یشهد بأنه لیس فی ذلك الهواء المتحرك العاصف شی ء من الغبار و الكدرة فبطل ما قالوه.

و قال المنجّمون إن قوی الكواكب هی التی تحرك هذه الریاح و توجب هبوبها و ذلك أیضا بعید لأن الموجب لهبوب الریاح إن كان طبیعة الكواكب وجب دوام الریاح بدوام تلك الطبیعة و إن كان الموجب هو طبیعة الكواكب بشرط حصوله فی البرج المعین و الدرجة المعینة وجب أن یتحرك هواء كل العالم و لیس كذلك و أیضا قد بینا أن الأجسام متماثلة فاختصاص الكوكب المعین و البرج المعین و الطبیعة التی لأجلها اقتضت ذلك الأثر الخاص لا بد و أن یكون بتخصیص الفاعل المختار فثبت أن محرّك الریاح هو اللّٰه سبحانه و ثبت بالدلیل العقلی أیضا صحة قوله وَ هُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ

ص: 3

قوله نشرا أی منتشرة متفرقة فجزء من أجزاء الریح یذهب یمنة و جزء آخر یذهب یسرة و كذا القول فی سائر الأجزاء فإن كل واحد منها یذهب إلی جانب آخر فنقول لا شك أن طبیعة الهواء طبیعة واحدة و نسبة الأفلاك و الأنجم و الطبائع إلی كل واحد من الأجزاء من ذلك الریح نسبة واحدة فاختصاص بعض أجزاء الریح بالذهاب یمنة و الجزء الآخر بالذهاب یسرة وجب أن لا یكون ذلك إلا بتخصیص الفاعل المختار(1).

بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ أی بین یدی المطر الذی هو رحمته فإن قیل فقد نجد المطر و لا تتقدمه الریاح قلنا لیس فی الآیة أن هذا التقدم حاصل فی كل الأحوال فلم یتوجه السؤال و أیضا فیجوز أن تتقدمه هذه الریاح و إن كنا لا نشعر بها و عن ابن عمر الریاح ثمان أربع منها عذاب و هو القاصف و العاصف و الصرصر و العقیم و أربع منها رحمة الناشرات و المبشرات و المرسلات و الذاریات

وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَ أُهْلِكَ عَادٌ بِالدَّبُورِ وَ الْجَنُوبُ مِنْ رِیحِ الْجَنَّةِ.

و عن كعب لو حبس اللّٰه الریح عن عباده ثلاثة أیام لأنتن أكثر الأرض (2).

فَیُرْسِلَ عَلَیْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّیحِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی فإذا ركبتم البحر أرسل علیكم ریحا شدیدة كاسرة للسفینة و قیل الحاصب الریح المهلكة فی البر و القاصف المهلكة فی البحر فَیُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ من نعم اللّٰه (3).

أَنْ یُرْسِلَ الرِّیاحَ قال البیضاوی أی الشمال و الصبا و الجنوب فإنها ریاح الرحمة و أما الدبور فریح العذاب و منه

قوله صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِیَاحاً وَ لَا تَجْعَلْهَا رِیحاً.

و قرأ ابن كثیر و الحمزة و الكسائی الریح علی إرادة الجنس مُبَشِّراتٍ بالمطر وَ لِیُذِیقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ یعنی المنافع التابعة لها و قیل الخصب التابع لنزول المطر المسبّب عنها أو الروح الذی هو مع هبوبها و العطف علی علة

ص: 4


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 14، ص 140( من المطبوع بمصر).
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 14، ص 141.
3- 3. مجمع البیان: ج 6، ص 428.

محذوفة دل علیها مُبَشِّراتٍ أو علیها باعتبار المعنی أو علی یُرْسِلَ بإضمار فعل معلّل دل علیه وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ یعنی تجارة البحر(1).

فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا أی فرأوا الأثر و الزرع فإنه مدلول علیه بما تقدم و قیل السحاب لأنه إذا كان مصفرا لم یمطر و اللام موطّئة للقسم دخلت علی حرف الشرط و قوله لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ یَكْفُرُونَ جواب سدّ مسدّ الجزاء و لذلك فسر بالاستقبال و هذه الآیة(2)

ناعیة

علی الكفار بقلّة تثبّتهم و عدم تدبّرهم و سرعة تزلزلهم لعدم تفكرهم و سوء رأیهم فإن النظر السوی یقتضی أن یتوكلوا علی اللّٰه و یلجئوا(3) إلیه بالاستغفار إذا احتبس القطر عنهم و لم ییأسوا من رحمته و أن یبادروا إلی الشكر و الاستدامة بالطاعة إذا أصابهم برحمته و لم یفرطوا فی الاستبشار و أن یصبروا علی بلائه إذا ضرب زروعهم بالاصفرار و لم یكفروا نعمه (4).

أقول: و قد مرّ تفسیر الذاریات بالریاح التی تذرو التراب و هشیم النبت و قال الطبرسی رحمه اللّٰه الرِّیحَ الْعَقِیمَ هی التی عقمت عن أن تأتی بخیر و من تنشئة سحاب أو تلقیح شجر أو تذریة طعام أو نفع حیوان فهی كالمرأة الممنوعة عن الولادة إذ هی ریح الإهلاك (5)

و قال فی قوله تعالی رِیحاً صَرْصَراً أی شدیدة الهبوب و قیل باردة من الصرّ و هو البرد فِی یَوْمِ نَحْسٍ (6) مُسْتَمِرٍّ أی دائم الشؤم استمر علیهم بنحوسته سَبْعَ لَیالٍ وَ ثَمانِیَةَ أَیَّامٍ حتی أتت علیهم و قیل

إنه كان یوم الأربعاء آخر الشهر لا یدور رواه العیاشی بالإسناد عن أبی جعفر علیه السلام (7).

ص: 5


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 248.
2- 2. فی المصدر: الآیات.
3- 3. فی المصدر: یلتجئوا.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 2، ص 249.
5- 5. مجمع البیان: ج 9، ص 159.
6- 6. فی المصدر: أی فی یوم شوم.
7- 7. مجمع البیان: ج 9، ص 190.

أقول: و قد مرّ أیضا تفسیر الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً بالریاح أرسلت متتابعة كعرف الفرس و فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً بالریاح الشدیدات الهبوب و النَّاشِراتِ نَشْراً بالریاح التی تأتی بالمطر تنشر السحاب نشرا للغیث.

«1»- الْفَقِیهُ، قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: لِلرِّیحِ رَأْسٌ وَ جَنَاحَانِ (1).

بیان: لعل الكلام مبنیّ علی الاستعارة أی یشبه الطائر فی أنها تطیر إلی كل جانب و فی أنها فی بدء حدوثها قلیلة ثم تنتشر كالطائر الذی بسط جناحه و اللّٰه یعلم.

«2»- الْفَقِیهُ، عَنْ كَامِلٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام بِالْعُرَیْضِ فَهَبَّتْ رِیحٌ شَدِیدَةٌ فَجَعَلَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یُكَبِّرُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ التَّكْبِیرَ یَرُدُّ الرِّیحَ وَ قَالَ علیه السلام مَا بَعَثَ اللَّهُ رِیحاً إِلَّا رَحْمَةً أَوْ عَذَاباً فَإِذَا رَأَیْتُمُوهَا فَقُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ خَیْرَهَا وَ خَیْرَ مَا أُرْسِلَتْ لَهُ وَ نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ لَهُ وَ كَبِّرُوا وَ ارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالتَّكْبِیرِ فَإِنَّهُ یَكْسِرُهَا(2).

«3»- وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا خَرَجَتْ رِیحٌ قَطُّ إِلَّا بِمِكْیَالٍ إِلَّا زَمَنَ عَادٍ فَإِنَّهَا عَتَتْ عَلَی خُزَّانِهَا فَخَرَجَتْ فِی مِثْلِ خَرْقِ الْإِبْرَةِ فَأَهْلَكَتْ قَوْمَ عَادٍ(3).

«4»- وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: نِعْمَ الرِّیحُ الْجَنُوبُ تَكْسِرُ الْبَرْدَ عَنِ الْمَسَاكِینِ وَ تُلْقِحُ الشَّجَرَ وَ تُسِیلُ الْأَوْدِیَةَ(4).

«5»- وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: الرِّیَاحُ خَمْسَةٌ مِنْهَا الْعَقِیمُ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا هَبَّتْ رِیحٌ صَفْرَاءُ أَوْ حَمْرَاءُ أَوْ سَوْدَاءُ تَغَیَّرَ وَجْهُهُ وَ اصْفَرَّ وَ كَانَ كَالْخَائِفِ الْوَجِلِ حَتَّی یَنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ فَیَرْجِعُ إِلَیْهِ لَوْنُهُ وَ یَقُولُ جَاءَتْكُمْ بِالرَّحْمَةِ(5).

«6»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: أُنَبِّهُكَ یَا مُفَضَّلُ عَلَی الرِّیحِ وَ مَا فِیهَا أَ لَسْتَ تَرَی رُكُودَهَا إِذَا رَكَدَتْ كَیْفَ یُحْدِثُ الْكَرْبَ الَّذِی یَكَادُ یَأْتِی عَلَی

ص: 6


1- 1. الفقیه: 142.
2- 2. الفقیه: 142.
3- 3. الفقیه: 143.
4- 4. الفقیه: 143.
5- 5. الفقیه: 143.

النُّفُوسِ وَ یُحْرِضُ الْأَصِحَّاءَ وَ یَنْهَكُ الْمَرْضَی وَ یُفْسِدُ الثِّمَارَ وَ یُعَفِّنُ الْبُقُولَ وَ یُعْقِبُ الْوَبَاءَ فِی الْأَبْدَانِ وَ الْآفَةَ فِی الْغَلَّاتِ فَفِی هَذَا بَیَانُ أَنَّ هُبُوبَ الرِّیحِ مِنْ تَدْبِیرِ الْحَكِیمِ فِی صَلَاحِ الْخَلْقِ وَ أُنَبِّئُكَ عَنِ الْهَوَاءِ بِخَلَّةٍ أُخْرَی فَإِنَّ الصَّوْتَ أَثَرٌ یُؤَثِّرُهُ اصْطِكَاكُ الْأَجْسَامِ فِی الْهَوَاءِ وَ الْهَوَاءُ یُؤَدِّیهِ إِلَی الْمَسَامِعِ وَ النَّاسُ یَتَكَلَّمُونَ فِی حَوَائِجِهِمْ وَ مُعَامَلَاتِهِمْ طُولَ نَهَارِهِمْ وَ بَعْضَ لَیْلِهِمْ فَلَوْ كَانَ أَثَرُ هَذَا الْكَلَامِ یَبْقَی فِی الْهَوَاءِ كَمَا یَبْقَی الْكِتَابُ فِی الْقِرْطَاسِ لَامْتَلَأَ الْعَالَمُ مِنْهُ فَكَانَ یَكْرُبُهُمْ وَ یَفْدَحُهُمْ وَ كَانُوا یَحْتَاجُونَ فِی تَجْدِیدِهِ وَ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ أَكْثَرَ مِمَّا یُحْتَاجُ إِلَیْهِ فِی تَجْدِیدِ الْقَرَاطِیسِ لِأَنَّ مَا یُلْقَی مِنَ الْكَلَامِ أَكْثَرُ مِمَّا یُكْتَبُ فَجَعَلَ الْخَلَّاقُ الْحَكِیمُ جَلَّ قُدْسُهُ هَذَا الْهَوَاءَ قِرْطَاساً خَفِیفاً یَحْمِلُ الْكَلَامَ رَیْثَمَا یَبْلُغُ الْعَالَمُ (1)

حَاجَتَهُمْ ثُمَّ یُمْحَی فَیَعُودُ جَدِیداً نَقِیّاً وَ یَحْمِلُ مَا حَمَلَ أَبَداً بِلَا انْقِطَاعٍ وَ حَسْبُكَ بِهَذَا النَّسِیمِ الْمُسَمَّی هَوَاءً عِبْرَةً وَ مَا فِیهِ مِنَ الْمَصَالِحِ فَإِنَّهُ حَیَاةُ هَذِهِ الْأَبْدَانِ وَ الْمُمْسِكُ لَهَا مِنْ دَاخِلٍ بِمَا یَسْتَنْشِقُ مِنْهُ وَ مِنْ خَارِجٍ بِمَا تُبَاشِرُ مِنْ رَوْحِهِ وَ فِیهِ تَطَّرِدُ هَذِهِ الْأَصْوَاتُ فَیُؤَدِّی بِهَا مِنَ الْبَعِیدِ وَ هُوَ الْحَامِلُ لِهَذِهِ الأَرَایِیحِ یَنْقُلُهَا مِنْ مَوْضِعٍ إِلَی مَوْضِعٍ أَ لَا تَرَی كَیْفَ تَأْتِیكَ الرَّائِحَةُ مِنْ حَیْثُ تَهُبُّ الرِّیحُ فَكَذَلِكَ الصَّوْتُ وَ هُوَ الْقَابِلُ لِهَذَا الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ اللَّذَیْنِ یَعْتَقِبَانِ عَلَی الْعَالَمِ لِصَلَاحِهِ وَ مِنْهُ هَذِهِ الرِّیحُ الْهَابَّةُ فَالرِّیحُ تَرُوحُ عَنِ الْأَجْسَامِ وَ تُزْجِی السَّحَابَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَی مَوْضِعٍ لِیَعُمَّ نَفْعُهُ حَتَّی یَسْتَكْثِفَ فَیَمْطُرَ وَ تَفُضُّهُ حَتَّی یَسْتَخِفَّ فَیَتَفَشَّی وَ تُلْقِحُ الشَّجَرَ وَ تُسِیرُ السُّفُنَ وَ تُرْخِی الْأَطْعِمَةَ وَ تُبَرِّدُ الْمَاءَ وَ تَشُبُّ النَّارَ وَ تُجَفِّفُ الْأَشْیَاءَ النَّدِیَّةَ وَ بِالْجُمْلَةِ إِنَّهَا تُحْیِی كُلَّ مَا فِی الْأَرْضِ فَلَوْ لَا الرِّیحُ لَذَوَی النَّبَاتُ وَ مَاتَ الْحَیَوَانُ وَ حُمَّتِ الْأَشْیَاءُ وَ فَسَدَتْ.

بیان: ركود الریح سكونها و التحریض إفساد البدن و نهكته الحمّی أی أضنته و هزلته و قوله و الهواء یؤدّیه یدل علی ما هو المذهب المنصور من تكیّف الهواء بكیفیة الصوت كما فصّل فی محله و یقال كربه الأمر أی شقّ علیه و فدحه

ص: 7


1- 1. العام( خ).

الدین أی أثقله و ریث ما فعل كذا أی قدر ما فعله و یبلغ إما علی بناء المجرد فالعالم فاعله أو علی التفعیل فالهواء فاعله و الروح بالفتح الراحة و نسیم الریح و اطّرد الشی ء تبع بعضه بعضا و جری و الأراییح جمع جمع للریح و تزجی السحاب علی بناء الإفعال أی تسوقه و تفضّه أی تفرّقه و التفشّی الانتشار و ترخی الأطعمة علی بناء التفعیل أو الإفعال أی تصیّرها رخوة لطیفة و تشبّ النار أی توقدها.

«7»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِسْحَاقَ التَّاجِرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَیْلٍ عَنِ الْعَرْزَمِیِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَالِساً فِی الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِیزَابِ وَ رَجُلٌ یُخَاصِمُ رَجُلًا وَ أَحَدُهُمَا یَقُولُ لِصَاحِبِهِ وَ اللَّهِ مَا تَدْرِی مِنْ أَیْنَ تَهُبُّ الرِّیحُ فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ هَلْ تَدْرِی أَنْتَ مِنْ أَیْنَ تَهُبُّ الرِّیحُ (1)

فَقَالَ لَا وَ لَكِنِّی أَسْمَعُ النَّاسَ یَقُولُونَ فَقُلْتُ أَنَا لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مِنْ أَیْنَ تَهُبُّ الرِّیحُ (2)

فَقَالَ إِنَّ الرِّیحَ مَسْجُونَةٌ تَحْتَ الرُّكْنِ (3)

الشَّامِیِّ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُرْسِلَ (4)

مِنْهَا شَیْئاً أَخْرَجَهُ إِمَّا جُنُوباً فَجَنُوبٌ وَ إِمَّا شِمَالًا فَشَمَالٌ وَ إِمَّا صَبَاءً فَصَبَاءٌ وَ إِمَّا دَبُوراً فَدَبُورٌ ثُمَّ قَالَ آیَةُ ذَلِكَ إِنَّكَ تَرَی (5) هَذَا الرُّكْنَ مُتَحَرِّكاً أَبَداً فِی الصَّیْفِ وَ الشِّتَاءِ(6) وَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ(7).

معانی الأخبار، عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمد بن عیسی عن

ص: 8


1- 1. فی الكافی: هل تدری انت فقال لا.
2- 2. فی معانی الأخبار: من این تهب الریح جعلت فداك.
3- 3. فی الكافی و المعانی: تحت هذا الركن.
4- 4. فی الكافی: یخرج.
5- 5. فی المصادر: لا تزال تری.
6- 6. لفظه« الشتاء» فی المصادر مقدّمة علی« الصیف».
7- 7. علل الشرائع: ج 2، ص 133.

العباس بن معروف عن علی بن مهزیار عن محمد بن الحسین (1) عن محمد بن الفضیل عن العرزمی: مثله (2)

الكافی، عن أبی علی الأشعری عن بعض أصحابه عن محمد بن الفضیل: مثله (3)

بیان: قوله مسجونة یحتمل أن یكون كنایة عن قیام الملائكة الذین بهم تهبّ تلك الریاح فوقه عند إرادة ذلك كما سیأتی و لعل المراد بحركة الركن حركة الثوب المعلّق علیه (4).

«8»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا الرِّیَاحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَ لَا تَسُبُّوا الْجِبَالَ وَ لَا السَّاعَاتِ وَ لَا الْأَیَّامَ وَ لَا اللَّیَالِیَ فَتَأْثَمُوا وَ تَرْجِعَ عَلَیْكُمْ.

بیان: الغرض النهی عن سبّ الریاح و البقاع و الجبال و الأیام و الساعات فإنها مقهورة تحت قدرة اللّٰه سبحانه مسخّرة له تعالی لا یملكون تأخّرا عما قدّمهم إلیه و لا تقدّما إلی ما أخّرهم عنه فسبّهم سبّ لمن (5)

لا یستحقّه و لعن من لا یستحقّ اللعن یوجب رجوع اللعنة علی اللاعن بل هو مظنّة الكفر و الشرك لو لا غفلتهم عما یئول إلیه كما ورد فی الخبر لا تسبّوا الدهر فإنه هو اللّٰه أی فاعل الأفعال التی تنسبونها إلی الدهر و تسبّونه بسببها هو اللّٰه تعالی.

«9»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: وَ فِی عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الرِّیحَ الْعَقِیمَ الَّتِی لَا تُلْقِحُ الشَّجَرَ وَ لَا تُنْبِتُ النَّبَاتَ وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً صَرْصَراً وَ الصَّرْصَرُ الْبَارِدَةُ فِی أَیَّامٍ نَحِساتٍ أَیَّامٍ مَیَاشِیمَ (6).

ص: 9


1- 1. فی المعانی: محمّد بن الحصین.
2- 2. معانی الأخبار: 385.
3- 3. الكافی: ج 8، ص 271.
4- 4. علل الشرائع: ج 2، ص 264.
5- 5. من( خ).
6- 6. تفسیر القمّیّ: 448.

«10»- وَ مِنْهُ،: وَ أَرْسَلْنَا الرِّیاحَ لَواقِحَ قَالَ الَّتِی تُلْقِحُ الْأَشْجَارَ(1).

«11»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ السَّیَّارِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ لِمَ سُمِّیَتْ رِیحَ الشَّمَالِ قَالَ لِأَنَّهَا تَأْتِی مِنْ شِمَالِ الْعَرْشِ (2).

بیان: كون ریح الشمال من شمال العرش لأنها تهبّ من قبل الركن الشامی و هو فی یسار الكعبة إذا فرضت رجلا مواجها إلینا و الحجر الأسود عن یمین الكعبة و قد ورد فی الخبر أن العرش محاذ للكعبة فیمینه یمینها و یساره یسارها و یوضح ذلك مَا رَوَاهُ الصَّدُوقُ أَیْضاً فِی الْعِلَلِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ بُرَیْدٍ الْعِجْلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ كَیْفَ صَارَ النَّاسُ یَسْتَلِمُونَ الْحَجَرَ وَ الرُّكْنَ الْیَمَانِیَّ وَ لَا یَسْتَلِمُونَ الرُّكْنَیْنِ الْآخَرَیْنِ قَالَ إِنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَ الرُّكْنَ الْیَمَانِیَّ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ وَ إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْ یُسْتَلَمَ مَا عَنْ یَمِینِ عَرْشِهِ قُلْتُ فَكَیْفَ صَارَ مَقَامُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یَسَارِهِ قَالَ لِأَنَّ لِإِبْرَاهِیمَ مَقَاماً فِی الْقِیَامَةِ وَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مَقَاماً فَمَقَامُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ یَمِینِ عَرْشِ رَبِّنَا عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَقَامُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَنْ شِمَالِ عَرْشِهِ فَمَقَامُ إِبْرَاهِیمَ فِی مَقَامِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ عَرْشُ رَبِّنَا مُقْبِلٌ غَیْرُ مُدْبِرٍ.

و حاصله أنه ینبغی أن یتصور أن البیت بإزاء العرش و حذائه فی الدنیا و الآخرة و البیت بمنزلة رجل وجهه إلی الناس و وجهه الطرف الذی فیه الباب فإذا توجه إنسان إلی البیت من جهة الباب كان المقام و الركن الشامی عن یمینه و الحجر الأسود و الركن الیمانی عن یساره فإذا فرض البیت إنسانا مواجها تنعكس النسبة فیمینه یحاذی یسارنا و بالعكس و عرش ربنا مقبل أی بمنزلة رجل مقبل و یمكن أن یكون تسمیة الجانب الذی یلی الشامی شمالا فی خبر السیاری لأنه أضعف جانبی الكعبة كما أن الشمال أضعف جانبی الإنسان لأن أشرف

ص: 10


1- 1. المصدر: 350.
2- 2. علل الشرائع: ج 2، ص 264.

أجزاء الكعبة و هی الحجر و الركن الیمانی واقعة علی الجانب المقابل فهو بمنزلة الیمین.

«12»- الْعِلَلُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی وَهْبٍ قَالَ: إِنَ الرِّیحَ الْعَقِیمَ تَحْتَ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِی نَحْنُ عَلَیْهَا قَدْ زُمَّتْ بِسَبْعِینَ أَلْفَ زِمَامٍ مِنْ حَدِیدٍ قَدْ وُكِّلَ بِكُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَلَمَّا سَلَّطَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی عَادٍ اسْتَأْذَنَتْ خَزَنَةُ الرِّیحِ رَبَّهَا عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا فِی مِثْلِ مَنْخِرِ الثَّوْرِ وَ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهَا مَا تَرَكَتْ شَیْئاً عَلَی ظَهْرِ الْأَرْضِ إِلَّا أَحْرَقَتْهُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی خَزَنَةِ الرِّیحِ أَنْ أَخْرِجُوا مِنْهَا فِی مِثْلِ ثَقْبِ الْخَاتَمِ فَأُهْلِكُوا بِهَا وَ بِهَا یَنْسِفُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجِبَالَ نَسْفاً وَ التِّلَالَ وَ الْآكَامَ وَ الْمَدَائِنَ وَ الْقُصُورَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ یَنْسِفُها رَبِّی نَسْفاً فَیَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَری فِیها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً(1) وَ الْقَاعُ الَّذِی لَا نَبَاتَ فِیهِ وَ الصَّفْصَفُ الَّذِی لَا عِوَجَ فِیهِ وَ الْأَمْتُ الْمُرْتَفِعُ وَ إِنَّمَا سُمِّیَتِ الْعَقِیمَ لِأَنَّهَا تَلَقَّحَتْ بِالْعَذَابِ وَ تَعَقَّمَتْ عَنِ الرَّحْمَةِ كَتَعَقُّمِ الرَّجُلِ (2)

إِذَا كَانَ عَقِیماً لَا یُولَدَ لَهُ الْخَبَرَ(3).

بیان: قال الجوهری نسفت البناء نسفا قلعته و قال القاع المستوی من الأرض و كذا الصفصف و قال الأمت المكان المرتفع و قوله تعالی لا تَری فِیها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً أی لا انخفاض فیها و لا ارتفاع.

«13»- قِصَصُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا هَاجَتِ الرِّیَاحُ فَجَاءَتْ بِالسَّافِی الْأَبْیَضِ وَ الْأَسْوَدِ وَ الْأَصْفَرِ فَإِنَّهُ رَمِیمُ قَوْمِ عَادٍ.

بیان: فی القاموس سفت الریح التراب تسفیه ذرته أو حملته كأسفته فهو ساف و سفی انتهی أقول یمكن تخصیصه ببعض البلاد القریبة من بلادهم كمدینة ضاعف اللّٰه شرفها و لا بعد فی التعمیم أیضا.

ص: 11


1- 1. طه: 105- 107.
2- 2. الرحم( خ).
3- 3. علل الشرائع: ج 1 ص 31. و الخبر موقوف لا اعتداد به.

«14»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ ابْنِ وَكِیعٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا الرِّیحَ فَإِنَّهَا بُشْرٌ وَ إِنَّهَا نُذُرٌ وَ إِنَّهَا لَوَاقِحُ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ خَیْرِهَا وَ تَعَوَّذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا.

بیان: أی إنها مأمورة مبعوثة بأمر اللّٰه إما للبشارة بالمطر و غیره أو للإنذار أو لإلقاح الأشجار أو لسوق السحب إلی الأقطار كما مر فسبها باطل لا ینفعكم بل یضركم فاسألوا اللّٰه الذی بعثها لیجعلها نافعة لكم و یصرف شرها عنكم.

«15»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لِلَّهِ رِیَاحُ رَحْمَةٍ لَوَاقِحُ یَنْشُرُهَا بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ.

«16»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رِئَابٍ (1) وَ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ الرِّیَاحِ الْأَرْبَعِ الشَّمَالِ وَ الْجَنُوبِ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورِ وَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ النَّاسَ یَذْكُرُونَ أَنَّ الشَّمَالَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْجَنُوبَ مِنَ النَّارِ فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُنُوداً مِنْ رِیَاحٍ یُعَذِّبُ بِهَا مَنْ یَشَاءُ مِمَّنْ عَصَاهُ فَلِكُلِّ رِیحٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ یُعَذِّبَ قَوْماً بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ أَوْحَی إِلَی الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنَ الرِّیحِ الَّتِی یُرِیدُ أَنْ یُعَذِّبَهُمْ بِهَا قَالَ فَیَأْمُرُهَا الْمَلِكُ فَتَهِیجُ كَمَا یَهِیجُ الْأَسَدُ الْمُغْضَبُ وَ قَالَ وَ لِكُلِّ رِیحٍ مِنْهُنَّ اسْمٌ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَ كَذَّبَتْ عادٌ فَكَیْفَ كانَ عَذابِی وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً صَرْصَراً فِی یَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ(2) وَ قَالَ الرِّیحَ الْعَقِیمَ (3) وَ قَالَ رِیحٌ فِیها عَذابٌ أَلِیمٌ (4) وَ قَالَ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِیهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ (5) وَ مَا ذَكَرَ مِنَ الرِّیَاحِ الَّتِی یُعَذِّبُ اللَّهُ بِهَا مَنْ عَصَاهُ وَ قَالَ وَ لِلَّهِ عَزَّ

ص: 12


1- 1. فی المصدر« علی بن رئاب» و الظاهر أنّه الصحیح لعدم ذكر من« محمّد بن رئاب» فی كتب الرجال.
2- 2. القمر: 19.
3- 3. الذاریات: 41.
4- 4. الأحقاف: 24.
5- 5. البقرة: 266.

ذِكْرُهُ رِیَاحُ رَحْمَةٍ لَوَاقِحُ وَ غَیْرُ ذَلِكَ یَنْشُرُهَا بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ مِنْهَا مَا یُهَیِّجُ السَّحَابَ لِلْمَطَرِ وَ مِنْهَا رِیَاحٌ تَحْبِسُ السَّحَابَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ رِیَاحٌ تَعْصِرُ السَّحَابَ فَتَمْطُرُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ مِنْهَا رِیَاحٌ تُفَرِّقُ السَّحَابَ وَ مِنْهَا رِیَاحٌ مِمَّا عَدَّدَ(1) اللَّهُ فِی الْكِتَابِ فَأَمَّا الرِّیَاحُ الْأَرْبَعُ الشَّمَالُ وَ الْجَنُوبُ وَ الصَّبَا وَ الدَّبُورُ فَإِنَّمَا هِیَ أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُهِبَّ شَمَالًا أَمَرَ الْمَلَكَ

الَّذِی اسْمُهُ الشَّمَالُ فَیَهْبِطُ عَلَی الْبَیْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَی الرُّكْنِ الشَّامِیِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ (2) فَتَفَرَّقَتْ رِیحُ الشَّمَالِ حَیْثُ یُرِیدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ(3)

فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَبْعَثَ جَنُوباً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِی اسْمُهُ الْجَنُوبُ فَهَبَطَ عَلَی الْبَیْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَی الرُّكْنِ الشَّامِیِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ (4) فَتَفَرَّقَتْ (5)

رِیحُ الْجَنُوبِ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَیْثُ یُرِیدُ اللَّهُ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَبْعَثَ (6) الصَّبَا أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِی اسْمُهُ الصَّبَا فَهَبَطَ عَلَی الْبَیْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَی الرُّكْنِ الشَّامِیِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ (7)

فَتَفَرَّقَتْ رِیحُ الصَّبَا حَیْثُ یُرِیدُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَبْعَثَ دَبُوراً أَمَرَ الْمَلَكَ الَّذِی اسْمُهُ الدَّبُورُ فَهَبَطَ عَلَی الْبَیْتِ الْحَرَامِ فَقَامَ عَلَی الرُّكْنِ الشَّامِیِّ فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ (8)

فَتَفَرَّقَتْ رِیحُ الدَّبُورِ حَیْثُ یُرِیدُ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ رِیحُ الشَّمَالِ وَ رِیحُ الْجَنُوبِ وَ رِیحُ الصَّبَا وَ رِیحُ الدَّبُورِ إِنَّمَا تُضَافُ إِلَی الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِهَا(9).

الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَكَیْفَ كانَ عَذابِی وَ نُذُرِ وَ ذَكَرَ رِیَاحاً فِی الْعَذَابِ ثُمَّ قَالَ فَرِیحُ الشَّمَالِ وَ رِیحُ الصَّبَا وَ رِیحُ الْجَنُوبِ وَ رِیحُ الدَّبُورِ أَیْضاً

ص: 13


1- 1. عد اللّٰه( خ).
2- 2. بجناحیه( خ).
3- 3. فی المصدر: و إذا.
4- 4. بجناحیه( خ).
5- 5. فتفرق( خ).
6- 6. فی المصدر: ریح الصبا.
7- 7. بجناحیه( خ).
8- 8. بجناحیه( خ).
9- 9. الكافی: ج، ص 92.

تُضَافُ إِلَی الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِهَا(1).

بیان: قال الفیروزآبادی الشمال بالفتح و یكسر الریح التی تهبّ من قبل الحجر أو ما استقبلك عن یمینك و أنت مستقبل القبلة و الصحیح أنه ما مهبّه بین مطلع الشمس و بنات النعش أو من مطلع النعش إلی مسقط النسر الطائر و یكون اسما و صفة و لا تكاد تهب لیلا و قال الجنوب ریح تخالف الشمال مهبّه (2) من مطلع سهیل إلی مطلع الثریا و قال الصبا ریح مهبّها من مطلع الثریا إلی بنات نعش و قال الدبور ریح تقابل الصبا و قال الشهید قدّس سرّه فی الذكری الجنوب محلها ما بین مطلع سهیل إلی مطلع الشمس فی الاعتدالین و الصبا محلها ما بین الشمس إلی الجدی و الشمال محلها من الجدی إلی مغرب الشمس فی الاعتدال و الدبور محلها من مغرب الشمس إلی مطلع سهیل قوله تعالی وَ نُذُرِ أی إنذار لهم بالعذاب قبل نزولها أو لمن بعدهم فی تعذیبهم و الریح العقیم قیل هی الدبور و قیل هی الجنوب و قیل النكباء و قال الجوهری الإعصار ریح تثیر الغبار إلی السماء كأنه عمود و قیل

هی ریح تثیر سحابا ذات رعد و برق قوله علیه السلام فتفرقت ریح الشمال لا یتوهم أنه یلزم من ذلك أن یكون مهب جمیع الریاح جهة القبلة و ذلك لأنه لعظمة الملك و جناحه یمكن أن یتحرك رأس جناحه بأی موضع أراد و یرسلها إلی أی جهة أمر بالإرسال إلیها و إنما أمر بالقیام علی الكعبة لشرافتها و كونها فی محل رحماته تعالی و مصدرها و قیل ضرب الجناح علامة أمر الملك الریح للهبوب قوله علیه السلام أ ما تسمع لقوله أی لقول القائل و كأنه علیه السلام استدل بهذه العبارات الشائعة علی ما ذكره من أنها أسماء الملائكة إذ الظاهر من الإضافة كونها لامیة و البیانیة نادرة و إن كان القائلون لم یعرفوا هذا المعنی لأنهم سمعوا ممن تقدمهم و هكذا إلی أن ینتهی إلی من أطلق ذلك علی وجه المعرفة.

ص: 14


1- 1. الخصال: 123.
2- 2. فی القاموس: مهبها.

«17»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رِیحاً یُقَالُ لَهَا الْأَزْیَبُ لَوْ أَرْسَلَ مِنْهَا مِقْدَارَ مَنْخِرِ الثَّوْرِ لَأَثَارَتْ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ هِیَ الْجَنُوبُ (1).

بیان: قوله و هی الجنوب من كلام بعض الرواة أو من كلامه علیه السلام و علی التقدیرین لعل المراد به أنها نوع منها أو قریب منها قال فی القاموس الأزیب كالأحمر الجنوب (2) و النكباء تجری بینها و بین الصبا و قال النكباء ریح انحرفت و وقعت بین ریحین أو بین الصبا و الشمال أو نكب الریاح الأربع الأزیب نكباء الصبا و الجنوب و الصابیة و تسمی النكیباء أیضا نكباء الصبا و الشمال و الجربیاء نكباء الشمال و الدبور و هی نیّحة الأزیب و الهیف نكباء الجنوب و الدبور و هی نیّحة النكیباء و نحوه قال الجوهری و قال كل ریح استطالت أثرا فهبّت علیه ریحا طولا فهی نیّحة فإن اعترضته فهی نسیجته.

«18»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَ أُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ وَ مَا هَاجَتِ الْجَنُوبُ إِلَّا سَقَی اللَّهُ بِهَا غَیْثاً وَ أَسَالَ بِهَا وَادِیاً.

«19»- الِاحْتِجَاجُ،: قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام لِلزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَهُ مَسَائِلَ الرِّیحُ لَوْ حُبِسَتْ أَیَّاماً لَفَسَدَتِ الْأَشْیَاءُ جَمِیعاً وَ تَغَیَّرَتْ (3)

وَ سَأَلَهُ عَنْ جَوْهَرِ الرِّیحِ فَقَالَ الرِّیحُ هَوَاءٌ إِذَا تَحَرَّكَ سُمِّیَ رِیحاً فَإِذَا سَكَنَ سُمِّیَ هَوَاءً وَ بِهِ قِوَامُ الدُّنْیَا وَ لَوْ كُفَّتِ (4) الرِّیحُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَفَسَدَ كُلُّ شَیْ ءٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ نَتُنَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الرِّیحَ بِمَنْزِلَةِ الْمِرْوَحَةِ تَذُبُّ وَ تَدْفَعُ الْفَسَادَ عَنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ تُطَیِّبُهُ فَهِیَ بِمَنْزِلَةِ الرُّوحِ إِذَا

ص: 15


1- 1. الكافی: ج 8، ص 217.
2- 2. فی المصدر، أو.
3- 3. الاحتجاج: 7، 1.
4- 4. فی المخطوطة: كثفت.

خَرَجَ عَنِ الْبَدَنِ نَتُنَ الْبَدَنُ وَ تَغَیَّرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ (1).

«20»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِیَاحَ رحمته [رَحْمَةٍ] وَ رِیَاحَ عَذَابٍ فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَجْعَلَ الرِّیَاحَ مِنَ (2) الْعَذَابِ رَحْمَةً فَعَلَ قَالَ وَ لَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِنَ الرِّیحِ عَذَاباً قَالَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ یَرْحَمْ قَوْماً قَطُّ أَطَاعُوهُ وَ كَانَتْ طَاعَتُهُمْ إِیَّاهُ وَبَالًا عَلَیْهِمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَحَوُّلِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ قَالَ وَ كَذَلِكَ فَعَلَ بِقَوْمِ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ بَعْدَ مَا كَانَ قَدَّرَ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ وَ قَضَاهُ ثُمَّ تَدَارَكَهُمْ بِرَحْمَتِهِ فَجَعَلَ الْعَذَابَ الْمُقَدَّرَ عَلَیْهِمْ رَحْمَةً فَصَرَفَهُ عَنْهُمْ وَ قَدْ أَنْزَلَهُ عَلَیْهِمْ وَ غَشِیَهُمْ وَ ذَلِكَ لَمَّا آمَنُوا بِهِ وَ تَضَرَّعُوا إِلَیْهِ قَالَ وَ أَمَّا الرِّیحُ الْعَقِیمُ فَإِنَّهَا رِیحُ عَذَابٍ لَا تُلْقِحُ شَیْئاً مِنَ الْأَرْحَامِ وَ لَا شَیْئاً مِنَ النَّبَاتِ وَ هِیَ رِیحٌ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَ مَا خَرَجَتْ مِنْهَا رِیحٌ قَطُّ إِلَّا عَلَی قَوْمِ عَادٍ حِینَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ فَأَمَرَ الْخُزَّانَ أَنْ یُخْرِجُوا مِنْهَا عَلَی مِقْدَارِ سَعَةِ الْخَاتَمِ قَالَ فَعَتَتْ عَلَی الْخُزَّانِ فَخَرَجَ مِنْهَا عَلَی مِقْدَارِ مَنْخِرِ الثَّوْرِ تَغَیُّضاً مِنْهَا عَلَی قَوْمِ عَادٍ قَالَ فَضَجَّ الْخُزَّانُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّهَا قَدْ عَتَتْ عَنْ أَمْرِنَا إِنَّا نَخَافُ أَنْ تُهْلِكَ مَنْ لَمْ یَعْصِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ عُمَّارِ بِلَادِكَ قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهَا جَبْرَئِیلَ فَاسْتَقْبَلَهَا بِجَنَاحِهِ فَرَدَّهَا إِلَی مَوْضِعِهَا وَ قَالَ لَهَا اخْرُجِی عَلَی مَا أُمِرْتِ بِهِ قَالَ فَخَرَجَتْ عَلَی مَا أُمِرَتْ بِهِ وَ أَهْلَكَتْ قَوْمَ عَادٍ وَ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِمْ (3).

«21»- الشِّهَابُ، عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَ أُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ.

الضوء الصبا هی الریح التی تضرب قفا المصلی و بإزائها الدبور و الشمال التی تضرب یمین المصلی و بإزائها الجنوب و قالوا مهبّ الصبا المستوی أن تهبّ من مطلع الشمس إذا استوی اللیل و النهار و زعموا أن الدبور تزعج السحاب و تشخصه فی الهواء ثم تسوقه فإذا علا كشفت عنه و استقبلته الصبا فوضعته بعضه علی بعض حتی تصیر

ص: 16


1- 1. الاحتجاج: 192.
2- 2. فی المصدر: ان یجعل العذاب من الریاح.
3- 3. الكافی: ج 8، ص 92.

كسفا واحدا و الجنوب تحلق روادفه به و تمدّه من المدد و الشمال تمزق السحاب و النكباء هی التی بین الصبا و الشمال و الذی فی الحدیث إشارة إلی نصرة اللّٰه تعالی رسوله بالصبا لما أرسلها علی الأحزاب.

«22»- وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: الرِّیَاحُ ثَمَانِیَةٌ أَرْبَعٌ مِنْهَا رَحْمَةٌ وَ أَرْبَعٌ عَذَابٌ فَأَمَّا الرَّحْمَةُ فَالنَّاشِرَاتُ وَ الْمُبَشِّرَاتُ وَ الْمُرْسَلَاتُ وَ الذَّارِیَاتُ وَ أَمَّا الْعَذَابُ فَالْعَقِیمُ وَ الصَّرْصَرُ وَ هُمَا فِی الْبَرِّ وَ الْعَاصِفُ وَ الْقَاصِفُ فِی الْبَحْرِ.

«23»- وَ رُوِیَ: أَنَّهُ فُتِحَ عَلَی عَادٍ مِنَ الرِّیحِ الَّتِی أَهْلَكَتْهُمْ مِثْلَ حَلْقَةِ الْخَاتَمِ.

«24»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ: مَا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِیحاً إِلَّا بِمِكْیَالٍ إِلَّا یَوْمَ عَادٍ فَإِنَّهَا عَتَتْ عَلَی الْخَزَنَةِ فَلَمْ یَدْرِ مَا مِقْدَارُهَا.

«25»- وَ فِی الْحَدِیثِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ فِی الْجَنَّةِ رِیحاً وَ أَنَّ مِنْ دُونِهَا بَاباً مُغْلَقاً وَ لَوْ فُتِحَ ذَلِكَ الْبَابُ لَأَذَرَّتْ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ هِیَ الْأَزْیَبُ وَ هِیَ عِنْدَكُمُ الْجَنُوبُ.

«26»- وَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ أَنَّهُ قَالَ: تَخْرُجُ الْجَنُوبُ مِنَ الْجَنَّةِ فَتَمُرُّ عَلَی جَهَنَّمَ فَغَمُّهَا مِنْهُ وَ بَرَكَتُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَ تَخْرُجُ الشَّمَالُ مِنْ جَهَنَّمَ فَتَمُرُّ عَلَی الْجَنَّةِ فَرَوْحُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَ شَرُّهَا مِنَ النَّارِ قُلْتُ وَ قَدْ سَمِعْتُ أَنَّ السَّمُومَ لَا تَكُونُ إِلَّا الشَّمَالَ تَهُبُّ عَلَی الرِّمَالِ الْمُضْطَرَمَةِ وَ الْأَرَضِینَ الْمُتَوَجِّهَةِ فَتَكْتَسِی لِلِطَافَتِهَا وَ رِقَّتِهَا مِنْهَا زِیَادَةَ الْحَرَارَةِ فَتَهُبُّ نَاراً مُلْتَهِبَةً فَتَقْتُلُ وَ تُسَوِّدُ الْجُلُودَ.

«27»- وَ قَالَ كَعْبٌ: لَوْ حَبَسَ اللَّهُ الرِّیحَ مِنَ الْأَرْضِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَأَنْتَنَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ.

«28»- وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا رَأَی الرِّیحَ قَدْ هَاجَتْ یَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِیَاحاً وَ لَا تَجْعَلْهَا رِیحاً.

و أكثر ما فی القرآن من الریاح للخیر و الریح بالعكس من ذلك و قیل الریح الهواء المتحرك و فائدة الحدیث الإنباء بأن اللّٰه تعالی خلق نصره فی الأحزاب بریح الصبا تكبهم علی وجوههم و تثیر السافیاء فی أعینهم فیعجزون عن مقاومة أصحاب

ص: 17

النبی صلی اللّٰه علیه و آله و راوی الحدیث سعید بن جبیر عن ابن عباس.

«29»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ أُبَیِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كُلُّ شَیْ ءٍ فِی الْقُرْآنِ مِنَ الرِّیَاحِ فَهِیَ رَحْمَةٌ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فِی الْقُرْآنِ مِنَ الرِّیحِ فَهُوَ عَذَابٌ (1).

«30»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَاءُ وَ الرِّیحُ جُنْدَانِ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ وَ الرِّیحُ جُنْدُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ (2).

«31»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالا: الرِّیحُ ثَمَانٌ أَرْبَعٌ مِنْهَا رَحْمَةٌ وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا عَذَابٌ فَأَمَّا الرَّحْمَةُ فَالنَّاشِرَاتُ وَ الْمُبَشِّرَاتُ وَ الْمُرْسَلَاتُ وَ الذَّارِیَاتُ وَ أَمَّا الْعَذَابُ فَالْعَقِیمُ وَ الصَّرْصَرُ وَ هُمَا فِی الْبَرِّ وَ الْعَاصِفُ وَ الْقَاصِفُ وَ هُمَا فِی الْبَحْرِ وَ فِی رِوَایَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَكَانَ الذَّارِیَاتِ الرَّخَاءُ(3).

«32»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: الرِّیَاحُ سَبْعٌ الصَّبَا وَ الدَّبُورُ وَ الْجَنُوبُ وَ الشَّمَالُ وَ الْحَزُوقُ وَ النَّكْبَاءُ وَ رِیحُ الْقَائِمِ فَأَمَّا الصَّبَا فَتَجِی ءُ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ أَمَّا الدَّبُورُ فَتَجِی ءُ مِنَ الْمَغْرِبِ وَ أَمَّا الْجَنُوبُ فَتَجِی ءُ عَنْ یَسَارِ الْقِبْلَةِ وَ الشَّمَالُ (4)

عَنْ یَمِینِ الْقِبْلَةِ وَ أَمَّا النَّكْبَاءُ فَبَیْنَ الصَّبَا وَ الْجَنُوبِ وَ أَمَّا الْحَزُوقُ فَبَیْنَ الشَّمَالِ وَ الدَّبُورِ وَ أَمَّا رِیَاحُ الْقَائِمِ فَأَنْفَاسُ الْخَلْقِ (5).

«33»- وَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: جُعِلَتِ الرِّیَاحُ عَلَی الْكَعْبَةِ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ فَأَسْنِدْ ظَهْرَكَ إِلَی بَابِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ الشَّمَالَ عَنْ شِمَالِكَ وَ هِیَ مِمَّا یَلِی الْحِجْرَ وَ الْجَنُوبَ عَنْ یَمِینِكَ وَ هِیَ مِمَّا یَلِی الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَ الصَّبَا عَنْ مُقَابِلِكَ وَ هِیَ مُسْتَقْبِلَ بَابِ الْكَعْبَةِ وَ الدَّبُورَ مِنْ دَبْرِ الْكَعْبَةِ(6).

«34»- وَ عَنْ حَسَنِ (7) بْنِ عَلِیٍّ الْجُعْفِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ إِسْرَائِیلَ بْنَ یُونُسَ عَلَی

ص: 18


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
4- 4. فی المصدر: فیجی ء عن.
5- 5. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
6- 6. الدّر المنثور: ج 1 ص 164.
7- 7. فی المصدر: حسین.

أَیِّ شَیْ ءٍ سُمِّیَتِ الرِّیحَ قَالَ عَلَی الْقِبْلَةِ شِمَالُهُ الشَّمَالُ وَ جُنُوبُهُ الْجَنُوبُ وَ الصَّبَا مَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا وَ الدَّبُورُ مَا جَاءَ مِنْ خَلْفِهَا(1).

«35»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الشَّمَالُ مَا بَیْنَ الْجَدْیِ وَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَ الْجَنُوبُ مَا بَیْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَ سُهَیْلٍ وَ الصَّبَا مَا بَیْنَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إِلَی الْجَدْیِ وَ الدَّبُورُ مَا بَیْنَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ إِلَی سُهَیْلٍ.

«36»- وَ عَنْ كَعْبٍ: لَوِ احْتُبِسَتِ الرِّیحُ عَنِ النَّاسِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَأَنْتَنَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ (2).

«37»- وَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَیْمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا الرِّیحَ وَ عَوِّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا(3).

«38»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّیحَ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَلْعَنِ الرِّیحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ فَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَیْئاً لَیْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَیْهِ (4).

«39»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا هَبَّتْ رِیحٌ قَطُّ إِلَّا جَثَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رُكْبَتَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَ لَا تَجْعَلْهَا عَذَاباً اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِیَاحاً وَ لَا تَجْعَلْهَا رِیحاً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَفْسِیرُ(5)

ذَلِكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ أَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً صَرْصَراً إِذْ أَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الرِّیحَ الْعَقِیمَ وَ قَالَ وَ أَرْسَلْنَا الرِّیاحَ لَواقِحَ أَنْ یُرْسِلَ الرِّیاحَ مُبَشِّراتٍ (6).

«40»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هَاجَتْ رِیحٌ فَسَبُّوهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا تَسُبُّوهَا فَإِنَّهَا تَجِی ءُ بِالرَّحْمَةِ وَ تَجِی ءُ بِالْعَذَابِ وَ لَكِنْ قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَ لَا تَجْعَلْهَا عَذَاباً(7).

«41»- وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ وَ لَا الشَّمْسَ وَ لَا الْقَمَرَ وَ لَا الرِّیحَ فَإِنَّهَا تَبْعَثُ عَذَاباً عَلَی قَوْمٍ وَ رَحْمَةً عَلَی آخَرِینَ (8).

ص: 19


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
4- 4. الدّر المنثور: ج 1، ص 164.
5- 5. فی المصدر: و اللّٰه ان تفسیر ....
6- 6. الدّر المنثور: ج 1، ص 165.
7- 7. الدّر المنثور: ج 1، ص 165.
8- 8. الدّر المنثور: ج 1، ص 165.

«42»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرِّیحَ الْعَقِیمَ الشَّدِیدُ الَّتِی لَا تُلْقِحُ الشَّجَرَ وَ لَا تُثِیرُ السَّحَابَ وَ لَا بَرَكَةَ فِیهَا وَ لَا مَنْفَعَةَ وَ لَا یَنْزِلُ مِنْهَا غَیْثٌ وَ لَا یُلْقَحُ بِهَا شَجَرٌ(1).

«43»- وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الرِّیحُ مُسْجَنَةٌ فِی الْأَرْضِ الثَّانِیَةِ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُهْلِكَ عَاداً أَمَرَ خَازِنَ الرِّیحِ أَنْ یُرْسِلَ عَلَیْهِمْ رِیحاً تُهْلِكُ عَاداً قَالَ أَیْ رَبِّ أَرْسِلُ عَلَیْهِمْ مِنَ الرِّیحِ قَدْرَ مَنْخِرِ الثَّوْرِ قَالَ لَهُ الْجِبَالُ لَا إِذًا تَكَفَّأَ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ لَكِنْ أَرْسِلْ عَلَیْهِمْ بِقَدْرِ خَاتَمٍ فَهِیَ الَّتِی قَالَ اللَّهُ ما تَذَرُ مِنْ شَیْ ءٍ أَتَتْ عَلَیْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِیمِ (2).

«44»- وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ: هِیَ الْجَنُوبُ.

«45»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَمْ تَنْزِلْ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ إِلَّا بِمِكْیَالٍ عَلَی یَدِ(3)

مَلَكٍ إِلَّا یَوْمَ الطُّوفَانِ (4) فَإِنَّهُ أُذِنَ لَهَا دُونَ الْخُزَّانِ فَخَرَجَتْ وَ ذَلِكَ (5) قَوْلُهُ إِنَّا لَمَّا طَغَی الْماءُ وَ لَمْ یَنْزِلْ شَیْ ءٌ مِنَ الرِّیحِ إِلَّا بِمِكْیَالٍ (6) عَلَی یَدِ(7)

مَلَكٍ إِلَّا یَوْمَ عَادٍ فَإِنَّهُ أُذِنَ لَهَا دُونَ الْخُزَّانِ فَخَرَجَتْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ بِرِیحٍ صَرْصَرٍ عاتِیَةٍ عَتَتْ عَلَی الْخُزَّانِ (8).

«46»- وَ عَنْهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَ أُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ وَ قَالَ مَا أُمِرَ الْخُزَّانُ أَنْ یُرْسِلُوا عَلَی عَادٍ إِلَّا مِثْلَ مَوْضِعِ الْخَاتَمِ مِنَ الرِّیحِ فَعَتَتْ عَلَی الْخُزَّانِ فَخَرَجَتْ مِنْ نَوَاحِی الْأَبْوَابِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ بِرِیحٍ صَرْصَرٍ عاتِیَةٍ قَالَ عُتُوُّهَا عَتَتْ عَلَی الْخُزَّانِ فَبَدَأَتْ بِأَهْلِ الْبَادِیَةِ مِنْهُمْ فَحَمَلَتْهُمْ بِمَوَاشِیهِمْ وَ بُیُوتِهِمْ فَأَقْبَلَتْ بِهِمْ إِلَی

ص: 20


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 115. و الأولی منهما ثلاث روایات عن ابن عبّاس جمعها المؤلّف- ره- فی روایة واحدة.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 115. و الأولی منهما ثلاث روایات عن ابن عبّاس جمعها المؤلّف- ره- فی روایة واحدة.
3- 3. فی المصدر: یدی ملك.
4- 4. فی المصدر: نوح.
5- 5. فی المصدر: ... دون الخزان، فطغا الماء علی الخزان فخرج، فذلك.
6- 6. فی المصدر: الا بكیل.
7- 7. فی المصدر: یدی ملك.
8- 8. الدّر المنثور: ج 6، ص 259.

الْحَاضِرَةِ فَلَمَّا رَأَوْهَا قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فَلَمَّا دَنَتِ الرِّیحُ أَظِلَّتَهُمْ اسْتَبَقُوا(1) النَّاسُ وَ الْمَوَاشِی فِیهَا فَأَلْقَتِ الْبَادِیَةَ عَلَی أَهْلِ الْحَاضِرَةِ فَقَصَفَتْهُمْ (2)

فَهَلَكُوا جَمِیعاً(3).

«47»- وَ عَنْ قَبِیصَةَ بْنِ ذُؤَیْبٍ قَالَ: مَا یَخْرُجُ مِنَ الرِّیحِ شَیْ ءٌ إِلَّا عَلَیْهَا خُزَّانٌ یَعْلَمُونَ قَدْرَهَا وَ عَدَدَهَا وَ وَزْنَهَا وَ كَیْلَهَا حَتَّی كَانَتِ الرِّیحُ الَّتِی أُرْسِلَتْ إِلَی عَادٍ فَانْدَفَقَ مِنْهَا شَیْ ءٌ لَا یَعْلَمُونَ قَدْرَهُ وَ لَا وَزْنَهُ وَ لَا كَیْلَهُ غَضَباً لِلَّهِ وَ لِذَلِكَ سُمِّیَتْ عَاتِیَةً وَ الْمَاءُ كَذَلِكَ حَتَّی (4)

كَانَ أَمْرُ نُوحٍ علیه السلام وَ لِذَلِكَ سُمِّیَ طَاغِیَةً(5).

«48»- وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الرِّیَاحُ ثَمَانٌ أَرْبَعٌ مِنْهَا عَذَابٌ وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا رَحْمَةٌ فَالْعَذَابُ مِنْهَا الْعَاصِفُ وَ الصَّرْصَرُ وَ الْعَقِیمُ وَ الْقَاصِفُ وَ الرَّحْمَةُ مِنْهَا النَّاشِرَاتُ وَ الْمُبَشِّرَاتُ وَ الْمُرْسَلَاتُ وَ الذَّارِیَاتُ فَیُرْسِلُ اللَّهُ الْمُرْسَلَاتِ فَتُثِیرُ السَّحَابَ ثُمَّ یُرْسِلُ الْمُبَشِّرَاتِ فَتُلْقِحُ السَّحَابَ ثُمَّ یُرْسِلُ الذَّارِیَاتِ فَتَحْمِلُ السَّحَابَ فَتَدِرُّ كَمَا تَدِرُّ اللَّقْحَةُ ثُمَّ تَمْطُرُ وَ هُنَّ اللَّوَاقِحُ ثُمَّ یُرْسِلُ النَّاشِرَاتِ فَتَنْشُرُ مَا أَرَادَ(6).

«49»- وَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَی عَلِیٍّ فَقَالَ مَا الْعَاصِفَاتُ عَصْفاً قَالَ الرِّیَاحُ (7).

بیان: فی القاموس الحزیق الریح الباردة الشدیدة الهبّابة كالحزوق و اللینة السهلة ضدّ و الراجعة المستمرّة السیر أو الطویلة الهبوب و اللقحة بالفتح و الكسر الناقة الحلوب

ذنابة

ذكر الفلاسفة فی سبب حدوث الریاح علی أصولهم أن البخار إذا ثقل بواسطة

ص: 21


1- 1. فی المصدر: استبق.
2- 2. فی المصدر: تقصفهم.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 259.
4- 4. فی المصدر: حین كان.
5- 5. المصدر: ج 6، ص 259.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 303.
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 303.

البرودة المكتسبة من الطبقة الزمهریریّة و اندفع إلی أسفل فصار لتسخّنه بالحركة الموجبة لتلطیفه هواء متحركا و هو الریح و قد یكون الاندفاع یعرض بسبب تراكم السحب الموجبة لحركة ما یلیها من الهواء لامتناع الخلأ فیصیر السحاب من جانب إلی جهة أخری و قد یكون لانبساط الهواء بالتخلخل فی جهة و اندفاعه من جهة أخری و قد یكون بسبب برد الدخان المتصاعد بعد وصوله إلی الطبقة الزمهریریّة و نزوله.

قالوا و من الریاح ما یكون سموما محرقا لاحتراقه فی نفسه بالأشعة السماویة أو لحدوثه من بقیة مادة الشهب أو لمروره بالأرض الحارة جدا لأجل غلبة ناریة علیها و قد یقع تقاوم فی ما بین ریحین متقابلتین قویتین تلتقیان فتستدیران أو فی ما بین ریاح مختلفة الجهة حادثة فتدافع تلك الریاح الأجزاء الأرضیة المشتملة علیها فتضغط تلك الأجزاء بینها مرتفعة كأنها تلتوی علی نفسها فیحصل الدوران المسمی بالزوبعة و الإعصار و ربما اشتملت الزوابع العظام علی قطعة من السحاب بل علی بخار مرتفع (1) فتری نارا تدور و مهابّ الریاح اثنا عشر و هی حدود الأفق الحاصلة من تقاطعه مع كل من دائرة نصف النهار و الموازیتین لها المماستین للدائمة الظهور و الخفاء و دائرة المشرق و المغرب الاعتدالیین و الموازیتین لها المساویتین (2)

برأس السرطان و الجدی و لكل ریح منها اسم و المشهورات عند العرب أربعة ریح الشمال و ریح الجنوب و ریح الصبا و هی الشرقیة ریح الدبور و هی الغربیة و البواقی تسمّی نكباء

ص: 22


1- 1. مشتعل( خ).
2- 2. فی المخطوطة: المارتین.

باب 30 الماء و أنواعه و البحار و غرائبها و ما ینعقد فیها و علة المدّ و الجزر و الممدوح من الأنهار و المذموم منها

الآیات:

إبراهیم: وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِیَ فِی الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ(1)

النحل: وَ هُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِیًّا وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُونَها وَ تَرَی الْفُلْكَ مَواخِرَ فِیهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ وَ أَنْهاراً(2)

الفرقان: وَ هُوَ الَّذِی مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَ جَعَلَ بَیْنَهُما بَرْزَخاً وَ حِجْراً مَحْجُوراً(3)

النمل: وَ جَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَ جَعَلَ لَها رَواسِیَ وَ جَعَلَ بَیْنَ الْبَحْرَیْنِ حاجِزاً(4)

فاطر: وَ ما یَسْتَوِی الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِیًّا وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْیَةً تَلْبَسُونَها وَ تَرَی الْفُلْكَ فِیهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (5)

حمعسق: وَ مِنْ آیاتِهِ الْجَوارِ فِی الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ إِنْ یَشَأْ یُسْكِنِ الرِّیحَ فَیَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلی ظَهْرِهِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أَوْ یُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَ یَعْفُ عَنْ كَثِیرٍ

ص: 23


1- 1. إبراهیم: 32.
2- 2. النحل: 14- 15.
3- 3. الفرقان: 53.
4- 4. النمل: 61.
5- 5. فاطر: 12.

وَ یَعْلَمَ الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِیصٍ (1)

الجاثیة: اللَّهُ الَّذِی سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِیَ الْفُلْكُ فِیهِ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (2)

الطور: وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ(3)

الرحمن: مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ یَلْتَقِیانِ بَیْنَهُما بَرْزَخٌ لا یَبْغِیانِ فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِی الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (4)

الملك: قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ یَأْتِیكُمْ بِماءٍ مَعِینٍ (5)

المرسلات: وَ أَسْقَیْناكُمْ ماءً فُراتاً(6)

تفسیر:

وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ إنما نسب إلیه سبحانه مع أنه من أعمال العباد لأنه لو لا أنه تعالی خلق الأشجار الصلبة التی منها یمكن تركیب السفن و لو لا خلقة الحدید و سائر الآلات و لو لا تعریفه العباد كیف یتخذونها و لو لا أنه تعالی خلق الماء علی صفة السلاسة التی باعتبارها یصح جری السفینة فیه و لو لا خلقه تعالی الریاح و خلق الحركات القویة فیها و لو لا أنه وسع الأنهار و جعل لها من العمق ما یجوز جری السفن فیها لما وقع الانتفاع بالسفن فصار لأجل أنه تعالی هو الخالق لهذه الأحوال و هو المدبّر لهذه الأمور و المسخر لها حسنت إضافته إلیه و قیل لما كان یجری علی وجه الماء كما یشتهیه الملاح صار كأنه حیوان مسخر له بِأَمْرِهِ أی بقدرته و إرادته.

ص: 24


1- 1. الشوری: 32- 35.
2- 2. الجاثیة: 12.
3- 3. الطور: 6.
4- 4. الرحمن: 19- 24.
5- 5. الملك: 30.
6- 6. المرسلات: 27.

سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ لما كان ماء البحر قلما ینتفع به فی الزراعات لا جرم ذكر تعالی إنعامه علی الخلق بتفجیر الأنهار و العیون حتی ینبعث الماء منها إلی مواضع الزروع و النبات و أیضا ماء البحر لا یصلح للشرب و الصالح لهذا میاه الأنهار.

وَ هُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحْرَ أی جعلها بحیث یتمكّنون من الانتفاع به بالركوب و الاصطیاد و الغوص لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِیًّا هو السمك و وصفه بالطراوة لأنه أرطب اللحوم فیسرع إلیه الفساد فیسارع إلی أكله و لإظهار قدرته فی خلقه عذبا طریا فی ماء زعاق حِلْیَةً تَلْبَسُونَها كاللؤلؤ و المرجان وَ تَرَی الْفُلْكَ أی السفن مَواخِرَ فِیهِ أی جواری فیه یشقه بخرومها من المخر و هو شقّ الماء و قیل صوت جری الفلك وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ أی من سعة رزقه بركوبها للتجارة وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أی تعرفون نعم اللّٰه فتقومون بحقها.

وَ هُوَ الَّذِی مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ قال البیضاوی خلاهما متجاورین متلاصقین بحیث لا یتمازجان من مرج دابّته إذا خلاها هذا عَذْبٌ فُراتٌ قامع للعطش من فرط عذوبته وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ بلیغ الملاحة(1) وَ جَعَلَ بَیْنَهُما بَرْزَخاً حاجزا من قدرته وَ حِجْراً مَحْجُوراً و تنافرا بلیغا كأن كلًّا منهما یقول للآخر ما یقوله المتعوّذ علیه و قیل حدّا محدودا و ذلك كدجلة یدخل البحر فیشقّه فیجری فی خلاله فراسخ لا یتغیّر طعمهما(2)

و قیل المراد بالبحر العذب النهر العظیم مثل النیل و بالبحر الملح البحر الكبیر و بالبرزخ ما یحول بینهما من الأرض فتكون القدرة فی الفصل و اختلاف الصفة مع أن مقتضی طبیعة أجزاء كل عنصر أن تضامّت و تلاصقت و تشابهت فی الكیفیة(3)

انتهی و یقال إن نهر آمل تدخل بحر الخزر و یبقی علی عذوبته و لا یختلط بالمالح و یأخذون منه الماء العذب فی وسط البحر فیمكن علی تقدیر صحته أن یكون داخلا تحت الآیة أیضا.

ص: 25


1- 1. فی المصدر: الملوحة.
2- 2. طعمها( خ).
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 167.

وَ ما یَسْتَوِی الْبَحْرانِ ضرب مثل للمؤمن و الكافر و الفرات الذی یكسر العطش و السائغ الذی یسهل انحداره و الأجاج الذی یحرق بملوحته وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ استطراد فی صفة البحرین و ما فیهما أو تمام التمثیل و المعنی كما أنهما و إن اشتركا فی بعض الفوائد لا یتساویان من حیث إنهما لا یتساویان فی ما هو المقصود بالذات من الماء فإنه خالط أحدهما ما أفسده و غیره عن كمال فطرته لا یساوی المؤمن و الكافر و إن اتفق اشتراكهما فی بعض الصفات كالشجاعة و السخاوة لاختلافهما فی ما هو الخاصیة العظمی و بقاء أحدهما علی الفطرة الأصلیة دون الآخر أو تفضیل للأجاج علی الكافر بما یشارك العذب من المنافع و المراد بالحلیة اللآلی و الیواقیت.

مِنْ آیاتِهِ الْجَوارِ فِی الْبَحْرِ قرأ نافع و أبو عمرو الجواری بیاء فی الوصل و الوقف و الباقون بحذفها علی التخفیف كَالْأَعْلامِ أی كالجبال فهذه السفن العظیمة التی تكون كأنها الجبال تجری علی وجه الماء عند هبوب الریاح علی أسرع الوجوه و عند سكونها تقف ففیه دلالة علی وجود الصانع المسبب لتلك الأسباب و قدرته الكاملة و حكمته التامة لأنه تعالی خص كل جانب من جوانب الأرض بنوع من الأمتعة و إذا نقل متاع هذا الجانب إلی ذلك الجانب فی السفن و بالعكس حصلت المنافع العظیمة فی التجارة فَیَظْلَلْنَ رَواكِدَ أی فیبقین ثوابت عَلی ظَهْرِهِ أی ظهر البحر لِكُلِّ صَبَّارٍ أی لكل من وكل همته و حبس نفسه علی النظر فی آیات اللّٰه و التفكر فی آلائه أو لكل مؤمن كامل فإنه

روی أن الإیمان نصفان نصف صبر و نصف شكر.

أَوْ یُوبِقْهُنَ أی یهلكهن بإرسال الریح العاصفة المغرفة و المراد إهلاك أهلها لقوله بِما كَسَبُوا و أصله أو یرسلها فیوبقهن لأنه قسیم یُسْكِنِ الرِّیحَ فاقتصر فیه علی المقصود كما فی قوله وَ یَعْفُ عَنْ كَثِیرٍ إذ المعنی أو یرسلها عاصفة فیوبق ناسا بذنوبهم و ینجی ناسا علی العفو منهم و قرئ یعفوا علی الاستئناف.

وَ یَعْلَمَ الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِنا عطف علی علة مقدرة مثل لینتقم منهم و یعلم أو علی الجزاء و نصب نصب الواقع جوابا للأشیاء الستة لأنه أیضا غیر واجب و قرأ نافع و ابن عامر بالرفع علی الاستئناف و قرئ بالجزم عطفا علی یَعْفُ فیكون

ص: 26

المعنی أو یجمع بین إهلاك و إنجاء قوم و تحذیر آخرین ما لَهُمْ مِنْ مَحِیصٍ من محید من العذاب.

اللَّهُ الَّذِی سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ بأن جعله أملس السطح یطفو علیه ما یتخلخل كالأخشاب و لا یمنع الغوص فیه لِتَجْرِیَ الْفُلْكُ فِیهِ بِأَمْرِهِ أی بتسخیره و أنتم راكبوها وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بالتجارة و الغوص و الصید و غیرها وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هذه النعم.

وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ أی المملو و هو المحیط أو الموقد من قوله وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ كما

روی أن اللّٰه تعالی یجعل یوم القیامة البحار نارا یسجر بها جهنم.

أو المختلط من السجیر و هو الخلیط و قیل هو بحر معروف فی السماء یسمی بحر الحیوان.

مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ أی أرسلهما و المعنی أرسل البحر الملح و البحر العذب یَلْتَقِیانِ أی یتجاوران و تتماس سطوحهما أو بحری فارس و الروم یلتقیان فی المحیط لأنهما خلیجان یتشعبان منه بَیْنَهُما بَرْزَخٌ أی حاجز من قدرة اللّٰه تعالی أو من الأرض لا یَبْغِیانِ أی لا یبغی أحدهما علی الآخر بالممازجة و إبطال الخاصیة أو لا یتجاوزان حدیهما أو بإغراق ما بینهما و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل المراد بالبحرین بحر السماء و بحر الأرض فإن فی السماء بحرا یمسكه اللّٰه بقدرته ینزل منه المطر فیلتقیان فی كل سنة و بینهما حاجز یمنع بحر السماء من النزول و بحر الأرض من الصعود عن ابن عباس و غیره و قیل إنهما بحر فارس و بحر الروم فإن آخر طرف هذا یتصل بآخر طرف ذلك و البرزخ بینهما الجزائر و قیل مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ خلط طرفیهما عند التقائهما من غیر أن یختلط جملتهما لا یَبْغِیانِ أی لا یطلبان أن یختلطا(1).

یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ أی كبار الدرّ و صغاره و قیل المرجان الخرر

ص: 27


1- 1. مجمع البیان: ج 9، ص 201.

الأحمر و إن صح أن الدرّ یخرج من المالح (1)

فعلی الأول إنما قال منهما لأنه یخرج من مجتمع المالح (2)

و العذب أو لأنهما لما اجتمعا صارا كالشی ء الواحد و كان المخرج من أحدهما كالمخرج منها ذكره البیضاوی (3) و قال الرازی اللؤلؤ لا یخرج إلا من

المالح فكیف قال منهما نقول الجواب عنه من وجوه (4) الأول ظاهر كلام اللّٰه أولی بالاعتبار من كلام بعض الناس الذی لا یوثق بقوله و من علم أن اللؤلؤ لا یخرج من الماء العذب غایة علمكم (5) أن الغواصین ما أخرجوه إلا من المالح و لكن لم قلتم (6) إن الصدف لا یخرج اللؤلؤ بأمر اللّٰه من الماء العذب إلی الماء المالح و كیف یمكن الجزم به و الأمور الأرضیة الظاهرة خفیت عن التجار الذین قطعوا المفاوز و داروا البلاد فكیف لا یخفی علیهم ما فی قعور البحور الثانی أن نقول إن صح قولهم إنه لا یخرج إلا من الماء المالح فنقول فیه وجوه أحدها أن الصدف لا یتولد فیه اللؤلؤ إلا من ماء المطر و هو بحر السماء ثانیها أنه یتولد فی ملتقاهما ثم یدخل الصدف فی البحر المالح عند انعقاد الدر فیه لحال الملوحة كالمتوخمة التی تشتهی فی أوائل الحمل فتثقل هناك فلا یمكنه الدخول فی العذب (7) ثم ذكر بعض الوجوه المتقدمة.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل یخرج منهما أی من ماء السماء و ماء البحر فإن القطر إذا جاء من السماء تفتّحت الأصداف فكان من ذلك القطر اللؤلؤ عن ابن عباس و لذلك حمل البحرین علی بحر السماء و بحر الأرض و قیل إن العذب و الملح یلتقیان فیكون العذب كاللقاح للملح و لا یخرج اللؤلؤ إلا من الموضع الذی یلتقی

ص: 28


1- 1. فی أنوار التنزیل: الملح.
2- 2. فی أنوار التنزیل: الملح.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 485.
4- 4. فی المصدر: من وجهین.
5- 5. فی المصدر: وهب ان ....
6- 6. عبارة المصدر هكذا« لكن لا یلزم من هذا أن لا یوجد فی الغیر. سلمنا لم قلتم ان الصدف یخرج بامر اللّٰه من الماء العذب الی الماء المالح» و كأنّ فیه تصحیفا.
7- 7. مفاتیح الغیب: ج 29، ص 101.

فیه العذب و الملح و ذلك معروف عند الملاحین (1) انتهی.

أقول: وَ لَهُ الْجَوارِ أی السفن جمع جاریة الْمُنْشَآتُ أی المرفوعات الشرّع أو المصنوعات و قرأ حمزة و أبو بكر بكسر الشین أی الرافعات الشرّع أو اللاتی ینشئن الأمواج أو السیر كَالْأَعْلامِ جمع علم و هو الجبل الطویل فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ من خلق مواد السفن و الإرشاد إلی أخذها و كیفیة تركیبها و إجرائها فی البحر بأسباب لا یقدر علی خلقها و جمعها غیره تعالی.

إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً أی غائرا فی الأرض بحیث لا تناله الدلاء مصدر وصف به بِماءٍ مَعِینٍ أی جار أو ظاهر سهل المأخذ وَ أَسْقَیْناكُمْ ماءً فُراتاً بخلق الأنهار و المنافع فیها.

«1»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلِیٍّ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْوَاعِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْمَدِّ وَ الْجَزْرِ مَا هُمَا فَقَالَ مَلَكٌ (2) مُوَكَّلٌ بِالْبِحَارِ یُقَالُ لَهُ رُومَانُ فَإِذَا وَضَعَ قَدَمَیْهِ فِی الْبَحْرِ فَاضَ وَ إِذَا أَخْرَجَهُمَا غَاضَ (3).

«2»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبَایَةَ بْنِ رِبْعِیٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَدِّ وَ الْجَزْرِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَكَّلَ مَلَكاً بِقَامُوسِ الْبَحْرِ فَإِذَا وضح [وَضَعَ] رِجْلَیْهِ (4)

فِیهِ فَاضَ وَ إِذَا أَخْرَجَهُمَا(5) غَاضَ (6).

ص: 29


1- 1. فی المصدر« الغواصین» مجمع البیان: ج 9، ص 201.
2- 2. فی العیون: ملك من ملائكة اللّٰه عزّ و جلّ.
3- 3. العلل: ج 2، ص 240 و العیون: ج 1، ص 242.
4- 4. فی المصدر: رجله.
5- 5. فی المصدر: اخرجها.
6- 6. العلل: ج 2، ص 240.

بیان: قال الجزری قاموس البحر وسطه و معظمه

و منه حدیث ابن عباس و سئل عن المد و الجزر و ذكر الخبر.

ثم قال أی زاد و نقص و هو فاعول من القمس انتهی و أقول اختلف الحكماء فی سبب المدّ و الجزر علی أقوال شتی و لیس شی ء منها مما یسمن أو یغنی من جوع أو یروی من عطش و ما ذكر فی الخبر أظهرها و أصحها عقلا أیضا و قد سمعت من بعض الثقات أنه قال إنی رأیت شیئا عظیما یمتد من الجو إلی البحر فیمتد ماؤه ثم إذا ذهب ذلك شرع فی الجزر(1) و أما ما ذكره الحكماء فی ذلك ففی رسائل إخوان الصفا أما علة هیجان البحار و ارتفاع میاهها و مدودها علی سواحلها و شدة تلاطم أمواجها و هبوب الریاح فی وقت هیجانها إلی الجهات فی أوقات مختلفة من الشتاء و الصیف و الربیع و الخریف و أوائل الشهور و أواخرها و ساعات اللیل و النهار فهی من أجل أن میاهها إذا حمیت من قرارها و سكنت و لطفت و تخلخلت و طلبت مكانا أوسع مما كان فیه فتدافعت بعض أجزائها بعضا إلی الجهات الخمس فوقا و شرقا و غربا و جنوبا و شمالا للاتساع فیكون فی الوقت الواحد علی سواحلها أمواج مختلفة فی جهات مختلفة و أما علة هیجانها فی وقت دون وقت فهو بحسب تشكل الفلك و الكواكب و مطارح شعاعاتها علی سطوح تلك البحار فی الآفاق و الأوتاد الأربعة و اتصالات القمر بها عند حلوله فی منازله

الثمانیة و العشرین كما هو المذكور فی كتب أحكام النجوم و أما علة مدود بعض البحار فی وقت طلوعات القمر و مغیبه دون غیرها من البحار فهو من أجل أن تلك البحار

ص: 30


1- 1. لو كان ما ادعی رؤیته ممّا یری بالحس لرآه كل من یسكن السواحل و لتواتر نقله فافهم، و یمكن أنّه كان قد رأی شیئا من الابخرة المتصاعدة من بعید مقارنا للمد فتوهم انه هو الذی یوجب المد و الأسباب المادیة لحصول الجزر و المد و سائر ما یحدث فی الأرض و البحار و الجو صارت الیوم ببركة العلوم التجربیة من الواضحات بل تكاد تكون بدیهیة و لا ینافی ذلك ما ذكر فی الروایات من استنادها إلی إرادة اللّٰه تعالی أو أفعال الملائكة، فانها علل طولیة تنتهی بالأخرة إلی من إلیه المنتهی، و لا یخفی ان كثیرا من الروایات الواردة فی امثال هذه المعانی لم تسلم عن الدس و الوضع مضافا الی المناقشة فی شمول ادلة حجیة الخبر الواحد لغیر ما یتضمن بیان الاحكام الفرعیة.

فی قرارها صخور صلبة و أحجار صلدة فإذا أشرق القمر علی سطح ذلك البحر وصلت مطارح شعاعاته إلی تلك الصخور و الأحجار التی فی قرارها ثم انعكست من هناك راجعة فسخنت تلك المیاه و حمت و لطفت و طلبت مكانا أوسع و ارتفع إلی فوق و دفع بعضها بعضا إلی فوق و تموجت إلی سواحلها و فاضت علی سطوحها و رجعت میاه تلك الأنهار التی كانت تنصب إلیها إلی خلف راجعة فلا یزال ذلك دأبها ما دام القمر مرتفعا إلی وتد سمائه فإذا انتهی إلی هناك و أخذ ینحط سكن عند ذلك غلیان تلك المیاه و بردت و انضمت تلك الأجزاء و غلظت فرجعت إلی قرارها و جرت الأنهار علی عادتها فلا یزال ذلك دأبها إلی أن یبلغ القمر إلی الأفق الغربی من تلك البحار ثم یبتدئ المد علی عادته و هو فی الأفق الشرقی فلا یزال ذلك دأبه حتی یبلغ القمر إلی وتد الأرض فینتهی المد من الرأس ثم إذا زال القمر من وتد الأرض أخذ المد راجعا إلی أن یبلغ القمر إلی أفقه الشرقی من الرأس فإن قیل لم لا یكون المد و الجزر عند طلوعات الشمس و إشرافاتها علی سطح هذه البحار فقد بینا علل ذلك فی رسالة العلل و المعلولات انتهی.

و قال المسعودی فی مروج الذهب المدّ هو مضی الماء بسجیته و سنن جریه و الجزر هو رجوع الماء علی ضد سنن مضیه و انعكاس ما یمضی علیه فی نهجه و هما یكونان فی البحر الحبشی (1)

الذی هو الصینی و الهندی و بحر البصرة و فارس و ذلك أن البحار علی ثلاثة أصناف منها ما یأتی فیه الجزر و المد و یظهر ظهورا بینا و منها ما لا یتبین فیه الجزر و المد و یكون خفیا مستترا و منها ما لا یجزر و لا یمد و قد تنازع الناس فی علتهما فمنهم من ذهب إلی أن علة ذلك القمر لأنه مجانس للماء و هو یسخنه فیبسط و شبهوا ذلك بالنار إذا سخنت ما فی القدر و أغلته و إن الماء یكون فیها علی قدر النصف أو الثلثین فإذا غلی الماء انبسط فی القدر و ارتفع و تدافع حتی یفور فتتضاعف كمیته فی الحس لأن من شرط الحرارة أن تبسط الأجسام و من شرط

ص: 31


1- 1. فی المصدر: و انكشاف ما مضی علیه فی هیجه و ذلك كبحر الحبش ....

البرودة أن تضغطها(1)

و ذلك أن قعور البحار تحمی فتتولد فی أرضها(2)

عذوبة و تستحیل و تحمی كما یعرض ذلك فی البلالیع و الآبار فإذا حمی ذلك الماء انبسط و إذا انبسط زاد و إذا زاد دفع (3) كل جزء منه صاحبه فطفر عن سطحه (4)

و بان عن قعره و احتاج إلی أكثر من وهدته و إن القمر إذا امتلأ أحمی الجو حمیا شدیدا فظهر زیادة الماء فسمی ذلك المد الشهری و قالت طائفة أخری لو كان الجزر و المد بمنزلة النار إذا أسخنت الماء الذی فی القدر و بسطته فیطلب أوسع منه فیفیض حتی إذا خلا

قعره من الماء طلب الماء بعد خروجه منه عمق الأرض بطبعه فیرجع اضطرارا بمنزلة رجوع ما یغلی من الماء فی المرجل و القمقم إذا فاض لكان بالشمس أشد سخونة و لو كانت الشمس علة مده لكان بدؤه مع بدء طلوع الشمس و الجزر عند غیبوبتها و زعم هؤلاء أن علة المد و الجزر الأبخرة التی تتولد فی بطن الأرض فإنها لا تزال تتولد و تكثف و تكثر فتدفع حینئذ ماء هذا البحر لكثافتها فلا تزال علی ذلك حتی تنقص موادها من أسفل فإذا انقطعت موادها من أسفل تراجع الماء حینئذ إلی قعور البحر و كان الجزر من أجل ذلك و المد لیلا و نهارا و شتاء و صیفا و فی غیبوبة القمر و طلوعه و فی غیبوبة الشمس و طلوعها قالوا و هذا یدرك بحس البصر(5) لأنه لیس یستكمل الجزر آخره حتی یبدو أول المد و لا یفنی (6) آخر المد حتی یبدو أول الجزر لأنه لا یفتر تولد تلك البخارات حتی إذا خرجت تولد مكانها غیرها و ذلك أن البحر إذا غارت میاهه و رجعت إلی قعره تولدت تلك الأبخرة لمكان ما یتصل منها من الأرض بمائه فكلما عاد تولدت و كلما فاض تنفست (7)

ص: 32


1- 1. فی المصدر تضمها.
2- 2. الأرض( خ).
3- 3. فی المصدر: و إذا زاد ارتفع فدفع.
4- 4. فی المصدر: فطفا علی سطحه.
5- 5. فی المصدر: بالحس.
6- 6. فی المصدر: لا ینقضی.
7- 7. تنقصت( خ).

و ذهب آخرون من أهل الدیانات أن كل ما لا یعلم له فی الطبیعة مجری و لا یوجد له فیها قیاس فله فعل إلهی یدل علی توحید اللّٰه عز و جل و حكمته و لیس للمدّ و الجزر علة فی الطبیعة البتة و لا قیاس و قال آخرون ما هیجان ماء البحر إلا كهیجان بعض الطبائع فإنك تری صاحب الصفراء و صاحب الدم و غیرهما تهتاج طبیعته و تسكن و لذلك موادّ تمدّها حالا بعد حال فإذا قویت هاجت ثم تسكن قلیلا قلیلا حتی تعود و ذهب طائفة إلی إبطال سائر ما وصفنا من القول و زعموا أن الهواء المطل علی البحر یستحیل دائما فإذا استحال عظم ماء البحر و فار(1)

عند ذلك فإذا فار فاض و إذا فاض فهو المد فعند ذلك یستحیل ماؤه و یتفشّی و استحال هواء فعاد(2) إلی ما كان علیه و هو الجزر و هو دائم لا یفتر متصل مترادف متعاقب لأن الماء یستحیل هواء و الهواء یستحیل ماء و قد یجوز أن یكون ذلك عند امتلاء القمر أكثر لأن القمر إذا امتلأ استحال ماء أكثر مما كان یستحیل قبل ذلك و إنما القمر علة لكثرة المد لا للمد نفسه لأنه قد یكون و القمر فی محاقه و المد و الجزر فی بحر فارس یكون علی مطالع الفجر فی أغلب الأوقات و قد ذهب أكثر من أرباب السفن ممن یقطع هذا البحر و یختلف إلی جزائره أن المد و الجزر لا یكون فی معظم هذا البحر إلا مرتین فی السنة مرة یمد فی شهور الصیف شرقا بالشمال ستة أشهر فإذا كان ذلك طما الماء فی مشارق البحر و الصین و ما والی ذلك الصقع و مرة یمد فی شهور الشتاء غربا بالجنوب ستة أشهر و إذا كان ذلك طما الماء فی مغارب البحر و الجزر بالصین و قد یتحرك البحر بتحریك الریاح فإن الشمس إذا كانت فی الجهة الشمالیة تحرك الهواء إلی الجهة الجنوبیة فلذلك تكون البحار فی جهة الجنوب فی الصیف لهبوب الشمال طامیة عالیة و تقل المیاه فی جهة(3) البحور الشمالیة و كذلك إذا كانت الشمس فی الجنوب و سار(4) الهواء من الجنوب إلی جهة الشمال فسأل (5) معه ماء البحر من الجهة الجنوبیة إلی الجهة الشمالیة

ص: 33


1- 1. فی المصدر: و فاض عند ذلك، و إذا فاض البحر فهو المد.
2- 2. فی المصدر: یتنفس فیستحیل هواء فیعود ....
3- 3. فی المصدر: البحار.
4- 4. فی المصدر: سال.
5- 5. فی المصدر: سال.

قلت المیاه فی الجهة الجنوبیة و تنقل (1) ماء البحر فی هذین المیلین أعنی فی جهة(2) الشمال و الجنوب یسمی جزرا و مدا(3)

و ذلك أن مد الجنوب جزر الشمال و مد الشمال جزر الجنوب فإن وافق القمر بعض الكواكب السیارة فی أحد المیلین تزاید الفعلان و قوی الحر و اشتد لذلك (4)

انقلاب ماء البحر إلی الجهة المخالفة للجهة التی فیها الشمس و هذا رأی الكندی و أحمد بن الخصیب السرخسی فی ما حكی عنهما(5) أن البحر یتحرك بتحرك الریاح (6)

انتهی.

و جملة القول فیه أن نهر البصرة و الأنهار المقاربة له یمد فی كل یوم و لیلة مرتین و یدور ذلك فی الیوم و اللیلة و لا یخص وقتا كطلوع الشمس و غروبها و ارتفاعها و انخفاضها و یسمی ذلك بالمد الیومی و یكون المد عند زیادة نور القمر أشد و یسمی ذلك بالمد الشهری و هذا المد یمكن استناده إلی القمر لكونه تابعا له فی الغالب بمعنی أنه یحصل فی أیام زیادة نور القمر لكن الظاهر أنه لو كانت العلة زیادة نوره لكان هذا المد مقارنا لها أو بعدها بزمان یتم فیه فعل القمر و تأثیره فی البحر و الظاهر أنه لیس تابعا له بهذا المعنی و علی تقدیر صحة استناده إلیه فلا ریب فی بطلان ما جعله القائل الأول مناطا له من سخونة البحر بنور القمر لأنه مجانس للماء و كذا سخونة الجو به بل ربما یدعی أن نور القمر یبرد الجو و الأجسام كما هو المجرب نعم ربما یجوز العقل تأثیر القمر فی المد لنوع من المناسبة و الارتباط بین نوره و بین الماء و إن لم نعلمها بخصوصها لكن یقدح فیه ما ذكرناه من عدم انضباط المقارنة(7) و التأخر علی الوجه المذكور و أما المد الیومی فبطلان استناده إلی القمر واضح و استناده

ص: 34


1- 1. فی المصدر: ینتقل.
2- 2. فی المصدر: جهتی.
3- 3. فی المصدر: و مدا شتویا.
4- 4. فی المصدر: و اشتد لذلك سیلان الهواء فاشتد لذلك انقلاب ....
5- 5. فی المصدر: فی ما حكاه عنه.
6- 6. مروج الذهب: ج 1، ص 68- 70.
7- 7. أو( خ).

إلی الكواكب علی انفرادها أو بمشاركة القمر بعید غایة البعد و كون الكواكب عللا له من حیث الحرارة ظاهر الفساد و ما ذكره الطائفة الثانیة من أنه للأبخرة الحادثة فی باطن الأرض فیرد علیه أن الأبخرة الكثیرة الكثیفة التی تفور البحر مع عظمته لخروجها لو اجتمعت و احتبست فی باطن الأرض ثم خرجت دفعة كما هو الظاهر من كلامه لزم انشقاق الأرض منها انشقاقا فاحشا ثم التئامها فی كل یوم و لیلة لعله مما لا یرتاب أحد فی أنه خلاف الواقع و لا یظهر للعقل سبب لالتئام الأرض بعد الانشقاق و كون

كل التئام مستندا إلی انشقاق حادث فی موضع آخر من الأرض قریب من موضع الأول فی غایة البعد و لو خرجت تدریجا لاستلزمت غلیانا و فورانا فی البحر دائما لا هذا النوع من الحركة و الامتلاء و هو واضح و ما ذكره الطائفة الثالثة من أنه كهیجان الطبائع فیرد علیه أنه لو كان المراد أنه و الطبائع تهیج بلا سبب فباطل و لو قیل بأن ذلك مقتضی الطبیعة فذلك مما لم یقل به أحد و لو أرید أنه بسبب و لو لم یكن معلوما لنا فذلك مما لا ثمرة له إذ الكلام فی خصوص السبب و ما ذكره الطائفة الرابعة من أنه للانقلاب فلا یظهر له وجه و لا ینطبق علی تلك الخصوصیات فالأوجه أن یقال إنها بقدرة اللّٰه و تدبیره و حكمته إما بتوسط الملك إن صح الخبر أو بما رأی المصلحة فیه من العلل و الأسباب فإنه تعالی المسبب لها و المقدر لأوقاتها و لم نكلف بالخوض فی عللها و إن أمكنت مدخلیة بعض تلك الوجوه التی تقدم ذكرها و العالم بها هو المدبر لها و یكفینا ما ظهر لنا من منافعها و فوائدها.

«3»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ (1) عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ (2)

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ الْفُرَاتُ وَ النِّیلُ وَ سَیْحَانُ وَ جَیْحَانُ فَالْفُرَاتُ الْمَاءُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ

ص: 35


1- 1. أحمد بن هلال أبو جعفر العبرتائی ضعیف جدا، قال الشیخ فی التهذیب: ان أحمد بن هلال مشهور باللعنة و الغلوّ و روی الكشّیّ عن ابی الحسن العسكریّ علیه السلام روایة تشتمل علی لعنه و التبری منه كقوله علیه السلام« و نحن نبرأ إلی اللّٰه من ابن هلال لا رحمه اللّٰه و من لا یبرأ منه».
2- 2. فی الخصال: عن علیّ علیه السلام.

وَ النِّیلُ الْعَسَلُ وَ سَیْحَانُ الْخَمْرُ وَ جَیْحَانُ اللَّبَنُ (1).

بیان: الفرات أفضل الأنهار بحسب الأخبار و قد أوردتها فی كتاب المزار و النیل بمصر معروف و سیحان و جیحان قال فی النهایة هما نهران بالعواصم عند المصیصة و الطرسوس و فی القاموس سیحان نهر بالشام و آخر بالبصرة و سیحون نهر بما وراء النهر و نهر بالهند و قال جیحون نهر خوارزم و جیحان نهر بالشام و الروم معرب جهان انتهی و ذكر المولی عبد العلی البرجندی فی بعض رسائله أن نهر الفرات یخرج من جبال أرزن الروم (2)

ثم یسیل نحو المشرق إلی ملطیة ثم إلی سمیساط حتی ینتهی إلی الكوفة ثم تمر حتی ینصب فی البطائح و قال النیل أفضل الأنهار لبعد منبعه و مروره علی الأحجار و الحصیات و لیس فیه وحل و لا یخضر الحجر فیه كغیره و یمر من الجنوب إلی الشمال و هو سریع الجری و زیادته فی أیام نقص سائر المیاه و منبعه مواضع غیر معمورة فی جنوب خط الإستواء و لذا لم یعلم منبعه علی التحقیق و نقل عن بعض حكماء الیونان أن ماءه یجتمع من عشرة أنهار بین كل نهرین منها اثنان و عشرون فرسخا فتنصب تلك الأنهار فی بحیرة ثم منها یخرج نهر مصر متوجها إلی الشمال حتی ینتهی إلی مصر فإذا جازها و بلغ شنطوف انقسم قسمین ینصبان فی البحر و قال سیحان منبعه من موضع طوله ثمان و خمسون درجة و عرضه أربع و أربعون درجة و یمر فی بلاد الروم من الشمال إلی الجنوب إلی بلاد أرمن ثم إلی قرب مصیصة ثم یجتمع مع

جیحان و ینصبان فی بحر الروم فیما بین أیاس و طرسوس و نهر جیحان منبعه من موضع طوله ثمان و خمسون درجة و عرضه ست و أربعون درجة و هو قریب من نهر الفرات فی العظمة و یمر من الشمال إلی الجنوب بین جبال فی حدود الروم إلی أن یمر إلی شمال مصیصة و ینصب فی البحر انتهی.

ثم اعلم أن هذه الروایة مرویة فی طرق المخالفین أیضا إلا أنه لیس فیها

ص: 36


1- 1. الخصال: 117.
2- 2. أرزن روم( خ).

فالفرات إلی آخر الخبر و اختلفوا فی تأویله قال الطیبی فی شرح المشكاة فی شرح هذا الخبر سیحان و جیحان غیر سیحون و جیحون و هما نهران عظیمان جدا و خص الأربعة لعذوبة مائها و كثرة منافعها كأنها من أنهار الجنة أو یراد أنها أربعة أنهار هی أصول أنهار الجنة سماها بأسامی الأنهار العظام من أعذب أنهار الدنیا و أفیدها علی التشبیه فإن ما فی الدنیا من المنافع فنموذات لما فی الآخرة و كذا مضارها و قال القاضی معنی كونها من أنهار الجنة أن الإیمان یعم بلادها و أن شاربیها صائرة إلیها و الأصح أنه علی ظاهرها و أن لها مادة من الجنة و فی معالم التنزیل أنزلها اللّٰه تعالی من الجنة و استودعها الجبال لقوله تعالی فَأَسْكَنَّاهُ أقول المشبه فی الوجه الأول أنهار الدنیا و وجه الشبه العذوبة و الهضم و البركة و فی الثانی أنهار الجنة و وجهه الشهرة و الفائدة و العذوبة و فی الثالث وجهه المجاورة و الانتفاع انتهی و أقول ظاهر الخبر مع التتمة التی فی الخصال اشتراك الاسم و إنما سمیت بأسماء أنهار الجنة لفضلها و بركتها و كثرة الانتفاع بها و یحتمل أن یكون المعنی أن أصل هذه الأنهار و مادتها من الجنة فلما صارت فی الدنیا انقلبت ماء و لا ینافی ذلك معلومیة منابعها إذ یمكن أن یكون أول حدوثها بسبب ماء الجنة أو یصب فیها بحیث لا نعلم أو یكون المراد بالجنة جنة الدنیا كما مر فی كتاب المعاد و تجری من تحت الأرض إلی تلك المنابع ثم یظهر منها و یؤید تلك الوجوه فی الجملة

مَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ بِسَنَدٍ كَالْمُوَثَّقِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُدْفَقُ فِی الْفُرَاتِ فِی كُلِّ یَوْمٍ دُفُقَاتٌ مِنَ الْجَنَّةِ(1).

وَ بِسَنَدٍ آخَرَ رَفَعَهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: نَهَرُكُمْ هَذَا یَعْنِی مَاءَ الْفُرَاتِ یُصَبُّ فِیهِ مِیزَابَانِ مِنْ مَیَازِیبِ الْجَنَّةِ(2).

وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا قَالَ: إِنَّ مَلَكاً یَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ مَعَهُ ثَلَاثَةُ مَثَاقِیلِ مِسْكٍ (3)

مِنْ مِسْكِ الْجَنَّةِ فَیَطْرَحُهَا فِی الْفُرَاتِ وَ مَا مِنْ نَهَرٍ فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ لَا غَرْبِهَا أَعْظَمَ بَرَكَةً

ص: 37


1- 1. الكافی: 6، ص 388.
2- 2. الكافی: 6، ص 388.
3- 3. فی المصدر: مسكا.

مِنْهُ (1).

و أما التأویل بكون أهلها و شاربیها صائرین إلی الجنة فهو فی خصوص الفرات ظاهر إذ أكثر القری و البلاد الواقعة علیه و بقربه من الإمامیة و المحبین لأهل البیت علیهم السلام كما تشهد به التجربة

وَ قَدْ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا إِخَالُ أَحَداً یُحَنَّكُ بِمَاءِ الْفُرَاتِ إِلَّا أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ.

وَ قَالَ علیه السلام: مَا سُقِیَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مَاءَ الْفُرَاتِ إِلَّا لِأَمْرٍ مَا وَ قَالَ یُصَبُّ فِیهِ مِیزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ(2).

أقول: قوله علیه السلام لأمر ما أی لرسوخ ولایة أهل البیت علیهم السلام فی قلوب أهلها وَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: أَمَا إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ لَوْ حَنَّكُوا أَوْلَادَهُمْ بِمَاءِ الْفُرَاتِ لَكَانُوا لَنَا شِیعَةً(3).

و أما الأنهار الثلاثة الأخری فلم أر لها فی غیر هذا الخبر فضلا بل

رَوَی الْكُلَیْنِیُّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَاءُ نِیلِ مِصْرَ یُمِیتُ الْقَلْبَ (4).

«4»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَی الْأَرْضِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ سَیْحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ الْهِنْدِ وَ جَیْحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ بَلْخَ وَ دِجْلَةَ وَ الْفُرَاتَ وَ هُمَا نَهْرَا الْعِرَاقِ وَ النِّیلَ وَ هُوَ نَهَرُ مِصْرَ أَنْزَلَهَا اللَّهُ مِنْ عَیْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُیُونِ الْجَنَّةِ مِنْ أَسْفَلِ دَرَجَةٍ مِنْ دَرَجَاتِهَا عَلَی جَنَاحَیْ جَبْرَائِیلَ فَاسْتَوْدَعَهَا الْجِبَالَ وَ أَجْرَاهَا فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلَهَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ فِی أَصْنَافِ مَعَایِشِهِمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ (5) فَإِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ أَرْسَلَ اللَّهُ جَبْرَئِیلَ فَرُفِعَ مِنَ الْأَرْضِ الْقُرْآنُ وَ الْعِلْمُ كُلُّهُ وَ الْحَجَرُ مِنْ رُكْنِ الْبَیْتِ وَ مَقَامُ إِبْرَاهِیمَ وَ تَابُوتُ مُوسَی بِمَا فِیهِ وَ هَذِهِ الْأَنْهَارُ الْخَمْسَةُ فَیُرْفَعُ كُلُّ ذَلِكَ إِلَی السَّمَاءِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ إِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ فَإِذَا رُفِعَتْ هَذِهِ الْأَشْیَاءُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَدَ أَهْلُهَا خَیْرَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ(6).

ص: 38


1- 1. الكافی: ج 6، ص 389.
2- 2. الكافی: ج 6، ص 388.
3- 3. الكافی: ج 6، ص 389.
4- 4. الكافی: ج 6، ص 391.
5- 5. المؤمنون: 19.
6- 6. الدّر المنثور: ج 5، ص 8.

«5»- شَرْحُ النَّهْجِ، [نهج البلاغة لِابْنِ مِیثَمٍ]: قَالَ لَمَّا فَرَغَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ حَرْبِ الْجَمَلِ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِمَاتِ ثُمَّ قَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ یَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ ائْتَفَكَتْ

بِأَهْلِهَا ثَلَاثاً وَ عَلَی اللَّهِ تَمَامُ الرَّابِعَةِ وَ سَاقَ الْخُطْبَةَ كَمَا مَرَّ فِی كِتَابِ الْفِتَنِ وَ سَیَأْتِی إِلَی قَوْلِهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ سَخَّرَ لَكُمُ الْمَاءَ یَغْدُو عَلَیْكُمْ وَ یَرُوحُ صَلَاحاً لِمَعَاشِكُمْ وَ الْبَحْرَ سَبَباً لِكَثْرَةِ أَمْوَالِكُمْ.

بیان: قوله علیه السلام الماء یغدو علیكم و یروح إشارة إلی المدّ و الجزر و قوله صلاحا لمعاشكم إلی فائدتهما إذ لو كان الماء دائما علی حد النقصان و لم یصل إلی حد المد لما سقی زروعهم و نخیلهم و لو كان دائما علی حد الزیادة لغرقت أراضیهم بأنهارهم و فی نقص الأنهار بعد زیادتها فائدة أخری هی غسل الأقذار و إزالة الخبائث عن شطوطها و ربما كان فیهما فوائد أخری كتأثیرهما فی حركة السفن و نحو ذلك.

«6»- إِعْلَامُ الْوَرَی، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ حَیَّانَ السَّرَّاجِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ الْكِسَائِیِ (1)

عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ: سَأَلَ فِی أَوَّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ یَهُودِیٌّ مِنْ أَوْلَادِ هَارُونَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ أَوَّلِ قَطْرَةٍ قَطَرَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ (2)

وَ أَوَّلِ عَیْنٍ فَاضَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ (3)

وَ أَوَّلِ شَجَرٍ اهْتَزَّ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ (4)

فَقَالَ علیه السلام یَا هَارُونِیُّ أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ أَوَّلُ قَطْرَةٍ قَطَرَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ حَیْثُ قَتَلَ أَحَدُ ابْنَیْ آدَمَ صَاحِبَهُ وَ لَیْسَ كَذَلِكَ وَ لَكِنَّهُ حَیْثُ طَمِثَتْ حَوَّاءُ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ ابْنَیْهَا وَ أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ أَوَّلُ عَیْنٍ فَاضَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ الْعَیْنُ الَّتِی بِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ لَیْسَ هُوَ كَذَلِكَ وَ لَكِنَّهَا

ص: 39


1- 1. فی المصدر: الكنانیّ.
2- 2. فی المصدر: أی قطرة هی؟.
3- 3. فی المصدر: أی عین هی؟.
4- 4. فی المصدر: ای شجرة هی؟.

عَیْنُ الْحَیَاةِ الَّتِی وَقَفَ عَلَیْهَا مُوسَی وَ فَتَاهُ وَ مَعَهُمَا النُّونُ الْمَالِحُ فَسَقَطَ فِیهَا فَحَیِیَ وَ هَذَا الْمَاءُ لَا یُصِیبُ مَیِّتاً إِلَّا حَیِیَ وَ أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ أَوَّلُ شَجَرٍ اهْتَزَّ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ الشَّجَرَةُ الَّتِی كَانَتْ مِنْهَا سَفِینَةُ نُوحٍ وَ لَیْسَ كَذَلِكَ وَ لَكِنَّهَا النَّخْلَةُ الَّتِی هَبَطَتْ (1)

مِنَ الْجَنَّةِ وَ هِیَ الْعَجْوَةُ وَ مِنْهَا تَفَرَّعَ كُلُّ مَا تَرَی مِنْ أَنْوَاعِ النَّخْلِ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّی لَأَجِدُ هَذَا فِی كُتُبِ أَبِی هَارُونَ علیه السلام كِتَابَةَ(2)

یَدِهِ وَ إِمْلَاءَ عَمِّی مُوسَی علیه السلام (3).

«7»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ وَ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ وَ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ جَمِیعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَیْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی یَحْیَی الْمَدَنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ قَالَ الْیَهُودِیُّ أَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ عَنْ أَوَّلِ عَیْنٍ نَبَعَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ عَنْ أَوَّلِ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا أَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْیَهُودَ یَزْعُمُونَ أَنَّهَا الزَّیْتُونَةُ وَ كَذَبُوا وَ إِنَّمَا هِیَ النَّخْلَةُ مِنَ الْعَجْوَةِ هَبَطَ بِهَا آدَمُ علیه السلام مَعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَغَرَسَهَا وَ أَصْلُ النَّخْلَةِ كُلِّهِ مِنْهَا وَ أَمَّا أَوَّلُ عَیْنٍ نَبَعَتْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْیَهُودَ یَزْعُمُونَ أَنَّهَا الْعَیْنُ الَّتِی بِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ تَحْتَ الْحَجَرِ وَ كَذَبُوا هِیَ عَیْنُ الْحَیَاةِ الَّتِی مَا انْتَهَی إِلَیْهَا أَحَدٌ إِلَّا حَیِیَ وَ كَانَ الْخَضِرُ عَلَی مُقَدِّمَةِ ذِی الْقَرْنَیْنِ فَطَلَبَ عَیْنَ الْحَیَاةِ فَوَجَدَهَا الْخَضِرُ علیه السلام وَ شَرِبَ مِنْهَا وَ لَمْ یَجِدْهَا ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ أَمَّا أَوَّلُ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْیَهُودَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْجَحَرُ الَّذِی بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ كَذَبُوا إِنَّمَا هُوَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ هَبَطَ بِهِ آدَمُ علیه السلام مَعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَوَضَعَهُ فِی الرُّكْنِ وَ النَّاسُ یَسْتَلِمُونَهُ وَ كَانَ أَشَدَّ بَیَاضاً مِنَ الثَّلْجِ فَاسْوَدَّ مِنْ خَطَایَا بَنِی آدَمَ.

ص: 40


1- 1. فی المصدر: اهبطت.
2- 2. كتابته بیده( خ).
3- 3. إعلام الوری: 368.

أقول: الخبران طویلان أوردتهما بأسانیدهما فی باب نص أمیر المؤمنین علیه السلام علی الاثنی عشر علیهم السلام فی المجلد التاسع.

كتاب الأقالیم و البلدان و الأنهار للفرات فضائل كثیرة.

«8»- رُوِیَ: أَنَّ أَرْبَعَةً مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ سَیْحُونُ وَ جَیْحُونُ وَ النِّیلُ وَ الْفُرَاتُ.

«9»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ نَهَرُكُمْ هَذَا یَنْصَبُّ إِلَیْهِ مِیزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ.

«10»- وَ رُوِیَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ ثُمَّ اسْتَزَادَ وَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ مَا أَعْظَمَ بَرَكَتَهُ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِیهِ مِنَ الْبَرَكَةِ لَضَرَبُوا عَلَی حَافَتَیْهِ الْقِبَابَ مَا انْغَمَسَ فِیهِ ذُو عَاهَةٍ إِلَّا بَرِئَ.

وَ عَنِ السُّدِّیِّ: أَنَّ الْفُرَاتَ مَدَّ فِی زَمَنِ عُمَرَ فَأَلْقَی رُمَّانَةً عَظِیمَةً مِنْهَا كَرُمَّانِ الْحَبِّ فَأَمَرَ الْمُسْلِمِینَ أَنْ یَقْسِمُوهَا بَیْنَهُمْ فَكَانُوا یَزْعُمُونَ أَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ.

«11»- وَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: النِّیلُ یَخْرُجُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ لَوِ الْتَمَسْتُمْ فِیهِ حِینَ یَخْرُجُ لَوَجَدْتُمْ مِنْ وَرَقِهَا.

وَ قَالَ فِی وَصْفِ بَعْضِ الْبِحَارِ نَقْلًا عَنْ صَاحِبِ كِتَابِ عَجَائِبِ الْأَخْبَارِ: هَذَا الْبَحْرُ فِیهِ طَائِرٌ مُكْرَمٌ لِأَبَوَیْهِ فَإِنَّهُمَا إِذَا كَبِرَا وَ عَجَزَا عَنِ الْقِیَامِ بِأَمْرِ أَنْفُسِهِمَا یَجْتَمِعُ عَلَیْهِمَا فَرْخَانِ مِنْ فِرَاخِهِمَا فَیَحْمِلَانِهِمَا عَلَی ظُهُورِهِمَا إِلَی مَكَانٍ حَصِینٍ وَ یَبْنِیَانِ لَهُمَا عُشّاً وَ یَتَعَاهَدَانِهِمَا الزَّادُ وَ الْمَاءُ إِلَی أَنْ یَمُوتَا فَإِنْ مَاتَ الْفَرْخَانِ قَبْلَهُمَا یَأْتِی إِلَیْهِمَا فَرْخَانِ آخَرَانِ مِنْ فِرَاخِهِمَا وَ یَفْعَلَانِ بِهِمَا كَمَا فَعَلَ الْفَرْخَانِ الْأَوَّلَانِ وَ هَلُمَّ جَرّاً وَ هَذَا دَأْبُهُمَا.

«12»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ (1) علیهم السلام قَالَ: یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قَالَ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَإِذَا أُمْطِرَتْ فَفَتَحَتِ (2)

الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا فِی الْبَحْرِ فَیَقَعُ فِیهَا مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ

ص: 41


1- 1. فی المصدر: عن علیّ علیه السلام.
2- 2. فی المصدر: فتحت.

فَتُخْلَقُ اللُّؤْلُؤَةُ الصَّغِیرَةُ مِنَ الْقَطْرَةِ الصَّغِیرَةِ وَ اللُّؤْلُؤَةُ الْكَبِیرَةُ مِنَ الْقَطْرَةِ الْكَبِیرَةِ(1).

«13»- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَتِّیلٍ (2) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَی عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَهْرَانِ مُؤْمِنَانِ وَ نَهْرَانِ كَافِرَانِ نَهْرَانِ كَافِرَانِ نَهَرُ بَلْخَ وَ دِجْلَةَ وَ الْمُؤْمِنَانِ نِیلُ مِصْرَ وَ الْفُرَاتُ فَحَنِّكُوا أَوْلَادَكُمْ بِمَاءِ الْفُرَاتِ.

بیان: قال الجزری فی النهایة فیه نهران مؤمنان و نهران كافران أما المؤمنان فالنیل و الفرات و أما الكافران فدجلة و نهر بلخ جعلهما مؤمنین علی التشبیه لأنهما یفیضان علی الأرض فیسقیان الحرث بلا مئونة و جعل الآخرین كافرین لأنهما لا یسقیان و لا ینتفع بهما إلا بمئونة و كلفة فهذان فی الخیر و النفع كالمؤمنین و هذان فی قلة النفع كالكافرین انتهی و أقول ربما یومئ التفریع بقوله فحنكوا إلی أن المراد أن للأولین مدخلا فی الإیمان و للآخرین (3)

فی الكفر و هو فی الفرات ظاهر كما عرفت و أما فی النیل فلعل شقاوة أهله لسوء تربة مصر كما ورد فی الأخبار فلو جری فی غیره لم یكن كذلك و نهر بلخ هو نهر جیحون و قال البرجندی و یخرج عموده من حدود بدخشان من موضع طوله أربع و تسعون درجة و عرضه سبع و ثلاثون درجة ثم یجتمع معه أنهار كثیرة و یذهب إلی جهة المغرب و الشمال إلی حدود بلخ ثم یجاوزه إلی ترمد ثم یذهب إلی المغرب و الجنوب إلی ولایة زم (4)

و طوله تسع و ثمانون درجة و عرضه سبع و ثلاثون ثم یمر إلی المغرب و الشمال إلی موضع

ص: 42


1- 1. قرب الإسناد: 85.
2- 2. بفتح المیم و تشدید التاء المثناة من فوق و سكون الیاء المثناة من تحت علی ما ضبطه العلامة فی الخلاصة و الإیضاح، و حكی عن ابن داود ضم المیم و فتح التاء المشددة. قال النجاشیّ الحسن بن متیل وجه من وجوه أصحابنا كثیر الحدیث، و صحح العلامة حدیثه، و تصحیح حدیثه لا یقصر عن توثیقه.
3- 3. الأخیرین( خ).
4- 4. بفتح الزای و تشدید المیم، بلیدة علی طریق جیحون بین ترمذ و آمل( مراصد الاطلاع).

طوله ثمان و ثمانون درجة و عرضه تسع و ثلاثون ثم یمر إلی أن ینصب (1)

فی بحیرة خوارزم و نهر دجلة مشهور و یخرج من بلاد الروم من شمال میارقین (2)

من تحت حصار ذی القرنین و یذهب من جهة الشمال و المغرب إلی جهة الجنوب و المشرق و یمر بمدینة آمد و الموصل و سرمن رأی و بغداد ثم إلی واسط ثم ینصب فی بحر فارس.

«14»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ یا أَرْضُ ابْلَعِی ماءَكِ وَ یا سَماءُ أَقْلِعِی قَالَتِ الْأَرْضُ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَبْلَعَ مَائِی أَنَا فَقَطْ وَ لَمْ أُومَرْ أَنْ أَبْلَعَ مَاءَ السَّمَاءِ قَالَ فَبَلَعَتِ الْأَرْضُ مَاءَهَا وَ بَقِیَ مَاءُ السَّمَاءِ فَصُیِّرَ بَحْراً حَوْلَ الدُّنْیَا(3).

«15»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام كَرَی بِرِجْلِهِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ وَ لِسَانُ الْمَاءِ یَتْبَعُهُ الْفُرَاتَ وَ دِجْلَةَ وَ نِیلَ مِصْرَ وَ مِهْرَانَ وَ نَهْرَ بَلْخَ فَمَا سَقَتْ أَوْ سُقِیَ مِنْهَا فَلِلْإِمَامِ وَ الْبَحْرُ الْمُطِیفُ بِالدُّنْیَا.

بیان: قال البرجندی نهر مهران هو نهر السند یمر أولا فی ناحیة ملتان ثم یمیل إلی الجنوب و یمر بالمنصورة ثم یمر حتی ینصب فی بحر دیبل من جانب المشرق و هو نهر عظیم و ماؤه فی غایة العذوبة و شبیه بنیل مصر و یكون فیه التمساح كالنیل و قیل إذا وصل إلی موضع طوله مائة و سبع درجات و عرضه ثلاث و عشرون درجة ینقسم إلی شعبتین ینصب إحداهما فی بحر الهند و الأخری تمر و تنصب فیه بعد مسافة أیضا فما سقت أی بأنفسها أو سقی منها أی سقی الناس منها و هذا الخبر رواه فی الفقیه بسند صحیح عن أبی البختری (4)

و زاد فی آخره

ص: 43


1- 1. فی أكثر النسخ: یصب.
2- 2. كذا، و الظاهر أنّه مصحف« میافارقین» اسم مدینة ببلاد الروم.
3- 3. الكافی: ج 1، ص 409.
4- 4. الفقیه: 159.

و هو أفسبكون و لعله من الصدوق فصار سببا للإشكال لأن أفسبكون معرب آبسكون و هو بحر الخزر و یقال له بحر جرجان و بحر طبرستان و بحر مازندران و طوله ثمانمائة میل و عرضه ستمائة میل و ینصب فیه أنهار كثیرة منها نهر آتل (1) و هذا البحر غیر محیط بالدنیا بل محاط بالأرض من جمیع الجوانب و لا یتصل بالمحیط و لعله إنما تكلف ذلك لأنه لا یحصل من المحیط شی ء و هو غیر مسلم و قرأ بعض الأفاضل المطیف بضم المیم و سكون الطاء و فتح الیاء اسم مفعول أو اسم المكان من الطواف و لا یخفی ضعفه فإن اسم المفعول منه مطاف بالضم أو مطوف و اسم المكان كالأول أو مطاف بالفتح و ربما یقرأ مطیف بتشدید الیاء المفتوحة و هو أیضا غیر مستقیم لأنه بالمعنی المشهور واوی فالمفعول من باب التفعیل مطوّف و أیضا كان ینبغی أن یقال المطیف به الدنیا نعم قال فی القاموس طیّف تطییفا و طوف أكثر الطواف انتهی لكن حمله علی هذا أیضا یحتاج إلی تكلف شدید و ما فی الكافی أظهر و أصوب و المعنی أن البحر المحیط بالدنیا أیضا للإمام علیه السلام.

«16»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: شَرُّ الْیَهُودِ یَهُودُ بَیْسَانَ وَ شَرُّ النَّصَارَی نَصَارَی نَجْرَانَ وَ خَیْرُ مَاءٍ نَبَعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ وَ شَرُّ مَاءٍ نَبَعَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ بَرَهُوتَ وَادٍ بِحَضْرَمَوْتَ یَرِدُ عَلَیْهِ هَامُ الْكُفَّارِ وَ صَدَاهُمْ.

بیان: فی القاموس بیسان قریة بالشام و قریة بمرو و موضع بالیمامة و لعل الأول هنا أظهر و نجران موضع بالیمن و فی النهایة فیه لا عدوی و لا هامة الهامة الرأس و اسم طائر و هو المراد فی الحدیث و ذلك أنهم كانوا یتشاءمون بها و هی من طیر اللیل و قیل هی البومة و قیل إن العرب كانت تزعم أن روح القتیل الذی لا یدرك بثأره تصیر هامة فتقول اسقونی اسقونی فإذا أدرك بثأره طارت و قیل كانوا یزعمون أن عظام المیت و قیل روحه تصیر هامة فتطیر و یسمونه الصدی فنفاه الإسلام و نهاهم عنه و فی القاموس الصدی الجسد من الآدمی بعد موته و

ص: 44


1- 1. آمل( خ).

طائر یخرج من رأس المقتول إذا بلی بزعم الجاهلیة.

«17»- كِتَابُ الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ رَفَعَهُ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ أَوَّلِ شَیْ ءٍ ضَجَّ عَلَی الْأَرْضِ قَالَ وَادٍ بِالْیَمَنِ هُوَ أَوَّلُ وَادٍ فَارَ مِنْهُ الْمَاءُ.

«18»- كِتَابُ النَّوَادِرِ، لِعَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ علیه السلام: لَوْ عُدِلَ فِی الْفُرَاتِ لَسَقَی (1)

مَا عَلَی الْأَرْضِ كُلَّهُ.

بیان: یحتمل أن یكون المراد بها الأراضی التی علی شطه و بالقرب منه.

«19»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ مَنْ شَرِبَهُ لِمَرَضٍ شَفَاهُ اللَّهُ أَوْ لِجُوعٍ أَشْبَعَهُ اللَّهُ أَوْ لِحَاجَةٍ قَضَاهَا اللَّهُ.

قال الحكیم الترمذی و حدّثنی أبی قال دخلت الطواف فی لیلة ظلماء فأخذنی من البول ما شغلنی فجعلت أعتصر حتی آذانی و خفت إن خرجت من المسجد أن أطأ بعض تلك الأقذار و ذلك أیام الحاج فذكرت هذا الحدیث فدخلت زمزم فتبلّعت منه فذهب عنی إلی الصباح (2).

«20»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ قَالَ أَرْسَلَ الْبَحْرَیْنِ بَیْنَهُما بَرْزَخٌ قَالَ حَاجِزٌ لا یَبْغِیانِ قَالَ لَا یَخْتَلِطَانِ.

وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْهُ قَالَ: بَحْرُ السَّمَاءِ وَ بَحْرُ الْأَرْضِ یَلْتَقِیَانِ كُلَّ عَامٍ یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قَالَ إِذَا مَطَرَتِ السَّمَاءُ فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ فِی الْبَحْرِ أَفْوَاهَهَا فَمَا وَقَعَ فِیهَا مِنْ قَطْرِ السَّمَاءِ فَهُوَ اللُّؤْلُؤُ(3).

«21»- وَ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ قَالَ: إِذَا نَزَلَ الْقَطْرُ مِنَ السَّمَاءِ تَفَتَّحَتْ لَهُ الْأَصْدَافُ فَكَانَ لُؤْلُؤاً(4).

«22»- وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ: الْمَرْجَانُ عِظَامُ اللُّؤْلُؤِ.

و عن ابن عباس: مثله (5).

ص: 45


1- 1. لاسقی( خ).
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 221.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 142.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 142.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 142.

«23»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ: الْمَرْجَانُ اللُّؤْلُؤُ الصِّغَارُ(1).

«24»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: الْمَرْجَانُ الْخَرَزُ الْأَحْمَرُ(2).

«25»- وَ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِیٍّ عَلَی شَطِّ الْفُرَاتِ فَمَرَّتْ سَفِینَةٌ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِی الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (3).

«26»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ، رَوَی مُقَاتِلٌ عَنْ عِكْرِمَةَ وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَنْزَلَ مِنَ الْجَنَّةِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ سَیْحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ الْهِنْدِ وَ جَیْحُونَ وَ هُوَ نَهَرُ بَلْخَ وَ دِجْلَةَ وَ الْفُرَاتَ وَ هُمَا نَهْرَا الْعِرَاقِ وَ النِّیلَ وَ هُوَ نَهَرُ مِصْرَ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَی مِنْ عَیْنٍ وَاحِدَةٍ وَ أَجْرَاهَا فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلَ فِیهَا مَنَافِعَ لِلنَّاسِ فِی أَصْنَافِ مَعَایِشِهِمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (4).

«27»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ أَوِ الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَنْهَارِ(5)

فَتَبَسَّمَ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَعَثَ جَبْرَئِیلَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَخْرِقَ بِإِبْهَامِهِ ثَمَانِیَةَ أَنْهَارٍ فِی الْأَرْضِ مِنْهَا سَیْحَانُ وَ جَیْحَانُ وَ هُوَ نَهَرُ بَلْخَ وَ الْخشوعُ وَ هُوَ نَهَرُ الشَّاشِ وَ مِهْرَانُ وَ هُوَ نَهَرُ الْهِنْدِ وَ نِیلُ مِصْرَ وَ دِجْلَةُ وَ الْفُرَاتُ فَمَا سَقَتْ أَوِ اسْتَقَتْ فَهُوَ لَنَا وَ مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِشِیعَتِنَا وَ لَیْسَ

لِعَدُوِّنَا مِنْهُ شَیْ ءٌ إِلَّا مَا غَصَبَ عَلَیْهِ وَ إِنَّ وَلِیَّنَا لَفِی أَوْسَعَ مِمَّا بَیْنَ ذِهْ إِلَی ذِهْ یَعْنِی بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ هِیَ لِلَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا الْمَغْصُوبِینَ عَلَیْهَا خالِصَةً لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ بِلَا غَصْبٍ.

توضیح: لعل التبسّم لأجل من التبعیضیة یخرق كینصر و یضرب أی

ص: 46


1- 1. الدّر المنثور: ج 6 ص 142.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6 ص 142.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 143.
4- 4. مجمع البیان: ج 7، ص 102.
5- 5. فی المصدر: الأرض.

یشقّ و یحفر و منهم من حمل الكلام علی الاستعارة التمثیلیة لبیان أن حدوث الأنهار و نحوها مستندة إلی قدرة اللّٰه تعالی ردا علی الفلاسفة الذین یسندونها إلی الطبائع و فی أكثر النسخ هنا جیحان بالألف و فی بعضها بالواو و هو أصوب لما عرفت أن نهر بلخ بالواو و علی الأول إن كان التفسیر من بعض الرواة فیمكن أن یكون اشتباها منه و لو كان من الإمام علیه السلام و صح الضبط كان الاشتباه من اللغویین و الشاش بلد بما وراء النهر كما فی القاموس و نهره علی ما ذكره البرجندی بقدر ثلثی الجیحون و منبعه من بلاد الترك من موضع عرضه اثنتان و أربعون درجة و طوله إحدی و سبعون درجة و یمر إلی المغرب مائلا إلی الجنوب إلی خجند ثم إلی فاراب ثم ینصب فی بحیرة خوارزم و تسمیته بالخشوع غیر مذكور فیما رأینا من كتب اللغة و غیرها فما سقت أی سقته من الأشجار و الأراضی و الزروع أو استقت أی منه أی أخذت الأنهار منه و هو بحر المطیف بالدنیا أو بحر السماء فالمقصود أن أصلها و فرعها لنا أو ضمیر استقت راجع إلی ما باعتبار تأنیث معناه و التقدیر استقت منها و ضمیر منها المقدر للأنهار فالمراد بما سقت ما جرت علیها من غیر عمل و بما استقت ما شرب منها بعمل كالدولاب و شبهه و نسبة الاستسقاء(1)

إلیها علی المجاز كذا خطر بالبال و هو أظهر و قیل ضمیر استقت راجع إلی الأنهار علی الإسناد المجازی لأن الاستقاء فعل لمن یخرج الماء منها بالحفر و الدولاب یقال استقیت من البئر أی أخرجت الماء منها و بالجملة یعتبر فی الاستقاء ما لا یعتبر فی السقی من الكسب و المبالغة فی الاعتمال إلا ما غصب علیه علی بناء المعلوم و الضمیر للعدو أی غصبنا علیه أو علی بناء المجهول أی إلا شی ء صار مغصوبا علیه یقال غصبه علی الشی ء أی قهره و الاستثناء منقطع إن كان اللام للاستحقاق و إن كان للانتفاع فالاستثناء متصل و ذه إشارة إلی المؤنث أصلها ذی قلبت الیاء هاء المغصوبین علیها الحاصل أن خالصة حال مقدرة من قبیل قولهم جاءنی زید صائدا صقره غدا قال فی مجمع البیان قال ابن عباس یعنی أن المؤمنین یشاركون المشركین فی الطیبات فی الدنیا ثم یخلص اللّٰه

ص: 47


1- 1. الاستقاء( ظ).

الطیبات فی الآخرة للذین آمنوا و لیس للمشركین فیها شی ء(1) انتهی.

ثم اعلم أنه علیه السلام ذكر فی الأول ثمانیة و إنما ذكر فی التفصیل سبعة فیحتمل أن یكون ترك واحدا منها لأنه لم یكن فی مقام تفصیل الجمیع بل قال منها سیحان الخبر و قیل لما كان سیحان اسما لنهرین نهر بالشام و نهر بالبصرة أراد هنا كلیهما من قبیل استعمال المشترك فی معنییه و هو بعید و لعله سقط واحد منها من الرواة و كأنه كان جیحان و جیحون فظن بعض النساخ و الرواة زیادة أحدهما فأسقطه و حینئذ یستقیم التفسیر أیضا.

فائدة قال النیسابوری فی تفسیر قوله تعالی وَ الْفُلْكِ الَّتِی تَجْرِی فِی الْبَحْرِ بِما یَنْفَعُ النَّاسَ قد سلف أن الماء المحیط(2) بأكثر جوانب القدر المعمور من الأرض فذلك هو البحر المحیط و قد دخل فی ذلك الماء من جانب الجنوب متصلا بالمحیط الشرقی و منقطعا عن الغربی إلی وسط العمارة أربعة خلیجات الأول إذا ابتدأ من المغرب الخلیج البربری لكونه فی حدود بربر من أرض الحبشة طوله من الجنوب إلی الشمال مائة و ستون فرسخا و عرضه خمسة و ثلاثون فرسخا و علی ضلعه الغربی بلاد كفار الحبشة و بعض الزنج و علی الشرقی بلاد مسلمی الحبشة و الثانی الخلیج الأحمر طوله من الجنوب إلی الشمال أربعمائة و ستون فرسخا و عرضه بقرب منتهاه ستون فرسخا و بین طرفه و فسطاط مصر الذی علی شرق النیل مسیرة ثلاثة أیام علی البر و علی ضلعه الغربی بعض بلاد البربر و بعض بلاد الحبشة و علی ضلعه الشرقی سواحل علیها فرضه مدینة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله لقوافل مصر و الحبشة إلی الحجاز ثم سواحل الیمن ثم عدن علی الذؤابة الشرقیة منه الثالث خلیج فارس طوله من الجنوب إلی الشمال أربعمائة و ستون فرسخا و عرضه قریب من مائة و ثمانین فرسخا و علی سواحل ضلعه الغربی بلاد عمان و لهذا ینسب البحر هناك إلیها و جملة ولایة الغرب و إحیائهم من الحجاز و الیمن و الطائف و غیرها و بوادیهم بین الضلع الغربی من هذا

ص: 48


1- 1. مجمع البیان: ج 4، ص 413.
2- 2. محیط( ظ).

البحر و الشرقی من الخلیج الأحمر فلهذا سمیت العمارة الواقعة بینهما جزیرة العرب و فیها مكة زادها اللّٰه شرفا و علی سواحل ضلعه الشرقی بلاد فارس ثم هرموز ثم مكران ثم سواحل السند الرابع الخلیج الأخضر مثلث الشكل آخذ من الجنوب إلی الشمال ضلعه الشرقی بلاد فارس ثم هرموز ثم مكران متصل بالمحیط الشرقی و ضلعه الغربی خمسمائة فرسخ تقریبا و علی سواحل هذا الضلع ولایات الصین و لهذا یسمی بحر الصین و من زاویته الغربیة إلی زاویة من بحر فارس یسمی بحر الهند لكون بعض ولایتهم علی سواحله و أیضا فقد دخل إلی العمارة من جانب الغرب خلیج عظیم یمر من جانب الجنوب علی كثیر من بلاد المغرب و یحاذی أرض السودان و ینتهی إلی بلاد مصر و الشام و من جانب الشمال علی بلاد الروس و الجلالقة و الصقالبة إلی بلاد الروم و الشام و یتشعب منه شعبة من شمال أرض الصقالبة إلی أرض مسلمی بلغار یسمی بحر ورنك طوله المعلوم مائة فرسخ و عرضه ثلاث و ثلاثون و إذا جاوز تلك النواحی امتد نحو المشرق عما وراء جبال غیر مسلوكة و أرض غیر مسكونة و تتشعب (1) منه أیضا شعبة یسمی بحر طرابزون فهذه هی البحار المتصلة بالمحیط و أما غیر المتصلة فأعظمها بحر طبرستان و جیلان و باب الأبواب و الخزر و أبسیكون (2) لكون هذه الولایات علی سواحله مستطیل الشكل آخذ من المشرق إلی المغرب بأكثر من مائتین و خمسین فرسخا و من الجنوب إلی الشمال بقرب من مائتین و من عجائب البحار الحیوانات المختلفة الأعظام و الأنواع و الأصناف و منها الجزائر الواقعة فیها فقد یقال فی بحر الهند من الجزائر العامرة ألف و ثلاثمائة و سبعون منها جزیرة عظیمة فی أقصی البحر مقابل أرض الهند فی ناحیة المشرق و عند بلاد الصین تسمی جزیرة سراندیب (3)

دورها ثلاثة آلاف میل فیها جبال عظیمة و أنهار كثیرة و منها یخرج الیاقوت الأحمر و حول هذه الجزیرة تسع عشرة جزیرة عامرة فیها مدائن

ص: 49


1- 1. تنشعب( خ)،.
2- 2. آبسكون( خ).
3- 3. سرندیب( خ).

و قری كثیرة و من جزائر هذا البحر جزیرة كله التی یجلب منها الرصاص القلعی و جزیرة سریرة التی یجلب منها الكافور و غرائب البحر كثیرة و لهذا قیل حدث عن البحر و لا حرج و سئل بعض العقلاء ما رأیت من عجائب البحر قال سلامتی منه.

تتمة قالت الحكماء فی سبب انفجار العیون من الأرض أن البخار إذا احتبس فی داخل من الأرض لما فیها من ثقب و فرج یمیل إلی جهة فیبرد بها فینقلب میاها مختلطة بأجزاء بخاریة فإذا كثر لوصول مدد متدافع إلیه بحیث لا تسعه الأرض أوجب انشقاق الأرض و انفجرت منها العیون أما الجاریة علی الولاء فهی إما لدفع تالیها سابقها أو لانجذابه إلیه لضرورة عدم الخلاء بأن یكون البخار الذی انقلب ماء و فاض إلی وجه الأرض ینجذب إلی مكانه ما یقوم مقامه لئلا یكون خلاء فینقلب هو أیضا ماء و یفیض و هكذا استتبع كل جزء منه جزء آخر و أما العیون الراكدة فهی حادثة من أبخرة لم تبلغ من كثرة موادها و قوتها أن یحصل منها معاونة شدیدة أو یدفع اللاحق السابق و أما میاه القنی (1) و الآبار فهی متولدة من أبخرة ناقصة القوة عن أن یشق الأرض فإذا أزیل ثقل الأرض عن وجهها صادفت منفذا تندفع إلیه بأدنی حركة فإن لم یجعل هناك مسیل فهو البئر و إن جعل فهو القناة و نسبة القنی إلی الآبار كنسبة العیون السیالة إلی الراكدة و یمكن أن تكون هذه المیاه متولدة كما قاله أبو البركات البغدادی من أجزاء مائیة متولدة من أجزاء متفرقة فی ثقب أعماق الأرض و منافذها إذا اجتمعت بل هذا أولی لكون میاه العیون و الآبار و القنوات تزید بزیادة الثلوج و الأمطار قال الشیخ فی النجاة و هذه الأبخرة إذا انبعثت عیونا أمدت البحار بصب الأنهار إلیها ثم ارتفع من البحار و البطائح و الأنهار و بطون الجبال خاصة أبخرة أخری ثم قطرت ثانیا إلیها فقامت بدل ما یتحلل منها علی الدور دائما.

ص: 50


1- 1. القنی و القناء- بكسر القاف فیهما-: جمع القناة، و هی ما یحفر من الأرض لیجری فیها الماء.

باب 31 الأرض و كیفیتها و ما أعدّ اللّٰه للناس فیها و جوامع أحوال العناصر و ما تحت الأرضین

الآیات:

البقرة: یا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِی خَلَقَكُمْ وَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (1)

الرعد: وَ هُوَ الَّذِی مَدَّ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ فِیها رَواسِیَ وَ أَنْهاراً وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِیها زَوْجَیْنِ اثْنَیْنِ یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَكَّرُونَ وَ فِی الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَ جَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَ زَرْعٌ وَ نَخِیلٌ صِنْوانٌ وَ غَیْرُ صِنْوانٍ یُسْقی بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلی بَعْضٍ فِی الْأُكُلِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (2)

إبراهیم: اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِیَ فِی الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَیْنِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ(3)

الحجر: وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَیْنا فِیها رَواسِیَ وَ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْزُونٍ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِیها مَعایِشَ وَ مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِینَ (4)

النحل: هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِیهِ تُسِیمُونَ

ص: 51


1- 1. البقرة: 21- 22.
2- 2. الرعد: 3- 4.
3- 3. إبراهیم: 32- 34.
4- 4. الحجر: 19- 20.

یُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّیْتُونَ وَ النَّخِیلَ وَ الْأَعْنابَ وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَتَفَكَّرُونَ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ وَ ما ذَرَأَ لَكُمْ فِی الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَذَّكَّرُونَ وَ هُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِیًّا وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُونَها وَ تَرَی الْفُلْكَ مَواخِرَ فِیهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ وَ أَنْهاراً وَ سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ إلی قوله تعالی وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِیمٌ (1)

الكهف: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا(2)

طه: لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّری (3) و قال تعالی الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ سَلَكَ لَكُمْ فِیها سُبُلًا وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّی كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِأُولِی النُّهی مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری (4)

الأنبیاء: وَ جَعَلْنا فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنا فِیها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُونَ (5)

الشعراء: أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلَی الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِیمٍ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِینَ (6) و قال تعالی أَ تُتْرَكُونَ فِی ما هاهُنا آمِنِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِیمٌ وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً فارِهِینَ (7)

ص: 52


1- 1. النحل: 10- 18.
2- 2. الكهف: 7.
3- 3. طه: 6.
4- 4. طه: 53- 55.
5- 5. الأنبیاء: 31.
6- 6. الشعراء: 7- 8.
7- 7. الشعراء: 146- 149.

النمل: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ یَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَ جَعَلَ لَها رَواسِیَ وَ جَعَلَ بَیْنَ الْبَحْرَیْنِ حاجِزاً أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ (1)

لقمان: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ وَ بَثَّ فِیها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِیمٍ هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِی ما ذا خَلَقَ الَّذِینَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ (2)

فاطر: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِیضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَ غَرابِیبُ سُودٌ وَ مِنَ النَّاسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ غَفُورٌ(3)

یس: وَ آیَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَیْتَةُ أَحْیَیْناها وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ یَأْكُلُونَ وَ جَعَلْنا فِیها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِیلٍ وَ أَعْنابٍ وَ فَجَّرْنا فِیها مِنَ الْعُیُونِ لِیَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَ ما عَمِلَتْهُ أَیْدِیهِمْ أَ فَلا یَشْكُرُونَ سُبْحانَ الَّذِی خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ (4)

المؤمن: اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَ السَّماءَ بِناءً(5)

السجدة: وَ مِنْ آیاتِهِ أَنَّكَ تَرَی الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَیْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ إِنَّ الَّذِی أَحْیاها لَمُحْیِ الْمَوْتی إِنَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(6)

حمعسق: وَ مِنْ آیاتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَثَّ فِیهِما مِنْ دابَّةٍ وَ هُوَ عَلی

ص: 53


1- 1. النمل: 60- 61.
2- 2. لقمان: 10- 11.
3- 3. فاطر: 27- 28.
4- 4. یس: 33- 36.
5- 5. المؤمن: 64.
6- 6. فصّلت: 39.

جَمْعِهِمْ إِذا یَشاءُ قَدِیرٌ(1)

الزخرف: الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَ جَعَلَ لَكُمْ فِیها سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (2)

الجاثیة: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً مِنْهُ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَكَّرُونَ (3)

ق: وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها وَ أَلْقَیْنا فِیها رَواسِیَ وَ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ تَبْصِرَةً وَ ذِكْری لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِیبٍ (4)

الذاریات: وَ الْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ وَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَیْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (5)

الرحمن: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ فِیها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّیْحانُ فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (6)

الحدید: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَیَّنَّا لَكُمُ الْآیاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (7)

الطلاق: اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ یَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَیْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عِلْماً(8)

الملك: هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِی مَناكِبِها وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَیْهِ النُّشُورُ(9)

ص: 54


1- 1. الشوری: 29.
2- 2. الزخرف: 10.
3- 3. الجاثیة: 13.
4- 4. ق: 7- 8.
5- 5. الذاریات: 48- 49.
6- 6. الرحمن: 10- 13.
7- 7. الحدید: 17.
8- 8. الطلاق: 12.
9- 9. الملك: 15.

نوح: وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً(1)

المرسلات: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً وَ جَعَلْنا فِیها رَواسِیَ شامِخاتٍ وَ أَسْقَیْناكُمْ ماءً فُراتاً وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِینَ (2)

النبأ: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَ الْجِبالَ أَوْتاداً وَ خَلَقْناكُمْ أَزْواجاً وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً وَ بَنَیْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَ نَباتاً وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً(3)

الطارق: وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (4)

الغاشیة: أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ وَ إِلَی السَّماءِ كَیْفَ رُفِعَتْ وَ إِلَی الْجِبالِ كَیْفَ نُصِبَتْ وَ إِلَی الْأَرْضِ كَیْفَ سُطِحَتْ (5)

الشمس: وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها(6)

تفسیر:

الَّذِی خَلَقَكُمْ قیل إنه تعالی عدّد فی هذا المقام علیهم خمسة دلائل اثنین من الأنفس و هما خلقهم و خلق أصولهم و ثلاثة من الآفاق بجعل الأرض فراشا و السماء بناء و الأمور الحاصلة من مجموعهما و هی إنزال الماء من السماء و إخراج الثمرات بسببه و سبب هذا الترتیب ظاهر لأن أقرب الأشیاء إلی الإنسان نفسه ثم مأمنه و منشؤه و أصله ثم الأرض التی هی مكانه و مستقرّه یقعدون علیها و ینامون و یتقلّبون كما یتقلّب أحدهم علی فراشه ثم السماء التی كالقبّة المضروبة و الخیمة المبنیة علی هذا القرار ثم ما یحصل من شبه الازدواج بین المقلّة و المظلّة من إنزال الماء علیها و الإخراج به من بطنها أشباه النسل من الحیوان ألوان الغذاء

ص: 55


1- 1. نوح: 19- 20.
2- 2. المرسلات: 25- 28.
3- 3. النبأ: 6- 16.
4- 4. الطارق: 12.
5- 5. الغاشیة: 17- 20.
6- 6. الشمس: 6.

و أنواع الثمار رزقا لبنی آدم و أیضا خلق المكلفین أحیاء قادرین أصل لجمیع النعم و أما خلق الأرض و السماء فذلك إنما ینتفع به بشرط حصول الخلق و الحیاة و القدرة و الشهوة و ذكر الأصول مقدّم علی ذكر الفروع و أیضا كل ما كان فی السماء و الأرض من الدلائل علی وجود الصانع فهو حاصل فی الإنسان بزیادة الحیاة و القدرة و الشهوة و العقل و لما كانت وجوه الدلالة فیه أتم كان تقدیمه فی الذكر أهم.

و الفراش اسم لما یفرش كالبساط لما یبسط و لیس من ضرورات الافتراش أن یكون سطحا مستویا كالفراش علی ما ظنّ فسواء كانت كذلك و علی شكل الكرة فالافتراش غیر مستنكر و لا مدفوع لعظم جرمها و تباعد أطرافها و لكنه لا یتم الافتراش علیها ما لم تكن ساكنة فی حیزها الطبیعی و هو وسط الأفلاك لأن الأثقال بالطبع تمیل إلی تحت كما أن الخفاف بالطبع تمیل إلی فوق و الفوق من جمیع الجوانب ما یلی السماء و التحت ما یلی المركز فكما أنه یستبعد حركة الأرض فی ما یلینا إلی جهة السماء فكذلك یستبعد هبوطها فی مقابلة ذلك لأن ذلك الهبوط صعود أیضا إلی السماء فإذن لا حاجة فی سكون الأرض و قرارها فی حیزها إلی علاقة من فوقها و لا إلی دعامة من تحتها بل یكفی فی ذلك ما أعطاها خالقها و ركز فیها من المیل الطبیعی إلی الوسط الحقیقی بقدرته و اختیاره إِنَّ اللَّهَ یُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ و مما من اللّٰه علی عباده فی خلق الأرض أن لم تجعل فی غایة الصلابة كالحجر و لا فی غایة اللین و الانغمار كالماء لیسهل النوم و

المشی علیها و أمكنت الزراعة و اتخاذ الأبنیة منها و یتأتی حفر الآبار و إجراء الأنهار و منها أن لم تخلق فی نهایة اللطافة و الشفیف لتستقر الأنوار علیها و تتسخن منها فیمكن جوازها(1).

و منها أن جعلت بارزة بعضها من الماء مع أن طبعها الغوص فیها لتصلح لتعیش الحیوانات البریة علیها و سبب انكشاف ما برز منها و هو قریب من ربعها إن لم تخلق صحیحة الاستدارة بل خلقت هی و الماء بمنزلة كرة واحدة یدل علی ذلك فی ما بین الخافقین

ص: 56


1- 1. جوارها( خ).

تقدم طلوع الكواكب و غروبها للمشرقیین علی طلوعها و غروبها للمغربیین و فی ما بین الشمال و الجنوب ازدیاد ارتفاع القطب الظاهر و انحطاط الخفی للواغلین فی الشمال و بالعكس للواغلین فی الجنوب و تركب الاختلافین لمن یسیر علی سمت بین السمتین إلی غیر ذلك من الأعراض الخاصة بالاستدارة یستوی فی ذلك راكب البر و راكب البحر و هذه الجبال و إن شمخت لا تخرجها عن أصل الاستدارة لأنها بمنزلة الخشونة القادحة فی ملاسة الكرة لا فی استدارتها.

و منها الأشیاء المتولدة فیها من المعادن و النبات و الحیوان و الآثار العلویة و السفلیة و لا یعلم تفاصیلها إلا موجدها و منها اختلاف بقاعها فی الرخاوة و الصلابة و الدماثة و الوعورة بحسب اختلاف الحاجات و الأغراض وَ فِی الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ و منها اختلاف ألوانها وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِیضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَ غَرابِیبُ سُودٌ و منها انصداعها بالنبات وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ و منها جذبها للماء المنزل من السماء وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ و منها العیون و الأنهار العظام التی فیها وَ الْأَرْضَ مَدَدْناها و منها أن لها طبع الكرم و السماحة تأخذ واحدة و ترد سبعمائة كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِی كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ و منها حیاتها و موتها وَ آیَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَیْتَةُ أَحْیَیْناها و منها الدواب المختلفة وَ بَثَّ فِیها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ و منها النباتات المتنوعة وَ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ فاختلاف ألوانها دلالة و اختلاف طعومها دلالة و اختلاف روائحها دلالة فمنها قوت البشر و منها قوت البهائم كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ و منها الطعام و منها الإدام و منها الدواء و منها الفواكه و منها كسوة البشر نباتیة كالقطن و الكتان و حیوانیة كالشعر و الصوف و الإبریسم و الجلود و منها الأحجار المختلفة بعضها للزینة و بعضها للأبنیة فانظر إلی الحجر الذی تستخرج منه النار مع كثرته و انظر إلی الیاقوت الأحمر مع عزته و انظر إلی كثرة النفع بذلك الحقیر و قلة النفع بهذا الخطیر و منها ما أودع اللّٰه تعالی فیها من المعادن الشریفة كالذهب و الفضة.

ثم تأمل أن البشر استنبطوا الحرف الدقیقة و الصنائع الجلیلة و استخرجوا

ص: 57

السمك من قعر البحر و استنزلوا الطیر من أوج الهواء و عجزوا عن اتخاذ الذهب و الفضة و السبب فیه أن معظم فائدتهما ترجع إلی الثمنیة و هذه الفائدة لا تحصل إلا عند العزة و القدرة علی اتخاذهما تبطل هذه الحكمة فلذلك ضرب اللّٰه دونهما بابا مسدودا و من هاهنا اشتهر فی الألسنة من طلب المال بالكیمیاء أفلس.

و منها ما یوجد علی الجبال و الأراضی من الأشجار الصالحة للبناء و السقف و الحطب و ما اشتد إلیه الحاجة فی الخبز و الطبخ و لعل ما تركناه من الفوائد أكثر مما عددناه فإذا تأمل العاقل فی هذه الغرائب و العجائب اعترف بمدبر حكیم و مقدر علیم إن كان ممن یسمع و یبصر و یعتبر.

و أما منافع السماء فإن اللّٰه تعالی زینها بمصابیح وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ و بالقمر وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً و بالشمس وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً و بالعرش رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ و بالكرسی وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ و باللوح فِی لَوْحٍ مَحْفُوظٍ و بالقلم ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ و سماها سقفا محفوظا و سبعا طباقا و سبعا شدادا و ذكر أن خلقها مشتمل علی حكم بلیغة و غایات صحیحة رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِینَ كَفَرُوا و جعلها مصعد الأعمال و مهبط الأنوار و قبلة الدعاء و محل الضیاء و الصفاء و جعل لونها أنقع الألوان و هو المستنیر و شكلها أفضل الأشكال و هو المستدیر و نجومها رجوما للشیاطین و علامات یهتدی بها فی ظلمات البر و البحر و قیض للشمس طلوعا و سهل معه التقلب لقضاء الأوطار فی الأطراف و غروبا یصلح معه الهدء و القرار فی الأكناف لتحصیل الراحة و انبعاث القوة الهاضمة و تنفیذ الغذاء إلی الأعضاء و أیضا لو لا الطلوع لانجمدت المیاه و غلبت البرودة و الكثافة و أفضت إلی جمود الحرارة الغریزیة و انكسار سورتها و لو لا الغروب لحمیت الأرض حتی یحترق كل من علیها من حیوان و نبات فهی بمنزلة السراج یوضع لأهل بیت بمقدار حاجتهم ثم یرفع عنهم لیستقروا و یستریحوا فصار النور و الظلمة مع تضادهما متظاهرین علی ما فیه صلاح قطان الأرض.

ص: 58

و أما ارتفاع الشمس و انحطاطها فقد جعله اللّٰه تعالی سببا لإقامة الفصول الأربعة ففی الشتاء تغور الحرارة فی الشجر و النبات فیتولد منه مواد الثمار و یستكثف الهواء فیكثر السحاب و المطر و تقوی أبدان الحیوانات بسبب احتقان الحرارة الغریزیة فی البواطن و فی الربیع تتحرك الطبائع و تظهر المواد المتولدة فی الشتاء و ینور الشجر و یهیج الحیوان للسفاد و فی الصیف یحتدم الهواء فتنضج الثمار و تتحلل فضول الأبدان و یجف وجه الأرض و یتهیأ للعمارة و الزراعة و فی الخریف یظهر البرد و الیبس فتدرك الثمار و تستعد الأبدان قلیلا قلیلا للشتاء.

و أما القمر فهو تلو الشمس و خلیفتها و به یعلم عدد السنین و الحساب و تضبط المواقیت الشرعیة و منه یحصل النماء و الرواء و قد جعل اللّٰه فی طلوعه مصلحة و فی غیبته مصلحة یحكی أن أعرابیا نام عن جمله لیلا ففقده فلما طلع القمر وجده فنظر إلی القمر و قال إن اللّٰه صورك و نورك و علی البروج دورك فإذا شاء نورك و إذا شاء كورك فلا أعلم مزیدا أسأله لك فإن أهدیت إلی سرورا فقد أهدی اللّٰه إلیك نورا ثم أنشأ فی ذلك أبیاتا.

و قال الجاحظ إذا تأملت فی هذا العالم وجدته كالبیت المعد فیه كل ما یحتاج إلیه فالسماء مرفوعة كالسقف و الأرض ممدودة كالبساط و النجوم منضودة كالمصابیح و الإنسان كما لك البیت المتصرف فیه و ضروب النبات مهیأة لمنافعه و صنوف الحیوان متصرفة فی مصالحه فهذه جملة واضحة دالة علی أن العالم مخلوق بتدبیر كامل و تقدیر شامل و حكمة بالغة و قدرة غیر متناهیة.

ثم إنهم اختلفوا فی أن السماء أفضل أم الأرض قال بعضهم السماء أفضل لأنها معبد الملائكة و ما فیها بقعة عصی اللّٰه فیها و لما أتی آدم بالمعصیة أهبط من الجنة و قال اللّٰه لا یسكن فی جواری من عصانی و قال تعالی وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً و قال تَبارَكَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّماءِ بُرُوجاً و ورد فی الأكثر ذكر السماء مقدما علی ذكر الأرض و السماوات مؤثرة و الأرضیات متأثرة و المؤثر أشرف من المتأثر.

ص: 59

و قال آخرون بل الأرض أفضل لأنه تعالی وصف بقاعا من الأرض بالبركة إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبارَكاً و فِی الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی الَّذِی بارَكْنا حَوْلَهُ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِی بارَكْنا فِیها یعنی أرض الشام و وصف جملة الأرض بالبركة وَ بارَكَ فِیها وَ قَدَّرَ فِیها أَقْواتَها فِی أَرْبَعَةِ أَیَّامٍ فإن قیل أی بركة فی المفاوز المهلكة قلت إنها مساكن الوحوش و مراعیها و مساكن الناس إذا احتاجوا إلیها و مساكن خلق لا یعلمهم إلا اللّٰه تعالی فلهذه البركات قال فِی الْأَرْضِ آیاتٌ لِلْمُوقِنِینَ تشریفا لهم لأنهم هم المنتفعون بها كما قال هُدیً لِلْمُتَّقِینَ و خلق الأنبیاء منها مِنْها خَلَقْناكُمْ و أودعهم فیها وَ فِیها نُعِیدُكُمْ و أكرم نبیه المصطفی فجعل الأرض كلها له مسجدا و طهورا.

و معنی إخراج الثمرات بالماء و إنما خرجت بقدرته و مشیته أنه جعل الماء سببا فی خروجها و مادة لها كالنطفة فی خلق الولد و هو قادر علی إنشاء الأشیاء بلا أسباب و مواد كما أنشأ نفوس الأسباب و المواد و لكن له فی هذا التدریج و التسبیب حكما یتبصر بها من یستبصر و یتفطن لها من یعتبر و من فی مِنَ الثَّمَراتِ للتبعیض كما أنه قصد بتنكیر السَّماءَ و رِزْقاً معنی البعضیة فكأنه قیل و أنزلنا من السماء بعض الماء فأخرجنا به بعض الثمرات لیكون بعض رزقكم و یجوز أن یكون للبیان كقولك أنفقت من الدراهم ألفا و الند المثل المناوی وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ حال من ضمیر فَلا تَجْعَلُوا و مفعول تَعْلَمُونَ مطروح أی حالكم أنكم من أهل العلم و النظر و أصابه الرأی فلو تأملتم أدنی تأمل اضطر عقلكم إلی إثبات موجد للممكنات منفرد بوجود الذات متعال عن مشابهة المخلوقات أو منوی و هو أنها لا تماثله و لا تقدر علی مثل ما یفعله.

وَ هُوَ الَّذِی مَدَّ الْأَرْضَ قال الرازی أی جعل الأرض (1) بذلك المقدار المعین الحاصل لا أزید و لا أنقص و الدلیل علیه هو أن كون الأرض أزید مقدارا مما هو الآن أو أنقص منه أمر جائز فاختصاصه بذلك المقدار المعین لا بد و أن یكون

ص: 60


1- 1. فی المصدر: مختصة بذلك ....

بتخصیص مخصص و بتقدیر مقدر و قال أبو بكر الأصم المد البسط إلی ما یدرك منتهاه أی جعل حجمها عظیما و إلا لما كمل الانتفاع بها و قال قوم كانت الأرض مدورة فمدها و دحاها من مكة من تحت البیت فذهبت كذا و كذا و هذا إنما یتم إذا كانت الأرض مسطحة لا كرة و هو خلاف ما ثبت بالدلیل و مد الأرض لا ینافی كونها كرة و لأن الكرة إذا كانت فی غایة الكبر كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح (1).

وَ جَعَلَ فِیها رَواسِیَ أی جبالا ثابتة باقیة فی أحیازها غیر منتقلة عن أمكنتها و الاستدلال بها علی وجود الصانع القادر الحكیم من وجوه الأول أن طبیعة الأرض طبیعة واحدة فحصول الجبل فی بعض جوانبها دون البعض لا بد و أن یكون بتخلیق القادر الحكیم قال (2)

الفلاسفة هذه الجبال إنما تولدت لأن البحار كانت فی هذا الجانب من العالم فكان یتولد من البحر طین لزج ثم یقوی تأثیر الشمس فیها فینقلب حجرا كما نشاهد فی كوز الفقاع ثم إن الماء كان یغور و یقل فیتحجر البقیة فلهذا السبب تولدت هذه الجبال قالوا و إنما كانت البحار حاصلة فی هذا الجانب من العالم لأن أوج الشمس و حضیضها متحركان ففی الدهر الأقدم كان حضیض الشمس فی جانب الشمال و الشمس متی كانت فی حضیضها كانت أقرب إلی الأرض فكان التسخین أقوی و شدة السخونة توجب انجذاب الرطوبات فحین كان الحضیض فی جانب الشمال كانت البحار فی جانب الشمال و الآن لما انتقل الأوج إلی جانب الشمال و الحضیض إلی جانب الجنوب انتقلت البحار إلی جانب الجنوب فبقیت هذه الجبال فی الشمال هذا حاصل كلام القوم فی هذا الباب و هو ضعیف من وجوه الأول أن حصول الطین فی البحر أمر عام فلم حصل الجبل فی بعض الجوانب دون بعض (3).

الثانی هو أنا نشاهد فی بعض الجبال كأن تلك الأحجار موضوعة سافا(4)

ص: 61


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 19، ص 2( ملخصا).
2- 2. فی المصدر: قالت.
3- 3. فی المصدر: البعض.
4- 4. الساف و السافة- بالفاء: الصف من الطین و اللبن.

فسافا كان البناء بناه من لبنات كثیرة موضوع بعضها علی بعض و یبعد حصول مثل هذا التركیب من السبب الذی ذكروه.

الثالث أن أوج الشمس الآن قریب من أول السرطان فعلی هذا من الوقت الذی انتقل أوج الشمس إلی الجانب الشمالی مضی قریبا من تسعة آلاف سنة و بهذا التقدیر إن الجبال كانت فی هذه المدة الطویلة فی التفتت فوجب أن لا یبقی من الأحجار شی ء لكن لیس الأمر كذلك فعلمنا أن السبب الذی ذكروه ضعیف.

و الوجه الثانی من الاستدلال بأحوال الجبال علی وجود الصانع ذی الجلال ما یحصل فیها من معادن الفلزات السبعة و مواضع الجواهر النفیسة و قد یحصل منها معادن الزاجات و الأملاح و قد تحصل معادن النفط و القیر و الكبریت فكون الأرض واحدة

فی الطبیعة و كون الجبل واحدا فی الطبیعة(1)

و كون تأثیر الشمس واحدا فی الكل یدل دلالة ظاهرة علی أن الكل بتقدیر قادر قاهر متعال عن مشابهة الممكنات و المحدثات.

و الوجه الثالث أن بسببها تتولد الأنهار علی وجه الأرض و ذلك لأن الحجر جسم صلب فإذا تصاعدت الأبخرة من قعر الأرض و وصلت إلی الجبل احتبست هناك و لا یزال یتكامل الأمر(2)

فیحصل تحت الجبال میاه كثیرة ثم إنها لكثرتها و قوتها تنقب (3)

و تخرج و تسیل علی وجه الأرض فمنفعة الجبال فی تولد الأنهار هو من هذا الوجه و لهذا السبب فی أكثر الأمر أینما ذكر اللّٰه تعالی الجبال قرن بها ذكر الأنهار مثل هذه الآیة و مثل قوله وَ جَعَلْنا فِیها رَواسِیَ شامِخاتٍ وَ أَسْقَیْناكُمْ ماءً فُراتاً ثم استدل سبحانه بعجائب خلقة النبات بقوله وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إلخ فإن الحبة إذا وقعت (4) فی أرض و أثرت فیها نداوة الأرض ربت و كبرت و بسبب

ص: 62


1- 1. فی المصدر: الطبع.
2- 2. فی المصدر: فلا تزال تتكامل فیحصل ....
3- 3. فیه: تثقب.
4- 4. فیه: وضعت.

ذلك ینشق أعلاها و أسفلها فیخرج من الشق الأعلی الشجرة الصاعدة و من الشق الأسفل العروق الغائصة فی أسفل الأرض و هذا من العجائب (1) أن طبیعة تلك الحبة واحدة و تأثیر الطبائع و الأفلاك و الكواكب فیها واحد ثم إنه خرج من الجانب الأعلی من تلك الحبة جرم صاعد إلی الهواء و من الجانب الأسفل منه جرم غائص فی الأرض و من المحال أن یتولد من الطبیعة الواحدة طبیعتان متضادتان فعلمنا أن ذلك كان بسبب تدبیر المدبر الحكیم و المقدر القدیم لا بسبب الطبع و الخاصیة. ثم إن الشجرة النابتة فی تلك الحبة بعضها یكون خشبة و بعضها نورا و بعضها ثمرة ثم إن تلك الثمرة أیضا تحصل فیها أجسام مختلفة الطبائع فالجوز له أربعة أنواع من القشور القشر الأعلی و تحته القشرة الخشبیة و تحته القشرة المحیطة باللب و تحت تلك القشرة قشرة أخری فی غایة الرقة تمتاز عما فوقها حال كون الجوز و اللوز رطبا و أیضا فقد تحصل فی الثمرة الواحدة الطبائع المختلفة فالأترج قشره حار یابس و لحمه حار رطب و حماضه بارد یابس و بذره حار یابس و كذلك العنب قشره و عجمه باردان یابسان و لحمه و ماؤه حار رطب (2)

فتولد هذه الطبائع المختلفة من الحبة الواحدة مع تساوی تأثیرات الطبائع و تأثیرات الأنجم و الأفلاك لا بد و أن یكون لأجل الحكیم القدیم (3).

و المراد بزوجین اثنین صنفین اثنین و الاختلاف إما من حیث الطعم كالحلو و الحامض أو الطبیعة كالحار و البارد أو اللون كالأبیض و الأسود و فائدة قوله اثنین بیان أن كل نوع حصل من فردین كالإنسان من آدم و حواء و هكذا. إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ

لِقَوْمٍ یَتَفَكَّرُونَ إنما قال ذلك لأن الفلاسفة یسندون الحوادث إلی اختلاف الأشكال الكوكبیة فما لم تقم الدلالة علی دفع هذا السؤال لا یتم المقصود و دفعه بوجهین الأول أنه إن سلمنا جواز ذلك فلا بد من استناد

ص: 63


1- 1. فیه: لان.
2- 2. فی المصدر: حاران رطبان.
3- 3. فیه: لاجل تدبیر الحكیم القادر القدیم.

الأفلاك و أوضاعها إلی واجب الوجود بالذات القادر الحكیم و الثانی ما یذكر فی الآیات الآتیة حیث قال وَ فِی الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ الآیة و تقریره من وجهین الأول أنه حصل فی الأرض قطع مختلفة بالطبیعة و هی مع ذلك متجاورة فبعضها تكون سبخة و بعضها حرة و بعضها صلبة و بعضها حجریة أو رملیة و بعضها طینا لزجا ثم إنها متجاورة و تأثیر الشمس و سائر الكواكب فی تلك القطع علی السویة و دل هذا علی اختلافها فی صفاتها بتقدیر المقدر العلیم.

و الثانی أن القطعة الواحدة من الأرض تسقی بماء واحد یكون تأثیر الشمس فیها متشابها(1) ثم إن تلك الثمار تجی ء مختلفة فی الطعم و اللون و الطبیعة و الخاصیة حتی إنك قد تأخذ عنقودا من العنب و تكون جمیع حباته حلوة نضیجة إلا الحبة الواحدة فإنها بقیت حامضة یابسة و نحن نعلم بالضرورة أن نسبة الطبائع و الأفلاك إلی الكل علی السویة بل نقول هاهنا ما یعد أعجب منه و هو أنه یوجد فی بعض أنواع الورد ما یكون أحد وجهیه فی غایة الحمرة و الوجه الثانی فی غایة السواد مع أن ذلك الورد فی غایة الرقة و النعومة فیستحیل أن یقال وصل تأثیر الشمس إلی أحد طرفیه دون الثانی و هذا یدل دلالة قطعیة علی أن الكل بتقدیر الفاعل المختار لا بسبب الاتصالات الفلكیة و هو المراد من قوله تعالی یُسْقی بِماءٍ واحِدٍ وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلی بَعْضٍ فِی الْأُكُلِ فبهذا تمت الحجة فإن هذه الحوادث السفلیة لا بد لها من مؤثر و بینا أن ذلك المؤثر لیس هو الكواكب و الأفلاك و الطبائع فعند هذا یجب القطع بأنه لا بد من فاعل مختار آخر سوی هذه الأشیاء فعند هذا یتم الدلیل و لا یبقی بعده للتفكر مقام فلهذا قال هاهنا إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ لأنه لا دافع لهذه الحجة إلا أن یقال إنها حدثت لا لمؤثر و لا یقوله عاقل و الجنة البستان الذی یحصل فیه النخل و الكرم و الزرع و الصنوان جمع صنو مثل قنوان و قنو و الصنو أن یكون الأصل واحدا و تنبت منه النخلتان و الثلاثة و أكثر فكل واحد صنو و عن ابن الأعرابی الصنو المثل أی متشابهة و غیر متشابهة و عن الزجاج الأكل الثمر الذی

ص: 64


1- 1. فی المصدر: متساویا.

یؤكل و عن غیره الأكل المهیأ للأكل (1).

و اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مبتدأ و خبر وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ امتن علی عباده بتسخیر الفلك لأن انتفاع العباد یتوقف (2)

علیها لأنه تعالی خص كل طرف من أطراف الأرض بنوع آخر من النعمة حتی أن نعمة هذا الطرف إذا نقلت إلی الجانب الآخر من الأرض أو بالعكس كثر الربح فی التجارات و لا یمكن هذا إلا بسفن البر و هی الجمال أو بسفن البحر و هی الفلك و نسبة التسخیر إلی نفسه لأنه سبحانه خلق الأشجار الصلبة التی منها یمكن تركیب السفن و لو لا

خلقه الحدید و سائر الآلات و لو لا تعریفه العباد كیف یتخذونه و لو لا أنه تعالی خلق الماء علی صفة السلاسة(3) التی باعتبارها یصح جری السفینة و لو لا خلقه تعالی الریاح و خلق الحركات القویة فیها و لو لا أنه وسع الأنهار و جعل لها من العمق ما یجوز جری السفن فیها لما وقع الانتفاع بالسفن فصار لأجل أنه تعالی هو الخالق لهذه الأحوال و هو المدبر لهذه الأمور و المسخر لها حسنت إضافته إلیه و أضاف التسخیر إلی أمره لأن الملك العظیم قل ما یوصف أنه فعل و إنما یقال فیه إنه أمر بكذا تعظیما لشأنه.

وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ لما كان ماء البحر قل ما ینتفع فی الزراعات لعمقه و ملوحته ذكر تعالی إنعامه علی الخلق بتفجیر الأنهار و العیون حتی ینبعث الماء منها إلی مواضع الزروع و النباتات و أیضا ماء البحر لا یصلح للشرب وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ قیل أی بلسان حالكم بحسب استعداداتكم و قابلیاتكم وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها قال الرازی اعلم أن الإنسان إذا أراد أن یعرف أن الوقوف علی أقسام نعم اللّٰه ممتنع فعلیه أن یتأمل فی شی ء واحد لیعرف عجز نفسه و نحن نذكر منه مثالین المثال الأول أن الأطباء ذكروا أن الأعصاب قسمان منها دماغیة و منها

ص: 65


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 19، ص 3- 8( ملخصا و نقلا بالمعنی).
2- 2. فی المصدر: انما یكمل بوجود الفلك ....
3- 3. فی المصدر السیلان.

نخاعیة أما الدماغیة فإنها سبعة ثم أتعبوا أنفسهم فی معرفة الحكم الناشئة من كل واحد من تلك الأرواح السبعة ثم مما لا شك فیه أن كل واحد من تلك الأرواح السبعة تنقسم إلی شعب كثیرة و كل واحد من تلك الشعب أیضا إلی شعب دقیقة أدق من الشعر و لكل واحد منها ممر إلی الأعضاء و لو أن شعبة واحدة اختلت إما بسبب الكمیة و الكیفیة أو بسبب الوضع لاختلت مصالح البنیة ثم إن تلك الشعب الدقیقة تكون كثیرة العدد جدّا و لكل واحد منها حكمة مخصوصة فإذا نظر الإنسان فی هذا المعنی عرف أن لله بحسب كل شظیة من تلك الشظایا العصبیة علی العبد نعمة عظیمة لو فاتت لعظم الضرر علیه و عرف قطعا أنه لا سبیل له إلی الوقوف علیها و الاطلاع علی أحوالها و عند هذا یقطع بصحة قوله تعالی وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها و كما اعتبرت هذا فی الشظایا العصبیة فاعتبر مثله فی الشرایین و الأوردة فی كل واحد من الأعضاء البسیطة و المركبة بحسب الكمیة و الكیفیة و الوضع و الفعل و الانفعال و أقسام هذا الباب بحر لا یساحل و إذا اعتبرت هذا فی بدن الإنسان الواحد فاعرف أقسام نعم اللّٰه تعالی فی نفسه و فی روحه فإن عجائب عالم الأرواح أكثر من عجائب عالم الأجساد ثم لما اعتبرت حال الحیوان الواحد فعند ذلك اعتبر أحوال عالم الأفلاك و الكواكب و طبقات العناصر و عجائب البر و البحر و النبات و الحیوان و عند هذا تعرف أن عقول جمیع الخلائق لو ركبت و جعلت عقلا واحدا ثم بذلك العقل یتأمل الإنسان فی عجائب حكمة اللّٰه تعالی فی أقل الأشیاء لما أدرك منها إلا القلیل فسبحانه و تقدس عن أوهام المتوهمین.

المثال الثانی أنه إذا أخذت اللقمة الواحدة لتضعها فی الفم فانظر إلی ما قبلها و ما بعدها أما الأمور التی قبلها إن (1)

تلك اللقمة من الخبز لا تتم و لا تكمل إلا إذا كان هذا العالم بكلیته قائما علی الوجه الأصوب لأن الحنطة لا بد منها و إنها لا تنبت إلا

بمعونة الفصول الأربعة و تركیب الطبائع و ظهور الأریاح و الأمطار و لا یحصل شی ء منها إلا بعد دوران الأفلاك و اتصال بعض الكواكب ببعض علی وجوه مخصوصة

ص: 66


1- 1. فی المصدر: فاعرف أن ....

فی الحركات و فی كیفیتها فی الجهة و فی السرعة و البطء ثم بعد تكون الحنطة لا بد من آلات الطحن و الخبز و هی لا تحصل إلا عند تولد الحدید فی أرحام الجبال ثم إن الآلات الحدیدیة لا یمكن إصلاحها إلا بآلات أخری حدیدیة سابقة علیها و لا بد من انتهائها إلی آلة حدیدیة هی أول هذه الآلات فتأمل أنها كیف تكونت علی الأشكال المخصوصة ثم إذا حصلت تلك الآلات فانظر أنه لا بد من اجتماع العناصر الأربعة و هی الأرض و الماء و الهواء و النار حتی یمكن طبخ الخبز من ذلك الدقیق فهذا هو النظر فی ما تقدم علی هذه اللقمة.

أما النظر فی ما بعد حدوثها فتأمل فی تركیب بدن الحیوان و هو أنه تعالی كیف خلق هذه الأبدان حتی یمكنها الانتفاع بتلك اللقمة و أنه كیف یتضرر الحیوان فی الأكل (1) و فی أی الأعضاء تحدث تلك المضار و لا یمكنك أن تعرف القلیل من هذه الأشیاء إلا بمعرفة علم التشریح و علم الطب بالكلیة فظهر بما ذكرنا أن الانتفاع باللقمة الواحدة لا یمكن معرفته إلا بمعرفة جملة هذه الأمور و العقول قاصرة عن إدراك ذرة من هذه المباحث فظهر بالبراهین (2) الباهرة صحة قوله تعالی وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها(3) انتهی كلامه.

و أقول یمكن سلوك طریق آخر فی ذلك أدق و أوسع مما ذكره بأن یقال بعد أن عرفت النعم التی علی إنسان واحد كزید مثلا من السماوات و الكواكب و العرش و الكرسی و جمیع الأرضیات فإن لها جمیعا مدخلا فی وجوده و بقائه و نموه فنقول جمیع هذه النعم متعلقة بعمرو أیضا لمدخلیتها فی وجوده و بقائه أیضا و كل هذه أیضا نعمة لزید لتوقف وجود زید و بقائه علی وجود عمرو لكون الإنسان مدنیا بالنوع و كذا بالنسبة إلی بكر و خالد و كذا كل نعمة لله علی كل حیوان من الحیوانات التی لها مدخل فی نظام أحوال الإنسان فهی نعمة علی زید مرة

ص: 67


1- 1. فیه: بالاكل.
2- 2. فی المصدر: بهذا البرهان القاهر.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 19، ص 129- 130.

بذاته و مرة باعتبار كونها نعمة علی كل واحد واحد من أفراد البشر لمدخلیة وجودهم فی وجوده و نظام أحواله فیضرب عدد تلك النعم فی عدد الأشخاص و الحیوانات مرات لا تتناهی.

ثم لما كان وجود زید موقوفا علی وجود أبویه فكل نعمة علی كل من أبویه و علی كل من كان فی عصر أبویه نعمة علیه و كذا كل نعمة علی والدی بكر و خالد نعمة علیه لتوقف وجوده و بقائه و نظام أحواله علی وجود بكر و وجوده متوقف علی وجود والدیه و وجودهما و بقاؤهما و سائر أمورهما متوقفة علی جمیع النعم علی أهل عصرهما فمن هذه الجهة أیضا جمیعها نعمة علیه

فیضرب جمیع هذه الأعداد الغیر المتناهیة فی جمیع تلك الأعداد الغیر المتناهیة مرات غیر متناهیة ثم ننقل الكلام فی كل عصر من الأعصار و آباء كل منهم إلی أن ینتهی إلی آدم و حواء علیهما السلام و یضرب كل من تلك المراتب فی ما حصل من المراتب السابقة و هذا حساب لا یحیط به علم البشر و لو اجتمع جمیع المحاسبین من الثقلین و أرادوا استیفاء حساب مرتبة من هذه المراتب لا یقدرون علیه مع أن كل قطرة من قطرات البحار و كل ذرة من ذرات الجو و الأرض نعمة علی كل شخص من الأشخاص فسبحان من لا یقدر علی إحصاء شعبة واحدة من شعب نعمه الغیر المتناهیة إلا هو و له الحمد بعدد كل نعمة له علینا و علی كل خلق من مخلوقاته.

إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ یظلم النعمة بإغفال شكرها أو یظلم نفسه بأن یعرضها للحرمان كَفَّارٌ شدید الكفران و قیل ظلوم فی الشدة یشكو و یجزع كفار فی النعمة یجمع و یمنع.

مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْزُونٍ قیل أی بمیزان الحكمة و مقدر بقدر الحاجة و ذلك أن الوزن سبب معرفة المقدار فأطلق اسم السبب علی المسبب و قیل أی له وزن و قدر فی أبواب النعمة و المنفعة و قیل أراد أن مقادیرها من العناصر معلومة و كذا مقدار تأثیر الشمس و الكواكب فیها و قیل أی متناسب محكوم علیه عند العقول السلیمة بالحسن و اللطافة یقال كلام موزون أی متناسب و فلان موزون الحركات و قیل أراد ما یوزن من نحو الذهب و الفضة و النحاس و غیرها من الموزونات كأكثر الفواكه و النبات.

ص: 68

وَ جَعَلْنا لَكُمْ فِیها أی فی الأرض أو فی الجبال أو فی تلك الموزونات مَعایِشَ ما یتوصل به إلی المعیشة وَ مَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِینَ عطف علی محل لكم أو علی معایش أی و جعلنا لكم من لستم له برازقین و أراد بهم العیال و الممالیك و الخدم الذین رازقهم فی الحقیقة هو اللّٰه وحده لا الآباء و السادات و المخادیم و یدخل فیه بحكم التغلیب غیر ذوی العقول من الأنعام و الدواب و الوحوش و الطیر كقوله وَ ما مِنْ دَابَّةٍ ... إِلَّا عَلَی اللَّهِ رِزْقُها یُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ الذی هو الغذاء الأصلی وَ الزَّیْتُونَ الذی هو فاكهة من وجه و غذاء من وجه لكثرة ما فیه من الدهن وَ النَّخِیلَ وَ الْأَعْنابَ اللتین هما أشرف الفواكه ثم أشار إلی سائر الثمرات بقوله وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ قال الزمخشری إنما لم یقل و كل الثمرات لأن كلها لا تكون إلا فی الجنة و قیل قدم الغذاء الحیوانی فی قوله سبحانه وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِیها دِفْ ءٌ وَ مَنافِعُ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ علی الغذاء النباتی لأن النعمة فیه أعظم لأنه أسرع تشبها ببدن الإنسان و فی ذكر الغذاء النباتی قدم غذاء الحیوان و هو الشجر علی غذاء الإنسان و هو الزرع و غیره بناء علی مكارم الأخلاق و هو أن یكون اهتمام الإنسان بحال من تحت یده أكمل من اهتمامه بحال نفسه.

وَ ما ذَرَأَ لَكُمْ فِی الْأَرْضِ أی خلق فیها من حیوان و شجر و ثمر و غیر ذلك مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ فإن ذرء هذه الأشیاء علی حاله اختلاف الألوان و الأشكال مع تساوی الكل فی الطبیعة الجسمیة و فی تأثیر الفلكیات فیها آیة علی وجود الصانع تعالی شأنه.

رَواسِیَ أی جبالا ثوابت أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ أی كراهة أن تمید بكم و تضطرب وَ أَنْهاراً أی و جعل فیها أنهارا لأن ألقی فیه معناه وَ سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ لمقاصدكم أو إلی معرفة اللّٰه وَ عَلاماتٍ أی معالم تستدل بها السابلة من جبل و منهل و ریح و نحو ذلك وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ باللیل فی البراری و البحار إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ حیث یتجاوز عن تقصیركم فی أداء شكرها رَحِیمٌ لا یقطعها لتفریطكم فیه و لا یعاجلكم

ص: 69

بالعقوبة علی كفرانها.

إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَی الْأَرْضِ زِینَةً لَها قیل ما علی الأرض الموالید الثلاثة المعادن و النباتات و الحیوانات و أشرفها الإنسان و قیل لا یدخل المكلف فیه لأن ما علی الأرض لیس زینة لها علی الحقیقة و إنما هو لأهلها لغرض الابتلاء فالذی له الزینة یكون خارجا عن الزینة لِنَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فی تعاطیه و هو من زهد فیه و لم یغتر به و قنع منه بالكفاف.

لَهُ ما فِی السَّماواتِ قال الرازی مالك لما فی السماوات من ملك و نجم و غیرهما و مالك لما فی الأرض من المعادن و الفلزات و مالك لما بینهما من الهواء و مالك لما تحت الثری فإن قیل الثری هو السطح الأخیر من العالم فلا یكون تحته شی ء فكیف یكون اللّٰه تعالی مالكا له قلنا الثری فی اللغة هو التراب الندی فیحتمل أن تكون تحته شی ء فهو إما الثور أو الحوت أو الصخرة أو البحر أو الهواء علی اختلاف الروایات (1) انتهی.

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه الثری التراب الندی یعنی و ما واری الثری من كل شی ء و قیل یعنی ما فی ضمن الأرض من الكنوز و الأموات (2).

الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً أی كالمهد تتمهدونها وَ سَلَكَ لَكُمْ فِیها سُبُلًا أی و حصل لكم فیها سبلا بین الجبال و الأودیة و البراری تسلكونها من أرض إلی أرض لتبلغوا منافعها وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً أی مطرا فَأَخْرَجْنا بِهِ قیل عدل من لفظ الغیبة إلی التكلم علی الحكایة لكلام اللّٰه تعالی تنبیها علی ظهور ما فیه من الدلالة علی كمال القدرة و الحكمة و إیذانا بأنه مطاع تنقاد الأشیاء المختلفة بمشیّته أَزْواجاً أی أصنافا مِنْ نَباتٍ بیان و صفة لأزواجا و كذلك شَتَّی و یحتمل أن یكون صفة للنبات فإنه من حیث إنه مصدر فی الأصل یستوی فیه الواحد و الجمع و هو جمع شتیت كمریض و مرضی أی متفرقات فی الصور و الأعراض و المنافع

ص: 70


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 22، ص 8.
2- 2. مجمع البیان: ج 7، ص 2.

یصلح بعضها للناس و بعضها للبهائم فلذلك قال كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ و هو حال من ضمیر فَأَخْرَجْنا علی إرادة القول أی أخرجنا أصناف النبات قائلین كُلُوا وَ ارْعَوْا أَنْعامَكُمْ و المعنی معدّیها لانتفاعكم بالأكل و العلف آذنین فیه لِأُولِی النُّهی أی لذوی العقول الناهیة عن اتباع الباطل و ارتكاب القبائح جمع نهیة

وَ عَنِ الصَّادِقِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: نَحْنُ أُولُو النُّهَی.

وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خِیَارُكُمْ أُولُو النُّهَی قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ أُولُو النُّهَی قَالَ هُمْ أُولُو الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَ الْأَحْلَامِ الرَّزِینَةِ وَ صِلَةِ الْأَرْحَامِ وَ الْبَرَرَةُ بِالْأُمَّهَاتِ وَ الْآبَاءِ وَ الْمُتَعَاهِدُونَ لِلْفُقَرَاءِ وَ الْجِیرَانِ وَ الْیَتَامَی وَ یُطْعِمُونَ الطَّعَامَ وَ یُفْشُونَ السَّلَامَ فِی الْعَالَمِ وَ یُصَلُّونَ وَ النَّاسُ نِیَامٌ غَافِلُونَ.

مِنْها خَلَقْناكُمْ فإن التراب أصل خلقه أول آبائكم و أول مواد أبدانكم و سیأتی وجه آخر فی الخبر إن شاء اللّٰه وَ فِیها نُعِیدُكُمْ بالموت و تفكیك الأجزاء وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری بتألیف أجزائكم المتفتتة المختلطة بالتراب علی الصور السابقة و رد الأرواح فیها.

وَ جَعَلْنا فِیها أی فی الأرض أو فی الرواسی فِجاجاً سُبُلًا مسالك واسعة و إنما قدم فِجاجاً و هو وصف له لیصیر حالا یدل علی أنه حین خلقها كذلك أو لیبدل منها سُبُلًا فیدل ضمنا علی أنه خلقها و وسعها للسابلة مع ما یكون فیه من التأكید لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُونَ إلی مصالحهم.

أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلَی الْأَرْضِ أی أ و لم ینظروا فی عجائبها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِیمٍ أی محمود كثیر المنفعة و هو صفة لكل ما یحمد و یرضی قیل و هاهنا یحتمل أن تكون مقیدة لما یتضمن الدلالة علی القدرة و أن تكون مبینة منبهة علی أنه ما من نبت إلا و له فائدة إما وحده أو مع غیره و كل لإحاطة الأزواج و كم لكثرتها إِنَّ فِی ذلِكَ أی فی إثبات (1)

تلك الأصناف أو فی كل واحد لَآیَةً علی أن منبتها تام القدرة و الحكمة سابغ النعمة و الرحمة.

ص: 71


1- 1. انبات( ظ).

أَ تُتْرَكُونَ إنكار لأن یتركوا كذلك أو تذكیر بالنعمة فی تخلیة اللّٰه إیاهم و أسباب تنعمهم آمنین ثم فسر بقوله فِی جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُها هَضِیمٌ أی لطیف لین للطف التمر أو لأن النخل أنثی و طلع إناث النخل ألطف و هو یطلع منها كنصل السیف فی جوفه شماریخ القنو أو متدل منكسر من كثرة الحمل فارِهِینَ أی حاذقین أو بطرین حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ أی ذات منظر حسن یبتهج به من رآه و لم یقل ذوات بهجة لأنه أراد تأنیث الجماعة و لو أراد تأنیث الأعیان لقال ذوات قَوْمٌ یَعْدِلُونَ أی یشركون باللّٰه غیره قَراراً أی مستقرا لا تمیل و لا تمید بأهلها وَ جَعَلَ خِلالَها أی فی وسط الأرض و فی مسالكها و نواحیها أَنْهاراً جاریة ینبت بها الزرع و یحیی به الخلق وَ جَعَلَ لَها رَواسِیَ أی ثوابت أثبتت بها الأرض وَ جَعَلَ بَیْنَ الْبَحْرَیْنِ حاجِزاً أی مانعا من قدرته بین العذب و المالح فلا یختلط أحدهما بالآخر مُخْتَلِفاً أَلْوانُها قیل أی أجناسها أو أوصافها علی أن كلا منها لها أصناف مختلفة أو هیأتها من الصفرة و الخضرة و نحوهما وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ أی ذو جدد و خطوط و طرائق یقال جدة الحمار للخطة السوداء علی ظهره مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها بالشدة و الضعف وَ غَرابِیبُ سُودٌ عطف علی بیض أو علی جدد كأنه قیل و من الجبال ذو جدد مختلف اللون و منها غرابیب متحدة اللون و هو تأكید مضمر یفسره فإن الغربیب تأكید للأسود و حق التأكید أن یتبع المؤكد مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ أی كاختلاف الثمار و الجبال إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إذ شرط الخشیة معرفة المخشی و العلم بصفاته و أفعاله فمن كان

أعلم به كان أخشی منه إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ غَفُورٌ تعلیل لوجوب الخشیة لدلالته علی أنه معاقب للمصر علی طغیانه غفور للتائب عن عصیانه.

وَ أَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا المراد جنس الحب فَمِنْهُ یَأْكُلُونَ قیل قدم الصلة للدلالة علی أن الحب معظم ما یؤكل و یعاش به مِنْ نَخِیلٍ وَ أَعْنابٍ أی من أنواع النخل و العنب مِنَ الْعُیُونِ أی شیئا من العیون و من مزیدة عند الأخفش مِنْ ثَمَرِهِ أی من ثمر ما ذكر و هو الجنات و قیل الضمیر لله علی طریقة الالتفات و

ص: 72

الإضافة إلیه لأن الثمر مخلوقة وَ ما عَمِلَتْهُ أَیْدِیهِمْ عطف علی الثمر و المراد ما یتخذ منه العصیر و الدبس و نحوهما و قیل ما نافیة و المراد أن الثمر بخلق اللّٰه لا بفعلهم أَ فَلا یَشْكُرُونَ أمر بالشكر من حیث إنه إنكار لتركه خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها أی الأنواع و الأصناف مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ من النبات و الشجر وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الذكر و الأنثی وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ أی و أزواجا مما لم یطلعهم اللّٰه علیه و لم یجعل لهم طریقا إلی معرفته.

تَرَی الْأَرْضَ خاشِعَةً أی یابسة متطأمنة مستعار من الخشوع بمعنی التذلل اهْتَزَّتْ أی تحركت بالنبات وَ رَبَتْ أی انتفخت و ارتفعت قبل أن تنبت و قیل اهتزت بالنبات و ربت بكثرة ریعها وَ ما بَثَ عطف علی السماوات أو الخلق مِنْ دابَّةٍ قیل أی من حی علی إطلاق اسم السبب علی المسبب أو مما یدب علی الأرض و ما یكون فی أحد الشیئین یصدق أنه فیهما فی الجملة إِذا یَشاءُ أی فی أی وقت یشاء قَدِیرٌ متمكن منه.

وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً بأن خلقها نافعة لكم مِنْهُ حال من ما أی سخر هذه الأشیاء كائنة منه أو خبر لمحذوف أی هی جمیعا منه أو لما فی السماوات و سَخَّرَ لَكُمْ تكریر للتأكید أو لما فی الأرض مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ أی من كل صنف حسن لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِیبٍ أی راجع إلی ربه متفكر فی بدائع صنعه.

وَ الْأَرْضَ فَرَشْناها أی مهدناها لیستقروا علیها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ أی نحن وَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَیْنِ أی نوعین لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فتعلموا أن التعدد من خواص الممكنات و أن الواجب بالذات لا یقبل الانقسام و التعدد

وَ رُوِیَ عَنِ الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی خُطْبَةٍ طَوِیلَةٍ قَدْ تَقَدَّمَ فِی كِتَابِ التَّوْحِیدِ مَشْرُوحاً: وَ بِمُضَادَّتِهِ بَیْنَ الْأَشْیَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَیْنَ الْأَشْیَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِینَ لَهُ ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ وَ الْیُبْسَ بِالْبَلَلِ وَ الْخَشِنَ بِاللَّیِّنِ وَ الصَّرْدَ بِالْحَرُورِ مُؤَلِّفاً بَیْنَ مُتَعَادِیَاتِهَا مُفَرِّقاً بَیْنَ مُتَدَانِیَاتِهَا دَالَّةً بِتَفْرِیقِهَا عَلَی مُفَرِّقِهَا وَ بِتَأْلِیفِهَا عَلَی مُؤَلِّفِهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ مِنْ كُلِ

ص: 73

شَیْ ءٍ خَلَقْنا زَوْجَیْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

وَ الْأَرْضَ وَضَعَها أی حفظها مدحوّة لِلْأَنامِ للخلق و قیل الأنام كل ذی روح فِیها فاكِهَةٌ أی ضروب مما یتفكّه به وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ هی أوعیة التمر جمع كمّ أو كل ما یكمّ أی یغطّی من لیف و سعف و كفرّی (1)

فإنه ینتفع به كالمكموم و كالجذع وَ الْحَبُ كالحنطة و الشعیر سائر ما یتغذّی به ذُو الْعَصْفِ هو ورق النبات الیابس كالتین وَ الرَّیْحانُ یعنی المشموم أو الرزق من قولهم خرجت أطلب ریحان اللّٰه

وَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ قَالَ لِلنَّاسِ فِیها فاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ قَالَ یَكْبُرُ ثَمَرُ النَّخْلِ فِی الْقَمْعِ ثُمَّ یَطْلُعُ مِنْهُ قَوْلُهُ وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّیْحانُ قَالَ الْحَبُّ الْحِنْطَةُ وَ الشَّعِیرُ وَ الْحُبُوبُ وَ الْعَصْفُ التِّینُ وَ الرَّیْحَانُ مَا یُؤْكَلُ مِنْهُ.

فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ المخاطبة للثقلین

وَ فِی الْحَدِیثِ: أَنَّهُ فِی الْبَاطِنِ مُخَاطَبَةٌ لِلْأَوَّلِینَ وَ الْمَعْنَی فَبِأَیِّ النِّعْمَتَیْنِ تَكْفُرَانِ بِمُحَمَّدٍ أَمْ بِعَلِیٍّ وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ بِالنَّبِیِّ أَمْ بِالْوَصِیِّ.

وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه و فی (2) الأرض خلق مثلهن فی العدد لا فی الكیفیة لأن كیفیة السماء مخالفة لكیفیة الأرض و لیس فی القرآن آیة تدل علی أن الأرضین سبع مثل السماوات إلا هذه الآیة و لا خلاف فی السماوات أنها سماء فوق سماء و أما الأرضون فقال قوم إنها سبع أرضین طباقا بعضها فوق بعض كالسماوات لأنها لو كانت مصمتة لكانت أرضا واحدة و فی كل أرض خلق خلقهم اللّٰه تعالی كیف شاء

و روی أبو صالح عن ابن عباس أنها سبع أرضین لیس بعضها فوق بعض تفرق بینهن البحار و تظل جمیعهن السماء و اللّٰه سبحانه أعلم بصحة ما استأثر بعلمه و اشتبه علی خلقه.

وَ قَدْ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: بَسَطَ كَفَّیْهِ ثُمَّ وَضَعَ الْیُمْنَی عَلَیْهَا فَقَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ الدُّنْیَا وَ السَّمَاءُ

ص: 74


1- 1. كفری- بضم الاولین و فتحهما و كسرهما و تشدید الراء المفتوحة-، وعاء طلع النخل.
2- 2. كذا فی نسخ الكتاب، و فی المجمع، و خلق من الأرض مثلهن ....

الدُّنْیَا عَلَیْهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ الثَّانِیَةُ فَوْقَ سَمَاءِ(1) الدُّنْیَا السَّمَاءُ الثَّانِیَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ الثَّالِثَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ وَ السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ حَتَّی ذَكَرَ الرَّابِعَةَ وَ الْخَامِسَةَ وَ السَّادِسَةَ فَقَالَ وَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ عَرْشُ

الرَّحْمَنِ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ هُوَ قَوْلُهُ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ یَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَیْنَهُنَ وَ إِنَّمَا صَاحِبُ الْأَمْرِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ إِنَّمَا یَنْزِلُ (2) الْأَمْرُ مِنْ فَوْقُ مِنْ بَیْنِ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ.

فعلی هذا یكون المعنی تتنزّل الملائكة بأوامره إلی الأنبیاء و قیل معناه ینزل (3) الأمر بین السماوات و الأرضین من اللّٰه سبحانه بحیاة بعض و موت بعض و سلامة حی و هلاك آخر و غنی إنسان و فقر آخر و تصریف الأمور علی الحكمة(4) انتهی.

و قال الرازی قال الكلبی خلق سبع سماوات بعضها فوق بعض مثل القبة وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ فی كونها طبقات (5)

متلاصقة كما هو المشهور أن الأرض ثلاث طبقات طبقة أرضیة محضة و طبقة طینیة و هی غیر محضة و طبقة منكشفة بعضها فی البر و بعضها فی البحر و هی المعمورة و لا یبعد من قوله وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ كونها سبعة أقالیم علی (6)

سبع سماوات و سبعة كواكب فیها و هی السیارة فإن لكل واحد من هذه الكواكب خواص تظهر آثار تلك الخواص فی كل أقالیم الأرض فتصیر سبعة بهذا الاعتبار فهذه هی الوجوه التی لا یأباها العقل و ما عداها من الوجوه المنقولة من أهل التفسیر فمما یأباه العقل مثل ما یقال السماوات السبع أولها موج مكفوف و ثانیها سخر و ثالثها حدید و رابعها نحاس و خامسها فضة و سادسها ذهب و سابعها یاقوت و قول من قال بین كل واحدة منها و بین الأخری مائة(7) عام و غلظ

ص: 75


1- 1. فی بعض النسخ و فی المصدر: السماء.
2- 2. فی المصدر: یتنزل.
3- 3. فی المصدر: یتنزل.
4- 4. مجمع البیان: ج 10، ص 310.
5- 5. فی المصدر: طباقا.
6- 6. فیه: علی حسب ....
7- 7. فیه: خمسمائة سنة.

كل واحد منها كذلك فذلك غیر معتبر عند أهل التحقیق و یمكن أن یكون أكثر من ذلك و اللّٰه أعلم بأنه ما هو و كیف هو(1) انتهی.

و أقول و قد مر بعض الوجوه فی الأرضین السبع فی باب الهواء.

لِتَعْلَمُوا علة الخلق أو یتنزل (2)

أو یعمها فإن كلا منهما یدل علی كمال قدرته و علمه.

ذَلُولًا قیل أی لینة فسهل (3) لكم السلوك فیها فَامْشُوا فِی مَناكِبِها أی فی جوانبها و جبالها و هو مثل لفرط التذلیل فإن منكب البعیر ینبو عن أن یطأه الراكب و لا یتذلل له فإذا جعل الأرض فی الذل بحیث یمشی فی مناكبها لم یبق شی ء لم یتذلل وَ كُلُوا

مِنْ رِزْقِهِ أی و التمسوا من نعم اللّٰه وَ إِلَیْهِ النُّشُورُ أی المرجع فیسألكم عن شكر ما أنعم علیكم بِساطاً أی مبسوطة لیمكنكم المشی علیها و الاستقرار فیها سُبُلًا فِجاجاً أی طرقا واسعة و قیل طرقا مختلفة عن ابن عباس و قیل سبلا فی الصحاری و فجاجا فی الجبال.

كِفاتاً قال الطبرسی رحمه اللّٰه كفت الشی ء یكفته كفتا و كفاتا إذا ضمه و منه الحدیث اكفتوا صبیانك أی ضموهم إلی أنفسكم و یقال للوعاء كفت و كفیت قال أبو عبید كفاتا أی أوعیة و المعنی جعلنا الأرض كفاتا للعباد تكفتهم أحیاء علی ظهرها فی دورهم و منازلهم و تكفتهم أمواتا فی بطنها أی تحوزهم و تضمهم

وَ رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ نَظَرَ إِلَی الْجَبَّانَةِ(4) فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَمْوَاتِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی الْبُیُوتِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَحْیَاءِ.

و قوله أَحْیاءً وَ أَمْواتاً أی منها ما ینبت و منها ما لا ینبت فعلی هذا یكون أحیاء و أمواتا نصبا علی الحال و علی القول الأول علی المفعول به رَواسِیَ شامِخاتٍ أی جبالا ثابتة عالیة وَ أَسْقَیْناكُمْ ماءً فُراتاً أی

ص: 76


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 30، ص 40.
2- 2. التنزل( ظ).
3- 3. كذا، و الأظهر« یسهل».
4- 4. الجبانة- بتشدید الباء الموحدة من تحت-: المقبرة.

و جعلنا لكم سقیا من الماء العذب عن ابن عباس وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِینَ بهذه النعم و أنها من جهة اللّٰه (1).

مِهاداً أی وطاء و قرارا و مهیأ للتصرف فیه من غیر أذیة و المصدر بمعنی المفعول أو الحمل علی المبالغة أو المعنی ذات مهاد وَ خَلَقْناكُمْ أَزْواجاً أی أشكالا كل واحد شكل للآخر أو ذكرانا و إناثا حتی یصح منكم التناسل و یتمتع بعضكم ببعض أو أصنافا أبیض و أسود و صغیرا و كبیرا إلی غیر ذلك وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً أی راحة و دعة لأجسادكم أو قطعا لأعمالكم و تصرفكم أی سباتا لیس بموت علی الحقیقة و لا مخرج عن الحیاة و الإدراك وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً أی غطاء و سترة یستر كل شی ء بظلمته و سواده وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً أی مطلب معاش أو وقت معاشكم وَ بَنَیْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً أی سبع سماوات محكمة أحكمنا صنعها و أوثقنا بناءها وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً یعنی الشمس جعلها سبحانه سراجا للعالم وقادا متلألئا بالنور یستضیئون بها و قیل الوهج مجمع (2)

النور و الحر وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ أی من الریاح ذات الأعاصیر و ذلك أن الریح یستدر المطر و قیل المعصرات السحائب إذا أعصرت أی شارفت أن تعصرها الریاح فتمطر كقولهم أحصد الزرع أی حان له أن یحصد ماءً ثَجَّاجاً أی منصبا بكثرة لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَ نَباتاً فالحب كل ما تضمنه كمام الزرع الذی یحصد و النبات الكلأ من الحشیش و الزروع و نحوها قیل حبا یأكله الناس و نباتا تنبته الأرض مما تأكله الأنعام وَ جَنَّاتٍ أَلْفافاً أی بساتین ملتفة بالشجر أو بعضها ببعض و إنما سمیت جنة لأن الشجر تجنها أی تسترها.

ذاتِ الصَّدْعِ أی ما یتصدع عنه الأرض من النبات أو الشق بالنبات و العیون.

أَ فَلا یَنْظُرُونَ إِلَی الْإِبِلِ كَیْفَ خُلِقَتْ خلقا دالا علی كمال قدرته و حسن

ص: 77


1- 1. مجمع البیان: ج 10، ص 417( ملخصا).
2- 2. یجمع( خ).

تدبیره حیث خلقها لجرّ الثقال إلی البلاد النائیة فجعلها عظیمة باركة للحمل ناهضة به منقادة لمن اقتادها طوال الأعنان لتنوء بالأوقار ترعی كل نابت و تحمل العطش إلی عشر فصاعدا لیتأتی لها قطع البراری و المفاوز مع ما لها من منافع أخر فلذا خصت بالذكر و لأنها أعجب ما عند العرب من هذا النوع و قیل المراد بها السحاب علی الاستعارة وَ إِلَی السَّماءِ كَیْفَ رُفِعَتْ بلا عمد وَ إِلَی الْجِبالِ كَیْفَ نُصِبَتْ فهی راسخة لا تمیل وَ إِلَی الْأَرْضِ كَیْفَ سُطِحَتْ أی بسطت حتی صارت مهادا وَ ما طَحاها أی و من طحیها أو مصدریة و طحوها تسطیحها و بسطها.

«1»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ فِی مَا سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَقَالَ النَّهَارُ قَبْلَ اللَّیْلِ فَقَالَ نَعَمْ خَلَقَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّیْلِ وَ الشَّمْسَ قَبْلَ الْقَمَرِ وَ الْأَرْضَ قَبْلَ السَّمَاءِ وَ وُضِعَ الْأَرْضُ عَلَی الْحُوتِ وَ الْحُوتُ فِی الْمَاءِ وَ الْمَاءُ فِی صَخْرَةٍ مُجَوَّفَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَی عَاتِقِ مَلَكٍ وَ الْمَلَكُ عَلَی الثَّرَی وَ الثَّرَی عَلَی الرِّیحِ (1)

وَ الرِّیحُ عَلَی الْهَوَاءِ وَ الْهَوَاءُ تُمْسِكُهُ الْقُدْرَةُ وَ لَیْسَ تَحْتَ الرِّیحِ الْعَقِیمِ إِلَّا الْهَوَاءُ وَ الظُّلُمَاتُ وَ لَا وَرَاءَ ذَلِكَ سَعَةٌ وَ لَا ضِیقٌ وَ لَا شَیْ ءٌ یُتَوَهَّمُ ثُمَّ خَلَقَ الْكُرْسِیَّ فَحَشَاهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ الْكُرْسِیُّ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقَ (2) ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ فَجَعَلَهُ أَكْبَرَ مِنَ الْكُرْسِیِ (3).

«2»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَلَاءٍ الْمَكْفُوفِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ الْأَرْضِ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هِیَ قَالَ [عَلَی] الْحُوتِ فَقِیلَ لَهُ فَالْحُوتُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هُوَ قَالَ عَلَی الْمَاءِ فَقِیلَ لَهُ فَالْمَاءُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هُوَ قَالَ عَلَی الثَّرَی قِیلَ لَهُ فَالثَّرَی عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هُوَ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ انْقَضَی عِلْمُ الْعُلَمَاءِ(4).

ص: 78


1- 1. فی المصدر: الریح العقیم.
2- 2. فی المصدر: خلقه اللّٰه.
3- 3. الاحتجاج: 193.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 418.

«3»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْأَرْضِ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هِیَ قَالَ عَلَی الْحُوتِ قُلْتُ فَالْحُوتُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هُوَ قَالَ عَلَی الْمَاءِ قُلْتُ فَالْمَاءُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هُوَ قَالَ عَلَی الصَّخْرَةِ قُلْتُ فَالصَّخْرَةُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ هِیَ قَالَ عَلَی قَرْنِ ثَوْرٍ أَمْلَسَ قُلْتُ فَعَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ الثَّوْرُ قَالَ عَلَی الثَّرَی قُلْتُ فَعَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ الثَّرَی فَقَالَ هَیْهَاتَ عِنْدَ ذَلِكَ ضَلَّ عِلْمُ الْعُلَمَاءِ(1).

الكافی، عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب: مثله (2) بیان الأملس الصحیح الظهر و لعل المراد هنا أنه لم یلحقه من هذا الحمل دبر و جراحة فی ظهره و فی القاموس الثری الندی و التراب الندی أو الذی إذا بلّ لم یصر طینا و الخیر انتهی ضلّ علم العلماء أی غیر المعصومین أو المراد بالعلماء هم و المعنی أنهم أمروا بكتمانه عن سائر الخلق فكأنه ضل علمهم عن الخلق و قد یقال المراد بالثری هنا الخیر الكامل یعنی القدرة فإن استقرار جمیع الأشیاء علی قدرة اللّٰه تعالی و قیل المراد بالثری هنا ما هو منتهی الموجودات و لما كان تعقل النفی الصرف صعبا علی الأفهام قال عند ذلك ضل علم العلماء لإلف الناس بالأبعاد القارّة و جسم خلف جسم و لذا ذهب بعض المتكلمین إلی أبعاد موهومة غیر متناهیة و قالوا بالخلإ.

«4»- التَّفْسِیرُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: قُلْتُ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ فَقَالَ هِیَ مَحْبُوكَةٌ إِلَی الْأَرْضِ وَ شَبَّكَ بَیْنَ أَصَابِعِهِ فَقُلْتُ كَیْفَ تَكُونُ مَحْبُوكَةً إِلَی الْأَرْضِ وَ اللَّهُ یَقُولُ رَفَعَ السَّماواتِ بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ لَیْسَ یَقُولُ بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها قُلْتُ بَلَی فَقَالَ فَثَمَّ عَمَدٌ وَ لَكِنْ لَا تَرَوْنَهَا قُلْتُ كَیْفَ ذَلِكَ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ فَبَسَطَ

ص: 79


1- 1. تفسیر القمّیّ: 418.
2- 2. الكافی: ج 8، ص 89.

كَفَّهُ الْیُسْرَی ثُمَّ وَضَعَ الْیُمْنَی عَلَیْهَا فَقَالَ هَذِهِ أَرْضُ الدُّنْیَا وَ السَّمَاءُ الدُّنْیَا عَلَیْهَا(1) فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ الثَّانِیَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ السَّمَاءُ الثَّانِیَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ الثَّالِثَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ وَ السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ الرَّابِعَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ الْخَامِسَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَ السَّمَاءُ الْخَامِسَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ السَّادِسَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ وَ السَّمَاءُ السَّادِسَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ فَوْقَهَا قُبَّةٌ وَ عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ الَّذِی خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ یَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَیْنَهُنَ فَأَمَّا صَاحِبُ الْأَمْرِ(2) فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْوَصِیُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِمٌ هُوَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّمَا یَنْزِلُ الْأَمْرُ إِلَیْهِ مِنْ فَوْقِ السَّمَاءِ مِنْ بَیْنِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ قُلْتُ فَمَا تَحْتَنَا إِلَّا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ مَا تَحْتَنَا إِلَّا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ وَ إِنَّ السِّتَّ لَهُنَ (3)

فَوْقَنَا(4).

العیاشی، عن الحسین بن خالد: مثله بیان قال الفیروزآبادی الْحُبُكِ الشدّ و الإحكام و تحسین أثر الصنعة فی الثوب یحبكه و یحبكه فهو حبیك و محبوك و الحبك من السماء طرائق النجوم و التحبیك التوثیق و التخطیط انتهی فالمراد بكونها محبوكة أنها متصلة بالأرض معتمدة علیها و أن كل سماء علی كل أرض كالقبة الموضوعة علیها و لما كان هذا ظاهرا مخالفا للحس و العیان فیمكن تأویله بوجهین أولهما و هو أقربهما و أوفقهما للشواهد العقلیة أن یكون المراد بالأرض ما سوی السماء من العناصر و

یكون المراد نفی توهم أن بین السماء و الأرض خلا بل هو مملو من سائر العناصر و المراد بالأرضین السبع هذه الأرض و ستة من السماوات التی فوقنا فإن الأرض ما یستقر علیه

ص: 80


1- 1. كذا.
2- 2. الأرض( خ).
3- 3. فی المصدر: لهی.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 646.

الحیوانات و سائر الأشیاء و السماء ما یظلهم و یكون فوقهم فسطح هذه الأرض أرض لنا و السماء الأولی سماء لنا تظلنا و السطح المحدب للسماء الأولی أرض للملائكة المستقرین علیها و السماء الثانیة سماء لهم و هكذا محدب كل سماء أرض لما فوقها و مقعر السماء الذی فوقها سماء بالنسبة إلیها إلی السماء السابعة فإنها سماء و لیست بأرض و الأرض التی نحن علیها أرض و لیست بسماء و السماوات الستة الباقیة كل منها سماء من جهة و أرض من جهة و ثانیهما أن یكون المعنی أن السماوات سبع كرات فی جوف كل سماء أرض و لیست السماوات بعضها فی جوف بعض كما هو المشهور بل بعضها فوق بعض معتمدا بعضها علی بعض فالمراد بقوله إلی الأرض أی مع الأرض أو إلی أن ینتهی إلی هذه الأرض التی نحن علیها قوله علیه السلام فأما صاحب الأمر أی الذی ینزل هذا الأمر إلیه.

«5»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ: أَنَّهُ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْأَرْضِ مِمَّ خُلِقَ قَالَ مِنْ زَبَدِ الْمَاءِ(1).

«6»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ الْخَطَّابِ الْأَعْوَرِ رَفَعَهُ إِلَی أَهْلِ الْعِلْمِ وَ الْفِقْهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ: وَ فِی الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ یَعْنِی هَذِهِ الْأَرْضُ الطَّیِّبَةُ یُجَاوِرُهَا هَذِهِ الْمَالِحَةُ وَ لَیْسَتْ مِنْهَا كَمَا یُجَاوِرُ الْقَوْمُ الْقَوْمَ وَ لَیْسُوا مِنْهُمْ.

«7»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَأَلَ ابْنُ سَلَّامٍ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا السِّتُّونَ قَالَ الْأَرْضُ لَهَا سِتُّونَ عِرْقاً وَ النَّاسُ خُلِقُوا عَلَی سِتِّینَ لَوْناً(2).

«8»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ نَظَرَ إِلَی الْمَقَابِرِ فَقَالَ یَا حَمَّادُ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَمْوَاتِ وَ نَظَرَ إِلَی الْبُیُوتِ فَقَالَ هَذِهِ كِفَاتُ الْأَحْیَاءِ ثُمَّ تَلَا أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً(3) وَ رُوِیَ أَنَّهُ دَفَنَ الشَّعْرَ وَ الظُّفُرَ(4).

ص: 81


1- 1. العیون: ج 1، ص 241، علل الشرائع: ج 2، ص 280.
2- 2. الاختصاص: 4.
3- 3. المرسلات: 25- 26.
4- 4. معانی الأخبار: 342.

بیان: لعل المعنی أن دفن الشعر و الظفر فی الأرض لما كان مستحبا فهذا أیضا داخل فی كفات الأحیاء أو فی كفات الأموات لعدم حلول الحیاة فیهما و الأول أظهر.

«9»- الْعُیُونُ، عَنِ الْمُفَسِّرِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام: فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً(1) قَالَ جَعَلَهَا مُلَائِمَةً لِطَبَائِعِكُمْ مُوَافِقَةً لِأَجْسَادِكُمْ وَ لَمْ یَجْعَلْهَا شَدِیدَةَ الْحَمْیِ وَ الْحَرَارَةِ فَتُحْرِقَكُمْ وَ لَا شَدِیدَةَ الْبُرُودَةِ فَتُجْمِدَكُمْ وَ لَا شَدِیدَةَ طِیبِ الرِّیحِ فَتُصَدَّعَ هَامَاتُكُمْ وَ لَا شَدِیدَةَ النَّتْنِ فَتُعْطِبَكُمْ وَ لَا شَدِیدَةَ اللِّینِ كَالْمَاءِ فَتُغْرِقَكُمْ وَ لَا شَدِیدَةَ الصَّلَابَةِ فَتَمْتَنِعَ عَلَیْكُمْ فِی دُورِكُمْ (2) وَ أَبْنِیَتِكُمْ وَ قُبُورِ(3)

مَوْتَاكُمْ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ فِیهَا مِنَ الْمَتَانَةِ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ تَتَمَاسَكُ عَلَیْهَا أَبْدَانُكُمْ وَ بُنْیَانُكُمْ وَ جَعَلَ فِیهَا(4) مَا تَنْقَادُ بِهِ لِدُورِكُمْ وَ قُبُورِكُمْ وَ كَثِیرٍ مِنْ مَنَافِعِكُمْ فَذَلِكَ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً ثُمَّ قَالَ وَ السَّماءَ بِناءً سَقْفاً(5) مَحْفُوظاً مِنْ فَوْقِكُمْ یُدِیرُ فِیهَا شَمْسَهَا وَ قَمَرَهَا وَ نُجُومَهَا لِمَنَافِعِكُمْ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً یَعْنِی الْمَطَرَ یُنْزِلُهُ مِنْ عَلًی (6) لِیَبْلُغَ قُلَلَ جِبَالِكُمْ وَ تِلَالَكُمْ وَ هِضَابَكُمْ وَ أَوْهَادَكُمْ ثُمَّ فَرَّقَهُ رَذَاذاً وَ وَابِلًا وَ هَطْلًا وَ طَلًّا لِتَنْشَفَهُ أَرَضُوكُمْ وَ لَمْ یَجْعَلْ ذَلِكَ الْمَطَرَ نَازِلًا عَلَیْكُمْ قِطْعَةً وَاحِدَةً فَیُفْسِدَ أَرَضِیكُمْ وَ أَشْجَارَكُمْ وَ زُرُوعَكُمْ وَ ثِمَارَكُمْ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ یَعْنِی مِمَّا یُخْرِجُهُ مِنَ الْأَرْضِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً أَیْ أَشْبَاهاً وَ أَمْثَالًا مِنَ الْأَصْنَامِ الَّتِی لَا تَعْقِلُ وَ لَا تَسْمَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَقْدِرُ عَلَی شَیْ ءٍ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَی شَیْ ءٍ مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ الْجَلِیلَةِ الَّتِی أَنْعَمَهَا عَلَیْكُمْ رَبُّكُمْ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (7).

الاحتجاج، بالإسناد إلی أبی محمد علیه السلام: مثله (8)

ص: 82


1- 1. البقرة: 22.
2- 2. فی الاحتجاج: حرثكم.
3- 3. فیه: دفن موتاكم.
4- 4. فیه: من اللین ما تنقاد به لحرثكم.
5- 5. فیه: یعنی سقفا ....
6- 6. فیه: علو.
7- 7. العیون: ج 1، ص 137.
8- 8. الاحتجاج: 253.

تفسیر الإمام علیه السلام: مثله بیان فتصدع علی بناء التفعیل من الصداع و أعطبه أهلكه و الرذاذ كسحاب المطر الضعیف أو الساكن الدائم الصغار القطر كالغبار و الوابل المطر الشدید الضخم و الهطل المطر الضعیف الدائم و الطل المطر الضعیف أو أخف المطر و أضعفه و الندی أو فوقه و دون المطر كل ذلك ذكره الفیروزآبادی.

«10»- التَّوْحِیدُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ وَ غَیْرِهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زَیْدٍ الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَتْ زَیْنَبُ الْعَطَّارَةُ الْحَوْلَاءُ إِلَی نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَنَاتِهِ وَ كَانَتْ تَبِیعُ مِنْهُنَّ الْعِطْرَ فَدَخَلَ (1) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ عِنْدَهُنَّ فَقَالَ إِذَا أَتَیْتِنَا طَابَتْ بُیُوتُنَا فَقَالَتْ بُیُوتُكَ بِرِیحِكَ أَطْیَبُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِذَا بِعْتِ فَاحْشِی (2) وَ لَا تَغُشِّی فَإِنَّهُ أَتْقَی وَ أَبْقَی لِلْمَالِ فَقَالَتْ مَا جِئْتُ (3) لِشَیْ ءٍ مِنْ بَیْعِی وَ إِنَّمَا جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنْ عَظَمَةِ اللَّهِ قَالَ جَلَّ جَلَالُهُ سَأُحَدِّثُكِ عَنْ بَعْضِ ذَلِكِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ بِمَنْ فِیهَا(4) وَ مَنْ عَلَیْهَا عِنْدَ الَّتِی تَحْتَهَا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ(5) فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ هَاتَانِ وَ مَنْ فِیهِمَا وَ مَنْ عَلَیْهِمَا عِنْدَ الَّتِی تَحْتَهُمَا كَحَلْقَةٍ(6) فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ الثَّالِثَةُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی السَّابِعَةِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ وَ السَّبْعُ (7)

وَ مَنْ فِیهِنَّ وَ مَنْ عَلَیْهِنَّ عَلَی ظَهْرِ الدِّیكِ كَحَلْقَةٍ(8)

فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ الدِّیكُ لَهُ جَنَاحٌ بِالْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ بِالْمَغْرِبِ وَ رِجْلَاهُ فِی التُّخُومِ وَ السَّبْعُ وَ الدِّیكُ بِمَنْ فِیهِ وَ مَنْ عَلَیْهِ عَلَی الصَّخْرَةِ كَحَلْقَةٍ(9)

فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ السَّبْعُ وَ الدِّیكُ وَ الصَّخْرَةُ بِمَنْ فِیهَا وَ مَنْ عَلَیْهَا عَلَی ظَهْرِ الْحُوتِ كَحَلْقَةٍ(10)

فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ السَّبْعُ وَ الدِّیكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ عِنْدَ الْبَحْرِ الْمُظْلِمِ كَحَلْقَةٍ(11) فِی فَلَاةٍ

ص: 83


1- 1. فی الكافی: فجاء.
2- 2. فی التوحید و الكافی: فأحسنی.
3- 3. فی الكافی: فقالت: یا رسول اللّٰه ما أتیت بشی ء من بیعی و إنّما أتیت ....
4- 4. فیه: بمن علیها.
5- 5. فی التوحید: كحلقة فی فلاة ....
6- 6. فی الكافی: كحلقة ملفاة ....
7- 7. فی الكافی: و السبع الأرضین بمن ....
8- 8. فیه: كحلقة ملقاة.
9- 9. فیه: كحلقة ملقاة.
10- 10. فیه: كحلقة ملقاة.
11- 11. فیه: كحلقة ملقاة.

قِیٍّ وَ السَّبْعُ وَ الدِّیكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ وَ الْبَحْرُ الْمُظْلِمُ عِنْدَ الْهَوَاءِ كَحَلْقَةٍ(1)

فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ السَّبْعُ وَ الدِّیكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ وَ الْبَحْرُ الْمُظْلِمُ وَ الْهَوَاءُ عِنْدَ الثَّرَی كَحَلْقَةٍ(2)

فِی فَلَاةٍ قِیٍّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّری (3) ثُمَّ انْقَطَعَ الْخَبَرُ(4)

وَ السَّبْعُ وَ الدِّیكُ وَ الصَّخْرَةُ وَ الْحُوتُ وَ الْبَحْرُ الْمُظْلِمُ وَ الْهَوَاءُ وَ الثَّرَی بِمَنْ فِیهِ وَ مَنْ عَلَیْهِ عِنْدَ السَّمَاءِ الْأُولَی كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ هَذَا وَ السَّمَاءُ(5)

الدُّنْیَا وَ مَنْ فِیهَا وَ مَنْ عَلَیْهَا عِنْدَ الَّتِی فَوْقَهَا كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ هَذَا وَ هَاتَانِ السَّمَاوَانِ عِنْدَ الثَّالِثَةِ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ هَذَا وَ هَذِهِ الثَّلَاثُ عِنْدَ الرَّابِعَةِ بِمَنْ فِیهِنَّ وَ مَنْ عَلَیْهِنَّ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ حَتَّی انْتَهَی إِلَی السَّابِعَةِ وَ هَذِهِ السَّبْعُ (6)

وَ مَنْ فِیهِنَّ وَ مَنْ عَلَیْهِنَّ عِنْدَ الْبَحْرِ الْمَكْفُوفِ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ

عِنْدَ جِبَالِ الْبَرَدِ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِیها مِنْ بَرَدٍ(7) وَ هَذِهِ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ(8)

عِنْدَ حُجُبِ النُّورِ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ هُوَ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ یَذْهَبُ نُورُهَا بِالْأَبْصَارِ وَ هَذَا وَ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ وَ الْحُجُبُ عِنْدَ الْهَوَاءِ الَّذِی تَحَارُ فِیهِ الْقُلُوبُ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ وَ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ(9)

وَ الْحُجُبُ فِی الْكُرْسِیِّ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا یَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ (10) وَ هَذِهِ السَّبْعُ وَ الْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وَ جِبَالُ الْبَرَدِ وَ الْهَوَاءُ وَ الْحُجُبُ وَ الْكُرْسِیُّ عِنْدَ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ قِیٍ

ص: 84


1- 1. و فیه: كحلقة ملقاة.
2- 2. و فیه: كحلقة ملقاة.
3- 3. طه: 6.
4- 4. فی الكافی: عند الثری.
5- 5. فی التوحید و الكافی: سماء.
6- 6. فی الكافی: و هن.
7- 7. النور: 43.
8- 8. فی الكافی: و جبال البرد عند الهواء.
9- 9. فی الكافی: و الهواء عند حجب النور كحلقة فی فلاة قی، و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد و الهواء و حجب النور عند الكرسیّ.
10- 10. البقرة: 255.

ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی (1) مَا تَحْمِلُهُ الْأَمْلَاكُ إِلَّا بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (2).

الكافی، عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبی نجران عن صفوان عن خلف بن حماد: مثله بیان فإنه أتقی أی أقرب إلی التقوی و أنسب بها أو احفظ لصاحبه عن مفاسد الدنیا و الآخرة و قال الجوهری الفلاة المفازة و قال القیّ بالكسر و التشدید فعل من القواء و هی الأرض القفر الخالیة و قال التخم منتهی كلّ قریة أو أرض یقال فلان علی تخم من الأرض و الجمع تخوم قوله علیه السلام ثم انقطع الخبر و فی الكافی عند الثری و المعنی أنا لم نخبر به أو لم نؤمر بالإخبار به قوله المكفوف عن أهل الأرض أی ممنوع عنهم لا ینزل منه ماء إلیهم و فی الكافی بعد قوله مِنْ جِبالٍ فِیها مِنْ بَرَدٍ هكذا و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد عند الهواء الذی تحار فیه القلوب كحلقة فی فلاة قی و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد و الهواء عند حجب النور كحلقة فی فلاة قی و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد و الهواء عند حجب النور كحلقة فی فلاة قی و هذه السبع و البحر المكفوف و جبال البرد و الهواء و حجب النور عند الكرسی إلی قوله و تلا هذه الآیة الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی ثم قال و فی روایة الحسن الحجب قبل الهواء الذی تحار فیه القلوب أی كانت الروایة فی كتاب الحسن بن محبوب هكذا موافقا لما نقله الصدوق.

ثم اعلم أن الخبر یدل علی أن الأرضین طبقات بعضها فوق بعض و قد یستشكل فیما اشتمل علیه هذا الخبر من أن الأرضین السبع و الدیك و الصخرة و الحوت و البحر المظلم و الهواء و الثری عند السماء الأولی كحلقة فی فلاة قی فیدل علی أن جمیع ذلك لیس لها قدر محسوس عند فلك القمر مع أن الأرض وحدها لها قدر محسوس

ص: 85


1- 1. الكافی: ج 8، ص 153، و الآیة فی سورة طه: 5.
2- 2. التوحید: 199.

عنده بدلالة الخسوف و اختلاف المنظر و غیر ذلك مما علم فی الأبعاد و الأجرام و قد یجاب عن ذلك بأنه لما لم یمكن أن تحمل النسب التی ذكرت بین هذه الموجودات فی هذا الحدیث علی النسب المقداریة التی اعتبر مثلها بین الحلقة و الفلاة اللتین هما المشبه بهما فی جمیع المراتب فإنه خلاف ما دل علیه العقول الصحیحة السلیمة بعد التأمل فی البراهین الهندسیة و الحسابیة التی لا یحوم حولها الشك أصلا و لا تعتریها الشبهة قطعا فیمكن أن یأول و یحمل علی أن المعنی أن نسبة الحكم و المصالح المرعیة فی خلق كل من تلك المراتب إلی ما روعی فیما ذكر بعده كنسبة مقدار الحلقة إلی الفلاة لیدل علی أن ما یمكننا أن نشاهد أو ندرك من آثار صنعه و عجائب حكمته فی الشواهد لیس له نسبة محسوسة إلی أدنی ما هو محجوب عنا فكیف إلی ما فوقه و أجاب آخرون بأن المعنی ارتفاع ثقل كل من تلك الموجودات عما اتصل به فالطبقة الأولی من الأرض رفع اللّٰه ثقلها عن الطبقة الثانیة فلیس ثقلها علیها إلا كثقل حلقة علی فلاة سواء كانت أكبر منها حجما أو أصغر و أقول علی ما احتملنا سابقا من كون جمیع الأفلاك أجزاء من السماء الدنیا داخلة فیها كما هو ظاهر الآیة الكریمة یمكن حمل هذا التشبیه علی ظاهره من غیر تأویل و اللّٰه یعلم حقائق الموجودات.

«11»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِیمَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِ هَذِهِ الْجَوَاهِرَ الْأَرْبَعَةَ لِیَتَّسِعَ مَا یُحْتَاجُ إِلَیْهِ مِنْهَا فَمِنْ ذَلِكَ سَعَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ وَ امْتِدَادُهَا فَلَوْ لَا ذَلِكَ كَیْفَ كَانَتْ تَتَّسِعُ لِمَسَاكِنِ النَّاسِ وَ مَزَارِعِهِمْ وَ مَرَاعِیهِمْ وَ مَنَابِتِ أَخْشَابِهِمْ وَ أَحْطَابِهِمْ وَ الْعَقَاقِیرِ الْعَظِیمَةِ وَ الْمَعَادِنِ الْجَسِیمَةِ غَنَاؤُهَا وَ لَعَلَّ مَنْ یُنْكِرُ هَذِهِ الْفَلَوَاتِ الْخَالِیَةَ(1) وَ الْقِفَارَ الْمُوحِشَةَ یَقُولُ مَا الْمَنْفَعَةُ فِیهَا فَهِیَ مَأْوَی هَذِهِ الْوُحُوشِ وَ مَحَالُّهَا وَ مَرْعَاهَا ثُمَّ فِیهَا بَعْدُ مُتَنَفَّسٌ وَ مُضْطَرَبٌ لِلنَّاسِ إِذَا احْتَاجُوا إِلَی الِاسْتِبْدَالِ بِأَوْطَانِهِمْ وَ كَمْ بَیْدَاءَ وَ كَمْ فَدْفَدٍ حَالَتْ قُصُوراً وَ جِنَاناً بِانْتِقَالِ النَّاسِ إِلَیْهَا وَ حُلُولِهِمْ فِیهَا وَ لَوْ لَا سَعَةُ الْأَرْضِ وَ فُسْحَتُهَا لَكَانَ النَّاسُ كَمَنْ هُوَ فِی حِصَارٍ ضَیِّقٍ لَا یَجِدُ

ص: 86


1- 1. فی بعض النسخ« الخاویة» و الظاهر من بیان المؤلّف انه كان كذلك فی نسخته.

مَنْدُوحَةً عَنْ وَطَنِهِ إِذَا أَحْزَنَهُ (1) أَمْرٌ یَضْطَرُّهُ إِلَی الِانْتِقَالِ عَنْهُ ثُمَّ فَكِّرْ فِی خَلْقِ هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَی مَا هِیَ عَلَیْهِ حِینَ خُلِقَتْ رَاتِبَةً رَاكِنَةً فَیَكُونُ مُوَطَّناً مُسْتَقَرّاً لِلْأَشْیَاءِ فَیَتَمَكَّنُ النَّاسُ مِنَ السَّعْیِ عَلَیْهَا فِی مَآرِبِهِمْ وَ الْجُلُوسِ عَلَیْهَا لِرَاحَتِهِمْ وَ النَّوْمِ لِهُدُوئِهِمْ وَ الْإِتْقَانِ لِأَعْمَالِهِمْ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ رَجْرَاجَةً مُتَكَفِّئَةً لَمْ یَكُونُوا یَسْتَطِیعُونَ أَنْ یُتْقِنُوا الْبِنَاءَ وَ التِّجَارَةَ وَ الصِّنَاعَةَ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَلْ كَانُوا لَا یَتَهَنَّئُونَ بِالْعَیْشِ وَ الْأَرْضُ تَرْتَجُّ مِنْ تَحْتِهِمْ وَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِمَا یُصِیبُ النَّاسَ حِینَ الزَّلَازِلِ عَلَی قِلَّةِ مَكْثِهَا حَتَّی یَصِیرُوا إِلَی تَرْكِ مَنَازِلِهِمْ وَ الْهَرَبِ عَنْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ صَارَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ تُزَلْزَلُ قِیلَ لَهُ إِنَّ الزَّلْزَلَةَ وَ مَا أَشْبَهَهَا مَوْعِظَةٌ وَ تَرْهِیبٌ یُرَهَّبُ بِهَا النَّاسُ لِیَرْعُوا عَنِ الْمَعَاصِی وَ كَذَلِكَ مَا یَنْزِلُ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ فِی أَبْدَانِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ یَجْرِی فِی التَّدْبِیرِ عَلَی مَا فِیهِ صَلَاحُهُمْ وَ اسْتِقَامَتُهُمْ وَ یُدَّخَرُ لَهُمْ إِنْ صَلَحُوا مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِوَضِ فِی الْآخِرَةِ مَا لَا یَعْدِلُهُ شَیْ ءٌ مِنْ أُمُورِ الدُّنْیَا وَ رُبَّمَا عُجِّلَ ذَلِكَ فِی الدُّنْیَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ

فِی الدُّنْیَا صَلَاحاً لِلْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ ثُمَّ إِنَّ الْأَرْضَ فِی طِبَاعِهَا الَّذِی طَبَعَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ بَارِدَةٌ یَابِسَةٌ وَ كَذَلِكَ الْحِجَارَةُ وَ إِنَّمَا الْفَرْقُ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ الْحِجَارَةِ فَضْلُ یُبْسٍ فِی الْحِجَارَةِ أَ فَرَأَیْتَ لَوْ أَنَّ الْیُبْسَ أَفْرَطَ عَلَی الْأَرْضِ قَلِیلًا حَتَّی تَكُونَ حَجَراً صَلْداً أَ كَانَتْ تُنْبِتُ هَذَا النَّبَاتَ الَّذِی بِهِ حَیَاةُ الْحَیَوَانِ وَ كَانَ یُمْكِنُ بِهَا حَرْثٌ أَوْ بِنَاءٌ أَ فَلَا تَرَی كَیْفَ نَقَصَتْ عَنْ (2) یُبْسِ الْحِجَارَةِ وَ جُعِلَتْ عَلَی مَا هِیَ عَلَیْهِ مِنَ اللِّینِ وَ الرَّخَاوَةِ وَ لِیَتَهَیَّأَ لِلِاعْتِمَادِ وَ مِنْ تَدْبِیرِ الْحَكِیمِ جَلَّ وَ عَلَا فِی خَلْقِهِ الْأَرْضَ أَنَّ مَهَبَّ الشَّمَالِ أَرْفَعُ مِنْ مَهَبِّ الْجَنُوبِ فَلَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كَذَلِكَ إِلَّا لِتَنْحَدِرَ الْمِیَاهُ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَتَسْقِیَهَا وَ تَرْوِیَهَا ثُمَّ یُفِیضَ آخِرَ ذَلِكَ إِلَی الْبَحْرِ فَكَمَا یُرْفَعُ أَحَدُ جَانِبَیِ السَّطْحِ وَ یُخْفَضُ (3)

الْآخَرُ لِیَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَ لَا تَقُومَ عَلَیْهِ كَذَلِكَ جُعِلَ مَهَبُّ الشَّمَالِ أَرْفَعَ مِنْ مَهَبِّ الْجَنُوبِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ بِعَیْنِهَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَبَقِیَ الْمَاءُ مُتَحَیِّراً عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَكَانَ یَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ أَعْمَالِهَا وَ یَقْطَعُ الطُّرُقَ وَ الْمَسَالِكَ ثُمَّ الْمَاءُ لَوْ لَا كَثْرَتُهُ وَ تَدَفُّقُهُ فِی الْعُیُونِ وَ الْأَوْدِیَةِ وَ الْأَنْهَارِ لَضَاقَ عَمَّا یَحْتَاجُ النَّاسُ

ص: 87


1- 1. فی بعض النسخ« حزبه» و الظاهر من بیان المؤلّف انه موافق لنسخته.
2- 2. من( خ).
3- 3. ینخفض( خ).

إِلَیْهِ لِشُرْبِهِمْ وَ شُرْبِ أَنْعَامِهِمْ وَ مَوَاشِیهِمْ وَ سَقْیِ زُرُوعِهِمْ وَ أَشْجَارِهِمْ وَ أَصْنَافِ غَلَّاتِهِمْ وَ شُرْبِ مَا یَرِدُهُ مِنَ الْوُحُوشِ وَ الطَّیْرِ وَ السِّبَاعِ وَ تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْحِیتَانُ وَ دَوَابُّ الْمَاءِ وَ فِیهِ مَنَافِعُ أُخَرُ أَنْتَ بِهَا عَارِفٌ وَ عَنْ عِظَمِ مَوْقِعِهَا غَافِلٌ فَإِنَّهُ سِوَی الْأَمْرِ الْجَلِیلِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَنَائِهِ فِی إِحْیَاءِ جَمِیعِ مَا عَلَی الْأَرْضِ مِنَ الْحَیَوَانِ وَ النَّبَاتِ یُمْزَجُ بِالْأَشْرِبَةِ فَتَلِینُ وَ تَطِیبُ لِشَارِبِهَا وَ بِهِ تُنَظَّفُ الْأَبْدَانُ وَ الْأَمْتِعَةُ مِنَ الدَّرَنِ الَّذِی یَغْشَاهَا وَ بِهِ یُبَلُّ التُّرَابُ فَیَصْلُحُ لِلِاعْتِمَالِ وَ بِهِ نَكُفُّ عَادِیَةَ النَّارِ إِذَا اضْطَرَمَتْ وَ أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَی الْمَكْرُوهِ وَ بِهِ یَسْتَحِمُّ الْمُتْعِبُ الْكَالُّ فَیَجِدُ الرَّاحَةَ مِنْ أَوْصَابِهِ إِلَی أَشْبَاهِ هَذَا مِنَ الْمَآرِبِ الَّتِی تَعْرِفُ عِظَمَ مَوْقِعِهَا فِی وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَیْهَا فَإِنْ شَكَكْتَ فِی مَنْفَعَةِ هَذَا الْمَاءِ الْكَثِیرِ الْمُتَرَاكِمِ فِی الْبِحَارِ وَ قُلْتَ مَا الْإِرْبُ فِیهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُكْتَنَفٌ وَ مُضْطَرَبٌ مَا لَا یُحْصَی مِنْ أَصْنَافِ السَّمَكِ وَ دَوَابِّ الْبَحْرِ وَ مَعْدِنِ اللُّؤْلُؤِ وَ الْیَاقُوتِ وَ الْعَنْبَرِ وَ أَصْنَافٍ شَتَّی تُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ وَ فِی سَوَاحِلِهِ مَنَابِتُ الْعُودِ الْیَلَنْجُوجِ وَ ضُرُوبٌ مِنَ الطِّیبِ وَ الْعَقَاقِیرِ ثُمَّ هُوَ بَعْدُ مَرْكَبُ النَّاسِ وَ مَحْمِلٌ لِهَذِهِ التِّجَارَاتِ الَّتِی تُجْلَبُ مِنَ الْبُلْدَانِ الْبَعِیدَةِ كَمِثْلِ مَا یُجْلَبُ مِنَ الصِّینِ إِلَی الْعِرَاقِ وَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَی الْعِرَاقِ فَإِنَّ هَذِهِ التِّجَارَاتِ لَوْ لَمْ یَكُنْ لَهَا مَحْمِلٌ إِلَّا عَلَی الظَّهْرِ لَبَارَتْ (1)

وَ بَقِیَتْ فِی بُلْدَانِهَا وَ أَیْدِی أَهْلِهَا لِأَنَّ أَجْرَ حَمْلِهَا كَانَ یُجَاوِزُ أَثْمَانَهَا فَلَا یَتَعَرَّضُ أَحَدٌ لِحَمْلِهَا وَ كَانَ یَجْتَمِعُ فِی ذَلِكَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا فَقْدُ أَشْیَاءَ كَثِیرَةٍ تَعْظُمُ الْحَاجَةُ إِلَیْهَا وَ الْآخَرُ انْقِطَاعُ مَعَاشِ مَنْ یَحْمِلُهَا وَ یَتَعَیَّشُ بِفَضْلِهَا وَ هَكَذَا الْهَوَاءُ لَوْ لَا كَثْرَتُهُ وَ سَعَتُهُ لَاخْتَنَقَ هَذَا الْأَنَامُ مِنَ الدُّخَانِ وَ الْبُخَارِ الَّتِی یَتَحَیَّرُ فِیهِ وَ یَعْجِزُ عَمَّا یُحَوَّلُ إِلَی السَّحَابِ وَ الضَّبَابِ أَوَّلًا أَوَّلًا وَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ صِفَتِهِ مَا فِیهِ كِفَایَةٌ وَ النَّارُ أَیْضاً كَذَلِكَ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَبْثُوثَةً كَالنَّسِیمِ وَ الْمَاءِ كَانَتْ تُحْرِقُ الْعَالَمَ وَ مَا فِیهِ وَ لَمْ یَكُنْ بُدٌّ مِنْ ظُهُورِهَا فِی الْأَحَایِینِ لِغَنَائِهَا فِی كَثِیرٍ مِنَ الْمَصَالِحِ فَجُعِلَتْ كَالْمَخْزُونَةِ فِی الْأَخْشَابِ تُلْتَمَسُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَیْهَا وَ تُمْسَكُ بِالْمَادَّةِ وَ الْحَطَبِ مَا احْتِیجَ إِلَی بَقَائِهَا لِئَلَّا تَخْبُوَ فَلَا هِیَ تُمْسَكُ بِالْمَادَّةِ وَ الْحَطَبِ فَتَعْظُمُ الْمَئُونَةُ فِی ذَلِكَ وَ لَا هِیَ تَظْهَرُ مَبْثُوثَةً فَتُحْرِقُ كُلَّمَا هِیَ فِیهِ بَلْ هِیَ عَلَی تَهْیِئَةٍ وَ تَقْدِیرٍ اجْتَمَعَ فِیهَا الِاسْتِمْتَاعُ بِمَنَافِعِهَا

ص: 88


1- 1. بار السوق أو السلعة: كسدت.

وَ السَّلَامَةُ مِنْ ضَرَرِهَا ثُمَّ فِیهَا خَلَّةٌ أُخْرَی وَ هِیَ أَنَّهَا مِمَّا خُصَّ بِهِ الْإِنْسَانُ دُونَ جَمِیعِ الْحَیَوَانِ لِمَا لَهُ فِیهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ فَإِنَّهُ لَوْ فَقَدَ النَّارَ لَعَظُمَ مَا یَدْخُلُ عَلَیْهِ مِنَ الضَّرَرِ فِی مَعَاشِهِ فَأَمَّا الْبَهَائِمُ فَلَا تَسْتَعْمِلُ النَّارَ وَ لَا تَسْتَمْتِعُ بِهَا وَ لَمَّا قَدَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَكُونَ هَذَا هَكَذَا خَلَقَ لِلْإِنْسَانِ كَفّاً وَ أَصَابِعَ مُهَیَّأَةً لِقَدْحِ النَّارِ وَ اسْتِعْمَالِهَا وَ لَمْ یُعْطِ الْبَهَائِمَ مِثْلَ ذَلِكَ لَكِنَّهَا أُغْنِیَتْ بِالصَّبْرِ عَلَی الْجَفَاءِ وَ الْخَلَلِ فِی الْمَعَاشِ لِكَیْلَا یَنَالَهَا فِی فَقْدِ النَّارِ مَا یَنَالُ الْإِنْسَانَ وَ أُنَبِّئُكَ مِنْ مَنَافِعِ النَّارِ عَلَی خَلَّةٍ صَغِیرَةٍ عَظِیمٍ مَوْقِعُهَا وَ هِیَ هَذَا الْمِصْبَاحُ الَّذِی یَتَّخِذُهُ النَّاسُ فَیَقْضُونَ بِهِ حَوَائِجَهُمْ مَا شَاءُوا مِنْ لَیْلِهِمْ وَ لَوْ لَا هَذِهِ الْخَلَّةُ لَكَانَ النَّاسُ تُصْرَفُ أَعْمَارُهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ فِی الْقُبُورِ فَمَنْ كَانَ یَسْتَطِیعُ أَنْ یَكْتُبَ أَوْ یَحْفَظَ أَوْ یَنْسِجَ فِی ظُلْمَةِ اللَّیْلِ وَ كَیْفَ كَانَتْ حَالُ مَنْ عُرِضَ لَهُ وَجَعٌ فِی وَقْتٍ مِنْ أَوْقَاتِ اللَّیْلِ فَاحْتَاجَ إِلَی أَنْ یُعَالِجَ ضِمَاداً أَوْ سَفُوفاً أَوْ شَیْئاً یَسْتَشْفِی بِهِ فَأَمَّا مَنَافِعُهَا فِی نَضْجِ الْأَطْعِمَةِ وَ دف ء [دَفَاءِ] الْأَبْدَانِ وَ تَجْفِیفِ أَشْیَاءَ وَ تَحْلِیلِ أَشْیَاءَ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَی وَ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ تُخْفَی.

تبیان (1) العقاقیر أصول الأدویة و الغناء بالفتح المنفعة و الخاویة الخالیة و الفدفد الفلاة و المكان الصلب الغلیظ و المرتفع و الأرض المستویة و الفسحة بالضم السعة و یقال لی عن هذا الأمر مندوحة و منتدح أی سعة و حزبه أمر أی أصابه و الراتبة الثابتة و الراكنة الساكنة و هدأ هدءا و هدوءا سكن و قوله علیه السلام رجراجة أی متزلزلة متحركة و التكفی الانقلاب و التمایل و التحریك و الارتجاج الاضطراب و الارعواء الرجوع عن الجهل و الكف عن القبیح و الصلد و یكسر الصلب الأملس قوله علیه السلام إن مهب الشمال أرفع أی بعد ما خرجت الأرض من الكرویة الحقیقیة صار ما یلی الشمال منها فی أكثر المعمورة أرفع مما یلی الجنوب و لذا تری أكثر الأنهار كدجلة و الفرات و غیرهما تجری من الشمال إلی الجنوب و لما كان الماء الساكن فی جوف الأرض تابعا للأرض فی ارتفاعه و انخفاضه فلذا صارت العیون المنفجرة تجری هكذا من الشمال إلی الجنوب حتی

ص: 89


1- 1. تبیین( خ).

تجری علی وجه الأرض و لذا حكموا بفوقیة الشمال علی الجنوب فی حكم اجتماع البئر و البالوعة و إذا تأملت فیما ذكرنا یظهر لك ما بینه علیه السلام من الحكم فی ذلك و أنه لا ینافی كرویة الأرض و التدفق التصبب قوله علیه السلام فإنه سوی الأمر الجلیل الضمیر راجع إلی الماء و هو اسم إن و یمزج خبره أی للماء سوی النفع الجلیل المعروف و هو كونه سببا لحیاة كل شی ء منافع أخری منها أنه یمزج مع الأشربة و قال الجوهری الحمیم الماء الحار و قد استحممت إذا اغتسلت به ثم صار كل اغتسال استحماما بأی ماء كان انتهی و الوصب محركة المرض و المكتنف بفتح النون من الكنف بمعنی الحفظ و الإحاطة و اكتنفه أی أحاط به و یظهر منه أن نوعا من الیاقوت یتكون فی البحر و قیل أطلق علی المرجان مجازا و یحتمل أن یكون المراد ما یستخرج منه بالغوص و إن لم یتكون فیه و الیلنجوج عود البخور و من العراق أی البصرة إلی العراق أی الكوفة أو بالعكس قوله علیه السلام و یعجز أی لو لا كثرة الهواء لعجز الهواء عما یستحیل الهواء إلیه من السحاب و الضباب التی تتكون من الهواء أولا أولا أی تدریجا أی كان الهواء لا یفی بذلك أو لا یتسع لذلك و الضباب بالفتح ندی كالغیم أو سحاب رقیق كالدخان و الأحایین جمع أحیان و هو جمع حین بمعنی الدهر و الزمان قوله علیه السلام فلا هی تمسك بالمادة و الحطب أی دائما بحیث إذا انطفت لم یمكن إعادتها و المادة الزیادة المتصلة و المراد هنا الدهر و مثله و دفاء الأبدان (1)

بالكسر دفع البرد عنها.

«12»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ،: سُئِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَحْتَ الْأَرْضِ خَلْقٌ قَالَ نَعَمْ أَ لَا تَرَی إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ یَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَیْنَهُنَ (2).

ص: 90


1- 1. الدفاء- بالكسر-: ما یستدمأ به( لا الاستدفاء دفع البرد) و لم نجد فی كتب اللغة شاهدا علی ما ذكره، و الظاهر أنّه هنا« الدفأ» كالظمأ بمعنی التسخن.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 238.

«13»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: فِی قَوْلِهِ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ قَالَ فِی كُلِّ سَمَاءٍ وَ كُلِّ أَرْضٍ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ وَ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِهِ وَ قَضَاءٌ مِنْ قَضَائِهِ (1).

«14»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ: فِی قَوْلِهِ یَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَیْنَهُنَ قَالَ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ مَلْفُوفَةً(2).

«15»- وَ عَنِ الْحَسَنِ: فِی الْآیَةِ قَالَ بَیْنَ كُلِّ سَمَاءٍ وَ أَرْضٍ خَلْقٌ وَ أَمْرٌ(3).

«16»- وَ عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ قَالَ: بَلَغَنِی أَنَّ عَرْضَ كُلِّ سَمَاءٍ(4) مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ وَ أَنَّ بَیْنَ كُلِّ أَرْضَیْنِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ وَ أُخْبِرْتُ أَنَّ الرِّیحَ بَیْنَ الْأَرْضِ الثَّانِیَةِ وَ الثَّالِثَةِ وَ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ فَوْقَ الثَّرَی وَ اسْمُهَا تُخُومٌ وَ أَنَّ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ فِیهَا فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أَلْقَتْهُمْ إِلَی بَرَهُوتَ وَ الثَّرَی فَوْقَ الصَّخْرَةِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ فِی صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَی الثَّوْرِ لَهُ قَرْنَانِ وَ لَهُ ثَلَاثُ قَوَائِمَ یَبْتَلِعُ مَاءَ الْأَرْضِ كُلَّهَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ الثَّوْرُ عَلَی الْحُوتِ وَ ذَنَبُ الْحُوتِ عِنْدَ رَأْسِهِ مُسْتَدِیرٌ تَحْتَ الْأَرْضِ السُّفْلَی وَ طَرَفَاهُ مُنْعَقِدَانِ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ یُقَالُ الْأَرْضُ السُّفْلَی عُمُدٌ(5)

بَیْنَ قَرْنَیِ الثَّوْرِ وَ یُقَالُ بَلْ عَلَی ظَهْرِهِ وَ اسْمُهَا یهموت (6)

وَ أُخْبِرْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی مَا الْحُوتُ قَالَ عَلَی مَاءٍ أَسْوَدَ وَ مَا أُخِذَ مِنْهُ الْحُوتُ إِلَّا كَمَا أُخِذَ حُوتٌ مِنْ حِیتَانِكُمْ مِنْ بَحْرٍ مِنْ هَذِهِ الْبِحَارِ وَ حُدِّثْتُ أَنَّ إِبْلِیسَ یُغَلْغِلُ إِلَی الْحُوتِ فَیُعْظِمُ (7)

لَهُ نَفْسَهُ وَ قَالَ لَیْسَ خَلْقٌ بِأَعْظَمَ مِنْكَ عِزّاً(8)

وَ لَا أَقْوَی مِنْكَ فَوَجَدَ الْحُوتُ فِی نَفْسِهِ فَتَحَرَّكَ

ص: 91


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 238، و لیس فی الثانی لفظة« ملفوفة».
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 238، و لیس فی الثانی لفظة« ملفوفة».
3- 3. كذا فی المصدر و أكثر نسخ الكتاب، و فی طبعة امین الضرب صحح الروایة علی مثل روایة قتادة، و الظاهر أنّه سهو من المصحح.
4- 4. فی المصدر: أرض.
5- 5. فی المصدر: علی عمد من قرنی الثور.
6- 6. فی المصدر: و بعض نسخ الكتاب: بهموت.
7- 7. كذا فی جمیع نسخ الكتاب، و فی المصدر« تغلغل الی الحوت فعظم له نفسه» و هو الصواب.
8- 8. فی المصدر: غنی.

فَمِنْهُ تَكُونُ الزَّلْزَلَةُ إِذَا تَحَرَّكَ فَبَعَثَ اللَّهُ حُوتاً صَغِیراً فَأَسْكَنَهُ فِی أُذُنِهِ فَإِذَا ذَهَبَ یَتَحَرَّكُ تَحَرَّكَ الَّذِی فِی أُذُنِهِ فَیَسْكُنُ (1).

«17»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ قَالَ سَبْعُ أَرَضِینَ فِی كُلِّ أَرْضٍ نَبِیٌّ كَنَبِیِّكُمْ وَ آدَمُ كَآدَمَ وَ نُوحٌ كَنُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمُ كَإِبْرَاهِیمَ وَ عِیسَی كَعِیسَی (2).

«18»- وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْأَرَضِینَ بَیْنَ كُلِّ أَرْضٍ وَ الَّتِی تَلِیهَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ الْعُلْیَا مِنْهَا عَلَی ظَهْرِ حُوتٍ قَدِ الْتَقَی طَرَفَاهُ فِی السَّمَاءِ وَ الْحُوتُ عَلَی صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ بِیَدِ مَلَكٍ وَ الثَّانِیَةُ مَسْجَنُ الرِّیحِ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُهْلِكَ عَاداً أَمَرَ خَازِنَ الرِّیحِ أَنْ یُرْسِلَ عَلَیْهِمْ رِیحاً یَهْلِكُ عَاداً فَقَالَ یَا رَبِّ أُرْسِلُ عَلَیْهِمْ مِنَ الرِّیحِ قَدْرَ مَنْخِرِ الثَّوْرِ فَقَالَ لَهُ الْجَبَّارُ إِذَنْ تُكْفَأَ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ لَكِنْ أَرْسِلْ عَلَیْهِمْ بِقَدْرِ خَاتَمٍ فَهِیَ الَّتِی قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ ما تَذَرُ مِنْ شَیْ ءٍ أَتَتْ عَلَیْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِیمِ وَ الثَّالِثَةُ فِیهَا حِجَارَةُ جَهَنَّمَ وَ الرَّابِعَةُ فِیهَا كِبْرِیتُ جَهَنَّمَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لِلنَّارِ كِبْرِیتٌ قَالَ نَعَمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ فِیهَا لَأَوْدِیَةٌ مِنْ كِبْرِیتٍ لَوْ أَرْسَلَ فِیهَا الْجِبَالَ الرَّوَاسِیَ لَمَاعَتْ وَ الْخَامِسَةُ فِیهَا حَیَّاتُ جَهَنَّمَ إِنَّ أَفْوَاهَهَا كَالْأَوْدِیَةِ تَلْسَعُ الْكَافِرَ اللَّسْعَةَ فَلَا یَبْقَی مِنْهُ لَحْمٌ عَلَی وَضَمٍ وَ السَّادِسَةُ فِیهَا عَقَارِبُ جَهَنَّمَ إِنَّ أَدْنَی عَقْرَبَةٍ مِنْهَا كَالْبِغَالِ الْمُؤْكَفَةِ تَضْرِبُ الْكَافِرَ ضَرْبَةً یُنْسِیهِ ضَرْبُهَا حَرَّ جَهَنَّمَ وَ السَّابِعَةُ فِیهَا سَقَرٌ وَ فِیهَا إِبْلِیسُ مُصَفَّدٌ بِالْحَدِیدِ یَدٌ أَمَامَهُ وَ یَدٌ خَلْفَهُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُطْلِقَهُ لِمَا یَشَاءُ أَطْلَقَهُ (3).

«19»- وَ عَنْ أَبِی الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كَنَفُ الْأَرْضِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ الثَّانِیَةُ مِثْلُ ذَلِكَ وَ مَا بَیْنَ كُلِّ أَرْضٍ أَرْضَیْنِ مِثْلَ ذَلِكَ (4).

«20»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَیِّدُ السَّمَاوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِی فِیهَا الْعَرْشُ وَ سَیِّدُ

ص: 92


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 238.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 238.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 238.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 239.

الْأَرَضِینَ الْأَرْضُ الَّتِی نَحْنُ فِیهَا(1).

«21»- وَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: الْأَرَضُونَ السَّبْعُ عَلَی صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ فِی كَفِّ مَلَكٍ وَ الْمَلَكُ عَلَی جَنَاحِ الْحُوتِ وَ الْحُوتُ فِی الْمَاءِ(2)

عَلَی الرِّیحِ وَ الرِّیحُ عَلَی الْهَوَاءِ رِیحٌ عَقِیمٌ لَا تُلْقِحُ وَ إِنَّ قُرُونَهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ (3).

«22»- وَ عَنْ أَبِی مَالِكٍ قَالَ: الصَّخْرَةُ الَّتِی تَحْتَ الْأَرْضِ مُنْتَهَی الْخَلْقِ عَلَی أَرْجَائِهَا أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ رُءُوسُهُمْ تَحْتَ الْعَرْشِ (4).

«23»- وَ عَنْهُ قَالَ: الصَّخْرَةُ تَحْتَ الْأَرَضِینَ عَلَی حُوتٍ وَ السِّلْسِلَةُ فِی أُذُنِ الْحُوتِ (5).

«24»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَمُ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبِ الْقَدَرَ یَجْرِی (6)

مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ثُمَّ طَوَی الْكِتَابَ وَ رَفَعَ الْقَلَمَ وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَی الْمَاءِ فَارْتَفَعَ بُخَارُ الْمَاءِ فَفُتِقَتْ مِنْهُ السَّمَاوَاتُ ثُمَّ خُلِقَ النُّونُ فَبُسِطَتْ عَلَیْهِ الْأَرْضُ وَ الْأَرْضُ عَلَی ظَهْرِ النُّونِ فَاضْطَرَبَ النُّونُ فَمَادَّتِ الْأَرْضُ فَأَثْبَتَتْ بِالْجِبَالِ فَإِنَّ الْجِبَالَ لَتَفْخَرُ عَلَی الْأَرْضِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ.

«25»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ وَ الْحُوتُ وَ قَالَ مَا أَكْتُبُ قَالَ كُلَّ شَیْ ءٍ كَائِنٍ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ قَرَأَ ن وَ الْقَلَمِ فَالنُّونُ الْحُوتُ.

«26»- وَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: النُّونُ السَّمَكَةُ الَّتِی عَلَیْهَا قَرَارُ الْأَرَضِینَ وَ الْقَلَمُ الَّذِی خَطَّ بِهِ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ الْقَدَرَ خَیْرَهُ وَ شَرَّهُ وَ نَفْعَهُ وَ ضَرَرَهُ وَ ما یَسْطُرُونَ قَالَ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ (7).

بیان: فی القاموس ماع الشی ء یمیع جری علی وجه الأرض منبسطا فی هینة

ص: 93


1- 1. الدّر المنثور: ج 6 ص 238.
2- 2. فی المصدر: و الماء علی الریح.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 239.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 239.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 239.
6- 6. فی المصدر: فجری من ذلك الیوم ما ...
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 250.

و السمن ذاب و قال الوضم محركة ما وقیت به اللحم عن الأرض من خشب و حصیر و قال إكاف الحمار ككتاب و غراب و وكافه برذعته و آكف الحمار إیكافا و أكفه تأكیفا شده علیه.

«27»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلَانِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اجْلِسْ عَلَی اسْمِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الْبَرَكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اجْلِسْ عَلَی اسْتِكَ فَأَقْبَلَ یَضْرِبُ الْأَرْضَ بِعَصًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَضْرِبْهَا فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ وَ هِیَ بِكُمْ بَرَّةٌ.

«28»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تَمَسَّحُوا بِالْأَرْضِ فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ وَ هِیَ بِكُمْ بَرَّةٌ.

بیان: قال فی النهایة فی الحدیث تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة أی مشفقة علیكم كالوالدة البرة بأولادها یعنی أن منها خلقكم و فیها معاشكم و إلیها بعد الموت معادكم و التمسح أراد به التیمم و قیل أراد مباشرة ترابها بالجباه فی السجود من غیر حائل انتهی.

و أقول یحتمل أن یراد به ما یشمل الجلوس علی الأرض بغیر حائل و الأكل علی الأرض من غیر مائدة بقرینة الخبر الأول.

«29»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: الْعِلَّةُ فِی أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَقْبَلُ الدَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ قَابِیلُ أَخَاهُ هَابِیلَ غَضِبَ آدَمُ عَلَی الْأَرْضِ فَلَا تَقْبَلُ الدَّمَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.

«30»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلَّانٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ یَهُودِیٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ قَرَارِ هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَی مَا هُوَ فَقَالَ علیه السلام قَرَارُ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا یَكُونُ إِلَّا عَلَی عَاتِقِ مَلَكٍ وَ قَدَمَا ذَلِكَ الْمَلَكِ عَلَی صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَی قَرْنِ ثَوْرٍ وَ الثَّوْرُ قَوَائِمُهُ عَلَی ظَهْرِ الْحُوتِ فِی الْیَمِّ الْأَسْفَلِ وَ الْیَمُّ عَلَی الظُّلْمَةِ وَ الظُّلْمَةُ عَلَی الْعَقِیمِ وَ الْعَقِیمُ عَلَی الثَّرَی وَ مَا یَعْلَمُ تَحْتَ الثَّرَی إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَبَرَ(1).

ص: 94


1- 1. علل الشرائع: ج 1، ص 1- 2( مع تقطیع).

«31»- النهج، [نهج البلاغة] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خُطْبَةِ التَّوْحِیدِ: لَا یَجْرِی عَلَیْهِ السُّكُونُ وَ الْحَرَكَةُ وَ كَیْفَ یَجْرِی عَلَیْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ وَ یَعُودُ فِیهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ وَ یَحْدُثُ فِیهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَ لَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ وَ لَامْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ وَ لَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ (1).

بیان: قال بعض شراح النهج فی قوله علیه السلام و لتجزأ كنهه إشارة إلی نفی الجوهر الفرد و قال قوله علیه السلام و لكان له وراء إذ كان له أمام یؤكد ذلك لأن من أثبته یقول یصح أن تحله الحركة و لا یكون أحد وجهیه غیر الآخر.

فائدة

اعلم أن الطبیعیین و الریاضیین اتفقوا علی أن الأرض كرویة بحسب الحس و كذا الماء المحیط بها و صارا بمنزلة كرة واحدة فالماء لیس بتام الاستدارة بل هو علی هیئة كرة مجوفة قطع بعض منها و ملئت الأرض علی وجه صارت الأرض مع الماء بمنزلة كرة واحدة و مع ذلك لیس شی ء من سطحیه صحیح الاستدارة أما المحدب فلما فیه من الأمواج و أما المقعر فللتضاریس فیه من الأرض و قد أخرج اللّٰه تعالی قریبا من الربع من الأرض من الماء بمحض عنایته الكاملة أو لبعض الأسباب المتقدمة لتكون مسكنا للحیوانات المتنفسة و غیرها من المركبات المحوجة إلی غلبة العنصر الیابس الصلب لحفظ الصور و الأشكال و ربط الأعضاء و الأوصال و مما یدل علی كرویة الأرض ما أومأنا إلیه سابقا من طلوع الكواكب و غروبها فی البقاع الشرقیة قبل

طلوعها و غروبها فی الغربیة بقدر ما تقتضیه أبعاد تلك البقاع فی الجهتین علی ما علم من إرصاد كسوفات بعینها لا سیما القمریة فی بقاع مختلفة فإن ذلك لیس فی ساعات متساویة البعد من نصف النهار علی الوجه المذكور و كون الاختلاف متقدرا بقدر الأبعاد دلیل علی الاستدارة المتشابهة السائرة بحدبتها المواضع التی یتلو بعضها بعضا علی قیاس واحد بین الخافقین و ازدیاد ارتفاع القطب و الكواكب الشمالیة و انحطاط الجنوبیة للسائرین

ص: 95


1- 1. نهج البلاغة: ج 1، ص 356.

إلی الشمال و بالعكس للسائرین إلی الجنوب بحسب سیرهما دلیل علی استدارتها بین الجنوب و الشمال و تركب الاختلافین یعطی الاستدارة فی جمیع الامتدادات و یؤیده مشاهدة استدارة أطراف المنكسف من القمر الدالة علی أن الفصل المشترك بین المستضی ء من الأرض و ما ینبعث منه الظل دائرة و كذلك اختلاف ساعات النهر(1)

الطوال و القصار فی مساكن متفقه الطول إلی غیر ذلك و لو كانت أسطوانیة قاعدتاها نحو القطبین لم یكن لساكنی الاستدارة كوكب أبدی الظهور بل إما الجمیع طالعة غاربة أو كانت كواكب یكون من كل واحد من القطبین علی بعد تستره القاعدتان أبدیة الخفاء و الباقیة طالعة غاربة و لیس كذلك و أیضا فالسائر إلی الشمال قد یغیب عنه دائما كواكب كانت تظهر له و تظهر له كواكب كانت تغیب عنه بقدر إمعانه فی السیر و ذلك یدل علی استدارتها فی هاتین الجهتین أیضا و مما یدل علی استدارة سطح الماء الواقف طلوع رءوس الجبال الشامخة علی السائرین فی البحر أولا ثم ما یلی رءوسها شیئا بعد شی ء فی جمیع الجهات و قالوا التضاریس التی علی وجه الأرض من جهة الجبال و الأغوار لا تقدح فی كرویتها الحسیة إذ ارتفاع أعظم الجبال و أرفعها علی ما وجدوه فرسخان و ثلث فرسخ و نسبتها إلی جرم الأرض كنسبة جرم سبع عرض شعیرة إلی كرة قطرها ذراع بل أقل من ذلك و یظهر من كلام أكثر المتأخرین أن عدم قدح تلك الأمور فی كرویتها الحسیة معناه أنها لا تخل بشكل جملتها كالبیضة ألزقت بها حبات شعیر لم یقدح ذلك فی شكل جملتها و اعترض علیه بأن كون الأرض أو البیضة حینئذ علی الشكل الكروی أو البیضی عند الحس ممنوع و كیف یمكن دعوی ذلك مع ما یری علی كل منهما ما یخرج به الشكل مما اعتبروا فیه و عرفوه به و ربما یوجه بوجه آخر و هو أن الجبال و الوهاد الواقعة علی سطح الأرض غیر محسوسة عادة عند الإحساس بجملة كرة الأرض علی ما هی علیه فی الواقع بیانه أن رؤیة الأشیاء تختلف بالقرب و البعد فیری القریب أعظم مما هو الواقع و البعید أصغر منه و هو ظاهر و قد أطبق القائلون بالانطباع و بخروج الشعاع كلهم علی أن هذا الاختلاف

ص: 96


1- 1. النهر- بضمتین-: جمع النهار.

فی رؤیة المرئی بسبب القرب و البعد إنما هو تابع لاختلاف الزاویة الحاصلة عند مركز الجلیدیة فی رأس المخروط الشعاعی بحسب التوهم أو بحسب الواقع عند انطباق قاعدته علی سطح المرئی فكلما قرب المرئی عظمت تلك الزاویة و كلما بعد صغرت و قد تقرر أیضا بین محققیهم أن رؤیة الشی ء علی ما هو علیه إنما هو(1) فی حالة یكون البعد بین الرائی و المرئی علی قدر یقتضی أن تكون الزاویة المذكورة قائمة فبناء علی ذلك إذا فرضت الزاویة المذكورة بالنسبة إلی مرئی قائمة یجب أن یكون البعد بین رأس المخروط و قاعدته المحیطة بالمرئی بقدر نصف قطر قاعدته علی ما تقرر فی الأصول فلما كان قطر الأرض أزید من

ألفی فرسخ بلا شبهة لا تكون مرئیة علی ما هی علیه من دون ألف فرسخ و معلوم أن الجبال و الوهاد المذكورة غیر محسوسة عادة عند هذا البعد من المسافة فلا یكون لها قدر محسوس عند الأرض بالمعنی الذی مهدنا.

ثم إنهم استعلموا بزعمهم مساحة الأرض و أجزاءها و دوائرها فی زمان المأمون و قبله فوجدوا مقدار محیط الدائرة العظمی من الأرض ثمانیة آلاف فرسخ و قصرها ألفین و خمسمائة و خمسة و أربعین فرسخا و نصف فرسخ تقریبا و مضروب القطر فی المحیط مساحة سطح الأرض و هی عشرون ألف ألف و ثلاثمائة و ستون ألف فرسخ و ربع ذلك مساحة الربع المسكون من الأرض و أما القدر المعمور من الربع المسكون و هو ما بین خط الاستواء و الموضع الذی عرضه بقدر تمام المیل الكلی فمساحته ثلاثة آلاف ألف و سبعمائة و خمسة و ستین ألفا و أربعمائة و عشرین فرسخا و هو قریب من سدس سطح جمیع الأرض و سدس عشره و الفرسخ ثلاثة أمیال بالاتفاق و كل میل أربعة آلاف ذراع عند المحدثین و ثلاثة آلاف عند القدماء و كل ذراع أربع و عشرون إصبعا عند المحدثین و اثنان و ثلاثون عند القدماء و كل إصبع بالاتفاق مقدار ست شعیرات مضمومة بطون بعضها إلی ظهور بعض من الشعیرات المعتدلة.

و ذكروا أن للأرض ثلاث طبقات الأولی الأرض الصرفة المحیط بالمركز

ص: 97


1- 1. هی( خ).

الثانیة الطبقة الطینیة و هی المجاورة للماء الثالثة الطبقة المنكشفة من الماء و هی التی تحتبس فیها الأبخرة و الأدخنة و تتولد منها المعادن و النباتات و الحیوانات و زعموا أن البسائط كلها شفافة لا تحجب عن أبصار ما وراءها ما عدا الكواكب و أن الأرض الصرفة المتجاورة(1)

للمركز أیضا شفافة و الطبقتان الأخریان لیستا بسیطتین فهما كثیفتان فالأرض جعل اللّٰه الطبقة الظاهرة منها ملونة كثیفة غبراء لتقبل الضیاء و خلق ما فوقها من العناصر مشفة لطیفة بالطباع لینفذ فیها و یصل إلی غیرها ساطع الشعاع فإن الكواكب و سیما الشمس و القمر أكثر تأثیراتها فی العوالم السفلی بوسیلة أشعتها المستقیمة و المنعطفة و المنعكسة بإذن اللّٰه تعالی و قالوا الأرض فی وسط السماء كالمركز فی الكرة فینطبق مركز حجمها علی مركز العالم و ذلك لتساوی ارتفاع الكواكب و انحطاطها مدة ظهورها و ظهور النصف من الفلك دائما و تطابق أظلال الشمس فی وقتی طلوعها و غروبها عند كونها علی المدار الذی یتساوی فیه زمان ظهورها و خفائها علی خط مستقیم أو عند كونها فی جزءین متقابلین من الدائرة التی یقطعها بسیرها الخاص بها و انخساف القمر فی مقاطراته (2) الحقیقیة للشمس فإن الأول یمنع میلها إلی أحد الخافقین و الثانی إلی أحد السمتین الرأس و القدم و الثالث إلی أحد القطبین و الرابع إلی شی ء منها أو من غیرها من الجهات كما لا یخفی و كما أن مركز حجمها منطبق علی مركز العالم فكذا مركز ثقلها و ذلك لأن الثقال تمیل بطبعها إلی الوسط كما دلت علیه التجربة فهی إذن لا تتحرك عن الوسط بل هی ساكنة فیه متدافعة بأجزائها من جمیع الجوانب إلی المركز تدافعا متساویا فلا محالة ینطبق مركز ثقلها الحقیقی المتحد بمركز حجمها التقریبی علی مركز العالم و مستقرها عند وسط العالم لتكافؤ القوی بلا تزلزل و اضطراب یحدث فیها لثباتها

بالسبب المذكور و لكون الأثقال المنتقلة من جانب منها إلی الآخر فی غایة الصغر بالقیاس إلیها لا یوجب انتقال مركز ثقلها من نقطة إلی أخری بحركة شی ء منها و كذا الأجزاء

ص: 98


1- 1. المجاورة( خ).
2- 2. المقاطرة: مقابلة القطرین.

المباینة لها تهوی إلیها و هی تقبلها من جمیع نواحیها من دون اضطراب هذا ما ذكروه فی هذا المقام و لا نعرف من ذلك إلا كون الجمیع بقدرة القادر العلیم و إرادة المدبر الحكیم كما ستعرف ذلك إن شاء اللّٰه تعالی و قال الشیخ المفید قدس سره فی كتاب المقالات أقول إن العالم هو السماء و الأرض و ما بینهما و فیهما من الجواهر و الأعراض و لست أعرف بین أهل التوحید خلافا فی ذلك أقول لعل مراده قدس سره بالسماوات ما یشمل العرش و الكرسی و الحجب و غرضه نفی الجواهر المجردة التی تقول بها الحكماء ثم قال رحمه اللّٰه و أقول إن الفلك هو المحیط بالأرض الدائر علیها و فیه الشمس و القمر و سائر النجوم و الأرض فی وسطه بمنزلة النقطة فی وسط الدائرة و هذا مذهب أبی القاسم البلخی و جماعة كثیرة من أهل التوحید و مذهب أكثر القدماء و المنجمین و قد خالف فیه جماعة من بصریة المعتزلة و غیرهم من أهل النحل و أقول إن المتحرك من الفلك إنما یتحرك حركة دوریة كما یتحرك الدائر علی الكرة و إلی هذا ذهب البلخی و جماعة من أهل التوحید و الأرض علی هیئة الكرة فی وسط الفلك و هی ساكنة لا تتحرك و علة سكونها أنها فی المركز و هو مذهب أبی القاسم و أكثر القدماء و المنجمین و قد خالف فیه الجبائی و ابنه و جماعة غیرهما من أهل الآراء و المذاهب من المقلدة و المتكلمین ثم قال و أقول إن العالم مملوءة من الجواهر و إنه لا خلا فیه و لو كان فیه خلا لما صح فرق بین المجتمع و المتفرق من الجواهر و الأجسام و هو مذهب أبی القاسم خاصة من البغدادیین و مذهب أكثر القدماء من المتكلمین و خالف فیه الجبائی و ابنه و جماعة متكلمی أهل الحشو و الجبر و التشبیه ثم قال و أقول إن المكان هو ما أحاط بالشی ء من جمیع جهاته و لا یصح تحرك الجواهر إلا فی الأماكن و الوقت هو ما جعله الموقت وقتا للشی ء و لیس بحادث مخصوص و الزمان اسم یقع علی حركات الفلك فلذلك لم یكن الفعل محتاجا فی وجوده إلی وقت و لا زمان و علی هذا القول سائر الموحدین.

و سئل السید المرتضی رحمه اللّٰه الفراغ له نهایة و القدیم تعالی یعلم

ص: 99

منتهی نهایته و هذا الفراغ أی شی ء هو و كذلك الطبقة الثامنة من الأرض و الثامنة من السماء نقطع أن هناك فراغا أم لا فإن قلت لا طالبتك بما وراء الملإ القدیم تعالی یعلم أن هناك نهایة فإن قلت نعم طالبتك أی شی ء وراء النهایة.

فأجاب رحمه اللّٰه أن الفراغ لا یوصف بأنه منته و لا أنه غیر منته علی وجه الحقیقة و إنما یوصف بذلك مجازا و اتساعا و أما قوله و هذا الفراغ أی شی ء هو فقد علمنا(1) أنه لا جوهر و لا عرض و لا قدیم و لا محدث و لا هو ذات و لا هو معلوم

كالمعلومات و أما الطبقة الثامنة من الأرض فما نعرفها و الذی نطق به القرآن سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ فأما غیر ذلك فلا سبیل للقطع به من عقل و لا شرع انتهی.

و أقول بسط الكلام فی هذه الأمور خروج عن مقصود الكتاب و محله علم الكلام.

باب 32 فی قسمة الأرض إلی الأقالیم و ذكر جبل قاف و سائر الجبال و كیفیة خلقها و سبب الزلزلة و علتها

الآیات:

النحل: وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ (2)

الكهف: حَتَّی إِذا بَلَغَ بَیْنَ السَّدَّیْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً إلی قوله وَ كانَ وَعْدُ رَبِّی حَقًّا(3)

الأنبیاء: وَ جَعَلْنا فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِهِمْ وَ جَعَلْنا فِیها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ

ص: 100


1- 1. قلنا( خ).
2- 2. النحل: 15.
3- 3. الكهف: 93- 98.

یَهْتَدُونَ (1) و قال تعالی حَتَّی إِذا فُتِحَتْ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ (2)

لقمان: وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ (3)

فاطر: وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِیضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَ غَرابِیبُ سُودٌ(4)

ص: إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِشْراقِ (5)

ق: وَ أَلْقَیْنا فِیها رَواسِیَ (6)

الطور وَ الطُّورِ(7) و قال تعالی وَ تَسِیرُ الْجِبالُ سَیْراً(8)

المرسلات: وَ جَعَلْنا فِیها رَواسِیَ شامِخاتٍ (9)

النبأ: أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَ الْجِبالَ أَوْتاداً(10)

الغاشیة: وَ إِلَی الْجِبالِ كَیْفَ نُصِبَتْ (11)

التین: وَ التِّینِ وَ الزَّیْتُونِ وَ طُورِ سِینِینَ (12)

تفسیر:

أَنْ تَمِیدَ بِكُمْ قال المبرد أی منع الأرض أن تمید و قیل لئلا تمید و قیل أی كراهة أن تمید و قال بعض المفسرین المید الاضطراب فی الجهات الثلاث و قیل إن الأرض كانت تمید و ترجف رجوف السقف بالوطء فثقلها اللّٰه بالجبال الرواسی لیمنع من رجوفها و رووا عن ابن عباس أنه قال إن الأرض بسطت علی الماء فكانت تكفأ بأهلها كما تكفأ السفینة فأرساها اللّٰه تعالی بالجبال ثم إنهم

ص: 101


1- 1. الأنبیاء: 31.
2- 2. الأنبیاء: 95.
3- 3. لقمان: 10.
4- 4. فاطر: 27.
5- 5. ص: 18.
6- 6. ق: 7.
7- 7. الطور: 1.
8- 8. الطور: 10.
9- 9. المرسلات: 27.
10- 10. النبأ: 6.
11- 11. الغاشیة: 19.
12- 12. التین: 1- 2.

اختلفوا فی أنه لما صارت الجبال سببا لسكون الأرض علی أقوال و ذكروا لذلك وجوها و لنذكر بعضها.

الأول ما ذكره الفخر الرازی فی تفسیره أن السفینة إذا ألقیت علی وجه الماء فإنها تمیل (1)

من جانب إلی جانب و تضطرب فإذا وقعت الأجرام الثقیلة فیها استقرت علی وجه الماء فكذلك لما خلق اللّٰه تعالی الأرض علی وجه الماء اضطربت و مادت فخلق اللّٰه تعالی علیها هذه الجبال و وتدها بها فاستقرت علی وجه الماء بسبب ثقل الجبال ثم قال لقائل أن یقول هذا یشكل من وجوه الأول أن هذا المعلل إما أن یقول بأن حركات الأجسام بطباعها أو یقول لیست بطباعها بل هی واقعة بإیجاد الفاعل المختار إیاها فعلی التقدیر الأول نقول لا شك أن الأرض أثقل من الماء و الأثقل یغوص فی الماء و لا یبقی طافیا علیه فامتنع أن یقال إنها كانت تمید و تضطرب بخلاف السفینة فإنها متخذة من الخشب و فی داخل الخشب تجویفات غیر مملوءة(2)

فلذلك تمید و تضطرب علی وجه الماء فإذا أرسیت بالأجسام الثقیلة استقرت و سكنت فظهر الفرق و أما علی التقدیر الثانی و هو أن یقال لیس للأرض و الماء طبائع توجب الثقل و الرسوب و الأرض إنما تنزل لأن اللّٰه تعالی أجری عادته بجعلها كذلك و إنما صار الماء محیطا بالأرض لمجرد إجراء العادة لیس هاهنا طبیعة للأرض و لا للماء توجب حالة مخصوصة فنقول علی هذا التقدیر علة سكون الأرض هی أن اللّٰه تعالی یخلق فیها السكون و علة كونها مائدة مضطربة هو أن اللّٰه تعالی یخلق فیها الحركة فیفسد القول بأن اللّٰه تعالی خلق الجبال لتبقی الأرض ساكنة فثبت أن التعلیل مشكل علی كلا التقدیرین.

الإشكال الثانی أن إرساء الأرض بالجبال إنما یعقل لأجل أن تبقی الأرض علی وجه الماء من غیر أن تمید و تمیل من جانب إلی جانب و هذا إنما یعقل إذا كان الذی استقرت الأرض علی وجهه واقفا فنقول فما المقتضی لسكونه فی ذلك الحیز

ص: 102


1- 1. فی المصدر: تمید.
2- 2. فی المصدر: مملوة من الهواء.

المخصوص فإن قلت إن طبیعته توجب وقوفه فی ذلك الحیز المعین فحینئذ یفسد القول بأن الأرض إنما وقفت بسبب أن اللّٰه تعالی أرساها بالجبال و إن قلت إن المقتضی لسكون الماء فی حیزه المعین هو أن اللّٰه تعالی أسكن الماء بقدرته فی ذلك الحیز المخصوص فنقول فلم لا تقول مثله فی سكون الأرض و حینئذ یفسد هذا التعلیل أیضا.

الإشكال الثالث أن مجموع الأرض جسم واحد فبتقدیر أن یمیل بكلیته و یضطرب علی وجه البحر المحیط لم تظهر تلك الحالة للناس فإن قیل أ لیس أن الأرض تحركها البخارات المحتقنة فی داخلها عند الزلازل و تظهر تلك الحركات للناس قلنا البخارات احتقنت فی داخل قطعة صغیرة من الأرض فلما حصلت الحركة فی تلك القطعة ظهرت تلك الحركة فإن ظهور الحركة فی تلك القطعة المعینة یجری مجری اختلاج عضو من بدن الإنسان أما لو تحركت كلیة الأرض لم تظهر أ لا تری أن الساكن فی سفینة لا یحس بحركة كلیة السفینة و إن كانت علی أسرع الوجوه و أقواها(1)

انتهی كلامه.

و یمكن أن یجاب عنها أما عن الإشكال الأول فبأن یختار أنها طالبة بطبعها للمركز لكن إذا كانت خفیفة كان الماء یحركها بأمواجه حركة قسریة و یزیلها عن مكانها الطبیعی بسهولة فكانت تمید و تضطرب بأهلها و تغوص قطعة منها و تخرج قطعة منها و لما أرساها اللّٰه تعالی بالجبال و أثقلها قاومت الماء و أمواجه بثقلها فكانت كالأوتاد مثبتة لها و منه یظهر الجواب عن الإشكال الثانی علی أن توقف إرساء الأرض بالجبال علی سكون الماء فی حیز معین ممنوع و أما عن الإشكال الثالث فبأن یقال لیس الامتنان بمجرد عدم ظهور حركة الأرض حتی یقال أنه علی تقدیر حركتها بكلیتها لا یظهر للناس بل بخروج البقاع من الماء و عدم غرقها بحركة الأرض و میدانها بأهلها علی أن الظاهر أن الحركة التی لا تحس إنما هی إذا كانت فی جهة مخصوصة و علی وضع واحد كحركة وضعیة مستمرة أو حركة أینیة علی جهة

ص: 103


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 20، ص 8.

واحدة كحركة السفینة إذا كانت سائرة من غیر اضطراب و أما إذا تحركت فی جهات مختلفة و اضطربت فیحس بها كحركة السفینة عند تلاطم البحر و اضطرابه و هذا هو الفرق بین حالة الزلزلة و بین حركة الأرض فی الظهور و عدمه فإنا لو فرضنا قطعة منها سائرة غیر مضطربة فی سیرها لما أحس بها كما لا یحس بحركة كلها بل باضطراب الحركة و كونها فی جهات مختلفة تحس الحركة سواء كان محلها كل الأرض أو بعضها الوجه الثانی ما ذكره الفاضل المقدم ذكره أیضا فی تفسیره و اختاره حیث قال و الذی عندی فی هذا الموضع المشكل أن یقال أنه ثبت بالدلائل الیقینیة أن الأرض كره و أن هذه الجبال علی سطح هذه الكرة جاریة مجری خشونات و تضریسات تحصل علی وجه هذه الكرة إذا ثبت هذا فنقول إذا فرضنا أن هذه الخشونات ما كانت حاصلة بل كانت الأرض كرة حقیقیة خالیة عن هذه الخشونات و التضریسات لصارت بحیث تتحرك بالاستدارة بأدنی سبب لأن الجرم البسیط المستدیر و إن لم یجب كونه متحركا بالاستدارة عقلا إلا أنه بأدنی سبب تتحرك علی هذا الوجه أما إذا حصل علی سطح كرة الأرض هذه الجبال و كانت كالخشونات الواقعة علی وجه الكرة فكل واحد من هذه الجبال إنما یتوجه بطبعه إلی مركز العالم و توجه ذلك الجبل نحو مركز العالم بثقله العظیم و قوته الشدیدة یكون جاریا مجری الوتد الذی یمنع كرة الأرض من الاستدارة فكان تخلیق هذه الجبال علی الأرض كالأوتاد المغروزة فی الكرة المانعة لها عن الحركة المستدیرة و كانت مانعة للأرض عن المید و المیل و الاضطراب بمعنی أنها منعت الأرض عن الحركة المستدیرة فهذا ما وصل إلیه خاطری (1)

فی هذا الباب و اللّٰه أعلم (2) انتهی.

و اعترض علیه بأن كلامه لا یخلو عن تشویش و اضطراب و الذی یظهر من أوائل كلامه هو أنه جعل المناط فی استقرار الأرض الخشونات و التضریسات من حیث إنها خشونات و تضریسات و ذلك إما لممانعة الأجزاء المائیة الملاصقة لتلك التضریسات

ص: 104


1- 1. فی المصدر: بحثی.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 20، ص 9.

لاستلزام حركة الأرض زوالها عن مواضعها و حینئذ یكون علة السكون هی الجبال الموجودة فی الماء لا ما خلقت فی الربع المكشوف من الأرض و لعله خلاف الظاهر فی معرض الامتنان بخلق الجبال و هو خلاف الظاهر من قوله تعالی وَ جَعَلَ فِیها

رَواسِیَ مِنْ فَوْقِها و القول بأن ما فی الماء أیضا فوقها فلعل المراد تلك الجبال لا یخلو عن بعد مع أنها ربما كانت معاونة لحركة الأرض كما إذا تحركت كرة الماء بتموجها بأجمعها أو تموج أبعاضها المقاربة لتلك الخشونات و إنما یمانعها عن الحركة أحیانا عند حركة أبعاضها و إما لممانعة الأجزاء الهوائیة المقارنة للجبال الكائنة علی الربع الظاهر فكانت الأوتاد مثبتة لها فی الهواء مانعة عن تحریك الماء بتموجه إیاها كما یمانع الجبال المخلوقة فی الماء عن تحریك الریاح إیاها و حینئذ یكون وجود الجبال فی كل منهما معاونا لحركة الأرض فی بعض الصور معاوقا عنها فی بعضها و لا مدخل حینئذ لثقل الجبال و تركبها فی سكون الأرض و استقرارها و الذی یظهر من قوله لأن الجرم البسیط إلخ أن البساطة توجب حركة الأرض إما بانفرادها أو بمشاركة عدم الخشونة و لعله استند فی ذلك إلی أن البسیط تتساوی نسبة أجزائه إلی أجزاء المكان و إنما الطبیعة تقتضی انطباق مركز الثقل من الأرض علی مركز العالم علی أی وضع كان و الماء لا یقوی علی إخراج الكرة عن مكانها نعم یحركها بالحركة المستدیرة بخلاف المركب فإنه ربما كان بعض أجزائه مقتضیا لوضع خاص كمحاذاة أحد القطبین مثلا حتی تكون الفائدة تحصل بتركب بعض أجزاء الأرض و إن لم یكن هناك جبل و ارتفاع فلا یكون الامتنان بخلق الجبل من حیث إنه جبل بل من حیث إنه مركب إلا علی تقدیر كون المراد أن المقتضی للسكون هو الحالة المركبة من التركب و التضریس و الظاهر من وصف الجبال بالشامخات فی الآیة مدخلیة ارتفاعها فی هذا المعنی إلا أن یكون الوصف لترتب فوائد أخر علیها و حینئذ لا مدخل لثقل الجبال فی سكون الأرض كما یظهر من قوله أخیرا فكل واحد من هذه الجبال إنما یتوجه بطبعه إلی مركز العالم و توجه ذلك الجبل نحو مركز العالم بثقله العظیم و قوته الشدیدة یكون جاریا مجری الوتد الذی یمنع كرة الأرض من الاستدارة و مع ذلك لا ینفع فی نفی

ص: 105

الحركة المشرقیة و المغربیة بل یؤیدها و یمكن أن یكون مراده أن العلة هی المجموع من الأمور الثلاثة و لعله جعل الطبیعیة الأرضیة كافیة فی استقرارها فی مكانها و إنما احتاج إلی المانع عن حركتها بالاستدارة حركة وضعیة و لذا قال أخیرا و كانت مانعة للأرض عن المید و الاضطراب بمعنی أنها منعت الأرض عن الحركة المستدیرة.

الوجه الثالث ما یخطر بالبال و هو أن یكون مدخلیة الجبال لعدم اضطراب الأرض بسبب اشتباكها و اتصال بعضها ببعض فی أعماق الأرض بحیث تمنعها عن تفتت أجزائها و تفرقها فهی بمنزلة الأوتاد المغروزة المثبتة فی الأبواب المركبة من قطع الخشب الكثیرة بحیث تصیر سببا لالتصاق بعضها ببعض و عدم تفرقها و هذا معلوم ظاهر لمن حفر الآبار فی الأرض فإنها تنتهی عند المبالغة فی حفرها إلی الأحجار الصلبة و أنت تری أكثر قطع الأرض واقعة بین جبال محیطة بها فكأنها مع ما یتصل بها من القطعة الحجریة المتصلة بها من تحت تلك القطعات كالظرف لها تمنعها عن التفتت و التفرق و الاضطراب عند عروض الأسباب الداعیة إلی ذلك.

الوجه الرابع ما ذكره بعض المتعسفین من أنه لما كانت فائدة الوتد أن یحفظ الموتود فی بعض المواضع عن الحركة و الاضطراب حتی یكون قارا ساكنا و كان من لوازم ذلك السكون فی بعض الأشیاء صحة الاستقرار علی ذلك و التصرف علیه و كان من فائدة وجود الجبال و التضریسات الموجودة فی وجه الأرض أن لا تكون مغمورة بالماء لیحصل للحیوان الاستقرار و التصرف علیها لا جرم كان بین الأوتاد و الجبال الخارجة من الماء فی الأرض اشتراك فی كونهما مستلزمین لصحة استقراره مانعین من عدمه لا جرم حسنت نسبة الإیتاد إلی الصخور و الجبال و أما إشعاره بالمیدان فلأن الحیوان كما یكون صادقا علیه أنه غیر مستقر

علی الأرض بسبب انغمارها فی الماء لو لم یوجد الجبال كذلك یصدق علی الأرض أنه غیر مستقرة تحته و مضطربة بالنسبة إلیه فثبت حینئذ أنه لو لا وجود الجبال فی سطح الأرض لكانت مضطربة و مائدة بالنسبة إلی الحیوان لعدم تمكنه من الاستقرار علیها

ص: 106

الوجه الخامس أن یكون المراد بالجبال الرواسی الأنبیاء و الأولیاء و العلماء و بالأرض الدنیا أما وجه التجوز بالجبال عن الأنبیاء و العلماء فلأن الجبال لما كانت علی غایة من الثبات و الاستقرار مانعة لما یكون تحتها من الحركة و الاضطراب عاصمة لما یلتجئ إلیها من الحیوان عما یوجب له الهرب فیسكن بذلك اضطرابه و قلقلته أشبهت الأوتاد من بعض هذه الجهات ثم لما كانت الأنبیاء و العلماء هم السبب فی انتظام أمور الدنیا و عدم اضطراب أحوال أهلها كانوا كالأوتاد للأرض فلا جرم صحت استعارة لفظ الجبال لهم و لذلك صح فی العرف أن یقال فلان جبل منیع یأوی إلیه كل ملهوف إذا كان یرجع إلیه فی المهمات و الحوائج و العلماء أوتاد اللّٰه فی الأرض.

الوجه السادس أن یكون المقصود من جعل الجبال كالأوتاد فی الأرض أن یهتدی بها إلی طرقها و المقاصد فیها فلا تمید جهاتها المشتبهة بأهلها و لا تمیل بهم فیتیهون فیها عن طرقهم و مقاصدهم و هذه الوجوه الثلاثة ذكرها بعض المتعسفین و هذا دأبه فی أكثر الآیات و الأخبار حیث یئولها بلا ضرورة داعیة و علة مانعة عن القول بظاهرها و هل هذا إلا اجتراء علی مالك یوم الدین و افتراء علی حجج رب العالمین.

الوجه السابع أن یقال المراد بالأرض قطعاتها و بقاعها لا مجموع كرة الأرض و بكون الجبال أوتادا لها أنها حافظة لها عن المیدان و الاضطراب بالزلزلة و نحوها إما لحركة البخارات المحتقنة فی داخلها بإذن اللّٰه تعالی أو لغیر ذلك من الأسباب التی یعلمها مبدعها و منشئها و هذا وجه قریب و یؤیده ما سیأتی فی باب الزلزلة من حدیث ذی القرنین.

أقول: و أما حدیث ذی القرنین و السد و غیره من أحواله فقد مضی فی المجلد الخامس فی باب أحواله و لنذكر هنا بعض ما مضی

بروایة أخری قال الثعلبی فی العرائس روی وهب بن منبه و غیره من أهل الكتب قالوا

ص: 107

كان ذو القرنین رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم لیس لها ولد غیره و كان اسمه إسكندروس و یقال كان اسمه عیاش و كان عبدا صالحا فلما استحكم ملكه و استجمع أمره أوحی اللّٰه إلیه یا ذا القرنین إنی بعثتك إلی جمیع الخلق ما بین الخافقین و جعلتك حجتی علیهم و هذا تأویل رؤیاك و إنی باعثك إلی أمم الأرض كلهم و هم سبع أمم مختلفة ألسنتهم منهم أمتان بینهما عرض الأرض و أمتان بینهما طول الأرض و ثلاث أمم فی وسط الأرض و هم الجن و الإنس و یأجوج و مأجوج فأما الأمتان اللتان بینهما طول الأرض فأمة عند المغرب یقال لها ناسك و أمة أخری بحیالها عند مطلع الشمس یقال لها منسك و أما اللتان بینهما عرض الأرض فأمة فی قطر الأرض الأیمن یقال لها هاویل و أمة فی قطرة الأرض الأیسر یقال لها قاویل فلما قال اللّٰه

سبحانه ذلك قال ذو القرنین إلهی إنك قد ندبتنی إلی أمر عظیم لا یقدر قدره إلا أنت فأخبرنی عن الأمم التی بعثتنی إلیها بأی قوة أكاثرهم أو بأی جمع و حیلة أكابرهم و بأی صبر أقاسیهم و بأی لسان أناطقهم و كیف لی بأن أفهم لغاتهم و بأی سمع أسمع أقوالهم و بأی بصر أنفذهم و بأی حجة أخاصمهم و بأی عقل أعقل عنهم و بأی قلب و حكمة أدبر أمورهم و بأی قسط أعدل بینهم و بأی حلم أصابرهم و بأی معرفة أفصل بینهم و بأی علم أتقن أمورهم و بأی ید أستطیل علیهم و بأی رجل أطأهم و بأی طاقة أحصیهم و بأی جند أقاتلهم و بأی رفق أتألفهم و لیس عندی یا إلهی شی ء مما ذكرت یقوم لهم و یقوی علیهم و أنت الرءوف الرحیم الذی لا تكلف نفسا إلا وسعها و لا تكلفها إلا طاقتها فقال اللّٰه عز و جل إنی سأطوقك ما حملتك أشرح لك سمعك فتسمع كل شی ء و تعی كل شی ء و أشرح لك فهمك فتفقه كل شی ء و أبسط لك لسانك فتنطق بكل شی ء و أفتح لك بصرك فتنفذ كل شی ء و أحصی لك فلا یفوتك شی ء و أشد لك عضدك فلا یهولك شی ء و أشد لك ركنك فلا یغلبك شی ء و أشد لك قلبك فلا یفزعك شی ء و أشد لك یدك فتسطو فوق كل شی ء و أشد لك وطأتك فتهد علی كل شی ء و ألبسك الهیبة فلا یروعك شی ء و أسخر الظلمة من ورائك فلما قیل له ذلك حدث نفسه بالمسیر و ألح

ص: 108

علیه قومه بالمقام فلم یفعل و قال لا بد من طاعة اللّٰه تعالی.

ثم أمرهم أن یبنوا له مسجدا و أن یجعلوا طول المسجد أربعمائة ذراع و أمرهم أن لا ینصبوا فیه السواری قالوا كیف نصنع قال إذا فرغتم من بنیان الحائط فاكبسوها بالتراب حتی یستوی الكبس مع حیطان المسجد فإذا فرغتم فرضتم من الذهب علی الموسر قدره و علی المقتر قدره ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر ثم خلطتموه بذلك الكبس و جعلتم خشبا من نحاس و وتدا من نحاس و صفائح من نحاس تذیبون ذلك و أنتم تمكنون من العمل كیف شئتم علی أرض مستویة و جعلتم طول كل خشبة مائتی ذراع و أربعة و عشرین ذراعا مائتا ذراع فی ما بین الحائطین لكل حائط اثنا عشر ذراعا ثم تدعون المساكین لنقل التراب فیتسارعون إلیه لأجل ما فیه من الذهب و الفضة فمن حمل شیئا فهو له ففعلوا ذلك فأخرج المساكین التراب و استقر السقف بما علیه و استغنی المساكین فجندهم أربعین ألفا و جعلهم أربعة أجناد فی كل جند عشرة آلاف ثم عرضهم فوجدهم فی ما قیل ألف ألف و أربعمائة ألف رجل منهم من جنده ثمانمائة ألف و من جند دارا(1) ستمائة ألف و من المساكین أربعین ألفا ثم انطلق یؤمّ الأمة التی عند مغرب الشمس فذلك قوله تعالی حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ أی ذات حمأة و من قرأ حَامِیَةٍ بالألف من غیر همز فمعناه حارة فلما بلغ مغرب الشمس وجد جمعا و عددا لا یحصیهم إلا اللّٰه تعالی و قوة و بأسا لا یطیقه إلا اللّٰه عز و جل و رأی ألسنة مختلفة و أهواء متشتتة و ذلك قول اللّٰه تعالی وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً یعنی ناسا كثیرة یقال لها ناسك فلما رأی ذلك كاثرهم بالظلمة فضرب حولهم ثلاثة عساكر منها فأحاط بهم من كل مكان حتی جمعهم فی مكان واحد ثم أخذ علیهم بالنور فدعاهم إلی اللّٰه عز و جل و عبادته فمنهم من آمن به و منهم من صد عنه فعمد إلی الذین تولوا عنه فأدخل علیهم الظلمة فدخلت فی أفواههم و أنوفهم و آذانهم و أحداقهم و أجوافهم و دخلت فی بیوتهم و دورهم و غشیهم من فوقهم و من كل جانب منهم فهاجوا فیه و تحیروا فلما أشفقوا أن یهلكوا فیها عجوا إلیه بصوت واحد

ص: 109


1- 1. كذا فی جمیع النسخ.

فكشفها عنهم و أخذهم عنوة فدخلوا فی دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظیمة فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم یقودهم و الظلمة تسوقهم من خلفهم و تحرسهم من خلفهم و النور أمامهم یقوده و یدله و هو یسیر فی ناحیة الأرض الیمنی و هو یرید الأمة التی فی قطر الأرض الأیمن التی یقال لها هاویل و سخر اللّٰه له قلبه و یده و رأیه و عقله و نظره فلا یخطئ إذا عمل عملا فانطلق یقود تلك الأمم و هی تتبعه فإذا هی أتت إلی بحر أو مخاضة بنی سفناً من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها فی ساعة ثم حمل فیها جمیع من معه من تلك الأمم و تلك الجنود فإذا هی قطع الأنهار و البحار فتقها ثم دفع إلی كل رجل منهم لوحا فلم یكرثه حمله فلم یزل ذلك دأبه حتی انتهی إلی هاویل فعمل فیها كفعله فی ناسك فلما فرغ منها مضی علی وجهه فی ناحیة الأرض الیمنی حتی انتهی إلی منسك عند مطلع الشمس فعمل فیها و جند جنودا كفعله فی الأمتین قبلهما ثم كر مقبلا حتی أخذ ناحیة الأرض الیسری و هو یرید قاویل و هی الأمة التی بحیال هاویل و هما متقابلتان بینهما عرض الأرض كله فلما بلغها عمل فیها و جند فیها كفعله فی ما قبلها فذلك قوله تعالی حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً یعنی مسكنا.

قال قتادة لم یكن بینهم و بین الشمس ستر و ذلك أنهم كانوا فی مكان لا یستقر علیه بناء و كانوا یكونون فی أسراب لهم حتی إذا زالت الشمس عنهم خرجوا إلی معایشهم و حروثهم و قال الحسن كانت أرضهم أرضا لا تحتمل البناء فكانوا إذا طلعت علیهم الشمس هووا فی الماء فإذا ارتفعت عنهم خرجوا فتراعوا كما تتراعی البهائم و قال ابن جریح و جاءهم جیش مرة و قال لهم أهلها لا یطلع علیكم الشمس و أنتم بها فقالوا ما نبرح حتی تطلع الشمس فنراها فماتوا و قیل فذهبوا بها هاربین فی الأرض و قال الكلبی هم أمة یقال لها منسك حفاة عماة عن الحق قال و حدثنا عمرو بن مالك بن أمیة قال وجدت رجلا بسمرقند یحدث الناس و هم یجتمعون حوله فسألت بعض من سمع فأخبرنی أنه حدثهم عن القوم الذین تطلع علیهم الشمس

ص: 110

قال قال خرجت حتی إذا جاوزت الصین ثم سألت عنهم فقیل إن بینك و بینهم مسیرة یوم و لیلة فاستأجرت رجلا فسرت بقیة عشیتی و لیلتی حتی صبحتهم فإذا أحدهم یفرش أذنه و یلبس الأخری و كان صاحبی یحسن لسانهم فسألهم و قال جئنا ننظر كیف تطلع الشمس فبینا نحن كذلك إذ سمعنا كهیئة الصلصلة فغشی علی فأفقت و هم یمسحوننی بالدهن فلما طلعت الشمس علی الماء فإذا هو یغلی كهیئة الزیت و إذا طرف السماء كهیئة الفسطاط فلما ارتفعت أدخلونی فی سرب لهم أنا و صاحبی فلما ارتفع النهار خرجوا إلی البحر فجعلوا یصطادون السمك و یطرحونه بالشمس فینضج.

ثم قال

الثعلبی قالت العلماء بأخبار القدماء لما فرغ ذو القرنین من أمر الأمم الذین هم بأطراف الأرض و طاف الشرق و الغرب عطف فیها إلی الأمم التی فی وسط الأرض من الجن و الإنس و یأجوج و مأجوج فلما كان فی بعض الطریق مما یلی منقطع الترك

نحو المشرق قالت له أمة صالحة من الإنس یا ذا القرنین إن بین هذین الجبلین خلقا من خلق اللّٰه تعالی لیس فیهم مشابه الإنس و هم مشابه البهائم یأكلون العشب و یفترسون الدواب و الوحش كما تفترسها السباع و یأكلون حشرات الأرض كلها من الحیات و العقارب و كل ذی روح مما خلق اللّٰه تعالی فی الأرض و لیست (1) لله تعالی خلق ینمو نماءهم و لا یزداد كزیادتهم فإن أتت مدة علی ما یری من نمائهم و زیادتهم فلا شك أنهم سیملئون الأرض و یجلون أهلها منها و یظهرون علیها و یفسدون فیها و لیست تمر بنا سنة مذ جاوزناهم إلا و نحن نتوقعهم أن یطلع علینا أولهم من بین هذین الجبلین فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً أی جعلا و أجرا عَلی أَنْ تَجْعَلَ بَیْنَنا وَ بَیْنَهُمْ سَدًّا حاجزا فلا یصلون إلینا فقال لهم ذو القرنین ما مَكَّنِّی فِیهِ رَبِّی خَیْرٌ أی ما قوانی علیه خیر من خرجكم و لكن فَأَعِینُونِی بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ رَدْماً أی حاجزا كالحائط قالوا و ما تلك القوة قال فعله و صناع یحسنون البناء و العمل و آلة(2)

قالوا و ما تلك الآلة قال آتُونِی زُبَرَ الْحَدِیدِ یعنی قطعا واحدتها

ص: 111


1- 1. لیس( ظ).
2- 2. الآلة( خ).

زبرة و آتونی بالنحاس فقالوا و من أین لنا الحدید و النحاس ما یسع هذا العمل قال سأریكم (1)

علی معادن الحدید و النحاس فضرب لهم فی جبلین حتی فلقهما ثم استخرج منهما معدنین من الحدید و النحاس قالوا بأی قوة نقطع الحدید و النحاس فاستخرج لهم معدنا آخر من تحت الأرض یقال له السامور و هو أشد ما خلق اللّٰه تعالی بیاضا و هو الذی قطع به سلیمان أساطین بیت المقدس و صخوره و جواهره ثم قاس ما بین الجبلین ثم أوقد علی جمع (2)

من الحدید و النحاس النار فصنع منه زبرا أمثال الصخور العظام ثم أذاب النحاس فجعله كالطین و الملاط لتلك الصخور من الحدید ثم بنی و كیفیة بنائه علی ما ذكر أهل السیر هو أنه لما قاس ما بین الجبلین وجد ما بینهما مائة فرسخ فلما أنشأ فی عمله حفر له الأساس حتی بلغ الماء ثم جعل عرضه خمسین فرسخا ثم وضع الحطب بین الجبلین ثم نسج علیه الحدید ثم نسج الحطب علی الحدید فلم یزل یجعل الحدید علی الحطب و الحطب علی الحدید حَتَّی إِذا ساوی بَیْنَ الصَّدَفَیْنِ و هما الجبلان ثم أمر بالنار فأرسلت فیه ثم قالَ انْفُخُوا حَتَّی إِذا جَعَلَهُ ناراً ثم جعل یفرغ القطر علیه و هو النحاس المذاب فجعلت النار تأكل الحطب فیصیر النحاس مكان الحطب حتی لزم الحدید النحاس فصار كأنه برد حبرة من صفرة النحاس و حمرته و سواد الحدید و غبرته فصار سدا طویلا عظیما حصینا كما قال تعالی فَمَا اسْطاعُوا أَنْ یَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً.

و قال قتادة ذكر لنا أن رجلا قال یا نبی اللّٰه قد رأیت سد یأجوج و مأجوج قال انعته لی قال كالبرد الحبر طریقة سوداء و طریقة حمراء قال قد رأیته و یقال إن موضع السد وراء ملاذجرد بقرب مشرق الصیف (3)

بینه و بین الخزرة مسیرة اثنین و سبعین یوما.

وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كَانَ ذُو الْقَرْنَیْنِ قَدْ مَلَكَ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ كَانَ لَهُ خَلِیلٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ اسْمُهُ رَفَائِیلُ یَأْتِیهِ وَ یَزُورُهُ فَبَیْنَمَا هُمَا ذَاتَ یَوْمٍ یَتَحَدَّثَانِ إِذْ قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَا رَفَائِیلُ حَدِّثْنِی عَنْ عِبَادَتِكُمْ فِی السَّمَاءِ

ص: 112


1- 1. لفظة« علی» زائدة ظاهرا.
2- 2. ما جمع( ظ).
3- 3. كذا.

فَبَكَی وَ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ وَ مَا عِبَادَتُكُمْ عِنْدَ عِبَادَتِنَا إِنَّ فِی السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَنْ هُوَ قَائِمٌ أَبَداً لَا یَجْلِسُ وَ مِنْهُمُ السَّاجِدُ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ أَبَداً وَ مِنْهُمُ الرَّاكِعُ لَا یَسْتَوِی قَائِماً أَبَداً یَقُولُ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ فَبَكَی ذُو الْقَرْنَیْنِ بُكَاءً شَدِیداً ثُمَّ قَالَ إِنِّی لَأُحِبُّ أَنْ أَعِیشَ فَأَبْلُغَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّی حَقَّ طَاعَتِهِ فَقَالَ رَفَائِیلُ أَ وَ تُحِبُّ ذَلِكَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ رَفَائِیلُ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَی عَیْناً فِی الْأَرْضِ تُسَمَّی عَیْنَ الْحَیَاةِ فِیهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَزِیمَةٌ أَنَّهُ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ یَمُتْ أَبَداً حَتَّی یَكُونَ هُوَ الَّذِی یَسْأَلُ رَبَّهُ الْمَوْتَ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ مَوْضِعَ تِلْكَ الْعَیْنِ فَقَالَ لَا غَیْرَ أَنَّا نَتَحَدَّثُ فِی السَّمَاءِ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَی فِی الْأَرْضِ ظُلْمَةً لَا یَطَؤُهَا إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ فَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الْعَیْنِ فِی تِلْكَ الظُّلْمَةِ فَجَمَعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ عُلَمَاءَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ أَهْلَ دِرَاسَةِ الْكُتُبِ وَ آثَارِ النُّبُوَّةِ فَقَالَ لَهُمْ أَخْبِرُونِی هَلْ وَجَدْتُمْ فِی مَا قَرَأْتُمْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَی وَ مَا جَاءَكُمُ مِنْ أَحَادِیثِ الْأَنْبِیَاءِ وَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَضَعَ فِی الْأَرْضِ عَیْناً سَمَّاهَا عَیْنَ الْحَیَاةِ فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ لَا فَقَالَ عَالِمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَ اسْمُهُ فتحیز(1) إِنِّی قَرَأْتُ وَصِیَّةَ آدَمَ فَوَجَدْتُ فِیهَا إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ فِی الْأَرْضِ ظُلْمَةً لَمْ یَطَأْهَا إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ وَ وَضَعَ فِیهَا عَیْنَ الْخُلْدِ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ صَدَقْتَ ثُمَّ حَشَدَ إِلَیْهِ الْفُقَهَاءَ وَ الْأَشْرَافَ وَ الْمُلُوكَ وَ سَارَ یَطْلُبُ مَطْلَعَ الشَّمْسِ فَسَارَ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَی أَنْ بَلَغَ طَرَفَ الظٌّلْمَةِ فَإِذَا ظُلْمَةٌ تَفُورُ مِثْلَ الدُّخَانِ لَیْسَتْ بِظُلْمَةِ لَیْلٍ فَعَسْكَرَ هُنَاكَ ثُمَّ جَمَعَ عُلَمَاءَ عَسْكَرِهِ فَقَالَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْلُكَ هَذِهِ الظُّلْمَةَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْمُلُوكِ لَمْ یَطْلُبُوا هَذِهِ الظُّلْمَةَ فَلَا تَطْلُبْهَا فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ یَنْفَتِقَ عَلَیْكَ أَمْرٌ تَكْرَهُهُ وَ یَكُونَ فِیهِ فَسَادُ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَسْلُكَهَا فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ كُفَّ عَنْ هَذِهِ الظُّلْمَةِ وَ لَا تَطْلُبْهَا فَإِنَّا لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ إِنْ طَلَبْتَهَا ظَفِرْتَ بِمَا تُرِیدُ وَ لَمْ یَسْخَطِ اللَّهُ عَلَیْنَا لَاتَّبَعْنَاكَ وَ لَكِنَّا نَخَافُ الْعَنَتَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی وَ فَسَاداً فِی الْأَرْضِ وَ مَنْ عَلَیْهَا فَقَالَ

ص: 113


1- 1. خضر( ظ).

ذُو الْقَرْنَیْنِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَسْلُكَهَا فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ شَأْنَكَ بِهَا فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ أَیُّ الدَّوَابِّ أَبْصَرُ قَالُوا الْخَیْلُ قَالَ فَأَیُّ الْخَیْلِ أَبْصَرُ قَالُوا الْإِنَاثُ قَالَ فَأَیُّ الْإِنَاثِ أَبْصَرُ قَالُوا الْبِكَارَةُ فَأَرْسَلَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَجُمِعَ لَهُ سِتَّةُ آلَافِ فَرَسٍ أُنْثَی بِكَارَةٌ ثُمَّ انْتَخَبَ مِنْ عَسْكَرِهِ أَهْلَ الْجَلْدِ وَ الْعَقْلِ سِتَّةَ آلَافِ رَجُلٍ فَدَفَعَ إِلَیْهِمْ كُلَّ رَجُلٍ فَرَساً وَ عَقَدَ لِلْخَضِرِ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ عَلَی أَلْفَیْنِ وَ بَقِیَ ذُو الْقَرْنَیْنِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ قَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ لِلنَّاسِ لَا تَبْرَحُوا مِنْ مُعَسْكَرِكُمْ هَذَا اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً فَإِنْ نَحْنُ رَجَعْنَا إِلَیْكُمْ وَ إِلَّا فَارْجِعُوا إِلَی (1) بِلَادِكُمْ فَقَالَ

الْخَضِرُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّا نَسْلُكُ ظُلْمَةً هُوَ لَا نَدْرِی كَمِ السَّیْرُ(2)

فِیهَا وَ لَا یُبْصِرُ بَعْضُنَا بَعْضاً فَكَیْفَ نَصْنَعُ بِالضَّلَالِ إِذَا أَصَابَنَا فَدَفَعَ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِلَی الْخَضِرِ خَرَزَةً حَمْرَاءَ فَقَالَ حَیْثُ یُصِیبُكُمُ الضَّلَالُ فَاطْرَحْ هَذِهِ فِی الْأَرْضِ فَإِذَا صَاحَتْ فَلْیَرْجِعْ أَهْلُ الضَّلَالِ إِلَیْهَا أَیْنَ صَاحَتْ فَصَارَ الْخَضِرُ بَیْنَ یَدَیْ ذِی الْقَرْنَیْنِ یَرْتَحِلُ الْخَضِرُ وَ یَنْزِلُ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَبَیْنَمَا الْخَضِرُ یَسِیرُ إِذْ عَرَضَ لَهُ وَادٍ فَظَنَّ أَنَّ الْعَیْنَ فِی الْوَادِی وَ أُلْقِیَ فِی قَلْبِهِ ذَلِكَ فَقَامَ عَلَی شَفِیرِ الْوَادِی وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ قِفُوا وَ لَا یَبْرَحَنَّ رَجُلٌ مِنْ مَوْقِفِهِ فَرَمَی بِالْخَرَزَةِ فَمَكَثَ طَوِیلًا ثُمَّ أَجَابَتْهُ الْخَرَزَةُ فَطَلَبَ صَوْتَهَا فَانْتَهَی إِلَیْهَا فَإِذَا هِیَ عَلَی جَانِبِ الْعَیْنِ فَنَزَعَ الْخَضِرُ ثِیَابَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْعَیْنَ فَإِذَا مَاءٌ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَحْلَی مِنَ الشَّهْدِ فَشَرِبَ وَ اغْتَسَلَ وَ تَوَضَّأَ وَ لَبِسَ ثِیَابَهُ ثُمَّ رَمَی بِالْخَرَزَةِ نَحْوَ أَصْحَابِهِ فَوَقَفَتِ الْخَرَزَةُ فَصَاحَتْ فَرَجَعَ الْخَضِرُ إِلَی صَوْتِهَا وَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَرَكِبَ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ سِیرُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَ مَرَّ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَأَخْطَأَ الْوَادِیَ فَسَلَكُوا تِلْكَ الظُّلْمَةَ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ لَیْلَةً ثُمَّ خَرَجُوا إِلَی ضَوْءٍ لَیْسَ بِضَوْءِ شَمْسٍ وَ لَا قَمَرٍ وَ لَا أَرْضٍ حَمْرَاءَ وَ رَمْلَةٍ خَشْخَاشَةٍ أَیْ مُصَوِّتَةٍ فَإِذَا هُوَ بِقَصْرٍ مَبْنِیٍّ فِی تِلْكَ الْأَرْضِ طُولُهُ فَرْسَخٌ فِی فَرْسَخٍ عَلَیْهِ بَابٌ فَنَزَلَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بِعَسْكَرِهِ ثُمَّ خَرَجَ وَحْدَهُ حَتَّی دَخَلَ الْقَصْرَ فَإِذَا حَدِیدَةٌ قَدْ وُضِعَتْ طَرَفَاهَا عَلَی جَانِبِ الْقَصْرِ مِنْ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ إِذَا بِطَائِرٍ(3)

أَسْوَدَ شَبِیهٍ بِالْخُطَّافِ مَزْمُومٍ بِأَنْفِهِ إِلَی الْحَدِیدَةِ مُعَلَّقٍ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ

ص: 114


1- 1. فی أكثر النسخ: علی.
2- 2. نسیر( خ).
3- 3. طائر( خ):

فَلَمَّا سَمِعَ الطَّائِرُ خَشْخَشَةَ ذِی الْقَرْنَیْنِ قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا ذُو الْقَرْنَیْنِ فَقَالَ الطَّائِرُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَ مَا كَفَاكَ مَا وَرَاكَ حَتَّی وَصَلْتَ إِلَیَّ ثُمَّ قَالَ الطَّائِرُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ حَدِّثْنِی فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ سَلْ فَقَالَ هَلْ كَثُرَ بِنَاءُ الْآجُرِّ وَ الْجِصِّ فِی الْأَرْضِ قَالَ نَعَمْ فَانْتَفَضَ الطَّائِرُ انْتِفَاضَةً ثُمَّ انْتَفَخَ فَبَلَغَ ثُلُثَ الْحَدِیدَةِ ثُمَّ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ هَلْ كَثُرَتِ الْمَعَازِفُ قَالَ نَعَمْ فَانْتَفَضَ الطَّیْرُ وَ امْتَلَأَ حَتَّی مَلَأَ مِنَ الْحَدِیدَةِ ثُلُثَیْهَا ثُمَّ قَالَ هَلْ كَثُرَتْ شَهَادَاتُ الزُّورِ فِی الْأَرْضِ قَالَ نَعَمْ فَانْتَفَضَ الطَّائِرُ انْتِفَاضَةً فَمَلَأَ الْحَدِیدَةَ وَ سَدَّ مَا بَیْنَ جِدَارَیِ الْقَصْرِ فَخَشِیَ (1)

وَ خَافَ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ فَرِقَ فَرَقاً شَدِیداً فَقَالَ الطَّائِرُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ لَا تَخَفْ حَدِّثْنِی قَالَ سَلْ قَالَ هَلْ یَتْرُكُ (2)

النَّاسُ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا قَالَ فَانْضَمَّ الطَّائِرُ ثُلُثاً ثُمَّ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ هَلْ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بَعْدُ قَالَ لَا قَالَ فَانْضَمَّ الطَّائِرُ ثُلُثاً ثُمَّ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ هَلْ تَرَكَ النَّاسُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ بَعْدُ قَالَ لَا قَالَ فَصَارَ الطَّائِرُ كَمَا كَانَ ثُمَّ قَالَ اسْلُكْ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ هَذِهِ الدَّرَجَةَ دَرَجَةً إِلَی أَعْلَی الْقَصْرِ فَسَلَكَهَا ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ هُوَ خَائِفٌ وَجِلٌ لَا یَدْرِی عَلَی مَنْ یَهْجُمُ حَتَّی اسْتَوَی عَلَی صَدْرِ الدَّرَجِ فَإِذَا سَطْحٌ مَمْدُودٌ عَلَیْهِ صُورَةُ رَجُلٍ شَابٍّ قَائِمٍ عَلَیْهِ ثِیَابٌ بِیضٌ رَافِعاً وَجْهَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَاضِعاً یَدَیْهِ عَلَی فِیهِ فَلَمَّا سَمِعَ خَشْخَشَةَ ذِی الْقَرْنَیْنِ قَالَ مَا هَذَا قَالَ أَنَا ذُو الْقَرْنَیْنِ قَالَ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ إِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ وَ أَنَا أَنْتَظِرُ أَمْرَ رَبِّی یَأْمُرُنِی أَنْ أَنْفُخَ فَأَنْفُخُ ثُمَّ أَخَذَ صَاحِبُ الصُّورِ شَیْئاً مِنَ بَیْنِ یَدَیْهِ كَأَنَّهُ حَجَرٌ فَقَالَ خُذْهَا یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ فَإِنْ شَبِعَ هَذَا شَبِعْتَ وَ إِنْ جَاعَ هَذَا جُعْتَ فَأَخَذَ ذُو الْقَرْنَیْنِ الْحَجَرَ وَ نَزَلَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَحَدَّثَهُمْ بِأَمْرِ الطَّائِرِ وَ مَا قَالَ لَهُ وَ مَا رَدَّ عَلَیْهِ وَ مَا قَالَ صَاحِبُ الصُّورِ ثُمَّ جَمَعَ عُلَمَاءَ عَسْكَرِهِ فَقَالَ أَخْبِرُونِی عَنْ هَذَا الْحَجَرِ مَا أَمْرُهُ فَقَالُوا أَیُّهَا الْمَلِكُ أَخْبِرْنَا بِمَا قَالَ لَكَ فِیهِ صَاحِبُ الصُّورِ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ إِنَّهُ قَالَ لِی إِنْ شَبِعَ هَذَا شَبِعْتَ وَ إِنْ جَاعَ جُعْتَ فَوَضَعَتِ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ الْحَجَرَ فِی إِحْدَی كَفَّتَیِ الْمِیزَانِ وَ أَخَذُوا حَجَراً مِثْلَهُ فَوَضَعُوهُ فِی الْكِفَّةِ الْأُخْرَی ثُمَ

ص: 115


1- 1. فجثی( خ).
2- 2. ترك( ظ).

رَفَعُوا الْمِیزَانَ فَإِذَا الَّذِی جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَیْنِ یَمِیلُ فَوَضَعُوا مَعَهُ آخَرَ وَ رَفَعُوا الْمِیزَانَ فَإِذَا هُوَ یَمِیلُ بِهِنَّ فَلَمْ یَزَالُوا یَضَعُونَ حَتَّی وَضَعُوا أَلْفَ حَجَرٍ فَرَفَعُوا الْمِیزَانَ فَمَالَ بِالْأَلْفِ جَمِیعاً فَقَالَتِ الْعُلَمَاءُ انْقَطَعَ عِلْمُنَا دُونَ هَذَا لَا نَدْرِی أَ سِحْرٌ هَذَا أَمْ عِلْمُ مَا لَا نَعْلَمُهُ فَقَالَ الْخَضِرُ وَ كَانَ قَدْ وَافَاهُ نَعَمْ أَنَا أَعْلَمُهُ فَأَخَذَ الْخَضِرُ الْمِیزَانَ بِیَدِهِ ثُمَّ أَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِی جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَیْنِ فَوَضَعَهُ فِی إِحْدَی الْكِفَّتَیْنِ فَأَخَذَ حَجَراً مِنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ فَوَضَعَهُ فِی الْكِفَّةِ الْأُخْرَی ثُمَّ أَخَذَ كَفّاً مِنْ تُرَابٍ فَوَضَعَهُ عَلَی الْحَجَرِ الَّذِی جَاءَ بِهِ ذُو الْقَرْنَیْنِ ثُمَّ رَفَعَ الْمِیزَانَ فَاسْتَوَی فَخَرَّتِ الْعُلَمَاءُ سُجَّداً لِلَّهِ تَعَالَی وَ قَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا عِلْمٌ لَا یَبْلُغُهُ عِلْمُنَا وَ اللَّهِ لَقَدْ وَضَعْنَا أَلْفاً فَمَا اسْتَقَلَّ بِهِ فَقَالَ الْخَضِرُ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ سُلْطَانَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَاهِرٌ لِخَلْقِهِ وَ أَمْرَهُ نَافِذٌ فِیهِمْ وَ حُكْمَهُ جَارٍ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی ابْتَلَی خَلْقَهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ فَابْتَلَی الْعَالِمَ بِالْعَالِمِ وَ الْجَاهِلَ بِالْجَاهِلِ وَ الْعَالِمَ بِالْجَاهِلِ وَ الْجَاهِلَ بِالْعَالِمِ وَ إِنَّهُ ابْتَلَاكَ بِی وَ ابْتَلَانِی بِكَ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ صَدَقْتَ فَأَخْبِرْنَا عَنْ هَذَا الْمَثَلِ فَقَالَ الْخَضِرُ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصُّورِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مَكَّنَ لَكَ فِی الْبِلَادِ وَ أَعْطَاكَ مِنْهَا مَا لَمْ یُعْطِ أَحَداً وَ أَوْطَأَكَ مِنْهَا مَا لَمْ یُوطِئْ أَحَداً فَلَمْ تَشْبَعْ فَأَبَتْ نَفْسُكَ شَرَهاً حَتَّی بَلَغْتَ مِنْ سُلْطَانِ اللَّهِ مَا لَمْ یَطَأْهُ إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ صَاحِبُ الصُّورِ إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَا یَشْبَعُ أَبَداً دُونَ أَنْ یُحْثَی عَلَیْهِ التُّرَابُ وَ لَا مَلَأَ جَوْفَهُ إِلَّا التُّرَابُ فَبَكَی ذُو الْقَرْنَیْنِ ثُمَّ قَالَ صَدَقْتَ یَا خَضِرُ فِی ضَرْبِ هَذَا الْمَثَلِ لَا جَرَمَ لَا أَطْلُبُ أَثَراً فِی الْبِلَادِ بَعْدَ مَسِیرِی هَذَا حَتَّی أَمُوتَ ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعاً حَتَّی إِذَا كَانَ فِی وَسَطِ الظُّلْمَةِ وَطَأَ الْوَادِیَ الَّذِی فِیهِ الزَّبَرْجَدُ فَقَالَ مَنْ مَعَهُ لَمَّا سَمِعُوا خَشْخَشَةً تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ وَ أَقْدَامِ دَوَابِّهِمْ مَا هَذَا تَحْتَنَا یَا أَیُّهَا الْمَلِكُ فَقَالَ ذُو الْقَرْنَیْنِ خُذُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ مَنْ أَخَذَ نَدِمَ وَ مَنْ تَرَكَ نَدِمَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ الشَّیْ ءَ وَ مِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الظُّلْمَةِ إِذَا هُوَ الزَّبَرْجَدُ فَنَدِمَ الْآخِذُ وَ التَّارِكُ قَالَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ أَخِی ذَا الْقَرْنَیْنِ لَوْ ظَفِرَ بِوَادِی الزَّبَرْجَدِ فِی مُبْتَدَاهُ مَا تَرَكَ مِنْهَا شَیْئاً حَتَّی یُخْرِجَهُ إِلَی النَّاسِ لِأَنَّهُ كَانَ رَاغِباً فِی الدُّنْیَا وَ لَكِنَّهُ ظَفِرَ بِهِ وَ هُوَ زَاهِدٌ فِی الدُّنْیَا لَا حَاجَةَ لَهُ فِیهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَی الْعِرَاقِ وَ مَلِكَ مُلُوكَ الطَّوَائِفِ

ص: 116

وَ مَاتَ فِی طَرِیقِهِ بِشَهْرَرُوزَ(1) وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ إِلَی دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَ كَانَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّی مَاتَ.

انتهی و قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی إِنَّ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ فسادهم أنهم كانوا یخرجون فیقتلونهم و یأكلون لحومهم و دوابهم و قیل كانوا یخرجون أیام الربیع فلا یدعون شیئا أخضر إلا أكلوه و لا یابس إلا احتملوه عن الكلبی و قیل أراد أنهم سیفسدون فی المستقبل عند خروجهم و

وَرَدَ فِی الْخَبَرِ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ فَقَالَ یَأْجُوجُ أُمَّةٌ وَ مَأْجُوجُ أُمَّةٌ كُلُّ أُمَّةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أُمَّةٍ لَا یَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَتَّی یَنْظُرَ إِلَی أَلْفِ ذَكَرٍ مِنْ صُلْبِهِ كُلٌّ قَدْ حَمَلَ السِّلَاحَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ مِنْهُمْ أَمْثَالُ الْأَرَزِ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْأَرَزُ قَالَ شَجَرٌ بِالشَّامِ طَوِیلٌ وَ مِنْهُمْ طُولُهُ وَ عَرْضُهُ (2)

سَوَاءٌ وَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ لَا یَقُومُ لَهُمْ جَبَلٌ وَ لَا حَدِیدٌ وَ صِنْفٌ مِنْهُمْ یَفْتَرِشُ أَحَدُهُمْ إِحْدَی أُذُنَیْهِ وَ یَلْتَحِفُ بِالْأُخْرَی وَ لَا یَمُرُّونَ بِفِیلٍ وَ لَا وَحْشٍ وَ لَا جَمَلٍ وَ لَا خِنْزِیرٍ إِلَّا أَكَلُوهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَكَلُوهُ مُقَدِّمَتُهُمْ بِالشَّامِ وَ سَاقَتُهُمْ بِخُرَاسَانَ یَشْرَبُونَ أَنْهَارَ الْمَشْرِقِ وَ بُحَیْرَةَ طَبَرِیَّةَ.

قال وهب و مقاتل إنهم من ولد یافث بن نوح أبی الترك و قال السدی الترك سریة من یأجوج و مأجوج خرجت تغیر فجاء ذو القرنین فضرب السد فبقیت خارجته و قال قتادة إن ذا القرنین بنی السد علی إحدی و عشرین قبیلة و بقیت منهم قبیلة دون السد فهم الترك و قال كعب هم نادرة من ولد آدم و ذلك أن آدم احتلم ذات یوم و امتزجت نطفته بالتراب فخلق اللّٰه من ذلك الماء و التراب یأجوج و مأجوج فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم و هذا بعید(3).

وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ یَنْسِلُونَ قال رحمه اللّٰه أی من كل نشز من الأرض یسرعون یعنی أنهم متفرقون فی الأرض فلا تری أكمة إلا و قوم منهم یهبطون منها

ص: 117


1- 1. بشهرزور( خ).
2- 2. فی المصدر: ... طول، و صنف منهم طولهم و عرضهم سواء.
3- 3. مجمع البیان: ج 6، ص 494.

مسرعین (1)

و قال رحمه اللّٰه فی ق قیل هو اسم الجبل المحیط بالأرض من زمردة خضراء خضرة السماء منها عن الضحاك و عكرمة(2) و قال رحمه اللّٰه فی و الطور أقسم سبحانه بالجبل الذی كلم علیه موسی بالأرض المقدسة و قیل هو الجبل أقسم به لما أودع فیه من أنواع نعمه (3) و فی قوله تعالی وَ إِلَی الْجِبالِ كَیْفَ نُصِبَتْ أی أ فلا یتفكرون فی خلق اللّٰه سبحانه الجبال أوتادا للأرض و مسكنة لها و إنه لولاها لمادت الأرض بأهلها(4).

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: الدُّنْیَا سَبْعَةُ أَقَالِیمَ یَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ الرُّومُ وَ الصِّینُ وَ الزَّنْجُ وَ قَوْمُ مُوسَی وَ أَقَالِیمُ بَابِلَ (5).

بیان: لعل المراد هنا بیان أقالیم الدنیا باعتبار أصناف الناس و اختلاف صورهم و ألوانهم و طبائعهم و الغرض إما حصرهم فیها فأقالیم بابل المراد بها ما یشمل أشباههم من العرب و العجم و الصین یشمل جمیع الترك و الزنج یشمل الهنود أو بیان غرائب الأصناف من الخلق و هو أظهر و المراد بقوم موسی أهل جابلقا و جابرسا كما مر.

«2»- الْخِصَالُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَوَیْهِ السَّرَّاجِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ (6) سَعِیدٍ الْبَزَّازِ عَنْ حُمَیْدِ(7) بْنِ زَنْجَوَیْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ خَالِدِ بْنِ یَزِیدَ بْنِ صَبِیحٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو الْحَضْرَمِیِّ عَنْ عَطَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مِنَ الْجِبَالِ الَّتِی تَطَایَرَتْ یَوْمَ مُوسَی علیه السلام سَبْعَةُ أَجْبُلٍ فَلَحِقَتْ بِالْحِجَازِ وَ الْیَمَنِ مِنْهَا بِالْمَدِینَةِ أُحُدٌ وَ وَرِقَانُ وَ بِ مَكَّةَ ثَوْرٌ وَ ثَبِیرٌ وَ حَرَی وَ

ص: 118


1- 1. مجمع البیان: ج 7، ص 64.
2- 2. المصدر: ج 9، ص 141.
3- 3. المصدر: ج 9، ص 163.
4- 4. المصدر: ج 10: ص 480.
5- 5. الخصال: ج 2 ص 10( أبواب السبعة).
6- 6. فی المصدر: أبو الحسن علیّ بن سعید البزاز.
7- 7. فی المصدر و بعض نسخ الكتاب: سعید بن زنجویه.

بِالْیَمَنِ صَبِرٌ وَ حَضُورُ(1).

توضیح: قال الفیروزآبادی ورقان بكسر الراء جبل أسود بین العرج و الرویثة بیمین المصعد من المدینة إلی مكة حرسهما اللّٰه تعالی و قال ثور جبل بمكة و قال ثبیر و الأثبرة و ثبیر الخضراء و النصع و الزنج و الأعرج و الأحدب و غنیاء جبال بظاهر مكة و قال حراء ككتاب و كعلی عن عیاض یؤنث و یمنع جبل بمكة فیه غار تحنث فیه النبی صلی اللّٰه علیه و آله أی تعبد و اعتزل و قال الصبر ككتف و لا یسكن إلا فی ضرورة شعر جبل مطل علی تعز و قال تعز كتقل قاعدة الیمن و قال حضور كصبور جبل و بلد بالیمن.

«3»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ زَیْدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ قَالَ: بَلَغَنِی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْجَبَلَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ مِنَ الْبَحْرِ الْأَعْظَمِ الْمُحْدِقِ بِالدُّنْیَا وَ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ دُمُوعِ مَلَكٍ یُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِیمُ وَ مِنْ بِئْرِ طَیْبَةَ(2) وَ الْحَدِیثُ طَوِیلٌ أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ.

بیان: خلق الجبل كذا فی بعض النسخ بالجیم و الباء الموحدة و فی أكثر النسخ بالخاء المعجمة و الیاء المثناة التحتانیة و علی التقدیرین لعل فیه تجوزا و استعارة مع أن الخبر موقوف لم یسند إلی إمام و كان فی البئر أیضا تحریفا.

«4»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِیدِ قَالَ ق جَبَلٌ مُحِیطٌ بِالدُّنْیَا وَرَاءَ یَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ هُوَ قَسَمٌ (3).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْعَمْرَكِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُمْهُورِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ

ص: 119


1- 1. الخصال: ج 2 ص 3( أبواب السبعة).
2- 2. الخصال: 123.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 643.

عَنْ یَحْیَی بْنِ مَیْسَرَةَ الْخَثْعَمِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: عسق عِدَادُ سِنِی الْقَائِمِ (1) وَ ق جَبَلٌ مُحِیطٌ بِالدُّنْیَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ فَخُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ وَ عِلْمُ عَلِیٍّ كُلُّهُ فِی عسق (2).

«6»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ: سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِمَّا خُلِقَتِ الْجِبَالُ قَالَ مِنَ الْأَمْوَاجِ (3).

«7»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام مَلَكَ مَا فِی الْأَرْضِ وَ مَا تَحْتَهَا فَعَرَضَتْ لَهُ السَّحَابَانِ الصَّعْبُ وَ الذَّلُولُ فَاخْتَارَ الصَّعْبَ فَكَانَ فِی الصَّعْبِ مُلْكُ مَا تَحْتَ الْأَرْضِ وَ فِی الذَّلُولِ مُلْكُ مَا فَوْقَ الْأَرْضِ وَ اخْتَارَ الصَّعْبَ عَلَی الذَّلُولِ فَدَارَتْ بِهِ سَبْعَ أَرَضِینَ فَوَجَدَ ثَلَاثَ خَرَابٍ وَ أَرْبَعَ عَوَامِرَ.

«8»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ وَ أَبِی سَلَّامٍ عَنْ سَوْرَةَ(4)

عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ قَدْ خُیِّرَ بَیْنَ السَّحَابَیْنِ فَاخْتَارَ الذَّلُولَ وَ ذَخَرَ لِصَاحِبِكُمُ الصَّعْبَ قَالَ قُلْتُ وَ مَا الصَّعْبُ قَالَ مَا كَانَ مِنْ سَحَابٍ فِیهِ رَعْدٌ وَ صَاعِقَةٌ أَوْ بَرْقٌ فَصَاحِبُكُمْ یَرْكَبُهُ أَمَا إِنَّهُ سَیَرْكَبُ السَّحَابَ وَ یَرْقَی فِی الْأَسْبَابِ أَسْبَابِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ خَمْسٌ عَوَامِرُ وَ اثْنَتَانِ خَرَابَان.

بیان: لعل الخامسة عمارتها قلیلة فعدت فی الخبر السابق من الخراب لذلك.

«9»- الْبَصَائِرُ لِلصَّفَّارِ، وَ مُنْتَخَبُ الْبَصَائِرِ لِسَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ یَقْطِینٍ الْجَوَالِیقِیِّ عَنْ قَلْقَلَةَ(5) عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ

ص: 120


1- 1. القسم( خ).
2- 2. تفسیر القمّیّ: 595 و فیه: و علم كل شی ء فی عسق.
3- 3. العیون: ج 1، ص 241، العلل: ج 2، ص 280.
4- 4. الظاهر أنّه سورة بن كلیب بن معاویة الأسدی لتصریحه فی جامع الرواة بروایة أبی سلام عنه ذكره العلامة فی القسم الأوّل من الخلاصة، و روی الكشّیّ حدیثا یستشهد به لصحة عقیدته لكنه لا یصیر دلیلا علی قبول قوله. قال الشهید الثانی فی التعلیقة« لا یخفی ان الخبر لا یدلّ علی قبول روایته لو سلم سنده فكیف مع ضعفه».
5- 5. لم نجد له ذكرا فی كتب الرجال.

عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَبَلًا مُحِیطاً بِالدُّنْیَا مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَرَ وَ إِنَّمَا خُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ خُضْرَةِ ذَلِكَ الْجَبَلِ وَ خَلَقَ خَلْقاً لَمْ یَفْتَرِضْ عَلَیْهِمْ شَیْئاً مِمَّا افْتَرَضَ عَلَی خَلْقِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَ زَكَاةٍ وَ كُلُّهُمْ یَلْعَنُ رَجُلَیْنِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ سَمَّاهُمَا.

«10»- جَامِعُ الْأَخْبَارِ،: سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْقَافِ وَ مَا خَلْفَهُ قَالَ خَلْفَهُ سَبْعُونَ أَرْضاً مِنْ ذَهَبٍ وَ سَبْعُونَ أَرْضاً مِنْ فِضَّةٍ وَ سَبْعُونَ أَرْضاً مِنْ مِسْكٍ خَلْفَهُ سَبْعُونَ أَرْضاً سُكَّانُهَا الْمَلَائِكَةُ لَا یَكُونُ فِیهَا حَرٌّ وَ لَا بَرْدٌ وَ طُولُ كُلِّ أَرْضٍ مَسِیرَةُ عَشَرَةِ ألف [آلَافِ] سَنَةٍ قِیلَ وَ مَا خَلْفَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ حِجَابٌ مِنْ ظُلْمَةٍ قِیلَ وَ مَا خَلْفَهُ قَالَ حِجَابٌ مِنْ رِیحٍ قِیلَ وَ مَا خَلْفَهُ قَالَ حِجَابٌ مِنْ نَارٍ قِیلَ وَ مَا خَلْفَهُ قَالَ حَیَّةٌ مُحِیطَةٌ بِالدُّنْیَا كُلِّهَا تُسَبِّحُ اللَّهَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ هِیَ مَلِكُ الْحَیَّاتِ كُلِّهَا قِیلَ وَ مَا خَلْفَهُ قَالَ حِجَابٌ مِنْ نُورٍ قِیلَ وَ مَا خَلْفَهُ قَالَ عِلْمُ اللَّهِ وَ قَضَاؤُهُ وَ سُئِلَ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ عَرْضِ قَافٍ وَ طَوْلِهِ وَ اسْتِدَارَتِهِ فَقَالَ عَرْضُهُ مَسِیرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ قَضِیبُهُ مِنْ فِضَّةٍ بَیْضَاءَ وَ زُجُّهُ (1)

مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ لَهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ مِنْ نُورٍ ذُؤَابَةٌ بِالْمَشْرِقِ وَ ذُؤَابَةٌ بِالْمَغْرِبِ وَ الْأُخْرَی فِی وَسَطِ السَّمَاءِ عَلَیْهَا مَكْتُوبٌ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ الْأَوَّلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الثَّانِی الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ الثَّالِثُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.

«11»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ كَعْبٍ: فِی قَوْلِهِ حَتَّی تَوارَتْ بِالْحِجابِ قَالَ حِجَابٌ مِنْ یَاقُوتٍ أَخْضَرَ مُحِیطٌ بِالْخَلَائِقِ فَمِنْهُ اخْضَرَّتِ السَّمَاءُ الَّتِی یُقَالُ لَهَا السَّمَاءُ الْخَضْرَاءُ وَ اخْضَرَّ الْبَحْرُ مِنَ السَّمَاءِ فَمِنْ ثَمَّ یُقَالُ الْبَحْرُ الْأَخْضَرُ(2).

و عن ابن مسعود أیضا: مثله بیان الأخبار المنقولة من الكتابین ضعیفة عامیة و قد مر أشباهها و بعض القول فیها فی باب العوالم.

ص: 121


1- 1. الزج- بضم الزای و تشدید الجیم-، الحدیدة التی فی أسفل الرمح و یقابله السنان.
2- 2. الدّر المنثور: ج 5، ص 309. و لیس روایة ابن مسعود مثلها بل هی هكذا: قال: تورات بالحجاب من وراء قریة خضرة السماء منها.

«12»- كِتَابُ الْأَقَالِیمِ وَ الْبُلْدَانِ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ قَرَأَ فَسُبْحانَ اللَّهِ حِینَ تُمْسُونَ وَ حِینَ تُصْبِحُونَ إِلَی وَ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ كُتِبَ لَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ كُلِّ وَرَقَةِ ثَلْجٍ (1)

عَلَی جَبَلِ سَیَلَانَ قِیلَ وَ مَا السَّیَلَانُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ جَبَلٌ بِأَرْمَنِیَّةَ وَ آذَرْبِیجَانَ عَلَیْهِ عَیْنٌ مِنْ عُیُونِ الْجَنَّةِ وَ فِیهِ قَبْرٌ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِیَاءِ.

قال أبو حامد الأندلسی علی رأس هذا الجبل عین عظیمة مع غایة ارتفاعه ماؤه أبرد من ماء الثلج كأنما یشبه بالعسل لشدة عذوبته و بجوف هذا الجبل ماء یخرج من عین یصلق البیض لحرارته یقصدها الناس لمصالحهم و بحضیض هذا الجبل شجر كثیر و مراع و شی ء من حشیش لا یتناوله إنسان و لا حیوان إلا مات لساعته.

قال القزوینی و لقد رأیت الخیل و الدواب ترعی فی هذا الجبل فإذا قربت من ذلك الحشیش نفرت و ولت منهزمة كالمطرودة و قال قال القزوینی فی قریة من قری قزوین جبل حدثنی من صعده أن علیه صورة كل حیوان من الحیوان علی اختلاف أجناسها و صور الآدمیین علی أنواع أشكالها عدد لا تحصی و قد مسخوا حجارة و فیه الراعی متكئا علی عصاه و الماشیة حوله كلها حجارة و امرأة تحلب بقرة و قد تحجر و الرجل یجامع امرأته و قد تحجر و امرأة ترضع ولدها و هلم جرا هكذا.

«13»- وَ قَالَ: حُكِیَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَی جَعْفَرٍ الصَّادِقِ علیه السلام رَجُلٌ مِنْ همدان [هَمَذَانَ] فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ علیه السلام مِنْ أَیْنَ أَنْتَ قَالَ مِنْ همدان [هَمَذَانَ] فَقَالَ لَهُ أَ تَعْرِفُ جَبَلَهَا رَاوَنْدَ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُ أَرْوَنْدُ قَالَ نَعَمْ إِنَّ فِیهِ عَیْناً مِنْ عُیُونِ الْجَنَّةِ.

بیان: كان الجبل مسمی بكلا الاسمین و الصحیح من اسمه راوند و إنما صدّقه لأنه هكذا أعرف عندهم.

و قال جبل قاف محیط بالأرض كإحاطة بیاض العین بسوادها و ما وراء جبل قاف فهو من حكم الآخرة لا من حكم الدنیا و قال بعض المفسرین إن لله سبحانه و تعالی من وراء جبل قاف أرضا بیضاء كالفضة المجلوة طولها مسیرة أربعین یوما للشمس و بها ملائكة شاخصون إلی العرش لا یعرف الملك منهم من إلی جانبه من هیبة اللّٰه تعالی

ص: 122


1- 1. ثلج تقع علی ...( خ).

و لا یعرفون ما آدم و ما إبلیس هكذا إلی یوم القیامة و قیل إن یوم القیامة تبدل أرضنا هذه بتلك الأرض و اللّٰه أعلم.

و قال السرندیب هو جبل بأعلی الصین فی بحر الهند و هو الجبل الذی أهبط علیه آدم علیه السلام و علیه أثر قدمه غائص فی الصخرة طوله سبعون شبرا و علی هذا الجبل ضوء كالبرق و لا یتمكن أحد أن ینظر إلیه و لا بد لكل یوم فیه من المطر فیغسل قدم آدم علیه السلام و حوله من أنواع الیواقیت و الأحجار النفیسة و أصناف العطر و الأدویة ما لا یوصف فإن آدم خطا من هذا الجبل إلی ساحل البحر خطوة واحدة و هو مسیرة یومین.

و قال حكی عن عبادة بن الصامت قال أرسلنی أبو بكر إلی ملك الروم رسولا لأدعوه إلی الإسلام فسرت حتی دخلت بلاد الروم فلاح لنا جبل یعرف بأهل الكهف فوصلنا إلی دیر فیه و سألنا أهل الدیر عنهم فأوقفونا علی سرب فی الجبل فوهبنا لهم

شیئا و قلنا نرید أن ننظر إلیهم فدخلوا و دخلنا معهم و كان علیهم باب من حدید ففتحوه لنا فانتهینا إلی بیت عظیم محفور فی الجبل فیه ثلاثة عشر رجلا مضطجعین علی ظهورهم كأنهم رقود و علی كل واحد منهم جبة غبراء و كساء أغبر قد غطوا بها من رءوسهم إلی أقدامهم فلم ندر ما ثیابهم من صوف أو وبر إلا أنها كانت أصلب من الدیباج فلمسناها فإذا هی تتقعقع من الصفاقة و علی أرجلهم الخفاف إلی أنصاف سوقهم مستنعلین بنعال مخصوفة(1)

و خفافهم و نعالهم فی جودة الخز و لین لجلود ما لم یر مثله قال فكشفنا عن وجوههم رجلا رجلا فإذا هم فی وضاءة الوجوه و صفاء الألوان و حسن التخطیط و هم كالأحیاء بعضهم فی نضارة الشباب و بعضهم قد خطه الشیب و بعضهم شعورهم مظفورة و بعضهم شعورهم مضمومة و علی زی المسلمین فانتهینا إلی آخرهم فإذا فیهم مضروب علی وجهه بسیف كأنما ضرب فی یومه فسألنا عن حالهم و ما یعلمون من أمورهم فذكروا أنهم یدخلون علیهم فی كل عام یوما و یجتمع أهل تلك الناحیة علی الباب فیدخل علیهم من ینفض التراب عن وجوههم و أكسیتهم و یقلم أظفارهم

ص: 123


1- 1. محفوفة( خ).

و یقص شواربهم و یتركهم علی هیئتهم هذه قلنا لهم هل تعرفون من هم و كم مدة هم هاهنا فذكروا أنهم یجدون فی كتبهم أنهم كانوا أنبیاء بعثوا إلی هذه البلاد فی زمان واحد قبل المسیح بأربعمائة سنة و عن ابن عباس أن أصحاب الكهف سبعة.

«14»- نَوَادِرُ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَلِیٍّ الْمَحْمُودِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: خَرَجَ عَلَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ وَ نَحْنُ فِی مَسْجِدِهِ فَقَالَ مَنْ هَاهُنَا قُلْتُ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ فَقَالَ یَا سَلْمَانُ ادْعُ لِی مَوْلَاكَ عَلِیّاً فَقَدْ جَاءَتْنِی فِیهِ عَزِیمَةٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ جَابِرٌ فَذَهَبَ سَلْمَانُ فَاسْتَخْرَجَ عَلِیّاً مِنْ مَنْزِلِهِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَلَا بِهِ فَأَطَالَ مُنَاجَاتَهُ كُلَّ ذَلِكَ یُسِرُّ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سِرّاً خَفِیّاً عَنَّا وَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْطُرُ عَرَقاً كَنَظْمِ الدُّرِّ یَتَهَلَّلُ حُسْناً ثُمَّ قَالَ لَهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ مُنَاجَاتِهِ قَدْ سَمِعْتَ وَ وَعَیْتَ فَاحْفَظْ یَا عَلِیُّ ثُمَّ قَالَ یَا جَابِرُ ادْعُ عُمَرَ وَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ جَابِرٌ فَذَهَبْتُ إِلَیْهِمَا فَدَعَوْتُهُمَا فَلَمَّا حَضَرَاهُ قَالَ یَا جَابِرُ ادْعُ لِی عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَالَ جَابِرٌ فَدَعَوْتُهُ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ یَا سَلْمَانُ اذْهَبْ إِلَی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَأْتِنِی بِالْبِسَاطِ الْخَیْبَرِیِّ قَالَ جَابِرٌ فَمَا لَبِثْنَا أَنْ جَاءَنَا سَلْمَانُ بِالْبِسَاطِ فَأَمَرَهُ أَنْ یَبْسُطَ ثُمَّ أَمَرَ الْقَوْمَ فَجَلَسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَی رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهِ وَ كَانُوا ثَلَاثَةً ثُمَّ خَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَطَالَ مُنَاجَاتَهُ وَ أَسَرَّ إِلَیْهِ سِرّاً خَفِیّاً ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ یَجْلِسَ عَلَی الرُّكْنِ الرَّابِعِ مِنَ الْبِسَاطِ ثُمَّ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ اجْلِسْ مُتَوَسِّطاً وَ قُلْ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ فَإِنَّكَ لَوْ قُلْتَهُ عَلَی الْجِبَالِ لَسَارَتْ أَوْ قُلْتَهُ عَلَی الْأَرْضِ لَتَقَطَّعَتْ مِنْ وَرَائِكَ وَ لَطَوَیْتَ كُلَّ مَنْ بَیْنَ یَدَیْكَ وَ لَوْ كَلَّمْتَ بِهِ الْمَوْتَی لَأَجَابُوكَ بِإِذْنِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لِعَلِیٍّ خَاصَّةً قَالَ نَعَمْ فَاعْرِفُوا ذَلِكَ لَهُ قَالَ جَابِرٌ فَلَمَّا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مَجْلِسَهُ اخْتَلَجَ الْبِسَاطُ فَلَمْ أَرَهُ إِلَّا مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَلَمَّا رَجَعَ سَلْمَانُ خَبَّرَنِی أَنَّهُمْ سَارُوا مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَا یَدْرُونَ أَ شَرْقاً أَمْ غَرْباً حَتَّی انْقَضَّ بِهِمُ الْبِسَاطُ عَلَی كَهْفٍ عَظِیمٍ عَلَیْهِ بَابٌ مِنْ حَجَرٍ وَاحِدٍ قَالَ سَلْمَانُ فَقُمْتُ بِالَّذِی أَمَرَنِی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لِسَلْمَانَ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ

ص: 124

أَمَرَنِی إِذَا اسْتَقَرَّ الْبِسَاطُ مَكَانَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَ صِرْنَا عِنْدَ الْكَهْفِ أَنْ آمُرَ أَبَا بَكْرٍ بِالسَّلَامِ عَلَی أَهْلِ ذَلِكَ الْكَهْفِ وَ عَلَی الْجَمِیعِ فَأَمَرْتُهُ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ بِأَعْلَی صَوْتِهِ فَلَمْ یَرُدُّوا عَلَیْهِ شَیْئاً ثُمَّ سَلَّمَ أُخْرَی فَلَمْ یُجَبْ فَشَهِدَ أَصْحَابُهُ عَلَی ذَلِكَ وَ شَهِدْتُ عَلَیْهِ ثُمَّ أَمَرْتُ عُمَرَ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ بِأَعْلَی صَوْتِهِ فَلَمْ یَرُدُّوا عَلَیْهِ شَیْئاً ثُمَّ سَلَّمَ أُخْرَی فَلَمْ یُجَبْ فَشَهِدَ أَصْحَابُهُ عَلَی ذَلِكَ وَ شَهِدْتُ عَلَیْهِ ثُمَّ أَمَرْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ فَلَمْ یُجَبْ فَشَهِدُوا أَصْحَابُهُ عَلَی ذَلِكَ وَ شَهِدْتُ عَلَیْهِ ثُمَّ قُمْتُ أَنَا فَأَسْمَعْتُ الْحِجَارَةَ وَ الْأَوْدِیَةَ صَوْتِی فَلَمْ أُجَبْ فَقُلْتُ لِعَلِیٍّ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی نَرْجِعَ لَكَ وَ لَكَ السَّمْعُ وَ الطَّاعَةُ وَ قَدْ أَمَرَنِی أَنْ آمُرَكَ بِالسَّلَامِ عَلَی أَهْلِ هَذَا الْكَهْفِ آخِرَ الْقَوْمِ وَ ذَلِكَ لِمَا یُرِیدُ اللَّهُ لَكَ وَ بِكَ الشَّرَفَ مِنْ شَرَفِ الدَّرَجَاتِ فَقَامَ عَلِیٌّ فَسَلَّمَ بِصَوْتٍ خَفِیٍّ فَانْفَتَحَ الْبَابُ فَسَمِعْنَا لَهُ صَرِیراً شَدِیداً وَ نَظَرْنَا إِلَی دَاخِلِ الْغَارِ یَتَوَقَّدُ نَاراً فَمُلِئْنَا رُعْباً وَ وَلَّی الْقَوْمُ فِرَاراً فَقُلْتُ لَهُمْ مَكَانَكُمُ حَتَّی نَسْمَعَ مَا یُقَالُ وَ إِنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَیْكُمْ فَرَجَعُوا فَأَعَادَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ أَیُّهَا الْفِتْیَةُ الَّذِینَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ فَقَالُوا وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا عَلِیُّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ عَلَی مَنْ أَرْسَلَكَ بِآبَائِنَا وَ أُمَّهَاتِنَا أَنْتَ یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَ قَائِدِ الْمُرْسَلِینَ وَ نَذِیرِ الْعَالَمِینَ وَ بَشِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَقْرِئْهُ مِنَّا السَّلَامَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ یَا إِمَامَ الْمُتَّقِینَ قَدْ شَهِدْنَا لِابْنِ عَمِّكَ بِالنُّبُوَّةِ وَ لَكَ بِالْوَلَایَةِ وَ الْإِمَامَةِ وَ السَّلَامُ عَلَی مُحَمَّدٍ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیّاً قَالَ ثُمَّ أَعَادَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ أَیُّهَا الْفِتْیَةُ الَّذِینَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً فَقَالُوا عَلَیْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ یَا مَوْلَانَا وَ إِمَامَنَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَرَانَا وَلَایَتَكَ وَ أَخَذَ مِیثَاقَنَا بِذَلِكَ وَ زَادَنَا إِیمَاناً وَ تَثْبِیتاً عَلَی التَّقْوَی قَدْ سَمِعَ مَنْ بِحَضْرَتِكَ أَنَّ الْوَلَایَةَ لَكَ دُونَهُمْ وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ قَالَ سَلْمَانُ فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ أَقْبَلُوا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالُوا شَهِدْنَا وَ سَمِعْنَا فَاشْفَعْ لَنَا إِلَی نَبِیِّنَا لِیَرْضَی عَنَّا بِرِضَاكَ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلِیٌّ علیه السلام بِمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا دَرَیْنَا أَ شَرْقاً أَمْ غَرْباً حَتَّی نَزَلْنَا كَالطَّیْرِ الَّذِی یَهْوِی مِنْ مَكَانٍ بَعِیدٍ وَ إِذَا نَحْنُ عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ كَیْفَ رَأَیْتُمْ فَقَالَ الْقَوْمُ نَشْهَدُ كَمَا شَهِدَ أَهْلُ الْكَهْفِ وَ نُؤْمِنُ كَمَا آمَنُوا فَقَالَ

ص: 125

إِنِ تَفْعَلُوا تَهْتَدُوا وَ ما عَلَی الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا تَخْتَلِفُوا فَمَنْ وَافَی وَافَی اللَّهُ (1)

لَهُ وَ مَنْ نَكَصَ فَعَلَی عَقِبَیْهِ یَنْقَلِبُ أَ فَبَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَ الْحُجَّةِ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَقَدْ أُمِرْتُ أَنْ آمُرَكُمْ بِبَیْعَتِهِ وَ طَاعَتِهِ فَبَایِعُوهُ وَ أَطِیعُوهُ فَقَدْ نَزَلَ الْوَحْیُ بِذَلِكَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ (2) قَالَ جَابِرٌ فَبَایَعْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِ اسْتَقَمْتُمْ عَلَی الطَّرِیقَةِ لِعَلِیٍّ فِی وَلَایَتِهِ أُسْقِیتُمْ مَاءً غَدَقاً وَ أَكَلْتُمْ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِكُمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ وَ إِنْ لَمْ تَسْتَقِیمُوا اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُكُمْ وَ شَمِتَ بِكُمْ عَدُوُّكُمْ وَ لَتَتَّبِعُنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ شَیْئاً شَیْئاً لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَتَبِعْتُمُوهُمْ فِیهِ وَ طُوبَی لِمَنْ تَمَسَّكَ بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ مِنْ بَعْدِی حَتَّی یَمُوتَ وَ بَلَغَنِی وَ أَنَا عَنْهُ رَاضٍ قَالَ جَابِرٌ وَ كَانَ ذَهَابُهُمْ وَ مَجِیئُهُمْ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَی وَقْتِ الْعَصْرِ.

«15»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأَرْضِ بَحْراً مُحِیطاً بِهَا ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا یُقَالُ لَهُ ق السَّمَاءُ الدُّنْیَا مُتَرَفْرِفَةٌ عَلَیْهِ ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ الْجَبَلِ أَیْضاً(3)

مِثْلَ تِلْكَ الْأَرْضِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ بَحْراً

مُحِیطاً بِهَا ثُمَّ خَلَقَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ جَبَلًا یُقَالُ لَهُ ق السَّمَاءُ الثَّانِیَةُ مُتَرَفْرِفَةٌ عَلَیْهِ حَتَّی عَدَّ سَبْعَ أَرَضِینَ وَ سَبْعَةَ أَبْحُرٍ وَ سَبْعَةَ أَجْبُلٍ (4)

قَالَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ الْبَحْرُ یَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ(5).

«16»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَیْدَةَ قَالَ: ق جَبَلٌ مِنْ زُمُرُّدٍ مُحِیطٌ بِالدُّنْیَا عَلَیْهِ كَنَفَا السَّمَاءِ(6).

«17»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ق جَبَلٌ مُحِیطٌ بِالْأَرْضِ (7).

ص: 126


1- 1. فمن وفی اللّٰه له( خ).
2- 2. النساء: 58.
3- 3. فی المصدر« أرضا» و هو الصواب.
4- 4. فی المصدر: و سبع سماوات.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 101، و الآیة فی سورة لقمان: 27.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 101.
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 102.

«18»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ جَبَلًا یُقَالُ لَهُ ق مُحِیطٌ بِالْعَالَمِ وَ عُرُوقُهُ إِلَی الصَّخْرَةِ الَّتِی عَلَیْهَا الْأَرْضُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُزَلْزِلَ قَرْیَةً أَمَرَ ذَلِكَ الْجَبَلَ فَحَرَّكَ الْعِرْقَ الَّذِی یَلِی تِلْكَ الْقَرْیَةَ فَیُزَلْزِلُهَا وَ یُحَرِّكُهَا فَمِنْ ثَمَّ تَحَرَّكُ الْقَرْیَةُ دُونَ الْقَرْیَةِ(1).

«19»- الْعِلَلُ، وَ الْمَجَالِسُ، لِلصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ ذَا الْقَرْنَیْنِ لَمَّا انْتَهَی إِلَی السَّدِّ جَاوَزَهُ فَدَخَلَ فِی الظُّلُمَاتِ فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ قَائِمٍ عَلَی جَبَلٍ طُولُهُ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ یَا ذَا الْقَرْنَیْنِ أَ مَا كَانَ خَلْفَكَ مَسْلَكٌ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ مُوَكَّلٌ بِهَذَا الْجَبَلِ فَلَیْسَ مِنْ جَبَلٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَّا وَ لَهُ عِرْقٌ إِلَی هَذَا الْجَبَلِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُزَلْزِلَ مَدِینَةً أَوْحَی إِلَیَّ فَزَلْزَلْتُهَا(2).

العیاشی، عن جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: سألته عن الزلزلة فقال أخبرنی أبی عن آبائه قال قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إن ذا القرنین لما انتهی إلی السد إلی آخر الخبر- الفقیه، مرسلا: مثله (3)

بیان: أ ما كان خلفك مسلك أی لأی شی ء جئت هاهنا مع سعة الأرض خلفك.

«20»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْأَرْضَ فَأَمَرَ الْحُوتَ فَحَمَلَتْهَا فَقَالَتْ حَمَلْتُهَا بِقُوَّتِی فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حُوتاً قَدْرَ شِبْرٍ فَدَخَلَتْ فِی مَنْخِرِهَا فَاضْطَرَبَتْ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً فَإِذَا أَرَادَ

ص: 127


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 102.
2- 2. العلل: ج 2، ص 241 مرسلا.
3- 3. من لا یحضره الفقیه: 142، و فیه: و قد تكون الزلزلة من غیر ذلك.

اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُزَلْزِلَ أَرْضاً تَرَاءَتْ لَهَا تِلْكَ الْحُوتَةُ الصَّغِیرَةُ فَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فَرَقاً(1).

الْفَقِیهُ، مُرْسَلًا: مِثْلَهُ وَ فِیهِ قَدْرَ فِتْرٍ(2).

بیان: الفتر بالكسر ما بین السبابة و الإبهام إذا فرقتهما و تأنیث فحملتها و قالت بتأویل الحوتة أو السمكة و الفرق بالتحریك الخوف.

«21»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ بِإِسْنَادٍ لَهُ رَفَعَهُ إِلَی أَحَدِهِمْ علیهم السلام: أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمَرَ الْحُوتَ بِحَمْلِ الْأَرْضِ وَ كُلِّ بَلْدَةٍ مِنَ الْبُلْدَانِ عَلَی فَلْسٍ مِنْ فُلُوسِهِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُزَلْزِلَ أَرْضاً أَمَرَ الْحُوتَ أَنْ یُحَرِّكَ ذَلِكَ الْفَلْسَ فَیُحَرِّكُهُ وَ لَوْ رُفِعَ الْفَلْسُ لَانْقَلَبَتِ الْأَرْضُ بِإِذْنِ اللَّهِ (3).

الفقیه، مرسلا عن الصادق علیهم السلام: مثله (4)

بیان: قال الصدوق قدس سره بعد إیراد تلك الأخبار الثلاثة فی الفقیه و الزلزلة تكون من هذه الوجوه الثلاثة و لیست هذه الأخبار بمختلفة انتهی و الظاهر أن مراده أن الزلزلة قد تكون بالعلة الأولی و قد تكون بالعلة الثانیة و قد تكون بالعلة الثالثة و یحتمل اجتماع تلك العلل فی كل زلزلة و یمكن أن تكون الثانیة فی الزلزلة العامة لجمیع الأرض كزلزلة القیامة و الثالثة فی ما إذا حصل بسببها خسف و انقلاب و تغیر عظیم فی الأرض و بالجملة الزلزلة العظیمة و الأولی فی الزلازل الجزئیة الیسیرة و یؤید الخبر الأول أن أكثر الزلازل تبتدئ من الجبال و كل أرض تكون أقرب من الجبل فهی فیها أشد.

«22»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ تَمِیمِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَاضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ فَوَجَأَهَا(5) ثُمَّ قَالَ لَهَا اسْكُنِی مَا لَكِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْنَا فَقَالَ أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ لَأَجَابَتْنِی وَ لَكِنَّهَا(6)

لَیْسَتْ بِتِلْكَ (7).

ص: 128


1- 1. العلل: ج 2، ص 241.
2- 2. الفقیه: 142.
3- 3. العلل: ج 2، ص 241.
4- 4. الفقیه: 141.
5- 5. فی المصدر: فوحاها.
6- 6. فی المصدر: و لكن.
7- 7. روضة الكافی: 256.

«23»- الْعِلَلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَیُّوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِی تَمِیمُ بْنُ حِذْیَمٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام حَیْثُ تَوَجَّهْنَا إِلَی الْبَصْرَةِ قَالَ فَبَیْنَمَا نَحْنُ نُزُولٌ إِذَا اضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ فَضَرَبَهَا عَلِیٌّ علیه السلام بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا مَا لَكِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَنَا أَمَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الزَّلْزَلَةَ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ لَأَجَابَتْنِی وَ لَكِنَّهَا لَیْسَتْ بِتِلْكَ (1).

بیان: هذا إشارة إلی ما ورد فی الأخبار أن الإنسان فی سورة الزلزال هو أمیر المؤمنین علیه السلام یقول للأرض ما لك فتحدثه الأرض أخبارها كما

رُوِیَ فِی الْعِلَلِ، عَنْ فَاطِمَةَ علیها السلام قَالَتْ: أَصَابَ النَّاسَ زَلْزَلَةٌ عَلَی عَهْدِ أَبِی بَكْرٍ وَ سَاقَتِ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهَا فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام كَأَنَّكُمْ قَدْ هَالَكُمْ مَا تَرَوْنَ قَالُوا وَ كَیْفَ لَا یَهُولُنَا وَ لَمْ نَرَ مِثْلَهَا قَطُّ قَالَتْ فَحَرَّكَ شَفَتَیْهِ ثُمَّ ضَرَبَ الْأَرْضَ بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ مَا لَكِ اسْكُنِی فَسَكَنَتْ فَقَالَ أَنَا الرَّجُلُ الَّذِی قَالَ اللَّهُ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها فَأَنَا الْإِنْسَانُ الَّذِی یَقُولُ لَهَا مَا لَكِ یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إِیَّایَ تُحَدِّثُ.

فهذا معنی قوله علیه السلام إنها لو كانت الزلزلة التی ذكرها اللّٰه فی كتابه أی فی سورة الزلزال و هی زلزلة القیامة لأجابتنی أی لحدثت و تكلمت معی و لكنها لیست بتلك أی زلزلة القیامة(2).

«24»- الْعِلَلُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الزَّلْزَلَةِ مَا هِیَ قَالَ آیَةٌ قُلْتُ وَ مَا سَبَبُهَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَكَّلَ بِعُرُوقِ الْأَرْضِ مَلَكاً فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُزَلْزِلَ أَرْضاً أَوْحَی إِلَی ذَلِكَ الْمَلَكِ أَنْ حَرِّكْ عُرُوقَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ فَیُحَرِّكُ ذَلِكَ الْمَلَكُ عُرُوقَ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِی أَمَرَهُ اللَّهُ فَتَتَحَرَّكُ بِأَهْلِهَا قَالَ قُلْتُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمَا أَصْنَعُ قَالَ صَلِّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَإِذَا فَرَغْتَ خَرَرْتَ سَاجِداً وَ تَقُولُ فِی سُجُودِكَ

ص: 129


1- 1. العلل: ج 2، ص 242.
2- 2. المصدر: ج 2، ص 243.

یَا مَنْ یُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِیماً غَفُوراً أَمْسِكْ عَنَّا السُّوءَ إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(1).

الفقیه، بإسناده عن سلیمان الدیلمی: مثله (2)

بیان: آیة أی علامة من علامات غضبه أو قدرته أَنْ تَزُولا أی كراهة أن تزولا أو لتضمن الإمساك معنی الحفظ أو المنع عدی به إِنْ أَمْسَكَهُما أی ما أمسكهما و فی الفقیه بعد قوله غَفُوراً یا من یُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ أمسك.

«25»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُوتَ الَّذِی یَحْمِلُ الْأَرْضَ أَسَرَّ فِی نَفْسِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا یَحْمِلُ الْأَرْضَ بِقُوَّتِهِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ حُوتاً أَصْغَرَ مِنْ شِبْرٍ وَ أَكْبَرَ مِنْ فِتْرٍ فَدَخَلَ فِی خَیَاشِیمِهِ فَصَعِقَ فَمَكَثَ بِذَلِكَ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رَأَفَ بِهِ وَ رَحِمَهُ وَ خَرَجَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِأَرْضٍ زَلْزَلَةً بَعَثَ ذَلِكَ الْحُوتَ إِلَی ذَلِكَ الْحُوتِ فَإِذَا رَآهُ اضْطَرَبَ فَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ (3).

«26»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: الْعِلَّةُ فِی زَلْزَلَةِ الْأَرْضِ أَنَّ الْحُوتَ الَّذِی یَحْمِلُ الْأَرْضَ لَهُ فُلُوسٌ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ زَلْزَلَةَ أَرْضٍ أَوْ مَكَانٍ رَفَعَ الْحُوتُ الْفَلْسَ الَّذِی فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ حَرَّكَهُ فَتُزَلْزَلُ الْأَرْضُ.

«27»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ صَارَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ تُزَلْزَلُ قِیلَ لَهُ إِنَّ الزَّلْزَلَةَ وَ مَا أَشْبَهَهَا مَوْعِظَةٌ وَ تَرْهِیبٌ یُرَهَّبُ بِهَا النَّاسُ لِیَرْعُوا وَ یُنْزَعُوا عَنِ الْمَعَاصِی.

فوائد

الأولی قسمة المعمور من الأرض بالأقالیم السبعة قالوا الدائرة العظیمة

ص: 130


1- 1. علل الشرائع: ج 2، ص 242.
2- 2. من لا یحضره الفقیه: 142.
3- 3. روضة الكافی: 255.

التی تحدث علی سطح الأرض إذا فرض معدل النهار قاطعا للعالم الجسمانی تسمی خط الاستواء و إذا فرضت عظیمة أخری علی وجه الأرض تمر بقطبیها انقسمت الأرض بهما أرباعا أحد القسمین الشمالیین هو الربع المسكون و الباقیة إما غامرة فی البحار غیر مسكونة و إما عامرة غیر معلومة الأحوال و طول كل ربع بقدر نصف الدائرة العظیمة و عرضه بقدر ربعها و هذا الربع المسكون أیضا لیس كله معمورا إذ بعضه فی جانب الشمال لفرط البرد لا یمكن لحیوان التعیش فیه و هی المواضع التی یكون عرضها أزید من تمام المیل الكلی و فی القدر المعمور أیضا بحار كثیرة بعضها متصل بالمحیط و بعضها غیر متصل كما عرفت و جبال و آكام و آجام و بطائح و مغایض و براری لا تقبل العمارة و وجدوا فی جنوب خط الاستواء قلیلا من العمارة من الزنج و السودان لكن لقلتها لم یعدوها من المعمورة و مبدأ العمارة عند المنجمین من جانب الغرب و كانت هناك جزائر تسمی الجزائر الخالدات و هی الآن مغمورة فی الماء فجعلها بعضهم مبدأ الطول و آخرون جعلوا ساحل البحر الغربی مبدأ و بینهما عشر درجات و نهایة العمارة من الجانب الشرقی عندهم كنك ذر و هو مستقر الشیاطین بزعمهم و سموا ما بین النهایتین علی خط الاستواء قبة الأرض ثم قسموا المعمور من هذا الربع فی جانب العرض بسبعة أقالیم بدوائر موازیة لخط الاستواء طول كل إقلیم ما بین الخافقین و عرضه بقدر تفاضل نصف ساعة فی النهار الأطول لأن أحوال كل إقلیم متشابهة متناسبة بحسب الحر و البرد و المزاج و الألوان و الأخلاق فمبدأ الإقلیم الأول فی العرض عند الأكثر مواضع یكون عرضها اثنتا(1)

عشرة درجة و ثلثا درجة و نهارهم الأطول اثنتا عشرة ساعة و نصف و ربع و لم یعدوا من خط الاستواء إلی هذه المواضع من المعمورة لقلة العمارة فیها و بعضهم یجعل مبدأ الإقلیم خط الاستواء لكن علی التقدیرین لا خلاف فی أن مبدأ الإقلیم الثانی حیث عرضه عشرون درجة و نصف و نهاره الأطول

ثلاث عشرة ساعة و ربع و مساحة سطح الإقلیم الأول علی الأول كما ذكره البرجندی ستمائة ألف و اثنان و ستون ألف فرسخ و أربعة و أربعون فرسخا و نصف

ص: 131


1- 1. كذا فی جمیع النسخ.

فرسخ و البلاد المشهورة الواقعة فیه نجران و جند و صنعاء و صعدة و صحار و سندان و كولم و علاقی و قال بعضهم و هذا الإقلیم یبتدئ فی الطول من المشرق و أراضی الصین و تمر هناك علی أنهار عظیمة ثم تمر علی سواحل البحر الجنوبی و بعض أرض الصین و بعض البلاد الجنوبیة من الهند و السند ثم علی جزیرة كرك التی والاها من قبل ملك الیمن ثم یمر علی خلیج فارس و جزیرة العرب و علی أكثر بلاد الیمن كمعلی و حضرموت و صنعاء و زبید و عدن و شهر و قلهات و ظفار و سبأ و مدینة الطیب و صحار قصبة(1)

عمان ثم علی الخلیج الأحمر و دار ملك الحبشة و بلاد النوبة و علی غایة معدن الذهب من بلاد السودان (2) المغرب ثم علی بلاد بربر إلی المحیط المغربی و عدد البلاد المشهورة الواقعة فی هذا الإقلیم خمسون و فیه من الجبال و الأنهار العظیمة عشرون جبلا و ثلاثون نهرا و لون أكثر أهله السواد و یزعمون أن هذا الإقلیم منسوب إلی زحل و مساحة سطح ما بین خط الاستواء و الإقلیم الأول ألف ألف فرسخ و مائة و ستة عشر ألف فرسخ و سبعمائة و خمسة و ثلاثون فرسخا و سدس فرسخ و البلاد المشهورة الواقعة فیها عدن و شوام و حضرموت و مرباط و سقوطرة و جزیرة سرندیب و جزیرة لامری و جزیرة كله و غانة و كوكو و سقالة و بربرا و زغاوة من بلاد الزنج و هدیة و زیلع كلاهما من بلاد الحبشة.

و مساحة الإقلیم الثانی خمسمائة ألف فرسخ و اثنان و سبعون ألف فرسخ و ستة و ستون فرسخا و ثلث فرسخ و البلاد المشهورة فیه مكة و المدینة ضاعف اللّٰه شرفهما و تیماء من بلاد الشام و ینبع و جدة و خیبر و بطن مر و الطائف و الفید و الفرع و یمامة و الأحساء و قطیف و البحرین و القفط و صعید

ص: 132


1- 1. فی مراصد الاطلاع: صحار بالضم و آخره راء: هضبة عمان ممّا یلی الجبل، و قوام قصبتها ممّا یلی الساحل مدینة طیبة كثیرة الخیرات مبنیة بالاجر و الساج- انتهی- و الهضبة: الجبل المنبسط علی وجه الأرض.
2- 2. سودان( خ).

و أسیوط و أسوان و إسنا و عیذاب و لمطة من أقصی المغرب و سوس أقصی و سجلماسة و دیبل من بلاد السند و مكران و بیرون و المنصورة و صنم صومنات من بلاد الهند و كنبایت و ماهورة و قِنَّوْج و قال بعضهم هذا الإقلیم یأخذ فی الطول من بلاد الصین و یمر بمعظم بلاد الهند و منها دهلی ثم بشمال جبال معروفة فی دیارهم و یمر بمعظم دیار السند منها منصورة و یصل إلی عمان و یقطع جزیرة العرب من أرض نجد و تهامة و یمر بالطائف و مكة شرفها اللّٰه تعالی و مدینة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و یثرب و هجر و قطیف و البحرین و هرمز من كرمان و یقطع القلزم و یصل إلی صعید مصر و یقطع النیل و یأخذ فی أرض المغرب و یمر بأواسط بلاد إفریقیة ثم ببلاد البربر و یصل إلی المحیط و البلاد المشهورة الواقعة فی هذا الإقلیم أیضا خمسون و فیه من الجبال عشرون و من الأنهار مثلها و لون عامة أهله بین السواد و السمرة و یزعمون أنه منسوب إلی الشمس.

و مبدأ الإقلیم الثالث عرضه سبع و عشرون درجة و نصف و نهایة طول الأیام ثلاث عشرة ساعة و ثلاث أرباع ساعة و مساحة سطحه أربعمائة و ستون ألف فرسخ و أحد و تسعون فرسخا و خمسا فرسخ و البلاد المشهورة فیه الإسكندریة و منفلوط من بلاد سعید و أكثر بلادها الواقعة علی النیل و رشید و دمیاط من بلاد مصر و قلزم علی ساحل بحر الیمن و فسطاط من بلاد مصر و عین الشمس منها و أسفی (1)

من أقصی المغرب و سلا و فاس و مراكش (2) و درعة و میلة و تاهرت و قسطینة(3)

ص: 133


1- 1. بفتحتین و كسر الفاء: بلدة علی شاطئ البحر المحیط بأقصی المغرب( مراصد الاطلاع).
2- 2. بالفتح ثمّ التشدید و ضم الكاف و شین معجمة: أعظم مدینة بالمغرب و أجلها و بها سریر ملوكه فی وسط بلاد البربر و بینه و بین البحر عشرة أیام. و معنی مراكش بالبربریة« أسرع المشی» لانها كانت موضع مخافة.
3- 3. كذا فی نسختین مخطوطتین، و فی بعضها« قسطنطنیة» و هی غلط لأنّها من بلاد الروم و هی التی تسمی الیوم« استانبول» من بلاد تركیا، و الظاهر ان الصواب« قسطنطینیة» بضم القاف و فتح السین و سكون النون الأولی و فتح الیاء المخففة الثانیة و هی فی افریقیة مما یلی المغرب كما فی مراصد الاطلاع.

و سطیف كلها من بلاد المغرب و تینزرت و تونس و قابس و قیروان و مهدیة و صفاقس و أطرابلس و قصر أحمد كلها من بلاد إفریقیة و غزة و عسقلان و قیساریة و رملة و بیت المقدس كلها من بلاد فلسطین و نابلس و عكا و بیسان و صور و عمان و كرك و بیروت و صیدا و أذرعات و بصری و دمشق و صرخد كلها من بلاد الشام و هیت و القادسیة و حیرة و الكوفة و الأنبار و بغداد و صرصر و المدائن و بابل و نعمانیة و نهروان و قصر ابن هبیرة و نهر الملك كلها من بلاد العراق و نواحیها و بصرة و أبله و عبادان و طیب و سوس و قرقوب و تستر و حبی و عسكر مكرم و الأهواز و دورق و أرجان كلها ما عدا الثلاثة الأول من بلاد خوزستان و سیف البحر و جور و أبرقوه و كازرون و نوبندجان و فیروزآباد و شیراز و البیضاء و إصطخر و بسا(1) و دارابجرد كلها من بلاد فارس و نواحیها و یزد و بافد و بردسیر و جیرفت و سیرجان و زرند و بم و هرمز كلها من بلاد كرمان و زرنج (2) و شروان (3)

و بست كلها من بلاد سیستان و ملتان من بلاد السند و تعبر من بلاد الهند و زیتون من بلاد الصین و أصبهان و أردستان و طبس و بیروزكوه و میمند و غزنة و كابل و قال بعضهم هذا الإقلیم یبتدئ من شرقی أرض الصین و دار ملكهم و تمر بوسط مملكة الهند و قندهار و كشمیر و یمر بمولتان من أرض السند و بزابل و بست و سیستان و كیج و یزده سیر مدینة كرمان و خبیص و یزد و فارس و أصفهان و الأهواز و عسكر و كوفة و بصرة و واسط و بغداد و المدائن و إذا جاوز هذه البلاد یمر بدیار ربیعة و مضر و دمشق و حمص و بیت المقدس و الصوریة و الطبریة و القیساریة و عسقلان و المدین و یأخذ طرفا من الأرض مصر فیه دمیاط و فسطاط

ص: 134


1- 1. هی التی تسمی الیوم« فسا».
2- 2. فی طبعة امین الضرب« زرنه».
3- 3. فی بعض النسخ« سروان» و فی المراصد« شرواد».

و الإسكندریة ثم یمر ببلاد الإفریقیة(1) و بلد قیروان و السوس و طرابلس المغرب ثم بقبائل السریر فی أرض المغرب و بلاد طنجة و ینتهی إلی المحیط و عدد البلاد المشهورة الواقعة فیه مائة و ثمانیة و عشرون و فیه من الجبال ثلاثة و ثلاثون و من الأنهار اثنان و عشرون و لون أكثر أهله السمرة و یزعمون أنه منسوب إلی عطارد.

و أما الإقلیم الرابع فعرض أوله ثلاث و ثلاثون درجة و أربعون دقیقة و أطول نهاره أربع عشرة ساعة و ربع و مساحة سطحه ثلاثمائة ألف ثمانیة و سبعون ألفا و ثمانیة و ثلاثون فرسخا و ربع و البلاد المشهورة فیه قصر عبد الكریم و طنجة و سبسته (2) و تلمسان و بجایة من بلاد المغرب و بوند و قصر أحمد من بلاد إفریقیة و إشبیلة(3)

و قرطبة و مالقة و غرناطة و بلنسیة كلها من بلاد الشام (4)

و توابعها و جزیرة یابسة و جزیرة مایرقه (5) فیها بحیرة محیطها تسعة أمیال و جزیرة سردانیة و جزیرة صقلیة و جزیرة وسامس (6)

و جزیرة رودس و جزیرة قبرس كل هذه الجزائر فی بحر الروم و طرسوس و أیاس و أرطة(7)

و مصیصة و برس برت و تل حمدون كلها من بلاد أرمن و أطرابلس و بلنباس و بعلبكّ و عرقة و جبلة من بلاد الشام و سبس و صهیون و بغراس و حارم و حصن الأكراد و الحمص و حماة و شیزر و مرعش و حصن منصور و مَنْبِجْ و معرة(8)

و قنّسرین و سمیساط بعضها من

ص: 135


1- 1. افریقیة( خ).
2- 2. كذا و فی المراصد« سبتة».
3- 3. كذا، و فی المراصد« اشبیلیة».
4- 4. بل من بلاد الاندلس( اسبانیا).
5- 5. میورقة جزیرة فی شرقیّ الاندلس( مراصد الاطلاع).
6- 6. وساس( خ).
7- 7. فی بعض النسخ« ارته» و فی بعضها« أرنه».
8- 8. فی بعض النسخ« مغرة» و هی أیضا موضع بالشام.

أعمال حلب و بعضها من أعمال الشام و حلب و حران و رقة كلاهما من دیار مضر و ماردین من دیار ربیعة و میافارقین من بلاد الجزیرة و قرقیسیاء و جیران و نصیبین و جزیرة ابن عمر و سنجار من دیار ربیعة و تل أعفر و موصل و الحدیثة و دقوقاء و آمد و عانة و سعرت و تكریت و سامراء و دسكرة و جلولاء و خانقین و حلوان بعضها من العراق و بعضها من الجزائر و دهلی من بلاد الهند و أنطالیا من بلاد الروم و أرزن و بدلیس و أرجلیس (1)

كلها من أرمنیة و سلماس و خوی و مراغة و أوجان و أردبیل و میانج و مرند و تبریز كلها من بلاد آذربیجان و موقان (2) و إربل و شهرزور و قصرشیرین و صیمرة و دینور و سیروان و ماسبذان و سهرورد و زنجان و نهاوند و همدان و بروجرد و أبهر و ساوه و قزوین و آبة و جرباذقان و قم و طالقان و قاشان و الری و كرج أكثرها من بلاد الجبل و لاهجان و روذبار و سالوس و ناتل و أرجان و آمل و ساریة كلها من بلاد طبرستان و سمنان و دامغان و بسطام و أسترآباد و آبسكون و جرجان و دهستان و خسروجرد و قصبة سبزوار و أسفراین و نیسابور و نسا

و طوس و نوقان و أبیورد و قوهستان و قاین و زوزن و جزجرد و بوزجان و سرخس و فوشنج و هراة و بادغیس و مالین و شیورغان (3) و أسفزار و مروروذ و مرو و شاه جهان و فاریاب و شهرستان و سمنجان كلها من خراسان و أعمالها و بدخشان و ترمد(4)

و ختلان و وخش و صغانیان و شومان و آثینیة كلها من بلاد المغرب و یقال أنه بلد حكماء یونان. و قال بعض الأفاضل هذا الإقلیم وسط الأقالیم و وسط معظم عمارة العالم و یبتدئ من شمال بلاد الصین و یمر ببلاد التبت الداخل و جرجیر و خطا و ختن و بجبال

ص: 136


1- 1. كذا فی جمیع النسخ، و فی المراصد« ارجیش» بالشین المعجمة.
2- 2. الظاهر أنّها هی التی تسمی الیوم« دشت مغان».
3- 3. كذا، و الظاهر أنّه« شبرقان».
4- 4. قال فی المراصد الناس یختلفون فی هذا الاسم و المعروف انه بكسر التاء و المیم و أهل تلك المدینة متداول علی لسانهم بفتح التاء و كسر المیم، و بعضهم یقول بضمها- الخ-

كشمیر و بدخشان و صغانیان و كابل و یمر بطخارستان و غور و بلخ و ترمد و هرات و مرو و شاهجهان و مرورود و سرخس و جوزجان و فاریاب و غرجستان (1)

و باورد(2) و نسا و سبزوار و طوس و نیشابور و أسفراین و قهستان و قومس و جرجان و طبرستان و آمد(3)

و قم و آمل و كاشان و همدان و أبهر و قزوین و الدیلم و ساوه و ألموت و كرج و كیلان و مازندران و ساری و سمنان و دامغان و أسترآباد و بسطام و نهاوند و دینور و حلوان و شهرزور و زنجان و سلطانیة و أردبیل و الموصل و سامرة و أرمنیة(4)

و مراغة و تبریز و سنجار و نصیبین و سمیاط و ملطیَّة و أرزنجان و رأس العین و قالیقلا و سمیساط و حلب و أنطاكیة و قنسرین و طرابلس الشام و حمص و طرسوس و جزیرة قبرس و رودس و یمر بأرض المغرب علی بلاد أفرنجة و طنجة و ینتهی إلی المحیط علی الرقاق من الأندلس و بلاد المغرب و عدد البلاد المشهورة الواقعة فیه مائتان و اثنا عشر و فیه من الجبال خمسة و عشرون و من الأنهار اثنان و عشرون و لون عامة أهله بین السمرة و البیاض و هو منسوب إلی المشتری علی الأصح بزعمهم.

و أما الإقلیم الخامس فمبدؤه حیث عرضه تسع و ثلاثون درجة و غایة طول نهارهم أربع عشرة ساعة و ثلاثة أرباع ساعة و مساحة سطحه مائتا ألف و تسع و تسعون ألف فرسخ و أربعمائة و ثلاثة و تسعون فرسخا و ثلاثة أعشار فرسخ و من البلاد الواقعة فیها أشبونة و شنترین و بطلیوس و ماردة و طلیطلة و مرسیة و دانیة و مدینة

ص: 137


1- 1. فی المراصد: غرشستان.
2- 2. فیه: و هی أبیورد.
3- 3. كذا، و لعله مصحف« آمو» فان« آمد» بلد قدیم تحیط دجلة بأكثره، و من البعید ذكره بین طبرستان و قم مع ما یشاهد من رعایة الترتیب- إلی حدّ ما- فی ذكر أسماء البلاد.
4- 4. ارمیة( ظ).

سالم و سرقسطة و طرطوشة و لاردة و هیكل الزهرة و أربونة و أنقوریة(1)

و عموریة و آق شهر و قونیة و قیساریة و أقسرا(2)

و ملطیة و سیواس و توقات و أرزن و أرزنجان و موش و ملازجرد و أخلاط(3)

و شروان و نشوی و بردعة و شمكور و تفلیس و بیلقان و باب الأبواب و كنجة و سلطانیة و فراوة و كركنج و كات و زمخشر و هزارأسب و درغان و طواویس و بیكند و كرمنیة(4)

و نخشب و كشّ و أربنجن و إشتیخن و سمرقند و كشانیة و شاش و بنكث و إیلاقی (5)

و أسروشة(6) و ساباط و خجند و شاوكث و تنكت و إمسیكث و كاسان و فرغانة و قباء و ختن و خیوه و رومیة الكبری و ماقذونیة من أعمال قسطنطنیة.

و قال بعض الأفاضل یبتدئ هذا الإقلیم من أقصی بلاد الترك و یمر علی مواضع الأتراك المشهورة إلی حد كاشغر و ختن و بیت المقدس و فرغانة و طراز و خجند و یمر بشروان و خوارزم و بخارا و شاش و نسف و سمرقند و كش و ببحر خزر و دیار أرمنیة و بعض بلاد الروم كعموریة و قونیة و أقسرای و قیصریة و سیواس و أرزن الروم و یمر بساحل بحر الشام و بلاد أندلس إلی أن ینتهی إلی المحیط و عدد البلاد المشهورة الواقعة فیه مائتان و فیه من الجبال ثلاثون و من الأنهار خمسة عشر و لون عامة أهله البیاض و هو منسوب إلی الزهرة بزعمهم.

و أما الإقلیم السادس فمبدؤه حیث عرضه ثلاث و أربعون درجة و نصف و غایة طول نهاره خمس عشرة ساعة و ربع و مساحة سطحه مائتا ألف و خمسة و ثلاثون ألف

ص: 138


1- 1. الظاهر أنّه« آنقرة» التی هی عاصمة تركیا الیوم.
2- 2. و یقال: أقصری، و أقصر ای.
3- 3. كذا و المضبوط« خلاط».
4- 4. فی المراصد: كرمینیة.
5- 5. كذا و المضبوط« ایلاق».
6- 6. كذا و المضبوط« اسروشنه» بزیادة نون بعد الشین المعجمة.

فرسخ و أربعة و ثلاثون فرسخا و ثلثا فرسخ و فیه من البلاد المشهورة تطیلة و تبلوته و بردال و لمریا و جزیرة نقربیت و أماسیة و قسطمونیة و سنوب و جند و فاراب و إسفیجاب و طراز و شلج و خان بالق و كاشغر و سمورة و لنبردیة و بیذة و بندقیة و برشان و قسطنطنیة و بلنجر و قال بعض المحققین من بلاده معظم الروم و الخزر و التركستان فیبتدئ من المشرق و یمر بمساكن أتراك الشرق و یقطع وسط بحر طبرستان و یمر علی خزر و موقان و سقسین (1)

و علی الصقالبة و بلاد آس و أران و باب الأبواب و الروس ثم بمعظم بلاد الروم مثل قسطنطنیة و بشمال أندلس و ینتهی إلی المحیط و عدد البلاد المشهورة الواقعة فیه تسعون و فیه من الجبال أحد عشر و من الأنهار أربعون و لون غالب أهله الشقرة و هو عندهم منسوب إلی القمر.

و أما الإقلیم السابع فمبدؤه حیث العرض سبع و أربعون درجة و ربع و غایة طول نهاره خمس عشرة ساعة و ثلاثة أرباع ساعة و مساحة سطحه مائة ألف و سبعة و ثمانون ألف فرسخ و سبعمائة و واحد و عشرون فرسخا و ثلثا فرسخ و فی هذا الإقلیم

العمارة قلیلة و البلاد المشهورة فیه كرش و أزرق و صرای و هو مستقر سلطان تتر(2) و أكل و یلار(3)

و یقال له بلغار و أفجاكرمان و صاری كرمان و قرقر و صلغات و كفا(4)

و صقجی (5) و شنتیاقر(6)

و هرقلة و قال بعضهم هذا الإقلیم یأخذ فی طوله من المشرق و یمر بنهایات الأتراك الشرقیة و بشمال بلاد یأجوج و مأجوج ثم علی غیاض و جبال یأوی إلیها أتراك كالوحوش ثم علی بلغار الروس و الصقالبة و یقطع بحر الشام و ینتهی إلی المحیط و عدد بلاد هذا الإقلیم اثنان و عشرون و فیه من الجبال أحد عشر و من الأنهار أربعون و لون أهله بین الشقرة و البیاض و هو

ص: 139


1- 1. سفسین( خ).
2- 2. التتر( خ).
3- 3. بلار( خ).
4- 4. كفی( خ).
5- 5. عبقحی( خ).
6- 6. فی المراصد: شنت یاقب.

منسوب عندهم إلی المریخ و أهل بعض بلاده یسكنون مدة ستة أشهر فی الحمامات لشدة البرد و آخر الأقالیم حیث عرضه خمسون درجة و نصف و غایة طول نهاره ست عشرة ساعة و ربع ثم إلی عرض التسعین لا یعدونه من الأقالیم.

و اعلم أن خط الاستواء یبتدئ من شرقی أرض الصین و یمر علی جزیرة چمكوت ثم ببلاد الصین مما یلی الجنوب و علی كنك ذر الذی من أراضی الصین ثم علی جزائر زأرة التی تسمی أرض الذهب و علی جنوب جزیرة سرندیب بین جزیرتی كله و سریره و علی وسط جزائر دیویره (1) ثم علی شمال جزائر الزنج و معظم بلادهم ثم علی شمال جبال القمر و جنوب سودان المغرب إلی المحیط و أما طول النهار لسائر البقاع سوی الأقالیم السبعة فالنهار الأطول یبلغ سبع عشرة ساعة حیث العرض أربع و خمسون درجة و كسر و یبلغ ثمانی عشرة ساعة حیث العرض ثمان و خمسون درجة و یبلغ تسع عشرة ساعة حیث العرض إحدی و ستون درجة و یبلغ عشرین ساعة حیث العرض ثلاث و ستون و هناك جزیرة تسمی تولی یقال إن أهلها یسكنون الحمامات مدة كون الشمس بعیدة عن سمت رءوسهم و المشهور أنها منتهی العمارة فی العرض و یبلغ إحدی و عشرین ساعة حیث العرض أربع و ستون درجة و نصف قال بطلمیوس إن سكان هذا الموضع قوم من الصقالبة لا یعرفون و علی هذا یكون هو منتهی العمارة فی العرض و یبلغ اثنتین و عشرین ساعة حیث العرض خمس و ستون درجة و كسر و یبلغ ثلاثا و عشرین ساعة حیث العرض ست و ستون درجة و یبلغ أربعا و عشرین ساعة حیث العرض مثل تمام المیل الكلی و یبلغ شهرا حیث العرض سبع و ستون درجة و ربع و شهرین حیث العرض سبعون درجة إلا ربعا و ثلاثة أشهر حیث العرض ثلاث و سبعون درجة و نصف و أربعة أشهر حیث العرض ثمان و سبعون درجة و نصف و خمسة أشهر حیث العرض أربع و ثمانون درجة و نصف السنة تقریبا حیث العرض ربع الدور و منهم من قسم ما سوی الأقالیم من الربع قسمین قسما لم یدخل فی الأقالیم و یدخل فی المعمورة و قسما لم یدخل فیهما فالأول مبدؤه حیث عرضه خمسون درجة و ثلث و غایة

ص: 140


1- 1. دیوه( خ).

طول نهاره ست عشرة ساعة و ربع و مساحة سطحه سبعمائة ألف و خمسون ألف فرسخ و مائة و اثنان و ثلاثون فرسخا و ربع فرسخ و فیه جزیرة برطانیة و جزیرة صوداق و جزیرة تولی و مدینة یأجوج و مأجوج قالوا عرض تلك المدینة ثلاث و ستون درجة و طولها مائة و اثنتان و سبعون درجة و نصف و القسم الثانی مبدؤه حیث عرضه ست و ستون درجة و نصف و غایة طول نهاره سبع و أربعون ساعة و مساحة سطحه أربعمائة ألف و اثنان و عشرون ألف فرسخ و أربعمائة و سبعة فراسخ و خمس فرسخ و قیل فی عرض خمس و سبعین درجة موضع أهله یسكنون فی الشتاء فی الحمامات و لا یفهم كلامهم.

الفائدة الثانیة فی ذكر بعض خواص خط الاستواء و الآفاق المائلة فأما خط الاستواء فدوائر آفاق البقاع التی تكون علیه تنصف جمیع المدارات الیومیة فلذلك یكون النهار و اللیل فی جمیع السنة متساویین و أیضا یكون زمان ظهور كل نقطة علی الفلك مساویا لزمان خفائه فإن كان تفاوت كان بسبب اختلاف السیر سرعة و بطئا بالحركة الغربیة فی النصفین و ذلك لا یكون محسوسا و تمر الشمس فی السنة الواحدة مرتین بسمت رءوسهم و ذلك عند كونها فی نقطتی الاعتدالین و لا تبعد الشمس عن سمت رءوسهم إلا بقدر غایة میل فلك البروج عن معدل النهار و تكون الشمس نصف السنة تقریبا فی جهة من جهتی الشمال و الجنوب و یكون ظل نصف النهار إلی خلاف تلك الجهة و لكون مبدإ الصیف الوقت الذی یكون فیه الشمس إلی سمت الرأس أقرب و مبدأ الشتاء الوقت الذی یكون الشمس منه أبعد یكون وقت كونها فی نقطتی الاعتدال مبدأ صیفهم و وقت كونها فی نقطتی الانقلاب مبدأ شتائهم و یكون مبادئ الفصلین الأخیرین أوساط الأرباع و یلزم علی ذلك أن یكون لهم فی كل سنة ثمانیة فصول و یكون دور الفلك هناك دولابیا لأن سطوح جمیع المدارات یقطع سطح الأفق علی قوائم و یسمی لذلك آفاقها آفاق الفلك المستقیم و الشیخ ابن سینا حكم بأنها أعدل البقاع لأن الشمس لا تمكث علی سمت الرأس كثیرا بل إنما یمر به وقتی اجتیازها عن إحدی الجهتین إلی الأخری و یكون هناك حركتها فی المیل و البعد عن سمت رأسهم أسرع ما یكون فلا تكون لذلك حرارة صیفهم شدیدة و أیضا لتساوی

ص: 141

زمانی نهارهم و لیلهم دائما تنكسر سورتا كل واحدة من الكیفیتین الحادثتین منهما بالأخری فیعتدل الزمان و حكم أیضا بأن أحر البقاع صیفا التی تكون عروضها مساویة للمیل الكلی فإن الشمس تسامتها و تلبث فی قرب مسامتتها قریبا من شهرین و نهارها حینئذ یطول و لیلها یقصر و رد الفخر الرازی علیه الحكم الأول بأن قال لبث الشمس فی خط الاستواء و إن كان قلیلا لكنها لا تبعد كثیرا عن المسامتة فهی طول السنة فی حكم المسامتة و نحن نری بقاعا أكثر ارتفاعات الشمس فیها لا یزید علی أقل ارتفاعاتها بخط الاستواء و حرارة صیفها فی غایة الشدة فیعلم من ذلك أن حرارة شتاء خط الاستواء تكون أضعاف حرارة صیف تلك البقاع و حكم بأن أعدل البقاع هو الإقلیم الرابع و قال المحقق الطوسی رحمه اللّٰه الحق فی ذلك أنه إن عنی بالاعتدال تشابه الأحوال فلا شك أنه فی خط الاستواء أبلغ كما ذكره الشیخ و إن عنی به تكافؤ الكیفیتین فلا شك أن خط الاستواء لیس كذلك یدل علیه شدة سواد لون سكانه من أهل الزنج و الحبشة و شدة جعود شعورهم و غیر ذلك مما تقتضیه حرارة الهواء و أضداد ذلك فی الإقلیم الرابع تدل علی كون هوائه أعدل بل السبب الكلی فی توفر العمارات و كثرة التوالد و التناسل فی الأقالیم السبعة

دون سائر المواضع المنكشفة من الأرض یدل علی كونها أعدل من غیرها و ما یقرب من وسطها لا محالة یكون أقرب إلی الاعتدال مما یكون علی أطرافها فإن الاحتراق و الفجاجة اللازمین من الكیفیتین ظاهران فی الطرفین انتهی.

فعلی ما ذكره قدس سره سكان الإقلیم الرابع أعدل الناس خلقا و خلقا و أجودهم فطانة و ذكاء و من ثمة كان معدن الحكماء و العلماء و بعدهم سكان الإقلیمین الثالث و الخامس و أما سائر الأقالیم فأكثرها ناقصون فی الجبلة عما هو أفضل یدل علیه سماجة صورهم و سوء أخلاقهم و شدة احتراقهم من الحر أو فجاجتهم من البرد كالحبشة و الزنج فی الأول و الثانی و كیأجوج و مأجوج و بعض الصقالبة فی السادس و السابع و أما الآفاق التی لها عرض أقل من الربع فهی علی خمسة أقسام الأول أن یكون عرضه أقل من المیل الكلی الثانی أن یكون عرضه مساویا للمیل الكلی

ص: 142

الثالث (1)

أن یكون عرضه مساویا لتمام المیل الكلی الرابع أن یكون عرضه أكثر من المیل و أقل من تمامه الخامس أن یكون عرضه أكثر من تمام المیل ففی جمیع تلك الآفاق یكون أحد قطبی المعدل فوق الأرض مرتفعا عن الأفق بقدر عرض البلد و الآخر منحطا عن الأفق بهذا المقدار و جمیع تلك الآفاق ینصف معدل النهار علی زوایا قوائم فیكون دور الفلك هناك حمائلیا و تقطع المدارات التی تقطعها بقطعتین مختلفتین و القسی (2)

الظاهرة للمدارات الشمالیة أعظم من التی تحت الأرض و للجنوبیة بالخلاف من ذلك و لا یستوی اللیل و النهار فیها إلا عند بلوغ الشمس نقطتی الاعتدال و ذلك فی یوم النیروز و المهرجان و المساواة فی بعض الأوقات تحقیقی و فی بعضها تقریبی و یكون النهار أطول من اللیل عند كون الشمس فی البروج الشمالیة و عند كونها فی البروج الجنوبیة الأمر بعكس ذلك و كلما كان عرض البلد أكثر كان مقدار التفاوت بین اللیل و النهار أكثر و كل مدار بعده عن القطب الشمالی مثل ارتفاع القطب عن الأفق فهو بجمیع ما فیه و بجمیع ما تحویه دائرته إلی القطب الشمالی من الكواكب و المدارات أبدی الظهور و نظیره من ناحیة الجنوب بجمیع ما فیه و ما تحویه دائرته إلی القطب الجنوبی أبدی الخفاء و هذه هی الأحوال المشتركة.

و أما ما یختص بالقسم الأول من الأقسام الخمسة المتقدمة و هو ما یكون العرض أقل من المیل الكلی فالمدار الذی یكون بعده عن المعدل من جهة القطب الظاهر بقدر عرض البلد یقطع منطقة البروج علی نقطتین متساویتی البعد من المنقلب فإذا وصلت الشمس إلی إحدی هاتین النقطتین لا یكون فی نصف نهار هذا الیوم لشی ء ظل و ما دامت الشمس فی القوس الذی بین تینك النقطتین فی جهة القطب الظاهر یقع

ص: 143


1- 1. فی أكثر النسخ هكذا: الثالث أن یكون عرضه أكثر من المیل و أقل من تمامه الرابع أن یكون عرضه مساویا لتمام المیل الكلی.
2- 2. جمع قوس، و أصله قووس- علی ما ذكره الصرفیون- فانقلب اللام مكان العین ثمّ قلبت الواوان یاءین و ادغمت الأولی فی الثانیة و كسرت القاف و السین فصار« قسیا».

الظل فی أنصاف النهار إلی جهة القطب الخفی و ما دامت الشمس فی القوس الآخر یقع الظل فی أنصاف النهار إلی جهة القطب الظاهر و لارتفاع الشمس فی النقصان غایتان إحداهما من جهة القطب الظاهر و هو أكثر و الأخری من جهة القطب الخفی و هو أقل و لا تكون فصول السنة فی تلك الآفاق متساویة بل إذا كانت النقطتان المذكورتان متقاربتین كان صیفهم أطول من غیره لأن الشمس تسامت رءوسهم مرتین و لیس بعدها علی قدر یكون فی وسطه فتور للسخونة و إن زادت علی الأربعة كما إذا كانت النقطتان متباعدتین لم تكن متشابهة لاختلاف غایتی بعد الشمس عن سمت الرأس فی الجهتین بخلاف خط الاستواء لتساویهما.

و أما القسم الثانی فمدار المنقلب الذی فی جهة القطب الظاهر یمر بسمت الرأس و مدار المنقلب الآخر بسمت الرجل و لا یكون لارتفاع الشمس إلا غایة واحدة فی جانب النقصان و فی جانب الزیادة یكون تسعین درجة و یكون الظل أبدا عند الزوال فی جهة القطب الظاهر إلا فی یوم واحد حین كونها فی المنقلب الظاهر فإنه لا یكون فی هذا الیوم عند الزوال لشی ء ظل و یكون أحد قطبی فلك البروج أبدی الظهور و الآخر أبدی الخفاء و ارتفاعات الشمس تتزاید من أحد الانقلابین إلی الآخر ثم ترجع و تتناقص إلی أن تعود إلیه و تصیر فصول السنة أربعة لا غیر و تكون متساویة المقادیر.

و أما القسم الثالث فلا تنتهی الشمس إلی سمت الرأس و یكون لها ارتفاعان أعلی و هو ما یكون بقدر مجموع المیل الكلی و تمام عرض البلد و أسفل و هو یكون بقدر فضل تمام عرض البلد علی المیل الكلی و سائر الأحوال كما مر.

و أما القسم الرابع فیصیر مدار المنقلب الذی فی جهة القطب الظاهر أبدی الظهور و مدار المنقلب الآخر أبدی الخفاء و یمر مدار قطب فلك البروج الظاهر بسمت الرأس و مدار القطب الآخر بمقابله و فی كل دورة تنطبق منطقة البروج مرة علی الأفق ثم یرتفع النصف الشرقی من المنطقة دفعة عن الأفق و ینحط نصفها الآخر عنه كذلك ثم یطلع النصف الخفی جزء بعد جزء فی جمیع أجزاء نصف الأفق الشرقی

ص: 144

و یغیب النصف الظاهر جزء بعد جزء كذلك فی جمیع نصف الأفق الغربی فی مدة الیوم بلیلته إلی أن یعود وضع الفلك إلی حالة الأولی و یزید النهار فی تلك الآفاق إلی أن یصیر مقدار یوم بلیلته نهارا كلها و ذلك عند وصول الشمس إلی المنقلب الظاهر و هذا إذا اعتبر ابتداء النهار من وصول مركز الشمس إلی الأفق و إن اعتبر ابتداء النهار من ظهور الضوء و اختفاء الثوابت كان نهارهم عند الوصول المذكور شهرا علی ما بینه ساوذوسیوس فی الرسالة التی بین فیها حال المساكن ثم یحدث لیل فی غایة القصر بحیث یتداخل الشفق و الفجر و یزید شیئا فشیئا إلی أن یصیر مقدار یوم بلیلته لیلة كله و بعد ذلك یحدث نهار قصیر و هكذا و فی هذا القسم نهایة العمارة فی جانب الشمال و لا تمكن العمارة بعده لشدة البرد.

و أما القسم الخامس فیكون فیه أعظم المدارات الأبدیة الظهور قاطعا لمنطقة البروج علی نقطتین یساوی میلهما فی جهة القطب الظاهر و أعظم المدارات الأبدیة الخفاء قاطعا لها علی نقطتین متقابلتین لهما فتنقسم منطقة البروج لا محالة إلی أربع قسی یتوسطها الاعتدالان و الانقلابان إحداهما أبدی الظهور و هی التی یتوسطها المنقلب الذی فی جهة القطب الظاهر و مدة كون الشمس فیها نهارهم الأطول و الثانیة أبدی الخفاء و هی التی یتوسطها المنقلب الآخر و مدة كون الشمس فیها لیلهم الأطول و أما القوسان الباقیتان فالتی یتوسطها أول الحمل تطلع معكوسة أی یطلع آخرها قبل أولها و تغرب مستویة أی یغرب أولها قبل آخرها إن كان

القطب الظاهر شمالیا و تطلع مستویة و تغرب معكوسة إن كان القطب الظاهر جنوبیا و التی یتوسطها أول المیزان یكون بالضد من ذلك و مثلوا لتصویر الطلوع و الغروب المعكوسین مثالا لسهولة تصورهما تركناه مع سائر أحكام هذا القسم لقلة الجدوی.

و أما الموضع الذی عرضه ربع الدور و هو تسعون درجة فأوضاعه غریبة جدا و ذلك لا یكون علی الأرض إلا عند موضعین یكون أحد قطبی المعدل علی سمت الرأس و الآخر علی سمت القدم فتصیر لا محالة دائرة معدل النهار منطبقة علی الأفق و یدور الفلك بالحركة الأولی التابعة للفلك الأعظم رحویة و لا یبقی فی الأفق مشرق

ص: 145

و لا مغرب باعتبار هذه الحركة أصلا و لا باعتبار غیرها بحیث یتمیز أحدهما عن الآخر فی الجهة و لا یتعین أیضا نصف النهار بل فی جمیع الجهات یمكن أن تبلغ الشمس و سائر الكواكب غایة ارتفاعها كما یمكن أن تطلع و تغرب فیها فیكون النصف من الفلك الذی یكون من معدل النهار فی جهة القطب الظاهر أبدی الظهور و النصف الآخر أبدی الخفاء و الشمس ما دامت فی النصف الظاهر من فلك البروج یكون نهارا و ما دامت فی النصف الخفی منه یكون لیلا فیكون سنة كلها یوما بلیلة و یفضل أحدهما علی الآخر من جهة بطء حركتها و سرعتها و هو تقریبا سبعة أیام بلیالیها من أیامنا ففی هذه الأزمنة یزید نهاره عن لیله بمثل هذه المدة و هذا إذا اعتبر النهار من طلوع الشمس إلی غروبها و أما إذا كان النهار من ظهور ضوئها و اختفاء الثوابت إلی ضدهما فیكون نهارهم أكثر من سبعة أشهر بسبعة أیام و لیلهم قریبا من خمسة أشهر إذ من ظهور ضوء الشمس إلی طلوعها خمسة عشر یوما و كذا من غروبها إلی اختفاء الضوء علی ما حققه ساوذوسیوس و أما إذا كان النهار من طلوع الصبح إلی غروب الشفق فكان نهارهم سبعة أشهر و سبعة عشر یوما من أیامنا تقریبا.

و قال المحقق الطوسی قدس سره و یكون مدة غروب الشفق أو طلوع الصبح فی خمسین یوما من أیامنا و یكون غایة ارتفاع الشمس و غایة انحطاطه بقدر غایة المیل و أظلال المقاییس تفعل دوائر متوازیة بالتقریب علی مركز أصل المقیاس أصغرها إذا كانت الشمس فی المنقلب الظاهر و أعظمها إذا كانت عند الأفق بقرب الاعتدالین و لا یكون لشی ء من الكواكب طلوع و لا غروب بالحركة الأولی بل یكون طلوعها و غروبها بالحركة الثانیة المختصة بكل منها لا فی موضع بعینه من الأفق و یكون للكواكب التی یكون عرضها من منطقة البروج ینقص من المیل الكلی طلوع و غروب بالحركة الخاصة و تختلف مدة(1) الظهور و الخفاء بحسب بعد مدارها عن منطقة البروج و قربها إلیه فما كان مداره أبعد عنها فی جهة القطب الظاهر كان زمان ظهوره أكثر من زمان ظهور ما مداره أقرب منها فی هذه الجهة و ینعكس الحكم فی

ص: 146


1- 1. مدتا( خ).

الجهة الأخری و الكواكب التی عرضها مساو للمیل كله تماس الأفق فی دور واحد من الحركة الثانیة مرة واحدة إما من فوق و إما من تحت و لا یكون لها و لا للتی یزید عرضها فی أحد جانبی فلك البروج علی المیل الكلی طلوع و لا غروب بل تكون إما ظاهرة أبدا و إما خفیة أبدا. الفائدة الثالثة قالوا السبب الأكثری فی تولد الأحجار و الجبال عمل الحرارة فی الطین اللزج بحیث

یستحكم انعقاد رطبه بیابسه بإذن اللّٰه تعالی و قد ینعقد الماء السیال حجرا إما لقوة معدنیة محجرة أو لأرضیة غالبة علی ذلك الماء فإذا صادف الحر العظیم طینا كثیر الرخا إما دفعة و إما علی مرور الأیام تكون الحجر العظیم فإذا ارتفع بأن یجعل الزلزلة العظیمة طائفة من الأرض تلا من التلال أو یحصل من تراكم عمارات تخربت ثم تحجرت أو یكون الطین المتحجر مختلف الأجزاء فی الصلابة و الرخاوة فتنحفر أجزاؤه الرخوة بالمیاه و الریاح و تغور تلك الحفر بالتدریج غورا شدیدا و تبقی الصلبة مرتفعة أو بغیر ذلك من الأسباب فهو الجبل و قد یری بعض الجبال منضودة ساقا فساقا كأنها سافات الجدار فیشبه أن یكون حدوث مادة الفوقانی بعد تحجر التحتانی و قد سأل علی كل ساف من خلاف جوهره ما صار حائلا بینه و بین الآخر و قد یوجد فی كثیر من الأحجار عند كسرها أجزاء الحیوانات المائیة فیشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت فی سالف الدهر مغمورة فی البحر فحصل الطین اللزج الكثیر و تحجر بعد الانكشاف و لذلك كثر الجبال و یكون انحفار ما بینها بأسباب تقتضیه كالسیول و الریاح كذا قیل و قد مر بعض الكلام فیه سابقا و الحق أن اللّٰه تعالی خلقها بفضله و قدرته إما بغیر أسباب ظاهرة أو بأسباب لا نعلمها و هذه الأسباب المذكورة ناقصة و لو كانت هذه أسبابها فلم لا یحدث من الأزمنة التی أحصی الحكماء تلك الجبال إلی تلك الأزمان جبل آخر إلا أن یقال لما كان فی بدء خلق الأرض زلزلة و رجفة و اضطراب عظیم فی الأرض صارت أسبابا لحدوث تلك الجبال فلما حدثت استقرت الأرض و سكنت فلهذا لا یحدث بعدها مثلها كما دلت علیه الآیات و الأخبار.

ص: 147

ثم اعلم أن منافع الجبال كثیرة منها كونها أوتادا للأرض كما مر و منها أن انبعاث العیون و السحب المستلزمة للخیرات الكثیرة منها أكثر من غیرها بل لا تنفجر العیون إلا من أرض صلبة أو من جوار أرض صلبة كما قال فی الشفاء إذا تتبعت الأودیة المعروفة فی العالم وجدتها كلها منبعثة من عیون جبلیة و منها تكون الجواهر المعدنیة منها و منها إنباتها النباتات الكثیرة و الأشجار العظیمة و منها المغارات الحادثة فیها فإنها مأوی الحیوانات بل بعض الناس و منها كونها أسبابا لاهتداء الخلق فی طرقهم و سبلهم و منها اتخاذ الأحجار منها للأرحیة و الأبنیة و غیرها إلی غیر ذلك من المنافع الكثیرة التی تصل عقول الخلق إلی بعضها و تعجز عن أكثرها

قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فِی خَبَرِ التَّوْحِیدِ الَّذِی رَوَاهُ عَنْهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ: انْظُرْ یَا مُفَضَّلُ إِلَی هَذِهِ الْجِبَالِ الْمَرْكُومَةِ مِنَ الطِّینِ وَ الْحِجَارَةِ الَّتِی یَحْسَبُهَا الْغَافِلُونَ فَضْلًا لَا حَاجَةَ إِلَیْهَا وَ الْمَنَافِعُ فِیهَا كَثِیرَةٌ فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ یَسْقُطَ عَلَیْهَا الثُّلُوجُ فَتَبْقَی فِی قِلَالِهَا لِمَنْ یَحْتَاجُ إِلَیْهِ وَ یَذُوبُ مَا ذَابَ مِنْهُ فَتَجْرِی مِنْهُ الْعُیُونُ الْغَزِیرَةُ الَّتِی تَجْتَمِعُ مِنْهَا الْأَنْهَارُ الْعِظَامُ وَ تَنْبُتُ فِیهَا ضُرُوبٌ مِنَ النَّبَاتِ وَ الْعَقَاقِیرِ الَّتِی لَا یَنْبُتُ مِنْهَا فِی السَّهْلِ وَ تَكُونُ فِیهَا كُهُوفٌ وَ مَقَائِلُ لِلْوُحُوشِ مِنَ السِّبَاعِ الْعَادِیَةِ وَ یُتَّخَذُ مِنْهَا الْحُصُونُ وَ الْقِلَاعُ الْمَنِیعَةُ لِلتَّحَرُّزِ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَ یُنْحَتُ مِنْهَا الْحِجَارَةُ لِلْبِنَاءِ وَ الْأَرْحَاءِ وَ تُوجَدُ فِیهَا مَعَادِنُ لِضُرُوبٍ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَ فِیهَا خِلَالٌ أُخْرَی لَا یَعْرِفُهَا إِلَّا الْمُقَدِّرُ لَهَا فِی سَابِقِ عِلْمِهِ.

بیان: المقایل كأنه من القیلولة و فی بعض النسخ بالغین المعجمة من الغیل و هو الشجر الملتف و فی بعضها معاقل جمع معقل و هو الشجر الملتف (1).

الفائدة الرابعة قالوا فی علة حدوث الزلزلة و الرجفة إذا غلظ البخار و بعض الأدخنة و الریاح فی الأرض بحیث لا ینفذ فی مجاریها لشدة استحصافها(2) و تكاثفها اجتمع طالبا للخروج و لم یمكنه النفوذ فزلزلت الأرض و ربما اشتدت الزلزلة

ص: 148


1- 1. كذا فی جمیع النسخ، و الظاهر أنّه سهو القلم، فان المعقل بمعنی الملجأ و مكان عقل الإبل و الجبل المرتفع، و المناسب للعبارة هو« معاقل» بمعنی الملاجئ.
2- 2. أی استحكامها.

فخسفت الأرض فتخرج منه نار لشدة الحركة الموجبة لاشتعال البخار و الدخان لا سیما إذا امتزجا امتزاجا مقربا إلی الدهنیة و ربما قویت المادة علی شق الأرض فتحدث أصوات هائلة و ربما حدثت الزلزلة من تساقط عوالی و هدأت فی باطن الأرض فیتموج بها الهواء المحتقن فیتزلزل بها الأرض و قلیلا ما تتزلزل بسقوط قلل الجبال علیها لبعض الأسباب و قد یوجد فی بعض نواحی الأرض قوة كبریتیة ینبعث منها دخان و فی الهواء رطوبة بخاریة فیحصل من اختلاط دخان الكبریت بالأجزاء الرطبة الهوائیة مزاج دهنی و ربما اشتعل بأشعة الكواكب و غیرها فیری باللیل شعل مضیئة.

و قال شارح المقاصد قد یعرض لجزء من الأرض حركة بسبب ما یتحرك تحتها فیحرك ما فوقه و یسمی الزلزلة و ذلك إذا تولد تحت الأرض بخار أو دخان أو ریح أو ما یناسب ذلك و كان وجه الأرض متكاثفا عدیم المسام أو ضیقها جدا و حاول ذلك الخروج و لم یتمكن لكثافة الأرض تحرك فی ذاته و حرك الأرض و ربما شقتها لقوته و قد ینفصل منه نار محرقة و أصوات هائلة لشدة المحاكة و المصاكة و قد یسمع منها دوی لشدة الریح و لا یوجد الزلزلة فی الأراضی الرخوة لسهولة خروج الأبخرة و قلما تكون فی الصیف لقلة تكاثف وجه الأرض و البلاد التی تكثر فیها الزلزلة إذا حفرت فیها آبار كثیرة حتی كثرت مخالص الأبخرة قلت الزلزلة و قد یصیر الكسوف سببا للزلزلة لفقد الحرارة الكائنة عن الشعاع دفعة و حصول البرد الحاقن للریاح فی تجاویف الأرض بالتحصیف (1) بغتة و لا شك أن البرد الذی یعرض بغتة یفعل ما لا یفعل العارض بالتدریج قال ذلك و أمثاله نقلا عن الحكماء ثم قال و لعمری إن النصوص الواردة فی استناد هذه الآثار إلی القادر المختار قاطعة و طرق الهدی إلی ذلك واضحة لكن مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ انتهی.

و قال بعض من یدعی اقتفاء آثار الأئمة الأبرار و عدم الخروج عن مدلول الآیات و الأخبار و لما كانت الأبخرة و الأدخنة المحتقنة فی تجاویف الأرض بمنزلة عروقها و إنما تتحرك بقوی روحانیة ورد فی الحدیث أن اللّٰه سبحانه إذا أراد أن

ص: 149


1- 1. بالتخسیف( خ).

یزلزل الأرض أمر الملك أن یحرك عروقها فیتحرك بأهلها و ما أشبه ذلك من العبارات علی اختلافها و العلم عند اللّٰه انتهی.

و أقول قد عرفت مرارا أن تأویل النصوص و الآثار و الآیات و الأخبار بلا ضرورة عقلیة أو معارضات نقلیة جرأة علی العزیز الجبار و لا نقول فی جمیع ذلك إلا ما ورد عنهم صلوات اللّٰه علیهم و ما لم تصل إلیه عقولنا نرد علم ذلك إلیهم.

باب 33 تحریم أكل الطین و ما یحل أكله منه

«1»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ جَدِّهِ زِیَادِ بْنِ أَبِی زِیَادٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَكَلَ الطِّینَ فَإِنَّهُ تَقَعُ الْحِكَّةُ فِی جَسَدِهِ وَ یُورِثُهُ الْبَوَاسِیرَ وَ یُهَیِّجُ عَلَیْهِ دَاءَ السُّوءِ وَ یَذْهَبُ بِالْقُوَّةِ مِنْ سَاقَیْهِ وَ قَدَمَیْهِ وَ مَا نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ فِی مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ صِحَّتِهِ قَبْلَ أَنْ یَأْكُلَهُ حُوسِبَ عَلَیْهِ وَ عُذِّبَ بِهِ.

مجالس الشیخ، عن أبیه عن الحسین بن عبید اللّٰه الغضائری عن الصدوق إلی آخر السند: مثله- ثواب الأعمال، عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمد بن عیسی:(1) مثله- المحاسن، عن علی بن الحكم: مثله (2).

«2»- الْخِصَالُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام فِی وَصَایَا النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 150


1- 1. ثواب الأعمال: 237.
2- 2. المحاسن: 565.

إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام: یَا عَلِیُّ ثَلَاثٌ (1) مِنَ الْوَسْوَاسِ أَكْلُ الطِّینِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ وَ أَكْلُ اللِّحْیَةِ(2).

«3»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: أَرْبَعَةٌ مِنَ الْوَسْوَاسِ أَكْلُ الطِّینِ وَ فَتُّ الطِّینِ وَ تَقْلِیمُ الْأَظْفَارِ بِالْأَسْنَانِ وَ أَكْلُ اللِّحْیَةِ(3).

بیان: من الوسواس أی من وسوسة الشیطان أو من الشیطان المسمی بالوسواس كما قال تعالی الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ قال الجوهری الوسوسة حدیث النفس یقال وسوست إلیه نفسه وسوسة و وسواسا بكسر الواو و الوسواس بالفتح الاسم و الوسواس اسم الشیطان انتهی و الحاصل أنها من الأعمال الشیطانیة التی یولع بها الإنسان و یعسر علیها تركها.

«4»- الْعُیُونُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یَاسِرٍ قَالَ: سَأَلَ بَعْضُ الْقُوَّادِ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ أَكْلِ الطِّینِ وَ قَالَ إِنَّ بَعْضَ جَوَارِیهِ یَأْكُلْنَ الطِّینَ فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَكْلُ الطِّینِ حَرَامٌ مِثْلُ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ فَانْهَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ (4).

«5»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ وَالِدِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَشِیشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ نَاجِیَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الطِّینِ الَّذِی یَأْكُلُهُ النَّاسُ فَقَالَ كُلُّ طِینٍ حَرَامٌ كَالْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ مَا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ مَا خَلَا طِینَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنَّهُ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ.

الخرائج، عن ذی الفقار بن معبد الحسنی عن الشیخ أبی جعفر الطوسی عن ابن حشیش: مثله.

ص: 151


1- 1. فی المصدر: ثلاثة.
2- 2. الخصال: 60.
3- 3. الخصال: 103.
4- 4. العیون: ج 2، ص 15.

«6»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ طِینٍ فَحَرَّمَ أَكْلَ الطِّینِ عَلَی ذُرِّیَّتِهِ (1).

المحاسن، عن الحسن بن علی: مثله (2).

«7»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الطِّینُ حَرَامٌ أَكْلُهُ (3) كَلَحْمِ الْخِنْزِیرِ وَ مَنْ أَكَلَهُ ثُمَّ مَاتَ فِیهِ لَمْ أُصَلِّ عَلَیْهِ إِلَّا طِینَ الْقَبْرِ فَمَنْ أَكَلَهُ شَهْوَةً لَمْ یَكُنْ فِیهِ شِفَاءٌ(4).

بَیَانٌ رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ فِی الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ ابْنِ قُولَوَیْهِ فِی كَامِلِ الزِّیَارَةِ، عَنِ الْكُلَیْنِیِّ وَ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَایِخِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَ فِیهِمَا: حَرَامٌ كُلُّهُ إِلَی قَوْلِهِ إِلَّا طِینَ الْقَبْرِ فَإِنَّ فِیهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ مَنْ أَكَلَهُ بِشَهْوَةٍ لَمْ یَكُنْ لَهُ فِیهِ شِفَاءٌ(5).

و عدم صلاته علیه السلام علیه لا ینافی وجوب الصلاة علیه و أمره غیره بالصلاة علیه و هذا من التأدیبات الشرعیة لانزجار الناس عن مثلها فإن ذلك من أبلغ التعذیرات (6).

«8»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْزَمٍ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنِ انْهَمَكَ فِی أَكْلِ الطِّینِ فَقَدْ شَرِكَ فِی دَمِ نَفْسِهِ (7).

المحاسن، عن ابن محبوب: مثله (8)

بیان: قال الجوهری انهمك الرجل فی الأمر أی جد و لج.

ص: 152


1- 1. العلل: ج 2، ص 219.
2- 2. المحاسن: 565.
3- 3. كله( خ).
4- 4. العلل: ج 2، ص 219.
5- 5. الكافی: ج 6، ص 265.
6- 6. فی بعض النسخ« التقدیرات» و الظاهر« التحذیرات».
7- 7. العلل: ج 2، ص 219.
8- 8. المحاسن: 565.

«9»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَكَلَ طِینَ الْكُوفَةِ فَقَدْ أَكَلَ لُحُومَ النَّاسِ لِأَنَّ الْكُوفَةَ كَانَتْ أَجَمَةً ثُمَّ كَانَتْ مَقْبَرَةً مَا حَوْلَهَا وَ قَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ أَكَلَ الطِّینَ فَهُوَ مَلْعُونٌ (1).

بیان: یدل علی عدم جواز أكل طین قبر أمیر المؤمنین علیه السلام و كان هذا التعلیل لشدة حرمة خصوص طین الكوفة و حوالیها و یدل علی أن طین قبر الحسین علیه السلام أیضا إذا كان من المواضع التی یظن خلط لحوم الناس و عظامهم به لا یجوز أكله و أكثر المواضع القریبة سوی ما اتصل بالضریح المقدس فی تلك الأزمنة كذلك.

«10»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی زِیَادٍ عَنْ جَدِّهِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّ مِنْ عَمَلِ الْوَسْوَسَةِ وَ أَكْثَرِ(2)

مَصَائِدِ الشَّیْطَانِ أَكْلَ (3) الطِّینِ إِنَّ أَكْلَ الطِّینِ یُورِثُ السُّقْمَ فِی الْجَسَدِ وَ یُهَیِّجُ الدَّاءَ وَ مَنْ أَكَلَ الطِّینَ فَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ الَّتِی كَانَتْ قَبْلَ أَنْ یَأْكُلَهُ وَ ضَعُفَ عَنْ عَمَلِهِ الَّذِی كَانَ یَعْمَلُهُ قَبْلَ أَنْ یَأْكُلَهُ حُوسِبَ عَلَی مَا بَیْنَ ضَعْفِهِ وَ قُوَّتِهِ وَ عُذِّبَ عَلَیْهِ (4).

ثواب الأعمال، عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمد عن علی بن الحكم: مثله (5)

المحاسن، عن علی بن الحكم: مثله (6) بیان فی الكافی و غیره عن إسماعیل بن محمد عن جده زیاد بن أبی زیاد و فی

ص: 153


1- 1. العلل: ج 2، ص 220.
2- 2. فی المحاسن: أكبر.
3- 3. فی ثواب الأعمال: ان عمل الوسوسة و أكثر مصائد الشیطان من أكل الطین.
4- 4. العلل: ج 2، ص 220.
5- 5. ثواب الأعمال: 237.
6- 6. المحاسن: 565.

الكافی أن التمنی عمل الوسوسة و أكثر مكاید الشیطان (1) و كان ما فی سائر النسخ أظهر و فی المحاسن أكبر بالباء الموحدة.

«11»- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنِ الطِّینِ قَالَ فَقَالَ أَكْلُ الطِّینِ حَرَامٌ مِثْلُ الْمَیْتَةِ وَ الدَّمِ وَ لَحْمِ الْخِنْزِیرِ إِلَّا طِینَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنَّ فِیهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ أَمْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ (2).

«12»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ آدَمَ مِنَ الطِّینِ فَحَرَّمَ الطِّینَ عَلَی وُلْدِهِ قَالَ فَقُلْتُ مَا تَقُولُ فِی طِینِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ یَحْرُمُ عَلَی النَّاسِ أَكْلُ لُحُومِهِمْ وَ یَحِلُّ لَهُمْ أَكْلُ لُحُومِنَا وَ لَكِنَّ الشَّیْ ءَ(3) مِنْهُ مِثْلُ الْحِمَّصَةِ(4).

«13»- وَ مِنْهُ، رُوِیَ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُلُّ طِینٍ مُحَرَّمٌ عَلَی ابْنِ آدَمَ مَا خَلَا طِینَ قَبْرِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ أَكَلَهُ مِنْ وَجَعٍ شَفَاهُ اللَّهُ (5).

«14»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ طَلْحَةَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَكْلُ الطِّینِ یُورِثُ النِّفَاقَ (6).

«15»- وَ مِنْهُ، عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَكَلَ الطِّینَ فَمَاتَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَی نَفْسِهِ (7).

«16»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام فِی رَجُلٍ یَأْكُلُ الطِّینَ فَنَهَاهُ وَ قَالَ لَا تَأْكُلْهُ فَإِنَّكَ إِنْ أَكَلْتَهُ وَ مِتَّ فَقَدْ أَعَنْتَ عَلَی نَفْسِكَ (8).

ص: 154


1- 1. الكافی: ج 6، ص 266 و فیه« مصائد الشیطان».
2- 2. كامل الزیارة: 285.
3- 3. فی المصدر: الشی ء الیسیر منه.
4- 4. كامل الزیارة: 286.
5- 5. كامل الزیارة: 286.
6- 6. المحاسن: 565.
7- 7. المحاسن: 565.
8- 8. المحاسن: 565.

«17»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ كُلْثُمَ بِنْتِ مُسْلِمٍ قَالَتْ: ذُكِرَ الطِّینُ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ أَ تَرَیْنَ أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ مَصَائِدِ الشَّیْطَانِ إِنَّهُ مِنْ مَصَائِدِهِ الْكِبَارِ وَ أَبْوَابِهِ الْعِظَامِ (1).

«18»- الْمَكَارِمُ،: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ طِینِ الْأَرْمَنِیِّ أَ یُؤْخَذُ لِلْكَسِیرِ وَ الْمَبْطُونِ أَ یَحِلُّ أَخْذُهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ أَمَا إِنَّهُ مِنْ طِینِ قَبْرِ ذِی الْقَرْنَیْنِ وَ طِینُ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام خَیْرٌ مِنْهُ (2).

المتهجد، عن محمد بن جمهور العمی عن بعض أصحابه عنه علیه السلام: مثله- دعوات الراوندی، عنه علیه السلام: مثله.

«19»- وَ رَوَی سَدِیرٌ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَكَلَ طِینَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام غَیْرَ مُسْتَشْفٍ بِهِ فَكَأَنَّمَا أَكَلَ مِنْ لُحُومِنَا.

«20»- طِبُّ الْأَئِمَّةِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَیْهِ الزَّحِیرَ فَقَالَ لَهُ خُذْ مِنَ الطِّینِ الْأَرْمَنِیِّ وَ اقْلِهِ بِنَارٍ لَیِّنَةٍ وَ اسْتَشْفِ (3)

مِنْهُ فَإِنَّهُ یَسْكُنُ عَنْكَ.

«21»- وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ فِی الزَّحِیرِ تَأْخُذُ جُزْءاً مِنْ خَرْبَقٍ أَبْیَضَ وَ جُزْءاً مِنْ بِزْرِ الْقَطُونَا وَ جُزْءاً مِنْ صَمْغٍ عَرَبِیٍّ وَ جُزْءاً مِنَ الطِّینِ الْأَرْمَنِیِّ یُقْلَی بِنَارٍ لَیِّنَةٍ یُسْتَشْفَ (4) مِنْهُ.

«22»- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی حَدِیثِهِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ طِینِ الْحَائِرِ هَلْ فِیهِ

ص: 155


1- 1. المحاسن: 565.
2- 2. مكارم الأخلاق: 190.
3- 3. استفاف الدواء أخذه غیر ملتوت، و فی بعض النسخ« و استشف منه».
4- 4. فی بعض النسخ« تستشف منه».

شَیْ ءٌ مِنَ الشِّفَاءِ فَقَالَ یُسْتَشْفَی مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْقَبْرِ عَلَی رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَمْیَالٍ وَ كَذَلِكَ قَبْرُ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَذَلِكَ طِینُ قَبْرِ الْحَسَنِ وَ عَلِیٍّ وَ مُحَمَّدٍ فَخُذْ مِنْهَا فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ سُقْمٍ وَ جُنَّةٌ مِمَّا تَخَافُ وَ لَا یَعْدِلُهَا شَیْ ءٌ مِنَ الْأَشْیَاءِ الَّذِی یُسْتَشْفَی بِهَا إِلَّا الدُّعَاءُ وَ إِنَّمَا یُفْسِدُهَا مَا یُخَالِطُهَا مِنْ أَوْعِیَتِهَا وَ قِلَّةُ الْیَقِینِ لِمَنْ یُعَالِجُ بِهَا وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ لَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّ بَعْضَ مَنْ یَأْخُذُ مِنَ التُّرْبَةِ شَیْئاً یَسْتَخِفُّ بِهَا حَتَّی إِنَّ بَعْضَهُمْ یَضَعُهَا(1) فِی مِخْلَاةِ الْبَغْلِ وَ الْحِمَارِ وَ فِی وِعَاءِ الطَّعَامِ وَ الْخُرْجِ فَكَیْفَ یَسْتَشْفِی بِهِ مَنْ هَذَا حَالُهُ عِنْدَهُ (2).

بیان: أقول: قَالَ الشَّیْخُ الْبَهَائِیُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی الْكَشْكُولِ مِمَّا نَقَلَهُ جَدِّی مِنْ خَطِّ السَّیِّدِ الْجَلِیلِ الطَّاهِرِ ذِی الْمَنَاقِبِ وَ الْمَفَاخِرِ السَّیِّدِ رَضِیِّ الدِّینِ عَلِیِّ بْنِ طَاوُسٍ قُدِّسَ سِرُّهُ مِنَ الْجُزْءِ الثَّانِی مِنْ كِتَابِ الزِّیَارَاتِ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّیِّ: أَنَّ أَبَا حَمْزَةَ الثُّمَالِیَّ قَالَ لِلصَّادِقِ علیه السلام إِنِّی رَأَیْتُ أَصْحَابَنَا یَأْخُذُونَ مِنْ طِینِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَسْتَشْفُونَ فَهَلْ فِی ذَلِكَ شَیْ ءٌ مِمَّا یَقُولُونَ مِنَ الشِّفَاءِ فَقَالَ یُسْتَشْفَی مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْقَبْرِ عَلَی رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَمْیَالٍ وَ كَذَلِكَ قَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَذَلِكَ قَبْرُ الْحَسَنِ وَ عَلِیٍّ وَ مُحَمَّدٍ فَخُذْ مِنْهَا فَإِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ وَ جُنَّةٌ مِمَّا یُخَافُ ثُمَّ أَمَرَ بِتَعْظِیمِهَا وَ أَخْذِهَا بِالْیَقِینِ بِالْبُرْءِ وَ تَخَتُّمِهَا إِذَا أُخِذَتْ.

انتهی.

و أقول هذا الخبر بهذین السندین یدل علی جواز الاستشفاء بطین قبر الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و سائر الأئمة علیهم السلام و لم یقل به أحد من الأصحاب و مخالف لسائر الأخبار عموما و خصوصا و یمكن حمله علی الاستشفاء بغیر الأكل كحملها و التمسح بها و أمثال ذلك و المراد بعلی إما أمیر المؤمنین أو السجاد و بمحمد الباقر علیه السلام و یحتمل الرسول صلی اللّٰه علیه و آله تأكیدا و إن كان بعیدا.

«23»- الْمُتَهَجِّدُ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَكَلَ طِینَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام غَیْرَ مُسْتَشْفٍ بِهِ فَكَأَنَّمَا أَكَلَ مِنْ لُحُومِنَا الْحَدِیثَ.

ص: 156


1- 1. فی المصدر: لیطرحها.
2- 2. كامل الزیارة: 280.

«24»- قَالَ وَ رُوِیَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الصَّادِقَ علیه السلام فَقَالَ: إِنِّی سَمِعْتُكَ تَقُولُ إِنَّ تُرْبَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام مِنَ الْأَدْوِیَةِ الْمُفْرَدَةِ وَ إِنَّهَا لَا تَمُرُّ بِدَاءٍ إِلَّا هَضَمَتْهُ فَقَالَ قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ فَمَا بَالُكَ قُلْتُ إِنِّی تَنَاوَلْتُهَا فَمَا انْتَفَعْتُ بِهَا قَالَ أَمَا إِنَّ لَهَا دُعَاءً فَمَنْ تَنَاوَلَهَا وَ لَمْ یَدْعُ بِهِ وَ اسْتَعْمَلَهَا لَمْ یَكَدْ یَنْتَفِعُ بِهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ مَا یَقُولُ إِذَا تَنَاوَلَهَا قَالَ تُقَبِّلُهَا قَبْلَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ تَضَعُهَا عَلَی عَیْنَیْكَ وَ لَا تَنَاوَلُ أَكْثَرَ مِنْ حِمَّصَةٍ فَإِنَّ مَنْ تَنَاوَلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا أَكَلَ مِنْ لُحُومِنَا وَ دِمَائِنَا فَإِذَا تَنَاوَلْتَ فَقُلْ وَ ذَكَرَ الدُّعَاءَ.

«25»- الْعُیُونُ، عَنْ تَمِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْمُسَیَّبِ بْنِ زُهَیْرٍ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِمَوْتِهِ وَ دَفْنِهِ وَ قَالَ لَا تَرْفَعُوا قَبْرِی فَوْقَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مُفَرَّجَاتٍ وَ لَا تَأْخُذُوا مِنْ تُرْبَتِی شَیْئاً لِتَبَرَّكُوا بِهِ فَإِنَّ كُلَّ تُرْبَةٍ لَنَا مُحَرَّمَةٌ إِلَّا تُرْبَةَ جَدِّیَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَهَا شِفَاءً لِشِیعَتِنَا وَ أَوْلِیَائِنَا الْخَبَرَ(1).

«26»- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ محَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ مُدْلِجٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ فِی حَدِیثٍ أَنَّهُ كَانَ مَرِیضاً فَبَعَثَ إِلَیْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ منْ عِقَالٍ فَدَخَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ كَیْفَ وَجَدْتَ الشَّرَابَ فَقَالَ لَقَدْ كُنْتُ آیِساً مِنْ نَفْسِی شَرِبْتُهُ فَأَقْبَلْتُ إِلَیْكَ فَكَأَنَّمَا نَشِطْتُ مِنْ عِقَالٍ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ الشَّرَابَ الَّذِی شَرِبْتَهُ كَانَ فِیهِ مِنْ طِینِ قُبُورِ(2)

آبَائِی وَ هُوَ أَفْضَلُ مَا تَسْتَشْفِی بِهِ فَلَا تَعْدِلْ بِهِ فَإِنَّا نَسْقِیهِ صِبْیَانَنَا وَ نِسَاءَنَا فَنَرَی مِنْهُ كُلَّ الْخَیْرِ(3).

بیان: یدل الخبر علی جواز إدخال التربة فی الأدویة التی یستشفی بها و

ص: 157


1- 1. العیون: ج 1، ص 104.
2- 2. فی المصدر: قبر الحسین علیه السلام.
3- 3. كامل الزیارة: 276.

الأحوط أن لا یكون الداخل فیما یشربه أكثر من الحمصة و إنما قلنا الأحوط فی ذلك لأن فی دخول التراب و الطین فی المأكولات مع استهلاكها فیها یشكل الحكم بالحرمة كما سنشیر إلیه.

«27»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْمُعَاذِیِّ عَنْ مُعَمَّرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا یَرْوِی النَّاسُ فِی الطِّینِ وَ كَرَاهَتِهِ قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ الْمَبْلُولُ وَ ذَلِكَ الْمَدَرُ(1).

«28»- وَ رُوِیَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی عَنْ أَكْلِ الْمَدَرِ.

حدثنی بذلك محمد بن الحسن بن الولید عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه البرقی (2): بیان ظاهر الخبر الأول أن حرمة الطین مخصوصة بالطین المبلول دون المدر الیابس كما فهمه الصدوق ظاهرا و هذا مما لم یقل به صریحا أحد و یمكن أن یحمل علی أن المعنی أن المحرم إنما هو المبلول و المدر لا غیرهما مما یستهلك فی الدبس و یقع علی الثمار و سائر المطعومات و علی هذا فالحصر إما إضافی بالنسبة إلی ما ذكرنا أو المراد بالمدر ما یشمل التراب أیضا و یحتمل أن یكون إلزاما علی المخالفین النافین للاستشفاء بتربة الحسین علیه السلام بأن ما استدللتم من الأخبار علی تحریم الطین ظاهرها المبلول و إطلاقه علی غیره مجاز فلا یمكنكم الاستدلال بها علی تحریم التراب و المدر و علی التقادیر الكراهة محمولة علی الحرمة و قال المحدث الأسترآبادی إنما المكروه ذاك الطین المتعارف بین الناس مبلوله و یابسه لا طین الحسین علیه السلام انتهی.

و أقول مع قطع النظر عن الشهرة بین الأصحاب بل إجماعهم علی تعمیم التحریم لم یبعد القول بتخصیصه بالمبلول إذ الظاهر أن الطین فی اللغة حقیقة فی المبلول و أكثر الأخبار إنما ورد بلفظ الطین و هذا الخبر ظاهره الاختصاص و قال الراغب فی المفردات الطین التراب و الماء المختلط به و قد یسمی بذلك و إن زال عنه قوة الماء انتهی لكن استثناء طین الحسین علیه السلام منه مما یؤید التعمیم فإنه معلوم

ص: 158


1- 1. معانی الأخبار: 263.
2- 2. معانی الأخبار: 263.

أنه لیس الاستشفاء بخصوص المبلول بل الغالب عدمه و علی أی حال لا محیص عن العمل بما هو المشهور فی ذلك.

قال المحقق الأردبیلی قدس سره الظاهر أنه لا خلاف فی تحریم الطین و ظاهر اللفظ عرفا و لغة أنه تراب مخلوط بالماء و یؤیده صحیحة معمر بن خلاد و ذكر الخبر ثم قال و هذه تدل علی أنه بعد الیبوسة أیضا حرام و لا یشترط بقاء الرطوبة و لكن لا بد أن یكون ممتزجا فلا یحرم غیر ذلك للأصل و العمومات و حصر المحرمات و المشهور بین المتفقهة أنه یحرم التراب و الأرض كلها حتی الرمل و الأحجار قال فی المسالك المراد به ما یشمل التراب و المدر لما فیه من الإضرار بالبدن و الضرر مطلقا غیر واضح و لعل وجه المشهور أنه إذا كان الطین حراما و لیس فیه إلا الماء و التراب و معلوم عدم تحریم الماء و لا معنی لتحریم شی ء

بسبب انضمام محلل فلو لم یكن التراب محرما لم یكن الطین كذلك و إنما التراب جزء الأرض فیكون كلها حراما و فیه تأمل واضح فتأمل و لا تترك الاحتیاط انتهی.

و أقول الوجه الذی حمل الخبر علیه غیر ما ذكرنا و مع احتمال تلك الوجوه بل أظهریة بعضها یشكل الاستدلال بهذا الوجه ثم الحكم بتحریم ما سوی الطین و التراب من أجزاء الأرض كالحجارة و الیاقوت و الزبرجد و أنواع المعادن مما لا وجه له و الآیات و الأخبار دالة علی أن الأصل فی الأشیاء الحل و لم یرد خبر بتحریم هذه الأشیاء و قیاسها علی التراب باطل و أما المستثنی منه و هو حل طین قبر الحسین علیه السلام فالظاهر أنه لا خلاف فی حله فی الجملة و إنما الكلام فی شرائطه و خصوصیاته و لنشر إلیها و إلی بعض الأحكام المستفادة من الأخبار الأول المكان الذی یؤخذ منه التربة ففی بعض الأخبار طین القبر و هی تدل ظاهرا علی أنها التربة المأخوذة من المواضع القریبة مما جاور القبر و فی بعضها طین حائر الحسین علیه السلام فیدل علی جواز أخذه من جمیع الحائر و عدم دخول ما خرج منه و فی بعضها عشرون ذراعا مكسرة و هو أضیق و فی بعضها خمسة و عشرون ذراعا من كل جانب من جوانب القبر و فی بعضها تؤخذ طین قبر الحسین علیه السلام من

ص: 159

عند القبر علی سبعین ذراعا و فی بعضها فیه شفاء و إن أخذ علی رأس میل و فی بعضها البركة من قبره علیه السلام علی عشرة أمیال و فی بعضها حرم الحسین علیه السلام فرسخ فی فرسخ من أربع جوانب القبر و فی بعضها حرمه علیه السلام خمس فراسخ فی (1) أربع جوانبه و جمع الشیخ رحمه اللّٰه و من تأخر عنه بینها بالحمل علی اختلاف مراتب الفضل و تجویز الجمیع و هو حسن و الأحوط فی الأكل أن لا یجاوز المیل بل السبعین و كلما كان أقرب كان أحوط و أفضل قال المحقق الأردبیلی طیب اللّٰه تربته و أما المستثنی فالمشهور أنه تربة الحسین علیه السلام فكل ما یصدق علیه التربة یكون مباحا و مستثنی و فی بعض الروایات طین قبر الحسین علیه السلام فالظاهر أن الذی یؤخذ من القبر الشریف حلال و لما كان الظاهر عدم إمكان ذلك دائما فیمكن دخول ما قرب منه و حوالیه فیه أیضا و یؤیده ما ورد فی بعض الأخبار طین الحائر و فی بعض علی سبعین ذراعا و فی بعض علی عشرة أمیال انتهی.

الثانی شرائط الآخذ فقد ورد فی بعض الأخبار شرائط كثیرة من الغسل و الصلاة و الدعاء و لوزن المخصوص كما سیأتی فی كتاب المزار إن شاء اللّٰه تعالی و لما كان أكثر الأخبار الواردة فی ذلك خالیة عن ذكر هذه الشروط و الآداب فالظاهر أنها من مكملات فضلها و تأثیرها و لا یشترط الحل بها كما هو المشهور بین الأصحاب قال المحقق الأردبیلی رحمه اللّٰه الأخبار فی جواز أكلها للاستشفاء كثیرة و الأصحاب مطبقون علیه و هل یشترط أخذه بالدعاء و قراءة إِنَّا أَنْزَلْناهُ ظاهر بعض الروایات فی كتب المزار ذلك بل مع شرائط أخری حتی ورد أنه قال شخص إنی أكلت و ما شفیت فقال علیه السلام له افعل كذا و كذا و ورد أیضا أن له غسلا و صلاة خاصة و الأخذ علی وجه خاص و ربطه و ختمه بخاتم یكون نقشه كذا و یكون أخذه مقدارا خاصا و یحتمل أن یكون ذلك لزیادة الشفاء و سرعته و تبقیته لا مطلقا فیكون مطلقا جائزا كما هو المشهور و فی كتب الفقه مسطور.

الثالث ما یؤكل له و لا ریب فی أنه یجوز للاستشفاء من مرض حاصل و إن

ص: 160


1- 1. من( خ).

ظن إمكان المعالجة بغیره من الأدویة و الظاهر الأمراض الجسمانیة أی مرض كان و ربما یوسع بحیث یشمل الأمراض الروحانیة و فیه إشكال و أما الأكل بمحض التبرك فالظاهر عدم الجواز للتصریح به فی بعض الأخبار و عموم بعضها لكن ورد فی بعض الأخبار جواز إفطار العید به و إفطار یوم عاشوراء أیضا به و جوزه فیهما بعض الأصحاب و لا یخلو من قوة و الاحتیاط فی الترك إلا أن یكون له مرض یقصد الاستشفاء به أیضا قال المحقق الأردبیلی رحمه اللّٰه و لا بد أن یكون بقصد الاستشفاء و إلا فیحرم و لم یحصل له الشفاء كما فی روایة أبی یحیی و یدل علیه غیرها أیضا و قد نقل أكله یوم عاشوراء بعد العصر و كذا الإفطار بها یوم العید و لم تثبت صحته فلا یؤكل إلا للشفاء انتهی و قال ابن فهد قدس سره ذهب ابن إدریس إلی تحریم التناول إلا عند الحاجة و أجاز الشیخ فی المصباح الإفطار علیه فی عید الفطر و جنح العلامة إلی قول ابن إدریس لعموم النهی عن أكل الطین مطلقا و كذا المحقق فی النافع ثم قال یحرم التناول إلا عند الحاجة عند ابن إدریس و یجوز علی قصد الاستشفاء و التبرك و إن لم یكن هناك ضرورة عند الشیخ.

الرابع المقدار المجوز للأكل و الظاهر أنه لا یجوز التجاوز فی كل مرة عن قدر الحمصة و إن جاز التكرار إذا لم یحصل الشفاء بالأول و قد مر التصریح بهذا المقدار فی الأخبار و كان الأحوط عدم التجاوز عن مقدار عدسة لِمَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ یَرْوُونَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ الْعَدَسَ بَارَكَ عَلَیْهِ سَبْعُونَ نَبِیّاً فَقَالَ هُوَ الَّذِی تُسَمُّونَهُ عِنْدَكُمُ الْحِمَّصَ وَ نَحْنُ نُسَمِّیهِ الْعَدَسَ (1).

وَ فِی الصَّحِیحِ عَنْ رِفَاعَةَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا عَافَی أَیُّوبَ علیه السلام نَظَرَ إِلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ قَدِ ازْدَرَعَتْ فَرَفَعَ طَرْفَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ إِلَهِی وَ سَیِّدِی عَبْدُكَ أَیُّوبُ الْمُبْتَلَی عَافَیْتَهُ وَ لَمْ یَزْدَرِعْ شَیْئاً وَ هَذَا لِبَنِی إِسْرَائِیلَ زَرْعٌ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا أَیُّوبُ خُذْ مِنْ سُبْحَتِكَ كَفّاً فَابْذُرْهُ وَ كَانَتْ سُبْحَتُهُ فِیهَا مِلْحٌ فَأَخَذَ أَیُّوبُ كَفّاً

ص: 161


1- 1. الكافی: ج 6، ص 343.

مِنْهَا فَبَذَرَهُ فَخَرَجَ هَذَا الْعَدَسُ وَ أَنْتُمْ تُسَمُّونَهُ الْحِمَّصَ وَ نَحْنُ نُسَمِّیهِ الْعَدَسَ (1).

لأنهما یدلان علی أنه یطلق الحمص علی العدس أیضا فیمكن أن یكون المراد بالحمصة فی تلك الأخبار العدسة لكن العدول عن الحقیقة لمحض إطلاقه فی بعض الأخبار علی غیره غیر موجه مع أن ظاهر الخبرین أنهم علیهم السلام كانوا یسمون الحمصة عدسة لا العكس فتأمل و كذا فهمهما الكلینی حیث أوردهما فی باب الحمص لا العدس.

الخامس الطین الأرمنی هل یجوز الاستشفاء به و استعماله فی الأدویة فقیل نعم لأنه ورد فی الأخبار المؤیدة بعمومات دلائل حل المحرمات عند الاضطرار و قیل لا لعدم صلاحیة تلك الأخبار لتخصیص أخبار التحریم و قد ورد المنع عن التداوی بالحرام و الأكثر لم یعتنوا بهذه الأخبار و جعلوا الخلاف فیه فرعا للخلاف فی جواز التداوی بالحرام و عدمه و لذا ألحقوا به الطین المختوم و إن لم یرد فیه خبر قال المحقق روح اللّٰه روحه فی الشرائع و فی الأرمنی روایة بالجواز حسنة لما فیه من المنفعة المضطر إلیها و قال الشهید الثانی نور اللّٰه ضریحه موضع التحریم فی تناول الطین ما إذا لم یدع إلیه حاجة فإن فی بعض الطین خواص و منافع لا تحصل فی غیره فإذا اضطر إلیه لتلك المنفعة بإخبار طبیب عارف یحصل الظن بصدقه جاز تناول ما تدعو إلیه الحاجة لعموم قوله تعالی فَمَنِ اضْطُرَّ غَیْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَیْهِ و قد وردت الروایة بجواز تناول الأرمنی و هو طین مخصوص یجلب من أرمنیة تترتب علیه منافع خصوصا فی زمن الوباء و للإسهال و غیره مما هو مذكور فی كتب الطب و مثله الطین المختوم و ربما قیل بالمنع لعموم ما دل علی تحریم الطین و قوله صلی اللّٰه علیه و آله ما جعل شفاؤكم فی ما حرم علیكم و قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا شفاء فی محرم و جوابه أن الأمر عام مخصوص بما ذكر و قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا ضرر و لا إضرار و الخبران نقول بموجبهما لأنا نمنع من تحریمه حال الضرورة و المراد ما دام محرما و موضع الخلاف ما إذا لم یخف الهلاك و إلا جاز بغیر إشكال انتهی و سیأتی تمام الكلام فی التداوی بالحرام فی بابه إن شاء اللّٰه تعالی و قال ابن فهد رحمه اللّٰه الطین الأرمنی

ص: 162


1- 1. الكافی: ج 6، ص 343.

إذا دعت الضرورة إلیه عینا جاز تناوله خاصة دون غیره و قیل إنه من طین قبر إسكندر و الفرق بینه و بین التربة من وجوه الأول أن التربة یجوز تناولها لطلب الاستشفاء من الأمراض و إن لم یصفها الطبیب بل و إن حذر منها و الأرمنی لا یجوز تناوله إلا أن یكون موصوفا الثانی أن التربة لا یتجاوز منها قدر الحمصة و فی الأرمنی یباح القدر الذی تدعو إلیه الحاجة و إن زاد عن ذلك الثالث أن التربة محترمة لا یجوز تقریبها من النجاسة و لیس كذلك الأرمنی.

المتهجد، یستحب صوم هذا العشر فإذا كان یوم العاشر أمسك عن الطعام و الشراب إلی بعد العصر ثم یتناول شیئا یسیرا من التربة.

«29»- الْإِقْبَالُ، رَوَیْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْكُلَیْنِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّوْفَلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام إِنِّی أَفْطَرْتُ یَوْمَ الْفِطْرِ عَلَی طِینٍ وَ تَمْرٍ قَالَ لِی جَمَعْتَ بَرَكَةً وَ سُنَّةً.

قال السید رضی اللّٰه عنه یعنی بذلك التربة المقدسة علی صاحبها السلام (1).

«30»- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ نَهَی عَنْ أَكْلِ الطِّینِ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ طِینٍ فَحَرَّمَ أَكْلَ الطِّینِ عَلَی ذُرِّیَّتِهِ وَ مَنْ أَكَلَ الطِّینَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَكَلَهُ فَمَاتَ لَمْ أُصَلِّ عَلَیْهِ.

«31»- وَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَكْلُ الطِّینِ یُورِثُ النِّفَاقَ (2).

ص: 163


1- 1. الإقبال: 281.
2- 2. قد مر مرسلا عن المحاسن تحت الرقم( 14).

باب 34 المعادن و أحوال الجمادات و الطبائع و تأثیراتها و انقلابات الجواهر و بعض النوادر

الآیات:

الحجر: وَ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْزُونٍ (1)

النحل: أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلی ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ یَتَفَیَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْیَمِینِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ (2)

أسری: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِیماً غَفُوراً(3)

الأنبیاء: قُلْنا یا نارُ كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ (4) و قال تعالی وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ وَ كُنَّا فاعِلِینَ وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عاصِفَةً تَجْرِی بِأَمْرِهِ إِلی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها(5)

الحج: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِیرٌ حَقَّ عَلَیْهِ الْعَذابُ (6)

سبأ: وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَ الطَّیْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ إلی قوله تعالی وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ(7)

ص: 164


1- 1. الحجر: 19.
2- 2. النحل: 48- 49.
3- 3. الإسراء: 44.
4- 4. الأنبیاء: 69.
5- 5. الأنبیاء: 79- 81.
6- 6. الحجّ: 18.
7- 7. سبأ: 10- 12.

فاطر: إِنَّ اللَّهَ یُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِیماً غَفُوراً(1)

ص: إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِشْراقِ (2) و قال سبحانه فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّیحَ تَجْرِی بِأَمْرِهِ رُخاءً حَیْثُ أَصابَ (3)

الحدید: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَیْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزٌ(4)

تفسیر:

أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلی ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ قیل استفهام إنكار أی قد رأوا أمثال هذه الصنائع فما بالهم لم یتفكروا لیظهر لهم كمال قدرته و قهره فیخافوا منه و ما موصولة مبهمة بیانها یَتَفَیَّؤُا ظِلالُهُ أی أ و لم ینظروا إلی المخلوقات التی لها ظلال متفیئة عَنِ الْیَمِینِ وَ الشَّمائِلِ أی عن

أیمانها و شمائلها أی جانبی كل واحد منها استعارة عن یمین الإنسان و شماله و لعل توحید الیمین و جمع الشمائل لاعتبار اللفظ و المعنی كتوحید الضمیر فی ظِلالُهُ و جمعه فی قوله سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ و هما حالان عن الضمیر فی ظِلالُهُ و المراد من السجود الانقیاد و الاستسلام سواء كان بالطبع أو بالاختیار یقال سجدت النخلة إذا مالت لكثرة الحمل و سجد البعیر إذا طأطأ رأسه لیركب و قال الشاعر:

تری الأكم فیها سجدا للحوافر

و سُجَّداً حال من الظلال وَ هُمْ داخِرُونَ من الضمیر و المعنی یرجع الظلال بارتفاع الشمس و انحدارها أو باختلاف مشارقها و مغاربها بتقدیر اللّٰه تعالی من جانب إلی جانب منقادة لما قدر لها من التفیؤ أو واقعة علی الأرض ملتصقة بها كهیئة الساجد و الأجرام فی أنفسها أیضا داخرة أی صاغرة منقادة لأفعال اللّٰه فیها و جمع داخِرُونَ لأن من جملتها من یعقل أو لأن الدخور من أوصاف العقلاء و قیل المراد بالیمین و الشمائل عن یمین الفلك و هو جانبه الشرقی لأن الكوكب یظهر منه أخذه فی

ص: 165


1- 1. فاطر: 41.
2- 2. ص: 18.
3- 3. ص: 36.
4- 4. الحدید: 25.

الارتفاع و السطوع و شماله هو الجانب الغربی المقابل له فإن الأظلال فی أول النهار تبتدئ من المشرق واقعة علی الربع الغربی من الأرض و عند الزوال یبتدئ من المغرب واقعة علی الربع الشرقی من الأرض كما ذكره البیضاوی و غیره و قال بعضهم كان الحسن یقول أما ظلك فیسجد لربك و أما أنت فلا تسجد لربك بئس ما صنعت و عن مجاهد ظل الكافر یصلی و هو لا یصلی و قیل ظل كل شی ء یسجد لله و سواء كان ذلك ساجدا لله أم لا و قال الطبرسی رحمه اللّٰه و قیل إن المراد بالظل هو الشخص بعینه قال الشاعر كان فی أظلالهن الشمس أی فی أشخاصهن فعلی هذا یكون تأویل الظلال فی الآیة تأویل الأجسام التی عنها الظلال وَ هُمْ داخِرُونَ أی أذلة صاغرون قد نبه اللّٰه سبحانه بهذا علی أن جمیع الأشیاء تخضع له بما فیها من الدلالة علی الحاجة إلی واضعها و مدبرها بما لولاه لبطلت و لم یكن لها قوام طرفة عین فهی فی ذلك كالساجد من العباد بفعله الخاضع بذله انتهی و قال النیسابوری فی تأویلها بعد تفسیرها بما مر إِلی ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ هو عالم الأجسام فإن عالم الأرواح خلق من لا شی ء یَتَفَیَّؤُا ظِلالُهُ فإن الأجسام ظلال الأرواح فتارة تمیل بعمل أهل السعادة إلی أصحاب الیمین و أخری تمیل بعمل أهل الشقاء إلی أصحاب الشمال سجدا لله منقادین لأمره مسخرین لما خلقوا لأجله و إنما وحد الیمین و جمع الشمائل لكثرة أصحاب الشمال و سجود كل موجود یناسب حالة كما أن تسبیح كل منهم یلائم لسانه انتهی.

و أقول و یحتمل أن یكون المراد بظلالة مثاله علی القول بعالم المثال كما مر تحقیقه أو روحه كما عبر فی الأخبار الكثیرة عن عالم الأرواح بالظلال فالمراد بالتفیؤ عن الیمین میلهم إلی السعادة و التشبه بأصحاب الیمین و بالشمائل خلافه و هذا كلام علی سبیل الاحتمال فی مقابلة ما ذكروه من ذلك و اللّٰه یعلم تفسیر كلامه و حججه الكرام علیهم السلام وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ قال الرازی قد ذكرنا أن السجود علی نوعین سجود هو عبادة كسجود المسلمین لله تعالی و سجود هو عبارة عن الانقیاد و الخضوع و یرجع حاصل

ص: 166

هذا السجود إلی أنها فی أنفسها ممكنة الوجود و العدم قابلة لهما لأنه لا یرجح أحد الطرفین علی الآخر إلا لمرجح إذا عرفت هذا فنقول من الناس من قال المراد بالسجود المذكور فی هذه الآیة السجود بالمعنی الثانی و هو التواضع و الانقیاد و الدلیل علیه أن اللائق بالدابّة لیس إلا هذا السجود و منهم من قال المراد بالسجود هاهنا هو المعنی الأول لأن اللائق بالملائكة هو السجود بهذا المعنی لأن السجود بالمعنی الثانی حاصل فی كل الحیوانات و النباتات و الجمادات و منهم من قال السجود لفظ مشترك بین المعنیین و حمل اللفظ المشترك لإفادة مجموع معنییه جائز فحمل لفظ السجود فی هذه الآیة علی الأمرین معا أما فی حق الدابة فبمعنی التواضع و أما فی حق الملائكة فبمعنی سجود المسلمین لله تعالی و هذا القول ضعیف لأنه ثبت أن استعمال اللفظ المشترك لإفادة جمیع مفهوماته معا غیر جائز قوله مِنْ دابَّةٍ قال الأخفش یرید من الدوابّ و قال ابن عباس یرید كل ما دب علی الأرض فإن قیل ما الوجه فی تخصیص الدواب و الملائكة بالذكر قلنا فیه وجوه الأول أنه تعالی بین فی آیة الظلال أن الجمادات بأسرها منقادة لله تعالی لأن أخسها الدواب و أشرفها الملائكة فلما بین فی أخسها و أشرفها كونها منقادة لله تعالی و بین بهذه الآیة أن الحیوانات بأسرها منقادة لله تعالی كان ذلك دلیلا علی أنها بأسرها منقادة خاضعة لله تعالی.

و الوجه الثانی قال حكماء الإسلام الدابة اشتقاقها من الدبیب و الدبیب عبارة عن الحركة الجسمانیة فالدابة اسم لكل حیوان جسمانی یتحرك و یدب فلما میز اللّٰه الملائكة من الدابة علمنا أنها لیست مما یدب بل هی أرواح محضة مجردة و یمكن الجواب عنه بأن الطیر بالجناح مغایر للدبیب (1)

بدلیل قوله تعالی وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ یَطِیرُ بِجَناحَیْهِ (2) انتهی (3).

ص: 167


1- 1. فی المصدر: بان الجناح للطیران مغایر للدبیب.
2- 2. الأنعام: 31.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 20، ص 43.

و أقول التخصیص بعد التعمیم أیضا شائع كعطف جبرئیل علی الملائكة كما ذكره البیضاوی و ما ذكره من عدم جواز استعمال المشترك فی معنییه علی تقدیر تسلیمه لا حاجة فی التعمیم علی حمله علی ذلك بل یمكن حمله علی معنی الانقیاد و التواضع و هو یشمل الانقیاد لإرادته و تأثیره طبعا و الانقیاد لتكلیفه و أمره طوعا كما حمل علیه البیضاوی و قال بعضهم هذه الآیة تدل علی أن العالم كله فی مقام الشهود و العبادة إلا كل مخلوق له قوة التفكر و لیس إلا النفوس الناطقة الإنسانیة و الحیوانیة خاصة من حیث أعیان أنفسهم لا من حیث هیاكلهم فإن هیاكلهم كسائر العالم فی التسبیح له و السجود فأعضاء البدن كلها مسبحة ناطقة أ لا تراها تشهد علی النفوس المسخرة لها یوم القیامة من الجلود و الأیدی و الأرجل و الألسنة و السمع و البصر و جمیع القوی فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ الْكَبِیرِ انتهی.

و أقول و الأرواح و النفوس أیضا لها جهتان فمن جهة مسخرة منقادة لربها فی جمیع ما أراد منها و من جهة أخری عاصیة مخالفة لربها بل من هذه الجهة أیضا مسخرة ساجدة خاضعة لإرادة ربها حیث أقدرها علی ما أرادت و دالة علی وجود صانعها الذی جعلها مختارة مریدة قادرة علی الإتیان بما أرادت فهی من هذه الجهة أیضا مسبحة لربها ذاكرة لها دالة علیها منادیة بلسان حالها من جهة إمكانها و حدوثها و افتقارها بأن لی ربا جعلنی مریدا مختارا لحكمته و كماله و عنایته الأزلیة كما قال بعض العارفین

بالفارسیة عین إنكار منكر إقرار است و الكلام فی هذا المقام دقیق لا یمكن إجراء أكثر من ذلك منه علی الأقلام و یصعب دركها علی الأفهام و قد أومأت إلی شی ء منه فی شرح كتاب توحید الكافی فی توضیح أخبار إرادة اللّٰه تعالی و بیان معانیها.

قوله سبحانه تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ قال النیسابوری قالت العقلاء تسبیح الحی المكلف یكون تارة باللسان بأن یقول سبحان اللّٰه و أخری بدلالة أحواله علی وجود الصانع الحكیم و تسبیح غیره لا یكون إلا من القبیل الثانی و قد تقرر فی الأصول أن اللفظ المشترك لا یحمل علی معنییه معا فی حالة واحدة فتعین التسبیح

ص: 168

هاهنا علی المعنی الثانی لیشمل الكل هذا ما علیه المحققون و أورد علیه أنه لو كان المراد بالتسبیح ما ذكرتم لم یقل وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ لأن التسبیح بهذا الوجه مفقوه معلوم و أجیب بأن دلالة كل شی ء علی وجود الصانع معلومة علی الإجمال دون التفصیل فإنك إذا أخذت تفاحة واحدة فلا شك أنها مركبة من أجزاء لا تتجزأ و لكن عدد تلك الأجزاء و صفة كل منها من الطبع و الطعم و اللون و الحیز و الجهة و غیرها لا یعلمها إلا اللّٰه و أیضا الخطاب للمشركین و إنهم و إن كانوا مقرین بالخالق إلا أنهم أثبتوا شریكا و أنكروا قدرته علی البعث و الإعادة و لم ینظروا فی المعجزات الدالة علی نبوة محمد صلی اللّٰه علیه و آله فكأنهم لم یفقهوا التسبیح إذ لم یتوسلوا به إلی نتیجة النظر الصحیح و لهذا ختم الآیة بقوله إِنَّهُ كانَ حَلِیماً غَفُوراً حین لم یعاجلكم بالعقوبة علی غفلتكم و سوء نظركم و زعم بعض الظاهریین أن ما سوی الحی المكلف یسبح لله تعالی باللسان أیضا كل بلغته و لسانه الذی لا نعرف نحن و لا نفقه و زعم أیضا أن الحیوان إذا ذبح لا یسبح و كذا غصن الشجرة إذا كسر فأورد علیه أن كونه جمادا لا یمنع من كونه مسبحا فكیف صار ذبح الحیوان مانعا عن التسبیح و كذا كسر الغصن و یمكن أن یجاب بأن تسبیح كل شی ء لعله یختص بتركیبه الذی خلق علیه فإذا بطل ذلك التركیب و فكك ذلك النظم لم یبق مسبحا مطلقا أو لا علی ذلك النحو.

و قال فی تأویلها لكل ذرة من ذرات الموجودات ملكوت لقوله فَسُبْحانَ الَّذِی بِیَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَیْ ءٍ(1) و الملكوت باطن الكون و هو الآخرة و الآخرة حیوان لا جماد لقوله وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوانُ (2) فلكل ذرة لسان ملكوتی ناطق بالتسبیح و الحمد تنزیها لصاحبه و حمدا له علی ما أولاه من نعمه و بهذا اللسان نطق الحصا فی كف النبی صلی اللّٰه علیه و آله و به تنطق الأرض یوم القیامة یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها(3) و به تنطق الجوارح أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِی أَنْطَقَ كُلَّ شَیْ ءٍ(4) و به نطقت

ص: 169


1- 1. یس: 83.
2- 2. العنكبوت: 64.
3- 3. الزلزال: 4.
4- 4. فصّلت: 21.

السماوات و الأرض قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ إِنَّهُ كانَ حَلِیماً فی الأزل إذ أخرج من العدم من یكفر به و یجحده غَفُوراً لمن تاب عن كفره.

قُلْنا یا نارُ كُونِی بَرْداً قال الطبرسی هذا مثل فإن النار جماد لا یصح خطابه و المراد أنا جعلنا النار بردا علیه و سلامة لا یصیبه من أذاها شی ء كما قال سبحانه كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ (1) و المعنی أنه صیرهم كذلك لا أنه خاطبهم و أمرهم بذلك و قیل یجوز أن یتكلم اللّٰه سبحانه بذلك و یكون ذلك صلاحا للملائكة و لطفا لهم و ذكر فی كون النار بردا و سلاما علی إبراهیم وجوها أحدها أن اللّٰه سبحانه أحدث فیها بردا بدلا من شدة الحرارة فیها فلم تؤذه و ثانیها أنه سبحانه حال بینها و بین إبراهیم فلم تصل إلیه و ثالثها أن الإحراق یحصل بالاعتمادات التی فی النار صعدا فیجوز أن یذهب سبحانه تلك الاعتمادات و علی الجملة فعلمنا أن اللّٰه سبحانه منع النار من إحراقه و هو أعلم بتفاصیله (2) انتهی.

و قال البیضاوی انقلاب النار هواء طیبة لیس ببدع غیر أنه هكذا علی خلاف المعتاد فهو إذن من معجزاته و قیل كانت النار بحالها لكنه تعالی دفع عنه أذاها كما فی السمندر و یشعر به قوله عَلی إِبْراهِیمَ (3) انتهی.

و أقول علی مذهب الأشاعرة لا إشكال فی ذلك لأنهم یقولون لا مؤثر فی الوجود إلا اللّٰه و إنما أجری عادته بالإحراق عند قرب شی ء من النار فإذا أراد غیر ذلك لا یخلق الإحراق و أما عند غیرهم من القائلین بتأثیر الطبائع و لزوم الصفات لها فیشكل ذلك عندهم و الأولی أن یقال إحراق النار و تبرید الثلج و قتل السموم و غیر ذلك من التأثیرات لما كانت مشروطة بشروط كقابلیة المادة و غیرها فلم لا یجوز أن تكون مشروطة بعدم تعلق إرادة القادر المختار بخلافه (4)

فإذا تعلقت

ص: 170


1- 1. البقرة: 65، و الأعراف: 165.
2- 2. مجمع البیان: ج 7، ص 54.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 86.
4- 4. هذا تنزیل لمقام إرادته القاهرة التی بها تسببت الأسباب و انسجم نظام الكون و یستلزم جعلها فی عداد الشرائط المادیة، و یترتب علیه لوازم نغمض عن ذكرها. و الحق أن. جمیع الآیات و المعجزات خرق للنظام المتعارف الذی نتعاهده معاشر الناس فی حیاتنا و نعرف فیه أسبابا و شرائط وجودیة و عدمیة و معدات لكن لیس خرقا للنظام العلی و المعلولی رأسا، فجعل النار بردا مثلا لیس إبطالا للنظام السببی و المسببی الحاكم علی العالم بحذافیره، بل إعمال لأسباب و شرائط لا نتعاهدها و یكفی له إیجاد مانع من تأثیر النار فی جسمه علیه السلام أو حول بدنه أو تسخیر النار لایجاد البرودة كما تسخر قوة الكهرباء الیوم له، كل ذلك لا من طریق متعارف عند الناس بل بسبب إلهی و طریق غیبی و مجری نفسی غیر مشهود للعامة، و اللّٰه علی كل شی ء قدیر. فان قیل: مرجع الأخیر إلی أن اللّٰه تعالی أراد أن تتبرد النار فبردت، و هذه إبطال لسببیة النار للاحراق- لعدم إمكان سببیة شی ء واحد لضدین و متقابلین- أو التزام بحصول معلول مادی من غیر حصول علته المسانخة له قلنا: الاحتراق عبارة عن تبدل الصورة تبدلا خاصا و النار معدة له لا مفیضة للصورة الحادثة، و لا یمتنع تأثیرها فی ضده كما یشاهد فی الكهرباء أضف الی ذلك حدیث تعدّد الجهات. و أمّا استناد الحوادث إلی إرادة اللّٰه تعالی من غیر واسطة فمخالف للسنة الإلهیّة التی لن تجد لها تبدیلا و لن تجد لها تحویلا، و مستلزم للطفرة و اختلال نظام العلل و المعالیل. و الحاصل أن إرادة اللّٰه تعالی فوق العلل المادیة و فی طولها لا فی رتبتها و هو القاهر فوق عباده.

بذلك انتفی تأثیرها كما أن اللّٰه تعالی أقدر العباد علی أفعالهم لكن بشرط عدم تعلق إرادته القاهرة بخلافه و لذا ورد فی الأخبار أنه لا یحدث شی ء فی السماء و الأرض إلا بإذنه سبحانه قوله تعالی وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل معناه سیرنا الجبال مع داود حیث سار فعبر عن ذلك بالتسبیح لما فیه من الآیة العظیمة التی تدعو إلی تسبیح اللّٰه و تعظیمه

و تنزیهه عن كل ما لا یلیق به و كذلك تسخیر الطیر له تسبیح یدل علی أن مسخرها قادر لا یجوز علیه ما یجوز علی العباد و قیل إن الجبال كانت تجاوبه بالتسبیح و كذلك الطیر یسبح بالغداة و العشی معجزة له انتهی (1).

و قال الرازی قال أصحاب المعانی یحتمل أن یكون تسبیح الجبال و الطیر بمثابة قوله وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ و تخصیص داود علیه السلام بذلك إنما كان

ص: 171


1- 1. مجمع البیان: ج 7، ص 58.

بسبب أنه كان یعرف ذلك ضرورة فیزداد یقینا و تعظیما و أما المعتزلة فقالوا لو حصل الكلام فی الجبل لحصل إما بفعله أو بفعل اللّٰه تعالی فیه و الأول محال لأن بنیة الجبل لا تحتمل الحیاة و العلم و القدرة و ما لا یكون حیا عالما قادرا یستحیل منه الفعل و الثانی أیضا محال لأن المتكلم عندهم من كان فاعلا للكلام لا من كان محلا له فلو كان فاعل ذلك الكلام هو اللّٰه تعالی لكان المتكلم هو اللّٰه لا الجبل فجعلوا التسبیح من السباحة و بناء التفعیل للتكثیر مثل قوله یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ و الحاصل سیری معه.

و اعلم أن مدار هذا القول علی أن بنیة الجبل لا تقبل الحیاة و هذا ممنوع و علی أن التكلم من فعل اللّٰه و هو أیضا ممنوع و أما الطیر فلا امتناع فی أن یصدر عنها الكلام و لكن اجتمعت الأمة علی أن المكلفین إما الجن (1)

و الإنس أو الملائكة فیمتنع فیها أن تبلغ فی العقل إلی درجة التكلیف بل یكون حاله كحال الطفل فی أن یؤمر و ینهی و إن لم یكن مكلفا فصار ذلك معجزة من حیث جعلها فی الفهم بمنزلة المراهق و أیضا دلالته علی قدرة اللّٰه و علی تنزیهه مما لا یجوز فیكون القول فیه كالقول فی الجبال انتهی (2).

وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ أی علمناه كیف یصنع الدروع قال قتادة أول من صنع الدروع داود و إنما كانت صفائح جعل اللّٰه سبحانه الحدید فی یده كالعجین فهو أول من سردها و حلقها فجمعت الخفة و التحصین وَ لِسُلَیْمانَ أی سخرنا له الرِّیحَ عاصِفَةً أی شدیدة الهبوب أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ لعل المراد بالسجود غایة الخضوع و الانقیاد الممكن من الشی ء ففی الجمادات و العجم من الحیوانات یحصل منهم غایة الانقیاد الذی یتأتی منهم و كذا الملائكة و صالحو المؤمنین و أما الكفار و الفجار فلما لم یتأت منهم غایة الانقیاد أخرجهم و قال وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ لأنهم و إن كانوا فی الأوامر التكوینیّة منقادین فلیسوا فی الأوامر التكلیفیّة كذلك

ص: 172


1- 1. فی المصدر: أو.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 22، ص 200.

فالسجود محمول علی معنی واحد و لیس من استعمال المشترك فی معنییه كما عرفت سابقا و قال الرازی الرؤیة هنا بمعنی العلم و فی السجود وجوه أحدها قال الزجاج أجود الوجوه فی سجود هذه الأمور أنها تسجد مطیعة لله تعالی و هو كقوله فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً الآیة أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ وَ إِنَّ مِنْها لَما یَهْبِطُ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ و المعنی أن هذه الأجسام لما كانت قابلة لجمیع الأعراض التی یحدثها اللّٰه تعالی فیها من غیر امتناع البتة أشبهت

الطاعة و الانقیاد و هو السجود و أما قوله وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ ففیه وجوه أحدها أن السجود بالمعنی الذی ذكرناه و إن كان عاما فی حق الكل إلا أن بعضهم تمرد و تكبر و ترك السجود فی الظاهر فهذا الشخص و إن كان ساجدا بذاته لكنه متمرد بظاهره أما المؤمن فإنه ساجد بذاته و بظاهره فلأجل هذا الفرق حصل التخصیص بالذكر و ثانیها أن نقطع قوله وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ عما قبله ثم فیه ثلاثة أوجه الأول أن نقول تقدیر الآیة و لله یسجد من فی السماوات و الأرض و یسجد له كثیر من الناس فیكون السجود الأول بمعنی الانقیاد و الثانی بمعنی الطاعة و العبادة لئلا یلزم استعمال المشترك فی معنییه جمیعا الثانی أن یكون قوله وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ مبتدأ خبره محذوف و هو مثاب لأن خبر مقابله یدل علیه و هو قوله حَقَّ عَلَیْهِ الْعَذابُ و الثالث أن یبالغ فی تكثیر المحقوقین بالعذاب فیعطف كثیر علی كثیر ثم یخبر عنهم حَقَّ عَلَیْهِ الْعَذابُ و ثالثها من یجوز استعمال اللفظ المشترك فی مفهومیه جمیعا یقول إن المراد بالسجود فی حق الأحیاء العقلاء السجود و فی حق الجمادات الانقیاد فإن قیل قوله مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ لفظ العموم فیدخل فیه الناس فلم قال مرة أخری وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ قلنا لو اقتصر علی ما تقدم لأوهم أن كل الناس یسجدون فبین أن كثیرا منهم یسجدون طوعا دون كثیر منهم فإنه یمتنع عن ذلك.

القول الثانی فی تفسیر السجود أن كل ما سوی اللّٰه تعالی فهو ممكن لذاته و الممكن لذاته لا یترجح وجوده علی عدمه إلا عند الانتهاء إلی الواجب لذاته كما قال

ص: 173

وَ أَنَّ إِلی رَبِّكَ الْمُنْتَهی (1) و كما أن الإمكان لازم للممكن حال حدوثه و بقائه فافتقاره إلی الواجب حاصل حال حدوثه و حال بقائه و هذا الافتقار الذاتی اللازم للماهیة أدل علی الخضوع و التواضع من وضع الجبهة علی الأرض فإن ذلك علامة وضعیة للافتقار و قد یتطرق إلیه الصدق و الكذب أما نفس الافتقار الذاتی فإنه ممتنع التغیر و التبدل فجمیع الممكنات ساجدة بهذا المعنی لله أی خاضعة متذللة معترفة بالفاقة إلیه و الحاجة إلی تخلیقه و تكوینه و علی هذا تأولوا قوله وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ و هذا قول القفال القول الثالث أن سجود هذه الأشیاء سجود ظلها كقوله تعالی یَتَفَیَّؤُا ظِلالُهُ الآیة و هذا قول مجاهد(2) انتهی.

قوله تعالی أَوِّبِی مَعَهُ قال البیضاوی أی ارجعی معه التسبیح علی الذنب أو النوحة و ذلك إما بخلق صوت مثل صوته فیها أو بحملها إیاه علی التسبیح إذا تأمل فیها(3) أو سیری معه حیث سار و الطَّیْرَ عطف علی محل الجبال وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِیدَ جعلناه فی یده كالشمع یصرفه كیف یشاء من غیر أحماء و طرق بآلاته أو بقوة عَیْنَ الْقِطْرِ أی النحاس المذاب أسال (4) له من معدنه فنبع منه نبوع الماء من الینبوع و لذلك سماه عینا و كان ذلك بالیمن (5) إِنَّ اللَّهَ یُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا أی كراهة أن تزولا فإن الممكن حال بقائه لا بد له من حافظ أو یمنعهما أن تزولا لأن الإمساك منع وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما أی ما أمسكهما مِنْ

أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ أی من بعد اللّٰه أو من بعد الزوال و الجملة سادة مسد الجوابین و من الأولی مزیدة و الثانیة للابتداء إِنَّهُ كانَ حَلِیماً غَفُوراً حیث أمسكهما و كانتا جدیرتین أن تهدا هدا لأعمال العباد.

قوله تعالی فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ فإن آلات الحرب متخذة عنه وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ إذ ما من صنعة إلا و الحدید آلتها وَ لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ باستعمال الأسلحة

ص: 174


1- 1. النجم: 42.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 23، ص 20.
3- 3. فی المصدر: تأملها.
4- 4. فیه: أساله.
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 285.

و مجاهدة الكفار و العطف علی محذوف دل علیه ما قبله فإنه حال یتضمن تعلیلا أو اللام صلة لمحذوف أی أنزله لیعلم اللّٰه بِالْغَیْبِ حال من المستكن فی یَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌ علی إهلاك من أراد إهلاكه عَزِیزٌ لا یفتقر إلی نصره و إنما أمرهم بالجهاد لینتفعوا به و یستوجبوا ثواب الامتثال فیه.

و قال الرازی و أما حدید ففیه البأس الشدید فإن آلات الحرب متخذة منه و فیه أیضا منافع كثیرة منها قوله تعالی وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ و منها أن مصالح العالم إما أصول و إما فروع أما الأصول فأربعة الزراعة و الحیاكة و بناء البیوت و السلطنة و ذلك لأن الإنسان یضطر إلی طعام یأكله و ثوب یلبسه و بناء یسكن فیه و الإنسان مدنی بالطبع فلا تتم مصلحته إلا عند اجتماع جمع من أبناء جنسه لیشتغل كل واحد منهم بمهم خاص فحینئذ ینتظم من الكل مصالح الكل و ذلك الانتظام لا بد و أن یفضی إلی المزاحمة و لا بد من شخص یدفع ضرر البعض عن البعض و ذلك هو السلطان فثبت أنه لا تنتظم مصلحة العالم إلا بهذه الأصول الأربعة أما الزراعة فمحتاجة إلی الحدید و ذلك من كرب الأرض و حفرها ثم عند تكون هذه الحبوب و تولدها لا بد من جزها و تنقیتها و ذلك لا یتم إلا بالحدید(1) ثم لا بد من خبزها و لا یتم إلا بالنار و لا بد فیها من المقدحة الحدیدیة و أما الفواكه فلا بد من تنظیفها من قشورها و قطعها علی الوجوه الموافقة للأكل و لا یتم ذلك إلا بالحدید ثم یحتاج فی آلات الحیاكة إلی الحدید ثم نفزع (2) فی قطع الثیاب و خیاطتها إلی الحدید و الذهب لا یقوم مقام الحدید فی شی ء من هذه المصالح فلو لم یوجد الذهب فی الدنیا ما كان یختل شی ء من مصالح الدنیا و لو لم یوجد الحدید لاختل جمیع مصالح الدنیا ثم إن الحدید لما كانت الحاجة إلیه شدیدة جعله سهل الوجدان كثیر الوجود و الذهب لما قلت الحاجة إلیه جعله عزیز الوجود و عند هذا یظهر أثر جود اللّٰه و رحمته علی عبیده فإن كل ما كانت حاجاتهم إلیه أكثر جعل وجدانه أسهل و لهذا قال بعض

ص: 175


1- 1. فی المصدر: ثم الحبوب لا بد من طحنها و ذلك لا یتم الا بالحدید.
2- 2. فی المصدر: یحتاج.

الحكماء إن أعظم الأمور حاجة إلیه هو الهواء فإنه لو انقطع وصوله إلی القلب لحظة مات الإنسان فی الحال فلا جرم جعله اللّٰه أسهل الأشیاء وجدانا و هیأ أسباب التنفس و آلاته حتی أن الإنسان یتنفس دائما بمقتضی طبعه من غیر حاجة فیه إلی تكلف عمل و بعد الهواء الماء إلا أنه لما كانت الحاجة إلی الماء أقل من الحاجة إلی الهواء جعل تحصیل الماء أشق قلیلا من تحصیل الهواء و بعد الماء الطعام و لما كانت الحاجة إلی الطعام أقل من الحاجة إلی الماء جعل تحصیل الطعام أشق من تحصیل الماء ثم

تتفاوت الأطعمة فی درجات الحاجة و العزة فكل ما كانت الحاجة إلیه أكثر كان وجدانه أسهل و كل ما كان وجدانه أعسر كانت الحاجة إلیه أقل و الجواهر لما كانت الحاجة إلیها قلیلة جدا لا جرم كانت عزیزة جدا فعلمنا أن كل شی ء كانت الحاجة إلیه أكثر كان وجدانه أسهل و لما كانت الحاجة إلی رحمة اللّٰه أشد من الحاجة إلی كل شی ء فنرجو من رحمة اللّٰه أن یجعلها أسهل الأشیاء وجدانا(1)

«1»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُعَلَّی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ الْفَرَّاءِ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: شَكَتْ أَسَافِلُ الْحِیطَانِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ثِقْلِ أَعَالِیهَا فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهَا یَحْمِلُ بَعْضُكَ بَعْضاً(2).

الكافی، عن العدة عن البرقی عن إبراهیم الثقفی: مثله (3)

المحاسن، عن القاسانی: مثله إلا أن فیه یحمل بعضها بعضا(4)

بیان: لعل الشكایة بلسان الافتقار و الاضطرار و الوحی بالخطاب التكوینی كما قیل فی قوله تعالی وَ آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ أی بلسان استعداداتكم و قابلیاتكم

ص: 176


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 29، ص 242.
2- 2. العلل: ج 2، ص 150.
3- 3. الكافی: ج 6، ص 532.
4- 4. المحاسن: 623.

أو یكون استعارة تمثیلیة لبیان أن اللّٰه تعالی خلق الأجزاء الأرضیة و الترابیة بحیث یلتصق بعضها ببعض و لا یكون ثقل الجمیع علی الأسافل فتنهدم سریعا.

«2»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ دَاوُدَ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ قَالَ نَقْضُ الْجُدُرِ تَسْبِیحُهَا(1).

الكافی، عن العدة عن سهل بن زیاد عن ابن أسباط: مثله إلا أن فیه تنقض الجدر(2).

«3»- الْمَحَاسِنُ، عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ قَالَ نَقْضُ الْجُدُرِ تَسْبِیحُهَا قُلْتُ نَقْضُ الْجُدُرِ تَسْبِیحُهَا قَالَ نَعَمْ (3).

«4»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی الصَّلَاحِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ قَالَ كُلُّ شَیْ ءٍ یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ إِنَّا لَنَرَی أَنَّ تَنَقُّضَ الْجِدَارِ هُوَ تَسْبِیحُهَا.

و منه فی روایة الحسین بن سعید عنه علیه السلام: مثله.

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ قَالَ إِنَّا نَرَی أَنَّ تَنَقُّضَ الْحِیطَانِ تَسْبِیحُهَا.

«6»- وَ مِنْهُ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی إِنِّی أَجِدُ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ فَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَ فَقَالَ لَهُ أَ تُسَبِّحُ الشَّجَرَةُ الْیَابِسَةُ فَقَالَ نَعَمْ أَ مَا سَمِعْتَ خَشَبَ الْبَیْتِ تَنَقَّضَ وَ ذَلِكَ تَسْبِیحُهُ فَسُبْحَانَ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ.

ص: 177


1- 1. المحاسن: 623.
2- 2. الكافی: ج 6، ص 531.
3- 3. المحاسن: 623.

«7»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: بُكَاءُ السَّمَاءِ احْمِرَارُهَا مِنْ غَیْرِ غَیْمٍ وَ بُكَاءُ الْأَرْضِ زَلَازِلُهَا(1)

وَ تَسْبِیحُ الشَّجَرِ حَرَكَتُهَا مِنْ غَیْرِ رِیحٍ وَ تَسْبِیحُ الْبِحَارِ زِیَادَتُهَا وَ نُقْصَانُهَا وَ تَسْبِیحُ الشَّجَرِ نُمُوُّهُ وَ نُشُوؤُهُ وَ قَالَ أَیْضاً ظِلُّهُ یُسَبِّحُ اللَّهَ.

بیان: قد مضی من البیان فی تفسیر الآیات ما یمكن به فهم هذه الأخبار و الحاصل أن تنقض الجدار لدلالتها علی حدوث التغیر فیها و فنائها نداء منها بلسان حالها علی افتقارها إلی من یوجدها و یبقیها منزها عن صفاتها المحوجة إلی ذلك و أیضا نقصانات الخلائق دلائل علی كمالات الخالق و كثراتها و اختلافاتها و مضاداتها شواهد وحدانیته و انتفاء الشریك عنه و الند و الضد له

كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: بِتَشْعِیرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَهُ وَ بِتَجْهِیرِهِ الْجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لَا جَوْهَرَ لَهُ (2)

وَ بِمُضَادَّتِهِ بَیْنَ الْأَشْیَاءِ(3) عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَیْنَ الْأَشْیَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِینَ لَهُ (4).

و الحاصل أن جمیع المصنوعات و الممكنات بصفاتها و لوازمها و آثارها دالة علی صانعها و بارئها و مصورها و علمه و حكمته شاهدة بتنزهه عن صفاتها المستلزمة للعجز و النقصان مطیعة لربها فی ما خلقها له و أمرها به من مصالح عالم الكون موجه إلی ما خلقت له فسكون الأرض خدمتها و تسبیحها و صریر الماء و جریه تسبیحه و طاعته و قیام الأشجار و النباتات و نموها و جری الریح و أصواتها و هذه الأبنیة و سقوطها و تحریق النار و لهبها و أصوات الصواعق و إضاءة البروق و جلاجل الرعود و جری الطیور فی الجو و نغماتها كلها طاعة لخالقها و سجدة و تسبیح و تنزیه له سبحانه.

قال بعض العارفین خلق اللّٰه الخلق لیوحدوه فأنطقهم بالتسبیح و الثناء علیه و السجود فقال أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ (5) و قال أیضا أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی

ص: 178


1- 1. زلزالها( خ).
2- 2. لیس هذه الجملة فی النهج.
3- 3. فی النهج: الأمور.
4- 4. النهج: ج 1، ص 355.
5- 5. النور: 41.

الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ الآیة(1) و خاطب بهاتین الآیتین نبیه الذی أشهده ذلك و رآه فقال أَ لَمْ تَرَ و لم یقل أ لم تروا فإنا ما رأیناه فهو لنا إیمان و لمحمد صلی اللّٰه علیه و آله عیان فأشهده سجود كل شی ء و تواضعه لله و كل من أشهده اللّٰه ذلك و رآه دخل تحت هذا الخطاب و هذا تسبیح فطری و سجود ذاتی عن تجل تجلی لهم فأحبوه فانبعثوا إلی الثناء علیه من غیر تكلیف بل اقتضاء ذاتی و هذه هی العبادة الذاتیة التی أقامهم اللّٰه فیها بحكم الاستحقاق الذی یستحقه.

و فی القاموس تنقض البیت تشقق فسمع له صوت و قوله بكاء السماء احمرارها أی خارجا عن العادة فإنه من علامات غضبه تعالی فكأنه یبكی علی من استحق الغضب أو علی من یستحق العباد له الغضب كما وقع بعد شهادة الحسین علیه السلام و قوله حركتها من غیر ریح أی عند الزلزلة أو بالنمو فیكون ما بعده تأكیدا له.

«8»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ أَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْزُونٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْبَتَ فِی الْجِبَالِ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ الْجَوْهَرَ وَ الصُّفْرَ وَ النُّحَاسَ وَ الْحَدِیدَ وَ الرَّصَاصَ وَ الْكُحْلَ وَ الزَّرْنِیخَ وَ أَشْبَاهُ هَذِهِ لَا تُبَاعُ إِلَّا وَزْناً(2).

بیان: لعل المراد بالجوهر الأحجار كالیاقوت و العقیق و الفیروزج و أشباهها.

«9»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: أَ وَ لَمْ یَرَوْا إِلی ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْ ءٍ یَتَفَیَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْیَمِینِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ قَالَ تَحْوِیلُ كُلِّ ظِلٍّ خَلَقَهُ اللَّهُ هُوَ سُجُودُهُ لِلَّهِ لِأَنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ إِلَّا لَهُ ظِلٌّ یَتَحَرَّكُ بِتَحْرِیكِهِ وَ تَحْوِیلُهُ سُجُودُهُ (3).

«10»- وَ مِنْهُ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فَحَرَكَةُ كُلِّ شَیْ ءٍ تَسْبِیحٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (4).

«11»- وَ مِنْهُ،: فِی قَوْلِهِ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُ لَفْظُ الشَّجَرِ وَاحِدٌ وَ مَعْنَاهُ جَمْعٌ (5)

ص: 179


1- 1. الحجّ: 18.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 350.
3- 3. التفسیر: 361.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 382.
5- 5. التفسیر: 437.

وَ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ أَسَلْنا لَهُ عَیْنَ الْقِطْرِ قَالَ الصُّفْرُ(1).

«12»- الْمَنَاقِبُ لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ، قَالَ: قَالَ ضِبَاعُ بْنُ نَصْرٍ الْهِنْدِیُّ لِلرِّضَا علیه السلام مَا أَصْلُ الْمَاءِ قَالَ أَصْلُ الْمَاءِ خَشْیَةُ اللَّهِ بَعْضُهُ مِنَ السَّمَاءِ وَ یَسْلُكُهُ فِی الْأَرْضِ یَنَابِیعَ وَ بَعْضُهُ مَاءٌ عَلَیْهِ الْأَرَضُونَ وَ أَصْلُهُ وَاحِدٌ عَذْبٌ فُرَاتٌ قَالَ فَكَیْفَ مِنْهَا عُیُونُ نِفْطٍ وَ كِبْرِیتٍ وَ قَارٍ(2) وَ مِلْحٍ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ قَالَ غَیَّرَهُ الْجَوْهَرُ وَ انْقَلَبَتْ كَانْقِلَابِ الْعَصِیرِ خَمْراً وَ كَمَا انْقَلَبَتِ الْخَمْرُ فَصَارَتْ خَلًّا وَ كَمَا یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ فَرْثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً قَالَ فَمِنْ أَیْنَ أُخْرِجَتْ أَنْوَاعُ الْجَوَاهِرِ قَالَ انْقَلَبَتْ مِنْهَا كَانْقِلَابِ النُّطْفَةِ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ خَلَقَهُ مُجْتَمِعَةً مَبْنِیَّةً عَلَی الْمُتَضَادَّاتِ الْأَرْبَعِ قَالَ (3) إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ خُلِقَتْ مِنَ الْمَاءِ وَ الْمَاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ فَكَیْفَ صَارَتِ الْأَرْضُ بَارِدَةً یَابِسَةً قَالَ سُلِبَتِ النَّدَاوَةُ فَصَارَتْ یَابِسَةً قَالَ الْحَرُّ أَنْفَعُ أَمِ الْبَرْدُ قَالَ بَلِ الْحَرُّ أَنْفَعُ مِنَ الْبَرْدِ لِأَنَّ الْحَرَّ مِنْ حَرِّ الْحَیَاةِ وَ الْبَرْدَ مِنْ بَرْدِ(4)

الْمَوْتِ وَ كَذَلِكَ السُّمُومُ الْقَاتِلَةُ الْحَارَّةُ مِنْهَا أَسْلَمُ وَ أَقَلُّ ضَرَراً مِنَ السُّمُومِ الْبَارِدَةِ(5).

توضیح: قوله خشیة اللّٰه إشارة إلی ما ورد فی بعض الكتب السماویة أن اللّٰه تعالی خلق أولا درة بیضاء فنظر إلیها بعین الهیبة فصارت ماء ماء علیه الأرضون أی البحر الأعظم غیره الجوهر أی جوهر الأرض التی نبع منها من حر الحیاة أی من جنسه لأن الروح الحیوانی و الحرارة الغریزیة سببان للحیاة و زوالهما سبب للموت و فیه إشارة إلی ما ذكره الحكماء فی تولد المعادن فلنذكر ما ذكروه فی ذلك.

قالوا المركبات التی لها مزاج ثلاثة أنواع تسمی بالموالید و هی المعادن و النباتات و الحیوانات و وجه الحصر أنه إن تحقق فیه مبدأ التغذیة فأما مع تحقق مبدإ الحس و الحركة الإرادیة فهو الحیوان أو بدونه و هو النبات و إن لم تحقق

ص: 180


1- 1. التفسیر: 537.
2- 2. فی المصدر: و منها قار ....
3- 3. فی المصدر: قال عمران.
4- 4. بعد( خ).
5- 5. المناقب: ج 4، ص 354.

ذلك فیه فالمعادن و قال بعضهم و إنما قلنا مع تحقق الحس و الحركة لأنه لا قطع بعدمهما فی النبات و المعدن بل ربما یدعی حصول الشعور و الإرادة للنبات لأمارات تدل علی ذلك مثل ما یشاهد فی میل النخلة الأنثی إلی الذكر و تعشقها به بحیث لو لم تلقح منه لم تثمر و میل عروق الأشجار إلی جهة الماء و میل أغصانها فی الصعود من جانب الموانع إلی الفضاء ثم لیس هذا ببعید عن القواعد الفلسفیة فإن تباعد الأمزجة عن الاعتدال الحقیقی إنما هو علی غایة من التدریج فانتقاض استحقاق الصور الحیوانیة و خواصها لا بد أن یبلغ قبل الانتفاء إلی حد الضعف و الخفاء و كذا النباتیّة و لهذا اتفقوا علی أن من المعدنیات ما وصل إلی أفق النباتیة و من النباتات ما وصل إلی أفق الحیوانیة كالنخلة و إلیه الإشارة بقوله صلی اللّٰه علیه و آله أكرموا عمتكم النخلة و قال بعضهم أخری طبقات المعادن متصلة بأولی طبقات النباتات كما أن المرجان التی هی من المعادن ینمو فی قعر البحر و هو قریب من النباتات التی تنبت فی فصل الربیع و تذبل و تفنی سریعا و أخری طبقات النبات تتصل بأولی طبقة الحیوانات كالنخل فإنها شبیهة بالحیوان فی أنها إذا غرقت فی الماء أو تقطع رأسها تموت و لا تثمر كثیرا بدون اللقاح و رائحة طلعها شبیهة برائحة المنی و تعشق بعضها بعضا بحیث لا تحمل إلا إذا صب فیها من طلعه و یمیل بعضها إلی بعض و هی قریبة من الحیوانات المتولدة فی الأراضی الندیة كالخراطین و أشباهها و أخری طبقة الحیوانات تتصل بأفق الإنسان كالفیل و القردة فإنهما تتعلمان بأدنی تعلیم و فی كثیر من الصفات شبیهة بالإنسان و هی قریبة من بعض أفراد الإنسان كالسودان و الأتراك الذین لیس فیهم من الإنسانیة إلا الأكل و الشرب و النوم و السفاد.

ثم إنهم قالوا إن الأبخرة و الأدخنة المحتبسة فی باطن الأرض إذا كثرت یتولد منها ما مر من الرجفة و الزلزلة و انفجار العیون و إذا لم تكن كثیرة اختلطت علی ضروب من الاختلاطات المختلفة فی الكم و الكیف و المزج بحسب الأمكنة و الأزمنة و الإعدادات فتكون منها الأجسام المعدنیة بإذن اللّٰه تعالی و هی أول ما یحدث من المركبات العنصریة التامة المزاجیة ثم إذا غلب البخار علی الدخان

ص: 181

تتولد مثل الیشم و البلور و الزئبق و غیرها من الجواهر المشفة و إن غلب الدخان یتولد الملح و الزاج و الكبریت و النوشادر ثم من اختلاط بعض هذه مع بعض یتولد غیرها من المعادن و أصنافها خمسة لأنها إما ذائبة أو غیر ذائبة و الذائبة إما منطرقة أو غیر منطرقة و الغیر المنطرقة إما مشتعلة أو غیر مشتعلة و غیر الذائبة أما عدم ذؤبانه لفرط الرطوبة أو لفرط الیبوسة فأقسامها ذائب منطرق و ذائب مشتمل و ذائب غیر منطرق و لا مشتعل و غیر ذائب لفرط الرطوبة و غیر ذائب لفرط الیبوسة.

فالذائب المنطرق هو الجسم الذی انجمد فیه الرطب و الیابس بحیث لا یقدر النار علی تفریقهما مع بقاء دهنیة قویة بسببها یقبل ذلك الجسم الانطراق و هو الاندفاع فی السحق بانبساط یعرض للجسم فی الطول و العرض قلیلا دون انفصال شی ء و الذوبان سیلان الجسم بسبب تلازم رطبه و یابسه و المشهور من أنواع الذائب المنطرق سبعة الذهب و الفضة و الرصاص و الأسرب و الحدید و النحاس و الخارصینی و قیل الخارصینی هو جوهر شبیه بالنحاس یتخذ منها مرایا لها خواص و ذكر بعضهم أنه لا یوجد فی عهدنا(1) و الذی یتخذ منه المرایا و یسمی بالحدید الصینی و الهفتجوش فجوهر مركب من بعض الفلزات و لیس بالخارصینی و الذوبان فی غیر الحدید ظاهر و أما فی الحدید فیكون بالحیلة كما یعرفه أرباب الصنعة و شهدت الأمارات بأن مادة الأجساد السبعة الزئبق و الكبریت و اختلاف الأنواع و الأصناف عائد إلی اختلاف صفاتهما و اختلاطهما و تأثر أحدهما عن الآخر أما الأمارات فهی أنها سیما الرصاص یذوب إلی مثل الزئبق و الزئبق ینعقد برائحة الكبریت إلی مثل الرصاص و الزئبق یتعلق بهذه الأجساد و أما كیفیة تكون تلك الأجساد منهما فهی أنه إذا كان الزئبق و الكبریت صافیین و كان انطباخ أحدهما بالآخر تاما فإن كان الكبریت مع بقائه أبیض غیر محترق تكونت الفضة و إن كان أحمر و فیه قوة صباغة لطیفة غیر

ص: 182


1- 1. عصرنا( خ).

محترقة تكون الذهب و إن كانا نقیین و فی الكبریت قوة صباغة لكن وصل إلیه قبل كمال النضج برد مجمد عاقد تكون الخارصینی و إن كان الزئبق نقیا و الكبریت ردیا فإن كان مع الرداءة فیه قوة إحراقیة تكون النحاس و إن كان غیر شدید المخالطة بالزئبق بل متداخلا إیاه سافا فسافا تولد الرصاص و إن كان الزئبق و الكبریت ردیین فإن قوی التركیب و فی الزئبق تخلخل أرضی و فی الكبریت إحراق تكون الحدید و إن ضعف التركیب تكون الأسرب و یسمی الرصاص الأسود قال صاحب المواقف بعد إیراد مثل هذا التقسیم و أنت خبیر بأن القسمة غیر حاصرة و أن التكون علی هذا الوجه لا سبیل فیه إلی الیقین و لا یرجی له إلا الحدس و التخمین و إن سلم فتكونها علی غیر هذا الوجه مما لم یقم علی امتناعه دلیل كیف و المهوسون بالكیمیاء لهم فی الأجساد السبعة و الأرواح التی تفید الصورة الذهبیة و الفضیة تفنن و الكل عندنا للفاعل المختار من غیر إحالة علی شی ء مما ذكروه انتهی.

و الثانی أی الذائب المشتعل هو الجسم الذی فیه رطوبة دهنیة مع یبوسة غیر مستحكم المزاج و لذلك یقوی النار علی تفریق رطبه عن یابسه و هو الاشتعال و ذلك كالكبریت المتولد من مائیة تخمرت بالأرضیة و الهوائیة تخمرا شدیدا بالحرارة حتی صارت تلك المائیة دهنیة و انعقدت بالبرد و قیل دخانیة تخمر بها بخاریة تخمرا شدیدا بالحر حتی حصل فیها دهنیة ثم انعقدت بالبرد و كالزرنیخ و هو كذلك إلا أن الدهنیة فیه أقل.

و الثالث أی الذائب الذی لا ینطرق و لا یشتمل ما ضعف امتزاج رطبه و یابسه و كثرت رطبته المنعقدة بالحر و الیبس كالزاجات و تولدها من ملحیة و كبریتیة و حجارة و فیها قوة بعض الأجساد الذائبة و كالأملاح و تولدها من ماء خالطه دخان حار لطیف كثیر الناریة و انعقد بالیبس مع غلبة الأرضیة الدخانیة و لهذا یتخذ الملح من الرماد المحترق بالطبخ و التصفیة.

و الرابع أی الذی لا یذوب و لا ینطرق لرطوبته ما استحكم الامتزاج بین أجزائه الرطبة الغالبة و الأجزاء الیابسة بحیث لا یقول النار علی تفریقهما كالزئبق و هو مركب

ص: 183

من مائیة صافیة جدا خالطتها دخانیة كبریتیة لطیفة مخالطة شدیدة بحیث لا ینفصل منه سطح إلا و یغشاه من تلك الیبوسة شی ء فلذلك لا یعلق بالید و لا ینحصر انحصارا شدیدا بشكل ما یحویه و مثاله قطارات الماء الواقعة علی تراب فی غایة اللطافة فإنه یحیط بالقطرة سطح ترابی حاصر للماء كالغلاف له بحیث تبقی القطرة علی شكلها فی وجه التراب و إذا تلاقت قطرتان منهما فربما ینخرق الغلافان و یصیر الماءان فی غلاف واحد و بیاض الزئبق لصفاء المائیة و بیاض الأرضیة و ممازجة الهوائیة.

و الخامس أی الذی لا یذوب و لا ینطرق لیبوسة ما اشتد الامتزاج بین أجزائه الرطبة و الأجزاء الیابسة المستولیة بحیث لا یقدر النار علی تفریقهما مع إحالة البرد للمائیة إلی الأرضیة بحیث لا تبقی رطوبة حسیة دهنیة و لذا لا ینطرق و لما كان تعقده بالیبس لا یذوب إلا بالحیلة بحیث لا یبقی ذلك الجوهر بخلاف الحدید المذاب و ذلك كالیاقوت و اللعل و الزبرجد و نحو ذلك من الأحجار.

ثم إن من المعادن ما یتولد بالصنعة بتهیئة المواد و تكمیل الاستعداد كالنوشادر و الملح و إن منها ما یعمل له شبیه یعسر التمیز فی بادئ النظر كالذهب و الفضة و اللعل و كثیر من الأحجار المعدنیة و هل یمكن أن یعمل حقیقة هذه الجواهر بالصنعة من غیر جهة الإعجاز فذهب كثیر من العقلاء إلی أن تكون الذهب و الفضة بالصنعة واقع ذهب ابن سینا إلی أنه لم یظهر له إمكان فضلا عن الوقوع لأن الفصول الذاتیة التی بها تصیر هذه الأجساد أنواعا أمور مجهولة و المجهول لا یمكن إیجاده نعم یمكن أن یعمل النحاس بصبغ الفضة و الفضة بصبغ الذهب و أن یزال عن الرصاص أكثر ما فیه من النقص لكن هذه الأمور المحسوسة یجوز أن لا تكون هی الفصول بل عوارض و لوازم و أجیب بأنا لا نسلم اختلاف الأجسام بالفصول و الصور النوعیة بل هی متماثلة لا تختلف إلا بالعوارض التی یمكن زوالها بالتدبیر و لو سلم فإن أرید بمجهولیة الصور النوعیة و الفصول الذاتیة أنها مجهولة من كل وجه فممنوع كیف و قد علم أنها مباد لهذه الخواص و الأعراض و إن أرید أنها مجهولة بحقائقها و تفاصیلها فلا نسلم أن الإیجاد موقوف علی العلم بذلك و أنه لا یكفی العلم بجمیع

ص: 184

المواد علی وجه حصل الظن بفیضان الصور عنده لأسباب لا تعلم علی التفصیل كالحیة من الشعر و العقرب من البادروج و نحو ذلك و كفی بصنعة التریاق و ما فیه من الخواص و الآثار شاهدا علی إمكان ذلك نعم الكلام فی الوقوع و فی العلم بجمیع المواد و تحصیل الاستعداد و لهذا جعل الكیمیاء فی اسم بلا مسمی.

أقول: و یظهر من بعض الأخبار تحققه لكن علم غیر المعصوم به غیر معلوم و من رأینا و سمعنا ممن یدعی علم ذلك منهم أصحاب خدیعة و تدلیس و مكر و تلبیس و لا یتبعهم إلا مخدوع و صرف العمر فیه لا یُسْمِنُ وَ لا یُغْنِی مِنْ جُوعٍ.

«13»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَوْ فَطَنُوا طَالِبُوا الْكِیمِیَاءِ لِمَا فِی الْعَذِرَةِ لَاشْتَرَوْهَا بِأَنْفَسِ الْأَثْمَانِ وَ غَالَبُوا بِهَا.

«14»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی سُوقِ النُّحَاسِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا النُّحَاسُ أَیْشٍ (1) أَصْلُهُ فَقَالَ فِضَّةٌ إِلَّا أَنَّ الْأَرْضَ أَفْسَدَتْهَا فَمَنْ قَدَرَ عَلَی أَنْ یُخْرِجَ الْفَسَادَ مِنْهَا انْتَفَعَ بِهَا(2).

«15»- الْمُجَازَاتُ النَّبَوِیَّةِ لِلرَّضِیِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْجَبَلِ ظُهُورُهَا حِرْزٌ وَ بُطُونُهَا كَنْزٌ.

قال السید رحمه اللّٰه هذا القول خارج عن طریق المجاز لأن بطون الجبل علی الحقیقة كنز و إنما أراد أن أصحابها یستخرجون منها من الأفلاذ ما تنمی به أموالهم و تحسن معه أحوالهم و ظهورها حرز أراد أنها منجاة من المعاطب و ملجأة عند المهارب.

«16»- الْخَرَائِجُ، رَوَی أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْحَلَّالُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ مِنْ هَذَا صَاحِبِ الرَّقَّةِ قَالَ لَیْسَ عَلَیَّ مِنْهُ بَأْسٌ إِنَّ لِلَّهِ بِلَاداً تُنْبِتُ الذَّهَبَ قَدْ حَمَاهَا بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ بِالذَّرِّ فَلَوْ أَرَادَتْهَا الْفِیَلَةُ مَا وَصَلَتْ إِلَیْهَا

ص: 185


1- 1. فی المصدر: أی شی ء.
2- 2. الكافی: ج 5، ص 307.

قَالَ الْوَشَّاءُ إِنِّی سَأَلْتُ عَنْ هَذِهِ الْبِلَادِ وَ قَدْ سَمِعْتُ الْحَدِیثَ قَبْلَ مَسْأَلَتِی فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ بَیْنَ الْبَلْخِ وَ التُّبَّتِ وَ أَنَّهَا تُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ فِیهَا نَمْلٌ كِبَارٌ أَشْبَاهُ الْكِلَابِ عَلَی حلقها قلس لا [خَلْقِهَا فَلَیْسَ] یَمُرُّ بِهَا الطَّیْرُ فَضْلًا عَنْ غَیْرِهِ تَكْمُنُ بِاللَّیْلِ فِی جُحْرِهَا وَ تَظْهَرُ بِالنَّهَارِ فَرُبَّمَا غَزَوُا الْمَوْضِعَ عَلَی الدَّوَابِّ الَّتِی تَقْطَعُ ثَلَاثِینَ فَرْسَخاً فِی لَیْلَةٍ لَا یُعْرَفُ شَیْ ءٌ مِنَ الدَّوَابِّ یَصْبِرُ صَبْرَهَا فَیُوقِرُونَ أَحْمَالَهُمْ وَ یَخْرُجُونَ فَإِذَا النَّمْلُ خَرَجَتْ فِی الطَّلَبِ فَلَا تَلْحَقُ شَیْئاً إِلَّا قَطَعَتْهُ فَتَشْبَهُ بِالرِّیحِ مِنْ سُرْعَتِهَا وَ رُبَّمَا شَغَلُوهُمْ (1) بِاللَّحْمِ یَتَّخِذُ لَهَا إِذَا لَحِقَتْهُمْ یَطْرَحُ لَهَا فِی الطَّرِیقِ إِنْ لَحِقَتْهُمْ قَطَعَتْهُمْ وَ دَوَابَّهُمْ.

بیان: الرقة بلد علی الفرات و المراد بصاحبها هارون لأنه كان فی تلك الأیام فیها و القلس حبل ضخم من لیف أو خوص أو غیرهما و كأنه وصف المشبه به أی الكلاب المعلمة.

«17»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ قَالَ: قِیلَ لِلرِّضَا علیه السلام إِنَّكَ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَ السَّیْفُ یَقْطُرُ دَماً فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ وَادِیاً مِنْ ذَهَبٍ حَمَاهُ بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ النَّمْلِ فَلَوْ رَامَتْهُ الْبَخَاتِیُّ لَمْ تَصِلْ إِلَیْهِ.

«18»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِی هَذِهِ الْمَعَادِنِ وَ مَا یُخْرَجُ مِنْهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُخْتَلِفَةِ مِثْلِ الْجِصِّ وَ الْكِلْسِ وَ الْجِبْسِینِ وَ الزَّرَانِیخِ وَ الْمَرْتَكِ وَ القوینا(2)

وَ الزِّئْبَقِ وَ النُّحَاسِ وَ الرَّصَاصِ وَ الْفِضَّةِ وَ الذَّهَبِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ الْیَاقُوتِ وَ الزُّمُرُّدِ وَ ضُرُوبِ الْحِجَارَةِ وَ كَذَلِكَ مَا یُخْرَجُ مِنْهَا مِنَ الْقَارِ وَ الْمُومِیَا وَ الْكِبْرِیتِ وَ النِّفْطِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِمَّا یَسْتَعْمِلُهُ النَّاسُ فِی مَآرِبِهِمْ فَهَلْ یَخْفَی عَلَی ذِی عَقْلٍ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا ذَخَائِرُ ذُخِرَتْ لِلْإِنْسَانِ فِی هَذِهِ الْأَرْضِ لِیَسْتَخْرِجَهَا فَیَسْتَعْمِلَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَیْهَا ثُمَّ قَصُرَتْ حِیلَةُ النَّاسِ عَمَّا حَاوَلُوا مِنْ صَنْعَتِهَا عَلَی حِرْصِهِمْ وَ اجْتِهَادِهِمْ فِی ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَوْ ظَفِرُوا بِمَا حَاوَلُوا مِنْ هَذَا الْعِلْمِ كَانَ لَا مَحَالَةَ سَیَظْهَرُ وَ یَسْتَفِیضُ فِی الْعَالَمِ حَتَّی تَكْثُرَ الْفِضَّةُ وَ الذَّهَبُ وَ یَسْقُطَا عِنْدَ النَّاسِ فَلَا یَكُونَ لَهُمَا

ص: 186


1- 1. شغلوها( ظ).
2- 2. القوبنا( خ).

قِیمَةٌ وَ یَبْطُلَ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا فِی الشِّرَی وَ الْبَیْعِ وَ الْمُعَامَلَاتِ وَ لَا كَانَ یَجْبِی السُّلْطَانُ الْأَمْوَالَ وَ لَا یَدَّخِرَهُمَا أَحَدٌ لِلْأَعْقَابِ وَ قَدْ أُعْطِیَ النَّاسُ مَعَ هَذَا صَنْعَةَ الشَّبَهِ مِنَ النُّحَاسِ وَ الزُّجَاجِ مِنَ الرَّمْلِ وَ الْفِضَّةِ مِنَ الرَّصَاصِ وَ الذَّهَبِ مِنَ الْفِضَّةِ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مَضَرَّةَ

فِیهِ فَانْظُرْ كَیْفَ أُعْطُوا إِرَادَتَهُمْ فِی مَا لَا ضَرَرَ فِیهِ وَ مُنِعُوا ذَلِكَ فِی مَا كَانَ ضَارّاً لَهُمْ لَوْ نَاوَلُوهُ وَ مَنْ أَوْغَلَ فِی الْمَعَادِنِ انْتَهَی إِلَی وَادٍ عَظِیمٍ یَجْرِی مُنْصَلِتاً بِمَاءٍ غَزِیرٍ لَا یُدْرَكُ غَوْرُهُ وَ لَا حِیلَةَ فِی عُبُورِهِ وَ مِنْ وَرَائِهِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ مِنَ الْفِضَّةِ تَفَكَّرِ الْآنَ فِی هَذَا مِنْ تَدْبِیرِ الْخَالِقِ الْحَكِیمِ فَإِنَّهُ أَرَادَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ یُرِی الْعِبَادَ مَقْدُرَتَهُ (1)

وَ سَعَةَ خَزَائِنِهِ لِیَعْلَمُوا أَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ یَمْنَحَهُمْ كَالْجِبَالِ مِنَ الْفِضَّةِ لَفَعَلَ لَكِنْ لَا صَلَاحَ لَهُمْ فِی ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَیَكُونُ فِیهَا كَمَا ذَكَرْنَا سُقُوطُ هَذَا الْجَوْهَرِ عِنْدَ النَّاسِ وَ قِلَّةُ انْتِفَاعِهِمْ بِهِ وَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ یَظْهَرُ الشَّیْ ءُ الطَّرِیفُ مِمَّا یُحْدِثُهُ النَّاسُ مِنَ الْأَوَانِی وَ الْأَمْتِعَةِ فَمَا دَامَ عَزِیزاً قَلِیلًا فَهُوَ نَفِیسٌ جَلِیلٌ آخِذُ الثَّمَنِ فَإِذَا فَشَا وَ كَثُرَ فِی أَیْدِی النَّاسِ سَقَطَ عِنْدَهُمْ وَ خَسَّتْ قِیمَتُهُ وَ نَفَاسَةُ الْأَشْیَاءِ مِنْ عِزَّتِهَا.

بیان: الكلس بالكسر الصاروج و الجبس بالكسر الجص و فی أكثر النسخ الجبسین و لم أجده فی ما عندنا من كتب اللغة لكن فی لغة الطب كما فی أكثر النسخ و المرتك كمقعد المرداسنج و القوبنا بالباء الموحدة أو الیاء المثناة من تحت و لم أجدهما فی كتب اللغة لكن فی القاموس القونة القطعة من الحدید أو الصفر یرقع بها الإناء و فی بعض النسخ و التوتیاء و فی كتب اللغة أنه حجر یكتحل به و القار القیر و جبی الخراج جبایة جمعه و الإیغال المبالغة فی الدخول و الذهاب و انصلت مضی و سبق.

تتمیم نفعه عمیم

اعلم أن الذی یستفاد من الآیات المتظافرة و الأخبار المتواترة هو أن تأثیره سبحانه فی الممكنات لا یتوقف علی المواد و الاستعدادات و إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً

ص: 187


1- 1. قدرته( ظ).

أَنْ یَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ (1) و هو سبحانه جعل للأشیاء منافع و تأثیرات و خواص أودعها فیها و تأثیراتها مشروطة بإذن اللّٰه تعالی و عدم تعلق إرادته القاهرة بخلافها كما أنه أجری عادته بخلق الإنسان من اجتماع الذكر و الأنثی و تولد النطفة منهما و قرارها

فی رحم الأنثی و تدرجها علقة و مضغة و هكذا فإذا أراد غیر ذلك فهو قادر علی أن یخلق من غیر أب كعیسی و من غیر أم أیضا كآدم و حواء و كخفاش عیسی و طیر إبراهیم و غیر ذلك من المعجزات المتواترة عن الأنبیاء فی إحیاء الموتی و جعل الإحراق فی النار فلما أراد غیر ذلك قال للنار كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ و جعل الثقیل یرسب فی الماء و ینحدر من الهواء فأظهر قدرته بمشی كثیر علی الماء و رفعهم إلی السماء و جعل فی طبع الماء الانحدار فأجری حكمه علیه بأن تقف أمثال الجبال منه فی الهواء حتی تعبر بنو إسرائیل من البحر و مع عدم القول بذلك لا یمكن تصدیق شی ء من

ص: 188


1- 1. لا بأس بتذییل لهذا التتمیم یجعل نفعه أعم و فائدته أتم، فنقول: هناك أمور لا مجال للارتیاب فیها لمن له قدم فی العلوم الإلهیّة: ( الأول) كل ما سوی اللّٰه تعالی مخلوق له محتاج إلیه فی جمیع شئونه الوجودیة، سواء فی ذلك الشئون العلمیة و الارادیة و غیرها. ( الثانی) ان اللّٰه تعالی غنی عن جمیع ما سواه و لا یحتاج إلی غیره فی شی ء أصلا، و لیس لقدرته تعالی حدّ و نهایة، فهو القادر علی كل أمر ممكن فی ذاته و لیس لقدرته علی شی ء من الأشیاء شرط و لا مانع، سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَصِفُونَ. ( الثالث) كل ممكن فی ذاته یستوی نسبته إلی الوجود و العدم، و لا بدّ فی ترجح أحدهما من مرجح و هذا حكم ضروری لا یكاد یشك فیه عاقل فضلا عن الإنكار اللّٰهمّ الا من لم یتصور طرفی القضیة أو عرض له شبهة لم یستطع دفعها أو مكابر ینكر باللسان ما یعترف به قلبا. و هذا أساس جل براهین التوحید بل المعارف الحقة. ( الرابع) طریق معرفة العلل و المرجحات- سوی ما یعرفه الإنسان وجدانا و بالضرورة اختبار ارتباط وجود شی ء بشی ء و كشف حدود ذاك الارتباط، و هذا من معرفة صنع اللّٰه تعالی و كشف مجاری مشیئته فی خلقه، لا من باب كشف شرائط قدرته تعالی علی الأشیاء فتفطن. و من الواضح ان معرفة سبب ما لشی ء لا تنفی سببیة شی ء آخر له و قد ثبت فی محله ان هذا لیس. من صدور الواحد من الكثیر لمكان تعدّد الحیثیات و لا اظن أن یرتاب أحد فی سببیة الأسباب و العلل لمسبباتها و معلولاتها و ارتباط الثانیة بالاولی ارتباطا ذاتیا وجودیا إلّا ان تعرض شبهة لمن لا یستطیع علی حلها كالاشاعرة حیث قالوا بان عادة اللّٰه جرت علی ایجاد شی ء عقیب شی ء آخر دون ان یرتبط به ارتباطا وجودیا، و التزموا بذلك زعما منهم ان القول بالعلیة و ارتباط المعلول بالعلة ینافی التوحید، و جهلا بأن هذا منهم هدم لاساس التوحید و إنكار لسنة اللّٰه تعالی فی خلقه. ( الخامس) كل علة غیر الواجب تعالی لیس مستقلا فی التأثیر كما أنّه لیس مستقلا فی الوجود، فكما انها تحتاج فی ذاتها إلی علة اخری حتّی تنتهی إلی الواجب تبارك و تعالی فكذا فی أفعالها و جمیع شئونها فما من اثر وجودی فی شی ء من الأشیاء من حیث هو اثر وجودی إلّا و هو مستند إلی اللّٰه تعالی قبل استناده إلی سائر علله و یشهد لهذا المعنی آیات كثیرة جدا نسب فیها أفعال العباد و المخلوقات إلی اللّٰه تعالی أو انیط فیها تأثیر الأشیاء باذن اللّٰه تعالی و مشیئته، لكن استناد الافعال و الآثار إلی اللّٰه سبحانه لا یوجب صلب انتسابها إلی عللها المتوسطة و تأثیر العلل باذن ربها، فاستناد خلق الإنسان إلی اللّٰه تعالی لا ینافی توسط ملائكة و تأثیر اسباب و معدات بل یستلزمها، لا لانه سبحانه یحتاج إلیها و قدرته علی الخلق یتوقف علیها بل لان مرتبة الفعل هی التی تقتضی ذلك، فكل معلول له مرتبة تخصه و حدود یتشخص بها بحیث لو تبدل بعضها إلی بعض لانقلب إلی شی ء آخر، كما ان كل عدد له مرتبة خاصّة لا یتقدم علیها و لا یتأخر عنها و إلّا لانقلب إلی عدد آخر، و فیض الوجود مطلق لا یقید من ناحیة ذات المفیض تعالی بشی ء بل مجاری الفیض هی التی تحدده حتّی تتقدر باقدار خاصّة تسعها ظروف المعالیل المتأخرة« وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ» فتقدره انما هو عند نزوله و اما عنده تعالی فالخزائن التی لا تتناهی و قد جرت سنته تعالی باجراء الأمور من أسبابها فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِیلًا. وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِیلًا. نعم، من الأسباب ما یكون واضحا و كیفیة تأثیره و شرائطه معروفة و منها ما یكون خفیا لا یطلع علیها إلّا الخواص بعد جهد بالغ و تجارب كثیرة، و منها ما یكون غیر عادی لا یستطاع الحصول علیه إلّا لمن شاء اللّٰه تعالی فربما یدعی من لا یعرف هذین النوعین من الأسباب انحصار سبب شی ء فی ما هو الواضح المتعارف، كما كان الناس یزعمون استحالة كثیر من الأمور التی حصلت الیوم ببركة العلم الحدیث، و كما كان كثیر من الاقوام یزعمون استحالة حدوث بعض الآیات قبل مشاهدتها و یسندونها إلی سحر الاعین بعد رؤیتها. لكن العقل السلیم لا یأبی وجود أسباب خفیة علی الناس و غیر طائعة لهم كما لا ینكر تأثیر نفوس قدسیة بأمر اللّٰه تعالی و لا یعد المعجزات و خوارق العادات تجویزا للمحال و لا ناقضا لقانون العلیة، لكن یأبی استناد الحوادث أیاما كانت بلا واسطة إلی اللّٰه تعالی لاستلزام ذلك اختلال سلسلة العلل و المعالیل و تقدر الفیض من غیر مقدر و الترجح بلا مرجح و أمّا مرجحیة إرادة اللّٰه تعالی و مقدریتها للفیض فالارادة ان فرضت حادثة فی ذاته سبحانه استلزمت صیرورة الذّات محلا للحوادث و معرضا للكیفیات- جل و تعالی عن ذلك علوا كبیرا- و ان فرضت حادثة فی خارج ذاته كانت مخلوقه له محتاجة إلی إرادة اخری متسلسلة و تغییر العبارة و التعبیر بالمشیئة لا یحل المشكلة و ان فرضت قدیمة لزم انفكاك المعلول عن العلة و أمّا الإرادة المنتزعة عن مقام الفعل فمنشأ انتزاعها نفس الفعل فلا تكون مرجحة له و هذا لیس بمعنی اشتراط قدرته تعالی علی الفعل بحصول الأسباب و اجتماع الشرائط و استعداد المواد، فان قدرته تعالی لیست محدودة بشی ء و لا متوقفة علی شی ء، بل بمعنی نقص المقدور و محدودیته ذاتا و تأخره عن علله رتبة و ارتباطه بها ثبوتا، و بعبارة اخری المعلول الخاص هو الذی یكون محدودا بحدود و قیود خاصّة و إلا لم یكن ذاك المعلول لا أن اللّٰه تعالی لا یكون قادرا علی ایجاد هذا المعلول إلّا بهذه الخصوصیات كما انه لا ینافی تكون الأشیاء بنفس امر اللّٰه تعالی، فان أمره یوجب وجودها فی ظروفها و. علی حدودها، و تعین الحدود و القیود من شئون الموجود بأمر اللّٰه تعالی لا من قیود أمره و ایجاده فافهم. إذا عرفت هذه الأمور علمت ان قواعد الفلسفة لا تنفی خوارق العادات و تكون الأشیاء من غیر طریق أسبابها المتعارفة، كما لا توجب محدودیة قدرته تعالی و توقفها علی حصول استعدادات للمواد، و ان انكر ذلك منكر فلا یعاب به علی القواعد العقلیّة كما لا یعاب بغلط المحاسب علی قواعد الحساب، فنفس القواعد امر و اجراؤها فی مواردها امر آخر. و اللّٰه یهدی من یشاء إلی صراط مستقیم.

المعجزات الیقینیة المتواترة عن الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و كذا جری عادته علی انعقاد الجواهر فی المعادن بأسباب من المؤثرات الأرضیة و السماویة لبعض المصالح فإذا أراد إظهار كمال قدرته و رفع شأن ولیه یجعل الحصا فی كفه دفعة جوهرا ثمینا و الحدید فی ید نبیه عجینا و یخرج الأجساد البالیة دفعة من التراب فی یوم الحساب فهذه كلها و أمثالها لا تستقیم مع الإذعان بقواعدهم الفاسدة و آرائهم الكاسدة.

و قال بعضهم حذرا من التشهیر و التفكیر إعادة النفس إلی بدن مثل بدنها الذی كان لها فی الدنیا مخلوق من سنخ هذا البدن بعد مفارقتها عنه فی القیامة كما نطقت

ص: 189

به الشریعة ممكن غیر مستحیل و لا استبعاد أیضا فیها و لا یلزم أن یكون حدوث لیاقته و استعداده لتعلقها مما یحصل له شیئا فشیئا ككونه أولا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم طفلا إلی تمام الخلقة حسب ما یقتضیه التوالد و التناسل فإن ذلك نحو خاص من الحدوث و الحدوث لا ینحصر للإنسان فی هذا النحو لجواز أن یتكون دفعة تاما كاملا لأجل خصوصیة بعض الأزمنة و الأوقات و الأوضاع الفلكیة ترجح إرادة اللّٰه

ص: 190

تعالی (1)

فی إیجاد الناس و تكوین أجسادهم دفعة واحدة و نفخ أرواحهم فی أجسادهم المتكونة نفخة واحدة بتوسط بعض ملائكته فرد اللّٰه تعالی بواسطة واهب الصور تلك الصور إلی موادها لحصول المزاج الخاص مرة أخری كما تتكون ألوف كثیرة من أصناف الحیوانات كالذباب و غیرها فی الصیف من العفونات تكونا دفعیا و لا یلزم أن یكون نحو التعلق واحدا فی المبدإ و الإعادة بل یجوز أن یكون التعلق الأخری إلی البدن علی وجه لا یكون مانعا من حصول الأفعال الغریبة و الآثار العجیبة و مشاهدة أمور غیبیة لم یكن من شأن النفس مشاهدتها إیاها فی النشأة الدنیویة و كذا اقتدارها علی إیجاد صور عجیبة غریبة حسنة أو قبیحة مناسبة لأوصافها و أخلاقها انتهی و أنت تعلم إذا تأملت فی مجاری كلامه أنه مع إعمال التقیة فیه لوح إلی مرامه و نقل بعض قدماء الأطباء عن جالینوس فی بیان تشریح الأعضاء و فوائدها أنه قال و شعر الحاجبین أیضا مما لم یقصر فیه و لم یتوان عنه و هو و الأشفار دون سائر الشعر جعل له مقدار یقف عنده فلا یطول أكثر منه و أما شعر الرأس و اللحیة فإنه یطول كثیرا و السبب فی ذلك أن شعر الرأس و اللحیة له منفعتان إحداهما تغطیة ما تحته من الأعضاء و سترها و الأخری إفناء الفضول الغلیظة و منفعته من جهة التغطیة و الستر تختلف علی وجوه شتی و ذلك لأن حاجتنا إلی التغطیة و الستر تختلف بقدر اختلاف

ص: 191


1- 1. لا یخفی ما فی هذه العبارة، فارادة اللّٰه تعالی قاهرة للأشیاء لا مقهورة لها و مترجحة بها، إلّا أن یكون مراده ما أشرنا إلیه سابقا.

الأسنان و أزمان السنة و البلدان و إخراج البدن لأن حاجة الرجل التام إلی طول الشعر لیست كحاجة الصبی الصغیر إلی ذلك و لا كحاجة الشیخ الفانی و لا كحاجة المرأة و كذلك أیضا لیست الحاجة إلی طول الشعر فی الصیف و الشتاء سواء و لا فی البلاد

الحارة و الباردة و لا حاجة من كانت عینه معتلة من الرمد أو كان رأسه یصدع إلی ذلك كحاجة من هو صحیح البدن لا علة به فاحتیج لذلك أن نكون نحن نجعل طول الشعر فی الأوقات المختلفة بأقدار مختلفة بحسب ما یوافق كل وقت منها و أما الحاجبان و الأشفار فإنه إن زید فیه أو نقص منه فسدت منفعته و ذاك أن الأشفار تحوط العین بمنزلة الجدار لیحجب عنها و یمنع من أن یسقط فیها شی ء من الأجرام الصغار إذا كانت مفتوحة و شعر الحاجبین جعل یلقی ما ینحدر من الرأس قبل وصوله إلی العین بمنزلة الصور المانع فمتی قصرت من طوله أو قللت من عدده أكثر مما ینبغی كان ما یدخل علی منفعته من الفساد بحسب ما ینقص من المقدار الذی یحتاج إلیه و ذاك أن الأشفار حینئذ تطلق ما قد كانت تمنعه قبل النقصان من الوصول إلی العین و شعر الحاجبین یرسل ما قد كان یحبسه و یمنعه من الوصول إلی العین من الأشیاء التی تسیل من الرأس فإن أنت طولت هذا الشعر و كثرته فوق المقدار الذی ینبغی لم یقم حینئذ للعین مقام الحاجب و لا مقام السور المانع لكنه یغطی العین و یعلو علیها حتی یصیر منه فی مثل حبس ضیق و ذاك أنه یستر الحدقة و یحجبها حتی تظلم و الحدقة أحوج الحواس كلها إلی أن لا تحجب و لا یحال بینها و بین ما یدركه البصر و إذا كان الأمر علی ما وصفت فما الذی ینبغی أن نقول فیه أ نقول إن الخالق أمر هذا الشعر أن یبقی علی مقدار واحد و لا یطول أكثر منه و إن الشعر قبل ذلك الأمر فأطاع فیبقی لا یخالف ما أمر به إما للفزع و الخوف من المخالفة لأمر اللّٰه و إما للمجاملة و الاستحیاء من اللّٰه الذی أمره بهذا الأمر و إما لأن الشعر نفسه یعلم أن هذا أولی به و أحمد من فعله أما موسی فهذا رأیه فی الأشیاء الطبیعیة و هذا الرأی عندی أحمد و أولی أن یتمسك به من رأی أفیقورس إلا أن الأجود الإضراب عنهما جمیعا و الاحتفاظ بأن اللّٰه هو مبدئ خلق

ص: 192

كل شی ء كما قال موسی و زیادة المبدإ الذی من المادة فإن خالقنا إنما جعل الأشفار و شعر الحاجبین یحتاج أن یبقی علی مقدار واحد من الطول لأن هكذا كان أوفق و أصلح فلما علم أن هذا الشعر كان ینبغی أن یجعل علی هذا جعل تحت الأشفار جرما صلبا یشبه الغضروف یمتد فی طول الجفن و فرش تحت الحاجبین جلدة صلبة ملزقة بغضروف الحاجبین و ذلك (1)

أنه لم یكن یكتفی فی بقاء الشعر علی مقدار واحد من الطول بأن یشاء الخالق أن یكون هكذا كما أنه لو شاء أن یجعل الحجر دفعه إنسانا لم یكن ذلك بممكن و الفرق فی ما بین إیمان موسی و إیماننا و أفلاطون و سائر الیونانیین هو هذا موسی یزعم أنه یكتفی بأن یشاء اللّٰه أن یزین المادة و یهیئها لا غیر فیتزین و یتهیأ علی المكان و ذاك أنه یظن أن الأشیاء كلها ممكنة عند اللّٰه فإنه لو شاء اللّٰه أن یخلق من الرماد فرسا أو ثورا دفعة لفعل و أما نحن فلا نعرف هذا و لكنا نقول إن من الأشیاء أشیاء فی أنفسها غیر ممكنة و هذه الأشیاء لا یشاء اللّٰه أصلا أن تكون و إنما یشاء أن تكون الأشیاء الممكنة و أیضا لا یختار إلا أجودها و أوفقها و أفضلها و لذا لما كان الأصلح و الأوفق للأشفار و شعر الحاجبین أن یبقی علی مقداره من الطول علی عدده الذی هو علیه دائما أبدا لسنا نقول فی هذا الشعر إن اللّٰه إنما شاء أن یكون علی ما هو علیه فصار من ساعته علی ما شاء اللّٰه و ذاك أنه لو شاء ألف ألف مرة أن یكون هذا الشعر علی هذا لم یكن ذلك أبدا بعد أن یجعل منشؤه من جلدة رخوة إلا أنه لو لم یغرس أصول الشعر فی جرم صلب لكان مع ما یتغیر كثیر مما هو علیه لا یبقی أیضا قائما منتصبا و إذا كان هذا هكذا فإنا نقول إن اللّٰه سبب لأمرین أحدهما اختیار أجود الحالات و أصلحها و أوفقها لما یفعل و الثانی اختیار المادة الموافقة و من ذلك أنه لما كان الأصلح و الأجود أن

یكون شعر الأشفار قائما منتصبا و أن یدوم بقاؤه علی حالة واحدة فی مقدار طوله و فی عدده جعل مغرس الشجر و مركزه فی جرم صلب و لو أنه غرسه فی جرم رخو لكان أجهل من موسی و أجهل من قائد جیش سخیف یضع أساس سور مدینة أو حصنه

ص: 193


1- 1. ذاك( خ).

علی أرض رخوة غارقة بالماء و كذلك بقاء شعر الحاجبین و دوامه علی حالة واحدة إنما جاء من قبل اختیاره للمادة و كما أن العشب و سائر النبات ما كان منه ینبت فی أرض رطبة سمینة خصبة فإنه یطول و ینشأ نشوءا حسنا و ما كان منه فی أرض صخریة جافة فإنه لا ینمو و لا یطول كذلك أحد الأمرین انتهی كلامه ضاعف اللّٰه عذابه و انتقامه.

و أقول قد لاح من الكلام الردی ء المشتمل علی الكفر الجلی أمور الأول ما أسلفنا من أن الأنبیاء المخبرین عن وحی السماء لم یقولوا بتوقف تأثیر الصانع تعالی شأنه علی استعداد المواد و لا استحالة تعلق إرادته بإیجاد شی ء من شی ء بدون مرور زمان أو إعداد و له أن یخلق كل شی ء كان من أی شی ء أراد.

الثانی أن الحكماء لم یكونوا یعتقدون نبوة الأنبیاء و لم یؤمنوا بهم و إنهم یزعمون أنهم أصحاب نظر و أصحاب آراء مثلهم یخطئون و یصیبون و لم یكن علومهم مقتبسة من مشكاة أنوارهم كما زعمه أتباعهم.

الثالث أنهم كانوا منكرین لأكثر معجزات الأنبیاء علیهم السلام فإن أكثرها مما عدوها من المستحیلات الرابع أنهم كانوا فی جمیع الأعصار معارضین لأرباب الشرائع و الدیانات كما هم فی تلك الأزمنة كذلك (1).

ص: 194


1- 1. من الناس من یفرط فی حسن الظنّ بفلاسفة الیونان لا سیما الاقدمین منهم، و یظن أن علومهم مأخوذة من الأنبیاء- علیهم السلام- بل یظن أن فیهم من كان نبیا، ثمّ یتعب نفسه فی تفسیر الكلمات المنقولة عنهم و المترجمة من كتبهم و تأویلها بما یوافق الحق فی زعمه و منهم من یفرط فی حقهم بل فی حقّ من سمی فیلسوفا من علماء الإسلام، و یتهم فلاسفة الإسلام أیضا بأنهم أدخلوا انفسهم فی المسلمین لیضیعوا علیهم دینهم و یفسدوا علیهم عقائدهم! و ربما یقع التصارع بین الطرفین فیتمسك كل منهما لاثبات مدعاه بما لا یلیق التمسك به للمحققین. و لعمری كلاهما خارجان عن طور العدل و الحكم بالقسط، و الذی نری لزوم التنبیه علیه امور، 1- ان وقوع الاختلاف الكثیر بین الفلاسفة منذ العهد الاقدم دلیل علی أن كل رأی. من كل فیلسوف لیس بحیث یعد وحیا منزلا و نصا محكما یستحق بذل الجهود فی تفسیره و تأویله و التوفیق بینه و بین آراء سائر الحكماء و تطبیقه علی المعارف الدینیة الحقیقیة. «2»- ان كثیرا من مدارك التأیید و الطعن ینتهی إلی ما ترجم عن كتب لا یعرف مؤلّفها و مصنفها، و لا یوثق بناقلها و مترجمها، مثل ما ینسبه طبیب إلی جالینوس، أو شكاك إلی سقراط! فربما ینسب كتاب إلی فیلسوف و یترجم بما انه حاك عن آراء مكتب خاصّ من المكاتب الفلسفیة ثمّ بعد حین یشكك فی النسبة و فی الترجمة و ینسب إلی فیلسوف آخر من مكتب مخالف للمكتب الأول، و یلتمس له شواهد و قرائن ربما لا تترجح علی شواهد النسبة الأولی. و ما ندری لعله لعبت بكثیر من هذه التراجم أیدی خائنة، أو حرفتها أقلام قاصرة أو مقصرة، أضف إلی ذلك عویصة الاصطلاحات العلمیة و نقلها إلی لسان آخر. فكیف نعتمد علی مثلها فی تعظیم رجال أو تحطیمهم؟ لا سیما إذا انجر الامر إلی تقدیسهم و الحكم بلزوم اتباعهم و الاقتداء بهم بما أنهم أئمة المعرفة و أصحاب الكشف و الیقین، او الی تكفیرهم و الحكم علیهم بالخلود فی النار و مضاعفة العذاب! 3- انه لو سلم إلحاد متفلسف و انكاره للشرائع و النبوات فلیس ذلك بحیث یسری إلحاده إلی كل من سمی فیلسوفا حتّی و ان كان مصرحا بتصدیق الأنبیاء ثمّ یجب علینا ان لا نقصر فی. قدحه و الطعن علیه دون أن نحمل كلامه علی التقیة من المسلمین و الخوف من التكفیر و التشهیر و الحاصل أن الحكم لیس دائرا مدار الاسم، فلیس طعن فقیه علی الفلاسفة الملحدین دلیلا علی بطلان رأی كل فیلسوف فی كل عصر و فی كل مسألة، كما ان تجلیل حكیم للفلاسفة الالهیین لا یصیر دلیلا علی حقیة جمیع آراء الفلاسفة فی جمیع الأزمنة و الامكنة! و الحق أحق أن یتبع أینما وجد. «4»- ان الذی ثبت من مدح الفلاسفة الالهیین أنهم رفعوا لواء التوحید فی عهد و فی أرض كان یسیطر فكرة الشرك و الوثنیة علی القلوب، و وجهوا أنظار الجمهور إلی ما وراء الطبیعة بینما كان ائمة الكفر یدعون الناس إلی الطبیعة و الدهر، و قادوا بالهمم إلی العالم الأبدی و حیاة الآخرة حینما كانت تقصر علی العالم المادی و تخلد إلی الأرض و الحیاة الدنیا. و إذا كانت علوم الطب و الهندسة و امثالها ترتضع من ثدی النبوّة فلا غروان تكون منشأ تلك المعارف العالیة تعالیم رجال الوحی و ان وقع فیها بعد حین تحریف او سوء تعبیر و تفسیر. و أمّا أنهم هل كانوا یدینون دین الحق، أو كانوا یرفضون دعوة الأنبیاء و یجحدون الحق بعد ما تمت علیهم الحجة و قامت علیهم البینة، أو كانوا مختلفین فی ذلك، فذلك ممّا لم یتحقّق لنا بعد و لعلّ من یصر علی أنهم ملحدون جاحدون للحق و یدعو علیهم بمضاعفة العذاب له حجة علی مدعاه، و اللّٰه علیم بذات الصدور. نستعیذ باللّٰه تعالی من لحن القول و لهو الحدیث و نسأله التوفیق لملازمة الحق و سواء الطریق.

قال الشیخ المفید قدس سره فی كتاب المقالات أقول إن الطباع معان تحل الجسم یتهیأ بها للانفعال كالبصر و ما فیه من الطبیعة التی بها یتهیأ لحلول الحس فیه و الإدراك ثم قال و إن ما یتولد بالطبع فإنما هو لمسببه بالفعل فی المطبوع و إنه لا فعل علی الحقیقة لشی ء من الطباع و هذا مذهب أبی القاسم الكعبی و هو خلاف مذهب المعتزلة فی الطباع و خلاف الفلاسفة الملحدین أیضا فی ما ذهبوا إلیه من أفعال الطباع ثم قال قد ذهب كثیر من الموحدین إلی أن الأجسام كلها مركبة من الطبائع الأربع و هی الحرارة و البرودة و الرطوبة و الیبوسة و احتجوا فی ذلك بانحلال كل جسم إلیها و بما یشاهدونه من استحالتها كاستحالة الماء بخارا و البخار ماء و الموات حیوانا و الحیوان مواتا و وجود الناریة و المائیة و الهوائیة و الترابیة فی كل جسم و إنه لا ینفك جسم من الأجسام من ذلك و لا یعقل علی خلافه و لا ینحل إلا إلیه و هذا ظاهر مكشوف لست أجد لدفعه حجة أعتمد علیها و لا أراه مفسدا لشی ء من التوحید أو العدل أو الوعید أو النبوات أو الشرائع فاطرحه لذلك بل

ص: 195

هو مؤید للدین مؤكد لأدلة اللّٰه تعالی علی ربوبیته و حكمته و توحیده و ممن دان به من رؤساء المتكلمین النظام و ذهب إلیه البلخی و من اتبعه فی المقال.

و قال الشیخ الرضی أمین الدین الطبرسی نور اللّٰه مرقده فی مجمع البیان فی تفسیر سورة الفیل بعد إیراد القصة المشهورة و فیه حجة لائحة قاصمة لظهور الفلاسفة و الملحدین و المنكرین للآیات الخارقة للعادات فإنه لا یمكن نسبة شی ء مما ذكره اللّٰه من أمر أصحاب الفیل إلی طبع و غیره كما نسبوا الصیحة و الریح العقیم و الخسف و غیرها مما أهلك اللّٰه تعالی به الأمم الخالیة إلی ذلك إذ لا یمكنهم أن یروا فی أسرار الطبیعة إرسال جماعات من الطیر معها أحجار معدة مهیأة لهلاك أقوام معینین قاصدات إیاهم دون من سواهم فترمیهم بها حتی تهلكهم و تدمر علیهم لا یتعدی ذلك إلی غیرهم و لا یشك من له مسكة من عقل و لب أن هذا لا یكون إلا من فعل اللّٰه

ص: 196

تعالی مسبب الأسباب و مذلل الصعاب و لیس لأحد أن ینكر هذا لأن نبینا صلی اللّٰه علیه و آله لما قرأ هذه السورة علی أهل مكة لم ینكروا ذلك بل أقروا به و صدقوه مع شدة حرصهم علی تكذیبه و اعتنائهم بالرد علیه و كانوا قریبی العهد بأصحاب الفیل فلو لم یكن لذلك عندهم حقیقة و أصل لأنكروه و جحدوه و كیف و أنهم قد أرخوا بذلك كما أرخوا ببناء الكعبة و موت قصی بن كعب و غیر ذلك و قد أكثر الشعراء ذكر الفیل و نظموه و نقلته الرواة عنهم.

و أقول هذه الجنایة علی الدین و تشهیر كتب الفلاسفة بین المسلمین من بدع خلفاء الجور المعاندین لأئمة الدین لیصرفوا الناس عنهم و عن الشرع المبین و یدل علی ذلك ما ذكره الصفدی فی شرح لامیة العجم أن المأمون لما هادن بعض ملوك النصاری أظنه صاحب جزیرة قبرس طلب منهم خزانة كتب الیونان و كانت عندهم مجموعة فی بیت لا یظهر علیه أحد فجمع الملك خواصه من ذوی الرأی و استشارهم فی ذلك فكلهم أشار بعدم تجهیزها إلیه إلا مطران واحد فإنه قال جهزها إلیهم ما دخلت هذه العلوم علی دولة شرعیة إلا أفسدتها و أوقعت الاختلاف بین علمائها و قال فی موضع آخر أن المأمون لم یبتكر النقل و التعریب أی لكتب الفلاسفة بل نقل قبله كثیر فإن یحیی بن خالد بن برمك عرب من كتب الفرس كثیرا مثل كلیلة و دمنة و عرب لأجله كتاب المجسطی من كتب الیونان و المشهور أن أول من عرب كتب الیونان خالد بن یزید بن معاویة لما أولع بكتب الكیمیاء و یدل علی أن الخلفاء و أتباعهم كانوا مائلین إلی الفلسفة و أن یحیی البرمكی كان محبا لهم ناصرا لمذهبهم ما رواه الكشی بإسناده عن یونس بن عبد الرحمن قال كان یحیی بن خالد البرمكی قد وجد علی هشام شیئا من طعنه علی الفلاسفة فأحب أن یغری به هارون و یضربه علی القتل ثم ذكر قصة طویلة فی ذلك أوردناها فی باب أحوال أصحاب الكاظم علیه السلام و فیها أنه أخفی هارون فی بیته و دعا هشاما لیناظر العلماء و جروا الكلام إلی الإمامة و أظهر الحق فیها و أراد هارون قتله فهرب و مات من ذلك الخوف رحمه اللّٰه و عد أصحاب الرجال من كتبه كتاب الرد علی أصحاب الطبائع و كتاب

ص: 197

الرد علی أرسطاطالیس فی التوحید و عد الشیخ منتجب الدین فی فهرسه من كتب قطب الدین الراوندی كتاب تهافت الفلاسفة و عد النجاشی من كتب الفضل بن شاذان كتاب رد علی الفلاسفة و هو من أجلة الأصحاب و طعن علیهم الصدوق رحمه اللّٰه فی مفتتح كتاب إكمال الدین و قال الرازی عند تفسیر قوله تعالی فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ فیه وجوه ثم ذكر من جملة الوجوه أن یرید علم الفلاسفة و الدهریین من بنی یونان و كانوا إذا سمعوا بوحی اللّٰه صغروا علم الأنبیاء إلی علمهم و عن سقراط أنه سمع بموسی علیه السلام و قیل له أ و هاجرت إلیه فقال نحن قوم مهذبون فلا حاجة إلی من یهذبنا و قال الرازی فی المطالب العالیة أظن أن قول إبراهیم لأبیه یا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا یَسْمَعُ وَ لا یُبْصِرُ وَ لا یُغْنِی عَنْكَ شَیْئاً إنما كان لأجل أن أباه كان علی دین الفلاسفة و كان ینكر كونه تعالی قادرا و ینكر كونه تعالی عالما بالجزئیات فلا جرم خاطبه بذلك الخطاب.

باب 35 نادر

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً إِلَّا وَ قَدْ أَمَّرَ عَلَیْهِ آخَرَ یَغْلِبُهُ بِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی

لَمَّا خَلَقَ السَّحَابَ (1)

فَخَرَتْ وَ زَخَرَتْ وَ قَالَتْ أَیُّ شَیْ ءٍ یَغْلِبُنِی فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْفُلْكَ فَأَدَارَهَا بِهَا وَ ذَلَّلَهَا ثُمَّ إِنَّ الْأَرْضَ فَخَرَتْ وَ قَالَتْ أَیُّ شَیْ ءٍ یَغْلِبُنِی فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَأَثْبَتَهَا فِی ظَهْرِهَا أَوْتَاداً مَنَعَهَا مِنْ أَنْ تَمِیدَ بِمَا عَلَیْهَا فَذَلَّتْ وَ اسْتَقَرَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْجِبَالَ فَخَرَتْ عَلَی الْأَرْضِ فَشَمَخَتْ وَ اسْتَطَالَتْ وَ قَالَتْ أَیُّ شَیْ ءٍ یَغْلِبُنِی فَخَلَقَ اللَّهُ الْحَدِیدَ فَقَطَعَهَا فَقَرَّتِ الْجِبَالُ وَ ذَلَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْحَدِیدَ فَخَرَ عَلَی الْجِبَالِ وَ قَالَ

ص: 198


1- 1. فی المصدر« البحار» و هو الصواب ظاهرا.

أَیُّ شَیْ ءٍ یَغْلِبُنِی فَخَلَقَ اللَّهُ النَّارَ فَأَذَابَتِ الْحَدِیدَ فَذَلَّ الْحَدِیدُ ثُمَّ إِنَّ النَّارَ زَفَرَتْ وَ شَهَقَتْ وَ فَخَرَتْ وَ قَالَتْ أَیُّ شَیْ ءٍ یَغْلِبُنِی فَخَلَقَ الْمَاءَ فَأَطْفَأَهَا فَذَلَّتْ ثُمَّ إِنَّ الْمَاءَ فَخَرَ وَ زَخَرَ وَ قَالَ أَیُّ شَیْ ءٍ یَغْلِبُنِی فَخَلَقَ الرِّیحَ فَحَرَّكَتْ أَمْوَاجَهُ وَ أَثَارَتْ مَا فِی قَعْرِهِ وَ حَبَسَتْهُ عَنْ مَجَارِیهِ فَذَلَّ الْمَاءُ ثُمَّ إِنَّ الرِّیحَ فَخَرَتْ وَ عَصَفَتْ وَ أَرْخَتْ أَذْیَالَهَا وَ قَالَتْ أَیُّ شَیْ ءٍ یَغْلِبُنِی فَخَلَقَ الْإِنْسَانَ فَاحْتَالَ وَ اتَّخَذَ مَا یَسْتَتِرُ بِهِ مِنَ الرِّیحِ وَ غَیْرِهَا فَذَلَّتِ الرِّیحُ ثُمَّ إِنَّ الْإِنْسَانَ طَغَی وَ قَالَ مَنْ أَشَدُّ مِنِّی قُوَّةً فَخَلَقَ الْمَوْتَ فَقَهَرَهُ فَذَلَّ الْإِنْسَانُ ثُمَّ إِنَّ الْمَوْتَ فَخَرَ فِی نَفْسِهِ فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لَا تَفْخَرْ فَإِنِّی أَذْبَحُكَ (1) بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ ثُمَّ لَا أُحْیِیكَ أَبَداً فَذَلَّ وَ خَافَ (2).

بیان: فخلق اللّٰه الفلك فأدارها بها لعل المعنی أن الأفلاك بأجرامها النیرة مسلطة علی السحاب تبعثها و تثیرها و تدنیها(3)

و تفرقها و قد مر بروایة الكلینی هكذا و ذلك أن اللّٰه تبارك و تعالی لما خلق البحار السفلی فخرت و زخرت و قالت أی شی ء یغلبنی فخلق الأرض فسطحها علی ظهرها فذلت ثم إن الأرض فخرت إلی آخر الخبر و هو الظاهر بل لا یستقیم ما فی الخصال كما لا یخفی و قد سبق شرح الخبر فی الباب الأول.

«2»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی مَا سَأَلَ رَسُولُ مُعَاوِیَةَ لِأَسْئِلَةِ مَلِكِ الرُّومِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ وَ أَمَّا عَشَرَةُ أَشْیَاءَ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَأَشَدُّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَجَرُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ الْحَدِیدُ یُقْطَعُ بِهِ الْحَجَرُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْحَدِیدِ النَّارُ تُذِیبُ الْحَدِیدَ وَ أَشَدُّ مِنَ النَّارِ الْمَاءُ یُطْفِئُ النَّارَ وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَاءِ السَّحَابُ یَحْمِلُ الْمَاءَ وَ أَشَدُّ مِنَ السَّحَابِ الرِّیحُ یَحْمِلُ السَّحَابَ وَ أَشَدُّ مِنَ الرِّیحِ الْمَلَكُ الَّذِی یُرْسِلُهَا وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَلَكِ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِی یُمِیتُ الْمَلَكَ وَ أَشَدُّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ الْمَوْتُ الَّذِی یُمِیتُ مَلَكَ الْمَوْتِ وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَمْرُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ

ص: 199


1- 1. فی المصدر: ذابحك.
2- 2. الخصال: 58.
3- 3. تذیبها( خ).

الَّذِی یُمِیتُ الْمَوْتَ (1).

«3»- كِتَابُ الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ، عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَیُّ [شَیْ ءِ] خَلْقِ اللَّهِ أَشَدُّ قَالَ إِنَّ أَشَدَّ خَلْقِ اللَّهِ عَشَرَةٌ الْجِبَالُ الرَّوَاسِی وَ الْحَدِیدُ تُنْحَتُ بِهِ الْجِبَالُ وَ النَّارُ تَأْكُلُ الْحَدِیدَ وَ الْمَاءُ یُطْفِئُ النَّارَ وَ السَّحَابُ الْمُسَخَّرُ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ تَحْمِلُ الْمَاءَ وَ الرِّیحُ تَقِلُّ السَّحَابَ وَ الْإِنْسَانُ یَغْلِبُ الرِّیحَ یَتَّقِیهَا بِیَدَیْهِ وَ یَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ وَ السُّكْرُ یَغْلِبُ الْإِنْسَانَ وَ النَّوْمُ یَغْلِبُ السُّكْرَ وَ الْهَمُّ یَغْلِبُ النَّوْمَ فَأَشَدُّ خَلْقِ رَبِّكَ الْهَمُّ.

«4»- الْعِلَلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِیسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ الْعُمَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الذَّرَّ الَّذِی یَدْخُلُ فِی كُوَّةِ الْبَیْتِ فَقَالَ إِنَّ مُوسَی علیه السلام لَمَّا قَالَ رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنِ اسْتَقَرَّ الْجَبَلُ لِنُورِی فَإِنَّكَ سَتَقْوَی عَلَی أَنْ تَنْظُرَ إِلَیَّ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَقِرَّ فَلَا تُطِیقُ إِبْصَارِی لِضَعْفِكَ فَلَمَّا تَجَلَّی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِلْجَبَلِ تَقَطَّعَ ثَلَاثَ قِطَعٍ فَقِطْعَةٌ ارْتَفَعَتْ فِی السَّمَاءِ وَ قِطْعَةٌ غَاضَتْ تَحْتَ الْأَرْضِ وَ قِطْعَةٌ تَفَتَّتْ فَهَذَا الذَّرُّ مِنْ ذَلِكَ الْغُبَارِ غُبَارِ الْجَبَلِ (2).

بیان: هذا الخبر علی تقدیر صحته و صدوره عن الإمام لعل المعنی أن له أیضا مدخلیة فی تلك الذرات فی بعض البلاد أو كلها بأن تكون تفرقت بقدرة اللّٰه تعالی فی جمیع البلاد.

ص: 200


1- 1. الخصال: 58.
2- 2. علل الشرائع: ج 2، ص 183.

باب 36 الممدوح من البلدان و المذموم منها و غرائبها

الآیات:

یونس: وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِی إِسْرائِیلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ (1)

الأنبیاء: وَ نَجَّیْناهُ وَ لُوطاً إِلَی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها لِلْعالَمِینَ (2) و قال تعالی وَ لِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عاصِفَةً تَجْرِی بِأَمْرِهِ إِلی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها(3)

المؤمنون: وَ آوَیْناهُما إِلی رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِینٍ (4)

القصص: آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً إلی قوله تعالی فَلَمَّا أَتاها نُودِیَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَیْمَنِ فِی الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ یا مُوسی إِنِّی أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ (5)

سبأ: بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ وَ رَبٌّ غَفُورٌ إلی قوله تعالی وَ جَعَلْنا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها قُریً ظاهِرَةً(6)

النازعات: إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً (7)

البلد: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ(8)

التین: وَ التِّینِ وَ الزَّیْتُونِ وَ طُورِ سِینِینَ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِینِ (9)

تفسیر:

مُبَوَّأَ صِدْقٍ أی مكانا محمودا حسنا و هو بیت المقدس و الشام و

ص: 201


1- 1. یونس: 93.
2- 2. الأنبیاء: 71.
3- 3. الأنبیاء: 81.
4- 4. المؤمنون: 50.
5- 5. القصص: 29- 30.
6- 6. سبأ: 15- 18.
7- 7. النازعات: 16.
8- 8. البلد: 1- 2.
9- 9. التین 1- 3.

قیل یرید به مصر و قال علی بن إبراهیم ردهم إلی مصر و غرق فرعون (1) وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ أی النعم اللذیذة إِلَی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها لِلْعالَمِینَ قیل هی أرض الشام أی نجینا إبراهیم و لوطا من كوثا إلی الشام و إنما قال بارَكْنا فِیها لأنها بلاد خصب و قیل إلی أرض بیت المقدس لأن بها مقام الأنبیاء و الحاصل أن أكثر أنبیاء بنی إسرائیل بعثوا فی الشام و بیت المقدس فانتشرت فی العالمین شرائعهم التی هی مبادئ الخیرات الدینیة و الدنیویة و قیل نجاهما إلی مكة كما قال إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدیً لِلْعالَمِینَ (2) روی ذلك عن ابن عباس إِلَی الْأَرْضِ الَّتِی بارَكْنا فِیها و هی أرض الشام لأنها كانت مأواه كما ذكره المفسرون وَ آوَیْناهُما أی عیسی و أمه إِلی رَبْوَةٍ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی جعلنا مأواهما مكانا مرتفعا مستویا واسعا و الربوة هی الرملة من فلسطین عن أبی هریرة و قیل دمشق عن سعید بن المسیب و قیل مصر عن ابن زید و قیل بیت المقدس عن قتادة و كعب قال كعب و هی أقرب الأرض إلی السماء و قیل هی حیرة الكوفة و سوادها و القرار مسجد الكوفة و المعین الفرات عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قیل ذاتِ قَرارٍ أی ذات موضع قرار أی هی أرض مستویة یستقر علیها ساكنوها و قیل ذات ثمار لأنه لأجل الثمار یستقر فیها ساكنوها وَ مَعِینٍ ماء جار و ظاهر للعیون (3).

فِی الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه هی البقعة التی قال فیها لموسی فَاخْلَعْ نَعْلَیْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً و إنما كانت مباركة لأنها معدن الوحی و الرسالة و كلام اللّٰه تعالی و قیل مباركة كثیرة(4) الثمار و الأشجار و الخیر و النعم بها و الأول أصح (5) انتهی و أقول

رُوِیَ فِی التَّهْذِیبِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ:

ص: 202


1- 1. تفسیر القمّیّ: 292.
2- 2. آل عمران: 96.
3- 3. مجمع البیان: ج 7، ص 108.
4- 4. فی المجع: لكثرة الاشجار و الاثمار.
5- 5. مجمع البیان: ج 7، ص 251.

شاطِئِ الْوادِ الْأَیْمَنِ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی الْقُرْآنِ هُوَ الْفُرَاتُ وَ الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ هِیَ كَرْبَلَاءُ.

بَلْدَةٌ طَیِّبَةٌ قیل أی هذه بلدة نزهة أرضها عذبة تخرج النبات و لیست بسبخة و لیس فیها شی ء من الهوام المؤذیة و قیل أراد به صحة هوائها و عذوبة مائها و سلامة تربتها و أنه لیس فیها حر یؤذی فی القیظ و برد یؤذی فی الشتاء وَ بَیْنَ الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها أی بالتوسعة علی أهلها أو بما مر و هی قری الشام و فی تفسیر علی بن إبراهیم هی مكة(1) قُریً ظاهِرَةً أی متواصلة یظهر بعضها لبعض و قد مر تأویل الْقُرَی الَّتِی بارَكْنا فِیها بالأئمة علیهم السلام و القری الظاهرة برواة أخبارهم و فقهاء شیعتهم و السیر بالعلم آمِنِینَ من الشك و الضلال بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ أی المطهر طُویً اسم الوادی الذی كلم اللّٰه فیه موسی علیه السلام.

لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أجمع المفسرون علی أن هذا قسم بالبلد الحرام وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ و أنت یا محمد مقیم به و هو محلك و هذا تنبیه علی أن شرف البلد بشرف من حل فیه من الرسول الداعی إلی توحیده و إخلاص عبادته و بیان أن تعظیمه له و قسمه به لأجله صلی اللّٰه علیه و آله و لكونه حالا فیه كما سمیت المدینة طیبة لأنها طابت به حیا و میتا و قیل معناه لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ و أنت حل فیه منتهك الحرمة فلم یبق للبلد حرمة حیث هتك حرمتك عن أبی مسلم

وَ هُوَ مَرْوِیٌّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَتْ قُرَیْشٌ تُعَظِّمُ الْبَلَدَ وَ تَسْتَحِلُّ مُحَمَّداً فِیهِ فَقَالَ لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ یُرِیدُ أَنَّهُمُ اسْتَحَلُّوكَ فِیهِ فَكَذَّبُوكَ وَ شَتَمُوكَ وَ كَانُوا لَا یَأْخُذُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فِیهِ قَاتِلَ أَبِیهِ وَ یَتَقَلَّدُونَ لِحَاءَ شَجَرِ الْحَرَمِ فَیَأْمَنُونَ بِتَقْلِیدِهِمْ إِیَّاه فَاسْتَحَلُّوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا لَمْ یَسْتَحِلُّوا مِنْ غَیْرِهِ فَعَابَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ (2).

و قال قدس سره فی قوله سبحانه وَ التِّینِ وَ الزَّیْتُونِ أقسم اللّٰه سبحانه بالتین الذی یؤكل و الزیتون الذی یعصر منه الزیت عن ابن عباس و غیره و قیل التین الجبل

ص: 203


1- 1. تفسیر القمّیّ: 538.
2- 2. مجمع البیان: ج 10، ص 492.

الذی علیه دمشق و الزیتون الجبل الذی علیه بیت المقدس عن قتادة و قال عكرمة هما جبلان و إنما سمیا بهما لأنهما نبتا(1)

بهما و قیل التین مسجد دمشق و الزیتون بیت المقدس عن كعب الأحبار و غیره و قیل التین مسجد نوح علیه السلام الذی بنی علی الجودی و الزیتون بیت المقدس عن ابن عباس و قیل التین مسجد الحرام و الزیتون المسجد الأقصی عن الضحاك وَ طُورِ سِینِینَ یعنی الجبل الذی كلم اللّٰه علیه موسی علیه السلام عن الحسن و سینین و سیناء واحد و قیل إن سینین معناه المبارك الحسن كأنه قیل جبل الخیر

الكثیر لأنه إضافة تعریف عن مجاهد و قتادة و قیل معناه كثیر النبات و الشجر عن عكرمة و قیل إن كل جبل فیه شجر مثمر(2) فهو سینین و سیناء بلغة النبط عن مقاتل

و روی عن موسی بن جعفر علیه السلام وَ طُورِ سِینَاءَ.

وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِینِ یعنی مكة البلد الحرام یأمن فیه الخائف فی الجاهلیة و الإسلام فالأمین بمعنی المؤمن مؤمن (3)

من یدخله و قیل هو بمعنی الآمن و یؤیده قوله أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً(4).

«1»- الْكَشِّیُّ، قَالَ وَجَدْتُ بِخَطِّ جَبْرَئِیلَ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مَیْمُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنَ الْبَصْرَةِ قَامَ عَلَی أَطْرَافِهَا ثُمَّ قَالَ لَعَنَكِ اللَّهُ یَا أَنْتَنَ الْأَرْضِ تُرَاباً وَ أَسْرَعَهَا خَرَاباً وَ أَشَدَّهَا عَذَاباً فِیكَ الدَّاءُ الدَّوِیُّ قِیلَ مَا هُوَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ كَلَامُ الْقَدَرِ الَّذِی فِیهِ الْفِرْیَةُ عَلَی اللَّهِ وَ بُغْضُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ فِیهِ سَخَطُ اللَّهِ وَ سَخَطُ نَبِیِّهِ وَ كِذْبُهُمْ عَلَیْنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ اسْتِحْلَالُهُمُ الْكَذِبَ عَلَیْنَا.

«2»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، وَ الْخِصَالُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ (5) إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ

ص: 204


1- 1. فی المصدر: ینبتان.
2- 2. فیه: و ثمر.
3- 3. فی المصدر: یؤمن.
4- 4. مجمع البیان: ج 10، ص 510.
5- 5. كذا فی الخصال، و رواها فی المعانی عن أبیه عن محمّد بن یحیی العطار، عن محمّد بن أحمد بن خالد عن أبی عبد اللّٰه الرازیّ- الخ-

مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنَ الْبُلْدَانِ أَرْبَعَةً فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ التِّینِ وَ الزَّیْتُونِ وَ طُورِ سِینِینَ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِینِ فَالتِّینُ الْمَدِینَةُ وَ الزَّیْتُونُ بَیْتُ الْمَقْدِسِ وَ طُورُ سِینِینَ الْكُوفَةُ وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِینِ مَكَّةُ الْخَبَرَ(1).

بیان: لعله إنما كنی عن المدینة بالتین لوفوره و جودته فیها أو لكونها من أشارف البلاد كما أن التین من أفاضل الثمار كما سیأتی و كنی عن الكوفة بطور سینین لأن ظهرها و هو النجف كان محل مناجاة سید الأوصیاء كما أن الطور كان محل مناجاة الكلیم أو لأن الجبل الذی سأل علیه موسی الرؤیة فتقطع وقع جزء منه هناك كما ورد فی بعض الأخبار أو أنه لما أراد ابن نوح أن یعتصم بهذا الجبل تقطع فصار بعضها فی طور سیناء أو أنه هو طور سیناء حقیقة و غلط فیه المفسرون و اللغویون

«1»- كَمَا رَوَی الشَّیْخُ فِی التَّهْذِیبِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی وَصِیَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ أَخْرِجُونِی إِلَی الظَّهْرِ فَإِذَا تَصَوَّبَتْ أَقْدَامُكُمْ وَ اسْتَقْبَلَتْكُمْ رِیحٌ فَادْفِنُونِی وَ هُوَ أَوَّلُ طُورِ سَیْنَاءَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ.

«3»- الْمَجَالِسُ، لِابْنِ الشَّیْخِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی فَاخِتَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بَكَتْ عَلَیْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِیهِنَّ وَ مَا بَیْنَهُنَّ وَ مَنْ یَتَقَلَّبُ فِی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ مَا یُرَی وَ مَا لَا یُرَی إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ الْبَصْرَةَ وَ دِمَشْقَ وَ آلَ الْحَكَمِ بْنِ الْعَاصِ الْخَبَرَ.

بیان: بكاء البلاد و البقاع بكاء أهلها و ظهور آثار الحزن فیهم.

«4»- الْعِلَلُ،: فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ أَكْرَمِ وَادٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ لَهُ وَادٍ یُقَالُ لَهُ سَرَانْدِیبُ (2)

سَقَطَ فِیهِ آدَمُ مِنَ السَّمَاءِ وَ

ص: 205


1- 1. معانی الأخبار: 365، الخصال: 105.
2- 2. سرندیب( خ).

سَأَلَهُ عَنْ شَرِّ وَادٍ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَقَالَ وَادٍ بِالْیَمَنِ یُقَالُ لَهُ بَرَهُوتُ وَ هُوَ مِنْ أَوْدِیَةِ جَهَنَّمَ (1).

بیان: قال فی النهایة فی حدیث علی شر بئر فی الأرض برهوت هی بفتح الباء و الراء بئر عمیقة بحضرموت لا یستطاع النزول إلی قعرها و قیل برهوت بضم الباء و سكون الراء فتكون تاؤها علی الأول زائدة و علی الثانی أصلیة أخرجه الهروی عن علی و أخرجه الطبرانی فی المعجم عن ابن عباس عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قال الفیروزآبادی برهوت واد و بئر بحضرموت انتهی و كونه من أودیة جهنم لشباهته بها و لتعذیب أرواح الكفار فیه كما ورد فی الأخبار و یحتمل أن یكون لجهنم طریق إلیه.

«5»- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ وَ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ الضَّرِیرِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: سِتَّةَ عَشَرَ صِنْفاً مِنْ أُمَّةِ جَدِّی لَا یُحِبُّونَّا وَ لَا یُحَبِّبُونَّا إِلَی النَّاسِ إِلَی أَنْ قَالَ وَ أَهْلُ مَدِینَةٍ تُدْعَی سِجِسْتَانَ هُمْ لَنَا أَهْلُ عَدَاوَةٍ وَ نَصْبٍ وَ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ عَلَیْهِمْ مِنَ الْعَذَابِ مَا عَلَی فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ وَ قَارُونَ وَ أَهْلُ مَدِینَةٍ تُدْعَی الرَّیَّ هُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ أَعْدَاءُ رَسُولِهِ وَ أَعْدَاءُ أَهْلِ بَیْتِهِ یَرَوْنَ حَرْبَ أَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جِهَاداً وَ مَا لَهُمْ مَغْنَماً وَ لَهُمْ عَذَابُ الْخِزْیِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذابٌ مُقِیمٌ وَ أَهْلُ مَدِینَةٍ تُدْعَی الْمَوْصِلَ هُمْ شَرُّ مَنْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ أَهْلُ مَدِینَةٍ تُسَمَّی الزَّوْرَاءَ تُبْنَی فِی آخِرِ الزَّمَانِ یَسْتَشْفُونَ بِدِمَائِنَا وَ یَتَقَرَّبُونَ بِبُغْضِنَا یُوَالُونَ فِی عَدَاوَتِنَا وَ یَرَوْنَ حَرْبَنَا فَرْضاً وَ قِتَالَنَا حَتْماً یَا بُنَیَّ فَاحْذَرْ هَؤُلَاءِ ثُمَّ احْذَرْهُمْ فَإِنَّهُ لَا یَخْلُو اثْنَانِ مِنْهُمْ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِكَ إِلَّا هَمُّوا بِقَتْلِهِ الْخَبَرَ(2).

بیان: الموصل بفتح المیم و سكون الواو معروف و الزوراء یطلق علی دجلة

ص: 206


1- 1. العلل: ج 2، ص 282.
2- 2. الخصال: 96.

بغداد و علی بغداد لأن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة و یمكن أن تتبدل أحوال أهل هذه البلاد باختلاف الأزمنة و یكون ما ذكر فی الخبر حالهم فی ذلك الزمان.

«6»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْوَرَّاقِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ الْفَضْلِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مُقْبِلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ حَمَلَنِی جَبْرَئِیلُ عَلَی كَتِفِهِ الْأَیْمَنِ فَنَظَرْتُ إِلَی بُقْعَةٍ بِأَرْضِ الْجَبَلِ حَمْرَاءَ أَحْسَنَ لَوْناً مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَ أَطْیَبَ رِیحاً مِنَ الْمِسْكِ فَإِذَا فِیهَا شَیْخٌ عَلَی رَأْسِهِ بُرْنُسٌ فَقُلْتُ لِجَبْرَئِیلَ مَا هَذِهِ الْبُقْعَةُ الْحَمْرَاءُ الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ لَوْناً مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَ أَطْیَبُ رِیحاً مِنَ الْمِسْكِ قَالَ بُقْعَةُ شِیعَتِكَ وَ شِیعَةِ وَصِیِّكَ عَلِیٍّ فَقُلْتُ مَنِ الشَّیْخُ صَاحِبُ الْبُرْنُسِ قَالَ إِبْلِیسُ قُلْتُ فَمَا یُرِیدُ مِنْهُمْ قَالَ یُرِیدُ أَنْ یَصُدَّهُمْ عَنْ وَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَدْعُوَهُمْ إِلَی الْفِسْقِ وَ الْفُجُورِ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ أَهْوِ بِنَا إِلَیْهِمْ فَأَهْوَی بِنَا إِلَیْهِمْ أَسْرَعَ مِنَ الْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَ الْبَصَرِ اللَّامِحِ فَقُلْتُ قُمْ یَا مَلْعُونُ فَشَارِكْ أَعْدَاءَهُمْ فِی أَمْوَالِهِمْ وَ أَوْلَادِهِمْ وَ نِسَائِهِمْ فَإِنَّ شِیعَتِی وَ شِیعَةَ عَلِیٍّ لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطَانٌ فَسُمِّیَتْ قُمَ (1).

بیان: البرنس قلنسوة طویلة كان النساك یلبسونها فی صدر الإسلام ذكره الجوهری.

«7»- الْإِخْتِصَاصُ، رَوَی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ نَظَرْتُ إِلَی قُبَّةٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ لَهَا أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ وَ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ كَأَنَّهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ أَخْضَرَ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ مَا هَذِهِ الْقُبَّةُ الَّتِی لَمْ أَرَ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ أَحْسَنَ مِنْهَا فَقَالَ حَبِیبِی مُحَمَّدٌ هَذِهِ صُورَةُ مَدِینَةٍ یُقَالُ لَهَا قُمُّ یَجْتَمِعُ فِیهَا عِبَادُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ یَنْتَظِرُونَ مُحَمَّداً وَ شَفَاعَتَهُ لِلْقِیَامَةِ وَ الْحِسَابِ یَجْرِی عَلَیْهِمُ الْغَمُّ وَ الْهَمُّ وَ الْأَحْزَانُ وَ الْمَكَارِهُ قَالَ فَسَأَلْتُ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیَّ علیه السلام مَتَی یَنْتَظِرُونَ الْفَرَجَ قَالَ إِذَا ظَهَرَ الْمَاءُ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ (2).

ص: 207


1- 1. العلل: ج 2، ص 259.
2- 2. الاختصاص: 101.

تاریخ قم، عن أبی مقاتل الدیلمی عنه علیه السلام: مثله بیان المراد به إما ظهور الماء فی أصل البلد أو لم یكن فی هذا الزمان فیه ماء جار أصلا كما ذكر فی تاریخ قم مبدأ حدوث الوادی بقم و إنه كانت فیه قنوات و لم یكن فیه نهر جار.

«8»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَیْنِیِّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمْرُ مُعَاوِیَةَ وَ أَنَّهُ فِی مِائَةِ أَلْفٍ قَالَ مِنْ أَیِّ الْقَوْمِ قَالُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ لَا تَقُولُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ لَكِنْ قُولُوا مِنْ أَهْلِ الشُّومِ هُمْ أَبْنَاءُ مِصْرَ لُعِنُوا عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ علیه السلام فَجَعَلَ اللَّهُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِیرَ الْخَبَرَ(1).

بیان: یمكن الجمع بین الآیات و الأخبار الواردة فی مدح الشام و مصر و ذمه بما أومأنا إلیه سابقا من اختلاف أحوال أهله فی الأزمان فإنه كان فی أول الزمان محل الأنبیاء و الصلحاء فكان من البلاد المباركة الشریفة فلما صار أهله من أشقی الناس و أكفرهم صار من شر البلاد كما أن یوم عاشوراء كان من الأیام المتبركة كما یظهر من بعض الأخبار فلما قتل فیه الحسین علیه السلام صار من أنحس الأیام.

«9»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَیْهِ السَّلَامُ إِنَّ أَهْلَ مِصْرَ یَزْعُمُونَ أَنَّ بِلَادَهُمْ مُقَدَّسَةٌ قَالَ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ یُحْشَرُ مِنْ جِیلِهِمْ سَبْعُونَ أَلْفاً یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ قَالَ لَا لَعَمْرِی مَا ذَاكَ كَذَلِكَ وَ مَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ إِلَّا أَدْخَلَهُمْ مِصْرَ وَ لَا رَضِیَ عَنْهُمْ إِلَّا أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا إِلَی غَیْرِهَا وَ لَقَدْ أَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَی مُوسَی علیه السلام أَنْ یُخْرِجَ عِظَامَ یُوسُفَ مِنْهَا فَاسْتَدَلَّ مُوسَی عَلَی مَنْ یَعْرِفُ الْقَبْرَ فَدُلَّ عَلَی امْرَأَةٍ عَمْیَاءَ زَمِنَةٍ فَسَأَلَهَا مُوسَی أَنْ تَدُلَّهُ عَلَیْهِ فَأَبَتْ إِلَّا عَلَی خَصْلَتَیْنِ فَیَدْعُو اللَّهَ فَیُذْهِبَ زَمَانَتَهَا وَ یُصَیِّرَهَا مَعَهُ فِی الْجَنَّةِ فِی الدَّرَجَةِ الَّتِی هُوَ فِیهَا فَأَعْظَمَ ذَلِكَ مُوسَی فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ

ص: 208


1- 1. تفسیر القمّیّ: 596.

وَ مَا یَعْظُمُ عَلَیْكَ مِنْ هَذَا أَعْطِهَا مَا سَأَلَتْ فَفَعَلَ فَتَوَعَّدَتْهُ (1)

طُلُوعَ الْقَمَرِ فَحَبَسَ اللَّهُ الْقَمَرَ حَتَّی جَاءَ مُوسَی لِمَوْعِدِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنَ النِّیلِ فِی سَفَطِ مَرْمَرٍ فَحَمَلَهُ مُوسَی علیه السلام وَ لَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تَغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ بِطِینِهَا وَ لَا تَأْكُلُوا فِی فَخَّارِهَا فَإِنَّهُ یُورِثُ الذِّلَّةَ وَ یُذْهِبُ الْغَیْرَةَ قُلْنَا لَهُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ نَعَمْ (2).

العیاشی، عن علی بن أسباط عن الرضا علیه السلام: مثله.

«10»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَرَضَ وَلَایَتَنَا عَلَی أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَلَمْ یَقْبَلْهَا إِلَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ.

بیان: أی قبولا كاملا كما فی الخبر الآتی.

«11»- الْبَصَائِرُ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ عُتَیْبَةَ بَیَّاعِ الْقَصَبِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ وَلَایَتَنَا عُرِضَتْ عَلَی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ الْأَمْصَارِ مَا قَبِلَهَا قَبُولَ أَهْلِ الْكُوفَةِ.

«12»- النهج، [نهج البلاغة] مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام: فِی ذِكْرِ الْكُوفَةِ كَأَنِّی بِكِ یَا كُوفَةُ تُمَدِّینَ مَدَّ الْأَدِیمِ الْعُكَاظِیِّ تُعْرَكِینَ بِالنَّوَازِلِ وَ تُرْكَبِینَ بِالزَّلَازِلِ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءًا إِلَّا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِشَاغِلٍ وَ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ.

بیان: الأدیم الجلد أو مدبوغة و عكاظ بالضم موضع بناحیة مكة كانت العرب تجتمع فی كل سنة و یقیمون به سوقا مدة شهر و یتعاكظون أی یتفاخرون و یتناشدون و ینسب إلیه الأدیم لكثرة البیع فیه و الأدیم العكاظی مستحكم الدباغ شدید المد و ذلك وجه الشبه و العرك الدلك و الحك و عركه أی حمل علیه الشر و عركت القوم فی الحرب إذا مارستهم حتی أتعبتهم (3)

و النوازل المصائب و الشدائد و الزلازل البلایا و تركبین علی بناء المجهول كالفعلین السابقین

ص: 209


1- 1. فی المصدر و بعض نسخ الكتاب: فوعدته.
2- 2. قرب الإسناد: 220.
3- 3. اتبعتهم( خ).

أی تجعلین مركوبة لها أو بها علی أن تكون الباء للسببیة كالسابقة و الشدائد التی أصابت الكوفة و أهلها معروفة مذكورة فی السیر

وَ رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ مَدِینَتُنَا وَ مَحَلُّنَا وَ مَقَرُّ شِیعَتِنَا.

وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: تُرْبَةٌ تُحِبُّنَا وَ نُحِبُّهَا.

وَ عَنْهُ علیه السلام: اللَّهُمَّ ارْمِ مَنْ رَمَاهَا وَ عَادِ مَنْ عَادَاهَا.

و قال محمد الحسین الكیدری فی شرح النهج فمن الجبابرة الذین ابتلاهم اللّٰه بشاغل فیها زیاد و قد جمع الناس فی المسجد لیلعن علیا صلوات اللّٰه علیه فخرج الحاجب و قال انصرفوا فإن الأمیر مشغول و قد أصابه الفالج فی هذه الساعة و ابنه عبید اللّٰه بن زیاد و قد أصابه الجذام و الحجاج بن یوسف و قد تولدت الحیات فی بطنه حتی هلك و عمر بن هبیرة و ابنه یوسف و قد أصابهما البرص و خالد القسری و قد حبس فطولب حتی مات جوعا و أما الذین رماهم اللّٰه بقاتل فعبد اللّٰه بن زیاد و مصعب بن الزبیر و أبو السرایا و غیرهم قتلوا جمیعا و یزید بن المهلب قتل علی أسوإ حال.

«13»- الْقَصَصُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا یَقُولُ: نِعْمَ الْأَرْضُ الشَّامُ وَ بِئْسَ الْقَوْمُ أَهْلُهَا الْیَوْمَ وَ بِئْسَ الْبِلَادُ مِصْرُ أَمَا إِنَّهَا سِجْنُ مَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ

لَمْ یَكُنْ دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِیلَ مِصْرَ إِلَّا مِنْ سَخْطَةٍ وَ مَعْصِیَةٍ مِنْهُمْ لِلَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ (1) یَعْنِی الشَّامَ فَأَبَوْا أَنْ یَدْخُلُوهَا وَ عَصَوْا فَتَاهُوا فِی الْأَرْضِ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ وَ مَا كَانَ خُرُوجُهُمْ مِنْ مِصْرَ وَ دُخُولُهُمُ الشَّامَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَوْبَتِهِمْ وَ رِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ آكُلَ شَیْئاً طُبِخَ فِی فَخَّارِ مِصْرَ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ أَغْسِلَ رَأْسِی مِنْ طِینِهَا مَخَافَةَ أَنْ تُورِثَنِی تُرْبَتُهَا الذُّلَّ وَ تَذْهَبَ بِغَیْرَتِی.

العیاشی، عن داود: مثله.

«14»- الْقَصَصُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی إِبْرَاهِیمَ الْمَوْصِلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی

ص: 210


1- 1. المائدة: 23.

عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ بَنِیَ (1) یُنَازِعُنِی مِصْرَ فَقَالَ مَا لَكَ وَ مِصْرَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهَا مِصْرُ الْحُتُوفِ وَ لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ یُسَاقُ إِلَیْهَا أَقْصَرُ النَّاسِ أَعْمَاراً.

«15»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُضَیْرِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: انْتَحُوا مِصْرَ وَ لَا تَطْلُبُوا الْمَكْثَ فِیهَا وَ لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ وَ هُوَ یُورِثُ الدِّیَاثَةَ.

بیان: قال فی القاموس نحاه قصده كانتحاه.

«16»- الْقَصَصُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: لَا تَأْكُلُوا فِی فَخَّارِهَا وَ لَا تَغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ بِطِینِهَا فَإِنَّهَا تُورِثُ الذِّلَّةَ وَ تَذْهَبُ بِالْغَیْرَةِ.

«17»- كَامِلُ الزِّیَارَةِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ ثُوَیْرٍ وَ یُونُسَ وَ أَبِی سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا مَضَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا بَكَی عَلَیْهِ جَمِیعُ مَا خَلَقَ اللَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ الْبَصْرَةَ وَ دِمَشْقَ وَ آلَ عُثْمَانَ (2).

«18»- الْكَشِّیُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ مَعاً عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ عِمْرَانَ الْقُمِّیِّ عَنْ حَمَّادٍ النَّابِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ نَحْنُ جَمَاعَةٌ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّیُّ فَسَأَلَهُ وَ بَرَّهُ وَ بَشَّهُ فَلَمَّا أَنْ قَامَ قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ هَذَا الَّذِی بَرَرْتَ بِهِ هَذَا الْبِرَّ فَقَالَ مِنْ أَهْلِ الْبَیْتِ النُّجَبَاءِ یَعْنِی أَهْلَ قُمَّ مَا أَرَادَهُمْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ إِلَّا قَصَمَهُ اللَّهُ.

«19»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ عَنِ الْمَرْزُبَانِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: دَخَلَ عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ كَیْفَ أَنْتَ وَ كَیْفَ وُلْدُكَ وَ كَیْفَ أَهْلُكَ وَ كَیْفَ بَنُو عَمِّكَ وَ كَیْفَ أَهْلُ بَیْتِكَ ثُمَّ حَدَّثَهُ مَلِیّاً فَلَمَّا خَرَجَ قِیلَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا نَجِیبُ قَوْمِ النُّجَبَاءِ مَا

ص: 211


1- 1. ابنی( خ).
2- 2. كامل الزیارة: 80.

نَصَبَ لَهُمْ جَبَّارٌ إِلَّا قَصَمَهُ اللَّهُ.

قال حسین عرضت هذین الحدیثین علی أحمد بن حمزة فقال أعرفهما و لا أحفظ من رواهما لی.

«20»- كِتَابُ تَارِیخِ قُمَّ تَأْلِیفِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقُمِّیِّ، قَالَ رَوَی سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی خَلَفٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْخُزَاعِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیْنَ بِلَادُ الْجَبَلِ فَإِنَّا قَدْ رُوِّینَا أَنَّهُ إِذَا رُدَّ إِلَیْكُمُ الْأَمْرُ یُخْسَفُ بِبَعْضِهَا فَقَالَ إِنَّ فِیهَا مَوْضِعاً یُقَالُ لَهُ بَحْرٌ وَ یُسَمَّی بِقُمَّ وَ هُوَ مَعْدِنُ شِیعَتِنَا فَأَمَّا الرَّیُّ فَوَیْلٌ لَهُ مِنْ جَنَاحَیْهِ وَ إِنَّ الْأَمْنَ فِیهِ مِنْ جِهَةِ قُمَّ وَ أَهْلِهِ قِیلَ وَ مَا جَنَاحَاهُ قَالَ علیه السلام أَحَدُهُمَا بَغْدَادُ وَ الْآخَرُ خُرَاسَانُ فَإِنَّهُ تَلْتَقِی فِیهِ سُیُوفُ الْخُرَاسَانِیِّینَ وَ سُیُوفُ الْبَغْدَادِیِّینَ فَیُعَجِّلُ اللَّهُ عُقُوبَتَهُمْ وَ یُهْلِكُهُمْ فَیَأْوِی أَهْلُ الرَّیِّ إِلَی قُمَّ فَیُؤْوِیهِمْ أَهْلُهُ ثُمَّ یَنْتَقِلُونَ مِنْهُ إِلَی مَوْضِعٍ یُقَالُ لَهُ أَرْدِسْتَانُ.

«21»- وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ اللَّیْثِیِّ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِیِ (1) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ ذَاتَ یَوْمٍ جَالِساً عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیَّ یَا أَبَا الْحَسَنِ ثُمَّ اعْتَنَقَهُ وَ قَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ اسْمُهُ عَرَضَ وَلَایَتَكَ عَلَی السَّمَاوَاتِ فَسَبَقَتْ إِلَیْهَا السَّمَاءُ السَّابِعَةُ فَزَیَّنَهَا بِالْعَرْشِ ثُمَّ سَبَقَتْ إِلَیْهَا السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ فَزَیَّنَهَا بِالْبَیْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ سَبَقَتْ إِلَیْهَا السَّمَاءُ الدُّنْیَا فَزَیَّنَهَا بِالْكَوَاكِبِ ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَی الْأَرَضِینَ فَسَبَقَتْ إِلَیْهَا مَكَّةُ فَزَیَّنَهَا بِالْكَعْبَةِ ثُمَّ سَبَقَتْ إِلَیْهَا الْمَدِینَةُ فَزَیَّنَهَا بِی ثُمَّ سَبَقَتْ إِلَیْهَا الْكُوفَةُ فَزَیَّنَهَا بِكَ ثُمَّ سَبَقَ إِلَیْهَا قُمُّ فَزَیَّنَهَا بِالْعَرَبِ وَ فَتَحَ إِلَیْهِ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ.

«22»- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ الْهَمْدَانِیِّ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الكشمارجانی [الْكَمْشَارِجَانِیِ](2)

عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِی الْأَكْرَادِ عَلِیِّ بْنِ مَیْمُونٍ الصَّائِغِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ:

ص: 212


1- 1. فی أكثر النسخ« ثابتة الشبانی» و فی بعضها« ثابت النباتی» و الظاهر ان الصواب ما أثبتناه فی المتن و هو ثابت بن أسلم البنانی- بضم الموحدة منسوب الی بنانه و هم بنو سعد بن لوی- و هو الذی یروی عن أنس بن مالك و غیره.
2- 2. الكمشارجانی( خ).

إِنَّ اللَّهَ احْتَجَّ بِالْكُوفَةِ عَلَی سَائِرِ الْبِلَادِ وَ بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَهْلِهَا عَلَی غَیْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ وَ احْتَجَّ بِبَلْدَةِ قُمَّ عَلَی سَائِرِ الْبِلَادِ وَ بِأَهْلِهَا عَلَی جَمِیعِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ لَمْ یَدَعِ اللَّهُ قُمَّ وَ أَهْلَهُ مُسْتَضْعَفاً بَلْ وَفَّقَهُمْ وَ أَیَّدَهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الدِّینَ وَ أَهْلَهُ بِقُمَّ ذَلِیلٌ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَیْهِ فَخَرِبَ قُمُّ وَ بَطَلَ أَهْلُهُ فَلَمْ یَكُنْ حُجَّةً عَلَی سَائِرِ الْبِلَادِ وَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَسْتَقِرَّ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ لَمْ یُنْظَرُوا طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ إِنَّ الْبَلَایَا مَدْفُوعَةٌ عَنْ قُمَّ وَ أَهْلِهِ وَ سَیَأْتِی زَمَانٌ تَكُونُ بَلْدَةُ قُمَّ وَ أَهْلُهَا حُجَّةً عَلَی الْخَلَائِقِ وَ ذَلِكَ فِی زَمَانِ غَیْبَةِ قَائِمِنَا علیه السلام إِلَی ظُهُورِهِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَسَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَدْفَعُ الْبَلَایَا عَنْ قُمَّ وَ أَهْلِهِ وَ مَا قَصَدَهُ جَبَّارٌ بِسُوءٍ إِلَّا قَصَمَهُ قَاصِمُ الْجَبَّارِینَ وَ شَغَلَهُ عَنْهُمْ بِدَاهِیَةٍ أَوْ مُصِیبَةٍ أَوْ عَدُوٍّ وَ یُنْسِی اللَّهُ الْجَبَّارِینَ فِی دَوْلَتِهِمْ ذِكْرَ قُمَّ وَ أَهْلِهِ كَمَا نَسُوا ذِكْرَ اللَّهِ.

«23»- ثُمَّ قَالَ وَ رُوِیَ بِأَسَانِیدَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ ذُكِرَ كُوفَةُ وَ قَالَ سَتَخْلُو كُوفَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یأزر [یَأْرِزُ] عَنْهَا الْعِلْمُ كَمَا تأزر [تَأْرِزُ] الْحَیَّةُ فِی جُحْرِهَا ثُمَّ یَظْهَرُ الْعِلْمُ بِبَلْدَةٍ یُقَالُ لَهَا قُمُّ وَ تَصِیرُ مَعْدِناً لِلْعِلْمِ وَ الْفَضْلِ حَتَّی لَا یَبْقَی فِی الْأَرْضِ مُسْتَضْعَفٌ فِی الدِّینِ حَتَّی الْمُخَدَّرَاتُ فِی الْحِجَالِ وَ ذَلِكَ عِنْدَ قُرْبِ ظُهُورِ قَائِمِنَا فَیَجْعَلُ اللَّهُ قُمَّ وَ أَهْلَهُ قَائِمِینَ مَقَامَ الْحُجَّةِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَسَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَ لَمْ یَبْقَ فِی الْأَرْضِ حُجَّةٌ فَیُفِیضُ الْعِلْمُ مِنْهُ إِلَی سَائِرِ الْبِلَادِ فِی الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَیَتِمُّ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی الْخَلْقِ حَتَّی لَا یَبْقَی أَحَدٌ عَلَی الْأَرْضِ لَمْ یَبْلُغْ إِلَیْهِ الدِّینُ وَ الْعِلْمُ ثُمَّ یَظْهَرُ الْقَائِمُ علیه السلام وَ یَسِیرُ سَبَباً لِنَقِمَةِ اللَّهِ وَ سَخَطِهِ عَلَی الْعِبَادِ لِأَنَّ اللَّهَ لَا یَنْتَقِمُ مِنَ الْعِبَادِ إِلَّا بَعْدَ إِنْكَارِهِمْ حُجَّةً.

«24»- وَ عَنْ أَبِی مُقَاتِلٍ الدَّیْلَمِیِّ نَقِیبِ الرَّیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّمَا سُمِّیَ قُمَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَتِ السَّفِینَةُ إِلَیْهِ فِی طُوفَانِ نُوحٍ علیه السلام قَامَتْ وَ هُوَ قِطْعَةٌ مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ.

«25»- وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ خَالِدِ بْنِ یَزِیدَ(1) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ:

ص: 213


1- 1. فی أكثر النسخ« خالد بن أبی یزید» و الظاهر أنّه أبو یزید خالد بن یزید العكلی الثقة، فاشتبه علی بعض النسّاخ كنیته بكنیة أبیه.

إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ جَمِیعِ الْبِلَادِ كُوفَةَ وَ قُمَّ وَ تَفْلِیسَ.

«26»- وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا عَمَّتِ الْبُلْدَانَ الْفِتَنُ فَعَلَیْكُمْ بِقُمَّ وَ حَوَالَیْهَا وَ نَوَاحِیهَا فَإِنَّ الْبَلَاءَ مَدْفُوعٌ عَنْهَا.

«27»- وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَزْرَجِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَخِیهِ مُوسَی بْنِ خَزْرَجٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام أَ تَعْرِفُ مَوْضِعاً یُقَالُ لَهُ وراردهار قُلْتُ نَعَمْ وَ لِی فِیهِ ضَیْعَتَانِ فَقَالَ الْزَمْهُ وَ تَمَسَّكْ بِهِ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ نِعْمَ الْمَوْضِعُ وراردهار.

«28»- وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا عَمَّتِ الْبَلَایَا فَالْأَمْنُ فِی كُوفَةَ وَ نَوَاحِیهَا مِنَ السَّوَادِ وَ قُمَّ مِنَ الْجَبَلِ وَ نِعْمَ الْمَوْضِعُ، قُمُّ لِلْخَائِفِ الطَّائِفِ.

«29»- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ الْیَسَعِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا فُقِدَ الْأَمْنُ مِنَ الْعِبَادِ وَ رَكِبَ النَّاسُ عَلَی الْخُیُولِ وَ اعْتَزَلُوا النِّسَاءَ وَ الطِّیبَ فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ عَنْ جِوَارِهِمْ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِلَی أَیْنَ قَالَ إِلَی الْكُوفَةِ وَ نَوَاحِیهَا أَوْ إِلَی قُمَّ وَ حَوَالَیْهَا فَإِنَّ الْبَلَاءَ مَدْفُوعٌ عَنْهُمَا.

«30»- وَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْیَنَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: أَهْلُ خُرَاسَانَ أَعْلَامُنَا وَ أَهْلُ قُمَّ أَنْصَارُنَا وَ أَهْلُ كُوفَةَ أَوْتَادُنَا وَ أَهْلُ هَذَا السَّوَادِ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُمْ.

«31»- وَ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ النَّاصِحِ مَوْلَی جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام قَالَ: قُمُّ عُشُّ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مَأْوَی شِیعَتِهِمْ وَ لَكِنْ سَیَهْلِكُ جَمَاعَةٌ مِنْ شَبَابِهِمْ بِمَعْصِیَةِ(1)

آبَائِهِمْ وَ الِاسْتِخْفَافِ وَ السُّخْرِیَّةِ بِكُبَرَائِهِمْ وَ مَشَایِخِهِمْ وَ مَعَ ذَلِكَ یَدْفَعُ اللَّهُ عَنْهُمْ شَرَّ الْأَعَادِی وَ كُلَّ سُوءٍ.

«32»- وَ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ الصَّادِقِ علیه السلام

ص: 214


1- 1. بعقوبة( خ).

قَالَ: إِذَا أَصَابَتْكُمْ بَلِیَّةٌ وَ عَنَاءٌ فَعَلَیْكُمْ بِقُمَّ فَإِنَّهُ مَأْوَی الْفَاطِمِیِّینَ وَ مُسْتَرَاحُ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیَأْتِی زَمَانٌ یُنَفَّرُ أَوْلِیَاؤُنَا وَ مُحِبُّونَا عَنَّا وَ یُبَعَّدُونَ مِنَّا وَ ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لَهُمْ لِكَیْلَا یُعْرَفُوا بِوَلَایَتِنَا وَ یُحْقَنُوا بِذَلِكَ دِمَاؤُهُمْ وَ أَمْوَالُهُمْ وَ مَا أَرَادَ أَحَدٌ بِقُمَّ وَ أَهْلِهِ سُوءاً إِلَّا أَذَلَّهُ اللَّهُ وَ أَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ.

«33»- وَ عَنْ سَهْلٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِیسَی الْبَزَّازِ الْقُمِّیِّ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الْعَلَّافِ النَّیْشَابُورِیِّ عَنْ وَاسِطِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِیَةَ أَبْوَابٍ وَ لِأَهْلِ قُمَّ وَاحِدٌ مِنْهَا فَطُوبَی لَهُمْ ثُمَّ طُوبَی لَهُمْ ثُمَّ طُوبَی لَهُمْ.

«34»- وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ جَالِسِینَ إِذْ قَالَ مُبْتَدِئاً خُرَاسَانُ خُرَاسَانُ سِجِسْتَانُ سِجِسْتَانُ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی أَهْلِهِمَا رَاكِبِینَ عَلَی الْجِمَالِ مُسْرِعِینَ إِلَی، قُمَّ.

«35»- وَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْكَرْخِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: كُنَّا ذَاتَ یَوْمٍ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَذَكَرَ فِتَنَ بَنِی عَبَّاسٍ وَ مَا یُصِیبُ النَّاسَ مِنْهُمْ فَقُلْنَا جُعِلْنَا فِدَاكَ فَأَیْنَ الْمَفْزَعُ وَ الْمَفَرُّ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ فَقَالَ إِلَی الْكُوفَةِ وَ حَوَالَیْهَا وَ إِلَی قُمَّ وَ نَوَاحِیهَا ثُمَّ قَالَ فِی قُمَّ شِیعَتُنَا وَ مَوَالِینَا وَ تَكْثُرُ فِیهَا الْعِمَارَةُ وَ یَقْصِدُهُ النَّاسُ وَ یَجْتَمِعُونَ فِیهِ حَتَّی یَكُونَ الْجَمْرُ بَیْنَ بَلْدَتِهِمْ.

و فی بعض روایات الشیعة أن قم یبلغ من العمارة إلی أن یشتری موضع فرس بألف درهم.

«36»- وَ فِی خُطْبَةِ الْمَلَاحِمِ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الَّتِی خَطَبَ بِهَا بَعْدَ وَقْعَةِ الْجَمَلِ بِالْبَصْرَةِ قَالَ: یَخْرُجُ الْحَسَنِیُّ صَاحِبُ طَبَرِسْتَانَ مَعَ جَمٍّ كَثِیرٍ مِنْ خَیْلِهِ وَ رَجِلِهِ حَتَّی یَأْتِیَ نَیْسَابُورَ فَیَفْتَحُهَا وَ یَقْسِمُ أَبْوَابَهَا ثُمَّ یَأْتِی أَصْبَهَانَ ثُمَّ إِلَی قُمَّ فَیَقَعُ بَیْنَهُ وَ بَیْنِ أَهْلِ قُمَّ وَقْعَةٌ عَظِیمَةٌ یُقْتَلُ فِیهَا خَلْقٌ كَثِیرٌ فَیَنْهَزِمُ أَهْلُ قُمَّ فَیَنْهَبُ الْحَسَنِیُّ أَمْوَالَهُمْ وَ یَسْبِی ذَرَارِیَّهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ یُخَرِّبُ دُورَهُمْ فَیَفْزَعُ أَهْلُ قُمَّ إِلَی جَبَلٍ یُقَالُ لَهَا وراردهار فَیُقِیمُ الْحَسَنِیُّ بِبَلَدِهِمْ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ یَقْتُلُ مِنْهُمْ عِشْرِینَ رَجُلًا وَ یَصْلِبُ مِنْهُمْ رَجُلَیْنِ ثُمَّ یَرْحَلُ عَنْهُمْ.

ص: 215

«37»- وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی عَنْ أَیُّوبَ بْنِ یَحْیَی الْجَنْدَلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ علیه السلام: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ قُمَّ یَدْعُو النَّاسَ إِلَی الْحَقِّ یَجْتَمِعُ مَعَهُ قَوْمٌ كَزُبَرِ الْحَدِیدِ لَا تُزِلُّهُمُ الرِّیَاحُ الْعَوَاصِفُ وَ لَا یَمَلُّونَ مِنَ الْحَرَبِ وَ لَا یَجْبُنُونَ وَ عَلَی اللَّهِ یَتَوَكَّلُونَ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ.

«38»- وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَفَّانَ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی أَ تَدْرِی لِمَ سُمِّیَ قُمَّ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّمَا سُمِّیَ قُمَّ لِأَنَّ أَهْلَهُ یَجْتَمِعُونَ مَعَ قَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ یَقُومُونَ مَعَهُ وَ یَسْتَقِیمُونَ عَلَیْهِ وَ یَنْصُرُونَهُ.

«39»- وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّبِیعِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی بَیَّاعِ السَّابِرِیِّ قَالَ: كُنْتُ یَوْماً عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَجَرَی ذِكْرُ قُمَّ وَ أَهْلِهِ وَ مَیْلِهِمْ إِلَی الْمَهْدِیِّ علیه السلام فَتَرَحَّمَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِیَةَ أَبْوَابٍ وَ وَاحِدٌ مِنْهَا لِأَهْلِ قُمَّ وَ هُمْ خِیَارُ شِیعَتِنَا مِنْ بَیْنِ سَائِرِ الْبِلَادِ خَمَّرَ اللَّهُ تَعَالَی وَلَایَتَنَا فِی طِینَتِهِمْ.

«40»- وَ رَوَی بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَالِساً إِذْ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَیْكُمْ عِباداً لَنا أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا فَقُلْنَا جُعِلْنَا فِدَاكَ مَنْ هَؤُلَاءِ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هُمْ وَ اللَّهِ أَهْلُ قُمَّ.

«41»- وَ رُوِیَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَهْلِ الرَّیِّ: أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ قَالُوا نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّیِّ فَقَالَ مَرْحَباً بِإِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ قُمَّ فَقَالُوا نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّیِّ فَأَعَادَ الْكَلَامَ قَالُوا ذَلِكَ مِرَاراً وَ أَجَابَهُمْ بِمِثْلِ مَا أَجَابَ بِهِ أَوَّلًا فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ حَرَماً وَ هُوَ مَكَّةُ وَ إِنَّ لِلرَّسُولِ (1)

حَرَماً وَ هُوَ الْمَدِینَةُ وَ إِنَّ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ حَرَماً وَ هُوَ الْكُوفَةُ وَ إِنَّ لَنَا حَرَماً وَ هُوَ بَلْدَةُ قُمَّ وَ سَتُدْفَنُ فِیهَا امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلَادِی تُسَمَّی فَاطِمَةَ

ص: 216


1- 1. لرسوله( خ).

فَمَنْ زَارَهَا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ قَالَ الرَّاوِی وَ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ یُولَدَ الْكَاظِمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

«42»- وَ فِی رِوَایَاتِ الشِّیعَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أُسْرِیَ بِهِ رَأَی إِبْلِیسَ بَارِكاً بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ فَقَالَ لَهُ قُمْ یَا مَلْعُونُ فَسُمِّیَتْ بِذَلِكَ.

«43»- وَ رُوِیَ عَنِ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام: لَوْ لَا الْقُمِّیُّونَ لَضَاعَ الدِّینُ.

«44»- وَ رُوِیَ مَرْفُوعاً إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْكُلَیْنِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِذَا عَمَّتِ الْبُلْدَانَ الْفِتَنُ فَعَلَیْكُمْ بِقُمَّ وَ حَوَالَیْهَا وَ نَوَاحِیهَا فَإِنَّ الْبَلَاءَ مَرْفُوعٌ عَنْهَا.

«45»-: وَ قَالَ علیه السلام لِزَكَرِیَّا بْنِ آدَمَ الْقُمِّیِّ حِینَ قَالَ الشَّیْخُ عِنْدَهُ یَا سَیِّدِی إِنِّی أُرِیدُ الْخُرُوجَ عَنْ أَهْلِ بَیْتِی فَقَدْ كَثُرَتِ السُّفَهَاءُ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الْبَلَاءَ یُدْفَعُ بِكَ عَنْ أَهْلِ قُمَّ كَمَا یُدْفَعُ الْبَلَاءُ عَنْ أَهْلِ بَغْدَادَ بِأَبِی الْحَسَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام.

«46»- وَ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ لَعَلَی قُمَّ مَلَكاً رَفْرَفَ عَلَیْهَا بِجَنَاحَیْهِ لَا یُرِیدُهَا جَبَّارٌ بِسُوءٍ إِلَّا أَذَابَهُ اللَّهُ كَذَوْبِ الْمِلْحِ فِی الْمَاءِ ثُمَّ أَشَارَ إِلَی عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ سَلَامُ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ قُمَّ یَسْقِی (1) اللَّهُ بِلَادَهُمُ الْغَیْثَ وَ یُنْزِلُ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْبَرَكَاتِ وَ یُبَدِّلُ اللَّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ هُمْ أَهْلُ رُكُوعٍ وَ سُجُودٍ وَ قِیَامٍ وَ قُعُودٍ هُمُ الْفُقَهَاءُ الْعُلَمَاءُ الْفُهَمَاءُ هُمْ أَهْلُ الدِّرَایَةِ وَ الرِّوَایَةِ وَ حُسْنِ الْعِبَادَةِ.

«47»- وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِیهُ الْهَمْدَانِیُّ فِی كِتَابِ الْبُلْدَانِ إِنَّ أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَّ رَوَی: أَنَّهُ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَنْ أَسْلَمِ الْمُدُنِ وَ خَیْرِ الْمَوَاضِعِ عِنْدَ نُزُولِ الْفِتَنِ وَ ظُهُورِ السَّیْفِ فَقَالَ أَسْلَمُ الْمَوَاضِعِ یَوْمَئِذٍ أَرْضُ الْجَبَلِ فَإِذَا اضْطَرَبَتْ خُرَاسَانُ وَ وَقَعَتِ الْحَرْبُ بَیْنَ أَهْلِ جُرْجَانَ وَ طَبَرِسْتَانَ وَ خَرِبَتْ سِجِسْتَانُ فَأَسْلَمُ الْمَوَاضِعِ یَوْمَئِذٍ قَصَبَةُ قُمَّ تِلْكَ الْبَلْدَةُ الَّتِی یَخْرُجُ مِنْهَا أَنْصَارُ خَیْرِ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً وَ جَدّاً وَ جَدَّةً وَ عَمّاً وَ عَمَّةً تِلْكَ الَّتِی تُسَمَّی الزَّهْرَاءَ بِهَا مَوْضِعُ قَدَمِ جَبْرَئِیلَ وَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِی نَبَعَ مِنْهُ الْمَاءُ

ص: 217


1- 1. سقی( خ).

الَّذِی مَنْ شَرِبَ مِنْهُ أَمِنَ مِنَ الدَّاءِ وَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ عُجِنَ الطِّینُ الَّذِی عَمِلَ مِنْهُ كَهَیْئَةِ الطَّیْرِ وَ مِنْهُ یَغْتَسِلُ الرِّضَا علیه السلام وَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ یَخْرُجُ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ وَ عَصَا مُوسَی وَ خَاتَمُ سُلَیْمَانَ.

«48»- وَ مِنْ رِوَایَاتِ الشِّیعَةِ فِی فَضْلِ قُمَّ وَ أَهْلِهَا مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُوسَی بْنِ بَابَوَیْهِ بِأَسَانِیدَ ذَكَرَهَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ یَسْأَلْكَ أَحَدٌ قَبْلِی وَ لَا یَسْأَلُكَ

أَحَدٌ بَعْدِی فَقَالَ عَسَاكَ تَسْأَلُنِی عَنِ الْحَشْرِ وَ النَّشْرِ(1) فَقَالَ الرَّجُلُ إِی وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً مَا أَسْأَلُكَ إِلَّا عَنْهُ فَقَالَ مَحْشَرُ النَّاسِ كُلُّهُمْ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَّا بُقْعَةٌ بِأَرْضِ الْجَبَلِ یُقَالُ لَهَا قُمُّ فَإِنَّهُمْ یُحَاسَبُونَ فِی حُفَرِهِمْ وَ یُحْشَرُونَ مِنْ حُفَرِهِمْ إِلَی الْجَنَّةِ ثُمَّ قَالَ أَهْلُ قُمَّ مَغْفُورٌ لَهُمْ قَالَ فَوَثَبَ الرَّجُلُ عَلَی رِجْلَیْهِ وَ قَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَذَا خَاصَّةً لِأَهْلِ قُمَّ قَالَ نَعَمْ وَ مَنْ یَقُولُ بِمَقَالَتِهِمْ ثُمَّ قَالَ أَزِیدُكَ قَالَ نَعَمْ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَظَرْتُ إِلَی بُقْعَةٍ بِأَرْضِ الْجَبَلِ خَضْرَاءَ أَحْسَنَ لَوْناً مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَ أَطْیَبَ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ وَ إِذَا فِیهَا شَیْخٌ بَارِكٌ عَلَی رَأْسِهِ بُرْنُسٌ فَقُلْتُ حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ مَا هَذِهِ الْبُقْعَةُ قَالَ فِیهَا شِیعَةُ وَصِیِّكَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قُلْتُ فَمَنِ الشَّیْخُ الْبَارِكُ فِیهَا قَالَ ذَلِكَ إِبْلِیسُ اللَّعِینُ عَلَیْهِ اللَّعْنَةُ قُلْتُ فَمَا یُرِیدُ مِنْهُمْ قَالَ یُرِیدُ أَنْ یَصُدَّهُمْ عَنْ وَلَایَةِ وَصِیِّكَ عَلِیٍّ وَ یَدْعُوَهُمْ إِلَی الْفِسْقِ وَ الْفُجُورِ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ اهْوِ بِنَا إِلَیْهِ فَأَهْوَی بِنَا إِلَیْهِ فِی أَسْرَعَ مِنْ بَرْقٍ خَاطِفٍ فَقُلْتُ لَهُ قُمْ یَا مَلْعُونُ فَشَارِكِ الْمُرْجِئَةَ فِی نِسَائِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ لِأَنَّ أَهْلَ قُمَّ شِیعَتِی وَ شِیعَةُ وَصِیِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ.

«49»- وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِی مُسْلِمٍ الْعَبْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: تُرْبَةُ قُمَّ مُقَدَّسَةٌ وَ أَهْلُهَا مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُمْ لَا یُرِیدُهُمْ جَبَّارٌ بِسُوءٍ إِلَّا عُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ مَا لَمْ یَخُونُوا

ص: 218


1- 1. المحشر و المنشر( خ).

إِخْوَانَهُمْ (1)

فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ جَبَابِرَةَ سَوْءٍ أَمَا إِنَّهُمْ أَنْصَارُ قَائِمِنَا وَ دُعَاةُ(2)

حَقِّنَا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ اعْصِمْهُمْ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ وَ نَجِّهِمْ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ.

ثم ذكر صاحب التاریخ المشاهد و القبور الواقعة فی بلدة قم فقال منها قبر فاطمة بنت موسی بن جعفر علیهما السلام و روی أن زیارتها تعادل الجنة.

و روی مشایخ قم أنه لما أخرج المأمون علی بن موسی الرضا علیه السلام من المدینة إلی المرو فی سنة مائتین خرجت فاطمة أخته فی سنة إحدی و مائتین تطلبه فلما وصلت إلی ساوه مرضت فسألت كم بینی و بین قم قالوا عشرة فراسخ فأمرت خادمها فذهب بها إلی قم و أنزلها فی بیت موسی بن خزرج بن سعد.

و الأصح

أنه لما وصل الخبر إلی آل سعد اتفقوا و خرجوا إلیها أن یطلبوا منها النزول فی بلدة قم فخرج من بینهم موسی بن خزرج فلما وصل إلیها أخذ بزمام ناقتها و جرها إلی قم و أنزلها فی داره فكانت فیها ستة(3)

عشر یوما ثم مضت إلی رحمة اللّٰه و رضوانه فدفنها موسی بعد التغسیل و التكفین فی أرض له و هی التی الآن مدفنها و بنی علی قبرها سقفا من البواری إلی أن بنت زینب بنت الجواد علیه السلام علیها قبة.

و حدثنی الحسین بن علی بن الحسین بن موسی بن بابویه عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الولید أنه لما توفیت فاطمة رضی اللّٰه عنها و غسلوها و كفنوها ذهبوا بها إلی بابلان و وضعوها علی سرداب حفروه لها فاختلف آل سعد بینهم فی من یدخل السرداب و یدفنها فیه فاتفقوا علی خادم لهم شیخ كبیر صالح یقال له قادر فلما بعثوا إلیها رأوا راكبین سریعین متلثمین یأتیان من جانب الرملة فلما قربا من الجنازة نزلا و صلیا علیها و دخلا السرداب و أخذا الجنازة فدفناها ثم خرجا و ركبا و ذهبا و لم یعلم أحد من هما.

و المحراب الذی كانت فاطمة علیها السلام تصلی إلیها موجود إلی الآن فی دار موسی بن الخزرج ثم ماتت أم محمد بنت موسی بن محمد بن علی الرضا علیه السلام فدفنوها فی جنب فاطمة رضی اللّٰه عنها

ص: 219


1- 1. ما لم یحولوا أحوالهم( خ).
2- 2. رعاة( خ).
3- 3. فی بعض النسخ« سبعة عشر».

ثم توفیت میمونة أختها فدفنوها هناك أیضا و بنوا علیهما أیضا قبة و دفن فیها أم إسحاق جاریة محمد و أم حبیب جاریة محمد بن أحمد الرضا و أخت محمد بن موسی ثم قال و منها قبر أبی جعفر موسی بن محمد بن علی الرضا علیه السلام قال و هو أول من دخل من السادات الرضویة قم و كان مبرقعا دائما فأخرجه العرب من قم ثم اعتذروا منه و أدخلوه و أكرموه و اشتروا من أموالهم له دارا و مزارع و حسن حاله و اشتری من ماله أیضا قری و مزارع فجاءت إلیه أخواته زینب و أم محمد و میمونة بنات الجواد علیه السلام ثم بریهیة بنت موسی فدفن كلهن عند فاطمة رضی اللّٰه عنها و توفی موسی لیلة الأربعاء ثامن شهر ربیع الآخر من سنة ست و تسعین و مائتین و دفن فی الموضع المعروف أنه مدفنه و منها قبر أبی علی محمد بن أحمد بن موسی بن محمد بن علی الرضا علیه السلام توفی فی سنة خمس عشرة و ثلاثمائة و دفن فی مقبرة محمد بن موسی ثم ذكر مقابر كثیر من السادات الرضویة و كثیر من أولاد محمد بن جعفر الصادق علیه السلام و كثیر من أحفاد علی بن جعفر و قبور كثیر من السادات الحسنیة و كان أكثر أهل قم من الأشعریین

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَشْعَرِیِّینَ صَغِیرِهِمْ وَ كَبِیرِهِمْ.

وَ قَالَ: الْأَشْعَرِیُّونَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُمْ.

وَ رُوِیَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْأَزْدُ وَ الْأَشْعَرِیُّونَ وَ كِنْدَةُ مِنِّی لَا یَعْدِلُونَ وَ لَا یَجْبُنُونَ.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلْأَشْعَرِیِّینَ لَمَّا قَدِمُوا أَنْتُمُ الْمُهَاجِرُونَ إِلَی الْأَنْبِیَاءِ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِیلَ.

ثم ذكر أخبارا كثیرة فی فضائلهم ثم قال من مفاخرهم إن أول من أظهر التشیع بقم موسی بن عبد اللّٰه بن سعد الأشعری.

و منها

أَنَّهُ: قَالَ الرِّضَا علیه السلام لِزَكَرِیَّا بْنِ آدَمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَشْعَرِیِّ إِنَّ اللَّهَ یَدْفَعُ الْبَلَاءَ بِكَ عَنْ أَهْلِ قُمَّ كَمَا یَدْفَعُ الْبَلَاءَ عَنْ أَهْلِ بَغْدَادَ بِقَبْرِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام.

و منها أنهم وقفوا المزارع و العقارات الكثیرة علی الأئمة علیهم السلام و منها أنهم أول من بعث الخمس إلیهم و منها أنهم علیهم السلام أكرموا جماعة كثیرة منهم بالهدایا و التحف و الأكفان كأبی جریر زكریا بن إدریس و زكریا بن آدم و عیسی بن عبد اللّٰه بن

ص: 220

سعد و غیرهم ممن یطول بذكرهم الكلام و شرفوا بعضهم بالخواتیم و الخلع و أنهم اشتروا من دعبل الخزاعی ثوب الرضا علیه السلام بألف دینار من الذهب و منها

أن الصادق علیه السلام قال لعمران بن عبد اللّٰه أظلك اللّٰه یوم لا ظل إلا ظله.

انتهی ما أخرجته من تاریخ قم و مؤلفه من علماء الإمامیة.

بیان: یظهر من هذا التاریخ أن وراردهار اسم بعض رساتیق قم و توابعه و قال فیه سبع عشرة قریة و كان من رساتیق أصبهان فألحق بقم و الجمر اسم نهر من الأنهار التی كانت قبل بناء بلدة قم كما یلوح من التاریخ

وَ رَوَی الْكَشِّیُّ خَبَرَ زَكَرِیَّا بْنِ آدَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ آدَمَ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام إِنِّی أُرِیدُ الْخُرُوجَ عَنْ أَهْلِ بَیْتِی فَقَدْ كَثُرَ السُّفَهَاءُ فِیهِمْ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ أَهْلَ بَیْتِكَ یُدْفَعُ عَنْهُمْ بِكَ كَمَا یُدْفَعُ عَنْ أَهْلِ بَغْدَادَ بِأَبِی الْحَسَنِ الْكَاظِمِ عَلَیْهِ السَّلَامُ.

«50»- الْمَجَازَاتُ النَّبَوِیَّةُ، قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أُمِرْتُ بِقَرْیَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَی تَنْفِی الْخَبَثَ كَمَا یَنْفِی الْكِیرُ خَبَثَ الْحَدِیدِ.

یرید علیه السلام الهجرة إلی المدینة قال السید رحمه اللّٰه فقوله أمرت بقریة تأكل القری مجاز و المراد أن أهلها یقهرون أهل القری فیملكون بلادهم و أموالهم فكأنهم بهذه الأحوال یأكلونهم و خرج هذا القول علی طریقة للعرب معروفة لأنهم یقولون أكل فلان جاره إذا عدا علیه فانتهك حرمته و اصطفی حریبته و علی ذلك قول علقة بن عقیل بن علقة لأبیه فی أبیات:

أكلت بیتك أكل الضب حتی***وجدت مدارة الكل (1) الوبیل.

و من ذلك قوله علیه السلام فی غزوة الحدیبیة ویح قریش أكلهم (2) الحرب یرید أنها قد أفنت رجالهم و انتهكت أموالهم فكانت من هذا الوجه كأنها آكلة لهم قال ذلك فی حدیث طویل و المراد بقوله تنفی الخبث كما ینفی الكیر خبث الحدید إن أهلها یتمحضون [یتمحصون] فینتفی عنها الأشرار و یبقی فیها الأخیار و یفارقها الأخلاط

ص: 221


1- 1. الكلا( خ).
2- 2. اكلتهم( خ).

و الأقشاب و لا یصبر علیها إلا الصمیم و اللباب فیكون بمنزلة الكیر الذی ینفی الأخباث و الأدران و یخلص الرصاص و هذا أیضا مجاز و قد ورد هذا الخبر بلفظ آخر

ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ قَالَ سَمِعْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: الْمَدِینَةُ تَنْفِی خَبَثَ الرِّجَالِ كَمَا یَنْفِی الْكِیرُ خَبَثَ الْحَدِیدِ.

و المعنی فی اللفظین واحد.

«51»- كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ، عَنِ الْمُعَلَّی الطَّحَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مَیْمُونٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَیْهِ أُنَاسٌ مِنَ الْیَمَنِ قَالَ مَرْحَباً بِرَهْطِ شُعَیْبٍ وَ أَحْبَارِ مُوسَی.

«52»- وَ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ قَیْسَ بْنَ الرَّبِیعِ یَرْفَعُهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: حَضْرَمَوْتُ خَیْرٌ مِنَ الْحَارِثِیِّینَ.

«53»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِیدِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَسَلَّمْنَا عَلَیْهِ وَ جَلَسْنَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَسَأَلَنَا مَنْ أَنْتُمْ قُلْنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ أَكْثَرَ مُحِبّاً لَنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ثُمَّ هَذِهِ الْعِصَابَةُ خَاصَّةً إِنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ لِأَمْرٍ جَهِلَهُ النَّاسُ أَحْبَبْتُمُونَا وَ أَبْغَضَنَا النَّاسُ وَ صَدَّقْتُمُونَا وَ كَذَّبَنَا النَّاسُ وَ اتَّبَعْتُمُونَا وَ خَالَفَنَا النَّاسُ فَجَعَلَ اللَّهُ مَحْیَاكُمْ مَحْیَانَا وَ مَمَاتَكُمْ مَمَاتَنَا الْخَبَرَ.

بیان: ثم هذه العصابة أی هم فیها أكثر من غیرها من البلدان و المراد عصابة الشیعة فإن المحب أعم منها و العصابة بالكسر الجماعة من الناس.

«54»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْغَضَائِرِیِّ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ الطَّیَالِسِیِّ عَنْ زُرَیْقٍ الْخُلْقَانِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَوْماً إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَ تَعْرِفُهُمَا قُلْتُ نَعَمْ هُمَا مِنْ مَوَالِیكَ فَقَالَ نَعَمْ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ أَجِلَّةَ مَوَالِیَّ بِالْعِرَاقِ الْخَبَرَ.

«55»- أَقُولُ وَجَدْتُ بِخَطِّ الشَّیْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْجُبَاعِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ

ص: 222

الشَّیْخُ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّیٍّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَجَدَ بِخَطِّ جَمَالِ الدِّینِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ وَجَدْتُ بِخَطِّ وَالِدِی رحمه اللّٰه قَالَ وَجَدْتُ رُقْعَةً عَلَیْهَا مَكْتُوبٌ بِخَطٍّ عَتِیقٍ مَا صُورَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَخْبَرَنَا بِهِ الشَّیْخُ الْأَجَلُّ الْعَالِمُ عِزُّ الدِّینِ أَبُو الْمَكَارِمِ حَمْزَةُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ زُهْرَةَ الْحُسَیْنِیُّ الْحَلَبِیُّ إِمْلَاءً مِنْ لَفْظِهِ عِنْدَ نُزُولِهِ بِالْحِلَّةِ السَّیْفِیَّةِ وَ قَدْ وَرَدَهَا حَاجّاً سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ سَبْعِینَ وَ خَمْسِمِائَةٍ وَ رَأَیْتُهُ یَلْتَفِتُ یَمْنَةً وَ یَسْرَةً فَسَأَلْتُهُ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ قَالَ إِنَّنِی لَأَعْلَمُ أَنَّ لِمَدِینَتِكُمْ هَذِهِ فَضْلًا جَزِیلًا قُلْتُ وَ مَا هُوَ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: صَحِبْتُ مَوْلَایَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِنْدَ وُرُودِهِ إِلَی صِفِّینَ وَ قَدْ وَقَفَ عَلَی تَلٍّ عَرِیرٍ(1) ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَی أَجَمَةٍ مَا بَیْنَ بَابِلَ وَ التَّلِّ وَ قَالَ مَدِینَةٌ وَ أَیُّ مَدِینَةٍ فَقُلْتُ لَهُ یَا مَوْلَایَ أَرَاكَ تَذْكُرُ مَدِینَةً أَ كَانَ هَاهُنَا مَدِینَةٌ وَ انْمَحَتْ آثَارُهَا فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ سَتَكُونُ مَدِینَةٌ یُقَالُ لَهَا الْحِلَّةُ السَّیْفِیَّةُ یَمْدُنُهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِی أَسَدٍ یَظْهَرُ بِهَا قَوْمٌ أَخْیَارٌ لَوْ أَقْسَمَ أَحَدُهُمْ عَلَی اللَّهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ.

بیان: عریر بالمهملتین أی مفرد و فی القاموس العریر الغریب فی القول أو بالمعجمتین أی منیع رفیع و الحلة بالكسر بلدة معروفة و وصفها بالسیفیة لأنها بناها سیف الدولة.

«56»- وَ وَجَدْتُ أَیْضاً بِخَطِّ الشَّیْخِ الْمُتَقَدِّمِ نَقْلًا مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ قُدِّسَ سِرُّهُ قَالَ الرَّاوَنْدِیُّ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ تَحْتَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةَ أَسَاطِینَ وَ سَمَّاهُ الضُّرَاحَ ثُمَّ بَعَثَ مَلَائِكَةً فَأَمَرَهُمْ بِبِنَاءِ بَیْتٍ فِی الْأَرْضِ بِمِثَالِهِ وَ قَدْرِهِ فَلَمَّا كَانَ الطُّوفَانُ رُفِعَ فَكَانَتِ الْأَنْبِیَاءُ یَحُجُّونَهُ وَ لَا یَعْلَمُونَ مَكَانَهُ حَتَّی بَوَّأَهُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ فَأَعْلَمَهُ مَكَانَهُ فَبَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ مِنْ حِرَاءَ وَ ثَبِیرٍ وَ لُبْنَانٍ وَ جَبَلِ الطُّورِ وَ جَبَلِ الْخَمَرِ.

قال الطبری و هو جبل بدمشق.

بیان: قال الفیروزآبادی الخمر بالتحریك جبل بالقدس و قال لبنان

ص: 223


1- 1. عزیز( خ).

بالضم جبل بالشام.

«57»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، قَالَ رَوَی الشَّرِیفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَیْنِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُثْمَانَ الْأَشَجِّ الْمَعْرُوفِ بِأَبِی الدُّنْیَا(1)

قَالَ حَدَّثَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ الْیَمَنِ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَبْغَضَهُمْ فَقَدْ أَبْغَضَنِی.

«58»- شَرْحُ النَّهْجِ لِابْنِ مِیثَمٍ، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ حَرْبِ الْجَمَلِ خَطَبَ النَّاسَ بِالْبَصْرَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ یَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا ثَلَاثاً وَ عَلَی اللَّهِ تَمَامُ الرَّابِعَةِ یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ أَعْوَانَ الْبَهِیمَةِ رَغَا(2)

فَأَجَبْتُمْ وَ عَقَرَ فَانْهَزَمْتُمْ (3) أَخْلَاقُكُمْ دِقَاقٌ وَ دِینُكُمْ نِفَاقٌ وَ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ (4) بِلَادُكُمْ أَنْتَنُ بِلَادِ اللَّهِ تُرْبَةً وَ أَبْعَدُهَا مِنَ السَّمَاءِ بِهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ الْمُحْتَبَسُ فِیهَا بِذَنْبِهِ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا بِعَفْوِ اللَّهِ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی قَرْیَتِكُمْ هَذِهِ وَ قَدْ طَبَّقَهَا الْمَاءُ حَتَّی مَا یُرَی مِنْهَا إِلَّا شُرَفُ الْمَسْجِدِ كَأَنَّهُ جُؤْجُؤُ طَیْرٍ فِی لُجَّةِ بَحْرٍ وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ إِذَا هُمْ رَأَوُا الْبَصْرَةَ قَدْ تَحَوَّلَتْ أَخْصَاصُهَا دُوراً وَ آجَامُهَا قُصُوراً فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ فَإِنَّهُ لَا بَصْرَةَ لَكُمْ یَوْمَئِذٍ

ص: 224


1- 1. حكی السیّد نعمة اللّٰه الجزائریّ عن السیّد هاشم بن الحسین الاحسائی عن أستاده الشیخ محمّد الحرفوشی قال: لما كنت بالشام عمدت یوما إلی مسجد مشهور بعید من العمران فرأیت شیخا أزهر الوجه علیه ثیاب بیض و هیئة جمیلة ... ثم تحققت منه الاسم و النسبة ثمّ بعد جهد طویل قال: أنا معمر أبو الدنیا المغربی صاحب أمیر المؤمنین علیه السلام و حضرت معه صفین و هذه الشجّة فی وجهی من رمحة فرسه- سلام اللّٰه علیه- ثم ذكر لی من الصفات و العلامات ما تحققت معه صدقه فی كل ما قال ثمّ استجزته كتب الاخبار فاجازنی عن أمیر المؤمنین و عن جمیع ائمتنا حتّی انتهی فی الاجازة إلی صاحب الدار- عجل اللّٰه فرجه- و له قصص عجیبة منها ما رواها عنه أبو محمّد العلوی حدثه بها فی دار عمه طاهر بن یحیی، و كیف كان فحدیثه یعد حسنا إن لم یكن صحیحا.
2- 2. أی صوت و ضج.
3- 3. فهربتم( خ).
4- 4. أی مر لا یطاق شربه.

ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ یَمِینِهِ فَقَالَ كَمْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الْأُبُلَّةِ فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ قَالَ لَهُ صَدَقْتَ فَوَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ خَصَّهُ بِالرِّسَالَةِ وَ عَجَّلَ بِرُوحِهِ إِلَی الْجَنَّةِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ كَمَا تَسْمَعُونَ مِنِّی أَنْ قَالَ یَا عَلِیُّ هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ بَیْنَ الَّتِی تُسَمَّی الْبَصْرَةُ وَ الَّتِی تُسَمَّی الْأُبُلَّةُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَ سَیَكُونُ فِی الَّتِی تُسَمَّی الْأُبُلَّةُ مَوْضِعُ أَصْحَابِ الْعُشُورِ یُقْتَلُ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ أُمَّتِی سَبْعُونَ أَلْفَ شَهِیدٍ هُمْ یَوْمَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ شُهَدَاءِ بَدْرٍ فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَنْ یَقْتُلُهُمْ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی قَالَ یَقْتُلُهُمْ إِخْوَانٌ وَ هُمْ جِیلٌ كَأَنَّهُمُ الشَّیَاطِینُ سُودٌ أَلْوَانُهُمْ مُنْتِنَةٌ أَرْوَاحُهُمْ شَدِیدٌ كَلَبُهُمْ قَلِیلٌ سَلَبُهُمْ طُوبَی لِمَنْ قَتَلُوهُ یَنْفِرُ لِجِهَادِهِمْ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ قَوْمٌ هُمْ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِینَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ مَجْهُولُونَ فِی الْأَرْضِ مَعْرُوفُونَ فِی السَّمَاءِ تَبْكِی السَّمَاءُ عَلَیْهِمْ وَ سُكَّانُهَا وَ الْأَرْضُ وَ سُكَّانُهَا ثُمَّ هَمَلَتْ عَیْنَاهُ بِالْبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ وَیْحَكَ یَا بَصْرَةُ مِنْ جَیْشٍ لَا رَهَجَ لَهُ وَ لَا حِسَّ فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا الَّذِی یُصِیبُهُمْ مِنْ قَبْلِ الْغَرَقِ مِمَّا ذَكَرْتَ وَ مَا الْوَیْحُ فَقَالَ هُمَا بَابَانِ فَالْوَیْحُ بَابُ رَحْمَةٍ وَ الْوَیْلُ بَابُ عَذَابٍ یَا ابْنَ الْجَارُودِ نَعَمْ تَارَاتٌ عَظِیمَةٌ مِنْهَا عُصْبَةٌ یَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ مِنْهَا فِتْنَةٌ یَكُونُ بِهَا إِخْرَابُ مَنَازِلَ وَ خَرَابُ دِیَارٍ وَ انْتِهَاكُ أَمْوَالٍ وَ سِبَاءُ نِسَاءٍ یُذْبَحْنَ ذَبْحاً یَا وَیْلُ أَمْرُهُنَّ حَدِیثٌ عَجِیبٌ وَ مِنْهَا أَنْ یَسْتَحِلَّ بِهَا الدَّجَّالُ الْأَكْبَرُ الْأَعْوَرُ الْمَمْسُوحُ الْعَیْنُ الْیُمْنَی وَ الْأُخْرَی كَأَنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ لَكَأَنَّهَا فِی الْحُمْرَةِ عَلَقَةٌ نَاتِئُ الْحَدَقَةِ كَهَیْئَةِ حَبَّةِ الْعِنَبِ الطَّافِیَةِ عَلَی الْمَاءِ فَیَتَّبِعُهُ مِنْ أَهْلِهَا عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ بِالْأُبُلَّةِ

مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنَاجِیلُهُمْ فِی صُدُورِهِمْ یُقْتَلُ مَنْ یُقْتَلُ وَ یَهْرُبُ مَنْ یَهْرُبُ ثُمَّ رَجْفٌ ثُمَّ قَذْفٌ ثُمَّ خَسْفٌ ثُمَّ مَسْخٌ ثُمَّ الْجُوعُ الْأَغْبَرُ ثُمَّ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ وَ هُوَ الْغَرَقُ یَا مُنْذِرُ إِنَّ لِلْبَصْرَةِ ثَلَاثَةَ أَسْمَاءٍ سِوَی الْبَصْرَةِ فِی الزُّبُرِ الْأَوَّلِ (1)

لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا الْعُلَمَاءُ مِنْهَا الْخَرِیبَةُ وَ مِنْهَا تَدْمُرُ وَ مِنْهَا الْمُؤْتَفِكَةُ وَ سَاقَ إِلَی أَنْ قَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِینَ خُطَّةَ شَرَفٍ وَ لَا كَرَمٍ إِلَّا وَ قَدْ جَعَلَ

ص: 225


1- 1. فی بعض النسخ المخطوطة« زبر الأول» و هو الصواب ظاهرا.

فِیكُمْ أَفْضَلَ ذَلِكَ وَ زَادَكُمْ مِنْ فَضْلِهِ بِمَنِّهِ مَا لَیْسَ لَهُمْ أَنْتُمْ أَقُومُ النَّاسِ قِبْلَةً قِبْلَتُكُمْ عَلَی الْمَقَامِ حَیْثُ یَقُومُ الْإِمَامُ بِ مَكَّةَ وَ قَارِئُكُمْ أَقْرَأُ النَّاسِ وَ زَاهِدُكُمْ أَزْهَدُ النَّاسِ وَ عَابِدُكُمْ أَعْبَدُ النَّاسِ وَ تَاجِرُكُمْ أَتْجَرُ النَّاسِ وَ أَصْدَقُهُمْ فِی تِجَارَتِهِ وَ مُتَصَدِّقُكُمْ أَكْرَمُ النَّاسِ صَدَقَةً وَ غَنِیُّكُمْ أَشَدُّ النَّاسِ بَذْلًا وَ تَوَاضُعاً وَ شَرِیفُكُمْ أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقاً وَ أَنْتُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ جِوَاراً وَ أَقَلُّهُمْ تَكَلُّفاً لِمَا لَا یَعْنِیهِ وَ أَحْرَصُهُمْ عَلَی الصَّلَاةِ فِی جَمَاعَةٍ ثَمَرَتُكُمْ أَكْثَرُ الثِّمَارِ وَ أَمْوَالُكُمْ أَكْثَرُ الْأَمْوَالِ وَ صِغَارُكُمْ أَكْیَسُ الْأَوْلَادِ وَ نِسَاؤُكُمْ أَمْنَعُ النِّسَاءِ وَ أَحْسَنُهُنَّ تَبَعُّلًا سَخَّرَ لَكُمُ الْمَاءَ یَغْدُو عَلَیْكُمْ وَ یَرُوحُ صَلَاحاً لِمَعَاشِكُمْ وَ الْبَحْرَ سَبَباً لِكَثْرَةِ أَمْوَالِكُمْ فَلَوْ صَبَرْتُمْ وَ اسْتَقَمْتُمْ لَكَانَتْ شَجَرَةُ طُوبَی لَكُمْ مَقِیلًا وَ ظِلًّا ظَلِیلًا غَیْرَ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ مَاضٍ وَ قَضَاءَهُ نَافِذٌ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِیعُ الْحِسابِ یَقُولُ اللَّهُ وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِیداً كانَ ذلِكَ فِی الْكِتابِ مَسْطُوراً(1) ثُمَّ سَاقَ الْخُطْبَةَ إِلَی قَوْلِهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی یَوْماً وَ لَیْسَ مَعَهُ غَیْرِی إِنَّ جَبْرَئِیلَ الرُّوحَ الْأَمِینَ حَمَلَنِی عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْمَنِ حَتَّی أَرَانِیَ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ أَعْطَانِی أَقَالِیدَهَا وَ عَلَّمَنِی مَا فِیهَا وَ مَا قَدْ كَانَ عَلَی ظَهْرِهَا وَ مَا یَكُونُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ لَمْ یَكْبُرْ ذَلِكَ عَلَیَّ كَمَا لَمْ یَكْبُرْ عَلَی أَبِی آدَمَ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَ لَمْ تَعْلَمْهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ إِنِّی رَأَیْتُ بُقْعَةً عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ تُسَمَّی الْبَصْرَةَ فَإِذَا هِیَ أَبْعَدُ الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَقْرَبُهَا مِنَ الْمَاءِ وَ إِنَّهَا لَأَسْرَعُ الْأَرْضِ خَرَاباً وَ أَخْشَنُهَا تُرَاباً وَ أَشَدُّهَا عَذَاباً وَ لَقَدْ خُسِفَ بِهَا فِی الْقُرُونِ الْخَالِیَةِ مِرَاراً وَ لَیَأْتِیَنَّ عَلَیْهَا زَمَانٌ وَ إِنَّ لَكُمْ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَی مِنَ الْمَاءِ لَیَوْماً عَظِیماً بَلَاؤُهُ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ مَوْضِعَ مُنْفَجَرِهِ مِنْ قَرْیَتِكُمْ هَذِهِ ثُمَّ أُمُورٌ قَبْلَ ذَلِكَ تَدْهَمُكُمْ عَظِیمَةٌ أُخْفِیَتْ عَنْكُمْ وَ عَلِمْنَاهَا فَمَنْ خَرَجَ عَنْهَا عِنْدَ دُنُوِّ غَرْقِهَا فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ سَبَقَتْ لَهُ وَ مَنْ بَقِیَ فِیهَا غَیْرَ مُرَابِطٍ بِهَا فَبِذَنْبِهِ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ.

توضیح: المؤتفكة المنقلبة و الانقلاب هنا إما حقیقة كقری قوم لوط أو لأنها غرقت كأنها انقلبت طبقها الماء بالتشدید أی غطاها و عمها و

ص: 226


1- 1. الإسراء: 58.

الأخصاص جمع خص بالضم بیت یعمل من الخشب و القصب و الآجام جمع أجمة بالتحریك و هی منبت القصب و قیل هی الشجر الكثیر الملتف و الأبلة بضم الهمزة و الباء و تشدید اللام الموضع الذی به مدینة البصرة الیوم و كان من قری البصرة و

بساتینها یومئذ و كانوا یعدونه إحدی الجنات الأربع و فی الأبلة الیوم موضع العشارین حسب ما أخبر به و الجیل بالكسر الصنف من الناس و قیل كل قوم یختصون بلغة فهم جیل و الأرواح جمع الریح بمعنی الرائحة و الكلب بالتحریك الشر و الأذی و شبه جنون یعرض لمن عضه الكلب الكلب و السلب بالتحریك ما یأخذه أحد القرنین فی الحرب من قرنه مما یكون علیه و معه من سلاح و ثیاب و دابة و غیرها ینفر لجهادهم أی یخرج لقتالهم و یقال هملت عینه أی فاضت بالدمع و الرهج بالتحریك الغبار و الحس بالكسر صوت المشی و الصوت الخفی و هو إشارة إلی صاحب الزنج كما مر و التارات جمر التارة بمعنی المرة أی فتن عظیمة مرة بعد أخری و العصبة بالضم الجماعة أو بالتحریك بمعنی الأقرباء و انتهاك الأموال أخذها بما لا یحل و سباء النساء بالكسر و المد أسرهن و یستحل بها الدجال أی یتخذها منزلا و یسكنها و الدجال من الدجل و هو الخلط و التلبیس و الكذب و وصفه بالأكبر یدل علی تعدد من یدعی الأباطیل و الأعور من ذهب إحدی عینیه و الممسوح صفة مخصصة للأعور و الناتئ المرتفع و طفا علی الماء علا و لم یرسب و الرجفة الزلزلة و الاضطراب و القذف الرمی بالحجارة و نحوها و الخسف الذهاب فی الأرض و خسف المكان أن یغیب فی الأرض و المسخ تحویل صورة إلی ما هو أقبح منها و وصف الجوع بالأغبر إما لأن الجوع یكون فی السنین المجدبة و سنوا الجدب تسمی غبرا لاغبرار آفاقها من قلة الأمطار و أرضیها من عدم النبات أو لأن وجه الجائع یشبه الوجه المغبر و الموت الأحمر یعبر به فی الأكثر عن القتل و فسر هنا بالغرق و الخریبة بضم الخاء المعجمة و فتح الراء المهملة و الباء الموحدة علم محلة من محال البصرة كانوا یسمونها البصرة الصغری و تدمر كتنصر من الدمار بمعنی الهلاك و فی اللغة أنها بلد بالشام

ص: 227

و الخطة بالضم الأمر و القصة و الأقالید جمع إقلید بالكسر و هو المفتاح و لم یكبر ذلك علی أی قویت علیه و قدرت أو لم أستعظمها من فضل ربی و التنوین فی زمان لتفخیم أی زمان شدید فظیع و المرابطة الإرصاد لحفظ الثغر.

«59»- أَقُولُ وَ رَوَی الْقَاضِی نُورُ اللَّهِ التُّسْتَرِیُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ مَجَالِسِ الْمُؤْمِنِینَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ حَرَماً وَ هُوَ مَكَّةُ أَلَا إِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ حَرَماً وَ هُوَ الْمَدِینَةُ أَلَا وَ إِنَّ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ حَرَماً وَ هُوَ الْكُوفَةُ أَلَا وَ إِنَّ قُمَّ الْكُوفَةُ الصَّغِیرَةُ أَلَا إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِیَةَ أَبْوَابٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا إِلَی قُمَّ تُقْبَضُ فِیهَا امْرَأَةٌ مِنْ وُلْدِی اسْمُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُوسَی وَ تُدْخَلُ بِشَفَاعَتِهَا شِیعَتِی الْجَنَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ.

«60»- وَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: یَا سَعْدُ مَنْ زَارَهَا فَلَهُ الْجَنَّةُ.

«61»- وَ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: إِذَا عَمَّتِ الْبُلْدَانَ الْفِتَنَ وَ الْبَلَایَا فَعَلَیْكُمْ بِ قُمَّ وَ حَوَالَیْهَا وَ نَوَاحِیهَا فَإِنَّ الْبَلَایَا مَدْفُوعٌ (1)

عَنْهَا.

«62»- وَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: لِلْجَنَّةِ ثَمَانِیَةُ أَبْوَابٍ فَثَلَاثَةٌ مِنْهَا لِأَهْلِ قُمَّ فَطُوبَی لَهُمْ ثُمَّ طُوبَی لَهُمْ.

«63»- وَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ قُمَّ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ قُمَّ سَقَی اللَّهُ بِلَادَهُمُ الْغَیْثَ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام.

«64»- وَ أَقُولُ رَوَی الشَّیْخُ الْأَجَلُّ عَبْدُ الْجَلِیلِ الرَّازِیُّ فِی كِتَابِ الْقَصَصِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِی إِلَی السَّمَاءِ مَرَرْتُ بِأَرْضٍ بَیْضَاءَ كَافُورِیَّةٍ شَمِمْتُ بِهَا رَائِحَةً طَیِّبَةً فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ مَا هَذِهِ الْبُقْعَةُ قَالَ یُقَالُ لَهَا آبَةُ عُرِضَتْ عَلَیْهَا رِسَالَتُكَ وَ وَلَایَةُ ذُرِّیَّتِكَ فَقَبِلَتْ وَ إِنَّ اللَّهَ یَخْلُقُ مِنْهَا رِجَالًا یَتَوَلَّوْنَكَ وَ یَتَوَلَّوْنَ ذُرِّیَّتَكَ فَبَارَكَ اللَّهُ عَلَیْهَا وَ عَلَی أَهْلِهَا.

«65»- مُعْجَمُ الْبُلْدَانِ، قَالَ رُوِیَ أَنَّهُ فِی التَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ: الرَّیُّ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْأَرْضِ وَ إِلَیْهَا مَتْجَرُ الْخَلْقِ.

وَ قَالَ الْأَصْمَعِیُّ: الرَّیُّ عَرُوسُ الدُّنْیَا وَ إِلَیْهَا مَتْجَرُ

ص: 228


1- 1. كذا فی جمیع النسخ التی بأیدینا، و الظاهر« مدفوعة».

النَّاسِ.

قَالَ وَ رُوِیَ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ الرَّیَّ وَ قَزْوِینَ وَ سَاوَةَ مَلْعُونَاتٌ مَشْئُومَاتٌ.

«66»- كَشْفُ الْغُمَّةِ، عَنِ ابْنِ أَعْثَمَ الْكُوفِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: وَیْحاً لِلطَّالَقَانِ فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَی بِهَا كُنُوزاً لَیْسَتْ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَا فِضَّةٍ وَ لَكِنْ بِهَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ عَرَفُوا اللَّهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَ هُمْ أَنْصَارُ الْمَهْدِیِّ فِی آخِرِ الزَّمَانِ.

«67»- وَ أَقُولُ وَجَدْتُ فِی أَصْلٍ عَتِیقٍ مِنْ أُصُولِ أَصْحَابِنَا أَظُنُّ أَنَّهُ لِوَالِدِ الصَّدُوقِ أَوْ مِمَّنْ عَاصَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ یُونُسَ الْمَوْصِلِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ عَنْ مُوسَی بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْكَاظِمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَزْوِینُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ.

«68»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، مِنْ عِدَّةِ كُتُبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَكَّةَ مَا أَطْیَبَكِ مِنْ بَلْدَةٍ وَ أَحَبَّكِ إِلَیَّ لَوْ لَا أَنَّ قَوْمَكِ أَخْرَجُونِی مِنْكِ مَا خَرَجْتُ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَا سَكَنْتُ غَیْرَكِ (1).

«69»- وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَنْطَلِقَ إِلَی الْمَدِینَةِ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَ قَامَ وَسَطَ الْمَسْجِدِ وَ الْتَفَتَ إِلَی الْبَیْتِ فَقَالَ إِنِّی لَأَعْلَمُ مَا وَضَعَ اللَّهُ فِی الْأَرْضِ بَیْتاً أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنْكَ وَ مَا فِی الْأَرْضِ بَلَدٌ أَحَبَّ إِلَیْهِ مِنْكَ وَ مَا خَرَجْتُ عَنْكَ رَغْبَةً وَ لَكِنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا هُمْ أَخْرَجُونِی (2).

«70»- كِتَابُ قِسْمَةِ أَقَالِیمِ الْأَرْضِ وَ بُلْدَانِهَا تَأْلِیفُ بَعْضِ الْمُخَالِفِینَ قَالَ: بَلَدُ الْمَهْدِیِّ مَدِینَةٌ حَسَنَةٌ حَصِینَةٌ بَنَاهَا الْمَهْدِیُّ الْفَاطِمِیُّ وَ حَصَّنَهَا وَ جَعَلَ لَهَا أَبْوَاباً مِنْ حَدِیدٍ فِی كُلِّ بَابٍ مَا یَزِیدُ عَلَی الْمِائَةِ قِنْطَارٍ وَ لَمَّا بَنَاهَا وَ أَحْكَمَهَا قَالَ الْآنَ أَمِنْتُ عَلَی الْفَاطِمِیِّینَ.

بیان: أقول لهذه المدینة قصة طویلة غریبة أوردتها فی كتاب الغیبة.

«71»- وَ مِنْ كِتَابِ الْمَذْكُورِ، قَالَ: دَخَلَ ذُو الْقَرْنَیْنِ جَزِیرَةً عَظِیمَةً فَوَجَدَ بِهَا قَوْماً قَدْ أَنْحَلَتْهُمُ الْعِبَادَةُ حَتَّی صَارُوا كَالْحُمَمِ السُّودِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ فَرَدُّوا عَلَیْهِ السَّلَامَ فَسَأَلَهُمْ مَا عَیْشُكُمْ یَا قَوْمِ فِی هَذَا الْمَكَانِ قَالُوا مَا رَزَقَنَا اللَّهُ مِنَ الْأَسْمَاكِ وَ أَنْوَاعِ النَّبَاتِ وَ نَشْرَبُ مِنْ هَذِهِ

ص: 229


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 123.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 123.

الْمِیَاهِ الْعَذْبَةِ قَالَ لَهُمْ أَ لَا أَنْقُلُكُمْ إِلَی عِیشَةٍ أَطْیَبَ مِمَّا أَنْتُمْ فِیهِ وَ أَخْصَبَ فَقَالُوا لَهُ وَ مَا نَصْنَعُ بِهِ إِنَّ عِنْدَنَا فِی جَزِیرَتِنَا هَذِهِ مَا یُغْنِی جَمِیعَ الْعَالَمِ وَ یَكْفِیهِمْ لَوْ صَارُوا إِلَیْهِ وَ أَقْبَلُوا عَلَیْهِ قَالَ وَ مَا هُوَ فَانْطَلَقُوا إِلَی وَادٍ لَا نِهَایَةَ لِطُولِهِ وَ عَرْضِهِ وَ هُوَ مُنَضَّدٌ مِنْ أَلْوَانِ الدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ الْبَلَخْشِ وَ الْأَحْجَارِ الَّتِی لَمْ تُرَ فِی الدُّنْیَا وَ الْجَوَاهِرِ الَّتِی لَا تُقَوَّمُ وَ رَأَی شَیْئاً لَا یَحْتَمِلُهُ الْعُقُولُ وَ لَا یُوصَفُ وَ لَوِ اجْتَمَعَ الْعَالَمُ عَلَی نَقْلِهِ أَوْ بَعْضِهِ لَعَجَزُوا فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ سُبْحَانَ مَنْ لَهُ الْمُلْكُ الْعَظِیمُ وَ یَخْلُقُ اللَّهُ مَا لَا یَعْلَمُهُ الْخَلَائِقُ ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِ مِنْ شَفِیرِ ذَلِكَ الْوَادِی حَتَّی أَتَوْا بِهِ إِلَی مُسْتَوٍ وَاسِعٍ مِنَ الْأَرْضِ بِهِ أَصْنَافُ الْأَشْجَارِ وَ أَنْوَاعُ الثِّمَارِ وَ أَلْوَانُ الْأَزْهَارِ وَ أَجْنَاسُ الْأَطْیَارِ وَ خَرِیرُ الْأَنْهَارِ وَ أَفْیَاءٌ وَ ظِلَالٌ وَ نَسِیمٌ ذُو اعْتِدَالٍ وَ نُزَهٌ وَ رِیَاضٌ وَ جَنَّاتٌ وَ غِیَاضٌ فَلَمَّا رَأَی ذُو الْقَرْنَیْنِ ذَلِكَ سَبَّحَ اللَّهَ الْعَظِیمَ وَ اسْتَصْغَرَ أَمْرَ الْوَادِی وَ مَا بِهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَنْظَرِ الْبَهِیجِ الزَّاهِرِ فَلَمَّا تَعَجَّبَ قَالُوا لَهُ فِی مُلْكِ مَلِكٍ فِی الدُّنْیَا بَعْضُ مَا تَرَی قَالَ لَا وَ حَقِّ عَالِمِ السِّرِّ وَ النَّجْوَی فَقَالُوا كُلُّ هَذَا بَیْنَ أَیْدِینَا وَ لَا تَمِیلُ أَنْفُسُنَا إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ وَ اقْتَنَعْنَا بِمَا نَقْوَی بِهِ عَلَی عِبَادَةِ الرَّبِّ الْخَالِقِ وَ مَنْ تَرَكَ لِلَّهِ شَیْئاً عَوَّضَهُ اللَّهُ خَیْراً مِنْهُ فَسِرْ عَنَّا وَ دَعْنَا بِحَالِنَا أَرْشَدَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ ثُمَّ وَدَّعُوهُ وَ فَارَقُوهُ وَ قَالُوا لَهُ دُونَكَ وَ الْوَادِیَ فَاحْمِلْ مِنْهُ مَا تُرِیدُ فَأَبَی أَنْ یَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ شَیْئاً قَالَ ثُمَّ أَتَی ذُو الْقَرْنَیْنِ جَزِیرَةً عَظِیمَةً فَرَأَی بِهَا قَوْماً لِبَاسُهُمْ وَرَقُ الشَّجَرِ وَ بُیُوتُهُمْ كُهُوفٌ فِی الصَّخْرِ وَ الْحَجَرِ فَسَأَلَهُمْ عَنْ مَسَائِلَ فِی الْحِكْمَةِ فَأَجَابُوهُ بِأَحْسَنِ جَوَابٍ وَ أَلْطَفِ خِطَابٍ فَقَالَ لَهُمْ سَلُوا حَوَائِجَكُمْ لِتُقْضَی فَقَالُوا لَهُ نَسْأَلُكَ الْخُلْدَ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ وَ أَنَّی بِهِ لِنَفْسِی وَ مَنْ لَا یَقْدِرُ عَلَی زِیَادَةِ نَفَسٍ مِنْ أَنْفَاسِهِ كَیْفَ یُبْلِغُكُمُ الْخُلْدَ فَقَالَ كَبِیرُهُمْ نَسْأَلُكَ صِحَّةً فِی أَبْدَانِنَا مَا بَقِینَا فَقَالَ وَ هَذَا أَیْضاً لَا أَقْدِرُ عَلَیْهِ فَقَالُوا فَعَرِّفْنَا بَقِیَّةَ أَعْمَارِنَا فَقَالَ لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ لِرُوحِی فَكَیْفَ بِكُمْ فَقَالُوا لَهُ فَرِّغْنَا نَطْلُبْ ذَلِكَ مِمَّنْ یَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ وَ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ وَ جَعَلَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَی كَثْرَةِ جُنُودِهِ وَ عَظَمَةِ مَوْكِبِهِ وَ بَیْنَهُمْ شَیْخٌ صُعْلُوكٌ لَا یَرْفَعُ رَأْسَهُ فَقَالَ لَهُ ذُو الْقَرْنَیْنِ مَا لَكَ لَا تَنْظُرُ إِلَی مَا یَنْظُرُ إِلَیْهِ النَّاسُ قَالَ الشَّیْخُ مَا أَعْجَبَنِی الْمُلْكُ الَّذِی رَأَیْتُهُ قَبْلَكَ حَتَّی أَنْظُرَ إِلَیْكَ وَ إِلَی مُلْكِكَ فَقَالَ

ص: 230

وَ مَا ذَاكَ قَالَ الشَّیْخُ كَانَ عِنْدَنَا مَلِكٌ وَ آخَرُ صُعْلُوكٌ (1)

فَمَاتَا فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ ثُمَّ جِئْتُ إِلَیْهِمَا وَ اجْتَهَدْتُ أَنْ أَعْرِفَ الْمَلِكَ مِنَ الصُّعْلُوكِ (2) فَلَمْ أَعْرِفْهُ قَالَ فَتَرَكَهُمْ ذُو الْقَرْنَیْنِ وَ انْصَرَفَ عَنْهُمْ.

«72»- الْعُیُونُ، عَنْ تَمِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا علیه السلام فَدَخَلَ عَلَیْهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ قُمَّ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِمْ وَ قَرَّبَهُمْ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ مَرْحَباً بِكُمْ وَ أَهْلًا فَأَنْتُمْ شِیعَتُنَا حَقّاً فَسَیَأْتِی عَلَیْكُمْ یَوْمٌ تَزُورُونَ فِیهِ تُرْبَتِی بِطُوسَ أَلَا فَمَنْ زَارَنِی وَ هُوَ عَلَی غُسْلٍ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَیَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ (3).

«73»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ السِّنَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیَّ علیه السلام یَقُولُ: أَهْلُ قُمَّ وَ أَهْلُ آبَةَ مَغْفُورٌ لَهُمْ لِزِیَارَتِهِمْ لِجَدِّی عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام بِطُوسَ أَلَا وَ مَنْ زَارَهُ فَأَصَابَهُ فِی طَرِیقِهِ قَطْرَةٌ مِنَ السَّمَاءِ حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَی النَّارِ(4).

«74»- الْكَافِی، عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی قَتَادَةَ جَمِیعاً عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَرْضِ الْخَیْلِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَمَرَّ بِفَرَسٍ (5) فَقَالَ عُیَیْنَةُ بْنُ حُصَیْنٍ إِنَّ مِنْ أَمْرِ هَذَا الْفَرَسِ كَیْتَ وَ كَیْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَرْنَا فَأَنَا أَعْلَمُ بِالْخَیْلِ مِنْكَ فَقَالَ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِالرِّجَالِ مِنْكَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی ظَهَرَ الدَّمُ فِی وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ فَأَیُّ الرَّجُلِ أَفْضَلُ فَقَالَ عُیَیْنَةُ بْنُ حُصَیْنٍ رِجَالٌ یَكُونُونَ بِنَجْدٍ یَضَعُونَ سُیُوفَهُمْ عَلَی عَوَاتِقِهِمْ وَ رِمَاحَهُمْ عَلَی كَوَاثِبِ خَیْلِهِمْ ثُمَّ یَضْرِبُونَ بِهَا قُدُماً

ص: 231


1- 1. صلعوك( خ).
2- 2. الصلعوك( خ).
3- 3. العیون: ج 2، ص 260.
4- 4. العیون: ج 2، ص 260.
5- 5. فی بعض النسخ« فمر به فرس».

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَبْتَ بَلْ رِجَالُ أَهْلِ الْیَمَنِ أَفْضَلُ الْإِیمَانُ یَمَانِیٌ (1)

وَ الْحِكْمَةُ یَمَانِیَّةٌ وَ لَوْ لَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ الْجَفَاءُ وَ الْقَسْوَةُ فِی الْفَدَّادِینَ أَصْحَابِ الْوَبَرِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ مِنْ حَیْثُ یَطْلُعُ قَرْنُ الشَّمْسِ وَ مَذْحِجٌ أَكْثَرُ قَبِیلٍ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ حَضْرَمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَ رَوَی بَعْضُهُمْ خَیْرٌ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِیَةَ وَ بَجِیلَةُ خَیْرٌ مِنْ رِعْلٍ وَ ذَكْوَانَ وَ إِنْ یَهْلِكْ لِحْیَانُ فَلَا أُبَالِی ثُمَّ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ جَمَداً وَ مِخْوَساً وَ مِشْرَحاً وَ أَبْضَعَةَ وَ أُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ لَعَنَ

اللَّهُ رِعْلًا وَ ذَكْوَانَ وَ عَضَلًا وَ لِحْیَانَ وَ الْمُجْذِمِینَ مِنْ أَسَدٍ وَ غَطَفَانَ وَ أَبَا سُفْیَانَ بْنَ حَرْبٍ وَ شَهْبَلًا ذَا الْأَسْنَانِ وَ ابْنَیْ مُلَیْكَةَ(2)

بْنِ جَزِیمٍ وَ مَرْوَانَ وَ هَوْذَةَ وَ هَوْنَةَ(3).

«75»- كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ، عَنْ مُعَلًّی الطَّحَّانِ عَنْ بُرَیْدِ بْنِ (4)

یَزِیدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشِیرٍ عَنِ ابْنِ عُیَیْنَةَ بْنِ حُصَیْنٍ قَالَ: عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً خَیْلًا وَ عِنْدَهُ أَبِی عُیَیْنَةَ بْنِ حُصَیْنِ بْنِ حُذَیْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا أَبْصَرُ بِالْخَیْلِ مِنْكَ فَقَالَ عُیَیْنَةُ وَ أَنَا أَبْصَرُ بِالرِّجَالِ مِنْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كَیْفَ قَالَ فَقَالَ إِنَّ خَیْرَ الرِّجَالِ الَّذِینَ یَضَعُونَ أَسْیَافَهُمْ عَلَی عَوَاتِقِهِمْ وَ یَعْرِضُونَ رِمَاحَهُمْ عَلَی مَنَاكِبِ خُیُولِهِمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَبْتَ إِنَّ خَیْرَ الرِّجَالِ أَهْلُ الْیَمَنِ وَ الْإِیمَانُ یَمَانٍ وَ أَنَا یَمَانِیٌّ وَ أَكْثَرُ قَبَائِلِ دُخُولِ الْجَنَّةِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَذْحِجٌ وَ حَضْرَمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ بَنِی الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِیَةَ حَیٍّ مِنْ كِنْدَةَ إِنْ یَهْلِكْ لِحْیَانُ فَلَا أُبَالِی فَلَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ جَمَداً وَ مِخْوَساً وَ مِشْرَحاً وَ أَبْضَعَةَ وَ أُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ.

بیان: قال الجوهری قال أبو عبیدة یقال كان من الأمر كیت و كیت بالفتح

ص: 232


1- 1. یمان( خ).
2- 2. ملكة( خ).
3- 3. الكافی: ج 8، ص 70- 72.
4- 4. و فی بعض النسخ« یزید بن جابر» و فی بعضها« یزید بن جابر» و أیا ما كان فلم نجد له ذكرا فی كتب الرجال.

و كیت و كیت بالكسر و التاء فیهما هاء فی الأصل فصارت تاء و فی النهایة الكواثب جمع كاثبة و هی من الفرس مجتمع كتفیه قدام السرج و قال رجل قدم بضمتین أی شجاع و مضی قدما أی لم یعرج و لم ینثن و قال فیه الإیمان یمان و الحكمة یمانیة إنما قال ذلك لأن الإیمان بدا من مكة و هی من تهامة و تهامة من أرض الیمن و لهذا یقال الكعبة الیمانیة و قیل إنه قال هذا القول للأنصار لأنهم یمانون و هم نصروا الإیمان و المؤمنین و آووهم فنسب الإیمان إلیهم و قال الجوهری الیمن بلاد للعرب و النسبة إلیهم یمنی و یمان مخففة و الألف عوض من یاء النسب فلا یجتمعان قال سیبویه و بعضهم یقول یمانی بالتشدید انتهی و قال فی شرح السنة هذا ثناء علی أهل الیمن لإسراعهم إلی الإیمان و حسن قبولهم إیاه.

قوله صلی اللّٰه علیه و آله لو لا الهجرة لعل المعنی لو لا أنی هجرت عن مكة لكنت الیوم من أهل الیمن إذ مكة منها أو المراد أنه لو لا أن المدینة كانت أولا دار هجرتی و اخترتها بأمر اللّٰه لاتخذت الیمن وطنا أو الغرض أنه لو لا أن الهجرة أشرف لعددت نفسی من الأنصار و فی النهایة فیه إن الجفاء و القسوة فی الفدادین الفدادون بالتشدید هم الذین تعلو أصواتهم فی حروثهم و مواشیهم واحدهم فداد یقال فد الرجل یفد فدیدا إذا اشتد صوته و قیل هم المكثرون من الإبل و قیل هم الجمالون و البقارون و الحمارون و الرعیان و قیل إنما هو الفدادین مخففا واحدها فدان مشددا و هی البقر التی یحرث بها و أهلها أهل جفاء و قسوة(1)

انتهی.

قوله أصحاب الوبر أی أهل البوادی فإن بیوتهم یتخذونها منه قوله من حیث یطلع قرن الشمس قال الجوهری قرن الشمس أعلاها و أول ما یبدو منها فی الطلوع انتهی و لعل المراد أهل البوادی من هاتین القبیلتین الكائنتین فی مطلع الشمس أی فی شرقی المدینة

و روی فی شرح السنة بإسناده عن عقبة بن عمرو قال أشار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بیده نحو الیمن فقال الإیمان یمان هاهنا إلا أن القسوة و غلظ القلوب فی الفدادین عند أصول أذناب الإبل حیث یطلع قرنا الشیطان فی ربیعة و مضر.

ص: 233


1- 1. فی النهایة: اهل جفاء و غلظة. ج 3، ص 187.

و بإسناده عن ابن عمر أنه قال رأیت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یشیر إلی المشرق و یقول إن الفتنة هاهنا إن الفتنة هاهنا من حیث یطلع قرن الشیطان.

و قال النووی قرنا الشیطان قبل المشرق أی جمعاه المغویان أو شیعتاه من الكفار یرید مزید تسلطه فی المشرق و كان ذلك فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و یكون حین یخرج الدجال من المشرق و هو فی ما بین ذلك منشأ الفتن العظیمة و مثار الترك العاتیة انتهی و لا یبعد أن یكون فی هذا الخبر أیضا قرن الشیطان فصحف و قال الجوهری مذحج كمسجد أبو قبیلة من الیمن و قال حضرموت اسم بلد و قبیلة أیضا و هما اسمان جعلا واحدا إن شئت بنیت الاسم الأول علی الفتح و أعربت الثانی بإعراب ما لا ینصرف قلت هذا حضرموت و إن شئت أضفت الأول إلی الثانی قلت هذا حضرموت أعربت حضرا و خفضت موتا و كذلك القول فی سام أبرص و رام هرمز و قال عامر بن صعصعة أبو قبیلة هو عامر بن صعصعة بن معاویة بن بكر بن هوازن و فی القاموس بجیلة كسفینة حی بالیمن من معد و رعل و ذكوان قبیلتان من بنی سلیم و قال لحیان أبو قبیلة و قال مخوس كمنبر و مشرح و جمد و أبضعة بنو معدیكرب الملوك الأربعة الذین لعنهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لعن أختهم العمردة وفدوا مع الأشعث فأسلموا ثم ارتدوا فقتلوا یوم النجیر فقالت نائحتهم یا عین بكی للملوك الأربعة و قال العمرد كعملس الطویل من كل شی ء إلی أن قال و بهاء أخت الذین لعنهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله انتهی و المجذمین لعل المراد بهم المنسوبون إلی الجذیمة و لعل أسدا و غطفان كلتیهما منسوبتان إلیها قال الجوهری جذیمة قبیلة من عبد القیس ینسب إلیهم جذمی بالتحریك و كذلك إلی جذیمة بنی أسد و قال الفیروزآبادی غطفان محركة حی من قیس و لعل شهبلا بالشین المعجمة و الباء الموحدة و فی بعض النسخ بالسین المهملة و الیاء المثناة اسم و كذا ما بعده إلی آخر الخبر أسماء رجال و أقول قد مضت الأخبار الكثیرة فی ذم البصرة فی كتب الفتن و سیأتی أخبار مدح الكوفة و الغری و كربلاء و طوس و مكة و المدینة فی كتاب المزار و كتاب الحج لم نوردها هاهنا حذرا من التكرار.

ص: 234

«76»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَیْدٍ الشَّعْرَانِیِّ مِنْ وُلْدِ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَقُولُ: حَكَی أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَصْرِیُّ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ حَمَادَوَیْهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ كَانَ قَدْ فُتِحَ عَلَیْهِ مِنْ كُنُوزِ مِصْرَ مَا لَمْ یُرْزَقْ أَحَدٌ قَبْلَهُ فَأُغْرِیَ بِالْهَرَمَیْنِ فَأَشَارَ عَلَیْهِ ثِقَاتُهُ وَ حَاشِیَتُهُ وَ بِطَانَتُهُ أَنْ لَا یَتَعَرَّضَ لِهَدْمِ الْأَهْرَامِ فَإِنَّهُ مَا تَعَرَّضَ أَحَدٌ لَهَا فَطَالَ عُمُرُهُ فَلَجَّ فِی ذَلِكَ وَ أَمَرَ أَلْفاً مِنَ الْفَعَلَةِ أَنْ یَطْلُبُوا الْبَابَ وَ كَانُوا یَعْمَلُونَ سَنَةً حَوَالَیْهِ حَتَّی ضَجِرُوا وَ كَلُّوا فَلَمَّا هَمُّوا بِالانْصِرَافِ بَعْدَ الْإِیَاسِ مِنْهُ وَ تَرْكِ الْعَمَلِ وَجَدُوا سَرَباً فَقَدَّرُوا أَنَّهُ الْبَابُ الَّذِی یَطْلُبُونَهُ فَلَمَّا بَلَغُوا آخِرَهُ وَجَدُوا بَلَاطَةً

قَائِمَةً مِنْ مَرْمَرٍ فَقَدَّرُوا أَنَّهَا الْبَابُ فَاحْتَالُوا فِیهَا إِلَی أَنْ قَلَعُوهَا وَ أَخْرَجُوهَا فَإِذَا عَلَیْهَا كِتَابَةٌ یُونَانِیَّةٌ فَجَمَعُوا حُكَمَاءَ مِصْرَ وَ عُلَمَاءَهَا فَلَمْ یَهْتَدُوا لَهَا وَ كَانَ فِی الْقَوْمِ رَجُلٌ یُعْرَفُ بِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَائِنِیِّ أَحَدُ حُفَّاظِ الدُّنْیَا وَ عُلَمَائِهَا فَقَالَ لِأَبِی الْحَسَنِ (1)

حَمَادَوَیْهِ بْنِ أَحْمَدَ أَعْرِفُ فِی بَلَدِ الْحَبَشَةِ أُسْقُفّاً قَدْ عُمِّرَ وَ أَتَی عَلَیْهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ سَنَةً یَعْرِفُ هَذَا الْخَطَّ وَ قَدْ كَانَ عَزَمَ عَلَی أَنْ یُعَلِّمَنِیهِ فَلِحِرْصِی عَلَی عِلْمِ الْعَرَبِ لَمْ أُقِمْ عَلَیْهِ وَ هُوَ بَاقٍ فَكَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ إِلَی مَلِكِ الْحَبَشَةِ یَسْأَلُهُ أَنْ یُحْمَلَ هَذَا الْأُسْقُفُّ إِلَیْهِ فَأَجَابَهُ أَنَّ هَذَا قَدْ طَعَنَ فِی السِّنِّ وَ حَطَمَهُ الزَّمَانُ وَ إِنَّمَا یَحْفَظُهُ هَذَا الْهَوَاءُ وَ یُخَافُ عَلَیْهِ إِنْ نُقِلَ إِلَی هَوَاءٍ آخَرَ وَ إِقْلِیمٍ آخَرَ وَ لَحِقَتْهُ حَرَكَةٌ وَ تَعَبٌ وَ مَشَقَّةُ السَّفَرِ أَنْ یَتْلَفَ وَ فِی بَقَائِهِ لَنَا شَرَفٌ وَ فَرَجٌ وَ سَكِینَةٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ شَیْ ءٌ یَقْرَؤُهُ أَوْ یُفَسِّرُهُ أَوْ(2)

مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُونَهُ فالكتب [فَاكْتُبْ] بِذَلِكَ فَحُمِلَتِ الْبَلَاطَةُ فِی قَارِبٍ إِلَی بَلَدِ أُسْوَانَ مِنَ الصَّعِیدِ الْأَعْلَی وَ حُمِلَتْ مِنْ أُسْوَانَ عَلَی الْعَجَلَةِ إِلَی بِلَادِ الْحَبَشَةِ وَ هِیَ قَرِیبَةٌ مِنْ أُسْوَانَ فَلَمَّا وَصَلَتْ قَرَأَهَا الْأُسْقُفُ وَ فَسَّرَ مَا فِیهَا بِالْحَبَشِیَّةِ ثُمَّ نُقِلَتْ إِلَی الْعَرَبِیَّةِ فَإِذَا فِیهَا مَكْتُوبٌ أَنَا الرَّیَّانُ بْنُ دَوْمَغٍ فَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّیَّانِ مَنْ هُوَ قَالَ هُوَ وَالِدُ الْعَزِیزِ مَلِكِ یُوسُفَ علیه السلام وَ اسْمُهُ الرَّیَّانُ بْنُ دَوْمَغٍ وَ قَدْ كَانَ

ص: 235


1- 1. الجیش( خ).
2- 2. و( خ).

عُمُرُ الْعَزِیزِ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ عُمُرُ الرَّیَّانِ وَالِدُهُ أَلْفٌ وَ سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ عُمُرُ دَوْمَغٍ ثَلَاثَةُ آلَافِ سَنَةٍ فَإِذَا فِیهَا أَنَا الرَّیَّانُ بْنُ دَوْمَغٍ خَرَجْتُ فِی طَلَبِ عِلْمِ النِّیلِ لِأَعْلَمَ فَیْضَهُ وَ مَنْبَعَهُ إِذْ كُنْتُ أَرَی مَغِیضَهُ (1)

فَخَرَجْتُ وَ مَعِی مِمَّنْ صَحِبْتُ أَرْبَعَةُ آلَافِ أَلْفِ رَجُلٍ فَسِرْتُ ثَمَانِینَ سَنَةً إِلَی أَنِ انْتَهَیْتُ إِلَی الظُّلُمَاتِ وَ الْبَحْرِ الْمُحِیطِ بِالدُّنْیَا فَرَأَیْتُ النِّیلَ یَقْطَعُ الْبَحْرَ الْمُحِیطَ وَ یَعْبُرُ فِیهِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ مَنْفَذٌ وَ تَمَاوَتَ أَصْحَابِی وَ بَقِیتُ (2)

فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَخَشِیتُ عَلَی مُلْكِی فَرَجَعْتُ إِلَی مِصْرَ وَ بَنَیْتُ الْأَهْرَامَ وَ الْبَرَابِیَّ وَ بَنَیْتُ الْهَرَمَیْنِ وَ أَوْدَعْتُهُمَا كُنُوزِی وَ ذَخَائِرِی وَ قُلْتُ فِی ذَلِكَ شِعْراً:

وَ أَدْرَكَ عِلْمِی بَعْضَ مَا هُوَ كَائِنٌ***وَ لَا عِلْمَ لِی بِالْغَیْبِ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ

وَ أَتْقَنْتُ مَا حَاوَلْتُ إِتْقَانَ صُنْعِهِ***وَ أَحْكَمْتُهُ وَ اللَّهُ أَقْوَی وَ أَحْكَمُ

وَ حَاوَلْتُ عِلْمَ النِّیلِ مِنْ بَدْءِ(3) فَیْضِهِ***فَأَعْجَزَنِی وَ الْمَرْءُ بِالْعَجْزِ مُلْجَمٌ

ثَمَانِینَ شَاهُوراً قَطَعْتُ مَسَایِحاً***وَ حَوْلِی بَنُو حُجْرٍ وَ جَیْشُ عَرَمْرَمٍ

إِلَی أَنْ قَطَعْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ كُلَّهُمْ***وَ عَارَضَنِی لُجٌّ مِنَ الْبَحْرِ مُظْلِمٌ

فَأَیْقَنْتُ أَنْ لَا مَنْفَذاً بَعْدَ مَنْزِلِی***لِذِی هَیْئَةٍ بَعْدِی وَ لَا مُتَقَدِّمٍ

فَأُبْتُ إِلَی مُلْكِی وَ أَرْسَیْتُ نَادِیاً***بِمِصْرَ وَ لا الأیام [لِلْأَیَّامِ] بُؤْسٌ وَ أَنْعُمٌ

أَنَا صَاحِبُ الْأَهْرَامِ فِی مِصْرَ كُلِّهَا***وَ بَانِی بَرَابِیهَا بِهَا وَ الْمُقَدَّمُ

تَرَكْتُ بِهَا آثَارَ كَفِّی وَ حِكْمَتِی***عَلَی الدَّهْرِ لَا تُبْلَی وَ لَا تَتَهَدَّمُ

وَ فِیهَا كُنُوزٌ جَمَّةٌ وَ عَجَائِبُ***وَ لِلدَّهْرِ أَمْرٌ مَرَّةً وَ تَهَجُّمٌ

سَیَفْتَحُ أَقْفَالِی وَ یُبْدِی عَجَائِبِی***وَلِیٌّ لِرَبِّی آخِرَ الدَّهْرِ یَسْجُمُ

بِأَكْنَافِ بَیْتِ اللَّهِ تَبْدُو أُمُورُهُ***وَ لَا بُدَّ أَنْ یَعْلُوَ وَ یَسْمُوَ بِهِ السَّمُ

ثَمَانٍ وَ تِسْعٌ وَ اثْنَتَانِ وَ أَرْبَعٌ***وَ تِسْعُونَ أُخْرَی مِنْ قَتِیلٍ وَ مُلْجَمٌ

ص: 236


1- 1. مفیضه( خ).
2- 2. فبقیت( خ).
3- 3. بعد( خ).

وَ مِنْ بَعْدِ هَذَا كَرَّ تِسْعُونَ تِسْعَةٌ***وَ تِلْكَ الْبَرَابِی تَسْتَخِرُّ وَ تُهْدَمُ

وَ تُبْدِی كُنُوزِی كُلَّهَا غَیْرَ أَنَّنِی***أَرَی كُلَّ هَذَا أَنْ یُفَرِّقَهُ الدَّمُ

رَمَزْتُ مَقَالِی فِی صُخُورٍ قَطَعْتُهَا***سَتَفْنَی وَ أَفْنَی بَعْدَهَا ثُمَّ أَعْدَمُ (1)

فَحِینَئِذٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ حَمَادَوَیْهِ بْنُ أَحْمَدَ هَذَا شَیْ ءٌ لَیْسَ لِأَحَدٍ فِیهَا حِیلَةٌ إِلَّا الْقَائِمَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ رُدَّتِ الْبَلَاطَةُ مَكَانَهَا كَمَا كَانَتْ ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ (2) بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ قَتَلَهُ طَاهِرٌ الْخَادِمُ عَلَی فِرَاشِهِ وَ هُوَ سَكْرَانُ وَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ عُرِفَ خَبَرُ الْهَرَمَیْنِ وَ مَنْ بَنَاهُمَا فَهَذَا أَصَحُّ مَا یُقَالُ فِی خَبَرِ النِّیلِ وَ الْهَرَمَیْنِ.

بیان: السرب بالتحریك الحفیر تحت الأرض و البلاطة بالفتح الحجارة التی تفرش فی الدار و القارب السفینة الصغیرة و الأسوان بالضم و یفتح بلد بالصعید بمصر كل ذلك ذكره الفیروزآبادی و قال الهرمان بالتحریك بناءان أولیان بناهما إدریس علیه السلام لحفظ العلوم فیهما عن الطوفان أو بناء سنان بن المشلشل أو بناء الأوائل لما علموا بالطوفان من جهة النجوم و فیهما كل طب و طلسم و هنالك إهرام صغار كثیرة انتهی و قال أبو ریحان فی كتاب الآثار الباقیة إن الفرس و عامة المجوس أنكروا الطوفان بكلیته و زعموا أن الملك متصل فیه من لدن كیومرث گل شاه الذی هو الإنسان الأول عندهم و وافقهم علی إنكارهم إیاه الهند و الصین و أصناف الأمم المشرقیة و أقر به بعض الفرس و وصفوه بغیر الصفة الموصف بها فی كتب الأنبیاء و قالوا كان من ذلك شی ء بالشام و المغرب فی زمان طهمورث لم یعم العمران كلها و لم یغرق فیه إلا أمم قلیلة و إنه لم یجاوز عقبة حلوان و لم یبلغ ممالك المشرق و قالوا إن أهل المغرب لما أنذر به حكماؤهم بنوا أبنیة كالهرمین المبنیتین فی أرض مصر و قالوا إذا كانت الآفة من السماء دخلناها و إذا كانت من الأرض صعدناها فزعموا أن آثار ماء الطوفان و تأثیرات الأمواج بینة علی أنصاف هذین الهرمین لم یجاوزهما و قیل إن یوسف علیه السلام بناهما و جعل فیهما الطعام و

ص: 237


1- 1. عدم( خ).
2- 2. ابا الجیش( خ).

المیرة سنی القحط و قالوا إن طهمورث لما اتصل به الإنذار و ذلك قبل كونه بمائتین و إحدی و ثلاثین سنة أمر باختیار موضع فی مملكته صحیح الهواء و التربة فلم یجدوا أحق بهذه الصفة من أصبهان فأمر بتجلید العلوم و دفنها فی أسلم المواضع منه و قد یشهد لذلك ما وجد فی زماننا یجی ء(1) من مدینة أصبهان من التلال التی انشقت عن بیوت مملوءة أعدالا كثیرة من لحاء الشجرة التی یلتبس بها القسی و الترسة و یسمی التوز مكتوبة بكتابة لم یدر ما هی و ما فیها انتهی.

«77»- الْمَنَاقِبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَیْضِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّوَانِیقِیُ (2) لِلصَّادِقِ علیه السلام تَدْرِی مَا هَذَا قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ جَبَلٌ هُنَاكَ یَقْطُرُ مِنْهُ فِی السَّنَةِ قَطَرَاتٌ فَیَجْمُدُ(3) فَهُوَ جَیِّدٌ لِلْبَیَاضِ یَكُونُ فِی الْعَیْنِ یُكْحَلُ بِهِ فَیَذْهَبُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِاسْمِهِ وَ حَالِهِ هَذَا جَبَلٌ كَانَ عَلَیْهِ نَبِیٌّ مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ هَارِباً مِنْ قَوْمِهِ فَعَبَدَ اللَّهَ عَلَیْهِ فَعَلِمَ قَوْمُهُ فَقَتَلُوهُ وَ هُوَ یَبْكِی عَلَی ذَلِكَ النَّبِیِّ وَ هَذِهِ الْقَطَرَاتُ مِنْ بُكَائِهِ لَهُ وَ مِنَ الْجَانِبِ (4) الْآخَرِ عَیْنٌ تَنْبُعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ لَا یُوصَلُ إِلَی تِلْكَ الْعَیْنِ (5).

«78»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، قَالَ أَخْرَجَ الزُّبَیْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِی الْمُوَفَّقِیَّاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: عَجَائِبُ الدُّنْیَا أَرْبَعَةٌ مِرْآةٌ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِمَنَارَةِ الْإِسْكَنْدَرِیَّةِ فَكَانَ یَجْلِسُ الْجَالِسُ تَحْتَهَا فَیُبْصِرُ مَنْ بِالْقُسْطَنْطَنِیَّةِ وَ بَیْنَهُمَا عَرْضُ الْبَحْرِ وَ فَرَسٌ كَانَ مِنْ نُحَاسٍ بِأَرْضِ أَنْدُلُسَ (6)

قَائِلًا بِكَفِّهِ كَذَا بَاسِطٌ یَدَهُ أَیْ لَیْسَ خَلْفِی مَسْلَكٌ فَلَا یَطَأُ تِلْكَ الْبِلَادَ أَحَدٌ إِلَّا أَكَلَتْهُ النَّمْلُ وَ مَنَارَةٌ مِنْ نُحَاسٍ عَلَیْهَا رَاكِبٌ مِنْ نُحَاسٍ بِأَرْضِ

ص: 238


1- 1. یجی ء( خ).
2- 2. الدوانیق( خ).
3- 3. كذا فی جمیع النسخ، و الظاهر« فتجمد».
4- 4. فی أكثر النسخ« و من جانب الآخر» و الصواب ما فی المتن موافقا لنسخة مخطوطة.
5- 5. المناقب: ج 4، ص 236.
6- 6. الاندلس( خ).

عَادَ فَإِذَا كَانَتِ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ [أكرم] هَطَلَ مِنْهُ الْمَاءُ وَ سَقُوا(1)

وَ صَبُّوا فِی الْحِیَاضِ فَإِذَا انْقَضَتِ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ انْقَطَعَ ذَلِكَ الْمَاءُ وَ شَجَرَةٌ مِنْ نُحَاسٍ عَلَیْهَا سُودَانِیَّةٌ(2)

مِنْ نُحَاسٍ بِأَرْضِ رُومِیَّةَ فَإِذَا كَانَ أَوَانُ الزَّیْتُونِ صَفَرَتِ السُّودَانِیَّةُ الَّتِی مِنْ نُحَاسٍ فَتَجِی ءُ كُلُّ سُودَانِیَّةٍ مِنَ الطَّیَّارَاتِ بِثَلَاثِ زَیْتُونَاتٍ زَیْتُونَتَیْنِ بِرِجْلَیْهَا وَ زَیْتُونَةٍ بِمِنْقَارِهَا حَتَّی تُلْقِیَهُ عَلَی تِلْكَ السُّودَانِیَّةِ الَّتِی هِیَ مِنْ نُحَاسٍ فَیَعْصِرُ أَهْلُ رُومِیَّةَ مَا یَكْفِیهِمْ لِإِدَامِهِمْ وَ سُرُجِهِمْ سَنَتَهُمْ إِلَی قَابِلٍ (3).

«79»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْیَمَنِ وَادِیاً یُقَالُ لَهُ وَادِی بَرَهُوتَ وَ لَا یُجَاوِزُ ذَلِكَ الْوَادِیَ إِلَّا الْحَیَّاتُ السُّودُ وَ الْبُومُ مِنَ الطَّیْرِ(4)

فِی ذَلِكَ الْوَادِی بِئْرٌ یُقَالُ لَهَا بَلَمُوتُ (5)

یُغْدَی وَ یُرَاحُ إِلَیْهَا بِأَرْوَاحِ الْمُشْرِكِینَ یُسْقَوْنَ مِنْ مَاءِ الصَّدِیدِ خَلْفَ ذَلِكَ الْوَادِی قَوْمٌ یُقَالُ لَهُمُ الذَّرِیحُ لَمَّا أَنْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله صَاحَ عِجْلٌ لَهُمْ فِیهِمْ وَ ضَرَبَ بِذَنَبِهِ وَ نَادَی فِیهِمْ یَا آلَ الذَّرِیحِ بِصَوْتٍ فَصِیحٍ أَتَی رَجُلٌ بِتِهَامَةَ یَدْعُو إِلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالُوا لِأَمْرٍ مَا أَنْطَقَ اللَّهُ هَذَا الْعِجْلَ قَالَ فَنَادَی فِیهِمْ ثَانِیَةً فَعَزَمُوا عَلَی أَنْ یَبْنُوا سَفِینَةً فَبَنَوْهَا وَ نَزَلَ فِیهَا سَبْعَةٌ مِنْهُمْ وَ حَمَلُوا مِنَ الزَّادِ مَا قَذَفَ اللَّهُ فِی قُلُوبِهِمْ ثُمَّ رَفَعُوا شِرَاعاً(6) وَ سَیَّبُوهَا فِی الْبَحْرِ فَمَا زَالَتْ تَسِیرُ بِهِمْ حَتَّی رَمَتْ بِهِمْ بِجُدَّةَ فَأَتَوُا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُمُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتُمْ أَهْلُ الذَّرِیحِ نَادَی فِیكُمُ الْعِجْلُ قَالُوا نَعَمْ قَالُوا اعْرِضْ عَلَیْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ الدِّینَ وَ الْكِتَابَ فَعَرَضَ عَلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ الدِّینَ وَ الْكِتَابَ وَ السُّنَنَ

ص: 239


1- 1. فی المصدر: فاذا كانت الأشهر الحرم هطل منه الماء فشرب الناس و سقوا.
2- 2. فی مخطوطة« سودائیة» و كذا فی ما یأتی.
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 97.
4- 4. فی المصدر: الطیور.
5- 5. فی بعض النسخ و كذا فی المصدر: بلهوت.
6- 6. فی بعض النسخ و كذا فی المصدر: شراعها.

وَ الْفَرَائِضَ وَ الشَّرَائِعَ كَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ وَلَّی عَلَیْهِمْ رَجُلًا مِنْ بَنِی هَاشِمٍ سَیَّرَهُ مَعَهُمْ فَمَا بَیْنَهُمُ اخْتِلَافٌ حَتَّی السَّاعَةَ(1).

«80»- حَیَاةُ الْحَیَوَانِ،: الْأَهْرَامُ مِنْ عَجَائِبِ أَبْنِیَةِ الدُّنْیَا وَ هِیَ قُبُورُ الْمُلُوكِ أَرَادُوا أَنْ یَتَمَیَّزُوا عَلَی سَائِرِ الْمُلُوكِ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ كَمَا تَمَیَّزُوا عَلَیْهِمْ فِی حَیَاتِهِمْ قِیلَ إِنَّ الْمَأْمُونَ لَمَّا وَصَلَ إِلَی مِصْرَ أَمَرَ بِنَقْبِ أَحَدِ الْهَرَمَیْنِ فَنَقَبَ بَعْدَ جُهْدٍ جَهِیدٍ وَ غَرَامَةِ نَفَقَةٍ عَظِیمَةٍ فَوَجَدَ دَاخِلَهُ مَرَاقٍ و قَهَاوٍ یَعْسِرُ سُلُوكُهَا وَ وُضِعَ فِی أَعْلَاهَا بَیْتٌ مُكَعَّبٌ طُولُ كُلِّ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ ثَمَانِیَةُ أَذْرُعٍ وَ فِی وَسَطِهِ حَوْضٌ فِیهِ مِائَةُ رُمَّةٍ بَالِیَةٍ قَدْ أَتَتْ عَلَیْهَا الْعُصُورُ فَكَفَّ عَنْ نَقْبِ مَا سِوَاهُ وَ نُقِلَ أَنَّ هِرْمِسَ الْأَوَّلَ أَخْنُوخُ وَ هُوَ إِدْرِیسُ علیه السلام اسْتَدَلَّ مِنْ أَحْوَالِ الْكَوَاكِبِ عَلَی كَوْنِ الطُّوفَانِ فَأَمَرَ بِبُنْیَانِ الْأَهْرَامِ وَ یُقَالُ إِنَّهُ ابْتَنَاهَا فِی مُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ كَتَبَ فِیهَا قُلْ لِمَنْ یَأْتِی بَعْدَنَا یَهْدِمُهَا فِی سِتِّمِائَةِ عَامٍ وَ الْهَدْمُ أَیْسَرُ مِنَ الْبُنْیَانِ وَ كَسَوْنَاهَا الدِّیبَاجَ فَلْیَكْسُهَا الْحُصُرَ وَ الْحُصُرُ أَیْسَرُ مِنَ الدِّیبَاجِ وَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِیِّ فِی كِتَابِ

سَلْوَةِ الْأَحْزَانِ وَ مِنْ عَجَائِبِ الْهَرَمَیْنِ أَنَّ سَمْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ رُخَامٍ وَ زُمُرُّدٍ وَ فِیهَا مَكْتُوبٌ أَنَا بَنَیْتُهَا(2)

بِمُلْكِی فَمَنِ ادَّعَی قُوَّةً فَلْیَهْدِمْهَا(3)

فَإِنَّ الْهَدْمَ أَیْسَرُ مِنَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ الْمُنَادِی بَلَغَنَا أَنَّهُمْ قَدَّرُوا خَرَاجَ الدُّنْیَا مِرَاراً فَإِذَا هُوَ لَا یَقُومُ بِهَدْمِهَا وَ اللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 240


1- 1. روضة الكافی: 261.
2- 2. بنیتهما( خ).
3- 3. فلیهمدهما( خ).

باب 37 نادر

أقول: وجدت فی بعض الكتب القدیمة هذه الروایة فأوردتها بلفظها و وجدتها أیضا فی كتاب ذكر الأقالیم و البلدان و الجبال و الأنهار و الأشجار مع اختلاف یسیر فی المضمون و تباین كثیر فی الألفاظ أشرت إلی بعضها فی سیاق الروایة و هی هذه.

مَسَائِلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَ كَانَ اسْمُهُ إِسْمَاوِیلَ فَسَمَّاهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدَ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا بُعِثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ عَلِیّاً أَنْ یَكْتُبَ كِتَاباً إِلَی الْكُفَّارِ وَ إِلَی النَّصَارَی وَ إِلَی الْیَهُودِ فَكَتَبَ كِتَاباً أَمْلَاهُ جَبْرَئِیلُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی یَهُودِ خَیْبَرَ أَمَّا بَعْدُ فَ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ ... وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ ثُمَّ خَتَمَ الْكِتَابَ وَ أَرْسَلَهُ إِلَی یَهُودِ خَیْبَرَ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَیْهِمْ أَتَوْا إِلَی شَیْخِهِمْ ابْنِ سَلَامٍ فَقَالُوا یَا ابْنَ سَلَامٍ هَذَا كِتَابُ مُحَمَّدٍ إِلَیْكَ فَاقْرَأْهُ عَلَیْنَا فَقَرَأَهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ مَا تُرِیدُونَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ وَ قَدْ أَرَی فِیهِ عَلَامَاتٍ وَجَدْنَا فِی التَّوْرَاةِ أَنَّ هَذَا الَّذِی بَشَّرَنَا بِهِ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ فَقَالُوا یَنْسَخُ كِتَابَنَا وَ یُحَرِّمُ عَلَیْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا مِنْ قَبْلُ فَقَالَ لَهُمْ ابْنُ سَلَامٍ یَا قَوْمِ اخْتَرْتُمُ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ وَ الْعَذَابَ عَلَی الْمَغْفِرَةِ فَقَالُوا یَا ابْنَ سَلَامٍ لَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ عَلَی دِینِنِا لَكَانَ أَحَبَّ إِلَیْنَا مِنْ غَیْرِهِ فَقَالَ أَنَا أَرُوحُ إِلَیْهِ وَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَشْیَاءَ مِنَ التَّوْرَاةِ فَإِنْ أَجَابَنِی عَنْهَا دَخَلْتُ فِی دِینِهِ وَ خَلَّیْتُ دِیْنَ الْیَهُودِیَّةِ وَ قَامَ وَ أَخَذَ التَّوْرَاةَ وَ اسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَلْفَ مَسْأَلَةٍ وَ أَرْبَعَمِائَةِ مَسْأَلَةٍ وَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ مِنْ غَامِضِ الْمَسَائِلِ فَأَخَذَهَا وَ أَتَی بِهَا إِلَی مُحَمَّدٍ وَ هُوَ فِی مَسْجِدِهِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ وَ عَلَی أَصْحَابِكَ فَقَالُوا وَ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَنْ أَنْتَ یَا هَذَا الرَّجُلُ قَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَ

ص: 241

أَنَا مِنْ رُسُلِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ مِمَّنْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَ أَنَا رَسُولُ الْیَهُودِ إِلَیْكَ مَعَ شَیْ ءٍ لِتُبَیِّنَهُ لَنَا مَا هُوَ وَ أَنْتَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اجْلِسْ یَا ابْنَ سَلَامٍ وَ سَلْ عَمَّا شِئْتَ وَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَمَّا تَسْأَلُنِی عَنْهُ فَقَالَ أَخْبِرْنِی یَا مُحَمَّدُ فَإِنَّنِی أَزْدَادُ فِیكَ یَقِیناً فَقَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ جِئْتَ تَسْأَلُنِی عَنْ أَلْفِ مَسْأَلَةٍ وَ أَرْبَعِمِائَةِ مَسْأَلَةٍ وَ أَرْبَعِ مَسَائِلَ نَسَخْتَهَا مِنَ التَّوْرَاةِ فَنَكَسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رَأْسَهُ وَ بَكَی وَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَقَالَ أَ نَبِیٌّ أَنْتَ أَمْ رَسُولٌ فَقَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِی نَبِیّاً وَ رَسُولًا وَ أَنَا خَاتَمُ النَّبِیِّینَ أَ فَمَا قَرَأْتَ فِی التَّوْرَاةِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِینَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَی الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً(1) الْآیَةَ وَ أُنْزِلَ عَلَیَ ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ (2) قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی أَ كَلِیمٌ أَنْتَ أَمْ وَحِیٌّ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ بَلْ وَحِیٌّ یَأْتِینِی بِهِ جَبْرَائِیلُ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی كَمْ خَلَقَ اللَّهُ نَبِیّاً مِنْ بَنِی آدَمَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ خَلَقَ اللَّهُ مِائَةَ أَلْفِ نَبِیٍّ وَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِینَ أَلْفَ نَبِیٍّ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی كَمِ الْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ كَانَ الْمُرْسَلُونَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَنْ كَانَ أَوَّلَ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ آدَمُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی آدَمُ كَانَ نَبِیّاً مُرْسَلًا قَالَ نَعَمْ أَ فَمَا قَرَأْتَ فِی التَّوْرَاةِ قالَ یا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ (3) الْآیَةَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ رُسُلِ الْعَرَبِ كَمْ كَانُوا قَالَ سِتَّةٌ(4) أَوَّلُهُمْ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ لُوطٌ وَ صَالِحٌ وَ شُعَیْبٌ وَ مُحَمَّدٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ كَانَ بَیْنَ مُوسَی وَ عِیسَی مِنْ نَبِیٍّ قَالَ أَلْفٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَعَلَی أَیِّ دِیْنٍ كَانُوا قَالَ عَلَی دِینِ اللَّهِ تَعَالَی وَ دِینِ مَلَائِكَتِهِ وَ دِیْنِ الْإِسْلَامِ قَالَ وَ مَا الْإِسْلَامُ وَ مَا الْإِیمَانُ قَالَ أَمَّا الْإِسْلَامُ فَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءُ الزَّكَاةِ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْحَجُّ إِلَی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَیْهِ سَبِیلًا وَ أَمَّا الْإِیمَانُ فَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ الْكِتَابِ وَ النَّبِیِّینَ وَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ الْقَدْرِ

ص: 242


1- 1. الفتح: 29.
2- 2. الأحزاب: 40.
3- 3. البقرة: 33.
4- 4. سبعة( خ).

خَیْرِهِ وَ شَرِّهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی كَمْ مِنْ دِینِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ دِینٌ وَاحِدٌ وَ هُوَ الْإِسْلَامُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَبِمَ كَانَتِ الشَّرَائِعُ قَالَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِی الْأُمَمِ الْمَاضِیَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَهْلُ الْجَنَّةِ یَدْخُلُونَ بِالْإِسْلَامِ أَمْ بِالْإِیمَانِ أَمْ بِأَعْمَالِهِمْ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ اسْتَوْجَبُوا الْجَنَّةَ بِالْإِیمَانِ وَ یَدْخُلُونَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ یَقْسِمُونَهَا(1)

بِأَعْمَالِهِمْ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ كِتَاباً قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةَ كِتَابٍ وَ أَرْبَعَةَ كُتُبٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَلَی مَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْكُتُبُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی آدَمَ أَرْبَعَ (2) عَشْرَةَ صَحِیفَةً وَ أَنْزَلَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ عِشْرِینَ صَحِیفَةً وَ فِی قَوْلٍ أَرْبَعَ (3)

عَشْرَةَ صَحِیفَةً وَ عَلَی شِیثِ بْنِ آدَمَ خَمْسِینَ صَحِیفَةً وَ أَنْزَلَ عَلَی إِدْرِیسَ ثَلَاثِینَ (4) صَحِیفَةً وَ أَنْزَلَ الزَّبُورَ عَلَی دَاوُدَ وَ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَی مُوسَی وَ أَنْزَلَ الْإِنْجِیلَ عَلَی عِیسَی وَ أَنْزَلَ عَلَیَّ الْفُرْقَانَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَهَلْ أَنْزَلَ عَلَیْكَ كِتَاباً قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ أَیُّ كِتَابٍ هُوَ قَالَ الْفُرْقَانُ قَالَ یَا مُحَمَّدُ لِمَ سَمَّاهُ الرَّبُّ فُرْقَاناً قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِأَنَّهُ یَفْرُقُ الْآیَاتِ وَ السُّوَرَ وَ أُنْزِلَ بِغَیْرِ الْأَلْوَاحِ وَ غَیْرِ الصُّحُفِ وَ التَّوْرَاةُ وَ الْإِنْجِیلُ وَ الزَّبُورُ كُلُّهَا جُمْلَةً فِی الْأَلْوَاحِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَهَلْ فِی كِتَابِكَ شَیْ ءٌ مِنْ هَذِهِ الصُّحُفِ قَالَ نَعَمْ یَا ابْنَ سَلَامٍ قَالَ مَا هُوَ یَا مُحَمَّدُ فَقَرَأَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّی إِلَی قَوْلِهِ صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسی (5) قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا ابْتِدَاءُ الْقُرْآنِ

وَ مَا خَتْمُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ ابْتِدَاؤُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ خَتْمُهُ صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ خَمْسَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ بِیَدِهِ مَا هِیَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ بِیَدِهِ وَ غَرَسَ شَجَرَةَ طُوبَی بِیَدِهِ وَ صَوَّرَ آدَمَ بِیَدِهِ وَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ بِیَدِهِ وَ بَنَی السَّمَاوَاتِ بِیَدِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ وَ السَّماواتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تَعَالَی وَ السَّماءَ

ص: 243


1- 1. یقتسمونها( خ).
2- 2. كذا.
3- 3. كذا.
4- 4. عشرین( خ).
5- 5. الأعلی: 19.

بَنَیْناها بِأَیْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ (1) قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِی مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا قَالَ أَخْبَرَنِی جَبْرَائِیلُ قَالَ عَنْ مَنْ قَالَ عَنْ مِیكَائِیلَ قَالَ عَنْ مَنْ قَالَ عَنْ إِسْرَافِیلَ قَالَ عَنْ مَنْ قَالَ عَنِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَالَ عَنْ مَنْ قَالَ عَنِ الْقَلَمِ قَالَ عَنْ مَنْ قَالَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ وَ كَیْفَ ذَلِكَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْمُرُ اللَّهُ الْقَلَمَ یَكْتُبُ فِی اللَّوْحِ وَ یُنْزَلُ فِی اللَّوْحِ عَلَی إِسْرَافِیلَ وَ یُبَلِّغُ إِسْرَافِیلُ مِیكَائِیلَ وَ یُبَلِّغُ مِیكَائِیلُ جَبْرَائِیلَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ جَبْرَائِیلَ فِی زِیِّ الذُّكْرَانِ أَمْ فِی زِیِّ الْإِنَاثِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ بَلْ هُوَ فِی زِیِّ الذُّكْرَانِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا طَعَامُهُ وَ مَا شَرَابُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ طَعَامُهُ التَّسْبِیحُ وَ شَرَابُهُ التَّهْلِیلُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا طُولُهُ وَ مَا عَرْضُهُ وَ مَا صِفَتُهُ وَ مَا لِبَاسُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ عَلَی قَدْرِ الْمَلَائِكَةِ لَا بِالطَّوِیلِ الْأَعْلَی وَ لَا بِالْقَصِیرِ الْأَدْنَی أَغَرُّ مَكْحُولٌ ضَوْؤُهُ كَضَوْءِ النَّهَارِ عِنْدَ ظُلْمَةِ اللَّیْلِ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ جَنَاحاً خَضْرَاءَ(2)

مُكَلَّلَةً بِالدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ مَخْتُومَةً بِاللُّؤْلُؤِ عَلَیْهِ وِشَاحٌ بِطَانَتُهُ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ ظِهَارَتُهُ الْوَقَارُ وَ الْكَرَامَةُ وَجْهُهُ كَالزَّعْفَرَانِ أَقْنَی الْأَنْفِ مُدَوَّرُ الْحَدَقِ (3)

لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ لَا یَمَلُّ وَ لَا یَسْهُو وَ هُوَ قَائِمٌ بِوَحْیِ اللَّهِ تَعَالَی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ بَدْءِ خَلْقِ الدُّنْیَا وَ أَخْبِرْنِی عَنْ بَدْءِ خَلْقِ آدَمَ كَیْفَ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی قَالَ نَعَمْ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ وَ لَا إِلَهَ غَیْرُهُ خَلَقَهُ مِنْ طِینٍ بِیَدِهِ وَ خَلَقَ الطِّینَ مِنَ الزَّبَدِ وَ خَلَقَ الزَّبَدَ مِنَ الْمَوْجِ وَ خَلَقَ الْمَوْجَ مِنَ الْمَاءِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ لِمَ سُمِّیَ آدَمَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ طِینِ الْأَرْضِ وَ أَدِیمِهَا قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَآدَمُ خُلِقَ مِنَ الطِّینِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ مِنْ طِینٍ وَاحِدٍ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ بَلْ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنَ الطِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ أَنَّ آدَمَ خُلِقَ مِنْ طِینٍ وَاحِدٍ لَمَا عَرَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ كَانُوا عَلَی صُورَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ هَلْ لَهُمْ مَثَلٌ بِذَلِكَ (4) فِی الدُّنْیَا قَالَ نَعَمْ یَا ابْنَ سَلَامٍ

ص: 244


1- 1. الزمر: 67.
2- 2. خضرا( خ).
3- 3. الحدقة( خ).
4- 4. فی مخطوطة: هل هم كذلك فی الدنیا.

أَ فَمَا تَنْظُرُ إِلَی التُّرَابِ مِنْهُ أَبْیَضُ وَ مِنْهُ أَسْوَدُ وَ مِنْهُ أَحْمَرُ وَ مِنْهُ أَصْفَرُ وَ مِنْهُ أَشْقَرُ وَ مِنْهُ أَغْبَرُ وَ مِنْهُ أَزْرَقُ وَ فِیهِ عَذْبٌ وَ خَشِنٌ وَ فِیهِ لَیِّنٌ وَ كَذَلِكَ بَنُو آدَمَ فِیهِمْ خَشِنٌ وَ فِیهِمْ لَیِّنٌ وَ فِیهِمْ عَذْبٌ كَذَلِكَ التُّرَابُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَنْ آدَمُ لَمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَیْنَ دَخَلَتِ الرُّوحُ فِیهِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ دَخَلَتْ مِنْ فِیهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ أَ دَخَلَتْ فِیهِ عَلَی رِضًا أَمْ عَلَی كُرْهٍ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَدْخَلَهُ (1) اللَّهُ كُرْهاً وَ یُخْرِجُهَا كُرْهاً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ مَا قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ یا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَیْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِینَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَكَمْ أَكَلَ مِنْهَا حَبَّةً قَالَ حَبَّتَیْنِ قَالَ وَ كَمْ أَكَلَتْ حَوَّاءُ قَالَ حَبَّتَیْنِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا صِفَةُ الشَّجَرَةِ وَ كَمْ لَهَا غُصْنٌ (2)

وَ كَمْ كَانَ طُولُ السُّنْبُلَةِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ كَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَغْصَانٍ وَ كَانَ طُولُ كُلِّ سُنْبُلَةٍ ثَلَاثَةَ أَشْبَارٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَكَمْ سُنْبُلَةً فَرَّكَ مِنْهَا آدَمُ قَالَ سُنْبُلَةً وَاحِدَةً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَكَمْ كَانَ فِی السُّنْبُلَةِ مِنْ حَبَّةٍ قَالَ كَانَ فِیهَا خَمْسُ حَبَّاتٍ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا صِفَةُ الْحَبَّةِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْبَیْضِ الْكِبَارِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْحَبَّةِ الَّتِی بَقِیَتْ مَعَ آدَمَ مَا صَنَعَ بِهَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أُنْزِلَتْ مَعَ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ فَزَرَعَ آدَمُ تِلْكَ الْحَبَّةَ فَتَنَاسَلَ مِنْ تِلْكَ الْحَبَّةِ الْبَرَكَةُ(3)

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ أَیْنَ أُهْبِطَ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ أُهْبِطَ بِالْهِنْدِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَیْنَ أُهْبِطَتْ حَوَّاءُ قَالَ بِجُدَّةَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَیْنَ أُهْبِطَتِ الْحَبَّةُ(4) قَالَ بِأَصْبَهَانَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَیْنَ أُهْبِطَ إِبْلِیسُ قَالَ بِبَیْسَانَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ مَا أَغْزَرَ عِلْمَكَ وَ مَا أَصْدَقَ لِسَانَكَ فَأَخْبِرْنِی مَا كَانَ لِبَاسُ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ ثَلَاثَ أَوْرَاقٍ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ مُتَوَشِّحاً بِالْوَاحِدَةِ مُتَّزِراً بِالْأُخْرَی مُتَعَمِّماً بِالثَّالِثَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی فِی أَیِّ مَكَانٍ اجْتَمَعَا قَالَ بِعَرَفَاتٍ

ص: 245


1- 1. كذا.
2- 2. كذا.
3- 3. فتناسل منها الحب فی الأرض فبورك فیها.
4- 4. فی بعض النسخ« الحیة».

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ آدَمَ أَمْ آدَمُ مِنْ حَوَّاءَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ آدَمَ وَ لَوْ أَنَّ خُلِقَ مِنْ حَوَّاءَ لَكَانَ الطَّلَاقُ بِیَدِ النِّسَاءِ وَ لَمْ یَكُنْ بِیَدِ الرِّجَالِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی خُلِقَتْ مِنْ كُلِّهِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ قَالَ خُلِقَتْ مِنْ بَعْضِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ كُلِّهِ لَكَانَ الْقَضَاءُ فِی النِّسَاءِ وَ لَمْ یَكُنْ فِی الرِّجَالِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ بَاطِنِهِ خُلِقَتْ أَمْ مِنْ ظَاهِرِهِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ بَلْ خُلِقَتْ مِنْ بَاطِنِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ ظَاهِرِهِ لَكَشَفَتِ النِّسَاءُ مِنْ أَبْدَانِهِنَّ كَمَا تَكْشِفُ الرِّجَالُ قَالَ فَمِنْ یَمِینِهِ خُلِقَتْ أَمْ مِنْ شِمَالِهِ قَالَ بَلْ خُلِقَتْ مِنْ شِمَالِهِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مِنْ یَمِینِهِ لَكَانَ حَظُّ الْأُنْثَی مِثْلَ حَظِّ الذَّكَرِ وَ شَهَادَتُهَا كَشَهَادَتِهِ وَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جَعَلَ اللَّهُ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَیَیْنِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مِنْ أَیِّ مَوْضِعٍ خُلِقَتْ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعِهِ الْأَقْصَرِ(1)

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَنْ كَانَ یَسْكُنُ الْأَرْضَ قَبْلَ آدَمَ قَالَ الْجِنُّ قَالَ فَبَعْدَ الْجِنِّ قَالَ الْمَلَائِكَةُ قَالَ فَبَعْدَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ آدَمُ وَ ذُرِّیَّتُهُ قَالَ وَ كَمْ كَانَ بَیْنَ الْجِنِّ وَ بَیْنَ آدَمَ قَالَ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ آدَمَ فَهَلْ حَجَّ إِلَی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَنْ حَلَقَ رَأْسَ آدَمَ قَالَ جَبْرَئِیلُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی هَلِ اخْتَتَنَ آدَمُ أَمْ لَا قَالَ نَعَمْ یَا ابْنَ سَلَامٍ خَتَنَ نَفْسَهُ بِیَدِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ

فَأَخْبِرْنِی عَنِ الدُّنْیَا لِمَ سُمِّیَتْ دُنْیَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِأَنَّ الدُّنْیَا خُلِقَتْ مِنْ دُونِ الْآخِرَةِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مَعَ الْآخِرَةِ لَمْ تَفْنَ كَمَا لَمْ تَفْنَ (2) الْآخِرَةُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْقِیَامَةِ لِمَ سُمِّیَتْ قِیَامَةً قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِأَنَّ مُقَامَ الْخَلَائِقِ فِیهَا لِلْحِسَابِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی لِمَ سُمِّیَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً قَالَ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهَا بَعْدَ الدُّنْیَا لَا یُوصَفُ سِنْوُهَا وَ لَا تُحْصَی أَیَّامُهَا وَ لَا یَمُوتُ سَاكِنُهَا قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ یَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی الدُّنْیَا فِیهِ قَالَ یَوْمَ الْأَحَدِ قَالَ وَ لِمَ سَمَّاهُ أَحَداً قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ أَحَدٌ فَرْدٌ صَمَدٌ لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَالْإِثْنَیْنِ لِمَ

ص: 246


1- 1. الایسر( خ).
2- 2. كذا و الظاهر« لا تفنی».

سُمِّیَ إِثْنَیْنِ قَالَ لِأَنَّهُ ثَانِی یَوْمِ الدُّنْیَا قَالَ فَالثَّلَاثَاءُ لِمَ سُمِّیَ ثَلَاثَاءَ قَالَ لِأَنَّهُ ثَالِثُ یَوْمِ الدُّنْیَا قَالَ فَالْأَرْبِعَاءُ لِمَ سُمِّیَ أَرْبِعَاءَ قَالَ لِأَنَّهُ رَابِعُ یَوْمِ الدُّنْیَا قَالَ فَالْخَمِیسُ لِمَ سُمِّیَ خَمِیساً قَالَ لِأَنَّهُ خَامِسُ یَوْمِ الدُّنْیَا قَالَ فَالْجُمُعَةُ لِمَ سُمِّیَ جُمُعَةً قَالَ لِأَنَّهُ یَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ یَوْمٌ مَشْهُودٌ وَ هُوَ سَادِسُ یَوْمٍ مِنْ أَیَّامِ الدُّنْیَا قَالَ فَالسَّبْتُ لِمَ سُمِّیَ سَبْتاً قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِأَنَّهُ یَوْمٌ یُوَكَّلُ فِیهِ مَلَكٌ لِأَنَّهُ مَعَ كُلِّ عَبْدٍ مَلَكَانِ مَلَكٌ عَنْ یَمِینِهِ وَ مَلَكٌ عَنْ شِمَالِهِ فَالَّذِی عَنْ یَمِینِهِ یَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ وَ الَّذِی عَنْ شِمَالِهِ یَكْتُبُ السَّیِّئَاتِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ مَقْعَدِ الْمَلَكَیْنِ مِنَ الْعَبْدِ وَ مَا قَلَمُهُمَا وَ مَا دَوَاتُهُمَا وَ مَا لَوْحُهُمَا وَ مَا مِدَادُهُمَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ مَقْعَدُهُمَا عَلَی كَتِفَیْهِ وَ قَلَمُهُمَا لِسَانُهُ وَ دَوَاتُهُمَا فُوهُ وَ مِدَادُهُمَا رِیقُهُ وَ لَوْحُهُمَا فُؤَادُهُ یَكْتُبَانِ أَعْمَالَهُ إِلَی مَمَاتِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا خَلَقَ اللَّهُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ قَالَ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ قَالَ فَأَخْبِرْنِی كَمْ طُولُ الْقَلَمِ وَ كَمْ عَرْضُهُ وَ كَمْ أَسْنَانُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ طُولُ الْقَلَمِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ لَهُ ثَلَاثُونَ سِنّاً یَخْرُجُ الْمِدَادُ مِنْ بَیْنِ أَسْنَانِهِ وَ یَجْرِی فِی اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا یَكُونُ وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ كَمْ لَحْظَةً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ لَحْظَةً یَمْضِی وَ یَقْضِی وَ یَرْفَعُ وَ یَضَعُ وَ یُسْعِدُ وَ یُشْقِی وَ یُعِزُّ وَ یُذِلُّ وَ یُعْلِی وَ یَقْهَرُ وَ یُغْنِی وَ یُفْقِرُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ السَّمَاءَ السَّابِعَةَ مِمَّا یَلِی الْعَرْشَ وَ أَمَرَهَا أَنْ تَرْتَفِعَ إِلَی مَكَانِهَا فَارْتَفَعَتْ ثُمَّ خَلَقَ السِّتَّةَ الْبَاقِیَةَ وَ أَمَرَ كُلَّ سَمَاءٍ أَنْ تَسْتَقِرَّ مَكَانَهَا فَاسْتَقَرَّتْ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَلِمَ سَمَّاهَا سَمَاءً قَالَ لِارْتِفَاعِهَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا بَالُ سَمَاءِ الدُّنْیَا خَضْرَاءُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ اخْضَرَّتْ مِنْ جَبَلِ قَافٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مِمَّ خُلِقَتْ قَالَ خُلِقَتْ مِنْ مَوْجٍ مَكْفُوفٍ قَالَ وَ مَا الْمَوْجُ الْمَكْفُوفُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ مَاءٌ قَائِمٌ لَا اضْطِرَابَ لَهُ وَ كَانَتِ (1) الْأَصْلُ دُخَاناً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ السَّمَاوَاتِ أَ لَهَا أَبْوَابٌ قَالَ نَعَمْ لَهَا أَبْوَابٌ

ص: 247


1- 1. كذا و الظاهر« و كان فی الأصل».

وَ هِیَ مُغْلَقَةٌ وَ لَهَا مَفَاتِیحُ وَ هِیَ مَخْزُونَةٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ مَا هِیَ قَالَ ذَهَبٌ قَالَ فَمَا أَقْفَالُهَا قَالَ مِنْ نُورٍ قَالَ فَمَفَاتِیحُهَا قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الْعَظِیمِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ طُولِ كُلِّ سَمَاءٍ وَ عَرْضِهَا وَ كَمْ ارْتِفَاعُهَا وَ مَا سُكَّانُهَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ طُولُ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ عَرْضُهَا كَذَلِكَ وَ بَیْنَ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَی سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ سُكَّانُ كُلِّ سَمَاءٍ جُنْدٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا یَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ مِمَّا خُلِقَتْ قَالَ مِنَ الْغَمَامِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ مِمَّ خُلِقَتْ قَالَ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ قَالَ فَالرَّابِعَةُ قَالَ مِنْ ذَهَبٍ أَحْمَرَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَالْخَامِسَةُ قَالَ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ قَالَ فَالسَّادِسَةُ قَالَ مِنْ فِضَّةٍ بَیْضَاءَ قَالَ فَالسَّابِعَةُ قَالَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قَالَ بَحْرُ الْحَیَوَانِ قَالَ فَمَا فَوْقَهُ قَالَ بَحْرُ الظُّلْمَةِ قَالَ فَمَا فَوْقَهُ قَالَ بَحْرُ النُّورِ قَالَ فَمَا فَوْقَهُ قَالَ الْحُجُبُ قَالَ فَمَا فَوْقَهُ قَالَ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَی قَالَ فَمَا فَوْقَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی قَالَ جَنَّةُ الْمَأْوَی قَالَ فَمَا فَوْقَ جَنَّةِ الْمَأْوَی قَالَ حِجَابُ الْمَجْدِ قَالَ فَمَا فَوْقَ حِجَابِ الْمَجْدِ قَالَ حِجَابُ الْحَمْدِ قَالَ فَمَا فَوْقَ حِجَابِ الْحَمْدِ قَالَ حِجَابُ الْجَبَرُوتِ قَالَ فَمَا فَوْقَ حِجَابِ الْجَبَرُوتِ قَالَ حِجَابُ الْعِزِّ قَالَ فَمَا فَوْقَ حِجَابِ الْعِزِّ قَالَ حِجَابُ الْعَظَمَةِ قَالَ فَمَا فَوْقَ حِجَابِ الْعَظَمَةِ قَالَ حِجَابُ الْكِبْرِیَاءِ قَالَ فَمَا فَوْقَ حِجَابِ الْكِبْرِیَاءِ قَالَ الْكُرْسِیُّ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ قَدْ أُوتِیتَ عُلُومَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ إِنَّكَ لَتَنْطِقُ بِالْحَقِّ الْیَقِینِ قَالَ فَمَا فَوْقَ الْكُرْسِیِّ قَالَ الْعَرْشُ قَالَ فَمَا فَوْقَ الْعَرْشِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ هُوَ فَوْقَ الْفَوْقِ وَ عِلْمُهُ تَحْتَ التَّحْتِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی هَلْ یَسْتَوِی مَخْلُوقٌ عَلَی عَرْشِهِ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ یَا ابْنَ سَلَامٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ أَ هُمَا مُؤْمِنَانِ أَمْ كَافِرَانِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ بَلْ هُمَا مُؤْمِنَانِ طَائِعَانِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مُسَخَّرَانِ تَحْتَ قَهْرِ الْمَشِیَّةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا بَالُ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ لَا یَسْتَوِیَانِ فِی الضَّوْءِ وَ النُّورِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِنَّ اللَّهَ مَحَا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلَ آیَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلًا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا عُرِفَ اللَّیْلُ مِنَ النَّهَارِ وَ لَا النَّهَارُ مِنَ اللَّیْلِ

ص: 248

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ اللَّیْلِ لِمَ سُمِّیَ لَیْلًا قَالَ لِأَنَّهُ یُلَایِلُ الرِّجَالَ مِنَ النِّسَاءِ جَعَلَهُ اللَّهُ إِلْفاً وَ لِبَاساً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی لِمَ سُمِّیَ النَّهَارُ نَهَاراً قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِأَنَّ فِیهِ كُلٌّ مِنَ الْخَلْقِ یَطْلُبُ مَعَاشَهُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ النُّجُومِ كَمْ جُزْءاً هِیَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ جُزْءٌ مِنْهَا بِأَرْكَانِ الْعَرْشِ یَصِلُ ضَوْؤُهَا إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ الْجُزْءُ الثَّانِی بِسَمَاءِ الدُّنْیَا كَأَمْثَالِ الْقَنَادِیلِ الْمُعَلَّقَةِ وَ هِیَ تُضِی ءُ لِسُكَّانِهَا وَ تَرْمِی الشَّیَاطِینَ بِشَرَرِهَا إِذَا اسْتَرَقُّوا السَّمْعَ وَ الْجُزْءُ الثَّالِثُ مُعَلَّقَةٌ فِی الْهَوَاءِ وَ هِیَ ضَوْءُ الْبِحَارِ وَ مَا فِیهَا وَ مَا عَلَیْهَا قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا بَالُ النُّجُومِ تُبَانُ صِغَاراً وَ كِبَاراً قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِأَنَّ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ سَمَاءِ الدُّنْیَا بِحَاراً تَضْرِبُ الرِّیَاحُ أَمْوَاجَهَا فَتُبَانُ مِنْ تَحْتِهَا صِغَاراً أَوْ كِبَاراً وَ مِقْدَارُ النُّجُومِ كُلِّهَا مِقْدَارٌ وَاحِدٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ رِیحاً بَیْنَنَا وَ بَیْنَ سَمَاءِ الدُّنْیَا قَالَ ثَلَاثَةُ أَرْیَاحٍ الرِّیحُ الْعَقِیمُ الَّتِی أُرْسِلَتْ عَلَی قَوْمِ عَادٍ حَمَلَتِ الْأَشْجَارَ وَ الثِّمَارَ وَ الرِّیحُ الَّتِی هِیَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ یُعَذَّبُ بِهَا أَهْلُ النَّارِ وَ رِیحٌ تَحْمِلُ الْبِحَارَ وَ رِیحٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ بِهَا حَمَلَتِ الْأَشْجَارُ وَ الثِّمَارُ تَغْدُو فِی جَوَانِبِهَا وَ لَوْ لَا تِلْكَ الرِّیحُ لَاحْتَرَقَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبَالُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ كَمْ هُمْ صِنْفاً قَالَ ثَمَانُونَ صِنْفاً طُولُ كُلِّ صِنْفٍ أَلْفُ أَلْفِ فَرْسَخٍ وَ عَرْضُهُ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ رُءُوسُهُمْ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ أَقْدَامُهُمْ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِینَ وَ لَوْ أَنَّ طَائِراً یَطِیرُ مِنْ أُذُنِ أَحَدِهِمُ الْیُمْنَی إِلَی الْیُسْرَی أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ سِنِینَ (1)

الدُّنْیَا لَمْ یَبْلُغْ إِلَی الْأُذُنِ الْآخَرِ حَتَّی یَمُوتَ هَرَماً أَیْ شَیْخاً لَهُمْ ثِیَابٌ مِنْ دُرٍّ وَ یَاقُوتٍ شَعْرُهُمْ كَالزَّعْفَرَانِ طَعَامُهُمُ التَّسْبِیحُ وَ شَرَابُهُمُ التَّهْلِیلُ وَ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ نِصْفُهُ ثَلْجٌ وَ نِصْفُهُ نَارٌ لَا یُذِیبُ النَّارُ الثَّلْجَ وَ لَا الثَّلْجُ یُطْفِئُ النَّارَ وَ الصِّنْفُ الثَّانِی نِصْفُهُ رَعْدٌ وَ نِصْفُهُ بَرْقٌ وَ الصِّنْفُ الثَّالِثُ نِصْفُهُ مَاءٌ وَ نِصْفُهُ مَدَرٌ لَا الْمَاءُ یُذِیبُ الْمَدَرَ وَ لَا الْمَدَرُ یُذِیبُ الْمَاءَ وَ الصِّنْفُ الرَّابِعُ نِصْفُهُ رِیحٌ وَ نِصْفُهُ مَاءٌ لَا الرِّیحُ یُهَیِّجُ الْمَاءَ وَ لَا الْمَاءُ یَسْبِقُ الرِّیحَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ طَائِرٍ یَطِیرُ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَیْسَ لَهُ فِی السَّمَاءِ مَكَانٌ وَ لَا فِی الْأَرْضِ مَسْكَنٌ مَا هُمْ یَا مُحَمَّدُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ تِلْكَ حَیَّاتٌ

ص: 249


1- 1. سنی( خ).

أَعْرَافُهَا كَأَعْرَافِ الْخَیْلِ تَبِیضُ فِی الْجَوِّ عَلَی أَذْنَابِهَا وَ تُفْرِخُ عَلَی مَنَاكِبِهَا فِی الْهَوَاءِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ مَوْلُودٍ أَشَدَّ مِنْ أَبِیهِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ ذَلِكَ الْحَدِیدُ یُولَدُ مِنَ الْحَجَرِ وَ هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ بُقْعَةٍ أَصَابَتْهَا الشَّمْسُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا تَعُودُ إِلَیْهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ ذَلِكَ مَوْضِعٌ أَغْرَقَ اللَّهُ فِیهِ فِرْعَوْنَ حِینَ انْفَلَقَ الْبَحْرُ وَ انْطَبَقَ عَلَیْهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ بَیْتٍ لَهُ اثْنَا عَشَرَ بَاباً أُخْرِجَ مِنْهُ اثْنَا عَشَرَ عَیْناً لِاثْنَیْ عَشَرَ سِبْطاً قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا جَاوَزَ مُوسَی بَنِی (1) إِسْرَائِیلَ الْبَحْرَ وَ دَخَلَ بِهِمْ إِلَی الْبَرِّیَّةِ فَشَكَوْا إِلَی مُوسَی الْعَطَشَ فَمَرَّ بِحَجَرٍ مُرَبَّعٍ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَضَرَبَ بِهِ مُوسَی فَانْفَجَرَ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً لِاثْنَیْ (2) عَشَرَ سِبْطاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ نَبِیٍّ لَا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ لَا مِنَ الطَّیْرِ وَ لَا مِنَ الْوَحْشِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ ذَلِكَ النَّمْلَةُ الَّتِی أَنْذَرَتْ قَوْمَهَا حِینَ قَالَتْ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ (3) قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ مَنْ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ لَا مِنَ الْجِنِّ وَ لَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَا مِنَ الْإِنْسِ وَ لَا مِنَ الْوَحْشِ مَا هُوَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ النَّحْلُ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهَا أَنِ اتَّخِذِی مِنَ الْجِبالِ بُیُوتاً وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ (4) قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ مِنَ الْأَرْضِ مَا هُوَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ أَنِ ارْفَعْ مُوسَی إِلَی السَّمَاءِ حَتَّی یَتَنَاوَلَ الْأَلْوَاحَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ مَخْلُوقٍ أَوَّلُهُ عُودٌ وَ آخِرُهُ رُوحٌ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ تِلْكَ عَصَا مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ یُلْقِیَهَا فِی بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَأَلْقاها فَإِذا هِیَ حَیَّةٌ تَسْعی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ ثَلَاثٍ (5) ذُكُورٍ لَمْ یُولَدُوا عَنْ فَحْلٍ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ ذَلِكَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ آدَمُ وَ كَبْشُ إِسْمَاعِیلَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی

ص: 250


1- 1. كذا و الظاهر« ببنی إسرائیل».
2- 2. فی أكثر النسخ« لاثنتی عشرة».
3- 3. النمل: 18.
4- 4. النحل: 68.
5- 5. كذا فی جمیع النسخ.

عَنْ وَسَطِ الدُّنْیَا فِی أَیِّ مَوْضِعٍ هُوَ قَالَ بَیْتُ الْمَقْدِسِ قَالَ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ فِیهِ الْمَحْشَرَ وَ الْمَنْشَرَ وَ الصِّرَاطَ وَ الْمِیزَانَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ مَا هُوَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ السُّفُنُ الْمَبْنِیَّةُ فِی الْبَحْرِ أَ مَا قَرَأْتَ فِی التَّوْرَاةِ وَ حَمَلْناهُ عَلی ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ(1) قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ مَا الْأَلْوَاحُ قَالَ الْأَشْجَارُ الَّتِی سَفَقَتْ (2)

طُولًا هِیَ الْأَلْوَاحُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الدُّسُرِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ الْمَسَامِیرُ وَ الْعَوَارِضُ مِنَ الْحَدِیدِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی كَمْ كَانَ طُولُ السَّفِینَةِ وَ كَمْ عَرْضُهَا وَ كَمْ كَانَ ارْتِفَاعُهَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ كَانَ طُولُهَا ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهَا مِائَةً وَ خَمْسِینَ ذِرَاعاً وَ ارْتِفَاعُهَا مِائَتَیْ ذِرَاعٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مِنْ أَیْنَ رَكِبَهَا نُوحٌ قَالَ مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ أَیْنَ ثَبَتَ قَالَ طَافَتْ بِالْبَیْتِ الْعَتِیقِ أُسْبُوعاً وَ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ أُسْبُوعاً وَ اسْتَوَتْ عَلَی الْجُودِیِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ أَیْنَ كَانَ لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ الدُّنْیَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قَبْلَ الطُّوفَانِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی أَیْنَ كَانَتِ الصَّخْرَةُ وَقْتَ الطُّوفَانِ قَالَ وَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی أَبَا قُبَیْسٍ أَنْ یَحْمِلَ الصَّخْرَةَ فِی بَطْنِهِ قَالَ فَالْبَیْتُ الْمُقَدَّسُ لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ الدُّنْیَا أَیْنَ كَانَ قَالَ فِی جَبَلِ أَبِی قُبَیْسٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ مَوْلُودٍ لَمْ یُشْبِهْ أَبَاهُ وَ رُبَّمَا أَشْبَهَ خَالَهُ وَ رُبَّمَا أَشْبَهَ عَمَّهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَإِنْ غَلَبَتْ شَهْوَةُ الْمَرْأَةِ عَلَی شَهْوَةِ الرَّجُلِ خَرَجَ الْوَلَدُ إِلَی خَالِهِ وَ إِنْ غَلَبَتْ شَهْوَةُ الرَّجُلِ عَلَی شَهْوَةِ الْمَرْأَةِ خَرَجَ إِلَی عَمِّهِ وَ إِنِ اسْتَوَیَا خَرَجَ الْوَلَدُ إِلَی أُمِّهِ وَ أَبِیهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ.

أَقُولُ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی هَكَذَا: قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْمَوْلُودِ إِذَا لَمْ یُشْبِهْ أَبَاهُ وَ رُبَّمَا یُشْبِهُ خَالَهُ وَ عَمَّهُ قَالَ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَإِنْ غَلَبَتْ شَهْوَةُ الرَّجُلِ شَهْوَةَ الْمَرْأَةِ خَرَجَ الرَّجُلُ بِأَبِیهِ أَشْبَهَ وَ إِنْ غَلَبَتْ شَهْوَةُ الْمَرْأَةِ خَرَجَ الْوَلَدُ بِأُمِّهِ أَشْبَهُ وَ إِنِ اسْتَوَیَا خَرَجَ شَبِیهاً بِهِمَا فَإِنْ سَبَقَتْ شَهْوَةُ الرَّجُلِ خَرَجَ الْوَلَدُ بِعَمِّهِ أَشْبَهَ وَ إِنْ سَبَقَتْ

ص: 251


1- 1. القمر: 13.
2- 2. فی مخطوطة« شقت».

شَهْوَةُ الْمَرْأَةِ كَانَ الْوَلَدُ بِخَالِهِ أَشْبَهَ قَالَ صَدَقْتَ.

رَجَعْنَا إِلَی الرِّوَایَةِ الْأُولَی: قَالَ فَأَخْبِرْنِی هَلْ یُعَذِّبُ اللَّهُ عَبْدَهُ بِلَا حُجَّةٍ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَدْلٌ لَا یَجُورُ فِی قَضَائِهِ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِینَ فِی الْجَنَّةِ أَمْ فِی النَّارِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ اللَّهُ أَوْلَی بِهِمْ وَ لَكِنْ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ وَ جُمِعَ الْخَلْقُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی بِأَطْفَالِ الْمُشْرِكِینَ فَیُؤْتَی بِهِمْ فَیَقُولُ لَهُمْ عِبَادِی وَ أَبْنَاءَ عِبَادِی وَ إِمَائِی مَنْ رَبُّكُمْ وَ مَا دِینُكُمْ وَ مَا أَعْمَالُكُمْ فَیَقُولُونَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّنَا وَ أَنْتَ خَالِقُنَا وَ لَمْ نَكُنْ شَیْئاً وَ أَمَتَّنَا وَ لَمْ تَجْعَلْ لَنَا لِسَاناً نَنْطِقُ بِهِ وَ لَا عَقْلًا نَعْقِلُ بِهِ وَ لَا قُوَّةً فِی الْأَعْضَاءِ نَتَعَبَّدُ بِهَا وَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا فَیَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ وَ هُوَ أَجَلُّ قَائِلٍ فَالْآنَ لَكُمْ أَلْسِنَةٌ وَ عُقُولٌ وَ قُوَّةٌ لِلْحَرَكَةِ فِی الْأَعْضَاءِ فَإِنْ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ یَا عِبَادِی تَفْعَلُوهُ فَیَقُولُونَ السَّمْعُ وَ الطَّاعَةُ لَكَ یَا إِلَهَنَا وَ خَالِقَنَا وَ رَازِقَنَا وَ مَالِكَنَا فَیَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَی مَالِكاً فَتَزْجُرُ جَهَنَّمَ حَتَّی تَفُورَ وَ یَأْمُرُ أَطْفَالَ الْمُشْرِكِینَ أَلْقُوا أَنْفُسَكُمْ فِی تِلْكَ النَّارِ فَمَنْ سَبَقَ لَهُ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنْ یَكُونَ سَعِیداً أَلْقَی نَفْسَهُ فِیهَا فَتَكُونُ النَّارُ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلَاماً كَمَا كَانَتْ عَلَی إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ وَ مَنْ سَبَقَ لَهُ فِی عِلْمِ اللَّهِ أَنْ یَكُونَ

شَقِیّاً امْتَنَعَ أَنْ یُلْقِیَ نَفْسَهُ فِی تِلْكَ النَّارِ فَیَكُونُونَ تَبَعاً لِآبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ فِی النَّارِ وَ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَی یَخْرُجُونَ إِلَی الْجَنَّةِ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ صَدَقْتَ [قَالَ بَرَرْتَ وَ بَیَّنْتَ وَ أَزَلْتَ الشَّكَّ یَا مُحَمَّدُ فَزِدْنِی یَقِیناً] فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْأَرْضِ لِمَ سُمِّیَتْ أَرْضاً قَالَ لِأَنَّهَا أَرْضٌ یُدَاسُ عَلَیْهَا قَالَ فَمِمَّ خُلِقَتْ قَالَ مِنْ زَبَرْجَدٍ قَالَ فَالزَّبَرْجَدَةُ مِمَّ خُلِقَتْ قَالَ مِنَ الْمَوْجِ قَالَ فَالْمَوْجُ مِمَّ خُلِقَ قَالَ مِنَ الْبَحْرِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَكَیْفَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا خَلَقَ الْبَحْرَ أَمَرَ الرِّیحَ أَنْ تَضْرِبَ الْأَمْوَاجَ بَعْضَهَا فِی بَعْضٍ فَاضْطَرَبَ الْأَمْوَاجُ حَتَّی ظَهَرَ الزَّبَدُ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَجْتَمِعَ فَاجْتَمَعَتْ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَلِینَ فَلَانَتْ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدِلَ فَاعْتَدَلَتْ ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَمْتَدَّ فَامْتَدَّتْ فَصَارَتْ أَرْضاً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مِنْ أَیْنَ سُكُونُهَا قَالَ مِنْ جَبَلِ قَافٍ وَ هُوَ أَصْلُ أَوْتَادِ الْأَرْضِ الَّتِی نَحْنُ عَلَیْهَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا تَحْتَ هَذِهِ الْأَرْضِ قَالَ تَحْتَهَا ثَوْرٌ قَالَ وَ مَا صِفَتُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لَهُ أَرْبَعُ قَوَائِمَ وَ هُوَ قَائِمٌ عَلَی صَخْرَةٍ بَیْضَاءَ قَالَ فَأَخْبِرْنِی

ص: 252

مَا صِفَتُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لَهُ أَرْبَعُونَ قَرْناً وَ أَرْبَعُونَ سِنّاً رَأْسُهُ بِالْمَشْرِقِ وَ ذَنَبُهُ بِالْمَغْرِبِ وَ هُوَ سَاجِدٌ لِلَّهِ تَعَالَی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ مِنَ الْقَرْنِ إِلَی الْقَرْنِ مَسِیرَةُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا تَحْتَ الصَّخْرَةِ قَالَ تَحْتَهَا جَبَلٌ یُقَالُ لَهُ الصُّعُودُ قَالَ وَ لِمَنْ ذَلِكَ الْجَبَلُ قَالَ لِأَهْلِ النَّارِ یَصْعَدُهُ الْمُشْرِكُونَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ هُوَ مَسِیرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ حَتَّی إِذَا بَلَغُوا أَعْلَی ذَلِكَ الْجَبَلِ ضُرِبُوا بِمَقَامِعَ فَیَسْقُطُونَ إِلَی أَسْفَلِهِ فَیُسْحَبُونَ (1)

عَلَی وُجُوهِهِمْ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا تَحْتَ ذَلِكَ الْجَبَلِ قَالَ أَرْضٌ قَالَ وَ مَا اسْمُهَا قَالَ جَارِیَةٌ قَالَ وَ مَا تَحْتَهَا قَالَ بَحْرٌ قَالَ وَ مَا اسْمُهُ قَالَ سَهَكٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَمَا تَحْتَ ذَلِكَ الْبَحْرِ قَالَ أَرْضٌ قَالَ وَ مَا اسْمُهَا قَالَ نَاعِمَةُ قَالَ وَ مَا تَحْتَهَا قَالَ بَحْرٌ قَالَ وَ مَا اسْمُهُ قَالَ الزَّاخِرُ قَالَ وَ مَا تَحْتَهُ قَالَ أَرْضٌ قَالَ وَ مَا اسْمُهَا قَالَ فَسِیحَةُ قَالَ فَصِفْ لِی هَذِهِ الْأَرْضَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ هِیَ أَرْضٌ بَیْضَاءُ كَالشَّمْسِ وَ رِیحُهَا كَالْمِسْكِ وَ ضَوْؤُهَا كَالْقَمَرِ وَ نَبَاتُهَا كَالزَّعْفَرَانِ یحشرون (2)

[یُحْشَرُ] عَلَیْهَا الْمُتَّقُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی أَیْنَ تَكُونُ هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِی نَحْنُ عَلَیْهَا الْیَوْمَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا ابْنَ سَلَامٍ تُبَدَّلُ هَذِهِ الْأَرْضُ غَیْرَهَا قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا تَحْتَ تِلْكَ الْأَرْضِ قَالَ الْبَحْرُ قَالَ وَ مَا اسْمُهُ قَالَ الْقَمْقَامُ قَالَ وَ مَا فِیهِ قَالَ الْحُوتُ قَالَ وَ مَا اسْمُهُ قَالَ یهموت (3)

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَصِفْ لِیَ الْحُوتَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ رَأْسُهُ بِالْمَشْرِقِ وَ ذَنَبُهُ بِالْمَغْرِبِ قَالَ فَمَا عَلَی ظَهْرِهِ قَالَ الْأَرْضُ وَ الْبِحَارُ وَ الظُّلْمَةُ وَ الْجِبَالُ قَالَ فَمَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ قَالَ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ فِی كُلِّ بَحْرٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَدِینَةٍ فِی كُلِّ مَدِینَةٍ أَلْفُ لِوَاءٍ تَحْتَ كُلِّ لِوَاءٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ قَالَ فَمَا یَقُولُونَ قَالَ یَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِیكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ هُوَ حَیٌّ لَا یَمُوتُ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا تَحْتَ الرِّیحِ قَالَ الظُّلْمَةُ قَالَ فَمَا تَحْتَ الظُّلْمَةِ قَالَ

ص: 253


1- 1. فی أكثر النسخ« فیسبحون» و الصواب ما فی المتن موافقا لنسخة مخطوطة.
2- 2. كذا و الظاهر« یحشر».
3- 3. فی بعض المخطوطات« بهموت» و فی بعضها« بلهوت».

الثَّرَی قَالَ فَمَا تَحْتَ الثَّرَی قَالَ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ فِی الْأَرْضِ أَیْنَ تَكُونُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَوَّلُهَا مَكَّةُ وَ ثَانِیهَا بَیْتُ الْمَقْدِسِ وَ ثَالِثُهَا مَدِینَةُ مُحَمَّدٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَرْبَعِ مَدَائِنَ مِنْ مَدَائِنِ الْجَنَّةِ فِی الدُّنْیَا قَالَ أَوَّلُهَا إِرَمُ ذَاتُ الْعِمَادِ وَ الثَّانِیَةُ الْمَنْصُورِیَّةُ(1) وَ هِیَ مَدِینَةٌ بِالشَّامِ وَ الثَّالِثَةُ قَیْسَارِیَّةُ وَ هِیَ مَدِینَةٌ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ فِی الشَّامِ وَ الرَّابِعَةُ هِیَ الْبَلْقَاءُ وَ هِیَ أَرْمَنِیَّةُ(2)

قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَرْبَعِ مَنَابِرَ مِنْ مَنَابِرِ الْجَنَّةِ فِی الدُّنْیَا أَیُّ مَوْضِعٍ هِیَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَوَّلُهَا قِیرَوَانُ وَ هِیَ إِفْرِیقِیَةُ وَ الثَّانِیَةُ بَابُ الْأَبْوَابِ وَ هِیَ بِأَرْضِ أَرْمَنِیَّةَ(3) وَ الثَّالِثَةُ عبدان [عَبَّادَانُ](4) وَ هِیَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ وَ الرَّابِعَةُ بِخُرَاسَانَ وَ هِیَ خَلْفُ نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ جَیْحُونُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَرْبَعِ مَدَائِنَ مِنْ مَدَائِنِ جَهَنَّمَ فِی الدُّنْیَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَوَّلُهَا مَدِینَةُ فِرْعَوْنَ فِی أَرْضِ مِصْرَ وَ الثَّانِیَةُ أَنْطَاكِیَةُ وَ هِیَ بِأَرْضِ الشَّامِ وَ الثَّالِثَةُ بِأَرْضِ سَیْحَانَ وَ هِیَ بِأَرْضِ أَرْمَنِیَّةَ(5)

الرَّابِعَةُ الْمَدَائِنُ وَ هِیَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَرْبَعَةِ أَنْهَارٍ فِی الدُّنْیَا وَ هِیَ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ قَالَ أَوَّلُهَا الْفُرَاتُ وَ هُوَ بِأَرْضِ (6)

الشَّامِ وَ الثَّانِی النِّیلُ وَ هُوَ بِأَرْضِ مِصْرَ وَ الثَّالِثُ نَهَرُ سَیْحَانَ وَ هُوَ نَهَرُ الْهِنْدِ وَ الرَّابِعُ جَیْحُونَ وَ هُوَ بِأَرْضِ بَلْخٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ شَیْ ءٍ لَا شَیْ ءَ وَ شَیْ ءٍ بَعْضُ شَیْ ءٍ وَ شَیْ ءٍ لَا یَفْنَی (7)

مِنْهُ شَیْ ءٌ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَمَّا شَیْ ءٌ لَا شَیْ ءَ فَهِیَ الدُّنْیَا یَذْهَبُ نَعِیمُهَا وَ یَمُوتُ سَاكِنُهَا وَ یَخْمُدُ ضَوْؤُهَا وَ أَمَّا الشَّیْ ءُ بَعْضُ الشَّیْ ءِ وُقُوفُ الْخَلَائِقِ فِی صَعِیدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ شَیْ ءٌ بَعْضُ شَیْ ءٍ وَ أَمَّا شَیْ ءٌ لَا یَفْنَی (8)

مِنْهُ شَیْ ءٌ فَالْجَنَّةُ وَ النَّارُ لَا یَفْنَی (9)

ص: 254


1- 1. المنصورة من بلاد الهند( خ).
2- 2. ارمینیة( خ).
3- 3. ارمینیة( خ).
4- 4. عبادان( خ).
5- 5. ارمینیة( خ).
6- 6. فی حدود الشام( خ).
7- 7. فی أكثر النسخ« لا یغنی»، و الظاهر ان الصواب ما فی المتن موافقا لبعض النسخ المخطوطة.
8- 8. لا یغنی( خ).
9- 9. یغنی( خ).

مِنَ الْجَنَّةِ نَعِیمُهَا وَ لَا یُنْقَصُ مِنَ النَّارِ عَذَابُهَا فَمَنْ قَالَ مِنَ الْعِبَادِ إِنَّ نَعِیمَهَا یَفْنَی (1) أَوْ عَذَابَ اللَّهِ یَنْقَضِی فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ فِی كُلِّ شَیْ ءٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ جَبَلِ قَافٍ مَا خَلْفَهُ وَ مَا دُونَهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ خَلْفَهُ أَرْضُ ذَهَبٍ وَ سَبْعُونَ أَرْضاً مِنْ فِضَّةٍ وَ سَبْعَةُ(2) أَرَضِینَ مِنْ مِسْكٍ قَالَ فَمَا سُكَّانُ هَذِهِ الْأَرَضِینَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ قَالَ كَمْ طُولُ كُلِّ أَرْضٍ مِنْهَا وَ كَمْ عَرْضُهَا قَالَ طُولُ كُلِّ أَرْضٍ مِنْهَا عَشَرَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَ عَرْضُهَا كَذَلِكَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ قَالَ حِجَابُ الرِّیحِ قَالَ فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ قَالَ [من

صح](3)

كَیْفٌ مُحِیطٌ بِالدُّنْیَا كُلِّهَا تُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ وَ لَا یَتَغَوَّطُونَ وَ لَا یَبُولُونَ قَالَ نَعَمْ یَا ابْنَ سَلَامٍ مَثَلُهُمْ فِی الدُّنْیَا كَمَثَلِ الْجَنِینِ فِی بَطْنِ أُمِّهِ یَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُ أُمُّهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُهُ وَ لَا یَبُولُ وَ لَا یَتَغَوَّطُ وَ لَوْ رَاثَ فِی بَطْنِهَا وَ بَالَ لَانْشَقَّ بَطْنُهَا قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ مَا هِیَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لَبَنٌ لَمْ یَتَغَیَّرْ طَعْمُهُ وَ خَمْرٌ وَ عَسَلٌ مُصَفَّی وَ مَاءٌ غَیْرُ آسِنٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَجَامِدَةٌ هِیَ أَمْ جَارِیَةٌ قَالَ بَلْ جَارِیَةٌ بَیْنَ أَشْجَارِهَا قَالَ فَهَلْ تَنْقُصُ أَمْ تَزِیدُ قَالَ لَا یَا ابْنَ سَلَامٍ قَالَ فَهَلْ لِذَلِكَ مَثَلٌ فِی الدُّنْیَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ انْظُرْ إِلَی الْبِحَارِ تُمْطِرُ فِیهَا السَّمَاءُ وَ تَمُدُّهَا الْأَنْهَارُ مِنَ الْأَرْضِ فَلَا تَزِیدُ وَ لَا تَنْقُصُ قَالَ صِفْ لِی أَنْهَارَ الْجَنَّةِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ فِی الْجَنَّةِ نَهَرٌ یُقَالُ لَهُ الْكَوْثَرُ رَائِحَتُهُ أَطْیَبُ مِنْ رَائِحَةِ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ وَ الْعَنْبَرِ حَصَاهُ الدُّرُّ وَ الْیَاقُوتُ عَلَیْهِ خِتَامٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ الْأَبْیَضِ وَ هُوَ مَنْزِلُ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَصِفْ لِی أَشْجَارَ الْجَنَّةِ قَالَ فِی الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ یُقَالُ لَهَا طُوبَی أَصْلُهَا مِنْ دُرٍّ وَ أَغْصَانُهَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ وَ ثَمَرُهَا الْجَوْهَرُ لَیْسَ فِی الْجَنَّةِ غُرْفَةٌ وَ لَا حُجْرَةٌ وَ لَا مَوْضِعٌ إِلَّا وَ هِیَ مُتَدَلِّیَةٌ عَلَیْهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَهَلْ فِی الدُّنْیَا لَهَا مِنْ مَثَلٍ قَالَ نَعَمْ الشَّمْسُ الْمُشْرِقَةُ تُشْرِقُ عَلَی بِقَاعِ الدُّنْیَا وَ لَا یَخْلُو مِنْ شُعَاعِهَا مَكَانٌ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَهَلْ فِی الْجَنَّةِ رِیحٌ قَالَ نَعَمْ یَا ابْنَ سَلَامٍ

ص: 255


1- 1. یغنی( خ).
2- 2. كذا و الظاهر« سبع».
3- 3. كذا، و كان فیه تصحیفا.

فِیهَا رِیحٌ وَاحِدَةٌ خُلِقَتْ مِنْ نُورٍ مَكْتُوبٌ عَلَیْهَا الْحَیَاةُ(1) وَ اللَّذَّاتُ یُقَالُ لَهَا الْبَهَاءُ فَإِذَا اشْتَاقَ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَنْ یَزُورُوا رَبَّهُمْ هَبَّتْ تِلْكَ الرِّیحُ عَلَیْهِمُ الَّتِی لَمْ تُخْلَقْ مِنْ حَرٍّ وَ لَا مِنْ بَرْدٍ بَلْ خُلِقَتْ مِنْ نُورِ الْعَرْشِ تَنْفُخُ فِی وُجُوهِهِمْ فَتُبْهِی وُجُوهُهُمْ وَ تَطَیَّبُ قُلُوبُهُمْ وَ یَزْدَادُوا نُوراً عَلَی نُورِهِمْ وَ تَضْرِبُ أَبْوَابَ الْجِنَانِ وَ تُجْرِی الْأَنْهَارُ وَ تُسَبِّحُ الْأَشْجَارُ وَ تُغَرِّدُ الْأَطْیَارُ فَلَوْ أَنَّ مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ قِیَامٌ یَسْمَعُونَ مَا فِی الْجَنَّةِ مِنْ سُرُورٍ وَ طَرَبٍ لَمَاتَ الْخَلَائِقُ شَوْقاً إِلَی الْجَنَّةِ وَ الْمَلَائِكَةُ یَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ (2)

فَیَقُولُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِیزِ سَلامٌ عَلَیْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِینَ (3) سَلامٌ عَلَیْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ(4) قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَرْضِ الْجَنَّةِ مَا هِیَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَرْضُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَ تُرَابُهَا الْمِسْكُ وَ الْعَنْبَرُ وَ رَضْرَاضُهَا الدُّرُّ وَ الْیَاقُوتُ وَ سَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مِمَّا یَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ یَأْكُلُونَ مِنْ كَبِدِ الْحُوتِ الَّذِی یَحْمِلُ الْأَرْضَ وَ مَا عَلَیْهَا وَ اسْمُهُ بهموت قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَیْفَ یَصْرِفُونَ مَا یَأْكُلُونَ مِنْ ثِمَارِهَا وَ كَیْفَ یَخْرُجُ مِنْ أَجْوَافِهِمْ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لَیْسَ یَخْرُجُ مِنْ أَجْوَافِهِمْ شَیْ ءٌ بَلْ عَرَقاً صَبّاً أَطْیَبَ مِنَ الْمِسْكِ وَ أَزْكَی مِنَ الْعَنْبَرِ وَ لَوْ أَنَّ عَرَقَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مُزِجَ بِهِ الْبِحَارُ لَأُسْكِرَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مِنْ طِیبِ رَائِحَتِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ لِوَاءِ الْحَمْدِ مَا صِفَتُهُ وَ كَمْ طُولُهُ وَ كَمْ ارْتِفَاعُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ طُولُهُ أَلْفُ سَنَةٍ وَ أَسْنَانُهُ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ یَاقُوتَةٍ خَضْرَاءَ قَوَائِمُهُ مِنْ فِضَّةٍ بَیْضَاءَ لَهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ مِنْ نُورٍ ذُؤَابَةٌ بِالْمَشْرِقِ وَ ذُؤَابَةٌ بِالْمَغْرِبِ وَ الثَّالِثَةُ فِی وَسَطِ الدُّنْیَا قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ سَطْرٍ فِیهِ مَكْتُوبٌ قَالَ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ السَّطْرُ الْأَوَّلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ السَّطْرُ

ص: 256


1- 1. الحباءات( خ).
2- 2. فی أكثر النسخ« یدخلون علیهم الملائكة».
3- 3. الزمر: 73.
4- 4. الرعد: 26.

الثَّانِی الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ السَّطْرُ الثَّالِثُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ أَیَّتَهُمَا خَلَقَ اللَّهُ قَبْلُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّارِ وَ لَوْ خَلَقَ النَّارَ قَبْلَ الْجَنَّةِ لَخَلَقَ الْعَذَابَ قَبْلَ الرَّحْمَةِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْجَنَّةِ أَیْنَ هِیَ قَالَ فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ النَّارُ فِی تُخُومِ الْأَرْضِ السُّفْلَی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ لِلْجَنَّةِ مِنْ بَابٍ وَ كَمْ لِلنَّارِ مِنْ بَابٍ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِیَةُ أَبْوَابٍ وَ لِلنَّارِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ قَالَ فَأَخْبِرْنِی كَمْ بَیْنَ الْبَابِ وَ الْبَابِ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ مَسِیرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ قَالَ وَ كَمْ ارْتِفَاعُهُ قَالَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ عَلَیْهِ سُرَادِقٌ مِنْ ذَهَبٍ بِطَانَتُهُ مِنْ زُمُرُّدٍ عَلَی كُلِّ بَابٍ جُنْدٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا یُحْصِی عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی قَالَ فَأَخْبِرْنِی فَمَا(1) یَقُولُونَ قَالَ یَقُولُونَ طُوبَی لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَا یَلْقَوْنَ مِنْ نَعِیمِ اللَّهِ قَالَ فَصِفْ لِی مَنْ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ یَدْخُلُونَهَا أَبْنَاءُ ثَلَاثِینَ وَ بَنَاتُ ثَلَاثِینَ سَنَةً فِی حُسْنِ یُوسُفَ وَ طُولِ آدَمَ وَ خُلْقِ مُحَمَّدٍ قَالَ فَصِفْ لِی بَعْضَ نَعِیمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ إِنَّ أَدْنَی مَنْ فِی الْجَنَّةِ وَ لَیْسَ فِی الْجَنَّةِ دَنِیٌّ لَوْ نَزَلَ بِهِ جَمِیعُ مَنْ فِی الْأَرْضِ لَأَوْسَعَهُمْ طَعَاماً وَ لَا یَنْقُصُ مِنْهُ شَیْ ءٌ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ یَبْصُقُ فِی الْبِحَارِ الْمَالِحَةِ لَعَذُبَتْ وَ لَوْ نَزَلَ مِنْ ذُؤَابَتِهِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ بَلَغَ ضَوْؤُهَا كَضَوْءِ الشَّمْسِ وَ نُورِ الْقَمَرِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَصِفْ لِیَ الْحُورَ الْعِینَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ الْحُورُ الْعِینُ بِیضُ الْوُجُوهِ فِحَامُ الْعُیُونِ بِمَنْزِلَةِ جَنَاحِ النَّسْرِ صَفَاؤُهُنَّ كَصَفَاءِ اللُّؤْلُؤِ الْأَبْیَضِ الَّذِی فِی الصَّدَفِ الَّذِی لَمْ تَمَسَّهُ الْأَیْدِی قَالَ فَصِفْ لِیَ النَّارَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أُوقِدَ عَلَیْهَا أَلْفَ عَامٍ حَتَّی احْمَرَّتْ وَ أَلْفَ عَامٍ حَتَّی ابْیَضَّتْ وَ أَلْفَ عَامٍ حَتَّی اسْوَدَّتْ فَهِیَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ مَمْزُوجَةٌ بِغَضَبِ اللَّهِ تَعَالَی لَا یَهْدَأُ لَهِیبُهَا وَ لَا یَخْمُدُ جَمْرُهَا یَا ابْنَ سَلَامٍ لَوْ أَنَّ جَمْرَةً مِنْ جَمْرِهَا أُلْقِیَتْ فِی دَارِ الدُّنْیَا لَأُلْهِبَتْ (2) مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لِعِظَمِ خَلْقِهَا وَ هِیَ سَبْعَةُ أَطْبَاقٍ الطَّبَقَةُ الْأَوْلَی لِلْمُنَافِقِینَ وَ الثَّانِیَةُ لِلْمَجُوسِ وَ الثَّالِثَةُ لِلنَّصَارَی وَ الرَّابِعَةُ لِلْیَهُودِ وَ الْخَامِسَةُ سَقَرُ وَ السَّادِسَةُ السَّعِیرُ وَ أَمْسَكَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 257


1- 1. مما( خ).
2- 2. لسدت( خ).

عَنِ السَّابِعَةِ وَ بَكَی حَتَّی ارْفَضَّتْ (1) دُمُوعُهُ عَلَی لِحْیَتِهِ وَ قَالَ أَمَّا السَّابِعَةُ وَ هِیَ أَهْوَنُهَا لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِی قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْقِیَامَةِ وَ كَیْفَ تَقُومُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ كُوِّرَتِ الشَّمْسُ وَ اسْوَدَّتْ وَ طَمَسَتِ النُّجُومُ وَ سُیِّرَتِ الْجِبَالُ وَ عُطِّلَتِ الْعِشَارُ وَ بُدِّلَتِ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یُقَامُ الْخَلَائِقُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ یُمَدُّ الصِّرَاطُ وَ یُنْصَبُ الْمِیزَانُ وَ تُنْشَرُ الدَّوَاوِینُ وَ یَبْرُزُ الرَّبُّ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَیْفَ یُمِیتُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ یَأْمُرُ اللَّهُ مَلَكَ الْمَوْتِ فَیَقِفُ عَلَی صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَیَضَعُ یَمِینَهُ عَلَی السَّمَاوَاتِ وَ یَدَهُ الْیُسْرَی تَحْتَ الثَّرَی وَ یَصِیحُ بِهِمْ صَیْحَةً وَاحِدَةً فَلَا یَبْقَی مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا إِنْسٌ وَ لَا جَانٌّ وَ لَا طَائِرٌ یَطِیرُ إِلَّا خَرَّ مَیِّتاً فَتَبْقَی السَّمَاوَاتُ خَالِیَةً مِنْ سُكَّانِهَا وَ الْأَرْضُ خَرَاباً مِنْ عُمَّارِهَا وَ الْعِشَارُ مُعَطَّلَةً وَ الْبِحَارُ جَامِدَةً حِیتَانُهَا وَ الْجِبَالُ مُدَكْدَكَةً وَ الشَّمْسُ مُنْكَسِفَةً وَ النُّجُومُ مُنْطَمِسَةً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَنْ مَلَكِ الْمَوْتِ هَلْ یَذُوقُ الْمَوْتَ أَمْ لَا قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِذَا أَمَاتَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ وَ لَمْ یَبْقَ شَیْ ءٌ لَهُ رُوحٌ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَنْ أَبْقَیْتَهُ مِنْ خَلْقِی وَ هُوَ أَعْلَمُ فَیَقُولُ یَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّی بِمَا بَقِیَ مِنْ خَلْقِكَ مَا خَلْقٌ إِلَّا وَ قَدْ ذَاقَ الْمَوْتَ إِلَّا عَبْدُكَ الضَّعِیفُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَذَقْتَ عِبَادِی وَ أَنْبِیَائِی وَ أَوْلِیَائِی وَ رُسُلِی الْمَوْتَ وَ قَدْ سَبَقَ فِی عِلْمِیَ الْقَدِیمِ وَ أَنَا عَلَّامُ الْغُیُوبِ أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهِی وَ هَذِهِ نَوْبَتُكَ فَیَقُولُ إِلَهِی وَ سَیِّدِی ارْحَمْ عَبْدَكَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ ضَعِیفٌ فَیَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ ضَعْ یَمِینَكَ تَحْتَ خَدِّكَ الْأَیْمَنِ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ مُتْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَمْ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ قَالَ مَسِیرَةُ ثَلَاثِینَ أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ سِنِینِ (2)

الدُّنْیَا فَیَضْطَجِعُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَی یَمِینِهِ وَ یَضَعُ یَدَهُ الْیُمْنَی تَحْتَ خَدِّهِ الْأَیْمَنِ وَ یَدَهُ الشَّمَالَ عَلَی وَجْهِهِ وَ یَصْرَخُ صَرْخَةً فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ أَحْیَاءً لَمَاتُوا لِشِدَّةِ صَرْخَتِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ

ص: 258


1- 1. أی سالت و ترششت.
2- 2. سنی( خ).

فَأَخْبِرْنِی مَا یَصْنَعُ اللَّهُ بِالسَّمَاوَاتِ إِذَا مَاتَ سُكَّانُهَا قَالَ یَطْوِیهَا بِیَمِینِهِ كَطَیِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ثُمَّ یَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ وَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ وَ لَا إِلَهَ غَیْرُهُ وَ لَا مَعْبُودَ سِوَاهُ أَیْنَ الْمُلُوكُ وَ أَبْنَاءُ الْمُلُوكِ أَیْنَ الْجَبَابِرَةُ وَ أَبْنَاءُ الْجَبَابِرَةِ فَلَا یُجِیبُهُ أَحَدٌ ثُمَّ یَقُولُ لِمَنِ الْمُلْكُ الْیَوْمَ فَلَا یُجِیبُهُ أَحَدٌ فَیَرُدُّ عَلَی نَفْسِهِ الْمُلْكُ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ الْیَوْمَ تُجْزی كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْیَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَیْفَ یَحْشُرُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا ابْنَ سَلَامٍ یُحْیِی اللَّهُ إِسْرَافِیلَ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ یُحْیِیهِ مِنْ خَدَمِهِ وَ هُوَ صَاحِبُ الصُّورِ أَوَّلًا(1) فَیَأْمُرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَنْفُخَ فِی الصُّورِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا یَقُولُ إِسْرَافِیلُ فِی الصُّورِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ یَقُولُ أَیَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِیَةُ وَ الْأَعْضَاءُ الْمُتَفَرِّقَةُ وَ الشُّعُورُ الْمُنْفَصِلَةُ هَلُمُّوا إِلَی الْعَرْضِ عَلَی اللَّهِ تَعَالَی الْمَلِكِ الْجَبَّارِ خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ یَنْفُخُ فِی الصُّورِ(2) أُخْری فَإِذا هُمْ قِیامٌ یَنْظُرُونَ قَالَ فَكَمْ طُولُ كُلِّ نَفْخَةٍ قَالَ مَسِیرَةُ أَرْبَعِینَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَكَمْ كَلِمَةً یَتَكَلَّمُ فِیهِ إِسْرَافِیلُ قَالَ سِتَّ كَلِمَاتٍ قَالَ وَ مَا تِلْكَ الْكَلِمَاتُ قَالَ الْكَلِمَةُ الْأُوْلَی یَكُونُ النَّاسُ طِیناً وَ الثَّانِیَةُ یَكُونُونَ صُوَراً وَ الْكَلِمَةُ الثَّالِثَةُ تَسْتَوِی الْأَبْدَانُ وَ الْكَلِمَةُ الرَّابِعَةُ یَجْرِی الدَّمُ فِی الْعُرُوقِ وَ الْكَلِمَةُ الْخَامِسَةُ یَنْبُتُ الشَّعْرُ وَ الْكَلِمَةُ السَّادِسَةُ قُومُوا فَإِذا هُمْ قِیامٌ یَنْظُرُونَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَیْفَ یَقُومُ الْخَلَائِقُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنَ الْقُبُورِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ یَقُومُونَ عُرَاةً حُفَاةً أَبْدَانُهُمْ خَالِیَةٌ بُطُونُهُمْ مُظْلِمَةٌ أَبْصَارُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَ (3)

الرِّجَالُ یَنْظُرُونَ إِلَی النِّسَاءِ وَ النِّسَاءُ یَنْظُرُونَ إِلَی الرِّجَالِ قَالَ هَیْهَاتَ یَا ابْنَ سَلَامٍ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ یَوْمَئِذٍ شَأْنٌ یُغْنِیهِ مِنْ شِدَّةِ هَوْلِ الْقِیَامَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ ثُمَّ أَمْسَكَ ابْنُ سَلَامٍ عَنِ الْكَلَامِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله سَلْ عَمَّا شِئْتَ یَا ابْنَ سَلَامٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنَّ عَلَیَّ بِالنَّظَرِ إِلَی

ص: 259


1- 1. فی مخطوطة: و هو اول من یحییه من المقربین و هو صاحب الصور فیأمره اللّٰه ....
2- 2. فیه( خ).
3- 3. فی بعض النسخ: حال الرجال و النساء، الرجال- الخ- و فی بعضها« جال» بالجیم، و فی بعضها، قال: الرجال الی النساء و النساء إلی الرجال ینظرون؟.

وَجْهِكَ الْمَلِیحِ فَأَخْبِرْنِی إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أَیْنَ یُحْشَرُ الْخَلَائِقُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَحْشُرُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ یَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَاراً فَتُحِیطُ بِالدُّنْیَا وَ تَضْرِبُ وُجُوهَ الْخَلَائِقِ فَیَهْرَبُونَ مِنْهَا وَ یَمُرُّونَ عَلَی وُجُوهِهِمْ فَیَجْتَمِعُونَ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا یَصْنَعُ اللَّهُ بِالطِّفْلِ الصَّغِیرِ وَ الشَّیْخِ الْكَبِیرِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ مَنْ كَانَ مُؤْمِناً بِاللَّهِ سَارَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَ انْقَضَّتِ النَّارُ عَنْ وَجْهِهِ وَ مَنْ كَانَ كَافِراً تَلْفَحُ وَجْهَهُ النَّارُ حَتَّی یُؤْتَی بِهِ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ تَكُونُ صُفُوفُ الْخَلَائِقِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ صَفّاً قَالَ فَكَمْ طُولُ كُلِّ صَفٍّ وَ كَمْ عَرْضُهُ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ طُولُهُ مَسِیرَةُ أَرْبَعِینَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ عَرْضُهُ عِشْرُونَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَمْ صَفُّ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَمْ صَفُّ الْكَافِرِینَ قَالَ صُفُوفُ الْمُؤْمِنِینَ ثلاث (1)

[ثَلَاثَةُ] صُفُوفٍ وَ مِائَةٌ وَ سَبْعَةَ عَشَرَ صَفّاً لِلْكَافِرِینَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ فَمَا صِفَةُ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا صِفَةُ الْكَافِرِینَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَغُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ وَ السُّجُودِ وَ أَمَّا الْكَافِرُونَ فَمُسْوَدُّونَ الْوُجُوهُ فَیُؤْتَی بِهِمْ إِلَی الصِّرَاطِ قَالَ وَ كَمْ طُولُ الصِّرَاطِ قَالَ مَسِیرَةُ ثلاثون (2) [ثَلَاثِینَ] أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی كَیْفَ تَمُرُّ الْخَلَائِقُ عَلَی الصِّرَاطِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ یَكْسُو اللَّهُ الْخَلَائِقَ نُوراً فَأَمَّا نُورُ الْمُسْلِمِینَ وَ نُورُ الْمُؤْمِنِینَ فَمِنْ نُورِ الْعَرْشِ وَ نُورُ الْمَلَائِكَةِ مِنْ نُورِ الْكُرْسِیِّ وَ نُورِ الْجَنَّةِ فَلَا یُطْفَأُ نُورُهُمْ أَبَداً وَ أَمَّا الْكَافِرُونَ فَمِنَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ أَوَّلِ مَنْ یَجُوزُ عَلَی الصِّرَاطِ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَصِفْ لِی ذَلِكَ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ فِی الْمُؤْمِنِینَ مَنْ یَجُوزُ عَلَی الصِّرَاطِ عِشْرِینَ عَاماً فَإِذَا بَلَغَ أَوَّلُهُمُ الْجَنَّةَ تَرْكَبُ الْكُفَّارُ عَلَی الصِّرَاطِ حَتَّی إِذَا تَوَسَّطُوا أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَهُمْ فَیَبْقَوْنَ بِلَا نُورٍ فَیُنَادُونَ بِالْمُؤْمِنِینَ انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ فَیُقَالُ لَهُمْ أَ لَیْسَ فِیكُمُ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْأَصْحَابُ وَ الْإِخْوَةُ فَیَقُولُونَ أَ وَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ فِی دَارِ الدُّنْیَا قالُوا بَلی وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِیُّ حَتَّی جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْیَوْمَ

ص: 260


1- 1. كذا، و الظاهر« ثلاثة».
2- 2. كذا، و الظاهر« ثلاثین».

لا یُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْیَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِیَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ(1) فَیَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَهَنَّمَ فَتَصِیحُ بِهِمْ صَیْحَةً عَلَی وُجُوهِهِمْ فَیَقَعُونَ فِی النَّارِ حَیَارَی نَادِمِینَ وَ یَنْجُو الْمُؤْمِنِینَ (2) بِبَرَكَةِ اللَّهِ وَ عَوْنِهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا یَصْنَعُ اللَّهُ

بِالْمَوْتِ قَالَ یَا ابْنَ سَلَامٍ إِذَا اسْتَوَی أَهْلُ الْجَنَّةِ فِی الْجَنَّةِ وَ أَهْلُ النَّارِ فِی النَّارِ أُتِیَ بِالْمَوْتِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ فَیُوقَفُ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَیُقَالُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ یَا أَوْلِیَاءَ اللَّهِ هَذَا الْمَوْتُ أَ تَعْرِفُونَهُ فَیَقُولُونَ نَعَمْ فَیَقُولُونَ لَهُمْ نَذْبَحُهُ فَیَقُولُونَ نَعَمْ یَا مَلَائِكَةَ رَبِّنَا اذْبَحُوهُ حَتَّی لَا یَكُونَ مَوْتٌ أَبَداً فَیَقُولُونَ لِأَهْلِ النَّارِ یَا أَعْدَاءَ اللَّهِ هَذَا الْمَوْتُ هَلْ تَعْرِفُونَهُ فَیَقُولُونَ نَعَمْ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ نَذْبَحُهُ فَیَقُولُونَ یَا مَلَائِكَةَ رَبِّنَا لَا تَذْبَحُوهُ وَ دَعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ یَقْضِی عَلَیْنَا بِالْمَوْتِ فَنَسْتَرِیحَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُذْبَحُ الْمَوْتُ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ فَیَیْأَسُ أَهْلُ النَّارِ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِلْخُلُودِ فِیهَا فَعِنْدِی لَكَ أَنْ تُسْلِمَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ وَ نَهَضَ عَلَی قَدَمَیْهِ وَ قَالَ امْدُدْ یَدَكَ الشَّرِیفَةَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ (3) رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ الْمِیزَانَ حَقٌّ وَ الْحِسَابَ حَقٌّ وَ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ فَكَبَّرَتِ الصَّحَابَةُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ (4)

بْنَ سَلَامٍ وَ صَارَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ نَقِمَةً عَلَی الْیَهُودِ.

توضیح: إنما أوردت هذه الروایة لاشتهارها بین الخاصة و العامة و ذكر الصدوق رحمه اللّٰه و غیره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانیدهم فی مواضع و قد مر بعضها و إنما أوردتها فی هذا المجلد لمناسبة أكثر أجزائه لأبوابه و فی بعضها مخالفة ما لسائر الأخبار فهی إما محمولة علی أنه صلی اللّٰه علیه و آله أخبره موافقا لما فی كتبهم لیصیر سببا لإسلامه

ص: 261


1- 1. الحدید: 14- 15.
2- 2. كذا، فی جمیع النسخ، و الصواب« و ینجو المؤمنون» أو« و ینجی المؤمنین».
3- 3. لرسول( خ).
4- 4. فی أكثر النسخ« عبد سلام بن سلام».

أو غیر ذلك من الوجوه و المحامل التی تظهر علی الناقد البصیر و فی بعضها تصحیفات نرجو من اللّٰه الظفر بنسخة أخری لتصحیحها.

قوله كان نبیا مرسلا كان المعنی هل كان فی الجنة نبیا مرسلا فأجاب صلی اللّٰه علیه و آله بأنه كان نبیا مرسلا علی الملائكة حیث أمر بإنبائهم و فی عد إبراهیم من رسل العرب مخالفة للمشهور قوله فتشهد أی ظاهرا قوله فتؤمن أی باطنا و قلبا.

قوله أربعة كتاب لا یوافق الإجمال التفصیل و لعل فی أحدهما خطأ أو تصحیفا و سؤاله هل أنزل علیك كتاب بعد قوله و أنزل علی الفرقان لا یخلو من شی ء إلا أن یكون حمل ذلك علی أنه قدر أنه سینزل و ختمه صدق اللّٰه یعنی أنه ینبغی أن یختم به لا أنه جزؤه و فی القاموس بیسان قریة بالشام و قریة بمرو و موضع بالیمامة أقول و فی بعض النسخ بالنون و الأول أظهر و له شواهد و لم یكن فی الرجال أی مختصا بهم قوله لأن اللّٰه واحد كأنه علی هذا یعنی یوم الأحد یوم اللّٰه قوله لأنه یوم لعل المعنی أول یوم مع أن وجه التسمیة لا یلزم اطراده قوله و علمه تحت التحت أی أحاط علمه بكل تحت و لا ینافی ارتفاع ذاته و علوه علی كل شی ء إحاطة علمه بكل شی ء مما فی العرش أو تحت الثری.

و فی القاموس غرد الطائر كفرح و غرد تغریدا و أغرد و تغرد رفع صوته و طرب به و فی النهایة الرضراض الحصا الصغار قوله فحام العیون لعله من الفحمة بمعنی السواد و فی القاموس العشراء من النوق التی مضت لحملها عشرة أشهر أو ثمانیة أو هی

كالنفساء من النساء و الجمع عشراوات و عشار و العشار اسم یقع علی النوق حتی ینتج بعضها و بعضها ینتظر نتاجها و قال الدكداك (1)

و یكسر من الرمل ما تكبس و استوی و ما التبد منه بالأرض أو هی أرض فیها غلظ و

ص: 262


1- 1. فی القاموس: الدكدك و یكسر و الدكداك من الرمل. الخ و ینتهی الی قوله« مدعوكة». ج 3، ص 302.

أرض مدكدكة مدعوكة كثر بها الناس فكثر آثار المال و الأبوال حتی تفسدها انتهی و انقضاض النار عن وجهه كنایة عن سرعة ذهابها عنه و عدم إضرارها به كما ینقض الطائر أو الكوكب فی الهواء و تلفح وجهه النار أی تحرقه و قال فی النهایة فیه أمتی الغر المحجلون أی بیض مواضع الوضوء من الأیدی و الأقدام استعار أثر الوضوء فی الوجه و الیدین و الرجلین للإنسان من البیاض الذی یكون فی وجه الفرس و یدیه و رجلیه (1).

ص: 263


1- 1. النهایة: ج 1، ص 204.

أبواب الإنسان و الروح و البدن و أجزائه و قواهما و أحوالهما

باب 38 أنه لم سمی الإنسان إنسانا و المرأة مرأة و النساء نساء و الحواء حواء

«1»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ حُكَیْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُمِّیَ الْإِنْسَانُ إِنْسَاناً لِأَنَّهُ یَنْسَی وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلی آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِیَ (1).

بیان: الإنسان فعلان عند البصریین لموافقته مع الأنس لفظا و معنی و قال الكوفیون هو إفعان من نسی أصله إنسیان علی إفعلان فحذفت الیاء استخفافا لكثرة ما یجری علی ألسنتهم فإذا صغروه ردوه إلی أصله لأن التصغیر لا یكثر و هذا الخبر یدل علی مذهب الكوفیین و رواه العامة عن ابن عباس أیضا قال الخلیل فی كتاب العین سمی الإنسان من النسیان و الإنسان فی الأصل إنسیان لأن جماعته أناسی و تصغیره أنیسیان بترجیع المدة التی حذفت و هو(2)

الیاء و كذلك إنسان العین و حكی الشیخ فی التبیان عن ابن عباس أنه قال إنما سمی إنسانا لأنه عهد إلیه فنسی قال اللّٰه تعالی وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلی آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِیَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً و قال الراغب فی مفرداته الإنسان قیل سمی بذلك لأنه خلق خلقه لا قوام

ص: 264


1- 1. العلل: ج 1، ص 14. و الآیة فی سورة طه، آیة 115.
2- 2. كذا، و الصواب: و هی.

له إلا بأنس بعضهم ببعض و لهذا قیل الإنسان مدنی بالطبع من حیث إنه لا قوام لبعضهم إلا ببعض و لا یمكنه أن یقوم بجمیع أسبابه و قیل سمی بذلك لأنه یأنس بكل ما یألفه و قیل هو إفعلان و أصله إنسیان سمی بذلك لأنه عهد إلیه فنسی.

«2»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِیِّ عَنْ عَمِّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَزِیدَ النَّوْفَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُمِّیَتِ الْمَرْأَةُ مَرْأَةً لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْمَرْءِ یَعْنِی خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ آدَمَ (1).

«3»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، مُرْسَلًا: مَعْنَی الْإِنْسَانِ أَنَّهُ یَنْسَی وَ مَعْنَی النِّسَاءِ أَنَّهُنَّ أُنْسٌ لِلرِّجَالِ وَ مَعْنَی الْمَرْأَةِ أَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْمَرْءِ(2).

بیان: كون النساء من الأنس إما مبنی علی القلب أو علی الاشتقاق الكبیر أو علی أنه إذا أنسوا بهن نسوا غیرهن فاشتقاقه من النسیان.

«4»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَسَمَّاهُ آدَمَ ثُمَّ عَهِدَ إِلَیْهِ فَنَسِیَ فَسَمَّاهُ الْإِنْسَانَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَبِاللَّهِ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ حَتَّی أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ قَالَ وَ إِنَّمَا سُمِّیَتِ الْمَرْأَةُ مَرْأَةً لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ الْمَرْءِ وَ سُمِّیَتْ حَوَّاءَ لِأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَیٍ (3).

«5»- الْعِلَلُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، قَالَ: كَانَ مَكْثُ آدَمَ فِی الْجَنَّةِ نِصْفَ سَاعَةٍ ثُمَّ أُهْبِطَ إِلَی الْأَرْضِ لِتَمَامِ تِسْعِ سَاعَاتٍ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ ذَلِكَ فِی وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ وَ سُمِّیَتِ الْعَصْرَ لِأَنَّ آدَمَ عُصِرَ بِالْبَلَاءِ قَالَ أَلْقَی اللَّهُ النَّوْمَ عَلَی آدَمَ فَأَخَذَ ضِلْعَهُ الْقَصِیرَ(4) مِنْ جَانِبِهِ الْأَیْسَرِ فَخَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ فَلَمْ یُؤْذِهِ ذَلِكَ وَ لَوْ آذَاهُ ذَلِكَ مَا عَطَفَ عَلَیْهَا أَبَداً فَقَالَ آدَمُ مَا هَذِهِ قَالَ هَذِهِ امْرَأَةٌ لِأَنَّهَا مِنَ الْمَرْءِ خُلِقَتْ قَالَ مَا اسْمُهَا قَالَ حَوَّاءُ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ شَیْ ءٍ حَیٍّ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سُمِّیَتْ حَوَّاءَ لِأَنَّهَا أُمُ

ص: 265


1- 1. العلل: ج 1، ص 16.
2- 2. معانی الأخبار: 48.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 52.
4- 4. القصیری( خ).

كُلِّ حَیٍّ قَالَ جَعْفَرٌ سُمِّینَ النِّسَاءَ لِأُنْسِ آدَمَ بِ حَوَّاءَ حِینَ أُهْبِطَ إِلَی الْأَرْضِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ أَنَسٌ غَیْرُهَا.

فائدة اعلم أنه قد اتفقت كلمة الملیین من المسلمین و الیهود و النصاری علی أن أول البشر هو آدم و أما الآخرون فخالفوا فیه علی أقوال أما الفلاسفة فزعموا أنه لا أول لنوع البشر و لا لغیرهم من الأنواع المتوالدة و أما الهند فمن كان منهم علی رأی الفلاسفة فهو یوافقهم فی ما ذكر و من لم یكن منهم علی رأی الفلاسفة و قال بحدوث الأجسام لا یثبت (1)

آدم و یقول إن اللّٰه تعالی خلق الأفلاك و خلف فیها طباعا محركة لها بذاتها فلما تحركت و حشوها أجسام لاستحالة الخلأ و كانت الأجسام علی طبیعة واحدة فاختلفت طبائعها بالحركة الفلكیة و كان القریب من الفلك أسخن و ألطف و البعید أبرد و أكثف ثم اختلطت العناصر

و تكونت منها المركبات و مما تكون منه نوع البشر كما یتكون الدود فی الفاكهة و اللحم و البق فی البطائح و المواضع العفنة ثم تكون البشر بعضه من بعض بالتوالد و نسی التخلیق الأول الذی كان بالتولد و من الممكن أن یقول یتولد بعض البشر فی بعض الأراضی القاصیة مخلوقة بالتولد و إنما انقطع التولد لأن الطبیعة إذا وجدت للتكون (2)

طریقا استغنت عن طریق ثان و أما المجوس فلا یعرفون آدم و لا نوحا و لا ساما و لا حاما و لا یافث و أول متكون من البشر عندهم كیومرث و لقبه كوهشاه أی ملك الجبل و قد كان كیومرث فی الجبال و منهم من یسمیه گلشاه أی ملك الطین لأنه لم یكن حینئذ بشر یملكهم و قیل تفسیر كیومرث حی ناطق میت قالوا و كان قد رزق من الحس ما لا یقع علیه بصر حیوان إلا وله و أغمی علیه و یزعمون أن مبدأ تكونه و حدوثه أن یزدان و هو الصانع الأول عندهم فكر فی أمر أهرمن و هو الشیطان عندهم فكرة أوجبت أن عرق جبینه فمسح العرق و رمی به فصارت منه كیومرث و لهم خبط طویل فی كیفیة تكون أهرمن عن فكرة یزدان أو من إعجابه بنفسه أو من توحشه و

ص: 266


1- 1. لم یثبت( خ).
2- 2. للكون( خ).

بینهم خلاف فی قدم أهرمن و حدوثه ثم اختلفوا فی مدة بقاء كیومرث فی الوجود فقال الأكثرون ثلاثون سنة و قال الأقلون أربعون سنة و قال قوم منهم إن كیومرث مكث فی الجنة التی فی السماء ثلاثة آلاف سنة و هی ألف الحمل و ألف الثور و ألف الجوزاء ثم أهبط إلی الأرض و كان بها آمنا مطمئنا ثلاثة آلاف سنة أخری و هی ألف السرطان و ألف الأسد و ألف السنبلة ثم مكث بعد ذلك ثلاثین أو أربعین سنة فی حرب و خصام بینه و بین أهرمن حتی هلك و اختلفوا فی كیفیة هلاكه مع اتفاقهم علی أنه هلك قتلا فالأكثرون قالوا إنه قتل ابنا لأهرمن یسمی جزوذة فاستغاث أهرمن منه إلی یزدان فلم یجد بدا من أن یقاصه حفظا للعهود التی كانت بینه و بین أهرمن فقتله بابن أهرمن و قال قوم بل قتله أهرمن فی صراع كان بینه و بین أهرمن و ذكروا فی كیفیته أن كیومرث كان هو القاهر لأهرمن فی بادئ الحال و أنه ركبه و جعل یطوف به فی العالم إلی أن سأله أهرمن عن أی الأشیاء أخوف (1) و أهوالها عنده فقال له باب جهنم فلما بلغ به أهرمن إلیها جمح به حتی سقط من فوقه و لم یستمسك فعلاه و سأله عن أی الجهات یبتدئ به فی الأكل فقال له من جهة الرجل لأكون (2)

ناظرا حسن العالم مدة ما فابتدأه أهرمن فأكله من عند رأسه فبلغ إلی موضع الخصی و أوعیة المنی من الصلب فقطر من كیومرث قطرتا نطفة علی الأرض فنبت منهما ریباستان فی جبل بإصطخر ثم ظهرت علی تینك الریباستین الأعضاء البشریة فی أول الشهر التاسع و تمت أجزاؤه فتصور منهما بشران ذكر و أنثی و هما میشا و میشانة و هما بمنزلة آدم و حواء عند الملیین و یسمیهما مجوس خوارزم مرد و مردانه و زعموا أنهما مكثا خمسین سنة مستغنیین عن الطعام و الشراب منعمین غیر متأذیین بشی ء حتی ظهر لهما أهرمن فی صورة شیخ كبیر فحملهما علی تناول فواكه الأشجار و أكل منها و هما یبصرانه شیخا فعاد شابا فأكلا منها حینئذ فوقعا فی البلایا و ظهر فیهما الحرص حتی تزاوجا و ولد لهما ولد فأكلاه حرصا ثم

ص: 267


1- 1. اخوف له( خ).
2- 2. فاكون( خ).

ألقی اللّٰه تعالی فی قلوبهما رأفة فولد بعد ذلك ستة أبطن كل بطن ذكر و أنثی و أسماؤهم فی كتاب زردشت معروفة ثم كان البطن السابع سیامك و فرواك فتزاوجا فولد لهما الملك المعروف الذی لم یعرف قبله ملك و هو هوشنج و هو الذی خلف جده كیومرث و عقد التاج و جلس علی السریر و بنی مدینتین بابل و السوس.

أقول: هذه هی الخرافات التی ذكروها و الآیات و الأخبار ناطقة بما هو الحق المبین و بطل أقوال الفرق المضلین.

باب 39 فضل الإنسان و تفضیله علی الملك و بعض جوامع أحواله

الآیات:

البقرة: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً إلی قوله سبحانه وَ كانَ مِنَ الْكافِرِینَ (1)

الأنعام: وَ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَفْقَهُونَ (2)

الحجر: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (3)

الإسراء: وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی كَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا(4)

الأنبیاء: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ (5)

الفرقان: وَ هُوَ الَّذِی خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِیراً(6)

ص: 268


1- 1. البقرة: 30- 34.
2- 2. الأنعام: 98.
3- 3. الحجر: 26.
4- 4. الإسراء: 70.
5- 5. الأنبیاء: 37.
6- 6. الفرقان: 54.

الروم: اللَّهُ الَّذِی خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَیْبَةً یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ هُوَ الْعَلِیمُ الْقَدِیرُ(1)

الأحزاب: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا لِیُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِینَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِینَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ یَتُوبَ اللَّهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً(2)

فاطر: وَ مِنَ النَّاسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ (3)

یس: سُبْحانَ الَّذِی خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ (4)

الصافات: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِینٍ لازِبٍ (5)

الزمر: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها(6)

المؤمن: وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ (7)

الرحمن: خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَیانَ (8) و قال تعالی خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ(9)

التغابن: هُوَ الَّذِی خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ(10)

البلد: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ أَ یَحْسَبُ أَنْ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْهِ أَحَدٌ یَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أَ یَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَیْنِ وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ (11)

التین: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی أَحْسَنِ تَقْوِیمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِینَ (12)

ص: 269


1- 1. الروم: 54.
2- 2. الأحزاب: 72- 73.
3- 3. فاطر: 28.
4- 4. یس: 36.
5- 5. الصافّات: 11.
6- 6. الزمر: 6.
7- 7. المؤمن: 64.
8- 8. الرحمن: 3- 4.
9- 9. الرحمن: 14.
10- 10. التغابن: 2.
11- 11. البلد: 1- 10.
12- 12. التین: 4- 5.

العلق: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِی خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ (1)

تفسیر:

وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ هذه الآیات مما استدل به علی تفضیل الإنسان علی الملائكة و سیأتی وجه الاستدلال بها مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ أی من آدم علیه السلام لأن اللّٰه تعالی خلقنا منه جمیعا و خلق حواء من فضل طینته أو من ضلع من أضلاعه و من علینا بهذا لأن الناس إذا رجعوا إلی أصل واحد كانوا أقرب إلی التألف فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ أی مستقر فی الرحم إلی أن یولد و مستودع فی القبر أو مستقر فی بطون الأمهات و مستودع فی الأصلاب أو مستقر علی ظهر الأرض فی الدنیا و مستودع عند اللّٰه فی الآخرة أو مستقرها أیام حیاتها و مستودعها حیث (2)

یموت و حیث یبعث أو مستقر فی القبر و مستودع فی الدنیا أو مستقر فیه الإیمان و مستودع یسلب منه كما ورد فی الخبر.

مِنْ صَلْصالٍ أی طین یابس یصلصل أی یصوت إذا نقر و قیل من صلصل إذا نتن تضعیف صل مِنْ حَمَإٍ من طین تغیر و اسود من طول مجاورة الماء مَسْنُونٍ أی مصور من سنة الوجه أو مصبوب لییبس أو مصور كالجواهر المذابة تصب فی القوالب من السن و هو الصب كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف فیبس حتی نقر و صلصل ثم غیر ذلك طورا بعد طور حتی سواه و نفخ فیه من روحه أو منتن من سننت الحجر علی الحجر إذا حككته به فإن ما یسیل منهما یكون منتنا یسمی سنین.

وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ قال الرازی اعلم أن الإنسان جوهر مركب من النفس و البدن فالنفس الإنسانیة أشرف النفوس الموجودة فی العالم السفلی لأن النفس النباتیة قواها الأصلیة ثلاثة و هی الاغتذاء و النمو و التولید و النفس الحیوانیة لها قوتان أخریان الحاسة

و المحركة بالاختیار ثم إن النفس الإنسانیة مختصة بقوة أخری و هی القوة العاقلة المدركة لحقائق الأشیاء كما هی و هی التی یتجلی

ص: 270


1- 1. العلق: 1- 5.
2- 2. حین( خ).

فیها نور معرفة اللّٰه و یشرق فیها ضوء كبریائه و هو الذی یطلع علی أسرار عالمی الخلق و الأمر و یحیط بأقسام مخلوقات اللّٰه من الأرواح و الأجسام كما هی و هذه القوة من سنخ الجواهر القدسیة و الأرواح المجردة الإلهیة فهذه القوة لا نسبة لها فی الشرف و الفضل إلی تلك القوی الخمسة النباتیة و الحیوانیة و إذا كان الأمر كذلك ظهر أن النفس الإنسانیة أشرف النفوس الموجودة فی هذا العالم و أما بیان أن البدن الإنسانی أشرف أجسام هذا العالم فالمفسرون ذكروا أشیاء.

أحدها

روی میمون بن مهران عن ابن عباس فی قوله وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ قال كل شی ء یأكل بفیه إلا ابن آدم فإنه یأكل بیدیه.

عن الرشید أنه أحضرت الأطعمة عنده فدعا بالملاعق و عنده أبو یوسف فقال له جاء فی تفسیر(1)

قوله تعالی وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ و جعلنا لهم أصابع یأكلون بها فأحضرت الملاعق فردها و أكل بأصابعه.

و ثانیها قال الضحاك بالنطق و التمیز(2)

و تحقیق الكلام أن من عرف شیئا فإما أن یعجز عن تعریف غیره كونه عارفا بذلك الشی ء أو یقدر علی هذا التعریف أما القسم الأول فهو جملة حال الحیوان سوی الإنسان فإنه إذا حصل فی باطنها ألم أو لذة فإنها تعجز عن تعریف غیرها تلك الأحوال تعریفا تاما وافیا و أما القسم الثانی فهو الإنسان فإنه یمكنه تعریف غیره كل ما عرفه و وقف علیه و أحاط به فكونه قادرا علی هذا النوع من التعریف هو المراد بكونه ناطقا و بهذا البیان یظهر أن الإنسان الأخرس داخل فی هذا الوصف لأنه و إن عجز عن تعریف غیره ما فی قلبه بطریق اللسان فإنه یمكنه ذلك بطریق الإشارة و بطریق الكتابة و غیرهما و لا یدخل فیه الببغاء لأنه و إن قدر علی تعریفات قلیلة فلا قدرة له علی تعریف جمیع الأحوال علی سبیل الكمال و التمام.

و ثالثها قال عطاء بامتداد القامة و اعلم أن هذا الكلام غیر تمام لأن

ص: 271


1- 1. فی المصدر: جاء فی التفسیر عن جدك فی قوله ....
2- 2. فیه: التمییز.

الأشجار أطول قامة من الإنسان بل ینبغی أن یشرط فیه شرط و هو طول القامة مع استكمال القوة العقلیة و القوة الحسیة و الحركیة.

و رابعها قال یمان بحسن الصورة و الدلیل علیه قوله تعالی وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ و لما ذكر اللّٰه تعالی خلقه الإنسان قال فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ و قال صِبْغَةَ اللَّهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً و إن شئت فتأمل عضوا واحدا من أعضاء الإنسان و هو العین فخلق الحدقة سوداء ثم أحاط بذلك السواد بیاض العین ثم أحاط بذلك البیاض سواد الأشفار ثم أحاط بذلك السواد بیاض الأجفان ثم خلق فوق بیاض الجفن سواد الحاجبین ثم خلق فوق ذلك السواد بیاض الجبهة ثم خلق فوق الجبهة سواد الشعر و لیكن هذا المثال الواحد أنموذجا لك فی هذا الباب.

و خامسها قال بعضهم من كرامات الآدمی أن آتاه اللّٰه الخط و تحقیق الكلام فی هذا الباب أن العلم الذی یقدر الإنسان الواحد علی استنباطه یكون قلیلا أما إذا استنبط الإنسان علما و أودعه فی الكتاب و جاء الإنسان الثانی و استعان بهذا الكتاب و ضم إلیه من عند نفسه أشیاء أخری ثم لا یزالون یتعاقبون و ضم كل متأخر مباحث كثیرة إلی علوم المتقدمین كثرت العلوم و قویت الفضائل و المعارف و انتهت المباحث العقلیة و المطالب الشرعیة أقصی الغایات و أكمل النهایات و معلوم أن هذا الباب لا یتأتی إلا بواسطة الخط و الكتب و لهذه الفضیلة الكاملة قال تعالی اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ و سادسها أن أجسام هذا العالم إما البسائط و إما المركبات أما البسائط فهی الأرض و الماء و الهواء و النار و الإنسان ینتفع بكل هذه الأربعة أما الأرض فهی لنا كالأم الحاضنة قال تعالی مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری و قد سماه اللّٰه تعالی بأسماء بالنسبة إلینا و هی الفراش و المهاد و المهد و أما الماء فانتفاعنا فی الشرب و الزراعة و الحراسة ظاهر و أیضا سخر البحر لنأكل لحما طریا و نستخرج منه حلیة نلبسها و نری الفلك مواخر و أما الهواء فهو مادة حیاتنا و لو لا هبوب الریاح لاستولی النتن علی هذه المعمورة و أما النار فبها طبخ

ص: 272

الأغذیة و الأشربة و نضجها و هی قائمة مقام الشمس و القمر فی اللیالی المظلمة و هی الدافعة لضرر البرد و أما المركبات فهی إما الآثار العلویة(1) و إما المعادن و إما النبات و إما الحیوان و الإنسان كالمستولی علی كل هذه الأقسام و المنتفع بها و المستسخر لكل أقسامها فهذا العالم بأسرها جری مجری قریة معمورة و خان مغلة(2)

و جمیع منافعها و مصالحها مصروفة إلی الإنسان و الإنسان فیه كالرئیس المخدوم و الملك المطاع و سائر الحیوانات بالنسبة إلیه كالعبید و كل ذلك یدل علی كونه مخصوصا من عند اللّٰه بمزید التكریم و التفضیل.

و سابعها أن المخلوقات تنقسم إلی أربعة أقسام إلی ما حصلت له هذه القوة العقلیة الحكمیة و لم تحصل له القوة الشهوانیة و هم الملائكة و إلی ما یكون بالعكس و هم البهائم و إلی ما خلا عن القسمین و هو النبات و الجمادات و إلی ما حصل النوعان فیه و هو الإنسان و لا شك أن الإنسان لكونه مستجمعا للقوة العقلیة القدسیة و القوة الشهوانیة البهیمیة و الغضبیة السبعیة یكون أفضل من البهیمة و السبع و لا شك أیضا أنه أفضل من الأجسام الخالیة عن القوتین مثل النبات و المعادن و الجمادات و إذا ثبت ذلك

ظهر أن اللّٰه تعالی فضل الإنسان علی أكثر أقسام المخلوقات بقی هاهنا بحث فی أن الملك أفضل من (3) البشر و المعنی أن الجوهر البسیط الموصوف بالقوة العقلیة القدسیة المحضة أفضل (4)

من البشر المستجمع لهاتین القوتین و ذلك بحث آخر.

و ثامنها الموجود إما أن یكون أزلیا و أبدیا معا و هو اللّٰه سبحانه و إما أن لا یكون أزلیا و لا أبدیا و هو عالم الدنیا مع كل ما فیه من المعادن و النبات و الحیوان و هذا أخس الأقسام و إما أن یكون أزلیا و لا یكون أبدیا و هذا ممتنع الوجود لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه و إما أن لا یكون أزلیا و لكنه یكون أبدیا و هو

ص: 273


1- 1. كذا فی المصدر و فی بعض النسخ« الآباء» و فی بعضها« الآیات».
2- 2. فی المصدر: معد.
3- 3. فی المصدر« أم» فی الموضعین.
4- 4. فی المصدر« أم» فی الموضعین.

الإنسان و الملك و لا شك أن هذا القسم أشرف من القسم الثانی و الثالث و ذلك یقتضی كون الإنسان أشرف من أكثر المخلوقات.

و تاسعها العالم العلوی أشرف من العالم السفلی و روح الإنسان من جنس الأرواح العلویة و الجواهر القدسیة و لیس فی موجودات العالم السفلی شی ء حصل من العالم العلوی إلا الإنسان فوجب كون الإنسان أشرف موجودات العالم السفلی.

و عاشرها أشرف الموجودات هو اللّٰه تعالی و إذا كان كذلك فكل موجود كان قربه من اللّٰه أتم وجب أن یكون أشرف لكن أقرب موجودات هذا العالم من اللّٰه تعالی هو الإنسان بسبب أن قلبه مستنیر بمعرفة اللّٰه و لسانه مشرف بذكر اللّٰه و جوارحه و أعضاؤه مكرمة بطاعة اللّٰه فوجب الجزم بأن أشرف موجودات هذا العالم السفلی هو الإنسان و لما ثبت أن الإنسان موجود ممكن لذاته لا یوجد إلا بإیجاد الواجب لذاته ثبت أن كلما حصل للإنسان من المراتب العالیة و الصفات الشریفة فهی إنما حصلت بإحسان اللّٰه و إنعامه فلهذا المعنی قال تعالی وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ و من تمام كرامته علی اللّٰه أنه لما خلقه فی أول الأمر وصف نفسه بأنه أكرم فقال اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِی خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ و وصف نفسه بالتكریم عند تربیة الإنسان فقال وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ و وصف نفسه بالكرم فی آخر الأحوال الإنسان فقال یا أَیُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِیمِ و هذا یدل علی أنه لا نهایة لكرم اللّٰه تعالی و تفضله و إحسانه مع الإنسان.

الحادی عشر قال بعضهم هذا التكریم معناه أنه تعالی خلق آدم بیده و خلق غیره بطریق كن فیكون و من كان مخلوقا بیدی اللّٰه كانت العنایة به أتم فكان (1) أكرم و أكمل و لما جعلنا من أولاده وجب كون بنی آدم أكرم و أكمل.

وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قال ابن عباس فی البر علی الخیل و البغال و الحمیر و الإبل و فی البحر علی السفن و هذا أیضا من مؤكدات التكریم المذكور

ص: 274


1- 1. فی بعض النسخ« أتم و اكمل» و فی المصدر: كانت العنایة به أتم و أكمل و كان أكرم و أكمل.

أولا لأنه تعالی سخر هذه الدواب له حتی یركبها و یحمل علیها و یغزو و یقاتل و یذب عن نفسه و كذلك تسخیر اللّٰه تعالی المیاه و السفن و غیرهما لیركبها و ینقل علیها و یتكسب بها بما(1)

یختص به ابن آدم كل ذلك مما یدل علی أن الإنسان فی هذا العالم كالرئیس المتبوع و الملك المطاع.

وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ و ذلك لأن الأغذیة إما حیوانیة و إما إنسانیة و كلا القسمین فإن الإنسان إنما یغتذی بألطف أنواعها و أشرف أقسامها بعد التنقیة التامة و الطبخ الكامل و النضج البالغ و ذلك مما لا یصلح إلا للإنسان وَ فَضَّلْناهُمْ الفرق بین التفضیل و التكریم أنه تعالی فضل الإنسان علی سائر الحیوانات بأمور خلقیة طبیعیة ذاتیة مثل العقل و النطق و الخط و الصورة الحسنة و القامة المدیدة ثم إنه تعالی عرضه بواسطة ذلك العقل و الفهم لاكتساب العقائد الحقة و الأخلاق الفاضلة فالأول هو التكریم و الثانی هو التفضیل.

عَلی كَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا لم یقل و فضلناهم علی الكل فهذا یدل علی أنه حصل فی مخلوقات اللّٰه تعالی شی ء لا یكون الإنسان مفضلا علیه و كل من أثبت هذا القسم قال إنه هو الملائكة فلزم القول بأن الملك أفضل من الإنسان و هذا القول مذهب ابن عباس و اختیار الزجاج علی ما رواه الواحدی فی البسیط. و اعلم أن هذا الكلام مشتمل علی بحثین أحدهما أن الأنبیاء أفضل أم الملائكة و قد سبق القول فیه فی سورة البقرة. و الثانی أن عوام الملائكة و عوام المؤمنین أیهما أفضل منهم من قال بتفضیل المؤمنین علی الملائكة و احتجوا علیه بما

روی عن زید بن أسلم أنه قال قالت الملائكة ربنا إنك أعطیت بنی آدم دنیا(2) یأكلون فیها و یتنعمون و لم تعطنا ذلك فی الآخرة فقال تعالی و عزتی و جلالی لا أجعل ذریة من خلقت بیدی كمن قلت له كن فكان فقال أبو هریرة المؤمن أكرم علی اللّٰه من الملائكة الذین عنده. هكذا

ص: 275


1- 1. فی المصدر: مما.
2- 2. فی المصدر: الدنیا.

أورده الواحدی فی البسیط و أما القائلون بأن الملك أفضل من البشر علی الإطلاق فقد عولوا علی هذه الآیة و هو فی الحقیقة تمسك بدلیل الخطاب (1)

انتهی.

و قال الطبرسی قدس سره استدل بعضهم بهذا علی أن الملائكة أفضل من الأنبیاء قال لأن قوله عَلی كَثِیرٍ یدل علی أن هاهنا من لم یفضلهم علیه و لیس إلا الملائكة لأن بنی آدم أفضل من كل حیوان سوی الملائكة بالاتفاق و هذا باطل من وجوه:

أحدها أن التفضیل هاهنا لم یرد به الثواب لأن الثواب لا یجوز التفضیل به ابتداء و إنما المراد بذلك ما فضلهم اللّٰه به من فنون النعم التی عددنا بعضها.

و ثانیها أن المراد بالكثیر الجمیع فوضع الكثیر موضع الجمیع و المعنی أنا فضلناهم علی من خلقنا و هم كثیر كما یقال بذلت له العریض من جاهی و أبحته المنیع من حریمی و لا یراد بذلك أنی بذلت له عریض جاهی و منعته ما لیس بعریض و أبحته منیع حریمی و لم أبحه ما لیس منیعا بل المقصود أنی بذلت له جاهی الذی من صفته أنه عریض و فی القرآن و محاورات العرب من ذلك ما لا یحصی و لا یخفی ذلك علی من عرف كلامهم.

و ثالثها أنه إذا سلم أن المراد بالتفضیل زیادة الثواب و أن لفظة من فی قوله مِمَّنْ خَلَقْنا تفید التبعیض فلا یمتنع أن یكون جنس الملائكة أفضل من جنس بنی آدم لأن الفضل فی الملائكة عام لجمیعهم أو أكثرهم و الفضل من (2) بنی آدم یختص بقلیل من كثیر و علی هذا فغیر منكر أن یكون الأنبیاء أفضل من الملائكة و إن كان جنس الملائكة أفضل من جنس بنی آدم (3) انتهی.

و أقول كلامه رحمه اللّٰه فی هذه الآیة مأخوذ مما سننقله عن السید المرتضی رضی اللّٰه عنه.

ص: 276


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 21، ص 12- 16.
2- 2. فی المصدر: فی.
3- 3. مجمع البیان: ج 6، ص 429.

خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال البیضاوی كأنه خلقه منه لفرط استعجاله و قلة تأنیه كقولك خلق زید من الكرم و جعل ما طبع علیه بمنزلة المطبوع هو منه مبالغة فی لزومه له و لذلك قیل إنه علی القلب و من عجلته مبادرته إلی الكفر و استعجاله الوعید(1)

انتهی و فی

تفسیر علی بن إبراهیم قال لما أجری اللّٰه فی آدم الروح (2) من قدمیه فبلغت إلی ركبتیه أراد أن یقوم فلم یقدر فقال اللّٰه خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ (3).

خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً قیل یعنی الذی خمر به طینة آدم ثم جعله جزءا من مادة البشر لیجتمع و یسلس و یقبل الإشكال بسهولة أو النطفة فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً أی فقسمه قسمین ذوی نسب أی ذكورا ینسب إلیهم و ذوات صهر أی إناثا یصاهر بهن وَ كانَ رَبُّكَ قَدِیراً حیث خلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة و طباع متباعدة و جعله قسمین متقابلین.

وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ آدَمَ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَ خَلَقَ زَوْجَتَهُ مِنْ سِنْخِهِ فَبَرَأَهَا مِنْ أَسْفَلِ أَعْضَائِهِ فَجَرَی بِذَلِكَ الضِّلْعِ بَیْنَهُمَا سَبَبٌ وَ نَسَبٌ ثُمَّ زَوَّجَهَا إِیَّاهُ فَجَرَی بَیْنَهُمَا بِسَبَبِ ذَلِكَ صِهْرٌ فَذَلِكَ قَوْلُهُ نَسَباً وَ صِهْراً فَالنَّسَبُ مَا كَانَ بِسَبَبِ الرِّجَالِ وَ الصِّهْرُ مَا كَانَ بِسَبَبِ النِّسَاءِ.

و قد أوردنا أخبارا كثیرة فی أبواب فضائل أمیر المؤمنین علیه السلام أنها نزلت فی النبی و أمیر المؤمنین و تزویج فاطمة صلوات اللّٰه علیهم.

اللَّهُ الَّذِی خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ قیل أی ابتدأكم ضعفاء أو خلقكم من أصل ضعیف و هو النطفة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً و هو بلوغكم الأشد ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَیْبَةً إذا أخذ منكم السن یَخْلُقُ ما یَشاءُ من ضعف و قوة و شیبة(4).

ص: 277


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 82.
2- 2. فی المصدر: روحه.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 429.
4- 4. فی بعض النسخ المخطوطة: شبیبة و شیبة.

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ هذه الآیة من المتشابهات و قد اختلف فی تأویله المفسرون و الروایات علی وجوه الأول أن المراد بالأمانة التكلیف بالأوامر و النواهی و المراد بعرضها علی السماوات و الأرض و الجبال العرض علی أهلها و عرضها علیهم هو تعریفه إیاهم أن فی تضییع الأمانة الإثم العظیم و كذلك فی ترك أوامر اللّٰه تعالی و أحكامه فبین سبحانه جرأة الإنسان علی المعاصی و إشفاق الملائكة من ذلك فیكون المعنی عرضنا الأمانة علی أهل السماوات و الأرض و الجبال من الملائكة و الإنس و الجن فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها أی فأبی أهلهن أن یحملوا تركها و عقابها و المأثم فیها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها أی أشفق أهلهن عن (1) حملها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لنفسه بارتكاب المعاصی جَهُولًا بموضع الأمانة فی استحقاق العقاب علی الخیانة فیها فالمراد بحمل الأمانة تضییعها قال الزجاج كل من خان الأمانة فقد حملها و من لم یحمل الأمانة فقد أداها.

و الثانی أن معنی عَرَضْنَا عارضنا و قابلنا فإن عرض الشی ء علی الشی ء و معارضته به سواء و المعنی أن هذه الأمانة فی جلالة موقعها و عظم شأنها لو قیست السماوات و الأرض و الجبال و عورضت بها لكانت هذه الأمانة أرجح و أثقل وزنا و معنی قوله فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها ضعفن عن حملها كذلك وَ أَشْفَقْنَ مِنْها لأن الشفقة ضعف القلب و لذلك صار كنایة عن الخوف الذی یضعف عنده القلب ثم قال إن هذه الأمانة التی من صفتها أنها أعظم من هذه الأشیاء العظیمة تقلدها الإنسان فلم یحفظها بل حملها و ضیعها لظلمه علی نفسه و لجهله بمبلغ الثواب و العقاب.

و الثالث ما ذكره البیضاوی حیث قال تقریر للوعد السابق بتعظیم الطاعة و سماها أمانة من حیث إنها واجبة الأداء و المعنی أنها لعظمة شأنها بحیث لو عرضت علی هذه الأجرام العظام و كانت ذات شعور و إدراك لأبین أن یحملنها و حملها الإنسان مع ضعف بنیته و رخاوة قوته لا جرم فاز الراعی لها و القائم بحقوقها بخیر الدارین إِنَّهُ

ص: 278


1- 1. من( خ).

كانَ ظَلُوماً حیث لم یف بها و لم یراع حقها جَهُولًا بكنه عاقبتها و هذا وصف للجنس باعتبار الأغلب (1)

انتهی.

و قال الطبرسی قدس سره إنه علی وجه التقدیر أجری (2) علیه لفظ الواقع لأن الواقع أبلغ من المقدر معناه لو كانت السماوات و الأرض و الجبال عاقلة ثم عرضت علیها الأمانة و هی وظائف الدین أصولا و فروعا عرض تخییر لاستثقلت ذلك مع كبر أجسامها و شدتها و قوتها و لامتنعت من حملها خوفا من القصور عن أداء حقها ثم حملها الإنسان مع ضعف جسمه و لم یخف الوعید لظلمه و جهله و علی هذا یحمل ما

روی عن ابن عباس أنها عرضت علی نفس السماوات و الأرض فامتنعت من حملها.

و الرابع أن معنی العرض و الإباء لیس هو علی ما یفهم بظاهر الكلام بل المراد تعظیم شأن الأمانة لا مخاطبة الجماد و العرب تقول سألت الربع و خاطبت الدار فامتنعت عن الجواب و إنما هو إخبار عن الحال عبر عنه بذكر الجواب و السؤال و تقول أتی فلان بكذب لا تحمله الجبال و قال سبحانه فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ و خطاب من لا یفهم لا یصح فالأمانة علی هذا ما أودع اللّٰه سبحانه السماوات و الأرض و الجبال من الدلائل علی وحدانیته و ربوبیته فأظهرتها و الإنسان الكافر كتمها و جحدها لظلمه (3)

و یرجع إلیه ما قیل المراد بالأمانة الطاعة التی تعم الطبیعیة و الاختیاریة و بعرضها استدعاؤها الذی یعم طلب الفعل من المختار و إرادة صدوره من غیره و بحملها الخیانة فیها و الامتناع عن أدائها و منه قولهم حامل الأمانة و محتملها لمن لا یؤدیها فتبرأ ذمته فیكون الإباء عنه إتیانا بما یمكن أن یتأتی منه و الظلم و الجهالة للخیانة و التقصیر.

و الخامس ما قیل إنه تعالی لما خلق هذه الأجرام فیها فهما(4) و قال لها

ص: 279


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 281- 282.
2- 2. فی المصدر: الا انه اجری.
3- 3. مجمع البیان: ج 8، ص 374.
4- 4. كذا فی جمیع النسخ التی بأیدینا و الظاهر« جعل فیها فهما».

إنی قد فرضت فریضة و خلقت جنة لمن أطاعنی فیها و نارا لمن عصانی فقلن نحن مسخرات علی ما خلقتنا لا نحتمل فریضة و لا نبغی ثوابا و لا عقابا و لما خلق آدم علیه السلام عرض علیه مثل ذلك فتحمله و كان ظلوما لنفسه بتحمله ما یشق علیها جهولا بوخامة عاقبته.

و السادس ما قیل إن المراد بالأمانة العقل و التكلیف و بعرضها علیهن اعتبارها بالإضافة إلی استعدادهن و بإبائهن الإباء الطبیعی الذی هو عدم اللیاقة و الاستعداد و بحمل الإنسان قابلیته و استعداده لها و كونه ظلوما جهولا لما غلب علیه من القوة الغضبیة و

الشهویة و علی هذا یحسن أن یكون علة للحمل علیه فإن من فوائد العقل أن یكون مهیمنا علی القوتین حافظا لهما عن التعدی و مجاوزة الحد(1)

و معظم مقصود التكلیف تعدیلهما و كسر سورتهما.

و السابع أن المراد بالأمانة أداء الأمانة ضد الخیانة أو قبولها و تصحیح تتمة الآیة علی أحد الوجوه المتقدمة.

الثامن أن المراد بالأمانة الإمامة(2)

و الخلافة الكبری و حملها ادعاؤها بغیر حق و المراد بالإنسان أبو بكر و قد وردت الأخبار الكثیرة فی ذلك أوردتها فی كتاب الإمامة و غیرها

فَقَدْ رُوِیَ بِأَسَانِیدَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: الْأَمَانَةُ الْوَلَایَةُ مَنِ ادَّعَاهَا بِغَیْرِ حَقٍّ كَفَرَ.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ: الْأَمَانَةُ هِیَ الْإِمَامَةُ وَ الْأَمْرُ وَ النَّهْیُ عُرِضَتْ عَلَی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها قَالَ أَبْیَنَ أَنْ یَدَّعُوهَا أَوْ یَغْصِبُوهَا أَهْلَهَا وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ الْأَوَّلُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا(3).

وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: الْأَمَانَةُ الْوَلَایَةُ وَ الْإِنْسَانُ أَبُو الشُّرُورِ الْمُنَافِقُ.

وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: هِیَ الْوَلَایَةُ أَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها كُفْراً وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ وَ الْإِنْسَانُ أَبُو فُلَانٍ.

و مما یدل علی أن المراد بها التكلیف

مَا رُوِیَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ إِذَا حَضَرَ وَقْتُ

ص: 280


1- 1. الحدود( خ).
2- 2. الامارة( خ).
3- 3. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 535( مقطعا).

الصَّلَاةِ تَغَیَّرَ لَوْنُهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ حَضَرَ وَقْتُ أَمَانَةٍ عَرَضَهَا اللَّهُ عَلَی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها.

و مما یدل علی كون المراد بها الأمانة المعروفة

مَا فِی نَهْجِ الْبَلَاغَةِ فِی جُمْلَةِ وَصَایَاهُ لِلْمُسْلِمِینَ: ثُمَّ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ فَقَدْ خَابَ مَنْ لَیْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَنَّهَا عُرِضَتْ عَلَی السَّمَاوَاتِ الْمَبْنِیَّةِ وَ الْأَرْضِ الْمَدْحُوَّةِ وَ الْجِبَالِ ذَاتِ الطُّولِ الْمَنْصُوبَةِ فَلَا أَطْوَلَ وَ لَا أَعْرَضَ وَ لَا أَعْظَمَ مِنْهَا وَ لَوِ امْتَنَعَ شَیْ ءٌ مِنْهَا بِطُولٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ قُوَّةٍ أَوْ عِزٍّ لَامْتَنَعْنَ وَ لَكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَ عَقَلْنَ مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ وَ هُوَ الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.

وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ یَبْعَثُ إِلَی الرَّجُلِ یَقُولُ ابْتَعْ لِی ثَوْباً فَیَطْلُبُ فِی السُّوقِ فَیَكُونُ عِنْدَهُ مِثْلُ مَا یَجِدُ لَهُ فِی السُّوقِ فَیُعْطِیهِ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَا یَقْرَبَنَّ هَذَا وَ لَا یُدَنِّسْ نَفْسَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ الْآیَةَ.

و الحق أن الجمیع داخل فی الآیة بحسب بطونها كما قیل إن المراد بالأمانة التكلیف بالعبودیة لله علی وجهها و التقرب بها إلی اللّٰه سبحانه كما ینبغی لكل عبد بحسب استعداده لها و أعظمها الخلافة الإلهیة لأهلها ثم تسلیم من لم یكن من أهلها لأهلها و عدم ادعاء منزلتها لنفسه ثم سائر التكالیف و المراد بعرضها علی السماوات و الأرض و الجبال النظر إلی استعدادهن لذلك و بإبائهن الإباء الطبیعی الذی هو عبارة عن عدم اللیاقة و تحمل الإنسان إیاها تحمله لها من غیر استحقاق تكبرا علی أهلها أو مع تقصیره بحسب وصف الجنس باعتبار الأغلب فهذه معانیها الكلیة و كل ما ورد فی تأویلها فی مقام یرجع إلی هذه الحقائق كما یظهر عند التدبر و التوفیق من اللّٰه سبحانه.

قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی أجوبة المسائل العكبریة حیث سئل عن تفسیر هذه الآیة أنه لم یكن عرض فی الحقیقة علی السماوات و الأرض و الجبال بقول صریح أو دلیل ینوب مناب القول و إنما الكلام فی هذه الآیة مجاز أرید به الإیضاح عن عظم الأمانة و ثقل التكلیف بها و شدته علی الإنسان و أن السماوات و الأرض و الجبال لو كانت مما یقبل لأبت حمل الأمانة و لم تؤد مع ذلك حقها و

ص: 281

نظیر ذلك قوله تعالی تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا(1) و معلوم أن السماوات و الأرض و الجبال جماد لا تعرف الكفر من الإیمان و لكن المعنی فی ذلك إعظام ما فعله المبطلون و تفوه به الضالون و أقدم به المجرمون من الكفر باللّٰه تعالی و أنه من عظمه جار مجری ما یثقل باعتماده علی السماوات و الأرض و الجبال و أن الوزر به كذلك و كان الكلام فی معناه ما جاء به التنزیل مجازا و استعارة كما ذكرناه و مثل ذلك قوله تعالی وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما یَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ(2) الآیة و معلوم أن الحجارة جماد لا یعلم فیخشی أو یرجو و یؤمل و إنما المراد بذلك تعظیم الوزر فی معصیة اللّٰه تعالی و ما یجب أن یكون العبد علیه من خشیة اللّٰه تعالی و قد بین اللّٰه ذلك بقوله فی نظیر ما ذكرناه وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُیِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ الآیة(3) فبین بهذا المثل عن جلالة القرآن و عظم قدره و علو شأنه و أنه لو كان كلام یكون به ما عده و وصفه لكان بالقرآن لعظم قدره علی سائر الكلام و قد قیل إن المعنی فی قوله إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عرضها علی أهل السماوات و أهل الأرض و أهل الجبال و العرب یخبر

عن أهل الموضع بذكر الموضع و یسمیهم باسمه قال اللّٰه تعالی وَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ الَّتِی كُنَّا فِیها وَ الْعِیرَ(4) یرید أهل القریة و أهل العیر و كان العرض علی أهل السماوات و أهل الأرض و أهل الجبال قبل خلق آدم و خیروا بین التكلیف لما كلفه آدم و بنوه فأشفقوا من التفریط فیه و استعفوا منه فاعفوا فتكلفه الإنسان ففرط فیه و لیست الآیة علی ما ظنه السائل أنها هی الودیعة و ما فی بابها و لكنها التكلیف الذی وصفناه و لقوم من أصحاب الحدیث الذاهبین إلی الإمامة جواب تعلقوا به من جهة بعض الأخبار و هی أن الأمانة هی الولایة لأمیر المؤمنین علیه السلام و إنها عرضت قبل خلق آدم علی السماوات و الأرض و الجبال لیأتوا بها علی شروطها فأبین من حملها علی ذلك خوفا من تضییع الحق فیها و كلفها الناس فتكلفوها و لم یؤد أكثرهم حقها انتهی.

ص: 282


1- 1. مریم: 91.
2- 2. البقرة: 74.
3- 3. الرعد: 33.
4- 4. یوسف: 82.

لِیُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِینَ تعلیل للحمل من حیث إنه نتیجة كالتأدیب للضرب فی ضربته تأدیبا و ذكر التوبة فی الوعد إشعار بأن كونهم ظلوما جهولا فی جبلتهم لا یخلیهم عن فرطات وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً حیث تاب علی فرطاتهم و أثاب بالفوز علی طاعاتهم و كَذلِكَ أی كاختلاف الثمار و الجبال.

خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها أی الأنواع و الأصناف مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ من النبات و الشجر وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الذكر و الأنثی وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ أی و أزواجا مما لم یطلعهم اللّٰه علیه و لم یجعل لهم طریقا إلی معرفته و سیأتی تأویل آخر بروایة علی بن إبراهیم مِنْ طِینٍ لازِبٍ أی ممتزج متماسك یلزم بعضه بعضا یقال طین لازب یلزق بالید لاشتداده و قال علی بن إبراهیم یعنی یلزق (1)

بالید ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها أی من جزئها أو من طینتها أو من نوعها أو لأجلها و لانتفاعها.

فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ بأن خلقكم منتصب القامة بادی البشرة متناسب الأعضاء و التخطیطات متهیأ لمزاولة الصنائع و اكتساب الكمالات وَ رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ أی اللذائذ.

عَلَّمَهُ الْبَیانَ قیل إیماء بأن خلق البشر و ما یمیز به عن سائر الحیوانات من البیان و هو التعبیر عما فی الضمیر و إفهام الغیر لما أدركه لتلقی الوحی و تعرف الحق و تعلم الشرع

وَ فِی تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: فِی قَوْلِهِ الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ قَالَ اللَّهُ عَلَّمَ مُحَمَّداً الْقُرْآنَ قُلْتُ خَلَقَ الْإِنْسانَ قَالَ ذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قُلْتُ عَلَّمَهُ الْبَیانَ قَالَ عَلَّمَهُ تِبْیَانَ كُلِّ شَیْ ءٍ یَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَیْهِ الْخَبَرَ(2).

مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ قیل الصلصال الطین الیابس الذی له صلصلة و الفخار الخزف و قد خلق اللّٰه آدم من تراب جعله طینا ثم حمأ مسنونا ثم صلصالا فلا یخالف

ص: 283


1- 1. فی المصدر: یلصق. تفسیر القمّیّ: 555.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 658.

ذلك قوله مِنْ تُرابٍ و نحوه.

فَمِنْكُمْ كافِرٌ أی یصیر كافرا أو كان فی علم اللّٰه أنه كافر

وَ فِی الْكَافِی، وَ تَفْسِیرِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَةِ فَقَالَ عَرَفَ اللَّهُ إِیمَانَهُمْ بِوَلَایَتِنَا وَ كُفْرَهُمْ بِتَرْكِهَا یَوْمَ أَخَذَ عَلَیْهِمُ الْمِیثَاقَ فِی صُلْبِ آدَمَ وَ هُمْ ذَرٌّ(1).

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ قیل فی تعب و مشقة فإنه یكابد مصائب الدنیا و شدائد الآخرة و قال علی بن إبراهیم أی منتصبا(2)

و سیأتی تفسیره فی الخبر أنه منتصب فی بطن أمه.

أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ یبصر بهما وَ لِساناً یترجم عن ضمائره وَ شَفَتَیْنِ یستر بهما فاه و یستعین بهما علی النطق و الأكل و الشرب و غیرها وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ طریقی الخیر و الشر و قیل الثدیین و أصله المكان المرتفع

وَ فِی الْكَافِی، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: نَجْدَ الْخَیْرِ وَ الشَّرِّ.

وَ فِی مَجْمَعِ الْبَیَانِ، عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: سَبِیلَ الْخَیْرِ وَ سَبِیلَ الشَّرِّ.

وَ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهُ قِیلَ لَهُ إِنَّ أُنَاساً یَقُولُونَ فِی قَوْلِهِ وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ أَنَّهُمَا الثَّدْیَانِ فَقَالَ لَا هُمَا الْخَیْرُ وَ الشَّرُّ(3).

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ قیل یرید به الجنس فِی أَحْسَنِ تَقْوِیمٍ أی تعدیل بأن خص بانتصاب القامة و حسن الصورة و استجماع خواص الكائنات و نظائر سائر الممكنات ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِینَ بأن جعلناه من أهل النار أو إلی أسفل سافلین و هو النار و قیل أرذل العمر

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ نَزَلَتْ فِی الْأَوَّلِ وَ فِی الْمَنَاقِبِ عَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام قَالَ: الْإِنْسَانُ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِینَ بِبُغْضِهِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ.

و أقول علی سبیل الاحتمال یمكن أن یكون رده إلی أسفل سافلین ابتلاؤه بالقوی الشهوانیة و العلائق الجسمانیة فإن روحه كان من عالم القدس فلما ابتلی

ص: 284


1- 1. الكافی: ج 1، ص 413، و تفسیر القمّیّ: 682.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 725.
3- 3. مجمع البیان: ج 10، ص 494.

بعد التعلق بالبدن بالصفات البهیمیة و العلائق الدنیة(1) فقد تنزل من أعلی علیین إلی أسفل سافلین فهم باقون فی تلك الدركات منهمكون فی تلك التعلقات إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإنهم نفضوا عن أذیالهم أدناس تلك النشأة الفانیة و اختاروا الدرجات العالیة فرجعوا إلی النشأة الأولی و تعلقت أرواحهم بالملإ الأعلی فصاروا أشرف من الملائكة المقربین و سكنوا فی غرفات الجنان آمنین.

بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِی خَلَقَ أی جمیع المخلوقات علی مقتضی حكمته

وَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: خَلَقَ نُورَكَ الْقَدِیمَ قَبْلَ الْأَشْیَاءِ.

مِنْ عَلَقٍ أی من دم جامد بعد النطفة الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ قال علی بن إبراهیم علم الإنسان بالكتابة(2) التی بها یتم أمور الدنیا فی مشارق الأرض و مغاربها(3) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ من أنواع الهدی و البیان و قال علی بن إبراهیم قال یعنی علم علیا من الكتابة لك ما لم یعلم قبل ذلك (4)

قیل عدد سبحانه مبدأ الإنسان و منتهاه إظهارا لما أنعم علیه من نقله من أخس المراتب إلی أعلاها تقریرا لربوبیته و تحقیقا لأكرمیته.

فائدة اعلم أن المسلمین اختلفوا فی تفضیل الملائكة علی البشر أو العكس فذهب أكثر الأشاعرة إلی أن الأنبیاء أفضل من الملائكة و صرح بعضهم بأن عوام البشر من المؤمنین أفضل من عوام الملائكة و خواص الملائكة أفضل من عوام البشر أی غیر الأنبیاء و ذهب أكثر المعتزلة إلی أن الملائكة أفضل من جمیع البشر و لا خلاف بین الإمامیة فی أن الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام أفضل من جمیع الملائكة و الأخبار فی ذلك مستفیضة أوردناها فی كتاب النبوة و سائر مجلدات الحجة و أما سائر المؤمنین ففی فضل كلهم أو بعضهم علی جمیع الملائكة أو بعضهم فلا یظهر من الآیات و الأخبار ظهورا بینا یمكن الحكم بأحد الجانبین فنحن فیه من المتوقفین.

قال الشیخ المفید قدس اللّٰه سره (5)

فی كتاب المقالات اتفقت الإمامیة علی أن أنبیاء اللّٰه و رسله من البشر أفضل من الملائكة و وافقهم علی ذلك أصحاب

ص: 285


1- 1. المدنیة( خ).
2- 2. فی المصدر: الكتابة.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 731.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 731.
5- 5. روحه( خ).

الحدیث و أجمعت المعتزلة علی خلاف ذلك و زعم الجمهور منهم أن الملائكة أفضل من الأنبیاء و الرسل و قال نفر منهم سوی من ذكرناه بالوقف فی تفضیل أحد الفریقین علی الآخر و كان اختلافهم فی هذا الباب علی ما وصفناه و إجماعهم علی خلاف القطع بفضل الأنبیاء علی الملائكة علیهم السلام حسب ما شرحناه.

ثم قال أما الرسل من الملائكة و الأنبیاء علیهم السلام فقولی فیهم مع أئمة آل محمد علیهم السلام كقولی فی الأنبیاء و الرسل علیهم السلام و أما باقی الملائكة فإنهم و إن بلغوا بالملائكة فضلا فالأئمة من آل محمد علیهم السلام أفضل منهم و أعظم ثوابا عند اللّٰه عز و جل بأدلة لیس موضعها هذا الكتاب انتهی.

و قال صاحب الیاقوت الأنبیاء أفضل من الملائكة لاختصاصهم بشرف الرسالة مع مشقة التكلیف و قال العلامة قدس سره فی شرحه اختلف الناس فی ذلك فذهب (1) الإمامیة و جماعة من الأشاعرة إلی أن الأنبیاء علیهم السلام أشرف من الملائكة و قالت المعتزلة و الفلاسفة بل الملائكة أشرف و قال الصدوق قدس سره فی رسالة العقائد اعتقادنا فی الأنبیاء و الرسل و الحجج علیهم السلام أنهم أفضل من الملائكة ثم ذكر الدلائل و بسط القول فیها كما ذكرناه فی كتاب الإمامة و قال السید الشریف المرتضی رضی اللّٰه عنه فی كتاب الغرر و الدرر فی تفضیل الأنبیاء علی الملائكة علیهم السلام اعلم أنه لا طریق من جهة العقل إلی القطع بفضل مكلف علی الآخر لأن الفضل المراعی فی هذا الباب هو زیادة استحقاق الثواب و لا سبیل إلی معرفة مقادیر الثواب من ظواهر فعل الطاعات لأن الطاعتین قد تتساوی فی ظاهر الأمر حالهما و إن زاد ثواب واحدة علی الأخری زیادة عظیمة و إذا لم یكن للعقل فی ذلك مجال فالمرجع فیه إلی السمع فإن دل سمع مقطوع به من ذلك علی شی ء عول علیه و إلا كان الواجب التوقف عنه و الشك فیه و لیس فی القرآن و لا فی سمع مقطوع علی صحته ما یدل علی فضل نبی علی ملك و لا ملك علی نبی و سنبین أن آیة واحدة مما یتعلق به فی تفضیل الأنبیاء علی الملائكة علیهم السلام یمكن أن یستدل بها

ص: 286


1- 1. فذهبت( خ).

علی ضرب من الترتیب نذكره.

و المعتمد فی القطع علی أن الأنبیاء أفضل من الملائكة علی إجماع الشیعة الإمامیة علی ذلك لأنهم لا یختلفون فی هذا بل یزیدون علیه و یذهبون إلی أن الأئمة علیهم السلام أفضل من الملائكة أجمعین و إجماعهم حجة لأن المعصوم فی جملتهم و قد بینا فی مواضع من كتبنا كیفیة الاستدلال بهذه الطریقة و رتبناه و أجبنا عن كل سؤال یسأل عنه فیها و بینا كیف الطریق مع غیبة الإمام إلی العلم بمذاهبه و أقواله و شرحنا ذلك فلا معنی للتشاغل به هاهنا و یمكن أن یستدل علی ذلك بأمره تعالی للملائكة بالسجود لآدم علیه السلام و أنه یقتضی تعظیمه علیهم و تقدیمه و إكرامه و إذا كان المفضول لا یجوز تعظیمه و تقدیمه علی الفاضل علمنا أن آدم علیه السلام أفضل من الملائكة و كل من قال إن آدم أفضل من الملائكة ذهب إلی أن جمیع الأنبیاء علیهم السلام أفضل من جمیع الملائكة و لا أحد من الأمة فصل بین الأمرین.

فإن قیل و من أین أنه أمرهم بالسجود علی جهة التقدیم و التعظیم.

قلنا لا یخلو تعبدهم بالسجود له من أن یكون علی سبیل القبلة و الجهة من غیر أن یقترن به تعظیم و تقدیم أو یكون علی ما ذكرناه فإن كان الأول لم یجز أنفة إبلیس من السجود و تكبره عنه و قوله أَ رَأَیْتَكَ هذَا الَّذِی كَرَّمْتَ عَلَیَ (1) و قوله أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (2) و القرآن كله ناطق بأن امتناع إبلیس من السجود إنما هو لاعتقاده التفضیل به و التكرمة فلو لم یكن الأمر علی هذا لوجب أن یرده اللّٰه تعالی عنه و یعلمه أنه ما أمره بالسجود علی وجه تعظیمه له و لا تفضیله بل علی الوجه الآخر الذی لا حظ للتفضیل فیه و ما جاز إغفال ذلك و هو سبب معصیة إبلیس و ضلالته فلما لم یقع ذلك دل علی أن الأمر بالسجود لم یكن إلا علی جهة التفضیل و التعظیم و كیف یقع شك فی أن الأمر علی ما ذكرنا و كل نبی أراد تعظیم آدم علیه السلام و وصفه بما اقتضی الفخر و الشرف نفسه بإسجاد الملائكة له و جعل

ص: 287


1- 1. أسری: 62.
2- 2. الأعراف: 11، ص: 76.

ذلك من أعظم فضائله و هذا مما لا شبهة فیه.

فأما اعتماد بعض أصحابنا فی تفضیل الأنبیاء علی الملائكة علی أن المشقة فی طاعة الأنبیاء علیهم السلام أكثر و أوفر من حیث كانت لهم شهوات فی القبائح و نفار عن الواجبات فلیس بمعتمد لأنا لا نقطع علی أن مشاق الأنبیاء أعظم من مشاق الملائكة فی التكلیف و الشك فی مثل ذلك واجب و لیس كل شی ء لم یظهر لنا ثبوته وجب القطع علی انتفائه و نحن نعلم علی الجملة أن الملائكة إذا كانوا مكلفین فلا بد من أن تكون علیهم مشاق فی تكلیفهم لو لا ذلك ما استحقوا ثوابا علی طاعاتهم و التكلیف إنما یحسن فی كل مكلف تعریضا للثواب و لا یكون التكلیف شاقا علیهم إلا و تكون لهم شهوات فیما حظر علیهم و نفار عما أوجب و إذا كان الأمر علی هذا فمن أین یعلم أن مشاق الأنبیاء علیهم السلام أكثر من مشاق الملائكة و إذا كانت المشقة عامة لتكلیف الأمة و لا طریق إلی القطع علی زیادتها فی تكلیف بعض و نقصانها فی تكلیف آخرین فالواجب التوقف و الشك و نحن الآن نذكر شبه من فضل الملائكة علی الأنبیاء علیهم السلام و نتكلم علیها بعون اللّٰه.

فمما تعلقوا به فی ذلك قوله تعالی حكایة عن إبلیس مخاطبا لآدم و حواء علیهما السلام ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَیْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِینَ (1) فرغبهما فی التناول من الشجرة فی منزلة الملائكة حتی تناولا و عصیا و لیس یجوز أن یرغب عاقل فی أن یكون علی منزلة هی دون منزلته حتی یحمله ذلك علی خلاف اللّٰه تعالی و معصیته و هذا یقتضی فضل الملائكة علی الأنبیاء علیهم السلام و تعلقوا أیضا بقوله تعالی لَنْ یَسْتَنْكِفَ الْمَسِیحُ أَنْ یَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (2) و تأخیر ذكر الملائكة

فی مثل هذا الخطاب یقتضی تفضیلهم لأن العادة إنما جرت أن یقال لن یستنكف الوزیر أن یفعل هذا و لا الخلیفة فیقدم الأدون و یؤخر الأعظم و لم تجر بأن یقال لن یستنكف الأمیر أن یفعل كذا و لا الحارس و هذا یقتضی تفضیل الملائكة

ص: 288


1- 1. الأعراف: 19.
2- 2. النساء: 171.

علی الأنبیاء علیهم السلام و تعلقوا بقوله تعالی وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی كَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا(1) قالوا و لیس بعد بنی آدم مخلوق یستعمل فی الخبر عنه لفظة من التی لا تستعمل إلا فی العقلاء إلا الجن و الملائكة و لما لم یقل و فضلناهم علی من بل قال علی كثیر ممن خلقنا علم أنه إنما أخرج الملائكة عمن فضل بنی آدم علیه لأنه لا خلاف فی بنی آدم أنه أفضل من الجن و إذا كان وضع الخطاب یقتضی مخلوقا لم یفضل بنو آدم (2)

فلا شبهة فی أنهم الملائكة و تعلقوا بقوله تعالی وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِی خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَیْبَ وَ لا أَقُولُ إِنِّی مَلَكٌ (3) فلو لا أن حال الملائكة أفضل من حال النبی لما قال ذلك فیقال لهم فی ما تعلقوا به أولا لم زعمتم أن قوله تعالی إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَیْنِ معناه أن تصیرا أو تتقلبا إلی صفة الملائكة فإن هذه اللفظة لیست بصریح لما ذكرتم بل أحسن الأحوال أن تكون محتملة له و ما أنكرتم أن یكون المعنی أن المنهی عن تناول الشجرة غیركما و إذا النهی یختص الملائكة و الخالدین دونكما و یجری ذلك مجری قول أحدنا لغیره ما نهیت عن كذا إلا أن تكون فلانا و إنما یعنی أن المنهی هو فلان دونك و لم یرد إلا أن تتقلب فتصیر فلانا و لما كان غرض إبلیس إیقاع الشبهة لهما فمن أوكد الشبهة إیهامهما أنهما لم ینهیا و إنما المنهی غیرهما و من وكید ما تفسد به هذه الشبهة أن یقال ما أنكرتم أن یكونا رغبا فی أن ینقلا إلی صفة الملائكة و خلقهم كما رغبهما إبلیس فی ذلك و لا تدل هذه الرغبة علی أن الملائكة أفضل منهما لأنه بالتقلب إلی خلقة غیره لا یتقلب و لا یتغیر الحقیقة بانقلاب الصورة و الخلق فإنه إنما یستحق الثواب علی الأعمال دون الهیئات (4) و غیر ممتنع أن

ص: 289


1- 1. الإسراء: 10.
2- 2. كذا، و الصواب، بنو آدم علیه.
3- 3. الأنعام: 50.
4- 4. الهیئة( خ).

یكونا رغبا فی أن یصیرا علی الهیئة الملائكة(1) و صورها و لیس ذلك یرغبه فی الثواب و لا الفضل فإن الثواب فضل لا یتبع الهیئات و الصور أ لا تری أنهما رغبا فی أن یكونا من الخالدین و لیس الخلود مما یقتضی مزیة فی ثواب و لا فضلا فیه و إنما هو نفع عاجل و كذلك لا یمتنع أن یكون الرغبة منهما فی أن یصیرا ملكین إنما كانت علی هذا الوجه.

و یمكن أن یقال للمعتزلة خاصة و كل من أجاز علی الأنبیاء الصغائر ما أنكرتم أن یكونا اعتقدا أن الملك أفضل من النبی و غلطا فی ذلك و كان منهما ذنبا صغیرا لأن الصغائر عندكم تجوز علی الأنبیاء فمن أین لكم إذا اعتقدا أن الملائكة أفضل من الأنبیاء و رغبا فی ذلك أن الأمر علی ما اعتقداه مع تجویزكم علیهم الذنوب و لیس لهم أن یقولوا إن الصغائر إنما تدخل فی

أفعال الجوارح دون القلوب لأن ذلك تحكم بغیر برهان و لیس یمتنع علی أصولهم أن تدخل الصغائر فی أفعال القلوب و الجوارح معا لأن حد الصغیرة عندهم ما نقص عقابه عن ثواب طاعات فاعله و لیس یمتنع معنی هذا الحد فی أفعال القلوب كما لا یمتنع فی أفعال الجوارح.

و یقال لهم فیما تعلقوا به ثانیا ما أنكرتم أن یكون هذا القول إنما توجه إلی قوم اعتقدوا أن الملائكة أفضل من الأنبیاء فأخرج الكلام علی حسب اعتقادهم و أخر ذكر الملائكة لذلك و یجری هذا القول مجری قول من قال منا لغیره لن یستنكف أبی أن یفعل كذا و لا أبوك و إن كان القائل یعتقد أن أباه أفضل و إنما أخرج الكلام علی حسب اعتقاد المخاطب لا المخاطب.

و مما یجوز أن یقال أیضا أنه لا تفاوت فی الفضل بین الأنبیاء و الملائكة و إن ذهبنا إلی أن الأنبیاء أفضل منهم و مع التقارب و التدانی یحسن أن یؤخر ذكر الأفضل الذی لا تفاوت بینه و بین غیره فی الفضل و إنما مع التفاوت و التنافی لا یحسن ذلك أ لا تری أنه یحسن أن یقول القائل ما یستنكف الأمیر فلان من كذا و لا الأمیر

ص: 290


1- 1. فی مخطوطة« علی الهیئة علی الملائكة» و سائر النسخ موافق للمتن، و الظاهر، علی هیئة الملائكة.

فلان من كذا و إن كانا متساویین متناظرین أو متقاربین و لا یحسن أن یقول ما یستنكف الأمیر من كذا و لا الحارس لأجل التفاوت و أقوی من هذا أن یقال إنما أخر ذكر الملائكة عن ذكر المسیح لأن جمیع الملائكة أكثر ثوابا لا محالة من المسیح منفردا و هذا لا یقتضی أن كل واحد منهم أفضل من المسیح علیه السلام و إنما الخلاف فی ذلك.

و یقال لهم فی ما تعلقوا به ثالثا ما أنكرتم أن یكون المراد بقوله تعالی عَلی كَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا إنا فضلناهم علی من خلقنا و هم كثیر و لم یرد التبعیض و یجری ذلك مجری قوله تعالی وَ لا تَشْتَرُوا بِآیاتِی ثَمَناً قَلِیلًا(1) معناه لا تشتروا بها ثمنا قلیلا فكل ثمن تأخذونه عنها قلیل و لم یرد التخصیص و المنع من الثمن القلیل خاصة و مثله قول الشاعر

من أناس لیس فی أخلاقهم***عاجل الفحش و لا سوء الجزع

و إنما أراد نفی الفحش كله عن أخلاقهم و إن وصفه بأنه عاجل و نفی الجزع عنهم و إن وصفه بالسوء و هذا من غریب البلاغة و دقیقها و نظائره فی الشعر و الكلام الفصیح لا تحصی و قد كنا أملینا فی تأویل هذه الآیة كلاما منفردا استقصیناه و شرحنا هذا الوجه و أكثرنا من ذكر أمثلته.

و وجه آخر فی تأویل هذه الآیة و هو أنه غیر ممتنع أن یكون جمیع الملائكة أفضل من جمیع بنی آدم و إن كان فی جملة بنی آدم من الأنبیاء علیهم السلام من یفضل كل واحد منهم علی كل واحد من الملائكة لأن الخلاف إنما هو فی فضل كل بنی آدم علی كل ملك و غیر ممتنع أن یكون جمیع الملائكة فضلاء یستحق كل واحد منهم الجزیل الأكثر من الثواب فیزید ثواب جمیعهم علی ثواب جمیع بنی آدم لأن الأفاضل من بنی آدم أقل عددا و إن كان فی بنی آدم آحاد كل واحد منهم أفضل من كل واحد من الملائكة.

و وجه آخر و مما یمكن أن یقال فی هذه الآیة أیضا أن مفهوم الآیة إذا تؤملت یقتضی أنه تعالی لم یرد الفضل الذی هو زیادة الثواب و إنما أراد النعم و

ص: 291


1- 1. البقرة: 41، و المائدة: 47.

المنافع الدنیویة أ لا تری إلی قوله تعالی وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ و الكرامة إنما هی الترقیة و ما یجری مجراه ثم قال وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ و لا شبهة فی أن الحمل لهم فی البر و البحر و رزق الطیبات خارج مما یستحق به و الثواب و یقتضی التفضیل الذی وقع إطلاقه فیه و یجب أن یكون ما عطف علیه من التفضیل داخلا فی هذا الباب و فی هذا القبیل فإنه أشبه من أن یكون المراد به غیر ما سیاق الآیة وارد به و مبنی علیه و أقل الأحوال أن تكون لفظة فَضَّلْناهُمْ مجتمعة للأمرین فلا یجوز الاستدلال بها علی خلاف ما نذهب إلیه.

و یقال لهم فیما تعلقوا به رابعا لا دلالة فی هذه الآیة علی أن حال الملائكة أفضل من حال الأنبیاء لأن الغرض فی الكلام إنما هو نفی ما لم یكن علیه لا التفضیل لذلك علی ما هو علیه أ لا تری أن أحدنا لو ظن أنه علی صفة و هو لیس علیها جاز أن ینفیها عن نفسه بمثل هذا اللفظ و إن كان علی أحوال هی أفضل من تلك الحال و أرفع و لیس یجب إذا انتفی مما تبرأ منه من علم الغیب و كون خزائن اللّٰه تعالی عنده أن یكون فیه فضل أن یكون ذلك معتمدا فی كل ما یقع النفی له و التبرؤ منه و إذا لم یكن ملكا عنده خزائن اللّٰه تعالی جاز أن ینتفی من الأمرین من غیر ملاحظة لأن حاله دون هاتین الحالتین.

و مما یوضح هذا و یزیل الإشكال فیه أنه تعالی حكی عنه قوله فی آیة أخری وَ لا أَقُولُ لِلَّذِینَ تَزْدَرِی أَعْیُنُكُمْ لَنْ یُؤْتِیَهُمُ اللَّهُ خَیْراً(1) و نحن نعلم أن هذه منزلة غیر جلیلة و هو علی كل حال أرفع منها و أعلی فما المنكر أن یكون نفی الملكیة عنه فی أنه لا یقتضی أن حاله دون حال الملك بمنزلة نفی هذه المنزلة و التعلق بهذه الآیة ضعیف جدا و فیما أوردناه كفایة و باللّٰه التوفیق انتهی.

و ذكر رضی اللّٰه عنه نحوا من هذا فی أجوبة المسائل التی وردت علیه من الری.

و قال الدوانی فی شرح العقائد هم أی الأنبیاء أفضل من الملائكة العلویة عند

ص: 292


1- 1. هود: 31.

أكثر الأشاعرة و من الملائكة السفلیة بالاتفاق و عامة البشر من المؤمنین أیضا أفضل من عامة الملائكة و عند المعتزلة و أبی عبد اللّٰه الحلیمی (1) و القاضی أبی بكر منا الملائكة أفضل و المراد بالأفضل أكثر ثوابا و ذلك أن عبادة الملائكة فطریة لا مزاحم لهم عنها بخلاف عبادة البشر فإن لهم مزاحمات فتكون عبادتهم أشق و

قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله أفضل الأعمال أضرها(2).

أی أشقها.

قلت و علی هذا یندفع ما یتوهم أن إساءة الأدب مع الملائكة كفر و مع آحاد المؤمنین لیس بكفر فتكون الملائكة أفضل لأن ذلك یدل علی أن كون الملك أشرف بسبب كثرة مناسبته مع المبدإ فی النزاهة و قلة الوسط لا علی أنه أفضل بمعنی كونه أكثر ثوابا.

و قال شارح المقاصد ذهب جمهور أصحابنا و الشیعة إلی أن الأنبیاء أفضل من الملائكة خلافا للمعتزلة و القاضی و أبی عبد اللّٰه الحلیمی و صرح بعض أصحابنا بأن عوام البشر من المؤمنین أفضل من عوام الملائكة و خواص الملائكة أفضل من عوام البشر أی غیر الأنبیاء لنا وجوه عقلیة و نقلیة.

الأولی أن اللّٰه تعالی أمر الملائكة بالسجود لآدم و الحكیم لا یأمر بسجود الأفضل للأدنی و إباء إبلیس و استكباره و التعلیل بأنه خیر من آدم لكونه من نار و آدم من طین یدل أن المأمور به كان سجود تكرمة و تعظیم لا سجود تحیة و زیارة و لا سجود الأعلی للأدنی إعظاما له و رفعا لمنزلته و هضما لنفوس الساجدین.

الثانی أن آدم أنبأهم بالأسماء و بما علمه اللّٰه من الخصائص و المعلم أفضل من المتعلم و سوق الآیة ینادی علی أن الغرض إظهار ما خفی علیهم من أفضلیة آدم و دفع ما توهموا فیه من النقصان و لذا قال تعالی أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّی أَعْلَمُ غَیْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ (3) و بهذا یندفع ما یقال إن لهم أیضا علوما جمة أضعاف العلم بالأسماء

ص: 293


1- 1. الحلبیّ( خ).
2- 2. احمزها( خ).
3- 3. البقرة: 33.

لما شاهدوا من اللوح و حصلوا فی الأزمنة المتطاولة بالتجارب و الأنظار المتوالیة.

الثالث قوله تعالی إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ (1) و قد خص من آل إبراهیم و آل عمران غیر الأنبیاء بدلیل الإجماع فیكون آدم و نوح و جمیع الأنبیاء مصطفون (2) علی العالمین الذین منهم الملائكة إذ لا مخصص للملائكة من العالمین و لا جهة لتفسیره بالكثیر من المخلوقات.

الرابع أن للبشر شواغل عن الطاعات العلمیة و العملیة كالشهوة و الغضب و سائر الحاجات الشاغلة و الموانع الخارجة و الداخلة فالمواظبة علی العبادات و تحصیل الكمالات بالقهر و الغلبة علی ما یضاد القوة العاقلة یكون أشق و أفضل و أبلغ فی استحقاق الثواب و لا معنی للأفضلیة سوی استحقاق الثواب و الكرامة.

لا یقال لو سلم انتفاء الشهوة و الغضب و سائر الشواغل فی حق الملائكة فالعبادة مع كثرة البواعث و الشواغل إنما یكون أشق و أفضل من الأخری إذا استویا فی المقدار و باقی الصفات و عبادة الملائكة أكثر و أدوم فإنهم یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ و الإخلاص الذی به القوام و النظام و الیقین الذی هو الأساس و التقوی التی هی الثمرة فیهم أقوی و أقوم لأن طریقهم العیان لا البیان و المشاهدة لا المراسلة لأنا نقول انتفاء الشواغل فی حقهم مما لا ینازع فیه أحد و وجود المشقة و الألم فی العبادة و العمل عند عدم المنافی و المضاد مما لا یعقل قلت أو كثرت و كون باقی الصفات فی حق الأنبیاء أضعف و أدنی مما لا یسمع و لا یقبل و قد یتمسك بأن للملائكة عقلا بلا شهوة و للبهائم شهوة بلا عقل و للإنسان كلیهما فإذا ترجح شهوته علی عقله یكون أدنی من البهائم لقوله تعالی بَلْ هُمْ أَضَلُ (3) فإذا ترجح عقله علی شهوته یجب أن یكون أعلی من الملائكة و هذا عائد إلی ما سبق لأن تمام تقریره هو أن الكافر آثر النقصان مع التمكن من الكمال و كل من فعل كذا فهو أضل

ص: 294


1- 1. آل عمران: 33.
2- 2. كذا فی جمیع النسخ، و الصواب« مصطفین».
3- 3. الفرقان: 44.

و أرذل ممن آثره بدونه لأن إیثار الشی ء مع وجود المضاد و المنافی أرجح و أبلغ من إیثاره بدونه فیلزم أن یكون من آثر الكمال مع التمكن من النقصان أفضل و أكمل ممن آثره بدونه.

و أما التمسك بقوله تعالی وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ و التكریم المطلق لأحد الأجناس یشعر بفضله علی غیره فضعیف لأن التكریم لا یوجب التفضیل سیما مع قوله تعالی وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی كَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا فإنه یشیر بعدم التفضیل علی القلیل و لیس غیر الملائكة بالإجماع كیف و قد وصف الملائكة أیضا بأنهم عِبادٌ مُكْرَمُونَ ثم قال و احتج المخالفون أیضا بوجوه نقلیة و عقلیة أما النقلیات فمنها قوله تعالی وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ یَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (1) خصهم بالتواضع و ترك الاستكبار فی السجود و فیه إشارة إلی أن غیرهم لیس كذلك و أن أسباب التكبر و التعظم حاصلة لهم و وصفهم باستمرار الخوف و امتثال الأوامر و من جملتها اجتناب المنهیات.

و منها قوله تعالی وَ مَنْ عِنْدَهُ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا یَسْتَحْسِرُونَ یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ (2) وصفهم بالقرب و الشرف عنده و بالتواضع المواظبة علی الطاعة و التسبیح.

و منها قوله تعالی بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ إلی أن قال وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ مُشْفِقُونَ (3) وصفهم بالكرامة المطلقة و الامتثال و الخشیة و هذه الأمور أساس كافة الخیرات.

و الجواب أن جمیع ذلك إنما یدل علی فضیلتهم لا علی أفضلیتهم لا سیما علی الأنبیاء.

ص: 295


1- 1. النحل: 49- 50.
2- 2. الأنبیاء: 19- 20.
3- 3. الأنبیاء: 26- 28.

و منها قوله تعالی قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِی خَزائِنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَیْبَ وَ لا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّی مَلَكٌ (1) فإن مثل هذا الكلام إنما یحسن إذا كان الملك أفضل.

و الجواب أنه إنما قال ذلك حین استعجله قریش العذاب الذی أوعدوا به بقوله تعالی وَ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا یَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا یَفْسُقُونَ (2) و المعنی أنی لست بملك حتی یكون لی القوة و القدرة علی إنزال العذاب بإذن اللّٰه كما كان لجبرئیل علیه السلام أو یكون له العلم بذلك بإخبار من اللّٰه تعالی بلا واسطة.

و منها قوله تعالی ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَیْنِ (3) أی إلا كراهة أن تكونا ملكین یعنی أن الملائكة بالمرتبة العلیا و فی الأكل من الشجرة ارتقاء إلیهما.

و الجواب أن ذلك تمویه من الشیطان و تخییل أن ما یشاهد فی الملك من حسن الصورة و عظم الخلق و كمال القوة یحصل بأكل الشجرة و لو سلم فغایته التفضیل علی آدم قبل النبوة.

و منها قوله تعالی عَلَّمَهُ شَدِیدُ الْقُوی (4) یعنی جبرئیل علیه السلام و المعلم أفضل من المتعلم.

و الجواب أن ذلك بطریق التبلیغ و إنما تعلیم من اللّٰه تعالی.

و منها قوله تعالی لَنْ یَسْتَنْكِفَ الْمَسِیحُ أَنْ یَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (5) أی لا یترفع عیسی من العبودیة و لا من هو أرفع منه درجة كقولك لن یستنكف من هذا الأمر الوزیر و لا السلطان و لو عكست أحلت (6) بشهادة علماء البیان و البصراء بأسالیب الكلام و علیه قوله تعالی وَ لَنْ تَرْضی عَنْكَ الْیَهُودُ وَ لَا النَّصاری (7)

ص: 296


1- 1. الأنعام: 50.
2- 2. الأنعام: 49.
3- 3. الأعراف: 19.
4- 4. النجم: 5.
5- 5. النساء: 171.
6- 6. حلت( خ).
7- 7. البقرة: 120.

أی مع أنهم أقرب مودة لأهل الإسلام و لهذا خص الملائكة بالمقربین منهم لكونهم أفضل.

و الجواب أن الكلام سیق لرد مقالة النصاری و غیرهم فی المسیح و ادعائهم فیه مع النبوة البنوة بل الألوهیة و الترفع عن العبودیة لكونه روح اللّٰه ولد بلا أب لكونه یبرئ الأكمه و الأبرص و المعنی لا یترفع عیسی عن العبودیة و لا من هو فوقه فی هذا المعنی و هم الملائكة الذین لا أب لهم و لا أم و لا یقدرون علی ما لا یقدر علیه عیسی علیه السلام و لا دلالة علی الأفضلیة بمعنی كثرة الثواب و سائر الكمالات أ لا تری أن فیما ذكرت من المثال لم یقصد الزیادة و الرفعة فی الفضل و الشرف و الكمال بل فی ما هو مظنة الاستنكاف و الرضا كالغلبة و الاستكبار و الاستعلاء فی السلطان و قرب المودة فی النصاری.

و منها اطراد تقدیم ذكر الملائكة علی ذكر الأنبیاء و الرسل و لا تعقل له جهة سوی الأفضلیة.

و الجواب أنه یجوز أن یكون بجهة تقدمهم فی الوجود أو فی قوة الإیمان بهم و الاهتمام به لأنه أخفی فالإیمان بهم أقوی و بالتحریص علیه أحری.

و أما العقلیات فمنها أن الملائكة روحانیات مجردة فی ذاتها متعلقة بالهیاكل العلویة مبرأة عن ظلمة المادة و عن الشهوة و الغضب اللذین هما مبدءا الشرور و القبائح متصفة بالكمالات العلمیة و العملیة بالفعل من غیر شوائب الجهل و النقص و الخروج عن القوة إلی الفعل علی التدریج و من احتمال الغلط قویة علی الأفعال العجیبة و إحداث السحب و الزلازل و أمثال ذلك مطلعة علی أسرار الغیب سابقة إلی أنواع الخیر و لا كذلك حال البشر.

و الجواب أن مبنی ذلك علی قواعد الفلسفة دون الملة.

و منها أن أعمالهم الموجبة للمثوبات أكثر لطول زمانهم و أدوم لعدم تخلل الشواغل و أقوم لسلامتها عن مخالطة المعاصی المنقصة للثواب و علومهم أكمل و أكثر لكونهم نورانیین یشاهدون اللوح المحفوظ المنتقش بالكائنات و أسرار المغیبات.

ص: 297

و الجواب أن هذا لا یمنع كون أعمال الأنبیاء و علومهم أفضل و أكثر ثوابا لجهات أخر كقهر المضاد و المنافی و تحمل المتاعب و المشاق و نحو ذلك علی ما مر انتهی.

و أقول و العمدة فی ذلك الأخبار الكثیرة الدالة علی فضل الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام علی الملائكة و إن كان فیها ما یوهم خلاف ذلك و هی متفرقة فی أبواب مجلدات الحجة لم نوردها هاهنا حذرا من الإطناب و حجم الكتاب.

«1»- الِاحْتِجَاجُ،: فِی مَا سَأَلَ الزِّنْدِیقُ الصَّادِقَ علیه السلام الرَّسُولُ أَفْضَلُ أَمِ الْمَلَكُ الْمُرْسَلُ إِلَیْهِ قَالَ علیه السلام بَلِ الرَّسُولُ أَفْضَلُ (1).

«2»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ النَّخَعِیِّ عَنْ جَدِّهِ سُلَیْمِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ یَقُولُ فَضَّلْنَا بَنِی آدَمَ عَلَی سَائِرِ الْخَلْقِ وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ یَقُولُ عَلَی الرَّطْبِ وَ الْیَابِسِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ یَقُولُ مِنْ طَیِّبَاتِ الثِّمَارِ كُلِّهَا وَ فَضَّلْناهُمْ یَقُولُ لَیْسَ مِنْ دَابَّةٍ وَ لَا طَائِرٍ إِلَّا هِیَ تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ بِفِیهَا لَا تَرْفَعُ بِیَدِهَا إِلَی فِیهَا طَعَاماً وَ لَا شَرَاباً غَیْرُ ابْنِ آدَمَ فَإِنَّهُ یَرْفَعُ إِلَی فِیهِ بِیَدِهِ طَعَامَهُ فَهَذَا مِنَ التَّفْضِیلِ.

بیان: لعله أراد بالرطب الحیوانات المتحركة النامیة و بالیابس الأخشاب الیابسة التی تعمل منها السفن و یحتمل كون النشر علی خلاف ترتیب اللف فالرطب البحر و الیابس البر.

«3»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ عَنْ یَحْیَی بْنِ السَّرِیِّ الضَّرِیرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ أَبِی مُعَاوِیَةَ الضَّرِیرِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی هَارُونَ الرَّشِیدِ قِیلَ لِی وَ كَانَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ الْمَائِدَةُ فَسَأَلَنِی عَنْ تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَةِ وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ

ص: 298


1- 1. الاحتجاج: 191.

الْآیَةَ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ تَأَوَّلَهَا جَدُّكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِی الْحَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْخُوزِیُّ عَنْ مَیْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی هَذِهِ الْآیَةِ وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ قَالَ كُلُّ دَابَّةٍ تَأْكُلُ بِفِیهَا إِلَّا ابْنُ آدَمَ فَإِنَّهُ یَأْكُلُ بِالْأَصَابِعِ قَالَ أَبُو مُعَاوِیَةَ فَبَلَغَنِی أَنَّهُ رَمَی بِمِلْعَقَةٍ كَانَتْ بِیَدِهِ مِنْ فِضَّةٍ وَ تَنَاوَلَ مِنَ الطَّعَامِ بِإِصْبَعِهِ.

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْبَغَوِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْحِمَّانِیِّ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ تَمِیمٍ عَنْ مَیْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی عَزَّ وَ جَلَ وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِی آدَمَ إِلَی قَوْلِهِ تَفْضِیلًا قَالَ لَیْسَ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَ هِیَ تَأْكُلُ بِفِیهَا إِلَّا ابْنُ آدَمَ فَإِنَّهُ یَأْكُلُ بِیَدِهِ.

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ علیه السلام فَقُلْتُ الْمَلَائِكَةُ أَفْضَلُ أَمْ بَنُو آدَمَ فَقَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رَكَّبَ فِی الْمَلَائِكَةِ عَقْلًا بِلَا شَهْوَةٍ وَ رَكَّبَ فِی الْبَهَائِمِ شَهْوَةً بِلَا عَقْلٍ وَ رَكَّبَ فِی بَنِی آدَمَ كِلْتَیْهِمَا فَمَنْ غَلَبَ عَقْلُهُ شَهْوَتَهُ فَهُوَ خَیْرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ مَنْ غَلَبَ (1) شَهْوَتُهُ عَقْلَهُ فَهُوَ شَرٌّ مِنَ الْبَهَائِمِ (2).

«6»- صَحِیفَةُ الرِّضَا، بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَعْظَمُ مِنَ الْمَلَكِ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ تَائِبٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ تَائِبَةٍ(3).

«7»- وَ مِنْهُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیُعْرَفُ فِی السَّمَاءِ

ص: 299


1- 1. فی المصدر: غلبت.
2- 2. علل الشرائع: ج 1، ص 5.
3- 3. صحیفة الرضا: 6.

كَمَا یَعْرِفُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَ وُلْدَهُ وَ إِنَّهُ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ (1)

عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ (2).

«8»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی كَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا قَالَ خُلِقَ كُلُّ شَیْ ءٍ مُنْكَبّاً غَیْرَ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ خُلِقَ مُنْتَصِباً.

«9»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ غَالِبِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بَشِیرٍ الدَّهَّانِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِی فِی مَلَإٍ أَذْكُرْكَ فِی مَلَإٍ خَیْرٍ مِنْ مَلَئِكَ (3).

«10»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِعِیسَی علیه السلام یَا عِیسَی اذْكُرْنِی فِی نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِی نَفْسِی وَ اذْكُرْنِی فِی مَلَئِكَ أَذْكُرْكَ فِی مَلَإٍ خَیْرٍ مِنْ مَلَإِ الْآدَمِیِّینَ (4).

بیان: ربما یستدل بالخبرین علی كون الملائكة أفضل من بنی آدم و یمكن أن یجاب بأن خیریة ملإ الملائكة باعتبار كون الجمیع معصومین بخلاف ملإ البشر لا ینافی كون بعض البشر أفضل من الملائكة علی أنه یمكن أن یكون المراد بالملإ الثانی ما یشتمل علی أرواح النبیین علیهم السلام لكن وقع التصریح فی بعض الأخبار بملإ من الملائكة.

«11»- كِتَابُ تَفْضِیلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ، الْكَرَاجُكِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَنْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ یَعْقُوبَ الْبَزَّازِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا حَمَلَ الْمَأْمُونُ أَبَا هَدِیَّةَ مَوْلَی أَنَسٍ إِلَی خُرَاسَانَ بَلَغَنِی ذَلِكَ فَخَرَجْتُ فِی لِقَائِهِ فَصَادَفَنِی فِی بَعْضِ الْمَنَازِلِ فَرَأَیْتُ رَجُلًا طَوِیلًا خَفِیفَ الْعَارِضَیْنِ مُنْحَنِیاً مِنَ الْكِبْرِ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِی رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنِّی أَتَیْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِیدٍ أَسْمَعُ مِنْكَ فَلَمْ یُحَدِّثْنِی مِنَ الزَّحْمَةِ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِ ثُمَّ رَحَلَ فَتَبِعْتُهُ إِلَی الْمَرْحَلَةِ الْأُخْرَی فَلَمَّا نَزَلَ أَتَیْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِی

ص: 300


1- 1. فی المصدر: علی اللّٰه.
2- 2. الصحیفة: 8.
3- 3. الكافی: ج 2، ص 498.
4- 4. الكافی: ج 2، ص 502.

رَحِمَكَ اللَّهُ تَعَالَی قَالَ أَنْتَ صَاحِبِی بِالْأَمْسِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا قَائِماً لِمَا بَدَا مِنِّی إِلَیْكَ لِأَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ثُمَّ قَامَ قَائِماً وَ قَالَ كُنْتُ رَأَیْتُ مَوْلَایَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَ هُوَ مُعَصَّبٌ بِعِصَابَةٍ بَیْضَاءَ فَقُلْتُ وَ مَا هَذِهِ الْعِصَابَةُ قَالَ هَذِهِ دَعْوَةُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقُلْتُ وَ كَیْفَ فَقَالَ أُهْدِیَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله طَائِرٌ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا وَ أَنَا حِینَئِذٍ أَحْجُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَصْلَحَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا وَ أَتَتْ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ الْزَمِ الْبَابَ لِیَنَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُ فَلَزِمْتُ الْبَابَ وَ قَدَّمَتْهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا وَضَعَتْهُ بَیْنَ یَدَیْهِ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلْ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّائِرِ فَسَمِعْتُ دَعْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَحْبَبْتُ أَنْ یَكُونَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِی فَأَتَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَنْكَ مَشْغُولٌ فَانْصَرَفَ ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَانِیَةً وَ قَالَ اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلْ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّائِرِ فَأَتَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَنْكَ مَشْغُولٌ فَانْصَرَفَ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأْسَهُ وَ دَعَا ثَالِثَةً وَ قَالَ یَا رَبِّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ یَأْكُلْ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّائِرِ فَأَتَی عَلِیٌّ فَقُلْتُ رَسُولُ اللَّهِ عَنْكَ مَشْغُولٌ فَقَالَ وَ مَا یَشْغَلُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِّی وَ دَفَعَنِی فَدَخَلَ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ یَا أَخِی مَنِ الَّذِی حَبَسَكَ عَنِّی وَ قَدْ دَعَوْتُ اللَّهَ ثَلَاثاً أَنْ یَأْتِیَنِی بِأَحَبِّ خَلْقِهِ إِلَیْهِ یَأْكُلُ مَعِی مِنْ هَذَا الطَّائِرِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ جِئْتُ ثَلَاثاً كُلَّ ذَلِكَ یَرُدُّنِی أَنَسٌ فَقَالَ لِمَ رَدَدْتَ عَلِیّاً فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی سَمِعْتُ دَعْوَتَكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ یَكُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَفْتَخِرَ بِهِ إِلَی الْأَبَدِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُمَّ ارْمِ أَنَساً بِوَضَحٍ لَا یَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَظَهَرَ عَلَیَّ هَذَا الَّذِی تَرَی وَ هِیَ دَعْوَةُ عَلِیٍّ.

بیان: فی سائر الأخبار أن دعوة أمیر المؤمنین علیه السلام علیه حین استشهده فأبی أن یشهد و هذا من الأخبار المتواترة و مما احتج به یوم الشوری فصدقوه و یدل علی أنه علیه السلام أفضل جمیع خلق اللّٰه و خرج الرسول صلی اللّٰه علیه و آله بالإجماع و النصوص المتواترة

ص: 301

فیدل علی فضله علی الملائكة و كل من قال بفضله قال بفضل سائر الأئمة و جمیع الأنبیاء علیهم السلام فثبت فضل الجمیع.

«12»- وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْقَنَّادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ بَشِیرٍ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: عَلِیٌّ أَفْضَلُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ غَیْرِی وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَبُوهُمَا خَیْرٌ مِنْهُمَا وَ إِنَّ فَاطِمَةَ سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ لَوْ أَنَّ لِفَاطِمَةَ خَیْراً مِنْ عَلِیٍّ لَمْ أُزَوِّجْهَا مِنْهُ.

«13»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِیٍّ الدَّقَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُرَّةَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ: نَظَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ خَیْرُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ هَذَا سَیِّدُ الصِّدِّیقِینَ وَ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ جَاءَ عَلَی نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ قَدْ أَضَاءَتِ الْقِیَامَةُ مِنْ نُورِهَا عَلَی رَأْسِهِ تَاجٌ مُرَصَّعٌ بِالزَّبَرْجَدِ وَ الْیَاقُوتِ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ یَقُولُ النَّبِیُّونَ هَذَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ فَیُنَادِی مُنَادٍ مِنْ تَحْتِ بُطْنَانِ الْعَرْشِ هَذَا الصِّدِّیقُ الْأَكْبَرُ هَذَا وَصِیُّ حَبِیبِ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَیَجِی ءُ عَلِیٌّ حَتَّی یَقِفَ عَلَی مَتْنِ جَهَنَّمَ فَیُخْرِجُ مِنْهَا مَنْ یُحِبُّ وَ یَأْتِی أَبْوَابَ الْجَنَّةِ فَیُدْخِلُ فِیهَا أَوْلِیَاءَهُ بِغَیْرِ حِسَابٍ.

«14»- وَ مِنْهُ، عَنِ ابْنِ شَاذَانَ عَنِ الْحَسَنِ (1) بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ قَیْسِ بْنِ الرَّبِیعِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ عَنْ حُمَیْدٍ الْمَغْرِبِیِّ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَا سَیِّدُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ أَنْتَ یَا عَلِیُّ سَیِّدُ الْخَلَائِقِ بَعْدِی أَوَّلُنَا كَآخِرِنَا.

أقول: الاستدلال بهذه الأخبار بتقریب ما مر.

ص: 302


1- 1. الحسین( خ).

«15»- وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، عَنِ ابْنِ شَاذَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ اللَّحَّامِ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلَوِیَّةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ مَا مَرَرْتُ بِمَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا سَأَلَتْنِی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّ اسْمَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فِی السَّمَاوَاتِ أَشْهَرُ مِنِ اسْمِی فَلَمَّا بَلَغْتُ السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ وَ نَظَرْتُ إِلَی مَلَكِ الْمَوْتِ قَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً إِلَّا وَ أَنَا أَقْبِضُ رُوحَهُ إِلَّا أَنْتَ وَ عَلِیٌّ فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ یَقْبِضُ أَرْوَاحَكُمَا بِقُدْرَتِهِ وَ جُزْتُ تَحْتَ الْعَرْشِ إِذْ أَنَا(1)

بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَاقِفاً تَحْتَ الْعَرْشِ فَقُلْتُ یَا عَلِیُّ سَبَقْتَنِی فَقَالَ جَبْرَئِیلُ مَنْ هَذَا الَّذِی تُكَلِّمُهُ یَا مُحَمَّدُ فَقُلْتُ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ لَیْسَ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ لَكِنَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی صُورَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَنَحْنُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ كُلَّمَا اشْتَقْنَا إِلَی وَجْهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام زُرْنَا هَذَا الْمَلَكَ لِكَرَامَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

أقول: دلالته أولا و آخرا علی فضله لا یخفی علی المتأمل و دلت علیه الأخبار المستفیضة الدالة علی مباهاة اللّٰه به علیه السلام لیلة المبیت و یوم أحد و قول جبرئیل علیه السلام أنا منكما.

«16»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، وَ كَمَالُ الدِّینِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ الْهَاشِمِیِّ عَنْ فُرَاتِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً أَفْضَلَ مِنِّی وَ لَا أَكْرَمَ عَلَیْهِ مِنِّی قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنْتَ أَفْضَلُ أَوْ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَضَّلَ أَنْبِیَاءَهُ الْمُرْسَلِینَ عَلَی مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِینَ وَ فَضَّلَنِی عَلَی جَمِیعِ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ وَ الْفَضْلُ بَعْدِی لَكَ یَا عَلِیُّ وَ لِلْأَئِمَّةِ علیهم السلام مِنْ بَعْدِكَ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَخُدَّامُنَا وَ خُدَّامُ مُحِبِّینَا یَا عَلِیُ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ

ص: 303


1- 1. اذا انا( خ).

یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا بِوَلَایَتِنَا یَا عَلِیُّ لَوْ لَا نَحْنُ مَا خُلِقَ آدَمُ وَ لَا حَوَّاءُ وَ لَا الْجَنَّةُ وَ لَا النَّارُ وَ لَا السَّمَاءُ وَ لَا الْأَرْضُ فَكَیْفَ لَا نَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَدْ سَبَقْنَاهُمْ إِلَی مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَ تَسْبِیحِهِ وَ تَهْلِیلِهِ وَ تَقْدِیسِهِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَكَیْفَ لَا نَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَدْ سَجَدُوا لِآدَمَ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ لِكَوْنِنَا فِی صُلْبِهِ وَ إِنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِی إِلَی السَّمَاءِ أَذَّنَ جَبْرَئِیلُ مَثْنَی مَثْنَی وَ أَقَامَ مَثْنَی مَثْنَی ثُمَّ قَالَ لِی تَقَدَّمْ یَا مُحَمَّدُ فَقُلْتُ لَهُ یَا جَبْرَئِیلُ أَتَقَدَّمُ عَلَیْكَ فَقَالَ نَعَمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَضَّلَ أَنْبِیَاءَهُ عَلَی الْمَلَائِكَةِ(1)

أَجْمَعِینَ وَ فَضَّلَكَ خَاصَّةً إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ بِطُولِهِ (2).

«17»- الْعِلَلُ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی عَمْرِو بْنِ جُمَیْعٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِذَا أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَعَدَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَعْدَةَ(3)

الْعَبِیدِ وَ كَانَ لَا یَدْخُلُ حَتَّی یَسْتَأْذِنَهُ (4).

«18»- الِاحْتِجَاجُ، وَ تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ: سَأَلَ الْمُنَافِقُونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ عَلِیٍّ هُوَ أَفْضَلُ أَمْ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَلْ شُرِّفَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا بِحُبِّهَا لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِیٍّ وَ قَبُولِهَا لِوَلَایَتِهِمَا إِنَّهُ لَا أَحَدَ مِنْ مُحِبِّی عَلِیٍّ نَظَّفَ قَلْبَهُ مِنْ قَذَرِ الْغِشِّ وَ الدَّغَلِ وَ الْغِلِّ وَ نَجَاسَةِ الذُّنُوبِ إِلَّا كَانَ أَطْهَرَ وَ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْخَبَرَ(5).

«19»- كَمَالُ الدِّینِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَا سَیِّدُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ وَ أَنَا خَیْرٌ مِنْ جَبْرَئِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَ جَمِیعِ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِینَ وَ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ الْمُرْسَلِینَ الْحَدِیثَ.

ص: 304


1- 1. فی العلل: ملائكته.
2- 2. علل الشرائع: ج 1، ص 6، العیون: ج 1، ص 262.
3- 3. فی المصدر: العبد.
4- 4. علل الشرائع: ج 1، ص 7.
5- 5. الاحتجاج: 31.

و أقول الأخبار فی ذلك كثیرة قد أوردناها فی أبواب فضائل النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة علیهم السلام فیرجع إلیها.

تذییل

قال السید الأجل المرتضی فی كتاب الغرر بعد أن سئل عن تفسیر قوله تعالی خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قد ذكر فی هذه الآیة وجوه من التأویل نحن نذكرها و نرجح الأرجح منها فأولها أن یكون معنی القول المبالغة فی وصف الإنسان بكثرة العجلة و أنه شدید الاستعجال لما یؤثره من الأمور لهج باستدناء ما یجلب إلیه نفعا أو یدفع عنه ضررا و لهم عادة فی استعمال مثل هذا اللفظ عند المبالغة كقولهم لمن یصفونه بكثرة النوم ما خلقت إلا من نوم و ما خلق فلان إلا من شر إذا أرادوا كثرة وقوع الشر منه و ربما قالوا إنما أنت أكل و شرب و ما أشبه ذلك قالت الخنساء تصف بقرة

ترتع ما رتعت حتی إذا ادكرت***و إنما هی إقبال و إدبار

و إنما أرادت ما ذكرناه من كثرة وقوع الإقبال و الإدبار منها و یشهد لهذا التأویل قوله عز و جل فی موضع آخر وَ كانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا و یطابقه أیضا قوله تعالی فَلا تَسْتَعْجِلُونِ لأن وصفهم بكثرة العجلة و أن من شأنهم فعلها توبیخا لهم و تقریعا ثم نهاهم عن الاستعجال باستدعاء الآیات من حیث كانوا متمكنین من مفارقة طریقتهم فی الاستعجال و قادرین علی التثبت و التأید.

و ثانیها ما أجاب به أبو عبیدة و قطرب بن المستنیر و غیرهما من أن فی الكلام قلبا و المعنی خلق العجل من الإنسان و استشهدوا علی ذلك بقوله سبحانه وَ قَدْ بَلَغَنِیَ الْكِبَرُ أی قد بلغت الكبر و بقوله تعالی ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ و المعنی أن العصبة تنوء بها و تقول العرب عرضت الناقة علی الحوض و إنما هو عرضت الحوض علی الناقة ثم ذكر رحمه اللّٰه شواهد و أبیاتا كثیرة فی ذلك ثم قال و یبقی علی صاحب هذا الجواب مع التغاضی له عن حمل كلامه تعالی علی القلب أن

ص: 305

یقال و ما المعنی و الفائدة فی قوله عز و جل خلق العجل من الإنسان أ تریدون بذلك أن اللّٰه تعالی خلق العجلة فی الإنسان و هذا لا یجوز لأن العجلة فعل من أفعال الإنسان فكیف تكون مخلوقة فیه لغیره و لو كان كذلك لما جاز أن ینهاهم عن الاستعجال فی الآیة فیقول سَأُرِیكُمْ آیاتِی فَلا تَسْتَعْجِلُونِ لأنه لا ینهاهم عما خلقه فیهم فإن قالوا لم یرد أنه تعالی خلقها لكنه أراد كثرة فعل الإنسان لها و أنه لا یزال یستعملها قیل لهم هذا هو الجواب الذی قدمناه من غیر حاجة إلی القلب و التقدیم و التأخیر و إذا كان هذا المعنی یتم و ینتظم علی ما ذكرناه من غیر قلب فلا حاجة بنا إلیه و قد ذكر أبو القاسم البلخی هذا الجواب فی تفسیره و اختاره و قواه و سأل نفسه عنه و قال كیف جاز أن یقول فَلا تَسْتَعْجِلُونِ و هو خلق العجلة فیهم و أجاب بأنه قد أعطاهم قدرة علی مغالبة طبائعهم و كفها و قد یكون الإنسان مطبوعا علیها و هو مع ذلك مأمور بالتثبت قادر علی أن یجانب العجلة و ذلك كخلقه فی البشر شهوة النكاح و أمرهم فی كثیر من الأوقات بالامتناع منه و هذا الذی ذكره البلخی تصریح بأن المراد بالعجل غیره و هو الطبع الداعی إلیه و الشهوة المتناولة له و یجب أیضا أن یكون المراد بمن هاهنا فی لأن شهوة العجل لا تكون مخلوقة من الإنسان و إنما تكون فیه و هذا تجوز علی تجوز و توسع علی توسع لأن القلب أولا مجاز ثم هو من بعید المجاز و ذكر العجل و المراد به غیره مجاز آخر و إقامة من مقام فی كذلك علی أنه تعالی إذا نهاهم عن العجلة بقوله عز و جل فَلا تَسْتَعْجِلُونِ أی معنی لتقدیم قوله إنی خلقت شهوة العجلة فیهم و الطبع الداعی إلیها علی ما عبر به البلخی و هذا إلی أن یكون عذرا لهم

أقرب منه إلی أن یكون حجة علیهم و أیسر الأحوال أن لا یكون عذرا و لا احتجاجا فلا یكون لتقدیمه معنی و فی الجواب الأول حسن تقدیم ذلك علی طریق الذم و التوبیخ و التقریع من غیر إضافة له إلیه عز و جل فالجواب الأول أوضح و أصح.

و ثالثها جواب روی عن الحسن قال یعنی بقوله مِنْ عَجَلٍ أی من ضعف و هی النطفة المنتنة المهینة الضعیفة و هذا قریب إن كان فی اللغة شاهد علی أن العجل

ص: 306

یكون عبارة عن الضعف أو عن معناه. و رابعها ما حكی أن أبا الحسن الأخفش أجاب به و هو أن یكون المراد أن الإنسان خلق من تعجیل الأمر لأنه تعالی قال إِنَّما قَوْلُنا لِشَیْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ (1) فإن قیل كیف یطابق هذا الجواب قوله من بعد فَلا تَسْتَعْجِلُونِ قلنا یمكن أن یكون وجه المطابقة أنه لما استعجلوا بالآیات و استبطئوها أعلمهم تعالی أنه ممن لا یعجزه شی ء إذا أراده و لا یمتنع علیه و أن من خلق الإنسان بلا كلفة و لا مئونة بأن قال له كن فكان مع ما فیه من بدائع الصنعة و عجائب الحكمة التی یعجز عنها كل قادر و یحار فیها كل ناظر لا یعجزه إظهار ما استعجلوه من الآیات.

و خامسها ما أجاب به بعضهم من أن العجل الطین فكأنه تعالی قال خلق الإنسان من طین كما قال فی موضع آخر بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِینٍ (2) و استشهد بقول الشاعر.

و النبع یخرج بین الصخر ضاحیة***و النخل ینبت بین الماء و العجل

و وجدنا قوما یطعنون فی هذا الجواب و یقولون لیس بمعروف أن العجل هو الطین و قد حكی صاحب كتاب العین عن بعضهم أن العجل الحمأة و لم یستشهد علیه إلا أن البیت الذی أنشدناه یمكن أن یكون شاهدا له و قد رواه تغلب عن ابن الأعرابی و خالف فی شی ء من ألفاظه و إذا صح هذا الجواب فوجه المطابقة بین ذلك و بین قوله تعالی فَلا تَسْتَعْجِلُونِ علی نحو ما ذكرناه و هو أن من خلق الإنسان مع الحكمة الظاهرة فیه من الطین لا یعجزه إظهار ما استعجلوه من الآیات أو یكون المعنی أنه لا یجب بمن خلق من الطین المهین و كان أصله هذا الأصل الحقیر الضعیف أن یهزأ برسل اللّٰه تعالی و آیاته و شرائعه لأنه تعالی قال قبل هذه الآیة وَ إِذا رَآكَ الَّذِینَ كَفَرُوا إِنْ یَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَ هذَا الَّذِی یَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ (3)

ص: 307


1- 1. النحل: 40.
2- 2. ألم السجدة: 7.
3- 3. الأنبیاء: 36.

و سادسها أن یكون المراد بالإنسان آدم علیه السلام و معنی مِنْ عَجَلٍ أی فی سرعة من خلقه لأنه تعالی لم یخلقه مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ كما خلق غیره و إنما ابتدأه اللّٰه ابتداء و أنشأه إنشاء فكأنه تعالی نبه بذلك علی الآیة العجیبة فی خلقه له و أنه عز و جل یری عباده من آیاته و بیناته أولا ما تقتضیه مصالحهم و تستدعیه أحوالهم.

و سابعها ما روی عن مجاهد و غیره أن اللّٰه تعالی خلق آدم بعد خلق كل شی ء آخر نهار یوم الجمعة علی سرعة معاجلا به غروب الشمس و روی أن آدم علیه السلام لما نفخت فیه الروح و بلغت أعالی جسده و لم تبلغ أسافله قال رب استعجل بخلقی قبل غروب الشمس.

و ثامنها ما روی عن ابن عباس و السدی أن آدم علیه السلام لما خلق و جعلت الروح فی أكثر جسده وثب عجلان مبادرا إلی ثمار الجنة.

و قال قوم بل هم بالوثوب فهذا معنی قوله خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ و هذه الأجوبة الثلاثة المتأخرة مبنیة علی أن المراد بالإنسان فیها آدم علیه السلام دون غیره.

باب 40 آخر

نورد ما ذكره محمد بن بحر الشیبانی المعروف بالدهنی (1) فی كتابه من قول مفضلی الأنبیاء و الرسل و الأئمة و الحجج علی الملائكة صلوات اللّٰه علیهم أجمعین علی ما

ص: 308


1- 1. كذا فی جمیع نسخ البحار، و المشهور ضبطه بالراء المهملة المضمومة نسبة الی« رهنه» قریة بكرمان، و حكی ابن داود عن نسخة« الدهنی» بالدال قال النجاشیّ، محمد ابن بحر الرهنی: أبو الحسن الشیبانی ساكن نرماشیر من ارض كرمان. قال أصحابنا انه كان فی مذهبه ارتفاع، و حدیثه قریب من السلامة، و لا ادری من این قیل و قال فی محكی الفهرست، محمّد بن بحر الرهنی من أهل سجستان و كان من المتكلّمین و كان عالما بالاخبار فقیها الا انه متهم بالغلو و له نحو من خمسمائة مصنف و رسالة- انتهی- و الظاهر ان منشأ اتهامه بالغلو مبالغته فی تفضیل الأئمّة و علو رتبتهم علیهم السلام و لم یثبت منه قول بحلول او اتّحاد أو تفویض و نحوها فلا یبعد كونه حسنا.

أورده الصدوق رحمه اللّٰه فی كتاب علل الشرائع ناقلا عنه حیث قال قال مفضلو الأنبیاء و الرسل و الحجج علی الملائكة أنا نظرنا إلی جمیع ما خلق اللّٰه عز و جل من شی ء علا علوا طبعا و اختیارا أو علی به قسرا و اضطرارا و ما سفل شی ء طبعا و اختیارا أو ما سفل به قصرا و اضطرارا فإذا هی ثلاثة أشیاء بإجماع حیوان نام و جماد و أفلاك سائرة و بالطبع الذی طبعها علیه صانعها دائرة و فی ما دونها عن إرادة خالقها مؤثرة و أنهم نظروا فی الأنواع الثلاثة و فی الأشیاء التی هی أجناس منقسمة إلی جنس الأجناس الذی هو شی ء إذ یعطی كل شی ء اسمه.

قالوا و نظرنا أی الثلاثة هو نوع لما فوقه و جنس لما تحته أنفع و أرفع و أیها أدون و أوضع فوجدنا أرفع الثلاثة الحیوان و ذلك بحق الحیاة التی بان بها النامی و الجماد و إنما رفعة الحیوان عندنا فی حكمة الصانع و ترتیبها إن اللّٰه تقدست أسماؤه جعل النامی له أغذاء و جعل له عند كل داء دواء و فی ما قدر له صحة و شفاء فسبحانه ما أحسن ما دبره فی ترتیب حكمته إذ الحیوان الرفیع مما دونه یغذو و منه لوقایة الحر و البرد یكسو و علیه أیام حیاته ینشو و جعل الجماد له مركزا و مكدیا فامتهنه له امتهانا و جعل له مسرحا و أكنانا و مجامع و بلدانا و مصانع و أوطانا و جعل له حزنا محتاجا و سهلا محتاجا إلیه و علوا ینتفع بعلوه و سفلا ینتفع به و بمكاسبه برا و بحرا فالحیوان مستمتع فیستمتع بما جعل له فیه من وجوه المنفعة و الزیادة و الزبول عند الزبول (1)

و تتخذ المركز عند التجسیم و التألیف من الجسم المؤلف تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ قالوا ثم إنا نظرنا فإذا اللّٰه عز و جل قد جعل المتخذ بالروح و النمو و الجسم أعلی و أرفع مما یتخذ بالنمو و الجسم و التألیف و التصریف ثم جعل الحی الذی هو بالحیاة التی هی غیره نوعین ناطقا و أعجم ثم أبان الناطق من الأعجم بالنطق و البیان اللذین جعلهما له فجعله أعلی منه بفضیلة النطق و البیان ثم جعل

ص: 309


1- 1. فی بعض النسخ« الذبول» فی الموضعین، و فی نسخة« الذلول» فی الموضع الثانی.

الناطق نوعین حجة و محجوجا فجعل الحجة أعلی من المحجوج لإبانة اللّٰه الحجة و اختصاصه إیاه بعلم علوی یخصه له دون المحجوجین فجعله معلما من جهة باختصاصه إیاه و علما بأمره إیاه أن یعلم بأن اللّٰه عز و جل معلم الحجة دون أن یكله إلی أحد من خلقه فهو متعال به و بعضهم یتعالی علی بعض بعلم یصل إلی المحجوجین من جهة الحجة.

قالوا ثم رأینا أصل الشی ء الذی هو آدم فوجدناه قد جعله علما علی كل روحانی خلقه قبله و جسمانی ذرأه و برأه منه فعلمه علما خصه به لم یعلمهم قبل و لا بعد و فهمه فهما لم یفهمهم قبل و لا بعد ثم جعل ذلك العلم الذی علمه میراثا فیه لإقامة الحجج من نسله علی نسله ثم جعل آدم لرفعة قدره و علو أمره للملائكة الروحانیین قبله و أقامه لهم محنة فابتلاهم بالسجود إلیه فجعل لا محالة من أسجد له أعلی و أفضل ممن أسجدهم و لأن من جعل بلوی و حجة أفضل ممن حجهم به و لأن إسجاده جل و عز إیاهم للخضوع ألزمهم الاتضاع منهم له و المأمورین بالاتضاع بالخضوع و الخشوع و الاستكانة دون من أمرهم بالخضوع له أ لا تری إلی من أبی الائتمار لذلك الخضوع و لتلك الاستكانة فأبی و استكبر و لم یخضع لمن أمره له بالخضوع كیف لعن و طرد عن الولایة و أدخل فی العداوة فلا یرجی له من كبوته الإقالة آخر الأبد فرأینا السبب الذی أوجب اللّٰه عز و جل لآدم علیهم فضلا فإذا هو العلم خصه اللّٰه عز و جل دونهم فعلمه الأسماء و بین له الأشیاء فعلا بعلمه من لا یعلم ثم أمره جل و عز أن یسألهم سؤال تنبیه لا سؤال تكلیف عما علمه بتعلیم اللّٰه عز و جل إیاه مما لم یكن علمهم لیریهم جل و عز علو منزلة العلم و رفعة قدره كیف خص العلم محلا و موضعا اختاره له و أبان ذلك المحل عنهم بالرفعة و الفضل.

ثم علمنا أن سؤال آدم إیاهم عما سألهم عنه مما لیس فی وسعهم و طوقهم الجواب عنه سؤال تنبیه لا سؤال تكلیف لأنه جل و عز لا یكلف ما لیس فی وسع المكلف القیام به فلما لم یطیقوا الجواب عما سألوا علمنا أن السؤال كان كالتقریر منه لهم یقرن (1)

ص: 310


1- 1. فی العلل: یقرر.

به اتضاعهم بالجهالة عما علمه إیاه و علو خطره و قدره و اختصاصه (1)

إیاه بعلم لم یخصهم به فالتزموا الجواب بأن قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا(2) ثم جعل اللّٰه عز و جل آدم علیه السلام معلم الملائكة بقوله أَنْبِئْهُمْ لأن الإنباء من النبأ تعلیم و الأمر بالإنباء من الأمر تكلیف یقتضی طاعة و عصیانا و الإصغاء من الملائكة للتعلیم و التوقیف و التفهیم و التعریف تكلیف یقتضی طاعة و عصیانا فمن ذهب منكم إلی فضل المتعلم علی المعلم و الموقف علی الموقف و المعرف علی المعرف كان فی تفضیله تعكیس لحكمة اللّٰه عز و جل و قلب لترتیبها التی رتبها اللّٰه عز و جل فإنه علی قیاد مذهبه أن تكون الأرض التی هی المركز أعلی من النامی الذی هو علیها الذی فضله اللّٰه عز و جل بالنمو و النامی أفضل و أعلی من الحیوان الذی فضله اللّٰه جل جلاله بالحیاة و النمو و الروح و الحیوان الأعجم الخارج عن التكلیف و الأمر و الزجر أعلی و أفضل من الحیوان الناطق المكلف للأمر و الزجر و الحیوان الذی هو المحجوج أعلی من الحجة التی هی حجة اللّٰه عز و جل فیها و المتعلم أعلی من المعلم و قد جعل اللّٰه عز و جل آدم حجة علی كل من خلق من روحانی و جسمانی إلا من جعل له أولیة الحجة

فَقَدْ رُوِیَ لَنَا أَنَّ حَبِیبَ بْنَ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِیَّ بَیَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنَّهُ قَالَ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَیَّ شَیْ ءٍ كُنْتُمْ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ علیه السلام قَالَ كُنَّا أَشْبَاحَ نُورٍ نَدُورُ حَوْلَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ فَنُعَلِّمُ لِلْمَلَائِكَةِ التَّسْبِیحَ وَ التَّهْلِیلَ وَ التَّحْمِیدَ.

و لهذا تأویل دقیق لیس هذا مكان شرحه و قد بیناه فی غیره.

قال مفضلو الملائكة إن مدار الخلق روحانیا كان أو جسمانیا علی الدنو من اللّٰه عز و جل و الرفعة و العلو و الزلفة و السمو و قد وصف اللّٰه جلت عظمته الملائكة من ذلك بما لم یصف به غیرهم ثم وصفهم بالطاعة التی علیها موضع الأمر و الزجر و الثواب و العقاب فقال عز و جل لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (3)

ص: 311


1- 1. باختصاصه( خ).
2- 2. البقرة: 32.
3- 3. التحریم: 6.

ثم جعل محلهم الملكوت الأعلی فبراهینهم علی توحیده أكثر و أدلتهم علیه أشهر و أوفر و إذا كان ذلك كذلك كان حظهم من الزلفة أجل و من المعرفة بالصانع أفضل.

قالوا ثم رأینا الذنوب و العیوب الموردة النار و دار البوار كلها من الجنس الذی فضلتموه علی من قال اللّٰه عز و جل فی نعتهم لما نعتهم و وصفهم بالطاعة لما وصفهم لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ قالوا كیف یجوز فضل جنس فیهم كل عیب و لهم كل ذنب علی من لا عیب فیهم و لا ذنب منهم لا صغائر و لا كبائر.

و الجواب أن مفضلی الأنبیاء و الحجج علیهم السلام قالوا إنا لا نفضل هاهنا الجنس علی الجنس و لكنا فضلنا النوع علی النوع من الجنس كما أن الملائكة كلهم لیسوا كإبلیس و هاروت و ماروت لم یكن البشر كلهم كفرعون الفراعنة و كشیاطین الإنس المرتكبین المحارم المقدمین علی المأثم و أما قولكم فی الزلفة و القربة فإنكم إن أردتم زلفة المسافات و قربة المداناة فاللّٰه عز و جل أجل و مما توهمتموه أنزه و فی الأنبیاء و الحجج من هو أقرب إلی قربه بالصالحات و القربات (1)

الحسنات و بالنیات الطاهرات من كل خلق خلقهم و القرب و البعد من اللّٰه جلت عظمته بالمسافة و المدی تشبیه له بخلقه و هو من ذلك نزیه.

و أما قولهم فی الذنوب و العیوب فإن اللّٰه جلت أسماؤه جعل الأمر و الزجر أسبابا و عللا و الذنوب و المعاصی وجوها فاللّٰه جل جلاله هو الذی جعل قاعدة الذنوب من جمیع المذنبین من الأولین و الآخرین إبلیس و هو من حزب الملائكة و ممن كان فی صفوفهم و هو رأس الأبالسة و هو الداعی إلی عصیان الصانع و الموسوس و المزین لكل من تبعه و قبل منه و ركن إلیه الطغیان و قد أمهل الملعون لبلوی أهل البلوی فی دار الابتلاء فكم من بریة نبیه و فی طاعة اللّٰه عز و جل وجیه و عن معصیته بعید و قد أقمأ إبلیس و أقصاه و زجره و نفاه فلم یلوله علی أمر إذا أمره و لا انتهی عن زجر إذا زجر له لمات فی قلوب الخلق مكافئ من المعاصی لمات الرحمن فلمات الرحمن

ص: 312


1- 1. العزمات( خ).

دافعة للماته و وسوسته و خطراته و لو كانت المحنة بالملعون واقعة بالملائكة و الابتلاء به قائما كما قام فی البشر و دائما كما دام لكثرت من الملائكة المعاصی و قلت فیهم الطاعات إذا تمت فیهم الآلات فقد رأینا المبتلی من صفوف (1) الملائكة بالأمر و الزجر مع آلات الشهوات كیف انخدع بحیث دنا من طاعته و كیف بعد مما لم یبعد منه الأنبیاء و الحجج الذین اختارهم اللّٰه علی علم علی العالمین إذ لیست هفوات البشر كهفوة إبلیس فی الاستكبار و فعل هاروت و ماروت فی ارتكاب المزجور.

قال مفضلو الملائكة إن اللّٰه جل جلاله وضع الخضوع و الخشوع و التضرع و الخنوع حلیة فجعل مداها و غایتها آدم علیه السلام ففازت الملائكة فی هذه الحلیة و أخذوا منها بنصیب الفضل و السبق فجعل للطاعة فأطاعوا اللّٰه فیه و لو كان هناك بنو آدم لما أطاعوه فیما أمر و زجر كما لم یطعه قابیل فصار إمام كل قاتل.

جواب مفضلی الأنبیاء و الحجج علیهم السلام قالوا إن الابتلاء الذی ابتلی به اللّٰه عز و جل الملائكة من الخشوع و الخضوع لآدم عن غیر شیطان مغو و عدو مطغی فاصل بغوایته بین الطائعین و العاصین و المقیمین علی الاستقامة عن المیل و عن غیر آلات المعاصی التی هی الشهوات المركبات فی عباده المبتلین و قد ابتلی من الملائكة من ابتلی فلم یعتصم بعصمة اللّٰه الوثقی بل استرسل للخادع الذی كان أضعف منها

وَ قَدْ رُوِّینَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ فِی الْمَلَائِكَةِ مَنْ بَاقَةُ بَقْلٍ خَیْرٌ مِنْهُ وَ الْأَنْبِیَاءُ وَ الْحُجَجُ یَعْلَمُونَ ذَلِكَ لَهُمْ وَ فِیهِمْ مَا جَهِلْنَاهُ.

و قد أقر مفضلو الملائكة بالتفاضل بینهم كما أقر بالتفاضل بین ذوی الفضل من البشر و من قال إن الملائكة جنس من خلق اللّٰه عز و جل تقل فیهم العصاة كهاروت و ماروت و كإبلیس اللعین إذ الابتلاء فیهم قل (2)

فلیس ذلك بموجب أن یكون فاضلهم أفضل من فاضل البشر الذین جعل اللّٰه عز و جل الملائكة خدمهم إذا صاروا إلی دار المقامة التی لیس فیها حزن و لا هم و لا نصب و لا سقم و لا فقر.

ص: 313


1- 1. فی المصدر: صنوف.
2- 2. فی المصدر: قلیل.

قال مفضلو الملائكة إن الحسن البصری یقول إن هاروت و ماروت علجان من أهل بابل و أنكر أن یكونا من الملائكة فلم تعترضونا بالحجة بهما و بإبلیس فتحتجون علینا بجنی فیه.

قال مفضلو الأنبیاء و الحجج علیهم السلام لیس شذوذ الحسن عن جمیع المفسرین من الأمة بموجب أن یكون ما یقول كما یقول و أنتم تعلمون أن الشی ء لا یستثنی إلا من جنسه و تعلمون أن الجن سموا جنا لاجتنانهم عن الرؤیة إلا إذا أرادوا الترائی بما جعل اللّٰه عز و جل فیهم من القدرة علی ذلك و أن إبلیس من صفوف (1) الملائكة و غیر جائز فی كلام العرب أن یقول قائل جاءت الإبل كلها إلا حمارا و وردت البقر كلها إلا فرسا فإبلیس من جنس ما استثنی و قول الحسن فی هاروت و ماروت بأنهما علجان من أهل بابل شذوذ شذ به عن جمیع أهل التفسیر و قول اللّٰه عز و جل یكذبه إذ قال وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ بفتح اللام بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ و لیس فی قولكم عن قول الحسن فرج لكم فادعوا(2) ما لا فائدة فیه من علة و لا عائدة من حجة قال مفضلو الملائكة قد علمتم ما للملائكة فی كتاب اللّٰه عز و جل من المدح و الثناء مما بانوا به عن خلق اللّٰه جل و علا إذ لو لم یكن فیه إلا قوله بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ (3) قال مفضلو الأنبیاء و الحجج علیهم السلام لو استقصینا آی القرآن فی تفضیل الأنبیاء و الحجج صلوات اللّٰه علیهم أجمعین لاحتجنا لذلك إلی التطویل و الإكثار و ترك الإیجاز و الاختصار و فی ما جئنا به من الحجج النظریة التی تزیح العلل من الجمیع مقنع إذ ذكرنا ترتیب اللّٰه عز و جل خلقه فجعل الأرض دون النامی و النامی أعلی و أفضل من الأرض و جعل النامی دون الحیوان و الحیوان أعلی و أرفع من النامی

ص: 314


1- 1. فی المصدر: صنوف.
2- 2. فدعوا( خ).
3- 3. الأنبیاء: 26- 27. و فی المصدر بعد ذكر الآیة« لكفی».

و جعل الحیوان الأعجم دون الناطق و جعل الحیوان الناطق أفضل من الحیوان الأعجم و جعل الحیوان الجاهل الناطق دون الحیوان العالم الناطق و جعل الحیوان العالم الناطق المحجوج دون الحیوان العالم الحجة و یجب علی هذا الترتیب أن المعرب المبین أفضل من الأعجم غیر الفصیح و یكون المأمور المزجور مع تمام الشهوات و ما فیهم من طباع حب اللذات و منع النفس من الطلبات و البغیات و مع البلوی بعدو یمهل یمتحن بمعصیته إیاه و هو یزینها له محسنا بوسوسته فی قلبه و عینه أفضل من المأمور المزجور مع فقد آلة الشهوات و عدم معاداة هذا المتوصل له بتزیین المعاصی و الوسوسة إلیه ثم هذا الجنس نوعان حجة

و محجوج و الحجة أفضل من المحجوج و لم یحجج آدم الذی هو أصل البشر بواحد من الملائكة تفضیلا من اللّٰه عز و جل إیاه علیهم و حجج جماهیر الملائكة بآدم فجعله العالم بما لم یعلموا و خصه بالتعلیم لیبین لهم أن المخصوص بما خصه به مما لم یخصهم أفضل من غیر المخصوص بما لم یخصه به و هذا الترتیب حكمة اللّٰه عز و جل فمن ذهب یروم إفسادها ظهر منه عناد من مذهبه و إلحاد فی طلبه فانتهی الفضل إلی محمد صلی اللّٰه علیه و آله لأنه ورث آدم و جمیع الأنبیاء و لأنه الاصطفاء الذی ذكره اللّٰه عز و جل فقال إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ (1) فمحمد الصفوة و الخالص نجیب النجابة(2) من آل إبراهیم فصار خیر آل إبراهیم بقوله ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ و اصطفی اللّٰه جل جلاله آدم ممن اصطفاه علیهم من روحانی و جسمانی وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ و صلی اللّٰه علی محمد و آله و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ قال الصدوق إنما أردت أن تكون هذه الحكایة فی هذا الكتاب و لیس قولی فی إبلیس إنه كان من الملائكة بل كان من الجن إلا أنه كان یعبد اللّٰه بین الملائكة و هاروت و ماروت ملكان و لیس قولی فیهما قول أهل الحشو بل كانا عندی معصومین

ص: 315


1- 1. آل عمران: 33.
2- 2. فی المصدر: النجباء.

و معنی هذه الآیة وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ الآیة(1)

إنما هو و اتبعوا ما تتلو الشیاطین علی ملك سلیمان و علی ما أنزل علی الملكین ببابل هاروت و ماروت و قد أخرجت فی ذلك خبرا مسندا فی كتاب عیون الأخبار عن الرضا علیه السلام (2).

توضیح: قوله و جماد لعل مراده بالجماد غیر الحیوان لیشمل النبات و كأنه كان هكذا حیوان و نام و جماد فقوله و أفلاك عطف علی ثلاثة أو علی جماد و هما قسم واحد لأن الأفلاك أیضا علی مذهب أهل الحق من الجماد قوله إلی جنس الأجناس الظرف متعلق بنظروا و یحتمل تعلقه بمنقسمه علی شبه القلب أی هی أقسامه كأنه جعل جنس الأجناس مفهوم الشیئیة و لا یقول بإطلاق الشی ء علی الواجب تعالی شأنه و فیه نظر من وجوه و یحتمل أن تكون كلمة إذ زائدة فتأمل.

قوله هو نوع صفة للثلاثة أی كل منها بأن بها النامی أی من النامی جعل النامی له أی للحیوان و جعل له أی جعله له و كأنه كان كذلك قوله و مكدیا كذا فی النسخ و كأنه من الكدیة قال فی النهایة الكدیة قطعة غلیظة صلبة لا یعمل فیها الفاس و أكدی الحافر إذا بلغها

وَ فِیهِ: إِنَّ فَاطِمَةَ خَرَجَتْ فِی تَعْزِیَةِ بَعْضِ جِیرَانِهَا فَلَمَّا انْصَرَفَتْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَی.

أراد المقابر و ذلك لأنها كانت مقابرهم فی مواضع صلبة و هی جمع كدیة انتهی و یشبه أن یكون فیه تصحیف و المهنة بالكسر و الفتح و التحریك و ككلمة الحذق بالخدمة و امتهنه استعمله للمهنة ذكره الفیروزآبادی و قال المصنعة كالحوض یجمع فیه ماء المطر كالمصنع و المصانع الجمع و القری و المبانی من القصور و الحصون انتهی.

دون من أمرهم أی أدون منهم و المدی الغایة و یطلق علی المسافة أیضا و فی المصباح نبه بالضم نباهة شرف و هو نبیه و أقمأه صغره و أذله و

ص: 316


1- 1. البقرة: 102.
2- 2. علل الشرائع: ج 1، ص 19- 26. و الحدیث الذی أشار إلیه فی العیون: ج 1 ص 267.

فی النهایة فیه فانطلق الناس لا یلوی أحد علی أحد أی لا یلتفت و لا یعطف علیه و قال فیه لابن آدم لمتان لمة من الملك و لمة من الشیطان اللمة الهمة و الخطرة تقع فی القلب أراد إلمام الملك أو الشیطان به و القرب منه فما كان من خطرات الخیر فهو من الملك و ما كان من خطرات الشر فهو من الشیطان.

قوله من طاعته أی طاعة الشیطان و الهفوة الزلة و فی النهایة الخانع الذلیل الخاضع قوله حلیة فی أكثر النسخ بالیاء المثناة و الأظهر أنه بالباء الموحدة فی القاموس الحلبة بالفتح الدفعة من الخیل فی الرهان و خیل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من إصطبل واحد انتهی.

فجعل مداها و غایتها أی غایة الحلبة فی السباق و علی النسخة الأولی كان المعنی أنه كان قبلة للخنوع و الخضوع فجعل علی بناء المجهول و الضمیر للسبق أو آدم و فی الصحاح استرسل إلیه انبسط و استأنس و قال الباقة من البقل الحزمة منه و فی المصباح العلج الرجل الضخم من كفار العجم و بعض العرب قد یطلق العلج علی الكافر مطلقا قوله لاجتنانهم أی استتارهم و فی الصحاح زاح الشی ء یزیح زیحا بعد و ذهب.

باب 41 بدء خلق الإنسان فی الرحم إلی آخر أحواله

الآیات:

آل عمران: هُوَ الَّذِی یُصَوِّرُكُمْ فِی الْأَرْحامِ كَیْفَ یَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِیزُ الْحَكِیمُ (1)

النساء: یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِی خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِیراً وَ نِساءً(2)

ص: 317


1- 1. آل عمران: 6.
2- 2. النساء: 1.

الأنعام: هُوَ الَّذِی خَلَقَكُمْ مِنْ طِینٍ (1)

هود: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِیها(2)

الرعد: اللَّهُ یَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثی وَ ما تَغِیضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ(3)

النحل: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِیمٌ مُبِینٌ (4)

مریم: أَ وَ لا یَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ یَكُ شَیْئاً(5)

الحج: یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِی رَیْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَیْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَیِّنَ لَكُمْ وَ نُقِرُّ فِی الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ یُتَوَفَّی وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَیْلا یَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئاً(6)

المؤمنون: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَكِینٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَیِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ تُبْعَثُونَ (7)

الروم: وَ مِنْ آیاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (8)

لقمان: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلی وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِی عامَیْنِ (9)

التنزیل: الَّذِی أَحْسَنَ كُلَّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ (10)

ص: 318


1- 1. الأنعام: 2.
2- 2. هود: 61.
3- 3. الرعد: 8.
4- 4. النحل: 4.
5- 5. مریم: 67.
6- 6. الحجّ: 5.
7- 7. المؤمنون: 12- 16.
8- 8. الروم: 20.
9- 9. لقمان: 14.
10- 10. السجدة: 7- 9.

فاطر: وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثی وَ لا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَ ما یُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا یُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِی كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ(1)

یس: أَ وَ لَمْ یَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِیمٌ مُبِینٌ (2)

الزمر: یَخْلُقُكُمْ فِی بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِی ظُلُماتٍ ثَلاثٍ (3)

المؤمن: هُوَ الَّذِی خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ یُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُیُوخاً وَ مِنْكُمْ مَنْ یُتَوَفَّی مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّی وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (4)

حمعسق: لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یَخْلُقُ ما یَشاءُ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً وَ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ یَجْعَلُ مَنْ یَشاءُ عَقِیماً إِنَّهُ عَلِیمٌ قَدِیرٌ(5)

النجم: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِی بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ إلی قوله تعالی وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَیْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثی مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنی (6)

الواقعة: أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (7)

التغابن: وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ(8)

الملك: قُلْ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَكُمْ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ قُلْ هُوَ الَّذِی ذَرَأَكُمْ فِی الْأَرْضِ وَ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ (9)

نوح: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً إلی قوله تعالی وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ثُمَّ یُعِیدُكُمْ فِیها وَ یُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً(10)

ص: 319


1- 1. فاطر: 11.
2- 2. یس: 77.
3- 3. الزمر: 6.
4- 4. المؤمن: 67.
5- 5. الشوری: 49- 50.
6- 6. النجم: 32- 46.
7- 7. الواقعة: 58- 59.
8- 8. التغابن: 3.
9- 9. الملك: 23- 24.
10- 10. نوح: 13- 18.

القیامة: أَ لَمْ یَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّی فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَیْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثی أَ لَیْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلی أَنْ یُحْیِیَ الْمَوْتی (1)

الدهر: هَلْ أَتی عَلَی الْإِنْسانِ حِینٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ یَكُنْ شَیْئاً مَذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِیهِ فَجَعَلْناهُ سَمِیعاً بَصِیراً(2)

المرسلات: أَ لَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ فَجَعَلْناهُ فِی قَرارٍ مَكِینٍ إِلی قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِینَ (3)

النبأ: وَ خَلَقْناكُمْ أَزْواجاً(4)

عبس: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِیلَ یَسَّرَهُ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ كَلَّا لَمَّا یَقْضِ ما أَمَرَهُ (5)

الإنفطار: ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِیمِ الَّذِی خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (6)

الطارق: فَلْیَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ (7)

تفسیر:

هُوَ الَّذِی یُصَوِّرُكُمْ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی یخلق صوركم فِی الْأَرْحامِ كَیْفَ یَشاءُ علی أی صورة شاء و علی أی صفة شاء من ذكر و أنثی أو صبیح أو دمیم أو طویل أو قصیر لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِیزُ فی سلطانه الْحَكِیمُ فی أفعاله و دلت الآیة علی وحدانیة اللّٰه سبحانه و تمام قدرته و كمال حكمته حیث صور الولد فی رحم الأم علی هذه الصفة و ركب فیه أنواع البدائع من غیر آلة و لا كلفة و قد تقرر فی عقل كل عاقل أن العالم لو اجتمعوا أن یجعلوا من الماء بعوضة و یصوروا منه صورة فی حال ما یشاهدونه و یعرفونه لم یقدروا علی ذلك و لا وجدوا إلیه

ص: 320


1- 1. القیامة: 37- 40.
2- 2. الدهر: 1- 2.
3- 3. المرسلات: 20- 24.
4- 4. النبأ: 8.
5- 5. عبس: 17- 23.
6- 6. الانفطار: 6- 8.
7- 7. الطارق: 5- 7.

سبیلا فكیف یقدرون علی الخلق فی الأرحام فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ و هذا الاستدلال مروی عن جعفر بن محمد علیهما السلام (1) مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ أی آدم وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها حواء كما مر وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِیراً وَ نِساءً أی نشر و فرق من هاتین النفسین علی

وجه التناسل رجالا كثیرا و نساء و قال البیضاوی و اكتفی بوصف الرجال بالكثرة عن وصف النساء بها إذ الحكمة تقتضی أن یكن أكثر و ذكر كثیرا حملا علی الجمع (2).

خَلَقَكُمْ مِنْ طِینٍ قیل أی ابتدأ خلقكم منه فإنه المادة الأولی أو إن آدم الذی هو أصل البشر خلق منه أو خلق أباكم فحذف المضاف إلیه (3) انتهی و یحتمل أن یكون المراد الطین الذی سیأتی فی الأخبار أنه یذر فی النطفة هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ قیل أی هو كونكم منها لا غیره فإنه خلق آدم و مواد النطف التی خلق نسله منها من الأرض وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِیها قیل أی عمركم فیها و استبقاكم من العمر أو أقدركم علی عمارتها و أمركم بها و قیل هو من العمری بمعنی أعمركم فیها دیاركم و یرثها منكم بعد انصرام أعماركم أو جعلكم معمرین دیاركم تسكنونها مدة عمركم ثم تتركونها لغیركم.

اللَّهُ یَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثی قال الطبرسی رحمه اللّٰه یعلم ما فی بطن كل حامل من ذكر أو أنثی تام أو غیر تام و یعلم لونه و صفاته وَ ما تَغِیضُ الْأَرْحامُ أی یعلم الوقت الذی تنقصه الأرحام من المدة التی هی تسعة أشهر وَ ما تَزْدادُ علی ذلك عن أكثر المفسرین و قیل ما تغیض الولد الذی تأتی به المرأة لأقل من ستة أشهر و ما تزداد الولد الذی تأتی به لأقصی مدة الحمل و قیل معناه ما تنقص الأرحام من دم الحیض و هو انقطاع الحیض و ما تزداد بدم النفاس بعد الوضع (4).

ص: 321


1- 1. مجمع البیان: ج 2، ص 408.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 1، ص 255.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 1، ص 369.
4- 4. مجمع البیان: ج 6، ص 280.

و قال البیضاوی أی و ما تنقصه و ما تزداد فی الجنة و المدة و العدد و قیل المراد نقصان دم الحیض و ازدیاده و غاض جاء لازما و متعدیا و كذا ازداد(1). وَ كُلُّ شَیْ ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ قیل أی بقدر لا یجاوزه و لا ینقص عنه و فی الأخبار أی بتقدیر خلق الإنسان من نطفة قال البیضاوی من جماد لا حس بها و لا حراك سیالة لا تحفظ الوضع و الشكل فَإِذا هُوَ خَصِیمٌ منطیق (2)

مجادل مُبِینٌ للحجة أو خصیم مكافح لخالقه قائل مَنْ یُحْیِ الْعِظامَ وَ هِیَ رَمِیمٌ (3) وَ لَمْ یَكُ شَیْئاً بل كان عدما صرفا فإنه أعجب من جمیع المواد بعد التفریق الذی ینكر منكر البعث.

فِی رَیْبٍ مِنَ الْبَعْثِ قال البیضاوی من إمكانه و كونه مقدورا فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ أی فانظروا فی بدء خلقكم فإنه یزیح ریبكم فإنا خلقناكم مِنْ تُرابٍ بخلق آدم منها(4) و الأغذیة التی یتكون منها المنی ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ أی من منی من النطف و هو الصب ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ قطعة من الدم جامدة ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ قطعة من اللحم بقدر(5) ما یمضغ مُخَلَّقَةٍ وَ غَیْرِ مُخَلَّقَةٍ مسواة لا نقص فیها و لا عیب و غیر مسواة

أو تامة و ساقطة أو مصورة و غیر مصورة لِنُبَیِّنَ لَكُمْ بهذا التدریج قدرتنا و حكمتنا فإن ما قبل التغیر و الفساد و التكون مرة قبلها أخری و إن من قدر علی تغییره و تصویره أولا قدر علی ذلك ثانیا و حذف المفعول إیماء إلی أن الأفعال هذه یتبین بها من قدرته و حكمته ما لا یحیط به الذكر وَ نُقِرُّ فِی الْأَرْحامِ ما نَشاءُ أن نقره إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی هو وقت الوضع و قرئ و نقر بالنصب و كذا قوله ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ عطفا علی نبین كان خلقهم مدرج لغرضین تبیین القدرة و تقریرهم فی الأرحام حتی یولدوا و ینشئوا أو یبلغوا حد التكلیف و طِفْلًا حال أجریت علی تأویل كل واحد أو للدلالة علی الجنس أو لأنه فی الأصل مصدر ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ

ص: 322


1- 1. أنوار التنزیل: ج 1، ص 616.
2- 2. فی المصدر: منطیق مناظر مجادل.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 1، ص 657.
4- 4. فی المصدر: اذ خلق آدم منه.
5- 5. فی المصدر: و هی فی الأصل قدر ما یمضغ.

أی كمالكم فی القوة و العقل جمع شدة وَ مِنْكُمْ مَنْ یُتَوَفَّی عند بلوغ الأشد أو قبله وَ مِنْكُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلی أَرْذَلِ الْعُمُرِ أی الهرم و الخرف لِكَیْلا یَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئاً أی لیعود كهیئته الأولی فی أوان الطفولیة من سخافة العقل و قلة الفهم فینسی ما علمه و ینكر من عرفه و أنه استدلال ثان علی إمكان البعث بما یعتری الإنسان فی أسنانه من الأمور المختلفة و الأحوال المتضادة فإن من قدر علی ذلك قدر علی نظائره (1).

مِنْ سُلالَةٍ من خلاصة سلت من بین الكدر مِنْ طِینٍ متعلق بمحذوف لأنه صفة لسلالة أو بمعنی سلالة لأنها فی معنی مسلولة فتكون ابتدائیة كالأول و الإنسان آدم خلق من صفوة سلت من الطین أو الجنس فإنهم خلقوا من سلالات جعلت نطفا بعد أدوار و قیل المراد بالطین آدم لأنه خلق منه و السلالة نطفته ثُمَّ جَعَلْناهُ أی ثم جعلنا نسله فحذف المضاف نُطْفَةً بأن خلقناه منها أو ثم جعلنا السلالة نطفة و تذكیر الضمیر علی تأویل الجوهر أو المسلول أو الماء فِی قَرارٍ مَكِینٍ أی مستقر حصین یعنی الرحم ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً بأن أحلنا النطفة البیضاء علقة حمراء فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً أی فصیرناها قطعة لحم فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً بأن صلبناها فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً مما بقی من المضغة أو مما أنبتنا علیها مما یصل إلیها و اختلاف العواطف لتفاوت الاستحالات و الجمع لاختلافها فی الهیئة و الصلابة ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ هو صورة البدن و الروح و القوی بنفخة فیه أو المجموع و ثم لما بین الخلقتین من التفاوت أَحْسَنُ الْخالِقِینَ أی المقدرین تقدیرا ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ أی ثم فاجأتم وقت كونكم بشرا منتشرین فی الأرض وَهْناً أی ذات وهن أو تهن وهنا عَلی وَهْنٍ أی تضعف ضعفا فوق ضعف فإنها لا تزال یتضاعف ضعفها و الجملة فی موضع الحال وَ فِصالُهُ فِی عامَیْنِ أی و فطامه فی انقضاء عامین. الَّذِی أَحْسَنَ كُلَّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ أی خلقه موفرا علیه ما یستعده و یلیق به علی وفق الحكمة و المصلحة و خلقه بدل من كل بدل الاشتمال و قیل علم كیف یخلقه و قرأ نافع و الكوفیون بفتح اللام علی الوصف وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ یعنی آدم

ص: 323


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 95- 96.

مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أی ذریته سمیت به لأنها تنسل منه أی تنفصل مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ أی ممتهن و قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی ضعیف و قیل حقیر مهان أشار إلی أنه من شی ء حقیر لا قیمة له و إنما یصیر ذا قیمة بالعلم و العمل (1).

ثُمَّ سَوَّاهُ قال البیضاوی أی قومه بتصویر أعضائه ما ینبغی وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ أضافه إلی نفسه تشریفا و إظهارا(2) بأنه خلق عجیب و أن له شأنا له مناسبة إلی الحضرة الربوبیة و لأجله من عرف نفسه فقد عرف ربه وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ خصوصا لتسمعوا و تبصروا و تعقلوا قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ أی تشكرون شكرا قلیلا(3). مِنْ تُرابٍ بخلق آدم منه ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ بخلق ذریته منها ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً ذكرانا و إناثا إِلَّا بِعِلْمِهِ أی إلا معلومة له وَ ما یُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ أی و ما یمد فی عمر من مصیره إلی الكبر وَ لا یُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ من عمر المعمر لغیره بأن یعطی له عمر ناقص من عمره أو لا ینقص من عمر المنقوص عمره بجعله ناقصا و الضمیر له و إن لم یذكر لدلالة مقابله علیه أو للمعمر علی التسامح فیه ثقة بفهم السامع كقولهم لا یثیب اللّٰه عبدا و لا یعاقبه إلا بحق و قیل الزیادة و النقصان فی عمر واحد باعتبار أسباب مختلفة أثبتت فی اللوح مثل أن یكون فیه إن حج و اعتمر(4)

فعمره ستون سنة و إلا فأربعون و قیل المراد بالنقصان ما یمر من عمره و ینقص فإنه یكتب فی صحیفة عمره یوما فیوما إِلَّا فِی كِتابٍ هو علم اللّٰه أو اللوح أو الصحیفة إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ إشارة إلی الحفظ أو الزیادة و النقص (5).

ص: 324


1- 1. مجمع البیان: ج 8، ص 327.
2- 2. فی المصدر: إشعارا.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 260.
4- 4. فی المصدر: ان حج عمرو فعمره ....
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 299.

یَخْلُقُكُمْ فِی بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ بیان لكیفیة خلق ما ذكر من الأناسی و الأنعام إظهارا لما فیه من عجائب القدرة غیر أنه غلب أولی العقل أو خصهم بالخطاب لأنهم المقصودون خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ حیوانا سویا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عاریة من بعد مضغ من بعد علق من بعد نطف فِی ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ظلمة البطن و الرحم و المشیمة أو الصلب و الرحم و البطن.

أقول: الأول رواه الطبرسی رحمه اللّٰه عن أبی جعفر علیه السلام (1).

ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أی ثم یبقیكم لتبلغوا و كذا قوله تعالی ثُمَّ لِتَكُونُوا مِنْ قَبْلُ أی من قبل الشیخوخة(2)

أو بلوغ الأشد وَ لِتَبْلُغُوا قیل أی و یفعل ذلك لتبلغوا أَجَلًا مُسَمًّی هو وقت الموت أو یوم القیامة وَ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ما فی ذلك من الحجج و العبر.

یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً قال البیضاوی المعنی یجعل أحوال العباد فی الأولاد مختلفة علی مقتضی المشیة فیهب لبعض إما صنفا واحدا من ذكر أو أنثی أو الصنفین جمیعا و یعقم آخرین و لعل تقدیم الإناث لأنه (3)

أكثر لتكثیر النسل أو لأن مساق الآیة للدلالة علی أن الواقع ما یتعلق به مشیة اللّٰه تعالی لا مشیة الإنسان و الإناث كذلك أو لأن الكلام فی البلاء و العرب تعدهن بلاء أو لتطییب قلوب آبائهن أو للمحافظة علی الفواصل (4).

هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ أی أعلم بأحوالكم منكم إِذْ أَنْشَأَكُمْ أی علم أحوالكم و مصارف أموركم حین ابتدأ خلقكم من التراب بخلق آدم و حین ما صوركم فی الأرحام مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنی أی تدفن فی الرحم أو تخلق أو یقدر منها الولد من منی إذا قدر أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ أی تقذفونه فی الأرحام من النطف أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أی تجعلونه

ص: 325


1- 1. مجمع البیان: ج 8، ص 491.
2- 2. الشیخوخیة( خ).
3- 3. فی المصدر: لانها.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 2، ص 401.

بشرا سویا وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ قیل أی فصوركم من جملة ما خلق فی السماوات و الأرض بأحسن صورة حیث زینكم بصفوة أوصاف الكائنات و خصكم بخلاصة خصائص المبدعات و جعلكم أنموذج جمیع المخلوقات وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ فأحسنوا سرائركم حتی لا یمسخ بالعذاب ظواهركم وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ لتسمعوا المواعظ وَ الْأَبْصارَ لتنظروا صنائعه وَ الْأَفْئِدَةَ لتعتبروا و تتفكروا قَلِیلًا ما تَشْكُرُونَ باستعمالها فی ما خلقت لأجلها.

لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً قیل أی لا تأملون له توقیرا أی تعظیما لمن عبده و أطاعه فتكونوا علی حال تأملون فیها تعظیمه إیاكم وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً حال مقدرة للإنكار من حیث إنها موجبة للرجاء فإن خلقهم أطوارا أی تارات إذ خلقهم أولا عناصر ثم مركباه یغذی الإنسان ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما و لحوما ثم أنشأهم خلقا آخر فإنه یدل علی أنه یمكن أن یعیدهم تارة أخری فیعظمهم بالثواب و علی أنه تعالی عظیم القدرة تام الحكمة

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً یَقُولُ لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ: فِی قَوْلِهِ وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً قَالَ عَلَی اخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ وَ الْإِرَادَاتِ وَ الْمَشِیَّاتِ (1).

وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً قیل أی أنشأكم منها فاستعیر الإنبات للإنشاء لأنه أدل علی الحدوث و التكوین من الأرض و أصله أنبتكم إنباتا فنبتم نباتا فاختصر اكتفاء بالدلالة الالتزامیة ثُمَّ یُعِیدُكُمْ فِیها مقبورین وَ یُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً بالحشر و أكده بالمصدر كما أكد به الأول دلالة علی أن الإعادة محققة كالابتداء و أنها تكون لا محالة و قال علی بن إبراهیم من الأرض أی علی الأرض (2) فَخَلَقَ فَسَوَّی قیل أی قدره فعدله فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَیْنِ أی الصنفین.

هَلْ أَتی عَلَی الْإِنْسانِ قال البیضاوی استفهام تقریر و تقریب و لذلك فسر

ص: 326


1- 1. تفسیر القمّیّ: 697. و فیه: علی وجه الأرض.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 697. و فیه: علی وجه الأرض.

بقد و أصله أهل حِینٌ مِنَ الدَّهْرِ طائفة محدودة من الزمان الممتد الغیر المحدود لَمْ یَكُنْ شَیْئاً مَذْكُوراً بل كان نسیا(1)

منسیا غیر مذكور بالإنسانیة كالعنصر و النطفة و الجملة حال من الإنسان أو وصف لحین بحذف الراجع و المراد بالإنسان الجنس لقوله إِنَّا

خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أو آدم بین أولا خلفه ثم ذكر خلق بنیه من نطفة أَمْشاجٍ أی أخلاط جمع مشیج أو مشج من مشجت الشی ء إذا خلطته و جمع (2)

النطفة به لأن المراد بها مجموع منی الرجل و المرأة و كل منهما مختلفة الأجزاء فی الرقة و القوام و الخواص و لذلك یصیر كل جزء منهما مادة عضو و قیل مفرد كأعشار و قیل ألوان فإن ماء الرجل أبیض و ماء المرأة أصفر فإذا اختلطا أخضرا أو أطوار فإن النطفة تصیر علقة ثم مضغة إلی تمام الخلقة نَبْتَلِیهِ فی موضع الحال أی مبتلین له بمعنی مریدین اختباره أو ناقلین له من حال إلی حال فاستعار له الابتلاء فَجَعَلْناهُ سَمِیعاً بَصِیراً لیتمكن من مشاهدة الدلائل و استماع الآیات فهو كالمسبب من الابتلاء و لذلك عطف بالفاء علی الفعل المقید به و رتب علیه قوله إِنَّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ (3) و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قد كان شیئا إلا أنه لم یكن مذكورا لأنه كان ترابا و طینا إلی أن نفخ فیه الروح و قیل إنه أتی علی آدم أربعون سنة لم یكن شیئا مذكورا لا فی السماء و لا فی الأرض بل كان جسدا ملقی من طین قبل أن ینفخ فیه الروح

و روی عن ابن عباس أنه تم (4)

خلقه بعد عشرین و مائة سنة.

وَ رَوَی الْعَیَّاشِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ لَمْ یَكُنْ شَیْئاً مَذْكُوراً قَالَ كَانَ شَیْئاً وَ لَمْ یَكُنْ مَذْكُوراً.

ص: 327


1- 1. فی المصدر: شیئا.
2- 2. فی المصدر: وصف.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 569.
4- 4. فی المصدر: انه تعالی خلقه.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعَیْبٍ (1) الْحَدَّادِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ مَذْكُوراً فِی الْعِلْمِ وَ لَمْ یَكُنْ مَذْكُوراً فِی الْخَلْقِ.

و عن عبد الأعلی مولی آل سام عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله

وَ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ كَانَ شَیْئاً مُقَدَّراً(2) وَ لَمْ یَكُنْ مُكَوَّناً(3).

و فی هذا دلالة علی أن المعدوم معلوم و إن لم یكن مذكورا و أن المعدوم یسمی شیئا فإذا حمل الإنسان علی الجنس فالمراد أنه قبل الولادة لا یعرف و لا یذكر و لا یدری من هو و ما یراد به بل یكون معدوما ثم یوجد فی صلب أبیه ثم فی رحم أمه إلی وقت الولادة أَمْشاجٍ أی أخلاط من ماء الرجل و ماء المرأة فی الرحم فأیهما علا صاحبه كان الشبه له عن ابن عباس و غیره و قیل أمشاج أطوار و قیل أراد اختلاف الألوان فنطفة الرجل بیضاء و حمراء و نطفة المرأة خضراء و حمراء(4)

فهی مختلفة الألوان

و قیل نطفة مشجت بدم الحیض فإذا حبلت ارتفع الحیض و قیل هی العروق التی تكون فی النطفة و قیل أخلاط من الطبائع التی تكون فی الإنسان من الحرارة و البرودة و الرطوبة و الیبوسة جعلها اللّٰه فی النطفة ثم بناه (5)

البنیة الحیوانیة المعدلة الأخلاط ثم جعل فیه الحیاة ثم شق له السمع و البصر فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ (6) انتهی (7).

و أقول علی سبیل الاحتمال لا یبعد أن یكون كونه أمشاجا إشارة إلی

ص: 328


1- 1. شعیب بن أعین الحداد كوفیّ ثقة روی عن الصادق علیه السلام و یروی عنه سیف بن عمیرة و ابن أبی عمیر و غیرهما و لم یذكروا روایته عن ابی جعفر علیه السلام بلا واسطة. و فی مجمع البیان« سعید الحداد» و الصحیح فی ضبطه كما عن غیر العلامة فی الخلاصة« سعد» بلا یاء و هو من أصحاب الباقر علیه السلام مجهول.
2- 2. مقدورا( خ).
3- 3. مذكورا( خ).
4- 4. فی المصدر: صفراء.
5- 5. فی المصدر: بناه اللّٰه ....
6- 6. فی المصدر: رب العالمین.
7- 7. مجمع البیان: ج 10، ص 406.

الشئون المختلفة التی جعلها اللّٰه فی الإنسان بتبعیة ما جعل فیه من العناصر المختلفة و الصفات المتضادة و المواد المتباینة.

مِنْ ماءٍ مَهِینٍ نطفة قذرة ذلیلة و قال علی بن إبراهیم منتن فِی قَرارٍ مَكِینٍ قال فی الرحم (1) إِلی قَدَرٍ مَعْلُومٍ أی إلی قدر(2) معلوم من الوقت قدره اللّٰه للولادة فَقَدَرْنا علی ذلك أو فقدرناه و یدل علیه قراءة نافع و الكسائی بالتشدید فَنِعْمَ الْقادِرُونَ نحن ف وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِینَ بقدرتنا علی ذلك أو علی الإعادة وَ خَلَقْناكُمْ أَزْواجاً أی ذكرا و أنثی قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ قیل دعاء علیه بأشنع الدعوات و تعجب من إفراطه فی الكفران مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ بیان لما أنعم علیه خصوصا من مبدإ حدوثه و استفهام للتحقیر و لذلك أجاب عنه بقوله مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ أی فهیأه لما یصلح له من الأعضاء و الأشكال أو فقدر أطوارا إلی أن تم خلقه ثُمَّ السَّبِیلَ یَسَّرَهُ أی ثم سهل مخرجه من بطن أمه بأن فتح فوهة الرحم و ألهمه أن ینتكس أو ذلل (3)

له سبیل الخیر و الشر و فیه علی المعنی الأخیر إیماء بأن الدنیا طریق و المقصد غیرها و لذا عقبه بقوله ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ عد الإماتة و الإقبار فی النعم لأن الإماتة وصلة فی الجملة إلی الحیاة الأبدیة و اللذات الخالصة و الأمر بالقبر تكرمة و صیانة عن السباع.

ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِیمِ أی أی شی ء خدعك و جرأك علی عصیانه قیل ذكر الكریم للمبالغة فی المنع عن الاغترار و الإشعار بما به یغره الشیطان فإنه یقول له افعل ما شئت فإن ربك كریم لا یعذب أحدا و قیل إنما قال سبحانه الكریم دون سائر أسمائه و صفاته لأنه كأنه لقنه الجواب حتی یقول غرنی كرم الكریم

وَ فِی مَجْمَعِ الْبَیَانِ رُوِیَ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ قَالَ غَرَّهُ جَهْلُهُ (4).

ص: 329


1- 1. تفسیر القمّیّ: 708.
2- 2. مقدار( خ).
3- 3. دلل( خ).
4- 4. مجمع البیان: ج 10، ص 449.

فَسَوَّاكَ أی جعل أعضاءك سلیمة مسواة معدة لمنافعها فعدَّلك قیل التعدیل جعل البنیة معتدلة متناسبة الأعضاء أو معدلة بما یستعدها من القوی و قرأ الكوفیون فَعَدَلَكَ بالتخفیف أی عدل بعض أعضائك ببعض حتی اعتدلت أو فصرفك عن خلقه غیرك و میزك بخلقة فارقت خلقة سائر الحیوانات فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أی ركبك فی أی صورة شاءها و ما مزیدة و قیل شرطیة و ركبك جوابها و الظرف صفة عدلك و إنما لم یعطف الجملة علی ما قبلها لأنها بیان لعدلك.

فَلْیَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ قیل لیعلم صحة إعادته فلا یملی علی حافظیه إلا ما ینفعه فی عاقبته خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ قال الرازی الدفق صب الماء یقال دفقت الماء إذا صببته فهو مدفوق و مندفق و اختلف فی أنه كیف وصف بأنه دافق الأول أن معناه ذو اندفاق كما یقال دارع و تارس و لابن و تامر أی ذو درع و ترس و لبن و تمر.

الثانی أنهم یسمون المفعول باسم الفاعل قال الفراء و أهل الحجاز أجعل لهذا من غیرهم یجعلون الفاعل مفعولا إذا كان فی مذهب النعت كقولهم سر كاتم و هم ناصب و لیل قائم و كقوله تعالی فِی عِیشَةٍ راضِیَةٍ الثالث ذكر الخلیل دفق الماء دفقا و دفوقا إذا انصب.

الرابع صاحب الماء لما كان دافقا أطلق ذلك علی المجاز.

بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قال الجوهری التریبة واحدة الترائب و هی عظام الصدر ما بین الترقوة إلی الشذوة انتهی و قال الرازی ترائب المرأة عظام صدرها حیث تكون القلادة و كل عظم من ذلك تریبة و هذا قول جمیع أهل اللغة ثم قال فی هذه الآیة قولان أحدهما أن الولد مخلوق من الماء الذی یخرج من صلب الرجل و ترائب المرأة و قال آخرون إنه مخلوق من الماء الذی یخرج من صلب الرجل و ترائبه و احتج صاحب القول الثانی علی مذهبه بوجهین الأول أن ماء

ص: 330

الرجل خارج من الصلب فقط و ماء المرأة خارج من ترائب المرأة(1) فقط و علی هذا التقدیر لا یحصل هناك ماء خرج من بین الصلب و الترائب و ذلك علی خلاف الآیة الثانی أنه تعالی بین أن الإنسان مخلوق من ماء دافق و الذی وصف بذلك هو ماء الرجل ثم وصفه بأنه یخرج هذا الدافق من بین الصلب و الترائب و ذلك یدل علی أن الولد مخلوق من ماء الرجل فقط و أجاب القائلون بالقول الأول عن الحجة الأولی أنه یجوز أن یقال للشیئین المتباینین أنه یخرج من بین هذین خیر كثیر و لأن الرجل و المرأة عند اجتماعها یصیران كالشی ء الواحد فحسن هذا اللفظ هناك و عن الثانیة بأن هذا من باب إطلاق اسم البعض علی الكل فلما كان أحد قسمی المنی دافقا أطلق هذا الاسم علی المجموع ثم قالوا و الذی یدل علی أن الولد مخلوق منهم أن منی الرجل وحده صغیر و لا یكفی

وَ رُوِیَ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِذَا غَلَبَ مَاءُ الرَّجُلِ یَكُونُ ذَكَراً وَ یَعُودُ شِبْهُهُ إِلَیْهِ وَ إِلَی أَقَارِبِهِ وَ إِذَا غَلَبَ مَاءُ الْمَرْأَةِ فَإِلَیْهَا وَ إِلَی أَقَارِبِهَا یَعُودُ الشِّبْهُ.

و ذلك یقتضی صحة القول الأول.

ثم قال و اعلم أن الملحدین طعنوا فی هذه الآیة فقالوا إن كان المراد من قوله یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ أن المنی إنما ینفصل من تلك المواضع فلیس الأمر كذلك لأنه إنما یتولد عن فضله الهضم الرابع و ینفصل عن جمیع أجزاء البدن حتی یأخذ من كل عضو طبیعة و خاصیة(2) فیصیر مستعدا لأن یتولد منه مثل تلك الأعضاء و لذلك قیل إن المفرط فی الجماع یستولی الضعف علیه فی جمیع أعضائه و إذا كان المراد أن معظم المنی یتولد هناك فهو ضعیف بل معظم أجزائه إنما یتولد(3)

فی الدماغ و الدلیل علیه أنه فی صورته یشبه الدماغ و لأن المكثر منه یظهر الضعف أولا فی عینیه و إن كان المراد أن مستقر المنی هناك فهو ضعیف لأن مستقر المنی هو أوعیة المنی و هی عروق تلتف بعضها ببعض عند الأنثیین و إن كان المراد أن مخرج

ص: 331


1- 1. فی المصدر: الترائب.
2- 2. فی المصدر: طبیعته و خاصیته.
3- 3. فی المصدر: یتربی.

المنی هناك فهو ضعیف فإن الحس یدل علی أنه لیس كذلك.

و الجواب لا شك أن معظم الأعضاء معونة فی تولید المنی هو الدماغ و للدماغ خلیفة و هی النخاع فی الصلب و شعب كثیرة نازلة إلی مقدم البدن و هو التریبة فلهذا السبب خصص اللّٰه هذین العضوین بالذكر علی أن كلامكم فی كیفیة تولد المنی و كیفیة تولد الأعضاء عن (1)

المنی محض الوهم و الظن الضعیف و كلام اللّٰه أولی بالقبول (2)

انتهی.

و قال البیضاوی مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ بین صلب الرجل و ترائب المرأة و هی عظام صدرها و لو صح أن النطفة تتولد من فضلة(3) الهضم الرابع و تنفصل عن جمیع الأعضاء حتی یستعد(4) أن یتولد منها مثل تلك الأعضاء و مقرها عروق التف بعضها ببعض عند البیضتین فالدماغ أعظم الأعضاء معونة فی تولیدها و لذلك تشبهه و یسرع الإفراط فی الجماع بالضعف فیه و له خلیفة و هی النخاع و هو فی الصلب و شعب كثیرة نازلة إلی الترائب و هما أقرب إلی أوعیة المنی فلذلك خصا بالذكر(5)

انتهی.

و أقول علی تقدیر تسلیم ما ذكره الأطباء فی ذلك یمكن أن یكون المراد خروج المنی من الرجل و المرأة من أعضاء محصورة بین الصلب من جهة الخلف و الترائب من جهة القدام بأن یكون الصلب و الترائب مقصودین فی كل من الرجل و المرأة و یكون هذا التعبیر لبیان كثرة مدخلیة الصلب و الترائب فیهما و كون ماء المرأة غیر دافق ممنوع بل الظاهر أن له أیضا دفقا لكنه لما كان فی داخل الرحم لا یظهر كثیرا و ما ورد فی الأخبار من تخصیص الصلب بالرجل و الترائب بالمرأة لكون الصلب أدخل

ص: 332


1- 1. من( خ).
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 31، ص 129.
3- 3. فی المصدر: فضل.
4- 4. فی المصدر: تستعدلان.
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 597.

فی منی الرجل و الترائب فی منی المرأة و یؤیده أن الأطباء ذكروا من آداب الجماع دغدغة ثدی المرأة لتهییج شهوتها و عللوه بأن الثدی شدید المشاركة للرحم.

«1»- الْمَنَاقِبُ، أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِیُّ فِی الْأَمَالِی وَ أَبُو نُعَیْمٍ فِی الْحِلْیَةِ وَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ بِالْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیِّ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو حَنِیفَةَ عَلَی الصَّادِقِ علیه السلام فَقَالَ علیه السلام لَهُ الْبَوْلُ أَقْذَرُ أَمِ الْمَنِیُّ قَالَ الْبَوْلُ قَالَ یَجِبُ عَلَی قِیَاسِكَ أَنْ یَجِبَ الْغُسْلُ مِنَ الْبَوْلِ دُونَ الْمَنِیِّ وَ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ الْغُسْلَ مِنَ الْمَنِیِّ دُونَ الْبَوْلِ ثُمَّ قَالَ لِأَنَّ الْمَنِیَّ اخْتِیَارٌ وَ یَخْرُجُ مِنْ جَمِیعِ الْجَسَدِ وَ یَكُونُ فِی الْأَیَّامِ وَ الْبَوْلُ ضَرُورَةٌ وَ یَكُونُ فِی الْیَوْمِ مَرَّاتٍ (1)

قَالَ أَبُو حَنِیفَةَ كَیْفَ یَخْرُجُ مِنْ جَمِیعِ الْجَسَدِ وَ اللَّهُ یَقُولُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَهَلْ قَالَ لَا یَخْرُجُ مِنْ غَیْرِ هَذَیْنِ الْمَوْضِعَیْنِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لِمَ لَا تَحِیضُ الْمَرْأَةُ إِذَا حَبِلَتْ قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ علیه السلام حَبَسَ اللَّهُ الدَّمَ فَجَعَلَهُ غِذَاءً لِلْوَلَدِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ بِطُولِهِ (2).

«2»- تَفْسِیرُ النُّعْمَانِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ مُشَابِهِ (3) الْخَلْقِ فَقَالَ هُوَ عَلَی ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَمِنْهُ خَلْقُ الِاخْتِرَاعِ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ (4) وَ خَلْقُ الِاسْتِحَالَةِ قَوْلُهُ تَعَالَی یَخْلُقُكُمْ فِی بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِی ظُلُماتٍ ثَلاثٍ (5) وَ قَوْلُهُ هُوَ الَّذِی خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ الْآیَةَ(6)

وَ أَمَّا خَلْقُ التَّقْدِیرِ فَقَوْلُهُ لِعِیسَی وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ (7) الْآیَةَ.

«3»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ

ص: 333


1- 1. فی المصدر: و هو مختار و الآخر متولج.
2- 2. المناقب: ج 4، ص 253.
3- 3. متشابه( خ).
4- 4. الأعراف: 53، یونس: 3، هود: 57، الحدید: 4.
5- 5. الزمر: 32.
6- 6. المؤمن: 67.
7- 7. المائدة: 113.

بْنِ أَشْیَمَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: أَصَابَ رَجُلٌ غُلَامَیْنِ فِی بَطْنٍ فَهَنَّأَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ أَیُّهُمَا أَكْبَرُ فَقَالَ الَّذِی خَرَجَ أَوَّلًا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام الَّذِی خَرَجَ آخِراً هُوَ أَكْبَرُ أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِذَاكَ أَوَّلًا وَ أَنَّ هَذَا دَخَلَ عَلَی ذَاكَ فَلَمْ یُمْكِنْهُ أَنْ یَخْرُجَ حَتَّی خَرَجَ هَذَا فَالَّذِی یَخْرُجُ آخِراً هُوَ أَكْبَرُهُمَا(1).

المناقب، مرسلا: مثله (2)

بیان: لم أر قائلا به و لعله لیس غرضه علیه السلام الكبر الذی هو مناط الأحكام الشرعیة.

«4»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: یَعِیشُ الْوَلَدُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَ لَا یَعِیشُ لِثَمَانِیَةِ أَشْهُرٍ(3).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ غَایَةِ الْحَمْلِ بِالْوَلَدِ فِی بَطْنِ أُمِّهِ كَمْ هُوَ فَإِنَّ النَّاسَ یَقُولُونَ رُبَّمَا یَبْقَی (4)

فِی بَطْنِهَا سِنِینَ فَقَالَ كَذَبُوا أَقْصَی حَدِّ الْحَمْلِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لَا یَزِیدُ لَحْظَةً وَ لَوْ زَادَ سَاعَةً لَقَتَلَ أُمَّهُ قَبْلَ أَنْ یَخْرُجَ (5).

«6»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذْ دَخَلَ یُونُسُ بْنُ یَعْقُوبَ فَرَأَیْتُهُ یَئِنُّ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا لِی أَرَاكَ تَئِنُّ قَالَ طِفْلٌ لِی تَأَذَّیْتُ بِهِ اللَّیْلَ أَجْمَعَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا یُونُسُ حَدَّثَنِی أَبِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنْ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ جَبْرَئِیلَ نَزَلَ عَلَیْهِ وَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِیٌ

ص: 334


1- 1. الكافی: ج 6، ص 53.
2- 2. المناقب: ج 4، ص 270.
3- 3. الكافی: ج 6، ص 52.
4- 4. فی المصدر: بقی.
5- 5. الكافی: ج 6، ص 52.

یَئِنَّانِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا حَبِیبَ اللَّهِ مَا لِی أَرَاكَ تَئِنُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَجْلِ طِفْلَیْنِ لَنَا تَأَذَّیْنَا بِبُكَائِهِمَا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ مَهْ یَا مُحَمَّدُ فَإِنَّهُ سَیُبْعَثُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ شِیعَةٌ إِذَا بَكَی أَحَدُهُمْ فَبُكَاؤُهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَی أَنْ یَأْتِیَ عَلَیْهِ سَبْعُ سِنِینَ فَإِذَا جَازَ السَّبْعَ فَبُكَاؤُهُ اسْتِغْفَارٌ لِوَالِدَیْهِ إِلَی أَنْ یَأْتِیَ عَلَیْهِ الْحَدُّ فَإِذَا جَازَ الْحَدَّ فَمَا أَتَی مِنْ حَسَنَةٍ فَلِوَالِدَیْهِ وَ مَا أَتَی مِنْ سَیِّئَةٍ فَلَا عَلَیْهِمَا(1).

بیان: فبكاؤه لا إله إلا اللّٰه لعل المعنی أنه یعطی والداه ببكائه ثواب التهلیل.

«7»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یَاسِرٍ الْخَادِمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ أَوْحَشَ مَا یَكُونُ هَذَا الْخَلْقُ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ یَوْمَ یَلِدُ(2) وَ یَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَیَرَی الدُّنْیَا وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یُعَایِنُ (3)

الْآخِرَةَ وَ أَهْلَهَا وَ یَوْمَ یُبْعَثُ فَیَرَی أَحْكَاماً لَمْ یَرَهَا فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ قَدْ سَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی یَحْیَی علیه السلام فِی هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ(4)

وَ آمَنَ رَوْعَتَهُ فَقَالَ وَ سَلامٌ عَلَیْهِ یَوْمَ وُلِدَ وَ یَوْمَ یَمُوتُ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیًّا وَ قَدْ سَلَّمَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیهما السلام عَلَی نَفْسِهِ فِی هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ(5)

فَقَالَ وَ السَّلامُ عَلَیَّ یَوْمَ وُلِدْتُ وَ یَوْمَ أَمُوتُ وَ یَوْمَ أُبْعَثُ حَیًّا(6).

«8»- الْمَنَاقِبُ،: قَالَ عِمْرَانُ الصَّابِی لِلرِّضَا علیه السلام مَا بَالُ الرَّجُلِ إِذَا كَانَ مُؤَنَّثاً وَ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ مُذَكَّرَةً قَالَ علیه السلام عِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَمَلَتْ وَ صَارَ الْغُلَامُ مِنْهَا فِی الرَّحِمِ مَوْضِعَ الْجَارِیَةِ كَانَ مُؤَنَّثاً وَ إِذَا صَارَتِ الْجَارِیَةُ مَوْضِعَ الْغُلَامِ كَانَتْ مُذَكَّرَةً وَ ذَلِكَ أَنَّ مَوْضِعَ الْغُلَامِ فِی الرَّحِمِ مِمَّا یَلِی مَیَامِنَهَا وَ الْجَارِیَةِ مِمَّا یَلِی مَیَاسِرَهَا

ص: 335


1- 1. الكافی: ج 6 ص 52.
2- 2. كذا، و الصواب« یولد».
3- 3. فی العیون: فیعاین.
4- 4. فی أكثر النسخ: الثلاثة المواطن:
5- 5. فی أكثر النسخ: الثلاثة المواطن:
6- 6. العیون: ج 1، ص 257. و لم یوجد فی العلل.

وَ رُبَّمَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ وَلَدَیْنِ فِی بَطْنٍ وَاحِدٍ فَإِنْ عَظُمَ ثَدْیَاهَا جَمِیعاً تَحْمِلُ تَوْأَمَیْنِ وَ إِنْ عَظُمَ أَحَدُ ثَدْیَیْهَا كَانَ ذَلِكَ دَلِیلًا عَلَی أَنَّهُ (1) تَلِدُ وَاحِداً إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّدْیُ الْأَیْمَنُ أَعْظَمَ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَراً وَ إِذَا كَانَ الْأَیْسَرُ أَعْظَمَ كَانَ الْمَوْلُودُ أُنْثَی وَ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا فَضَمُرَ ثَدْیُهَا الْأَیْمَنُ فَإِنَّهَا تُسْقِطُ غُلَاماً وَ إِذَا ضَمُرَ ثَدْیُهَا الْأَیْسَرُ فَإِنَّهَا تُسْقِطُ أُنْثَی وَ إِذَا ضَمُرَا جَمِیعاً تُسْقِطُهُمَا جَمِیعاً قَالَ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ الطُّولُ وَ الْقِصَرُ فِی الْإِنْسَانِ فَقَالَ مِنْ قِبَلِ النُّطْفَةِ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الذَّكَرِ فَاسْتَدَارَتْ جَاءَ الْقِصَرُ وَ إِنِ اسْتَطَالَتْ جَاءَ الطُّولُ (2).

«9»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، وَ الِاحْتِجَاجُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ صُورِیَا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَخْبِرْنِی یَا مُحَمَّدُ الْوَلَدُ یَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ أَوْ مِنَ الْمَرْأَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا الْعِظَامُ وَ الْعَصَبُ وَ الْعُرُوقُ فَمِنَ الرَّجُلِ وَ أَمَّا اللَّحْمُ وَ الدَّمُ وَ الشَّعْرُ فَمِنَ الْمَرْأَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا بَالُ الْوَلَدِ یُشْبِهُ أَعْمَامَهُ لَیْسَ فِیهِ (3) مِنْ شَبَهِ أَخْوَالِهِ شَیْ ءٌ وَ یُشْبِهُ أَخْوَالَهُ لَیْسَ فِیهِ مِنْ شَبَهِ أَعْمَامِهِ شَیْ ءٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّهُمَا عَلَا مَاؤُهُ مَاءَ صَاحِبِهِ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی عَمَّنْ (4)

لَا یُولَدُ لَهُ وَ مَنْ یُولَدُ لَهُ فَقَالَ إِذَا مَغَرَتِ النُّطْفَةُ لَمْ یُولَدْ لَهُ أَیْ إِذَا احْمَرَّتْ وَ كَدِرَتْ وَ إِذَا كَانَتْ صَافِیَةً وُلِدَ لَهُ الْخَبَرَ(5).

«10»- الِاحْتِجَاجُ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: إِنَّ یَهُودِیّاً جَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِیٌّ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ قَالَ مَاءُ الرَّجُلِ أَبْیَضُ غَلِیظٌ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِیقٌ فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَراً بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ یَكُونُ الشَّبَهُ وَ إِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ خَرَجَ الْوَلَدُ أُنْثَی بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی وَ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ یَكُونُ الشَّبَهُ الْخَبَرَ(6).

العلل، عن علی بن أحمد بن محمد عن حمزة بن القاسم العلوی عن علی بن

ص: 336


1- 1. كذا.
2- 2. المناقب: ج 4، ص 354.
3- 3. فی الاحتجاج: له.
4- 4. فیه: عما.
5- 5. الاحتجاج: 24.
6- 6. الاحتجاج: 29.

الحسین بن الجنید البزاز عن إبراهیم بن موسی الفراء عن محمد بن ثور عن معمر بن یحیی عن یحیی بن أبی كثیر عن عبد اللّٰه بن مرة عن ثوبان: مثله (1)

أقول: سیأتی أخبار الخضر فی هذا المعنی فی باب النفس و أحوالها.

«11»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا بَلَغَ الْوَلَدُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَقَدْ صَارَ فِیهِ الْحَیَاةُ الْخَبَرَ(2).

«12»- وَ مِنْهُ، قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ: فِی قَوْلِهِ فَلْیَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ قَالَ النُّطْفَةُ الَّتِی تَخْرُجُ بِقُوَّةٍ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ الصُّلْبُ الرَّجُلُ وَ التَّرَائِبُ الْمَرْأَةُ وَ هِیَ صَدْرُهَا(3).

«13»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلَّاقِینَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ یَخْلُقَ خَلْقاً أَمَرَهُمْ فَأَخَذُوا مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِی قَالَ فِی كِتَابِهِ مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری (4) فَعَجَنَ النُّطْفَةَ بِتِلْكَ التُّرْبَةِ الَّتِی یَخْلُقُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ أَسْكَنَهَا الرَّحِمَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ (5)

أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَالُوا یَا رَبِّ تَخْلُقُ مَا ذَا فَیَأْمُرُهُمْ بِمَا یُرِیدُ مِنْ ذَكَرٍ(6) وَ أُنْثَی أَبْیَضَ أَوْ أَسْوَدَ فَإِذَا خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنَ الْبَدَنِ خَرَجَتْ هَذِهِ النُّطْفَةُ بِعَیْنِهَا مِنْهُ كَائِناً مَا كَانَ صَغِیراً أَوْ كَبِیراً ذَكَراً أَوْ أُنْثَی فَلِذَلِكَ یُغَسَّلُ الْمَیِّتُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ(7).

بیان: خلاقین أی ملائكة خلاقین و الخلق هنا بمعنی التقدیر لا الإیجاد و ظاهره خروج المنی الأول بعینها من فیه أو عینه و یمكن أن یحفظ اللّٰه تعالی جزء من تلك النطفة مدة حیاته و یحتمل أن یكون المراد أن هذا الماء من جنس النطفة فعلة الغسل مشتركة.

ص: 337


1- 1. علل الشرائع: ج 1، ص 90.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 446.
3- 3. التفسیر: 720.
4- 4. طه: 57.
5- 5. فی المصدر: لها.
6- 6. فیه: أو.
7- 7. الكافی: ج 3، ص 162.

«14»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ أَبِی مِنْهَالٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِی الرَّحِمِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكاً فَأَخَذَ مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِی یُدْفَنُ فِیهَا فَمَاثَهَا فِی النُّطْفَةِ فَلَا یَزَالُ قَلْبُهُ یَحِنُّ إِلَیْهَا حَتَّی یُدْفَنَ فِیهَا(1).

بیان: الموث الخلط و الحنین الشوق.

«15»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ (2) یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ یَهُودِیٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِی مَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ وَ مِنْ أَیِّ النُّطْفَتَیْنِ یَكُونُ الشَّعْرُ(3) وَ اللَّحْمُ وَ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا شَبَهُ الْوَلَدِ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ فَإِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ إِلَی الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَی أَعْمَامِهِ وَ مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ یَكُونُ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ وَ إِذَا سَبَقَ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ نُطْفَةَ الرَّجُلِ إِلَی الرَّحِمِ خَرَجَ شَبَهُ الْوَلَدِ إِلَی أَخْوَالِهِ وَ مِنْ نُطْفَتِهَا یَكُونُ الشَّعْرُ وَ الْجِلْدُ وَ اللَّحْمُ لِأَنَّهَا صَفْرَاءُ رَقِیقَةٌ الْخَبَرَ(4).

«16»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا أَشْبَهَ أَخْوَالَهُ وَ رُبَّمَا أَشْبَهَ عُمُومَتَهُ فَقَالَ إِنَّ نُطْفَةَ الرَّجُلِ بَیْضَاءُ غَلِیظَةٌ وَ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ صَفْرَاءُ رَقِیقَةٌ فَإِنْ غَلَبَتْ نُطْفَةُ الرَّجُلِ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ أَشْبَهَ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَ عُمُومَتَهُ وَ إِنْ غَلَبَتْ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ نُطْفَةَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الرَّجُلُ أَخْوَالَهُ (5).

«17»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ فِی مَا كَتَبَ إِلَیَّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ

ص: 338


1- 1. الكافی: ج 3، ص 203.
2- 2. فی المصدر و فی بعض نسخ الكتاب: عن محمّد بن یعقوب.
3- 3. فی المصدر: و الدم.
4- 4. العلل: ج 1، ص 1.
5- 5. العلل: ج 1، ص 88.

أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ الْمَوْلُودُ یُشْبِهُ أَبَاهُ وَ عَمَّهُ قَالَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ فَالْوَلَدُ یُشْبِهُ أَبَاهُ وَ عَمَّهُ وَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ یُشْبِهُ الْوَلَدُ أُمَّهُ وَ خَالَهُ (1).

«18»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ(2) بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ الْخَلَّالِ (3)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلِیلٍ المحرمی [الْمَخْرَمِیِ] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ الْمِسْمَعِیِ (4) عَنْ حُمَیْدٍ الطَّوِیلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا یَنْزِعُ الْوَلَدَ إِلَی أَبِیهِ أَوْ إِلَی أُمِّهِ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدُ إِلَیْهِ الْخَبَرَ(5).

بیان: فی القاموس نزع أباه و إلیه أشبهه و أقول یحتمل أن یكون المراد بالسبق الغلبة لیوافق خبر أبی بصیر أو العلو لیطابق روایة ثوبان و غیره و یمكن كون كل منها سببا لذلك و أقول مضامین تلك الأخبار مرویة من طرق العامة أیضا و فی كتبهم

وَ رَوَوْا أَیْضاً: أَنَّ حَبْراً مِنْ أَحْبَارِ الْیَهُودِ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْوَلَدِ فَقَالَ مَاءُ الرَّجُلِ أَبْیَضُ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِیُّ الرَّجُلِ مَنِیَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

و قال بعضهم معنی العلو الغلبة علی الآخر و معنی السبق الخروج أولا و زعم بعضهم أن العلو علة شبه الأعمام و الأخوال و السبق علة الإذكار و الإیناث و رد ذلك التفصیل بأنه جعل فی حدیث الحبر العلو علة الإذكار و الإیناث و أجاب عنه بعضهم بأن العلو فی حدیث الحبر بمعنی السبق إلی الرحم لأن ما علا سبق و یتعین تفسیره بذلك فإنه فی حدیث آخر جعل العلو علة شبه الأعمام و الأخوال و جعله فی حدیث الحبر علة الإذكار و الإیناث فلو أبقینا العلو فی حدیث الحبر علی

ص: 339


1- 1. العلل: ج 1، ص 88.
2- 2. كذا، و الصواب: ابو العباس محمّد بن إبراهیم بن إسحاق الطالقانی.
3- 3. فی بعض النسخ بالحاء المهملة و فی بعضها بالجیم، و لم نجد له ذكرا فی كتب الرجال.
4- 4. كذا فی جمیع نسخ الكتاب، و الظاهر ان الصواب« السهمی» كما فی المصدر لانه الذی یروی عن حمید الطویل.
5- 5. العلل: ج 1، ص 89.

بابه لزم بمقتضی الحدیث أن یكون العلو علة فی شبه الأعمام و الأخوال و فی الإذكار و الإیناث و لا یصح لأن الحس یكذبه لأنا نشاهد الولد ذكرا و یشبه الأخوال و وجه الجمع بین أحادیث الباب أن یكون الشبه المذكور فی هذا الحدیث یعنی به الشبه الأعم من كونه فی التذكیر و التأنیث و شبه الأعمام و الأخوال و السبق إلی الرحم علة للتذكیر و التأنیث و یخرج من مجموع ذلك أن الأقسام أربعة إن سبقه ماء الرجل و علا أذكر و أشبه الولد أعمامه و إن سبق ماء المرأة و علا ماؤه أنث و أشبه الولد أعمامه انتهی (1).

«19»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِذَا أَرَادَ أَنْ یَخْلُقَ خَلْقاً جَمَعَ كُلَّ صُورَةٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَبِیهِ إِلَی آدَمَ ثُمَّ خَلَقَهُ عَلَی صُورَةِ أَحَدِهِمْ فَلَا یَقُولَنَّ أَحَدٌ هَذَا لَا یُشْبِهُنِی وَ لَا یُشْبِهُ شَیْئاً مِنْ آبَائِی (2).

«20»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الْعَلَوِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: تَعْتَلِجُ النُّطْفَتَانِ فِی الرَّحِمِ فَأَیَّتُهُمَا كَانَتْ أَكْثَرَ جَاءَتْ تُشْبِهُهَا فَإِنْ كَانَتْ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ أَكْثَرَ جَاءَتْ تُشْبِهُ أَخْوَالَهُ وَ إِنْ كَانَتْ نُطْفَةُ الرَّجُلِ أَكْثَرَ جَاءَتْ تُشْبِهُ أَعْمَامَهُ وَ قَالَ تَحَوَّلُ النُّطْفَةُ فِی الرَّحِمِ أَرْبَعِینَ یَوْماً فَمَنْ أَرَادَ أَنْ یَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَفِی تِلْكَ الْأَرْبَعِینَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكَ الْأَرْحَامِ فَیَأْخُذُهَا فَیَصْعَدُ بِهَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَیَقِفُ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَیَقُولُ یَا إِلَهِی أَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَی فَیُوحِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا یَشَاءُ وَ یَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ یَقُولُ إِلَهِی أَ شَقِیٌّ أَمْ سَعِیدٌ فَیُوحِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا یَشَاءُ وَ یَكْتُبُ الْمَلَكُ

ص: 340


1- 1. كذا فی جمیع نسخ الكتاب، و الظاهر سقوط قسمین من الاقسام الأربعة فی العبارة و هما: ان سبق ماء الرجل و علا ماء المرأة اذكر و اشبه الولد اخواله، و ان سبق ماء المرأة و علا أیضا انث و اشبه الولد اخواله.
2- 2. العلل: ج 1، ص 97.

فَیَقُولُ اللَّهُمَ (1) كَمْ رِزْقُهُ وَ مَا أَجَلُهُ ثُمَّ یَكْتُبُهُ وَ یَكْتُبُ كُلَّ شَیْ ءٍ یُصِیبُهُ فِی الدُّنْیَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ یَرْجِعُ بِهِ فَیَرُدُّهُ فِی الرَّحِمِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها(2).

بیان: فی القاموس اعتلجوا اتخذوا صراعا و قتالا و الأرض طال نباتها و الأمواج التطمت.

«21»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُقَرِّنٍ (3) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ عَلِیّاً علیه السلام عَنْ رِزْقِ الْوَلَدِ فِی بَطْنِ أُمِّهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی حَبَسَ عَلَیْهَا الْحَیْضَةَ فَجَعَلَهَا رِزْقَهُ فِی بَطْنِ أُمِّهِ (4).

«22»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَنِ الْمَیِّتِ لِمَ یُغَسَّلُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَعْلَی وَ أَخْلَصُ مِنْ أَنْ یَبْعَثَ الْأَشْیَاءَ بِیَدِهِ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَكَیْنِ خَلَّاقَیْنِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ یَخْلُقَ خَلْقاً أَمَرَ أُولَئِكَ الْخَلَّاقِینَ فَأَخَذُوا مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری (5) فَعَجَنُوهَا بِالنُّطْفَةِ الْمُسْكَنَةِ فِی الرَّحِمِ فَإِذَا عُجِنَتِ النُّطْفَةُ بِالتُّرْبَةِ قَالا یَا رَبِّ مَا تَخْلُقُ قَالَ فَیُوحِی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (6) مَا یُرِیدُ مِنْ ذَلِكَ ذَكَراً أَوْ أُنْثَی مُؤْمِناً أَوْ كَافِراً أَسْوَدَ أَوْ أَبْیَضَ شَقِیّاً أَوْ سَعِیداً فَإِنْ مَاتَ سَالَتْ مِنْهُ تِلْكَ النُّطْفَةُ بِعَیْنِهَا لَا غَیْرُهَا فَمِنْ

ص: 341


1- 1. فی المصدر: الهی.
2- 2. علل الشرائع: ج 1، ص 89 و الآیة فی سورة الحدید: 22.
3- 3. ذكر الشیخ فی رجاله عدة من أصحاب الصادق علیه السلام بهذا الاسم و حال جمیعهم مجهول.
4- 4. علل الشرائع: ج 1، ص 276.
5- 5. طه: 57.
6- 6. فی المصدر: الیهما ما یرید ....

ثَمَّ صَارَ الْمَیِّتُ یُغَسَّلُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ(1).

بیان: أمر أولئك الخلاقین كان الجمعیة علی المجاز أو المراد بالملكین نوعین (2) من الملك لكل امرأة شخصان فیجری فیهما التثنیة و الجمع باعتبارین.

«23»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ(3) یَعْنِی مُنْتَصِباً فِی بَطْنِ أُمِّهِ مَقَادِیمُهُ إِلَی مَقَادِیمِ أُمِّهِ وَ مَوَاخِیرُهُ إِلَی مَوَاخِیرِ أُمِّهِ غِذَاؤُهُ مِمَّا تَأْكُلُ أُمُّهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُ تُنَسِّمُهُ تَنْسِیماً وَ مِیثَاقُهُ الَّذِی أَخَذَ اللَّهُ عَلَیْهِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَإِذَا دَنَا وِلَادَتُهُ أَتَاهُ مَلَكٌ یُسَمَّی الزَّاجِرَ فَیَزْجُرُهُ فَیَنْقَلِبُ فَیَصِیرُ مَقَادِیمُهُ إِلَی مَوَاخِرِ(4) أُمِّهِ وَ مَوَاخِیرُهُ إِلَی مُقَدَّمِ أُمِّهِ لِیُسَهِّلَ اللَّهُ عَلَی الْمَرْأَةِ وَ الْوَلَدِ أَمْرَهُ وَ یُصِیبُ ذَلِكَ جَمِیعَ النَّاسِ إِلَّا إِذَا كَانَ عَاتِیاً فَإِذَا زَجَرَهُ فَزَعَ وَ انْقَلَبَ وَ وَقَعَ إِلَی الْأَرْضِ بَاكِیاً مِنْ زَجْرَةِ الزَّاجِرِ وَ نَسِیَ الْمِیثَاقَ (5).

أقول: تمامه و شرحه فی باب جوامع أحوال الدواب و الأنعام.

«24»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: إِذَا زَنَی الرَّجُلُ أَدْخَلَ الشَّیْطَانُ ذَكَرَهُ ثُمَّ عَمِلَا جَمِیعاً ثُمَّ تَخْتَلِفُ النُّطْفَتَانِ فَیَخْلُقُ اللَّهُ مِنْهُمَا فَیَكُونُ شِرْكَ الشَّیْطَانِ.

«25»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ شِرْكِ الشَّیْطَانِ قَوْلِهِ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ قَالَ مَا كَانَ مِنْ مَالٍ حَرَامٍ فَهُوَ شِرْكُ الشَّیْطَانِ قَالَ وَ یَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ حَتَّی یُجَامِعُ فَیَكُونُ مِنْ نُطْفَتِهِ وَ نُطْفَةِ الرَّجُلِ إِذَا كَانَ حَرَاماً.

«26»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: الْعِلَّةُ فِی تَحْوِیلِ آدَمَ لَحْماً وَ دَماً بَعْدَ أَرْبَعِینَ سَنَةً أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ فِی رَحِمٍ وَ لَا بَطْنٍ وَ كَانَ ظَاهِراً بَارِزاً فَتَحَوَّلَ لَحْماً وَ دَماً بَعْدَ أَرْبَعِینَ سَنَةً.

«27»- الْمَنَاقِبُ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ یَذْكُرُ

ص: 342


1- 1. العلل: ج 1، ص 284.
2- 2. نوعان( ظ).
3- 3. البلد: 4.
4- 4. فی المصدر: مواخیر.
5- 5. المحاسن: 304.

فِیهِ خَلْقَ الْوَلَدِ فِی بَطْنِ أُمِّهِ قَالَ وَ یَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكاً یُقَالُ لَهُ الزَّاجِرُ فَیَزْجُرُهُ زَجْرَةً فَیَفْزَعُ الْوَلَدُ مِنْهَا وَ یَنْقَلِبُ فَتَصِیرُ رِجْلَاهُ أَسْفَلَ الْبَطْنِ لِیُسَهِّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی الْمَرْأَةِ وَ عَلَی الْوَلَدِ الْخُرُوجَ قَالَ فَإِنِ احْتُبِسَ زَجَرَهُ زَجْرَةً أُخْرَی شَدِیدَةً فَیَفْزَعُ مِنْهَا فَیَسْقُطُ إِلَی الْأَرْضِ فَزِعاً بَاكِیاً مِنَ الزَّجْرِ(1).

«28»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ مُخَلَّقَةٍ وَ غَیْرِ مُخَلَّقَةٍ(2) فَقَالَ الْمُخَلَّقَةُ هُمُ الذَّرُّ الَّذِینَ خَلَقَهُمُ اللَّهُ فِی صُلْبِ آدَمَ علیه السلام أَخَذَ عَلَیْهِمُ الْمِیثَاقَ ثُمَّ أَجْرَاهُمْ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ وَ هُمُ الَّذِینَ یَخْرُجُونَ إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی یُسْأَلُوا عَنِ الْمِیثَاقِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ غَیْرِ مُخَلَّقَةٍ فَهُمْ كُلُّ نَسَمَةٍ لَمْ یَخْلُقْهُمُ اللَّهُ فِی صُلْبِ آدَمَ علیه السلام حِینَ خَلَقَ الذَّرَّ وَ أَخَذَ عَلَیْهِمُ الْمِیثَاقَ وَ هُمُ النُّطَفُ مِنَ الْعَزْلِ وَ السِّقْطِ قَبْلَ أَنْ یُنْفَخَ فِیهِ الرُّوحُ وَ الْحَیَاةُ وَ الْبَقَاءُ(3).

بیان: علی تأویله علیه السلام یحتمل أن یكون الخلق بمعنی التقدیر أی ما قدر فی الذر أن ینفخ فیه الروح و ما لم یقدر.

«29»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهم السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ یَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثی وَ ما تَغِیضُ الْأَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ(4) قَالَ الْغَیْضُ كُلُّ حَمْلٍ دُونَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَ مَا یَزْدَادُ(5)

كُلُّ شَیْ ءٍ یَزْدَادُ عَلَی تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَكُلَّمَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الدَّمَ الْخَالِصَ فِی حَمْلِهَا فَإِنَّهَا تَزْدَادُ بِعَدَدِ الْأَیَّامِ الَّتِی رَأَتْ فِی حَمْلِهَا مِنَ الدَّمِ (6).

«30»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِی الرَّحِمِ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ تَصِیرُ عَلَقَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ تَصِیرُ مُضْغَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً

ص: 343


1- 1. المناقب: ج 4، ص 200.
2- 2. الحجّ: 5.
3- 3. الكافی: ج 6، ص 12.
4- 4. الرعد: 8.
5- 5. فی المصدر: تزداد.
6- 6. الكافی: ج 6، ص 12.

فَإِذَا كَمَلَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكَیْنِ خَلَّاقَیْنِ فَیَقُولَانِ یَا رَبِّ مَا تَخْلُقُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَی فَیُؤْمَرَانِ فَیَقُولَانِ یَا رَبِّ شَقِیّاً أَوْ سَعِیداً فَیُؤْمَرَانِ فَیَقُولَانِ یَا رَبِّ مَا أَجَلُهُ وَ مَا رِزْقُهُ وَ مَا كُلُّ شَیْ ءٍ مِنْ حَالِهِ وَ عَدَّدَ مِنْ ذَلِكَ أَشْیَاءَ وَ یَكْتُبَانِ الْمِیثَاقَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَإِذَا

أَكْمَلَ اللَّهُ الْأَجَلَ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً فَزَجَرَهُ زَجْرَةً فَیَخْرُجُ وَ قَدْ نَسِیَ الْمِیثَاقَ وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ فَقُلْتُ لَهُ أَ فَیَجُوزُ أَنْ یَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَیُحَوِّلَ الْأُنْثَی ذَكَراً أَوِ الذِّكَرَ أُنْثَی فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یَشاءُ(1).

بیان: قیل كتابة المیثاق كنایة عن مفطوریته علی خلقه قابلة للتوحید و سائر المعارف و نسیان المیثاق كنایة عن دخوله فی عالم الأسباب المشتمل علی موانع تعقل ما فطر علیه. أقول قد مر بسط القول فی تلك الأخبار فی كتاب العدل.

«31»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَخْلُقَ النُّطْفَةَ الَّتِی (2) أَخَذَ عَلَیْهَا الْمِیثَاقَ فِی صُلْبِ آدَمَ أَوْ مَا یَبْدُو لَهُ فِیهِ وَ یَجْعَلُهَا فِی الرَّحِمِ حَرَّكَ الرَّجُلَ لِلْجِمَاعِ وَ أَوْحَی إِلَی الرَّحِمِ أَنِ افْتَحِی بَابَكِ حَتَّی یَلِجَ فِیكِ خَلْقِی وَ قَضَائِیَ النَّافِذُ وَ قَدَرِی فَتَفْتَحُ الرَّحِمُ بَابَهَا فَتَصِلُ النُّطْفَةُ إِلَی الرَّحِمِ فَتَرَدَّدُ فِیهِ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ تَصِیرُ عَلَقَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ تَصِیرُ مُضْغَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ تَصِیرُ لَحْماً تَجْرِی فِیهِ عُرُوقٌ مُشْتَبِكَةٌ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَیْنِ خَلَّاقَیْنِ یَخْلُقَانِ فِی الْأَرْحَامِ مَا یَشَاءُ(3) یَقْتَحِمَانِ فِی بَطْنِ الْمَرْأَةِ مِنْ فَمِ الْمَرْأَةِ فَیَصِلَانِ إِلَی الرَّحِمِ وَ فِیهَا الرُّوحُ الْقَدِیمَةُ الْمَنْقُولَةُ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ فَیَنْفُخَانِ فِیهَا رُوحَ الْحَیَاةِ وَ الْبَقَاءِ وَ یَشُقَّانِ لَهُ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ جَمِیعَ الْجَوَارِحِ وَ جَمِیعَ مَا فِی الْبَطْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی ثُمَّ یُوحِی اللَّهُ إِلَی الْمَلَكَیْنِ اكْتُبَا عَلَیْهِ قَضَائِی وَ قَدَرِی وَ نَافِذَ أَمْرِی وَ اشْتَرِطَا لِیَ الْبَدَاءَ فِی مَا تَكْتُبَانِ

ص: 344


1- 1. الكافی: ج 6، ص 13.
2- 2. فی المصدر: مما اخذ.
3- 3. فی المصدر: یشاء اللّٰه فیقتحمان.

فَیَقُولَانِ یَا رَبِّ مَا نَكْتُبُ قَالَ فَیُوحِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمَا أَنِ ارْفَعَا رُءُوسَكُمَا إِلَی رَأْسِ أُمِّهِ فَیَرْفَعَانِ رُءُوسَهَا فَإِذَا اللَّوْحُ یَقْرَعُ جَبْهَةَ أُمِّهِ فَیَنْظُرَانِ فِیهِ فَیَجِدَانِ فِی اللَّوْحِ صُورَتَهُ وَ رُؤْیَتَهُ (1) وَ أَجَلَهُ وَ مِیثَاقَهُ شَقِیّاً أَوْ سَعِیداً وَ جَمِیعَ شَأْنِهِ قَالَ فَیُمْلِی أَحَدُهُمَا عَلَی صَاحِبِهِ فَیَكْتُبَانِ جَمِیعَ مَا فِی اللَّوْحِ وَ یَشْتَرِطَانِ الْبَدَاءَ فِی مَا یَكْتُبَانِ ثُمَّ یَخْتِمَانِ الْكِتَابَ وَ یَجْعَلَانِهِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ یُقِیمَانِهِ قَائِماً فِی بَطْنِ أُمِّهِ قَالَ فَرُبَّمَا عَتَا فَانْقَلَبَ وَ لَا یَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِی كُلِّ عَاتٍ (2)

أَوْ مَارِدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوَانُ خُرُوجِ الْوَلَدِ تَامّاً أَوْ غَیْرَ تَامٍّ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی الرَّحِمِ أَنِ افْتَحِی بَابَكِ حَتَّی یَخْرُجَ خَلْقِی إِلَی أَرْضِی وَ یَنْفُذَ فِیهِ أَمْرِی فَقَدْ بَلَغَ أَوَانُ خُرُوجِهِ قَالَ فَیَفْتَحُ الرَّحِمُ بَابَ الْوَلَدِ فَیَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مَلَكاً یُقَالُ لَهُ زَاجِرٌ فَیَزْجُرُهُ زَجْرَةً فَیَفْزَعُ مِنْهَا الْوَلَدُ فَیَنْقَلِبُ فَیَصِیرُ رِجْلَاهُ فَوْقَ رَأْسِهِ وَ رَأْسُهُ فِی أَسْفَلِ الْبَطْنِ لِیُسَهِّلَ اللَّهُ عَلَی الْمَرْأَةِ وَ عَلَی الْوَلَدِ الْخُرُوجَ قَالَ فَإِذَا احْتُبِسَ زَجَرَهُ الْمَلَكُ زَجْرَةً أُخْرَی فَیَفْزَعُ مِنْهَا فَیَسْقُطُ الْوَلَدُ إِلَی الْأَرْضِ بَاكِیاً فَزِعاً مِنَ الزَّجْرَةِ(3).

بیان: قوله أو ما یبدو له فیه من البداء و قد مر معناه فی محله و المعنی لم یؤخذ علیه المیثاق أولا فی صلب آدم و لكن بدا له ثانیا بعد خروجه من صلبه أن یأخذ علیها المیثاق و یحتمل أن یكون المراد به ما فسر به غیر المخلقة فی الخبر السابق فیكون مشاركا للأول فی بعض ما سیذكر كما أن القسم الأول أیضا قد یسقط قبل كماله فلا یجری فیه جمیع ما فی الخبر و یحتمل أیضا أن یراد بالأول من یصل إلی حد التكلیف و یؤخذ بما أخذ علیه من المیثاق و بالثانی من یموت قبل ذلك حرك الرجل بإلقاء الشهوة علیه و الإیحاء كأنه علی سبیل الأمر التكوینی لا التكلیفی أی تنفتح بقدرته و إرادته تعالی أو كنایة عن فطرة إیاها علی الإطاعة طمعا كما قیل فتردد بحذف إحدی التاءین أی تتحول من حال إلی حال و قد مر أن الخلق

ص: 345


1- 1. فی المصدر:« زینته».
2- 2. و مارد( خ).
3- 3. الكافی: ج 6، ص 13- 15.

المنسوب إلی الملك بمعنی التقدیر و التصویر و التخطیط كما هو معناه المعروف فی أصل اللغة فیقتحمان أی یدخلان من غیر اختیار لها و إذن منها و فیها الروح القدیمة أی الروح المخلوق فی الزمان المتقادم قبل خلق جسده و كثیرا ما یطلق القدیم فی اللغة و العرف علی هذا المعنی كما لا یخفی علی من تتبع كتب اللغة و موارد الاستعمالات و المراد بها النفس النباتیة أو الروح الحیوانیة أو الإنسانیة قوله رؤیته أی ما یری منه و یمكن أن یقرأ بالتشدید بمعنی التفكر و الفهم و العتو مجاوزة الحد و الاستكبار.

ثم اعلم أن للعلماء فی أمثال هذا الخبر مسالك فمنهم من آمن بظاهرها و وكل علمها إلی من صدرت عنه و هذا سبیل المتقین و منهم من یقول ما یفهم من ظاهره حق و لا عبرة باستبعاد الأوهام فی ما صدر عن أئمة الأنام علیهم السلام و منهم من قال هذا علی سبیل التمثیل كأنه علیه السلام شبه ما یعلمه سبحانه من حاله و طینته و ما یستحقه من الكمالات و ما أودع فیه من درجات الاستعدادات بمجی ء الملكین و كتابتهما علی جبهته و غیر ذلك و قال بعضهم قرع اللوح جبهة أمه كأنه كنایة عن ظهور أحوال أمه و صفاتها و أخلاقها من ناصیتها و صورتها التی خلقت علیها كأنها جمیعا مكتوبة علیها و إنما یستنبط الأحوال التی ینبغی أن یكون الولد علیها من ناصیة أمه (1)

و یكتب ذلك علی وفق ما ثمة للمناسبة التی تكون بینه و بینها و ذلك لأن جوهر الروح إنما یفیض علی البدن بحسب استعداده و قبوله إیاه و استعداد البدن تابع لاستعداد نفس الأبوین و صفاتهما و أخلاقهما لا سیما الأم المربیة له علی وفق ما جاء به من ظهر أبیه فهی حینئذ مشتملة علی أحواله الأبویة و الأمیة و جعل الكتاب المختوم بین عینیه كنایة عن ظهور صفاته و أخلاقه من ناصیته و صورته.

أقول: الأحوط و الأولی عدم التعرض لأمثال هذه التأویلات الواهیة و التسلیم لما ورد عن الأئمة الهادیة علیهم السلام.

«31»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ أَوْ

ص: 346


1- 1. أمه مكتوبة( خ).

غَیْرِهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ الرَّجُلُ یَدْعُو لِلْحُبْلَی أَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ مَا فِی بَطْنِهَا ذَكَراً سَوِیّاً فَقَالَ یَدْعُو مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً نُطْفَةٌ وَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً عَلَقَةٌ وَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً مُضْغَةٌ فَذَلِكَ تَمَامُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَیْنِ خَلَّاقَیْنِ فَیَقُولَانِ یَا رَبِّ مَا تَخْلُقُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَی شَقِیّاً أَوْ سَعِیداً فَیَقُولَانِ یَا رَبِّ مَا رِزْقُهُ وَ مَا أَجَلُهُ وَ مَا مُدَّتُهُ فَیُقَالُ ذَلِكَ وَ مِیثَاقُهُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ یَنْظُرُ إِلَیْهِ فَلَا یَزَالُ مُنْتَصِباً فِی بَطْنِ أُمِّهِ حَتَّی إِذَا دَنَا خُرُوجُهُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مَلَكاً فَزَجَرَهُ زَجْرَةً فَیَخْرُجُ وَ یَنْسَی الْمِیثَاقَ (1).

«32»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی وَ غَیْرِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَمْرٍو(2)

عَنْ شُعَیْبٍ الْعَقَرْقُوفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلرَّحِمِ أَرْبَعَةَ سُبُلٍ فِی أَیِّ سَبِیلٍ سَلَكَ فِیهِ الْمَاءُ كَانَ مِنْهُ الْوَلَدُ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ وَ ثَلَاثَةٌ وَ أَرْبَعَةٌ وَ لَا یَكُونُ إِلَی سَبِیلٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ(3).

«33»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ لِلرَّحِمِ أَرْبَعَةَ أَوْعِیَةٍ فَمَا كَانَ فِی الْأَوَّلِ فَلِلْأَبِ وَ مَا كَانَ فِی الثَّانِی فَلِلْأُمِّ وَ مَا كَانَ فِی الثَّالِثِ فَلِلْعُمُومَةِ وَ مَا كَانَ فِی الرَّابِعِ فَلِلْخُئُولَةِ(4).

بیان: فللأب أی یشبه الولد إذا وقعت فیه و كذا البواقی فسیاق هذا الخبر غیر سیاق الخبر المتقدم من بیان أكثر ما یمكن من أن تلد المرأة و إن كان یظهر ذلك منه إیماء و تلویحا و لذا أوردهما الكلینی رحمه اللّٰه فی باب أكثر ما تلد المرأة.

«34»- النهج، [نهج البلاغة] قَالَ: أَیُّهَا الْمَخْلُوقُ السَّوِیُّ وَ الْمُنْشَأُ الْمَرْعِیُّ فِی ظُلُمَاتِ الْأَرْحَامِ

ص: 347


1- 1. الكافی: ج 6، ص 16.
2- 2. كذا، و لم یذكر فی كتب الرجال« إسماعیل بن عمرو» و الظاهر أنّه إسماعیل بن عمر بن ابان الكلبی و یروی عنه أحمد بن محمّد بن أبی نصر علی ما ذكره فی جامع الرواة و هو ضعیف.
3- 3. الكافی: ج 6، ص 16.
4- 4. الكافی: ج 6، ص 17.

وَ مُضَاعَفَاتِ الْأَسْتَارِ بُدِئْتَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ وَ وُضِعْتَ فِی قَرارٍ مَكِینٍ إِلی قَدَرٍ مَعْلُومٍ وَ أَجَلٍ مَقْسُومٍ تَمُورُ فِی بَطْنِ أُمِّكَ جَنِیناً لَا تَحِیرُ دُعَاءً وَ لَا تَسْمَعُ نِدَاءً ثُمَّ أُخْرِجْتَ مِنْ مَقَرِّكَ إِلَی دَارٍ لَمْ تَشْهَدْهَا وَ لَمْ تَعْرِفْ سُبُلَ مَنَافِعِهَا فَمَنْ هَدَاكَ لِاجْتِرَارِ الْغِذَاءِ مِنْ ثَدْیِ أُمِّكَ وَ عَرَّفَكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَوَاضِعَ طَلَبِكَ وَ إِرَادَتِكَ هَیْهَاتَ إِنَّ مَنْ یَعْجِزُ عَنْ صِفَاتِ ذِی الْهَیْئَةِ وَ الْأَدَوَاتِ فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ خَالِقِهِ أَعْجَزُ وَ مِنْ تَنَاوُلِهِ بِحُدُودِ الْمَخْلُوقِینَ أَبْعَدُ(1).

توضیح: السوی العدل و الوسط و رجل سوی أی مستوی الخلقة غیر ناقص و أنشأ الخلق ابتدأ خلقهم و الرعایة الحفظ و المرعی من شمله حفظ الراعی و مضاعفات الأستار أی الأستار المضاعفة و الحجب بعضها فوق بعض بدئت من سلالة إشارة إلی قوله

تعالی وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَكِینٍ (2) و قد مر وجوه التفسیر فیه و هی جاریة هاهنا و المكین المتمكن و هو فی الأصل صفة للمستقر وصف به المحل مبالغة أو المراد تمكن الرحم فی مكانها مربوطة برباطات كما سیأتی و المعنی فی مستقر حصین هی الرحم إلی قدر معلوم أی مقدار معین من الزمان قدره اللّٰه للولادة و قسمه كضربه و قسمه بالتشدید أی جزأه و فرقه و قسم أمره أی قدره و الأجل المقسوم المدة المقدرة لحیاة كل أحد فالظرف متعلق بمحذوف أی منتهیا إلی أجل مقسوم أو یقال الوضع فی الرحم غایته ابتداء الأجل أی مدة حیاة الدنیا و یحتمل أن یكون تأكیدا للقدر المعلوم و مار الشی ء كقال تحرك أو بسرعة و اضطراب و الجنین الولد فی البطن لاستتاره من جن أی استتر فإذا ولد فهو منفوس و المحاورة الجواب و مراجعة النطق و یقال كلمته فما أحار إلی جوابا أی لم یجبنی و دعوته دعاء نادیته و طلبت إقباله لم تشهدها أی لم تحضرها قبل ذلك و لم تعلم بحالها و الاجترار الجذب مواضع طلبك قیل أی حلمة الثدی و الجمع

ص: 348


1- 1. نهج البلاغة: ج 1، ص 303.
2- 2. المؤمنون: 13.

باعتبار أن الطفل یمتص من غیر ثدی أمه أیضا أو عرفك عند الحاجة إلی كل شی ء فی دار الدنیا مواضع طلبك و فی بعض النسخ و حرك عند الحاجة فالمراد بمواضع الطلب القوی و الآلات التی یحصل بها اجترار الغذاء هیهات أی بعد أن یحیط علما بصفات خالقه الذی هو أبعد الأشیاء منه من حیث الحقیقة لعدم المشابهة و المجانسة و لیس له حدود المخلوقین من لا یقدر علی وصف نفسه مع أنه أقرب الأشیاء إلیه و غیره من ذوی الهیئة و الأدوات المجانس له فی الذات و الصفات المتصف بحدود المخلوقین.

«35»- النهج، [نهج البلاغة]: جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِیَ مَا عَنَاهَا وَ أَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا وَ أَشْلَاءً جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا مُلَائِمَةً لِأَحْنَائِهَا فِی تَرْكِیبِ صُوَرِهَا وَ مُدَدِ عُمُرِهَا بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا وَ قُلُوبٍ رَائِدَةٍ لِأَرْزَاقِهَا فِی مُجَلِّلَاتِ نِعَمِهِ وَ مُوجِبَاتِ مِنَنِهِ وَ حَوَاجِزِ بَلِیَّتِهِ وَ جَوَائِزِ عَافِیَتِهِ (1)

وَ قَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ وَ خَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضِینَ قَبْلَكُمْ إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام أَمْ هَذَا الَّذِی أَنْشَأَهُ فِی ظُلُمَاتِ الْأَرْحَامِ وَ شُغُفِ الْأَسْتَارِ نُطْفَةً دِهَاقاً وَ عَلَقَةً مِحَاقاً وَ جَنِیناً وَ رَاضِعاً وَ وَلِیداً وَ یَافِعاً ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً وَ لِسَاناً لَافِظاً وَ بَصَراً لَاحِظاً لِیَفْهَمَ مُعْتَبِراً وَ یُقَصِّرَ مُزْدَجِراً حَتَّی إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ وَ اسْتَوَی مِثَالُهُ نَفَرَ مُسْتَكْبِراً إِلَی آخِرِ الْخُطْبَةِ(2).

توضیح: وعاه یعیه حفظه و جمعه و عناه الأمر یعنیه و یعنوه أهمه و العشا بالفتح و القصر سوء البصر باللیل و النهار أو باللیل أو العمی و تجلو بمعنی تكشف قیل أقیم المجلو مقام المجلو عنه و التقدیر لتجلو عن قواها عشاها و قیل كلمة عن زائدة أو بمعنی بعد و المفعول محذوف و التقدیر لتجلو الأذی بعد عشاها و هو بعید و المراد جلاء العشا عن البصر الظاهر بأن ینظر إلی ما یعتبر به أو عن بصر القلب بأن یفرق بین الضار و النافع و الأشلاء جمع شلو بالكسر و هو العضو و فسره فی القاموس بالجسد أیضا و جمعها للأعضاء علی

ص: 349


1- 1. فی المصدر: مننه، و حواجز عافیته و قدر ....
2- 2. نهج البلاغة: ج 1، ص 143.

الثانی واضح و علی الأول یمكن حملها علی الأعضاء الظاهرة الجامعة للباطنة كما قیل.

و أقول یمكن أن یكون المراد بالأعضاء أجزاء الأعضاء و الملاءمة الموافقة و الأحناء جمع حنو بالكسر و هو الجانب و فی النهایة لأحنائها أی معاطفها و الغرض الإشارة إلی الحكم و المصالح المرعیة فی تركیب الأعضاء و ترتیبها و جعل كل منها فی موضع یلیق بها كما بین بعضها فی علم التشریح و كتب منافع الأعضاء و الظرف متعلق بالملاءمة و قیل كأنه قال مركبة و مصورة فأتی بلفظة فی كما تقول ركب فی سلاحه أو بسلاحه أی متسلحا و الأرفاق جمع رفق بالكسر و هو المنفعة و فی القاموس هو ما أستعین به و الأرفاق علی هذا عبارة عن الأعضاء و سائر ما یستعین به الإنسان و الباء للاستعانة أو السببیة بخلاف الأول و روی بأرماقها و الرمق بقیة الروح و الرود الطلب فی مجللات نعمه بصیغة الفاعل أی النعم التی تجلل الناس أی تغطیهم كما یتجلل الرجل بالثوب و قیل أی التی تجلل الناس و تعمهم من قولهم سحاب مجلل أی یطبق الأرض و الظرف متعلق بمحذوف و الموضع نصب علی الحال و المراد بموجبات المنن علی صیغة الفاعل النعم التی توجب الشكر و یروی علی صیغة المفعول أی النعم التی أوجبها اللّٰه علی نفسه لكونه الجواد المطلق و قیل أی ما سقط من نعمه و أفیض علی العباد من الوجوب بمعنی السقوط.

و حواجز العافیة ما یدفع المضار و یروی حواجز بلیته أی ما یمنعها و الامتنان بستر الأعمار لكون الاطلاع علیها و اشتغال الخاطر بخوف الموت مما یبطل نظام الدنیا و الغرض تنبیه الغافل عن انقضاء العمر لستر حده و انتهائه و خلف العبر إبقاؤها بعد ارتحال الماضین كأنها خلیفة لهم.

أم هذا الذی قیل أم هاهنا إما استفهامیة علی حقیقتها كأنه قال أعظكم و أذكركم بحال الشیطان و إغوائه أم بحال الإنسان من ابتداء وجوده إلی حین مماته و إما أن تكون منقطعة بمعنی بل كأنه قال عادلا و تاركا لما وعظهم به

ص: 350

بل أتلو علیكم بناء هذا الإنسان الذی حاله كذا و الشغف بضمتین جمع شغاف بالفتح و هو فی الأصل غلاف القلب و حجابه استعیر هنا لوضع الولد و الدهاق بكسر الدال الذی أدهق أی أفرغ إفراغا شدیدا و قیل الدهاق المملوءة من قولهم دهق الكأس كجعله ملأها و یروی دفاقا من دفقت الماء أی صببته و المحق المحو و الإبطال و النقص و سمیت ثلاث لیال من آخر الشهر محاقا لأن القمر یقرب من الشمس فتمحقه و استعیر للعلقة لأنها لم تتصور بعد فأشبهت ما أبطلت صورته و فی الأوصاف تحقیر للإنسان كما أومئ إلیه بالإشارة و الراضع الطفل یرضع أمه كیسمع أی یمتص ثدیها و الأم مرضعة و الولید المولود و كأن المراد به الفطیم و الیافع الغلام الذی شارف الاحتلام و لما یحتلم یقال أیفع الغلام فهو یافع و هو من النوادر.

قال فی سر الأدب فی ترتیب أحوال الإنسان هو ما دام فی الرحم جنین فإذا ولد فولید ثم ما دام یرضع فرضیع ثم إذا قطع منه اللبن فهو فطیم ثم إذا دب و نمی فهو دارج فإذا بلغ طوله خمسة أشبار فهو خماسی فإذا سقطت رواضعه فهو مثغور فإذا نبتت أسنانه بعد السقوط فهو مثغر فإذا تجاوز العشر أو جاوزها فهو مترعرع و ناشئ فإذا كاد یبلغ الحلم أو بلغه فهو یافع و مراهق فإذا احتلم و اجتمعت قوته فهو حرور و اسمه فی جمیع هذه الأحوال غلام فإذا اخضر شاربه قیل قد بقل وجهه فإذا صار ذا فتاء فهو

فتی و شارخ فإذا اجتمعت لحیته و بلغ غایة شبابه فهو مجتمع ثم ما دام بین الثلاثین و الأربعین فهو شاب ثم هو كهل إلی أن یستوفی الستین و قیل إذا جاوز أربعا و ثلاثین إلی إحدی و خمسین فإذا جاوزها فهو شیخ.

ثم منحه أی أعطاه و اللافظ الناطق و یقال لحظ إذا نظر بمؤخر عینیه و كأن المراد هنا مطلق النظر و یقصر علی بناء الإفعال أی ینتهی و المعنی أعطاه القوی الثلاثة لیعتبر بحال الماضین و ما نزل بساحة العاصین و ینتهی عما یفضیه إلی ألیم النكال و شدید الوبال أو لیفهم دلائل الصنع و القدرة و یستدل بشواهد

ص: 351

الربوبیة علی وجوب الطاعة و الانتهاء عن المعصیة فینزجر عن الخلاف و العصیان و یتخلص عن الخیبة و الخسران و الاعتدال التناسب و الاستقامة و التوسط بین الحالین فی كم أو كیف و قیام الاعتدال تمام الخلقة و الصورة و تناسب الأعضاء و خلوها عن النقص و الزیادة و كمال القوی المحتاج إلیها فی تحصیل المآرب و استوی أی اعتدل و المثال بالكسر المقدار وصفه الشی ء و یقال استوی الرجل إذا بلغ أشده أی قوته و هو ما بین ثمانیة عشر إلی ثلاثین و نفرت الدابة كضرب أی فر و ذهب.

«36»- الْفَقِیهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُرَازِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا وَقَعَ الْوَلَدُ فِی جَوْفِ (1)

أُمِّهِ صَارَ وَجْهُهُ قِبَلَ ظَهْرِ أُمِّهِ إِنْ كَانَ ذَكَراً وَ إِنْ كَانَ أُنْثَی صَارَ وَجْهُهَا قِبَلَ بَطْنِ أُمِّهَا یَدَاهُ عَلَی وَجْنَتَیْهِ وَ ذَقَنُهُ عَلَی رُكْبَتَیْهِ كَهَیْئَةِ الْحَزِینِ الْمَهْمُومِ فَهُوَ كَالْمَصْرُورِ مَنُوطٌ بِمِعَاءٍ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَی سُرَّةِ أُمِّهِ فَبِتِلْكَ السُّرَّةِ یَغْتَذِی مِنْ طَعَامِ أُمِّهِ وَ شَرَابِهَا إِلَی الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لِوِلَادَتِهِ فَیَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَی (2)

مَلَكاً فَیَكْتُبُ عَلَی جَبْهَتِهِ شَقِیٌّ أَوْ سَعِیدٌ مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ غَنِیٌّ أَوْ فَقِیرٌ وَ یَكْتُبُ (3) أَجَلَهُ وَ رِزْقَهُ وَ سُقْمَهُ وَ صِحَّتَهُ فَإِذَا انْقَطَعَ الرِّزْقُ الْمُقَدَّرُ لَهُ مِنْ سُرَّةِ أُمِّهِ زَجَرَهُ الْمَلَكُ زَجْرَةً فَانْقَلَبَ فَزِعاً مِنَ الزَّجْرَةِ وَ صَارَ رَأْسُهُ قِبَلَ الْمَخْرَجِ (4)

فَإِذَا وَقَعَ إِلَی الْأَرْضِ دُفِعَ (5) إِلَی هَوْلٍ عَظِیمٍ وَ عَذَابٍ أَلِیمٍ إِنْ أَصَابَتْهُ رِیحٌ أَوْ مَشَقَّةٌ أَوْ مَسَّتْهُ یَدٌ وَجَدَ لِذَلِكَ مِنَ الْأَلَمِ مَا یَجِدُهُ الْمَسْلُوخُ عِنْدَ جَلْدِهِ یَجُوعُ فَلَا یَقْدِرُ عَلَی اسْتِطْعَامٍ (6)

وَ یَعْطَشُ فَلَا یَقْدِرُ عَلَی اسْتِسْقَاءٍ(7)

وَ یَتَوَجَّعُ فَلَا یَقْدِرُ عَلَی الِاسْتِغَاثَةِ فَیُوَكِّلُ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ الرَّحْمَةَ وَ الشَّفَقَةَ عَلَیْهِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُ أُمَّهُ فَتَقِیهِ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ بِنَفْسِهَا وَ تَكَادُ تَفْدِیهِ بِرُوحِهَا وَ تَصِیرُ مِنَ التَّعَطُّفِ عَلَیْهِ بِحَالٍ لَا

ص: 352


1- 1. فی المصدر: فی بطن.
2- 2. فیه: الیه ملكا.
3- 3. فیكتب( خ).
4- 4. فی المصدر: الفرج.
5- 5. وقع( خ).
6- 6. فی المصدر: الاستطعام.
7- 7. فی المصدر: الاستسقاء.

تُبَالِی أَنْ تَجُوعَ إِذَا شَبِعَ وَ تَعْطَشَ إِذَا رَوِیَ وَ تَعْرَی إِذَا كُسِیَ وَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ رِزْقَهُ فِی ثَدْیَیْ أُمِّهِ فِی إِحْدَاهُمَا طَعَامُهُ وَ فِی الْأُخْرَی شَرَابُهُ حَتَّی إِذَا رَضَعَ آتَاهُ اللَّهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ بِمَا قَدَّرَ لَهُ فِیهِ مِنَ الرِّزْقِ وَ إِذَا أَدْرَكَ فَهَّمَهُ الْأَهْلَ وَ الْمَالَ وَ الشَّرَهَ وَ الْحِرْصَ ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ بِعَرْضِ (1) الْآفَاتِ وَ الْعَاهَاتِ وَ الْبَلِیَّاتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَ الْمَلَائِكَةُ تَهْدِیهِ وَ تُرْشِدُهُ وَ الشَّیَاطِینُ تُضِلُّهُ وَ تُغْوِیهِ فَهُوَ هَالِكٌ إِلَّا أَنْ یُنَجِّیَهُ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَی ذِكْرُهُ نِسْبَةَ الْإِنْسَانِ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَكِینٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَیِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ تُبْعَثُونَ (2) قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ حَالُنَا فَكَیْفَ حَالُكَ وَ حَالُ الْأَوْصِیَاءِ بَعْدَكَ فِی الْوِلَادَةِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَلِیّاً ثُمَّ قَالَ یَا جَابِرُ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ أَمْرٍ جَسِیمٍ لَا یَحْتَمِلُهُ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ إِنَّ الْأَنْبِیَاءَ وَ الْأَوْصِیَاءَ مَخْلُوقُونَ مِنْ نُورِ عَظَمَةِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ (3)

یُودِعُ اللَّهُ أَنْوَارَهُمْ أَصْلَاباً طَیِّبَةً وَ أَرْحَاماً طَاهِرَةً یَحْفَظُهَا بِمَلَائِكَتِهِ وَ یُرَبِّیهَا بِحِكْمَتِهِ وَ یَغْذُوهَا بِعِلْمِهِ فَأَمْرُهُمْ یَجِلُّ عَنْ أَنْ یُوصَفَ وَ أَحْوَالُهُمْ تَدِقُّ عَنْ أَنْ تُعْلَمَ لِأَنَّهُمْ نُجُومُ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ أَعْلَامُهُ فِی بَرِیَّتِهِ وَ خُلَفَاؤُهُ عَلَی عِبَادِهِ وَ أَنْوَارُهُ فِی بِلَادِهِ وَ حُجَجُهُ عَلَی خَلْقِهِ یَا جَابِرُ هَذَا مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ وَ مَخْزُونِهِ فَاكْتُمْهُ إِلَّا مِنْ أَهْلِهِ (4).

بیان: فی القاموس الوجنة مثلثة و ككلمة و محركة ما ارتفع من الخدین و المصرور الأسیر لأنه مجموع الیدین من صررت جمعت و قال صر الناقة شد ضرعها و قال ناطه نوطا علقه و الشره بالتحریك غلبة الحرص.

ص: 353


1- 1. فی المصدر: تعرضه.
2- 2. المؤمنون: 12- 16.
3- 3. فی المصدر: جل ذكره.
4- 4. الفقیه: 589.

«37»- الْكَافِی، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ قَالا: عَرَضْنَا كِتَابَ الْفَرَائِضِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام وَ مِمَّا فِیهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَعَلَ دِیَةَ الْجَنِینِ مِائَةَ دِینَارٍ وَ جَعَلَ مَنِیَّ الرَّجُلِ إِلَی أَنْ یَكُونَ جَنِیناً خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَإِذَا كَانَ جَنِیناً قَبْلَ أَنْ تَلِجَهُ الرُّوحُ مِائَةَ دِینَارٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ وَ هِیَ النُّطْفَةُ فَهَذَا جُزْءٌ ثُمَّ عَلَقَةً فَهُوَ جُزْءَانِ ثُمَّ مُضْغَةً فَهُوَ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ ثُمَّ عَظْماً فَهُوَ أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ ثُمَّ یُكْسَی لَحْماً فَحِینَئِذٍ تَمَّ جَنِیناً فَكَمَلَتْ لَهُ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِائَةُ دِینَارٍ إِلَی قَوْلِهِ فَإِذَا أُنْشِئَ فِیهِ خَلْقٌ آخَرُ وَ هُوَ الرُّوحُ فَهُوَ حِینَئِذٍ نَفْسٌ فِیهِ أَلْفُ دِینَارٍ كَامِلَةً إِنْ كَانَ ذَكَراً وَ إِنْ كَانَ أُنْثَی فَخَمْسُمِائَةِ دِینَارٍ(1).

«38»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یَضْرِبُ الْمَرْأَةَ فَتَطْرَحُ النُّطْفَةَ فَقَالَ عَلَیْهِ عِشْرُونَ دِینَاراً فَقُلْتُ فَیَضْرِبُهَا فَتَطْرَحُ الْعَلَقَةَ فَقَالَ أَرْبَعُونَ (2) دِینَاراً قُلْتُ فَیَضْرِبُهَا فَتَطْرَحُ الْمُضْغَةَ قَالَ عَلَیْهِ سِتُّونَ دِینَاراً قُلْتُ فَیَضْرِبُهَا فَتَطْرَحُهُ وَ قَدْ صَارَ لَهُ عَظْمٌ فَقَالَ عَلَیْهِ الدِّیَةُ كَامِلَةً بِهَذَا

قَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قُلْتُ فَمَا صِفَةُ خِلْقَةِ النُّطْفَةِ الَّتِی تُعْرَفُ بِهَا فَقَالَ النُّطْفَةُ تَكُونُ بَیْضَاءَ مِثْلَ النُّخَامَةِ الْغَلِیظَةِ فَتَمْكُثُ فِی الرَّحِمِ إِذَا صَارَتْ فِیهِ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی عَلَقَةٍ قُلْتُ فَمَا صِفَةُ خِلْقَةِ الْعَلَقَةِ الَّتِی تُعْرَفُ بِهَا فَقَالَ هِیَ عَلَقَةٌ كَعَلَقَةِ الدَّمِ الْمِحْجَمَةِ الْجَامِدَةِ تَمْكُثُ فِی الرَّحِمِ بَعْدَ تَحْوِیلِهَا عَنِ النُّطْفَةِ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ تَصِیرُ مُضْغَةً قُلْتُ فَمَا صِفَةُ الْمُضْغَةِ وَ خِلْقَتِهَا الَّتِی تُعْرَفُ بِهَا قَالَ هِیَ مُضْغَةٌ لَحْمٌ حَمْرَاءُ فِیهَا عُرُوقٌ خُضْرٌ مُتَشَبِّكَةٌ ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی عَظْمٍ قُلْتُ فَمَا صِفَةُ خِلْقَتِهِ إِذَا كَانَ عَظْماً فَقَالَ إِذَا كَانَ عَظْماً شُقَّ لَهُ السَّمْعُ وَ الْبَصَرُ وَ رُتِّبَتْ جَوَارِحُهُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ فِیهِ الدِّیَةَ كَامِلَةً(3).

ص: 354


1- 1. الكافی: ج 7، ص 342.
2- 2. فی المصدر: علیه أربعون.
3- 3. الكافی: ج 7، ص 345.

«39»- وَ مِنْهُ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ یُونُسَ الشَّیْبَانِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَإِنْ خَرَجَ فِی النُّطْفَةِ قَطْرَةُ دَمٍ قَالَ الْقَطْرَةُ عُشْرُ النُّطْفَةِ فِیهَا اثْنَانِ وَ عِشْرُونَ دِینَاراً قُلْتُ فَإِنْ قَطَرَتْ قَطْرَتَیْنِ قَالَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ دِینَاراً قَالَ قُلْتُ فَإِنْ قَطَرَتْ بِثَلَاثٍ قَالَ فَسِتٌّ وَ عِشْرُونَ دِینَاراً قُلْتُ فَأَرْبَعٌ قَالَ فَثَمَانِیَةٌ وَ عِشْرُونَ دِینَاراً وَ فِی خَمْسٍ ثَلَاثُونَ (1) وَ مَا زَادَ عَلَی النِّصْفِ فَعَلَی حِسَابِ ذَلِكَ حَتَّی تَصِیرَ عَلَقَةً فَإِذَا صَارَتْ عَلَقَةً فَفِیهَا أَرْبَعُونَ دِینَاراً فَقَالَ لَهُ أَبُو شِبْلٍ وَ أَخْبَرَنَا أَبُو شِبْلٍ قَالَ حَضَرْتُ یُونُسَ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُخْبِرُهُ بِالدِّیَاتِ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّ النُّطْفَةَ خَرَجَتْ مُتَخَضْخِضَةً بِالدَّمِ قَالَ فَقَالَ لِی فَقَدْ عَلِقَتْ إِنْ كَانَ دَماً صَافِیاً فَفِیهَا أَرْبَعُونَ دِینَاراً وَ إِنْ كَانَ دَماً أَسْوَدَ فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ إِلَّا التَّعْزِیرَ لِأَنَّهُ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ صَافٍ فَذَلِكَ لِلْوَلَدِ وَ مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَسْوَدَ فَذَلِكَ مِنَ الْجَوْفِ قَالَ أَبُو شِبْلٍ فَإِنَّ الْعَلَقَةَ صَارَ فِیهَا شِبْهَ الْعِرْقِ مِنْ لَحْمٍ قَالَ اثْنَانِ وَ أَرْبَعُونَ الْعُشْرُ قَالَ قُلْتُ فَإِنَّ عُشْرَ الْأَرْبَعِینَ أَرْبَعَةٌ قَالَ لَا إِنَّمَا هُوَ عُشْرُ الْمُضْغَةِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ذَهَبَ عُشْرُهَا فَكُلَّمَا زَادَتْ زِیدَ حَتَّی تَبْلُغَ السِّتِّینَ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ رَأَیْتُ فِی الْمُضْغَةِ شِبْهَ الْعُقْدَةِ عَظْماً یَابِساً قَالَ فَذَلِكَ عَظْمٌ كَذَلِكَ أَوَّلُ مَا یَبْتَدِئُ الْعَظْمُ فَیَبْتَدِئُ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَفِیهِ أَرْبَعَةُ دَنَانِیرَ فَإِنْ زَادَ فَزَادَ أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً حَتَّی تَتِمَ (2) الثَّمَانِینَ قَالَ قُلْتُ وَ كَذَلِكَ إِذَا كُسِیَ الْعَظْمُ لَحْماً قَالَ كَذَلِكَ قُلْتُ فَإِذَا وَكَزَهَا فَسَقَطَ الصَّبِیُّ فَلَا یُدْرَی أَ حَیّاً كَانَ أَمْ لَا قَالَ هَیْهَاتَ یَا بَا شِبْلٍ إِذَا مَضَتِ الْخَمْسَةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ صَارَتْ فِیهِ الْحَیَاةُ وَ قَدِ اسْتَوْجَبَ الدِّیَةُ(3).

بیان: الخضخضة تحریك الماء و نحوه إنما هو عشر المضغة أی عشر الدیة التی زیدت لصیرورتها مضغة و الوكز كالوعد الدفع و الطعن و الضرب بجمع الكف ثم إن الخبر یدل علی أن ولوج الروح بعد الخمسة أشهر و هو خلاف المشهور و ما

ص: 355


1- 1. فی المصدر: ثلاثون دینارا.
2- 2. فی المصدر: یتم.
3- 3. الكافی: ج 7، ص 365.

دل علیه غیره من الأخبار من أن ولوج الروح بعد الأربعة أشهر و لعل المراد أنه قد یكون كذلك.

«40»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعِیدٍ الْمُسَیَّبِ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ حَامِلًا بِرِجْلِهِ فَطَرَحَتْ مَا فِی بَطْنِهَا مَیِّتاً فَقَالَ إِنْ كَانَ نُطْفَةً فَإِنَّ عَلَیْهِ عِشْرِینَ دِینَاراً قُلْتُ فَمَا

حَدُّ النُّطْفَةِ فَقَالَ هِیَ الَّتِی إِذَا وَقَعَتْ فِی الرَّحِمِ فَاسْتَقَرَّتْ فِیهِ أَرْبَعِینَ یَوْماً قَالَ وَ إِنْ طَرَحَتْهُ وَ هُوَ عَلَقَةٌ فَإِنَّ عَلَیْهِ أَرْبَعِینَ دِینَاراً قُلْتُ فَمَا حَدُّ الْعَلَقَةِ فَقَالَ هِیَ الَّتِی إِذَا وَقَعَتْ فِی الرَّحِمِ فَاسْتَقَرَّتْ فِیهِ ثَمَانِینَ یَوْماً قَالَ وَ إِنْ طَرَحَتْهُ وَ هُوَ مُضْغَةٌ فَإِنَّ عَلَیْهِ سِتِّینَ دِینَاراً قُلْتُ فَمَا حَدُّ الْمُضْغَةِ فَقَالَ هِیَ الَّتِی إِذَا وَقَعَتْ فِی الرَّحِمِ فَاسْتَقَرَّتْ فِیهِ مِائَةً وَ عِشْرِینَ یَوْماً قَالَ وَ إِنْ طَرَحَتْهُ وَ هُوَ نَسَمَةٌ مُخَلَّقَةٌ لَهُ عَظْمٌ وَ لَحْمٌ مُرَتَّبُ (1) الْجَوَارِحِ قَدْ نُفِخَ فِیهِ رُوحُ الْعَقْلِ فَإِنَّ عَلَیْهِ دِیَةً كَامِلَةً قُلْتُ لَهُ أَ رَأَیْتَ تَحَوُّلَهُ فِی بَطْنِهَا إِلَی حَالٍ أَ بِرُوحٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ بِغَیْرِ رُوحٍ قَالَ بِرُوحٍ عَدَا الْحَیَاةِ الْقَدِیمِ الْمَنْقُولِ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ وَ لَوْ لَا أَنَّهُ كَانَ فِیهِ رُوحٌ عَدَا الْحَیَاةِ مَا تَحَوَّلَ مِنْ حَالٍ (2) إِلَی حَالٍ فِی الرَّحِمِ وَ مَا كَانَ إِذَنْ عَلَی مَنْ یَقْتُلَانِهِ (3)

دِیَةٌ وَ هُوَ فِی تِلْكَ الْحَالِ (4).

توضیح: مرتب الجوارح فی بعض النسخ مزیل الجوارح أی امتازت و افترقت جوارحه بعضها عن بعض كما قال تعالی لَوْ تَزَیَّلُوا لَعَذَّبْنَا(5) و فی بعضها مربل بالراء المهملة و الباء الموحدة قال الجوهری تربلت المرأة كثر لحمها بروح غذاء الحیاة المراد إما روح الوالدین أو القوة النامیة و فی بعضها عدا بالمهملتین من غیر مدة فالمراد به أن تحوله بروح غیر الروح الذی خلق لأجله قبل

ص: 356


1- 1. فی المصدر: مزیل.
2- 2. فی المصدر: عن حال بعد حال.
3- 3. فی المصدر: یقتله.
4- 4. الكافی: ج 7، ص 347.
5- 5. الفتح: 25.

خلق الأجساد لأنه لم یتعلق به بعد فالمراد بالروح الأول القوة النامیة أو روح الوالدین و علی النسختین المنقول صفة روح لا الحیاة و المراد بالقدیم ما تقادم زمانه لأنه خلق قبل خلق الأجساد كما سیأتی إن شاء اللّٰه و إطلاق القتل علی الإسقاط قبل تعلق الروح مجاز.

«41»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ علیه السلام إِنَّا رُوِّینَا عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ یُحْتَسَبْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِینَ یَوْماً قَالَ فَقَالَ صَدَقُوا قُلْتُ وَ كَیْفَ لَا یُحْتَسَبُ (1)

صَلَاتُهُ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ قَدَّرَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ فَصَیَّرَهُ نُطْفَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ نَقَلَهَا فَصَیَّرَهَا عَلَقَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ نَقَلَهَا فَصَیَّرَهَا مُضْغَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً فَهُوَ إِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ بَقِیَ فِی مُشَاشَتِهِ (2) أَرْبَعِینَ یَوْماً عَلَی قَدْرِ انْتِقَالِ خِلْقَتِهِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام كَذَلِكَ جَمِیعُ غِذَاءٍ أَكَلَهُ وَ شَرِبَهُ یَبْقَی فِی مُشَاشَتِهِ (3) أَرْبَعِینَ یَوْماً(4).

«42»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِیسَی رَفَعَهُ: فِی مَا نَاجَی اللَّهُ بِهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ یَا مُوسَی أَنَا السَّیِّدُ الْكَبِیرُ إِنِّی خَلَقْتُكَ مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ مِنْ طِینَةٍ أَخْرَجْتُهَا مِنْ أَرْضٍ مَمْشُوجَةٍ(5)

فَكَانَتْ بَشَراً فَأَنَا صَانِعُهَا خَلْقاً الْخَبَرَ(6).

«43»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ

ص: 357


1- 1. فی المصدر: لا تحتسب.
2- 2. فی المصدر: مشاشه.
3- 3. فی المصدر: مشاشه.
4- 4. الكافی: ج 6، ص 402.
5- 5. فی المصدر: ارض ذلیله ممشوجة. و قال المؤلّف- ره- فی مرآة العقول: أی مخلوطة من أنواع، و المراد: أنی خلقتك من نطفة و أصل تلك النطفة حصل من شخص خلقته من طینة الأرض و هو آدم علیه السلام و اخذت طینته من جمیع وجه الأرض المشتملة علی الوان و أنواع مختلفة.
6- 6. روضة الكافی: 44.

عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ الْمَیِّتِ یَبْلَی جَسَدُهُ قَالَ نَعَمْ حَتَّی لَا یَبْقَی لَحْمٌ وَ لَا عَظْمٌ إِلَّا طِینَتُهُ الَّتِی خُلِقَ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْلَی تَبْقَی فِی الْقَبْرِ مُسْتَدِیرَةً حَتَّی یَخْلُقَ اللَّهُ مِنْهَا كَمَا خَلَقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ(1).

«44»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُسْلِمٍ الْحُلْوَانِیِّ عَنْ أَبِی إِسْمَاعِیلَ الصَّیْقَلِ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِی الْجَنَّةِ لَثَمَرَةً تُسَمَّی الْمُزْنَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَخْلُقَ مُؤْمِناً أَقْطَرَ مِنْهَا قَطْرَةً فَلَا تُصِیبُ بَقْلَةً وَ لَا ثَمَرَةً أَكَلَ مِنْهَا مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ إِلَّا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ صُلْبِهِ مُؤْمِناً(2).

«45»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِینِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقُلْتُ لِأَیِّ عِلَّةٍ یُولَدُ الْإِنْسَانُ هَاهُنَا وَ یَمُوتُ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ إِنَ (3)

اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا خَلَقَ خَلْقَهُ خَلَقَهُمْ مِنْ أَدِیمِ الْأَرْضِ فَیَرْجِعُ (4) كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَی تُرْبَتِهِ (5).

«46»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام: فِی سِیَاقِ قِصَّةِ ذَبْحِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ ذَبَحُوهَا وَ أَخَذُوا قِطْعَةً وَ هِیَ عَجْبُ الذَّنَبِ الَّذِی مِنْهُ خَلَقَ ابْنَ آدَمَ وَ عَلَیْهِ یُرَكِّبُ إِذَا أَرَادَ خَلْقاً جَدِیداً فَضَرَبُوهُ بِهَا الْقِصَّةَ.

«47»- الْبَصَائِرُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ الْهَمَدَانِیِّ وَ غَیْرِهِ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَقْبِضَ رُوحَ إِمَامٍ وَ یَخْلُقَ مِنْ بَعْدِهِ إِمَاماً أَنْزَلَ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ تَحْتَ الْعَرْشِ إِلَی الْأَرْضِ فَیُلْقِیهَا عَلَی ثَمَرَةٍ أَوْ بَقْلَةٍ فَیَأْكُلُ تِلْكَ

الثَّمَرَةَ أَوْ تِلْكَ الْبَقْلَةَ الْإِمَامُ الَّذِی یَخْلُقُ اللَّهُ مِنْهُ نُطْفَةَ الْإِمَامِ الَّذِی یَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ فَیَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ الْقَطْرَةِ نُطْفَةً فِی الصُّلْبِ ثُمَّ یَصِیرُ إِلَی الرَّحِمِ

ص: 358


1- 1. الكافی: ج 3، ص 251.
2- 2. الكافی: ج 2، ص 14.
3- 3. فی المصدر: لان.
4- 4. و فی المصدر و فی بعض النسخ الكتاب: فمرجع.
5- 5. العلل: ج 1، ص 290.

فَیَمْكُثُ فِیهَا أَرْبَعِینَ لَیْلَةً فَإِذَا مَضَی لَهُ أَرْبَعُونَ لَیْلَةً سَمِعَ الصَّوْتَ فَإِذَا مَضَی لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَتَبَ عَلَی عَضُدِهِ الْأَیْمَنِ وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ (1) فَإِذَا خَرَجَ إِلَی الْأَرْضِ أُوتِیَ الْحِكْمَةَ وَ زُیِّنَ بِالْعِلْمِ وَ الْوَقَارِ وَ أُلْبِسَ الْهَیْبَةَ وَ جُعِلَ لَهُ مِصْبَاحٌ مِنْ نُورٍ یَعْرِفُ بِهِ الضَّمِیرَ وَ یَرَی بِهِ أَعْمَالَ الْعِبَادِ.

أقول: قد مضت الأخبار فی بدء خلق الإمام و خواصه فی المجلدات السابقة المتعلقة بالإمامة فلا نعیدها حذرا من التكرار.

«48»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام: فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ ذَكَرَ فِیهِ إِتْیَانَ الْخَضِرِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ سُؤَالَهُ عَنْ مَسَائِلَ وَ أَمْرَهُ علیه السلام الْحَسَنَ بِجَوَابِهِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام فِی سِیَاقِ الْأَجْوِبَةِ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الرَّجُلِ یُشْبِهُ أَعْمَامَهُ وَ أَخْوَالَهُ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَتَی أَهْلَهُ بِقَلْبٍ سَاكِنٍ وَ عُرُوقٍ هَادِئَةٍ وَ بَدَنٍ غَیْرِ مُضْطَرِبٍ اسْتَكَنَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ فِی تِلْكَ الرَّحِمِ فَخَرَجَ الْوَلَدُ یُشْبِهُ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ إِنْ (2) أَتَاهَا بِقَلْبٍ غَیْرِ سَاكِنٍ وَ عُرُوقٍ غَیْرِ هَادِئَةٍ وَ بَدَنٍ مُضْطَرِبٍ اضْطَرَبَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ فِی جَوْفِ تِلْكَ الرَّحِمِ فَوَقَعَتْ عَلَی عِرْقٍ مِنَ الْعُرُوقِ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَی عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِ الْأَعْمَامِ أَشْبَهَ (3)

الْوَلَدُ أَعْمَامَهُ وَ إِنْ وَقَعَتْ عَلَی عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِ الْأَخْوَالِ أَشْبَهَ أَخْوَالَهُ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی مِنَ الْخَبَرِ الطَّوِیلِ (4).

بیان: فی القاموس هدأ كمنع هدءا و هدوءا سكن و أقول یحتمل أن یكون المراد أنه إذا لم تضطرب النطفة تحصل المشابهة التامة لأن المنی یخرج من جمیع البدن فیقع كل جزء موقعه و إذا اضطربت حصلت المشابهة الناقصة فیشبه الأعمام إذا كان الأغلب منی الرجل لأنهم أیضا یشبهون الأب مشابهة ناقصة و إن غلب منی الأم أشبه الأخوال كذلك و یمكن أن یكون بعض العروق فی بدن الأب منسوبا إلی

ص: 359


1- 1. الأنعام: 115.
2- 2. فی المصدر: و إن هو.
3- 3. فی المصدر: أشبه الولد.
4- 4. علل الشرائع: ج 1، ص 91.

الأعمام و فی بدن الأم منسوبا إلی الأخوال ففی الاضطراب یعلو المنی الخارج من ذلك العرق فالمراد بالعرق منی العرق و هذا لا یخلو من بعد.

«49»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، قَالَ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِی خَلَقَكُمْ (1) مِنْ نُطْفَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ فَجَعَلَهُ فِی قَرارٍ مَكِینٍ إِلی قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَّرَهُ فَنِعْمَ الْقَادِرُ رَبُّ الْعَالَمِینَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ النُّطْفَةَ تَثْبُتُ فِی الرَّحِمِ أَرْبَعِینَ یَوْماً نُطْفَةً ثُمَّ یَصِیرُ عَلَقَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ مُضْغَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ یُجْعَلُ بَعْدَهُ عَظْماً ثُمَّ یُكْسَی لَحْماً ثُمَّ یُلْبِسُ اللَّهُ بَعْدَهُ جِلْداً ثُمَّ یَنْبُتُ عَلَیْهِ شَعْراً ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكَ الْأَرْحَامِ فَیُقَالُ لَهُ اكْتُبْ أَجَلَهُ وَ عَمَلَهُ وَ رِزْقَهُ وَ شَقِیّاً یَكُونُ أَوْ سَعِیداً فَیَقُولُ الْمَلَكُ یَا رَبِّ أَنَّی لِی بِعِلْمِ ذَلِكَ فَیُقَالُ لَهُ اسْتَمْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرَّاءِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَیَسْتَمْلِیهِ مِنْهُمْ.

«50»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ عَائِذِ بْنِ حَبِیبٍ بَیَّاعِ الْهَرَوِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ زَیْدٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَثَّغِرُ الْغُلَامُ لِسَبْعِ سِنِینَ وَ یُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ لِتِسْعٍ وَ یُفَرَّقُ بَیْنَهُمْ فِی الْمَضَاجِعِ لِعَشْرٍ وَ یَحْتَلِمُ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ(2)

وَ یَنْتَهِی طُولُهُ إِلَی اثْنَتَیْنِ (3) وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ یَنْتَهِی عَقْلُهُ إِلَی ثَمَانٍ (4) وَ عِشْرِینَ سَنَةً إِلَّا التَّجَارِبَ (5).

بیان: قال المطرزی ثغر الصبی فهو مثغور سقطت رواضعه و أما إذا نبت بعد السقوط فهو مثغر بالتاء و الثاء و قد اثغر علی افتعل.

«51»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَی بْنِ عُمَرَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَسَنِ الضَّرِیرِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: یَشِبُّ الصَّبِیُّ كُلَّ سَنَةٍ أَرْبَعَ أَصَابِعَ بِأَصَابِعِ نَفْسِهِ (6).

«52»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِ

ص: 360


1- 1. البقرة: 21.
2- 2. فی المصدر: لاربع عشرة سنة.
3- 3. فی المصدر: اثنتین.
4- 4. فی المصدر: لثمان.
5- 5. الكافی: ج 6، ص 46.
6- 6. الكافی: ج 6، ص 46.

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: الْغُلَامُ لَا یُلْقِحُ بِتَفَلُّكِ ثدیاه [ثَدْیَیْهِ] وَ بِسَطْحِ (1) رِیحِ إِبْطَیْهِ (2).

بیان: لا یلقح لا یجامع (3)

و هو كنایة عن البلوغ و فی القاموس فلك ثدیها و تفلك استدار.

«53»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ خَلِیلِ بْنِ عَمْرٍو الْیَشْكُرِیِّ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا كَانَ الْغُلَامُ مُلْتَاثَ الْأُدْرَةِ صَغِیرَ الذَّكَرِ سَاكِنَ النَّظَرِ فَهُوَ مِمَّنْ یُرْجَی خَیْرُهُ وَ یُؤْمَنُ شَرُّهُ قَالَ وَ إِذَا كَانَ الْغُلَامُ شَدِیدَ الْأُدْرَةِ كَبِیرَ الذَّكَرِ حَادَّ النَّظَرِ فَهُوَ مِمَّنْ لَا یُرْجَی خَیْرُهُ وَ لَا یُؤْمَنُ شَرُّهُ (4).

توضیح: فی أكثر النسخ ملتاث الأدرة بالتاء المثناة ثم الثاء المثلثة من اللوثة بالضم و هی الاسترخاء و الأدرة نفخة فی الخصیة و كأن المراد بها هنا نفس الخصیة أی مسترخی الخصیة متدلیها و فی بعضها الإزرة بالزای أی هیئة الائتزار و التیاثة كنایة عن أنه لا یجود شد الإزار و المنطقة بحیث یری منه حسن الائتزار فعجب به كما هو عادة الظرفاء و فی بعضها ملثاث بالثاءین المثلثتین و اللث و الإلثاث و اللثلثة الإلحاح و الإقامة و دوام المطر و اللثلثة الضعف و الحبس (5) و التردد فی الأمر ذكرها الفیروزآبادی و الأول أنسب.

«54»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الشَّامِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ یَقُولُ: تُسْتَحَبُ

ص: 361


1- 1. فی أكثر النسخ: یتفلك ثدیاه و یسطع و فی المصدر: و تسطع.
2- 2. الكافی: ج 6، ص 46.
3- 3. فی أكثر النسخ« أو».
4- 4. الكافی: ج 6، ص 51.
5- 5. فی القاموس[ طبعة مصر]، الجیش. و الظاهر ان الصواب هو الحبس، لانه من معانی اللثلثة.

عَرَامَةُ الْغُلَامِ (1) فِی صِغَرِهِ لِیَكُونَ حَلِیماً فِی كِبَرِهِ ثُمَّ قَالَ مَا یَنْبَغِی إِلَّا أَنْ یَكُونَ هَكَذَا وَ رُوِیَ أَنَّ أَكْیَسَ الصِّبْیَانِ أَشَدُّهُمْ بُغْضاً لِلْكِتَابِ (2).

بیان: العرامة سوء الخلق و الفساد و المرح و الأشرار و المراد میله إلی اللعب و بغضه للكتاب أی عرامته فی صغره علامة عقله و حلمه فی كبره و ینبغی أن یكون الطفل هكذا فأما إذا كان منقادا ساكنا حسن الخلق فی صغره یكون بلیدا فی كبره كما هو المجرب و الكتاب بالتشدید المكتب.

«55»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرْطِیِّ قَالَ: قَرَأْتُ فِی التَّوْرَاةِ أَوْ قَالَ فِی صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ فَوَجَدْتُ فِیهَا یَقُولُ اللَّهُ تَعَالَی یَا ابْنَ آدَمَ مَا أَنْصَفْتَنِی خَلَقْتُكَ وَ لَمْ تَكُ شَیْئاً وَ جَعَلْتُكَ بَشَراً سَوِیّاً خَلَقْتُكَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلْتُكَ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَكِینٍ ثُمَّ خَلَقْتُ النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْتُ الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْتُ الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْتُ الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْتُكَ خَلْقاً آخَرَ یَا ابْنَ آدَمَ هَلْ یَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ غَیْرِی ثُمَّ خَفَّفْتُ ثِقْلَكَ عَلَی أُمِّكَ حَتَّی لَا تَتَبَرَّمَ بِكَ (3) وَ لَا تَتَأَذَّی ثُمَّ أَوْحَیْتُ إِلَی الْأَمْعَاءِ أَنِ اتَّسِعِی وَ إِلَی الْجَوَارِحِ

أَنْ تَفَرَّقِی فَاتَّسَعَتِ الْأَمْعَاءُ مِنْ بَعْدِ ضِیقِهَا وَ تَفَرَّقَتِ الْجَوَارِحُ مِنْ بَعْدِ تَشْبِیكِهَا ثُمَّ أَوْحَیْتُ إِلَی الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَرْحَامِ أَنْ یُخْرِجَكَ مِنْ بَطْنِ أُمِّكَ فَاسْتَخْلَصَكَ (4) عَلَی رِیشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ فَاطَّلَعْتُ عَلَیْكَ فَإِذَا أَنْتَ خَلْقٌ ضَعِیفٌ لَیْسَ لَكَ سِنٌّ یَقْطَعُ وَ لَا ضِرْسٌ یَطْحَنُ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ فِی صَدْرِ أُمِّكَ ثَدْیاً(5)

یُدِرُّ لَكَ لَبَناً بَارِداً فِی الصَّیْفِ حَارّاً فِی الشِّتَاءِ وَ اسْتَخْلَصْتُهُ مِنْ بَیْنِ جِلْدٍ وَ لَحْمٍ وَ دَمٍ وَ عُرُوقٍ وَ قَذَفْتُ لَكَ فِی قَلْبِ وَالِدَتِكَ الرَّحْمَةَ وَ فِی قَلْبِ أَبِیكَ التَّحَنُّنَ فِیهِمَا یَكُدَّانِ وَ یَجْهَدَانِ وَ یُرَبِّیَانِكَ وَ یُغَذِّیَانِكَ وَ لَمْ یَنَامَا حَتَّی یُنَوِّمَانِكَ ابْنَ آدَمَ أَنَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ لَا بِشَیْ ءٍ اسْتَأْهَلْتَهُ بِهِ مِنِّی أَوْ لِحَاجَةٍ اسْتَعَنْتَ عَلَی قَضَائِهَا ابْنَ آدَمَ فَلَمَّا قَطَعَ

ص: 362


1- 1. فی المصدر: الصبی.
2- 2. الكافی: ج 6، ص 51.
3- 3. فی المصدر: لا تتمرض.
4- 4. فی المصدر: فاستخلصتك.
5- 5. فی المصدر: عرقا.

سِنُّكَ وَ طَلَعَ (1)

ضِرْسُكَ أَطْعَمْتُكَ فَاكِهَةَ الصَّیْفِ وَ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِی أَوَانِهِمَا فَلَمَّا(2) عَرَفْتَ أَنِّی رَبُّكَ عَصَیْتَنِی فَالْآنَ إِذْ عَصَیْتَنِی فَادْعُنِی وَ إِنِّی قَرِیبٌ مُجِیبٌ وَ ادْعُنِی فَإِنِّی غَفُورٌ رَحِیمٌ (3).

«56»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْعَامَّةِ قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَلَا وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ مَجْلِساً أُنِیلُ (4)

مِنْ مَجَالِسِهِ قَالَ فَقَالَ لِی ذَاتَ یَوْمٍ مِنْ أَیْنَ تَخْرُجُ الْعَطْسَةُ فَقُلْتُ مِنَ الْأَنْفِ فَقَالَ لِی أَصَبْتَ الْخَطَأَ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مِنْ أَیْنَ تَخْرُجُ فَقَالَ مِنْ جَمِیعِ الْبَدَنِ كَمَا أَنَّ النُّطْفَةَ تَخْرُجُ مِنْ جَمِیعِ الْبَدَنِ وَ مَخْرَجُهَا مِنَ الْإِحْلِیلِ ثُمَّ أَ مَا رَأَیْتَ الْإِنْسَانَ إِذَا عَطَسَ نَفَضَ جَمِیعَ أَعْضَائِهِ وَ صَاحِبُ الْعَطْسَةِ یَأْمَنُ الْمَوْتَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ (5).

«57»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنِ الْخَلْقِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ طِینٍ أَفَاضَ بِهَا كَإِفَاضَةِ الْقِدَاحِ فَأَخْرَجَ الْمُسْلِمَ فَجَعَلَهُ سَعِیداً وَ جَعَلَ الْكَافِرَ شَقِیّاً فَإِذَا وَقَعَتِ النُّطْفَةُ تَلَقَّتْهَا الْمَلَائِكَةُ فَصَوَّرُوهَا ثُمَّ قَالُوا یَا رَبِّ أَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَی فَیَقُولُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ أَیَّ ذَلِكَ شَاءَ فَیَقُولَانِ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ ثُمَّ یُوضَعُ (6)

فِی بَطْنِهَا فَتَرَدَّدُ تِسْعَةَ أَیَّامٍ وَ فِی كُلِّ عِرْقٍ وَ مَفْصَلٍ مِنْهَا وَ لِلرَّحِمِ ثَلَاثَةُ أَقْفَالٍ قُفْلٌ فِی أَعْلَاهَا مِمَّا یَلِی أَعْلَی السُّرَّةِ مِنْ جَانِبِ الْأَیْمَنِ وَ الْقُفْلُ الْآخَرُ فِی وَسَطِهَا أَسْفَلَ (7) مِنَ الرَّحِمِ فَیُوضَعُ بَعْدَ تِسْعَةِ أَیَّامٍ فِی الْقُفْلِ الْأَعْلَی فَیَمْكُثُ فِیهِ ثَلَاثَةَ

ص: 363


1- 1. فی المصدر: طحن.
2- 2. فی المصدر: فاكهة الصیف فی اوانها و فاكهة الشتاء فی اوانها فلما أن عرفت.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 316.
4- 4. فی المصدر و بعض نسخ الكتاب: أنبل.
5- 5. الكافی: ج 2، ص 657.
6- 6. فی المصدر: توضع.
7- 7. فی المصدر و بعض نسخ الكتاب: و القفل الآخر أسفل ....

أَشْهُرٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ یُصِیبُ الْمَرْأَةَ خُبْثُ النَّفْسِ وَ التَّهَوُّعُ ثُمَّ یَنْزِلُ إِلَی الْقُفْلِ الْأَوْسَطِ فَیَمْكُثُ فِیهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَ سُرَّةُ الصَّبِیِّ فِیهَا مَجْمَعُ الْعُرُوقِ وَ عُرُوقُ الْمَرْأَةِ كُلُّهَا مِنْهَا یَدْخُلُ طَعَامُهُ وَ شَرَابُهُ مِنْ تِلْكَ الْعُرُوقِ ثُمَّ یَنْزِلُ إِلَی الْقُفْلِ الْأَسْفَلِ فَیَمْكُثُ فِیهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَذَلِكَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُطْلَقُ الْمَرْأَةُ فَكُلَّمَا طُلِقَتْ انْقَطَعَ عِرْقٌ مِنْ سُرَّةِ الصَّبِیِّ فَأَصَابَهَا ذَلِكَ الْوَجَعُ وَ یَدُهُ عَلَی سُرَّتِهِ حَتَّی یَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ وَ یَدُهُ مَبْسُوطَةٌ فَیَكُونُ رِزْقُهُ حِینَئِذٍ مِنْ فِیهِ (1).

بیان: أفاض بها كإفاضة القداح قال الجوهری إفاضة القداح الضرب بها و القداح جمع القدح بالكسر و هو السهم قبل أن یراش و ینصل فإنهم كانوا یخلطونها و یقرعون بها بعد ما یكتبون علیها أسماءهم و فی التشبیه إشارة لطیفة إلی اشتباه خیر بنی آدم بشرهم إلی أن یمیز اللّٰه الخبیث من الطیب كذا ذكره بعض الأفاضل.

أقول: یمكن أن یقرأ القداح بفتح القاف و تشدید الدال و هو صانع القدح أی أفاض و شرع فی بریها و نحتها كالقداح فیراهم مختلفة كالقداح قوله فتردد لعل ترددها كنایة عما یؤثر فیها من مزاج الأم أو ما یختلط بها من نطفة الأم الخارجة من جمیع عروقها ثم إنه یحتمل أن یكون نزولها إلی الأوسط و الأسفل ببعضها لعظم جثتها لا بكلها قوله أسفل من الرحم أی هو أسفل موضع منها و فی القاموس الطلق وجع الولادة و قد طلقت المرأة طلقا علی ما لم یسم فاعله و یده أی ید الصبی.

«58»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا وَقَعَتِ النُّطْفَةُ فِی الرَّحِمِ اسْتَقَرَّتْ فِیهَا أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ تَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ تَكُونُ مُضْغَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَیْنِ خَلَّاقَیْنِ فَیُقَالُ لَهُمَا اخْلُقَا كَمَا یُرِیدُ اللَّهُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَی صَوِّرَاهُ وَ اكْتُبَا أَجَلَهُ وَ رِزْقَهُ وَ مَنِیَّتَهُ وَ شَقِیّاً أَوْ سَعِیداً وَ اكْتُبَا لِلَّهِ

ص: 364


1- 1. الكافی: ج 6، ص 15.

الْمِیثَاقَ الَّذِی أَخَذَهُ (1) فِی الذَّرِّ بَیْنَ عَیْنَیْهِ فَإِذَا دَنَا خُرُوجُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِ مَلَكاً یُقَالُ لَهُ زَاجِرٌ فَیَزْجُرُهُ فَیَفْزَعُ فَزَعاً فَیَنْسَی الْمِیثَاقَ وَ یَقَعُ إِلَی الْأَرْضِ وَ یَبْكِی مِنْ زَجْرَةِ الْمَلَكِ (2).

«59»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام أَنْ یَدْعُوَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِنَا بِهَا حَمْلٌ فَقَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام الدُّعَاءُ مَا لَمْ یَمْضِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّمَا لَهَا أَقَلُّ مِنْ هَذَا فَدَعَا لَهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِی الرَّحِمِ ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ تَكُونُ عَلَقَةً ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ تَكُونُ مُضْغَةً ثَلَاثِینَ یَوْماً وَ تَكُونُ مُخَلَّقَةً وَ غَیْرَ مُخَلَّقَةٍ ثَلَاثِینَ یَوْماً فَإِذَا تَمَّتِ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهَا مَلَكَیْنِ خَلَّاقَیْنِ یُصَوِّرَانِهِ وَ یَكْتُبَانِ رِزْقَهُ وَ أَجَلَهُ وَ شَقِیّاً أَوْ سَعِیداً الْخَبَرَ(3).

«60»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ أَیْ خَلَقْنَاكُمْ فِی الْأَصْلَابِ وَ صَوَّرْنَاكُمْ فِی أَرْحَامِ النِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ وَ صَوَّرَ ابْنَ مَرْیَمَ فِی الرَّحِمِ دُونَ الصُّلْبِ وَ إِنْ كَانَ مَخْلُوقاً فِی أَصْلَابِ الْأَنْبِیَاءِ وَ رُفِعَ وَ عَلَیْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِیِّ عَنْ كَثِیرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنْ (4)

أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ قَالَ أَمَّا خَلَقْناكُمْ فَنُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عِظَاماً(5) ثُمَّ لَحْماً وَ أَمَّا صَوَّرْناكُمْ فَالْعَیْنَ وَ الْأَنْفَ وَ الْأُذُنَیْنِ وَ الْفَمَ وَ الْیَدَیْنِ وَ الرِّجْلَیْنِ صَوَّرَ هَذَا وَ نَحْوَهُ ثُمَّ جَعَلَ الدَّمِیمَ وَ الْوَسِیمَ وَ الْجَسِیمَ وَ الطَّوِیلَ وَ الْقَصِیرَ وَ أَشْبَاهَ هَذَا(6).

ص: 365


1- 1. فی المصدر: اخذه علیه.
2- 2. الكافی: ج 6، ص 16.
3- 3. قرب الإسناد: 206.
4- 4. فی المصدر: عن أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام.
5- 5. فی المصدر: عظما.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 212.

«61»- وَ مِنْهُ،: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها یَعْنِی آدَمَ وَ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ فِی ظُلُماتٍ ثَلاثٍ قَالَ الْبَطْنُ وَ الرَّحِمُ وَ الْمَشِیمَةُ(1).

«62»- وَ مِنْهُ،: أَیْنَما تَكُونُوا یُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِی بُرُوجٍ مُشَیَّدَةٍ یَعْنِی الظُّلُمَاتِ الثَّلَاثَ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ وَ هِیَ الْمَشِیمَةُ وَ الرَّحِمُ وَ الْبَطْنُ (2).

«63»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَتِ الْمَوَارِیثُ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ عَلَی خِلْقَةِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِحِكْمَتِهِ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ سِتَّةِ أَجْزَاءٍ فَوَضَعَ الْمَوَارِیثَ عَلَی سِتَّةِ أَسْهُمٍ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَكِینٍ فَفِی النُّطْفَةِ دِیَةٌ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَفِی الْعَلَقَةِ دِیَةٌ فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً وَ فِیهَا دِیَةٌ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً وَ فِیهَا دِیَةٌ فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً وَ فِیهِ دِیَةٌ أُخْرَی ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ وَ فِیهِ دِیَةٌ أُخْرَی فَهَذَا ذِكْرُ آخِرِ الْمَخْلُوقِ (3).

«64»- قِصَصُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ أَتَاهُ رَهْطٌ مِنَ الْیَهُودِ فَسَأَلُوهُ عَنْ مَسَائِلَ مِنْهَا قَالُوا كَیْفَ یَكُونُ الشَّبَهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَ إِنَّمَا النُّطْفَةُ لِلرَّجُلِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ نُطْفَةَ الرَّجُلِ بَیْضَاءُ غَلِیظَةٌ وَ أَنَّ نُطْفَةَ الْمَرْأَةِ حَمْرَاءُ رَقِیقَةٌ فَأَیَّتُهَا غَلَبَ (4)

عَلَی صَاحِبَتِهَا كَانَ لَهَا الشَّبَهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ الْخَبَرَ.

«65»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَلِكَ قَالَ لِدَانِیَالَ أَشْتَهِی أَنْ یَكُونَ لِی ابْنٌ مِثْلُكَ فَقَالَ مَا مَحَلِّی مِنْ قَلْبِكَ قَالَ أَجَلُّ مَحَلٍّ وَ أَعْظَمُهُ

ص: 366


1- 1. التفسیر: 574.
2- 2. التفسیر: 132.
3- 3. الكافی: ج 7، ص 84.
4- 4. كذا، و الصواب« غلبت».

قَالَ دَانِیَالُ فَإِذَا(1) جَامَعْتَ فَاجْعَلْ هِمَّتَكَ فِیَّ قَالَ فَفَعَلَ الْمَلِكُ ذَلِكَ فَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ أَشْبَهُ خَلْقِ اللَّهِ بِدَانِیَالَ.

بیان: أقول ذكر الأطباء أیضا أن للتخیل فی وقت الجماع مدخلا فی كیفیة تصویر الجنین قال ابن سینا فی القانون قد قال قوم من العلماء و لم یعدوا عن حكم الجواز إن من أسباب الشبه ما یتمثل حال العلوق فی وهم المرأة أو الرجل من الصور الإنسانیة تمثلا متمكنا انتهی و قال بعضهم تصور رجل عند الجماع صورة حیة فتولد منه طفل كان رأسه رأس إنسان و بدنه بدن حیة.

«66»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ [عَنْ] وَهْبٍ الْقُرَشِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ رَجُلًا أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ امْرَأَتِی هَذِهِ جَارِیَةٌ حَدَثَةٌ وَ هِیَ عَذْرَاءُ وَ هِیَ حَامِلٌ فِی تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَ لَا أَعْلَمُ إِلَّا خَیْراً وَ أَنَا شَیْخٌ كَبِیرٌ مَا افْتَرَعْتُهَا وَ إِنَّهَا لَعَلَی حَالِهَا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ كُنْتَ تُهَرِیقُ عَلَی فَرْجِهَا قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ لِكُلِّ فَرْجٍ ثُقْبَتَیْنِ ثَقْبٌ یَدْخُلُ فِیهِ مَاءُ الرَّجُلِ وَ ثَقْبٌ یَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ وَ أَفْوَاهُ الرَّحِمِ تَحْتَ الثَّقْبِ الَّذِی یَدْخُلُ مِنْهُ مَاءُ الرَّجُلِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِی فَمٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَفْوَاهِ الرَّحِمِ حَمَلَتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ وَاحِدٍ وَ إِذَا دَخَلَ فِی اثْنَیْنِ حَمَلَتْ (2)

بِاثْنَیْنِ وَ إِذَا دَخَلَ مِنْ ثَلَاثَةٍ حَمَلَتْ بِثَلَاثَةٍ وَ إِذَا دَخَلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ حَمَلَتْ بِأَرْبَعَةٍ وَ لَیْسَ هُنَاكَ غَیْرُ ذَلِكَ وَ قَدْ أُلْحِقَتْ بِكَ وَلَدُهَا فَشَقَّ عَنْهَا(3)

الْقَوَابِلُ فَجَاءَتْ بِغُلَامٍ فَعَاشَ (4).

«67»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ تَلْزَمُنِی الْمَرْأَةُ أَوِ الْجَارِیَةُ مِنْ خَلْفِی وَ أَنَا مُتَّكِئٌ عَلَی جَنْبٍ فَتَتَحَرَّكُ عَلَی ظَهْرِی فَتَأْتِیهَا الشَّهْوَةُ وَ تُنْزِلُ الْمَاءَ أَ فَعَلَیْهَا غُسْلٌ أَمْ لَا قَالَ نَعَمْ إِذَا جَاءَتِ الشَّهْوَةُ وَ أَنْزَلَتِ الْمَاءَ

ص: 367


1- 1. إذا( خ).
2- 2. فی المصدر: من اثنین حملت المرأة باثنین.
3- 3. فی المصدر« فسوغتها القوابل» و هو الصواب ظاهرا.
4- 4. قرب الإسناد: 91.

وَجَبَ عَلَیْهَا الْغُسْلُ.

«68»- وَ مِنْهُ، بِسَنَدٍ مُوَثَّقٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ حُكَیْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا أَمْنَتِ الْمَرْأَةُ وَ الْأَمَةُ مِنْ شَهْوَةٍ جَامَعَهَا الرَّجُلُ أَوْ لَمْ یُجَامِعْهَا فِی نَوْمٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ فِی یَقَظَةٍ فَإِنَّ عَلَیْهَا الْغُسْلَ.

«69»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی طَلْحَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْداً صَالِحاً عَنْ رَجُلٍ مَسَّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِیَتِهِ یَعْبَثُ بِهَا حَتَّی أَنْزَلَتْ عَلَیْهَا غُسْلٌ أَمْ لَا قَالَ أَ لَیْسَ قَدْ أَنْزَلَتْ مِنْ شَهْوَةٍ قُلْتُ بَلَی قَالَ عَلَیْهَا غُسْلٌ.

«70»- وَ مِنْهُ، بِسَنَدٍ صَحِیحٍ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ یُجَامِعُ الْمَرْأَةَ فِی مَا دُونَ الْفَرْجِ فَتُنْزِلُ الْمَرْأَةُ هَلْ عَلَیْهَا غُسْلٌ قَالَ نَعَمْ.

تبیان أقول الأخبار فی هذا المعنی كثیرة و هی تدل مع ما مر من الأخبار فی شبه الأعمام و الأخوال علی أن للمرأة منیا كالرجل كما ذهب إلیه جالینوس و أكثر الأطباء و ذهب أرسطو و جماعة من الحكماء إلی أنه لیس للمرأة منی و إنما تنفصل من بیضتها(1) رطوبة شبیهة بالمنی یقال لها المنی مجازا إذ عندهم أن المنی ما اجتمع فیه خمس صفات بیاض اللون و حصول اللذة عند الخروج و القوة العاقدة و الدفق و رائحة شبیهة برائحة الطلع و إذا امتزج منی الرجل بتلك الرطوبة تتولد منه مادة الجنین و منی الرجل هی العاقدة و الفاعلة و رطوبة المرأة هی المنعقدة و المنفعلة و قال جالینوس و أتباعه فی كل منهما قوة عاقدة و منعقدة و الحق أن النزاع فی إطلاق المنی علی رطوبة المرأة و عدمه لفظی لا طائل تحته و قد مر فی الأخبار الكثیرة أن الولد یتكون من المنیین معا و سیأتی بعض القول فیه أیضا فی آخر الباب إن شاء اللّٰه.

«71»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: قَوْلُهُ سُبْحانَ الَّذِی خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ مِمَّا لا یَعْلَمُونَ (2).

قَالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنِ النَّضْرِ

ص: 368


1- 1. بیضتیها( خ).
2- 2. یس: 36.

بْنِ سُوَیْدٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ النُّطْفَةَ تَقَعُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ عَلَی النَّبَاتِ وَ الثَّمَرِ وَ الشَّجَرِ فَتَأْكُلُ النَّاسُ مِنْهُ وَ الْبَهَائِمُ فَیَجْرِی فِیهِمْ (1).

«72»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ابْنُ آدَمَ مُنْتَصِبٌ فِی بَطْنِ أُمِّهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی كَبَدٍ(2) وَ مَا سِوَی ابْنِ آدَمَ فَرَأْسُهُ فِی دُبُرِهِ وَ یَدَاهُ (3)

بَیْنَ یَدَیْهِ (4).

«73»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ قَالَ السُّلَالَةُ الصَّفْوَةُ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ الَّذِی یَصِیرُ نُطْفَةً وَ النُّطْفَةُ أَصْلُهَا مِنَ السُّلَالَةِ وَ السُّلَالَةُ هُوَ مِنْ (5)

صَفْوَةِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ الطَّعَامُ مِنْ أَصْلِ الطِّینِ فَهَذَا مَعْنَی قَوْلِهِ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِینٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَكِینٍ أَیْ فِی الْأُنْثَیَیْنِ ثُمَّ فِی الرَّحِمِ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً إِلَی قَوْلِهِ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ وَ هَذِهِ اسْتِحَالَةُ أَمْرٍ إِلَی أَمْرٍ فَحَدُّ النُّطْفَةِ إِذَا وَقَعَتْ فِی الرَّحِمِ أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ یَصِیرُ عَلَقَةً(6).

«74»- وَ مِنْهُ،: قَوْلُهُ وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَهِیَ سِتَّةُ أَجْزَاءٍ وَ سِتَّةُ اسْتَحَالاتٍ وَ فِی كُلِّ جُزْءٍ وَ اسْتِحَالَةٍ دِیَةٌ مَحْدُودَةٌ فَفِی النُّطْفَةِ عِشْرُونَ دِینَاراً وَ فِی الْعَلَقَةِ أَرْبَعُونَ دِینَاراً وَ فِی الْمُضْغَةِ سِتُّونَ دِینَاراً وَ فِی الْعَظْمِ ثَمَانُونَ دِینَاراً وَ إِذَا كُسِیَ لَحْماً فَمِائَةُ دِینَارٍ حَتَّی یَسْتَهِلَّ فَإِذَا اسْتَهَلَّ فَالدِّیَةُ كَامِلَةً(7).

«75»- وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَهُوَ نَفْخُ الرُّوحِ فِیهِ (8).

ص: 369


1- 1. تفسیر القمّیّ: 551.
2- 2. البلد: 4.
3- 3. فی نسخة مخطوطة: فرأسه فی دبرة بین یدیه.
4- 4. علل الشرائع: ج 2، ص 181.
5- 5. فی المصدر: و النطفة من السلالة و السلالة من صفوة.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 445.
7- 7. تفسیر القمّیّ: 445.
8- 8. التفسیر: 446.

«76»- وَ مِنْهُ،: وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِینٍ قَالَ هُوَ آدَمُ علیه السلام ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ أَیْ وُلْدَهُ مِنْ سُلالَةٍ وَ هُوَ الصَّفْوَةُ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ قَالَ النُّطْفَةُ الْمَنِیُ ثُمَّ سَوَّاهُ أَیْ اسْتَحَالَهُ مِنْ نُطْفَةٍ إِلَی عَلَقَةٍ وَ مِنَ الْعَلَقَةِ(1) إِلَی مُضْغَةٍ ثُمَ (2)

نَفَخَ فِیهِ الرُّوحَ (3).

«77»- وَ مِنْهُ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً یَعْنِی لَیْسَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ وَ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ الذُّكُورَ یَعْنِی لَیْسَ مَعَهُمْ أُنْثَی أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً أَیْ یَهَبُ لِمَنْ یَشَاءُ ذُكْرَاناً وَ إِنَاثاً جَمِیعاً یَجْمَعُ لَهُ الْبَنِینَ وَ الْبَنَاتِ (4).

«78»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمَحْمُودِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الدَّارِمِیِ (5) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ أَنَّ یَحْیَی بْنَ أَكْثَمَ سَأَلَ مُوسَی بْنَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَسَائِلَ وَ فِیهَا: أَخْبِرْنَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً فَهَلْ یُزَوِّجُ اللَّهُ عِبَادَهُ الذُّكْرَانَ وَ قَدْ عَاقَبَ قَوْماً فَعَلُوا ذَلِكَ فَسَأَلَ مُوسَی أَخَاهُ أَبَا الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیَّ علیه السلام فَكَانَ مِنْ جَوَابِ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام أَمَّا قَوْلُهُ أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی زَوَّجَ ذُكْرَانَ الْمُطِیعِینَ إِنَاثاً مِنَ الْحُورِ الْعِینِ وَ إِنَاثَ الْمُطِیعَاتِ مِنَ الْإِنْسِ ذُكْرَانَ الْمُطِیعِینَ وَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ یَكُونَ الْجَلِیلُ عَنَی (6)

مَا لَبَّسْتَ عَلَی نَفْسِكَ تَطَلُّباً لِلرُّخْصَةِ(7)

لِارْتِكَابِ الْمَآثِمِ (8).

بیان: لا یخفی بعد ما ذكر فی الخبر من سیاق الآیة و كأنه علی سبیل التنزل

ص: 370


1- 1. فی المصدر: علقة.
2- 2. فیه: حتی.
3- 3. التفسیر: 511.
4- 4. التفسیر: 605.
5- 5. كذا فی نسخ الكتاب، و فی المصدر« الرازیّ» و هو الصواب ظاهرا، لعدم ذكر من« محمّد بن إسماعیل الدارمیّ» فی كتب الرجال.
6- 6. فی أكثر النسخ« اعنی».
7- 7. فی المصدر: طلبا لرخصة.
8- 8. تفسیر القمّیّ: 605.

أی لو كان المراد بالتزویج ما زعمت لاحتمل محملا صحیحا أیضا أو یكون هذا بطنا من بطون الآیة و یمكن تصحیحه بوجه لا یأبی عن سیاق الآیة بأن یكون الغرض بیان أحوال جمیع أفراد البشر أو المؤمنین فی الأزواج (1) و الأولاد فإنهم إما أن یكونوا تزوجوا فی الدنیا أم لا فعلی الأول إما یهب لهم إناثا مع الذكران أو بدونهم أو یهب لهم ذكرانا مع الإناث و بدونهن علی سبیل منع الخلو أو یجعلهم عقیما لا یولد لهم و علی الثانی یزوج المؤمنین و المؤمنات فی الآخرة.

«79»- التَّهْذِیبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَی الْوَرَّاقِ عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی جَرِیرٍ الْقُمِّیِّ قَالَ: سَأَلْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ علیه السلام عَنِ النُّطْفَةِ مَا فِیهَا مِنَ الدِّیَةِ وَ مَا فِی الْعَلَقَةِ وَ مَا فِی الْمُضْغَةِ الْمُخَلَّقَةِ وَ مَا یُقِرُّ فِی الْأَرْحَامِ قَالَ إِنَّهُ یَخْلُقُ فِی بَطْنِ أُمِّهِ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ یَكُونُ نُطْفَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ یَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً ثُمَّ مُضْغَةً أَرْبَعِینَ یَوْماً فَفِی النُّطْفَةِ أَرْبَعُونَ دِینَاراً وَ فِی الْعَلَقَةِ سِتُّونَ دِینَاراً وَ فِی الْمُضْغَةِ ثَمَانُونَ دِینَاراً فَإِذَا اكْتَسَی الْعِظَامُ لَحْماً فَفِیهِ مِائَةُ دِینَارٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ فَإِنْ كَانَ ذَكَراً فَفِیهِ الدِّیَةُ وَ إِنْ كَانَتْ أُنْثَی فَفِیهَا دِیَتُهَا.

«80»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(2) عَنْ عَلِیِّ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ (3) علیه السلام حَیْثُ دَخَلَ عَلَیْهِ دَاوُدُ الرَّقِّیُّ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ النَّاسَ یَقُولُونَ إِذَا مَضَی

لِلْحَمْلِ (4)

سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خِلْقَتِهِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام یَا دَاوُدُ ادْعُ وَ لَوْ بِشَقِّ الصَّفَا فَقُلْتُ (5)

وَ أَیُّ شَیْ ءٍ الصَّفَا قَالَ مَا یَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ فَإِنَ

ص: 371


1- 1. الزواج( خ).
2- 2. فی المصدر: عن محمّد بن أحمد.
3- 3. كذا فی نسخ الكتاب، و فی المصدر: عند أبی الحسن علیه السلام.
4- 4. فی المصدر: للحامل.
5- 5. فیه: فقلت جعلت فداك.

اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَفْعَلُ مَا یَشَاءُ(1).

«81»- الْإِقْبَالُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام: فِی دُعَاءِ یَوْمِ عَرَفَةَ ابْتَدَأْتَنِی بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَیْئاً مَذْكُوراً وَ خَلَقْتَنِی مِنَ التُّرَابِ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِی الْأَصْلَابَ أَمْناً لِرَیْبِ الْمَنُونِ وَ اخْتِلَافِ الدُّهُورِ فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَی رَحِمٍ فِی تَقَادُمِ الْأَیَّامِ الْمَاضِیَةِ وَ الْقُرُونِ الْخَالِیَةِ لَمْ تُخْرِجْنِی لِرَأْفَتِكَ بِی وَ لُطْفِكَ لِی وَ إِحْسَانِكَ إِلَیَّ فِی دَوْلَةِ أَیَّامِ الْكَفَرَةِ الَّذِینَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَ كَذَّبُوا رُسُلَكَ لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِی رَأْفَةً مِنْكَ وَ تَحَنُّناً عَلَیَّ لِلَّذِی سَبَقَ لِی مِنَ الْهُدَی الَّذِی (2)

یَسَّرْتَنِی وَ فِیهِ أَنْشَأْتَنِی وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَؤُفْتَ بِی بِجَمِیلِ صُنْعِكَ وَ سَوَابِغِ نِعْمَتِكَ فَابْتَدَعْتَ خَلْقِی مِنْ مَنِیٍّ یُمْنی ثُمَّ أَسْكَنْتَنِی فِی ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَیْنَ لَحْمٍ وَ جِلْدٍ وَ دَمٍ لَمْ تُشَهِّرْنِی بِخَلْقِی وَ لَمْ تَجْعَلْ إِلَیَّ شَیْئاً مِنْ أَمْرِی ثُمَّ أَخْرَجْتَنِی إِلَی الدُّنْیَا تَامّاً سَوِیّاً وَ حَفِظْتَنِی فِی الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِیّاً وَ رَزَقْتَنِی مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً مَرِیئاً وَ عَطَفْتَ عَلَیَّ قُلُوبَ الْحَوَاضِنِ وَ كَفَّلْتَنِی الْأُمَّهَاتِ الرَّحَائِمَ وَ كَلَأْتَنِی مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ وَ سَلَّمْتَنِی مِنَ الزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ فَتَعَالَیْتَ یَا رَحِیمُ یَا رَحْمَانُ حَتَّی إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلَامِ أَتْمَمْتَ عَلَیَّ سَوَابِغَ الْإِنْعَامِ فَرَبَّیْتَنِی زَائِداً فِی كُلِّ عَامٍ حَتَّی إِذَا كَمَلَتْ فِطْرَتِی وَ اعْتَدَلَتْ سَرِیرَتِی أَوْجَبْتَ عَلَیَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِی مَعْرِفَتَكَ وَ رَوَّعْتَنِی بِعَجَائِبِ فِطْرَتِكَ وَ أَنْطَقْتَنِی لِمَا ذَرَأْتَ لِی فِی سَمَائِكَ وَ أَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ وَ نَبَّهْتَنِی لِذِكْرِكَ وَ شُكْرِكَ وَ وَاجِبِ طَاعَتِكَ وَ عِبَادَتِكَ وَ فَهَّمْتَنِی مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ وَ یَسَّرْتَ لِی تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ وَ مَنَنْتَ عَلَیَّ فِی جَمِیعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ وَ لُطْفِكَ ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِی مِنْ حَرِّ الثَّرَی لَمْ تَرْضَ لِی یَا إِلَهِی نِعْمَةً دُونَ أُخْرَی وَ رَزَقْتَنِی مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ وَ صُنُوفِ الرِّیَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِیمِ عَلَیَّ وَ إِحْسَانِكَ الْقَدِیمِ إِلَیَّ حَتَّی إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَیَّ جَمِیعَ النِّعَمِ وَ صَرَفْتَ عَنِّی كُلَّ النِّقَمِ لَمْ یَمْنَعْكَ جَهْلِی وَ جُرْأَتِی عَلَیْكَ إِنْ دَلَلْتَنِی عَلَی مَا یُقَرِّبُنِی إِلَیْكَ وَ وَفَّقْتَنِی لِمَا یُزْلِفُنِی لَدَیْكَ إِلَی آخِرِ الدُّعَاءِ(3).

ص: 372


1- 1. معانی الأخبار: 405.
2- 2. فی المصدر: فیه یسرتنی.
3- 3. الإقبال: 240.

بیان: ثم أسكنتنی الأصلاب أی جعلت مادة وجودی مودعة فی أصلاب آبائی فإن نطفة كل ولد كانت فی صلب والده و كلهم كانوا من علل وجوده و ریب المنون حوادث الدهر ذكره الجوهری و أمنا مفعول له أی حفظت مادة وجودی فی الأصلاب لأكون

آمنا من حوادث الدهر و اختلاف الدهور و هو معطوف علی ریب أو المنون و الظاعن السائر و قال الجوهری قدم الشی ء بالضم قدما فهو قدیم و تقادم مثله انتهی فهو من قبیل إضافة الصفة إلی الموصوف أی الأیام المتقادمة و الخالیة الماضیة للذی متعلق بقوله أخرجتنی و یحتمل أن یكون اللام للظرفیة و للعلة الذی یسرتنی أی جعلتنی قابلا له كما قال تعالی فَسَنُیَسِّرُهُ لِلْیُسْری (1) بین لحم و جلد و دم الظاهر أنه لیس تفسیرا للظلمات الثلاث أی كونتنی أو حال كونی بین لحم الرحم و جلدها و الدم الذی فیها أو كنت بین تلك الأجزاء من بدنی و الأول أظهر لم تشهرنی بخلقی أی لم تجعل تلك الحالات الخسیسة ظاهرة للخلق فی ابتداء خلقی لأصیر محقرا مهینا عندهم بل سترت تلك الأحوال عنهم و أخرجتنی بعد اعتدال صورتی و خروجی عن تلك الأحوال الدنیة و الطفل المولود و الصبی الغلام و هما متقاربان فی المعنی فالصبی إما تأكید أو إشارة إلی اختلاف مراتب المولود بأن یكون الطفولیة قبل الصبا و الأول أظهر إذ یطلق علی المولود حین كونه فی المهد طفلا و صبیا فیكون الجمع بینهما إشارة إلی حالتی المولود فباعتبار نعومة بدنه طفل و باعتبار قلة عقله صبی فلذا قال تعالی كَیْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِی الْمَهْدِ صَبِیًّا(2) و ما قیل من أن الصبی أعم من الطفل لأن المولود إذا فطم لا یسمی طفلا یضعفه قوله تعالی أَوِ الطِّفْلِ الَّذِینَ لَمْ یَظْهَرُوا عَلی عَوْراتِ النِّساءِ(3) قال الراغب الصبی من لم یبلغ الحلم قال تعالی كَیْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِی الْمَهْدِ

ص: 373


1- 1. اللیل: 7.
2- 2. مریم: 29.
3- 3. النور: 31.

صَبِیًّا و قال الطفل الولد ما دام ناعما و قد یقع علی الجمع قال تعالی ثُمَّ یُخْرِجُكُمْ طِفْلًا و قال أَوِ الطِّفْلِ الَّذِینَ لَمْ یَظْهَرُوا عَلی عَوْراتِ النِّساءِ و قد یجمع علی أطفال قال عز و جل وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ (1) و باعتبار النعمة قیل امرأة طفلة انتهی.

و الغذاء ما یتغذی به من الطعام و الشراب و المری إما من المهموز أی الموافق للطبع فخفف أو من المعتل من قولهم مریت الناقة مریا إذا مسحت ضرعها لتدر و المری علی فعیل الناقة الكثیرة اللبن و العطف الشفقة و الإمالة یقال عطف العود أی میله و علی الأول یكون علی بناء التفعیل و الحواضن النساء اللاتی یقمن بتربیة الصبیان و الحضن ما دون الإبط إلی الكشح و حضن الطیر بیضه لأنه یضمه إلی نفسه تحت جناحه و لما كانت الأمهات یحضن الأولاد سمین حواضن و الكافل الحافظ لغیره قال تعالی وَ كَفَّلَها زَكَرِیَّا(2) و كلأتنی أی حفظتنی من طوارق الجان أی جماعة من الجن یطرقون بشر علی الأطفال كأم الصبیان و الطارق فی الأصل الذی یأتی باللیل لاحتیاجه إلی طرق الباب ثم استعمل فی كل شر نزل سواء كان باللیل أو بالنهار و المراد بالزیادة و النقصان ما یصیر منهما سببا لتشویه الخلقة و ضعف البنیة و الاستهلال رفع الصوت و استهلال الصبی صیاحه عند الولادة و كمال الفطرة إشارة إلی قوة الأعضاء و القوی الظاهرة و اعتدال السریرة إلی كمال القوی الباطنة أوجبت أی ألزمت و أتممت و روعتنی

أی أفزعتنی و خوفتنی و العلم بعجائب الفطرة یصیر سببا للخوف للعلم بعظمة الرب سبحانه و وفور نعمه و تقصیر المكلف فی أداء شكره كما قال تعالی إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ(3) و قال إِنَّ الَّذِینَ هُمْ مِنْ خَشْیَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (4) أو المعنی

ص: 374


1- 1. النور: 59.
2- 2. آل عمران: 37.
3- 3. فاطر: 28.
4- 4. المؤمنون: 58.

ألقیت فی روعی أی قلبی عجائب الفطرة لكنه بعید عن الشائع فی إطلاق هذا اللفظ بحسب اللغة و قال الفیروزآبادی الحر بالضم خیار كل شی ء و من الطین و الرمل الطیب و من الرمل وسطه و الثری التراب الندی.

أقول: سیأتی شرح تلك الفقرات مستوفی عند ذكر الدعاء بتمامه فی محله إن شاء اللّٰه تعالی.

«82»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِیمٌ مُبِینٌ قَالَ خَلَقَهُ مِنْ قَطْرَةٍ مِنْ مَاءٍ مُنْتِنٍ فَیَكُونُ خَصِیماً مُتَكَلِّماً بَلِیغاً(1).

«83»- وَ مِنْهُ،: أَ وَ لَمْ یَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِیمٌ مُبِینٌ قَالَ أَیْ نَاطِقٌ عَالِمٌ بَلِیغٌ (2).

«84»- وَ مِنْهُ،: هُوَ الَّذِی یُصَوِّرُكُمْ فِی الْأَرْحامِ كَیْفَ یَشاءُ قَالَ یَعْنِی ذَكَراً وَ أُنْثَی أَسْوَدَ وَ أَبْیَضَ وَ أَحْمَرَ صَحِیحاً وَ سَقِیماً(3).

«85»- وَ مِنْهُ،: ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِینَ قَالَ عِرْقٌ فِی الظَّهْرِ یَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ(4).

«86»- وَ مِنْهُ،: إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِی بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ أَیْ مُسْتَقِرِّینَ قَوْلُهُ مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنی قَالَ تَتَحَوَّلُ النُّطْفَةُ إِلَی الدَّمِ فَتَكُونُ أَوَّلًا دَماً ثُمَّ تَصِیرُ نُطْفَةً وَ تَكُونُ فِی الدِّمَاغِ فِی عِرْقٍ یُقَالُ لَهُ الْوَرِیدُ وَ تَمُرُّ فِی فَقَارِ الظَّهْرِ فَلَا تَزَالُ تَجُوزُ فَقْراً فَقْراً حَتَّی تَصِیرَ إِلَی (5) الْحَالِبَیْنِ فَتَصِیرَ أَبْیَضَ وَ أَمَّا نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَنْزِلُ مِنْ صَدْرِهَا(6).

ص: 375


1- 1. تفسیر القمّیّ: 357.
2- 2. التفسیر: 553.
3- 3. التفسیر: 87.
4- 4. التفسیر: 695.
5- 5. فی المصدر: فی.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 655.

بیان: قال الجوهری الحالبان عرقان مكتنفان بالسرة.

«87»- التَّفْسِیرُ،: لَمْ یَكُنْ شَیْئاً مَذْكُوراً قَالَ لَمْ یَكُنْ فِی الْعِلْمِ وَ لَا فِی الذِّكْرِ(1).

«88»- وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: كَانَ فِی الْعِلْمِ وَ لَمْ یَكُنْ فِی الذِّكْرِ نَبْتَلِیهِ أَیْ نَخْتَبِرُهُ (2).

«89»- وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ أَمْشاجٍ قَالَ مَاءُ الرَّجُلِ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ اخْتَلَطَا جَمِیعاً(3).

بیان: لم یكن فی العلم أی علم الملائكة.

«90»- التَّفْسِیرُ،: مُخَلَّقَةٍ وَ غَیْرِ مُخَلَّقَةٍ قَالَ الْمُخَلَّقَةُ إِذَا صَارَتْ دَماً وَ غَیْرُ الْمُخَلَّقَةِ قَالَ السِّقْطُ(4).

«91»- وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: لِنُبَیِّنَ لَكُمْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَذَلِكَ فِی الْأَرْحَامِ وَ نُقِرُّ فِی الْأَرْحامِ ما نَشاءُ فَلَا یَخْرُجُ سِقْطاً(5).

«92»- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: إِذَا بَلَغَ الْعَبْدُ مِائَةَ سَنَةٍ فَذَلِكَ أَرْذَلُ الْعُمُرِ(6).

بیان: لا یبعد أن یكون دما تصحیف تامّا.

«93»- التَّفْسِیرُ،: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا یَعْلَمُونَ قَالَ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ(7).

«94»- وَ مِنْهُ،: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ قَالَ مِنْ دَمٍ (8).

ص: 376


1- 1. التفسیر: 706.
2- 2. التفسیر: 706.
3- 3. التفسیر: 70.
4- 4. التفسیر: 435.
5- 5. التفسیر: 435.
6- 6. تفسیر القمّیّ: 435.
7- 7. التفسیر: 696.
8- 8. التفسیر: 731.

«95»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ،: رُوِیَ أَنَّ ابْنَ صُورِیَا وَ جَمَاعَةً مِنْ یَهُودِ أَهْلِ فَدَكَ لَمَّا قَدِمُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ سَأَلُوهُ فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ كَیْفَ نَوْمُكَ فَقَدْ أُخْبِرْنَا عَنْ نَوْمِ النَّبِیِّ الَّذِی یَأْتِی فِی آخِرِ الزَّمَانِ فَقَالَ تَنَامُ عَیْنَایَ وَ قَلْبِی یَقْظَانُ قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنَا عَنِ الْوَلَدِ یَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ أَوِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ أَمَّا الْعِظَامُ وَ الْعَصَبُ وَ الْعُرُوقُ فَمِنَ الرَّجُلِ وَ أَمَّا اللَّحْمُ وَ الدَّمُ وَ الظُّفُرُ وَ الشَّعْرُ فَمِنَ الْمَرْأَةِ

قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَمَا بَالُ الْوَلَدِ یُشْبِهُ أَعْمَامَهُ لَیْسَ فِیهِ مِنْ شَبَهِ أَخْوَالِهِ شَیْ ءٌ أَوْ یُشْبِهُ أَخْوَالَهُ وَ لَیْسَ فِیهِ مِنْ شَبَهِ أَعْمَامِهِ شَیْ ءٌ فَقَالَ أَیُّهُمَا عَلَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ قَالُوا صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ قَالُوا أَخْبِرْنَا عَنْ رَبِّكَ مَا هُوَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِلَی آخِرِ السُّورَةِ(1) الْخَبَرَ.

«96»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ ذَهَبَتْ إِحْدَی بَیْضَتَیْهِ فَقَالَ إِنْ كَانَتِ الْیَسَارَ فَفِیهَا الدِّیَةُ قُلْتُ وَ لِمَ أَ لَیْسَ قُلْتَ مَا كَانَ فِی الْجَسَدِ اثْنَانِ فَفِیهِ (2) نِصْفُ الدِّیَةِ قَالَ لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنَ الْبَیْضَةِ الْیُسْرَی (3).

«97»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْوَلَدُ یَكُونُ مِنَ الْبَیْضَةِ الْیُسْرَی فَإِذَا قُطِعَتْ فَفِیهَا ثُلُثَا الدِّیَةِ وَ فِی الْیُمْنَی ثُلُثُ الدِّیَةِ(4).

بیان: قال الشهید الثانی قدس سره انحصار التولد فی الخصیة الیسری قد أنكره بعض الأطباء و نسبه الجاحظ فی حیاة الحیوان إلی العامة و لو صح نسبته إلیهم علیهم السلام لم یلتفت إلی إنكار منكره انتهی.

و أقول هذا شی ء لا یمكن العلم به غالبا إلا من طریق الوحی و الإلهام و التجربة قاصرة عنه مع أنه یمكن أن یحمل علی أن الیسری أدخل فی ذلك.

«98»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ،: نَبْتَدِئُ یَا مُفَضَّلُ بِذِكْرِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ فَاعْتَبِرْ بِهِ فَأَوَّلُ

ص: 377


1- 1. مجمع البیان: ج 3 ص 193.
2- 2. فی المصدر: ففی كل واحد نصف الدیة.
3- 3. الكافی: ج 7، ص 315.
4- 4. من لا یحضره الفقیه: 511.

ذَلِكَ مَا یُدَبَّرُ بِهِ الْجَنِینُ فِی الرَّحِمِ وَ هُوَ مَحْجُوبٌ فِی ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ظُلْمَةِ الْبَطْنِ وَ ظُلْمَةِ الرَّحِمِ وَ ظُلْمَةِ الْمَشِیمَةِ حَیْثُ لَا حِیلَةَ عِنْدَهُ فِی طَلَبِ غِذَاءٍ وَ لَا دَفْعِ أَذًی وَ لَا اسْتِجْلَابِ مَنْفَعَةٍ وَ لَا دَفْعِ مَضَرَّةٍ فَإِنَّهُ یَجْرِی إِلَیْهِ مِنْ دَمِ الْحَیْضِ مَا یَغْذُوهُ كَمَا یَغْذُو الْمَاءُ النَّبَاتَ فَلَا یَزَالُ ذَلِكَ غِذَاءَهُ حَتَّی إِذَا كَمَلَ خَلْقُهُ وَ اسْتَحْكَمَ بَدَنُهُ وَ قَوِیَ أَدِیمُهُ عَلَی مُبَاشَرَةِ الْهَوَاءِ وَ بَصَرُهُ عَلَی مُلَاقَاةِ الضِّیَاءِ هَاجَ الطَّلْقُ بِأُمِّهِ فَأَزْعَجَهُ أَشَدَّ إِزْعَاجٍ وَ أَعْنَفَهُ حَتَّی یُولَدَ وَ إِذَا وُلِدَ صَرَفَ ذَلِكَ الدَّمَ الَّذِی كَانَ یَغْذُوهُ مِنْ دَمِ أُمِّهِ إِلَی ثَدْیَیْهَا فَانْقَلَبَ الطَّعْمُ وَ اللَّوْنُ إِلَی ضَرْبٍ آخَرَ مِنَ الْغِذَاءِ وَ هُوَ أَشَدُّ مُوَافَقَةً لِلْمَوْلُودِ مِنَ الدَّمِ فَیُوَافِیهِ فِی وَقْتِ حَاجَتِهِ إِلَیْهِ فَحِینَ یُولَدُ قَدْ تَلَمَّظَ وَ حَرَّكَ شَفَتَیْهِ طَلَباً لِلرَّضَاعِ فَهُوَ یَجِدُ ثَدْیَیْ أُمِّهِ كَالْإِدَاوَتَیْنِ الْمُعَلَّقَتَیْنِ لِحَاجَتِهِ فَلَا یَزَالُ یَغْتَذِی بِاللَّبَنِ مَا دَامَ رَطْبَ الْبَدَنِ رَقِیقَ الْأَمْعَاءِ لَیِّنَ الْأَعْضَاءِ حَتَّی إِذَا تَحَرَّكَ وَ احْتَاجَ إِلَی غِذَاءٍ فِیهِ صَلَابَةٌ لِیَشْتَدَّ وَ یَقْوَی بَدَنُهُ طَلَعَتْ لَهُ الطَّوَاحِنُ مِنَ الْأَسْنَانِ وَ الْأَضْرَاسِ لِیَمْضَغَ

بِهِ الطَّعَامَ فَیَلِینَ عَلَیْهِ وَ یَسْهُلَ لَهُ إِسَاغَتُهُ فَلَا یَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّی یُدْرِكَ فَإِذَا أَدْرَكَ وَ كَانَ ذَكَراً طَلَعَ الشَّعْرُ فِی وَجْهِهِ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ الذَّكَرِ وَ عِزَّ الرَّجُلِ الَّذِی یَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ الصَّبَا وَ شَبَهِ النِّسَاءِ وَ إِنْ كَانَتْ أُنْثَی یَبْقَی وَجْهُهَا نَقِیّاً مِنَ الشَّعْرِ لِتَبْقَی لَهَا الْبَهْجَةُ وَ النَّضَارَةُ الَّتِی تُحَرِّكُ الرِّجَالَ لِمَا فِیهِ دَوَامُ النَّسْلِ وَ بَقَاؤُهُ اعْتَبِرْ یَا مُفَضَّلُ فِی مَا یُدَبَّرُ بِهِ الْإِنْسَانُ فِی هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ هَلْ تَرَی یُمْكِنُ أَنْ یَكُونَ بِالْإِهْمَالِ أَ فَرَأَیْتَ لَوْ لَمْ یَجْرِ إِلَیْهِ ذَلِكَ الدَّمُ وَ هُوَ فِی الرَّحِمِ أَ لَمْ یَكُنْ سَیَذْوَی وَ یَجِفُّ كَمَا یَجِفُّ النَّبَاتُ إِذَا فَقَدَ الْمَاءَ وَ لَوْ لَمْ یُزْعِجْهُ الْمَخَاضُ عِنْدَ اسْتِحْكَامِهِ أَ لَمْ یَكُنْ سَیَبْقَی فِی الرَّحِمِ كَالْمَوْءُودِ فِی الْأَرْضِ وَ لَوْ لَمْ یُوَافِقْهُ اللَّبَنُ مَعَ وِلَادَتِهِ أَ لَمْ یَكُنْ سَیَمُوتُ جُوعاً أَوْ یَغْتَذِی بِغِذَاءٍ لَا یُلَائِمُهُ وَ لَا یَصْلُحُ عَلَیْهِ بَدَنُهُ وَ لَوْ لَمْ تَطْلُعْ عَلَیْهِ الْأَسْنَانُ فِی وَقْتِهَا أَ لَمْ یَكُنْ سَیَمْتَنِعُ عَلَیْهِ مَضْغُ الطَّعَامِ وَ إِسَاغَتُهُ أَوْ یُقِیمُهُ عَلَی الرَّضَاعِ فَلَا یَشْتَدُّ بَدَنُهُ وَ لَا یَصْلُحُ لِعَمَلٍ ثُمَّ كَانَ تَشْتَغِلُ أُمُّهُ بِنَفْسِهِ عَنْ تَرْبِیَةِ غَیْرِهِ مِنَ الْأَوْلَادِ وَ لَوْ لَمْ یَخْرُجِ الشَّعْرُ فِی وَجْهِهِ فِی وَقْتِهِ أَ لَمْ یَكُنْ سَیَبْقَی فِی هَیْئَةِ الصِّبْیَانِ وَ النِّسَاءِ فَلَا تَرَی لَهُ جَلَالَةً وَ لَا وَقَاراً

ص: 378

فَقَالَ الْمُفَضَّلُ فَقُلْتُ یَا مَوْلَایَ فَقَدْ رَأَیْتُ مَنْ یَبْقَی عَلَی حَالَتِهِ وَ لَا یَنْبُتُ الشَّعْرُ فِی وَجْهِهِ وَ إِنْ بَلَغَ حَالَ الْكِبَرِ فَقَالَ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ فَمَنْ هَذَا الَّذِی یَرْصُدُهُ حَتَّی یُوَافِیَهُ بِكُلِّ شَیْ ءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَآرِبِ إِلَّا الَّذِی أَنْشَأَهُ خَلْقاً بَعْدَ أَنْ لَمْ یَكُنْ ثُمَّ تَوَكَّلَ لَهُ بِمَصْلَحَتِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فَإِنْ كَانَ الْإِهْمَالُ یَأْتِی بِمِثْلِ هَذَا التَّدْبِیرِ فَقَدْ یَجِبُ أَنْ یَكُونَ الْعَمْدُ وَ التَّقْدِیرُ یَأْتِیَانِ بِالْخَطَإِ وَ الْمُحَالِ لِأَنَّهُمَا ضِدُّ(1) الْإِهْمَالِ وَ هَذَا فَظِیعٌ مِنَ الْقَوْلِ وَ جَهْلٌ مِنْ قَائِلِهِ لِأَنَّ الْإِهْمَالَ لَا یَأْتِی بِالصَّوَابِ وَ التَّضَادَّ لَا یَأْتِی بِالنِّظَامِ تَعَالَی اللَّهُ عَمَّا یَقُولُ الْمُلْحِدُونَ عُلُوّاً كَبِیراً وَ لَوْ كَانَ الْمَوْلُودُ یُولَدُ فَهِماً عَاقِلًا لَأَنْكَرَ الْعَالَمَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَ لَبَقِیَ حَیْرَانَ تَائِهَ الْعَقْلِ إِذَا رَأَی مَا لَمْ یَعْرِفْ وَ وَرَدَ عَلَیْهِ مَا لَمْ یَرَ مِثْلَهُ مِنِ اخْتِلَافِ صُوَرِ الْعَالَمِ مِنَ الْبَهَائِمِ وَ الطَّیْرِ إِلَی غَیْرِ ذَلِكَ مِمَّا یُشَاهِدُهُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ وَ یَوْماً بَعْدَ یَوْمٍ وَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ سُبِیَ مِنْ ولد [بَلَدٍ] إِلَی بَلَدٍ وَ هُوَ عَاقِلٌ یَكُونُ كَالْوَالِهِ الْحَیْرَانِ فَلَا یُسْرِعُ فِی تَعَلُّمِ الْكَلَامِ وَ قَبُولِ الْأَدَبِ كَمَا یُسْرِعُ الَّذِی یُسْبَی صَغِیراً غَیْرَ عَاقِلٍ ثُمَّ لَوْ وُلِدَ عَاقِلًا كَانَ یَجِدُ غَضَاضَةً إِذَا رَأَی نَفْسَهُ مَحْمُولًا مُرْضَعاً مُعَصَّباً بِالْخِرَقِ مُسَجًّی فِی الْمَهْدِ لِأَنَّهُ لَا یَسْتَغْنِی عَنْ هَذَا كُلِّهِ لِرِقَّةِ بَدَنِهِ وَ رُطُوبَتِهِ حَتَّی یُولَدَ ثُمَّ كَانَ لَا یُوجَدُ لَهُ مِنَ الْحَلَاوَةِ وَ الْوَقْعِ مِنَ الْقُلُوبِ مَا یُوجَدُ لِلطِّفْلِ فَصَارَ یَخْرُجُ إِلَی الدُّنْیَا غَبِیّاً غَافِلًا عَمَّا فِیهِ أَهْلُهُ فَیَلْقَی الْأَشْیَاءَ بِذِهْنٍ ضَعِیفٍ وَ مَعْرِفَةٍ نَاقِصَةٍ ثُمَّ لَا یَزَالُ یَتَزَیَّدُ(2)

فِی الْمَعْرِفَةِ قَلِیلًا قَلِیلًا وَ شَیْئاً بَعْدَ شَیْ ءٍ وَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ حَتَّی یَأْلَفَ الْأَشْیَاءَ وَ یَتَمَرَّنَ وَ یَسْتَمِرَّ عَلَیْهَا فَیَخْرُجُ مِنْ حَدِّ التَّأَمُّلِ بِهَا وَ الْحَیْرَةِ فِیهَا إِلَی التَّصَرُّفِ وَ الِاضْطِرَابِ إِلَی الْمَعَاشِ بِعَقْلِهِ وَ حِیلَتِهِ وَ إِلَی الِاعْتِبَارِ وَ الطَّاعَةِ وَ السَّهْوِ وَ الْغَفْلَةِ وَ الْمَعْصِیَةِ وَ فِی هَذَا أَیْضاً وُجُوهٌ أُخَرُ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ یُولَدُ تَامَّ الْعَقْلِ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لَذَهَبَ مَوْضِعُ حَلَاوَةِ تَرْبِیَةِ الْأَوْلَادِ وَ مَا قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ لِلْوَالِدَیْنِ فِی الِاشْتِغَالِ بِالْوَلَدِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَ مَا یُوجِبُ التَّرْبِیَةَ لِلْآبَاءِ عَلَی الْأَبْنَاءِ مِنَ الْمُكَافَاةِ بِالْبِرِّ وَ الْعَطْفِ عَلَیْهِمْ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ

ص: 379


1- 1. ضدا الاهمال( ظ).
2- 2. یتزاید( خ).

إِلَی ذَلِكَ مِنْهُمْ ثُمَّ كَانَ الْأَوْلَادُ لَا یَأْلَفُونَ آبَاءَهُمْ وَ لَا یَأْلَفُ الْآبَاءُ أَبْنَاءَهُمْ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ كَانُوا یَسْتَغْنُونَ عَنْ تَرْبِیَةِ الْآبَاءِ وَ حِیَاطَتِهِمْ فَیَتَفَرَّقُونَ عَنْهُمْ حِینَ یُولَدُونَ فَلَا یَعْرِفُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ لَا یَمْتَنِعُ مِنْ نِكَاحِ أُمِّهِ وَ أُخْتِهِ وَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنْهُ إِذْ كَانَ لَا یَعْرِفُهُنَّ وَ أَقَلُّ مَا فِی ذَلِكَ مِنَ الْقَبَاحَةِ بَلْ هُوَ أَشْنَعُ وَ أَعْظَمُ وَ أَفْظَعُ وَ أَقْبَحُ وَ أَبْشَعُ لَوْ خَرَجَ الْمَوْلُودُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَ هُوَ یَعْقِلُ أَنْ یَرَی مِنْهَا مَا لَا یَحِلُّ لَهُ وَ لَا یَحْسُنُ بِهِ أَنْ یَرَاهُ أَ فَلَا تَرَی كَیْفَ أُقِیمَ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنَ الْخِلْقَةِ عَلَی غَایَةِ الصَّوَابِ وَ خَلَا مِنَ الْخَطَاءِ دَقِیقُةُ وَ جَلِیلُهُ اعْرِفْ یَا مُفَضَّلُ مَا لِلْأَطْفَالِ فِی الْبُكَاءِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَ اعْلَمْ أَنَّ فِی أَدْمِغَةِ الْأَطْفَالِ رُطُوبَةً إِنْ بَقِیَتْ فِیهَا أَحْدَثَتْ عَلَیْهِمْ أَحْدَاثاً جَلِیلَةً وَ عِلَلًا عَظِیمَةً مِنْ ذَهَابِ الْبَصَرِ وَ غَیْرِهِ فَالْبُكَاءُ یُسِیلُ تِلْكَ الرُّطُوبَةَ مِنْ رُءُوسِهِمْ فَیُعْقِبُهُمْ ذَلِكَ الصِّحَّةَ فِی أَبْدَانِهِمْ وَ السَّلَامَةَ فِی أَبْصَارِهِمْ أَ فَلَیْسَ قَدْ جَازَ أَنْ یَكُونَ الطِّفْلُ یَنْتَفِعُ بِالْبُكَاءِ وَ وَالِدَاهُ لَا یَعْرِفَانِ ذَلِكَ فَهُمَا دَائِبَانِ لِیُسْكِتَانِهِ وَ یَتَوَخَّیَانِ فِی الْأُمُورِ مَرْضَاتَهُ لِئَلَّا یَبْكِیَ وَ هُمَا لَا یَعْلَمَانِ أَنَّ الْبُكَاءَ أَصْلَحُ لَهُ وَ أَجْمَلُ عَاقِبَةً فَهَكَذَا یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ فِی كَثِیرٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ مَنَافِعُ لَا یَعْرِفُهَا الْقَائِلُونَ بِالْإِهْمَالِ وَ لَوْ عَرَفُوا ذَلِكَ لَمْ یَقْضُوا عَلَی الشَّیْ ءِ أَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِیهِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَا یَعْرِفُونَهُ وَ لَا یَعْلَمُونَ السَّبَبَ فِیهِ فَإِنَّ كُلَّ مَا لَا یَعْلَمُهُ الْمُنْكِرُونَ یَعْلَمُهُ الْعَارِفُونَ وَ كَثِیراً مَا یَقْصُرُ عَنْهُ عِلْمُ الْمَخْلُوقِینَ مُحِیطٌ بِهِ عِلْمُ الْخَالِقِ جَلَّ قُدْسُهُ وَ عَلَتْ كَلِمَتُهُ فَأَمَّا مَا یَسِیلُ مِنْ أَفْوَاهِ الْأَطْفَالِ مِنَ الرِّیقِ فَفِی ذَلِكَ خُرُوجُ الرُّطُوبَةِ الَّتِی لَوْ بَقِیَتْ فِی أَبْدَانِهِمْ لَأَحْدَثَتْ عَلَیْهِمُ الْأُمُورَ الْعَظِیمَةَ كَمَنْ تَرَاهُ قَدْ غَلَبَتْ عَلَیْهِ الرُّطُوبَةُ فَأَخْرَجَتْهُ إِلَی حَدِّ الْبَلَهِ وَ الْجُنُونِ وَ التَّخْلِیطِ إِلَی غَیْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْمُتْلِفَةِ كَالْفَالِجِ وَ اللَّقْوَةِ وَ مَا أَشْبَهَهُمَا فَجَعَلَ اللَّهُ تِلْكَ الرُّطُوبَةَ تَسِیلُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فِی صِغَرِهِمْ لِمَا لَهُمْ فِی ذَلِكَ مِنَ الصِّحَّةِ فِی كِبَرِهِمْ فَتَفَضَّلَ عَلَی خَلْقِهِ بِمَا جَهِلُوهُ وَ نَظَرَ لَهُمْ بِمَا لَمْ یَعْرِفُوهُ وَ لَوْ عَرَفُوا نِعَمَهُ عَلَیْهِمْ لَشَغَلَهُمْ ذَلِكَ عَنِ التَّمَادِی فِی مَعْصِیَتِهِ فَسُبْحَانَهُ مَا أَجَلَّ نِعْمَتَهُ وَ أَسْبَغَهَا عَلَی الْمُسْتَحِقِّینَ وَ غَیْرِهِمْ مِنْ خَلْقِهِ وَ تَعَالَی عَمَّا یَقُولُ الْمُبْطِلُونَ عُلُوّاً كَبِیراً.

أقول: قد مر شرحه و تمامه فی كتاب التوحید.

ص: 380

«99»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَرْمَنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ الْمَدَائِنِیِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام عَنِ الطِّفْلِ یَضْحَكُ مِنْ غَیْرِ عُجْبٍ وَ یَبْكِی مِنْ غَیْرِ أَلَمٍ فَقَالَ یَا مُفَضَّلُ مَا مِنْ طِفْلٍ إِلَّا وَ هُوَ یَرَی الْإِمَامَ وَ یُنَاجِیهِ فَبُكَاؤُهُ لِغَیْبَةِ الْإِمَامِ عَنْهُ وَ ضَحِكُهُ إِذَا أَقْبَلَ إِلَیْهِ حَتَّی إِذَا أُطْلِقَ لِسَانُهُ أُغْلِقَ ذَلِكَ الْبَابُ عَنْهُ وَ ضُرِبَ عَلَی قَلْبِهِ بِالنِّسْیَانِ (1).

بیان: لا استبعاد فی ظاهر الخبر مع صحته و یحتمل أن یكون المراد برؤیة الإمام و مناجاته توجه و شمول شفاعته و لطفه و دعائه له فإن لهم تصرفا فی العوالم یقصر العقل عن إدراكه.

«100»- التَّوْحِیدُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّرَّاجِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی (2)

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ الرَّشِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَكْرَمَ (3) بْنِ أَبِی إِیَاسٍ عَنِ ابْنِ أَبِی ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَضْرِبُوا أَطْفَالَكُمْ عَلَی بُكَائِهِمْ (4)

فَإِنَّ بُكَاءَهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الصَّلَاةُ عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ وَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الدُّعَاءُ لِوَالِدَیْهِ (5).

بیان: یحتمل أن یكون المراد بالخبر مع ضعفه أن لوالدیه ثواب هذه الأذكار و الأدعیة فینبغی أن لا یملوا و لا یضربوهم و قال بعض المحققین السر فیه أن الطفل أربعة أشهر لا یعرف سوی اللّٰه عز و جل الذی فطر علی معرفته و توحیده فبكاؤه توسل إلیه و التجاء به سبحانه خاصة دون غیره فهو شهادة له بالتوحید و أربعة أخری یعرف أمه من حیث إنها وسیلة لاغتذائه فقط لا من حیث إنها أمه و لهذا یأخذ

ص: 381


1- 1. علل الشرائع: ج 2، ص 272.
2- 2. كذا فی نسخ الكتاب، و فی المصدر: جعفر بن محمّد بن إبراهیم السرندی.
3- 3. فی المصدر: محمّد بن آدم.
4- 4. البكاء( خ).
5- 5. التوحید: 242.

اللبن من غیرها أیضا فی هذه المدة غالبا فلا یعرف فیها بعد اللّٰه إلا من كان وسیلة بین اللّٰه و بینه فی ارتزاقه الذی هو مكلف به تكلیفا طبیعیا من حیث كونها وسیلة لا غیر و هذا معنی الرسالة فبكاؤه فی هذه المدة بالحقیقة شهادة بالرسالة و أربعة أخری یعرف أبویه و كونه محتاجا إلیهما فی الرزق فبكاؤه فیها دعاء لهما بالسلامة و البقاء فی الحقیقة.

«101»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْیَهُودِ نَبِیَّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلُوهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِی مَا سَأَلُوهُ كَیْفَ مَاءُ الرَّجُلُ مِنْ مَاءِ الْمَرْأَةِ وَ كَیْفَ الْأُنْثَی مِنْهُ وَ الذَّكَرُ فَقَالَ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْیَضُ غَلِیظٌ وَ إِنَّ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِیقٌ فَأَیُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَ الشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی إِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ كَانَ ذَكَراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ إِنْ عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ كَانَ أُنْثَی بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«102»- وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا یَنْزِعُ الْوَلَدَ إِلَی أَبِیهِ وَ إِلَی أُمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ أَنَّهُ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ إِلَیْهِ الْوَلَدَ وَ إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلُ نَزَعَ إِلَیْهَا.

«103»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ قَالَ خُلِقُوا فِی ظَهْرِ آدَمَ ثُمَّ صُوِّرُوا فِی الْأَرْحَامِ (1).

«104»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ: خُلِقُوا فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ ثُمَّ صُوِّرُوا فِی أَرْحَامِ النِّسَاءِ(2).

«105»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ خَلَقْناكُمْ فَآدَمُ وَ أَمَّا صَوَّرْناكُمْ فَذُرِّیَتُهُ (3).

«106»- وَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ لَا عَلَیْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا إِنْ یَكُنْ مِمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنْهَا الْمِیثَاقَ فَكَانَتْ عَلَی الصَّخْرَةِ نُفِخَ

ص: 382


1- 1. الدّر المنثور: ج 3، ص 72.
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 72.
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 72.

فِیهِ الرُّوحُ (1).

«107»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ لَوْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ نَسَمَةٍ مِنْ صُلْبِ رَجُلٍ ثُمَّ أَفْرَغَهُ عَلَی صَفَا لَأَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ الصَّفَا فَإِنْ شِئْتَ فَاعْزِلْ وَ إِنْ شِئْتَ لَا تَعْزِلْ (2).

«108»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی مِنْ سُلالَةٍ قَالَ السُّلَالَةُ صفر صَفْوُ الْمَاءِ الرَّقِیقِ الَّذِی یَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ(3).

«109»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعاً: النُّطْفَةُ الَّتِی یَخْرُجُ مِنْهَا الْوَلَدُ تَرْعَدُ لَهَا الْأَعْضَاءُ وَ الْعُرُوقُ كُلُّهَا إِذَا خَرَجَتْ وَقَعَتْ فِی الرَّحِمِ (4).

«110»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِذَا تَمَّتِ النُّطْفَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بُعِثَ إِلَیْهَا مَلَكٌ فَنَفَخَ فِیهَا الرُّوحَ فِی الظُّلُمَاتِ الثَّلَاثِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ یَعْنِی نَفَخَ الرُّوحَ (5).

«111»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ یَقُولُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَ مَا خَرَجَ فَكَانَ مِنْ بَدْءِ خَلْقِهِ الْآخَرِ أَنِ اسْتَهَلَّ ثُمَّ كَانَ مِنْ خَلْقِهِ أَنْ دُلَ (6)

عَلَی ثَدْیِ أُمِّهِ ثُمَّ كَانَ مِنْ خَلْقِهِ أَنْ عَلِمَ كَیْفَ یَبْسُطُ رِجْلَیْهِ إِلَی أَنْ قَعَدَ إِلَی أَنْ حَبَا إِلَی أَنْ قَامَ عَلَی رِجْلَیْهِ إِلَی أَنْ مَشَی إِلَی أَنْ فُطِمَ فَعَلِمَ كَیْفَ یَشْرَبُ وَ یَأْكُلُ مِنَ الطَّعَامِ إِلَی أَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ إِلَی أَنْ بَلَغَ إِلَی أَنْ یَتَقَلَّبَ فِی الْبِلَادِ(7).

«112»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قَالَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ هُوَ نَبَاتُ الشَّعْرِ وَ بَعْضُهُمْ یَقُولُ هُوَ نَفْخُ الرُّوحِ (8).

«113»- وَ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ أَسِیدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَی النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِی الرَّحِمِ بِأَرْبَعٍ أَوْ بِخَمْسٍ وَ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً أَیْ رَبِّ أَ شَقِیٌّ أَمْ سَعِیدٌ أَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَی فَیَقُولُ اللَّهُ وَ یَكْتُبَانِ ثُمَّ یَكْتُبُ عَمَلَهُ وَ رِزْقَهُ وَ أَجَلَهُ وَ أَثَرَهُ وَ مُصِیبَتَهُ

ص: 383


1- 1. الدّر المنثور: ج 3، ص 144.
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 144.
3- 3. الدّر المنثور: ج 5، ص 6.
4- 4. الدّر المنثور: ج 5، ص 6.
5- 5. الدّر المنثور: ج 5، ص 7.
6- 6. فی المصدر: دله.
7- 7. الدّر المنثور: ج 5، ص 7.
8- 8. الدّر المنثور: ج 5، ص 7.

ثُمَّ تُطْوَی الصَّحِیفَةُ فَلَا یُزَادُ فِیهَا وَ لَا یَنْقُصُ مِنْهَا(1).

«114»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا مَكَثَ الْمَنِیُّ فِی الرَّحِمِ أَرْبَعِینَ لَیْلَةً أَتَاهُ مَلَكُ النُّفُوسِ فَعَرَجَ بِهِ إِلَی الرَّبِّ فَیَقُولُ یَا رَبِّ أَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَی فَیَقْضِی اللَّهُ مَا هُوَ قَاضٍ فَیَقُولُ أَ شَقِیٌّ أَمْ سَعِیدٌ فَیَكْتُبُ مَا هُوَ لَاقٍ وَ قَرَأَ أَبُو ذَرٍّ مِنْ فَاتِحَةِ التَّغَابُنِ خَمْسَ آیَاتٍ إِلَی قَوْلِهِ وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ(2).

«115»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِذَا جِئْنَاكُمْ بِحَدِیثٍ أَتَیْنَاكُمْ بِتَصْدِیقِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِی الرَّحِمِ أَرْبَعِینَ ثُمَّ تَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِینَ ثُمَّ تَكُونُ مُضْغَةً أَرْبَعِینَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَخْلُقَ الْخَلْقَ نَزَلَ الْمَلَكُ فَیَقُولُ لَهُ اكْتُبْ فَیَقُولُ مَا ذَا أَكْتُبُ فَیَقُولُ شَقِیّاً(3)

أَوْ سَعِیداً ذَكَراً أَوْ أُنْثَی وَ مَا رِزْقُهُ وَ أَثَرُهُ وَ أَجَلُهُ فَیُوحِی اللَّهُ بِمَا یَشَاءُ وَ یَكْتُبُهُ الْمَلَكُ ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِیهِ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَمْشَاجُهَا عُرُوقُهَا(4).

«116»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ قَالَ مَاءُ الرَّجُلِ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ حِینَ یَخْتَلِطَانِ (5).

«117»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِهِ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ قَالَ اخْتِلَاطُ مَاءِ الرَّجُلِ وَ مَاءِ الْمَرْأَةِ إِذَا وَقَعَ فِی الرَّحِمِ قَالَ وَ هَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ أَ مَا سَمِعْتَ أَبَا ذُوَیْبٍ وَ هُوَ یَقُولُ:

كَأَنَّ الرِّیشَ وَ الْفَوْقَیْنِ مِنْهُ***خِلَالُ النَّسْلِ خَالَطَهُ مَشِیجٌ (6).

«118»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ قَالَ مُخْتَلِفَةِ الْأَلْوَانِ (7).

ص: 384


1- 1. الدّر المنثور: ج 4، ص 345( مقطعا).
2- 2. الدّر المنثور: ج 6: ص 227.
3- 3. فی المصدر: اكتب شقیا ....
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 297.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 297.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 297.
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 298.

«119»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ: مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ قَالَ أَلْوَانُ نُطْفَةِ الرَّجُلِ بَیْضَاءُ وَ حَمْرَاءُ وَ نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ خَضْرَاءُ وَ حَمْرَاءُ(1).

«120»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِیهِ قَالَ طَوْراً نُطْفَةً وَ طَوْراً عَلَقَةً وَ طَوْراً مُضْغَةً وَ طَوْراً عِظَاماً ثُمَّ كَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً وَ ذَلِكَ أَشَدُّ مَا یَكُونُ إِذَا كُسِیَ اللَّحْمَ ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قَالَ أَنْبَتَ لَهُ الشَّعْرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ فَأَنْبَأَهُ اللَّهُ مِمَّا خَلَقَهُ وَ أَبْنَاهُ إِنَّمَا بَیَّنَ ذَلِكَ لِیَبْتَلِیَهُ بِذَلِكَ لِیَعْلَمَ كَیْفَ شُكْرُهُ وَ مَعْرِفَتُهُ لِحَقِّهِ فَبَیَّنَ اللَّهُ لَهُ مَا أَحَلَّ لَهُ وَ مَا حَرَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّا هَدَیْناهُ السَّبِیلَ إِمَّا شاكِراً لِنِعَمِ اللَّهِ وَ إِمَّا كَفُوراً بِهَا(2).

«121»- وَ عَنْ عِكْرِمَةَ: فِی قَوْلِهِ أَمْشاجٍ قَالَ الظُّفْرُ وَ الْعَظْمُ وَ الْعَصَبُ مِنَ الرَّجُلِ وَ اللَّحْمُ وَ الدَّمُ وَ الشَّعْرُ مِنَ الْمَرْأَةِ(3).

«122»- وَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَیْرِثِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یَخْلُقَ النَّسَمَةَ فَجَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ طَارَ مَاؤُهُ فِی كُلِّ عِرْقٍ وَ عَصَبٍ مِنْهَا فَإِذَا كَانَ الْیَوْمُ السَّابِعُ أَحْضَرَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ عِرْقٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ آدَمَ ثُمَّ قَرَأَ فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (4).

«123»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ: فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ قَالَ إِمَّا قَبِیحاً وَ إِمَّا حَسَناً وَ شِبْهَ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ عَمٍ (5).

«124»- وَ عَنْ عُلَیِّ بْنِ رِیَاحٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ مَا وُلِدَ لَكَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَسَی أَنْ یُولَدَ لِی إِمَّا غُلَامٌ وَ إِمَّا جَارِیَةٌ قَالَ فَمَنْ یُشْبِهُ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَسَی أَنْ یُشْبِهَ إِمَّا أَبَاهُ وَ إِمَّا أُمَّهُ فَقَالَ لَا تَقُولَنَّ هَذَا إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا اسْتَقَرَّتْ فِی الرَّحِمِ أَحْضَرَهَا اللَّهُ كُلَّ نَسَبٍ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ آدَمَ فَرَكَّبَ خَلْقَهُ فِی صُورَةٍ مِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ فِی كِتَابِ اللَّهِ فِی أَیِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ مِنْ نَسَبَكِ مَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ آدَمَ (6).

ص: 385


1- 1. الدّر المنثور: ج 6 ص 298.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6 ص 298.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6 ص 298.
4- 4. المصدر: ج 6، ص 323.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 323.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 323.

«125»- وَ عَنِ ابْنِ أَبِی حَاتِمٍ: فِی قَوْلِهِ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ صُلْبُ الرَّجُلِ وَ تَرَائِبُ الْمَرْأَةِ لَا یَكُونُ الْوَلَدُ إِلَّا مِنْهُمَا(1).

«126»- وَ عَنِ ابْنِ أَبْزَی قَالَ: الصُّلْبُ مِنَ الرَّجُلِ وَ التَّرَائِبُ مِنَ الْمَرْأَةِ(2).

«127»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ مَا بَیْنَ الْجِیدِ وَ النَّحْرِ(3).

«128»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: التَّرَائِبُ أَسْفَلُ مِنَ التَّرَاقِی (4).

«129»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ التَّرائِبِ قَالَ تَرِیبَةُ الْمَرْأَةِ وَ هُوَ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ(5).

«130»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ التَّرَائِبُ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ مِنَ الْمَرْأَةِ قَالَ وَ هَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

وَ الزَّعْفَرَانُ عَلَی تَرَائِبِهَا***شَرَقاً بِهِ اللَّبَّاتُ وَ النَّحْرُ(6).

«131»- وَ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ صُلْبِ الرَّجُلِ وَ تَرَائِبِ الْمَرْأَةِ أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ عَلَی تَرَائِبِهَا***شَرَقاً بِهِ اللَّبَّاتُ وَ النَّحْرُ(7)

«132»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّرَائِبُ بَیْنَ ثَدْیَیِ الْمَرْأَةِ(8).

وَ 133 عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ: التَّرَائِبُ الصَّدْرُ(9).

«17»- و عن عكرمة و ابن عیاض: مثله (10).

«134»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّرَائِبُ أَرْبَعَةُ أَضْلَاعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ أَسْفَلِ الْأَضْلَاعِ (11).

ص: 386


1- 1. المصدر: ج 6، ص 336.
2- 2. المصدر: ج 6، ص 336.
3- 3. المصدر: ج 6، ص 336.
4- 4. المصدر: ج 6، ص 336.
5- 5. المصدر: ج 6، ص 336.
6- 6. المصدر: ج 6، ص 336.
7- 7. المصدر: ج 6، ص 336.
8- 8. لم نجد هذه الروایة فی الدّر المنثور.
9- 9. الدّر المنثور: ج 6، ص 336.
10- 10. الدّر المنثور: ج 6، ص 336.
11- 11. الدّر المنثور: ج 6، ص 336.

«135»- وَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: یُخْلَقُ الْعِظَامُ وَ الْعَصَبُ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ وَ یُخْلَقُ اللَّحْمُ وَ الدَّمُ مِنْ مَاءِ الْمَرْأَةِ(1).

«136»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: فِی قَوْلِهِ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قَالَ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ صُلْبِهِ وَ نَحْرِهِ إِنَّهُ عَلی رَجْعِهِ لَقادِرٌ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَلَی بَعْثِهِ وَ إِعَادَتِهِ لَقَادِرٌ یَوْمَ تُبْلَی السَّرائِرُ قَالَ إِنَّ هَذِهِ السَّرَائِرَ مُخْتَبَرَةٌ فَأَسِرُّوا خَیْراً وَ أَعْلِنُوهُ فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ یَمْتَنِعُ بِهَا وَ لا ناصِرٍ یَنْصُرُهُ مِنَ اللَّهِ (2).

«137»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ إِنَّهُ عَلی رَجْعِهِ لَقادِرٌ قَالَ أَنْ یَجْعَلَ الشَّیْخَ شَابّاً وَ الشَّابَّ شَیْخاً(3).

«138»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّهُ عَلی رَجْعِهِ لَقادِرٌ قَالَ عَلَی رَجْعِ النُّطْفَةِ فِی الْإِحْلِیلِ (4).

بیان: قوله كأن الریش أقول أورد الجوهری البیت هكذا

كأن النصل و الفوقین منها***خلال الریش سیط به المشیج

فائدة

قال بعض المحققین مبدأ عقد الصورة فی منی الذكر و مبدأ انعقادها فی منی الأنثی و هما بالنسبة إلی الجنین كالإنفحة و اللّبن بالقیاس إلی الجبنّ و قیل إن لكل من المنیین قوة عاقدة و قابلة و إن كانت العاقدة فی الذكوری أقوی و المنعقدة فی الأنوثی أقوی و رجح ذلك بأنه لو لم یكن كذلك لم یمكن أن یتحدا شیئا واحدا و لم ینعقد منی الذكر حتی یصیر جزء من الولد و قال بعضهم و لهذا إذا كان مزاج الأنثی قویا ذكوریا كما تكون أمزجة النساء الشریفة النفس القویة القوی و كان مزاج كبدها حارا كان المنی المنفصل من الكلیة الیمنی مقام منی الرجل فی شدة قوة العقد و المنفصل من الیسری مقام منی الأنثی فی قوة الانعقاد فینخلق الولد بإذن اللّٰه و خصوصا إذا كانت النفس متأیدة بروح القدس متقومة به بحیث یسری اتصالها به إلی الطبیعة و البدن و یغیر المزاج و یمد جمیع القوی فی أفعالها بالمدد الروحانی

ص: 387


1- 1. الدّر المنثور: ج 6 ص 336.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6 ص 336.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6 ص 336.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6 ص 336.

فتصیر أقدر علی أفعالها بما لا ینضبط بالقیاس كما وقع للصدیقة مریم بنت عمران علی نبینا و آله و علی ابنها و علیها السلام حیث تمثل لها روح القدس بشرا سوی الخلق حسن الصورة فتأثر نفسها به فتحركت علی مقتضی الجبلة و سری الأثر من الخیال فی الطبیعة فتحركت شهوتها فأنزلت كما یقع فی المنام من الاحتلام انتهی.

و أقول قد مر أن نفوذ إرادة اللّٰه سبحانه و قدرته فی أمر لا یتوقف علی حصول تلك الأسباب العادیة حتی یتكلف أمثال تلك التكلفات التی ربما انتهی القول به إلی نسبة أمور إلی النساء المقدسات المطهرات لا یرضی اللّٰه بها و الكف عنها أحوط و أحری.

ثم قالوا ابتداء خلقه الجنین (1)

هو حصول الماء فی الرحم و شبه بالعجین إذا ألصق بالتنور ثم یتغیر عن حاله قلیلا و یشبه بالبذر إذا طرح فی الأرض و یسمی نطفة ثم تحصل فیه نقط دمویة من دم الحیض و یسمی علقة ثم یظهر فیه حمرة ظاهرة منه فیصیر شبیها بالدم الجامد و یعظم قلیلا و یهیج فیه ریح حارة و یسمی مضغة ثم یتم و یتمیز فیه الأعضاء الرئیسة الثلاثة(2)

و یظهر لسائر الأعضاء رسوم خفیة و یسمی جنینا ثم یظهر فیه رسوم سائر الأعضاء و یقوی و یصلب و یجری فیه الروح و یتحرك و یسمی صبیا ثم تنفصل الرسوم و تظهر الصورة و ینبت الشعر ثم ینفتح لسانه و تتم خلقته و تكمل خلقة الذكر قبل خلقة الأنثی و إذا كمل لم یكتف بما

ص: 388


1- 1. و الذی ثبت فی علم الفسیولوجیا أن فی منی الرجل حیوانات صغیرة جدا تسمی« اسبرماتزوئید» و أن المرأة تبیض كل شهر فی الرحم و تخرج بیضاتها بدم الحیض، فإذا وصل منی الرجل باحدی تلك البیضات اجتمع الاسبرماتزوئیدات حولها و دخل أقواها فیها و ربما دخل الاثنان او أكثر معا فیتعدّد الجنین و عندئذ یحصل للبیضة حالة لا یمكن معها دخول سائر الاسبرماتزوئیدات، و بعد ذلك لا یزال ینشأ و ینمو و یتزاید بصیرورته بالانفصال اثنین ثمّ أربعة و هكذا، ثمّ یظهر فیه نقطتان حمراوان إحداهما موضع القلب و الأخری موضع المخ، ثمّ یظهر رسوم الأعضاء ثمّ صورها حتّی یكتمل جمیع الأعضاء و ینفخ فیها الروح.
2- 2. و هی القلب و الكبد و المخ.

یجیئه من الغذاء من دم الحیض فیتحرك حركات صعبة قویة و انتهكت رباطات الرحم فكانت الولادة.

و قال بعضهم الرحم موضوعة فی ما بین المثانة و المعی المستقیم و هی مربوطة برباطات علی هیئة السلسلة و جسمها عصبی لیمكن امتدادها و اتساعها وقت الولادة و الحاجة إلی ذلك و تنضم إذا استغنت و لها بطنان ینتهیان إلی فم واحد و زائدتان تسمیان قرنی (1) الرحم و خلف هاتین الزائدتین بیضتا المرأة و هما أصغر من بیضتی الرجل و أشد تفرطحا و المفرطح العریض و منهما ینصب منی المرأة إلی تجویف الرحم و للرحم رقبة منتهیة إلی فرج المرأة و تلك الرقبة من المرأة بمنزلة الذكر من الرجل فإذا امتزج منی الرجل بمنی المرأة من تجویف الرحم كان العلوق ثم ینمی من دم الطمث و یتصل بالجنین عروق تأتی إلی الرحم فتغذوه حتی یتم و یكمل فإذا لم یكتف بما یجیئه من تلك العروق یتحرك حركات قویة طلبا للغذاء فیهتك أربطة الرحم التی قلنا إنها علی هیئة السلسلة و یكون منها الولادة انتهی.

و اعلم أنهم اتفقوا علی أن المنی یتولد من فضلة الهضم الرابع فی الأعضاء قال بقراط فی كتابه فی المنی إن جمهور مادة المنی هو من الدماغ فإنه ینزل منه إلی العرقین اللذین خلف الأذنین ثم منهما إلی النخاع لئلا یبعد من الدماغ و ما یشبهه مسافة طویلة فیغیر مزاجه ثم منه إلی الكلیتین بعد نفوذه فی العرقین الطالعین المتشعبین من الأجوف إلی العروق التی تأتی الأنثیین و لهذا قیل إن قطعهما یقطع النسل. و نقل الطبری عن بقراط أن الصقالبة إذا أرادوا أن یرتبوا(2) أولادهم للدعوة أو للناموس بتروا منهم هذین العرقین فینقطع هذا المقطوع العرق عن الجماع و یصیر بصورة النساء فیتبركون به و یتوسلون به إلی اللّٰه تعالی و یرون أن دعاءه مستجاب و أن اللّٰه قد اصطفاه و اختاره و طهره من الخبائث و جالینوس أنكر ذلك و خطّأ قول بقراط.

ص: 389


1- 1. قرطی الرحم( خ).
2- 2. یربوا( ظ).

و قال الشیخ أنا أری أن المنی لیس یجب أن یكون من الدماغ وحده و إن كانت خمیرته منه و صح ما یقوله بقراط من أمر العرقین بل یجب أن یكون له من كل عضو رئیس عین و من الأعضاء الأخری ترشح أیضا إلی هذه الأصول.

و قال القرشی فی شرح القانون إنما یكون تولد المنی من الرطوبة المبثوثة علی الأعضاء كالطل و معلوم أنه لیس فی كل عضو من الأعضاء مجری یسیل فیه ما هناك من تلك الرطوبة إلی الأنثیین ثم إلی القضیب فلا یمكن أن یكون وصولها إلی هناك إلا بأن تتبخر تلك الرطوبة من الأعضاء حتی تتصعد إلی الدماغ و هناك تفارقها الحرارة المتبخرة فتبرد و تتكاثف و تعود إلی قوامها قبل التبخر ثم من هناك ینزل إلی العروق التی خلف الأذنین و ینفذ إلی النخاع فی عروق هناك لئلا یتغیر عن التعدل الذی أفاده الدماغ فلا یتبخر بالحرارة كرة أخری فإذا نزلت من هناك حتی وصلت إلی قرب الأنثیین صادف هناك عروقا واصلة من الكلیتین إلی الأنثیین و تلك العروق مملوءة من الدم فتتسخن فی الكلیتین و تعدل فیحیله ذلك النازل من الدماغ إلی مشابهة بعض استحالة ثم بعد ذلك ینفذ إلی الأنثیین و یكمل فیهما تعدله و بیاضه و نضجه و منهما یندفع إلی أوعیته.

و أید ذلك بما نقل من كتاب منسوب إلی هرمس فی سر الخلیقة قد فسره بلیناس و هو أن المنی إذا خرج من معادنه عند الجماع ائتلف بعضه إلی بعض و سما إلی الدماغ و أخذ الصورة منه ثم نزل فی الذكر و خرج منه.

و قال شارح الأسباب مادة المنی یأتی من الكبد إلی الكلیتین فی شعب من الأجوف النازل و یتصفی فیهما من المائیة ثم منهما إلی المجری الذی بینهما و بین الأنثیین و هو عرق كثیر المعاطف و الاستدارات لیطول المسافة بینهما فینضج فیه المنی و یبیض بعد احمراره ثم منه إلی الأنثیین فهما یعینان علی تمام تكون المنی بإسخانها الدم النافذ فی هذه العروق انتهی.

و قالوا و نبت من الأنثیین وعاءان مثل البربخین شبیهین بجوهر الأنثیین یصعدان أولا إلی العانة و إلی معلق البیضتین ثم ینزلان متوربین إلی عنق المثانة أسفل من

ص: 390

مجری البول ثم یتصلان إلی المجری الذی فی أصل القضیب و یسمی هذان الوعاءان أوعیة المنی و هذان فی الرجال أطول و أوسع منهما فی النساء و فی القضیب مجار ثلاثة مجری المنی و مجری البول و مجری الودی كذا ذكر الشیخ فی القانون و قال صاحب ترویح الأرواح فی القضیب مجریان أحدهما مجری البول و الودی و الآخر مجری المنی و كلامهم فی ذلك كثیر اكتفینا بذلك لتطلع فی الجملة علی بعض مصطلحاتهم فتستعملها فی فهم ما مر و سیأتی من الآیات و الأخبار و اللّٰه یعلم حقائق الأمور.

و فی القاموس البربخ منفذ الماء و مجراه و هو الأردبة و البالوعة من الخزف.

كلمة المصحّح

بسمه تعالی إلی هنا تمّ الجزء الرابع من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار و هو الجزء السابع و الخمسون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة البهیّة. و قد قابلناه علی النسخة الّتی صحّحها الفاضل الخبیر الشیخ محمّد تقیّ الیزدیّ بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولیّ التوفیق.

محمد الباقر البهبودی

ص: 391

كلمة المحقّق

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

الحمد للّٰه كما هو أهله و كما ینبغی لكرم وجهه و عزّ جلاله و الصلاة و السلام علی رسوله و آله.

و بعد فقد بذلنا غایة المجهود فی تصحیح هذا الجزء من كتاب «بحار الأنوار» و هو الجزء السابع و الخمسون حسب تجزئتنا فی هذا الطبعة و تنمیقه و التعلیق علیه و مقابلته بالنسخ و المصادر. نشكر اللّٰه تعالی علی ما وفّقنا لذلك و نسأله أن یدیم توفیقنا و یزیدنا من فضله و اللّٰه ذو الفضل العظیم.

قم المشرفة: محمد تقی الیزدی

ص: 392

مراجع التصحیح و التخریج و التعلیق

قوبل هذا الجزء بعدّة نسخ مطبوعة و مخطوطة، منها النسخة المطبوعة بطهران سنة (1305) المعروفة بطبعة أمین الضرب، و منها النسخة المطبوعة بتبریر و منها النسخة المخطوطة النفیسة لمكتبة صاحب الفضیلة السیّد جلال الدین الأرمویّ الشهیر ب «المحدّث» و اعتمدنا فی التخریج و التصحیح و التعلیق علی كتب كثیرة نسرد بعض أسامیها:

«1»- القرآن الكریم.

«2»- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّی المطبوع سنة 1311 فی ایران

«3»- تفسیر فرات الكوفیّ المطبوع سنة 1354 فی النجف

«4»- تفسیر مجمع البیان المطبوع سنة 1373 فی طهران

«5»- تفسیر أنوار التنزیل للقاضی البیضاویّ المطبوع سنة 1285 فی استانبول

«6»- تفسیر مفاتیح الغیب للفخر الرازیّ المطبوع سنة 1294 فی استانبول

«7»- الاحتجاج للطبرسیّ المطبوع سنة 1350 فی النجف

«8»- اصول الكافی للكلینی المطبوع سنة- فی طهران

«9»- الاقبال للسیّد بن طاوس المطبوع سنة 1312 فی طهران

«10»- تنبیه الخواطر لورّام بن أبی فراس المطبوع سنة- فی طهران

«11»- التوحید للصدوق المطبوع سنة 1375 فی طهران

«12»- ثواب الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1375 فی طهران

«13»- الخصال الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1374 فی طهران

«14»- الدرّ المنثور للسیوطیّ

«15»- روضة الكافی للكلینی المطبوع سنة 1374 فی طهران

ص: 393

«16»- علل الشرائع الصدوق المطبوع سنة 1378 فی قم

«17»- عیون الأخبار للصدوق المطبوع سنة 1377 فی قم

«18»- فروع الكافی للكلینی المطبوع سنة- فی-

«19»- المحاسن للبرقیّ المطبوع سنة 1371 فی طهران

«20»- معانی الاخبار للصدوق المطبوع سنة 1379 فی طهران

«21»- مناقب آل أبی طالب لابن شهرآشوب المطبوع سنة 1378 فی قم

«22»- من لا یحضره الفقیه للصدوق المطبوع سنة 1376 فی طهران

«23»- نهج البلاغة للشریف الرضی المطبوع سنة- فی مصر

«24»- اسد الغایة لعزّ الدین ابن الأثیر المطبوع سنة- فی طهران

«25»- تنقیح المقال للشیخ عبد اللّٰه المامقانی المطبوع سنة 1350 فی النجف

«26»- تهذیب الاسماء و اللغات للحافظ محیی الدین بن شرف النوری المطبوع فی مصر

«27»- جامع الرواة للاردبیلی المطبوع سنة 1331 فی طهران

«28»- خلاصة تذهیب الكمال للحافظ الخزرجی المطبوع سنة 132 فی مصر

«29»- رجال النجاشی المطبوع-- فی طهران

«30»- روضات الجنات للمیرزا محمّد باقر الموسوی المطبوع سنة 1367 فی طهران

«31»- الكنی و الألغاب للمحدّث القمی المطبوع-- فی صیدا

«32»- لسان المیزان لابن حجر العسقلانی المطبوع-- فی حیدرآباد الدكن

«33»- الرواشح السماویة للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوع سنة 1311 فی ایران

«34»- القبسات للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوع سنة 1315 فی ایران

«35»- رسالة مذهب ارسطاطا لیس للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوعة بهامش القبسات

«36»- اثولوجیا المنسوب إلی ارسطاطا لیس المطبوعة بهامش القبسات

ص: 394

«37»- رسالة الحدوث لصدر المتألهین المطبوع سنة 1302 فی ایران

«38»- الشفاء للشیخ الرئیس ابی علی بن سینا المطبوع سنة 1303 فی ایران

«39»- شرح التجرید تألیف المحقق الطوسی للعلامة الحلّیّ المطبوع سنة 1367 فی قم

«40»- عین الیقین للمولی محسن الفیض الكاشانی المطبوع سنة 1313 فی طهران

«41»- مروج الذهب للمسعودی المطبوع سنة 1346 فی مصر

«42»- القاموس لمحیط للفیروزآبادی المطبوع سنة 1332 فی مصر

«43»- الصحاح للجوهریّ المطبوع سنة 1377 فی مصر

«44»- النهایة لمجد الدین ابن الاثیر المطبوع سنة 1311 فی مصر

ص: 395

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

«29»- باب الریاح و أسبابها و أنواعها 22- 1

«30»- باب الماء و أنواعه و البحار و غرائبها و ما ینعقد فیها و علّة المدّ و الجزر و الممدوح من الأنهار و المذموم منها 50- 23

«31»- باب الأرض و كیفیّتها و ما أعدّ اللّٰه للناس فیها و جوامع أحوال العناصر و ما تحت الأرضین 100- 51

«32»- باب آخر فی قسمة الأرض إلی الأقالیم و ذكر جبل قاف و سائر الجبال و كیفیّة خلقها و سبب الزلزلة و علّتها 150- 100

«33»- باب تحریم أكل الطین و ما یحلّ أكله منه 163- 150

«34»- باب المعادن و أحوال الجمادات و الطبائع و تأثیراتها و انقلابات الجواهر و بعض النوادر 198- 164

«35»- باب نادر 200- 198

«36»- باب الممدوح من البلدان و المذموم منها و غرائبها 240- 201

«37»- باب نادر (مسائل ابن سلام عن النبیّ صّلی الّله علیه و آله) 263- 241

أبواب الإنسان و الروح و البدن و أجزائه و قواهما و أحوالهما

«38»- باب أنّه لم سمّی الإنسان إنسانا و المرأة مرأة و النساء نساء و الحوّاء حوّاء 268- 264

«39»- باب فضل الإنسان و تفضیله علی الملك و بعض جوامع أحواله 308- 268

«40»- باب آخر (فی تفشیل الأنسان علی الملك) 317- 308

«41»- باب بدء خلق الإنسان فی الرحم إلی آخر أحواله 391- 317

ص: 396

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 397

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.