بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 56

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 56: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب السماء و العالم

تتمة أبواب الأزمنة و أنواعها و سعادتها و نحوستها و سائر أحوالها

باب 14 الأیام و الساعات و اللیل و النهار

اشارة

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَاعَاتُ اللَّیْلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَ أَفْضَلُ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّهُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ هَبَّتِ الرِّیَاحُ وَ نَظَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی خَلْقِهِ وَ إِنِّی لَأُحِبُّ أَنْ یَصْعَدَ لِی عِنْدَ ذَلِكَ إِلَی السَّمَاءِ عَمَلٌ صَالِحٌ ثُمَّ قَالَ عَلَیْكُمْ بِالدُّعَاءِ فِی أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ مُسْتَجَابٌ (1).

«2»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ الْمَاضِی علیه السلام لِمَ جُعِلَتْ صَلَاةُ الْفَرِیضَةِ وَ السُّنَّةِ خَمْسِینَ رَكْعَةً لَا یُزَادُ فِیهَا وَ لَا یُنْقَصُ مِنْهَا قَالَ إِنَّ سَاعَةَ اللَّیْلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَ فِیمَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ سَاعَةً وَ سَاعَاتِ النَّهَارِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً فَجَعَلَ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَتَیْنِ وَ مَا بَیْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَی سُقُوطِ الشَّفَقِ غَسَقٌ (2).

«3»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ إِلَی قَوْلِهِ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْخَادِمِ: وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ فَجَعَلَ لِلْغَسَقِ رَكْعَةً(3).

بیان: المراد بالركعة ركعتا الوتیرة فإنهما تعدان بركعة و المراد بالساعة فی الخبرین الساعات المعوجة(4)

الزمانیة كما سیأتی بیانها و عدم


1- 1. الخصال: 86.
2- 2. الخصال: 86.
3- 3. العلل: ج 2، ص 17.
4- 4. سمی بها لاختلاف مقادیرها طولا و قصرا باختلاف الفصول بخلاف الساعات المستویة.

إدخال الساعتین فی اللیل و النهار مبنی علی اصطلاح خاص كان عند القدماء و أهل الكتاب و نقل أبو ریحان البیرونی فی القانون المسعودی عن براهمة الهند أن ما بین طلوع الفجر و طلوع الشمس و كذلك ما بین غروب الشمس و غروب الشفق خارجان عن اللیل و النهار بل هما بمنزلة الفصل المشترك بینهما و ذكره البرجندی فی بعض تعلیقاته.

«4»- الْعِلَلُ، فِی خَبَرِ ابْنِ سَلَامٍ: سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَ سُمِّیَ اللَّیْلُ لَیْلًا قَالَ لِأَنَّهُ یُلَایِلُ الرِّجَالَ مِنَ النِّسَاءِ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أُلْفَةً وَ لِبَاساً وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً(1) وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً(2).

بیان: الملایلة المعاملة لیلا كالمیاومة المعاملة یوما و یظهر منه أن اللیل من الملایلة مع أن الظاهر العكس و یمكن أن یكون تنبیها علی أن أصل اللیل الستر.

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا تَسُبُّوا الرِّیَاحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَ لَا تَسُبُّوا الْجِبَالَ وَ لَا السَّاعَاتِ وَ لَا الْأَیَّامَ وَ لَا اللَّیَالِیَ فَتَأْثَمُوا وَ تَرْجِعَ عَلَیْكُمْ (3).

بیان: حاصله أن تلك الأمور إن كان فیها شر أو نحوسة أو ضرر فكل ذلك بتقدیر خالقها و هی مجبولة علیها فلعنها لعن من لا یستحقه و من لعن من لا یستحقه یرجع اللعن علیه.

«6»- تُحَفُ الْعُقُولِ، قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مَسْعُودٍ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ قَدْ نُكِیَتْ إِصْبَعِی وَ تَلَقَّانِی رَاكِبٌ وَ صَدَمَ كَتِفِی وَ دَخَلْتُ فِی زَحْمَةٍ فَخَرَقُوا عَلَیَّ بَعْضَ ثِیَابِی فَقُلْتُ كَفَانِی اللَّهُ شَرَّكَ مِنْ یَوْمٍ فَمَا أَشْأَمَكَ فَقَالَ لِی یَا حَسَنُ هَذَا وَ أَنْتَ تَغْشَانَا تَرْمِی بِذَنْبِكَ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ قَالَ الْحَسَنُ فَأَثَابَ

ص: 2


1- 1. النبإ: 10- 11.
2- 2. العلل: ج 2، ص 155.
3- 3. العلل: ج 2، ص 264.

إِلَیَّ عَقْلِی وَ تَبَیَّنْتُ خَطَائِی فَقُلْتُ مَوْلَایَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَقَالَ یَا حَسَنُ مَا ذَنْبُ الْأَیَّامِ حَتَّی صِرْتُمْ تَتَشَأَّمُونَ بِهَا إِذَا جُوزِیتُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فِیهَا قَالَ الْحَسَنُ أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَبَداً وَ هِیَ تَوْبَتِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ وَ اللَّهِ مَا یَنْفَعُكُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یُعَاقِبُكُمْ بِذَمِّهَا عَلَی مَا لَا ذَمَّ عَلَیْهَا فِیهِ أَ مَا عَلِمْتَ یَا حَسَنُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُثِیبُ وَ الْمُعَاقِبُ وَ الْمُجَازِی بِالْأَعْمَالِ عَاجِلًا وَ آجِلًا قُلْتُ بَلَی یَا مَوْلَایَ قَالَ لَا تَعُدْ وَ لَا تَجْعَلْ لِلْأَیَّامِ صُنْعاً فِی حُكْمِ اللَّهِ (1).

بیان: هذا أی تقول هذا و أنت تغشانا أی تدخل علینا فأثاب أی أرجع الإمام إلی عقلی و یدل علی أنه لیس لحركات الأفلاك و حدوث الأزمنة مدخل فی الحوادث و هذا لا ینافی ما وقع من التحرز عن بعض الساعات و الأیام للأعمال لأنها بأمره تعالی تحرزا عما قدر اللّٰه حدوثه فیها كما قال

أمیر المؤمنین ع أفر من قضاء اللّٰه إلی قدره.

«7»- النهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ مَسَافَةِ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ مَسِیرَةُ یَوْمٍ لِلشَّمْسِ (2).

بیان: لعل عدوله علیه السلام عن الجواب الحقیقی إلی الإقناعی للإشعار بقلة الفائدة فی معرفة تلك المسافة نحو ما قیل فی قوله تعالی قُلْ هِیَ مَواقِیتُ لِلنَّاسِ (3) أو لعسر إثباتها علی وجه لا یبقی للمنافقین من الحاضرین سبیل إلی الإنكار كما صرح علیه السلام به فی جواب من سأل عن عدد شعر لحیته أو لعدم استعداد الحاضرین لفهمه بحجة و دلیل و عدم المصلحة فی ذكره بلا دلیل.

«8»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: عِلَّةُ فَضْلِ اللَّیْلِ عَلَی النَّهَارِ أَنَّ بِاللَّیْلِ یَكُونُ الْبَیَاتُ وَ یُرْفَعُ الْعَذَابُ وَ تَقِلُّ الْمَعَاصِی وَ فِیهِ لَیْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِی هِیَ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(4).

ص: 3


1- 1. تحف العقول: 482.
2- 2. نهج البلاغة: ج 1، ص 207.
3- 3. البقرة: 189.
4- 4. لم یوجد فی العلل.

بیان: لعل المراد بالبیات البیتوتة و النوم و الاستراحة أو البیات إلی الطاعات و الظاهر أنه كان السبات فصحفه النساخ قال الجوهری السبات النوم و أصله الراحة و منه قوله تعالی وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً(1) و یرفع العذاب عذاب المخلوقین علی الغالب.

«9»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِیِّ قَالَ: لَمَّا أَخْرَجَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام إِلَی الشَّامِ سَأَلَهُ عَالِمٌ مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَی عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ سَاعَةٍ مَا هِیَ مِنَ اللَّیْلِ وَ لَا مِنَ النَّهَارِ أَیُّ سَاعَةٍ هِیَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَالَ النَّصْرَانِیُّ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ لَا مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ فَمِنْ أَیِّ السَّاعَاتِ هِیَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مِنْ سَاعَاتِ الْجَنَّةِ وَ فِیهَا تُفِیقُ مَرْضَانَا الْخَبَرَ(2).

توضیح: قد عرفت أن هذا اصطلاح آخر فی اللیل و النهار و ساعاتهما كان معروفا بین أهل الكتاب فأجابه علیه السلام علی مصطلحهم و الحاصل أن هذه الساعة لا تشبه شیئا من ساعات اللیل و النهار بل هی شبیهة بساعات الجنة و إنما جعلها اللّٰه فی الدنیا لیعرفوا بها طیب هواء الجنة و لطافته و اعتداله.

«10»- إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ إِلَی الْكَاظِمِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی فَرَضَ عَلَی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِی خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ اثْنَتَانِ بِاللَّیْلِ وَ ثَلَاثٌ بِالنَّهَارِ ثُمَّ جَعَلَ هَذِهِ الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ تَعْدِلُ خَمْسِینَ صَلَاةً وَ جَعَلَهَا كَفَّارَةَ خَطَایَاهُمْ الْخَبَرَ.

«11»- الْخِصَالُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِیدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ قَالَ أَمْلَی عَلَیْنَا تَغْلِبُ: سَاعَاتِ اللَّیْلِ الْغَسَقَ وَ الْفَحْمَةَ وَ الْعَشْوَةَ وَ الْهَدْأَةَ(3) وَ السِّبَاعَ

ص: 4


1- 1. النبإ: 9.
2- 2. روضة الكافی: 123.
3- 3. فی المصدر: المهدأة.

وَ الْجِنْحَ وَ الْهَزِیعَ وَ الْعُفْرَ(1) وَ الزُّلْفَةُ وَ السُّحْرَةَ وَ الْبُهْرَةَ وَ سَاعَاتِ النَّهَارِ الرَّأْدَ وَ الشُّرُوقَ وَ الْمُتُوعَ (2) وَ التَّرَجُّلَ وَ الدُّلُوكَ وَ الْجُنُوحَ وَ الْهَجِیرَةَ وَ الظَّهِیرَةَ وَ الْأَصِیلَ وَ الطَّفَلَ.

توضیح: قال الفیروزآبادی الغسق محركة ظلمة أول اللیل و قال الفحمة من اللیل أوله أو أشد سواده أو ما بین غروب الشمس إلی نوم الناس خاص بالصیف جمع فحام و فحوم و قال العشوة بالفتح الظلمة كالعشاء(3)

ما بین أول اللیل إلی ربعه و العشاء أول الظلام أو من المغرب إلی العتمة أو من زوال الشمس إلی طلوع الفجر و العشیة آخر النهار و العشاءان المغرب و العتمة و فی المصباح المنیر العشی قیل ما بین الزوال إلی الصباح و قیل العشی و العشاء من صلاة المغرب إلی العتمة و علیه قول ابن فارس العشاءان المغرب و العتمة قال ابن الأنباری العشیة مؤنثة و ربما ذكرتها العرب و قال بعضهم العشیة واحدة جمعها عشی و العشاء بالكسر و المد أول ظلام اللیل و العشاء بالفتح و المد الطعام الذی یتعشی به وقت العشاء و قال أتانا بعد هدء من اللیل و هدء و هدأة و هدی ء و مهدأ و هدوء أی حین هدأ اللیل و الرجل أو الهدء أول اللیل إلی ثلثه و أما السباع فلم أجده فیما عندنا من كتب اللغة و كأنه من السباع ككتاب بمعنی الجماع لأنه وقته أو من السبع لأنه مضی من اللیل سبع ساعات أو هو بالیاء المثناة التحتانیة قال فی القاموس بعد سیعاء من اللیل بالكسر و كسیراء بعد قطع منه و بعد سوع من اللیل و سواع كغراب بعد هدء و قال جنوح اللیل إقباله و الجنح بالكسر الجانب و من اللیل الطائفة و یضم و قال الراغب فی مفرداته الجنح قطعة من اللیل مظلمة و فی القاموس هزیع من اللیل كأمیر طائفة أو نحو ثلثه أو ربعه و العفر فی بعض النسخ بالعین المهملة و الفاء و فی بعضها بالمعجمة و

ص: 5


1- 1. فی المصدر: العقد.
2- 2. فی المصدر: المنزع.
3- 3. فی المصدر: كالعشواء أو ما بین ...

علی التقادیر آخره راء مهملة و فی بعضها الفغد بالفاء ثم الغین المعجمة و فی بعضها بالفاء ثم القاف و فی بعضها بالنون ثم القاف و علی التقادیر آخره دال مهملة و لم أجد لشی ء منها معنی مناسبا و فی القاموس الیعفور جزء من أجزاء اللیل فالأول أنسب إن لم یكن تصحیفه و فی القاموس الزلفة بالضم الطائفة من اللیل و الجمع زلف كغرف و غرفات و غرفات و غرفات أو الزلف ساعات اللیل الآخذة من النهار و ساعات النهار الآخذة من اللیل و قال الجوهری الزلفة الطائفة من أول اللیل و قال السحر قبل الصبح و السحرة بالضم السحر الأعلی و قال الراغب فی المفردات السحر و السحرة اختلاط ظلام آخر اللیل بضیاء النهار و جعل اسما

لذلك الوقت یقال لقیته بأعلی سحرین. و فی القاموس ابهارَّ اللیل انتصف أو تراكبت (1)

ظلمته أو ذهبت عامته أو بقی نحو ثلثه و البهرة بالضم من اللیل وسطه و قال رائد الضحی و رأده ارتفاعه و قال الشرق الشمس و یحرك و إسفارها و شرقت الشمس شرقا و شروقا طلعت كأشرقت و قال متع النهار كمنع متوعا ارتفع قبل الزوال و الضحی بلغ آخر غایته و هو عند الضحی الأكبر أو ترجل و بلغ الغایة و قال ترجل النهار ارتفع و قال دلكت الشمس دلوكا غربت أو اصفرت أو مالت أو زالت من كبد السماء انتهی.

و أقول قد ورد فی الأخبار أن دلوك الشمس زوالها و الجنوح لعله هنا بمعنی المیل لمیل الشمس إلی المغرب و لم أر بهذا المعنی فی كتب اللغة و فی القاموس الهجیر و الهجیرة و الهجر و الهاجرة نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو من عند زوالها إلی العصر لأن الناس یستكنون فی بیوتهم كأنهم قد تهاجروا شدة الحر(2) و قال الظهر ساعة الزوال و الظهیرة حد انتصاف النهار و إنما(3) ذلك فی القیظ و قال الراغب الظهیرة وقت الظهر و قال یقال للعشیة

ص: 6


1- 1. تراكمت( خ).
2- 2. فی المصدر« و شدة الحر».
3- 3. فی المصدر« او انما».

أصیل و أصیلة و قال الجوهری الأصیل الوقت بعد العصر إلی المغرب و جمعه أصل و آصال و قال الطفل بالتحریك بعد العصر إذا طفلت الشمس للمغرب (1)

یقال أتیته طفلا.

أقول: و رأیت فی بعض الكتب أن العرب قسموا كلا من اللیل و النهار باثنتی عشرة ساعة و سموا كلا منها باسم فساعات النهار البكور و الشروق و الغدو و الضحی و الهاجرة و الظهیرة و الرواح و العصر و القصر و الأصیل و العشی و الغروب و ساعات اللیل الشفق و الغسق و العتمة و السدفة و الجهمة و الزلفة و البهرة و السحر و السحرة و الفجر و الصبح و الصباح و بعضهم ذكروا فی ساعات النهار الذرور و البزوغ و الضحی و الغزالة و الهاجرة و الزوال و الدلوك و العصر و الأصیل و الصبوب و الحدود و الغروب و بعضهم هكذا البكور و الشروق و الإشراق و الراد و الضحی و المتوع و الهاجرة و الأصیل و العصر و القصر و الطفل و الغروب ففی القاموس البكرة بالضم الغدوة كالبكر محركة و اسمها الإبكار و بكر إلیه و علیه و فیه و بكر و ابتكر أتاه بكرة و كل من بادر إلی شی ء فقد أبكر إلیه فی أی وقت كان. و قال الغدوة بالضم البكرة أو ما بین صلاة الفجر و الطلوع الشمس كالغداة و الغدیة و الجمع غدوات و غدیات و غدایا و غدوا و لا یقال غدایا إلا مع عشایا و غدا علیه غدوا و غدوة بالضم و اغتدی بكر و قال الضحو و الضحوة و الضحیة كعشیة ارتفاع النهار و الضحی فویقه و الضحاء بالمد إذا قرب انتصاف النهار و قال الرواح العشی (2)

من الزوال إلی اللیل و قال العصر العشی إلی احمرار الشمس و قال الجوهری قصر الظلام اختلاطه و قد قصر العشی یقصر قصورا إذا أمسیت و یقال أتیته قصرا أی عشیا و قال الشفق بقیة ضوء الشمس له حمرتها فی أول اللیل إلی قریب من العتمة. و قال الخلیل الشفق الحمرة من

ص: 7


1- 1. فی المصدر« للغروب».
2- 2. فی المصدر: أو من الزوال.

غروب الشمس إلی وقت العشاء الآخرة فإذا ذهب قیل غاب الشفق و قال العتمة وقت صلاة العشاء قال الخلیل العتمة هو الثلث الأول من اللیل بعد غیبوبة الشفق و قد عتم اللیل یعتم و عتمته ظلامه. و قال قال الأصمعی السدفة و السدفة فی لغة نجد الظلمة و فی لغة غیرهم الضوء و هو من الأضداد و كذلك السدف بالتحریك و قال أبو عبید بعضهم یجعل السدفة اختلاط الضوء و الظلمة معا كوقت ما بین طلوع الفجر إلی الإسفار و قد أسدف اللیل أی أظلم و قال الفیروزآبادی الجهمة أول مآخیر اللیل أو بقیة سواده من آخره و یضم و قال الفجر ضوء الصباح و هو حمرة الشمس فی سواد اللیل و قد انفجر الصبح و تفجر و انفجر عنه اللیل و أفجروا دخلوا فیه و أنت مفجر إلی طلوع الشمس و قال الصبح الفجر أو أول النهار و الجمع أصباح و هو الصبیحة و الصباح و الإصباح انتهی.

و أقول الظاهر أن مرادهم بالفجر الأول و بالصبح الثانی و بالصباح الإسفار و للصبح عند العرب أسماء كثیرة الفلق بالتحریك و السطیع و الصدیع و المغرب و الصرام و الصریم و الشمیط و السدف و الشق و الفتق و الذرور من ذرت الشمس تذر ذرورا إذا طلعت و بزوغ الشمس أیضا طلوعها.

و فی القاموس الغزالة كسحابة الشمس لأنها تمد حبالا كأنها تغزل أو الشمس عند طلوعها أو عند ارتفاعها و غزالة الضحی و غزالاته أولها أو بعد(1) ما تنبسط الشمس و تضحی أو أولها إلی مضی خمس النهار انتهی.

و الصبوب و الحدود لم أر لهما معنی مناسبا و یقال للغداة و العشی البردان و الأبردان و العصران و الصرعان و القرتان و الكرتان و یقال وسق اللیل لساعة منه و سهواء اللیل و روبته بالفتح و الضم بغیر همز اسمان لبعض ساعات اللیل و الهبة بكسر الهاء و تشدید الباء الساعة تبقی من السحر و یقال رأیت بلجة الصبح بالفتح و الضم إذا رأیت ضوءه. فهذا ما وجدنا من أسماء ساعات اللیل و النهار عند

ص: 8


1- 1. فی المصدر« او بعید ...».

العرب و للیل و النهار أیضا عندهم أسماء الدائبان و الصرفان و الجدیدان و الأجدان و الحادیان و الأصرمان و الملوان و العصران و الردفان و الصرعان و الأثرمان و المتبادیان و الفتیان و الطریدان و ابنا سبات و ابنا جمیر و ابنا سمیر فالدائبان لدءوبهما و جدهما فی السیر و الصرفان لصروف الدهر فیهما و الجدیدان لحدوثهما و تجددهما و لذلك سمی الأجدان و الحادیان لسوقهما الناس إلی الموت و الأصرمان لقطعهما الأعمار و الملوان من قولهم عشت معه ملاوة من الدهر أی حینا و برهة و یقال سكت ملیا أی طویلا و العصران من العصر بمعنی الدهر و الردفان لترادفهما و توالیهما و الصرعان إبلان ترد أحدهما حین تصدر الأخری و الصرعان أیضا المثلان و الأثرمان أی القدیمان الشائبان فإن الثرم سقوط الثنایا من الأسنان و المتبادیان من البدو بمعنی الظهور و الفتیان لأنهما یتجددان شابین و الطریدان لأنهما یطردان و یدفعان سریعا و السبات بالضم الدهر و الجمیر من قولهم أجمر القوم

علی الشی ء إذا اجتمعوا علیه و هذا جمیر القوم أی مجتمعهم و السمیر من المسامرة و هو الحدیث باللیل و السمیر أیضا الدهر و ابناه اللیل و النهار.

فوائد جلیلة

الأولی اعلم أن الیوم نوعان حقیقی و وسطی فالحقیقی عند بعض المنجمین من زوال الشمس من دائرة نصف النهار فوق الأرض إلی وصولها إلیها و عند بعضهم من زوال مركز الشمس من دائرة نصف النهار تحت الأرض إلی وصولها إلیها و علی التقدیرین یكون الیوم بلیلته بمقدار دورة من المعدل مع المطالع الإستوائیة لقوس یقطعه الشمس من فلك البروج بحركتها الخاصة من نصف الیوم إلی نصف الیوم أو من نصف اللیل إلی نصف اللیل و الوسطی هو مقدار دورة من المعدل مع مطالع قوس تقطعه الشمس بالسیر الوسطی و بسبب الاختلاف بین الحركة الوسطیة و الحركة التقویمیة یختلف الیوم بالمعنی الأول و الثانی اختلافا

ص: 9

یسیرا یظهر فی أیام كثیرة لكن الیوم بالاصطلاحین لا یختلف باختلاف الآفاق و بعضهم یأخذون الیوم من طلوع الشمس إلی طلوعها و بعضهم من غروبها إلی غروبها و ذلك یختلف باختلاف الآفاق كما تقرر فی محله.

قال أبو ریحان البیرونی إن الیوم بلیلته هو عودة الشمس بدوران الكل إلی دائرة فرضت ابتداء لذلك الیوم بلیلته أی دائرة كانت إذا وقع علیها الاصطلاح و كانت عظیمة لأن كل واحدة من العظام أفق بالقوة أعنی بالقوة أنه یمكن فیها أن یكون أفقا لمسكن ما و بدوران الكل حركة الفلك بما فیه المرئیة من المشرق إلی المغرب علی قطبیه.

ثم إن العرب فرضت أول مجموع الیوم و اللیلة نقط المغارب علی دائرة الأفق فصار الیوم عندهم بلیلته من لدن غروب الشمس عن الأفق إلی غروبها من الغد و الذی دعاهم إلی ذلك هو أن شهورهم مبتنیة علی مسیر القمر مستخرجة من حركاته المختلفة مقیدة برؤیة الأهلة لا الحساب و هی تری لدی غروب الشمس و رؤیتها عندهم أول الشهر فصارت اللیلة عندهم قبل النهار و علی ذلك جرت عادتهم فی تقدیم اللیالی علی الأیام إذا نسبوها إلی أسماء الأسابیع و احتج لهم من وافقهم علی ذلك بأن الظلمة أقدم فی المرتبة من النور و أن النور طار علی الظلمة فالأقدم أولی أن یبتدأ به و غلبوا السكون لذلك علی الحركة بإضافة الراحة و الدعة و أن الحركة لحاجة و ضرورة و التعب عقیب الضرورة فالتعب نتیجة الحركة و بأن السكون إذا دام فی الأسطقسات مدة لم یولد فسادا فإذا دامت الحركة فیها و استحكمت أفسدت و حدثت الزلازل و العواصف و الأمواج و أشباهها فأما عند غیرهم من الروم و الفرس و من وافقهم فإن الاصطلاح واقع بینهم علی أن الیوم بلیلته هو من لدن طلوعها من أفق المشرق إلی طلوعها منه بالغد إذا كانت شهورهم مستخرجة بالحساب غیر متعلقة بأحوال القمر و لا غیره من الكواكب و ابتداؤها من أول النهار فصار النهار عندهم قبل اللیل و احتجوا بأن النور وجود و الظلمة عدم و مقدمو النور علی الظلمة یقولون بتغلیب

ص: 10

الحركة علی السكون لأنها وجود لا عدم و حیاة لا موت و یعارضونهم بنظائر ما قاله أولئك كقولهم إن السماء أفضل من الأرض و إن العامل و الشاب أصح و الماء الجاری لا یقبل عفونة كالراكد و أما أصحاب التنجیم فإن الیوم بلیلته عند جلهم و الجمهور من علمائهم هو من لدن موافاة الشمس فلك نصف النهار إلی موافاتها إیاه فی نهار الغد و هو قول بین القولین فصار ابتداء الأیام بلیالیها عندهم من النصف الظاهر من فلك نصف النهار و بنوا علی ذلك حسابهم و استخرجوا علیها مواضع الكواكب بحركاتها المستویة و مواضعها المقومة فی دفاتر السنة و بعضهم آثر النصف الخفی من فلك نصف النهار فابتدءوا به من نصف اللیل كصاحب زیج شهریاران و لا بأس بذلك فإن المرجع إلی أصل واحد.

و الذی دعاهم إلی اختیار دائرة نصف النهار دون دائرة الأفق هو أمور كثیرة منها أنهم وجدوا الأیام بلیالیها مختلفة المقادیر غیر متفقة كما یظهر ذلك من اختلافها عند الكسوفات ظهورا بینا للحس و كان ذلك من أجل اختلاف مسیر الشمس فی فلك البروج و سرعته فیه مرة و بطئه أخری و اختلاف مرور القطع من فلك البروج علی الدوائر فاحتاجوا إلی تعدیلها لإزالة ما عرض لها من الاختلاف و كان تعدیلها بمطالع فلك البروج علی دائرة نصف النهار مطردا فی جمیع المواضع إذ كانت هذه الدائرة بعض آفاق الكرة المنتصبة و غیر متغیرة اللوازم فی جمیع البقاع من الأرض و لم یجدوا ذلك فی دوائر الآفاق لاختلافها فی كل موضع و حدوثها لكل واحد من العروض علی شكل مخالف لما سواه و تفاوت مرور قطع فلك البروج علیها و العمل بها غیر تام و لا جار علی نظام.

و منها أنه لیس بین دوائر أنصاف نهار البلاد إلا ما بینهما من دائرة معدل النهار و المدارات المشبهة بها فأما الآفاق فإن ما بینها مركب من ذلك و من انحرافها إلی الشمال و الجنوب و تصحیح أحوال الكواكب و مواضعها إنما هو بالجهة التی یلزم من فلك نصف النهار و تسمی الطول لیس له خط فی الجهة الأخری اللازمة عن الأفق و تسمی العرض فلأجل هذا اختاروا الدائرة التی

ص: 11

تطرد علیها حسباناتهم و أعرضوا عن غیرها علی أنهم لو راموا العمل بالآفاق لتهیأ لهم و لأدتهم إلی ما أدتهم إلیه دائرة نصف النهار لكن بعد سلوك المسلك البعید و أعظم الخطاء هو تنكب الطریق المستقیم إلی البعد الأطول علی عمد.

الفائدة الثانیة اعلم أن الیوم قد یطلق علی مجموع الیوم و اللیلة و قد یطلق علی ما یقابل اللیل و هو یرادف النهار و لا ریب فی أن الیوم و النهار الشرعیین مبدؤهما من طلوع الفجر الثانی إلی غیبوبة قرص الشمس عند بعض و إلی ذهاب الحمرة المشرقیة عند أكثر الشیعة و عند المنجمین و أهل فارس و الروم من طلوع الشمس إلی غروبها و خلط بعضهم بین الاصطلاحین فتوهم أن الیوم الشرعی أیضا فی غیر الصوم من الطلوع إلی الغروب و هذا خطاء و قد أوردنا الآیات و الأخبار الكثیرة الدالة علی ما اخترناه فی كتاب الصلاة و أجبنا عن شبه المخالفین فی ذلك.

قال أبو ریحان بعد إیراد ما تقدم منه هذا الحد هو الذی نحد به الیوم علی الإطلاق إذا اشترط اللیلة فی التركیب فأما علی التقسیم و التفصیل فإن الیوم بانفراده و النهار بمعنی واحد و هو من طلوع جرم الشمس إلی غروبه و اللیل بخلاف ذلك و عكسه بتعارف من الناس قاطبة فیما بینهم و اتفاق من جمهورهم لا یتنازعون فیه إلا أن بعض علماء الفقه فی الإسلام حد أول النهار بطلوع الفجر و آخره بغروب الشمس تسویة منه بینه و بین مدة الصوم و احتج بقوله تعالی وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَكُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ

مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّیامَ إِلَی اللَّیْلِ (1) فادعی أن هذین الحدین هما طرفا النهار و لا تعلق لمن رأی هذا الرأی بهذه الآیة بوجه من الوجوه لأنه لو كان أول الصوم أول النهار لكان تحدیده ما هو ظاهر بین للناس بمثل ما حده به جاریا مجری التكلف لما لا معنی له كما لم یحد آخر النهار و أول اللیل بمثل ذلك إذ هو معلوم متعارف لا یجهله أحد و لكنه تعالی لما حد أول الصوم بطلوع الفجر و لم

ص: 12


1- 1. البقرة: 187.

یحد آخره بمثله بل أطلقه بذكر اللیل فقط لعلم الناس بأسرهم أنه غروب قرص الشمس علم أن المراد بما ذكر فی الأول لم یكن مبدأ النهار و مما یدل علی صحة قولنا قوله تعالی أُحِلَّ لَكُمْ لَیْلَةَ الصِّیامِ الرَّفَثُ إِلی نِسائِكُمْ إلی قوله تعالی ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّیامَ إِلَی اللَّیْلِ (1) فأطلق المباشرة و الأكل و الشرب إلی وقت محدود لا اللیل كله كما كان محظورا علی المسلمین قبل نزول هذه الآیة الأكل و الشرب بعد عشاء الآخرة و ما كانوا یعدون صومهم بیوم و بعض لیلته بل كانوا یذكرونها أیاما بإطلاق.

فإن قیل إنه أراد بذلك تعریفهم أول النهار للزم أن یكون الناس قبل ذلك جاهلین بأول الأیام و اللیالی و ذلك ظاهر المحال فإن قیل إن النهار الشرعی خلاف النهار الوضعی فما ذلك إلا خلاف فی العبارة و تسمیة شی ء باسم وقع فی التعارف علی غیره مع تعری الآیة عن ذكر النهار و أوله و المشاحة فی مثل ذلك مما نعتزلها و نوافق الخصوم فی العبارات إذا وافقونا فی المعانی و كیف یعتقد أمر ظهر للعیان خلافه فإن الشفق من جهة المغرب هو نظیر الفجر من جهة المشرق و هما متساویان فی العلة متوازیان فی الحالة فلو كان طلوع الفجر أول النهار لكان غروب الشفق آخره و قد اضطر إلی قبول ذلك بعض الشیعة(2)

و علی أن من خالفنا فیما قدمناه یوافقنا فی مساواة اللیل و النهار مرتین فی السنة إحداهما فی الربیع و الأخری فی الخریف و یطابق قوله قولنا فی أن النهار ینتهی فی طوله عند تناهی قرب الشمس من القطب الشمالی و أنه ینتهی فی قصره عند تناهی بعدها منه و أن لیل الصیف الأقصر یساوی نهار الشتاء الأقصر و أن

ص: 13


1- 1. البقرة: 187.
2- 2. القول باعتبار غروب الشفق لتحقّق اللیل غیر معهود من الشیعة، و الظاهر أن منشأ الاشتباه المشهور ارتفاع الحمرة المشرقیة الی قمة الرأس. و لعله أراد ببعض الشیعة أبا الخطاب العالی، فقد روی فی السرائر عن عمّار الساباطی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنّه قال: إنّما أمرت أبا الخطاب أن یصلی المغرب حین تغرب الحمرة من مطلع الشمس عند مغربها فجعله هو الحمرة التی من قبل المغرب، فكان یصلّی حین یغیب الشفق.

معنی قوله یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ (1) و قوله تعالی یُكَوِّرُ اللَّیْلَ عَلَی النَّهارِ وَ یُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَی اللَّیْلِ (2) راجع إلی ذلك فإن جهلوا ذلك كله أو تجاهلوا لم یجدوا بدا من كون النصف النهار الأول ست ساعات و النصف الأخیر ست ساعات و لا یمكنهم التعامی عن ذلك لشیوع الخبر المأثور فی ذكر فضائل السابقین إلی الجامع یوم الجمعة و تفاضل أجورهم بتفاضل

قصورهم فی الساعات الست التی هی أول النهار إلی وقت الزوال و ذلك مقول علی الساعات الزمانیة المعوجة دون المستویة التی تسمی المعتدلة فلو سامحناهم بالتسلیم لهم فی دعواهم لوجب أن یكون استواء اللیل و النهار حین تكون الشمس بجنبتی الانقلاب الشتوی و یكون ذلك فی بعض المواضع دون بعض و أن لا یكون اللیل الشتوی مساویا للنهار الصیفی و أن لا یكون نصف النهار موافاة الشمس منتصف ما بین الطلوع و الغروب و خلافات هذه اللوازم هی القضایا المقبولة عند من له أدنی بصر و لیس یتحقق لزوم هذه الشناعات إیاهم إلا من له دریة یسیرة بحركات الأكر(3).

فإن تعلق متعلق بقول الناس عند طلوع الفجر قد أصبحنا و ذهب اللیل فأین هو عن قولهم عند تقارب غروب الشمس و اصفرارها قد أمسینا و ذهب النهار و جاء اللیل و إنما ذلك إنباء عن دنوه و إقباله و إدبار ما هم فیه و ذلك جار علی طریق المجاز و الاستعارة و جائز فی اللغة كقول اللّٰه تبارك و تعالی أَتی أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ (4) و یشهد لصحة قولنا ما روی

عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ.

و تسمیة الناس صلاة الظهر بالأولی لأنها الأولی من صلاتی النهار و تسمیة صلاة العصر بالوسطی لتوسطها بین الصلاة الأولی من صلاتی النهار و بین الصلاة الأولی من صلوات اللیل و لیس قصدی فیما أوردته فی هذا الموضع إلا نفی

ص: 14


1- 1. الحجّ: 16.
2- 2. الزمر: 5.
3- 3. الاكر كصرد جمع الكرة.
4- 4. النحل: 1.

ظن من یظن أن الضروریات تشهد بخلاف ما یدل علیه القرآن و یحتج لإثبات ظنه بقول أحد الفقهاء و المفسرین و اللّٰه الموفق للصواب انتهی كلامه.

و أقول سیأتی جواب ذلك كله و الدلائل الكثیرة الدالة علی خلافه و ما ذكره علی تقدیر تمامه لا ینافی ما ادعیناه مع أن عرف الشرع بل العرف العام قد استقر علی أن ابتداء الیوم و النهار طلوع الفجر الثانی (1) و أكثر ما ذكره یدل علی أنه بحسب الحساب و القواعد النجومیة أولهما طلوع الشمس و لا مشاحة فی ذلك و قوله لو كان أول الصوم أول النهار إلخ فالجواب أنه لما كان أول النهار عند أهل الحساب طلوع الشمس بین سبحانه أن المراد هنا الیوم الشرعی كما أنه لما كانت الید تطلق علی معان قال فی

آیة الوضوء إِلَی الْمَرافِقِ لتعیین أحد المعانی و لما لم یكن فی آخر النهار اختلاف فی الاصطلاح لم یتعرض لتعیینه و إنما استقر العرف العام و الخاص علی جعل أول النهار الفجر و أول اللیل الغروب لما سیأتی أن الناس لما كانوا فی اللیل فارغین عن أعمالهم الضروریة للظلمة المانعة فاغتنموا شیئا من الضیاء لحركتهم و توجههم إلی أعمالهم الدینیة و الدنیویة

ص: 15


1- 1. الظاهر ان المتبادر من اللیل و النهار هو ما بین غروب الشمس الی طلوعها و ما بین طلوعها الی غیبوبتها، و أمّا تحدید بعض العبادات كالصوم بغیر هذین الحدین فلا یدلّ علی أن للفظة الیوم او النهار معنی شرعیا مغایرا لمعناه العرفی و اللغوی، و دعوی دلالة آیة الصوم علی كون مبدإ الیوم الشرعی طلوع الفجر ممنوعة، لان الآیة انما تتعرض لوقت الصوم و لیس فیها ذكر من الیوم و النهار و لا دلالة لها علی كون مبدأ الصوم هو مبدأ النهار بعینه. نعم یظهر من قوله تعالی: « ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّیامَ إِلَی اللَّیْلِ» ان منتهاه هو مبدأ اللیل فبناء علی ما هو المشهور بین الشیعة من اعتبار ذهاب الحمرة المشرقیة یقع الكلام فی ان مبدأ اللیل العرفی هو غروب الشمس فاعتبار امر زائد علیه یدلّ علی ان مبدأه عند الشرع غیر ذلك. و لقائل أن یقول: إن استتار القرص لما كان یختلف فی الاراضی المتقاربة لاجل حیلولة الجبال الشاهقة بل التلال المرتفعة جعل ارتفاع الحمرة كاشفا عن تحقّق الغروب فی الاراضی المتفقة الافق. و یؤید ذلك روایة ابن أبی عمیر عن الصادق علیه السلام« فاذا جازت- یعنی الحمرة- قمة الرأس إلی ناحیة المغرب فقد وجب الإفطار و سقط القرص» و فی روایة اخری« و الدلیل علی غروب الشمس ذهاب الحمرة من جانب المشرق».

و فی اللیل بالعكس لأنهم لما كلوا و ملوا من حركات النهار و أعماله اغتنموا شیئا من الظلمة لتركهم ذلك فلذا اختلف الأمر فی أول النهار و آخره و ما وقع فی الشرع من أن الزوال نصف النهار فهو علی التقریب و التخمین و ما ذكره من استواء اللیل و النهار فی الاعتدالین فمعلوم أنه مبنی علی اصطلاح المنجمین و سیأتی الكلام فی جمیع ذلك فی كتاب الصلاة إن شاء اللّٰه تعالی.

الفائدة الثالثة لا ریب فی أن اللیل بحسب الشرع مقدم علی الیوم فما ورد فی لیلة الجمعة مثلا إنما هی اللیلة المتقدمة لا المتأخرة و ما یعتبره المنجمون و بعض العرب من تأخیر اللیلة فهو محض اصطلاح منهم و لا یبتنی علیه شی ء من أحكام الشریعة و مما یدل علیه ما رواه الْكُلَیْنِیُّ فِی الرَّوْضَةِ بِسَنَدٍ مُوَثَّقٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ یَزِیدَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ الْمُغِیرِیَّةَ یَزْعُمُونَ أَنَّ هَذَا الْیَوْمَ لِهَذِهِ اللَّیْلَةِ الْمُسْتَقْبِلَةِ فَقَالَ كَذَبُوا هَذَا الْیَوْمُ لِلَّیْلَةِ الْمَاضِیَةِ إِنَّ أَهْلَ بَطْنِ نَخْلَةَ حَیْثُ رَأَوُا الْهِلَالَ قَالُوا قَدْ دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ (1).

و توضیحه أن المغیریة هم أتباع المغیرة بن سعد البجلی و هو من المذمومین المطعونین و قد روی الكشی أخبارا كثیرة فی أنه كان من الكذابین علی أبی جعفر علیه السلام و روی أنه كان یدعو الناس إلی محمد بن عبد اللّٰه بن الحسن و كان من الزیدیة التبریة و فی بعض النسخ المغیرة أی الذین غیروا دین اللّٰه من المخالفین و قصة بطن نخلة هی ما ذكره المفسرون و المؤرخون أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعث عبد اللّٰه بن جحش و معه ثمانیة رهط من المهاجرین و قیل اثنا عشر و أمره أن ینزل نخلة بین مكة و الطائف فیرصد قریشا و یعلم أخبارهم فانطلقوا حتی هبطوا نخلة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمی فی عیر تجارة قریش فی آخر یوم من جمادی الآخرة و كانوا یرون أنه من جمادی و هو رجب فاختصم المسلمون فقال قائل منهم هذه غرة من عدو و غنم (2)

رزقتموه فلا ندری أ من

ص: 16


1- 1. روضة الكافی: 332.
2- 2. الغرة: الغفلة، و الغنم كالقفل الغنیمة.

الشهر الحرام هذا الیوم أم لا فقال قائل منهم لا نعلم هذا الیوم إلا من الشهر الحرام و لا نری أن تستحلوه لطمع أشفیتم علیه فشدوا علی ابن الحضرمی فقتلوه و غنموا عیره فبلغ ذلك كفار قریش فركب وفدهم حتی قدموا علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقالوا أ یحل القتال فی الشهر الحرام فأنزل اللّٰه تعالی یَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ الآیة(1) و یظهر من هذا الخبر كما ورد فی بعض السیر أیضا أنهم إنما فعلوا ذلك بعد رؤیة هلال رجب و علمهم بكونه منه و استشهاده علیه السلام بأن الصحابة حكموا بعد رؤیة الهلال

بدخول رجب فاللیل سابق علی النهار و محسوب مع الیوم الذی بعده یوما و ما سبق من تقدم خلق النهار علی اللیل لا ینافی ذلك كما لا یخفی.

الفائدة الرابعة اعلم أنهم یقسمون كلا من الیوم الحقیقی و الیوم الوسطی إلی أربعة و عشرین قسما متساویة یسمونها بالساعات المستویة و المعتدلة و أقسام الیوم الحقیقی تسمی بالحقیقیة و الوسطی بالوسطیة و قد یقسمون كلا من اللیل و النهار فی أی وقت كان باثنتی عشرة ساعة متساویة و یسمونها بالساعات المعوجة لاختلاف مقادیرها باختلاف الأیام طولا و قصرا بخلاف المستویة فإنها تختلف أعدادها و لا تختلف مقادیرها و المعوجة بعكسها و تسمی المعوجة بالساعات الزمانیة أیضا لأنها نصف سدس زمان النهار أو زمان اللیل و كثیر من الأخبار مبنیة علی هذا الاصطلاح كما أومأنا إلیه و الساعتان تستویان فی خط الإستواء أبدا و عند حلول الشمس أحد الاعتدالین فی سائر الآفاق و قد تطلق الساعة فی الأخبار علی مقدار من أجزاء اللیل و النهار مختص بحكم معین أو صفة مخصوصة كساعة ما بین طلوع الفجر و الشمس و ساعة الزوال و الساعة بعد العصر و ساعة آخر اللیل و أشباه ذلك بل علی مقدار من الزمان و إن لم یكن من أجزاء اللیل و النهار كالساعة التی تطلق علی یوم القیامة كما أن الیوم قد یطلق علی مقدار من الزمان مخصوص بواقعة أو حكم كیوم القیامة و یوم حنین و قال

ص: 17


1- 1. البقرة: 217.

تعالی وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ (1).

«12»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ جَمِیعاً عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ الْمُثَنَّی عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ كَأَنَّما أُغْشِیَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّیْلِ مُظْلِماً(2) قَالَ أَ مَا تَرَی الْبَیْتَ إِذَا كَانَ اللَّیْلُ أَشَدَّ سَوَاداً مِنْ خَارِجٍ فَكَذَلِكَ هُمْ یَزْدَادُونَ سَوَاداً(3).

«13»- التَّهْذِیبُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَیْفٍ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقُلْتُ مَتَی أُصَلِّی رَكْعَتَیِ الْفَجْرِ قَالَ حِینَ یَعْتَرِضُ الْفَجْرُ وَ هُوَ الَّذِی تُسَمِّیهِ الْعَرَبُ الصَّدِیعَ.

بیان: فی القاموس الصدیع كأمیر الصبح و فی الأساس و من المجاز انصدع الفجر و طلع الصدیع و هو الفجر.

باب 15 ما روی فی سعادة أیام الأسبوع و نحوستها

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عِبْدِیدٍ(4)

الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَبِیبٍ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَوْمُ الْجُمُعَةِ یَوْمُ عِبَادَةٍ فَتَعَبَّدُوا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ وَ یَوْمُ السَّبْتِ لِآلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ یَوْمُ الْأَحَدِ لِشِیعَتِهِمْ وَ یَوْمُ الْإِثْنَیْنِ یَوْمُ بَنِی أُمَیَّةَ وَ یَوْمُ الثَّلَاثَاءِ

ص: 18


1- 1. إبراهیم: 5.
2- 2. یونس: 27.
3- 3. روضة الكافی: 253.
4- 4. و فی بعض النسخ« عبدیل» و لم نجد منهما ذكرا فی تراجم العامّة و الخاصّة، و الظاهر أن الصواب كما فی المصدر« علی بن إسحاق الأشعریّ» و هو علیّ بن إسحاق بن عبد اللّٰه الأشعریّ الذی وثقه النجاشیّ.

یَوْمٌ لَیِّنٌ وَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ لِبَنِی الْعَبَّاسِ وَ فَتْحِهِمْ (1)

وَ یَوْمُ الْخَمِیسِ یَوْمٌ مُبَارَكٌ بُورِكَ لِأُمَّتِی فِی بُكُورِهَا فِیهِ (2).

بیان: ضمیر بكورها راجع إلی الأمة أی مباكرتهم فی طلب الحوائج و توجههم إلیها بكرة.

«2»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُفْیَانَ رَفَعَ الْحَدِیثَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ مَوَالِیهِ یَا فُلَانُ مَا لَكَ لَمْ تَخْرُجْ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ الْیَوْمُ الْأَحَدُ قَالَ وَ مَا لِلْأَحَدِ قَالَ الرَّجُلُ لِلْحَدِیثِ الَّذِی جَاءَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ احْذَرُوا حَدَّ الْأَحَدِ فَإِنَّ لَهُ حَدّاً مِثْلَ حَدِّ السَّیْفِ قَالَ كَذَبُوا كَذَبُوا مَا قَالَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ الْأَحَدَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَالْإِثْنَیْنِ قَالَ سُمِّیَ بِاسْمِهِمَا قَالَ الرَّجُلُ سُمِّیَ بِاسْمِهِمَا وَ لَمْ یَكُونَا فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا حُدِّثْتَ فَافْهَمْ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ عَلِمَ الْیَوْمَ الَّذِی یُقْبَضُ فِیهِ نَبِیُّهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْیَوْمَ الَّذِی یُظْلَمُ فِیهِ وَصِیُّهُ فَسَمَّاهُ بِاسْمِهِمَا قَالَ قُلْتُ فَالثَّلَاثَاءَ قَالَ خُلِقَتْ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ النَّارُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ انْطَلِقُوا إِلی ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انْطَلِقُوا إِلی ظِلٍّ ذِی ثَلاثِ شُعَبٍ لا ظَلِیلٍ وَ لا یُغْنِی مِنَ اللَّهَبِ (3) قَالَ قُلْتُ فَالْأَرْبِعَاءُ قَالَ بُنِیَتْ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ لِلنَّارِ قَالَ قُلْتُ فَالْخَمِیسُ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْخَمْسَةَ(4)

یَوْمَ الْخَمِیسِ قَالَ قُلْتُ فَالْجُمُعَةُ قَالَ جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَلْقَ لِوَلَایَتِنَا یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ قُلْتُ فَالسَّبْتُ قَالَ سَبَتَ الْمَلَائِكَةُ لِرَبِّهَا یَوْمَ السَّبْتِ فَوَجَدَتْهُ لَمْ یَزَلْ وَاحِداً(5).

بیان: باسمهما أی باسم أبی بكر و عمر و الخمسة أصحاب العباء علیهم السلام

ص: 19


1- 1. لیس فی المصدر لفظة« و فتحهم».
2- 2. الخصال: 26.
3- 3. المرسلات: 29- 31.
4- 4. فی المصدر: الجنة.
5- 5. الخصال: 26.

سبت الملائكة أی قطعت أعمالها للتفكر فی ذاته تعالی قال الراغب فی مفرداته أصل السبت قطع العمل و منه سبت السیر أی قطعه و سبت شعره حلقه و أنفه اصطلمه و قیل سمی یوم السبت لأن اللّٰه تعالی ابتدأ بخلق السماوات و الأرض یوم الأحد فخلقها فی ستة أیام كما ذكره فقطع عمله یوم السبت فسمی بذلك.

«3»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَوْصِلِیِّ عَنِ الصَّقْرِ بْنِ أَبِی دُلَفَ الْكَرْخِیِّ قَالَ: لَمَّا حَمَلَ الْمُتَوَكِّلُ سَیِّدَنَا أَبَا الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیَّ علیه السلام جِئْتُ أَسْأَلُ عَنْ خَبَرِهِ قَالَ فَنَظَرَ إِلَیَّ الزَّرَّاقِیُّ وَ كَانَ حَاجِباً لِلْمُتَوَكِّلِ فَأَمَرَ أَنْ أُدْخَلَ إِلَیْهِ فَأُدْخِلْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ یَا صَقْرُ مَا شَأْنُكَ فَقُلْتُ خَیْرٌ أَیُّهَا الْأُسْتَادُ فَقَالَ اقْعُدْ فَأَخَذَنِی مَا تَقَدَّمَ وَ مَا تَأَخَّرَ وَ قُلْتُ أَخْطَأْتُ فِی الْمَجِی ءِ قَالَ فَوَحَی النَّاسَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ لِی مَا شَأْنُكَ وَ فِیمَ جِئْتَ قُلْتُ لِخَبَرٍ مَّا(1)

فَقَالَ لَعَلَّكَ تَسْأَلُ عَنْ خَبَرِ مَوْلَاكَ (2)

فَقُلْتُ لَهُ وَ مَنْ مَوْلَایَ مَوْلَایَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ اسْكُتْ مَوْلَاكَ مَوْلَاكَ هُوَ الْحَقُّ فَلَا تَحْتَشِمْنِی فَإِنِّی عَلَی مَذْهَبِكَ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَاهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ اجْلِسْ حَتَّی یَخْرُجَ صَاحِبُ الْبَرِیدِ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ فَجَلَسْتُ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لِغُلَامٍ لَهُ خُذْ بِیَدِ الصَّقْرِ وَ أَدْخِلْهُ إِلَی الْحُجْرَةِ الَّتِی فِیهَا الْعَلَوِیُّ الْمَحْبُوسُ وَ خَلِّ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ قَالَ فَأَدْخَلَنِی إِلَی الْحُجْرَةِ وَ أَوْمَأَ إِلَی بَیْتٍ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ علیه السلام جَالِسٌ عَلَی صَدْرِ حَصِیرٍ وَ بِحِذَائِهِ قَبْرٌ مَحْفُورٌ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیَّ ثُمَّ أَمَرَنِی بِالْجُلُوسِ ثُمَّ قَالَ لِی یَا صَقْرُ مَا أَتَی بِكَ قُلْتُ سَیِّدِی جِئْتُ أَتَعَرَّفُ خَبَرَكَ قَالَ ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَی الْقَبْرِ فَبَكَیْتُ فَنَظَرَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا صَقْرُ لَا عَلَیْكَ لَنْ یَصِلُوا إِلَیْنَا بِسُوءٍ الْآنَ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قُلْتُ یَا سَیِّدِی حَدِیثٌ یُرْوَی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا أَعْرِفُ مَعْنَاهُ قَالَ وَ مَا هُوَ فَقُلْتُ قَوْلُهُ لَا تُعَادُوا الْأَیَّامَ فَتُعَادِیَكُمْ مَا مَعْنَاهُ فَقَالَ نَعَمْ الْأَیَّامُ نَحْنُ مَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ فَالسَّبْتُ اسْمُ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 20


1- 1. فی المصدر: لخیر ما.
2- 2. عن خبر صاحبك و مولاك( خ).

صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْأَحَدُ كِنَایَةٌ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الْإِثْنَیْنِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ الثَّلَاثَاءُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ الْأَرْبِعَاءُ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ أَنَا وَ الْخَمِیسُ ابْنِیَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ الْجُمُعَةُ ابْنُ ابْنِی وَ إِلَیْهِ تَجْتَمِعُ عِصَابَةُ الْحَقِّ وَ هُوَ الَّذِی یَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً فَهَذَا مَعْنَی الْأَیَّامِ فَلَا تُعَادُوهُمْ فِی الدُّنْیَا فَیُعَادُوكُمْ فِی الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَدِّعْ وَ اخْرُجْ فَلَا آمَنُ عَلَیْكَ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه الأیام لیست بأئمة و لكن كنی بها عن الأئمة لئلا یدرك معناه غیر أهل الحق كما كنی اللّٰه عز و جل بالتین و الزیتون و طور سینین و هذا البلد الأمین عن النبی و علی و الحسن و الحسین و كما كنی عز و جل بالنعاج عن النساء علی قول من روی ذلك فی قصة داود و الخصمین و كما كنی بالسیر فی الأرض عن النظر فی القرآن

سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ (1) قَالَ مَعْنَاهُ أَ وَ لَمْ یَنْظُرُوا فِی الْقُرْآنِ.

و كما كنی عز و جل بالسر عن النكاح فی قوله عز و جل وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا(2) و كما كنی عز و جل بأكل الطعام عن التغوط فقال فی عیسی و أمه كانا یَأْكُلانِ الطَّعامَ (3) و معناه أنهما كانا یتغوطان و كما كنی بالنحل عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی قوله وَ أَوْحی رَبُّكَ إِلَی النَّحْلِ (4) و مثل هذا كثیر(5).

بیان: فأخذنی ما تقدم أی بالسؤال عما تقدم و عما تأخر أی عن الأمور المختلفة لاستعلام حالی و سبب مجیئی لذا ندم علی الذهاب إلیه لئلا یطلع علی حاله و مذهبه أو الموصول فاعل أخذنی بتقدیر أی أخذنی التفكر فیما تقدم من الأمور من ظنه التشیع بی و فیما تأخر مما یترتب علی مجیئی من المفاسد

ص: 21


1- 1. الروم: 9.
2- 2. البقرة: 235.
3- 3. المائدة: 75.
4- 4. النحل: 68.
5- 5. الخصال: 33- 34.

فوحی الناس أی أشار إلیهم أن یبعدوا عنه أو علی بناء التفعیل أی عجلهم فی الذهاب عنه أو هو علی بناء المجرد و الناس فاعل أی أسرعوا فی الذهاب قال فی المصباح الوحی الإشارة و الوحی السرعة یمد و یقصر و موت وحی مثل سریع وزنا و معنی یقال وحیت الذبیحة أحیها من باب وعد ذبحتها ذبحا وحیا و وحی الدواء للموت توحیة عجله و أوحاه بالألف مثله انتهی و صاحب البرید الرسول المستعجل إذ البرید یطلق علی الرسول و علی دابته و یحتمل أن یراد به هنا رئیس هذه الطائفة فی القاموس البرید المرتب و الرسل علی دواب البرید(1)

و فی الصحاح البرید المرتب یقال حمل فلان علی البرید و صاحب البرید قد أبرد إلی الأمیر فهو مبرد و الرسول برید(2) و فی النهایة البرید كلمة فارسیة یراد بها فی الأصل البغل و أصلها بریدة دم أی محذوف الذنب لأن بغال البرید كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها فأعربت و خففت ثم سمی الرسول الذی یركبه بریدا و المسافة التی بین السكتین بریدا(3) انتهی.

لا علیك أی لا حزن علیك و الكنایة عن العسكری علیه السلام بالخمیس إما لكون إمامته أو ولادته فی یوم الخمیس و إن كان ضبط بعضهم مخالفا لذلك إذ الأكثر لم یعینوا خصوص الیوم أو لأن سنی إمامته خمس سنین إذ السنة السادسة لم تكمل أو لأنه علیه السلام خامس من سمی أو كنی بالحسن أو لأنه متصل بالقائم علیه السلام المكنی عنه بالجمعة أو لعلة أخری لا نعرفها و لعل هذه من بطون الخبر فإن لأخبارهم علیهم السلام ظهرا و بطنا كالقرآن و یكون ظاهره أیضا مرادا بأن یكون المعنی أن التشؤم و التطیر بها یوجب تأثیرها و هذا معنی معاداتها(4) لهم فأما المتوكلون

ص: 22


1- 1. القاموس: ج 1، ص 277.
2- 2. الصحاح: ج 1، ص 444.
3- 3. النهایة: ج 1، ص 72. ثم قال: السكة موضع كان یسكنه الفیوج المرتبون من بیت أو قبة أو رباط و كان یرتب فی كل سكة بغال، و بعد ما بین السكتین فرسخان و قیل أربعة.
4- 4. معاداتهم( خ).

علی اللّٰه المتوسلون بولاء أهل البیت علیهم السلام فلا تضرهم نحوسة الأیام و الساعات كما سیأتی فی روایة الشیخ فی مجالسه.

«4»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ (1) عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: سَأَلَ الشَّامِیُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْأَیَّامِ وَ مَا یَجُوزُ فِیهَا مِنَ الْعَمَلِ فَقَالَ علیه السلام یَوْمُ السَّبْتِ یَوْمُ مَكْرٍ وَ خَدِیعَةٍ وَ یَوْمُ الْأَحَدِ یَوْمُ عُرْسٍ (2)

وَ بِنَاءٍ وَ یَوْمُ الْإِثْنَیْنِ یَوْمُ سَفَرٍ وَ طَلَبٍ وَ یَوْمُ الثَّلَاثَاءِ یَوْمُ حَرْبٍ وَ دَمٍ وَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ یَوْمٌ شُؤْمٌ فِیهِ یَتَطَیَّرُ النَّاسُ وَ یَوْمُ الْخَمِیسِ یَوْمُ الدُّخُولِ عَلَی الْأُمَرَاءِ وَ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ یَوْمُ خِطْبَةٍ وَ نِكَاحٍ (3).

قال الصدوق رحمه اللّٰه یوم الإثنین یوم سفر إلی موضع الاستسقاء و الطلب للمطر(4) بیان یمكن حمل ما ورد فی الإثنین علی التقیة.

«5»- الْعُیُونُ، عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ: قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ وَ اسْتَحِمُّوا یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ أَصِیبُوا مِنَ الْحَجَّامِ (5) حَاجَتَكُمْ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ تَطَیَّبُوا بِأَطْیَبِ طِیبِكُمْ یَوْمَ الْجُمُعَةِ(6).

ص: 23


1- 1. السند عامی غیر مرضی.
2- 2. فی المصادر الثلاث« یوم غرس» بالمعجمة، و هو الأظهر لما یأتی من ان یوم الجمعة یوم خطبة و نكاح.
3- 3. العلل: ج 2، ص 285، العیون: ج 2، ص 247.
4- 4. الخصال: 27.
5- 5. الحجامة( خ).
6- 6. العیون: ج 1، ص 279.

الخصال، عن أبیه عن محمد العطار عن الأشعری عن البرقی: مثله (1).

«6»- الْعِلَلُ، فِی خَبَرِ ابْنِ سَلَّامٍ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَوَّلِ یَوْمٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ یَوْمُ الْأَحَدِ قَالَ وَ لِمَ سُمِّیَ یَوْمَ الْأَحَدِ قَالَ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مَحْدُودٌ قَالَ فَالْإِثْنَیْنِ قَالَ هُوَ الْیَوْمُ الثَّانِی مِنَ الدُّنْیَا قَالَ وَ الثَّلَاثَاءُ قَالَ الثَّالِثُ مِنَ الدُّنْیَا قَالَ فَالْأَرْبِعَاءُ قَالَ الْیَوْمُ الرَّابِعُ مِنَ الدُّنْیَا قَالَ فَالْخَمِیسُ قَالَ هُوَ یَوْمٌ خَامِسٌ مِنَ الدُّنْیَا وَ هُوَ یَوْمٌ أَنِیسٌ لُعِنَ فِیهِ إِبْلِیسُ وَ رُفِعَ فِیهِ إِدْرِیسُ قَالَ فَالْجُمُعَةُ قَالَ هُوَ یَوْمٌ

مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ یَوْمٌ مَشْهُودٌ وَ یَوْمُ (2) شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قَالَ فَالسَّبْتُ قَالَ یَوْمٌ مَسْبُوتٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْقُرْآنِ وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ (3) فَمِنَ الْأَحَدِ إِلَی الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَیَّامٍ وَ السَّبْتُ مُعَطَّلٌ (4).

بیان: لأنه واحد محدود لعل المعنی أنه أول زمان حد أوله و آخره فصار یوما لأنه أول یوم خلق فیه العالم و قبله لم یكن زمان محدود كذلك فینطبق علی ما بعده و علی سائر الأخبار و مشهود أی مشهود فیه أوله و هو شاهد لمن أتی الجمعة یوم مسبوت أی مقطوع فیه خلق العالم.

«7»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْفَحَّامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَنْصُورِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ یَعْقُوبَ الْمُلَقَّبِ بِأَبِی نُوَاسٍ قَالَ: قُلْتُ لِلْعَسْكَرِیِّ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ یَا سَیِّدِی قَدْ وَقَعَ إِلَیَّ اخْتِیَارَاتُ الْأَیَّامِ عَنْ سَیِّدِنَا الصَّادِقِ علیه السلام مِمَّا حَدَّثَنِی بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَهَّرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَیِّدِنَا الصَّادِقِ علیه السلام فِی كُلِّ شَهْرٍ فَأَعْرِضُهُ عَلَیْكَ فَقَالَ لِی افْعَلْ فَلَمَّا عَرَضْتُهُ عَلَیْهِ وَ صَحَّحْتُهُ قُلْتُ لَهُ یَا سَیِّدِی فِی أَكْثَرِ هَذِهِ الْأَیَّامِ قَوَاطِعُ عَنِ الْمَقَاصِدِ لِمَا ذُكِرَ

ص: 24


1- 1. الخصال: 31.
2- 2. فی المصدر: و هو شاهد.
3- 3. سورة ق: 38.
4- 4. العلل: ج 2، ص 156.

فِیهَا مِنَ النَّحْسِ (1)

وَ الْمَخَاوِفِ فَتَدُلُّنِی عَلَی الِاحْتِرَازِ مِنَ الْمَخَاوِفِ فِیهَا فَإِنَّمَا تَدْعُونِی الضَّرُورَةُ إِلَی التَّوَجُّهِ فِی الْحَوَائِجِ فِیهَا فَقَالَ لِی یَا سَهْلُ إِنَّ لِشِیعَتِنَا بِوَلَایَتِنَا لَعِصْمَةً لَوْ سَلَكُوا بِهَا فِی لُجَّةِ الْبِحَارِ الْغَامِرَةِ وَ سَبَاسِبِ الْبِیدِ(2)

الْغَائِرَةِ(3) بَیْنَ سِبَاعٍ وَ ذِئَابٍ وَ أَعَادِی الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ لَأَمِنُوا مِنْ مَخَاوِفِهِمْ بِوَلَایَتِهِمْ لَنَا فَثِقْ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَخْلِصْ فِی الْوَلَاءِ لِأَئِمَّتِكَ الطَّاهِرِینَ وَ تَوَجَّهْ حَیْثُ شِئْتَ وَ اقْصِدْ مَا شِئْتَ إِذَا أَصْبَحْتَ وَ قُلْتَ ثَلَاثاً أَصْبَحْتُ اللَّهُمَّ مُعْتَصِماً بِذِمَامِكَ الْمَنِیعِ الَّذِی لَا یُطَاوَلُ وَ لَا یُحَاوَلُ مِنْ كُلِّ طَارِقٍ وَ غَاشِمٍ مِنْ سَائِرِ مَا خَلَقْتَ وَ مَنْ خَلَقْتَ مِنْ خَلْقِكَ الصَّامِتِ وَ النَّاطِقِ فِی جُنَّةٍ مِنْ كُلِّ مَخُوفٍ بِلِبَاسٍ سَابِغَةٍ وَلَاءِ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكَ مُحْتَجِزاً(4) مِنْ كُلِّ قَاصِدٍ إِلَی أَذِیَّةٍ بِجِدَارٍ حَصِینٍ (5) الْإِخْلَاصِ فِی الِاعْتِرَافِ بِحَقِّهِمْ وَ التَّمَسُّكِ بِحَبْلِهِمْ جَمِیعاً مُوقِناً أَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَ مَعَهُمْ وَ فِیهِمْ وَ بِهِمْ أُوَالِی مَنْ وَالَوْا وَ أُجَانِبُ مَنْ جَانَبُوا فَأَعِذْنِی اللَّهُمَّ بِهِمْ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَا أَتَّقِیهِ یَا عَظِیمُ حَجَزْتُ الْأَعَادِیَ عَنِّی بِبَدِیعِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّا جَعَلْنَا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ سَدّاً وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَیْنَاهُمْ فَهُمْ لَا یُبْصِرُونَ وَ قُلْتَهَا عَشِیّاً ثَلَاثاً حَصَلْتَ فِی حِصْنٍ مِنْ مَخَاوِفِكَ وَ أَمْنٍ مِنْ مَحْذُورِكَ فَإِذَا أَرَدْتَ التَّوَجُّهَ فِی یَوْمٍ قَدْ حَذَرْتَ فِیهِ فَقَدِّمْ أَمَامَ تَوَجُّهِكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ الْمُعَوِّذَتَیْنِ وَ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ سُورَةَ الْقَدْرِ وَ آخِرَ آیَةٍ فِی سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَ قُلِ اللَّهُمَّ بِكَ یَصُولُ الصَّائِلُ وَ بِقُدْرَتِكَ یَطُولُ الطَّائِلُ وَ لَا حَوْلَ لِكُلِّ ذِی حَوْلٍ إِلَّا بِكَ وَ لَا قُوَّةَ یَمْتَارُهَا ذُو قُوَّةٍ إِلَّا مِنْكَ بِصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ خِیَرَتِكَ مِنْ بَرِیَّتِكَ مُحَمَّدٍ نَبِیِّكَ وَ عِتْرَتِهِ وَ سُلَالَتِهِ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ صَلِّ عَلَیْهِمْ وَ اكْفِنِی شَرَّ هَذَا الْیَوْمِ وَ ضَرَرَهُ وَ ارْزُقْنِی خَیْرَهُ وَ یُمْنَهُ وَ اقْضِ لِی فِی مُتَصَرَّفَاتِی بِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ وَ بُلُوغِ الْمَحَبَّةِ وَ

ص: 25


1- 1. التحذیر( خ).
2- 2. البیداء( خ).
3- 3. الغابرة( خ).
4- 4. محتجبا( خ).
5- 5. حصن( خ).

الظَّفَرِ بِالْأُمْنِیَّةِ وَ كِفَایَةِ الطَّاغِیَةِ الْغَوِیَّةِ وَ كُلِّ ذِی قُدْرَةٍ لِی عَلَی أَذِیَّةٍ حَتَّی أَكُونَ فِی جُنَّةٍ وَ عِصْمَةٍ مِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَ نَقِمَةٍ وَ أَبْدِلْنِی مِنَ الْمَخَاوِفِ أَمْناً وَ مِنَ الْعَوَائِقِ فِیهِ یُسْراً حَتَّی لَا یَصُدَّنِی صَادٌّ عَنِ الْمُرَادِ وَ لَا یَحُلَّ بِی طَارِقٌ مِنْ أَذَی الْعِبَادِ إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ الْأُمُورُ إِلَیْكَ تَصِیرُ یَا مَنْ لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ.

بیان: اللجة بالضم معظم الماء و یقال غمر الماء أی كثر و غمره الماء أی غطاه و السبسب المفازة أو الأرض المستویة البعیدة بلد سبسب و سباسب و البید بالكسر جمع البیداء و هی الفلاة أی الأرض الخالیة لا ماء فیها و الغائرة من الغور أی المنخفضة فإنها أهول و فی بعض النسخ بالباء الموحدة من الغبار فإنه لا یهتدی إلی الخروج منها و الذمام بالكسر العهد و الكفالة و الأمان و المطاولة المغالبة فی الطول و الطول و حاوله رامه و الغشم الظلم بلباس سابغة بغیر تنوین فیهما بالإضافة فالأولی من إضافة الموصوف إلی الصفة و الثانیة البیانیة أو بالتنوین فیهما أو فی الثانی منهما فقوله ولاء بدل أو عطف بیان و كذا قوله بجدار حصین یحتمل الإضافة و التوصیف و فی بعض النسخ حصن بغیر یاء فالإضافة لا غیر و الحجز المنع و الكف ببدیع السماوات و الأرض أی مبدعهما أو بمن سماواته و أرضه بدیعتان و صال علی قرنه سطا و استطال و الامتیار جلب المیرة بالكسر و هی الطعام و السلالة بالضم ما انسل من الشی ء و الولد.

«8»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: السَّبْتُ لَنَا وَ الْأَحَدُ لِشِیعَتِنَا وَ الْإِثْنَیْنِ لِأَعْدَائِنَا وَ الثَّلَاثَاءُ لِبَنِی أُمَیَّةَ وَ الْأَرْبِعَاءُ یَوْمُ شُرْبِ الدَّوَاءِ وَ الْخَمِیسُ تُقْضَی فِیهِ الْحَوَائِجُ وَ الْجُمُعَةُ لِلتَّنْظِیفِ (1)

وَ التَّطَیُّبِ وَ هُوَ عِیدُ الْمُسْلِمِینَ (2)

وَ

ص: 26


1- 1. فی المصدر: للتنظف.
2- 2. فی المخطوطة: للمسلمین.

هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْفِطْرِ وَ الْأَضْحَی وَ یَوْمُ غَدِیرٍ(1)

أَفْضَلُ الْأَعْیَادِ وَ هُوَ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ وَ كَانَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ یَخْرُجُ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ تَقُومُ الْقِیَامَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ مَا مِنْ عَمَلٍ (2)

أَفْضَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ (3).

بیان: لأعدائنا أی لجمیع المخالفین و إن كان بنو أمیة منهم و الثلاثاء لخصوصهم و شیعتهم.

«9»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: الْعِلَّةُ فِی صَوْمِ الْخَمِیسِ وَ الْأَرْبِعَاءِ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ النَّارَ خُلِقَتْ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ.

«10»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ یَوْماً فَسَمَّاهُ الْأَحَدَ ثُمَّ خَلَقَ ثَانِیاً فَسَمَّاهُ الْإِثْنَیْنِ ثُمَّ خَلَقَ ثَالِثاً فَسَمَّاهُ الثَّلَاثَاءَ ثُمَّ خَلَقَ رَابِعاً فَسَمَّاهُ الْأَرْبِعَاءَ وَ خَلَقَ خَامِساً فَسَمَّاهُ الْخَمِیسَ فَخَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ یَوْمَ الْأَحَدِ وَ الْإِثْنَیْنِ وَ خَلَقَ الْجِبَالَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ وَ لِذَلِكَ یَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ وَ خَلَقَ مَوَاضِعَ الْأَنْهَارِ وَ الشَّجَرِ وَ الْقُرَی یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ خَلَقَ الطَّیْرَ وَ الْوَحْشَ وَ السِّبَاعَ وَ الْهَوَامَّ وَ الْآفَةَ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ فَرَغَ مِنَ الْخَلْقِ یَوْمَ السَّبْتِ.

«11»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الشَّاهِ عَنْ أَبِی بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ النَّیْسَابُورِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْخُوزِیِّ وَ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَرْوَانَ الْخُوزِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّیْبَانِیِّ وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأُشْنَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْرَوَیْهِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سُلَیْمَانَ جَمِیعاً عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام قَالَ: السَّبْتُ لَنَا وَ الْأَحَدُ لِشِیعَتِنَا وَ الْإِثْنَیْنِ لِبَنِی أُمَیَّةَ وَ الثَّلَاثَاءُ لِشِیعَتِهِمْ وَ الْأَرْبِعَاءُ لِبَنِی الْعَبَّاسِ

ص: 27


1- 1. فی المصدر: یوم الغدیر.
2- 2. فی المصدر: یوم الجمعة أفضل.
3- 3. الخصال: 33.

وَ الْخَمِیسُ لِشِیعَتِهِمْ وَ الْجُمُعَةُ لِسَائِرِ النَّاسِ جَمِیعاً وَ لَیْسَ فِیهِ سَفَرٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (1) فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (2) یَعْنِی یَوْمَ السَّبْتِ (3).

صحیفة الرضا، بالإسناد عنه علیه السلام: مثله (4)

بیان: فیه مخالفة لسائر الأخبار فی ذم الثلاثاء و الخمیس إلا أن یقال تبرك المخالفین بهما لا یدل علی ذمهما إلا إذا اقترن بهما شی ء آخر كالإثنین ثم علی تأویله علیه السلام لعل المراد بقضاء الصلاة العمل بتوابعها و مكملاتها من سائر أعمال یوم الجمعة.

«12»- الْمَكَارِمُ، عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَ یُكْرَهُ السَّفَرُ فِی شَیْ ءٍ مِنَ الْأَیَّامِ الْمَكْرُوهَةِ الْأَرْبِعَاءِ(5)

وَ غَیْرِهِ قَالَ افْتَتِحْ سَفَرَكَ بِالصَّدَقَةِ وَ اقْرَأْ آیَةَ الْكُرْسِیِّ إِذَا بَدَا لَكَ.

وَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ (6)

إِلَّا أَنَّهُ قَالَ افْتَتِحْ سَفَرَكَ بِالصَّدَقَةِ وَ اخْرُجْ إِذَا بَدَا لَكَ وَ اقْرَأْ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ احْتَجِمْ إِذَا بَدَا لَكَ.

«13»- فِی الدِّیوَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:

لَنِعْمَ الْیَوْمُ یَوْمُ السَّبْتِ حَقّاً***لِصَیْدٍ إِنْ أَرَدْتَ بِلَا امْتِرَاءٍ

وَ فِی الْأَحَدِ الْبِنَاءُ لِأَنَّ فِیهِ***تَبَدَّی اللَّهُ فِی خَلْقِ السَّمَاءِ

وَ فِی الْإِثْنَیْنِ إِنْ سَافَرْتَ فِیهِ***سَتَظْفَرُ بِالنَّجَاحِ وَ بِالثَّرَاءِ

وَ مَنْ یُرِدِ الْحِجَامَةَ فَالثَّلَاثَاءُ***فَفِی سَاعَاتِهِ هَرْقُ الدِّمَاءِ

وَ إِنْ شَرِبَ امْرُؤٌ یَوْماً دَوَاءً***فَنِعْمَ الْیَوْمُ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ

ص: 28


1- 1. فی صحیفة الرضا: اللّٰه عزّ و جلّ.
2- 2. الجمعة: 10.
3- 3. العیون: ج 2، ص 42.
4- 4. صحیفة الرضا: 32.
5- 5. فی مصدر: مثل یوم الاربعاء.
6- 6. مكارم الأخلاق: ج 1، ص 278.

وَ فِی یَوْمِ الْخَمِیسِ قَضَاءُ حَاجٍ***فَفِیهِ اللَّهُ یَأْذَنُ بِالدُّعَاءِ

وَ فِی الْجُمُعَاتِ تَزْوِیجٌ وَ عُرْسٌ***وَ لَذَّاتُ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ

وَ هَذَا الْعِلْمَ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا***نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ الْأَنْبِیَاءِ

بیان: لنعم اللام لام الابتداء للتأكید و لا تدخل علی الماضی إلا مع قد فی غیر نعم و بئس و الحق ضد الباطل و الیقین الثابت و هو مفعول مطلق لفعل لازم الحذف أی أقول قولا حقا أو علمت ذلك حقا یقینا أو حق ذلك حقا و الظرف فی قوله بلا امتراء متعلق بنعم أو بقوله حقا تبدی أی ابتدأ قلبت الهمزة ألفا و یؤیده قول الجوهری إن أهل المدینة یقولون بدینا بمعنی بدأنا كذا قال الشارح. و قال بعض الأفاضل ما ذكره لا یوافقه اللغة و الظاهر أن یكون الأصل فی كلامه علیه السلام لأن فیه ابتدأ اللّٰه علی الماضی من الافتعال فأسقط الكتاب الهمزة من أوله حفظا لرعایة الوزن عند القطع عن المصراع الأول و لم یتفطنوا لجواز الوصل لتلك الرعایة ثم كتبوا الهمزة الأخیرة بالیاء علی ما اشتهر من الخطاء فی أمثاله بینهم انتهی. و فیه متعلق بقوله ستظفر و الضمیر راجع إلی السفر كذا ذكره الشارح و یمكن أن یكون الضمیر راجعا إلی الإثنین و یكون تأكیدا أو یكون تقدیر الكلام و أقول فی الإثنین و الثراء كثرة المال و هرق الدماء بالفتح علی المصدر سفكها فی المصباح تقول هرقته هرقا من باب نفع انتهی و المشهور فیه الإهراق و یمكن أن یكون هنا لازما أی انصباب الدماء و الحاج جمع الحاجة ذكره الفیروزآبادی و قال أذن بالشی ء كسمع علم به و أذن له فی الشی ء كسمع إذنا بالكسر إباحة و أذن إلیه و له كفرح استمع معجبا أو عام انتهی و علی التقادیر كنایة عن استجابة الدعاء. و التزویج النكاح و العرس الزفاف أو إطعامه فی القاموس العرس بالضم و بضمتین طعام الولیمة و النكاح و قال الشارح قد تقرر فی علم النجوم أن السبت متعلق بزحل و الأحد بالشمس و الإثنین بالقمر و الثلاثاء بالمریخ و الأربعاء بالعطارد و الخمیس بالمشتری و الجمعة بالزهرة و مناسبة

ص: 29

القمر بالسفر و المریخ بالحجامة و سفك الدم و العطارد لشرب الدواء و المشتری بقضاء الحاجات و الدعاء و الزهرة للتزویج و العرس و اجتماع الرجال و النساء مسلمة فی هذا الفن لكن مناسبة الزحل بالصید و الشمس بالبناء لا تظهران من هذا الفن. و لعل تخصیص السبت بالصید مبنی علی ما روی عن ابن عباس و مجاهد أن الیهود أمروا بالیوم الذی أمرتم به و هو یوم الجمعة فتركوه و اختاروا السبت فابتلاهم اللّٰه به و حرم علیهم الصید فیه فإذا كان یوم السبت شرعت لهم الحیتان ینظرون إلیها فی البحر فإذا انقضت السبت ذهبت و ما عادت إلا فی السبت المقبل و ذلك بلاء ابتلاهم اللّٰه به و وجه التخصیص للأحد بالبناء مذكور فی البیت انتهی.

و أقول لعل تخصیص السبت بالصید لأن اللّٰه رخص لنا فیه و یجب المبادرة إلی رخصة كما یجب المبادرة إلی عزائمه و لذا یستحب الجماع فی أول لیلة من شهر رمضان أو مخالفة للیهود فی تحریمهم الصید فیه ثم إن البیت الأخیر یدل علی أن هذا العلم الذی هو شعبة من علم النجوم مختص بهم علیهم السلام لا یعلمه غیرهم كما مر فی الأخبار قال الغزالی فی الإحیاء المنهی عنه من النجوم أمران أحدهما أن یصدق بأنها فاعلة لآثارها مستقلة بها و الثانی تصدیق المنجمین فی أحكامهم لأنهم یقولونها من جهل و هذا العلم كان معجزة لبعض الأنبیاء علیهم السلام ثم اندرس فلم یبق إلا ما هو مختلط لا یتمیز فیه الصواب عن الخطاء فاعتقاد كون الكواكب أسبابا لآثار تحصل بخلق اللّٰه لیس قادحا فی الدین بل هو الحق انتهی و قال علاء الدولة من الصوفیة إذا أردت أن تعرف أن المطر یحدث بسبب الاتصالات العلویة التی یسمیها المنجمون فتح الباب فاقرأ قوله تعالی فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ(1) و إذا أردت أن تعرف أن علم النجوم علم الأنبیاء فاقرأ قوله تعالی فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ (2) و مراد النبی صلی اللّٰه علیه و آله من قوله

مَنْ آمَنَ بِالنُّجُومِ فَقَدْ كَفَرَ. أن من آمن بأنها مستقلات بأنفسها فی تدبیر العالم غیر مسخرات بأمر اللّٰه تعالی فقد كفر باللّٰه الذی خلقها و سخرها و جعلها

ص: 30


1- 1. القمر: 11.
2- 2. الصافّات: 88- 89.

مدبرات بأمره و أودع فی كل واحد منها خاصیة خاصة دون غیره و فی اجتماعها خاصیة دون ما اختص به كل واحد قبل الاجتماع انتهی و قد مر الكلام منا فی ذلك فی بابه.

«14»- الْمَكَارِمُ، مِنْ كِتَابِ الْمَحَاسِنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: كَانَ أَبِی إِذَا خَرَجَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ فِی یَوْمٍ یَكْرَهُهُ النَّاسُ مِنْ مُحَاقٍ أَوْ غَیْرِهِ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ خَرَجَ (1).

وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ إِذَا أَصْبَحَ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ ذَلِكَ الْیَوْمِ (2).

وَ مِنْ كِتَابِ طِبِّ الْأَئِمَّةِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: قَلِّمُوا أَظْفَارَكُمْ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ وَ احْتَجِمُوا یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ أَصِیبُوا مِنَ الْحَمَّامِ (3) یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ تَطَیَّبُوا بِأَطْیَبِ طِیبِكُمْ یَوْمَ الْجُمُعَةِ(4).

باب 16 ما ورد فی خصوص یوم الجمعة

«1»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام احْتَجَمَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ هُوَ مَحْمُومٌ فَلَمْ تَتْرُكْهُ الْحُمَّی فَاحْتَجَمَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَرَكَتْهُ الْحُمَّی (5).

«2»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ

ص: 31


1- 1. المكارم: ج 1، ص 291.
2- 2. المكارم: ج 1، ص 279.
3- 3. فی المصدر: من الحمام حاجتكم.
4- 4. المكارم: ج 1، ص 60.
5- 5. قرب الإسناد: 168.

عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ مُقَاتِلٍ (1)

قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا ع فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ فِی وَقْتِ الزَّوَالِ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ یَحْتَجِمُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه فی هذا الحدیث فوائد إحداها إطلاق الحجامة فی یوم الجمعة عند الضرورة و لیعلم أن ما ورد من كراهة ذلك إنما هو فی (2)

حالة الاختیار و الفائدة الثانیة الإطلاق فی الحجامة فی وقت الزوال و الفائدة الثالثة أنه یجوز للمحرم أن یحتجم إذا اضطر و لا یحلق مكان الحجامة و لا قوة إلا باللّٰه العلی العظیم (3).

«3»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنْ زَكَرِیَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الْقَلَّاءِ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام یَحْتَجِمُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ تَحْتَجِمُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَقْرَأُ آیَةَ الْكُرْسِیِّ فَإِذَا هَاجَ بِكَ الدَّمُ لَیْلًا كَانَ أَوْ نَهَاراً فَاقْرَأْ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ احْتَجِمْ (4).

«4»- وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَطْرِفُوا(5)

أَهَالِیَكُمْ فِی كُلِّ جُمْعَةٍ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَ اللَّحْمِ حَتَّی یَفْرَحُوا بِالْجُمُعَةِ وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا خَرَجَ فِی الصَّیْفِ مِنْ بَیْتٍ خَرَجَ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَدْخُلَ الْبَیْتَ فِی الشِّتَاءِ مِنَ الْبَرْدِ دَخَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّهُ كَانَ دُخُولُهُ وَ

ص: 32


1- 1. قال الشیخ- ره- مقاتل بن مقاتل بن قیاما واقفی خبیث من أصحاب الرضا علیه السلام و تبعه فی نسبة الوقف إلیه جماعة منهم العلامة و ابن داود، و ظاهر النجاشیّ كونه امامیا حیث لم یغمز فی مذهبه و یؤیده روایته عن الرضا علیه السلام و لعلّ الشیخ انما طعن فیه لما ورد من ان« ابن قیاما» واقفی خبیث شدید العناد فتوهم أنّه مقاتل بن مقاتل بن قیاما مع انه الحسین ابن قیاما و لعله عم مقاتل. كذا نقل عن الوحید البهبهانی رحمه اللّٰه.
2- 2. فی المصدر: فی حال.
3- 3. العیون: ج 2، ص 16.
4- 4. الخصال: 30.
5- 5. أی اتحفوهم.

خُرُوجُهُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ(1).

«5»- وَ مِنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ الْهَمَذَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ مَعاً عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی الرَّجُلِ یُرِیدُ أَنْ یَعْمَلَ شَیْئاً مِنَ الْخَیْرِ مِثْلَ الصَّدَقَةِ وَ الصَّوْمِ وَ نَحْوَ هَذَا قَالَ یُسْتَحَبُّ أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الْعَمَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ(2)

یُضَاعَفُ (3).

«6»- وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُكْرَهُ السَّفَرُ وَ السَّعْیُ فِی الْحَوَائِجِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بُكْرَةً مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ فَأَمَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَائِزٌ یُتَبَرَّكُ بِهِ (4).

«7»- وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الرَّازِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ أَنَامِلِهِ الدَّاءَ وَ أَدْخَلَ فِیهِ الدَّوَاءَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَا یُصِیبُهُ جُنُونٌ وَ لَا جُذَامٌ وَ لَا بَرَصٌ (5).

«8»- وَ مِنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمَطَرِ عَنِ السَّكَنِ الْخَزَّازِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لِلَّهِ حَقٌّ عَلَی كُلِّ مُحْتَلِمٍ فِی كُلِّ جُمُعَةٍ أَخْذُ شَارِبِهِ وَ أَظْفَارِهِ وَ مَسُّ شَیْ ءٍ مِنَ الطِّیبِ (6).

«9»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ یَحْیَی الْمَدِینِیِ (7) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ فِی السَّفَرِ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ(8).

ص: 33


1- 1. الخصال: 30.
2- 2. فیه:( خ).
3- 3. الخصال: 31- 32.
4- 4. الخصال: 32.
5- 5. الخصال: 31.
6- 6. الخصال: 31.
7- 7. فی المصدر« إبراهیم بن یحیی المدائنی» و لعلّ الصواب« إبراهیم بن أبی یحیی المدائنی» كما عنونه فی جامع الرواة.
8- 8. المحاسن: 347.

«10»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا یَحْتَجِمُ فِیهَا أَحَدٌ إِلَّا مَاتَ (1).

بیان: قد جرب مرارا فی الحجامة یوم الجمعة أنه لم یرقأ الدم حتی مات و ما ورد من فعلهم علیهم السلام لا ینافیه لأنهم یعلمون تلك الساعة فیجتنبونها أو هذا فیما إذا لم یقرأ آیة الكرسی و لما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه من الفرق بین الضرورة و عدمها أیضا وجه.

«11»- رَوْضَةُ الْوَاعِظِینَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: خَمْسُ خِصَالٍ تُورِثُ الْبَرَصَ النُّورَةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ التَّوَضِّی وَ الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ الَّذِی تُسْخِنُهُ الشَّمْسُ وَ الْأَكْلُ عَلَی الْجَنَابَةِ وَ غِشْیَانُ الْمَرْأَةِ فِی حَیْضِهَا وَ الْأَكْلُ عَلَی الشِّبَعِ (2).

بیان: سیأتی عدم كراهة النورة فی یوم الجمعة و أن أخبار النهی محمولة علی التقیة.

«12»- الْمَكَارِمُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَحَبَّ الْأَیَّامِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُسَافِرَ فِیهِ یَوْمُ الْجُمُعَةِ(3).

«13»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تَخْرُجْ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ فِی حَاجَةٍ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ السَّبْتِ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَاخْرُجْ فِی حَاجَتِكَ (4).

«14»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الصَّادِقِ علیه السلام وَ هُوَ یَحْتَجِمُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ أَ وَ لَیْسَ تَقْرَأُ آیَةَ الْكُرْسِیِّ وَ نَهَی عَنِ الْحِجَامَةِ مَعَ الزَّوَالِ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ(5).

ص: 34


1- 1. الخصال: 171.
2- 2. روضة الواعظین: 363.
3- 3. مكارم الأخلاق: ج 1، ص 276.
4- 4. مكارم الأخلاق: ج 1، ص 276.
5- 5. مكارم الأخلاق: ج 1، ص 83.

باب 17 یوم السبت و یوم الأحد

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَسَدٍ الْبَصْرِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ یَحْتَجِمُونَ فَقَالَ مَا كَانَ عَلَیْكُمْ لَوْ أَخَّرْتُمُوهُ لِعَشِیَّةِ الْأَحَدِ فَكَانَ یَكُونُ أَنْزَلَ لِلدَّاءِ(1).

«2»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ كَانَ مُسَافِراً فَلْیُسَافِرْ یَوْمَ السَّبْتِ فَلَوْ أَنَّ حَجَراً زَالَ عَنْ حَجَرٍ(2) یَوْمَ السَّبْتِ لَرَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مَكَانِهِ وَ مَنْ تَعَذَّرَتْ عَلَیْهِ الْحَوَائِجُ فَلْیَلْتَمِسْ طَلَبَهَا یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی أَلَانَ اللَّهُ فِیهِ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ علیه السلام (3).

و منه عن أبیه عن سعد: إلی قوله إلی مكانه (4).

«3»- الْعُیُونُ، بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِی الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِی فِی بُكُورِهَا یَوْمَ سَبْتِهَا وَ خَمِیسِهَا(5).

و منه عن محمد بن أحمد بن الحسین الوراق عن علی بن محمد بن عنبسة مولی الرشید عن دارم بن قبیصة عن الرضا علیه السلام: مثله (6)

ص: 35


1- 1. الخصال: 26.
2- 2. جبل( خ).
3- 3. الخصال: 28.
4- 4. الخصال: 38.
5- 5. العیون: ج 2، ص 34.
6- 6. العیون:

صحیفة الرضا، بالإسناد عنه علیه السلام: مثله (1).

«4»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (2) قَالَ الصَّلَاةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الِانْتِشَارُ یَوْمَ السَّبْتِ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أُفٍّ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا یُفَرِّغَ نَفْسَهُ فِی الْأُسْبُوعِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَمْرِ دِینِهِ فَیَسْأَلَ عَنْهُ (3).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الرَّازِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ یَوْمَ السَّبْتِ وَ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ عُوفِیَ مِنْ وَجَعِ الْأَضْرَاسِ وَ وَجَعِ الْعَیْنِ (4).

«6»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ قَالا: سَأَلْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ فَإِذا قُضِیَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِی الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ الِانْتِشَارُ یَوْمَ السَّبْتِ وَ قَالَ السَّبْتُ لَنَا وَ الْأَحَدُ لِبَنِی أُمَیَّةَ(5).

«7»- جَمَالُ الْأُسْبُوعِ، الْحَدِیثُ مَشْهُورٌ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: بُورِكَ لِأُمَّتِی فِی سَبْتِهَا وَ خَمِیسِهَا.

«8»- الْمَكَارِمُ، عَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُحْتَجِماً فَلْیَحْتَجِمْ یَوْمَ السَّبْتِ (6).

«9»- وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: الْحِجَامَةُ یَوْمَ الْأَحَدِ فِیهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ(7).

ص: 36


1- 1. صحیفة الرضا: 9.
2- 2. الجمعة: 10.
3- 3. الخصال: 32.
4- 4. الخصال: 32.
5- 5. المحاسن: 346.
6- 6. المكارم: ج 1، ص 82.
7- 7. المكارم: ج 1، ص 82.

باب 18 یوم الإثنین و یوم الثلاثاء

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُوسَی بْنِ الْقَاسِمِ الْبَجَلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَخِی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّی أُرِیدُ الْخُرُوجَ فَادْعُ لِی فَقَالَ وَ مَتَی تَخْرُجُ قَالَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ فَقَالَ لَهُ وَ لِمَ تَخْرُجُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ قَالَ أَطْلُبُ فِیهِ الْبَرَكَةَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وُلِدَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ فَقَالَ كَذَبُوا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ مَا مِنْ یَوْمٍ أَعْظَمَ شُؤْماً مِنْ یَوْمٍ مَاتَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْقَطَعَ فِیهِ وَحْیُ السَّمَاءِ وَ ظُلِمْنَا فِیهِ حَقَّنَا أَ لَا أَدُلُّكَ عَلَی یَوْمٍ سَهْلٍ أَلَانَ اللَّهُ لِدَاوُدَ فِیهِ الْحَدِیدَ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلَی جُعِلْتُ فِدَاكَ فَقَالَ اخْرُجْ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ(1).

قرب الإسناد، بإسناده عن علی بن جعفر عن أخیه علیه السلام: مثله (2).

«2»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ ع قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُسَافِرُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ الْخَمِیسِ وَ یُعْقَدُ فِیهِمَا الْأَلْوِیَةُ(3).

«3»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ أَعْطَی الْحَجَّامَ بُرّاً(4).

ص: 37


1- 1. الخصال: 27.
2- 2. لم یوجد.
3- 3. قرب الإسناد: 76.
4- 4. الخصال: 27.

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ اللُّؤْلُؤِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْزَمٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَحْتَجِمُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ(1).

«5»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الْحِجَامَةُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ تَسُلُّ الدَّاءَ سَلًّا مِنَ الْبَدَنِ (2).

«6»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِی الْخَزْرَجِ (3)

عَنْ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی نَضْرَةَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ احْتَجَمَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ أَوْ لِإِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنَ الشَّهْرِ كَانَتْ لَهُ شِفَاءً مِنْ أَدْوَاءِ(4)

السَّنَةِ كُلِّهَا وَ كَانَتْ لِمَا سِوَی ذَلِكَ شِفَاءً مِنْ وَجَعِ الرَّأْسِ وَ الْأَضْرَاسِ وَ الْجُنُونِ وَ الْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ (5).

بیان: و كانت لما سوی ذلك أی كانت الحجامة یوم الثلاثاء فی غیر تلك الأیام من الشهر.

«7»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ

ص: 38


1- 1. الخصال: 27.
2- 2. الخصال: 27.
3- 3. هو الحسین بن الزبرقان كما ذكره الشیخ فی رجاله فی من لم یرو عنهم علیهم السلام مضیفا إلیه انه روی عنه البرقی، و قال فی الفهرست: الحسین بن الزبرقان یكنی ابا الخزرج له كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبی المفضل عن ابن بطة عن أحمد بن أبی عبد اللّٰه( انتهی) لكن النجاشیّ ضبطه مكبرا فقال: الحسن بن الزبرقان أبو الخزرج قمی له كتاب اخبرنا أحمد بن علیّ بن نوح قال حدّثنا الحسن بن حمزة قال حدّثنا محمّد بن جعفر بن بطة قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد عنه( انتهی) و تعدّدهما بعید، و علی الاتّحاد فالمعتمد هو ضبط النجاشیّ لكونه أضبط.
4- 4. فی المصدر: من كل داء.
5- 5. الخصال: 28.

مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ بَشِیرٍ الْأَزْدِیِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ فَقَالَ كُلْ فَقُلْتُ إِنِّی صَائِمٌ فَقَالَ كَیْفَ صُمْتَ قَالَ قُلْتُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وُلِدَ فِیهِ فَقَالَ أَمَّا مَا فِیهِ وُلِدَ فَلَا تَعْلَمُونَ وَ أَمَّا مَا قُبِضَ فِیهِ فَنَعَمْ ثُمَّ قَالَ فَلَا تَصُمْ وَ لَا تُسَافِرْ فِیهِ (1).

«8»- مَجَالِسُ، ابْنِ الشَّیْخِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُمَرَ الْعَطَّارِ قَالَ: دَخَلْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَقَالَ لَمْ أَرَكَ أَمْسِ قَالَ كَرِهْتُ الْحَرَكَةَ فِی یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ قَالَ یَا عَلِیُّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَقِیَهُ اللَّهُ شَرَّ یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ فَلْیَقْرَأْ فِی أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ هَلْ أَتی عَلَی الْإِنْسانِ ثُمَّ قَرَأَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْیَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً(2).

«9»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ یَرْفَعُهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْیَطْلُبْهَا یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَلَانَ فِیهِ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلَامُ (3).

«10»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَا تُسَافِرْ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ الْحَاجَةَ(4).

«11»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْكَرَّامِ قَالَ: تَهَیَّأْتُ الْخُرُوجَ إِلَی الْعِرَاقِ فَأَتَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِأُسَلِّمَ عَلَیْهِ وَ أُوَدِّعَهُ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدُ قُلْتُ أُرِیدُ الْخُرُوجَ إِلَی الْعِرَاقِ فَقَالَ لِی فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ كَانَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا الْیَوْمَ یَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ فِیهِ وُلِدَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا یَعْلَمُونَ أَیُّ یَوْمٍ وُلِدَ فِیهِ (5) النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّهُ لَیَوْمٌ مَشُومٌ فِیهِ قُبِضَ

ص: 39


1- 1. الخصال: 27.
2- 2. الدهر: 11.
3- 3. المحاسن: 345.
4- 4. المحاسن: 346. و فیه« حاجة» بلا لام.
5- 5. لیس فی المصدر هذه الجملة« و اللّٰه ما یعلمون أی یوم ولد فیه النبیّ».

النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْقَطَعَ الْوَحْیُ وَ لَكِنْ أُحِبُّ أَنْ تَخْرُجَ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی كَانَ یَخْرُجُ فِیهِ إِذَا غَزَا(1).

«12»- وَ مِنْهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی أَیُّوبَ الْخَزَّازِ قَالَ: أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَجِئْنَا نُسَلِّمُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ كَأَنَّكُمْ طَلَبْتُمْ بَرَكَةَ الْإِثْنَیْنِ فَقُلْنَا نَعَمْ قَالَ وَ أَیُّ یَوْمٍ أَعْظَمُ شُؤْماً مِنْ یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ یَوْمٌ فَقَدْنَا فِیهِ نَبِیَّنَا وَ ارْتَفَعَ فِیهِ الْوَحْیُ لَا تَخْرُجُوا یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ اخْرُجُوا یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ(2).

الفقیه، بإسناده عن الخزاز: مثله (3)

الكافی، عن العدة عن البرقی عن عثمان: مثله (4).

«13»- مَجْمَعُ الْبَیَانِ،: فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی قُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ (5) رَوَی أَصْحَابُنَا أَنَّ أَعْمَالَ الْأُمَّةِ تُعْرَضُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی كُلِّ یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ وَ خَمِیسٍ فَیَعْرِفُهَا وَ كَذَلِكَ تُعْرَضُ عَلَی الْأَئِمَّةِ الْقَائِمِینَ (6) مَقَامَهُ وَ هُمُ الْمَعْنِیُّونَ بِقَوْلِهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ (7).

«14»- جَمَالُ الْأُسْبُوعِ، رُوِیَ مِنْ طَرِیقِ الْخَاصَّةِ: أَنَّ وَقْتَ عَرْضِ الْأَعْمَالِ فِی هَذَیْنِ الْیَوْمَیْنِ عِنْدَ انْقِضَاءِ نَهَارِهِمَا.

«15»- وَ رَوَی مُسْلِمٌ فِی صَحِیحِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِی كُلِّ جُمْعَةٍ(8) مَرَّتَیْنِ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ یَوْمَ الْخَمِیسِ فَیُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا عبد عَبْداً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَخِیهِ شَحْنَاءُ فَیَقُولُ اتْرُكُوا أَوْ أَرْجِئُوا هَذَیْنِ حَتَّی یَفِیئَا.

ص: 40


1- 1. المحاسن: 347.
2- 2. المحاسن: 347.
3- 3. الفقیه: 222.
4- 4. روضة الكافی: 314.
5- 5. التوبة: 106.
6- 6. فی المصدر: علی أئمة الهدی.
7- 7. مجمع البیان: ج 5، ص 69.
8- 8. أی فی كل اسبوع.

«16»- وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ سَلَّمَ: أَنَّهُ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ یَوْمَ الْخَمِیسِ فَیُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ لَا یُشْرِكُ بِاللَّهِ شَیْئاً.

«17»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی أَلَانَ اللَّهُ فِیهِ الْحَدِیدَ لِدَاوُدَ علیه السلام (1).

«18»- رِجَالُ الْكَشِّیِّ، قَالَ: كَتَبَ الْهَادِی علیه السلام إِلَی عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَحْفَظَكَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْكَ وَ مِنْ خَلْفِكَ وَ فِی كُلِّ حَالاتِكَ فَأَبْشِرْ فَإِنِّی أَرْجُو أَنْ یَدْفَعَ اللَّهُ عَنْكَ وَ اللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ یَجْعَلَ لَكَ الْخِیَرَةَ فِیمَا عَزَمَ لَكَ مِنَ الشُّخُوصِ فِی یَوْمِ الْأَحَدِ وَ أَخِّرْ ذَلِكَ إِلَی یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَحِبَكَ اللَّهُ فِی سَفَرِكَ وَ خَلَّفَكَ فِی أَهْلِكَ وَ أَدَّی عَنْكَ وَ سَلِمْتَ بِقُدْرَتِهِ.

باب 19 یوم الأربعاء

«1»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْبَصْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: فِی سُؤَالاتِ الشَّامِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَ التَّطَیُّرِ مِنْهُ وَ ثِقْلِهِ وَ أَیُّ أَرْبِعَاءَ هُوَ فَقَالَ علیه السلام آخِرُ أَرْبِعَاءَ فِی الشَّهْرِ وَ هُوَ الْمُحَاقُ وَ فِیهِ قَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ أَخَاهُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُلْقِیَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام فِی النَّارِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَضَعُوا(2)

الْمَنْجَنِیقَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ غَرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَرْضَ (3)

قَوْمِ لُوطٍ عَالِیَهَا سَافِلَهَا وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ

ص: 41


1- 1. تفسیر القمّیّ: 536.
2- 2. فی العلل و العیون: وضعوه فی المنجنیق.
3- 3. فی العل و العیون: قریة.

وَ جَلَّ الرِّیحَ عَلَی قَوْمِ عَادٍ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَصْبَحَتْ كَالصَّرِیمِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَی نُمْرُودَ الْبَقَّةَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ طَلَبَ فِرْعَوْنُ مُوسَی لِیَقْتُلَهُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَرَّ عَلَیْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَمَرَ فِرْعَوْنُ بِذَبْحِ الْغِلْمَانِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خُرِّبَ بَیْتُ الْمَقْدِسِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُحْرِقَ مَسْجِدُ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ بِإِصْطَخْرَ مِنْ كُورَةِ فَارِسَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قُتِلَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَظَلَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَوَّلُ الْعَذَابِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَسَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِقَارُونَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ابْتَلَی اللَّهُ أَیُّوبَ علیه السلام بِذَهَابِ مَالِهِ وَ وُلْدِهِ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أُدْخِلَ یُوسُفُ علیه السلام السِّجْنَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِینَ (1) وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَةُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ عَقَرُوا(2)

النَّاقَةَ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَمْطَرَ(3)

عَلَیْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّیلٍ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ شُجَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كُسِرَتْ رَبَاعِیَتُهُ وَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَخَذَتِ الْعَمَالِیقُ (4)

التَّابُوتَ (5).

قال الصدوق رحمه اللّٰه من اضطر إلی الخروج فی سفر یوم الأربعاء أو تبیغ به الدم فی یوم الأربعاء فجائز له أن یسافر أو یحتجم فیه و لا یكون ذلك شوما علیه لا سیما إذا فعل ذلك خلافا علی أهل الطیرة و من استغنی عن الخروج فیه أو عن إخراج الدم فالأولی أن یتوقی و لا یسافر(6)

و لا یحتجم (7).

بیان: یحتمل أن یكون وضع المنجنیق فی غیر یوم الإلقاء فی النار و یحتمل اتحادهما و یوم الأربعاء قال اللّٰه أی فی شأنه و هذا فی قصة صالح و قومه و كذا الصیحة لهم و هو ینافی كون عقر الناقة یوم الأربعاء لأنه لم یكن بینهما إلا

ص: 42


1- 1. النمل: 51.
2- 2. فی العلل: عقرت.
3- 3. فی العیون: امطرت.
4- 4. فی العیون: العمالقة.
5- 5. العلل: ج 2، ص 284، العیون: ج 1، ص 247.
6- 6. فی الخصال: و لا یسافر فیه.
7- 7. الخصال: 29.

ثلاثة أیام إلا أن یكون المراد ابتداء إرادتهم و تمهیدهم للعقر و أیضا شج النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان فی غزوة أحد و المشهور بین المفسرین و المؤرخین أنها كانت یوم السبت و كل ذلك مما یضعف الروایة و فی القاموس المحاق مثلثة آخر الشهر أو ثلاث لیال من آخره

أو أن یستتر القمر فلا یری غدوة و لا عشیة سمی لأنه طلع مع الشمس فمحقته (1)

و فی القاموس البیغ ثوران الدم و تبیغ (2) الدم هاج و غلب (3).

«2»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ هُوَ یَحْتَجِمُ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَهْلَ الْحَرَمَیْنِ یَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ مَنِ احْتَجَمَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَأَصَابَهُ بَیَاضٌ فَلَا یَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبُوا إِنَّمَا یُصِیبُ ذَلِكَ مَنْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ فِی طَمْثٍ (4).

«3»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ علیه السلام احْتَجَمَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ هُوَ مَحْمُومٌ فَلَمْ تَتْرُكْهُ الْحُمَّی فَاحْتَجَمَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَرَكَتْهُ الْحُمَّی (5).

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ الْبَغْدَادِیِّ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الثَّانِی علیه السلام أَسْأَلُهُ عَنِ الْخُرُوجِ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لَا یَدُورُ فَكَتَبَ علیه السلام مَنْ خَرَجَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لَا یَدُورُ خِلَافاً عَلَی أَهْلِ الطِّیَرَةِ وُقِیَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَ عُوفِیَ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ وَ قَضَی اللَّهُ لَهُ حَاجَتَهُ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ مَرَّةً أُخْرَی یَسْأَلُهُ عَنِ الْحِجَامَةِ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لَا یَدُورُ فَكَتَبَ

ص: 43


1- 1. القاموس: ج 3، ص 282.
2- 2. فی القاموس: تبوغ.
3- 3. القاموس: ج 3، ص 104.
4- 4. الخصال: 28.
5- 5. الخصال: 28.

علیه السلام مَنِ احْتَجَمَ فِی یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لَا یَدُورُ خِلَافاً عَلَی أَهْلِ الطِّیَرَةِ عُوفِیَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَ وُقِیَ مِنْ كُلِّ عَاهَةٍ وَ لَمْ تَخْضَرَّ مَحَاجِمُهُ (1).

بیان: الأربعاء لا یدور آخر أربعاء من الشهر و الجملة صفة لیوم الأربعاء و اللام فیه كاللام فی قوله و لقد أمر علی اللئیم یسبنی.

«5»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ الطَّائِیِّ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا ع یَقُولُ: یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ مَنِ احْتَجَمَ فِیهِ خِیفَ (2) أَنْ تَخْضَرَّ مَحَاجِمُهُ وَ مَنِ انْتَارَ(3) فِیهِ خِیفَ عَلَیْهِ الْبَرَصُ (4).

بیان: اخضرار المحاجم فساد محل الحجامة و سواده و من انتار أی استعمل النورة و الأشهر فیه التنور و إن كان أصل هذا البناء من اللغات المولدة كما یستفاد من كتب اللغة و فی أكثر النسخ اتنر بتشدید التاء و اتخاذه من النورة لا یوافق القاعدة و لیس له معنی آخر و لعله تصحیف و فی بعض النسخ من تنور و هو أصوب.

«6»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ دَارِمِ بْنِ قَبِیصَةَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: آخِرُ أَرْبِعَاءَ فِی الشَّهْرِ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ(5).

«7»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْأَحْوَلِ عَنْ بَشَّارِ بْنِ بَشَّارٍ(6)

قَالَ: قُلْتُ

ص: 44


1- 1. الخصال: 28.
2- 2. فی المصدر: خیف علیه.
3- 3. فی المصدر:« من تنور» و كلاهما بمعنی.
4- 4. العیون: ج 1، ص 248.
5- 5. الخصال: 28.
6- 6. كذا فی جمیع النسخ التی بأیدینا و هكذا فی المصدر، قال فی تنقیح المقال( ج 1 ص 170): الضبط الموجود فی رجال الكشّیّ و الشیخ و الخلاصة و غیرها« بشار بن یسار». بالباء الموحدة و الشین المعجمة فی الابن و الیاء المثناة من تحت و السین المهملة فی الأب و قد زاد ابن داود فضبطهما، و فی نسخة النجاشیّ الذی عندنا« بشار بن بشار» بالباء الموحدة و الشین المعجمة فیهما لكن ذلك غلط بلا شبهة لنقل ابن داود و العلامة فی الخلاصة عن النجاشیّ الأول دون الثانی( انتهی) و بشار بن یسار هو أخو سعید الضبیعی مولی بنی ضبیعة بن عجل ثقة روی هو و أخوه عن أبی عبد اللّٰه و أبی الحسن علیهما السلام و له كتاب رواه عنه ابن أبی عمیر.

لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لِأَیِّ شَیْ ءٍ یُصَامُ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ لِأَنَّ النَّارَ خُلِقَتْ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ(1).

«8»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام احْتَجَمَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ(2).

«9»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیهم السلام قَالَ: تَوَقَّوُا الْحِجَامَةَ وَ النُّورَةَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ فِیهِ خُلِقَتْ جَهَنَّمُ (3).

«10»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: یَنْبَغِی لِلرَّجُلِ أَنْ یَتَوَقَّی النُّورَةَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَإِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ(4).

«11»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ عَنْ صَوْمِ خَمِیسَیْنِ بَیْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ فَقَالَ أَمَّا الْخَمِیسُ فَیَوْمٌ تُعْرَضُ فِیهِ الْأَعْمَالُ وَ أَمَّا الْأَرْبِعَاءُ فَیَوْمٌ خُلِقَتْ فِیهِ النَّارُ وَ أَمَّا الصَّوْمُ فَجُنَّةٌ(5).

«12»- مَشَارِقُ الْأَنْوَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: عَادَانَا مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ حَتَّی مِنَ الطُّیُورِ الْفَاخِتَةُ وَ مِنَ الْأَیَّامِ الْأَرْبِعَاءُ.

ص: 45


1- 1. الخصال: 28.
2- 2. الخصال: 29.
3- 3. الخصال: 29.
4- 4. الخصال: 29.
5- 5. الخصال: 30.

«13»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: الْعِلَّةُ فِی صَوْمِ الْخَمِیسِ وَ الْأَرْبِعَاءِ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ النَّارُ خُلِقَتْ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ.

«14»- الدُّرُوعُ الْوَاقِیَةُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أُمِرْنَا بِصَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ مِنْ وَسَطِ الشُّهُورِ لِأَنَّهُ لَمْ یُعَذَّبْ قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا فِیهِ فَیُرَدُّ عَنَّا بِصَوْمِهِ نَحْسُهُ.

«15»- وَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَیَّامِ وَ آخِرُ الْأَیَّامِ الَّتِی ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَی فِی قَوْلِهِ سَبْعَ لَیالٍ وَ ثَمانِیَةَ أَیَّامٍ حُسُوماً(1).

«16»- الْمَكَارِمُ، عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ احْتَجَمَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَأَصَابَهُ وَضَحٌ فَلَا یَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ (2).

«17»- وَ عَنْ شُعَیْبٍ الْعَقَرْقُوفِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام وَ هُوَ یَحْتَجِمُ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فِی الْحَبْسِ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا یَوْمٌ یَقُولُ النَّاسُ مَنِ احْتَجَمَ فِیهِ أَصَابَهُ الْبَرَصُ (3) فَقَالَ إِنَّمَا یُخَافُ ذَلِكَ عَلَی مَنْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ فِی حَیْضِهَا(4).

«18»- كِتَابُ الْمُسَلْسَلَاتِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَكِیلُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو بَكْرٍ حَمْدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زُرَیْقٍ الْبَغْدَادِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْدُونٍ السِّمْسَارُ قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی قَالَ سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِیعِ یَقُولُ: كُنْتُ یَوْماً مَعَ مَوْلَایَ الْمَأْمُونِ فَأَرَدْنَا الْخُرُوجَ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَقَالَ الْمَأْمُونُ یَوْمٌ مَكْرُوهٌ سَمِعْتُ أَبِیَ الرَّشِیدَ یَقُولُ سَمِعْتُ الْمَهْدِیَّ یَقُولُ سَمِعْتُ الْمَنْصُورَ یَقُولُ سَمِعْتُ أَبِی مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ یَقُولُ سَمِعْتُ أَبِی عَلِیّاً یَقُولُ سَمِعْتُ أَبِی عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ آخِرَ الْأَرْبِعَاءِ فِی الشَّهْرِ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ.

قال المصنف و روی أن معنی مستمر أن یكون النهار نحسا من أوله إلی اللیل و قال علیه السلام إن معنی المستمر هو أن لا یذهب نحسه إلی أن یذهب من یوم الخمیس ساعة.

ص: 46


1- 1. الحاقّة: 7.
2- 2. المكارم: ج 1، ص 83.
3- 3. فی المصدر: فاصابه البرص فلا یلومن الا نفسه.
4- 4. المكارم: ج 1، ص 84.

باب 20 یوم الخمیس

«1»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِیفٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُسَافِرُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ الْخَمِیسِ وَ یَعْقِدُ فِیهِمَا الْأَلْوِیَةَ(1).

«2»- وَ مِنْهُ، بِالْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَوْمُ الْخَمِیسِ یَوْمٌ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ فِیهِ أَلَانَ اللَّهُ الْحَدِیدَ(2).

«3»- وَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِی فِی بُكُورِهَا وَ اجْعَلْهُ یَوْمَ الْخَمِیسِ (3).

بیان: هذا یخالف ظاهرا ما مر من أن إلانة الحدید كانت فی یوم الثلاثاء و یمكن حمل هذا علی التقیة لأن راویه من العامة أو یقال وقعت فیهما معا.

«4»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُعَتِّبِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فِی یَوْمِ خَمِیسٍ وَ هُوَ یَحْتَجِمُ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَحْتَجِمُ فِی یَوْمِ الْخَمِیسِ قَالَ نَعَمْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُحْتَجِماً فَلْیَحْتَجِمْ فِی یَوْمِ الْخَمِیسِ فَإِنَّ كُلَّ عَشِیَّةِ(4)

جُمُعَةٍ یَبْتَدِرُ الدَّمُ فَرَقاً مِنَ الْقِیَامَةِ وَ لَا یَرْجِعُ إِلَی وَكْرِهِ إِلَی غَدَاةِ الْخَمِیسِ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَنِ احْتَجَمَ فِی آخِرِ خَمِیسٍ مِنَ الشَّهْرِ فِی أَوَّلِ النَّهَارِ سَلَّ عَنْهُ الدَّاءَ سَلًّا(5).

«5»- الْعُیُونُ، بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ

ص: 47


1- 1. قرب الإسناد: ج 1، ص 76. و قد مر الحدیث الأول فی باب یوم الاثنین و الثلثاء تحت الرقم( 2).
2- 2. قرب الإسناد: ج 1، ص 76. و قد مر الحدیث الأول فی باب یوم الاثنین و الثلثاء تحت الرقم( 2).
3- 3. قرب الإسناد: ج 1، ص 76. و قد مر الحدیث الأول فی باب یوم الاثنین و الثلثاء تحت الرقم( 2).
4- 4. فی المصدر: عشیة كل جمعة.
5- 5. الخصال: 30.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِی فِی بُكُورِهَا یَوْمَ سَبْتِهَا وَ خَمِیسِهَا(1).

صحیفة الرضا، بالإسناد عنه علیه السلام: مثله (2).

«6»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ زَكَرِیَّا عَنْ أَبِیهِ عَنْ یَحْیَی قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَنْ قَصَّ أَظَافِیرَهُ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ تَرَكَ وَاحِدَةً لِیَوْمِ الْجُمُعَةِ نَفَی اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ(3).

«7»- الْعُیُونُ، بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُسَافِرُ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ یَقُولُ فِیهِ تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تُعْقَدُ(4)

فِیهِ الْأَلْوِیَةُ(5).

«8»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الرَّازِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ یَوْمَ السَّبْتِ وَ یَوْمَ الْخَمِیسِ وَ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ عُوفِیَ مِنْ وَجَعِ الْأَضْرَاسِ وَ وَجَعِ الْعَیْنِ (6).

بیان: الظاهر أن الواو بمعنی أو.

«9»- صَحِیفَةُ الرِّضَا، بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُسَافِرُ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ الْخَمِیسِ وَ یَقُولُ فِیهِمَا تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تُعْقَدُ(7) فِیهِمَا الْأَلْوِیَةُ(8).

ص: 48


1- 1. العیون: ج 2، ص 34. و قد مر الحدیث فی باب یوم السبت و الاحد تحت الرقم( 3).
2- 2. صحیفة الرضا: 9.
3- 3. الخصال: 30.
4- 4. كذا و لعلّ الاصوب« یعقد» عطفا علی« یسافر».
5- 5. العیون: ج 2، ص 37.
6- 6. الخصال: 32.
7- 7. قد مر منا ان الاصوب« یعقد» عطفا علی« یسافر».
8- 8. صحیفة الرضا: ص 20.

«10»- مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ، لِلسَّیِّدِ عَلِیِّ بْنِ طَاوُسٍ رحمه اللّٰه نَقْلًا مِنْ كِتَابِ الْأَزْمِنَةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِیِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَصُومُ الْإِثْنَیْنِ وَ الْخَمِیسَ فَقِیلَ لَهُ لِمَ ذَلِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ فِی كُلِّ إِثْنَیْنِ وَ خَمِیسٍ فَأُحِبُّ أَنْ یُرْفَعَ عَمَلِی وَ أَنَا صَائِمٌ.

«11»- وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ أَبِی أَیُّوبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا مِنْ إِثْنَیْنِ وَ لَا خَمِیسٍ إِلَّا تُرْفَعُ فِیهِ الْأَعْمَالُ إِلَّا عَمَلَ الْمَقَادِیرِ.

«12»- وَ مِنْهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی شَیْخِ الطَّائِفَةِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی عَنْبَسَةَ بْنِ بِجَادٍ الْعَابِدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: آخِرُ خَمِیسٍ فِی الشَّهْرِ تُرْفَعُ فِیهِ أَعْمَالُ الشَّهْرِ.

بیان: كأن المراد بعمل المقادیر الأعمال التی لا اختیار للعبد فیها فإنها لیست محلا للتكلیف.

«13»- الْمَكَارِمُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ الدَّمَ یَجْتَمِعُ فِی مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ یَوْمَ الْخَمِیسِ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ تَفَرَّقَ فَخُذْ حَظَّكَ مِنَ الْحِجَامَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ (1).

فذلكة اعلم أن یوم الجمعة بضم الجیم و سكون المیم و ضمها اسم یوم من الأسبوع و كان یسمی فی القدیم عروبة بفتح العین و ضم الراء المهملتین قال الجوهری یوم العروبة یوم الجمعة و هو من أسمائهم القدیمة(2)

و قال یوم الجمعة یوم العروبة و كذلك الجمعة بضم المیم و یجمع علی جمعات و جمع (3)

انتهی و قال فی المصباح المنیر یوم الجمعة سمی بذلك لاجتماع الناس به و ضم المیم لغة الحجاز و فتحها لغة بنی تمیم و إسكانها لغة عقیل و قرأ بها الأعمش ثم قال و أما الجمعة بسكون المیم فاسم لأیام الأسبوع و أولها السبت قال أبو عمرو الزاهد فی كتاب المداخل أخبرنا تغلب عن ابن الأعرابی قال قال

ص: 49


1- 1. المكارم: ج 1 ص 83.
2- 2. الصحاح: ج 1 ص 180.
3- 3. الصحاح: ج 3، ص 1198.

أول الجمعة یوم السبت و أول الأیام یوم الأحد هكذا عند العرب و قال فی مجمع البیان إنما سمیت جمعة لأن اللّٰه تعالی فرغ فیه من خلق الأشیاء فاجتمعت فیه المخلوقات و قیل لأنه تجتمع فیه الجماعات و قیل إن أول من سماها جمعة كعب بن لوی و هو أول من قال أما بعد و قیل إن أول من سماها جمعة الأنصار انتهی و هو أسعد الأیام و أشرفها كما مر و سیأتی فی كتاب الصلاة

إن شاء اللّٰه لكن لما كان یوم عبادة و قربه لا ینبغی أن یرتكب فیه ما ینافیها كالسفر و الاشتغال بالأمور الدنیویة و لیلته مثل یومه مباركة زاهرة منورة و یستحب فیهما التزویج و الزفاف و حلق الرأس و أخذ الأظفار و الشارب و الاستحمام و غسل الرأس بالسدر و الخطمی و سائر ما سیأتی فی محله فأما التنور فالظاهر أن المنع فیه محمول علی التقیة و اختلف الأخبار أیضا فی الحجامة و لعل الأولی تركها إلا مع الضرورة و لم أر فی الفصد نهیا و قال المنجمون یومه متعلق بالزهرة و لیلته بالقمر و أما یوم السبت فقال الجوهری السبت الراحة و الدهر و حلق الرأس و سبت علاوته سبتا إذا ضرب عنقه و منه سمی یوم السبت لانقطاع الأیام عنده (1) و قال الراغب قیل سمی یوم السبت لأن اللّٰه تعالی ابتدأ خلق السماوات یوم الأحد فخلقها فی ستة أیام كما ذكره فقطع عمله یوم السبت فسمی بذلك انتهی و قیل لقطع الیهود أعمالهم فیه و قیل لاستراحتهم فیه قال السید الأجل المرتضی رحمه اللّٰه فی الغرر و الدرر فی جواب سائل سأل عن قوله تعالی وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً(2) فقال (3)

إذا كان السبات هو النوم فكأنه قال و جعلنا نومكم نوما و هذا مما لا فائدة فیه فأجاب رحمه اللّٰه فی هذه الآیة بوجوه.

منها أن یكون المراد بالسبات الراحة و الدعة و قد قال قوم إن اجتماع

ص: 50


1- 1. الصحاح: ج 1، ص 250.
2- 2. النبأ: 9.
3- 3. أی السائل.

الخلق كان فی یوم الجمعة و الفراغ منه فی یوم السبت فسمی الیوم بالسبت للفراغ الذی كان فیه و لأن اللّٰه تعالی أمر بنی إسرائیل فیه بالاستراحة من الأعمال قیل و أصل السبات التمدد یقال سبتت المرأة شعرها إذا حلته من العقص و أرسلته.

و منها أن یكون المراد بذلك القطع لأن السبت القطع و السبت أیضا الحلق یقال سبت شعره إذا حلقه و هو یرجع إلی معنی القطع و النعال السبتیة التی لا شعر علیها فالمعنی جعلنا نومكم قطعا لأعمالكم و تصرفكم و من أجاب بهذا الجواب یقول إنما سمی یوم السبت بذلك لأن بدء الخلق كان یوم الأحد و جمع یوم الجمعة و قطع یوم السبت فترجع التسمیة إلی معنی القطع و قد اختلف الناس فی ابتداء الخلق فقال أهل التوراة إن اللّٰه تعالی ابتدأه فی یوم الأحد فكان الخلق یوم الأحد و الإثنین و الثلاثاء و الأربعاء و الخمیس و الجمعة ثم فرغ فی یوم السبت و هذا قول أهل التوراة و قال آخرون إن الابتداء كان فی یوم الإثنین إلی السبت و فرغ فی یوم الأحد و هذا قول أهل الإنجیل فأما قول أهل الإسلام فهو أن ابتداء الخلق كان فی یوم السبت و اتصل إلی الخمیس و جعلت الجمعة عیدا فعلی هذا القول یمكن أن یسمی الیوم بالسبت من حیث قطع فیه بعض خلق الأرض

فَقَدْ رَوَی أَبُو هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ التُّرْبَةَ فِی یَوْمِ السَّبْتِ وَ خَلَقَ الْجِبَالَ فِیهَا یَوْمَ الْأَحَدِ.

إلی آخر ما أفاده رحمه اللّٰه و ما ذكره من كون ابتداء الخلق یوم السبت خلاف المشهور بین الفریقین.

و بالجملة یوم السبت یوم مبارك صالح لجمیع الأعمال و البكور فیه أسعد و أیمن كما عرفت لا سیما للسفر و طلب الحوائج و یومه عند الأحكامیین متعلق بزحل و لیلته بالمریخ و اسمه بالعربیة القدیمة شیار كتاب.

و یوم الأحد و كان یسمی فی القدیم بالأول و سمی أحدا لأنه أول الأیام أو الیوم الأول من خلق العالم و هو یوم متوسط لأكثر الأعمال و ذمه و مدحه متعارضان بل مدحه أقوی و عند الأحكامیین یومه متعلق بالشمس و لیلته بعطارد.

ص: 51

و یوم الإثنین یسمی فی اللغة القدیمة بأهون قال الجوهری كانت العرب تسمی یوم الإثنین أهون فی أسمائهم القدیمة أنشدنی أبو سعید قال أنشدنی ابن درید لبعض شعراء الجاهلیة:

أؤمل أن أعیش و أن یومی***بأول أو بأهون أو جبار

أم التالی دبار أم فیومی***بمؤنس أو عروبة أو شیار(1).

و فی كتاب أبی ریحان:.... أو التالی دبار فإن أفته فمؤنس إلخ و وجه التسمیة ظاهر مما مر و هو أنحس أیام الأسبوع و لا یصلح لشی ء من الأعمال و ما ورد فی مدحه فمحمول علی التقیة لتبرك المخالفین به اقتفاء ببنی أمیة لعنهم اللّٰه و أكثر مصائب أهل البیت علیهم السلام وقع فیه و لذا وضعوا الأخبار للتبرك به كما وضعوها للتبرك بیوم عاشوراء.

و یمكن حمل بعض الأخبار علی الضرورة و یمكن حمل بعضها علی النسخ أیضا بأن یكون فی الأول مباركا حیث لم یقع بعد فیه ما یصیر سببا لنحوسته فلما فات فیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و جرت المصائب فیه علی أهل البیت علیهم السلام و تبرك المخالفون به صار أنحس الأیام و یكون ذلك أیضا بإخباره صلی اللّٰه علیه و آله لئلا یلزم النسخ بعده صلی اللّٰه علیه و آله و یمكن القول بمثله فی یوم عاشوراء و هذا وجه قریب للجمع بین الأخبار و إن كان الأول أقرب و عند المنجمین یومه متعلق بالقمر و لیلته بالمشتری.

و یوم الثلاثاء بفتح الثاء و قد یضم ثم لام ثم ألف و هو ممدود و فی اللغة القدیمة یسمی الجبار كغراب و هو یوم متوسط لأكثر الأعمال لا سیما صعاب الأمور لأن اللّٰه تعالی ألان فیه الحدید لداود علیه السلام و فی مجمع البیان أن اللّٰه خلق فیه الجبال و روی أنه سبحانه خلق فیه الأشجار و الأنهار و الهوام و ورد فیه النهی عن الحجامة و تجویزها و التجویز أقوی و السفر أیضا فیه محمود و

ص: 52


1- 1. الصحاح: ج 6، ص 2218.

عند الأحكامیین یومه متعلق بالمریخ و لیلته بالزهرة.

و یوم الأربعاء مثلثة الباء ممدودة و فی المصباح هو بكسر الباء و لا نظیر له فی المفردات و إنما یأتی وزنه فی الجمع و بعض بنی أسد یفتح الباء و الضم لغة قلیلة فیه انتهی و فی اللغة القدیمة اسمه دبار فی القاموس دبار كغراب و كتاب یوم الأربعاء و فی كتاب العین لیلته انتهی (1)

و فی المجمع خلق اللّٰه فیه الشجر و العمران و الخراب و قیل خلق فیه الطیر و هو یوم نحس لا سیما آخر أربعاء من الشهر و لیست نحوسته كالإثنین و قد مر أن اللّٰه خلق فیه النار و قد ورد تجویز بعض الأعمال فیه كالاستحمام و شرب الدواء و منع فیه من الحجامة و النورة و السفر و عند أرباب النجوم یومه متعلق بالعطارد و لیلته بزحل.

و یوم الخمیس كانت العرب تسمیه مؤنسا ذكره الجوهری و هو مناسب لما ورد فی الخبر أنه یوم أنیس و هو یوم مبارك صالح لجمیع الأعمال لا سیما السفر و طلب الحوائج و البكور فیه أشد بركة و سیأتی فضله و الأعمال المطلوبة فیه فی كتاب الصلاة إن شاء اللّٰه و قد روی فیه منع عن الحجامة و التجویز أصح و أقوی و أید المنع بأن الرشید احتجم فیه و مات و هذا مؤید لسعادة هذا الیوم و عند الأحكامیین یومه منسوب إلی المشتری و لیلته إلی الشمس و المراد باللیلة فی جمیع ما نقلنا عنهم اللیلة المستقبلة علی خلاف أهل الشرع فإنهم یعدون اللیلة الماضیة من الیوم.

ص: 53


1- 1. القاموس: ج 2: ص 27.

باب 21 سعادة أیام الشهور العربیة و نحوستها و ما یصلح فی كل یوم منها من الأعمال

اشارة

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ یَأْتِیَ أَهْلَهُ فَلْیَتَوَقَّ أَوَّلَ الْأَهِلَّةِ وَ أَنْصَافَ الشُّهُورِ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ یَطْلُبُ الْوَلَدَ فِی هَذَیْنِ الْوَقْتَیْنِ وَ الشَّیَاطِینَ یَطْلُبُونَ الشِّرْكَ فِیهِمَا فَیَجِیئُونَ وَ یُحْبِلُونَ (1).

«2»- الْمَكَارِمُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: اتَّقِ الْخُرُوجَ إِلَی السَّفَرِ یَوْمَ (2) الثَّالِثِ مِنَ الشَّهْرِ وَ الرَّابِعَ مِنْهُ وَ الْحَادِیَ وَ الْعِشْرِینَ مِنْهُ وَ الْخَامِسَ وَ الْعِشْرِینَ مِنْهُ فَإِنَّهَا أَیَّامٌ مَنْحُوسَةٌ-(3)

وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَكْرَهُ أَنْ یُسَافِرَ الرَّجُلُ أَوْ یَتَزَوَّجَ وَ الْقَمَرُ فِی الْمُحَاقِ.

وَ رُوِیَ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام: أَنَّ فِی كُلِّ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ الْعَرَبِیَّةِ یَوْمُ نَحْسٍ لَا یَصْلُحُ ارْتِكَابُ شَیْ ءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ فِیهِ سِوَی الْخَلْوَةِ وَ الْعِبَادَةِ وَ الصَّوْمِ وَ هِیَ الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَ الْعَاشِرُ مِنْ صَفَرٍ وَ الرَّابِعُ مِنَ الرَّبِیعِ الْأَوَّلِ وَ الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ مِنَ الرَّبِیعِ الثَّانِی وَ الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ جُمَادَی الْأُولَی وَ الثَّانِی عَشَرَ مِنْ جُمَادَی الثَّانِیَةِ وَ الثَّانِی عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ وَ السَّادِسُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ شَعْبَانَ وَ الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الثَّانِی مِنْ شَوَّالٍ وَ الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ ذِی الْقَعْدَةِ وَ الثَّامِنُ ذِی الْحِجَّةِ.

ص: 54


1- 1. الخصال: 71.
2- 2. فی المصدر: فی الیوم الثالث.
3- 3. المكارم: ج 1، ص 276.

و یظهر من بعض الروایات نحوسة الثالث و الرابع و الخامس و الثالث عشر و السادس عشر و الحادی و العشرین و الرابع و العشرین و الخامس و العشرین و السادس و العشرین و روی المنع من السفر فی الثامن من الشهر و الثالث و العشرین منه و روی أنه یصلح السفر فی الرابع و فی الحادی و العشرین.

و عن بعض الأفاضل النظم.

توق من الأیام سبع كواملا***فلا تتخذ فیهن عرسا و لا سفر

ثلاثا و خمسا ثم ثالث عشرها***و سادس عشر هكذا جاء فی الخبر

و واحد و العشرین قد شاع ذكره***و رابع و العشرین و الخمس فی الأثر

فتوقها مهما استطعت فإنها***كأیام عاد لا تبقی و لا تذر

رویناه عن بحر العلوم بهمة***علی ابن عم المصطفی سید البشر

و لغیره:

تخف رابع العشرین من رمضان***و أسقط شوال منه الثانی

و الثامن العشرین من ذی قعدة***و توق ما بعده لثمان

و ثانی العشرین شهر محرم***و عاشر من صفر بلا نكران

و ربیع رابعة فحاذر یومه***و ثامن عشری ربیع الثانی

و ثامن عشری جمادی الأولی***ثم ما یتلوه ثانی عشر یأمن حثانی

و إذا أتی رجب فثانی عشرها***و السادس و العشرون من شعبان

فتوقها مهما استطعت فإنها***خباث من الأیام كل زمان

«3»- الْمَكَارِمُ، عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ احْتَجَمَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ لِتِسْعَ عَشَرَةَ أَوْ لِإِحْدَی وَ عِشْرِینَ كَانَتْ لَهُ شِفَاءً مِنْ دَاءِ السَّنَّةِ(1).

«4»- وَ قَالَ أَیْضاً: احْتَجِمُوا یَوْمَ الْخَمِیسِ لِخَمْسَ عَشْرَةَ وَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ لَا یَتَبَیَّغْ بِكُمُ الدَّمُ فَیَقْتُلَكُمْ (2).

ص: 55


1- 1. المكارم: ج 1، ص 83.
2- 2. المكارم: ج 1، ص 83.

«5»- وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنِ احْتَجَمَ فِی آخِرِ خَمِیسٍ فِی الشَّهْرِ آخِرَ النَّهَارِ سَلَّ الدَّاءَ سَلًّا(1).

«6»- وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْحِجَامَةُ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ تَمْضِی مِنَ الشَّهْرِ دَوَاءٌ لِدَاءِ سَنَةٍ(2).

«7»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: الْحِجَامَةُ فِی سَبْعٍ وَ عَشْرٍ مِنَ الشَّهْرِ شِفَاءٌ وَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ صِحَّةٌ لِلْبَدَنِ (3).

و أقول روی عن الصادق علیه السلام أخبار فی سعادة أیام الشهر و نحوستها جمعت بینها مشیرا إلی مواضعها و مأخذها.

الیوم الأول

الدروع الواقیة، قال السید رحمه اللّٰه فیما نذكره من الروایة بأدعیة ثلاثین فصلا لكل یوم من الشهر فصل منها مرویة عن الصادق علیه السلام بروایات متكثرة و هی اختیارات الأیام و دعاؤها لكل یوم دعاء جدید إلی أن قال الیوم الأول من الشهر.

«8»- عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ خُلِقَ فِیهِ آدَمُ وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ لِلدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَ التَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ اتِّخَاذِ الْمَاشِیَةِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ أَوْ ضَلَّ قُدِرَ عَلَیْهِ إِلَی ثَمَانِی لَیَالٍ وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یَبْرَأُ وَ الْمَوْلُودُ یَكُونُ سَمْحاً مَرْزُوقاً مُبَارَكاً عَلَیْهِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رحمه اللّٰه هُوَ رُوزُ هُرْمَزْدَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَی یَوْمٌ مُخْتَارٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ.

«9»- قَالَ السَّیِّدُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی بِحَذْفِ الْإِسْنَادِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: وَ قَدْ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنِ اخْتِیَارَاتِ الْأَیَّامِ فَقَالَ علیه السلام الْیَوْمُ الْأَوَّلُ خُلِقَ فِیهِ آدَمُ علیه السلام یَوْمٌ صَالِحٌ مَسْعُودٌ خَاطِبْ فِیهِ السُّلْطَانَ وَ تَزَوَّجْ وَ اعْمَلْ فِیهِ كُلَّ شَیْ ءٍ تُرِیدُهُ مِنْ حَاجَةٍ.

«10»- الْمَكَارِمُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: سَعْدٌ یَصْلُحُ لِلِقَاءِ الْأُمَرَاءِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ

ص: 56


1- 1. المكارم: ج 1، ص 83 و 84.
2- 2. المكارم: ج 1، ص 83 و 84.
3- 3. المكارم: ج 1، ص 83 و 84.

وَ الشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الزِّرَاعَةِ وَ السَّفَرِ(1).

«11»- زَوَائِدُ الْفَوَائِدِ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ مَحْمُودٌ فِیهِ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی آدَمَ وَ هُوَ یَوْمٌ سَعِیدٌ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ لِلدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ ابْتِدَاءِ الْأَعْمَالِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْأَخْذِ وَ الْعَطَاءِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَحْبُوباً مَقْبُولًا مَرْزُوقاً مُبَارَكاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«12»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ خَرَجَ فِیهِ هَارِباً أَوْ ضَالًّا قُدِرَ عَلَیْهِ إِلَی ثَمَانِ لَیَالٍ.

بیان: ما روی فی سیاق ما مر و سیأتی عن سلمان رضی اللّٰه عنه موافق لما رواه علماء النجوم و أصحاب التقاویم عن الفرس لكن فی تصحیحها اختلافات نشیر إلیها قالوا الیوم الأول اسمه أورمزد و بعضهم یسمیه فرخ و بعضهم به روز.

الیوم الثانی

«13»- الدُّرُوعُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فِیهِ خُلِقَتْ حَوَّاءُ مِنْ آدَمَ یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ وَ بِنَاءِ الْمَنَازِلِ وَ كَتْبِ الْعُهُودِ وَ السَّفَرِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ الِاخْتِیَارِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوَّلَ النَّهَارِ خَفَّ أَمْرُهُ بِخِلَافِ آخِرِهِ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ صَالِحَ التَّرْبِیَةِ وَ قَالَ سَلْمَانُ هُوَ رُوزُ بَهْمَنَ اسْمُ مَلَكٍ تَحْتَ الْعَرْشِ یَوْمٌ مُبَارَكٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ سَعِیدٌ.

«14»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: تَزَوَّجْ وَ أْتِ فِیهِ أَهْلَكَ مِنَ السَّفَرِ وَ اشْتَرِ وَ بِعْ وَ اطْلُبْ فِیهِ الْحَوَائِجَ وَ اتَّقِ فِیهِ السُّلْطَانَ.

«15»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ (2).

«16»- الزَّوَائِدُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: یَوْمٌ مَحْمُودٌ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی فِیهِ حَوَّاءَ وَ هُوَ یَوْمٌ یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ وَ التَّحْوِیلِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الْبِنَاءِ وَ الزَّرْعِ وَ الْغَرْسِ وَ السَّلَفِ وَ الْقَرْضِ وَ الْمُعَامَلَةِ وَ الدُّخُولِ بِالْأَهْلِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ لِقَاءِ السُّلْطَانِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً مَیْمُوناً.

ص: 57


1- 1. المكارم: ج 2، ص 558.
2- 2. المكارم: ج 2، ص 558.

«17»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَصْلُحُ لِكَتْبَةِ الْعَهْدِ وَ مَنْ مَرِضَ فِی أَوَّلِهِ كَانَ مَرَضُهُ خَفِیفاً وَ فِی آخِرِهِ كَانَ ثَقِیلًا.

الیوم الثالث

«18»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ نُزِعَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ لِبَاسُهُمَا وَ أُخْرِجَا مِنَ الْجَنَّةِ فَاجْعَلْ شُغْلَكَ فِیهِ صَلَاحَ مَنْزِلِكِ وَ لَا تَخْرُجْ مِنْ دَارِكَ إِنْ أَمْكَنَكَ وَ اتَّقِ فِیهِ السُّلْطَانَ وَ الْبَیْعَ وَ الشِّرَاءَ وَ طَلَبَ الْحَوَائِجِ وَ الْمُعَامَلَةَ وَ الْمُشَارَكَةَ وَ الْهَارِبُ فِیهِ یُؤْخَذُ

وَ الْمَرِیضُ یَجْهُدُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً طَوِیلَ الْعُمُرِ وَ قَالَ سَلْمَانُ هُوَ رُوزُ أُرْدِیبِهِشْتَ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالشَّقَاءِ وَ السُّقْمِ یَوْمٌ ثَقِیلٌ نَحْسٌ لَا یَصْلُحُ لِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ.

«19»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ فِیهِ سُلِبَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ لِبَاسَهُمَا وَ لَا تَشْتَرِ فِیهِ وَ لَا تَبِعْ وَ لَا تَأْتِ فِیهِ السُّلْطَانَ وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً.

«20»- الْمَكَارِمُ،: رَدِی ءٌ لَا یَصْلُحُ لِشَیْ ءٍ جُمْلَةً(1).

«21»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ فِیهِ قُتِلَ هَابِیلُ قَتَلَهُ أَخُوهُ قَابِیلُ عَلَیْهِ اللَّعْنَةُ وَ الْعَذَابُ السَّرْمَدُ وَ هُوَ یَوْمٌ مَذْمُومٌ لَا تُسَافِرْ فِیهِ وَ لَا تَعْمَلْ عَمَلًا وَ لَا تَلْقَ فِیهِ أَحَداً وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ بِعُوذَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَنْحُوساً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ خِیفَ عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ غَیْرَ ذَلِكَ.

«22»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَرْزُوقاً طَوِیلَ الْعُمُرِ وَ فِیهِ سُلِبَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ لِبَاسَهُمَا وَ أُخْرِجَا مِنَ الْجَنَّةِ وَ الْهَارِبُ فِیهِ یُؤْخَذُ(2)

وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یَجْهُدُ.

أقول: المضبوط عند الفرس أردیبهشت بضم الهمزة و سكون الراء المهملة و كسر الدال المهملة أی الشهر الذی العالم فیه مثل الجنة لاخضرار

ص: 58


1- 1. المكارم: ج 2، ص 558.
2- 2. فی المخطوطة: یوجد.

الأشجار و الأراضی و ظهور الأزهار.

الیوم الرابع

«23»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِلزَّرْعِ وَ الصَّیْدِ وَ الْبِنَاءِ وَ اتِّخَاذِ الْمَاشِیَةِ وَ یُكْرَهُ فِیهِ السَّفَرُ فَمَنْ سَافَرَ فِیهِ خِیفَ عَلَیْهِ الْقَتْلُ وَ السَّلْبُ أَوْ بَلَاءٌ یُصِیبُهُ وَ فِیهِ وُلِدَ هَابِیلُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ صَالِحاً مُبَارَكاً مَا عَاشَ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ عَسُرَ طَلَبُهُ وَ لَجَأَ إِلَی مَنْ یَمْنَعُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رُوزُ شَهْرِیوَرَ اسْمُ الْمَلَكِ الَّذِی خُلِقَتْ فِیهِ الْجَوَاهِرُ مِنْهُ وَ وُكِّلَ بِهَا وَ هُوَ مُوَكَّلٌ بِبَحْرِ الرُّومِ.

«24»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ الصَّیْدِ وَ یُذَمُّ فِیهِ السَّفَرُ فَمَنْ سَافَرَ فِیهِ سُلِبَ وَ فِیهِ وُلِدَ هَابِیلُ بْنُ آدَمَ علیه السلام.

«25»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ یُكْرَهُ السَّفَرُ فِیهِ (1).

«26»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: هُوَ یَوْمٌ مُتَوَسِّطٌ صَالِحٌ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ فِیهِ وُلِدَ هِبَةُ اللَّهِ شِیثُ بْنُ آدَمَ وَ لَا تُسَافِرْ فِیهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ شُفِیَ لَیْلَتَهُ وَ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«27»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّ هَابِیلَ علیه السلام وُلِدَ فِیهِ أَیْضاً وَ یُخَافُ فِیهِ عَلَی الْمُسَافِرِ السَّلْبُ وَ الْقَتْلُ وَ بَلَاءٌ یُصِیبُهُ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ لَجَأَ إِلَی مَنْ یَمْنَعُ مِنْهُ.

أقول: اسمه عند الفرس بفتح الشین المعجمة و سكون الهاء و كسر الراء المهملة و سكون الیاء و فتح الواو.

الیوم الخامس

«28»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ فِیهِ وُلِدَ قَابِیلُ الشَّقِیُّ الْمَلْعُونُ وَ فِیهِ قَتَلَ أَخَاهُ وَ فِیهِ دَعَا بِالْوَیْلِ عَلَی نَفْسِهِ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ بَكَی فِی الْأَرْضِ فَلَا تَعْمَلْ فِیهِ عَمَلًا وَ لَا تَخْرُجْ مِنْ مَنْزِلِكَ وَ مَنْ حَلَفَ فِیهِ كَاذِباً عُجِّلَ لَهُ الْجَزَاءُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَلَحَتْ حَالُهُ

ص: 59


1- 1. المكارم: ج 2، ص 558.

وَ قَالَ سَلْمَانُ رُوزُ إِسْفَنْدَارَ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَرَضِینَ یَوْمُ نَحْسٍ فَلَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً وَ لَا تَلْقَ فِیهِ سُلْطَاناً.

«29»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی عَنْهُ علیه السلام: وُلِدَ فِیهِ قَابِیلُ وَ فِیهِ قَتَلَ أَخَاهُ وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً.

«30»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: رَدِی ءٌ نَحْسٌ (1).

«31»- الزَّوَائِدُ،: هُوَ یَوْمُ نَحْسٍ فِیهِ لُعِنَ إِبْلِیسُ وَ هَارُوْتُ وَ مَارُوتُ وَ كُلُّ فِرْعَوْنٍ وَ جَبَّارٍ وَ فِیهِ لُعِنَ وَ عُذِّبَ وَ هُوَ یَوْمٌ نَكِدٌ عَسِیرٌ لَا خَیْرَ فِیهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَشُوماً ثَقِیلًا نَكِدَ الْحَیَاةِ عَسِیرَ الرِّزْقِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ ثَقُلَ مَرَضُهُ وَ خِیفَ عَلَیْهِ.

«32»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّ فِیهِ قَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ وَ یُنْظَرُ فِی إِصْلَاحِ الْمَاشِیَةِ وَ مَنْ كَذَبَ فِیهِ عَجَّلَ اللَّهُ لَهُ الْجَزَاءَ.

أقول: المشهور عند الفرس إسفندارمذ و قد یقال إسپندار و سفندار و سپندار بإلحاق مذ فی الجمیع.

الیوم السادس

«33»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ فِی بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ رَجَعَ إِلَی أَهْلِهِ بِمَا یُحِبُّهُ جَیِّدٌ لِشِرَاءِ الْمَاشِیَةِ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ أَوْ أَبَقَ وُجِدَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَلَحَتْ تَرْبِیَتُهُ وَ سَلِمَ مِنَ الْآفَاتِ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ خُرْدَادَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْجِنِّ یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ وَ الْمَعَاشِ وَ كُلِّ حَاجَةٍ وَ الْأَحْلَامُ یَظْهَرُ تَأْوِیلُهَا بَعْدَ یَوْمٍ أَوْ یَوْمَیْنِ.

«34»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ الصَّیْدِ وَ طَلَبِ الْمَعَاشِ وَ كُلِّ حَاجَةٍ.

«35»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ (2).

ص: 60


1- 1. المكارم: ج 2، ص 558.
2- 2. المكارم: ج 2، ص 558.

«36»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ وُلِدَ فِیهِ نُوحٌ علیه السلام یَصْلُحُ لِلْحَوَائِجِ وَ السُّلْطَانِ وَ السَّفَرِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الدُّیُونِ وَ الْقَضَاءِ وَ الْأَخْذِ وَ الْعَطَاءِ وَ النُّزْهَةِ وَ الصَّیْدِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً مَیْمُوناً مُوَسَّعاً عَلَیْهِ فِی حَیَاتِهِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ لَمْ یُجَاوِزْ مَرَضُهُ أُسْبُوعاً ثُمَّ یَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ.

«37»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ وَ شِرَاءِ الْمَاشِیَةِ.

أقول: خرداد عندهم بضم الخاء المعجمة.

الیوم السابع

«38»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِجَمِیعِ الْأُمُورِ وَ مَنْ بَدَأَ بِالْكِتَابَةِ أَكْمَلَهَا حِذْقاً وَ مَنْ بَدَأَ فِیهِ بِعِمَارَةٍ أَوْ غَرْسٍ حُمِدَتْ عَاقِبَتُهُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَلَحَتْ تَرْبِیَتُهُ وَ وُسِّعَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ مُرْدَادَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالنَّاسِ وَ أَرْزَاقِهِمْ وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ فَاعْمَلْ فِیهِ مَا تَشَاءُ مِنَ الْخَیْرِ.

«39»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ مِثْلَ السَّادِسِ.

«40»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: مُبَارَكٌ مُخْتَارٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ مَا یُرَادُ وَ یُسْعَی فِیهِ (1).

«41»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ فِیهِ رَكِبَ نُوحٌ علیه السلام السَّفِینَةَ فَارْكَبِ الْبَحْرَ وَ سَافِرْ فِی الْبَرِّ وَ الْقَ الْعَدُوَّ وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّهُ یَوْمٌ عَظِیمُ الْبَرَكَةِ مَحْمُودٌ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ السَّعْیِ فِیهَا وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً مَیْمُوناً عَلَی نَفْسِهِ وَ أَبَوَیْهِ خَفِیفَ النَّجْمِ مُوَسَّعاً عَیْشُهُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«42»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْكِتَابَةِ وَ الْعِمَارَةِ وَ غَرْسِ الْأَشْجَارِ.

أقول: مرداد أیضا بالضم و قال أبو ریحان معناه دوام الخلق أبدا من غیر موت و لا فناء.

ص: 61


1- 1. المكارم: ج 2، ص 558.
الیوم الثامن

«43»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ مِنْ بَیْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَ مَنْ دَخَلَ فِیهِ عَلَی سُلْطَانٍ قُضِیَتْ حَاجَتُهُ وَ یُكْرَهُ فِیهِ رُكُوبُ الْبَحْرِ وَ السَّفَرُ فِی الْبَرِّ وَ الْخُرُوجُ إِلَی الْحَرْبِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَلَحَتْ وِلَادَتُهُ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ لَمْ یُقْدَرْ عَلَیْهِ إِلَّا بِتَعَبٍ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ لَمْ یُرْشَدْ إِلَّا بِجَهْدٍ وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یَجْهُدُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رُوزُ نمادرَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَی وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ تُرِیدُ مِنَ الْخَیْرِ.

«44»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ إِلَّا السَّفَرَ.

«45»- الْمَكَارِمُ،: یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ سِوَی السَّفَرِ فَإِنَّهُ یُكْرَهُ فِیهِ (1).

«46»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ فَاشْتَرِ فِیهِ وَ بِعْ وَ خُذْ وَ أَعْطِ وَ لَا تَعَرَّضْ لِلسَّفَرِ فَإِنَّهُ یُكْرَهُ فِیهِ سَفَرُ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُتَوَسِّطَ الْحَالِ طَوِیلَ الْعُمُرِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«47»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: تَصْلُحُ لِلِقَاءِ السُّلْطَانِ وَ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ مِنْهُ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ لَمْ یُقْدَرْ عَلَیْهِ إِلَّا بِتَعَبٍ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ لَمْ یُرْشَدْ إِلَّا بِجَهْدٍ وَ قِیلَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ هَلَكَ.

أقول: المعروف عندهم دیبازر.

الیوم التاسع

«48»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ تُرِیدُهُ فَابْدَأْ فِیهِ بِالْعَمَلِ وَ اقْتَرِضْ فِیهِ وَ ازْرَعْ وَ اغْرِسِ وَ مَنْ حَارَبَ فِیهِ غَلَبَ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ رُزِقَ مَالًا وَ رَأَی خَیْراً وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ نَجَا وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ ثَقُلَ وَ مَنْ ضَلَّ قُدِرَ عَلَیْهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَلَحَتْ وِلَادَتُهُ وَ وُفِّقَ فِیهِ فِی كُلِّ حَالاتِهِ وَ قَالَ سَلْمَانُ رُوزُ آذَرَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْمِیزَانِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَحْمُودٌ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ فِیهِ مِنْ یَوْمِهَا.

ص: 62


1- 1. المكارم: ج 2، ص 55.

«49»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ خَفِیفٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ یُرِیدُهُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً فِی مَعِیشَتِهِ وَ لَا یُصِیبُهُ ضِیقٌ.

«50»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ مَا یُرِیدُهُ الْإِنْسَانُ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ رُزِقَ مَالًا وَ یَرَی فِی سَفَرِهِ كُلَّ خَیْرٍ(1).

«51»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ مَحْمُودٌ فِیهِ وُلِدَ سَامُ بْنُ نُوحٍ وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِلْحَوَائِجِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ جَمِیعِ الْأَعْمَالِ وَ الدَّیْنِ وَ الْقَرْضِ وَ الْأَخْذِ وَ الْعَطَاءِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَحْبُوباً مَقْبُولًا عِنْدَ النَّاسِ یَطْلُبُ الْعِلْمَ وَ یَعْمَلُ بِأَعْمَالِ الصَّالِحِینَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«52»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ سَافَرَ فِیهِ رُزِقَ وَ لَقِیَ خَیْراً وَ یَصْلُحُ لِلْغَرْسِ وَ الزَّرْعِ وَ مَنْ حَارَبَ فِیهِ غَلَبَ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ لَجَأَ إِلَی سُلْطَانٍ یَمْنَعُ یُمْنَعُ عَلَیْهِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ ثَقُلَ.

أقول: عندهم آذر بالألف الممدودة ثم الذال المعجمة المفتوحة اسم للنار و الملك الموكل بها و صحح بعضهم بضم الذال و الأول أشهر.

الیوم العاشر

«53»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ وُلِدَ فِیهِ نُوحٌ علیه السلام وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكْبَرُ وَ یَهْرَمُ وَ یُرْزَقُ وَ یَصْلُحُ لِلْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ السَّفَرِ وَ الضَّالَّةُ فِیهِ تُوجَدُ وَ الْهَارِبُ فِیهِ یُظْفَرُ بِهِ وَ یُحْبَسُ وَ یَنْبَغِی لِلْمَرِیضِ فِیهِ أَنْ یُوصِیَ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ آبَانَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْبِحَارِ وَ الْأَوْدِیَةِ یَوْمٌ خَفِیفٌ مُبَارَكٌ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ مِنْ سُلْطَانٍ أُخِذَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ لَمْ یُصِبْهُ ضِیقٌ وَ كَانَ مَرْزُوقاً وَ الْأَحْلَامُ فِیهِ تَظْهَرُ فِی مُدَّةِ عِشْرِینَ یَوْماً.

«54»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: فِیهِ وُلِدَ نُوحٌ علیه السلام یَوْمٌ صَالِحٌ لِلْحَرْثِ وَ الزَّرْعِ وَ السَّلَفِ وَ كُلِّ خَیْرٍ.

«55»- الْمَكَارِمُ،: صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ سِوَی الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ مَنْ

ص: 63


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

فَرَّ فِیهِ مِنَ السُّلْطَانِ أُخِذَ وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا وَ هُوَ جَیِّدٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرَأَ(1).

«56»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ مَحْمُودٌ رَفَعَ اللَّهُ فِیهِ إِدْرِیسَ مَكَاناً عَلِیّاً وَ فِیهِ أَخَذَ مُوسَی التَّوْرَاةَ تَصْلُحُ لِكَتْبِ الْكُتُبِ وَ الشُّرُوطِ وَ الْعُهُودِ وَ أَعْمَالِ الدَّوَاوِینِ وَ الْحِسَابِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً حَلِیماً صَالِحاً عَفِیفاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ یُخَافُ عَلَیْهِ.

«57»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَصْلُحُ لِلْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا وَ یُسْتَحَبُّ لِلْمَرِیضِ فِیهِ أَنْ یُوصِیَ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ ظُفِرَ بِهِ وَ سُجِنَ.

الیوم الحادی العشر

«58»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ وُلِدَ فِیهِ شِیثٌ علیه السلام صَالِحٌ لِابْتِدَاءِ الْعَمَلِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ السَّفَرِ وَ یُجْتَنَبُ فِیهِ الدُّخُولُ عَلَی السُّلْطَانِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ رَجَعَ طَائِعاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یُوشِكُ أَنْ یَبْرَأَ فِیهِ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ سَلِمَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ طَابَتْ عِیشَتُهُ غَیْرَ أَنَّهُ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَفْتَقِرَ وَ یَهْرُبَ مِنْ سُلْطَانٍ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ خُورَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالشَّمْسِ یَوْمٌ خَفِیفٌ مِثْلَ الَّذِی تَقَدَّمَهُ.

«59»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: مَنْ هَرَبَ فِیهِ أُخِذَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً فِی مَعِیشَتِهِ وَ یُعَمَّرُ حَتَّی یَهْرَمَ وَ لَا یَفْتَقِرُ أَبَداً.

«60»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: یَصْلُحُ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ لِجَمِیعِ الْحَوَائِجِ وَ لِلسَّفَرِ مَا خَلَا الدُّخُولَ عَلَی السُّلْطَانِ وَ إِنَّ التَّوَارِیَ فِیهِ یَصْلُحُ (2).

«61»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الْمُعَامَلَةِ وَ الْقَرْضِ وَ یُكْرَهُ فِیهِ الدُّخُولُ عَلَی السُّلْطَانِ وَ مُعَامَلَتُهُ وَ التَّصَرُّفُ فِیهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً صَالِحَ التَّرْبِیَةِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

ص: 64


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.
2- 2. المكارم: ج 2، ص 559.

أقول: عندهم خور بضم الخاء و منهم من صححه بالفتح و الأول أظهر و یؤیده دخول الواو فی الكتابة.

«62»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ وُلِدَ فِیهِ شِیثٌ علیه السلام وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ رَجَعَ طَائِعاً وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ سَلِمَ وَ ذُكِرَ أَیْضاً أَنَّهُ یَمُوتُ فَقِیراً أَوْ یَهْرُبُ مِنَ السُّلْطَانِ.

الیوم الثانی عشر

«63»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ فَتْحِ الْحَوَانِیتِ وَ الشَّرِكَةِ وَ رُكُوبِ الْبِحَارِ وَ یُجْتَنَبُ فِیهِ الْوَسَاطَةُ بَیْنَ النَّاسِ وَ الْمَرِیضُ یُوشِكُ أَنْ یَبْرَأَ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ هَیِّنَ التَّرْبِیَةِ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ مَاهَ یَوْمٌ مُخْتَارٌ وَ هُوَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْقَمَرِ.

وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: مِثْلَ الْحَادِیَ عَشَرَ.

«64»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ مُبَارَكٌ فَاطْلُبُوا فِیهِ حَوَائِجَكُمْ وَ اسْعَوْا لَهَا فَإِنَّهَا تُقْضَی (1).

«65»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ مُبَارَكٌ فِیهِ قَضَی مُوسَی الْأَجَلَ وَ هُوَ یَوْمُ التَّزْوِیجِ وَ الْمُشَارَكَةِ وَ فَتْحِ الْحَوَانِیتِ وَ عِمَارَةِ الْمَنَازِلِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْأَخْذِ وَ الْعَطَاءِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ عَفِیفاً نَاسِكاً صَالِحاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ مِنْ حُمَّی خِیفَ عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

«66»- وَ فِی أُخْرَی: یُسْتَحَبُّ فِیهِ رُكُوبُ الْمَاءِ وَ لَا یُرْتَكَبُ فِیهِ الْوَسَائِطُ یَعْنِی الْوَسَاطَةَ بَیْنَ النَّاسِ.

الیوم الثالث عشر

«67»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ فَاتَّقِ فِیهِ الْمُنَازَعَةَ وَ الْحُكُومَةَ وَ لِقَاءَ السُّلْطَانِ وَ كُلَّ أَمْرٍ وَ لَا تَدْهُنْ فِیهِ رَأْساً وَ لَا تَحْلِقْ فِیهِ شَعْراً وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ أَوْ هَرَبَ سَلِمَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَجْهَدَ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ ذكر أنه [ذُكْرَانُهُ] لَا یَعِیشُ

ص: 65


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ تِیرَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالنُّجُومِ یَوْمُ نَحْسٍ رَدِی ءٌ فَاتَّقِ فِیهِ السُّلْطَانَ وَ جَمِیعَ الْأَعْمَالِ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ فِیهِ بَعْدَ تِسْعَةِ أَیَّامٍ.

وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمُ نَحْسٍ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً.

«68»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ فَاتَّقُوا فِیهِ جَمِیعَ الْأَعْمَالِ (1).

«69»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ فِیهِ هَلَكَ ابْنُ نُوحٍ وَ امْرَأَةُ لُوطٍ وَ هُوَ یَوْمٌ مَذْمُومٌ فِی كُلِّ حَالٍ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَشُوماً عَسِیرَ الرِّزْقِ كَثِیرَ الْحِقْدِ نَكِدَ الْخُلُقِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ یُخَافُ عَلَیْهِ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ.

«70»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: تُتَّقَی فِیهِ الْمُنَازَعَاتُ وَ لِقَاءُ السَّلَاطِینِ وَ الْحُكُومَاتُ وَ حَلْقُ الرَّأْسِ وَ دَهْنُ الشَّعْرِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ سَلِمَ وَ إِنْ وُلِدَ فِیهِ ذَكَرٌ لَمْ یَعِشْ.

الیوم الرابع عشر

«71»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ صَالِحٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ غَشُوماً وَ هُوَ جَیِّدٌ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ السَّفَرِ وَ الِاسْتِقْرَاضِ وَ رُكُوبِ الْبَحْرِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ أُخِذَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ جُوشَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ الرِّیحِ یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ لِلِقَاءِ السُّلْطَانِ وَ أَشْرَافِ النَّاسِ وَ عُلَمَائِهِمْ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ كَاتِباً أَدِیباً وَ یَكْثُرُ مَالُهُ آخِرَ عُمُرِهِ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ بَعْدَ سِتَّةٍ وَ عِشْرِینَ یَوْماً.

«72»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ سَعِیدٌ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ عُمِّرَ طَوِیلًا وَ یَكُونُ مَشْعُوفاً بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَ یَكْثُرُ مَالُهُ فِی آخِرِ عُمُرِهِ.

«73»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: جَیِّدٌ لِلْحَوَائِجِ وَ لِكُلِّ عَمَلٍ (2).

«74»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ لِمَا تُرِیدُ مِنْ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ لِقَاءِ الْمُلُوكِ

ص: 66


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.
2- 2. المكارم: ج 2، ص 559.

وَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَ أَعْمَالِ الدُّیُونِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ عَاشَ سَلِیماً سَعِیداً وَ كَانَ فِی أُمُورِهِ مُسَدَّداً مَحْمُوداً مَرْزُوقاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ وَ لَمْ یَطُلْ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ.

«75»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ فِی آخِرِ عُمُرِهِ كَثِیرَ الْمَالِ وَ یَكُونُ غَشُوماً ظَلُوماً وَ یَصْلُحُ لِلْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الِاسْتِقْرَاضِ وَ الْقَرْضِ وَ الرُّكُوبِ فِی الْبَحْرِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ یُؤْخَذُ.

أقول: جوش بضم الجیم و سكون الواو.

الیوم الخامس عشر

«76»- الْعَدَدُ الْقَوِیَّةُ لِدَفْعِ الْمَخَاوِفِ الْیَوْمِیَّةِ، لِلشَّیْخِ رَضِیِّ الدِّینِ عَلِیِّ بْنِ یُوسُفَ بْنِ مُطَهَّرٍ الْحِلِّیِّ قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ السَّفَرِ وَ غَیْرِهِ فَاطْلُبُوا فِیهِ الْحَوَائِجَ فَإِنَّهَا مَقْضِیَّةٌ.

«77»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَحْذُورٌ نَحْسٌ فِی كُلِّ الْأُمُورِ إِلَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ یَسْتَقْرِضَ أَوْ یُقْرِضَ أَوْ یُشَاهِدَ مَا یَشْتَرِی وُلِدَ فِیهِ قَابِیلُ وَ كَانَ مَلْعُوناً وَ هُوَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ فَاحْذَرُوا فِیهِ كُلَّ الْحَذَرِ فَفِیهِ خُلِقَ الْغَضَبُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ مَاتَ.

«78»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ عَاجِلًا وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ ظُفِرَ بِهِ فِی مَكَانٍ قَرِیبٍ (1) وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ سَیِّئَ الْخُلُقِ.

«79»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ أَلْثَغَ أَوْ أَخْرَسَ أَوْ ثَقِیلَ اللِّسَانِ.

«80»- قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ أَخْرَسَ أَوْ أَلْثَغَ.

وَ قَالَتِ الْفُرْسُ: إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ حَاجَةٍ وَ الْأَحْلَامُ فِیهِ تَصِحُّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ یُحْمَدُ فِیهِ لِقَاءُ الْقُضَاةِ وَ الْعُلَمَاءِ وَ التَّعْلِیمُ وَ طَلَبُ مَا عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَ الْكُتَّابِ

ص: 67


1- 1. غریب( خ).

وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ دِیمَهْرُوزُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی.

«81»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ الْأُمُورِ إِلَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ یَسْتَقْرِضَ أَوْ یُقْرِضَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ عَاجِلًا وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ ظُفِرَ بِهِ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ أَلْثَغَ أَوْ أَخْرَسَ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُدِیبَهْرَ(1) اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَی یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ الْأَحْلَامُ فِیهِ تَصِحُّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ.

وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ وَ الْمَوْلُودُ یَكُونُ أَخْرَسَ أَوْ أَلْثَغَ.

«82»- الْمَكَارِمُ،: صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ تُرِیدُهَا فَاطْلُبُوا فِیهِ حَوَائِجَكُمْ فَإِنَّهَا تُقْضَی (2).

«83»- الزَّوَائِدُ،: یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ حَاجَةٍ وَ لِقَاءِ الْأَشْرَافِ وَ الْعُظَمَاءِ وَ الرُّؤَسَاءِ فَاطْلُبْ فِیهِ حَوَائِجَكَ وَ الْقَ سُلْطَانَكَ وَ اعْمَلْ مَا بَدَا لَكَ فَإِنَّهُ یَوْمٌ سَعِیدٌ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ أَلْثَغَ اللِّسَانِ أَوْ أَخْرَسَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ خِیفَ عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ یَشَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

«84»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَوْمٌ مَحْذُورٌ وَ یَصْلُحُ لِلِاسْتِقْرَاضِ وَ الْقَرْضِ وَ مُشَاهَدَةِ مَا یُشْتَرَی وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ ظُفِرَ بِهِ فِی مَكَانٍ غَرِیبٍ.

بیان: اللثغ محركة و اللثغة بالضم تحول اللسان من السین إلی الثاء أو من الراء إلی الغین أو اللام أو الیاء أو من حرف إلی حرف أو أن لا یتم رفع لسانه و فیه ثقل لثغ كفرح فهو ألثغ و تصحیح الاسم عندهم بالدال المفتوحة و الیاء الساكنة و الباء المكسورة و فی نسخ الدروع بسقوط المیم و فتح الباء و إنما ابتدأنا النقل من العدد من هذا الیوم لأنه لم یصل إلینا من هذا الكتاب إلا من الیوم الخامس

ص: 68


1- 1. دیمهر( خ).
2- 2. المكارم: ج 2، ص 559.

عشر إلی آخر الشهر و من أول الشهر إلی هذا الیوم كان ساقطا.

الیوم السادس عشر

«85»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ رَدِی ءٌ فَلَا تُسَافِرْ فِیهِ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ هَلَكَ وَ یَنَالُهُ مَكْرُوهٌ فَاجْتَنِبُوا فِیهِ الْحَرَكَاتِ وَ اتَّقُوا فِیهِ الْحَوَائِجَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَلَا تَطْلُبُوا فِیهِ حَاجَةً وَ یُكْرَهُ فِیهِ لِقَاءُ السُّلْطَانِ.

«86»- وَ فِی رِوَایَةٍ: یَصْلُحُ لِلتِّجَارَةِ وَ الْبَیْعِ وَ الْمُشَارَكَةِ وَ الْخُرُوجِ إِلَی الْبَحْرِ وَ یَصْلُحُ لِلْأَبْنِیَةِ وَ وَضْعِ الْأَسَاسَاتِ وَ یَصْلُحُ لِعَمَلِ الْخَیْرِ.

«87»- وَ فِی رِوَایَةٍ: خُلِقَتْ فِیهِ الْمَحَبَّةُ وَ الشَّهْوَةُ وَ هُوَ یَوْمٌ السَّفَرُ فِیهِ جَیِّدٌ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ اسْتَأْجِرْ فِیهِ مَنْ شِئْتَ وَ ادْفَعْ فِیهِ إِلَی مَنْ شِئْتَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَجْنُوناً لَا مَحَالَةَ وَ یَكُونُ بَخِیلًا.

«88»- وَ فِی رِوَایَةٍ: مَنْ وُلِدَ فِی صَبِیحَتِهِ إِلَی الزَّوَالِ كَانَ مَجْنُوناً وَ إِنْ وُلِدَ بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَی آخِرِهِ صَلَحَتْ حَالُهُ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ یَرْجِعُ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ سَلِمَ وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ عَاجِلًا.

«89»- قَالَ مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ مَرِضَ فِیهِ خِیفَ عَلَیْهِ الْهَلَاكُ.

وَ قَالَتِ الْفُرْسُ: إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ.

«90»- وَ فِی رِوَایَةٍ: أَنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ لِكُلِّ مَا یُرَادُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَ النِّیَّاتِ وَ التَّصَرُّفَاتِ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ عَامِلًا وَ هُوَ یَوْمٌ لِجَمِیعِ مَا یُطْلَبُ فِیهِ مِنَ الْأُمُورِ الْجَیِّدَةِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: أَنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَجْنُوناً لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ یَهْلِكُ وَ تَصْلُحُ لِعَمَلِ الْخَیْرِ وَ یُتَّقَی فِیهِ الْحَرَكَةُ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ فِیهِ بَعْدَ یَوْمَیْنِ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مَهْرَرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالرَّحْمَةِ.

«91»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ لَا یَصْلُحُ لِشَیْ ءٍ سِوَی الْأَبْنِیَةِ وَ الْأَسَاسَاتِ مَنْ سَافَرَ فِیهِ هَلَكَ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ رَجَعَ وَ مَنْ ضَلَّ سَلِمَ وَ مَنْ مَرِضَ

ص: 69

فِیهِ بَرِئَ سَرِیعاً وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ مَجْنُوناً إِنْ وُلِدَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَ إِنْ وُلِدَ بَعْدَ الزَّوَالِ صَلَحَتْ حَالُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ مِهْرَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالرَّحْمَةِ وَ هُوَ یَوْمُ نَحْسٍ فَاتَّقِ فِیهِ الْحَرَكَةَ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ فِیهِ بَعْدَ یَوْمَیْنِ.

«92»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمُ نَحْسٍ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَجْنُوناً وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ هَلَكَ.

«93»- الْمَكَارِمُ،: رَدِی ءٌ مَذْمُومٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ(1).

«94»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ رَدِی ءٌ مَذْمُومٌ لَا خَیْرَ فِیهِ فَلَا تُسَافِرْ فِیهِ وَ لَا تَطْلُبْ حَاجَةً وَ تَوَقَّ مَا اسْتَطَعْتَ وَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَشُوماً عَسِرَ التَّرْبِیَةِ مَنْحُوساً فِی عَیْشِهِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ یُخَافُ عَلَیْهِ وَ یَطُولُ مَرَضُهُ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ.

«95»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ سَافَرَ فِیهِ هَلَكَ وَ یُكْرَهُ فِیهِ لِقَاءُ السُّلْطَانِ وَ یَصْلُحُ لِلتِّجَارَةِ وَ الْبَیْعِ وَ الْمُشَارَكَةِ وَ الْخُرُوجِ إِلَی الْبَحْرِ وَ الْأَبْنِیَةِ وَ الْأَسَاسَاتِ وَ الَّذِی یَهْرُبُ فِیهِ یَرْجِعُ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ سَلِمَ وَ مَنْ وُلِدَ فِی صَبِیحَتِهِ إِلَی الزَّوَالِ كَانَ مَجْنُوناً وَ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ تَكُونُ أَعْمَالُهُ صَالِحَةً.

أقول: مهر عندهم بكسر المیم و سكون الهاء.

الیوم السابع عشر

«96»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ صَافٍ مُخْتَارٌ لِجَمِیعِ الْحَوَائِجِ وَ یَصْلُحُ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ التَّزْوِیجِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ فَاطْلُبْ فِیهِ مَا تُرِیدُ فَإِنَّهُ جَیِّدٌ خُلِقَتْ فِیهِ الْقُوَّةُ وَ خُلِقَ فِیهِ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ هُوَ الَّذِی بَارَكَ فِیهِ الْحَقُّ عَلَی یَعْقُوبَ علیه السلام جَیِّدٌ صَالِحٌ لِلْعِمَارَةِ وَ فَتْقِ الْأَنْهَارِ وَ غَرْسِ الْأَشْجَارِ وَ السَّفَرُ فِیهِ لَا یَتِمُّ.

«97»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: هَذَا الْیَوْمُ مُتَوَسِّطٌ یُحْذَرُ فِیهِ الْمُنَازَعَةُ وَ مَنْ أَقْرَضَ

ص: 70


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

فِیهِ شَیْئاً لَمْ یُرَدَّ إِلَیْهِ فَإِنْ رُدَّ فَیُجْهَدُ وَ مَنِ اسْتَقْرَضَ فِیهِ شَیْئاً لَمْ یَرُدَّهُ.

«98»- قَالَ ابْنُ مَعْمَرٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ لَا یَصْلُحُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ فَاحْذَرْ فِیهِ وَ أَحْسِنْ إِلَی وُلْدِكَ وَ عَبْدِكَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ وَ الرُّؤْیَا فِیهِ كَاذِبَةٌ وَ الْآبِقُ فِیهِ یُوجَدُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ عَاشَ طَوِیلًا وَ صَلَحَتْ حَالُهُ وَ تَرْبِیَتُهُ وَ یَكُونُ عَیْشُهُ طَیِّباً لَا یَرَی فِیهِ فَقْراً وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ.

«99»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ غَیْرُ صَالِحٍ لِعَمَلِ الْخَیْرِ فَلَا تَلْتَمِسْ فِیهِ حَاجَةً.

«100»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَوْمٌ جَیِّدٌ مُخْتَارٌ یُحْمَدُ فِیهِ التَّزْوِیجُ وَ الْخِتَانَةُ وَ الشَّرِكَةُ وَ التِّجَارَةُ وَ لِقَاءُ الْإِخْوَانِ وَ الْمُضَارَبَةُ لِلْأَمْوَالِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ سُرُوشْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِحِرَاسَةِ الْعَالَمِ وَ هُوَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام.

«101»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ مُتَوَسِّطٌ وَ احْذَرْ فِیهِ الْمُنَازَعَةَ وَ الْقَرْضَ وَ الِاسْتِقْرَاضَ فَمَنْ أَقْرَضَ فِیهِ شَیْئاً لَمْ یُرَدَّ إِلَیْهِ وَ مَنِ اسْتَقْرَضَ لَمْ یَرُدَّهُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَلَحَتْ حَالُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ سُرُوشَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِحِرَاسَةِ الْعَالَمِ وَ هُوَ یَوْمٌ ثَقِیلٌ فَلَا تَلْتَمِسْ فِیهِ حَاجَةً وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی یَوْمٌ صَالِحٌ.

«102»- قَالَ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ لَا یَصْلُحُ لِطَلَبِ حَاجَةٍ.

«103»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: صَافٍ (1) مُخْتَارٌ فَاطْلُبُوا فِیهِ مَا شِئْتُمْ وَ تَزَوَّجُوا وَ بِیعُوا وَ اشْتَرُوا وَ ازْرَعُوا وَ ابْنُوا وَ ادْخُلُوا عَلَی السُّلْطَانِ فِی حَوَائِجِكُمْ فَإِنَّهَا تُقْضَی (2).

«104»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ مُخْتَارٌ مَحْمُودٌ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ حَاجَةٍ

ص: 71


1- 1. فی المصدر: صالح.
2- 2. المكارم: ج 2، ص 559.

فَاطْلُبْ فِیهِ الْحَوَائِجَ وَ اشْتَرِ وَ بِعْ وَ الْقَ الْكُتَّابَ وَ الْعُمَّالَ وَ مَنْ شِئْتَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً سَعِیداً فِی كُلِّ أَمْرِهِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ خَلَصَ وَ بَرِئَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«105»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مُتَوَسِّطٌ تُحْذَرُ فِیهِ الْمُنَازَعَةُ وَ الْقَرْضُ وَ الِاسْتِقْرَاضُ.

أقول: سروش عندهم بالسین و الراء المهملتین المضمومتین.

الیوم الثامن عشر

«106»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ جَیِّدٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ قُضِیَتْ حَاجَتُهُ مُبَارَكٌ لِكُلِّ مَا تُرِیدُ عَمَلَهُ وَ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ مِنْ بَیْعٍ وَ شِرَاءٍ وَ زَرْعٍ فَإِنَّكَ تَرْبَحُ وَ اسْعَ فِی جَمِیعِ حَوَائِجِكَ فَإِنَّهَا تُقْضَی وَ اطْلُبْ فِیهِ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ تَظْفَرُ وَ یَصْلُحُ لِلدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ مَنْ خَاصَمَ فِیهِ عَدُوَّهُ ظَفِرَ بِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ غَلَبَهُ وَ مَنْ تَزَوَّجَ فِیهِ یَرَی خَیْراً وَ مَنِ اقْتَرَضَ قَرْضاً رَدَّهُ إِلَی مَنِ اقْتَرَضَ مِنْهُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یُوشِكُ أَنْ یَبْرَأَ وَ الْمَوْلُودُ یَصْلُحُ حَالُهُ وَ یَكُونُ عَیْشُهُ طَیِّباً وَ لَا یَرَی فَقْراً وَ لَا یَمُوتُ إِلَّا عَنْ تَوْبَةٍ وَ قَالَ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ.

«107»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: تُحْمَدُ فِیهِ الْعِمَارَاتُ وَ الْأَبْنِیَةُ وَ یُشْتَرَی فِیهِ الْبُیُوتُ وَ الْمَنَازِلُ وَ تُقْضَی فِیهِ الْحَوَائِجُ وَ الْمُهِمَّاتُ وَ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رش رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنِّیرَانِ.

«108»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ سَعِیدٌ صَالِحٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ مِنْ بَیْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ سَفَرٍ وَ مَنْ خَاصَمَ فِیهِ عَدُوَّهُ ظَفِرَ بِهِ وَ الْقَرْضُ فِیهِ یُرَدُّ وَ الْمَرِیضُ یَبْرَأُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَلَحَتْ حَالُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ رش اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالنِّیرَانِ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ.

«109»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ كُلِّ مَا تُرِیدُهُ مِنْ حَاجَةٍ.

ص: 72

«110»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: مُخْتَارٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ مَنْ خَاصَمَ فِیهِ عَدُوَّهُ خَصَمَهُ وَ غَلَبَهُ وَ ظَفِرَ بِهِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ (1).

«111»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ مُخْتَارٌ لِلسَّفَرِ وَ التَّزْوِیجِ وَ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ مَنْ خَاصَمَ فِیهِ عَدُوَّهُ خَصَمَهُ وَ غَلَبَهُ وَ قَهَرَهُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ حَسَنَ التَّرْبِیَةِ مَحْمُودَ الْعَیْشِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ وَ نَجَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«112»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَصْلُحُ لِلْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الزَّرْعِ.

أقول: أكثرهم صححوا الاسم بفتح الراء المهملة و سكون الشین المعجمة و النون و صحح بعضهم رش بغیر نون كما فی الدروع.

الیوم التاسع عشر

«113»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ السَّفَرِ فَمَنْ سَافَرَ فِیهِ قُضِیَ حَاجَتُهُ وَ قُضِیَتْ أُمُورُهُ وَ كُلَّمَا یُرِیدُ یَصِلُ إِلَیْهِ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ الْمَعَاشِ وَ الْحَوَائِجِ وَ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَ شِرَاءِ الرَّقِیقِ وَ الْمَاشِیَةِ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ وُلِدَ فِیهِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ أَوْ هَرَبَ قُدِرَ عَلَیْهِ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَیْلَةً وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ صَالِحَ الْحَالِ مُتَوَقَّعاً لِكُلِّ خَیْرٍ.

«114»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ شَدِیدٌ كَثُرَ شَرُّهُ لَا تَعْمَلْ فِیهِ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْیَا وَ الْزَمْ فِیهِ بَیْتَكَ وَ أَكْثِرْ فِیهِ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذِكْرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَنْجُو وَ لَا تُسَافِرْ فِیهِ وَ لَا تَدْفَعْ فِیهِ إِلَی أَحَدٍ شَیْئاً وَ لَا تَدْخُلْ عَلَی سُلْطَانٍ وَ مَنْ رُزِقَ فِیهِ یَكُونُ سَیِّئَ الْخُلُقِ.

«115»- وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً مُبَارَكاً وَ قَالَ الْفُرْسُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ.

«116»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یُحْمَدُ فِیهِ لِقَاءُ الْمُلُوكِ وَ السَّلَاطِینِ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ طَلَبِ مَا عِنْدَهُمْ وَ فِی أَیْدِیهِمْ وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ

ص: 73


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَرْوَرْدِینْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَرْوَاحِ وَ قَبْضِهَا وَ فِی لَیْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ یُكْتَبُ وَفْدُ الْحَاجِّ وَ یُسْتَحَبُّ فِیهِ الْغُسْلُ وَ فِی لَیْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ ضُرِبَ مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.

«117»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ سَعِیدٌ وُلِدَ فِیهِ إِسْحَاقُ وَ هُوَ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ الْمَعَاشِ وَ الْحَوَائِجِ وَ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَ شِرَاءِ الرَّقِیقِ وَ الْمَاشِیَةِ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ أَوْ هَرَبَ قُدِرَ عَلَیْهِ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَیْلَةً وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ صَالِحاً مُوَفَّقاً لِلْخَیْرَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ فَرْوَرْدِینَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْأَرْوَاحِ وَ قَبْضِهَا وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی مِثْلَ الثَّامِنَ عَشَرَ.

«118»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: مُخْتَارٌ صَالِحٌ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مُبَارَكاً(1).

«119»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ مُخْتَارٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِكُلِّ عَمَلٍ تُرِیدُ وَ فِیهِ وُلِدَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَاطْلُبْ فِیهِ الْحَوَائِجَ وَ الْقَ السُّلْطَانَ وَ اكْتُبِ الْكُتُبَ وَ اعْمَلِ الْأَعْمَالَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ كَاتِباً مُبَارَكاً مَرْزُوقاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ خِیفَ عَلَیْهِ.

«120»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ الْمَعَاشِ وَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَ شِرَاءِ الرَّقِیقِ وَ الْمَاشِیَةِ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ أَوْ هَرَبَ یُقْدَرُ عَلَیْهِ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ.

أقول: فروردین عندهم بفتح الفاء و سكون الراء و فتح الواو ثم سكون الراء و كسر الدال.

الیوم العشرون

«121»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ مُبَارَكٌ

ص: 74


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

یَصْلُحُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ السَّفَرِ فَمَنْ سَافَرَ فِیهِ كَانَتْ حَاجَتُهُ مَقْضِیَّةً وَ الْبِنَاءِ وَ التَّزْوِیجِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ غَیْرِهِ.

«122»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ وُلِدَ فِیهِ إِسْحَاقُ علیه السلام مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ جَیِّدٌ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ طَالِبْ فِیهِ بِحَقِّكَ وَ ازْرَعْ مَا شِئْتَ وَ لَا تَشْتَرِ فِیهِ عَبْداً.

«123»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یُجْتَنَبُ فِیهِ شِرَاءُ الْعَبِیدِ.

«124»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ مُتَوَسِّطُ الْحَالِ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ الْبِنَاءِ وَ وَضْعِ الْأَسَاسِ وَ حَصَادِ الزَّرْعِ وَ غَرْسِ الشَّجَرِ وَ الْكَرْمِ وَ اتِّخَاذِ الْمَاشِیَةِ مَنْ هَرَبَ فِیهِ كَانَ بَعِیدَ الدَّرْكِ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ خَفِیَ أَمْرُهُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ صَعُبَ مَرَضُهُ.

«125»- وَ فِی رِوَایَةٍ: مَنْ مَرِضَ فِیهِ مَاتَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ فِی صُعُوبَةٍ مِنَ الْعَیْشِ وَ یَكُونُ ضَعِیفاً.

«126»- وَ فِی رِوَایَةٍ: مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ حَلِیماً فَاضِلًا.

«127»- قَالَ مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ سَافَرَ فِیهِ رَجَعَ سَالِماً غَانِماً وَ قَضَی اللَّهُ حَوَائِجَهُ وَ حَصَّنَهُ مِنْ جَمِیعِ الْمَكَارِهِ وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ مُبَارَكٌ.

«128»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ مَحْمُودٌ یُحْمَدُ فِیهِ الطَّلَبُ لِلْمَعَاشِ وَ التَّوَجُّهُ بِالانْتِقَالِ وَ الْأَشْغَالِ وَ الْأَعْمَالِ الرَّضِیَّةِ وَ الِابْتِدَاءَاتِ لِلْأُمُورِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بَهْرَامْ رُوزُ.

«129»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ مُتَوَسِّطٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ الْبِنَاءِ وَ وَضْعِ الْأَسَاسِ وَ غَرْسِ الشَّجَرِ وَ الْكَرْمِ وَ اتِّخَاذِ الْمَاشِیَةِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ بَعُدَ دَرْكُهُ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ خِیفَ أَمْرُهُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ صَعُبَ مَرَضُهُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ صَعُبَ عِیشَتُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ بَهْرَامَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالنَّصْرِ وَ الْخِذْلَانِ وَ الْحُرُوبِ وَ الْجِدَالِ وَ هُوَ یَوْمٌ جَیِّدٌ مُبَارَكٌ.

«130»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ.

ص: 75

«131»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: جَیِّدٌ مُخْتَارٌ لِلْحَوَائِجِ وَ السَّفَرِ وَ الْبِنَاءِ وَ الْغَرْسِ وَ الدُّخُولِ إِلَی السُّلْطَانِ (1)

یَوْمٌ مُبَارَكٌ بِمَشِیَّةِ اللَّهِ (2).

«132»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ جَیِّدٌ مَحْمُودٌ صَالِحٌ مَسْعُودٌ مُبَارَكٌ لِمَا یُؤْتَی فَاشْتَرِ فِیهِ وَ بِعْ وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ طَوِیلَ الْعُمُرِ مَلِكاً یَمْلِكُ بَلَداً أَوْ نَاحِیَةً مِنْهُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ یَخْلُصُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«133»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَوْمٌ مُتَوَسِّطٌ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ الْحَوَائِجِ وَ الْبِنَاءِ وَ وَضْعِ الْأَسَاسَاتِ وَ غَرْسِ الشَّجَرِ وَ الْكَرْمِ وَ اتِّخَاذِ الْمَاشِیَةِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ كَانَ بَعِیدَ الدَّرْكِ وَ مَنْ ضَلَّ فِیهِ خَفِیَ أَمْرُهُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ صَعُبَ مَرَضُهُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ عَاشَ فِی صُعُوبَةٍ.

أقول: المضبوط عندهم بهرام بفتح الباء و سكون الهاء.

الیوم الحادی و العشرون

«134»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ یَصْلُحُ فِیهِ إِرَاقَةُ الدِّمَاءِ فَاتَّقُوا فِیهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ لَا تَطْلُبُوا فِیهِ حَاجَةً وَ لَا تَنَازَعُوا فِیهِ فَإِنَّهُ رَدِی ءٌ مَنْحُوسٌ مَذْمُومٌ وَ لَا تَلْقَ فِیهِ سُلْطَاناً تَتَّقِیهِ فَهُوَ یَوْمٌ رَدِی ءٌ لِسَائِرِ الْأُمُورِ وَ لَا تَخْرُجْ مِنْ بَیْتِكَ وَ تَوَقَّ مَا اسْتَطَعْتَ وَ تَجَنَّبْ فِیهِ الْیَمِینَ الصَّادِقَةَ وَ تَجَنَّبْ فِیهِ الْهَوَامَّ فَإِنَّ مَنْ لُسِعَ فِیهِ مَاتَ وَ لَا تُوَاصِلْ فِیهِ أَحَداً فَهُوَ أَوَّلُ یَوْمٍ أُرِیقَ فِیهِ الدَّمُ وَ حَاضَتْ فِیهِ حَوَّاءُ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ لَمْ یَرْجِعْ وَ خِیفَ عَلَیْهِ وَ لَمْ یَرْبَحْ وَ الْمَرِیضُ یَشْتَدُّ عِلَّتُهُ وَ لَمْ یَبْرَأْ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مُحْتَاجاً فَقِیراً.

«135»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ صَالِحاً قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ.

«136»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَصْلُحُ فِیهِ إِهْرَاقُ الدَّمِ وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً وَ تَتَّقِی فِیهِ مِنَ الْأَذَی.

ص: 76


1- 1. فی المصدر: علی السلطان.
2- 2. المكارم: ج 2، ص 559.

«137»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یُكْرَهُ فِیهِ سَائِرُ الْأَعْمَالِ وَ الْفَصْدُ وَ الْحِجَامَةُ وَ لِقَاءُ الْأَجْنَادِ وَ الْقُوَّادِ وَ السَّاسَةِ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رَامْ رُوزُ.

«138»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ رَدِی ءٌ فَلَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً وَ اتَّقِ فِیهِ السُّلْطَانَ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ خِیفَ عَلَیْهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ فَقِیراً مُحْتَاجاً وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزْمَاهُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْفَرَحِ یَصْلُحُ لِإِهْرَاقِ الدِّمَاءِ حَسْبُ.

«139»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمُ نَحْسٍ وَ هُوَ یَوْمُ إِرَاقَةِ الدَّمِ فَلَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً.

«140»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ(1).

«141»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ مَذْمُومٌ أَكَلَ فِیهِ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَ عَصَی رَبَّهُ فَاحْذَرْهُ وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً وَ لَا تَلْقَ سُلْطَاناً وَ لَا تَعْمَلْ عَمَلًا وَ لَا تُشَارِكْ أَحَداً وَ اقْعُدْ فِی مَنْزِلِكَ وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ ضَیِّقَ الْعَیْشِ نَكِدَ الْحَیَاةِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یُخَافُ عَلَیْهِ.

«142»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یُتَّقَی فِیهِ السُّلْطَانُ وَ السَّفَرُ.

أقول: المضبوط عندهم رام بفتح الراء المهملة.

الیوم الثانی و العشرون

«143»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ حَسَنٌ مَا فِیهِ مَكْرُوهٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الصَّیْدِ فِیهِ وَ السَّفَرِ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ رَبِحَ وَ یَرْجِعُ مُعَافًی إِلَی أَهْلِهِ سَالِماً وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ الْمُهِمَّاتِ وَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ وَ الصَّدَقَةُ فِیهِ مَقْبُولَةٌ وَ مَنْ دَخَلَ عَلَی سُلْطَانٍ قُضِیَتْ حَاجَتُهُ وَ یَبْلُغُ بِقَضَاءِ

ص: 77


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

الْحَوَائِجِ وَ فِی نُسْخَةٍ أُخْرَی وَ مَنْ قَصَدَ السُّلْطَانَ وَجَدَ مَخَافَةً.

«144»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: خَفِیفٌ صَالِحٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ یُلْتَمَسُ فِیهِ وَ الرُّؤْیَا فِیهِ مَقْصُوصَةٌ وَ التِّجَارَةُ فِیهِ مُبَارَكَةٌ وَ الْآبِقُ فِیهِ یُوجَدُ وَ إِنْ خَاصَمْتَ فِیهِ كَانَتِ الْغَلَبَةُ لَكَ وَ التَّزْوِیجُ فِیهِ جَیِّدٌ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ عَیْشُهُ طَیِّباً وَ یَكُونُ مُبَارَكاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ.

«145»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یُحْمَدُ فِیهِ كُلُّ حَاجَةٍ وَ الْأَعْمَالُ السُّلْطَانِیَّةُ وَ سَائِرُ التَّصَارِیفِ فِی الْأَعْمَالِ الْمَرْضِیَّةِ وَ هُوَ یَوْمٌ خَفِیفٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ یُرَادُ قَضَاؤُهَا قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ بَادْرُوزُ.

«146»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ الصَّدَقَةُ فِیهِ مَقْبُولَةٌ وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً وَ الْمُسَافِرُ فِیهِ یَرْجِعُ مُعَافًی وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ بَادَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالرِّیحِ یَوْمٌ خَفِیفٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ.

«147»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ.

«148»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: مُخْتَارٌ صَالِحٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ لِقَاءِ السُّلْطَانِ وَ السَّفَرِ وَ الصَّدَقَةِ(1).

«149»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ مُخْتَارٌ لِمَا تُرِیدُ مِنَ الْأَعْمَالِ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ وَ الْقَ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً مَیْمُوناً سَعِیداً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ لَا یُخَافُ عَلَیْهِ وَ یَخْلُصُ وَ یُسْتَحَبُّ فِیهِ الشِّرَاءُ وَ الْبَیْعُ.

بیان: قوله علیه السلام و یبلغ بقضاء الحوائج أی حوائج غیره أو هو تأكید

ص: 78


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

مقصوصة أی ینبغی أن یقص لغیره لیعبرها.

الیوم الثالث و العشرون

«150»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ سَعِیدٌ مُخْتَارٌ وُلِدَ فِیهِ یُوسُفُ النَّبِیُّ الصِّدِّیقُ علیه السلام یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ لِكُلِّ مَا یُرِیدُونَهُ وَ خَاصَّةً لِلتَّزْوِیجِ وَ التِّجَارَاتِ كُلِّهَا وَ لِلدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ السَّفَرِ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ غَنِمَ وَ أَصَابَ خَیْراً جَیِّدٌ لِلِقَاءِ الْمُلُوكِ وَ الْأَشْرَافِ وَ الْمُهِمَّاتِ وَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ وَ هُوَ یَوْمٌ خَفِیفٌ مِثْلُ الَّذِی قَبْلَهُ یَصْلُحُ لِلْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الرُّؤْیَا فِیهِ كَاذِبَةٌ وَ الْآبِقُ فِیهِ یُوجَدُ وَ الضَّالَّةُ تَرْجِعُ وَ الْمَرِیضُ یَبْرَأُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ صَالِحاً طَیِّبَ النَّفْسِ حَسَناً مَحْبُوباً حَسَنَ التَّرْبِیَةِ فِی كُلِّ حَالَةٍ رَخِیَّ الْبَالِ.

وَ فِی نُسْخَةٍ أُخْرَی: یَوْمُ نَحْسٍ مَشُومٌ مَنْ وُلِدَ فِیهِ لَا یَمُوتُ إِلَّا مَقْتُولًا وُلِدَ فِیهِ فِرْعَوْنُ.

«151»- قَالَ مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وُلِدَ فِیهِ ابْنُ یَامِینَ أَخُو یُوسُفَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً مُبَارَكاً.

وَ قَالَتِ الْفُرْسُ: إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ یُحْمَدُ فِیهِ التَّزْوِیجُ وَ النُّقْلَةُ وَ السَّفَرُ وَ الْأَخْذُ وَ الْعَطَاءُ وَ لِقَاءُ السَّلَاطِینِ صَالِحٌ لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ وَ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ دَیْبِدِینْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنَّوْمِ وَ الْیَقَظَةِ وَ حِرَاسَةِ الْأَرْوَاحِ حَتَّی تَرْجِعَ إِلَی الْأَبْدَانِ وَ مِنْ رِوَایَةٍ أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی.

«152»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ وُلِدَ فِیهِ یُوسُفُ علیه السلام وَ هُوَ یَوْمٌ صَالِحُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ التِّجَارَةِ وَ التَّزْوِیجِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ غَنِمَ وَ أَصَابَ خَیْراً وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ حَسَنَ التَّرْبِیَةِ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ بَنْدِینَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَی یَوْمٌ خَفِیفٌ صَالِحٌ لِسَائِرِ الْحَوَائِجِ وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی مِثْلَ الثَّانِی وَ الْعِشْرِینَ.

ص: 79

«153»- الْمَكَارِمُ،: مُخْتَارٌ جَیِّدٌ خَاصَّةً لِلتَّزْوِیجِ وَ التِّجَارَاتِ كُلِّهَا وَ الدُّخُولِ إِلَی (1) السُّلْطَانِ (2).

«154»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ لِكُلِّ مَا تُرِیدُ لِلسَّفَرِ وَ التَّحْوِیلِ (3)

مِنْ مَكَانٍ إِلَی مَكَانٍ وَ هُوَ جَیِّدٌ لِلْحَوَائِجِ وَ لِقَاءِ الْمُلُوكِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ سَعِیداً وَ عَاشَ عَیْشاً طَیِّباً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ نَجَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«155»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: إِنَّ یُوسُفَ وُلِدَ فِیهِ وَ یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ.

أقول: الاسم عندهم دیبدین بفتح الدال المهملة و سكون الیاء المثناة التحتانیة و كسر الباء أو فتحها و كسر الدال المهملة و منهم من صححه دیبادین و فی نسخ الدروع تصحیفات.

الیوم الرابع و العشرون

«156»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ مَذْمُومٌ مَشُومٌ مَلْعُونٌ وُلِدَ فِیهِ فِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ هُوَ یَوْمٌ عَسِیرٌ نَكِدٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ لَا یَنْبَغِی أَنْ یُبْتَدَأَ فِیهِ بِحَاجَةٍ وَ یُكْرَهُ فِی جَمِیعِ الْأَحْوَالِ وَ الْأَعْمَالِ نَحْسٌ لِكُلِّ أَمْرٍ یُطْلَبُ فِیهِ مَنْ سَافَرَ فِیهِ مَاتَ فِی سَفَرِهِ.

«157»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ طَالَتْ مَرْضَتُهُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ سَقِیماً حَتَّی یَمُوتَ نَكِداً فِی عَیْشِهِ وَ لَا یُوَفَّقُ لِخَیْرٍ وَ إِنْ حَرَصَ عَلَیْهِ جُهْدَهُ وَ یُقْتَلُ فِی آخِرِ عُمُرِهِ أَوْ یَغْرَقُ.

«158»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ جَیِّدٌ لِلسَّفَرِ وَ الرُّؤْیَا فِیهِ كَاذِبَةٌ.

«159»- قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ وُلِدَ فِی هَذَا الْیَوْمِ عَلَا أَمْرُهُ إِلَّا أَنَّهُ یَكُونُ حَزِیناً حَقِیراً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ طَالَ مَرَضُهُ وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ جَیِّدٌ.

ص: 80


1- 1. فی المصدر: علی السلطان.
2- 2. المكارم: ج 2، ص 559.
3- 3. فی بعض النسخ« التحول» و هو أظهر.

«160»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ رَدِی ءٌ مَذْمُومٌ لَا یُطْلَبُ فِیهِ حَاجَةٌ وُلِدَ فِیهِ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ دِینْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالسَّعْیِ وَ الْحَرَكَةِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنَّوْمِ وَ الْیَقَظَةِ وَ حِرَاسَةِ الْأَرْوَاحِ حَتَّی تَرْجِعَ إِلَی الْأَبْدَانِ.

«161»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ رَدِی ءٌ نَحْسٌ فِیهِ وُلِدَ فِرْعَوْنُ فَلَا تَطْلُبْ فِیهِ أَمْراً مِنَ الْأُمُورِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ نَكِدَ عَیْشُهُ وَ لَمْ یُوَفَّقْ لِخَیْرٍ وَ یُقْتَلُ آخِرَ عُمُرِهِ أَوْ یَغْرَقُ وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یَطُولُ مَرَضُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ دِینَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالنَّوْمِ وَ الْیَقَظَةِ وَ السَّعْیِ وَ الْحَرَكَةِ وَ حِرَاسَةِ الْأَرْوَاحِ إِلَی أَنْ تَرْجِعَ إِلَی الْأَبْدَانِ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ كَمَا ذُكِرَ آنِفاً.

«162»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ فِیهِ وُلِدَ فِرْعَوْنُ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یُقْتَلُ وَ لَا یَكُونُ مُوَفَّقاً وَ إِنْ حَرَصَ جُهْدَهُ وَ یَكُونُ مَا عَاشَ نَكِداً.

«163»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ مَشُومٌ (1).

«164»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ مَكْرُوهٌ لِكُلِّ حَالٍ وَ عَمَلٍ فَاحْذَرْهُ وَ لَا تَعْمَلْ فِیهِ عَمَلًا وَ لَا تَلْقَ أَحَداً وَ اقْعُدْ فِی مَنْزِلِكَ وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَنْحُوساً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ خِیفَ عَلَیْهِ أَوْ طَالَ مَرَضُهُ.

«165»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: وُلِدَ فِیهِ فِرْعَوْنُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یُقْتَلُ فِی آخِرِ عُمُرِهِ إِذَا حَرَصَ فِی طَلَبِ الرِّزْقِ أَوْ یُغْرَقُ.

أقول: دین بكسر الدال و سكون الیاء.

الیوم الخامس و العشرون

«166»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مَذْمُومٌ نَحْسٌ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَصَابَ مِصْرَ فِیهِ تِسْعَةُ ضُرُوبٍ مِنَ الْآفَاتِ فَلَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً وَ

ص: 81


1- 1. فی المصدر: یوم نحس مشئوم. المكارم: ج 2، ص 559.

احْفَظْ فِیهِ نَفْسَكَ فَإِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ أَهْلَ الْآیَاتِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَ هُوَ شَدِیدُ الْبَلَاءِ وَ الْآبِقُ فِیهِ یَرْجِعُ وَ لَا تَحْلِفْ فِیهِ صَادِقاً وَ لَا كَاذِباً وَ هُوَ یَوْمُ سَوْءٍ مَنْ سَافَرَ فِیهِ لَا یَرْبَحُ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَجْهَدَ وَ مَنْ لَمْ یُفِقْ مِنْ مَرَضِهِ فَاتَّقِهِ.

«167»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ مَرِضَ فِیهِ لَا یَكَادُ یَبْرَأُ وَ هُوَ إِلَی الْمَوْتِ أَقْرَبُ مِنَ الْحَیَاةِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ لَا یَنْجُو وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَلِكاً مَرْزُوقاً نَجِیباً مِنَ النَّاسِ تُصِیبُهُ عِلَّةٌ شَدِیدَةٌ وَ یَسْلَمُ مِنْهَا.

«168»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ فَقِیهاً عَالِماً.

«169»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الْبِنَاءِ وَ الزَّرْعِ وَ یَصْلُحُ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ كَذَّاباً نَمَّاماً لَا خَیْرَ فِیهِ.

«170»- وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: اسْتَعِیذُوا فِیهِ بِاللَّهِ تَعَالَی وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ رَدِی ءٌ مَكْرُوهٌ أُصِیبَ فِیهِ أَهْلُ مِصْرَ بِسَبْعِ ضَرَبَاتٍ مِنَ الْبَلَاءِ وَ هُوَ یَوْمُ نَحْسٍ تَفَرَّغْ فِیهِ لِلدُّعَاءِ وَ الصَّلَاةِ وَ عَمَلِ الْخَیْرِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْدَرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ.

«171»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ رَدِی ءٌ فَاحْفَظْ نَفْسَكَ فِیهِ وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً فَإِنَّهُ یَوْمٌ شَدِیدُ الْبَلَاءِ ضَرَبَ اللَّهُ فِیهِ أَهْلَ مِصْرَ بِالْآیَاتِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یُجْهِدُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ مُبَارَكاً مَرْزُوقاً نَجِیباً وَ تُصِیبُهُ عِلَّةٌ شَدِیدَةٌ وَ یَسْلَمُ مِنْهَا وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ أَرْدَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ یَوْمُ نَحْسٍ ضَرَبَ اللَّهُ فِیهِ أَهْلَ مِصْرَ بِالْآیَاتِ فَتَفَرَّغْ فِیهِ لِلدُّعَاءِ وَ الصَّلَاةِ وَ عَمَلِ الْخَیْرِ.

«172»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ مَشُومٌ فِیهِ أُصِیبَ أَهْلُ مِصْرَ بِالْآیَاتِ فَاتَّقِهِ جُهْدَكَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ لَمْ یُفِقْ مِنْ مَرَضِهِ.

«173»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: رَدِی ءٌ مَذْمُومٌ یُحْذَرُ فِیهِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ(1).

ص: 82


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

«174»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمُ نَحْسٍ مَكْرُوهٌ ثَقِیلٌ نَكِدٌ فَلَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً وَ لَا تَلْقَ أَحَداً وَ لَا تُسَافِرْ فِیهِ وَ اقْعُدْ فِی مَنْزِلِكَ وَ اسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ ثَقِیلَ التَّرْبِیَةِ نَكِدَ الْحَیَاةِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ یُخَافُ عَلَیْهِ.

«175»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَوْمٌ ضَرَبَ اللَّهُ فِیهِ أَهْلَ الْآیَاتِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ نَجِیباً مُبَارَكاً مَرْزُوقاً تُصِیبُهُ عِلَّةٌ شَدِیدَةٌ وَ یَسْلَمُ مِنْهَا.

أقول: المشهور فی تصحیح الاسم أنه بفتح الهمزة و سكون الراء المهملة ثم الدال المهملة و قد یمد الهمزة و بعضهم صححه بكسر الهمزة.

الیوم السادس و العشرون

«176»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ لِلسَّیْفِ ضَرَبَ مُوسَی علیه السلام فِیهِ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ مَا خَلَا التَّزْوِیجَ وَ السَّفَرَ فَاجْتَنِبُوا فِیهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَنْ تَزَوَّجَ فِیهِ لَمْ یَتِمَّ تَزْوِیجُهُ وَ یُفَارِقُ أَهْلَهُ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ لَمْ یَصْلُحْ لَهُ ذَلِكَ فَلْیَتَصَدَّقْ.

«177»- وَ فِیهِ رِوَایَةٌ أُخْرَی: یَوْمٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ لِكُلِّ أَمْرٍ یُرَادُ إِلَّا التَّزْوِیجَ فَإِنَّهُ مَنْ تَزَوَّجَ فِیهِ فُرِّقَ بَیْنَهُمَا كَمَا انْفَرَقَ الْبَحْرُ لِمُوسَی علیه السلام وَ یَكُونُ عَیْشُهُمَا بَغِیضاً وَ لَا تَدْخُلْ إِذَا وَرَدْتَ مِنْ سَفَرِكَ فِیهِ إِلَی أَهْلِكَ وَ النُّقْلَةُ فِیهِ جَیِّدَةٌ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ قَلِیلَ الْحَظِّ وَ یَغْرَقُ كَمَا غَرِقَ فِرْعَوْنُ فِی الْیَمِّ.

«178»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ وُلِدَ فِیهِ طَالَ عُمُرُهُ.

«179»- فِیهِ رِوَایَةٌ أُخْرَی: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَجْنُوناً بَخِیلًا وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَجْهَدَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ مُخْتَارٌ مُبَارَكٌ وَ مَنْ تَزَوَّجَ فِیهِ لَا یَتِمُّ أَمْرُهُ وَ یُفَارِقُ أَهْلَهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَشْتَادْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الَّذِی خُلِقَ عِنْدَ ظُهُورِ الدِّینِ.

«180»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ لِكُلِ

ص: 83

أَمْرٍ یُرَادُ إِلَّا التَّزْوِیجَ فَمَنْ تَزَوَّجَ فِیهِ فَارَقَ زَوْجَتَهُ لِأَنَّ فِیهِ انْفَلَقَ الْبَحْرُ لِمُوسَی عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ لَا تَدْخُلْ فِیهِ عَلَی أَهْلِكَ إِذَا قَدِمْتَ مِنْ سَفَرٍ وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یُجْهِدُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَطُولُ عُمُرُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ أَشْتَادَ اسْمُ مَلَكٍ خُلِقَ عِنْدَ ظُهُورِ الدِّینِ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ إِلَّا التَّزْوِیجَ.

«181»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی عَنْهُ علیه السلام: فِیهِ فَرَّقَ اللَّهُ الْبَحْرَ لِمُوسَی علیه السلام وَ هُوَ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ إِلَّا لِلتَّزْوِیجِ فَمَنْ تَزَوَّجَ فِیهِ فُرِّقَ بَیْنَهُمَا كَمَا فَرَّقَ اللَّهُ الْبَحْرَ.

«182»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ سِوَی التَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ عَلَیْكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّكُمْ تَنْتَفِعُونَ بِهَا(1).

«183»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَالِحٌ مُتَوَسِّطٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ السَّفَرِ وَ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ الْبِنَاءِ وَ الْغَرْسِ وَ الزَّرْعِ وَ هُوَ یَوْمٌ جَیِّدٌ(2)

فَسَافِرْ فِیهِ وَ الْقَ مَنْ شِئْتَ تَغْنَمْ وَ تُقْضَ حَوَائِجُكَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُتَوَسِّطَ الْحَالِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَ یُكْرَهُ فِیهِ التَّزْوِیجُ.

«184»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: هُوَ یَوْمٌ ضَرَبَ مُوسَی بِعَصَاهُ الْبَحْرَ فَلَا تعبر(3)

[تَدْخُلْ] عَلَی أَهْلِكَ إِذَا أَتَیْتَ مِنْ سَفَرٍ وَ الْمَوْلُودُ یَطُولُ عُمُرُهُ وَ الْمَرِیضُ یُجْهِدُ.

أقول: المضبوط عند أكثرهم أشتاد بفتح الهمزة و سكون الشین المعجمة و فتح التاء ثم الألف ثم الدال المهملة و نقل عن السید ركن الدین الآملی أنه بالسین المهملة.

الیوم السابع و العشرون

«185»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ

ص: 84


1- 1. مكارم الأخلاق: ج 2، ص 559.
2- 2. فی المخطوطة: جید للسفر.
3- 3. فی المخطوطة: فلا تدخل.

مُبَارَكٌ مُخْتَارٌ جَیِّدٌ یَصْلُحُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ الْبِنَاءِ وَ الزَّرْعِ وَ الْخُصُومَةِ وَ لِقَاءِ الْقُضَاةِ وَ السَّفَرِ وَ الِابْتِدَاءَاتِ وَ الْأَسْبَابِ (1)

وَ التَّزْوِیجِ وَ هُوَ یَوْمٌ سَعِیدٌ جَیِّدٌ وَ فِیهِ لَیْلَةُ الْقَدْرِ فَاطْلُبْ مَا شِئْتَ خَفِیفٌ لِسَائِرِ الْأَحْوَالِ اتَّجِرْ فِیهِ وَ طَالِبْ بِحَقِّكَ وَ اطْلُبْ عَدُوَّكَ وَ تَزَوَّجْ وَ ادْخُلْ عَلَی السُّلْطَانِ وَ الْقَ فِیهِ مَنْ شِئْتَ وَ یُكْرَهُ فِیهِ إِخْرَاجُ الدَّمِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ مَاتَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ جَمِیلًا حَسَناً طَوِیلَ الْعُمُرِ كَثِیرَ الرِّزْقِ قَرِیباً إِلَی النَّاسِ مُحَبَّباً إِلَیْهِمْ.

«186»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَكُونُ غَشُوماً مَرْزُوقاً.

«187»- قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وُلِدَ فِیهِ یَعْقُوبُ علیه السلام مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً مَحْبُوباً عِنْدَ أَهْلِهِ لَكِنَّهُ تَكْثُرُ أَحْزَانُهُ وَ یَفْسُدُ بَصَرُهُ وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ یُحْمَدُ لِلْحَوَائِجِ وَ تَسْهِیلِ الْأُمُورِ وَ الْأَعْمَالِ وَ التَّصَرُّفَاتِ وَ لِقَاءِ التُّجَّارِ وَ السَّفَرِ وَ الْمُسَافِرُ یُحْمَدُ فِیهِ أَمْرُهُ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً مُحَبَّباً إِلَی النَّاسِ طَوِیلًا عُمُرُهُ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ آسْمَانَ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالطَّیْرِ(2).

«188»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ حَسَناً جَمِیلًا طَوِیلَ الْعُمُرِ كَثِیرَ الْخَیْرِ قَرِیباً إِلَی النَّاسِ مُحَبَّباً إِلَیْهِمْ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ آسْمَانَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالطَّیْرِ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ كَمَا مَرَّ آنِفاً.

«189»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ سَعِیدٌ صَالِحٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ تُرِیدُهُ.

«190»- الْمَكَارِمُ،: جَیِّدٌ مُخْتَارٌ لِلْحَوَائِجِ وَ كُلِّ مَا یُرَادُ وَ لِقَاءِ السُّلْطَانِ (3).

«191»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ صَافٍ مُبَارَكٌ مِنَ النُّحُوسِ صَالِحٌ لِلْحَوَائِجِ إِلَی

ص: 85


1- 1. و الاساسات( خ).
2- 2. بالسماوات( خ).
3- 3. المكارم: ج 2، ص 559.

السُّلْطَانِ وَ إِلَی الْإِخْوَانِ وَ السَّفَرِ إِلَی الْبُلْدَانِ فَالْقَ فِیهِ مَنْ شِئْتَ وَ سَافِرْ إِلَی حَیْثُ أَرَدْتَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ (1)

مُبَارَكاً خَفِیفَ التَّرْبِیَةِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ نَجَا مِنْ مَرَضِهِ سَرِیعاً.

«192»- وَ مِنْ رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ یَكُونُ طَوِیلَ الْعُمُرِ كَثِیرَ الْخَیْرِ.

أقول: آسمان بالألف الممدود كاسم السماء و لذا قیل اسم ملك موكل بالسماء و قیل موكل بالطیر و قیل بالممات و الأمور المتعلقة بهذا الیوم.

الیوم الثامن و العشرون

«193»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ وَ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ إِخْرَاجِ الدَّمِ وَ هُوَ یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ وُلِدَ فِیهِ یَعْقُوبُ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ جَمِیعِ الْحَوَائِجِ وَ كُلِّ أَمْرٍ وَ الْعِمَارَةِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ قَاتِلْ فِیهِ أَعْدَاءَكَ فَإِنَّكَ تَظْفَرُ بِهِمْ وَ التَّزْوِیجِ.

«194»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: لَا تُخْرِجْ فِیهِ الدَّمَ فَإِنَّهُ رَدِی ءٌ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَمُوتُ وَ مَنْ أَبَقَ فِیهِ رَجَعَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ حَسَناً جَمِیلًا مَرْزُوقاً مَحْبُوباً مُحَبَّباً إِلَی النَّاسِ وَ إِلَی أَهْلِهِ مَشْغُوفاً مَحْزُوناً طُولَ عُمُرِهِ وَ یُصِیبُهُ الْغُمُومُ وَ یُبْتَلَی فِی بَدَنِهِ وَ یُعَافَی فِی آخِرِ عُمُرِهِ وَ یُعَمَّرُ طَوِیلًا وَ یُبْتَلَی فِی بَصَرِهِ.

«195»- قَالَ مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ صَبِیحَ الْوَجْهِ مَسْعُودَ الْجِدِّ مُبَارَكاً مَیْمُوناً وَ مَنْ طَلَبَ فِیهِ شَیْئاً تَمَّ لَهُ وَ كَانَتْ عَاقِبَتُهُ مَحْمُودَةً وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ مَنْحُوسٌ.

«196»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یُحْمَدُ فِیهِ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ وَ مُبَارَكٌ فِیهَا وَ قَضَاءُ الْأُمُورِ وَ الْمُهِمَّاتِ وَ دَفْعُ الضَّرُورَاتِ وَ لِقَاءُ الْقُوَّادِ وَ الْحُجَّابِ وَ الْأَجْنَادِ وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ فِی یَوْمِهَا وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رَاهْیَادْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْقَضَاءِ بَیْنَ الْخَلْقِ وَ رُوِیَ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالسَّمَاوَاتِ.

ص: 86


1- 1. فی المخطوطة: یكون.

«197»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ وُلِدَ فِیهِ یَعْقُوبُ علیه السلام فَمَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَحْزُوناً وَ تُصِیبُهُ الْغُمُومُ وَ یُبْتَلَی فِی بَدَنِهِ وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ رَامْیَادَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالسَّمَاوَاتِ وَ قِیلَ بِالْقَضَاءِ بَیْنَ الْخَلْقِ یَوْمٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ فِی یَوْمِهَا.

«198»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ سَعِیدٌ وُلِدَ فِیهِ یَعْقُوبُ علیه السلام وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً مُحَبَّباً إِلَی أَهْلِهِ وَ إِلَی النَّاسِ وَ یُعَمَّرُ طَوِیلًا وَ تُصِیبُهُ الْهُمُومُ وَ یُبْتَلَی فِی بَصَرِهِ.

«199»- الْمَكَارِمُ،: مَمْزُوجٌ (1).

«200»- الزَّوَائِدُ،: یَوْمٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ حَاجَةٍ وَ سَفَرٍ وَ بِنَاءٍ وَ غَرْسٍ وَ اعْمَلْ فِیهِ مَا شِئْتَ وَ الْقَ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مُبَارَكاً مُقْبِلًا وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ.

«201»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: إِنَّ یَعْقُوبَ علیه السلام وُلِدَ فِیهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَحْزُوناً طَوِیلًا عُمُرُهُ وَ یُصِیبُهُ الْغَمُّ وَ یُبْتَلَی فِی بَدَنِهِ.

أقول: المضبوط فی الاسم رامیاد بفتح الراء المهملة ثم الألف و سكون المیم و الیاء المثناة التحتانیة ثم الألف ثم الدال المهملة.

الیوم التاسع و العشرون

«202»- الْعَدَدُ، قَالَ مَوْلَانَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ إِخْرَاجِ الدَّمِ وَ هُوَ یَوْمٌ سَعِیدٌ لِسَائِرِ الْأُمُورِ وَ الْحَوَائِجِ وَ الْأَعْمَالِ فِیهِ بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَ یَصْلُحُ لِلنُّقْلَةِ وَ شِرَاءِ الْعَبِیدِ وَ الْبَهَائِمِ وَ لِقَاءِ الْإِخْوَانِ وَ الْأَصْدِقَاءِ وَ فِعْلِ الْبِرِّ وَ الْحَرَكَةِ وَ یُكْرَهُ فِیهِ الدَّیْنُ وَ السَّلَفُ وَ الْأَیْمَانُ مَنْ سَافَرَ فِیهِ یُصِیبُ مَالًا كَثِیراً إِلَّا مَنْ كَانَ كَاتِباً فَإِنَّهُ یُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَ الرُّؤْیَا فِیهِ صَادِقَةٌ وَ لَا تَقُصَّهَا إِلَّا بَعْدَ یَوْمٍ وَ الْمَرِیضُ فِیهِ یَمُوتُ وَ الْآبِقُ فِیهِ یُوجَدُ وَ لَا تَسْتَحْلِفْ فِیهِ أَحَداً وَ لَا تَأْخُذْ فِیهِ مِنْ أَحَدٍ وَ ادْخُلْ فِیهِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ لَا

ص: 87


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

تَضْرِبْ فِیهِ حُرّاً وَ لَا عَبْداً وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا.

«203»- وَ فِی رِوَایَةٍ: مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ صَالِحاً حَلِیماً.

«204»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ لَا مَحْمُودٌ وَ لَا مَذْمُومٌ تُجْتَنَبُ فِیهِ الْحَرَكَةُ وَ قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ صَالِحٌ یُحْمَدُ فِیهِ النُّقْلَةُ وَ السَّفَرُ وَ الْحَرَكَةُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یَكُونُ شُجَاعاً وَ هُوَ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ لِقَاءِ الْإِخْوَانِ وَ الْأَصْدِقَاءِ وَ الْأَوِدَّاءِ وَ فِعْلِ الْخَیْرِ وَ الْأَحْلَامُ فِیهِ تَصِحُّ فِی یَوْمِهَا وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مَارْإِسْفَنْدَرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَوْقَاتِ وَ الْأَزْمَانِ وَ الْعُقُولِ وَ الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی الْمُوَكَّلِ بِالْأَفْئِدَةِ.

«205»- الدُّرُوعُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ حَلِیماً وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ أَصَابَ مَالًا جَزِیلًا وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ سَرِیعاً وَ لَا تَكْتُبْ فِیهِ وَصِیَّةً وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَارِسْفَنْدَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْأَفْئِدَةِ وَ الْعُقُولِ وَ الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ یَصْلُحُ لِلِقَاءِ الْإِخْوَانِ وَ الْأَصْدِقَاءِ وَ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ الْأَحْلَامُ تَصِحُّ فِیهِ مِنْ یَوْمِهَا.

«206»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ مِنْ لِقَاءِ السُّلْطَانِ وَ الْأَصْدِقَاءِ وَ فِعْلِ الْبِرِّ وَ غَیْرِ ذَلِكَ.

«207»- الْمَكَارِمُ، عَنْهُ علیه السلام: مُخْتَارٌ جَیِّدٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ مَا خَلَا الْكَاتِبَ فَإِنَّهُ یُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَ لَا أَرَی لَهُ أَنْ یَسْعَی فِی حَاجَةٍ إِنْ قَدَرَ عَلَی ذَلِكَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ سَرِیعاً وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ أَصَابَ مَالًا كَثِیراً وَ مَنْ أَبَقَ فِیهِ رَجَعَ (1).

«208»- الزَّوَائِدُ، عَنْهُ علیه السلام: یَوْمٌ مُبَارَكٌ سَعِیدٌ قَرِیبُ الْأَمْرِ یَصْلُحُ لِلْحَوَائِجِ وَ التَّصَرُّفِ فِیهَا وَ لِقَاءِ الْمُلُوكِ وَ السَّفَرِ وَ النُقْلَةِ فَاقْضِ فِیهِ كُلَّ حَاجَةٍ وَ سَافِرْ وَ

ص: 88


1- 1. المكارم: ج 2، ص 559.

الْقَ مَنْ شِئْتَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ یُخَافُ عَلَیْهِ.

«209»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: الَّذِی یُولَدُ فِیهِ یَكُونُ حَلِیماً وَ الْمُسَافِرُ فِیهِ یُصِیبُ مَالًا كَثِیراً وَ تُكْرَهُ فِیهِ الْوَصِیَّةُ.

أقول: الاسم عندهم مار إسفند بفتح المیم ثم الألف و الراء الساكنة ثم الهمزة المكسورة و السین المهملة الساكنة و الفاء المفتوحة و النون الساكنة و قیل مار إسفندان و قیل إسپند و قیل إسپندان بالباء العجمیة فیهما.

الیوم الثلاثون

«210»- الْعَدَدُ الْقَوِیَّةُ، قَالَ مَوْلَانَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ جَیِّدٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الزَّرْعِ وَ الْغَرْسِ وَ الْبِنَاءِ وَ التَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ إِخْرَاجِ الدَّمِ.

«211»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: لَا تُسَافِرْ فِیهِ وَ لَا تَتَعَرَّضْ لِغَیْرِهِ إِلَّا الْمُعَامَلَةَ وَ قَلِّلْ فِیهِ الْحَرَكَةَ وَ السَّفَرُ فِیهِ رَدِی ءٌ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ حَلِیماً مُبَارَكاً وَ تَعْسُرُ تَرْبِیَتُهُ وَ یَسُوءُ خُلُقُهُ وَ یُرْزَقُ رِزْقاً یَكُونُ لِغَیْرِهِ وَ یُمْنَعُ مِنَ التَّمَتُّعِ بِشَیْ ءٍ مِنْهُ.

«212»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: مَنْ وُلِدَ فِیهِ كُفِیَ كُلَّ أَمْرٍ یُؤْذِیهِ وَ یَكُونُ الْمَوْلُودُ فِیهِ مُبَارَكاً صَالِحاً یَرْتَفِعُ أَمْرُهُ وَ یَعْلُو شَأْنُهُ وُلِدَ فِیهِ إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ فِیهِ خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلَ وَ أَسْكَنَهُ رُءُوسَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبَادِهِ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ أُخِذَ وَ مَنْ ضَلَّتْ مِنْهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا وَ مَنِ اقْتَرَضَ فِیهِ شَیْئاً رَدَّهُ سَرِیعاً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ سَرِیعاً.

«213»- قَالَ مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ حَلِیماً مُبَارَكاً صَادِقاً أَمِیناً یَعْلُو شَأْنُهُ وَ مَنْ ضَاعَ لَهُ شَیْ ءٌ یَجِدُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَتِ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ یُحْمَدُ فِیهِ سَائِرُ الْأَعْمَالِ وَ التَّصَرُّفَاتِ وَ یَصْلُحُ لِشُرْبِ الْأَدْوِیَةِ الْمُسْهِلَةِ وَ قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ (1)

إِیْرَانْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ

ص: 89


1- 1. انیران( خ).

بِالدُّهُورِ وَ الْأَزْمِنَةِ.

«214»- الدُّرُوعُ الْوَاقِیَةُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ لِلْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ التَّزْوِیجِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ حَلِیماً مُبَارَكاً وَ تَعْسُرُ تَرْبِیَتُهُ وَ یَسُوءُ خُلُقُهُ وَ یُرْزَقُ رِزْقاً یُمْنَعُ مِنْهُ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ أُخِذَ وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا وَ مَنِ اقْتَرَضَ فِیهِ شَیْئاً رَدَّهُ سَرِیعاً وَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رُوزُ أَنِیرَانَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالدُّهُورِ وَ الْأَزْمِنَةِ یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ تُرِیدُهُ.

«215»- وَ فِی الرِّوَایَةِ الْأُخْرَی: یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ تُلْتَمَسُ.

«216»- مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ، عَنْهُ علیه السلام: مُخْتَارٌ جَیِّدٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ لِكُلِّ حَاجَةٍ مِنْ شِرَاءٍ وَ بَیْعٍ وَ زَرْعٍ وَ تَزْوِیجٍ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ بَرِئَ سَرِیعاً وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ حَلِیماً مُبَارَكاً وَ یَرْتَفِعُ أَمْرُهُ وَ یَكُونُ صَادِقَ اللِّسَانِ صَاحِبَ وَفَاءٍ(1).

«217»- زَوَائِدُ الْفَوَائِدِ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: یَوْمٌ مُبَارَكٌ مَیْمُونٌ مَسْعُودٌ مُفْلِحٌ مُنْجِحٌ مُفَرِّحٌ فَاعْمَلْ فِیهِ مَا شِئْتَ وَ الْقَ مَنْ أَرَدْتَ وَ خُذْ وَ أَعْطِ وَ سَافِرْ وَ انْتَقِلْ وَ بِعْ وَ اشْتَرِ فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِكُلِّ مَا تُرِیدُ مُوَافِقٌ لِكُلِّ مَا یُعْمَلُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مُبَارَكاً مَیْمُوناً مُقْبِلًا حَسَنَ التَّرْبِیَةِ مُوَسَّعاً عَلَیْهِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ أَوْ فِی لَیْلَتِهِ لَمْ تَطُلْ عِلَّتُهُ وَ نَجَا سَالِماً بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی.

«218»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یُكْرَهُ فِیهِ السَّفَرُ وَ الْمَوْلُودُ فِیهِ یُرْزَقُ رِزْقاً وَاسِعاً یَكُونُ لِغَیْرِهِ وَ یُمْنَعُ مِنَ التَّمَتُّعِ بِشَیْ ءٍ مِنْهُ وَ مَنْ هَرَبَ فِیهِ أُخِذَ وَ إِذَا ضَلَّتْ فِیهِ ضَالَّةٌ وُجِدَتْ وَ الْقَرْضُ فِیهِ یَعُودُ سَرِیعاً وَ اللَّهُ أَحْكَمُ وَ أَعْلَمُ (2).

ص: 90


1- 1. المكارم: ج 2، ص 560.
2- 2. هذه الروایات باجمعها مرسلة غیر منقولة فی شی ء من الكتب المعتبرة فلا یثبت بها ما یثبت بالاخبار الآحاد فضلا عن غیره، علی انه لم یثبت من سیرتهم علیهم السلام رعایة الایام و سعادتها و نحوستها و اختیارها لافعالهم و اعمالهم لا سیما الشهور و الأیّام الفارسیة و لو كان شی ء من ذلك لتكثر نقلها لتوفر الدواعی إلی مثل هذه الأمور فی جمیع الأزمنة فهذه الروایات. و ما یشابهها ممّا سیأتی لا سیما ما یتعلق بالعجمیة منها اشبه شی ء بمجعولات الاحكامین من منجمی الفرس و لا یبعد وجود اغراض سیاسیة فی جعلها كإحیاء السنن القومیة و تقویة الدول الفارسیة و نزعات اخری لا تخفی علی من یعرف ألاعیب السلطات الحاكمة بعقائد الناس و أفكارهم و مقدساتهم و خاصّة استخدام الكهنة و الاحكامیین فی هذا السبیل.

بیان: الاسم عندهم بفتح الهمزة و كسر النون ثم الیاء الساكنة ثم الراء المهملة المفتوحة ثم اعلم أن الظاهر من أكثر هذه الروایات أن المراد بالأیام المذكورة فیها أیام الشهور العربیة و یظهر من بعضها كخبر سلمان رضی اللّٰه عنه أن المراد بها الشهور العجمیة و أیامها كما یظهر من أسمائها و توافقها لما نقله المنجمون عن الفرس فی ذلك و یمكن أن یقال لما كان فی بدء خلق العالم شهر فروردین مطابقا علی بعض الشهور العربیة ابتداء و انتهاء سرت السعادة و النحوسة فی أیام الشهرین معا كما نقل أن فی أول خلق العالم كان الشمس فی الحمل و عند افتراقها سرتا فیهما أو اختصتا بأحدهما و یمكن حمل اختلاف الأخبار أیضا علی ذلك بأن یكون ما ورد فی سعادة بعض الأیام فی بعض الأخبار و نحوسته بعینه فی الأخری بسبب اختلاف المقصود من الشهر فیهما و كون المراد فی إحداهما العربیة و فی الأخری الفرسیة لكن التعیین و التخصیص مشكل و لو أمكن رعایتهما معا كان أولی و سیأتی تمام القول فی ذلك فی الباب الآتی إن شاء اللّٰه تعالی.

باب 22 یوم النیروز و تعیینه و سعادة أیام شهور الفرس و الروم و نحوستها و بعض النوادر

اشارة

«1»- أَقُولُ رَأَیْتُ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ رَوَی فَضْلُ اللَّهِ بْنُ عَلِیِّ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ تَوَلَّاهُ اللَّهُ فِی الدَّارَیْنِ بِالْحُسْنَی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الدُّورْیَسْتِیِّ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ جَعْفَرِ بْنِ

ص: 91

أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْمُونِسِیِّ الْقُمِّیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ حَبِیبِ الْخَیْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الصَّائِغِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیه السلام یَوْمَ النَّیْرُوزِ فَقَالَ علیه السلام أَ تَعْرِفُ هَذَا الْیَوْمَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا یَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْعَجَمُ وَ تَتَهَادَی فِیهِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ علیه السلام وَ الْبَیْتِ الْعَتِیقِ الَّذِی بِمَكَّةَ مَا هَذَا إِلَّا لِأَمْرٍ قَدِیمٍ أُفَسِّرُهُ لَكَ حَتَّی تَفْهَمَهُ قُلْتُ یَا سَیِّدِی إِنَّ عِلْمَ هَذَا مِنْ عِنْدِكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ یَعِیشَ أَمْوَاتِی وَ تَمُوتَ أَعْدَائِی فَقَالَ یَا مُعَلَّی إِنَّ یَوْمَ النَّیْرُوزِ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَخَذَ اللَّهُ فِیهِ مَوَاثِیقَ الْعِبَادِ أَنْ یَعْبُدُوهُ وَ لَا یُشْرِكُوا بِهِ شَیْئاً وَ أَنْ یُؤْمِنُوا بِرُسُلِهِ وَ حُجَجِهِ وَ أَنْ یُؤْمِنُوا بِالْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ هُوَ أَوَّلُ یَوْمٍ طَلَعَتْ فِیهِ الشَّمْسُ وَ هَبَّتْ بِهِ الرِّیَاحُ وَ خُلِقَتْ فِیهِ زَهْرَةُ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی اسْتَوَتْ فِیهِ سَفِینَةُ نُوحٍ علیه السلام عَلَی الْجُودِیِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَحْیَا اللَّهُ فِیهِ الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ (1) وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی نَزَلَ فِیهِ جَبْرَئِیلُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی حَمَلَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی مَنْكِبِهِ حَتَّی رَمَی أَصْنَامَ قُرَیْشٍ مِنْ فَوْقِ الْبَیْتِ الْحَرَامِ فَهَشَمَهَا وَ كَذَلِكَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَمَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْحَابَهُ أَنْ یُبَایِعُوا عَلِیّاً علیه السلام بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی وَجَّهَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام إِلَی وَادِی الْجِنِّ یَأْخُذُ عَلَیْهِمُ الْبَیْعَةَ لَهُ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی بُویِعَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِیهِ الْبَیْعَةَ الثَّانِیَةَ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی ظَفِرَ فِیهِ بِأَهْلِ النَّهْرَوَانِ وَ قَتَلَ ذَا الثُّدَیَّةِ(2)

وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی یَظْهَرُ فِیهِ قَائِمُنَا وَ وُلَاةُ الْأَمْرِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی یَظْفَرُ فِیهِ قَائِمُنَا بِالدَّجَّالِ فَیَصْلِبُهُ عَلَی كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ وَ مَا مِنْ یَوْمِ نَیْرُوزٍ إِلَّا وَ نَحْنُ نَتَوَقَّعُ فِیهِ الْفَرَجَ لِأَنَّهُ مِنْ أَیَّامِنَا وَ أَیَّامِ شِیعَتِنَا حَفِظَتْهُ الْعَجَمُ وَ ضَیَّعْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَ قَالَ إِنَّ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ سَأَلَ رَبَّهُ كَیْفَ یُحْیِی هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِینَ خَرَجُوا

ص: 92


1- 1. القصة مذكورة فی سورة البقرة آیة( 243).
2- 2. و قتل ذو الثدیة( خ).

فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنْ یَصُبَّ الْمَاءَ عَلَیْهِمْ فِی مَضَاجِعِهِمْ فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ هُوَ أَوَّلُ یَوْمٍ مِنْ سَنَةِ الْفُرْسِ فَعَاشُوا وَ هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفاً فَصَارَ صَبُّ الْمَاءِ فِی النَّیْرُوزِ سُنَّةً فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی أَ لَا تُعَرِّفُنِی جُعِلْتُ فِدَاكَ أَسْمَاءَ الْأَیَّامِ بِالْفَارْسِیَّةِ فَقَالَ علیه السلام یَا مُعَلَّی هِیَ أَیَّامٌ قَدِیمَةٌ مِنَ الشُّهُورِ الْقَدِیمَةِ كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ یَوْماً لَا زِیَادَةَ فِیهِ وَ لَا نُقْصَانَ فَأَوَّلُ یَوْمٍ مِنْ كُلِّ شَهْرِ هُرْمَزْدَرُوزَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ آدَمَ علیه السلام تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ صَالِحٌ لِلشُّرْبِ وَ لِلْفَرَحِ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ یَوْمُ سُرُورٍ تَكَلَّمُوا فِیهِ الْأُمَرَاءَ وَ الْكُبَرَاءَ وَ اطْلُبُوا فِیهِ الْحَوَائِجَ فَإِنَّهَا تَنْجَحُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مُبَارَكاً وَ ادْخُلُوا فِیهِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ اشْتَرُوا فِیهِ وَ بِیعُوا وَ زَارِعُوا وَ اغْرِسُوا وَ ابْنُوا وَ سَافِرُوا فَإِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ یَصْلُحُ لِجَمِیعِ الْأُمُورِ وَ لِلتَّزْوِیجِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ الثَّانِی بَهْمَنْ رُوزُ یَوْمٌ صَالِحٌ صَافٍ خَلَقَ اللَّهُ فِیهِ حَوَّاءَ علیها السلام وَ هُوَ ضِلْعٌ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ علیه السلام وَ هُوَ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِحُجُبِ الْقُدْسِ وَ الْكَرَامَةِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ مُخْتَارٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ تَزَوَّجُوا فِیهِ وَ أْتُوا أَهَالِیَكُمْ مِنْ أَسْفَارِكُمْ وَ سَافِرُوا فِیهِ وَ اشْتَرُوا وَ بِیعُوا وَ اطْلُبُوا فِیهِ الْحَوَائِجَ فِی كُلِّ نَوْعٍ وَ هُوَ یَوْمٌ مُخْتَارٌ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ یَكُونُ مَرَضُهُ خَفِیفاً وَ مَنْ مَرِضَ فِی آخِرِهِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَ خِیفَ مِنْ مَوْتِهِ فِی ذَلِكَ الْمَرَضِ الثَّالِثُ أُرْدِیبِهِشْتَ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالشِّفَاءِ وَ السُّقْمِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ فَاتَّقُوا فِیهِ الْحَوَائِجَ وَ جَمِیعَ الْأَعْمَالِ وَ لَا تَدْخُلُوا فِیهِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ لَا تَبِیعُوا وَ لَا تَشْتَرُوا وَ لَا تَزَوَّجُوا وَ لَا تَسْأَلُوا فِیهِ حَاجَةً وَ لَا تُكَلِّفُوهَا أَحَداً وَ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ وَ اتَّقُوا أَعْمَالَ السُّلْطَانِ وَ تَصَدَّقُوا مَا أَمْكَنَكُمْ فَإِنَّهُ مَنْ مَرِضَ فِیهِ خِیفَ عَلَیْهِ وَ

ص: 93

هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ آدَمَ وَ حَوَّاءَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ سُلِبَا فِیهِ لِبَاسَهُمَا وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ قُطِعَ عَلَیْهِ أَبَداً الرَّابِعُ شَهْرِیوَرْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الَّذِی خُلِقَتْ فِیهِ الْجَوَاهِرُ عَنْهُ وَ وُكِّلَ بِهَا وَ هُوَ مُوَكَّلٌ بِبَحْرِ الرُّومِ وَ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ وُلِدَ فِیهِ هَابِیلُ بْنُ آدَمَ وَ هُوَ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ طَلَبِ الصَّیْدِ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ رَجُلًا صَالِحاً مُبَارَكاً وَ مُحَبَّباً إِلَی النَّاسِ إِلَّا أَنَّهُ لَا یَصْلُحُ فِیهِ السَّفَرُ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ خَافَ الْقَطْعَ وَ یُصِیبُهُ بَلَاءٌ وَ غَمٌّ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی الْخَامِسُ إِسْفَنْدَارَمَذْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَرَضِینَ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ رَدِی ءٌ وُلِدَ فِیهِ قَابِیلُ بْنُ آدَمَ وَ كَانَ مَلْعُوناً كَافِراً وَ هُوَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ دَعَا بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ عَلَی أَهْلِهِ وَ أَدْخَلَ عَلَیْهِمُ الْغَمَّ وَ الْبُكَاءَ فَاجْتَنِبُوهُ فَإِنَّهُ یَوْمٌ شُؤْمٌ وَ نَحْسٌ وَ مَذْمُومٌ وَ لَا تَطْلُبُوا فِیهِ حَاجَةً وَ لَا تَدْخُلُوا فِیهِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ ادْخُلُوا فِی مَنَازِلِكُمْ وَ احْذَرُوا فِیهِ كُلَّ الْحَذَرِ

مِنَ السِّبَاعِ وَ الْحَدِیدِ السَّادِسُ خُرْدَادْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْجِبَالِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ لِكُلِّ مَا یُسْعَی فِیهِ مِنَ الْأَمْرِ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ الصَّیْدِ فِیهِمَا وَ لِلْمَعَاشِ وَ كُلِّ حَاجَةٍ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ رَجَعَ إِلَی أَهْلِهِ سَرِیعاً بِكُلِّ مَا یُحِبُّهُ وَ یُرِیدُهُ وَ بِكُلِّ غَنِیمَةٍ فَجِدُّوا فِی كُلِّ حَاجَةٍ تُرِیدُونَهَا فِیهِ فَإِنَّهَا مَقْضِیَّةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی السَّابِعُ مُرْدَادْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنَّاسِ وَ أَرْزَاقِهِمْ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ اعْمَلُوا فِیهِ جَمِیعَ مَا شِئْتُمْ مِنَ السَّعْیِ فِی حَوَائِجِكُمْ مِنَ الْبِنَاءِ وَ الْغَرْسِ وَ الذَّرْوِ وَ الزَّرْعِ وَ لِطَلَبِ الصَّیْدِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی

ص: 94

الثَّامِنُ دَیْبَارْرُوزُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ یُسْعَی فِیهَا وَ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الصَّیْدِ مَا خَلَا السَّفَرَ فَاتَّقُوا فِیهِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً وَ ادْخُلُوا فِیهِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ غَیْرِهِ فَإِنَّهُ یُقْضَی فِیهِ الْحَوَائِجُ وَ مَنْ دَخَلَ فِیهِ عَلَی السُّلْطَانِ لِحَاجَةٍ فَلْیَسْأَلْهُ فِیهَا التَّاسِعُ آذَرْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنِّیرَانِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ خَفِیفٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَی آخِرِ النَّهَارِ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ لِكُلِّ مَا تُرِیدُ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ رُزِقَ مَالًا كَثِیراً وَ یَرَی فِی سَفَرِهِ كُلَّ خَیْرٍ وَ مَنْ مَرِضَ یَبْرَأُ سَرِیعاً وَ لَا یَنَالُهُ فِی عِلَّتِهِ مَكْرُوهٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَاطْلُبُوا الْحَوَائِجَ فِیهِ فَإِنَّهَا تُقْضَی لَكُمْ بِمَشِیَّةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ تَوْفِیقِهِ الْعَاشِرُ آبَانْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْبَحْرِ وَ الْمِیَاهِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ مَا خَلَا الدُّخُولَ عَلَی السُّلْطَانِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی وُلِدَ فِیهِ نُوحٌ علیه السلام وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَرْزُوقاً مِنْ مَعَاشِهِ وَ لَا یُصِیبُهُ ضِیقٌ وَ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَهْرَمَ وَ لَا یُبْتَلَی بِفَقْرٍ وَ مَنْ فَرَّ فِیهِ مِنَ السُّلْطَانِ أَوْ غَیْرِهِ أُخِذَ وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا وَ هُوَ جَیِّدٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ السَّفَرِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.

الْحَادِیَ عَشَرَ خُورْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالشَّمْسِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ مِثْلُ أَمْسِهِ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی وُلِدَ فِیهِ شِیثُ بْنُ آدَمَ علیه السلام (1) وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَوْمٌ صَالِحٌ لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ لِجَمِیعِ الْأَعْمَالِ (2)

وَ الْحَوَائِجِ وَ لِلسَّفَرِ مَا خَلَا الدُّخُولَ عَلَی السُّلْطَانِ فَإِنَّهُ لَا یَصْلُحُ وَ التَّوَارِی عَنْهُ فِیهِ أَصْلَحُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَیْهِ فَاجْتَنِبُوا فِیهِ ذَلِكَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مُبَارَكاً مَرْزُوقاً فِی مَعَاشِهِ طَوِیلَ الْعُمُرِ وَ لَا یَفْتَقِرُ أَبَداً فَاطْلُبُوا فِیهِ حَوَائِجَكُمْ مَا خَلَا السُّلْطَانَ الثَّانِی عَشَرَ مَاهْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْقَمَرِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ

ص: 95


1- 1. شیث ابن آدم النبیّ علیه السلام( ظ).
2- 2. الأحوال( خ).

خَفِیفٌ یُسَمَّی رُوزْبِهَ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ جَیِّدٌ مُخْتَارٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ تُرِیدُونَهُ مِثْلَ الْیَوْمِ الْحَادِیَ عَشَرَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ طَوِیلَ الْعُمُرِ فَاطْلُبُوا فِیهِ حَوَائِجَكُمْ وَ ادْخُلُوا عَلَی السُّلْطَانِ فِی أَوَّلِهِ وَ لَا تَدْخُلُوا فِی آخِرِهِ وَ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهَا فَإِنَّهَا تُقْضَی لَكُمْ بِمَشِیَّةِ اللَّهِ تَعَالَی الثَّالِثَ عَشَرَ تِیرْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنُّجُومِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ شُؤْمِیٌّ جِدّاً وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ فَاتَّقُوهُ فِی جَمِیعِ الْأَعْمَالِ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ لَا تَقْصِدُوا وَ لَا تَطْلُبُوا فِیهِ الْحَاجَةَ أَصْلًا وَ لَا تَدْخُلُوا فِیهِ عَلَی

السُّلْطَانِ وَ غَیْرِهِ جُهْدَكُمْ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ الرَّابِعَ عَشَرَ جُوشْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْبَشَرِ وَ الْأَنْعَامِ وَ الْمَوَاشِی تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ صَالِحٌ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ أَمْرٍ یُرَادُ وَ یُحْمَدُ فِیهِ لِقَاءُ الْأَشْرَافِ وَ الْعُلَمَاءِ وَ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ مَنْ یُولَدُ فِیهِ یَكُونُ حَسَنَ الْكَمَالِ مَشْعُوفاً بِطَلَبِ الْعِلْمِ وَ یُعَمَّرُ طَوِیلًا یَكْثُرُ مَالُهُ فِی آخِرِ عُمُرِهِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ بِمَشِیَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَامِسَ عَشَرَ دَیْمِهْرَرُوزُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ مُبَارَكٌ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ لِكُلِّ حَاجَةٍ تُرِیدُهَا إِلَّا أَنَّهُ مَنْ یُولَدُ فِیهِ یَكُونُ بِهِ خَرَسٌ أَوْ لُثْغَةٌ فَاطْلُبُوا فِیهِ الْحَوَائِجَ فَإِنَّهَا تُقْضَی إِنْ شَاءَ اللَّهُ السَّادِسَ عَشَرَ مِهْرَرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالرَّحْمَةِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ جَیِّدٌ جِدّاً وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مَنْحُوسٌ رَدِی ءٌ مَذْمُومٌ فَلَا تَطْلُبُوا فِیهِ حَوَائِجَكُمْ وَ لَا تُسَافِرُوا فِیهِ فَإِنَّهُ مَنْ سَافَرَ فِیهِ هَلَكَ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ لَا بُدَّ مَجْنُوناً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ لَا یَكَادُ یَنْجُو فَاجْهَدُوا فِی تَرْكِ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ الْحَرَكَةِ فَإِنَّهَا وَ إِنْ قُضِیَتْ تُقْضَی بِمَشَقَّةٍ وَ رُبَّمَا لَمْ یَتِمَّ فِیهَا الْمُرَادُ فَاتَّقُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ تَصَدَّقُوا فِیهِ

ص: 96

السَّابِعَ عَشَرَ نَمْرُوشْ (1) رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِخَرَابِ الْعَالَمِ وَ هُوَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ خَفِیفٌ مُتَوَسِّطٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ لِكُلِّ مَا یُرَادُ جَیِّدٌ مُوَافِقٌ صَافٍ مُخْتَارٌ لِجَمِیعِ الْحَوَائِجِ فَاطْلُبُوا فِیهِ مَا شِئْتُمْ وَ تَزَوَّجُوا وَ بِیعُوا وَ اشْتَرُوا وَ ازْرَعُوا وَ ابْنُوا وَ ادْخُلُوا عَلَی السُّلْطَانِ وَ غَیْرِهِ فَإِنَّ حَوَائِجَكُمْ تُقْضَی بِمَشِیَّةِ اللَّهِ تَعَالَی الثَّامِنَ عَشَرَ رَشْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنِّیرَانِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ جَیِّدٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ الزَّرْعِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ التَّزْوِیجِ وَ كُلِّ أَمْرٍ یُرَادُ وَ مَنْ خَاصَمَ فِیهِ عَدُوَّهُ أَوْ خَصْمَهُ غَلَبَ عَلَیْهِ وَ ظَفِرَ فِیهِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَی التَّاسِعَ عَشَرَ فَرْوَرْدِینْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِأَرْوَاحِ الْخَلَائِقِ وَ قَبْضِهَا یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ صَالِحٌ جَیِّدٌ لِلسَّفَرِ وَ التَّزْوِیجِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ مَنْ خَاصَمَ فِیهِ عَدُوّاً ظَفِرَ بِهِ وَ غَلَبَهُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَی وَ یَصْلُحُ لِكُلِّ عَمَلٍ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی وُلِدَ فِیهِ إِسْحَاقُ النَّبِیُّ علیه السلام وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ مَا تُرِیدُ وَ مَنْ یُولَدُ فِیهِ یَكُونُ مُبَارَكاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی الْعِشْرُونَ بَهْرَامْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنَّصْرِ وَ الْخِذْلَانِ فِی الْحَرْبِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ جَیِّدٌ مُخْتَارٌ صَافٍ یَصْلُحُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ السَّفَرِ خَاصَّةً وَ الْبِنَاءِ وَ التَّزْوِیجِ وَ الْعُرْسِ (2)

وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ غَیْرِهِ فِیهِ فَإِنَّهُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی الْحَادِی وَ الْعِشْرُونَ رَامْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْفَرَحِ وَ السُّرُورِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ یُتَبَرَّكُ بِهِ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وَ هُوَ یَوْمُ إِهْرَاقِ الدِّمَاءِ فَاتَّقُوا فِیهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ لَا تَطْلُبُوا فِیهِ حَاجَةً وَ لَا تَنَازَعُوا فِیهِ

ص: 97


1- 1. سروش( خ).
2- 2. الغرس( خ).

خَصْماً وَ مَنْ یُولَدْ فِیهِ یكون [یَكُنْ] مُحْتَاجاً فَقِیراً فِی أَكْثَرِ أَمْرِهِ وَ دَهْرِهِ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ لَمْ یَرْبَحْ وَ خِیفَ عَلَیْهِ.

الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ بَادْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالرِّیَاحِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ جَیِّدٌ صَافٍ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ تُرِیدُهَا فَاطْلُبُوا فِیهِ الْحَوَائِجَ فَإِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ خَاصَّةً لِلشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ لِلصَّدَقَةِ فِیهِ ثَوَابٌ جَزِیلٌ جَلِیلٌ عَظِیمٌ وَ مَنْ یُولَدُ فِیهِ یَكُونُ مُبَارَكاً مَحْبُوباً وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ یُخْصِبُ وَ یَرْجِعُ إِلَی أَهْلِهِ مُعَافًی سَالِماً وَ مَنْ دَخَلَ فِیهِ إِلَی السُّلْطَانِ بَلَغَ مَحَابَّهُ وَ وَجَدَ عِنْدَهُ نَجَاحاً لِمَا قَصَدَ لَهُ.

الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ دَیْبِدِینْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالنَّوْمِ وَ الْیَقَظَةِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ وُلِدَ فِیهِ یُوسُفُ علیه السلام یَصْلُحُ لِكُلِّ أَمْرٍ وَ حَاجَةٍ وَ لِكُلِّ مَا تُرِیدُونَهُ وَ خَاصَّةً لِلتَّزْوِیجِ وَ التِّجَارَاتِ كُلِّهَا وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ وَ الْتِمَاسِ الْحَوَائِجِ وَ مَنْ یُولَدْ فِیهِ یكون [یَكُنْ] مُبَارَكاً صَالِحاً وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ یَغْنَمُ وَ یَجِدُ خَیْراً بِمَشِیَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ دِینْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالسَّعْیِ وَ الْحَرَكَةِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ خَفِیفٌ جَیِّدٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مَنْحُوسٌ وُلِدَ فِیهِ فِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ هُوَ یَوْمٌ عَسِرٌ نَكِدٌ فَاتَّقُوا فِیهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ مَاتَ فِی سَفَرِهِ وَ فِی نُسْخَةٍ أُخْرَی وَ مَنْ یُولَدْ فِیهِ یموت [یَمُتْ] فِی سَفَرِهِ أَوْ یُقْتَلْ أَوْ یَغْرَقْ وَ یَكُونُ مُدَّةَ عُمُرِهِ مَحْزُوناً مَكْدُوداً نَكِداً وَ لَا یُوَفَّقُ لِخَیْرٍ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ طَالَ مَرَضُهُ وَ لَا یَكَادُ یَنْتَفِعُ بِمَقْصَدٍ وَ لَوْ جَهَدَ جُهْدَهُ.

الْخَامِسُ وَ الْعِشْرُونَ أَرْدَرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ وَ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمُ نَحْسٍ رَدِی ءٌ مَذْمُومٌ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَصَابَ فِیهِ أَهْلَ مِصْرَ سَبْعَةُ أَضْرُبٍ مِنَ الْآفَاتِ وَ هُوَ یَوْمٌ شَدِیدُ الْبَلَاءِ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ لَمْ یَكَدْ یَنْجُ وَ لَا یَبْرَأُ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ لَا یَرْجِعُ وَ لَا یَرْبَحُ فَلَا تَطْلُبُوا فِیهِ حَاجَةً وَ احْفَظُوا فِیهِ أَنْفُسَكُمْ وَ احْتَرِزُوا وَ اتَّقُوا فِیهِ جُهْدَكُمْ

ص: 98

السَّادِسُ وَ الْعِشْرُونَ أَشْتَادْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ الَّذِی خُلِقَ عِنْدَ ظُهُورِ الدِّینِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ صَالِحٌ مُبَارَكٌ ضَرَبَ فِیهِ مُوسَی علیه السلام الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ مَا خَلَا التَّزْوِیجَ وَ السَّفَرَ وَ اجْتَنِبُوا فِیهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَنْ تَزَوَّجَ فِیهِ لَمْ یَتِمَّ أَمْرُهُ وَ یُفَارِقُ (1) أَهْلَهُ وَ فُرِّقَ بَیْنَهُمَا وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ لَمْ یَصْلُحْ وَ لَمْ یَرْبَحْ وَ لَمْ یَرْجِعْ وَ عَلَیْكُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهَا وَافِرَةٌ وَ لِمَضَارِّهِ دَافِعَةٌ بِمَشِیَّةِ اللَّهِ وَ عَوْنِهِ.

السَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ آسْمَانْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالسَّمَاوَاتِ یَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ مُخْتَارٌ یَصْلُحُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ لِكُلِّ شَیْ ءٍ تُرِیدُهُ وَ مَنْ یُولَدْ فِیهِ یكون [یَكُنْ] جَمِیلًا حَسَناً مَلِیحاً وَ هُوَ جَیِّدٌ لِلْبِنَاءِ وَ الزَّرْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْبَیْعِ وَ الدُّخُولِ عَلَی السُّلْطَانِ فَاعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ وَ اسْعَوْا فِی حَوَائِجِكُمْ.

الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ رَامْیَادْرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْقَضَاءِ بَیْنَ الْخَلْقِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ ثَقِیلٌ مَنْحُوسٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ سَعِیدٌ مُبَارَكٌ مَمْدُوحٌ وُلِدَ فِیهِ یَعْقُوبُ النَّبِیُّ علیه السلام یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ لِجَمِیعِ الْحَوَائِجِ وَ مَنْ یُولَدْ فِیهِ یكون [یَكُنْ] مَرْزُوقاً مُحَبَّباً إِلَی النَّاسِ مُحَبَّباً إِلَی أَهْلِهِ مُحْسِناً إِلَیْهِمْ إِلَّا أَنَّهُ یُصِیبُهُ الْغُمُومُ وَ الْهُمُومُ وَ یُبْتَلَی فِی آخِرِ عُمُرِهِ وَ لَا یُؤْمَنُ عَلَیْهِ مِنْ ذَهَابِ بَصَرِهِ .

التَّاسِعُ وَ الْعِشْرُونَ مِهْرَإِسْفَنْدَرُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَفْنِیَةِ وَ الْأَزْمَانِ وَ الْعُقُولِ وَ الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ تَقُولُ الْفُرْسُ إِنَّهُ یَوْمٌ جَیِّدٌ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ جَیِّدٌ یَصْلُحُ لِكُلِّ حَاجَةٍ مَا خَلَا الْكَاتِبَ فَإِنَّهُ یُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَ لَا أَرَی لَهُ أَنْ یَسْعَی لِحَاجَةٍ فِیهِ إِنْ قَدَرَ عَلَی ذَلِكَ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ أَصَابَ مَالًا كَثِیراً إِلَّا مَنْ كَانَ كَاتِباً فَإِنَّهُ یُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَ لَا أَرَی السَّعْیَ فِی حَاجَتِهِ إِنْ قَدَرَ عَلَیْهِ وَ مَنْ أَبَقَ لَهُ فِیهِ آبِقٌ رَجَعَ إِلَیْهِ سَرِیعاً وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا.

الثَّلَاثُونَ أَنِیرَانْ رُوزُ اسْمُ الْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِالْأَدْوَارِ وَ الْأَزْمَانِ یَتَبَرَّكُ فِیهِ الْفُرْسُ وَ یَقُولُ الصَّادِقُ إِنَّهُ یَوْمٌ مُخْتَارٌ جَیِّدٌ صَالِحٌ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ هُوَ الْیَوْمُ

ص: 99


1- 1. و لفارق( خ).

الَّذِی وُلِدَ فِیهِ إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ عَلَی ذُرِّیَتِهِمَا وَ عَلَی آلِهِمَا یَصْلُحُ لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ لِكُلِّ حَاجَةٍ مِنْ شِرَاءٍ وَ بَیْعٍ وَ زَرْعٍ وَ غَرْسٍ وَ تَزْوِیجٍ وَ بِنَاءٍ وَ مَنْ مَرِضَ فِیهِ یَبْرَأُ سَرِیعاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ حَكِیماً حَلِیماً صَادِقاً مُبَارَكاً مُرْتَفِعاً أَمْرُهُ وَ یَعْلُو شَأْنُهُ وَ یَكُونُ صَادِقَ اللِّسَانِ صَاحِبَ وَفَاءٍ وَ مَنْ أَبَقَ لَهُ فِیهِ آبِقٌ وَجَدَهُ وَ مَنْ ضَلَّتْ لَهُ فِیهِ ضَالَّةٌ وَجَدَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.

«2»- الْمَنَاقِبُ،: حُكِیَ أَنَّ الْمَنْصُورَ تَقَدَّمَ إِلَی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام بِالْجُلُوسِ لِلتَّهْنِئَةِ فِی یَوْمِ النَّیْرُوزِ وَ قَبْضِ مَا یُحْمَلُ إِلَیْهِ فَقَالَ إِنِّی قَدْ فَتَّشْتُ الْأَخْبَارَ عَنْ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ أَجِدْ لِهَذَا الْعِیدِ خَبَراً وَ إِنَّهُ سُنَّةُ الْفُرْسِ وَ مَحَاهَا الْإِسْلَامُ وَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نحیا [نُحْیِیَ] مَا مَحَاهَا الْإِسْلَامُ فَقَالَ الْمَنْصُورُ إِنَّمَا نَفْعَلُ هَذَا سِیَاسَةً لِلْجُنْدِ فَسَأَلْتُكَ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ إِلَّا جَلَسْتَ فَجَلَسَ (1)

إِلَی آخِرِ مَا أَوْرَدْتُهُ فِی أَبْوَابِ تَارِیخِهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ (2).

بیان: هذا الخبر مخالف لأخبار المعلی و یدل علی عدم اعتبار النیروز شرعا

ص: 100


1- 1. المناقب: ج 4، ص 319.
2- 2. قد ورد روایتان متخالفتان فی النیروز: إحداهما عن معلی بن الخنیس عن الصادق علیه السلام تدلّ علی عظمته و شرافته و الأخری عن الكاظم علیه السلام تدلّ علی كونه من سنن الفرس التی محاها الإسلام. و لیس شی ء منهما صحیحة او معتبرة بحیث یثبت بهما حكم شرعی و فی روایة معلی اشكالات اخری من جهة تطبیق النیروز علی كثیر من أیّام الشهور العربیة و ان اتعب المؤلّف كغیره نفسه فی توجیهها بما لا یخلو عن تكلف لا یكاد یخفی علی المتأمل و الظاهر من هذه الروایة حرمة تعظیم الیوم لكونه تعظیما لشعار الكفّار و إحیاء للسنة التی محاها الإسلام و هی و ان لم تكن واجدة لشرائط الحجیة الا ان الكبری المشار إلیها فیها ثابتة بالادلة العامّة و الصعری بالوجدان و اما ما افتی به كثیر من الفقهاء من استحباب الغسل و الصوم فیه فمبنی ظاهرا- علی التسامح فی ادلة السنن لروایة« من بلغه ثواب علی عمل» لكن اجراء القاعدة هاهنا لا یخلو عن اشكال لانصرافها عن الموارد التی یحتمل فیها الحرمة غیر التشریعیة و هاهنا یحتمل حرمة الغسل و الصوم لاجل احتمال كونهما مصداقین للتعظیم المحرم و لو احتمالا و القاعدة لا تثبت فی موردها الاستحباب المصطلح؛ فغایة ما یمكن أن یقال هو ثبوت الثواب علیهما إذا اتی بهما برجاء المطلوبیة لا علی وجه التعظیم فتأمل.

و أخبار المعلی أقوی سندا و أشهر بین الأصحاب (1) و یمكن حمل هذا علی التقیة لاشتمال خبر المعلی علی ما یتقی فیه و لذا یتقی فی إظهار التبرك به فی تلك الأزمنة فی بلاد المخالفین أو علی أن الیوم الذی كانوا یعظمونه غیر النیروز المراد فی خبر المعلی كما سیأتی ذكر الاختلاف فیه.

«3»- الْمُتَهَجِّدُ، رَوَی الْمُعَلَّی بْنُ الْخُنَیْسِ عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ علیه السلام: فِی یَوْمِ النَّیْرُوزِ قَالَ إِذَا كَانَ یَوْمُ النَّیْرُوزِ فَاغْتَسِلْ وَ الْبَسْ أَنْظَفَ ثِیَابِكَ وَ تَطَیَّبْ بِأَطْیَبِ طِیبِكَ وَ تَكُونُ ذَلِكَ الْیَوْمَ صَائِماً الْخَبَرَ.

«4»- وَ أَقُولُ وَجَدْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ الْمُنَجِّمِینَ مَرْوِیّاً عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ علیه السلام: فِی أَیَّامِ شُهُورِ الْفُرْسِ الْأَوَّلُ هُرْمُزُ وَ هُوَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَی وَ فِیهِ خُلِقَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ جَیِّدٌ لِلتِّجَارَةِ وَ صُحْبَةِ الْمُلُوكِ وَ الصَّیْدِ وَ الْبِنَاءِ وَ اللَّبْسِ وَ لَا یَصْلُحُ الْحَمَّامُ وَ الْفَصْدُ وَ الْقَرْضُ وَ الْحَرْبُ وَ الْمُنَاظَرَةُ الثَّانِی بَهْمَنُ یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِأَكْثَرِ الْأُمُورِ كَالشَّرِكَةِ وَ التِّجَارَةِ وَ السَّفَرِ وَ النِّكَاحِ وَ التَّحْوِیلِ وَ الزِّرَاعَةِ وَ قَطْعِ الْجَدِیدِ وَ لُبْسِهِ وَ لَا یَصْلُحُ لِلْفَصْدِ وَ الْحِجَامَةِ وَ الْحَمَّامِ وَ الثَّالِثُ أُرْدِیبِهِشْتُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالشِّفَاءِ وَ فِیهِ أُخْرِجَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ مِنَ الْجَنَّةِ فَاتَّقِ فِیهِ لَكِنَّهُ یَصْلُحُ لِلصَّیْدِ وَ شِرَاءِ الدَّوَابِّ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ ذَهَبَ مَالُهُ وَ قُطِعَ وَ الرَّابِعُ شَهْرِیوَرُ یَوْمٌ جَیِّدٌ وُلِدَ فِیهِ هَابِیلُ یَصْلُحُ لِلْعِمَارَةِ وَ الْبِنَاءِ وَ الصُّلْحِ وَ النِّكَاحِ وَ التِّجَارَةِ وَ الصَّیْدِ وَ لَا یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ النَّقْلِ وَ التَّحْوِیلِ وَ الْحَلْقِ وَ الْخَامِسُ إِسْفَنْدَارْمَذْ یَوْمُ نَحْسٍ فِیهِ قَتَلَ قَابِیلُ هَابِیلَ اتَّقِ فِیهِ إِلَّا مِنَ الْعِمَارَةِ وَ شُرْبِ الدَّوَاءِ وَ حَلْقِ الشَّعْرِ وَ احْذَرِ الْأَسْوَاءَ وَ الْمُنَاظَرَةَ

ص: 101


1- 1. كون روایة المعلی أقوی و أشهر بالإضافة إلی هذا الخبر لا یفید شیئا بعد فقدانها لشرائط الحجیة فی نفسها،.

وَ السَّادِسُ خُرْدَادُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْجِبَالِ مُبَارَكٌ جَیِّدٌ لِلصُّلْحِ وَ لُبْسِ الْجَدِیدِ وَ التَّعْلِیمِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ التَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ احْذَرْ فِیهِ الْفَصْدَ وَ التَّعْلِیمَ وَ الْحَرْبَ وَ السَّابِعُ مُرْدَادُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْحَیَوَانَاتِ یَوْمٌ جَیِّدٌ یَصْلُحُ لِكِتَابَةِ الْكُتُبِ وَ إِرْسَالِ الرُّسُلِ وَ الْعِمَارَةِ وَ النِّكَاحِ وَ الْمُعَالَجَةِ وَ لَا یَصْلُحُ لِلْفَصْدِ وَ الْحِجَامَةِ وَ الزِّرَاعَةِ وَ الطَّلَاقِ وَ الثَّامِنُ دِیبَاذَرُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی یَوْمٌ مُبَارَكٌ یَصْلُحُ لِلْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الضِّیَافَةِ وَ الْفَصْدِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ لَا یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ الصَّیْدِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ الْحَمَّامِ وَ التَّاسِعُ آذَرُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالنَّارِ أَوَّلُهُ جَیِّدٌ وَ آخِرُهُ رَدِی ءٌ یَصْلُحُ لِلِقَاءِ الْمُلُوكِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ السَّفَرِ وَ الصَّیْدِ وَ شُرْبِ الدَّوَاءِ وَ لَا یُشْتَرَی الْمِلْكُ فَإِنَّهُ یَخْرَبُ سَرِیعاً وَ الْعَاشِرُ آبَانُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْبِحَارِ فِیهِ وُلِدَ نُوحٌ علیه السلام یَصْلُحُ فِیهِ لِقَاءُ الْعُلَمَاءِ وَ التُّجَّارِ وَ الْأَكَابِرِ وَ كِتَابَةُ الْكُتُبِ وَ إِرْسَالُ الرُّسُلِ وَ لْیَحْذَرْ فِیهِ مِنَ السَّفَرِ وَ الصَّیْدِ وَ الْمُعَالَجَةِ وَ الصُّعُودِ عَلَی مُرْتَفَعٍ فَإِنَّهُ یُخَافُ عَلَیْهِ السُّقُوطُ وَ الْحَادِیَ عَشَرَ خُورُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالشَّمْسِ وُلِدَ فِیهِ مُوسَی علیه السلام جَیِّدٌ لِلِقَاءِ الْمُلُوكِ وَ الزَّرْعِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ الصَّیْدِ وَ الْبِنَاءِ وَ السَّفَرِ وَ شِرَاءِ الدَّوَابِّ رَدِی ءٌ لِلْفَصْدِ وَ الْحَمَّامِ وَ النِّكَاحِ وَ لُبْسِ الْجَدِیدِ وَ شِرَاءِ الْمَمَالِیكِ وَ الثَّانِی عَشَرَ مَاهُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْأَرْزَاقِ یُقَالُ لِهَذَا الْیَوْمِ مَخْزَنُ الْأَسْرَارِ صَالِحٌ لِشُرْبِ الدَّوَاءِ وَ الصَّیْدِ وَ الْحَمَّامِ وَ الزَّرْعِ وَ التَّحْوِیلِ وَ لْیَحْذَرْ فِیهِ مِنَ الْهَرَبِ فَإِنَّهُ یُظْفَرُ بِهِ وَ الثَّالِثَ عَشَرَ تِیرُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْكَوَاكِبِ یَوْمُ نَحْسٍ یَصْلُحُ لِمُجَالَسَةِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَ الِاشْتِغَالِ بِالدُّعَاءِ وَ لْیَحْذَرْ فِیهِ جَمِیعَ الْأَعْمَالِ لَا سِیَّمَا لِقَاءَ الْأَكَابِرِ الرَّابِعَ عَشَرَ جُوشُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْبَهَائِمِ وُلِدَ فِیهِ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام جَیِّدٌ لِلِقَاءِ الْأَشْرَافِ وَ التِّجَارَةِ وَ الشَّرِكَةِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ الْفَصْدِ وَ لْیُحْذَرْ فِیهِ الْأَعْمَالُ السَّیِّئَةُ

ص: 102

الْخَامِسَ عَشَرَ دَیْبَمِهْرَ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْعَرْشِ فِیهِ (1) نَجَا إِبْرَاهِیمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ مِنَ النَّارِ یَصْلُحُ لِلتِّجَارَةِ وَ النِّكَاحِ وَ السَّفَرِ وَ الصَّیْدِ وَ لُبْسِ الْجَدِیدِ وَ قَطْعِهِ وَ احْذَرْ فِیهِ الْفَصْدَ وَ السَّادِسَ عَشَرَ مِهْرُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْجَحِیمِ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ صَالِحٌ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ وَ الْحَلْقِ وَ لَا یَصْلُحُ لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ خُصُوصاً السَّفَرَ فَإِنَّهُ یُخَافُ عَلَیْهِ الْهَلَاكُ وَ السَّابِعَ عَشَرَ سُرُوشُ وَ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی وَ قِیلَ اسْمُ جَبْرَئِیلَ یَوْمٌ مُتَوَسِّطٌ یَصْلُحُ لِطَلَبِ الْحَاجَاتِ وَ فِعْلِ الْخَیْرَاتِ وَ لْیَحْذَرْ سَائِرَ الْأَعْمَالِ الثَّامِنَ عَشَرَ رَشَنُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ

بِالنَّارِ یَوْمٌ جَیِّدٌ یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ التِّجَارَةِ وَ الشَّرِكَةِ وَ الزِّرَاعَةِ وَ قَطْعِ الثِّیَابِ وَ الْفَصْدِ وَ لْیُحْذَرْ فِیهِ الْفِسْقُ وَ الْفُجُورُ وَ الْأَعْمَالُ السَّیِّئَةُ وَ التَّاسِعَ عَشَرَ فَرْوَرْدِینُ هُوَ اسْمُ مَلَكِ الْمَوْتِ وُلِدَ فِیهِ إِسْحَاقُ یَصْلُحُ لِلصَّیْدِ وَ الْحَمَّامِ وَ الْكُتُبِ وَ الرُّسُلِ وَ التَّحْوِیلِ وَ لِقَاءِ الْأَشْرَافِ وَ لْیَحْذَرْ فِیهِ مِنْ إِخْرَاجِ الدَّمِ وَ حَلْقِ الشَّعْرِ وَ الْعِشْرُونَ بَهْرَامُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْحُرُوبِ مُتَوَسِّطٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ النِّكَاحِ وَ الْفَصْدِ وَ حَلْقِ الشَّعْرِ وَ الْمُعَالَجَةِ وَ لْیَحْذَرِ الْخُصُومَةَ وَ الصَّیْدَ وَ التَّقَاضِیَ لِلْعُرَفَاءِ وَ الْحَادِی وَ الْعِشْرُونَ رَامُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالرُّوحِ نَحْسٌ فَلْیَذْكُرِ اللَّهَ وَ لْیَصُمْ وَ لْیَتَصَدَّقْ وَ لْیَتُبْ وَ لْیَسْتَغْفِرِ اللَّهِ وَ یَسْتَعْصِمْ مِنَ الْمَكَارِهِ وَ لْیَحْذَرِ الْأَعْمَالَ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالسَّحَابِ یَوْمٌ مُبَارَكٌ جَیِّدٌ لِلنِّكَاحِ وَ السَّفَرِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْعِمَارَةِ رَدِی ءٌ لِلصَّیْدِ وَ الْمُعَالَجَةِ وَ دُخُولِ الْحَمَّامِ وَ الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ بَادُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالسُّحُبِ یَوْمٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ النِّكَاحِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْعِمَارَةِ وَ الصَّیْدِ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی یَوْمٌ جَیِّدٌ جِدّاً صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ الصَّیْدِ وَ النِّكَاحِ وَ الْحَمَّامِ

ص: 103


1- 1. فی المخطوطة: فیه ولد عیسی علیه السلام و نجا إبراهیم علیه السلام من النار.

وَ الْحَلْقِ وَ لْیُحْذَرْ فِیهِ مِنَ الْفِسْقِ وَ الْفُجُورِ وَ الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ دَیْبَدِینُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَی یَوْمٌ جَیِّدٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ النِّكَاحِ وَ الْفَصْدِ وَ الْحَمَّامِ وَ أَخْذِ الشَّعْرِ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ فِیهِ وُلِدَ فِرْعَوْنُ صَالِحٌ لِلْفَصْدِ حَسْبُ وَ لْیَحْذَرْ فِیهِ مِنَ الطَّعَامِ الرَّدِی ءِ وَ مِنَ الْأَعْمَالِ خُصُوصاً السَّفَرَ وَ الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ دِینُ یَوْمُ نَحْسٍ فِیهِ وُلِدَ فِرْعَوْنُ لَا یَصْلُحُ إِلَّا لِلْفَصْدِ وَ لِیَحْذَرِ الْأَطْعِمَةَ وَ جَمِیعَ الْأَعْمَالِ سِیَّمَا السَّفَرَ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ نَحْسٌ لَا یَصْلُحُ إِلَّا لِلْفَصْدِ وَ الْخَامِسُ وَ الْعِشْرُون أَرْدُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالشَّیَاطِینِ وَ فِیهِ هَلَكَ أَهْلُ مِصْرَ یَوْمُ نَحْسٍ وَ لْیَخْلُ فِیهِ بِنَفْسِهِ وَ لْیَحْذَرْ مِنْ جَمِیعِ الْأَعْمَالِ لَا سِیَّمَا السَّفَرَ وَ التِّجَارَةَ وَ النِّكَاحَ وَ الْحَمَّامَ وَ الصَّیْدَ وَ السَّادِسُ وَ الْعِشْرُونَ أَشْتَادُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْإِنْسِ فِیهِ عَبَرَ مُوسَی وَ قَوْمُهُ الْبَحْرَ صَالِحٌ لِطَلَبِ الْحَاجَةِ وَ غَرْسِ الْأَشْجَارِ وَ شِرَاءِ الْأَمْلَاكِ وَ لْیَحْذَرِ التَّحْوِیلَ وَ السَّفَرَ وَ الْعِمَارَةَ وَ الْفَصْدَ وَ التَّزْوِیجَ وَ السَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ آسِمَانُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالسَّمَاوَاتِ یَوْمٌ مُبَارَكٌ جِدّاً صَالِحٌ لِلسَّفَرِ خُصُوصاً فِی الضُّحَی وَ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ لِیَتَّقِ الْفَصْدَ وَ الصَّیْدَ وَ النِّكَاحَ وَ شِرَاءَ الدَّوَابِّ وَ الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ رَامْیَادُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْأَرَضِینَ یَوْمٌ مُبَارَكٌ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ الْمُنَاظَرَةِ وَ شُرْبِ الدَّوَاءِ وَ یَحْذَرُ الْفَصْدَ وَ الْحَمَّامَ وَ التَّاسِعُ وَ الْعِشْرُونَ مَارَ إِسْفِنْدَارُ اسْمُ مِیكَائِیلَ علیه السلام یَوْمٌ جَیِّدٌ جِدّاً صَالِحٌ لِلِقَاءِ الْأَشْرَافِ وَ تَعْمِیرِ الْبِلَادِ وَ النِّكَاحِ وَ لَا یَصْلُحُ لِلسَّفَرِ وَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَ لُبْسِ الْجَدِیدِ وَ قَطْعِهِ وَ شِرَاءِ الدَّوَابِّ وَ الثَّلَاثُونَ أَنِیرَانُ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْأَیَّامِ فِیهِ وُلِدَ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ الشَّرِكَةِ وَ الزَّرْعِ وَ الْفَصْدِ وَ الْحَمَّامِ وَ لْیَجْتَنِبْ فِیهِ الْأَعْمَالَ السَّیِّئَةَ وَ لْیَعْمَلِ الْخَیْرَاتِ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ اسْمُ مَلَكٍ مُوَكَّلٍ بِالْحُرُوبِ مُتَوَسِّطٌ صَالِحٌ

ص: 104

لِلسَّفَرِ وَ النِّكَاحِ وَ الْفَصْدِ وَ الْحَلْقِ وَ الْمُعَالَجَةِ وَ لْیَحْذَرْ فِیهِ الْأَعْمَالَ السَّیِّئَةَ وَ لْیَشْتَغِلْ بِالْخَیْرَاتِ.

«5»- رِوَایَةٌ أُخْرَی رَوَی أَبُو نَصْرٍ یَحْیَی بْنُ جَرِیرٍ التِّكْرِیتِیُّ فِی كِتَابِ الْمُخْتَارِ فِی الِاخْتِیَارَاتِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْقَارِئِ (1)

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَوْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ یَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی آدَمَ فِیهِ وَ هُوَ یَوْمُ سَعْدٍ یَصْلُحُ لِمُنَاظَرَةِ الْأُمَرَاءِ الْیَوْمُ الثَّانِی یَصْلُحُ لِلتَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ كُلِّ ابْتِدَاءٍ الْیَوْمُ الثَّالِثُ یَوْمُ نَحْسٍ لَا تَلْقَ فِیهِ سُلْطَاناً وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً وَ لَا بَیْعاً وَ لَا شِرَاءً الْیَوْمُ الرَّابِعُ وُلِدَ فِیهِ قَابِیلُ بْنُ آدَمَ وَ هُوَ یَوْمٌ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ غَیْرَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ یُسْلَبُ كَمَا سُلِبَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ لِبَاسَهُمَا الْیَوْمُ الْخَامِسُ مَلْعُونٌ نَحْسٌ قَتَلَ فِیهِ قَابِیلُ هَابِیلَ وَ دَعَا عَلَی أَهْلِهِ بِالْوَیْلِ الْیَوْمُ السَّادِسُ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ الْحِجَامَةِ وَ لِقَاءِ السُّلْطَانِ فِی كُلِّ حَاجَةٍ الْیَوْمُ السَّابِعُ صَالِحٌ لِلْمُنَاظَرَةِ وَ الْخُصُومَةِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ لِقَاءِ الْقُضَاةِ وَ غَیْرِهِمْ وَ السَّفَرِ وَ كُلِّ ابْتِدَاءٍ الْیَوْمُ الثَّامِنُ مِثْلُ أَمْسِهِ سِوَی السَّفَرِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ الْیَوْمُ التَّاسِعُ یَوْمٌ سَعِیدٌ اطْلُبْ فِیهِ الْحَوَائِجَ تُقْضَی (2)

لَكَ الْیَوْمُ الْعَاشِرُ یَوْمُ سَعْدٍ مِثْلَ أَمْسِهِ الْیَوْمُ الْحَادِی عَشَرَ مَنْ سَافَرَ فِیهِ غَنِمَ وَ إِنْ هَرَبَ مِنَ السُّلْطَانِ ظُفِرَ بِهِ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ رُزِقَ رِزْقاً حَسَناً

ص: 105


1- 1. العارسی( خ).
2- 2. الصواب« تقض» بحذف اللام.

الْیَوْمُ الثَّانِی عَشَرَ صَالِحٌ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ السَّفَرِ وَ كُلِّ مَا یُرَادُ الْیَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ نَحْسٌ رَدِی ءٌ فَتَوَقَّ فِیهِ لِقَاءَ السُّلْطَانِ وَ غَیْرَهُ وَ احْذَرْ فِیهِ الرَّمْیَ فَإِنَّهُ مَشُومٌ الْیَوْمُ الرَّابِعَ عَشَرَ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ مَنْ یُولَدْ فِیهِ یكون [یَكُنْ] غَنِیّاً وَ یَكْثُرُ مَالُهُ فِی آخِرِ عُمُرِهِ الْیَوْمُ الْخَامِسَ عَشَرَ نَحْسٌ مَنْ سَافَرَ فِیهِ هَلَكَ وَ یَنَالُهُ الْمَكْرُوهُ وَ مَنْ وُلِدَ فِیهِ یَكُونُ مَجْنُوناً لَا مَحَالَةَ الْیَوْمُ السَّادِسَ عَشَرَ صَالِحٌ لِكُلِّ أَمْرٍ فَاطْلُبْ فِیهِ مَا تُرِیدُ الْیَوْمُ السَّابِعَ عَشَرَ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ فَاطْلُبْ فِیهِ مَا تُرِیدُ الْیَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ صَالِحٌ لِكُلِّ حَاجَةٍ وَ لِلسَّفَرِ مَنْ سَافَرَ فِیهِ قُضِیَتْ حَوَائِجُهُ الْیَوْمُ التَّاسِعَ عَشَرَ مِثْلُ أَمْسِهِ فِی جَمِیعِ أَحْوَالِهِ الْیَوْمُ الْعِشْرُونَ مِثْلُهُ الْیَوْمُ الْحَادِی وَ الْعِشْرُونَ یَوْمُ نَحْسٍ وَ فِیهِ إِرَاقَةُ الدِّمَاءِ فَلَا تَلْقَ فِیهِ سُلْطَاناً وَ لَا تَخْرُجْ مِنْ بَیْتِكَ وَ لَا تَطْلُبْ فِیهِ حَاجَةً الْیَوْمُ الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ مِثْلُ أَمْسِهِ الْیَوْمُ الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ مِثْلُ أَمْسِهِ الْیَوْمُ الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ یَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ مَشُومٌ مَنْ وُلِدَ فِیهِ قُتِلَ الْیَوْمُ الْخَامِسُ وَ الْعِشْرُونَ یَوْمُ نَحْسٍ لَا یَنْبَغِی أَنْ یُبْدَأَ فِیهِ بِشَیْ ءٍ الْیَوْمُ السَّادِسُ وَ الْعِشْرُونَ صَالِحٌ فَرَقَ اللَّهُ فِیهِ الْبَحْرَ لِمُوسَی فَاحْذَرْ فِیهِ التَّزْوِیجَ فَإِنَّهُ یُوجِبُ الْفُرْقَةَ كَمَا انْفَرَقَ الْبَحْرُ الْیَوْمُ السَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ صَالِحٌ لِلتَّزْوِیجِ وَ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَ هُوَ یَوْمُ سَعْدٍ فَاطْلُبْ فِیهِ مَا شِئْتَ الْیَوْمُ الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ وُلِدَ فِیهِ یَعْقُوبُ علیه السلام یَوْمُ سَعْدٍ مَنْ وُلِدَ فِیهِ كَانَ مَحْبُوباً إِلَی النَّاسِ

ص: 106

الْیَوْمُ التَّاسِعُ وَ الْعِشْرُونَ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ كُلِّ حَاجَةٍ وَ هُوَ یَوْمُ سَعْدٍ الْیَوْمُ الثَّلَاثُونَ صَالِحٌ لِلسَّفَرِ وَ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ إِخْرَاجِ الدَّمِ وَ هُوَ یَوْمُ سَعْدٍ.

«6»- أَقُولُ وَ رُوِیَ أَیْضاً فِی بَعْضِ الْكُتُبِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: اخْتِیَارَاتُ أَیَّامِ شُهُورِ الْفُرْسِ عَلَی وَجْهٍ آخَرَ هَكَذَا الْیَوْمُ الْأَوَّلُ أُرْمُزْدُ مُخْتَارٌ فِی كُلِّ الشُّهُورِ الِاثْنَیْ عَشَرَ لِأَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَی الثَّانِی بَهْمَنُ وَسَطٌ فِی الشُّهُورِ الْعَشَرَةِ الْأَوَائِلِ نَحْسٌ فِی بَهْمَنْ مَاهْ وَسَطٌ فِی إِسْفَنْدَارْمَذْ مَاهْ الثَّالِثُ أُرْدِیبِهِشْتُ وَسَطٌ فِی فَرْوَرْدِینَ سَعْدٌ فِی أُرْدِیبِهِشْتَ وَ خُرْدَادَ وَ تِیرٍ وَسَطٌ فِی مُرْدَادَ نَحْسٌ فِی شَهْرِیوَرَ وَسَطٌ فِی مِهْرٍ وَ دِی وَ بَهْمَنَ سَعْدٌ فِی آذَرَ وَ إِسْفَنْدَارْمَذْ الرَّابِعُ شَهْرِیوَرُ وَسَطٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ تِیرٍ وَ مِهْرٍ إِلَی آخِرِ الشُّهُورِ سَعْدٌ فِی خُرْدَادَ وَ مُرْدَادَ وَ شَهْرِیوَرَ الْخَامِسُ إِسْفَنْدَارْمَذْ وَسَطٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ مُرْدَادَ وَ مِهْرٍ وَ دِی وَ بَهْمَنَ سَعْدٌ فِی أُرْدِیبِهِشْتَ وَ خُرْدَادَ وَ تِیرٍ وَ شَهْرِیوَرَ وَ آبَانَ وَ آذَرَ نَحْسٌ فِی إِسْفَنْدَارْمَذْ السَّادِسُ خُرْدَادُ وَسَطٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ أُرْدِیبِهِشْتَ وَ مِهْرٍ وَ آذَرَ وَ بَهْمَنَ سَعْدٌ فِی خُرْدَادَ وَ تِیرٍ وَ مُرْدَادَ وَ شَهْرِیوَرَ وَ آبَانَ وَ دِی وَ إِسْفَنْدَارْمَذْ السَّابِعُ مُرْدَادُ وَسَطٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ أُرْدِیبِهِشْتَ وَ خُرْدَادَ وَ تِیرٍ وَ مِهْرٍ وَ آذَرَ وَ بَهْمَنَ سَعْدٌ فِی مُرْدَادَ وَ شَهْرِیوَرَ وَ آبَانَ وَ دِی وَ إِسْفَنْدَارْمَذْ الثَّامِنُ دِیبَاذَرُ وَسَطٌ فِی كُلِّ الشُّهُورِ التَّاسِعُ آذَرُ نَحْسٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ إِسْفَنْدَارَ وَسَطٌ فِی أُرْدِیبِهِشْتَ وَ مِهْرٍ وَ آبَانَ وَ آذَرَ سَعْدٌ فِی خُرْدَادَ وَ تِیرٍ وَ مُرْدَادَ وَ شَهْرِیوَرَ وَ دِی وَ بَهْمَنَ

ص: 107

الْعَاشِرُ آبَانُ نَحْسٌ فِی آبَانَ وَسَطٌ فِی سَائِرِ الشُّهُورِ الْحَادِیَ عَشَرَ خُورُ نَحْسٌ فِی خُرْدَادَ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ الثَّانِیَ عَشَرَ مَاهْ مُخْتَارٌ فِی كُلِّ الشُّهُورِ لِأَنَّهُ بِاسْمِ الْقَمَرِ الثَّالِثَ عَشَرَ تِیرٌ سَعْدٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ أُرْدِیبِهِشْتَ نَحْسٌ فِی تِیرٍ وَسَطٌ فِی سَائِرِ الشُّهُورِ الرَّابِعَ عَشَرَ جُوشُ سَعْدٌ فِی أُرْدِیبِهِشْتَ وَ تِیرٍ وَ مُرْدَادَ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ الْخَامِسَ عَشَرَ دِی مِهْرَ نَحْسٌ فِی أُرْدِیبِهِشْتَ سَعْدٌ فِی آبَانَ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ السَّادِسَ عَشَرَ مِهْرٌ سَعْدٌ فِی أُرْدِیبِهِشْتَ وَ خُرْدَادَ وَ مِهْرٍ وَ إِسْفَنْدَارْمَذْ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ السَّابِعَ عَشَرَ سُرُوشُ سَعْدٌ فِی آبَانَ وَ آذَرَ وَ بَهْمَنَ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ الثَّامِنَ عَشَرَ رَشَنُ سَعْدٌ فِی شَهْرِیوَرَ وَ مِهْرٍ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ التَّاسِعَ عَشَرَ فَرْوَرْدِینُ سَعْدٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ تِیرٍ وَ آذَرَ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ الْعِشْرُونَ بَهْرَامُ نَحْسٌ فِی مُرْدَادَ وَ آذَرَ وَ دِی وَ سَعْدٌ فِی إِسْفَنْدَارْمَذْ وَسَطٌ فِی تَتِمَّةِ الشُّهُورِ الْحَادِی وَ الْعِشْرُونَ رَامُ وَسَطٌ فِی خُرْدَادَ وَ تِیرٍ وَ آذَرَ وَ دِی سَعْدٌ فِی تَتِمَّةِ الشُّهُورِ الثَّانِی وَ الْعِشْرُونَ بَادُ نَحْسٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ بَهْمَنَ سَعْدٌ فِی مُرْدَادَ وَ شَهْرِیوَرَ وَ دِی وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ الثَّالِثُ وَ الْعِشْرُونَ دَیْبَدِینُ سَعْدٌ فِی آبَانَ وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ الرَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ دِینٌ سَعْدٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ دِی وَ بَهْمَنَ وَ إِسْفَنْدَارْمَذْ

ص: 108

وَسَطٌ فِی تَتِمَّةِ الشُّهُورِ الْخَامِسُ وَ الْعِشْرُونَ أُرْدُ سَعْدٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ أُرْدِیبِهِشْتَ وَ مِهْرٍ وَ بَهْمَنَ وَ إِسْفَنْدَارْمَذْ وَسَطٌ فِی تَتِمَّةِ الشُّهُورِ السَّادِسُ وَ الْعِشْرُونَ أَشْتَادُ سَعْدٌ فِی تِیرٍ وَ شَهْرِیوَرَ وَ دِی وَسَطٌ فِی تَتِمَّةِ الشُّهُورِ السَّابِعُ وَ الْعِشْرُونَ آسِمَانُ وَسَطٌ فِی فَرْوَرْدِینَ وَ مُرْدَادَ وَ مِهْرٍ وَ آبَانَ وَ آذَرَ وَ بَهْمَنَ وَ إِسْفَنْدَارْمَذْ سَعْدٌ فِی تَتِمَّةِ الشُّهُورِ الثَّامِنُ وَ الْعِشْرُونَ رَامْیَادُ سَعْدٌ فِی دِی وَسَطٌ فِی بَاقِی الشُّهُورِ التَّاسِعُ وَ الْعِشْرُونَ مَارَاسْفَنْدَ وَسَطٌ فِی كُلِّ الْشهُورِ الثَّلَاثُونَ أَنِیرَانُ نَحْسٌ فِی خُرْدَادَ وَسَطٌ فِی تَتِمَّةِ الشُّهُورِ.

أقول: هذه الروایات الأخیرة أخرجناه من كتب الأحكامیین و المنجمین لروایتهم عن أئمتنا علیهم السلام و لا أعتمد علیها و كانت فی النسخ اختلافات كثیرة أشرنا إلی بعضها.

«7»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ الْهَمَدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: أَتَی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ تَمِیمٍ (1) یُقَالُ لَهُ عَمْرٌو فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ أَصْحَابِ الرَّسِّ فِی أَیِّ عَصْرٍ كَانُوا وَ أَیْنَ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَ مَنْ كَانَ مَلِكُهُمْ وَ هَلْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ رَسُولًا أَمْ لَا وَ بِمَا ذَا أُهْلِكُوا فَإِنِّی أَجِدُ فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذِكْرَهُمْ وَ لَا أَجِدُ خَبَرَهُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ حَدِیثٍ مَا سَأَلَنِی عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ وَ لَا یُحَدِّثُكَ بِهِ أَحَدٌ بَعْدِی إِلَّا عَنِّی وَ مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ آیَةٌ إِلَّا وَ أَنَا أَعْرِفُ تَفْسِیرَهَا وَ فِی أَیِّ مَكَانٍ نَزَلَتْ مِنْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ وَ فِی أَیِّ وَقْتٍ مِنْ لَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً وَ أَشَارَ إِلَی صَدْرِهِ وَ لَكِنَّ طُلَّابَهُ یَسِیرٌ وَ عَنْ قَلِیلٍ یَنْدَمُونَ لَوْ قَدْ فَقَدُونِی

ص: 109


1- 1. فی العلل: بنی تمیم.

كَانَ مِنْ قِصَّتِهِمْ یَا أَخَا تَمِیمٍ أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً یَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ یُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتُ كَانَ یَافِثُ بْنُ نُوحٍ غَرَسَهَا عَلَی شَفِیرِ عَیْنٍ یُقَالُ لَهَا وَشْنَابُ كَانَتْ أُنْبِطَتْ لِنُوحٍ علیه السلام بَعْدَ الطُّوفَانِ وَ إِنَّمَا سُمُّوا أَصْحَابَ الرَّسِّ لِأَنَّهُمْ رَسُّوا نَبِیَّهُمْ فِی الْأَرْضِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ علیه السلام وَ كَانَتْ لَهُمُ اثْنَتَا عَشْرَةَ قَرْیَةً عَلَی شَاطِئِ نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ الرَّسُّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ وَ بِهِمْ سُمِّیَ ذَلِكَ النَّهَرُ وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ فِی الْأَرْضِ نَهَرٌ أَغْزَرُ مِنْهُ وَ لَا أَعْذَبُ مِنْهُ وَ لَا قُرًی أَكْثَرُ وَ لَا أَعْمَرُ مِنْهَا تُسَمَّی إِحْدَاهُنَّ آبَانَ وَ الثَّانِیَةُ آذَرَ وَ الثَّالِثَةُ دِی وَ الرَّابِعَةُ بَهْمَنَ وَ الْخَامِسَةُ إِسْفَنْدَارَ وَ السَّادِسَةُ فَرْوَرْدِینَ وَ السَّابِعَةُ أُرْدِیبِهِشْتَ وَ الثَّامِنَةُ أَرْدَادَ وَ التَّاسِعَةُ مُرْدَادَ وَ الْعَاشِرَةُ تِیرَ وَ الْحَادِیَةَ عَشَرَ مِهْرَ وَ الثَّانِیَةَ عَشَرَ شَهْرِیوَرَ وَ كَانَتْ أَعْظَمَ مَدَائِنِهِمْ إِسْفَنْدَارُ وَ هِیَ الَّتِی یَنْزِلُهَا مَلِكُهُمْ وَ كَانَ یُسَمَّی تُرْكُوزَ بْنَ غَابُورَ بْنِ یَارِشَ بْنِ سَازَنَ بْنِ نُمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ فِرْعَوْنَ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ بِهَا الْعَیْنُ وَ الصَّنَوْبَرَةُ وَ قَدْ غَرَسُوا فِی كُلِّ قَرْیَةٍ مِنْهَا حَبَّةً مِنْ طَلْعِ تِلْكَ الصَّنَوْبَرَةِ وَ أَجْرَوْا إِلَیْهَا نَهَراً مِنَ الْعَیْنِ الَّتِی عِنْدَ الصَّنَوْبَرَةِ فَنَبَتَتِ الْحَبَّةُ وَ صَارَتْ شَجَرَةً عَظِیمَةً وَ حَرَّمُوا مَاءَ الْعَیْنِ وَ الْأَنْهَارِ فَلَا یَشْرَبُونَ مِنْهَا(1)

وَ لَا أَنْعَامُهُمْ وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَتَلُوهُ وَ یَقُولُونَ هُوَ حَیَاةُ آلِهَتِنَا فَلَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ حَیَاتِهَا وَ یَشْرَبُونَ هُمْ وَ أَنْعَامُهُمْ مِنْ نَهَرِ الرَّسِّ الَّذِی عَلَیْهِ قُرَاهُمْ وَ قَدْ جَعَلُوا فِی كُلِّ شَهْرٍ مِنَ السَّنَةِ فِی كُلِّ قَرْیَةٍ عِیداً یَجْتَمِعُ إِلَیْهِ أَهْلُهَا فَیَضْرِبُونَ عَلَی الشَّجَرَةِ الَّتِی بِهَا كِلَّهٌ مِنْ حَرِیرٍ فِیهَا مِنْ أَنْوَاعِ الصُّوَرِ ثُمَّ یَأْتُونَ بِشَاهٍ وَ بَقَرٍ فَیَذْبَحُونَهَا قُرْبَاناً لِلشَّجَرَةِ وَ یُشْعِلُونَ فِیهَا النِّیرَانَ بِالْحَطَبِ فَإِذَا سَطَعَ دُخَانُ تِلْكَ الذَّبَائِحِ وَ قُتَارُهَا فِی الْهَوَاءِ وَ حَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ النَّظَرِ إِلَی السَّمَاءِ خَرُّوا لِلشَّجَرَةِ سُجَّداً(2)

وَ یَبْكُونَ وَ یَتَضَرَّعُونَ إِلَیْهَا أَنْ تَرْضَی عَنْهُمْ فَكَانَ الشَّیْطَانُ یَجِی ءُ فَیُحَرِّكُ أَغْصَانَهَا وَ یَصِیحُ مِنْ سَاقِهَا صِیَاحَ الصَّبِیِّ أَنْ قَدْ رَضِیتُ عَنْكُمْ عِبَادِی فَطِیبُوا نَفْساً وَ قَرُّوا عَیْناً فَیَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَ یَشْرَبُونَ الْخَمْرَ

ص: 110


1- 1. فی العرائس: لاهم و لا أنعامهم.
2- 2. فی العلل: سجدا من دون اللّٰه عزّ و جلّ یبكون ....

وَ یَضْرِبُونَ بِالْمَعَازِفِ وَ یَأْخُذُونَ الدَّسْتْبَنْدَ فَیَكُونُونَ عَلَی ذَلِكَ یَوْمَهُمْ وَ لَیْلَتَهُمْ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ وَ إِنَّمَا سَمَّتِ الْعَجَمُ شُهُورَهَا بِآبَانْ مَاهْ وَ آذَرْ مَاهْ وَ غَیْرِهِمَا اشْتِقَاقاً مِنْ أَسْمَاءِ تِلْكَ الْقُرَی لِقَوْلِ أَهْلِهَا بَعْضٍ لِبَعْضٍ هَذَا عِیدُ شَهْرِ كَذَا وَ عِیدُ شَهْرِ كَذَا حَتَّی إِذَا كَانَ عِیدُ قَرْیَتِهِمُ الْعُظْمَی اجْتَمَعَ إِلَیْهِمْ صَغِیرُهُمْ وَ كَبِیرُهُمْ فَضَرَبُوا عِنْدَ الصَّنَوْبَرَةِ وَ الْعَیْنِ سُرَادِقاً مِنْ دِیبَاجٍ عَلَیْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الصُّوَرِ لَهُ (1) اثْنَا عَشَرَ بَاباً كُلُّ بَابٍ لِأَهْلِ قَرْیَةٍ مِنْهُمْ وَ یَسْجُدُونَ لِلصَّنَوْبَرَةِ خَارِجاً مِنَ السُّرَادِقِ وَ یُقَرِّبُونَ لَهَا الذَّبَائِحَ أَضْعَافَ مَا قَرَّبُوا لِلشَّجَرَةِ(2) فِی قُرَاهُمْ فَیَجِی ءُ إِبْلِیسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَیُحَرِّكُ الصَّنَوْبَرَةَ تَحْرِیكاً شَدِیداً فَیَتَكَلَّمُ (3) مِنْ جَوْفِهَا كَلَاماً جَهْوَرِیّاً وَ یَعِدُهُمْ وَ یُمَنِّیهِمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا وَعَدَتْهُمْ وَ مَنَّتْهُمُ الشَّیَاطِینُ كُلُّهَا فَیَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ مِنَ السُّجُودِ وَ بِهِمْ مِنَ الْفَرَحِ وَ النَّشَاطِ مَا لَا یُفِیقُونَ وَ لَا یَتَكَلَّمُونَ مِنَ الشُّرْبِ وَ الْعَزْفِ فَیَكُونُونَ عَلَی ذَلِكَ اثْنَیْ عَشَرَ یَوْماً وَ لَیَالِیَهَا بِعَدَدِ أَعْیَادِهِمْ سَائِرَ السَّنَةِ ثُمَّ یَنْصَرِفُونَ فَلَمَّا طَالَ كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عِبَادَتُهُمْ غَیْرَهُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ نَبِیّاً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ مِنْ وُلْدِ یَهُودَا بْنِ یَعْقُوبَ فَلَبِثَ فِیهِمْ زَمَاناً طَوِیلًا یَدْعُوهُمْ إِلَی عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ رُبُوبِیَّتِهِ فَلَا یَتَّبِعُونَهُ فَلَمَّا رَأَی شِدَّةَ تَمَادِیهِمْ فِی الْغَیِّ وَ الضَّلَالِ وَ تَرْكَهُمْ قَبُولَ مَا دَعَاهُمْ إِلَیْهِ مِنَ الرُّشْدِ وَ النَّجَاحِ وَ حَضَرَ عِیدُ قَرْیَتِهِمُ الْعُظْمَی قَالَ یَا رَبِّ إِنَّ عِبَادَكَ أَبَوْا إِلَّا تَكْذِیبِی وَ الْكُفْرَ بِكَ وَ غَدَوْا یَعْبُدُونَ شَجَرَةً لَا تَنْفَعُ وَ لَا تَضُرُّ فَأَیْبِسْ شَجَرَهُمْ أَجْمَعَ وَ أَرِهِمْ قُدْرَتَكَ وَ سُلْطَانَكَ فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ وَ قَدْ یَبِسَ شَجَرُهُمْ كُلُّهَا فَهَالَهُمْ ذَلِكَ وَ قُطِعَ بِهِمْ وَ صَارُوا فِرْقَتَیْنِ فِرْقَةٌ قَالَتْ سَحَرَ آلِهَتَكُمْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِی زَعَمَ (4)

أَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ (5)

ص: 111


1- 1. فی العلل: و جعلوا له اثنی عشر بابا.
2- 2. فی المصدرین: للشجرة التی فی قراهم.
3- 3. فی المصدرین: و یتكلم.
4- 4. فی المصدرین: یزعم.
5- 5. فی المصدرین: و الأرض الیكم.

لِیَصْرِفَ وُجُوهَكُمْ عَنْ آلِهَتِكُمْ إِلَی إِلَهِهِ وَ فِرْقَةٌ قَالَتْ لَا بَلْ غَضِبَتْ آلِهَتُكُمْ حِینَ رَأَتْ هَذَا الرَّجُلَ یَعِیبُهَا وَ یَقَعُ فِیهَا وَ یَدْعُوكُمْ إِلَی عِبَادَةِ غَیْرِهَا فَحَجَبَتْ حُسْنَهَا وَ بَهَاءَهَا لِكَیْ تَغْضَبُوا لَهَا فَتَنْتَصِرُوا مِنْهُ فَأَجْمَعَ رَأْیُهُمْ عَلَی قَتْلِهِ فَاتَّخَذُوا أَنَابِیبَ طِوَالًا مِنْ رَصَاصٍ وَاسِعَةَ الْأَفْوَاهِ ثُمَّ أَرْسَلُوهَا فِی قَرَارِ الْعَیْنِ إِلَی أَعْلَی الْمَاءِ وَاحِدَةً فَوْقَ الْأُخْرَی مِثْلَ الْبَرَابِخِ وَ نَزَحُوا مَا فِیهَا مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ حَفَرُوا فِی قَرَارِهَا(1)

بِئْراً ضَیِّقَةَ الْمَدْخَلِ عَمِیقَةً وَ أَرْسَلُوا فِیهَا نَبِیَّهُمْ وَ أَلْقَمُوا فَاهَا صَخْرَةً عَظِیمَةً ثُمَّ أَخْرَجُوا الْأَنَابِیبَ مِنَ الْمَاءِ وَ قَالُوا نَرْجُو الْآنَ أَنْ تَرْضَی عَنَّا آلِهَتُنَا إِذَا رَأَتْ أَنَّا قَدْ قَتَلْنَا مَنْ كَانَ یَقَعُ فِیهَا وَ یَصُدُّ عَنْ عِبَادَتِهَا وَ دَفَنَّاهُ تَحْتَ كَبِیرِهَا یَتَشَفَّی مِنْهُ فَیَعُودُ لَنَا نُورُهَا وَ نَضْرَتُهَا(2) كَمَا كَانَ فَبَقُوا عَامَّةَ یَوْمِهِمْ یَسْمَعُونَ أَنِینَ نَبِیِّهِمْ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ سَیِّدِی قَدْ تَرَی ضِیقَ مَكَانِی وَ شِدَّةَ كَرْبِی فَارْحَمْ ضَعْفَ

رُكْنِی وَ قِلَّةَ حِیلَتِی وَ عَجِّلْ بِقَبْضِ رُوحِی وَ لَا تُؤَخِّرْ إِجَابَةَ دَعْوَتِی (3)

حَتَّی مَاتَ علیه السلام فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِجَبْرَئِیلَ علیه السلام یَا جَبْرَئِیلُ أَ یَظُنُّ عِبَادِی هَؤُلَاءِ الَّذِینَ غَرَّهُمْ حِلْمِی وَ أَمِنُوا مَكْرِی وَ عَبَدُوا غَیْرِی وَ قَتَلُوا رَسُولِی أَنْ یَقُومُوا لِغَضَبِی أَوْ یَخْرُجُوا مِنْ سُلْطَانِی كَیْفَ وَ أَنَا الْمُنْتَقِمُ مِمَّنْ عَصَانِی وَ لَمْ یَخْشَ عِقَابِی وَ إِنِّی حَلَفْتُ بِعِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأَجْعَلَنَّهُمْ عِبْرَةً وَ نَكَالًا لِلْعَالَمِینَ فَلَمْ یَرُعْهُمْ (4)

وَ هُمْ فِی عِیدِهِمْ ذَلِكَ إِلَّا بِرِیحٍ عَاصِفٍ شَدِیدَةِ الْحُمْرَةِ فَتَحَیَّرُوا فِیهَا وَ ذُعِرُوا مِنْهَا وَ تَضَامَ (5)

بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ ثُمَّ صَارَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِهِمْ حَجَرَ كِبْرِیتٍ یَتَوَقَّدُ وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ(6)

فَأَلْقَتْ عَلَیْهِمْ كَالْقُبَّةِ جَمْراً یَلْتَهِبُ فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا یَذُوبُ الرَّصَاصُ فِی

ص: 112


1- 1. فی العلل: فی قرارها من الأرض بئرا عمیقة ضیقة المداخل.
2- 2. فی العیون: نضارتها.
3- 3. فی العلل: اجابة دعائی.
4- 4. فی العلل: فلم یدعهم.
5- 5. فی العیون: و انضم.
6- 6. فی العلل: مظلمة فانكبت علیهم.

النَّارِ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مِنْ غَضَبِهِ وَ نُزُولِ نَقِمَتِهِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (1).

بیان: قال الجوهری رسست رسا أی حفرت بئرا و رس المیت أی قبر(2) انتهی و الكلة بالكسر الستر الرقیق یخاط كالبیت یتوقی فیه من البق و القتار بالضم ریح البخور و القدر و الشواء و المعازف الملاهی و كأن المراد بالدستنبد ما یسمی بالفارسیة بالسنج أیضا أو المراد التزین بالأسورة و یقال كلام جهوری أی عال و فی القاموس قطع بزید كعنی فهو مقطوع به عجز عن سفره بأی سبب كان أو حیل بینه و بین ما یؤمله (3)

و البربخ بالباءین الموحدتین و الخاء المعجمة ما یعمل من الخزف للبئر و مجاری الماء.

فوائد مهمة جلیلة

الأولی اعلم أن الأسماء المذكورة فی خبر المعلی لأیام الشهر أكثرها موافق لما نقله المنجمون عن الفرس و ظاهر فی أن المراد بالشهور الواردة فیه هی شهور الفرس القدیم لا الشهور العربیة و قد تقدم القول فیه و سموا كل یوم من أیام الخمسة المسترقة أیضا باسم الأول أهنود و الثانی أشنود و الثالث إسفندمذ و الرابع دهشت و الخامس هشتویش هذا هو المشهور و ذكروا فیها أسماء أخر و ذكروا أن كلا منها اسم ملك موكل بذلك الیوم.

ثم إن المحققین اختلفوا فی هؤلاء الملائكة فمنهم من حملوها علی ظواهرها و قالوا إن اللّٰه وكل بكل شی ء من المخلوقات ملكا یحفظه و یربیه و یصرفه إلی ما خلق له كما ورد فی الأخبار الملك الموكل بالبحار و الملك الموكل بالجبال

ص: 113


1- 1. العلل: ج 1، ص 38- 41، العیون: ج 1، ص 205- 209.
2- 2. الصحاح: ج 2، ص 931.
3- 3. القاموس: ج 3، ص 70.

و الملائكة الموكلة بالأشجار و سائر النباتات و الملائكة الموكلة بالسحب و البروق و الصواعق و بكل قطرة من الأمطار و الملائكة الموكلة بالأیام و اللیالی و الشهور و الساعات و به یوجه ما ورد من كلام الیوم و الشهر و الأرض و القبر و غیرها بأن المراد به كلام الملائكة الموكلة بها و منهم من حملوها علی أرباب الأنواع المجردة التی أثبتها أفلاطون و من تابعه من الإشراقیین فإنهم أثبتوا لكل نوع من أنواع الأفلاك و الكواكب و البسائط العنصریة و الموالید ربا یدبره و یربیه و یوصله إلی كماله المستعد له و الأول هو الموافق لمسلك الملیین و أرباب الشرائع و الثانی طریقة من لا یثبت الصانع و یقول بتأثیر الطبائع و إن تابعهم بعض من یظهر القول بالصانع أیضا و لیس هذا مقام تحقیق هذا الكلام.

قال أبو ریحان كل واحد من شهور الفرس ثلاثون یوما و لكل یوم منها اسم مفرد بلغتهم و هی 1 هرمز 2 بهمن 3 أردیبهشت 4 شهریور 5 إسفندارمذ 6 خرداد 7 مرداد 8 دی 9 باذر 10 آذر 11 آبان 12 خرماه 13 تیر 14 جوش 15 دیبمهر 16 مهر 17 سروش 18 رشن 19 فروردین 20 بهرام 21 رام 22 باد 23 دیبدین 24 دین 25 أرد 26 أشتاد 27 آسمان 28 رامیاد 29 مارسفند 30 أنیران لا اختلاف بینهم فی أسماء هذه الأیام و هی لكل شهر كذلك و علی ترتیب واحد إلا فی هرمز فإن بعضهم یسمیه فرخ و فی أنیران فإن بعضهم یسمیه به روز و یكون مبلغ جمیعها ثلاثمائة و ستین یوما و قد تقدم أن السنة الحقیقیة هی ثلاثمائة و خمسة و ستون یوما و ربع یوم فأخذوا الخمسة الأیام الزائدة علیها و سموها بأسماء غیر الموضوعة لأیام كل شهر و هی أهشدگاه اشتدكاه إسفندكاه إسفندمذگاه بهشیشگاه.

أقول: ثم ذكر ما مر مع وجوه كثیرة أخری فصار مبلغ أیامهم ثلاث مائة و خمسة و ستین یوما و أهملوا ربع یوم حتی اجتمع من الأرباع أیام شهر تام و ذلك فی مائة و عشرین سنة فألحقوه بشهور السنة حتی صار شهور تلك السنة ثلاثة عشر

ص: 114

و سموها كبیسة و سموا أیام الشهر الزائد بأسماء أیام سائر الشهور و علی ذلك كانوا یعملون إلی أن زال ملكهم و باد دینهم و أهملت الأرباع بعدهم و لم یكبس بها السنون حتی یعود إلی حالها الأولی و لا یتأخر عن الأوقات المحمودة كثیر تأخر من أجل أن ذلك أمر كان یتولاه ملوكهم بمحضر الحساب و أصحاب الكتاب و ناقلی الأخبار و الرواة و مجمع الهرابذة و القضاة و اتفاق منهم جمیعا علی صحة الحساب بعد استحضار من بالآفاق من المذكورین إلی دار الملك و مشاورتهم حتی یتفقوا و اتفاق الأموال الجمة حتی قال المقل فی التقدیر إنه كان ینفق ألف ألف دینار و كان یتخذ ذلك الیوم أعظم الأعیاد قدرا و أشهرها حالا و أمرا و یسمی عید الكبیسة و یترك الملوك لرعیته خراجها. و الذی كان یحول بینهم و بین إلحاق ربع یوم فی كل أربع سنین یوما واحدا بأحد الشهور أو الخمسة قولهم إن الكبس یقع علی الشهور لا علی الأعوام لكراهتهم الزیادة فی عدتها و امتناع ذلك فی الزمزمة لما وجب فی الدین من ذكر الیوم الذی یزمزم فیه لیصح إذا زید فی عدد الأیام یوم زائد و كانت الأكاسرة رسمت لكل یوم نوعا من الریاحین و الزهر یوضع بین یدیه و لونا من الشراب علی رسم منتظم لا یخالفونه فی الترتیب و السبب فی وضعهم هذه الأیام الخمسة اللواحق فی آخر آبان ماه ما بینه و بین آذر ماه أن الفرس زعموا أن مبدأ سنتهم من لدن خلق الإنسان الأول و أن ذلك كان روزهرمز و ماه فروردین و الشمس فی نقطة الاعتدال الربیعی متوسطة السماء و ذلك أول الألف السابع من ألوف

سنی العالم عندهم و بمثله قال أصحاب الأحكام من المنجمین إن السرطان طالع العالم و ذلك أن الشمس فی أول أدوار السند هند هی فی أول الحمل علی منتصف نهایتی العمارة و إذا كانت كذلك كان الطالع السرطان و هو لابتداء الدور و النشوء عندهم كما قلنا. و قد قیل إنه سمی بذلك لأنه أقرب البروج رأسا من الربع المعمور و فیه شرف المشتری المعتدل المزاج و النشوة لا یكون إلا إذا عملت الحرارة المعتدلة فی الرطوبة فهو إذن أولی أن یكون طالع نشوء العالم

ص: 115

و قیل إنما سمی بذلك لأن بطلوعه تتم طلوع الطبائع الأربع و بتمامها تم النشوء و أمثال ذلك من التشبیهات.

قال ثم لما أتی زرادشت و كبس السنین بالشهور المجتمعة من الأرباع عاد الزمان إلی ما كان علیه و أمرهم أن یفعلوا بها بعده كفعله و ائتمروا بأمره و لم یسموا شهر الكبیسة باسم علی حدة و لم یكرروا اسم شهر بل كانوا یحفظونه علی نوب متوالیة و خافوا اشتباه الأمر علیهم فی موضع النوب فأخذوا ینقلون الخمسة الأیام و یضعونها عند آخر الشهر الذی انتهت إلیه نوبة الكبیسة و لجلالة هذا الأمر و عموم المنفعة فیه للخاص و العام و الرعیة و الملك و ما فیه من الأخذ بالحكمة و العمل بموجب الطبیعة كانوا یؤخرون الكبس إذا جاء وقته و أمر المملكة غیر مستقیم لحوادث و یهملونه حتی یجتمع منه شهران و یتقدمون بكبسها بشهرین إذا كانوا یتوقعون وقت الكبس المستأنف ما یشغل عنه كما عمل فی زمن یزدجرد بن شابور أخذا بالاحتیاط و هو آخر الكبائس المعمولة تولاه رجل من الدستورین یقال له یزدجرد الهزاری و كانت النوبة فی تلك الكبیسة لآبان ماه فألحق الخمسة بآخره و بقیت فیه لإهمالهم الأمر انتهی و إنما أوردت هذا الكلام لما فیه من تأسیس ما سنورده فی الفائدة التالیة و مزید توضیح ما مر فی خبر الرضا علیه السلام فی تقدم النهار علی اللیل و غیر ذلك.

الفائدة الثانیة اعلم أن الشیخ الطوسی قدس سره القدوسی و سائر من تأخر عنه ذكروا النیروز و الأعمال المتعلقة به الغسل و الصوم و الصلاة و غیرها و لم یحققوا تعیین الیوم فلا بد من التعرض له و الإشارة إلی الأقوال الواردة فیه قال فحل الفقهاء المدققین محمد بن إدریس رحمه اللّٰه فی السرائر قال شیخنا أبو جعفر فی مختصر المصباح یستحب صلاة أربع ركعات و شرح كیفیتها فی یوم نیروز الفرس و لم یذكر أی یوم هو من الأیام و لا عینه بشهر من الشهور الرومیة و لا العربیة و الذی قد حققه بعض محصلی الحساب و علماء الهیئة و أهل هذه الصنعة فی كتاب له أن یوم النیروز یوم العاشر من أیار و شهر أیار أحد و ثلاثون

ص: 116

یوما فإذا مضی منه تسعة أیام فهو یوم النیروز یقال نیروز و نوروز لغتان انتهی و فسره الشهید رحمه اللّٰه بأول سنة الفرس أو حلول الشمس برج الحمل أو عاشر أیار.

قال جمال السالكین أحمد بن فهد الحلی رحمه اللّٰه فی كتاب المهذب البارع فی شرح المختصر النافع یوم النیروز یوم جلیل القدر و تعیینه من السنة غمض مع أن معرفته أمر مهم من حیث إنه تعلق به عبادة مطلوبة للشارع و الامتثال موقوف علی معرفته و لم یتعرض لتفسیره أحد من علمائنا سوی ما قاله الفاضل المنقب محمد بن إدریس و حكایته و الذی قد حققه بعض محصلی أهل الحساب و علماء الهیئة و أهل هذه الصنعة فی كتاب له أن یوم النیروز یوم العاشر من أیار.

و قال الشهید و فسر بأول سنة الفرس أو حلول الشمس فی برج الحمل أو عاشر أیار و الثالث إشارة إلی قول ابن إدریس و الأول إشارة إلی ما هو مشهور عند فقهاء العجم فی بلادهم فإنهم یجعلونه عند نزول الشمس الجدی و هو قریب مما قاله صاحب كتاب الأنواء و حكایته الیوم السابع عشر من كانون الأول هو صوم الیهود و فیه ترجع الشمس مصعدة إلی الشمال و یأخذ النهار من اللیل ثلاث عشرة ساعة و هو مقدار ما یأخذ فی كل یوم و ینزل الشمس برج الجدی قبله بیومین و بعض العلماء جعله رأس السنة و هو النیروز فجعله حكایة عن بعض العلماء و قال بعد ذلك الیوم التاسع من شباط و هو یوم النیروز و یستحب فیه الغسل و صلاة أربع ركعات لما رواه المعلی بن خنیس عن الصادق علیه السلام ثم ذكر الخبر فاختار التفسیر الأخیر و جزم به و الأقرب من هذه التفاسیر أنه یوم نزول الشمس برج الحمل لوجوه.

الأول أنه أعرف بین الناس و أظهر فی استعمالهم و انصراف الخطاب المطلق الشامل لكل مكلف إلی معلوم فی العرف و ظاهر فی الاستعمال أولی من انصرافه إلی ما كان علی الضد من ذلك و لأنه المعلوم من عادة الشرع و حكمته أ لا تری كیف علق أوقات الصلاة بسیر الشمس الظاهر و صوم شهر رمضان برؤیة

ص: 117

الهلال و كذا أشهر الحج و هی أمور ظاهرة یعرفها عامة الناس بل الحیوانات.

فإن قلت استعماله فی نزول الشمس برج الحمل غیر ظاهر الاستعمال فی بلاد العجم حتی أنهم لا یعرفونه و ینكرون علی معتقده فلم خصصت ترجیح العرف الظاهر فی بعض البلاد دون بعض و أیضا فإن ما ذكرته حادث و یسمی النیروز السلطانی و الأول أقدم حتی قیل إنه منذ زمان نوح علیه السلام.

فالجواب عن الأول أن العرف إذا تعدد انصرف إلی العرف الشرعی فإن لم تكن فإلی أقرب البلاد و اللغات إلی الشرع فیصرف إلی لغة العرب و بلادها لأنها أقرب إلی الشرع و عن الثانی بأن التفسیرین معا متقدمان علی الإسلام.

الثانی أنه مناسب لما ذكره صاحب الأنواء من أن الشمس خلقت فی الشرطین و هما أول الحمل فیناسب ذلك إعظام هذا الیوم الذی عادت فیه إلی مبدإ كونها.

الثالث أنه مناسب لما ذكره السید رضی الدین علی بن طاوس أن ابتداء العالم و خلق الدنیا كان فی شهر نیسان و لا شك أن نیسان یدخل و الشمس فی الحمل و إذا كان ابتداء العالم فی مثل هذا الیوم یناسب أن یكون یوم عید و سرور و لهذا ورد استحباب التطیب فیه بأطیب الطیب و لبس أنظف الثیاب و مقابلته بالشكر و الدعاء و التأهب لذلك بالغسل و تكمیله بالصوم و الصلاة المرسومة له حیث كان فیه ابتداء النعمة الكبری و هی الإخراج من حیز العدم إلی الوجود ثم تعریض الخلق لثوابه الدائم و لهذا أمرنا بتعظیم یوم المبعث و الغدیر حیث كان فیه ابتداء منصب النبوة و الإمامة و كذا المولدین.

فإن قلت نسبته إلی الفرس یؤید الأول لأنهم واضعوه و الثانی وضعه قوم مخصوصون و لن یوافقهم الباقون. قلنا یكفی فی نسبته إلیهم أن یقول به طائفة منهم و إن قصروا فی العدد عمن لم یقل به أ لا تری إلی قوله تعالی وَ قالَتِ الْیَهُودُ عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصاری

ص: 118

الْمَسِیحُ ابْنُ اللَّهِ (1) و لیس القائل بذلك كل الیهود و لا كل النصاری و مثله قوله تعالی وَ الَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْكِتابَ یَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَیْكَ (2) لیس إشارة إلی أهل الكتاب بأجمعهم بل إلی عبد اللّٰه بن سلام و أصحابه.

زیادة و مما ورد فی فضله و یعضد ما قلناه ما حدثنی به

الْمَوْلَی السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی الْعَلَّامَةُ بَهَاءُ الدِّینِ عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ النَّسَّابَةُ دَامَتْ فَضَائِلُهُ رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ یَوْمَ النَّیْرُوزِ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَخَذَ فِیهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْعَهْدَ بِغَدِیرِ خُمٍّ فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْوَلَایَةِ فَطُوبَی لِمَنْ ثَبَتَ عَلَیْهَا وَ الْوَیْلُ لِمَنْ نَكَثَهَا وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی وَجَّهَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام إِلَی وَادِی الْجِنِّ فَأَخَذَ عَلَیْهِمُ الْعُهُودَ وَ الْمَوَاثِیقَ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی ظَفِرَ فِیهِ بِأَهْلِ النَّهْرَوَانِ وَ قَتَلَ ذَا الثُّدَیَّةِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی یَظْهَرُ فِیهِ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ وُلَاةَ الْأَمْرِ وَ یُظْفِرُهُ اللَّهُ تَعَالَی بِالدَّجَّالِ فَیَصْلِبُهُ عَلَی كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ وَ مَا مِنْ یَوْمِ نَوْرُوزٍ إِلَّا نَحْنُ نَتَوَقَّعُ فِیهِ الْفَرَجَ لِأَنَّهُ مِنْ أَیَّامِنَا حَفِظَتْهُ الْفُرْسُ وَ ضَیَّعْتُمُوهُ ثُمَّ إِنَّ نَبِیّاً مِنْ أَنْبِیَاءِ بَنِی إِسْرَائِیلَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُحْیِیَ الْقَوْمَ الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ فَأَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ صُبَّ عَلَیْهِمُ الْمَاءَ فِی مَضَاجِعِهِمْ فَصَبَّ عَلَیْهِمُ الْمَاءَ فِی هَذَا الْیَوْمِ فَعَاشُوا وَ هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفاً فَصَارَ صَبُّ الْمَاءِ فِی یَوْمِ النَّیْرُوزِ سُنَّةً مَاضِیَةً لَا یَعْرِفُ سَبَبَهَا إِلَّا الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ وَ هُوَ أَوَّلُ یَوْمٍ مِنْ سَنَةِ الْفُرْسِ قَالَ الْمُعَلَّی وَ أَمْلَی عَلَیَّ ذَلِكَ وَ كَتَبْتُهُ مِنْ إِمْلَائِهِ وَ عَنِ الْمُعَلَّی أَیْضاً قَالَ دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی صَبِیحَةِ یَوْمِ النَّیْرُوزِ فَقَالَ یَا مُعَلَّی أَ تَعْرِفُ هَذَا الْیَوْمَ قُلْتُ لَا لَكِنَّهُ یَوْمٌ یُعَظِّمُهُ الْعَجَمُ یَتَبَارَكُ فِیهِ قَالَ كَلَّا وَ الْبَیْتِ الْعَتِیقِ الَّذِی بِبَطْنِ مَكَّةَ مَا هَذَا الْیَوْمُ إِلَّا لِأَمْرٍ قَدِیمٍ أُفَسِّرُهُ لَكَ حَتَّی تَعْلَمَهُ قُلْتُ تَعَلُّمِی هَذَا مِنْ عِنْدِكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَعِیشَ أَبَداً وَ یُهْلِكُ اللَّهُ أَعْدَاءَكُمْ قَالَ یَا مُعَلَّی یَوْمُ النَّیْرُوزِ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ الْعِبَادِ أَنْ یَعْبُدُوهُ وَ لَا یُشْرِكُوا

ص: 119


1- 1. التوبة: 31.
2- 2. الرعد: 38.

بِهِ شَیْئاً وَ أَنْ یَدِینُوا بِرُسُلِهِ وَ حُجَجِهِ وَ أَوْلِیَائِهِ وَ هُوَ أَوَّلُ یَوْمٍ طَلَعَتْ فِیهِ الشَّمْسُ وَ هَبَّتْ فِیهِ الرِّیَاحُ اللَّوَاقِحُ وَ خُلِقَتْ فِیهِ زَهْرَةُ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی اسْتَوَتْ فِیهِ سَفِینَةُ نُوحٍ علیه السلام عَلَی الْجُودِیِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی أَحْیَا اللَّهُ فِیهِ الْقَوْمَ الَّذِینَ خَرَجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْیاهُمْ اللَّهُ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی هَبَطَ فِیهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی كَسَرَ فِیهِ إِبْرَاهِیمُ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَصْنَامَ قَوْمِهِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی حَمَلَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی مَنْكِبَیْهِ حَتَّی رَمَی أَصْنَامَ قُرَیْشٍ مِنْ فَوْقِ الْبَیْتِ الْحَرَامِ وَ هَشَّمَهَا الْخَبَرَ بِطُولِهِ.

و الشاهد فی هذین الحدیثین من وجوه.

الأول قوله إنه الیوم الذی أخذ فیه العهد بغدیر خم و هذا تاریخ و كان ذلك سنة عشرة من الهجرة و حسب فوافق نزول الشمس الحمل فی التاسع عشر من ذی الحجة علی حساب التقویم و لم یكن الهلال رئی بمكة لیلة الثلاثین فكان الثامن عشر من ذی الحجة علی الرؤیة.

الثانی كون صب الماء فی ذلك الیوم سنة شائعة و الظاهر أن مثل هذه السنة العامة الشاملة لسائر المكلفین أن یكون صب الماء فی وقت لا ینفر منه الطبع و یأباه و لا یتصور ذلك مع كون الشمس فی الجدی لأنه غایة القر(1)

فی البلاد الإسلامیة.

الثالث قوله فی الحدیث الثانی و هو أول یوم خلقت فیه الشمس و هو مناسب لما قیل إن الشمس خلقت فی الشرطین الرابع قوله و فیه خلقت زهرة الأرض و هذا إنما یكون فی الحمل دون الجدی و هو ظاهر انتهی كلامه ره.

و أقول تحقیق الكلام فی هذا المقام هو أنك قد عرفت فیما مضی أن السنة الشمسیة عبارة عن مدة دورة الشمس بحركتها الخاصة من أی مبدإ فرض و تلك

ص: 120


1- 1. القر- بالضم- البرد.

المدة علی ما استقر علیه رصد أبرخس و من وافقه من المتقدمین ثلاثمائة و خمسة و ستون یوما و ربع تام من یوم و علی سائر الإرصاد المشهورة لا یبلغ الكسر إلی الربع بل أقل منه بدقائق معدودة و هی علی ما فصله البیرجندی فی شرح التذكرة علی رصد التبانی ثلاث عشرة دقیقة و ثلاثة أخماس دقیقة و علی حساب المغربی اثنتا عشرة دقیقة و علی رصد مراغة إحدی عشرة دقیقة و علی رصد بعض المتأخرین تسع دقائق و ثلاثة أخماس دقیقة و علی رصد بطلمیوس أربع دقائق و أربعة أخماس دقیقة فالفرس من زمان جمشید أو قبله و الروم من عهد إسكندر أو بعده كانوا یعتبرون الكسر ربعا تاما موافقا لرصد أبرخس. و إنما الفرق بینهما أن الروم كانوا یكبسون الربع المذكور فی كل أربع سنین فیزیدون علی الرابعة یوما تصیر به ثلاثمائة و ستة و ستین و أن الفرس إلی عهد یزدجرد آخر ملوك العجم أو بعض الأكاسرة السابقة علیه كانوا یكبسونه فی كل مائة و عشرین سنة فیزیدون علی الأخیرة ثلاثین یوما تصیر به ثلاثمائة و خمسة و تسعین یوما و قد كان یتفق لهم تجدید التاریخ و إسقاط ما مضی من السنة عند جلوس ملك جدید منهم و أما بعد ذلك العهد فكانوا لا یلتفتون إلی كبس الكسر المذكور أصلا فكانت سنوهم دائما ثلاثمائة و خمسة و ستین فمبدأ سنی كل من هذه الطوائف كأول تشرین الأول للروم و أول فروردین ماه المسمی بالنیروز لطوائف الفرس و كذا كل جزء من شهورهم كان غیر مطابق لمبدإ سنی الأخری و لا لجزء معین منها دائما بل كل جزء من كل من هذه التواریخ لاختلاف طریق حسابهم دائر فی كل جزء من الآخر بمرور الأیام و أیضا لم یكن شی ء من تلك المبادی و لا سائر الأجزاء

مطابقا دائما لمبدإ فصل من الفصول و لا لشی ء من أجزائها بل كل منها دائر فی أجزاء الفصول و بالعكس هكذا الحال إلی عهد السلطان جلال الدین ملك شاه السلجوقی فأحب أن یوضع تاریخ فی زمانه باسمه ممتازا عن التواریخ المشهورة فأمر من بحضرته من أهل الخبرة بذلك فبنوا الحساب علی رصد بطلمیوس أو من وافقه فی نقصان الكسر عن الربع اعتقادا منهم أنه أصح من الرصد المبنی علیه التواریخ المذكورة ثم

ص: 121

اعتبروا أول السنة حفظا من أن یدور فی الفصول یوم انتقال الشمس إلی الاعتدال الربیعی قبل نصف النهار فكان حینئذ قد اتفق ذلك الانتقال یوم الجمعة عاشر شهر رمضان سنة إحدی و سبعین و أربعمائة و كان مطابقا للثامن عشر من فروردین ماه الیزدجردی أول سنتهم فجعلوا الیوم المذكور أول فروردین ماه من السنة الجلالیة و أسقطوا الأیام السابقة علیه من درجة الاعتبار و سموا هذا الیوم بالنوروز السلطانی فاستقر الأمر فی حساب السنین الشمسیة علی أن یعدوا من النیروز المذكور ثلاثمائة و خمسة و ستین یوما فیجعلون الیوم السادس نیروز السنة الآتیة ثم یكبسون الكسر لكونه أقل من الربع فی كل أربع سنین أو خمس سنین فتصیر سنة الكبیسة ثلاثمائة و ستة و ستین یوما و هذه الطریقة مستمرة إلی زماننا.

إذا عرفت هذا فنقول أولا أن ما یلوح من توقع ابن إدریس عن الشیخ أن یعین نیروز الفرس بیوم من الشهور العربیة أو الرومیة و كذا ما نقله عن بعض المحصلین من تعیینه بعاشر أیار من الشهور الرومیة غریب جدا لما عرفت من دوران أیام شهور الفرس قدیمهم و حدیثهم فی العربیة و الرومیة و بالعكس لاختلاف اعتباراتهم فی حساب السنین فكیف یتصور تعیین یوم معین أو شهر معین من إحداها بیوم أو شهر من الأخری علی وجه مصون من التغییر و التبدیل بمر الدهور فلیس لتعیینه بعاشر أیار من بعض المحصلین وجه محصل سوی أنه وجده مطابقا له فی بعض الأزمنة السابقة كزمان الصادق علیه السلام المستند إلیه الروایات الواردة فی النیروز فتوهم لزوم حفظ تلك المطابقة له دائما فإنه یستنبط مما سیتضح عن قریب من التواریخ أن اتفاق المطابقة المذكورة كان فی أواسط المائة الثانیة من الهجرة و هو قریب من أواخر زمان الصادق علیه السلام و مثل هذا التوهم غیر عزیز من الناس كما أورد الكفعمی رحمه اللّٰه فی بیان الأعمال المتعلقة بشهر شعبان أن الثالث و العشرین منه هو النیروز المعتضدی مضبوطا بالحادی عشر من حزیران تاسع شهور الروم كما هو مذكور فی سرائر ابن إدریس مع وجهه و معلوم أن مثل ذلك لا یمكن

ص: 122

أن ینضبط بالشهور العربیة لدوران كل منهما فی الأخری.

و ثانیا أن تردید الشهید رحمه اللّٰه نیروز الفرس بین أول یوم من سنتهم و بین غیره كأول الحمل و عاشر أیار تردید غریب شبیه بتردید مبتدإ السنة المعمولة عند العرب بین أول المحرم و بین غیره و ذلك لأن كون النیروز أول یوم من سنة الفرس أمر فی غایة الظهور و مع ذلك منصوص علیه فی أكثر أسانید الروایة فإنما المطلوب هنا تعیین أول یوم من سنتهم بیوم معروف فی زماننا هل هو أول الحمل أو غیره.

و ثالثا أن ما ذكره ابن فهد رحمه اللّٰه من شهرة كونه أول سنة الفرس بین فقهاء العجم حق موافق للروایة و لكن جعلهم ذلك عند نزول الشمس الجدی مبنی علی ما ذكرنا من توهم المطابقة الدائمة من اتفاق الموافقة فی بعض الأزمنة غفلة عن دورانه فی الفصول كما بینا و هكذا حال ما نسبه صاحب كتاب الأنواء إلی بعض العلماء من أنه السابع عشر من كانون الأول المطابق لما بعد نزول الشمس الجدی بیومین و كذا ما اختاره من أنه الیوم التاسع من شباط.

و بالجملة البناء علی الغفلة المذكورة من الأعراض العامة لجمیع هذه التفسیرات فمنشأ توهم بعض العلماء الذی نقل مقالته صاحب كتاب الأنواء یمكن أن یكون اتفاق الموافقة المذكورة فی زمانه إن كان فی أواسط المائة الثامنة من الهجرة فإن الضوابط الحسابیة كما سیتضح دالة علی أن أول فروردین ماه الفرس الموسوم بالنیروز عندهم كان فی السنة العاشرة من الهجرة قریبا من نزول الشمس أول برج الحمل و كان ذلك موافقا لأواسط آذار من الرومیة و مطابقا لثامن عشر ذی الحجة من العربیة یوم عهد النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأمیر المؤمنین علیه السلام بالولایة فی غدیر خم بعد الرجوع عن حجة الوداع كما صرح به فی الروایة ثم فی السنة الحادیة عشر منها بعد رحلة النبی صلی اللّٰه علیه و آله انتقلت سلطنة العجم إلی یزدجرد آخر ملوكهم فأسقط ما مضی من السنة و جعل یوم جلوسه أول فروردین و یوم

ص: 123

النیروز كما كان رسمهم (1) و كان ذلك موافقا لأواسط حزیران و مطابقا للثانی و العشرین من ربیع الأول و قد عرفت أن بناء حساب الفرس فی عهد یزدجرد بل قبیله فی زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله أیضا علی أخذ كل سنة ثلاثمائة و خمسة و ستین یوما بدون رعایة الكبائس التی كانت متداولة بین قدمائهم فلا محالة كان ینتقل نیروزهم فی كل أربع سنین إلی یوم آخر من أیام الشهور الرومیة قبل الیوم الذی كان فیه لاعتبارهم الكبیسة فی كل أربع و قس علیه حال انتقاله بالنسبة إلی موضع الشمس من البروج أیضا فإن التفاوت لو كان لكان فی كل سنة بقدر نقصان الكسر عن الربع فی الواقع و هو قلیل جدا كما مر.

و بالجملة انتقاله من أواسط حزیران و أواخر الجوزاء التی كان فیها فی السنة الحادیة عشر من الهجرة إلی أواسط كانون الأول و أوائل الجدی و هو مدة ستة أشهر تقریبا إنما هو فی قریب من سبعمائة و ثلاثین سنة فیكون فی أواسط المائة الثامنة كما ذكرنا و أما منشأ توهم صاحب كتاب الأنواء فلا یمكن أن یكون مثله من وقوع الموافقة المذكورة فی زمانه لئلا یلزم تقدم زمان الناقل علی زمان المنقول عنه فإن انتقاله إلی بعض أیام شباط إنما یكون قبل انتقاله إلی بعض أیام كانون لما عرفت من أن انتقالاته فی تلك الشهور و كذا فی البروج علی خلاف توالیهما لزیادة قدرهما علی قدره بمقدار ربع یوم أو قریب منه فغایة توجیهه أن یقال یجوز أن یكون منشأ توهمه موافقا لما مر نقله من بعض المحصلین فی اعتبار زمان الصادق علیه السلام فیه و الفرق أن بناء حساب بعض المحصلین كان علی اعتبار الإسقاط الیزدجردی لوقوعه علی طبق عادتهم المستمرة و بناء حساب صاحب كتاب الأنواء علی عدم اعتباره لوقوعه بعد زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كونه بمنزلة سائر التغیرات الواقعة فی السنن و الآداب المعروفة فی زمانه فإن ما بین تاسع شباط و عاشر أیار قریب من المدة التی أسقطها

ص: 124


1- 1. لعمری جعل موضوع الحكم الشرعی ما یتغیر بانتقال السلطنة من ملك إلی آخر فی غایة البعد.

یزدجرد كما عرفت.

و رابعا بأن ما استدل أولا علی ما اختاره من التفاسیر الستة و هو كونه یوم نزول الشمس برج الحمل بأنه أعرف بین الناس إلی آخره دعوی بین البطلان عند أهل الخبرة بالحساب و التواریخ فإن كون نیروز الفرس دائرا فی الفصول سیما من زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی زمان ملكشاه أمر لم یسمع خلافه من أحد منهم بل صرح فی شروح التذكرة و غیرها بأن الروم و الفرس كانوا لم یلاحظوا فی مبدإ سنیهم موضع الشمس و أن جعل الاعتدال الربیعی مبدأ السنة مخصوص بالتاریخ الملكی و لا یوافقه شی ء من التواریخ المشهورة فكیف یمكن أن یجعل مثل ذلك مناطا للأحكام الشرعیة الثابتة قبل زمان ملكشاه بقریب من خمسمائة سنة و إن ما ذكره من انصراف اللفظ عند فقدان العرف الشرعی إلی لغة العرب مسلم و لكن أین إطلاق لفظ النیروز عند العرب علی أول یوم نزول الشمس برج الحمل بل إن بعض أهل اللغة فسره علی طبق ما فی الروایة بأول سنة الفرس اعتمادا علی الشهرة و بعضهم كأحمد بن محمد المیدانی و هو من أقدمهم و أتقنهم لم یكتف به بل صرح فی كتابه المسمی بالسامی فی الأسامی بعد ذكر أسامی شهور الفرس و أیامهم المشهورة بترجمة النیروز بنخست روز از فروردین ماه ثم إن أغمضنا عن مثل تلك الحقیقة و التجأنا إلی حمله علی العرف فلا شك لمن تتبع من مظانه أن العرف فیه لم یكن متعددا فی زمان الخطاب بل إنما تجدد بعده بدهور طویلة فسمی ملكشاه یوم نزول الشمس برج الحمل بالنوروز السلطانی و خوارزم شاه یوم نزولها الدرجة التاسعة عشر منه و هی شرفها عند المنجمین بالنوروز الخوارزم شاهی و آخر یوما آخر بالنوروز المعتضدی و هكذا و إنكار الحدوث فی الأول منها بل دعوی التقدم علی الإسلام و الإغماض عن تقییده تارة بالسلطانی و تارة بالجلالی و تارة بالملكی نسبة إلی كل من ألقاب السلطان جلال الدین ملكشاه كما هو مضبوط فی الدفاتر و التقاویم و محفوظ فی مدونات أهل الهیئة و التنجیم مما یقضی منه العجب.

فإن قیل لعل دعوی التقدم علی الإسلام مبنیة علی ما اشتهر أن مبدأ

ص: 125

تاریخهم فی عهد جمشید أو غیره كان موافقا لأول الحمل و انتقاله منه و دورانه فی الفصول إنما هو بسبب الكبائس و الإسقاطات التی مر ذكرها قلنا لو سلمنا ذلك فلا ریب أن المراد بنیروزهم یوم یتجدد فی كل سنة یعتبرونه أولها لا ما لا یتفق وقوعه إلا نادرا كما یلزم من التزام مطابقته لأول الحمل.

فإن قلت لا یخرج عن ثلاثة احتمالات إما أول الحمل مطلقا و إما فروردینهم مطلقا و إما أول فروردینهم المطابق لأول الحمل و الثالث ساقط بأنه لا یتفق إلا فی مدة مدیدة و معلوم أن المراد به ما یتجدد فی كل سنة و الثانی أیضا ساقط من جهة الحساب فإنا إذا جمعنا الأیام من فروردینهم المضبوط فی تقاویم زماننا إلی ثامن عشر شهر ذی الحجة من السنة العاشرة من الهجرة المنصوص فی الروایة أنه كان مطابقا لنیروزهم فقسمنا علی أیام سنتهم الخالیة من الكبائس من زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی زماننا و هو ثلاثمائة و خمسة و ستون یبقی اثنان و تسعون أو ثلاث و تسعون فیظهر أن فروردینهم كان بعد التاریخ المذكور بمثل هذه الأیام فإذا سقط الاحتمالان تعین الاحتمال الأول و هو المطلوب مع أنه مؤید أیضا بالحساب الدال علی أن التاریخ المذكور كان قریبا من أول الحمل بیوم أو یومین مع احتمال المطابقة أیضا بنحو المسامحة.

قلنا سقوط الثانی ممنوع و البیان الحسابی المذكور مبنی علی غفلة أو تغافل عن الإسقاط الیزدجردی الواقع فی السنة الحادیة عشر من الهجرة كما مر فإنه لو اعتبر الإسقاط المذكور فی الحساب لظهر أن مطابقة فروردینهم الیزدجردی المضبوط فی التقاویم لما بعد التاریخ المذكور لا ینافی أن یكون التاریخ المذكور أیضا مطابقا لفروردینهم المتداول قبل یزدجرد فإن جلوس یزدجرد كان فی یوم الثلاثاء الثانی و العشرین من شهر ربیع الأول من السنة الحادیة عشر كما مر و تفاوت التاریخین موافق للمدة المذكورة فتبین أن الحساب لو جعل دلیلا علی كون المراد به أول فروردین لكان أوفق للمطابقة من جعله دلیلا علی أول الحمل

ص: 126

للتفاوت بیوم أو یومین فإنه قادح و لو كان قلیلا و لو فرضنا مطابقته أیضا لكان غایة الأمر أن یكون فی یوم الغدیر اتفق الأمر أن الغیر المتفقین إلا فی مدة مدیدة فلا یفید المطلوب علی أن مطابقة یوم الغدیر للنیروز بأی معنی كان لا ینفع فی المطلوب بدون مطابقة سائر الأیام المذكورة فی الروایتین موافقتها له و ستتضح عن قریب استحالة مطابقتها لأول الحمل دون فروردین.

فإن قیل یظهر من كلام كوشیار و أبی ریحان فی بعض تصانیفهما أن الاعتدال الربیعی معتبر عند الأحكامیین فی طالع السنة و حساب الأدوار و فیهم المشهورون من أهل الفرس كزردشت و جاماسب فعلی ذلك یمكن أن یكون المراد بالنیروز المعتبر بأول سنة الفرس فی الروایة ذلك الوقت بالاعتبار المذكور.

قلنا أولا سلمنا اعتبار الوقت المذكور عندهم فیما اعتبروه فیه و لكن لم ینقل أنهم یعبرون عنه بالنیروز أو یتباركون فیه و یجعلونه عیدا كما یفهم من الروایة.

و ثانیا إن التعبیر عن الأحكامیین بالفرس بمحض كون بعضهم منهم بعید جدا بل معلوم لأهل اللسان أن إطلاق الفرس المستعمل فی مقابل الروم و العرب لیس إلا علی الطائفة العظیمة التی من رعایا الملوك المشهورة من جمشید و أفریدون إلی كسری و یزدجرد فالمراد بنیروزهم و أول سنتهم یوم كان جعله عیدا فی كل سنة معمولا عند الملوك المذكورة فی زمانهم و لا خلاف بین أهل الخبرة فی أنه كان أول فروردینهم الدائر فی الفصول بالأسباب التی قررنا.

و ثالثا أن من تأمل و أنصف علم أن التعبیر عن ذلك الیوم بنیروز الفرس تارة و أول سنتهم أخری لأجل أنه لیس یوما معینا بحسب الفصل و إلا فما المانع من التعبیر عنه بأول الربیع و أول الحمل المعلوم لكل أحد بدون احتیاج إلی تفسیر أصلا.

و رابعا أن أهل اللغة صرحوا بتفسیر النیروز بأول یوم من فروردین الفرس و إطلاقه علی أول الربیع من زمان ملك شاه و فی زماننا مجاز بعلاقة ما

ص: 127

التزموه من موافقة أول فروردینهم لأول الربیع دائما و وجوب انصراف اللفظ إلی الحقیقة سیما المستعمل منه قبل حدوث المجاز مما أطبق علیه أهل اللسان و العلامات المذكورة فی الروایتین للنیروز لا یمكن تطبیقها علی أول الربیع فیجب حمله علی أول فروردین لإمكان التطبیق. و خامسا أن ما ذكره بقوله و لأنه المعلوم من عادة الشرع و حكمته إلخ قیام مع الفارق فإن انتقال

الشمس من برج الحوت إلی برج الحمل لیس كوصولها إلی نصف النهار و أمثاله المعلومة بالحس و العیان بل محتاج إلی رصد و حساب لا یتیسر تحقیقه لأكثر مهرة فن الهیئة و الحساب فضلا عن غیرهم و كفی بذلك عدم توافق رصدین فیه فإن الیوم المذكور علی ما یقتضیه رصد المتأخرین المبنی علیه أكثر التقاویم فی زماننا مقدم علی ما یقتضیه رصد أبرخس بأیام و علی ما یقتضیه رصد بطلمیوس بأقل منها و مؤخر عما یقتضیه رصد المحقق الطوسی بقلیل و عما یقتضیه رصد التبانی و المغربی بأكثر فهل یجوز من له أدنی معرفة بعادة الشرع فی التكلیفات أن نكون لمعرفة النیروز مكلفین بتتبع آراء هؤلاء ثم التمییز بین الحق و الباطل منها أو العمل بمقتضی كل منها مع ظهور التناقض أو اختیار ما شئنا منها أو الاتكال علی ما اشتهر فی زماننا سیما مع علمنا بأنه غیر مشهور بل غیر مذكور أصلا فی زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة علیهم السلام و لهذا ما وقع فی أحكام الشریعة من أمثاله ككراهة النكاح و السفر فی زمان كون القمر فی العقرب حمله المحققون علی زمان كونه فی صورتها المعلوم لأكثر عوام المكلفین لا فی برجها المحتاج إلی استخراج تقویمه فعلی هذا یكون المناسب لعادة الشرع و حكمته التفسیر الأول من التفسیرات المذكورة لخلوه عن الكبائس و غنائه عن الاحتیاج إلی الإرصاد و تیسر حسابه علی عامة المكلفین.

و سادسا أن ما ذكره من مناسبة كون الشمس خلقت فی الشرطین علی ما نقله من صاحب كتاب الأنواء علی تقدیر حجیة المنقول عنه لا یفید إلا كونها حین الخلقة فی أوائل صورة الحمل فإنهما نجمان قریبان من رأسها یعدان منزلا

ص: 128

من منازل القمر فلو كان ذلك مناسبا لإعظام الیوم الذی عادت الشمس فیه إلی هذا الموضع لكان ینبغی إعظام یوم كونها فیه و هو فی زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان فی أواسط برج الحمل و فی زماننا انتقل إلی أواخره بناء علی أن حركة الثوابت و منها كواكب الصور فی كل سبعین سنة درجة كما هو المشهور بین أهل الإرصاد و بهذا ظهر حال ما ذكره من مناسبة ما قیل من ابتداء خلق العالم فی شهر نیسان لعدم مطابقة شی ء من أیام شهر نیسان من زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی زماننا لأول الحمل الذی هو المطلوب إثباته فتأمل أولا فی حاصل قوله و لا شك أن نیسان یدخل و الشمس فی الحمل ثم فیما أتبعه تفریعا علیه بقوله و إذا كان إلخ فتحیر و اعتبر.

و سابعا أن ما ذكره من نزول الشمس الحمل فی التاسع عشر إلخ فقد عرفت عدم دلالته علی المطلوب علی تقدیر مطابقته بحسب الحساب أیضا فضلا عن المخالفة.

و ثامنا أن ما ذكره من كون صب الماء المسنون فی ذلك الیوم أوفق لأول الحمل لا الجدی لو ساغ مثله فی إثبات مناط الأحكام الشرعیة لكان مؤیدا لعاشر أیار لا لأول الحمل فإنه أوفق لذلك من كل من الجدی و الحمل لكونه بعد أول الحمل بقریب من شهرین و كونه أقرب إلی الیوم المرسوم فی زماننا آب پاشان هذا إذا كان المراد بصب الماء فی الروایة رشه علی طریق الرسم الجاری فی بعض البلاد و لكن یظهر من ابن جمهور أنه حمل سنة صب الماء فیها علی استحباب الغسل فی النیروز و ذلك لیس ببعید.

و تاسعا أن ما ذكره من أن طلوع الشمس فیه كما فی الروایة مناسب لأول الحمل بناء علی مناسبة خلقها فی الشرطین مبنی كما مر علی الخلط بین صورة الحمل و برجه علی أن ما قدمناه من حدیث الرضا علیه السلام یدل علی أن أول خلق الشمس فی موضع شرفها

و هو الدرجة التاسعة عشر من الحمل و لا یبعد أن یكون الشرطان أیضا حینئذ فی تلك الدرجة فلا یكون ما ذكره صاحب كتاب الأنواء مخالفا للحدیث المذكور فیكونان متفقین فی عدم مطابقتهما لأول الحمل

ص: 129

كما هو المطلوب ثم إن خلق الشمس غیر طلوعها فلما كانت حین خلقها فی وسط السماء كما فی الحدیث المذكور فالظاهر أنه أشار به هاهنا إلی موافقة الیوم التالی لخلقها للنیروز لا یوم خلقها فتدبر.

و عاشرا أن ما ذكره من مناسبة ما فی الروایة من خلق زهرة الأرض فیه لأول الحمل دون الجدی غیر ظاهر إذ لقائل أن یقول لعل مبدأ خلقها أول الجدی و ظهورها علی وجه الأرض بعده مع أن ذلك متفاوت بحسب البلاد جدا و أیضا كونه غیر مناسب للجدی لا یدفع سائر التفسیرات المذكورة للنیروز و لا یتعین بدونه المطلوب فیجوز أن یكون خلق زهرة الأرض و كذا خلق الشمس أو طلوعها فی یوم یكون موافقا من جهة الحساب المتداول بین الفرس فی سنیهم لأول فروردینهم فجعل یدور فی الفصول علی طبق دورانه فیها بالأسباب التی ذكرناها غیر مرة فلو فرضناه فی أول الخلق مطابقا لأول نزول الشمس برج الحمل أیضا لكان مثل مطابقته حینئذ لسائر الأوضاع الغیر المطلوبة كمواضع سائر الكواكب فحفظ تلك المطابقة فیه غیر لازم لئلا یختل به ما هو المطلوب مما استقر بینهم إلی زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله و استمر بعده إلی زماننا من ضوابط حساب السنین.

فإن قلت رعایة الكبیسة كما نقل عن الفرس دالة علی أن مقصود أقدمیهم منها محافظة وضع معین للشمس بالنسبة إلی مبدإ سنیهم فی الجملة فالمظنون أنهم كانوا عینوا لذلك أول الربیع كما قیل لظهور امتیازه عن غیره بالحسن و اعتدال الهواء و قوة النشوء و النماء فی معظم المعمورة فبمحض حدوث دورانه فی الفصول بحسب تجدد الرسوم الاصطلاحیة كیف سقط مقصودهم الأصلی عن درجة الاعتبار بالكلیة و صار المعتبر مقتضی ما استقر بینهم من الرسوم الحادثة.

قلنا سلمنا قصدهم بدون مضایقة فی تعیینهم أول الربیع لذلك أیضا مع أن ما یحصل من ضبط كبیستهم فی مائة و عشرین سنة یحصل بدونها أیضا فی مدة أكثر منه و الفرق بین القلة و الكثرة فی مثلها مشكل و مع أن الروم أیضا مشاركون لهم فی رعایة الكبیسة بل أضبط منهم فیها بدون التعیین المذكور و لكن نعلم أن المصالح

ص: 130

متغیرة بتغیر الأزمنة و الطبائع و العادات فلعل الباعث لهم علی الاتفاق علی خلاف ما سبق من بعضهم عروض مصلحة أهم منه لهم و الباعث لاعتبار مقتضی مصلحتهم فی نظر الشارع مصلحة و حكمة أخری خفیة محجوبة عن عقولنا فنحن الآن مكلفون فی الأحكام بتتبع آثار الصادقین من ظواهر ما نقل إلینا عنهم و الاحتیاط عن الوقوع فی متابعة آرائنا بأمثال تلك الاستحسانات.

قال بعض الأفاضل بعد إیراد جملة مما ذكرنا فتبین أن المراد بنیروز الفرس لا بد أن یكون أول سنتهم الذی هو أول فروردینهم بلا خلاف و أنه دائر فی الفصول من قدیم الأیام بأسباب شتی و خصوصا من زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله بسبب إهمال معاصریهم منهم فی حفظ الكبیسة و استقرار أمرهم علیه إلی الآن فیكون أیام سنتهم دائما ثلاثمائة و خمسة و ستین بلا عروض و تفاوت فیه قط و أن یوم الغدیر فی السنة العاشرة من الهجرة كان مطابقا له فإن اعتبر بما وقع بعدها فی جلوس یزدجرد من إسقاط ما مضی من سنتهم و تجدید فروردینهم فی التاریخ المذكور كما هو الظاهر بناء علی أنه علی طبق رسمهم المتداول بینهم و أن النیروز مبنی علی مقتضی رسمهم یكون النیروز المعتبر شرعا هو ما یضبطه المنجمون فی التقاویم من أول فروردینهم فی كل سنة و هو فیما نحن فیه من الزمان سنة ثمان و ثمانین و ألف من الهجرة مطابق لیوم الجمعة عاشر شهر شعبان و موافق للثامن و العشرین من أیلول الرومی و الثالث و العشرین من مهر ماه الجلالی و إن لم یعتبر بالإسقاط الیزدجردی بناء علی أنه وقع بعد زمان النبی صلی اللّٰه علیه و آله و إكمال الدین و أن مثل ذلك فی حكم المبتدعات الغیر المعتبرة فی الشرع یكون النیروز المذكور قبل فروردینهم المضبوط عند المنجمین بقدر الأیام الساقطة و علی كل من الاحتمالین یتقدم فی كل أربع سنین بیوم علی الیوم المطابق له من أیام شهور الروم و فی كل أربع سنین أو خمس سنین بیوم علی ما كان مطابقا له من أیام الشهور الجلالیة و یتأخر فی كل سنة بأحد عشر یوما غالبا و بعشرة أیام فی سنی كبائس العرب عما كان موافقا له من أیام الشهور العربیة و أیضا یتأخر فی كل سنة بیوم عما كان مطابقا له من أیام الأسبوع دائما. فظهر

ص: 131

من هذا التصویر أن ما اشتهر من مطابقة نیروزهم لیوم انتقال الخلافة الصوریة أیضا إلی أمیر المؤمنین علیه السلام بعد قتل عثمان كمطابقته لیوم الغدیر إن كان مستندا إلی نص كما قیل یؤید الاحتمال الأول فإن كلا من الواقعتین كان فی أواخر شهر ذی الحجة الحرام و بینهما خمس و عشرون سنة و لا یمكن أن یتفق ذلك بدون إسقاط إلا فی نیف و ثلاثین سنة فالنص علی كون كل من الیومین مطابقا للنیروز هو فی حكم النص علی اعتبار الإسقاط المذكور و أیضا ثبوت الواقعتین المذكورتین فی النیروز من أوضح الدلائل علی بطلان كون المراد به یوم نزول الشمس ببرج الحمل فإن اتفاق نیروزین بهذا المعنی فی شهر من الشهور العربیة بفاصلة المدة المذكورة غیر ممكن قطعا فمن استدل بثبوت الواقعتین المذكورتین فی النیروز علی كون المراد به الاعتدال الربیعی فقد جعل ما یدل صریحا علی بطلان شی ء دلیلا علی صحته انتهی.

و أقول مما یؤید ما مر ما ذكره أبو ریحان فی كتاب الآثار الباقیة من القرون الخالیة حیث قال فی عداد التواریخ المشهورة ثم تاریخ ملك یزدجرد بن شهریار بن كسری أبرویز و هو علی سنی الفرس غیر مكبوسة و قد استعمل فی الأزیاج لسهولة العمل به و إنما اشتهر تاریخ هذا الملك من بین سائر ملوك فارس لأنه قام بعد تبدد الملك و استیلاء النساء علیه و المتغلبة ممن لا یستحقه و كان مع ذلك آخر ملوكهم و جرت علی یده أكثر الحروب المذكورة و الوقائع المشهورة مع عمر بن الخطاب حتی زالت الدولة و انهزم فقتل بمرو الشاهجان.

ثم قال ثم تاریخ أحمد بن طلحة المعتضد باللّٰه و هو علی سنی الروم و شهور الفرس بمأخذ آخر و هو أنها تكبس فی كل أربع سنین بیوم و كان السبب فی ذلك علی ما ذكر أبو بكر الصولی و حمزة بن الحسن الأصبهانی أن المتوكل بینا هو یطوف فی متصید له إذ رأی زرعا لم یدرك بعد و لم یستحصد فقال استأذننی عبید اللّٰه بن یحیی فی فتح الخراج و أری الزرع أخضر فمن أین یعطی الناس الخراج فقیل له إن هذا قد أضر بالناس فهم یقترضون و یتسلفون و ینجلون عن أوطانهم

ص: 132

و كثرت لهم شكایاتهم فقال هذا شی ء حدث فی أیامی أم لم یزل كذا فقیل له بل هو جار علی ما أسسه ملوك الفرس من المطالبة بالخراج فی إبان النیروز و صاروا به قدوة لملوك العرب فأحضر المؤبد و قال له قد كثر الخوض فی هذا و لست أتعدی رسوم الفرس فكیف كانوا یفتحون الخراج علی الرعیة مع ما كانوا علیه من الإحسان و النظر و لم استجازوا المطالبة فی هذا الوقت الذی لم تدرك فیه الغلات و الزروع فقال المؤبد و إنهم و إن كانوا یفتحونها فی النیروز فما كان یجبی إلا وقت إدراك فقال و كیف ذلك فبین له حال السنین و كمیاتها و احتیاجها إلی الكبس ثم عرف أن الفرس كانوا یكبسونها فلما جاء الإسلام عطل فأضر ذلك بالناس و اجتمع الدهاقنة زمن هشام بن عبد الملك إلی خالد القسری فشرحوا له هذا و سألوه أن یؤخروا النوروز شهرا فأبی و كتب إلی هشام بذلك فقال إنی أخاف أن یكون هذا من قول اللّٰه إِنَّمَا النَّسِی ءُ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ(1) فلما كان أیام الرشید اجتمعوا إلی خالد بن یحیی بن برمك و سألوه أن یؤخروا النوروز نحو الشهرین فعزم علی ذلك فتكلم أعداؤه فیه و قالوا إنه یتعصب للمجوسیة فأضرب عن ذلك و بقی الأمر علی حاله فأحضر المتوكل إبراهیم بن العباس الصولی و أمره أن یوافق المؤبد علی ما ذكره من النیروز و یحسب الأیام و یجعل له قانونا غیر متغیر و ینشئ عنه كتابا إلی بلدان المملكة فی تأخیر النوروز فوقع العزم علی تأخیره إلی سبعة عشر یوما من حزیران ففعل ذلك و نفذت الكتب إلی الآفاق فی المحرم سنة ثلاث و أربعین و مائتین فقال البختری فی ذلك قصیدة یمدح فیها المتوكل و قتل المتوكل و لم یتم له ما دبر حتی قام المعتضد بالخلافة و استرد بلدان المملكة من المتغلبین علیها و تفرغ للنظر فی أمور الرعیة فكان أهم شی ء إلیه أمر الكبیسة و إتمامه فاحتذی ما فعله المتوكل فی تأخیر النوروز غیر أنه نظر من جهة أخری و ذلك أن المتوكل أخذ ما بین سنته و بین أول تاریخ الملك یزدجرد و أخذ المعتضد ما بین سنته و بین السنة التی زال فیها ملك الفرس بهلاك یزدجرد

ص: 133


1- 1. التوبة: 38.

ظنا منه أو ممن تولی ذلك له أن إهمالهم أمر الكبس هو من لدن ذلك الوقت فوجده مائتین و ثلاثا و أربعین سنة و حصتها من الأرباع ستون یوما و كسر فزاد ذلك علی النوروز فی سنة و جعله منتهی تلك الأیام و هو أول یوم من خرداد ماه فی تلك السنة و كان یوم الأربعاء وافقه الیوم الحادی عشر من حزیران ثم وضع النوروز علی شهور الروم لتنكبس شهوره إذا كبست الروم شهورها و كان المتولی لإمضاء ما أمر وزیره أبو القاسم عبید اللّٰه بن سلیمان بن وهب و قال علی بن یحیی فی ذلك شعر.

یوم نیروزك یوم واحد لا یتأخر***من حزیران یوافی أبدا فی أحد عشر

و هذا و إن دقق فی تحصیله فلم یعد به النوروز إلی ما كان علیه عند الكبس فی دولة الفرس و ذلك أن إهمال كبسهم كان قبل هلاك یزدجرد بقریب من سبعین سنة لأنهم كانوا كبسوا السنة فی زمان یزدجرد بن شابور بشهرین أحدهما لما لزم السنة من التأخر و هو الواجب و وضعوا اللواحق خلفه علامة له و كانت النوبة لآبان ماه كما سنذكره و الشهر الآخر للمستأنف لیكون مفروغا منه إلی مدة طویلة فإذا أسقط عن السنین التی بین یزدجرد بن شابور و بینه مائة و عشرون سنة بقی بالتقریب سبعون سنة لا بالتحقیق فإن تواریخ الفرس مضطربة جدا و تكون حصة هذا السبعین سنة من الأرباع قریبا من سبعة عشر یوما فكان یجب بالتحلیل من القیاس أن یؤخر سبعة و سبعین یوما لا ستین یوما حتی یكون النوروز فی ثمانیة و عشرین من حزیران و

لكن المتولی لذلك ظن أن طریقة الفرس فی الكبس كانت شبیهة بالتی یسلكه الروم فیه فحسب الأیام من لدن زوال ملكهم و الأمر فیها علی خلاف ذلك كما بینا و سنبین.

ثم قال هذا التاریخ آخر المشهورة و لعل أن یكون للأمم الشاسعة دیارها من دیارنا تواریخ لم تتصل بنا أو متروكة كالمجوس فی مجوسیتها فإنها كانت تؤرخ بقیام ملوكهم أولا فأولا فإذا مات أحدهم تركوا تاریخه و انتقلوا إلی تاریخ القائم بعد منهم انتهی ما أردت إیراده من كتابه

ص: 134

و هذا و إن كان مؤیدا لترك الكبس فی زمان یزدجرد و دوران النیروز فی الفصول لكن لا یدل علی الإسقاط و ینافی بعض الضوابط المتقدمة و سیأتی مما سننقل عنه ما یؤید ذلك أیضا.

و بالجملة الأمر فی الأخبار الواردة فی ذلك مردد بین أمور الأول أن یكون بناؤها علی إسقاط الأرباع و الخمسة أیضا كما كانت سنة الملوك البیشدادیة أو بعض ملوك الهند كما أومأنا إلیهما سابقا و یومی إلیه قوله علیه السلام فی خبر المعلی هی أیام قدیمة من الشهور القدیمة كل شهر ثلاثون یوما بلا زیادة فیه و لا نقصان و یؤیده الأخبار الكثیرة الدالة علی أن السنة ثلاثمائة و ستون یوما فیكون أول الفروردین علی هذا الحساب نوروزا.

و یرد علیه أن حوالة النیروز و السنة علی اصطلاح متروك لا یعلم تعیینه و لا ابتداء شهورها بعید عن مقنن القوانین كما عرفت.

الثانی أن تكون مبنیة علی (1)

الفرس القدیم الذی مر ذكره و هو قوی لكن بناء أمر من الأمور الشرعیة علی اصطلاح متبدل متغیر یتبع فی كل زمان رأی سلطان من سلاطین الجور أو غفلتهم أو عدم تمكنهم من الكبس كما وقع بعد یزدجرد بعید جدا و أیضا الظاهر أن فضل هذا الیوم إما بسبب الأمور المقارنة له و الأحوال الواقعة فیه و كثیر من الأمور متعلقة بما قبل زمان یزدجرد و كان قبل ذلك مبنیا علی الكبس و بعده سقط ذلك و إما بسبب بعض الأوضاع الفلكیة أو الأرضیة كدخول برج من البروج أو درجة من درجاتها أو ظهور الأزهار و نبات النباتات و الأشجار و نحو ذلك و شی ء منها غیر منضبط فی النیروز بهذا المعنی و مع جمیع ذلك فهو بحسب الدلیل كأنه أقوی من الجمیع.

الثالث أن یكون المراد بها النیروز القدیم المبنی علی الكبس فی كل مائة و عشرین سنة كما عرفت لأنه الأصل عند الفرس و إنما طرأ إسقاط الكبس لاختلال أحوالهم و عدم تمكنهم من ضبط قواعدهم و یرد علیه ما مر من أن بناء

ص: 135


1- 1. كذا.

تكلیف عام یشترك فیه عوامهم و خواصهم علی أمر غامض لا یطلع علیه إلا الأوحدی من المنجمین و الهیویین بل لا یمكن معرفته علی التحقیق لأحد كما مر بعید غایة البعد إلا أن یقال أنه علیه السلام علم قاعدته المعلی و لم یروها أو ترك الناس روایتها و هو أیضا بعید.

الرابع أن یكون المراد ما اصطلح علیه الآن المنجمون و هو دخول الشمس برج الحمل بأن یكون علیه السلام علم أن قاعدة الفرس فی القدیم كان كذلك فتركت و أخروا الكبس إلی المائة و العشرین تسهیلا للأمر أو یقال إن نیروز الفرس هو أول فروردین مع رعایة الكبس بأی وجه كان فی زمان قصیر أو زمان طویل فیشمل النیروز الجلالی عموما و إن لم یحدث بعد خصوص هذا النوع و یؤیده أن الأحكامیین من الفرس و غیرهم جعلوا مبدأ السنة تحویل الشمس إلی الحمل كما قال كوشیار فی كتاب مجمل الأصول معلوم أن تحویل سنة العالم هو حلول الشمس أول ثانیة من الحمل و طالع ذلك طالع السنة و أمثال ذلك من كلماتهم و قد اشتمل الخبر علی أن النیروز أول سنة الفرس و أید أیضا بما ورد أن ابتداء خلق العالم كان الشمس فی الحمل و بأنا إذا حسبنا علی القهقری وجدنا عید الغدیر فی السنة العاشرة من الهجرة مطابقا لنزول الشمس أول الحمل و الظاهر أن ذلك مبنی علی بعض الإرصاد و علی بعضها یتقدم بیوم كما أومأ إلیه ابن فهد رحمه اللّٰه و علی بعضها بیومین كما أشار إلیه غیره و موافقته علی بعض الإرصاد كاف فی ذلك و بأنه أول نمو أبدان الحیوانات و الأشجار و النباتات كما قال سبحانه أ لم تر أَنَّ اللَّهَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها(1) و عنده تظهر قدرة الصانع و حكمته و لطفه و رحمته فهو أولی بأن یشكر فیه الرب الكریم و أن یجعل مبدأ السنة و العید العظیم و قد مر الكلام فی أكثر ذلك فیما مضی.

ص: 136


1- 1. الآیة لیست كذلك، ففی الآیة( 19) من سورة الروم« وَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها» و فی الآیة( 50) منها« كَیْفَ تُحْیِ الْمَوْتی» و فی الآیة( 17) من سورة الحدید« اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها».

و مما یدل علی عدم كونه مرادا أنه معلوم أنه لم یكن هذا مشهورا فی زمان الصادق علیه السلام و قد قال المعلی دخلت علی الصادق علیه السلام یوم النیروز فلا بد من أن یكون یوما معروفا فی ذلك الزمان و لم یكن إلا التاریخ الیزدجردی فلا یستقیم هذا إلا بتكلف أومأنا إلیه فی أول الكلام و اللّٰه یعلم حقائق الأمور.

الفائدة الثالثة اعلم أنه قد یستشكل فی الأحادیث بأن وقوع النیروز بأی تفسیر كان فی التواریخ الماضیة المذكورة فی الروایتین المضبوطة عند المؤرخین سنة و شهرا و یوما كیوم المبعث و فتح مكة و نص الغدیر غیر ممكن لعدم جواز اجتماع یومین فی ذلك فضلا عن الجمیع لأن المبعث كان قبل الهجرة بقریب من ثلاث عشرة سنة و فتح مكة فی السنة الثامنة من الهجرة و نص الغدیر فی العاشرة منها فكان وضع الأول بالنسبة إلی كل من الأخیرین یقتضی أن تكون الفاصلة بین النیروزین الواقعین فیهما بحسب الشهور العربیة أكثر من سبعة أشهر و وضع أحد الأخیرین بالنسبة إلی الآخر یقتضی أن تكون الفاصلة أقل من شهر مع أن الأول كان فی أواخر رجب و الثانی فی أواخر شهر رمضان و الثالث فی أواخر شهر ذی الحجة.

و یمكن الجواب عنه بوجهین:

الأول ما ذكره بعض الأفاضل و هو أن یقال من السنة التاسعة عشر من مبعثه صلی اللّٰه علیه و آله التی وقع فیها قتل پرویز من ملوك العجم إلی آخر زمانه صلی اللّٰه علیه و آله اتفق جلوس ثلاثة من ملوك العجم هم شیرویه و أردشیر و توران دخت و كان الأولان قبل فتح مكة و الأخیر بعده فیمكن إسقاط كل منهم برهة مما مضی من السنة عند جلوسه كما هو عادتهم المستمرة فكان ذلك منشأ لهذا الاختلاف فهذا أیضا دلیل بل دلائل أخری مستنبطة من الروایتین المذكورتین علی بطلان كون المراد بالنیروز المعتبر شرعا هو الاعتدال الربیعی فإنه علی ذلك لا یمكن توجیه التواریخ المذكورة فیهما أصلا و كذا حال سائر ما مر من تفاسیره سوی أول فروردین فتعین أن المراد به أول فروردین كما هو المطلوب انتهی.

ص: 137

الثانی ما خطر ببالی و هو أنه لم یصرح فی الحدیث بالمبعث بل قال هبط فیه جبرئیل علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لا تلازم بینهما إذ المبعث هو أمر الرسول بتبلیغ الرسالة إلی القوم و یمكن أن یكون نزول جبرئیل علیه صلی اللّٰه علیه و آله قبل ذلك بسنین كما یومئ إلیه بعض الأخبار أیضا.

و أما كون كسر الأصنام فی فتح مكة فلا یظهر من هذا الخبر و لا من أكثر الأخبار الواردة فیه بل صریح بعض الأخبار و ظاهر بعضها كون ذلك قبل الهجرة فیمكن الجمع بینهما بالقول بتعدد وقوع ذلك و یكون أحدهما موافقا للنیروز

كَمَا رُوِیَ مِنْ كَشْفِ الْغُمَّةِ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أَتَیْنَا الْكَعْبَةَ فَقَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اجْلِسْ وَ اصْعَدْ عَلَی مَنْكِبَیَّ فَنَهَضْتُ بِهِ فَرَأَی بِی ضَعْفاً وَ جَلَسَ لِی نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لِی اصْعَدْ عَلَی مَنْكِبَیَّ فَصَعِدْتُ عَلَی مَنْكِبَیْهِ قَالَ فَنَهَضَ بِی قَالَ فَإِنَّهُ یَخْتَلُّ إِلَیَّ أَنِّی لَوْ شِئْتُ لَنِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ حَتَّی صَعِدْتُ عَلَی الْبَیْتِ وَ عَلَیْهِ تِمْثَالُ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ فَجَعَلْتُ أُزَاوِلُهُ عَنْ یَمِینِهِ وَ شِمَالِهِ وَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ حَتَّی إِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اقْذِفْ بِهِ فَقَذَفْتُ بِهِ فَتَكَسَّرَ كَمَا تَكَسَّرُ الْقَوَارِیرُ ثُمَّ نَزَلْتُ وَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَسْتَبِقُ حَتَّی تَوَارَیْنَا بِالْبُیُوتِ خَشْیَةَ أَنْ یَلْقَانَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.

و الأخبار بهذا المضمون كثیرة و قد تقدمت و كلها دالة علی أن ذلك كان قبل الهجرة و إلا لم یكن لخوفهما و إخفائهما من القوم معنی فارتفع التنافی علی أی تفسیر كان لعدم معلومیة تاریخ نزول جبرئیل علیه السلام و لا كسر الأصنام.

فإن قیل قد صرح فی الخبر بأنه الیوم الذی حمل فیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلخ فحمله علی ما وقع فی اللیل بعید.

قلنا حمل الیوم علی ما یشمل اللیل شائع و سرایة فضل اللیلة و بركاتها إلی الیوم كثیرة كموالید النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة علیهم السلام و غیر ذلك.

فإن قیل تاریخ فتح نهروان و قتل ذی الثدیة أیضا مضبوط فی مناقب ابن

ص: 138

شهرآشوب بتاسع شهر صفر سنة تسع و ثلاثین (1) و لا یوافق أول فروردینهم لكونه فی السنة المزبورة قبله فی أواسط المحرم أو بعده فی أواسط شوال علی اختلاف الاعتبارین كما مر و لا أول الربیع لكونه فیها بعده فی أواخر شوال و لا یجری فیه شی ء من التوجیهین.

قلنا سنة الفتح المذكور مضبوطة عند جمهور المؤرخین بما ذكر أو بثمان و ثلاثین و أما شهره و یومه فهم ساكتون عنهما فلا اعتماد فی مثل ذلك علی نقل واحد منهم.

الفائدة الرابعة قال أبو ریحان فی الكتاب المذكور قال بعض الحشویة إن سلیمان بن داود علیهما السلام لما افتقد خاتمه و ذهب عنه ملكه ثم رد إلیه بعد أربعین یوما عاد إلیه بهاؤه و أتته الملوك و عكفت علیه الطیور فقالت الفرس نوروز آمد أی جاء الیوم الجدید فسمی النوروز و أمر سلیمان الریح فحملته و استقبله الخطاف فقال أیها الملك إن لی عشا فیه بیضات فاعدل فعدل و لما نزل حمل الخطاف فی منقاره ماء فرشه بین یدیه و أهدی له رجل جرادة فذلك سبب رش الماء و الهدایا فی النیروز و قالت علماء العجم هو یوم مختار لأنه سمی بهرمز و هو اسم اللّٰه عز و جل الخالق الصانع المربی للدنیا و أهلها الذی لا یقدر الواصفون علی وصف جزء من أجزاء نعمه و إحسانه و قال سعید بن الفضل جبل دماوند و هو بفارس تری علیه كل لیلة نوروز بروق تسطع و تلمع علی صحو الهواء و تغیمه علی كل حال من الزمان و أعجب من هذا نیران كلواذا و إن كان القلب لا یطمئن إلیها دون مشاهدتها فقد أخبرنی أبو الفرج الزنجانی الحاسب أنه شاهد ذلك مع جماعة قصدوا كلواذا سنة دخول عضد الدولة بغداد و إذا بها نیران و شموع لا تحصی كثرة تظهر فی الجانب الغربی من دجلة بإزاء كلواذا فی اللیلة التی یكون فی صبیحتها النوروز فإن السلطان وضع هناك رصدة یتجسسون الحقیقة كیلا یكون ذلك من المجوس

ص: 139


1- 1. قال فی المناقب( ج 3، ص 190): و كان ذلك لتسع خلون من صفر سنة ثمان و ثلثین.

أمرا مموها فلم یقفوا إلا أنها كلما قربوا منها تباعدت و كلما تباعدوا منها قربت فقلت لأبی الفرج إن یوم النیروز زائل عن مكانه لإهمال الفرس كبیستهم فلم لم یتأخر عنه هذا الأمر و إن لم یجب تأخره فهل كان یتقدم وقت استعمال الكبیسة فلم یكن عنده جواب مقنع. و قال أصحاب النیرنجات من لعق یوم النیروز قبل الكلام إذا أصبح ثلاث لعقات عسل و بخر بثلاث قطاع من شمع كان ذلك شفاء من الأدواء و كان النیروز فیه جری الرسم بتهادی الناس بینهم السكر و السبب فیه كما حكی مؤبد بغداد أن قصب السكر إنما ظهر فی مملكة جم یوم النیروز و لم یكن یعرف قبل ذلك الوقت و هو أنه رأی قصبة كثیرة الماء قد مجت شیئا من عصارتها فذاقها فوجد فیها حلاوة لذیذة فأمر باستخراج مائها و عمل منه السكر فارتفع فی الیوم الخامس و تهادوه تبركا به و كذلك استعمل فی المهرجان و إنما خصوا وقت الانقلاب الصیفی بالابتداء فی السنة لأن الانقلابین أولی أن یوقف علیهما بالآلات و العیان من الاعتدالین و ذلك أن الانقلابین هما أوائل إقبال الشمس إلی أحد قطبی الكل و إدبارها عنه بعینه و إذا رصد الظل المنتصب فی الانقلاب الصیفی و الظل البسیط فی الانقلاب الشتوی فی أی موضع اتفق من الأرض لم یخف علی الراصد یوم الانقلاب و لو كان من علم الهندسة و الهیئة بأبعد البعد فأما الاعتدالان فإنه لا یوقف علی یومهما إلا بعد تقدم المعرفة بعرض البلد و المیل الكلی ثم لا یكون ذلك ظاهرا إلا لمن تأمل الهیئة و مهر فی علمها و عرف آلات الرصد و نصبها و العمل بها فكان الانقلابان لهذه الأسباب أولی بالابتداء من الاعتدالین و كان الصیفی منهما أقرب إلی سمت الرءوس الشمالیة فآثروه علی الشتوی.

و أیضا فلأنه هو وقت إدراك الغلات فهو أصوب لافتتاح الخراج فیه من غیره و كثیر من العلماء و الحكماء الیونانیین أقاموا الطالع لوقت طلوع كلب الجبار و استفتحوا به السنة دون الاعتدال الربیعی من أجل أن طلوعه فیما مضی كان موافقا لهذا الانقلاب أو بالقرب منه و قد زال هذا الیوم أعنی النیروز عن وقته حتی صار فی زماننا یوافق دخول الشمس برج الحمل و هو أول الربیع

ص: 140

فجری الرسم لملوك خراسان فیه أن یخلعوا علی أساورتهم أی قواد جیوشهم الخلع الربیعیة و الصیفیة و الیوم السادس منه و هو روز خرداد منه النوروز الكبیر و عند الفرس عید عظیم الشأن. قیل إن فیه فرغ اللّٰه عن خلق الخلائق لأنه آخر الأیام الستة المذكورة و فیه خلق المشتری و أسعد ساعاته ساعات المشتری و قال أصحاب النیرنجات من ذاق صبیحة هذا الیوم قبل الكلام السكر و تدهن بالزیت دفع عنه فی عامة سنته أنواع البلایا و قالوا أمر جمشید الناس أن یغتسلوا یوم النیروز بالماء لیتطهروا من الذنوب و یفعلوا ذلك كل سنة لیدفع اللّٰه عنهم آفات السنة و زعم بعض الناس أن جم كان أمر بحفر أنهار و أن الماء جری فیها فی هذا الیوم فاستبشر الناس بالخصب و اغتسلوا بذلك الماء المرسل فتبرك الخلف بمحاكاة السلف و قیل بل السبب فی الاغتسال هو أن هذا الیوم لهروزا و هو ملك الماء و الماء یناسبه فلذلك صار الناس یقومون فی هذا الیوم عند طلوع الفجر فیعمدون إلی ماء القنا و الحیاض و ربما استقبلوا المیاه الجاریة فیفیضون علی أنفسهم منها تبركا و دفعا للآفات و فیه یرش الناس الماء بعضهم علی بعض و سببه هو سبب الاغتسال و لما كان بعد جم جعلت الملوك هذا الشهر أعنی فروردین ماه كله أعیادا مقسومة فی أسداسه فالخمسة الأولی للملوك و الثانیة للأشراف و الثالثة لخدام الملوك و الرابعة لحواشیه و الخامسة للعامة و السادسة للرعاة إلی آخر ما قال.

و أقول إنما أوردت هذا الهذیانات لتطلع علی بعض خرافاتهم و لأن فیها تأییدا لبعض ما أسلفنا فی الفوائد السابقة و وجدت فی بعض الكتب المعتبرة اعلم أن جمشید ملك الدنیا و عمر أقالیم إیران فاستوت له أسبابه و استقامت له أموره یوم النیروز أول فروردین القدیم فصار أول سنة العجم و هو یوم ولد فیه كیومرث بن هبة اللّٰه بن آدم علیه السلام و أما النیروز السلطانی یوم نزول الشمس أول دقیقة من برج الحمل فوضع فی عهد السلطان جلال الدین ملك شاه بن آلب أرسلان و اتفق یوم الخمیس التاسع من شهر رمضان سنة إحدی و سبعین و أربعمائة و

ص: 141

المهرجان هو یوم النصف من مهر ماه قصد أفریدون الضحاك و أسره بأرض المغرب و سجنه بجبل دماوند هذا الیوم فقال أفریدون لأصحابه أین كار كه من كردم مهرجان بان هست فسمی لذلك مهرجان و أول من وضع رسم التهنئة فی النیروز و المهرجان أفریدون انتهی.

و أقول روی المنجمون و الأحكامیون فی كتبهم عن أمیر المؤمنین علیه السلام أیاما منحوسة فی الشهر و حملوه علی شهور الفرس القدیم و هی الثالث و الخامس و الثالث عشر و السادس عشر و الحادی و العشرون و الرابع و العشرون و الخامس و العشرون و جمعوها فی هذین البیتین بالفارسیة:

هفت روزی نحس باشد در مهی***زان حذر كن تا نیابی هیچ رنج

سه و پنج سیزده با شانزده***بیست و یك با بیست و چار و بیست و پنج

و ربما یحمل علی الشهور العربیة كما مر و رووا أیضا عن الصادق علیه السلام نحوسة بعض أیام شهور الفرس القدیمة كما نظمه سلطان المحققین نصیر الملة و الدین الطوسی قدس اللّٰه سره القدوسی فی هذه الأبیات بالفارسیة:

ز قول جعفر صادق خلاصه سادات***ز ماه فارسیان هفت روز مذمومست

نخست روز سیم باز پنجم و پس از آن***چه روز سیزدهم روز شانزده شومست

دیگر ز عشر سیم بیست و یك چه بیست و چهار***چه بیست و پنج كه آنهم بنحس مرقومست

بجز عبادت كاری مكن در این ایام***اگر چه نیك و بدت هم ز رزق مقسومست

بماند بیست و سه روز ای خجسته مختار***كه در عموم حوائج بخیر موسومست

ولی چهار و هشتم سفر مكن زنهار***كه خوف هلك در این هر دو نص محتومست

بروز پانزدهم پیش پادشاه مرو***اگر چه سنگ دلش بر تو نیز چون مومست

گریز نیز در این روز ناپسند آمد***كه رحمه اللّٰه مخوف و هوای خلاص مسمومست

مكن دوازدهم با كسی مناظره ای***كه در خصومت این روز صلح معدومست

ز روزهای گزیده همین چهار آنگه***در این حوائج در سلك نحس منظومست.

و رَوَوْا أَیْضاً عَنْ مُوسَی كَلِیمِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ لِلشُّهُورِ الرُّومِیَّةِ أَیَّاماً مَنْحُوسَةً مَنْ

ص: 142

تَوَجَّهَ فِیهَا إِلَی الْقِتَالِ قُتِلَ وَ مَنْ سَافَرَ فِیهَا لَمْ یَظْفَرْ بِمَقْصُودِهِ وَ مَنْ تَزَوَّجَ لَمْ یَتَمَتَّعْ وَ هِیَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ یَوْماً فِی كُلِّ شَهْرِ یَوْمَانِ وَ هِیَ الْعَاشِرُ وَ الْعِشْرُونَ مِنْ تِشْرِینِ الْأَوَّلِ وَ الْأَوَّلُ وَ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ تِشْرِینِ الْآخِرِ وَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ كَانُونِ الْأَوَّلِ وَ السَّابِعُ وَ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ كَانُونِ الْآخِرِ وَ السَّادِسَ عَشَرَ وَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شُبَاطَ وَ الرَّابِعُ وَ الْیَوْمُ الْعِشْرُونَ مِنْ آزَارَ وَ الْعِشْرُونَ وَ الثَّالِثُ مِنْ نَیْسَانَ وَ السَّادِسُ وَ الثَّامِنُ مِنْ أَیَّارَ وَ الثَّالِثُ وَ الثَّامِنُ مِنْ حَزِیرَانَ وَ الْعِشْرُونَ وَ السَّادِسُ مِنْ تَمُّوزَ وَ الرَّابِعُ وَ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ آبَ وَ الْأَوَّلُ وَ الثَّالِثُ مِنْ أَیْلُولَ وَ فِی بَعْضِ النُّسَخِ التَّاسِعُ وَ الْعَاشِرُ مِنْ تِشْرِینِ الْأَوَّلِ وَ التَّاسِعُ وَ الثَّانِی عَشَرَ مِنْ كَانُونِ الْأَوَّلِ وَ الثَّانِی وَ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ كَانُونِ الْآخِرِ وَ الثَّانِی عَشَرَ وَ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شُبَاطَ وَ الثَّالِثُ وَ الْعَاشِرُ مِنْ حَزِیرَانَ وَ فِی بَعْضِهَا وَ الرَّابِعُ وَ الْحَادِی عَشَرَ مِنْ آبَ.

«8»- الْمَكَارِمُ، عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام قَالَ: لَا تَدَعِ الْحِجَامَةَ فِی سَبْعٍ مِنْ حَزِیرَانَ فَإِنْ فَاتَكَ (1) فَأَرْبَعَ عَشَرَةَ(2).

ص: 143


1- 1. فی المصدر: فلاربع عشرة.
2- 2. المكارم: ج 1، ص 83.

أبواب الملائكة

باب 23 حقیقة الملائكة و صفاتهم و شئونهم و أطوارهم

الآیات:

(1)

البقرة: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً إلی آخر الآیات و قال تعالی قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلی قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُدیً وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِیلَ وَ مِیكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِینَ (2) و قال تعالی تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ(3)

آل عمران: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ (4) و قال سبحانه فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ (5) و قال عز و جل وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ الآیة(6)و قال عز و جل إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ یا مَرْیَمُ إِنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكِ الآیة(7)

ص: 144


1- 1. البقرة: 30- 34.
2- 2. البقرة: 97- 98.
3- 3. البقرة: 248.
4- 4. آل عمران: 18.
5- 5. آل عمران: 39.
6- 6. آل عمران: 42.
7- 7. آل عمران: 45.

الأنعام: وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ مَلَكٌ وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِیَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا یُنْظَرُونَ وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ (1) و قال سبحانه وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ یُرْسِلُ عَلَیْكُمْ حَفَظَةً حَتَّی إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ (2) و قال تعالی وَ لَوْ تَری إِذِ الظَّالِمُونَ فِی غَمَراتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَیْدِیهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْیَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَی اللَّهِ غَیْرَ الْحَقِّ وَ كُنْتُمْ عَنْ آیاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (3) و قال تعالی هَلْ یَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِیَهُمُ الْمَلائِكَةُ(4)

الأنفال: أَنِّی مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِینَ إلی قوله تعالی إِذْ یُوحِی رَبُّكَ إِلَی الْمَلائِكَةِ أَنِّی مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِینَ آمَنُوا(5)

الرعد: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (6) و قال تعالی وَ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِیفَتِهِ (7)

الحجر: ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ ما كانُوا إِذاً مُنْظَرِینَ (8) و قال سبحانه وَ نَبِّئْهُمْ عَنْ ضَیْفِ إِبْراهِیمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَیْهِ فَقالُوا سَلاماً إلی آخر القصة(9)

الإسراء: قُلْ لَوْ كانَ فِی الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ لَنَزَّلْنا عَلَیْهِمْ مِنَ

ص: 145


1- 1. الأنعام: 8- 9.
2- 2. الأنعام: 61.
3- 3. الأنعام: 93.
4- 4. الأنعام: 158.
5- 5. الأنفال: 9- 12.
6- 6. الرعد: 11.
7- 7. الرعد: 13.
8- 8. الحجر: 8.
9- 9. الحجر: 51- 60.

السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا(1)

مریم: فَأَرْسَلْنا إِلَیْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِیًّا(2)

الحج: اللَّهُ یَصْطَفِی مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ (3)

الفرقان: یَوْمَ یَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْری یَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِینَ إلی قوله تعالی وَ یَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِیلًا(4)

الأحزاب: فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها(5)

سبأ: وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً ثُمَّ یَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِیَّاكُمْ كانُوا یَعْبُدُونَ قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِیُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا یَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (6)

فاطر: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِی أَجْنِحَةٍ مَثْنی وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ یَزِیدُ فِی الْخَلْقِ ما یَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(7)

الصافات: وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فَالتَّالِیاتِ ذِكْراً(8) و قال تعالی فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَ هُمْ شاهِدُونَ أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَیَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أَصْطَفَی الْبَناتِ عَلَی الْبَنِینَ ما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِینٌ فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إلی قوله سبحانه وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (9)

ص: 146


1- 1. الإسراء: 95.
2- 2. مریم: 17.
3- 3. الحجّ: 75.
4- 4. الفرقان: 21- 24.
5- 5. الأحزاب: 9.
6- 6. سبأ: 40- 41.
7- 7. فاطر: 1.
8- 8. الصافّات: 1- 3.
9- 9. الصافّات: 149- 166.

الزمر: وَ تَرَی الْمَلائِكَةَ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ (1)

السجدة: إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِی كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِیاؤُكُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ وَ لَكُمْ فِیها ما تَشْتَهِی أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِیها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِیمٍ (2) و قال سبحانه فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِینَ عِنْدَ رَبِّكَ یُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لا یَسْأَمُونَ (3)

حمعسق: وَ الْمَلائِكَةُ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِی الْأَرْضِ (4)

الزخرف: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِینٌ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا یَخْلُقُ بَناتٍ وَ أَصْفاكُمْ بِالْبَنِینَ إلی قوله وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ یُسْئَلُونَ (5) و قال وَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِی الْأَرْضِ یَخْلُفُونَ (6)

الذاریات: فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً(7)

الحاقة: وَ الْمَلَكُ عَلی أَرْجائِها(8)

المعارج: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَیْهِ فِی یَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ(9)

المدثر: عَلَیْها تِسْعَةَ عَشَرَ وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِینَ كَفَرُوا(10)

المرسلات: وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَ النَّاشِراتِ نَشْراً

ص: 147


1- 1. الزمر: 75.
2- 2. السجدة: 30- 32.
3- 3. السجدة: 38.
4- 4. الشوری: 5.
5- 5. الزخرف: 15- 19.
6- 6. الزخرف: 60.
7- 7. الذاریات: 84.
8- 8. الحاقّة: 17.
9- 9. المعارج: 4.
10- 10. المدّثّر: 30- 31.

فَالْفارِقاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِیاتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً(1)

النبأ: یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا یَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً(2)

النازعات: وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً(3)

عبس: بِأَیْدِی سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ قُتِلَ الْإِنْسانُ (4)

تفسیر:

وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ قد مر تفسیرها فی المجلد الخامس و تدل الآیات علی كثیر من أحوال الملائكة قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ قال الطوسی رحمه اللّٰه رُوِیَ: أَنَّ ابْنَ صُورِیَا وَ جَمَاعَةً مِنْ یَهُودِ فَدَكَ أَتَوُا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلُوهُ عَنْ مَسَائِلَ فَأَجَابَهُمْ فَقَالَ لَهُ ابْنُ صُورِیَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ إِنْ قُلْتَهَا آمَنْتُ بِكَ وَ اتَّبَعْتُكَ أَیُّ مَلَكٍ یَأْتِیكَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ (5) عَلَیْكَ قَالَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ قَالَ ذَلِكَ (6) عَدُوُّنَا وَ یَنْزِلُ بِالْقِتَالِ وَ الشِّدَّةِ وَ الْحَرْبِ وَ مِیكَائِیلُ یَنْزِلُ بِالْیُسْرِ وَ الرَّخَاءِ فَلَوْ كَانَ مِیكَائِیلُ هُوَ الَّذِی یَأْتِیكَ لَآمَنَّا بِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآیَةَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلی قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ.

لا من تلقاء نفسه و إنما أضافه إلی قلبه لأنه إذا أنزل علیه كان یحفظه و یفهمه بقلبه و معنی قوله بإذن اللّٰه بأمر اللّٰه و قیل أراد بعلمه أو بإعلام اللّٰه إیاه ما ینزله علی قلبك مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ أی من الكتب موافقا لها وَ هُدیً وَ بُشْری لِلْمُؤْمِنِینَ معناه كان فیما أنزله من الأمر بالحرب و الشدة علی الكافرین فإنه هدی و بشری للمؤمنین مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ معناه من كان معادیا لله أی یفعل فعل المعادی من المخالفة و العصیان و قیل المراد معاداة أولیائه و

ص: 148


1- 1. المرسلات: 1- 6.
2- 2. النبأ: 38.
3- 3. النازعات: 1- 5.
4- 4. عبس: 16.
5- 5. فی المصدر: بما ینزل اللّٰه علیك.
6- 6. فی المصدر: ذاك.

جِبْرِیلَ وَ مِیكالَ أعاد ذكرهما لفضلهما و لأن الیهود خصوهما بالذكر فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِینَ إنما لم یقل لهم لأنه قد یجوز أن ینتقلوا عن العداوة بالإیمان انتهی (1).

و أقول الظاهر أن التعبیر بالكافرین عنهم لبیان أن هذا أیضا من موجبات كفرهم و تدل الآیة علی أنه تجب محبة الملائكة و أن عداوتهم كفر.

وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ مَلَكٌ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی نشاهده فنصدقه وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً علی ما اقترحوه لما آمنوا به فاقتضت الحكمة استئصالهم و ذلك معنی قوله لَقُضِیَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا یُنْظَرُونَ و قیل معناه لو أنزلنا ملكا فی صورته لقامت الساعة أو وجب استئصالهم وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً أی الرسول و الذی (2)

ینزل علیه لیشهد بالرسالة كما یطلبون ذلك لَجَعَلْناهُ رَجُلًا لأنهم لا یستطیعون أن یروا الملك فی صورته لأن أعین الخلق تحار عن رؤیة الملائكة إلا بعد التجسم بالأجسام الكثیفة و لذلك كانت الملائكة تأتی الأنبیاء فی صورة الإنس و كان جبرئیل علیه السلام یأتی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی صورة دحیة الكلبی و كذلك نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ و إتیانهم إبراهیم و لوطا فی صورة الضیفان من الآدمیین وَ لَلَبَسْنا عَلَیْهِمْ ما یَلْبِسُونَ قال الزجاج كانوا هم یلبسون علی ضعفتهم (3) فی أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیقولون إنما هذا بشر مثلكم فقال لو أنزلنا ملكا فرأوهم الملك رجلا لكان یلحقهم فیه من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم و قیل لو أنزلنا ملكا لما عرفوه إلا بالتفكر و هم لا یتفكرون فیبقون فی اللبس الذی كانوا فیه و أضاف اللبس إلی نفسه لأنه یقع عند إنزاله الملائكة(4).

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ یُرْسِلُ عَلَیْكُمْ حَفَظَةً أی ملائكة یحفظون

ص: 149


1- 1. مجمع البیان: ج 1، ص 167 نقلا بالمعنی و التلخیص.
2- 2. فی المصدر: أی لو جعلنا الرسول ملكا أو الذی ....
3- 3. الضعفة كالطلبة جمع« الضعیف».
4- 4. مجمع البیان: ج 4، ص 276.

أعمالكم و یحصونها علیكم و یكتبونها و فی هذا لطف للعباد لینزجروا عن المعاصی إذا علموا أن علیهم حفظة من عند اللّٰه یشهدون بها علیهم یوم القیامة تَوَفَّتْهُ أی تقبض روحه رُسُلُنا أی أعوان ملك الموت عن ابن عباس و غیره قالوا و إنما یقبضون بأمره (1) و لذا أضاف التوفی إلیه فی قوله قُلْ یَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ أی لا یضیعون أو لا یغفلون و لا یتوانون أو لا یعجزون (2).

و قال البیضاوی فی قوله سبحانه وَ لَوْ تَری إِذِ الظَّالِمُونَ حذف مفعوله لدلالة الظرف علیه أی و لو تری الظالمین فِی غَمَراتِ الْمَوْتِ أی فی شدائده من غمره الماء إذا غشیه وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَیْدِیهِمْ بقبض أرواحهم كالمتقاضی الملظ(3)

أو بالعذاب أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ أی یقولون لهم أخرجوها إلینا من أجسادكم تغلیظا و تعنیفا علیهم أو أخرجوها من العذاب و خلصوها من أیدینا الْیَوْمَ یرید به وقت الإماتة أو الوقت الممتد من الإماتة إلی ما لا نهایة له تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ أی الهوان یرید العذاب المتضمن لشدة و إهانة(4)

انتهی.

لَهُ مُعَقِّباتٌ قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی الضمیر الذی فی له علی وجوه أحدها أنه یعود إلی من فی قوله مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ و الآخر أنه یعود إلی اسم اللّٰه تعالی و هو عالم الغیب و الشهادة.

و ثالثها أنه یعود إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی قوله إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ و اختلف فی المعقبات علی أقوال أحدها أنها الملائكة یتعاقبون تعقب ملائكة اللیل ملائكة النهار و ملائكة النهار ملائكة اللیل و هم الحفظة یحفظون علی العبد عمله و قال

ص: 150


1- 1. فی المصدر: و انما یقبضون الأرواح بامره و لذلك ....
2- 2. مجمع البیان: ج 4، ص 313.
3- 3. أی الملازم الملح.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 1، ص 391.

الحسن هم أربعة أملاك یجتمعون عند صلاة الفجر و هو معنی قوله إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً و قد روی ذلك أیضا عن أئمتنا علیهم السلام.

و الثانی أنهم ملائكة یحفظونه من المهالك حتی ینتهوا به إلی المقادیر فیحولون (1) بینه و بین المقادیر عن علی علیه السلام و قیل هم عشرة أملاك علی كل آدمی یحفظونه من بین یدیه و من خلفه یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أی یطوفون به كما یطوف الملك الموكل بالحفظ و قیل یحفظون ما تقدم من عمله و ما تأخر إلی أن یموت فیكتبونه و قیل یحفظونه من وجوه المهالك و المعاطب و من الجن و الإنس و الهوام و قال ابن عباس یحفظونه مما لم یقدر نزوله فإذا جاء المقدر بطل الحفظ و قیل من أمر اللّٰه أی بأمر اللّٰه و قیل یحفظونه عن خلق اللّٰه فتكون من بمعنی عن قال كعب لو لا أن اللّٰه وكل بكم ملائكته یذبون عنكم فی مطعمكم و مشربكم و عوراتكم لیخطفنكم الجن (2)

انتهی.

و قال الرازی فی تفسیره

رُوِیَ: أَنَّهُ قِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنِ الْعَبْدِ كَمْ مَعَهُ مِنْ مَلَكٍ فَقَالَ علیه السلام مَلَكٌ عَنْ یَمِینِكَ لِلْحَسَنَاتِ (3) هُوَ أَمِینٌ عَلَی الَّذِی عَلَی الشِّمَالِ فَإِذَا عَمِلْتَ حَسَنَةً كَتَبَ عَشْراً وَ إِذَا عَمِلْتَ سَیِّئَةً قَالَ الَّذِی عَلَی الشِّمَالِ لِصَاحِبِ الْیَمِینِ أَكْتُبُ-؟ قَالَ لَا لَعَلَّهُ یَتُوبُ فَإِذَا قَالَ ثَلَاثاً قَالَ نَعَمْ اكْتُبْ أَرَاحَنَا اللَّهُ مِنْهُ فَبِئْسَ الْقَرِینُ مَا أَقَلَّ مُرَاقَبَتَهُ لِلَّهِ وَ اسْتِحْیَاءَهُ مِنَّا فَهُوَ(4) قَوْلُهُ تَعَالَی لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ مَلَكٌ قَابِضٌ عَلَی نَاصِیَتِكَ فَإِذَا تَوَاضَعْتَ لِرَبِّكَ رَفَعَكَ وَ إِنْ تَجَبَّرْتَ قَصَمَكَ وَ مَلَكَانِ عَلَی شَفَتَیْكَ یَحْفَظَانِ عَلَیْكَ الصَّلَاةَ وَ مَلَكٌ (5) عَلَی فِیكَ لَا یَدَعُ أَنْ تَدْخُلَ الْحَیَّةُ فِی فِیكَ وَ مَلَكٌ (6)

عَلَی عَیْنَیْكَ

ص: 151


1- 1. فی المصدر: فیحیلون.
2- 2. مجمع البیان: ج 6، ص 280- 281.
3- 3. فی المصدر: یكتب الحسنات.
4- 4. فی المصدر: و ملكان من بین یدیك و من خلفك فهو قوله تعالی ....
5- 5. فی المصدر: الصلاة علیّ.
6- 6. فی المصدر: و ملكان.

فَهَؤُلَاءِ عَشَرَةُ أَمْلَاكٍ عَلَی كُلِّ آدَمِیٍّ مَلَائِكَةُ اللَّیْلِ (1)

وَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ فَهُمْ عِشْرُونَ مَلَكاً عَلَی كُلِّ آدَمِیٍّ.

ثم قال فإن قیل ما الفائدة فی جعل هؤلاء الملائكة موكلین علینا قلنا اعلم أن هذا الكلام غیر مستبعد و ذلك لأن المنجمین اتفقوا علی أن التدبیر فی كل یوم لكوكب علی حدة و كذا القول فی كل لیلة و لا شك أن تلك الكواكب لها أرواح عندهم فتلك التدبیرات المختلفة فی الحقیقة لتلك الأرواح و أما أصحاب الطلسمات فهذا الكلام مشهور فی ألسنتهم و لذلك فإنهم (2)

یقولون أخبرنی طبائع التام (3) و مرادهم بالطبائع التام أن لكل إنسان روحا فلكیة تتولی إصلاح مهماته و رفع (4)

بلیاته و آفاته و إذا كان هذا متفقا علیه بین قدماء الفلاسفة و أصحاب الأحكام فكیف یستبعد مجیئه من الشرع و تمام التحقیق فیه أن الأرواح البشریة مختلفة فی جواهرها و طبائعها فبعضها خیرة و بعضها شریرة و بعضها قویة القهر و السلطان و بعضها سخفة(5)

و كما أن الأمر فی الأرواح البشریة كذلك (6)

الأمر فی الأرواح الفلكیة لكنه لا شك أن الأرواح الفلكیة فی كل باب و صفة أقوی من الأرواح البشریة فكل طائفة من الأرواح تكون مشاركة(7)

فی طبیعة خاصة و صفة مخصوصة فإنها تكون فی مرتبة روح من الأرواح الفلكیة مشاكلة لها فی الطبیعة و الخاصیة و تكون تلك الأرواح البشریة كأنها أولاد لذلك الروح الفلكی و متی كان الأمر كذلك فإن ذلك الروح الفلكی یكون معینا لها علی مهماتها و مرشدا لها إلی مصالحها و عاصما

ص: 152


1- 1. فی المصدر: تبدل ملائكة اللیل بملائكة النهار.
2- 2. كذا فی النسخ، و فی المصدر« تراهم یقولون ...»:
3- 3. فی المصدر: الطبائع التام.
4- 4. فی المصدر: و دفع ....
5- 5. فی المصدر: ضعیفة.
6- 6. فی المصدر: فكذا الامر.
7- 7. فی المصدر و بعض النسخ: متشاركة.

لها من صنوف الآفات فهذا كلام ذكره محققو الفلاسفة و إذا كان الأمر كذلك علمنا أن الذی وردت به الشریعة أمر معقول مقبول عند الكل فكیف یمكن استنكاره من الشریعة.

فإن قیل (1)

ما الفائدة فی اختصاص هؤلاء الملائكة مع بنی آدم و تسلیطهم علیهم قلنا فیه وجوه الأول أن الشیاطین یدعون إلی الشرور و المعاصی و هؤلاء الملائكة یدعون إلی الخیرات و الطاعات.

الثانی قال مجاهد ما من عبد إلا و معه ملك موكل یحفظه من الجن و الإنس و الهوام فی نومه و یقظته.

الثالث أنا نری أن الإنسان قد یقع فی قلبه داع قوی من غیر سبب ثم یظهر بالأخرة أن وقوع تلك الداعیة فی قلبه كان سببا من أسباب مصلحته (2) و خیراته و قد ینكشف أیضا بالأخرة أنه كان سببا لوقوعه فی آفة أو معصیة و مفسدة فظهر أن الداعی إلی الأمر الأول كان مریدا للخیر و الراحة و إلی الأمر الثانی كان مریدا للفساد و المحنة و الأول هو الملك الهادی و الثانی هو الشیطان المغوی.

الرابع أن الإنسان إذا علم أن الملائكة تحصی علیه أعماله كان إلی الحذر من المعاصی أقرب لأن من آمن یعتقد جلالة الملائكة و علو مراتبهم فإذا حاول الإقدام علی معصیة و اعتقد أنهم یشاهدونها زجرة الحیاء منهم عن الإقدام علیها كما یزجره إذا حضر(3) من یعظمه من البشر و إذا علم أن الملائكة(4) یكتبونها كان الردع أكمل.

ص: 153


1- 1. فی المصدر: ثم فی اختصاص هؤلاء الملائكة و تسلطهم علی بنی آدم فوائد كثیرة سوی التی مر ذكرها من قبل. الأول ....
2- 2. فی المصدر: مصالحه.
3- 3. فی المصدر: كما یزجره عنها إذا حضره ....
4- 4. فی المصدر: و إذا علم ان الملائكة تحصی علیه الاعمال كان ذلك أیضا رادعا له عنها، و إذا علم أن الملائكة یكتبونها ....

فإن قیل (1)

ما الفائدة فی كتب أعمال العباد قلنا هاهنا مقامان (2).

المقام الأول أن تفسیر الكتبة بالمعنی المشهور من الكتب قال المتكلمون الفائدة فی تلك الصحف وزنها فإن رجحت كفة الطاعات ظهر للخلائق أنه من أهل الجنة و بالضد(3) قال القاضی هذا یبعد(4)

لأن الأدلة قد دلت علی أن كل أحد قبل مماته عند المعاینة یعلم أنه من السعداء أو من الأشقیاء فلا یجوز توقیف حصول تلك المعرفة علی المیزان ثم أجاب (5)

و قال لا یمتنع ما رویناه لأمر یرجع إلی حصول سروره عند الخلق العظیم أنه من أولیاء اللّٰه فی الجنة و بالضد من ذلك فی أعداء اللّٰه.

و المقام الثانی و هو قول حكماء الإسلام إن الكتبة(6) عبارة عن نقوش مخصوصة وضعت بالاصطلاح لتعریف (7) بعض المعانی المخصوصة فلو قدرنا تلك النقوش دالة علی تلك المعانی لأعیانها و ذواتها كانت تلك الكتبة أقوی و أكمل إذا ثبت هذا فنقول إن الإنسان إذا أتی بعمل من الأعمال مرات و كرات كثیرة متوالیة حصلت فی نفسه بسبب تكرارها(8) ملكة قویة راسخة فإن كانت تلك الملكة نافعة(9) فی السعادات الروحانیة عظم ابتهاجه بها بعد الموت و إن كانت تلك الملكة ضارة فی الأحوال الروحانیة عظم تضرره بها بعد الموت إذا ثبت هذا فنقول إن التكریر الكثیر لما كان سببا لحصول تلك الملكة الراسخة كان لكل واحد من

ص: 154


1- 1. فی المصدر: السؤال الخامس.
2- 2. فی المصدر: مقامات: الأول ....
3- 3. فی المصدر: و إن كان بالضد فبالضد.
4- 4. فی المصدر: بعید.
5- 5. فی المصدر: ثم اجاب القاضی عن هذا الكلام.
6- 6. كذا فی النسخ، و فی المصدر: أن الكتابة ....
7- 7. فی المصدر: لتعریف المعانی ....
8- 8. فی المصدر: و بعض النسخ: تكررها.
9- 9. فی المصدر: سارة بالاعمال النافعة.

تلك الأعمال المتكررة أثر فی حصول تلك الملكة الراسخة و ذلك الأثر و إن كان غیر محسوس إلا أنه حاصل فی الحقیقة و إذا عرفت هذا ظهر أنه لا یحصل للإنسان لمحة و لا حركة و لا سكون إلا و یحصل منه فی جوهر نفسه أثر من آثار السعادة أو أثر من آثار الشقاوة قل أو كثر فهذا هو المراد من كتبة الأعمال عند هؤلاء و اللّٰه العالم بحقائق الأمور(1)

انتهی.

و إنما نقلنا كلامه لتطلع علی تحریفات الفلاسفة و تأویلاتهم للآیات و الأخبار من غیر ضرورة سوی الاستبعادات الوهمیة و عدم الاعتناء بكلام صاحب الشریعة.

وَ یَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً أی العابدین لغیر اللّٰه و المعبودین أَ هؤُلاءِ إِیَّاكُمْ كانُوا یَعْبُدُونَ علی الإنكار لیعترفوا بخلافه قالُوا سُبْحانَكَ أی تنزیها لك عن أن یعبد سواك أَنْتَ وَلِیُّنا أی ناصرنا و أولی بنا مِنْ دُونِهِمْ أی من دون هؤلاء الكفار و ما كنا نرضی بعبادتهم إیانا بَلْ كانُوا یَعْبُدُونَ الْجِنَ أی إبلیس و ذریته حیث أطاعوهم فیما دعوهم إلیه من عبادة الملائكة و غیرهم أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ مصدقون بالشیاطین مطیعون لهم.

جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی إلی الأنبیاء بالرسالات و الوحی أُولِی أَجْنِحَةٍ جعلهم كذلك لیتمكنوا بها من العروج إلی السماء و من النزول إلی الأرض فمنهم من له جناحان و منهم من له ثلاثة أجنحة و منهم من له أربعة أجنحة عن قتادة و قال یزید فیها ما یشاء و هو قوله یَزِیدُ فِی الْخَلْقِ ما یَشاءُ

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَی رَسُولُ اللَّهِ جَبْرَئِیلَ لَیْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.

و قیل أراد بقوله یَزِیدُ فِی الْخَلْقِ ما یَشاءُ حسن الصوت و قیل هو الملاحة فی العینین و

عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: هُوَ الْوَجْهُ الْحَسَنُ وَ الصَّوْتُ الْحَسَنُ وَ الشَّعْرُ الْحَسَنُ (2).

و قال الرازی أقل ما یكون لذی الجناح أن یكون له جناحان و ما بعدهما

ص: 155


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 275- 277.
2- 2. مجمع البیان: ج 8، ص 400.

زیادة و قال قوم فیه إن الجناح إشارة إلی الجهة و بیانه هو أن اللّٰه لیس فوقه شی ء و كل شی ء فهو تحت قدرته و نعمته و الملائكة لهم وجه إلی اللّٰه یأخذون منه نعمه و یعطون من دونهم ما أخذوا بإذن اللّٰه كما قال تعالی نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلی قَلْبِكَ و قوله عَلَّمَهُ شَدِیدُ الْقُوی و قال تعالی فی حقهم فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً فهما جناحان و فیهم من یفعل الخیر بواسطة و فیهم من یفعله لا بواسطة فالفاعل بواسطة فیه ثلاث جهات و فیهم من له أربع جهات و أكثر و الظاهر ما ذكرناه أولا و هو الذی علیه إطباق المفسرون (1).

و قال فی قوله تعالی وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا الآیات هذه الأشیاء الثلاثة المقسم بها یحتمل أن تكون صفات ثلاثة لموصوف واحد و یحتمل أن تكون أشیاء ثلاثة متبائنة أما علی التقدیر الأول ففیه وجوه الأول أنها صفات الملائكة و تقریره أن الملائكة یقفون صفوفا إما فی السماوات لأداء العبادات كما أخبر اللّٰه تعالی عنهم أنهم قالوا وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ و قیل إنهم یصفون أجنحتهم فی الهواء و یقفون منتظرین وصول أمر اللّٰه إلیهم و یحتمل أیضا أن یقال معنی كونهم صفوفا أن لكل واحد منهم مرتبة و درجة معینة فی الشرف و الفضیلة أو فی الذات و العلیة(2) و تلك الدرجات المترتبة باقیة غیر متغیرة و ذلك نسبة(3) الصفوف و أما قوله تعالی فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فقال اللیث زجرت البعیر أزجره زجرا إذا حثثته لیمضی و زجرت فلانا عن سوء فانزجر أی نهیته فانتهی

فعلی هذا الزجر للبعیر كالحث و للإنسان كالنهی. فنقول فی وصف الملائكة بالزجر وجوه الأول قال ابن عباس یرید الملائكة التی وكلوا بالسحاب یزجرونها بمعنی أنهم یأتون بها من موضع إلی موضع.

ص: 156


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 30.
2- 2. فی المصدر: و الغلبة.
3- 3. فی المصدر: یشبه الصفوف.

الثانی المراد منه أن الملائكة لهم تأثیرات فی قلوب بنی آدم علی سبیل الإلهامات فهم یزجرونهم عن المعاصی زجرا.

الثالث لعل الملائكة أیضا یزجرون الشیاطین عن التعرض لبنی آدم بالشر(1) و الإیذاء.

و أقول قد ثبت فی العلوم العقلیة أن الموجودات علی ثلاثة أقسام مؤثر لا یقبل الأثر و هو اللّٰه سبحانه و هو أشرف الموجودات و متأثر لا یؤثر و هو عالم الأجسام و هو أخس الموجودات و موجود یؤثر فی شی ء و یتأثر عن شی ء آخر و هو عالم الأرواح و ذلك لأنها تقبل الأثر عن عالم كبریاء اللّٰه ثم إنها تؤثر فی عالم الأجسام و اعلم أن الجهة التی باعتبارها تقبل الأثر من عالم كبریاء اللّٰه غیر الجهة التی باعتبارها تستولی علی عالم الأجسام و تقدر علی التصرف فیها و قوله فَالتَّالِیاتِ ذِكْراً إشارة إلی الأشرف من الجهة التی باعتبارها یقوی علی التأثیر فی عالم الأجسام إذا عرفت هذا فقوله وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا إشارة إلی وقوفها صفا صفا فی مقام العبودیة و الطاعة و الخضوع و الخشوع و هو الجهة التی باعتبارها تقبل تلك الجواهر القدسیة أصناف الأنوار الإلهیة و الكمالات الصمدیة و قوله تعالی فَالزَّاجِراتِ زَجْراً إشارة إلی تأثیر الجواهر الملكیة فی تنویر الأرواح القدسیة البشریة و إخراجها من القوة إلی الفعل و ذلك أنه (2) كالقطرة بالنسبة إلی البحر و كالشعلة بالنسبة إلی الشمس و أن هذه الأرواح البشریة إنما تنتقل من القوة إلی الفعل فی المعارف الإلهیة و الكمالات الروحانیة بتأثیرات جواهر الملائكة و نظیره قوله تعالی یُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (3) و قوله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلی قَلْبِكَ (4) و

ص: 157


1- 1. فی بعض النسخ: بالشرك و الایذاء.
2- 2. فی المصدر: لما ثبت ان هذه الأرواح النطقیة البشریة بالنسبة إلی أرواح الملائكة كالقطرة ....
3- 3. النحل: 2.
4- 4. الشعراء: 193.

قوله فَالْمُلْقِیاتِ ذِكْراً(1) إذا عرفت هذا فنقول فی هذه الآیة دقیقة أخری و هی أن الكمال المطلق للشی ء إنما یحصل إذا كان تاما و فوق التام و المراد بكونه تاما أن تحصل الكمالات اللائقة به حصولا بالفعل و المراد بكونه فوق التام أن یفیض منه أصناف الكمالات و النوالات (2) علی غیره و من المعلوم أن كونه كاملا فی ذاته مقدم علی كونه مكملا لغیره إذا عرفت هذا فقوله وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا إشارة إلی استكمال جواهر الملائكة فی ذواتها وقت وقوفها فی مواقف العبودیة و صفوف الخدمة و الطاعة و قوله تعالی فَالزَّاجِراتِ زَجْراً إشارة إلی كیفیة تأثیراتها فی إزالة ما لا ینبغی عن جواهر الأرواح البشریة و قوله تعالی فَالتَّالِیاتِ ذِكْراً

إشارة إلی كیفیة تأثیراتها فی إفاضة الجلایا القدسیة و الأنوار الإلهیة علی الأنوار(3)

الناطقة البشریة فهذه مناسبات عقلیة و اعتبارات دقیقة(4)

تنطبق علیها هذه الألفاظ الثلاثة.

الثانی أن تحمل هذه الصفات علی النفوس البشریة الطاهرة المقدسة المقبلة علی عبودیة اللّٰه تعالی الذین هم ملائكة الأرض و بیانه من وجهین الأول أن قوله وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا المراد به الصفوف الحاصلة عند أداء الصلاة بالجماعة و قوله فَالزَّاجِراتِ زَجْراً إشارة إلی قراءة أعوذ باللّٰه من الشیطان الرجیم كأنهم بسبب قراءة هذه الكلمة یزجرون الشیاطین عن إلقاء الوساوس فی قلوبهم فی أثناء الصلاة و قوله فَالتَّالِیاتِ ذِكْراً إشارة إلی قراءة القرآن فی الصلاة و قیل (5)

إلی رفع الصوت بالقراءة كأنه یزجر الشیطان بواسطة رفع الصوت.

ص: 158


1- 1. المرسلات: 5.
2- 2. فی المصدر: و السعادات.
3- 3. فی المصدر: الأرواح.
4- 4. فی المصدر: حقیقیة.
5- 5. فی المصدر:« فَالزَّاجِراتِ زَجْراً» اشارة إلی ....

و الوجه الثانی أن المراد بالأول الصفوف الحاصلة من العلماء المحقین الذین یدعون إلی دین اللّٰه تعالی و بالثانی اشتغالهم بالزجر عن الشبهات و الشهوات و بالثالث اشتغالهم بالدعوة إلی دین اللّٰه و الترغیب فی العمل بشرائع اللّٰه.

الوجه الثالث أن نحملها علی أحوال الغزاة و المجاهدین فی سبیل اللّٰه فالمراد بالأول صفوف القتال كقوله (1)

تعالی إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الَّذِینَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِهِ صَفًّا(2) و بالثانی رفع الصوت بزجر الخیل و بالثالث اشتغالهم وقت شروعهم فی محاربة العدو بقراءة القرآن و ذكر اللّٰه بالتهلیل و التقدیس و الوجه الرابع أن نجعلها صفات لآیات القرآن فالأول المراد به كونها أنواعا مختلفة بعضها فی دلائل التوحید و بعضها فی بیان التكالیف و الأحكام و بعضها فی تعلیم الأخلاق الفاضلة و هذه الآیات مترتبة(3)

ترتیبا لا یتغیر و لا یتبدل فهی تشبه أشخاصا واقفین فی صفوف معینة و بالثانی الآیات الزاجرة عن الأفعال المنكرة و بالثالث الآیات الدالة علی وجوب الإقدام علی أعمال البر و الخیر و وصف الآیات بكونها تالیة علی قانون ما یقال شعر شاعر و كلام قائل قال تعالی إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ (4) و أما الاحتمال الثانی هو أن یكون المراد بهذه الثلاثة أشیاء متغایرة فقیل المراد بقوله وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا الطیر من قوله تعالی وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ (5) و الزاجرات كل ما زجر عن معاصی اللّٰه و التالیات كل ما یتلی من كتاب اللّٰه.

و أقول فیه وجه آخر و هو أن مخلوقات اللّٰه إما جسمانیة و إما روحانیة أما الجسمانیة فإنها مترتبة(6)

علی طبقات و درجات لا یتغیر البتة

ص: 159


1- 1. فی المصدر: لقوله تعالی.
2- 2. سورة الصف: 3.
3- 3. فی المصدر: مرتبة.
4- 4. الإسراء: 9.
5- 5. النور: 41.
6- 6. فی المصدر: مرتبة.

فالأرض وسط العالم و هی محفوفة بكرة الماء و الماء محفوف بالهواء و الهواء بالنار ثم هذه الأربعة بكرات الأفلاك إلی آخر العالم الجسمانی فهذه الأجسام كأنها صفوف واقفة علی عتبة جلال اللّٰه تعالی و أما الجواهر الروحانیة الملكیة فهی علی اختلاف درجاتها و تباین صفاتها مشتركة فی صفتین أحدهما التأثیر فی عالم الأجسام بالتحریك و التصرف (1)

و إلیه الإشارة بقوله فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فإنا بینا أن المراد من هذا الزجر الشوق و التحریك و الثانی الإدراك و المعرفة و الاستغراق فی معرفة اللّٰه و الثناء علیه و إلیه الإشارة بقوله تعالی فَالتَّالِیاتِ ذِكْراً و لما كان الجسم أدنی منزلة من الأرواح المشتغلة بالتصرف فی الجسمانیات و هی أدون منزلة من الأرواح المستغرقة فی معرفة جلال اللّٰه المقبلة علی تسبیح اللّٰه كما قال وَ مَنْ عِنْدَهُ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ (2) لا جرم بدأ فی المرتبة الأولی بذكر الأجسام ثم ذكر الأرواح المدبرة لأجسام هذا العالم ثم ذكر أعلی الدرجات و هی الأرواح المقدسة المتوجهة بكلیتها إلی معرفة جلال اللّٰه و الاستغراق فی الثناء علیه فهذه احتمالات خطرت بالبال و العالم بأسرار كلام اللّٰه لیس إلا اللّٰه (3).

فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ قال البیضاوی أمر باستفتائهم حیث جعلوا لله البنات و لأنفسهم البنین فی قولهم الملائكة بنات اللّٰه و هؤلاء زادوا علی الشرك ضلالات أخری التجسیم و تجویز الفناء علی اللّٰه فإن الولادة مخصوصة بالأجسام الكائنة الفاسدة و تفضیل أنفسهم علیه علی وجه القسمة حیث جعلوا أوضع الجنسین له و أرفعهما لهم و استهانتهم بالملائكة حیث أنثوهم و لذلك كرر اللّٰه إنكار ذلك و إبطاله فی كتابه مرارا و جعله مما تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا و الإنكار هاهنا مقصور علی الأخیرین لاختصاص هذه الطائفة بهما و لأن فسادهما مما تدركه العامة بمقتضی طباعهم حیث جعل

ص: 160


1- 1. فی المصدر: و التصریف.
2- 2. الأنبیاء: 19.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 122- 125.

المعادل للاستفهام علی التقسیم أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَ هُمْ شاهِدُونَ و إنما خص علم المشاهدة لأن أمثال ذلك لا تعلم إلا به فإن الأنوثة لیست من لوازم ذاتهم لیمكن معرفته بالعقل الصرف مع ما فیه من الاستهزاء و الإشعار بأنهم لفرط جهلهم ینبئون به كأنهم قد شاهدوا خلقهم أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَیَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ لعدم ما یقتضیه و قیام ما ینفیه وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فیما یتدینون به أَصْطَفَی الْبَناتِ عَلَی الْبَنِینَ استفهام إنكار و استبعاد و الاصطفاء أخذ صفوة الشی ء ما لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ بما لا یرتضیه عقل أَ فَلا تَذَكَّرُونَ أنه منزه عن ذلك أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِینٌ حجة واضحة نزلت علیكم من السماء بأن الملائكة بناته فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ الذی أنزل علیكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ فی دعواكم وَ جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً یعنی الملائكة ذكرهم باسم جنسهم وضعا منهم أن یبلغوا هذه

المرتبة و قیل قالوا إن اللّٰه صاهر الجن فخرجت الملائكة و قیل قالوا اللّٰه و الشیطان أخوان وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ أن الكفرة أو الإنس أو الجنة إن فسرت بغیر الملائكة لَمُحْضَرُونَ فی العذاب وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ حكایة اعتراف الملائكة بالعبودیة بالرد(1)

علی عبدتهم و المعنی و ما منا أحد إلا له مقام معلوم فی المعرفة و العبادة و الانتهاء إلی أمر اللّٰه تعالی فی تدبیر العالم وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ فی أداء الطاعة و منازل الخدمة وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ المنزهون اللّٰه (2) عما لا یلیق به و لعل الأول إشارة إلی درجاتهم فی الطاعة و هذا فی المعارف (3).

و قال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ هذا قول جبرئیل للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و قیل إنه قول الملائكة و فیه مضمر أی و ما منا معشر الملائكة ملك إلا و له مقام معلوم فی السماوات یعبد اللّٰه فیه و قیل معناه أنه لا یتجاوز ما أمر به و رتب له كما لا یتجاوز صاحب المقام مقامه الذی حد له فكیف یجوز

ص: 161


1- 1. فی المصدر: للرد.
2- 2. فی المصدر: للّٰه.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 334- 336.

له أن یعبد من هو بهذه الصفة و هو عبد مربوب وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ حول العرش ننتظر الأمر و النهی من اللّٰه تعالی و قیل القائمون صفوفا فی الصلاة قال الكلبی صفوف الملائكة فی السماء كصفوف أهل الدنیا فی الأرض و قال الجبائی صافون بأجنحتنا فی الهواء للعبادة و التسبیح وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ أی المصلون المنزهون الرب عما لا یلیق به و منه قیل فرغت من سبحتی أی من صلاتی و ذلك لما فی الصلاة من تسبیح اللّٰه و تعظیمه و المسبحون القائلون سبحان اللّٰه علی وجه التعظیم لله (1).

و قال فی قوله تعالی وَ تَرَی الْمَلائِكَةَ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ معناه و من عجائب أمور الآخرة أنك تری الملائكة محدقین بالعرش یطوفون حوله یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أی ینزهون اللّٰه تعالی عما لا یلیق به و یذكرونه بصفاته التی هو علیها و قیل یحمدون اللّٰه تعالی حیث دخل الموحدون الجنة(2)

و فی قوله تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ یعنی عند الموت روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه ع و قیل تستقبلهم الملائكة إذا خرجوا من قبورهم فی الموقف بالبشارة من اللّٰه تعالی و قیل إن البشری تكون فی ثلاثة مواطن عند الموت و فی القبر و عند البعث نَحْنُ أَوْلِیاؤُكُمْ أی نحن معاشر الملائكة أنصاركم و أحباؤكم فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا نتولی إیصال الخیرات إلیكم من قبل اللّٰه تعالی وَ فِی الْآخِرَةِ نتولاكم بأنواع الإكرام و المثوبة و قیل نحن أولیاؤكم فی الحیاة الدنیا أی نحن نحرسكم فی الدنیا و عند الموت و فی الآخرة عن أبی جعفر علیه السلام (3).

و قال الرازی فی قوله تعالی نَحْنُ أَوْلِیاؤُكُمْ الآیة هذا فی مقابلة ما ذكره فی وعید الكفار حیث قال وَ قَیَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَیَّنُوا لَهُمْ (4) و معنی كونهم أولیاء للمؤمنین أن للملائكة تأثیرات فی الأرواح البشریة بالإلهامات و

ص: 162


1- 1. مجمع البیان: ج 8، ص 461.
2- 2. مجمع البیان: ج 8، ص 511.
3- 3. مجمع البیان: ج 9، ص 12- 13.
4- 4. فصّلت: 25.

المكاشفات الیقینیة و المقامات الحقة(1) كما أن للشیاطین (2)

تأثیرات فی الأرواح بإلقاء الوساوس فیها و تخییل الأباطیل إلیها و بالجملة فكون الملائكة أولیاء للأرواح الطیبة الطاهرة حاصل من جهات كثیرة معلومة لأرباب المكاشفات و المشاهدات فهم یقولون كما أن تلك الولایة كانت حاصلة فی الدنیا فهی تكون باقیة فی الآخرة فإن تلك العلائق (3) لازمة غیر قابلة للزوال بل كأنها تصیر بعد الموت أقوی و أبقی و ذلك لأن جوهر النفس من جنس الملائكة و هی كالشعلة بالنسبة إلی الشمس و القطرة بالنسبة إلی البحر و التعلقات الجسدانیة هی (4)

تحول بینها و بین الملائكة كما قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ لَا أَنَّ الشَّیَاطِینَ یَحُومُونَ عَلَی قُلُوبِ بَنِی آدَمَ لَنَظَرُوا إِلَی مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.

فإذا زالت العلائق الجسمانیة و التدبیرات البدنیة فقد زال الغطاء و الوطاء فیتصل الأثر بالمؤثر و القطرة بالبحر و الشعلة بالشمس فهذا هو المراد من قوله نَحْنُ أَوْلِیاؤُكُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ ثم قال و الأقرب عندی أن قوله وَ لَكُمْ فِیها ما تَشْتَهِی أَنْفُسُكُمْ إشارة إلی الجنة الجسمانیة وَ لَكُمْ فِیها ما تَدَّعُونَ إشارة إلی الجنة الروحانیة المذكورة فی قوله تعالی دَعْواهُمْ فِیها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِیَّتُهُمْ فِیها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (5) انتهی.

فَالَّذِینَ عِنْدَ رَبِّكَ أی جمیع الملائكة أو طائفة مخصوصة منهم و علی الأول دوام تسبیحهم لا ینافی اشتغالهم بسائر الخدمات مع أن تلك الخدمات أیضا نوع من تسبیحهم وَ هُمْ لا یَسْأَمُونَ أی لا یملون و لا یفترون.

و قال الرازی فی قوله تعالی وَ الْمَلائِكَةُ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ اعلم

ص: 163


1- 1. فی المصدر: المقامات الحقیقیة.
2- 2. فی المخطوطة: للشیطان.
3- 3. فی المصدر: ذاتیة لازمة.
4- 4. فی المصدر: الجسمانیة التی تحول.
5- 5. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 371، و الآیة فی سورة. یونس: 10.

أن مخلوقات اللّٰه نوعان نوع عالم الجسمانیات و أعظمها السماوات و عالم الروحانیات و أعظمها الملائكة فبین سبحانه كمال عظمته باستیلاء هیبته علی الجسمانیات فقال تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ (1) ثم انتقل إلی ذكر الروحانیات فقال وَ الْمَلائِكَةُ

یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ و الجواهر الروحانیة لها تعلقان تعلق بعالم الجلال و الكبریاء و هو تعلق القبول فإن الأضواء الصمدیة إذا شرقت علی الجواهر الروحانیة استضاءت جواهرها و أشرقت ماهیاتها ثم إن الجواهر الروحانیة إذا استفادت تلك القوی الربانیة(2) قویت بها علی الاستیلاء علی عالم (3) الجسمانیات و إذا كان كذلك فلها وجهان وجه إلی حضرة الجلال و وجه إلی عالم الأجسام و الوجه الأول أشرف من الثانی إذا عرفت هذا فنقول أما الجهة الأولی و هی الجهة المقدسة العلویة فقد اشتملت علی أمرین أحدهما التسبیح و الثانی التحمید لأن التسبیح عبارة عن تنزیه اللّٰه تعالی عما لا ینبغی و التحمید عبارة عن وصفه بكونه معطیا(4)

لكل الخیرات و كونه منزها فی ذاته عما لا ینبغی مقدم بالرتبة علی كونه فیاضا للخیرات و السعادات لأن وجود الشی ء(5) و حصوله فی نفسه مقدم علی تأثیره فی حصول غیره فلهذا السبب كان التسبیح مقدما علی التحمید و لهذا قال یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ و أما الجهة الثانیة و هی الجهة التی لتلك الأرواح إلی عالم الجسمانیات فالإشارة إلیها بقوله وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِی الْأَرْضِ و المراد منها تأثیراتها فی نظم أحوال هذا العالم و حصول الطریق الأصوب فیها(6) انتهی. و استدل بالآیة علی عصمة الملائكة لأنهم لو كانوا مذنبین كانوا یستغفرون

ص: 164


1- 1. الشوری: 5.
2- 2. فی المصدر: الروحانیة.
3- 3. فی المصدر: عوالم.
4- 4. فی المصدر: مفیضا.
5- 5. فی المصدر: وجود الشی ء مقدم علی ایجاد غیره و حصولة ....
6- 6. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 387- 388.

لأنفسهم قبل استغفارهم لغیرهم و فیه نظر.

وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً فقالوا الملائكة بنات اللّٰه و سماء جزءا لأن الولد جزء من الوالد و هو یستلزم التركیب المنافی لوجوب الوجود لَكَفُورٌ مُبِینٌ أی ظاهر الكفران وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا أی بالجنس الذی جعله له مثلا إذ الولد لا بد أن یماثل الوالد ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا أی صار وجهه أسود فی الغایة لما یعتریه من الكآبة وَ هُوَ كَظِیمٌ أی مملو قلبه من الكرب أَ وَ مَنْ یُنَشَّؤُا فِی الْحِلْیَةِ أی أو جعلوا له أو اتخذ من یتربی فی الزینة یعنی البنات وَ هُوَ فِی الْخِصامِ أی فی المجادلة غَیْرُ مُبِینٍ أی غیر مقرر لما یدعیه من نقصان العقل و ضعف الرأی وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِینَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً كفر آخر تضمنه مقالهم شنع به علیهم و هو جعلهم أكمل العباد و أكرمهم علی اللّٰه أنقصهم عقلا و أخصهم صنفا أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ أی أ حضروا خلق اللّٰه أیام فشاهدوهم إناثا فإن ذلك مما یعلم بالمشاهدة و هو تجهیل و تهكم لهم سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ التی شهدوا بها علی الملائكة وَ یُسْئَلُونَ أی عنها یوم القیامة.

فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً أی الملائكة یقسمون الأمور بین الخلق علی ما أمروا به قال الطبرسی رحمه اللّٰه

رُوِیَ: أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَخْطُبُ عَلَی الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَا الذَّارِیاتِ ذَرْواً قَالَ الرِّیَاحُ قَالَ فَالْحامِلاتِ وِقْراً قَالَ السَّحَابُ قَالَ فَالْجارِیاتِ یُسْراً قَالَ السُّفُنُ قَالَ فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً قَالَ الْمَلَائِكَةُ.

و روی ذلك عن ابن عباس و مجاهد(1) فِی یَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ قیل أی كان مقداره من عروج غیرهم خمسین ألف سنة و ذلك من أسفل الأرضین إلی فوق السماوات السبع و قیل امتداد ذلك الیوم علی بعض الكفار كذلك و قیل معناه أن أول نزول الملائكة فی الدنیا بأمره و نهیه و قضائه بین الخلائق إلی آخر عروجهم إلی السماء و هو القیامة هذه المدة.

ص: 165


1- 1. مجمع البیان: ج 9، ص 152.

عَلَیْها تِسْعَةَ عَشَرَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی من الملائكة و هم خزنتها مالك (1)

و ثمانیة عشر أعینهم كالبرق الخاطف و أنیابهم كالصیاصی (2)

یخرج لهب النار من أفواههم ما بین منكبی أحدهم مسیرة سنة تسع كف أحدهم مثل ربیعة و مضر نزعت منهم الرحمة یرفع أحدهم سبعین ألفا فیرمیهم حیث أراد من جهنم.

وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً أی و ما جعلنا الموكلین بالنار المتولین تدبیرها إلا ملائكة جعلنا شهوتهم فی تعذیب أهل النار وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِینَ كَفَرُوا أی لم نجعلهم علی هذا العدد إلا محنة و تشدیدا فی التكلیف (3)

لأن الكفار استقلوا هذا العدد و زعموا أنهم یقدرون علی دفعهم و قد مر الكلام فی تلك الآیات فی كتاب المعاد.

وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً

رَوَی الطَّبْرِسِیُّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ عَنْهُ علیه السلام: أَنَّهَا الْمَلَائِكَةُ أُرْسِلَتْ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْیِهِ.

فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً یعنی الریاح الشدیدات الهبوب وَ النَّاشِراتِ نَشْراً الملائكة تنتشر(4)

الكتب عن اللّٰه فَالْفارِقاتِ فَرْقاً هی آیات القرآن تفرق بین الحق و الباطل و الهدی و الضلال فَالْمُلْقِیاتِ ذِكْراً الملائكة تلقی الذكر إلی الأنبیاء و تلقیه الأنبیاء إلی الأمم (5).

و قال البیضاوی أقسم بطوائف من الملائكة أرسلهن اللّٰه (6) متتابعة فعصفن عصف الریاح فی امتثال أمره و نشرن الشرائع فی الأرض أو نشرن النفوس (7)

ص: 166


1- 1. فی المصدر: و معه.
2- 2. الصیاصی: جمع« الصیصة» و« الصیصیة» و هی الشوكة التی یسوی الحائك بها بین الصدی و اللحمة. و صیاصی البقر: قرونها.
3- 3. مجمع البیان: ج 10، ص 388.
4- 4. تنشر( ظ).
5- 5. مجمع البیان: ج 10، ص 415 نقلا بالمعنی.
6- 6. فی المصدر: بأوامره.
7- 7. فی المصدر: الموتی.

المیتة بالجهل بما أوحین من العلم ففرقن بین الحق و الباطل فألقین إلی الأنبیاء ذكرا عذرا للمحقین و نذرا للمبطلین أو بآیات القرآن المرسلة بكل عرف إلی محمد صلی اللّٰه علیه و آله فعصفن سائر الكتب أو الأدیان بالنسخ و نشرن آثار الهدی و الحكم فی الشرق و الغرب و فرقن بین الحق و الباطل فألقین ذكر الحق فیما بین العالمین أو بالنفوس الكاملة المرسلة إلی الأبدان لاستكمالها فعصفن ما سوی الحق و نشرن أثر ذلك فی جمیع الأعضاء و فرقن بین الحق بذاته و الباطل بنفسه (1) فرأون كل شی ء هالكا إلا وجهه فألقین ذكرا بحیث لا یكون فی القلوب و الألسنة إلا ذكرهم (2)

أو بریاح عذاب أرسلن فعصفن و ریاح رحمة نشرن السحاب فی الجو ففرقن فألقین ذكرا أی تسببن له فإن العاقل إذا شاهد هبوبها أو آثارها ذكر اللّٰه تعالی و تذكر كمال قدرته و عرفا إما نقیض النكر و انتصابه علی العلة أی أرسلن للإحسان و المعروف أو بمعنی المتابعة من عرف الفرس و انتصابه علی الحال عُذْراً أَوْ نُذْراً مصدران لعذر إذا محا الإساءة و أنذر إذا خوف أو جمعان لعذر(3)

بمعنی المعذرة و نذر(4) بمعنی الإنذار أو بمعنی العاذر و المنذر و نصبهما علی الأولین بالعلیة أی عذرا للمحقین و نذرا للمبطلین أو البدلیة من ذكرا علی أن المراد به الوحی أو ما یعم التوحید و الشرك و الإیمان و الكفر و علی الثالث بالحالیة و قرأهما أبو عمرو و حمزة و الكسائی و حفص بالتخفیف (5).

یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فی معنی الروح هنا علی أقوال

ص: 167


1- 1. فی المصدر: فی نفسه، فیرون ....
2- 2. فی المصدر: ذكر اللّٰه.
3- 3. فی المصدر: لعذیر.
4- 4. فی المصدر: و نذیر.
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 574.

أحدها أن الروح خلق من خلق اللّٰه تعالی علی صورة بنی آدم و لیسوا بناس و لیسوا بملائكة(1)

یقومون صفا و الملائكة صفا هؤلاء جند و هؤلاء جند عن مجاهد و قتادة و أبی صالح قال الشعبی هما(2) سماطا رب العالمین یوم القیامة سماط من الروح و سماط من الملائكة.

و ثانیها أن الروح ملك من الملائكة و ما خلق اللّٰه مخلوقا أعظم منه فإذا كان یوم القیامة قام هو وحده صفا و قامت الملائكة كلهم صفا واحدا فیكون عظم خلقه مثل صفهم عن ابن مسعود و عن عطاء عن ابن عباس.

و ثالثها أنه (3) أرواح الناس تقوم مع الملائكة فیما بین النفختین قبل أن ترد الأرواح إلی الأجساد عن عطیة عن ابن عباس.

و رابعها أنه جبرئیل علیه السلام عن الضحاك و قال وهب إن جبرئیل واقف بین یدی اللّٰه عز و جل ترعد فرائصه (4)

یخلق اللّٰه عز و جل من كل رعدة مائة ألف ملك فالملائكة صفوف بین یدی اللّٰه تعالی منكسو رءوسهم فإذا أذن اللّٰه لهم فی الكلام قالوا لا إله إلا أنت وَ قالَ صَواباً أی لا إله إلا اللّٰه وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: هُوَ مَلَكٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ (5).

و خامسها أن الروح بنو آدم عن الحسن و قوله صَفًّا معناه مصطفین (6).

و قال فی قوله وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً اختلف فی معناه علی وجوه أحدها أنه یعنی (7)

الملائكة الذین ینزعون أرواح الكفار عن أبدانهم

ص: 168


1- 1. فی المصدر: علی صورة بنی آدم و لیسوا بملائكة.
2- 2. السماط: الشی ء المصطف، و سماط القوم: صفهم.
3- 3. فی المصدر: ان ارواح.
4- 4. الفرائص:- بالصاد المهملة- جمع« الفریصة» و هی اللحمة بین الجنب و الكتف، و ارتعاد الفرائص كنایة عن الفزع الشدید.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 710.
6- 6. مجمع البیان: ج 10، ص 426.
7- 7. فی المصدر: یعنی به.

بالشدة كما یغرق (1)

النازع فی القوس فیبلغ بها غایة المد روی ذلك عن علی علیه السلام و غیره و قال مسروق هی الملائكة تنزع نفوس بنی آدم و قیل هو الموت ینزع النفوس عن مجاهد و روی ذلك عن الصادق علیه السلام.

و ثانیها أنها النجوم تنزع من أفق إلی أفق أی تطلع ثم تغیب قال أبو عبیدة تنزع من مطالعها و تغرق فی مغاربها.

و ثالثها النازعات القسی (2)

تنزع بالسهم و الناشطات الأوهاق (3) فالقسم بفاعلها و هم المجاهدون (4).

وَ النَّاشِطاتِ نَشْطاً فیه أیضا أقوال أحدها ما ذكرناه.

و ثانیها أنها الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بین الجلد و الأظفار حتی تخرجها من أجوافهم بالكرب و الغم عن علی علیه السلام و النشط الجذب یقال نشطت الدلو نشطا نزعته.

و ثالثها أنها الملائكة تنشط أنفس المؤمنین فتقبضها كما ینشط العقال من ید البعیر إذا حل عنها عن ابن عباس.

و رابعها أنها أنفس المؤمنین تنشط عند الموت للخروج عند رؤیة موضعه من الجنة عن ابن عباس أیضا.

و خامسها أنها النجوم تنشط من أفق إلی أفق أی تذهب یقال حمار ناشط.

وَ السَّابِحاتِ سَبْحاً فیه (5) أقوال أیضا

أحدها أنها الملائكة یقبضون أرواح المؤمنین یسلونها سلا رفیقا ثم

ص: 169


1- 1. أغرق و غرق فی القوس مدها غایة المد.
2- 2. القسی- بكسر القاف و السین و تشدید الیاء- جمع« قوس».
3- 3. الاوهاق، جمع« وهق» و هو حبل فی طرفه أنشوطة یطرح فی عنق الدابّة حتّی تؤخذ.
4- 4. فی المصدر: و هم الغزاة المجاهدون فی سبیل اللّٰه.
5- 5. فی المصدر: فیها.

یدعونها حتی تستریح كالسابح بالشی ء فی الماء یرمی به عن علی علیه السلام.

و ثانیها أنها الملائكة ینزلون عن السماء مسرعین و هذا كما یقال للفرس الجواد سابح إذا أسرع فی جریه.

و ثالثها أنها النجوم تسبح فی فلكها و قیل هی خیل الغزاة تسبح فی عدوها كقوله وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً و قیل هی السفن تسبح فی الماء.

فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً فیه (1)

أیضا أقوال:

أحدها أنها الملائكة لأنها سبقت ابن آدم بالخیر و الإیمان و العمل الصالح و قیل إنها تسبق الشیاطین بالوحی إلی الأنبیاء و قیل إنها تسبق بأرواح المؤمنین إلی الجنة عن علی علیه السلام.

و ثانیها أنها أنفس المؤمنین تسبق إلی الملائكة الذین یقبضونها و قد عاینت السرور شوقا إلی رحمة اللّٰه و لقاء ثوابه و كرامته.

و ثالثها أنها النجوم یسبق بعضها بعضا فی السیر.

و رابعها أنها الخیل یسبق بعضها بعضا فی الحرب.

فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً فیها أیضا أقوال أحدها أنها الملائكة تدبر أمر العباد من السنة إلی السنة عن علی علیه السلام.

و ثانیها أن المراد بذلك جبرئیل و میكائیل و ملك الموت و إسرافیل علیهم السلام یدبرون أمور الدنیا فأما جبرئیل علیه السلام فموكل بالریاح و الجنود و أما میكائیل فموكل بالقطر و النبات و أما ملك الموت فموكل بقبض الأنفس و أما إسرافیل فهو یتنزل بالأمر علیهم.

و ثالثها أنها الأفلاك یقع فیها أمر اللّٰه تعالی فیجری بها القضاء فی الدنیا رواه علی بن إبراهیم (2).

ص: 170


1- 1. فی المصدر: فیها.
2- 2. لم یوجد الروایة فی تفسیر القمّیّ، مجمع البیان: ج 10، ص 429.

و قال فی قوله تعالی فِی صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ أی هذا القرآن أو هذه التذكرة فی كتب معظمة عند اللّٰه و هی اللوح المحفوظ و قیل یعنی كتب الأنبیاء المنزلة علیهم مَرْفُوعَةٍ فی السماء السابعة و قیل مرفوعة قد رفعها اللّٰه عن دنس الأنجاس مُطَهَّرَةٍ لا یمسها إلا المطهرون

و قیل مصونة عن أن تنالها أیدی الكفرة لأنها فی أیدی الملائكة فی أعز مكان و قیل مطهرة من كل دنس و قیل مطهرة من الشك و الشبهة و التناقض بِأَیْدِی سَفَرَةٍ یعنی الكبة من الملائكة و قیل یعنی السفراء بالوحی بین اللّٰه تعالی و بین رسله من السفارة و قال قتادة هم القراء یكتبونها و یقرءونها

وَ رَوَی فُضَیْلُ بْنُ یَسَارٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: الْحَافِظُ لِلْقُرْآنِ الْعَامِلُ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ كِرامٍ عَلَی رَبِّهِمْ بَرَرَةٍ مُطِیعِینَ.

و قیل كِرامٍ عن المعاصی یرفعون أنفسهم عنها بَرَرَةٍ أی صالحین متقین (1).

«1»- الْإِحْتِجَاجُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام: فِیمَا احْتَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِهِ عَلَی الْمُشْرِكِینَ وَ الْمَلَكُ لَا تُشَاهِدُهُ حَواسُّكُمْ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْهَوَاءِ لَا عِیَانَ مِنْهُ وَ لَوْ شَاهَدْتُمُوهُ بِأَنْ یَزْدَادَ فِی قُوَی أَبْصَارِكُمْ لَقُلْتُمْ لَیْسَ هَذَا مَلَكاً بَلْ هَذَا بَشَرٌ الْخَبَرَ(2).

«2»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی خَبَرِ الْمِعْرَاجِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَعِدَ جَبْرَائِیلُ وَ صَعِدْتُ مَعَهُ إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ عَلَیْهَا مَلَكٌ یُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِیلُ وَ هُوَ صَاحِبُ الْخَطْفَةِ الَّذِی (3)

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (4) وَ تَحْتَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ تَحْتَ كُلِّ مَلَكٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ مَرَرْتُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ حَتَّی دَخَلْتُ السَّمَاءَ الدُّنْیَا فَمَا لَقِیَنِی مَلَكٌ إِلَّا ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً حَتَّی لَقِیَنِی مَلَكٌ

ص: 171


1- 1. مجمع البیان: ج 10، ص 438.
2- 2. الاحتجاج: 15.
3- 3. فی المصدرین: التی.
4- 4. الصافّات: 10.

مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ أَرَ خَلْقاً أَعْظَمَ مِنْهُ كَرِیهَ الْمَنْظَرِ ظَاهِرَ الْغَضَبِ (1)

فَقُلْتُ مَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ هَذَا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ مَرَرْتُ بِمَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جَالِسٍ عَلَی مَجْلِسٍ وَ إِذَا جَمِیعُ الدُّنْیَا بَیْنَ رُكْبَتَیْهِ وَ إِذَا بِیَدِهِ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ مَكْتُوبٌ فِیهِ كِتَابٌ یَنْظُرُ فِیهِ لَا یَلْتَفِتُ یَمِیناً وَ لَا شِمَالًا مُقْبِلًا عَلَیْهِ كَهَیْئَةِ الْحَزِینِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ رَأَیْتُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ جَعَلَ اللَّهُ أَمْرَهُ عَجِیباً نِصْفُ جَسَدِهِ النَّارُ وَ النِّصْفُ الْآخَرُ ثَلْجٌ فَلَا النَّارُ تُذِیبُ الثَّلْجَ وَ لَا الثَّلْجُ یُطْفِئُ النَّارَ وَ هُوَ یُنَادِی بِصَوْتٍ رَفِیعٍ وَ یَقُولُ سُبْحَانَ الَّذِی كَفَّ حَرَّ هَذِهِ النَّارِ فَلَا تُذِیبُ الثَّلْجَ وَ كَفَّ بَرْدَ هَذَا الثَّلْجِ فَلَا یُطْفِئُ حَرَّ هَذِهِ النَّارِ اللَّهُمَّ یَا مُؤَلِّفُ (2) بَیْنَ الثَّلْجِ وَ النَّارِ أَلِّفْ بَیْنَ قُلُوبِ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِینَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ مَلَكٌ وَكَّلَهُ اللَّهُ بِأَكْنَافِ السَّمَاءِ وَ أَطْرَافِ الْأَرَضِینَ وَ هُوَ أَنْصَحُ مَلَائِكَةِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ یَدْعُو لَهُمْ بِمَا تَسْمَعُ مُنْذُ خُلِقَ وَ رَأَیْتُ مَلَكَیْنِ یُنَادِیَانِ فِی السَّمَاءِ أَحَدُهُمَا یَقُولُ اللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفاً وَ الْآخَرُ یَقُولُ اللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُمْسِكٍ تَلَفاً ثُمَّ مَرَرْنَا بِمَلَائِكَةٍ مِنْ مَلَائِكَةِ

اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَهُمُ اللَّهُ كَیْفَ شَاءَ وَ وَضَعَ وُجُوهَهُمْ كَیْفَ شَاءَ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ أَطْبَاقِ أَجْسَادِهِمْ إِلَّا وَ هُوَ یُسَبِّحُ اللَّهَ وَ یُحَمِّدُهُ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ أَصْوَاتُهُمْ مُرْتَفِعَةٌ بِالتَّحْمِیدِ وَ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْیَةِ اللَّهِ فَسَأَلْتُ جَبْرَئِیلَ عَنْهُمْ فَقَالَ كَمَا تَرَی خُلِقُوا إِنَّ الْمَلَكَ مِنْهُمْ إِلَی جَنْبِ صَاحِبِهِ مَا كَلَّمَهُ كَلِمَةً قَطُّ وَ لَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ إِلَی مَا فَوْقَهَا وَ لَا خَفَضُوهَا إِلَی مَا تَحْتَهَا خَوْفاً لِلَّهِ وَ خُشُوعاً ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَی السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ فَإِذَا فِیهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ عَلَیْهِمُ الْخُشُوعُ وَ قَدْ وَضَعَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ كَیْفَ شَاءَ لَیْسَ مِنْهُمْ مَلَكٌ إِلَّا یُسَبِّحُ اللَّهَ وَ یُحَمِّدُهُ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ كَذَا السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَ إِذَا فِیهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْخُشُوعِ مِثْلُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ

ص: 172


1- 1. فی المصدر: فقال لی مثل ما قالوا من الدعاء إلّا أنّه لم یضحك و لم أر فیه من الاستبشار ما رأیت ممن ضحك من الملائكة فقلت ....
2- 2. كذا، و الصواب« مؤلّفا».

فَبَشَّرُونِی بِالْخَیْرِ لِی وَ لِأُمَّتِی ثُمَّ رَأَیْتُ مَلَكاً جَالِساً عَلَی سَرِیرٍ وَ تَحْتَ یَدَیْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ تَحْتَ كُلِّ مَلَكٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قَالَ وَ رَأَیْتُ مِنَ الْعَجَائِبِ الَّتِی خَلَقَ اللَّهُ وَ صَوَّرَ(1) عَلَی مَا أَرَادَهُ دِیكاً رِجْلَاهُ فِی تُخُومِ الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ وَ رَأْسُهُ عِنْدَ الْعَرْشِ وَ هُوَ مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ (2) خَلَقَهَا اللَّهُ كَمَا أَرَادَ رِجْلَاهُ فِی تُخُومِ الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ مُصْعِداً حَتَّی خَرَجَ فِی الْهَوَاءِ إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ انْتَهَی فِیهَا مُصْعِداً حَتَّی انْتَهَی قَرْنُهُ إِلَی قُرْبِ الْعَرْشِ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّی حَیْثُ مَا كُنْتُ لَا تَدْرِی أَیْنَ رَبُّكَ مِنْ عِظَمِ شَأْنِهِ وَ لَهُ جَنَاحَانِ فِی مَنْكِبَیْهِ إِذَا نَشَرَهُمَا جَاوَزَ الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ فَإِذَا كَانَ فِی السَّحَرِ نَشَرَ جَنَاحَیْهِ وَ خَفَقَ بِهِمَا وَ صَرَخَ بِالتَّسْبِیحِ یَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْكَبِیرِ الْمُتَعَالِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَیُّ الْقَیُّومُ وَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ سَبَّحَتْ دُیُوكُ الْأَرْضِ كُلُّهَا وَ خَفَقَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَ أَخَذَتْ بِالصُّرَاخِ (3)

فَإِذَا سَكَتَ ذَلِكَ الدِّیكُ فِی السَّمَاءِ سَكَتَ دُیُوكُ الْأَرْضِ كُلُّهَا وَ لِذَلِكَ الدِّیكِ زَغَبٌ أَخْضَرُ وَ رِیشٌ أَبْیَضُ كَأَشَدِّ بَیَاضٍ مَا رَأَیْتُهُ قَطُّ وَ لَهُ زَغَبٌ أَخْضَرُ أَیْضاً تَحْتَ رِیشِهِ الْأَبْیَضِ كَأَشَدِّ خُضْرَةٍ مَا رَأَیْتُهَا قَطُّ(4).

أقول: الخبر بطوله قد مضی فی باب المعراج.

«3»- التَّفْسِیرُ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ یَرْفَعُهُ إِلَی الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً فِی صُورَةِ الدِّیكِ الْأَمْلَحِ (5)

الْأَشْهَبِ بَرَاثِنُهُ فِی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَ عُرْفُهُ (6)

تَحْتَ الْعَرْشِ لَهُ جَنَاحَانِ جَنَاحٌ بِالْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ بِالْمَغْرِبِ

ص: 173


1- 1. فی المصدر: و سخر.
2- 2. فی المصدر: فی الملائكة.
3- 3. فی المصدر: فی الصیاح.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 369- 374. نقله مقطعا.
5- 5. فی المصدر: الابح.
6- 6. العرف- كالقفل-: لحمة مستطیلة فی أعلی رأس الدیك.

فَأَمَّا الْجَنَاحُ الَّذِی فِی الْمَشْرِقِ (1) فَمِنْ ثَلْجٍ وَ أَمَّا الْجَنَاحُ الَّذِی فِی الْمَغْرِبِ (2) فَمِنْ نَارٍ وَ كُلَّمَا حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَامَ عَلَی بَرَاثِنِهِ وَ رَفَعَ عُرْفَهُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ ثُمَّ أَمَالَ أَحَدَ جَنَاحَیْهِ عَلَی الْآخَرِ یُصَفِّقُ بِهِمَا كَمَا یُصَفِّقُ الدِّیَكَةُ فِی مَنَازِلِكُمْ فَلَا الَّذِی مِنَ الثَّلْجِ یُطْفِئُ النَّارَ وَ لَا الَّذِی مِنَ النَّارِ یُذِیبُ الثَّلْجَ ثُمَّ یُنَادِی بِأَعْلَی صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدَهُ (3) وَ رَسُولَهُ خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ أَنَّ وَصِیَّهُ خَیْرُ الْوَصِیِّینَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ فَلَا یَبْقَی فِی الْأَرْضِ دِیكٌ إِلَّا أَجَابَهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ (4).

«4»- وَ مِنْهُ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِی أَجْنِحَةٍ مَثْنی وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مُخْتَلِفَةً وَ قَدْ رَأَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَبْرَئِیلَ وَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ عَلَی سَاقِهِ الدُّرُّ مِثْلُ الْقَطْرِ عَلَی الْبَقْلِ قَدْ مَلَأَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ قَالَ إِذَا أَمَرَ اللَّهُ مِیكَائِیلَ بِالْهُبُوطِ إِلَی الدُّنْیَا صَارَتْ رِجْلُهُ الْیُمْنَی فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ الْأُخْرَی فِی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً أَنْصَافُهُمْ مِنْ بَرْدٍ وَ أَنْصَافُهُمْ مِنْ نَارٍ یَقُولُونَ یَا مُؤَلِّفُ (5)

بَیْنِ الْبَرْدِ وَ النَّارِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَی طَاعَتِكَ وَ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً بُعْدُ مَا بَیْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ (6)

إِلَی عَیْنَیْهِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامِ خَفَقَانِ (7)

الطَّیْرِ وَ قَالَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا یَأْكُلُونَ وَ لَا یَشْرَبُونَ وَ لَا یَنْكِحُونَ وَ إِنَّمَا یَعِیشُونَ بِنَسِیمِ الْعَرْشِ وَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً رُكَّعاً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سُجَّداً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ

ص: 174


1- 1. فی المصدر: بالمشرق.
2- 2. فی المصدر: بالمغرب.
3- 3. فی المصدر: رسول اللّٰه.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 359. و الآیة فی سورة.
5- 5. كذا، و الصواب« مؤلّفا».
6- 6. فی المصدر: اذنیه.
7- 7. فی المصدر: بخفقان.

عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا مِنْ شَیْ ءٍ خَلَقَهُ (1)

اللَّهُ أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إِنَّهُ لَیَهْبِطُ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَیَأْتُونَ الْبَیْتَ الْحَرَامَ فَیَطُوفُونَ بِهِ ثُمَّ یَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ یَأْتُونَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَیُسَلِّمُونَ عَلَیْهِ ثُمَّ یَأْتُونَ الْحُسَیْنَ فَیُقِیمُونَ عِنْدَهُ فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ(2)

وُضِعَ لَهُمْ مِعْرَاجٌ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ لَا یَعُودُونَ أَبَداً.

«5»- وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ إِسْرَافِیلَ وَ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ مِنْ سُبْحَةٍ وَاحِدَةٍ وَ جَعَلَ لَهُمُ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ مَوْجُودَ(3) الْعَقْلِ وَ سُرْعَةَ الْفَهْمِ.

«6»- وَ مِنْهُ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی خِلْقَةِ(4) الْمَلَائِكَةِ وَ مَلَائِكَةٌ(5) خَلَقْتَهُمْ وَ أَسْكَنْتَهُمْ سَمَاوَاتِكَ فَلَیْسَ فِیهِمْ فَتْرَةٌ وَ لَا عِنْدَهُمْ غَفْلَةٌ وَ لَا فِیهِمْ مَعْصِیَةٌ هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ وَ أَخْوَفُ خَلْقِكَ مِنْكَ وَ أَقْرَبُ خَلْقِكَ إِلَیْكَ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِكَ وَ لَا یَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُیُونِ وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ لَمْ یَسْكُنُوا الْأَصْلَابَ وَ لَمْ تَضُمَّهُمُ (6)

الْأَرْحَامُ وَ لَمْ تَخْلُقْهُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِینٍ أَنْشَأْتَهُمْ إِنْشَاءً فَأَسْكَنْتَهُمْ سَمَاوَاتِكَ وَ أَكْرَمْتَهُمْ بِجِوَارِكَ (7)

وَ ائْتَمَنْتَهُمْ عَلَی وَحْیِكَ وَ جَنَّبْتَهُمُ الْآفَاتِ وَ وَقَیْتَهُمُ الْبَلِیَّاتِ وَ طَهَّرْتَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ وَ لَوْ لَا تَقْوِیَتُكَ (8)

لَمْ یَقْوَوْا وَ لَوْ لَا تَثْبِیتُكَ لَمْ یَثْبُتُوا وَ لَوْ لَا رَحْمَتُكَ لَمْ یُطِیعُوا وَ لَوْ لَا أَنْتَ لَمْ یَكُونُوا أَمَا إِنَّهُمْ عَلَی مَكَانَتِهِمْ مِنْكَ وَ طَوَاعِیَتِهِمْ إِیَّاكَ وَ مَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ وَ قِلَّةِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ لَوْ عَایَنُوا مَا خَفِیَ عَنْهُمْ (9)

مِنْكَ لَاحْتَقَرُوا أَعْمَالَهُمْ وَ لَأَزْرَوْا عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَعَلِمُوا أَنَّهُمْ لَمْ یَعْبُدُوكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ سُبْحَانَكَ

ص: 175


1- 1. فی المصدر: مما خلق اللّٰه.
2- 2. فی المصدر: عند السحر.
3- 3. كذا فی جمیع النسخ، و فی المصدر« جودة العقل».
4- 4. فی المصدر: خلق.
5- 5. فی المصدر: و من ملائكة.
6- 6. فی المصدر: لم تتضمنهم.
7- 7. بجودك( خ).
8- 8. فی المصدر: قوتك.
9- 9. فی المصدر: علیهم.

خَالِقاً وَ مَعْبُوداً مَا أَحْسَنَ بَلَاءَكَ عِنْدَ خَلْقِكَ (1).

بیان: فی القاموس الطواعیة الطاعة(2)

و قال زری علیه زریا و زرایة و مزریة عابه و عاتبه كأزری لكنه قلیل (3).

«7»- التَّفْسِیرُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ هَلِ الْمَلَائِكَةُ أَكْثَرُ أَمْ بَنُو آدَمَ فَقَالَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَمَلَائِكَةُ اللَّهِ فِی السَّمَاوَاتِ (4)

أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ التُّرَابِ فِی الْأَرْضِ وَ مَا فِی السَّمَاءِ مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَ فِیهَا مَلَكٌ یُسَبِّحُهُ وَ یُقَدِّسُهُ وَ لَا فِی الْأَرْضِ شَجَرٌ وَ لَا مَدَرٌ إِلَّا وَ فِیهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا یَأْتِی اللَّهُ كُلَّ یَوْمٍ بِعَمَلِهَا وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا وَ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ یَتَقَرَّبُ كُلَّ یَوْمٍ إِلَی اللَّهِ بِوَلَایَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یَسْتَغْفِرُ لِمُحِبِّینَا وَ یَلْعَنُ أَعْدَاءَنَا وَ یَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یُرْسِلَ عَلَیْهِمُ الْعَذَابَ إِرْسَالًا(5).

البصائر، عن علی بن محمد عن القاسم بن محمد الأصبهانی: مثله.

«8»- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّیْخِ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ إِنَّهُ لَیَنْزِلُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَیَأْتُونَ الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ فَیَطُوفُونَ بِهِ فَإِذَا هُمْ طَافُوا بِهِ نَزَلُوا فَطَافُوا بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا طَافُوا بِهَا أَتَوْا قَبْرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ ثُمَّ أَتَوْا قَبْرَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ ثُمَّ أَتَوْا قَبْرَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ ثُمَّ عَرَجُوا وَ یَنْزِلُ مِثْلُهُمْ أَبَداً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«9»- وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ زَارَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَارِفاً بِحَقِّهِ غَیْرَ مُتَجَبِّرٍ وَ لَا

ص: 176


1- 1. تفسیر القمّیّ: 543- 544.
2- 2. القاموس: ج 3 ص 60.
3- 3. القاموس: ج 4، ص 338.
4- 4. كذا فی المصدر: لكن فی نسختین من الكتاب« فی الأرض».
5- 5. تفسیر القمّیّ: 583.

مُتَكَبِّرٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ مِائَةِ أَلْفِ شَهِیدٍ وَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ وَ بُعِثَ مِنَ الْآمِنِینَ وَ هَوَّنَ عَلَیْهِ الْحِسَابَ وَ اسْتَقْبَلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَإِذَا انْصَرَفَ شَیَّعَتْهُ إِلَی مَنْزِلِهِ فَإِنْ مَرِضَ عَادُوهُ وَ إِنْ مَاتَ تَبِعُوهُ بِالاسْتِغْفَارِ إِلَی قَبْرِهِ.

«10»- الْخِصَالُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَزْوِینِیِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ مَقْبُرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْأَحْوَلِ عَنْ خَلَّادٍ الْمِنْقَرِیِ (1)

عَنْ قَیْسٍ عَنْ أَبِی حُصَیْنٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ وَثَّابٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عَلَی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ تَعْوِیذَانِ حَشْوُهُمَا مِنْ زَغَبِ جَنَاحِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام (2).

«11»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَانِی فَقَالَ إِنَّا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَیْتاً فِیهِ كَلْبٌ وَ لَا تِمْثَالُ جَسَدٍ وَ لَا إِنَاءٌ یُبَالُ فِیهِ (3).

الكافی، عن أبی علی الأشعری عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان: مثله (4) بیان لعله مخصوص بغیر الحفظة مع أنه یمكن أن یكونوا مع عدم الدخول أیضا مطلعین علی ما یصدر عنه.

«12»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بِإِسْنَادِهِ یَرْفَعُهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْمَلَائِكَةُ عَلَی ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ فَجُزْءٌ لَهُمْ جَنَاحَانِ وَ جُزْءٌ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَجْنِحَةٍ وَ جُزْءٌ لَهُمْ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ(5).

ص: 177


1- 1. فی المصدر: المقری.
2- 2. الخصال: 33.
3- 3. الخصال: 66.
4- 4. الكافی: ج 3، ص 393.
5- 5. الخصال: 72.

الكافی، عن عدة من أصحابه عن سعد بن زیاد و علی بن إبراهیم عن أبیه جمیعا عن ابن محبوب عن عبد اللّٰه بن طلحة: مثله (1) بیان لعل المراد أن أكثر الملائكة كذلك فلا ینافی ما ورد من كثرة أجنحة بعض الملائكة.

«13»- التَّوْحِیدُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی مَنْصُورٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قُدْرَةِ اللَّهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ فَقَامَ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَائِكَةً لَوْ أَنَّ مَلَكاً مِنْهُمْ هَبَطَ إِلَی الْأَرْضِ مَا وَسِعَتْهُ لِعِظَمِ خَلْقِهِ وَ كَثْرَةِ أَجْنِحَتِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ كُلِّفَتِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ أَنْ یَصِفُوهُ مَا وَصَفُوهُ لِبُعْدِ مَا بَیْنَ مَفَاصِلِهِ وَ حُسْنِ تَرْكِیبِ صُورَتِهِ وَ كَیْفَ یُوصَفُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ مَنْ سَبْعُمِائَةِ عَامٍ مَا بَیْنَ مَنْكِبَیْهِ وَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ (2)

وَ مِنْهُمْ مَنْ یَسُدُّ الْأُفُقَ بِجَنَاحٍ مِنْ أَجْنِحَتِهِ دُونَ عِظَمِ یَدَیْهِ (3) وَ مِنْهُمْ مَنِ السَّمَاوَاتُ إِلَی حُجْزَتِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ قَدَمُهُ عَلَی غَیْرِ قَرَارٍ فِی جَوِّ الْهَوَاءِ الْأَسْفَلِ وَ الْأَرَضُونَ إِلَی رُكْبَتَیْهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أُلْقِیَ فِی نُقْرَةِ إِبْهَامِهِ جَمِیعُ الْمِیَاهِ لَوَسِعَتْهَا وَ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أُلْقِیَتِ السُّفُنُ فِی دُمُوعِ عَیْنَیْهِ لَجَرَتْ دَهْرَ الدَّاهِرِینَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ (4).

«14»- الْعُیُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یُوسُفَ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ دَارِمِ بْنِ قَبِیصَةَ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِلَّهِ دِیكاً عُرْفُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ رِجْلَاهُ فِی تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَی إِذَا كَانَ فِی الثُّلُثِ الْأَخِیرِ مِنَ اللَّیْلِ سَبَّحَ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ بِصَوْتٍ یَسْمَعُهُ

ص: 178


1- 1. روضة الكافی: 272.
2- 2. فی التوحید: اذنیه.
3- 3. فی المصدرین: بدنه.
4- 4. الخصال: 36، التوحید: 201.

كُلُّ شَیْ ءٍ مَا خَلَا الثَّقَلَیْنِ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ فَتَصِیحُ عِنْدَ ذَلِكَ دِیَكَةُ الدُّنْیَا(1).

«15»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ فِیمَا سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ مَا عِلَّةُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِعِبَادِهِ یَكْتُبُونَ عَلَیْهِمْ وَ لَهُمْ وَ اللَّهُ عَالِمُ السِّرِّ وَ مَا هُوَ أَخْفَی قَالَ اسْتَعْبَدَهُمْ بِذَلِكَ وَ جَعَلَهُمْ شُهُوداً عَلَی خَلْقِهِ لِیَكُونَ الْعِبَادُ لِمُلَازَمَتِهِمْ إِیَّاهُمْ أَشَدَّ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ مُوَاظَبَةً أَوْ عَنْ مَعْصِیَتِهِ أَشَدَّ انْقِبَاضاً وَ كَمْ مِنْ عَبْدٍ یَهُمُّ بِمَعْصِیَةٍ فَذَكَرَ مَكَانَهَا فَارْعَوَی وَ كَفَّ فَیَقُولُ رَبِّی یَرَانِی وَ حَفَظَتِی عَلَیَّ بِذَلِكَ تَشْهَدُ وَ إِنَّ اللَّهَ بِرَأْفَتِهِ وَ لُطْفِهِ أَیْضاً وَكَلَهُمْ بِعِبَادِهِ یَذُبُّونَ عَنْهُمْ مَرَدَةَ الشَّیَاطِینِ وَ هَوَامَّ الْأَرْضِ وَ آفَاتٍ كَثِیرَةً مِنْ حَیْثُ لَا یَرَوْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ إِلَی أَنْ یَجِی ءَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (2).

«16»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ یَقُولُ بِأَمْرِ اللَّهِ مِنْ أَنْ یَقَعَ فِی رَكِیٍّ أَوْ یَقَعَ عَلَیْهِ حَائِطٌ أَوْ یُصِیبُهُ شَیْ ءٌ حَتَّی إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّوْا بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ یَدْفَعُونَهُ إِلَی الْمَقَادِیرِ وَ هُمَا مَلَكَانِ یَحْفَظَانِهِ بِاللَّیْلِ وَ مَلَكَانِ یَحْفَظَانِهِ بِالنَّهَارِ یَتَعَاقَبَانِ (3).

بیان: الركی جمع الركیة و هو البئر.

«17»- التَّفْسِیرُ،: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّهَا قُرِئَتْ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِقَارِئِهَا أَ لَسْتُمْ عُرْباً كَیْفَ تَكُونُ الْمُعَقِّبَاتُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ إِنَّمَا الْمُعَقِّبُ مِنْ خَلْفِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ كَیْفَ هَذَا فَقَالَ إِنَّمَا نَزَلَتْ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ خَلْفِهِ وَ رَقِیبٌ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ یَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ مَنِ الَّذِی یَقْدِرُ أَنْ یَحْفَظَ الشَّیْ ءَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِالنَّاسِ (4).

ص: 179


1- 1. العیون: ج 2، ص 72.
2- 2. الاحتجاج: 191. و ستأتی الروایة ....
3- 3. القمّیّ: 337.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 337.

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی الشواذ قراءة أبی البرهشم (1) لَهُ مُعَقِّباتٌ (2) مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ و رقباء من خلفه یحفظونه بأمر اللّٰه

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ خَلْفِهِ وَ رَقِیبٌ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ یَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ.

وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ عِكْرِمَةَ وَ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ: یَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ (3).

«18»- التَّوْحِیدُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ زِیَادٍ الْقَنْدِیِّ عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَكاً بُعْدُ مَا بَیْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَی عُنُقِهِ (4) مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامِ خَفَقَانِ الطَّیْرِ(5).

الكافی، عن العدة عن أحمد بن محمد عن بعض أصحابه عن القندی: مثله (6) بیان قال الجوهری خفقت الرایة تخفق و تخفق خفقا و خفقانا و كذلك القلب و السراب إذا اضطربا و یقال خفق الطیر(7)

أی طار و أخفق إذا ضرب بجناحیه (8).

«19»- التَّوْحِیدُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَائِكَةً أَنْصَافُهُمْ مِنْ بَرْدٍ وَ أَنْصَافُهُمْ مِنْ نَارٍ یَقُولُونَ

ص: 180


1- 1. فی المصدر: أبی البرهسم، و فی القاموس( ج 4- ص 80) أبو البرهسم كسفرجل عنوان ابن عثمان الزبیدیّ ذو القراءات الشواذ.
2- 2. فی المصدر: معاقیب.
3- 3. مجمع البیان: ج 6، ص 279.
4- 4. فی المصدر: إلی عاتقه.
5- 5. التوحید: ص 204.
6- 6. روضة الكافی: 272.
7- 7. فی المصدر: الطائر.
8- 8. الصحاح: ج 4، ص 1469.

یَا مُؤَلِّفاً بَیْنَ الْبَرْدِ وَ النَّارِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَی طَاعَتِكَ (1).

«20»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَسْوَارِیِّ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْدَعِیِّ عَنْ عَدِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْبَاقِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی دِیكاً رِجْلَاهُ فِی تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَی وَ رَأْسُهُ عِنْدَ الْعَرْشِ بَاقِی عُنُقِهِ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَی وَ رِجْلَاهُ فِی تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ مَضَی مُصْعِداً فِیهَا مَدَّ الْأَرَضِینَ حَتَّی خَرَجَ مِنْهَا إِلَی أُفُقِ السَّمَاءِ ثُمَّ مَضَی فِیهَا مُصْعِداً حَتَّی انْتَهَی قَرْنُهُ إِلَی الْعَرْشِ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَكَ رَبِّی وَ لِذَلِكَ (2)

الدِّیكِ جَنَاحَانِ إِذَا نَشَرَهُمَا جَاوَزَا الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ فَإِذَا كَانَ فِی آخِرِ اللَّیْلِ نَشَرَ جَنَاحَیْهِ وَ خَفَقَ بِهِمَا وَ صَرَخَ بِالتَّسْبِیحِ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْكَبِیرِ الْمُتَعَالِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَبَّحَتْ دِیَكَةُ الْأَرْضِ كُلُّهَا وَ خَفَقَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَ أَخَذَتْ فِی الصُّرَاخِ فَإِذَا سَكَنَ ذَلِكَ الدِّیكُ فِی السَّمَاءِ سَكَنَتِ الدِّیَكَةُ فِی الْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ فِی بَعْضِ السَّحَرِ نَشَرَ جَنَاحَیْهِ فَجَاوَزَا الْمَشْرِقَ وَ الْمَغْرِبَ وَ خَفَقَ بِهِمَا وَ صَرَخَ بِالتَّسْبِیحِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَزِیزِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِیمِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْقَهَّارِ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِی الْعَرْشِ الْمَجِیدِ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِی الْعَرْشِ الرَّفِیعِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَبَّحَتْ دِیَكَةُ الْأَرْضِ فَإِذَا هَاجَ هَاجَتِ الدِّیَكَةُ فِی الْأَرْضِ تُجَاوِبُهُ بِالتَّسْبِیحِ وَ التَّقْدِیسِ لِلَّهِ تَعَالَی وَ لِذَلِكَ الدِّیكِ رِیشٌ أَبْیَضُ كَأَشَدِّ

بَیَاضٍ مَا رَأَیْتُهُ قَطُّ لَهُ زَغَبٌ أَخْضَرُ تَحْتَ رِیشِهِ الْأَبْیَضِ كَأَشَدِّ خُضْرَةٍ مَا رَأَیْتُهَا قَطُّ فَمَا زِلْتُ مُشْتَاقاً إِلَی أَنْ أَنْظُرَ إِلَی رِیشِ ذَلِكَ الدِّیكِ (3).

بیان: قال الجوهری التخم منتهی كل قریة أو أرض و الجمع تخوم (4)

ص: 181


1- 1. التوحید: 205.
2- 2. فی المصدر: و إن لذلك الدیك جناحین.
3- 3. التوحید: 202- 203.
4- 4. الصحاح: ج 1، ص 143.

و ملك أی و هو ملك و فی بعض النسخ و ملكا فیكون عطف تفسیر لقوله دیكا و الصراخ الصوت و الزغب الشعیرات الصفر علی ریش الفرخ ذكره الجوهری (1).

«21»- التَّوْحِیدُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ نِصْفُ جَسَدِهِ الْأَعْلَی نَارٌ وَ نِصْفُهُ الْأَسْفَلُ الثَّلْجُ فَلَا النَّارُ تُذِیبُ الثَّلْجَ وَ لَا الثَّلْجُ یُطْفِئُ النَّارَ وَ هُوَ قَائِمٌ یُنَادِی بِصَوْتٍ لَهُ رَفِیعٍ سُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِی كَفَّ حَرَّ هَذِهِ النَّارِ فَلَا تُذِیبُ هَذَا الثَّلْجَ وَ كَفَّ بَرْدَ هَذَا الثَّلْجِ فَلَا یُطْفِئُ حَرَّ هَذِهِ النَّارِ اللَّهُمَّ یَا مُؤَلِّفاً بَیْنَ الثَّلْجِ وَ النَّارِ أَلِّفْ بَیْنَ قُلُوبِ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی طَاعَتِكَ (2).

«22»- وَ مِنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَائِكَةً لَیْسَ شَیْ ءٌ مِنْ أَطْبَاقِ أَجْسَادِهِمْ إِلَّا وَ هُوَ یُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَی وَ یُحَمِّدُهُ مِنْ نَاحِیَتِهِ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا یَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَی السَّمَاءِ وَ لَا یَخْفِضُونَهَا إِلَی أَقْدَامِهِمْ مِنَ الْبُكَاءِ وَ الْخَشْیَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (3).

«23»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَلْ فِی السَّمَاءِ بِحَارٌ قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ فِی السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ لَبِحَاراً عُمْقُ أَحَدِهَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فِیهَا مَلَائِكَةٌ قِیَامٌ مُنْذُ خَلَقَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْمَاءُ إِلَی رُكَبِهِمْ لَیْسَ مِنْهُمْ مَلَكٌ إِلَّا وَ لَهُ أَلْفٌ وَ أَرْبَعُمِائَةِ جَنَاحٍ فِی كُلِّ جَنَاحٍ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ فِی كُلِّ وَجْهٍ أَرْبَعَةُ الْسُنٍ لَیْسَ فِیهَا جَنَاحٌ وَ لَا وَجْهٌ وَ لَا لِسَانٌ وَ لَا فَمٌ إِلَّا وَ هُوَ یُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَی بِتَسْبِیحٍ لَا یُشْبِهُ نَوْعٌ مِنْهُ صَاحِبَهُ (4).

ص: 182


1- 1. الصحاح: ج 5، ص 1877.
2- 2. التوحید: 203.
3- 3. التوحید: 203.
4- 4. التوحید: 204.

«24»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ ابْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الشَّعِیرِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: جَاءَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ إِنَّ فِی كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی لآَیَةً قَدْ أَفْسَدَتْ عَلَی قَلْبِی وَ شَكَّكَتْنِی فِی دِینِی فَقَالَ لَهُ علیه السلام ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَ عَدِمَتْكَ وَ مَا تِلْكَ (1) الْآیَةُ قَالَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ (2) فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ فِی صُوَرٍ شَتَّی أَلَا إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَی مَلَكاً فِی صُورَةِ دِیكٍ (3) أَبَجَّ أَشْهَبَ بَرَاثِنُهُ فِی الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ السُّفْلَی وَ عُرْفُهُ مَثْنِیٌّ تَحْتَ الْعَرْشِ لَهُ جَنَاحَانِ جَنَاحٌ فِی الْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ فِی الْمَغْرِبِ وَاحِدٌ مِنْ نَارٍ وَ الْآخَرُ مِنْ ثَلْجٍ فَإِذَا حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَامَ عَلَی بَرَاثِنِهِ ثُمَّ رَفَعَ عُنُقَهُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ ثُمَّ صَفَقَ بِجَنَاحَیْهِ كَمَا تَصْفِقُ الدُّیُوكُ فِی مَنَازِلِكُمْ فَیُنَادِی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً سَیِّدُ(4) النَّبِیِّینَ وَ أَنَّ وَصِیَّهُ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ أَنَّ اللَّهَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ قَالَ فَتَخْفِقُ الدِّیَكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا فِی مَنَازِلِكُمْ فَتُجِیبُهُ عَنْ قَوْلِهِ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ مِنَ الدِّیَكَةِ فِی الْأَرْضِ (5).

الإحتجاج، عن الأصبغ: مثله (6)

بیان: دیك أبج فی بعض النسخ بالباء الموحدة و الجیم و هو واسع ماق العین ذكره الجوهری و فی بعضها بالحاء المهملة من البحة و هی غلظة الصوت

ص: 183


1- 1. فی الاحتجاج: و ما هی.
2- 2. فی الاحتجاج: فما هذا الصف؟ و ما هذه الطیور؟ و ما هذه الصلاة؟ و ما هذا التسبیح؟.
3- 3. فی المصدرین: أبح.
4- 4. فی الاحتجاج: أن محمّدا عبده و رسوله.
5- 5. التوحید: 205.
6- 6. الاحتجاج: 121.

و قد مر فی التفسیر أملح و الملحة بیاض یخالطه السواد فالأشهب تفسیر إذ الشهبة بیاض یصدعه سواد و البرثن الكف مع الأصابع و مخلب الأسد و الصفق الضرب یسمع له صوت و الآیة سیأتی تفسیرها المشهور.

«25»- التَّوْحِیدُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی حَیَّانَ التَّیْمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ یَتَرَدَّی فِی بِئْرٍ أَوْ یَقَعَ عَلَیْهِ حَائِطٌ أَوْ یُصِیبَهُ سُوءٌ فَإِذَا حَانَ أَجَلُهُ خَلَّوْا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَا یُصِیبُهُ الْخَبَرَ(1).

«26»- الْبَصَائِرُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّیَّارِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِیِّ وَ غَیْرِهِ رَفَعُوهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْكَرُوبِیِّینَ قَوْمٌ مِنْ شِیعَتِنَا مِنَ الْخَلْقِ الْأَوَّلِ جَعَلَهُمُ اللَّهُ خَلْفَ الْعَرْشِ لَوْ قُسِمَ نُورُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ لَكَفَاهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مُوسَی علیه السلام لَمَّا أَنْ سَأَلَ رَبَّهُ مَا سَأَلَ أَمَرَ وَاحِداً مِنَ الْكَرُوبِیِّینَ فَتَجَلَّی لِلْجَبَلِ فَ جَعَلَهُ دَكًّا.

السرائر، عن السیاری: مثله (2).

«27»- إِكْمَالُ الدِّینِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ الزَّهْرَانِیِّ عَنْ جَرِیرٍ عَنْ لَیْثِ بْنِ أَبِی سُلَیْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَلَكاً یُقَالُ لَهُ دَرْدَائِیلُ كَانَ لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ جَنَاحٍ مَا بَیْنَ الْجَنَاحِ إِلَی الْجَنَاحِ هَوَاءٌ وَ الْهَوَاءُ كَمَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَجَعَلَ یَوْماً یَقُولُ فِی نَفْسِهِ أَ فَوْقَ رَبِّنَا جَلَّ جَلَالُهُ شَیْ ءٌ فَعَلِمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَا قَالَ فَزَادَهُ أَجْنِحَةً مِثْلَهَا فَصَارَ لَهُ اثْنَانِ وَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ جَنَاحٍ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ أَنْ طِرْ فَطَارَ مِقْدَارَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَلَمْ یَنَلْ رَأْسُهُ قَائِمَةً مِنْ قَوَائِمِ

ص: 184


1- 1. التوحید:
2- 2. مستطرفات السرائر: ص 5.

الْعَرْشِ فَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِتْعَابَهُ أَوْحَی إِلَیْهِ أَیُّهَا الْمَلَكُ عُدْ إِلَی مَكَانِكَ فَأَنَا عَظِیمٌ فَوْقَ كُلِّ عَظِیمٍ وَ لَیْسَ فَوْقِی شَیْ ءٌ وَ لَا أُوصَفُ بِمَكَانٍ فَسَلَبَهُ اللَّهُ أَجْنِحَتَهُ وَ مَقَامَهُ مِنْ صُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام هَبَطَ جَبْرَئِیلُ فِی أَلْفِ قَبِیلٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِتَهْنِئَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَرَّ بِدَرْدَائِیلَ فقاله [فَقَالَ لَهُ] سَلِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بِحَقِّ مَوْلُودِهِ أَنْ یَشْفَعَ لِی عِنْدَ رَبِّی فَدَعَا لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِحَقِّ الْحُسَیْنِ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَ رَدَّ عَلَیْهِ أَجْنِحَتَهُ وَ رَدَّهُ إِلَی مَكَانِهِ.

أقول: تمامه فی باب ولادة الحسین علیه السلام بیان أ فوق ربنا لعله كان ذلك بمحض خطور البال بغیر شك لئلا ینافی العصمة(1)

و الجلالة.

«28»- الْإِكْمَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَی الْوَرَّاقِ عَنْ یُونُسَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: قَالَ لِی بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَخْبِرْنِی عَنِ الْمَلَائِكَةِ أَ یَنَامُونَ قُلْتُ لَا أَدْرِی قَالَ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ (2) ثُمَّ قَالَ لَا أُطْرِفُكَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ بِشَیْ ءٍ؟ فَقُلْتُ بَلَی فَقَالَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَا مِنْ حَیٍّ إِلَّا وَ هُوَ یَنَامُ [مَا] خَلَا اللَّهَ وَحْدَهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْمَلَائِكَةُ یَنَامُونَ فَقُلْتُ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ قَالَ أَنْفَاسُهُمْ تَسْبِیحٌ.

«29»- الْخَرَائِجُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ خَیْثَمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: نَحْنُ الَّذِینَ تَخْتَلِفُ الْمَلَائِكَةُ إِلَیْنَا فَمِنَّا مَنْ یَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ لَا یَرَی الصُّورَةَ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتُزَاحِمُنَا عَلَی تُكَأَتِنَا وَ إِنَّا لَنَأْخُذُ مِنْ زَغَبِهِمْ فَنَجْعَلُهُ سِخَاباً لِأَوْلَادِنَا.

بیان: التكأة كهمزة ما یتكأ علیه قاله الجوهری و قال السخاب

ص: 185


1- 1. العظمة( خ).
2- 2. الأنبیاء: 20.

قلادة تتخذ من سك غیره لیس فیها من الجوهر شی ء و الجمع سخب.

«30»- الْخَرَائِجُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا(1) فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَرُبَّمَا وَسَّدْنَاهُمُ الْوَسَائِدَ فِی مَنَازِلِنَا قِیلَ الْمَلَائِكَةُ تَظْهَرُ لَكُمْ فَقَالَ هُمْ أَلْطَفُ بِصِبْیَانِنَا مِنَّا بِهِمْ وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی مَسَاوِرَ فِی الْبَیْتِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَطَالَ مَا اتَّكَأَتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ وَ رُبَّمَا الْتَقَطْنَا مِنْ زَغَبِهَا.

بیان: فی القاموس المسور كمنبر متكأ من أدم كالمسورة(2).

«31»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (3) ثُمَّ قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَكَانِ یَحْفَظَانِهِ فَإِذَا جَاءَ الْأَمْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَلَّیَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَمْرِ اللَّهِ.

«32»- الْمَنَاقِبُ،: سَأَلَ الصَّادِقُ علیه السلام أَبَا حَنِیفَةَ أَیْنَ مَقْعَدُ الْكَاتِبَیْنِ قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ مَقْعَدُهُمَا عَلَی النَّاجِدَیْنِ وَ الْفَمُ الدَّوَاةُ وَ اللِّسَانُ الْقَلَمُ وَ الرِّیقُ الْمِدَادُ(4).

بیان: یحتمل أن یكون المراد فم الملك و لسانه و ریقه و لو كان المراد تلك أعضاء من الإنسان فیمكن أن یكون بمحض تكلمه ینقش فی ألواحهم فیكون مخصوصا بالكلام.

«33»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ صَالِحٍ (5) الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِی أُسَامَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ رَجُلٌ مَا السُّنَّةُ فِی دُخُولِ الْخَلَاءِ قَالَ یَذْكُرُ اللَّهَ وَ یَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّیْطَانِ

ص: 186


1- 1. فصّلت: 30.
2- 2. القاموس: ج 2، ص 53.
3- 3. الرعد: 12.
4- 4. المناقب: ج 4، ص 253.
5- 5. عن صباح الحذاء( خ).

الرَّجِیمِ فَإِذَا فَرَغْتَ قُلْتَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَخْرَجَ مِنِّی الْأَذَی فِی یُسْرٍ وَ عَافِیَةٍ قَالَ رَجُلٌ فَالْإِنْسَانُ یَكُونُ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ وَ لَا یَصِیرُ(1) حَتَّی یَنْظُرَ إِلَی مَا یَخْرُجُ مِنْهُ قَالَ إِنَّهُ لَیْسَ فِی الْأَرْضِ آدَمِیٌّ إِلَّا وَ مَعَهُ مَلَكَانِ مُوَكَّلَانِ بِهِ فَإِذَا كَانَ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ ثَنَّیَا بِرَقَبَتِهِ ثُمَّ قَالا یَا ابْنَ آدَمَ انْظُرْ إِلَی مَا كُنْتَ تَكْدَحُ لَهُ فِی الدُّنْیَا إِلَی مَا هُوَ صَائِرٌ(2).

«34»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا صعدا [صَعِدَ] مَلَكَا الْعَبْدِ الْمَرِیضِ إِلَی السَّمَاءِ عِنْدَ كُلِّ مَسَاءٍ یَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَا ذَا كَتَبْتُمَا لِعَبْدِی فِی مَرَضِهِ فَیَقُولَانِ الشِّكَایَةَ فَیَقُولُ مَا أَنْصَفْتُ عَبْدِی إِنْ حَبَسْتُهُ فِی حَبْسٍ مِنْ حَبْسِی ثُمَّ أَمْنَعُهُ الشِّكَایَةَ اكْتُبَا لِعَبْدِی مِثْلَ مَا كُنْتُمَا تَكْتُبَانِ لَهُ مِنَ الْخَیْرِ فِی صِحَّتِهِ لَا تَكْتُبَا عَلَیْهِ سَیِّئَةً حَتَّی أُطْلِقَهُ مِنْ حَبْسِی فَإِنَّهُ فِی حَبْسٍ مِنْ حَبْسِی (3).

«35»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ دُرُسْتَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا إِبْرَاهِیمَ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا مَرِضَ الْمُؤْمِنُ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی صَاحِبِ الشِّمَالِ لَا تَكْتُبْ عَلَی عَبْدِی مَا دَامَ فِی حَبْسِی وَ وَثَاقِی ذَنْباً وَ یُوحِی إِلَی صَاحِبِ الْیَمِینِ أَنِ اكْتُبْ لِعَبْدِی مَا كُنْتَ تَكْتُبُ لَهُ فِی صِحَّتِهِ مِنَ الْحَسَنَاتِ (4).

«36»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ عَادَ مَرِیضاً مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَبَداً سَبْعِینَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَغْشَوْنَ رَحْلَهُ وَ یُسَبِّحُونَ فِیهِ وَ یُقَدِّسُونَ وَ یُهَلِّلُونَ وَ یُكَبِّرُونَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ نِصْفُ صَلَاتِهِمْ لِعَائِدِ الْمَرِیضِ (5).

ص: 187


1- 1. فی المخطوطة و المصدر: و لا یصبر.
2- 2. الكافی: ج 3، ص 69- 70.
3- 3. الكافی: ج 3، ص 114.
4- 4. الكافی: ج 3، ص 114.
5- 5. الكافی: ج 3، ص 120.

«37»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ (1) أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ مِهْرَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ الْمَیِّتَ إِذَا مَاتَ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً إِلَی أَوْجَعِ أَهْلِهِ فَمَسَحَ عَلَی قَلْبِهِ فَأَنْسَاهُ لَوْعَةَ الْحُزْنِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ تُعْمَرِ الدُّنْیَا(2).

«38»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ جَبْرَئِیلُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَیْتاً فِیهِ صُورَةُ إِنْسَانٍ وَ لَا بَیْتاً یُبَالُ فِیهِ وَ لَا بَیْتاً فِیهِ كَلْبٌ (3).

«39»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ (4) بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: حَدَّثَنِی جَبْرَئِیلُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَهْبَطَ إِلَی الْأَرْضِ مَلَكاً فَأَقْبَلَ ذَلِكَ الْمَلَكُ یَمْشِی حَتَّی وَقَعَ إِلَی بَابٍ عَلَیْهِ رَجُلٌ یَسْتَأْذِنُ عَلَی رَبِّ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ مَا حَاجَتُكَ إِلَی رَبِّ هَذِهِ الدَّارِ قَالَ أَخٌ لِی مُسْلِمٌ زُرْتُهُ فِی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ لَهُ الْمَلَكُ مَا جَاءَ بِكَ إِلَّا ذَاكَ فَقَالَ مَا جَاءَ بِی إِلَّا ذَاكَ قَالَ فَإِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكَ وَ هُوَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ وَجَبَتْ لَكَ الْجَنَّةُ وَ قَالَ الْمَلَكُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ أَیُّمَا مُسْلِمٍ زَارَ مُسْلِماً فَلَیْسَ إِیَّاهُ زَارَ إِیَّایَ زَارَ وَ ثَوَابُهُ عَلَیَّ الْجَنَّةُ(5).

«40»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی قُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: مَنْ زَارَ(6)

أَخَاهُ فِی اللَّهِ فِی مَرَضٍ أَوْ صِحَّةٍ لَا یَأْتِیهِ خِدَاعاً وَ لَا اسْتِبْدَالًا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِینَ أَلْفَ مَلَكٍ یُنَادُونَ

ص: 188


1- 1. فی المصدر: محمّد بن یحیی عن محمّد بن الحسین عن عثمان بن عیسی.
2- 2. الكافی: ج 3، ص 228.
3- 3. الكافی: ج 3، ص 393.
4- 4. كذا فی نسخ البحار، و فی المصدر« علی بن إبراهیم، عن أبیه عن حماد بن عیسی عن إبراهیم بن عمر الیمانیّ» و هو الصواب.
5- 5. الكافی: ج 2، ص 176.
6- 6. فی بعض النسخ: ما زار أخاه ... إلا وكل اللّٰه به ....

فِی قَفَاهُ أَنْ طِبْتَ وَ طَابَتْ لَكَ الْجَنَّةُ فَأَنْتُمْ زُوَّارُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ وَفْدُ الرَّحْمَنِ حَتَّی یَأْتِیَ مَنْزِلَهُ فَقَالَ لَهُ یُسَیْرٌ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَإِنْ (1) كَانَ الْمَكَانُ بَعِیداً قَالَ نَعَمْ یَا یُسَیْرُ وَ إِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَسِیرَ سَنَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ جَوَادٌ وَ الْمَلَائِكَةَ كَثِیرٌ یُشَیِّعُونَهُ حَتَّی یَرْجِعَ إِلَی مَنْزِلِهِ (2).

«41»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَیَخْرُجُ إِلَی أَخِیهِ یَزُورُهُ فَیُوَكِّلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مَلَكاً فَیَضَعُ جَنَاحاً فِی الْأَرْضِ وَ جَنَاحاً فِی السَّمَاءِ یَطْلُبُهُ (3) فَإِذَا دَخَلَ عَلَی (4)

مَنْزِلِهِ نَادَی الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَیُّهَا الْعَبْدُ الْمُعَظِّمُ لِحَقِّی الْمُتَّبِعُ لآِثَارِ نَبِیِّی حَقٌّ عَلَیَّ إِعْظَامُكَ سَلْنِی أُعْطِكَ ادْعُنِی أُجِبْكَ اسْكُتْ أَبْتَدِئْكَ فَإِذَا انْصَرَفَ شَیَّعَهُ الْمَلَكُ یُظِلُّهُ بِجَنَاحِهِ حَتَّی یَدْخُلَ إِلَی مَنْزِلِهِ ثُمَّ یُنَادِیهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَیُّهَا الْعَبْدُ الْمُعَظِّمُ لِحَقِّی حَقٌّ عَلَیَّ إِكْرَامُكَ قَدْ أَوْجَبْتُ لَكَ جَنَّتِی وَ شَفَّعْتُكَ فِی عِبَادِی (5).

«42»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُبَارَكِ عَنِ ابْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَیْنِ إِذَا الْتَقَیَا فَتَصَافَحَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرَّحْمَةَ عَلَیْهِمَا فَكَانَتْ تِسْعَةٌ وَ تسعین [تِسْعُونَ] لِأَشَدِّهِمَا حُبّاً لِصَاحِبِهِ فَإِذَا تَوَافَقَا غَمَرَتْهُمَا الرَّحْمَةُ وَ إِذَا قَعَدَا یَتَحَدَّثَانِ قَالَتِ الْحَفَظَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ اعْتَزِلُوا بِنَا فَلَعَلَّ لَهُمَا سِرّاً وَ قَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِمَا فَقُلْتُ أَ لَیْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَیْهِ رَقِیبٌ عَتِیدٌ(6) فَقَالَ یَا إِسْحَاقُ إِنْ كَانَتِ الْحَفَظَةُ لَا تَسْمَعُ فَإِنَّ عَالِمَ

ص: 189


1- 1. فی المصدر: و إن كان ...
2- 2. الكافی: ج 2، ص 177.
3- 3. فی المصدر: یظله.
4- 4. فی المصدر: إلی منزله.
5- 5. الكافی: ج 2، ص 178.
6- 6. ق: 18.

السِّرِّ یَسْمَعُ وَ یَرَی (1).

«43»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنِ الْوَصَّافِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِیمَا نَاجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ مُوسَی علیه السلام قَالَ یَا مُوسَی أَكْرِمِ السَّائِلَ (2) بِبَذْلٍ یَسِیرٍ أَوْ بِرَدٍّ جَمِیلٍ إِنَّهُ یَأْتِیكَ مَنْ لَیْسَ بِإِنْسٍ وَ لَا جَانٍّ مَلَائِكَةٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ یَبْلُونَك (3)

فِیمَا خَوَّلْتُكَ وَ یَسْأَلُونَكَ فِیمَا نَوَّلْتُكَ فَانْظُرْ كَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ یَا ابْنَ عِمْرَانَ (4).

«44»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ كَتَمَ صَوْمَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ عَبْدِی اسْتَجَارَ مِنْ عَذَابِی فَأَجِیرُوهُ وَ وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (5) مَلَائِكَةً بِالدُّعَاءِ لِلصَّائِمِینَ وَ لَمْ یَأْمُرْهُمْ بِالدُّعَاءِ لِأَحَدٍ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُمْ فِیهِ (6).

«45»- وَ مِنْهُ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَنْ صَامَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْماً فِی شِدَّةِ الْحَرِّ فَأَصَابَهُ ظَمَأٌ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَلْفَ مَلَكٍ یَمْسَحُونَ وَجْهَهُ وَ یُبَشِّرُونَهُ (7).

«46»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ (8) التَّیْمُلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا كَانَ أَیَّامُ الْمَوْسِمِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَائِكَةً فِی صُورَةِ الْآدَمِیِّینَ یَشْتَرُونَ مَتَاعَ الْحَاجِّ وَ التُّجَّارِ قُلْتُ فَمَا یَصْنَعُونَ

ص: 190


1- 1. الكافی: ج 2، ص 281- 282.
2- 2. فی المصدر: اكرم السائل إذا أتاك برد جمیل أو إعطاء یسیر فانه یأتیك ....
3- 3. فی المصدر: كیف أنت صانع فی ما أولیتك و كیف مواساتك فی ما خولتك.
4- 4. روضة الكافی: 45.
5- 5. فی المصدر: تعالی.
6- 6. الكافی: ج 4، ص 64.
7- 7. الكافی: ج 4، ص 64. و له ذیل.
8- 8. فی بعض النسخ: الحسین، و فی المصدر: علی بن إبراهیم التیملی.

قَالَ یُلْقُونَهُ فِی الْبَحْرِ(1).

«47»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ سَهْلٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْسَ خَلْقٌ أَكْثَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَّهُ لَیَنْزِلُ كُلَّ لَیْلَةٍ مِنَ السَّمَاءِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَیَطُوفُونَ بِالْبَیْتِ الْحَرَامِ لَیْلَتَهُمْ وَ كَذَلِكَ فِی كُلِّ یَوْمٍ (2).

«48»- الْإِخْتِصَاصُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورٍ الْخَبَرَ(3).

«49»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اسْتَأْذَنَ مَلَكٌ رَبَّهُ أَنْ یَنْزِلَ إِلَی الدُّنْیَا فِی صُورَةِ آدَمِیٍّ فَأَذِنَ لَهُ فَمَرَّ بِرَجُلٍ عَلَی بَابِ قَوْمٍ یَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فَقَالَ الْمَلَكُ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَیَّ شَیْ ءٍ تُرِیدُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی تَطْلُبُهُ قَالَ هُوَ أَخٌ لِی فِی الْإِسْلَامِ أَحْبَبْتُهُ فِی اللَّهِ جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَیْهِ قَالَ مَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ رَحِمٌ مَاسَّةٌ وَ لَا نَزَعَتْكَ إِلَیْهِ حَاجَةٌ قَالَ لَا إِلَّا الْحُبَّ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَجِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَیْهِ قَالَ فَإِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكَ وَ هُوَ یَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَكَ بِحُبِّكَ إِیَّاهُ (4).

«50»- فِی كِتَابِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ فِی السَّمَاءِ مَلَكَیْنِ مُوَكَّلَیْنِ بِالْعِبَادِ فَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَاهُ وَ مَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَاهُ.

«51»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَتَانِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ كَیْفَ نَنْزِلُ عَلَیْكُمْ وَ أَنْتُمْ لَا تَسْتَاكُونَ وَ لَا تَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ وَ لَا تَغْسِلُونَ بَرَاجِمَكُمْ.

ص: 191


1- 1. الكافی: ج 4، ص 547.
2- 2. روضة الكافی: 272.
3- 3. الاختصاص: 109.
4- 4. الاختصاص: 224.

بیان: قال فی النهایة فیه من الفطرة غسل البراجم هی العقد التی فی ظهور الأصابع یجتمع فیها الوسخ الواحدة برجمة بالضم.

«52»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ (1)

عِیسَی بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَقِیَ مَلَكٌ رَجُلًا عَلَی بَابِ دَارٍ كَانَ رَبُّهَا غَائِباً فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا جَاءَ بِكَ إِلَی هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ أَخٌ لِی أَرَدْتُ زِیَارَتَهُ قَالَ أَ لِرَحِمٍ مَاسَّةٍ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ أَمْ نَزَعَتْكَ إِلَیْهِ حَاجَةٌ قَالَ مَا بَیْنَنَا رَحِمٌ أَقْرَبَ مِنْ رَحِمِ الْإِسْلَامِ وَ مَا نَزَعَتْنِی إِلَیْهِ حَاجَةٌ وَ لَكِنِّی زُرْتُهُ فِی اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ فَأَبْشِرْ فَإِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكَ وَ هُوَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ إِیَّایَ قَصَدْتَ وَ مَا عِنْدِی أَرَدْتَ بِصُنْعِكَ فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكَ الْجَنَّةَ وَ عَافَیْتُكَ مِنْ غَضَبِی وَ مِنَ النَّارِ حَیْثُ أَتَیْتَهُ.

«53»- وَ مِنْهُ، عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ النَّهْشَلِیِّ عَنْ زَكَرِیَّا بْنِ یَحْیَی عَنْ مَنْدَلِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَغْدُو إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام فِی الْغَدَاةِ وَ كَانَ یُحِبُّ أَنْ لَا یَسْبِقَهُ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَإِذَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی صَحْنِ الدَّارِ وَ إِذَا رَأْسُهُ فِی حَجْرِ دِحْیَةَ بْنِ خَلِیفَةَ الْكَلْبِیِّ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ كَیْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ بِخَیْرٍ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام جَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ خَیْراً قَالَ لَهُ دِحْیَةُ إِنِّی أُحِبُّكَ وَ إِنَّ لَكَ عِنْدِی مَدِیحَةً أُهْدِیهَا إِلَیْكَ أَنْتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ مَا خَلَا النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ بِیَدِكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ تُزَفُّ أَنْتَ وَ شِیعَتُكَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَ حِزْبِهِ إِلَی الْجِنَانِ فَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ وَالاكَ وَ خَابَ وَ خَسِرَ مَنْ خَلَّاكَ بِحُبِّ مُحَمَّدٍ أَحَبُّوكَ وَ بِبُغْضِهِ أَبْغَضُوكَ لَا تَنَالُهُمْ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ادْنُ مِنْ صَفْوَةِ اللَّهِ فَأَخَذَ رَأْسَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَضَعَهُ فِی حَجْرِهِ فَانْتَبَهَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مَا هَذَا الْهَمْهَمَةُ

ص: 192


1- 1. فی بعض النسخ: محمّد.

فَأَخْبَرَهُ الْحَدِیثَ فَقَالَ لَمْ یَكُنْ دِحْیَةَ كَانَ جَبْرَئِیلَ سَمَّاكَ بِاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ وَ هُوَ الَّذِی أَلْقَی مَحَبَّتَكَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَهْبَتَكَ فِی صُدُورِ الْكَافِرِینَ.

«54»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْمَلَائِكَةِ یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ وَ یَنْكِحُونَ فَقَالَ لَا إِنَّهُمْ یَعِیشُونَ بِنَسِیمِ الْعَرْشِ فَقِیلَ لَهُ مَا الْعِلَّةُ فِی نَوْمِهِمْ فَقَالَ فَرْقاً بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَنَّ الَّذِی لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ هُوَ اللَّهُ.

«55»- وَ مِنْهُ، قَالَ: الْعِلَّةُ فِی الصَّیْحَةِ مِنَ السَّمَاءِ كَیْفَ یَعْلَمُهَا أَهْلُ الدُّنْیَا وَ الصَّیْحَةُ هِیَ بِلِسَانٍ وَاحِدٍ وَ لُغَاتُ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فَقَالَ إِنَّ فِی كُلِّ بَلَدٍ مَلَائِكَةً مُوَكَّلُونَ فَیُنَادِی فِی كُلِّ بَلَدٍ مَلَكٌ بِلِسَانِهِمْ وَ كَذَلِكَ لِإِبْلِیسَ شَیَاطِینُ مُوَكَّلُونَ بِكُلِّ بَلْدَةٍ یُنَادُونَ فِیهِمْ بِلِسَانِهِمْ وَ لُغَاتِهِمْ أَلَا إِنَّ الْأَمْرَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.

«56»- الْإِقْبَالُ،: فِی تَعْقِیبَاتِ نَوَافِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ غَیْرِهَا وَ صَلِّ عَلَی جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ مَالِكٍ خَازِنِ النَّارِ وَ رِضْوَانَ خَازِنِ الْجَنَّةِ وَ رُوحِ الْقُدُسِ وَ الرُّوحِ الْأَمِینِ وَ حَمَلَةِ عَرْشِكَ الْمُقَرَّبِینَ وَ عَلَی مُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ وَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ الْحَافِظَیْنِ (1) وَ عَلَی الْكِرَامِ الْكَاتِبِینَ (2).

«57»- النهج، [نهج البلاغة] عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِیِّ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَیُّهَا الْمُتَكَلِّفُ لِوَصْفِ رَبِّكَ فَصِفْ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ جُنُودَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِینَ فِی حُجُرَاتِ الْقُدُسِ مُرْجَحِنِّینَ مُتَوَالِهَةً عُقُولُهُمْ أَنْ یَحُدُّوا أَحْسَنَ الْخَالِقِینَ (3).

بیان: التكلف التجشم و ارتكاب الشی ء علی مشقة و حجرة القوم بالفتح ناحیة دارهم و الجمع حجرات كجمرة و جمرات و فی بعض النسخ حجرات بضمتین جمع حجرة بالضم و هی الغرفة و قیل الموضع المنفرد و ارجحن الشی ء كاقشعر أی مال من ثقله و تحرك قال فی النهایة أورد الجوهری هذا

ص: 193


1- 1. فی المصدر: الحافظین علی.
2- 2. الإقبال: 35.
3- 3. نهج البلاغة ج 1، ص 341.

الحرف فی حرف النون علی أن النونین أصلیة و غیره یجعلهما زائدة من رجح الشی ء كمنع إذا ثقل قال ابن أبی الحدید أی مائلین إلی جهة التحت خضوعا لله سبحانه و قال الكیدری الارجحنان المیل و ارجحن الشی ء اهتز انتهی و لعل المراد بحجرات القدس المواضع المعدة لهم فی السماوات و هی محال القدس و التنزه عن المعاصی و رذائل الأخلاق و الوله الحزن و الحیرة و الخوف و متولهة عقولهم علی صیغة اسم الفاعل أی محزونة أو حائرة أو خائفة و فی بعض النسخ علی صیغة اسم المفعول و الأول أظهر أن یحدوا أحسن الخالقین أی یدركوه بكنهه أی یدركوا مبلغ قدرته و علمه أو مقدار عظمته.

«58»- كِتَابُ النَّوَادِرِ، لِعَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ الْأَحْمَرِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَاتَ آلُ مُحَمَّدٍ بِلَیْلَةٍ أَطْوَلِ لَیْلَةٍ ظَنُّوا أَنَّهُمْ لَا سَمَاءَ تُظِلُّهُمْ وَ لَا أَرْضَ تُقِلُّهُمْ مَخَافَةً لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَتَرَ الْأَقْرَبِینَ وَ الْأَبْعَدِینَ فِی اللَّهِ فَبَیْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمْ آتٍ لَا یَرَوْنَهُ وَ یَسْمَعُونَ كَلَامَهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فِی اللَّهِ عَزَاءٌ مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ نَجَاةٌ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ وَ دَرْكٌ لِمَا فَاتَ إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَكُمْ وَ فَضَّلَكُمْ وَ طَهَّرَكُمْ وَ جَعَلَكُمْ أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَوْدَعَكُمْ عِلْمَهُ وَ أَوْرَثَكُمْ كِتَابَهُ وَ جَعَلَكُمْ تَابُوتَ عِلْمِهِ وَ عَصَا عِزِّهِ وَ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ نُورِهِ وَ عَصَمَكُمْ مِنَ الزَّلَلِ وَ آمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ فَاعْتَزُوا بِعَزَاءِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ یَنْزِعْ مِنْكُمْ رَحْمَتَهُ وَ لَمْ یُدِلْ (1)

مِنْكُمْ عَدُوَّهُ فَأَنْتُمْ أَهْلُ اللَّهِ الَّذِینَ بِكُمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ وَ اجْتَمَعَتِ الْفُرْقَةُ وَ ائْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَ أَنْتُمْ أَوْلِیَاءُ اللَّهِ مَنْ تَوَلَّاكُمْ نَجَا وَ مَنْ ظَلَمَكُمْ یَزْهَقُ مَوَدَّتُكُمْ مِنَ اللَّهِ فِی كِتَابِهِ وَاجِبَةٌ عَلَی عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهُ عَلَی نَصْرِكُمْ إِذَا یَشَاءُ قَدِیرٌ فَاصْبِرُوا لِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا إِلَی اللَّهِ تَصِیرُ فَقَدْ قَبِلَكُمُ اللَّهُ مِنْ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَدِیعَةً وَ اسْتَوْدَعَكُمْ أَوْلِیَاءَهُ الْمُؤْمِنِینَ فِی الْأَرْضِ فَمَنْ أَدَّی أَمَانَتَهُ آتَاهُ اللَّهُ صِدْقَهُ فَأَنْتُمُ الْأَمَانَةُ الْمُسْتَوْدَعَةُ وَ الْمَوَدَّةُ الْوَاجِبَةُ وَ لَكُمُ الطَّاعَةُ الْمُفْتَرَضَةُ وَ بِكُمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ وَ قَدْ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ

ص: 194


1- 1. ادال اللّٰه بنی فلان من عدوهم، جعل الكرة لهم علیه.

صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَكْمَلَ اللَّهُ بِهِ الدِّینَ وَ بَیَّنَ لَكُمْ سَبِیلَ الْمَخْرَجِ فَلَمْ یَتْرُكْ لِلْجَاهِلِ حُجَّةً فَمَنْ تَجَاهَلَ أَوْ جَهِلَ أَوْ أَنْكَرَ أَوْ نَسِیَ أَوْ تَنَاسَی فَعَلَی اللَّهِ حِسَابُهُ وَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حَوَائِجِكُمْ فَاسْتَعِینُوا بِاللَّهِ عَلَی مَنْ ظَلَمَكُمْ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ حَوَائِجَكُمْ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَسَأَلَهُ یَحْیَی بْنُ (1) أَبِی الْقَاسِمِ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ مِمَّنْ أَتَتْهُمُ التَّعْزِیَةُ فَقَالَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

أقول: قد مر مثله بأسانید جمة فی المجلد السادس و سیأتی أیضا فی أبواب الجنائز.

«59»- الْكَافِی، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ دِیكاً رِجْلَاهُ فِی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَ عُنُقُهُ مَثْنِیَّةٌ(2)

تَحْتَ الْعَرْشِ وَ جَنَاحَاهُ فِی الْهَوَاءِ إِذَا كَانَ فِی نِصْفِ اللَّیْلِ أَوِ الثُّلُثِ الثَّانِی مِنْ آخِرِ اللَّیْلِ ضَرَبَ بِجَنَاحِهِ (3)

وَ صَاحَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّنَا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِینُ فَلَا إِلَهَ غَیْرُهُ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ فَتَضْرِبُ الدِّیَكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا وَ تَصِیحُ (4).

«60»- الْإِحْتِجَاجُ،: فِی حَدِیثِ الزِّنْدِیقِ الَّذِی سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ فَأَسْلَمَ إِنَّهُ سَأَلَ مَا عِلَّةُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِینَ بِعِبَادِهِ یَكْتُبُونَ عَلَیْهِمْ وَ لَهُمْ وَ اللَّهُ عَالِمُ السِّرِّ(5)

وَ أَخْفَی فَقَالَ علیه السلام اسْتَعْبَدَهُمْ بِذَلِكَ وَ جَعَلَهُمْ شُهُوداً عَلَی خَلْقِهِ لِتَكُونَ (6) الْعِبَادُ لِمُلَازَمَتِهِمْ إِیَّاهُمْ أَشَدَّ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ مُوَاظَبَةً وَ عَنْ مَعْصِیَتِهِ أَشَدَّ انْقِبَاضاً وَ كَمْ مِنْ عَبْدٍ یَهُمُّ بِمَعْصِیَتِهِ فَذَكَرَ مَكَانَهَا فَارْعَوَی وَ كَفَّ وَ یَقُولُ (7)

رَبِّی یَرَانِی وَ حَفَظَتِی

ص: 195


1- 1. فی بعض النسخ: القسم بن أبی القاسم.
2- 2. فی المصدر: مثبتة.
3- 3. فی المصدر: بجناحیه.
4- 4. روضة الكافی: 272.
5- 5. فی المصدر:[ و ما هو اخفی: قال] و هكذا نقله فی ما مر تحت الرقم 15.
6- 6. فی المصدر: لیكون.
7- 7. فی المصدر: فیقول.

عَلَیَّ بِذَلِكَ تَشْهَدُ وَ إِنَّ اللَّهَ بِرَأْفَتِهِ وَ لُطْفِهِ أَیْضاً وَكَّلَهُمْ بِعِبَادِهِ یَذُبُّونَ عَنْهُمْ مَرَدَةَ الشَّیَاطِینِ وَ هَوَامَّ الْأَرْضِ وَ آفَاتٍ كَثِیرَةً مِنْ حَیْثُ لَا یَرَوْنَ بِإِذْنِ اللَّهِ إِلَی أَنْ یَجِی ءَ أَمْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (1).

بیان: وكلهم بعباده أی جنس الملائكة أو هذا النوع یعنی الكتبة و الأول أوفق بسائر الأخبار الدالة علی المغایرة و إن كان الثانی أنسب بسیاق هذا الخبر.

«61»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ یُونُسَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ مَلَائِكَةً یُسْقِطُونَ الذُّنُوبَ عَنْ ظُهُورِ شِیعَتِنَا كَمَا تُسْقِطُ الرِّیحُ الْوَرَقَ مِنَ الشَّجَرِ فِی أَوَانِ سُقُوطِهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا(2) وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَیْرَكُمْ (3).

«62»- دَلَائِلُ الْإِمَامَةِ، لِلطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ حَسَنِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَخَرَجَ إِلَیَّ مُعَتِّبٌ فَأَذِنَ لِی فَدَخَلْتُ وَ لَمْ یَدْخُلْ مَعِی كَمَا كَانَ یَدْخُلُ فَلَمَّا أَنْ صِرْتُ فِی الدَّارِ نَظَرْتُ إِلَی رَجُلٍ عَلَی صُورَةِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ كَمَا كُنْتُ أَفْعَلُ قَالَ مَنْ أَنْتَ یَا هَذَا لَقَدْ وَرَدْتَ عَلَی كُفْرٍ أَوْ إِیمَانٍ وَ كَانَ بَیْنَ یَدَیْهِ رَجُلَانِ كَأَنَّ عَلَی رُءُوسِهِمَا الطَّیْرَ فَقَالَ ادْخُلْ فَدَخَلْتُ الدَّارَ الثَّانِیَةَ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَی صُورَتِهِ علیه السلام وَ إِذَا بَیْنَ یَدَیْهِ خَلْقٌ كَثِیرٌ كُلُّهُمْ صُوَرُهُمْ وَاحِدَةٌ فَقَالَ مَنْ تُرِیدُ قُلْتُ أُرِیدُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ قَدْ وَرَدْتَ عَلَی أَمْرٍ عَظِیمٍ إِمَّا كُفْرٍ أَوْ إِیمَانٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَیْتِ رَجُلٌ حِینَ بَدَا بِهِ البیت [الشَّیْبُ]

ص: 196


1- 1. الاحتجاج: 191 و قد مرت فی هذا الباب تحت الرقم 15.
2- 2. المؤمن: 7.
3- 3. روضة الكافی: 304.

فَأَخَذَ بِیَدِی فَأَوْقَفَنِی عَلَی الْبَابِ وَ غُشِیَ بَصَرِی مِنَ النُّورِ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا بَیْتَ اللَّهِ وَ نُورَهُ وَ حِجَابَهُ فَقَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا یُونُسُ فَدَخَلْتُ الْبَیْتَ فَإِذَا بَیْنَ یَدَیْهِ طَائِرَانِ یَحْكِیَانِ فَكُنْتُ أَفْهَمُ كَلَامَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ لَا أَفْهَمُ كَلَامَهُمَا فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ یَا یُونُسُ سَلْ نَحْنُ مَحَلُّ النُّورِ فِی الظُّلُمَاتِ وَ نَحْنُ الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِی مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً نَحْنُ عِتْرَةُ اللَّهِ وَ كِبْرِیَاؤُهُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ رَأَیْتُ شَیْئاً عَجِیباً رَأَیْتُ رَجُلًا عَلَی صُورَتِكَ قَالَ یَا یُونُسُ إِنَّا لَا نُوصَفُ ذَلِكَ صَاحِبُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ یَسْأَلُ أَنْ أَسْتَأْذِنَ اللَّهَ لَهُ أَنْ یَصِیرَ مَعَ أَخٍ لَهُ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ قَالَ فَقُلْتُ فَهَؤُلَاءِ الَّذِینَ فِی الدَّارِ قَالَ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْقَائِمِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ قُلْتُ فَهَذَانِ قَالَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ نَزَلَا إِلَی الْأَرْضِ فَلَنْ یَصْعَدَا حَتَّی یَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ هُمْ خَمْسَةُ آلَافٍ یَا یُونُسُ بِنَا أَضَاءَتِ الْأَبْصَارُ وَ سَمِعَتِ الْآذَانُ وَ وَعَتِ الْقُلُوبُ الْإِیمَانَ.

بیان: علی كفر أو إیمان أی إن أنكرت ما رأیت كفرت و إن قبلت آمنت كان علی رءوسهما الطیر أی لا یتحركان.

«63»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً رِجْلَاهُ فِی الْأَرْضِ السُّفْلَی مَسِیرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ رَأْسُهُ فِی السَّمَاءِ الْعُلْیَا مَسِیرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ یَقُولُ سُبْحَانَكَ (1)

حَیْثُ كُنْتَ فَمَا أَعْظَمَكَ قَالَ فَیُوحِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ مَا یَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ یَحْلِفُ بِی كَاذِباً(2).

«64»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ شَیْخٍ مِنْ أَصْحَابِنَا یُكْنَی أَبَا الْحَسَنِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ دِیكاً أَبْیَضَ عُنُقُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ رِجْلَاهُ فِی تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ لَهُ جَنَاحٌ فِی الْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ

ص: 197


1- 1. فی المصدر: سبحانك سبحانك.
2- 2. الكافی: ج 7، ص 436.

فِی الْمَغْرِبِ لَا تَصِیحُ الدُّیُوكُ حَتَّی یَصِیحَ فَإِذَا صَاحَ خَفَقَ بِجَنَاحَیْهِ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِیمِ الَّذِی لَیْسَ كَمِثْلِهِ شَیْ ءٌ قَالَ فَیُجِیبُهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَیَقُولُ لَا یَحْلِفُ بِی كَاذِباً مَنْ یَعْرِفُ مَا تَقُولُ (1).

«65»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، لِلسُّیُوطِیِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ لَبَّی الْمَلَائِكَةُ قَالَ اللَّهُ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ قَالَ فَرَادُّوهُ (2)

فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ فَطَافُوا بِالْعَرْشِ سِتَّ سِنِینَ یَقُولُونَ لَبَّیْكَ لَبَّیْكَ اعْتِذَاراً إِلَیْكَ لَبَّیْكَ (3)

نَسْتَغْفِرُكَ وَ نَتُوبُ إِلَیْكَ (4).

«66»- وَ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ صَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ فَلَمْ یَرُدَّ عَلَیْهِ شَیْئاً فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ إِنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا سُجُودٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ یَقُولُونَ سُبْحَانَ ذِی الْمُلْكِ وَ الْمَلَكُوتِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ رُكُوعٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ یَقُولُونَ سُبْحَانَ ذِی الْعِزَّةِ وَ الْجَبَرُوتِ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ قِیَامٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ یَقُولُونَ سُبْحَانَ الْحَیِّ الَّذِی لَا یَمُوتُ (5).

«67»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا تَوَاقَفَ النَّاسُ یَوْمَ بَدْرٍ أُغْمِیَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَاعَةً ثُمَّ كُشِفَ عَنْهُ فَبَشَّرَ النَّاسَ بِجَبْرَئِیلَ فِی جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَیْمَنَةَ النَّاسِ وَ مِیكَائِیلَ فِی جُنْدٍ آخَرَ مَیْسَرَةَ النَّاسِ وَ إِسْرَافِیلَ فِی جُنْدٍ آخَرَ وَ إِبْلِیسُ قَدْ تَصَوَّرَ فِی صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ (6) الْمُدْلِجِیِّ یُؤَیِّدُ الْمُشْرِكِینَ وَ یُخْبِرُ أَنَّهُ لا غالِبَ لَكُمُ (7) الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ فَلَمَّا أَبْصَرَ عَدُوُّ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ

ص: 198


1- 1. الكافی: ج 7، ص 437.
2- 2. فی المصدر: فزادوه.
3- 3. فی المصدر: لبیك لبیك.
4- 4. الدّر المنثور: ج 1، ص 46.
5- 5. الدّر المنثور: ج 1، ص 46.
6- 6. فی المصدر: سراقة بن جعشم.
7- 7. فی المصدر: یؤید المشركین و یخبرهم انه لا غالب لهم ....

إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ فَتَثَبَّتَ بِهِ الْحَرْثُ بْنُ هِشَامٍ وَ هُوَ یَرَی أَنَّهُ سُرَاقَةُ لَمَّا سَمِعَ مِنْ كَلَامِهِ فَضَرَبَ فِی صَدْرِ الْحَرْثِ فَسَقَطَ الْحَرْثُ وَ انْطَلَقَ إِبْلِیسُ لَا یُرَی حَتَّی سَقَطَ فِی الْبَحْرِ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ وَ قَالَ یَا رَبِّ مَوْعِدَكَ الَّذِی وَعَدْتَنِی (1).

«68»- وَ عَنِ الْحَسَنِ: فِی قَوْلِهِ إِنِّی أَری ما لا تَرَوْنَ قَالَ رَأَی جَبْرَئِیلَ علیه السلام مُعْتَجِراً بِرِدَائِهِ یَقُودُ الْفَرَسَ بَیْنَ یَدَیْ أَصْحَابِهِ مَا رَكِبَهُ (2).

«69»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنِّی أَرَی مَا لَا تَرَوْنَ وَ أَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ (3) السَّمَاءُ وَ حَقٌّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِیهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ لِلَّهِ سَاجِداً(4) وَ اللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِیلًا وَ لَبَكَیْتُمْ كَثِیراً وَ مَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَی الْفُرُشِ وَ لَخَرَجْتُمْ إِلَی الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَی اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّی كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ.

بیان: أطت السماء قال فی النهایة الأطیط صوت الأقتاب و أطیط الإبل أصواتها و حنینها أی إن كثرة ما فیها من الملائكة قد أثقلها حتی أطت و هذا مثل و إیذان بكثرة الملائكة و إن لم یكن ثم أطیط و إنما هو كلام تقریب أرید منه تقریر عظمة اللّٰه و قال الصعدات الطرق جمع صعد و صعد جمع صعید كطریق و طرق و طرقات و قیل هی جمع صعدة كظلمة و هی فناء باب الدار و ممر الناس بین الأندیة انتهی.

و قال الطیبی فی شرح هذا الحدیث أی فخرجتم إلی الطرقات و الصحاری و ممر الناس كفعل المحزون الذی یضیق به المنزل فیطلب الفضاء لبث الشكوی

ص: 199


1- 1. الدّر المنثور: ج 3، ص 190.
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 190.
3- 3. أط الإبل: حنت، و فی المصدر: ان السماء أطت و ستنقل هكذا فی ما یأتی تحت الرقم 81.
4- 4. الدّر المنثور: ج 3، ص 293 و ستأتی الروایة تحت الرقم 81 و الذیل من قوله« و اللّٰه لو تعلمون إلخ» لیس فی المصدر فی روایة أبی ذرّ بل هو منقول( ص 265) عن انس.

و قال فی قوله لوددت أنی شجرة تعضد هو بكلام أبی ذر أشبه و النبی صلی اللّٰه علیه و آله أعلم باللّٰه من أن یتمنی علیه حالا أوضع عما هو فیه انتهی و أقول هو إظهار الخوف منه تعالی و هو لا ینافی القرب منه سبحانه بل یؤكده إِنَّما یَخْشَی اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.

«70»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ عَلَی ابْنِ آدَمَ حَافِظَیْنِ فِی اللَّیْلِ وَ حَافِظَیْنِ فِی النَّهَارِ یَحْفَظَانِ عَمَلَهُ وَ یَكْتُبَانِ أَثَرَهُ (1).

«71»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ یَنْهَاكُمْ عَنِ التَّعَرِّی فَاسْتَحْیُوا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ الَّذِینَ مَعَكُمْ الْكِرَامِ الْكَاتِبِینَ الَّذِینَ لَا یُفَارِقُونَكُمْ إِلَّا عِنْدَ إِحْدَی ثَلَاثِ حَاجَاتٍ الْغَائِطِ وَ الْجَنَابَةِ وَ الْغُسْلِ (2).

«72»- وَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی الْعَوَّامِ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ عَلَیْها تِسْعَةَ عَشَرَ(3) أَلْفاً قُلْتُ لَا بَلْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكاً فَقَالَ وَ مِنْ أَیْنَ أَنْتَ عَلِمْتَ ذَلِكَ قُلْتُ (4) لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِینَ كَفَرُوا قَالَ صَدَقْتَ هُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكاً بِیَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ مِرْزَبَةٌ مِنْ حَدِیدٍ لَهَا شُعْبَتَانِ فَیَضْرِبُ بِهَا الضَّرْبَةَ یَهْوِی بِهَا(5)

سَبْعِینَ أَلْفاً بَیْنَ مَنْكِبَیْ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ مَسِیرَةُ كَذَا وَ كَذَا(6).

«73»- وَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَدَّثَهُمْ عَنْ لَیْلَةٍ أُسْرِیَ (7)

بِهِ قَالَ فَصَعِدْتُ أَنَا وَ جَبْرَئِیلُ إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَإِذَا أَنَا بِمَلَكٍ یُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِیلُ وَ هُوَ صَاحِبُ سَمَاءِ الدُّنْیَا وَ بَیْنَ یَدَیْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مَعَ كُلِّ مَلَكٍ جُنْدُهُ مِائَةُ

ص: 200


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 323.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 323.
3- 3. فی المصدر:« تسعة عشر» فقال: ما تقولون أ تسعة عشر ملكا او تسعة عشر الفا؟ قلت ....
4- 4. فی المصدر: قلنا.
5- 5. فی المصدر: فی جهنم سبعین ....
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 284.
7- 7. فی المصدر: لیلة الاسراء.

أَلْفٍ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ ما یَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ(1).

«74»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ آیَةً مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا وَ مَعَهُ (2)

أَرْبَعَةُ حَفَظَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَحْفَظُونَهَا حَتَّی یُؤَدُّونَهَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَرَأَ عالِمُ الْغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلی غَیْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ یَسْلُكُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً یَعْنِی الْمَلَائِكَةَ الْأَرْبَعَةَ لِیَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ (3).

«75»- وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ: فِی قَوْلِهِ فَإِنَّهُ یَسْلُكُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قَالَ أَرْبَعَةُ حَفَظَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَ جَبْرَئِیلَ لِیَعْلَمَ مُحَمَّدٌ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ قَالَ وَ مَا جَاءَ جَبْرَئِیلُ بِالْقُرْآنِ إِلَّا وَ مَعَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَفَظَةٌ(4).

«76»- وَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ: فِی قَوْلِهِ إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ یَسْلُكُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قَالَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا بُعِثَ إِلَیْهِ الْمَلَكُ بُعِثَ (5) مَلَائِكَةٌ یَحْرُسُونَهُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ أَنْ یَتَشَبَّهَ الشَّیْطَانُ عَلَی صُورَةِ الْمَلَكِ (6).

«77»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ یَسْلُكُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قَالَ هِیَ مُعَقِّبَاتٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَحْفَظُونَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الشَّیَاطِینِ حَتَّی یَتَبَیَّنَ الَّذِی أُرْسِلَ إِلَیْهِمْ (7).

«78»- وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ: وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ قَالَ الْمَلَائِكَةُ مَا فِی السَّمَاءِ مَوْضِعٌ إِلَّا عَلَیْهِ مَلَكٌ إِمَّا سَاجِدٌ وَ إِمَّا قَائِمٌ حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ(8).

«79»- وَ عَنِ الْعَلَا بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَوْماً لِجُلَسَائِهِ أَطَّتِ السَّمَاءُ

ص: 201


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 284.
2- 2. فی المصدر: إلا و معها أربعة من الاملاك یحفظونها.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 275.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 275.
5- 5. فی المصدر: بعث معه نفر من الملائكة.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 276.
7- 7. المصدر: ج 5، ص 275.
8- 8. المصدر: ج 5 ص 292.

وَ حَقٌّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ لَیْسَ مِنْهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا عَلَیْهِ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ ثُمَّ قَرَأَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (1).

«80»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ: وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ قَالَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَ مَا تُلَامُ أَنْ تَئِطَّ إِنَّ السَّمَاءَ مَا فِیهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا عَلَیْهِ جَبْهَةُ مَلَكٍ أَوْ قَدَمَاهُ (2).

«81»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنِّی أَرَی مَا لَا تَرَوْنَ وَ أَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَ حَقٌّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِیهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِداً لِلَّهِ (3).

«82»- وَ عَنْ حَكِیمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ قُلْنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَسْمَعُ قَالَ أَطِیطَ السَّمَاءِ وَ مَا تُلَامُ أَنْ تَئِطَّ مَا فِیهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَ فِیهِ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ(4).

«83»- فِرْدَوْسُ الْأَخْبَارِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: نَقُّوا أَفْوَاهَكُمْ بِالْخِلَالِ فَإِنَّهَا مَسْكَنُ الْمَلَكَیْنِ الْحَافِظَیْنِ الْكَاتِبَیْنِ وَ إِنَّ مِدَادَهُمَا الرِّیقُ وَ قَلَمَهُمَا اللِّسَانُ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَشَدَّ عَلَیْهِمَا مِنْ فَضْلِ الطَّعَامِ فِی الْفَمِ.

«84»- سَعْدُ السُّعُودِ، قَالَ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمَلَكَیْنِ الْمُوَكَّلَیْنِ بِالْعَبْدِ وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُمَا إِذَا أَرَادَا النُّزُولَ صَبَاحاً وَ مَسَاءً یَنْسَخُ لَهُمَا إِسْرَافِیلُ عَمَلَ الْعَبْدِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَیُعْطِیهِمَا ذَلِكَ فَإِذَا صعد [صَعِدَا] صَبَاحاً وَ مَسَاءً بِدِیوَانِ الْعَبْدِ قَابَلَهُ إِسْرَافِیلُ بِالنَّسْخِ الَّتِی انْتَسَخَ لَهُمَا حَتَّی یَظْهَرَ أَنَّهُ كَانَ كَمَا نَسَخَ مِنْهُ.

تكملة اعلم أنه أجمعت (5)

الإمامیة بل جمیع المسلمین إلا من شذ منهم من

ص: 202


1- 1. المصدر: ج 5، ص 293.
2- 2. المصدر: ج 5، ص 293.
3- 3. قد مر تحت: الرقم 69.
4- 4. الدّر المنثور: ج 5، ص 293.
5- 5. تعرض للبحث عن ماهیة الملائكة ثلة من المتكلّمین فقالوا بكونها اجساما لطیفة تتشكل باشكال طیبة و تبعهم علی ذلك رهط من سائر الباحثین من الإمامیّة و غیرهم؛ ثم ان فئة. من فلاسفة الإسلام الذین كانوا یعجبهم تطبیق الظواهر الدینیة علی المبانی الفلسفیة و آرائهم فی العلوم العقلیّة عمدوا إلی تطبیق الملائكة علی العقول المجردة و النفوس الفلكیة كما انهم فسروا السماوات السبع و الكرسیّ و العرش بالافلاك التسعة مع انها فرضیة فی نفسها ابطلها العلم الحدیث و لاجل انهم أخطئوا فی بعض تطبیقاتهم لا نظن بهم انهم ادخلوا انفسهم فی المسلمین لیضیعوا علیهم دینهم! كیف و قد شیدوا كثیرا من الاسس الدینیة و القواعد العقلیّة التی یدور علیها كثیر من الأصول الاعتقادیة و لعلّ مثل هذه الأخطاء صدر من غیرهم أكثر منهم و ان كانوا یحسبون انهم یحسنون و لا نظن بهم و بغیرهم إلّا خیرا اللّٰهمّ إلّا من قام برهان علی سوء نیته و خبث سریرته نعوذ باللّٰه تعالی. ثم انه لا دلیل علی انكارهم ملائكة جسمانیین مطلقا ان لم یوجد دلیل علی خلافه و من جانب آخر: لم یثبت اجماع الأمة او الإمامیّة علی جسمانیة جمیع الملائكة حتّی الكروبیین و المهیمین و العالین ان سلم دعوی الإجماع علی جسمانیة بعضهم و علی هذا فالمسألة لیست بتلك المثابة التی تتراءی من كلام المؤلّف رحمه اللّٰه تعالی.

المتفلسفین الذین أدخلوا أنفسهم بین المسلمین لتخریب أصولهم و تضییع عقائدهم علی وجود الملائكة و أنهم أجسام لطیفة نورانیة أُولِی أَجْنِحَةٍ مَثْنی وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ و أكثر قادرون علی التشكل بالأشكال المختلفة و إنه سبحانه یورد علیهم بقدرته ما یشاء من الأشكال و الصور علی حسب الحكم و المصالح و لهم حركات صعودا و هبوطا و كانوا یراهم الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و القول بتجردهم و تأویلهم بالعقول و النفوس الفلكیة و القوی و الطبائع و تأویل الآیات المتظافرة و الأخبار المتواترة تعویلا علی شبهات واهیة و استبعادات وهمیة زیغ عن سبیل الهدی و اتباع لأهل الجهل و العمی.

قال المحقق الدوانی فی شرح العقائد الملائكة أجسام لطیفة قادرة علی التشكلات المختلفة و قال شارح المقاصد ظاهر الكتاب و السنة و هو قول أكثر الأمة أن الملائكة أجسام لطیفة نورانیة قادرة علی التشكلات بأشكال مختلفة كاملة فی العلم و القدرة علی الأفعال الشاقة شأنها الطاعة و مسكنها السماوات هم رسل اللّٰه تعالی إلی أنبیائه و أمناؤه علی وحیه یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ و لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ

ص: 203

و قال الملائكة عند الفلاسفة هم العقول المجردة و النفوس الفلكیة و یخص باسم الكروبیین ما لا تكون له علاقة مع الأجسام و لو بالتأثیر و ذهب أصحاب الطلسمات إلی أن لكل فلك روحا كلیا یدبر أمره و یتشعب منه أرواح كثیرة مثلا للعرش أعنی الفلك الأعظم روح یری أثره فی جمیع ما فی جوفه یسمی بالنفس الكلیة و الروح الأعظم و یتشعب منه أرواح كثیرة متعلقة بأجزاء العرش و أطرافه كما أن النفس الناطقة تدبر أمر بدن الإنسان و لها قوة طبیعیة و حیوانیة و نفسانیة بحسب كل عضو و علی هذا

یحمل قوله تعالی یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا(1) و قوله تعالی وَ تَرَی الْمَلائِكَةَ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ (2) و هكذا سائر الأفلاك و أثبتوا لكل درجة روحا یظهر أثره عند حلول الشمس تلك الدرجة و كذا لكل من الأیام و الساعات و البحار و الجبال و المفاوز و العمران و أنواع النبات و الحیوانات و غیر ذلك علی ما ورد فی لسان الشرع من ملك الأرزاق و ملك البحار و ملك الأمطار و ملك الموت و نحو ذلك و بالجملة فكما ثبت لكل من الأبدان البشریة نفس مدبرة فقد أثبتوا لكل نوع من الأنواع بل لكل صنف روحا یدبره یسمی بالطبائع (3)

التام لذلك النوع تحفظه عن الآفات و المخافات و یظهر أثره فی النوع ظهور أثر النفس الإنسانیة فی الشخص انتهی.

و قال الرازی فی تفسیره إنه لا خلاف بین العقلاء فی أن أشرف الرتبة للعالم العلوی هو وجود الملائكة فیه كما أن أشرف الرتبة للعالم السفلی هو وجود الإنسان فیه إلا أن الناس اختلفوا فی ماهیة الملائكة و حقیقتهم و طریق ضبط المذاهب أن یقال الملائكة لا بد و أن تكون ذوات قائمة بأنفسها ثم إن تلك الذوات إما أن تكون متحیزة أو لا تكون أما الأول ففیه أقوال أحدها

ص: 204


1- 1. النبأ: 38.
2- 2. الزمر: 75.
3- 3. كذا.

أنها أجسام لطیفة هوائیة تقدر علی التشكل بأشكال مختلفة مسكنها السماوات و هذا قول أكثر المسلمین و ثانیها قول طوائف من عبدة الأوثان و هو أن الملائكة فی الحقیقة هو هذه الكواكب الموصوفة بالأسعاد و الأنحاس فإنها بزعمهم أحیاء ناطقة و أن المسعدات منها ملائكة الرحمة و المنحسات منها هی ملائكة العذاب.

و ثالثها قول معظم المجوس و الثنویة و هو أن هذا العالم مركب من أصلین أزلیین و هما النور و الظلمة و هما فی الحقیقة جوهران شفافان حساسان مختاران قادران متضادا النفس و الصورة مختلفا الفعل و التدبیر فجوهر النور فاضل خیر نقی طیب الریح كریم النفس یسر و لا یضر و ینفع و لا یمنع و یحبی و لا یبلی و جوهر الظلمة علی ضد ذلك ثم إن جوهر النور لم یزل یولد الأولیاء و هم الملائكة لا علی سبیل التناكح بل علی سبیل تولد الحكمة من الحكیم و الضوء من المضی ء و جوهر الظلمة لم یزل یولد الأعداء و هم الشیاطین علی سبیل تولد السفه من السفیه لا علی سبیل التناكح فهذه أقوال من جعل الملائكة أشیاء متحیزة جسمانیة.

القول الثانی إن الملائكة ذوات قائمة بأنفسها و لیست بمتحیزة و لا أجسام فهاهنا قولان أحدهما قول طوائف من النصاری و هو أن الملائكة فی الحقیقة هی الأنفس الناطقة بذاتها المفارقة لأبدانها علی نعت الصفا و الخیریة و ذلك لأن هذه النفوس المفارقة إن كانت صافیة خالصة فهی الملائكة و إن كانت خبیثة كدرة فهی الشیاطین و ثانیها قول الفلاسفة و هی أنها جواهر قائمة بأنفسها لیس بمتحیزة البتة و أنها بالماهیة مخالفة لنوع النفوس الناطقة البشریة و أنها أكمل قوة منها و أكثر علما و أنها للنفوس البشریة جاریة مجری الشمس بالنسبة إلی الأضواء ثم إن هذه الجواهر علی قسمین منها ما هی بالنسبة إلی أجرام الأفلاك و الكواكب

كنفوسنا الناطقة بالنسبة إلی أبداننا و منها ما هی أعلی شأنا من تدبیر أجرام الأفلاك بل هی مستغرقة فی معرفة اللّٰه و محبته و مشتغلة بطاعته و هذا القسم هم الملائكة المقربون و نسبتهم إلی الملائكة الذین یدبرون السماوات كنسبة أولئك

ص: 205

المدبرین إلی نفوسنا الناطقة فهذا القسمان قد اتفقت الفلاسفة علی إثباتهما و منهم من أثبت أنواعا أخر من الملائكة و هی الملائكة الأرضیة المدبرة لأحوال هذا العالم السفلی ثم إن مدبرات هذا العالم إن كانت خیرات فهم الملائكة و إن كانت شریرة فهم الشیاطین ثم اختلف أهل العلم فی أنه هل یمكن الحكم بوجودها من حیث العقل أو لا سبیل إلی إثباتها إلا بالسمع فالفلاسفة علی الأول.

أقول: ثم ذكر بعض دلائلهم فقال و أما الدلائل النقلیة فلا نزاع البتة بین الأنبیاء علیهم السلام فی إثبات الملائكة بل ذلك كالأمر المجمع علیه بینهم ثم ذكر كثرة الملائكة و بعض الأخبار فی ذلك ثم قال

رَأَیْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ التَّذْكِیرِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ عُرِجَ بِهِ رَأَی الْمَلَائِكَةَ فِی مَوْضِعٍ بِمَنْزِلَةِ سُوقٍ بَعْضُهُمْ یَمْشِی تُجَاهَ بَعْضٍ فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُمْ إِلَی أَیْنَ یَذْهَبُونَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام لَا أَدْرِی إِلَّا أَنِّی أَرَاهُمْ مُنْذُ خُلِقْتُ وَ لَا أَرَی وَاحِداً مِنْهُمْ قَدْ رَأَیْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ سَأَلُوا وَاحِداً مِنْهُمْ وَ قِیلَ لَهُ مُنْذُ كَمْ خُلِقْتَ فَقَالَ لَا أَدْرِی غَیْرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَخْلُقُ كَوْكَباً فِی كُلِّ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ فَخَلَقَ مِثْلَ ذَلِكَ الْكَوَاكِبِ مُنْذُ خَلَقَنِی أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ كَوْكَبٍ.

ثم قال و اعلم أن اللّٰه ذكر فی القرآن أصنافهم و أوصافهم و أما الأصناف فأحدها حملة العرش وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ الآیة(1)

و ثانیها الحافون حول العرش وَ تَرَی الْمَلائِكَةَ حَافِّینَ الآیة(2)

و ثالثها أكابر الملائكة فمنهم جبرئیل و میكائیل لقوله جِبْرِیلَ وَ مِیكالَ (3) ثم إنه وصف جبرئیل بأمور الأول أنه صاحب الوحی إلی الأنبیاء نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ (4) و الثانی أنه قدمه علی میكائیل و الثالث جعله ثانی نفسه فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِیلُ (5)

ص: 206


1- 1. الحاقّة: 17.
2- 2. الزمر: 75.
3- 3. البقرة: 98.
4- 4. الشعراء: 193.
5- 5. التحریم: 4.

الرابع سماه روح القدس الخامس ینصر أولیاءه و یقهر أعداءه مع آلاف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِینَ السادس أنه مدحه بصفات ستة إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ إلی قوله أَمِینٍ (1) و منهم إسرافیل صاحب الصور و عزرائیل قابض الأرواح و له أعوان علیه و رابعها ملائكة

الجنة وَ الْمَلائِكَةُ یَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ الآیة(2)

و خامسها ملائكة النار عَلَیْها تِسْعَةَ عَشَرَ(3) و قوله وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً(4) و رئیسهم مالك یا مالِكُ لِیَقْضِ عَلَیْنا رَبُّكَ (5) و أسماء جملتهم الزبانیة سَنَدْعُ الزَّبانِیَةَ(6) و سادسها الموكلون ببنی آدم لقوله تعالی عَنِ الْیَمِینِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَیْهِ رَقِیبٌ عَتِیدٌ(7) و قوله تعالی لَهُ مُعَقِّباتٌ الآیة(8)

و قوله وَ یُرْسِلُ عَلَیْكُمْ حَفَظَةً(9) و ثامنها الموكلون بأحوال هذا العالم وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا(10) و قوله فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً(11) و عن ابن عباس قال إن لله ملائكة سوی الحفظة یكتبون ما یسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عجزه بأرض فلاة فلیناد أعینوا عباد اللّٰه رحمكم اللّٰه.

و أما أوصاف الملائكة فمن وجوه أحدها أنهم رسل اللّٰه جاعِلِ الْمَلائِكَةِ

ص: 207


1- 1. التكویر: 19- 21.
2- 2. الرعد: 23.
3- 3. المدّثّر: 30- 31.
4- 4. المدّثّر: 30- 31.
5- 5. الزخرف: 77.
6- 6. العلق: 18.
7- 7. ق: 17.
8- 8. الرعد: 11.
9- 9. الأنعام: 61.
10- 10. الصافّات: 1.
11- 11. النازعات: 5.

رُسُلًا(1) و قوله اللَّهُ یَصْطَفِی مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا(2) و ثانیها قربهم من اللّٰه بالشرف و هو المراد من قوله سبحانه وَ مَنْ عِنْدَهُ لا یَسْتَكْبِرُونَ (3) و قوله بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (4) و ثالثها وصف طاعاتهم و ذلك من وجوه الأول قوله تعالی حكایة عنهم وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ (5) و قولهم وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (6) و اللّٰه تعالی ما كذبهم فی ذلك الثانی مبادرتهم إلی امتثال أمر اللّٰه و هو قوله فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (7) الثالث أنهم لا یفعلون إلا بوحیه و أمره و هو قوله تعالی لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ (8) و رابعها وصف قدرتهم و ذلك بوجوه الأول أن حملة العرش و هم ثمانیة یحملون العرش و الكرسی

الذی هو أصغر من العرش أعظم من جملة السماوات السبع لقوله تعالی وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ (9) و الثانی أن علو العرش شی ء لا یحیط به الوهم و یدل علیه قوله تعالی تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَیْهِ فِی یَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ(10) ثم إنهم لشدة قدرتهم ینزلون منه فی لحظة واحدة الثالث قوله تعالی وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ الآیة(11) فصاحب الصور بلغ فی القوة إلی حیث إن بنفخة واحدة منه یصعق من فی السماوات و الأرض و بالثانیة

ص: 208


1- 1. فاطر: 1.
2- 2. الحجّ: 75.
3- 3. الأنبیاء: 19.
4- 4. الأنبیاء: 26.
5- 5. البقرة: 30.
6- 6. الصافّات: 165- 166.
7- 7. ص: 73.
8- 8. الأنبیاء: 27.
9- 9. البقرة: 255.
10- 10. المعارج: 4.
11- 11. یس: 51.

منه یعدون أحیاء الرابع أن جبرئیل بلغ من قوته أن قلع جبال آل لوط و بلادهم دفعة واحدة.

و خامسها وصف خوفهم و یدل علیه بوجوه الأول أنهم مع كثرة عبادتهم و عدم إقدامهم علی الزلات یكونون خائفین وجلین حتی كان عباداتهم معاصی قال تعالی یَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ (1) و قال وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ مُشْفِقُونَ (2) الثانی قوله تعالی حَتَّی إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ الآیة(3)

روی فی التفسیر أن اللّٰه تعالی إذا تكلم بالوحی سمعه أهل السماوات مثل صوت السلسلة علی الصفوان ففزعوا فإذا انقضی الوحی قال بعضهم لبعض ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْكَبِیرُ.

الثالث رَوَی الْبَیْهَقِیُّ فِی شُعَبِ الْإِیمَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَیْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ سَلَّمَ بِنَاحِیَةٍ وَ مَعَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِذَا انْشَقَّ أُفُقُ السَّمَاءِ فَأَقْبَلَ جَبْرَئِیلُ یَتَضَاءَلُ وَ یَدْخُلُ بَعْضُهُ فِی بَعْضٍ.

إلی آخر ما سیأتی بروایة السیوطی فی الباب الآتی انتهی (4).

و أقول و إن قال فی أول كلامه إن أكثر المسلمین قالوا بتجسم الملائكة لكن یظهر من آخر كلامه أن المخالف فی ذلك لیس إلا النصاری و الفلاسفة الذین لم یؤمنوا بشریعة و تكلموا فی جمیع أمورهم علی آرائهم السخیفة و عقولهم الضعیفة(5).

و أقول سئل المرتضی نزول جبرئیل بالوحی فی صورة دحیة الكلبی كیف

ص: 209


1- 1. النحل: 50.
2- 2. المؤمنون: 58.
3- 3. السبأ: 23.
4- 4. مفاتیح الغیب: ج 1، ص 376- 380.
5- 5. هب ان الظاهر من آخر كلامه ذلك فهل یصحّ رفع الید عن صریح الصدر بظاهر الذیل؟ ثم هل یثبت بذلك اجماع المسلمین؟.

كان یتصور بغیر صورته هو القادر علیها أو القدیم تعالی یشكل صورة و لیست صورة جبرئیل فإن كان الذی یسمع من القرآن من صورة غیر جبرئیل ففیه ما فیه و إن كان من جبرئیل فكیف یتصور بصورة للبشر و هذه القدرة قد رویت أن إبلیس یتصور و كذلك الجن أرید أن توضح أمر ذلك و ما كان یسمعه جبرئیل من الوحی من البارئ تعالی أو من حجاب و كیف كان یبلغه و هل جبرئیل یعلم من صفات البارئ أكثر مما نعلمه أو مثله و أین محله من السماء و هل القدیم إذا خطر ببال جبرئیل یكون متحیرا فیه مثلنا و یكون سبحانه لا تدركه الأوهام أو میزه علینا و جمیع الملائكة أیضا.

فأجاب رحمه اللّٰه بأن نزول جبرئیل بصورة دحیة كان بمسألة من النبی صلی اللّٰه علیه و آله لله تعالی فی ذلك فأما تصوره فلیس بقدرته بل اللّٰه یصوره كذلك صورة حقیقة لا تشكیل و الذی كان یسمعه النبی صلی اللّٰه علیه و آله من القرآن كان من جبرئیل فی الحقیقة و أما إبلیس و الجن فلیس یقدرون علی التصور و كل قادر بقدرة فحكمهم سواء فی أنهم لا یصح أن یصوروا نفوسهم بل إن اقتضت المصلحة أن یتصور بعضهم بصورة صوره اللّٰه للمصلحة فأما جبرئیل علیه السلام و سماعه الوحی فیجوز أن یكلمه اللّٰه بكلام یسمعه فیتعلمه و یجوز أن یقرأه من اللوح المحفوظ فأما ما یعلم جبرئیل من صفات اللّٰه فطریقه الدلیل و هو و العلماء فیه واحد فأما محله من السماء فقد روی أنه فی السماء الرابعة فأما ما یخطر بباله فلا یجوز أن یتحیر فیه لأن جبرئیل معصوم لا یصح أن یفعل قبیحا انتهی و فی بعض (1) ما أفاده نظر لا یخفی علی المتأمل.

و سئل رحمه اللّٰه أیضا إذا حصل أهل الجنة فی الجنة ما حكم الملائكة

ص: 210


1- 1. و كذا فی بعض ما یأتی منه، و امثال هذه ممّا صدر عن اجلة العلماء شاهدة علی ما اسلفنا من عدم اختصاص الخطأ بالفلاسفة و المتفلسفین، لكن كأنّه لا یناسب عظم شأن الفقهاء الا مثل هذا الكلام« فی بعض ما افاده نظر» و لو لا مخافة الإطالة لاشرنا الی مواقع النظر فی كلامه و ما یترتب علیه من اللوازم غیر المرضیة و الی تحقیق القول فی المسائل المذكورة.

هل یكونون فی جنة بنی آدم أو غیرها و هل یراهم البشر و هم یأكلون و یشربون مثل البشر أو تسبیح و تقدیس و هل یسقط عنهم التكلیف و كذلك الجن.

فأجاب رحمه اللّٰه أنه یجوز أن یكونوا فی الجنة مع بنی آدم و یجوز أن یكونوا فی جنة سواها فإن الجنان كثیرة جَنَّةُ الْخُلْدِ و جنة عدن و جَنَّةُ الْمَأْوی و غیر ذلك مما لم یذكره اللّٰه تعالی فأما رؤیة البشر لهم فلا یصلح إلا علی أحد وجهین إما أن یقوی اللّٰه تعالی شعاع بصر البشر أو یكثف الملائكة فأما الأكل و الشرب فتجوز و اللّٰه تعالی یثیبهم بما فیه لذتهم فإن جعل لذتهم فی الأكل و الشرب جاز و أما التكلیف فإنه یسقط عنهم لأنه لا یصح أن یكونوا مكلفین مثابین فی حالة واحدة و الكلام فی الجن یجری هذا المجری.

و قال الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی كتاب المقالات القول فی سماع الأئمة علیهم السلام كلام الملائكة الكرام و إن كانوا لا یرون منهم الأشخاص و أقول بجواز(1) هذا من جهة العقل و أنه لیس بممتنع فی الصدیقین من الشیعة المعصومین من الضلال و قد جاءت بصحته و كونه فی الأئمة علیهم السلام و كذا سمیت من شیعتهم الصالحین الأبرار الأخیار واضحة الحجة و البرهان و هو

مذهب فقهاء الإمامیة و أصحاب الآثار منهم و قد أباه بنو نوبخت و جماعة من أهل الإمامة لا معرفة لهم بالأخبار و لم یمنعوا النظر و لا سلكوا طریق الصواب.

و قال رحمه اللّٰه فی رؤیة المحتضر الملائكة جائز من أن یراهم ببصره بأن یزید اللّٰه تعالی فی شعاعه ما یدرك به أجسامهم الشفافة الرقیقة.

و قال القول فی نزول الملكین علی أصحاب القبور و مساءلتهما الاعتقاد و أقول إن ذلك صحیح و علیه إجماع الشیعة و أصحاب الحدیث و تفسیر مجمله أن اللّٰه تعالی ینزل علی من یرید تنعیمه بعد الموت ملكین اسمهما مبشر و بشیر فیسألانه عن ربه جلت عظمته و عن نبیه و ولیه علیهما السلام فیجیبهما بالحق الذی فارق الدنیا علی اعتقاده و الصواب و یكون الغرض فی مساءلتهما استخراج العلامة بما

ص: 211


1- 1. فی المخطوطة: یجوز.

یستحقه من النعیم فیجد لذتها منه فی الجواب و ینزل جل جلاله علی من یرید تعذیبه فی البرزخ ملكین اسمهما(1)

ناكر و نكیر فیوكلهما بعذابه و یكون الغرض فی مساءلتهما له استخراج علامة استحقاقه من العقاب بما یظهر فی جوابه من التلجلج عن الحق أو الخبر عن سوء اعتقاد أو إبلاسه و عجزه عن الجواب و لیس ینزل الملكان من أصحاب القبور إلا علی ما ذكرناه.

و أما ما ذكره السید الداماد رحمه اللّٰه تبعا للفلاسفة حیث قال من الدائر علی الألسن أن وصف القرآن بالنزول التی لا یتصف به إلا المتحیز بالذات دون الأعراض و سیما غیر القارات كالأصوات إنما هو بتبعیة محله سواء أخذ حروفا ملفوظة أو معانی محفوظة و هو الملك الذی یتلقف الكلام من جناب الملك العلام تلقفا سماعیا أو یتلقاه تلقیا روحانیا أو یتحفظه من اللوح المحفوظ ثم ینزل به علی الرسول و لا یتمشی هذا النمط إلا علی القول بتجسم الملائكة و إنما الخارجون عن دائرة التحصیل ممشاهم ذلك فأما ما هو صریح الحق و علیه الحكماء الإلهیون و المحصلون من أهل الإسلام أن الملائكة علی قبائل سفلیة و علویة أرضیة و سماویة جسمانیة و قدسانیة و فی القبائل شعوب و طبقات كالقوی المنطبعة و الطبائع الجوهریة و أرباب الأنواع و النفوس المفارقة السماویة و الجواهر العقلیة القادسیة(2)

بطبقات أنواعها و أنوارها و منها روح القدس النازل بالوحی النافث فی أرواح أولی القوة القدسیة بإذن اللّٰه سبحانه وَ ما یَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ(3)

وَ فِی الْحَدِیثِ عَنْهُ علیه السلام: أَطَّتِ السَّمَاءُ وَ حَقٌّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِیهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَ فِیهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ رَاكِعٌ.

فالأمر غیر خفی اللّٰهم إلا أن یسمی ظهورهم العقلانی لنفوس الأنبیاء علیهم السلام نزولا تشبیها للهیولی العقلی و الاعتلاق الروحانی بالنزول الحسی و الاتصال المكانی فیكون قولنا نزول الملك

ص: 212


1- 1. فی بعض النسخ: اسماهما.
2- 2. القادسة( ظ).
3- 3. المدّثّر: 31.

استعارة تبعیة و قولنا نزل الفرقان مجازا مرسلا بتبعیة تلك الاستعارة التبعیة.

قلت لا یطمئن منی أحد من الناس أن أستصح ذلك بجهة من الجهات و أن فیه شقا لعصا الأمة بفرقها المفترقة و أحادیثها المتواترة و خرقا للقوانین العقلیة الفلسفیة و نسخا للضوابط المقررة البیانیة فالأمة مطبقة علی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله یری جبرئیل علیه السلام و ملائكة اللّٰه المقربین ببصره الجسمانی و یسمع كلام اللّٰه الكریم علی لسانهم القدسی بسمعه الجسمانی و قوائم الحكمة قائمة بالقسط إنه إنما ملاك الرؤیة البشریة و الإبصار الحسی انطباع الصورة فی الحس المشترك و إنما المبصر المرئی بالحقیقة من الشی ء الماثل بین یدی الحس الصورة الذهنیة المنطبعة و أما ذو الصورة بهویته العینیة و مادته الخارجیة فمبصر بالعرض مرئی بالمجاز و إن كان مثوله العینی شرط الإبصار و الجلیدیتان هما مسلكا التأدیة لا لوحا الانطباع و علی هذه السنة شاكلة السمع أیضا و الإفاضة مطلقا من تلقاء واهب الصور فإذا كانت النفس واغلة الهمة فی الجنبة الجسدانیة طفیفة الانجذاب إلی صقع الحق و عالم القدس لم یكن لنبطاسیاها سبیل إلی التطبع بالصورة من تلقاء واهب الصور إلا من مسلك الحاسة الظاهرة و مثول المادة الخارجیة بین یدیها فأما إذا كانت قدسیة الفطرة مستنیرة الغریزة فی جوهر جبلتها المفطورة ثم فی سجیتها المكسوبة صارت نقیة الجوهر طاهرة الذات أكیدة العلاقة بعالم العقل شدیدة الاستحقاق لعالم الحس قاهرة الملكة قویة المنة علی خلع البدن و رفض الحواس و الانصراف إلی صقع القدس حیث شاءت و متی شاءت بإذن ربها و قوتها المتخیلة أیضا قلیلة الانغماس فی جانب الظاهر قویة التلقی من عالم الغیب فإنها تخلص من شركة الطبیعة و تعزل اللحظ عن الجسد فی الیقظة فترجع إلی عالمها و تتصل بروح القدس و بمن شاء اللّٰه من الملائكة المقربین و تستفید من هنالك العلم و الحكمة بالانتقاش علی سبیل الرشح كمرآة مجلوة حوذی بها شطر الشمس و لكن حیث إنها یومئذ فی دار غریبتها(1) بعد بالطبع و لم تنسلخ عن علاقتها

ص: 213


1- 1. غربتها( ظ).

الطبیعیة بتدبر جیوشها الجسدیة و أمورها البدنیة تكون مثالها فیما تناله بحسب ذلك الشأن و تلك الدرجة تحول الملك لها علی صورة مادیة متمثلة فی شبح بشری ینطبق بكلمات إلهیة مسموعة منظومة كما قال عز من قال فَأَرْسَلْنا إِلَیْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِیًّا(1) و أعنی بذلك ارتسام الصورة فی لوح الانطباع لا من سبیل الظاهر و الأخذ عن مادة خارجیة بل بالانحدار إلیه من الباطن و الحصول عن صقع الإفاضة فإذن فی السماع و الإبصار المشهوریین یرتفع المسموع و المبصر من المواد الخارجیة إلی لوح الانطباع ثم منه إلی الخیال و المتخیلة ثم یصعد الأمر إلی النفس العاقلة و فی إبصار الملك و سماع الوحی و هما الإبصار و السماع الصریحان ینعكس الشأن فینزل الفیض إلی النفس من عالم الأمر فهی تطالع شیئا من الملكوت مجردة غیر مستصحبة لقوة خیالیة أو وهمیة أو غیرهما ثم یفیض عن النفس إلی القوة الخیالیة فتخیله مفصلا منضما بعبارة منظومة مسموعة فتمثل لها الصورة فی الخیال من صقع الرحمة و عالم الإفاضة ثم تنحدر الصورة المتمثلة و العبارة المنتظمة من الخیال و المتخیلة إلی لوح الانطباع و هو الحس المشترك فتسمع الكلام و تبصر الصورة فهذا أفضل ضروب الوحی و الإیحاء. و یقال إنه مخاطبة

العقل الفعال للنفس بألفاظ مسموعة مفصلة و له أنحاء مختلفة و مراتب متفاصلة بحسب درجات للنفس متفاوتة و قد یكون فی بعض درجاته لا یتخصص المسموع و المبصر بجهة من جهات العالم بخصوصها بل الأمر یعم الجهات بأسرها فی حالة واحدة و فِی الْحَدِیثِ: أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ یَأْتِیكَ الْوَحْیُ قَالَ أَحْیَاناً یَأْتِی مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَ هُوَ أَشَدُّ عَلَیَّ فَیَفْصِمُ عَنِّی وَ قَدْ وَعَیْتُ عَنْهُ مَا قَالَ وَ أَحْیَاناً یُمَثَّلُ إِلَیَّ الْمَلَكُ رَجُلًا فَیُكَلِّمُنِی فَأَعِی مَا یَقُولُ.

و ربما تكون النفس المتنورة صقالتها فی بعض الأحایین أتم و سلطانها علی قهر الصوارف الجسدانیة و الشواغل الهیولانیة أعظم فیكون عند الانصراف عن عالم

ص: 214


1- 1. مریم: 17.

الحس و الاتصال بروح القدس استئناسها بجوهر ذاته المجردة منه بالشبح المتمثل فتشاهده ببصر ذاته العاقلة و یستفید منه و هو فی صورته القدسیة كما ما ورد

فِی الْحَدِیثِ: أَنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّةً فِی صُورَتِهِ الْخَاصَّةِ كَأَنَّهُ طِبْقُ الْخَافِقَیْنِ.

ثم دون هذه الضروب لسائر درجاته ما یتفق له من القوة القدسیة نصیب مرتبة النبوة أن یری ملائكة اللّٰه و یسمع كلام اللّٰه و لكن فی النوم لا فی الیقظة و سبیل القول فیه أیضا ما دریت إلا أن الأمر هناك ینتهی إلی القوة المتخیلة و یقف عندها بمحاكاتها و تنظیمها و تفصیلها لما قد طالعته النفس من عالم الملكوت من دون انحدار الصورة المتمثلة و العبارة المنتظمة منها إلی الحس المشترك. فأما الرؤیا الصالحة لنفوس العرفاء و الصالحین فواقعة فی هذا الطریق غیر واصلة إلی درجة النبوة و بلوغ الغایة و فی الحدیث أنها جزء من ستة و أربعین أو سبعین جزءا من النبوة علی اختلافات الروایات و قصارها فی مرتبة الكمال و أقصاها للمحدثین بالفتح علی البناء للمفعول من التحدیث و هم الذین یرفضون عالم الشهادة و یصعدون إلی عالم الغیب فربما یسمعون الصوت فی الیقظة عن سبیل الباطن و لكنهم لا یعاینون شخصا متشبحا. و فی كتاب الحجة من كتاب الكافی لشیخ الدین أبی جعفر الكلینی رضی اللّٰه عنه باب فی الفرق بین الرسول و النبی صلی اللّٰه علیه و آله و المحدث و أن الأئمة علیهم السلام محدثون مفهمون (1) و إذ قد انصرح لك من المسألة من سبیلها فقد استبان أن قولنا نزل الملك مجاز عقلی مستعمل طرفاه فی معنییهما الحقیقیین و التجوز فیه فی الإسناد إذ النزول حقیقة منسوب إلی الصورة المتشبحة المتمثلة و قد أسند بالعرض إلی الجوهر المجرد القدسی و هو الملك و لیس هو من الاستعارة فی شی ء أصلا كما قولنا تحرك جالس السفینة و قولنا أنا متحرك و أنا ساكن و قولنا رأیت زیدا إذا عنینا به شخصه الموجود فی الخارج بهویته العینیة لا صورته الذهنیة المرئیة المنطبعة فی الحس المشترك و سائر المقولات فی وجود الاتصافات بالعرض كلها علی هذه الشاكلة و أما نزل الفرقان فمجاز مرسل

ص: 215


1- 1. الكافی: ج 1، ص 270.

لاتباعه استعارة تبعیة بل من حیث إن النازل علی الحقیقة محله و هو تلك الصورة البشریة المتشبحة النازلة أو تجوز عقلی لا فی شی ء من الطرفین بل فی الإسناد علی أن الأصوات و الحروف و الألفاظ لیست أعراضا حالة فی لسان المتكلم بل هی تقطیعات عارضة للهواء من تلقاء حركة اللسان إن قلت بنیت الأمر فیما أفدت علی القول بالانطباع فی باب الرؤیة فما سبیل القول هنالك علی المذهبین الآخرین و هما خروج الشعاع أی فی فیضانه من المبدإ الفیاض منبثا فی الهواء المتوسط بین الجلیدیة و سطح المرئی علی هیئة المخروط و حصول الإضافة الإشراقیة للنفس المستوجبة للانكشاف الإبصاری ما دامت المقابلة بین المرئی و الجلیدیة علی تلك الهیئة.

قلت لست أكترث لذلك إذ إنما یسمی ذلك الخلاف و تثلیث القول فی المواد الخارجیة و الرؤیة من مسلك الجلیدیة و من مذهب الظاهر لا فی الإبصار من سبیل الباطن و مذهب الغیب من دون الأخذ من مادة خارجیة ثم الآراء الثلاثة متحاذیة الأقدام فی تطابق اللوازم و اتحاد الأحكام حذو القذة بالقذة و السواد الأعظم علی مسلك الانطباع و یشبه أن یكون الحق لا یتعداه و ما یتجشمه فرق من فرق الإضافة الإشراقیة من إثبات صور معلقة خیالیة فی عالم معلق مثالی لیستتب الأمر فی صور المرایا و الصور الخیالیة و أمور الإیحاءات و مواعید النبوات قلت لا أجد لاتجاه البرهان إلیه مساقا بل أجده بتماثیل الصوفیة أشبه منه بقوانین الحكماء و حق القول الفصل فیه علی ذمة كتبنا البرهانیة انتهی.

فلعله رحمه اللّٰه حاول تحقیق الأمر علی مذاق المتفلسفین و مزج رحیق الحق بمموهات آراء المنحرفین عن طرق الشرع المبین مع تباین السبیلین و وضوح الحق من البین و قد اتضح بما أسلفنا صریح الأمر لذی عینین و سنذكر ما یكشف أغشیة الشبه رأسا عن العین.

«85»- أَقُولُ رَوَیْنَا بِإِسْنَادِنَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَشْنَاسَ الْبَزَّازِ

ص: 216

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الزَّیَّاتِ عَنْ خَالِهِ عَلِیِّ بْنِ نُعْمَانَ الْأَعْلَمِ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ الثَّقَفِیِّ الْبَلْخِیِّ عَنْ أَبِیهِ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ الْبَاقِرِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ بِإِسْنَادِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَیَّاشٍ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِی طَاهِرٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَهَّرٍ الْكَاتِبِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَلَقَانَ الْمِصْرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ إِلَی آخِرِ السَّنَدِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ: وَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ ع فِی الصَّلَاةِ عَلَی حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَ كُلِّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ اللَّهُمَّ وَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ الَّذِینَ لَا یَفْتُرُونَ مِنْ تَسْبِیحِكَ وَ لَا یَسْأَمُونَ مِنْ تَقْدِیسِكَ وَ لَا یَسْتَحْسِرُونَ عَنْ عِبَادَتِكَ وَ لَا یُؤْثِرُونَ التَّقْصِیرَ عَلَی الْجِدِّ فِی أَمْرِكَ وَ لَا یَغْفُلُونَ عَنِ الْوَلَهِ إِلَیْكَ وَ إِسْرَافِیلُ صَاحِبُ الصُّورِ الشَّاخِصُ الَّذِی یَنْتَظِرُ مِنْكَ الْإِذْنَ وَ حُلُولَ الْأَمْرِ فَیُنَبِّهُ بِالنَّفْخَةِ صَرْعَی رَهَائِنَ الْقُبُورِ وَ مِیكَائِیلُ ذُو الْجَاهِ عِنْدَكَ وَ الْمَكَانِ الرَّفِیعِ مِنْ طَاعَتِكَ وَ جَبْرَئِیلُ الْأَمِینُ عَلَی وَحْیِكَ الْمُطَاعُ فِی أَهْلِ سَمَاوَاتِكَ الْمَكِینُ لَدَیْكَ الْمُقَرَّبُ عِنْدَكَ وَ الرُّوحُ الَّذِی هُوَ عَلَی مَلَائِكَةِ الْحُجُبِ وَ الرُّوحُ الَّذِی هُوَ مِنْ أَمْرِكَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَیْهِمْ وَ عَلَی الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ مِنْ دُونِهِمْ مِنْ سُكَّانِ سَمَاوَاتِكَ وَ أَهْلِ الْأَمَانَةِ عَلَی رِسَالاتِكَ وَ الَّذِینَ لَا یَدْخُلُهُمْ سَأْمَةٌ مِنْ دُءُوبٍ وَ لَا إِعْیَاءٌ مِنْ لُغُوبٍ وَ لَا فُتُورٌ وَ لَا تَشْغَلُهُمْ عَنْ تَسْبِیحِكَ الشَّهَوَاتُ وَ لَا یَقْطَعُهُمْ عَنْ تَعْظِیمِكَ سَهْوُ الْغَفَلَاتِ الْخُشَّعُ

الْأَبْصَارِ فَلَا یَرُومُونَ النَّظَرَ إِلَیْكَ النَّوَاكِسُ الْأَعْنَاقِ (1)

الَّذِینَ قَدْ طَالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِیمَا لَدَیْكَ الْمُسْتَهْتَرُونَ بِذِكْرِ آلَائِكَ وَ الْمُتَوَاضِعُونَ دُونَ عَظَمَتِكَ وَ جَلَالِ كِبْرِیَائِكَ وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ إِذَا نَظَرُوا إِلَی جَهَنَّمَ تَزْفِرُ عَلَی أَهْلِ مَعْصِیَتِكَ سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ فَصَلِّ عَلَیْهِمْ وَ عَلَی الرُّوحَانِیِّینَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ وَ أَهْلِ الزُّلْفَةِ عَنْكَ وَ حَمَلَةِ الْغَیْبِ إِلَی رُسُلِكَ وَ الْمُؤْتَمَنِینَ عَلَی وَحْیِكَ وَ قَبَائِلِ الْمَلَائِكَةِ

ص: 217


1- 1. فی الصحیفة المطبوعة: الاذقان.

الَّذِینَ اخْتَصَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَ أَغْنَیْتَهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ بِتَقْدِیسِكَ وَ أَسْكَنْتَهُمْ بُطُونَ أَطْبَاقِ سَمَاوَاتِكَ وَ الَّذِینَ هُمْ عَلَی أَرْجَائِهَا إِذَا نَزَلَ الْأَمْرُ بِتَمَامِ وَعْدِكَ وَ خُزَّانِ الْمَطَرِ وَ زَوَاجِرِ السَّحَابِ وَ الَّذِی بِصَوْتِ زَجْرِهِ یُسْمَعُ زَجَلُ الرُّعُودِ وَ إِذَا سَبَّحَتْ بِهِ حَفِیفَةُ(1) السَّحَابِ الْتَمَعَتْ صَوَاعِقُ الْبُرُوقِ وَ مُشَیِّعِی الثَّلْجِ وَ الْبَرَدِ وَ الْهَابِطِینَ مَعَ قَطْرِ الْمَطَرِ إِذَا نَزَلَ وَ الْقُوَّامِ عَلَی خَزَائِنِ الرِّیَاحِ وَ الْمُوَكَّلِینَ بِالْجِبَالِ فَلَا تَزُولُ وَ الَّذِینَ عَرَّفْتَهُمْ مَثَاقِیلَ الْمِیَاهِ وَ كَیْلَ مَا تَحْوِیهِ لَوَاعِجُ الْأَمْطَارِ وَ عَوَالِجُهَا وَ رُسُلِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَی أَهْلِ الْأَرْضِ بِمَكْرُوهِ مَا یَنْزِلُ مِنَ الْبَلَاءِ وَ مَحْبُوبِ الرَّخَاءِ وَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَ الْحَفَظَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِینَ وَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ أَعْوَانِهِ وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ وَ مُبَشِّرٍ وَ بَشِیرٍ وَ رَوْمَانَ فَتَّانِ الْقُبُورِ وَ الطَّائِفِینَ بِالْبَیْتِ الْمَعْمُورِ وَ مَالِكٍ وَ الْخَزَنَةِ وَ رِضْوَانَ وَ سَدَنَةِ الْجِنَانِ وَ الَّذِینَ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ سَلامٌ عَلَیْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ وَ الزَّبَانِیَةِ الَّذِینَ إِذَا قِیلَ لَهُمْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِیمَ صَلُّوهُ ابْتَدَرُوهُ سِرَاعاً وَ لَمْ یُنْظِرُوهُ وَ مَنْ أَوْهَمْنَا ذِكْرَهُ وَ لَمْ نَعْلَمْ مَكَانَهُ مِنْكَ وَ بِأَیِّ أَمْرٍ وَكَّلْتَهُ وَ سُكَّانِ الْهَوَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الْمَاءِ وَ مَنْ مِنْهُمْ عَلَی الْخَلْقِ فَصَلِّ عَلَیْهِمْ یَوْمَ تَأْتِی كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ وَ صَلِّ عَلَیْهِمْ صَلَاةً تَزِیدُهُمْ كَرَامَةً عَلَی كَرَامَتِهِمْ وَ طَهَارَةً عَلَی طَهَارَتِهِمْ اللَّهُمَّ وَ إِذَا صَلَّیْتَ عَلَی مَلَائِكَتِكَ وَ رُسُلِكَ وَ بَلَّغْتَهُمْ صَلَوَاتِنَا(2)

عَلَیْهِمْ فَصَلِّ عَلَیْنَا بِمَا فَتَحْتَ لَنَا مِنْ حُسْنِ الْقَوْلِ فِیهِمْ إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِیمٌ.

تبیان أقول الدعاء مرویة بروایة الحسنی أیضا فی الصحیفة الشریفة الكاملة المشهورة و روایة الشیخ و روایة المطهری كما فصلناه فی آخر المجلدات و لنوضحه بعض الإیضاح و إن استقصینا الكلام فی شرحه فی الفرائد(3) الطریفة.

اللَّهُمَّ وَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ الَّذِینَ لَا یَفْتُرُونَ مِنْ تَسْبِیحِكَ. و فی روایة الحسنی عن

ص: 218


1- 1. خفیفة( خ).
2- 2. فی الصحیفة المطبوعة: صلاتنا.
3- 3. فی بعض النسخ« الفوائد الطریقة».

تسبیحك و الواو فی قوله و حملة للعطف علی الجمل المتقدمة فی الدعاء السابق أو من قبیل عطف القصة علی القصة و قیل زائدة و قیل استئنافیة و قیل عطف بحسب المعنی علی قوله اللّٰهم فإنه أیضا جملة لأنه بتأویل أدعوك و لا یخفی بعد ما سوی الأولین و قوله و حملة مبتدأ و خبره مقدر أی هم مستحقون لأن نصلی علیهم و یحتمل أن یكون فصل علیهم خبرا بتأویل مقول فی حقه فدخول الفاء إما علی مذهب الأخفش حیث جوز دخول الفاء علی الخبر مطلقا أو بتقدیر أما أو باعتبار الاكتفاء بكون صفة المبتدإ موصولا و یحتمل أن یكون الموصول خبرا لا صفة و كذا صاحب فی الثانی و ذو الجاه فی الثالث و الأمین فی الرابع و كذا الموصول فی الأخیرین أو یقدر فیهما بقرینة ما سبقهما هما مقربان عندك و قد مضی الكلام فی معانی العرش و حملته و إن كان الأظهر هنا كون المراد بالعرش الجسم العظیم و بحملته الملائكة الذین یحملونه و الفتور الانكسار و الضعف

وَ لَا یَسْأَمُونَ مِنْ تَقْدِیسِكَ.

سئم من الشی ء كعلم مل أی لا یحصل لهم من التسبیح و التقدیس سأمة و ملال بل یتقوون بهما كما مر و التسبیح و التقدیس كلاهما بمعنی التنزیه عن العیوب و النقائص و یمكن حمل الأول علی تنزیه الذات و الثانی علی تنزیه الصفات و الأفعال و یحتمل وجوها أخر

وَ لَا یَسْتَحْسِرُونَ عَنْ عِبَادَتِكَ.

الاستحسار استفعال من حسر إذا أعیا و تعب و عدم ملالهم لشدة شوقهم و كون خلقتهم خلقة لا یحصل بها لهم الملال بكثرة الأعمال وَ لَا یُؤْثِرُونَ التَّقْصِیرَ عَلَی الْجِدِّ فِی أَمْرِكَ. الإیثار الاختیار و الجد بالكسر الاجتهاد و السعی وَ لَا یَغْفُلُونَ عَنِ الْوَلَهِ إِلَیْكَ.

محركة الحزن أو ذهاب العقل حزنا و الحیرة و الخوف و لعل المراد هنا التحیر فی غرائب خلقه سبحانه أو لشدة حبهم له تعالی أو للخوف منه جل و علا و الأوسط لعله أظهر. و إسرافیل هو ملك موكل بنفخ الصور و الصور هو قرنه الذی ینفخ فیه كما قال سبحانه وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ

ص: 219

ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخْری فَإِذا هُمْ قِیامٌ یَنْظُرُونَ (1) و قال تعالی إِنْ كانَتْ إِلَّا صَیْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِیعٌ لَدَیْنا مُحْضَرُونَ (2) و قد مر تفصیله فی كتاب المعاد.

الشَّاخِصُ الَّذِی یَنْتَظِرُ مِنْكَ الْإِذْنَ.

أی شخص ببصره لا یطرف من یوم خلقته انتظارا لما سوف یؤمر به بعد انقضاء أمر الدنیا و المرتفع الماد عنقه لذلك أو الرفیع الشأن و الأول أظهر قال الفیروزآبادی شخص كمنع شخوصا ارتفع و بصره فتح عینیه و جعل لا یطرف و بصره رفعه و الإذن فی النفخ و الأمر أیضا فیه أو المراد أمر القیامة

فَیُنَبِّهُ بِالنَّفْخَةِ صَرْعَی رَهَائِنَ الْقُبُورِ.

فی القاموس الصرع الطرح علی الأرض و كأمیر المصروع و الجمع صرعی انتهی و الصریع یطلق علی المیت و علی المقتول لأنهما یطرحان علی الأرض و فی القاموس الرهن ما وضع عندك لینوب مناب ما أخذ منك و كل ما احتسب به شی ء فرهینة و راهن المیت القبر ضمنه إیاه و الرهینة كسفینة واحد الرهائن.

أقول: یمكن أن یكون المراد برهائن القبور مودعاتها أی الذین أقاموهم فیها إلی یوم البعث أو من ارتهن بعمله فی القبر كما قال تعالی كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِینَةٌ(3) و رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ أَنْفُسَكُمْ مَرْهُونَةٌ بِأَعْمَالِكُمْ فَفُكُّوهَا بِاسْتِغْفَارِكُمْ.

و مثله فی الأخبار كثیر فیكون من قبیل الإضافة إلی الظرف لا إلی المفعول كقولهم یا سارق اللیلة أهل الدار و كما قیل فی مالِكِ یَوْمِ الدِّینِ أی مالك الأشیاء یوم الدین ثم اعلم أن أكثر نسخ الصحیفة متفقه علی نصب الرهائن فهو إما بدل عن صرعی أو حال أو بیان أو صفة لأن الإضافة لفظیة و فی روایة ابن أشناس بالجر بالإضافة و الأول أصوب ثم إنه علیه السلام اقتصر علی ذكر النفخة الثانیة لأنه أشد و أفظع لاتصالها بالقیامة و احتمال كون الكلام مشتملا علیهما بأن یكون فی الإذن و الأمر إشارة إلی الأولی

ص: 220


1- 1. الزمر: 68.
2- 2. یس: 53.
3- 3. المدّثّر: 38.

و قوله فینبه إلی الثانیة فی غایة البعد.

و میكائیل هو من عظماء الملائكة و روی أنه رئیس الملائكة الموكلین بأرزاق الخلق كملائكة السحب و الرعود و البروق و الریاح و الأمطار و غیر ذلك و فی اسمه لغات قال الزمخشری قرئ میكال بوزن قنطار و میكائیل بوزن میكاعیل و میكئیل كمیكعیل و میكائل كمیكاعل و میكئل كمیكعل قال ابن جنی العرب إذا نطقت بالعجمی خلطت فیه انتهی و الجاه القدر و المنزلة وَ الْمَكَانِ الرَّفِیعِ مِنْ طَاعَتِكَ.

لعل المراد بالمكان المكانة و المنزلة و بالرفعة العلو المعنوی و من ابتدائیة أی رفعة مكانه بسبب إطاعتك أو تبعیضیة أی له من درجات طاعتك منزلة رفیعة.

و جبرئیل من أعاظم الملائكة و فی سائر روایات الصحیفة جبرئیل بالكسر أو بالفتح و فیه أیضا لغات قال الزمخشری قرئ جبرئیل بوزن فقشلیل و جبرئل بحذف الیاء و جبریل بحذف الهمزة و جبریل بوزن قندیل و جبرال باللام المشددة و جبرائیل بوزن جبراعیل و جبرائل بوزن جبراعل انتهی و قیل معناه عبد اللّٰه و قیل صفوة عبد اللّٰه و قیل صفوة اللّٰه و هو ع حامل الوحی إما علی جمیع الأنبیاء أو إلی أولی العزم منهم أو إلی بعض من غیر أولی العزم أیضا

وَ الْمُطَاعُ فِی أِهْلِ سَمَاوَاتِكَ.

أی هم جمیعا یطیعونه بأمر اللّٰه و الفقرتان إشارتان إلی قوله تعالی مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ (1)

الْمَكِینُ لَدَیْكَ.

المكین ذو المكانة و المنزلة و لدی ظرف مكان بمعنی عند كلدن إلا أنهما أقرب مكانا من عند و أخص منه فإن عند یقع علی مكان و غیره تقول لی عند فلان مال أی فی ذمته و لا یقال ذلك فیهما.

وَ الرُّوحُ الَّذِی هُوَ عَلَی مَلَائِكَةِ الْحُجُبِ.

قد مر ذكر الحجب و یدل علی أن الروح رئیس الملائكة الموكلین بالحجب و الساكنین فیها و الظاهر أنه شخص واحد موكل بالجمیع و یحتمل أن یكون اسم جنس بأن یكون لملائكة كل حجاب

ص: 221


1- 1. التكویر: 21.

رئیس یطلب علیه الروح. وَ الرُّوحُ الَّذِی هُوَ مِنْ أَمْرِكَ. إشارة إلی قوله تعالی وَ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی (1) و ظاهر هذه الفقرة أن الروح من جنس الملائكة أو شبیه بهم ذكر بینهم تغلیبا لا الروح الإنسانی و اختلف المفسرون فیه كما سیأتی فی باب النفس و الروح فقیل إنه روح الإنسان (2)

و قیل إنه جبرئیل و ظاهر الدعاء المغایرة و قیل إنه ملك من عظماء الملائكة و هو الذی قال تعالی یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا(3)

وَ رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّ لَهُ سَبْعِینَ أَلْفَ وَجْهٍ لِكُلِّ وَجْهٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ لِكُلِّ لِسَانٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لُغَةٍ یُسَبِّحُ اللَّهَ بِتِلْكَ اللُّغَاتِ كُلِّهَا یَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَی بِكُلِّ تَسْبِیحِهِ مَلَكاً یَطِیرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ خَلْقاً أَعْظَمَ مِنَ الرُّوحِ غَیْرَ الْعَرْشِ وَ لَوْ شَاءَ أَنْ یَبْلَعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ السَّبْعَ بِلُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لَفَعَلَ.

و الجواب حینئذ أنه من غرائب خلقه تعالی و قیل خلق عظیم لیس من الملائكة و هو أعظم قدرا منها و هذا أظهر من سائر الأخبار كما رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ الصَّفَّارُ وَ غَیْرُهُمْ بِالْأَسَانِیدِ الصَّحِیحَةِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ یَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی قَالَ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ مَعَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ هُوَ مِنَ الْمَلَكُوتِ (4).

وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّهُ أَتَی رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَسْأَلُهُ عَنِ الرُّوحِ أَ لَیْسَ هُوَ جَبْرَئِیلَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَبْرَئِیلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحُ غَیْرُ جَبْرَئِیلَ فَكَرَّرَ ذَلِكَ عَلَی الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ لَقَدْ قُلْتَ عَظِیماً مِنَ الْقَوْلِ مَا یَزْعُمُ أَحَدٌ أَنَّ الرُّوحَ غَیْرُ جَبْرَئِیلَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّكَ ضَالٌّ تَرْوِی عَنْ أَهْلِ الضَّلَالِ یَقُولُ اللَّهُ

ص: 222


1- 1. بنی إسرائیل: 85.
2- 2. الروح الانسانی( خ).
3- 3. النبأ: 38.
4- 4. الكافی: ج 1، صلی اللّٰه علیه و آله 273.

عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ (1) وَ الرُّوحُ غَیْرُ الْمَلَائِكَةِ(2).

و قد مرت الأخبار فی ذلك فذكره ع الروح فی دعاء الملائكة إما تغلیبا كما عرفت أو بزعم المخالفین تقیة وَ عَلَی الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ مِنْ دُونِهِمْ.

أی بحسب المكان الظاهری لأن السابقین كانوا حملة العرش و الكرسی و الساكنین فیهما و فی الحجب و تلك فوق السماوات السبع أو بحسب المنزلة و الرتبة أو بحسبهما معا.

وَ أَهْلِ الْأَمَانَةِ عَلَی رِسَالاتِكَ. یدل علی عدم انحصار التبلیغ فی جبرئیل علیه السلام فیمكن أن یكون نزولهم علی غیر أولی العزم أو إلیهم أیضا نادرا كما یدل علیه بعض الأخبار أو المراد بهم الوسائط بینه تعالی و بین جبرئیل كالقلم و اللوح و إسرافیل و غیرهم كما مر و فی بعض الأخبار القدسیة عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن جبرئیل عن میكائیل عن إسرافیل عن اللوح عن القلم عن اللّٰه عز و جل أو المراد بهم الرسل إلی ملائكة السحاب و المطر و العذاب و الرحمة و غیرهم من الملائكة الموكلین بأمور العباد و الملائكة الحافظین للوحین الذین أثبت فیهما جمیع الكتب السماویة أو الذین ینزلون علی الأنبیاء و الأوصیاء فی لیلة القدر.

وَ الَّذِینَ لَا تَدْخُلُهُمْ سَأْمَةٌ مِنْ دُءُوبٍ وَ لَا إِعْیَاءٌ مِنْ لُغُوبٍ وَ لَا فُتُورٌ.

السامة الملالة و التضجر و الدءوب التعب و الإعیاء و العجز و اللغوب أیضا الإعیاء و منه قوله و ما مسنا من لغوب و یمكن الفرق باختلاف مراتب التعجب و العجز و هذه الفقرة إما تعمیم بعد التخصیص فإن هذا و ما سیأتی حال جمیع الملائكة فتشمل ملائكة الأرض أیضا بل ملائكة الحجب و العرش و الكرسی أو تخصیص بعد التعمیم لذكر بعض الصفات الظاهرة الاختصاص بالبعض فیما بعد و لا ینافی عموم هذه الصفات لأنها كمال لهم أیضا و مجموع الصفات مختصة بهم أو یكون العطف

ص: 223


1- 1. النحل: 2. و فی المصدر ذكر الآیة من أول السورة.
2- 2. الكافی: ج 1، ص 274.

للتفسیر لبیان بعض الصفات الأخر الثابتة لهم و لذكر ما یستحقون به الصلاة من الفضائل.

وَ لَا تَشْغَلُهُمْ عَنْ تَسْبِیحِكَ الشَّهَوَاتُ. أی لیست لهم شهوة حتی تشغلهم وَ لَا یَقْطَعُهُمْ عَنْ تَعْظِیمِكَ سَهْوُ الْغَفَلَاتِ. إضافة السهو إلی الغفلات من قبیل إضافة المسبب إلی السبب أو الجزء إلی الكل أو بیانیة أی لا یمنعهم عن ذكر عظمتك أو العبادات المستلزمة لتعظیمك السهو الحاصل من الغفلات أو السهو الذی هو من جملة الغفلات أو هو عینها الْخُشَّعُ الْأَبْصَارِ فَلَا یَرُومُونَ النَّظَرَ إِلَیْكَ.

فی النسخ المشهورة فلا یرمون النظر إلیك و الخشوع الخضوع و خشوع العین التذلل بها و عدم رفعها عن الأرض أو غمضها أو الروم الطلب و لعل المراد أنهم ینظرون إلی جهة أقدامهم حیاء أو خوفا أو إلی الجهة التی جعلها اللّٰه قبلتهم و لا یرفعون أبصارهم إلی جهة العرش و یحتمل أن یكون المراد النظر القلبی أی لا یتفكرون فی كنه ذاتك و صفاتك و ما لا یصل إلیه عقولهم من معارفك

النَّوَاكِسُ الْأَعْنَاقِ الَّذِینَ قَدْ طَالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِیمَا لَدَیْكَ.

فی أكثر الروایات النَّوَاكِسُ الْأَذْقَانِ و علی التقدیرین هو أن یطأطئ رأسه و هو أزید تذللا من الخشوع و المراد بما لدیه الدرجات العالیة المرتفعة و یحتمل أن یكون لهم بعض اللذات غیر الطعام و الشراب و الظاهر أن الوصفین لطائفة مخصوصة من الملائكة كما مر فی خبر المعراج و یحتمل التعمیم.

الْمُسْتَهْتَرُونَ بصیغة المفعول قال الجوهری فلان مستهتر بالشراب أی مولع به لا یبالی ما قیل فیه و الْآلَاءُ النعم واحدها ألی بالفتح و قد یكسر مثل مِعی و أمعاء أی هم متلذذون حریصون فی ذكر نعمائك الظاهرة و الباطنة علیهم و علی غیرهم وَ الْمُتَوَاضِعُونَ دُونَ عَظَمِتِكَ وَ جَلَالِ كِبْرِیَائِكَ.

التواضع التذلل و دون معناه أدنی مكان من الشی ء ثم استعمل بمعنی قدام الشی ء و عنده و بین یدیه مستعارا من معناه الحقیقی و هو ظرف لغو متعلق بمتواضعون و الجلال و الكبریاء العظمة و العطف و الإضافة للتأكید و المبالغة و یمكن أن یخص العظمة بالذات و الكبریاء بالصفات وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ إِذَا نَظَرُوا إِلَی جَهَنَّمَ تَزْفِرُ عَلَی أَهْلِ مَعْصِیَتِكَ. قال

ص: 224

الجوهری الزفیر اغتراق النفس للشدة و الزفیر أول صوت الحمار و الشهیق آخره و قال الفیروزآبادی زفر یزفر زفرا و زفیرا أخرج نفسه بعد مدة إیاه و النار سمع لتوقدها صوت انتهی أی إذا سمعوا زفیر جهنم علی العاصین خافوا من أن یكونوا مقصرین فی العبادة فقالوا سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ.

أی ننزهك تنزیها عن كون عباداتنا لائقة بجنابك فإنهم لما رأوا شدة عقوباته تعالی نظروا إلی أنفسهم و أعمالهم و إلی عظمته و جلاله فوجدوا أعمالهم قاصرة عما یستحقه سبحانه ففزعوا إلیه و اعترفوا بالتقصیر و لجئوا إلی رحمته و عفوه و كرمه أو أنه لما طرأ علیهم الخوف عند سماع صوت العذاب و كان ذلك مظنة أن یكون خوفهم من أن یعاقبهم ظلما من غیر استحقاق لعصمتهم نزهوه تعالی عن أن یكون الخوف منه عن تلك الجهة و عللوا الخوف بالتقصیر فیما یستحقه من العبادة.

و قال الوالد رحمه اللّٰه یمكن أن یكون قولهم ذلك للتعجب من مخالفتهم حتی استحقوا العذاب أو من الصوت المهول علی خلاف العادة فهذا توبة لهم من المكروه و یمكن أن یكون ذلك علی سبیل الشفاعة لهم بأن ضموا أنفسهم مع العاصین فكأنهم یقولون نحن و هم مقصرون فی عبادتك فارحمنا و إیاهم.

فَصَلِّ عَلَیْهِمْ یمكن أن یكون خبرا أو كالخبر لقوله علیه السلام و الذین لا تدخلهم مع ما عطف علیه و أن یكون الموصول فی محل الجر عطفا علی سكان سماواتك و یكون قوله فصل تأكیدا للسابق و تمهیدا لأن یعطف علیهم غیرهم و علی هذا یكون قوله الخشع و المستهترون مرفوعین علی المدح.

وَ عَلَی الرُّوحَانِیِّینَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ، قال فی النهایة الملائكة الروحانیون یروی بضم الراء و فتحها كأنه نسب إلی الروح و الروح و هو نسیم الریح و الألف و النون من زیادات النسب و یرید به أنهم أجسام لطیفة لا یدركهم البصر انتهی و ما قیل من أنهم الجواهر المجردة العقلیة و النفسیة فهو رجم بالغیب و إنما المعلوم أنهم نوع من الملائكة

وَ أَهْلِ الزُّلْفَةِ عِنْدَكَ. قال الجوهری الزلفة و الزلفی القرب و المنزلة انتهی و هو إما صفة أخری للروحانیین أو

ص: 225

طائفة أخری غیرهم. وَ حَمَلَةِ الْغَیْبِ إِلَی رُسُلِكَ وَ الْمُؤْتَمَنِینَ عَلَی وَحْیِكَ فی أكثر النسخ و حمال الغیب و الحمال جمع الحامل و الغیب یطلق علی الخفی الذی لا یدركه الحس و لا یقتضیه بدیهة العقل و هو قسمان القسم الأول لا دلیل علیه و هو المعنی بقوله وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُها إِلَّا هُوَ(1) و قسم نصب علیه دلیل كالصانع و صفاته و الیوم الآخر و أحواله (2)

كذا ذكره البیضاوی و المراد هنا إما الأعم أو الأول و المؤتمنین إما تأكید أو عطف تفسیر لسابقه أو المراد بهم طائفة أخری شأنهم تبلیغ الأحكام و الشرائع فقط أو مع الثانی إن حملنا الأولی (3) علی الأول و الظاهر أن هاتین الفقرتین مؤكدتان لما سبق من قوله و أهل الأمانة علی رسالتك و یمكن تخصیص ما سبق ببعض المعانی التی ذكرناها هنا و هاتان بالبعض الآخر إذ یمكن أن یكون

لحمل الغیب طائفة مخصوصة كملائكة لیلة القدر و غیرهم و الأول أظهر و تكریر المطلب الواحد بعبارات مختلفة فی مقام الدعاء و الخطب و المواعظ مما یؤكد البلاغة.

وَ قَبَائِلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ اخْتَصَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ.

القبائل جمع القبیلة و هی الشعوب المختلفة و الكلام فی التأكید و التأسیس كما مر و المراد بالاختصاص به تعالی أنهم مشغولون بعبادته بخلاف ما سیأتی ممن له شغل فی النزول و العروج و سائر الأمور و إن كان هذه الأمور أیضا عبادة لهم أو أنه سبحانه یطلعهم علی أسرار لم یطلع علیها غیرهم من الملائكة وَ أَغْنَیْتَهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ بِتَقْدِیسِكَ.

أی خلقتهم خلقة لا یحتاجون فی بقائهم إلی الغذاء و كما أنا نتقوی بالغذاء فهم یتقوون بتسبیحه و تقدیسه و عبادته. وَ أَسْكَنْتَهُمْ بُطُونَ أَطْبَاقِ سَمَاوَاتِكَ.

الأطباق جمع طبق یقال السماوات أطباق و طباق أی بعضها فوق بعض قال الراغب المطابقة هو أن یجعل الشی ء

ص: 226


1- 1. الأنعام: 59.
2- 2. تفسیر البیضاوی: ج 1، ص 21.
3- 3. الأول( خ).

فوق آخر بقدرة و منه طابقت (1) النعل ثم یستعمل الطباق فی الشی ء الذی یكون فوق الآخر تارة و فی ما یوافق غیره تارة كسائر الأشیاء الموضوعة لمعنیین ثم یستعمل فی أحدهما دون الآخر كالكأس و الراویة و نحوهما قال اللّٰه تعالی سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً(2) أی بعضها فوق بعض انتهی و یدل علی الفرجة بین السماوات و كونها مساكن الملائكة كما مر.

وَ الَّذِینَ هُمْ عَلَی أَرْجَائِهَا إِذَا نَزَلَ الْأَمْرُ بِتَمَامِ وَعْدِكَ إشارة إلی قوله سبحانه وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِیَ یَوْمَئِذٍ واهِیَةٌ وَ الْمَلَكُ عَلی أَرْجائِها وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ(3) قال الطبرسی رحمه اللّٰه عَلی أَرْجائِها معناه علی أطرافها و نواحیها(4)

و الملك اسم یقع علی الواحد و الجمع و السماء مكان الملائكة فإذا وهت صارت فی نواحیها و قیل إن الملائكة(5) علی جوانب السماء تنتظر ما یؤمر به فی أهل النار من السوق إلیها و فی أهل الجنة من التحیة و التكرمة فیها(6)

انتهی و قیل إنه تمثیل لخراب السماء بخراب البنیان و انضواء أهلها إلی أطرافها و

حوالیها و لفظة إذا ظرفیة للمستقبل و الباء صلة للأمر و یحتمل السببیة و تمام الوعد تمام مدة الدنیا و انقضاؤه و حلول القیامة أو المراد إتمام (7) ما وعده اللّٰه من الثواب و العقاب للمطیعین و العاصین و كلمة هم لیست فی الروایات المشهورة.

وَ خُزَّانِ الْمَطَرِ أی الملائكة الموكلین بالبحر الذی ینزل منه المطر كما یظهر من بعض الأخبار أو الموكلین بتقدیرات الأمطار أو الذین یهیجون السحاب

ص: 227


1- 1. طابقه( خ).
2- 2. الملك: 3.
3- 3. الحاقّة: 16- 17.
4- 4. فی المصدر: عن الحسن و قتادة.
5- 5. فی المصدر: یومئذ علی ...
6- 6. مجمع البیان: ج 10، ص 346.
7- 7. تمام( خ).

بأمره تعالی و لو كان من بخارات الأرض و البحار كما هو المشهور فیكون قوله

وَ زَوَاجِرِ السَّحَابِ.

عطف تفسیر له أی سائقتها من زجر البعیر إذا ساق و به فسر قوله تعالی فَالزَّاجِراتِ زَجْراً كما مر و السحاب جمع السحابة و هی الغیم

وَ الَّذِی بِصَوْتِ زَجْرِهِ یُسْمَعُ زَجَلُ الرُّعُودِ.

قال فی النهایة فی حدیث الملائكة لهم زجل بالتسبیح أی صوت رفیع عال و فی القاموس الرعد صوت السحاب أو اسم ملك یسوقه كما یسوق الحادی الإبل بحدائه انتهی و الرعد هنا یحتمل الوجهین و إن كان كونه اسما للملك أظهر و سیأتی تحقیق الرعد و البرق و السحاب فی الأبواب الآتیة و صیغة الجمع هنا تدل علی أن الرعد اسم لنوع هذا الملك إن كان اسما له و إضافة الرجل إلی الرعود بیانیة إن أرید به الصوت و لامیة إن أرید به الملك.

وَ إِذَا سَبَحَتْ بِهِ خَفِیفَةُ السَّحَابِ الْتَمَعَتْ صَوَاعِقُ الْبُرُوقِ.

أقول: النسخ مختلفة فی هذه الفقرة اختلافا فاحشا ففی بعضها سبحت بتشدید الباء و فی بعضها بتخفیفها و حفیفة فی بعضها بالحاء المهملة و الفاءین و فی بعضها بالخاء المعجمة ثم الفاء ثم القاف و فی بعضها بالمهملة ثم الفاء ثم القاف و السبح الجری و العوم و الخفیف أنسب و علی التشدید یحتمل أن یكون إشارة إلی قوله تعالی وَ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ قال الفیروزآبادی سبح بالنهر و فیه كمنع سبحا و سباحة بالكسر عام و أسبحه عومه و سبحان اللّٰه تنزیها له عن الصاحبة و الولد و نصبه علی المصدر أی أبرئ اللّٰه من السوء براءة أو معناه السرعة إلیه و الخفة فی طاعته و قال حف الفرس حفیفا سمع عند ركضه صوت و كذلك الطائر و الشجرة إذا صوتت و قال الخفق صوت النعل و خفقت الرایة تخفق و تخفق خفقا و خفقانا محركة اضطربت و تحركت و خفق فلان حرك رأسه إذا نعس و الطائر طار و الخفقان محركة اضطراب القلب و أخفق الطائر ضرب بجناحیه و فی النهایة خفق النعال صوتها و أما المهملة ثم الفاء ثم القاف كما كان فی نسخة ابن إدریس رحمه اللّٰه بخطه فلم أجد له معنی فیما عندنا من كتب اللغة و لعله من

ص: 228

طغیان القلم و فی الصحاح لمع البرق لمعا و لمعانا أی أضاء و التمع مثله.

و لا یخفی أن هذه الفقرة من تتمة الكلام السابق و لیس وصف الملك الآخر و ضمیر به إما راجع إلی الملك أو إلی زجره أو إلی الرجل و الباء للمصاحبة أو للسببیة و إضافة الخفیفة إلی السحاب علی التقادیر من إضافة الصفة إلی الموصوف و التأنیث باعتبار جمعیة السحاب و إذا حمل علی المصدر فأسناد السبح إلیه مجازی أو هو مؤول بذات الخفیفة و علی المعجمة و الفاءین أی السحاب الخفیفة سریعة(1) السیر و الحاصل علی التقادیر إذا زجرت (2) بسبب الملك أو زجره أو صوته السحاب ذات الصوت أو الاضطراب أو السرعة أضاءت الصواعق التی هی من جنس البروق و أشدها فالإضافة من قبیل خاتم حدید و ربما یقال هو من إضافة الصفة إلی الموصوف أی البروق المهلكة قال الجزری الصاعقة الموت و كل عذاب مهلك و صیحة العذاب و المحراق الذی بید الملك سائق السحاب و لا یأتی علی شی ء إلا أحرقه أو نار تسقط من السماء و صعقتهم السماء كمنع صاعقة مصدرا كالراعیة أصابتهم بها انتهی و فی روایة ابن شاذان و إذا ساق به متراكم السحاب التمعت صواعق البروق.

وَ مُشَیِّعِی الثَّلْجِ وَ الْبَرْدِ وَ الْهَابِطِینَ مَعَ قَطْرِ الْمَطَرِ إِذَا نَزَلَ.

أی إذا نزل المطر إلی الأرض لا عند نزوله إلی السحاب و یحتمل أن یكون الضمیر راجعا إلی كل من الثلج و البرد و المطر لكنه بعید و قال الوالد الظاهر أنه علیه السلام أراد بقوله إذا نزل العموم أی كلما نزل لیفید فائدة یعتد بها و تغییر العبارة فی التشییع و الهبوط إما لمحض التفنن أو لأن الغالب فی الثلج و البرد فی أكثر البلاد أنهما للضرر فلم ینسب الضرر إلیهم صریحا بخلاف المطر.

و أقول یمكن علی ما سیأتی فی الخبر أن البرد ینزل من السماء إلی السحاب فتذیبه حتی تصیر مطرا أن یكون إشارة إلی ذلك فإن الثلج و البرد یشایعونهما

ص: 229


1- 1. السریعة( خ).
2- 2. جرت( خ).

من أول الأمر بخلاف المطر فإنهم یهبطون معه بعد الذوبان أو یقال النكتة إسناد الخیر إلی اللّٰه و الضرر إلیهم لأن فی التشییع نوع معاونة بخلاف الهبوط أقول قد مر و سیأتی الأخبار فی تفاصیل تلك الأمور.

وَ الْقُوَّامِ عَلَی خَزَائِنِ الرِّیَاحِ.

القوام جمع قائم ككفار و كافر أی الحافظین لها فی خزائنها المرسلین لها قدر الحاجة بأمره تعالی و یمكن أن یكون كنایة عن كون أسبابها بیدهم و قیل كل ما ورد فی الكتاب الكریم الریاح بلفظ الجمع فهو فی الخیر كقوله تعالی أَنْ یُرْسِلَ الرِّیاحَ مُبَشِّراتٍ (1) و كلما كان بلفظ المفرد فهو للشر كقوله سبحانه وَ ... أَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الرِّیحَ الْعَقِیمَ (2) و أقول إذا اطردت القاعدة فی تلك العبارة فالنكتة فی تخصیص الخیر بالذكر ظاهرة و ستأتی الأخبار فی أنواع الریاح و أسامیها و صفاتها فی الباب المختص بها.

فَلَا تَزُولُ. أی الجبال بسبب حفظ الموكلین لها أو هم دائما فیها لا یزولون عنها و الأول أظهر وَ الَّذِینَ عَرَّفْتَهُمْ مَثَاقِیلَ الْمِیَاهِ المیاه جمع الماء و أصلها ماه و قیل موه و لهذا یرد إلی أصله فی الجمع و التصغیر فیقال میاه و مویه و أمواه و ربما قالوا أمواء بالهمزة و ماهت الركیة كثر ماؤها وَ كَیْلَ مَا تَحْوِیهِ. أی مقدار ما تجمعه و تحیط به لَوَاعِجُ الْأَمْطَارِ. أی شدائدها و مضراتها و ما تحرق النبات و تخرب الأبنیة كما أفید وَ عَوَالِجُهَا.

أی متراكماتها قال السید الداماد رحمه اللّٰه اللواعج جمع لاعجة أی مشتداتها القویة یقال لاعجه الأمر إذا اشتد علیه و التعج من لاعج الشوق و لواعجه ارتمض و احترق و ضرب لاعج أی شدید یلعج الجلد أی یحرقه و كذلك عوالجها جمع عالج یعنی متلاطماتها و متراكماتها و فِی الْحَدِیثِ: إِنَّ الدُّعَاءَ لَیَلْقَی الْبَلَاءَ فَیَعْتَلِجَانِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

یعنی أن الدعاء فی صعوده یلقی البلاء فی نزوله فیعتلجان

ص: 230


1- 1. الروم: 46.
2- 2. الذاریات: 41.

قال فی الفائق أی یصطرعان و یتدافعان و فی النهایة فی حدیث الدعاء ما تحویه عوالج الرمال هی جمع عالج و هو ما تراكم من الرمل و دخل بعضه فی بعض.

وَ رُسُلِكَ. جمع الرسول مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

بیان: للرسل أو من للتبعیض و قیل إن الملك اسم مكان و المیم فیه غیر أصلیة بل زائدة فالأصل ملأك و لذلك یجمع علی الملائكة و الملائكة نقلت حركة الهمزة إلی اللام ثم حذفت لكثرة الاستعمال فقیل ملك و قال بعضهم أصله مألك بتقدیم الهمزة من الألوكة الرسالة فقلبت الهمزة مكانا(1)

ثم حذفت فی كثرة الاستعمال للتخفیف فقیل ملك و جمع علی الملائكة و قد یحذف الهاء فیقال ملائك إِلَی أَهْلِ الْأَرْضِ. متعلق برسلك بِمَكْرُوهِ مَا یَنْزِلُ. الباء للملابسة أو السببیة أی بالذی ینزل و هو مكروه للطباع. مِنَ الْبَلَاءِ.

بیان: للمكروه و النازل و إنما سمی المكروه النازل علی العباد بلاء لابتلاء اللّٰه تعالی العباد و امتحانهم به هل یصبرون أم لا و إن كان علی المجاز وَ مَحْبُوبِ الرَّخَاءِ.

عطف علی مكروه و هو أیضا من إضافة الصفة إلی الموصوف أی الرخاء المحبوب و قیل الإضافة بیانیة و الرخاء النعمة یقال رجل رخی البال أی واسع الحال و المراد إما نزولهم لأصل حصول البلاء و الرخاء و تسبب أسبابهما أو للإخبار بهما فی لیلة القدر و غیرها وَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ.

السفرة كالكتبة لفظا و معنی جمع سافر و السفر الكتاب قال الجوهری السفرة الكتبة قال تعالی بِأَیْدِی سَفَرَةٍ(2) و قد یظن أنه جمع سفیر و هو المصلح بین الناس لكن الغالب فی جمع السفیر السفراء و الكرام ضد اللئام و قیل الكرام علی اللّٰه الأعزاء علیه و قیل الأسخیاء الباذلین الاستغفار للعباد مع تمادیهم فی العصیان و البررة الأتقیاء و قد مر الكلام فیها و المراد هنا الملائكة الكاتبون للوحی المؤدون إلی غیرهم أو الموكلون باللوح المحفوظ و قیل هم

ص: 231


1- 1. كذا( ب).
2- 2. عبس: 15.

الكاتبون لأعمال العباد و ما بعده تأكید له و لا یخلو من بعد إذ التأسیس أولی من التأكید و أیضا الظاهر أنه إشارة إلی ما ورد فی الآیة و هی فی سیاق وصف القرآن كما عرفت سابقا ینفی هذا الدعاء ما مر من الأقوال فی الآیة سوی القول بأنهم الملائكة. وَ الْحَفَظَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِینَ.

إشارة إلی قوله سبحانه وَ إِنَّ عَلَیْكُمْ لَحافِظِینَ كِراماً كاتِبِینَ یَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (1) و قال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ إِنَّ عَلَیْكُمْ لَحافِظِینَ من الملائكة یحفظون علیكم ما تعملون من الطاعات و المعاصی ثم وصف الحفظة فقال كِراماً علی ربهم كاتِبِینَ یكتبون أعمال بنی آدم انتهی (2) و یدل علی تعددهم لكل إنسان قوله تعالی عَنِ الْیَمِینِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ ما یَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَیْهِ رَقِیبٌ عَتِیدٌ(3) و یدل كثیر من الأخبار علی أن ملائكة اللیل غیر ملائكة النهار كما ورد فی تفسیر قوله تعالی إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً(4) أی تشهده ملائكة اللیل و ملائكة النهار و الحكمة فی خلقهم و توكیلهم علی العباد مع كونه سبحانه أعلم بهم منهم كثیرة قد مر بعضها فی بعض الأخبار

وَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ أَعْوَانِهِ.

اسم ملك الموت عزرائیل و یدل علی أن له أعوانا كما دلت علیه الآیات و الأخبار فإنه تعالی قال اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها(5) و قال سبحانه قُلْ یَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِی وُكِّلَ بِكُمْ (6) و قال جل و علا تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا یُفَرِّطُونَ (7) و قال عز و جل (8) الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ

ص: 232


1- 1. الانفطار: 10- 12.
2- 2. مجمع البیان: ج 10، ص 450.
3- 3. ق: 17- 18.
4- 4. الإسراء: 78.
5- 5. الزمر: 42:
6- 6. الم السجدة: 11.
7- 7. الأنعام: 61.
8- 8. النحل: 32.

الْمَلائِكَةُ طَیِّبِینَ (1) و قال الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ (2)

وَ رَوَی الصَّدُوقُ فِی التَّوْحِیدِ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ فِی جَوَابِ الزِّنْدِیقِ الْمُدَّعِی لِلتَّنَاقُضِ فِی الْقُرْآنِ الْمَجِیدِ حَیْثُ سَأَلَ عَنْ هَذِهِ الْآیَاتِ إِنَّ اللَّهَ یُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَیْفَ یَشَاءُ وَ یُوَكِّلُ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ یَشَاءُ بِمَا یَشَاءُ أَمَّا مَلَكُ الْمَوْتِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُوَكِّلُهُ بِخَاصَّةِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَ یُوَكِّلُ رُسُلَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً بِمَنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ الْمَلَائِكَةُ الَّذِینَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یُوَكِّلُهُمْ بِخَاصَّةِ مَنْ یَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَ اللَّهُ تَعَالَی یُدَبِّرُ الْأُمُورَ كَیْفَ یَشَاءُ(3).

وَ رَوَی الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْخَبَرَ فِی الْإِحْتِجَاجِ وَ الْجَوَابُ فِیهِ هَكَذَا: هُوَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یَتَوَلَّی ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَ فِعْلُ رُسُلِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ فِعْلُهُ لِأَنَّهُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ فَاصْطَفَی جَلَّ ذِكْرُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَ سَفَرَةً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ خَلْقِهِ وَ هُمُ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ فِیهِمْ اللَّهُ یَصْطَفِی مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَ مِنَ النَّاسِ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ تَوَلَّتْ قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْصِیَةِ تَوَلَّتْ قَبْضَ رُوحِهِ مَلَائِكَةُ النَّقِمَةِ وَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَانٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ وَ مَلَائِكَةِ النَّقِمَةِ یَصْدُرُونَ عَنْ أَمْرِهِ وَ فِعْلُهُمْ فِعْلُهُ وَ كُلُّ مَا یَأْتُونَهُ مَنْسُوبٌ إِلَیْهِ وَ إِذَا كَانَ فِعْلُهُمْ فِعْلَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ فِعْلُ مَلَكِ الْمَوْتِ فِعْلَ اللَّهِ لِأَنَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ عَلَی یَدِ مَنْ یَشَاءُ وَ یُعْطِی وَ یَمْنَعُ وَ یُثِیبُ وَ یُعَاقِبُ عَلَی یَدِ مَنْ یَشَاءُ وَ إِنْ فَعَلَ أُمَنَاؤُهُ فِعْلَهُ كَمَا قَالَ وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ (4).

«6»- وَ رَوَی الصَّدُوقُ فِی الْفَقِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ فِی ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی جَعَلَ لِمَلَكِ الْمَوْتِ أَعْوَاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَقْبِضُونَ الْأَرْوَاحَ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ لَهُ أَعْوَانٌ مِنَ الْإِنْسِ یَبْعَثُهُمْ فِی حَوَائِجِهِ فَتَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَ یَتَوَفَّاهُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنِ الْمَلَائِكَةِ مَعَ مَا یَقْبِضُ هُوَ وَ یَتَوَفَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ مَلَكِ الْمَوْتِ (5).

ص: 233


1- 1. النحل: 28.
2- 2. فی المصدر: وكلهم.
3- 3. التوحید: 193.
4- 4. الاحتجاج: 129. و الآیة هی الآیة( 30) من سورة الدهر.
5- 5. الفقیه: 33.

وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ وَ مُبَشِّرٍ وَ بَشِیرٍ. الأخیران لم یكونا فی أكثر الروایات و قد مر فی كتاب المعاد أن الأسماء لملكین أو لنوعین من الملائكة یأتیان المیت فی قبره للسؤال عن العقائد أو عن بعض الأعمال أیضا فإن كان مؤمنا أتیاه فی أحسن صورة فیسمیان مبشرا و بشیرا و إن كان كافرا أو مخالفا أتیاه فی أقبح صورة فیسمیان منكرا و نكیرا و یحتمل مغایرة هذین النوعین للأولین لكن ظاهر أكثر الأخبار الاتحاد و یؤیده ترك الآخرین هنا فی أكثر الروایات بل فی أكثر الأخبار عبر عنهما بمنكر و نكیر للمؤمن و غیره و قد مضت الأخبار فی ذلك و تحقیق القول فیه فیمن یسأل و فیما یسأل عنه و كیفیة الإحیاء و السؤال قد مر فی المجلد الثالث فلا نعیدها حذرا من التكرار.

وَ رَوْمَانَ فَتَّانِ الْقُبُورِ.

أی ممتحن القبور و المختبر فیها فی المسألة و لم أر ذكر هذا الملك فی أخبارنا المعتبرة سوی هذا الدعاء و هو مذكور فی أخبار المخالفین

رَوَی مُؤَلِّفُ كِتَابِ زُهْرَةِ الرِّیَاضِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ أَوَّلِ مَلَكٍ یَدْخُلُ فِی الْقَبْرِ عَلَی الْمَیِّتِ قَبْلَ مُنْكَرٍ وَ نَكِیرٍ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا ابْنَ سَلَامٍ یَدْخُلُ عَلَی الْمَیِّتِ مَلَكٌ قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ نَكِیرٌ وَ مُنْكَرٌ یَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ اسْمُهُ رَوْمَانُ فَیَدْخُلُ عَلَی الْمَیِّتِ فَیُدْخِلُ رُوحَهُ ثُمَّ یُقْعِدُهُ فَیَقُولُ لَهُ اكْتُبْ مَا عَمِلْتَ مِنْ حَسَنَةٍ وَ سَیِّئَةٍ فَیَقُولُ بِأَیِّ شَیْ ءٍ أَكْتُبُ أَیْنَ قَلَمِی وَ أَیْنَ دَوَاتِی فَیَقُولُ قَلَمُكَ إِصْبَعُكَ وَ مِدَادُكَ رِیقُكَ اكْتُبْ فَیَقُولُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ أَكْتُبُهُ وَ لَیْسَ مَعِی صَحِیفَةٌ قَالَ فَیَمْزِقُ قِطْعَةً مِنْ كَفَنِهِ فَیَقُولُ اكْتُبْ فِیهَا فَیَكْتُبُ مَا عَمِلَ فِی الدُّنْیَا مِنْ حَسَنَةٍ فَإِذَا بَلَغَ سَیِّئَةً اسْتَحْیَا مِنْهُ فَیَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ یَا خَاطِئُ أَ فَلَا كُنْتَ تَسْتَحْیِی مِنْ خَالِقِكَ حَیْثُ عَمِلْتَهَا فِی الدُّنْیَا وَ الْآنَ تَسْتَحْیِی مِنِّی فَیَكْتُبُ فِیهَا جَمِیعَ حَسَنَاتِهِ وَ سَیِّئَاتِهِ ثُمَّ یَأْمُرُهُ أَنْ یَطْوِیَهُ وَ یَخْتِمَهُ فَیَقُولُ بِأَیِّ شَیْ ءٍ أَخْتِمُهُ وَ لَیْسَ مَعِی خَاتَمٌ فَیَقُولُ اخْتِمْهَا بِظُفُرِكَ وَ یُعَلِّقُهَا فِی عُنُقِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ الْآیَةَ ثُمَّ یَدْخُلُ بَعْدَ ذَلِكَ مُنْكَرٌ وَ نَكِیرٌ.

ص: 234

وَ رَوَی شَاذَانُ بْنُ جَبْرَئِیلَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِ الْفَضَائِلِ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: إِنَّ سَلْمَانَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِی اذْهَبْ بِی إِلَی الْمَقْبَرَةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی یَا سَلْمَانُ سَیُكَلِّمُكَ مَیِّتٌ إِذَا دَنَتْ وَفَاتُكَ فَلَمَّا ذَهَبْتُ بِهِ إِلَیْهَا وَ نَادَی الْمَوْتَی أَجَابَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَسَأَلَهُ سَلْمَانُ عَمَّا رَأَی مِنَ الْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَهُ فَأَجَابَهُ بِقِصَصٍ طَوِیلَةٍ وَ أَهْوَالٍ جَلِیلَةٍ وَرَدَتْ عَلَیْهِ إِلَی أَنْ قَالَ لَمَّا وَدَّعَنِی أَهْلِی وَ أَرَادُوا الِانْصِرَافَ مِنْ قَبْرِی أَخَذْتُ فِی النَّدَمِ فَقُلْتُ یَا لَیْتَنِی كُنْتُ مِنَ الرَّاجِعِینَ فَأَجَابَنِی مُجِیبٌ مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلی یَوْمِ یُبْعَثُونَ فَقُلْتُ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُنَبِّهٌ أَنَا مَلَكٌ وَكَّلَنِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِجَمِیعِ خَلْقِهِ لِأُنَبِّهَهُمْ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ لِیَكْتُبُوا أَعْمَالَهُمْ عَلَی أَنْفُسِهِمْ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ إِنَّهُ جَذَبَنِی وَ أَجْلَسَنِی وَ قَالَ لِی اكْتُبْ عَمَلَكَ فَقُلْتُ إِنِّی لَا أُحْصِیهِ فَقَالَ لِی أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ رَبِّكَ أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ ثُمَّ قَالَ لِی اكْتُبْ وَ أَنَا أُمْلِی عَلَیْكَ فَقُلْتُ أَیْنَ الْبَیَاضُ فَجَذَبَ (1) جَانِباً مِنْ كَفَنِی فَإِذَا هُوَ وَرَقٌ فَقَالَ هَذِهِ صَحِیفَتُكَ فَقُلْتُ مِنْ أَیْنَ الْقَلَمُ فَقَالَ سَبَّابَتُكَ قُلْتُ مِنْ أَیْنَ الْمِدَادُ قَالَ رِیقُكَ ثُمَّ أَمْلَی عَلَیَّ مَا فَعَلْتُهُ فِی دَارِ الدُّنْیَا فَلَمْ یَبْقَ مِنْ أَعْمَالِی صَغِیرَةٌ وَ لَا كَبِیرَةٌ إِلَّا أَمْلَاهَا كَمَا قَالَ تَعَالَی وَ یَقُولُونَ یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا كَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا یَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً(2) ثُمَّ إِنَّهُ أَخَذَ الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ بِخَاتَمٍ وَ طَوَّقَهُ فِی عُنُقِی فَخُیِّلَ لِی أَنَّ جِبَالَ الدُّنْیَا جَمِیعاً قَدْ طَوَّقُوهَا فِی عُنُقِی فَقُلْتُ لَهُ یَا مُنَبِّهُ وَ لِمَ تَفْعَلُ بِی كَذَا قَالَ أَ لَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ رَبِّكَ وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ

فِی عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ كِتاباً یَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفی بِنَفْسِكَ الْیَوْمَ عَلَیْكَ حَسِیباً(3) فَهَذَا تُخَاطَبُ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ یُؤْتَی بِكَ وَ كِتَابُكَ بَیْنَ عَیْنَیْكَ مَنْشُوراً تَشْهَدُ فِیهِ عَلَی نَفْسِكَ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّی تَمَامَ الْخَبَرِ.

ص: 235


1- 1. الظاهر« حذ» بالحاء المهملة و الذال المعجمة المشددة بمعنی قطع.
2- 2. الكهف: 50.
3- 3. الإسراء: 13- 14.

و فی روایة ابن شاذان و منكر و رومان فتان القبور و سائر الفقرات فیها بالرفع علی سیاقة(1) صدر الدعاء وَ الطَّائِفِینَ بِالْبَیْتِ الْمَعْمُورِ. قد مر وصف البیت و طائفیه وَ مَالِكٍ وَ الْخَزَنَةِ. أی خزان النار من الملائكة الموكلین بها و بتعذیب أهلها و مالك رئیسهم و رضوان بالكسر و فی بعض النسخ بالضم و هو اسم رئیس خزنة الجنان و خدمتها و المشهور فی الاسم الكسر و المصدر و جاء بهما فی القرآن و اللغة وَ سَدَنَةِ الْجِنَانِ. أی خدمتها فی القاموس سدن سدنا و سدانة خدم الكعبة أو بیت الصنم و عمل الحجابة فهو سادن و الجمع سدنة.

وَ الَّذِینَ لَا یَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ مَا یُؤْمَرُونَ. عطف تفسیر لقوله مالك و الخزنة إشارة إلی قوله سبحانه یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِیكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَیْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (2)

وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ. عطف تفسیر لقوله رضوان و سدنة الجنان فالنشر علی ترتیب اللف و یحتمل أن یكون هذا حال بعض سدنة الجنان فیكون تخصیصا بعد التعمیم كذكر الزبانیة بعد خزنة النیران و تقدیم أحوال أهل النار فیهما لأن الخوف أصلح بالنسبة إلی غالب الناس من الرجاء لغلبة الشهوات الداعیة إلی ارتكاب السیئات علیهم

سَلَامٌ عَلَیْكُمْ.

إشارة إلی قوله تعالی فی وصف أهل الجنة وَ الْمَلائِكَةُ یَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَیْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ(3) و قال البیضاوی سَلامٌ عَلَیْكُمْ بشارة بدوام السلامة بِما صَبَرْتُمْ متعلق بعلیكم أو بمحذوف أی هذا بما صبرتم لا بسلام فإن الخبر فاصل و الباء للسببیة أو البدلیة(4).

فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ العقبی الجزاء أی نعم العقبی عقبی الدار لكم خاصة أیها المؤمنون وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ وَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بِأَسَانِیدَ مُعْتَبَرَةٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ

ص: 236


1- 1. سیاق( ظ).
2- 2. الرعد، 23 و 14.
3- 3. التحریم: 6.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 1، ص 622.

عَلَیْهِ السَّلَامُ: فِی وَصْفِ حَالِ الْمُتَّقِینَ فِی الْقِیَامَةِ وَ بَعْدَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ قَالَ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ إِلَیْهِ أَلْفَ مَلَكٍ یُهَنِّئُونَهُ بِالْجَنَّةِ وَ یُزَوِّجُونَهُ الْحَوْرَاءَ(1)

قَالَ فَیَنْتَهُونَ إِلَی أَوَّلِ بَابٍ مِنْ جِنَانِهِ فَیَقُولُونَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِأَبْوَابِ جِنَانِهِ (2) اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَی وَلِیِّ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَنَا إِلَیْهِ نُهَنِّئُهُ (3)

فَیَقُولُ لَهُمُ الْمَلَكُ حَتَّی أَقُولَ لِلْحَاجِبِ فَیُعْلِمَهُ مَكَانَكُمْ قَالَ فَیَدْخُلُ الْمَلَكُ إِلَی الْحَاجِبِ وَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْحَاجِبِ ثَلَاثُ جِنَانٍ حَتَّی یَنْتَهِیَ إِلَی أَوَّلِ بَابٍ فَیَقُولُ لِلْحَاجِبِ إِنَّ عَلَی بَابِ الْعَرْصَةِ أَلْفَ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِینَ لِیُهَنِّئُوا(4) وَلِیَّ اللَّهِ وَ قَدْ سَأَلُوا أَنْ آذَنَ (5) لَهُمْ عَلَیْهِ فَیَقُولُ الْحَاجِبُ إِنَّهُ لَیَعْظُمُ عَلَیَّ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لِأَحَدٍ عَلَی وَلِیِّ اللَّهِ وَ هُوَ مَعَ زَوْجَتِهِ الْحَوْرَاءِ قَالَ وَ بَیْنَ الْحَاجِبِ وَ بَیْنَ وَلِیِّ اللَّهِ جَنَّتَانِ قَالَ فَیَدْخُلُ الْحَاجِبُ إِلَی الْقَیِّمِ فَیَقُولُ لَهُ إِنَّ عَلَی بَابِ الْعَرْصَةِ(6)

أَلْفَ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعِزَّةِ یُهَنِّئُونَ وَلِیَّ اللَّهِ فَاسْتَأْذِنْ (7) فَیَقْدُمُ (8)

الْقَیِّمُ إِلَی الْخُدَّامِ فَیَقُولُ لَهُمْ إِنَّ رُسُلَ الْجَبَّارِ عَلَی بَابِ الْعَرْصَةِ(9) وَ هُمْ أَلْفُ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ یُهَنِّئُونَ وَلِیَّ اللَّهِ فَأَعْلِمُوهُ بِمَكَانِهِمْ قَالَ فَیُعْلِمُونَهُ فَیُؤْذِنُ لِلْمَلَائِكَةِ فَیَدْخُلُونَ عَلَی وَلِیِّ اللَّهِ وَ هُوَ فِی الْغُرْفَةِ وَ لَهَا أَلْفُ بَابٍ وَ عَلَی

كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ فَإِذَا أُذِنَ لِلْمَلَائِكَةِ بِالدُّخُولِ عَلَی وَلِیِّ اللَّهِ فَتَحَ كُلُّ مَلَكٍ بَابَهُ الْمُوَكَّلَ (10)

بِهِ قَالَ فَیُدْخِلُ الْقَیِّمُ كُلَّ مَلَكٍ مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ قَالَ فَیُبَلِّغُونَهُ رِسَالَةَ الْجَبَّارِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ

ص: 237


1- 1. فی المصدرین: بالحوراء.
2- 2. فی تفسیر علیّ بن إبراهیم: الجنان.
3- 3. فیه ایضا: مهنئین.
4- 4. فیه ایضا: یهنئون.
5- 5. فی تفسیر القمّیّ: استأذن.
6- 6. فیه: الغرفة.
7- 7. فی المصدرین: فاستأذن لهم.
8- 8. فی الكافی: فیتقدم.
9- 9. فی تفسیر القمّیّ: الغرفة.
10- 10. فیه: الذی قد وكل به.

الْمَلائِكَةُ یَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (1) أَیْ مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ سَلامٌ عَلَیْكُمْ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ قَالَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِذا رَأَیْتَ ثَمَّ رَأَیْتَ نَعِیماً وَ مُلْكاً كَبِیراً(2) یَعْنِی بِذَلِكَ وَلِیَّ اللَّهِ وَ مَا هُوَ فِیهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ النَّعِیمِ وَ الْمُلْكِ الْعَظِیمِ الْكَبِیرِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ یَسْتَأْذِنُونَ عَلَیْهِ فَلَا یَدْخُلُونَ عَلَیْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَذَلِكَ الْمُلْكُ الْعَظِیمُ الْكَبِیرُ الْخَبَرَ(3).

وَ الزَّبَانِیَةِ الَّذِینَ إِذَا قِیلَ لَهُمْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِیمَ صَلُّوهُ.

الزبانیة هم الملائكة التسعة عشر الموكلون بالنار و هم الغلاظ الشداد قال الجوهری الزبانیة عند العرب الشرط و سمی بذلك بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إلیها قال الأخفش قال بعضهم واحدها زبانی و قال بعضهم زابن و قال بعضهم زبنیة مثال عفریة و قال و العرب لا تكاد تعرف هذا و تجعله من الجمع الذی لا واحد له مثل أبابیل و عبادید و قال صلیت اللحم و غیره أصلیه صلیا مثل رمیته رمیا إذا شویته و فی الحدیث أنه أتی بشاة مصلیة أی مشویة و یقال أیضا صلیت الرجل نارا إذا أدخلته النار و جعلته یصلاها فإن ألقیته فیها إلقاء كأنك ترید الإحراق قلت أصلیته بالألف و صلیته تصلیة و قرئ و یصلی سعیرا و من خفف فهو من قولهم صلی فلان النار بالكسر یصلی صلیا احترق و یقال أیضا صلی بالأمر إذا قاسی حره و شدته. ابْتَدَرُوهُ سِرَاعاً. أی حالكونهم مسرعین جمع سریع وَ لَمْ یُنْظِرُوهُ. أی لم یمهلوه وَ مَنْ أَوْهَمْنَا ذِكْرَهُ. أی الملائكة الذین تركنا ذكرهم علی الخصوص و إن كانوا داخلین فی العموم قال الجوهری أوهمت الشی ء تركته كله یقال أوهم من الحساب مائة أی أسقط و أوهم من صلاته ركعة.

وَ لَمْ نَعْلَمْ مَكَانَهُ مِنْكَ. أی منزلته عندك أو نسبته إلی عرشك وَ بِأَیِّ أَمْرٍ وَكَّلْتَهُ. عطف علی قوله مكانه و الظرف متعلق بوكلته قدم علیه لمزید الاهتمام لأن

ص: 238


1- 1. الرعد: 23.
2- 2. الدهر: 20.
3- 3. روضة الكافی: 98، تفسیر القمّیّ: 576.

المجهول هذا القید لا أصل التوكیل و المعنی و لم نعلم توكیلك إیاه بأی أمر من أمورك و فیه بعض المنافاة لما یظهر من أكثر الأخبار من سعة علمهم علیهم السلام و اطلاعهم علی جمیع العوالم أو المخلوقات و إن اللّٰه أراهم ملكوت الأرضین و السماوات إلا أن یقال إنه علیه السلام قال ذلك علی سبیل التواضع و التذلل أو المعنی لا نعلمهم من ظاهر الكتاب و السنة و إن علمنا من جهة أخری لا مصلحة فی إظهارها أو لا نعلم فی هذا الوقت خصوص مكانه و عمله فإنه لا استبعاد فی عدم علمهم علیهم السلام ببعض تلك الخصوصیات الحادثة أو قال علیه السلام ذلك بلسان غیره ممن یتلو الدعاء فإنه علیه السلام جمع الأدعیة و أملاها لذلك بل هو من أعظم نعمهم علی شیعتهم صلوات اللّٰه علیهم.

وَ سُكَّانِ الْهَوَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ الْمَاءِ. یدل علی أن لكل منها سكانا من الملائكة كما رَوَی الشَّیْخُ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّهُ [ص] نَهَی أَنْ یَبُولَ الرَّجُلُ فِی الْمَاءِ الْجَارِی إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَ قَالَ إِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلًا وَ فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام قَالَ كَرِهَ اللَّهُ لِأُمَّتِیَ الْغُسْلَ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَ كَرِهَ دُخُولَ الْأَنْهَارِ إِلَّا بِمِئْزَرٍ فَإِنَّ فِیهَا سُكَّاناً مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی رَوَاهَا الصَّدُوقُ فِی الْمَجَالِسِ قَالَ: فِی الْأَنْهَارِ عُمَّارٌ وَ سُكَّانٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَ رَوَی أَیْضاً فِی الْعِلَلِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَكَّلَ مَلَائِكَةً بِنَبَاتِ الْأَرْضِ مِنَ الشَّجَرِ وَ النَّخْلِ فَلَیْسَ مِنْ شَجَرَةٍ وَ لَا نَخْلَةٍ إِلَّا وَ مَعَهَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكٌ یَحْفَظُهَا وَ مَا كَانَ فِیهَا وَ لَوْ لَا أَنَّ مَعَهَا مَنْ یَمْنَعُهَا لَأَكَلَهَا السِّبَاعُ وَ هَوَامُّ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ فِیهَا ثَمَرُهَا الْخَبَرَ(1).

وَ مَنْ مِنْهُمْ عَلَی الْخَلْقِ.

أی الملائكة الذین هم مع الخلق أو مستولون علیهم أو موكلون بهم من جملة سائر الملائكة و هم أصناف شتی قد مر أكثرها كالمعقبات و من یثنی برقبة المتخلی لیعتبر بما صار إلیه طعامه و المشیعین لعائد المریض و لزائر المؤمن و من یأتی منهم للسؤال ابتلاء و من یمسح و من یمسح

ص: 239


1- 1. علل الشرائع: ج 1، ص 363.

یده علی قلب المصاب لیسكنه و الموكلین بالدعاء للصائمین و الذین یمسحون وجه الصائم فی شدة الحر و یبشرونه و الملائكة الساكنین فی حرم حائر الحسین علیه السلام یشیعون الزائرین و یعودون مرضاهم و یؤمنون علی دعائهم و الذین یدفعون وساوس الشیاطین عن المؤمنین و أمثال ذلك كثیرة فی الأخبار و هذا بناء علی أن الخلق بمعنی المخلوق و یمكن حمله علی المعنی المصدری فیكون إشارة إلی ما روی فی أخبار كثیرة أن لله ملكین خلاقین فإذا أراد أن یخلق خلقا أمر أولئك الخلاقین فأخذوا من التربة التی قال اللّٰه تعالی فی كتابه مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری (1) فعجنوها فی النطفة المسكنة فی الرحم فإذا عجنت النطفة بالتربة قالا یا رب ما تخلق قال فیوحی اللّٰه تبارك و تعالی ما یرید من ذلك الخبر.

فَصَلِّ عَلَیْهِمْ یَوْمَ تَأْتِی كُلُّ نَفْسٍ.

یوم ظرف للصلاة و ربما یومئ إلی أن هذا الحكم یعم الملائكة أیضا غیر السائق و الشهید و ذكر الیوم بهذا الوصف لبیان أن الملائكة فی هذا الیوم أیضا لهم أشغال عظیمة أو لبیان أن هذا الیوم یوم الاحتیاج إلی الملائكة مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ هما ملكان أحدهما یسوقه إلی المحشر و الآخر یشهد بعمله و قیل ملك واحد جامع للوصفین و قیل السائق كاتب السیئات و الشهید كاتب الحسنات و قیل السائق نفسه و الشهید جوارحه و أعماله و محل معها النصب علی الحالیة من كل لإضافته إلی ما هو فی حكم المعرفة ذكره البیضاوی عند قوله تعالی وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ و فی بعض النسخ قائم مكان السائق و السائق أوفق بالآیة و لا یتغیر المعنی إذ المراد بالقائم من یقوم بأمره و یسوقه إلی محشره و لعل المراد أقل من یكون مع كل أحد أو المراد بهما الجنس إذا ورد فی كثیر من الأخبار أنه یشایع الأخیار آلاف من الملائكة و مع بعض الأشرار أیضا كذلك لشدة تعذیبهم و كذا الشهداء من الملائكة فی أكثر الأخبار أكثر من واحد. وَ صَلِّ عَلَیْهِمْ. تأكید لما سبق صَلَاةً تَزِیدُهُمْ كَرَامَةً

ص: 240


1- 1. طه: 55.

عَلَی كَرَامَتِهِمْ. أی تصیر سببا لمزید قدرهم و منزلتهم عند ربهم وَ طَهَارَةً عَلَی طَهَارَتِهِمْ. أی موجبا لمزید عصمتهم و تقدسهم و تنزههم و إن كانت العصمة عن الكبائر و الصغائر لازمة لهم و یمكن أن یكون فائدة هذا الدعاء راجعة إلینا لا إلیهم اللَّهُمَّ وَ إِذَا صَلَّیْتَ.

فی بعض النسخ إذ بدون الألف و علیهم مكان علینا فعلی الأول المعنی كل وقت صلیت علیهم و بلغتهم صلواتنا علیهم فصل علینا و ارحمنا بسبب أنك وفقتنا لذلك و صرنا سببا لهذه الرحمة و أیضا الجواد الكریم یشفع كل نعمة منه بأخری و لا یكتفی بواحدة منها و علی النسخة الأخری المعنی لما صلیت علیهم و بلغتهم و صلاتنا علیهم فصل علیهم تارة أخری بسبب أنهم صاروا سببا لتوفیقك إیانا للصلاة علیهم و حسن القول فیهم و فی بعض النسخ إذ و علینا و هو أظهر و الجواد فی أسمائه تعالی هو الذی لا یبخل بعطائه و یعطی كلا ما یستحقه و الكریم فیها هو الجواد المعطی الذی لا ینفد عطاؤه أو الجامع لأنواع الخیر و الشرف و الفضائل و الكریم أیضا الصفوح.

و أقول إنما أوردت هذا الدعاء الشریف هنا و أعطیت فی شرحه بعض البسط لكونه فذلكة لسائر الأخبار و الآیات الواردة فی أصنافهم و درجاتهم و مراتبهم مع تواتره سندا و متانته لفظا و معنی.

وَ قَالَ النَّیْسَابُورِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ: رُوِیَ أَنَّ بَنِی آدَمَ عُشْرُ الْجِنِّ وَ الْجِنُّ وَ بَنُو آدَمَ عُشْرُ حَیَوَانَاتِ الْبَرِّ وَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عُشْرُ الطُّیُورِ وَ هَؤُلَاءِ عُشْرُ حَیَوَانِ الْبَحْرِ وَ كُلُّهُمْ عُشْرُ مَلَائِكَةِ الْأَرْضِ الْمُوَكَّلِینَ بِهَا وَ كُلُّ هَؤُلَاءِ عُشْرُ مَلَائِكَةِ سَمَاءِ الدُّنْیَا وَ كُلُّ هَؤُلَاءِ عُشْرُ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ وَ عَلَی هَذَا التَّرْتِیبِ إِلَی مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ثُمَّ الْكُلُّ فِی مُقَابَلَةِ الْكُرْسِیِّ نَزْرٌ قَلِیلٌ ثُمَّ كُلُّ هَؤُلَاءِ عُشْرُ مَلَائِكَةِ السُّرَادِقِ الْوَاحِدِ مِنْ سُرَادِقَاتِ الْعَرْشِ الَّتِی عَدَدُهَا سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ طُولُ كُلِّ سُرَادِقٍ وَ عَرْضُهُ وَ سَمْكُهُ إِذَا قُوبِلَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا فِیهَا فَإِنَّهَا كُلَّهَا یَكُونُ شَیْئاً یَسِیراً وَ قَدْراً قَلِیلًا وَ مَا مِقْدَارُ مَوْضِعِ قَدَمٍ إِلَّا وَ فِیهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ رَاكِعٌ أَوْ قَائِمٌ لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِیحِ وَ التَّقْدِیسِ ثُمَّ كُلُّ هَؤُلَاءِ فِی مُقَابَلَةِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ یَحُومُونَ حَوْلَ

ص: 241

الْعَرْشِ كَالْقَطْرَةِ فِی الْبَحْرِ وَ لَا یَعْرِفُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَعَ هَؤُلَاءِ مَلَائِكَةُ اللَّوْحِ الَّذِینَ هُمْ أَشْیَاعُ إِسْرَافِیلَ وَ الْمَلَائِكَةُ الَّذِینَ هُمْ جُنُودُ جَبْرَائِیلَ وَ هُمْ كُلُّهُمْ سَامِعُونَ مُطِیعُونَ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا یَسْأَمُونَ.

فائدة قال بلیناس فی كتاب علل الأشیاء إن الخالق عز و جل لما ضرب الخلقة بعضها ببعض و طال مكثها خلق الأرواح المتفكرة القادرة فخلقهن من حرارة الریح و نور النار فمنهم خلق خلقوا من حر الریح الباردة و منهم خلق خلقوا من نور النار الحارة و منهم خلق خلقوا من حركة الماء البارد و منهم خلق خلقوا من حركة الماء الحار و منهم خلق خلقوا من الماء المالح فخلق اللّٰه الخلقة العلویة من هذه الثلاث طبائع و لیس فیهم من طبیعة التراب شی ء و من خلق منهم فی السفل فإنها خلقت من الطبائع الثلاث التی ذكرت مفردات غیر مركبات إذ لو كانوا مركبین إذا لأدركهم الموت و الافتراق. فهذه جمیع أجناس المتفكرة من الملائكة و الجن و الشیاطین و سكان الریح الباردة و البحر و الأرض السود و البیض و الكواكب العلویة تشرق بنورها علیهم فتتصل أنوارهم بنورها و لا یشغلون مكانا لأنهم نور و لا یأخذون مكان غیرهم فهم ملئوا الطبائع یدبرونها و یقبلون علیها و كل طبیعة من الطبائع فیها خلق عظیم من الروحانیین و لا یقع علیهم التفصیل و الفناء لأنهم لیسوا مركبین و إنما هم من جوهر واحد فلذلك صاروا أكثر شی ء عددا لا یسأمون و لا ینامون و لا یملون یعملون دائبین باللیل و النهار بما وكلوا به من حركة الفلك و إدخال بعضها فی بعض و حركة الشمس و القمر و الكواكب و الأمطار و الریاح و الحر و البرد و الإقبال و الإدبار فی النبات و الحیوان و المعادن و أفاعیل الإنس و الحیوان و كلهم یعمل دائبا بالأمر الذی وكل به و هم أجناس جنس منهم فی الفلك الأعلی و هم قیام علی أرجلهم لا یجلسون لأن طبیعتهم روحانیة لطیفة فبلطافتهم لا یقدرون أن یجلسوا لأنها تجذبهم إلی العلو و كلهم یسبحون للذی خلقهم منذ یوم خلقهم لا یعملون و لا یتحركون یمینا و لا شمالا و لیس لهم عمل غیر التسبیح للرب لهم غلظ و شدة

ص: 242

لحدة طبائعهم لأنهم خلقوا من حر النار. و علی فلك المشتری خلق عظیم من الروحانیین كذلك و هم خلق معتدل ساكن لأنهم خلقوا من روح الماء لیس لهم قسوة و فظاظة یدبرون فلك المشتری و یقبلون و یتحركون مع حركته و یمجدون الذی خلقهم و فی فلك المریخ خلق عظیم من النورانیین و هم غلاظ شداد لأنهم خلقوا من نور النار الیابسة فلذلك لا رأفة لهم و لا رحمة یدبرون و یقبلون مع المریخ فی دوران الفلك لم یملكوا غیر ذلك لأنهم لا رحمة لهم و لذلك لم یوكلوا بشی ء من أعمال الناس و فی فلك الشمس خلق من الكروبیین لهم قسوة و فظاظة لشدة طبائعهم لأنهم خلقوا من الریح و الروح و لهم أناة و نور فهم موكلون بأعمال بنی آدم علی الحرث و النسل و هم الذین یحركون الشمس و بحركتها یخرج البخار و الدخان فیرفعون ذلك البخار إلی القمر ثم إلی الشمس ثم یصدونه إلی الكواكب العالیة فیكون لهم غذاء و هم علی الثمار و الزروع و ولادة الحیوان و هم المسلطون علی جمیع الروحانیین من تحتهم یعملون بأمرهم و هم لطاف نورانیون یدورون مع فلك الشمس و یعملون معها و یعملون فی إصلاح العالم و توالد الموالید و هم الذین یحفظون شیعة الشیطان و ولده عن فساد العالم و خرابه و حفظ الحیوان منهم و إنما سموا ملائكة لأنهم ملكوا زمام الشیطان لئلا یخربوا العالم. و فی فلك الزهرة أیضا خلق من الروحانیین لهم اعتدال و صلاح فهم أحسنهم وجوها و لهم ریح طیب و بشر حسن یحبون الإنس و جمیع ما تحتهم من الحیوان حبا شدیدا و لهم بهم رأفة و رحمة و رقة و هم الذین یسعون فی تألیف الذكران و الإناث من كل شی ء لمكان النسل و الولادة و بذلك وكلوا و فی فلك عطارد روحانیون خلقوا من حر الریح الحارة فاتصلوا بالروحانیین الذین خلقوا من النور و هم بین أیدیهم مثل العبید لا یغیبون عن أعینهم طرفة عین یسارعون فی خدمة ملائكة فلك الشمس و یعملون بمسرتهم (1)

فهم لهم شبیه الوزراء و هم الموكلون بالنبات و إصلاحه و حفظ النبت إذا طلع

ص: 243


1- 1. فی بعض النسخ: بمسیرتهم.

عن وجه الأرض حتی یتم بتمامه و هم أیضا موكلون بصغار الحیوان و الحفظ لهم عن مردة الشیاطین و إن القمر جرمه من الشمس و ضوؤه من نورها و هما دائبان یعملان فی اللیل و النهار و فلك القمر مملو من الملائكة و هم ملائكة الرحمن مستبشر الوجوه لهم جمال و حسن صور و لیس فیهم غضب و لا شدة و لا قسوة علی ولد آدم لقربهم منهم و هم أشبه الروحانیین بالآدمیین و هم متعطفون علی الحیوان مصلحون للنبات دائبون فی مسیرة بنی آدم فلاتصالهم بهم ربما ظهروا لهم و كلموهم و هم مسلطون علی السماء یحرسون السماء من شیطانك (1)

و ولده أن یسترقوا السمع من الملائكة الأعلی (2)

المتصلین بفلك الشمس و هم الموكلون أیضا بالحب المبذور فی الأرض یحفظونه لئلا تعرض له الشیاطین لیفسدونه فإن شیطانك (3) و ولده لهم قوة عظیمة فی العالم و الحرث و النسل و كلما لطفت خلقه من الروحانیین و رقت كان أكثر أجنحة و منهم من له ستة أجنحة و منهم من له خمسة أجنحة و منهم من له أربعة أجنحة و كذلك إلی جناح واحد و أما المفكرة التی فی الطبائع حین ظهرت لحقوا بالطبائع فهم مستجنون فی الماء و التراب و الریح لأنهم خلقوا من حر الماء المالح و الریح العاصف و التراب المنتن و هم یسمون شیطائیل و ولده و هم عصاة جفاة مفسدون فی الأرض لهم خبث عظیم و قوة شدیدة و منظر قبیح و وجوه سمجة و أرواحهم قذرة و هم علی الفساد و الطغیان و فی خراب العالم و الخلقة العلیا مسلطة علیهم یمنعونهم من خراب العالم و فساده انتهی (4).

ص: 244


1- 1. كذا.
2- 2. كذا.
3- 3. كذا.
4- 4. هذا المخطط الذی ینسب رسمه إلی من یسمی« بلیناس» و ارتضاه المؤلّف- رحمه اللّٰه مخطط رائع مزوق لكنه مبتن علی فرضیة الافلاك التسعة و فرضیات اخری لم تتأید بعقل و لا نقل بل كلاهما علی خلافها و الظاهر ان سبب ارتضاء المؤلّف له ظهور كلامه فی كون الملائكة جسمانیین و كون طوائف منهم موكلة بالكائنات الارضیة و نحوها ممّا ورد فی الروایات الشریفة لكن هذه التزیینات لا تكاد تشید الاساس الضئیل المتزلزل كما لا یخفی.

و أقول إنما وردت ملخصا من كلامه لتعلم أن أكثر كلمات قدماء الحكماء الذین أخذوا العلوم من الأنبیاء موافقة لما ورد فی لسان الشرع و إنما أحدث المتأخرون منهم ما أحدثوا بآرائهم العلیلة الفاسدة.

باب 24 آخر فی وصف الملائكة المقربین

الآیات:

الشعراء: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلی قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِینَ (1)

النجم: عَلَّمَهُ شَدِیدُ الْقُوی ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوی وَ هُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلی ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّی فَكانَ قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی (2)

التكویر: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكِینٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِینِ وَ ما هُوَ عَلَی الْغَیْبِ بِضَنِینٍ (3)

تفسیر:

نَزَلَ بِهِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی نزل اللّٰه بالقرآن الرُّوحُ الْأَمِینُ یعنی جبرئیل علیه السلام و هو أمین اللّٰه علیه لا یغیره و لا یبدله و سماه روحا لأنه یحیی به الدین و قیل لأنه یحیی به الأرواح بما ینزل من البركات و قیل لأنه (4)

جسم روحانی عَلی قَلْبِكَ یا محمد و هذا علی سبیل التوسع لأنه تعالی یسمعه جبرئیل فیحفظه فینزل به علی الرسول فیقرئه علیه فیعیه و یحفظه

ص: 245


1- 1. الشعراء: 193- 194.
2- 2. النجم: 5- 9.
3- 3. التكویر: 19- 24.
4- 4. فی المصدر: لان جسمه روحانی.

بقلبه فكأنه نزل به علی قلبه و قیل معناه لقنك اللّٰه حق تلقینه (1)

و ثبته علی قلبك و جعل قلبك وعاء له (2).

و قال البیضاوی القلب إن أراد به الروح فذاك و إن أراد به العضو فتخصیصه لأن المعانی الروحانیة إنما تنزل أولا علی الروح ثم تنتقل منه إلی القلب لما بینهما من التعلق ثم تتصعد إلی الدماغ فینتقش بها لوح المتخیلة و الروح الأمین جبرئیل فإنه أمین علی وحیه لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِینَ عما یؤدی إلی عذاب من فعل أو ترك (3).

عَلَّمَهُ شَدِیدُ الْقُوی قال الطبرسی رحمه اللّٰه یعنی به جبرئیل علیه السلام أی القوی فی نفسه و خلقه ذُو مِرَّةٍ أی ذو قوة و شدة فی خلقه عن الكلبی و قال من قوته أنه اقتلع قری قوم لوط من الماء الأسود فرفعها إلی السماء ثم قلبها و من شدته صیحته لقوم ثمود حتی أهلكوا(4)

و قیل معناه ذو صحة و خلق حسن عن ابن عباس و غیره و قیل شدید القوی فی ذات اللّٰه ذُو مِرَّةٍ أی صحة فی الجسم سلیم من الآفات و العیوب و قیل ذُو مِرَّةٍ أی ذو مرور فی الهواء ذاهبا و جائیا نازلا و صاعدا فَاسْتَوی جبرئیل علی الصورة التی خلق علیها بعد انحداره إلی محمد صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ كنایة عن جبرئیل أیضا بِالْأُفُقِ الْأَعْلی یعنی أفق المشرق و المراد بالأعلی جانب المشرق و هو فوق جانب المغرب فی صعید الأرض لا فی الهواء. قالوا إن جبرئیل علیه السلام كان یأتی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی صورة الآدمیین فسأله رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یریه نفسه علی صورته التی خلق علیها فأراه نفسه مرتین مرة فی الأرض و مرة فی السماء أما فی الأرض ففی الأفق الأعلی و ذلك أن محمدا صلی اللّٰه علیه و آله كان بحراء فطلع له جبرئیل علیه السلام من المشرق فسد الأفق إلی المغرب فخر

ص: 246


1- 1. فی المصدر: حتی تلقیته.
2- 2. مجمع البیان: ج 7، ص 204.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 188.
4- 4. هلكوا( خ).

النبی صلی اللّٰه علیه و آله مغشیا علیه فنزل جبرئیل فی صورة الآدمیین فضمه إلی نفسه و هو قوله ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّی و تقدیره ثم دنا أی قرب بعد بعده و علوه فی الأفق الأعلی فدنا من محمد صلی اللّٰه علیه و آله. قال الحسن و قتادة ثم دنا جبرئیل بعد استوائه بالأفق الأعلی من الأرض فنزل إلی محمد صلی اللّٰه علیه و آله و قال الزجاج معنی دنا و تدلی واحد لأن معنی دنا قرب و تدلی زاد فی القرب و قیل إن المعنی استوی جبرئیل أی ارتفع و علا إلی السماء بعد أن علم محمدا صلی اللّٰه علیه و آله عن ابن مسیب و قیل استوی أی اعتدل واقفا فی الهواء بعد أن كان ینزل بسرعة لیراه النبی صلی اللّٰه علیه و آله. و قیل معناه استوی جبرئیل علیه السلام و محمد بالأفق الأعلی یعنی السماء الدنیا لیلة المعراج فَكانَ قابَ قَوْسَیْنِ أی كان ما بین جبرئیل علیه السلام و بین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قاب قوسین و القوس ما یرمی به و خصت بالذكر علی عادتهم یقال قاب قوس (1)

و قاد قوس و قیل معناه كان قدر ذراعین كما روی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله فمعنی القوس ما یقاس به و الذراع یقاس به أَوْ أَدْنی قال الزجاج إن العباد قد خوطبوا علی لغتهم و مقدار فهمهم و قیل لهم فی هذا ما یقال للذی یحزز(2)

فالمعنی فكان علی ما تقدرونه أنتم قدر قوسین أو أقل من ذلك و قال عبد اللّٰه بن مسعود إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رأی جبرئیل و له ستمائة جناح (3).

و قال فی قوله تعالی إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ أی إن القرآن قول رسول كریم علی ربه و هو جبرئیل علیه السلام و هو كلام اللّٰه أنزله علی لسانه ذِی قُوَّةٍ أی فیما كلف و أمر به من العلم و العمل و تبلیغ الرسالة و قیل ذی قدرة فی نفسه و من قوته قلع دیار قوم لوط بقوادم جناحه حتی بلغ بها السماء ثم قلبها عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكِینٍ معناه متمكن عند اللّٰه صاحب العرش و خالقه رفیع المنزلة عظیم القدر عنده كما یقال فلان مكین عند السلطان و المكانة القرب مُطاعٍ ثَمَ أی فی السماء تطیعه ملائكة السماء قالوا و من طاعة الملائكة لجبرئیل علیه السلام أنه أمر خازن الجنة لیلة المعراج حتی فتح لمحمد صلی اللّٰه علیه و آله أبوابها فدخلها و رأی ما فیها و أمر

ص: 247


1- 1. فی المصدر: و قیدقوس و قادقوس.
2- 2. فی المصدر: یحدد.
3- 3. مجمع البیان: ج 9، ص 173.

خازن النار ففتح له عنها حتی نظر إلیها أَمِینٍ أی علی وحی اللّٰه و رسالته إلی أنبیائه

وَ فِی الْحَدِیثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِجَبْرَئِیلَ مَا أَحْسَنَ مَا أَثْنَی عَلَیْكَ رَبُّكَ ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكِینٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ فَمَا كَانَتْ قُوَّتُكَ وَ مَا كَانَتْ أَمَانَتُكَ فَقَالَ أَمَّا قُوَّتِی بُعِثْتُ (1)

إِلَی مَدَائِنِ لُوطٍ فَهِیَ أَرْبَعُ مَدَائِنَ وَ فِی كُلِّ مَدِینَةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ سِوَی الذَّرَارِیِّ فَحَمَلْتُهُمْ مِنَ الْأَرْضِ السُّفْلَی حَتَّی سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ أَصْوَاتَ الدَّجَاجِ وَ نُبَاحَ الْكِلَابِ ثُمَّ هَوَیْتُ بِهِنَّ فَقَلَّبْتُهُنَّ وَ أَمَّا أَمَانَتِی فَإِنِّی لَمْ أُومَرْ بِشَیْ ءٍ فَعَدَوْتُهُ إِلَی غَیْرِهِ.

وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِینِ أی رأی محمد صلی اللّٰه علیه و آله جبرئیل علی صورته التی خلقه اللّٰه تعالی علیها حیث تطلع الشمس و هو الأفق الأعلی من ناحیة المشرق وَ ما هُوَ عَلَی الْغَیْبِ بِضَنِینٍ قرأ أهل البصرة غیر سهل و ابن كثیر و الكسائی بالظاء و الباقون بالضاد فعلی الأول المعنی أنه لیس علی وحی اللّٰه تعالی و ما یخبر به من الأخبار بمتهم فإن أحواله ناطقة بالصدق و الأمانة و علی الثانی أی لیس ببخیل فیما یؤدی عن اللّٰه إذ یعلمه كما علمه اللّٰه تعالی (2).

«1»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ بْنِ رِبْعِیٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أُسْرِیَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ انْتَهَی بِهِ جَبْرَئِیلُ إِلَی نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ النُّورُ وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ خَلَقَ ...

الظُّلُماتِ وَ النُّورَ فَلَمَّا انْتَهَی بِهِ إِلَی ذَلِكَ النَّهَرِ قَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ اعْبُرْ عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ فَقَدْ نَوَّرَ اللَّهُ لَكَ بَصَرَكَ وَ مَدَّ لَكَ أَمَامَكَ فَإِنَّ هَذَا نَهَرٌ لَمْ یَعْبُرْهُ أَحَدٌ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ غَیْرَ أَنَّ لِی فِی كُلِّ یَوْمٍ اغْتِمَاسَةً فِیهِ ثُمَّ أَخْرُجُ مِنْهُ فَأَنْفُضُ أَجْنِحَتِی فَلَیْسَ مِنْ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ أَجْنِحَتِی إِلَّا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْهَا

ص: 248


1- 1. فی المصدر: فانی بعثت إلی مدائن لوط و هی ....
2- 2. مجمع البیان: ج 10، ص 446( بتغییر یسیر فی العبارة).

مَلَكاً مُقَرَّباً لَهُ عِشْرُونَ أَلْفَ وَجْهٍ وَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ كُلُّ لِسَانٍ یَلْفِظُ بِلُغَةٍ لَا یَفْقَهُهَا اللِّسَانُ الْآخَرُ.

«2»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، فِی خَبَرِ الْمِعْرَاجِ: قَالَ جَبْرَئِیلُ أَقْرَبُ الْخَلْقِ إِلَی اللَّهِ أَنَا وَ إِسْرَافِیلُ (1).

«3»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ رَأَیْتُ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِیَدِهِ لَوْحٌ مِنْ نُورٍ لَا یَلْتَفِتُ یَمِیناً وَ لَا شِمَالًا مُقْبِلًا عَلَیْهِ ثُبَةٌ كَهَیْئَةِ الْحَرِیرِ(2)

فَقُلْتُ مَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ مَشْغُولٌ فِی قَبْضِ الْأَرْوَاحِ فَقُلْتُ أَدْنِنِی مِنْهُ یَا جَبْرَئِیلُ لِأُكَلِّمَهُ فَأَدْنَانِی مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَ كُلُّ مَنْ هُوَ مَاتَ أَوْ هُوَ مَیِّتٌ فِیمَا بَعْدُ أَنْتَ تَقْبِضُ رُوحَهُ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَ تَحْضُرُهُمْ بِنَفْسِكَ قَالَ نَعَمْ مَا الدُّنْیَا كُلُّهَا عِنْدِی فِیمَا سَخَّرَهُ اللَّهُ لِی وَ مَكَّنَنِی مِنْهَا إِلَّا كَدِرْهَمٍ فِی كَفِّ الرَّجُلِ یُقَلِّبُهُ كَیْفَ یَشَاءُ وَ مَا مِنْ دَارٍ فِی الدُّنْیَا إِلَّا وَ أَدْخُلُهَا فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَ أَقُولُ إِذَا بَكَی أَهْلُ الْبَیْتِ عَلَی مَیِّتِهِمْ لَا تَبْكُوا عَلَیْهِ فَإِنَّ لِی إِلَیْكُمْ عَوْدَةً وَ عَوْدَةً حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْكُمْ أَحَدٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَفَی بِالْمَوْتِ طَامَّةً یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَطَمُّ وَ أَعْظَمُ مِنَ الْمَوْتِ (3).

«4»- وَ مِنْهُ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی لَقَدْ رَأی مِنْ آیاتِ رَبِّهِ الْكُبْری قَالَ رَأَی جَبْرَئِیلَ عَلَی سَاقِهِ الدُّرُّ مِثْلَ الْقَطْرِ عَلَی الْبَقْلِ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ قَدْ مَلَأَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ (4).

«5»- التَّوْحِیدُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ أَوْ غَیْرِهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ

ص: 249


1- 1. تفسیر القمّیّ: 373.
2- 2. الحزین( خ).
3- 3. تفسیر القمّیّ: 511 و 370.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 654.

عَزَّ وَ جَلَ لَقَدْ رَأی الْآیَةَ وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ (1).

«6»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، قَالَ: جَبْرَئِیلُ مَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ مِیكَائِیلُ مَعْنَاهُ عُبَیْدُ اللَّهِ وَ كَذَلِكَ مَعْنَی إِسْرَافِیلَ عُبَیْدُ اللَّهِ (2).

«7»- الْخِصَالُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ(3) بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْأَوَّلِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ أَرْبَعَةً اخْتَارَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ مَلَكَ الْمَوْتِ الْخَبَرَ(4).

«8»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ (5)

علیه السلام قَالَ: كَانَ بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ جَالِساً وَ عِنْدَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام إِذْ حَانَتْ مِنْ جَبْرَئِیلَ نَظْرَةٌ قِبَلَ السَّمَاءِ فَانْتُقِعَ لَوْنُهُ حَتَّی صَارَ كَأَنَّهُ كُرْكُمٌ (6) ثُمَّ لَاذَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَی حَیْثُ جَبْرَئِیلَ فَإِذَا شَیْ ءٌ قَدْ مَلَأَ بَیْنَ الْخَافِقَیْنِ مُقْبِلًا حَتَّی كَانَ كَقَابٍ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْكَ أُخَیِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مَلِكاً رَسُولًا أَحَبُّ إِلَیْكَ أَوْ أَنْ تَكُونَ عَبْداً رَسُولًا فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی جَبْرَئِیلَ وَ قَدْ رَجَعَ إِلَیْهِ لَوْنُهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ بَلْ كُنْ عَبْداً رَسُولًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ بَلْ أَكُونُ عَبْداً رَسُولًا فَرَفَعَ الْمَلَكُ رِجْلَهُ الْیُمْنَی فَوَضَعَهَا فِی كَبِدِ السَّمَاءِ الدُّنْیَا ثُمَّ رَفَعَ الْأُخْرَی فَوَضَعَهَا فِی الثَّانِیَةِ ثُمَّ رَفَعَ الْیُمْنَی فَوَضَعَهَا فِی الثَّالِثَةِ ثُمَّ هَكَذَا حَتَّی انْتَهَی إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَعْدَ كُلِّ سَمَاءٍ خُطْوَةٌ وَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ صَغُرَ حَتَّی صَارَ آخِرَ ذَلِكَ مِثْلَ الصِّرِّ فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ

ص: 250


1- 1. التوحید: 69.
2- 2. معانی الأخبار: 49.
3- 3. الحسین بن محمّد بن إدریس( خ).
4- 4. الخصال: 105.
5- 5. ابی جعفر( خ).
6- 6. الكركم- وزان برثن-: الزعفران و العلك.

صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَقَالَ قَدْ رَأَیْتُكَ ذَعِراً وَ مَا رَأَیْتُ شَیْئاً كَانَ أَذْعَرَ لِی مِنْ تَغَیُّرِ لَوْنِكَ فَقَالَ یَا نَبِیَّ اللَّهِ لَا تَلُمْنِی أَ تَدْرِی مَنْ هَذَا قَالَ لَا قَالَ هَذَا إِسْرَافِیلُ حَاجِبُ الرَّبِّ وَ لَمْ یَنْزِلْ (1) مِنْ مَكَانِهِ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ لَمَّا رَأَیْتُهُ مُنْحَطّاً ظَنَنْتُ أَنَّهُ جَاءَ بِقِیَامِ السَّاعَةِ فَكَانَ الَّذِی رَأَیْتَ مِنْ تَغَیُّرِ لَوْنِی لِذَلِكَ فَلَمَّا رَأَیْتُ مَا اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِهِ رَجَعَ إِلَیَّ لَوْنِی وَ نَفْسِی أَ مَا رَأَیْتَهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ صَغُرَ إِنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ یَدْنُو مِنَ الرَّبِّ إِلَّا صَغُرَ لِعَظَمَتِهِ إِنَّ هَذَا حَاجِبُ الرَّبِّ وَ أَقْرَبُ خَلْقِ اللَّهِ مِنْهُ وَ اللَّوْحُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ فَإِذَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بِالْوَحْیِ ضَرَبَ اللَّوْحُ جَبِینَهُ فَنَظَرَ فِیهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَیْنَا فَنَسْعَی بِهِ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَأَدْنَی خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْهُ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ تِسْعُونَ (2)

حِجَاباً مِنْ نُورٍ تُقْطَعُ دُونَهَا الْأَبْصَارُ مَا لَا یُعَدُّ وَ لَا یُوصَفُ وَ إِنِّی لَأَقْرَبُ الْخَلْقِ مِنْهُ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مَسِیرَةُ أَلْفِ عَامٍ.

بیان: قال الجوهری حان له أن یفعل كذا یحین حینا أی آن و حان حینه أی قرب وقته و قال قال الكسائی امتقع لونه إذا تغیر من حزن أو فزع (3)

قال و كذلك انتقع و ابتقع و بالمیم أجود و قال الكركم الزعفران و قال لاذ به لواذا و لیاذا أی لجأ إلیه و عاذ به و فی القاموس الصر طائر كالعصفور و أصغر یدنو من الرب أی من موضع مناجاته أو من عرشه سبحانه ما لا یعد و لا یوصف أی دونها و قبل الوصول إلیها ما لا یعد و لا یوصف انقطع (4) عندها الأبصار و لا تقدر علی النظر إلیها و فی بعض النسخ ما یعد بدون لا فیمكن أن یكون بدلا من تسعون حجابا و ما موصولة أی یحیط به العدد دون الوصف و المراد بالحجب إما الحجب المعنویة كما مر أو المراد بینه و بین

ص: 251


1- 1. لم یهبط( خ).
2- 2. سبعون( خ).
3- 3. فی الصحاح، او فزع او ریبة.
4- 4. تقطع( خ).

عرشه أو بین منتهی خلقه أو بین محل یصدر منه الوحی.

أقول: و رأیت بخط بعض المشایخ هذا الحدیث منقولا من كتاب مدینة العلم للصدوق رحمه اللّٰه بحذف الإسناد عن جابر مثله.

«9»- وَ مِنْهُ، أَیْضاً عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِذَا أَمَرَ اللَّهُ مِیكَائِیلَ بِالْهُبُوطِ إِلَی الدُّنْیَا فِیمَا یَأْمُرُهُ بِهِ صَارَتْ رِجْلُهُ فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ الْأُخْرَی فِی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ.

«10»- وَ مِنْهُ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ حَیَّةً قَدْ أَحْدَقَتْ بِالسَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ قَدْ جَمَعَتْ رَأْسَهَا وَ ذَنَبَهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَإِذَا رَأَتْ مَعَاصِیَ الْعِبَادِ أَسِفَتْ وَ اسْتَأْذَنَتْ أَنْ تَبْلَعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ.

«11»- الْقَصَصُ، بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ فِی بَابِ الْعَوَالِمِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ رُوحَانِیِّینَ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ یَطِیرُونَ بِهَا حَیْثُ یَشَاءُ اللَّهُ فَأَسْكَنَهُمْ فِیمَا بَیْنَ أَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ یُقَدِّسُونَهُ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ وَ اصْطَفَی مِنْهُمْ إِسْرَافِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ جَبْرَئِیلَ.

«12»- صَحِیفَةُ الرِّضَا، عَنْهُ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ رَأَیْتُ فِی السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ رَجُلًا قَاعِداً رِجْلٌ لَهُ فِی الْمَشْرِقِ وَ رِجْلٌ لَهُ فِی الْمَغْرِبِ وَ بِیَدِهِ لَوْحٌ یَنْظُرُ فِیهِ وَ یُحَرِّكُ رَأْسَهُ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ (1).

«13»- الْخَرَائِجُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ مُعَتِّبٍ غُلَامِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِالْعُرَیْضِ فَجَاءَ یَمْشِی حَتَّی دَخَلَ مَسْجِداً كَانَ یَعْبُدُ اللَّهَ فِیهِ أَبُوهُ وَ هُوَ یُصَلِّی فِی مَوْضِعٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ یَا مُعَتِّبُ تَرَی هَذَا الْمَوْضِعَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ بَیْنَمَا أَبِی علیه السلام قَائِمٌ یُصَلِّی فِی هَذَا الْمَكَانِ إِذْ دَخَلَ شَیْخٌ یَمْشِی حَسَنُ السَّمْتِ فَجَلَسَ فَبَیْنَمَا هُوَ جَالِسٌ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ آدَمُ حَسَنُ الْوَجْهِ وَ الْتَمَسَهُ فَقَالَ لِلشَّیْخِ مَا یُجْلِسُكَ لَیْسَ بِهَذَا أُمِرْتَ فَقَامَا وَ انْطَلَقَا وَ تَوَارَیَا عَنِّی فَلَمْ أَرَ شَیْئاً فَقَالَ یَا بُنَیَ

ص: 252


1- 1. صحیفة الرضا: 29.

هَلْ رَأَیْتَ الشَّیْخَ وَ صَاحِبَهُ فَقُلْتُ نَعَمْ فَمَنِ الشَّیْخُ وَ صَاحِبُهُ قَالَ الشَّیْخُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ الَّذِی جَاءَ فَأَخْرَجَهُ جَبْرَئِیلُ.

«14»- وَ مِنْهُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: بَیْنَمَا أَنَا فِی الدَّارِ مَعَ جَارِیَةٍ لِی إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ قَاطِبٌ بِوَجْهِهِ فَلَمَّا رَأَیْتُهُ عَلِمْتُ أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ آخَرُ أَطْلَقُ مِنْهُ وَجْهاً وَ أَطْلَقُ مِنْهُ بِشْراً فَقَالَ لَهُ لَیْسَ بِذَا أُمِرْتَ فَبَیْنَمَا أَنَا أُحَدِّثُ الْجَارِیَةَ إِذْ قُبِضَتْ.

بیان: لیس بهذا أمرت أی بالتأخیر أو بملاقاة غیر المتوفی أو بالقطوب للإمام و فی الخبر السابق یحتمل الجلوس أو قبض الإمام ع مع الاحتمالین الأولین و اللّٰه یعلم.

«15»- الْمُتَهَجِّدُ،: فِی تَعْقِیبِ صَلَاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ عَلَی جَبْهَةِ إِسْرَافِیلَ وَ بِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاسْمِ الَّذِی یَنْفُخُ بِهِ إِسْرَافِیلُ فِی الصُّورِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ عَلَی رَاحَةِ رِضْوَانَ خَازِنِ الْجِنَانِ.

«16»- الْإِخْتِصَاصُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِیمَا سَأَلَهُ مَنْ أَخْبَرَكَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله جَبْرَئِیلُ قَالَ عَمَّنْ قَالَ قَالَ عَنْ مِیكَائِیلَ قَالَ عَمَّنْ قَالَ قَالَ عَنْ إِسْرَافِیلَ قَالَ عَمَّنْ قَالَ قَالَ عَنِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَالَ عَمَّنْ قَالَ عَنِ الْقَلَمِ قَالَ عَمَّنْ قَالَ قَالَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ صَدَقْتَ (1) فَأَخْبِرْنِی عَنْ جَبْرَئِیلَ فِی زِیِّ الْإِنَاثِ أَمْ فِی زِیِّ الذُّكُورِ قَالَ فِی زِیِّ الذُّكُورِ(2) قَالَ

فَأَخْبِرْنِی مَا طَعَامُهُ (3)

قَالَ طَعَامُهُ التَّسْبِیحُ وَ شَرَابُهُ التَّهْلِیلُ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی مَا طُولُ جَبْرَئِیلَ قَالَ إِنَّهُ عَلَی قَدْرٍ بَیْنَ الْمَلَائِكَةِ لَیْسَ بِالطَّوِیلِ الْعَالِی وَ لَا بِالْقَصِیرِ الْمُتَدَانِی

ص: 253


1- 1. فی المصدر: صدقت یا محمد.
2- 2. فی المصدر: فی زی الذكور لیس فی زی الاناث.
3- 3. فی المصدر: و ما شرابه؟.

لَهُ ثَمَانُونَ ذُؤَابَةً وَ قُصَّةً جَعِدَةً وَ هِلَالٌ بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَغَرُّ أَدْعَجُ مُحَجَّلٌ ضَوْؤُهُ بَیْنَ الْمَلَائِكَةِ كَضَوْءِ النَّهَارِ عِنْدَ ظُلْمَةِ اللَّیْلِ لَهُ أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ جَنَاحاً خَضْرَاءَ مُشَبَّكَةً بِالدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ مُخَتَّمَةً بِاللُّؤْلُؤِ وَ عَلَیْهِ وِشَاحٌ بِطَانَتُهُ الرَّحْمَةُ وَ أَزْرَارُهُ الْكَرَامَةُ ظِهَارَتُهُ الْوَقَارُ رِیشُهُ الزَّعْفَرَانُ وَاضِحُ الْجَبِینِ أَقْنَی الْأَنْفِ سَائِلُ الْخَدَّیْنِ مُدَوَّرُ اللَّحْیَیْنِ حَسَنُ الْقَامَةِ لَا یَأْكُلُ وَ لَا یَشْرَبُ وَ لَا یَمَلُّ وَ لَا یَسْهُو قَامَ (1) بِوَحْیِ اللَّهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ مَا الثَّلَاثَةُ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ هُمْ رُؤَسَاءُ الْمَلَائِكَةِ وَ هُمْ عَلَی وَحْیِ رَبِّ الْعَالَمِینَ (2).

بیان: طعامه التسبیح أی یتقوون بالتسبیح و التهلیل كما یتقوی الإنسان بالطعام و الشراب و لا یبقی بدونهما و القصة بالضم شعر الناصیة ذكره الجوهری و قال الغرة بالضم بیاض فی جبهة الفرس فوق الدرهم یقال فرس أغر و الأغر الأبیض و رجل أغر أی شریف و قال الدعج شدة سواد العین مع سعتها و الأدعج من الرجال الأسود و قال التحجیل بیاض فی قوائم الفرس أو فی ثلاث منها أو فی رجلیه قل أو كثر بعد أن یجاوز الأرساغ و لا یجاوز الركبتین و العرقوبین لأنها مواضع الأحجال و هی الخلاخیل و القیود یقال فرس محجل و قال الوشاح ینسج من أدیم عریضا و یرصع بالجواهر و تشده المرأة بین عاتقها و كشحها انتهی و المراد بالوشاح إما المعنوی فالصفات ظاهرة أو الصوری فالمعنی أن بطانته علامة رحمة اللّٰه له أو للعباد و كذا الباقیتان و القنی احدیداب فی الأنف.

«17»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ یَعْقُوبَ لِبَنِیهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ (3) أَ كَانَ یَعْلَمُ أَنَّهُ حَیٌّ وَ قَدْ

ص: 254


1- 1. فی المصدر: قائم.
2- 2. الاختصاص: 45.
3- 3. یوسف: 87.

فَارَقَهُ مُنْذُ عِشْرِینَ سَنَةً قَالَ نَعَمْ قَالَ قُلْتُ كَیْفَ عَلِمَ قَالَ إِنَّهُ دَعَا فِی السَّحَرِ وَ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ یُهْبِطَ عَلَیْهِ مَلَكَ الْمَوْتِ فَهَبَطَ عَلَیْهِ بِرْیَالُ وَ هُوَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ بِرْیَالُ مَا حَاجَتُكَ یَا یَعْقُوبُ قَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْأَرْوَاحِ الَّتِی تَقْبِضُهَا مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً قَالَ بَلْ

أَقْبِضُهَا مُتَفَرِّقَةً رُوحاً رُوحاً قَالَ أَخْبِرْنِی فَهَلْ (1) مَرَّ بِكَ رُوحُ یُوسُفَ فِیمَا مَرَّ بِكَ قَالَ لَا فَعَلِمَ یَعْقُوبُ أَنَّهُ حَیٌّ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لِوُلْدِهِ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ یُوسُفَ وَ أَخِیهِ (2).

بیان: فتحسسوا التحسس طلب الإحساس أی تعرفوا منهما و تفحصوا عن حالهما تقبضها مجتمعة لعل السؤال عن الاجتماع و التفرق فی الأخذ لأنه إذا قبضها مجتمعة یمكن أن یغفل عن خصوص كل واحد بخلاف ما إذا أخذ روحا روحا أو لأنه إذا قبضها مجتمعة یمكن أن تسلم إلیه بعد مرور الأیام لیجتمع عدد كثیر منها و لما یصل روح یوسف علیه السلام إلیه بعد ذلك و هذا الملك إما عزرائیل یقبض الأرواح من أعوانه أو غیره و یقبض منه و الأخیر أظهر.

«18»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ مَیْسَرَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُیَیْنَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ فِی الْجَنَّةِ نَهَراً یَغْتَمِسُ فِیهِ جَبْرَئِیلُ كُلَّ غَدَاةٍ ثُمَّ یَخْرُجُ مِنْهُ فَیَنْفُضُ فَیَخْلُقُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مِنْهُ تَقْطُرُ مَلَكاً(3).

«19»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَیْنِ أَبِی الْعَلَا الْخَفَّافِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ یَوْمَ أُحُدٍ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ الطَّوِیلَ إِلَی أَنْ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَبِّ وَعَدْتَنِی أَنْ تُظْهِرَ دِینَكَ وَ إِنْ شِئْتَ لَمْ یُعْیِكَ فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْمَعُ دَوِیّاً شَدِیداً وَ أَسْمَعُ أَقْدِمْ حَیْزُومُ وَ مَا أَهُمُّ أَضْرِبُ أَحَداً إِلَّا

ص: 255


1- 1. فی المصدر: قال له فاخبرنی هل ....
2- 2. روضة الكافی: 199.
3- 3. روضة الكافی: 272.

سَقَطَ مَیِّتاً قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَ فَقَالَ هَذَا جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ فِی الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ جَاءَهُ جَبْرَئِیلُ فَوَقَفَ إِلَی جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذِهِ هِیَ الْمُوَاسَاةُ فَقَالَ إِنَّ عَلِیّاً مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ أَنَا مِنْكُمَا ثُمَّ انْهَزَمَ النَّاسُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَأَتْبَعَهُمْ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَكُلَّمَا سَمِعُوا وَقْعَ حَوَافِرِ فَرَسِهِ جَدُّوا فِی السَّیْرِ فَكَانَ یَتْلُوهُمْ فَإِذَا ارْتَحَلُوا قَالَ هُوَ ذَا عَسْكَرُ مُحَمَّدٍ قَدْ أَقْبَلَ فَدَخَلَ أَبُو سُفْیَانَ مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ وَ جَاءَ الرُّعَاةُ وَ الْحَطَّابُونَ فَدَخَلُوا مَكَّةَ فَقَالُوا رَأَیْنَا عَسْكَرَ مُحَمَّدٍ كُلَّمَا رَحَلَ أَبُو سُفْیَانَ وَ نَزَلُوا یَقْدُمُهُمْ فَارِسٌ عَلَی فَرَسٍ أَشْقَرَ یَطْلُبُ آثَارَهُمْ فَأَقْبَلَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَی أَبِی سُفْیَانَ یُوَبِّخُونَهُ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

«20»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی یَزِیدَ الْحَمَّارِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بَعَثَ أَرْبَعَةَ أَمْلَاكٍ فِی إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ كَرُوبِیلَ علیهم السلام فَمَرُّوا بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَ هُمْ مُعْتَمُّونَ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ فَلَمْ یَعْرِفْهُمْ وَ رَأَی هَیْئَةً حَسَنَةً فَقَالَ لَا یَخْدُمُ هَؤُلَاءِ أَحَداً إِلَّا أَنَا بِنَفْسِی وَ كَانَ صَاحِبَ أَضْیَافٍ فَشَوَی لَهُمْ عِجْلًا سَمِیناً حَتَّی أَنْضَجَهُ ثُمَّ قَرَّبَهُ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا وَضَعَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ رَأی أَیْدِیَهُمْ لا تَصِلُ إِلَیْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ

مِنْهُمْ خِیفَةً فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ جَبْرَئِیلُ حَسَرَ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ وَ عَنْ رَأْسِهِ فَعَرَفَهُ إِبْرَاهِیمُ فَقَالَ أَنْتَ هُوَ فَقَالَ نَعَمْ وَ مَرَّتِ امْرَأَتُهُ سَارَةُ فَبَشَّرَهَا بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ یَعْقُوبَ فَقَالَتْ مَا قَالَ اللَّهُ فَأَجَابُوهَا بِمَا فِی الْكِتَابِ الْعَزِیزِ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام لَهُمْ فِیمَا ذَا جِئْتُمْ قَالُوا لَهُ فِی إِهْلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ فَأْتُوا لُوطاً وَ هُوَ فِی زِرَاعَةٍ لَهُ قُرْبَ الْمَدِینَةِ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ وَ هُمْ مُعْتَمُّونَ فَلَمَّا رَآهُمْ رَأَی هَیْئَةً حَسَنَةً عَلَیْهِمْ عَمَائِمُ بِیضٌ وَ ثِیَابٌ بِیضٌ فَقَالَ لَهُمْ الْمَنْزِلَ فَقَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَهُمْ وَ مَشَوْا خَلْفَهُ فَنَدِمَ عَلَی عَرْضِهِ عَلَیْهِمُ الْمَنْزِلَ وَ قَالَ أَیَّ شَیْ ءٍ صَنَعْتُ آتِی بِهِمْ قَوْمِی وَ أَنَا أَعْرِفُهُمْ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُمُ امْرَأَتُهُ رَأَتْ هَیْئَةً

ص: 256


1- 1. روضة الكافی: 318.

حَسَنَةً فَصَعِدَتْ فَوْقَ السَّطْحِ وَ صَفَّقَتْ فَلَمْ یَسْمَعُوا فَدَخَّنَتْ فَلَمَّا رَأَوُا الدُّخَانَ أَقْبَلُوا یُهْرَعُونَ إِلَی الْبَابِ (1)

وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ فَكَاثَرُوهُ حَتَّی دَخَلُوا الْبَیْتَ فَأَهْوَی جَبْرَئِیلُ نَحْوَهُمْ بِإِصْبَعِهِ فَذَهَبَتْ أَعْیُنُهُمْ وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ اقْتَلَعَهَا جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِجَنَاحِهِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِینَ ثُمَّ رَفَعَهَا حَتَّی سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْیَا نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ صِیَاحَ الدِّیَكَةِ ثُمَّ قَلَبَهَا وَ أَمْطَرَ عَلَیْهَا وَ عَلَی مَنْ حَوْلَ الْمَدِینَةِ حِجارَةً مِنْ سِجِّیلٍ (2).

«21»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلًا أَتَاهُ بُشْرَاهُ بِالْخُلَّةِ فَجَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فِی صُورَةِ شَابٍّ أَبْیَضَ عَلَیْهِ ثَوْبَانِ أَبْیَضَانِ یَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَ دُهْناً فَدَخَلَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام الدَّارَ فَاسْتَقْبَلَهُ خَارِجاً مِنَ الدَّارِ وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ رَجُلًا غَیُوراً وَ كَانَ إِذَا خَرَجَ فِی حَاجَةٍ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَخَذَ مِفْتَاحَهُ مَعَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَفَتَحَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ (3)

أَحْسَنَ مَا یَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ فَأَخَذَ بِیَدِهِ وَ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَدْخَلَكَ دَارِی فَقَالَ رَبُّهَا أَدْخَلَنِیهَا فَقَالَ رَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنِّی فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ فَفَزِعَ إِبْرَاهِیمُ وَ قَالَ جِئْتَنِی لِتَسْلُبَنِی رُوحِی قَالَ لَا وَ لَكِنِ اتَّخَذَ اللَّهُ عَبْداً خَلِیلًا فَجِئْتُ لِبِشَارَتِهِ فَقَالَ مَنْ هُوَ لَعَلِّی أَخْدُمُهُ حَتَّی أَمُوتَ قَالَ أَنْتَ هُوَ فَدَخَلَ عَلَی سَارَةَ فَقَالَ لَهَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اتَّخَذَنِی خَلِیلًا(4).

«22»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَهُ جَبْرَئِیلُ یُنَاجِیهِ إِذِ انْشَقَّ أُفُقُ السَّمَاءِ فَأَقْبَلَ جَبْرَئِیلُ یَتَضَاءَلُ وَ یَدْخُلُ بَعْضُهُ فِی بَعْضٍ وَ یَدْنُو مِنَ الْأَرْضِ فَإِذَا مَلَكٌ قَدْ مَثُلَ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یُخَیِّرُكَ بَیْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِیّاً

ص: 257


1- 1. أی یمشون إلیه سریعا و فی اضطراب.
2- 2. روضة الكافی: 328.
3- 3. فی المصدر: برجل قائم أحسن.
4- 4. روضة الكافی: 392.

مَلِكاً وَ بَیْنَ أَنْ تَكُونَ نَبِیّاً عَبْداً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَشَارَ جَبْرَئِیلُ إِلَیَّ بِیَدِهِ أَنْ تَوَاضَعْ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لِی نَاصِحٌ فَقُلْتُ عَبْدٌ نَبِیٌّ فَعَرَجَ ذَلِكَ الْمَلَكُ إِلَی السَّمَاءِ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ قَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا فَرَأَیْتُ مِنْ حَالِكَ مَا شَغَلَنِی عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَمَنْ هَذَا یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ هَذَا إِسْرَافِیلُ خَلَقَهُ اللَّهُ یَوْمَ خَلَقَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ صَافّاً قَدَمَیْهِ لَا یَرْفَعُ طَرْفَهُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الرَّبِّ سَبْعُونَ نُوراً مَا مِنْهَا نُورٌ یَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ(1) إِلَّا احْتَرَقَ بَیْنَ یَدَیْهِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ فِی شَیْ ءٍ فِی السَّمَاءِ أَوْ فِی الْأَرْضِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ اللَّوْحُ فَضُرِبَ جَبْهَتَهُ فَیَنْظُرُ فِیهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِی أَمَرَنِی بِهِ وَ إِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ مِیكَائِیلَ أَمَرَهُ بِهِ وَ إِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ مَلَكِ الْمَوْتِ أَمَرَهُ بِهِ قُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ أَنْتَ قَالَ عَلَی الرِّیَاحِ وَ الْجُنُودِ قُلْتُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ مِیكَائِیلُ قَالَ عَلَی النَّبَاتِ وَ الْقَطْرِ قُلْتُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ عَلَی قَبْضِ الْأَنْفُسِ وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ هَبَطَ إِلَّا لَقِیَامِ السَّاعَةِ وَ مَا ذَاكَ الَّذِی رَأَیْتَ مِنِّی إِلَّا خَوْفاً مِنْ قِیَامِ السَّاعَةِ(2).

«23»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَفْضَلُ الْمَلَائِكَةِ جَبْرَئِیلُ (3).

«24»- وَ عَنْ مُوسَی بْنِ أَبِی عَائِشَةَ قَالَ: بَلَغَنِی أَنَّ جَبْرَئِیلَ إِمَامُ أَهْلِ السَّمَاءِ(4).

«25»- وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِیلَ مُوَكَّلٌ بِحَاجَاتِ الْعِبَادِ فَإِذَا دَعَاهُ الْمُؤْمِنُ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ احْبِسْ حَاجَةَ عَبْدِی فَإِنِّی أُحِبُّهُ وَ أُحِبُّ صَوْتَهُ وَ إِذَا دَعَا الْكَافِرُ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ اقْبِضْ حَاجَةَ عَبْدِی فَإِنِّی أُبْغِضُهُ وَ أُبْغِضُ صَوْتَهُ (5).

«26»- وَ عَنْ شُرَیْحِ بْنِ عُبَیْدٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا صَعِدَ إِلَی السَّمَاءِ رَأَی جَبْرَئِیلَ فِی خِلْقَتِهِ مَنْظُومٌ أَجْنِحَتُهُ بِالزَّبَرْجَدِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْیَاقُوتِ قَالَ فَخُیِّلَ إِلَیَّ أَنَّ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ وَ كُنْتُ أَرَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَی صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ أَكْثَرُ مَا كُنْتُ أَرَاهُ عَلَی صُورَةِ دِحْیَةَ الْكَلْبِیِّ وَ كُنْتُ أَحْیَاناً أَرَاهُ كَمَا یَرَی الرَّجُلُ صَاحِبَهُ مِنْ وَرَاءِ الْغِرْبَالِ (6).

ص: 258


1- 1. لیس فی المصدر لفظة« احد».
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 91 و 92.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 91 و 92.
4- 4. الدّر المنثور: ج 1، ص 91 و 92.
5- 5. الدّر المنثور: ج 1، ص 91 و 92.
6- 6. الدّر المنثور: ج 1، ص 91 و 92.

«27»- وَ عَنْ حُذَیْفَةَ: لِجَبْرَئِیلَ جَنَاحَانِ وَ عَلَیْهِ وِشَاحٌ مِنْ دُرٍّ مَنْظُومٍ وَ هُوَ بَرَّاقُ الثَّنَایَا أَجْلَی الْجَبِینِ (1)

وَ رَأْسُهُ مُحَبَّكٌ حَبْكَ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ(2)

كَأَنَّهُ الثَّلْجُ وَ قَدَمَاهُ إِلَی الْخُضْرَةِ(3).

بیان: قال فی النهایة رأسه محبك أی شعر رأسه متكثر من الجعودة مثل الماء الساكن و الرمل إذا هبت علیهما الریح فیتجعدان و یصیران طرائق.

«28»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا بَیْنَ مَنْكِبَیْ جَبْرَئِیلَ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ لِلطَّائِرِ السَّرِیعِ الطَّیَرَانِ (4).

«29»- وَ عَنْ وَهْبٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ خَلْقِ جَبْرَئِیلَ فَذَكَرَ أَنَّ مَا بَیْنَ مَنْكِبَیْهِ مِنْ ذِی إِلَی ذِی خَفْقُ الطَّیْرِ سَبْعَمِائَةِ عَامٍ (5).

«30»- وَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَأَلَ جَبْرَئِیلَ أَنْ یَتَرَاءَی لَهُ فِی صُورَتِهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ إِنَّكَ لَنْ تُطِیقَ ذَلِكَ قَالَ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَفْعَلَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمُصَلَّی فِی لَیْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فِی صُورَتِهِ فَغُشِیَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ رَآهُ ثُمَّ أَفَاقَ وَ جَبْرَئِیلُ مُسْنِدُهُ وَ وَاضِعٌ إِحْدَی یَدَیْهِ عَلَی صَدْرِهِ وَ الْأُخْرَی بَیْنَ كَتِفَیْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا كُنْتُ أَرَی أَنَّ شَیْئاً مِمَّنْ یُخْلَقُ هَكَذَا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ فَكَیْفَ لَوْ رَأَیْتَ إِسْرَافِیلَ إِنَّ لَهُ لَاثْنَیْ عَشَرَ جَنَاحاً مِنْهَا جَنَاحٌ فِی الْمَشْرِقِ وَ جَنَاحٌ فِی الْمَغْرِبِ وَ إِنَّ الْعَرْشَ عَلَی كَاهِلِهِ وَ إِنَّهُ لَیَتَضَاءَلُ الْأَحْیَانَ لِعَظَمَةِ اللَّهِ حَتَّی یَصِیرَ مِثْلَ الْوَصَعِ حَتَّی مَا یَحْمِلُ عَرْشَهُ إِلَّا عَظَمَتُهُ (6).

بیان: قال فی النهایة فیه إن العرش علی منكب إسرافیل و إنه لیتواضع لله حتی یصیر مثل الوصع یروی بفتح الصاد و سكونها و هو طائر أصغر من العصفور و الجمع وصعان.

ص: 259


1- 1. فی المصدر: الجبینین.
2- 2. فی المصدر: و رأسه حبك حبك مثل المرجان و هو اللؤلؤ.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 92.
4- 4. الدّر المنثور: ج 1، ص 92.
5- 5. الدّر المنثور: ج 1، ص 92.
6- 6. الدّر المنثور: ج 1، ص 92.

«31»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ فِی الْجَنَّةِ لَنَهَراً مَا یَدْخُلُهُ جَبْرَئِیلُ مِنْ دَخْلَةٍ فَیَخْرُجَ فَیَنْتَفِضَ إِلَّا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْهُ مَلَكاً(1).

«32»- قَالَ: وَ رُوِیَ أَنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَبْكِی فَقَالَ لَهُ مَا یُبْكِیكَ قَالَ مَا لِی لَا أَبْكِی فَوَ اللَّهِ مَا جَفَّتْ لِی عَیْنٌ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ مَخَافَةَ أَنْ أَعْصِیَهُ فَیَقْذِفَنِی فِیهَا وَ قَالَ مَا ضَحِكَ مِیكَائِیلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ(2).

«33»- وَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَبْرَئِیلَ عَنْ أَكْرَمِ الْخَلْقِ عَلَی اللَّهِ فَعَرَجَ ثُمَّ هَبَطَ فَقَالَ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَی اللَّهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَأَمَّا جَبْرَئِیلُ فَصَاحِبُ الْحَرْبِ وَ صَاحِبُ الْمُرْسَلِینَ وَ أَمَّا مِیكَائِیلُ فَصَاحِبُ كُلِّ قَطْرَةٍ تَسْقُطُ

وَ كُلِّ وَرَقَةٍ تَنْبُتُ وَ كُلِّ وَرَقَةٍ تَسْقُطُ وَ أَمَّا مَلَكُ الْمَوْتِ فَهُوَ مُوَكَّلٌ بِقَبْضِ رُوحِ كُلِّ عَبْدٍ فِی بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ وَ أَمَّا إِسْرَافِیلُ فَأَمِینُ اللَّهِ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ (3).

«34»- وَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ جَبْرَئِیلَ وَقَفَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَیْهِ عِصَابَةٌ خَضْرَاءُ قَدْ عَلَاهَا الْغُبَارُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا هَذَا الْغُبَارُ الَّذِی أَرَی عَلَی عِصَابَتِكَ قَالَ إِنِّی زُرْتُ الْبَیْتَ فَازْدَحَمَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَی الرُّكْنِ فَهَذَا الْغُبَارُ الَّذِی تَرَی مِمَّا تَثِیرُ بِأَجْنِحَتِهَا(4).

«35»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَجْلِساً فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَجَلَسَ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَاضِعاً كَفَّیْهِ عَلَی رُكْبَتَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِی عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ الْإِسْلَامُ أَنْ تُسْلِمَ وَجْهَكَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِی عَنِ الْإِیمَانِ قَالَ الْإِیمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ الْكِتَابِ وَ النَّبِیِّینَ وَ الْمَوْتِ وَ الْحَیَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَ تُؤْمِنَ بِالْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ الْحِسَابِ وَ الْمِیزَانِ وَ تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ خَیْرِهِ وَ شَرِّهِ قَالَ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِی مَا الْإِحْسَانُ قَالَ الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْمَلَ

ص: 260


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 93.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 93.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 93.
4- 4. الدّر المنثور: ج 1، ص 93.

لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ یَرَاكَ (1).

«36»- وَ عَنْ أَنَسٍ وَ غَیْرِهِ بِأَسَانِیدَ قَالَ: بَیْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِساً مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَیْهِ ثِیَابُ السَّفَرِ یَتَخَلَّلُ النَّاسَ حَتَّی جَلَسَ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی رُكْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ مَا الْإِسْلَامُ وَ سَاقُوا الْحَدِیثَ مِثْلَ مَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِمْ (2) یَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَی السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ وَ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فَذَهَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیَّ بِالرَّجُلِ فَاتَّبَعُوهُ یَطْلُبُونَهُ فَلَمْ یَرَوْا شَیْئاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ جَبْرَئِیلُ جَاءَكُمُ لِیُعَلِّمَكُمْ دِینَكُمْ.

«37»- وَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الصُّورَ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَیْضَاءَ فِی صَفَاءِ الزُّجَاجَةِ ثُمَّ قَالَ لِلْعَرْشِ خُذِ الصُّورَ فَتَعَلَّقْ بِهِ ثُمَّ قَالَ كُنْ فَكَانَ إِسْرَافِیلَ فَأَمَرَهُ أَنْ یَأْخُذَ الصُّورَ فَأَخَذَهُ وَ بِهِ ثُقَبٌ بِعَدَدِ كُلِّ رُوحٍ مَخْلُوقَةٍ وَ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ لَا تَخْرُجُ رُوحَانِ مِنْ ثَقْبٍ وَاحِدٍ وَ فِی وَسَطِ الصُّورِ كُوَّةٌ(3)

كَاسْتِدَارَةِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ إِسْرَافِیلُ وَاضِعٌ فَمَهُ عَلَی ذَلِكَ الْكُوَّةِ(4) ثُمَّ قَالَ لَهُ الرَّبُّ تَعَالَی قَدْ وَكَّلْتُكَ

بِالصُّورِ فَأَنْتَ لِلنَّفْخَةِ وَ لِلصَّیْحَةِ فَدَخَلَ إِسْرَافِیلُ فِی مُقَدَّمِ الْعَرْشِ فَأَدْخَلَ رِجْلَهُ الْیُمْنَی تَحْتَ الْعَرْشِ وَ قَدَّمَ الْیُسْرَی وَ لَمْ یُطْرِفْ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ یَنْظُرُ مَتَی یُؤْمَرُ بِهِ (5).

«38»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ قَالَ الرُّوحُ الْأَمِینُ جَبْرَئِیلُ رَأَیْتُ لَهُ سِتَّمِائَةِ جَنَاحٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ قَدْ نَشَرَهُمَا فِیهِمَا(6) مِثْلَ رِیشِ الطَّوَاوِیسِ (7).

«39»- وَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كَیْفَ أُنْعَمُ وَ قَدِ

ص: 261


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 93.
2- 2. فی المخطوطة: قوله.
3- 3. كرة( خ).
4- 4. الكرة( خ).
5- 5. الدّر المنثور: ج 5 ص 338.
6- 6. فی المصدر: قد نشرها فهم مثل ....
7- 7. الدّر المنثور: ج 5، ص 94.

الْتَقَمَ صَاحِبُ الْقَرْنِ الْقَرْنَ وَ حَنَی جَبْهَتَهُ وَ أَصْغَی سَمْعَهُ یَنْتَظِرُ أَنْ یُؤْمَرَ أَنْ یَنْفُخَ فَیَنْفُخَ قَالَ الْمُسْلِمُونَ فَكَیْفَ نَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ عَلَی اللَّهِ تَوَكَّلْنا(1).

توضیح: قال الجوهری فیه كیف أنعم و صاحب القرن قد التقمه أی كیف أتنعم من النعمة بالفتح و هی المسرة و الفرح و الترفه.

«40»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الصُّورُ كَهَیْئَةِ الْقَرْنِ یُنْفَخُ فِیهِ (2).

«41»- وَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا طَرَفَ صَاحِبُ الصُّورِ مُذْ وُكِّلَ بِهِ مُسْتَعِدّاً یَنْظُرُ نَحْوَ الْعَرْشِ مَخَافَةَ أَنْ یُؤْمَرَ بِالصَّیْحَةِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْهِ طَرْفُهُ كَأَنَّ عَیْنَهُ كَوْكَبَانِ دُرِّیَّانِ (3).

«42»- وَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَیِ الصُّورِ بِأَیْدِیهِمَا قَرْنَانِ یُلَاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَی یُؤْمَرَانِ (4).

«43»- وَ عَنْهُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: وَ مَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَّا وَ مَلَكَانِ مُوَكَّلَانِ بِالصُّورِ یَنْتَظِرَانِ مَتَی یُؤْمَرَانِ أَنْ یَنْفُخَا(5) فِی الصُّورِ فَیَنْفُخَا(6).

«44»- وَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِسْرَافِیلُ لَهُ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ جَنَاحَانِ فِی الْهَوَاءِ وَ جَنَاحٌ قَدْ تَسَرْوَلَ بِهِ وَ جَنَاحٌ عَلَی كَاهِلِهِ وَ الْقَلَمُ عَلَی أُذُنِهِ فَإِذَا نَزَلَ الْوَحْیُ كَتَبَ الْقَلَمُ وَ دَرَسَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ مَلَكُ الصُّورِ أَسْفَلَ مِنْهُ جَاثٍ عَلَی إِحْدَی رُكْبَتَیْهِ وَ قَدْ نَصَبَ الْأُخْرَی فَالْتَقَمَ الصُّورَ فَحَنَی ظَهْرَهُ وَ طَرْفَهُ إِلَی إِسْرَافِیلَ وَ قَدْ أُمِرَ إِذَا رَأَی إِسْرَافِیلَ قَدْ ضَمَّ جَنَاحَهُ أَنْ یَنْفُخَ فِی الصُّورِ(7).

ص: 262


1- 1. المصدر: ج 5، ص 337.
2- 2. المصدر: ج 5، ص 338.
3- 3. المصدر: ج 5، ص 338.
4- 4. المصدر: ج 5، ص 338.
5- 5. فی المصدر: متی یؤمر ان فینفخان.
6- 6. الدّر المنثور: ج 5، ص 338.
7- 7. الدّر المنثور: ج 5، ص 338.

و عن عائشة: مثله.

«45»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ فَإِذا نُقِرَ فِی النَّاقُورِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَیْفَ أُنْعَمُ وَ صَاحِبُ الصُّورِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَ حَنَی جَبْهَتَهُ یَسْتَمِعُ مَتَی یُؤْمَرُ قَالُوا كَیْفَ نَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ وَ عَلَی اللَّهِ تَوَكَّلْنا(1).

«46»- عَنْ قَتَادَةَ: فَإِذا نُقِرَ فِی النَّاقُورِ قَالَ فَإِذا نُفِخَ فِی الصُّورِ(2).

«47»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِینِ قَالَ جَبْرَئِیلُ فِی رَفْرَفٍ أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ (3).

«48»- وَ عَنْهُ أَیْضاً: قَالَ رَأَی جَبْرَئِیلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ (4).

«49»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی الْآیَةِ قَالَ إِنَّمَا عَنَی جَبْرَئِیلَ أَنَّ مُحَمَّداً رَآهُ فِی صُورَتِهِ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی (5).

«50»- وَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِجَبْرَئِیلَ مَا أَحْسَنَ مَا أَثْنَی عَلَیْكَ رَبُّكَ ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكِینٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ مَا كَانَتْ قُوَّتُكَ وَ مَا كَانَتْ أَمَانَتُكَ قَالَ أَمَّا قُوَّتِی فَإِنِّی بُعِثْتُ إِلَی مَدَائِنِ قَوْمِ لُوطٍ وَ هِیَ أَرْبَعُ مَدَائِنَ وَ فِی كُلِّ مَدِینَةٍ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ سِوَی الذَّرَارِیِّ حَمَلْتُهُمْ مِنَ الْأَرْضِ السُّفْلَی حَتَّی سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ أَصْوَاتَ الدَّجَاجِ وَ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَ هَوَیْتُ بِهِنَّ فَقَتَلْتُهُنَ (6)

وَ أَمَّا أَمَانَتِی فَلَمْ أُومَرْ بِشَیْ ءٍ فَعَدَوْتُهُ إِلَی غَیْرِهِ (7).

«51»- وَ عَنْ أَبِی صَالِحٍ: فِی قَوْلِهِ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِیمٍ قَالَ جَبْرَئِیلُ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ قَالَ عَلَی سَبْعِینَ حِجَاباً یَدْخُلُهَا بِغَیْرِ إِذْنٍ (8).

ص: 263


1- 1. المصدر: ج 6، ص 282.
2- 2. المصدر: ج 6، ص 282.
3- 3. المصدر: ج 6، ص 321.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 321.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 321.
6- 6. فی المصدر: ثم هویت بهم فقتلتهم.
7- 7. المصدر: ج 6، ص 321.
8- 8. المصدر: ج 6، ص 321.

«52»- وَ عَنِ الْخَزْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: وَ نَظَرَ إِلَی مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِصَاحِبِی فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ طِبْ نَفْساً وَ قَرَّ عَیْناً وَ اعْلَمْ بِأَنِّی بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِیقٌ وَ اعْلَمْ إِنِّی یَا مُحَمَّدُ لَأَقْبِضُ رُوحَ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا صَرَخَ صَارِخٌ قُمْتُ فِی الدَّارِ وَ مَعِی رُوحُهُ فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّارِخُ وَ اللَّهِ مَا ظَلَمْنَا وَ لَا سَبَقْنَا أَجَلَهُ وَ لَا اسْتَعْجَلْنَا قَدْرَهُ وَ مَا لَنَا فِی قَبْضِهِ مِنْ ذَنْبٍ فَإِنْ تَرْضَوْا بِمَا صَنَعَ اللَّهُ تُؤْجَرُوا وَ إِنْ تَسْخَطُوا تَأْثَمُوا وَ تُوزَرُوا وَ إِنَّ لَنَا عِنْدَكُمْ عَوْدَةً بَعْدَ عَوْدَةٍ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ وَ مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِ شَعَرٍ وَ لَا مَدَرٍ بِرٍّ وَ لَا فَاجِرٍ سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ إِلَّا وَ أَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ حَتَّی لَأَنَا أَعْرَفُ بِصَغِیرِهِمْ وَ كَبِیرِهِمْ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَ اللَّهِ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرْتُ عَلَی ذَلِكَ حَتَّی یَكُونَ اللَّهُ هُوَ یَأْذَنُ بِقَبْضِهَا(1).

«53»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُكِّلَ مَلَكُ الْمَوْتِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ الْآدَمِیِّینَ فَهُوَ الَّذِی یَلِی قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ وَ مَلَكٌ فِی الْجِنِّ وَ مَلَكٌ فِی الشَّیَاطِینِ وَ مَلَكٌ فِی الطَّیْرِ وَ الْوَحْشِ وَ السِّبَاعِ وَ الْحِیتَانِ وَ النَّمْلِ فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ وَ الْمَلَائِكَةُ یَمُوتُونَ فِی الصَّعْقَةِ الْأَوْلَی وَ إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ یَلِی قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ ثُمَّ یَمُوتُ وَ أَمَّا الشُّهَدَاءُ فِی الْبَحْرِ فَإِنَّ اللَّهَ یَلِی قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ لَا یَكِلُ ذَلِكَ إِلَی مَلَكِ الْمَوْتِ لِكَرَامَتِهِمْ عَلَیْهِ (2).

«54»- وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام (3) قَالَ: دَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ یَعُودُهُ فَإِذَا مَلَكُ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مَلَكَ الْمَوْتِ ارْفُقْ بِصَاحِبِی فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَالَ أَبْشِرْ یَا مُحَمَّدُ فَإِنِّی بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِیقٌ وَ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی لَأَقْبِضُ رُوحَ ابْنِ آدَمَ فَیَصْرَخُ أَهْلُهُ فَأَقُومُ فِی جَانِبٍ مِنَ الدَّارِ فَأَقُولُ وَ اللَّهِ مَا لِی ذَنْبٌ وَ إِنَّ لِی لَعَوْدَةً وَ عَوْدَةً الْحَذَرَ الْحَذَرَ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ مَدَرٍ وَ لَا شَعَرٍ وَ لَا وَبَرٍ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ إِلَّا وَ أَنَا أَتَصَفَّحُهُمْ فِیهِ فِی كُلِ

ص: 264


1- 1. الدّر المنثور: ج 5، ص 173.
2- 2. الدّر المنثور: ج 5، ص 173.
3- 3. فی المصدر: رضی اللّٰه عنهما.

یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ حَتَّی إِنِّی لَأَعْرَفُ بِصَغِیرِهِمْ وَ كَبِیرِهِمْ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَ اللَّهِ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی لَا أَقْدِرُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ حَتَّی یَكُونَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الَّذِی یَأْمُرُ بِقَبْضِهِ (1).

«55»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ بِأَدْنَی تَغْیِیرٍ(2).

«56»- وَ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: مِثْلَهُ أَیْضاً لَكِنْ فِیهِمَا خَمْسُ مَرَّاتٍ عِنْدَ مَوَاقِیتِ الصَّلَوَاتِ (3).

بیان: لا یخفی عدم دلالة هذه الأخبار علی كون قابض أرواح الحیوانات ملك الموت فإن الغرض منها المبالغة فی عدم قدرته علی فعل صغیر أو كبیر بدون إذنه سبحانه فلا ینافی خبر ابن عباس لكن لیس فی أخبارنا تصریح بأحد الطرفین و التوقف فی مثله أحوط و قد مضت الأخبار المناسبة لهذا الباب و الذی قبله فی كتاب المعاد و غیره.

باب 25 عصمة الملائكة و قصة هاروت و ماروت و فیه ذكر حقیقة السحر و أنواعه

الآیات:

البقرة: وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ یَتَعَلَّمُونَ

ص: 265


1- 1. المصدر: ج 5، ص 174.
2- 2. الكافی: ج 3، ص 136.
3- 3. الكافی: ج 3، ص 136.

ما یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (1)

النساء: لَنْ یَسْتَنْكِفَ الْمَسِیحُ أَنْ یَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ (2)

الأعراف: إِنَّ الَّذِینَ عِنْدَ رَبِّكَ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ یُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ یَسْجُدُونَ (3)

النحل: وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ یَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (4)

مریم: وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَیْنَ أَیْدِینا وَ ما خَلْفَنا وَ ما بَیْنَ ذلِكَ وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِیًّا(5)

الأنبیاء: وَ مَنْ عِنْدَهُ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا یَسْتَحْسِرُونَ یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ (6) و قال تعالی وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ یَعْلَمُ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضی وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ مُشْفِقُونَ وَ مَنْ یَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّی إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِیهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ (7)

التحریم: عَلَیْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (8).

تفسیر:

وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ

أقول: هذه الآیة مما یوهم نفی عصمة الملائكة و للعلماء فی تأویلها مسالك نشیر إلی بعضها و إن أفضی إلی الإطناب

ص: 266


1- 1. البقرة: 102.
2- 2. النساء: 172.
3- 3. الأعراف: 206.
4- 4. النحل: 49- 50.
5- 5. مریم: 64.
6- 6. الأنبیاء: 19- 20.
7- 7. الأنبیاء: 26- 29.
8- 8. التحریم: 6.

قال السید المرتضی رحمه اللّٰه فی كتاب الغرر و الدرر إن سأل سائل عن قوله عز و علا وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ إلی قوله تعالی وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ فقال كیف ینزل اللّٰه سبحانه السحر علی الملائكة أم كیف تعلم الملائكة الناس السحر و التفریق بین المرء و زوجه و كیف نسب الضرر الواقع عند ذلك إلی أنه بإذنه و هو تعالی قد نهی عنه و حذر من فعله و كیف أثبت العلم لهم و نفاه عنهم بقوله وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ثم بقوله لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ الجواب قلنا فی الآیة وجوه كل منها یزیل الشبهة الداخلة علی من لم یمعن النظر فیها أولها أن یكون ما فی قوله تعالی وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ بمعنی الذی فكأنه تعالی خبر(1)

عن طائفة من أهل الكتاب بأنهم اتبعوا ما تكذب فیه الشیاطین علی ملك سلیمان و تضیفه إلیه من السحر فبرأه اللّٰه عز و جل من قرفهم و أكذبهم فی قولهم فقال تعالی وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا باستعمال السحر و التمویه علی الناس ثم قال یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ و أراد أنهم یعلمونهم السحر و ما الذی أنزل علی الملكین و إنما أنزل علی الملكین وصف السحر و ماهیته و كیفیة الاحتیال فیه لیعرفا ذلك و یعرفاه الناس فیجتنبوه و یحذروا منه كما أنه تعالی قد أعلمنا ضروب المعاصی و وصف لنا أحوال القبائح لنجتنبها لا لنواقعها إلا أن الشیاطین كانوا إذا علموا ذلك و عرفوه استعملوه و أقدموا علی فعله و إن كان غیرهم من المؤمنین لما عرفه اجتنبه و حارزه (2) و انتفع باطلاعه علی كیفیته ثم قال وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ یعنی الملكین و معنی یعلمان یعلمان و العرب تستعمل لفظة علمه بمعنی أعلمه. قال القطامی

ص: 267


1- 1. كذا، و الظاهر« اخبر».
2- 2. حاذره( خ).

تعلم أن بعد الغی رشدا***و أن لتانك الغمر انقشاعا

و قال كعب بن زهیر:

تعلم رسول اللّٰه أنك مدركی***و أن وعیدا منك كالأخذ بالید

و معنی تعلم فی البیتین معنی اعلم و الذی یدل علی أنه هاهنا الإعلام لا التعلیم قوله وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ أی أنهما لا یعرفان صفات السحر و كیفیته إلا بعد أن یقولا إنما نحن محنة لأن الفتنة بمعنی المحنة من حیث ألقیا إلی المكلفین أمرا لینزجروا عنه و لیتمتعوا من مواقعته و هم إذا عرفوه أمكن أن یستعملوه و یرتكبوه فقالا لمن یطلعانه علی ذلك لا تكفر باستعماله و لا تعدل عن الغرض فی إلقاء هذا إلیك فإنه إنما ألقی إلیك و اطلعت علیه لتجتنبه لا لتفعله ثم قال فَیَتَعَلَّمُونَ

مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ أی فیعرفون من جهتهما ما یستعملونه فی هذا الباب و إن كان الملكان ما ألقیاه إلیهم لذلك و لهذا قال وَ یَتَعَلَّمُونَ ما یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ لأنهم لما قصدوا بتعلمه أن یفعلوه و یرتكبوه لا أن یجتنبوه صار ذلك بسوء اختیارهم ضررا علیهم.

و ثانیها أن یكون ما أُنْزِلَ موضعه موضع جر و یكون معطوفا بالواو علی مُلْكِ سُلَیْمانَ أی و اتبعوا ما تتلوا الشیاطین علی ملك سلیمان و علی ما أنزل علی الملكین و معنی ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ (1) أی معهما و علی ألسنتهما كما قال تعالی رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلی رُسُلِكَ أی علی ألسنتهم و معهم و لیس بمنكر أن یكون ما أُنْزِلَ معطوفا علی ملك سلیمان و إن اعترض بینهما من الكلام ما اعترض لأن رد الشی ء إلی نظیره و عطفه علی ما هو أولی هو الواجب و إن اعترض بینهما ما لیس منهما و لهذا نظائر فی القرآن و كلام العرب كثیرة قال اللّٰه تعالی الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ عَلی عَبْدِهِ الْكِتابَ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَیِّماً(2)

ص: 268


1- 1. آل عمران: 194.
2- 2. الكهف: 3.

و قیم من صفات الكتاب حال منه لا من صفة عوج و إن تباعد ما بینهما و مثله یَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِیهِ قُلْ قِتالٌ فِیهِ كَبِیرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (1) فالمسجد الحرام هاهنا معطوف علی الشهر الحرام أی یسألونك عن الشهر و عن المسجد الحرام و حكی عن بعض علماء أهل اللغة أنه قال العرب تلف الخبرین المختلفین ثم ترمی بتفسیرهما جملة ثقة بأن السامع یرد إلی كل خبره كقوله عز و جل وَ مِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ (2) و هذا واضح فی مذهب العرب كثیر النظائر.

ثم قال تعالی وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ و المعنی أنهما لا یعلمان أحدا بل ینهیان عنه و یبلغ من نهیهما عنه و صدهما عن فعله و استعماله أن یقولا إنما نحن فتنة فَلا تَكْفُرْ باستعمال السحر و الإقدام علی فعله و هذا كما یقول الرجل ما أمرت فلانا بكذا و لقد بالغت فی نهیه حتی قلت له إنك إن فعلته أصابك كذا و كذا و هذا هو نهایة البلاغة فی الكلام و الاختصار الدال مع اللفظ القلیل علی المعانی الكثیرة لأنه أشعر بقوله تعالی وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ عن بسط الكلام الذی ذكرناه و لهذا نظائر فی القرآن قال اللّٰه تعالی مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ (3) و مثل قوله تعالی یَوْمَ تَبْیَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِینَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِیمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (4) أی فیقال للذین اسودت وجوههم أ كفرتم بعد إیمانكم و أمثاله أكثر من أن نورد ثم قال تعالی فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ

الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ و لیس یجوز أن یرجع الضمیر علی هذا الجواب إلی الملكین و كیف یرجع إلیهما و قد نفی تعالی عنهما التعلیم بل یرجع إلی

ص: 269


1- 1. البقرة: 217.
2- 2. العنكبوت: 73.
3- 3. المؤمنون: 91.
4- 4. آل عمران: 106.

الكفر و السحر و قد تقدم ذكر السحر و تقدم أیضا ذكر ما یدل علی الكفر و یقتضیه فی قوله تعالی وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا فدل كفروا علی الكفر و العطف علیه مع السحر جائز و إن كان التصریح وقع بذكر السحر دونه و مثل ذلك قوله تعالی سَیَذَّكَّرُ مَنْ یَخْشی وَ یَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَی الَّذِی یَصْلَی النَّارَ الْكُبْری (1) أی یتجنب الذكری الأشقی و لم یتقدم تصریح بالذكری لكن دل علیها قوله سَیَذَّكَّرُ و یجوز أیضا أن یكون معنی فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما أی بدلا مما علمهم الملكان و یكون المعنی أنهم یعدلون عما علمهم و وقفهم علیه الملكان من النهی عن السحر إلی تعلمه و استعماله. كما یقول القائل لیت لنا من كذا و كذا كذا أی بدلا منه كما قال الشاعر:

جمعت من الخیرات وطبا و علبة***و صرا لأخلاف المزممة البزل

و من كل أخلاق الكرام تمیمة***و سعیا علی الجار المجاور بالبخل

یرید جمعت مكان الخیرات و مكان أخلاق الكرام هذه الخصال الذمیمة. و قوله ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ فیه وجهان أحدهما أن یكونوا یغوون أحد الزوجین و یحملونه علی الشرك باللّٰه تعالی فیكون بذلك قد فارق زوجه الآخر المؤمن المقیم علی دینه لیفرق بینهما اختلاف النحلة و الملة و الوجه الآخر أن یسعوا بین الزوجین بالنمیمة و الوشایة و الإغراء و التمویه بالباطل حتی یؤول أمرهما إلی الفرقة و المباینة.

و ثالث الوجوه فی الآیة أن تحمل ما فی قوله تعالی وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ علی الجحد و النفی فكأنه تعالی قال و اتبعوا ما تتلوا الشیاطین علی ملك سلیمان و ما كفر سلیمان و ما أنزل اللّٰه السحر علی الملكین و لكن الشیاطین كفروا یعلمون الناس السحر ببابل هاروت و ماروت و یكون قوله تعالی بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ من المؤخر الذی معناه التقدیم فیكون علی هذا التأویل هاروت و ماروت رجلین من جملة الناس هذان اسماهما و إنما ذكرا بعد ذكر الناس تمییزا

ص: 270


1- 1. الأعلی: 10- 12.

و تبیینا و یكون الملكان المذكوران اللذان نفی تعالی عنهما السحر جبرئیل و میكائیل لأن سحرة الیهود فیما ذكر كانت تدعی أن اللّٰه تعالی أنزل السحر علی لسان جبرئیل و میكائیل إلی سلیمان فأكذبهما اللّٰه تعالی بذلك و یجوز أن یكون هاروت و ماروت یرجعان إلی الشیاطین كأنه تعالی قال و لكن الشیاطین هاروت و ماروت كفروا و یسوغ ذلك كما ساغ فی قوله وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِینَ یعنی تعالی حكم داود و سلیمان و یكون قوله تعالی علی هذا التأویل وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ راجعا إلی هاروت و ماروت اللذین هما من الشیاطین أو من الإنس المتعلمین للسحر من الشیاطین و العاملین به و معنی قولهما إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ یكون علی طریق الاستهزاء أو التماجن و التخالع كما یقول الماجن من الناس إذا فعل قبیحا أو قال باطلا

هذا فعل من لا یفلح و قول من لا ینجو و اللّٰه لا حصلت إلا علی الخسران و لیس ذلك منه علی سبیل النصیحة للناس و تحذیرهم من مثل فعل فعله بل علی جهة المجون و التهالك و یجوز أیضا علی هذا التأویل الذی تضمن الجحد و النفی أن یكون هاروت و ماروت اسمین للملكین و نفی عنهما إنزال السحر بقوله تعالی وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ و یكون قوله تعالی وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ یرجع إلی قبیلتین من الجن أو إلی شیاطین الجن و الإنس فتحسن التثنیة لهذا و قد روی هذا التأویل فی حمل ما علی النفی عن ابن عباس و غیره من المفسرین و حكی عنه أیضا أنه كان یقرأ عَلَی الْمَلِكَیْنِ بكسر اللام و یقول متی كان العلجان ملكین إنما كانا ملكین و علی هذه القراءة لا ینكر أن یرجع قوله تعالی وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ إلیهما و یمكن علی هذه القراءة فی الآیة وجه آخر و هو أن لا یحمل قوله تعالی وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ علی الجحد و النفی و هو أن لا یكون هؤلاء الذین أخبر عنهم اتبعوا ما تتلوا الشیاطین و تدعیه علی ملك سلیمان و اتبعوا ما أنزل علی هذین الملكین من السحر و لا یكون الإنزال مضافا إلی اللّٰه تعالی و إن أطلق لأنه عز و جل لا ینزل السحر بل یكون منزله إلیهما بعض الضلال و العصاة و أن یكون معنی أنزل و إن كان من الأرض حمل إلیهما لا من

ص: 271

السماء أنه أتی به عن نجود الأرض و البلاد و أعالیهما فإن من هبط من نجد من البلاد إلی غورها یقال نزل و هبط و ما جری هذا المجری.

فأما قوله تعالی وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فیحتمل وجوها منها أن یرید تعالی بالإذن العلم من قولهم أذنت فلانا بكذا و كذا إذا أعلمته و أذنت بكذا و كذا إذا أسمعته و علمته و قال الشاعر:

فی سماع یأذن الشیخ له***و حدیث مثل ماذی مشار

و منها أن یكون إلا زائدة و یكون المعنی و ما هم بضارین به من أحد إلا بأن یخلی اللّٰه تعالی بینهم و بینه و لو شاء لمنعهم بالقهر و القسر زائدا علی منعهم بالنهی و الزجر.

و منها أن یكون الضرر الذی عنی به أنه لا یكون إلا بإذنه و أضافه إلیه ما هو یلحق المسحور عن الأدویة و الأغذیة التی أطعمه إیاه السحرة و یدعون أنها موجبة لما یقصدونه فیه من الأمور و معلوم أن الضرر الحاصل عن ذلك من فعل اللّٰه تعالی بالعادة لأن الأغذیة لا توجب ضررا و لا نفعا و إن كان المعرض للضرر من حیث كان كالفاعل له هو المستحق للذم و علیه یجب العوض.

و منها أن یكون الضرر المذكور إنما هو ما یحصل من التفریق بین الأزواج لأنه أقرب إلیه فی ترتیب الكلام و المعنی أنهم إذا أغروا أحد الزوجین فكفر فبانت منه زوجته فاستضر بذلك كانوا ضارین له بما حسنوا له من الكفر إلا أن الفرقة لم تكن إلا بإذن اللّٰه و حكمه لأنه تعالی هو الذی حكم و أمر بالتفریق بین المختلفتین الأدیان فلهذا قوله تعالی وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ و المعنی أنه لو لا حكم اللّٰه تعالی و إذنه فی الفرقة بین هذین الزوجین باختلاف الملة لم یكونوا بضارین له هذا الضرر من الضرر الحاصل عند الفرقة و یقوی هذا الوجه ما روی أنه كان من دین سلیمان أنه من سحر بانت منه امرأته.

و أما قوله تعالی وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ثم قوله تعالی لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ ففیه وجوه أولها أن یكون الذین علموا غیر الذین

ص: 272

لم یعلموا و یكون الذین علموا الشیاطین أو الذین خبر عنهم بأنهم نبذوا كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا یَعْلَمُونَ وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ و الذین لم یعلموا هم الذین عملوا السحر و شروا به أنفسهم. و ثانیها أن یكون الذین علموا هم الذین لم یعلموا لأنهم علموا شیئا و لم یعلموا غیره فكأنه تعالی وصفهم بأنهم عالمون بأنه لا نصیب لمن اشتری ذلك و رضیه لنفسه علی الجملة و لم یعلموا كنه ما یصیر إلیه من العقاب الذی لا نفاد له و لا انقطاع. و ثالثها أن تكون الفائدة فی نفی العلم بعد إثباته أنهم لم یعملوا بما علموه فكأنهم لم یعلموا و هذا كما یقول أحدنا لغیره ما أدعوك إلیه خیر لك و أعود علیك لو كنت تعقل و تنظر فی العواقب و هو یعقل و ینظر إلا أنه لم یعمل بموجب علمه فحسن أن یقال له مثل هذا القول و قال كعب بن زهیر یصف ذئبا و غراباه تبعاه لیصیبا من زاده:

إذا حضرانی قلت لو یعلمانه***أ لم تعلما أنی من الزاد مرمل

فنفی عنهما العلم ثم أثبته بقوله أ لم تعلما أنی من الزاد مرمل و إنما المعنی فی نفیه العلم عنهما أنهما لم یعملا بما علما فكأنهما لم یعلما و رابعها أن یكون المعنی أن هؤلاء القوم الذین قد علموا أن الآخرة لا حظ لهم فیها مع عملهم القبیح إلا أنهم ارتكبوه طمعا فی طعام الدنیا و زخرفها فقال تعالی وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ أی الذی آثروه و جعلوه عوضا عن الآخرة لا یتم لهم و لا یبقی علیهم و إنه منقطع زائل و مضمحل باطل و أن المآل إلی المستحق فی الآخرة و كل ذلك واضح بحمد اللّٰه انتهی.

و أقول قال فی الصحاح و الغمرة الشدة و الجمع غمر قال القطامی یصف سفینة نوح و حان لتالك الغمر انحسار و قال الانحسار الانكشاف و قال قشعت الریح السحاب أی كشفته فانقشع و تقشع و قال الوطب سقاء اللبن خاصة و قال العلبة محلب من جلد و قال صررت الناقة شددت علیها الصرار و هو خیط یشد فوق الخلف و التودیة لئلا یرضعها ولدها و قال الخلف بالكسر حلمة ضرع الناقة و المزممة من الزمام و البزل جمع البازل و هو جمل أو ناقة كمل

ص: 273

لها تسع سنین و الماذی العسل الأبیض و یقال شرت العسل أی اجتنیتها و أشرت لغة ذكره الجوهری و استشهد بالبیت.

و قال الرازی فی تفسیر هذه الآیة

أما قوله وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ ففیه مسائل: المسألة الأولی قوله وَ اتَّبَعُوا حكایة عما تقدم ذكره و هم الیهود ثم فیه أقوال أحدها أنهم الیهود الذین كانوا فی زمان محمد صلی اللّٰه علیه و آله و ثانیها أنهم الذین تقدموا من الیهود و ثالثها أنهم الذین كانوا فی زمن سلیمان من السحرة لأن أكثر الیهود ینكرون نبوة سلیمان و یعدونه من جملة الملوك فی الدنیا فالذین منهم كانوا فی زمانه لا یمتنع أن یعتقدوا فیه أنه إنما وجد ذلك الملك العظیم بسبب السحر و رابعها أنه یتناول الكل و هذا أولی لأنه لیس صرف اللفظ إلی البعض أولی من صرفه إلی غیره إذ لا دلیل علی التخصیص و خامسها أنه عائد إلی من تقدم ذكره فی قوله نَبَذَ فَرِیقٌ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ قال السدی لما جاءهم محمد صلی اللّٰه علیه و آله عارضوا بالتوراة فخاصموه بها فاتفقت التوراة و القرآن فنبذوا التوراة و أخذوا بكتاب آصف و سحر هاروت و ماروت فلم یوافق القرآن فهذا هو قوله وَ لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِیقٌ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ ثم أخبر عنهم بأنهم اتبعوا كتب السحرة.

المسألة الثانیة

ذكروا فی تفسیر تَتْلُوا وجهین أحدهما أن المراد منه التلاوة و الإخبار و ثانیهما قال أبو مسلم تَتْلُوا أی تكذب علی ملك سلیمان یقال تلا علیه إذا كذب و تلا عنه إذا صدق و إذا أبهم جاز الأمران و الأقرب هو الأول لأن التلاوة حقیقة فی الخبر إلا أن المخبر لا یقال فی خبره إذا كان كذبا أنه یقول (1) علی فلان و إنه قد تلا علی فلان لیمیز بینه و بین الصدق الذی لا یقال (2) علی فلان بل یقال روی عن فلان و أخبر عن فلان و تلا عن

ص: 274


1- 1. فی المصدر: انه تلا فلان.
2- 2. فی المصدر: الذی لا یقال فیه روی علی فلان.

فلان و ذلك لا یلیق إلا بالإخبار و التلاوة و لا یمتنع أن یكون الذی كانوا یخبرون به عن سلیمان ما یتلی و یقرأ فیجتمع فیه كل الأوصاف.

المسألة الثالثة: اختلفوا فی الشیاطین فقیل المراد شیاطین الجن و هو قول الأكثرین و قیل شیاطین الإنس و هو قول المتكلمین من المعتزلة و قیل شیاطین الإنس و الجن معا أما الذین حملوه علی شیاطین الجن فقالوا إن الشیاطین كانوا یسترقون السمع ثم یضمون إلی ما سمعوا أكاذیب یلفقونها و یلقونها إلی الكهنة و قد دونوها فی كتب یقرءونها و یعلمونها الناس و فشا ذلك فی زمان سلیمان حتی قالوا إن الجن تعلم الغیب فكانوا یقولون هذا علم سلیمان و ما تم له ملكه إلا بهذا العلم و به سخر الجن و الإنس و الریح التی تجری بأمره و أما الذین حملوه علی شیاطین الإنس فقالوا روی فی الخبر أن سلیمان كان قد دفن كثیرا من العلوم التی خصه اللّٰه بها تحت سریر ملكه حرصا علی أنه إن هلك الظاهر منها بقی ذلك المدفون فلما مضت مدة علی ذلك توصل قوم من المنافقین إلی أن كتبوا فی خلال ذلك أشیاء من السحر تناسب تلك الأشیاء من بعض الوجوه ثم بعد موته و اطلاع الناس علی تلك الكتب أوهموا الناس أنه من عمل سلیمان و أنه ما وصل إلی ما وصل إلیه إلا بسبب هذه الأشیاء فهذا معنی ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ و احتج

القائلون بهذا الوجه علی فساد القول الأول بأن شیاطین الجن لو قدروا علی تغییر كتب الأنبیاء و شرائعهم بحیث یبقی ذلك التحریف مخفیا(1) فیما بین الناس لارتفع الوثوق عن جمیع الشرائع و ذلك یفضی إلی الطعن فی كل الأدیان فإن قیل إذا جوزتم ذلك علی شیاطین الإنس فلم لا یجوز مثله من شیاطین الجن قلنا الفرق أن الذی یفتعله الإنسان لا بد و أن یظهر من بعض الوجوه أما لو جوزنا هذا الافتعال من الجن و هو أن یزید فی كتب سلیمان بخط مثل خط سلیمان فإنه لا یظهر ذلك و یبقی مخفیا فیفضی إلی الطعن فی جمیع الأدیان.

المسألة الرابعة: أما قوله عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ فقیل فی ملك سلیمان عن

ص: 275


1- 1. فی المصدر: محققا.

ابن جریح و قیل علی عهد ملك سلیمان و الأقرب أن یكون المراد و اتبعوا ما تتلوا الشیاطین افتراء علی ملك سلیمان لأنهم كانوا یقرءون من كتب السحر فیقولون إن سلیمان إنما وجد ذلك الملك بسبب هذا العلم فكانت تلاوتهم لتلك الكتب كالافتراء علی ملك سلیمان و اللّٰه أعلم.

المسألة الخامسة

اختلفوا فی المراد بملك سلیمان فقال القاضی إن ملك سلیمان هو النبوة أو یدخل فیها النبوة و تحت النبوة الكتاب المنزل علیه و الشریعة فإذا صح ذلك ثم أخرج القوم صحیفة فیها ضروب السحر و قد دفنوها تحت سریر ملكه ثم أخرجوها بعد موته و أوهموا أنها من جهته صار ذلك منهم تقولا علی ملكه فی الحقیقة و الأصح عندی أن یقال القوم لما ادعوا أن سلیمان إنما وجد تلك المملكة بسبب ذلك العلم كان ذلك الادعاء كالافتراء علی ملك سلیمان و اللّٰه أعلم.

المسألة السادسة

السبب فی أنهم أضافوا السحر إلی سلیمان وجوه أحدها أنهم أضافوا السحر إلی سلیمان تفخیما لشأنه و تعظیما لأمره و ترغیبا للقوم فی قبول ذلك منهم. و ثانیها أن الیهود ما كانوا یقرون بنبوة سلیمان بل كانوا یقولون إنما وجد ذلك الملك بسبب السحر. و ثالثها أن اللّٰه تعالی لما سخر الجن ل سلیمان فكان یخالطهم و یستفید منهم أسرارا عجیبة. فغلب علی الظنون أنه علیه السلام استفاد السحر منهم. أما قوله تعالی وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ فهذا تنزیه له علیه السلام عن الكفر و ذلك یدل علی أن القوم نسبوه إلی الكفر و السحر و قیل فیه أشیاء أحدها ما روی عن بعض أحبار الیهود أنهم قالوا أ لا تعجبون من محمد یزعم أن سلیمان كان نبیا و ما كان إلا ساحرا فأنزل اللّٰه هذه الآیة. و ثانیها أن السحرة من الیهود زعموا أنهم أخذوا السحر عن سلیمان فنزهه اللّٰه منه.

و ثالثها أن قوما زعموا أن قوام ملكه كان بالسحر فبرأه اللّٰه منه لأن كونه نبیا ینافی كونه ساحرا كافرا ثم بین تعالی أن الذی برأه منه لاحق بغیره فقال وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یشیر به إلی ما تقدم ذكره ممن اتخذ السحر كالحرفة لنفسه و ینسبه إلی

ص: 276

سلیمان ثم بین تعالی ما به كفروا فقد كان یجوز أن یتوهم أنهم كفروا لا بالسحر فقال تعالی یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ.

و اعلم أن الكلام فی السحر یقع من وجوه الأول فی البحث عنه بحسب اللغة فنقول ذكر أهل اللغة إنه فی الأصل عبارة عما لطف و خفی سببه و السحر بالفتح هو الغذاء لخفائه و لطف مجاریه قال لبید و نسحر بالطعام و بالشراب.

قیل فیه وجهان أحدهما أنا نعلل و نخدع كالمسحور و المخدوع و الآخر نغذی و أی الوجهین كان فمعناه الخفاء و قال.

فإن تسألینا مم (1) نحن فإننا***عصافیر من هذا الأنام المسحر

و هذا الوجه یحتمل من المعنی ما احتمله الأول و یحتمل أیضا أن یرید بالمسحر أنه ذو السحر و السحر هو الرئة و ما تعلق بالحلقوم و هذا أیضا یرجع إلی معنی الخفاء و منه قول عائشة توفی رسول اللّٰه بین سحری و نحری و قوله تعالی إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِینَ (2) یعنی من المجوف الذی یطعم و یشرب یدل علیه قولهم ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا(3) و قال تعالی حكایة عن موسی علیه السلام أنه قال للسحرة ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ (4) و قال فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ (5) فهذا هو معنی السحر فی أصل اللغة.

الوجه الثانی اعلم أن لفظ السحر فی عرف الشرع مختص بكل أمر مخفی (6) سببه و یتخیل علی غیر حقیقته و یجری مجری التمویه و الخداع و

ص: 277


1- 1. فی المصدر: فیم.
2- 2. الشعراء: 153 و 185.
3- 3. الشعراء: 154.
4- 4. یونس: 81.
5- 5. الأعراف: 116.
6- 6. فی المصدر: یخفی.

متی أطلق و لم یقید أفاد ذم فاعله قال تعالی سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ یعنی موهوا علیهم حتی ظنوا أن حبالهم و عصیهم تسعی و قال تعالی یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعی (1) و قد یستعمل مقیدا فیما یمدح و یحمد

رُوِیَ: أَنَّهُ قَدِمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ وَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ وَ قَالَ لِعَمْرٍو خَبِّرْنِی عَنِ الزِّبْرِقَانِ فَقَالَ مُطَاعٌ فِی نَادِیهِ شَدِیدُ الْعَارِضِ مَانِعٌ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ قَالَ الزِّبْرِقَانُ هُوَ وَ اللَّهِ یَعْلَمُ أَنِّی أَفْضَلُ مِنْهُ فَقَالَ عَمْرٌو إِنَّهُ زَمِرُ الْمُرُوءَةِ ضَیِّقُ الْعَطَنِ أَحْمَقُ الْأَبِ لَئِیمُ الْخَالِ یَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَقْتُ فِیهِمَا أَرْضَانِی فَقُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ وَ أَسْخَطَنِی فَقُلْتُ أَسْوَأَ مَا عَلِمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مِنَ الْبَیَانِ لَسِحْراً.

فسمی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بعض البیان سحرا لأن صاحبه یوضح الشی ء المشكل و یكشف عن حقیقته بحسن بیانه و بلیغ عبارته.

فإن قیل كیف یجوز أن یسمی ما یوضح الحق و ینبئ عنه سحرا و هذا القائل إنما قصد إظهار الخفی لا إخفاء الظاهر و لفظ السحر إنما یكون عند إخفاء الظاهر.

قلنا إنما سماه سحرا لوجهین الأول أن ذلك العذر(2)

للطفه و حسنه استمال القلوب فأشبه السحر الذی یستمیل القلوب فمن هذا الوجه سمی سحرا لا من الوجه الذی ظننت. الثانی أن المقتدر علی البیان یكون قادرا علی تحسین ما یكون قبیحا و تقبیح ما یكون حسنا فذلك یشبه السحر من هذا الوجه فی أقسام السحر.

و اعلم أن السحر علی أقسام

القسم الأول سحر الكلدانیین و الكذابین (3)

الذین كانوا فی قدیم الدهر و هم قوم یعبدون الكواكب و یزعمون أنها هی المدبرة لهذا العالم و منها تصدر الخیرات و الشرور و السعادة و النحوسة و هم الذین

ص: 278


1- 1. طه: 66.
2- 2. فی المصدر: القدر.
3- 3. فی المصدر: الكلدانیین و السكدانیین.

بعث اللّٰه تعالی إبراهیم مبطلا لمقالتهم و رادا علیهم فی مذاهبهم.

و هؤلاء فرق ثلاث.

الفریق الأول هم الذین زعموا أن هذه الأفلاك و الكواكب واجبة الوجود فی ذواتها

و أنه لا حاجة بهذیة ذواتها و صفاتها إلی موجب و مدبر و خالق و علة البتة ثم إنها هی المدبرة لعالم الكون و الفساد و هؤلاء هم الصابئة الدهریة.

و الفریق الثانی الذین قالوا الجسم یستحیل أن یكون واجبا لذاته لأن كل جسم مركب و كل مركب فإنه مفتقر إلی كل واحد من أجزائه و كل واحد من أجزائه غیره فكل جسم فهو مفتقر إلی غیره فهو ممكن لذاته و كل ممكن لذاته فهو مؤثر فله مؤثر و هذه الأجرام الفلكیة و الكوكبیة لا بد لها من مؤثر ثم قالوا ذلك المؤثر إما أن یكون حادثا أو قدیما فإن كان حادثا افتقر إلی مؤثر آخر و لزم التسلسل و هو محال و إن كان قدیما فإما أن یكون كل ما لا بد منه فی مؤثریته حاصلا فی الأزل أو لیس كذلك و یدخل فی هذا التقسیم قول من یقول إنه إنما خلق العالم فی الحیز الذی خلقه فیه لأن خلقه فی ذلك الحیز أصلح من خلقه فی حیز آخر أو لأن خلقه كان موقوفا علی انقضاء الأزل أو لأن خلقه كان موقوفا علی حضور وقت معین إما مقدر أو محقق فإن قلنا إن كل ما لا بد منه فی مؤثریته كان حاصلا فی الأزل لزم أن یكون الأثر واجب الترتب علیه فی أزل لأن الأزل لو لم یكن واجب الترتب علیه فهو إما ممتنع الترتب علیه فهو لیس بمؤثر البتة و قد فرضناه مؤثرا هذا خلف و إن كان ممكن الترتب علیه و ممكن اللاترتب علیه أیضا فلنفرض تارة مصدرا للأثر بالفعل و أخری غیر مصدر له بالفعل فامتیاز الحیز الذی صار المؤثر فیه مصدرا للأثر بالفعل عن الحیز الذی لم یصر فیه كذلك إما أن یتوقف علی انضمام قید إلیه أو لم یتوقف فإن توقف لم یكن الحاصل قبل انضمام هذا القید إلیه كل ما لا بد منه فی المؤثریة و قد فرضناه كذلك و هذا خلف و إن لم یتوقف فقد ترجح الممكن من غیر مرجح البتة و تجویزه یسد باب الاستدلال بالممكن علی وجود الصانع و أما إن قلنا بأن كل ما لا بد

ص: 279

منه فی المؤثریة ما كان حاصلا فی الأزل فإن استمر ذلك السلب وجب أن لا یصیر البتة مؤثرا لكنا قد فرضناه مؤثرا فی الأزل هذا خلف و إن تغیر فقد حدث بعض ما لا بد منه فی المؤثریة فإن كان حدوثه لا لأمر فقد وقع الممكن لا عن مؤثر و هو محال و إن كان حدوثه لأمر لم یكن الشی ء الذی فرضناه حادثا أولا كذلك لأنه حصل قبله حادث آخر و كنا فرضناه حادثا أولا و هذا خلف و أیضا فإنا ننقل الكلام إلیه و یلزم التسلسل و هو محال.

قالوا و هذا یقتضی استناد الممكنات إلی مؤثر تام المؤثریة فی الأزل و متی كان كذلك وجب كون الآثار أزلیة دائمة فهذا یقتضی أن لا یحصل فی العالم شی ء من التغیرات البتة لكن التغیرات مشاهدة قطعا فلا بد من حیلة فنقول ذلك المؤثر القدیم الواجب لذاته إلا أن كل حادث مسبوق بحادث آخر حتی یكون انقضاء المتقدم شرطا لحصول المتأخر عن ذلك المبدإ القدیم و علی هذا الطریق یصیر المبدأ القدیم مبدأ للحوادث المتغیرة فإذن لا بد من توسط حركة دائمة یكون كل جزء منها مسبوقا بالآخر لا إلی أول و هذه الحركة یمتنع أن تكون مستقیمة و إلا لزم القول بأبعاد غیر متناهیة و هو محال فلا بد من جرم متحرك بالاستدارة و هو الفلك فثبت أن حركات الأفلاك كالمبادئ القریبة للحوادث الحادثة فی هذا العالم و المدبرات الملاصقة بها فلا جرم قالوا بإلهیتها و اشتغلوا بعبادتها و تعظیمها و اتخذوا لكل واحد منها هیكلا مخصوصا و صمنا معینا فاشتغلوا بخدمتها فهذا هو دین عبدة الأصنام و الأوثان ثم إن هؤلاء قالوا إن المبدأ الفاعلی لا یكفی وجوده فی حصول الفعل بل لا بد من حضور المبدإ القابلی المنفعلی و لا یكفی حضوره أیضا ما لم تكن الشرائط حاصلة و الموانع زائلة و ربما حدث أمر مشكل غریب فی العالم الأعلی یصلح لإفادة هیئة غریبة فی مادة العالم الأسفل فإذا لم تكن المادة السفلیة متهیئة لقبول تلك الهیئة من الأشكال العلویة لم تحدث تلك الهیئة ثم إن فوات تلك التهیؤ تارة تكون لأجل كون المادة ممنوة بالمعوقات المانعة عن قبول ذلك الأثر و تارة لأجل فوات

ص: 280

بعض الشرائط لكن لو تهیأت لنا تقدمه المعرفة بطبیعة ذلك التشكل و بوقت حدوثه و بطبیعة الأمور المعتبرة فی كون المادة السفلیة قابلة لذلك الأثر لكان یمكننا تهیئة المادة لقبول ذلك الأثر و إماطة الموانع عنها و تحصیل المعدات لها حتی یتم ذلك الفیضان و یسری فی القابلیات لما تقرر أن الفاعل التام متی لقی المنفعل التام ظهر الفعل التام لا محالة فإذا عرفت هذا فالساحر هو الذی یعرف القوی العالیة الفعالة بسائطها و مركباتها و یعرف ما یلیق بكل واحد من العوالم السفلیة و یعرف المعدات لیعدها و العوائق لینحیها معرفة بحسب الطاقة البشریة فحینئذ یكون الإنسان متمكنا من استجذاب ما یخرق العادة و من دفع ما یدافعها بتقریب المنفعل من الفاعل و هذا معنی قول بطلمیوس علم النجوم منك و منها فهذا هو الإشارة إلی خلاصة قوله الفلاسفة الصابئة فی حقیقة السحر و ماهیته.

الفریق الثالث الذین أثبتوا لهذه الأفلاك و الكواكب فاعلا مختارا خلقها و أوجدها بعد العدم إلا أنهم قالوا إنه سبحانه أعطاه قوة عالیة نافذة فی هذا العالم و فوض تدبیر هذا العالم إلیهم قالوا الدلیل علی كون هذه الأجرام الفلكیة أحیاء وجهان الأول أنه لا شك أن الحیاة أشرف من الجمادیة فكیف یحسن فی الحكمة خلق الحیاة فی الأجسام الخسیسة نحو أبدان الدیدان و الخنافس و إخلاء هذه الأجرام الشریفة النورانیة الروحانیة عن الحیاة الثانی أن هذه الأفلاك متحركة بالاستدارة فحركتها إما أن تكون طبیعیة أو قسریة أو إرادیة لا جائز أن تكون طبیعیة لأن المهروب عنه بالطبع لا یكون بعینه مطلوبا بالطبع و كل نقطة فرضنا الفلك متحركا عنه فإن حركته عنها هی عین حركته إلیها فیستحیل كون تلك الحركة طبیعیة و لا جائز أن تكون قسریة لأن القسر هو الذی یكون علی خلاف الطبیعة فإذ قد بطلت الطبیعیة وجب بطلان كونها قسریة و لما بطل القسمان ثبت كونها إرادیة فثبت أن الأفلاك و الكواكب أجرام حیة عاقلة قالوا إذا ثبت هذا فنقول الوقوف علی جمیع

ص: 281

الطبائع العلویة و السفلیة مما لا یفی به وسع البشر و طاقة النفس الناطقة لوجوه أربعة أولها أنه لا سبیل إلی إثبات الكواكب إلا بواسطة القوة الباصرة و لا ارتیاب أنها عن إدراك الصغیر من البعید قاصرة فإن أصغر كوكب مما فی القدر السابع من الفلك الثامن و هو الذی یمتحن به حدة البصر مثل كرة الأرض بضع عشرة مرة و إن كرة الأرض أعظم من العطارد كذا ألف مرة فلو تكوكب الفلك الأعظم بكواكب علی قدر الكواكب الصغیرة المذكورة من الثوابت فلا شك أن الحس لا یدركه و البصر لا یمتد علیه فضلا عما یكون فی مقدار عطارد أو أصغر منه و علی هذا التقدیر لا یبعد أن یكون فی السماوات كواكب كثیرة فعالة و إن كنا لا نعرف

وجودها فضلا عن أن نعرف طبائعها و لهذا نقل صاحب كتاب تتكلوشا عن روایای (1)

البشر أنه بقی فی الفلك وراء الكواكب المرصودة كواكب لم ترصد إما لفرط صغرها أو لخفاء آثارها و أفعالها.

و ثانیها أن الكواكب التی نراها لیست بأسرها مرصودة بل المرصودة منها ألف و اثنان و عشرون و البواقی غیر مرصودة و مما یحقق ذلك ما ثبت بالدلالة أن المجردة لیست إلا أجرام كوكبیه صغیرة جدا مرتكزة فی فلك الثوابت علی هذا السمت المخصوص و ظاهر أن الوقوف علی طبائعها متعذرة.

و ثالثها أن هذه الكواكب المرصودة مما لم یحصل الوقوف التام علی طبائعها لأن أقوال الأحكامیین ضعیفة قلیلة الحاصل لا سیما فی طبائع الثوابت.

و رابعها أنا بتقدیر أن نعرف طبائع هذه الكواكب علی بساطتها لكنه لا یمكننا الوقوف علی طبائعها حال امتزاجها إلا علی سبیل التقریب البعید عن التحقیق.

ثم إنا نعلم أن الحوادث الحادثة فی هذا العالم لا یصدر عن طبائعها البسیطة و إلا لدامت هذه الحوادث بدوام تلك الطبائع بل إنما یحصل عن امتزاجاتها و تلك الامتزاجات غیر متناهیة فلا سبیل إلی الوقوف علیها علی سبیل القیاس فقد ثبت

ص: 282


1- 1. سید البشر.( خ).

بهذه الوجوه الأربعة تعذر الوقوف علی طبائعها الفعالة و أما القوی المنفعلة فالوقوف التام علیها كالمتعذر لأن القبول التام لا یتحقق إلا مع شرائط مخصوصة فی القابل من الكم و الكیف و الوضع و الأین و سائر المقولات و المواد السفلیة غیر ثابتة علی حالة واحدة بل هی أبدا فی الاستحالة و التغیر و إن كان لا یظهر فی الحس فقد ظهر بما قررنا أن الوقوف التام علی أحوال القوی الفعالة السماویة و القوی الأرضیة المنفعلة غیر حاصل للبشر و لو حصل ذلك لأحد لوجب أن یكون ذلك الشخص عالما بجمیع التفاصیل الحاصلة من الماضیة و الآتیة و أن یكون متمكنا من إحداث جمیع الأمور التی لا نهایة لها.

ثم قالوا فهذه المباحث و الملامح (1)

مما یوهن العقل عن التمكن من هذه الصناعة إلا أنه نعم ما قیل من أن ما لا یدرك كله لا یترك كله فالقوی البشریة و إن قصرت عن اكتناه هذه القوی العالیة الفعالة و السافلة المنفعلة و لكن یمكنها الاطلاع علی بعض أحوالها و إن كان ذلك القدر تافها حقیرا بالنسبة إلی ما فی الوجود لكنه عظیم بالنسبة إلی قدرة الإنسان و قوته لأن الأحكامیین من أهل النجوم قد وقفوا بسبب التجارب المتطاولة قرنا بعد قرن علی كثیر من أحوال السبعة السیارة و كثیر من الثوابت و عرفوا من أحوال البروج و الحدود و الوجوه و المثلثات ما یعظم الانتفاع بمعرفته لمن اطلع علیه و أحاط به و لیس یلزمنا أنه لما تعذر علینا تحصیل الیقین التام بها بواسطة البراهین المنطبقة أن یترك الانتفاع بها مع ما تشاهد من صحة قوانینها الكلیة كما لا یلزم من عدم قیام الدلائل الطبیعیة(2) علی طبائع الأغذیة و الأدویة البسیطة و المركبة أن لا ینتفع بها بل هذه الصناعة أولی بالرعایة من

صناعة الطب و ذلك لأنهما بعد اشتراكهما فی عدم البراهین المنطبقة علی مطالبها امتازت هذه الصناعة عن صناعة الطب بوصف نافع و ذلك أن الدواء المتناول لو لم ینفع یحصل من تناوله ضرر عظیم و أما هذه الصناعة فلو لن تنفع لم تضر

ص: 283


1- 1. الملاحم( خ).
2- 2. المنطبقة( ظ).

و أما ظن حصول النفع فهو قائم فی الموضعین و إذا كان كذلك كانت هذه الصناعة أولی بالرعایة من صناعة الطب.

فإن قال قائل كیف السبیل إلی معرفة طبائع هذه الكواكب و البروج و أما التجربة فهی متعذرة و ذلك لأن أقل ما لا بد منه فی التجربة أن یعود الأمر مرتین و عودة الفلك إلی شكله المعین ممتنع عند بعض الفلاسفة و لو أمكن علی بعده فإنما یقع لو عاد جمیع الكواكب إلی الموضع الذی كان واقفا علیه فی المرة الأولی و ذلك مما لا یحصل إلا بعد المدة التی تسمی بعمر العالم فأی عمر یفی بذلك و أی عقل یصل إلیه.

الجواب أنه لا حاجة فی هذه التجربة إلی عود الفلك إلی الشكل الأول من جمیع الوجوه بل لما رأینا كوكبا حصل فی برج و صدر عنه أثر و شاهدنا هذا الأثر مع حصوله فی ذلك البرج مدة بعد أخری غلب علی ظننا أن حصوله فی ذلك البرج مستعقب لهذا الأثر و هذا القدر كاف فی حصول الظن و أیضا قد تحصل معرفة طبائع هذه الكواكب علی سبیل الإلهام یحكی عن جالینوس أنه عرف كثیرا من الأمور الطبیة برؤیا رآها و إذا كان ذلك ممكنا فلا سبیل إلی دفعه.

قالوا إذا ثبت ذلك فإن التجارب التی مارسها الأحكامیون من المنجمین دلت علی أن لكل اختصاصا بأشیاء معینة فی هذا العالم من الأمكنة و الأزمنة و الأیام و الساعات و الأغذیة و الروائح و الأشكال التی یتعلق بها كوكب معین فی وقت یكون الكوكب فیه قویا علی ذلك الفعل الذی یطلب منه لم یبعد أن یحصل ذلك الأثر الخارق للعادة لا سیما إذا كان المتولی لمباشرة ذلك العمل القوی النفس (1) صافی الروح بحیث یكون روحه فی الاستعلاء و الاستیلاء من جوهر الأرواح السماویة فهناك یتم الأمر و یحصل الغرض فهذا مجموع أقوال الصابئة فی تقریر هذا النوع من السحر.

أما المعتزلة فقد اتفقت كلمتهم علی أن غیر اللّٰه لا یقدر علی خلق الجسم

ص: 284


1- 1. قوی النفس( ظ).

و الحیاة و اللون و الطعم و احتجوا بوجوه ذكرها القاضی و لخصها فی تفسیره و فی سائر كبته و نحن ننقل تلك الوجوه و ننظر فیها أولها و هو النكتة العقلیة التی علیها یقولون (1) إن كل ما سوی اللّٰه إما متحیز أو قائم بالمتحیز فلو كان غیر اللّٰه فاعلا للجسم و الحیاة لكان ذلك الغیر متحیزا و ذلك المتحیز لا بد و أن یكون قادرا بالقدرة إذ لو كان قادرا لذاته لكان كل جسم كذلك بناء علی أن الأجسام متماثلة لكن القادر بالقدرة لا یصح منه فعل الجسم و الحیاة و یدل علیه وجهان الأول أن العلم الضروری حاصل بأن الواحد منا لا یقدر علی خلق الجسم و الحیاة ابتداء فقدرتنا مشتركة فی امتناع ذلك علیها فهذا الامتناع حكم مشترك فلا بد

له من علة مشتركة و لا مشترك هاهنا إلا كوننا قادرین بالقدرة و إذا ثبت هذا وجب فی من كان قادرا بالقدرة أن یتعذر علیه فعل الجسم و الحیاة. الثانی أن هذه القدرة التی لنا لا شك أن بعضها یخالف بعضا فلو قدرنا قدرة صالحة لخلق الجسم و الحیاة لم یكن مخالفتها لهذه القدرة أشد من مخالفة بعض هذه القدرة للبعض فلو كفی ذلك القدر من المخالفة فی صلاحیتها لخلق الجسم (2) لوجب فی هذه القدرة التی یخالف بعضها بعضا أن تكون صالحة لخلق الجسم و الحیاة و لما لم یكن كذلك علمنا أن القادر بالقدرة لا یقدر علی خلق الجسم و الحیاة.

و ثانیها أنا لو جوزنا ذلك لتعذر الاستدلال بالمعجزات علی النبوات (3) لأنا لما جوزنا استحداث الخوارق بواسطة تمزیج القوی السماویة بالقوی الأرضیة لم یمكننا القطع بأن هذه الخوارق التی ظهرت علی أیدی الأمناء(4) صدرت عن اللّٰه تعالی بل یجوز فیها أنهم أتوا بها من طریق السحر و حینئذ یبطل القول بالنبوات من كل الوجوه.

ص: 285


1- 1. كذا و الصواب« یعولون».
2- 2. فی المصدر: و الحیاة.
3- 3. فی المصدر: علی النبوّة.
4- 4. فی المصدر: ایدی الأنبیاء علیهم السلام.

و ثالثها أنا لو جوزنا أن یكون فی الناس من یقدر علی خلق الجسم و الحیاة و الألوان لقدر ذلك الإنسان علی تحصیل الأموال العظیمة من غیر تعب لكنا نری من یدعی السحر متوسلا إلی اكتساب الحقیر من المال بجهد جهید فعلمنا كذبه و بهذا الطریق یعلم فساد ما یدعیه قوم من الكیمیاء فإنا نقول لو أمكنهم ببعض الأدویة أن یقلبوا غیر الذهب ذهبا لكان إما أن یمكنهم ذلك بالقلیل من الأموال فكان ینبغی أن یغنوا أنفسهم بذلك عن المشقة و الذلة أو لا یمكن إلا بالآلات العظام و الأموال الخطیرة فكان یجب أن یظهروا ذلك للملوك المتمكنین من ذلك بل كان یجب أن یفطن الملوك لذلك لأنه أنفع لهم من فتح البلاد التی لا یتم إلا بإخراج الأموال و الكنوز و فی علمنا بانصراف النفوس و الهمم عن ذلك دلالة علی فساد هذا القول قال القاضی فثبت بهذه الجملة أن الساحر لا یصح أن یكون فاعلا لشی ء من ذلك.

و اعلم أن هذه الدلائل ضعیفة جدا أما الوجه الأول فنقول ما الدلیل علی أن كل ما سوی اللّٰه تعالی إما أن یكون متحیزا أو قائما بالمتحیز أ ما علمتهم أن الفلاسفة مصرون علی إثبات العقول و النفوس الفلكیة و النفوس الناطقة و زعموا أنها فی أنفسها لیست بمتحیزة و لا قائمة بالمتحیز فما الدلیل علی فساد القول بها.

فإن قالوا لو وجد موجود هكذا لزم أن یكون مثلا لله تعالی قلنا لا نسلم و ذلك لأن الاشتراك فی السلوب لا یقتضی الاشتراك فی الماهیة سلمنا ذلك لكن لم لا یجوز أن یكون بعض الأجسام یقدر علی ذلك لذاته قوله الأجسام متساویة(1) فلو كان جسم كذلك لكان كل جسم كذلك قلنا ما الدلیل علی تماثل الأجسام.

فإن قالوا إنه لا معنی للجسم إلا الممتد فی الجهات الشاغل للأحیاز فلا تفاوت بینها فی هذا المعنی

ص: 286


1- 1. فی المصدر: متماثلة.

قلنا الامتداد فی الجهات و الشغل للأحیاز صفة من صفاتها و لازم من لوازمها و لا بد أن تكون الأشیاء المختلفة فی الماهیة مشتركة فی بعض اللوازم سلمنا أنه یجب أن یكون قادرا بالقدرة فلم قلتم إن القادر بالقدرة لا یصح منه خلق الجسم و الحیاة قوله لأن القدرة التی لنا مشتركة فی هذا الامتناع فهذا الامتناع حكم مشترك فلا بد له من علة مشتركة و لا مشترك سوی كوننا قادرین بالقدرة قلنا هذه المقدمات بأسرها ممنوعة فلا نسلم أن الامتناع حكم معلل و ذلك لأن الامتناع عدمی و العدمی لا یعلل سلمنا أنه أمر وجودی و لكن من مذهبهم أن كثیرا من الأحكام لا یعلل فلم لا یجوز أن یكون هاهنا كذلك سلمنا أنه معلل فلم قلتم إن الحكم المشترك لا بد له عن علة مشتركة أ لیس أن القبح حصل فی الظلم معللا بكونه ظلما و فی الكذب بكونه كذبا و فی الجهل بكونه جهلا سلمنا أنه لا بد من علة مشتركة لكن لا نسلم أنه لا مشترك إلا كوننا قادرین بالقدرة فلم لا یجوز أن تكون هذه القدرة التی لنا مشتركة فی وصف معین و تلك القدرة التی تصلح لخلق الجسم تكون خارجة عن ذلك الوصف فما الدلیل علی أن الأمر لیس كذلك.

أما الوجه الثانی و هو أنه لیست مخالفة تلك القدرة لبعض هذه القدرة أشد من مخالفة بعض هذه القدرة للبعض فنقول هذا أضعف (1)

لأنا لا نعلل صلاحیتها لخلق الجسم بكونها مخالفة لهذه القدرة بل لخصوصیتها المعینة التی لأجلها خالفت سائر القدر و تلك الخصوصیة معلوم أنها غیر حاصلة فی سائر القدر و نظیر ما ذكروه أن یقال لیست مخالفة الصوت للبیاض أشد من مخالفة السواد للبیاض فلو كانت تلك المخالفة مانعة للصوت من صحة أن یری لوجب لكون السواد مخالفا للبیاض أن یمتنع رؤیته و لما كان هذا الكلام فاسدا فكذا ما قالوه و العجب من القاضی أنه لما حكی هذه الوجوه عن الشعریة فی مسألة الرؤیة زیفها بهذه الأسئلة ثم إنه نفسه تمسك بها فی هذه المسألة التی هی الأصل فی

ص: 287


1- 1. فی المصدر موافقا لبعض النسخ: ضعیف.

إثبات النبوة و الرد علی من أثبت متوسطا بین اللّٰه و بیننا.

أما الوجه الثالث و هو أن القول بصحة النبوات لا یبقی مع تجویز هذا الأصل فنقول إما أن یكون القول بصحة النبوات متفرعا علی فساد هذه القاعدة أو لا یكون فإن كان الأول امتنع إفساد هذا الأصل بالبناء علی صحة النبوات و إلا وقع الدور و إن كان الثانی فقد سقط هذا الكلام بالكلیة.

و أما الوجه الرابع فلقائل أن یقول الكلام فی الإمكان غیر و فی الوقوع غیر و نحن لا نقول بأن هذه الحالة حاصلة لكل أحد بل هذه الحالة لا تحصل للبشر إلا فی الأعصار المتباعدة فكیف یلزمنا ما ذكرتموه فهذا هو الكلام فی النوع الأول من السحر.

النوع الثانی من السحر سحر أصحاب الأوهام و النفوس القویة

قالوا اختلف الناس فی أن الذی یشیر إلیه كل إنسان بقوله أنا ما هو فمن الناس من یقول إنه هو هذه البنیة و منهم من یقول إنه جسم سار فی هذه البنیة و منهم من یقول إنه موجود لیس بجسم و لا جسمانی أما إذا قلنا إن الإنسان هو هذه البنیة فلا شك أن هذه البنیة مركبة من الأخلاط الأربعة فلم لا یجوز أن یتفق فی بعض الأعصار النادرة أن یكون مزاج من الأمزجة فی ناحیة من النواحی یقتضی القدرة علی خلق الجسم و العلم بالأمور الغائبة عنا و هكذا الكلام إذا قلنا إن الإنسان جسم سار فی هذه البنیة أما إذا قلنا إن الإنسان هو النفس فلم لا یجوز أن یقال النفوس مختلفة فیتفق فی بعض النفوس أن تكون لذاتها قادرة علی هذه الحوادث الغریبة مطلعة علی الأسرار الغائبة عنا فهذا الاحتمال مما لم یقم دلالة علی فساده سوی الوجوه المتقدمة و قد بان بطلانها.

ثم الذی یؤكد هذا الاحتمال وجوه أولها أن الجذع الذی یتمكن الإنسان

ص: 288

من المشی علیه لو كان موضوعا علی الأرض لا یمكنه المشی علیه لو كان كالجسر علی هاویة تحته و ما ذاك إلا لأن تخیل السقوط متی قوی أوجبه و ثانیها أجمعت الأطباء علی نهی المرعوف عن النظر إلی الأشیاء الحمر و المصروع عن النظر إلی الأشیاء القویة اللمعان و الدوران و ما ذاك إلا لأن النفوس خلقت مطیعة للأوهام و ثالثها حكی صاحب الشفاء عن أرسطو فی طبائع الحیوان أن الدجاجة إذا تشبهت كثیرا بالدیكة فی الصوت و فی الجواب مع الدیكة نبت علی ساقیها مثل الشی ء النابت علی ساق الدیك ثم قال صاحب الشفاء و هذا یدل علی أن الأحوال الجسمانیة تابعة للأحوال النفسانیة.

و رابعها أجمعت الأمم علی أن الدعاء مظنة للإجابة و أجمعوا علی أن الدعاء اللسانی الخالی عن المطلب النفسانی قلیل البركة عدیم الأثر فدل ذلك علی أن للهمم و النفوس آثارا و هذا الاتفاق غیر مختص بملة معینة و نحلة مخصوصة و خامسها أنك لو أنصفت لعلمت أن المبادی القریبة للأفعال الحیوانیة لیست إلا التصورات النفسانیة لأن القوة المحركة المخلوقة المطبوعة المغروزة(1) فی العضلات صالحة للفعل و تركه أو ضده و لن یترجح أحد الطرفین علی الآخر إلا لمرجح و ما ذاك إلا تصور كون الفعل جمیلا أو لذیذا أو تصور كونه قبیحا أو مؤلما فتلك التصورات هی المبادئ لصیرورة القوی العضلیة مبادئ بالفعل لوجود الأفعال بعد أن كانت كذلك بالقوة و إذا كانت هذه التصورات هی المبادئ لمبادئ هذه الأفعال فأی استبعاد فی كونها مبادئ للأفعال بأنفسها(2) و إلغاء الواسطة عن درجة الاعتبار و سادسها التجربة و العیان شاهدان بأن هذه التصورات مبادئ قریبة لحدوث الكیفیات فی الأبدان فإن الغضبان یشتد سخونة مزاجه حتی أنه یفید سخونة قویة یحكی عن بعض الملوك أنه عرض له فالج فأعیا الأطباء مزاولة علاجه فدخل علیه بعض الحذاق منهم علی حین غفلة منه و شافهه بالشتم و القدح

ص: 289


1- 1. المفروزة( خ).
2- 2. فی المصدر: انفسها.

فی العرض فاشتد غضب الملك و قفز من مرقده قفزة اضطراریة لما ناله من شدة ذلك الكلام فزالت تلك العلة المزمنة و المرضة المهلكة و إذا جاز كون التصورات مبادئ لحدوث الحوادث فی البدن فأی استبعاد من كونها مبادئ لحدوث الحوادث خارج البدن و سابعها أن الإصابة بالعین أمر قد اتفق علیها العقلاء و ذلك أیضا یحقق إمكان ما قلناه.

إذا عرفت هذا فنقول النفوس التی تفعل هذه الأفاعیل قد تكون قویة جدا فتستغنی فی هذه الأفعال عن الاستعانة بالآلات و الأدوات و قد تكون ضعیفة فتحتاج إلی الاستعانة بهذه و تحقیقه أن النفس إذا كانت قویة مستعلیة علی البدن شدیدة الانجذاب إلی عالم السماوات كانت كأنها روح من الأرواح السماویة فكانت قویة علی التأثیر فی مواد هذا العالم أما إذا كانت ضعیفة شدیدة التعلق بهذه اللذات البدنیة فحینئذ لا یكون لها تصرف البتة إلا فی هذا البدن فإذا أراد هذا الإنسان صیرورتها بحیث یتعدی تأثیرها من بدنها إلی بدن آخر اتخذ تمثال ذلك الغیر و وضعه عند الحس لیشتغل الحس به فیتبعه الخیال علیه و أقبلت النفس الناطقة علیه فقویت التأثیرات النفسانیة و التصرفات الروحانیة و لذلك اجتمعت الأمم علی أنه لا بد لمزاول هذه الأعمال من الانقطاع عن المألوفات و المشتهیات و تقلیله الغذاء و الانقطاع عن مخاطبة(1) القلب فكلما كانت هذه الأمور أتم كان ذلك التأثیر أقوی فإذا اتفق أن كانت النفس مناسبة لهذا الأمر نظرا إلی ماهیتها و خاصیتها عظم التأثیر و السبب اللمی (2)

فیه أن النفس إذا اشتغلت بالجانب الواحد استعملت جمیع قوتها فی ذلك الفعل و إذا اشتغلت بالأفعال الكثیرة تفرقت قوتها و توزعت علی تلك الأفعال فتصل إلی كل واحد من تلك الأفعال شعبة من تلك القوة و جدول من ذلك النهر و لذلك تری أن إنسانین یستویان فی قوة الخاطر إذا اشتغل أحدهما بصناعة واحدة و اشتغل الآخر بصناعتین فإن ذا

ص: 290


1- 1. فی المصدر:« مخالطة الخلق» و هو الصواب.
2- 2. فی المصدر: المتعین.

الفن الواحد یكون أقوی من ذی الفنین و من حاول الوقوف علی حقیقة مسألة من المسائل فإنه حال تفكره فیها لا بد و إن یفرغ خاطره عما عداه (1) فإنه عند تفریغ الخاطر یتوجه الخاطر بكلیته إلیه فیكون الفعل أسهل و أحسن و إذا كان كذلك فإذا كان الإنسان مشغول الهم و الهمة بقضاء اللذات و تحصیل الشهوات كانت القوة النفسانیة مشغولة بها مستغرقة فیها فلا یكون انجذابها إلی تحصیل الفعل الغریب الذی یحاوله انجذابا قویا لا سیما و هنا آفة أخری و هی أن مثل هذه النفس اعتادت الاشتغال باللذات من أول أمرها إلی آخره و لم تشتغل قط باستحداث هذه الأفعال الغریبة فهی بالطبع حنون إلی الأول عزوف للثانی (2) فإذا وجدت مطلوبها من النمط الأول فإنی تلتفت إلی الجانب الآخر. فقد ظهر من هذا أن مزاولة هذه الأعمال لا تتأتی إلا مع التجرد عن الأحوال الجسمانیة و ترك مخالطة الخلق و الإقبال بالكلیة علی عالم الصفا و الأرواح و أما الرقی فإن كانت معلومة فالأمر فیها ظاهر لأن الغرض منها أن حس البصر كما شغلناه بالأمور المناسبة لذلك الغرض فحس السمع نشغله أیضا بالأمور المناسبة لذلك الغرض فإن الحواس متی تطابقت نحو(3)

التوجه إلی الغرض الواحد كان توجه النفس إلیه حینئذ أقوی و أما إذا كانت بألفاظ

غیر معلومة حصلت للنفس هناك حالة شبیهة بالحیرة و الدهشة(4) و یحصل للنفس فی أثناء ذلك انقطاع عن المحسوسات و إقبال علی ذلك الفعل و جد عظیم فیقوی التأثیر النفسانی فیحصل الغرض و هكذا القول فی الدخن. قالوا فقد ثبت أن هذا القدر من القوة النفسانیة مستقل

ص: 291


1- 1. فی المصدر: عما عداها.
2- 2. فی المصدر: عن الثانی.
3- 3. فی المصدر: علی التوجه.
4- 4. فی المصدر: و الدهشة فان الإنسان إذا اعتقد ان هذه الكلمات انما تقرأ للاستعانة بشی ء من الأمور الروحانیة و لا یدری كیفیة تلك الاستعانة حصلت للنفس هناك حالة شبیهة بالحیرة و الدهشة.

بالتأثیر فإن انضم إلیه النوع الأول من السحر و هو الاستعانة بالكواكب و تأثیراتها عظم التأثیر بل هاهنا نوعان آخران الأول أن النفوس التی فارقت الأبدان قد یكون فیها ما هو شدید المشابهة لهذه النفس فی قوتها و فی تأثیراتها فإذا صارت هذه النفوس صافیة لم یبعد أن ینجذب إلیها ما تشابهها من النفوس المفارقة و یحصل لتلك النفوس نوع ما من التعلق بهذا البدن فتعاضد النفوس الكثیرة علی ذلك الفعل و إذا كملت القوة تزایدت قوی التأثیر الثانی أن هذه النفوس الناطقة إذا صارت صافیة عن الكدورات البدنیة صارت قابلة للأنوار الفائضة من الأرواح السماویة و النفوس الفلكیة فتتقوی هذه النفوس بأنوار تلك الأرواح فتقوی علی أمور غریبة خارقة للعادة فهذا شرح سحر أصحاب الأوهام و الرُّقی.

النوع الثالث من السحر الاستعانة بالأرواح الأرضیة

و اعلم أن القول بالجن مما أنكره بعض المتأخرین من الفلاسفة و المعتزلة أما أكابر الفلاسفة فإنهم ما أنكروا القول به إلا أنهم سموها بالأرواح الأرضیة و هی فی أنفسها مختلفة منها خیرة و منها شریرة فالخیر منهم الجن و الشریرة هم كفار الجن و شیاطینهم ثم قال خلق منهم (1)

هذا الأرواح جواهر قائمة بأنفسها لا متحیزة و لا حالة فی المتحیز و هی قادرة عالمة مدركة للجزئیات و اتصال النفوس الناطقة بها أسهل من اتصالها بالأرواح السماویة إلا أن القوة الحاصلة للنفوس الناطقة بسبب اتصالها بهذه الأرواح الأرضیة أضعف من القوة الحاصلة لها بسبب اتصالها بتلك الأرواح السماویة إما أن الاتصال أسهل فلأن المناسبة بین نفوسنا و بین هذه الأرواح الأرضیة أرسل فإن (2)

المشابهة و المشاكلة بینها

ص: 292


1- 1. فی المصدر: قال الخلف.
2- 2. فی المصدر: اسهل و لان المشابهة.

أتم و أشد من المشاكلة بین نفوسنا و بین الأرواح السماویة و إما أن القوة الحاصلة بسبب الاتصال بالأرواح السماویة أقوی فلأن الأرواح السماویة بالنسبة إلی الأرواح الأرضیة كالشمس بالنسبة إلی الشعلة و البحر بالنسبة إلی القطرة و السلطان بالنسبة إلی الرعیة قالوا و هذه الأشیاء و إن لم یقم علی وجودها برهان قاهر فلا أقل من الاحتمال و الإمكان ثم إن أصحاب الصنعة و أرباب التجربة شاهدوا أن الاتصال بهذه الأرواح الأرضیة یحصل بأعمال سهلة قلیلة من الرُّقی و الدخن و التجرید فهذا النوع هو المسمی بالعزائم و عمل تسخیر الجن.

النوع الرابع من السحر التخیلات و الأخذ بالعیون

فهذا النوع مبنی علی مقدمات أحدها أن أغلاط البصر كثیرة فإن راكب السفینة إذا نظر إلی الشط رأی السفینة واقفة و الشط متحركا و ذلك یدل علی أن الساكن یری متحركا و المتحرك یری ساكنا و القطرة النازلة تری خطا مستقیما و الزبالة التی تدار بسرعة تری دائرة و القبة تری فی الماء كالإجاصة و الشخص الصغیر یری فی الضباب عظیما و كبخار الأرض الذی یریك قرص الشمس عند طلوعها عظیما فإذا فارقته و ارتفعت صغرت و أما رؤیة العظیم من البعید صغیرا فظاهر فهذه الأشیاء قد هدت العقول إلی أن القوة الباصرة قد تبصر الشی ء علی خلاف ما هو علیه فی الجملة لبعض الأسباب العارضة.

و ثانیها أن القوة الباصرة إنما تقف علی المحسوس وقوفا تاما إذا أدركت المحسوس فی زمان له مقدار فأما إذا أدركت المحسوس فی زمان صغیر جدا ثم أدركت بعده محسوسا آخر و هكذا فإنه یختلط البعض بالبعض و لا یتمیز بعض المحسوسات عن البعض و لذلك فإن الرحی إذا أخرجت من مركزها إلی محیطها خطوطا كثیرة بألوان مختلفة ثم استدارت فإن الحس یری لونا واحدا كأنه

ص: 293

مركب من كل تلك الألوان.

و ثالثها أن النفس إذا كانت مشغولة بشی ء فربما حضر عند الحس شی ء آخر فلا یشعر الحس به البتة كما أن الإنسان عند دخوله علی السلطان قد یلقاه إنسان (1) و یتكلم معه فلا یعرفه و لا یفهم كلامه لما أن قلبه مشغول بشی ء آخر و كذا الناظر فی المرآة فإنه ربما قصد أن یری قذاة فی عینه فیراها و لا یری ما هو أكثر(2)

منها إن كان بوجهه أثر أو بجبهته أو بسائر أعضائه التی تقابل المرآة و ربما قصد أن یری سطح المرآة هل هو مستو أم لا فلا یری شیئا مما فی المرآة إذا عرفت هذه المقدمات سهل عند ذلك تصور كیفیة هذا النوع من السحر و ذلك لأن المشعبذ الحاذق یظهر عمل شی ء یشغل أذهان الناظرین به و یأخذ عیونهم إلیه حتی إذا استفز عنهم (3)

الشغل بذلك الشی ء و التحدیق نحوه عمل شیئا آخر عملا بسرعة شدیدة فیبقی ذلك العمل خفیا لتعلمون (4) الشیئین أحدهما اشتغالهم بالأمر الأول و الثانی سرعة الإتیان بهذا العمل الثانی و حینئذ یظهر لهم شی ء آخر غیر ما انتظروه فیتعجبون منه جدا و لو أنه سكت و لم یتكلم بما یصرف الخواطر إلی ضد ما یرید أن یعمل و لم تتحرك النفوس و الأوهام إلی غیر ما یرید إخراجه لفطن الناظرون لكل ما یفعله فهذا هو المراد من قولهم إن المشعبذ یأخذ بالعیون لأنه بالحقیقة یأخذ بالعیون إلی غیر الجهة التی یحتال و كلما كان أخذه للعیون و الخواطر و جذبه لها إلی سواء(5)

مقصوده أقوی كان أحذق فی عمله و كلما

كانت الأحوال التی تفید حس البصر نوعا من أنواع الخلل أشد كان هذا العمل أحسن مثل أن یجلس المشعبذ فی موضع مضی ء جدا فإن الضوء الشدید یفید البصر كلالا

ص: 294


1- 1. فی المصدر: انسان آخر.
2- 2. فی المصدر: اكبر منها.
3- 3. فی المصدر: إذا استغرقهم.
4- 4. فی المصدر: لتفاوت.
5- 5. فی المصدر: سوی.

و اختلالا و كذا الظلمة الشدیدة و كذلك الألوان المشرقة القویة تفید البصر كلالا و اختلالا و الألوان المظلمة قلما تقف القوة الباصرة علی أحوالها فهذا مجامع القول فی هذا النوع من السحر.

النوع الخامس من السحر

الأعمال العجیبة التی تطرأ(1)

من تركیب الآلات المركبة علی النسب الهندسیة تارة و علی ضروب الخیلاء(2)

أخری مثل فارسین یقتتلان فیقتل أحدهما الآخر و كفارس علی فرس فی یده بوق كلما مضت ساعة من النهار ضرب البوق من غیر أن یمسه أحد و منها الصور التی تصورها الروم و أهل الهند حتی لا یفرق الناظر بینها و بین الإنسان حتی یصورونها ضاحكة و باكیة و حتی یفرق فیها بین ضحك السرور و ضحك الخجل و ضحك الشامت فهذه الوجوه من لطیف أمور التخائیل (3) و كان سحر سحرة فرعون من هذا الضرب و من هذا الباب تركیب صندوق الساعات و یندرج فی هذا الباب علم جر الأثقال و هو أن یجر ثقیلا عظیما بآلة خفیفة و هذا فی الحقیقة لا ینبغی أن یعده من باب السحر لأن لها أسبابا معلومة تعیینیة(4) من اطلع علیها قدر علیها إلا أن الاطلاع علیها لما كان عسرا شدیدا لا یصل إلیه إلا الفرد بعد الفرد لا جرم عد أهل الظاهر ذلك من باب السحر و من هذا الباب عمل ارجعانوس (5)

الموسیقات (6) فی هیكل أورشلیم العتیق عند تجدیده إیاه

ص: 295


1- 1. تظهر( خ).
2- 2. كذا فی المصدر، و فی نسخ البحار« و علی ضرورة الخلاء اخری».
3- 3. فی المصدر: المخائیل.
4- 4. یقینیة( خ).
5- 5. ارجیانوس( خ).
6- 6. فی المصدر: ارجعیانوس الموسیقار.

و ذلك أنه اتفق له أن كان مجتازا بفلاة من الأرض فوجد فیها فرخا من فراخ البراصل و البراصل هو طائر عطوف فكان یصفر صفیرا حزینا بخلاف صفیر سائر البراصل فكانت البراصل تجیئه بلطائف الزیتون فتطرحها عنده فیأكل بعضها و یفضل بعضها عن حاجته فوقف هذا الموسیقات (1)

هناك و تأمل حال هذا الفرخ و علم أن فی صفیره المخالف لصفیر البراصل ضربا من التوجع و الاستعطاف حتی رقت له الطیور و جاءته بما یأكله فتلطف لعمل آلة تشبه الصفارة إذا استقبل الریح بها أدت ذلك الصفیر و لم یزل یجرب ذلك حتی وثق بها و جاءته البراصل بالزیتون كما كانت تجی ء إلی ذلك الفرخ لأنها تظن أن هناك فرخا من جنسها

فلما صح له ما أراد أظهر النسك و عمد إلی هیكل أورشلیم و سأل عن اللیلة التی دفن فیها اسطرحن (2)

الناسك القیم بعمارة ذلك الهیكل فأخبر أنه دفن فی أول لیلة من آب فأخذ(3)

صورة من زجاج مجوف علی هیئة البرصلة و نصبها فوق ذلك الهیكل و جعل فوق تلك الصورة قبة و أمرهم بفتحها فی أول آب فكان یظهر صوت البرصلة بسبب نفوذ الریح فی تلك الصورة و كانت البراصل تجی ء بالزیتون حتی كانت تمتلئ القبة كل یوم من ذلك الزیتون و الناس اعتقدوا أنه من كرامات ذلك المدفون و یدخل فی هذا الباب أنواع كثیرة لا یلیق شرحها فی هذا الموضع.

النوع السادس من السحر الاستعانة بخواص الأدویة

من أن (4)

یجعل فی طعامه بعض الأدویة المُبَلِّدة المزیلة للعقل و الدخن المسكرة نحو دِماغ الحمار إذا تناول الإنسان تبلد عقله و قلت فطنته و اعلم أنه لا سبیل إلی إنكار الخواص فإن أثر المغناطیس مشاهد إلا أن الناس قد أكثروا فیه و خلطوا الصدق بالكذب و الباطل بالحق.

ص: 296


1- 1. فی المصدر: الموسیقار.
2- 2. فی المصدر: اسطرخس.
3- 3. فی المصدر: فاتخذ.
4- 4. فی المصدر: مثل أن.

النوع السابع من السحر تعلیق القلب

و هو أن یدعی الساحر أنه قد عرف الاسم الأعظم و أن الجن یطیعونه و ینقادون له فی أكثر الأمور فإذا اتفق أن كان السامع لذلك ضعیف العقل قلیل التمیز اعتقد أنه حق و تعلق قلبه بذلك و حصل فی نفسه نوع من الرعب و المخافة فإذا حصل الخوف ضعفت القوی الحساسة فحینئذ یتمكن الساحر من أن یفعل حینئذ ما شاء و إن من جرب الأمور و عرف أحوال العالم (1)

علم أن لتعلق القلب أثرا عظیما فی تنفیذ الأعمال و إخفاء الأسرار.

النوع الثامن من السحر السعی بالنمیمة و التضریب من وجوه خفیة لطیفة

و ذلك شائع فی الناس فهذا جملة الكلام فی أقسام السحر و شرح أنواعه و أصنافه و اللّٰه أعلم.

المسألة الحادیة عشر(2)

فی أقوال المسلمین أن هذه الأنواع هل هی ممكنة أم لا أما المعتزلة فقد اتفقوا علی إنكارها إلا النوع المنسوب إلی التخیل و المنسوب إلی إطعام بعض الأدویة المبلدة و المنسوب إلی التضریب و النمیمة و أما الأقسام الخمسة الأول فقد أنكروها و لعلهم كفروا من قال بها و جوز وجودها و أما أهل السنة فقد جوزوا أن یقدر الساحر علی أن یطیر فی الهواء و یقلب الإنسان حمارا و الحمار إنسانا إلا أنهم قالوا إن اللّٰه تعالی هو الخالق لهذه الأشیاء عند ما یقرأ الساحر رقی مخصوصة و كلمات معینة فأما أن یكون المؤثر فی ذلك هو الفلك و النجوم فلا و أما الفلاسفة و المنجمون و الصابئة فقولهم علی ما سلف تقریره.

و احتج أصحابنا علی فساد قول الصابئة أنه قد ثبت أن العالم محدث فوجب أن یكون موجودة قادرا فإن الشی ء الذی حكم العقل بأنه مقدوره إنما یصح أن یكون مقدورا له لكونه ممكنا و الإمكان قدر مشترك بین كل الممكنات فإذن كل الممكنات مقدور لله و لو وجد شی ء من تلك المقدورات بسبب آخر یلزم أن

ص: 297


1- 1. فی المصدر: اهل العالم.
2- 2. فی المصدر: المسألة الرابعة.

یكون ذلك السبب مزیلا لتعلق قدرة اللّٰه تعالی بذلك المقدور فیكون الحادث سببا لعجز اللّٰه و هو محال فثبت أنه یستحیل وقوع شی ء من الممكنات إلا بقدرة اللّٰه و عنده یبطل كل ما قاله الصابئة.

قالوا إذا ثبت هذا النوع فندعی أنه لا یمتنع وقوع هذه الخوارق بإجراء العادة عند سحر السحرة فقد احتجوا(1)

علی وقوع هذا النوع من السحر بالقرآن و الخبر أما القرآن فقوله تعالی فی هذه الآیة وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ و الاستثناء یدل علی حصول الآثار بسببه و أما الأخبار(2) فأحدها ما روی أنه علیه السلام سحر و أن السحر عمل فیه حتی قال إنه لیخیل إلی أنی أقول الشی ء و أفعله و لم أقله و لم أفعله و إن امرأة یهودیة سحرته و جعلت ذلك السحر تحت راعوفة البئر فلما استخرج ذلك زال عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله ذلك العارض و نزلت (3) المعوذتان بسببه.

و ثانیها أن امرأة أتت عائشة فقالت لها إنی ساحرة فهل لی من توبة فقالت و ما سحرك فقالت صرت إلی الموضع الذی فیه هاروت و ماروت ببابل أتعلم علم السحر(4) فقالا لی یا أمة اللّٰه لا تختاری عذاب الآخرة بأمر الدنیا فأبیت فقالا لی اذهبی فبولی علی ذلك الرماد فذهبت لأبول علیه ففكرت فی نفسی فقلت لا فعلت (5) و جئت إلیهما فقلت قد فعلت فقالا لی ما رأیت لما فعلت فقلت ما رأیت شیئا فقالا لی أنت علی رأس أمرك فاتقی اللّٰه و لا تفعلی فأبیت فقالا لی اذهبی فافعلی فذهبت ففعلت فرأیت كأن فارسا مقنعا بالحدید قد خرج من فرجی فصعد إلی السماء فجئتهما فأخبرتهما فقالا

ص: 298


1- 1. اجتمعوا( خ).
2- 2. فی المصدر: فهی واردة عنه صلّی اللّٰه علیه و سلّم متواترة و آحادا، احدها ....
3- 3. فی المصدر: و انزل.
4- 4. فی المصدر: لطلب علم ....
5- 5. فی المصدر: لا أفعل.

إیمانك قد خرج عنك فقد أحسنت السحر فقلت و ما هو قالا لا تریدین شیئا فتصورینه فی وهمك إلا كان فصورت فی نفسی حبا من حنطة فإذا أنا بحب فقلت انزرع فانزرع فخرج من ساعته سنبلا فقلت انطحن فانطحن فقلت انخبز فانخبز و أنا لا أرید شیئا أصوره فی نفسی إلا حصل فقالت عائشة لیست لك توبة.

و ثالثها ما یذكرونه من الحكایات الكثیرة فی هذا الباب و هی مشهورة أما المعتزلة فقد احتجوا علی إنكاره بوجوه أحدها قوله تعالی وَ لا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتی و ثانیها قوله تعالی فی صفة محمد صلی اللّٰه علیه و آله وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً و لو صار صلی اللّٰه علیه و آله مسحورا لما استحقوا الذم بسبب هذا القول و ثالثها أنه لو جاز ذلك من الساحر فكیف یتمیز المعجز من السحر ثم قالوا هذه الدلائل یقینیة و الأخبار التی ذكرتموها من باب الآحاد فلا تصلح معارضة لهذه الدلائل.

المسألة الثانیة عشر(1) فی أن العلم بالسحر لیس بقبیح و لا محظور

اتفق المحققون علی ذلك لأن العلم لذاته شریف و أیضا لعموم قوله تعالی هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ و لأن السحر لو لم (2) یعلم لما أمكن الفرق بینه و بین المعجز و العلم بكون المعجز معجزا واجب و ما یتوقف الواجب علیه فهو واجب فهذا یقتضی أن یكون تحصیل العلم بالسحر واجبا و ما یكون واجبا كیف یصیر حراما و قبیحا.

المسألة الثالثة عشر(3) فی أن الساحر هل یكفر أم لا اختلف الفقهاء فی أن الساحر هل یكفر أم لا رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَتَی كَاهِناً أَوْ عَرَّافاً فَصَدَّقَهُمَا بِقَوْلٍ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَی مُحَمَّدٍ. و اعلم أنه لا نزاع بین الأمة فی أن

ص: 299


1- 1. فی المصدر: المسألة الخامسة.
2- 2. فی المصدر: لو لم یكن یعلم.
3- 3. فی المصدر: المسألة السادسة.

من اعتقد أن الكواكب هی المدبرة لهذا العالم و هی الخالقة لما فیه من الحوادث و الخیرات و الشرور فإنه یكون كافرا علی الإطلاق و هذا هو النوع الأول من السحر و أما النوع الثانی و هو أن یعتقد أنه قد یبلغ روح الإنسان فی التصفیة و القوة إلی حیث یقدر بها علی إیجاد الأجسام و الحیاة و القدرة و تغییر البنیة و الشكل فالأظهر إجماع الأمة أیضا علی تكفیره أما النوع الثالث و هو أن یعتقد الساحر أنه قد یبلغ فی التصفیة و قراءة الرقی و تدخین بعض الأدویة إلی حیث یخلق اللّٰه تعالی فی عقب أفعاله علی سبیل العادة الأجسام و الحیاة و القدرة(1) و تغییر البنیة و الشكل فهنا المعتزلة اتفقوا علی تكفیر من یجوز ذلك قالوا لأنه مع هذا

الاعتقاد لا یمكنه أن یعرف صدق الأنبیاء و الرسل و هذا ركیك من القول فإن لقائل أن یقول إن الإنسان لو ادعی النبوة و كان كاذبا فی دعواه فإنه لا یجوز من اللّٰه تعالی إظهار هذه الأشیاء علی یده لئلا یحصل التلبیس أما إذا لم یدع النبوة و ظهرت هذه الأشیاء علی یده لم یفض ذلك إلی التلبیس لأن المحق یتمیز عن المبطل بما أن المحق تحصل له هذه الأشیاء مع ادعاء النبوة و أما سائر الأنواع التی عددناه من السحر فلا شك أنه لیس بكفر.

فإن قیل إن الیهود لما أضافوا السحر إلی سلیمان قال اللّٰه تعالی تنزیها عنه وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ و هذا یدل علی أن السحر علی الإطلاق كفر و أیضا قال وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ و هذا أیضا یقتضی أن یكون السحر علی الإطلاق كفرا و حكی عن الملكین أنهما لا یعلمان أحدا السحر حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ و هو یدل علی أن السحر كفر علی الإطلاق.

قلنا حكایة الحال یكفی فی صدقها صورة واحدة فنحملها علی سحر من یعتقد إلهیة النجوم

ثم قال بعد إیراد المسألة الرابعة عشر(2)

فی حكم قتل الساحر فهذا هو

ص: 300


1- 1. فی بعض النسخ و كذا فی المصدر: و العقل.
2- 2. فی المصدر: المسألة السابعة.

الكلام الكلی فی السحر و لنرجع إلی التفسیر أما قوله تعالی وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ فظاهر الآیة یقتضی أنهم إنما كفروا لأجل أنهم كانوا یعلمون الناس السحر لأن ترتیب الحكم علی الوصف مشعر بالعلیة و تعلیم ما لا یكون كفرا لا یوجب الكفر فصارت الآیة دالة علی أن تعلیم السحر كفر و علی أن السحر أیضا كفر و لمن منع ذلك أن یقول لا نسلم أن ترتیب الحكم علی الوصف مشعر بالعلیة بل المعنی أنهم كفروا و هم مع ذلك یعلمون السحر.

فإن قیل هذا مشكل لأن اللّٰه أخبر فی آخر الآیة أن الملكین یعلمان السحر فلو كان تعلیم السحر كفرا لزم تكفیر الملكین و أنه غیر جائز لما ثبت أن الملائكة بأسرهم معصومون و أیضا فلأنكم دللتم علی أنه لیس كلما یسمی سحرا فهو كفر.

قلنا اللفظ المشترك لا یكون عاما فی جمیع مسمیاته فنحن نحمل هذا السحر الذی هو كفر علی النوع الأول من الأشیاء المسماة بالسحر و هو اعتقاد إلهیة الكواكب و الاستعانة بها فی إظهار المعجزات و خوارق العادات فهذا السحر كفر و الشیاطین إنما كفروا بإتیانهم بهذا السحر لا بسائر الأقسام و أما الملكان فلا نسلم أنهما إنما علما هذا النوع من السحر بل لعلهما یعلمان سائر الأنواع علی ما قال تعالی فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ و أیضا فبتقدیر أن یقال إنهما علما هذا النوع إنما یكون كفرا إذا قصد المعلم أن یعتقد المتعلم حقیته و كونه صوابا فأما أن یعلمه لیحترز عنه فهذا التعلیم لا یكون كفرا و تعلیم الملائكة كان لأجل أن یصیر المكلف محترزا عنه علی ما قال تعالی حكایة عنهما وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ و أما الشیاطین الذین علموا السحر الناس فكان مقصودهم اعتقاد حقیة هذه الأشیاء فظهر الفرق.

المسألة الخامسة عشر(1)

قرأ نافع و ابن كثیر و عاصم و أبو عمرو بتشدید لكِنَ و الشَّیاطِینُ بالنصب علی أنه اسم لكن و الباقون لكن بالتخفیف

ص: 301


1- 1. فی المصدر: المسألة الثامنة.

و الشیاطین بالرفع و المعنی واحد

أما قوله تعالی وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ ففیه مسائل

الأولی ما فی قوله وَ ما أُنْزِلَ

فیه وجهان الأول أنه بمعنی الذی ثم هؤلاء اختلفوا فیه علی ثلاثة أقوال أولها أنه عطف علی السحر أی یعلمون الناس السحر و یعلمونهم ما أنزل علی الملكین أیضا. و ثانیها أنه عطف علی قوله ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ أی و اتبعوا ما تتلوا الشیاطین افتراء علی ملك سلیمان وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ لأن السحر منه ما هو كفر و هو الذی تتلوا الشیاطین و منه ما تأثیره بالتفریق بین المرء و زوجه و هو الذی أنزل علی الملكین فكأنه تعالی أخبر عن الیهود بأنهم اتبعوا كلا الأمرین و لم یقتصروا علی أحدهما. و ثالثها أن موضعه جر عطفا علی ملك سلیمان و تقدیره ما تتلوا الشیاطین افتراء علی ملك سلیمان و علی ما أنزل علی الملكین و هو اختیار أبی مسلم و أنكر فی الملكین أن یكون السحر نازلا علیهما. و احتج علیه بوجوه الأول أن السحر لو كان نازلا علیهما لكان منزله هو اللّٰه تعالی و ذلك غیر جائز لأن السحر كفر و عبث و لا یلیق باللّٰه تعالی إنزال ذلك. الثانی أن قوله وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ یدل علی أن تعلیم السحر كفر و لو ثبت فی الملائكة أنهم یعلمون السحر لزمهم الكفر و ذلك باطل. الثالث كما لا یجوز فی الأنبیاء أن یبعثوا لتعلیم السحر فكذلك فی الملائكة بالطریق الأولی. الرابع أن السحر لا یضاف إلا إلی الكفرة و الفسقة و الشیاطین المردة فكیف یضاف إلی اللّٰه ما ینهی عنه و یتوعد علیه بالعقاب و هل السحر إلا الباطل المموه و قد جرت عادة اللّٰه تعالی بإبطاله كما قال فی قصة موسی علیه السلام ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ ثم إنه سلك فی تفسیر الآیة مسلكا آخر یخالف قول أكثر المخالفین فقال كما أن الشیاطین نسبوا السحر إلی ملك سلیمان مع أن ملك سلیمان كان مبرأ عنه فكذلك نسبوا ما أنزل علی الملكین إلی السحر مع أن المنزل علیهما كان مبرأ عن السحر و ذلك لأن المنزل علیهما كان هو الشرع و الدین و الدعاء إلی

ص: 302

الخیر و أنهما كانا یعلمان الناس ذلك مع قولهما إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ توكیدا لبعثهم علی القبول و التمثل فكانت طائفة تتمثل و أخری تخالف و تعدل عن ذلك فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما أی من الفتنة و الكفر مقدار ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ و هذا تقریر مذهب أبی مسلم الوجه الثانی أن یكون ما بمعنی الجحد و یكون معطوفا علی قوله وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ كأنه قال لم یكفر سلیمان و لم ینزل علی الملكین سحر لأن السحرة كانت تضیف السحر إلی سلیمان و تزعم أنه مما أنزل علی الملكین ببابل هاروت و ماروت فرد

اللّٰه علیهم فی القولین و قوله وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ جحد أیضا أی لا یعلمان أحدا بل ینهیان عنه أشد النهی و أما قوله حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ أی ابتلاء و امتحان فَلا تَكْفُرْ فهو كقولك ما أمرت فلانا بكذا حتی قلت له إن فعلت كذا نالك كذا أی ما أمرته به بل حذرته عنه.

و اعلم أن هذه الأقوال و إن كانت حسنة إلا أن القول الأول أحسن منها و ذلك لأن عطف قوله وَ ما أُنْزِلَ علی ما یلیه أولی من عطفه علی ما بعد عنه إلا لدلیل منفصل أما قوله لو نزل السحر علیهما لكان منزل ذلك السحر هو اللّٰه تعالی قلنا تعریف صفة الشی ء قد یكون لأجل الترغیب فی إدخاله فی الوجود و قد یكون لأجل أن یقع الاحتراز عنه كما قال الشاعر:

عرفت الشر لا للشر لكن لتوقیه

قوله ثانیا إن تعلیم السحر كفر لقوله تعالی وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ فالجواب أنا بینا أنه واقعة حال فیكفی فی صدقها صورة واحدة و هی ما إذا اشتغل بتعلیم سحر من یقول بإلهیة الكواكب و یكون قصده من ذلك التعلیم إثبات أن ذلك المذهب حق قوله ثالثا إنه لا یجوز بعثة الأنبیاء لتعلیم السحر فكذا الملائكة قلنا لا نسلم أنه لا یجوز بعثة الأنبیاء لتعلیمه بحیث یكون الغرض من ذلك التعلیم التنبیه علی إبطاله قوله رابعا إنما یضاف السحر إلی الكَفَرة أو المَرَدة فكیف یضاف إلی اللّٰه ما ینهی عنه قلنا فرق بین العمل و بین

ص: 303

التعلیم فلم لا یجوز أن یكون العمل به منهیا عنه و أما تعلیمه لغرض التنبیه علی فساده فإنه یكون مأمورا به.

المسألة الثانیة قرأ الحسن الْمَلِكَیْنِ بكسر اللام و هو مروی أیضا عن الضحاك و ابن عباس ثم اختلفوا فقال الحسن كانا عِجْلَین أَقْلَفَیْنِ ببابل یعلمان الناس السحر و قیل كانا رجلین صالحین من الملوك و القراءة المشهورة بفتح اللام و هما كانا ملكین نزلا من السماء و هاروت و ماروت اسمان لهما ثم قیل هما جبرئیل و میكائیل علیهما السلام و قیل غیرهما أما الذین كسروا اللام فقد احتجوا بوجوه أحدها أنه لا یلیق بالملائكة تعلیم السحر. و ثانیها كیف یجوز إنزال الملكین مع قوله وَ لَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِیَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا یُنْظَرُونَ و ثالثها لو أنزل الملكین لكان إما أن یجعلهما فی صورة رجلین أو لا یجعلهما كذلك فإن جعلهما فی صورة رجلین مع أنهما لیسا برجلین كان ذلك تجهیلا و تلبیسا و هو غیر جائز و لو جاز ذلك فلم لا یجوز أن یكون كل واحد من الناس الذین نشاهدهم لا یكون فی الحقیقة إنسانا بل ملكا من الملائكة و إن لم یجعلهما فی صورة الرجلین قدح ذلك فی قوله تعالی وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا و الجواب عن الأول أنا سنبین وجه الحكمة و إنزال الملائكة لتعلیم السحر و عن الثانی أن هذه الآیة عامة و قراءة الْمَلَكَیْنِ بفتح اللام متواترة و خاصة و الخاص یقدم علی العام و عن الثالث أن اللّٰه تعالی ینزلهما فی صورة رجلین و كان الواجب علی المكلفین فی زمان الأنبیاء أن لا یقطعوا علی من صورته صورة الإنسان بكونه إنسانا كما أن فی زمان الرسول صلی اللّٰه علیه و آله كان الواجب علی من شاهد دحیة الكلبی أن لا یقطع بكونه من البشر بل الواجب التوقف فیه.

المسألة الثالثة إذا قلنا بأنهما كانا من الملائكة فقد اختلفوا فی سبب نزولهما فروی عن ابن عباس أن الملائكة لما قالت أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ فأجابهم اللّٰه تعالی بقوله إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ثم إن اللّٰه وكل علیهم جمعا من الملائكة و هم الكرام الكاتبون فكانوا یعرجون بأعمالهم الخبیثة فعجبت الملائكة منهم و من تبقیة اللّٰه إیاهم مع ما یظهر منهم من القبائح ثم أضافوا إلیها

ص: 304

عمل السحر فازداد تعجب الملائكة فأراد اللّٰه تعالی أن یبتلی الملائكة فقال لهم اختاروا ملكین من أعظم الملائكة علما و زهدا و دیانة لإنزالهما إلی الأرض فاختبرهما فاختاروا هاروت و ماروت و ركب فیهما شهوة الإنس و أنزلهما و نهاهما عن الشرك و القتل و الزنا و الشرب فنزلا فذهب إلیهما امرأة من أحسن النساء و هی الزهرة فراوداها عن نفسها فأبت إلا بعد أن یعبدا الصنم و إلا بعد أن یشربا فامتنعا أولا ثم غلبت الشهوة علیهما فأطاعا فی كل ذلك فعند إقدامهما علی الشرب و عبادة الصنم دخل سائل علیهم فقالت إن أظهر هذا السائل للناس ما رأی منا فسد أمرنا فإن أردتما الوصول إلی فاقتلا هذا الرجل فامتنعا منه ثم اشتغلا بقتله فلما فرغا من القتل طلبا المرأة فلم یجداها ثم إن الملكین عند ذلك ندما و تحسرا و تضرعا إلی اللّٰه تعالی فخیرهما بین عذاب الدنیا و عذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنیا و هما معذبان ببابل معلقان بین السماء و الأرض یعلمان الناس السحر.

ثم لهم فی الزهرة قولان أحدهما أن اللّٰه تعالی لما ابتلی الملكین بشهوة بنی آدم أمر اللّٰه الكوكب الذی یقال له الزهرة و فلكها حتی هبط إلی الأرض إلی أن كان ما كان فحینئذ ارتفعت الزهرة و فلكها إلی موضعها من السماء موبخین لهما علی ما شاهداه منهما و القول الثانی أن المرأة كانت فاجرة من أهل الأرض و واقعاها بعد شرب الخمر و قتل النفس و عبادة الصنم ثم علماها الاسم الذی به كانا یعرجان إلی السماء فتكلمت به و عرجت إلی السماء و كان اسمها بیدخت فمسخها اللّٰه تعالی و جعلها هی الزهرة.

و اعلم أن هذه الروایة فاسدة مردودة غیر مقبولة لأنه لیس فی كتاب اللّٰه ما یدل علیها بل فیه ما یبطلها من وجوه الأول ما تقدم من الدلائل الدالة علی عصمة الملائكة عن كل المعاصی و ثانیها أن قولهم إنهما خیرا بین عذاب الدنیا و عذاب الآخرة فاسد بل كان الأولی أن یخیرا بین التوبة و العذاب لأن اللّٰه تعالی خیر بینهما من أشرك به طول عمره فكیف یبخل علیهما بذلك و ثالثها أن من أعجب الأمور قولهم إنهما یعلمان الناس السحر فی حال كونهما معذبین و یدعوان

ص: 305

إلیه و هما یعاقبان.

و لما ظهر فساد هذا القول فنقول السبب فی إنزالهما وجوه أحدها أن السحرة كثرت فی ذلك الزمان و استنبطت أبوابا غریبة و كانوا یدعون النبوة و یتحدون الناس بها فبعث اللّٰه تعالی هذین الملكین لأجل أن یعلما الناس أبواب السحر حتی یتمكنوا من معارضة أولئك الذین كانوا یدعون النبوة كذبا و لا شك أن هذا من أحسن الأغراض و المقاصد.

و ثانیها أن العلم بكون المعجزة مخالفا للسحر متوقف علی العلم بماهیة المعجزة(1) و الناس كانوا جاهلین بماهیة السحر فلا جرم تعذرت علیهم معرفة حقیقة المعجزة فبعث اللّٰه هذین الملكین لتعریف ماهیة السحر لأجل هذا الغرض و ثالثها لا یمتنع أن یقال السحر الذی یوقع الفرقة بین أعداء اللّٰه و الألفة بین أولیاء اللّٰه كان مباحا عندهم أو مندوبا فاللّٰه تعالی بعث الملكین لتعلیم السحر لهذا الغرض ثم إن القوم تعلموا ذلك منهما و استعملوه فی الشر و إیقاع الفرقة بین أولیاء اللّٰه و الألفة بین أعداء اللّٰه و رابعها أن تحصیل العلم بكل شی ء حسن و لما كان السحر منهیا عنه وجب أن یكون متصورا معلوما لأن الذی لا یكون متصورا امتنع النهی عنه و خامسها لعل الجن كان عندهم أنواع من السحر لم یقدر البشر علی الإتیان بمثلها فبعث اللّٰه الملائكة لیعلموا البشر أمورا یقدرون بها علی معارضة الجن و سادسها یجوز أن یكون ذلك تشدیدا فی التكلیف من حیث إذا علمه ما أمكنه أن یتوصل به إلی اللذات العاجلة ثم منعه من استعمالها كان ذلك فی نهایة المشقة فیستوجب به الثواب الزائد كما ابتلی قوم طالوت بالنهر علی ما قال فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ مَنْ لَمْ یَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّی فثبت بهذه الوجوه أنه لا یبعد من اللّٰه تعالی إنزال الملكین لتعلیم السحر.

المسألة الرابعة قال بعضهم هذه الواقعة إنما وقعت فی زمان إدریس علیه السلام

ص: 306


1- 1. فی المصدر: و بماهیة السحر.

لأنهما إذا كانا ملكین نزلا بصورة البشر لهذا الغرض فلا بد من رسول فی وقتهما لیكون ذلك معجزة له و لا یجوز كونهما رسولین لأنه ثبت أنه تعالی لا یبعث الرسول من الملائكة إلی الإنس و اللّٰه أعلم.

المسألة الخامسة هارُوتَ وَ مارُوتَ عطف بیان لملكین علمان لهما و هما اسمان أعجمیان بدلیل منع الصرف و لو كانا من الهرت و المرت و هو الكسر كما زعم بعضهم لانصرفا و قرأ الزهری هَارُوتُ وَ مَارُوتُ بالرفع علی هما هاروت و ماروت و أما قوله تعالی وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فاعلم أنه تعالی شرح حالهما فقال و هذان الملكان لا یعلمان السحر إلا بعد التحذیر الشدید من العمل به و هو قولهما إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ و المراد هاهنا بالفتنة المحنة التی بها یتمیز المطیع عن العاصی كقولهم فتنت الذهب بالنار إذا عرض علی النار لیتمیز الخالص عن المشوب و قد بینا الوجوه فی أنه كیف یحسن بعثة الملكین لتعلیم السحر فالمراد أنهما لا یعلمان أحدا السحر و لا یصفانه لأحد و لا یكشفان له وجوه الاحتیال حتی یبذلا له النصیحة فیقولا له إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ أی هذا الذی نصفه لك و إن كان الغرض فیه أن یتمیز السحر(1)

من المعجز و لكنه یمكنك أن تتوصل إلی المفاسد و المعاصی فإیاك بعد وقوفك علیه أن تستعمله فیما نهیت عنه أو تتوصل به إلی شی ء من الأغراض العاجلة

أما قوله فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ ففیه مسائل

المسألة الأولی ذكروا فی تفسیر هذا التفریق وجهین الأول أن هذا التفریق إنما یكون بأن یعتقد أن ذلك السحر مؤثر فی هذا التفریق فیصیر كافرا و إذا صار كافرا بانت منه امرأته فیحصل التفریق بینهما الثانی یفرق بینهما بالتمویه و التخییل (2) و التضریب و سائر الوجوه المذكورة.

المسألة الثانیة أنه تعالی لم یذكر ذلك لأن الذی یتعلمون منهما لیس

ص: 307


1- 1. فی المصدر: ان یتمیز به الفرق بین السحر و بین المعجز.
2- 2. فی المصدر: و الحیل.

إلا هذا القدر لكن هذه الصورة تنبیها علی سائر الصور فإن استنامة المرء(1)

إلی زوجه و ركونه إلیها معروف زائد علی كل مودة فنبه بذكر ذلك علی أن السحر إذا ما أمكن به هذا الأمر علی شدته فغیره به أولی.

أما قوله وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ فإنه یدل علی ما ذكرناه لأنه أطلق الضرر و لم یقصره علی التفریق بین المرء و زوجه فدل ذلك علی أنه تعالی إنما ذكره لأنه أعلی مراتبه أما قوله بِإِذْنِ اللَّهِ فاعلم أن الإذن حقیقة فی الأمر و اللّٰه لا یأمر بالسحر و لأنه تعالی أراد عیبهم و ذمهم و لو كان قد أمرهم به لما جاز أن یذمهم علیه فلا بد من التأویل و فیه وجوه أحدها قال الحسن المراد منه التخلیة یعنی الساحر إذا سحر إنسانا فإن شاء اللّٰه منعه منه و إن شاء خلی بینه و بین ضرر السحر و ثانیها قال الأصم المراد إلا بعلم اللّٰه و إنما سمی الأذان أذانا لأنه إعلام الناس وقت (2)

الصلاة و سمی الأُذُن أُذُنا لأن بالحاسة القائمة بذلك یدرك الإِذْن و كذلك قوله وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَی النَّاسِ أی إعلام و قوله فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ معناه فاعلموا و قوله فَقُلْ آذَنْتُكُمْ یعنی أعلمتكم و ثالثها أن الضرر الحاصل عند فعل السحر إنما یحصل بخلق اللّٰه تعالی و إیجاده و إبداعه و ما كان كذلك فإنه یصح أن یضاف إلی إذن اللّٰه تعالی كما قال إِنَّما قَوْلُنا لِشَیْ ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَیَكُونُ و رابعها أن یكون المراد بالإذن الأمر و هذا الوجه لا یلیق إلا بأن یفسر التفریق بین المرء و زوجه بأن یصیر كافرا و الكفر یقتضی التفریق فإن هذا حكم شرعی و ذلك لا یكون إلا بأمر اللّٰه

أما قوله وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ففیه مسائل

المسألة الأولی إنما ذكر لفظ الشراء علی سبیل الاستعارة لوجوه أحدها

ص: 308


1- 1. فی المصدر: استكانة المرء.
2- 2. فی المصدر: بوقت.

أنهم لما نبذوا كتاب اللّٰه وراء ظهورهم و أقبلوا علی التمسك بما تتلوا الشیاطین فكأنهم قد اشتروا ذلك السحر بكتاب اللّٰه و ثانیها أن الملكین إنما قصدا بتعلیم السحر الاحتراز عنه لیصل بذلك الاحتراز إلی منافع الآخرة فلما استعمل السحر فكأنه اشتری بمنافع الآخرة منافع الدنیا و ثالثها أنه لما استعمل السحر علمنا أنه إنما تحمل المشقة لیتمكن من ذلك الاستعمال فكأنه اشتری بالمحن التی تحملها قدرته علی ذلك الاستعمال.

المسألة الثانیة قال الأكثرون الخَلاق النصیب

قال القَفَّال یشبه أن یكون أصل الكلمة من الخلق معناه التقدیر و منه خلق الأدیم و منه یقال قدر الرجل كذا درهما رزقا علی عمل كذا و قال الآخرون الخَلاق الخَلاص قال أُمَیة(1)

بن أبی صَلْت:

یدعون بالویل فیها لا خلاق لهم***إلا سرابیل قَطران و أغلال

بقی فی الآیة سؤال و هو أنه كیف أثبت لهم العلم أولا فی قوله وَ لَقَدْ عَلِمُوا ثم نفاه عنهم فی قوله لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ و الجواب من وجوه أحدها أن الذین علموا غیر الذین لم یعلموا فالذین علموا هم الذین علموا السحر و دعوا الناس إلی تعلمه و هم الذین قال اللّٰه فی حقهم نَبَذَ فَرِیقٌ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا یَعْلَمُونَ و أما الجهال الذین یرغبون فی تعلم السحر فهم الذین لا یعلمون و هذا جواب الأخفش و قطرب و ثانیها لو سلمنا أن القوم واحد و لكنهم علموا أشیاء(2) و جهلوا أشیاء أخر علموا أنه لیس لهم فی الآخرة خلاق و لكنهم جهلوا مقدار ما فاتهم من منافع الآخرة و ما حصل لهم من مضارها و عقوباتها و ثالثها لو سلمنا أن القوم واحد و المعلوم واحد و لكنهم لم ینتفعوا بعلمهم بل أعرضوا عنه فصار ذلك العلم كالعدم كما سمی اللّٰه تعالی الكفار صما و بكما

ص: 309


1- 1. فی المصدر: و منه قول أمیّة.
2- 2. فی المصدر: شیئا.

و عمیا إذ لم ینتفعوا بهذه الحواس و یقال للرجل فی شی ء یفعله لكنه لا یضعه موضعه صنعت و لم تصنع انتهی (1).

و إنما أوردت أكثر كلامهم فی هذا المقام مع طوله و اشتماله علی الزوائد الكثیرة لمناسبته لما سیأتی فی بعض الأبواب الآتیة و لتطلع علی مذاهبهم الواهیة فی تلك الأبواب و سأل شیخنا البهائی رحمه اللّٰه بعض أخلائه عن قول البیضاوی فی تفسیر هذه الآیة حیث قال و ما روی من أنهما مثلا بشرین و ركبت فیهما الشهوة فتعرضا لامرأة یقال لها الزهرة فحملتهما علی المعاصی و الشرك ثم صعدت السماء بما تعلمت منهما فمحكی عن الیهود و لعله من رموز الأوائل و حله لا یخفی علی ذوی البصائر بینوا حتی نصیر من ذوی البصائر فأجاب الشیخ رحمه اللّٰه بعد أن أورد هذه القصة نحوا مما رواه الرازی فی هذه القصة هی ما رواه قدماء المفسرین من العامة عن ابن عباس و لم یرتض بهذه الروایة متأخروهم و أطنب الفخر الرازی و غیره فی تزییفها و قال إنها

فاسدة مردودة غیر مقبولة لوجوه ثلاثة إلی آخر ما نقلناه من الوجوه فی عرض كلامه ثم قال و فی كل من هذه الوجوه نظر أما الأول فلأنه لم یثبت بقاؤهما علی العصمة بعد أن مثلهما اللّٰه سبحانه بصورة البشر و ركب فیهما قوتی الشهوة و الغضب و جعلهما كسائر بنی آدم كما یظهر من القصة و أما الثانی فلأن التخییر بین التوبة و العذاب و إن كان هو الأصلح بحالهما لكن فعل الأصلح مطلقا غیر واجب علیه سبحانه علی مذهب هذا المفسر بل فعل الأصلح الذی من هذا القبیل غیر واجب عندنا أیضا فإنا لا نوجب علیه سبحانه كل ما هو أصلح بحال العبد كما ظنه مخالفونا و شنعوا علینا بما شنعوا بل إنما نوجب علیه سبحانه كل أصلح لو لم یفعله كان مناقضا لغرضه كما ذكرته فی الحواشی التی علقتها علی تفسیر البیضاوی و لعله سبحانه لم یلهمهما التوبة و أغفلهما عنها لمصلحة لا یعلمها إلا هو فلا بخل منه سبحانه علی هذا التقدیر.

و أما الثالث فلأن التعلیم حال التعذیب غیر ممتنع و ظنی أن تزییف الفخر

ص: 310


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 1، ص 635- 654.

الرازی لهذه الروایة هو الباعث علی عدول البیضاوی عن حمل هذه القصة علی ظاهرها و تنزیلها علی محض الرمز و الذی سمعته من والدی رحمه اللّٰه فی حله أنه إشارة إلی أن شخص العالم العامل الكامل المقرب من حظائر القدس قد یوكل إلی نفسه الغرارة و لا یلحقه التوفیق و العنایة فینبذ علمه وراء ظهره و یقبل علی مشتهیات نفسه الخبیثة الخسیسة و یطوی كشحه عن اللذات الحقیقیة و المراتب العلیة فینحط إلی أسفل سافلین و الشخص الناقص الجاهل المنغمس فی الأوزار قد یختلط بذلك الشخص العالم قاصدا بذلك الفساد و الفحشاء فیدركه بذلك التوفیق الإلهی فیستفید من ذلك العلم ما یضرب بسببه صفحا عن أدناس دار الغرور و أرجاس عالم الزور و یرتفع ببركة ما یعلمه عن حضیض الجهل و الخسران إلی أوج العزة و العرفان فیصیر به المتعلم فی أرفع درج العلاء و المعلم فی أسفل درك الشقاء و رأیت فی بعض التفاسیر أن المراد بالملكین المذكورین الروح و القلب فإنهما من العالم الروحانی اهبطا إلی العالم الجسمانی لإقامة الحق فافتتنا بزهرة الحیاة الدنیا و وقعا فی شبكة الشهوة فشربا خمر الغفلة و زنیا ببغی الدنیا و عبدا صنم الهوی و قتلا نفسهما بحرمانهما من النعیم الباقی فاستحقا ألیم النكال و قطیع العذاب هذا و هذه القصة كما رواها علماء العامة عن ابن عباس فقد رواها علماؤنا رضوان اللّٰه علیهم عن الإمام أبی جعفر الباقر علیه السلام و ذكرها الشیخ الجلیل أبو علی الطبرسی فی مجمع البیان (1) لكن بین ما رواه العامة و ما رواه أصحابنا اختلاف یسیر فإن الروایة التی رواها أصحابنا لیس فیها أنهما یعلمان الناس السحر فی وقت تعذیبهما بل هی صریحة فی أن التعلیم كان قبل التعذیب و كذلك لیس فیها أن تلك المرأة تعلمت منهما الاسم الأعظم و صعدت ببركته إلی السماء و الحاصل أن هذه القصة مرویة من طرقنا و من طرق العامة معا و لیس من جملة الحكایات الغیر المسندة كما یظهر من كلام الفاضل الدوانی فی شرح العقائد العضدیة حیث قال إن هذه القصة لیست فی كتاب اللّٰه و لا فی سنة رسول اللّٰه ما یدل علی صدقها ثم إنه

ص: 311


1- 1. مجمع البیان: ج 1، ص 170- 177.

استدل علی أنه من جملة الأكاذیب بأن تمكن تلك المرأة من الصعود إلی السماء بما تعلمته من الملكین أعنی الاسم الأعظم و عدم تمكنهما من ذلك مع علمهما به غیر معقول و لا یخفی أن دلیله هذا إنما یتم لو ثبت أنه جل اسمه لم ینسهما الاسم الأعظم بعد اقترافهما تلك الكبائر العظیمة و استحقاقهما الطرد و الخذلان و دون ثبوته خرط القتاد انتهی كلامه رحمه اللّٰه.

لَنْ یَسْتَنْكِفَ أی لم یأنف و لم یمتنع الْمَسِیحُ أَنْ یَكُونَ أی من أن یكون عَبْداً لِلَّهِ وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ أی و لا هم یستكبرون من الإقرار بعبودیة اللّٰه سبحانه قال الطبرسی رحمه اللّٰه استدل بهذه الآیة من قال إن الملائكة أفضل من الأنبیاء قالوا إن تأخیر ذكر الملائكة فی مثل هذا الخطاب یقتضی تفضیلهم لأن العادة لم تجر بأن یقال لن یستنكف الأمیر أن یفعل كذا و لا الحارس بل یقدم الأدون و یؤخر الأعظم فیقال لن یستنكف الوزیر أن یفعل كذا و لا السلطان (1)

و أجاب أصحابنا عن ذلك بأن قالوا إنما أخر ذكر الملائكة لأن جمیع الملائكة أفضل و أكثر ثوابا من المسیح و هذا لا یقتضی أن یكون كل واحد منهم أفضل منه و إنما الخلاف فی ذلك و أیضا فإنا و إن ذهبنا إلی أن الأنبیاء أفضل من الملائكة فإنا نقول مع قولنا بالتفاوت إنه لا تفاوت كثیرا فی الفضل بینهما و مع التقارب و التدانی یحسن أن یقدم ذكر الأفضل أ لا تری أنه یحسن أن یقال ما یستنكف الأمیر فلان و لا الأمیر فلان إذا كانا متساویین فی المنزلة أو متقاربین (2)

و قال البیضاوی لعله أراد بالعطف المبالغة باعتبار التكثیر لا باعتبار التكبیر كقولك أصبح الأمیر لا یخالفه رئیس و لا مرءوس (3).

إِنَّ الَّذِینَ عِنْدَ رَبِّكَ أی مطلق الملائكة أو المقربین منهم وَ لَهُ یَسْجُدُونَ أی یخضعون بالعبادة أو التذلل و لا یشركون به غیره.

ص: 312


1- 1. فی المصدر: و هذا یقتضی فضل الملائكة علی الأنبیاء.
2- 2. مجمع البیان: ج 3، ص 146.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 1، ص 319.

وَ لِلَّهِ یَسْجُدُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ قال البیضاوی أی ینقاد انقیادا یعم الانقیاد لإرادته و تأثیره طبعا و الانقیاد لتكلیفه و أمره طوعا لیصح إسناده إلی عامة أهل السماوات و الأرض و قوله مِنْ دابَّةٍ بیان لهما لأن الدبیب هو الحركة الجسمانیة سواء كان فی أرض أو سماء و الملائكة عطف علی المبین به عطف جبرئیل علی الملائكة للتعظیم أو عطف المجردات علی الجسمانیات و به احتج من قال إن الملائكة أرواح مجردة أو بیان لما فی الأرض و الملائكة تكریر لما فی السماوات و تعیین له إجلالا و تعظیما و المراد بهما ملائكتهما من الحفظة و غیرهم و ما لما استعمل للعقلاء كما استعمل لغیرهم كان استعماله حیث اجتمع القبیلان أولی من إطلاق من تغلیبا للعقلاء وَ هُمْ لا یَسْتَكْبِرُونَ عن عبادته یَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ یخافون أن یرسل عذابا من فوقهم أو یخافونه و هو فوقهم بالقهر و قوله (1) وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ و الجملة حال من الضمیر فی لا یَسْتَكْبِرُونَ أو بیان له و تقریر لأن من خاف اللّٰه لم یستكبر عن عبادته وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ من الطاعة و التدبیر و فیه دلیل علی أن الملائكة مكلفون مدارون بین الخوف و الرجاء(2)

و قال فی قوله وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ حكایة قول جبرئیل حین استبطأه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لما سئل عن أصحاب الكهف و ذی القرنین و الروح و لم یدر ما یجیب و رجا أن یوحی إلیه فیه فأبطأ علیه خمسة عشر یوما و قیل أربعین

حتی قال المشركون ودعه ربه و قلاه ثم نزل تبیان ذلك و التنزل النزول علی مهل لأنه مطاوع نزل و قد یطلق بمعنی النزول مطلقا كما یطلق نزل بمعنی أنزل و المعنی و ما ننزل وقتا غب وقت إلا بأمر اللّٰه تعالی علی ما تقتضیه حكمته لَهُ ما بَیْنَ أَیْدِینا وَ ما خَلْفَنا وَ ما بَیْنَ ذلِكَ و هو ما نحن فیه من الأماكن و الأحایین لا تنتقل (3)

من مكان إلی مكان أو لا تنزل (4) فی زمان دون زمان إلا بأمره و مشیته

ص: 313


1- 1. فی المصدر: لقوله تعالی ....
2- 2. أنوار التنزیل: ج 1، ص 668.
3- 3. فی المصدر: لا ننتقل.
4- 4. فی المصدر: لا ننزل.

وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِیًّا أی تاركا لك أی ما كان عدم النزول إلا لعدم الأمر به و لم یكن ذلك عن ترك اللّٰه لك و تودیعه إیاك كما زعمت الكفرة و إنما كان لحكمة رآها فیه (1) وَ لا یَسْتَحْسِرُونَ أی لا یعبئون منها لا یَفْتُرُونَ حال من الواو فی یسبحون.

وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً نزلت فی خزاعة حیث قالوا الملائكة بنات اللّٰه سُبْحانَهُ تنزیه له عن ذلك بَلْ عِبادٌ أی بل هم عباد من حیث هم مخلوقون و لیسوا بأولاد مُكْرَمُونَ مقربون لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ لا یقولون شیئا حتی یقوله كما هو دیدن العبید المقربین (2) وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ و لا یعملون قط ما لم یأمرهم به یَعْلَمُ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ لا تخفی علیه خافیة مما قدموا و أخروا أو هو كالعلة لما قبله و التمهید لما بعده فإنه لإحاطتهم بذلك یضبطون أنفسهم و یراقبون أحوالهم وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ من عظمته و مهابته مُشْفِقُونَ مرتعدون و أصل الخشیة خوف مع تعظیم و لذلك خص بها العلماء و الإشفاق خوف مع اعتناء فإن عدی بمن فمعنی الخوف فیه أظهر و إن عدی بعلی فبالعكس.

وَ مَنْ یَقُلْ مِنْهُمْ أی من الملائكة أو من الخلائق كَذلِكَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ أی من ظلم بالإشراك و ادعاء الربوبیة و علی تقدیر إرجاع الضمیر إلی الملائكة لا ینافی عصمتهم فإن الفرض لا ینافی امتناع الوقوع كقوله تعالی لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (3) عَلَیْها أی علی النار مَلائِكَةٌ یلی أمرها و هم الزبانیة غِلاظٌ شِدادٌ غلاظ الأقوال شداد الأفعال أو غلاظ الخلق شداد الخلق أقویاء علی الأفعال الشدیدة لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ فیما مضی وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ فیما یستقبل أو لا یمتنعون عن قبول الأوامر و التزامها و یؤدون ما یؤمرون به

ص: 314


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 42.
2- 2. المؤدبین( خ).
3- 3. الزمر: 65.

قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی هذا دلالة علی أن الملائكة الموكلین بالنار معصومون عن القبائح لا یخالفون اللّٰه فی أوامره و نواهیه و قال الجبائی إنما عنی أنهم لا یعصونه و یفعلون ما یأمرهم به فی دار الدنیا لأن الآخرة لیست بدار تكلیف و إنما هی دار جزاء

المؤمنین و إنما أمرهم اللّٰه تعالی بتعذیب أهل النار علی وجه الثواب لهم بأن جعل سرورهم و لذاتهم فی تعذیب أهل النار كما جعل سرورهم (1) و لذاتهم فی الجنة(2)

انتهی.

و أقول كون الآخرة دار جزاء الملائكة غیر معلوم و إنما المعلوم أنها دار جزاء الإنس فلا ینافی كون الملائكة مكلفین فیها بل یمكن أن یكون جزاؤهم مقارنا لأفعالهم من حصول اللذات الحقیقیة و رفع الدرجات الصوریة و المعنویة بل أصل خدماتهم و جزاؤهم كما ورد أن طعامهم التسبیح و شرابهم التقدیس و قال الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی كتاب المقالات أقول إن الملائكة مكلفون و موعودون و متوعدون قال اللّٰه تبارك و تعالی وَ مَنْ یَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّی إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِیهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ و أقول إنهم معصومون مما یوجب لهم العقاب بالنار و علی هذا القول جمهور الإمامیة و سائر المعتزلة و أكثر المرجئة و جماعة من أصحاب الحدیث و قد أنكر قوم من الإمامیة أن تكون الملائكة مكلفین و زعموا أنهم إلی الأعمال مضطرون و وافقهم علی ذلك جماعة من أصحاب الحدیث.

«1»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ بَشَّارٍ الْقَزْوِینِیِّ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَزْوِینِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَیْنِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیَّ الْكُوفِیَّ یَقُولُ: فِی سُهَیْلٍ وَ الزُّهَرَةِ إِنَّهُمَا دَابَّتَانِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ الْمُطِیفِ بِالدُّنْیَا فِی مَوْضِعٍ لَا تَبْلُغُهُ سَفِینَةٌ وَ لَا تَعْمَلُ فِیهِ حِیلَةٌ وَ هُمَا الْمَسْخَانِ الْمَذْكُورَانِ فِی أَصْنَافِ الْمُسُوخِ وَ یَغْلَطُ مَنْ یَزْعُمُ أَنَّهُمَا

ص: 315


1- 1. فی المصدر: سرور المؤمنین و ....
2- 2. مجمع البیان: ج 10، ص 318.

الْكَوْكَبَانِ (1)

وَ لَوْ كَانَا مَلَكَیْنِ لَعُصِمَا فَلَمْ یَعْصِیَا وَ إِنَّمَا سَمَّاهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ مَلَكَیْنِ بِمَعْنَی أَنَّهُمَا خُلِقَا لِیَكُونَا مَلَكَیْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ بِمَعْنَی سَتَكُونُ مَیِّتاً وَ یَكُونُونَ مَوْتَی (2).

بیان: المطیف بالدنیا علی بناء الإفعال أی المحیط یقال فلان یرشح للوزارة أی یربی و یؤهل لها ثم إن هذا الكلام إن كان قاله الأسدی من قبل نفسه فیرد علیه أن الملائكة لیست أمرا تحصل لذات بعد أن لم تكن بل الظاهر أنها من الحقائق التی لا تنفك كالإنسانیة و الحیوانیة إلا أن یكون مراده أنهما لم یكونا من الملائكة بل كانا مما یصلحان ظاهرا أن یخلطا بالملائكة كالشیطان.

«2»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: سَأَلَهُ عَطَا وَ نَحْنُ بِ مَكَّةَ عَنْ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا یَنْزِلُونَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ یَحْفَظُونَ أَعْمَالَ أَوْسَاطِ أَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ وُلْدِ آدَمَ وَ الْجِنِّ فَیَكْتُبُونَ أَعْمَالَهُمْ وَ یَعْرُجُونَ بِهَا إِلَی السَّمَاءِ قَالَ فَضَجَّ أَهْلُ السَّمَاءِ مِنْ مَعَاصِی أَهْلِ أَوْسَاطِ الْأَرْضِ فَتَوَامَزُوا(3) فِیمَا بَیْنَهُمْ مِمَّا یَسْمَعُونَ وَ یَرَوْنَ مِنِ افْتِرَائِهِمُ الْكَذِبَ عَلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ جُرْأَتِهِمْ عَلَیْهِ وَ نَزَّهُوا اللَّهَ مِمَّا یَقُولُ فِیهِ خَلْقُهُ وَ یَصِفُونَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ یَا رَبَّنَا مَا تَغْضَبُ مِمَّا یَعْمَلُ خَلْقُكَ فِی أَرْضِكَ وَ مَا یَصِفُونَ فِیكَ الْكَذِبَ وَ یَقُولُونَ الزُّورَ وَ یَرْتَكِبُونَ الْمَعَاصِیَ وَ قَدْ نَهَیْتَهُمْ عَنْهَا ثُمَّ أَنْتَ تَحْلُمُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِی قَبْضَتِكَ وَ قُدْرَتِكَ وَ خِلَالِ عَافِیَتِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ یُرِیَ الْمَلَائِكَةَ الْقُدْرَةَ وَ نَافِذَ أَمْرِهِ فِی جَمِیعِ خَلْقِهِ وَ یُعَرِّفَ الْمَلَائِكَةَ مَا مَنَّ بِهِ عَلَیْهِمْ

ص: 316


1- 1. فی المصدر: الكوكبان المعروفان بسهیل و الزهرة و ان هاروت و ماروت كانا روحانیین قد هیئا و رشحا للملائكة و لم یبلغ بهما حدّ الملائكة فاختارا المحنة و الابتلاء فكان من امرهما ما كان ....
2- 2. العلل: ج 2، ص 175.
3- 3. فی بعض النسخ« فتغامزوا» و فی المصدر« فتآمروا».

مِمَّا(1) عَدَلَهُ عَنْهُمْ مِنْ صُنْعِ خَلْقِهِ وَ مَا طَبَعَهُمْ عَلَیْهِ مِنَ الطَّاعَةِ وَ عَصَمَهُمْ بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی الْمَلَائِكَةِ أَنِ انْتَدِبُوا(2) مِنْكُمْ مَلَكَیْنِ حَتَّی أُهْبِطَهُمَا إِلَی الْأَرْضِ ثُمَّ أَجْعَلَ فِیهِمَا مِنْ طَبَائِعِ المَطْعَمِ وَ الْمَشْرَبِ وَ الشَّهْوَةِ وَ الْحِرْصِ وَ الْأَمَلِ مِثْلَ مَا جَعَلْتُهُ فِی وُلْدِ آدَمَ ثُمَّ أَخْتَبِرَهُمَا فِی الطَّاعَةِ لِی قَالَ فَنَدَبُوا لِذَلِكَ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ وَ كَانَا أَشَدَّ(3) الْمَلَائِكَةِ قَوْلًا فِی الْعَیْبِ لِوُلْدِ آدَمَ وَ اسْتِئْثَارِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمَا أَنِ اهْبِطَا إِلَی الْأَرْضِ فَقَدْ جَعَلْتُ فِیكُمَا مِنْ طَبَائِعِ المَطْعَمِ وَ الْمَشْرَبِ وَ الشَّهْوَةِ وَ الْحِرْصِ وَ الْأَمَلِ مِثْلَ مَا جَعَلْتُ فِی وُلْدِ آدَمَ قَالَ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمَا انْظُرَا أَنْ لَا تُشْرِكَا بِی شَیْئاً وَ لَا تَقْتُلَا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ وَ لَا تَزْنِیَا وَ لَا تَشْرَبَا الْخَمْرَ قَالَ ثُمَّ كَشَطَ عَنِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ لِیُرِیَهُمَا قُدْرَتَهُ ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَی الْأَرْضِ فِی صُورَةِ الْبَشَرِ وَ لِبَاسِهِمْ فَهَبَطَا نَاحِیَةَ بَابِلَ فَرُفِعَ لَهُمَا بِنَاءٌ مُشْرِفٌ (4) فَأَقْبَلَا نَحْوَهُ فَإِذَا بِحَضْرَتِهِ امْرَأَةٌ جَمِیلَةٌ حَسْنَاءُ مُزَیَّنَةٌ مُعَطَّرَةٌ مُسْفِرَةٌ مُقْبِلَةٌ نَحْوَهُمَا قَالَ فَلَمَّا نَظَرَا إِلَیْهَا وَ نَاطَقَاهَا وَ تَأَمَّلَاهَا وَقَعَتْ فِی قُلُوبِهِمَا مَوْقِعاً شَدِیداً لِمَوْضِعِ الشَّهْوَةِ الَّتِی جُعِلَتْ فِیهِمَا فَرَجَعَا إِلَیْهَا رُجُوعَ فِتْنَةٍ وَ خِذْلَانٍ وَ رَاوَدَاهَا عَنْ نَفْسِهَا فَقَالَتْ لَهُمَا إِنَّ لِی دِیناً أَدِینُ بِهِ وَ لَیْسَ أَقْدِرُ فِی دِینِی عَلَی أَنْ أُجِیبَكُمَا إِلَی مَا تُرِیدَانِ إِلَّا أَنْ تَدْخُلَا فِی دِینِیَ الَّذِی أَدِینُ بِهِ فَقَالا لَهَا وَ مَا دِینُكِ قَالَتْ لِی إِلَهٌ مَنْ عَبَدَهُ وَ سَجَدَ لَهُ كَانَ لِیَ السَّبِیلُ إِلَی أَنْ أُجِیبَهُ إِلَی كُلِّ مَا سَأَلَنِی فَقَالا لَهَا وَ مَا إِلَهُكِ قَالَتْ إِلَهِی هَذَا الصَّنَمُ قَالَ فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَی صَاحِبِهِ فَقَالَ هَاتَانِ خَصْلَتَانِ مِمَّا نُهِینَا عَنْهُمَا الشِّرْكُ وَ الزِّنَا لِأَنَّا إِنْ سَجَدْنَا لِهَذَا الصَّنَمِ وَ عَبَدْنَاهُ أَشْرَكْنَا بِاللَّهِ وَ إِنَّمَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ لِنَصِلَ إِلَی الزِّنَا وَ هُوَ ذَا نَحْنُ نَطْلُبُ الزِّنَا فَلَیْسَ تُعْطَی إِلَّا بِالشِّرْكِ قَالَ فَائْتَمَرَا بَیْنَهُمَا فَغَلَبَتْهُمَا الشَّهْوَةُ الَّتِی جُعِلَتْ فِیهِمَا

ص: 317


1- 1. فی المصدر: و ممّا اعد.
2- 2. ان اندبوا( خ).
3- 3. فی المصدر: من اشد.
4- 4. فی المصدر: فوقع لهما بناء مشرق.

فَقَالا لَهَا نُجِیبُكِ إِلَی مَا سَأَلْتِ فَقَالَتْ فَدُونَكُمَا فَاشْرَبَا هَذِهِ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ قُرْبَانٌ لَكُمَا وَ بِهِ تَصِلَانِ إِلَی مَا تُرِیدَانِ فَائْتَمَرَا بَیْنَهُمَا فَقَالا هَذِهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ مِمَّا نَهَانَا رَبُّنَا عَنْهَا الشِّرْكُ وَ الزِّنَا وَ شُرْبُ الْخَمْرِ وَ إِنَّمَا نَدْخُلُ فِی شُرْبِ الْخَمْرِ وَ الشِّرْكِ حَتَّی نَصِلَ إِلَی الزِّنَا فَائْتَمَرَا بَیْنَهُمَا فَقَالا مَا عظم [أَعْظَمَ] الْبَلِیَّةَ بِكِ قَدْ أَجَبْنَاكِ إِلَی مَا سَأَلْتِ قَالَتْ فَدُونَكُمَا فَاشْرَبَا مِنْ هَذِهِ الْخَمْرِ وَ اعْبُدَا هَذَا الصَّنَمَ وَ اسْجُدَا لَهُ فَشَرِبَا الْخَمْرَ وَ عَبَدَا الصَّنَمَ ثُمَّ رَاوَدَاهُمَا عَنْ نَفْسِهَا فَلَمَّا تَهَیَّأَتْ لَهُمَا وَ تَهَیَّئَا لَهَا دَخَلَ عَلَیْهِمَا سَائِلٌ یَسْأَلُ [هذه] فَلَمَّا أَنْ رَآهُمَا وَ رَأَیَاهُ ذُعِرَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّكُمَا نَابَانِ (1)

ذَعِرَانِ قَدْ خَلَوْتُمَا بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ الْمُعَطَّرَةِ الْحَسْنَاءِ إِنَّكُمَا لَرَجُلَا سَوْءٍ وَ خَرَجَ عَنْهُمَا فَقَالَتْ لَهُمَا لَا وَ إِلَهِی مَا تَصِلَانِ الْآنَ إِلَیَّ وَ قَدِ اطَّلَعَ هَذَا الرَّجُلُ عَلَی حَالِكُمَا وَ عَرَفَ مَكَانَكُمَا وَ یَخْرُجُ الْآنَ وَ یُخْبِرُ بِخَبَرِكُمَا وَ لَكِنْ بَادِرَا إِلَی هَذَا الرَّجُلِ فَاقْتُلَاهُ قَبْلَ أَنْ یَفْضَحَكُمَا وَ یَفْضَحَنِی ثُمَّ دُونَكُمَا فَاقْضِیَا حَاجَتَكُمَا وَ أَنْتُمَا مُطْمَئِنَّانِ آمِنَانِ قَالَ فَقَامَا إِلَی الرَّجُلِ فَأَدْرَكَاهُ فَقَتَلَاهُ ثُمَّ رَجَعَا إِلَیْهَا فَلَمْ یَرَیَاهَا وَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَ نُزِعَ عَنْهُمَا رِیَاشُهُمَا وَ أُسْقِطَا فِی أَیْدِیهِمَا قَالَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمَا أَنْ أَهْبَطْتُكُمَا إِلَی الْأَرْضِ مَعَ خَلْقِی سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ فَعَصَیْتُمَانِی بِأَرْبَعٍ مِنْ مَعَاصِیَ كُلُّهَا قَدْ نَهَیْتُكُمَا عَنْهَا وَ تَقَدَّمْتُ إِلَیْكُمَا فِیهَا فَلَمْ تُرَاقِبَانِی (2) وَ لَمْ تَسْتَحْیِیَا مِنِّی وَ قَدْ كُنْتُمَا أَشَدَّ مَنْ نَقَمَ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ الْمَعَاصِیَ وَ اسْتَجَرَّ أَسَفِی وَ غَضَبِی عَلَیْهِمْ لِمَا جَعَلْتُ فِیكُمَا مِنْ طَبْعِ خَلْقِی وَ عِصْمَتِی إِیَّاكُمَا مِنَ الْمَعَاصِی فَكَیْفَ رَأَیْتُمَا مَوْضِعَ خِذْلَانِی فِیكُمَا اخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْیَا أَوْ عَذَابَ الْآخِرَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ نَتَمَتَّعُ مِنْ شَهَوَاتِنَا فِی الدُّنْیَا إِذْ صِرْنَا إِلَیْهَا إِلَی أَنْ نَصِیرَ إِلَی عَذَابِ الْآخِرَةِ فَقَالَ الْآخَرُ إِنَّ عَذَابَ الدُّنْیَا لَهُ مُدَّةٌ وَ انْقِطَاعٌ وَ عَذَابُ الْآخِرَةِ دَائِمٌ لَا انْقِطَاعَ لَهُ فَلَسْنَا نَخْتَارُ عَذَابَ الْآخِرَةِ الدَّائِمَ الشَّدِیدَ عَلَی عَذَابِ الدُّنْیَا الْمُنْقَطِعِ الْفَانِی قَالَ فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْیَا فَكَانَا یُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ فِی أَرْضِ بَابِلَ ثُمَّ لَمَّا عَلَّمَا النَّاسَ

ص: 318


1- 1. فی المخطوطة: لمرءان.
2- 2. فی المصدر: فلم ترقباه.

السِّحْرَ رُفِعَا مِنَ الْأَرْضِ إِلَی الْهَوَاءِ فَهُمَا مُعَذَّبَانِ مُنَكَّسَانِ مُعَلَّقَانِ فِی الْهَوَاءِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(1).

العیاشی، عن محمد بن قیس: مثله بیان أن انتدبوا فی بعض النسخ أن اندبوا و هو أصوب إذ الظاهر من كلام أكثر اللغویین أن الانتداب لازم قال الجوهری ندبه إلی الأمر فانتدب أی دعاه فأجاب و نحوه قال الفیروزآبادی لكن قال فی المصباح المنیر انتدبته فی الأمر فانتدب یستعمل لازما و متعدیا و قال كشطت البعیر كشطا من باب ضرب مثل سلخت الشاة إذا نحیت جلده و كشطت الشی ء كشطا نحیته و قال الفیروزآبادی الكشط رفعك الشی ء(2)

عن الشی ء قد غشاه و إذا السماء كشطت قلعت كما یقلع السقف و كشط الجل عن الفرس كشفه و فی النهایة فیه یراود عمه علی الإسلام أی یراجعه و یراوده و فی القاموس سقط فی یده و أسقط مضمومتین ذل و أخطأ أو ندم و تحیر و قال نكسه قلبه علی رأسه كنكسه انتهی و أقول یمكن حمل الخبر علی التقیة بقرینة كون السائل من علماء العامة.

«3»- الْعُیُونُ، وَ تَفْسِیرُ الْإِمَامِ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّیاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ قَالَ اتَّبَعُوا مَا تَتْلُو كَفَرَةُ الشَّیَاطِینِ مِنَ السِّحْرِ وَ النَّیْرَنْجَاتِ عَلَی مُلْكِ سُلَیْمَانَ الَّذِینَ یَزْعُمُونَ أَنَّ سُلَیْمَانَ بِهِ مَلَكَ وَ نَحْنُ أَیْضاً بِهِ نُظْهِرُ الْعَجَائِبَ حَتَّی یَنْقَادَ لَنَا النَّاسُ وَ نَسْتَغْنِیَ عَنِ الِانْقِیَادِ لِعَلِیٍّ وَ قَالُوا كَانَ سُلَیْمَانُ كَافِراً سَاحِراً مَاهِراً بِسِحْرِهِ مَلَكَ مَا مَلَكَ وَ قَدَرَ عَلَی مَا قَدَرَ فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمْ فَقَالَ وَ ما كَفَرَ سُلَیْمانُ وَ لَا اسْتَعْمَلَ السِّحْرَ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ وَ لكِنَّ الشَّیاطِینَ كَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ الَّذِی نَسَبُوهُ إِلَی سُلَیْمَانَ وَ إِلَی ما أُنْزِلَ

ص: 319


1- 1. تفسیر القمّیّ: 47- 49.
2- 2. فی المصدر: شیئا.

عَلَی الْمَلَكَیْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ وَ كَانَ بَعْدَ نُوحٍ علیه السلام قَدْ كَثُرَ السَّحَرَةُ وَ الْمُمَوِّهُونَ فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكَیْنِ إِلَی نَبِیِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ بِذِكْرِ مَا یَسْحَرُ بِهِ السَّحَرَةُ وَ ذِكْرِ مَا یُبْطِلُ بِهِ سِحْرَهُمْ وَ یَرُدُّ بِهِ كَیْدَهُمْ فَتَلَقَّاهُ النَّبِیُّ عَنِ الْمَلَكَیْنِ وَ أَدَّاهُ إِلَی عِبَادِ اللَّهِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَقِفُوا بِهِ عَلَی السِّحْرِ وَ أَنْ یُبْطِلُوهُ وَ نَهَاهُمْ أَنْ یَسْحَرُوا بِهِ النَّاسَ وَ هَذَا كَمَا یَدُلُّ عَلَی السَّمِّ مَا هُوَ وَ عَلَی مَا یُدْفَعُ بِهِ غَائِلَةُ السَّمِّ ثُمَّ یُقَالُ لِلْمُتَعَلِّمِ ذَلِكَ هَذَا السَّمُّ فَمَنْ رَأَیْتَهُ یَسُمُّ فَادْفَعْ غَائِلَتَهُ بِكَذَا وَ إِیَّاكَ أَنْ تَقْتُلَ بِالسَّمِّ أَحَداً ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّی یَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ یَعْنِی أَنَّ ذَلِكَ النَّبِیَّ أَمَرَ الْمَلَكَیْنِ أَنْ یَظْهَرَا لِلنَّاسِ بِصُورَةِ بَشَرَیْنِ وَ یُعَلِّمَاهُمَا مَا عَلَّمَهُمَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما یُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ ذَلِكَ السِّحْرَ وَ إِبْطَالَهُ حَتَّی یَقُولا لِلْمُتَعَلِّمِ إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ امْتِحَانٌ لِلْعِبَادِ لِیُطِیعُوا اللَّهَ فِیمَا یَتَعَلَّمُونَ مِنْ هَذَا وَ یُبْطِلُوا بِهِ كَیْدَ السَّاحِرِ(1)

وَ لَا یَسْحَرُوهُمْ فَلا تَكْفُرْ بِاسْتِعْمَالِ هَذَا السِّحْرِ وَ طَلَبِ الْإِضْرَارِ بِهِ وَ دُعَاءِ النَّاسِ إِلَی أَنْ یَعْتَقِدُوا أَنَّكَ بِهِ تُحْیِی وَ تُمِیتُ وَ تَفْعَلُ مَا لَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ فَیَتَعَلَّمُونَ یَعْنِی طَالِبِی السِّحْرِ مِنْهُما یَعْنِی مِمَّا كَتَبَتِ الشَّیَاطِینُ عَلی مُلْكِ سُلَیْمانَ مِنَ النَّیْرَنْجَاتِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَكَیْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ یَتَعَلَّمُونَ مِنْ هَذَیْنِ الصِّنْفَیْنِ ما یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ هَذَا مَنْ (2) یَتَعَلَّمُ لِلْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ یَتَعَلَّمُونَ التَّضْرِیبَ بِضُرُوبِ الْحِیَلِ وَ التَّمَائِمِ وَ الْإِیهَامِ أَنَّهُ قَدْ دَفَنَ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ عَمِلَ كَذَا لِیُحَبِّبَ الْمَرْأَةَ إِلَی الرَّجُلِ وَ الرَّجُلَ إِلَی الْمَرْأَةِ أَوْ یُؤَدِّیَ إِلَی الْفِرَاقِ بَیْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أَیْ مَا الْمُتَعَلِّمُونَ لِذَلِكَ بِضَارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ یَعْنِی بِتَخْلِیَةِ اللَّهِ وَ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَوْ شَاءَ لَمَنَعَهُمْ بِالْجَبْرِ وَ الْقَهْرِ ثُمَّ قَالَ وَ یَتَعَلَّمُونَ ما یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا تَعَلَّمُوا ذَلِكَ السِّحْرَ لِیَسْحَرُوا بِهِ وَ یَضُرُّوا فَقَدْ تَعَلَّمُوا مَا یَضُرُّهُمْ فِی دِینِهِمْ وَ لَا یَنْفَعُهُمْ فِیهِ بَلْ یَنْسَلِخُونَ عَنْ دِینِ اللَّهِ

ص: 320


1- 1. فی المصدر: السحرة.
2- 2. فی المصدر: ما.

بِذَلِكَ وَ لَقَدْ عَلِمَ هَؤُلَاءِ الْمُتَعَلِّمُونَ لَمَنِ اشْتَراهُ بِدِینِهِ الَّذِی یَنْسَلِخُ عَنْهُ بِتَعَلُّمِهِ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ أَیْ مِنْ نَصِیبٍ فِی ثَوَابِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ وَهَنُوهَا(1)

بِالْعَذَابِ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ بَاعُوا الْآخِرَةَ وَ تَرَكُوا نَصِیبَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِینَ لِهَذَا السِّحْرِ هُمُ الَّذِینَ یَعْتَقِدُونَ أَنْ لَا رَسُولَ وَ لَا إِلَهَ وَ لَا بَعْثَ وَ لَا نُشُورَ فَقَالَ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ لِأَنَّهُمْ یَعْتَقِدُونَ أَنْ لَا آخِرَةَ فَهُمْ یَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ آخِرَةٌ فَلَا خَلَاقَ لَهُمْ فِی دَارٍ بَعْدَ الدُّنْیَا وَ إِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّنْیَا آخِرَةٌ فَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِهَا لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِیهَا ثُمَّ قَالَ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ إِذْ بَاعُوا الْآخِرَةَ بِالدُّنْیَا وَ رَهَنُوا بِالْعَذَابِ الدَّائِمِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ قَدْ بَاعُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَذَابِ وَ لَكِنْ لَا یَعْلَمُونَ ذَلِكَ لِكُفْرِهِمْ بِهِ فَلَمَّا تَرَكُوا النَّظَرَ فِی حُجَجِ اللَّهِ حَتَّی یَعْلَمُوا عَذَابَهُمْ عَلَی اعْتِقَادِهِمُ الْبَاطِلَ وَ جَحْدِهِمْ الْحَقَّ.

قَالَ یُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَیَّارٍ عَنْ أَبَوَیْهِمَا أَنَّهُمَا قَالا: فَقُلْنَا لِلْحَسَنِ أَبِی الْقَائِمِ علیه السلام فَإِنَّ قَوْماً عِنْدَنَا یَزْعُمُونَ أَنَّ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ مَلَكَانِ اخْتَارَتْهُمَا الْمَلَائِكَةُ لَمَّا كَثُرَ عِصْیَانُ بَنِی آدَمَ وَ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ مَعَ ثَالِثٍ لَهُمَا إِلَی (2)

الدُّنْیَا وَ أَنَّهُمَا افْتَتَنَا بِالزُّهَرَةِ وَ أَرَادَا الزِّنَا بِهَا وَ شَرِبَا الْخَمْرَ وَ قَتَلَا النَّفْسَ الْمُحْتَرَمَةَ وَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یُعَذِّبُهُمَا بِبَابِلَ وَ أَنَّ السَّحَرَةَ مِنْهُمَا یَتَعَلَّمُونَ السِّحْرَ وَ أَنَّ اللَّهَ مَسَخَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ هَذَا الْكَوْكَبَ الَّذِی هُوَ الزُّهَرَةُ فَقَالَ الْإِمَامُ علیه السلام مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ إِنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ مَعْصُومُونَ مَحْفُوظُونَ مِنَ الْكُفْرِ وَ الْقَبَائِحِ بِأَلْطَافِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِمْ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ یَعْنِی مِنَ الْمَلَائِكَةِ لا یَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ لا یَسْتَحْسِرُونَ یُسَبِّحُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لا یَفْتُرُونَ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی الْمَلَائِكَةِ أَیْضاً بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ یَعْلَمُ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضی وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ

ص: 321


1- 1. فی المصدر: و رهنوها.
2- 2. فی المصدر: الی دار الدنیا.

مُشْفِقُونَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَوْ كَانَ كَمَا یَقُولُونَ كَانَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةَ خُلَفَاءَ عَلَی الْأَرْضِ (1)

وَ كَانُوا كَالْأَنْبِیَاءِ فِی الدُّنْیَا أَوْ كَالْأَئِمَّةِ فَیَكُونُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام قَتْلُ النَّفْسِ وَ الزِّنَا ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَ وَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یُخْلِ الدُّنْیَا قَطُّ مِنْ نَبِیٍّ أَوْ إِمَامٍ مِنَ الْبَشَرِ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ یَعْنِی إِلَی الْخَلْقِ إِلَّا رِجالًا نُوحِی إِلَیْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُری فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ یَبْعَثِ الْمَلَائِكَةَ إِلَی الْأَرْضِ لِیَكُونُوا أَئِمَّةً وَ حُكَّاماً وَ إِنَّمَا أُرْسِلُوا إِلَی أَنْبِیَاءِ اللَّهِ قَالا قُلْنَا لَهُ فَعَلَی هَذَا لَمْ یَكُنْ إِبْلِیسُ أَیْضاً مَلَكاً فَقَالَ لَا بَلْ كَانَ مِنَ الْجِنِّ أَ مَا تَسْمَعَانِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ كانَ مِنَ الْجِنِ فَأَخْبَرَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْجِنِّ وَ هُوَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.

قَالَ الْإِمَامُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اخْتَارَنَا مَعَاشِرَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اخْتَارَ النَّبِیِّینَ وَ اخْتَارَ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِینَ وَ مَا اخْتَارَهُمْ إِلَّا عَلَی عِلْمٍ مِنْهُ بِهِمْ أَنَّهُمْ لَا یُوَاقِعُونَ مَا یَخْرُجُونَ بِهِ عَنْ وَلَایَتِهِ وَ یَنْقَلِعُونَ بِهِ عَنْ عِصْمَتِهِ وَ یَنْتَمُونَ بِهِ إِلَی الْمُسْتَحِقِّینَ لِعَذَابِهِ وَ نِقْمَتِهِ قَالا فَقُلْنَا لَهُ فَقَدْ رُوِیَ لَنَا أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا نَصَّ عَلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْإِمَامَةِ عَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَلَایَتَهُ فِی السَّمَاوَاتِ عَلَی فِئَامٍ (2)

مِنَ النَّاسِ وَ فِئَامٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَأَبَوْهَا فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ ضَفَادِعَ فَقَالَ علیه السلام مَعَاذَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ لَنَا الْمُفْتَرُونَ عَلَیْنَا الْمَلَائِكَةُ هُمْ رُسُلُ اللَّهِ فَهُمْ كَسَائِرِ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ إِلَی الْخَلْقِ فَیَكُونُ مِنْهُمُ الْكُفْرُ بِاللَّهِ قُلْنَا لَا قَالَ فَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ شَأْنَ الْمَلَائِكَةِ لَعَظِیمٌ وَ إِنَّ خَطْبَهُمْ لَجَلِیلٌ (3).

الْإِحْتِجَاجُ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام: مِنْ قَوْلِهِ فَقُلْنَا لِلْحَسَنِ

ص: 322


1- 1. فی المصدر: فی الأرض.
2- 2. الفئام: الجماعة من الناس و لا واحد له من لفظه.
3- 3. العیون: ج 1، ص 266- 271.

أَبِی الْقَائِمِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

توضیح: قال فی النهایة الفئام مهموزا الجماعة الكثیرة انتهی و أقول قد فسر فی خبر فضل یوم الغدیر بمائة ألف.

«4»- الْعُیُونُ، عَنْ تَمِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: سَمِعْتُ الْمَأْمُونَ یَسْأَلُ الرِّضَا عَلِیَّ بْنَ مُوسَی علیه السلام عَمَّا یَرْوِیهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِ الزُّهَرَةِ وَ أَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً فُتِنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ وَ مَا یَرْوُونَهُ مِنْ أَمْرِ سُهَیْلٍ وَ أَنَّهُ كَانَ عَشَّاراً بِالْیَمَنِ فَقَالَ كَذَبُوا فِی قَوْلِهِمْ إِنَّهُمَا كَوْكَبَانِ وَ إِنَّمَا كَانَتَا دَابَّتَیْنِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ فَغَلِطَ النَّاسُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمَا كَوْكَبَانِ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَمْسَخَ أَعْدَاءَهُ أَنْوَاراً مُضِیئَةً ثُمَّ یُبْقِیَهَا مَا بَقِیَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ إِنَّ الْمُسُوخَ لَمْ یَبْقَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ حَتَّی مَاتَتْ وَ مَا تَنَاسَلَ مِنْهَا شَیْ ءٌ وَ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ الْیَوْمَ مَسْخٌ وَ إِنَّ الَّتِی وَقَعَ عَلَیْهَا اسْمُ الْمُسُوخِیَّةِ مِثْلُ الْقِرَدَةِ وَ الْخِنْزِیرِ وَ الدُّبِّ وَ أَشْبَاهِهَا إِنَّمَا هِیَ مِثْلُ مَا مَسَخَ اللَّهُ عَلَی صُوَرِهَا قَوْماً غَضِبَ عَلَیْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ بِإِنْكَارِهِمْ تَوْحِیدَ اللَّهِ وَ تَكْذِیبِهِمْ رُسُلَهُ وَ أَمَّا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ فَكَانَا مَلَكَیْنِ عَلَّمَا النَّاسَ السِّحْرَ لِیَتَحَرَّزُوا بِهِ مِنْ سِحْرِ السَّحَرَةِ وَ یُبْطِلُوا بِهِ كَیْدَهُمْ وَ مَا عَلَّمَا أَحَداً مِنْ ذَلِكَ إِلَّا قَالا لَهُ إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَكَفَرَ قَوْمٌ بِاسْتِعْمَالِهِمْ لِمَا أُمِرُوا بِالاحْتِرَازِ مِنْهُ وَ جَعَلُوا یُفَرِّقُونَ بِمَا یَعْرِفُونَهُ (2) بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ یَعْنِی بِعِلْمِهِ (3).

«5»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ زَعْلَانَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام: أَنَّهُ عَدَّ الْمُسُوخَ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ مُسِخَتِ الزُّهَرَةُ لِأَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً فُتِنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ (4).

ص: 323


1- 1. الاحتجاج: 255.
2- 2. فی المصدر: بما تعلموه.
3- 3. العیون: ج 1، ص 271.
4- 4. العلل: ج 2، ص 171.

«6»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَإِنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً تُسَمَّی نَاهِیدَ وَ هِیَ الَّتِی تَقُولُ النَّاسُ إِنَّهُ افْتَتَنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ (1).

«7»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَكَانَتِ امْرَأَةً فتنت [فُتِنَ] بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ فَمَسَخَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الزُّهَرَةَ(2).

«8»- وَ مِنْهُ، بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: وَ أَمَّا الزُّهَرَةُ فَكَانَتِ امْرَأَةً نَصْرَانِیَّةً وَ كَانَتْ لِبَعْضِ مُلُوكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ هِیَ الَّتِی فُتِنَ بِهَا هَارُوتُ وَ مَارُوتُ وَ كَانَ اسْمُهَا نَاهِیلَ وَ النَّاسُ یَقُولُونَ نَاهِیدَ(3).

أقول: سنذكر الأخبار بأسانیدها فی باب المسوخات إن شاء اللّٰه.

«9»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ: كُنْتُ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَسَمِعْتُ عَلِیّاً وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ نَادَاهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ هُوَ فِی مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا الْهُدَی قَالَ لَعَنَكَ اللَّهُ وَ لَمْ یُسْمِعْهُ مَا الْهُدَی تُرِیدُ وَ لَكِنَّ الْعَمَی تُرِیدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ ادْنُ فَدَنَا مِنْهُ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْیَاءَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ هَذِهِ الْكَوْكَبَةِ الْحَمْرَاءِ یَعْنِی الزُّهَرَةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ مَلَائِكَتَهُ عَلَی خَلْقِهِ وَ هُمْ عَلَی مَعْصِیَةٍ مِنْ مَعَاصِیهِ فَقَالَ الْمَلَكَانِ هَارُوتُ وَ مَارُوتُ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ خَلَقْتَ أَبَاهُمْ بِیَدِكَ وَ أَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ یَعْصُونَكَ قَالَ فَلَعَلَّكُمْ إِذَا ابْتُلِیتُمْ بِمِثْلِ الَّذِی ابتلوهم [ابْتَلَیْتُهُمْ] بِهِ عَصَیْتُمُونِی كَمَا عَصَوْنِی قَالا لَا وَ عِزَّتِكَ قَالَ فَابْتَلَاهُمَا بِمِثْلِ الَّذِی ابْتَلَی بِهِ بَنِی آدَمَ مِنَ الشَّهْوَةِ ثُمَّ أَمَرَهُمَا أَنْ لَا یُشْرِكَا بِهِ شَیْئاً وَ لَا یَقْتُلَا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ وَ لَا یَزْنِیَا وَ لَا یَشْرَبَا الْخَمْرَ ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَی الْأَرْضِ فَكَانَا یَقْضِیَانِ بَیْنَ النَّاسِ هَذَا فِی نَاحِیَةٍ وَ هَذَا فِی نَاحِیَةٍ فَكَانَا بِذَلِكَ حَتَّی أَتَتْ أَحَدَهُمَا هَذِهِ الْكَوْكَبَةُ تُخَاصِمُ إِلَیْهِ وَ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ لَهَا الْحَقُّ لَكِ وَ لَا أَقْضِی لَكِ حَتَّی تُمَكِّنِینِی مِنْ نَفْسِكِ فَوَاعَدَتْ یَوْماً ثُمَّ أَتَتِ الْآخَرَ فَلَمَّا خَاصَمَتْ إِلَیْهِ وَقَعَتْ فِی نَفْسِهِ وَ

ص: 324


1- 1. العلل: ج 2، ص 173.
2- 2. العلل: ج 2، ص 173، و الروایة عن الصادق لا عن الرضا علیهما السلام.
3- 3. العلل: ج 2، ص 174.

أَعْجَبَتْهُ كَمَا أَعْجَبَتِ الْآخَرَ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ مَقَالَةِ صَاحِبِهِ فَوَاعَدَتْهُ السَّاعَةَ الَّتِی وَاعَدَتْ صَاحِبَهُ فَاتَّفَقَا جَمِیعاً عِنْدَهَا فِی تِلْكَ السَّاعَةِ فَاسْتَحْیَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ حَیْثُ رَآهُ وَ طَأْطَآ رُءُوسَهُمَا وَ نَكَسَا ثُمَّ نُزِعَ الْحَیَاءُ مِنْهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ یَا هَذَا جَاءَ بِیَ الَّذِی جَاءَ بِكَ قَالَ ثُمَّ رَاوَدَاهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ عَلَیْهِمَا حَتَّی یَسْجُدَا لِوَثَنِهَا وَ یَشْرَبَا مِنْ شَرَابِهَا وَ أَبَیَا عَلَیْهَا وَ سَأَلَاهَا فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ یَشْرَبَا مِنْ شَرَابِهَا فَلَمَّا شَرِبَا صَلَّیَا لِوَثَنِهَا وَ دَخَلَ مِسْكِینٌ فَرَآهُمَا فَقَالَتْ لَهُمَا یَخْرُجُ هَذَا فَیُخْبِرُ عَنْكُمَا فَقَامَا إِلَیْهِ فَقَتَلَاهُ ثُمَّ رَاوَدَاهَا

عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ حَتَّی یُخْبِرَاهَا بِمَا یَصْعَدَانِ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ فَأَبَیَا وَ أَبَتْ أَنْ تَفْعَلَ فَأَخْبَرَاهَا فَقَالَتْ ذَلِكَ لِتُجَرِّبَ مَقَالَتَهُمَا وَ صَعِدَتْ فَرَفَعَا أَبْصَارَهُمَا إِلَیْهَا فَرَأَیَا أَهْلَ السَّمَاءِ مُشْرِفِینَ عَلَیْهِمَا یَنْظُرُونَ إِلَیْهِمَا وَ تَنَاهَتْ إِلَی السَّمَاءِ فَمُسِخَتْ فَهِیَ الْكَوْكَبَةُ الَّتِی تُرَی.

«10»- وَ مِنْهُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی وَلَّادٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِنَا وَرِعاً مُسْلِماً كَثِیرَ الصَّلَاةِ قَدِ ابْتُلِیَ بِحُبِّ اللَّهْوِ وَ هُوَ یَسْمَعُ الْغِنَاءَ فَقَالَ أَ یَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنَ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا أَوْ مِنْ صَوْمٍ أَوْ مِنْ عِیَادَةِ مَرِیضٍ أَوْ حُضُورِ جِنَازَةٍ أَوْ زِیَارَةِ أَخٍ قَالَ قُلْتُ لَا لَیْسَ یَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ شَیْ ءٍ مِنَ الْخَیْرِ وَ الْبِرِّ قَالَ فَقَالَ هَذَا مِنْ خُطُوَاتِ الشَّیْطَانِ مَغْفُورٌ لَهُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَابُوا وُلْدَ آدَمَ فِی اللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ أَعْنِی ذَلِكُمُ الْحَلَالَ لَیْسَ الْحَرَامَ قَالَ فَأَنِفَ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِینَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ مِنْ تَعْیِیرِ الْمَلَائِكَةِ لَهُمْ قَالَ فَأَلْقَی اللَّهُ فِی هِمَّةِ أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ اللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ كَیْلَا یَعِیبُونَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَلَمَّا أَحَسُّوا ذَلِكَ مِنْ هِمَمِهِمْ عَجُّوا إِلَی اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا رَبَّنَا عَفْوَكَ عَفْوَكَ رُدَّنَا إِلَی مَا خَلَقْتَنَا لَهُ وَ اخْتَرْتَنَا عَلَیْهِ فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ نَصِیرَ فِی أَمْرٍ مَرِیجٍ قَالَ فَنَزَعَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ هِمَمِهِمْ قَالَ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ وَ صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِی الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةُ عَلَی أَهْلِ الْجَنَّةِ فَیُؤْذَنُ لَهُمْ فَیَدْخُلُونَ عَلَیْهِمْ فَیُسَلِّمُونَ عَلَیْهِمْ وَ یَقُولُونَ لَهُمْ سَلامٌ عَلَیْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فِی الدُّنْیَا عَنِ اللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ الْحَلَالِ.

ص: 325

بیان: أنف من الشی ء كعلم استنكف و مرج الدین و الأمر خلط و اضطرب.

«11»- الْإِقْبَالُ، عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام: فِی دُعَاءِ عَرَفَةَ اللَّهُمَّ إِنَّ مَلَائِكَتَكَ مُشْفِقُونَ مِنْ خَشْیَتِكَ سَامِعُونَ مُطِیعُونَ لَكَ وَ هُمْ بِأَمْرِكَ یَعْمَلُونَ لَا یَفْتُرُونَ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ یُسَبِّحُونَ (1).

«12»- الْإِحْتِجَاجُ،: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ فَمَا تَقُولُ فِی الْمَلَكَیْنِ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ وَ مَا یَقُولُ النَّاسُ بِأَنَّهُمَا یُعَلِّمَانِ السِّحْرَ قَالَ إِنَّهُمَا مَوْضِعُ ابْتِلَاءٍ وَ مَوْقِفُ (2)

فِتْنَةٍ تَسْبِیحُهُمَا الْیَوْمَ لَوْ فَعَلَ الْإِنْسَانُ كَذَا وَ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَ لَوْ یُعَالِجُ بِكَذَا وَ كَذَا لَصَارَ كَذَا أَصْنَافُ السِّحْرِ فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا یَخْرُجُ مِنْهُمَا فَیَقُولَانِ لَهُمْ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَأْخُذُوا عَنَّا مَا یَضُرُّكُمْ وَ لَا یَنْفَعُكُمْ (3).

ص: 326


1- 1. الإقبال: 366.
2- 2. فی المصدر: موقع.
3- 3. الاحتجاج: 185.

أبواب العناصر و كائنات الجو و المعادن و الجبال و الأنهار و البلدان و الأقالیم

اشارة

أبواب العناصر و كائنات الجو(1)

و المعادن و الجبال و الأنهار و البلدان و الأقالیم

باب 26 النار و أقسامها

الآیات:

یس: الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (2)

الواقعة: أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِینَ (3)

تفسیر:

قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أی جعل لكم من الشجر الرطب المطفئ للنار نارا محرقة یعنی بذلك المرخ و العفار و هما شجران تتخذ الأعراب زنودها منهما فبین سبحانه أن من قدر علی أن یجعل فی الشجر الأخضر الذی هو فی غایة الرطوبة نارا حامیة مع مضادة النار للرطوبة حتی إذا احتاج الإنسان حك بعضه ببعض فخرج منه النار و ینقدح قدر علی الإعادة و تقول العرب فی كل شجر نار و استمجد المرخ و العفار و قال الكلبی كل شجر تنقدح منه النار إلا العناب (4).

ص: 327


1- 1. فی بعض النسخ: البحر.
2- 2. یس: 80.
3- 3. الواقعة: 71- 73.
4- 4. مجمع البیان: ج 8، ص 435.

أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ أی تستخرجونها(1)

بزنادكم من الشجر أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها التی تنقدح النار منها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ لها فلا یمكن أحدا أن یقول إنه أنشأ تلك الشجرة غیر اللّٰه تعالی و العرب تقدح بالزند و الزندة و هو خشب یحك بعضه ببعض فتخرج منه النار نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً أی نحن جعلنا هذه النار تذكرة للنار الكبری فإذا رآها الرائی ذكر جهنم و استعاذ باللّٰه منها و قیل تذكرة لقدرة اللّٰه تعالی علی المعاد وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِینَ أی بلغة و منفعة للمسافرین یعنی الذین نزلوا الأرض القی و هو القفر و قیل للمستمتعین بها من الناس أجمعین المسافرین و الحاضرین و المعنی أن جمیعهم یستضیئون بها فی الظلمة و یصطلون فی البرد و ینتفعون بها فی الطبخ و الخبز و علی هذا فیكون المقوی من الأضداد أی الذی صار ذا قوة من المال و النعمة و الذاهب ماله النازل بالقواء من الأرض أی متاعا للأغنیاء و الفقراء(2) انتهی.

و قال الرازی فی شجرة النار وجوه أحدها أنها الشجرة التی توری النار منها بالزند و الزندة و ثانیها الشجرة التی تصلح لإیقاد النار كالحطب فإنها لو لم تكن لم یسهل إیقاد النار لأن النار لا تتعلق بكل شی ء كما تتعلق بالحطب و ثالثها أصول شعلها و فروعها شجرتها و لو لا أنها ذات (3)

شعب لما صلحت لإنضاج الأشیاء(4).

و قال البیضاوی نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً أی تبصرة فی أمر البعث أو فی الظلام أو تذكیرا أو أنموذجا لنار جهنم وَ مَتاعاً أی منفعة لِلْمُقْوِینَ للذین ینزلون القوی و هی القفراء و للذین خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام من أقوت الدار إذا خلت من ساكنیها(5) انتهی.

ص: 328


1- 1. فی المصدر: و تقدحونها:
2- 2. مجمع البیان: ج 9، ص 224.
3- 3. فی المصدر: و وقود شجرتها و لو لا كونها ذات شعل ....
4- 4. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 93.
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 493.

و قال الجوهری و فی المثل فی كل شجر نار و استمجد المرخ و العفار أی استكثرا منها كأنهما أخذا من النار ما هو جسمهما و یقال لأنهما یسرعان الوری فشبها بمن یكثر من العطاء طلبا للمجد و قال المرخ شجر سریع الوری و العفار الزند و هو الأعلی و المرخ الزندة و هی الأسفل.

«1»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ أَحْمَدَ(1)

بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْأَشْعَرِیِّ عَنْ صَالِحٍ یَرْفَعُهُ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَرْبَعَةٌ الْقَلِیلُ مِنْهَا كَثِیرٌ النَّارُ الْقَلِیلُ مِنْهَا كَثِیرٌ وَ النَّوْمُ الْقَلِیلُ مِنْهُ كَثِیرٌ وَ الْمَرَضُ الْقَلِیلُ مِنْهُ كَثِیرٌ وَ الْعَدَاوَةُ الْقَلِیلُ مِنْهَا كَثِیرٌ(2).

بیان: النار أی نار القیامة القلیل منها كثیر فی الضرر أو الأعم من نار الدنیا و نار الآخرة فالقلیل منها كثیر فی النفع و الضرر معا فإن قلیلا من النار یضی ء كثیرا من الأمكنة و ینتفع بها فی جمیع الأمور و یحرق قلیل منها عالما و النوم القلیل منه كثیر فی المنفعة و المرض و العداوة فی الضرر فقط و إن احتمل التعمیم فی الأول بل فی الثانی أیضا علی تكلف شدید.

«2»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ النِّیرَانِ فَقَالَ نَارٌ تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ وَ نَارٌ تَأْكُلُ وَ لَا تَشْرَبُ وَ نَارٌ تَشْرَبُ وَ لَا تَأْكُلُ وَ نَارٌ لَا تَأْكُلُ وَ لَا تَشْرَبُ فَالنَّارُ الَّتِی تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ فَنَارُ ابْنِ آدَمَ وَ جَمِیعِ الْحَیَوَانِ وَ الَّتِی تَأْكُلُ وَ لَا تَشْرَبُ فَنَارُ الْوَقُودِ وَ الَّتِی تَشْرَبُ وَ لَا تَأْكُلُ فَنَارُ الشَّجَرَةِ وَ الَّتِی لَا تَأْكُلُ وَ لَا تَشْرَبُ فَنَارُ الْقَدَّاحَةِ وَ الْحُبَاحِبِ (3)

الْخَبَرَ.

بیان: فنار ابن آدم أی الحرارة الغریزیة فی بدن الحیوانات فإنها تحلل الرطوبات و تخرج الحیوان إلی الماء و الغذاء معا و نار الوقود النار التی

ص: 329


1- 1. فی المصدر: عن محمّد بن أحمد بن یحیی بن عمران.
2- 2. الخصال: 111.
3- 3. الخصال: 106.

تتقد فی الحطب و تشتعل فإنها تأكل الحطب مجازا أی تكسره و تفنیه و تقلبه و لا تشرب ماء بل هو مضاد لها و نار الشجرة هی الكامنة مادتها أو أصلها فی الشجر الأخضر كما مر فإنها تشرب الماء ظاهرا و تصیر سببا لنمو شجرتها و لا تأكل ظاهرا و إن كان للتراب أیضا مدخل فی نموها أو المعنی أن عند احتكاك الغصنین الرطبین یظهر الماء فكأن النار الظاهر منها یشربها و القداحة و القداح الحجر الذی یوری النار ذكره الجوهری و قال الحباحب (1)

بالضم اسم رجل بخیل كان لا یوقد إلا نارا ضعیفة مخافة الضیفان فضربوا بها المثال حتی قالوا نار الحباحب لما تقدحه الخیل بحوافرها و ربما قالوا نار أبی حباحب و هو ذباب یطیر باللیل كأنه نار و ربما جعلوا الحباحب اسما لتلك النار و قال الفیروزآبادی الحباحب بالضم ذباب یطیر باللیل له شعاع كالسراج

و منه نار الحباحب أو هی ما اقتدح من شرر النار فی الهواء من تصادم الحجارة أو كان أبو حباحب من محارب و كان لا یوقد ناره إلا بالحطب الشخت لئلا تری أو هی من الحبحبة الضعف أو هی الشرر یسقط من الزناد انتهی و المراد بهذه النار ما كمن منها أو من مادتها فی الحجر و الحدید فإنها لا تصل إلیها ماء و لا غذاء أو عند قدحها قبل اتقادها فی قطن أو حطب لا تصادف ماء و لا شیئا آخر.

«3»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ الزِّنْدِیقُ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ السِّرَاجِ إِذَا انْطَفَأَ أَیْنَ یَذْهَبُ نُورُهُ قَالَ یَذْهَبُ وَ لَا یَعُودُ قَالَ فَمَا أَنْكَرْتَ أَنْ یَكُونَ الْإِنْسَانُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا مَاتَ وَ فَارَقَ الرُّوحُ الْبَدَنَ لَمْ یَرْجِعْ إِلَیْهِ أَبَداً(2)

قَالَ لَمْ تُصِبِ الْقِیَاسَ إِنَّ النَّارَ فِی الْأَجْسَامِ كَامِنَةٌ وَ الْأَجْسَامَ قَائِمَةٌ بِأَعْیَانِهَا كَالْحَجَرِ وَ الْحَدِیدِ فَإِذَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ(3) سَطَعَتْ مِنْ بَیْنِهِمَا نَارٌ تُقْتَبَسُ مِنْهَا سِرَاجٌ لَهُ الضَّوْءُ فَالنَّارُ ثَابِتَةٌ فِی أَجْسَامِهَا وَ الضَّوْءُ ذَاهِبٌ (4) الْخَبَرَ.

ص: 330


1- 1. فی القاموس: الحبحاب.
2- 2. فی المصدر: كما لا یرجع ضوء السراج إلیه ابدا إذا انطفی.
3- 3. فی المصدر: بالآخر.
4- 4. الاحتجاج: 191.

«4»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: الَّذِی جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ وَ هُوَ الْمَرْخُ وَ الْعَفَارُ یَكُونُ فِی نَاحِیَةِ بِلَادِ الْعَرَبِ (1)

فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ یَسْتَوْقِدُوا أَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ الشَّجَرِ ثُمَّ أَخَذُوا عُوداً فَحَرَّكُوهُ فِیهِ فَیَسْتَوْقِدُوا مِنْهُ النَّارَ(2).

فائدة اعلم أن المشهور بین الحكماء و المتكلمین أن العناصر أربعة النار و الهواء و الماء و الأرض كما تشهد به الشواهد الحسیة و التجربیة و التأمل فی أحوال التركیبات و التحلیلات و لقدماء الفلاسفة فیها اختلافات فمنهم من جعل أصل العناصر واحدا و البواقی تحصل بالاستحالة فقیل هو النار و قیل الهواء و قیل الماء و قیل الأرض و قیل البخار و منهم من جعله اثنین فقیل النار و الأرض و قیل الماء و الأرض و قیل الهواء و الأرض و منهم من جعله ثلاثة فقیل النار و الهواء و الأرض و إنما الماء هواء متكاثف و قیل الهواء و الماء و الأرض و إنما النار هواء شدید الحرارة و هذه الأقوال عندهم ضعیفة و قد مر فی الأخبار ما یدل علی كون أصل العناصر بل الأفلاك الماء أو هو مع النار أو هما مع الهواء و بالجملة لا ریب فی وجود تلك العناصر الأربعة تحت فلك القمر و إنما الإشكال فی وجود كرة النار و علی تقدیر وجودها هل كانت هواء انقلبت نارا بحركة الفلك أو كانت فی الأصل نارا و المشهور أن هذه الأربعة عناصر المركبات التامة و أسطقساتها و منها تتركب و إلیها تنحل و قیل النار غیر موجودة فی المركبات لأنها لا تنزل عن الأثیر إلا بالقسر و لا قاسر هناك.

ثم المشهور أن صور البسائط باقیة فی المركبات و قال الشیخ فی الشفاء لكن قوما اخترعوا فی قریب من زماننا هذا مذهبا غریبا قالوا إن البسائط إذا امتزجت و انفعل بعضها من بعض تأدی ذلك بها إلی أن یخلع صورها فلا تكون لواحد منها صورته الخاصة و لیست حینئذ صورة خاصة واحدة فیصیر لها هیولی

ص: 331


1- 1. فی المصدر: بلاد المغرب فإذا أرادوا ان یستوقدوا نارا ....
2- 2. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 554.

واحدة و صورة واحدة فمنهم من جعل تلك الصورة أمرا متوسطا بین صورها و منهم من جعلها صورة أخری من النوعیات و احتج علی فساد هذا المذهب بوجوه تركناها.

و ذهب انكساغورس و أصحابه إلی الخلط و الكمون و البروز و أنكروا التغییر فی الكیفیة و الصورة و زعموا أن الأركان الأربعة لا یوجد شی ء منها صرفا بل هی تختلط من تلك الطبائع النوعیة كاللحم و العظم و العصب و التمر و العسل و العنب و غیر ذلك و إنما سمی بالغالب الظاهر منها و یعرض لها عند ملاقاة الغیر أن یبرز منها ما كان كامنا فیها فیغلب و یظهر للحس بعد ما كان مغلوبا غائبا عنه لا علی أنه حدث بل علی أنه برز و یكمن فیها ما كان بارزا فیصیر مغلوبا و غائبا بعد ما كان غالبا و ظاهرا و بإزائهم قوم زعموا أن الظاهر لیس علی سبیل البروز بل علی سبیل النفوذ من غیره فیه كالماء مثلا فإنه إنما یتسخن بنفوذ أجزاء ناریة فیه من النار و المجاورة له و هذان القولان سخیفان و المشهور عندهم أن العناصر تفعل بعضها فی بعض فیستحیل فی كیفیتها و تحصل للجمیع كیفیة متوسطة متشابهة هی المزاج فتستعد بذلك لإفاضة صورة مناسبة لها من المبدإ.

ثم المشهور بینهم أن النار التی تسطع عند ملاقاة الحجر و الحدید أو عند احتكاك الخشبتین الرطبتین أو الیابستین إنما هی بانقلاب الهواء الذی بینهما نارا بسبب حرارة حدثت فیه من الاصطكاك و الاحتكاك لا بأن یخرج من الحجر أو الحدید أو الشجر نار و ظواهر الآیات و الأخبار المتقدمة لا ینافی ذلك.

و أما قوله علیه السلام فی حدیث هشام أن النار فی الأجسام كامنة فالمراد بها إما النار التی تركب الجسم منها و من سائر العناصر أو المعنی أن ما هو سبب لإحداث النار حاصل فی الأجسام و إن انطفت النیران المتولدة منها و انقلبت هواء و الأول أظهر و الحاصل أن قیاسك الروح علی نار الفتیلة و غیرها حیث لم یمكن إعادتها إلی الأجسام قیاس مع الفارق فإن الروح إما جسم أو جوهر مجرد ثابت محفوظ یمكن إعادته و النار الذی (1) ذكرت انقلبت هواء و ذهبت فعلی تقدیر استحالة

ص: 332


1- 1. التی( ظ).

إعادتها لا توجب إعادة الروح بل ما یشبه الروح هو النار الكامن فی الجسم الموجود فیه لا هذا الضوء الذاهب و أما نار الشجرة فذات احتمالات أومأنا إلیها سابقا.

باب 27 الهواء و طبقاته و ما یحدث فیه من الصبح و الشفق و غیرهما

الآیات:

الأنعام: فالِقُ الْإِصْباحِ (1)

المدثر: وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ(2)

التكویر: وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (3)

الإنشقاق: فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَ اللَّیْلِ وَ ما وَسَقَ وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (4)

الفجر: وَ الْفَجْرِ(5)

تفسیر:

إِذا تَنَفَّسَ قال الرازی إشارة إلی تكامل طلوع الصبح و فی كیفیة المجاز قولان أحدهما أنه إذا أقبل الصبح أقبل بإقباله روح و نسیم فجعل ذلك نفسا له علی المجاز و الثانی أنه شبه اللیل المظلم بالمكروب المحزون الذی خنق بحیث لا یتحرك و اجتمع الحزن فی قلبه و إذا تنفس وجد راحة فهاهنا لما طلع الصبح فكأنه تخلص من ذلك الحزن فعبر عنه بالتنفس و هو استعارة لطیفة(6).

فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ أی بالحمرة التی عند المغرب فی الأفق و قیل البیاض

ص: 333


1- 1. الأنعام: 96.
2- 2. المدّثّر: 34.
3- 3. التكویر: 18.
4- 4. الانشقاق: 16- 18.
5- 5. الفجر: 1.
6- 6. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 484.

وَ اللَّیْلِ وَ ما وَسَقَ أی و ما جمع و ما ضم مما كان منتشرا بالنهار و قیل و ما ساق لأن ظلمة اللیل تسوق كل شی ء إلی مسكنه و قیل و ما طرد من الكواكب فإنها تظهر باللیل و تخفی بالنهار وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ أی إذا استوی و اجتمع و تكامل و تم وَ الْفَجْرِ أقسم بفجر النهار و هو انفجار الصبح كل یوم و قیل أراد بالفجر النهار كله.

و اعلم أن المذكور فی كتب الحكماء و الریاضیین هو أن الصبح و الشفق الأحمر و الأبیض إنما یظهر من وقوع ضوء الشمس علی كرة البخار قالوا المستضی ء بالشمس من كرة الأرض أكثر من نصفها دائما لما بین فی محله أن الكرة الصغری إذا قبلت الضوء من الكبری كان المستضی ء منها أعظم من نصفها و ظل الأرض علی هیئة مخروط یلازم رأسه مدار الشمس و ینتهی فی فلك الزهرة كما علم بالحساب و النهار مدة كون المخروط تحت الأفق و اللیل مدة كونه فوقه فإذا ازداد قرب الشمس من شرقی الأفق ازداد میل المخروط إلی غربیه و لا یزال كذلك حتی یری الشعاع المحیط به و أول ما یری منه هو الأقرب إلی موضع الناظر لأنه صدق رؤیته و هو موقع خط یخرج من بصره عمودا علی الخط المماس للشمس و الأرض فیری الضوء مرتفعا عن الأفق مستطیلا و ما بینه و بین الأفق مظلما لقربه من قاعدة المخروط الموجب لبعد الضوء هناك عن الناظر و هو الصبح الكاذب ثم إذا قربت الشمس جدا یری الضوء معترضا و هو الصبح الصادق ثم یری محمرا و الشفق بعكس الصبح یبدو محمرا ثم مبیضا معترضا ثم مرتفعا مستطیلا فالصبح و الشفق متشابهان شكلا و متقابلان وضعا لأن هیئة آخر غروب الشمس مثل أول طلوع الفجر و یختلفان لونا بسبب اختلاف كیفیة الهواء المخلوط فإن لون البخار فی جانب المشرق مائل إلی الصفا و البیاض لاكتسابه الرطوبة من برودة اللیل و فی جانب المغرب مائل إلی الصفرة لغلبة الجزء الدخانی المكتسب بحرارة النهار و الجسم الكثیف كلما كثر صفاؤه و بیاضه ازداد قبوله للضوء و كان الشعاع المنعكس منه أقوی من المنعكس من غیره و قد عرف بالآلات

ص: 334

الرصدیة أن انحطاط الشمس من الأفق عند طلوع الصبح الأول و آخر غروب الشفق یكون ثمانی عشرة درجة من دائرة الارتفاع المارة بمركز الشمس فی جمیع الآفاق و لكن لاختلاف مطالع قوس الانحطاط تختلف الساعات التی بین طلوع الصبح و الشمس و كذا بین غروب الشمس و الشفق.

قال العلامة رحمه اللّٰه فی كتاب المنتهی اعلم أن ضوء النهار من ضیاء الشمس و إنما یستضی ء بها ما كان كذا فی نفسه كثیفا فی جوهره كالأرض و القمر و أجزاء الأرض المتصلة و المنفصلة و كلما یستضی ء من جهة الشمس فإنه یقع له ظل من ورائه و قد قدر اللّٰه تعالی بلطف حكمته دوران الشمس حول الأرض (1)

فإذا كانت تحتها وقع ظلها فوق الأرض علی شكل مخروط و یكون الهواء المستضی ء بضیاء الشمس محیطا بجوانب ذلك المخروط فتستضی ء نهایات الظل بذلك الهواء المضی ء لكن ضوء الهواء ضعیف إذ هو مستعار فلا ینفذ كثیرا فی أجزاء المخروط بل كلما ازداد بعدا ازداد ضعفا فإذن متی تكون فی وسط المخروط تكون فی أشد الظلام فإذا قربت الشمس من الأفق الشرقی مال مخروط الظل عن سمت الرأس و قربت الأجزاء المستضیئة فی حواشی الظل بضیاء الهواء من البصر و فیه أدنی قوة فیدركه البصر عند قرب الصباح و علی هذا كلما ازدادت الشمس قربا من الأفق ازداد ضوء نهایات الظل قربا من البصر إلی أن تطلع الشمس و أول ما یظهر الضوء عند قرب الصباح یظهر مستدقا مستطیلا كالعمود و یسمی الصبح الكاذب و یشبه بذنب السرحان لدقته و استطالته و یسمی الأول لسبقه علی الثانی و الكاذب لكون الأفق مظلما أی لو كان یصدق أنه نور الشمس لكان المنیر مما یلی الشمس دون ما یبعد منه و یكون ضعیفا دقیقا و یبقی وجه الأرض علی ظلامه بظل الأرض ثم یزداد هذا الضوء إلی أن یأخذ طولا و عرضا فینبسط فی أرض الأفق كنصف دائرة و هو الفجر الثانی الصادق لأنه صدقك عن الصبح و بینه لك.

«1»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ

ص: 335


1- 1. علی ما كان یراه مشهور قدماء الفلكیین.

مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی وَلَّادٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ حِجَاباً مِنْ ظُلْمَةٍ مِمَّا یَلِی الْمَشْرِقَ وَ وَكَّلَ بِهِ مَلَكاً فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ اغْتَرَفَ ذَلِكَ الْمَلَكُ غُرْفَةً بیدیه (1)

[بِیَدِهِ] ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهَا الْمَغْرِبَ یَتْبَعُ الشَّفَقَ وَ یَخْرُجُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ قَلِیلًا قَلِیلًا وَ یَمْضِی فَیُوَافِی الْمَغْرِبَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ فَیُسَرِّحُ فِی الظُّلْمَةِ ثُمَّ یَعُودُ إِلَی الْمَشْرِقِ فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَشَرَ جَنَاحَیْهِ فَاسْتَاقَ الظُّلْمَةَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَی الْمَغْرِبِ حَتَّی یُوَافِیَ بِهَا الْمَغْرِبَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (2).

بیان: هذا الخبر من معضلات الأخبار و لعله من غوامض الأسرار و من فی قوله علیه السلام من ظلمة یحتمل البیان و التبعیض و الاستیاق السوق و لعل الكلام مبنی علی استعارة تمثیلیة لبیان أن شیوع الظلمة و اشتدادها تابعان لقلة الشفق و غیبوبته و كذا العكس و أن جمیع ذلك بتدبیر المدبر الحكیم و بتقدیر العزیز العلیم و ربما یؤول الخبر بأن المراد بالحجاب الظلمانی ظل الأرض المخروطی من الشمس و بالملك الموكل به روحانیة الشمس المحركة لها الدائرة بها و بإحدی یدیه القوة المحركة لها بالذات التی هی سبب لنقل ضوئها من محل إلی آخر و بالأخری القوة المحركة لظل الأرض بالعرض بتبعیة تحریك الشمس التی هی سبب لنقل الظلمة من محل إلی آخر و عوده إلی المشرق إنما هو بعكس البدء بالإضافة إلی الضوء و الظل و بالنسبة إلی فوق الأرض و تحتها و نشر جناحیه كأنه كنایة عن نشر الضوء من جانب و الظلمة من آخر و أقول لعل السكوت عن أمثال ذلك و رد علمها إلی الإمام ع أحوط و أولی.

«2»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَشْیَمَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ تَدْرِی كَیْفَ ذَلِكَ قُلْتُ لَا قَالَ لِأَنَّ الْمَشْرِقَ مُطِلٌ

ص: 336


1- 1. فی المصدر: بیده.
2- 2. الكافی: ج 3، ص 279.

عَلَی الْمَغْرِبِ هَكَذَا وَ رَفَعَ یَمِینَهُ فَوْقَ یَسَارِهِ فَإِذَا غَابَتْ هَاهُنَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ مِنْ هَاهُنَا(1).

بیان: أطل علیه أی أشرف و فی بعض النسخ بالظاء المعجمة و المعنیان متقاربان و المراد بالمشرق إما النصف الشرقی من السماء أو ما قرب من الأفق الشرقی منها و الحاصل أن المغرب و المعتبر(2)

فی دخول وقت الصلاة و الإفطار هو غیبوبة القرص و ذهاب آثاره من جانب المشرق مطلقا سواء كانت علی الجدران و الجبال أو علی كرة البخار و سیأتی تمام القول فی ذلك فی كتاب الصلاة إن شاء اللّٰه تعالی.

«3»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ عِمْرَانَ الْحَلَبِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَتَی تَجِبُ الْعَتَمَةُ فَقَالَ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ وَ الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ فَقَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّهُ یَبْقَی بَعْدَ ذَهَابِ الْحُمْرَةِ ضَوْءٌ شَدِیدٌ مُعْتَرِضٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ الشَّفَقَ إِنَّمَا هُوَ الْحُمْرَةُ وَ لَیْسَ الضَّوْءُ مِنَ الشَّفَقِ (3).

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ حَفْصٍ الْمَرْوَزِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام قَالَ: إِذَا انْتَصَفَ اللَّیْلُ ظَهَرَ بَیَاضٌ فِی وَسَطِ السَّمَاءِ شِبْهُ عَمُودٍ مِنْ حَدِیدٍ تُضِی ءُ لَهُ الدُّنْیَا فَیَكُونُ سَاعَةً ثُمَّ یَذْهَبُ وَ یُظْلِمُ فَإِذَا بَقِیَ ثُلُثُ اللَّیْلِ ظَهَرَ بَیَاضٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَأَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْیَا فَیَكُونُ سَاعَةً ثُمَّ یَذْهَبُ فَیَكُونُ (4) وَقْتُ صَلَاةِ اللَّیْلِ ثُمَّ یُظْلِمُ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ یَطْلُعُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَ قَالَ وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ یُصَلِّیَ صَلَاةَ اللَّیْلِ فِی نِصْفِ اللَّیْلِ فَذَاكَ لَهُ (5).

ص: 337


1- 1. الكافی: ج 3، ص 278.
2- 2. الغروب المعتبر( خ).
3- 3. الكافی: ج 3، ص 280.
4- 4. فی المصدر: و هو.
5- 5. الكافی: ج 3، ص 283.

بیان: قوله و یظلم أی البیاض مجازا و فی بعض النسخ بالتاء أی الدنیا و یمكن أن یكون المراد بالإضاءة ظهور الأنوار المعنویة للمقربین بسبب فتح أبواب سماء الرحمة و نزول الملائكة لإرشاد العباد و تنبیههم و ندائهم إیاهم من ملكوت السماوات كما ورد فی سائر الروایات و یمكن أن تكون أنوارا ضعیفة تخفی علی أكثر الناس فی أكثر الأوقات و تظهر علی أبصار العارفین الذین ینظرون بنور اللّٰه كما أن الملائكة یراهم الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و لا یراهم غیرهم و قد یقال ظهور البیاض كنایة عن نزول الملك الذی ینزل نصف اللیل إلی سماء الدنیا لینادی العباد فتضی ء له الدنیا أی یقوم الناس للعبادة فیظهر له نور من الأرض بسبب عبادتهم كما ورد فی الخبر أنهم یضیئون لأهل السماء ثم یذهب لأنهم ینامون قلیلا كما ورد من سیرة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم یقومون إذا بقی ثلث اللیل و ظهور البیاض من قبل المشرق لأن الملك ینتقل إلیه ثم یظلم قبل الفجر أی ینامون قلیلا و بالجملة الخبر من المتشابهات و علمه عند من صدر عنه إن لم یكن من الموضوعات.

«5»- الْخَرَائِجُ، رُوِیَ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ قَالَ: كُنْتُ بِالْحِیرَةِ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذْ أَقْبَلَ الرَّبِیعُ وَ قَالَ أَجِبْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ عَادَ قُلْتُ أَسْرَعْتَ الِانْصِرَافَ قَالَ إِنَّهُ سَأَلَنِی عَنْ شَیْ ءٍ فَاسْأَلِ الرَّبِیعَ عَنْهُ فَقَالَ صَفْوَانُ وَ كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَ الرَّبِیعِ لُطْفٌ فَخَرَجْتُ إِلَی الرَّبِیعِ وَ سَأَلْتُهُ فَقَالَ أُخْبِرُكَ بِالْعَجَبِ إِنَّ الْأَعْرَابَ خَرَجُوا یَجْتَنُونَ الْكَمْأَةَ فَأَصَابُوا فِی الْبَرِّ خَلْقاً مُلْقًی فَأَتَوْنِی بِهِ فَأَدْخَلْتُهُ عَلَی الْخَلِیفَةِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ نَحِّهِ وَ ادْعُ جَعْفَراً فَدَعَوْتُهُ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنِ الْهَوَاءِ مَا فِیهِ قَالَ فِی الْهَوَاءِ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ قَالَ فَفِیهِ سُكَّانٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ مَا سُكَّانُهُ قَالَ خَلْقٌ أَبْدَانُهُمْ أَبْدَانُ الْحِیتَانِ وَ رُءُوسُهُمْ رُءُوسُ الطَّیْرِ وَ لَهُمْ أَعْرِفَةٌ كَأَعْرِفَةِ الدِّیَكَةِ وَ نَغَانِغُ كَنَغَانِغِ الدِّیَكَةِ وَ أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ الطَّیْرِ مِنْ أَلْوَانٍ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ الْفِضَّةِ الْمَجْلُوَّةِ فَقَالَ الْخَلِیفَةُ هَلُمَّ الطَّشْتَ فَجِئْتُ بِهَا وَ فِیهَا ذَلِكَ الْخَلْقُ وَ إِذَا هُوَ وَ اللَّهِ كَمَا وَصَفَهُ جَعْفَرٌ فَلَمَّا خَرَجَ جَعْفَرٌ

ص: 338

قَالَ یَا رَبِیعُ هَذَا الشَّجَا الْمُعْتَرِضُ فِی حَلْقِی مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ.

بیان: قال الفیروزآبادی الكم ء نبات معروف و الجمع أكمؤ و كمأة أو هی اسم للجمع أو هی للواحد و الكم ء للجمع و قال النغنغ الفرج ذو الربلات و موضع بین اللّٰهاة و شوارب الحنجور و اللحمة فی الحلق عند اللحام (1) و الذی یكون عند(2)

عنق البعیر إذا اجتر تحرك و قال الدیك بالكسر معروف و الجمع دیوك و أدیاك و دیكة كقردة و قال الشجا ما اعترض فی الحلق من عظم و

نحوه انتهی و لما كان ع مستحقا للخلافة متصفا بشرائطها دونه و لم یمكنه دفعه شبهه بالشجا المعترض فی الحلق الذی لا یمكن إساغته و لا دفعه و لعل المراد بالموج المكفوف البحر المواج المكفوف عن السیلان و یحتمل أن یكون إشارة إلی البحر المحیط و یكون هذا الحیوان مما ارتفع منه مع السحاب لكن ظاهر هذا الخبر و الخبر الآتی أنه بحر بین السماء و الأرض غیر المحیط.

«6»- كَشْفُ الْغُمَّةِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمَّا تُوُفِّیَ وَالِدُهُ عَلِیٌّ الرِّضَا علیه السلام وَ قَدِمَ الْخَلِیفَةُ إِلَی بَغْدَادَ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِسَنَةٍ اتَّفَقَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَی الصَّیْدِ فَاجْتَازَ بِطَرَفِ الْبَلَدِ فِی طَرِیقِهِ وَ الصِّبْیَانُ یَلْعَبُونَ وَ مُحَمَّدٌ وَاقِفٌ مَعَهُمْ وَ كَانَ عُمُرُهُ یَوْمَئِذٍ إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً فَمَا حَوْلَهَا فَلَمَّا أَقْبَلَ الْمَأْمُونُ انْصَرَفَ الصِّبْیَانُ هَارِبِینَ وَ وَقَفَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ علیه السلام فَلَمْ یَبْرَحْ مَكَانَهُ فَقَرُبَ مِنْهُ الْخَلِیفَةُ فَنَظَرَ إِلَیْهِ وَ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ عَلَا قَدْ أَلْقَی عَلَیْهِ مَسْحَةً مِنْ قَبُولٍ فَوَقَفَ الْخَلِیفَةُ وَ قَالَ لَهُ یَا غُلَامُ مَا مَنَعَكَ مِنَ الِانْصِرَافِ مَعَ الصِّبْیَانِ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ مُسْرِعاً یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَكُنْ بِالطَّرِیقِ ضِیقٌ لِأُوَّسِعَهُ عَلَیْكَ بِذَهَابِی وَ لَمْ یَكُنْ لِی جَرِیمَةٌ فَأَخْشَاهَا وَ ظَنِّی بِكَ حَسَنٌ أَنَّكَ لَا تَضُرُّ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ فَوَقَفَ فَأَعْجَبَهُ كَلَامُهُ وَ وَجْهُهُ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ ابْنُ مَنْ أَنْتَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا ابْنُ عَلِیٍّ الرِّضَا فَتَرَحَّمَ عَلَی أَبِیهِ وَ سَاقَ جَوَادَهُ إِلَی وِجْهَتِهِ وَ كَانَ مَعَهُ بُزَاةٌ فَلَمَّا بَعُدَ عَنِ الْعِمَارَةِ أَخَذَ بَازِیاً

ص: 339


1- 1. فی القاموس: عند اللّٰهازم.
2- 2. فیه: فوق عنق.

فَأَرْسَلَهُ عَلَی دُرَّاجَةٍ فَغَابَ عَنْ عَیْنِهِ غَیْبَةً طَوِیلَةً ثُمَّ عَادَ مِنَ الْجَوِّ وَ فِی مِنْقَارِهِ سَمَكَةٌ صَغِیرَةٌ وَ بِهَا بَقَایَا الْحَیَاةِ فَعَجِبَ الْخَلِیفَةُ مِنْ ذَلِكَ غَایَةَ الْعَجَبِ ثُمَّ أَخَذَهَا فِی یَدِهِ إِلَی دَارِهِ فِی الطَّرِیقِ الَّذِی أَقْبَلَ مِنْهُ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَی ذَلِكَ الْمَكَانِ وَجَدَ الصِّبْیَانَ عَلَی حَالِهِمْ فَانْصَرَفُوا كَمَا فَعَلُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ أَبُو جَعْفَرٍ لَمْ یَنْصَرِفْ وَ وَقَفَ كَمَا وَقَفَ أَوَّلًا فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الْخَلِیفَةُ قَالَ یَا مُحَمَّدُ قَالَ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ مَا فِی یَدِی فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ بِمَشِیَّتِهِ فِی بَحْرِ قُدْرَتِهِ سَمَكاً صِغَاراً تَصِیدُهَا بُزَاةُ الْمُلُوكِ وَ الْخُلَفَاءِ فَیَخْتَبِرُونَ بِهَا سُلَالَةَ أَهْلِ النُّبُوَّةِ فَلَمَّا سَمِعَ الْمَأْمُونُ كَلَامَهُ عَجِبَ مِنْهُ وَ جَعَلَ یُطِیلُ نَظَرَهُ إِلَیْهِ وَ قَالَ أَنْتَ ابْنُ الرِّضَا حَقّاً وَ ضَاعَفَ إِحْسَانَهُ إِلَیْهِ.

قال علی بن عیسی إنی رأیت فی كتاب لم یحضرنی الآن اسمه أن البزاة عادت و فی أرجلها حیَّات خُضر و أنه سئل بعض الأئمة فقال قبل أن یفصح عن السؤال إن بین السماء و الأرض حیَّات خُضر تصیدها بُزاة شُهب یمتحن بها أولاد الأنبیاء و ما هذا معناه و اللّٰه أعلم (1).

«7»- الدَّلَائِلُ، لِلطَّبَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِیرٍ الرَّقِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْمَنْصُورِ نَزَلَ الْحِیرَةَ فَبَیْنَا هُوَ بِهَا إِذْ أَتَاهُ الرَّبِیعُ فَقَالَ أَجِبْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَرَكِبَ إِلَیْهِ وَ قَدْ كَانَ وَجَدَ فِی الصَّحْرَاءِ صُورَةً عَجِیبَةً لَا تُعْرَفُ خِلْقَتُهَا ذَكَرَ مَنْ

وَجَدَهَا أَنَّهُ رَآهَا وَ قَدْ سَقَطَتْ مَعَ الْمَطَرِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ قَالَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنِ الْهَوَاءِ أَیُّ شَیْ ءٍ فِیهِ قَالَ بَحْرٌ مَكْفُوفٌ قَالَ لَهُ فَلَهُ سُكَّانٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ مَا سُكَّانُهُ قَالَ أَبْدَانُهُمْ أَبْدَانُ الْحِیتَانِ وَ رُءُوسُهُمْ رُءُوسُ الطَّیْرِ وَ لَهُمْ

ص: 340


1- 1. و فی مفتاح الفلاح كما سیأتی نقله فی الباب الآتی« ان الغیم حین اخذ من ماء البحر تداخله سمك صغار فتسقط منه فیصطادها الملوك فیمتحنون بها سلالة النبوّة». و الروایة كما تقدم مرسلة علی ان نظائرها لا تخلو غالبا عن ضعف او ارسال و اللّٰه اعلم بحقیقة الحال.

أَعْرِفَةٌ كَأَعْرِفَةِ الدِّیَكَةِ وَ نَغَانِغُ كَنَغَانِغِ الدِّیَكَةِ وَ أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ الطَّیْرِ مِنْ أَلْوَانٍ أَشَدُّ بیاض [بَیَاضاً] مِنَ الْفِضَّةِ فَدَعَا الْمَنْصُورُ بِالطَّسْتِ فَإِذاً الْخَلْقُ فِیهَا لَا یَزِیدُ وَ لَا یَنْقُصُ فَأَذِنَ لَهُ فَانْصَرَفَ ثُمَّ قَالَ لِلرَّبِیعِ وَیْلَكَ یَا رَبِیعُ هَذَا الشَّجَا الْمُعْتَرِضُ فِی حَلْقِی مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ.

«8»- شَرْحُ النَّهْجِ، [شرح نهج البلاغة] لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْكَیْدُرِیِّ وَ لِابْنِ مَیْثَمٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا قَالا: رُوِیَ أَنَّ زُرَارَةَ وَ هِشَاماً اخْتَلَفَا فِی الْهَوَاءِ أَ هُوَ مَخْلُوقٌ أَمْ لَا فَرَفَعَ إِلَی الصَّادِقِ علیه السلام بَعْضُ مَوَالِیهِ وَ قَالَ إِنِّی مُتَحَیِّرٌ فَإِنِّی أَرَی أَصْحَابَنَا یَخْتَلِفُونَ فَقَالَ لَیْسَ هَذَا بِخِلَافٍ یُؤَدِّی إِلَی الْكُفْرِ وَ الضَّلَالِ.

بیان: یدل علی أن الخطاء فی أمثال تلك الأمور التی لا تعلق لها بأصول الدین و لا فروعه لا یوجب ضلالا و وبالا بل یومئ إلی أن العلم بها لیس مما یورث للإنسان فضلا و كمالا ثم إنه یحتمل أن یكون اختلافهما فی وجود الهواء بمعنی الخلإ و البعد الذی هو مكان عند المتكلمین كما ذكره ابن میثم و قد تقدم كلامه فی ذلك فی الباب الأول و یحتمل أن یراد به الهواء الذی هو أحد العناصر.

فائدة اعلم أن فی عدد طبقات الهواء مع طبقات سائر العناصر بین الحكماء خلافا فقال نصیر الملة و الدین فی التذكرة طبقات العناصر ثمان طبقة للنار الصرفة ثم طبقة لما یمتزج من النار و الهواء الحار التی تتلاشی فیه الأدخنة المرتفعة من السفل و تتكون فیها الكواكب ذوات الأذناب و النیازك و ما یشبههما من الأعمدة و ذوات القرون و نحوها و ربما یوجد هذه الأمور المتكونة فی هذه الطبقة متحركة بحركة الفلك الأعظم ثم طبقة الهواء الغالب التی تحدث فیها الشهب ثم طبقة الزمهریریة الباردة التی هی منشأ السحب و الرعد و البرق و الصواعق ثم طبقة الهواء الحار الكثیف المجاور للأرض و الماء ثم طبقة الماء و بعض هذه الطبقة منكشفة عن الأرض عنایة من الحضرة الإلهیة لتكون مسكنا للحیوانات المتنفسة ثم طبقة الأرض المخالطة لغیرها التی تتولد فیها الجبال و المعادن و كثیر من النباتات و الحیوانات ثم طبقة الأرض الصرفة المحیطة بالمركز.

ص: 341

و قیل إنها تسع ثامنها الطبقة الطینیة التی یخلط فیها الأرض بالماء و تاسعها طبقة الأرض الصرفة و باقی الطبقات علی النحو المذكور و قیل إنها سبع الأولی طبقة النار الصرفة ثم الطبقات الخمس التی تحت النار الصرفة علی النحو المذكور و سابع الطبقات هی طبقة الأرض و قیل إنها سبع الأولی طبقة للنار و طبقة للماء و الطبقات الثلاث الأخیرة التی تعلقت بالأرض بحالها علی النحو المذكور و الهواء ینقسم إلی طبقتین باعتبار مخالطة الأبخرة و عدمها إحداهما الهواء اللطیف الصافی من الأبخرة و الأدخنة و الهیئات المتصاعدة من كرتی الأرض و الماء بسبب أشعة الشمس و غیرها من الكواكب لأن تلك الهیئات تنتهی فی ارتفاعها إلی

حد لا یتجاوزه و هو من سطح الأرض و جمیع نواحیها أحد و خمسون میلا و كسر قریب من تسعة عشر فرسخا فمن هذه النهایة إلی كرة الأثیر هو الهواء الصافی و هو شفاف لا یقبل النور و الظلمة و الألوان كالأفلاك.

و ثانیتهما هی الهواء المتكاثف بما فیهما من الأجزاء الأرضیة و المائیة و شكل هذا الهواء شكل كرة محیطة بالأرض و الماء علی مركزها و سطح مواز لسطحها لتساوی غایة ارتفاع الهیئات المذكورة عن مركز الأرض فی جمیع النواحی المستلزم لكریة هذه الطبقة لكنها مختلفة القوام لأن الأقرب إلی الأرض أكثف من الأبعد لأن الألطف یتصاعد أكثر من الأكثف لكن لا یبلغ فی التكاثف بحیث یحجب ما وراءه عن الإبصار و هذه الكرة تسمی كرة البخار و عالم النسیم یعنی مهب الریاح لأن ما فوقها من الهواء الصافی ساكن لا یضطرب و تسمی كرة اللیل و النهار إذ هی القابلة للنور و الظلمة بما فیها من الأجزاء الأرضیة و المائیة القابلة لهما دون ما عداهما من الهواء الصافی.

و قال بعض المحققین منهم الأولی أن یقال طبقات العنصریات سبع أولاها طبقة النار الصرفة و ثانیتها طبقة الهواء الصافی الذی یصل إلیه الدخان و ثالثتها طبقة الهواء الذی یصل الدخان إلیه و لم یصل إلیه البخار و یتكون فی الطرف الأعلی منه النیازك و شبهها و فی الطرف الأدنی منه الشهب و رابعتها طبقة الهواء

ص: 342

الذی یصل إلیه البخار و یبقی علی برودته الحاصلة و هی الطبقة الزمهریریة التی تتكون فیها السحب و الرعد و البرق و الصواعق و خامستها طبقة الهواء الكثیف المجاور للأرض و الماء و سادستها طبقة الماء و سابعتها طبقة الأرض و هو الترتیب المختار عند بعض فی تفسیر قوله تعالی اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ بأن یكون المراد بالأرض غیر السماوات و ما فیها و قالوا إن الزرقة التی یظن الناس أنها لون السماء فإنها تظهر فی كرة البخار لأنه لما كان الألطف منه أشد صعودا عن الأكثف كانت الأجزاء القریبة من سطح كرة البخار أقل قبولا للضوء لكثرة البعد و اللطافة من الأجزاء القریبة من الأرض و لهذا تكون كالظلمة بالنسبة إلی هذه الأجزاء فیری الناظر فی كرة البخار لونا متوسطا بین الظلام و الضیاء لأن الناظر إذا رأی شیئا مظلما من خلف شی ء مضی ء رأی لونا مخلوطا من الظلمة و الضیاء أو لأن كرة البخار مستضیئة دائما بأشعة الكواكب و ما وراءها لعدم قبول الضوء كالمظلم بالنسبة إلیها فإذا نفذ نور البصر من الأجزاء المستنیرة بأشعة الكواكب و وصل إلی المظلم رأی الناظر ما فوقه من الجو المظلم بما یمازجه من الضیاء الأرضی و الضیاء الكوكبی لونا متوسطا بین الظلام و الضیاء و هو اللون اللاجوردی كما إذا نظرنا من وراء جسم مشف أحمر مثلا إلی جسم أخضر فإنه یظهر لنا لون مركب من الحمراء و الخضرة و هذا اللون اللاجوردی أشد الألوان مناسبة و تقویة بالنسبة إلی الأبصار فظهوره للأبصار إنما هو من العنایة الإلهیة لیكون للناظرین المتأملین فی السماوات لذة و قوة للأبصار فی النظر كما یكون لعقولهم لذة عقلیة فی التأمل فیها.

أقول: هذا ما قالوا فی ذلك رجما بالغیب و أخذا بالظن و اللّٰه یعلم حقائق مخلوقاته و حججه الكرام علیهم السلام.

ص: 343

باب 28 السحاب و المطر و الشهاب و البروق و الصواعق و القوس و سائر ما یحدث فی الجو

الآیات:

البقرة: الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (1) و قال تعالی إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ الْفُلْكِ الَّتِی تَجْرِی فِی الْبَحْرِ بِما یَنْفَعُ النَّاسَ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ بَثَّ فِیها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَ تَصْرِیفِ الرِّیاحِ وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (2)

الأنعام: وَ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَیْ ءٍ(3)

الأعراف: وَ هُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ حَتَّی إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَیِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتی لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (4)

الرعد: هُوَ الَّذِی یُرِیكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ یُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ وَ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِیفَتِهِ وَ یُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَیُصِیبُ بِها مَنْ یَشاءُ وَ هُمْ یُجادِلُونَ فِی اللَّهِ وَ هُوَ شَدِیدُ الْمِحالِ (5)

ص: 344


1- 1. البقرة: 22.
2- 2. البقرة: 64.
3- 3. الأنعام: 99.
4- 4. الأعراف: 57.
5- 5. الرعد: 12- 13.

إبراهیم: وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ (1)

الحجر: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِینٌ (2) و قال تعالی وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وَ أَرْسَلْنَا الرِّیاحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَیْناكُمُوهُ وَ ما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِینَ (3)

النحل: هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِیهِ تُسِیمُونَ (4) و قال تعالی وَ اللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِقَوْمٍ یَسْمَعُونَ (5)

الحج: وَ تَرَی الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَیْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ (6) و قال تعالی أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرٌ(7)

المؤمنون: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِیلٍ وَ أَعْنابٍ لَكُمْ فِیها فَواكِهُ كَثِیرَةٌ وَ مِنْها تَأْكُلُونَ (8)

النور: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُزْجِی سَحاباً ثُمَّ یُؤَلِّفُ بَیْنَهُ ثُمَّ یَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَی الْوَدْقَ یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِیها مِنْ بَرَدٍ فَیُصِیبُ بِهِ مَنْ یَشاءُ وَ یَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ یَشاءُ یَكادُ سَنا بَرْقِهِ یَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ یُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ إِنَّ فِی ذلِكَ

ص: 345


1- 1. إبراهیم: 32.
2- 2. الحجر: 18.
3- 3. الحجر: 21- 22.
4- 4. النحل: 10.
5- 5. النحل: 65.
6- 6. الحجّ: 5.
7- 7. الحجّ: 63.
8- 8. المؤمنون: 18- 19.

لَعِبْرَةً لِأُولِی الْأَبْصارِ(1)

الفرقان: وَ هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً لِنُحْیِیَ بِهِ بَلْدَةً مَیْتاً وَ نُسْقِیَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَ أَناسِیَّ كَثِیراً وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَیْنَهُمْ لِیَذَّكَّرُوا فَأَبی أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً(2)

النمل: وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ إلی قوله تعالی وَ مَنْ یَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ (3)

العنكبوت: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَیَقُولُنَّ اللَّهُ (4)

الروم: وَ مِنْ آیاتِهِ یُرِیكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَیُحْیِی بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (5) و قال تعالی اللَّهُ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ فَتُثِیرُ سَحاباً فَیَبْسُطُهُ فِی السَّماءِ كَیْفَ یَشاءُ وَ یَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَی الْوَدْقَ یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ یُنَزَّلَ عَلَیْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِینَ فَانْظُرْ إِلی آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَیْفَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْیِ الْمَوْتی وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِیحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ یَكْفُرُونَ (6)

لقمان: وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِیها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِیمٍ (7)

ص: 346


1- 1. النور: 43- 44.
2- 2. الفرقان: 48- 50.
3- 3. النمل: 60- 64.
4- 4. العنكبوت: 63.
5- 5. الروم: 24.
6- 6. الروم: 48- 51.
7- 7. لقمان: 10.

فاطر: وَ اللَّهُ الَّذِی أَرْسَلَ الرِّیاحَ فَتُثِیرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلی بَلَدٍ مَیِّتٍ فَأَحْیَیْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ(1)

الصافات: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (2)

الزمر: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ ثُمَّ یُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری لِأُولِی الْأَلْبابِ (3)

المؤمن: هُوَ الَّذِی یُرِیكُمْ آیاتِهِ وَ یُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً(4)

حمعسق: هُوَ الَّذِی یُنَزِّلُ الْغَیْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَ یَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِیُّ الْحَمِیدُ(5)

الزخرف: وَ الَّذِی نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَیْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (6)

الجاثیة: وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ تَصْرِیفِ الرِّیاحِ آیاتٌ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (7)

ق: وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَ حَبَّ الْحَصِیدِ وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِیدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَ أَحْیَیْنا بِهِ بَلْدَةً مَیْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (8)

الذاریات: وَ الذَّارِیاتِ ذَرْواً فَالْحامِلاتِ وِقْراً فَالْجارِیاتِ یُسْراً فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً(9)

ص: 347


1- 1. فاطر: 9.
2- 2. الصافّات: 10.
3- 3. الزمر: 21.
4- 4. المؤمن: 13.
5- 5. الشوری: 28.
6- 6. الزخرف: 11.
7- 7. الجاثیة: 5.
8- 8. ق: 9- 11.
9- 9. الذاریات: 1- 4.

القمر: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ(1)

الواقعة: أَ فَرَأَیْتُمُ الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (2)

الجن: وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِیداً وَ شُهُباً وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ یَسْتَمِعِ الْآنَ یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً إلی قوله تعالی وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَی الطَّرِیقَةِ لَأَسْقَیْناهُمْ ماءً غَدَقاً(3)

تفسیر:

وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً قال البیضاوی خروج الثمار بقدرة اللّٰه و مشیته و لكن جعل الماء الممزوج بالتراب سببا فی إخراجها و مادة لها كالنطفة للحیوان بأن أجری عادته بإفاضة صورها و كیفیاتها علی المادة الممزوجة منهما أو أبدع فی الماء قوة فاعلة و فی الأرض قوة قابلة تتولد من اجتماعهما أنواع الثمار و هو قادر علی أن یوجد الأشیاء كلها بلا أسباب و مواد كما أبدع نفوس الأسباب و المواد و لكن له فی إنشائها مدرجا من حال إلی حال صنعا و حكما یجدد فیها لأولی الأبصار عبرا و سكونا إلی عظم قدرته لیس فی إیجادها دفعة و من الأولی للابتداء سواء أرید بالسماء السحاب فإن ما علاك سماء أو الفلك فإن المطر یبتدئ من السماء إلی السحاب و منه إلی الأرض علی ما دلت علیه الظواهر أو من أسباب سماویة تثیر الأجزاء الرطبة من أعماق الأرض إلی جو الهواء فتنعقد سحابا ماطرا(4).

إِنَّ فِی خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قیل إنما جمع السماوات و أفرد الأرض لأن السماوات طبقات متفاصلة بالذات مختلفة بالحقیقة بخلاف الأرضین بِما یَنْفَعُ النَّاسَ أی ینفعهم أو بالذی ینفعهم وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ من الأولی

ص: 348


1- 1. القمر: 11.
2- 2. الواقعة: 68- 70.
3- 3. الجن: 8- 16.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 1، ص 46.

للابتداء و الثانیة للبیان و قال البیضاوی السماء یحتمل الفلك و السحاب و جهة العلو(1) و قال الرازی فإن قیل أ فتقولون إن الماء ینزل من السماء علی الحقیقة أو من السحاب أو تجوزون ما قاله بعضهم من أن الشمس تؤثر فی الأرض فتخرج منها أبخرة متصاعدة فإذا وصلت الجو بردت فثقلت فنزلت من فضاء المحیط إلی ضیق المركز اتصلت فتتولد من اتصال بعض تلك الذرات

بالبعض قطرات هی قطرات المطر قلنا بل نقول إنه ینزل من السماء كما ذكر اللّٰه تعالی و هو الصادق فی خبره و إذا كان قادرا علی إمساك الماء فی السحاب فأی بعد فی أن یمسكه فی السماء و أما قول من یقول إنه من بخار الأرض فهذا ممكن فی نفسه لكن القطع بأنه كذلك لا یمكن إلا بعد القول بنفی الفاعل المختار و قدم العالم و ذلك كفر لأنا متی جوزنا أن الفاعل المختار قادر علی خلق الجسم فكیف یمكننا مع إمكان هذا القسم أن نقطع بما قالوه (2)

انتهی.

فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ أی بالنبات مجازا وَ بَثَّ فِیها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ قال البیضاوی عطف علی أنزل كأنه استدل بنزول المطر و تكون النبات به و بث الحیوانات فی الأرض أو علی أحیا فإن الدواب ینمون بالخصب و یعیشون بالحیا و البث النشر و التفریق (3)

و قال الرازی فی تصریف الریاح وجه الاستدلال أنها مخلوقة علی وجه یقبل التصریف و هو الرقة و اللطافة ثم إنه سبحانه یصرفها علی وجوه (4)

یقع بها النفع العظیم فی الإنسان و الحیوانات ثم ذلك من وجوه أحدها أنها مادة النفس التی لو انقطع ساعة عن الحیوان لمات لا جرم كان وجدانه أسهل من وجدان كل شی ء و بعد الهواء الماء لأن الماء لا بد

ص: 349


1- 1. أنوار التنزیل: ج 1، ص 126.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 2، ص 100، لكن مع وجود الدلائل القاطعة الحاصلة من التجارب العلمیة یمكن حصول العلم العادی به كحصول العلم بوجود سائر المعالیل الطبیعیة عند وجود عللها.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 1، ص 126.
4- 4. فی المصدر: علی وجه یقع به.

فیه من تكلف الاغتراف بخلاف الهواء فإن الآلات المهیأة لجذبه حاضرة أبدا ثم بعد الماء الحاجة إلی الطعام شدیدة لكن دون الحاجة إلی الماء فلا جرم كان تحصیل الطعام أصعب من تحصیل الماء و بعد الطعام الحاجة إلی تحصیل المعاجین و الأدویة النادرة قلیلة فلا جرم عزت هذه الأشیاء و بعد المعاجین الحاجة إلی أنواع الجواهر من الیواقیت و الزبرجد نادرة جدا و لا جرم كانت فی نهایة العزة فثبت أن كلما كان الاحتیاج إلیه أشد كان وجدانه أسهل و كلما كان الاحتیاج إلیه أقل كان وجدانه أصعب و ما ذلك إلا رحمة منه علی العباد و لما كانت الحاجة إلی رحمة اللّٰه أعظم الحاجات نرجو أن یكون وجدانها أسهل من وجدان كل شی ء و ثانیها لو لا تحرك الهواء لما جرت الفلك و هذا مما لا یقدر علیه أحد إلا اللّٰه تعالی فلو أراد كل من فی العالم أن یقلب الریح من الشمال إلی الجنوب إذا كان الهواء ساكنا أن یحركه لتعذر.

وَ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ سمی السحاب سحابا لانسحابه فی الهواء و معنی التسخیر التذلیل و إنما سماه مسخرا لوجوه أحدها أن طبع الماء یقتضی النزول فكان بقاؤه فی جو الهواء علی خلاف الطبع فلا بد من قاهر یقسره علی ذلك و لذلك سماه بالمسخر الثانی أن هذا السحاب لو دام لعظم ضرره من حیث إنه یستر ضوء الشمس و یكثر الأمطار و لو انقطع لعظم ضرره لأنه یفضی إلی القحط و عدم العشب الثالث أن السحاب لا یقف فی موضع معین بل یسوقه اللّٰه تعالی بواسطة تحریك الریاح إلی حیث أراد و شاء و ذلك هو التسخیر(1)

انتهی.

لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ قال البیضاوی یتفكرون فیها و ینظرون إلیها بعیون عقولهم و الكلام المجمل فی دلالة هذه الآیات علی وجود الإله و وحدته أنها أمور ممكنة وجد كل منها بوجه مخصوص من وجوه محتملة و أنحاء مختلفة إذ كان من الجائز مثلا أن لا تتحرك السماوات أو بعضها كالأرض و أن تتحرك بعكس حركتها

ص: 350


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 2، ص 102.

و بحیث تصیر المنطقة دائرة مارة بالقطبین و أن لا یكون لها أوج و حضیض أصلا أو علی هذا الوجه لبساطتها و تساوی أجزائها فلا بد لها من موجد قادر حكیم یوجدها علی ما تستدعیه حكمته و تقتضیه مشیته متعالیا عن معارضة غیره إذ لو كان معه إله یقدر علی ما یقدر علیه الآخر فإن توافقت إرادتهما فالفعل إن كان لهما لزم اجتماع مؤثرین علی أثر واحد و إن كان لأحدهما لزم ترجیح الفاعل بلا مرجح و عجز الآخر النافی لإلهیته و إن اختلفت لزم التمانع و التطارد كما أشار إلیه بقوله تعالی لَوْ كانَ فِیهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا(1) انتهی.

و أقول قد مر فی كتاب التوحید بسط القول فی الاستدلال بحدوث تلك الأشیاء و إمكانها علی افتقارها إلی صانع قدیم واجب بذاته و اشتمالها علی الحكم المتناهیة علی قدرته سبحانه و علمه و حكمته و لطفه و بانتظامها و تلازمها علی وحدة صانعها فلا نعید الكلام فیها وَ هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً قال الرازی اختلف الناس فیه فقال الجبائی إنه تعالی ینزل الماء من السماء إلی السحاب و من السحاب إلی الأرض قال لأن ظاهر النص یقتضی نزول المطر من السماء و العدول عن الظاهر إلی التأویل إنما یحتاج إلیه عند قیام الدلیل علی أن إجراء اللفظ علی ظاهره غیر ممكن و فی هذا الموضع لم یقم دلیل علی امتناع نزول المطر من السماء فوجب إجراء اللفظ علی ظاهره و أما قول من یقول إن البخارات الكثیرة تجتمع فی باطن الأرض ثم تصعد و ترتفع إلی الهواء فینعقد الغیم منها و یتقاطر و ذلك هو المطر فقد احتج الجبائی علی فساده بوجوه الأول أن البرد قد یوجد فی وقت الحر بل فی صمیم الصیف و نجد المطر فی أبرد وقت ینزل غیر جامد و ذلك یبطل قولهم الثانی إن البخارات إذا ارتفعت و تصاعدت و تفرقت لم یتولد منها قطرات الماء الثالث لو كان تولد المطر من صعود البخارات فالبخارات دائمة الارتفاع من البحار فوجب أن یدوم هناك نزول المطر و حیث لم یكن الأمر كذلك علمنا

ص: 351


1- 1. أنوار التنزیل: ج 1، ص 126.

فساد قولهم قال فثبت بهذه الوجوه أنه لیس تولد المطر من بخار الأرض.

ثم قال و القوم إنما احتاجوا إلی هذا القول لأنهم اعتقدوا أن الأجسام قدیمة و إذا كان الأمر كذلك امتنع دخول الزیادة و النقصان فیها و حینئذ لا معنی لحدوث الحوادث إلا اتصاف تلك الذوات (1)

بصفة بعد أن كانت موصوفة بصفات أخری فلهذا السبب احتالوا فی تكوین كل شی ء عن مادة معینة و أما المسلمون فلما اعتقدوا أن الأجسام محدثة و أن خالق العالم فاعل مختار قادر علی خلق الأجسام كیف شاء و أراد فعند هذا لا حاجة إلی استخراج هذه التكلفات فثبت أن ظاهر القرآن یدل علی أن الماء إنما

ینزل من السماء و لا دلیل علی امتناع هذا الظاهر فوجب القول بحمله علی ظاهره فثبت أن الحق سبحانه ینزل المطر من السماء بمعنی أنه یخلق هذه الأجسام فی السماء ثم ینزلها إلی السحاب ثم من السحاب إلی الأرض.

و القول الثانی المراد أنزل من جانب السماء ماء.

القول الثالث أنزل من السحاب ماء و سمی اللّٰه السحاب سماء لأن العرب تسمی كل ما فوقك سماء كسماء البیت.

ثم قال نقل الواحدی فی البسیط عن ابن عباس یرید بالماء هاهنا المطر(2).

أقول: و رجح فی موضع آخر نزول المطر من السحاب قال لأن الإنسان ربما كان واقفا علی قلة جبل عال و یری الغیم أسفل فإذا نزل من ذلك الجبل یری ذلك الغیم ماطرا علیهم و إذا كان هذا الأمر مشاهدا بالبصر كان النزاع فیه باطلا و لا ینزل نقطة من المطر إلا و معها ملك و الفلاسفة یحملون ذلك الملك علی الطبیعة الحالة فی تلك الجسمیة الموجبة لذلك النزول (3)

انتهی.

وَ هُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً منهم من قرأ نشرا بضم النون و الشین

ص: 352


1- 1. فی المصدر: الذرات.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 4، ص 153.
3- 3. مفاتیح الغیب، ج 4، ص 154.

جمع نشور مثل رسل و رسول أی ریاحا منشرة مفرقة من كل جانب و قرأ ابن عامر بضم النون و إسكان الشین بتخفیف العین و قرأ حمزة بفتح النون و إسكان الشین مصدر نشرت الثوب ضد طویته و هنا بمعنی المفعول أو بمعنی الحیاة فهو بمعنی الفاعل و قرأ عاصم بالباء جمع بشیر أی مبشرات بالمطر أو الرحمة حَتَّی إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا قال الرازی یقال أقل فلان الشی ء إذا حمله أی حتی إذا حملت هذه الریاح سحابا ثقالا بما فیها من الماء و المعنی أن السحاب المسیطر بالمیاه العظیمة إنما یبقی معلقا فی الهواء لأنه تعالی دبر بحكمته أن یحرك الریاح تحریكا شدیدا. فیحصل منها فوائد أحدها أن أجزاء السحاب ینضم بعضها إلی بعض و یتراكم و ینعقد السحاب الكثیف الماطر و ثانیها أن بسبب تلك الحركات الشدیدة التی فی تلك الریاح یمنة و یسرة یمتنع علی تلك الأجزاء المائیة النزول فلا جرم یبقی معلقا فی الهواء و ثالثها أن بسبب حركات تلك الریاح ینساق السحاب من موضع إلی موضع آخر و هو الموضع الذی علم اللّٰه تعالی احتیاجهم إلی نزول الأمطار و انتفاعهم بها و رابعها أن حركة الریاح تارة تكون مفرقة لأجزاء السحاب مبطلة لها و خامسها أن هذه الریاح تارة تكون مقویة للزرع و الأشجار مكملة لما فیها من النشوء و النماء و هی الریاح اللواقح و تارة تكون مبطلة لها كما تكون فی الخریف و سادسها أن هذه الریاح تارة تكون طیبة لذیذة موافقة للأبدان و تارة تكون مهلكة إما بسبب ما فیها من الحرارة الشدیدة كما فی السموم أو بسبب ما فیها من البرد الشدید كما فی الریاح المهلكة جدا و سابعها أن تلك الریاح تارة تكون شرقیة و تارة تكون غربیة و شمالیة و جنوبیة و هذا ضبط ذكره بعض الناس و إلا فالریاح تهب من كل جانب من جوانب العالم و لا ضبط لها و لا اختصاص لجانب من جوانب العالم بها و ثامنها أن هذه

الریاح تارة تصعد من قعر الأرض فإن من ركب البحر یشاهد أن البحر یحصل له غلیان شدید فیه بسبب تولد الریاح فی قعر البحر إلی ما فوق البحر و حینئذ یعظم هبوب الریاح فی وجه البحر و تارة ینزل الریح من جهة الفوق فاختلاف الریاح بسبب هذه

ص: 353

المعانی أیضا عجیب و عن السدی أنه تعالی یرسل الریاح فیأتی بالسحاب ثم إنه تعالی یبسطه فی السماء كیف یشاء ثم یفتح أبواب السماء فیسیل الماء علی السحاب ثم یمطر السحاب بعد ذلك و رحمته هو المطر.

إذا عرفت هذا فنقول اختلاف الریاح فی الصفات المذكورة مع أن طبیعة الهواء واحدة و تأثیرات الطبائع و الأنجم و الأفلاك واحدة تدل علی أن هذه الأحوال لم تحصل إلا بتدبیر الفاعل المختار سبحانه و تعالی ثم قال تعالی سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَیِّتٍ و المعنی أنا نسوق ذلك السحاب إلی بلد میت لم ینزل فیه غیث و لا تنبت فیه خضرة و السحاب لفظه مذكر و هو جمع سحابة فیجوز فیه التذكیر و التأنیث فلذا أتی بهما فی الآیة و اللام فی قوله لبلد إما بمعنی إلی أو المعنی سقناه لأجل بلد میت لیس فیه حب نسقیه و الضمیر فی قوله به إما راجع إلی البلد أو إلی السحاب و فی قوله فَأَخْرَجْنا بِهِ عائد إلی الماء و قیل إلی البلد و علی القول الأول فاللّٰه تعالی إنما یخلق الثمرات بواسطة الماء.

و قال أكثر المتكلمین إن الثمار غیر متولدة من الماء بل اللّٰه تعالی أجری عادته بخلق النبات ابتداء عقیب اختلاط الماء بالتراب و قال جمهور الحكماء لا یمتنع أن یقال أنه تعالی أودع فی الماء قوة و طبیعة ثم إن تلك القوة و الطبیعة توجبان حدوث الأحوال المخصوصة و المتكلمون احتجوا علی فساد هذا القول بأن طبیعة الماء و التراب واحدة ثم إنا نری أنه یتولد فی النبات الواحد الأحوال المختلفة مثل العنب فإن قشره بارد یابس و لحمه و ماؤه حار رطب و عجمة بارد یابس فتولد الأجسام الموصوفة بالصفات المختلفة من الماء و التراب یدل علی أنها إنما حدثت بإحداث الفاعل المختار لا بالطبع و الخاصیة(1)

انتهی.

خَوْفاً وَ طَمَعاً قال الزمخشری فی انتصابهما وجوه الأول أنه لا یصح أن یكونا مفعولا لهما لأنهما لیسا بفاعل الفعل المعلل به إلا علی تقدیر حذف المضاف أی إرادة خوف و طمع أو علی معنی إخافة و إطماعا الثانی یجوز أن

ص: 354


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 4، ص 355.

یكونا منتصبین علی الحال من البرق كأنه فی نفسه خوف و طمع و التقدیر ذا خوف و ذا طمع الثالث أن یكونا حالا من المخاطبین أی خائفین و طامعین.

و قال الرازی فی كونهما خوفا و طمعا وجوه الأول أن عند لمعان البرق یخاف وقوع الصواعق و یطمع فی نزول الغیث الثانی أنه یخاف من المطر من له فیه ضرر كالمسافر و كمن فی جرابه التمر و الزبیب و یطمع فیه من له نفع الثالث أن كل شی ء یحصل فی

الدنیا فهو خیر بالنسبة إلی قوم و شر بالنسبة إلی آخرین فكذلك المطر خیر فی حق من یحتاج إلیه فی أوانه شر فی حق من یضره ذلك إما بحسب المكان أو بحسب الزمان.

ثم اعلم أن حدوث البرق دلیل عجیب علی قدرة اللّٰه سبحانه و بیانه أن السحاب لا شك أنه جسم مركب من أجزاء مائیة و أجزاء هوائیة و لا شك أن الغالب علیه الأجزاء المائیة و الماء جسم بارد رطب و النار جسم حار یابس فظهور الضد من الضد التام علی خلاف العقل فلا بد من صانع مختار یظهر الضد من الضد.

فإن قیل لم لا یجوز أن یقال إن الریح احتقن فی داخل جرم السحاب و استولی البرد علی ظاهره فانجمد السطح الظاهر منه ثم إن ذلك الریح یمزقه تمزیقا عنیفا فیتولد من ذلك التمزیق الشدید حركة عنیفة و الحركة العنیفة موجبة للسخونة و هی البرق فالجواب أن كل ما ذكرتموه علی خلاف المعقول و بیانه من وجوه الأول أنه لو كان الأمر كذلك لوجب أن یقال أینما یحصل البرق فلا بد و أن یحصل الرعد و هو الصوت الحادث من تمزق السحاب و معلوم أنه لیس الأمر كذلك فإنه كثیرا ما یحدث البرق القوی من غیر حدوث الرعد الثانی أن السخونة الحاصلة بسبب قوة الحركة مقابلة بالطبیعة المائیة الموجبة للبرد و عند حصول هذا المعارض القوی كیف تحدث الناریة بل نقول النیران العظیمة تنطفئ بصب الماء علیها و السحاب كله ماء فكیف یمكن أن یحدث فیه شعلة ضعیفة ناریة

ص: 355

الثالث من مذهبكم أن النار الصرفة لا لون لها البتة فهب أنه حصلت الناریة بسبب قوة المحاكة الحاصلة فی أجزاء السحاب لكن من أین حدث ذلك اللون الأحمر فثبت أن السبب الذی ذكروه ضعیف و أن حدوث النار الخالصة فی جرم السحاب مع كونه ماء خالصا لا یمكن إلا بقدرة القادر الحكیم.

وَ یُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ السحاب اسم الجنس و الواحدة سحابة و الثقال جمع ثقیلة أی الثقال بالماء و اعلم أن هذا أیضا من دلائل القدرة و الحكمة و ذلك لأن هذه الأجزاء المائیة إما یقال إنها حدثت فی جو الهواء أو یقال إنها تصاعدت من وجه الأرض فإن كان الأول وجب أن یكون حدوثها بإحداث محدث حكیم قادر و هو المطلوب و إن كان الثانی و هو أن یقال إن تلك الأجزاء تصاعدت من الأرض فلما وصلت إلی الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت و رجعت إلی الأرض فنقول هذا باطل و ذلك لأن الأمطار مختلفة فتارة تكون القطرات كبیرة و تارة تكون صغیرة و تارة تكون متقاربة و أخری تكون متباعدة تارة تدوم مدة نزول المطر زمانا طویلا و تارة قلیلا فاختلاف الأمطار فی هذه الصفات مع أن طبیعة الأرض واحدة و طبیعة الأشعة المسخنة للبخارات واحدة لا بد و أن یكون بتخصیص الفاعل المختار و أیضا فالتجربة دلت علی أن للدعاء و التضرع فی نزول الغیث أثرا عظیما و لذلك شرعت صلاة الاستسقاء فعلمنا أن المؤثر فیه هو قدرة الفاعل لا الطبیعة الخاصة(1)

انتهی.

وَ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه تسبیح الرعد دلالته علی تنزیه اللّٰه تعالی و وجوب حمده فكأنه هو المسبح و قیل إن الرعد هو الملك الذی یسوق السحاب و یزجره بصوته فهو یسبح اللّٰه و یحمده وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَبَّكُمْ سُبْحَانَهُ یَقُولُ لَوْ أَنَّ عِبَادِی أَطَاعُونِی لَأَسْقَیْتُهُمُ الْمَطَرَ بِاللَّیْلِ وَ أَطْلَعْتُ عَلَیْهِمُ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ وَ لَمْ أُسْمِعْهُمْ صَوْتَ الرَّعْدِ وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ قَالَ سُبْحَانَ مَنْ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ. و كان ابن عباس یقول سبحان

ص: 356


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 279.

الذی سبحت له

وَ رَوَی سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ وَ الصَّوَاعِقَ قَالَ اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ وَ لَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ وَ عَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ.

قال ابن عباس من سمع الرعد فقال سبحان الذی یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِیفَتِهِ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ فإن أصابته صاعقة فعلی ذنبه (1).

وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِیفَتِهِ أی و تسبح الملائكة من خیفة اللّٰه تعالی و خشیته قال ابن عباس إنهم خائفون من اللّٰه لیس كخوف ابن آدم لا یعرف أحدهم من علی یمینه و من علی یساره لا یشغله عن عبادة اللّٰه طعام و لا شراب و لا شی ء وَ یُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَیُصِیبُ بِها مَنْ یَشاءُ و یسرفها عمن یشاء إلا أنه حذف

وَ رَوَوْا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام: أَنَّ الصَّوَاعِقَ تُصِیبُ الْمُسْلِمَ وَ غَیْرَ الْمُسْلِمِ وَ لَا تُصِیبُ ذَاكِراً انْتَهَی (2).

و قال الرازی فی قوله تعالی وَ یُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ أقوال الأول أن الرعد اسم ملك من الملائكة و الصوت المسموع هو صوت ذلك الملك بالتسبیح و التهلیل

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْیَهُودَ سَأَلَتِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الرَّعْدِ مَا هُوَ فَقَالَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِیقُ مِنْ نَارٍ یَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَیْثُ یَشَاءُ اللَّهُ تَعَالَی قَالُوا فَالصَّوْتُ الَّذِی یُسْمَعُ قَالَ زَجْرَةُ السَّحَابِ.

و عن الحسن أنه خلق من اللّٰه لیس بملك فعلی هذا القول الرعد اسم للملك الموكل بالسحاب و صوته تسبیح لله تعالی و ذلك الصوت أیضا مسمی بالرعد و یؤكد هذا ما روی عن ابن عباس كان إذا سمع الرعد قال سبحان الذی سبحت له

وَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ اللَّهَ یُنْشِئُ السَّحَابَ فَیَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمَنْطِقِ وَ یَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ فَنُطْقُهُ الرَّعْدُ وَ ضَحِكُهُ الْبَرْقُ.

و اعلم أن هذا القول غیر مستبعد و ذلك لأن عند أهل السنة البنیة لیست شرطا لحصول الحیاة فلا یبعد من اللّٰه تعالی أن یخلق الحیاة و العلم و القدرة و النطق فی أجزاء السحاب فیكون هذا الصوت المسموع فعلا له فكیف

ص: 357


1- 1. فی المصدر: دیته.
2- 2. مجمع البیان: ج 5: ص 283.

یستبعد ذلك و نحن نری أن السمندر یتولد فی النار و الضفادع تتولد فی السحاب (1)

و الدودة العظیمة ربما تولدت فی الثلوج القدیمة و أیضا إذا لم یبعد تسبیح الجبال فی زمن داود علیه السلام و لا تسبیح الحصی فی زمن محمد صلی اللّٰه علیه و آله فكیف یبعد تسبیح السحاب.

و علی هذا القول فهذا الشی ء المسمی بالرعد ملك أو لیس بملك فیه قولان أحدهما أنه لیس بملك لأنه عطف علیه الملائكة و الثانی أنه لا یبعد أن یكون من جنس الملائكة و أفرد بالذكر علی سبیل التشریف القول الثانی إن الرعد اسم لهذا الصوت المخصوص و مع ذلك فإن الرعد یسبح لله تعالی لأن التسبیح و التقدیس و ما یجری مجراهما لیس إلا وجود لفظ یدل علی حصول النزاهة و التقدیس لله تعالی فلما كان حدوث هذا الصوت دلیلا علی وجود موجود متعال عن النقص و الإمكان كان ذلك فی الحقیقة تسبیحا و هو معنی قوله وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ الثالث أن المراد من كون الرعد مسبحا أن من سمع الرعد فإنه یسبح اللّٰه تعالی فلهذا المعنی أضیف هذا التسبیح إلیه.

الرابع من كلمات الصوفیة الرعد صعقات الملائكة و البرق زفرات أفئدتهم و المطر بكاؤهم.

ثم قال و اعلم أن المحققین من الحكماء یذكرون أن هذه الآثار العلویة إنما تتم بقوی روحانیة فلكیة فللسحاب روح معین من الأرواح الفلكیة یدبره و كذا القول فی الریاح و سائر الآثار العلویة و هذا غیر ما نقلنا أن الرعد اسم الملك.

ثم قال أمر الصاعقة عجیب جدا و ذلك لأنها نار تتولد فی السحاب فإذا نزلت من السحاب فربما غاضت البحر و أحرقت الحیتان تحت البحر و الحكماء بالغوا فی وصف قوتها و وجه الاستدلال أن النار حارة یابسة و طبیعتها ضد طبیعة السحاب فوجب أن یكون طبیعتها فی الحرارة و الیبوسة أضعف من طبیعة النیران

ص: 358


1- 1. فی المصدر: فی الماء البارد.

الحادثة عندنا علی العادة لكنه لیس الأمر كذلك فإنها أقوی من نیران هذا العالم فثبت أن اختصاصها بمزید تلك القوة لا بد و أن یكون بسبب تخصیص الفاعل المختار.

وَ هُمْ یُجادِلُونَ فِی اللَّهِ أی هؤلاء الكفار مع ظهور هذه الدلائل یجادلون فی اللّٰه و هو یحتمل وجوها أحدها أن یكون المراد الرد علی الكافر الذی قال أخبرنا عن ربنا أ من نحاس أم حدید و ثانیها أن یكون المراد الرد علی جدالهم فی إنكار البعث و إبطال الحشر و ثالثها الرد علیهم فی طلب سائر المعجزات و رابعها الرد علیهم فی استنزال عذاب الاستئصال.

وَ هُوَ شَدِیدُ الْمِحالِ المشهور أن المیم أصلیة و قیل زائدة و المعنی شدید القوة و قیل شدید المكر و قیل شدید العقوبة و قیل شدید المغالبة و قیل شدید الجدال (1).

رِزْقاً لَكُمْ قال البیضاوی أی تعیشون به و هو یشمل المطعوم و الملبوس مفعول أخرج و مِنَ الثَّمَراتِ بیان له أو حال عنه و یحتمل عكس ذلك و یجوز أن یراد به المصدر فینتصب بالعلة أو المصدر لأن أخرج فی معنی رزق (2).

إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ قال البیضاوی بدل من كل شیطان و استراق السمع اختلاسه سرا شبه به خطفتهم الیسیرة من قطان السماوات لما بینهم من المناسبة فی الجوهر أو بالاستدلال من أوضاع الكواكب و حركاتها و عن ابن عباس أنهم كانوا لا یحتجبون عن السماوات فلما ولد عیسی علیه السلام منعوا من ثلاث سماوات فلما ولد محمد صلی اللّٰه علیه و آله منعوا من كلها بالشهب و لا یقدح فیه تكونها قبل المولد لجواز أن یكون لها أسباب أخر و قیل الاستثناء منقطع أی و لكن من استرق السمع فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ أی فتبعه و لحقه شهاب مُبِینٌ ظاهر للمبصرین و

ص: 359


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 282.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 1، ص 637.

الشهاب شعلة نار ساطعة و قد یطلق للكوكب و السنان لما فیها من البریق (1)

انتهی.

و قال الرازی لقائل أن یقول إذا جوزتم فی الجملة أن یصعد الشیطان إلی السماوات و یختلط بالملائكة و یسمع أخبارا من الغیوب عنهم ثم إنها تنزل و تلقی تلك الغیوب فعلی هذا التقدیر یجب أن یخرج الإخبار عن المغیبات عن كونه معجزا دلیلا علی الصدق و لا یقال إن اللّٰه تعالی أخبر عن أنهم عجزوا عن ذلك بعد مولد النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأنا نقول هذا المعجز لا یمكن إثباته إلا بعد القطع بكون محمد صلی اللّٰه علیه و آله رسولا و القطع بهذا لا یمكن إلا بواسطة المعجز و كون الإخبار عن الغیب معجزا لا یثبت إلا بعد إبطال هذا الاحتمال و حینئذ یلزم الدور و هو باطل محال.

و یمكن أن یجاب عنه بأنا نثبت كون محمد صلی اللّٰه علیه و آله رسولا بسائر المعجزات ثم بعد العلم بنبوته نقطع بأن اللّٰه عجز الشیاطین عن تلقف الغیب بهذا الطریق و عند ذلك یصیر الإخبار عن الغیب معجزا و حینئذ یندفع الدور(2)انتهی.

و أقول یمكن أن یقال یجب فی لطف اللّٰه و حكمته أن لا یمكن الكاذب فی دعوی النبوة و الإمامة من هذا و إلا لزم الإغراء بالقبیح و لو بالنسبة إلی العوام و لذا قیل لا تجری الشعبذة أیضا علی ید المدعی الكاذب فتأمل.

وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ قیل أی و ما من شی ء إلا و نحن قادرون علی إیجاده و تكوینه أضعاف ما وجد منه فضرب الخزائن مثلا لاقتداره أو شبه مقدوراته بالأشیاء المخزونة التی لا یحوج إخراجها إلی كلفة و اجتهاد وَ ما نُنَزِّلُهُ من تلك الخزائن إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ اقتضته الحكمة و تعلقت به المشیة فإن تخصیص بعضها بالإیجاد فی بعض الأوقات علی بعض الصفات و الحالات لا بد له من مخصص حكیم و قال علی بن إبراهیم الخزانة الماء الذی ینزل من السماء

ص: 360


1- 1. أنوار التنزیل: ج 1، ص 645.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 386.

فینبت لكل ضرب من الحیوان ما قدر اللّٰه له من الغذاء(1).

و قال بعض المحققین أقول الأول كلام من خلا من التحصیل و الثانی تمثیل للتقریب من أفهام الجمهور و تفسیر فی الظاهر و أما فی الباطن و التأویل فالخزائن عبارة عما كتبه القلم الأعلی أولا علی الوجه الكلی فی لوح القضاء المحفوظ عن التبدیل الذی منه یجری ثانیا علی الوجه الجزئی فی لوح القدر الذی فیه المحو و الإثبات تدرجا علی التنزل فإلی الأول أشیر بقوله وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ و بقوله وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ و إلی الثانی بقوله وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ و منه ینزل و یظهر فی عالم الشهادة

وَ عَنِ السَّجَّادِ علیه السلام: أَنَّ فِی الْعَرْشِ تِمْثَالَ جَمِیعِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قَالَ وَ هَذَا تَأْوِیلُ قَوْلِهِ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ الْآیَةَ.

أراد ع به ما ذكرناه انتهی.

وَ أَرْسَلْنَا الرِّیاحَ لَواقِحَ قیل أی حوامل شبه الریح التی جاءت بخیر من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه ما لا یكون كذلك بالعقیم أو ملقحات للشجر و السحاب و نظیره الطوائح بمعنی المطیحات فی قوله و مختبط مما تطیح الطوائح.

فَأَسْقَیْناكُمُوهُ أی فجعلناه لكم سقیا یقال سقیته حتی روی و أسقیته نهرا أی جعلته شرابا له وَ ما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِینَ أی قادرین متمكنین من إخراجه نفی عنهم ما أثبته لنفسه أو حافظین فی الغدران و العیون و الآبار و ذلك أیضا یدل علی المدبر الحكیم كما یدل علیه حركة الهواء فی بعض الأوقات من بعض الجهات علی وجه ینتفع به الناس فإن طبیعة الماء تقتضی الغور فوقوفه دون حد لا بد له من سبب مخصص لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ قیل أی ما تشربونه و لكم صلة أنزل أو خبر شراب و من تبعیضیة متعلقة به و تقدیمها یوهم حصر المشروب فیه و لا بأس به لأن میاه العیون و الآبار منه لقوله فَسَلَكَهُ یَنابِیعَ و قوله فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ

ص: 361


1- 1. تفسیر القمّیّ: 350.

وَ مِنْهُ شَجَرٌ أی و منه یكون شجر یعنی الشجر الذی یرعاه المواشی و قیل كل ما ینبت علی الأرض شجر فِیهِ تُسِیمُونَ أی ترعون مواشیكم من سامت الماشیة و أسامها صاحبها و أصلها السومة و هی العلامة لأنها تؤثر بالرعی علامات فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها أنبت فیها أنواع النبات بعد یبسها لِقَوْمٍ یَسْمَعُونَ أی سماع تدبر و إنصاف وَ تَرَی الْأَرْضَ هامِدَةً أی میتة یابسة من همدت النار إذا صارت رمادا اهْتَزَّتْ أی تحركت بالنبات وَ رَبَتْ أی انتفخت وَ أَنْبَتَتْ علی المجاز لأن المنبت هو اللّٰه تعالی مِنْ كُلِّ زَوْجٍ أی من كل نوع من أنواع النبات بَهِیجٍ البهجة حسن الشی ء و نضارته و البهیج بمعنی المبهج قال المبرد هو الشی ء المشرق الجمیل.

أَ لَمْ تَرَ أی أ لم تعلم و قیل المراد الرؤیة بالبصر فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ إنما لم یقل أصبحت لیدل علی بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان و إنما لم ینصب جوابا للاستفهام لأنه لو نصب لأعطی عكس ما هو الغرض لأن معناه إثبات الاخضرار فینقلب بالنصب إلی نفی الاخضرار إِنَّ اللَّهَ لَطِیفٌ یصل علمه أو لطفه إلی كل ما جل و دق خَبِیرٌ بالتدابیر الظاهرة و الباطنة.

وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً قال الرازی من قال إن المراد بالسماء السحاب قال إن اللّٰه تعالی أصعد الأجزاء المائیة من قعر الأرض و من البحار إلی السماء حتی صارت عذبة صافیة بسبب ذلك التصعید ثم إن تلك الذرات تأتلف و تتكیف (1) ثم ینزله اللّٰه علی قدر الحاجة إلیه و لو لا ذلك لم ینتفع بتلك المیاه لتفرقها فی قعر الأرض و لا بماء البحر لملوحته و لأنه لا حیلة فی إجراء میاه البحار علی وجه الأرض لأن البحار هی الغایة فی العمق و هذه الوجوه إنما یتمحلها من ینكر الفاعل المختار و أما من أقر به فلا حاجة له إلی شی ء منها بِقَدَرٍ أی بتقدیر یسلمون معه من المضرة و یصلون به إلی المنفعة فی الزرع و الغرس و الشرب

ص: 362


1- 1. فی المصدر: تتكون.

و بمقدار ما علمنا من حاجاتهم و مصالحهم فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ قیل جعلناه ثابتا فی الأرض قال ابن عباس أنزل اللّٰه تعالی من الجنة خمسة أنهار سیحون و جیحون و دجلة و الفرات و النیل ثم یرفعها عند خروج یأجوج و مأجوج و یرفع أیضا القرآن وَ إِنَّا عَلی ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ أی كما قدرنا علی إنزاله نقدر علی رفعه و إزالته و لما نبه سبحانه علی عظم نعمته بخلق الماء ذكر بعده النعم الحاصلة من الماء فقال فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِیلٍ وَ أَعْنابٍ و إنما خصهما لكثرة منافعهما فإنهما یقومان مقام الطعام و مقام الإدام و مقام الفاكهة رطبا و یابسا و قوله لَكُمْ فِیها فَواكِهُ كَثِیرَةٌ أی فی الجنات فكما أن فیها النخیل و الأعناب فیها الفواكه الكثیرة و قوله وَ مِنْها تَأْكُلُونَ قال الزمخشری یجوز أن یكون هذا من قولهم فلان یأكل من حرفة یحترفها و من صنعة فعلها یعنون أنها طعمته و جهته التی یحصل منها رزقه كأنه قال و هذه الجنات وجوه أرزاقكم و معاشكم منها تتعیشون (1).

أَ لَمْ تَرَ بعین عقلك و لم تعلم أَنَّ اللَّهَ یُزْجِی سَحاباً أی یسوقه و منه البضاعة المزجاة فإنها یزجیها كل أحد ثُمَّ یُؤَلِّفُ بَیْنَهُ بأن یكون قزعا فیضم بعضها إلی بعض و بهذا الاعتبار صح بینه إذ المعنی بین أجزائه ثُمَّ یَجْعَلُهُ رُكاماً أی متراكما بعضه علی بعض فَتَرَی الْوَدْقَ أی المطر یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أی من فتوقه جمع خلل كجبال فی جبل وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ قیل أی من الغمام و كل ما علاك فهو سماؤك مِنْ جِبالٍ فِیها مِنْ بَرَدٍ قیل أی قطع عظام تشبه الجبال فی عظمها أو جمودها من برد بیان للجبال و المفعول محذوف أی ینزل حینئذ ماء من السماء من جبال و یجوز أن تكون من الثانیة و الثالثة للتبعیض واقعة موقع المفعول و قیل المراد

بالسماء المظلة و فیها جبال من برد كما فی الأرض جبال من حجر و علیه ظواهر كثیر من الأخبار و لم یدل دلیل قاطع علی نفیه قال الرازی قال أهل الطبائع إن تكون السحاب و المطر و الثلج

ص: 363


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 278.

و البرد و الطل و الصقیع فی أكثر الأمر یكون من تكاثف البخار و فی الأقل من تكاثف الهواء أما الأول فالبخار الصاعد إن كان قلیلا و كان فی الهواء من الحرارة ما یحلل ذلك البخار فحینئذ ینحل و ینقلب هواء و إما إن كان البخار كثیرا و لم یكن فی الهواء من الحرارة ما یحلله فتلك الأبخرة المتصاعدة إما أن تبلغ فی صعودها إلی الطبقة الباردة من الهواء أو لا تبلغ فإن بلغت فإما أن یكون البرد قویا أو لا یكون فإن لم یكن البرد هناك قویا تكاثف ذلك البخار بذلك القدر من البرد و اجتمع و تقاطر فالبخار المجتمع هو السحاب و المتقاطر هو المطر و الدیمة و الوابل إنما یكون من أمثال هذه الغیوم و أما إن كان البرد شدیدا فلا یخلو إما أن یصل البرد إلی الأجزاء البخاریة قبل اجتماعها و انحلالها أو بعد صیرورتها كذلك فإن كان علی الوجه الأول نزل ثلجا و إن كان علی الوجه الثانی نزل بردا و أما إذا لم تبلغ الأبخرة إلی الطبقة الباردة فهی إما أن تكون قلیلة أو تكون كثیرة فإن كانت كثیرة فهی تنعقد سحابا ماطرا و قد لا تنعقد أما الأول فذاك لأحد أسباب خاصة. أولها إذا منع هبوب الریاح عن تصاعد تلك الأبخرة و ثانیها أن تكون الریاح ضاغطة لها إلی اجتماع بسبب وقوف جبال قدام الریح و ثالثها أن تكون هناك ریاح متقابلة متصادفة فتمنع صعود الأبخرة حینئذ و رابعها أن یعرض للجزء المتقدم وقوف لثقله و بطء حركته ثم تلتصق به سائر الأجزاء الكثیرة المدد و خامسها لشدة برد الهواء القریب من الأرض فقد یشاهد البخار یصعد فی الجبال صعودا یسیرا حتی كأنه مكبة موضوعة علی وهدة و یكون الناظر إلیها فوق تلك الغمامة و الذین یكونون تحت الغمامة یمطرون و الذین یكونون فوقها یكونون فی الشمس أما إذا كانت الأبخرة القلیلة الارتفاع قلیلة لطیفة فإذا ضربها برد اللیل و كثفها و عقدها ما یكون محسوسا و نزل نزولا متفرقا لا یحس به إلا عند اجتماع شی ء یعتد به فإن لم یجمد كان طلا و إن جمد كان صقیعا و نسبة الصقیع إلی الطل نسبة الثلج إلی المطر.

و إما أن یكون السحاب من انقباض الهواء و ذلك عند ما یبرد الهواء و

ص: 364

ینقبض و حینئذ تحصل منه الأقسام المذكورة.

و الجواب أنا لما دللنا علی حدوث الأجسام و توسلنا بذلك إلی كونه سبحانه قادرا مختارا یمكنه إیجاد الأجسام لم یمكنا القطع بما ذكرتموه لاحتمال أنه سبحانه خلق أجزاء السحاب دفعة لا بالطریق الذی ذكرتموه و أیضا فهب أن الأمر كما ذكرتم و لكن الأجسام بالاتفاق ممكنة فی ذواتها و لا بد لها من مؤثر ثم إنها متماثلة فاختصاص كل واحد منها بصفته المعینة من الصعود و الهبوط و اللطافة و الكثافة و الحرارة و البرودة لا بد له من مخصص فإذا كان هو سبحانه خالقا لتلك الطبائع و تلك الطبائع مؤثرة فی هذه الأحوال و خالق السبب خالق المسبب فكان سبحانه هو الذی یزجی سحابا لأنه هو الذی خلق تلك الطبائع

المحركة لتلك الأبخرة من باطن الأرض إلی جو الهواء ثم تلك الأبخرة ترادفت فی صعودها و التصق بعضها بالبعض فهو سبحانه هو الذی جعله ركاما فثبت أنه علی جمیع التقدیرات وجه الاستدلال بهذه الأشیاء علی القدرة و الحكمة ظاهر بین (1) انتهی.

فَیُصِیبُ بِهِ مَنْ یَشاءُ وَ یَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ یَشاءُ الضمیران للبرد و الإصابة بإهلاك الزرع و المال و قد یهلك الأنفس أیضا یَكادُ سَنا بَرْقِهِ أی یقرب ضوء برق السحاب أن یَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ أبصار الناظرین إلیه من فرط الإضاءة یُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ بالمعاقبة بینهما أو بنقص أحدهما و زیادة الآخر أو بتغییر أحوالهما بالحر و البرد و الظلمة و النور أو ما یعم ذلك إِنَّ فِی ذلِكَ أی فی ما تقدم ذكره لَعِبْرَةً لِأُولِی الْأَبْصارِ أی لأولی البصائر و العقول لدلالته علی وجود الصانع القدیم و كمال قدرته و إحاطة علمه و نفاذ مشیته و تنزهه عن الحاجة و ما یفضی إلیها لمن یرجع إلی بصیرة.

بُشْراً قرأ عاصم بالباء المضمومة أی مبشرات جمع بشور و ابن عامر بالنون و السكون أی ناشرات للسحاب و الكسائی بفتح النون مصدرا بَیْنَ

ص: 365


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 6 ص 419.

یَدَیْ رَحْمَتِهِ أی المطر كما مر.

ماءً طَهُوراً أی مطرا و هو اسم لما یتطهر به كالوضوء و الوقود و قیل بلیغا فی الطهارة لِنُحْیِیَ بِهِ بَلْدَةً مَیْتاً بالنبات و التذكیر لأن البلدة فی معنی البلد وَ أَناسِیَّ كَثِیراً قیل یعنی أهل البوادی الذین یعیشون بالحیاء و لذلك نكر الأنعام و الأناسی و تخصیصهم لأن أهل المدن و القری یقیمون بقرب الأنهار و المنابع فبهم (1)

و بما حولهم من الأنعام غنیة عن سقی السماء.

وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَیْنَهُمْ قال البیضاوی أی صرفنا هذا القول بین الناس فی القرآن و سائر الكتب أو المطر بینهم فی البلدان المختلفة و الأوقات المتغایرة و الصفات المتفاوتة من وابل و طل و غیرهما و عن ابن عباس ما عام أمطر من عام و لكن اللّٰه قسم ذلك بین عباده علی ما شاء و تلا هذه الآیة أو فی الأنهار أو فی المنابع لِیَذَّكَّرُوا أی لیتفكروا و یعرفوا كمال القدرة و حق النعمة فی ذلك و یقوموا بشكره أو لیعتبروا بالصرف عنهم و إلیهم فَأَبی أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً أی إلا كفران النعمة و قلة الاكتراث لها أو جحودها بأن یقولوا مطرنا بنوء كذا و من لا یری الأمطار إلا من الأنواء كان كافرا بخلاف من یری أنها من خلق اللّٰه و الأنواء وسائط أو أمارات یجعله (2)

اللّٰه تعالی.

فَأَنْبَتْنا عدل به عن الغیبة إلی التكلم لتأكید اختصاص الفعل بذاته و التنبیه علی أن إنبات الحدائق البهیة(3)

المختلفة الأنواع المتباعدة الطبائع من المواد المتشابهة لا یقدر علیه غیره تعالی كما أشار إلیه بقوله ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أی شجر الحدائق و هی البساتین من الأحداق و هو الإحاطة مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أی بأسباب سماویة و أرضیة.

یُرِیكُمُ الْبَرْقَ مقدر بأن أو الفعل فیه منزل منزلة المصدر كقولهم تسمع

ص: 366


1- 1. فیها( ظ).
2- 2. یجعلها( ظ).
3- 3. الأظهر« الهیجة».

بالمعیدی خیر من أن تراه أو صفة لمحذوف تقدیره آیة یریكم بها البرق خَوْفاً من الصاعقة و للمسافر وَ طَمَعاً فی الغیث و للمقیم فَیَبْسُطُهُ أی متصلا تارة فِی السَّماءِ أو(1) فی سمتها كَیْفَ یَشاءُ سائرا و واقفا مطبقا و غیر مطبق من جانب دون جانب إلی غیر ذلك وَ یَجْعَلُهُ كِسَفاً أی قطعا تارة أخری فَتَرَی الْوَدْقَ أی المطر یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فی التارتین فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ یعنی بلادهم و أراضیهم إِذا هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ بمجی ء الخصب أَنْ یُنَزَّلَ عَلَیْهِمْ أی المطر مِنْ قَبْلِهِ تكریر للتأكید و الدلالة علی تطاول عهدهم بالبطر و استحكام یأسهم (2)

و قیل الضمیر للمطر أو السحاب أو الإرسال لَمُبْلِسِینَ أی لابسین قانطین فَانْظُرْ إِلی آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ أی أثر الغیث من النبات و الأشجار و أنواع الثمار و لذلك جمعه ابن عامر و حمزة و الكسائی و حفص إِنَّ ذلِكَ یعنی الذی قدر علی إحیاء الأرض بعد موتها لَمُحْیِ الْمَوْتی لقادر علی إحیائهم فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا أی فرأوا الأثر أو الزرع فإنه مدلول علیه بما تقدم و قیل السحاب لأنه إذا كان مصفرا لم یمطر و اللام موطئة للقسم دخلت علی حرف الشرط و قوله لَظَلُّوا جواب سد مسد الجزاء.

مِنْ كُلِّ زَوْجٍ أی صنف كَرِیمٍ أی كثیر المنفعة فَتُثِیرُ سَحاباً علی حكایة الحال الماضیة استحضارا لتلك الصورة البدیعة الدالة علی كمال الحكمة و لأن المراد بیان إحداثها بهذه الخاصیة و لذلك أسنده إلیها و یجوز أن یكون اختلاف الأفعال للدلالة علی استمرار الأمر فَأَحْیَیْنا بِهِ الْأَرْضَ أی بالمطر النازل منه و ذكر السحاب كذكره أو بالسحاب فإنه سبب السبب أو الصائر مطرا بَعْدَ مَوْتِها أی بعد یبسها كَذلِكَ النُّشُورُ أی مثل إحیاء الموات نشور الأموات فی صحة المقدوریة إذ لیس بینهما إلا احتمال اختلاف المادة فی المقیس و ذلك لا مدخل له فیها و قیل فی كیفیة الإحیاء فإنه تعالی یرسل ماء من تحت العرش ینبت منه (3)

أجساد الخلق.

ص: 367


1- 1. أی( خ).
2- 2. بأسهم( خ).
3- 3. به( خ).

إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ الخطف الاختلاس و المراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة و أتبع بمعنی تبع و الشهاب ما یری كوكبا انقض و ما قیل إنه بخار یصعد إلی الأثیر فیشتعل فتخمین إن صح لم یناف ذلك إذ لیس فیه ما یدل علی أنه ینقض من الفلك و لا فی قوله تعالی وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّیاطِینِ فإن كل نیر یحصل فی الجو العالی فهو مصباح لأهل الأرض و زینة للسماء من حیث إنه یری كأنه علی سطحه و لا یبعد أن یصیر الحادث لما ذكر فی بعض الأوقات رجما للشیاطین یتصعد إلی قرب الفلك للتسمع و ما روی أن ذلك حدث بمیلاد النبی صلی اللّٰه علیه و آله إن صح فلعل المراد كثرة وقوعه أو مصیره دحورا و اختلف فی أن المرجوم یتأذی به فیرجع أو یحرق به لكن قد یصیب الصاعد مرة و قد لا یصیب كالموج لراكب السفینة و لذلك لا یرتدعون عنه رأسا و لا یقال إن الشیطان من النار فلا یحترق لأنه لیس من النار الصرف كما أن الإنسان لیس من التراب الخالص مع أن النار القویة إذا استولت علی الضعیفة استهلكتها ثاقِبٌ أی مضی ء كأنه یثقب الجو بضوئه.

أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً قال الرازی و هو المطر و قیل كل ماء كان فی الأرض فهو من السماء ثم إنه تعالی ینزله إلی بعض المواضع ثم یقسمه فَسَلَكَهُ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ أی فأدخله و نظمه ینابیع فی الأرض عیونا و مسالك و مجاری كالعروق فی الأجسام ثُمَّ یُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ من خضرة و حمرة و صفرة و بیاض و غیر ذلك أو مختلفا أصنافه من بر و شعیر و سمسم ثُمَّ یَهِیجُ و ذلك لأنه إذا تم جفافه جاز له أن ینفصل من منابته و إن لن تتفرق أجزاؤه فتلك الأجزاء كأنها هاجت للتفرق ثم یصیر حُطاماً فتاتا(1) إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری یعنی أن من شاهد هذه الأحوال فی النبات علم أن أحوال الحیوان و الإنسان كذلك و أنه و إن طال عمره فلا بد له من الانتهاء إلی أن یصیر مصفر اللون منحطم الأعضاء و الأجزاء ثم

ص: 368


1- 1. فی المفاتیح: یابسا.

عاقبته (1)

الموت فإذا كانت مشاهدة هذه الأحوال فی النبات مذكرة حصول مثل هذه الأحوال فی نفسه و فی حیاته فحینئذ تعظم نفرته من الدنیا و طیباتها قال الواحدی الینابیع جمع ینبوع و هو یفعول من نبع و هو نصب بنزع الخافض كان التقدیر فسلكه فی ینابیع ثُمَّ یَهِیجُ أی یخضر و الحطام ما تفتت و تكسر من النبت (2)

انتهی.

مِنَ السَّماءِ رِزْقاً أی أسباب رزق كالمطر یُنَزِّلُ الْغَیْثَ قال البیضاوی أی المطر الذی یغیثهم من الجدب و لذلك خص بالنافع منها مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا أیسوا منه وَ یَنْشُرُ رَحْمَتَهُ فی كل شی ء من السهل و الجبل و النبات و الحیوان وَ هُوَ الْوَلِیُ الذی یتولی عباده بإحسانه و نشر رحمته الْحَمِیدُ المستحق للحمد علی ذلك (3) ماءً بِقَدَرٍ أی بمقدار ینفع و لا یضر فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَیْتاً مال عنه النماء كَذلِكَ مثل ذلك الإنشاء تُخْرَجُونَ تنشرون من قبوركم مِنْ رِزْقٍ أی من مطر و سماه رزقا لأنه سببه بَعْدَ مَوْتِها بعد یبسها وَ تَصْرِیفِ الرِّیاحِ باختلاف جهاتها و أحوالها ماءً مُبارَكاً أی كثیر المنافع فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ أی أشجارا و ثمارا(4) وَ حَبَّ الْحَصِیدِ أی حب الزرع الذی من شأنه أن یحصد كالبر و الشعیر وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ طوالا أو حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت فیكون من أفعل فهو فاعل و إفرادها بالذكر لفرط ارتفاعها و كثرة منافعها لَها طَلْعٌ نَضِیدٌ أی منضود بعضه فوق بعض و المراد تراكم الطلع أو كثرة ما فیه من التمر رِزْقاً لِلْعِبادِ علة لأنبتنا أو مصدر فإن الإنبات رزق وَ أَحْیَیْنا بِهِ بَلْدَةً مَیْتاً أی أرضا

ص: 369


1- 1. عاقبة( خ).
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 249.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 399.
4- 4. اثمارا( خ).

جدته لا نماء فیها كَذلِكَ الْخُرُوجُ كما حییت هذه البلدة یكون خروجكم أحیاء بعد موتكم.

وَ الذَّارِیاتِ ذَرْواً قال الطبرسی رحمه اللّٰه رُوِیَ: أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَخْطُبُ عَلَی الْمِنْبَرِ فَقَالَ مَا الذَّارِیاتِ ذَرْواً قَالَ الرِّیَاحُ قَالَ فَالْحامِلاتِ وِقْراً قَالَ السَّحَابُ قَالَ فَالْجارِیاتِ یُسْراً قَالَ السُّفُنُ قَالَ فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً قَالَ الْمَلَائِكَةُ.

و روی ذلك عن ابن عباس و مجاهد فالذاریات الریاح تذرو التراب و هشیم النبت أی تفرقه فالحاملات السحاب تحمل ثقلا من الماء من بلد فتصیر موقرة به و الوقر بالكسر ثقل الحمل علی ظهر أو فی بطن (1) فَالْجارِیاتِ یُسْراً أی السفن تجری فی الماء جریا سهلا إلی حیث سیرت و قیل هی السحاب تجری یسیرا إلی حیث سیرها اللّٰه من البقاع و قیل هی النجوم السبعة السیارة فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً الملائكة یقسمون الأمور بین الخلق علی ما أمروا به أقسم اللّٰه تعالی بهذه الأشیاء لكثرة ما فیها من المنافع للعباد و لما تضمنته من الدلالة علی وحدانیة اللّٰه تعالی و بدائع صنعه و قیل التقدیر القسم برب هذه الأشیاء(2) انتهی.

بِماءٍ مُنْهَمِرٍ أی منصب قال الرازی المراد من الفتح و الأبواب و السماء إما حقائقها فنقول للسماء أبواب تفتح و تغلق و لا استبعاد فیه و هو علی طریقة الاستعارة فإن الظاهر أن الماء كان من السحاب و علی هذا فهو كما یقول القائل فی المطر الوابل جرت میازیب السماء و فتح أفواه القرب أی كأنه كان ذلك (3) أَ فَرَأَیْتُمُ الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ قال البیضاوی أی العذب الصالح للشرب مِنَ الْمُزْنِ أی من السحاب و قیل هو السحاب الأبیض و ماؤه أعذب أَمْ نَحْنُ

ص: 370


1- 1. فی المجمع: الوقر ثقل الاذن.
2- 2. مجمع البیان: ج 9، ص 152.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 786.

الْمُنْزِلُونَ بقدرتنا جَعَلْناهُ أُجاجاً أی مالحا فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ أمثال هذه النعم الضروریة(1) لَأَسْقَیْناهُمْ ماءً غَدَقاً أی لوسعنا علیهم الرزق و تخصیص الماء الغدق و هو الكثیر بالذكر لأنه أصل المعاش و السعة و عزة وجوده بین العرب (2).

أقول: سیأتی تفسیر باقی السورة فی باب الجن و فیه ما یناسب هذا الباب.

«1»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمُلْكِ حَاجّاً مَعَهُ الْأَبْرَشُ الْكَلْبِیُّ فَلَقِیَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ هِشَامٌ لِلْأَبْرَشِ تَعْرِفُ هَذَا قَالَ لَا قَالَ هَذَا الَّذِی تَزْعُمُ الشِّیعَةُ أَنَّهُ نَبِیٌّ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ فَقَالَ الْأَبْرَشُ لَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا یُجِیبُنِی فِیهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ فَقَالَ هِشَامٌ وَدِدْتُ أَنَّكَ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَلَقِیَ الْأَبْرَشُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ أَ وَ لَمْ یَرَ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما(3) فَمَا كَانَ رَتْقُهُمَا وَ مَا كَانَ فَتْقُهُمَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا أَبْرَشُ هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ كانَ عَرْشُهُ عَلَی الْماءِ وَ الْمَاءُ عَلَی الْهَوَاءِ وَ الْهَوَاءُ لَا یُحَدُّ وَ لَمْ یَكُنْ یَوْمَئِذٍ خَلْقٌ غَیْرَهُمَا وَ الْمَاءُ یَوْمَئِذٍ عَذْبٌ فُرَاتٌ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَخْلُقَ الْأَرْضَ أَمَرَ الرِّیَاحَ فَضَرَبَتِ الْمَاءَ حَتَّی صَارَ مَوْجاً ثُمَّ أَزْبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً فَجَمَعَهُ فِی مَوْضِعِ الْبَیْتِ ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلًا مِنْ زَبَدٍ ثُمَّ دَحَی الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبارَكاً(4) ثُمَّ مَكَثَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَا شَاءَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَخْلُقَ السَّمَاءَ أَمَرَ الرِّیَاحَ فَضَرَبَتِ الْبُحُورَ حَتَّی أَزْبَدَتْهَا فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ وَ الزَّبَدِ مِنْ وَسَطِهِ دُخَانٌ سَاطِعٌ مِنْ غَیْرِ نَارٍ فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاءَ وَ جَعَلَ فِیهَا

ص: 371


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 492.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 2، ص 555.
3- 3. الأنبیاء: 30.
4- 4. آل عمران: 91.

الْبُرُوجَ وَ النُّجُومَ وَ مَنَازِلَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ أَجْرَاهَا فِی الْفَلَكِ وَ كَانَتِ السَّمَاءُ خَضْرَاءَ عَلَی لَوْنِ الْمَاءِ الْأَخْضَرِ وَ كَانَتِ الْأَرْضُ غَبْرَاءَ عَلَی لَوْنِ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَ كَانَتَا مَرْتُوقَتَیْنِ لَیْسَ لَهُمَا أَبْوَابٌ وَ لَمْ یَكُنْ لِلْأَرْضِ أَبْوَابٌ وَ هُوَ النَّبْتُ وَ لَمْ تُمْطِرِ(1) السَّمَاءُ عَلَیْهَا فَتُنْبِتَ فَفَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ وَ فَتَقَ الْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ أَ وَ لَمْ یَرَ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما فَقَالَ الْأَبْرَشُ وَ اللَّهِ مَا حَدَّثَنِی بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِیثِ أَحَدٌ قَطُّ أَعِدْ عَلَیَّ فَأَعَادَ عَلَیْهِ وَ كَانَ الْأَبْرَشُ مُلْحِداً فَقَالَ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ نَبِیٍّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (2).

«2»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُومُ فِی الْمَطَرِ أَوَّلَ مَطَرٍ یُمْطَرُ حَتَّی یَبْتَلَّ رَأْسُهُ وَ لِحْیَتُهُ وَ ثِیَابُهُ فَیُقَالُ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الْكِنَّ الْكِنَّ فَیَقُولُ إِنَّ هَذَا مَاءٌ قَرِیبُ الْعَهْدِ بِالْعَرْشِ ثُمَّ أَنْشَأَ یُحَدِّثُ فَقَالَ إِنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ بَحْراً فِیهِ مَاءٌ یَنْبُتُ بِهِ أَرْزَاقُ الْحَیَوَانِ وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یُنْبِتَ بِهِ مَا یَشَاءُ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَمُطِرَ مِنْهُ مَا شَاءَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَی سَمَاءٍ حَتَّی یَصِیرَ إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَتُلْقِیَهِ إِلَی السَّحَابِ وَ السَّحَابُ بِمَنْزِلَةِ الْغِرْبَالِ ثُمَّ یُوحِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنِ اطْحَنِیهِ وَ أَذِیبِیهِ ذَوَبَانَ الْمِلْحِ فِی الْمَاءِ ثُمَّ انْطَلِقِی بِهِ إِلَی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا وَ عُبَاباً(3)

وَ غَیْرَ عُبَابٍ فَتَقْطُرُ عَلَیْهِمْ عَلَی النَّحْوِ الَّذِی یَأْمُرُهَا بِهِ فَلَیْسَ مِنْ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ إِلَّا وَ مَعَهَا مَلَكٌ حَتَّی یَضَعَهَا مَوْضِعَهَا وَ لَمْ یَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ إِلَّا بِقَدَرِ مَعْدُودٍ وَ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَّا مَا كَانَ یَوْمَ الطُّوفَانِ عَلَی عَهْدِ نُوحٍ علیه السلام فَإِنَّهُ نَزَلَ مِنْهَا مَاءٌ مُنْهَمِرٌ بِلَا عَدَدٍ وَ لَا وَزْنٍ (4).

ص: 372


1- 1. فی المصدر: لم تقطر.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 427 و قد مر الحدیث بعینه فی باب حدوث العالم و بدء خلقه تحت الرقم 47.
3- 3. او( خ).
4- 4. العلل: ج 2، ص 141.

القرب، عن هارون عن ابن صدقة: مثله (1).

«3»- التَّفْسِیرُ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ فَهِیَ الْأَنْهَارُ وَ الْعُیُونُ وَ الْآبَارُ(2).

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُزْجِی سَحاباً أَیْ یُثِیرُهُ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ یُؤَلِّفُ بَیْنَهُ فَإِذَا غَلُظَ بَعَثَ اللَّهُ رِیحاً(3) فَتُعْصِرُهُ فَیَنْزِلُ مِنْهُ الْمَاءُ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَتَرَی الْوَدْقَ یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أَیْ الْمَطَرَ(4).

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثٍ الْأَعْوَرِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ السَّحَابِ أَیْنَ یَكُونُ قَالَ یَكُونُ عَلَی شَجَرٍ كَثِیفٍ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ یَأْوِی إِلَیْهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُرْسِلَهُ أَرْسَلَ رِیحاً فَأَثَارَهُ (5).

«5»- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: السَّحَابُ غِرْبَالُ الْمَطَرِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَفْسَدَ كُلَّ شَیْ ءٍ یَقَعُ عَلَیْهِ (6).

«6»- وَ قَالَ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ قَالَ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَإِذَا أُمْطِرَتْ فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا فِی الْبَحْرِ فَیَقَعُ فِیهَا مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ فَیُخْلَقُ اللُّؤْلُؤَةُ الصَّغِیرَةُ مِنَ الْقَطْرَةِ الصَّغِیرَةِ وَ اللُّؤْلُؤَةُ الْكَبِیرَةُ مِنَ الْقَطْرَةِ الْكَبِیرَةِ(7).

ص: 373


1- 1. قرب الإسناد: ص 49.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 446.
3- 3. فی المصدر: ملكا.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 459.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 603 و فیه: و وكل به ملائكة یضربونه بالمخاریق و هو البرق فیرتفع.
6- 6. قرب الإسناد: 84.
7- 7. قرب الإسناد: 85.

بیان: هذا أحد الوجوه فی تأویل الآیة الكریمة و رواه المفسرون عن ابن عباس و یؤیده أن البحر العذب لا یخرج منه اللؤلؤ علی المشهور و لعل الخلق من القطرتین معناه أن لهما مدخلا فی خلقهما لا أنهما مادتهما و سیأتی تمام القول فی ذلك فی محله.

«6»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنِ الْحَاكِمِ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّیْسَابُورِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَمْرٍو الضَّرِیرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ التَّیْمِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ سَحَابَةٌ نَاشِئَةٌ فَقَالَ كَیْفَ تَرَوْنَ قَوَاعِدَهَا قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا وَ أَشَدَّ تَمَكُّنَهَا قَالَ كَیْفَ تَرَوْنَ بَوَاسِقَهَا قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا وَ أَشَدَّ تَرَاكُمَهَا قَالَ كَیْفَ تَرَوْنَ جَوْنَهَا قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهُ وَ أَشَدَّ سَوَادَهُ قَالَ

كَیْفَ (1)

تَرَوْنَ رَحَاهَا قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَهَا وَ أَشَدَّ اسْتِدَارَتَهَا قَالَ فَكَیْفَ تَرَوْنَ بَرْقَهَا أَ خَفْواً أَمْ وَمِیضاً أَمْ یَشُقُّ شَقّاً قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ یَشُقُّ شَقّاً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَیَا فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْصَحَكَ وَ مَا رَأَیْنَا الَّذِی هُوَ أَفْصَحُ مِنْكَ فَقَالَ وَ مَا یَمْنَعُنِی مِنْ ذَلِكَ وَ بِلِسَانِی نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ (2).

ثم قال حدثنا الحاكم قال حدثنی أبی قال حدثنی أبو علی الریاحی عن أبی عمرو الضریر: بهذا الحدیث

وَ قَالَ أَخْبَرَنِی مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الزَّنْجَانِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِی عُبَیْدٍ قَالَ: الْقَوَاعِدُ هِیَ أُصُولُهَا الْمُعْتَرِضَةُ فِی آفَاقِ السَّمَاءِ وَ أَحْسَبُهَا تُشْبِهُ بِقَوَاعِدِ الْبَیْتِ وَ هِیَ حِیطَانُهُ وَ الْوَاحِدَةُ قَاعِدَةٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِذْ یَرْفَعُ إِبْراهِیمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَیْتِ

ص: 374


1- 1. فی المصدر: فكیف.
2- 2. معانی الأخبار: ص 319.

وَ إِسْماعِیلُ (1) وَ أَمَّا الْبَوَاسِقُ فَفُرُوعُهَا الْمُسْتَطِیلَةُ الَّتِی فِی (2)

وَسَطِ السَّمَاءِ إِلَی الْأُفُقِ الْآخَرِ وَ كَذَلِكَ كُلُّ طَوِیلٍ فَهُوَ بَاسِقٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِیدٌ(3) وَ الْجَوْنُ هُوَ الْأَسْوَدُ الْیَحْمُومِیُّ وَ جَمْعُهُ جُونٌ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَكَیْفَ تَرَوْنَ رَحَاهَا فَإِنَّ رَحَاهَا اسْتِدَارَةُ السَّحَابَةِ فِی السَّمَاءِ وَ لِهَذَا قِیلَ رَحَی الْحَرْبِ وَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِی یُسْتَدَارُ فِیهِ لَهَا وَ الْخَفْوُ الِاعْتِرَاضُ مِنَ الْبَرْقِ فِی نَوَاحِی الْغَیْمِ وَ فِیهِ لُغَتَانِ یُقَالُ خَفَا الْبَرْقُ یَخْفُو خَفْواً وَ یَخْفَی خَفْیاً وَ الْوَمِیضُ أَنْ یَلْمَعَ قَلِیلًا ثُمَّ یَسْكُنَ وَ لَیْسَ لَهُ اعْتِرَاضٌ وَ أَمَّا الَّذِی شَقَ (4) شَقّاً فَاسْتِطَالَتُهُ فِی الْجَوِّ إِلَی وَسَطِ السَّمَاءِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَأْخُذَ یَمِیناً وَ لَا شِمَالًا قَالَ الصَّدُوقُ الْحَیَا الْمَطَرُ(5).

بیان: قال الزمخشری فی الفائق

سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ سَحَائِبَ مَرَّتْ فَقَالَ كَیْفَ تَرَوْنَ قَوَاعِدَهَا وَ بَوَاسِقَهَا وَ رَحَاهَا أَ جُونٌ أَمْ غَیْرُ ذَلِكَ ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الْبَرْقِ فَقَالَ أَ خَفْواً أَمْ وَمِیضاً أَمْ یَشُقُّ شَقّاً قَالُوا یَشُقُّ شَقّاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَاءَكُمُ الْحَیَا.

أراد بالقواعد ما اعترض منها كقواعد البنیان و بالبواسق ما استطال من فروعها و بالرحی ما استدار منها الجون فی الجون كالورد فی الورد و الخفو و الخفی اعتراض البرق فی نواحی الغیم قال أبو عمرو هو أن یلمع من غیر أن یستطیر و أنشد:

یبیت إذا ما لاح من نحو أرضه***سنا البرق یكلا خفیه و یراقبه

و الومیض لمعة ثم سكونه و منه أومض إذا أومأ و الشق استطالته إلی وسط السماء من غیر أن یأخذ یمینا و شمالا أراد أ یخفو خفوا أم یمیض ومیضا

ص: 375


1- 1. البقرة: 127.
2- 2. فی المصدر: المستطیلة الی وسط السماء.
3- 3. ق: 10.
4- 4. فی المصدر: یشق.
5- 5. معانی الأخبار: 320.

و لذلك عطف علیه یشق شقا و إظهار الفعل هنا بعد إضماره فی ما قبله نظیر المجی ء بالواو فی قوله عز و جل وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ (1) بعد تركها فی ما قبلها انتهی.

و أقول قد مر بعض القول فیه فی المجلد السادس.

«7»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الصَّاعِقَةُ لَا تُصِیبُ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فَإِنَّا قَدْ رَأَیْنَا فُلَاناً یُصَلِّی فِی الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَصَابَتْهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّهُ كَانَ یَرْمِی حَمَامَ الْحَرَمِ (2).

«8»- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: الصَّاعِقَةُ تُصِیبُ الْمُؤْمِنَ وَ الْكَافِرَ وَ لَا تُصِیبُ ذَاكِراً(3).

بیان: لعل المراد بالمؤمن أولا الكامل فی الإیمان و ثانیا مطلق المؤمن بقرینة أن رمی حمام الحرم لا یخرج عن مطلق الإیمان و یحتمل أن یكون الرامی مخالفا و أسند الإصابة إلی الرمی تقیة.

«9»- التَّفْسِیرُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی خَبَرِ الْمِعْرَاجِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: فَصَعِدَ جَبْرَئِیلُ وَ صَعِدْتُ مَعَهُ إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ عَلَیْهَا مَلَكٌ یُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِیلُ وَ هُوَ صَاحِبُ الْخَطْفَةِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ وَ تَحْتَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ تَحْتَ كُلِّ مَلَكٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ الْخَبَرَ(4).

«10»- وَ مِنْهُ: وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ مارِدٍ قَالَ الْمَارِدُ الْخَبِیثُ لا یَسَّمَّعُونَ إِلَی الْمَلَإِ الْأَعْلی وَ یُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً یَعْنِی الْكَوَاكِبَ الَّتِی یُرْمَوْنَ بِهَا وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ أَیْ وَاجِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ یَعْنِی یَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ

ص: 376


1- 1. الكهف: 23.
2- 2. العلل: ج 2 ص 147.
3- 3. العلل: ج 2 ص 147.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 369.

فَیَحْفَظُونَهَا فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ وَ هُوَ مَا یُرْمَوْنَ بِهِ فَیُحْرَقُونَ.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: عَذابٌ واصِبٌ أَیْ دَائِمٌ وَجِعٌ قَدْ خَلَصَ إِلَی قُلُوبِهِمْ وَ قَوْلُهُ شِهابٌ ثاقِبٌ مُضِیٌّ إِذَا أَصَابَهُمْ بِقُوَّةٍ(1).

«11»- الْعُیُونُ، وَ مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الطَّالَقَانِیِّ عَنْ أَبِی عُقْدَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ هُوَ الَّذِی یُرِیكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً قَالَ خَوْفٌ لِلْمُسَافِرِ وَ طَمَعٌ لِلْمُقِیمِ (2).

«12»- الْإِحْتِجَاجُ، وَ الْخِصَالُ،: فِی مَا أَجَابَ الْحَسَنُ بْنُ 1 عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ أَسْئِلَةِ مَلِكِ الرُّومِ وَ قَالَ السَّائِلُ مَا قَوْسُ قُزَحَ قَالَ وَیْحَكَ لَا تَقُلْ قَوْسَ قُزَحَ فَإِنَّ قُزَحَ اسْمُ شَیْطَانٍ وَ هُوَ قَوْسُ اللَّهِ وَ عَلَامَةُ الْخِصْبِ وَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ (3).

«13»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْسِ قُزَحَ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ لَا تَقُلْ قَوْسَ قُزَحَ فَإِنَّ قُزَحَ (4)

اسْمُ الشَّیْطَانِ وَ لَكِنْ قُلْ قَوْسُ اللَّهِ إِذَا بَدَتْ یَبْدُو الْخِصْبُ وَ الرِّیفُ (5).

«14»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْوَاذِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَرْثِ السَّمَرْقَنْدِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِیدٍ التِّرْمِذِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: أَهْلُ الْكِتَابَیْنِ یَقُولُونَ لَمَّا هَبَطَ نُوحٌ مِنَ السَّفِینَةِ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا نُوحُ إِنَّنِی خَلَقْتُ خَلْقِی لِعِبَادَتِی وَ أَمَرْتُهُمْ بِطَاعَتِی فَقَدْ عَصَوْنِی وَ عَبَدُوا غَیْرِی وَ اسْتَوْجَبُوا بِذَلِكَ غَضَبِی فَغَرَّقْتُهُمْ وَ إِنِّی قَدْ جَعَلْتُ قَوْسِی أَمَاناً لِعِبَادِی وَ

ص: 377


1- 1. تفسیر القمّیّ: 555.
2- 2. العیون: ج 1، ص 294، و معانی الأخبار: 374.
3- 3. الاحتجاج: 144.
4- 4. فی المصدر: قزحا.
5- 5. الاحتجاج: 138.

بِلَادِی وَ مَوْثِقاً بَیْنِی وَ بَیْنَ خَلْقِی یَأْمَنُونَ بِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ مِنَ الْغَرَقِ وَ مَنْ أَوْفَی بِعَهْدِهِ مِنِّی فَفَرِحَ نُوحٌ علیه السلام بِذَلِكَ وَ تَبَاشَرَ وَ كَانَتِ الْقَوْسُ فِیهَا سَهْمٌ وَ وَتَرٌ فَنَزَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ السَّهْمَ وَ الْوَتَرَ مِنَ الْقَوْسِ (1)

وَ جَعَلَهَا أَمَاناً لِعِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ مِنَ الْغَرَقِ (2).

بیان: هذه الأخبار تدل علی أنه ما دام یظهر القوس فی الجو لا تصیبهم الطوفان و الغرق.

«15»- قِصَصُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ قَوْماً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ قَالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ یُمْطِرْ عَلَیْنَا السَّمَاءَ إِذَا أَرَدْنَا فَسَأَلَ رَبَّهُ ذَلِكَ فَوَعَدَهُ أَنْ یَفْعَلَ فَأَمْطَرَ السَّمَاءَ عَلَیْهِمْ كُلَّمَا أَرَادُوا فَزَرَعُوا فَنَمَتْ زُرُوعُهُمْ وَ حَسُنَتْ فَلَمَّا حَصَدُوا لَمْ یَجِدُوا شَیْئاً فَقَالُوا إِنَّمَا سَأَلْنَا الْمَطَرَ لِلْمَنْفَعَةِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی أَنَّهُمْ لَمْ یَرْضَوْا بِتَدْبِیرِی لَهُمْ أَوْ نَحْوَ هَذَا.

«16»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ حَبَسَ الرِّیحَ عَلَی أَهْلِ الدُّنْیَا لَأَخْوَتِ الْأَرْضُ وَ لَوْ لَا السَّحَابُ لَخَرِبَتِ الْأَرْضُ فَمَا أَنْبَتَتْ شَیْئاً وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ السَّحَابَ فَیُغَرْبِلُ الْمَاءَ فَیُنْزِلُ قَطْراً وَ إِنَّهُ أُرْسِلَ عَلَی قَوْمِ نُوحٍ بِغَیْرِ حِسَابٍ.

بیان: لأخوت الأرض أی خلت من الناس أو من الخیر أو خربت و انهدمت قال الفیروزآبادی خوت الدار تهدمت و خوت و خویت خلت من أهلها و أرض خاویة خالیة من أهلها و خوی كرمی تابع (3) علیه الجوع و الزند لم یور كأخوی و النجوم خیا أمحلت فلم تمطر كأخوت و خوت.

«17»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ

ص: 378


1- 1. علی عهدة وهب بن منبه الكذاب و أهل الكتابین.
2- 2. العلل: ج 1، ص 28.
3- 3. فی بعض النسخ: كرضی تتابع علیه الجوع.

بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا أَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ مُنْذُ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَأَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ لَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا(1).

«18»- تَفْسِیرُ الْإِمَامِ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً یَعْنِی الْمَطَرَ یُنْزِلُ مَعَ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً یَضَعُهَا فِی مَوْضِعِهَا الَّذِی یَأْمُرُهُ بِهِ رَبُّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.

«19»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ دَاوُدَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ فَارْتَعَدَتِ السَّمَاءُ فَقَالَ سُبْحَانَ مَنْ یُسَبِّحُ لَهُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَ الْمَلائِكَةُ مِنْ خِیفَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِیرٍ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ لِلرَّعْدِ كَلَاماً فَقَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَلْ عَمَّا یَعْنِیكَ وَ دَعْ مَا لَا یَعْنِیكَ.

بیان: یدل علی أن التفكر فی حقائق المخلوقات و أمثالها مما لم یؤمر الخلق به بل لا فائدة لهم فیه (2).

«20»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّعْدِ أَیَّ شَیْ ءٍ یَقُولُ قَالَ إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ یَكُونُ فِی الْإِبِلِ فَیَزْجُرُهَا هَایْ هَایْ كَهَیْئَةِ ذَلِكَ (3)

قُلْتُ فَمَا الْبَرْقُ قَالَ (4) لِی تِلْكَ مَخَارِیقُ الْمَلَائِكَةِ تَضْرِبُ السَّحَابَ فَتَسُوقُهُ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی قَضَی اللَّهُ فِیهِ الْمَطَرَ.

الفقیه، عن أبی بصیر: مثله.

ص: 379


1- 1. الخصال: 165.
2- 2. الروایة مرسلة و دلالتها علی ما ذكره ممنوع لاحتمال كون الردع لاجل عدم استعداد ابی بصیر أو بعض الحضار لفهم حقیقته، فكیف تعارض الأدلة المتظافرة علی حسن مطلق التفكر سوی التفكر فی ذات اللّٰه تعالی، و كیف لا یكون للناس فائدة فیه؟ فای فائدة أعظم و اهم من معرفة صنع اللّٰه تعالی و لا سیما معرفة تسبیح خلائقه له و اعترافها بتوحیده و قدرته و علمه و حكمته و سائر صفاته العلیا و أسمائه الحسنی؟!.
3- 3. و قد مر فی الروایة السابقة ان ابا بصیر سأله علیه السلام عن كلام الرعد فردعه عنه و الروایتان مرسلتان غیر معتبرتان و كذا ما یتلوهما.
4- 4. فی الفقیه: فما حال البرق؟ فقال.

«21»- قَالَ وَ رُوِیَ: أَنَّ الرَّعْدَ صَوْتُ مَلَكٍ أَكْبَرَ مِنَ الذُّبَابِ وَ أَصْغَرَ مِنَ الزُّنْبُورِ(1).

«22»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الْكِنَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَمُوتُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ مِیتَةٍ إِلَّا الصَّاعِقَةَ لَا تَأْخُذُهُ وَ هُوَ یَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَ (2).

«23»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ بُرَیْدٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ الصَّاعِقَةَ(3)

لَا تُصِیبُ ذَاكِراً(4).

«24»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُومُ فِی الْمَطَرِ أَوَّلَ مَا یُمْطَرُ حَتَّی یَبْتَلَّ رَأْسُهُ وَ لِحْیَتُهُ وَ ثِیَابُهُ فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الْكِنَّ الْكِنَّ فَقَالَ إِنَّ هَذَا مَاءٌ قَرِیبُ الْعَهْدِ بِالْعَرْشِ ثُمَّ أَنْشَأَ یُحَدِّثُ فَقَالَ إِنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ بَحْراً فِیهِ مَاءٌ یُنْبِتُ أَرْزَاقَ الْحَیَوَانَاتِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ یُنْبِتَ بِهِ مَا یَشَاءُ لَهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ فَمَطَرَ مَا شَاءَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَی سَمَاءٍ حَتَّی یَصِیرَ إِلَی سَمَاءِ الدُّنْیَا فِیمَا أَظُنُّ فَیُلْقِیَهُ إِلَی السَّحَابِ وَ السَّحَابُ بِمَنْزِلَةِ الْغِرْبَالِ ثُمَّ یُوحِی إِلَی الرِّیحِ أَنِ اطْحَنِیهِ وَ أَذِیبِیهِ ذَوَبَانَ الْمَاءِ(5)

ثُمَّ انْطَلِقِی بِهِ إِلَی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا فَامْطُرِی عَلَیْهِمْ فَیَكُونَ كَذَا وَ كَذَا عُبَاباً وَ غَیْرَ ذَلِكَ فَتَقْطُرُ عَلَیْهِمْ عَلَی النَّحْوِ الَّذِی یَأْمُرُهَا بِهِ فَلَیْسَ مِنْ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ إِلَّا وَ مَعَهَا مَلَكٌ حَتَّی یَضَعَهَا مَوْضِعَهَا وَ لَمْ یَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ قَطْرَةٌ مِنْ مَطَرٍ إِلَّا بِعَدَدٍ مَعْدُودٍ وَ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ یَوْمِ الطُّوفَانِ عَلَی عَهْدِ

ص: 380


1- 1. الفقیه: 139.
2- 2. الكافی: ج 2، ص 500.
3- 3. فی المصدر: الصواعق.
4- 4. الكافی: ج 2، ص 500.
5- 5. الملح( خ).

نُوحٍ علیه السلام فَإِنَّهُ نَزَلَ [من] مَاءٌ مُنْهَمِرٌ بِلَا وَزْنٍ وَ لَا عَدَدٍ(1).

«25»- قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ لِی أَبِی علیه السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ السَّحَابَ غَرَابِیلَ لِلْمَطَرِ هِیَ تُذِیبُ الْبَرَدَ حَتَّی یَصِیرَ مَاءً لِكَیْ لَا یَضُرَّ شَیْئاً یُصِیبُهُ وَ الَّذِی تَرَوْنَ فِیهِ مِنَ الْبَرَدِ وَ الصَّوَاعِقِ نَقِمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یُصِیبُ بِهَا مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا تُشِیرُوا إِلَی الْمَطَرِ وَ لَا إِلَی الْهِلَالِ فَإِنَّ اللَّهَ یَكْرَهُ ذَلِكَ (2).

الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَإِنَّهُ نَزَلَ مِنْهَا مَاءٌ مُنْهَمِرٌ بِلَا عَدَدٍ وَ لَا وَزْنٍ.

و قد مر فی ما تقدم (3)

قرب الإسناد، عن هارون: مثله إلی آخر الخبر(4)

بیان: أول ما یمطر أی أول كل ما مطر أو المطر الذی یمطر أول السنة و فی العلل أول مطر یمطر و هو یؤید الثانی و الكن بالنصب علی الإغراء أی اطلبه أو ادخله و هو بالكسر ما یستتر به من بناء و نحوه فی ما أظن لیس هذا فی العلل و قرب الإسناد و علی تقدیره هو كلام الراوی أی أظن أن الصادق علیه السلام ذكر السماء الدنیا ثم یوحی إلی الریح فی الكتابین ثم یوحی اللّٰه إلی السحاب أن اطحنیه و أذیبیه ذوبان الملح فی الماء و هذا ظاهر و آخر الخبر صریحا یدل علی أن ما ینزل من السماء برد فإذا أراد أن یصیره مطرا أمر الریح أو السحاب أن یطحنه و یذیبه و الآیة أیضا تحتمل ذلك بل هو أظهر فیها إذ الظاهر أن مفعول ینزل هو الودق لكن ذكر البحر فی أول الخبر لا یلائم ذلك إلا أن یقال الجبال فی ذلك البحر أو یكون مرور ذلك الماء علی تلك الجبال فبذلك ینجمد أو یحمل من ذلك البرد فینزل و علی ما فتحه المتفلسفون

ص: 381


1- 1. روضة الكافی: 239.
2- 2. روضة الكافی: 240.
3- 3. تحت الرقم 2.
4- 4. قرب الإسناد: ص 49.

من أبواب التأویل فالأمر هین.

ماء منهمر أی منصب سائل من غیر تقاطر أو كثیر من غیر أن یعلم وزنها و عددها الملائكة لا تشیروا إلی المطر لعل المراد به الإشارة إلیهما علی سبیل المدح كأن یقول ما أحسن هذا الهلال و ما أجود هذا المطر أو أنه ینبغی عند رؤیتهما الاشتغال بالدعاء

لا الإشارة إلیهما كما یفعله السفهاء أو لا ینبغی عند رؤیتهما التوجه إلیهما عند الدعاء و التوسل بهما كما أن بعض الناس یظنون أن للهلال و أمثاله مدخلا فی نظام العالم فیتوسلون به و یتوجهون إلیه و هذا أظهر بالنسبة إلی الهلال و یؤیده ما روی فی الفقیه

عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَیْتَ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَا تُشِرْ إِلَیْهِ وَ لَكِنِ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ ارْفَعْ یَدَیْكَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَاطِبِ الْهِلَالَ الْخَبَرَ(1).

و قیل المراد بالإشارة الإشارة المعنویة و القول بأنهما مؤثران فی العالم و قیل هو نهی عن الإشارة إلی كیفیة حدوثهما فإن ذلك یضر باعتقاد العامة كما قیل نظیره فی قوله تعالی یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِیَ مَواقِیتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ (2).

«26»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ الْعَرْزَمِیِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ سُئِلَ عَنِ السَّحَابِ أَیْنَ تَكُونُ قَالَ تَكُونُ عَلَی شَجَرٍ عَلَی كَثِیبٍ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ یَأْوِی إِلَیْهِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُرْسِلَهُ أَرْسَلَ رِیحاً فَأَثَارَتْهُ وَ وَكَّلَ بِهِ مَلَائِكَةً یَضْرِبُونَهُ بِالْمَخَارِیقِ وَ هُوَ الْبَرْقُ فَیَرْتَفِعُ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ وَ اللَّهُ الَّذِی أَرْسَلَ الرِّیاحَ فَتُثِیرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلی بَلَدٍ مَیِّتٍ الْآیَةَ(3)

وَ الْمَلَكُ اسْمُهُ الرَّعْدُ(4).

تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ

ص: 382


1- 1. الفقیه: 175.
2- 2. البقرة: 189.
3- 3. الفاطر: 10.
4- 4. روضة الكافی: 218.

عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْهُ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَیَرْتَفِعُ (1).

بیان: تكون علی شجر یحتمل أن یكون نوع من السحاب كذلك أو یكون كنایة عن انبعاثه عن البحر و ما قرب منه و قیل علی شجر أی علی أنواع منها ما یكون علی الكثیب و هو اسم موضع علی ساحل البحر الیمن یأتی السحاب إلی مكة منها و فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام البرق مخاریق الملائكة هی جمع مخراق و هو فی الأصل ثوب یلف و یضرب به الصبیان بعضهم بعضا أراد أنها آلة تزجر بها الملائكة السحاب و تسوقه و یفسره حدیث ابن عباس البرق سوط من نور تزجر بها الملائكة السحاب.

«27»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام: الْمَطَرُ الَّذِی مِنْهُ أَرْزَاقُ الْحَیَوَانِ مِنْ بَحْرٍ تَحْتَ الْعَرْشِ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَسْتَمْطِرُ أَوَّلَ مَطَرٍ وَ یَقُومُ حَتَّی یَبْتَلَّ رَأْسُهُ وَ لِحْیَتُهُ ثُمَّ یَقُولُ إِنَّ هَذَا مَاءٌ قَرِیبُ عَهْدٍ بِالْعَرْشِ وَ

إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یُمْطِرَ أَنْزَلَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَی سَمَاءٍ بَعْدَ سَمَاءٍ حَتَّی یَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ وَ یُقَالُ الْمُزْنُ ذَلِكَ الْبَحْرُ وَ تَهُبُّ رِیحٌ مِنْ تَحْتِ سَاقِ عَرْشِ اللَّهِ تَعَالَی تَلْقَحُ السَّحَابَ ثُمَّ یَنْزِلُ مِنَ الْمُزْنِ الْمَاءُ وَ مَعَ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكٌ حَتَّی تَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ فِی مَوْضِعِهَا.

«28»- مَجَالِسُ الشَّیْخِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْغَضَائِرِیِّ عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ الطَّیَالِسِیِّ عَنْ زُرَیْقٍ الْخُلْقَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا بَرَقَتْ (2) قَطُّ فِی ظُلْمَةِ لَیْلٍ وَ لَا ضَوْءِ نَهَارٍ إِلَّا وَ هِیَ مَاطِرَةٌ.

الكافی، عن علی بن إبراهیم عن صالح بن السندی عن جعفر بن بشیر عن زریق عن أبی العباس عنه علیه السلام: مثله (3)

بیان: قال الفیروزآبادی برقت السماء بروقا لمعت أو جاءت ببرق و

ص: 383


1- 1. تفسیر القمّیّ: 603 و قد مر تحت الرقم( 4).
2- 2. فی الكافی: ما ابرقت.
3- 3. روضة الكافی: 218.

البرق بدا و الرجل تهدد و توعد كأبرق انتهی و الحاصل أن البرق یلزمه المطر و إن لم یمطر فی كل موضع یلوح فیه البرق.

«29»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ،: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذَا أَصَابَهُ الْمَطَرُ مَسَحَ بِهِ صُلْعَتَهُ وَ قَالَ بَرَكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ لَمْ یُصِبْهَا یَدٌ وَ لَا سِقَاءٌ.

«30»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ الثَّقَفِیِّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ الذَّارِیاتِ ذَرْواً قَالَ الرِّیَاحُ وَیْلَكَ قَالَ فَمَا الْحَامِلَاتُ وِقْراً قَالَ السَّحَابُ وَیْلَكَ قَالَ فَمَا الْجَارِیَاتُ یُسْراً قَالَ السُّفُنُ وَیْلَكَ قَالَ فَمَا الْمُقَسِّمَاتُ أَمْراً قَالَ الْمَلَائِكَةُ وَیْلَكَ قَالَ فَمَا قَوْسُ قُزَحَ قَالَ وَیْلَكَ لَا تَقُلْ قَوْسَ قُزَحَ فَإِنَّ قزحا [قُزَحَ] الشَّیْطَانُ وَ لَكِنَّهَا الْقَوْسُ وَ أَمَانُ أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا غَرَقَ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ.

«31»- كِتَابُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الصَّاعِقَةَ لَا تُصِیبُ ذَاكِراً لِلَّهِ تَعَالَی.

«32»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ فَهِیَ الْأَنْهَارُ وَ الْعُیُونُ وَ الْآبَارُ.

وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ: فِی قَوْلِهِ أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُزْجِی سَحاباً أَیْ یُثِیرُهُ مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ یُؤَلِّفُ بَیْنَهُ فَإِذَا غَلُظَ بَعَثَ اللَّهُ رِیَاحاً فَتَعْصِرُهُ فَیَنْزِلُ مِنْهُ الْمَاءُ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَتَرَی الْوَدْقَ یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أَیِ الْمَطَرَ(1).

«33»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَمُوتُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ مِیتَةٍ إِلَّا الصَّاعِقَةَ لَا تَأْخُذُهُ وَ هُوَ یَذْكُرُ اللَّهَ (2).

«34»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ

ص: 384


1- 1. قد مر تحت الرقم( 3).
2- 2. الكافی: ج 2، ص 500 و قد مر تحت الرقم( 22).

أُذَیْنَةَ عَنْ بُرَیْدٍ الْعِجْلِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ الصَّوَاعِقَ لَا تُصِیبُ ذَاكِراً قُلْتُ وَ مَا الذَّاكِرُ قَالَ مَنْ قَرَأَ مِائَةَ آیَةٍ(1).

«35»- وَ مِنْهُ، عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ وَهْبِ (2)

بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ مِیتَةِ الْمُؤْمِنِ قَالَ یَمُوتُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ مِیتَةٍ یَمُوتُ غَرَقاً وَ یَمُوتُ بِالْهَدْمِ وَ یُبْتَلَی بِالسَّبُعِ وَ یَمُوتُ بِالصَّاعِقَةِ وَ لَا تُصِیبُ ذَاكِراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (3).

«36»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِی الصَّحْوِ وَ الْمَطَرِ كَیْفَ یَعْتَقِبَانِ عَلَی هَذَا الْعَالَمِ لِمَا فِیهِ صَلَاحُهُ وَ لَوْ دَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَیْهِ كَانَ فِی ذَلِكَ فَسَادُهُ أَ لَا تَرَی أَنَّ الْأَمْطَارَ إِذَا تَوَالَتْ عَفِنَتِ الْبُقُولُ وَ الْخُضَرُ وَ اسْتَرْخَتْ أَبْدَانُ الْحَیَوَانِ وَ خَصِرَ الْهَوَاءُ فَأَحْدَثَ ضُرُوباً مِنَ الْأَمْرَاضِ وَ فَسَدَتِ الطُّرُقُ وَ الْمَسَالِكُ وَ إِنَّ الصَّحْوَ إِذَا دَامَ جَفَّتِ الْأَرْضُ وَ احْتَرَقَ النَّبَاتُ وَ غِیضَ مَاءُ الْعُیُونِ وَ الْأَوْدِیَةِ فَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ وَ غَلَبَ الْیُبْسُ عَلَی الْهَوَاءِ فَأَحْدَثَ ضُرُوباً أُخْرَی مِنَ الْأَمْرَاضِ فَإِذَا تَعَاقَبَا عَلَی الْعَالَمِ هَذَا التَّعَاقُبَ اعْتَدَلَ الْهَوَاءُ وَ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَادِیَةَ الْأُخْرَی فَصَلَحَتِ الْأَشْیَاءُ وَ اسْتَقَامَتْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَ لِمَ لَا یَكُونُ فِی شَیْ ءٍ مِنْ ذَلِكَ مَضَرَّةٌ الْبَتَّةَ قِیلَ لَهُ لِیَمُضَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ وَ یُؤْلِمَهُ بَعْضَ الْأَلَمِ فَیَرْعَوِیَ عَنِ الْمَعَاصِی فَكَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا سَقُمَ بَدَنُهُ احْتَاجَ إِلَی الْأَدْوِیَةِ الْمُرَّةِ الْبَشِعَةِ لِیَقُومَ طِبَاعُهُ وَ یَصْلُحَ مَا فَسَدَ مِنْهُ كَذَلِكَ إِذَا طَغَی وَ أَشِرَ احْتَاجَ إِلَی مَا یَعَضُّهُ وَ یُؤْلِمُهُ لِیَرْعَوِیَ وَ یَقْصُرَ عَنْ مَسَاوِیهِ وَ یَتَنَبَّهَ عَلَی مَا فِیهِ حَظُّهُ وَ رُشْدُهُ وَ لَوْ أَنَّ مَلِكاً مِنَ الْمُلُوكِ قَسَمَ فِی أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ قَنَاطِیرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ أَ لَمْ یَكُنْ سَیَعْظُمُ عِنْدَهُمْ وَ یَذْهَبُ لَهُ بِهِ الصَّوْتُ فَأَیْنَ هَذَا مِنْ مَطْرَةٍ رَوَاءٍ إِذْ یُعْمَرُ بِهِ الْبِلَادُ

ص: 385


1- 1. الكافی: ج 2 ص 500 و قد مر تحت الرقم( 23).
2- 2. فی المصدر: وهیب.
3- 3. الكافی: ج 2، ص 500.

وَ یَزِیدُ فِی الْغَلَّاتِ أَكْثَرَ مِنْ قَنَاطِیرِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فِی أَقَالِیمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا أَ فَلَا تَرَی الْمَطْرَةَ الْوَاحِدَةَ مَا أَكْبَرَ قَدْرَهَا وَ أَعْظَمَ النِّعْمَةَ عَلَی النَّاسِ فِیهَا وَ هُمْ عَنْهَا سَاهُونَ وَ رُبَّمَا عَاقَتْ عَنْ أَحَدِهِمْ حَاجَةٌ لَا قَدْرَ لَهَا فَیَذْمُرُ وَ یَسْخَطُ إِیثَاراً لِلْخَسِیسِ قَدْرُهُ عَلَی الْعَظِیمِ نَفْعُهُ جَهْلًا بِمَحْمُودِ الْعَاقِبَةِ وَ قِلَّةَ مَعْرِفَةٍ لِعَظِیمِ الْغَنَاءِ وَ الْمَنْفَعَةِ فِیهَا تَأَمَّلْ نُزُولَهُ عَلَی الْأَرْضِ وَ تَدَبَّرْ فِی ذَلِكَ فَإِنَّهُ جُعِلَ یَنْحَدِرُ عَلَیْهَا مِنْ عُلْوٍ لِیَغْشَی مَا غَلُظَ وَ ارْتَفَعَ مِنْهَا فَیُرْوِیَهُ وَ لَوْ كَانَ إِنَّمَا یَأْتِیهَا مِنْ بَعْضِ نَوَاحِیهَا لَمَا عَلَا الْمَوْضِعَ الْمُشْرِفَةَ مِنْهَا وَ لَقَلَّ مَا یُزْرَعُ فِی الْأَرْضِ أَ لَا تَرَی أَنَّ الَّذِی یُزْرَعُ سَیْحاً أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَمْطَارُ هِیَ الَّتِی تُطْبِقُ الْأَرْضَ وَ رُبَّمَا تُزْرَعُ هَذِهِ الْبَرَارِی الْوَاسِعَةُ وَ سُفُوحُ

الْجِبَالِ وَ ذُرَاهَا فَتُغِلُّ الْغَلَّةَ الْكَثِیرَةَ وَ بِهَا یَسْقُطُ عَنِ النَّاسِ فِی كَثِیرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ مَئُونَةُ سِیَاقِ الْمَاءِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَی مَوْضِعٍ وَ مَا یَجْرِی فِی ذَلِكَ بَیْنَهُمْ مِنَ التَّشَاجُرِ وَ التَّظَالُمِ حَتَّی یَسْتَأْثِرَ بِالْمَاءِ ذُو الْعِزَّةِ وَ الْقُوَّةِ وَ یَحْرِمَهُ الضُّعَفَاءَ ثُمَّ إِنَّهُ حِینَ قَدَّرَ أَنْ یَنْحَدِرَ عَلَی الْأَرْضِ انْحِدَاراً جَعَلَ ذَلِكَ قَطْراً شَبِیهاً بِالرَّشِّ لِیَغُورَ فِی قَعْرِ الْأَرْضِ فَیُرْوِیَهَا وَ لَوْ كَانَ یَسْكُبُهُ انْسِكَاباً كَانَ یَنْزِلُ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَا یَغُورُ فِیهَا ثُمَّ كَانَ یَحْطِمُ الزَّرْعَ الْقَائِمَةَ إِذَا انْدَفَقَ عَلَیْهَا فَصَارَ یَنْزِلُ نُزُولًا رَقِیقاً فَیُنْبِتُ الْحَبَّ وَ الْمَزْرُوعَ وَ یُحْیِی الْأَرْضَ وَ الزَّرْعَ الْقَائِمَ وَ فِی نُزُولِهِ أَیْضاً مَصَالِحُ أُخْرَی فَإِنَّهُ یُلَیِّنُ الْأَبْدَانَ وَ یَجْلُو كَدَرَ الْهَوَاءِ فَیَرْتَفِعُ الْوَبَاءُ الْحَادِثُ مِنْ ذَلِكَ وَ یَغْسِلُ مَا یَسْقُطُ عَلَی الشَّجَرِ وَ الزَّرْعِ مِنَ الدَّاءِ الْمُسَمَّی الْیَرَقَانَ إِلَی أَشْبَاهِ هَذَا مِنَ الْمَنَافِعِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ أَ وَ لَیْسَ قَدْ یَكُونُ مِنْهُ فِی بَعْضِ السِّنِینَ الضَّرَرُ الْعَظِیمُ الْكَثِیرُ لِشِدَّةِ مَا یَقَعُ مِنْهُ أَوْ بَرَدٍ یَكُونُ فِیهِ تَحَطُّمُ الْغَلَّاتِ وَ بَخُورَةٍ یُحْدِثُهَا فِی الْهَوَاءِ فَیَتَوَلَّدُ كَثِیرٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ فِی الْأَبْدَانِ وَ الْآفَاتِ فِی الْغَلَّاتِ قِیلَ بَلَی قَدْ یَكُونُ ذَلِكَ الْفَرْطُ لِمَا فِیهِ مِنْ صَلَاحِ الْإِنْسَانِ وَ كَفِّهِ عَنْ رُكُوبِ الْمَعَاصِی وَ التَّمَادِی فِیهَا فَیَكُونُ الْمَنْفَعَةُ فِیهَا یُصْلِحُ لَهُ مِنْ دِینِهِ أَرْجَحَ مِمَّا عَسَی أَنْ یُرْزَأَ فِی مَالِهِ.

بیان: یعتقبان أی یأتی كل منهما عقیب صاحبه و خصر الهواء

ص: 386

بكسر الصاد المهملة یقال خصر یومنا أی اشتد برده و ماء خاصر بارد و فی أكثر النسخ بالحاء المهملة و السین من حسر أی كل و هو لا یستقیم إلا بتكلف و تجوز و فی بعضها بالخاء المعجمة و الثاء المثلثة من قولهم خثر إذا غلظ و البشع الكریه المطعم الذی یأخذ بالحلق و القنطار معیار و یروی أنه ألف و مائتا أوقیة و یقال هو مائة و عشرون رطلا و یقال هو مل ء مسك الثور ذهبا قوله علیه السلام و یذهب له به الصوت أی یملأ صیت كرمه و جوده الآفاق و الذمر الملامة و التهدد و الحطم الكسر و الاندفاق الانصباب و الیرقان آفة للزرع و قوله مما عسی أن یرزأ من الرزء المصیبة.

«37»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: السَّحَابُ الْأَسْوَدُ فِیهِ الْمَطَرُ وَ الْأَبْیَضُ فِیهِ النَّدَی وَ هُوَ الَّذِی یُنْضِجُ الثِّمَارَ(1).

«38»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا مِنْ عَامٍ بِأَقَلَّ مَطَراً مِنْ عَامٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَصْرِفُهُ حَیْثُ یَشَاءُ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآیَةَ وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَیْنَهُمْ لِیَذَّكَّرُوا الْآیَةَ(2).

«39»- وَ عَنْ عُمَرَ مَوْلَی عُفْرَةَ قَالَ: سَأَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله جَبْرَئِیلَ فَقَالَ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ أَمْرَ السَّحَابِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذَا مَلَكُ السَّحَابِ فَاسْأَلْهُ فَقَالَ تَأْتِینَا صِكَاكٌ مُخَتَّمَةٌ اسْقِ بِلَادَ كَذَا وَ كَذَا كَذَا وَ كَذَا قَطْرَةً(3).

«40»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا رُمِیَ الشِّهَابُ لَمْ یُخْطِ مَنْ رُمِیَ بِهِ وَ تَلَا فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (4).

«41»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ قَالَ: لَا یُقْتَلُونَ بِالشِّهَابِ وَ لَا یَمُوتُونَ وَ لَكِنَّهَا تَخْرِقُ وَ تَخْرُجُ مِنْ غَیْرِ قَتْلٍ (5).

«42»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَرْسَلَ اللَّهُ شَیْئاً مِنْ رِیحٍ أَوْ مَاءٍ إِلَّا بِمِكْیَالٍ

ص: 387


1- 1. لم نجد هذه الروایة بعینها فی المصدر، لكن یوجد ما یشابهها فی( ج 1، ص 165) و لعلها نقلت بالمعنی.
2- 2. الدّر المنثور: ج 5، ص 73.
3- 3. الدّر المنثور: ج 5، ص 73.
4- 4. الدّر المنثور: ج 5، ص 271.
5- 5. الدّر المنثور: ج 5، ص 271.

إِلَّا یَوْمَ نُوحٍ وَ یَوْمَ عَادٍ فَأَمَّا یَوْمُ نُوحٍ فَإِنَّ الْمَاءَ طَغَی عَلَی خُزَّانِهِ فَلَمْ یَكُنْ لَهُمْ عَلَیْهِ سَبِیلٌ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّا لَمَّا طَغَی الْماءُ وَ أَمَّا یَوْمُ عَادٍ فَإِنَّ الرِّیحَ عَتَتْ عَلَی خُزَّانِهَا فَلَمْ یَكُنْ لَهُمْ عَلَیْهَا سَبِیلٌ ثُمَّ قَرَأَ بِرِیحٍ صَرْصَرٍ عاتِیَةٍ.

وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لَمْ تَنْزِلْ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ إِلَّا بِمِكْیَالٍ عَلَی یَدِ مَلَكٍ (1).

«43»- وَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِساً فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَرُمِیَ بِنَجْمِ فَاسْتَنَارَ قَالَ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ إِذَا كَانَ هَذَا فِی الْجَاهِلِیَّةِ قَالُوا كُنَّا نَقُولُ یُولَدُ عَظِیمٌ أَوْ یَمُوتُ عَظِیمٌ قَالَ فَإِنَّهَا لَا یُرْمَی بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَیَاتِهِ وَ لَكِنْ رَبُّنَا إِذَا قَضَی أَمْراً سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ یُسَبِّحُ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِینَ یَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ فَیَقُولُ الَّذِینَ یَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ مَا ذَا قَالَ رَبُّكُمْ فَیُخْبِرُ أَهْلَ كُلِّ سَمَاءٍ سَمَاءٍ حَتَّی یَنْتَهِیَ الْخَبَرُ إِلَی أَهْلِ هَذِهِ السَّمَاءِ وَ تَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَیُرْمَوْنَ فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَی وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَ لَكِنَّهُمْ یُحَرِّفُونَهُ وَ یَزِیدُونَ فِیهِ قَالَ مَعْمَرٌ قُلْتُ لِلزُّهْرِیِّ أَ كَانَ یُرْمَی بِهَا فِی الْجَاهِلِیَّةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ رَأَیْتَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ یَسْتَمِعِ الْآنَ یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً(2) قَالَ غَلُظَتْ وَ شُدِّدَ أَمْرُهَا حِینَ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (3).

تتمیم

اعلم أن الفلاسفة أثبتوا عناصر أربعة النار و الهواء و الماء و الأرض و قالوا النار حار یابس و الهواء حار رطب و الماء بارد رطب و الأرض بارد یابس و كرة النار عندهم ملاصقة لكرة فلك القمر متحركة بحركتها بالتبع و

ص: 388


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 259.
2- 2. الجن: 10.
3- 3. الدّر المنثور: ج 5، ص 235.

لها كرة واحدة و تحتها الهواء و له أربع طبقات الأولی ما یمتزج منه مع النار و هی التی تتلاشی فیها الأدخنة المرتفعة من السفل و تتكون فیها الكواكب ذوات الأذناب و ما یشبهها من النیازك و الأعمدة و غیرها الثانیة الهواء الصِّرْفة أو القریب من الصرافة و تضمحل فیها الأَدْخِنة اللطیفة و یحصل منها الشُّهُب الثالثة الهواء الباردة بما یخالطه من الأبخرة الباقی علی برودته لعدم وصول

أثر الشعاع المنعكس من وجه الأرض إلیه الرابعة الهواء الكثیف المجاور للأرض و الماء الغیر الباقی علی صرافة برودته المكتسبة لمكان الأشعة المنعكسة.

ثم كرة الماء و هی غیر تامة محیطة بثلاثة أرباع الأرض تقریبا ثم الأرض و هی كرة مصمتة و قد أحاط بقریب من ثلاثة أرباعها الماء فالماء علی هیئة كرة مُجَوَّفة غیر تامة قد قطع بعض جوانبها و ملئت من الأرض فالآن مجموع الماء و الأرض بمنزلة كُرة واحدة تامة الهیئة و للماء طبقة واحدة هی البحر المحیط بالأرض و لم یبق علی صرافته لنفوذ آثار الأَشِعَّة فیه و مخالطته بالأجزاء الأرضیة و لیس له ما یمیز بین أبعاضه بحیث تختلف فی الأحكام اختلافا یعتد به و الأرض ساكنة فی الوسط بحیث ینطبق مركز حجمها علی مركز العالم هذا هو المشهور بینهم و زعم بعض الأوائل منهم أن الأرض متحركة حركة وضعیة دَوْریة من المغرب إلی المشرق و أن شروق الكواكب و غروبها بسبب ذلك لا بسبب حركة الفلك و هذا قول ضعیف متروك عندهم.

و للأرض ثلاث طبقات الأولی الأرض الصرفة المحیطة بالمركز الثانیة الطبقة الطینیة و هی المجاورة للماء الثالثة الطبقة المنكشفة من الماء و هی التی تحتبس فیها الأبخرة و الأدخنة و تتولد فیها المعادن و النباتات و الحیوانات و تنقسم إلی البراری و الجبال و هی المعروفة بالربع المسكون المنقسم إلی الأقالیم السبعة و أما السبب فی انكشافها فقد قیل هو انجذاب الماء إلی ناحیة الجنوب لغلبة الحرارة فیها بسبب قرب الشمس لكون حضیض الشمس فی البروج الجنوبیة و كونها فی القرب أشد شعاعا من كونها فی البعد و كون الحرارة اللازمة من الشعاع

ص: 389

الأشد أقوی لا محالة و شأن الحرارة جذب الرطوبات و علی هذا یمكن أن تنتقل العمارة من الشمال إلی الجنوب ثم من الجنوب إلی الشمال و هكذا بسبب انتقال الأوج من أحدهما إلی الآخر و تكون العمارة دائما إلی حیث أوج الشمس لئلا یجتمع فی الصیف قرب الشمس من سمت الرأس و قربها من الأرض فتبلغ الحرارة إلی حد النكایة و الإحراق و لا البعدان فی الشتاء فیبلغ البرد إلی حد النكایة و التفجیع و قیل سببه كثرة الوِهاد و الأَغوار فی ناحیة الشمال باتفاق من الأسباب الخارجة فتنحدر المیاه إلیها بالطبع و تبقی المواضع المرتفعة مكشوفة و قیل لیس له سبب معلوم غیر العنایة الإلهیة لیصیر مستقرا للإنسان و غیره من الحیوانات و مادة لما یحتاج إلیه من المعادن و النباتات.

ثم إنهم یقولون بأن كلا من تلك العناصر الأربعة قابل للكون و الفساد أی ینقلب بعضها إلی بعض بلا توسط أو بتوسط واحد أو أكثر كالماء ینقلب حجر المرمر فإنه یحصل من میاه صافیة جاریة مشروبة تجتمع فی وهاد تتحجر حجرا قریب الحجم من حجمها فی زمان قلیل كما ینقل من بعض محال مراغة من بلاد آذربایجان و قیل الحق أن ذلك إنما هو بخاصیة فی بعض المواضع من الأرض خلق اللّٰه فیها قوة معدنیة شدیدة التأثیر فی التحجیر إذا صادفتها المیاه تحجرت و ربما كانت فی باطن الأرض فظهرت بالزلازل و من هذا القبیل ما نقل من انقلاب بعض الناس حجرا و قد شوهدت فی بعض البلاد أشباح حجریة علی هیئة أشخاص إنسیة من رجال و نساء و ولدان لا یعوزها من التشكیل و التخطیط شی ء و أشخاص بهیمیة و سائر أمور تتعلق بالإنسان علی حالات مخصوصة و أوضاع یغلب علی الظن أنها كانت قوالب إنسیة و ما یتعلق بها فلا یبعد ظهور مثل هذه القوة علی قوم غضب اللّٰه علیهم انتهی.

و قالوا الحجر ینحل بالحیل الإكسیریة ماء سیالا و الهواء ینقلب ماء كما یشاهد فی قلل الجبال و غیرها أن الهواء بسبب البرد یغلظ و یصیر سحابا متقاطرا و كما یشاهد من ركوب القطرات علی الطاس المكبوب علی الجمد و الماء ینقلب

ص: 390

هواء بالحر الحاصل من تسخین الشمس أو النار كما یشاهد من البخار الصاعد من الماء المسخن فإن البخار أجزاء هوائیة متكونة من الماء مستصحبة لأجزاء مائیة لطیفة مختلطة بها و الهواء ینقلب نارا كما فی كور الحدادین إذا ألح النفخ علیها و سد الطرق التی یدخل منها الهواء الجدید یحدث فیه نار من انقلاب الهواء إلیها و من هذا القبیل الهواء الحار الذی منه السموم المحرقة و النار أیضا تنقلب هواء كما یشاهد فی شعلة المصباح فإنها لو بقیت علی الناریة لتحركت إلی مكانها الطبیعی علی خط مستقیم فاحترقت ما حاذاها و لیس كذلك.

ثم إنهم قالوا إذا تصغرت تلك العناصر و امتزجت و تماست و فعل بعضها فی بعض بقواها المتضادة تحصل منها كیفیة متوسطة هی المزاج و التركیب قد یكون تاما یحصل به مزاج و یستعد بذلك لإفاضة صورة نوعیة تحفظ التركیب زمانا طویلا و قد یكون ناقصا لا یبقی مدة مدیدة بل تنحل بأدنی سبب مثل كائنات الجو.

قال صاحب المقاصد المركبات التی لا مزاج لها ثلاثة أنواع لأن حدوثه إما فوق الأرض أعنی فی الهواء و إما علی وجه الأرض و إما فی الأرض فالنوع الأول منه ما یتكون من البخار و منه ما یتكون من الدخان و كلاهما بالحرارة فإنها تحلل من الرطب أجزاء هوائیة و مائیة و هی البخار و من الیابس أجزاء أرضیة تخالطها أجزاء ناریة و قلما یخلو عن هوائیة و هی الدخان فالبخار المتصاعد قد یلطف بتحلیل الحرارة أجزاؤه المائیة فیصیر هواء و قد یبلغ الطبقة الزمهریریة فیتكاثف فیجتمع سحابا و یتقاطر قطرا إن لم یكن البرد شدیدا و إن أصابه برد شدید یجمد السحاب قبل تشكله بشكل القطرات نزل ثلجا أو بعد تشكله بذلك نزل بردا صغیرا مستدیرا إن كان من سحاب بعید لذوبان الزوایا بالحركة و الاصطكاك و إلا فكبیرا غیر مستدیر فی الغالب و إنما یكون البرد فی هواء ربیعی أو خریفی لفرط التحلیل فی الصیفی و الجمود فی الشتوی و قد لا یبلغ البخار المتصاعد الطبقة الزمهریریة فإن كثر صار ضبابا و إن قل و تكاثف ببرد

ص: 391

اللیل فإن انجمد نزل صقیعا و إلا فطلا فنسبة الصقیع إلی الطل نسبة الثلج إلی المطر و قد یكون السحاب الماطر من بخار كثیر تكاثف بالبرد من غیر أن یتصعد إلی الزمهریریة لمانع مثل هبوب الریاح المانعة للأبخرة من التصاعد أو الضاغطة إیاها إلی الاجتماع بسبب وقوف جبال قدام الریح و ثقل الجزء المتقدم و بطء حركته.

و قد یكون مع البخار المتصاعد دخان فإذا ارتفعا معا إلی الهواء البارد و قد انعقد البخار سحابا و احتبس الدخان فیه فإن بقی الدخان علی حرارته قصد الصعود و إن برد قصد النزول و كیف كان فإنه یمزق السحاب تمزیقا عنیفا فیحدث من تمزیقه و مصاكته صوت هو الرعد و ناریة لطیفة هی البرق أو كثیفة هی الصاعقة.

و قد یشتعل الدخان الغلیظ بالوصول إلی كرة النار كما یشاهد عند وصول دخان سراج منطفئ إلی سراج مشتعل فیری فیه الاشتعال فیری كأنه كوكب انقض و هو الشهاب و قد یكون لغلظه لا یشتعل بل یحترق و یدوم فیه الاحتراق فیبقی علی هیئة ذؤابة أو ذنب أو حیة أو حیوان له قرون و ربما یقف تحت كوكب و یدور مع النار بدوران الفلك إیاها و ربما تظهر فیه علامات هائلة حمر و سود بحسب زیادة غلظ الدخان و إذا لم ینقطع اتصال الدخان من الأرض و نزل اشتعاله إلی الأرض یری كان تنینا ینزل من السماء إلی الأرض و هو الحریق انتهی.

و قال فی المواقف و أما الدخان فربما یخالط السحاب فیحرقه إما فی صعوده بالطبع أو عند هبوطه للتكاثف بالبرد فیحدث من خرقه له و مصاكته إیاه صوت هو الرعد و قد یشتعل بقوة التسخین الحاصل من الحركة و المصاكة فلطیفه ینطفئ سریعا و هو البرق و كثیفه لا ینطفئ حتی یصل إلی الأرض و هی الصاعقة.

و قال شارحه و إذا وصل إلیها فربما صار لطیفا ینفذ فی المتخلخل و لا یحرقه و یذیب الأجسام المندمجة فیذیب الذهب و الفضة فی الصرة مثلا و لا یحرقها إلا

ص: 392

ما احترق من الذوب و قد أخبرنا أهل التواتر بأن الصاعقة وقعت بشیراز علی قبة الشیخ الكبیر أبی عبد اللّٰه بن حفیف فأذاب قندیلا فیها و لم یحرق شیئا منها و ربما كان كثیفا غلیظا جدا فیحرق كل شی ء أصابه و كثیرا ما تقع علی الجبل فتدكه دكا و یحكی أن صبیا كان فی صحراء فأصاب ساقیه صاعقة فسقط رجلاه و لم یخرج منه دم لحصول الكی بحرارتها و قال الرازی فی المباحث المَشْرِقیَّة إذا ارتفع بخار دخانی لزج دهنی و تصاعد حتی وصل إلی حیز النار من غیر أن ینقطع اتصاله عن الأرض اشتعلت النار فیه نازلة فیری كأَنَّ تنینا ینزل من السماء إلی الأرض فإذا وصلت إلی الأرض احترقت تلك المادة بالكلیة و ما یقرب منها و سبیل ذلك سبیل السراج المنطفئ إذا وضع تحت السراج المشتعل فاتصل الدخان من الأول إلی الثانی فانحدر اللّٰهب إلی فتیلته.

و قال فی شرح المواقف فی سبب الهالة و القوس قد تحدث فی الجو أجزاء رطبة رَشِّیة صقیلة كدائرة تحیط تلك الأجزاء بغیم رقیق لطیف لا تحجب ما وراءه عن الإبصار فینعكس منها أی من تلك الأجزاء الواقعة علی ذلك الوضع ضوء البصر لصقالتها إلی القمر فیری فی تلك الأجزاء ضوؤه دون شكله فإن الصقیل الذی ینعكس منه شعاع البصر إذا صغر جدا بحیث لا ینقسم فی الحس أدی (1)

الضوء و اللون دون الشكل و التخطیط كما فی المرآة الصغیرة و تلك الأجزاء الرشیة مرایا صغار متراصة علی هیئة الدائرة فیری جمیع تلك الدائرة كأنها منورة بنور ضعیف و تسمی الهالة و إنا لا نری الجزء الأول الذی یقابل القمر من ذلك الغیم لأن قوة الشعاع تخفی حجم السحاب الذی لا یستره فلا یری فیه خیال القمر كیف و الشی ء إنما یری علی الاستقامة نفسه لا شبحه بخلاف أجزائه التی لا تقابله فإنها تؤدی خیال ضوئه كما عرفت قیل و أكثر ما تتولد الهالة عند عدم الریح فإن تمزقت من جمیع الجهات دلت علی الصحو و إن ثخن

ص: 393


1- 1. فی المخطوطة: اری.

السحاب حتی بطلت دلت علی المطر لأن الأجزاء المائیة قد كثرت و إن انخرقت من جهة دلت علی ریح تأتی من تلك الجهة و إن اتفق أن توجد سحابتان علی الصفة المذكورة إحداهما تحت الأخری حدثت هناك هالة تحت هالة و تكون التحتانیة أعظم لأنها أقرب إلینا و زعم بعضهم أنه رأی سبع هالات معا.

و اعلم أن هالة الشمس و تسمی الطفاوة نادرة جدا لأن الشمس تحلل السُّحُب الرقیقة و مع ذلك فقد زعم ابن سینا أنه رأی حول الشمس هالة تامة فی ألوان قوس قُزَحَ و رأی بعد ذلك هالة فیها قوسیة قلیلة و إنما تنفرج هالة الشمس إذا كثف السحاب و أظلم و حكی أیضا أنه رأی حول القمر هالة قوسیة اللون لأن السحاب كان غلیظا فشوش فی أداء الضوء و عرض ما یعرض للقوس و قد یحدث مثل ذلك الذی ذكرناه من الأجزاء الرشیة الصقیلة علی هیئة الاستدارة فی جهة خلاف الشمس و هی قوس قزح.

و تفصیله أنه إذا وجد فی خلاف جهة الشمس أجزاء رشیة لطیفة صافیة علی تلك الهیئة و كان وراءها جسم كثیف إما جبل أو سحاب كدر و كانت الشمس قریبة من الأفق فإذا أدبر علی الشمس و نظر إلی تلك الأجزاء انعكس شعاع البصر عنها إلی الشمس و لما كانت صغیرة جدا لم یؤد الشكل بل اللون الذی یكون مركبا من ضوء الشمس فی لون المرآة و تختلف ألوانها بحسب اختلاف أجزاء السحاب فی ألوانها و بحسب ألوان ما وراءها من الجبال و ألوان ما ینعكس منها الضوء من الأجرام الكثیفة.

و فی المباحث المشرقیة زعم بعضهم أن السبب فی حدوث أمثال هذه الحوادث اتصالات فلكیة و قوی روحانیة اقتضت وجودها و حینئذ لا تكون من قبیل الخیالات و هو أن یری صورة شی ء مع صورة شی ء آخر مظهر له كالمرآة فیظن أن الصورة الأولی حاصلة فی الشی ء الثانی و لا یكون فیه بحسب نفس الأمر.

قال الإمام هذا الذی ذكره لا ینافی ما ذكرناه فإن الصحة و المرض قد یستندان إلی أسباب عنصریة تارة و إلی اتصالات فلكیة و تأثیرات نفسانیة

ص: 394

أخری لكن هذا الوجه یؤیده أن أصحاب التجارب شهدوا بأن أمثال هذه الحوادث فی الجو تدل علی حدوث حوادث فی الأرض فلو لا أنها موجودات مستندة إلی تلك الاتصالات و الأوضاع لم یستمر هذا الاستدلال انتهی.

و قال بعضهم إن اللّٰه سبحانه إذا أراد أن یلطف بقوم أو یغضب علیهم بإحداث حدث فی الأرض و تكوین كائن من إمطار مطر أو إرسال ریح و ما أشبههما أمر الملائكة السماویة خصوصا الملكین الموكلین بالشمس أن یفعلوا فی الأرض بتوسط الملائكة الموكلین بها أفاعیل الملائكة أن یحركوا شیئا منها و یخلطوه حتی یحصل من اختلاطه ما یشاء فإن كل ما یتكون فی الجو و الأرض إنما یحدث من اختلاط العناصر و الأرضیات فأول ما یحدث من ذلك قبل أن یمتزج امتزاجا تاما یحصل بسبب الكیفیة الوحدانیة المسماة بالمزاج هو البخار و الدخان و ذلك لأن الملائكة إذا هیجوا بإسخان السماویات الحرارة بخروا من الأجسام

المائیة و دخنوا من الأجسام الأرضیة و أثاروا أجزاء إما هوائیة و مائیة مختلطین و هو البخار و إما ناریة و أرضیة كذلك و هو الدخان ثم حصل بتوسطهما موجودات شتی غیر تامة المزاج من الغیم و المطر و الثلج و البرد و الضباب و الطل و الصقیع و الرعد و البرق و الصاعقة و القوس و الهالات و الشهب و الریاح و الزلازل و انفجارات العیون و القنوات و الآبار و النزوز كل ذلك بإذن اللّٰه سبحانه و توسط ملائكته كما قال سبحانه إشارة إلی بعض ذلك أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُزْجِی سَحاباً الآیة و التأمل فی بناء الحمام و عوارضه نعم العون علی إدراك ماهیة الجو و كثیر من حوادثه بل التدبر فی ما یرتفع من أرض معدة الإنسان إلی زمهریر دماغه ثم ینزل منه فی ثقب وجهه یعین علی ذلك كسائر الأمور الأنفسیة علی الأحكام الآفاقیة انتهی.

و قال بعض المحققین فی تحقیق ألوان القوس توضیح المقام یستدعی مقدمتین الأولی أن سائر الألوان المتوسطة بین الأسود و الأبیض إنما تحدث عن اختلاط هذین اللونین و بالجملة الأبیض إذا رئی بتوسط الأسود أو بمخالطة

ص: 395

الأسود حدثت عن ذلك الألوان الأخر فإن كان النیر هو الغالب رئی الأحمر و إن لم یكن غالبا رئی الكراثی و الأرجوانی و غلبته فی الكراثی أكثر و فی الأرجوانی أقل الثانیة أن اللون الأسود هو بمنزلة عدم الإبصار لأنا إذا لم نر الشمس و المضی ء ظننا أنا نری شیئا أسود فالمكان من الغمام الذی یكون الأبیض فیه غالبا علی الأسود نراه أحمر و المكان الذی یكون فیه الأسود غالبا نراه أرجوانیا و المكان الذی فیه الأسود بین الغالب و المغلوب نراه كراثیا.

فإذا تمهد هذا فنقول إذا رأی البصر النیر بتوسط الغمام علی تلك الشرائط رأی القوس علی الأكثر ذات ألوان ثلاثة الأول منها و هو الدور الخارج الذی یلی السماء أحمر لقلة سواده و كثرة بیاضه و الثانی و هو الذی دونه كراثی لتوسطه بین الأول و الثالث فی قلة السواد و كثرته و قلة البیاض و كثرته و الدور الثالث مما یلی الأرض أرجوانی لكثرة سواده و قلة بیاضه فأما الدور الأصفر الذی قد یری أحیانا بین الدور الأحمر و الكراثی فإنه لیس یحدث بنحو الانعكاس فإنما یری بمجاورة الأحمر اللون الكراثی و العلة فی ذلك أن الأبیض إذا وقع علی جنب الأسود رئی أكثر بیاضا و لما كان الدور الأحمر فیه بیاضا و الكراثی مائلا إلی السواد رئی طرف الأحمر لقربه من الكراثی أكثر بیاضا من الأحمر و ما هو أكثر بیاضا من الأحمر هو الأصفر فلهذا یری طرف الدور الأحمر القریب من الكراثی أصفر و قد یظهر أحیانا قوسان معا كل واحدة منهما ذات ثلاثة ألوان علی النحو الذی ذكرناه فی الواحدة لكن وضع ألوان القوس الخارجة بالعكس من الداخلة یعنی دورها الخارج الذی یلی السماء أرجوانی و الذی یلیه كراثی و الذی یتلو هذا أحمر و لا یبعد أن یكون أحد القوسین عكسا للآخر انتهی.

و أقول هذا ما ذكره القوم فی هذا المقام و كلها مخالفة لما ورد فی لسان الشریعة و لم یكلف الإنسان الخوض فیها و التفكر فی حقائقها و لو كان مما ینفع المكلف لم یهمل صاحب الشرع بیانها و قد ورد فی كثیر من الأخبار النهی عن

ص: 396

تكلف ما لم یؤمر المرء بعلمه قال صاحب المواقف و شارحه بعد إیراد هذه المباحث ما ذكرناه كله آراء الفلاسفة حیث نفوا القادر المختار فأحالوا اختلاف الأجسام بالصور إلی استعداد فی موادها و أحالوا اختلاف آثارها إلی صورها المتباینة و أمزجتها

المتخالفة و كل ذلك إلی حركات الأفلاك و أوضاعها و أما المتكلمون فقالوا الأجسام متجانسة بالذات لتركبها من الجواهر الفردة و أنها متماثلة لا اختلاف فیها و إنما یعرض الاختلاف للأجسام لا فی ذواتها بل بما یحصل فیها من الأعراض بفعل القادر المختار انتهی.

ثم اعلم أن ما یشاهد من انعقاد السحب فی قلل الجبال و تقاطرها مع أن الواقف علی قلة الجبل لا یری سحابا و لا مطرا و لا ماء و الذین تحت السحاب ینزل علیهم المطر لا ینافی الظواهر الدالة علی أن المطر من السماء بوجهین أولهما أنه یمكن أن ینزل علیهم المطر من السماء إلی السحاب رشحا ضعیفا لا یحس به أو قبل انعقاد السحاب علی الموضع الذی یرتفع منه و ثانیهما أن نقول بحصول الوجهین معا و انقسام المطر إلی القسمین فمنه ما ینزل من السماء و منه ما یرتفع من بخار البحار و الأراضی الندیة و یؤیده ما

رَوَاهُ شَیْخُنَا الْبَهَائِیُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی كِتَابِ مِفْتَاحِ الْفَلَاحِ حَیْثُ قَالَ نَقَلَ الْخَاصُّ وَ الْعَامُّ: أَنَّ الْمَأْمُونَ رَكِبَ یَوْماً لِلصَّیْدِ فَمَرَّ بِبَعْضِ أَزِقَّةِ بَغْدَادَ عَلَی جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَطْفَالِ فَخَافُوا وَ هَرَبُوا وَ تَفَرَّقُوا وَ بَقِیَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِی مَكَانِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَیْهِ الْمَأْمُونُ وَ قَالَ لَهُ كَیْفَ لَمْ تَهْرُبْ كَمَا هَرَبَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ لِأَنَّ الطَّرِیقَ لَیْسَ ضَیِّقاً فَیَتَّسِعَ بِذَهَابِی وَ لَا بِی عِنْدَكَ ذَنْبٌ فَأَخَافَكَ لِأَجْلِهِ فَلِأَیِّ شَیْ ءٍ أَهْرُبُ فَأَعْجَبَ كَلَامُهُ الْمَأْمُونَ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَی خَارِجِ بَغْدَادَ أَرْسَلَ صَقْرَهُ فَارْتَفَعَ فِی الْهَوَاءِ وَ لَمْ یَسْقُطْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّی رَجَعَ وَ فِی مِنْقَارِهِ سَمَكَةٌ صَغِیرَةٌ فَتَعَجَّبَ الْمَأْمُونُ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا رَجَعَ تَفَرَّقَ الْأَطْفَالُ وَ هَرَبُوا إِلَّا ذَلِكَ الطِّفْلَ فَإِنَّهُ بَقِیَ فِی مَكَانِهِ كَمَا فِی الْمَرَّةِ الْأُولَی فَتَقَدَّمَ إِلَیْهِ الْمَأْمُونُ وَ هُوَ ضَامٌّ كَفَّهُ عَلَی السَّمَكَةِ وَ قَالَ لَهُ قُلْ أَیُّ شَیْ ءٍ فِی یَدِی فَقَالَ إِنَّ الْغَیْمَ حِینَ أَخَذَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ تَدَاخَلَهُ سَمَكٌ صِغَارٌ فَتَسْقُطُ مِنْهُ فَیَصْطَادُهَا الْمُلُوكُ

ص: 397

فَیَمْتَحِنُونَ بِهَا سُلَالَةَ النُّبُوَّةِ فَأَدْهَشَ ذَلِكَ الْمَأْمُونَ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ الرِّضَا وَ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ وَاقِعَةِ الرِّضَا علیه السلام وَ كَانَ عُمُرُهُ علیه السلام فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ إِحْدَی عَشْرَةَ وَ قِیلَ عَشْرَ سَنَةٍ فَنَزَلَ الْمَأْمُونُ عَنْ فَرَسِهِ وَ قَبَّلَ رَأْسَهُ وَ تَذَلَّلَ لَهُ ثُمَّ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ.

أقول: و قد مر فی أبواب تاریخه علیه السلام و سئل السید المرتضی الرعد و البرق و الغیم ما هو و قوله تعالی وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِیها مِنْ بَرَدٍ و هل هناك برد أم لا فأجاب قدس سره أن الغیم جسم كثیف و هو مشاهد لا شك فیه و أما الرعد و البرق فقد روی أنهما ملكان و الذی نقوله هو أن الرعد صوت من اصطكاك أجرام السحاب و البرق أیضا من تصادمهما و قوله من جبال إلی آخره لا شبهة فیه أنه كلام اللّٰه و أنه لا یمتنع أن تكون جبال البرد مخلوقة فی حال ما ینزل البرد.

كلمة المصحّح

بسمه تعالی إلی هنا تمّ الجزء الثالث من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار و هو الجزء التاسع و الخمسون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة البهیّة.

و قد قابلناه علی النسخة الّتی صحّحها الفاضل الخبیر الشیخ محمّد تقیّ الیزدیّ بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولیّ التوفیق.

محمد الباقر البهبودی

ص: 398

كلمة المحقّق

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

الحمد للّٰه كما هو أهله و كما ینبغی لكرم وجهه و عزّ جلاله و الصلاة و السلام علی رسوله و آله.

و بعد فقد بذلنا غایة مجهودنا فی تصحیح هذا الجزء من كتاب «بحار الأنوار» و هو الجزء السادس و الخمسون حسب تجزئتنا فی هذا الطبعة و تنمیقه و التعلیق علیه و مقابلته بالنسخ و المصادر.

نشكر اللّٰه تعالی علی ما وفّقنا لذلك و نسأله أن یدیم توفیقنا و یزیدنا من فضله و اللّٰه ذو الفضل العظیم.

قم المشرفة: محمد تقی الیزدی ربیع الأول 1380

ص: 399

مراجع التصحیح و التخریج و التعلیق

قوبل هذا الجزء بعدّة نسخ مطبوعة و مخطوطة، منها النسخة المطبوعة بطهران سنة (1305) المعروفة بطبعة أمین الضرب، و منها النسخة المطبوعة بتبریر و منها النسخة المخطوطة النفیسة لمكتبة صاحب الفضیلة السیّد جلال الدین الأرمویّ الشهیر ب «المحدّث» و اعتمدنا فی التخریج و التصحیح و التعلیق علی كتب كثیرة نسرد بعض أسامیها:

«1»- القرآن الكریم.

«2»- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّی المطبوع سنة 1311 فی ایران

«3»- تفسیر فرات الكوفیّ المطبوع سنة 1354 فی النجف

«4»- تفسیر مجمع البیان المطبوع سنة 1373 فی طهران

«5»- تفسیر أنوار التنزیل للقاضی البیضاویّ المطبوع سنة 1285 فی استانبول

«6»- تفسیر مفاتیح الغیب للفخر الرازیّ المطبوع سنة 1294 فی استانبول

«7»- الاحتجاج للطبرسیّ المطبوع سنة 1350 فی النجف

«8»- اصول الكافی للكلینی المطبوع سنة- فی طهران

«9»- الاقبال للسیّد بن طاوس المطبوع سنة 1312 فی طهران

«10»- تنبیه الخواطر لورّام بن أبی فراس المطبوع سنة- فی طهران

«11»- التوحید للصدوق المطبوع سنة 1375 فی طهران

«12»- ثواب الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1375 فی طهران

«13»- الخصال الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1374 فی طهران

«14»- الدرّ المنثور للسیوطیّ

«15»- روضة الكافی للكلینی المطبوع سنة 1374 فی طهران

ص: 400

«16»- علل الشرائع الصدوق المطبوع سنة 1378 فی قم

«17»- عیون الأخبار للصدوق المطبوع سنة 1377 فی قم

«18»- فروع الكافی للكلینی المطبوع سنة- فی-

«19»- المحاسن للبرقیّ المطبوع سنة 1371 فی طهران

«20»- معانی الاخبار للصدوق المطبوع سنة 1379 فی طهران

«21»- مناقب آل أبی طالب لابن شهرآشوب المطبوع سنة 1378 فی قم

«22»- من لا یحضره الفقیه للصدوق المطبوع سنة 1376 فی طهران

«23»- نهج البلاغة للشریف الرضی المطبوع سنة- فی مصر

«24»- اسد الغایة لعزّ الدین ابن الأثیر المطبوع سنة- فی طهران

«25»- تنقیح المقال للشیخ عبد اللّٰه المامقانی المطبوع سنة 1350 فی النجف

«26»- تهذیب الاسماء و اللغات للحافظ محیی الدین بن شرف النوری المطبوع فی مصر

«27»- جامع الرواة للاردبیلی المطبوع سنة 1331 فی طهران

«28»- خلاصة تذهیب الكمال للحافظ الخزرجی المطبوع سنة 132 فی مصر

«29»- رجال النجاشی المطبوع-- فی طهران

«30»- روضات الجنات للمیرزا محمّد باقر الموسوی المطبوع سنة 1367 فی طهران

«31»- الكنی و الألغاب للمحدّث القمی المطبوع-- فی صیدا

«32»- لسان المیزان لابن حجر العسقلانی المطبوع-- فی حیدرآباد الدكن

«33»- الرواشح السماویة للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوع سنة 1311 فی ایران

«34»- القبسات للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوع سنة 1315 فی ایران

«35»- رسالة مذهب ارسطاطا لیس للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوعة بهامش القبسات

«36»- اثولوجیا المنسوب إلی ارسطاطا لیس المطبوعة بهامش القبسات

ص: 401

«37»- رسالة الحدوث لصدر المتألهین المطبوع سنة 1302 فی ایران

«38»- الشفاء للشیخ الرئیس ابی علی بن سینا المطبوع سنة 1303 فی ایران

«39»- شرح التجرید تألیف المحقق الطوسی للعلامة الحلّیّ المطبوع سنة 1367 فی قم

«40»- عین الیقین للمولی محسن الفیض الكاشانی المطبوع سنة 1313 فی طهران

«41»- مروج الذهب للمسعودی المطبوع سنة 1346 فی مصر

«42»- القاموس لمحیط للفیروزآبادی المطبوع سنة 1332 فی مصر

«43»- الصحاح للجوهریّ المطبوع سنة 1377 فی مصر

«44»- النهایة لمجد الدین ابن الاثیر المطبوع سنة 1311 فی مصر

ص: 402

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

«14»- باب الأیّام و الساعات و اللیل و النهار 18- 1

«15»- باب ما روی فی سعادة أیّام الأسبوع و نحوستها 31- 18

«16»- باب ما ورد فی خصوص یوم الجمعة 34- 31

«17»- باب یوم السبت و یوم الأحد 36- 35

«18»- باب یوم الإثنین و یوم الثلاثاء 41- 37

«19»- باب یوم الأربعاء 46- 41

«20»- باب یوم الخمیس 53- 47

«21»- باب سعادة أیام الشهور العربیّة و نحوستها و ما یصلح فی كلّ یوم منها من الأعمال 91- 54

«22»- باب یوم النیروز و تعیینه و سعادة أیام شهور الفرس و الروم و نحوستها و بعض النوادر 143- 91

أبواب الملائكة

«23»- باب حقیقة الملائكة و صفاتهم و شئونهم و أطوارهم 144245

«24»- باب آخر فی وصف الملائكة المقرّبین 265- 245

«25»- باب عصمة الملائكة و قصّة هاروت و ماروت و فیه ذكر حقیقة السحر و أنواعه 326- 265

ص: 403

أبواب العناصر و كائنات الجوّ و المعادن و الجبال و الأنهار و البلدان و الأقالیم

«26»- باب النار و أقسامها 333- 327

«27»- باب الهواء و طبقاته و ما یحدث فیه من الصبح و الشفق و غیرهما 343- 333

«28»- باب السحاب و المطر و الشهاب و البروق و الصواعق و القوس و سائر ما یحدث فی الجوّ 398- 344

ص: 404

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 405

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.