بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 55

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 55: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب السماء و العالم

تتمة أبواب كلیات أحوال العالم و ما یتعلق بالسماویات

باب 4 العرش و الكرسی و حملتهما

الآیات:

البقرة: وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ (1)

الأعراف: ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ (2)

یونس: ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ یُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِیعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ (3)

هود: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَی الْماءِ(4)

الرعد: ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ (5)

طه: الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی (6)

المؤمنون: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ (7)

الفرقان: ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِیراً(8)

النمل: رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ (9)


1- 1. البقرة: 255.
2- 2. الأعراف: 54.
3- 3. یونس: 3.
4- 4. هود: 7.
5- 5. الرعد: 2.
6- 6. طه: 5.
7- 7. المؤمنون: 86.
8- 8. الفرقان: 59.
9- 9. النمل: 26.

التنزیل: ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ (1)

المؤمن: الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا(2)

الحدید: ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ (3)

الحاقة: وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ(4)

تفسیر:

وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه اختلف فیه علی أقوال:

أحدها: وسع علمه السموات و الأرض عن ابن عباس و مجاهد و هو المروی عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام.

و یقال للعلماء كراسی كما یقال لهم أوتاد الأرض لأن بهم قوام الدین و الدنیا

و ثانیها: أن الكرسی هاهنا هو العرش عن الحسن و إنما سمی كرسیا لتركب بعضه علی بعض

و ثالثها: أن المراد بالكرسی هاهنا الملك و السلطان و القدرة كما یقال اجعل لهذا الحائط كرسیا أی عمادا یعمد به حتی لا یقع و لا یمیل فیكون معناه أحاطت قدرته بالسماوات و الأرض و ما فیهما

و رابعها: أن الكرسی سریر دون العرش و قد روی ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و قریب منه ما روی عن عطاء(5)

أنه قال ما السماوات و الأرض عند الكرسی إلا كحلقة خاتم فی فلاة و ما الكرسی عند العرش إلا كحلقة فی الفلاة(6) و منهم من قال إن السماوات و الأرض جمیعا علی (7) الكرسی و الكرسی تحت العرش (8)

فالعرش فوق السماوات

وَ رَوَی الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ أَنَ

ص: 2


1- 1. لسجدة: 4.
2- 2. المؤمن: 7.
3- 3. الحدید: 4.
4- 4. الحاقّة: 17.
5- 5. بالمد و قد یقصر.
6- 6. فی المصدر: فی فلاة.
7- 7. فی بعض النسخ: فی الكرسیّ.
8- 8. فی المصدر« تحت الأرض كالعرش فوق السماء» و الظاهر أنّه تصحیف.

عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا فِیهِمَا مِنْ مَخْلُوقٍ فِی جَوْفِ الْكُرْسِیِ (1).

و ساق الحدیث إلی آخره كما سیأتی فی روایة علی بن إبراهیم.

ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ منهم من فسر العرش هنا بمعنی الملك قال القفال العرش فی كلامهم هو السریر الذی یجلس علیه الملوك ثم جعل العرش كنایة عن نفس الملك یقال ثل عرشه أی انتقص ملكه و قالوا استوی علی عرشه و استقر علی سریر ملكه و منهم من فسر العرش بالجسم الأعظم و الاستواء بمعنی الاستیلاء كما مر قال الرازی فی تفسیره اتفق المسلمون علی أن فوق السماوات جسما عظیما هو العرش و اختلف فی المراد بالعرش هنا فقال أبو مسلم المراد أنه لما خلق اللّٰه السماوات و الأرض سطحها و رفع سمكها فإن كل بناء یسمی عرشا و بانیه یسمی عارشا قال تعالی وَ مِمَّا یَعْرِشُونَ (2) و الاستواء علی العرش هو الاستعلاء علیه بالقهر و المشهور بین المفسرین أن المراد بالعرش فیها الجسم العظیم الذی فی السماء و قیل المراد من العرش الملك و ملك اللّٰه تعالی عبارة عن مخلوقاته و وجود مخلوقاته إنما حصل بعد خلق السماوات و الأرض فلا جرم صح إدخال

حرف ثم علیه و الحاصل أن المراد استواؤه علی عالم الأجسام بالقهر و القدرة و التدبیر و الحفظ یعنی أن من فوق العرش إلی ما تحت الثری فی حفظه و تدبیره و فی الاحتیاج إلیه (3).

فَسْئَلْ بِهِ خَبِیراً قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل أی فاسأل عنه خبیرا و الباء بمعنی عن و الخبیر هاهنا هو اللّٰه تعالی أو محمد صلی اللّٰه علیه و آله و قیل إن الباء علی أصلها و المعنی فاسأل سؤالك (4)

أیها الإنسان خبیرا یخبرك بالحق فی صفته و قیل إن الباء فیه مثل الباء فی قولك لقیت بفلان لیثا إذا وصفت شجاعته و المعنی إذا

ص: 3


1- 1. مجمع البیان: ج 4، ص 362.
2- 2. النحل: 68.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 4، 782.
4- 4. بسؤالك( خ).

رأیته رأیت الشی ء المشبه بأنه الخبیر به (1).

الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه عبادة لله و امتثالا لأمره وَ مَنْ حَوْلَهُ یعنی الملائكة المطیفین بالعرش و هم الكروبیون و سادة الملائكة یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أی ینزهون ربهم عما یصفه به هؤلاء المجادلون و قیل یسبحونه بالتسبیح المعهود و یحمدونه علی إنعامه وَ یُؤْمِنُونَ بِهِ أی و یصدقونه (2) و یعترفون بوحدانیته وَ یَسْتَغْفِرُونَ أی و یسألون اللّٰه المغفرة لِلَّذِینَ آمَنُوا من أهل الأرض أی صدقوا بوحدانیة اللّٰه و اعترفوا بإلهیته و بما یجب الاعتراف به (3)

و قال فی قوله تعالی وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یعنی فوق الخلائق یَوْمَئِذٍ یعنی یوم القیامة ثَمانِیَةٌ من الملائكة عن ابن زید

وَ رُوِیَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُمُ الْیَوْمَ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أَیَّدَهُمْ بِأَرْبَعَةٍ أُخْرَی (4) فَیَكُونُونَ ثَمَانِیَةً.

و قیل ثمانیة صفوف من الملائكة لا یعلم عددهم إلا اللّٰه تعالی عن ابن عباس (5).

و قال الرازی نقل عن الحسن أنه قال لا أدری أنهم ثمانیة أشخاص أو ثمانیة آلاف یصفون و حمله علی ثمانیة أشخاص أولی لما روی أنهم ثمانیة أملاك أرجلهم فی تخوم الأرض السابعة و العرش فوق رءوسهم و هم یطوفون یسبحون و قیل بعضهم علی

صورة الإنسان و بعضهم علی صورة الأسد و بعضهم علی صورة الثور و بعضهم علی صورة النسر و روی ثمانیة أملاك علی صورة الأوعال ما بین أظلافها إلی ركبها مسیرة سبعین عاما و عن شهر بن حوشب (6)

أربعة منهم یقولون

ص: 4


1- 1. فی مجمع البیان. و المعنی أنك إذا رأیته رأیت الشی ء المشبه به و المعنی فاسأله عنه فانه الخبیر ج 7، ص 176.
2- 2. و یصدقون به( خ).
3- 3. مجمع البیان: ج 8، ص 515.
4- 4. فی المصدر: آخرین.
5- 5. مجمع البیان: ج 10، ص 346.
6- 6. شهر بن حوشب مولی أسماء بنت یزید بن السكین أبو سعید الشامیّ، یروی عن امیر. المؤمنین علیه السلام و ابن عبّاس و جابر و أمّ سلمة، و عائشة. قال الخزرجی( خلاصة تذهیب الكمال: 143) وثقه ابن معین و احمد، و قال النسائی: لیس بالقوی، و قال البخاری و جماعة، مات سنة مائة، و قیل سنة احدی عشرة( انتهی) اقول، المراد بقوله« احدی عشرة» مائة و احدی عشرة، و یؤید القول الأخیر فی تاریخ وفاته ما رواه فی الكافی عنه عن أبی حمزة الثمالی عن الصادق علیه السلام فی باب قسمة الغنیمة من كتاب الجهاد و اللّٰه العالم.

سبحانك اللّٰهم و بحمدك لك الحمد علی عفوك بعد قدرتك و أربعة تقول سبحانك اللّٰهم و بحمدك لك الحمد علی حلمك بعد علمك (1).

«1»- الْخِصَالُ، وَ الْمَعَانِی، وَ الْعَیَّاشِیُّ، وَ الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، فِی حَدِیثِ أَبِی ذَرٍّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَا بَا ذَرٍّ مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِی الْكُرْسِیِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِی أَرْضِ فَلَاةٍ وَ فَضْلُ الْعَرْشِ عَلَی الْكُرْسِیِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَی تِلْكَ الْحَلْقَةِ(2).

«2»- الْفَقِیهُ، وَ الْعِلَلُ، وَ الْمَجَالِسُ، لِلصَّدُوقِ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ لِمَ سُمِّیَ (3) الْكَعْبَةُ كَعْبَةً قَالَ لِأَنَّهَا مُرَبَّعَةٌ فَقِیلَ لَهُ وَ لِمَ صَارَتْ مُرَبَّعَةً قَالَ لِأَنَّهَا بِحِذَاءِ بَیْتِ الْمَعْمُورِ وَ هُوَ مُرَبَّعٌ فَقِیلَ لَهُ وَ لِمَ صَارَ الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ مُرَبَّعاً قَالَ لِأَنَّهُ بِحِذَاءِ الْعَرْشِ وَ هُوَ مُرَبَّعٌ فَقِیلَ لَهُ وَ لِمَ صَارَ الْعَرْشُ مُرَبَّعاً قَالَ لِأَنَّ الْكَلِمَاتِ الَّتِی بُنِیَ عَلَیْهَا الْإِسْلَامُ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ(4).

بیان: و تأویل علیل قال السید الداماد رحمه اللّٰه فی بعض تعلیقاته علی الفقیه العرش هو فلك الأفلاك و إنما حكم علیه السلام بكونه مربعا لأن الفلك یتعین له بالحركة المنطقة و القطبان و كل دائرة عظیمة منصفة للكرة و الفلك یتربع بمنطقة الحركة و الدائرة المارة بقطبیها و العرش و هو الفلك الأقصی و الكرسی و هو فلك الثوابت یتربعان بمعدل النهار و منطقة البروج و الدائرة المارّة بالأقطاب

ص: 5


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 284.
2- 2. معانی الأخبار: 333 الدّر المنثور: ج 1، ص 328 و سیأتی تحت الرقم 10 من هذا الباب.
3- 3. فی العلل: لم سمیت.
4- 4. الفقیه: ج 2 ص 201، العلل، ج 2، ص 88.

الأربعة و أیضا دائرة الأفق علی سطح الفلك الأعلی یتربع بدائرة نصف النهار و دائرة المشرق و المغرب فیقع منها بینها أرباعها و یتعین علیها النقاط الأربع الجنوب و الشمال و المشرق و المغرب و الحكماء نزلوا الفلك منزلة إنسان مستلق علی ظهره رأسه إلی الشمال و رجلاه إلی الجنوب و یمینه إلی المغرب و شماله إلی المشرق و أیضا التربیع و التسدیس أول الأشكال فی الدائرة علی ما قد استبان فی مظانه إذ التربیع یحصل بقطرین متقاطعین علی قوائم و التسدیس بنصف قطر فإن وتر سدس الدور یساوی نصف القطر و ربع الدور قوس تامة و ما نقصت عن الربع فمتممها إلی الربع تمامها و أیضا الفلك الأقصی له مادة و صورة و عقل

هو العقل الأول و یقال له عقل الكل و نفس هی النفس الأولی و یقال لها نفس الكل فیكون مربعا و أول المربعات فی نظام الوجود و هنالك وجوه أخری یضیق ذرع المقام عن بسطها فلیتعرف انتهی و لا یخفی عدم موافقتها لقوانین الشرع و مصطلحات أهله و سیأتی القول فیها و قد مر بعض ما یزیفها.

«3»- الْمُتَهَجِّدُ، وَ الْفَقِیهُ، وَ التَّهْذِیبُ، فِی خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ: الَّذِی جَعَلَ السَّمَاوَاتِ لِكُرْسِیِّهِ عِمَاداً وَ الْجِبَالَ (1)

أَوْتَاداً وَ الْأَرْضَ لِلْعِبَادِ مِهَاداً وَ مَلَائِكَتَهُ عَلَی أَرْجَائِهَا وَ حَمَلَةَ عَرْشِهِ عَلَی أَمْطَائِهَا وَ أَقَامَ بِعِزَّتِهِ أَرْكَانَ الْعَرْشِ وَ أَشْرَقَ بِضَوْئِهِ شُعَاعَ الشَّمْسِ وَ أَطْفَأَ(2)

بِشُعَائِهِ ظُلْمَةَ الْغَطْشِ وَ فَجَّرَ الْأَرْضَ عُیُوناً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ النُّجُومَ بُهُوراً(3).

«4»- الْإِقْبَالُ، عَنِ التَّلَّعُكْبَرِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی دُعَاءِ یَوْمِ عَرَفَةَ وَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ وَ كُلِّ مَسْأَلَةٍ حَتَّی یَنْتَهِیَ إِلَی اسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ الْعَلِیِّ الْأَعْلَی الَّذِی اسْتَوَیْتَ بِهِ عَلَی عَرْشِكَ وَ اسْتَقْلَلْتَ بِهِ عَلَی كُرْسِیِّكَ (4).

ص: 6


1- 1. فی الفقیه: و الجبال للأرض.
2- 2. فی الفقیه: و أحیی.
3- 3. الفقیه: ص 139، ح 16.
4- 4. الإقبال: 374.

«6»- الْعَقَائِدُ، لِلصَّدُوقِ: اعْتِقَادُنَا فِی الْعَرْشِ أَنَّهُ جُمْلَةُ جَمِیعِ الْخَلْقِ وَ الْعَرْشُ فِی وَجْهٍ آخَرَ هُوَ الْعِلْمُ وَ سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی فَقَالَ اسْتَوَی مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ فَلَیْسَ شَیْ ءٌ أَقْرَبَ مِنْهُ مِنْ شَیْ ءٍ وَ أَمَّا الْعَرْشُ الَّذِی هُوَ جُمْلَةُ جَمِیعِ الْخَلْقِ فَحَمَلَتْهُ ثَمَانِیَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَانِی أَعْیُنٍ كُلُّ عَیْنٍ طِبَاقُ الدُّنْیَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَی صُورَةِ بَنِی آدَمَ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ تَعَالَی لِبَنِی آدَمَ وَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَی صُورَةِ الثَّوْرِ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ تَعَالَی لِلْبَهَائِمِ كُلِّهَا وَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَی صُورَةِ الْأَسَدِ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ تَعَالَی لِلسِّبَاعِ وَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَی صُورَةِ الدِّیكِ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ تَعَالَی لِلطُّیُورِ فَهُمُ الْیَوْمَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ صَارُوا ثَمَانِیَةً وَ أَمَّا الْعَرْشُ الَّذِی هُوَ الْعِلْمُ فَحَمَلَتْهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْآخِرِینَ فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْأَوَّلِینَ فَنُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهم السلام وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْآخِرِینَ فَمُحَمَّدٌ وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام هَكَذَا رُوِیَ بِالْأَسَانِیدِ الصَّحِیحَةِ عَنِ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام فِی الْعَرْشِ وَ حَمَلَتِهِ وَ إِنَّمَا صَارَ هَؤُلَاءِ حَمَلَةَ الْعَرْشِ الَّذِی هُوَ الْعِلْمُ لِأَنَّ الْأَنْبِیَاءَ الَّذِینَ كَانُوا قَبْلَ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی شَرَائِعِ الْأَرْبَعِ مِنَ الْأَوَّلِینَ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهم السلام وَ مِنْ قِبَلِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ صَارَتِ الْعُلُومُ إِلَیْهِمْ وَ كَذَلِكَ صَارَ الْعِلْمُ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِلَی مَنْ بَعْدَ الْحُسَیْنِ مِنَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام.

أقول: قال الشیخ المفید رحمه اللّٰه العرش فی اللغة هو الملك قال

إذا ما بنو مروان

ثلت (1) عروشهم.

و أودت كما أودت

إیاد و حمیره.

یرید إذا ما بنو مروان هلك ملكهم و بادوا.

و قال آخر.

أ ظننت عرشك لا

یزول و لا یغیر.

یعنی أ ظننت ملكك لا یزول و لا یغیر و قال اللّٰه تعالی مخبرا عن واصف ملك

ص: 7


1- 1. قال الجوهریّ:« ثل اللّٰه عرشهم» أی هدم ملكهم، و یقال للقوم إذا ذهب عزهم، قد ثل عرشهم و قال: أودی فلان أی هلك( منه طاب ثراه).

ملكة سبأ وَ أُوتِیَتْ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَها عَرْشٌ عَظِیمٌ (1) یرید و لها ملك عظیم فعرش اللّٰه تعالی هو ملكه و استواؤه علی العرش هو استیلاؤه علی الملك و العرب تصف الاستیلاء بالاستواء قال

قد استوی بشر علی

العراق.

من غیر سیف و دم مهراق.

یرید به قد استولی علی العراق فأما العرش الذی تحمله الملائكة فهو بعض الملك و هو عرش خلقه اللّٰه تعالی فی السماء السابعة و تعبد الملائكة بحمله و تعظیمه كما خلق سبحانه بیتا فی الأرض و أمر البشر بقصده و زیارته و الحج إلیه و تعظیمه و قد

جاء الحدیث أن اللّٰه تعالی خلق بیتا تحت العرش سماه البیت المعمور تحجه الملائكة فی كل عام و خلق فی السماء الرابعة بیتا سماه الضراح و تعبد الملائكة بحجه و التعظیم له و الطواف حوله و خلق البیت الحرام فی الأرض فجعله تحت الضراح.

وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَوْ أُلْقِیَ حَجَرٌ مِنَ الْعَرْشِ لَوَقَعَ عَلَی ظَهْرِ بَیْتِ الْمَعْمُورِ وَ لَوْ أُلْقِیَ مِنَ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ لَسَقَطَ عَلَی ظَهْرِ الْبَیْتِ الْحَرَامِ وَ لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ عَرْشاً لِنَفْسِهِ یَسْتَوْطِنُهُ تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ خَلَقَ عَرْشاً أَضَافَهُ إِلَی نَفْسِهِ تَكْرِمَةً لَهُ وَ إِعْظَاماً وَ تَعَبَّدَ الْمَلَائِكَةَ بِحَمْلِهِ كَمَا خَلَقَ بَیْتاً فِی الْأَرْضِ وَ لَمْ یَخْلُقْهُ لِنَفْسِهِ وَ لَا یَسْكُنُهُ تَعَالَی اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ خَلَقَهُ لِخَلْقِهِ وَ أَضَافَهُ إِلَی نَفْسِهِ إِكْرَاماً لَهُ وَ إِعْظَاماً وَ تَعَبَّدَ الْخَلْقَ بِزِیَارَتِهِ وَ الْحَجِّ إِلَیْهِ.

فأما الوصف للعلم بالعرش فهو فی مجاز اللغة دون حقیقتها و لا وجه لتأول قوله تعالی الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی بمعنی أنه احتوی علی العلم و إنما الوجه فی ذلك ما قدمناه و الأحادیث التی رویت فی صفة الملائكة الحاملین للعرش أحادیث آحاد و روایات أفراد لا یجوز القطع بها و لا العمل علیها و الوجه الوقوف عندها و القطع علی أن العرش فی الأصل هو الملك و العرش المحمول جزء من الملك تعبد اللّٰه بحمله الملائكة علی ما قدمناه.

ص: 8


1- 1. النمل: 23.

«6»- الْعَقَائِدُ،: اعْتِقَادُنَا فِی الْكُرْسِیِّ أَنَّهُ وِعَاءُ جَمِیعِ الْخَلْقِ مِنَ الْعَرْشِ وَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ كُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الْكُرْسِیِّ وَ فِی وَجْهٍ آخَرَ الْكُرْسِیُّ هُوَ الْعِلْمُ وَ قَدْ سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قَالَ عِلْمُهُ.

«7»- التَّوْحِیدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی سَعِیدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصُّغْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ الْعَسْكَرِیِّ وَ أَخِیهِ مُعَاذٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ الْحَنْظَلِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الرُّمَّانِیِ (1)

عَنْ زَاذَانَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ قَالَ: سَأَلَ الْجَاثَلِیقُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنْ رَبِّكَ أَ یَحْمِلُ أَوْ یُحْمَلُ فَقَالَ إِنَّ رَبَّنَا جَلَّ جَلَالُهُ یَحْمِلُ وَ لَا یُحْمَلُ قَالَ النَّصْرَانِیُّ كَیْفَ ذَلِكَ (2) وَ نَحْنُ نَجِدُ فِی الْإِنْجِیلِ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمَانِیَةٌ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْمِلُ الْعَرْشَ وَ لَیْسَ الْعَرْشُ كَمَا تَظُنُّ كَهَیْئَةِ السَّرِیرِ وَ لَكِنَّهُ شَیْ ءٌ مَحْدُودٌ مَخْلُوقٌ مُدَبَّرٌ وَ رَبُّكَ عَزَّ وَ جَلَّ مَالِكُهُ لَا أَنَّهُ عَلَیْهِ كَكَوْنِ الشَّیْ ءِ عَلَی الشَّیْ ءِ وَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِحَمْلِهِ فَهُمْ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ بِمَا أَقْدَرَهُمْ عَلَیْهِ قَالَ النَّصْرَانِیُّ صَدَقْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ (3).

«8»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: سَأَلَ الْجَاثَلِیقُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَحْمِلُ الْعَرْشَ أَوِ(4) الْعَرْشُ یَحْمِلُهُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَامِلُ الْعَرْشِ وَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا فِیهِمَا وَ مَا بَیْنَهُمَا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ اللَّهَ یُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ

ص: 9


1- 1. الرمانی بضم الراء المهملة و تشدید المیم، قال فی خلاصة تذهیب الكمال( ص: 398): اسمه یحیی بن دینار الواسطی، كان نزل قصر الرمان، وثقه ثقة ابن معین و النسائی و أبو زرعة، مات سنة اثنتین و عشرین و مائة.
2- 2. فی المصدر: فكیف ذاك؟.
3- 3. التوحید: 232.
4- 4. فی المصدر: أم.

بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِیماً غَفُوراً قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِهِ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ فَكَیْفَ ذَاكَ وَ قُلْتَ إِنَّهُ یَحْمِلُ الْعَرْشَ وَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ الْعَرْشَ خَلَقَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْ أَنْوَارٍ أَرْبَعَةٍ نُورٍ أَحْمَرَ مِنْهُ احْمَرَّتِ الْحُمْرَةُ وَ نُورٍ أَخْضَرَ مِنْهُ اخْضَرَّتِ الْخُضْرَةُ وَ نُورٍ أَصْفَرَ مِنْهُ اصْفَرَّتِ الصُّفْرَةُ وَ نُورٍ أَبْیَضَ مِنْهُ ابْیَضَّ الْبَیَاضُ وَ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِی حَمَّلَهُ اللَّهُ الْحَمَلَةَ وَ ذَلِكَ نُورٌ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ فَبِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ أَبْصَرَ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ عَادَاهُ الْجَاهِلُونَ وَ بِعَظَمَتِهِ وَ نُورِهِ ابْتَغَی مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ مِنْ جَمِیعِ خَلَائِقِهِ إِلَیْهِ الْوَسِیلَةَ بِالْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ وَ الْأَدْیَانِ الْمُشْتَبِهَةِ(1) فَكُلُّ شَیْ ءٍ مَحْمُولٍ یَحْمِلُهُ اللَّهُ بِنُورِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ قُدْرَتِهِ لَا یَسْتَطِیعُ لِنَفْسِهِ ضَرّاً وَ لَا نَفْعاً وَ لَا مَوْتاً وَ لَا حَیَاةً وَ لَا نُشُوراً فَكُلُّ شَیْ ءٍ مَحْمُولٌ وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الْمُمْسِكُ لَهُمَا أَنْ تَزُولَا وَ الْمُحِیطُ بِهِمَا مِنْ شَیْ ءٍ وَ هُوَ حَیَاةُ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ نُورُ كُلِّ شَیْ ءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِیراً قَالَ لَهُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَیْنَ هُوَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هُوَ هَاهُنَا وَ هَاهُنَا وَ فَوْقُ وَ تَحْتُ وَ مُحِیطٌ بِنَا وَ مَعَنَا وَ هُوَ قَوْلُهُ ما یَكُونُ مِنْ

نَجْوی ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنی مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَیْنَ ما كانُوا فَالْكُرْسِیُّ مُحِیطٌ بِالسَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّری وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ یَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفی وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا یَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ فَ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ هُمُ الْعُلَمَاءُ الَّذِینَ حَمَّلَهُمُ اللَّهُ عِلْمَهُ وَ لَیْسَ یَخْرُجُ مِنْ (2) هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ شَیْ ءٌ خَلَقَ اللَّهُ فِی مَلَكُوتِهِ وَ هُوَ الْمَلَكُوتُ الَّذِی أَرَاهُ اللَّهُ أَصْفِیَاءَهُ وَ أَرَاهُ خَلِیلَهُ علیه السلام فَقَالَ وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ وَ كَیْفَ یَحْمِلُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ اللَّهَ وَ بِحَیَاتِهِ حَیِیَتْ قُلُوبُهُمْ وَ بِنُورِهِ اهْتَدَوْا إِلَی مَعْرِفَتِهِ (3).

ص: 10


1- 1. المتشتتة( ح).
2- 2. عن( خ).
3- 3. الكافی: ج 1، ص 129.

توضیح: الجاثلیق بفتح الثاء رئیس للنصاری فی بلاد الإسلام بمدینة السلام ذكره الفیروزآبادی أَنْ تَزُولا أی یمسكهما كراهة أن تزولا بالعدم و البطلان أو یمنعهما و یحفظهما أن تزولا فإن الإمساك متضمن للمنع و الحفظ و فیه دلالة علی أن الباقی یحتاج فی بقائه إلی المؤثر إِنْ أَمْسَكَهُما أی ما أمسكهما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ أی من بعد اللّٰه أو من بعد الزوال و من الأولی زائدة للمبالغة فی الاستغراق و الثانیة للابتداء فأخبرنی عن قوله لعله توهم المنافاة من جهتین الأولی أن حملة العرش ثمانیة و قلت هو سبحانه حامله و الثانیة أن الثمانیة إذا حملوا عرشه فقد حملوه أیضا لأنه علی العرش و قلت إنه حامل جمیع ما سواه خلقه اللّٰه من أنوار أربعة.

أقول: قد تحیرت الأفهام فی معنی تلك الأنوار التی هی من غوامض الأسرار فمنهم من قال هی الجواهر القدسیة العقلیة التی هی وسائط جوده تعالی و ألوانها كنایة عن اختلاف أنواعها الذی هو سبب اختلاف الأنواع الرباعیة فی هذا العالم الحسی كالعناصر و الأخلاط و أجناس الحیوانات أعنی الإنسان و البهائم و السباع و الطیور و مراتب الإنسان أعنی الطبع و النفس الحساسة و النفس المتخیلة و العقل و أجناس المولدات كالمعدن و النبات و الحیوان و الإنسان و قیل إنه تمثیل لبیان تفاوت تلك الأنوار بحسب القرب و البعد من نور الأنوار فالنور الأبیض هو الأقرب و الأخضر هو الأبعد فكأنه ممتزج بضرب من الظلمة و الأحمر هو المتوسط بینهما ثم ما بین كل اثنین ألوان أخری كألوان الصبح و الشفق المختلفة فی الألوان لقربها و بعدها من نور الشمس و قیل المراد بها صفاته تعالی فالأخضر قدرته علی إیجاد الممكنات و إفاضة الأرواح التی هی عیون الحیاة و منابع الخضرة و الأحمر غضبه و قهره علی الجمیع بالإعدام و التعذیب و الأبیض رحمته و لطفه علی عباده قال تعالی أَمَّا الَّذِینَ ابْیَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِی رَحْمَتِ اللَّهِ و أحسن ما سمعته فی هذا المقام ما استفدته من والدی العلامة رفع اللّٰه

ص: 11

فی الجنان مقامه و ملخصه أن لكل شی ء شبها و مثالا فی عالم الرؤیا و العوالم التی تطلع علیها الأرواح سوی عالم الحس و تظهر تلك الصور و المثل علی النفوس مختلفة بحسب اختلاف مراتبها فی الكمال فبعض النفوس تظهر لها صورة أقرب إلی ذی الصورة و بعضها أبعد و شأن المعبر الكامل أن ینتقل من تلك الصور إلی ما هی صور لها بحسب أحوال ذلك الشخص و لذا لا یطلع

علیها كما ینبغی إلا الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام المطلعون علی مراتب استعدادات الأشخاص و اختلافهم فی النقص و الكمال فالنور الأصفر كنایة عن العبادة و صورة لها كما هو المجرب فی الرؤیة أنه إذا رأی العارف فی المنام صفرة یوفق بعده لعبادة كما هو المشاهد فی وجوه المتهجدین

و قد ورد فی الخبر أنه ألبسهم اللّٰه من نوره لما خلوا به.

و النور الأبیض العلم كما جرب أن من رأی فی المنام لبنا أو ماء صافیا یفاض علیه علم خالص عن الشكوك و الشبهات و النور الأحمر المحبة كما هو المشاهد فی وجوه المحبین عند طغیانها و جرب أیضا فی الرؤیا و النور الأخضر المعرفة و هو العلم المتعلق بذاته و صفاته سبحانه كما هو مجرب فی الرؤیا

وَ یُومِئُ إِلَیْهِ مَا رُوِیَ عَنِ الرِّضَا علیه السلاملیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا یُرْوَی أَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَأَی رَبَّهُ فِی صُورَةِ الشَّابِّ الْمُوفِقِ فِی صُورَةِ أَبْنَاءِ ثَلَاثِینَ سَنَةً رِجْلَاهُ فِی خُضْرَةٍ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ علیه السلام حِینَ نَظَرَ إِلَی عَظَمَةِ رَبِّهِ كَانَ فِی هَیْئَةِ الشَّابِّ الْمُوفِقِ وَ سِنِّ أَبْنَاءِ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَقَالَ الرَّاوِی جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ كَانَتْ رِجْلَاهُ فِی خُضْرَةٍ قَالَ ذَاكَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَی رَبِّهِ بِقَلْبِهِ جَعَلَهُ فِی نُورٍ مِثْلِ نُورِ الْحُجُبِ حَتَّی یَسْتَبِینَ لَهُ مَا فِی الْحُجُبِ إِنَّ نُورَ اللَّهِ مِنْهُ أَخْضَرُ وَ مِنْهُ أَحْمَرُ وَ مِنْهُ أَبْیَضُ وَ مِنْهُ غَیْرُ ذَلِكَ.

تمام الخبر لأنه صلی اللّٰه علیه و آله كان حینئذ فی مقام كمال العرفان و خائضا فی بحار معرفة الرحیم المنان و كانت رجلاه فی النور الأخضر و قائما فی مقام من المعرفة لا یطیقها أحد من الملائكة و البشر و إنما عبروا بهذه العبارات و الكنایات لقصور أفهامنا عن إدراك صرف الحق كما تعرض علی النفوس الناقصة فی المنام هذه الصور و نحن فی منام طویل من الغفلة عن المعارف الربانیة و الناس نیام فإذا ماتوا انتبهوا و الأحوط فی أمثال

ص: 12

هذه الأخبار الإیمان بها مجملا و رد علمها إلیهم علیهم السلام.

ثم اعلم أنه علی الوجه الأخیر الضمیر فی قوله و هو العلم راجع إلی النور الأبیض و علی سائر الوجوه راجع إلی العرش أی و قد یطلق العرش علی العلم أیضا أو العرش المركب من الأنوار الأربعة هو العلم.

أبصر قلوب المؤمنین أی ما أبصروا و علموا.

عاداه الجاهلون لأن الجهل مساوق الظلمة التی هی ضد النور و المعاداة إنما تكون بین الضدین كذا قیل و الأظهر أن المراد به أن غایة ظهوره صارت سببا لخفائه كما قیل یا خفیا من فرط الظهور فإنه لو لم یكن للشمس غروب و أفول كان یشتبه علی الناس أن ضوء النهار منها و لما كان شمس عالم الوجود فی نهایة الاستواء و الكمال أبدا و فیضه جار علی المواد القابلة دائما یتوهم الملحد الجاهل أنها بأنفسها موجودة غنیة عن العلة أو منسوبة إلی الدهر أو الطبیعة.

ابتغی أی طلب و لعل المعنی أن نوره سبحانه لما طلع علی عالم الوجود و آثاره سبحانه ظهر فی كل موجود طلبه جمیع الخلق لكن بعضهم أخطئوا طریق الطلب و تعیین المطلوب فصاروا حیاری فمنهم من یعبد الصنم لتوهمه أن مطلوبه هناك و منهم من یعتقد الدهر أو الطبیعة لزعمه أن أحدهما إلهه و مدبره فكل منهم یعلمون اضطرارهم إلی خالق و رازق و حافظ و مدبر و یطلبونه و یبتغون إلیه الوسیلة لكنهم لضلالهم (1) و عماهم خاطئون و عن الحق معرضون و هذا المعنی الذی خطر بالبال من غوامض الأسرار و له شواهد من الأخبار و إنما أومأنا إلیه علی الإجمال إذ بسط المقال فیه یؤدی إلی إبداء ما تأبی عنه الأذهان السقیمة لكن تستعذبه العقول المستقیمة الممسك لهما أی للسماوات و الأرض و المحیط بالجر عطفا علی ضمیر لهما و من بیان له أی الممسك للشی ء المحیط بهما أو متعلق بقوله أن تزولا و قوله من شی ء للتعمیم و یجوز رفعه بالعطف علی الممسك و من بیان لضمیر

ص: 13


1- 1. لضلالتهم( خ).

بهما لقصد زیادة التعمیم أو بیان لمحذوف یعنی المحیط بهما مع ما حوتاه من شی ء و هو حیاة كل شی ء أی من الحیوانات أو الحیاة بمعنی الوجود و البقاء مجازا و نور كل شی ء أی سبب وجوده و ظهوره فالكرسی یمكن أن یكون المراد تفسیر الكرسی أیضا بالعلم و لا یؤده أی لا یثقل علیه هم العلماء إذا كان المراد بالعرش عرش العلم كان المراد بالأنوار الأربعة صنوف العلم و أنواعه و لا یخرج عن تلك الأنواع أحد و إذا كان المراد بالأنوار نور العلم و المحبة و المعرفة و العبادة كما مر فهو أیضا صحیح إذ لا یخرج شی ء منها أیضا إذ ما من شی ء إلا و له عبادة و محبة و معرفة و هو یسبح بحمده و قال الوالد رحمه اللّٰه الظاهر أن المراد بالأربعة العرش و الكرسی و السماوات و الأرض و یحتمل أن یكون المراد بها الأنوار الأربعة التی هی عبارة عن العرش لأنه محیط علی ما هو المشهور.

«9»- الْكَافِی، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی قَالَ: سَأَلَنِی أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَاسْتَأْذَنْتُهُ فَأَذِنَ لِی فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَ فَتُقِرُّ أَنَّ اللَّهَ مَحْمُولٌ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام كُلُّ مَحْمُولٍ مَفْعُولٌ بِهِ مُضَافٌ إِلَی غَیْرِهِ مُحْتَاجٌ وَ الْمَحْمُولُ اسْمُ نَقْصٍ فِی اللَّفْظِ وَ الْحَامِلُ فَاعِلٌ وَ هُوَ فِی اللَّفْظِ مِدْحَةٌ وَ كَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ فَوْقٌ وَ تَحْتٌ وَ أَعْلَی وَ أَسْفَلُ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنی فَادْعُوهُ بِها وَ لَمْ یَقُلْ فِی كُتُبِهِ أَنَّهُ الْمَحْمُولُ بَلْ قَالَ إِنَّهُ الْحَامِلُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ الْمُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَ الْمَحْمُولُ مَا سِوَی اللَّهِ وَ لَمْ یُسْمَعْ أَحَدٌ آمَنَ بِاللَّهِ وَ عَظَمَتِهِ قَطُّ قَالَ فِی دُعَائِهِ یَا مَحْمُولُ قَالَ أَبُو قُرَّةَ فَإِنَّهُ قَالَ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ وَ قَالَ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام الْعَرْشُ لَیْسَ هُوَ اللَّهُ وَ الْعَرْشُ اسْمُ عِلْمٍ وَ قُدْرَةٍ وَ عَرْشٍ فِیهِ كُلُّ شَیْ ءٍ ثُمَّ أَضَافَ الْحَمْلَ إِلَی غَیْرِهِ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ لِأَنَّهُ اسْتَعْبَدَ خَلْقَهُ بِحَمْلِ عَرْشِهِ وَ هُمْ حَمَلَةُ عِلْمِهِ وَ خَلْقاً یُسَبِّحُونَ حَوْلَ عَرْشِهِ وَ هُمْ یَعْمَلُونَ (1)

بِعِلْمِهِ وَ مَلَائِكَةً یَكْتُبُونَ أَعْمَالَ

ص: 14


1- 1. فی المصدر: یعلمون.

عِبَادِهِ وَ اسْتَعْبَدَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِالطَّوَافِ حَوْلَ بَیْتِهِ وَ اللَّهُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی كَمَا قَالَ وَ الْعَرْشُ وَ مَنْ یَحْمِلُهُ وَ مَنْ حَوْلَ الْعَرْشِ وَ اللَّهُ الْحَامِلُ لَهُمُ الْحَافِظُ لَهُمُ الْمُمْسِكُ الْقَائِمُ عَلَی كُلِّ نَفْسٍ وَ فَوْقَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَا یُقَالُ مَحْمُولٌ وَ لَا أَسْفَلُ قَوْلًا مُفْرَداً لَا یُوصَلُ بِشَیْ ءٍ فَیَفْسُدُ اللَّفْظُ وَ الْمَعْنَی قَالَ أَبُو قُرَّةَ فَتُكَذِّبُ بِالرِّوَایَةِ الَّتِی جَاءَتْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی إِذَا غَضِبَ إِنَّمَا یُعْرَفُ غَضَبُهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ یَجِدُونَ ثِقْلَهُ عَلَی كَوَاهِلِهِمْ فَیَخِرُّونَ سُجَّداً فَإِذَا(1)

ذَهَبَ الْغَضَبُ خَفَّ وَ رَجَعُوا إِلَی مَوَاقِفِهِمْ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مُنْذُ لَعَنَ إِبْلِیسَ إِلَی یَوْمِكَ هَذَا هُوَ غَضْبَانُ عَلَیْهِ فَمَتَی رَضِیَ وَ هُوَ فِی صِفَتِكَ لَمْ یَزَلْ غَضْبَانَ عَلَیْهِ وَ عَلَی أَوْلِیَائِهِ وَ عَلَی أَتْبَاعِهِ كَیْفَ تَجْتَرِئُ أَنْ تَصِفَ رَبَّكَ بِالتَّغَیُّرِ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ وَ أَنَّهُ (2) یَجْرِی عَلَیْهِ مَا یَجْرِی عَلَی الْمَخْلُوقِینَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی لَمْ یَزُلْ مَعَ الزَّائِلِینَ وَ لَمْ یَتَغَیَّرْ مَعَ الْمُتَغَیِّرِینَ وَ لَمْ یَتَبَدَّلْ مَعَ الْمُتَبَدِّلِینَ وَ مَنْ دُونَهُ فِی یَدِهِ وَ تَدْبِیرِهِ وَ كُلُّهُمْ إِلَیْهِ مُحْتَاجٌ وَ هُوَ غَنِیٌّ عَمَّنْ سِوَاهُ (3).

بیان: و المحمول اسم نقص أی كل اسم مفعول دل علی تأثر و تغیر من غیره و فاقة إلیه فهو اسم نقص كالمحفوظ و المربوب و المحمول و أمثالها لا كل ما هو علی هذه الصیغة إذ یجوز إطلاق الموجود و المعبود و المحمود و أمثالها علیه تعالی و كذلك قول القائل فوق و تحت یعنی أن مثل ذینك اللفظین فی كون أحدهما اسم مدح و الآخر اسم نقص قول القائل فوق و تحت فإن فوق اسم مدح و تحت اسم نقص و كذلك أعلی اسم مدح و أسفل اسم نقص و قوله علیه السلام خلق بالجر بدل غیره و أشار بذلك إلی أن الحامل لما كان من خلقه فیرجع الحمل إلیه تعالی و هم حملة علمه أی و قد یطلق حملة العرش علی حملة العلم أیضا أو حملة العرش فی القیامة هم حملة العلم فی الدنیا و قوله علیه السلام خلقا و ملائكة معطوفان

ص: 15


1- 1. و إذا( خ).
2- 2. و أن( خ).
3- 3. الكافی: ج 1، ص 130.

علی خلقه أی استعبد خلقا و ملائكة و الحاصل أنه تعالی لا یحتاج فی حمل العرش إلی غیره بل استعبد أصناف خلقه بأنواع الطاعات و حملة العرش عبادتهم حمل العرش من غیر حاجة إلیهم و هم یعملون بعلمه أی بما أعطاهم من العلم و یحتمل أن یكون هذا مبنیا علی كون العرش بمعنی العلم فحملة العرش الأنبیاء و الأوصیاء و من حول العرش الذین یأخذون العلم عنهم و یعملون بالعلم الذی حمله الحملة فهم مطیفون بهذا العرش و مقتبسون من أنواره كما قال أی استواؤه سبحانه علی العرش علی النحو الذی قال و أراد من الاستواء النسبة أو الاستیلاء كما مر لا كما تزعمه المشبهة و قوله و العرش و ما عطف علیه مبتدأ خبره محذوف أی محمول كلهم أو سواء فی نسبتهم إلیه سبحانه.

قولا مفردا لا یوصل بشی ء أی لا یقرن بقرینة صارفة عن ظاهره أو ینسب إلی شی ء آخر علی طریقة الوصف بحال المتعلق بأن یقال عرشه محمول أو أرضه تحت كذا أو جحیمه أسفل و نحو ذلك و إلا فیفسد اللفظ لعدم الإذن الشرعی و أسماؤه توقیفیة و أیضا هذا اسم نقص كما مر و المعنی لأنه یوجب نقصه و عجزه تعالی عن ذلك علوا كبیرا و هو فی صفتك أی فی وصفك إیاه

أنه لم یزل غضبانا علی الشیطان و علی أولیائه و الحاصل أنه لما فهم من كلامه أن الملائكة الحاملین للعرش قد یكونون قائمین و قد یكونون ساجدین بطریان الغضب و ضده و حمل الحدیث علی ظاهره نبه علیه السلام علی خطائه إلزاما علیه بقدر فهمه بأنه لا یصح ما ذكرت إذ من غضبه تعالی ما علم أنه لم یزل كغضبه علی إبلیس فیلزم أن یكون حملة العرش منذ غضب علی إبلیس إلی الآن سجدا غیر واقفین إلی مواقفهم فعلم أن ما ذكرته و فهمته خطاء و الحدیث علی تقدیر صحته محمول علی أن المراد بغضبه سبحانه إنزال العذاب و بوجدان الحملة ثقل العرش اطلاعهم علیه بظهور مقدماته و أسبابه و بسجودهم خضوعهم و خشوعهم له سبحانه خشیة و خوفا من عذابه فإذا انتهی نزول العذاب و ظهرت مقدمات رحمته اطمأنوا و رغبوا فی طلب رحمته ثم بعد إلزامه علیه السلام بذلك شرع فی الاستدلال علی تنزیهه سبحانه مما فهمه

ص: 16

فقال كیف تجترئ أن تصف ربك بالتغیر من حال إلی حال و هو من صفات المخلوقات و الممكنات لم یزل بضم الزای من زال یزول و لیس من الأفعال الناقصة و وجه الاستدلال بما ذكره علیه السلام قد مر مفصلا فی كتاب التوحید.

«10»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ: سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْكُرْسِیِّ فَقَالَ یَا أَبَا ذَرٍّ مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ عِنْدَ الْكُرْسِیِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ وَ إِنَّ فَضْلَ الْعَرْشِ عَلَی الْكُرْسِیِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَی تِلْكَ الْحَلْقَةِ(1).

«11»- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالا: السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ فِی جَوْفِ الْكُرْسِیِّ وَ الْكُرْسِیُّ بَیْنَ یَدَیِ الْعَرْشِ (2).

«12»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّیَ الْعَرْشُ عَرْشاً لِارْتِفَاعِهِ (3).

«13»- وَ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِیَّ مِنْ نُورِهِ وَ الْعَرْشُ مُلْتَصِقٌ بِالْكُرْسِیِّ وَ الْمَلَائِكَةُ فِی جَوْفِ الْكُرْسِیِّ وَ حَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهَرٌ مِنْ نُورٍ یَتَلَأْلَأُ وَ نَهَرٌ مِنْ نَارٍ تَتَلَظَّی وَ نَهَرٌ مِنْ ثَلْجٍ أَبْیَضَ تَلْتَمِعُ مِنْهُ الْأَبْصَارُ وَ نَهَرٌ مِنْ مَاءٍ وَ الْمَلَائِكَةُ قِیَامٌ فِی تِلْكَ الْأَنْهَارِ یُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَ لِلْعَرْشِ أَلْسِنَةٌ بِعَدَدِ أَلْسِنَةِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ فَهُوَ یُسَبِّحُ اللَّهَ وَ یَذْكُرُهُ بِتِلْكَ الْأَلْسِنَةِ(4).

«14»- وَ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْعَرْشُ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ إِنَّ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ نَظَرَ إِلَیْهِ وَ إِلَی عَظَمَتِهِ (5)

فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَنِّی قَدْ جَعَلْتُ فِیكَ قُوَّةَ سَبْعِینَ أَلْفَ مَلَكٍ لِكُلِّ مَلَكٍ سَبْعُونَ أَلْفَ أَلْفِ جَنَاحٍ فَطِرْ فَطَارَ الْمَلَكُ بِمَا فِیهِ مِنَ الْقُوَّةِ وَ الْأَجْنِحَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَطِیرَ فَوَقَفَ فَنَظَرَ فَكَأَنَّهُ لَمْ یَرْمِ (6).

«15»- وَ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْعَرْشَ مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَ خَلَقَ لَهُ أَرْبَعَ قَوَائِمَ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ خَلَقَ لَهُ أَلْفَ لِسَانٍ وَ خَلَقَ فِی الْأَرْضِ أَلْفَ أُمَّةٍ كُلُ

ص: 17


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 328، و قد مر تحت الرقم( 1) من هذا الباب.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 328.
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 297.
4- 4. الدّر المنثور: ج 3، ص 297.
5- 5. فی المصدر: عظمه.
6- 6. الدّر المنثور: ج 3، ص 297.

أُمَّةٍ تُسَبِّحُ اللَّهَ بِلِسَانٍ مِنْ أَلْسُنِ الْعَرْشِ (1).

«16»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا یَقْدِرُ قَدْرَ الْعَرْشِ إِلَّا الَّذِی خَلَقَهُ وَ إِنَّ السَّمَاوَاتِ فِی خَلْقِ الرَّحْمَنِ (2) مِثْلُ قُبَّةٍ فِی صَحْرَاءَ(3).

«17»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَا أَخَذَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ مِنَ الْعَرْشِ إِلَّا كَمَا تَأْخُذُ الْحَلْقَةُ مِنْ أَرْضِ الْفَلَاةِ(4).

«18»- وَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّ السَّمَاوَاتِ فِی الْعَرْشِ كَالْقِنْدِیلِ مُعَلَّقٌ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ (5).

«19»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: مَا الْكُرْسِیُّ فِی الْعَرْشِ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِیدٍ أُلْقِیَتْ بَیْنَ ظَهْرَیْ فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ (6).

«20»- وَ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْعَرْشَ وَ لِلْعَرْشِ سَبْعُونَ أَلْفَ سَاقٍ كُلُّ سَاقٍ كَاسْتِدَارَةِ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ (7).

«21»- وَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: أُذِنَ لِی أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ مَا بَیْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَی عَاتِقِهِ مَسِیرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ (8).

«22»- وَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِیَّةَ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِیَةٌ أَقْدَامُهُمْ مُثْبَتَةٌ(9)

فِی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَ رُءُوسُهُمْ قَدْ جَاوَزَتِ السَّمَاءَ السَّابِعَةَ وَ قُرُونُهُمْ مِثْلُ طُولِهِمْ عَلَیْهَا الْعَرْشُ (10).

«23»- وَ عَنْ زَاذَانَ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ أَرْجُلُهُمْ فِی التُّخُومِ لَا یَسْتَطِیعُونَ أَنْ

ص: 18


1- 1. الدّر المنثور: ج 3، ص 297.
2- 2. فی المصدر: فی خلق العرش.
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 297.
4- 4. الدّر المنثور: ج 3، ص 297.
5- 5. الدّر المنثور: ج 3، ص 297.
6- 6. الدّر المنثور: ج 3، ص 298.
7- 7. الدّر المنثور: ج 3 ص 298.
8- 8. الدّر المنثور: ج 5، ص 346. و فیه« سبعمائة سنة».
9- 9. فی المصدر:« مثقبة» و الصواب ما فی المتن.
10- 10. الدّر المنثور: ج 5، ص 346.

یَرْفَعُوا أَبْصَارَهُمْ مِنْ شُعَاعِ النُّورِ(1).

«24»- وَ عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِیَةٌ یَتَجَاوَبُونَ بِصَوْتٍ رَخِیمٍ (2)

یَقُولُ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ عَلَی حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ وَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ یَقُولُونَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ عَلَی عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ (3).

«25»- وَ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ الَّذِینَ یَحْمِلُونَهُ لِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ وَ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةٍ جَنَاحَانِ عَلَی وَجْهِهِ مِنْ أَنْ (4)

یَنْظُرَ إِلَی الْعَرْشِ فَیَصْعَقَ وَ جَنَاحَانِ یَطِیرُ بِهِمَا أَقْدَامُهُمْ فِی الثَّرَی وَ الْعَرْشُ عَلَی أَكْتَافِهِمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَجْهُ ثَوْرٍ وَ وَجْهُ أَسَدٍ وَ وَجْهُ إِنْسَانٍ وَ وَجْهُ نَسْرٍ وَ لَیْسَ لَهُمْ كَلَامٌ إِلَّا أَنْ یَقُولُوا قُدُّوسٌ اللَّهُ الْقَوِیُّ مَلَأَتْ عَظَمَتُهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ (5).

«26»- وَ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ الْیَوْمَ أَرْبَعَةٌ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أُیِّدُوا بِأَرْبَعَةٍ آخَرِینَ مَلَكٌ مِنْهُمْ فِی صُورَةِ إِنْسَانٍ یَشْفَعُ لِبَنِی آدَمَ فِی أَرْزَاقِهِمْ وَ مَلَكٌ (6) فِی صُورَةِ نَسْرٍ یَشْفَعُ لِلطَّیْرِ(7) فِی أَرْزَاقِهِمْ وَ مَلَكٌ (8)

فِی صُورَةِ ثَوْرٍ یَشْفَعُ لِلْبَهَائِمِ فِی أَرْزَاقِهَا وَ مَلَكٌ فِی صُورَةِ أَسَدٍ یَشْفَعُ لِلسِّبَاعِ فِی أَرْزَاقِهَا فَلَمَّا حَمَلُوا الْعَرْشَ وَقَعُوا عَلَی رُكَبِهِمْ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ فَلُقِّنُوا لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَاسْتَوَوْا قِیَاماً عَلَی أَرْجُلِهِمْ (9).

«27»- وَ عَنْ مَیْسَرَةَ قَالَ: لَا تَسْتَطِیعُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ أَنْ یَنْظُرُوا إِلَی مَا فَوْقَهُمْ مِنْ شُعَاعِ النُّورِ(10).

ص: 19


1- 1. الدّر المنثور: ج 5، ص 346.
2- 2. أی رقیق لین.
3- 3. الدّر المنثور: ج 5، ص 346- و قد ذكر التسبیحان فی المصدر بالتقدیم و التأخیر.
4- 4. فی المصدر: علی وجهه ینظر.
5- 5. الدّر المنثور: ج 5، ص 346.
6- 6. فی المصدر: و ملك منهم.
7- 7. للطیور( خ).
8- 8. فی المصدر: و ملك منهم.
9- 9. الدّر المنثور: ج 5، ص 346.
10- 10. الدّر المنثور: ج 5، ص 347.

«28»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ مَا بَیْنَ كَعْبِ (1)

أَحَدِهِمْ إِلَی أَسْفَلِ قَدَمَیْهِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ ذَكَرَ أَنَّ خُطْوَةَ مَلَكِ الْمَوْتِ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ (2).

«29»- وَ عَنْ مَیْسَرَةَ قَالَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ أَرْجُلُهُمْ فِی الْأَرْضِ السُّفْلَی وَ رُءُوسُهُمْ قَدْ خَرَقَتِ الْعَرْشَ وَ هُمْ خُشُوعٌ لَا یَرْفَعُونَ طَرْفَهُمْ وَ هُمْ أَشَدُّ خَوْفاً مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ أَهْلُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ أَشَدُّ خَوْفاً مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ الَّتِی تَلِیهَا وَ الَّتِی تَلِیهَا أَشَدُّ خَوْفاً مِنَ الَّتِی تَلِیهَا(3).

«30»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَرَجَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا جَمَعَكُمْ فَقَالُوا اجْتَمَعْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا وَ نَتَفَكَّرُ فِی عَظَمَتِهِ فَقَالَ لَنْ تُدْرِكُوا التَّفَكُّرَ فِی عَظَمَتِهِ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِبَعْضِ عَظَمَةِ رَبِّكُمْ قِیلَ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ مَلَكاً مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ یُقَالُ لَهُ إِسْرَافِیلُ زَاوِیَةٌ مِنْ زَوَایَا الْعَرْشِ عَلَی كَاهِلِهِ قَدَمَاهُ (4) فِی الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَی وَ رَأْسُهُ (5) فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْیَا فِی مِثْلِهِ مِنْ خَلِیقَةِ رَبِّكُمْ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی (6).

«31»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ قَالَ یُقَالُ ثَمَانِیَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا یَعْلَمُ عِدَّتَهُمْ إِلَّا اللَّهُ وَ یُقَالُ ثَمَانِیَةُ أَمْلَاكٍ رُءُوسُهُمْ تَحْتَ الْعَرْشِ فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ أَقْدَامُهُمْ فِی الْأَرْضِ السُّفْلَی وَ لَهُمْ قُرُونٌ كَقُرُونِ الْوَعْلَةِ مَا بَیْنَ أَصْلِ قَرْنِ أَحَدِهِمْ إِلَی مُنْتَهَاهُ (7)

خَمْسُمِائَةِ عَامٍ (8).

«32»- وَ عَنِ الرَّبِیعِ قَالَ: ثَمَانِیَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ(9).

ص: 20


1- 1. فی المصدر: منكب.
2- 2. الدّر المنثور: ج 5، ص 347.
3- 3. الدّر المنثور: ج 5، ص 347.
4- 4. فی المصدر:« قد مرقت قدماه» و مرق أی نفذ و خرج.
5- 5. فی المصدر: و مرق رأسه.
6- 6. الدّر المنثور: ج 5، ص 347.
7- 7. فی المصدر: مسیرة خمسمائة عام.
8- 8. الدّر المنثور: ج 6، ص 261.
9- 9. الدّر المنثور: ج 6، ص 261.

«33»- وَ عَنِ ابْنِ زَیْدٍ قَالَ: لَمْ یُسَمَّ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِلَّا إِسْرَافِیلُ وَ مِیكَائِیلُ لَیْسَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ (1).

«34»- وَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: لَبَنَانُ أَحَدِ الثَّمَانِیَةِ تَحْمِلُ الْعَرْشَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(2).

«35»- وَ عَنْ مَیْسَرَةَ قَالَ: ثَمَانِیَةٌ أَرْجُلُهُمْ فِی التُّخُومِ وَ رُءُوسُهُمْ عِنْدَ الْعَرْشِ لَا یَسْتَطِیعُونَ أَنْ یَرْفَعُوا أَبْصَارَهُمْ مِنْ شُعَاعِ النُّورِ(3).

«36»- المهج، [مهج الدعوات] فِی دُعَاءٍ مَرْوِیٍّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام: یَا مَنْ خَافَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورِهِ الْمُتَوَقِّدِ حَوْلَ كُرْسِیِّهِ وَ عَرْشِهِ صَافُّونَ مُسَبِّحُونَ طَائِفُونَ خَاضِعُونَ مُذْعِنُونَ الدُّعَاءَ.

«37»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْكُرْسِیِّ أَ هُوَ أَعْظَمُ (4) أَمِ الْعَرْشُ فَقَالَ علیه السلام كُلُّ شَیْ ءٍ خَلَقَ (5) اللَّهُ فِی جَوْفِ الْكُرْسِیِّ خَلَا(6) عَرْشِهِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یُحِیطَ بِهِ الْكُرْسِیُ (7).

«38»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قَالَ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا فِیهِمَا مِنْ مَخْلُوقٍ فِی جَوْفِ الْكُرْسِیِّ وَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ یَحْمِلُونَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ فَأَمَّا مَلَكٌ مِنْهُمْ فِی صُورَةِ الْآدَمِیِّینَ وَ هِیَ أَكْرَمُ الصُّوَرِ عَلَی اللَّهِ وَ هُوَ یَدْعُو اللَّهَ وَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ وَ یَطْلُبُ الشَّفَاعَةَ وَ الرِّزْقَ (8) لِبَنِی آدَمَ وَ الْمَلَكُ الثَّانِی فِی صُورَةِ الثَّوْرِ وَ هُوَ سَیِّدُ الْبَهَائِمِ وَ هُوَ یَطْلُبُ إِلَی اللَّهِ وَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ وَ یَطْلُبُ الشَّفَاعَةَ وَ الرِّزْقَ لِلْبَهَائِمِ (9) وَ الْمَلَكُ الثَّالِثُ فِی صُورَةِ

ص: 21


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 261.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 261.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 261.
4- 4. فی المصدر: فالكرسیّ أكبر أم العرش؟.
5- 5. فی المصدر: خلقه اللّٰه.
6- 6. فی المصدر: ما خلا عرشه.
7- 7. الاحتجاج: 193.
8- 8. و السعة فی الرزق( خ).
9- 9. فی المخطوطة: لجمیع البهائم.

النَّسْرِ وَ هُوَ سَیِّدُ الطَّیْرِ(1)

وَ هُوَ یَطْلُبُ إِلَی اللَّهِ وَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ وَ یَطْلُبُ الشَّفَاعَةَ وَ الرِّزْقَ لِجَمِیعِ الطَّیْرِ وَ الْمَلَكُ الرَّابِعُ فِی صُورَةِ الْأَسَدِ وَ هُوَ سَیِّدُ السِّبَاعِ وَ هُوَ یَرْغَبُ إِلَی اللَّهِ وَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ وَ یَطْلُبُ الشَّفَاعَةَ وَ الرِّزْقَ لِجَمِیعِ السِّبَاعِ وَ لَمْ یَكُنْ فِی هَذِهِ الصُّوَرِ أَحْسَنُ مِنَ الثَّوْرِ وَ لَا أَشَدُّ انْتِصَاباً مِنْهُ حَتَّی اتَّخَذَ الْمَلَأُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ الْعِجْلَ فَلَمَّا عَكَفُوا عَلَیْهِ وَ عَبَدُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَفَضَ الْمَلَكُ الَّذِی فِی صُورَةِ الثَّوْرِ رَأْسَهُ اسْتِحْیَاءً مِنَ اللَّهِ أَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شَیْ ءٌ یُشْبِهُهُ وَ تَخَوَّفَ (2)

أَنْ یَنْزِلَ بِهِ الْعَذَابُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ الشَّجَرَ لَمْ یَزَلْ حَصِیداً كُلُّهُ حَتَّی دُعِیَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ عَزَّ الرَّحْمَنُ وَ جَلَّ أَنْ یَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَكَادَتِ (3) السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا فَعِنْدَ ذَلِكَ اقْشَعَرَّ الشَّجَرُ وَ صَارَ لَهُ شَوْكٌ حذارا حَذَراً أَنْ یَنْزِلَ بِهِ الْعَذَابُ فَمَا بَالُ قَوْمٍ غَیَّرُوا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

وَ عَدَلُوا عَنْ وَصِیِّهِ لَا یَخَافُونَ أَنْ یَنْزِلَ بِهِمُ الْعَذَابُ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ الَّذِینَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ یَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ(4) ثُمَّ قَالَ نَحْنُ وَ اللَّهِ نِعْمَةُ اللَّهِ الَّتِی أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَی عِبَادِهِ بِنَا فَازَ مَنْ فَازَ(5).

بیان: قد تحمل هؤلاء الحملة علی أرباب الأنواع التی قال بها أفلاطون و أضرابه و ما یظهر من صاحب الشریعة لا یناسب ما ذهبوا إلیه بوجه كما لا یخفی علی العارف بمصطلحات الفریقین.

«39»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّضْرِ عَنْ مُوسَی بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَسِعْنَ الْكُرْسِیَّ أَمِ الْكُرْسِیُّ وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ قَالَ بَلِ الْكُرْسِیُ

ص: 22


1- 1. فی المخطوطة: سید الطیور.
2- 2. فی المصدر: ما یشبهه: و یخاف.
3- 3. فی المصدر: تكاد.
4- 4. إبراهیم: 29.
5- 5. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 75.

وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ الْعَرْشُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ فِی الْكُرْسِیِ (1).

بیان: لعل سؤال زرارة لاستعلام أن فی قرآن أهل البیت كُرْسِیُّهُ منصوب أو مرفوع و إلا فعلی تقدیر العلم بالرفع لا یحسن هذا السؤال لا سیما من مثل زرارة و یروی عن الشیخ البهائی رحمه اللّٰه أنه قال سألت عن ذلك والدی فأجاب رحمه اللّٰه بأن بناء السؤال علی قراءة وسع بضم الواو و سكون السین مصدرا مضافا و علی هذا یتجه السؤال و إنی تصفحت كتب التجوید فما ظفرت علی هذه القراءة إلا هذه الأیام رأیت كتابا فی هذا العلم مكتوبا بالخط الكوفی و كانت هذه القراءة فیه و كانت النسخة بخط مصنفه و قوله و العرش لعله منصوب بالعطف علی الأرض أو مرفوع بالابتدائیة فالمراد بالكرسی العلم أو بالعرش فیما ورد أنه محیط بالكرسی العلم و قیل العرش معطوف علی الكرسی أی و العرش أیضا وسع السماوات و الأرض فالمعنی أن الكرسی و العرش كلا منهما وسع السماوات و الأرض فالمراد بكل شی ء خلق اللّٰه كل ما خلق فیهما.

«40»- التَّوْحِیدُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ الْعَرْشُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فِی الْكُرْسِیِ (2).

و منه عن محمد بن الحسن بن الولید عن الحسن (3)

بن الحسن بن أبان عن

ص: 23


1- 1. تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ: 75.
2- 2. التوحید: 239.
3- 3. فی المصدر« الحسین بن الحسن بن ابان» و هو الصحیح، قال الشیخ- ره- فی باب أصحاب العسكریّ علیه السلام: الحسین بن الحسن بن ابان ادركه( یعنی العسكریّ علیه السلام) و لم أعلم أنّه روی عنه، و قال: انه روی عن« الحسین بن سعید» كتبه كلها، و روی عنه ابن الولید و ذكر ابن قولویه انه قرابة الصفار و سعید بن عبد اللّٰه لكنه اقدم منهما لانه یروی عن الحسین بن سعید دونهما و الظاهر أنّه من الثقات لروایة اجلة القمیین كسعد بن عبد اللّٰه و ابن الولید عنه، و كونه من مشایخ الاجازة، مضافا الی أن العلامة- ره- فی المنتهی و المختلف و الشهید فی الذكری وصفا حدیثه بالصحة.

الحسین بن سعید عن فضالة عن ابن بكیر عن زرارة: مثله- العیاشی، عن زرارة: مثله.

«41»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَبِی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ یَزْعُمُ أَنَّهُ یَعْلَمُ كُلَّ آیَةٍ نَزَلَتْ فِی الْقُرْآنِ فِی أَیِّ یَوْمٍ نَزَلَتْ وَ فِیمَنْ نَزَلَتْ فَقَالَ أَبِی علیه السلام سَلْهُ فِیمَنْ نَزَلَتْ وَ مَنْ كانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا(1) وَ فِیمَنْ نَزَلَتْ وَ لا یَنْفَعُكُمْ نُصْحِی إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ یُرِیدُ أَنْ یُغْوِیَكُمْ (2) وَ فِیمَنْ نَزَلَتْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا(3) فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ وَدِدْتُ أَنَّ الَّذِی أَمَرَكَ بِهَذَا وَاجَهَنِی بِهِ (4) فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْعَرْشِ مِمَّ خَلَقَهُ اللَّهُ (5) وَ كَمْ هُوَ وَ كَیْفَ هُوَ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَی أَبِی علیه السلام فَقَالَ أَبِی علیه السلام فَهَلْ أَجَابَكَ بِالْآیَاتِ قَالَ لَا قَالَ أَبِی لَكِنْ أُجِیبُكَ فِیهَا بِعِلْمٍ وَ نُورٍ غَیْرَ الْمُدَّعَی وَ لَا الْمُنْتَحَلِ أَمَّا قَوْلُهُ وَ مَنْ كانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا فَفِیهِ نَزَلَتْ وَ فِی أَبِیهِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ لا یَنْفَعُكُمْ نُصْحِی إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ فَفِی أَبِیهِ نَزَلَتْ وَ أَمَّا الْأُخْرَی فَفِی ابْنِهِ (6)

نَزَلَتْ وَ فِینَا وَ لَمْ یَكُنِ الرِّبَاطُ الَّذِی أُمِرْنَا بِهِ وَ سَیَكُونُ ذَلِكَ مِنْ نَسْلِنَا الْمُرَابِطُ وَ مِنْ نَسْلِهِ الْمُرَابِطُ وَ أَمَّا مَا سَأَلَ عَنْهُ مِنَ الْعَرْشِ مِمَّ خَلَقَهُ اللَّهُ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ أَرْبَاعاً لَمْ یَخْلُقْ قَبْلَهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ الْهَوَاءَ وَ الْقَلَمَ وَ النُّورَ ثُمَّ خَلَقَهُ مِنْ أَلْوَانِ أَنْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ نُورٍ أَخْضَرَ مِنْهُ اخْضَرَّتِ الْخُضْرَةُ

ص: 24


1- 1. الإسراء: 72.
2- 2. هود: 34.
3- 3. آل عمران: 200.
4- 4. فی بعض النسخ: واجهنی به فأسأله، و لكن سله ما العرش و متی خلق و كیف هو؟.
5- 5. فی المصدر: و متی خلق!.
6- 6. فی المصدر: ففی أبیه.

وَ نُورٍ أَصْفَرَ مِنْهُ اصْفَرَّتِ الصُّفْرَةُ وَ نُورٍ أَحْمَرَ مِنْهُ احْمَرَّتِ الْحُمْرَةُ وَ نُورٍ أَبْیَضَ وَ هُوَ نُورُ الْأَنْوَارِ وَ مِنْهُ ضَوْءُ النَّهَارِ ثُمَّ جَعَلَهُ سَبْعِینَ أَلْفَ طَبَقٍ غِلَظٍ كُلُّ طَبَقٍ كَأَوَّلِ الْعَرْشِ إِلَی أَسْفَلِ السَّافِلِینَ لَیْسَ مِنْ ذَلِكَ طَبَقٌ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِ رَبِّهِ وَ یُقَدِّسُهُ بِأَصْوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَ أَلْسِنَةٍ غَیْرِ مُشْتَبِهَةٍ لَوْ أُذِنَ لِلِسَانٍ وَاحِدٍ فَأَسْمَعَ شَیْئاً مِمَّا تَحْتَهُ لَهُدِمَ الْجِبَالُ وَ الْمَدَائِنُ وَ الْحُصُونُ وَ كُشِفَ الْبِحَارُ وَ لَهَلَكَ مَا دُونَهُ لَهُ ثَمَانِیَةُ أَرْكَانٍ یَحْمِلُ كُلَّ رُكْنٍ مِنْهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا یُحْصِی عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ یُسَبِّحُونَ بِاللَّیْلِ (1) وَ النَّهَارِ لا یَفْتُرُونَ وَ لَوْ أَحَسَّ حِسَّ شَیْ ءٍ مِمَّا فَوْقَهُ مَا قَامَ لِذَلِكَ طَرْفَةَ عَیْنٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْإِحْسَاسِ حُجُبُ الْجَبَرُوتِ وَ الْكِبْرِیَاءِ وَ الْعَظَمَةِ وَ الْقُدْسِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْعِلْمِ (2)

وَ لَیْسَ وَرَاءَ هَذَا مَقَالٌ لَقَدْ طَمِعَ الْحَائِرُ فِی غَیْرِ مَطْمَعٍ أَمَا إِنَّ فِی صُلْبِهِ وَدِیعَةً قَدْ ذُرِئَتْ لِنَارِ جَهَنَّمَ فَیُخْرِجُونَ أَقْوَاماً مِنْ دِینِ اللَّهِ وَ سَتُصْبَغُ الْأَرْضُ بِدِمَاءِ أَفْرَاخٍ مِنْ أَفْرَاخِ آلِ مُحَمَّدٍ تَنْهَضُ تِلْكَ الْفِرَاخُ فِی غَیْرِ وَقْتٍ وَ تَطْلُبُ غَیْرَ مُدْرَكٍ وَ یُرَابِطُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَصْبِرُونَ وَ یُصَابِرُونَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ (3).

«42»- التَّوْحِیدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ (4)

عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْعَرْشَ أَرْبَاعاً وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَیْسَ بَعْدَ هَذَا مَقَالٌ (5).

الكشی، عن جعفر بن معروف عن یعقوب بن یزید عن حماد بن عیسی:

ص: 25


1- 1. اللیل( خ).
2- 2. القلم( خ).
3- 3. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 385.
4- 4. هو عامر بن واثلة الكنانیّ اللیثی، ذكر فی خلاصة تذهیب الكمال( ص: 157) أنه ولد عام أحد، و اثبت مسلم و ابن عدی صحبته- إلی ان قال- كان من شیعة علی ثمّ سكن مكّة إلی ان مات سنة مائة و قیل سنة عشر( یعنی بعد المائة) و هو آخر من مات من جمیع الصحابة علی الإطلاق.
5- 5. التوحید: 238.

مثل ما رواه علی بن إبراهیم إلی آخر الخبر

وَ قَالَ أَیْضاً حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ.

الإختصاص، عن جعفر بن الحسین عن محمد بن الحسن بن الولید عن محمد بن الحسن الصفار عن علی بن إسماعیل عن حماد: مثله (1)

بیان: غیر المدعی أی بلا حقیقة و الانتحال أن یدعی شعر غیره أو قوله لنفسه و فی روایة الكشی بعد ذلك أما الأولتان فنزلتا فی أبیه و أما الأخیرة فنزلت فی أبی و فینا و كذا فی الإختصاص و فیه بعده و لم یكن الرباط الذی أمرنا به بعد و علی التقادیر یدل علی أن العمی المذكور فی الآیة لیس عمی العین بل عمی القلب إذ العباس لم ینقل عماه بل عبد اللّٰه صار أعمی ففی ابنه نزلت لعل الظاهر ففی بنیه و یمكن أن یراد به الجنس أو أول من خرج منهم أی نزلت فی المرابطة و الانتظار الذی أمرنا

به فی دولة ذریته الملعونة فقوله علیه السلام من نسله المرابط علی التهكم أو بزعمهم فإنهم كانوا یترقبون الدولة فی زمن بنی أمیة أو المراد المرابطة اللغویة لا المذكورة فی الآیة و یحتمل أن یكون المراد بالمرابط الخارج بالسیف و المرابط من الأئمة القائم علیه السلام و منهم أولهم أو كلهم و فی القاموس ربطه شده و الرباط ما ربط به و المواظبة علی الأمر و ملازمة ثغر العدو كالمرابطة و المرابطة أن یربط كل من الفریقین خیولهم فی ثغره و كل معد لصاحبه فسمی المقام فی الثغر رباطا و منه قوله تعالی وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا(2) انتهی و لو أحس شی ء مما فوقه لعل قوله مما فوقه مفعول أحس أی شیئا مما فوقه و فی الإختصاص و لو أحس شیئا مما فوقه أی حاس أو كل من الملائكة الحاملین و فی بعض النسخ و لو أحس حس شی ء و فی بعضها و لو أحس حس شیئا و هو أظهر بینه و بین الإحساس أی بین الملك أو الحاس و بین إحساس ما فوقه

ص: 26


1- 1. الاختصاص: 71- 73.
2- 2. آل عمران: 200.

حجب الجبروت و الكبریاء أی الصوریة أو المعنویة و لیس وراء هذا مقال أی لا یمكن وصف ما وراء هذه الحجب لقد طمع الحائر أی ابن عباس و فی بعض النسخ الخائن و فی بعضها الخاسر فی غیر مطمع أی فی أمر لا ینفع طمعه فیه و هو فوق مرتبته.

فیخرجون و فی الكشی یستخرجون أقواما من دین اللّٰه أفواجا كما دخلوا فیه و المراد بالأفراخ السادات الذین خرجوا و قتلوا لأنهم خرجوا فی غیر وقت الخروج و عند استقرار دولة المخالفین و تطلب غیر مدرك علی بناء المفعول أی ما لا یمكن إدراكه و فی الكشی غیر ما تدرك و قد مرت الوجوه الكثیرة فی تأویل الأنوار فی كتاب التوحید و فی هذا الباب أیضا فلا نعیدها هاهنا.

«43»- التَّفْسِیرُ: وَ الْمَلَكُ عَلی أَرْجائِها وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ یَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ قَالَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِیَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَانِیَةُ أَعْیُنٍ كُلُّ عَیْنٍ طِبَاقُ الدُّنْیَا.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِیَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْآخِرِینَ فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْأَوَّلِینَ فَنُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهم السلام وَ أَمَّا الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْآخِرِینَ فَمُحَمَّدٌ وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ مَعْنَی یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ یَعْنِی الْعِلْمَ (1).

«44»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ (2)

غِیَاثٍ قَالَ سَمِعْتُ

ص: 27


1- 1. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 694.
2- 2. هو حفص بن غیاث- بكسر المعجمة- ابن طلق بن معاویة أبو عمر النخعیّ قاضی الكوفة، عده الشیخ- ره- من أصحاب الباقر و الصادق علیهما السلام و ادعی فی العدة اجماع الطائفة علی العمل بروایته. و قال النجاشیّ( 104) انه ولی القضاء ببغداد الشرقیة لهارون ثمّ ولاه قضاء الكوفة و مات بها سنة أربع و تسعین و مائة( انتهی) و لتولیه القضاء من قبل هارون استظهر جماعة كونه عامیا لكنه كما تری، و النجاشیّ لم یشر إلی عامیّة مذهبه عند التعرض لترجمته و لو كان عامیا لاشار إلیه كما هو دأبه، و قال فی تنقیح المقال( ج 1، ص 355): یدل علی كونه شیعیا جملة من اخباره و روایاته ثمّ ذكر بعضها.

أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ ثَمَانِیَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَمَانِیَةُ أَعْیُنٍ كُلُّ عَیْنٍ طِبَاقُ الدُّنْیَا(1).

وَ مِنْهُ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ مُرْسَلًا قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ أَحَدُهُمْ عَلَی صُورَةِ ابْنِ آدَمَ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِوُلْدِ آدَمَ وَ الثَّانِی عَلَی صُورَةِ الدِّیكِ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِلطَّیْرِ وَ الثَّالِثُ عَلَی صُورَةِ الْأَسَدِ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِلسِّبَاعِ وَ الرَّابِعُ عَلَی صُورَةِ الثَّوْرِ یَسْتَرْزِقُ اللَّهَ لِلْبَهَائِمِ وَ نَكَسَ الثَّوْرُ رَأْسَهُ مُنْذُ عَبَدَ بَنُو إِسْرَائِیلَ الْعِجْلَ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ صَارُوا ثَمَانِیَةً(2).

بیان: یمكن أن یكون الذی یسترزق للطیر شبیها بالنسر و الدیك معا فلذا شبه بهما.

«45»- التَّوْحِیدُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْكُرْسِیِّ وَ الْكُرْسِیُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْعَرْشِ وَ الْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْحِجَابِ وَ الْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ السِّتْرِ(3) الْخَبَرَ.

«46»- التَّوْحِیدُ، وَ الْمَعَانِی، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قَالَ عِلْمُهُ (4).

«47»- الْمَعَانِی، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِیسَی بْنِ أَبِی مَرْیَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ الْمِنْقَرِیِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ مَا هُمَا

ص: 28


1- 1. الخصال: 39.
2- 2. الخصال: 40.
3- 3. التوحید: 64.
4- 4. التوحید: 239، المعانی: 30.

فَقَالَ الْعَرْشُ فِی وَجْهٍ هُوَ جُمْلَةُ الْخَلْقِ وَ الْكُرْسِیُّ وِعَاؤُهُ وَ فِی وَجْهٍ آخَرَ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِی أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَنْبِیَاءَهُ وَ رُسُلَهُ وَ حُجَجَهُ وَ الْكُرْسِیُّ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِی لَمْ یُطْلِعْ عَلَیْهِ أَحَداً مِنْ أَنْبِیَائِهِ وَ رُسُلِهِ وَ حُجَجِهِ علیهم السلام (1).

«48»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ قَالَ فِی كُلِّ یَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ سَبْعِینَ مَرَّةً أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِی لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِیمُ الْحَیُّ الْقَیُّومُ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ كُتِبَ فِی الْأُفُقِ الْمُبِینِ قَالَ قُلْتُ وَ مَا الْأُفُقُ الْمُبِینُ قَالَ قَاعٌ بَیْنَ یَدَیِ الْعَرْشِ فِیهِ أَنْهَارٌ تَطَّرِدُ فِیهِ مِنَ الْقِدْحَانِ عَدَدَ النُّجُومِ (2).

«49»- التَّوْحِیدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِیٍ (3)

عَنِ الْفُضَیْلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قَالَ یَا فُضَیْلُ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ فِی الْكُرْسِیِ (4).

«50»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فَقَالَ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا بَیْنَهُمَا فِی الْكُرْسِیِّ وَ الْعَرْشُ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِی لَا یَقْدِرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ (5).

ص: 29


1- 1. المعانی: 29.
2- 2. المعانی: 228.
3- 3. بكسر الراء و سكون الباء، قال النجاشیّ: ربعی بن عبد اللّٰه بن الجارود بن أبی سبرة الهذلی أبو نعیم بصری ثقة روی عن أبی عبد اللّٰه و ابی الحسن علیهما السلام و صحب الفضیل بن یسار و أكثر الاخذ عنه و كان خصیصا به- إلی أن قال- و له كتاب رواه عن عدة من أصحابنا رحمهم اللّٰه منهم حماد بن عیسی.
4- 4. التوحید: 239.
5- 5. التوحید: 239.

«51»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْبَرْمَكِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ فَقَالَ إِنَّ لِلْعَرْشِ صِفَاتٍ كَثِیرَةً مُخْتَلِفَةً لَهُ فِی كُلِّ سَبَبٍ وَ صُنْعٍ (1) فِی الْقُرْآنِ صِفَةٌ عَلَی حِدَةٍ فَقَوْلُهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ یَقُولُ الْمُلْكُ الْعَظِیمُ وَ قَوْلُهُ الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی یَقُولُ عَلَی الْمُلْكِ احْتَوَی وَ هَذَا مُلْكُ الْكَیْفُوفِیَّةِ فِی الْأَشْیَاءِ ثُمَّ الْعَرْشُ فِی الْوَصْلِ مُفْرَدٌ(2)

مِنَ الْكُرْسِیِّ لِأَنَّهُمَا بَابَانِ مِنْ أَكْبَرِ أَبْوَابِ الْغُیُوبِ وَ هُمَا جَمِیعاً غَیْبَانِ وَ هُمَا فِی الْغَیْبِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ الْكُرْسِیَّ هُوَ الْبَابُ الظَّاهِرُ مِنَ الْغَیْبِ الَّذِی مِنْهُ مَطْلَعُ الْبِدَعِ وَ مِنْهَا(3) الْأَشْیَاءُ كُلُّهَا وَ الْعَرْشُ هُوَ الْبَابُ الْبَاطِنُ الَّذِی یُوجَدُ فِیهِ عِلْمُ الْكَیْفِ وَ الْكَوْنِ وَ الْقَدْرِ وَ الْحَدِّ وَ الْأَیْنِ وَ الْمَشِیَّةِ وَ صِفَةِ الْإِرَادَةِ وَ عِلْمُ الْأَلْفَاظِ وَ الْحَرَكَاتِ وَ التَّرْكِ وَ عِلْمُ الْعَوْدِ وَ الْبَدَاءِ فَهُمَا فِی الْعِلْمِ بَابَانِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ مُلْكَ الْعَرْشِ سِوَی مُلْكِ الْكُرْسِیِّ وَ عِلْمَهُ أَغْیَبُ مِنْ عِلْمِ الْكُرْسِیِّ فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ أَیْ صِفَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ صِفَةِ الْكُرْسِیِّ وَ هُمَا فِی ذَلِكَ مَقْرُونَانِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَلِمَ صَارَ فِی الْفَضْلِ جَارَ الْكُرْسِیِّ قَالَ علیه السلام إِنَّهُ صَارَ جَارَهُ لِأَنَّ عِلْمَ الْكَیْفُوفِیَّةِ فِیهِ وَ فِیهِ الظَّاهِرُ مِنْ أَبْوَابِ الْبَدَاءِ وَ أَیْنِیَّتِهَا(4) وَ حَدِّ رَتْقِهَا وَ

فَتْقِهَا فَهَذَانِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا حَمَلَ صَاحِبَهُ فِی الظَّرْفِ وَ بِمِثْلِ صَرْفِ الْعُلَمَاءِ وَ لْیَسْتَدِلُّوا(5) عَلَی صِدْقِ دَعْوَاهُمَا لِأَنَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِیُّ الْعَزِیزُ فَمِنِ اخْتِلَافِ صِفَاتِ الْعَرْشِ أَنَّهُ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی رَبِّ الْعَرْشِ رَبِّ الْوَحْدَانِیَّةِ عَمَّا یَصِفُونَ وَ قَوْمٌ وَصَفُوهُ بِیَدَیْنِ فَقَالُوا یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وَ قَوْمٌ وَصَفُوهُ بِالرِّجْلَیْنِ فَقَالُوا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَی صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَمِنْهَا ارْتَقَی إِلَی السَّمَاءِ وَ

ص: 30


1- 1. وضع( خ).
2- 2. فی بعض النسخ و فی المصدر: متفرد.
3- 3. فی المصدر:« منه» و هو الظاهر.
4- 4. فی بعض النسخ: ابنیتها.
5- 5. فی المصدر: یستدلوا.

وَصَفُوهُ (1)

بِالْأَنَامِلِ فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنِّی وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ عَلَی قَلْبِی فَلِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا یَصِفُونَ یَقُولُ رَبِّ الْمَثَلِ الْأَعْلَی عَمَّا بِهِ مَثَّلُوهُ وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَی الَّذِی لَا یُشْبِهُهُ شَیْ ءٌ وَ لَا یُوصَفُ وَ لَا یُتَوَهَّمُ فَذَلِكَ الْمَثَلُ الْأَعْلَی وَ وَصَفَ الَّذِینَ لَمْ یُؤْتَوْا مِنَ اللَّهِ فَوَائِدَ الْعِلْمِ فَوَصَفُوا رَبَّهُمْ بِأَدْنَی الْأَمْثَالِ وَ شَبَّهُوهُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْهُمْ فِیمَا جَعَلُوا بِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ وَ ما أُوتِیتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِیلًا فَلَیْسَ لَهُ شِبْهٌ وَ لَا مِثْلٌ وَ لَا عَدْلٌ وَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی الَّتِی لَا یُسَمَّی بِهَا غَیْرُهُ وَ هِیَ الَّتِی وَصَفَهَا فِی الْكِتَابِ فَقَالَ فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی أَسْمائِهِ جَهْلًا بِغَیْرِ عِلْمٍ فَالَّذِی یُلْحِدُ فِی أَسْمَائِهِ جَهْلًا بِغَیْرِ عِلْمٍ یُشْرِكُ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ وَ یَكْفُرُ بِهِ وَ هُوَ یَظُنُّ أَنَّهُ یُحْسِنُ فَلِذَلِكَ قَالَ وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فَهُمُ الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی أَسْمَائِهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ فَیَضَعُونَهَا غَیْرَ مَوَاضِعِهَا یَا حَنَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمَرَ أَنْ یُتَّخَذَ قَوْمٌ أَوْلِیَاءَ فَهُمُ الَّذِینَ أَعْطَاهُمُ الْفَضْلَ وَ خَصَّهُمْ بِمَا لَمْ یَخُصَّ بِهِ غَیْرَهُمْ فَأَرْسَلَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ الدَّلِیلَ عَلَی اللَّهِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّی مَضَی دَلِیلًا هَادِیاً فَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَصِیُّهُ علیه السلام دَلِیلًا هَادِیاً عَلَی مَا كَانَ هُوَ دَلَّ عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمِهِ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ علیهم السلام (2).

بیان: صفات كثیرة أی معان شتی و إطلاقات مختلفة ملك الكیفوفیة فی الأشیاء أی كیفیة ارتباطه سبحانه بمخلوقاته و تدبیره لها و علمه بها و مباینته عنها و لذا وصف ذلك بالاستواء فلیس بشی ء أقرب من شی ء و رحمته و علمه وسعا كل شی ء و یحتمل أن یكون المراد تدبیر صفات الأشیاء و كیفیاتها و أوضاعها و أحوالها و لعله أظهر ثم العرش فی الوصل مفرد أی إذا عطف أحدهما علی الآخر و وصل بینهما فی الذكر فالعرش مفرد عن الكرسی و مباین له و فی غیر ذلك قد یطلقان علی معنی واحد كالعلم و هما جمیعا غیبان أی مغیبان عن الحواس قوله علیه السلام لأن الكرسی هو الباب الظاهر یظهر منه مع غایة غموضه أن المراد

ص: 31


1- 1. فی المصدر: و قوم و صفوه.
2- 2. التوحید: 236.

بالكرسی و العرش هنا نوعان من علمه سبحانه فالكرسی العلم المتعلق بأعیان الموجودات و منه یطلع و یظهر جمیع الموجودات بحقائقها و أعیانها و الأمور البدیعة فی السماوات و الأرض و ما بینهما و العرش العلم المتعلق بكیفیات الأشیاء و مقادیرها و أحوالها و بدئها و عودها و یمكن أن یكون أحدهما عبارة عن كتاب المحو و الإثبات و الآخر عن اللوح المحفوظ قوله علیه السلام لأن علم الكیفوفیة أی أنهما إنما صارا جارین مقرونین لأن أحدهما عبارة عن العلم المتعلق بالأعیان و الآخر عن العلم المتعلق

بكیفیات تلك الأعیان فهما مقرونان و من تلك الجهة صح جعل كل منها ظرفا للآخر لأن الأعیان لما كانت محال للكیفیات فهی ظروفها و أوسع منها و لما كانت الكیفیات محیطة بالأعیان فكأنها ظرفها و أوسع منها و بهذا الوجه یمكن الجمع بین الأخبار و لعله أشیر إلی هذا بقوله أحدهما حمل صاحبه فی الظرف بالظاء المعجمة أی بحسب الظرفیة و فی بعض النسخ بالمهملة أی حیث ینتهی طرف أحدهما بصاحبه إذا قرئ بالتحریك و إذا قرئ بالسكون فالمراد نظر القلب و بمثل صرف العلماء أی علماء أهل البیت علیهم السلام عبروا عن هذه الأمور بالعبارات المتصرفة المتنوعة علی سبیل التمثیل و التشبیه فتارة عبروا عن العلم بالعرش و تارة بالكرسی و تارة جعلوا العرش وعاء الكرسی و تارة بالعكس و تارة أرادوا بالعرش و الكرسی الجسمین العظیمین و إنما عبروا بالتمثیل لیستدلوا علی صدق دعواهما أی دعواهم لهما و ما ینسبون إلیهما و یبینون من غرائبهما و أسرارهما و فی أكثر النسخ و لیستدلوا فهو عطف علی مقدر أی لتفهیم أصناف الخلق و لیستدلوا و لعل الأظهر دعواهم.

قوله علیه السلام فمن اختلاف صفات العرش أی معانیه قال فی سورة الأنبیاء فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا یَصِفُونَ فالمراد بالعرش هنا عرش الوحدانیة إذ هی أنسب بمقام التنزیه عن الشریك إذ المذكور قبل ذلك أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ یُنْشِرُونَ لَوْ كانَ فِیهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا یَصِفُونَ و قال سبحانه فی سورة الزخرف قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِینَ

ص: 32

سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا یَصِفُونَ و المناسب هنا عرش التقدس و التنزه عن الأشباه و الأمثال و الأولاد فالعرش فی كل مقام یراد به معنی یعلمه الراسخون فی العلم ثم إنه ظاهر الكلام یوهم أن الظرف فی قوله عَمَّا یَصِفُونَ متعلق بالعرش و هو بعید بل الظاهر تعلقه بسبحان و علی ما قررنا عرفت أنه لا حاجة إلی ارتكاب ذلك و یدل الخبر علی أن خطاب وَ ما أُوتِیتُمْ متوجه إلی السائلین عن الروح و أضرابهم لا إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله قوله علیه السلام من ظاهر علمه إنما خص بالظاهر لأن باطن علمه لا یطیقه سائر الخلق سوی أوصیائه علیهم السلام.

و اعلم أن هذا الخبر من المتشابهات و غوامض المخبیات و الظاهر أنه وقع من الرواة و النساخ لعدم فهمهم معناه تصحیفات و تحریفات أیضا فلذا أجملت الكلام فیه و ما ذكرته إنما هو علی سبیل الاحتمال و اللّٰه یعلم و حججه حقائق كلامهم علیهم السلام.

«52»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَسِعَ كُرْسِیُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فَقَالَ إِنَّ السَّمَاءَ(1)

وَ الْأَرْضَ وَ مَا فِیهِمَا مِنْ خَلْقٍ مَخْلُوقٌ فِی جَوْفِ الْكُرْسِیِّ وَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ یَحْمِلُونَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ.

«53»- تَفْسِیرُ الْعَسْكَرِیِّ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ الْعَرْشَ خَلَقَ لَهُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ أَلْفَ رُكْنٍ وَ خَلَقَ عِنْدَ كُلِّ رُكْنٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ أَلْفَ مَلَكٍ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَی لِأَصْغَرِهِمْ فَالْتَقَمَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَ الْأَرَضِینَ السَّبْعَ مَا كَانَ ذَلِكَ بَیْنَ لَهَوَاتِهِ إِلَّا كَالرَّمْلَةِ فِی الْمَفَازَةِ الْفَضْفَاضَةِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ یَا عِبَادِی احْتَمِلُوا عَرْشِی هَذَا فَتَعَاطَوْهُ فَلَمْ یُطِیقُوا حَمْلَهُ وَ لَا تَحْرِیكَهُ فَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاحِداً فَلَمْ یَقْدِرُوا أَنْ یُزَعْزِعُوهُ فَخَلَقَ اللَّهُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةً فَلَمْ یَقْدِرُوا أَنْ یُحَرِّكُوهُ فَخَلَقَ اللَّهُ بِعَدَدِ كُلِّ

وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِثْلَ جَمَاعَتِهِمْ فَلَمْ یَقْدِرُوا أَنْ یُحَرِّكُوهُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِجَمِیعِهِمْ خَلُّوهُ عَلَیَّ أُمْسِكُهُ بِقُدْرَتِی فَخَلَّوْهُ فَأَمْسَكَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِقُدْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِثَمَانِیَةٍ مِنْهُمُ احْمِلُوهُ أَنْتُمْ فَقَالُوا یَا رَبَّنَا

ص: 33


1- 1. السماوات( خ).

لَمْ نُطِقْهُ نَحْنُ وَ هَذَا الْخَلْقُ الْكَثِیرُ وَ الْجَمُّ الْغَفِیرُ فَكَیْفَ نُطِیقُهُ الْآنَ دُونَهُمْ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَنِّی أَنَا اللَّهُ الْمُقَرِّبُ لِلْبَعِیدِ وَ الْمُذَلِّلُ لِلْعَبِیدِ وَ الْمُخَفِّفُ لِلشَّدِیدِ وَ الْمُسَهِّلُ لِلْعَسِیرِ أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ وَ أَحْكُمُ مَا أُرِیدُ أُعَلِّمُكُمْ كَلِمَاتٍ تَقُولُونَهَا یَخِفُ (1)

بِهَا عَلَیْكُمْ قَالُوا وَ مَا هِیَ قَالَ تَقُولُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ فَقَالُوهَا فَحَمَلُوهُ وَ خَفَّ عَلَی كَوَاهِلِهِمْ كَشَعْرَةٍ نَابِتَةٍ عَلَی كَاهِلِ رَجُلٍ جَلْدٍ قَوِیٍّ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِسَائِرِ تِلْكَ الْأَمْلَاكِ خَلُّوا عَلَی هَؤُلَاءِ الثَّمَانِیَةِ عَرْشِی لِیَحْمِلُوهُ وَ طُوفُوا أَنْتُمْ حَوْلَهُ وَ سَبِّحُونِی وَ مَجِّدُونِی وَ قَدِّسُونِی فَأَنَا اللَّهُ الْقَادِرُ الْمُطْلَقُ عَلَی مَا رَأَیْتُمْ وَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

بیان: الفضفاضة الواسعة ذكره الجوهری و قال الجلد الصلابة و الجلادة تقول منه جلد الرجل بالضم فهو جلد.

«54»- رَوْضَةُ الْوَاعِظِینَ، رَوَی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام أَنَّهُ قَالَ: فِی الْعَرْشِ تِمْثَالُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ(2)

قَالَ وَ هَذَا تَأْوِیلُ قَوْلِهِ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ (3) وَ إِنَّ بَیْنَ الْقَائِمَةِ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ وَ الْقَائِمَةِ الثَّانِیَةِ خَفَقَانَ الطَّیْرِ الْمُسْرِعِ مَسِیرَةَ أَلْفِ عَامٍ وَ الْعَرْشُ یُكْسَی كُلَّ یَوْمٍ سَبْعِینَ أَلْفَ لَوْنٍ مِنَ النُّورِ لَا یَسْتَطِیعُ أَنْ یَنْظُرَ إِلَیْهِ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَ الْأَشْیَاءُ كُلُّهَا فِی الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِی فَلَاةٍ وَ إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَی مَلَكاً یُقَالُ لَهُ خرقائیل لَهُ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ أَلْفَ جَنَاحٍ مَا بَیْنَ الْجَنَاحِ إِلَی الْجَنَاحِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ فَخَطَر لَهُ خَاطِرٌ هَلْ فَوْقَ الْعَرْشِ شَیْ ءٌ فَزَادَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِثْلَهَا أَجْنِحَةً أُخْرَی فَكَانَ لَهُ سِتٌّ وَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ جَنَاحٍ مَا بَیْنَ الْجَنَاحِ إِلَی الْجَنَاحِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَیُّهَا الْمَلَكُ طِرْ فَطَارَ مِقْدَارَ عِشْرِینَ أَلْفَ عَامٍ لَمْ یَنَلْ رَأْسَ (4)

قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ ثُمَّ ضَاعَفَ اللَّهُ لَهُ فِی الْجَنَاحِ وَ الْقُوَّةِ

ص: 34


1- 1. یخفف( خ).
2- 2. فی المصدر: فی البر و البحر.
3- 3. الحجر: 21.
4- 4. راسه( خ).

وَ أَمَرَهُ أَنْ یَطِیرَ فَطَارَ مِقْدَارَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ عَامٍ لَمْ یَنَلْ أَیْضاً فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَیُّهَا الْمَلَكُ لَوْ طِرْتَ إِلَی نَفْخِ الصُّورِ مَعَ أَجْنِحَتِكَ وَ قُوَّتِكَ لَمْ تَبْلُغْ إِلَی سَاقِ عَرْشِی (1)

فَقَالَ الْمَلَكُ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَی فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله اجْعَلُوهَا فِی سُجُودِكُمْ.

«55»- وَ رُوِیَ مِنْ طَرِیقِ الْمُخَالِفِینَ: فِی قَوْلِهِ وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ قَالَ ثَمَانِیَةُ صُفُوفٍ لَا یَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ لِكُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ لَهُمْ قُرُونٌ كَقُرُونِ الْوَعْلَةِ مِنْ أُصُولِ الْقُرُونِ إِلَی مُنْتَهَاهَا مَسِیرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ الْعَرْشُ عَلَی قُرُونِهِمْ وَ أَقْدَامُهُمْ فِی الْأَرْضِ السُّفْلَی وَ رُءُوسُهُمْ فِی السَّمَاءِ الْعُلْیَا وَ دُونَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ(2).

بیان: قال الجزری الوعول تیوس الجبل واحدها وعل بكسر العین و منه الحدیث فی تفسیر قوله تعالی وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ قیل هی ثمانیة أوعال أی ملائكة علی صورة الأوعال.

«56»- تَأْوِیلُ الْآیَاتِ الظَّاهِرَةِ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَاهْیَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ قَالَ یَعْنِی مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ نُوحاً وَ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی علیهم السلام.

«57»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ سَلَامٍ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ مَا السِّتَّةَ عَشَرَ وَ مَا الثَّمَانِیَةَ عَشَرَ قَالَ سِتَّةَ عَشَرَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ حَافِّینَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ وَ أَمَّا الثَّمَانِیَةَ عَشَرَ فَثَمَانِیَةَ عَشَرَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ مُعَلَّقٍ بَیْنَ الْكُرْسِیِّ وَ الْحُجُبِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَذَابَتْ

ص: 35


1- 1. فی المصدر: إلی ساق العرش.
2- 2. روضة الواعظین: 59.

صُمُّ الْجِبَالِ الشَّوَامِخِ وَ احْتَرَقَتِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ مِنْ نُورِ اللَّهِ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ(1).

«58»- فِی بَعْضِ الْكُتُبِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: أَنَّ فِی الْعَرْشِ تِمْثَالَ جَمِیعِ مَا خَلَقَ اللَّهُ.

«59»- الْمُتَهَجِّدُ،: فِی دُعَاءِ لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ اللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِیمِ وَ رَبَّ الْكُرْسِیِّ الْوَاسِعِ وَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ رَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ الدُّعَاءَ.

«60»- وَ فِی تَعْقِیبِ صَلَاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِی خَلَقْتَ بِهِ عَرْشَكَ الَّذِی لَا یَعْلَمُ مَا هُوَ إِلَّا أَنْتَ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَسْأَلُكَ یَا اللَّهُ بِاسْمِكَ الَّذِی تَضَعْضَعَ بِهِ سُكَّانُ سَمَاوَاتِكَ وَ اسْتَقَرَّ بِهِ عَرْشُكَ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِی أَقَمْتَ بِهِ عَرْشَكَ وَ كُرْسِیَّكَ فِی الْهَوَاءِ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِی دَعَاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ فَاسْتَقَرَّتْ أَقْدَامُهُمْ وَ حَمَّلْتَهُمْ عَرْشَكَ بِذَلِكَ الِاسْمِ یَا اللَّهُ الَّذِی لَا یَعْلَمُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا حَامِلُ عَرْشِكَ وَ لَا كُرْسِیِّكَ إِلَّا مَنْ عَلَّمْتَهُ ذَلِكَ.

«61»- بَیَانُ التَّنْزِیلِ، لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ بَیْنَ الْقَائِمَةِ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ وَ الْقَائِمَةِ الثَّانِیَةِ خَفَقَانَ الطَّیْرِ عَشَرَةَ آلَافِ عَامٍ (2).

ص: 36


1- 1. الاختصاص: 27.
2- 2. حاصل ما یستفاد من الروایات الشریفة أن العرش مخلوق عظیم جدا یشتمل علی ما دونه من الموجودات، خلق من أنوار أربعة، و یحمله أربعة من الملائكة، و له أربع قوائم و لیس اول المخلوقات بل رابعها، و هو الملكوت الذی ما راه اللّٰه اصفیاءه، و فیه تمثال ما خلق اللّٰه فی البر و البحر، و فیه خزائن جمیع الأشیاء، و هو الباب الباطن من العلم، و فیه علم الكیف و الكون و العود و البداء و قد یستعمل بمعنی الملك و القدرة بعنایة، و منه قوله تعالی« الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی» و لعلّ منه ایضا« وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَی الْماءِ». و قد تكلف بعض الحكماء لتطبیقه علی الفلك التاسع من الافلاك المفروضة فی الهیئة القدیمة، لكنه لا یوافق ما ذكر له من الخواص فی الروایات و الذی یفیده التدبر البالغ فی خواصه المذكورة فی الروایات الشریفة ان اشتماله علی ما دونه من الموجودات لیس كاشتمال جسم مجوف علی آخر، بل معناه اشتماله علی صور الأشیاء و حقائقها و كمالاتها، قال علیه السلام« فی العرش تمثال ما خلق اللّٰه تعالی فی البر و البحر و هذا تأویل قوله وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا. خَزائِنُهُ» و قال« هو الباب الباطن الذی یوجد فیه علم الكیف و الكون. و هما( یعنی العرش و الكرسیّ) غیبان و هما فی العلم مقرونان» فبالنظر الی هذه الخواص لا یبعد استظهار كونه من الموجودات النورانیة العالیة و الجواهر المجردة العقلیّة، و كونه رابعها بحسب المرتبة الوجودیة، مشتملا علی أربع حیثیات مختلفة یبقی اشكال و هو انه ربما یظهر من بعض الروایات كونه جسما عظیما فوق السماء السابعة فلو كان المراد غیر ذلك لم لم یصرح به؟ و الجواب قوله علیه السلام فی روایة حنان المتقدمة« بمثل صرف العلماء» و اللّٰه العالم.

تحقیق و توفیق اعلم أن ملوك الدنیا لما كان ظهورهم و إجراء أحكامهم علی رعیتهم إنما یكون عند صعودهم علی كرسی الملك و عروجهم علی عرش السلطنة و منهما تظهر آثارهم و تتبین أسرارهم و اللّٰه سبحانه لتقدسه عن المكان لا یوصف بمحل و لا مقر و لیس له عرش و لا كرسی یستقر علیهما بل یطلقان علی أشیاء من مخلوقاته أو صفاته الكمالیة علی وجه المناسبة فالكرسی و العرش یطلقان علی معان أحدها جسمان عظیمان خلقهما اللّٰه تعالی فوق سبع سماوات و ظاهر أكثر الأخبار أن العرش أرفع و أعظم من الكرسی و یلوح من بعضها العكس و الحكماء یزعمون أن الكرسی هو الفلك الثامن و العرش هو الفلك التاسع و ظواهر الأخبار تدل علی خلاف ذلك من كونهما مربعین ذاتی قوائم و أركان و ربما یؤولان بالجهات و الحدود و الصفات التی بها استحقا التعظیم و التكریم و لا حاجة لنا إلی هذه التكلفات و إنما سمیا بالاسمین لبروز أحكامه و تقدیراته من عندهما و إحاطة الكروبیین و المقربین و أرواح النبیین و الأوصیاء بهما و عروج من قربه من جنابه إلیهما كما أن أوامر الملوك و أحكامهم و آثار سلطنتهم و عظمتهم تبدو منهما و تطیف مقربوا جنابهم و خواص ملكهم بهما و أیضا لما كانا أعظم مخلوقاته الجسمانیة و فیهما من الأنوار العجیبة و الآثار الغریبة ما لیس فی غیرهما من الأجسام فدلالتهما علی وجوده و علمه و قدرته و حكمته سبحانه أكثر من سائر الأجسام فلذا خصا بهذین الاسمین من بینهما و حملتهما فی الدنیا جماعة من الملائكة كما عرفت و فی الآخرة إما الملائكة أو أولو العزم من الأنبیاء مع صفوة الأوصیاء علیهم السلام كما عرفت و

ص: 37

یمكن أن یكون نسبة الحمل إلیهم مجازا لقیام العرش بهم فی القیامة و كونهم الحكام عنده و المقربین لدیه.

و ثانیها العلم كما عرفت إطلاقهما فی كثیر من الأخبار علیه و قد مر الفرق بینهما فی خبر معانی الأخبار و غیره و ذلك أیضا لأن منشأ ظهوره سبحانه علی خلقه العلم و المعرفة و به یتجلی علی العباد فكأنه عرشه و كرسیه سبحانه و حملتهما نبینا و أئمتنا علیهم السلام لأنهم خزان علم اللّٰه فی سمائه و أرضه لا سیما ما یتعلق بمعرفته سبحانه.

و ثالثها الملك و قد مر إطلاقهما علیه فی خبر حنان و الوجه ما مر أیضا.

و رابعها الجسم المحیط و جمیع ما فی جوفه أو جمیع خلق اللّٰه كما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه و یستفاد من بعض الأخبار إذ ما من شی ء فی الأرض و لا فی السماء و ما فوقها إلا و هی من آیات وجوده و علامات قدرته و آثار وجوده و فیضه و حكمته فجمیع المخلوقات عرش عظمته و جلاله و بها تجلی علی العارفین بصفات كماله و هذا أحد المعانی التی خطرت ببالی الفاتر فی قولهم علیهم السلام و ارتفع فوق كل منظر فتدبر.

و خامسها إطلاق العرش علی كل صفة من صفاته الكمالیة و الجلالیة إذ كل منها مستقر لعظمته و جلاله و بها یظهر لعباده علی قدر قابلیتهم و معرفتهم فله عرش العلم و عرش القدرة و عرش الرحمانیة و عرش الرحیمیة و عرش الوحدانیة و عرش التنزه كما مر فی خبر حنان و غیره و قد أول الوالد رحمه اللّٰه الخبر الذی ورد فی تفسیر قوله تعالی الرَّحْمنُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوی أن المعنی استوی من كل شی ء فلیس شی ء أقرب إلیه من شی ء أن المراد بالعرش هنا عرش الرحمانیة و الظرف حال أی الرب سبحانه حال كونه علی عرش الرحمانیة استوی من كل شی ء إذ بالنظر إلی الرحیمیة التی هی عبارة عن الهدایات و الرحمات الخاصة بالمؤمنین أقرب أو المراد أنه تعالی بسبب صفة الرحمانیة حال كونه علی عرش الملك و العظمة و الجلال استوی نسبته إلی كل شی ء و حینئذ فائدة التقیید بالحال نفی

ص: 38

توهم أن هذا الاستواء مما ینقص من عظمته و جلاله شیئا.

و سادسها إطلاق العرش علی قلب الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و كمل المؤمنین فإن قلوبهم مستقر محبته و معرفته سبحانه

كَمَا رُوِیَ: أَنَّ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ.

وَ رُوِیَ أَیْضاً فِی الْحَدِیثِ الْقُدْسِیِّ: لَمْ یَسَعْنِی سَمَائِی وَ لَا أَرْضِی وَ وَسِعَنِی قَلْبُ عَبْدِی الْمُؤْمِنِ.

ثم اعلم أن إطلاقهما علی بعض المعانی عند التصریح به أو إقامة القرائن علیه لا ینافی وجوب الإذعان بالمعنی الأول الذی هو الظاهر من أكثر الآیات و الأخبار و اللّٰه المطلع علی الأسرار.

باب 5 الحجب و الأستار و السرادقات

«1»- التَّوْحِیدُ، وَ الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا الْقَطَّانِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ تَمِیمِ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ (1) لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی مَنْصُورٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْحُجُبِ فَقَالَ أَوَّلُ الْحُجُبِ سَبْعَةٌ غِلَظُ كُلِّ حِجَابٍ مِنْهَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ بَیْنَ كُلِّ حِجَابَیْنِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ الْحِجَابُ الثَّانِی سَبْعُونَ حِجَاباً بَیْنَ كُلِّ حِجَابَیْنِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ (2)

ص: 39


1- 1. وزان« منبر» و أبو مخنف هو لوط بن یحیی بن مخنف بن سلیم الأزدیّ شیخ أصحاب الاخبار بالكوفة- كما عن النجاشیّ- یروی عن الصادق علیه السلام و كان من أعاظم مؤرخی الشیعة، و مع اشتهاره بالتشیع اعتمد علیه علماء السنة كالطبری و الجزریّ و غیرهما، له كتب فی التاریخ و السیر منها« مقتل الحسین علیه السلام» الذی نقل عنه أعاظم العلماء المتقدمین توفی سنة( 157) وجده« مخنف» صحابی شهد الجمل فی أصحاب علیّ علیه السلام حاملا رایة الازد فاستشهد فی تلك الواقعة سنة( 36).
2- 2. فی المصدر: و طوله خمسمائة عام.

حَجَبَةُ كُلِّ حِجَابٍ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ قُوَّةُ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ قُوَّةُ الثَّقَلَیْنِ مِنْهَا ظُلْمَةٌ وَ مِنْهَا نُورٌ وَ مِنْهَا نَارٌ وَ مِنْهَا دُخَانٌ وَ مِنْهَا سَحَابٌ وَ مِنْهَا بَرْقٌ (1)

وَ مِنْهَا رَعْدٌ وَ مِنْهَا ضَوْءٌ وَ مِنْهَا رَمْلٌ وَ مِنْهَا جَبَلٌ وَ مِنْهَا عَجَاجٌ وَ مِنْهَا مَاءٌ وَ مِنْهَا أَنْهَارٌ وَ هِیَ حُجُبٌ مُخْتَلِفَةٌ غِلَظُ كُلِّ حِجَابٍ مَسِیرَةُ سَبْعِینَ أَلْفَ عَامٍ ثُمَّ سُرَادِقَاتُ الْجَلَالِ وَ هِیَ سِتُّونَ (2)

سُرَادِقاً فِی كُلِّ سُرَادِقٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بَیْنَ كُلِّ سُرَادِقٍ وَ سُرَادِقٍ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ سُرَادِقُ الْعِزِّ ثُمَّ سُرَادِقُ الْكِبْرِیَاءِ ثُمَّ سُرَادِقُ الْعَظَمَةِ ثُمَّ سُرَادِقُ الْقُدُسِ ثُمَّ سُرَادِقُ الْجَبَرُوتِ ثُمَّ سُرَادِقُ الْفَخْرِ ثُمَّ سُرَادِقُ النُّورِ الْأَبْیَضِ ثُمَّ سُرَادِقُ الْوَحْدَانِیَّةِ وَ هُوَ مَسِیرَةُ سَبْعِینَ أَلْفَ عَامٍ ثُمَّ الْحِجَابُ الْأَعْلَی وَ انْقَضَی كَلَامُهُ علیه السلام وَ سَكَتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَا بَقِیتُ لِیَوْمٍ لَا أَرَاكَ فِیهِ یَا أَبَا الْحَسَنِ (3).

قال الصدوق رحمه اللّٰه لیست هذه الحجب مضروبة علی اللّٰه تعالی عن ذلك لأنه لا یوصف بمكان و لكنها مضروبة علی العظمة العلیا من خلقه التی لا یقادر قدرها غیره تبارك و تعالی (4).

بیان: قوله علیه السلام منها ظلمة لعل المراد من مطلق الحجب لا من الحجب المتقدمة كما یدل علیه قوله غلظ كل حجاب إلخ.

«2»- الْمَعَانِی، وَ الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْجُرْجَانِیِّ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْمَدَنِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ (5)

عَنِ السُّفْیَانِ الثَّوْرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ

ص: 40


1- 1. مطر( خ).
2- 2. فی المخطوطة: سبعون.
3- 3. التوحید: 201.
4- 4. الخصال: 36- 37.
5- 5. هو بو عبد الرحمن عبد اللّٰه بن المبارك بن واضح الحنظلی المروزی العالم الزاهد المحدث من تابعی التابعین، ذكر ترجمته مفصلا فی تاریخ بغداد و الحلیة و غیرهما و اثنوا علیه كثیرا، روی عنه انه قال: كتبت عن أربعة آلاف شیخ، فرویت عن ألف، و روی انه قال لابی. جعفر محمّد بن علی الباقر علیهما السلام، قد اتیتك مسترقا مستعبدا، فقال: قد قبلت، و اعتقه و كتب له عهدا، حكی الدمیری انه استعار قلما من الشام فعرض له سفر فسار الی انطاكیة و كان قد نسی القلم معه، فذكره هناك، فرجع من انطاكیة الی الشام ماشیا حتّی ردّ القلم الی صاحبه و عاد ولد سنة( 118) بمرو و توفّی سنة( 181) بهیت و هی- بكسر الهاء- مدینة علی الفرات فوق الانبار من اعمال العراق.

عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَ نُورَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلَ أَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ الْعَرْشَ وَ الْكُرْسِیَّ وَ اللَّوْحَ وَ الْقَلَمَ وَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ وَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ آدَمَ وَ نُوحاً وَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ إِسْحَاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ دَاوُدَ وَ سُلَیْمَانَ وَ كُلَّ مَنْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی قَوْلِهِ وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ إِلَی قَوْلِهِ وَ هَدَیْناهُمْ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (1) وَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ الْأَنْبِیَاءَ كُلَّهُمْ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ وَ أَرْبَعٍ وَ عِشْرِینَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ خَلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ مَعَهُ اثْنَیْ عَشَرَ حِجَاباً حِجَابَ الْقُدْرَةِ وَ حِجَابَ الْعَظَمَةِ وَ حِجَابَ الْمِنَّةِ وَ حِجَابَ الرَّحْمَةِ وَ حِجَابَ السَّعَادَةِ وَ حِجَابَ الْكَرَامَةِ وَ حِجَابَ الْمَنْزِلَةِ وَ حِجَابَ الْهِدَایَةِ وَ حِجَابَ النُّبُوَّةِ وَ حِجَابَ الرِّفْعَةِ وَ حِجَابَ الْهَیْبَةِ وَ حِجَابَ الشَّفَاعَةِ ثُمَّ حَبَسَ نُورَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حِجَابِ الْقُدْرَةِ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی وَ فِی حِجَابِ الْعَظَمَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ عَالِمِ السِّرِّ وَ أَخْفَی وَ فِی حِجَابِ الْمِنَّةِ عَشَرَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ قَائِمٌ لَا یَلْهُو وَ فِی حِجَابِ الرَّحْمَةِ تِسْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ الرَّفِیعِ الْأَعْلَی وَ فِی حِجَابِ السَّعَادَةِ ثَمَانِیَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ دَائِمٌ لَا یَسْهُو وَ فِی حِجَابِ الْكَرَامَةِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ غَنِیٌّ لَا یَفْتَقِرُ وَ فِی حِجَابِ الْمَنْزِلَةِ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّی الْعَلِیِّ الْكَرِیمِ وَ فِی حِجَابِ الْهِدَایَةِ خَمْسَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ ذِی (2)

الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ فِی حِجَابِ النُّبُوَّةِ أَرْبَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا یَصِفُونَ وَ فِی حِجَابِ الرِّفْعَةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ ذِی الْمُلْكِ

ص: 41


1- 1. الأنعام: 87.
2- 2. فی الخصال: رب العرش.

وَ الْمَلَكُوتِ وَ فِی حِجَابِ الْهَیْبَةِ أَلْفَیْ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ بِحَمْدِهِ وَ فِی حِجَابِ الشَّفَاعَةِ أَلْفَ سَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْعَظِیمِ وَ بِحَمْدِهِ ثُمَّ أَظْهَرَ عَزَّ وَ جَلَّ اسْمَهُ عَلَی اللَّوْحِ فَكَانَ عَلَی اللَّوْحِ مُنَوَّراً أَرْبَعَةَ آلَافِ سَنَةٍ ثُمَّ أَظْهَرَهُ عَلَی الْعَرْشِ فَكَانَ عَلَی سَاقِ الْعَرْشِ مُثْبَتاً سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ إِلَی أَنْ وَضَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی صُلْبِ آدَمَ علیه السلام إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ فِی الْمُجَلَّدِ السَّادِسِ (1).

«3»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ جَبْرَئِیلُ فِی لَیْلَةِ الْمِعْرَاجِ إِنَّ بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَ خَلْقِهِ تِسْعِینَ أَلْفَ حِجَابٍ وَ أَقْرَبُ الْخَلْقِ إِلَی اللَّهِ أَنَا وَ إِسْرَافِیلُ وَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ أَرْبَعَةُ حُجُبٍ حِجَابٌ مِنْ نُورٍ وَ حِجَابٌ مِنْ ظُلْمَةٍ وَ حِجَابٌ مِنَ الْغَمَامِ وَ حِجَابٌ مِنْ مَاءٍ الْخَبَرَ(2).

«4»- الْمَجَالِسُ لِلصَّدُوقِ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنِ الْأَعْمَشِ (3)

ص: 42


1- 1. الخصال: 81- 82 المعانی: 306- 308.
2- 2. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 373.
3- 3. هو أبو محمّد سلیمان بن مهران الأسدی مولاهم الكوفیّ معروف بالفضل و الثقة و الجلالة و التشیع و الاستقامة، و العامّة أیضا یثنون علیه، مطبقون علی فضله و ثقته، مقرون بجلالته مع اعترافهم بتشیعه، و قرنوه بالزهری و نقلوا منه نوادر كثیرة، و صنف« ابن طولون» كتابا فی نوادره سماه« الزهر الانعش فی نوادر الأعمش» و ذكر ابن خلّكان انه كان ثقة عالما فاضلا و كان أبوه من« دماوند» من رساتیق الری، و لقی كبار التابعین، و روی عنه سفیان الثوری و شعبة بن الحجاج و حفص بن غیاث و خلق كثیر من اجلة العلماء و كان لطیف الخلق مزاحا. و ذكره الخطیب فی تاریخ بغداد و أثنی علیه كثیرا ثمّ قال: كان محدث أهل الكوفة فی زمانه، یقال انه ظهر له أربعة آلاف حدیث و لم یكن له كتاب، و كان یقرأ القرآن و رأس فیه، قرأ علی« یحیی بن وثاب؟ و كان فصیحا و لم یكن فی زمانه من طبقته أكثر حدیثا منه و كان فیه تشیع و روی عن هشیم انه قال: ما رأیت بالكوفة أحدا اقرأ لكتاب اللّٰه من الأعمش و لا اجود حدیثا و لا افهم و لا اسرع اجابة لما یسأل عنه، توفّی سنة( 148).

عَنْ عَبَایَةَ بْنِ رِبْعِیٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی ذِكْرِ خَبَرِ الْمِعْرَاجِ قَالَ: فَعَبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْحُجُبِ وَ الْحُجُبُ خَمْسُمِائَةِ حِجَابٍ مِنَ الْحِجَابِ إِلَی الْحِجَابِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ الْخَبَرَ.

«5»- التَّوْحِیدُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْكُرْسِیِّ وَ الْكُرْسِیُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْعَرْشِ وَ الْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْحِجَابِ وَ الْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ السِّتْرِ الْخَبَرَ(1).

«6»- الْمُتَهَجِّدُ، فِی تَعْقِیبِ صَلَاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ أَسْأَلُكَ بِنُورِ اسْمِكَ الَّذِی خَلَقْتَ بِهِ نُورَ حِجَابِكَ النُّورِ إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الزَّكِیِّ الطَّاهِرِ الْمَكْتُوبِ فِی كُنْهِ حُجُبِكَ الْمَخْزُونِ فِی عِلْمِ الْغَیْبِ عِنْدَكَ عَلَی سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ عَلَی سُرَادِقِ السَّرَائِرِ إِلَی قَوْلِهِ بِاسْمِكَ الَّذِی كَتَبْتَهُ عَلَی حِجَابِ عَرْشِكَ وَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ فِی اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.

«7»- الْإِقْبَالُ، فِی تَعْقِیبَاتِ نَوَافِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِی سُرَادِقِ الْمَجْدِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِی سُرَادِقِ الْبَهَاءِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِی سُرَادِقِ الْعَظَمَةِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِی سُرَادِقِ الْجَلَالِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِی سُرَادِقِ الْعِزَّةِ وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِی سُرَادِقِ السَّرَائِرِ السَّابِقِ الْفَائِقِ الْحَسَنِ النَّضِیرِ وَ رَبِّ الْمَلَائِكَةِ الثَّمَانِیَةِ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ (2)

الدُّعَاءَ.

«8»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، لِلسَّیُوطِیِّ نَقْلًا مِنْ عِدَّةِ كُتُبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَیْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَی كُرْسِیِّهِ سَبْعَةُ آلَافِ نُورٍ(3).

ص: 43


1- 1. قد مر الحدیث بعینه فی باب العرش و الكرسیّ تحت الرقم( 45).
2- 2. لم یوجد هذا الدعاء فی تعقیباب النوافل.
3- 3. لم یوجد فی المصدر.

«9»- وَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ جَبْرَئِیلُ إِنَّ بَیْنِی وَ بَیْنَ الرَّبِّ لَسَبْعِینَ حِجَاباً مِنْ نَارٍ أَوْ نُورٍ لَوْ رَأَیْتُ أَدْنَاهَا لَاحْتَرَقْتُ (1).

«10»- وَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْیَهُودِ أَتَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بِشَیْ ءٍ غَیْرِ السَّمَاوَاتِ قَالَ نَعَمْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ حَوْلَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ ظُلْمَةٍ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ رَفَارِفِ الْإِسْتَبْرَقِ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ رَفَارِفِ السُّنْدُسِ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ دُرٍّ أَبْیَضَ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ دُرٍّ أَحْمَرَ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ دُرٍّ أَصْفَرَ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ دُرٍّ أَخْضَرَ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ ضِیَاءٍ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ ثَلْجٍ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ مَاءٍ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ بَرْدٍ وَ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ عَظَمَتِهِ الَّتِی لَا تُوصَفُ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ مَلَكِ اللَّهِ الَّذِی یَلِیهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ الْمَلَكَ الَّذِی یَلِیهِ إِسْرَافِیلُ ثُمَّ جَبْرَئِیلُ ثُمَّ مِیكَائِیلُ ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ علیه السلام (2).

«11»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: بَیْنَ الْمَلَائِكَةِ وَ بَیْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَاباً حِجَاباً(3)

مِنْ نُورٍ وَ حِجَاباً(4) مِنْ ظُلْمَةٍ.

«12»- وَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: دُونَ اللَّهِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وَ ظُلْمَةٍ لَا یَسْمَعُ (5)

مِنْ نَفْسٍ [مِنْ حِسٍ] تِلْكَ الْحُجُبَ إِلَّا زَهَقَتْ نَفْسُهُ.

«13»- شَرْحُ النَّهْجِ، [نهج البلاغة] لِلْكَیْدُرِیِّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَدِیثِ الْمِعْرَاجِ قَالَ: فَخَرَجْتُ مِنْ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی حَتَّی وَصَلْتُ إِلَی حِجَابٍ مِنْ حُجُبِ الْعِزَّةِ ثُمَّ إِلَی حِجَابٍ آخَرَ حَتَّی قَطَعْتُ سَبْعِینَ حِجَاباً وَ أَنَا عَلَی الْبُرَاقِ وَ بَیْنَ كُلِّ حِجَابٍ وَ حِجَابٍ مَسِیرَةُ

ص: 44


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 93 و فیه: قال قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله لجبرئیل: هل تری ربك؟ قال: ان بینی ...
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 93.
3- 3. حجاب( خ).
4- 4. حجاب( خ).
5- 5. فی المخطوطة: ما یسمع.

خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ إِلَی أَنْ قَالَ وَ رَأَیْتُ فِی عِلِّیِّینَ بِحَاراً وَ أَنْوَاراً وَ حُجُباً وَ غَیْرَهَا لَوْ لَا تِلْكَ لَاحْتَرَقَ كُلُّ مَا تَحْتَ الْعَرْشِ مِنْ نُورِ الْعَرْشِ قَالَ وَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام قَالَ لِلَّهِ دُونَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَاباً لَوْ دَنَوْنَا مِنْ أَحَدِهَا لَأَحْرَقَتْنَا سُبُحَاتُ وَجْهِ رَبِّنَا.

فذلكة اعلم أنه قد تظافرت الأخبار العامیة و الخاصیة فی وجود الحجب و السرادقات و كثرتها و فی القاموس السرادق الذی یمد فوق صحن البیت و الجمع سرادقات و البیت من الكرسف و بیت مسردق أعلاه و أسفله مشدود كله (1).

و فی النهایة السرادق كل ما أحاط بشی ء من حائط أو مضرب أو خباء(2) انتهی و ظاهر أكثر الأخبار أنها تحت العرش و یلوح من بعضها أنها فوقه و لا تنافی بینها

وَ رُوِیَ مِنْ طُرُقِ الْمُخَالِفِینَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَبْعِینَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وَ ظُلْمَةٍ لَوْ كُشِفَتْ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا دُونَهُ.

و قال الجزری فیه أن جبرئیل قال لله دون العرش سبعون حجابا لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجهه (3)

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: حِجَابُهُ النُّورُ أَوِ النَّارُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَیْ ءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ.

سبحات اللّٰه جلاله و عظمته و هی فی الأصل جمع سبحة و قیل أضواء وجهه و قیل سبحات الوجه محاسنه لأنك إذا رأیت الحسن الوجه قلت سبحان اللّٰه و قیل معناه تنزیه له أی سبحان وجهه و قیل إن سبحات وجهه كلام معترض بین الفعل و المفعول أی لو كشفها لأحرقت كل شی ء بصره كما تقول لو دخل الملك البلد لقتل العیاذ باللّٰه كل من فیه و أقرب من هذا كله أن المعنی

لو انكشف من أنوار اللّٰه التی تحجب العباد عنه شی ء لأهلك كل من وقع علیه ذلك النور كما خَرَّ مُوسی صَعِقاً و تقطع الجبال دكا لما تجلی اللّٰه سبحانه و تعالی (4) و قال النووی فی شرح صحیح مسلم سبحات

ص: 45


1- 1. القاموس: ج 3، ص 244.
2- 2. النهایة: ج 2، ص 157.
3- 3. فی المصدر: وجه ربّنا.
4- 4. النهایة: ج 2، ص 141.

بضم السین و الباء أی نوره و أراد بالوجه الذات و بما انتهی إلیه بصره جمیع المخلوقات لأن بصره محیط بجمیعها أی لو أزال المانع من رؤیة أنواره لأحرق جلاله جمیعهم.

و التحقیق أن لتلك الأخبار ظهرا و بطنا و كلاهما حق فأما ظهرها فإنه سبحانه كما خلق العرش و الكرسی مع عدم احتیاجه إلیهما كذلك خلق عندهما أستارا و حجبا و سرادقات و حشاها من أنواره الغریبة المخلوقة له لیظهر لمن یشاهدها من الملائكة و بعض النبیین و لمن یسمعها من غیرهم عظمة قدرته و جلال هیبته و سعة فیضه و رحمته و لعل اختلاف الأعداد باعتبار أن فی بعض الإطلاقات اعتبرت الأنواع و فی بعضها الأصناف و فی بعضها الأشخاص أو ضم بعضها إلی بعض فی بعض التعبیرات أو اكتفی بذكر بعضها فی بعض الروایات و أما بطنها فلأن الحجب المانعة عن وصول الخلق إلی معرفة كنه ذاته و صفاته أمور كثیرة منها ما یرجع إلی نقص المخلوق و قواه و مداركه بسبب الإمكان و الافتقار و الاحتیاج و الحدوث و ما یتبع ذلك من جهات النقص و العجز و هی الحجب الظلمانیة و منها ما یرجع إلی نوریته و تجرده و تقدسه و وجوب وجوده و كماله و عظمته و جلاله و سائر ما یتبع ذلك و هی الحجب النورانیة و ارتفاع تلك الحجب بنوعیه محال فلو ارتفعت لم یبق بغیر ذات الحق شی ء أو المراد بكشفها رفعها فی الجملة بالتخلی عن الصفات الشهوانیة و الأخلاق الحیوانیة و التخلق بالأخلاق الربانیة بكثرة العبادات و الریاضات و المجاهدات و ممارسة العلوم الحقة فترتفع الحجب بینه و بین ربه سبحانه فی الجملة فیحرق ما یظهر علیهم من أنوار جلاله تعیناتهم و إراداتهم و شهواتهم فیرون بعین الیقین كماله سبحانه و نقصهم و بقاءه و فناءهم و ذلهم و غناه و افتقارهم بل یرون وجودهم المستعار فی جنب وجوده الكامل عدما و قدرتهم الناقصة فی جنب قدرته الكاملة عجزا بل یتخلون عن إرادتهم و علمهم و قدرتهم فیتصرف فیهم إرادته و قدرته و علمه سبحانه فلا یشاءون إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ و لا یریدون سوی ما أراد اللّٰه و یتصرفون فی الأشیاء بقدرة اللّٰه فیحیون الموتی و یردون الشمس و یشقون القمر

كَمَا

ص: 46

قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا قَلَعْتُ بَابَ خَیْبَرَ بِقُوَّةٍ جِسْمَانِیَّةٍ بَلْ بِقُوَّةٍ رَبَّانِیَّةٍ.

و المعنی الذی یمكن فهمه و لا ینافی أصول الدین من الفناء فی اللّٰه و البقاء باللّٰه هو هذا المعنی (1)

و بعبارة أخری الحجب النورانیة الموانع التی للعبد عن الوصول إلی قربه و غایة ما یمكنه من معرفته سبحانه من جهة العبادات كالرئاء و العجب و السمعة و المراء

و أشباهها و الظلمانیة ما یحجبه من المعاصی عن الوصول إلیه فإذا ارتفعت تلك الحجب تجلی اللّٰه له فی قلبه و أحرق محبة ما سواه حتی نفسه عن نفسه و سیأتی تمام القول فی ذلك فی كتاب الإیمان و الكفر إن شاء اللّٰه تعالی و كل ذلك لا یوجب عدم وجوب الإیمان بظواهرها إلا بمعارضة نصوص صحیحة صریحة صارفة عنها و أول الإلحاد سلوك التأویل من غیر دلیل و اللّٰه الهادی إلی سواء السبیل.

ص: 47


1- 1. الطریق الذی سلكه العلامة المؤلّف رضوان اللّٰه علیه فی كلامه هذا أشبه بطرق أهل الذوق و بیاناتهم فلا بأس بالاشارة الی طریق أهل البحث و النظر لیكون النفع أعم و الفائدة أتم و اللّٰه المستعان. العالم المادی عالم الحركة و التكامل، و النفس أیضا لتعلقها بالبدن المادی بل اتّحادها به محكوم بهذا الحكم فهی لا تزال تسیر فی منازل السیر و تعرج علی مدارج الكمال و تقترب الی الحق المتعال حتّی تصل الی ثغور الإمكان و الوجوب فعندئذ ینتهی السیر و یقف الحركة« و ان الی ربك المنتهی» و منازل السیر هی المراتب المتوسطة بین المادة و بین اشرف مراتب الوجود و هی بوجه ینقسم الی مادیة و غیر مادیة و الأولی هی المراحل التی تقطعها حتّی تصل الی حد التجرد و الثانیة هی المراتب الكمالیة العالیة التی فوق ذلك و حیث إن نسبة كل مرتبة عالیة بالنسبة إلی ما تحته نسبة العلة الی المعلول و المعنی الاسمی الی الحرفی و المستقل الی غیر المستقل كانت المرتبة العالیة مشتملة علی كمالات المرتبة الدانیة من غیر عكس فكلما أخذ قوس الوجود فی النزول ضعفت المراتب و كثرت الحدود العدمیة، و كلما أخذ فی الصعود اشتدت المراتب و قلت الحدود الی ان تصل الی وجود لا حد له أصلا و وصول النفس إلی كل مرتبة عبارة عن تعلقها بتلك المرتبة، و بعبارة اخری بمشاهدة ارتباطها بها بحیث لا تری لنفسها استقلا لا بالنسبة إلیها، و إن شئت قلت، بفنائها عن ذاتها و خروجها عماله من الحدود بالنسبة الیها. و بعد هذه المقدّمة نقول: الحدود اللازمة لكل مرتبة العارضة لحقیقة وجود الشی ء. الذی فی تلك المرتبة هی التی تحجب ذلك الشی ء من الوصول الی المرتبة العالیة و إدراك ما لها من الكمال و العظمة فإذا خرج الشی ء عن هذه الحدود و خلع تلك القیود أمكنه الترقی الی درجة ما فوقه فیری عندئذ ذاته متعلقة به غیر مستقلة عنه و یعرف ما له من البهاء و الشرف و الكمال و العظمة، فتلك الحدود هی الحاجبة عن حقیقة الوجود المطلقة عن كل قید فالنفس الوالهة الی اللذائذ المادیة هی المتوغلة فی ظلمات الحدود و غواشی القیود، و هی ابعد النفوس عن الحق تعالی، فكلما انخلعت من القیود المادیة و قطعت تعلقها عن زخارف هذه الدنیا الدنیة اقتربت من عالم النور و السرور و البهاء و الحبور، حتی تتجرد تجردا سامیا فتشاهد نفسها جوهرا مجردا عن المادة و الصورة و عند ذلك خرجت عن الحجب الظلمانیة، و هی حقیقة الذنوب و المعاصی و الأخلاق الذمیمة، و رأسها حبّ الدنیا و الاخلاد الی أرض الطبیعة 7 و قد روی الفریقان عن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله« حب الدنیا رأس كل خطیئة» لكنها بعد محتجبة بالحجب النورانیة و هی ألطف و أرق و لذا كان تشخیصها أصعب، و معرفتها الی الدقة و الحذاقة أحوج، فرب سالك فی هذه المسالك لما شاهد بعض المراتب الدانیة زعم أنّه وصل إلی أقصی الكمالات و أرفع الدرجات، و صار ذلك سببا لتوقفه فی تلك المرتبة و احتجابه بها، و نعم ما قیل: رق الزجاج و رقت الخمر فتشابها و تشابه الامر فكأنها خمر و لا قدح و كأنها قدح و لا خمر فمن شمله عنایة الحق و ساعده التوفیق فخصه اللّٰه بعبادته، و هیم قلبه لارادته، و فرغ فؤاده لمحبته، و أزال محبة الاغیار عن قلبه، و أشرق له نوره، و كشف له سبحات وجهه، و رفع عنه حجب كبریائه و سرادقات عزه و جلاله، و تجلی له فی سره، ثمّ وفقه للاستقامة فی أمره و التمكن فی مقامه فارتفع عنه كل حجاب، و تعلق بعز قدس ربّ الارباب فقد هنأ عیشه و طاب حیاته. فطوبی له ثمّ طوبی له. و قد ظهر ممّا ذكرنا أن معنی ارتفاع الحجاب مشاهدة عدم استقلال النفس فلا یوجب ارتفاع الحجب كلا انعدام العالم رأسا بل إنّما یوجب معاینة ما سوی اللّٰه تعالی متعلقا به غیر مستقل بنفسه فلا یلزم منه محال و لا ینافی شیئا من أصول الدین و اللّٰه الهادی و المعین.

باب 6 سدرة المنتهی و معنی علیین و سجین

الآیات:

النجم: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْری عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهی عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوی

ص: 48

إِذْ یَغْشَی السِّدْرَةَ ما یَغْشی (1)

المطففین: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّینٍ وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّینٌ إلی قوله تعالی كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّیُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (2)

تفسیر:

قال الطبرسی رحمه اللّٰه وَ لَقَدْ رَآهُ أی جبرئیل (3)

فی صورته التی خلق علیها نازلا من السماء نَزْلَةً أُخْری و ذلك أنه رآه مرتین علی صورته عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهی هی شجرة عن یمین العرش فوق السماء السابعة انتهی إلیها علم كل ملك عن الكلبی و مقاتل و قیل إلیها ینتهی ما یعرج إلی السماء و ما یهبط من فوقها من أمر اللّٰه عن ابن مسعود و الضحاك و قیل إلیها ینتهی أرواح الشهداء و قیل إلیها ینتهی ما یهبط به من فوقها فیقبض منها و إلیها ینتهی ما یعرج من الأرواح فیقبض منها و المنتهی موضع الانتهاء و هذه الشجرة حیث تنتهی إلیه الملائكة فأضیفت إلیه و قیل هی شجرة طوبی عن مقاتل و السدرة هی شجرة النبق عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوی أی جنة المقام و هی جنة الخلد و هی فی السماء السابعة و قیل فی السماء السادسة و قیل هی الجنة التی كان أوی إلیها آدم و تصیر إلیها أرواح الشهداء عن الجبائی و قتادة و قیل هی التی تصیر إلیها أهل الجنة عن الحسن و قیل هی التی یأوی إلیها جبرئیل و الملائكة عن عطاء عن ابن عباس إِذْ یَغْشَی السِّدْرَةَ ما یَغْشی قیل یغشاها الملائكة أمثال الغربان حتی یقعن علی الشجرة عن الحسن و مقاتل

وَ رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: رَأَیْتُ عَلَی كُلِّ وَرَقَةٍ مِنْ أَوْرَاقِهَا مَلَكاً

ص: 49


1- 1. النجم: 13- 16.
2- 2. المطففین: 7- 21.
3- 3. فی المصدر: أی رأی جبرئیل.

قَائِماً یُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَی.

و قیل یغشاها من النور و البهاء و الحسن و الصفاء الذی یروق الأبصار ما لیس لوصفه منتهی عن الحسن و قیل یغشاها فراش من ذهب عن ابن عباس و مجاهد و كأنها ملائكة علی صورة الفراش یعبدون اللّٰه تعالی و المعنی أنه رأی جبرئیل علی صورته فی الحال التی یغشی فیها السدرة من أمر اللّٰه و من العجائب المنبهة علی كمال قدرة اللّٰه تعالی ما یغشاها و إنما أبهم الأمر فیما یغشی لتعظیم ذلك و تفخیمه (1).

إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّینٍ یعنی كتابهم الذی فیه تثبت أعمالهم من الفجور و المعاصی عن الحسن و قیل معناه أنه كتب فی كتابهم أنهم یكونون فی سجین و هی فی الأرض السابعة السفلی

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ مُجَاهِدٍ وَ قَتَادَةَ وَ ضَحَّاكٍ وَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: سِجِّینٌ أَسْفَلَ سَبْعِ أَرَضِینَ.

و قال شمر بن عطیة جاء ابن عباس إلی كعب الأحبار فقال أخبرنی عن قول اللّٰه تعالی إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّینٍ قال إن روح الفاجر یصعد بها إلی السماء فتأبی السماء أن تقبلها ثم یهبط بها إلی الأرض فتأبی الأرض أن تقبلها فتدخل تحت سبع أرضین حتی ینتهی بها إلی سجین و هو موضع جند إبلیس و المعنی فی الآیة أن كتاب عملهم یوضع هناك و قیل إن سجین جب فی جهنم مفتوح و

الفلق جب فی جهنم مغطی رواه أبو هریرة عن النبی ص.

و قیل إن السجین اسم كتابهم و هو ظاهر التلاوة أی ما كتبه اللّٰه علی الكفار بمعنی أوجبه علیهم من الجزاء فی هذا الكتاب المسمی سجینا و یكون لفظه من السجن الذی هو الشدة عن أبی مسلم (2).

و قال لَفِی عِلِّیِّینَ أی مراتب عالیة محفوفة بالجلالة و قیل فی السماء السابعة و فیها أرواح المؤمنین و قیل فی سدرة المنتهی التی إلیها ینتهی كل شی ء من أمر اللّٰه تعالی و قیل علیون الجنة عن ابن عباس و قال الفراء فی ارتفاع

ص: 50


1- 1. مجمع البیان: ج 9، ص 175.
2- 2. مجمع البیان: ج 10، ص 452.

بعد ارتفاع لا غایة له و قیل هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فیها عن ابن عباس فی روایة أخری

وَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: قَالَ فِی عِلِّیِّینَ فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ.

و قال ابن عمر إن أهل علیین لینظرون إلی أهل الجنة من كذا فإذا أشرف رجل منهم أشرقت الجنة و قالوا قد اطلع رجل من أهل علیین (1).

«1»- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ حَبِیبٍ السِّجِسْتَانِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: إِنَّمَا سُمِّیَتْ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَی لِأَنَّ أَعْمَالَ أَهْلِ الْأَرْضِ تَصْعَدُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ الْحَفَظَةُ إِلَی مَحَلِّ السِّدْرَةِ قَالَ وَ الْحَفَظَةُ الْكِرَامُ الْبَرَرَةُ دُونَ السِّدْرَةِ یَكْتُبُونَ مَا یَرْفَعُهُ إِلَیْهِمُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ فِی الْأَرْضِ فَیَنْتَهِی (2)

بِهَا إِلَی مَحَلِّ السِّدْرَةِ(3).

المحاسن، عن ابن محبوب: مثله (4).

«2»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ انْتَهَیْتُ إِلَی مَحَلِّ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی وَ إِذَا الْوَرَقَةُ مِنْهَا تَظَلُّ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ فَكُنْتُ مِنْ رَبِّی كَقَابِ (5) قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی الْخَبَرَ(6).

«3»- وَ مِنْهُ، قَالَ: سِدْرَةُ الْمُنْتَهَی فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ جَنَّةُ الْمَأْوَی عِنْدَهَا(7).

«4»- وَ مِنْهُ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: السِّجِّینُ الْأَرْضُ

ص: 51


1- 1. مجمع البیان: ج 10، ص 455- 456.
2- 2. فی المحاسن: و ینتهون.
3- 3. العلل: ج 1، ص 263.
4- 4. المحاسن: 334.
5- 5. فی المصدر: فكنت منها كما قال اللّٰه« قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی».
6- 6. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 374.
7- 7. المصدر ص 652.

السَّابِعَةُ وَ عِلِّیُّونَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ(1).

بیان: قال فی النهایة فیه إن أهل الجنة لیتراءون أهل علیین كما ترون الكوكب الدری فی أفق السماء علیون اسم للسماء السابعة و قیل هو اسم لدیوان الملائكة الحفظة ترفع إلیه أعمال الصالحین من العباد و قیل أراد أعلی الأمكنة و أشرف المراتب و أقربها من اللّٰه تعالی فی الدار الآخرة و یعرب بالحروف و الحركات كقنسرین و أشباهها علی أنها جمع أو واحد(2)

و قال سدرة المنتهی شجرة فی أقصی الجنة إلیها ینتهی علم الأولین و الآخرین و لا یتعداها(3).

«5»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَأَلَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ عَنْ قَوْلِهِ كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّینٍ قَالَ إِنَّ رُوحَ الْفَاجِرِ یُصْعَدُ بِهَا إِلَی السَّمَاءِ فَتَأْبَی السَّمَاءُ أَنْ تَقْبَلَهَا فَیُهْبَطُ بِهَا إِلَی الْأَرْضِ فَتَأْبَی الْأَرْضُ أَنْ تَقْبَلَهَا فَیُدْخَلُ بِهَا تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِینَ حَتَّی یَنْتَهِیَ بِهَا إِلَی سِجِّینٍ وَ هُوَ(4) مَوْضِعُ جُنْدِ(5)

إِبْلِیسَ فَیَخْرُجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ جُنْدِ(6)

إِبْلِیسَ رِقٌّ لِهَلَاكِهِ لِلْحِسَابِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّینٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَ قَوْلُهُ كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ قَالَ إِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ إِذَا قُبِضَتْ عُرِجَ بِهَا إِلَی السَّمَاءِ فَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ

وَ تَلَقَّاهَا الْمَلَائِكَةُ بِالْبُشْرَی حَتَّی یُنْتَهَی بِهَا إِلَی الْعَرْشِ وَ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ فَیَخْرُجُ لَهَا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ رِقٌّ فَیُرْقَمُ وَ یُخْتَمُ وَ یُوضَعُ تَحْتَ الْعَرْشِ لِمَعْرِفَةِ النَّجَاةِ لِحِسَابِ (7)

یَوْمِ الدِّینِ وَ تَشْهَدُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّیُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ (8).

ص: 52


1- 1. المصدر ص 716.
2- 2. النهایة: ج 3، ص 125.
3- 3. النهایة: ج 2 ص 154.
4- 4. و هو خد إبلیس( خ).
5- 5. الخد: الطریق و الجماعة و الحفرة المستطیلة فی الأرض كالخدة بالضم( القاموس).
6- 6. فی المصدر: فیخرج لها من تحت خد إبلیس كتابا فیختم و یوضع تحت خد إبلیس لهلاكه.
7- 7. فی المصدر: للحساب یوم القیامة.
8- 8. الدّر المنثور: ج 6، ص 324.

«6»- وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ: الْتَقَی سَلْمَانُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إِنْ مِتَّ قَبْلِی فَالْقَنِی فَأَخْبِرْنِی مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ وَ إِنْ أَنَا مِتُّ قَبْلَكَ لَقِیتُكَ فَأَخْبَرْتُكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَیْفَ هَذَا(1)

أَ وَ یَكُونُ هَذَا قَالَ نَعَمْ إِنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِینَ فِی بَرْزَخٍ مِنَ الْأَرْضِ تَذْهَبُ حَیْثُ شَاءَتْ وَ نَفْسَ الْكَافِرِ فِی سِجِّینٍ (2).

«7»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ قَالَ عِلِّیُّونَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عِنْدَ قَائِمَةِ الْعَرْشِ الْیُمْنَی كِتابٌ مَرْقُومٌ قَالَ رُقِمَ لَهُمْ بِخَیْرٍ یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ قَالَ الْمُقَرَّبُونَ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ (3).

«8»- وَ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: إِذَا قُبِضَ رُوحُ (4) الْمُؤْمِنِ عُرِجَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَیَنْطَلِقُ مَعَهُ الْمُقَرَّبُونَ إِلَی السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ قَالَ الْأَجْلَحُ فَقُلْتُ وَ مَا الْمُقَرَّبُونَ قَالَ أَقْرَبُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ الرَّابِعَةِ ثُمَّ الْخَامِسَةِ ثُمَّ السَّادِسَةِ ثُمَّ السَّابِعَةِ حَتَّی یَنْتَهِیَ بِهِ إِلَی سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی قَالَ الْأَجْلَحُ قُلْتُ لِلضَّحَّاكِ وَ لِمَ تُسَمَّی سِدْرَةَ الْمُنْتَهَی قَالَ لِأَنَّهُ یَنْتَهِی إِلَیْهِ كُلُّ شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَا یَعْدُوهَا فَیَقُولُونَ رَبِّ عَبْدُكَ فُلَانٌ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ فَیَبْعَثُ إِلَیْهِمْ بِصَكٍّ مَخْتُومٍ بِأَمْنِهِ (5) مِنَ الْعَذَابِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّیُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (6).

«9»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَأَلَ كَعْباً عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ الْآیَةَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ یَحْضُرُهُ الْمَوْتُ وَ یَحْضُرُهُ رُسُلُ رَبِّهِ فَلَا هُمْ یَسْتَطِیعُونَ أَنْ یُؤَخِّرُوهُ سَاعَةً وَ لَا یُعَجِّلُوهُ حَتَّی تَجِی ءَ سَاعَتُهُ فَإِذَا جَاءَتْ سَاعَتُهُ قَبَضُوا نَفْسَهُ

ص: 53


1- 1. فی المصدر: كیف یكون هذا؟.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 325.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 326.
4- 4. فی المصدر: روح العبد المؤمن.
5- 5. فی المصدر: یأمنه.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 326.

فَدَفَعُوهُ إِلَی مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ فَأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یُرُوهُ مِنَ الْخَیْرِ ثُمَّ عَرَجُوا بِرُوحِهِ إِلَی السَّمَاءِ فَیُشَیِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرِّبُوهَا حَتَّی یَنْتَهُوا بِهِ إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَیَضَعُونَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ لَا یَنْتَظِرُونَ بِهِ صَلَاتَكُمْ عَلَیْهِ فَیَقُولُونَ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ قَبَضْنَا نَفْسَهُ فَیَدْعُونَ لَهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَدْعُوَ فَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُشْهِدَنَا الْیَوْمَ كِتَابَهُ فَیُنْشَرُ كِتَابُهُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَیُثْبِتُونَ اسْمَهُ فِیهِ وَ هُمْ شُهُودٌ فَذَلِكَ قَوْلُهُ كِتابٌ مَرْقُومٌ یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ وَ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِی سِجِّینٍ الْآیَةَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ یَحْضُرُهُ الْمَوْتُ وَ یَحْضُرُهُ رُسُلُ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَتْ سَاعَتُهُ قَبَضُوا نَفْسَهُ فَدَفَعُوهُ إِلَی مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ فَأَرَوْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یُرُوهُ مِنَ الشَّرِّ ثُمَّ هَبَطُوا بِهِ إِلَی الْأَرْضِ السُّفْلَی وَ هِیَ سِجِّینٌ وَ هِیَ آخِرُ سُلْطَانِ إِبْلِیسَ فَأَثْبَتُوا كِتَابَهُ فِیهَا(1).

«10»- وَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ یَسَارٍ قَالَ: لَقِیتُ رَجُلًا مِنْ حِمْیَرٍ كَانَ (2) عَلَّامَةً یَقْرَأُ الْكُتُبَ فَقُلْتُ لَهُ الْأَرْضُ الَّتِی نَحْنُ عَلَیْهَا مَا مَكَانُهَا(3)

قَالَ هِیَ عَلَی صَخْرَةٍ خَضْرَاءَ تِلْكَ الصَّخْرَةُ عَلَی كَفِّ مَلَكٍ ذَلِكَ الْمَلَكُ قَائِمٌ عَلَی ظَهْرِ حُوتٍ (4)

قُلْتُ الْأَرْضُ الثَّانِیَةُ مَنْ سُكَّانُهَا قَالَ سَاكِنُهَا الرِّیحُ الْعَقِیمُ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُهْلِكَ عَاداً أَوْحَی إِلَی خَزَنَتِهَا أَنِ افْتَحُوا عَلَیْهِمْ مِنْهَا بَاباً قَالُوا یَا رَبَّنَا مِثْلَ مَنْخِرِ الثَّوْرِ قَالَ إِذاً تَتَكَفَّأَ(5)

الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَیْهَا فَضُیِّقَ ذَلِكَ حَتَّی جُعِلَ مِثْلَ حَلْقَةِ الْخَاتَمِ فَبَلَغَتْ مَا حَدَّثَ اللَّهُ قُلْتُ الْأَرْضُ الثَّالِثَةُ مَنْ سُكَّانُهَا(6) قَالَ فِیهَا حِجَارَةُ جَهَنَّمَ قُلْتُ الْأَرْضُ الرَّابِعَةُ مَنْ سُكَّانُهَا قَالَ فِیهَا كِبْرِیتُ جَهَنَّمَ قُلْتُ الْأَرْضُ الْخَامِسَةُ مَنْ

ص: 54


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 327.
2- 2. فی المصدر: كأنّه.
3- 3. فی المصدر:« سكانها» و الظاهر أنّه تصحیف.
4- 4. فی المصدر: حوت منطو بالسماوات و الأرض من تحت العرش.
5- 5. فی المصدر: تكفأ.
6- 6. فی المصدر:« ساكنها» و كذا فی المواضع الآتیة.

سُكَّانُهَا قَالَ فِیهَا عَقَارِبُ جَهَنَّمَ قُلْتُ الْأَرْضُ السَّادِسَةُ مَنْ سُكَّانُهَا قَالَ فِیهَا حَیَّاتُ جَهَنَّمَ قُلْتُ الْأَرْضُ السَّابِعَةُ مَنْ سُكَّانُهَا قَالَ تِلْكَ سِجِّینٌ فِیهَا إِبْلِیسُ مَوْثُوقٌ (1)

یَدٌ أَمَامَهُ وَ یَدٌ خَلْفَهُ وَ رِجْلٌ أَمَامَهُ وَ رِجْلٌ خَلْفَهُ كَانَ یُؤْذِی الْمَلَائِكَةَ فَاسْتَعْدَتْ عَلَیْهِ فَسُجِنَ هُنَالِكَ وَ لَهُ زَمَانٌ یُرْسَلُ فِیهِ فَإِذَا أُرْسِلَ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةُ النَّاسِ بِأَعْیَا عَلَیْهِمْ مِنْ شَیْ ءٍ(2).

باب 7 البیت المعمور

الآیات:

الطور: وَ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ(3)

تفسیر:

قال الطبرسی البیت المعمور هو بیت فی السماء الرابعة بحیال الكعبة تعمره الملائكة بما یكون منها فیه من العبادة عن ابن عباس و مجاهد

وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: وَ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ أَبَداً.

وَ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا وَ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ نَهَرٌ یُقَالُ لَهُ الْحَیَوَانُ یَدْخُلُ فِیهِ جَبْرَئِیلُ كُلَّ یَوْمٍ طَلَعَتْ فِیهِ الشَّمْسُ وَ إِذَا خَرَجَ انْتَفَضَ انْتِفَاضَةً جَرَتْ مِنْهُ سَبْعُونَ أَلْفَ قَطْرَةٍ یَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً یُؤْمَرُونَ أَنْ یَأْتُوا الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ فَیُصَلُّوا فِیهِ فَیَفْعَلُونَ ثُمَّ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ أَبَداً.

وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْبَیْتُ الَّذِی فِی السَّمَاءِ(4)

یُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ وَ هُوَ بِفِنَاءِ الْبَیْتِ الْحَرَامِ لَوْ سَقَطَ سَقَطَ عَلَیْهِ یَدْخُلُهُ

ص: 55


1- 1. فی المصدر: موثق.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 327.
3- 3. الطور: 4.
4- 4. فی المصدر: فی السماء الدنیا.

كُلَّ یَوْمٍ أَلْفُ مَلَكٍ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ أَبَداً.

و قیل البیت المعمور هو الكعبة البیت الحرام معمور بالحج و العمرة عن الحسن و هو أول مسجد وضع للعبادة فی الأرض (1).

«1»- مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ، لِلسَّیِّدِ عَلِیِّ بْنِ طَاوُسٍ رحمه اللّٰه نَقْلًا مِنْ كِتَابِ خُطَبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِعَبْدِ الْعَزِیزِ الْجَلُودِیِّ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ(2)

أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ قَالَ علیه السلام وَیْلَكَ ذَلِكَ الضُّرَاحُ بَیْتٌ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ حِیَالَ الْكَعْبَةِ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فِیهِ كِتَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَنْ یَمِینِ الْبَابِ یَكْتُبُونَ

أَعْمَالَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ فِیهِ كِتَابُ أَهْلِ النَّارِ عَنْ یَسَارِ الْبَابِ یَكْتُبُونَ أَعْمَالَ أَهْلِ النَّارِ بِأَقْلَامٍ سُودٍ فَإِذَا كَانَ مِقْدَارَ الْعِشَاءِ ارْتَفَعَ الْمَلَكَانِ فَیَسْمَعُونَ مِنْهُمَا مَا عَمِلَ الرَّجُلُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَی هذا كِتابُنا یَنْطِقُ عَلَیْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (3).

بیان: فیسمعون أی الملائكة الذین عن یمین الباب و یساره منهما أی من الملكین الكاتبین هذا كِتابُنا قال الطبرسی رحمه اللّٰه یعنی دیوان الحفظة

ص: 56


1- 1. مجمع البیان: ج 9، ص 163.
2- 2. هو عبد اللّٰه بن الكواء كان من رءوس الخوارج و له اخبار كثیرة مع علیّ علیه السلام و كان یلزمه و یعییه فی الأسئلة، قال ابن حجر فی لسان المیزان( ج 3 ص 329): قد رجع عن مذهب الخوارج و عاود صحبة علیّ علیه السلام و ذكر یعقوب بن شیبة ان أهل الشام لما رفعوا المصاحف یوم صفّین و اتفقوا علی التحكیم غضبت الخوارج و قالت« لا حكم إلّا للّٰه» قال فأخبرنی خلف بن سالم عن وهب بن جریر قال: خرجوا مع ابن الكواء و هو رجل من« بنی یشكر» فنزلوا« حروراء» فبعث إلیهم ابن عبّاس و صعصعة بن صوحان فقال لهم صعصعة: انما یكون القضیة من قابل فكونوا علی ما أنتم حتّی تنظروا القضیة كیف تكون قالوا انا نخاف ان یحدث أبو موسی شیئا یكون كفرا. قال فلا تكفروا العام مخافة عام قابل فلما قام صعصعة قال لهم ابن الكواء: أی قوم! أ لستم تعلمون أنی دعوتكم إلی هذا الامر؟ قالوا: بلی، قال: فان هذا ناصح فاطیعوه( انتهی).
3- 3. الجاثیة: 28.

یَنْطِقُ عَلَیْكُمْ بِالْحَقِ أی یشهد علیكم بالحق و المعنی یبینه بیانا شافیا حتی كأنه ناطق إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أی نستكتب الحفظة ما كنتم تعملون فی دار الدنیا و الاستنساخ الأمر بالنسخ مثل الاستكتاب و قیل المراد بالكتاب اللوح المحفوظ یشهد بما قضی فیه من خیر و شر و علی هذا فیكون معنی نستنسخ أن الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدون عندها من أعمال العباد و هو قول ابن عباس (1).

«2»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ(2)

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ لِمَ سُمِّیَ الْبَیْتُ الْعَتِیقَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْزَلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ لآِدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ الْبَیْتُ دُرَّةً بَیْضَاءَ فَرَفَعَهُ اللَّهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ بَقِیَ أُسُّهُ فَهُوَ بِحِیَالِ هَذَا الْبَیْتِ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا یَرْجِعُونَ إِلَیْهِ أَبَداً فَأَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ بِبُنْیَانِ (3)

الْبَیْتِ عَلَی الْقَوَاعِدِ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ الْبَیْتُ الْعَتِیقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ (4).

«3»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: وَ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ قَالَ هُوَ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ

ص: 57


1- 1. مجمع البیان: ج 9، ص 80.
2- 2. هو أبو سلمة سالم بن مكرم بن عبد اللّٰه مولی بنی اسد كان من أصحاب أبی عبد اللّٰه علیه السلام وثقه النجاشیّ( 143) و ذكر فی الخلاصة ان الشیخ وثقه فی أحد قولیه و ضعفه فی الآخر ثمّ قال: الوجه التوقف فی ما یرویه لتعارض الأقوال فیه. و ذكر الكشّیّ انه كان اولا من أصحاب ابی الخطاب و كان فی المسجد یوم بعث« عیسی بن موسی بن علی»- و كان عامل المنصور علی الكوفة- إلی ابی الخطاب لما بلغه أنهم قد اظهروا الاباحات و دعوا الناس إلی نبوة ابی الخطاب، و انهم یجتمعون فی المسجد و لزموا الاساطین یرون الناس انهم لزموها للعبادة و بعث إلیهم فقتلهم جمیعا لم یفلت منهم إلّا رجل واحد فسقط بین القتلی فلما جنه اللیل خرج من بینهم فتخلص و كان هو ابا خدیجة. ثم ذكر انه تاب و كان ممن یروی الحدیث.
3- 3.« فی بعض النسخ یبنیان» و كذا فی المصدر.
4- 4. العلل: ج 2، ص 85.

وَ هُوَ الضُّرَاحُ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ أَبَداً(1).

«4»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِی بَكْرٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ لِمَ صَارَ الطَّوَافُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً فَرَدُّوا عَلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ قَالُوا أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ قَالَ اللَّهُ إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ وَ كَانَ لَا یَحْجُبُهُمْ عَنْ نُورِهِ فَحَجَبَهُمْ عَنْ نُورِهِ سَبْعَةَ آلَافِ عَامٍ فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ فَرَحِمَهُمْ وَ تَابَ عَلَیْهِمْ وَ جَعَلَ لَهُمُ الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ الَّذِی فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَجَعَلَهُ مَثَابَةً وَ أَمْناً وَ وَضَعَ الْبَیْتَ الْحَرَامَ تَحْتَ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ فَجَعَلَهُ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً فَصَارَ الطَّوَافُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ وَاجِباً عَلَی الْعِبَادِ لِكُلِّ أَلْفِ سَنَةٍ شَوْطاً وَاحِداً(2).

«5»- الْعِلَلُ، فِی عِلَلِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلاملیه السلام: عِلَّةُ الطَّوَافِ بِالْبَیْتِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ فَرَدُّوا عَلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی هَذَا الْجَوَابَ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ أَذْنَبُوا فَنَدِمُوا فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ وَ اسْتَغْفَرُوا فَأَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَتَعَبَّدَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعِبَادَ فَوَضَعَ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ بَیْتاً بِحِذَاءِ الْعَرْشِ یُسَمَّی الضُّرَاحَ ثُمَّ وَضَعَ فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا بَیْتاً یُسَمَّی الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ بِحِذَاءِ الضُّرَاحِ ثُمَّ وَضَعَ الْبَیْتَ بِحِذَاءِ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ علیه السلام فَطَافَ بِهِ فَتَابَ اللَّهُ عَلَیْهِ فَجَرَی ذَلِكَ فِی وُلْدِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(3).

«6»- الْكَفْعَمِیُّ وَ الْبُرْسِیُّ بِإِسْنَادَیْهِمَا عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ جَبْرَئِیلُ وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِیّاً

ص: 58


1- 1. تفسیر القمّیّ: 449.
2- 2. العلل: ج 2، ص 92.
3- 3. علل الشرائع: ج 2، ص 91.

إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَنَی فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ بَیْتاً یُقَالُ لَهُ الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ یَدْخُلُهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ یَخْرُجُونَ مِنْهُ وَ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ الْخَبَرَ.

«7»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، قَالَ: أَخْرَجَ الْأَزْرَقِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ مَا بَدْءُ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَیْتِ لِمَ كَانَ وَ حَیْثُ كَانَ فَقَالَ أَمَّا بَدْءُ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَیْتِ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ أَیْ رَبِّ أَ خَلِیفَةً مِنْ غَیْرِنَا مِمَّنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِكُ الدِّماءَ وَ یَتَحَاسَدُونَ وَ یَتَبَاغَضُونَ وَ یَتَبَاغَوْنَ أَیْ رَبِّ اجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِیفَةَ مِنَّا فَنَحْنُ لَا نُفْسِدُ فِیهَا وَ لَا نَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَ لَا نَتَبَاغَضُ وَ لَا نَتَحَاسَدُ وَ لَا نَتَبَاغَی وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ وَ نُطِیعُكَ وَ لَا نَعْصِیكَ قالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ قَالَ فَظَنَّتِ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ مَا قَالُوا رَدٌّ عَلَی رَبِّهِمْ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَّهُ قَدْ غَضِبَ عَلَیْهِمْ مِنْ قَوْلِهِمْ فَلَاذُوا بِالْعَرْشِ (1)

ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ فَنَزَلَتِ الرَّحْمَةُ عَلَیْهِمْ فَوَضَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ تَحْتَ الْعَرْشِ بَیْتاً عَلَی أَرْبَعِ أَسَاطِینَ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَ غَشَّاهُنَّ بِیَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ سَمَّی الْبَیْتَ الضُّرَاحَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ طُوفُوا بِهَذَا الْبَیْتِ وَ دَعُوا الْعَرْشَ فَطَافَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالْبَیْتِ وَ تَرَكُوا الْعَرْشَ فَصَارَ أَهْوَنَ عَلَیْهِمْ وَ هُوَ الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا یَعُودُونَ فِیهِ أَبَداً ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَعَثَ مَلَائِكَتَهُ (2) فَقَالَ ابْنُوا لِی بَیْتاً فِی الْأَرْضِ بِمِثَالِهِ وَ قَدْرِهِ فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَنْ فِی الْأَرْضِ مِنْ خَلْقِهِ أَنْ یَطُوفُوا بِهَذَا الْبَیْتِ كَمَا یَطُوفُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَیْتِ الْمَعْمُورِ(3).

«8»- وَ عَنْ مُقَاتِلٍ یَرْفَعُ الْحَدِیثَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّ آدَمَ قَالَ أَیْ رَبِ

ص: 59


1- 1. فی المصدر: فلاذوا بالعرش و رفعوا رءوسهم و أشاروا بالاصابع یتضرّعون و یبكون إشفاقا لغضبه، فطافوا بالعرش ثلاث ساعات.
2- 2. ملائكة( خ).
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 128.

أَعْرِفُ شِقْوَتِی لَا أَرَی شَیْئاً مِنْ نُورِكَ نَعْبُدُ(1) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ(2) عَلَی عَرْضِ الْبَیْتِ وَ مَوْضِعِهِ مِنْ یَاقُوتِ الْجَنَّةِ وَ لَكِنْ طُولُهُ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَطُوفَ بِهِ فَأَذْهَبَ عَنْهُمُ الْهَمَّ الَّذِی كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ رَفَعَ عَلَی عَهْدِ نُوحٍ علیه السلام (3).

«9»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِی فِی السَّمَاءِ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا یَعُودُونَ (4)

فِیهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ حِذَاءَ الْكَعْبَةِ الْحَرَامِ (5).

و عن أنس: مثله (6).

«10»- وَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا بَیْتٌ یُقَالُ لَهُ الْمَعْمُورُ بِحِیَالِ الْكَعْبَةِ وَ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ نَهَرٌ یُقَالُ لَهُ الْحَیَوَانُ یَدْخُلُهُ جَبْرَئِیلُ كُلَّ یَوْمٍ فَیَنْغَمِسُ انْغِمَاسَةً ثُمَّ یَخْرُجُ فَیَنْتَفِضُ انْتِفَاضَةً یَجْرِی مِنْهُ سَبْعُونَ أَلْفَ قَطْرَةٍ یَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ مَلَكاً یُؤْمَرُونَ أَنْ یَأْتُوا الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ فَیُصَلُّونَ فَیَفْعَلُونَ ثُمَّ یَخْرُجُونَ فَلَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ أَبَداً وَ یُوَلَّی عَلَیْهِمْ أَحَدُهُمْ یُؤْمَرُ أَنْ یَقِفَ بِهِمْ فِی السَّمَاءِ مَوْقِفاً یُسَبِّحُونَ اللَّهَ فِیهِ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ(7).

«11»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ فِی السَّمَاءِ یُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ عَلَی مِثْلِ الْبَیْتِ الْحَرَامِ لَوْ سَقَطَ سَقَطَ عَلَیْهِ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَمْ یَرَوْهُ (8)

قَطُّ وَ إِنَّ لَهُ فِی السَّمَاءِ حُرْمَةً عَلَی قَدْرِ حُرْمَةِ مَكَّةَ(9).

ص: 60


1- 1. فی المصدر: بعد.
2- 2. فی المصدر: البیت الحرام الذی علی عرص البیت الذی فی السماء.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1، ص 130.
4- 4. فی المصدر: لا یعودون إلیه حتّی تقوم الساعة.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 117. و لیس فیه« حذاء الكعبة الحرام».
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 117.
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 117.
8- 8. فی المصدر: لم یردوه.
9- 9. الدّر المنثور: ج 6، ص 117.

«12»- وَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مُرَّةَ(1): أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام مَا الْبَیْتُ الْمَعْمُورُ قَالَ بَیْتٌ فِی السَّمَاءِ یُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ وَ هُوَ بِحِیَالِ الْكَعْبَةِ(2)

حُرْمَتُهُ فِی السَّمَاءِ كَحُرْمَةِ الْبَیْتِ فِی الْأَرْضِ یُصَلِّی فِیهِ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ أَبَداً(3).

وَ 13 عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ: أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ عَلِیّاً علیه السلام عَنِ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ مَا هُوَ قَالَ ذَاكَ الضُّرَاحُ بَیْتٌ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(4).

«14»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ بَیْتٌ حِذَاءَ الْعَرْشِ تَعْمُرُهُ الْمَلَائِكَةُ یُصَلِّی فِیهِ كُلَّ لَیْلَةٍ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ (5).

«15»- وَ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: أُنْزِلَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ كَانَ یُعْمَرُ بِمَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ الْغَرَقُ رَفَعَهُ اللَّهُ فَهُوَ فِی السَّمَاءِ السَّادِسَةِ یَدْخُلُهُ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ (6).

بیان: مقتضی الجمع بین الأخبار مع صحة جمیعها القول بتحقق البیت فی جمیع تلك المواضع و سیأتی كثیر من الأخبار المتعلقة بالباب فی باب الملائكة.

باب 8 السماوات و كیفیاتها و عددها و النجوم و أعدادها و صفاتها و المجرة

الآیات:

الأنعام: وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (7)

ص: 61


1- 1. فی المصدر: خالد بن عرعرة.
2- 2. فی المصدر: الكعبة من فوقها.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 117.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 117.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 117.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 117.
7- 7. الأنعام: 97.

الأعراف: إِنَّ الَّذِینَ كَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ(1)

الرعد: اللَّهُ الَّذِی رَفَعَ السَّماواتِ بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی یُدَبِّرُ الْأَمْرَ یُفَصِّلُ الْآیاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)

الحجر: وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِیهِ یَعْرُجُونَ إلی قوله تعالی وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِی السَّماءِ بُرُوجاً وَ زَیَّنَّاها لِلنَّاظِرِینَ وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ رَجِیمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِینٌ (3)

النحل: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ (4) و قال وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ (5)

طه: تَنْزِیلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ الْعُلی (6)

الأنبیاء: وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَ هُمْ عَنْ آیاتِها مُعْرِضُونَ (7) و قال تعالی یَوْمَ نَطْوِی السَّماءَ كَطَیِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ (8) الحج: وَ یُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ (9)

المؤمنون: وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَ ما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِینَ (10)

ص: 62


1- 1. الأعراف: 40.
2- 2. الرعد: 2.
3- 3. الحجر: 14- 18.
4- 4. النحل: 2.
5- 5. النحل: 16.
6- 6. طه: 2.
7- 7. الأنبیاء: 32.
8- 8. الأنبیاء: 104.
9- 9. الحجّ: 64.
10- 10. المؤمنون: 16.

و قال تعالی قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ (1)

الفرقان: تَبارَكَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّماءِ بُرُوجاً وَ جَعَلَ فِیها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِیراً(2)

العنكبوت: خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیَةً لِلْمُؤْمِنِینَ (3)

الروم: وَ مِنْ آیاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ (4)

لقمان: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها(5)

الصافات: وَ رَبُّ الْمَشارِقِ إِنَّا زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِزِینَةٍ الْكَواكِبِ وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ مارِدٍ إلی قوله تعالی فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (6)

المؤمن: اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَ السَّماءَ بِناءً(7)

السجدة: ثُمَّ اسْتَوی إِلَی السَّماءِ وَ هِیَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِی یَوْمَیْنِ وَ أَوْحی فِی كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ وَ حِفْظاً ذلِكَ تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ (8)

ق: أَ فَلَمْ یَنْظُرُوا إِلَی السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَیْفَ بَنَیْناها وَ زَیَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ (9)

الذاریات: وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (10) و قال تعالی وَ فِی السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ

ص: 63


1- 1. المؤمنون: 86.
2- 2. الفرقان: 61.
3- 3. العنكبوت: 44.
4- 4. الروم: 25.
5- 5. لقمان: 10.
6- 6. الصافّات: 6- 10.
7- 7. المؤمن: 64.
8- 8. فصّلت: 11 و 12.
9- 9. ق: 6.
10- 10. الذاریات: 7.

ما تُوعَدُونَ (1) و قال وَ السَّماءَ بَنَیْناها بِأَیْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ (2)

الطور: وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (3) و قال تعالی یَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً(4)

النجم: وَ النَّجْمِ إِذا هَوی (5) و قال تعالی وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْری (6)

القمر: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ(7)

الرحمن: الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ یَسْجُدانِ وَ السَّماءَ رَفَعَها(8) و قال فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (9)

الواقعة: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ (10)

الملك: الَّذِی خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَری فِی خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَری مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَیْنِ یَنْقَلِبْ إِلَیْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِیرٌ وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّیاطِینِ وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِیرِ(11)

الحاقة: وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِیَ یَوْمَئِذٍ واهِیَةٌ(12)

المعارج: یَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (13)

ص: 64


1- 1. الذاریات: 22.
2- 2. الذاریات: 48.
3- 3. الطور: 5.
4- 4. الطور: 9.
5- 5. النجم: 1.
6- 6. النجم: 49.
7- 7. القمر: 1.
8- 8. الرحمن: 5- 7.
9- 9. الرحمن: 37.
10- 10. الواقعة: 76.
11- 11. الملك: 3- 5.
12- 12. الحاقّة: 16.
13- 13. المعارج: 8.

نوح: أَ لَمْ تَرَوْا كَیْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً(1)

الجن: وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِیداً وَ شُهُباً وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ یَسْتَمِعِ الْآنَ یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً(2)

المرسلات: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (3)

النبأ: وَ بَنَیْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً(4)

التكویر: وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ إلی قوله تعالی فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ (5)

الإنفطار: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (6)

الإنشقاق: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ (7)

البروج: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (8)

الطارق: وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ وَ ما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ إلی قوله تعالی وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (9)

الغاشیة: وَ إِلَی السَّماءِ كَیْفَ رُفِعَتْ (10)

الشمس: وَ السَّماءِ وَ ما بَناها(11)

ص: 65


1- 1. نوح: 15 و 16.
2- 2. الجن: 8 و 9.
3- 3. المرسلات: 8.
4- 4. النبأ: 12 و 13.
5- 5. التكویر: 11- 16.
6- 6. الانفطار: 1 و 2.
7- 7. الانشقاق: 1 و 2.
8- 8. البروج: 1.
9- 9. الطارق: 1- 11.
10- 10. الغاشیة: 18.
11- 11. الشمس: 5.

تفسیر:

جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ أی خلقها لمنافعكم لِتَهْتَدُوا بِها فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قیل أی فی ظلمات اللیل فی البر و البحر و إضافتها إلیهما للملابسة أو فی مشتبهات الطرق سماها ظلمات علی الاستعارة و هو إفراد لبعض منافعها بالذكر بعد أن أجملها بقوله لَكُمُ و أولت النجوم فی الأخبار بالأئمة الأخیار علیهم السلام فإنهم الهداة فی ظلمات الفتن و الشبهات و لا ینافی الظاهر قَدْ فَصَّلْنَا الْآیاتِ بیناها فصلا فصلا لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ فإنهم المنتفعون به.

لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ أی لأدعیتهم و أعمالهم أو لأرواحهم كما تفتح لأعمال المؤمنین و أرواحهم و یدل علی أن للسماء أبوابا و ربما یحمل علی المجاز بِغَیْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها قال الرازی فی قوله تَرَوْنَها أقوال الأول أنه كلام مستأنف و المعنی رفع السماوات بغیر عمد ثم قال ترونها أی و أنتم ترونها أنها مرفوعة بلا عماد الثانی قال الحسن فی الآیة(1)

تقدیم و تأخیر تقدیره رفع السماوات ترونها بغیر عمد الثالث أن قوله تَرَوْنَها صفة للعمد و المعنی بغیر عمد مرئیة أی للسماوات عمد و لكنا لا نراها قالوا و لها عمد علی جبل قاف و هو جبل من زبرجد محیط بالدنیا و لكنكم لا ترونه و هذا التأویل فی غایة السقوط لأنه تعالی إنما ذكر هذا

الكلام لیكون حجة علی وجود الإله القادر و لو كان المراد ما ذكروه ما تمت (2) الحجة لأنه یقال إن السماوات لما كانت مستقرة علی جبل (3) فأی دلالة تبقی فیها علی وجود الإله.

و عندی فیه وجه آخر أحسن من الكل و هو أن العماد ما یعتمد علیه و قد دللنا علی أن هذه الأجسام إنما بقیت واقفة فی الجو العالی بقدرة اللّٰه فحینئذ یكون عمدها هو قدرة اللّٰه تعالی فصح أن یقال رفع السماوات بغیر عمد ترونها أی

ص: 66


1- 1. فی المصدر: فی تقدیر الآیة.
2- 2. فی المصدر: لما ثبتت الحجة.
3- 3. فی المصدر: علی جبل قاف.

لها عمد فی الحقیقة إلا أن تلك العمد هی إمساك (1) اللّٰه تعالی و حفظه و تدبیره و إبقاؤه إیاها فی الجو العالی و أنتم لا(2) ترون ذلك التدبیر و لا تعرفون كیفیة ذلك الإمساك (3) انتهی.

و أقول هذا الوجه الأخیر الذی یتبجح به و نسبه إلی نفسه أورده شیخنا الطبرسی رحمه اللّٰه فی مجمع البیان راویا عن ابن عباس و مجاهد.

وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فیه أنواع من الدلالة علی وجود الإله الحق و حكمته و قدرته إذ أصل تلك الحركات السریعة و استمرارها و كونها علی أقدار مخصوصة و كون بعضها مشرقیة و بعضها مغربیة و بعضها مائلة إلی الشمال و بعضها مائلة إلی الجنوب مما یدل دلالة قطعیة علی وجود قادر قاهر كامل فی العلم و الحكمة و اللطف و الرحمة كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی قال الرازی فیه قولان الأول قال ابن عباس للشمس مائة و ثمانون منزلا كل یوم لها منزل و ذلك فی (4) ستة أشهر ثم إنها تعود مرة أخری إلی واحد واحد منها فی ستة أشهر مرة أخری و كذلك القمر له ثمانیة و عشرون منزلا فالمراد بقوله كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی هذا و تحقیقه أنه تعالی قدر لكل واحد من هذه الكواكب سیرا خاصا إلی جهة خاصة بمقدار خاص من السرعة و البطء و متی كان الأمر كذلك لزم أن یكون لها بحسب كل لحظة و لمحة حال أخری ما كانت حاصلة قبل ذلك و الثانی المراد كونهما متحركین إلی یوم القیامة و عند مجی ء ذلك الیوم تنقطع هذه الحركات كقوله (5) تعالی إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ و إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ و إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ(6)

ص: 67


1- 1. فی المصدر: قدرة اللّٰه تعالی.
2- 2. فی المصدر: و انهم لا یرون ذلك التدبیر و لا یعرفون.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 260.
4- 4. فی المصدر: و ذلك یتم فی.
5- 5. فی المصدر: كما وصف اللّٰه تعالی ذلك فی قوله.
6- 6. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 261.

یُدَبِّرُ الْأَمْرَ قال البیضاوی أی أمر ملكوته من الإیجاد و الإعدام و الإحیاء و الإماتة و غیر ذلك یُفَصِّلُ الْآیاتِ ینزلها و یبینها مفصلة أو یحدث الدلائل بواحد(1)

بعد واحد لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ لكی تتفكروا فیها و تتحققوا كمال قدرته فتعلموا أن من قدر علی خلق هذه الأشیاء و تدبیرها قدر علی الإعادة و الجزاء(2).

قوله تعالی وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ باباً ظاهره جواز الخرق علی الأفلاك و إن أمكن أن یكون من قبیل التعلیق علی المحال وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِی السَّماءِ بُرُوجاً أكثر المفسرین حملوه علی البروج الاثنی عشر المعروفة و قیل هی الكواكب.

قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی منازل للشمس و القمر

وَ زَیَّنَّاها لِلنَّاظِرِینَ بالكواكب النیرة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و قیل البروج النجوم عن ابن عباس و الحسن و قتادة وَ حَفِظْناها أی السماء مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ رَجِیمٍ أی مرجوم مرمی بالشهاب و قیل ملعون مشئوم و حفظ السماء من الشیطان بالمنع حتی لا یدخلها و لا یبلغ إلی موضع یتمكن فیه من استراق السمع بما أعد له من الشهاب إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ المراد بالسمع المسموع و المعنی إلا من حاول أخذ مسموع من السماء فی خفیة فَأَتْبَعَهُ أی لحقه شِهابٌ مُبِینٌ أی شعلة نار ظاهر لأهل الأرض بین لمن رآه و نحن فی رأی العین نری كأنهم یرمون بالنجوم و الشهاب عمود من نور یضی ء ضیاء النار لشدة ضیائه و روی عن ابن عباس أنه قال كان فی الجاهلیة كهنة و مع كل واحد شیطان فكان یقعد من السماء مقاعد للسمع فیستمع من الملائكة ما هو كائن فی الأرض فینزل و یخبر به الكاهن فیفشیه الكاهن إلی الناس فلما بعث اللّٰه عیسی علیه السلام منعوا من ثلاث سماوات و لما بعث محمدا صلی اللّٰه علیه و آله منعوا من السماوات كلها و حرست السماء بالنجوم و الشهاب (3)

من معجزات نبینا صلی اللّٰه علیه و آله لأنه لم یر

ص: 68


1- 1. فی المصدر: واحدا بعد واحد.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 1، ص 614.
3- 3. فی المصدر: فالشهاب.

قبل زمانه و قیل إن الشهاب یقتل الشیاطین و قیل لا یقتلهم (1).

خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِ أی لأمر حق هو العبادة و المعرفة أو علی مقدار و شكل و أوضاع و صفات مختلفة قدرها و خصصها بحكمته تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ منها أو مما یفتقر فی وجوده أو بقائه إلیها و مما لا یقدر علی خلقها.

وَ عَلاماتٍ عطف علی قوله رَواسِیَ فی قوله وَ أَلْقی فِی الْأَرْضِ رَواسِیَ أی ألقی فی الأرض و جعل فیها معالم تستدل به السابلة من جبل و منهل و ریح و نحو ذلك وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ باللیل فی البراری و البحار و المراد بالنجم الجنس و قیل الثریا و الفرقدان و بنات النعش و الجدی قیل و لعل الضمیر لقریش لأنهم كانوا كثیر الأسفار للتجارة مشهورین بالاهتداء فی مسایرهم

بالنجوم و فی كثیر من الروایات أن العلامات الأئمة علیهم السلام و النجم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ضمیر هم راجع إلی العلامات باعتبار المعنی و العلی جمع العلیا تأنیث الأعلی أی السماوات الرفیعة العالیة وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً أی عن الوقوع بقدرته أو عن الفساد و الانحلال إلی الوقت المعلوم بمشیته أو عن استراق السمع بالشهب وَ هُمْ عَنْ آیاتِها أی أحوالها الدالة علی وجود الصانع و وحدته و كمال قدرته و تناهی حكمته مُعْرِضُونَ غیر متفكرین.

یَوْمَ نَطْوِی السَّماءَ قال الطبرسی رحمه اللّٰه المراد بالطیِّ هنا هو الطیُّ المعروف فإن اللّٰه سبحانه یطوی السماء بقدرته و قیل إن طی السماء ذهابها عن الحسن كَطَیِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ السجل صحیفة فیها الكتب و قیل ملك یكتب أعمال العباد و قیل اسم كاتب كان للنبی صلی اللّٰه علیه و آله (2)

انتهی.

و أقول تدل الآیة علی حدوث السماوات و إمكان خرقها و زوالها و تغیر أحوالها ردا علی الحكماء المنكرین لجمیع ذلك.

ص: 69


1- 1. مجمع البیان: ج 6، ص 331.
2- 2. مجمع البیان: ج 7، ص 66.

أَنْ تَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ قال البیضاوی من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن خلقها علی صورة متداعیة إلی الاستمساك إِلَّا بِإِذْنِهِ أی إلا بمشیته و ذلك یوم القیامة و فیه رد لاستمساكها بذاتها فإنها مساویة لسائر الأجسام فی الجسمیة فتكون قابلة للمیل الهابط قبول غیرها انتهی (1).

سَبْعَ طَرائِقَ قال الرازی أی سبع سماوات و إنما قیل طرائق لتطارقها بمعنی كون بعضها فوق بعض یقال طارق الرجل نعلیه إذا طبق (2) نعلا علی نعل و طارق بین ثوبین إذا لبس ثوبا علی (3) ثوب هذا قول الخلیل و الزجاج (4)

و قال الزجاج هو قوله سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً و قال علی بن عیسی سمیت بذلك لأنها طرائق الملائكة فی العروج و الهبوط و الطیران و قال آخرون لأنها طرائق الكواكب فیها مسیرها و الوجه فی إنعامه علینا بذلك أنه تعالی جعلها موضعا لأرزاقنا بإنزال الماء منها و جعلها مقرا للملائكة و أنها موضع الثواب و لأنها مكان إرسال الأنبیاء و نزول الوحی و أما قوله وَ ما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِینَ ففیه وجوه أحدها ما كنا غافلین بل كنا للخلق حافظین من أن تسقط علیهم السبع الطرائق (5) فتهلكهم و ثانیها إنما خلقناها فوقهم لتنزل علیهم الأرزاق و البركات منها و ثالثها أنا خلقنا هذه الأشیاء فدل خلقنا لها علی كمال قدرتنا ثم بین كمال العلم بقوله وَ ما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِینَ یعنی عن أعمالهم و أقوالهم و ضمائرهم و ذلك یفید نهایة الزجر و رابعها و ما كنا عن خلق السماوات غافلین بل نحن لها حافظون لئلا تخرج عن التقدیر الذی أردنا كونها علیه كقوله تعالی ما تَری فِی خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ (6) انتهی.

ص: 70


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 110.
2- 2. فی المصدر: اطبق.
3- 3. فی المصدر: فوق ثوب.
4- 4. و زاد فی المصدر الفراء.
5- 5. فی المصدر: الطرائق السبع.
6- 6. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 620.

تَبارَكَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّماءِ بُرُوجاً قال الرازی البروج هی القصور العالیة سمیت بروج الكواكب به لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها و اشتقاق البرج من التبرج لظهوره و فیه قول آخر عن ابن عباس أن البروج هی الكواكب العظام و الأول أولی و السراج الشمس (1) انتهی بأمره.

أی بمحض إرادته وَ رَبُّ الْمَشارِقِ قیل أی مشارق الكواكب أو مشارق الشمس فی السنة و هی ثلاثمائة و ستون یشرق كل یوم فی واحد و بحسبها تختلف المغارب و لذلك اكتفی بذكرها مع أن الشروق أدل علی القدرة و أبلغ فی النعمة إِنَّا زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا أی القربی منكم بِزِینَةٍ الْكَواكِبِ أی بزینة هی الكواكب بالإضافة البیانیة أو البدلیة علی القراءتین وَ حِفْظاً منصوب بإضمار فعله أو العطف علی زینة باعتبار المعنی كأنه قال إنا خلقنا الكواكب زینة للسماء وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَیْطانٍ مارِدٍ خارج من الطاعة یرمی بالشهب (2).

قَراراً أی مستقرا تستقرون علیه وَ السَّماءَ بِناءً أی و جعل السماء بناء مرتفعا فوقها و لو جعلهما رتقا لما أمكن الخلق الانتفاع بما بینهما كَیْفَ بَنَیْناها أی رفعناها بلا عمد وَ زَیَّنَّاها بالكواكب وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ أی فتوق كسائر الأبنیة المبنیة من الأحجار و اللبنات بل خلقها ملساء متصلة أو لیس لها فروج ظاهرة مرئیة فلا ینافی الأبواب الكائنة فیها و قال الكسائی معناه لیس فیها تفاوت و اختلاف قال الرازی قالت الفلاسفة الآیة دالة علی أن السماء لا تقبل الخرق و كذلك قالوا فی قوله هَلْ تَری مِنْ فُطُورٍ و قوله سَبْعاً شِداداً و تعسفوا فیه لأن قوله تعالی ما لَها مِنْ فُرُوجٍ صریح فی عدم ذلك و الإخبار عن عدم شی ء لا یكون إخبارا عن عدم إمكانه فإن من قال ما لفلان مال لا یدل علی نفی إمكانه ثم إنه تعالی بین خلاف قولهم بقوله وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ و قوله (3) إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ و قوله (4) فَهِیَ یَوْمَئِذٍ واهِیَةٌ فی مقابلة قوله

ص: 71


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 6، ص 495.
2- 2. بالشهاب( خ).
3- 3. فی المصدر: و قال.
4- 4. فی المصدر: و قال.

سَبْعاً شِداداً(1) قال فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ إلی غیر ذلك و الكل فی الرد علیهم صریح و ما ذكروه فی الدلالة لیس بظاهر بل و لیس له دلالة خفیة أیضا و أما دلیلهم المعقول فأضعف و أسخف من تمسكهم بالمنقول (2).

ذاتِ الْحُبُكِ قال البیضاوی ذات الطرائق و المراد إما الطرائق المحسوسة التی هی مسیر الكواكب أو المعقولة التی یسلكها النظار و یتوصل بها إلی المعارف أو النجوم فإن لها طرائق أو أنها تزینها كما تزین الموشی طرائق الوشی جمع حبیكة كطریقة و طرق

أو حباك كمثال و مثل (3)

قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی ذات الطرائق الحسنة لكنا لا نری تلك الحبك لبعدها عنا و قیل ذات الخلق الحسن المستوی و قیل ذات الحسن و الزینة عن علی علیه السلام (4)

انتهی.

و أقول سیأتی تأویل آخر فی الروایة عن الرضا علیه السلام.

وَ فِی السَّماءِ رِزْقُكُمْ أی أسباب رزقكم أو تقدیره و قیل المراد بالسماء السحاب و بالرزق المطر فإنه سبب الأقوات وَ ما تُوعَدُونَ من الثواب لأن الجنة فوق السماء السابعة أو لأن الأعمال و ثوابها مكتوبة مقدرة فی السماء بِأَیْدٍ أی بقوة وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ أی لقادرون من الوسع بمعنی الطاقة و الموسع القادر علی الإنفاق أو لموسعون السماء أو ما بینها و بین الأرض أو الرزق و قیل أی قادرون علی خلق ما هو أعظم منها وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ هو السماء عن علی علیه السلام یَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً أی تدور دورانا و تضطرب و تموج و تتحرك وَ النَّجْمِ المراد جنس النجم أو الثریا فإنه غلب فیه و أول فی بعض الأخبار بالرسول صلی اللّٰه علیه و آله إِذا هَوی أی غرب أو انتثر یوم القیامة أو انقض

ص: 72


1- 1. فی المصدر: و قال.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 620.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2 ص 462.
4- 4. مجمع البیان: ج 9، ص 153.

أو طلع فإنه یقال هوی هویا بالفتح إذا سقط علی الأرض أو إذا نمی و ارتفع و علی الأخیر معراجه أو نزوله صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْری إنما خص بالذكر لأن خزاعة كانت تعبدها.

وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ قال الرازی المفسرون بأسرهم علی أن المراد أن القمر انشق و حصل فیه الانشقاق و دلت الأخبار الصحاح علیه و إمكانه لا یشك فیه و قد أخبر عنه الصادق فیجب اعتقاد وقوعه و حدیث امتناع الخرق و الالتئام حدیث اللئام و قد ثبت جواز الخرق و التخریب علی السماوات (1)

انتهی الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ أی یجریان بحساب معلوم مقدر فی بروجهما و منازلهما و یتسق بذلك أمور الكائنات السفلیة و تختلف الفصول و الأوقات و یعلم السنون و الحساب وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ المشهور أن المراد بالنجم النبات الذی ینجم أی یطلع من الأرض و لا ساق له و بالشجر الذی له ساق و قیل المراد بالنجم نجم السماء یَسْجُدانِ أی ینقادان لله فیما یرید بهما طبعا انقیاد الساجد من المكلفین طوعا وَ السَّماءَ رَفَعَها خلقها مرفوعة محلا و مرتبة فإنها منشأ أقضیته و منزل أحكامه و محل ملائكته.

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ یعنی یوم القیامة فَكانَتْ وَرْدَةً أی فصارت حمراء ثم تجری كَالدِّهانِ و هو جمع الدهن عند انقضاء الأمر و قیل هی كالدهان التی تصب بعضها بألوان مختلفة و قیل الدهان الأدیم الأحمر فَلا أُقْسِمُ قیل إذ الأمر أوضح من أن یحتاج إلی قسم أو فأقسم و لا مزیدة للتأكید أو فلأنا أقسم فحذف المبتدأ و أشبع فتحة لام الابتداء بِمَواقِعِ النُّجُومِ أی بمساقطها و تخصیص المغارب لما فی غروبها من زوال أثرها و الدلالة علی وجود مؤثر لا یزول تأثیره أو بمنازلها و مجاریها و قیل النجوم نجوم القرآن

و مواقعها أوقات نزولها وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ لما فی المقسم به من الدلالة علی عظم القدرة و كمال الحكمة و فرط الرحمة طِباقاً أی مطابقة بعضها فوق بعض مصدر طابقت

ص: 73


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 779.

النعل إذا خصفتها طبقا علی طبق وصف به أو طوبقت طباقا أو ذات طباق جمع طبق كجبل و جبال و قیل أراد بالمطابقة المشابهة أی یشبه بعضها بعضا فی الإحكام و الإتقان ما تَری فِی خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ أی اختلاف و تناقض من طریق الحكمة بل تری أفعاله كلها سواء فی الحكمة و إن كانت متفاوتة فی الصور و الهیئة و قیل معناه ما تری یا ابن آدم فی خلق السماوات من عیب و اعوجاج بل هی مستقیمة مستویة كلها مع عظمها فَارْجِعِ الْبَصَرَ أی فرد البصر و أدرها فی خلق اللّٰه و استقص فی النظر مرة بعد أخری و التقدیر انظر ثم ارجع النظر فی السماء و قیل أی قد نظرت إلیها مرارا فانظر إلیها مرة أخری متأملا فیها لتعاین ما أخبرت به من تناسبها و استقامتها و استجماعها ما ینبغی لها هَلْ تَری مِنْ فُطُورٍ أی شقوق و فتوق و قیل من وهی و خلل ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَیْنِ أی ثم كرر النظر مرتین لأن من نظر فی الشی ء كره بعد أخری بأن له ما لم یكن بائنا و قیل المراد بالتثنیة التكریر و التكثیر كما فی لبیك و سعدیك و لذلك أجاب الأمر بقوله یَنْقَلِبْ إِلَیْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً أی بعیدا عن إصابة المطلوب كأنه طرد عنه طردا بالصغار وَ هُوَ حَسِیرٌ كلیل من طول المعاودة و كثرة المراجعة وَ لَقَدْ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ أی بكواكب مضیئة إضاءة السراج.

و اعلم أن هاهنا إشكالا مشهورا و هو أنه اتفق أصحاب الهیئة علی أنه لیس فی السماء الأولی سوی القمر و سائر السیارات كل فی فلك و الثوابت كلها فی الثامن و الآیة الكریمة تدل علی أن كلها أو أكثرها فی السماء الدنیا و أجیب عنه بوجوه.

الأول أن النسبة إلیها أنه لما كانت تری منها فكانت زینة لها كما أن السراج المرئی خلف الزجاج زینة لها أو لأنه بحسب الحس لما كان یتوهم أنه فیها فكأنه زینة لها و هذا الوجه و إن كان أوفق بأصولهم إلا أنه متضمن لتكلف كثیر فی الآیات.

الثانی ما ذكره الرازی فی تفسیره و هو أنه لا یبعد وجود كرة تحت كرة

ص: 74

القمر و تكون فی البطء مساویة لكرة الثوابت و تكون الكواكب المركوزة فیما یقارن القطبین مركوزة فی هذه الكرة السفلیة إذ لا یبعد وجود كرتین مختلفتین بالصغر و الكبر مع كونهما متشابهتین فی الحركة و علی هذا التقدیر لا یمتنع أن تكون هذه المصابیح مركوزة فی السماء الدنیا فثبت أن مذهب الفلاسفة فی هذا الباب ضعیف (1)

انتهی.

و أقول جملة القول فی ذلك أن الحكماء أثبتوا أفلاكا تسعة لأنهم وجدوا أولا لجمیع الكواكب حركة سریعة من المشرق إلی المغرب و هی التی بها یتحقق طلوعها و غروبها و بها یتحقق اللیل و النهار و هی المسماة بالحركة الیومیة و بالحركة الأولی و بحركة الكل فأثبتوا لها فلكا واحدا یشتمل علی الجمیع (2)

ثم وجدوا لكل واحد من الكواكب السبعة المعروفة بالسیارة

ص: 75


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 246.
2- 2. الهیویون الاقدمون لا سیما شیعة بطلمیوس كانوا یزعمون ان العالم الجسمانی كرات متداخلة مركزها الأرض التی استوعب ثلاثة ارباع سطحها الماء، و فوقها كرة الهواء، و فوقها كرة النار، ثمّ فلك القمر، ثمّ عطارد، ثمّ الزهرة، ثمّ الشمس، ثمّ المریخ، ثمّ المشتری ثمّ زحل ثمّ فلك الثوابت ثمّ فلك الافلاك و هو غیر مناه قطرا فلا یمكن تحدید سطحه المحدب بحد و لا یقاس بمقیاس و كانوا یعدون الشمس و القمر من السیارات و یزعمون انها منحصرة فی السبعة المذكورة و ان لا حركة للثوابت سوی حركة غریبة بطیئة جدا و ان الفلك جسم كروی بسیط شفاف لا یقبل الخرق و الالتئام و التغیر و الفساد و ان الكواكب اكر مركوزة فی الافلاك الی غیر ذلك. و قد اختلفوا فی عدد الافلاك حتّی ادعی بعض المتأخرین وحدة الفلك الكلی و آخر أنهی الافلاك الجزئیة الی الثمانین! و كان لارهاط من الفلاسفة الاقدمین آراء اخری احسنها رای فیثاغورس و كان یری ان للأرض حركتین و ان الحركة الیومیة هی حركتها الوضعیة كما ثبت فی الهیئة الحدیثة و نسب الی بعض اتباعه القول بمركزیة الشمس. ثمّ ان فلاسفة الإسلام ارتضوا الفرضیة البطلمیوسیة و بنوا علیها و شددوا مبانیها فاصبحت نظریة مرضیة بل اصلا مسلما لا یختلف فیه، ثمّ نزل جم غفیر من علماء الإسلام ما ورد فی لسان الشرع من لفظة« السماوات» علی الافلاك السبعة« و الكرسیّ» علی الثامن و« العرش» علی التاسع، و منهم من قال ان السماوات فوق الافلاك، و قد تكلفوا لتطبیق الظواهر الشرعیة. علی أصول هذه الفرضیة و فروعها، كل ذلك لارتضائهم ایاها و اعجابهم بها و اعتقادهم بانها أصل هیوی قویم و قاعدة فلكیة مسلمة، مع انها فی الأصل فرضیة افترضت لحل ما اشكل من المسائل الهیویة و لذلك كلما بدت مشكلة اخذوا فی اصلاحها و تتمیمها فزادوا فی تعداد الافلاك و نقصوا و ابرموا ما نسجوا و نقضوا، حتی آل الامر الی انكار كثرة الافلاك من جهة و انهائها الی الثمانین من اخری! و اللبیب یأخذ عظته من عبر التاریخ و لا یتهاون بعد فی تأویل حقائق الكتاب و السنة بما یعجبه من آراء العلماء و اوهام الحكماء ما لم یستندوا الی دلیل قاطع و برهان ساطع. و كیف كان فالهیئة الحدیثة تنكر مركزیة الأرض و وحدة القمر و انحصار السیارات فی النیرین و الخمسة المتحیرة و كون الشمس من السیارات و الفلك البسیط الذی لا یقبل الحرق و الالتئام، و اكتشفت بالآلات الهیویة الحدیثة كواكب و اقمارا اخری لیس لها ذكر فی الهیئة القدیمة فاكتشفت من السیارات فلكان، اورانوس، نبتون و پیلوتون و عدة كواكب صغیرة بین المریخ و المشتری تناهز الف سیارة. و اكتشفت للمریخ قمران و للمشتری أحد عشر قمرا و لزحل تسعة اقمار و لاورانوس ستة اقمار الی غیر ذلك. و سنشیر الی بعض ما ثبت فی الهیئة الجدیدة فی موضع انسب ان شاء اللّٰه تعالی.

حركة من المغرب إلی المشرق مخالفة لحركة آخر منها فی السرعة و البطء فأثبتوا لكل واحدة منها فلكا ثم وجدوا لجمیع الكواكب التی غیر السبعة حركة واحدة غربیة بطیئة جدا فأثبتوا لها فلكا علی حدة فحصلت تسعة أفلاك لتسعة حركات و هی المسماة بالأفلاك الكلیة و أما ترتیب السیارات فالمشهور أن القمر فی الفلك الذی هو أقرب إلینا ثم عطارد ثم الزهرة ثم الشمس ثم المریخ ثم المشتری ثم زحل ثم فلك الثوابت ثم الأطلس الذی هو غیر مكوكب و ما ورد فی لسان الشرع بلفظ السماوات ینزلونها علی أفلاك السیارات و بلفظ الكرسی علی فلك البروج و هو الثامن و بلفظ العرش علی التاسع و استدلوا علی الترتیب المذكور بأن زحل یكسف بعض الثوابت فیكون تحتها و ینكسف بالمشتری فیكون فوقه و المشتری ینكسف بالمریخ فهو فوقه و هذه الثلاثة تسمی علویة و أما كون الشمس تحتها فلأن لها اختلاف منظر دون العلویة و أما الزهرة و عطارد فلا جزم بكونهما تحت الشمس أو فوقها إذ لا یكسفها غیر القمر و لا یدرك كسفها لشی ء من الكواكب لاحتراقها عند مقارنتها و لا یعرف لهما اختلاف منظر أیضا لأنهما لا یبعدان عن الشمس كثیرا و لا یصلان إلی نصف النهار و الآلة التی یعرف بها اختلاف المنظر

ص: 76

إنما تنصب فی سطح دائرة نصف النهار فحكموا بكونهما تحت الشمس استحسانا لتكون متوسطة بین الستة بمنزلة شمسة القلادة و أیدوا ذلك بمناسبات أخر و ذكر الشیخ و بعض من تقدمه أنه رأی الزهرة كشامة علی وجه الشمس و بعضهم ادعی أنه رآها و عطارد كشامتین علیها و سمیا سفلیین لذلك و الزهرة منها فوق عطارد لانكسافها به و القمر تحت الكل لانكساف الكل به.

و أما خصوص عدد التسعة فجزم الأكثر بأنه لا أقل منها و المحقق الطوسی رحمه اللّٰه جوز كونها ثمانیة حیث قال فی التذكرة و إسناد إحدی الحركتین الأولیین إلی المجموع لا إلی فلك خاص به لم یكن ممتنعا لكنهم لم یذهبوا إلی ذلك و قال صاحب التحفة إنی سمعت من الأستاذ أن جواز إسناد إحدی الأولیین إلی المجموع لا إلی فلك خاص بها معلل بجواز اتصال نفس بالثمانیة و أخری بالثامنة و تكون دوائر البروج و المنطقتان مفروضة علی محدب الثامنة فقلت فعلی هذا یمكن أن تكون الأفلاك الكلیة سبعة فقط بأن تفرض الثوابت مركوزة فی ممثل زحل و دوائر البروج علی محدبة متحركة بالحركة السریعة دون البطیئة و تتعلق نفس واحدة بمجموع السبعة و تحركه الحركة الأولی و نفس أخری تعلقت بممثل زحل وحده و تحركه الحركة البطیئة و نفس الثانیة تعلقت بخارجه و تحركه الحركة الخاصة و باقی الأفلاك الستة علی حالها فاستحسنه و أثنی علی انتهی.

و قال المحقق الدوانی یجوز أن تكون الأفلاك الكلیة اثنین بأن تفرض الأفلاك الخارجة المراكز كلها سوی خارج القمر فی ثخن ممثل واحد بحیث لا تكون السطوح التی یثبتونها بین الممثلات إلا بین ذلك الممثل و ممثل القمر فتنحصر الأفلاك الكلیة فیهما انتهی هذا هو الكلام فی جانب القلة و أما فی جانب الكثرة فلا قطع لاحتمال أن یكون كل من الثوابت أو كل طائفة منها فی فلك علی حدة و أن یكون أفلاكا كثیرة غیر مكوكبة هذا ما ذكروه فی هذا الباب و لنرجع إلی ما یناسب الكتاب فنقول.

ص: 77

یمكن أن یكون أكثر الكواكب الثابتة و هی التی لم تكن فی ممر السیارات فی فلك من الأفلاك الجزئیة للقمر مساویة حركته لحركة الثوابت فإنهم أثبتوا كلا من تلك الأفلاك الجزئیة لدواع دعتهم إلی ذلك مع أنه تلزمهم علی ذلك إشكالات لم یمكنهم حلها فلا مانع من إثبات فلك آخر لتصحیح ما فی الآیات و الأخبار بحیث لا یخالف قواعدهم المبنیة علی الظن و التخمین و بالقید المذكور لا مانع من جهة الانكساف أیضا.

الثالث ما خطر بالبال القاصر و هو أن یكون جمیع الأفلاك الثمانیة التی أثبتوها لجمیع الكواكب فلكا واحدا مسمی بالسماء الدنیا و تكون غیرها ستة سماوات أخر غیر مكوكبة كما أنهم یثبتون لكل من الكواكب أفلاكا كثیرة جزئیة و یعدون الكل فلكا واحدا كلیا فلا ینافی شیئا من أصولهم و إنما یخالف مصطلحهم و لا عبرة بمخالفة الاصطلاح و قد ذهب بعض قدماء الحكماء أیضا إلی أن الثوابت فی فلك القمر قال بلیناس الحكیم فی كتاب علل الأشیاء هی سبعة أفلاك بعضها فی جوف بعض و صارت الأفلاك فی كل منها كوكب غیر فلك القمر فإن الكواكب تبددت فیه و تقطعت لاختلاطها بكثرة الریاح الصاعدة إلیه من قرب الأرض و قال فی موضع آخر و أما سماء الدنیا فإنها تبددت كواكبها من قبل حبكها و تدرجها فتقلبت الكواكب فصارت متعلقة بتلك الدرج و قال عند ذكر الملائكة سكان فلك القمر من الروحانیین كثیرة رحمتهم قلیلة شرورهم متعطفین علی الحیوان مصلحین للنبات دائبین فی مسرة بنی آدم متصلین بهم فلاتصالهم ربما ظهروا لهم و كلموهم بلا هیبة منهم بالرحمة لهم و بألفة و هم مسلطون علی

السماء یحرسون السماء من شیطانك و ولده أن یسترقوا السمع من الملائكة الأعلین الروحانیین المتصلین بفلك الشمس و إن الروحانیین الموكلین بالشمس إذا طلعت الشمس من مشرقها كان عندهم الأحداث التی تحدث فی العالم فی ذلك الیوم كله فشیطانك و ولده یسترقون ما أوحی إلی أولئك الملائكة فالملائكة الذین فی فلك القمر یجملون النجوم حتی یصیر نارا ثم یرجمونهم بها

ص: 78

فیهربون منها إلی آخر ما قال.

الرابع أن یكون المراد بالكواكب فی الآیة الكریمة الشهب المنقضة قریبا منها و لما كانت تری حسا علی سطح السماء فهی زینة لها و تؤیده تتمة الآیة كما ستعرف.

الخامس أن یكون المراد بالدنیا الدنو من الناحیة العلیا و العرش الأعلی فالمراد بها الفلك الثامن علی سیاق قوله تعالی دَنا فَتَدَلَّی فإن ترتیب الأفلاك قد یبتدأ مما یلینا فیكون فلك القمر أولها و أدناها و قد یبتدأ به من الجانب الأعلی ففلك الثوابت أول الأفلاك المكوكبة و أدناها من العرش و یرد علیه أن فی لسان الشرع یعبر عنه بالكرسی كما مر وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّیاطِینِ قال البیضاوی و جعلنا لها فائدة أخری هی رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المسببة عنها و قیل معناها رجوما و ظنونا لشیاطین الإنس و هم المنجمون فالرجوم (1) جمع رجم بالفتح و هو مصدر سمی به ما یرجم به وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِیرِ فی الآخرة بعد الإحراق بالشهب فی الدنیا(2) انتهی و أقول علی الاحتمال الرابع لا تحتاج إلی تكلف فی ذلك.

وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ قال الرازی لنزول الملائكة فَهِیَ یَوْمَئِذٍ واهِیَةٌ أی مسترخیة ساقطة القوة كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ بعد ما كانت محكمة شدیدة(3) كَالْمُهْلِ قیل كدردی الزیت و قیل كعكر القطران سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً قال الرازی هذا یقتضی كون بعضها مطبقا(4)

علی البعض و هذا یقتضی أن لا یكون هاهنا(5) فرج فالملائكة كیف یسكنون و الجواب أن الملائكة أرواح و أیضا

ص: 79


1- 1. فی المصدر« و الرجوم».
2- 2. أنوار التنزیل: ج 2، ص 533.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 283.
4- 4. فی المصدر: منطبقا.
5- 5. فی المصدر: بینها.

المراد من كونها طباقا كونها موازیة لا أنها متماسة(1) وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً قال البیضاوی أی فی السماوات و هو فی السماء الدنیا و إنما نسب إلیهن لما بینهن من الملابسة وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً مثلها به لأنها تزیل ظلمة اللیل عن وجه الأرض كما یزیلها

السراج عما حوله (2) وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ أی طلبنا بلوغ السماء أو خبرها و اللمس مستعار من المس للطلب كالجس حَرَساً أی حراسا اسم جمع كالخدم شَدِیداً قویا و هم الملائكة الذین یمنعونهم عنها وَ شُهُباً جمع شهاب و هو المضی ء المتولد من النار وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ أی مقاعد خالیة عن الحرس و الشهب أو صالحة للرصد و الاستماع و لِلسَّمْعِ صلة لنقعد أو صفة لمقاعد شِهاباً رَصَداً أی شهابا راصدا له و لأجله یمنعه عن الاستماع بالرجم أو ذوی شهاب راصدین علی أنه اسم جمع للراصد.

طُمِسَتْ أی محقت و أذهب نورها فُرِجَتْ أی شقت سَبْعاً شِداداً أی سبع سماوات أقویاء محكمات لا یؤثر فیها مرور الدهور وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً متلألئا وقادا أو بالغا فی الحرارة و المراد الشمس وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أی انقضت أو أظلمت وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ أی قلعت و أزیلت كما یكشط الإهاب عن الذبیحة فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ قال الرازی فیه قولان الأول و هو المشهور الظاهر أنها النجوم الخنس جمع خانس و الخنوس الانقباض و الاستخفاء تقول خنس بین القوم و انخنس و الكنس جمع كانس و كانسة یقال كنس إذا دخل الكناس و هو مقر الوحش یقال كنست الظباء فی كناسها و تكنست المرأة إذا دخلت هودجها تشبه بالظبی إذا دخل الكناس ثم اختلفوا فی خنوس النجوم و كنوسها علی ثلاثة أوجه فالقول الأظهر أن ذلك إشارة إلی رجوع الكواكب الخمسة السیارة و استقامتها فرجوعها هو الخنوس و كنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس و لا شك أن هذه حالة عجیبة و فیها أسرار عظیمة

ص: 80


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 306.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 2، ص 552.

باهرة

وَ الْقَوْلُ الثَّانِی مَا رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ غَیْرِهِ: أَنَّهَا هِیَ جَمِیعُ الْكَوَاكِبِ.

و خنوسها عبارة عن غیبوبتها عن البصر فی النهار و كنوسها عن ظهورها للبصر فی اللیل أی تظهر فی أماكنها كالوحش فی كنسها و القول الثالث أن السبعة السیارة تختلف مطالعها و مغاربها علی ما قال تعالی بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ و لا شك أن فیها مطلعا واحدا و مغربا واحدا هما أقرب المطالع و المغارب إلی سمت رأسنا(1)

ثم إنها تأخذ فی التباعد من ذلك المطلع إلی سائر المطالع طول السنة ثم ترجع إلیها فخنوسها عبارة عن تباعدها عن ذلك المطلع و كنوسها عبارة عن عودها إلیه فعلی القول الأول یكون القسم واقعا بالخمسة المتحیرة و علی الثانی بجمیع الكواكب و علی الثالث بالسبعة السیارة.

و القول الثانی أنها بقر الوحش و قال ابن جبیر هی الظباء و علی هذا الخنس من الخنس فی الأنف و هو تقعیر فیه فإن البقر و الظباء أنوفها علی هذه الصفة و الكنس جمع كانس و هی التی تدخل الكناس و القول هو الأول لأنه أنسب بما بعده و لأن محل قسم اللّٰه كلما كان أعظم و أعلی رتبة كان أولی (2)

انتهی.

و أقول الخمسة المتحیرة هی ما خلا الشمس و القمر من السبعة السیارة و إنما سمیت متحیرة لكونها فی حركاتها الخاصة تارة مستقیمة تری متحركة من المغرب إلی المشرق و تارة واقفة و تارة راجعة كالمتحیر فی أمره و لذا أثبتوا لها تداویر لظنهم عدم الاختلاف فی حركات فلك واحد.

قوله تعالی إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ قال الرازی أی انشقت وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ إذ(3)

عند انتقاض تركیب السماء لا بد من انتشار الكواكب علی تخوم (4)

الأرض و الفلاسفة ینكرون إمكان الخرق و الالتئام علی الأفلاك و دلیلنا علی

ص: 81


1- 1. فی المصدر: رءوسنا.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 482.
3- 3. فی المصدر: لان.
4- 4. فی المصدر: علی الأرض.

إمكان ذلك أن الأجسام متماثلة فی كونها أجساما فوجب أن یصح علی كل واحد منها ما یصح علی الآخر و إنما قلنا إنها متماثلة لأنه یصح تقسیمها إلی السماویات و الأرضیات و مورد التقسیم مشترك بین القسمین فالعلویات و السفلیات مشتركة فی أنها أجسام و إنما قلنا إنه متی كان كذلك وجب أن یصح علی العلویات ما یصح علی السفلیات لأن المتماثلات حكمها واحد فما صح (1) حكمه علی كل واحد منها وجب أن یصح علی الباقی (2) و قال فی قوله سبحانه إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ قد مر شرحه فی مواضع

وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهَا تَنْشَقُّ مِنَ الْمَجَرَّةِ.

وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها أی استمعت له و المعنی أنه لم یوجد فی جرم السماء ما یمنع من تأثیر قدرة اللّٰه فی شقها و تفریق أجزائها فكانت فی قبول ذلك التأثیر كالعبد الطائع الذی إذا ولی (3)

علیه الأمر من جهة المالك أنصت له و أذعن و لم یمتنع فكذلك قوله قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ یدل علی نفوذ القدرة فی الإیجاد و الإبداع من غیر مانع (4)

أصلا كما أن قوله هاهنا وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها یدل علی نفوذ القدرة فی التفریق و الإعدام و الإفناء من غیر ممانعة أصلا و أما قوله وَ حُقَّتْ فهو من قولك هو محقوق بكذا و حقیق به یعنی و هی حقیقة بأن تنقاد و لا تمتنع و ذلك لأنه جسم و كل جسم ممكن لذاته و كل ممكن لذاته فإن الوجود و العدم بالنسبة إلیه علی السویة و كل ما كان كذلك فإن ترجیح (5)

عدمه علی وجوده لا بد و أن یكون بتأثیر واجب الوجود و ترجیحه فیكون تأثیر قدرته فی إیجاده و إعدامه نافذا ساریا من غیر ممانعة أصلا و أما الممكن فلیس له إلا القبول و الاستعداد و مثل هذا الشی ء حقیق به أن یكون قابلا للوجود تارة و للعدم أخری من واجب الوجود(6) و قال

ص: 82


1- 1. فی المصدر: فمتی یصحّ.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 486.
3- 3. فی المصدر: إذا ورد علیه.
4- 4. فی المصدر: من غیر ممانعة.
5- 5. فی المصدر: ترجیح وجوده علی عدمه أو عدمه علی وجوده.
6- 6. مفاتیح الغیب: ج 7، ص 509.

فی قوله تعالی وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ثلاثة أقوال أحدها أنها هی البروج الاثنا عشر و إنما حسن القسم بها لما فیها من عجیب الحكمة و ذلك لأن سیر الشمس فیها و لا شك أن مصالح العالم السفلی مرتبطة بسیر الشمس فدل ذلك علی أن لها صانعا حكیما و ثانیها أن البروج هی منازل القمر و إنما حسن القسم بها لما فی سیر القمر و حركته من الآثار العجیبة و ثالثها أن البروج هی عظام الكواكب سمیت بروجا لظهورها(1)

انتهی.

و أقول فی بعض الأخبار تأویل السماء بسید الأنبیاء صلی اللّٰه علیه و آله و البروج بالأئمة الاثنی عشر علیهم السلام.

وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ قال الرازی أما الطارق فهو كل ما أتاك لیلا سواء كان كوكبا أو غیره وَ ما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ قال سفیان بن عیینة كل شی ء فی القرآن ما أَدْراكَ فقد أخبر الرسول صلی اللّٰه علیه و آله به و كل شی ء فیه ما یُدْرِیكَ لم یخبر به كقوله وَ ما یُدْرِیكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِیبٌ ثم قال النَّجْمُ الثَّاقِبُ أی هو طارق رفیع الشأن (2) و هو النجم الذی یهتدی به فی ظلمات البر و البحر و یوقف به علی أوقات الأمطار و وصف بكونه ثاقبا لوجوه أحدها أنه یثقب الظلام بضوء ینفذ فیه و ثانیها أنه یطلع من المشرق نافذا فی الهواء كالشی ء الذی یثقب الشی ء و ثالثها أنه الذی یرمی به الشیطان فیثقبه أی ینفذ فیه و یحرقه و رابعها قال الفراء هو النجم المرتفع علی النجوم و العرب تقول للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعا قد ثقب و اختلفوا فی النجم قال بعضهم أشیر به إلی جماعة النجوم كما قیل إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ و قال آخرون إنه نجم بعینه قال ابن زید إنه الثریا و قال الفراء إنه زحل لأنه یثقب بنوره سمك سبع سماوات و قال آخرون إنه الشهب التی ترجم بها الشیاطین لقوله تعالی فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (3)

ص: 83


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 518.
2- 2. فی المصدر: عظیم الشأن رفیع القدر.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 528.

وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی ذات المطر عن أكثر المفسرین و قیل یعنی بالرجع شمسها و قمرها و نجومها تغیب ثم تطلع و قیل رجع السماء إعطاؤها الخیر الذی یكون من جهتها حالا بعد حال علی مرور الأزمان فترجع بالغیث و أرزاق العباد و غیر ذلك (1)

انتهی.

و أقول لا یبعد أن یكون إشارة إلی رجوع المتحیرة كما عرفت.

وَ إِلَی السَّماءِ كَیْفَ رُفِعَتْ أی رفعا بعید المدی بلا إمساك و بغیر عمد وَ ما بَناها أی و من بناها.

تذییل قال الرازی اعلم أن منافع النجوم كثیرة منها أنه زین اللّٰه السماء بها و منها أنه یحصل بسببها فی اللیل قدر من الضوء و لذلك فإنه إذا تكاثفت السحاب فی اللیل عظمت الظلمة و ذلك بسبب أن السحاب یحجب أنوارها و منها أنه یحصل بسببها

تفاوت فی أحوال الفصول الأربعة فإنها أجسام عظیمة نورانیة فإذا قاربت (2) الشمس كوكبا مسخنا فی الصیف صار أقوی حرا و هی مثل نار تضم إلی نار أخری فإنه لا شك أنه یكون الأثر الحاصل من المجموع أقوی و منها أنه تعالی جعلها علامات یهتدی بها فی ظلمات البر و البحر علی ما قال تعالی وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ و منها أنه تعالی جعلها رجوما للشیاطین الذین یخرجون الناس من نور الإیمان إلی ظلمة(3)

الكفر یروی أن السبب فی ذلك أن الجن كانت تسمع بخبر السماء فلما بعث محمد صلی اللّٰه علیه و آله حرست السماء و رصدت الشیاطین فمن جاء منهم مسترقا للسمع رمی بشهاب فأحرقه لئلا ینزل به إلی الأرض فیلقیه إلی الناس فیخلط علی النبی أمره و یرتاب الناس بخبره و هذا هو السبب فی انقضاض الشهب فهذا هو المراد من قوله تعالی وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّیاطِینِ و من الناس من طعن فی هذا من وجوه.

ص: 84


1- 1. مجمع البیان: ج 10، ص 472.
2- 2. فی المصدر: قارنت.
3- 3. فی المصدر: ظلمات.

أحدها أن انقضاض الكواكب مذكور فی كتب قدماء الفلاسفة قالوا إن الأرض إذا سخنت بالشمس ارتفع منها بخار یابس فإذا بلغ النار التی دون الفلك احترق بها فتلك الشعلة هی الشهاب.

و ثانیها أن هؤلاء الجن كیف یجوز أن یشاهدوا واحدا و ألفا من جنسهم یسترقون السمع فیحترقون ثم إنه (1)

مع ذلك یعودون لمثل صفتهم (2) فإن العاقل إذا رأی الهلاك فی شی ء مرة و مرارا امتنع أن یعود إلیه من غیر فائدة.

و ثالثها أنه یقال فی ثخن السماء مسیرة خمسمائة عام فهؤلاء الجن إن نفذوا فی جرم السماء و خرقوا اتصاله فهذا باطل لأنه تعالی نفی أن یكون فیها فطور علی ما قال فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَری مِنْ فُطُورٍ و إن كانوا لا ینفذون فی جرم السماء فكیف یمكنهم أن یسمعوا أسرار الملائكة من ذلك البعد العظیم فلم لا یسمعون كلام الملائكة حال كونهم فی الأرض.

و رابعها أن الملائكة إنما اطلعوا علی الأحوال المستقبلة إما لأنهم طالعوها من اللوح (3) المحفوظ أو لأنهم یتلقونها من وحی اللّٰه تعالی إلیهم و علی التقدیرین فلم لا یمسكون عن ذكرها حتی لا یتمكن الجن من الوقوف علیها.

و خامسها أن الشیاطین مخلوقون من النار و النار لا تحرق النار بل تقویها فكیف یحتمل (4) أن یقال الشیطان زجر من استراق السمع بهذه الشهب.

و سادسها أنه إن كان هذا القذف لأجل النبوة فلم دام بعد وفاة الرسول ص.

و سابعها أن هذه الرجوم إنما تحدث بالقرب من الأرض بدلیل أنا نشاهد حركاتها بالغة و لو كانت قریبة من الفلك لما شاهدنا حركاتها(5)

كما لم نشاهد

ص: 85


1- 1. فی المصدر: إنهم.
2- 2. فی المصدر: صنیعهم.
3- 3. فی المصدر: فی اللوح.
4- 4. فی المصدر: فكیف یعقل أن یقال ان الشیاطین زجروا عن استراق.
5- 5. فی المصدر: حركتها بالعین.

حركات الكواكب و إذا ثبت أن هذه الشهب إنما تحدث بالقرب من الأرض فكیف یقال إنها تمنع الشیاطین من الوصول إلی الفلك.

و ثامنها أن هؤلاء الشیاطین لو كان یمكنهم أن ینقلوا أخبار الملائكة من المغیبات إلی الكهنة فلم لا ینقلون أسرار المؤمنین إلی الكفار حتی یتوسل الكفار بواسطة وقوفهم علی أسرارهم إلی إلحاق الضرر بهم.

و تاسعها لم لم یمنعهم اللّٰه ابتداء من الصعود إلی السماء حتی لا یحتاج فی دفعهم عن السماء إلی هذه الشهب.

و الجواب عن السؤال الأول أنا لا ننكر أن هذه الشهب كانت موجودة قبل مبعث النبی صلی اللّٰه علیه و آله (1) و قد یوجد بسبب آخر و هو دفع الجن و زجرهم

یُرْوَی: أَنَّهُ قِیلَ لِلزُّهْرِیِّ أَ كَانَ یُرْمَی فِی الْجَاهِلِیَّةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ فَرَأَیْتَ قَوْلَهُ تَعَالَی أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ یَسْتَمِعِ الْآنَ یَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً قَالَ غَلُظَتْ وَ شُدِّدَ أَمْرُهَا حِینَ بُعِثَ النَّبِیُّ ص.

و الجواب عن السؤال الثانی أنه إذا جاء القدر عمی البصر فإذا قضی اللّٰه علی طائفة منهم الحرق لطغیانها و ضلالها قیض لها من الدواعی المطمعة فی درك المقصود ما عندها یقدم علی العمل المفضی إلی الهلاك و البوار.

و الجواب عن السؤال الثالث أن البعد بین الأرض و السماء مسیرة خمسمائة عام فأما ثخن الفلك فلعله لا یكون عظیما.

و الجواب عن السؤال الرابع

مَا رَوَی الزُّهْرِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهم السلام عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِساً فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ رُمِیَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ إِذَا حَدَثَ مِثْلُ هَذَا قَالُوا كُنَّا نَقُولُ یُولَدُ عَظِیمٌ أَوْ یَمُوتُ عَظِیمٌ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهَا لَا تُرْمَی لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَیَاتِهِ وَ لَكِنَّ رَبَّنَا تَعَالَی إِذَا قَضَی الْأَمْرَ فِی السَّمَاءِ سَبَّحَتْ حَمَلَةُ

ص: 86


1- 1. فی المصدر: لأسباب أخر إلّا أن ذلك لا ینافی أنّها بعد مبعث النبیّ علیه الصلاة و السلام قد توجد.

الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَ سَبَّحَ (1) كُلُّ سَمَاءٍ حَتَّی یَنْتَهِیَ التَّسْبِیحُ إِلَی هَذِهِ السَّمَاءِ وَ یَسْتَخْبِرُ أَهْلُ السَّمَاءِ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مَا ذَا قَالَ رَبُّكُمْ فَیُخْبِرُونَهُمْ وَ لَا یَزَالُ یَنْتَهِی ذَلِكَ الْخَبَرُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَی سَمَاءٍ إِلَی أَنْ یَنْتَهِیَ الْخَبَرُ إِلَی هَذِهِ السَّمَاءِ وَ یَتَخَطَّفُ الْجِنُّ فَیُرْمَوْنَ فَمَا جَاءُوا بِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَ لَكِنَّهُمْ یَزِیدُونَ فِیهِ.

و الجواب عن السؤال الخامس أن النار قد تكون أقوی من نار أخری فالأقوی تبطل الأضعف.

و الجواب عن السؤال السادس أنه إنما دام لأنه صلی اللّٰه علیه و آله أخبر ببطلان الكهانة فلو لم یدم هذا القذف لعادت الكهانة و ذلك یقدح فی خبر الرسول صلی اللّٰه علیه و آله عن بطلان الكهانة.

و الجواب عن السؤال السابع أن البعد علی مذهبنا غیر مانع من السماع فلعله تعالی أجری عادته بأنهم إذا وقعوا(2)

فی تلك المواضع سمعوا كلام الملائكة(3).

و الجواب عن السؤال الثامن لعله تعالی أقدرهم علی استماع الغیوب عن الملائكة و أعجزهم عن إیصال أسرار المؤمنین إلی الكافرین (4).

و الجواب عن السؤال التاسع أنه تعالی یَفْعَلُ ما یَشاءُ و یَحْكُمُ ما یُرِیدُ فهذا ما یتعلق بهذا الباب علی سبیل الاختصار(5)

انتهی.

ص: 87


1- 1. فی المصدر: یسبح أهل كل سماء.
2- 2. فی المصدر: وقفوا.
3- 3. هذا الجواب مبنی علی قول الأشاعرة بانكار العلیة و المعلولیة و أن الملازمة بین العلة و المعلول لیس أمرا ذاتیا و انما هو لجریان عادة اللّٰه تعالی علی ذلك، فمن الممكن ان یكون عادته تعالی فی بعض الموارد علی خلافه.
4- 4. و الصواب أن یقال: ان كان المراد بالكفار جمیعهم فالملازمة ممنوعة لان المكالمة مع الجن یتوقف علی مقدمات لا تحصل لجمیعهم، و ان كان المراد كهنتهم فبطلان التالی غیر مسلم.
5- 5. مفاتیح الغیب: ج 8، ص 246- 248.

و أقول الأصوب فی الجواب عن الثالث أن یقال قد ظهر أن للسماء أبوابا یصعد منها الملائكة و صعد منها نبینا صلی اللّٰه علیه و آله و عیسی و إدریس علیهما السلام بل أجساد سائر الأنبیاء و الأوصیاء بعد وفاتهم علی قول و قد ورد فی الأخبار أن الجن كانوا یصعدون قبل عیسی علیه السلام إلی ما تحت العرش و بعد بعثته كانوا یصعدون إلی الرابعة و بعد بعثة النبی صلی اللّٰه علیه و آله منعوا عن صعود السماء مطلقا بالشهب فصعودهم إما من أبوابها أو لكونهم أجساما لطیفة یمكنهم النفوذ فی جرمها و لعل المراد بالفطور فیها أن تری فیها شقوق و ثقب أو تنهدم و تنحل أجزاؤها فلا إشكال فی ذلك.

«1»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، وَ الْخِصَالُ، فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ سَأَلَهُ مِمَّ خُلِقَ السَّمَاوَاتُ قَالَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ وَ سَأَلَهُ عَنْ سَمَاءِ الدُّنْیَا مِمَّا هِیَ قَالَ مِنْ مَوْجٍ مَكْفُوفٍ وَ سَأَلَهُ كَمْ طُولُ الْكَوَاكِبِ وَ عَرْضُهُ قَالَ اثْنَا عَشَرَ فَرْسَخاً فِی اثْنَیْ عَشَرَ فَرْسَخاً وَ سَأَلَهُ عَنْ أَلْوَانِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ أَسْمَائِهَا فَقَالَ لَهُ اسْمُ السَّمَاءِ الدُّنْیَا رَفِیعٌ وَ هِیَ مِنْ مَاءٍ وَ دُخَانٍ وَ اسْمُ السَّمَاءِ الثَّانِیَةِ قَیْدُومٌ وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ النُّحَاسِ وَ السَّمَاءُ الثَّالِثَةُ اسْمُهَا الْمَارُومُ وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ الشَّبَهِ وَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ اسْمُهَا أرفلون وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ الْفِضَّةِ وَ السَّمَاءُ الْخَامِسَةُ اسْمُهَا هیعون (1)

وَ هِیَ عَلَی لَوْنِ الذَّهَبِ وَ السَّمَاءُ السَّادِسَةُ اسْمُهَا عَرُوسٌ وَ هِیَ یَاقُوتَةٌ خَضْرَاءُ وَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ اسْمُهَا عَجْمَاءُ وَ هِیَ دُرَّةٌ بَیْضَاءُ(2) الْخَبَرَ.

بیان: من موج مكفوف أی من جسم مواج ممنوع من السیلان بقدرته سبحانه أو بأن أجمدها بعد ما كانت سیالة و یحتمل أن یكون كنایة عن كونها مخلوقة من جسم لطیف قد استقر فی محله و لا ینزل و لا یسیل أو موجها كنایة عن تلألؤ الكواكب فیها بناء علی أنها فیها و یمكن أن یكون المقدار المذكور للكوكب لأصغر الكواكب التی فی المجرة إذ المرصودة منها علی المشهور أكبر من ذلك بكثیر بل ما سوی القمر و السفلیین أكبر من الأرض بأضعافها و

ص: 88


1- 1. فی المخطوطة« هیفوف» و فی المصدر« هیفون».
2- 2. الخصال: 3، العیون: ج 1، ص 241، العلل: ج 2، ص 280.

قد أول بعض السالكین مسالك الفلاسفة اختلاف الألوان الوارد فی هذا الخبر باختلاف أنواعها و طبائعها فإنهم یقولون لیس للسماوات لون كما ستعرف إن شاء اللّٰه و ذكر السید الداماد رحمه اللّٰه لتقدیر الكواكب تأویلا غریبا أوردته فی مقام آخر و إن كانت أقوالهم فی أمثال ذلك لم تورث إلا ظنا.

«2»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ رَأَیْتُ فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بِحَاراً مِنْ نُورٍ یَتَلَأْلَأُ یَكَادُ تَلَأْلُؤُهَا یَخْطَفُ بِالْأَبْصَارِ وَ فِیهَا بِحَارٌ مِنْ (1) ظُلْمَةٍ وَ بِحَارُ ثَلْجٍ تَرْعُدُ(2) الْخَبَرَ.

بیان: ترعد أی یظهر منها صوت الرعد أو علی بناء المجهول أی تضطرب.

«3»- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلَّانَ رَفَعَهُ قَالَ: سَأَلَ یَهُودِیٌّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِمَ سُمِّیَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً قَالَ لِأَنَّهَا وَسْمُ الْمَاءِ یَعْنِی مَعْدِنَ الْمَاءِ(3)

الْخَبَرَ.

بیان: فسر الوسم بالمعدن لأن معدن كل شی ء علامة حصوله و لعله مبنی علی الاشتقاق الكبیر لأن الوسم من معتل الفاء و السماء علی المشهور من معتل اللام من السمو و هو الرفعة أو هو علی القلب كما أن الاسم أیضا من السمو.

«4»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ جَرِیرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ: سُئِلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنِ الطَّارِقِ قَالَ هُوَ أَحْسَنُ نَجْمٍ فِی السَّمَاءِ وَ لَیْسَ یَعْرِفُهُ النَّاسُ وَ إِنَّمَا سُمِّیَ الطَّارِقَ لِأَنَّهُ یَطْرُقُ نُورُهُ سَمَاءً سَمَاءً إِلَی سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ثُمَّ یَطْرُقُ رَاجِعاً حَتَّی یَرْجِعَ إِلَی مَكَانِهِ (4).

ص: 89


1- 1. فی المصدر: بحار مظلمة.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 373.
3- 3. علل الشرائع: ج 1، ص 3.
4- 4. العلل: ج 2، ص 264.

«5»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْمَجَرَّةِ الَّتِی تَكُونُ فِی السَّمَاءِ قَالَ هِیَ شَرَجُ السَّمَاءِ وَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ وَ مِنْهُ أَغْرَقَ اللَّهُ قَوْمَ نُوحٍ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ الْخَبَرَ(1).

بیان: الشرج اسم للمجرة و لعلهم شبهوها بالعری التی فی الكیس و العیبة تشد بها أو بمجری الماء لأنها مجراه حقیقة كما فی الخبر أو لأنها شبیهة بالنهر فی وسط الوادی قال الفیروزآبادی الشرج محركة العری و منفسخ الوادی و مجرة السماء و انشقاق فی القوس و الشرج الفرقة و مسیل ماء من الجرة إلی السهل و شد الخریطة(2) و قال الجوهری شرج العیبة بالتحریك عراها و قد أشرجت العیبة إذا داخلت بین أشراجها و مجرة السماء تسمی شرجا(3).

«6»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی خَبَرِ إِدْرِیسَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ غِلَظُ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ مِنَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ إِلَی السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ (4)

وَ مِنَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ إِلَی الثَّانِیَةِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ كُلُّ سَمَاءٍ وَ مَا بَیْنَهُمَا كَذَلِكَ (5)

الْخَبَرَ.

«7»- الْعِلَلُ، فِی خَبَرِ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا بَالُ النُّجُومِ تَسْتَبِینُ صِغَاراً وَ كِبَاراً وَ مِقْدَارُ(6) النُّجُومِ كُلُّهَا سَوَاءٌ قَالَ لِأَنَّ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ سَمَاءِ الدُّنْیَا بِحَاراً یَضْرِبُ الرِّیحُ أَمْوَاجَهَا فَلِذَلِكَ تَسْتَبِینُ صِغَاراً وَ كِبَاراً وَ مِقْدَارُ النُّجُومِ كُلُّهَا سَوَاءٌ الْخَبَرَ(7).

ص: 90


1- 1. الاحتجاج: 138.
2- 2. القاموس: ج 1، ص 195.
3- 3. الصحاح: ج 1، ص 324.
4- 4. فی المصدر: و غلظ السماء الثالثة خمسمائة عام.
5- 5. تفسیر القمّیّ: 412.
6- 6. فی المصدر:« و مقدارها سواء» و هو الصحیح ظاهرا، أی حالكون مقدارها سواء.
7- 7. علل الشرائع: ج 2، ص 156.

بیان: لعل غرض السائل السؤال عن علة كون النجم الواحد یری فی بعض الأحیان أصغر و فی بعضها أكبر مع أن مقداره فی جمیع الأحوال واحد كما أن كلا من الشمس و القمر إذا كان عند الأفق أو قریبا منه یری أكبر منه إذا كان فی قریب سمت الرأس لكثرة الأبخرة و انعطاف الأشعة البصریة عند وصولها إلی الملإ الغلیظ كما بین فی علم المناظر و یحتمل أن تكون البحار كنایة عن الأبخرة.

«8»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ وَ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: هَذِهِ النُّجُومُ (1) الَّتِی فِی السَّمَاءِ مَدَائِنُ مِثْلُ الْمَدَائِنِ الَّتِی فِی الْأَرْضِ مَرْبُوطَةٌ كُلُّ مَدِینَةٍ إِلَی عَمُودٍ مِنْ نُورٍ طُولُ ذَلِكَ الْعَمُودِ فِی السَّمَاءِ مَسِیرَةُ مِائَتَیْنِ وَ خَمْسِینَ سَنَةً(2).

أقول: سیجی ء خبر الحسین بن خالد عن الرضا علیه السلام فی باب صفة الأرضین.

«9»- التَّوْحِیدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ جَمِیلٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَلْ فِی السَّمَاءِ بِحَارٌ قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ فِی السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ لَبِحَاراً عُمْقُ أَحَدِهَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ (3) الْخَبَرَ.

«10»- مُنْتَخَبُ الْبَصَائِرِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الرَّیَّانِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ خَلْفَ هَذِهِ النِّطَاقِ زَبَرْجَدَةً خَضْرَاءَ مِنْهَا اخْضَرَّتِ السَّمَاءُ قُلْتُ وَ مَا النِّطَاقُ قَالَ الْحِجَابُ وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَرَاءَ ذَلِكَ سَبْعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ كُلُّهُمْ یَلْعَنُ فُلَاناً وَ فُلَاناً.

«11»- إِرْشَادُ الْمُفِیدِ، رَوَی أَبُو بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ أَنَّهُ

ص: 91


1- 1. فی المصدر: لهذه النجوم.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 554.
3- 3. التوحید: 204.

قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ علیه السلام سَارَ إِلَی الْكُوفَةِ فَهَدَمَ بِهَا أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ وَ لَمْ یَبْقَ مَسْجِدٌ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ (1)

لَهُ شُرَفٌ (2) إِلَّا هَدَمَهَا وَ جَعَلَهَا جَمَّاءَ(3) وَ وَسَّعَ الطَّرِیقَ الْأَعْظَمَ وَ كَسَّرَ كُلَّ جَنَاحٍ خَارِجٍ عَنِ (4)

الطَّرِیقِ وَ أَبْطَلَ الْكُنُفَ وَ الْمَیَازِیبَ إِلَی الطُّرُقَاتِ وَ لَا یَتْرُكُ بِدْعَةً

إِلَّا أَزَالَهَا وَ لَا سُنَّةً إِلَّا أَقَامَهَا وَ یَفْتَتِحُ قُسْطَنْطَنِیَّةَ وَ الصِّینَ وَ جِبَالَ الدَّیْلَمِ فَیَمْكُثُ عَلَی ذَلِكَ سَبْعَ سِنِینَ مِقْدَارُ كُلِّ سَنَةٍ عَشْرُ سِنِینَ مِنْ سِنِیكُمْ هَذِهِ ثُمَّ یَفْعَلُ اللَّهُ مَا یَشَاءُ قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَیْفَ تَطُولُ السِّنُونَ قَالَ یَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَی الْفَلَكَ بِاللُّبُوثِ وَ قِلَّةِ الْحَرَكَةِ فَتَطُولُ الْأَیَّامُ لِذَلِكَ وَ السِّنُونَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ یَقُولُونَ إِنَّ الْفَلَكَ إِنْ تَغَیَّرَ فَسَدَ قَالَ ذَلِكَ قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا سَبِیلَ لَهُمْ إِلَی ذَلِكَ وَ قَدْ شَقَّ اللَّهُ الْقَمَرَ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَدَّ الشَّمْسَ مِنْ قَبْلِهِ لِیُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَ أَخْبَرَ بِطُولِ یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَنَّهُ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5).

«12»- كِتَابُ النُّجُومِ، رَوَی ابْنُ جُمْهُورٍ الْعَمِّیُّ فِی كِتَابِ الْوَاحِدَةِ: فِی أَوَائِلِ أَخْبَارِ مَوْلَانَا الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ فِی صِفَةِ النُّجُومِ مَا هَذَا لَفْظُهُ ثُمَّ أَجْرَی فِی السَّمَاءِ مَصَابِیحَ ضَوْؤُهَا فِی مَفْتَحِهِ وَ حَارَثَهَا بِهَا وَ جَالَ شِهَابُهَا مِنْ نُجُومِهَا الدَّرَارِیِّ الْمُضِیئَةِ الَّتِی لَوْ لَا ضَوْؤُهَا مَا أُنْفِذَتْ أَبْصَارُ الْعِبَادِ فِی ظُلَمِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ بِأَهْوَالِهِ الْمُدْلَهِمِّ بِحَنَادِسِهِ وَ جَعَلَ فِیهَا أَدِلَّةً عَلَی مِنْهَاجِ السُّبُلِ لِمَا أَحْوَجَ إِلَیْهِ الْخَلِیقَةُ مِنَ الِانْتِقَالِ وَ التَّحَوُّلِ وَ الْإِقْبَالِ وَ الْإِدْبَارِ.

«13»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ الثَّقَفِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عِمْرَانَ الْكِنْدِیِّ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قَالَ ذَاتِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ قَالَ فَمَا الْمَجَرَّةُ قَالَ یَا وَیْلَكَ سَلْ تَفَقُّهاً وَ لَا تَسْأَلْ

ص: 92


1- 1. فی المصدر: علی وجه الأرض.
2- 2. أی ارتفاع و اشراف.
3- 3. أی مستویة ملساء، و لعلّ تأنیث الضمیر باعتبار الأرض.
4- 4. فی المصدر: فی الطریق.
5- 5. إرشاد المفید: 344.

تَعَنُّتاً یَا وَیْلَكَ سَلْ عَمَّا یَعْنِیكَ قَالَ فَوَ اللَّهِ إِنَّ مَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ لَیَعْنِینِی قَالَ إِنَّهَا شَرَجُ السَّمَاءِ وَ مِنْهَا فُتِحَتِ السَّمَاءُ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ زَمَنَ الْغَرَقِ عَلَی قَوْمِ نُوحٍ علیه السلام قَالَ فَكَمْ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ قَالَ مَدُّ الْبَصَرِ وَ دَعْوَةٌ بِذِكْرِ اللَّهِ فَیَسْمَعُ لَا نَقُولُ غَیْرَ ذَلِكَ.

بیان: لا نقول غیر ذلك أی لا نخبر الخلق بمقدار ذلك إذ لا مصلحة لهم فی ذلك (1) فیدل علی أن التفكر فی أمثال ذلك ممنوع منه و لیس كما تزعمه الفلاسفة أنها كمال النفس و لا بد للإنسان فی تحصیل السعادات الأبدیة من النظر فیها.

«14»- الْغَارَاتُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَمْ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ قَالَ مَدُّ الْبَصَرِ وَ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَ سُئِلَ كَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قَالَ یَوْمٌ طَرَّادُ الشَّمْسِ وَ سُئِلَ عَنِ الْمَجَرَّةِ فَقَالَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَی قَوْمِ نُوحٍ ثُمَّ أَغْلَقَهَا فَلَمْ یَفْتَحْهَا وَ سُئِلَ عَنِ الْقَوْسِ فَقَالَ أَمَانُ الْأَرْضِ كُلِّهَا مِنَ الْغَرَقِ إِذَا رَأَوْا ذَلِكَ فِی السَّمَاءِ الْخَبَرَ.

بیان: یوم طراد أی تام أو قصیر أو یوم یجری فیه الشمس قال فی القاموس الطرید من الأیام الطویل كالطراد و الطریدان اللیل و النهار و ككتاب رمح قصیر و مطاردة الأقران حمل بعضهم علی بعض و هم فرسان الطراد و اطرد الأمر تبع بعضه بعضا و جری (2) انتهی و اعلم أن الحكماء اختلفوا فی المجرة فقیل احتراق حدث من الشمس فی تلك الدائرة فی بعض الأزمان السالفة و أورد علیه أنه مخالف لقواعدهم التی منها عدم كون الشمس موصوفة بالحرارة

ص: 93


1- 1. و لعلّ عدم الاخبار لعدم استعداد الناس لفهمه فی ذلك الزمان، أو لكون السائل فی مقام التعنت و الاعیاء، و لو كان التفكر فی امثال هذه المعانی ممنوعة و العلم بها خالیا عن المصلحة لما حاموا حومها و لنهوا اصحابهم و خواصهم أن یطوفوا طورها، كیف و قد تكاثرت الروایات عنهم بأخبار السماوات و كیفیاتها و ما بینها إلی غیر ذلك، مضافا إلی ما فی فهم هذه المعانی من درك عظمة اللّٰه تعالی و حكمه و سعة رحمته و معرفة صفاته و أسمائه، و سیأتی فی ما ینقل عن اقوال اجلاء العلماء فی النجوم القول باستحباب تعلم الهیئة لذلك.
2- 2. القاموس: ج 1، ص 310.

و الإحراق و منها عدم كون الفلك قابلا للتأثر و قیل بخار دخانی واقع فی الهواء و أورد علیه بأنه لو كان كذلك لكان یختلف فی الصیف و الشتاء و قیل هی كواكب صغار متقاربة متشابكة لا تتمایز حسا بل هی لشدة تكاثفها و صغرها صارت كأنها لطخات سحابیة و هذا أقرب الوجوه (1).

«15»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ: مَعْنَی السَّمَاءِ أَنَّهَا ارْتَفَعَتْ أَیْ سَمَتْ مِنَ السُّمُوِّ وَ مَعْنَی الْأَرْضِ أَنَّهَا انْخَفَضَتْ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ انْخَفَضَ فَهُوَ أَرْضٌ.

«16»- النهج، [نهج البلاغة] قَالَ علیه السلام: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَ الْجَوِّ الْمَكْفُوفِ الَّذِی جَعَلْتَهُ مَغِیضاً لِلَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ مَجْرًی لِلشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ مُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ السَّیَّارَةِ وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلَائِكَتِكَ لَا یَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ وَ رَبَّ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِی جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ مَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَ الْأَنْعَامِ وَ مَا لَا یُحْصَی مِمَّا یُرَی وَ مِمَّا لَا یُرَی وَ رَبَّ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی الَّتِی جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ اعْتِمَاداً(2).

بیان: السقف المرفوع السماء و الجو الهواء و ما بین السماء و الأرض و كفه أی جمعه و ضم بعضه إلی بعض و فسر بعضهم الجو المكفوف بالسماء أیضا و الظاهر أن المراد به هنا الهواء بین السماء و الأرض فإنه مكفوف بالسماء و قد ورد فی الدعاء و سد الهواء بالسماء و غاض الماء یغیض غیضا نضب و قل و كون السماء مغیضا للیل و النهار و الشمس و القمر ظاهر لأنها فیها تغیب و أما الجو المكفوف فإن فسر بالسماء فظاهر أیضا و إن فسر بالهواء فلكون آثارها تظهر فیه و یری بحسب الحس كذلك و قیل المراد به الهواء و الفضاء بین السماوات فإنه مكفوف بها و یمكن حمله علی البعد الموجود أو الموهوم الذی هو مكان الفلك و كفها تحدیدها و ضبطها بالسماوات و یمكن جعل الموصول صفة لمجموع السقف و الجو لاتصالهما بعدهما شیئا واحدا فإن المجموع محل لتلك الآثار و الأجرام فی الجملة و مختلفا للنجوم السیارة و قال ابن میثم المراد بالجو السماء و كونه

ص: 94


1- 1. و إلیه انتهی نظر المتأخرین من الفلكیین.
2- 2. النهج: ج 1، ص 318 و 319.

مغیضا للیل و النهار لأن الفلك بحركته المستلزمة لحركة الشمس علی وجه الأرض یكون سببا لغیبوبة اللیل و عن وجهها لغیبوبة النهار فكان كالمغیض لهما و قیل جعلته مغیضا أی غیضة لهما و هی فی الأصل الأجمة كما یجتمع فیها الماء فتسمی غیضة و

ینبت فیها الشجر كأنه جعل الفلك كالغیضة و اللیل و النهار كالشجر النابت فیها و قال الكیدری فی شرحه المغیض الموضع الذی یغیض فیه الماء أی ینضب و یقل و جعل السماء و الفلك مغیضا للیل و النهار مجازا أی ینقص اللّٰه اللیل مرة و النهار أخری و إن زاد فی الآخر و ذلك بحسب جریان الشمس و قال الجو المكفوف كأنه أراد الهواء المحدود الذی ینتهی حده إلی السماء و الجو ما بین السماء و الأرض كأنه كف أی منع من تجاوز حدیه و قال أبو عمرو الجو ما اتسع من الأودیة و كل مستدیر فهو كفة بالكسر كأنه أراد الهواء الذی هو علی هیئة المستدیر لأنه داخل الفلك الكروی الشكل أو أراد بالجو الفلك العریض الواسع و بالمكفوف ما كان علیه كفة من المجرة و النیرات فیكون من كفة الثوب أو أراد بالمكفوف الفلك المحكم الخلق الشدید المتبرئ عن الخلل و الفطور من قولهم عیبة مكفوفة أی مشرجة مشدودة انتهی.

و الاختلاف التردد و حمله علی اختلاف الفصول بعید و السبط بالكسر الأمة و القبیلة.

لا یسأمون أی لا یملون قرارا أی محل استقرار و درج كقعد أی مشی و الهوام الحشرات و قال ابن میثم قال بعض العلماء من أراد أن یعرف حقیقة قوله علیه السلام مما یری و مما لا یری فلیوقد نارا صغیرة فی فلاة فی لیلة صیفیة و ینظر ما یجتمع علیها من غرائب أنواع الحیوان العجیبة الخلق لم یشاهدها هو و لا غیره و أقول یحتمل أن یراد ما لیس من شأنه الرؤیة لصغره أو لطافته كالملك و الجن و الاعتماد الاتكاء و الاتكال إذ الجبال مساكن لبعضهم و منها تحصل منافعهم.

«17»- النهج، [نهج البلاغة] عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِیِّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ فِی خُطْبَةٍ:

ص: 95

فَمِنْ شَوَاهِدِ خَلْقِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ مُوَطَّدَاتٍ بِلَا عَمَدٍ قَائِمَاتٍ بِلَا سَنَدٍ دَعَاهُنَّ فَأَجَبْنَ طَائِعَاتٍ مُذْعِنَاتٍ غَیْرَ مُتَلَكِّئَاتٍ وَ لَا مُبْطِئَاتٍ وَ لَوْ لَا إِقْرَارُهُنَّ لَهُ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ إِذْعَانُهُنَّ بِالطَّوَاعِیَةِ لَمَا جَعَلَهُنَّ مَوْضِعاً لِعَرْشِهِ وَ لَا مَسْكَناً لِمَلَائِكَتِهِ وَ لَا مَصْعَداً لِلْكَلِمِ الطَّیِّبِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ خَلْقِهِ جَعَلَ نُجُومَهَا أَعْلَاماً یَسْتَدِلُّ بِهَا الْحَیْرَانُ فِی مُخْتَلِفِ فِجَاجِ الْأَقْطَارِ لَمْ یَمْنَعْ ضَوْءَ نُورِهَا ادْلِهْمَامُ سُجُفِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ وَ لَا اسْتَطَاعَتْ جَلَابِیبُ سَوَادِ الْحَنَادِسِ أَنْ تَرُدَّ مَا شَاعَ فِی السَّمَاوَاتِ مِنْ تَلَأْلُؤِ نُورِ الْقَمَرِ(1) إِلَی آخِرِ الْخُطْبَةِ.

توضیح: المراد بشواهد الخلق آیات الإبداع و علامات التدبیر المحكم أو ما یشهد من الخلق بوجوده سبحانه و تدبیره و علمه أو ما حضر من خلقه أی ظهر وجوده بحیث لا یمكن لأحد إنكاره من علامات التدبیر و وطدت كوعدت أطدها طدة و وطدتها توطیدا إذا أثبتها بالوطء أو غیره حتی تتصلب و توطید السماوات إحكام خلقها و إقامتها فی مقامها علی وفق الحكمة و العمد بالتحریك جمع عماد بالكسر و هو ما یسند به أو جمع عمود و السند بالتحریك ما استندت إلیه و اتكأت من حائط و غیره و الطائع المنقاد السلس و أذعن أی انقاد و لم یستعص و تلكأ أی توقف و اعتل و الطواعیة كثمانیة الطاعة و لعل المراد بالملائكة المقربون أو الأكثر لأن منهم من یسكن الهواء و الأرض و الماء و صعود الكلم الطیب و العمل الصالح صعود الكتبة بصحائف أعمال العباد إلی السماوات و فیه إشارة إلی قوله سبحانه إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ (2) و إجابتهن إشارة إلی

قوله تعالی ثُمَّ اسْتَوی إِلَی السَّماءِ وَ هِیَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ (3) و قد مر الكلام فی تأویل الآیة و قیل هنا إقرارهن بالربوبیة له راجع إلی شهادة حال الممكن للحاجة إلی الرب و الانقیاد لحكم

ص: 96


1- 1. النهج: ج 1، ص 339 و 340.
2- 2. فاطر: 10.
3- 3. فصّلت: 11.

قدرته و ظاهر أنه لو لا إمكانها و انفعالها عن قدرته و تدبیره لم یكن فیها عرش و لم یكن مسكنا للملائكة و لا مصعدا للكلم الطیب و العمل الصالح من الخلق انتهی.

و أما تخصیصه علیه السلام السماوات بالطاعة مع اشتراك الأرض لها فی ذلك فی الآیة فلعله لكونها أكثر طاعة لكون مادتها أقبل أو لشرفها و العلم بالتحریك ما یهتدی به و المختلف الاختلاف أی التردد أو موضعه أو هو من المخالفة و الفج الطریق الواسع بین جبلین و القطر الجانب و الناحیة فالمعنی یستدل بها الحیاری فی التردد فی فجاج الأقطار أو فی اختلاف الفجاج الموجودة فی الأقطار و ذهاب كل منها إلی جهة غیر ما یذهب إلیه الآخر كاختلاف القوم فی الآراء و السجف بالكسر و بالفتح الستر و الجلباب بالكسر ثوب واسع تغطی به المرأة ثیابها كالملحفة و قیل هو الخمار و قیل القمیص و الحندس كزبرج الشدید الظلمة و شاع الشی ء یشیع أی ظهر و ذاع و فشا و تلألأ القمر و البرق أی لمع.

«18»- كِتَابُ الْمُثَنَّی بْنِ الْوَلِیدِ الْحَنَّاطِ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ فَقَالَ سَبْعُ سَمَاوَاتٍ لَیْسَ مِنْهَا سَمَاءٌ إِلَّا وَ فِیهَا خَلْقٌ وَ بَیْنَهَا وَ بَیْنَ الْأُخْرَی خَلْقٌ حَتَّی یَنْتَهِیَ إِلَی السَّابِعَةِ قُلْتُ وَ الْأَرْضُ قَالَ سَبْعٌ مِنْهُنَّ خَمْسٌ فِیهِنَّ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الرَّبِّ وَ اثْنَتَانِ هَوَاءٌ(1) لَیْسَ فِیهِمَا شَیْ ءٌ.

«19»- كِتَابُ زَیْدٍ النَّرْسِیِّ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا نَظَرْتَ إِلَی السَّمَاءِ فَقُلْ وَ ذَكَرَ الدُّعَاءَ إِلَی قَوْلِهِ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَ الْبَحْرِ الْمَكْفُوفِ وَ الْفُلْكِ الْمَسْجُورِ وَ النُّجُومِ الْمُسَخَّرَاتِ وَ رَبِّ هُورِ بْنِ

ص: 97


1- 1. ان كان المراد بالهواء الجسم اللطیف المعروف كان المراد بالارضین الاجسام المنخفضة بالنسبة الی السماوات سواء كانت كثیفة كالتراب او لطیفة كالهواء، و ان كان المراد به« الشی ء الخالی» كما انه من معانیه و ربما یؤیده قوله بعده« لیس فیها شی ء» فیمكن اخذ الأرض بمعناها المعروف.

إِیسِیَّةَ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَافِنِی مِنْ كُلِّ عَقْرَبٍ وَ حَیَّةٍ إِلَی آخِرِ الدُّعَاءِ قَالَ قُلْتُ وَ مَا هُورُ بْنُ إِیسِیَّةَ قَالَ كَوْكَبَةٌ فِی السَّمَاءِ خَفِیَّةٌ تَحْتَ الْوُسْطَی مِنَ الثَّلَاثِ الْكَوَاكِبِ الَّتِی فِی بَنَاتِ نَعْشٍ الْمُتَفَرِّقَاتِ ذَلِكَ أَمَانُ مَا قُلْتُ.

«20»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، نَقْلًا مِنْ سَبْعَةٍ مِنْ كُتُبِهِمْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مَسِیرَةُ(1) خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا بَیْنَ كُلِّ سَمَاءَیْنِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ غِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ وَ أَرْضٍ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَی الْكُرْسِیِّ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا بَیْنَ الْكُرْسِیِّ وَ الْمَاءِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ الْعَرْشُ عَلَی الْمَاءِ(2).

«21»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ إِذَا أَرَادَ فَنَاءَ دَوْلَةِ قَوْمٍ أَمَرَ الْفَلَكَ فَأَسْرَعَ السَّیْرَ فَكَانَتْ عَلَی مِقْدَارِ مَا یُرِیدُ(3).

بیان: أمر الفلك لعله كنایة عن تسبیب أسباب زوال دولتهم علی الاستعارة التمثیلیة و یحتمل أن یكون لكل دولة فلك سوی الأفلاك المعروفة الحركات و قد قدر لدولتهم عدد من الدورات فإذا أراد اللّٰه إطالة مدتهم أمر بإبطائه فی الحركة و إذا أراد سرعة فنائها أمر بإسراعه.

«22»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ بِجَادٍ الْعَابِدِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ وَ ذَكَرُوا سُلْطَانَ بَنِی أُمَیَّةَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لَا یَخْرُجُ عَلَی هِشَامٍ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلَهُ قَالَ وَ ذَكَرَ مُلْكَهُ عِشْرِینَ سَنَةً قَالَ فَجَزِعْنَا فَقَالَ مَا لَكُمْ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُهْلِكَ سُلْطَانَ قَوْمٍ أَمَرَ الْمَلَكَ فَأَسْرَعَ بِسَیْرِ الْفَلَكِ فَقَدَّرَ عَلَی مَا یُرِیدُ(4)

الْخَبَرَ.

«23»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِی النُّجُومِ

ص: 98


1- 1. فی المصدر: بین السماء و الأرض خمسمائة عام.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
3- 3. روضة الكافی: 163.
4- 4. روضة الكافی: 394.

وَ اخْتِلَافِ مَسِیرِهَا فَبَعْضُهَا لَا تُفَارِقُ مَرَاكِزَهَا مِنَ الْفَلَكِ وَ لَا تَسِیرُ إِلَّا مُجْتَمِعَةً وَ بَعْضُهَا مُطْلَقَةٌ تَنْتَقِلُ فِی الْبُرُوجِ وَ تَفْتَرِقُ فِی مَسِیرِهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا یَسِیرُ سَیْرَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ أَحَدُهُمَا عَامٌّ مَعَ الْفَلَكِ نَحْوَ الْمَغْرِبِ وَ الْآخَرُ خَاصٌّ لِنَفْسِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ كَالنَّمْلَةِ الَّتِی تَدُورُ عَلَی الرَّحَی فَالرَّحَی تَدُورُ ذَاتَ الْیَمِینِ وَ النَّمْلَةُ تَدُورُ ذَاتَ الشِّمَالِ وَ النَّمْلَةُ فِی تِلْكَ تَتَحَرَّكُ حَرْكَتَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ إِحْدَاهُمَا بِنَفْسِهَا فَتَتَوَجَّهُ أَمَامَهَا وَ الْأُخْرَی مُسْتَكْرَهَةٌ مَعَ الرَّحَی تَجْذِبُهَا إِلَی خَلْفِهَا فَاسْأَلِ الزَّاعِمِینَ أَنَّ النُّجُومَ صَارَتْ عَلَی مَا هِیَ عَلَیْهِ بِالْإِهْمَالِ مِنْ غَیْرِ عَمْدٍ وَ لَا صَانِعٍ لَهَا مَا مَنَعَهَا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا رَاتِبَةً أَوْ تَكُونَ كُلُّهَا مُتَنَقِّلَةً فَإِنَّ الْإِهْمَالَ مَعْنًی وَاحِدٌ فَكَیْفَ صَارَ یَأْتِی بِحَرَكَتَیْنِ مُخْتَلِفَتَیْنِ عَلَی وَزْنٍ وَ تَقْدِیرٍ فَفِی هَذَا بَیَانُ أَنَّ مَسِیرَ الْفَرِیقَیْنِ عَلَی مَا یَسِیرَانِ عَلَیْهِ بِعَهْدٍ وَ تَدْبِیرٍ وَ حِكْمَةٍ وَ تَقْدِیرٍ وَ لَیْسَ بِإِهْمَالٍ كَمَا تَزْعُمُهُ الْمُعَطَّلَةُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَ لِمَ صَارَ بَعْضُ النُّجُومِ رَاتِباً وَ بَعْضُهَا مُتَنَقِّلًا قُلْنَا إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا رَاتِبَةً لَبَطَلَتِ الدَّلَالاتُ الَّتِی یُسْتَدَلُّ بِهَا مِنْ تَنَقُّلِ الْمُتَنَقِّلَةِ وَ مَسِیرِهَا فِی كُلِّ بُرْجٍ مِنَ الْبُرُوجِ كَمَا قَدْ یُسْتَدَلُّ عَلَی أَشْیَاءَ مِمَّا یُحْدَثُ فِی الْعَالَمِ بِتَنَقُّلِ الشَّمْسِ وَ

النُّجُومِ فِی مَنَازِلِهَا وَ لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا مُتَنَقِّلَةً لَمْ یَكُنْ لِمَسِیرِهَا مَنَازِلُ تُعْرَفُ وَ لَا رَسْمٌ یُوقَفُ عَلَیْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا یُوقَفُ بِمَسِیرِ الْمُتَنَقِّلَةِ مِنْهَا لِتَنَقُّلِهَا فِی الْبُرُوجِ الرَّاتِبَةِ كَمَا یُسْتَدَلُّ عَلَی سَیْرِ السَّائِرِ عَلَی الْأَرْضِ بِالْمَنَازِلِ الَّتِی یَجْتَازُ عَلَیْهَا وَ لَوْ كَانَ تَنَقُّلُهَا بِحَالٍ وَاحِدَةٍ لَاخْتَلَطَ نِظَامُهَا وَ بَطَلَتِ الْمَآرِبُ فِیهَا وَ لَسَاغَ لِقَائِلٍ أَنْ یَقُولَ إِنَّ كَیْنُونِیَّتَها عَلَی حَالٍ وَاحِدَةٍ تُوجِبُ عَلَیْهَا الْإِهْمَالَ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِی وَصَفْنَا فَفِی اخْتِلَافِ سَیْرِهَا وَ تَصَرُّفِهَا وَ مَا فِی ذَلِكَ مِنَ الْمَآرِبِ وَ الْمَصْلَحَةِ أَبْیَنُ دَلِیلٍ عَلَی الْعَمْدِ وَ التَّدْبِیرِ فِیهَا فَكِّرْ فِی هَذِهِ النُّجُومِ الَّتِی تَظْهَرُ فِی بَعْضِ السَّنَةِ وَ تَحْتَجِبُ فِی بَعْضِهَا كَمِثْلِ ثُرَیَّا وَ الْجَوْزَاءِ وَ الشِّعْرَیَیْنِ وَ سُهَیْلٍ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِأَسْرِهَا تَظْهَرُ فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدٍ فِیهَا(1)

عَلَی حِیَالِهِ دَلَالاتٌ یَعْرِفُهَا النَّاسُ وَ یَهْتَدُونَ بِهَا لِبَعْضِ أُمُورِهِمْ كَمَعْرِفَتِهِمُ الْآنَ بِمَا یَكُونُ مِنْ طُلُوعِ الثَّوْرِ وَ الْجَوْزَاءِ إِذَا طَلَعَتْ وَ احْتِجَابِهَا إِذَا احْتَجَبَتْ

ص: 99


1- 1. منها( خ).

فَصَارَ ظُهُورُ كُلِّ وَاحِدٍ وَ احْتِجَابُهُ فِی وَقْتٍ غَیْرِ الْوَقْتِ الْآخَرِ لِیَنْتَفِعَ النَّاسُ بِمَا یَدُلُّ عَلَیْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَی حِدَتِهِ وَ كَمَا جُعِلَتِ الثُّرَیَّا وَ أَشْبَاهُهَا تَظْهَرُ حِیناً وَ تَحْجُبُ حِیناً لِضَرْبٍ مِنَ الْمَصْلَحَةِ كَذَلِكَ جُعِلَتْ بَنَاتُ النَّعْشِ ظَاهِرَةً لَا تَغِیبُ لِضَرْبٍ آخَرَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَعْلَامِ الَّتِی یَهْتَدِی بِهَا النَّاسُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ لِلطُّرُقِ الْمَجْهُولَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَغِیبُ وَ لَا تَتَوَارَی فَهُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْهَا مَتَی أَرَادُوا أَنْ یَهْتَدُوا بِهَا إِلَی حَیْثُ شَاءُوا وَ صَارَ الْأَمْرَانِ جَمِیعاً عَلَی اخْتِلَافِهِمَا مُوَجَّهَیْنِ نَحْوَ الْإِرْبِ وَ الْمَصْلَحَةِ وَ فِیهَا مَآرِبُ أُخْرَی عَلَامَاتٌ وَ دَلَالاتٌ عَلَی أَوْقَاتٍ كَثِیرَةٍ مِنَ الْأَعْمَالِ كَالزِّرَاعَةِ وَ الْغِرَاسِ وَ السَّفَرِ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ أَشْیَاءَ مِمَّا یَحْدُثُ فِی الْأَزْمِنَةِ مِنَ الْأَمْطَارِ وَ الرِّیَاحِ وَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ وَ بِهَا یَهْتَدِی السَّائِرُونَ فِی ظُلْمَةِ اللَّیْلِ لِقَطْعِ الْقِفَارِ الْمُوحِشَةِ وَ اللُّجَجِ الْهَائِلَةِ مَعَ مَا فِی تَرَدُّدِهَا فِی كَبِدِ السَّمَاءِ مُقْبِلَةً وَ مُدْبِرَةً وَ مُشْرِقَةً وَ مُغْرِبَةً مِنَ الْعِبَرِ فَإِنَّهَا تَسِیرُ أَسْرَعَ السَّیْرِ وَ أَحَثَّهُ أَ رَأَیْتَ لَوْ كَانَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ بِالْقُرْبِ مِنَّا حَتَّی یَتَبَیَّنَ لَنَا سُرْعَةُ سَیْرِهَا بِكُنْهِ مَا هِیَ عَلَیْهِ أَ لَمْ تَكُنْ سَتَخْطَفُ الْأَبْصَارَ بِوَهْجِهَا وَ شُعَاعِهَا كَالَّذِی یَحْدُثُ أَحْیَاناً مِنَ الْبُرُوقِ إِذَا تَوَالَتْ وَ اضْطَرَبَتْ فِی الْجَوِّ وَ كَذَلِكَ أَیْضاً لَوْ أَنَّ أُنَاساً كَانُوا فِی قُبَّةٍ مُكَلَّلَةٍ بِمَصَابِیحَ تَدُورُ حَوْلَهُمْ دَوَرَاناً حَثِیثاً لَحَارَتْ أَبْصَارُهُمْ حَتَّی یَخِرُّوا لِوُجُوهِهِمْ فَانْظُرْ كَیْفَ قُدِّرَ أَنْ یَكُونَ مَسِیرُهَا فِی الْبُعْدِ الْبَعِیدِ لِكَیْلَا تَضُرَّ فِی الْأَبْصَارِ وَ تُنْكَأَ فِیهَا وَ بِأَسْرَعِ السُّرْعَةِ لِكَیْلَا تَتَخَلَّفَ عَنْ مِقْدَارِ الْحَاجَةِ فِی مَسِیرِهَا وَ جُعِلَ فِیهَا جُزْءٌ یَسِیرٌ مِنَ الضَّوْءِ لِیَسُدَّ مَسَدَّ الْأَضْوَاءِ إِذَا لَمْ یَكُنْ قَمَرٌ وَ یُمْكِنُ فِیهِ الْحَرَكَةُ إِذَا حَدَثَتْ ضَرُورَةٌ كَمَا قَدْ یَحْدُثُ الْحَادِثُ عَلَی الْمَرْءِ فَیَحْتَاجُ إِلَی التَّجَافِی فِی جَوْفِ اللَّیْلِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ مِنَ الضَّوْءِ یَهْتَدِی بِهِ لَمْ یَسْتَطِعْ أَنْ یَبْرَحَ مَكَانَهُ فَتَأَمَّلِ اللُّطْفَ وَ الْحِكْمَةَ فِی هَذَا التَّقْدِیرِ حِینَ جُعِلَ لِلظُّلْمَةِ دَوْلَةٌ وَ مُدَّةٌ لِحَاجَةٍ إِلَیْهَا وَ جُعِلَ خِلَالَهَا شَیْ ءٌ مِنَ الضَّوْءِ لِلْمَآرِبِ الَّتِی وَصَفْنَا فَكِّرْ فِی هَذَا الْفَلَكِ بِشَمْسِهِ وَ قَمَرِهِ وَ نُجُومِهِ وَ بُرُوجِهِ تَدُورُ عَلَی الْعَالَمِ فِی هَذَا الدَّوَرَانِ الدَّائِمِ بِهَذَا التَّقْدِیرِ وَ الْوَزْنِ لِمَا فِی اخْتِلَافِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ هَذِهِ الْأَزْمَانِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَوَالِیَةِ عَلَی الْأَرْضِ وَ مَا عَلَیْهَا مِنْ أَصْنَافِ الْحَیَوَانِ وَ النَّبَاتِ مِنْ ضُرُوبِ الْمَصْلَحَةِ كَالَّذِی

ص: 100

بَیَّنْتُ وَ لَخَّصْتُ لَكَ آنِفاً وَ هَلْ یَخْفَی عَلَی ذِی لُبٍّ أَنَّ هَذَا تَقْدِیرٌ مُقَدَّرٌ وَ صَوَابٌ وَ حِكْمَةٌ مِنْ مُقَدِّرٍ حَكِیمٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ هَذَا شَیْ ءٌ اتَّفَقَ أَنْ یَكُونَ هَكَذَا فَمَا مَنَعَهُ أَنْ یَقُولَ مِثْلَ هَذَا فِی دُولَابٍ تَرَاهُ یَدُورُ وَ یَسْقِی حَدِیقَةً فِیهَا شَجَرٌ وَ نَبَاتٌ فَتَرَی كُلَّ شَیْ ءٍ مِنْ آلَتِهِ مُقَدَّراً بَعْضُهُ یَلْقَی بَعْضاً عَلَی مَا فِیهِ صَلَاحُ تِلْكَ الْحَدِیقَةِ وَ مَا فِیهَا وَ بِمَ كَانَ یُثْبِتُ هَذَا الْقَوْلَ لَوْ قَالَهُ وَ مَا تَرَی النَّاسَ كَانُوا قَائِلِینَ لَهُ لَوْ سَمِعُوهُ مِنْهُ فَیُنْكِرُ أَنْ یَقُولَ فِی دُولَابِ خَشَبٍ (1)

مَصْنُوعٍ بِحِیلَةٍ قَصِیرَةٍ لِمَصْلَحَةِ قِطْعَةٍ مِنَ الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ بِلَا صَانِعٍ وَ مُقَدِّرٍ وَ یَقْدِرُ أَنْ یَقُولَ فِی هَذَا الدُّولَابِ الْأَعْظَمِ الْمَخْلُوقِ بِحِكْمَةٍ یَقْصُرُ عَنْهَا أَذْهَانُ الْبَشَرِ لِصَلَاحِ جَمِیعِ الْأَرْضِ وَ مَا عَلَیْهَا إِنَّهُ شَیْ ءٌ اتَّفَقَ أَنْ یَكُونَ بِلَا صَنْعَةٍ وَ لَا تَقْدِیرٍ لَوِ اعْتَلَّ هَذَا الْفَلَكُ كَمَا تَعْتَلُّ الْآلَاتُ الَّتِی تُتَّخَذُ لِلصِّنَاعَاتِ وَ غَیْرِهَا أَیُّ شَیْ ءٍ كَانَ عِنْدَ النَّاسِ مِنَ الْحِیلَةِ فِی إِصْلَاحِهِ.

بیان: قوله علیه السلام لا تفارق مراكزها لعل المراد أنه لیس لها حركة بینة ظاهرة كما فی السیارات أو لا یختلف نسب بعضها إلی بعض بالقرب و البعد بأن تكون الجملة التالیة مفسرة لها و یحتمل أن یكون المراد بمراكزها البروج التی تنسب إلیها علی ما هو المصطلح بین العرب من اعتبار محاذاة تلك الأشكال فی الانتقال إلی البروج و إن انتقلت عن مواضعها و علیه ینبغی أن یحمل قوله علیه السلام و بعضها مطلقة ینتقل فی البروج أو علی ما ذكرنا سابقا من كون انتقالها فی البروج ظاهرة بینة یعرفه كل أحد و الأول أظهر كما سیظهر من كلامه علیه السلام.

قوله علیه السلام فإن الإهمال معنی واحد یحتمل أن یكون المراد أن الطبیعة أو الدهر اللذین یجعلونهما أصحاب الإهمال مؤثرین كل منهما أمر واحد غیر ذی شعور و إرادة و لا یمكن صدور الأمرین المختلفین عن مثل ذلك كما مر أو المراد أن العقل یحكم بأن مثل هذین الأمرین المتسقین الجاریین علی قانون الحكمة لا یكون إلا من حكیم راعی فیهما دقائق الحكم أو المراد أن الإهمال أی عدم الحاجة إلی العلة و ترجح الأمر الممكن من غیر مرجح كما تزعمون أمر

ص: 101


1- 1. خسیس( خ).

واحد حاصل فیهما فلم صارت إحداهما راتبة و الأخری متنقلة و لم لم یعكس الأمر و الأول أظهر كما لا یخفی قوله علیه السلام لبطلت الدلالات ظاهره كون الأوضاع النجومیة علامات الحوادث قوله علیه السلام فی البروج الراتبة یدل ظاهرا علی ما أشرنا إلیه من أنه علیه السلام راعی فی انتقال البروج محاذاة نفس الأشكال و إن أمكن أن یكون المراد بیان حكمة بطء الحركة لیصلح كون تلك الأشكال علامات للبروج و لو بقربها منها لكنه بعید قوله علیه السلام و الشعریین قال الجوهری الشعری الكوكب الذی یطلع بعد الجوزاء و طلوعه فی شدة الحر و هما الشعریان الشعری العبور التی فی الجوزاء و الشعری القمیصاء التی فی الذراع تزعم العرب أنهما أختا سهیل انتهی و القفار جمع قفر و هو الخلأ من الأرض و خطف البرق البصر ذهب به و وهج النار بالتسكین توقدها و قوله حثیثا أی مسرعا و تجافی أی لم یلزم مكانه و برح مكانه زال عنه.

«24»- الْمُتَهَجِّدُ، فِی تَعْقِیبِ صَلَاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: وَ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِی أَجْرَیْتَ بِهِ الْفَلَكَ فَجَعَلْتَهُ مَعَالِمَ شَمْسِكَ وَ قَمَرِكَ وَ كَتَبْتَ اسْمَكَ عَلَیْهِ.

«25»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، لِلسَّیُوطِیِّ نَقْلًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ كُتُبِهِمْ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ قُلْنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ بَیْنَهُمَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَی سَمَاءٍ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ كُثُفُ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَیْنَ أَعْلَاهُ وَ أَسْفَلِهِ كَمَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِیَةُ أَوْعَالٍ بَیْنَ رُكَبِهِنَ (1)

وَ أَظْلَافهِنِ كَمَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ بَیْنَ أَسْفَلِهِ وَ أَعْلَاهُ كَمَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ (2).

«26»- وَ مِنْ عِدَّةِ كُتُبٍ بِأَسَانِیدِهِمْ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رحمه اللّٰه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ غِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَا

ص: 102


1- 1. فی المصدر: بین وركهن.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 43.

بَیْنَ السَّمَاءِ إِلَی الَّتِی تَلِیهَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ كَذَلِكَ إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ الْأَرَضُونَ مِثْلُ ذَلِكَ وَ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَی الْعَرْشِ مِثْلُ جَمِیعِ ذَلِكَ وَ لَوْ حَفَرْتُمْ لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ دَلَیْتُمُوهُ لَوَجَدْتُمُ اللَّهَ ثَمَّةَ یَعْنِی عِلْمَهُ (1).

«27»- وَ بِأَسَانِیدَ أُخْرَی عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَقَالَ أَ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ هَذِهِ الْغَیَابَةُ یَسُوقُهَا اللَّهُ إِلَی أَهْلِ بَلَدٍ لَا یَعْبُدُونَهُ وَ لَا یَشْكُرُونَهُ هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ موج مكفوف و سقف محفوظ [مَوْجاً مَكْفُوفاً وَ سَقْفاً مَحْفُوظاً] هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ سَمَاءً أُخْرَی هَلْ تَدْرُونَ كَمْ مَا بَیْنَهُمَا قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ بَیْنَهُمَا مَسِیرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ حَتَّی عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ بَیْنَ كُلِّ سَمَاءَیْنِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشَ فَهَلْ تَدْرُونَ كَمْ مَا بَیْنَهُمَا قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ بَیْنَ ذَلِكَ كَمَا بَیْنَ السَّمَاءَیْنِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ هَذِهِ أَرْضٌ هَلْ تَدْرُونَ مَا تَحْتَهَا قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَرْضٌ أُخْرَی وَ بَیْنَهُمَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ حَتَّی عَدَّ سَبْعَ أَرَضِینَ بَیْنَ كُلِّ أَرَضِینَ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ (2).

«28»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ نَظَرَ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ تَبَارَكَ اللَّهُ مَا أَشَدَّ بَیَاضَهَا وَ الثَّانِیَةُ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنْهَا ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّی بَلَغَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَ خَلَقَ فَوْقَ السَّابِعَةِ الْمَاءَ وَ جَعَلَ فَوْقَ الْمَاءِ الْعَرْشَ وَ جَعَلَ فَوْقَ السَّمَاءِ الدُّنْیَا الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ وَ الرُّجُومَ (3).

«29»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا السَّمَاءُ قَالَ هَذَا مَوْجٌ مَكْفُوفٌ عَنْكُمْ (4).

«30»- وَ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: السَّمَاءُ الدُّنْیَا مَوْجٌ مَكْفُوفٌ وَ الثَّانِیَةُ مَرْمَرَةٌ

ص: 103


1- 1. الدّر المنثور: ج 1 ص 44.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1 ص 44.
3- 3. الدّر المنثور: ج 1 ص 44.
4- 4. الدّر المنثور: ج 1 ص 44.

بَیْضَاءُ وَ الثَّالِثَةُ حَدِیدٌ وَ الرَّابِعَةُ نُحَاسٌ وَ الْخَامِسَةُ فِضَّةٌ وَ السَّادِسَةُ ذَهَبٌ وَ السَّابِعَةُ یَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ وَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ صَحَارِی مِنْ نُورٍ وَ مَا یَعْلَمُ (1) مَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ وَ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالْحُجُبِ یُقَالُ لَهُ میطاطروش (2).

«31»- وَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رحمه اللّٰه قَالَ: السَّمَاءُ الدُّنْیَا مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ اسْمُهَا رفیعا وَ الثَّانِیَةُ مِنْ فِضَّةٍ بَیْضَاءَ وَ اسْمُهَا أذقلون وَ الثَّالِثَةُ مِنْ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ اسْمُهَا قَیْدُومٌ وَ الرَّابِعَةُ مِنْ دُرَّةٍ بَیْضَاءَ وَ اسْمُهَا ماعونا(3) وَ الْخَامِسَةُ مِنْ ذَهَبَةٍ حَمْرَاءَ وَ اسْمُهَا دیقا وَ السَّادِسَةُ مِنْ یَاقُوتَةٍ صَفْرَاءَ وَ اسْمُهَا دفنا وَ السَّابِعَةُ مِنْ نُورٍ وَ اسْمُهَا عربیا(4).

«32»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: اسْمُ السَّمَاءِ الدُّنْیَا رَفِیعٌ وَ اسْمُ السَّابِعَةِ الضُّرَاحُ (5).

«33»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَیِّدُ السَّمَاوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِی فِیهَا الْعَرْشُ وَ سَیِّدُ الْأَرَضِینَ الْأَرْضُ الَّتِی أَنْتُمْ عَلَیْهَا(6).

«34»- وَ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَی أَبِی الْجَحْدَرِ حِینَ سَأَلَهُ عَنِ السَّمَاءِ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ هِیَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَنَّ السَّمَاءَ مِنْ مَوْجٍ مَكْفُوفٍ (7).

«35»- وَ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِ (8)

قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام ذَاتَ یَوْمِ یَحْلِفُ وَ الَّذِی خَلَقَ السَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ وَ مَاءٍ(9).

«36»- وَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: السَّمَاءُ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ اللَّبَنِ (10).

«37»- وَ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ قَالَ: تَحْتَ الْأَرَضِینَ صَخْرَةٌ بَلَغَنَا أَنَّ تِلْكَ الصَّخْرَةَ مِنْهَا خُضْرَةُ السَّمَاءِ(11).

ص: 104


1- 1. فی المصدر: و لا یعلم.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
3- 3. ماحونا( خ).
4- 4. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
5- 5. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
6- 6. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
7- 7. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
8- 8. فی المصدر: عن حبة العوفی.
9- 9. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
10- 10. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
11- 11. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.

«38»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: فِی قَوْلِهِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ قَالَ بَعْضُهُنَّ فَوْقَ بَعْضٍ بَیْنَ كُلِّ سَمَاءَیْنِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ (1).

«39»- وَ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ قَالَ: إِنَّ هِرَقْلَ كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَالَ إِنْ كَانَ بَقِیَ فِیهِمْ شَیْ ءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ فَسَیُخْبِرُونِی عَمَّا أَسْأَلُهُمْ عَنْهُ قَالَ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ یَسْأَلُهُ عَنِ الْمَجَرَّةِ وَ عَنِ الْقَوْسِ وَ عَنِ الْبُقْعَةِ الَّتِی لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً وَاحِدَةً قَالَ فَلَمَّا أَتَی مُعَاوِیَةَ الْكِتَابُ وَ الرَّسُولُ قَالَ إِنَّ هَذَا شَیْ ءٌ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ أُسْأَلَ عَنْهُ إِلَی یَوْمِی هَذَا مَنْ لِهَذَا قَالُوا ابْنُ عَبَّاسٍ فَطَوَی مُعَاوِیَةُ كِتَابَ هِرَقْلَ وَ بَعَثَ بِهِ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَنَّ الْقَوْسَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ وَ الْمَجَرَّةَ بَابُ السَّمَاءِ الَّذِی یُشَقُّ مِنْهُ وَ أَمَّا الْبُقْعَةُ الَّتِی لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَالْبَحْرُ الَّذِی أُفْرِجَ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ (2).

«40»- وَ عَنْ أَبِی صَالِحٍ: فِی قَوْلِهِ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما قَالَ كَانَتِ السَّمَاءُ وَاحِدَةً فَفَتَقَ مِنْهَا سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَ كَانَتِ الْأَرْضُ وَاحِدَةً فَفَتَقَ مِنْهَا سَبْعَ أَرَضِینَ (3).

«41»- وَ عَنِ الْحَسَنِ وَ قَتَادَةَ قَالا: كَانَتَا جَمِیعاً فَفَصَلَ اللَّهُ بَیْنَهُمَا بِهَذَا الْهَوَاءِ(4).

«42»- وَ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ قَالَ: كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ مُلْتَزِقَتَیْنِ فَلَمَّا رَفَعَ اللَّهُ السَّمَاءَ وَ أَبْعَدَهَا(5) مِنَ الْأَرْضِ فَكَانَ فَتْقَهَا الَّذِی ذَكَرَ اللَّهُ (6).

«43»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قَالَ حُسْنُهَا وَ اسْتِوَاؤُهَا(7).

«44»- وَ رُوِیَ عَنْهُ أَیْضاً أَنَّهُ قَالَ: ذَاتِ الْبَهَاءِ وَ الْجِمَالِ وَ إِنَّ بُنْیَانَهَا كَالْبَرَدِ الْمُسَلْسَلِ (8).

ص: 105


1- 1. الدّر المنثور: ج 1، ص 44.
2- 2. الدّر المنثور: ج 1، ص 69.
3- 3. الدّر المنثور: ج 4، ص 317.
4- 4. الدّر المنثور: ج 4، ص 317.
5- 5. فی المصدر: و ابتزها.
6- 6. الدّر المنثور: ج 4، ص 317.
7- 7. الدّر المنثور: ج 4، ص 317.
8- 8. الدّر المنثور: ج 4، ص 317.

«45»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ: ذَاتِ طَرَائِقَ وَ الْخَلْقِ الْحَسَنِ (1).

«46»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: هِیَ السَّمَاءُ السَّابِعَةُ(2).

«47»- وَ عَنْ عِكْرِمَةَ: ذَاتِ الْخَلْقِ الْحَسَنِ مُحَبَّكَةٍ بِالنُّجُومِ (3).

«48»- وَ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ: أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً علیه السلام عَنِ الْمَجَرَّةِ فَقَالَ هِیَ شَجَرُ(4) السَّمَاءِ وَ مِنْهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ثُمَّ قَرَأَ فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ(5).

«49»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ فِی یَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ مُنْتَهَی أَمْرِهِ مِنْ أَسْفَلِ الْأَرَضِینَ إِلَی مُنْتَهَی أَمْرِهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ مِقْدَارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ وَ یَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ یَعْنِی بِذَلِكَ یُنَزِّلُ (6)

الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ وَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَی السَّمَاءِ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ فَذَلِكَ مِقْدَارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ لِأَنَّ مَا بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ (7).

«50»- وَ عَنْهُ أَیْضاً قَالَ: غِلَظُ كُلِّ أَرْضٍ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ بَیْنَ كُلِّ أَرْضٍ إِلَی أَرْضٍ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی السَّمَاءِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَ غِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ فَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ عَامٍ وَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ بَیْنَ الْعَرْشِ مَسِیرَةُ سِتَّةٍ وَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ عَامٍ فَذَلِكَ قَوْلُهُ فِی یَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ(8).

«51»- وَ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: مِقْدَارُ مَا بَیْنَ أَسْفَلِ الْأَرْضِ إِلَی الْعَرْشِ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ(9).

«52»- وَ عَنِ الْحَسَنِ: فِی قَوْلِهِ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً قَالَ بَعْضُهُنَّ فَوْقَ بَعْضٍ

ص: 106


1- 1. الدّر المنثور: ج 4، ص 317.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 112.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 112.
4- 4. الظاهر أنّه مصحف« شرج».
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 134.
6- 6. فی المصدر: نزول الامر.
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 264.
8- 8. الدّر المنثور: ج 6، ص 264.
9- 9. الدّر المنثور: ج 6، ص 264.

كُلُّ سَمَاءٍ وَ أَرْضٍ خَلْقٌ وَ أَمْرٌ(1).

«53»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَلْ أَتی عَلَی الْإِنْسانِ حَتَّی خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ إِنِّی أَرَی مَا لَا تَرَوْنَ وَ أَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَ حَقٌّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِیهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَ فِیهِ مَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِداً لِلَّهِ وَ اللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِیلًا وَ لَبَكَیْتُمْ كَثِیراً وَ مَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَی الْفُرُشِ وَ لَخَرَجْتُمْ إِلَی الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (2).

«54»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ السَّمَاءُ وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ بَحْرٌ فِی السَّمَاءِ تَحْتَ الْعَرْشِ (3).

بیان: قال فی النهایة الوعول و الأوعال تیوس الجبل واحدها وعل بكسر العین و منه الحدیث فی تفسیر قوله تعالی وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ قیل ثمانیة أوعال أی ملائكة علی صورة الأوعال (4) انتهی قوله لوجدتم اللّٰه ثمة أی نسبته سبحانه إلی العرش و تحت الثری و جمیع الأماكن متساویة من حیث عدم حصوله بذاته فی شی ء منها و إحاطة علمه و قدرته بجمیعها و قال الطیبی فیما رووا لو دلیتم بحبل إلی الأرض السفلی لهبط علی اللّٰه دلیتم أی أرسلتم و علی اللّٰه أی علی علمه و قدرته و سلطانه و فی النهایة الغیابة كل شی ء أظل الإنسان فوق رأسه كالسحابة و غیرها انتهی موج مكفوف قال الطیبی أی ممنوع من الاسترسال حفظها اللّٰه أن تقع علی الأرض و هی معلقة بلا عمد كالموج المكفوف.

«55»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ قَالَ هِیَ الْكَوَاكِبُ تُكْنَسُ بِاللَّیْلِ وَ تُخْنَسُ بِالنَّهَارِ فَلَا تُرَی (5).

ص: 107


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 268.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 297.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 118.
4- 4. النهایة: ج 4، ص 221.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 320.

«56»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ قَالَ خَمْسَةُ أَنْجُمٍ زُحَلُ وَ عُطَارِدُ وَ الْمُشْتَرِی وَ بَهْرَامُ وَ الزُّهَرَةُ لَیْسَ فِی الْكَوَاكِبِ شَیْ ءٌ یَقْطَعُ الْمَجَرَّةَ غَیْرُهَا(1).

«57»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْخُنَّسُ نُجُومٌ تَجْرِی یَقْطَعْنَ الْمَجَرَّةَ كَمَا یَقْطَعُ الْفَرَسُ (2).

«58»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ قَالَ هِیَ النُّجُومُ السَّبْعَةُ زُحَلُ وَ بَهْرَامُ وَ عُطَارِدُ وَ الْمُشْتَرِی وَ الزُّهَرَةُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ خُنُوسُهَا رُجُوعُهَا وَ كُنُوسُهَا تَغَیُّبُهَا بِالنَّهَارِ(3).

«59»- وَ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُونَ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ذَاتُ الْقُصُورِ(4).

«60»- وَ عَنْ أَبِی صَالِحٍ: فِی قَوْلِهِ ذاتِ الْبُرُوجِ قَالَ النُّجُومُ الْعِظَامُ (5).

«61»- وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله سُئِلَ عَنِ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ فَقَالَ الْكَوَاكِبُ وَ سُئِلَ (6) الَّذِی جَعَلَ فِی السَّماءِ بُرُوجاً فَقَالَ الْكَوَاكِبُ قِیلَ فَبُرُوجٌ مُشَیَّدَةٌ فَقَالَ الْقُصُورُ(7).

«62»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: فِی قَوْلِهِ وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ قَالَ بُرُوجُهَا نُجُومُهَا وَ الْیَوْمِ الْمَوْعُودِ قَالَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قَالَ یَوْمَانِ عَظِیمَانِ عَظَّمَهُمَا اللَّهُ مِنْ أَیَّامِ الدُّنْیَا كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ الشَّاهِدَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ وَ أَنَّ الْمَشْهُودَ یَوْمُ عَرَفَةَ(8).

«63»- وَ عَنِ الْحَسَنِ: فِی قَوْلِهِ وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ قَالَ حُبِكَتْ بِالْخَلْقِ الْحَسَنِ ثُمَّ حُبِكَتْ بِالنُّجُومِ وَ الْیَوْمِ الْمَوْعُودِ قَالَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ(9).

ص: 108


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 320.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 320.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 320.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 331.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 331.
6- 6. فی المصدر: و سئل عن« الذی ....
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 331.
8- 8. الدّر المنثور: ج 6، ص 331.
9- 9. الدّر المنثور: ج 6، ص 331.

«64»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ: وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ قَالَ ذَاتُ النُّجُومِ وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قَالَ الشَّاهِدُ ابْنُ آدَمَ وَ الْمَشْهُودُ یَوْمُ الْقِیَامَةِ(1).

فائدة اعلم أن أصحاب الهیئة قالوا بعد مقعر فلك القمر عن مركز العالم أحد و أربعون ألفا و تسعمائة و ستة و ثلاثون فرسخا و بعد محدبه الذی هو مماس لمقعر فلك عطارد بزعمهم خمسة و ثمانون ألف فرسخ و سبعمائة فرسخ و ثلاث فراسخ و بعد مقعر فلك الزهرة مائتان و خمسة و سبعون ألف فرسخ و ثلاثمائة و ثمانون فرسخا و بعد مقعر فلك الشمس ألف ألف فرسخ و ثمانمائة و ثمان و أربعون ألف فرسخ و ثمانمائة و خمسة و ثمانون فرسخا و بعد مقعر فلك المریخ ألف ألف فرسخ و سبعة و عشرون ألف فرسخ و تسعمائة و أربع و ثلاثون فرسخا و بعد مقعر فلك المشتری أربعة آلاف ألف فرسخ و سبعمائة و سبعون ألف فرسخ و ستمائة و اثنان و سبعون فرسخا و بعد مقعر فلك زحل ثلاثة و عشرون ألف ألف فرسخ و تسعمائة و أحد و تسعون ألف فرسخ

و مائتان و خمسة عشر فرسخا و بعد مقعر فلك الثوابت ثلاثة و ثلاثون ألف ألف فرسخ و خمسمائة ألف و تسعة آلاف فرسخ و مائة و ثمانیة و ثمانون فرسخا و بعد مقعر الفلك الأعلی ثلاثة و ثلاثون ألف ألف فرسخ و خمسمائة و أربعة و عشرون ألف فرسخ و ستمائة و تسعة فراسخ و بعد محدب الفلك الأعلی لا یعلمه أحد إلا الرب تبارك و تعالی و من أوحی إلیه و ذكروا أن قطر القمر سبعمائة و أحد و ثلاثون فرسخا و جرمه سدس سبع جرم الأرض و قیل جزء من تسعة و ثلاثین جزء منها و قطر العطارد مائة و تسعة فراسخ و جرمه جزء من اثنی عشر ألف جزء و سبعمائة و تسعة و ستین جزء من جرم الأرض و قطر الزهرة تسعمائة فرسخ و خمسة و ستون فرسخا و جرمه ثلث تسع جرم الأرض و قیل جزء من سبعة و ثلاثین جزء من الأرض و قطر الشمس سبعة عشر ألف فرسخ و خمسمائة و ثمانیة و ستون فرسخا و جرمه ثلاثمائة و ثمانیة و عشرون ضعف جرم الأرض و قیل مائة و ستة و ستون ضعفا و قطر المریخ ثلاثة آلاف

ص: 109


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 331.

فرسخ و سبعمائة و خمسة و تسعون فرسخا و جرمه ثلاثة أضعاف جرم الأرض و قیل مثل الأرض و نصفها و قطر المشتری أربعة عشر ألف فرسخ و خمسمائة و ستة و تسعون فرسخا و جرمه مائة و ثمان و ثمانون ضعفا من الأرض و قیل اثنان و ثمانون ضعفا و ربعا منها و قطر زحل أربعة عشر ألف فرسخ و أربعمائة و خمسة و ثلاثون فرسخا و جرمه مائة و اثنان و ثمانون ضعفا من الأرض و قیل سبع و سبعون ضعفا(1) و الكواكب الغیر المرصودة لا یعلم عددها إلا اللّٰه تعالی و حججه علیهم السلام و ما رصدوا منها ألف و اثنان و عشرون كوكبا(2)

فأعظمها علی ما ذكره بعضهم ثمانیة و تسعون ضعفا للأرض و سدسها و أصغرها عشرة أضعاف و ثلث من الأرض و علی ما ذكره آخرون أعظمها مائتان و اثنان و عشرون ضعفا من الأرض و أصغرها ثلاثة و عشرون ضعفا منها و رتبوا أقدارها المختلفة فی ست مراتب ینقص كل مرتبة عن صاحبتها فی القطر بسدس فأولاها أعظمها و فیها خمسة عشر كوكبا و فی الثانیة خمسة و أربعون و فی الثالثة مائتان و ثمانیة و فی الرابعة أربعمائة و أربعة و سبعون و فی الخامسة مائتان و سبعة عشر و فی السادسة تسعة و أربعون و أربعة عشر خارجة عن المراتب تسعة خفیة تسمی مظلمة و خمسة سحابیة كأنها قطعة غیم و قد

ص: 110


1- 1. قطر القمر عند أصحاب الهیئة الجدیدة خمسمائة و تسعة و سبعون فرسخا، و جرمه سبع سبع جرم الأرض، و قطر عطارد ثمانمائة و خمسة فراسخ و جرمه جزء من أربعة و عشرین جزء من جرم الأرض، و قطر الزهرة ألفان و ستة عشر فرسخا و جرمها تسعة اعشار جرم الأرض، و قطر المریخ الف و مائتا فرسخ و جرمه عشر جرم الأرض، و قطر المشتری أحد عشر الف فرسخ و خمسمائة فرسخ و جرمه أكثر من جرم الأرض بالف و ثلاثمائة ضعف جرمها و هو أكبر السیارات و قطر زحل عشرة آلاف فرسخ و جرمه أكثر من جرم الأرض بتسعمائة و خمسین ضعف جرمها، كل ذلك بالتقریب، و لاجل ما یقع من المسامحة فی امثال تلك المحاسبات یحصل اختلافات كثیرة فی تعیین المقادیر، و لذلك ذكروا فی تعیین الاقطار و الابعاد اعدادا تختلف مع ما ذكرنا بكثیر.
2- 2. ما یمكن رؤیته بلا آلة یقرب من ستة آلاف كوكب، و یمكن رؤیة ألفین منها تقریبا فی لیلة واحدة، و اما ما یری بالمكبرات العظیمة فتبلغ مئات ملیون و اما ما لم یر بعد فلا یعلم عدده الا اللّٰه تعالی أو من علمه من لدنه.

یزاد ثلاثة تسمی صفیرة ثم توهموا لتعریف هذه الكواكب صورا تكون هی علیها أو فیما بینها أو بقربها و الصور ثمانیة و أربعون إحدی و عشرون فی الشمال و اثنتا عشرة علی المنطقة و هی صور البروج المشهورة و خمس عشرة فی الجنوب هذا ما ذكروه و استنبطوه من قواعدهم و اللّٰه تعالی یعلم حقائق الأمور.

و قال بعضهم یسیر الفلك الأعظم بمقدار ما یقول أحد واحد ألفا و سبعمائة و اثنین و ثلاثین فرسخا من مقعره و اللّٰه تعالی یعلم ما یسیر من محدبه و هو أسرع الحركات و حركته من المشرق إلی المغرب و یتم فی یوم بلیلته دورا بالتقریب و قطباه یسمیان بقطبی العالم و منطقته تسمی بمعدل النهار و هی تقطع العالم بنصفین شمالی و جنوبی و الصغار الموازیة المرتسمة من تحرك النقاط عن جنبتیها تسمی بالمدارات الیومیة و سائر الحركات الخاصة للكواكب من المغرب إلی المشرق علی توالی البروج و أبطؤها حركة فلك الثوابت و یوافقه جمیع الممثلات و یقطع فی كل خمسة و عشرین ألفا و مائتی سنة دورا و یقطع فی كل سنة عشرة فراسخ و مع ذلك لا تری حركتها فی قریب من خمسین سنة بل تری فی تلك المدة كأنها ساكنة و قطباه یسمیان بقطبی البروج و منطقته بمنطقة البروج و فلك البروج و هی تقطع المعدل علی نقطتین تسمیان بالاعتدالین الربیعی و الخریفی و أبعد أجزائها عنه بالانقلابین الصیفی و الشتوی و غایة هذین البعدین من الجانب الأقرب تسمی بالمیل الكلی و هو بالرصد الجدید ثلاثة و عشرون جزء و ثلاثون دقیقة و تنقسم منطقة البروج بهذه النقاط الأربع أرباعا قطع الشمس لكل منها أحد الفصول الأربعة و لها دوائر صغار كالأولی التی تسمی بمدارات العرض و توهموا فی كل ربع من تلك الأرباع نقطتین انقسم بها بثلاثة أقسام متساویة فحصلت البروج الاثنا عشر فالحمل و الثور و الجوزاء ربیعیة و السرطان و الأسد و السنبلة صیفیة و المیزان و العقرب و القوس خریفیة و الجدی و الدلو و الحوت شتویة فتحصل بالحركة الخاصة للشمس فی هذه البروج الفصول الأربعة فی كل سنة و القمر یقطع تلك البروج فی سبعة و عشرین یوما و لیلة و ثلث

ص: 111

تقریبا و العطارد و الزهرة یقطعانها فی سنة تقریبا و المریخ یقطعها فی سنة و عشرة أشهر و أحد و عشرین یوما و لیلة و اثنتین و عشرین ساعة و خمسین دقیقة و المشتری یقطعها فی إحدی عشرة سنة و شهرین و ثلاثة عشر یوما و لیلة و إحدی عشرة ساعة و تسع دقائق و قال المحقق الطوسی رحمه اللّٰه فی اثنتی عشرة سنة تقریبا و زحل یقطعها فی ثلاثین سنة و یقال للشمس و القمر النیران و لزحل و المشتری العلویان و لعطارد و الزهرة السفلیان و للمشتری و الزهرة السعدان و لزحل و المریخ النحسان.

ثم إن القدماء قالوا كل واحد من أفلاك الكواكب السبعة یشتمل علی أفلاك أخر جزئیة مفروزة عن كلها متحركة بحركة أخری غیر حركة الكل و ذلك لأنه یعرض لها فی حركاتها السرعة و البطء و التوسط بینهما و كذا الوقوف و الرجوع و الاستقامة و قد تكون حركة بعضها متشابهة حول نقطة أی یحدث عندها فی أزمنة متساویة زوایا متساویة و قسیا(1) متساویة مع أنه یقرب منها تارة و یبعد عنها أخری إلی غیر ذلك من الاختلافات فأثبتوا لفلك الشمس فلكا آخر شاملا للأرض مركزه خارج عن مركز العالم مائل إلی جانب من الفلك الكلی لها بحیث یماس محدب سطحیه السطح الأعلی من الفلك الكلی علی نقطة مشتركة بینهما تسمی الأوج و مقعر سطحیه السطح الأدنی منه علی نقطة مشتركة تسمی الحضیض فیحصل بسبب ذلك جسمان متدرجا الثخن

إلی غایة هی ضعف ما بین المركزین أحدهما حاو للفلك الخارج المركز و الآخر محوی فیه رقة الحاوی مما یلی الأوج و غلظه مما یلی الحضیض و رقة المحوی و غلظه بالعكس یقال لكل منهما المتمم و جرم الشمس مركوز فی ثخن الخارج عند منتصف ما بین قطبیه مماس لسطحیه علی نقطتین و أفلاك كل من الكواكب العلویة و الزهرة

ص: 112


1- 1. القسی- بكسر القاف و السین و تشدید الیاء-: جمع« قوس» علی فعول، فنقلت الواو إلی موضع السین و ابدلت یاء ثمّ ابدلت واو الجمع یاء و ادغمت فیها و كسرت القاف و السین لمناسبتها.

كذلك إلا أن لها تداویر مركوزة فی خوارجها كارتكاز الشمس و هی فیها یماس سطح كل سطح تدویره علی نقطة و كذلك فلك القمر إلا أن له فلكا آخر مركزه مركز العالم محیطا بالكل یسمی بالجوزهر و أما عطارد فمركز فلكه الذی فی ثخنه الخارج غیر مركز العالم و یسمی بالمدیر و هو فی ثخن فلكه الكلی الذی مركزه مركز العالم كالخارج فی ثخنه علی الرسم المذكور فله خارجان و أوجان و حضیضان و أربعة متممات و تسمی الأفلاك الكلیة بالممثلات لمماثلتها لمنطقة البروج فی المركز و الحركة و المنطقة و القطبین و تسمی الخوارج المراكز كلها سوی المدیر بالحوامل و تسمی البعد الأبعد فی التداویر بالذروة و الأقرب بالحضیض هذا ما ذكره القدماء فی ذلك و أما المتأخرون فزادوا أفلاكا جزئیة أخری لحل بعض ما لا ینحل من مشكلات هذا الفن لم نتعرض لها و لا لذكر جهات حركات هذه الأفلاك و مقادیرها و أقطابها و دوائرها و مناطقها المذكورة فی كتب القوم لأنها لا تناسب هذا الكتاب و كل ما ذكروه مبنیة علی أوهام و خیالات یستقیم بعض الحركات بها و تحیروا فی كثیر منها و لا یعلمها بحقیقتها إلا خالقها و من خصه بعلمها من الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام.

باب 9 الشمس و القمر و أحوالهما و صفاتهما و اللیل و النهار و ما یتعلق بهما

الآیات:

البقرة: یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِیَ مَواقِیتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ (1)

آل عمران: تُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ تُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ (2)

ص: 113


1- 1. البقرة: 189.
2- 2. آل عمران: 27.

الأنعام: فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّیْلَ سَكَناً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ (1)

الأعراف: یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ یَطْلُبُهُ حَثِیثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ (2)

یونس: هُوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ یُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ إِنَّ فِی اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَّقُونَ (3) و قال تعالی هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَسْمَعُونَ (4)

الرعد: وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی إلی قوله یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ(5)

إبراهیم: وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَیْنِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ(6)

النحل: وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (7)

الإسراء: وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ وَ كُلَّ شَیْ ءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِیلًا(8)

ص: 114


1- 1. الأنعام: 96.
2- 2. الأعراف: 54.
3- 3. یونس: 5 و 6.
4- 4. یونس: 67.
5- 5. الرعد: 2 و 3.
6- 6. إبراهیم: 33.
7- 7. النحل: 12.
8- 8. الإسراء: 12.

الكهف: حَتَّی إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً إلی قوله تعالی حَتَّی إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً(1)

الأنبیاء: وَ هُوَ الَّذِی خَلَقَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ فِی فَلَكٍ یَسْبَحُونَ (2)

الحج: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِیعٌ بَصِیرٌ(3)

المؤمنون: وَ لَهُ اخْتِلافُ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (4)

النور: یُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ إِنَّ فِی ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِی الْأَبْصارِ(5)

الفرقان: أَ لَمْ تَرَ إِلی رَبِّكَ كَیْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَیْهِ دَلِیلًا ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَیْنا قَبْضاً یَسِیراً وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِباساً وَ النَّوْمَ سُباتاً وَ جَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً(6) و قال سبحانه تَبارَكَ الَّذِی جَعَلَ فِی السَّماءِ بُرُوجاً وَ جَعَلَ فِیها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِیراً وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ یَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً(7)

النمل: أَمَّنْ یَهْدِیكُمْ فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ(8) و قال تعالی أَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِیَسْكُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِی ذلِكَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (9)

ص: 115


1- 1. الكهف: 86- 90.
2- 2. الأنبیاء: 33.
3- 3. الحجّ: 61.
4- 4. المؤمنون: 80.
5- 5. النور: 44.
6- 6. الفرقان: 45 و 46 و 47.
7- 7. الفرقان: 61 و 62.
8- 8. النمل: 63.
9- 9. النمل: 86.

القصص: قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَیْكُمُ اللَّیْلَ سَرْمَداً إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِضِیاءٍ أَ فَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَیْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِلَیْلٍ تَسْكُنُونَ فِیهِ أَ فَلا تُبْصِرُونَ وَ مِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (1)

العنكبوت: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّی یُؤْفَكُونَ (2)

الروم: وَ مِنْ آیاتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ (3)

لقمان: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ یَجْرِی إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی وَ أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ(4)

فاطر: یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ (5)

یس: وَ آیَةٌ لَهُمُ اللَّیْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ وَ الشَّمْسُ تَجْرِی لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ لَا الشَّمْسُ یَنْبَغِی لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّیْلُ سابِقُ النَّهارِ وَ كُلٌّ فِی فَلَكٍ یَسْبَحُونَ (6)

الصافات: وَ رَبُّ الْمَشارِقِ (7)

الزمر: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ یُكَوِّرُ اللَّیْلَ عَلَی النَّهارِ وَ یُكَوِّرُ

ص: 116


1- 1. القصص: 71- 73.
2- 2. العنكبوت: 61.
3- 3. الروم: 23.
4- 4. لقمان: 29.
5- 5. فاطر: 13.
6- 6. یس: 37.
7- 7. الصافّات: 5.

النَّهارَ عَلَی اللَّیْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی أَلا هُوَ الْعَزِیزُ الْغَفَّارُ(1)

المؤمن: اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَی النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا یَشْكُرُونَ (2)

السجدة: وَ مِنْ آیاتِهِ اللَّیْلُ وَ النَّهارُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ (3)

الرحمن: الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (4) و قال تعالی رَبُّ الْمَشْرِقَیْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَیْنِ فَبِأَیِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (5)

الحدید: یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ (6)

المعارج: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ (7)

نوح: وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً(8)

المدثر: كَلَّا وَ الْقَمَرِ وَ اللَّیْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ إِنَّها لَإِحْدَی الْكُبَرِ(9)

النبأ: وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً وَ بَنَیْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً(10)

ص: 117


1- 1. الزمر: 5.
2- 2. المؤمن: 61.
3- 3. فصّلت: 27.
4- 4. الرحمن: 5.
5- 5. الرحمن: 17 و 18.
6- 6. الحدید: 6.
7- 7. المعارج: 40.
8- 8. نوح: 16.
9- 9. المدّثّر: 32- 35.
10- 10. النبأ: 9- 13.

التكویر: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ إلی قوله تعالی وَ اللَّیْلِ إِذا عَسْعَسَ وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (1)

الفجر: وَ الْفَجْرِ وَ لَیالٍ عَشْرٍ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ وَ اللَّیْلِ إِذا یَسْرِ(2)

الشمس: وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها(3)

الضحی: وَ الضُّحی وَ اللَّیْلِ إِذا سَجی (4)

الفلق: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (5)

تفسیر:

یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قال البیضاوی سأله معاذ بن جبل و ثعلبة بن غنم فقالا ما بال الهلال یبدو دقیقا كالخیط ثم یزید حتی یستوی ثم لا یزال ینقص حتی یعود كما بدأ فنزلت قُلْ هِیَ مَواقِیتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ.

إنهم سألوا عن الحكمة فی اختلاف حال القمر و تبدل أمره فأمره اللّٰه أن یجیب بأن الحكمة الظاهرة فی ذلك أن یكون معالم للناس یواقتون بها أمورهم و معالم للعبادات الموقتة یعرف بها أوقاتها و خصوصا الحج فإن الوقت مراعی فیه أداء و قضاء و المواقیت جمع میقات من الوقت (6)

و قال فی قوله تعالی تُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ إیلاج اللیل و النهار إدخال أحدهما فی الآخر بالتعقیب أو الزیادة و النقص (7).

و قال فی قوله تعالی فالِقُ الْإِصْباحِ شاق عمود الصبح عن ظلمة اللیل أو عن بیاض النهار أو شاق ظلمة الإصباح و هو الغبش الذی یلیه و الإصباح فی الأصل مصدر

ص: 118


1- 1. التكویر: 1- 18.
2- 2. الفجر: 1- 4.
3- 3. الشمس: 1- 4.
4- 4. الضحی: 1.
5- 5. الفلق: 1- 3.
6- 6. أنوار التنزیل: ج 1، ص 140.
7- 7. أنوار التنزیل: ج 1، ص 200.

أصبح إذا دخل فی الصبح (1)

سمی به الصبح و قرئ بفتح الهمزة علی الجمع و جاعل اللیل سكنا یسكن إلیه التعب بالنهار لاستراحته فیه من سكن إلیه إذا اطمأن إلیه استئناسا به أو یسكن فیه الخلق من قوله لِتَسْكُنُوا فِیهِ و نصبه بفعل دل علیه جاعل لا به فإنه فی معنی الماضی و یدل علیه قراءة الكوفیین وَ جَعَلَ اللَّیْلَ حملا علی معنی المعطوف علیه فإن فالق بمعنی فلق فلذلك قرئ به أو به علی أن المراد منه جعل مستمر فی الأزمنة المختلفة و علی هذا یجوز أن یكون وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ عطفا علی محل اللیل و یشهد له قراءتهما بالجر و الأحسن نصبهما بجعل مقدر و قرئ بالرفع علی الابتداء و الخبر محذوف أی مجعولان حُسْباناً أی علی أدوار مختلفة تحسب بها الأوقات و یكونان علمی الحساب و هو مصدر حسب بالفتح كما أن الحسبان بالكسر مصدر

حسب بالكسر و قیل جمع حساب كشهاب و شهبان ذلِكَ إشارة إلی جعلهما حسبانا أی ذلك السیر بالحساب المعلوم تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الذی قهرهما و سیرهما علی الوجه المخصوص الْعَلِیمِ بتدبیرهما و الأنفع من التداویر الممكنة لهما(2).

و فی قوله تعالی یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ یغطیه به و لم یذكر عكسه للعلم به أو لأن اللفظ یحتملهما و لذلك قرئ یغشی اللیل النهار بنصب اللیل و رفع النهار و قرأ حمزة و الكسائی و یعقوب و أبو بكر عن عاصم بالتشدید و فی الرعد للدلالة علی التكریر یَطْلُبُهُ حَثِیثاً یعقبه سریعا كالطالب له لا یفصل بینهما شی ء و الحثیث فعیل من الحث و هو صفة مصدر محذوف أو حال من الفاعل بمعنی حاثا أو المفعول بمعنی محثوثا وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أی بقضائه و تصریفه و نصبها بالعطف علی السماوات و نصب مسخرات علی الحال و قرأ ابن عامر كلها بالرفع علی الابتداء و الخبر(3) انتهی.

ص: 119


1- 1. فی المصدر: فی الصباح.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 1، ص 392.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 1 ص 425.

و قال الرازی فی قوله سبحانه یَطْلُبُهُ حَثِیثاً اعلم أنه سبحانه وصف هذه الحركة بالسرعة و الشدة و ذلك هو الحق لأن تعاقب اللیل و النهار إنما یحصل بحركة الفلك الأعظم (1)

و تلك الحركة أشد الحركات سرعة و أكملها شدة حتی أن الباحثین عن أحوال الموجودات قالوا الإنسان إذا كان فی العدو الشدید الكامل فإلی أن یرفع رجله و یضعها یتحرك الفلك الأعظم ثلاثة آلاف میل و إذا كان الأمر كذلك كانت تلك الحركة فی غایة السرعة و الشدة فلهذا السبب قال تعالی یَطْلُبُهُ حَثِیثاً ثم قال فی هذه الآیة لطائف فالأولی أن الشمس لها نوعان من الحركة أحدهما حركتها بحسب ذاتها و هی إنما تتم فی سنة كاملة و بسبب هذه الحركة تحصل السنة و الثانی حركتها بسبب حركة الفلك الأعظم و هذه الحركة تتم فی الیوم بلیلته إذا عرفت هذا فنقول اللیل و النهار لا یحصلان بسبب حركة الشمس بل بحركة السماء الأقصی التی یقال لها العرش و لهذا السبب لما ذكر العرش بقوله ثُمَّ اسْتَوی عَلَی الْعَرْشِ ربط به قوله یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ تنبیها علی أن سبب حصول اللیل و النهار هو حركة الفلك الأقصی لا حركة الشمس و القمر.

و الثانیة أنه تعالی لما شرح كیفیة تخلیق السماوات قال فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِی یَوْمَیْنِ وَ أَوْحی فِی كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها فدلت تلك الآیة علی أنه سبحانه خص كل ذلك بلطیفة نورانیة ربانیة من عالم الأمر ثم قال بعده أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ و هو إشارة إلی أن كل ما سوی اللّٰه إما من عالم الخلق أو من عالم الأمر أما الذی هو من عالم الخلق فالخلق عبارة عن التقدیر و كل ما كان جسما أو جسمانیا كان مخصوصا بمقدار معین فكان من عالم الخلق و كل ما كان بریئا عن الحجمیة و المقدار كان من عالم الأرواح و من عالم الأمر فدل علی أنه سبحانه خص كل واحد من أجرام الأفلاك و الكواكب التی هی من عالم الخلق بملك

ص: 120


1- 1. هذا مبنی علی الفرضیة البطلمیوسیة، و اما علی رأی فیثاغورس و أصحابه و كذا علی ما ثبت فی الهیئة الحدیثة فاللیل و النهار انما یحصلان بسبب حركة الأرض الوضعیة.

من الملائكة و هم من عالم الأمر و الأحادیث الصحیحة مطابقة لذلك و هی ما روی من (1)

الأخبار أن لله ملائكة یحركون الشمس و القمر عند الطلوع و الغروب (2)

و كذا القول فی سائر الكواكب و أیضا قوله سبحانه وَ یَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ یَوْمَئِذٍ ثَمانِیَةٌ إشارة إلی أن الملائكة الذین یقومون بحفظ العرش ثمانیة ثم إذا دققت النظر قلت (3)

إن عالم الخلق فی تسخیر اللّٰه و عالم الأمر فی تدبیر اللّٰه و استیلاء الروحانیات علی الجسمانیات بتقدیر اللّٰه فلهذا المعنی قال أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ ثم كون الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره یحتمل وجوها.

أحدها أنا قد دللنا أن الأجسام متماثلة و متی كان كذلك كان اختصاص جسم الشمس بذلك النور المخصوص و الضوء الباهر و التسخین الشدید و التدبیرات العجیبة فی العالم العلوی و السفلی لا بد و أن یكون لأجل أن الفاعل الحكیم و المقدر العلیم خص ذلك الجسم بهذه الصفات فجسم كل واحد من الكواكب و النیرات كالمسخر فی قبول تلك القوی و الخواص عن قدرة المدبر الحكیم.

و ثانیها أن یقال إن لكل واحد من أجرام الشمس و القمر و الكواكب سیرا خاصا بطیئا من المشرق إلی المغرب و سیرا آخر سریعا بسبب حركة الفلك الأعظم فالحق سبحانه خص جرم الفلك الأعظم بقوة زائدة(4)

علی أجرام سائر الأفلاك باعتبارها صارت مستولیة علیها قادرة علی تحریكها علی سبیل القهر من المشرق إلی المغرب فأجرام الأفلاك و الكواكب صارت كالمسخرة لهذا القهر و القسر(5).

ص: 121


1- 1. فی المصدر: فی الاخبار.
2- 2. فی المصدر: و عند الغروب.
3- 3. فی المصدر: علمت.
4- 4. فی المصدر: بقوة ساریة فی اجرام.
5- 5. مفاتیح الغیب: ج 4، ص 338.

أقول: ثم ذكر وجوها أخری لا طائل تحتها و فیما نقل عنه أیضا مخالفات لأصول المسلمین و مناقشات لا یخفی علی المتدبرین.

هُوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً قال البیضاوی أی ذات ضیاء و هو مصدر كقیام أو جمع ضوء كسیاط و سوط و الیاء فیه منقلبة عن الواو و عن ابن كثیر ضئاء بهمزتین فی كل القرآن علی القلب بتقدیم اللام علی العین وَ الْقَمَرَ نُوراً أی ذا نور أو سمی نورا للمبالغة و هو أعم من الضوء و قیل ما بالذات ضوء و ما بالغرض نور و قد نبه سبحانه بذلك علی أنه خلق الشمس نیرة بذاتها(1)

و القمر نیرا بعرض مقابلة الشمس (2) وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ الضمیر لكل واحد أی قدر مسیر كل واحد منهما منازل أو قدره ذا منازل أو للقمر و تخصیصه بالذكر لسرعة سیره و معاینة منازله و إناطة أحكام الشرع به و لذلك علله (3)

بقوله لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ أی

حساب الأوقات من الأشهر و الأیام فی معاملاتكم و تصرفاتكم ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ إلا متلبسا بالحق مراعیا فیه مقتضی الحكمة البالغة یُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ فإنهم المنتفعون بالتأمل فیها(4) انتهی.

إِنَّ فِی اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ أی مجی ء كل منهما خلف الآخر أو اختلافهما بالزیادة و النقصان المستلزم لحصول الفصول الأربعة وَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أی من الكواكب و الملائكة و الموالید و أنواع الأرزاق و النعم لَآیاتٍ أی دلالات علی وجود الصانع تعالی و علمه و قدرته و حكمته و لطفه و رحمته لِقَوْمٍ یَتَّقُونَ الشرك و المعاصی فإنهم المنتفعون بها هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِتَسْكُنُوا فِیهِ أی لسكونكم و راحتكم و راحة قواكم من التعب

ص: 122


1- 1. فی المصدر: فی ذاتها.
2- 2. فی المصدر: مقابلة الشمس و الاكتساب منها.
3- 3. فی المصدر: علل.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 1، ص 529.

و الكلال وَ النَّهارَ مُبْصِراً أی مضیئا تبصرون فیه و نسبة الإبصار إلیه علی المجاز لِقَوْمٍ یَسْمَعُونَ أی الحجج سماع تدبر و تعقل وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ قال الرازی هذا الكلام اشتمل علی نوعین من الدلالة الأول الاستدلال علی وجود الصانع القادر بحركات هذه الأجرام و ذلك لأن الأجسام متماثلة فاختصاصها بالحركة الدائمة دون السكون لا بد له من مخصص و أیضا أن كل واحدة من تلك الحركات مختصة بكیفیة معینة من البطء و السرعة فلا بد أیضا من مخصص و أیضا تقدیر تلك الحركات بمقادیر مخصوصة علی وجه تحصل عوداتها و دوراتها متساویة بحسب المدة حالة عجیبة فلا بد فیه من مقدر و بعض تلك الحركات مشرقیة و بعضها مغربیة و بعضها مائلة إلی الشمال و بعضها إلی الجنوب و هذا أیضا لا یتم إلا بتدبیر كامل و حكمة بالغة و النوع الثانی قوله كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی و فیه قولان الأول قال ابن عباس للشمس مائة و ثمانون منزلا كل یوم لها منزل و ذلك (1) فی ستة أشهر ثم إنها تعود مرة أخری إلی واحد واحد منها فی ستة أشهر مرة(2) أخری و كذلك القمر له ثمانیة و عشرون منزلا فالمراد بقوله كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی هذا. و الثانی كونهما متحركین إلی یوم القیامة و عنده تنقطع تلك الحركات (3).

و قال فی قوله تعالی دائِبَیْنِ معنی الدءوب فی اللغة مرور الشی ء فی العمل علی عادة مطردة قال المفسرون معناه یدأبان فی سیرهما و إنارتهما و تأثیرهما فی إزالة الظلمة و فی إصلاح النبات و الحیوان فإن الشمس سلطان النهار و القمر سلطان اللیل و لو لا الشمس لما حصلت الفصول الأربعة و لولاها لاختلت مصالح العالم بالكلیة(4) و قال فی قوله وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فیه قولان

ص: 123


1- 1. فی المصدر: و ذلك یتم فی ستة أشهر.
2- 2. فی المصدر: اشهر اخری.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 261 ملخصا.
4- 4. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 355.

الأول أن یكون المراد من الآیتین نفس اللیل و النهار و المعنی أنه تعالی جعلهما دلیلین للخلق علی مصالح الدین و الدنیا أما فی الدین فلأن كل واحد منهما مضاد للآخر معاند له (1)

فكونهما متعاقبین علی الدوام من أقوی الدلائل علی أنهما غیر موجودین لذاتیهما بل لا بد لهما من فاعل یدبرهما و یقدرهما بالمقادیر المخصوصة و أما فی الدنیا فلأن مصالح الدنیا لا تتم إلا باللیل و النهار فلو لا اللیل لما حصل السكون و الراحة و لو لا النهار لما حصل الكسب و التصرف فی وجوه المعاش ثم قال تعالی فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ فعلی هذا القول تكون الإضافة للتبیین و التقدیر فمحونا الآیة التی هی اللیل و جعلنا الآیة التی هی النهار مبصرة الثانی أن یكون المراد و جعلنا نیری اللیل و النهار آیتین یرید الشمس و القمر فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ و هی القمر و فی تفسیر محو القمر قولان الأول المراد منه ما یظهر فی القمر من الزیادة و النقصان فی النور فیبدو فی أول الأمر فی صورة الهلال ثم لا یزال یتزاید نوره حتی یصیر بدرا كاملا ثم یأخذ فی الانتقاص قلیلا قلیلا و ذلك هو المحو إلی أن یعود إلی المحاق و الثانی أن المراد من محو القمر الكلف الذی یظهر فی وجهه یروی أن الشمس و القمر كانا سواء فی النور و الضوء فأرسل اللّٰه جبرئیل فأمر جناحه علی وجه القمر فطمس عنه الضوء و معنی المحو فی اللغة إذهاب الأثر و أقول حمل المحو علی الوجه الأول أولی لقوله لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ الآیة لأن المحو إنما یؤثر فی ابتغاء فضل اللّٰه إذا حملناه علی زیادة نور القمر و نقصانه لأن بسبب حصول هذه الحالة تختلف أحوال نور القمر و أهل التجارب بینوا أن اختلاف أحوال القمر فی مقادیر النور له أثر عظیم فی أحوال هذا العالم و مصالحها مثل أحوال البحار فی المد و الجزر و مثل أحوال البحرانات علی ما یذكره الأطباء فی كتبهم و أیضا بسبب زیادة نور القمر و نقصانه تحصل الشهور و بسبب معاودة الشهور تحصل السنون العربیة المبتنیة علی رؤیة الأهلة كما قال وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ و أقول أیضا لو حملنا المحو علی

ص: 124


1- 1. فی المصدر: مغایر له مع كونهما.

الكلف الحاصل فی وجه القمر فهو أیضا برهان قاطع علی صحة قول المسلمین فی المبدإ و المعاد أما دلالته علی صحة قولهم فی المبدإ فلأن جرم القمر جرم بسیط عند الفلاسفة فوجب أن یكون متشابه الصفات فحصول الأحوال المختلفة الحاصلة بسبب المحو یدل علی أنه لیس بسبب الطبیعة بل لأجل أن الفاعل المختار خصص بعض أجزائه بالنور القوی و بعض أجزائه بالنور الضعیف و ذلك یدل علی أن مدبر العالم فاعل مختار لا موجب بالذات و آخر(1)

ما ذكره الفلاسفة فی الاعتذار عنه أنه ارتكز فی وجه القمر أجسام قلیلة الضوء مثل ارتكاز الكواكب فی أجرام الأفلاك فلما كانت تلك الأجرام أقل ضوءا من جرم القمر لا جرم شوهدت تلك الأجرام فی وجه القمر كالكلف فی وجه الإنسان و هذا لا یفید مقصود الخصم لأن جرم القمر لما كان متشابه الأجزاء فلم ارتكزت تلك الأجرام الظلمانیة فی بعض أجزاء القمر دون سائر الأجزاء و بمثل هذا الطریق یتمسك فی أحوال الكواكب و ذلك لأن الفلك جرم بسیط متشابه الأجزاء فلم یكن حصول جرم الكواكب فی بعض جوانبه أولی من حصوله فی سائر الجوانب و ذلك یدل علی أن اختصاص ذلك الكوكب بذلك الموضع المعین من الفلك لأجل تخصیص الفاعل المختار الحكیم.

و أما قوله وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ففیه وجهان الأول أن معنی كونها مبصرة أی مضیئة و ذلك لأن الإضاءة سبب لحصول الإبصار فأطلق اسم الإبصار علی الإضاءة إطلاقا لاسم المسبب علی السبب و الثانی قال أبو عبیدة یقال قد أبصر النهار إذا صار الناس یبصرون فیه كقوله رجل مخبث إذا كان أصحابه خبثاء و رجل مضغف إذا كان دوابه (2)

ضغافا فكذا قوله وَ النَّهارَ مُبْصِراً أی أهله بصراء لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ أی لتبصروا كیف تتصرفون فی أعمالكم وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ اعلم أن الحساب یبنی علی أربع مراتب الساعات

ص: 125


1- 1. فی المصدر: و أحسن.
2- 2. فی المصدر: إذا كان ذراریه صغافا.

و الأیام و الشهور و السنون فالعدد للسنین و الحساب لما دون السنین و هی الشهور و الأیام و الساعات و بعد هذه المراتب الأربعة لا یحصل إلا التكرار كما أنهم رتبوا العدد علی أربع مراتب الآحاد و العشرات و المآت و الألوف و لیس بعدها إلا التكرار(1) وَ كُلَّ شَیْ ءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِیلًا أی كل شی ء بكم إلیه حاجة فی مصالح دینكم و دنیاكم فصلنا و شرحنا و قال فی قوله سبحانه وَجَدَها تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ قرأ ابن عامر و حمزة و الكسائی و أبو بكر عن عاصم فی عین حامیة بالألف من غیر همزة أی حارة

وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ قَالَ: كُنْتُ رَدِیفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی جَمَلٍ فَرَأَی الشَّمْسَ حِینَ غَابَتْ فَقَالَ أَ تَدْرِی یَا أَبَا ذَرٍّ أَیْنَ تَغْرُبُ هَذِهِ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَامِئَةٍ.

و هی قراءة ابن مسعود و طلحة و أبو عمرو و الباقون حَمِئَةٍ و هی قراءة ابن عباس و اتفق أن ابن عباس كان عند معاویة فقرأ معاویة حامیة فقال ابن عباس حَمِئَةٍ فقال معاویة لعبد اللّٰه بن عمر كیف تقرأ فقال كما یقرأ أمیر المؤمنین ثم وجه إلی كعب الأحبار و سأله كیف تجد الشمس تغرب قال فی ماء و طین كذلك نجده فی التوراة و الحمئة ما فیه حمأة سوداء و اعلم أنه لا تنافی بین الحمئة و الحامیة فجائز أن یكون الماء جامعا للوصفین (2) ثم اعلم أنه ثبت بالدلیل أن الأرض كره و أن السماء محیطة بها و لا شك أن الشمس فی الفلك و أیضا قال وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً و معلوم أن جلوس القوم (3) فی قرن الشمس غیر موجود و أیضا فالشمس أكبر من الأرض مرات كثیرة فكیف یعقل دخولها فی عین من عیون الأرض.

إذا ثبت هذا فنقول فی تأویله وجوه.

الأول أن ذا القرنین لما بلغ موضعا ما فی المغرب لم یبق بعده شی ء من

ص: 126


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 555.
2- 2. فی المصدر: البحث الثانی.
3- 3. فی المصدر: جلوس قوم فی قرب الشمس.

العمارات وجد الشمس كأنها تغرب فی وهدة مظلمة و إن لم یكن كذلك فی الحقیقة كما أن راكب البحر یری الشمس كأنها تغرب فی البحر إذا لم یر الشط و هی فی الحقیقة تغیب وراء البحر ذكره الجبائی.

الثانی أن بالجانب الغربی من الأرض مساكن یحیط البحر بها فالناظر إلی الشمس یتخیل كأنها تغیب فی تلك البحار و لا شك أن البحار الغربیة قویة السخونة فهی حامیة و هی أیضا حمئة لكثرة ما فیها من الباه و هی الحمأة السوداء فقوله تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَمِئَةٍ إشارة إلی أن الجانب الغربی من الأرض قد أحاط البحر به و هو موضع شدید السخونة. الثالث قال أهل الأخبار إن الشمس تغرب فی عین حمئة كثیرة الحاء و الحمأة و هذا فی غایة البعد و ذلك أنا إذا رصدنا كسوفا قمریا و رأینا أهل المغرب قالوا حصل هذا الكسوف أول اللیل رأینا أهل المشرق قالوا حصل فی أول النهار فعلمنا أن ما هو أول اللیل عند أهل المغرب فهو أول النهار عند أهل المشرق بل ذلك الوقت الذی هو أول اللیل عندنا فهو وقت العصر فی بلد و وقت الظهر فی بلد آخر و وقت الضحوة فی بلد ثالث و وقت طلوع الشمس فی بلد رابع و نصف اللیل فی بلد خامس و إذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء و الاختبار و علمنا أن الشمس طالعة ظاهرة فی كل هذه الأوقات كان الذی یقال إنها تغیب فی الطین و الحمأة كلاما علی خلاف الیقین و كلام اللّٰه مبرأ عن البهمة(1)

فلم یبق إلا أن یضاف (2) إلی التأویل الذی ذكرنا و الضمیر فی قوله عِنْدَها عائد إلی الشمس لأن الإنسان لما تخیل أن الشمس تغرب هناك فكان سكان ذلك الموضع كأنهم سكنوا بالقرب من الشمس أو عائد إلی العین (3).

و قال فی قوله وَجَدَها تَطْلُعُ أی وجد الشمس تطلع عَلی قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ

ص: 127


1- 1. فی المصدر: عن هذه التهمة.
2- 2. فی المصدر:« الا أن یصار» و هو الظاهر.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 745.

لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً فیه قولان الأول أنه شاطئ بحر لا جبل و لا شی ء یمنع من وقوع شعاع الشمس علیهم فلهذا السبب إذا طلعت الشمس دخلوا فی أسراب واغلة فی الأرض أو غاصوا فی الماء فیكون عند طلوع الشمس یتعذر علیهم التصرف فی المعاش و عند غروبها یشتغلون بتحصیل مهمات المعاش و حالهم بالضد من أحوال سائر الخلق.

و القول الثانی أن معناه لا ثیاب لهم و یكونون كسائر الحیوانات عراة أبدا و فی كتب الهیئة أن حال أكثر الزنج كذلك و حال كل من سكن البلاد القریبة من خط الإستواء كذلك و ذكر فی كتب التفسیر أن بعضهم قال سافرت حتی جاوزت الصین فسألت عن هؤلاء القوم فقیل بینك و بینهم مسیرة یوم و لیلة فبلغتهم و إذا أحدهم یفرش إحدی أذنیه و یلبس الأخری فلما قرب طلوع الشمس سمعت صوتا كهیئة الصلصلة فغشی علی ثم أفقت فلما طلعت الشمس إذا هی فوق الماء كهیئة الزیت فأدخلوا فی سربالهم (1) فلما ارتفع النهار جعلوا یصطادون السمك و یطرحونه فی الشمس فینضج (2). كُلٌّ فِی فَلَكٍ أی كل منهما أو مع النجوم

بقرینة الجمع فی فلك واحد أو كل واحد منهما أو منها فی فلك علی حدة یَسْبَحُونَ أی یجرون قال الرازی لا یجوز أن یقول كل فی فلك یسبحون إلا و یدخل فی الكلام مع الشمس و القمر النجوم لیثبت معنی الجمع و الكل (3) ثم قال الفلك فی كلام العرب كل شی ء دائر و جمعه أفلاك و اختلف العقلاء فیه فقال بعضهم الفلك لیس بجسم و إنما هو مدار هذه النجوم و هو قول الضحاك و قال الأكثرون بل هی أجسام تدور النجوم علیها و هذا أقرب إلی ظاهر القرآن ثم اختلفوا فی كیفیته فقال بعضهم الفلك موج مكفوف تجری الشمس و القمر و النجوم فیه و قال الكلبی ماء

ص: 128


1- 1. السربال: القمیص او كل ما یلبس.
2- 2. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 755، نقلا بالمعنی.
3- 3. فی المصدر: و معنی الكل.

مكفوف (1)

أی مجموع تجری فیه الكواكب و احتج بأن السباحة لا تكون إلا فی الماء قلنا لا نسلم فإنه یقال للفرس الذی یمد یدیه فی الجری سابح و قال جمهور الفلاسفة و أصحاب الهیئة إنها أجرام صلبة لا خفیفة و لا ثقیلة غیر قابلة للخرق و الالتئام و النمو و الذبول و الحق أنه لا سبیل إلی معرفة السماوات إلا بالخبر و اختلف الناس فی حركات الكواكب و الوجوه الممكنة فیها ثلاثة فإنه إما أن یكون الفلك ساكنا و الكواكب تتحرك فیه كحركة السمكة فی الماء الراكد و إما أن یكون الفلك متحركا و الكواكب تتحرك فیه أیضا إما مخالفا لجهة حركته أو موافقا لجهته إما بحركة مساویة لحركة الفلك فی السرعة و البطء أو مخالفة و إما أن یكون الفلك متحركا و الكواكب ساكنة أما الرأی الأول فقالت الفلاسفة إنه باطل لأنه یوجب خرق الفلك (2)

و هو محال عندهم و أما الرأی الثانی فحركة الكواكب إن فرضت مخالفة لحركة الفلك فذاك أیضا یوجب الخرق و إن كانت حركتها إلی جهة حركة الفلك فإن كانت مخالفة لها فی السرعة و البطء لزم الانخراق و إن استویا فی الجهة و السرعة و البطء فالخرق أیضا لازم لأن الكواكب تتحرك بسبب حركته فتبقی حركته الذاتیة زائدة فیلزم الخرق فلم یبق إلا القسم الثالث و هو أن یكون الكواكب مغروزا فی الفلك واقفا فیه و الفلك یتحرك فیتحرك الكواكب (3) بسبب حركة الفلك و اعلم أن مدار هذا الكلام علی امتناع الخرق علی الأفلاك و هو باطل بل الحق أن الأقسام الثلاثة ممكنة و اللّٰه تعالی قادر علی كل الممكنات و الذی یدل علیه لفظ القرآن أن تكون الأفلاك واقفة و الكواكب تكون جاریة فیها كما تسبح السمكة فی الماء و احتج ابن سینا علی أن الكواكب أحیاء ناطقة بقوله یَسْبَحُونَ فإن الجمع بالواو و النون لا یكون إلا للعقلاء و بقوله تعالی وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَیْتُهُمْ لِی ساجِدِینَ

ص: 129


1- 1. فی المصدر: ماء مجموع تجری ....
2- 2. فی المصدر: الافلاك.
3- 3. الكوكب( خ).

و الجواب إنما جعل واو الضمیر للعقلاء للوصف بفعلهم و هو السباحة.

فإن قلت لكل واحد من القمرین فلك علی حدة فكیف قیل جمیعهم یسبحون فی فلك.

قلت هذا كقوله كساهم الأمیر حلة و قلدهم سیفا أی كل واحد منهم (1).

وَ لَهُ اخْتِلافُ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ قال البیضاوی أی و یختص به تعاقبهما لا یقدر علیه غیره فیكون ردا لنسبته إلی الشمس حقیقة أو مجازا أو لأمره و قضائه تعاقبهما أو انتقاص أحدهما و ازدیاد الآخر(2)

و فی قوله سبحانه یُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ بالمعاقبة بینهما أو بنقص أحدهما و زیادة الآخر أو بتغییر أحوالهما بالحر و البرد و الظلمة و النور أو ما یعم (3) ذلك إِنَّ فِی ذلِكَ فیما تقدم ذكره لَعِبْرَةً لِأُولِی الْأَبْصارِ لدلالته (4)

علی وجود الصانع القدیم و كمال قدرته و إحاطة علمه و نفاذ مشیته و تنزهه عن الحاجة و ما یفضی إلیها لمن یرجع إلی بصیرة(5).

قوله تعالی أَ لَمْ تَرَ إِلی رَبِّكَ أقول للعلماء فی تأویل هذه الآیة مسالك.

الأول أ لم تنظر إلی صنع ربك كیف بسطه أو أ لم تنظر إلی الظل كیف بسطه ربك فغیر النظم إشعارا بأن المعقول من هذا الكلام لوضوح برهانه و هو دلالة حدوثه و تصرفه علی الوجه النافع بأسباب ممكنة علی أن ذلك فعل الصانع الحكیم كالمشاهد المرئی فكیف بالمحسوس منه أو أ لم ینته علمك إلی أن ربك كیف مد الظل و هو فیما بین طلوع الفجر و الشمس و هو أطیب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع و تسد النظر و شعاع الشمس یسخن الهواء و یبهر البصر و لذلك وصف به الجنة فقال وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ(6) وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أی ثابتا من السكنی أو غیر

ص: 130


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 6، ص 145- 150. نقلا بالمعنی مع التلخیص.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 2 ص 126.
3- 3. فی المصدر: بما یعم.
4- 4. فی المصدر: لدلالة- بفتح اللام-
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 147.
6- 6. الواقعة: 30.

متقلص من السكون بأن یجعل الشمس مقیمة علی وضع واحد ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَیْهِ دَلِیلًا فإنه لا یظهر للحس حتی تطلع فیقع ضوؤها علی بعض الأجرام إذ لا یوجد و لا یتفاوت إلا بسبب حركتها ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَیْنا أی أزلناه بإیقاع الشعاع موقعه قَبْضاً یَسِیراً أی قلیلا قلیلا حسب ما ترتفع الشمس لتنتظم بذلك مصالح الكون و یتحصل به ما لا یحصی من منافع الخلق و ثم فی الموضعین لتفاضل الأمور أو لتفاضل مبادئ أوقات ظهورها.

الثانی أن المعنی مد الظل لما بنی السماء بلا نیر و دحا الأرض تحتها و ألقت علیها ظلها و لو شاء لجعله ثابتا علی تلك الحال ثم خلق الشمس علیه دلیلا أی مسلطا علیهم مستتبعا إیاه كما یستتبع الدلیل المدلول أو دلیل الطریق من یهدیه یتفاوت بحركتها و یتحول بتحولها ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَیْنا قَبْضاً یَسِیراً شیئا فشیئا إلی أن ینتهی نقصانه أو قبضا سهلا عند قیام الساعة بقبض أسبابه من الأجرام المظلة و المظل علیها و هذان الوجهان ذكرهما البیضاوی و غیره من المفسرین الثالث أن یكون المراد بالظل الروح كما یطلق عالم الظلال علی عالم الأرواح لأنها تابعة للبدن كالظل أو لكونها أجساما لطیفة أو لتجردها إن قیل به وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً

بعدم تعلقها بالأجساد و المراد بالشمس شمس عالم الوجود و هو الرب تعالی لأنه دلیل الممكنات إلی الوجود و سائر الكمالات و قبضه عبارة عن قبض الروح شیئا فشیئا إلی أن یموت الشخص و فی قوله ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ نوع التفاوت.

الرابع أن یراد بالظل الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام فإنهم ظلاله سبحانه لكونهم تابعین لإرادته متخلقین بأخلاقه و كونهم ظلال رحمته علی عباده وَ لَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً أی لم یبعثهم إلی الخلق ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ أی شمس الوجود عَلَیْهِ دَلِیلًا أی لهم دلیلا هادیا لهم إلی كمالاتهم و قبضه جذبهم إلی عالم القدس.

الخامس أن یكون المراد بالظلال الأعیان الثابتة و الحقائق الإمكانیة علی مذاق الصوفیة و مدها عبارة عن الفیض الأقدس بزعمهم أی جعل الماهیات

ص: 131

ماهیات و الشمس عبارة عن الفیض المقدس و هو إفاضة الوجود و القبض الیسیر بزعمهم إشارة إلی تجدد الأمثال و إعدام كل شی ء و إیجاده فی كل آن و به أولوا قوله سبحانه بَلْ هُمْ فِی لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِیدٍ(1) أیضا و ربما یحمل الظل علی عالم المثال كما هو ذوق المتألهین من الحكماء و هذه احتمالات فی هذه الآیة التی هی من المتشابهات و ما یعلم تأویلها إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ و فسر علی بن إبراهیم الظل بما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس (2).

وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ اللَّیْلَ لِباساً قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی غطاء ساترا للأشیاء بالظلام كاللباس الذی یشتمل علی لابسه فاللّٰه سبحانه ألبسنا اللیل و غشانا به لنسكن فیه و نستریح عن كد الأعمال وَ النَّوْمَ سُباتاً أی راحة لأبدانكم و قطعا لأعمالكم قال الزجاج السبات أن ینقطع عن الحركة و الروح فی بدنه وَ جَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً لانتشار الروح بالیقظة فیه مأخوذ من نشور البعث و قیل لأن الناس ینتشرون فیه لطلب حوائجهم و معایشهم فالنشور بمعنی التفرق لابتغاء الرزق عن ابن عباس.

تَبارَكَ تفاعل من البركة معناه عظمت بركاته و كثرت عن ابن عباس و البركة الكثرة من الخیر و قیل معناه تقدس و جل بما لم یزل علیه من الصفات و لا یزال كذلك فلا یشاركه فیها غیره و أصله من بروك الطیر فكأنه قال ثبت و دام فیما لم یزل و لا یزال عن جماعة من المفسرین و قیل معناه قام بكل بركة و جاء بكل بركة(3) الَّذِی جَعَلَ فِی السَّماءِ بُرُوجاً یرید منازل النجوم السبعة السیارة و هی الحمل و الثور و الجوزاء و السرطان و الأسد و السنبلة و المیزان و العقرب و القوس و الجدی و الدلو و الحوت و قیل هی النجوم الكبار و سمیت بروجا لظهورها وَ جَعَلَ فِیها سِراجاً أی و خلق

ص: 132


1- 1. ق: 15.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 466.
3- 3. مجمع البیان: ج 7، ص 160.

فی السماء شمسا و من قرأ سرجا أراد الشمس و الكواكب معها وَ قَمَراً مُنِیراً أی مضیئا باللیل إذا لم تكن شمس وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ خِلْفَةً أی یخلف كل واحد منهما صاحبه فیما یحتاج أن یعمل فیه فمن فاته عمل اللیل استدركه بالنهار و من فاته عمل النهار استدركه باللیل و هو قوله لِمَنْ أَرادَ أَنْ یَذَّكَّرَ

رُوِیَ ذَلِكَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُقْضَی صَلَاةُ(1) اللَّیْلِ بِالنَّهَارِ.

و قیل معناه أنه جعل كل واحد منهما مخالفا لصاحبه فجعل أحدهما أسود و الآخر أبیض لِمَنْ أَرادَ أَنْ یَذَّكَّرَ أی یتفكر و یستدل بذلك علی أن لهما مدبرا و مصرفا لا یشبههما و لا یشبهانه فیوجه العبادة إلیه أَوْ أَرادَ شُكُوراً أی أراد شكر نعمة ربه علیه فیهما و علی القول الأول فمعناه أراد النافلة بعد أداء الفریضة(2).

أَمَّنْ یَهْدِیكُمْ فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قال البیضاوی بالنجوم و علامات الأرض و الظلمات ظلمات اللیالی و الإضافة(3) إلی البر و البحر للملابسة أو مشتبهات الطرق یقال طریقة ظلماء و عمیاء للتی لا منار بها(4).

لِیَسْكُنُوا فِیهِ بالنوم و القرار وَ النَّهارَ مُبْصِراً أصله لیبصروا فیه فبولغ فیه بجعل الإبصار حالا من أحواله المجعول علیها بحیث لا ینفك عنها(5).

سَرْمَداً أی دائما من السرد و هو المتابعة و المیم مزیدة كمیم دلامص إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ بإسكان الشمس تحت الأرض أو تحریكها حول (6) الأفق الغائر مَنْ إِلهٌ غَیْرُ اللَّهِ یَأْتِیكُمْ بِضِیاءٍ كان حقه هل إله فذكر بمن علی زعمهم أن غیره آلهة أَ فَلا تَسْمَعُونَ سماع تدبر و استبصار إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَیْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً

ص: 133


1- 1. فی المجمع: یقضی صلاة النهار باللیل و صلاة اللیل بالنهار.
2- 2. مجمع البیان: ج 7، ص 178.
3- 3. فی المصدر: و أضافها.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 2، ص 203.
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 207.
6- 6. فی المصدر: فوق الافق.

بإسكانها فی وسط السماء أو تحریكها علی مدار فوق الأفق بِلَیْلٍ تَسْكُنُونَ فِیهِ استراحة عن متاعب الأشغال و لعله لم یصف الضیاء بما یقابله لأن الضوء نعمة فی ذاته مقصود بنفسه و لا كذلك اللیل و لأن منافع الضوء أكثر مما یقابله و لذلك قرن به أَ فَلا تَسْمَعُونَ و باللیل أَ فَلا تُبْصِرُونَ لأن استفادة العقل من السمع أكثر من استفادته من البصر لِتَسْكُنُوا فِیهِ أی فی اللیل وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ

فَضْلِهِ أی بالنهار بأنواع المكاسب وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أی و لكی تعرفوا نعمة اللّٰه فی ذلك فتشكروه علیها(1) وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ المسئول عنهم أهل مكة لَیَقُولُنَّ اللَّهُ لما تقرر فی العقول من وجوب انتهاء الممكنات إلی واحد واجب الوجود(2).

وَ مِنْ آیاتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ منامكم فی الزمانین لاستراحة القوی النفسانیة و قوة القوی الطبیعیة و طلب معاشكم فیهما أو منامكم باللیل و ابتغاؤكم بالنهار فلف و ضم بین الزمانین و الفعلین بعاطفین إشعارا بأن كلا من الزمانین و إن اختص بأحدهما فهو صالح للآخر عند الحاجة و یؤیده سائر الآیات الواردة فیه (3) كُلٌّ یَجْرِی أی كل من النیرین یجری فی فلكه إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی أی إلی منتهی معلوم الشمس إلی آخر السنة و القمر إلی آخر الشهور و قیل إلی یوم القیامة(4).

و قال فی قوله لِأَجَلٍ مُسَمًّی مدة دوره أو منتهاه أو یوم القیامة(5) نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ أی نزیله و نكشفه عن مكانه مستعار من سلخ الجلد فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ أی داخلون فی الظلام (6).

ص: 134


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 223.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 2، ص 238.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 244.
4- 4. أنوار التنزیل: ج 2، ص 257.
5- 5. أنوار التنزیل: ج 2، ص 311.
6- 6. أنوار التنزیل: ج 2، ص 300.

أَقُولُ وَ فِی الْكَافِی عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: یَعْنِی قُبِضَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ظَهَرَتِ الظُّلْمَةُ فَلَمْ یُبْصِرُوا فَضْلَ أَهْلِ بَیْتِهِ (1).

و هو من بطون الآیة.

وَ الشَّمْسُ تَجْرِی لِمُسْتَقَرٍّ لَها أی لحد معین ینتهی إلیه دورها فشبه بمستقر المسافر إذا قطع مسیره أو لكبد السماء فإن حركتها فیه توجد إبطاء بل ورد فی الروایة أن لها هناك ركودا أو لاستقرار لها علی نهج مخصوص أو لمنتهی مقدر لكل یوم من المشارق و المغارب فإن لها فی دورها ثلاثمائة و ستین مشرقا و مغربا یطلع كل یوم من مطلع و یغرب فی مغرب ثم لا تعود إلیهما إلی العام القابل أو لمنقطع جریها عند خراب العالم

قال الطبرسی روی عن السجاد و الباقر و الصادق علیه السلام و ابن عباس و ابن مسعود و عكرمة و عطاء لا مستقر لها بنصب الراء(2).

ذلِكَ الجری علی هذا التقدیر المتضمن للحكم التی تكل الفطن عن إحصائها تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الغالب بقدرته علی كل مقدور الْعَلِیمِ المحیط علمه بكل معلوم.

وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ أی قدرنا مسیره منازل أو سیره فی منازل و هی ثمانیة و عشرون الشرطین (3)

و البطین و الثریا و الدبران و الهقعة و

ص: 135


1- 1. روضة الكافی: 380، و الجملة الأخیرة أعنی قوله« و هو مِنْ بُطُونِ الآیة» من كلام المؤلّف رحمه اللّٰه.
2- 2. مجمع البیان: ج 8، ص 223.
3- 3. الشرطان: مثنی« الشرط» كوكبان علی قرنی الحمل، و إلی الجانب الشمالی منها كوكب صغیر، و من العرب من یعده معهما فیسمیها« الاشراط»، و البطین، مصغر البطن ثلاثة كواكب صغار مكان بطن الحمل، و انما صغر لكونها أصغر ممّا یناسب شكله من البطن. و الثریا: كواكب معروفة عند الیة الحمل و قرب عنق الثور، و الدبران- بفتحتین-: خمسة كواكب تلو الثریا یقال انها سنام الثور، و الهقعة- كالوحدة-: ثلاثة كواكب نیرة فوق منكبی الجوزاء، و الهنعة أیضا كالوحدة خمسة كواكب مصطفة مكان منكب الجوزاء الایسر، و الذراع، كوكبان نیران مكان ذراع الأسد، و النثرة: كوكبان مكان أنف الأسد، و الطرف- كالفلس-: كوكبان مكان عین الأسد، و الجبهة، أربعة كواكب مكان جبهة الأسد، و الزبرة- كالحمرة-: كوكبان نیران مكان كاهلی الأسد، و الصرفة- كالوحدة- كوكب نیر بتلقاء الزبرة، و العواء. بفتح العین المهملة و تشدید الواو یمد و یقصر-: خمسة كواكب یقال انها ورك الأسد و السماك- ككتاب-: كوكب نیر مكان رجل الأسد و هو السماك الاعزل، و هناك كوكب آخر یسمی« السماك الرامح» لیس من منازل القمر و هو رجله الآخر، و الغفر- كالفلس-: ثلاثة كواكب صغار من المیزان، و الزبانی كحباری-: كوكبان نیران علی قرنی العقرب، و الاكلیل: أربعة كواكب مصطفة، و القلب: ثلاثة كواكب فی قلب العقرب، و الشولة- بفتح الشین المعجمة كوكبان نیران متقاربان، و النعائم: ثمانیة كواكب كأنّها سریر معوج أربعة صادرة و أربعة واردة، و البلدة- بفتح الموحدة-: ستة كواكب من القوس، و سعد الذابح: كوكبان نیران بینهما مقدار ذراع، و فی قرب احدهما كوكب صغیر كانه یذبحه فسمی« الذابح»، و سعد بلع- كصرد-: كوكبان متقاربان زعموا أنّه طلع لما قال اللّٰه تعالی« یا أَرْضُ ابْلَعِی ماءَكِ»، و سعد السعود: كوكب منفرد نیر، و سعد الاخبیة: أربعة كواكب، و الفرع المقدم كوكبان، و المؤخر أربعة كواكب، و الرشاء- بكسر الراء-: بمعنی حبل الدلو كوكب علی بطن الحوت.

الهنعة و الذراع و النثرة و الطرف و الجبهة و الزبرة و الصرفة و العواء و السماك و الغفر و الزبانی و الإكلیل و القلب و الشولة و النعائم و البلدة و سعد الذابح و سعد بلع و سعد السعود و سعد الأخبیة و فرع الدلو المقدم و فرع الدلو المؤخر و الرشاء و هو بطن الحوت ینزل كل لیلة فی واحدة منها فإذا كان فی آخر منازله و هو الذی یكون فیه قبل الاجتماع دق و استقوس حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ أی كالشمراخ المعوج الْقَدِیمِ العتیق

وَ عَنِ الرِّضَا علیه السلاملیه السلام: أَنَّهُ یَصِیرُ كَذَلِكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.

و سیأتی مزید تحقیق لذلك فی باب السنین و الشهور إن شاء اللّٰه.

لَا الشَّمْسُ یَنْبَغِی لَها أی یصح و یتسهل لها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ فی سرعة سیره فإن ذلك یخل بتكون النبات و تعیش الحیوان أو فی آثاره و منافعه أو مكانه بالنزول إلی محله و سلطانه فیطمس نوره وَ لَا اللَّیْلُ سابِقُ النَّهارِ بأن یسبقه فیفوته و لكن یعاقبه و قیل المراد بهما آیتاهما و هما نیران و بالسبق سبق القمر إلی سلطان الشمس فیكون عكسا للأول

وَ قَدْ مَرَّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام بِرِوَایَةِ الْعَیَّاشِیِّ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ النَّهَارَ خُلِقَ قَبْلَ اللَّیْلِ.

و سیأتی ما یشعر بذلك أیضا.

وَ كُلٌ أی كلهم و التنوین عوض المضاف إلیه و الضمیر للشموس و الأقمار

ص: 136

فإن اختلاف الأحوال یوجب تعددا ما فی الذات أو إلی الكواكب فإن ذكرهما مشعر بها و قد مر معنی السباحة وَ رَبُّ الْمَشارِقِ قال البیضاوی أی مشارق الكواكب أو مشارق الشمس فی السنة و هی ثلاثمائة و ستون تشرق كل یوم فی واحد و بحسبها تختلف المغارب و لذلك اكتفی بذكرها مع أن الشروق أدل علی القدرة و أبلغ فی النعمة و ما قیل إنها مائة و ثمانون إنما یصح لو لم تختلف أوقات الانتقال (1) یُكَوِّرُ اللَّیْلَ عَلَی النَّهارِ وَ یُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَی اللَّیْلِ أی یغشی كل واحد منهما الآخر كأنه یلف علیه لف اللباس باللابس أو یغیبه به كما یغیب الملفوف باللفافة أو یجعله كارا علیه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامة أَلا هُوَ الْعَزِیزُ القادر علی كل ممكن الغالب علی كل شی ء الْغَفَّارُ حیث لم یعاجل بالعقوبة و سلب ما فی هذه الصنائع من الرحمة و عموم المنفعة(2).

لِتَسْكُنُوا فِیهِ أی لتستریحوا فیه بأن خلقه باردا مظلما لیؤدی إلی ضعف المحركات و هدوء الحواس وَ النَّهارَ مُبْصِراً یبصر فیه أو به و إسناد الإبصار إلیه مجاز و مبالغة و لذلك عدل به عن التعلیل إلی الحال (3).

لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ قال الطبرسی رحمه اللّٰه و إن كان فیهما منافع كثیرة لأنهما لیسا بخالقین وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَهُنَ و تأنیث الضمیر لأن غیر ما یعقل یجمع علی لفظ التأنیث و لأنه فی معنی الآیات إِنْ كُنْتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ أی إن كنتم تقصدون بعبادتكم اللّٰه كما تزعمون فاسجدوا لله دون غیره (4).

الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ أی یجریان بحساب و منازل لا یعدوانها و هما یدلان علی عدد الشهور و السنین و الأوقات عن ابن عباس و غیره فأضمر یجریان و حذفه لدلالة الكلام علیه و تحقیق معناه أنهما یجریان علی وتیرة واحدة و حساب بین

ص: 137


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 320.
2- 2. أنوار التنزیل: ج 2، ص 353.
3- 3. أنوار التنزیل: ج 2، ص 379.
4- 4. مجمع البیان: ج 9، ص 140، نقلا بالمعنی.

متفق علی الدوام لا یقع فیه تفاوت فالشمس تقطع بروج الفلك فی ثلاثمائة و خمسة و ستین یوما و شی ء و القمر فی ثمانیة و عشرین یوما فیجریان أبدا علی هذا الوجه و إنما خصهما بالذكر لما فیهما من المنافع الكثیرة للناس من النور و الضیاء و معرفة

اللیل و النهار و نضج الثمار إلی غیر ذلك فذكرهما لبیان النعمة بهما علی الخلق (1) رَبُّ الْمَشْرِقَیْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَیْنِ أی مشرق الشتاء و الصیف و مغربیهما و قیل مشرقی الشمس و القمر و مغربیهما(2) وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً قیل فیه وجوه.

أحدها أن المعنی و جعل القمر نورا فی السماوات و الأرض عن ابن عباس قال یضی ء ظهره لما یلیه من السماوات و یضی ء وجهه لأهل الأرض و كذلك الشمس.

و ثانیها أن معنی فیهن معهن یعنی و جعل القمر معهن أی مع خلق السماوات نورا لأهل الأرض و ثالثها أن معنی فیهن فی حیزهن و إن كان فی واحدة منها كما تقول إن فی هذه الدور لبئرا و إن كانت فی واحدة منها لأن ما كان فی إحداهن كان فیهن و كما تقول أتیت بنی تمیم و إنما أتیت بعضهم.

وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً أی مصباحا تضی ء لأهل الأرض فهی سراج العالم كما أن المصباح سراج الإنسان (3)

و قال رحمه اللّٰه فی قوله تعالی كَلَّا أی حقا و قیل معناه لیس الأمر علی ما یتوهمونه وَ الْقَمَرِ أقسم بالقمر لما فیه من الآیات العجیبة فی طلوعه و غروبه و مسیره و زیادته و نقصانه وَ اللَّیْلِ إِذْ أَدْبَرَ قرأ نافع و حمزة و حفص و یعقوب و خلف إِذْ بغیر ألف أَدْبَرَ بالألف و الباقون إذا بالألف دبر بغیر الألف فعلی الأول أقسم باللیل إذا ولی و ذهب یقال (4)

دبر و أدبر عن قتادة و قیل دبر إذا جاء بعد غیره و أدبر إذا ولی مدبرا فعلی هذا یكون المعنی فی إذا دبر إذا جاء اللیل فی أثر النهار و فی إِذْ أَدْبَرَ إذا ولی اللیل فجاء

ص: 138


1- 1. مجمع البیان: ج 9، ص 198.
2- 2. مجمع البیان: ج 9، ص 201.
3- 3. مجمع البیان: ج 10، ص 363.
4- 4. لیس فی المصدر« یقال دبر و أدبر».

الصبح عقیبه و علی القول الأول فیهما(1) لغتان معناهما ولی و انقضی وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ أی أضاء و أنار و قیل معناه إذا كشف الظلام و أضاء الأشخاص و قال قوم التقدیر فی هذه الأقسام و رب هذه الأشیاء لأن الیمین لا یكون إلا باللّٰه تعالی إِنَّها أی السقر التی هی النور لَإِحْدَی الْكُبَرِ أی لإحدی العظائم و الكبر جمع الكبری (2).

وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً أی راحة و دعة لأجسادكم أو قطعا لأعمالكم و تصرفكم إذ لیس بموت علی الحقیقة و لا مخرجا عن الحیوة و الإدراك وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً أی غطاء و سترة یستر كل شی ء بظلمته و سواده وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً أی مطلب معاش و مبتغاه أو وقت معاشكم لتتصرفوا فی معایشكم وَ بَنَیْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً أی سبع سماوات شِداداً محكمة أحكمنا صنعها و أوثقنا بناءها

وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً یعنی الشمس جعلها سبحانه سراجا للعالم وقادا متلألئا بالنور یستضیئون به قال مقاتل جعل فیه نورا و حرا و الوهج مجمع النور و الحر(3).

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ أی نهب ضوؤها و نورها فأظلمت و اضمحلت عن ابن عباس و غیره و قیل ألقیت و رمی بها و قیل جمع ضوؤها و لفت كما تلف العمامة.

وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أی تساقطت و تناثرت یقال انكدر الطائر من الهواء إذا انقض و قیل تغیرت و الأول أولی لقوله وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وَ اللَّیْلِ إِذا عَسْعَسَ أی إذا أدبر بظلامه عن علی علیه السلام و قیل أقبل بظلامه و قیل أظلم وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أی إذا أسفر و أضاء و المعنی امتد ضوؤه حتی یصیر نهارا(4).

وَ الْفَجْرِ أقسم سبحانه بفجر النهار و هو انفجار الصبح كل یوم و قیل

ص: 139


1- 1. فی المصدر: فهما.
2- 2. مجمع البیان: ج 10، ص 383.
3- 3. مجمع البیان: ج 10، ص 422.
4- 4. مجمع البیان: ج 10، ص 444.

فجر ذی الحجة و قیل فجر أول المحرم و قیل فجر یوم النحر و قیل أراد بالفجر النهار وَ لَیالٍ عَشْرٍ یعنی العشر من ذی الحجة و قیل العشر الآخر(1)

من شهر رمضان و قیل عشر موسی للثلاثین لیلة التی أتمها اللّٰه بها وَ اللَّیْلِ إِذا یَسْرِ أراد جنس اللیالی أقسم باللیل إذا مضی بظلامه و قیل إنما أضاف الیسر(2) إلیه لأن اللیل یسیر بمسیر الشمس فی الفلك و انتقالها من أفق إلی أفق و قیل إِذا یَسْرِ إذا جاء و أقبل إلینا و یرید كل لیلة و قیل إنها لیلة المزدلفة و فیها یسری الحاج من عرفة إلیها و یغدو منها إلی منی (3) و أصل یسر یسری حذفت الیاء اكتفاء بالكسرة تخفیفا و لرعایة الفواصل.

وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها أقسم سبحانه بالشمس لكثرة الانتفاع بها و بضحیها و هو امتداد ضوئها و انبساطه و قیل هو النهار كله و قیل حرها وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها أی تبعها فأخذ من ضوئها و سار خلفها قالوا و ذلك فی النصف الأول من الشهر إذا غربت الشمس تلاها القمر فی الإضاءة و خلفها فی النور و قیل تلاها لیلة الهلال و هی أول لیلة من الشهر و قیل فی الخامس عشر و قیل فی الشهر كله فهو فی النصف الأول یتلوها و تكون أمامه و هو وراءها و فی النصف الأخیر یتلو غروبها بالطلوع وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها أی جلی الظلمة و كشفها أو أبرز الشمس و أظهرها وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشاها أی یغشی الشمس حتی تغیب فتظلم الآفاق و یلبسها سواده (4).

أقول: و قد مر تأویلها فی الأخبار بأن الشمس رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله به أوضح اللّٰه للناس دینهم و القمر أمیر المؤمنین علیه السلام تلا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و نفثه بالعلم نفثا و اللیل أئمة الجور الذین استبدوا بالأمر دون آل الرسول و جلسوا مجلسا كان آل الرسول أولی به منهم فغشوا دین اللّٰه بالظلم و الجور و النهار الإمام من ذریة فاطمة علیها السلام

ص: 140


1- 1. الأواخر( خ).
2- 2. فی المصدر: السیر.
3- 3. مجمع البیان: ج 10، ص 485.
4- 4. مجمع البیان: ج 10، ص 498.

یسأل عن دین اللّٰه فیجلیه لمن سأله و قد مر شرحها و بیانها.

وَ الضُّحی قال الطبرسی رحمه اللّٰه أقسم سبحانه بضوء(1) النهار كله من قولهم ضحی فلان للشمس إذا ظهر لها و یدل علیه قوله سبحانه فی مقابلته وَ اللَّیْلِ إِذا سَجی أی سكن و استقر ظلامه و قیل المراد بالضحی أول ساعة من النهار و قیل صدر النهار و هی الساعة التی فیها ارتفاع الشمس و اعتدال النهار فی الحر و البرد و الشتاء(2) و الصیف و قیل معناه و رب الضحی و رب اللیل إذا سجی و قیل إِذا سَجی إذا أغطی (3)

بالظلمة كل شی ء و قیل إذا أقبل ظلامه (4).

بِرَبِّ الْفَلَقِ أی برب الصبح و خالقه و مدبره و مطلعه متی شاء علی ما یری من الصلاح فیه مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ من الجن و الإنس و سائر الحیوانات و إنما سمی الصبح فلقا لانفلاق عموده بالضیاء عن الظلام و قیل الفلق الموالید و جب فی جهنم وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ أی و من شر اللیل إذا دخل بظلامه فالمراد من شر ما یحدث فی اللیل من الشر و المكروه و إنما خص لأن الفساق یقدمون علی الفساد باللیل و كذلك الهوام و السباع تؤذی فیه أكثر(5).

«1»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ لِلشَّمْسِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ بُرْجاً كُلُّ بُرْجٍ مِنْهَا مِثْلُ جَزِیرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْعَرَبِ فَتَنْزِلُ كُلَّ یَوْمٍ عَلَی بُرْجٍ مِنْهَا فَإِذَا غَابَتِ انْتَهَتْ إِلَی حَدِّ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَلَمْ تَزَلْ سَاجِدَةً إِلَی الْغَدِ ثُمَّ تُرَدُّ إِلَی مَوْضِعِ مَطْلَعِهَا وَ مَعَهَا مَلَكَانِ یَهْتِفَانِ مَعَهَا وَ إِنَّ وَجْهَهَا لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ قَفَاهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَوْ

ص: 141


1- 1. فی المصدر: بنور النهار.
2- 2. فی المصدر: فی الشتاء.
3- 3. فی المصدر: إذا غطی.
4- 4. مجمع البیان: ج 10، ص 504.
5- 5. مجمع البیان: ج 10، ص 568.

كَانَ وَجْهُهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ لَأَحْرَقَتِ الْأَرْضَ (1)

وَ مَنْ عَلَیْهَا مِنْ شِدَّةِ حَرِّهَا وَ مَعْنَی سُجُودِهَا مَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ (2).

توضیح: ثلاثمائة و ستین برجا لعل المراد بالبرج الدرجات التی تنتقل إلیها بحركاتها الخاصة أو المدارات التی تنتقل إلی واحد منها كل یوم فیكون هذا العدد مبنیا علی ما هو الشائع بین الناس من تقدیر السنة به و إن لم یكن مطابقا لشی ء من حركتی الشمس و القمر مثل جزیرة من جزائر العرب أی نسبتها إلی الفلك نسبة جزیرة من الجزائر إلی الأرض أو الغرض التشبیه فی أصل العظمة

ص: 142


1- 1. لاحترقت( خ).
2- 2. روضة الكافی: 157. اقول: فی سند الروایة ارسال، لان ابا الصباح الكنانیّ ولد بعد وفاة الأصبغ بأكثر من ثلاثین سنة لانه علی ما صرّح به ابن داود مات بعد السبعین و المائة و هو ابن نیف و سبعین سنة، و الأصبغ لم یبق إلی وقعة الطف الواقعة فی سنة الستین و مع ذلك تشتمل علی أمور تحتاج إلی التوجیه: منها البروج التی تنزل الشمس فیها، و لعلّ المراد بها- علی فرض الصدور- الدرجات التی ینقسم مدارها إلیها، و كون كل واحدة منها بمنزلة جزیرة العرب كنایة عن طولها وسعتها و لعل« جزائر العرب» من خطأ النسّاخ او الرواة، فانها لیست الا شبه جزیرة واحدة. و منها سجود الشمس بعد غروبها عند انتهائها إلی حدّ بطنان العرش، و لعله بیان تمثیلی لكیفیة انقیاد الشمس لامر اللّٰه تعالی من عظمتها و شدة بأسها، و لعلّ تخصیص السجود بما بعد الغروب رعایة لافهام العوام حیث یصعب علیهم قبول سجودها مع ما یرون من حالها، لكن بعد غروبها و غیبوبتها عن أعینهم یسهل علیهم تجویزه. و اما« حد بطنان العرش» فالظاهر انه من تتمة التمثیل و لیس المراد به نقطة خاصّة حتّی یتكلف لتعیینها، و سیأتی من العلامة المؤلّف- رحمه اللّٰه انها فی جمیع الأوقات خاضعة ساجدة تحت عرش الرحمن. و منها ان وجه الشمس لاهل السماء و قفاها لاهل الأرض، و لعله كنایة عن شدة حرارتها، و لا یمكن الاخذ بظاهره لمنافاته مع اخبار كثیرة مضافا إلی مخالفته مع الأصول الهیویة و سیأتی فی روایة محمّد بن مسلم تحت الرقم 28 انها إذا بلغت الجو قلبت ظهر البطن فصار ما یلی الأرض إلی السماء. هذا ما خطر بالبال و اللّٰه أعلم بحقیقة الحال.

لا خصوص المقدار و المقصود بیان سرعة حركتها و إن كانت بطیئة بالنسبة إلی الحركة الیومیة قال الفیروزآبادی جزیرة العرب ما أحاط به بحر الهند و بحر الشام ثم دجلة و الفرات أو ما بین عدن أبین إلی أطراف الشام طولا و من جدة إلی (1)

ریف العراق عرضا(2) فإذا غابت أی بالحركة الیومیة إلی حد بطنان العرش أی وسطه و لعل المراد وصولها إلی دائرة نصف النهار من تحت الأرض فإنها بحذاء أوساط العرش بالنسبة إلی أكثر المعمورة إذ ورد فی الأخبار أن العرش محاذ للكعبة فلم تزل ساجدة أی مطیعة خاضعة منقادة جاریة بأمره تعالی حتی ترد إلی مطلعها و المراد بمطلعها ما قدر أن تطلع منه فی هذا الیوم أو ما طلعت فیه فی السنة السابقة فی مثله و قوله و معنی سجودها یحتمل أن تكون من تتمة الخبر لبیان أنه لیس المراد بالسجود ما هو المصطلح و لعل الأظهر أنه من كلام الكلینی أو غیره من الرواة و سیأتی تفسیر الآیة فی محله.

«2»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ جَمِیعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْزَمٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَ مَعَهَا أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ مَلَكٌ یُنَادِی یَا صَاحِبَ الْخَیْرِ أَتِمَّ وَ أَبْشِرْ وَ مَلَكٌ یُنَادِی یَا صَاحِبَ الشَّرِّ انْزِعْ وَ أَقْصِرْ وَ مَلَكٌ یُنَادِی أَعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً وَ آتِ مُمْسِكاً تَلَفاً وَ مَلَكٌ یَنْضِحُهَا(3) بِالْمَاءِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ اشْتَعَلَتِ الْأَرْضُ (4).

بیان: یحتمل أن یكون النضح بالماء كنایة عن بث الأجزاء المائیة فی الهواء

ص: 143


1- 1. فی المصدر« اطراف ریف العراق» و الریف: ارض فیها زرع و خصب.
2- 2. القاموس المحیط: ج 1 ص 389.
3- 3. نضحه بالماء: رشه. اقول: یمكن انطباق ذلك علی ما ادعاه الفلكیون من اهل العصران للشمس أمطارا غزیرة جدا تنزل علیها من السحب المحیطة بها، و ادعی أهل الارصاد انهم رأوا بالآلات الحدیثة امتداد خطوط منحنیة علی سطح الشمس تشبه حال نزول المطر و جریان الریاح.
4- 4. لم یوجد فی المصدر.

بسبب الأنهار و البحار و الآبار و غیرها فإنه لولاها لكان تأثیر الحرارة فی الهواء و الأرض و الأبدان و الأشجار و النباتات أكثر و أقول قال السید الداماد فی بعض زبره

فِیمَا نَقَلَهُ رَهْطٌ مِنَ الْمُفَسِّرِینَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا اسْتَفَادَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی كُلٌّ یَجْرِی لِأَجَلٍ مُسَمًّی إِنَّ لِلشَّمْسِ مِائَةً وَ ثَمَانِینَ مَنْزِلًا فِی مِائَةٍ وَ ثَمَانِینَ یَوْماً ثُمَّ إِنَّهَا تَعُودُ مَرَّةً أُخْرَی إِلَی وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْهَا فِی أَمْثَالِ تِلْكَ الْأَیَّامِ وَ مَجْمُوعُ تِلْكَ الْأَیَّامِ سَنَةٌ.

و قال علامتهم المفسر الأعرج النیسابوری فی تفسیره إن صح هذا عنه فلعله أراد تصاعدها علی دائرة نصف النهار و تنازلها منها فی أیام السنة أو أراد نزولها فی فلكها الخارج المركز من الأوج إلی الحضیض ثم صعودها من الحضیض إلی الأوج فإن لها بحسب كل جزء من تلك الأجزاء فی كل یوم من تلك الأیام تعدیلا خاصا زائدا أو ناقصا و نحن نقول ذلك تجشم و تكلف بل أراد بمنازلها فی أیام السنة مداراتها الیومیة بحسب أجزاء مدارها الذی علیه طول السنة بحركتها الخاصة فإن ذلك المدار فی سطح منطقة البروج مقاطعا لمنطقة معدل النهار علی نقطتی الاعتدالین و كل جزءین من أجزائه شمالیین أو جنوبیین هما متساویا البعد عن إحدی نقطتی الانقلابین و بعد أحدهما عن إحدی نقطتی الاعتدالین كبعد الآخر عن الأخری فإنهما متحدان فی المدار الیومی فالشمس بحسب كونها فی أجزاء مدارها بحركتها الخاصة تعود بالحركة الشرقیة فی الربع الصیفی من أرباع السنة إلی مداراتها الیومیة الربیعیة و فی الربع الشتوی إلی مداراتها الیومیة الخریفیة ففی النصف الشتوی و الربیعی من السنة تعود إلی مداراتها الخریفیة و الصیفیة و فی النصف الصیفی و الخریفی إلی مداراتها الربیعیة و الشتویة فاحفظ بذلك فإنه من بدائع الصنائع الإلهیة.

«3»- التَّوْحِیدُ، وَ الْمَجَالِسُ، لِلصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ الْبَلْخِیِّ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَیَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَی (1)

عَنْ

ص: 144


1- 1. بفتح الهمزة و اسكان الباء الموحدة بعدها زای معجمة- كذا فی شرح المسلم من. باب التیمم- هو عبد الرحمن بن أبزی الخزاعیّ مولی نافع بن عبد الحرث، قال البخاری: له صحبة، و قال ابن أبی داود: تابعی.

أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ قَالَ: كُنْتُ آخِذاً بِیَدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ نَتَمَاشَی جَمِیعاً فَمَا زِلْنَا نَنْظُرُ إِلَی الشَّمْسِ حَتَّی غَابَتْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَیْنَ تَغِیبُ قَالَ فِی السَّمَاءِ ثُمَّ تَرْفَعُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَی سَمَاءٍ حَتَّی تَرْفَعَ إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْیَا حَتَّی تَكُونَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرَّ سَاجِدَةً فَتَسْجُدُ مَعَهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهَا ثُمَّ تَقُولُ یَا رَبِّ مِنْ أَیْنَ تَأْمُرُنِی أَنْ أَطْلُعَ أَ مِنْ مَغْرِبِی أَمْ مِنْ مَطْلَعِی فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ الشَّمْسُ تَجْرِی لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ (1) یَعْنِی بِذَلِكَ صُنْعَ الرَّبِّ الْعَزِیزِ فِی مُلْكِهِ بِخَلْقِهِ قَالَ فَیَأْتِیهَا جَبْرَئِیلُ بِحُلَّةِ ضَوْءٍ مِنْ نُورِ الْعَرْشِ عَلَی مَقَادِیرِ سَاعَاتِ النَّهَارِ فِی طُولِهِ فِی الصَّیْفِ أَوْ قِصَرِهِ فِی الشِّتَاءِ أَوْ مَا بَیْنَ ذَلِكَ فِی الْخَرِیفِ وَ الرَّبِیعِ قَالَ فَتَلْبَسُ تِلْكَ الْحُلَّةَ كَمَا یَلْبَسُ أَحَدُكُمْ ثِیَابَهُ ثُمَّ تَنْطَلِقُ بِهَا فِی جَوِّ السَّمَاءِ حَتَّی تَطْلُعَ مِنْ مَطْلَعِهَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَأَنِّی بِهَا قَدْ حُبِسَتْ مِقْدَارَ ثَلَاثِ لَیَالٍ ثُمَّ لَا تُكْسَی ضَوْءً وَ تُؤْمَرُ أَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَ الْقَمَرُ كَذَلِكَ مِنْ مَطْلَعِهِ وَ مَجْرَاهُ فِی أُفُقِ السَّمَاءِ وَ مَغْرِبِهِ وَ ارْتِفَاعِهِ إِلَی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ یَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَ جَبْرَئِیلُ یَأْتِیهِ بِالْحُلَّةِ مِنْ نُورِ الْكُرْسِیِّ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً قَالَ أَبُو ذَرٍّ رحمه اللّٰه ثُمَّ اعْتَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَلَّیْنَا الْمَغْرِبَ (2).

ص: 145


1- 1. یس: 38.
2- 2. التوحید: 203. اقول: الظاهر أن مبنی البیان فی هذا الخبر و امثاله- علی فرض الصدور- علی التمثیل و الإشارة إلی كیفیة انقیاد الشمس و القمر لامر اللّٰه تعالی، و إلی ان ضوء الشمس یفاض علیها تدریجا من مبدإ وجودی عال و مصدر ربانی شریف هو العرش و هو حلة تلبسها كما یلبس الناس ثیابهم، و فیه إشارة إلی أن سائر الكائنات أیضا تنال حظوظها الوجودیة فی كل آن من المبادئ العالیة و هی عاریة عندهم تسترد عند حینونة اجلها، و یكفی لسلبها عدم الاعطاء فی الآن الثانی، كما ان الشمس و النجوم ستسلب ضوءها و لا تعطی حللها فتنكدر، قال العلامة المؤلّف رحمه اللّٰه فی شرح الخبر 14 من هذا الباب فهی- یعنی الشمس- فی كل آن باعتبار امكانها مسلوبة النور و الصفات و الوجود بحسب ذاتها و انما تكتسب جمیع ذلك من خالقها و مدبرها فهی فی جمیع الأوقات و الازمان تحت عرش الرحمن و قدرته متحیرة فی امرها ساجدة خاضعة لربها- إلی ان قال- و انما او مات لك إلی بعض الاسرار لیمكنك فهم غوامض الاخبار( انتهی كلامه رفع مقامه) و لعلّ السرّ فی الفرق بین نور الشمس و نور القمر بكون الأول من العرش و الثانی من نور الكرسیّ ان الواسطة فی القمر أكثر بواحدة من الشمس هی هی، كما أن نور الكرسیّ من نور العرش فتفطن. یبقی السؤال عن علة عدم بیان حقیقة حال الشمس و القمر فی الطلوع و الغروب و غیرهما من الأحوال، و الجواب ان بیان حقیقة هذه الأمور و ایضاحها بتوقف علی مقدمات علمیة و شرائط ذهنیة یتعذر التفهیم بدونها و من المعلوم عدم وجود تلك الشرائط فی ذلك الزمان و غرض النبیّ و الأئمّة علیهم السلام من بیان الأمور التكوینیة سوق الإنسان إلی الجانب الربوبی: و هدایته إلی معرفة اللّٰه تعالی و صفاته و أسمائه بمعرفة آیاته الآفاقیة و الانفسیة و إلّا فتعلیم الطبیعیات و الفلكیات ممّا هو خارج عن شأن النبیّ و اوصیائه علیهم السلام.

بیان: قد یحمل أكثر ما ورد فی الخبر علی الاستعارة التمثیلیة و المجاز الشائع فی كلام العرب و اللّٰه یعلم حقائق الأمور.

«4»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَسَارٍ(1) عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ مِنَ الْآیَاتِ الَّتِی قَدَّرَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ مِمَّا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ الْبَحْرَ الَّذِی خَلَقَهُ اللَّهُ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ قَالَ وَ إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ فِیهِ مَجَارِیَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ الْكَوَاكِبِ ثُمَّ قَدَّرَ ذَلكَ كُلَّهُ عَلَی الْفَلَكِ ثُمَّ وَكَّلَ بِالْفَلَكِ مَلَكاً مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ فَهُمْ یُدِیرُونَ الْفَلَكَ فَإِذَا أَدَارُوهُ دَارَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْكَوَاكِبُ مَعَهُ فَنَزَلَتْ فِی مَنَازِلِهَا

ص: 146


1- 1. لم نجد فی تراجم الخاصّة و العامّة من یسمی« عبد اللّٰه بن یسار» و كذا« الحكم ابن المستنیر» و الظاهر أنهما مصحفا« عبد اللّٰه بن سنان» و« الحكم بن المستورد» كما فی سند الكافی، ثمّ الظاهر ان الصحیح هو« الحكم بن المستور» بلا دال فی آخره كما فی« جامع الرواة- ج 1، ص 267» قال: معروف بن خربوذ عنه عن علیّ بن الحسین علیهما السلام فی حدیث البحر مع الشمس فی كتاب الروضة( انتهی) و علی أی تقدیر فلم نظفر له علی مدح أو ذم فی كتب الرجال.

الَّتِی قَدَّرَهَا اللَّهُ فِیهَا(1) لِیَوْمِهَا وَ لَیْلَتِهَا وَ إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعِبَادِ وَ أَرَادَ اللَّهُ (2)

أَنْ یَسْتَعْتِبَهُمْ بِآیَةٍ مِنْ آیَاتِهِ أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ أَنْ یُزِیلَ الْفَلَكَ الَّذِی عَلَیْهِ مَجَارِی الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ الْكَوَاكِبِ فَیَأْمُرُ الْمَلَكُ أُولَئِكَ السَّبْعِینَ الْأَلْفَ (3) الْمَلَكِ أَنْ یُزِیلُوا الْفَلَكَ عَنْ مَجَارِیهِ قَالَ فَیُزِیلُونَهُ فَتَصِیرُ الشَّمْسُ فِی ذَلِكَ الْبَحْرِ الَّذِی یَجْرِی الْفَلَكُ فِیهِ فَیَطْمِسُ (4)

ضَوْؤُهَا(5) وَ یُغَیَّرُ(6)

لَوْنُهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُعَظِّمَ الْآیَةَ طَمَسَتِ الشَّمْسُ فِی الْبَحْرِ عَلَی مَا یُحِبُّ اللَّهُ أَنْ یُخَوِّفَ خَلْقَهُ (7)

بِالْآیَةِ فَذَلِكَ عِنْدَ شِدَّةِ انْكِسَافِ الشَّمْسِ وَ كَذَلِكَ یُفْعَلُ بِالْقَمَرِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُخْرِجَهُمَا(8)

وَ یَرُدَّهُمَا إِلَی مَجْرَاهُمَا أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ أَنْ یَرُدَّ الشَّمْسَ (9) إِلَی مَجْرَاهَا فَیَرُدُّ الْمَلَكُ (10) الْفَلَكَ إِلَی مَجْرَاهُ فَتَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ وَ هِیَ كَدِرَةٌ وَ الْقَمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَمَا إِنَّهُ لَا یَفْزَعُ لَهُمَا وَ لَا یَرْهَبُ (11) إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْ شِیعَتِنَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَی اللَّهِ (12)

وَ رَاجِعُوا قَالَ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْأَرْضُ مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ الْخَرَابُ مِنْهَا مَسِیرَةُ أَرْبَعِمِائَةِ عَامٍ وَ الْعُمْرَانُ مِنْهَا مَسِیرَةُ مِائَةِ عَامٍ وَ الشَّمْسُ سِتُّونَ فَرْسَخاً فِی سِتِّینَ فَرْسَخاً وَ الْقَمَرُ

ص: 147


1- 1. لها( خ).
2- 2. فی الفقیه، و أحبّ اللّٰه.
3- 3. فی الكافی، السبعین الف ملك.
4- 4. فینطمس به( خ).
5- 5. حرها( خ) كذا فی الكافی.
6- 6. یتغیر( خ).
7- 7. فی الفقیه: عباده.
8- 8. فی الكافی و الفقیه: أن یجلیها.
9- 9. فی الكافی: ان یرد الفلك.
10- 10. فی الكافی و الفقیه: فیرد الفلك فترجع الشمس إلی مجریها.
11- 11. فی الكافی و الفقیه: و لا یرهب بهاتین الآیتین.
12- 12. فی الكافی: إلی اللّٰه عزّ و جلّ ثمّ ارجعوا إلیه.

أَرْبَعُونَ فَرْسَخاً فِی أَرْبَعِینَ فَرْسَخاً بُطُونُهُمَا یُضِیئَانِ لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ ظُهُورُهُمَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَ الْكَوَاكِبُ كَأَعْظَمِ جَبَلٍ عَلَی الْأَرْضِ وَ خَلَقَ الشَّمْسَ قَبْلَ الْقَمَرِ.

وَ قَالَ سَلَّامُ بْنُ الْمُسْتَنِیرِ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام لِمَ صَارَتِ الشَّمْسُ أَحَرَّ مِنَ الْقَمَرِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الشَّمْسَ مِنْ نُورِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا حَتَّی إِذَا صَارَتْ سَبْعَةَ أَطْبَاقٍ أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ نَارٍ فَمِنْ هُنَالِكَ (1) صَارَتْ أَحَرَّ مِنَ الْقَمَرِ قُلْتُ فَالْقَمَرُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْقَمَرَ مِنْ ضَوْءِ نُورِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا حَتَّی إِذَا صَارَتْ سَبْعَةَ أَطْبَاقٍ أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ مَاءٍ فَمِنْ هُنَالِكَ (2) صَارَ الْقَمَرُ أَبْرَدَ مِنَ الشَّمْسِ (3).

الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْمُسْتَوْرِدِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَیْهِ (4).

الفقیه، عنه علیه السلام مرسلا: مثله (5)

ص: 148


1- 1. فمن ثمّ( خ).
2- 2. فمن ثمّ( خ).
3- 3. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 379.
4- 4. روضة الكافی: 83.
5- 5. الفقیه: 141، اقول: مما اتفق علیه أصحاب الهیئة القدیمة و الجدیدة ان الكسوف إنّما یكون بحیلولة القمر بین الأرض و الشمس و الخسوف بحیلولة الأرض بین القمر و الشمس و لا یختص الانكساف بهما بل یوجد فی سائر الكواكب التی تدور حول الشمس أیضا، لكن كون تلك الحیلولة موجبة له لا ینفی وجود سبب آخر له أیضا، نعم یعد غیره سببا غیر عادی، فلا ینقض قول الهیویین فی هذا الباب بالانكسافات و الانخسافات الخارقة للعادة كما لا ینقض قول الطبیعیین فی سببیة النار للحرارة و الاحراق بصیرورتها بردا و سلاما علی إبراهیم علیه السلام فان الأسباب قد تمنع من التأثیر لموانع خفیة و لمعارضتها مع سبب اقوی منها، و اما البحر المذكور فی الروایة فلتفسیره وجوه یذكرها المؤلّف- رحمه اللّٰه- و منها ان المراد به ظل الشمس و القمر، و لعله اقرب الوجوه، و السر فی عدم بیان حقیقة الحال و الاكتفاء بالبیان الاستعاری هو ان النفوس الضعیفة انما تنقطع إلی الأسباب و اعینهم لا تنفذ منها إلی مسببها و قیومها، فكلما اسندت الافعال إلی أسبابها المادیة ازداد تعلقهم بها و انتقص توجههم إلی قیومها. فلا بدّ للاطباء الالهیین و المربین الربانیّین لسوق أكثر الناس إلی ربهم و قطع توجههم عن اصنامهم من اسقاط الأسباب العادیة، و حذف الوسائط المادیة، و اسناد الافعال إلی اللّٰه تعالی بلا واسطة او بالوسائط الغیبیة، حتی تنقطع قلوبهم إلی العالم الغیبی، و تتعلق نفوسهم بالجانب الربوبی نعم للّٰه تعالی عباد لا تشغلهم حجب الوسائط، و لا یغرهم سراب الأسباب، یخافون ربهم فی كل شدة، و یفزعون إلیه فی كل بلیة، یطمئنون بذكره، و ینقطعون إلیه فی جمیع الشئون و الأحوال، و هو ولیهم فی الدنیا و الآخرة فإذا أحسوا بحادثة تقبل أو بلیة تنزل لا یرون ملجأ إلّا اللّٰه و لا حول و لا قوة إلّا باللّٰه، و هذا هو السر فی قول الإمام علیه السلام« اما انه لا یفزع لهما و لا یرهب إلّا من كان من شیعتنا» مع ما نری من رهبة سائر الناس منهما فتبصر و لا یخفی أنّه لیس الكسوف و الخسوف عند المنجّمین امرین ساذجین فاقدین للاهمیة رأسا، أما عند القدماء الاحكامیین فلانهم أثبتوا لها بحسب ما یدعون من التجارب تأثیرات فی العالم الارضی مذكورة فی زبرهم و تقاویمهم، و اما عند المتأخرین من علماء الاروبة فلما یرون لهما من الموقعیة الهیویة الهامة لوقوع القمر و الأرض عند الكسوف و الخسوف فی امتداد جاذبی خطیر و علی أن تقدیر فینبغی للمؤمن المستبصر عند وقوع هذه الحادثة الجویة و سائر الآیات الخطیرة الانقطاع التام إلی ربّ السماوات و الأرض و الانابة إلی قیوم العوالم العلویة و السفلیة، فهو الذی یدبر الأمور و یقدرها، و یحول الأحوال و یغیرها و هو علی كل شی ء قدیر.

توضیح: أن من الآیات كذا فی الفقیه و بعض نسخ التفسیر و فی بعضها الأوقات و الأول أصوب و فی الكافی من الأقوات أی أسبابها قدر فیه أی فی البحر أی علیه و محاذیا له أو جعله بحیث یمكن أن یجری الكواكب فیه عند الحاجة و فی الكتابین فیها فالمراد أیضا البحر بتأویل الآیة و یمكن إرجاعه إلی الآیات أو إلی السماء و قدر ذلك أی الجریان كله علی الفلك أی الفلك الأعظم أو فلك الكوكب و الأول أظهر و فی الفقیه هكذا أمر الملك الموكل بالفلك أن یزیل الفلك عن مجاریه قال فیأمر الملك السبعین الألف الملك أن أزیلوا الفلك إلی قوله فی ذلك البحر الذی كان فیه الفلك و فیهما فإذا أراد اللّٰه أن یجلیها و یردها إلی مجراها أمر الملك الموكل بالفلك أن یرد الفلك إلی مجراه فیرد الفلك و ترجع الشمس إلی مجراها قال فتخرج و فی الفقیه أما إنه لا یفزع للآیتین و لا یرهب إلا من كان من شیعتنا قوله علیه السلام أن یستعتبهم أی یطلب

ص: 149

عتباهم و رجوعهم أو یحملهم علی ما یوجب الرضا و فی القاموس العتب الموجدة و الغضب و العتبی الرضا و استعتبه أعطاه العتبی كأعتبه و طلب إلیه العتبی ضد(1) وَ إِنْ یَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِینَ أی إن یستقیلوا ربهم لم یقلهم أی لم یردهم إلی الدنیا قوله فیطمس ضوؤها أی بعض ضوئها قوله طمست الشمس أی كلها أو أكثرها بحسب ما یراه فی تأدیبهم من المصلحة قوله علیه السلام و هی كدرة أی بعد ما كانت كدرة أو تبقی فیها كدورة قلیلة بعد الخروج أیضا فی زمان قلیل قوله علیه السلام إلا من كان من شیعتنا لأنهم یؤمنون بهذا و أما أكثر الخلق الذین یسندونهما إلی حركات الأفلاك فلا یرهبون لهما.

تفصیل كلام لرفع أوهام اعلم أن الفلاسفة ذهبوا إلی أن جرم القمر مظلم كثیف صقیل یقبل من الشمس الضوء لكثافته و ینعكس عنه لصقالته فیكون أبدا المضی ء من جرمه الكری أكثر من النصف بقلیل لكون جرمه أصغر من جرم الشمس و قد ثبت فی الأصول أنه إذا قبل الضوء كرة صغری من كرة أعظم منها كان المضی ء من الصغری أعظم من نصفها و تفصل بین المضی ء و المظلم دائرة قریبة من العظیمة تسمی دائرة النور و تفصل بین ما یصل إلیه نور البصر من جرم القمر و بین ما لا یصل دائرة تسمی دائرة الرؤیة و هی أیضا قریبة من العظیمة لما ثبت فی 24 من مناظر أقلیدس أن ما یری من الكرة یكون أصغر من نصفها و هاتان الدائرتان یمكن أن تتطابقا و قد تتفارقان إما متوازیتین أو متقاطعتین أو لا ذا و لا ذاك و قد تؤخذان عظیمتین إذ لا تفاوت فی الحس بین كل منهما و بین العظیمة و یجعل ما یقارب التطابق تطابقا فإذا اجتمعت الشمس و القمر صار وجهه المضی ء إلیها و المظلم إلینا و تطابق الدائرتان و هو المحاق فإذا بعد عنها یسیرا تقاطعت الدائرتان علی حواد و منفرجات فإذا بعد منها قریبا من اثنتی عشرة درجة یری من وجهه المضی ء ما وقع منه بین الدائرتین فی جهة الحادتین اللتین إلی صوب الشمس و هو الهلال و لا تزال هذه القطعة تتزاید بتزاید البعد عن الشمس و الحواد تتعاظم

ص: 150


1- 1. القاموس: ج 1، ص 100.

و المنفرجات تتصاغر حتی یصیر التقاطع بین الدائرتین علی قوائم و یحصل التربیع فیری من الوجه المضی ء نصفه و لا یزال یتزاید المرئی من المضی ء و یتعاظم انفراج الزاویتین الأولتین إلی وقت الاستقبال فتطابق الدائرتان مرة ثانیة و یصیر الوجه المضی ء إلینا و إلی الشمس معا و هو البدر ثم یقع التقارب فیعود تقاطع الدائرتین علی المختلفات أولا ثم علی قوائم ثانیا و حصل التربیع الثانی ثم یئول الحال إلی التطابق فیعود المحاق و هكذا إلی ما شاء اللّٰه سبحانه.

و الكسوف عندهم حالة تعرض للشمس من عدم الاستنارة و الإنارة بالنسبة إلی الأبصار حین ما یكون من شأنها ذلك بسبب توسط القمر بینها و بین الأبصار و ذلك إذا وقع القمر علی الخط الخارج من البصر إلی الشمس و یسمی ذلك بالاجتماع المرئی و یكون لا محالة علی إحدی العقدتین الرأس أو الذنب أو بقربهما بحیث لا یكون للقمر عرض مرئی بقدر مجموع نصف قطرة و قطر الشمس فلا محالة یحول بین الشمس و بین البصر و یحجب بنصفه المظلم نورها من الناظرین بالكل و هو الكسوف الكلی أو البعض فالجزئی و لكونه حالة تعرض للشمس لا فی ذاتها بل بالنسبة إلی الأبصار جاز أن یتفق الكسوف بالنسبة إلی قوم دون قوم كما إذا سترت السراج بیدك بحیث یراه القوم و أنت لا تراه و أن یكون كلیا لقوم جزئیا لآخرین أو جزئیا للكل لكن علی التفاوت و أما إذا كان عرض القمر المرئی بقدر نصف مجموع القطرین فیما بین جرم القمر و مخروط شعاع الشمس فلا یكون كسوف.

و أما خسوف القمر فیكون عندهم عند استقبال الشمس إذا كان علی إحدی العقدتین أو بقربها بحیث یكون عرضه أقل من مجموع نصف قطرة و قطر مخروط ظل الأرض انحجبت بالأرض عن نور الشمس فیری إن كان فوق الأرض علی ظلامه الأصلی كلا أو بعضا و ذلك هو الخسوف الكلی أو الجزئی و أما إذا كان عرضه عن منطقة البروج بقدر نصف القطرین فلا ینخسف.

إذا عرفت هذا فالكلام فی هذا الخبر علی وجوه الأول أن یقال إن هذه مقدمات حدسیة ظنیة فإنه یمكن أن تكون هذه الاختلافات لجهة أخری كما

ص: 151

قال ابن هیثم فی اختلاف تشكلات القمر إنه یجوز أن یكون ذلك لأن القمر كرة مضیئة نصفها دون نصف و إنها تدور علی مركز نفسها بحركة متساویة لحركة فلكها فإذا كان نصفه المضی ء إلینا فبدر أو المظلم فمحاق و فیما بینهما یختلف قدر ما تراه من المضی ء و أیضا یمكن أن یكون الفاعل المختار یحدث فیه نورا بحسب إرادته فی بعض الأحیان و لا یحدث فی بعضها فالحكم ببطلان الخبر أو تأویله غیر مستقیم الثانی أنه یمكن أن یكون عند حدوث تلك الأسباب یقع المرور علی البحر أیضا و یكون له أیضا مدخل فی ذلك و امتناع الخرق و الالتئام علی الأفلاك و عدم جواز الحركة المستقیمة فیها و امتناع اختلاف حركاتها و أمثال ذلك لم یثبتوها إلا بشبهات واهیة و خرافات فاسدة لا یخفی وهنها علی من تأمل بالإنصاف فیها مع أن القول بها یوجب نفی كثیر من ضروریات الدین من المعراج و نزول الملائكة و عروجهم و خرق السماوات و طیها و انتشار الكواكب و انكسافها فی القیامة إلی غیر ذلك مما صرح به فی القرآن المجید و الأخبار المتواترة.

الثالث ما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه فی الفقیه حیث قال إن الذی یخبر به المنجمون فیتفق علی ما یذكرونه لیس من هذا الكسوف فی شی ء و إنما یجب الفزع فیه (1) إلی المساجد و الصلاة لأنه آیة تشبه آیات الساعة(2) و قال الشهید رحمه اللّٰه فی الذكری فی جملة فروع أوردها فی أحكام صلاة الكسوف الرابع لو جامعت صلاة العید بأن تجب بسبب الآیات المطلقة أو بالكسوفین نظرا إلی قدرة اللّٰه تعالی و إن لم یكن معتادا علی أنه قد اشتهر أن الشمس كسفت یوم عاشوراء لما قتل الحسین علیه السلام كسفة بدت الكواكب فیها نصف النهار فی ما رواه البیهقی و غیره و قد قدمنا أن الشمس كسفت یوم مات إبراهیم بن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و روی الزبیر بن بكار فی كتاب الأنساب أنه توفی فی العاشر من شهر ربیع الأول و روی الأصحاب

ص: 152


1- 1. لیس فی المصدر لفظة« فیه».
2- 2. الفقیه: 141.

أن من علامات المهدی علیه السلام كسوف الشمس فی النصف الأول من شهر رمضان إلی آخر ما قال.

و أقول رأیت فی كثیر من كتب الخاصة و العامة وقوع الكسوف و الخسوف فی یوم عاشوراء و لیلته

وَ رَوَی الشَّیْخُ الْمُفِیدُ فِی الْإِرْشَادِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ الْأَزْدِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: آیَتَانِ تَكُونَانِ قَبْلَ الْقَائِمِ علیه السلام كُسُوفُ الشَّمْسِ فِی النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ خُسُوفُ الْقَمَرِ فِی آخِرِهِ قَالَ قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِی نِصْفِ (1)

الشَّهْرِ وَ الْقَمَرُ فِی آخِرِهِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَا أَعْلَمُ بِمَا قُلْتُ إِنَّهُمَا آیَتَانِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ علیه السلام (2).

وَ رَوَاهُ فِی الْكَافِی عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ بَدْرِ بْنِ الْخَلِیلِ الْأَزْدِیِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ آیَتَانِ تَكُونَانِ قَبْلَ قِیَامِ الْقَائِمِ علیه السلام لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ علیه السلام إِلَی الْأَرْضِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِی النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الْقَمَرُ فِی آخِرِهِ فَقَالَ رَجُلٌ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِی آخِرِ الشَّهْرِ وَ الْقَمَرُ فِی النِّصْفِ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام إِنِّی أَعْلَمُ مَا تَقُولُ وَ لَكِنَّهُمَا آیَتَانِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ علیه السلام (3).

و الأخبار فی ذلك كثیرة أوردتها فی سائر المجلدات لا سیما فی الثالث عشر.

الرابع ما أوله بعض المتفلسفین و هو أن المراد بالبحر فی الكسوف ظل القمر و فی الخسوف ظل الأرض علی الاستعارة و وجدت فی بعض الكتب مناظرة لطیفة وقعت بین رجل من المدعین للإسلام یذكر هذا التأویل للخبر و بین رجل من براهمة الهند قال له حین سمع ذلك التأویل منه لا یخلو من أن یكون مراد

ص: 153


1- 1. فی المصدر« تكسف الشمس فی آخر الشهر و القمر فی النصف» كما فی روایة الكافی فعلی نسخة المتن یكون كلام الراوی استفهاما عن تعجب، و علی نسخة المصدر یكون بیانا للعادة إمّا عن تعجب او عن توهم السهو للامام علیه السلام.
2- 2. إرشاد المفید: 239.
3- 3. روضة الكافی: 212.

صاحب شریعتك ما ذكرت أم لا فإن لم یكن مراده ذلك فالویل لك حیث اجترأت علی اللّٰه و علیه و حملت كلامه علی ما لم یرده و افتریت علیه و إن كان مراده ذلك فله غرض فی التعبیر بهذه العبارة و مصلحة فی عدم التصریح بالمراد لقصور أفهام عامة الخلق عن فهم الحقائق فالویل لك أیضا حیث نقضت غرضه و أبطلت مصلحته و هتكت سره (1).

و أقول هذا الكلام متین و إن كان قائله علی ما نقل من الكافرین لأن عقول العباد قاصرة عن فهم الأسباب و المسببات و كیفیة نزول الأنكال و العقوبات فإذا سمعوا المنجم یخبر بوقوع الكسوف أو الخسوف فی الساعة الفلانیة بمقتضی حركات الأفلاك لم یخافوا عند ذلك و لم یفزعوا إلی ربهم و لم یرتدعوا به عن معصیته و لم یعدوه من آثار غضب اللّٰه تعالی لأنهم لا یعلمون أنه یمكن أن یكون الصانع القدیم و القادر الحكیم لما خلق العالم و قدر الحركات و سبب الأسباب و المسببات و علم بعلمه الكامل أحوالهم و أفعالهم فی كل عصر و زمان و كل دهر و أوان و علم ما یستحقون من التحذیر و التنذیر قدر حركات الأفلاك علی وجه یطابق الخسوف و الكسوف و غیرهما من الآیات بقدر ما یستحقونه بحسب أحوالهم من الإنذارات و العقوبات و هذا باب دقیق یعجز عنه أفهام أكثر الخلق و بالجملة الحدیث و إن كان خبرا واحدا غیر نقی السند لكن لا یحسن الجرأة علی رده و ینبغی التسلیم له فی الجملة و إن صعب علی العقل فهمه فإنه سبیل أرباب التسلیم الثابتین علی الصراط المستقیم.

قوله علیه السلام و الأرض مسیرة خمسمائة عام لعل المراد أنه إذا أراد إنسان أن یدور جمیع الأرض و یطلع علی جمیع بقاعه الظاهرة و الغائرة لا یكون إلا فی خمسمائة سنة و كذا المعمور و غیر المعمور إذ لو كان المراد المسیر علی عظیمة محیطة بالأرض یكون ذلك فی قلیل من السنین إن كانت مساحتهم المذكورة فی كتبهم حقة لأنهم قالوا مساحة

ص: 154


1- 1. كلام الهندی لا یخلو عن مناقشة، لان قصور افهام عامة الخلق لا یوجب كتمان الحقائق حتی عن الخواص و المستعدین، نعم یوجب كتمانها عن القاصرین فقط.

محیط دائرة عظیمة تفرض علی الأرض ثمانیة آلاف فرسخ فیمكن قطعه فی ثلاث سنین تقریبا و كون الشمس ستون فرسخا لعله بالفراسخ السماویة أو المراد أن نسبتها إلی فلكها كنسبة تلك الفراسخ إلی الأرض و كذا القمر أو المراد به العدد الكثیر عبر هكذا تقریبا إلی فهم السائل و كذا المراد بكون الكواكب كأعظم جبل أن نسبة كل منها إلی السماء كنسبة أعظم جبل إلی الأرض كل ذلك بناء علی صحة ما ذكره أصحاب الهیئة و هو غیر معلوم فإنهم عولوا فی ذلك علی مساحات و أرصاد تصدی جماعة من الكفرة لتحقیقها و ضبطها و خلق الشمس قبل القمر یدل علی حدوثهما و اللّٰه یعلم حقائق مخلوقاته و من عرفهم تلك من حججه علیهم السلام.

«5»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی النَّوَارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ لِأَیِّ شَیْ ءٍ صَارَتِ الشَّمْسُ أَشَدَّ حَرَارَةً مِنَ الْقَمَرِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الشَّمْسَ مِنْ نُورِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا حَتَّی إِذَا كَانَتْ سَبْعَةَ أَطْبَاقٍ (1) أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ نَارٍ فَمِنْ ثَمَّ صَارَتْ أَشَدَّ حَرَارَةً مِنَ الْقَمَرِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ الْقَمَرُ(2) قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ خَلَقَ الْقَمَرَ مِنْ ضَوْءِ نُورِ(3)

النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا حَتَّی إِذَا كَانَتْ (4) سَبْعَةَ أَطْبَاقٍ أَلْبَسَهَا لِبَاساً مِنْ مَاءٍ فَمِنْ ثَمَّ صَارَ الْقَمَرُ أَبْرَدَ مِنَ الشَّمْسِ (5).

العلل، و الخصال، عن محمد بن الحسن بن الولید عن محمد بن یحیی العطار عن محمد بن أحمد الأشعری عن عیسی بن محمد عن علی بن مهزیار عن علی بن حسان

ص: 155


1- 1. فی العلل: إذا صار.
2- 2. فی الخصال: فما القمر؟ فقال.
3- 3. فی الخصال: من نور النار.
4- 4. فی العلل و الخصال: حتی إذا صارت.
5- 5. روضة الكافی: 241.

عن أبی أیوب عن محمد بن مسلم: مثله (1) توضیح قوله علیه السلام حتی إذا كانت سبعة أطباق یحتمل أن یكون المعنی أن الطبقة السابعة فیها من نار فیكون حرارتها لجهتین لكون طبقات النار أكثر بواحدة و كون الطبقة العلیا من النار و یحتمل أن یكون لباس النار طبقة ثامنة فتكون الحرارة للجهة الثانیة فقط و كذا فی القمر یحتمل الوجهین ثم إنه یحتمل أن یكون خلقهما من النار و الماء الحقیقیین من صفوهما و ألطفهما و أن یكون المراد جوهرین لطیفین مشابهین لهما فی الكیفیة و لم یثبت امتناع كون العنصریات فی الفلكیات ببرهان و قد دل الشرع علی وقوعه فی مواضع شتی.

«6»- الْإِحْتِجَاجُ، رَوَی الْقَاسِمُ بْنُ مُعَاوِیَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْقَمَرَ كَتَبَ عَلَیْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ هُوَ السَّوَادُ الَّذِی تَرَوْنَهُ (2).

«7»- الْخِصَالُ، عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْهِسَنْجَانِیِّ عَنْ سَعْدِ(3)

بْنِ كَثِیرِ بْنِ عُفَیْرٍ عَنِ ابْنِ لَهِیعَةَ وَ رُشَیْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَبَلِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرَضِهِ

ص: 156


1- 1. العلل: ج 2، ص 263، الخصال: 10.
2- 2. الاحتجاج: 83 أقول: لعل معنی الروایة ان نظام الكون یشهد بصحة هذه الأصول الثلاثة اما التوحید فظاهر و اما النبوّة فلان اللّٰه تعالی یهدی بها النوع الانسانی إلی كماله و صلاحه، فوجود المصالح فی سائر اجزاء العالم شاهد علی سنة الهیة فی الكون هی ایصال كل نوع إلی ما فیه صلاحه، و ینحصر طریق ذلك فی النوع الانسانی بارسال الأنبیاء، و اما الولایة فلانها ابقاء لآثار النبوّة و اكمال للدین. و اما دلالة سواد القمر علی ذلك فلانه اشبه شی ء بخط تكوینی علی لوح صاف نیر و سیأتی من العلامة المؤلّف رحمه اللّٰه نظیر هذا التوجیه فی ذیل الحدیث( 18) من هذا الباب.
3- 3. كذا، و الصحیح« سعید بن كثیر بن عفیر» كما عنونه ابن حجر فی لسان المیزان( 6: 562) و الخزرجی فی الخلاصة( 120) و ذكر انه كان من اعلم الناس بالأنساب و الاخبار و المناقب و المثالب و كان أدیبا فصیحا مات سنة( 226).

الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ ادْعُوا إِلَیَّ أَخِی قَالَ فَأَرْسَلُوا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَدَخَلَ فَوَلَّیَا وُجُوهَهُمَا إِلَی الْحَائِطِ وَ رَدَّا عَلَیْهِمَا ثَوْباً فَأَسَرَّ إِلَیْهِ وَ النَّاسُ مُحْتَوِشُونَ وَرَاءَ الْبَابِ فَخَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ أَسَرَّ إِلَیْكَ نَبِیُّ اللَّهِ شَیْئاً قَالَ نَعَمْ أَسَرَّ إِلَیَّ أَلْفَ بَابٍ فِی كُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ وَ قَالَ وَعَیْتَهُ قَالَ نَعَمْ وَ عَقَلْتُهُ فَقَالَ فَمَا السَّوَادُ الَّذِی فِی الْقَمَرِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً قَالَ لَهُ الرَّجُلُ عَقَلْتَ یَا عَلِیُ (1).

بیان: فولیا أی النبی و علی علیهما السلام و یقال احتوش القوم علی فلان أی جعلوه وسطهم و یقال وعاه أی حفظه و الظاهر أن السؤال كان عن علة الكلف فی القمر فأجاب علیه السلام بأنه إنما جعل فیه ذلك لیقل نوره و یحصل الفرق بینه و بین الشمس فیمتاز اللیل من النهار كما یدل علیه خبر ابن سلام فالمحو فی الآیة تقلیل نور القمر بإحداث الكلف فیه و اعلم أنهم اختلفوا فی سبب الكلف فقیل خیال لا حقیقة له و أورد علیه بأنه یستحیل عادة توافق جمیع الناس فی خیال واحد لا حقیقة له و قیل هو شبح ما ینطبع فیه من السفلیات من الجبال و البحار و غیرها و زیف بأنه لو كان كذلك لكان یختلف باختلاف القمر فی قربه و بعده و انحرافه عما ینطبع فیه و قیل هو السواد الكائن فی الوجه الآخر و أورد علیه بأنه لو كان كذلك لم یر متفرقا و قیل و هو سحق النار للقمر و أجیب بأنه غیر مماس للنار لأنه مركوز فی تدویر هو فی ثخن حامل فبینه و بین النار بعد بعید و لو فرض أنه فی حضیض التدویر مع كونه فی حضیض الحامل لم یتصور هناك مماسة إلا بنقطة واحدة و أیضا فهو غیر قابل للتسخن عندهم فكیف ینسحق بها و قیل هو جزء منه لا یقبل النور كسائر أجزائه القابلة له و أورد علیه أنه مخالف لما ذهبوا إلیه من بساطة الفلكیات فیبطل جمیع قواعدهم المبنیة علی بساطتها و قیل هو وجه القمر فإنه مصور بصورة إنسان فله عینان و حاجبان و أنف و فم و أجیب بأنه

ص: 157


1- 1. الخصال: 157.

لا فائدة فی جعل هذه الأجزاء فیه و قیل هو أجسام سماویة مختلفة معه فی تدویره غیر قابلة للإنارة حافظة لوضعها معه دائما و هذا أقرب الوجوه عندهم و كل ذلك قول بغیر علم و لا نعلم من ذلك إلا أنه سبحانه خلقه كذلك و البحث عن سببه لا طائل تحته و سنذكر وجوها أخر بعد ذلك إن شاء اللّٰه.

«8»- الْعُیُونُ، وَ الْعِلَلُ، فِی خَبَرِ یَزِیدَ بْنِ سَلَّامٍ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا بَالُ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ لَا یَسْتَوِیَانِ فِی الضَّوْءِ وَ النُّورِ قَالَ لَمَّا خَلَقَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَطَاعَا وَ لَمْ یَعْصِیَا شَیْئاً فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِیلَ أَنْ یَمْحُوَ ضَوْءَ الْقَمَرِ فَمَحَاهُ فَأَثَّرَ الْمَحْوُ فِی الْقَمَرِ خُطُوطاً

سَوْدَاءَ وَ لَوْ أَنَّ الْقَمَرَ تُرِكَ عَلَی حَالِهِ بِمَنْزِلَةِ الشَّمْسِ لَمْ یُمْحَ لَمَا عُرِفَ اللَّیْلُ مِنَ النَّهَارِ وَ لَا النَّهَارُ مِنَ اللَّیْلِ وَ لَا عَلِمَ الصَّائِمُ كَمْ یَصُومُ وَ لَا عَرَفَ النَّاسُ عَدَدَ السِّنِینَ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِی لِمَ سُمِّیَ اللَّیْلُ لَیْلًا قَالَ لِأَنَّهُ یُلَایِلُ الرِّجَالَ مِنَ النِّسَاءِ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أُلْفَةً وَ لِبَاساً وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً قَالَ صَدَقْتَ یَا مُحَمَّدُ الْخَبَرَ(1).

بیان: یظهر من الخبر أن اللیل مشتق من الملایلة و هی بمعنی المؤالفة و الموافقة و المشهور عند اللغویین عكس ذلك قال الفیروزآبادی لایلته استجرته للیلة و عامله ملایلة كمیاومة(2).

«9»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ: أَنَّهُ سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ طُولِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ عَرْضِهَا قَالَ تِسْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ الْخَبَرَ(3).

ص: 158


1- 1. العلل: ج 2، ص 155 و لم یوجد فی العیون و كان لفظة« العیون» فی المتن زائدة لاختصاصه باخبار الرضا علیه السلام.
2- 2. القاموس: ج 4، ص 48.
3- 3. هذا الخبر مذكور فی نسخة امین الضرب دون سائر النسخ. العیون: ج 1، ص 241 العلل، ج 2، ص 280.

«10»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ الْمَحْوِ الَّذِی یَكُونُ فِی الْقَمَرِ قَالَ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ(1) رَجُلٌ أَعْمَی یَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَمْیَاءَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً الْخَبَرَ(2).

العیاشی، عن أبی الطفیل: مثله بیان عن مسألة عمیاء أی غامضة مشتبهة یصعب فهمها.

«11»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، فِی رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ لَا الشَّمْسُ یَنْبَغِی لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّیْلُ سابِقُ النَّهارِ وَ كُلٌّ فِی فَلَكٍ یَسْبَحُونَ یَقُولُ الشَّمْسُ سُلْطَانُ النَّهَارِ وَ الْقَمَرُ سُلْطَانُ اللَّیْلِ لَا یَنْبَغِی لِلشَّمْسِ أَنْ تَكُونَ مَعَ ضَوْءِ الْقَمَرِ بِاللَّیْلِ وَ لَا یَسْبِقُ اللَّیْلُ النَّهَارَ یَقُولُ لَا یَذْهَبُ اللَّیْلُ حَتَّی یُدْرِكَهُ النَّهَارُ وَ كُلٌّ فِی فَلَكٍ یَسْبَحُونَ یَقُولُ یَجِی ءُ(3)

وَرَاءَ الْفَلَكِ بِالاسْتِدَارَةِ(4).

بیان: یجی ء وراء الفلك لعل المعنی تابعا لسیر الفلك فكأنه وراءه.

«12»- الْعُیُونُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أُتِیَ بِالشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ فِی صُورَةِ ثَوْرَیْنِ عَقِیرَیْنِ فَیُقْذَفَانِ بِهِمَا وَ بِمَنْ یَعْبُدُهُمَا فِی النَّارِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا عُبِدَا فَرَضِیَا(5).

بیان: قال فی النهایة فی حدیث كعب إن الشمس و القمر ثوران عقیران فی النار قیل لما وصفهما اللّٰه تعالی بالسباحة فی قوله كُلٌّ فِی فَلَكٍ یَسْبَحُونَ ثم أخبر أنه یجعلهما فی النار یعذب بهما أهلها بحیث لا یبرحانها صارا كأنهما زمنان

ص: 159


1- 1. فی المصدر: اللّٰه أكبر ثلاث مرّات.
2- 2. الاحتجاج: 138.
3- 3. فی المصدر: یجری.
4- 4. تفسیر القمّیّ: 550.
5- 5. لم نجد هذه الروایة فی العیون لكنها موجودة فی العلل( 2: 292) و لعله من غلط النسّاخ.

عقیران حكی ذلك أبو موسی و هو كما تراه (1) و قال العقیر المنحور(2)

لأنهم كانوا إذا أرادوا نحر البعیر عقروه أی قطعوا إحدی قوائمه ثم نحروه.

«13»- التَّفْسِیرُ،: وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً قَالَ الْمَحْوُ فِی الْقَمَرِ(3).

«14»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الشَّمْسِ أَیْنَ تَغِیبُ قَالَ إِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ(4)

قَالُوا إِذَا انْحَدَرَتْ أَسْفَلَ الْقُبَّةِ دَارَ بِهَا الْفَلَكُ إِلَی بَطْنِ السَّمَاءِ صَاعِدَةً أَبَداً إِلَی أَنْ تَنْحَطَّ إِلَی مَوْضِعِ مَطْلَعِهَا یَعْنِی أَنَّهَا تَغِیبُ فِی عَیْنٍ حَامِیَةٍ ثُمَّ تَخْرِقُ الْأَرْضَ رَاجِعَةً إِلَی مَوْضِعِ مَطْلَعِهَا فَتَحَیَّرُ تَحْتَ الْعَرْشِ حَتَّی یُؤْذَنَ لَهَا بِالطُّلُوعِ وَ یُسْلَبُ نُورُهَا كُلَّ یَوْمٍ وَ تَتَجَلَّلُ نُوراً آخَرَ قَالَ فَخَلَقَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّیْلِ قَالَ نَعَمْ خَلَقَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّیْلِ وَ الشَّمْسَ قَبْلَ الْقَمَرِ وَ الْأَرْضَ قَبْلَ السَّمَاءِ الْخَبَرَ(5).

بیان: قوله علیه السلام صاعدة أشار علیه السلام بذلك إلی أن الشمس إذا غابت عندنا تطلع علی قوم آخرین فهی عندهم صاعدة إلی أن تصل إلی قمة الرأس عندهم و هی قمة القدم عندنا ثم تنحط عندهم إلی أن تصل إلی مشرقنا و تحیرها و إذنها لعلهما كنایتان عن أنها مسخرة للرب متحركة بقدرته إذا شاء حركها و متی شاء سكنها ففی كل آن من آنات حركتها فی مطلع قوم و طلوعها علیهم بإذنه و قدرته سبحانه و لو شاء لجعلها ساكنة و لما كان الباقی فی البقاء محتاجا إلی المؤثر فهی فی كل آن باعتبار إمكانها مسلوبة النور و الصفات و الوجود بحسب ذاتها و إنما تكتسب جمیع ذلك من خالقها و مدبرها فهی فی جمیع الأوقات و الأزمان

ص: 160


1- 1. النهایة: ج 3 ص 115.
2- 2. فی المصدر: ... أی الجزور المنحور، یقال جمل عقیر و ناقة عقیر، قیل: كانوا إذا أرادوا إلخ. النهایة: ج 3، ص 114.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 378.
4- 4. فی المصدر: قال:
5- 5. الاحتجاج: 192.

تحت عرش الرحمن و قدرته متحیرة فی أمرها ساجدة خاضعة لربها تسأله بلسان إمكانها و افتقارها الإذن فی طلوعها و غروبها و تكسی حلة من نوره تعالی و القائلون بتجدد الأمثال یمكنهم التمسك بأمثال هذا الخبر لكن علی ما حققناه لا دلالة لها علی مذهبهم و إنما أومأت لك إلی بعض الأسرار لیمكنك فهم غوامض الأخبار و قد مر تحقیق خلق النهار قبل اللیل فی الباب الأول.

«15»- التَّوْحِیدُ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْكُرْسِیِّ وَ الْكُرْسِیُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْعَرْشِ وَ الْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْحِجَابِ وَ الْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِینَ جُزْءاً مِنْ نُورِ السِّتْرِ(1) الْخَبَرَ.

«16»- قِصَصُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَجَّالِ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مُوسَی سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُعَلِّمَهُ زَوَالَ الشَّمْسِ فَوَكَّلَ اللَّهُ بِهَا مَلَكاً فَقَالَ یَا مُوسَی قَدْ زَالَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ مُوسَی مَتَی فَقَالَ حِینَ أَخْبَرْتُكَ وَ قَدْ سَارَتْ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ.

«17»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ قَالَ هُوَ السَّوَادُ الَّذِی فِی جَوْفِ الْقَمَرِ.

«18»- وَ مِنْهُ، عَنْ نَصْرِ بْنِ قَابُوسَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: السَّوَادُ الَّذِی فِی الْقَمَرِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ (2).

بیان: یحتمل أن یكون المراد أن هذا السواد لما كان من أعظم أسباب نظام العالم كما مر و العلة الغائیة لخلق العالم و نظامه هو صلی اللّٰه علیه و آله فكأنه یدل علیه أو

ص: 161


1- 1. التوحید: 64. و قد مر الخبر بعینه فی باب العرش و الكرسیّ تحت الرقم( 45) و فی باب الحجب و السرادقات تحت الرقم( 5).
2- 2. قد مر منا بیان فی ذیل الحدیث( 6) فراجع.

أنه لما دل علی حكمة الصانع و عدم تفویته ما فیه صلاح الخلق و رسالته صلی اللّٰه علیه و آله أعظم المصالح فهو یدل علیه مع أنه لا حاجة إلی هذه التكلفات و یمكن حمله علی الحقیقة.

«19»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: تَغْرُبُ الشَّمْسُ فِی عَیْنٍ حَامِیَةٍ فِی بَحْرٍ دُونَ الْمَدِینَةِ الَّتِی تَلِی الْمَغْرِبَ یَعْنِی جَابَلْقَا.

«20»- كِتَابُ النُّجُومِ، لِلسَّیِّدِ بْنِ طَاوُسٍ بِأَسَانِیدِهِ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ النُّعْمَانِیِّ فِی كِتَابِ الدَّلَائِلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَحْمَدَ الْیَقْطِینِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی ابْنُ ذِی الْعَلَمَیْنِ (1)

قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً بَیْنَ یَدَیْ ذِی الرِّئَاسَتَیْنِ بِخُرَاسَانَ فِی مَجْلِسِ الْمَأْمُونِ وَ قَدْ حَضَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَجَرَی ذِكْرُ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ أَیُّهُمَا خُلِقَ قَبْلُ فَخَاضُوا فِی ذَلِكَ وَ اخْتَلَفُوا ثُمَّ إِنَّ ذَا الرِّئَاسَتَیْنِ سَأَلَ الرِّضَا علیه السلام عَنْ ذَلِكَ وَ عَمَّا عِنْدَهُ فِیهِ فَقَالَ لَهُ أَ تُحِبُّ أَنْ أُعْطِیَكَ الْجَوَابَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ مِنْ حِسَابِكَ فَقَالَ

أُرِیدُهُ أَوَّلًا مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ فَقَالَ أَ لَیْسَ تَقُولُونَ إِنَّ طَالِعَ الدُّنْیَا(2)

السَّرَطَانُ وَ إِنَّ الْكَوَاكِبَ كَانَتْ فِی شَرَفِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَزُحَلُ فِی الْمِیزَانِ وَ الْمُشْتَرِی فِی السَّرَطَانِ وَ الْمِرِّیخُ فِی الْجَدْیِ وَ الزُّهَرَةُ فِی الْحُوتِ وَ الْقَمَرُ فِی الثَّوْرِ وَ الشَّمْسُ فِی وَسَطِ السَّمَاءِ فِی الْحَمَلِ وَ هَذَا لَا یَكُونُ إِلَّا نَهَاراً قَالَ نَعَمْ فَمِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ لَا الشَّمْسُ یَنْبَغِی لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّیْلُ سابِقُ النَّهارِ(3) أَیِ النَّهَارُ یَسْبِقُهُ.

قَالَ السَّیِّدُ وَ رُوِّینَاهُ أَیْضاً بِعِدَّةِ أَسَانِیدَ عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّیِّ وَ كَانَ عَالِماً فَاضِلًا فِی كِتَابِ الْوَاحِدَةِ قَالَ: وَ مِنْ مَسَائِلَ ذِی الرِّئَاسَتَیْنِ لِلرِّضَا علیه السلام أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا بَیْنَ یَدَیِ الْمَأْمُونِ خَلْقَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَبَعْضٌ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّیْلِ وَ بَعْضٌ قَالَ خَلَقَ اللَّیْلَ قَبْلَ النَّهَارِ فَرَجَعُوا بِالسُّؤَالِ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ

ص: 162


1- 1. فی بعض النسخ: ابن ذی القلمین.
2- 2. العالم( خ).
3- 3. یس: 40.

إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ خَلَقَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّیْلِ وَ خَلَقَ الضِّیَاءَ قَبْلَ الظُّلْمَةِ فَإِنْ شِئْتُمْ أَوْجَدْتُكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ وَ إِنْ شِئْتُمْ أَوْجَدْتُكُمْ مِنَ النُّجُومِ فَقَالَ ذُو الرِّئَاسَتَیْنِ أَوْجِدْنَا مِنَ الْجِهَتَیْنِ جَمِیعاً فَقَالَ أَمَّا النُّجُومُ فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ طَالِعَ الْعَالَمِ السَّرَطَانُ وَ لَا یَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا وَ الشَّمْسُ فِی بَیْتِ شَرَفِهَا فِی نِصْفِ النَّهَارِ وَ أَمَّا الْقُرْآنُ أَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَی قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَا الشَّمْسُ یَنْبَغِی لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ الْآیَةَ.

«21»- وَ مِنْهُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ ابْنِ جُمْهُورٍ أَیْضاً بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی قَالَ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنِ السَّوَادِ الَّذِی فِی الْقَمَرِ فَقَالَ علیه السلام أَعْمَی سَأَلَ عَنْ عَمْیَاءَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً(1) وَ السَّوَادُ الَّذِی تَرَاهُ فِی الْقَمَرِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ شَمْسَیْنِ فَأَمَرَ جَبْرَئِیلَ فَأَمَرَّ جَنَاحَهُ الَّذِی سَبَقَ مِنْ (2) عِلْمِ اللَّهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ یَكُونَ مِنِ اخْتِلَافِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ عَدَدِ السَّاعَاتِ وَ الْأَیَّامِ وَ الشُّهُورِ وَ السِّنِینَ وَ الدُّهُورِ وَ الِارْتِحَالِ وَ النُّزُولِ وَ الْإِقْبَالِ وَ الْإِدْبَارِ وَ الْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ وَ مَحَلِّ الدَّیْنِ وَ أَجْرِ الْأَجِیرِ وَ عَدَدِ أَیَّامِ الْحَبَلِ وَ الْمُطَلَّقَةِ وَ الْمُتَوَفَّی عَنْهَا زَوْجُهَا وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

بیان: الذی أی علی الذی سبق فی علم اللّٰه أن یكون قمرا و الظاهر أنه كان هكذا علی أحدهما للذی سبق.

«22»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَخِیهِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ بَلَغَنِی أَنَّ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَقْصَرُ الْأَیَّامِ قَالَ كَذَلِكَ هُوَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَجْمَعُ أَرْوَاحَ الْمُشْرِكِینَ تَحْتَ عَیْنِ الشَّمْسِ فَإِذَا رَكَدَتِ الشَّمْسُ عَذَّبَ اللَّهُ أَرْوَاحَ الْمُشْرِكِینَ بِرُكُودِ الشَّمْسِ سَاعَةً فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ لَا یَكُونُ لِلشَّمْسِ رُكُودٌ

ص: 163


1- 1. الإسراء: 12.
2- 2. فی( خ).

رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ لِفَضْلِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا یَكُونُ لِلشَّمْسِ رُكُودٌ(1).

«23»- الْإِخْتِصَاصُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ الْكِنَانِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُ (2) الْآیَةَ فَقَالَ إِنَّ لِلشَّمْسِ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ سَجْدَةٌ إِذَا صَارَتْ فِی طُولِ السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ یَطْلُعَ الْفَجْرُ قُلْتُ بَلَی جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ لِأَنَّ الشَّمْسَ تَخْرُجُ سَاجِدَةً وَ هِیَ فِی طَرَفِ الْأَرْضِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ مِنْ سُجُودِهَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَ أَمَّا السَّجْدَةُ الثَّانِیَةُ فَإِنَّهَا إِذَا صَارَتْ فِی وَسَطِ الْقُبَّةِ وَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ رَكَدَتْ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِذَا صَارَتْ بِحِذَاءِ الْعَرْشِ رَكَدَتْ وَ سَجَدَتْ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ مِنْ سُجُودِهَا زَالَتْ عَنْ وَسَطِ الْقُبَّةِ فَیَدْخُلُ وَقْتُ صَلَاةِ الزَّوَالِ وَ أَمَّا السَّجْدَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّهَا إِذَا غَابَتْ مِنَ الْأُفُقِ خَرَّتْ سَاجِدَةً فَإِذَا ارْتَفَعَتْ مِنْ سُجُودِهَا زَالَ اللَّیْلُ كَمَا أَنَّهَا حِینَ زَالَتْ وَسَطَ السَّمَاءِ دَخَلَ وَقْتُ الزَّوَالِ زَوَالِ النَّهَارِ(3).

بیان: السجود فی الآیة بمعنی غایة الخضوع و التذلل و الانقیاد سواء كان بالإرادة و الاختیار أو بالقهر و الاضطرار فالجمادات لما لم یكن لها اختیار و إرادة فهی كاملة فی الانقیاد و الخضوع لما أراد الرب تعالی منها فهی علی الدوام فی السجود

ص: 164


1- 1. فروع الكافی( طبعة دار الكتب) ج 3، ص 416- اقول: هذه الروایة و ما یشابهها من الروایات الآتیة من الاخبار المتشابهة و سیأتی من العلامة المؤلّف رحمه اللّٰه ان فیها جهات من الاشكال و یذكر أیضا ما یمكن أن یقال فی دفعها، و لعلّ اقرب الوجوه فی معنی ركود الشمس انها إذا بلغت إلی وسط السماء یری سیرها بحسب ظاهر الحس بطیئا جدا حتّی كأنّها واقفة لا حركة لها و فی معنی قصر یوم الجمعة انها یوم العید و الراحة و ما یمضی من الأوقات بالراحة و السرور یعد قصیرا، مع ان ارواح الكفّار بحسب هذه الروایات لا تعذب فی هذا الیوم فیكون لهم قصیرا جدا كما أن سائر الأیّام تطول علیهم فی الغایة.
2- 2. الحجّ: 18.
3- 3. الاختصاص: 213.

و الانقیاد للمعبود و التسبیح و التقدیس له سبحانه بلسان الذل و الإمكان و الافتقار و كذا الحیوانات العجم و أما ذوو العقول فلما كانوا ذوی إرادة و اختیار فهم من جهة الإمكان و الافتقار و الانقیاد للأمور التكوینیة كالجمادات فی السجود و التسبیح و من حیث الأمور الإرادیة و التكلیفیة منقسمون بقسمین منهم الملائكة و هم جمیعا معصومون ساجدون منقادون من تلك الجهة أیضا و لعل المراد بقوله مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ (1) هم و أما الناس فهم قسمان قسم مطیعون من تلك الجهة أیضا و منهم عاصون من تلك الجهة و إن كانوا مطیعین من الجهة الأخری فلم یتأت منهم غایة ما یمكن منهم من الانقیاد فلذا قسمهم سبحانه

إلی قسمین فقال وَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِیرٌ حَقَّ عَلَیْهِ الْعَذابُ (2) فإذا حققت الآیة هكذا لم تحتج إلی ما تكلفه المفسرون من التقدیرات و التأویلات و سیأتی بعض ما ذكروه فی هذا المقام و أما الخبر فلعله كان ثلاث سجدات أو سقط الرابع من النساخ و لعله بعد زوال اللیل إلی وقت الطلوع أو قبل زوال اللیل كما فی النهار و إنما خص علیه السلام السجود بهذه الأوقات لأنه عند هذه الأوقات تظهر للناس انقیادها لله لأنها تتحول من حالة معروفة إلی حالة أخری و یظهر تغیر تام فی أوضاعها و أیضا أنها أوقات معینة یترصدها الناس لصلواتهم و صیامهم و سائر عباداتهم و معاملاتهم و أیضا لما كان هبوطها و انحدارها و أفولها من علامات إمكانها و حدوثها كما قال الخلیل علیه السلام لا أُحِبُّ الْآفِلِینَ خص السجود بتلك الأحوال أو بما یشرف علیها و اللّٰه یعلم أسرار الآیات و الأخبار و حججه الأبرار علیهم السلام.

«24»- الْإِخْتِصَاصُ، قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِذَا كَانَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَكَّلَ اللَّهُ بِهَا مَلَكاً یُنَادِی أَیُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَی رَبِّكُمْ فَإِنَّ مَا قَلَّ وَ كَفَی خَیْرٌ مِمَّا كَثُرَ

ص: 165


1- 1. ظاهر الآیة الشریفة سجود عامة من فی السماوات و الأرض لا خصوص الملائكة فقط و علی هذا فحمل السجود فیها علی السجود التكوینی الذی یعم جمیع الخلائق أولی.
2- 2. الحجّ: 18،.

وَ أَلْهَی وَ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالشَّمْسِ عِنْدَ طُلُوعِهَا یُنَادِی یَا ابْنَ آدَمَ لِدْ لِلْمَوْتِ وَ ابْنِ لِلْخَرَابِ وَ اجْمَعْ لِلْفَنَاءِ(1).

«25»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ الثَّقَفِیِّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عِمْرَانَ الْكُنْدُرِیِّ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ السَّوَادِ الَّذِی فِی جَوْفِ الْقَمَرِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ (2) السَّوَادَ الَّذِی فِی جَوْفِ الْقَمَرِ قَالَ فَكَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ قَالَ مَسِیرَةُ یَوْمٍ لِلشَّمْسِ تَطْلُعُ مِنْ مَطْلَعِهَا فَتَأْتِی مَغْرِبَهَا مَنْ حَدَّثَكَ غَیْرَ ذَلِكَ كَذَبَكَ.

«26»- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ الْعَالِمُ علیه السلام: عِلَّةُ رَدِّ الشَّمْسِ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مَا طَلَعَتْ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ كُلِّهِمْ أَنَّهُ جَلَّلَ اللَّهُ السَّمَاءَ بِالْغَمَامِ إِلَّا الْمَوْضِعَ الَّذِی كَانَ فِیهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ فَإِنَّهُ جَلَّاهُ حَتَّی طَلَعَتْ عَلَیْهِمْ قَالَ وَ الْعِلَّةُ فِی قَصْرِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّ اللَّهَ یَجْمَعُ الْأَرْوَاحَ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ وَ الْمُشْرِكِینَ فَیُعَذِّبُهُمْ تَحْتَ عَیْنِ الشَّمْسِ إِلَّا یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ لَیْسَ لِلشَّمْسِ رُكُودٌ وَ لَا یُعَذِّبُ الْكُفَّارَ لِفَضْلِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ.

«27»- تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ،: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ قَالَ الْعُرْجُونُ طَلْعُ النَّخْلِ وَ هُوَ مِثْلُ الْهِلَالِ فِی أَوَّلِ طُلُوعِهِ.

قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّهْدِیِ (3) قَالَ: دَخَلَ أَبُو سَعِیدٍ الْمُكَارِی عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَ بَلَغَ مِنْ قَدْرِكَ أَنْ تَدَّعِیَ مَا ادَّعَی أَبُوكَ فَقَالَ لَهُ الرِّضَا علیه السلام مَا لَكَ أَطْفَأَ اللَّهُ نُورَكَ وَ أَدْخَلَ الْفَقْرَ بَیْتَكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَوْحَی إِلَی عِمْرَانَ أَنِّی وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً فَوَهَبَ لَهُ مَرْیَمَ وَ وَهَبَ لِمَرْیَمَ عِیسَی فَعِیسَی مِنْ مَرْیَمَ وَ مَرْیَمُ مِنْ عِیسَی وَ مَرْیَمُ وَ عِیسَی (4) وَاحِدٌ وَ أَنَا مِنْ أَبِی وَ أَبِی مِنِّی وَ أَنَا وَ أَبِی شَیْ ءٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ

ص: 166


1- 1. الاختصاص: 234.
2- 2. الإسراء: 12.
3- 3. فی المصدر: الفهدی.
4- 4. فی المصدر: و مریم و عیسی شی ء واحد.

أَبُو سَعِیدٍ فَأَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ سَلْ وَ لَا إِخَالُكَ تَقْبَلُ مِنِّی وَ لَسْتَ مِنْ غَنَمِی وَ لَكِنْ هَاتِهَا فَقَالَ لَهُ مَا تَقُولُ فِی رَجُلٍ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ قَدِیمٍ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ مَا كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ قَدِیمٌ وَ هُوَ حُرٌّ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ (1) فَمَا كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ قَدِیمٌ وَ هُوَ حُرٌّ قَالَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَ افْتَقَرَ وَ ذَهَبَ بَصَرُهُ ثُمَّ مَاتَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ لَیْسَ عِنْدَهُ مَبِیتُ لَیْلَةٍ(2).

بیان: هذا التفسیر للعرجون غریب لم أره فی غیر هذا الكتاب و لا یناسب وصفه بالقدیم أیضا و فی القاموس الطلع من النخل شی ء یخرج كأنه نعلان مطبقان أو ما یبدو من ثمرته فی أول ظهورها(3)

و أبو سعید كان من الواقفة و كان ینكر إمامة الرضا علیه السلام و إطفاء النور كنایة عن ذهاب العز أو ذهاب نور البصر و لعل جوابه علیه السلام مبنی علی أن الواقفة كانوا متمسكین بما

روی عن الصادق علیه السلام: أن القائم علیه السلام من ولدی.

فأجاب عن استدلالهم بأن ولد الولد أیضا ولد و لو سلم كونه مجازا فعلاقة المجاز هنا قویة للاتحاد فی الكمالات و الأنوار و فی القاموس خال الشی ء خیلولة ظنه و تقول فی مستقبله إخاله بكسر الألف و یفتح فی لغیة(4)

قوله و لست من غنمی أی ممن یقول بإمامتی و من شیعتی و لیس عنده مبیت لیلة أی قوت لیلة.

«28»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ رُكُودِ الشَّمْسِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ مَا أَصْغَرَ جُثَّتَكَ وَ أَعْضَلَ مَسْأَلَتَكَ وَ إِنَّكَ لَأَهْلٌ لِلْجَوَابِ إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ جَذَبَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ بِكُلِّ شُعَاعٍ (5)

مِنْهَا خَمْسَةُ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ بَیْنِ جَاذِبٍ وَ دَافِعٍ حَتَّی إِذَا بَلَغَتِ الْجَوَّ وَ جَازَتِ

ص: 167


1- 1. یس: 39.
2- 2. تفسیر علیّ بن إبراهیم: 551.
3- 3. القاموس: ج 3، ص 59.
4- 4. القاموس: ج 3، ص 372.
5- 5. شعبة( خ).

الْكُوَّةَ قَلَبَهَا مَلَكُ النُّورِ ظَهْرَ الْبَطْنِ فَصَارَ مَا یَلِی الْأَرْضَ إِلَی السَّمَاءِ وَ بَلَغَ شُعَاعُهَا تُخُومَ الْأَرْضِ (1)

فَعِنْدَ ذَلِكَ نَادَتِ الْمَلَائِكَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لَا وَلَداً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ شَرِیكٌ فِی الْمُلْكِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِیراً فَقُلْتُ (2)

لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أُحَافِظُ عَلَی هَذَا الْكَلَامِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَقَالَ نَعَمْ حَافِظْ عَلَیْهِ كَمَا تُحَافِظُ عَلَی عَیْنِكَ (3)

فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ صَارَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ وَرَائِهَا یُسَبِّحُونَ اللَّهَ فِی فَلَكِ الْجَوِّ إِلَی أَنْ تَغِیبَ (4).

«29»- وَ سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام عَنِ الشَّمْسِ كَیْفَ تَرْكُدُ كُلَّ یَوْمٍ وَ لَا یَكُونُ لَهَا یَوْمَ الْجُمُعَةِ رُكُودٌ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضْیَقَ الْأَیَّامِ فَقِیلَ لَهُ وَ لِمَ جَعَلَهُ أَضْیَقَ الْأَیَّامِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا یُعَذِّبُ الْمُشْرِكِینَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ لِحُرْمَتِهِ عِنْدَهُ (5).

بیان: الركود السكون و الثبات ما أصغر جثتك تعجب من أن الإنسان مع هذا الصغر یطلب فهم معانی الأمور و دقائقها أو تأدیب له بأنه لا ینبغی له أن یتكلف علم ما لم یؤمر بعلمه و قال فی النهایة أصل العضل المنع و الشدة یقال أعضل بی الأمر إذا ضاقت علیك فیه الحیل و منه

حدیث عمر: أعوذ باللّٰه من كل معضلة لیس لها أبو حسن.

و روی معضلة أراد المسألة الصعبة أو الخطة الضیقة المخارج من الإعضال أو التعضیل و یرید بأبی الحسن علی بن أبی طالب علیه السلام (6)

بعد أن أخذ لیس فی بعض النسخ بعد أن و علی التقدیرین یحتمل أن یكون خمسة آلاف من جملة السبعین أو غیرهم و إن كان الثانی علی

ص: 168


1- 1. فی المصدر: العرش.
2- 2. فی المصدر« فقال له» و هو المناسب لسیاق الكلام.
3- 3. عینیك( خ).
4- 4. من لا یحضره الفقیه: 60.
5- 5. من لا یحضره الفقیه: 60.
6- 6. النهایة: ج 3، ص 104.

النسخة الأولی أظهر من بین جاذب و دافع علی الأول یكون المعنی أن هؤلاء السبعین مرددون من بین جاذب یجذبها قدامها و دافع یدفعها من خلفها و منقسمون إلیهما أو الشمس كائنة بین جاذب و دافع من تلك السبعین فالمراد بالجذب أولا ما یصیر سببا للحركة أعم من أن یكون بالجذب أو الدفع أو یكون نسبة الجذب إلی الجمیع علی المجاز و علی الثانی فالمعنی أن الشمس واقعة بین جاذب من سبعین ألف ملك و دافع من خمسة آلاف و علی الوجهین یحتمل أن یكون المراد بحركة الجذب الحركة الیومیة السریعة علی خلاف التوالی التابعة لحركة الفلك الأطلس التی یحصل الیوم و اللیل منها و بحركة الدفع حركة الفلك الرابع الذی فیه الشمس علی توالی البروج و هی بطیئة تقطع بها فی كل سنة دورة فالمعنی أن الشمس إذا طلعت جذبها الملائكة السبعون ألفا إلی المغرب بالحركة الیومیة مع أنه أخذ بكل شعاع منها أو بمكان كل شعاع منها خمسة آلاف من الملائكة تدفعها إلی جانب المشرق بالحركة الخاصة فتسیر الشمس بقدر فضل ما بین الحركتین حتی إذا بلغت الجو أی وسط السماء مجازا و فی الأصل ما بین السماء و الأرض و جازت الكوة فی بعض النسخ بدون التاء و فی القاموس الكوة و یضم و الكو الخرق فی الحائط أو التذكیر للكبیر و التأنیث للصغیر و الجمع كوی و كوا(1)

انتهی أی خرجت أشعة الشمس من الكوی المشرقیة و ذلك عند قرب الزوال و ربما یؤول الكوة بدائرة نصف النهار علی الاستعارة قلبها ملك النور ربما یؤول ذلك بأنه لما كانت الشمس صاعدة كان الجانب الذی منها یلی المشرق تحت الجانب الغربی منها فإذا جازت نصف النهار و انحدرت صار الأمر بالعكس و صار ما كان یلی الأرض أی الجانب الشرقی إلی السماء أی إلی جهة الفوق فلذا نسب إلیه القلب و لا یخفی أنه علی هذا یصیر الكلام قلیل الجدوی مع أن ظاهره غیر ممتنع و التخوم جمع التخم و هو منتهی كل قریة و أرض و لعل المراد بفلك الجو جو الفلك أی ما بین السماء الرابعة و الخامسة

ص: 169


1- 1. القاموس: ج 4، ص 238.

ثم إنه یرد الإشكال علی هذه الأخبار من وجوه الأول أن ركود الشمس حقیقة مخالف لما یشهد به الحس من عدم التفاوت فی أجزاء النهار و قطع قسی مدارات الشمس و الثانی أن الشمس فی كل آن فی نصف النهار لقوم فیلزم سكون الشمس دائما الثالث أن التفاوت بین یوم الجمعة و غیره أیضا مما یشهد الحس بخلافه الرابع أن حرارة الشمس لیس باعتبار جرمه حتی یقع تعذیب أرواح المشركین بتقریبهم من عین الشمس بل باعتبار انعكاس الأشعة عن الأجسام الكثیفة و لذا كلما بعد عن الأرض كان تأثیر الحرارة فیه أخف.

و یمكن الجواب عن الأول و الثالث بأنه یمكن أن یكون الركود قلیلا لا یظهر فی الآلات التی تعرف بها الساعات و لا یمكن الحكم علی التواسع و العواشر و أقل منها علی الیقین و إنما مبناها علی التخمین و عن الثانی بأنه یمكن أن یكون المراد نصف نهار موضع خاص كمكة أو المدینة أو قبة الأرض و أورد علیه بأنه یلزم أن یقع الركود فی البلاد الآخر فی الضحی أو فی العصر و لا یلتزمه أحد و عن الرابع بأنه یمكن أن یكون للشمس حرارتان حرارة من جهة الجرم و أخری من جهة الانعكاس و ما قیل من أن الفلكیات لا تقبل تلك الكیفیات لم یثبت بدلیل قاطع و ربما یؤول الركود بوجهین الأول أنه عند القرب من نصف النهار یحس بحركة الشمس (1) فی غایة البطء فكأنه ساكن فأطلق الركود علیه مجازا أو بأنه یعدم الظل عند الزوال فی بعض البلاد فلا

حركة للظل حینئذ فركود الشمس ركود ظله و ما قیل من أن المراد ركود الظل بناء علی ما تقرر من أن بین كل حركتین مستقیمتین سكون فلا بد من سكون بین زیادة الظل و نقصانه فلا یخفی بعد حمل الركود علی مثل ذلك جدا مع أن نسبة الحركة إلی الظل مجاز بل هو إیجاد لبعض أجزاء الظل و إعدام له و علی تقدیر كونه حقیقة فلیست بحركة مستقیمة الثانی أنه لما كانت أیام الراحة عند الناس سریعة الانقضاء و أیام الشدة طویلة ف یوم الجمعة عند المشركین قصیرة لعدم تعذیبهم عند

ص: 170


1- 1. حركة( خ).

زوال الشمس فیه و سائر الأیام طویلة عندهم لتعذیبهم عند زواله فالمراد بقول السائل فی الخبر الثانی كیف تركد ما معنی ركودها فأجاب علیه السلام بأن المراد هذا الركود و الضیق المجازیان و ربما یحمل ضیق الجمعة و قصره علی أن أعمال المؤمنین فیه كثیرة لا یسع الیوم لها فكأنه لا تركد فیه الشمس و لا یخفی بعد هذه الوجوه كلها و الأولی فی أمثال ذلك عدم الخوض فیها و التسلیم لها بأی معنی صدرت عنهم علیهم السلام علی تقدیر صحتها فإنها من متشابهات الأخبار و معضلات الآثار و لا یعلم تأویلها إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ.

«30»- الْفَقِیهُ، بِسَنَدِهِ الصَّحِیحِ عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ الشَّمْسَ تَنْقَضُّ ثُمَّ تَرْكُدُ سَاعَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ تَزُولَ فَقَالَ إِنَّهَا تُؤَامِرُ أَ تَزُولُ أَمْ لَا تَزُولُ (1).

بیان: انقضاض الطائر هویها لیقع و هذا أسرع ما یكون من طیرانه و المراد هنا سرعة حركة الشمس عند الصعود و ركودها بطء حركتها و المؤامرة إما من الملائكة الموكلین بها أو هی استعارة تمثیلیة شبهت حالة الشمس فی سرعتها عند الصعود و ركودها ثم إسراعها فی الهبوط بمن أتی سلطانا قاهرا ثم أمره هل یذهب إلی حاجة أخری أم لا و الغرض هنا لیس محض الاستعارة بل بیان أن جمیع المخلوقات مقهورة بقهره سبحانه مسخرة لأمره و كل ما یقع منها بتقدیره و تدبیره تعالی.

«31»- الْفَقِیهُ، عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَوْحَی إِلَی مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام أَنْ أَخْرِجْ عِظَامَ یُوسُفَ علیه السلام مِنْ مِصْرَ وَ وَعَدَهُ طُلُوعَ الْقَمَرِ فَأَبْطَأَ طُلُوعُ الْقَمَرِ عَلَیْهِ فَسَأَلَ عَمَّنْ یَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَقِیلَ لَهُ هَاهُنَا عَجُوزٌ تَعْلَمُ عِلْمَهُ فَبَعَثَ إِلَیْهَا فَأُتِیَ بِعَجُوزٍ مُقْعَدَةٍ عَمْیَاءَ فَقَالَ تَعْرِفِینَ (2)

قَبْرَ یُوسُفَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَخْبِرِینِی بِمَوْضِعِهِ قَالَتْ لَا أَفْعَلُ حَتَّی تُعْطِیَنِی خِصَالًا تُطْلِقَ رِجْلَیَّ وَ تُعِیدَ

ص: 171


1- 1. من لا یحضره الفقیه: 60.
2- 2. فی المصدر: أ تعرفین.

إِلَیَّ بَصَرِی وَ تَرُدَّ إِلَیَّ شَبَابِی وَ تَجْعَلَنِی مَعَكَ فِی الْجَنَّةِ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَی مُوسَی علیه السلام فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ إِنَّمَا تُعْطِی عَلَیَّ فَأَعْطِهَا مَا سَأَلَتْ فَفَعَلَ فَدَلَّتْهُ عَلَی قَبْرِ یُوسُفَ علیه السلام فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ شَاطِئِ النِّیلِ فِی صُنْدُوقٍ مَرْمَرٍ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ طَلَعَ الْقَمَرُ فَحَمَلَهُ إِلَی الشَّامِ (1).

أَقُولُ قَدْ مَرَّ نَقْلًا عَنِ الْعُیُونِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: احْتَبَسَ الْقَمَرُ عَنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی مُوسَی علیه السلام أَنْ أَخْرِجْ عِظَامَ یُوسُفَ مِنْ مِصْرَ وَ وَعَدَهُ طُلُوعَ الْقَمَرِ إِذَا أَخْرَجَ عِظَامَهُ فَسَأَلَ مُوسَی علیه السلام عَمَّنْ یَعْلَمُ مَوْضِعَهُ وَ سَاقَ الْخَبَرَ كَمَا مَرَّ.

بیان: یدل ردا علی الفلاسفة علی جواز الاختلاف فی حركة الفلكیات و منعها عن الحركة بإذن خالق الأرضین و السماوات.

«32»- الْمُتَهَجِّدُ، رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: قُلْتُ بَلَغَنِی أَنَّ یَوْمَ الْجُمُعَةِ أَقْصَرُ الْأَیَّامِ قَالَ كَذَلِكَ هُوَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ یَجْمَعُ أَرْوَاحَ الْمُشْرِكِینَ تَحْتَ عَیْنِ الشَّمْسِ فَإِذَا كَدَرَتِ الشَّمْسُ عُذِّبَتْ أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ بِرُكُودِ الشَّمْسِ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ رَفَعَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ لِفَضْلِ یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا یَكُونُ لِلشَّمْسِ رُكُودٌ(2).

«33»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ،: فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِی مَقَادِیرِ النَّهَارِ وَ اللَّیْلِ كَیْفَ وَقَعَتْ عَلَی مَا فِیهِ صَلَاحُ هَذَا الْخَلْقِ فَصَارَ مُنْتَهَی كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا امْتَدَّ إِلَی خَمْسَ عَشْرَةَ سَاعَةً لَا یُجَاوِزُ ذَلِكَ (3)

أَ فَرَأَیْتَ لَوْ كَانَ النَّهَارُ یَكُونُ مِقْدَارُهُ مِائَةَ سَاعَةٍ أَوْ مِائَتَیْ سَاعَةٍ أَ لَمْ یَكُنْ فِی ذَلِكَ بَوَارُ كُلِّ مَا فِی الْأَرْضِ مِنْ حَیَوَانٍ وَ نَبَاتٍ أَمَّا الْحَیَوَانُ فَكَانَ لَا یَهْدَأُ وَ لَا یَقِرُّ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَ لَا الْبَهَائِمُ كَانَتْ تُمْسِكُ عَنِ الرَّعْیِ لَوْ دَامَ لَهَا ضَوْءُ النَّهَارِ وَ لَا الْإِنْسَانُ كَانَ یَفْتُرُ عَنِ الْعَمَلِ وَ الْحَرَكَةِ وَ كَانَ ذَلِكَ سَیُهْلِكُهَا

ص: 172


1- 1. من لا یحضره الفقیه: 51.
2- 2. قد مر الخبر مسندا عن الكافی تحت الرقم( 22) من هذا الباب.
3- 3. یعنی فی معظم المعمورة، و إلّا ففی البلاد القطبیة یطول النهار إلی ستة أشهر.

أَجْمَعَ وَ یُؤَدِّیهَا إِلَی التَّلَفِ وَ أَمَّا النَّبَاتُ فَكَانَ یَطُولُ عَلَیْهِ حَرُّ النَّهَارِ وَ وَهْجُ الشَّمْسِ حَتَّی یَجِفَّ وَ یَحْتَرِقَ وَ كَذَلِكَ اللَّیْلُ لَوِ امْتَدَّ مِقْدَارُ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَ یَعُوقُ أَصْنَافَ الْحَیَوَانِ عَنِ الْحَرَكَةِ وَ التَّصَرُّفِ فِی طَلَبِ الْمَعَاشِ حَتَّی تَمُوتَ جُوعاً وَ تَخْمُدُ الْحَرَارَةُ الطَّبِیعِیَّةُ مِنَ النَّبَاتِ حَتَّی یَعْفَنَ وَ یَفْسُدَ كَالَّذِی تَرَاهُ یَحْدُثُ عَلَی النَّبَاتِ إِذَا كَانَ فِی مَوْضِعٍ لَا تَطْلُعُ عَلَیْهِ الشَّمْسُ اعْتَبِرْ بِهَذَا الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ كَیْفَ یَتَعَاوَرَانِ الْعَالَمَ وَ یَتَصَرَّفَانِ هَذَا التَّصَرُّفَ مِنَ الزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ وَ الِاعْتِدَالِ لِإِقَامَةِ هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ مِنَ السَّنَةِ وَ مَا فِیهِمَا مِنَ الْمَصَالِحِ ثُمَّ هُمَا بَعْدَ دِبَاغِ الْأَبْدَانِ الَّتِی عَلَیْهَا بَقَاؤُهُا وَ فِیهَا صَلَاحُهَا فَإِنَّهُ لَوْ لَا الْحَرُّ وَ الْبَرْدُ وَ تَدَاوُلُهُمَا الْأَبْدَانَ لَفَسَدَتْ وَ أَخْوَتْ وَ انْتَكَثَتْ فَكِّرْ فِی دُخُولِ أَحَدِهِمَا عَلَی الْآخَرِ بِهَذَا التَّدْرِیجِ وَ التَّرَسُّلِ فَإِنَّكَ تَرَی أَحَدَهُمَا یَنْقُصُ شَیْئاً بَعْدَ شَیْ ءٍ وَ الْآخَرَ یَزِیدُ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّی یَنْتَهِیَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْتَهَاهُ فِی الزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ وَ لَوْ كَانَ دُخُولُ أَحَدِهِمَا عَلَی الْآخَرِ مُفَاجَأَةً لَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالْأَبْدَانِ وَ أَسْقَمَهَا كَمَا أَنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ خَرَجَ مِنْ حَمَّامٍ حَارٍّ إِلَی مَوْضِعِ الْبُرُودَةِ لَضَرَّهُ ذَلِكَ وَ أَسْقَمَ بَدَنَهُ فَلِمَ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذَا الرِّسْلَ (1)

فِی الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ إِلَّا لِلسَّلَامَةِ مِنْ ضَرَرِ الْمُفَاجَأَةِ وَ لِمَ جَرَی الْأَمْرُ عَلَی مَا فِیهِ السَّلَامَةُ مِنْ ضَرِّ(2)

الْمُفَاجَأَةِ لَوْ لَا التَّدْبِیرُ فِی ذَلِكَ فَإِنْ زَعَمَ زَاعِمٌ أَنَّ هَذَا التَّرَسُّلَ فِی دُخُولِ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ إِنَّمَا یَكُونُ لِإِبْطَاءِ مَسِیرِ الشَّمْسِ فِی الِارْتِفَاعِ وَ الِانْحِطَاطِ سُئِلَ عَنِ الْعِلَّةِ فِی إِبْطَاءِ مَسِیرِ الشَّمْسِ فِی ارْتِفَاعِهَا وَ انْحِطَاطِهَا فَإِنِ اعْتَلَّ فِی الْإِبْطَاءِ بِبُعْدِ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقَیْنِ سُئِلَ عَنِ الْعِلَّةِ فِی ذَلِكَ فَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَرْقَی مَعَهُ إِلَی حَیْثُ رَقِیَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ حَتَّی اسْتَقَرَّ عَلَی الْعَمْدِ وَ التَّدْبِیرِ لَوْ لَا الْحَرُّ لَمَا كَانَتِ الثِّمَارُ الْجَاسِیَةُ الْمُرَّةُ تَنْضَجُ فَتَلِینُ وَ تَعْذُبُ حَتَّی یُتَفَكَّهَ بِهَا رَطْبَةً وَ یَابِسَةً وَ لَوْ لَا الْبَرْدُ لَمَا كَانَ الزَّرْعُ یُفْرِخُ هَكَذَا وَ یَرِیعُ الرَّیْعَ الْكَثِیرَ الَّذِی یَتَّسِعُ لِلْقُوتِ وَ مَا یُرَدُّ فِی الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ أَ فَلَا تَرَی مَا فِی الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ

ص: 173


1- 1. التوسل( خ).
2- 2. ضرر( خ).

مِنْ عَظِیمِ الْغِنَاءِ وَ الْمَنْفَعَةِ وَ كِلَاهُمَا مَعَ غِنَائِهِ وَ الْمَنْفَعَةِ فِیهِ یُؤْلِمُ الْأَبْدَانَ وَ یَمَضُّهَا وَ فِی ذَلِكَ عِبْرَةٌ لِمَنْ فَكَّرَ وَ دَلَالَةٌ عَلَی أَنَّهُ مِنْ تَدْبِیرِ الْحَكِیمِ فِی مَصْلَحَةِ الْعَالَمِ وَ مَا فِیهِ.

توضیح: قوله علیه السلام لا یجاوز ذلك أی فی معظم المعمورة و فی المصباح خوت الدار خلت من أهلها و خوت الإبل تخویة خمصت بطونها و قال الفیروزآبادی خوت الدار تهدمت و النجوم خیا أمحلت فلم تمطر كأخوت و خوت و قال المنتكث المهزول و قال الترسل الرفق و التؤدة انتهی قوله علیه السلام ببعد ما بین المشرقین أی المشرق و المغرب كنایة عن عظم الدائرة التی یقطع علیها البروج أو مشرق الصیف و الشتاء و الأول أظهر قوله علیه السلام الجاسیة أی الصلبة حتی یتفكه بها أی یتمتع بها و الریع النماء و الزیادة و قال الجوهری أمضنی الجرح إمضاضا إذا أوجعك و فیه لغة أخری مضنی الجرح و لم یعرفها الأصمعی (1).

«34»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَإِنْ قَالُوا فَلِمَ یَخْتَلِفُ فِیهِ أَیْ فِی ذَاتِهِ تَعَالَی وَ صِفَاتِهِ قِیلَ لَهُمْ لِقِصَرِ الْأَفْهَامِ عَنْ مَدَی عَظَمَتِهِ وَ تَعَدِّیهَا أَقْدَارَهَا فِی طَلَبِ مَعْرِفَتِهِ وَ أَنَّهَا تَرُومُ الْإِحَاطَةَ بِهِ وَ هِیَ تَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ وَ مَا دُونَهُ فَمِنْ ذَلِكَ هَذِهِ الشَّمْسُ الَّتِی تَرَاهَا تَطْلُعُ عَلَی الْعَالَمِ وَ لَا یُوقَفُ عَلَی حَقِیقَةِ أَمْرِهَا وَ لِذَلِكَ كَثُرَتِ الْأَقَاوِیلُ فِیهَا وَ اخْتَلَفَتِ الْفَلَاسِفَةُ الْمَذْكُورُونَ فِی وَصْفِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ فَلَكٌ أَجْوَفُ مَمْلُوٌّ نَاراً لَهُ فَمٌ یَجِیشُ بِهَذَا الْوَهْجِ وَ الشُّعَاعِ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ سَحَابَةٌ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ جِسْمٌ زُجَاجِیٌّ یُقْبِلُ نَارِیَّةً فِی الْعَالَمِ وَ یُرْسِلُ عَلَیْهِ شُعَاعَهَا وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ صَفْوٌ لَطِیفٌ یَنْعَقِدُ مِنْ مَاءِ بَحْرٍ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ أَجْزَاءٌ كَثِیرَةٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنَ النَّارِ وَ قَالَ آخَرُونَ هُوَ مِنْ جَوْهَرٍ خَامِسٍ سِوَی الْجَوَاهِرِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِی شَكْلِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِیَ بِمَنْزِلَةِ صَفِیحَةٍ عَرِیضَةٍ وَ قَالَ آخَرُونَ هِیَ كَالْكُرَةِ الْمُدَحْرَجَةِ وَ كَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِی مِقْدَارِهَا فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِثْلُ الْأَرْضِ

ص: 174


1- 1. الصحاح: ج 3، 1106.

سَوَاءً وَ قَالَ آخَرُونَ بَلْ هِیَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ آخَرُونَ بَلْ هِیَ أَعْظَمُ مِنَ الْجَزِیرَةِ الْعَظِیمَةِ وَ قَالَ أَصْحَابُ الْهَنْدَسَةِ هِیَ أَضْعَافُ الْأَرْضِ مِائَةٌ وَ سَبْعُونَ مَرَّةً فَفِی اخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَقَاوِیلِ مِنْهُمْ فِی الشَّمْسِ دَلِیلٌ عَلَی أَنَّهُمْ لَمْ یَقِفُوا عَلَی الْحَقِیقَةِ مِنْ أَمْرِهَا وَ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الشَّمْسُ الَّتِی یَقَعُ عَلَیْهَا الْبَصَرُ وَ یُدْرِكُهَا الْحِسُّ قَدْ عَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنِ الْوُقُوفِ عَلَی حَقِیقَتِهَا فَكَیْفَ مَا لَطُفَ عَنِ الْحِسِّ وَ اسْتَتَرَ عَنِ الْوَهْمِ.

بیان: أقول لعل ما ذكره علیه السلام من قول أصحاب الهندسة قول بعض قدمائهم مع أنه قریب من المشهور كما عرفت و الاختلاف بین قدمائهم و متأخریهم فی أشباه ذلك كثیر.

«35»- تَوْحِیدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: فَكِّرْ یَا مُفَضَّلُ فِی طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ غُرُوبِهَا لِإِقَامَةِ دَوْلَتَیِ النَّهَارِ وَ اللَّیْلِ فَلَوْ لَا طُلُوعُهَا لَبَطَلَ أَمْرُ الْعَالَمِ كُلِّهِ فَلَمْ یَكُنِ النَّاسُ یَسْعَوْنَ فِی مَعَایِشِهِمْ وَ یَتَصَرَّفُونَ فِی أُمُورِهِمْ وَ الدُّنْیَا مُظْلِمَةٌ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یَكُونُوا یَتَهَنَّئُونَ بِالْعَیْشِ مَعَ فَقْدِهِمْ لَذَّةَ النُّورِ وَ رَوْحَهُ وَ الْإِرْبُ فِی طُلُوعِهَا ظَاهِرٌ مُسْتَغْنٍ بِظُهُورِهِ عَنِ الْإِطْنَابِ فِی ذِكْرِهِ وَ الزِّیَادَةِ فِی شَرْحِهِ بَلْ تَأَمَّلِ الْمَنْفَعَةَ فِی غُرُوبِهَا فَلَوْ لَا غُرُوبُهَا لَمْ یَكُنْ لِلنَّاسِ هُدُوءٌ وَ لَا قَرَارٌ مَعَ عِظَمِ حَاجَتِهِمْ إِلَی الْهُدُوءِ وَ الرَّاحَةِ لِسُكُونِ أَبْدَانِهِمْ وَ جُمُومِ حَوَاسِّهِمْ وَ انْبِعَاثِ الْقُوَّةِ الْهَاضِمَةِ لِهَضْمِ الطَّعَامِ وَ تَنْفِیذِ الْغِذَاءِ إِلَی الْأَعْضَاءِ ثُمَّ كَانَ الْحِرْصُ سَیَحْمِلُهُمْ مِنْ مُدَاوَمَةِ الْعَمَلِ وَ مُطَاوَلَتِهِ عَلَی مَا یَعْظُمُ نِكَایَتُهُ فِی أَبْدَانِهِمْ فَإِنَّ كَثِیراً مِنَ النَّاسِ لَوْ لَا جُثُومُ هَذَا اللَّیْلِ لِظُلْمَتِهِ عَلَیْهِمْ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ هُدُوءٌ وَ لَا قَرَارٌ حِرْصاً عَلَی الْكَسْبِ وَ الْجَمْعِ وَ الِادِّخَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْأَرْضُ تَسْتَحْمِی (1)

بِدَوَامِ الشَّمْسِ بِضِیَائِهَا(2) وَ تُحْمِی كُلَّ مَا عَلَیْهَا مِنْ حَیَوَانٍ وَ نَبَاتٍ فَقَدَّرَهَا اللَّهُ بِحِكْمَتِهِ وَ تَدْبِیرِهِ تَطْلُعُ وَقْتاً وَ تَغْرُبُ وَقْتاً بِمَنْزِلَةِ سِرَاجٍ یُرْفَعُ لِأَهْلِ الْبَیْتِ تَارَةً لِیَقْضُوا حَوَائِجَهُمْ ثُمَّ یَغِیبُ عَنْهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ لِیَهْدَءُوا وَ یَقِرُّوا فَصَارَ

ص: 175


1- 1. ستحمی( خ).
2- 2. و ضیائها( خ).

النُّورُ وَ الظُّلْمَةُ مَعَ تَضَادِّهِمَا مُنْقَادَیْنِ مُتَظَاهِرَیْنِ عَلَی مَا فِیهِ صَلَاحُ الْعَالَمِ وَ قِوَامُهُ ثُمَّ فَكِّرْ بَعْدَ هَذَا فِی ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَ انْحِطَاطِهَا لِإِقَامَةِ هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْأَرْبَعَةِ مِنَ السَّنَةِ وَ مَا فِی ذَلِكَ مِنَ التَّدْبِیرِ وَ الْمَصْلَحَةِ فَفِی الشِّتَاءِ تَعُودُ الْحَرَارَةُ فِی الشَّجَرِ وَ النَّبَاتِ فَیَتَوَلَّدُ فِیهِمَا مَوَادُّ الثِّمَارِ وَ یَسْتَكْثِفُ الْهَوَاءُ فَیَنْشَأُ مِنْهُ السَّحَابُ وَ الْمَطَرُ وَ تَشْتَدُّ أَبْدَانُ الْحَیَوَانِ وَ تَقْوَی وَ فِی الرَّبِیعِ تَتَحَرَّكُ وَ تَظْهَرُ الْمَوَادُّ الْمُتَوَلِّدَةُ فِی الشِّتَاءِ فَیَطْلُعُ النَّبَاتُ وَ تَنَوَّرُ الْأَشْجَارُ وَ یَهِیجُ الْحَیَوَانُ لِلسِّفَادِ وَ فِی الصَّیْفِ یَحْتَدِمُ الْهَوَاءُ فَتَنْضَجُ الثِّمَارُ وَ تَتَحَلَّلُ فُضُولُ الْأَبْدَانِ وَ یَجِفُّ وَجْهُ الْأَرْضِ فَتَهَیَّأُ لِلْبِنَاءِ وَ الْأَعْمَالِ وَ فِی الْخَرِیفِ یَصْفُو الْهَوَاءُ وَ یَرْتَفِعُ الْأَمْرَاضُ وَ تَصِحُّ الْأَبْدَانُ وَ یَمْتَدُّ اللَّیْلُ وَ یُمْكِنُ فِیهِ بَعْضُ الْأَعْمَالِ لِطُولِهِ وَ یَطِیبُ الْهَوَاءُ فِیهِ إِلَی مَصَالِحَ أُخْرَی لَوْ تَقَصَّیْتُ لِذِكْرِهَا لَطَالَ فِیهَا الْكَلَامُ فَكِّرِ الْآنَ فِی تَنَقُّلِ الشَّمْسِ فِی الْبُرُوجِ الِاثْنَیْ عَشَرَ لِإِقَامَةِ دَوْرِ السَّنَةِ وَ مَا فِی ذَلِكَ مِنَ التَّدْبِیرِ فَهُوَ الدَّوْرُ الَّذِی تَصِحُّ بِهِ الْأَزْمِنَةُ الْأَرْبَعَةُ مِنَ السَّنَةِ الشِّتَاءُ وَ الرَّبِیعُ وَ الصَّیْفُ وَ الْخَرِیفُ وَ یَسْتَوْفِیهَا عَلَی التَّمَامِ وَ فِی هَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ دَوَرَانِ الشَّمْسِ تُدْرِكُ الْغَلَّاتُ وَ الثِّمَارُ وَ تَنْتَهِی إِلَی غَایَاتِهَا ثُمَّ تَعُودُ فَیَسْتَأْنِفُ النُّشُوءُ وَ النُّمُوُّ أَ لَا تَرَی أَنَّ السَّنَةَ مِقْدَارُ مَسِیرِ الشَّمْسِ مِنَ الْحَمَلِ إِلَی الْحَمَلِ فَبِالسَّنَةِ وَ أَخَوَاتِهَا یُكَالُ الزَّمَانُ مِنْ

لَدُنْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی الْعَالَمَ إِلَی كُلِّ وَقْتٍ وَ عَصْرٍ مِنْ غَابِرِ الْأَیَّامِ وَ بِهَا یَحْسُبُ النَّاسُ الْأَعْمَارَ وَ الْأَوْقَاتَ الْمُوَقَّتَةَ لِلدُّیُونِ وَ الْإِجَارَاتِ وَ الْمُعَامَلَاتِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِمْ وَ بِمَسِیرِ الشَّمْسِ تَكْمُلُ السَّنَةُ وَ یَقُومُ حِسَابُ الزَّمَانِ عَلَی الصِّحَّةِ انْظُرْ إِلَی شُرُوقِهَا عَلَی الْعَالَمِ كَیْفَ دُبِّرَ أَنْ یَكُونَ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَبْزُغُ فِی مَوْضِعٍ مِنَ السَّمَاءِ فَتَقِفُ لَا تَعْدُوهُ لَمَا وَصَلَ شُعَاعُهَا وَ مَنْفَعَتُهَا إِلَی كَثِیرٍ مِنَ الْجِهَاتِ لِأَنَّ الْجِبَالَ وَ الْجُدْرَانَ كَانَتْ تَحْجُبُهَا عَنْهَا فَجُعِلَتْ تَطْلُعُ فِی أَوَّلِ النَّهَارِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَتَشْرُقُ عَلَی مَا قَابَلَهَا مِنْ وَجْهِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ لَا تَزَالُ تَدُورُ وَ تَغْشَی جِهَةً بَعْدَ جِهَةٍ حَتَّی تَنْتَهِیَ إِلَی الْمَغْرِبِ فَتَشْرُقَ عَلَی مَا اسْتَتَرَ عَنْهَا فِی أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَا یَبْقَی مَوْضِعٌ مِنَ الْمَوَاضِعِ إِلَّا أَخَذَ بِقِسْطِهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ مِنْهَا وَ الْإِرْبِ الَّتِی قُدِّرَتْ لَهُ وَ لَوْ تَخَلَّفَتْ

ص: 176

مِقْدَارَ عَامٍ أَوْ بَعْضَ عَامٍ كَیْفَ كَانَ یَكُونُ حَالُهُمْ بَلْ كَیْفَ كَانَ یَكُونُ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ بَقَاءٌ أَ فَلَا یَرَی النَّاسُ كَیْفَ هَذِهِ الْأُمُورُ الْجَلِیلَةُ الَّتِی لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ فِیهَا حِیلَةٌ فَصَارَ تَجْرِی عَلَی مَجَارِیهَا لَا تَعْتَلُّ وَ لَا تَتَخَلَّفُ عَنْ مَوَاقِیتِهَا لِصَلَاحِ الْعَالَمِ وَ مَا فِیهِ بَقَاؤُهُ اسْتَدِلَّ بِالْقَمَرِ فَفِیهِ دَلَالَةٌ جَلِیلَةٌ(1) تَسْتَعْمِلُهَا الْعَامَّةُ فِی مَعْرِفَةِ الشُّهُورِ وَ لَا یَقُومُ عَلَیْهِ حِسَابُ السَّنَةِ لِأَنَّ دَوْرَهُ لَا یَسْتَوْفِی الْأَزْمِنَةَ الْأَرْبَعَةَ وَ نُشُوءَ الثِّمَارِ وَ تَصَرُّمَهَا وَ لِذَلِكَ صَارَتْ شُهُورُ الْقَمَرِ وَ سِنُوهُ تَتَخَلَّفُ عَنْ شُهُورِ الشَّمْسِ وَ سِنِیهَا وَ صَارَ الشَّهْرُ مِنْ شُهُورِ الْقَمَرِ یَنْتَقِلُ فَیَكُونُ مَرَّةً بِالشِّتَاءِ وَ مَرَّةً بِالصَّیْفِ فَكِّرْ فِی إِنَارَتِهِ فِی ظُلْمَةِ اللَّیْلِ وَ الْإِرْبِ فِی ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعَ الْحَاجَةِ إِلَی الظُّلْمَةِ لِهَدْءِ الْحَیَوَانِ وَ بَرْدِ الْهَوَاءِ عَلَی النَّبَاتِ لَمْ یَكُنْ صَلَاحٌ فِی أَنْ یَكُونَ اللَّیْلُ ظُلْمَةً دَاجِیَةً لَا ضِیَاءَ فِیهَا فَلَا یُمْكِنُ فِیهِ شَیْ ءٌ مِنَ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَی الْعَمَلِ بِاللَّیْلِ لِضِیقِ الْوَقْتِ عَلَیْهِمْ فِی تَقَصِّی الْأَعْمَالِ بِالنَّهَارِ أَوْ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَ إِفْرَاطِهِ فَیَعْمَلُ (2) فِی ضَوْءِ الْقَمَرِ أَعْمَالًا شَتَّی كَحَرْثِ الْأَرْضِ وَ ضَرْبِ اللَّبَنِ وَ قَطْعِ الْخَشَبِ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَجُعِلَ ضَوْءُ الْقَمَرِ مَعُونَةً لِلنَّاسِ عَلَی مَعَایِشِهِمْ إِذَا احْتَاجُوا إِلَی ذَلِكَ وَ أُنْساً لِلسَّائِرِینَ وَ جُعِلَ طُلُوعُهُ فِی بَعْضِ اللَّیْلِ دُونَ بَعْضٍ وَ نُقِصَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ وَ ضِیَائِهَا لِكَیْلَا تَنْبَسِطَ النَّاسُ فِی الْعَمَلِ انْبِسَاطَهُمْ بِالنَّهَارِ وَ یَمْتَنِعُوا مِنَ الْهَدْءِ وَ الْقَرَارِ فَیُهْلِكَهُمْ ذَلِكَ وَ فِی تَصَرُّفِ الْقَمَرِ خَاصَّةً فِی مُهَلِّهِ (3)

وَ مُحَاقِهِ وَ زِیَادَتِهِ وَ نُقْصَانِهِ وَ كُسُوفِهِ مِنَ التَّنْبِیهِ عَلَی قُدْرَةِ اللَّهِ خَالِقِهِ الْمُصَرِّفِ لَهُ هَذَا التَّصْرِیفَ لِصَلَاحِ الْعَالَمِ مَا یُعْتَبَرُ فِیهِ الْمُعْتَبِرُونَ.

بیان: الدولة بالفتح و الضم انقلاب الزمان و دالت الأیام دارت و اللّٰه یداولها بین الناس و هدأ كمنع هدءا و هدوءا سكن و یقال نكیت فی العدو نكایة إذا قتلت فیهم و جرحت و جثم الإنسان و الطائر و النعام یجثم جثما

ص: 177


1- 1. جلیة( ظ).
2- 2. فیعملون( خ).
3- 3. فی تهلله( خ).

و جثوما لزم مكانه لم یبرح و المراد جثومهم فی اللیل و التظاهر التعاون و نور الشجر أی أخرج نوره و حدم النار شدة احتراقها و التقصی بلوغ أقصی الشی ء و نهایته و الغابر الباقی و الماضی و المراد هنا الثانی و بزغت الشمس بزوغا شرقت أو البزوغ ابتداء الطلوع و قال الجوهری اعتل علیه (1) و اعتله إذا اعتاقه عن أمر انتهی و لیلة داجیة أی مظلمة.

«36»- الصَّحِیفَةُ السَّجَّادِیَّةُ،: صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی مَنْ أَلْهَمَهَا كَانَ مِنْ دُعَائِهِ علیه السلام إِذَا نَظَرَ إِلَی الْهِلَالِ أَیُّهَا الْخَلْقُ الْمُطِیعُ الدَّائِبُ السَّرِیعُ الْمُتَرَدِّدُ فِی مَنَازِلِ التَّقْدِیرِ الْمُتَصَرِّفُ فِی فَلَكِ التَّدْبِیرِ آمَنْتُ بِمَنْ نَوَّرَ بِكَ الظُّلَمَ وَ أَوْضَحَ بِكَ الْبُهَمَ وَ جَعَلَكَ آیَةً مِنْ آیَاتِ مُلْكِهِ وَ عَلَامَةً مِنْ عَلَامَاتِ سُلْطَانِهِ وَ امْتَهَنَكَ بِالزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ وَ الطُّلُوعِ وَ الْأُفُولِ وَ الْإِنَارَةِ وَ الْكُسُوفِ فِی كُلِّ ذَلِكَ أَنْتَ لَهُ مُطِیعٌ وَ إِلَی إِرَادَتِهِ سَرِیعٌ سُبْحَانَهُ مَا أَعْجَبَ مَا دَبَّرَ فِی أَمْرِكَ وَ أَلْطَفَ مَا صَنَعَ فِی شَأْنِكَ جَعَلَكَ مِفْتَاحَ شَهْرٍ حَادِثٍ لِأَمْرٍ حَادِثٍ إِلَی آخِرِ الدُّعَاءِ.

تنویر اعلم أن الهلال إنما سمی هلالا لجریان عادتهم برفع الأصوات عند رؤیته من الإهلال و هو رفع الصوت و قد اضطربوا فی تحدید الوقت الذی یسمی فیه بهذا الاسم فقال فی الصحاح الهلال أول لیلة و الثانیة و الثالثة ثم هو قمر(2) و زاد صاحب القاموس فقال الهلال غرة القمر أو للیلتین أو إلی ثلاث أو إلی سبع و للیلتین من آخر الشهر ست و عشرین و سبع و عشرین و فی غیر ذلك قمر(3) و قال فی مجمع البیان اختلفوا فی أنه إلی كم یسمی هلالا و متی یسمی قمرا فقال بعضهم یسمی هلالا للیلتین من الشهر ثم لا یسمی هلالا إلی أن یعود فی الشهر الثانی و قال آخرون یسمی هلالا ثلاث لیال ثم یسمی قمرا و قال آخرون (4) یسمی هلالا حتی

ص: 178


1- 1. فی المصدر: اعتل علیه بعلة ... الصحاح: ج 5، ص 1774.
2- 2. الصحاح: ج 5، ص 1851.
3- 3. القاموس: ج 4، ص 70.
4- 4. فی المصدر: قال بعضهم.

یحجر و تحجیره أن یستدیر بخط دقیق (1) و هذا قول الأصمعی و قال بعضهم یسمی هلالا حتی یبهر ضوؤه سواد اللیل ثم یقال قمر و هذا یكون فی اللیلة السابعة(2)

انتهی و قالوا إنما یسمی بعد الهلال قمرا لبیاضه فإن الأقمر هو الأبیض و قیل لأنه یقمر الكواكب أی یغلبها بزیادة النور و یسمی فی اللیلة الرابعة عشر بدرا قال فی الصحاح سمی بذلك لمبادرته الشمس فی الطلوع كأنه یعجلها المغیب و یقال سمی لتمامه (3)

انتهی أی تشبیها له بالبدرة الكاملة و هی عشرة آلاف درهم قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه یمتد وقت الدعاء بامتداد وقت التسمیة هلالا و الأولی عدم تأخیره عن الأولی عملا بالمتیقن المتفق علیه لغة و عرفا فإن لم یتیسر فعن الثانیة لقول أهل اللغة بالامتداد إلیها فإن فاتت فعن الثالثة لقول كثیر منهم بأنها آخر لیالیه.

و أما ما ذكره صاحب القاموس و شیخنا أبو علی رحمه اللّٰه من إطلاق الهلال علیه إلی السابعة فهو خلاف المشهور لغة و عرفا و كأنه مجاز من قبیل إطلاقه علیه فی اللیلتین الأخیرتین ثم قال و لو قیل بامتداد ذلك إلی ثلاث لیال لم یكن بعیدا فلو نذر قراءة دعاء الهلال عند رؤیته و قلنا بالمجازیة فیما فوق الثلاث لم تجب علیه القراءة برؤیته فیما فوقها حملا للمطلق علی الحقیقة و هل تشرع الظاهر نعم إن رآه فی تتمة السبع رعایة لجانب الاحتیاط فأما فیما فوقها فلا لأنه تشریع و لو رآه یوم الثلاثین فلا وجوب علی الظاهر لعدم تسمیته حینئذ هلالا.

قوله علیه السلام أیها الخلق المطیع الخلق فی الأصل مصدر بمعنی الإبداع و التقدیر ثم استعمل بمعنی المخلوق كالرزق بمعنی المرزوق و إطاعته كنایة عن تأتی كل ما أراده سبحانه فیه تشبیها بإطاعة العبد لمولاه الدائب السریع یقال دأب فلان فی عمله أی جد و تعب و جاء فی تفسیر قوله تعالی وَ سَخَّرَ لَكُمُ

ص: 179


1- 1. فی المصدر: بخطة دقیقة.
2- 2. مجمع البیان: ج 1، ص 283.
3- 3. الصحاح: ج 2، ص 587.

الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دائِبَیْنِ (1) أی مستمرین فی عملهما علی عادة مقررة جاریة قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه وصفه علیه السلام القمر بالسرعة ربما یعطی بحسب الظاهر أن یكون المراد سرعته باعتبار حركته الذاتیة التی یدور بها علی نفسه و تحرك جمیع الكواكب بهذه الحركة مما قال به جم غفیر من أساطین الحكماء و هو یقتضی كون المحو المرئی فی وجه القمر شیئا غیر ثابت فی جرمه و إلا لتبدل وضعه كما قاله سلطان المحققین فی شرح الإشارات و الأظهر أن ما وصفه به علیه السلام من السرعة إنما هو باعتبار حركته العرضیة التی یتوسط فلكه فإن تلك الحركة علی تقدیر وجودها غیر محسوسة و لا معروفة و الحمل علی المحسوس المتعارف أولی و سرعة حركة القمر بالنسبة إلی سائر الكواكب أما الثوابت فظاهر لكون حركتها من أبطإ الحركات حتی أن القدماء لم یدركوها و أما السیارات فلأن زحل یتم الدورة فی ثلاثین سنة و المشتری فی اثنتی عشرة سنة و المریخ فی سنة و عشرة أشهر و نصف و كلا من الشمس و الزهرة و عطارد فی قریب من سنة و أما القمر فیتم الدورة فی قریب من ثمانیة و عشرین یوما و لا یبعد أن یكون وصفه علیه السلام القمر بالسرعة باعتبار حركته المحسوسة علی أنها ذاتیة له بناء علی تجویز كون بعض حركات السیارات فی أفلاكها من قبیل حركة الحیتان فی الماء كما ذهب إلیه جماعة و یؤیده ظاهر قوله تعالی كُلٌّ فِی فَلَكٍ یَسْبَحُونَ (2) و دعوی امتناع الخرق و الالتئام علی الأفلاك لم تقترن بالثبوت و ما لفقه الفلاسفة لإثباتها أوهن من بیت العنكبوت لابتنائه علی عدم قبول الفلك بأجزائها الحركة المستقیمة و دون ثبوته خرط القتاد و التنزیل الإلهی الذی لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ ناطق بانشقاقها و ما ثبت من معراج نبینا صلی اللّٰه علیه و آله بجسده المقدس إلی السماء السابعة فصاعدا شاهد بانخراقها المتردد فی منازل التقدیر أی السائر فی المنازل التی قدرها اللّٰه تعالی لها

ص: 180


1- 1. إبراهیم: 33.
2- 2. یس: 40.

إشارة إلی قوله تعالی وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ (1) و هی المنازل الثمانیة و العشرون التی یقطعها فی كل شهر بحركته الخاصة فیری كل لیلة نازلا بقرب واحد منها قال نصیر الملة و الدین رحمه اللّٰه فی التذكرة و أما منازل القمر فهی من الكواكب القریبة من منطقة البروج جعلها العرب علامات الأقسام الثمانیة و العشرین التی قسمت المنطقة بها لتكون مطابقة لعدد أیام دور القمر و قال الخفری فی شرحه و المراد من المنزل المسافة التی یقطعها القمر فی یوم بلیلته و منازل القمر عند أهل الهند سبعة و عشرون یوما بلیلته و ثلث فحذفوا الثلث لكونه أقل من النصف كما هو عادة أهل التنجیم و أما عند العرب فهی ثمانیة و عشرون لا لأنهم تمموا الثلث واحدا كما قال البعض بل لأنه لما كان سنوهم لكونها باعتبار الأهلة مختلفة الأوائل لوقوعها فی وسط الصیف تارة و فی وسط الشتاء أخری احتاجوا إلی ضبط سنة الشمس لمعرفة فصول السنة حتی یشتغلوا فی استقبال كل فصل منها بما یهمهم فیه فنظروا إلی القمر فوجدوه یعود إلی وضع له من الشمس فی قریب من الثلاثین یوما و یختفی فی آخر الشهر لیلتین أو أكثر أو أقل فأسقطوا یومین من الثلاثین فبقی ثمانیة و عشرون و هو الزمان الواقع فی الأغلب بین رؤیته بالعشیات فی أول الشهر و رؤیته بالغدوات فی آخره فقسموا دور الفلك علیه فكان كل منزل اثنتی عشرة درجة و إحدی و خمسین دقیقة تقریبا أی ستة أسباع درجة فنصیب كل برج منزلان و ثلث ثم وجدوا الشمس تقطع كل منزل فی ثلاثة عشر یوما بالتقریب فصار المنازل فی ثلاثمائة و أربعة و ستین یوما لكن عود الشمس إلی كل منزل إنما یكون فی ثلاثمائة و خمسة و ستین یوما فزادوا یوما فی أیام منازل غفر و قد یحتاج إلی زیادة یومین للكبیسة حتی تصیر أیامه خمسة عشر و یكون انقضاء أیام السنة الشمسیة مع انقضاء أیام المنازل و رجوع الأمر إلی منزل جعل مبدأ ثم إنهم جعلوا علامات المنازل من الكواكب الظاهرة القریبة من المنطقة مما یقارب ممر القمر أو یحاذیه فیری كل لیلة نازلا بقرب أحدها

ص: 181


1- 1. یس: 39.

فإن سترها یقال كفحه فكافحه أی واجهه فغلبه و لا یتفاءل به و إن لم یستره یقال عدل القمر و یتفاءل به و إذا أسرع القمر فی سیره فقد یخلی منزلا فی الوسط و إذا أبطأ فقد یبقی لیلتین فی منزل أول لیلتین فی أوله و آخرهما فی آخره و قد یری فی بعض اللیالی بین منزلین و ما یقال فی المشهور إن الظاهر من المنازل فی كل لیلة یكون أربعة عشر و كذا الخفی و إنه إذا طلع منزل غاب رقیبه و هو الخامس عشر من الطالع ظاهر الفساد لأنها لیست علی نفس المنطقة و لا أبعاد ما بینهما(1) متساویة و لهذا قد یكون الظاهر ستة عشر أو سبعة عشر.

و یمكن أن یقال إن مرادهم من المنازل نفس المنازل لا علاماتها و حینئذ یصح الحكمان المذكوران و بمثل ما ذكر یعلم فساد ما هو المشهور أیضا من أن ستة بروج ظاهرة و ستة خفیة فإنه أیضا إنما یصح بمقتضی الحساب فی نفس البروج لا بحسب صورها من الثوابت لأنها لا تقسم المنطقة علی سواء بحیث ینطبق أول صورة كل برج علی أوله و آخرها علی آخره و لعل مرادهم بذلك أن نصف البروج نفسها ظاهرة لا أن نصف صورها ظاهرة فیندفع الخلل عن هذا القول أیضا و العرب تسمی خروج المنزل من ضیاء الفجر طلوعه و غروب رقیبه وقت الصبح سقوطه و تسمی المنازل التی یكون طلوعها فی مواسم المطر الأنواء و رقباءها إذا طلعت فی غیر مواسم المطر البوارح و الأربعة الشمالیة التی أولها الشرطین و آخرها السماك شامیة و الباقیة التی أولها الغفر و آخرها بطن الحوت یمانیة انتهی.

و قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه الظاهر أن مراده علیه السلام بتردد القمر فی منازل التقدیر عوده إلیها فی الشهر اللاحق بعد قطعه إیاها فی السابق فتكون كلمة فی بمعنی إلی و یمكن أن تبقی علی معناها الأصلی بجعل المنازل ظرفا للتردد فإن حركته التی یقطع بها تلك المنازل لما كانت مركبة من شرقیة و غربیة جعل كأنه لتحركه فیها بالحركتین المختلفتین متردد یقدم رجل و یؤخر أخری

ص: 182


1- 1. ما بینها( خ).

و أما علی رأی من یمنع جواز قیام الحركتین المختلفتین بالجسم و یری أن للنملة المتحركة بخلاف حركة الرحی سكونا حال حركتها فتشبیهه بالمتردد أظهر.

المتصرف فی فلك التدبیر التصرف التقلب إشارة إلی أن تقلباته و تغیراته بتدبیر الحكیم الخبیر و الفلك مجری الكواكب سمی به تشبیها بفلكة المغزل فی الاستدارة و الدوران قال أبو ریحان إن العرب و الفرس سلكوا فی تسمیة السماء مسلكا واحدا فإن العرب تسمی السماء فلكا تشبیها لها بفلكة الدولاب و الفرس سموها بلغتهم آسمان تشبیها لها بالرحی فإن آس هو الرحی بلسانهم و مان دال علی التشبیه انتهی.

و قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه المراد بفلك التدبیر أقرب الأفلاك التسع إلی عالم العناصر أی الفلك الذی یتدبر بعض مصالح عالم الكون و الفساد و قد ذكر بعض المفسرین فی تفسیر قوله تعالی فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً(1) أن المراد بها الأفلاك و هو أحد الوجوه التی أوردها الطبرسی رحمه اللّٰه و یمكن أن یكون علی ضرب من المجاز كما یسمی ما یقطع به الشی ء قاطعا و ربما یوجد فی بعض النسخ المتصرف فی فلك التدویر و هو صحیح أیضا و إن كانت النسخة الأولی أصح و المراد به رابع أفلاك القمر و هو الفلك الغیر المحیط بالأرض المركوز هو فیه المتحرك أسفله علی توالی البروج و أعلاه بخلافه مخالفا لسائر تداویر السیارة كل یوم ثلاث عشرة درجة و ثلاث دقائق و أربعا و خمسین ثانیة و هو مركوز فی ثخن ثالث أفلاكه المسمی بالحامل المباعد مركزه عن مركز العالم بعشر درج المتحرك علی التوالی كل یوم أربعا و عشرین درجة و اثنتین و عشرین دقیقة و ثلاث و خمسین ثانیة و هو واقع فی ثخن ثانی أفلاكه المسمی بالمائل الموافق مركزه مركز العالم المماس مقعره بمحدب النار الفاضل عن الحامل الموافق له فی میل منطقته عن منطقة البروج بمتممین متدرجی الرقة إلی نقطتی الأوج و الحضیض المتحرك علی خلاف التوالی كل یوم إحدی عشرة درجة و تسع دقائق و سبع

ص: 183


1- 1. النازعات: 5.

ثوان و هو واقع فی جوف أول أفلاكه المسمی بالجوزهر الموافق مركزه مركز العالم و منطقته منطقة البروج المماس محدبه مقعر ممثل عطارد المتحرك كالثانی كل یوم ثلاث دقائق و إحدی عشرة ثانیة ثم قال و لا یبعد أن تكون الإضافة فی فلك التدبیر من قبیل إضافة الظرف إلی المظروف كقولهم مجلس الحكم و دار القضاء أی الفلك الذی هو مكان التدبیر و محله نظرا إلی أن ملائكة سماء الدنیا یدبرون أمر العالم السفلی فیه أو إلی أن كلا من السیارات السبع یدبر فی فلكها أمرا هی مسخرة له بأمر خالقها و مبدعها كما ذكره جماعة من المفسرین فی تفسیر قوله تعالی فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً(1) و یمكن أن یراد بفلك التدبیر مجموع الأفلاك الجزئیة یتدبر بها الأحوال المنسوبة إلی القمر بأسرها و ینضبط بها الأمور المتعلقة به بأجمعها حتی تشابه حامله حول مركز العالم و محاذاة قطر تدویره نقطة سواه إلی غیر ذلك و تلك الأفلاك الجزئیة هی الأربعة السالفة مع ما زید علیها لحل ذینك الإشكالین و مع ما لعله یحتاج إلیه أیضا فی انتظام بعض أموره و أحواله التی ربما لم یطلع علیها الراصدون فی أرصادهم و إنما یطلع علیها

المؤیدون بنور الإمامة و الولایة و حینئذ یراد بالتدبیر التدبیر الصادر عن الفلك نفسه و یكون اللام فیه للعهد الخارجی أی التدبیر الكامل الذی ینتظم به جمیع تلك الأمور و لا یبعد أن یراد بفلك التدبیر الفلك الذی یدبره القمر نفسه نظرا إلی ما ذهب إلیه طائفة من أن كل واحد من السیارات السبع مدبر لفلكه كالقلب فی بدن الحیوان قال سلطان المحققین فی شرح الإشارات ذهب فریق إلی أن كل كوكب منها ینزل مع أفلاكه منزلة حیوان واحد ذی نفس واحدة تتعلق بالكوكب أول تعلقها و بأفلاكه بواسطة الكوكب كما تتعلق نفس الحیوان بقلبه أولا و بأعضائه الباقیة بعد ذلك فالقوة المحركة منبعثة عن الكوكب الذی هو كالقلب فی أفلاكه التی هی كالجوارح و الأعضاء الباقیة انتهی كلامه زید إكرامه و یمكن أن یكون هذا هو معنی ما أثبته له علیه السلام من التصرف فی الفلك

ص: 184


1- 1. النازعات: 5.

و اللّٰه أعلم بمقاصد أولیائه سلام اللّٰه علیهم أجمعین انتهی.

و أقول یمكن أن یكون فی الكلام استعارة كما یقال بیت العز و دار الشرف تشبیها للتدبیر بفلك هو مدبره و هذا النوع من الكلام شائع عند العرب و العجم ثم قال رحمه اللّٰه خطابه علیه السلام للقمر و نداؤه له و وصفه بالطاعة و الجد و التعب و التردد فی المنازل و التصرف فی الفلك ربما یعطی بظاهره كونه ذا حیاة و إدراك و لا استبعاد فی ذلك نظرا إلی قدرة اللّٰه تعالی إلا أنه لم یثبت بدلیل عقلی قاطع یشفی العلیل أو نقلی ساطع لا یقبل التأویل نعم أمثال هذه الظواهر ربما تشعر به و قد یستند فی ذلك بظاهر قوله تعالی كُلٌّ فِی فَلَكٍ یَسْبَحُونَ (1) فإن الواو و النون لا یستعملان حقیقة لغیر العقلاء و قد أطبق الطبیعیون علی أن الأفلاك بأجمعها حیة ناطقة عاشقة مطیعة لمبدعها و خالقها و أكثرهم علی أن غرضها من حركاتها نیل التشبه بجنابه و التقرب إلیه جل شأنه و بعضهم علی أن حركاتها لورود الشوارق القدسیة علیها آنا فآنا فهی من قبیل هزة الطرب و الرقص الحاصل من شدة السرور و الفرح و ذهب جم غفیر منهم إلی أنه لا میت فی شی ء من الكواكب أیضا حتی أثبتوا لكل واحد منها نفسا علی حدة تحركه حركة مستدیرة علی نفسه و ابن سینا فی الشفاء مال إلی هذا القول و رجحه و حكم به فی النمط الخامس من الإشارات و لو قال به قائل لم یكن مجازفا و كلام ابن سینا و أمثاله و إن لم یكن حجة یركن إلیها الدیانیون فی أمثال هذه المطالب إلا أنه یصلح للتأیید و لم یرد فی الشریعة المطهرة علی الصادع بها أفضل الصلوات و أكمل التسلیمات ما ینافی هذا القول و لا قام دلیل عقلی علی بطلانه و إذا جاز أن یكون لمثل البعوضة و النملة فما دونهما حیاة فأی مانع من أن یكون لتلك الأجرام الشریفة أیضا ذلك و قد ذهب جماعة إلی أن لجمیع الأشیاء نفوسا مجردة و نطقا و جعلوا قوله تعالی وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (2) محمولا علی ظاهره و لیس غرضنا

ص: 185


1- 1. یس: 40.
2- 2. الإسراء: 44.

من هذا الكلام ترجیح القول بحیاة الأفلاك بل كسر سورة استبعاد المصرین علی إنكاره و رده و تسكین صولة المشنعین علی من قال به أو جوزه انتهی كلامه رحمه اللّٰه و أقول هذا الترجیح الذی أبداه رحمه اللّٰه فی لباس الاحتمال و التجویز مناف لسیاق أكثر الآیات و

الأخبار الواردة فی أحوال الكواكب و الأفلاك و مسیرها و حركاتها و الإشارات التی تمسك بها ظاهر من سیاقها أنها من قبیل المجازات و الاستعارات الشائعة فی كلام البلغاء بل فی أكثر المحاورات فإنهم یخاطبون الجمادات بخطاب العقلاء و غرضهم تفهیم غیرها كما فی هذا الخطاب و خطاب شهر رمضان و وداعه و خطاب البیت و المخاطب فیها حقیقة هو اللّٰه تعالی و الغرض إظهار نعمه تعالی و شكره علیها و لم أر أحدا من المتكلمین من فرق المسلمین قال بذلك إلا بعض المتأخرین الذین یقلدون الفلاسفة فی عقائدهم و یوافقون المسلمین فیما لا یضر بمقاصدهم قال السید المرتضی رحمه اللّٰه فی كتاب الغرر و الدرر قد دلت الدلالة الصحیحة الواضحة علی أن الفلك و ما فیه من شمس و قمر و نجوم غیر متحرك لنفسه و لا طبعه علی ما یهدی به القوم و أن اللّٰه تعالی هو المحرك له و المتصرف باختیاره فیه و قال رحمه اللّٰه فی موضع آخر لا خلاف بین المسلمین فی ارتفاع الحیاة عن الفلك و ما یشتمل علیه من الكواكب فإنها مسخرة مدبرة مصرفة و ذلك معلوم من دین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ضرورة كما سیأتی فی باب النجوم.

آمنت بمن نور بك الظلم و أوضح بك البهم و جعلك آیة من آیات ملكه و علامة من علامات سلطانه النور و الضوء مترادفان لغة و قد تسمی تلك الكیفیة إن كانت من ذات الشی ء ضوءا و إن كانت مستفادة من غیره نورا و علیه جری قوله تعالی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً(1) و الظلم جمع ظلمة و تجمع علی ظلمات أیضا و هی عدم الضوء عما من شأنه أن یكون مضیئا و البهم كصرد جمع بهمة بالضم و هی ما یصعب علی الحاسة إدراكه إن كان محسوسا و علی الفهم إن

ص: 186


1- 1. یونس: 5.

كان معقولا و الآیة العلامة و السلطان مصدر بمعنی الغلبة و التسلط و قد یجی ء بمعنی الحجة و الدلیل لتسلطه علی القلب و أخذه بعنانه قال البهائی رحمه اللّٰه لما افتتح علیه السلام الدعاء بخطاب القمر و ذكر أوصافه أراد أن یذكر جملا أخری من أحواله ناقلا للكلام من أسلوب إلی آخر كما هو دأب البلغاء من تلوین الكلام و جعل تلك الجمل مع تضمنها لخطاب القمر و ذكر أحواله موشحة بذكر اللّٰه سبحانه و الثناء علیه جل شأنه تحاشیا عن أن یتمادی به الكلام خالیا عن ذكر المفضل المنعام (1) معبرا عن المنعم به جل شأنه بالموصول لیجعل الصلة مشعرة ببعض أحوال القمر و یعطف علیها الأحوال الأخر فتتلاءم جمل الكلام و لا یخرج عن الغرض المسوق له من بیان تلك الأوصاف و الأحوال و اللام فی الظلم للاستغراق أعنی العرفی منه لا الحقیقی و المراد الظلم المتعارف تنویرها بالقمر من قبیل جمع الأمیر الصاغة و یمكن جعله للعهد الخارجی و الحق أن لام الاستغراق العرفی لیست شیئا وراء لام العهد الخارجی فإن المعروف بها هو حصة معینة من الجنس أیضا غایته أن التعیین فیها نشأ من العرف و التنكیر فی قوله آیة یمكن أن یكون للنوعیة كما فی قوله تعالی وَ عَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ(2) و الأظهر أن یجعل للتعظیم و احتمال التحقیر ضعیف كما لا یخفی ثم قال رحمه اللّٰه الباء فی قوله علیه السلام نور بك الظلم إما للسببیة أو للآلة ثم إن جعلنا الضوء عرضا قائما بالجسم كما هو مذهب أكثر الحكماء و مختار سلطان المحققین رحمه اللّٰه فی التجرید فالتركیب من قبیل سودت الشی ء و بیضته أی صیرته متصفا بالسواد و البیاض و إن جعلناه جسما كما هو مذهب القدماء من أنه أجسام صغار شفافة تنفصل عن المضی ء و تتصل بالمستضی ء(3) فالتركیب من قبیل لبنته و تمرته أی صیرته ذا لبن أو تمر و هذا القول و إن كان مستبعدا بحسب الظاهر إلا أن إبطاله لا یخلو

ص: 187


1- 1. المنعام: صیغة مبالغة من« أنعم» علی خلاف القیاس.
2- 2. البقرة: 7.
3- 3. و هو أیضا مذهب علماء الفیزیا من أهل العصر.

من إشكال كما أن إثباته كذلك و لعله علیه السلام أراد بالظلم فی قوله نور بك الظلم الأهویة المظلمة لا الظلمات أنفسها فإنها لا تتصف بالنور و تجویز كونه علیه السلام أراد ذلك مبنی علی أن الهواء تتكیف بالضوء و هو مختلف فیه فالذین جعلوا اللون شرطا فی التكیف بالضوء منعوا منه و یجوز أن یرید بالظلم الأجسام المظلمة سوی الهواء و هذا أحسن لاستغنائه عن تجشم الاستدلال علی قبول الهواء للضوء و سلامته عن شوب الخلاف و یمكن أن یكون مراده علیه السلام بتنویر الظلم إعدامها بإحداث الضوء فی محالها و هذا یبتنی علی القول بأن الظلمة كیفیة وجودیة كما ذهب إلیه جماعة و هذا الرأی و إن كان الأكثر علی بطلانه إلا أن دلائلهم علی إبطاله لیست بتلك القوة فهو باق علی أصل الإمكان إلا أن یذود عنه قاطع البرهان فلو جوز مجوز احتمال كونه أحد محامل كلامه علیه السلام لم یكن فی ذلك حرج.

و امتهنك بالزیادة و النقصان و الطلوع و الأفول و الإنارة و الكسوف المهنة بفتح المیم و كسرها و إسكان الهاء الخدمة و الذل و المشقة و الماهن الخادم و امتهنه استعمله فی المهنة و طلوع الكوكب ظهوره فوق الأفق أو من تحت شعاع الشمس و أفوله غروبه تحته و الكسوف زوال الضوء عن الشمس أو القمر للعارض المخصوص و قد یفسر الكسوف بحجب القمر ضوء الشمس عنا أو حجب الأرض ضوء الشمس عنه و هو تفسیر للشی ء بسببه و قال جماعة من أهل اللغة الأحسن أن یقال فی زوال ضوء الشمس كسوف و فی زوال ضوء القمر خسوف فإن صح ما قالوه فلعله علیه السلام أراد بالكسوف زوال الضوء المشترك بین الشمس و القمر لا المختص بالقمر و هو الخسوف لیكون خلاف الأحسن و لا یخفی أن امتهان القمر حاصل بسبب كثف الشمس أیضا فإنه هو الساتر لها و لما كان شمول الكسوف للخسوف أشهر من العكس اختاره علیه السلام ثم قال أراد علیه السلام بالزیادة و النقصان زیادة نور القمر و نقصانه بحسب ما یظهر للحس لا أن الزیادة و النقصان حاصلان له فی الواقع لأن الأزید من نصفه منیر دائما كما بین فی محله و أما زیادته فی الاجتماع و نقصانه فی الاستقبال كما هو شأن الكرة الصغیرة المستنیرة من الكبیرة

ص: 188

حالتی القرب و البعد فلیس الكلام فیهما إنما الكلام فی الزیادة و النقصان المسببین عن البعد و القرب المدركین بالحس و ربما یتراءی لبعض الأفهام من ظاهر قوله علیه السلام و امتهنك بالزیادة و النقصان أن زیادة نور القمر و نقصانه المحسوسین واقعان بحسب الحقیقة و حاصلان فی نفس الأمر كما هو معتقد كثیر من الناس و هذا و إن كان ممكنا نظرا إلی قدرة اللّٰه تعالی علی أن یحدث فی جرمه أول الشهر شیئا یسیرا من النور و یزیده علی التدریج إلی أن یصیر بدرا ثم یسلبه عنه شیئا فشیئا إلی المحاق إلا أن حمل كلامه علیه السلام علی ما هو متفق علیه بین أساطین علماء الهیئة حتی عد من الحدسیات ألیق و أولی و هم مع قطع النظر عما أوجب تحدسهم بذلك إنما اقتبسوا هذا العلم من أصحاب الوحی سلام اللّٰه علیهم كشیث علیه السلام المدعو علی لسانهم بهرمس و قد نقل

جماعة من المفسرین منهم الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه عند تفسیر قوله تعالی وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِدْرِیسَ الآیة(1) أن علم الهیئة كان معجزة له إلی آخر ما ذكره فی ذلك (2) ثم قال رحمه اللّٰه لا یخفی أن حكمهم بأن نور القمر مستفاد من الشمس لیس مستندا إلی مجرد ما یشاهد من اختلاف تشكلاته النوریة بقربه و بعده عن الشمس فإن هذا وحده لا یوجب ذلك الحكم قطعا بل لا بد مع ذلك من ضم أمور آخر كحصول الخسوف عند توسط الأرض بینه و بین الشمس إلی غیر ذلك من الأمارات التی یوجب اجتماعها ذلك الحكم لجواز أن یكون نصفه مضیئا من ذاته و نصفه مظلما و یدور علی نفسه كحركة فلكه فإذا تحرك بعد المحاق یسیرا رأیناه هلالا و یزداد فنراه بدرا ثم یمیل نصفه المظلم شیئا فشیئا إلی أن یئول إلی المحاق ثم أفاد رحمه اللّٰه لعلك تقول عند ملاحظة قوله و امتهنك بالزیادة و النقصان أن حصول الامتهان للقمر بنقصان نوره ظاهر فما معنی حصول الامتهان له بزیادة النور فأقول فیه وجهان الأول أنه كان أحد وجهیه مستنیرا بالشمس دائما و كانت زیادة نوره إنما هی

ص: 189


1- 1. مریم: 56.
2- 2. مجمع البیان: ج 6، ص 519.

بحسب إحساسنا فقط و قد سخره الأمر الإلهی لأن یتحرك فی النصف الأول من الشهر علی نهج لا یزید به المنیر منه فی كل لیلة إلا شیئا یسیرا لا یستطیع أن یتخطاه و لا یقدر علی أن یتعداه أثبت علیه السلام له الامتهان بسبب إذلاله و تسخیره للزیادة علی هذا الوجه المقرر و النهج الخاص و قد شبه بعضهم حال القمر فی ظهور القدر المرئی منه شیئا فشیئا فی النصف الأول من الشهر إلی أن یصیر بدرا ثم استتاره شیئا فشیئا فی النصف الثانی إلی أن یختفی بما إذا أمر السید عبده بأن لا یكشف النقاب عن وجهه للناظرین إلا علی التدریج شیئا فشیئا فی مدة معینة و أنه متی انكشف وجهه بأجمعه فلیبادر فی الحال إلی ستره و إرخاء النقاب علیه شیئا فشیئا إلی أن یختفی بأجمعه عن الأبصار الوجه الثانی أن یكون مراده علیه السلام الامتهان بمجموع الزیادة و النقصان أعنی التغیر من حال إلی حال و عدم البقاء علی شكل واحد و لعل هذا الوجه أقرب و هو جار فیما نسبه علیه السلام إلیه من الطلوع و الأفول و الإنارة و الكسوف و یمكن أن یوجه امتهانه بالإنارة بوجه آخر و هو أن یراد بها إعطاؤه النور للغیر كوجه الأرض مثلا لا اتصافه هو بالنور فإن الإنارة و الإضاءة كما جاءا فی اللغة لازمین جاءا متعدیین أیضا فحینئذ ینبغی أن یراد بالكسوف كسفه للشمس لیتم المقابلة و یصیر المعنی امتهنك بأن تفیض النور علی الغیر تارة و تسلبه عنه أخری و لو أرید المعنی الشامل للخسوف أو نفس الخسوف أیضا لم یكن فیه بعد و اللّٰه أعلم.

ثم قال رحمه اللّٰه لما كانت الشمس ملازمة لمنطقة البروج و كانت أعظم من الأرض كان المستنیر بأشعتها أعظم من نصفها و المظلم أقل و حصل مخروط مؤلف من قطعتین یرتسم إحداهما من الخطوط الشعاعیة الواصلة بین الشمس و سطح الأرض و یسمی مخروط النور و المخروط العظیم و الأخری من ظل الأرض و تسمی مخروط الظل و المخروط الصغیر و یحیط به طبقة یشوبها ضوء مع بیاض یسیر ثم طبقة أخری یشوبها مع ضوء یسیر حمرة و هذه الطبقات الثلاث تظهر للبصر فی المشرق من طلوع الفجر إلی طلوع الشمس بهذا الترتیب و بعكسه بعد غروبها فی المغرب و قاعدة

ص: 190

المخروط العظیم علی كرة الشمس منصفة بمنطقة البروج و سهمه فی سطحها و ینتهی رأسه فی أفلاك الزهرة عند كون الشمس فی الأوج و فیما دونه فی ما دونها و قاعدة المخروط الصغیر صغیرة علی وجه الأرض هی الفصل المشترك بین المنیر منها و المظلم و هذان المخروطان یتحركان علی سطح الأرض كأنهما جبلان شامخان یدوران حولها علی التبادل أحدهما أبیض ساطع و الآخر أسود حالك علیه ملابس متلونة و یتحرك الأبیض من المشرق إلی المغرب و هو النهار لمن هو تحته و الأسود بالعكس و هو اللیل لمن هو تحته فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ و إذا توهمنا سطحا كریا مركزه مركز العالم یمر بمركز القمر و بالمخروط الصغیر فالدائرة الحادثة منه علی جرم القمر تسمی صفحة القمر و الحادثة علی سطح المخروط دائرة الظل و مركزها علی منطقة البروج فإذا عرفت هذا فإذا لاقی القمر مخروط الظل فی الاستقبال و وقعت صفحته كلها أو بعضها فی دائرة الظل انقطعت الأشعة الشمسیة عنه كلا أو بعضا و هو الخسوف الكلی أو الجزئی (1)

و لكون غایة عرض القمر و هی خمسة أجزاء أعظم من مجموع نصفی قطری صفحته و دائرة الظل لم ینخسف فی كل استقبال بل إذا كان عدیم العرض أو كان عرضه و هو بعد مركزه عن مركز دائرة الظل أقل من نصفیهما(2) إذ لو كان

ص: 191


1- 1. قال سلطان المحققین فی التذكرة و شارحه الخفری: ان كل عرض القمر أكثر من نصفی قطر صفحته و قطر دائرة الظل لم یقع للقمر خسوف، و ان كان عرض القمر مساویا لهما ماس القمر الظل و لم یقع له حینئذ أیضا خسوف، و ان كان أقل منهما و كان مساویا لنصف قطر دائرة الظل مرت دائرة الظل بمركز صفحة القمر و انخسف نصف قطره، و ان كان أكثر من نصف قطر دائرة الظل انخسف من القمر أقل من نصف قطره، و ان كان مساویا نصف قطر الظل نصف قطر صفحة القمر انخسف القمر كله و ماس سطحه دائرة الظل فلم یكن له مكث، و ان كان أكثر من ذلك الفضل انخسف من القمر أكثر من نصف قطره، و ان كان أقل من ذلك أیضا انخسف القمر كله و مكث بحسب ما یقع فی الظل غایة المكث، هذا انما یكون إذا كان مركز القمر فی احدی العقدتین اذ لم یكن حینئذ له عرص( منه طاب ثراه).
2- 2. نصفهما( خ).

مساویا لهما ماس القمر محیط دائرة الظل من خارج علی نقطة فی جهة عرضه و لم ینخسف و إن كان أكثر فبطریق أولی أما إن كان العرض أقل من النصفین انخسف أقل من نصف قطره إن كان ذلك العرض أكثر من نصف قطر دائرة الظل و نصف قطره إن كان مساویا له لمرور دائرة الظل بمركز الصفحة حینئذ و أكثر منه إن كان أقل منه و أكثر من فضل نصف قطر دائرة الظل علی نصف قطر القمر و كله غیر ماكث إن كان مساویا لفضل نصف قطر دائرة الظل علی نصف قطر القمر لمماسة القمر محیط الظل من داخل علی نقطة فی جهة عرضه و ماكثا بحسب ما یقع فی دائرة الظل إن كان أقل من هذا الفضل و غایة المكث إذا كان عدیم العرض و أول الخسوف یشبه أثرا دخانیا ثم یزداد تراكما بازدیاد توغل القمر فی الظل فإن كان عرضه أقل من عشر دقائق كان لونه أسود حالكا و إلی عشرین فأسود ضاربا إلی خضرة و إلی ثلاثین فإلی حمرة و إلی أربعین فإلی صفرة و إلی خمسین فأغبر و إلی ستین فأشهب و ابتداء الانجلاء من شرقی القمر كما أن ابتداء الخسوف كذلك ثم اعلم أن الأحوال المشهورة الحاصلة للقمر كثیرة فبعضها یشاركه فیه سائر الكواكب كالإنارة و الطلوع و الأفول و نحوها و هی كثیرة و لا حاجة داعیة إلی ضبطها و بعضها أمور تختص به و لا توجد فی غیره من الكواكب و قد اعتنی أهل الهیئة بالبحث عنها و أشهرها ستة سرعة الحركة و اختلاف تشكلاته النوریة و اكتسابه النور من الشمس و خسوفه بحیلولة الأرض بینها و حجبه لنورها بالكسف لها و تفاوت أجزاء صفحته فی النور و هو المسمی بالمحو و هذه الأحوال الستة یمكن فهمها من كلامه علیه السلام بعضها بالتصریح و بعضها بالتلویح أما سرعة حركته و اختلاف تشكلاته فظاهر و أما كسفه الشمس و خسوفه فلما مر من حمل الكسوف فی كلامه علیه السلام علی ما یشمل الأمرین معا و أما اكتسابه النور من الشمس فلدلالة اختلاف التشكلات مع الخسوف علیه فهذه الأمور الخمسة یفهم من كلامه علیه السلام علی هذا النهج و بقی الأمر السادس أعنی تفاوت أجزائه فی

ص: 192

النور فإن فی إشعار كلامه علیه السلام به نوع خفاء و یمكن أن یومئ إلیه قوله علیه السلام و امتهنك بالزیادة و النقصان فإن المراد زیادة النور و نقصانه و لا معنی لتفاوت أجزائه فی النور إلا زیادته فی بعض و نقصانه فی بعض آخر كما لا یخفی فقد تضمن كلامه علیه السلام مجموع تلك الأحوال الستة المختصة بالقمر و قد مر الكلام فی الأربعة الأول منها و بقی الكلام فی الأخیرتین فنقول أما الكسوف فهو ذهاب الضوء عن جرم الشمس فی الحس كلا أو بعضا لستر القمر وجهها الموجه لنا كلا أو بعضا و ذلك عند كونهما بحیث یمر خط خارج من البصر بهما إما مع اتحاد موضعیهما المرئیین أو كان البعد بینهما أقل من مجموع نصفی قطریهما فلو تساویا ماسها و لا كسف و إن زاد الأول فبالأولی فإن وقع مركزاهما علی الخط المذكور كسفها كلها بلا مكث إن كان قطراهما متساویین حسا و مع مكث إن كان قطرها أصغر و بقی منها حلقة نورانیة إن كان قطرها أعظم و إن لم یقعا علی ذلك الخط كسف منها بعضها أبدا إلا إذا كان قطره أعظم حسا فقد یكسفها حینئذ كلا و ربما تبقی منها حلقة نورانیة مختلفة الثخن أو قطعة نعلیة إن كان قطره أصغر و لما كان الكسوف غیر عارض للشمس لذاتها بل بالقیاس إلی رؤیتها بحسب كیفیة توسط القمر بینها و بین الإبصار أمكن وقوعه فی بقعة دون أخری مع كون الشمس فوق أفقهما و كونه فی إحداهما كلیا أو أكثر و فی أخری جزئیا أو أقل و ابتداء الكسوف من غربی الشمس كما أن ابتداء الانجلاء كذلك.

ثم قال رحمه اللّٰه و أما محو القمر و هی الظلمة المحسوسة فی صفحته فأمره ملتبس و الآراء فیه متشعبة و الأقوال متخالفة و أذكر منها خمسة الأول أنها آثار وجهه المظلم تأدت إلی وجهه المضی ء و أورد علیه أنه لو كان كذلك لكانت أطرافه أشد ظلمة و أوساطه أشد ضوء الثانی أنه أجرام مختلفة مركوزة مع القمر فی تدویره غیر قابلة للإنارة بالتساوی و هو مختار سلطان المحققین رحمه اللّٰه فی التذكرة و أورد علیه أن ما یتوسط بینه و بین الشمس من تلك الأجرام و كذا بیننا و بینه فی كل زمان و وضع شی ء آخر لتحرك التدویر علی نفسه فكیف یری دائما علی

ص: 193

نهج واحد غیر مختلف و قد یعتذر له بأن التفاوت المذكور لا یحس به فی صفحة القمر لصغرها و بعد المسافة الثالث أن الأشعة تنعكس إلیه من البحر المحیط أو كرة البخار لصقالتهما انعكاسا بینا و لا تنعكس لذلك من سطح الربع المكشوف لخشونته فیكون المستنیر من وجهه بالأشعة النافذة إلیه علی الاستقامة و الأشعة المنعكسة تبعا أضوأ من المستنیر بالأشعة المستقیمة و المنعكسة من الربع المكشوف و هذا مختار صاحب التحفة و أورد علیه أن ثبات الانعكاس دائما علی نهج واحد مع اختلاف أوضاع الأشیاء المنعكس عنها من البخار و الجبال فی جانبی المشرق و المغرب مستحیل و اعتذر له بما اعتذر لأستاذه رحمه اللّٰه الرابع أن سطح القمر لما كان صقیلا كالمرآة و الناظر یری فیه صورة البحار و القدر المكشوف من الأرض و فیه عمارات و غیاض و جبال و فی البحار مراكب و جزائر مختلفة الأشكال و كلها تظهر للناظر أشباحها فی صفحة القمر و لا یمیز بینها لبعدها و لا یحس منها إلا بخیال و كما لا یری مواضع الأشباح فی المرایا مضیئة فكذلك لا تری تلك المواضع فیه براقة أو أنه تری صورة العمارات و الغیاض و الجبال مظلمة كما هی علیه فی اللیل و صورة البحار مضیئة أو بالعكس فإن صورتی الأرض و الماء منطبعتان فیه كما أن الأرض لكثافتها تقبل ضوء الشمس أكثر مما یقبله الماء للطافته فكذا صورتاهما و هذا الوجه مختار الفاضل النیسابوری فی شرح التذكرة و مال إلیه أستاذنا المحقق البرجندی فی شرح التذكرة أیضا و الإیراد و الاعتذار كما سبق الخامس أن أجراما صغیرة نیرة مركوزة فی جرم الشمس أو فی فلكها الخارج المركز بحیث تكون متوسطة دائما بین الشمس و القمر و هی مانعة من وقوع شعاع الشمس علی مواضع المحو من القمر و إنما قلنا نیرة لأنها لو كانت مظلمة فیری المحو علی وجه الشمس و المراد أنها نیرة نورا أقل من نور بقیة أجزاء الشمس و هذا الوجه للمدقق الخفری و أقول فیه نظر فإن تلك الأجرام إن كانت صغیرة جدا تلاقت الخطوط الخارجة من حولها إلی القمر بالقرب منها و لم یصل ظلها إلیه و إن كان لها مقدار یعتد به بحیث یصل ظلها إلی جرم القمر فوصوله إلی

ص: 194

سطح الأرض فی بعض الأوقات كوقت الاستقبال أولی فكان ینبغی أن یظهر علی سطح الأرض كما یظهر ظل الغیم و نحوه و لیس فلیس و اللّٰه أعلم بحقائق الأمور.

ثم قال قدس اللّٰه لطیفه ما مر من أن اكتساب النور من الشمس مختص بالقمر لا یشاركه فیه غیره من الكواكب هو المشهور و علیه الجمهور فإنهم مطبقون علی أن أنوار ما عداه من الكواكب ذاتیة غیر مكتسبة من الشمس و استدلوا علی ذلك بأنها لو استفادت النور من الشمس لظهر فیه التشكلات البدریة و الهلالیة بالبعد و القرب منها كما فی القمر هكذا أورده صاحب التحفة فیها و فی نهایة الإدراك و أقول فیه نظر فإن القائل باستفادتها النور من الشمس لیس علیه أن یقول بأن المستضی ء منها إنما هو وجهها المقابل للشمس فقط لیلزمه اختلاف تشكلاته كالقمر بل له أن یقول بنفوذ الضوء فی أعماقها كالقطعة من البلور مثلا إذا وقع علیها ضوء الشمس فإن الناظر إلیها من جمیع الجهات یبصرها مضیئة بأجمعها فتبصر.

ثم إن صاحب التحفة أورد علی الدلیل المذكور أن اختلاف التشكلات إنما یلزم فی السفلیین لا فی بقیة الكواكب التی فوق الشمس لكون وجهها المقابل لنا هو المقابل للشمس بخلاف القمر فیمكن أن یستفید النور منها و لا یظهر فیها التشكلات الهلالیة بالقرب من الشمس و ما یقال من أنه یلزم انخسافها فی مقابلات الشمس مدفوع بأن ظل الأرض لا یصل إلی أفلاكها ثم إنه أجاب عن هذا الإیراد بأن تلك الكواكب إذا كانت علی سمت الرأس غیر قابلة للشمس و لا مقارنة لها لم یكن وجهها المقابل لنا هو المقابل لها بل بعضه و یلزم اختلاف التشكلات الهلالیة ثم قال فإن قیل إنما لا یری شی ء منها هلالیا لخفاء طرفیه لصغر حجم الكواكب فی المنظر و هو ظهوره من البعد المتفاوت مستدیرا قلنا لو كان كذلك لرئی الكوكب فی قرب الشمس أصغر منه فی بعدها.

هذا كلامه و أقول فیه نظر لأن للخصم أن یقول إنما یلزم ذلك لو وقعت دائرة الرؤیة فیها مقاطعة لدائرة النور و لم لا یجوز أن لا یقع أبدا إلا داخلها إما موازیة لها إذا كان الكوكب علی سمت الرأس فی مقابلة الشمس أو

ص: 195

غیر موازیة إما مماسة لها كما لعله یتفق فی التربیع أو غیر مماسة كما فی غیره و لا یندفع هذا إلا إذا ثبت تقاطع الدائرتین علی سطح الكوكب كما فی القمر و دون ثبوته خرط القتاد و یمكن تقریر النظر بوجه آخر بأن یقال قرب الكواكب من الشمس علی نحوین قرب كثیر یوجب ظهور الصغر للحس و قرب قلیل لا یوجب ذلك و الأول لا یكون إلا إذا كانت الشمس تحت الأفق و كان الكوكب قریبا من الأفق فلم لا یجوز أن یكون الكوكب حال القرب أصغر لكن تراكم البخار جبر ذلك الصغر فلم یر أصغر لذلك ثم إن الذی ما زال یختلج بخاطری أن القول بعدم الفرق بین القمر و سائر الكواكب فی أن أنوار الجمیع مستفادة من الشمس غیر بعید عن الصواب و قد ذهب إلی هذا جماعة من أساطین الحكماء و وافقهم الشیخ السهروردی حیث قال فی الهیاكل إن الشمس قاهر العنق رئیس السماء فاعل النهار صاحب العجائب عظیم الهیئة الذی یعطی جمیع الأجرام ضوءها و لا یأخذ منها هذا كلامه و قد ذهب الشیخ العارف محیی الدین أیضا إلی هذا القول و صرح به فی الفتوحات المكیة و وافقه جمع من الصوفیة و اللّٰه أعلم بحقائق الأشیاء انتهی (1).

سبحانه ما أعجب ما دبر فی أمرك و ألطف ما صنع فی شأنك سبحان مصدر كغفران بمعنی التنزیه عن النقائص و لا یستعمل إلا محذوف الفعل منصوبا علی المصدریة فسبحان اللّٰه معناه تنزیه اللّٰه كأنه قیل أسبحه سبحانا و أبرئه عما لا یلیق بعز جلاله براءة قال الشیخ الطبرسی رحمه اللّٰه إنه صار فی الشرع علما

ص: 196


1- 1. القول بكون نور السیارات مكتسبا من الشمس موافق للفرضیة المؤیدة فی الهیئة الحدیثة، و كذلك القول فی سائر المنظومات الشمسیة لكن القول بأن جمیع الكواكب أعمّ من السیارات و الثوابت تكتسب النور من هذه الشمس فبعید عن الصواب، و مخالف لما علیه المتأخرون من الفلكیین، بل لما یدلّ من الاخبار علی وجود شموس اخری غیر شمسنا هذه، الا أن یؤول كلامهم بارادة الجنس من الشمس دون الشخص فتأمل و أمّا نور الشموس و حرارتها فمن القوّة الموجودة فی ذراتها، و یحصلان بالتشعشع و انكسار الذرات و تبدل المادة قوة علی اصطلاح علم الفیزیا، و علی هذا یتناقص وزنها شیئا فشیئا بالتشعشع و قالوا فی شمس عالمنا إنّه ینقص من وزنها فی كل ثانیة أربعة ملایین طن و اللّٰه العالم.

لأعلی مراتب التعظیم التی لا یستحقها إلا هو سبحانه و لذلك لا یجوز أن یستعمل فی غیره تعالی و إن كان منزها عن النقائص و إلی كلامه هذا ینظر ما قاله بعض الأعلام من أن التنزیه المستفاد من سبحان اللّٰه ثلاثة أنواع تنزیه الذات عن نقص الإمكان الذی هو منبع السوء و تنزیه الصفات عن وصمة الحدوث بل عن كونها مغایرة للذات المقدسة و زائدة علیها و تنزیه الأفعال عن القبح و العبث بل عن كونها جالبة إلیه تعالی نفعا أو دافعة عنه سبحانه ضرا كأفعال العباد و ما فی قوله علیه السلام ما أعجب إما موصولة أو موصوفة أو استفهامیة علی الخلاف المشهور فی ما التعجبیة و هی مبتدأة و الماضی بعدها صلتها أو صفتها علی الأولین و الخبر محذوف أی الذی أو شی ء صیره عجیبا أمر عظیم أو كونها هو الخبر علی الأخیر و ما فی ما دبر مفعول أعجب و هی كالأولی علی الأولین و العائد المفعول محذوف و الأمر و الشأن مترادفان جعلك مفتاح شهر حادث لأمر حادث فصل هذه الجملة عما قبلها للاختلاف خبرا و إنشاء مع كون السابقة لا محل لها من الإعراب و الشهر مأخوذ من الشهرة یقال شهرت الشی ء شهرا أی أظهرته و كشفته و شهرت السیف أخرجته من الغلاف و تشبیهه الشهر فی النفس بالبیت المقفول استعارة بالكنایة و إثبات المفتاح له استعارة تخییلیة و لا یخفی لطافة تشبیه الهلال بالمفتاح و الجار فی قوله علیه السلام لأمر حادث یتعلق بحادث السابق أی حدوث ذلك الشهر و تجدده لأمر حادث مجدد و یجوز تعلقه بجعل و تنكیر أمر للإبهام و عدم التعین أی أمر مبهم علینا حالة كما قالوه فی قوله تعالی أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً یَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِیكُمْ (1) إن المراد أرضا منكورة مجهولة.

و أقول یحتمل أن یكون المراد بالأمر الحادث ما نیط بالشهور من المصالح الدینیة كالحج و الصوم و العدد و سائر العبادات المتعلقة بها و الدنیویة كالمعاملات و الدیون و سائر الأمور المربوطة بها و قال الشیخ المتقدم رحمه اللّٰه جعله علیه السلام مدخول

ص: 197


1- 1. یوسف: 9.

ما التعجبیة فعلا دالا علی التعجب بجوهره ینبئ عن شدة تعجبه علیه السلام من حال القمر و ما دبره اللّٰه سبحانه فیه و فی أفلاكه بلطائف صنعه و حكمته و هكذا كل من هو أشد اطلاعا علی دقائق الحكم المودعة فی مصنوعات اللّٰه سبحانه فهو أشد تعجبا منها و أكثر استعظاما لها و معلوم أن ما بلغ إلیه علمه علیه السلام من عجائب صنعه جل و علا و دقائق حكمته فی خلق القمر و نضد أفلاكه و ربطه ما ربطه به من مصالح العالم السفلی و غیر ذلك فوق ما بلغ إلیه علم أصحاب الإرصاد و من یحذو حذوهم من الحكماء الراسخین بأضعاف مضاعفة مع أن الذی اطلع علیه هؤلاء من أحواله و كیفیة أفلاكه و ما عرفوه مما یرتبط به من أمور هذا العالم أمور كثیرة یحار فیها ذو اللب السلیم قائلا ربنا ما خلقت هذا باطلا و تلك الأمور ثلاثة أنواع.

الأول ما یتعلق بكیفیة أفلاكه و عددها و نضدها و ما یلزمه من حركاتها من الخسوف و اختلاف التشكلات و تشابه حركة حاملة حول مركز العالم لا حول مركزه و محاذاة قطر تدویره نقطة سوی مركز العالم إلی غیر ذلك مما هو مشروح فی كتب الهیئة.

الثانی ما یرتبط بنوره من التغیرات فی بعض الأجسام العنصریة كزیادة الرطوبات فی الأبدان بزیادته و نقصانها بنقصانه و حصول البحارین للأمراض و زیادة میاه البحار و الینابیع زیادة بینة فی كل یوم من النصف الأول من الشهر ثم أخذها فی النقصان یوما فیوما فی النصف الأخیر منه و زیادة أدمغة الحیوانات و ألبانها بزیادة النور و نقصانها بنقصانه و كذلك زیادة البقول و الثمار نموا و نضجا عند زیادة نوره حتی أن المزاولین لها یسمعون صوتا من القثاء و القرع و البطیخ عند تمدده وقت زیادة النور و كإبلاء نور القمر الكتان و صبغه بعض الثمار إلی غیر ذلك من الأمور التی تشهد به التجربة قالوا و إنما اختص القمر بزیادة ما نیط به من أمثال هذه الأمور بین سائر الكواكب لأنه أقرب إلی عالم العناصر منها و لأنه مع قربه أسرع حركة فیمتزج نوره بأنوار جمیع الكواكب و نوره أقوی من نورها فیشاركها شركة غالب علیها فیما نیط بنورها من المصالح بإذن خالقها و مبدعها جل شأنه الثالث ما یتعلق به من السعادة و النحوسة و ما یرتبط به من الأمور التی هو

ص: 198

علامة علی حصولها فی هذا العالم كما ذكره الدیانیون من المنجمین و وردت ببعضه الشریعة المطهرة علی الصادع بها أفضل التسلیمات

كَمَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ رحمه اللّٰه عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: مَنْ سَافَرَ أَوْ تَزَوَّجَ وَ الْقَمَرُ فِی الْعَقْرَبِ لَمْ یَرَ الْحُسْنَی (1).

وَ عَنِ الْكَاظِمِ علیه السلام: مَنْ تَزَوَّجَ (2)

فِی مُحَاقِ الشَّهْرِ فَلْیُسَلِّمْ لِسِقْطِ الْوَلَدِ(3).

وَ كَمَا رَوَاهُ الشَّیْخُ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بَاتَ لَیْلَةً عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَانْكَسَفَ الْقَمَرُ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ فَلَمْ یَكُنْ (4) فِیهَا شَیْ ءٌ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی كُلْ هَذَا الْبُغْضَ فَقَالَ لَهَا وَیْحَكِ هَذَا الْحَادِثُ فِی السَّمَاءِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَلَذَّذَ.

و فی آخر الحدیث ما یدل علی أن المجامع فی تلك اللیلة إن رزق من جماعه ولدا و قد سمع بهذا الحدیث لا یری ما یحب.

أقول: تتمة الدعاء سیأتی شرحها فی مقام آخر أنسب من هذا المقام إن شاء اللّٰه تعالی.

«37»- الصَّحِیفَةُ السَّجَّادِیَّةُ،: صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی مَنْ أَلْهَمَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَ اللَّیْلَ وَ النَّهَارَ بِقُوَّتِهِ وَ مَیَّزَ بَیْنَهُمَا بِقُدْرَتِهِ وَ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدّاً مَحْدُوداً وَ أَمَداً مَمْدُوداً یُولِجُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِی صَاحِبِهِ وَ یُولِجُ صَاحِبَهُ فِیهِ بِتَقْدِیرٍ مِنْهُ لِلْعِبَادِ فِیمَا یَغْذُوهُمْ بِهِ وَ یُنْشِئُهُمْ عَلَیْهِ فَخَلَقَ لَهُمُ اللَّیْلَ لِیَسْكُنُوا فِیهِ مِنْ حَرَكَاتِ التَّعَبِ وَ نَهَضَاتِ النَّصَبِ وَ جَعَلَهُ لِبَاساً لِیَلْبَسُوا مِنْ رَاحَتِهِ وَ مَنَامِهِ فَیَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ جَمَاماً وَ قُوَّةً وَ لِیَنَالُوا بِهِ لَذَّةً وَ شَهْوَةً وَ خَلَقَ لَهُمُ النَّهَارَ مُبْصِراً لِیَبْتَغُوا فِیهِ مِنْ فَضْلِهِ وَ لِیَتَسَبَّبُوا إِلَی رِزْقِهِ وَ یَسْرَحُوا فِی أَرْضِهِ طَلَباً لِمَا فِیهِ نَیْلُ الْعَاجِلِ مِنْ دُنْیَاهُمْ وَ دَرَكُ الْآجِلِ فِی أُخْرَاهُمْ بِكُلِّ ذَلِكَ یُصْلِحُ شَأْنَهُمْ وَ یَبْلُو أَخْبَارَهُمْ وَ یَنْظُرُ كَیْفَ هُمْ فِی أَوْقَاتِ طَاعَتِهِ وَ مَنَازِلِ فُرُوضِهِ وَ مَوَاقِعِ أَحْكَامِهِ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ

ص: 199


1- 1. روضة الكافی: 275.
2- 2. فی المصدر: من أنی أهله فی محاق الشهر.
3- 3. فروع الكافی: 499.
4- 4. فلم یكن منه( ظ).

الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی اللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَی مَا فَلَقْتَ لَنَا مِنَ الْإِصْبَاحِ وَ مَتَّعْتَنَا بِهِ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ وَ بَصَّرْتَنَا بِهِ مِنْ مَطَالِبِ الْأَقْوَاتِ وَ وَقَیْتَنَا فِیهِ مِنْ طَوَارِقِ الْآفَاتِ إِلَی آخِرِ الدُّعَاءِ.

بیان: خلق اللیل و النهار بقوته الخلق یكون بمعنی الإیجاد و بمعنی التقدیر و كل منهما هنا مناسب و الجمع بینهما أیضا ممكن و خلقه تعالی اللیل و النهار بخلقه الشمس مضیئة غایة الإضاءة بحیث یغلب نورها نور سائر الكواكب و بخلق الهواء مظلما فی نفسه قابلا للإضاءة و بخلق الأرض كثیفة قابلة للإضاءة بحیث تنعكس منها الأشعة و جعل الشمس متحركة حول الأرض فبطلوعها أو ظهور علامتها البینة یحصل النهار و بغروبها أو ذهاب حمرتها المشرقیة یحصل اللیل و تقدیم اللیل لتقدمه شرعا و عرفا كما عرفت أو لتقدم الظلمة علی النور لكونها عدمیة أو شبیهة بالعدم أو للتأسی بالقرآن فی أكثر مواضعه و میز بینهما بقدرته أی جعل

كل واحد منهما ممتازا عن الآخر من حیث الصورة و من حیث الخواص و الآثار و قیل معناه أن اللّٰه تعالی لما قدر لكل یوم و لیلة من أیام السنة الشمسیة و لیالیها فی كل بقعة من بقاع الأرض زمانا معینا لا یزید و لا ینقص أبدا فلا یدخل أحدهما فی الآخر بأن یدخل اللیل فی النهار قبل تمامه و بالعكس فیمتاز كل واحد منهما عن الآخر أی لا یختلط أحدهما بالآخر لكن یمكن استفادة هذا المعنی من الفقرة الآتیة و القدرة صفة نفسانیة من شأنها الإیجاد و الإحداث بها علی وجه یتصور ممن قامت به الفعل بدلا عن الترك و الترك بدلا عن الفعل و القوة تطلق علی القدرة و علی حالة یصح أن تصدر عن صاحبها أفعال شاقة و قد تطلق علی حالة تكون مصدرا لحدوث أمر أو سببا له كالقوی الناطقة و النامیة و الباصرة و السامعة و أمثالها و الباء فی الموضعین للاستعانة أو للملابسة و جعل لكل واحد منهما حدا محدودا و أمدا ممدودا حد الشی ء منقطعه و منتهاه و الحد الحاجز بین الشیئین و المحدود المعین أو الممیز عن غیره و الأمد یطلق علی الغایة و علی الزمان الممتد و الممدود المبسوط الممتد و فی بعض النسخ موقوتا

ص: 200

و هو قریب من المحدود و الأظهر ممدودا و جعل الأمد بمعنی الامتداد لیكون تأسیسا.

یولج كل واحد منهما فی صاحبه و یولج صاحبه فیه الإیلاج الإدخال و قد عرفت أن لإیلاج كل واحد منهما فی الآخر معنیین أحدهما یرجع إلی مجی ء اللیل بعد النهار و مجی ء النهار بعد اللیل و ثانیهما یرجع إلی زیادة كل منهما و نقصان الآخر و یرد فی خصوص هذه العبارة إشكال و هو أن الزیادة و النقص فی كل منهما یستفاد من الفقرة الأولی فأی فائدة فی الفقرة الثانیة و أجیب عنه بوجوه الأول ما ذكره الشیخ البهائی رحمه اللّٰه حیث قال مراده التنبیه علی أمر مستغرب و هو حصول الزیادة و النقصان معا فی كل من اللیل و النهار فی وقت واحد و ذلك بحسب اختلاف البقاع كالشمالیة عن خط الإستواء و الجنوبیة عنه سواء كانت مسكونة أو لا فإن صیف الشمالیة شتاء الجنوبیة و بالعكس فزیادة النهار و نقصانه واقعان فی وقت واحد لكن فی بقعتین و كذا زیادة اللیل و نقصانه و لو لم یصرح علیه السلام بقوله و یولج صاحبه فیه لم یحصل التنبیه علی ذلك بل كان الظاهر من كلامه علیه السلام وقوع زیادة النهار فی وقت و نقصانه فی آخر و كذا اللیل كما هو محسوس معروف بین الخاص و العام فالواو فی قوله و یولج صاحبه فیه واو الحال بإضمار مبتدإ كما هو المشهور بین النحاة انتهی.

و أقول إنما قدر المبتدأ لأن الجملة الحالیة إذا كانت مضارعا مثبتا یكون بالضمیر وحده فإذا أضمر المبتدأ تصیر جملة اسمیة و الاسمیة الحالیة تكون بالواو و الضمیر أو بالواو وحدها و قیل لا حاجة إلی تكلف الحالیة بل مع العطف أیضا یستقیم هذا المعنی فكأنه قال كما یولج نهار النصف الأول من السنة فی لیالیها و لیالی النصف الثانی فی نهارها یولج أیضا لیالی النصف الأول فی نهارها و نهار النصف الثانی فی لیالیها و ذلك فی الأفق المقابل لأنه یصیر ثمة قوس اللیل قوس النهار و بالعكس فاللیل الذی یلج عندنا فی النهار هو بعینه نهار ثمة یلج فی اللیل و هذا الاعتبار أغرب و أبعد مما اعتبر أولا و هو أن البقاع الجنوبیة أمرها

ص: 201

علی العكس باعتبار النصفین مطلقا من غیر اعتبار كل یوم و لیل بعینه انتهی.

و أقول هذا المعنی إلی الحالیة أحوج من الأول و إن كان یستقیم المعنیان بدونهما الثانی ما قیل إن الجملة الأولی تدل علی أن كلا منهما مولج فی صاحبه و الثانیة علی أن كلا منهما مولج فیه صاحبه و هذا معنی آخر غیر الأول و هو و إن كان لازما للأول إلا أن التصریح بما علم ضمنا للاهتمام و المبالغة أمر شائع ذائع خصوصا فیما كان أمرا عظیما فیه قوام العالم و نظامه فإن اللیل و النهار من ضروریات مصالح هذا العالم و آیتان دالتان علی وحدة اللّٰه سبحانه و كمال قدرته و لهذا كرر اللّٰه هذا المعنی فی كتابه العزیز بلفظ الإیلاج و غیره الثالث أن یكون التكرار للإشعار بتكرر هذا الأمر و استمراره كما یقال لهذا المعنی یفعل فلان و یفعل و یعطی و یعطی و هذا وجه وجیه الرابع ما قیل إن دلالة إیلاج كل منهما فی صاحبه علی إیلاج صاحبه فیه من الخارج لا من اللفظ فإنا إذا علمنا فی الخارج أن لیس للیل صاحب إلا النهار و لا للنهار صاحب إلا اللیل علمنا من قوله یولج كل واحد منهما فی صاحبه إیلاج الصاحب أیضا فیه و أما بالنسبة إلی اللفظ فلا دلالة له أصلا فإنا إذا قلنا یولج اللیل فی صاحبه و یولج النهار فی صاحبه و لم یعلم من الخارج أن صاحبهما ما ذا فلا یعلم إیلاج صاحبه فیه البتة و نحتاج إلی ذكره و ترك العطف للاستئناف أو الحالیة المقدرة و العدول إلی المضارع للدلالة علی الاستمرار التجددی.

بتقدیر منه للعباد الباء للسببیة أو الملابسة و الأول أظهر و التنكیر للتفخیم فیما یغذوهم به الظرف متعلق بتقدیر أی جعل اللّٰه الخلق و التمییز و الإیلاج لتقدیر عظیم فی الشی ء الذی یغذوهم به كما مر أن تعاقب اللیل و النهار و اختلاف الفصول مما له مدخل عظیم فی حصول الأغذیة للعباد و ینشئهم علیه عطف علی یغذوهم أی له مدخل فی نشوئهم و نموهم كما مر ذكره فخلق لهم اللیل الفاء للترتیب الذكری و هو عطف المفصل علی المجمل لیسكنوا فیه من حركات التعب و نهضات النصب الإضافتان من إضافة السبب إلی المسبب أی

ص: 202

من فوائد اللیل أن یسكنوا أی یستقروا و یستریحوا من الحركات الواقعة فی النهار لتحصیل المعاش و غیره الموجبة للتعب و النهضات بالتحریك جمع نهضة بسكون الهاء و هی المرة من نهض ینهض نهضا و نهوضا أی قام أی القیامات للأمور الشاقة و الترددات البدنیة و الأشغال القلبیة الواقعة فی النهار التی هی سبب النصب بالتحریك أی الإعیاء و العجز و یروی بهظات بالباء الموحدة و الظاء المعجمة من بهظه الأمر أو الحمل كمنع أی غلبه و ثقل علیه و لعلهما إشارتان إلی قوله تعالی وَ جَعَلَ اللَّیْلَ سَكَناً(1) و جعله لباسا لیلبسوا من راحته و منامه إشارة إلی قوله تعالی وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِباساً(2) و قد مر تفسیره و قال الزمخشری أی یستركم عن العیون إذا أردتم هربا من عدو أو بیاتا له أو إخفاء ما لا تحبون الاطلاع علیه من كثیر من الأمور و یفهم منه معنی آخر و هو أنه تعالی لما جعل اللیل سببا لأن یلبس العباد لباس الراحة و النوم فكأنه لباس و شبه الراحة و المنام و هو مصدر میمی بمعنی النوم باللباس من حیث إن كل واحد منهما یغشاهم و یشتمل علیهم كاللباس كما قال تعالی فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ (3) و إضافة الراحة و المنام إلی ضمیر اللیل للاختصاص بمعنی اللام أی الراحة و المنام المختصین باللیل و یظهر من كلام ابن الحاجب أنه بمعنی فی و أنكره أكثر المحققین و الظاهر أن من فی قوله من راحته للتبعیض لبیان أنه لم یخلق اللیل

لیصرفوا جمیعه فی الاستراحة و المنام بل لیستریحوا فی بعضه و یعبدوه فی بعضه و قیل من للابتداء لأن اللبس یبتدأ من جهة الراحة كما قال تعالی یُحَلَّوْنَ فِیها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ (4) بأن یكون من راحته صفة لموصوف محذوف یدل علیه یلبسوا أی لیلبسوا ثوبا من راحته

ص: 203


1- 1. الأنعام: 96.
2- 2. النبأ: 10.
3- 3. النحل: 112.
4- 4. الكهف: 31.

أی الثوب الذی هو راحته و لا یخفی أن ما ذكرنا أظهر فیكون عطف علی یلبسوا و التفریع بالفاء لبیان أن لبس الراحة و المنام سبب للجمام و القوة و الجمام بالفتح الراحة بعد التعب یقال جم الفرس جماما أی ذهب إعیاؤه. و لینالوا به أی یصیبوا بلبس لباس الراحة لذة و هی إدراك الملائم من حیث إنه ملائم و شهوة و هی مصدر شهیه كرضی أی أحبه و رغب فیه كاشتهاه و تشهاه و الحاصل لیصیبوا بسبب ذلك ما یلتذون به و یشتهونه أو المراد بهما الحاصل بالمصدر و لا یبعد أن یكون المراد لذة النوم و شهوة الجماع و یحتمل التعمیم فیهما و خلق لهم النهار عطف علی خلق لهم اللیل مبصرا إسناد للفعل إلی الظرف لیبتغوا أی لیطلبوا فیه شیئا من فضل اللّٰه و المراد به نعم اللّٰه مطلقا لا الرزق فقط و إن فسر به قوله تعالی وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (1) لأن طلب الرزق مذكور بعد ذلك فی قوله علیه السلام و لیتسببوا إلی رزقه فذكره بعده من باب ذكر الخاص بعد العام للاهتمام بشأنه أی لیتوصلوا و یطلبوا سببا من الأسباب المعهودة المشروعة إلی تحصیل رزقه أو لیصیروا سببا و واسطة فی تحصیله كما قال فی مقام آخر تسببت بلطفك الأسباب. و یسرحوا فی أرضه یقال سرحت الدابة كمنع سروحا سامت و سرحتها سرحا أسمتها و رعیتها یتعدی و لا یتعدی و المراد هنا الأول. شبه علیه السلام سیرهم فی الأرض سفرا و حضرا بلا عائق كیف شاءوا آكلین ما اشتهوا و شاربین ما شاءوا بسیر الدابة فی الأرض و سومها طلبا مفعول له لقوله یسرحوا و ما قبله من الفعلین و ما قیل من أنه متعلق بخلق اللیل و خلق النهار أی طلب اللّٰه تعالی من خلقهما فوائد لعباده فلا یخفی بعده لما فیه نیل العاجل أی وصولهم إلی النفع العاجل أی الحاضر من دنیاهم بیان للعاجل و فی بعض النسخ فی دنیاهم فهو متعلق بالنیل و الدرك اللحوق و الوصول و الآجل خلاف العاجل فی أخراهم متعلق بالدرك أو صفة للآجل أی النفع الآجل الكائن فی أخراهم و

ص: 204


1- 1. الجمعة: 10.

الأخری تأنیث الآخر أی الدار الأخری غیر الدنیا أو الأخیرة بكل ذلك متعلق بیصلح و هو حال أی یصلح اللّٰه بكل من اللیل و النهار و سائر الأمور المذكورة شأنهم هو بالهمز و قد یخفف الأمر و الحال أی أمورهم بحسب العاجل و الآجل و یبلو أخبارهم قال الزمخشری فی قوله تعالی وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّی نَعْلَمَ الْمُجاهِدِینَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِینَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (1) أی ما یحكی عنكم و ما یخبر به من أعمالكم لنعلم حسنها من قبیحها لأن الخبر علی حسب المخبر عنه إن حسنا فحسن و إن قبیحا فقبیح انتهی و معنی یبلو یختبر أی یعاملهم معاملة المختبر. و ینظر كیف هم فی أوقات طاعته أی كیف یصنعون فی الأوقات التی وقتها لطاعتهم هل یطیعون أو یعصون و منازل فروضه أی أوقات فروض اللّٰه تعالی التی فرضها علی العباد فالمراد المنازل التی ینزل فیها الفروض أو منازل المكلف و هی منسوبة إلی الفروض لحصول الفرض عندها أو هو من إضافة المشبه به إلی المشبه كلجین الماء تشبیها

للفروض بالمنازل التی ینزلها المسافر حیث إن المسافر فی سفره ینتظر المنزل قبل وصوله إلیه و یتشوق له و إذا وصل إلیه یفرح به و یفعل فیه ما ینبغی أن یفعل و یأنس به فینبغی للمكلف أن یكون بالنسبة إلی ما فرض اللّٰه علیه كذلك و علی التقادیر من قبیل ذكر الخاص بعد العام للاهتمام إذ الطاعة أعم من الفرض بمعانیه و یحتمل أن یراد بأوقات الطاعة العبادات الموقتة و بمنازل الفروض غیر الموقتة أو بالعكس و الأحكام أعم منهما لشمولها للخمسة و إن كان شمولها للمباح لا یخلو من تكلف بأن یقال ینظر كیف هم فیه هل یعتقدونه مباحا أم یبتدعون تحریمه أو غیر ذلك مع أنه یمكن جعل المباحات طاعات بالنیات كما سیأتی بیانه فی محله و المراد بمواقع الأحكام الأمور التی تتعلق بها و هی أفعال المكلفین أو الأزمنة و الأحوال التی تعرض فیها لیجزی الذین أساءوا متعلق بما قبله من الأفعال الثلاثة أی إنما فعل تلك الأمور لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا أی عملوا السیئة بِما عَمِلُوا أی بعقاب ما عملوا أو بمثل ما عملوا أو بسببه وَ یَجْزِیَ

ص: 205


1- 1. محمّد: 31.

الَّذِینَ أَحْسَنُوا أی فعلوا الأعمال الحسنة بِالْحُسْنَی أی بالمثوبة الحسنی أو بأحسن من أعمالهم و جزائها أو بسبب الفعلة الحسنی فالباء فی الموضعین إما للصلة أو للسببیة فالظرفان متعلقان بالجزاء و تعلقهما بأساءوا و أحسنوا كما توهم بعید و أوسط التقادیر الثلاثة المتقدمة أظهر لدلالته علی جزاء السیئة بالمثل و الحسنة بأضعافها. اللّٰهم أصله یا اللّٰه حذف حرف النداء و عوض عنه المیم المشددة فلك الحمد لما حمده سبحانه علی خلق مطلق اللیل و النهار حمده تعالی علی خصوص الیوم الذی هو فیه و النعم التی اشتمل علیها و تقدیم الظرف للحصر علی ما فلقت أی شققت لنا أی لانتفاعنا من الإصباح و هو فی الأصل مصدر أصبح أی دخل فی الصباح سمی به الصبح و متعتنا به أی علی ما صیرتنا ذوی تمتع و انتفاع بسببه من ضوء النهار الإضافة بتقدیر اللام أو بیانیة و بصرتنا أی علی ما جعلتنا مبصرین له و بصراء به بسبب النهار من مطالب الأقوات بالإضافة البیانیة أو اللامیة أی المواضع التی یطلب منها القوت و الأعمال التی هی مظنة حصوله و القوت ما یقوم به بدن الإنسان من الطعام و وقیتنا أی و علی ما وقیتنا و حفظتنا منه فی ذلك الصبح من طوارق الآفات بالإضافة البیانیة أو إضافة الصفة إلی الموصوف و الطارق فی الأصل من یأتی باللیل لاحتیاجه إلی طرق الباب غالبا و یستعمل غالبا فی الشرور الواقعة باللیل و قد یعم بما یشمل ما یقع بالنهار أیضا فالمراد هنا آفات البارحة أو مطلقا ثم اعلم أن لفظة ما الظاهرة فی الفقرة الأولی و المقدرة فیما بعدها من الجمل الثلاث موصولة و ضمیر به المذكور فی الجملتین و المقدر فی غیرهما عائد إلیها و من فی المواضع الأربعة لبیان الموصول و یمكن أن تكون ما مصدریة فی الجمیع أو فی سوی الأولی و الضمائر راجعة إلی الإصباح أو فلقة فیكون من فی قوله من مطالب بمعنی الباء كما فی قوله تعالی یَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِیٍ (1) ثم الحمد فی الفقرة الثانیة یشمل العمیان أیضا فإنهم

ص: 206


1- 1. الشوری: 45.

یتمتعون بضوء النهار لاشتغال البصراء بالمهمات و الحوائج و من جملتها حوائج الأضراء و أما الثالثة فإن كان التبصیر فیها من إبصار العین فهو لغیرهم و إن كان من البصیرة فیشملهم و هذا یؤید حمله علی الأخیر و أما شرح تتمة الدعاء فموضعه الفرائد الطریفة.

«38»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ (1) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ علیه السلام قَالَ یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَخَرَجَ الْحَوَارِیُّونَ فِی هَیْئَةِ الْعِبَادَةِ قَدْ تَضَمَّرَتِ الْبُطُونُ وَ غَارَتِ الْعُیُونُ وَ اصْفَرَّتِ الْأَلْوَانُ فَسَارَ بِهِمْ عِیسَی علیه السلام إِلَی فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَقَامَ عَلَی رَأْسِ جُرْثُومَةٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ أَنْشَأَ یَتْلُو عَلَیْهِمْ مِنْ (2)

آیَاتِ اللَّهِ وَ حِكْمَتِهِ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْحَوَارِیِّینَ اسْمَعُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّی لَأَجِدُ فِی كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ الَّذِی أَنْزَلَهُ (3) اللَّهُ فِی الْإِنْجِیلِ أَشْیَاءَ مَعْلُومَةً فَاعْمَلُوا بِهَا قَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ وَ مَا هِیَ قَالَ خَلَقَ اللَّیْلَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ وَ خَلَقَ النَّهَارَ لِسَبْعِ خِصَالٍ فَمَنْ مَضَی عَلَیْهِ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ وَ هُوَ فِی غَیْرِ هَذِهِ الْخِصَالِ خَاصَمَهُ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَخَصَمَاهُ خَلَقَ اللَّیْلَ لِتَسْكُنَ فِیهِ الْعُرُوقُ الْفَاتِرَةُ الَّتِی أَتْعَبْتَهَا فِی نَهَارِكَ وَ تَسْتَغْفِرَ لِذَنْبِكَ الَّذِی كَسَبْتَهُ بِالنَّهَارِ(4)

ثُمَّ لَا تَعُودُ فِیهِ وَ تَقْنُتَ فِیهِ قُنُوتَ الصَّابِرِینَ فَثُلُثٌ تَنَامُ وَ ثُلُثٌ تَقُومُ وَ ثُلُثٌ تَضَرَّعُ (5)

إِلَی رَبِّكَ فَهَذَا

ص: 207


1- 1. عبد اللّٰه بن مغفل- بمعجمة وفاء كمعظم- هو عبد اللّٰه بن مغفل بن عبد غنم- و قیل عبد فهم- بن عفیف ابن اسحم المزنی قال فی أسد الغابة( 3: 264) كان من أصحاب الشجرة یكنی أبا سعید، و قیل أبو عبد الرحمن، و قیل أبو زیاد، سكن المدینة ثمّ تحول الی البصرة و ابتنی بها دارا قرب الجامع، و كان من البكائین الذین أنزل اللّٰه عزّ و جلّ فیهم« وَ لا عَلَی الَّذِینَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَیْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْیُنُهُمْ. تَفِیضُ مِنَ الدَّمْعِ- الآیة-» و كان أحد العشرة الذین بعثهم عمر الی البصرة یفقهون الناس( انتهی) توفی بالبصرة سنة( 59) و قیل سنة( 60) ایام أمارة ابن زیاد بالبصرة، و صلی علیه أبو برزة الاسلمی بوصیة منه بذلك.
2- 2. فی المصدر: آیات اللّٰه.
3- 3. فی المصدر: أنزل اللّٰه.
4- 4. فی المصدر: فی النهار.
5- 5. فی المصدر: تتضرع.

مَا خَلَقَ لَهُ اللَّیْلَ وَ خَلَقَ النَّهَارَ لِتُؤَدِّیَ فِیهِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ الَّتِی عَنْهَا تُسْأَلُ وَ بِهَا تُخَاطَبُ (1)

وَ تَبِرَّ وَالِدَیْكَ وَ أَنْ تَضْرِبَ فِی الْأَرْضِ تَبْتَغِی الْمَعِیشَةَ مَعِیشَةَ یَوْمِكَ وَ أَنْ تَعُودُوا فِیهِ وَلِیّاً لِلَّهِ كَیْمَا یَتَغَمَّدَكُمُ اللَّهِ بِرَحْمَتِهِ وَ أَنْ تُشَیِّعُوا فِیهِ جَنَازَةً كَیْمَا تَنْقَلِبُوا مَغْفُوراً لَكُمْ وَ أَنْ تَأْمُرُوا بِمَعْرُوفٍ وَ أَنْ تَنْهَوْا عَنْ مُنْكَرٍ فَهُوَ ذِرْوَةُ الْإِیمَانِ وَ قِوَامُ الدِّینِ وَ أَنْ تُجَاهِدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ تُزَاحِمُوا إِبْرَاهِیمَ خَلِیلَ الرَّحْمَنِ فِی قُبَّتِهِ وَ مَنْ مَضَی عَلَیْهِ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ وَ هُوَ فِی غَیْرِ هَذِهِ الْخِصَالِ خَاصَمَهُ اللَّیْلُ وَ النَّهَارُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَخَصَمَاهُ عِنْدَ مَلِیكٍ مُقْتَدِرٍ(2).

بیان: قال فی النهایة فیه كانت فی المسجد جراثیم أی كان فیها أماكن مرتفعة عن الأرض مجتمعة من تراب أو طین (3).

«39»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یَوْمَ یَأْتِی بَعْضُ آیاتِ رَبِّكَ (4) قَالَ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ مِنْ مَغْرِبِهِمَا مُقْتَرِنَیْنِ كَالْبَعِیرَیْنِ الْقَرِینَیْنِ ثُمَّ قَرَأَ وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ(5).

«40»- وَ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آیَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَقَالَ تَطُولُ تِلْكَ اللَّیْلَةُ حَتَّی تَكُونَ قَدْرَ لَیْلَتَیْنِ فَیَقُومُ الَّذِینَ كَانُوا یُصَلُّونَ فِیهَا فَیَعْمَلُونَ كَمَا كَانُوا یَعْمَلُونَ وَ النُّجُومُ مَكَانَهَا لَا تَسْرِی ثُمَّ یَأْتُونَ فُرُشَهُمْ فَیَرْقُدُونَ حَتَّی تَكِلَّ جُنُوبُهُمْ ثُمَّ یَقُومُونَ فَیُصَلُّونَ حَتَّی یَتَطَاوَلَ عَلَیْهِمُ اللَّیْلُ فَیَفْزَعُ النَّاسُ فَبَیْنَمَا هُمْ یَنْتَظِرُونَ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَشْرِقِهَا إِذَا هِیَ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنُوا وَ لَا یَنْفَعُهُمْ إِیمَانُهُمْ.

و روی: مثله عن قتادة(6).

ص: 208


1- 1. فی المصدر: تحاسب.
2- 2. الدّر المنثور: ج 5، ص 356.
3- 3. النهایة: ج 1، ص 153.
4- 4. الأنعام: 158.
5- 5. القیامة: 9- الدّر المنثور: ج 3، ص 57.
6- 6. الدّر المنثور: ج 5، ص 57. و عبارة المصدر مضطربة و الظاهر ان عبارة المتزمتین.

«41»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ فِی رِوَایَتِهِ: آیَةُ تِلْكُمُ اللَّیْلَةِ أَنْ تَطُولَ كَقَدْرِ ثَلَاثِ لَیَالٍ (1).

«42»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رحمه اللّٰه قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حِمَارٍ عَلَیْهِ بَرْذَعَةٌ(2)

أَوْ قَطِیفَةٌ وَ ذَاكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَالَ یَا بَا ذَرٍّ أَ تَدْرِی أَیْنَ تَغِیبُ هَذِهِ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِی عَیْنٍ حَامِئَةٍ(3)

تَنْطَلِقُ حَتَّی تَخِرَّ لِرَبِّهَا سَاجِدَةً تَحْتَ الْعَرْشِ فَإِذَا حَانَ خُرُوجُهَا أَذِنَ لَهَا فَتَخْرُجُ فَتَطْلُعُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُطْلِعَهَا مِنْ حَیْثُ تَغْرُبُ حَبَسَهَا فَتَقُولُ یَا رَبِّ إِنَّ مَسِیرِی بَعِیدٌ فَیَقُولُ لَهَا اطْلُعِی مِنْ حَیْثُ غَرَبْتِ فَذَلِكَ حِینَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ (4).

«43»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْفَی (5)

قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: لَیَأْتِیَنَّ عَلَی النَّاسِ لَیْلَةٌ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَیَالٍ مِنْ لَیَالِیكُمْ هَذِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ یَعْرِفُهَا الْمُصَلُّونَ یَقُومُ أَحَدُكُمْ (6) فَیَقْرَأُ حِزْبَهُ ثُمَّ یَنَامُ ثُمَّ یَقُومُ فَیَقْرَأُ حِزْبَهُ ثُمَّ یَنَامُ ثُمَّ یَقُومُ فَبَیْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ مَاجَ النَّاسُ

بَعْضُهُمْ فِی بَعْضٍ فَقَالُوا مَا هَذَا فَیَفْزَعُونَ إِلَی الْمَسَاجِدِ فَإِذَا هُمْ بِالشَّمْسِ قَدْ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا فَضَجَّ النَّاسُ ضَجَّةً وَاحِدَةً حَتَّی إِذَا صَارَتْ

ص: 209


1- 1. الدّر المنثور: ج 5، ص 58.
2- 2. البرذعة: بفتح الموحدة و سكون الراء المهملة و فتح الذال المعجمة و العین المهملة قال فی الصحاح( 3- 1184) هو الحلس الذی یلقی تحت الرحل، و قال فی المنجد: البردعة- بالدال المهملة- و البرذعة- بالمعجمة- كساء یلقی علی ظهر الدابّة.
3- 3. فی المصدر: حمئة.
4- 4. الدّر المنثور: ج 5، ص 57- 58.
5- 5. كذا، و الصحیح« عبد اللّٰه بن أبی أوفی» ابو إبراهیم صحابی و ابن صحابی، و اسم ابیه علقمة بن خالد بن الحارث بن اسید الاسلمی، قال فی تهذیب الأسماء: شهد بیعة الرضوان و خیبر و ما بعدهما من المشاهد مع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلّم و لم یزل بالمدینة حتّی توفی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلّم ثمّ تحول الی الكوفة و هو آخر من بقی من الصحابة بالكوفة( انتهی) مات سنة( 86) و قیل( 87).
6- 6. فی المصدر« أحدهم» و هو الصحیح.

فِی وَسَطِ السَّمَاءِ رَجَعَتْ وَ طَلَعَتْ مِنْ مَطْلَعِهَا وَ حِینَئِذٍ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها(1).

«44»- وَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ خُلِقْنَ مِنْ نُورِ الْعَرْشِ (2).

«45»- وَ عَنِ السُّدِّیِ (3): فِی قَوْلِهِ تَعَالَی هُوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً(4) قَالَ لَمْ یَجْعَلِ الشَّمْسَ كَهَیْئَةِ الْقَمَرِ لِكَیْ (5)

یُعْرَفَ اللَّیْلُ مِنَ النَّهَارِ وَ هُوَ قَوْلُهُ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ (6) الْآیَةَ(7).

«46»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُجُوهُهُمَا إِلَی السَّمَاوَاتِ وَ أَقْفِیَتُهُمَا إِلَی الْأَرْضِ (8).

«47»- وَ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رحمه اللّٰه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَالَ یَا بَا ذَرٍّ(9) أَ تَدْرِی أَیْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ إِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّی تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنُ فِی الرُّجُوعِ فَیُؤْذَنُ لَهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ وَ الشَّمْسُ تَجْرِی لِمُسْتَقَرٍّ لَها(10).

«48»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ یَقْرَأُ لَا مُسْتَقَرَّ لَهَا(11).

«49»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَبُّ الْمَشْرِقَیْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَیْنِ (12) قَالَ لِلشَّمْسِ مَطْلِعٌ فِی الشِّتَاءِ وَ مَغْرِبٌ فِی الشِّتَاءِ وَ مَطْلِعٌ فِی الصَّیْفِ وَ مَغْرِبٌ فِی الصَّیْفِ غَیْرُ مَطْلِعِهَا

ص: 210


1- 1. الدّر المنثور: ج 5، ص 58.
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 92.
3- 3. بضم السین و تشدید الدال المهملتین، منسوب الی سدة مسجد الكوفة.
4- 4. یونس: 5.
5- 5. فی المصدر: كی.
6- 6. الإسراء: 12.
7- 7. الدّر المنثور: ج 3، ص 300.
8- 8. الدّر المنثور: ج 3، ص 300.
9- 9. فی المصدر: یا أبا ذر.
10- 10. یس: 38.
11- 11. الدّر المنثور: ج 5، ص 263.
12- 12. الرحمن: 17.

فِی الشِّتَاءِ وَ غَیْرُ مَغْرِبِهَا فِی الشِّتَاءِ(1).

«50»- وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْهُ قَالَ: مَشْرِقُ الْفَجْرِ(2) وَ مَشْرِقُ الشَّمْسِ وَ مَغْرِبُ الشَّمْسِ وَ مَغْرِبُ الشَّفَقِ (3).

«51»- وَ عَنْهُ أَیْضاً: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ قَالَ لِلشَّمْسِ كُلَّ یَوْمٍ مَطْلِعٌ تَطْلُعُ فِیهِ (4)

وَ مَغْرِبٌ تَغْرُبُ فِیهِ غَیْرُ مَطْلِعِهَا بِالْأَمْسِ وَ غَیْرُ مَغْرِبِهَا بِالْأَمْسِ (5).

«52»- وَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: هِیَ الْمَنَازِلُ الَّتِی تَجْرِی فِیهَا الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ(6).

«53»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً(7) قَالَ وَجْهُهُ یُضِی ءُ السَّمَاوَاتِ وَ ظَهْرُهُ یُضِی ءُ الْأَرْضَ (8).

«54»- وَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: اجْتَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَ قَدْ كَانَ بَیْنَهُمَا بَعْضُ الْعَتْبِ فَتَعَاتَبَا فَذَهَبَ ذَلِكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لِلْكَعْبِ سَلْنِی عَمَّا شِئْتَ فَلَا تَسْأَلُنِی عَنْ شَیْ ءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكَ بِتَصْدِیقِ قَوْلِی مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ أَ رَأَیْتَ ضَوْءَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ أَ هُوَ فِی السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ كَمَا هُوَ فِی الْأَرْضِ قَالَ نَعَمْ أَ لَمْ تَرَوْا إِلَی قَوْلِ اللَّهِ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً(9).

«55»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَجْهُهُ فِی السَّمَاءِ إِلَی الْعَرْشِ وَ قَفَاهُ إِلَی الْأَرْضِ (10).

«56»- وَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: إِنَّهُ یُضِی ءُ نُورُ الْقَمَرِ فِیهِنَّ كُلِّهِنَّ كَمَا لَوْ كَانَ سَبْعُ

ص: 211


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 142.
2- 2. فی المصدر: مشرق النجم و مشرق الشفق« و ربّ المغربین» قال مغرب ....
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 142.
4- 4. منه( خ).
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 267.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 267.
7- 7. نوح: 16.
8- 8. الدّر المنثور: ج 6، ص 268.
9- 9. الدّر المنثور: ج 6، ص 269.
10- 10. الدّر المنثور: ج 6، ص 269.

زُجَاجَاتٍ أَسْفَلُ مِنْهُنَّ شِهَابٌ أَضَاءَ كُلَّهُنَّ فَكَذَلِكَ نُورُ الْقَمَرِ فِی السَّمَاوَاتِ كُلِّهِنَّ لِصَفَائِهِنَ (1).

«57»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُوراً قَالَ خَلَقَ فِیهِنَّ حِینَ خَلَقَهُنَّ ضِیَاءً لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَیْسَ فِی السَّمَاءِ مِنْ ضَوْئِهِ شَیْ ءٌ(2).

«58»- وَ عَنْ عَطَاءٍ: فِی قَوْلِهِ وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ قَالَ یُجْمَعَانِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثُمَّ یُقْذَفَانِ (3) فَیَكُونُ نَارُ اللَّهِ الْكُبْرَی (4).

«59»- وَ عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ قَالَ: كُوِّرَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ(5).

«60»- الْعِلَلُ، وَ الْعُیُونُ، فِی خَبَرِ الشَّامِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلاملیه السلام: أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِیمَا سَأَلَهُ أَنْ سَأَلَهُ عَنْ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَی قَالَ خَلَقَ النُّورَ وَ سَأَلَهُ عَنْ طُولِ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ عَرْضِهِمَا قَالَ تِسْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِی تِسْعِمِائَةِ فَرْسَخٍ (6).

بیان: أقول تمامه فی كتاب الإحتجاج و قال السید الداماد رحمه اللّٰه بعد إیراد الخبر بتمامه إنما هذه السؤالات عن أشیاء وجدها السائلون من أهل الكتاب فی الكتب السماویة المنزلة علی أنبیائهم فامتحنوا بها أمیر المؤمنین علیه السلام و اختبروا بها علمه بالكتب الإلهیة و الصحف السماویة و قوله علیه السلام أول ما خلق اللّٰه النور المعنی به الجوهر المفارق الذی هو أول الأنوار العقلیة كَمَا قَالَ سَیِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ.

و أما قوله علیه السلام تسعمائة فرسخ فی تسعمائة فرسخ قال المعنی به مكعب تسعمائة فرسخ أی سبعمائة ألف ألف فرسخ و تسعة و عشرون ألف ألف فرسخ المجتمع من ضرب تسعمائة فرسخ فی تسعمائة فرسخ ثم ضرب تسعمائة فرسخ فی مربعها الحاصل من ضربها فی نفسها أی فی ثمانمائة ألف فرسخ و عشرة

ص: 212


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 269.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 269.
3- 3. فی المصدر: فیقذفان فی البحر.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 288.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 288.
6- 6. العلل: ج 2، ص 280، العیون: ج 1، ص 240.

آلاف فرسخ و الذی رامه بطول الشمس و عرضها المتساویین هو مساحة جمیع سطحها المستدیر المحیط بجرمها و كذلك ما یرام بطول القمر و عرضه و لیعلم أن ما نالته الحكماء التعلیمیون ببراهینهم و أرصادهم و حصلته العلماء الریاضیون بحسبهم و حسباناتهم فی مقادیر الأبعاد و الأجرام قد اختلف مذاهبهم فیه اختلافا كثیرا و ذلك إما لاختلالات فی الآلات الرصدیة أو لخلل و زلل فی نصبها فی مناصبها اللائقة و إما لمسامحات قل ما تخلو عنها حسابات الحاسبین و مساهلات قل ما تعرو عنها أرصاد الراصدین فلذلك كله ما قد اختلف أحكام الأرصاد و عز ما یتفق رصدان متفقان و بالجملة فإذ قد أقرت الجماهیر أن بحث الأوائل أوفی فاعلمن أن بطلمیوس و من فی طبقته من الأوائل وجدوا بأرصادهم حصة درجة واحدة من الدائرة العظمی تقع علی سطح الأرض اثنین و عشرین فرسخا و تسع فرسخ فحكموا أن ثلاثمائة و ستین درجة و هی محیط الدائرة العظمی الأرضیة ثمانیة آلاف فرسخ و قد بین أرشمیدس فی مقالته فی مساحة الدائرة أن محیط كل دائرة كمجموع ثلاثة أمثال قطرها و سبع قطرها علی التقریب فیكون مقدار قطر الأرض ألفین و خمسمائة فرسخ و خمسة و أربعین فرسخا و نصف فرسخ تقریبا و قد بین فیها أیضا أن مسطح نصف القطر فی نصف المحیط مساو لتكسیر الدائرة فتستبین بقوة الخامس و العشرین من أولی كتاب الكرة و الأسطوانة لأرشمیدس أن السطح الذی یحیط به قطر الكرة فی المحیط أعظم دائرة تقع فیها مساو للسطح المحیط بالكرة فإذا ضربت القطر فی محیط الدائرة العظمی حصل تكسیر سطح الأرض و هو عشرون ألف ألف فرسخ و ثلاثمائة و ثلاثة و ستون ألف فرسخ و ستمائة و ستة و ثلاثون فرسخا و أربعة أجزاء من أحد عشر جزءا من فرسخ و وجدوا قطر الأرض مثل قطر جرم القمر ثلاث مرات و خمسی مرة فیكون مقدار جرم قطر القمر سبعمائة فرسخ و سبعة و أربعین فرسخا بالتقریب فمحیط دائرة عظمی قمریة ألفان و ثلاثمائة فرسخ و أحد و أربعون فرسخا و نصف فرسخ علی التقریب فمساحة جمیع سطح القمر ألف ألف فرسخ و سبعمائة ألف فرسخ و ثلاثة و أربعون ألف فرسخ و ثمانمائة فرسخ و خمسة و أربعون فرسخا و وجدوا قطر

ص: 213

جرم الشمس خمسة أمثال و نصف مثل لقطر الأرض إذا كانوا وجدوا قطر الشمس بنسبته إلی قطر الأرض كمجموع ثمانیة عشر جزءا و أربعة أخماس جزء بالنسبة إلی مجموع ثلاثة أجزاء و خمسی جزء و خرج لهم من بعد القسمة خمسة و نصف فمقدار قطر الشمس أربعة عشر ألف فرسخ إلا فرسخین و نصف فرسخ فمحیط دائرة عظمی علی جرم الشمس أربعة و أربعون ألف فرسخ تقریبا قریبا من التحقیق علی ذلك التقدیر فمساحة سطح جرم الشمس بناء علی ذلك ستمائة ألف ألف فرسخ و ستة عشر ألف ألف فرسخ و مجموع مساحة سطح الشمس و القمر جمیعا ستمائة ألف ألف فرسخ و سبعة عشر ألف ألف فرسخ و سبعمائة ألف فرسخ و ثلاثة و أربعون ألف فرسخ و ثمانمائة فرسخ و خمسة و أربعون فرسخا و استخرجوا بحسبهم علی ما قد استحصلته أرصادهم أن من الأرض إلی بعد الشمس الأوسط ألف ألف فرسخ و سبعة و ثلاثین ألف فرسخ و ثلاثمائة فرسخ و أحدا و ثمانین فرسخا بالتقریب و أن الشمس مائة و ستة و ستون مثلا و ربع و ثمن مثل للأرض و ستة آلاف و ستمائة و أربعة و أربعون مثلا

للقمر و أن الأرض تسعة و ثلاثون مثلا و ربع مثل للقمر و قال قطب فلك التحصیل و التحقیق من العلماء المشهوریة الجمهوریة فی طبیعیات كتاب درة التاج أن الحكیم الفاضل مؤید الدین العرضی حقق الأمر تحقیقا لم یسبقه إلیه أحد و لم یلحقه أحد و فیما نقل عنه أن جرم الشمس مائة و سبعة و ستون مثلا لجرم الأرض و جرم الأرض أربعون مثلا لجرم القمر ثم إن هؤلاء الراصدین الحاسبین جعلوا البعد الأبعد لكل كوكب البعد الأقرب للكوكب الذی فوقه و كان من الواجب أن یجعل بعد محدب كل فلك بعد مقعر الفلك الذی فوقه لكنهم لم یعتبروا أنصاف أقطار الكواكب و ثخن جوزهر القمر و ما یبقی من متمم عطارد بین أقرب أبعاده و مقعر فلكه إذ لم یكن غرضهم الأصلی إلا الاطلاع علی عظم هذه الأجرام الشریفة علی الإجمال لیعلم أن قدرة مبدعها جلت عظمته علی أقصی غایات الكمال لا استثبات معرفتها للذهن البشری علی طباق ما فی العین فإن عقول الحكماء و أفهام العقلاء لا تصادف و لا تلقی إلا راجعة عن ذلك بخفی حنین

ص: 214

فلذلك تراهم یتساهلون كثیرا فی الحساب مع أن إهمال ثانیة واحدة یفضی إلی التبعید بمراحل عن الصواب و لقد أورد علیهم أن المسافة علی ما فی المجسطی و ما فی مرتبته بین محدب الفلك المائل للقمر و مقعر فلك الشمس لیست تسع ثخنی فلك الزهرة و عطارد فضلا من أن یسعهما ما بین محدب جوزهر القمر و مقعر فلك الشمس و الحق أن ذلك إنما نشأ من المساهلة فی الحساب بإهمال الكسور و ما یسیر مسیره و یجری مجراه فالراصد الفاضل الحاسب المهندس الكاشانی قد تشمر محل الإشكال فی رسالة سلم السماء باستئناف الحساب علی سبیل الاستقصاء من غیر إهمال الثوانی بل الثوالث و أورد قطر جرم القمر علی أنه سبعمائة و أحد و ثلاثون فرسخا و الصواب فیه ما أثبتناه و قطر الشمس سبعة عشر ألف و خمسمائة و ثمانیة و ثلاثین فرسخا علی أنه سبعة أمثال قطر الأرض إلا عشر مثل تقریبا و الذی یوجبه الاستقصاء أنه مثل قطر الأرض ست مرات و خمسة أسداس مرة و نصف عشر مرة و جرم القمر علی أنه كجزء من اثنین و أربعین جزءا و سدس جزء من الأرض و الأحق فیه استبدال خمس مكان سدس و جرم الشمس علی أنها ثلاثمائة و ستة و عشرون مثلا للأرض و الأحق فی ذلك و خمس مثل أیضا تقریبا و إذا علم ذلك فلیعلم أن ما قاله أمیر المؤمنین علیه السلام فی جواب سؤال الشامی إنما هو علی مطابقة الشائع المعتبر الذی اعتبرته الأوائل من الحكماء الیونانیین ثم استمر شیوعا و استقر اعتبارا فی العصور و الدهور إلی هذه السنین الأخیرة لكنه لم یتساهل فی الحساب و لم یهمل اعتبار الكسور فلعله علیه السلام اعتبر قطر الأرض أكثر مما هو المشهور بشی ء یسیر أو أنه علیه السلام اعتبر قطر الشمس ستة أمثال قطر الأرض كثمانیة عشر بالنسبة إلی خمسة و هم قد اعتبروه بالنسبة إلیه كثمانیة عشر جزءا و أربعة أخماس جزء بالنسبة إلی ثلاثة أجزاء و خمسین جزءا و بالجملة علی ما قاله علیه السلام یجب أن یؤخذ قطر الشمس علی أنه خمسة عشر ألفا و مائتا فرسخ تقریبا و محیط دائرة عظمی شمسیة علی أنه سبعة و أربعون ألفا و سبعمائة فرسخ و أحد و سبعون فرسخا و نصف

ص: 215

فرسخ تقریبا لیس هو علی البعد من التحقیق فإذن یكون مجموع مضروب قطرها فی محیط عظماها و هو مساحة جمیع سطحها ما آتیناك فی مساحة جمیع سطح القمر مساویا لمكعب تسعمائة فرسخ علی التقریب القریب من التحقیق جدا و اللّٰه سبحانه أعلم

بأسرار كلام عبده و ولیه و أخی رسوله و وصیه و باب علمه و عیبة حكمته و لو رام رائم أن یتعرف سبیل الجواب علی الاستقصاء الذی تولاه الراصد الحاسب الكاشی علی سبیل التقریب قیل له ألف فی تسعمائة ثم فی حاصل الضرب.

و أقول ذهب بخفی حنین مثل سائر فی خیبة الإنسان عما یرجوه و قال الجوهری قال ابن السكیت عن أبی الیقظان كان حنین رجلا شدیدا ادعی علی أسد بن هاشم بن عبد مناف فأتی عبد المطلب و علیه خفان أحمران فقال یا عم أنا ابن أسد بن هاشم فقال عبد المطلب لا و ثیاب هاشم ما أعرف شمائل هاشم فیك فارجع فقالوا ذهب حنین بخفیه فصار مثلا و قال غیره هو اسم إسكاف من أهل الحیرة ساومه أعرابی بخفین فلم یشتره فغاظه ذلك و علق أحد الخفین فی طریقه فتقدم فطرح الآخر و كمن له و جاء الأعرابی فرأی أحد الخفین فقال ما أشبه هذا بخف حنین لو كان معه آخر لاشتریته فتقدم فرأی الخف الثانی مطروحا فی الطریق فنزل و عقل بعیره و رجع إلی الأول فذهب الإسكاف براحلته و جاء إلی الحی بخفی حنین.

ص: 216

باب 10 علم النجوم و العمل به و حال المنجمین

الآیات:

الصافات: فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ (1)

تفسیر:

استشكل السید المرتضی رحمه اللّٰه فی كتاب تنزیه الأنبیاء فی هذه الآیة بوجهین أحدهما أنه حكی عن نبیه النظر فی النجوم و عندكم أن الذی یفعله المنجمون فی ذلك ضلال و الآخر قوله إِنِّی سَقِیمٌ و ذلك كذب ثم أجاب بوجوه.

الأول أن إبراهیم علیه السلام كانت به علة تأتیه فی أوقات مخصوصة فلما دعوه إلی الخروج معهم نظر إلی النجوم لیعرف منها قرب نوبة علته فقال إِنِّی سَقِیمٌ و أراد أنه حضر وقت العلة و زمان نوبتها و شارفت الدخول فیها و قد تسمی العرب المشارف للشی ء باسم الداخل فیه كما قال تعالی إِنَّكَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ (2) فإن قیل لو أراد ما ذكرتموه لقال فنظر إلی النجوم لأن لفظة فی لا تستعمل إلا فیمن ینظر كما ینظر المنجم.

قلنا حروف الصفات یقوم بعضها مقام بعض قال سبحانه وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ (3) و إنما أراد علی جذوعها.

الثانی أنه یجوز أن یكون اللّٰه أعلمه بالوحی أنه سیمتحنه بالمرض فی وقت مستقبل و إن لم یكن قد جرت بذلك المرض عادته و جعل تعالی العلامة علی ذلك

ص: 217


1- 1. الصافّات: 88.
2- 2. الزمر: 30.
3- 3. الأعراف: 124-

ظاهرا له من قبل النجوم إما لطلوع نجم علی وجه مخصوص أو اقترانه بآخر فلما نظر إبراهیم علیه السلام فی الأمارة التی نصبت له من النجوم قال إنی سقیم تصدیقا لما أخبره اللّٰه تعالی.

الثالث ما قاله قوم فی ذلك إن من كان آخر أمره الموت فهو سقیم و هذا لأن تشبیه الحیاة المفضیة إلی الموت بالسقم من أحسن التشبیه.

الرابع أن یكون قوله إِنِّی سَقِیمٌ معناه أنی سقیم القلب أو الرأی خوفا من إصرار قومه علی عبادة الأصنام و هی لا تسمع و لا تبصر و یكون قوله فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ علی هذا معناه أنه نظر و فكر فی أنها محدثة مدبرة مصرفة و عجب كیف یذهب علی العقلاء ذلك من حالها حین یعبدونها و یجوز أیضا أن یكون قوله فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ معناه أنه شخص ببصره إلی السماء كما یفعل المفكر المتأمل فإنه ربما أطرق إلی الأرض و ربما نظر إلی السماء استعانة علی فكره و قد قیل إن النجوم هاهنا نجوم النبت لأنه یقال لكل ما خرج من الأرض و غیرها و طلع أنه ناجم و نجم و یقال للجمیع نجوم و یقولون نجم قرن الظبی و نجم ثدی المرأة و علی هذا الوجه یكون إنما نظر فی حال الفكر و الإطراق إلی الأرض فرأی ما نجم منها و قیل أیضا إنه أراد بالنجوم ما نجم له من رأیه و ظهر له بعد أن لم یكن ظاهرا و هذا و إن كان یحتمله الكلام فالظاهر بخلافه لأن الإطلاق فی قول القائل نجوم لا یفهم من ظاهره إلا نجوم السماء دون نجوم الأرض و نجوم الرأی و قال أبو مسلم الأصفهانی إن معنی قوله فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ أراد فی القمر و الشمس لما ظن أنهما آلهة فی حال مهلة النظر علی ما قصه اللّٰه تعالی من قصته فی سورة الأنعام و لما استدل بأفولها و غروبها علی أنها محدثة غیر قدیمة و لا آلهة و أراد بقوله إِنِّی سَقِیمٌ أنی لست علی یقین من الأمر و لا شفاء من العلم و قد یسمی الشك بأنه سقم كما یسمی العلم بأنه شفاء ثم اعترض علیه بأنه مخالف لسیاق الآیات انتهی ملخص كلامه.

و أقول یمكن أن یقال إن حرمة النظر فی النجوم علی الأنبیاء و الأئمة

ص: 218

العالمین بها حق العلم غیر مسلم و إنما یحرم علی غیرهم لعدم إحاطتهم بذلك و نقص علمهم كما ستعرف عند شرح الأخبار.

«1»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَرَدَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ مَرْحَباً یَا سَعْدُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ بِهَذَا الِاسْمِ سَمَّتْنِی أُمِّی وَ مَا أَقَلَّ مَنْ یَعْرِفُنِی بِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ یَا سَعْدُ الْمَوْلَی فَقَالَ الرَّجُلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ بِهَذَا(1) كُنْتُ أُلَقَّبُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا خَیْرَ فِی اللَّقَبِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِیمانِ (2) مَا صِنَاعَتُكَ یَا سَعْدُ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا مِنْ (3)

أَهْلِ بَیْتٍ نَنْظُرُ فِی النُّجُومِ لَا یُقَالُ إِنَّ بِالْیَمَنِ أَحَداً أَعْلَمَ بِالنُّجُومِ مِنَّا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَكَمْ ضَوْءُ الْمُشْتَرِی (4) عَلَی ضَوْءِ الْقَمَرِ دَرَجَةً فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فَكَمْ ضَوْءُ الْمُشْتَرِی عَلَی ضَوْءِ عُطَارِدٍ دَرَجَةً فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ (5)

فَمَا اسْمُ النَّجْمِ الَّذِی إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الْإِبِلُ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فَمَا اسْمُ النَّجْمِ الَّذِی إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الْبَقَرُ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فَمَا اسْمُ النَّجْمِ الَّذِی إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الْكِلَابُ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فِی قَوْلِكَ لَا أَدْرِی فَمَا زُحَلُ عِنْدَكُمْ فِی النُّجُومِ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ نَجْمٌ نَحْسٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا تَقُلْ هَذَا فَإِنَّهُ نَجْمُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ نَجْمُ الْأَوْصِیَاءِ علیهم السلام وَ هُوَ النَّجْمُ الثَّاقِبُ الَّذِی قَالَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ فَمَا مَعْنَی الثَّاقِبِ فَقَالَ إِنَّ مَطْلِعَهُ فِی

ص: 219


1- 1. فی المصدر: بهذا اللقب.
2- 2. الحجرات: 11.
3- 3. فی المصدر: إنا أهل بیت.
4- 4. فی المصدر: فكم ضوء القمر یزید علی ضوء المشتری درجة؟.
5- 5. فی المصدر: فكم ضوء عطارد یزید درجة علی ضوء الزهرة؟ قال الیمانیّ: لا أدری قال أبو عبد اللّٰه صدقت.

السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَإِنَّهُ ثَقَبَ بِضَوْئِهِ حَتَّی أَضَاءَ فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَمِنْ ثَمَّ سَمَّاهُ اللَّهُ النَّجْمَ الثَّاقِبَ ثُمَّ قَالَ یَا أَخَا الْعَرَبِ عِنْدَكُمْ عَالِمٌ قَالَ الْیَمَانِیُّ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ بِالْیَمَنِ قَوْماً لَیْسُوا كَأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِی عِلْمِهِمْ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مَا یَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ عَالِمِهِمْ قَالَ (1)

الْیَمَانِیُّ إِنَّ عَالِمَهُمْ لَیَزْجُرُ الطَّیْرَ وَ یَقْفُو الْأَثَرَ فِی سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مَسِیرَةَ شَهْرٍ لِلرَّاكِبِ الْمُحِثِّ الْمُجِدِّ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَإِنَّ عَالِمَ الْمَدِینَةِ أَعْلَمُ مِنْ عَالِمِ الْیَمَنِ قَالَ الْیَمَانِیُّ وَ مَا یَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ عَالِمِ الْمَدِینَةِ قَالَ علیه السلام إِنَّ عِلْمَ عَالِمِ الْمَدِینَةِ یَنْتَهِی إِلَی أَنْ لَا یَقْفُوَ الْأَثَرَ وَ لَا یَزْجُرَ الطَّیْرَ وَ یَعْلَمَ مَا فِی اللَّحْظَةِ الْوَاحِدَةِ مَسِیرَةَ الشَّمْسِ تَقْطَعُ اثْنَیْ عَشَرَ بُرْجاً وَ اثْنَیْ عَشَرَ بَرّاً وَ اثْنَیْ عَشَرَ بَحْراً وَ اثْنَیْ عَشَرَ عَالِماً فَقَالَ لَهُ الْیَمَانِیُّ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَداً یَعْلَمُ هَذَا وَ مَا یَدْرِی مَا كُنْهُهُ قَالَ ثُمَّ قَامَ الْیَمَانِیُ (2).

إیضاح: لا خیر فی اللقب أی فی الألقاب الردیة و ذكره علیه السلام كان لبیان الإعجاز أو المنهی عنه التنابز بها أولا فأما بعد الاشتهار فلا بأس للتعریف و غیره هاجت الإبل أی للسفاد قال الجوهری الهائج الفحل الذی یشتهی الضراب (3) انتهی و زجر الطیر الحكم بصیاحها و طیرانها علی الحوادث تفؤلا و تشؤما قال الجزری الزجر للطیر هو التیمن و التشؤم بها و التفؤل بطیرانها كالسانح و البارح و هو نوع من الكهانة و العیافة(4)

انتهی و المراد بقفو الأثر إما ما كان شائعا عند العرب من الاستدلال برؤیة أثر القدم علی تعیین الذاهب و أنه إلی أین ذهب كما فعلوا لیلة الغار أو الاستدلال بالعلامات و الآثار و الأوضاع الفلكیة علی الحوادث و قوله فی ساعة واحدة مسیرة شهر أی یحكم فی ساعة واحدة بتلك الأمور علی حدوث الحوادث فی مسافة و ناحیة تكون مسیرة

ص: 220


1- 1. فی المصدر: فقال.
2- 2. الاحتجاج: 193.
3- 3. الصحاح: ج 1، ص 352.
4- 4. النهایة: ج 2، ص 122.

شهر قوله علیه السلام إلی أن لا یقفو الأثر أی لا یحتاج فی علمه بالحوادث إلی تلك الأمور بل یعلم فی لحظة واحدة بما أعطاه اللّٰه من العلم ما یقع فیما تطلع علیه الشمس و تقطعه و هی مقدار اثنی عشر برجا فی السماء فی یوم أو أصل البروج فی سنة و اثنی عشر نوعا من أنواع البراری و بحرا من أنواع البحور و اثنی عشر عالما من أصناف الخلق كما مر و منها جابلقا و جابرسا فلفظة ما زائدة و یحتمل أن یكون المراد یعلم ما یحدث فی اللحظة الواحدة فی جمیع تلك العوالم و یحتمل أن یكون یقطع بالیاء أی یقطع العالم تلك العوالم بعلمه أو بطی الأرض كما سیأتی.

«2»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ قَالَ: اسْتَقْبَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دِهْقَانٌ مِنْ دَهَاقِینِ الْفُرْسِ فَقَالَ لَهُ بَعْدَ التَّهْنِئَةِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَنَاحَسَتِ النُّجُومُ الطَّالِعَاتُ وَ تَنَاحَسَتِ السُّعُودُ بِالنُّحُوسِ وَ إِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الْیَوْمِ وَجَبَ عَلَی الْحَكِیمِ الِاخْتِفَاءُ وَ یَوْمُكَ هَذَا یَوْمٌ صَعْبٌ قَدِ انْقَلَبَ فِیهِ كَوْكَبَانِ وَ انْقَدَحَ مِنْ بُرْجِكَ النِّیرَانُ وَ لَیْسَ الْحَرْبُ لَكَ بِمَكَانٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَیْحَكَ یَا دِهْقَانُ الْمُنْبِئُ بِالْآثَارِ الْمُحَذِّرُ مِنَ الْأَقْدَارِ مَا قِصَّةُ صَاحِبِ الْمِیزَانِ وَ قِصَّةُ صَاحِبِ السَّرَطَانِ وَ كَمِ الْمَطَالِعُ مِنَ الْأَسَدِ وَ السَّاعَاتِ مِنَ (1)

الْمُحَرَّكَاتِ وَ كَمْ بَیْنَ السَّرَارِیِّ وَ الدَّرَارِیِّ قَالَ سَأَنْظُرُ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی كُمِّهِ وَ أَخْرَجَ مِنْهُ أُسْطُرْلَاباً یَنْظُرُ فِیهِ فَتَبَسَّمَ علیه السلام فَقَالَ أَ تَدْرِی مَا حَدَثَ الْبَارِحَةَ وَقَعَ بَیْتٌ بِالصِّینِ وَ انْفَرَجَ بُرْجُ مَاجِینَ وَ سَقَطَ سُورُ سَرَانْدِیبَ وَ انْهَزَمَ بِطْرِیقُ الرُّومِ بِأَرْمَنِیَّةَ وَ فَقَدَ دَیَّانُ الْیَهُودِ بِأَیْلَةَ وَ هَاجَ النَّمْلُ بِوَادِی النَّمْلِ وَ هَلَكَ مَلِكُ إِفْرِیقِیَةَ أَ كُنْتَ عَالِماً بِهَذَا قَالَ لَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الْبَارِحَةَ سَعِدَ سَبْعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ وَ وُلِدَ فِی كُلِّ عَالَمٍ سَبْعُونَ أَلْفاً وَ اللَّیْلَةَ یَمُوتُ مِثْلُهُمْ وَ هَذَا مِنْهُمْ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی سَعْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ الْحَارِثِیِّ وَ كَانَ جَاسُوساً لِلْخَوَارِجِ فِی عَسْكَرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَظَنَّ الْمَلْعُونُ أَنَّهُ یَقُولُ خُذُوهُ فَأَخَذَ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ فَخَرَّ الدِّهْقَانُ سَاجِداً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ لَمْ أَرْوِكَ مِنْ عَیْنِ التَّوْفِیقِ قَالَ بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ

ص: 221


1- 1. فی المصدر: فی المحركات.

فَقَالَ (1)

أَنَا وَ صَاحِبِی لَا شَرْقِیٌ (2) وَ لَا غَرْبِیٌّ نَحْنُ نَاشِئَةُ الْقُطْبِ وَ أَعْلَامُ الْفَلَكِ أَمَّا قَوْلُكَ انْقَدَحَ مِنْ بُرْجِكَ النِّیرَانُ فَكَانَ الْوَاجِبُ (3)

أَنْ تَحْكُمَ بِهِ لِی لَا عَلَیَّ أَمَّا نُورُهُ وَ ضِیَاؤُهُ فَعِنْدِی وَ أَمَّا حَرِیقُهُ وَ لَهَبُهُ فَذَهَبَ (4) عَنِّی فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَمِیقَةٌ احْسُبْهَا إِنْ كُنْتَ حَاسِباً(5).

بیان: ما قصة صاحب المیزان أی الكواكب التی الآن فی برج المیزان أو الكواكب المتعلقة بتلك البرج المناسبة لها و كذا صاحب السرطان و كم المطالع من الأسد أی كم طلع من ذلك البرج الآن و الساعات أی كم مضی من الساعات من طلوع سائر المتحركات و لعل المراد بالسراری الكواكب الخفیة تشبیها لها بالسریة و الدراری الكواكب الكبیرة المضیئة أو اصطلاحان فی الكواكب لا

یعرفهما المنجمون و الغرض أنه لو كان هذا العلم حقا فإنما یمكن الحكم به بعد الإحاطة بجمیع أوضاع الكواكب و أحوالها و خواصها فی كل آن و زمان و المنجمون لم یرصدوا من الكواكب إلا أقلها و مناط أحكامهم أوضاع السیارات فقط مع عدم إحاطتهم بأحوال تلك أیضا ثم نبهه علیه السلام علی عدم إحاطته بذلك العلم أو عدم كفایته للعلم بالحوادث بجهله بكثیر من الأمور الحادثة و فی القاموس البطریق ككبریت القائد من قواد الروم تحت یده عشرة آلاف رجل (6)

انتهی و دیان الیهود عالمهم و فی بعض النسخ بالنون جمع دن و هو الحب العظیم و صاحبی أی النبی صلی اللّٰه علیه و آله لا شرقی و لا غربی إیماء إلی قوله سبحانه لا شَرْقِیَّةٍ وَ لا غَرْبِیَّةٍ(7) و الغرض لسنا كسائر الناس

ص: 222


1- 1. فی المصدر: فقال أمیر المؤمنین علیه السلام.
2- 2. فی المصدر: لا شرقیون و لا غربیون.
3- 3. فی المصدر: فكان الواجب علیك.
4- 4. فی المصدر: فذاهب.
5- 5. الاحتجاج: 125.
6- 6. القاموس: ج 3، ص 214.
7- 7. النور: 35.

حتی تحكم علینا بأحكامهم كالنجوم المنسوبة إلی العرب أو إلی الملوك أو إلی العلماء و الأشراف فإنا فوق ذلك كله نحن ناشئة القطب أی الفرقة الناشئة المنسوبة إلی القطب أی حقیقة لثباتهم و استقرارهم فی درجات العز و الكمال أو كنایة عن أنهم علیهم السلام غیر منسوبین إلی الفلك و الكواكب بل هی منسوبة إلیهم و سعادتها بسببهم و أنهم قطب الفلك إذ الفلك یدور ببركتهم و هم أعلام الفلك بهم یتزین و یتبرك و یسعد ثم ألزم علیه السلام علیه فی قوله انقدح من برجك النیران بأن للنار جهتین جهة نور و جهة إحراق فنورها لنا و إحراقها علی عدونا و یحتمل أن یكون المراد به أن اللّٰه یدفع ضررها عنا بتوسلنا به تعالی و توكلنا علیه فهذه مسألة عمیقة أی كوننا ممتازین عن سائر الخلق فی الأحكام أو كون النیران خیرا لنا و شرا لعدونا أو أن التوسل و الدعاء یدفع النحوس و البلاء مسألة عمیقة خارجة عن قانون نجومك و حسابك و یبطل جمیع ما تظن من ذلك.

«3»- الْإِحْتِجَاجُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَأَلَ الزِّنْدِیقُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ مَا تَقُولُ فِیمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا التَّدْبِیرَ الَّذِی یَظْهَرُ فِی هَذَا(1)

الْعَالَمِ تَدْبِیرُ النُّجُومِ السَّبْعَةِ قَالَ علیه السلام یَحْتَاجُونَ إِلَی دَلِیلِ أَنَّ هَذَا الْعَالَمَ الْأَكْبَرَ وَ الْعَالَمَ الْأَصْغَرَ مِنْ تَدْبِیرِ النُّجُومِ الَّتِی تَسْبَحُ فِی الْفَلَكِ وَ تَدُورُ حَیْثُ دَارَتْ مُتْعِبَةً لَا تَفْتُرُ وَ سَائِرَةً لَا تَقِفُ ثُمَّ قَالَ وَ إِنَّ كُلَّ نَجْمٍ مِنْهَا مُوَكَّلٌ مُدَبَّرٌ فَهِیَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبِیدِ الْمَأْمُورِینَ الْمَنْهِیِّینَ فَلَوْ كَانَتْ قَدِیمَةً أَزَلِیَّةً لَمْ تَتَغَیَّرْ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِی عِلْمِ النُّجُومِ قَالَ هُوَ عِلْمٌ قَلَّتْ مَنَافِعُهُ وَ كَثُرَتْ مَضَرَّاتُهُ لِأَنَّهُ لَا یُدْفَعُ بِهِ الْمَقْدُورُ وَ لَا یُتَّقَی بِهِ الْمَحْذُورُ إِنْ أَخْبَرَ الْمُنَجِّمُ بِالْبَلَاءِ لَمْ یُنْجِهِ التَّحَرُّزُ مِنَ الْقَضَاءِ وَ إِنْ أَخْبَرَ هُوَ بِخَیْرٍ لَمْ یَسْتَطِعْ تَعْجِیلَهُ وَ إِنْ حَدَثَ بِهِ سُوءٌ لَمْ یُمْكِنْهُ صَرْفُهُ وَ الْمُنَجِّمُ یُضَادُّ اللَّهَ فِی عِلْمِهِ بِزَعْمِهِ أَنَّهُ یَرُدُّ قَضَاءَ اللَّهِ عَنْ خَلْقِهِ الْخَبَرَ(2).

«4»- مَجَالِسُ الصَّدُوقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ

ص: 223


1- 1. فی المصدر: فی العالم.
2- 2. الاحتجاج: 191.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْقُرَشِیِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ یُوسُفَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْمَرِ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْمَسِیرَ إِلَی النَّهْرَوَانِ أَتَاهُ مُنَجِّمٌ فَقَالَ لَهُ یَا 1 أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَسِرْ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ وَ سِرْ فِی ثَلَاثِ سَاعَاتٍ یَمْضِینَ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّكَ إِنْ سِرْتَ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ أَصَابَكَ وَ أَصَابَ أَصْحَابَكَ أَذًی وَ ضُرٌّ شَدِیدٌ وَ إِنْ سِرْتَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی أَمَرْتُكَ ظَفِرْتَ وَ ظَهَرْتَ وَ أَصَبْتَ كُلَّ مَا طَلَبْتَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَدْرِی مَا فِی بَطْنِ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَی قَالَ إِنْ حَسَبْتُ عَلِمْتُ قَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنْ صَدَّقَكَ عَلَی هَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ یُنَزِّلُ الْغَیْثَ وَ یَعْلَمُ ما فِی الْأَرْحامِ وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ بِأَیِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ(1) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله یَدَّعِی مَا ادَّعَیْتَ أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِی إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی مَنْ سَارَ فِیهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ وَ السَّاعَةِ الَّتِی مَنْ سَارَ فِیهَا حَاقَ بِهِ الضُّرُّ مَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا اسْتَغْنَی بِقَوْلِكَ عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی ذَلِكَ الْوَجْهِ وَ أَحْوَجَ إِلَی الرَّغْبَةِ إِلَیْكَ فِی دَفْعِ الْمَكْرُوهِ عَنْهُ وَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یُولِیَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَمَنْ آمَنَ لَكَ بِهَذَا فَقَدِ اتَّخَذَكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدّاً وَ ضِدّاً ثُمَّ قَالَ علیه السلام اللَّهُمَّ لَا طَیْرَ إِلَّا طَیْرُكَ وَ لَا ضَیْرَ إِلَّا ضَیْرُكَ وَ لَا خَیْرَ إِلَّا خَیْرُكَ وَ لَا إِلَهَ غَیْرُكَ بَلْ نُكَذِّبُكَ وَ نُخَالُفَك وَ نَسِیرُ فِی السَّاعَةِ الَّتِی نَهَیْتَ عَنْهَا.

بیان: فقال له روی أن هذا القائل كان عفیف بن قیس أخا الأشعث و كان یتعاطی علم النجوم و یقال ظفر بمطلوبه كفرح أی فاز أ تزعم أی تقول و أكثر ما یستعمل فی الباطل و الحدیث الذی لا مستند له و حاق به الأمر أی لزمه و نزل به و الضر بالضم سوء الحال من صدقك علی هذا القول فقد كذب بالقرآن لادعائه العلم الذی أخبر اللّٰه سبحانه أنه مختص به إذ ظاهر قوله تعالی عِنْدَهُ الاختصاص فإن قیل فقد أخبر النبی صلی اللّٰه علیه و آله و الأئمة علیهم السلام بالخمسة المذكورة فی الآیة فی مواطن كثیرة فكیف ذلك قلنا المراد أنه لا یعلمها أحد بغیر

ص: 224


1- 1. لقمان: 34.

تعلیمه سبحانه و ما أخبروه من ذلك فإنما كان بالوحی و الإلهام أو التعلم من النبی صلی اللّٰه علیه و آله الذی علمه بالوحی لا یقال علم النجوم أیضا من هذا القبیل لما سیأتی من الأخبار الدالة علی أن له أصلا و أنه مما علمه اللّٰه أنبیاءه فكیف یكون تصدیق المنجم تكذیبا للقرآن لأنا نقول الذی سیظهر من الأخبار أن نوعا من هذا العلم حق یعلمه الأنبیاء و الأوصیاء علیهم السلام و أما أن ما فی أیدی الناس من ذلك فلا كما سنبینه.

أن یولیك الحمد علی بناء الإفعال أو التفعیل أی یقربك من الحمد من الولی بمعنی القرب أو من قولهم ولاه الأمیر عمل كذا أی قلده إیاه أی یجعلك ولیا للحمد و أهلا له أو من قولهم أولیته معروفا أی أنعمت علیه لا طیر إلا طیرك الطیر من الطیرة و هی التشؤم بالشی ء أی لا تأثیر للطیرة إلا طیرك أی قضاؤك و قدرك علی المشاكلة و یدل علی أن ضرر النجوم من جهة الطیرة و الضیر الضرر.

«5»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ ظَرِیفِ (1) بْنِ نَاصِحٍ عَنْ أَبِی الْحُصَیْنِ (2) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ عِنْدَ إِیمَانٍ بِالنُّجُومِ وَ تَكْذِیبٍ بِالْقَدَرِ(3).

بیان: یومئ إلی أن الإیمان بالنجوم متضمن للتكذیب بالقدر.

«6»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحُسَیْنِ الْفَارِسِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ

ص: 225


1- 1. ظریف- بالظاء المعجمة وزان شریف- ابن ناصح بیاع الاكفان، عده الشیخ من أصحاب الباقر علیه السلام و یوجد له الروایة عن الصادق علیهما السلام أیضا، قال النجاشیّ( 156) اصله كوفیّ نشأ ببغداد و كان ثقة فی حدیثه صدوقا، له كتب عنه ابنه الحسن.
2- 2. فی المصدر: عن أبی الحسین.
3- 3. الخصال: 30.

زَیْدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعَةٌ لَا تَزَالُ فِی أُمَّتِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ وَ الطَّعْنُ فِی الْأَنْسَابِ وَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَ النِّیَاحَةُ وَ إِنَّ النَّائِحَةَ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تَقُومُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ عَلَیْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَ دِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ (1).

بیان: الاستسقاء بالنجوم اعتقاد أن للنجوم تأثیرا فی نزول المطر.

«7»- الْخِصَالُ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ سَالِمٍ وَ أَبِی عَرُوبَةَ مَعاً عَنْ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ خِصَالٍ إِلَی أَنْ قَالَ وَ عَنِ النَّظَرِ فِی النُّجُومِ (2).

وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ نَصْرِ(3) بْنِ قَابُوسَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: الْمُنَجِّمُ مَلْعُونٌ وَ الْكَاهِنُ مَلْعُونٌ وَ السَّاحِرُ مَلْعُونٌ وَ الْمُغَنِّیَةُ مَلْعُونَةٌ وَ مَنْ آوَاهَا وَ أَكَلَ كَسْبَهَا مَلْعُونٌ وَ قَالَ علیه السلام الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ وَ الْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ وَ السَّاحِرُ كَالْكَافِرِ وَ الْكَافِرُ فِی النَّارِ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه المنجم الملعون هو الذی یقول بقدم الفلك و لا یقول بمفلكه و خالقه عز و جل (4).

«8»- الْبَصَائِرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّازِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُوسَی

ص: 226


1- 1. الخصال: 105.
2- 2. الخصال: 45.
3- 3. هو نصر بن قابوس اللخمی- بفتح اللام- القابوسی الكوفیّ، عده الشیخ من أصحاب الصادق و الكاظم علیهما السلام، و قال النجاشیّ( 333): روی عن أبی عبد اللّٰه و ابی إبراهیم و ابی الحسن الرضا علیهم السلام و كان ذا منزلة عندهم، و قال الشیخ فی كتاب الغیبة: و كان وكیلا لابی عبد اللّٰه علیه السلام عشرین سنة و لم یعلم انه وكیل و كان خیرا فاضلا، و قال المفید فی الإرشاد، انه من خاصّة الكاظم علیه السلام و من ثقاته و من أهل الورع و العلم و الفقه من شیعته.
4- 4. الخصال: 140.

عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِیٍّ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُنَجِّمٌ قَالَ فَأَنْتَ عَرَّافٌ قَالَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَی رَجُلٍ قَدْ مَرَّ مُذْ دَخَلْتَ عَلَیْنَا فِی أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَالَماً كُلُّ عَالَمٍ أَكْبَرُ مِنَ الدُّنْیَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ یَتَحَرَّكْ مِنْ مَكَانِهِ قَالَ مَنْ هُوَ قَالَ أَنَا وَ إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمَا أَكَلْتَ وَ مَا ادَّخَرْتَ فِی بَیْتِكَ.

بیان: قال فی النهایة فیه من أتی عرافا أو كاهنا أراد بالعراف المنجم أو الحازی (1) الذی یدعی علم الغیب و قد استأثر اللّٰه به (2) انتهی و قال الطیبی فی شرح المشكاة هو قسم من الكهان یستدل علی معرفة المسروق و الضالة بكلام أو فعل أو حالة.

«9»- الْبَصَائِرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَعْدَانَ (3)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ (4)

أَبَانٍ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَیْثُ دَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْیَمَنِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا یَمَانِیُّ أَ فِیكُمْ عُلَمَاءُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ یَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ عُلَمَائِكُمْ قَالَ إِنَّهُ لَیَسِیرُ فِی لَیْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَسِیرَةَ شَهْرَیْنِ یَزْجُرُ الطَّیْرَ وَ یَقْفُو الْآثَارَ فَقَالَ لَهُ فَعَالِمُ الْمَدِینَةِ

أَعْلَمُ مِنْ عَالِمِكُمْ قَالَ فَأَیُّ شَیْ ءٍ یَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ عَالِمِكُمْ بِالْمَدِینَةِ قَالَ إِنَّهُ یَسِیرُ فِی صَبَاحٍ وَاحِدٍ مَسِیرَةَ سَنَةٍ كَالشَّمْسِ (5)

إِذَا أُمِرَتْ إِنَّهَا الْیَوْمَ غَیْرُ مَأْمُورَةٍ وَ لَكِنْ إِذَا أُمِرَتْ تَقْطَعُ اثْنَیْ عَشَرَ شَمْساً وَ اثْنَیْ عَشَرَ قَمَراً وَ اثْنَیْ عَشَرَ مَشْرِقاً وَ اثْنَیْ

ص: 227


1- 1. الحازی: بالزای وزان القاضی هو الذی یخمن الأشیاء و یقدرها بظنه من خارص و منجم و كاهن، و قال فی الصحاح( 2312) الحازی الذی ینظر فی الأعضاء و فی خیلان الوجه یتكهن.
2- 2. النهایة: ج 3، ص 86.
3- 3. كذا، و الظاهر أنّه مصحف« موسی بن سعدان» الحناط الكوفیّ و اللّٰه اعلم.
4- 4. كذا، و الصحیح« عمر بن أبان» قال النجاشیّ( 219) عمر بن ابان الكلبی ابو حفص مولی كوفیّ ثقة روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام، و قال فی ترجمة ابنه إسماعیل: روی ابوه« عمر» عن أبی عبد اللّٰه و ابی الحسن علیهما السلام.
5- 5. للشمس( خ).

عَشَرَ مَغْرِباً وَ اثْنَیْ عَشَرَ بَرّاً وَ اثْنَیْ عَشَرَ بَحْراً وَ اثْنَیْ عَشَرَ عَالَماً قَالَ فَمَا بَقِیَ فِی یَدَیِ الْیَمَانِیِّ فَمَا دَرَی مَا یَقُولُ وَ كَفَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام.

«10»- وَ مِنْهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی أَیُّوبَ (1) عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَدَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ فَقَالَ لَهُ یَا أَخَا أَهْلِ الْیَمَنِ عِنْدَكُمْ عُلَمَاءُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا بَلَغَ مِنْ عِلْمِ عَالِمِكُمْ قَالَ یَسِیرُ فِی لَیْلَةٍ مَسِیرَةَ شَهْرَیْنِ یَزْجُرُ الطَّیْرَ وَ یَقْفُو الْأَثَرَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَالِمُ الْمَدِینَةِ أَعْلَمُ مِنْ عَالِمِكُمْ قَالَ فَمَا بَلَغَ مِنْ عِلْمِ عَالِمِ الْمَدِینَةِ قَالَ یَسِیرُ فِی سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ مَسِیرَةَ الشَّمْسِ سَنَةً حَتَّی یَقْطَعَ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفَ عَالَمٍ مِثْلِ عَالَمِكُمْ هَذَا مَا یَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَ لَا إِبْلِیسَ قَالَ فَیَعْرِفُونَكُمْ قَالَ نَعَمْ مَا افْتَرَضَ عَلَیْهِمْ إِلَّا وَلَایَتَنَا وَ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَدُوِّنَا.

«11»- الْمَحَاسِنُ، عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَنْظُرُ فِی النُّجُومِ فَأَعْرِفُهَا وَ أَعْرِفُ الطَّالِعَ فَیَدْخُلُنِی مِنْ ذَلِكَ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ إِذَا وَقَعَ فِی نَفْسِكَ شَیْ ءٌ فَتَصَدَّقْ عَلَی أَوَّلِ مِسْكِینٍ ثُمَّ امْضِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَدْفَعُ (2) عَنْكَ (3).

بیان: فیدخلنی من ذلك أی هم أو حالة تمنعنی عن التوجه إلی عمل لما أظن من نحوسة الساعة و یدل علی أن أثر نحس الكواكب و الأوضاع أو تأثیر التطیر بها یزول بالصدقة.

«12»- رِسَالَةُ الِاسْتِخَارَاتِ، لِلسَّیِّدِ بْنِ طَاوُسٍ قَالَ: ذَكَرَ الشَّیْخُ الْفَاضِلُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ فِی كِتَابٍ لَهُ فِی الْعَمَلِ مَا هَذَا لَفْظُهُ دُعَاءُ الِاسْتِخَارَةِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام تَقُولُهُ

ص: 228


1- 1. الظاهر أنّه منصور بن حازم البجلیّ، و قال النجاشیّ( 323) منصور بن حازم ابو ایوب البجلیّ كوفیّ ثقة عین صدوق من جملة أصحابنا و فقهائهم، روی عن أبی عبد اللّٰه و ابی الحسن موسی علیهما السلام: له كتب منها« أصول الشرائع» لطیف( انتهی).
2- 2. یرفع( خ).
3- 3. المحاسن: 349.

بَعْدَ فَرَاغِكَ مِنْ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ تَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَ أَقْوَاماً یَلْجَئُونَ إِلَی مَطَالِعِ النُّجُومِ لِأَوْقَاتِ حَرَكَاتِهِمْ وَ سُكُونِهِمْ وَ تَصَرُّفِهِمْ وَ عَقْدِهِمْ وَ خَلَقْتَنِی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِنَ اللَّجَإِ إِلَیْهَا وَ مِنْ طَلَبِ الِاخْتِیَارَاتِ بِهَا وَ أَتَیَقَّنُ أَنَّكَ لَمْ تُطْلِعْ أَحَداً عَلَی غَیْبِكَ فِی مَوَاقِعِهَا وَ لَمْ تُسَهِّلْ لَهُ السَّبِیلَ إِلَی تَحْصِیلِ أَفَاعِیلِهَا وَ إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَی نَقْلِهَا فِی مَدَارَاتِهَا فِی مَسِیرِهَا عَلَی السُّعُودِ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ إِلَی النُّحُوسِ وَ مِنَ النُّحُوسِ الشَّامِلَةِ وَ الْمُفْرَدَةِ إِلَی السُّعُودِ لِأَنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَ تُثْبِتُ وَ عِنْدَكَ أُمُّ الْكِتَابِ وَ لِأَنَّهَا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ وَ صَنْعَةٌ مِنْ صَنِیعِكَ وَ مَا أَسْعَدْتَ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَی مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ وَ اسْتَمَدَّ الِاخْتِیَارَ لِنَفْسِهِ وَ هُمْ أُولَئِكَ وَ لَا أَشْقَیْتَ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَی الْخَالِقِ الَّذِی أَنْتَ هُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِیكَ لَكَ وَ أَسْأَلُكَ بِمَا تَمْلِكُهُ وَ تَقْدِرُ عَلَیْهِ وَ أَنْتَ بِهِ مَلِی ءٌ وَ عَنْهُ غَنِیٌّ وَ إِلَیْهِ غَیْرُ مُحْتَاجٍ وَ بِهِ غَیْرُ مُكْتَرِثٍ مِنَ الْخِیَرَةِ الْجَامِعَةِ لِلسَّلَامَةِ وَ الْعَافِیَةِ وَ الْغَنِیمَةِ لِعَبْدِكَ إِلَی آخِرِ الدُّعَاءِ وَ قَدْ أَوْرَدْنَاهُ فِی أَبْوَابِ الِاسْتِخَارَاتِ.

بیان: و عقدهم أی عزمهم أو إیقاعهم العقود و فی النهایة الملی ء بالهمز الثقة الغنی و قد أولع الناس بترك الهمز و تشدید الیاء(1)

و قال ما أكترث به أی ما أبالی.

«13»- النُّجُومُ، رُوِّینَا بِإِسْنَادِنَا إِلَی الشَّیْخِ السَّعِیدِ مُحَمَّدِ بْنِ رُسْتُمَ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ الْإِمَامِیِ (2) عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ التَّلَّعُكْبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَحْرُومٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنْتُ كَثِیراً أُسَایِرُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذَا سَارَ إِلَی وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَلَمَّا قَصَدَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ

ص: 229


1- 1. النهایة: ج 4، ص 105.
2- 2. كذا، و الصحیح« محمّد بن جریر بن رستم» و هو ابن جریر الطبریّ الشیعی منسوب الی« طبرستان» و هی المعروفة الآن بمازندران، من أعاظم علمائنا الإمامیّة فی المائة الرابعة، صاحب كتاب« دلائل الإمامة» و« الإیضاح» و« المسترشد» قال النجاشیّ( 291): محمّد بن جریر بن رستم الطبریّ الآملی أبو جعفر جلیل من أصحابنا كثیر العلم، حسن الكلام ثقة فی الحدیث.

وَ صِرْنَا بِالْمَدَائِنِ وَ كُنْتُ یَوْمَئِذٍ مُسَایِراً لَهُ إِذْ خَرَجَ إِلَیْهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدَائِنِ مِنْ دَهَاقِینِهِمْ مَعَهُمْ بَرَاذِینُ (1)

قَدْ جَاءُوا بِهَا هَدِیَّةً(2) إِلَیْهِ فَقَبِلَهَا وَ كَانَ فِیمَنْ تَلَقَّاهُ دِهْقَانٌ مِنْ دَهَاقِینِ الْمَدَائِنِ یُدْعَی سرسفیلَ وَ كَانَتِ الْفُرْسُ تَحْكُمُ بِرَأْیِهِ فِیمَا مَضَی وَ تَرْجِعُ إِلَی قَوْلِهِ فِیمَا سَلَفَ فَلَمَّا بَصُرَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لِتَرْجِعْ عَمَّا قَصَدْتَ قَالَ وَ لِمَ ذَاكَ یَا دِهْقَانُ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَنَاحَسَتِ النُّجُومُ الطَّوَالِعُ فَنَحُسَ أَصْحَابُ السُّعُودِ وَ سَعَدَ أَصْحَابُ النُّحُوسِ وَ لَزِمَ الْحَكِیمُ فِی مِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ الِاسْتِخْفَاءَ وَ الْجُلُوسَ وَ إِنَّ یَوْمَكَ هَذَا یَوْمٌ مُمِیتٌ قَدِ اقْتَرَنَ فِیهِ كَوْكَبَانِ قَتَّالانِ وَ شَرُفَ فِیهِ بَهْرَامُ فِی بُرْجِ الْمِیزَانِ وَ اتَّقَدَتْ مِنْ بُرْجِكَ النِّیرَانُ وَ لَیْسَ الْحَرْبُ لَكَ بِمَكَانٍ فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا الدِّهْقَانُ الْمُنْبِئُ بِالْأَخْبَارِ وَ الْمُحَذِّرُ مِنَ الْأَقْدَارِ مَا نَزَلَ الْبَارِحَةَ فِی آخِرِ الْمِیزَانِ وَ أَیُّ نَجْمٍ حَلَّ فِی السَّرَطَانِ قَالَ سَأَنْظُرُ ذَلِكَ وَ اسْتَخْرَجَ مِنْ كُمِّهِ أُسْطُرْلَاباً وَ تَقْوِیماً قَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْتَ مُسَیِّرُ الْجَارِیَاتِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ تَقْضِی عَلَی الثَّابِتَاتِ قَالَ لَا قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنْ طُولِ الْأَسَدِ وَ تَبَاعُدِهِ مِنَ الْمَطَالِعِ وَ الْمَرَاجِعِ وَ مَا الزُّهَرَةُ مِنَ التَّوَابِعِ وَ الْجَوَامِعِ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ قَالَ فَمَا بَیْنَ السَّرَارِیِ (3) إِلَی الدَّرَارِیِّ وَ مَا بَیْنَ السَّاعَاتِ إِلَی المعجرات [الْفَجَرَاتِ] وَ كَمْ قَدْرُ شُعَاعِ المبدرات [الْمَدَارَاتِ] وَ كَمْ تَحْصُلُ الْفَجْرُ فِی الْغَدَوَاتِ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ قَالَ فَهَلْ عَلِمْتَ یَا دِهْقَانُ أَنَّ الْمَلِكَ الْیَوْمَ انْتَقَلَ مِنْ بَیْتٍ إِلَی بَیْتٍ بِالصِّینِ وَ انْقَلَبَ بُرْجُ مَاجِینَ وَ احْتَرَقَ دُورٌ بِالزَّنْجِ وَ طَفَحَ جُبُّ سَرَانْدِیبَ وَ تَهْدِمُ حِصْنُ الْأَنْدُلُسِ وَ هَاجَ نَمْلُ الشِّیحِ وَ انْهَزَمَ مُرَّاقُ الْهِنْدِیِّ وَ فَقَدَ دَیَّانُ الْیَهُودِ بِأَیْلَةَ وَ هَدَمَ بِطْرِیقُ الرُّومِ بِرُومِیَّةَ وَ عَمِیَ رَاعِبُ عَمُّورِیَّةَ وَ سَقَطَتْ شُرُفَاتُ الْقُسْطَنْطَنِیَّةِ أَ فَعَالِمٌ أَنْتَ بِهَذِهِ الْحَوَادِثِ وَ مَا الَّذِی أَحْدَثَهَا شَرْقِیُّهَا أَوْ غَرْبِیُّهَا مِنَ الْفَلَكِ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ

ص: 230


1- 1. براذین: جمع« برذون» بكسر الباء الموحدة و فتح الذال المعجمة دابة الحمل الثقیلة.
2- 2. الهدیة كالعطیة.
3- 3. السواری( خ).

قَالَ وَ بِأَیِّ الْكَوَاكِبِ تَقْضِی فِی أَعْلَی الْقُطْبِ وَ بِأَیِّهَا تَنَحَّسَ مَنْ تَنَحَّسَ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ قَالَ فَهَلْ عَلِمْتَ أَنَّهُ سَعَدَ الْیَوْمَ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ عَالَماً فِی كُلِّ عَالَمٍ سَبْعُونَ عَالَماً مِنْهُمْ فِی الْبَرِّ وَ مِنْهُمْ فِی الْبَحْرِ وَ بَعْضٌ فِی الْجِبَالِ وَ بَعْضٌ فِی الْغِیَاضِ وَ بَعْضٌ فِی الْعُمْرَانِ وَ مَا الَّذِی أَسْعَدَهُمْ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ قَالَ یَا دِهْقَانُ أَظُنُّكَ حَكَمْتَ عَلَی اقْتِرَانِ الْمُشْتَرِی وَ زُحَلَ لَمَّا اسْتَنَارَا لَكَ فِی الْغَسَقِ وَ ظَهَرَ تَلَأْلُؤُ شُعَاعِ الْمِرِّیخِ وَ تَشْرِیقُهُ فِی السَّحَرِ وَ قَدْ سَارَ فَاتَّصَلَ جِرْمُهُ بِجِرْمِ تَرْبِیعِ الْقَمَرِ(1)

وَ ذَلِكَ دَلِیلٌ عَلَی اسْتِحْقَاقِ أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ الْبَشَرِ كُلِّهِمْ یُولَدُونَ الْیَوْمَ وَ اللَّیْلَةَ وَ یَمُوتُ مِثْلُهُمْ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی جَاسُوسٍ فِی عَسْكَرِهِ لِمُعَاوِیَةَ فَقَالَ وَ یَمُوتُ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْهُمْ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ قَالَ خُذُوهُ فَأَخَذَهُ شَیْ ءٌ بِقَلْبِهِ وَ تَكَسَّرَتْ نَفْسُهُ فِی صَدْرِهِ فَمَاتَ لِوَقْتِهِ فَقَالَ علیه السلام یَا دِهْقَانُ أَ لَمْ أُرِكَ غِیَرَ التَّقْدِیرِ فِی غَایَةِ التَّصْوِیرِ قَالَ بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ یَا دِهْقَانُ أَنَا مُخْبِرُكَ أَنِّی وَ صَحْبِی هَؤُلَاءِ لَا شَرْقِیُّونَ وَ لَا غَرْبِیُّونَ إِنَّمَا نَحْنُ نَاشِئَةُ الْقُطْبِ وَ مَا زَعَمْتَ أَنَّ الْبَارِحَةَ انْقَدَحَ مِنْ بُرْجِیَ النِّیرَانُ فَقَدْ كَانَ یَجِبُ أَنْ تَحْكُمَ مَعَهُ لِی لِأَنَّ نُورَهُ وَ ضِیَاءَهُ عِنْدِی فَلَهَبُهُ ذَاهِبٌ عَنِّی یَا دِهْقَانُ هَذِهِ قَضِیَّةُ عِیصٍ (2) فَاحْسُبْهَا وَ وَلِّدْهَا إِنْ كُنْتَ عَالِماً بِالْأَكْوَارِ وَ الْأَدْوَارِ

ص: 231


1- 1. قال بعض علماء العصر ما حاصله ان هذا الكلام یدلّ علی بطلان الفرضیة البطلمیوسیة حیث إن الظاهر منه إمكان اقتراب الكواكب بعضها من بعض و اتصال جرم المریخ بتربیع القمر و هو مستحیل علی تلك الفرضیة، لان كل واحد من الكواكب بناء علیها مركوز فی ثخن فلك من الافلاك لا یتحرك من مكانه و لا یتغیر وضعه الا بتبع فلكه، و الافلاك كرات متداخلة كطبقات البصل لا یتغیر شی ء منها عن مكانه، و فلك القمر هو الفلك الأول و فلك المریخ هو الفلك الخامس و بینهما ثلاثة افلاك فیستحیل اقتراب احدهما من الآخر و اما علی مبانی الهیئة الجدیدة فالارض احد السیارات، و اقرب الكواكب منها هو المریخ، و القمر یدور حول الأرض، و مدار الجمیع علی الشكل البیضی المستطیل، و مدار الأرض فی داخل مدار المریخ، و علی هذا یمكن للمریخ ان یقترب من القمر فی بعض الاوضاع بحیث یتوهم اتصالهما من شدة قربهما و عند ذلك یكون المریخ فی غایة التلالؤ، لكونه فی اقرب نقطة من الأرض و من الشمس أیضا، و من هنا یظهر سر جملة اخری من كلامه علیه السلام و هی هذه« و ظهر تلالؤ شعاع المریخ و تشریقه فی السحر».
2- 2. عویص( خ).

قَالَ لَوْ عَلِمْتَ ذَلِكَ لَعَلِمْتُ أَنَّكَ تُحْصِی عُقُودَ الْقَصَبِ فِی هَذِهِ الْأَجَمَةِ وَ مَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَهَزَمَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ وَ قَتَلَهُمْ وَ عَادَ بِالْغَنِیمَةِ وَ الظَّفَرِ فَقَالَ الدِّهْقَانُ لَیْسَ هَذَا الْعِلْمُ بِمَا فِی أَیْدِی أَهْلِ زَمَانِنَا هَذَا عِلْمٌ مَادَّتُهُ مِنَ السَّمَاءِ.

«14»- أَقُولُ وَ رَوَی السَّیِّدُ الْخَبَرَ أَیْضاً عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا رَحَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ نَهْرِ بِینٍ (1)

أَتَیْنَا النَّهْرَوَانَ وَ قَدْ قُطِعَ جِسْرُهَا وَ سُمِّرَتْ سُفُنُهَا فَنَزَلَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ عَلَیْهِ وَ قَدْ سَرَّحَ الْجَیْشَ إِلَی جِسْرِ بورَانَ وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ قَدْ شَكَّ فِی قِتَالِ الْخَوَارِجِ فَإِذَا بِرَجُلٍ یَرْكُضُ فَلَمَّا رَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ الْبُشْرَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ لَهُ وَ مَا بُشْرَاكَ قَالَ لَمَّا بَلَغَ الْخَوَارِجَ نُزُولُكَ الْبَارِحَةَ نَهْرَ بِینٍ وَلَّوْا هَارِبِینَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْتَ رَأَیْتَهُمْ حِینَ وَلَّوْا قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَلَّا وَ اللَّهِ لَا عَبَرُوا النَّهْرَوَانَ وَ لَا تُجَاوِزُوا الأنثلات [الْأُثَیْلَاتِ] وَ لَا النُّخَیْلَاتِ حَتَّی یَقْتُلَهُمُ اللَّهُ عَلَی یَدِی عَهْدٌ مَعْهُودٌ وَ قَدَرٌ مَقْدُورٌ وَ لَا یَقْتُلُونَ مِنَّا عَشَرَةً وَ لَا یَنْجُو مِنْهُمْ عَشَرَةٌ إِذْ أَقْبَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنَ الْفُرْسِ یُقْتَدَی بِرَأْیِهِ فِی حِسَابِ النُّجُومِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالطَّوَالِعِ وَ الْمَرَاجِعِ وَ تَقْوِیمِ الْقُطْبِ فِی الْفَلَكِ وَ مَعْرِفَتِهِ بِالْحِسَابِ وَ الضَّرْبِ وَ الْجَبْرِ وَ الْمُقَابَلَةِ وَ تَارِیخِ السِّنْدَآبَادِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ وَ هُوَ الدِّهْقَانُ فَلَمَّا بَصُرَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ لِتَرْجِعَنَّ عَمَّا قَصَدْتَ إِلَیْهِ وَ كَانَ اسْمُ الدِّهْقَانِ سرسفیل سوار وَ كَانَ دِهْقَاناً مِنْ دَهَاقِینِ الْمَدَائِنِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ لِمَ یَا سرسفیل سوار قَالَ تَنَاحَسَتِ النُّجُومُ الطَّالِعَاتُ وَ تَبَاعَدَتِ النُّجُومُ النَّاحِسَاتُ وَ لَزِمَ الْحَكِیمُ فِی مِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ الِاخْتِفَاءَ وَ الْقُعُودَ وَ یَوْمُكَ هَذَا مُمِیتٌ یقلب [تُغُلِّبَ] فِیهِ رجمان [بُرْجَانُ] وَ انكشفت [انْكَسَفَ] فِیهِ الْمِیزَانُ وَ اقْتَدَحَ مِنْ بُرْجِكَ النِّیرَانُ وَ لَیْسَ الْحَرْبُ لَكَ بِمَكَانٍ قَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَخْبِرْنِی یَا دِهْقَانُ عَنْ قِصَّةِ الْمِیزَانِ وَ فِی أَیِّ مَجْرًی كَانَ بُرْجُ السَّرَطَانِ قَالَ سَأَنْظُرُ لَكَ فِی ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبَ یَدَهُ إِلَی كُمِّهِ فَأَخْرَجَ مِنْهَا زِیجاً وَ أُصْطُرْلَاباً فَتَبَسَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ

ص: 232


1- 1. نهر بین- بفتح النون و كسر الباء-: طسوج من سواد بغداد، و هو الآن قریة بظاهرها( من مراصد الاطلاع).

علیه السلام ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا دِهْقَانُ أَنْتَ مُسَیِّرُ الثَّابِتَاتِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ تَقْضِی عَلَی الْحَادِثَاتِ قَالَ لَا قَالَ لَهُ یَا دِهْقَانُ فَمَا سَاعَةُ الْأَسَدِ مِنَ الْفَلَكِ وَ مَا لَهُ مِنْ الْمَطَالِعِ وَ الْمَرَاجِعِ وَ مَا الزُّهَرَةُ مِنَ التَّوَابِعِ وَ الْجَوَامِعِ قَالَ لَا عِلْمَ لِی أَیُّهَا الْأَمِیرُ قَالَ فَعَلَی أَیِّ الْكَوَاكِبِ تَقْضِی عَلَی الْقُطْبِ وَ مَا هِیَ السَّاعَاتُ الْمُتَحَرِّكَاتُ وَ كَمْ قَدْرُ السَّاعَاتِ الْمُدَبَّرَاتِ وَ كَمْ تَحْصُلُ الْمُقَدَّرَاتُ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ قَالَ لَهُ یَا دِهْقَانُ إِنْ صَحَّ لَكَ عِلْمُكَ عَلِمْتَ أَنَّ الْبَارِحَةَ انْقَلَبَ بَیْتٌ فِی الصِّینِ وَ انْقَلَبَ بیتانسینُ (1) وَ احْتَرَقَتْ دُورُ الزِّنْجِ وَ انْحَطَمَ مَنَارُ الْهِنْدِ وَ طفع [طَفَحَ] جُبُّ سَرَانْدِیبَ وَ هَلَكَ مَلِكُ إِفْرِیقِیَةَ وَ انْقَضَّ حِصْنُ أَنْدُلُسَ وَ هَاجَ نَمْلُ الشِّیحِ وَ فَقَدَ دَیَّانُ الْیَهُودِ وَ جُذِمَ شِطْرَنْجُ الرُّومِیُّ بِأَرْمَنِیَّةَ وَ عَتَا عَبُّ عَمُّورِیَّةَ(2)

وَ سَقَطَتْ شُرَافَاتُ الْقُسْطَنْطَنِیَّةِ وَ هَاجَتْ سِبَاعُ الْبَحْرِ وَاثِبَةً عَلَی أَهْلِهَا وَ رَجَعَتْ رِجَالُ النُّوبَةِ الْمَرَاجِیحُ وَ الْتَقَتِ الزُّرَّقُ مَعَ الْفِیَلَةِ وَ طَارَ الْوَحْشُ إِلَی العلقین وَ هَاجَتِ الْحِیتَانُ فِی الأخضرین وَ اضْطَرَبَتِ الْوُحُوشُ بالأنقلین أَ فَأَنْتَ عَلِیمٌ بِهَذِهِ الْحَوَادِثِ وَ مَا أَحْدَثَهَا مِنَ الْفَلَكِ شَرْقِیَّةً أَوْ غَرْبِیَّةً وَ مِنْ أَیِّ بُرْجٍ سَعَدَ صَاحِبُ النَّحْسِ وَ أَیِّ بُرْجٍ انْتَحَسَ صَاحِبُ السَّعْدِ قَالَ الدِّهْقَانُ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ قَالَ فَهَلْ دَلَّكَ عِلْمُكَ أَنَّ الْیَوْمَ فِیهِ سَعَدَ سَبْعُونَ عَالَماً فِی كُلِّ عَالَمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ عَالَمٍ مِنْهُمْ فِی الْبَحْرِ وَ مِنْهُمْ فِی الْبَرِّ وَ مِنْهُمْ فِی الْجِبَالِ وَ مِنْهُمْ فِی السَّهْلِ وَ الغِیَاضِ وَ الْخَرَابِ وَ الْعُمْرَانِ فَأَبِنْ لَنَا مَا الَّذِی مِنَ الْفَلَكِ أَسْعَدَهُمْ قَالَ الدِّهْقَانُ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ قَالَ لَهُ یَا دِهْقَانُ أَظُنُّكَ حَكَمْتَ عَلَی اقْتِرَانِ الْمُشْتَرِی بِزُحَلَ حِینَ لَاحَا لَكَ فِی الْغَسَقِ قَدْ شَارَفَهَا وَ اتَّصَلَ جِرْمُهُ بِجِرْمِ الْقَمَرِ وَ ذَلِكَ دَلِیلٌ عَلَی اسْتِحْقَاقِ أَلْفِ أَلْفٍ مِنَ الْبَشَرِ كُلُّهُمْ مُولَدُونَ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ وَ مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْبَشَرِ كُلُّهُمْ یَمُوتُونَ اللَّیْلَةَ وَ غَداً وَ هَذَا مِنْهُمْ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی سَعْدِ

ص: 233


1- 1. انسین( خ).
2- 2. العموریة- بفتح العین و تشدید المیم-: بلدة من بلاد الروم، غزاه المعتصم ففتحه و كان من أعظم فتوح الإسلام، و العموریة أیضا بلیدة علی شاطئ العاصی فیها آبار خراب و لها دخل وافر( مراصد الاطلاع).

بْنِ مَسْعُودٍ الْحَارِثِیِّ وَ كَانَ فِی عَسْكَرِهِ جَاسُوساً لِلْخَوَارِجِ فَظَنَّ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ خُذُوا هَذَا فَقَبَضَ عَلَی فُؤَادِهِ فَمَاتَ فِی وَقْتِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَمْ أُرِكَ عَیْنَ التَّوْفِیقِ أَنَا وَ أَصْحَابِی هَؤُلَاءِ لَا شَرْقِیُّونَ وَ لَا غَرْبِیُّونَ إِنَّمَا نَحْنُ نَاشِئَةُ الْقُطْبِ وَ أَعْلَامُ الْفَلَكِ وَ أَمَّا مَا زَعَمْتَ أَنَّ الْبَارِحَةَ اقْتَدَحَ مِنْ بُرْجِیَ النِّیرَانُ فَقَدْ یَجِبُ عَلَیْكَ أَنْ تَحْكُمَ بِهِ لِی لِأَنَّ ضِیَاءَهُ وَ نُورَهُ عِنْدِی وَ لَهَبَهُ وَ حَرِیقَهُ ذَاهِبٌ عَنِّی فَهَذِهِ قَضِیَّةٌ عَمِیقَةٌ فَاحْسُبْهَا إِنْ كُنْتَ حَاسِباً وَ اعْرِفْهَا إِنْ كُنْتَ عَارِفاً بِالْأَكْوَارِ وَ الْأَدْوَارِ وَ لَوْ عَلِمْتَ ذَلِكَ لَعَلِمْتَ عَدَدَ كُلِّ قَصَبَةٍ فِی هَذِهِ الْأَجَمَةِ وَ كَانَتْ عَنْ یَمِینِهِ أَجَمَةُ قَصَبٍ فَتَشَهَّدَ الدِّهْقَانُ وَ قَالَ یَا مَوْلَایَ الَّذِی فَهَّمَ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی وَ عِیسَی وَ مُحَمَّداً علیهم السلام مُفَهِّمُهُمْ (1)

مُفَهِّمُكَهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَهُوَ وَ اللَّهِ (2)

الْمُشَارُ إِلَیْهِ وَ لَا أَثَرَ بَعْدَ عَیْنٍ مُدَّ یَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّكَ الْإِمَامُ وَ الْوَصِیُّ الْمُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ.

بیان: أكثر السؤالات المذكورة فی الروایة علی تقدیر صحتها و ضبطها مبنیة علی اصطلاحات معرفتها مختصة بهم علیهم السلام أوردها علیه السلام لبیان عجزه و جهله و عدم إحاطة علمه بما لا بد منه فی هذا العلم و كم تحصل الفجر فی الغدوات یحتمل أن یكون المراد به زمان ما بین طلوع الفجر إلی طلوع الشمس فإن ذلك یختلف فی الفصول و طفح جب سرندیب أی امتلأ و ارتفع و منه سكران طافح و الشیح نبت معروف و یحتمل أن یكون المراد هنا الوادی الذی هو منبته و العموریة ماء للنصاری یغمسون فیه أولادهم (3) و ما الذی أحدثها أی بزعمك شرقیها أی الكواكب لم أرك غیر التقدیر بكسر الغین و فتح الیاء أی التغیرات الناشئة من تقدیرات اللّٰه تعالی و فی بعض النسخ عین التقدیر أی أصله

ص: 234


1- 1. ما فهمهم( ظ).
2- 2. كذا، لكن یظهر من البیان الآتی أن الصحیح« فهو اللّٰه» بلا واو.
3- 3. الماء الذی ذكره- رحمه اللّٰه- هو المعمودیة، و الظاهر ان« العموریة» فی الروایة بالراء دون الدال و هی بلدة بالروم.

هذه قضیة عیص بالإضافة أی أصل فی القاموس العیص بالكسر الأصل (1) و فی بعض النسخ عویصة أی صعبة شدیدة و ولدها بصیغة الأمر و تشدید اللام أی استنتج منها و العموریة مشددة المیم بلد بالروم و لعل المراد بالعب الماء العظیم و بعتوه طغیانه و

كثرته و المراجیح الحلماء(2) و الزرق كسكر طائر صیاد ذكره الفیروزآبادی (3) و فی حیاة الحیوان طائر یصاد به بین الباز و الباشق و قیل هو الباز الأبیض انتهی و الفیلة بكسر الفاء و فتح الیاء جمع الفیل فهو اللّٰه أی مفهمك اللّٰه المشار إلیه بالدلائل و الآیات و لا أثر بعد عین أی لا أطلب الآثار و الدلائل و الأخبار علی حقیتك بعد ما عاینت.

أقول: و كان فی الخبرین فیما عندنا من النسخ تصحیفات كثیرة تركناها كما وجدنا.

«15»- النُّجُومُ، رُوِّیتُ بِعِدَّةِ طُرُقٍ إِلَی یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِی جَامِعِهِ الصَّغِیرِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِی عَنْ عِلْمِ النُّجُومِ مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ عِلْمٌ مِنْ عِلْمِ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ فَقُلْتُ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَعْلَمُهُ فَقَالَ كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِهِ.

«16»- وَ مِنْهُ، نَقْلًا مِنْ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِ أَصْحَابِنَا اسْمُهُ كِتَابُ التَّجَمُّلِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام عَمَّنْ ذَكَرَهُ قَالَ: كَانَ قَدْ عَلِمَ نُبُوَّةَ نُوحٍ علیه السلام بِالنُّجُومِ.

بیان: لعل من ذكره من باب الإرسال من أحد الرواة و ضمیر قال للإمام علیه السلام و علم بصیغة المعلوم و المعنی أنه علیه السلام أخبر بأن فلانا قد علم نبوة نوح بالنجوم و یحتمل أن یكون الإرسال من الإمام و ضمیر قال عائدا إلی من ذكره و علم علی بناء المجهول و علی الثانی لیس الإخبار من كلامه

ص: 235


1- 1. القاموس: ج 2، ص 310.
2- 2. كذا، و قال الجوهریّ( الصحاح: ج 1، ص 364) راجحته فرجحته، أی كنت ارزن منه، و قوم مراجیح فی الحلم( انتهی) فلیتأمل فی ما ذكر فی المتن من التفسیر.
3- 3. القاموس: ج 3، ص 240.

علیه السلام و الظاهر أنه من تصحیف النساخ و قوله عمن ذكره كان مقدما علی قوله عن أبی جعفر علیه السلام و علم علی بناء المجهول.

«17»- النُّجُومُ، وَجَدْتُ فِی كِتَابٍ عَتِیقٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قِیلَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام هَلْ كَانَ لِلنُّجُومِ أَصْلٌ قَالَ نَعَمْ نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ إِنَّا لَا نُؤْمِنُ بِكَ حَتَّی تُعَلِّمَنَا بَدْءَ الْخَلْقِ وَ آجَالَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی غَمَامَةٍ فَأَمْطَرَتْهُمْ وَ اسْتَنْقَعَ (1)

حَوْلَ الْجَبَلِ مَاءٌ صَافٍ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ أَنْ تَجْرِیَ فِی ذَلِكَ الْمَاءِ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی ذَلِكَ النَّبِیِّ أَنْ یَرْتَقِیَ هُوَ وَ قَوْمُهُ عَلَی الْجَبَلِ فَارْتَقَوُا الْجَبَلَ فَقَامُوا عَلَی الْمَاءِ حَتَّی عَرَفُوا بَدْءَ الْخَلْقِ وَ آجَالَهُ بِمَجَارِی الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ كَانَ أَحَدُهُمْ یَعْلَمُ مَتَی (2) یَمُوتُ وَ مَتَی یَمْرَضُ وَ مَنْ ذَا الَّذِی یُولَدُ لَهُ وَ مَنْ ذَا الَّذِی لَا یُولَدُ لَهُ فَبَقُوا كَذَلِكَ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِمْ ثُمَّ إِنَّ دَاوُدَ علیه السلام قَاتَلَهُمْ عَلَی الْكُفْرِ فَأَخْرَجُوا إِلَی دَاوُدَ فِی الْقِتَالِ مَنْ لَمْ یَحْضُرْهُ أَجَلُهُ وَ مَنْ حَضَرَ أَجَلُهُ خَلَّفُوهُ فِی بُیُوتِهِمْ فَكَانَ یُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ علیه السلام وَ لَا یُقْتَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ فَقَالَ دَاوُدُ علیه السلام رَبِّ أُقَاتِلُ عَلَی طَاعَتِكَ وَ یُقَاتِلُ هَؤُلَاءِ عَلَی مَعْصِیَتِكَ یُقْتَلُ أَصْحَابِی وَ لَا یُقْتَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنِّی كُنْتُ عَلَّمْتُهُمْ بَدْءَ الْخَلْقِ وَ آجَالَهُ وَ إِنَّمَا أَخْرَجُوا إِلَیْكَ مَنْ لَمْ یَحْضُرْهُ أَجَلُهُ وَ مَنْ حَضَرَ أَجَلُهُ خَلَّفُوهُ فِی بُیُوتِهِمْ فَمِنْ ثَمَّ یُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِكَ وَ لَا یُقْتَلُ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ دَاوُدُ علیه السلام یَا رَبِّ عَلَی مَا ذَا عَلَّمْتَهُمْ قَالَ عَلَی مَجَارِی الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ سَاعَاتِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ قَالَ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَحَبَسَ الشَّمْسَ عَلَیْهِمْ فَزَادَ النَّهَارُ وَ اخْتَلَطَتِ الزِّیَادَةُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَلَمْ یَعْرِفُوا قَدْرَ الزِّیَادَةِ فَاخْتَلَطَ حِسَابُهُمْ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ النَّظَرُ فِی عِلْمِ النُّجُومِ.

«18»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، قَالَ: قِیلَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام هَلْ كَانَ لِلنُّجُومِ أَصْلٌ قَالَ نَعَمْ كَانَ نَبِیٌّ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ یُقَالُ لَهُ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَقَالَ لَهُ قَوْمُهُ

ص: 236


1- 1. استنقع الماء: اجتمع.
2- 2. من یموت( خ).

وَ سَاقَ إِلَی قَوْلِهِ ثُمَّ أَوْحَی اللَّهُ إِلَی یُوشَعَ بْنِ نُونٍ أَنْ یَرْتَقِیَ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

بیان: أن تجری فی ذلك الماء یمكن أن یكون المراد جریان عكس الكواكب فیها فیكون الماء كالزیج لهم لاستعلام مقدار الحركات أو خلق اللّٰه للكواكب أمثالا فأجراها فی الماء علی قدر حركة أصلها فی السماء أو صغرها و أنزلها و أجراها فیه و فی القاموس البرهة و یضم الزمان الطویل أو أعم (2)

انتهی فمن ثم كره أی من أجل أن الحساب اختلط فلا یمكنهم الحكم الواقعی علی الكواكب و حركاتها فیكذبون أو من جهة أنه یصیر سببا لترك الأمور الضروریة بسبب علمهم بما یترتب علیه و الخبر ضعیف عامی و فیه إشكال آخر و هو أنهم لو كانوا بحسب تقدیر اللّٰه تعالی و أحكام النجوم من الخارجین فلم لم یخرجوا و لو لم یكونوا فلم یكن ترك خروجهم بسبب ذلك (3) و هذا من المسائل الغامضة من فروع مسألة القضاء و القدر و العقل قاصر عن فهمها.

«19»- النُّجُومُ،: وَ أَمَّا دَلَالَةُ النُّجُومِ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَقَدْ رَوَی صَاحِبُ كِتَابِ التَّجَمُّلِ أَنَّ آزَرَ أَبَا إِبْرَاهِیمَ كَانَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ وَ لَمْ یَكُنْ یَصْدُرُ إِلَّا عَنْ أَمْرِهِ فَنَظَرَ لَیْلَةً فِی النُّجُومِ فَأَصْبَحَ وَ هُوَ یَقُولُ لِنُمْرُودَ لَقَدْ رَأَیْتُ فِی النُّجُومِ عَجَباً قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ رَأَیْتُ مَوْلُوداً یُولَدُ فِی زَمَانِنَا یَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَی یَدَیْهِ وَ لَا یَلْبَثُ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی یُحْمَلَ بِهِ قَالَ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ النِّسَاءُ بَعْدُ قَالَ لَا فَحَجَبَ الرِّجَالَ عَنِ النِّسَاءِ وَ لَمْ یَدَعِ امْرَأَةً إِلَّا جَعَلَهَا فِی الْمَدِینَةِ وَ لَا یَخْلُصُ إِلَیْهَا بَعْلُهَا قَالَ فَوَقَعَ آزَرُ عَلَی أَهْلِهِ فَحَمَلَتْ بِإِبْرَاهِیمَ فَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهُ فَأَرْسَلَ إِلَی قَوَابِلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَ كُنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْجَنِینِ وَ لَا یَكُونُ فِی الرَّحِمِ شَیْ ءٌ إِلَّا عَرَفْنَهُ وَ عَلِمْنَ بِهِ فَنَظَرْنَ فَأَلْزَمَ مَا فِی الرَّحِمِ الظَّهْرَ فَقُلْنَ مَا نَرَی فِی

ص: 237


1- 1. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
2- 2. القاموس: ج 4، ص 280.
3- 3. لا منافاة بین كونهم بحسب القضاء المحتوم من غیر الخارجین و كون ترك الخروج مسببا عن علمهم بالنجوم، فان القضاء لیس فی عرض سائر الأسباب.

بَطْنِهَا شَیْئاً قَالَ وَ كَانَ مِمَّا أُوتِیَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَوْلُودَ سَیُحْرَقُ بِالنَّارِ وَ لَمْ یُؤْتَ عِلْماً أَنَّ اللَّهَ سَیُنْجِیهِ مِنْهَا.

أقول:(1) و رویت هذا الحدیث عن إبراهیم الخزاز عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام من أصل قرئ علی هارون بن موسی التلعكبری رحمه اللّٰه و قد روی هذا الحدیث علی بن إبراهیم فی كتاب تفسیر القرآن بأبسط من هذه الروایة(2) و رواه أیضا أبو جعفر محمد بن جریر الطبری فی الجزء الأول من تاریخه و رواه أیضا سعید بن هبة اللّٰه الراوندی فی كتاب قصص الأنبیاء و رواه الثعلبی فی تفسیره و غیره من العلماء و ممن أخبر المنجمون عن نبوته و رسالته موسی بن عمران علیه السلام و قد تضمنت كتب التواریخ و غیرها من المصنفات ما یغنی عن ذكر جمیع الروایات فمن ذلك

ما رواه الثعلبی فی كتاب العرائس فی المجالس فقال إن فرعون رأی فی منامه أن نارا قد أقبلت من بیت المقدس حتی اشتملت علی بیوت مصر فأحرقتها و أحرقت القبط و تركت بنی إسرائیل فدعا فرعون السحرة و الكهنة و المعبرین و المنجمین و سألهم عن رؤیاه فقالوا له إنه یولد فی بنی إسرائیل غلام یسلبك ملكك و یغلبك علی سلطانك و یخرجك و قومك من أرضك و یذل دینك و قد أظلك زمانه الذی یولد فیه.

ثم ذكروا ولادة موسی علیه السلام و ما صنع فرعون فی قتل ذكور الأولاد و لیس فی ذكر ذلك هاهنا ما یلیق بالمراد و ذكر حكم المنجمین بولادة موسی علیه السلام و نبوته الزمخشری فی كتاب الكشاف و روی حدیث دلالة النجوم علی ولادة موسی علیه السلام وهب بن منبه فی الجزء الأول من كتاب المبتدإ بأبسط من روایة الثعلبی و ذكر

أبو جعفر بن بابویه فی كتاب النبوة فی باب سیاقه حدیث عیسی ابن مریم علیه السلام فقال ما هذا لفظه و قدم علیها وفد من عظماء علماء المجوس زائرین معظمین لأمر ابنها و قالوا إنا قوم ننظر فی النجوم فلما ولد

ص: 238


1- 1. من كلام السیّد بن طاوس رحمه اللّٰه.
2- 2. تفسیر القمّیّ: 194.

ابنك طلع بمولده نجم من نجوم الملك فنظرنا فیه فإذا ملكه ملك نبوة لا یزول عنه و لا یفارقه حتی یرفعه إلی السماء فیجاور ربه عز و جل ما كانت الدنیا مكانها ثم یصیر إلی ملك هو أطول و أبقی مما كان فیه فخرجنا من قبل المشرق حتی رفعنا إلی هذا المكان فوجدنا النجم متطلعا علیه من فوقه فبذلك عرفنا موضعه و قد أهدینا له هدیة جعلناها له قربانا لم یقرب مثله لأحد قط و ذلك أنا وجدنا هذا القربان یشبه أمره و هو الذهب و المر و اللبان لأن الذهب سید المتاع كله و كذلك ابنك هو سید الناس ما كان حیا و لأن المر جبار الجراحات و الجنون و العاهات كلها و لأن اللبان یبلغ دخانه السماء و لن یبلغها دخان شی ء غیره و كذلك ابنك یرفعه اللّٰه عز و جل إلی السماء و لیس یرفع من أهل زمانه غیره.

«20»- وَ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، جَمْعِ أَبِی الْقَاسِمِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّكُونِیِّ رَوَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَانِمٍ عَنْ هَنَّادٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ عَنِ ابْنِ مُسَیَّبٍ (1) عَنْ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: إِنِّی وَ اللَّهِ لَغُلَامٌ یَفْعَاءُ ابْنُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانِ سِنِینَ أَعْقِلُ كُلَّ مَا سَمِعْتُ إِذْ سَمِعْتُ یَهُودِیّاً وَ هُوَ عَلَی أَكَمَةِ یَثْرِبَ یَصْرُخُ یَا مَعْشَرَ الْیَهُودِ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالُوا وَیْلَكَ مَا لَكَ قَالَ طَلَعَ نَجْمُ أَحْمَدَ الَّذِی یُبْعَثُ بِهِ اللَّیْلَةَ وَ وَجَدْتُ كِتَاباً عِنْدَنَا الْآنَ اسْمُهُ كِتَابُ الْیَدِ الصِّینِیِّ عَمِلَهُ كشینا مَلِكُ الْهِنْدِ یَذْكُرُ فِیهِ تَفْصِیلَ دَلَالَةِ النُّجُومِ عَلَی نُبُوَّةِ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (2).

ص: 239


1- 1. هو أبو محمّد سعید بن المسیب بن حزن المخزومی، قال النووی فی تهذیب الأسماء( 1: 219) و ابوه المسیب وجده حزن صحابیان اسلما یوم فتح مكّة( انتهی) ذكر فی تراجم العامّة مقرونا بالثناء و المدح، لكن الخاصّة اختلفوا فیه، فروی الكشّیّ عن الكاظم علیه السلام انه من حواری السجّاد، و روی الكلینی( الكافی: ج 1، ص 472) عن إسحاق بن جریر قال قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام: كان سعید بن المسیب و القاسم بن محمّد بن أبی بكر و أبو خالد الكابلی من ثقات علیّ بن الحسین علیه السلام لكن اشتهر عنه انه رغب عن الصلاة علی جنازة علی ابن الحسین علیه السلام و أن له فتاوی مخالفة لمذهب أهل البیت، لكن من الممكن ان ذلك منه كان للتقیة و اللّٰه العالم.
2- 2. انتهی كلام السیّد رحمه اللّٰه.

أقول: قد أوردنا ما ذكره السید من أمر هرقل و كسری و اطلاعهما من جهة النجوم علی نبوة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله فی باب البشائر به و باب مولده.

ثم قال و أما دلالة النجوم علی ظهور المسلمین علی ملوك الفرس فالأخبار یمكن أن یكون بها كثیرة فی التواریخ الكبیرة فمن ذلك ما ذكره

الطبری فی تاریخه فقال و لما أمر یزدجرد رستم بالخروج من ساباط بعث إلی أخیه بنحو من الكتاب الأول زاد فیه فإن السمكة قد كدرت الماء و إن النعائم قد حبست و حسنت الزهرة فاعتدل المیزان و ذهب بهرام و لا أری هؤلاء القوم إلا سیظهرون علینا و سیولون علی ما یلینا و إن أشد ما رأیت أن الملك قال لتسیرن إلیهم أو لأسیرن إلیهم أنا بنفسی و أنا سائر إلیهم قال و كان الذی جرأ یزدجرد علی إرسال رستم غلام جابان منجم كسری و كان من أهل فرات بادقلی فأرسل إلیه فقال ما تری فی مسیر رستم و حرب العرب فخافه علی الصدق فكذبه و كان رستم یعلم نحوا من علم ذلك المنجم فثقل علیه مسیره و خف علی الملك لما غره به و قال إنی أحب أن تخبرنی بشی ء أراه أطمئن له إلی قولك فقال الغلام لدربا الهندی سلنی مسألة فقال أیها الملك یقبل طائر فیقع علی إیوانك فیقع منه شی ء فی فیه هاهنا و خط دائرة فقال العبد صدق و الطائر غراب و الذی فی فیه درهم و بلغ جابان أن الملك طلبه فأقبل حتی دخل علیه فسأله عما قال غلامه فحسبه فقال صدق و لم یصب هو عقعق و الذی فی فیه درهم فیقع منه علی هذا المكان و كذب دربا ینزو الدرهم فیستقر هاهنا و دور دائرة أخری فما قاموا حتی وقع علی الشرافات عقعق فسقط منه درهم فی الخط الأول فنزا فاستقر فی الخط الآخر و نافر الهندی جابان حیث خطاه فأتی ببقرة نتوج فقال الهندی سخلتها غراء سوداء فقال جابان كذبت بل سوداء سفعاء فنحرت البقرة و استخرجت سخلتها فإذا ذنبها أبیض فقال جابان من هاهنا أتی دربا و شجعاه علی إخراج رستم فأمضاه.

ثم قال الطبری ما معناه أن جابان كتب إلی من یشفق علیه من العسكر یأمره بالدخول مع العرب فیما یریدون و أخبره أن

ص: 240

ملك الفرس ذهب فقبل منه و كان الأمر كما اقتضاه دلالة النجوم من ظهور العرب علی الفرس.

أقول: ثم ذكر دلالة النجوم علی إمامة القائم علیه السلام و ولادته علی ما أوردناه فی باب ولادته علیه السلام.

بیان: قال فی القاموس العقعق طائر أبلق بسواد و بیاض صوته (1) العین و القاف (2)

و قال أنتجت الفرس حان نتاجها فهی نتوج لا منتج (3)

و قال سفع الشی ء أعلمه و وصمه و السفع بالضم السواد تضرب إلی الحمرة(4)

و فی النهایة السفعة نوع من السواد مع لون آخر(5).

«21»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ النَّاسَ یَقُولُونَ إِنَّ النُّجُومَ لَا یَحِلُّ النَّظَرُ فِیهَا وَ هُوَ(6)

یُعْجِبُنِی فَإِنْ كَانَتْ تُضِرُّ بِدِینِی فَلَا حَاجَةَ لِی فِی شَیْ ءٍ یُضِرُّ بِدِینِی وَ إِنْ كَانَتْ لَا تُضِرُّ بِدِینِی فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَشْتَهِیهَا وَ أَشْتَهِی النَّظَرَ فِیهَا فَقَالَ لَیْسَ كَمَا یَقُولُونَ لَا تُضِرُّ بِدِینِكَ ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ تَنْظُرُونَ فِی شَیْ ءٍ مِنْهَا كَثِیرُهُ لَا یُدْرَكُ وَ قَلِیلُهُ لَا یُنْتَفَعُ بِهِ تَحْسُبُونَ عَلَی طَالِعِ الْقَمَرِ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِی كَمْ بَیْنَ الْمُشْتَرِی وَ الزُّهَرَةِ مِنْ دَقِیقَةٍ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ قَالَ أَ فَتَدْرِی كَمْ بَیْنَ الزُّهَرَةِ وَ بَیْنَ الْقَمَرِ مِنْ دَقِیقَةٍ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ قَالَ أَ فَتَدْرِی كَمْ بَیْنَ الشَّمْسِ وَ بَیْنَ السُّكَیْنَةِ(7)

مِنْ دَقِیقَةٍ قُلْتُ

ص: 241


1- 1. فی المصدر: یشبه صوته.
2- 2. القاموس: ج 3، ص 266.
3- 3. القاموس: ج 1، ص 209.
4- 4. القاموس: ج 3، ص 38.
5- 5. فی المصدر: السفعة نوع من السواد لیس بالكثیر، و قیل هو سواد مع لون آخر النهایة: ج 2، ص 166.
6- 6. فی المصدر: و هی تعجبنی.
7- 7. السنبلة( خ).

لَا وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُنَجِّمِینَ قَطُّ قَالَ أَ فَتَدْرِی كَمْ بَیْنَ السُّكَیْنَةِ(1) وَ بَیْنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ دَقِیقَةٍ قُلْتُ لَا(2) مَا سَمِعْتُهُ مِنْ مُنَجِّمٍ قَطُّ قَالَ مَا بَیْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَی صَاحِبِهِ سِتِّینَ (3) أَوْ تِسْعِینَ دَقِیقَةً شَكَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ یَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا حِسَابٌ إِذَا حَسَبَهُ الرَّجُلُ وَ وَقَعَ عَلَیْهِ عَرَفَ الْقَصَبَةَ الَّتِی فِی وَسَطِ الْأَجَمَةِ وَ عَدَدَ مَا عَنْ یَمِینِهَا وَ عَدَدَ مَا عَنْ یَسَارِهَا وَ عَدَدَ مَا خَلْفَهَا وَ عَدَدَ مَا أَمَامَهَا حَتَّی لَا یَخْفَی عَلَیْهِ مِنْ قَصَبِ الْأَجَمَةِ وَاحِدَةٌ(4).

النجوم، بإسناده عن الكلینی: مثله- ثم قال السید و روی هذا الحدیث أصحابنا فی المصنفات و الأصول:- و رواه محمد بن أبی عبد اللّٰه فی أمالیه:- و رواه محمد بن یحیی (5)

أخو مقلس عن حماد بن عثمان: بیان تحسبون علی طالع القمر یظهر منه أنه كان مدار أحكام هؤلاء علی حركات القمر و أوضاعه و كانوا لا یلتفتون إلی أوضاع سائر الكواكب كم بین المشتری و الزهرة أی بحسب الدرجات و الأوضاع الحاصلة من الحركات أو بعد فلك أحدهما عن الآخر و الأول أظهر و بین السكینة هو اسم كوكب غیر معروف عند المنجمین له مدخل فی الأحكام و فی بعض النسخ السنبلة و الأول أنسب بقوله ما سمعته من منجم.

«22»- النُّجُومُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ فِی كِتَابِ تَعْبِیرِ الرُّؤْیَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سام [بَسَّامٍ] قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: قَوْمٌ یَقُولُونَ النُّجُومُ أَصَحُّ مِنَ الرُّؤْیَا وَ

ص: 242


1- 1. السنبلة( خ).
2- 2. فی المصدر: لا و اللّٰه.
3- 3. فی المصدر: ستون أو سبعون.
4- 4. روضة الكافی: 195.
5- 5. فی بعض النسخ« محمّد بن عیسی» و الظاهر أنّه تصحیف، لعدم ذكر« محمّد بن عیسی أخو مقلس» فی الرجال، قال النجاشیّ: محمّد بن یحیی الخثعمیّ كوفیّ ثقة روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و قال الشیخ فی الاستبصار( ج 2، ص 305 من طبعة النجف الأخیرة): هو عامی.

ذَلِكَ كَانَتْ صَحِیحَةً حِینَ لَمْ یُرَدَّ الشَّمْسُ عَلَی یُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الشَّمْسَ عَلَیْهِمَا ضَلَّ فِیهَا عُلُومُ عُلَمَاءِ النُّجُومِ.

«23»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ صَالِحٍ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سُئِلَ عَنِ النُّجُومِ فَقَالَ مَا یَعْلَمُهَا إِلَّا أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْعَرَبِ وَ أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْهِنْدِ(1).

النُّجُومُ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ أَوْلَادُ وَصِیِّ إِدْرِیسَ علیه السلام: ثُمَّ قَالَ وَ رَوَیْنَا هَذَا الْحَدِیثَ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ مِنْ أَصْلِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام.

بیان: أهل بیت من العرب أهل بیت النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لا یدل علی جواز النظر فیه و العمل به بل علی خلافهما أدل لأن علم أكثر الخلق به ناقص فیكون حكمهم به قولا بغیر علم.

«24»- الْكَافِی، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِ (2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَطَّابٍ الْوَاسِطِیِّ عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِیِّ عَنْ حَمَّادٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ هِشَامٍ الْخَفَّافِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: كَیْفَ بَصَرُكَ بِالنُّجُومِ قَالَ قُلْتُ مَا خَلَّفْتُ بِالْعِرَاقِ أَبْصَرَ بِالنُّجُومِ مِنِّی فَقَالَ كَیْفَ دَوَرَانُ الْفَلَكِ عِنْدَكُمْ قَالَ فَأَخَذْتُ قَلَنْسُوَتِی مِنْ رَأْسِی فَأَدَرْتُهَا قَالَ فَقَالَ لِی إِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَی مَا تَقُولُ فَمَا بَالُ بَنَاتِ نَعْشٍ وَ الْجَدْیِ وَ الْفَرْقَدَیْنِ لَا یُرَوْنَ یَدُورُونَ یَوْماً مِنَ الدَّهْرِ فِی الْقِبْلَةِ قَالَ قُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ شَیْ ءٌ لَا أَعْرِفُهُ وَ لَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْحِسَابِ یَذْكُرُهُ فَقَالَ لِی كَمِ السُّكَیْنَةُ مِنَ الزُّهَرَةِ جُزْءاً فِی ضَوْئِهَا قَالَ قُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ نَجْمٌ مَا سَمِعْتُ بِهِ وَ لَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ یَذْكُرُهُ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ فَأَسْقَطْتُمْ نَجْماً بِأَسْرِهِ (3)

فَعَلَی مَا تَحْسُبُونَ ثُمَّ قَالَ فَكَمِ الزُّهَرَةُ

ص: 243


1- 1. روضة الكافی: 330.
2- 2. فی المصدر: التیمی.
3- 3. هذا تصریح بعدم انحصار السیارات فی ما كان مشهورا عند قدماء الهیویین.

مِنَ الْقَمَرِ جُزْءاً فِی ضَوْئِهِ قَالَ فَقُلْتُ هَذَا شَیْ ءٌ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَكَمِ الْقَمَرُ جُزْءاً مِنَ الشَّمْسِ فِی ضَوْئِهَا قَالَ قُلْتُ مَا أَعْرِفُ هَذَا قَالَ صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ فَمَا بَالُ الْعَسْكَرَیْنِ یَلْتَقِیَانِ فِی هَذَا حَاسِبٌ وَ فِی هَذَا حَاسِبٌ فَیَحْسُبُ هَذَا لِصَاحِبِهِ بِالظَّفَرِ(1) ثُمَّ یَلْتَقِیَانِ فَیَهْزِمُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَأَیْنَ كَانَتِ النُّجُومُ قَالَ فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ صَدَقْتَ إِنَّ أَصْلَ الْحِسَابِ حَقٌّ وَ لَكِنْ لَا یَعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ عَلِمَ مَوَالِیدَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ (2).

بیان: فأدرتها لعله زعم أن حركة الفلك فی جمیع المواضع رحویة ما بال العسكرین هذا دلیل تام علی خطاء المنجمین فإن ملكین إذا تقابلا و كان لكل منهما منجم فإنهما یختاران لهما ساعة واحدة و یحكم كل منهما لصاحبه بالظفر مع أنه یظفر أحدهما و ینهزم الآخر و ذلك لعدم إحاطتهم بارتباط النجوم بالأشخاص فإنه یمكن أن یكون لكل نجم مناسبة لشخص من الأشخاص یكون سعادته أو علوه علامة لغلبته أو یقال كما أن لتأثیر الفواعل مدخلا فی حدوث الحوادث فكذا لاستعداد القوابل مدخل فیه و هم علی تقدیر إحاطة علمهم بالأول لم یحط علمهم بالثانی كما قاله ابن سینا و سیأتی تفصیله فی قصة هاروت و ماروت فقوله علیه السلام لا یعلم ذلك إلا من علم موالید الخلق یمكن أن یكون إشارة إلی الأول كما أن المنجمین یعتبرون طالع المولود فی الأحكام أو إلی الثانی بأن یكون المراد بموالیدهم خصوصیات موادهم و استعداداتهم و قابلیاتهم و أسباب ولادتهم و هذا علم لا یمكن الإحاطة به إلا بالوحی أو الإلهام من الخالق الحكیم و یمكن أن یكون المراد به أن من أحاط بذلك العلم یعلم به جمیع موالید

الخلق و لما لم یعلم المنجمون جمیع ذلك ظهر أنهم لا یحیطون به علما و علی التقادیر ظاهره حقیة هذا العلم و عدم جواز النظر فیه لسائر الخلق لعدم إحاطتهم به و تضمنه القول بما لا یعلم و اللّٰه یعلم.

ص: 244


1- 1. فی المصدر: بالظفر، و یحسب هذا لصاحبه بالظفر.
2- 2. روضة الكافی: 351.

«25»- النُّجُومُ، وَجَدْتُ فِی كِتَابِ نَوَادِرِ الْحِكْمَةِ تَأْلِیفِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّیِّ رَوَاهُ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ كَیْفَ حِسَابُكَ لِلنُّجُومِ فَقَالَ مَا بَقِیَ مِنْهَا شَیْ ءٌ إِلَّا وَ قَدْ تَعَلَّمْتُهُ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام كَمْ لِنُورِ الشَّمْسِ عَلَی نُورِ الْقَمَرِ فَضْلُ دَرَجَةٍ وَ كَمْ لِنُورِ الْقَمَرِ عَلَی نُورِ الْمُشْتَرِی فَضْلُ دَرَجَةٍ وَ كَمْ لِنُورِ الْمُشْتَرِی عَلَی نُورِ الزُّهَرَةِ فَضْلُ دَرَجَةٍ فَقَالَ لَا أَدْرِی فَقَالَ لَیْسَ فِی یَدِكَ شَیْ ءٌ هَذَا أَیْسَرُ.

بیان: أی هذا أیسر شی ء من هذا العلم.

«26»- النُّجُومُ، وَجَدْتُ فِی كِتَابِ مَسَائِلِ الصَّبَّاحِ بْنِ نَصْرٍ الْهِنْدِیِّ لِمَوْلَانَا عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام رِوَایَةَ أَبِی الْعَبَّاسِ بْنِ نُوحٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفْوَانِیِّ مِنْ أَصْلِ كِتَابٍ عَتِیقٍ لَنَا الْآنَ رُبَّمَا كَانَ قَدْ كُتِبَ فِی حَیَاتِهِمَا بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ فِیهِ عَنِ الرَّیَّانِ بْنِ الصَّلْتِ: وَ ذَكَرَ اجْتِمَاعَ الْعُلَمَاءِ بِحَضْرَةِ الْمَأْمُونِ وَ ظُهُورَ حُجَّتِهِ علیه السلام عَلَی جَمِیعِ الْعُلَمَاءِ وَ حُضُورَ الصَّبَّاحِ بْنِ نَصْرٍ الْهِنْدِیِّ عِنْدَ مَوْلَانَا الرِّضَا علیه السلام وَ سُؤَالَهُ عَنْ مَسَائِلَ كَثِیرَةٍ مِنْهَا سُؤَالُهُ عَنْ عِلْمِ النُّجُومِ فَقَالَ علیه السلام مَا هَذَا لَفْظُهُ هُوَ عِلْمٌ فِی أَصْلٍ صَحِیحٍ ذَكَرُوا أَنَّ أَوَّلَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِی النُّجُومِ إِدْرِیسُ علیه السلام وَ كَانَ ذُو الْقَرْنَیْنِ بِهَا مَاهِراً وَ أَصْلُ هَذَا الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یُقَالُ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ النَّجْمَ الَّذِی یُقَالُ لَهُ الْمُشْتَرِی إِلَی الْأَرْضِ فِی صُورَةِ رَجُلٍ فَأَتَی بَلَدَ الْعَجَمِ فَعَلَّمَهُمْ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ فَلَمْ یَسْتَكْمِلُوا ذَلِكَ فَأَتَی بَلَدَ الْهِنْدِ فَعَلَّمَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَمِنْ هُنَاكَ صَارَ عِلْمُ النُّجُومِ بِهَا(1)

وَ قَدْ قَالَ قَوْمٌ هُوَ عِلْمٌ مِنْ عِلْمِ الْأَنْبِیَاءِ خُصُّوا بِهِ لِأَسْبَابٍ شَتَّی فَلَمْ یَسْتَدْرِكِ الْمُنَجِّمُونَ الدَّقِیقَ (2)

مِنْهَا فَشَابُوا الْحَقَّ بِالْكَذِبِ.

هذا آخر لفظ مولانا علی بن موسی الرضا علیهما السلام فی هذه الروایة الجلیلة الإسناد و قوله علیه السلام حجة علی العباد و قوله علیه السلام ذكروا و یقال فإن عادته علیه السلام عند التقیة من المخالفین و العامة

ص: 245


1- 1. الظاهر أنّه علیه السلام نقل هذا الكلام لمصلحة فی نقله لا للتصدیق بصحته.
2- 2. الدقیقة فیها( خ).

یقول نحو هذا الكلام و تارة یقول كان أبی یقول و تارة روی (1) عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

بیان: أقول یحتمل أن یكون تصحیحه علیه السلام و إثباته لعلم النجوم تقیة لولوع المأمون بهذا العلم و رغبته إلیه فلذا عبر علیه السلام بهذه العبارات و فی أكثر الأعصار المنجمون مقربون عند السلاطین و الناس یتقون منهم مع أنه غیر صریح فی جواز التعلیم و التعلم و العمل به.

«27»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ مِمَّنْ (2) یَكُونَانِ فَقَالَ لِی یَا أَبَا أَیُّوبَ إِنَّ الْمِرِّیخَ كَوْكَبٌ حَارٌّ وَ زُحَلَ كَوْكَبٌ بَارِدٌ فَإِذَا بَدَأَ الْمِرِّیخُ فِی الِارْتِفَاعِ انْحَطَّ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِی الرَّبِیعِ فَلَا یَزَالانِ كَذَلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ الْمِرِّیخُ دَرَجَةً انْحَطَّ زُحَلُ دَرَجَةً ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّی یَنْتَهِیَ الْمِرِّیخُ فِی الِارْتِفَاعِ وَ یَنْتَهِیَ زُحَلُ فِی الْهُبُوطِ فَیَجْلُوَ الْمِرِّیخُ فَلِذَلِكَ یَشْتَدُّ الْحَرُّ فَإِذَا كَانَ فِی آخِرِ الصَّیْفِ وَ أَوَانِ (3)

الْخَرِیفِ بَدَأَ زُحَلُ فِی الِارْتِفَاعِ وَ بَدَأَ الْمِرِّیخُ فِی الْهُبُوطِ فَلَا یَزَالانِ كَذَلِكَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ زُحَلُ دَرَجَةً انْحَطَّ الْمِرِّیخُ دَرَجَةً حَتَّی یَنْتَهِیَ الْمِرِّیخُ فِی الْهُبُوطِ وَ یَنْتَهِیَ زُحَلُ فِی الِارْتِفَاعِ فَیَجْلُوَ زُحَلُ وَ ذَلِكَ فِی أَوَّلِ (4) الشِّتَاءِ وَ آخِرِ الصَّیْفِ (5) فَلِذَلِكَ یَشْتَدُّ الْبَرْدُ وَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ هَذَا هَبَطَ هَذَا وَ كُلَّمَا هَبَطَ هَذَا ارْتَفَعَ هَذَا فَإِذَا كَانَ فِی الصَّیْفِ یَوْمٌ بَارِدٌ فَالْفِعْلُ فِی ذَلِكَ لِلْقَمَرِ وَ إِذَا كَانَ فِی الشِّتَاءِ یَوْمٌ حَارٌّ فَالْفِعْلُ فِی ذَلِكَ لِلشَّمْسِ هَذَا تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ وَ أَنَا عَبْدُ رَبِّ الْعَالَمِینَ (6).

ص: 246


1- 1. یروی( خ).
2- 2. فی المصدر: مما یكونان.
3- 3. فی المصدر: و اول الخریف.
4- 4. اوان( خ).
5- 5. فی المصدر: الخریف.
6- 6. روضة الكافی: 306.

بیان: أشكل علی الناظرین فی هذا الخبر حله من جهة أن حركتی زحل و المریخ الخاصتین غیر متوافقتین و لا مطابقتین لحركة الشمس و الفصول الحاصلة منها بوجه و یخطر بالبال حل یمكن حمل الخبر علیه لیندفع الإشكال و هو أن یكون حرارة أحد الكوكبین و برودة الآخر بالخاصیة لا بالكیفیة من قبیل التأثیرات الناقصة التی تنسب إلی أوضاع الكواكب و یكون لكل منهما تدویر و یكون ارتفاع المریخ فی تدویره إما مؤثرا ناقصا أو علامة لزیادة الحرارة و یكون ارتفاعه عند انحطاط زحل بحركة تدویره و انحطاطه مؤثرا ناقصا أو علامة لضعف البرودة فلذا یصیر الهواء فی الصیف حارا و فی الشتاء بعكس ذلك و لم یدل دلیل علی امتناعه كما أنهم یقولون فی القمر إن قوته و ارتفاعه مؤثر و علامة لزیادة البرد و الرطوبات و قد أثبتوا أفلاكا كثیرة جزئیة لكل من السیارات لضبط الحركات و مع ذلك یرد علیهم ما لا یمكنهم حله فلا ضیر فی أن نثبت فلكا آخر لتصحیح الخبر المنسوب إلی الإمام علیه السلام.

قوله فیجلو المریخ كذا فی أكثر نسخ الكافی و هو إما من الجلاء بمعنی الخروج و المفارقة عن المكان أی یأخذ فی الارتفاع أو من الجلاء بمعنی الوضوح و الانكشاف و فی بعض نسخه فیعلو فی الموضعین و فی كتاب النجوم فیلحق فیهما و لهما وجه قریب و لعل قوله علیه السلام و أنا عبد رب العالمین لحضور بعض الغلاة فی ذلك المجلس قال ذلك ردا علیهم و قیل أول الكلام مبنی علی زعم المنجمین من تأثیر الكواكب و رد ذلك آخرا بقوله علیه السلام هذا تقدیر العزیز العلیم و حاصله أن المنجمین یعدون الشمس و المریخ حارین یابسین و زحل باردا یابسا و القمر باردا رطبا و غرضهم أن تأثیرها فی السفلیات كذلك و تخصیص المریخ و زحل بالذكر لكونهما من العلویة و هی أشرف عندهم و المراد بارتفاع مریخ و انحطاط زحل حسن حال الأول و سوء حال الثانی

بزعمهم إذ الشمس من أول الحمل كلما ازداد ارتفاعا فی الآفاق المائلة الشمالیة اشتد حرارة الهواء فارتفع مانع تأثیر المریخ و قوی تأثیره و ضعف تأثیر زحل و كذا العكس.

ص: 247

«28»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ(1) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ آزَرَ أَبَا إِبْرَاهِیمَ كَانَ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ وَ لَمْ یَكُنْ یَصْدُرُ إِلَّا عَنْ أَمْرِهِ فَنَظَرَ لَیْلَةً فِی النُّجُومِ فَأَصْبَحَ وَ هُوَ یَقُولُ لِنُمْرُودَ لَقَدْ رَأَیْتُ عَجَباً قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ رَأَیْتُ مَوْلُوداً یُولَدُ فِی أَرْضِنَا یَكُونُ هَلَاكُنَا عَلَی یَدَیْهِ وَ لَا یَلْبَثُ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی یُحْمَلَ بِهِ قَالَ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ النِّسَاءُ قَالَ لَا قَالَ فَحَجَبَ النِّسَاءَ عَنِ الرِّجَالِ فَلَمْ یَدَعُوا امْرَأَةً إِلَّا جَعَلَهَا فِی الْمَدِینَةِ لَا یخلطن [لَا یَخْلُصُ إِلَیْهَا](2)

بَعْلُهَا وَ وَقَعَ آزَرُ عَلَی أَهْلِهِ (3)

وَ عَلِقَتْ بِإِبْرَاهِیمَ علیه السلام فَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهُ فَأَرْسَلُوا(4)

إِلَی نِسَاءٍ مِنَ الْقَوَابِلِ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا یَكُونُ فِی الرَّحِمِ شَیْ ءٌ إِلَّا عَلِمْنَ بِهِ فَنَظَرْنَ فَأَلْزَمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا فِی الرَّحِمِ (5) الظَّهْرَ فَقُلْنَ مَا نَرَی فِی بَطْنِهَا شَیْئاً وَ كَانَ فِیمَا أُوتِیَ مِنَ الْعِلْمِ أَنَّهُ سَیُحْرَقُ فِی (6)

النَّارِ وَ لَمْ یُؤْتَ عِلْمَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَیُنْجِیهِ مِنْهَا الْخَبَرَ(7).

«29»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ نَجْماً فِی الْفَلَكِ السَّابِعِ فَخَلَقَهُ مِنْ مَاءٍ بَارِدٍ وَ سَائِرَ النُّجُومِ السِّتَّةِ الْجَارِیَاتِ مِنْ مَاءٍ حَارٍّ وَ هُوَ نَجْمُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْصِیَاءِ وَ هُوَ نَجْمُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَأْمُرُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الدُّنْیَا وَ الزُّهْدِ فِیهَا وَ یَأْمُرُ بِافْتِرَاشِ التُّرَابِ (8)

وَ تَوَسُّدِ اللَّبِنِ

ص: 248


1- 1. كذا فی نسخ البحار، و فی المصدر« هشام بن سالم عن أبی أیّوب الخزار عن ابی بصیر» و علی التقدیرین لا ارسال فی السند لان طبقة هشام و ابی أیّوب و ابی بصیر واحدة فیمكن روایة هشام عن ابی بصیر بلا واسطة و بواسطة ابی أیّوب.
2- 2. فی المصدر: لا یخلص إلیها بعلها.
3- 3. فی المصدر: بأهله.
4- 4. فی المصدر: فأرسل.
5- 5. فی المصدر: إلی الظهر.
6- 6. فی المصدر: و بعض النسخ: بالنار.
7- 7. روضة الكافی: 366.
8- 8. الثری( خ).

وَ لِبَاسِ الْخَشِنِ وَ أَكْلِ الْجَشِبِ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ نَجْماً أَقْرَبَ إِلَی اللَّهِ مِنْهُ (1).

بیان: یدل الخبر علی أن المنجمین قد أخطئوا فی طبائع الكواكب و من ینسبونه إلیها و فی سعدها و نحسها یأمر بالخروج من الدنیا لعل المراد أن من ینسب إلیه هكذا حاله أو من كان هذا الكوكب طالع ولادته یكون كذلك أو أن المنسوبین إلی هذا الكوكب یأمرون بذلك.

أقول: فعلی الأول یمكن أن یقال لا تنافی بین ما ذكره المنجمون و بین ما ورد فی الخبر لأن نحوسته بالنظر إلی أغراض أهل الدنیا و ما یطلبون من عز الدنیا و فخرها و زخرفها و سعادته بالنظر إلی أغراض أهل الآخرة و ما یطلبون من ترك الدنیا و لذاتها و شهواتها فتدبر.

«30»- النُّجُومُ، رَوَی مُعَاوِیَةُ بْنُ حُكَیْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَثْعَمِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ النُّجُومِ حَقٌّ هِیَ قَالَ لِی نَعَمْ فَقُلْتُ لَهُ وَ فِی الْأَرْضِ مَنْ یَعْلَمُهَا قَالَ نَعَمْ وَ فِی الْأَرْضِ مَنْ یَعْلَمُهَا.

قال السید و رویناه بإسنادنا إلی محمد بن یحیی الخثعمی من غیر كتاب معاویة بن حكیم.

«31»- وَ رَوَیْنَا بِإِسْنَادِنَا عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ حُكَیْمٍ فِی كِتَابِ أَصْلِهِ حَدِیثاً آخَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: فِی السَّمَاءِ أَرْبَعَةُ نُجُومٍ مَا یَعْلَمُهَا إِلَّا أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْعَرَبِ وَ أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْهِنْدِ یَعْرِفُونَ مِنْهَا نَجْماً وَاحِداً فَبِذَلِكَ قَامَ حِسَابُهُمْ.

«32»- الْمَنَاقِبُ، لِابْنِ شَهْرَآشُوبَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: رَأَیْتُ رَجُلًا یَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ النُّجُومِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ لَهُ هَذَا عِلْمٌ لَهُ أَصْلٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ حَدِّثْنِی عَنْهُ قَالَ أُحَدِّثُكَ عَنْهُ بِالسَّعْدِ وَ لَا أُحَدِّثُكَ بِالنَّحْسِ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ فَرَضَ صَلَاةَ الْفَجْرِ لِأَوَّلِ سَاعَةٍ فَهُوَ فَرْضٌ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ فَرَضَ الظُّهْرَ لِسَبْعِ سَاعَاتٍ وَ هُوَ فَرْضٌ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ جَعَلَ الْعَصْرَ لِتِسْعِ سَاعَاتٍ وَ هُوَ فَرْضٌ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ جَعَلَ الْمَغْرِبَ لِأَوَّلِ سَاعَةٍ مِنَ اللَّیْلِ وَ هُوَ فَرْضٌ وَ هِیَ سَعْدٌ وَ الْعَتَمَةَ لِثَلَاثِ سَاعَاتٍ وَ هُوَ فَرْضٌ وَ هِیَ سَعْدٌ.

ص: 249


1- 1. روضة الكافی: 257.

بیان: لعل غرضه علیه السلام أن ذلك العلم له أصل لكن لا ینبغی لك أن تطلب منه إلا قدر ما تعلم به أوقات الفرائض أو المعنی أن أوقات الفرائض لها سعادة لوقوع عبادة اللّٰه فیها.

«33»- النُّجُومُ، رَوَیْنَا بِأَسَانِیدَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْغَضَائِرِیِّ وَ نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ مِنَ الْجُزْءِ الثَّانِی مِنْ كِتَابِ الدَّلَائِلِ تَأْلِیفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَیَّاعِ السَّابِرِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ لِی فِی النَّظْرَةِ فِی النُّجُومِ لَذَّةً وَ هِیَ مَعِیبَةٌ عِنْدَ النَّاسِ فَإِنْ كَانَ فِیهَا إِثْمٌ تَرَكْتُ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ فِیهَا إِثْمٌ فَإِنَّ لِی فِیهَا لَذَّةً قَالَ فَقَالَ تَعُدُّ الطَّوَالِعَ قُلْتُ نَعَمْ فَعَدَدْتُهَا لَهُ فَقَالَ كَمْ تَسْقِی الشَّمْسُ الْقَمَرَ مِنْ نُورِهَا قُلْتُ هَذَا شَیْ ءٌ لَمْ أَسْمَعْهُ قَطُّ وَ قَالَ وَ كَمْ تَسْقِی الزُّهَرَةَ الشَّمْسُ مِنْ نُورِهَا قُلْتُ وَ لَا هَذَا قَالَ فَكَمْ تُسْقَی الشَّمْسُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ نُورِهِ قُلْتُ وَ هَذَا شَیْ ءٌ مَا أَسْمَعُهُ قَطُّ قَالَ فَقَالَ هَذَا شَیْ ءٌ إِذَا عَلِمَهُ الرَّجُلُ عَرَفَ أَوْسَطَ قَصَبَةٍ فِی الْأَجَمَةِ ثُمَّ قَالَ لَیْسَ یَعْلَمُ النُّجُومَ إِلَّا أَهْلُ بَیْتٍ مِنْ قُرَیْشٍ وَ أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْهِنْدِ.

«34»- وَ مِنْهُ، وَجَدْتُ فِی كِتَابٍ عَتِیقٍ اسْمُهُ كِتَابُ التَّجَمُّلِ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: ذَكَرْتُ النُّجُومَ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ مَا یَعْلَمُهَا إِلَّا أَهْلُ بَیْتٍ بِالْهِنْدِ وَ أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الْعَرَبِ.

«35»- وَ فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، أَیْضاً عَنْ مُحَمَّدٍ وَ هَارُونَ ابْنَیْ أَبِی سَهْلٍ: وَ كَتَبَا إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَبَانَا وَ جَدَّنَا كَانَا یَنْظُرَانِ فِی النُّجُومِ فَهَلْ یَحِلُّ النَّظَرُ فِیهَا قَالَ نَعَمْ.

«36»- وَ فِیهِ، أَیْضاً أَنَّهُمَا كَتَبَا إِلَیْهِ نَحْنُ وُلْدُ بَنِی نَوْبَخْتَ الْمُنَجِّمِ: وَ قَدْ كُنَّا كَتَبْنَا إِلَیْكَ هَلْ یَحِلُّ النَّظَرُ فِیهَا فَكَتَبْتَ نَعَمْ وَ الْمُنَجِّمُونَ یَخْتَلِفُون فِی صِفَةِ الْفَلَكِ فَبَعْضُهُمْ یَقُولُ إِنَّ الْفَلَكَ فِیهِ النُّجُومُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ مُعَلَّقٌ بِالسَّمَاءِ وَ هُوَ دُونَ السَّمَاءِ وَ هُوَ الَّذِی یَدُورُ بِالنُّجُومِ وَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ السَّمَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ وَ لَا تَدُورُ وَ یَقُولُونَ دَوَرَانُ الْفَلَكِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَ إِنَّ الشَّمْسَ تَدُورُ مَعَ الْفَلَكِ

ص: 250

تَحْتَ الْأَرْضِ وَ تَغِیبُ فِی الْمَغْرِبِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَ تَطْلُعُ بِالْغَدَاةِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَكَتَبَ نَعَمْ مَا لَمْ یَخْرُجْ مِنَ التَّوْحِیدِ.

«37»- وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِیهِ (1)

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فِی یَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ قَالَ كَانَ الْقَمَرُ مَنْحُوساً بِزُحَلَ.

بیان: معلق بالسماء أی الفلك معلق بالسماء و لعل مرادهم بالسماء الفلك التاسع و بعدم حركتها أنها لا تتحرك بالحركات الخاصة للكواكب و قولهم دوران الفلك تحت الأرض یحتمل الخاصة و الیومیة و الأعم و غرضهم أن الكواكب كما تتحرك تبعا للأفلاك فوق الأرض فكذا تتحرك تحتها و قولهم و إن الشمس تدور مع الفلك أی بالحركة الیومیة هذا ما خطر بالبال فی تأویله و ظاهره أن الأفلاك غیر السماوات و لعله كان ذلك مذهبا لجماعة كما ذهب إلیه الكراجكی حیث قال فی كنز الفوائد اعلم أن الأرض علی هیئة الكرة و الهواء یحیط بها من كل جهة و الأفلاك تحیط بالجمیع إحاطة استدارة و هی طبقات بعضها یحیط ببعض فمنها سبعة تختص بالنیرین و الكواكب الخمسة التی تسمی المتحیرة فالنیران هما الشمس و القمر و الخمسة هی زحل و المشتری و المریخ و الزهرة و عطارد فلكل واحد منها فلك یختص به من هذه السبعة ففلك زحل أعلاها و فلك القمر أقربها من الأرض و فلك الشمس فی وسطها و

ص: 251


1- 1. هو عمر بن یزید بیاع السابری، قال النجاشیّ( 217) عمر بن محمّد بن یزید ابو الأسود بیاع السابری مولی ثقیف كوفیّ ثقة جلیل أحد من كان یفد فی كل سنة، روی عن أبی عبد اللّٰه و أبی الحسن علیهما السلام و روی الكشّیّ عن محمّد بن عذافر عنه قال: قال لی أبو عبد اللّٰه علیه السلام: یا ابن یزید، انت و اللّٰه منا أهل البیت. قلت له: جعلت فداك، من آل محمّد؟ قال: ای و اللّٰه من انفسهم! قلت: من انفسهم؟ قال: ای و اللّٰه من انفسهم یا عمر! أ ما تقرأ كتاب اللّٰه عزّ و جلّ إن أولی الناس بابراهیم للذین اتبعوه و هذا النبیّ و الذین آمنوا و اللّٰه ولی المؤمنین»؟.

تحت فلك زحل فلك المشتری ثم المریخ و فوق القمر فلك عطارد ثم فلك الزهرة و یحیط بهذه الأفلاك السبعة فلك الكواكب الثابتة و هی جمیع ما یری فی السماء غیر ما ذكرنا ثم الفلك المحیط الأعظم المحرك جمیع هذه الأفلاك ثم السماوات السبع تحیط بالأفلاك و هی مساكن الأملاك و من رفعه اللّٰه تعالی إلی سمائه من أنبیائه و حججه علیهم السلام انتهی و هذا قول غریب لم أر به قائلا غیره و مخالفته لظاهر الآیة أكثر من القول المشهور.

فكتب نعم أی یحل النظر فیها ما لم یخرج من التوحید أی ما لم ینته إلی القول بتأثیر الكواكب و أنها شریكة فی الخلق و التدبیر للرب سبحانه و الظاهر أن المراد بالنظر فی النجوم هنا علم الهیئة و التفكر فی كیفیة دوران الكواكب و الأفلاك و قدر حركاتها و أشباه ذلك لا استخراج الأحكام و الإخبار عن الحوادث.

«38»- النُّجُومُ، مِنْ كِتَابِ نُزْهَةِ الْكِرَامِ وَ بُسْتَانِ الْعَوَامِّ تَأْلِیفِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ السَّرَاوِیِّ وَ هَذَا الْكِتَابُ خَطُّهُ بِالْعَجَمِیَّةِ تَكَلَّفْنَا مِنْ نَقْلِهِ إِلَی الْعَرَبِیَّةِ فَذَكَرَ فِی أَوَاخِرِ الْمُجَلَّدِ الثَّانِی مِنْهُ مَا هَذَا لَفْظُ مَنْ أَعْرَبَهُ: وَ رُوِیَ أَنَّ هَارُونَ الرَّشِیدَ بَعَثَ إِلَی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام فَأَحْضَرَهُ فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ قَالَ إِنَّ النَّاسَ یَنْسُبُونَكُمْ یَا بَنِی فَاطِمَةَ إِلَی عِلْمِ النُّجُومِ وَ أَنَّ مَعْرِفَتَكُمْ بِهَا مَعْرِفَةٌ جَیِّدَةٌ وَ فُقَهَاءُ الْعَامَّةِ یَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِذَا ذَكَرُوا فِی أَصْحَابِی فَاسْكُتُوا وَ إِذَا ذَكَرُوا الْقَدَرَ فَاسْكُتُوا وَ إِذَا ذَكَرُوا النُّجُومَ فَاسْكُتُوا وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ أَعْلَمَ الْخَلَائِقِ بِعِلْمِ النُّجُومِ وَ أَوْلَادُهُ وَ ذُرِّیَّتُهُ الَّذِینَ تَقُولُ الشِّیعَةُ بِإِمَامَتِهِمْ كَانُوا عَارِفِینَ بِهَا فَقَالَ لَهُ الْكَاظِمُ علیه السلام هَذَا حَدِیثٌ ضَعِیفٌ وَ إِسْنَادُهُ مَطْعُونٌ فِیهِ وَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ مَدَحَ النُّجُومَ وَ لَوْ لَا أَنَّ النُّجُومَ صَحِیحَةٌ مَا مَدَحَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الْأَنْبِیَاءُ علیهم السلام كَانُوا عَالِمِینَ بِهَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی حَقِّ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ الرَّحْمَنِ علیه السلام وَ كَذلِكَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ (1)

ص: 252


1- 1. الأنعام: 75.

وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ (1) فَلَوْ لَمْ یَكُنْ عَالِماً بِعِلْمِ النُّجُومِ مَا نَظَرَ فِیهَا وَ مَا قَالَ إِنِّی سَقِیمٌ وَ إِدْرِیسُ علیه السلام كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالنُّجُومِ وَ اللَّهُ تَعَالَی قَدْ أَقْسَمَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ وَ النَّازِعاتِ غَرْقاً إِلَی قَوْلِهِ فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً وَ یَعْنِی بِذَلِكَ اثْنَیْ عَشَرَ بُرْجاً وَ سَبْعَةَ سَیَّارَاتٍ وَ الَّذِی یَظْهَرُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بَعْدَ عِلْمِ الْقُرْآنِ مَا یَكُونُ أَشْرَفَ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ وَ هُوَ عِلْمُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْصِیَاءِ وَ وَرَثَةِ الْأَنْبِیَاءِ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ (2) وَ نَحْنُ نَعْرِفُ هَذَا الْعِلْمَ وَ مَا نَذْكُرُهُ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ بِاللَّهِ عَلَیْكَ یَا مُوسَی هَذَا الْعِلْمُ لَا تُظْهِرُوهُ عِنْدَ الْجُهَّالِ وَ عَوَامِّ النَّاسِ حَتَّی لَا یُشَنِّعُوا عَلَیْكَ وَ نَفِّسِ الْعَوَامَّ بِهِ وَ غَطِّ هَذَا الْعِلْمَ وَ ارْجِعْ إِلَی حَرَمِ جَدِّكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ هَارُونُ وَ قَدْ بَقِیَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَی بِاللَّهِ عَلَیْكَ أَخْبِرْنِی بِهَا فَقَالَ لَهُ سَلْ فَقَالَ لَهُ بِحَقِّ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ وَ بِحَقِّ قَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبِرْنِی أَنْتَ تَمُوتُ قَبْلِی أَوْ أَنَا أَمُوتُ قَبْلَكَ لِأَنَّكَ تَعْرِفُ هَذَا مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ فَقَالَ لَهُ مُوسَی علیه السلام آمِنِّی حَتَّی أُخْبِرَكَ فَقَالَ لَكَ الْأَمَانُ فَقَالَ أَنَا أَمُوتُ قَبْلَكَ وَ مَا كَذَبْتُ وَ لَا أَكْذِبُ وَ وَفَاتِی قَرِیبٌ.

أقول: تمامه فی أبواب تاریخ موسی علیه السلام.

«39»- وَ مِنْهُ، قَالَ وَجَدْتُ فِی كِتَابٍ عَتِیقٍ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَی الْوَلِیدِ بْنِ جُمَیْعٍ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عِكْرِمَةُ عَنْ حِسَابِ النُّجُومِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ یَتَحَرَّجُ أَنْ یُخْبِرَهُ قَالَ عِكْرِمَةُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ عِلْمٌ عَجَزَ النَّاسُ عَنْهُ وَدِدْتُ أَنِّی عَلِمْتُهُ.

«38»- وَ مِنْهُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ رَبِیعِ الْأَبْرَارِ لِلزَّمَخْشَرِیِّ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ جُمَیْعٍ قَالَ: رَأَیْتُ عِكْرِمَةَ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ عِلْمِ النُّجُومِ وَ الرَّجُلُ یَتَحَرَّجُ أَنْ یُخْبِرَهُ فَقَالَ لَهُ عِكْرَمَةُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ عِلْمٌ عَجَزَ النَّاسُ عَنْهُ وَ لَوَدِدْتُ أَنِّی عَلِمْتُهُ.

ص: 253


1- 1. الصافّات: 89.
2- 2. النحل: 16.

«39»- وَ أَیْضاً فِیهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عِلْمٌ مِنْ عِلْمِ النُّبُوَّةِ وَ لَیْتَنِی كُنْتُ أُحْسِنُهُ.

«40»- وَ مِنْهُ، قَالَ رَوَیْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّجَّارِ فِی الْمُجَلَّدِ الْحَادِی وَ الْعِشْرِینَ مِنْ تَذْیِیلِهِ عَلَی تَارِیخِ الْخَطِیبِ فِی تَرْجَمَةِ عَلِیِّ بْنِ طِرَادٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَی (1) عِكْرِمَةَ قَالَ: قِیلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ هَاهُنَا رَجُلًا یَهُودِیّاً یَتَكَهَّنُ قَالَ فَبَعَثَ إِلَیْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَاءَ فَقَالَ یَا یَهُودِیُّ بَلَغَنِی أَنَّكَ تُخْبِرُ بِالْغَیْبِ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ أَمَّا الْغَیْبُ فَلَا یَعْلَمُ إِلَّا اللَّهُ وَ لَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ قَالَ هَاتِ قَالَ أَ لَكَ ابْنُ عَشْرِ سِنِینَ یَخْتَلِفُ إِلَی الْكُتَّابِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ یَأْتِی غَداً مَحْمُوماً مِنَ الْكُتَّابِ وَ یَمُوتُ یَوْمَ عَاشِرِهِ وَ أَمَّا أَنْتَ فَلَا تَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یَذْهَبَ بَصَرُكَ قَالَ هَذَا أَخْبَرْتَنِی عَنِ ابْنِی وَ عَنْ نَفْسِی فَأَخْبِرْنِی عَنْ نَفْسِكَ قَالَ أَمُوتُ رَأْسَ السَّنَةِ قَالَ عِكْرِمَةُ فَجَاءَ ابْنُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْكُتَّابِ مَحْمُوماً وَ مَاتَ یَوْمَ عَاشِرِهِ فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَا عِكْرِمَةُ انْظُرْ مَا فَعَلَ الْیَهُودِیُّ فَأَتَیْتُ أَهْلَهُ فَقَالُوا مَاتَ أَمْسِ فَمَا خَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی ذَهَبَ بَصَرُهُ.

بیان: الكتاب بضم الكاف و تشدید التاء الكتبة و یطلق علی المكتب تسمیة للمحل باسم الحال.

«41»- النُّجُومُ، نَقْلًا مِنْ كِتَابِ رَبِیعِ الْأَبْرَارِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ ازْدَادَ بِهِ إِیمَاناً وَ یَقِیناً ثُمَّ تَلَا إِنَّ فِی اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ(2).

«42»- وَ قَالَ فِیهِ أَیْضاً، عَنْ مَیْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: إِیَّاكُمْ وَ التَّكْذِیبَ بِالنُّجُومِ فَإِنَّهُ عِلْمٌ مِنْ عُلُومِ النُّبُوَّةِ.

وَ فِیهِ أَیْضاً عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: یُكْرَهُ أَنْ یُسَافِرَ الرَّجُلُ أَوْ یَتَزَوَّجَ فِی مُحَاقِ الشَّهْرِ وَ إِذَا كَانَ الْقَمَرُ فِی الْعَقْرَبِ.

«43»- وَ ذَكَرَ الْخَطِیبُ فِی تَارِیخِ بَغْدَادَ، حَدِیثاً أَسْنَدَهُ إِلَی تَمِیمِ بْنِ الْحَارِثِ

ص: 254


1- 1. عن( خ).
2- 2. یونس: 6.

عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام: أَنَّهُ یُكْرَهُ أَنْ یَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ أَوْ یُسَافِرَ إِذَا كَانَ الْقَمَرُ فِی مُحَاقِ الشَّهْرِ أَوِ الْعَقْرَبِ.

«44»- وَ فِی كِتَابِ رَبِیعِ الْأَبْرَارِ، فِیمَا رَوَاهُ عَنْ مَوْلَانَا عَلِیٍّ علیه السلام: وَ یُرْوَی أَنَّ رَجُلًا قَالَ إِنِّی أُرِیدُ الْخُرُوجَ فِی تِجَارَةٍ لِی وَ ذَلِكَ فِی مُحَاقِ الشَّهْرِ فَقَالَ أَ تُرِیدُ أَنْ یَمْحَقَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ تَسْتَقْبِلُ هِلَالَ الشَّهْرِ بِالْخُرُوجِ.

«45»- وَ فِیهِ أَیْضاً،: كَانَ عُلَمَاءُ بَنِی إِسْرَائِیلَ یَسْتُرُونَ مِنَ الْعُلُومِ عِلْمَیْنِ عِلْمَ النُّجُومِ وَ عِلْمَ الطِّبِّ فَلَا یُعَلِّمُونَهُمَا أَوْلَادَهُمْ لِحَاجَةِ الْمُلُوكِ إِلَیْهِمَا لِئَلَّا یَكُونَ سَبَباً فِی صُحْبَةِ الْمُلُوكِ وَ الدُّنُوِّ مِنْهُمْ فَیَضْمَحِلَّ دِینُهُمْ.

«46»- وَ مِنْهُ، رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّلْتِ فِی كِتَابِ التَّوَاقِیعِ مِنْ أُصُولِ الْأَخْبَارِ قَالَ: حَمَلْتُ الْكِتَابَ وَ هُوَ الَّذِی نَقَلْتُهُ مِنَ الْعِرَاقِ قَالَ كَتَبَ معقلة [مَصْقَلَةُ] بْنُ إِسْحَاقَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ جَعْفَرٍ رُقْعَةً یُعْلِمُهُ فِیهَا أَنَّ الْمُنَجِّمَ كَتَبَ مِیلَادَهُ وَ وَقَّتَ عُمُرَهُ وَقْتاً وَ قَدْ قَارَبَ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَ خَافَ عَلَی نَفْسِهِ فَأَحَبَّ أَنْ یَسْأَلَهُ أَنْ یَدُلَّهُ عَلَی عَمَلٍ یَعْمَلُهُ یَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَوْصَلَ عَلِیُّ بْنُ جَعْفَرٍ رُقْعَةً(1)

بِعَیْنِهَا كَتَبَهَا فَكَتَبَ إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مَتَّعَنِیَ اللَّهُ بِكَ قَرَأْتُ رُقْعَةَ فُلَانٍ فَأَصَابَنِی وَ اللَّهِ مَا أَخْرَجَنِی إِلَی بَعْضِ لَائِمَتِكَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَنْتَ تَعْلَمُ حَالَهُ مِنَّا حَقّاً وَ مِنْ طَاعَتِنَا وَ أُمُورِنَا فَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَقْلِ الْخَبَرِ إِلَیْنَا لِنَسْتَقْبِلَ الْأَمْرَ بِبَعْضِ السُّهُولَةِ أَوْ جَعَلْتَهُ (2) أَنَّهُ رَأَی رُؤْیَا فِی مَنَامِهِ أَوَ بَلَغَ سِنٌّ إِلَیْهِ أَوْ أَنْكَرَ شَیْئاً مِنْ نَفْسِهِ كَانَ یُدْرِكُ بِهَا حَاجَتَهُ وَ كَانَ الْأَمْرُ یَخِفُّ وُقُوعُهُ وَ یَسْهُلُ خَطْبُهُ وَ یَحْتَسِبُ هَذِهِ الْأُمُورَ عِنْدَ اللَّهِ بِالْأَمْسِ نَذْكُرُهُ فِی اللَّفْظَةِ(3) بِأَنْ لَیْسَ أَحَدٌ یَصْلُحُ لَهَا غَیْرُهُ وَ اعْتِمَادُنَا عَلَیْهِ عَلَی مَا تَعْلَمُ نَحْمَدُ اللَّهَ كَثِیراً وَ نَسْأَلُهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِنِعْمَتِهِ وَ بِأَصْلَحِ الْمَوَالِی وَ أَحْسَنِ الْأَعْوَانِ عَوْناً وَ بِرَحْمَتِهِ وَ مَغْفِرَتِهِ مُرْ فُلَاناً لَا فَجَعَنَا اللَّهُ بِهِ بِمَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنَ الصِّیَامِ عَلَی

ص: 255


1- 1. رقعته( خ).
2- 2. أو أدخلته( خ).
3- 3. فی العظة فانه( خ).

مَا أَصِفُ إِمَّا كُلَّ یَوْمٍ أَوْ یَوْماً وَ یَوْماً لَا أَوْ ثَلَاثَةً فِی الشَّهْرِ وَ لَا یَخْلُو كُلَّ یَوْمٍ أَوْ یَوْمَیْنِ مِنْ صَدَقَةٍ عَلَی سِتِّینَ مِسْكِیناً أَوْ مَا یُحَرِّكُهُ عَلَیْهِ النِّیَّةُ(1)

وَ مَا جَرَی وَ تَمَّ وَ یَسْتَعْمِلُ نَفْسَهُ فِی صَلَاةِ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ اسْتِعْمَالًا شَدِیداً وَ كَذَلِكَ فِی الِاسْتِغْفَارِ وَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الِاعْتِرَافِ فِی الْقُنُوتِ بِذُنُوبِهِ وَ یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا وَ یَجْعَلُ أَبْوَاباً فِی الصَّدَقَةِ وَ الْعِتْقِ عَنْ أَشْیَاءَ یَسِمُهَا(2)

مِنْ ذُنُوبِهِ وَ یُخْلِصُ نِیَّتَهُ فِی اعْتِقَادِ الْحَقِّ وَ یَصِلُ رَحِمَهُ وَ یَنْشُرُ الْخَیْرَ فِیهَا وَ نَرْجُو أَنْ یَنْفَعَهُ مَكَانُهُ مِنَّا وَ مَا وَهَبَ اللَّهُ مِنْ رِضَانَا عَنْهُ وَ حَمْدِنَا إِیَّاهُ فَلَقَدْ وَ اللَّهِ سَاءَنِی أَمْرُهُ فَوْقَ مَا أَصِفُ عَلَی أَنَّهُ أَرْجُو أَنْ یَزِیدَ اللَّهُ فِی عُمُرِهِ وَ یُبْطِلَ قَوْلَ الْمُنَجِّمِ فَمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَی الْغَیْبِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ.

و قد رأیت هذا الحدیث فی كتاب التوقیعات لعبد اللّٰه بن جعفر الحمیری رحمه اللّٰه قد رواه عن أحمد بن محمد بن عیسی بإسناده إلی الكاظم علیه السلام. بیان النسخة كانت فی هذه الروایة سقیمة جدا و لم نجدها فی مكان آخر نصلحها به فتركناها كما كانت.

«47»- النُّجُومُ، رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْبَرْقِیُّ فِی قِصَصِ الْأَنْبِیَاءِ فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سِنَانٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِی مُعَاوِیَةَ قَالَ: وَ فُتِحَتْ مَدَائِنُ الشَّامِ عَلَی یَدِ یُوشَعَ بْنِ نُونٍ حَتَّی انْتَهَی إِلَی الْبَلْقَاءِ فَلَقُوا بِهَا رَجُلًا یُقَالُ لَهُ بَالِقٌ بِهِ سُمِّیَتِ الْبَلْقَاءُ فَجَعَلُوا یَخْرُجُونَ یُقَاتِلُونَهُ لَا یُقْتَلُ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَسَأَلَ ذَلِكَ فَقِیلَ إِنَّ فِی مَدِینَتِهِ امْرَأَةً مُنَجِّمَةً تَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ بِفَرْجِهَا ثُمَّ تَحْسُبُ ثُمَّ یُعْرَضُ عَلَیْهَا الْخَیْلُ فَلَا یَخْرُجُ یَوْمَئِذٍ رَجُلٌ حَضَرَ أَجَلُهُ فَصَلَّی یُوشَعُ بْنُ نُونٍ رَكْعَتَیْنِ وَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ یُؤَخِّرَ الشَّمْسَ فَاضْطَرَبَ عَلَیْهَا الْحِسَابُ فَقَالَتْ لِبَالِقٍ انْظُرْ مَا یَعْرِضُونَ عَلَیْكَ فَأَعْطِهِمْ فَإِنَّ حِسَابِی قَدِ اخْتَلَطَ عَلَیَّ قَالَ فَتَصَفَّحِی الْخَیْلَ فَأَخْرِجِی فَإِنَّهُ

ص: 256


1- 1. النسبة( خ).
2- 2. یعلمها( خ).

لَا یَكُونُ إِلَّا بِقِتَالٍ قَالَ فَتَصَفَّحَتْ (1) وَ أَخْرَجَتْ فَقَتَلُوا قَتْلًا لَمْ یَقْتُلْهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوا یُوشَعَ الصُّلْحَ فَأَبَی حَتَّی یَدْفَعَ إِلَیْهِ الْمَرْأَةَ فَأَبَی بَالِقٌ أَنْ یَدْفَعَهَا فَقَالَتْ ادْفَعْنِی إِلَیْهِ فَصَالَحَهَا وَ دَفَعَهَا إِلَیْهِ فَقَالَتْ هَلْ تَجِدُ فِیمَا أُوحِیَ إِلَی صَاحِبِكَ قَتْلَ النِّسَاءِ قَالَ لَا قَالَتْ أَ لَیْسَ إِنَّمَا تَدْعُونِی إِلَی دِینِكَ قَالَ بَلَی قَالَتْ فَإِنِّی قَدْ دَخَلْتُ فِی دِینِكَ هَذَا آخِرُ لَفْظِهِ فِی حَدِیثِهِ.

بیان: تستقبل الشمس بفرجها أی تواجهها لتعلم مقدار حركتها و هذه العبارة شائعة وقعت فی مواضع منها ما ورد فیما یتشأم به المسافر و المرأة الشمطاء تلقی فرجها أی تواجهها.

«48»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: كَانَتْ أَرْضٌ بَیْنِی وَ بَیْنَ رَجُلٍ فَأَرَادَ قِسْمَتَهَا وَ كَانَ الرَّجُلُ صَاحِبَ نُجُومٍ فَنَظَرَ إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی فِیهَا السُّعُودُ فَخَرَجَ فِیهَا وَ نَظَرَ إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی فِیهَا النُّحُوسُ فَبَعَثَ إِلَی أَبِی فَلَمَّا اقْتَسَمَا الْأَرْضَ خَرَجَ خَیْرُ السَّهْمَیْنِ لِأَبِی فَجَعَلَ صَاحِبُ النُّجُومِ یَتَعَجَّبُ فَقَالَ لَهُ أَبِی مَا لَكَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لَهُ أَبِی فَهَلَّا أَدُلُّكَ عَلَی خَیْرٍ مِمَّا صَنَعْتَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَتَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ تُذْهِبْ عَنْكَ نَحْسَ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ إِذَا أَمْسَیْتَ فَتَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ تُذْهِبْ عَنْكَ نَحْسَ تِلْكَ اللَّیْلَةِ.

«49»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَتْ أَرْضٌ بَیْنَ أَبِی وَ بَیْنَ رَجُلٍ فَأَرَادَ قِسْمَتَهَا وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَ قَالَ علیه السلام فِی عِلْمِ النُّجُومِ عِنْدَنَا مَعْرِفَةُ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْكَافِرِ.

بیان: لعله علیه السلام قال ذلك عند ذكر علم النجوم لبیان إحاطة علمه بما یدعیه المنجمون و بغیره لا أنه علیه السلام كان یعرف ذلك من النجوم مع أنه یحمل ذلك أیضا لبیان قصور علمهم و عدم إحاطتهم به فإنهم لا یدعون علم أمثال ذلك من جهة النجوم.

«50»- الْإِحْتِجَاجُ، وَ النَّهْجُ، [نهج البلاغة] مِنْ كَلَامٍ لَهُ: قَالَهُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ لَمَّا عَزَمَ عَلَی

ص: 257


1- 1. فتسلحت( خ).

الْمَسِیرِ إِلَی الْخَوَارِجِ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ سِرْتَ فِی هَذَا الْوَقْتِ خَشِیتُ أَنْ لَا تَظْفَرَ بِمُرَادِكَ مِنْ طَرِیقِ عِلْمِ النُّجُومِ فَقَالَ علیه السلام أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِی إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی مَنْ سَارَ فِیهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ وَ تُخَوِّفُ (1)

[مِنَ] السَّاعَةِ الَّتِی مَنْ سَارَ فِیهَا حَاقَ بِهِ الضُّرُّ فَمَنْ صَدَّقَكَ (2) بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ وَ اسْتَغْنَی عَنِ الِاسْتِعَانَةِ(3)

بِاللَّهِ تَعَالَی فِی نَیْلِ الْمَحْبُوبِ وَ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ وَ تَبْتَغِی فِی قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ یُولِیَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ لِأَنَّكَ بِزَعْمِكَ أَنْتَ هَدَیْتَهُ إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی نَالَ فِیهَا النَّفْعَ وَ أَمِنَ فِیهَا الضُّرَّ ثُمَّ أَقْبَلَ علیه السلام عَلَی النَّاسِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِیَّاكُمْ وَ تَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلَّا مَا یُهْتَدَی بِهِ فِی بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَی الْكِهَانَةِ الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ وَ الْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ وَ السَّاحِرُ كَالْكَافِرِ وَ الْكَافِرُ فِی النَّارِ سِیرُوا عَلَی اسْمِ اللَّهِ وَ عَوْنِهِ (4).

بیان: فمن صدقك بهذا كأنه أسقط السید من الروایة شیئا كما هو دأبه و قد مر تمامه و علی ما تقدم هذا إشارة إلی علم ما فی بطن الدابة و إن لم یكن سقط هنا شی ء فیحتمل أن یكون إشارة إلی دعواه علم الساعتین المنافی لقوله عز و جل وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً(5) و لقوله سبحانه قُلْ لا یَعْلَمُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَیْبَ إِلَّا اللَّهُ (6) و قوله جل و علا وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُها إِلَّا هُوَ(7) و ما أفاد مثل هذا المعنی و یمكن حمل الكلام علی وجه آخر و هو أن قول المنجم بأن صرف السوء و نزول الضر تابع للساعة سواء قال بأن الأوضاع العلویة مؤثرة تامة فی السفلیات و لا یجوز تخلف الآثار عنها أو قال

ص: 258


1- 1. فی النهج: من الساعة.
2- 2. فی النهج: صدق.
3- 3. فی النهج: الاعانة:
4- 4. الاحتجاج: 125، النهج: ج 1 ص 128.
5- 5. لقمان: 34.
6- 6. النمل: 65.
7- 7. الأنعام: 59.

بأنها مؤثرات ناقصة و لكن باقی المؤثرات أمور لا یتطرق إلیها التغیر أو قال بأنها علامات تدل علی وقوع الحوادث حتما فهو مخالف لما ثبت من الدین من أنه سبحانه یمحو ما یشاء و یثبت و أنه یقبض و یبسط و یفعل ما یشاء و یحكم ما یرید و لم یفرغ من الأمر و هو تعالی كل یوم فی شأن و الظاهر من أحوال المنجمین السابقین و كلماتهم جلهم بل كلهم أنهم لا یقولون بالتخلف وقوعا أو إمكانا فیكون تصدیقهم مخالفا لتصدیق القرآن و ما علم من الدین و الإیمان من هذا الوجه و لو كان منهم من یقول بجواز التخلف و وقوعه بقدرة اللّٰه و اختیاره و أنه تزول نحوسة الساعات بالتوكل و الدعاء و التوسل و التصدق و ینقلب السعد نحسا و النحس سعدا و بأن الحوادث لا یعلم وقوعها إلا إذا علم أن اللّٰه سبحانه لم تتعلق حكمته بتبدیل أحكامها كان كلامه علیه السلام مخصوصا بمن لم یكن كذلك فالمراد بقوله صرف عنه السوء و حاق به الضر أی حتما قوله علیه السلام فی قولك أی علی قولك أو بسبب قولك أو هی للظرفیة المجازیة إلا ما یهتدی به إشارة إلی قوله سبحانه وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ(1) و الكهانة بالفتح مصدر قولك كهن بالضم أی صار كاهنا و یقال كهن یكهن كهانة مثل كتب یكتب كتابة إذا تكهن و الحرفة الكهانة بالكسر و هی عمل یوجب طاعة بعض الجان له بحیث یأتیه بالأخبار الغائبة و هو قریب من السحر قیل قد كان فی العرب كهنة كشق و سطیح و غیرهما فمنهم من یزعم أن له تابعا من الجن و رئیا یلقی إلیه الأخبار و منهم من كان یزعم أنه یعرف الأمور بمقدمات و أسباب یستدل بها علی مواقعها من كلام من یسأله أو فعله أو حاله و هذا یخصونه باسم العراف كالذی یدعی معرفة الشی ء المسروق و مكان الضالة و نحوهما و دعوة علم النجوم إلی الكهانة إما لأنه ینجر أمر المنجم إلی الرغبة فی تعلم الكهانة و التكسب به أو ادعاء ما یدعیه الكاهن و السحر قیل

ص: 259


1- 1. الأنعام: 97.

هو كلام أو كتابة أو رقیة أو أقسام و عزائم و نحوها یحدث بسببها ضرر علی الغیر و منه عقد الرجل عن زوجته و إلقاء البغضاء بین الناس و منه استخدام الملائكة و الجن و استنزال الشیاطین فی كشف الغائبات و علاج المصاب و استحضارهم و تلبسهم ببدن صبی أو امرأة و كشف الغائب علی لسانه انتهی و الظاهر أنه لا یختص بالضرر و سیأتی بعض تحقیقه فی باب هاروت و ماروت و تمام تحقیقه فی باب الكبائر و وجه الشبه فی تشبیه المنجم بالكاهن إما الاشتراك فی الإخبار عن الغائبات أو فی الكذب و الإخبار بالظن و التخمین و الاستناد إلی الأمارات الضعیفة و المناسبات السخیفة أو فی العدول و الانحراف عن سبیل الحق و التمسك فی نیل المطالب و درك المآرب بأسباب خارجة عن حدود الشریعة و صدهم عن التوسل إلی اللّٰه تعالی بالدعاء و الصدقة و سائر أصناف الطاعة أو فی البعد عن المغفرة و الرحمة و یجری بعض هذه الوجوه فی التشبیهین الأخیرین و المشبه به فی التشبیهات أقوی و نتیجة الجمیع دخول النار و یمكن أن یكون قوله و الكافر فی النار إشارة إلی وجه الشبه و إن كان بعیدا و المراد إما الخلود أو الدخول و الأخیر أظهر و إن كان تحققه فی الكافر فی ضمن الخلود.

و قال ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرح هذا الكلام منه علیه السلام اعلم أن الذی یلوح من سر نهی الحكمة النبویة عن تعلم (1)

النجوم أمران أحدهما اشتغال متعلمیها(2) بها و اعتماد كثیر من الخلق السامعین لأحكامها فیما یرجون و یخافون علیه فیما یسنده إلی الكواكب و الأوقات و الاشتغال بالفزع إلیه و إلی ملاحظة الكواكب عن الفزع إلی اللّٰه تعالی و الغفلة عن الرجوع إلیه فیما یهم من الأحوال و قد علمت أن ذلك یضاد مطلوب الشارع إذ كان غرضه لیس إلا دوام التفات الخلق إلی اللّٰه و تذكرهم لمعبودهم بدوام حاجتهم إلیه الثانی أن الأحكام النجومیة إخبارات عن أمور و هی تشبه الاطلاع علی الأمور الغیبیة و أكثر الخلق من

ص: 260


1- 1. تعلیم( خ).
2- 2. متعلمها( خ).

العوام أو النساء و الصبیان لا یمیزون بینها و بین علم الغیب و الإخبار به فكان تعلم تلك الأحكام و الحكم بها سببا لضلال كثیر من الخلق و موهنا لاعتقاداتهم فی المعجزات إذ الإخبار عن الكائنات منها و كذا فی عظمة بارئهم و یشككهم فی عموم صدق قوله تعالی قُلْ لا یَعْلَمُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَیْبَ إِلَّا اللَّهُ (1) وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَیْبِ لا یَعْلَمُها إِلَّا هُوَ(2) و قوله إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ(3) الآیة فالمنجم إذا حكم لنفسه بأنه یصیب كذا فقد ادعی أن نفسه تعلم ما تكسب غدا و بأی أرض تموت و ذلك عین التكذیب للقرآن و كان هذین الوجهین هما المقتضیان لتحریم الكهانة و السحر و العزائم و نحوها و أما مطابقة لسان الشریعة للعقل فی تكذیب هذه الأحكام فبیانها أن أهل النظر إما متكلمون فإما معتزلة أو أشعریة أما المعتزلة فاعتمادهم فی تكذیب المنجم علی أحد الأمرین أحدهما أن الشریعة كذبته و عندهم أن كل حكم شرعی فیشتمل علی وجه عقلی و إن لم یعلم عین ذلك الوجه و الثانی مناقشة فی ضبطه لأسباب ما أخبر عنه من كون أو فساد و أما الأشعریة فهم و إن قالوا لا مؤثر فی الوجود إلا اللّٰه تعالی و زعم بعضهم أنهم خلصوا بذلك من إسناد التأثیرات إلی الكواكب إلا أنه لا مانع علی مذهبهم أن یجعل اللّٰه تعالی اتصال نجم بنجم أو حركته علامة علی كون كائن أو فساده و ذلك مما لا یبطل علی المنجم قاعدة فیرجعون أیضا إلی بیان عدم إحاطته بأسباب كون ما أخبر عنه و مناقشته فی ذلك و أما الحكماء فاعلم أنه قد ثبت فی أصولهم أن كل كائن فاسد فی هذا العالم فلا بد له من أسباب أربعة فاعلی و مادی و صوری و غائی أما السبب الفاعلی القریب فالحركات السماویة و الذی هو أسبق منها فالمحرك لها إلی أن ینتهی إلی الجود الإلهی المعطی لكل قابل ما یستحقه و أما سببه المادی فهو القابل لصورته و تنتهی القوابل إلی

ص: 261


1- 1. النمل: 65.
2- 2. الأنعام: 59.
3- 3. لقمان: 34.

القابل الأول و هو مادة العناصر المشتركة بینها و أما الصوری فصورته التی تقبلها مادته و أما الغائی فهی التی لأجلها وجد أما الحركات السماویة فإن من الكائنات ما یحتاج فی كونه إلی دورة واحدة للفلك و منها ما یحتاج إلی بعض دورة و منها ما یحتاج إلی جملة من أدواره و اتصالاته و أما القوابل للكائنات فقد تقرر عندهم أیضا أن قبولها لكل كائن معین مشروط باستعداد معین له و ذلك الاستعداد یكون بحصول صورة سابقة علیه و هكذا قبل كل صورة صورة معدة لحصول الصورة بعدها و كل صورة منها أیضا یستند إلی الاتصالات و الحركات الفلكیة و لكل استعداد معین زمان معین و حركة معینة و اتصال معین یخصه لا یفی بدركها القوة البشریة إذا عرفت ذلك فنقول الأحكام النجومیة إما أن تكون جزئیة أو كلیة أما الجزئیة فأن یحكم مثلا بأن هذا الإنسان یكون من حاله كذا و كذا و ظاهر أن مثل هذا الحكم لا سبیل له إلی معرفته إذ العلم به إنما هو من جهة أسبابه أما الفاعلیة فأن یعلم أن الدورة المعینة أو الاتصال المعین سبب لملك هذا الرجل البلد المعین مثلا و أنه لا سبب فاعلی لذلك إلا هو و الأول باطل لجواز أن یكون السبب غیر ذلك الاتصال أو هو مع غیره أقصی ما فی الباب أن یقال إنما كانت هذه الدورة و هذا الاتصال سببا لهذا الكائن لأنها كانت سببا لمثله فی الوقت الفلانی لكن هذا أیضا باطل لأن كونها سببا للكائن السابق لا یجب أن یكون لكونها مطلقا دورة و اتصالا بل لعله أن یكون لخصوصیة كونها تلك المعینة التی لا تعود بعینها فیما بعد و حینئذ لا یمكن الاستدلال بحصولها علی كون حادث لأن المؤثرات المختلفة لا یجب تشابه آثارها و الثانی أیضا باطل لأن العقل یجزم

بأنه لا اطلاع له علی أنه لا مقتضی لذلك الكائن من الأسباب الفاعلة إلا الاتصال المعین و كیف و قد ثبت أن من الكائنات ما یفتقر إلی أكثر من اتصال واحد و دورة واحدة أو أقل و أما القابلیة فأن یعلم أن المادة قد استعدت لقبول مثل هذا الكائن و استجمعت جمیع شرائط قبوله الزمانیة و المكانیة و السماویة و الأرضیة و ظاهر أن الإحاطة بذلك غیر ممكنة للإنسان.

ص: 262

و أما أحكامهم الكلیة فكان كما یقال كلما حصلت الدورة الفلانیة كان كذا فالمنجم إنما یحكم بذلك الحكم عن جزئیات من الدورات تشابهت آثارها فظنها متكررة و لذلك یعدلون إذا حقق القول علیهم إلی دعوی التجربة و قد علمت أن التجربة تعود إلی تكرر مشاهدات یضبطها الحس و العقل یحصل منها حكما كلیا كحكمه بأن كل نار محرقة فإنه لما أمكن للعقل استثبات الإحراق بواسطة الحس أمكنه الجزم الكلی بذلك فأما التشكلات الفلكیة و الاتصالات الكوكبیة المقتضیة لكون ما یكون فلیس شی ء منها یعود بعینه كما علمت و إن جاز أن یكون تشكلات و عودات متقاربة الأحوال و متشابهة إلا أنه لا یمكن للإنسان ضبطها و لا الاطلاع علی مقدار ما بینها من المشابهة و التفاوت و ذلك أن حساب المنجم مبنی علی قسمة الزمان بالشهور و الأیام و الساعات و الدرج و الدقائق و أجزائها و تقسیم الحركة بإزائها و رفع بینهما نسبة عددیة و كل هذه أمور غیر حقیقیة و إنما تؤخذ علی سبیل التقریب أقصی ما فی الباب أن التفاوت فیها لا یظهر فی المدد المتقاربة لكنه یشبه أن یظهر فی المدد المتباعدة و مع ظهور التفاوت فی الأسباب كیف یمكن دعوی التجربة و حصول العلم الكلی الثابت الذی لا یتغیر باستمرار أثرها علی وتیرة واحدة ثم لو سلمنا أنه لا یظهر تفاوت أصلا إلا أن العلم بعود تلك الدورة لا یقتضی بمجرده العلم بعود الأثر السابق لتوقف العلم بذلك علی عود أمثال الأسباب الباقیة للأثر السابق من الاستعداد و سائر أسبابه العلویة و السفلیة و علی ضبطها فإن العلم التجربی إنما یحصل بعد حصرها لیعلم عودها و تكررها و كل ذلك مما لا سبیل للقوة البشریة إلی ضبطه فكیف یمكن دعوی التجربة.

ثم قال و اعلم أن الذی ذكرناه لیس إلا بیان أن الأصول التی یبنی علیها الأحكامیون أحكامهم و ما یخبرون به فی المستقبل أصول غیر موثوق بها فلا یجوز الاعتماد علیها فی تلك الأحكام و الجزم بها و هذا لا ینافی كون تلك القواعد ممهدة بالتقریب كقسمة الزمان و حركة الفلك و السنة و الشهر و الیوم مأخوذا عنها

ص: 263

حساب یبنی علیه مصالح إما دینیة كمعرفة أوقات العبادات كالصوم و الحج و نحوهما أو دنیویة كآجال المدائنات و سائر المعاملات و كمعرفة الفصول الأربعة لیعمل فی كل منها ما یلیق به من الحراثة و السفر و أسباب المعاش و كذلك معرفة قوانین تقریبیة من أوضاع الكواكب و حركاتها یهتدی بقصدها و علی سمتها المسافرون فی بر أو بحر فإن ذلك القدر منها غیر محرم بل لعله من الأمور المستحبة لخلو المصالح المذكورة فیه عن وجوه المفاسد التی تشتمل علیها الأحكام كما سبق و لذلك امتن اللّٰه

تعالی علی عباده بخلق الكواكب فی قوله هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ(1) و قوله لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ (2)

أقول: وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ هَذِهِ الرِّوَایَةَ بِوَجْهٍ آخَرَ أَبْسَطَ مِمَّا أَوْرَدَهُ السَّیِّدُ رحمه اللّٰه نَقْلًا مِنْ كِتَابِ صِفِّینَ لِابْنِ دَیْزِیلَ مُرْسَلًا قَالَ: عَزَمَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الْخُرُوجِ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی الْحَرُورِیَّةِ وَ كَانَ فِی أَصْحَابِهِ مُنَجِّمٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَسِرْ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ وَ سِرْ عَلَی ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مَضَیْنَ مِنَ النَّهَارِ فَإِنَّكَ إِنْ سِرْتَ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ أَصَابَكَ وَ أَصْحَابَكَ أَذًی وَ ضُرٌّ شَدِیدٌ وَ إِنْ سِرْتَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی أَمَرْتُكَ بِهَا ظَفِرْتَ وَ ظَهَرْتَ وَ أَصَبْتَ مَا طَلَبْتَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ تَدْرِی مَا فِی بَطْنِ فَرَسِی هَذَا أَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَی قَالَ إِنْ حَسِبْتُ عَلِمْتُ فَقَالَ علیه السلام فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ(3) الْآیَةَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله مَا كَانَ یَدَّعِی عِلْمَ مَا ادَّعَیْتَ عِلْمَهُ أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِی إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی یُصِیبُ النَّفْعَ مَنْ سَارَ فِیهَا وَ تَصْرِفُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِی یَحِیقُ السُّوءُ بِمَنْ سَارَ فِیهَا فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدِ اسْتَغْنَی عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ فِی صَرْفِ الْمَكْرُوهِ عَنْهُ وَ یَنْبَغِی لِلْمُوقِنِ بِأَمْرِكَ أَنْ یُولِیَكَ الْحَمْدَ دُونَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ لِأَنَّكَ

ص: 264


1- 1. الأنعام: 97.
2- 2. یونس: 5.
3- 3. لقمان: 34.

بِزَعْمِكَ هَدَیْتَهُ إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی یُصِیبُ النَّفْعَ مَنْ سَارَ فِیهَا وَ صَرَفْتَهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِی یَحِیقُ السُّوءُ بِمَنْ سَارَ فِیهَا فَمَنْ آمَنَ بِكَ فِی هَذَا لَمْ آمَنْ عَلَیْهِ أَنْ یَكُونَ كَمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ضِدّاً وَ نِدّاً اللَّهُمَّ لَا طَیْرَ إِلَّا طَیْرُكَ وَ لَا ضَیْرَ إِلَّا ضَیْرُكَ وَ لَا إِلَهَ غَیْرُكَ ثُمَّ قَالَ بَلْ نُخَالِفُ وَ نَسِیرُ فِی السَّاعَةِ الَّتِی نَهَیْتَنَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِیَّاكُمْ وَ التَّعَلُّمَ لِلنُّجُومِ إِلَّا مَا یُهْتَدَی بِهِ فِی ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ إِنَّمَا الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ وَ الْكَاهِنُ كَالْكَافِرِ وَ الْكَافِرُ فِی النَّارِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَعْمَلُ بِالنُّجُومِ لَأُخَلِّدَنَّكَ السِّجْنَ أَبَداً مَا بَقِیتُ وَ لَأُحَرِّمَنَّكَ الْعَطَاءَ مَا كَانَ لِی سُلْطَانٌ ثُمَّ سَارَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی نَهَاهُ عَنْهُ الْمُنَجِّمُ فَظَفِرَ بِأَهْلِ النَّهْرِ وَ ظَهَرَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ لَوْ سِرْنَا فِی السَّاعَةِ الَّتِی أَمَرَنَا بِهَا الْمُنَجِّمُ لَقَالَ النَّاسُ سَارَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی أَمَرَ بِهَا الْمُنَجِّمُ وَ ظَفِرَ وَ ظَهَرَ أَمَا إِنَّهُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مُنَجِّمٌ وَ لَا لَنَا مِنْ بَعْدِهِ حَتَّی فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْنَا بِلَادَ كِسْرَی وَ قَیْصَرَ أَیُّهَا النَّاسُ تَوَكَّلُوا عَلَی اللَّهِ وَ ثِقُوا بِهِ فَإِنَّهُ یَكْفِی مِمَّنْ سِوَاهُ.

و أقول قال السید الجلیل علی بن طاوس رحمه اللّٰه فی كتاب النجوم بعد ما أورد هذه الروایة نقلا من النهج إننی رأیت فیما وقفت علیه فی كتاب عیون الجواهر تألیف أبی جعفر محمد بن بابویه رحمه اللّٰه حدیث المنجم الذی عرض لمولانا علی علیه السلام عند مسیره إلی النهروان مسندا عن محمد بن علی ماجیلویه عن عمه محمد بن أبی القاسم عن محمد بن علی القرشی عن نصر بن مزاحم المقری عن عمر بن سعد عن یوسف بن یزید عن عبد اللّٰه بن عوف بن الأحمر قال لما أراد أمیر المؤمنین علیه السلام المسیر إلی النهروان أتاه منجم.

ثم ذكر حدیثه فأقول إن فی هذا الحدیث عدة رجال لا یعمل علماء أهل البیت علیهم السلام علی روایتهم و یمنع من یجوز العمل بأخبار الآحاد من العمل بأخبارهم و شهادتهم و فیهم عمر بن سعد بن أبی وقاص مقاتل الحسین علیه السلام فإن أخباره و روایاته مهجورة و لا یلتفت عارف بحاله إلی ما یرویه أو یسند إلیه ثم طعن فی الروایة بأنها لو كانت صحیحة لكان علیه السلام قد حكم فی هذا علی صاحبه الذی قد شهد مصنف نهج البلاغة أنه من

ص: 265

أصحابه أیضا بأحكام الكفار إما بكونه مرتدا عن الفطرة فیقتله فی الحال أو برده عن غیر الفطرة فیتوبه أو یمتنع من التوبة فیقتل لأن الروایة قد تضمنت أن المنجم كالكافر أو كان یجری علیه أحكام الكهنة أو السحرة لأن الروایة تضمنت أنه كالكاهن و الساحر و ما عرفنا إلی وقتنا هذا أنه حكم علی هذا المنجم أحكام الكفار و لا السحرة و لا الكهنة و لا أبعده و لا عزره بل قال سیروا علی اسم اللّٰه و المنجم من جملتهم لأنه صاحبه و هذا یدلك علی تباعد الروایة من صحة النقل أو یكون لها تأویل غیر ظاهرها موافق للعقل.

ثم قال و مما نذكره من التنبیه علی بطلان ظاهر الروایة بتحریم علم النجوم قول الراوی فیها إن من صدقك فقد كذب القرآن و استغنی عن الاستعانة باللّٰه و نعلم أن الطلائع للحروب یدلون علی السلامة من هجوم الجیوش و كثیر من النحوس و یبشرون بالسلامة و ما ألزم من ذلك أن یولیهم الحمد دون ربهم.

ثم إننا وجدنا فی الدعوات الكثیرة التعوذ من أهل الكهانة و السحرة فلو كان المنجم مثلهم كان قد تضمن بعض الأدعیة التعوذ منه و ما عرفنا فی الأدعیة التعوذ من النجوم و المنجم إلی وقتنا هذا و من التنبیه علی بطلان ظاهر هذه الروایة أن الدعوات تضمن كثیر منها و غیرها من صفات النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه لم یكن كاهنا و لا ساحرا و ما وجدنا إلی الآن و لا كان عالما بالنجوم فلو كان المنجم كالكاهن و الساحر ما كان یبعد أن یتضمنه بعض الروایات و الدعوات فی ذكر الصفات انتهی.

و أقول أما قدحه فی سند الروایة فهی من المشهورات بین الخاصة و العامة و لذا أورده السید فی النهج إذ دأبه فیه أن یروی ما كان مقبول الطرفین و ضعف سند الروایة التی أورده الصدوق رحمه اللّٰه لا یدل علی ضعف سائر الأسانید و عمر بن سعد الذی یروی عنه نصر بن مزاحم لیس الملعون الذی كان محارب الحسین علیه السلام كما یظهر من كتابه كتاب الصفین الذی عندنا فإن أكثر ما رواه فیه رواه عن هذا الرجل و فی كثیر من المواضع عمرو مكان عمر و لم یكن الملعون من جملة

ص: 266

رواة الحدیث و حملة الأخبار حتی یروی عنه هذه الأخبار الكثیرة و أیضا روایة نصر عنه بعید جدا فإن نصرا كان من أصحاب الباقر علیه السلام و الملعون لم یبق بعد شهادة الحسین علیه السلام إلا قلیلا و الشواهد علی كونه غیره كثیرة لا تخفی علی المتدرب فی الأخبار العارف بأحوال الرجال و هذا من السید رحمه اللّٰه غریب و أما قوله إنه علیه السلام لم یحكم بكفر المنجم فیرد علیه أن الظاهر من التشبیه بالكافر أنه لیس بكافر و إنما یدل علی اشتراكه معه فی بعض الصفات لا فی جمیع الأحكام حتی یقتله فی الحال أو بعد امتناعه من التوبة علی أنه علیه السلام لم یشبهه بالكافر بل بالمشبه بالكافر و أما قوله و لا أبعده و لا عزره ففیه أنه قد ظهر مما رواه ابن أبی الحدید الإیعاد بالحبس المؤبد و التحریم من العطاء و لم یعلم أنه أصر المنجم علی العمل بالنجوم بعد ذلك حتی یستحق تعزیرا أو نكالا و عدم اشتمال روایة السید علی هذه الزیادة لا یدل علی عدمها فإن عادة السید الاقتصار علی ما اختاره من كلامه علیه السلام بزعمه لا استیفاء النقل و الروایة مع أن عدم النقل فی مثل هذا لا یدل علی العدم و كونه من أصحابه و بینهم لا یدل علی كونه مرضیا فإن جیشه علیه السلام كان مشتملا علی كثیر من الخوارج و المنافقین كالأشعث أخی هذا المنجم علی ما ذكره السید و غیره أنه كان عفیف بن قیس أخا الأشعث رأس المنافقین و مثیر أكثر الفتن و أما قیاسه علی طلائع الحروب فالفرق بین الأمرین بین فإن ما یهدی إلیه الطلائع و نحوهم لیست أمورا یترتب علیها صرف السوء و نیل المحبوب حتما بل یتوقف علی اجتماع أمور كوجود الشرائط و ارتفاع الموانع و كل ذلك لا یتیسر الظفر بها إلا بفضل مسبب الأسباب بخلاف ما ادعاه المنجم من أن الظفر یترتب حتما علی الخروج فی الساعة التی اختاره و أما عدم التعوذ من النجوم و المنجم فلأن المنجم إنما یعود ضرره إلی نفسه بخلاف الساحر و الكاهن فإنه یترتب منهما ضرر كثیر علی الناس مع أن الدعاء الذی رواه السید فی كتاب الاستخارات و أوردناه فی هذا الباب یتضمن البراءة إلی اللّٰه من اللجإ إلی العمل بالنجوم و طلب الاختیارات منها و أما عدم وصف النبی صلی اللّٰه علیه و آله بأنه لم یكن منجما لأن الكفار إنما كانوا یصفونه

ص: 267

صلی اللّٰه علیه و آله بالسحر و الكهانة و الشعر فورد براءته عنها ردا علیهم و لم یكونوا یصفونه بالنجوم مع أنه كان عالما بالحق من علم النجوم و كان من فضائله.

«51»- الْمَكَارِمُ، فِی الْحَدِیثِ: أَنَّهُ نَهَی عَنِ الْحِجَامَةِ فِی الْأَرْبِعَاءِ إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ فِی الْعَقْرَبِ (1).

«52»- الذَّهَبِیَّةُ، عَنِ الرِّضَا علیه السلام: اعْلَمْ أَنَّ جِمَاعَهُنَّ وَ الْقَمَرُ فِی بُرْجِ الْحَمَلِ أَوِ الدَّلْوِ مِنَ الْبُرُوجِ أَفْضَلُ وَ خَیْرٌ مِنْ ذَلِكَ أَنْ یَكُونَ فِی بُرْجِ الثَّوْرِ لِكَوْنِهِ شَرَفَ الْقَمَرِ.

بیان: لعله قال ذلك موافقا لرأی المأمون و لما اشتهر فی ذلك الزمان كما أشعر علیه السلام به فی تلك الرسالة.

«53»- المهج، [مهج الدعوات]: فِی حِرْزِ الْجَوَادِ علیه السلام وَ یَنْبَغِی أَنْ لَا یَكُونَ طُلُوعُ الْقَمَرِ فِی بُرْجِ الْعَقْرَبِ.

«54»- التَّهْذِیبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَعْقُوبَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُسُوفُ الشَّمْسِ أَشَدُّ عَلَی النَّاسِ وَ الْبَهَائِمِ.

بیان: هذا مما یوهم أن لأحوالها و أوضاعها تأثیرا فی بعض الأشیاء و یمكن أن یكون المعنی أنه علامة غضب اللّٰه علیهم أو أنهم یفزعون لذلك لحدوث الظلمة فی غیر وقتها.

«55»- نَوَادِرُ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ سَافَرَ أَوْ تَزَوَّجَ وَ الْقَمَرُ فِی الْعَقْرَبِ لَمْ یَرَ الْحُسْنَی.

الكافی، عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد عن علی بن أسباط عن إبراهیم بن حمران عن أبیه: مثله (2)

بیان: الظاهر أن المراد بكون القمر فی العقرب هنا كونه محاذیا لكواكبه كما هو دأب العرب فی البوادی و غیرها إذ لم یكن عندهم ضوابط البروج و الانتقالات

ص: 268


1- 1. مكارم الأخلاق: ج 1، ص 83.
2- 2. روضة الكافی: 275.

إلیها و الاستخراجات الشائعة فی تلك الأزمان و لم یكن دأبهم علیهم السلام إحالة الناس فی الأحكام التی تحتاج إلیها عامة الخلق علی ما لا یعرفه إلا الآحاد من العلماء لا سیما إذا لم یكن شائعا فی تلك الأزمنة عند العلماء أیضا و الكواكب الثابتة و الأشكال التی سمیت البروج بها قد انتقلت فی زماننا عن البروج التی عینوها بمقدار برج تقریبا فالعقرب فی مكان القوس فظهر أن ما وقع فی الشریعة أیضا لا یوافق قواعدهم المقررة عندهم.

«56»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ وَ غَیْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الصَّنْعَانِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَقَالَ (1)

لَهُ مَرْحَباً بِكَ یَا سَعْدُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ بِهَذَا الِاسْمِ سَمَّتْنِی أُمِّی وَ مَا أَقَلَّ مَنْ یَعْرِفُنِی بِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ یَا سَعْدُ الْمَوْلَی فَقَالَ الرَّجُلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ بِهَذَا كُنْتُ أُلَقَّبُ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا خَیْرَ فِی اللَّقَبِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِیمانِ (2) مَا صَنْعَتُكَ (3) یَا سَعْدُ فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ نَنْظُرُ فِی النُّجُومِ لَا نَقُولُ إِنَّ بِالْیَمَنِ أَحَداً أَعْلَمُ بِالنُّجُومِ مِنَّا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَسْأَلُكَ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ سَلْ عَمَّا أَحْبَبْتَ مِنَ النُّجُومِ فَإِنِّی أُجِیبُكَ عَنْ ذَلِكَ بِعِلْمٍ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَمْ ضَوْءُ الشَّمْسِ عَلَی ضَوْءِ الْقَمَرِ دَرَجَةً فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فَكَمْ ضَوْءُ الْقَمَرِ عَلَی ضَوْءِ الزُّهَرَةِ دَرَجَةً فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فَكَمْ ضَوْءُ الْمُشْتَرِی عَلَی ضَوْءِ عُطَارِدٍ دَرَجَةً فَقَالَ الْیَمَانِیُّ لَا أَدْرِی فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فَمَا اسْمُ النَّجْمِ الَّذِی

ص: 269


1- 1. فی المصدر: و قال له.
2- 2. الحجرات: 11.
3- 3. فی المصدر: ما صناعتك؟.

إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الْبَقَرُ فَقَالَ الْیَمَانِیُ لَا أَدْرِی فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام صَدَقْتَ فِی قَوْلِكَ لَا أَدْرِی فَمَا زُحَلُ عِنْدَكُمْ فِی النُّجُومِ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ نَجْمٌ نَحْسٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَهْ لَا تَقُولَنَّ هَذَا فَإِنَّهُ نَجْمُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ نَجْمُ الْأَوْصِیَاءِ وَ هُوَ النَّجْمُ الثَّاقِبُ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ قَالَ الْیَمَانِیُّ فَمَا یَعْنِی بِالثَّاقِبِ قَالَ إِنَّ مَطْلِعَهُ فِی السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ إِنَّهُ ثَقَبَ بِضَوْئِهِ حَتَّی أَضَاءَ فِی السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَمِنْ ثَمَّ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّجْمَ الثَّاقِبَ یَا أَخَا أَهْلِ الْیَمَنِ عِنْدَكُمْ عُلَمَاءُ فَقَالَ الْیَمَانِیُّ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ بِالْیَمَنِ قَوْماً لَیْسُوا كَأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِی عِلْمِهِمْ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مَا یَبْلُغُ مِنْ عِلْمِ عَالِمِهِمْ فَقَالَ لَهُ الْیَمَانِیُّ إِنَّ عَالِمَهُمْ لَیَزْجُرُ الطَّیْرَ وَ یَقْفُو الْأَثَرَ فِی السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مَسِیرَةَ شَهْرٍ لِلرَّاكِبِ الْمُجِدِّ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ عِلْمَ عَالِمِ الْمَدِینَةِ(1)

یَنْتَهِی إِلَی حَیْثُ لَا یَقْفُو الْأَثَرَ وَ یَزْجُرُ الطَّیْرَ وَ یَعْلَمُ مَا فِی اللَّحْظَةِ الْوَاحِدَةِ مَسِیرَةَ الشَّمْسِ تَقْطَعُ اثْنَیْ عَشَرَ بُرْجاً وَ اثْنَیْ عَشَرَ بَرّاً وَ اثْنَیْ عَشَرَ بَحْراً وَ اثْنَیْ عَشَرَ عَالِماً قَالَ فَقَالَ لَهُ الْیَمَانِیُّ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَداً یَعْلَمُ هَذَا أَوْ یَدْرِی مَا كُنْهُهُ ثُمَّ قَامَ الْیَمَانِیُّ فَخَرَجَ (2).

النُّجُومُ، قَالَ السَّیِّدُ رحمه اللّٰه وَجَدْتُ فِی كِتَابٍ عَتِیقٍ تَأْلِیفِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ النَّیْسَابُورِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ: وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ سَعِیدُ مَكَانَ سَعْدُ فِی الْمَوَاضِعِ وَ الْمُزَنِیُّ مَكَانَ الْمَوْلَی وَ فِیهِ فَمَا اسْمُ النُّجُومِ الَّتِی إِذَا طَلَعَتْ هَاجَتِ الْإِبِلُ قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ فَمَا اسْمُ النَّجْمِ الَّذِی إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الْكِلَابُ قَالَ لَا أَدْرِی قَالَ فَمَا اسْمُ النَّجْمِ الَّذِی إِذَا طَلَعَ هَاجَتِ الْبَقَرُ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ.

ثم قال السید رحمه اللّٰه و رویت هذا الحدیث بأسانید إلی أبان من كتاب عبد اللّٰه بن القاسم الحضرمی.

«57»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ

ص: 270


1- 1. فی المصدر: فان عالم المدینة أعلم من عالم الیمن، فقال الیمانیّ: و ما بلغ من علم عالم المدینة؟ فقال أبو عبد اللّٰه علیه السلام.
2- 2. الخصال: 86.

بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ الْجُرْجَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ لِمَنْ جَعَلَ لَهُ سُلْطَاناً أَجَلًا وَ مُدَّةً مِنْ لَیَالٍ وَ أَیَّامٍ وَ سِنِینَ وَ شُهُورٍ فَإِنْ عَدَلُوا فِی النَّاسِ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَاحِبَ الْفَلَكِ أَنْ یُبْطِئَ بِإِدَارَتِهِ فَطَالَتْ أَیَّامُهُمْ وَ لَیَالِیهِمْ وَ سِنِینُهُمْ (1)

وَ شُهُورُهُمْ وَ إِنْ جَارُوا فِی النَّاسِ وَ لَمْ یَعْدِلُوا أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی صَاحِبَ الْفَلَكِ فَأَسْرَعَ بِإِدَارَتِهِ فَقَصُرَتْ لَیَالِیهِمْ وَ أَیَّامُهُمْ وَ سِنِینُهُمْ وَ شُهُورُهُمْ وَ قَدْ وَفَی لَهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِعَدَدِ اللَّیَالِی وَ الشُّهُورِ(2).

بیان: قد مر الكلام فی مثله.

«58»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ جَمِیعاً عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَطِیَّةَ الزَّیَّاتِ عَنْ مُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ النُّجُومِ أَ حَقٌّ هِیَ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ الْمُشْتَرِیَ إِلَی الْأَرْضِ فِی صُورَةِ رَجُلٍ فَأَخَذَ رَجُلًا مِنَ الْعَجَمِ فَعَلَّمَهُ النُّجُومَ حَتَّی ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ ثُمَّ قَالَ لَهُ انْظُرْ أَیْنَ الْمُشْتَرِی فَقَالَ

مَا أَرَاهُ فِی الْفَلَكِ وَ مَا أَدْرِی أَیْنَ هُوَ قَالَ فَنَحَّاهُ وَ أَخَذَ بِیَدِ رَجُلٍ مِنَ الْهِنْدِ فَعَلَّمَهُ حَتَّی ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَ وَ قَالَ انْظُرْ إِلَی الْمُشْتَرِی أَیْنَ هُوَ فَقَالَ إِنَّ حِسَابِی لَیَدُلُّ عَلَی أَنَّكَ أَنْتَ الْمُشْتَرِی وَ قَالَ (3) فَشَهَقَ شَهْقَةً فَمَاتَ وَ وَرِثَ عِلْمَهُ أَهْلُهُ فَالْعِلْمُ هُنَاكَ (4).

بیان: فی صورة رجل لعل المراد علی تقدیر صحة الخبر أن اللّٰه تعالی

ص: 271


1- 1. و سنوهم( خ).
2- 2. روضة الكافی: 271.
3- 3. فی المصدر: قال و شهق.
4- 4. روضة الكافی: 330. اقول: علی فرض صدور الروایة یحتمل أن یكون الامام علیه السلام حكی هذه الاحدوثة عن قول غیر لمصلحة، فزعم بغض الرواة انها حكایة عن الواقع فرواها عنه. و یؤیده ما مر فی الحدیث( 26) من هذا الباب عن الرضا علیه السلام انه قال للصباح بن نصر الهندی: اصل هذا العلم من عند اللّٰه عزّ و جلّ، و یقال: ان اللّٰه بعث النجم الذی یقال له المشتری الخ.

جعله فی هذا الوقت ذا روح و حیاة و علم و بعثه إلی الأرض لئلا ینافی ما سیأتی من إجماع المسلمین علی عدم حیاة الأجسام الفلكیة و شعورها و أما أنه كیف صار صغیرا بحیث وسعه الأرض و حضر عند الرجل فیمكن أن یكون علی التكاثف أو علی إعدام بعض الأجزاء سوی الأجزاء الأصلیة التی بها تشخص الكوكب ثم إیجاد تلك الأجزاء و إعادتها كما أن الشخص تتبدل أجزاؤه من أول العمر إلی آخره و تشخصه محفوظ بالأجزاء الأصلیة و ورث علمه أهله أی كتبه و ما علمهم قبل موته و الخبر یدل علی أن لهذا العلم أصلا و لا یدل علی جواز النظر فیه و تعلیمه و تعلمه و استخراج الأحكام منه لسائر الخلق و لعله یكون فتنة كقصة هاروت و ماروت.

«59»- الْفَقِیهُ، بِسَنَدِهِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی قَدِ ابْتُلِیتُ بِهَذَا الْعِلْمِ فَأُرِیدُ الْحَاجَةَ فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَی الطَّالِعِ وَ رَأَیْتُ الطَّالِعَ الشَّرَّ جَلَسْتُ وَ لَمْ أَذْهَبْ فِیهَا وَ إِذَا رَأَیْتُ الطَّالِعَ الْخَیْرَ ذَهَبْتُ فِی الْحَاجَةِ فَقَالَ لِی تَقْضِی قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَحْرِقْ كُتُبَكَ (1).

دعوات الراوندی، عن عبد الملك: مثله بیان قوله تقضی علی بناء المعلوم أی تحكم بالحوادث و تخبر بالأمور الآتیة أو الغائبة أو تحكم بأن للنجوم تأثیرا أو أن لذلك الطالع أثرا أو علی بناء المجهول أی إذا ذهبت فی الطالع الخیر تقضی حاجتك و تعتقد ذلك و الأول عندی أظهر و هذا خبر معتبر یدل علی أظهر الوجوه علی أن الإخبار بأحكام النجوم و الاعتناء بسعادة النجوم و الطوالع محرم یجب الاحتراز عنه.

«60»- الْفَقِیهُ، رُوِیَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَنْظُرُ فِی النُّجُومِ وَ أَعْرِفُهَا وَ أَعْرِفُ الطَّالِعَ فَیَدْخُلُنِی مِنْ ذَلِكَ شَیْ ءٌ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَی أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ إِذَا وَقَعَ فِی نَفْسِكَ شَیْ ءٌ فَتَصَدَّقْ عَلَی أَوَّلِ مِسْكِینٍ ثُمَّ امْضِ فَإِنَ

ص: 272


1- 1. لم یوجد فی المصدر.

اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَدْفَعُ عَنْكَ (1).

النجوم، نقلا من الفقیه عن ابن أبی عمیر: مثله- ثم قال السید رحمه اللّٰه و روینا هذا الحدیث أیضا من كتاب التجمل عن محمد بن أذینة عن ابن أبی عمیر: و ذكر نحوه ثم قال لو لم یكن فی الشیعة عارف بالنجوم إلا محمد بن أبی عمیر لكان حجة فی صحتها و إباحتها لأنه من خواص الأئمة و الحجج فی مذاهبها و روایتها(2) بیان أقول روی هذا الخبر البرقی فی المحاسن عن ابن أبی عمیر عن ابن أذینة عن سفیان بن عمر كما مر فظهر أن العارف بالنجوم لم یكن ابن أبی عمیر بل رجلا مجهول الحال و وقع سقط من نسخ الفقیه و لو سلم فجوابه علیه السلام یدل علی أنه لما كان ابتلی بهذا العلم و كان فی نفسه من ذلك شی ء علمه علیه السلام ما یدفع ذلك من الصدقة كما یدفع به الطیرة التی لا أصل لها و لم یكن ابن أبی عمیر رحمه اللّٰه معصوما حتی یكون فعله حجة.

«61»- دَلَائِلُ الْإِمَامَةِ، لِلطَّبَرِیِّ وَ كِتَابُ النُّجُومِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِیِّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ زَیْدٍ الْمَدَنِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ سَعِیدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مِسْعَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ صَاحِبِ الْمَغَازِی عَنْ عَطَاءِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّتْ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام بَقَرَةٌ فَقَالَ هَذِهِ حُبْلَی بِعِجْلَةٍ أُنْثَی لَهَا غُرَّةٌ فِی جَبْهَتِهَا وَ رَأْسُ ذَنَبِهَا أَبْیَضُ فَانْطَلَقْنَا مَعَ الْقَصَّابِ حَتَّی ذَبَحَهَا فَوَجَدْنَا الْعِجْلَةَ كَمَا وَصَفَ عَلَی صُورَتِهَا فَقُلْنَا لَهُ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ یَعْلَمُ ما فِی الْأَرْحامِ فَكَیْفَ عَلِمْتَ قَالَ إِنَّا نَعْلَمُ الْمَخْزُونَ الْمَكْتُومَ الَّذِی لَمْ یَطَّلِعْ عَلَیْهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَ لَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ غَیْرَ مُحَمَّدٍ وَ ذُرِّیَّتِهِ علیهم السلام.

بیان: یدل علی أنه لیس للمنجمین و أمثالهم علم بأمثال ذلك.

«62»- الْكَافِی، بِسَنَدٍ فِیهِ إِرْسَالٌ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَ رَجُلٍ قِسْمَةُ أَرْضٍ وَ كَانَ الرَّجُلُ صَاحِبَ نُجُومٍ وَ كَانَ یَتَوَخَّی سَاعَةَ السُّعُودِ فَیَخْرُجُ

ص: 273


1- 1. الفقیه: 222.
2- 2. روایاتها( خ).

فِیهَا وَ أَخْرُجُ أَنَا فِی سَاعَةِ النُّحُوسِ فَاقْتَسَمْنَا فَخَرَجَ لِی خَیْرُ الْقِسْمَیْنِ فَضَرَبَ الرَّجُلُ یَدَهُ الْیُمْنَی عَلَی الْیُسْرَی ثُمَّ قَالَ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ قَطُّ قُلْتُ وَیْلَ الْآخَرِ مَا ذَاكَ قَالَ إِنِّی صَاحِبُ النُّجُومِ (1)

أَخْرَجْتُكَ فِی سَاعَةِ النُّحُوسِ وَ خَرَجْتُ أَنَا فِی سَاعَةِ السُّعُودِ ثُمَّ قَسَمْنَا فَخَرَجَ لَكَ خَیْرُ الْقِسْمَیْنِ فَقُلْتُ أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِیثٍ حَدَّثَنِی بِهِ أَبِی علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَدْفَعَ اللَّهُ عَنْهُ

نَحْسَ یَوْمِهِ فَلْیَفْتَتِحْ یَوْمَهُ بِصَدَقَةٍ یُذْهِبُ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ نَحْسَ یَوْمِهِ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یُذْهِبَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ لَیْلَتِهِ فَلْیَفْتَتِحْ لَیْلَتَهُ بِصَدَقَةٍ یَدْفَعُ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ لَیْلَتِهِ وَ إِنِّی افْتَتَحْتُ خُرُوجِی بِصَدَقَةٍ فَهَذَا خَیْرٌ لَكَ مِنَ النُّجُومِ (2).

بیان: یدل علی أنه لو كانت لها نحوسة فهی تندفع بالصدقة و أنه لا ینبغی مراعاتها بل ینبغی التوسل فی دفع أمثال ذلك بما ورد عن المعصومین علیهم السلام من الدعاء و التصدق و التوكل و أمثاله.

«63»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنِ الْقَطَّانِ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنِ ابْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: الذُّنُوبُ الَّتِی تُظْلِمُ الْهَوَاءَ السِّحْرُ وَ الْكِهَانَةُ وَ الْإِیمَانُ بِالنُّجُومِ وَ التَّكْذِیبُ بِالْقَدَرِ الْخَبَرَ(3).

بیان: ظلمة الهواء كنایة عن التحیر فی الأمور أو شدة البلیة و ظهور آثار غضب اللّٰه فی الجو.

«64»- النُّجُومُ، رَوَی الشَّیْخُ الْفَاضِلُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الثَّعْلَبِیُّ فِی كِتَابِ الْعَرَائِسِ: إِنَّمَا سُمِّیَ إِدْرِیسَ لِكَثْرَةِ دَرْسِهِ لِلْكُتُبِ وَ صُحُفِ آدَمَ وَ شِیثَ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ وَ أَوَّلَ مَنْ خَاطَ الثِّیَابَ وَ لَبِسَ الْمَخِیطَ وَ أَوَّلَ مَنْ نَظَرَ فِی عِلْمِ النُّجُومِ وَ الْحِسَابِ.

ص: 274


1- 1. فی المصدر: نجوم.
2- 2. فروع الكافی: ج 4، ص 6.
3- 3. معانی الأخبار: 271.

قال السید رحمه اللّٰه و ذكر علی بن المرتضی فی كتاب دیوان النسب فیما حكاه عن التوراة أن إدریس علیه السلام أول من خط بالقلم و أول من حسب حساب النجوم قال و رأیت فی رسالة أبی إسحاق الطرسوسی إلی عبد اللّٰه بن مالك فی باب معرفة أصل العلم ما هذا لفظه أن اللّٰه تبارك و تعالی أهبط آدم من الجنة و عرفه علم كل شی ء فكان مما عرفه النجوم و الطب قال و وجدت فی كتاب المنتخب من طریق أصحابنا فی دعاء كل یوم من رجب و معلم إدریس عدد النجوم و الحساب و السنین و الشهور و الأزمان و ذكر عبد اللّٰه بن محمد بن طاهر فی كتاب لطائف المعارف أول من أظهر علم النجوم و دل علی تركیب و قدر مسیر الكواكب و كشف عن وجوه تأثیرها هرمس.

«65»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا جَعَلَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ جَعَلَهَا زِینَةً لِلسَّمَاءِ وَ جَعَلَهَا یُهْتَدَی بِهَا وَ جَعَلَهَا رُجُوماً لِلشَّیَاطِینِ فَمَنْ تَعَاطَی فِیهَا غَیْرَ ذَلِكَ فَقَدْ فَالَ رَأْیُهُ وَ أَخْطَأَ حَظُّهُ وَ أَضَاعَ نَصِیبَهُ وَ تَكَلَّمَ (1)

مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَ إِنَّ نَاساً جَهَلَةً بِأَمْرِ اللَّهِ قَدْ أَحْدَثُوا فِی هَذِهِ النُّجُومِ كِهَانَةً مَنْ أَعْرَسَ بِنَجْمِ كَذَا وَ كَذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا وَ مَنْ سَافَرَ بِنَجْمِ كَذَا وَ كَذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا وَ لَعَمْرِی مَا مِنْ نَجْمٍ إِلَّا یُولَدُ بِهِ الْأَحْمَرُ وَ الْأَسْوَدُ وَ الطَّوِیلُ وَ الْقَصِیرُ وَ الْحَسَنُ وَ الدَّمِیمُ وَ لَوْ أَنَّ أَحَداً عَلِمَ الْغَیْبَ لَعَلِمَهُ آدَمُ الَّذِی خَلَقَهُ اللَّهُ بِیَدِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَیْ ءٍ(2).

«66»- وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: تَعَلَّمُوا مِنَ النُّجُومِ مَا تَهْتَدُونَ بِهِ فِی ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ ثُمَّ انْتَهُوا(3).

«67»- وَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ یَتَعَلَّمَ الرَّجُلُ مِنَ النُّجُومِ مَا یَهْتَدِی بِهِ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ یَتَعَلَّمَ مَنَازِلَ الْقَمَرِ(4).

«68»- وَ عَنْ حُمَیْدٍ الشَّامِیِّ قَالَ: النُّجُومُ هِیَ عِلْمُ آدَمَ علیه السلام (5).

ص: 275


1- 1. فی المصدر« تكلف» و هو الصواب.
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 34.
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 34.
4- 4. الدّر المنثور: ج 3، ص 34.
5- 5. الدّر المنثور: ج 3، ص 34.

«69»- وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: ذَلِكَ عِلْمٌ ضَیَّعَهُ النَّاسُ النُّجُومَ (1).

«70»- وَ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلًا عَنْ حِسَابِ النُّجُومِ وَ جَعَلَ الرَّجُلُ یَتَحَرَّجُ أَنْ یُخْبِرَهُ فَقَالَ عِكْرِمَةُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ عِلْمٌ عَجَزَ النَّاسُ عَنْهُ وَدِدْتُ أَنِّی عَلِمْتُهُ (2)

قَالَ الْخَطِیبُ مُرَادُهُ الضَّرْبُ الْمُبَاحُ الَّذِی كَانَتِ الْعَرَبُ تَخْتَصُّ بِهِ.

«71»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: خُصَّتِ الْعَرَبُ بِخِصَالٍ بِالْكِهَانَةِ وَ الْقِیَافَةِ وَ الْعِیَافَةِ وَ النُّجُومِ وَ الْحِسَابِ فَهَدَمَ الْإِسْلَامُ الْكِهَانَةَ وَ ثَبَتَ الْبَاقِی بَعْدَ ذَلِكَ (3).

«72»- وَ عَنِ الْقُرْطِیِّ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فِی السَّمَاءِ مِنْ نَجْمٍ وَ لَكِنْ یَتَّبِعُونَ الْكَهَنَةَ وَ یَتَّخِذُونَ النُّجُومَ عِلَّةً(4).

«73»- وَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّهُ خَطَبَ فَذَكَرَ حَدِیثاً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ نَاساً یَزْعُمُونَ أَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ وَ كُسُوفَ هَذَا الْقَمَرِ وَ زَوَالَ هَذِهِ النُّجُومِ عَنْ مَوَاضِعِهَا لِمَوْتِ رِجَالٍ عُظَمَاءَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ إِنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا وَ لَكِنَّهَا آیَاتٌ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ یَعْتَبِرُ بِهَا عِبَادَهُ لِیَنْظُرَ مَا یَحْدُثُ لَهُ مِنْهُمْ تَوْبَةٌ(5).

«74»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: نَهَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ النَّظَرِ فِی النُّجُومِ وَ أَمَرَنِی بِإِسْبَاغِ الطَّهُورِ(6).

«75»- وَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ: نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ النَّظَرِ فِی النُّجُومِ.

«76»- وَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِی فَأَمْسِكُوا

ص: 276


1- 1. الدّر المنثور: ج 3، ص 34.
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
4- 4. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
5- 5. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
6- 6. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.

وَ إِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا وَ إِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا(1).

«77»- وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی خَصْلَتَیْنِ تَكْذِیباً بِالْقَدَرِ وَ تَصْدِیقاً بِالنُّجُومِ وَ فِی لَفْظٍ وَ حَذْقاً بِالنُّجُومِ (2).

«78»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنِ اقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ(3).

«79»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ قَوْماً یَنْظُرُونَ فِی النُّجُومِ وَ یَحْسُبُونَ أَبَا جَادٍ وَ مَا أَرَی لِلَّذِینَ یَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ خَلَاقٍ (4).

«80»- وَ عَنْ مَیْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَوْصِنِی قَالَ أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِیَّاكَ وَ عِلْمَ النُّجُومِ فَإِنَّهُ یَدْعُو إِلَی الْكِهَانَةِ(5).

«81»- وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْبَرَ دَعَا بِقَوْسِهِ فَاتَّكَأَ عَلَی سِیَتِهَا وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ ذَكَرَ مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ نَصَرَهُ وَ نَهَی عَنْ خِصَالٍ عَنْ مَهْرِ الْبَغِیِّ وَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَ عَنِ الْمَیَاثِرِ الْحُمْرِ وَ عَنْ لُبْسِ الثِّیَابِ الْقَسِّیِّ وَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِیَّةِ وَ عَنِ (6) الصَّرْفِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَ بَیْنَهُمَا فَضْلٌ وَ عَنِ النَّظَرِ فِی النُّجُومِ (7).

«82»- وَ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَعَلَّمِ النُّجُومَ فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَی الْكِهَانَةِ(8).

«83»- وَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَقَدْ طَهَّرَ اللَّهُ هَذِهِ الْجَزِیرَةَ مِنَ الشِّرْكِ مَا لَمْ تُضِلَّهُمُ النُّجُومُ (9).

«84»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مُتَعَلِّمَ حُرُوفِ أَبِی جَادٍ لَیَرَی فِی النُّجُومِ لَیْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلَاقٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(10).

ص: 277


1- 1. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
2- 2. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
4- 4. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
5- 5. الدّر المنثور: ج 3، ص 35.
6- 6. كذا فی نسخ البحار و المصدر.
7- 7. الدّر المنثور: ج 3، ص 35 و 36.
8- 8. الدّر المنثور: ج 3، ص 35 و 36.
9- 9. الدّر المنثور: ج 3، ص 36.
10- 10. الدّر المنثور: ج 3، ص 36.

بیان: قال الفیروزآبادی فال رأیه أخطأ و ضعف و قال عفت الطیر أعیفها عیافة زجرتها و هو أن یعتبر بأسمائها و مساقطها و أنوائها فیتسعد أو یتشأم و العائف المتكهن بالطیر أو غیرها(1)

و فی النهایة المیثرة من مراكب العجم تعمل من حریر أو دیباج و تتخذ كالفراش الصغیر و تحشی بقطن أو صوف یجعلها الراكب تحته علی الرحال فوق الجمال و یدخل فیه میاثر السروج (2) و قال فیه أنه نهی عن لبس القسی هی ثیاب من كتان مخلوط بحریر یؤتی بها من مصر نسبت إلی قریة علی ساحل (3)

البحر قریبا من تنیس یقال لها القس بفتح القاف و بعض أهل الحدیث یكسرها و قیل أصل القسی القزی بالزای منسوب إلی القز و هو ضرب من الإبریسم فأبدل من الزای سینا و قیل منسوب إلی القس و هو الصقیع لبیاضه (4) و الصقیع الساقط من السماء باللیل كأنه ثلج.

تذییل جلیل و تفصیل جمیل نذكر فیه أقوال بعض أجلاء أصحابنا رضوان اللّٰه علیهم فی حكم النظر فی علم النجوم و الاعتقاد به و الإخبار عن الحوادث بسببه و رعایة الساعات المسعودة و المنحوسة بزعمهم و القول بتأثیرها ثم نذكر ما ظهر لنا من الأخبار السابقة فی جمیع ذلك.

قال الشیخ السعید المفید رحمه اللّٰه فی كتاب المقالات علی ما نقل عنه السید بن طاوس رحمه اللّٰه فی كتاب فرج المهموم بمعرفة علم النجوم و إن لم نجد فیما عندنا من نسخه حیث قال أقول إن الشمس و القمر و سائر النجوم أجسام ناریة لا حیاة لها و لا موت و لا تمیز خلقها اللّٰه تعالی لینتفع بها عباده و جعلها زینة لسماواته و آیات من آیاته كما قال سبحانه هُوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ یُفَصِّلُ

ص: 278


1- 1. القاموس: ج 3، ص 179.
2- 2. النهایة: ج 4، ص 193.
3- 3. فی المصدر: شاطئ البحر.
4- 4. النهایة: ج 3، ص 252.

الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (1) و قال تعالی وَ هُوَ الَّذِی جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (2) و قال تعالی وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ (3) و قال تعالی وَ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ (4) فأما الأحكام علی الكائنات بدلائلها أو الكلام علی مدلول حركاتها فإن العقل لا یمنع منه و لسنا ندفع أن یكون اللّٰه تعالی أعلمه بعض أنبیائه و جعله

علما له علی صدقه غیر أنا لا نقطع علیه و لا نعتقد استمراره فی الناس إلی هذه الغایة و أما ما نجده من أحكام المنجمین فی هذا الوقت و إصابة بعضهم فیه فإنه لا ینكر أن یكون ذلك بضرب من التجربة و بدلیل عادة و قد تختلف أحیانا و یخطئ المعتمد علیه كثیرا و لا یصح إصابته فیه أبدا لأنه لیس بجار مجری دلائل العقول و لا براهین الكتاب و أخبار الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و هذا مذهب جمهور متكلمی أهل العدل و إلیه ذهب بنو نوبخت (5)

من الإمامیة و أبو القاسم و أبو علی من المعتزلة انتهی.

و قال الشیخ محمد بن الحسین الكیدری فی شرح نهج البلاغة فی تهجین أحكام النجوم كیف یمكن أن یكون الإنسان یعرف الحوادث و أسبابها فی الحال حتی

ص: 279


1- 1. یونس: 5.
2- 2. الأنعام: 97.
3- 3. النحل: 16.
4- 4. فصّلت: 12.
5- 5. آل نوبخت طائفة كبیرة خرج منه جماعات كثیرة من العلماء و الأدباء و المنجّمین و الفلاسفة و المتكلّمین و الكتاب و الحكماء و الامراء، و كانت لهم مكانة و تقدم فی دولة بنی العباس، و اصلهم من الفرس و أول من اسلم منهم جدهم« نوبخت» و هو من عشیرة« گیو بن گودرز» و كان منجما لابی جعفر المنصور خصیصا به، فلما ضعف عن صحبة المنصور اقام مقامه ابنه« أبا سهل» و هو الذی ینتهی إلیه سلسلة هذه الطائفة، و له عشرة أولاد كان لاثنین منهم ذرّیة كثیرة مشهورة و هما. إسحاق و إسماعیل و ممن ینسب إلی هذه الطائفة الشیخ الأجل ابو القاسم الحسین بن روح بن أبی بحر النوبختی أحد السفراء الأربعة فی الغیبة الصغری. و آل نوبخت معروفون بولایة علی و ولده علیهم السلام.

یعرف المسببات فی المستقبل كما فی الجزر و المد و من ادعی أنه یعرف أسباب الكائنات فمقدماته لیست برهانیة و إنما هی تجربیة أو شعریة أو خطابیة مؤلفة من المشهورات فی الظاهر أو المقبولات و المظنونات و مع ذلك فلا یمكنه أن یتعرض إلا لجنس من أجناس الأسباب و هو تعرض بعض الأسباب العلویة و لا یمكنه أن یتعرض لجمیع الأسباب السماویة و القوابل و إذا تغیرت القوابل عن أحوالها تغیر أثر الفاعل فیها فإن النار فی الحطب الیابس مؤثرة تأثیرا لا تؤثر فی الرماد و كذا معرفة بقائها علی استعداد القبول شرط و یمكن أن یكون للقوابل عوائق فلا یعلم تلك الأسباب و المسببات إلا اللّٰه تعالی و أیضا فإن المنجم یحكم علی مفردات الكواكب و لا یحكم علی جمیعها ممتزجة و كما أن أحكام مفردات التریاق و سائر المعاجین غیر أحكام المركب الذی حصلت له صورة نوعیة كذلك حكم الكواكب المركوزة فی الأفلاك غیر حكم أفرادها و إذا لم یمكن للمنجم الحكم إلا علی المفردات كان الحكم ناقصا غیر موثوق به ثم إنه ربما یحصل التوأمان فی غشاء فیكشف عنهما فإذا فیه صبیان حیان و علی قوانین الأحكامیین یجب أن یكونا مثلین فی الصورة و العمر و الحركات حتی لا یجوز أن یختلفا فی شی ء من الأشیاء و لا یجوز أن یسكت أحدهما فی وقت كلام الآخر و لا یقوم فی وقت قعود الآخر و لا ینام فی وقت لا ینام فیه الآخر و إذا دخلا بیتا فیه باب ضیق فلا یمكنهما الدخول فإنه لا بد هاهنا من التقدم و التأخر و لا یجوز أن یمس إنسان أحدهما دون الآخر و لا یجوز أن یكون فی التزویج امرأة أحدهما غیر امرأة الآخر و لا أن یكون مكان أحدهما غیر مكان الآخر فی الأرض و هذا مما لا یخفی فساده و أیضا فإن الحكم الكلی عند أكثرهم یغلب الجزئی أ لا تری أن طالع ناحیة أو بلد إذا كان فاسدا فإنه لا یفید عطیة الكدخدا لإنسان فكیف یعتمد علی الطوالع و الاختیارات مع نفی العلم بالكلیات و من شنیع قولهم أنهم یقولون إذا ولد للملك فی حال ولد لسوقی ولد فإن الكواكب تدل لابن الملك بخلاف ما تدل لابن السوقی مع اتفاقهما فی كمیة العمر لأن هیلاجهما و كدخداهما

ص: 280

لا یختلفان فإذا جاز أن تكون دلالة النجوم مختلفة فی سعادة هذین الولدین فما أنكروا أن یكون مقادیر أعمارهما أیضا مختلفة و اختلفوا فی تقویم الكواكب باختلاف الزیجات و لا برهان علی فساد بعضها و صواب بعضها فربما یوجد فی تقویم الشمس من التفاوت خمس درج و تختلف درج الطوالع و بروج التحاویل بسبب ذلك فتفسد الأحكام.

ثم أورد علیهم كثیرا من الاختلافات و التناقضات لا نطیل الكلام بإیرادها.

و قال الشیخ إبراهیم بن نوبخت فی كتاب الیاقوت قول المنجمین یبطله قدم الصانع و اشتراط اختیاره و یلزم علیهم أن لا یستقر الفعل علی حال من الأحوال و قول أهل الطبائع یبطل بمثل ذلك.

و قال العلامة رحمه اللّٰه فی شرحه اختلف قول المنجمین علی قسمین أحدهما قول من قال إن الكواكب السبعة حیة مختارة و الثانی قول من قال إنها موجبة و القولان باطلان أما الأول فلأنها أجسام محدثة فلا تكون آلهة و لأنها محتاجة إلی محدث غیر جسم فلا بد من القول بالصانع و أما الثانی فلأن الكوكب المعین كالمریخ مثلا إذا كان مقتضیا للحرب لزم دوام وقوع الهرج و المرج فی العالم و أن لا یستقر أفعالهم علی حال من الأحوال و لما كان ذلك باطلا كان ما ذكروه باطلا(1)

و أما القائلون بالطبائع الذین یسندون الأفعال إلی مجرد الطبیعة فیبطل قولهم بمثل ذلك أیضا فإن الطبیعة قوة جسمانیة و كل جسم محدث فكل قوة حالة فهی محدثة تفتقر إلی محدث غیر طبیعته و إلا لزم التسلسل فلا بد من القول بالصانع سبحانه و تعالی و قال السید الشریف المرتضی رحمه اللّٰه فی كتاب الغرر و الدرر فی أجوبة

ص: 281


1- 1. یمكن المناقشة فی هذا الكلام بان المنجم لا یقول بكون المریخ بذاته یقتضی وقوع الحرب فی الأرض دائما بل عند تحقّق وضع خاصّ له و حصول شرائط معینة فی الأرض مضافا إلی ان اقتضاءه لذلك لا یوجب وقوعه دائما، لان المقتضی انما یؤثر إذا لم یمنع عن تأثیره مانع.

المسائل السلاریة حین سئل رحمه اللّٰه ما القول فیما یخبر به المنجمون من وقوع حوادث و یضیفون ذلك إلی تأثیرات النجوم و ما المانع من أن تؤثر الكواكب علی حد تأثیر الشمس الأدمة فینا و إن كان تأثیر الكواكب مستحیلا فما المانع من أن تكون التأثیرات من فعل اللّٰه تعالی بمجری العادة عند طلوع هذه الكواكب أو انتقالها فلینعم ببیان ذلك فإن الأنفس إلیه متشوقة و كیف تقول إن المنجمون حادسون مع أنه لا یفسد من أقوالهم إلا القلیل حتی أنهم یخبرون بالكسوف و وقته و مقداره فلا تكون إلا علی ما أخبروا به فأی فرق بین إخبارهم بحصول هذا التأثیر فی هذا الجسم و بین حصول تأثیرها فی أجسامنا.

الجواب اعلم أن المنجمین یذهبون إلی أن الكواكب تفعل فی الأرض و من علیها أفعالا یسندونها إلی طباعها و ما فیهم من أحد یذهب إلی أن اللّٰه تعالی أجری العادة بأن یفعل عند قرب بعضها من بعض أو بعده أفعالا من غیر أن یكون للكواكب أنفسها تأثیر فی ذلك و من ادعی هذا المذهب الآن منهم فهو قائل بخلاف ما ذهبت القدماء فی ذلك و متجمل بهذا المذهب عند أهل الإسلام و متقرب إلیهم بإظهاره و لیس هذا بقول لأحد ممن تقدم و كان الذی كان یجوز أن یكون صحیحا و إن دل الدلیل علی فساده لا یذهبون إلیه و إنما یذهبون إلی المحال الذی لا یمكن صحته و قد فرغ المتكلمون من الكلام فی أن الكواكب لا یجوز أن

تكون فینا فاعلة و تكلمنا نحن أیضا فی مواضع علی ذلك و بینا بطلان الطبائع الذین یهذون بذكرها و إضافة الأفعال إلیها و بینا أن الفاعل لا بد أن یكون حیا قادرا و قد علمنا أن الكواكب لیست بهذه الصفة و كیف تفعل و ما یصحح الأفعال مفقود فیها و قد سطر المتكلمون طرقا كثیرة فی أنها لیست بحیة و لا قادرة أكثرها معترض و أشف ما قیل فی ذلك أن الحیاة معلوم أن الحرارة الشدیدة كحرارة النار تنفیها و لا تثبت معها و معلوم أن حرارة الشمس أشد و أقوی من حرارة النار بكثیر لأن الذی یصل إلینا علی بعد المسافة من حرارة الشمس بشعاعها یماثل أو یزید علی حرارة النار و ما كان بهذه الصفة من الحرارة

ص: 282

یستحیل كونه حیا و أقوی من ذلك كله فی نفی كون الفلك و ما فیه من شمس و قمر و كوكب أحیاء السمع و الإجماع و أنه لا خلاف بین المسلمین فی ارتفاع الحیاة عن الفلك و ما یشتمل علیه من الكواكب و أنها مسخرة مدبرة مصرفة و ذلك معلوم من دین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ضرورة و إذا قطعنا علی نفی الحیاة و القدرة عن الكواكب فكیف تكون فاعلة و علی أننا قد سلمنا لهم استظهارا فی الحجة أنها قادرة قلنا إن الجسم و إن كان قادرا فإنه لا یجوز أن یفعل فی غیره إلا علی سبیل التولید و لا بد من وصلة بین الفاعل و المفعول فیه و الكواكب غیر مماسة لنا و لا وصلة بینها و بیننا فكیف تكون فاعلة فینا فإن ادعی أن الوصلة بیننا هی الهواء فالهواء أولا لا یجوز أن یكون آلة فی الحركات الشدیدة و حمل الأثقال ثم لو كان الهواء آلة تحركنا بها الكواكب لوجب أن نحس بذلك و نعلم أن الهواء یحركنا و یصرفنا كما نعلم فی غیرنا من الأجسام إذا حركناه بآلة علی أن فی الحوادث الحادثة فینا ما لا یجوز أن یفعل بآلة و لا یتولد عن سبب كالإرادات و الاعتقادات و أشیاء كثیرة فكیف فعلت الكواكب ذلك فینا و هی لا تصح أن یكون مخترعة للأفعال لأن الجسم لا یجوز أن یكون قادرا إلا بقدرة و القدرة لا یجوز لأمر یرجع إلی نوعها أن تخترع بها الأفعال فأما الأدمة فلیس تؤثرها الشمس علی الحقیقة فی وجوهنا و أبداننا و إنما اللّٰه تعالی هو المؤثر لها و فاعلها بتوسط حرارة الشمس كما أنه تعالی هو المحرق علی الحقیقة بحرارة النار و الهاشم لما یهشمه الحجر بثقله و حرارة الشمس مسودة للأجساد من جهة معقولة مفهومة كما أن النار تحرق الأجسام علی وجه معقول فأی تأثیر للكواكب فینا یجری هذا المجری فی تمییزه و العلم بصحته فلیشر إلیه فإن ذلك مما لا قدرة علیه (1).

ص: 283


1- 1. إن كان المراد أن كل تأثیر فی الإنسان من كل مؤثر یجب أن یكون علی وجه یعقله فعلی المدعی اثبات هذه الكلیة، و هی غیر بینة و لا مبینة. و ان كان المراد الإنكار علی من یدعی تأثیر الكواكب علی هذا الوجه فله وجه، لكنه لا یدفع امكانه.

و مما یمكن أن یعتمد فی إبطال أن تكون الكواكب فاعلة فینا و مصرفة لنا أن ذلك یقتضی سقوط الأمر و النهی و الذم عنا و نكون معذورین فی كل إساءة تقع منا و نجنیها بأیدینا و غیر مشكورین علی شی ء من الإحسان و الإفضال و كل شی ء نفسد به قول المجبرة فهو مفسد لهذا المذهب و أما الوجه الآخر و هو أن یكون اللّٰه تعالی أجری العادة بأن یفعل أفعالا مخصوصة عند طلوع الكوكب أو غروبه و اتصاله أو مفارقته و قد بینا أن ذلك لیس بمذهب المنجمین البتة و إنما یتجملون الآن بالتظاهر به و أنه قد كان جائزا أن یجری اللّٰه تعالی العادة بذلك لكن لا طریق إلی العلم بأن ذلك قد وقع و ثبت و من أین لنا بأن اللّٰه تعالی قد أجری العادة بأن یكون زحل أو المریخ إذا كان فی درجة الطالع كان نحسا و أن المشتری إذا كان كذلك كان سعدا و أی سمع مقطوع به جاء بذلك و أی نبی خبر به و استفید من جهته فإن عولوا فی ذلك علی التجربة بأنا جربنا ذلك و من كان قبلنا

فوجدناه علی هذه الصفة و إذا لم یكن موجبا وجب أن یكون معتادا قلنا و من سلم لكم صحة هذه التجربة و انتظامها و اطرادها و قد رأینا خطاءكم أكثر من صوابكم فیها و صدقكم أقل من كذبكم فألا نسبتم الصحة إذا اتفقت منكم إلی الاتفاق الذی یقع من المخمن و المرجم فقد رأینا من یصیب من هؤلاء أكثر ممن یخطئ و هو علی غیر أصل معتمد و لا قاعدة صحیحة فإذا قلتم سبب خطاء المنجم زلل دخل علیه فی أخذ الطالع أو تسیر الكواكب قلنا و لم لا كانت إصابته سببها التخمین و إنما كان یصح لكم هذا التأویل و التخریج لو كان علی صحة أحكام النجوم دلیل قاطع هو غیر إصابة المنجم فأما إذا كان دلیل صحة الأحكام الإصابة فألا كان دلیل فسادها الخطاء فما أحدهما فی المقابلة إلا كصاحبه.

و مما أفحم (1)

به القائلون بصحة الأحكام و لم یتحصل منهم عنه جواب أن قیل لهم فی شی ء بعینه خذوا الطالع و احكموا هل یؤخذ أو یترك فإن حكموا

ص: 284


1- 1. أفحمه: أسكته بالحجة فی خصومة و غیرها.

إما بالأخذ أو الترك خولفوا و فعل خلاف ما خبروا به و قد أعضلتهم هذه المسألة و اعتذروا عنها بأعذار ملفقة لا یخفی علی عاقل سمعها بعدها من الصواب فقالوا فی هذه المسألة یجب أن یكتب هذا المبتلی بها ما یرید أن یفعل أو یخبر به غیره فإنا نخرج ما قد عزم علیه من أحد الأمرین و هذا التعلیل منهم باطل لأنه إذا كان النظر فی النجوم یدل علی جمیع الكائنات التی من جملتها ما یختاره أحدنا من أخذ هذا الشی ء أو تركه فأی فرق بین أن یطوی ذلك فلا یخبر به و لا یكتبه حتی یقول المنجم ما عنده و بین أن یخبره به و یكتبه قبل ذلك و إنما فزعوا إلی الكتابة و ما یجری مجراها حتی لا یخالف المنجم فیما یذكره و یحكم به من أخذ أو ترك و لو كانت الأحكام صحیحة و فیها دلالة علی الكائنات لوجب أن یعرف المنجم ما اختاره من أحد الأمرین علی كل حال و لو نزلنا تحت حكمهم و كتبنا ما نرید أن نفعله لما وجدنا إصابتهم فی ذلك إلا أقل من خطائهم و لم یزیدوا فیه علی ما یفعله المخمن المرجم من غیر نظر فی طالع و لا غارب و لا رجوع إلی أصل و إلا فالبلوی بیننا و بینهم.

و كان بعض الرؤساء بل الوزراء ممن كان فاضلا فی الأدب و الكتابة و مشغوفا بالنجوم عاملا علیها قال لی یوما و قد جری حدیث یتعلق بأحكام النجوم و رأی من مخائلی التعجب ممن یتشاغل بذلك و یفنی زمانه به أرید أن أسألك عن شی ء فی نفسی فقلت سل عما بدا لك قال أرید أن تعرفنی هل بلغ بك التكذیب بأحكام النجوم إلی أن لا تختار یوما لسفر و لبس ثوب جدید و توجه فی حاجة فقلت قد بلغت إلی ذلك و الحمد لله و زیادة علیه و ما فی داری تقویم و لا أنظر فیه و ما رأیت مع ذلك إلا خیرا ثم أقبلت علیه فقلت ندع ما یدل علی بطلان أحكام النجوم مما یحتاج إلی ظن دقیق و رویة طویلة و هاهنا شی ء قریب لا یخفی علی أحد ممن علت طبقته فی الفهم أو انخفضت خبرنی لو فرضنا جادة مسلوكة و طریقا یمشی فیه الناس لیلا و نهارا و فی محجته آبار متقاربة و بین بعضها و بعض طریق یحتاج سالكه إلی تأمل و توقف حتی یتخلص من السقوط فی بعض

ص: 285

تلك الآبار هل یجوز أن تكون سلامة من یمشی فی هذا الطریق من العمیان كسلامة من یمشی فیه من البصراء و قد فرضنا أنه لا یخلو طرفة عین من المشاة فیه بصراء و عمیان و هل یجوز أن یكون عطب البصراء یقارب عطب العمیان أو سلامة العمیان مقاربة لسلامة البصراء فقال هذا مما لا یجوز بل الواجب أن تكون سلامة البصراء أكثر من سلامة العمیان و لا یجوز فی مثل هذا التقارب فقلت إذا كان هذا محالا فأحیلوا نظیره و ما لا فرق بینه و بینه و أنتم تجیزون شبیه ما ذكرنا و عدیله لأن البصراء هم الذین یعرفون أحكام النجوم و یمیزون سعدها و نحسها و یتوقون بهذه المعرفة مضار الزمان و یتخطونها و یعتمدون منافعه و یقصدونها و مثال العمیان كل من لا یحسن تعلم النجوم و لا یلتفت إلیه من الفهماء و الفقهاء و أهل الدیانات و العبادات ثم سائر العوام و الأعراب و الأكراد و هم أضعاف أضعاف من یراعی عدد النجوم و مثال الطریق الذی فیه الآبار الزمان الذی یمضی علیه الخلق أجمعون و مثال آباره مصائبه و نوائبه و محنه و قد كان یجب لو صح العلم بالنجوم و أحكامها أن تكون سلامة المنجمین أكثر و مصائبهم أقل لأنهم یتوقون المحن لعلمهم بها قبل كونها و تكون محن كل من ذكرناه من الطبقات الكثیرة أوفر و أظهر حتی تكون السلامة هی الطریفة الغریبة و قد علمنا خلاف ذلك و أن السلامة أو المحن فی الجمیع متقاربة غیر متفاوتة فقال ربما اتفق مثل ذلك فقلت له فیجب أن نصدق من خبرنا فی ذلك الطریق المسلوك الذی فرضناه بأن سلامة العمیان كسلامة البصراء و نقول لعل ذلك اتفق و بعد فإن الاتفاق لا یستمر بل ینقطع و هذا الذی ذكرناه مستمر غیر منقطع فلم یكن عنده عذر صحیح و مما یفسد مذهب المنجمین و یدل علی أن ما لعله یتفق لهم من الإصابة علی غیر أصل أنا قد شاهدنا جماعة من الزراقین الذین لا یعرفون شیئا من علم النجوم و لا نظروا قط فی شی ء منه یصیبون فیما یحكمون به إصابات مستطرفة و قد كان المعروف بالشعرانی الذی شاهدناه و هو لا یحسن أن یأخذ الأسطرلاب للطالع و لا

ص: 286

نظر قط فی زیج و لا تقویم غیر أنه زكی حاضر الجواب فطن بالزرق معروف به كثیر الإصابة و بلوغ الغایة فیما یخرجه من الأسرار و لقد اجتمع یوما بین یدی جماعة كانوا عندی و كنا قد اعتزمنا جهة نقصدها لبعض الأغراض فسأله أحدنا عما نحن بصدده فابتدأه من غیر أخذ طالع و لا نظر فی تقویم فأخبرنا بالجهة التی أردنا قصدها ثم عدل إلی كل واحد من الجماعة فأخبره عن كثیر من تفصیل أمره و أغراضه حتی قال لأحدهم و أنت من بین الجماعة قد وعدك واعد بشی ء یوصله إلیك و قلبك به متعلق و فی كمك شی ء مما یدل علی هذا و قد انقضت حاجتك و انتجزت و جذب یده إلی كمه فاستخرج ما فیه فاستحیا ذلك الرجل و وجم و منع من الوقوف علی ما فی كمه بجهده فلم ینفعه ذلك و أعان الحاضرون علی إخراج ما فی كمه لما أحسوا بالإصابة من الزرق فأخرج من كمه رقاع كثیرة فی جملتها صك علی دار الضرب بصلة من خلیفة الوزارة فی ذلك الوقت فعجبنا مما اتفق من إصابته مع بعده من صناعة النجوم و كان لنا صدیق یقول أبدا من أدل دلیل علی بطلان أحكام النجوم إصابة الشعرانی (1).

و جری یوما مع من یتعاطی علم النجوم هذا الحدیث فقال عند المنجمین أن السبب فی إصابة من لا یعلم شیئا من علم النجوم أن مولده و ما یتولاه و یقتضیه كواكبه اقتضی له ذلك فقلت له لعل بطلمیوس و كل عالم من عامة المنجمین

ص: 287


1- 1. غایة ما یثبت بهذا و نظائره ان طریق الكشف عما یقع فی الأرض من الحوادث لا ینحصر فی علم النجوم، فلیس للمنجم إذا وقع ما اخبر بوقوعه ان یحتج علینا بذلك، فمن الممكن أن یكون ذلك مستندا إلی حدسه أو إلی شی ء آخر غیر النجوم لكن لا یثبت بذلك بطلان قول المنجّمین بان اوضاع الكواكب تدلّ علی وقوع الكائنات الارضیة فان القول بدلالتها علیها لا یستلزم القول بعدم وجود دلیل و كاشف غیرها یدلّ علی ذلك، حتی یبطل بأمثال هذه الوقائع، و إلّا فلینقض بما اخبر به الأنبیاء و الأولیاء علیهم السلام من المغیبات، بل بما یخبر به الكهنة و أصحاب تسخیر الأرواح و الجن و امثالهم. مضافا إلی ان السیّد- ره- یدعی ان جمیع المنجّمین یقولون بتأثیر الكواكب استقلالا، و من البدیهی ان الكاشف غیر المؤثر، و ان دلالة غیرها علی وقوع شی ء من الحوادث و حصول العلم به من غیر جهتها لا تنافی كونها مؤثرة.

و مصیب فی أحكامه علیها إنما سبب إصابته مولده و ما یقتضیه كواكبه من غیر علم و لا فهم فلا یجب أن یستدل بالإصابة علی العلم إذ كانت تقع من جاهل و یكون سببها المولد و إذا كانت الإصابة بالموالید فالنظر فی علم النجوم عبث و لعب لا یحتاج إلیه لأن المولد إن اقتضی الإصابة أو الخطاء فالتعلم لا ینفع و تركه لا یضر و هذه علة تسری إلی كل صنعة حتی یلزم أن یكون كل شاعر مفلق و صانع حاذق و ناسج للدیباج مونق لا علم له بتلك الصناعة و إنما اتفقت الصنعة بغیر علم لما تقتضیه كواكب مولده و ما یلزم علی هذا من الجهالات لا یحصی.

و اعلم أن التعب بعلم مراكز الكواكب و أبعادها و أشكالها و تسیراتها متی لم یكن ثمرته العلم بالأحكام و الاطلاع علی الحوادث قبل كونها لا معنی له و لا غرض فیه لأنه لا فائدة فی أن یعلم ذلك كله و یختص نفس العلم به و ما یجری الاطلاع علی ذلك إذا لم تتعد المعرفة إلی العلم بالأحكام إلا مجری العلم بعدد الحصی و كیل النوی و معرفة أطوال الجبال و أوزانها و كما أن العناء فی تعرف ذلك عبث و سفه لا یجدی نفعا فكذلك العلم بشكل الفلك و تسیرات كواكبها و أبعادها و المعرفة بزمان قطع كل كوكب للفلك و تفاصیلها فیه و ما شقی القوم بهذا الشأن و أفنوا أعمارهم إلا لتقدیرهم أنه یفضی إلی معرفة الأحكام فلا تغتر بقول من یقول منهم إننا ننظر فی ذلك لشرف نفوسنا بعلم الهیئة و لطیف ما فیها من الأعاجیب فإن ذلك تجمل منهم و تقرب إلی أهل الإسلام و لو لا أن غرضهم معرفة الأحكام لما تعنوا بشی ء من ذلك كله و لا كانت فیه فائدة و لا منه عائدة و من أدل الدلیل علی بطلان أحكام النجوم أنا قد علمنا أن من جملة معجزات الأنبیاء علیهم السلام الإخبار عن الغیوب و عد ذلك خارقا للعادات كإحیاء المیت و إبراء الأكمه و الأبرص و لو كان العلم بما یحدث طریقا نجومیا لم یكن ما ذكرناه معجزا و لا خارقا للعادات (1)

فكیف یشتبه علی مسلم بطلان أحكام النجوم و قد أجمع المسلمون قدیما

ص: 288


1- 1. الفرق بین ما یخبر به النبیّ اعجازا و بین ما یخبر به الكاهن او المنجم او من یجری مجراهما ان اخبار النبیّ لیس بسبب عادی یمكن تعاطیه لغیره، بل بسبب غیبی و وحی الهی، و اما اخبار الكهنة و امثالهم فانما هو عن طریق عادی یمكن سلوكه لغیرهم أیضا.

و حدیثا علی تكذیب المنجمین و الشهادة بفساد مذاهبهم و بطلان أحكامهم و معلوم من دین الرسول صلی اللّٰه علیه و آله ضرورة التكذیب بما یدعیه المنجمون و الإزراء علیهم و التعجیز لهم و فی الروایات عنه صلی اللّٰه علیه و آله من ذلك ما لا یحصی كثرة و كذا عن علماء أهل بیته علیهم السلام و خیار أصحابه فما زالوا یبرءون من مذاهب المنجمین و یعدونها ضلالا و محالا و ما اشتهر هذه الشهرة فی دین الإسلام كیف یغتر(1)

بخلافه منتسب إلی الملة و مصل إلی القبلة فأما إصابتهم فی الإخبار عن الكسوفات و ما مضی فی أثناء المسألة من

طلب الفرق بین ذلك و بین سائر ما یخبرون به من تأثیرات الكواكب فی أجسامنا فالفرق بین الأمرین أن الكسوفات و اقترانات الكواكب و انفصالها طریقة الحساب و تسیر الكواكب و له أصول صحیحة و قواعد سدیدة و لیس كذلك ما یدعونه من تأثیرات الكواكب فی الخیر و الشر و النفع و الضر و لو لم یكن فی الفرق بین الأمرین إلا الإصابة الدائمة المتصلة فی الكسوفات و ما یجری مجراها فلا یكاد یبین فیها خطاء البتة و إن الخطاء المعهود الدائم إنما هو فی الأحكام الباقیة حتی أن الصواب هو العزیز فیها و ما یتفق لعله فیها من الإصابة قد یتفق من المخمن أكثر منه فحمل أحد الأمرین علی الآخر بهت و قلة دین انتهی كلامه ضاعف اللّٰه إنعامه.

و نقل عنه السید ابن طاووس رحمه اللّٰه أنه كتب فی أجوبة بعض ما سئل عنه قلنا إن الذی جاء بعلم النجوم من الأنبیاء هو إدریس علیه السلام و إنما علم من جهته علی الحد الذی ذكرناه و نعلم أنه لا یجوز كونها دلالة إلا علی هذا الوجه فقط لأن الشی ء إنما یدل علی هذا الحد أو علی الوجه الذی یدل الدلیل العقلی علیه و قد بینا تعذر ذلك فی النجوم فلم یبق إلا ما ذكرناه و القطع علی أن كیفیة دلالتها معلوم الآن غیر ممكن لأن شریعة إدریس علیه السلام و ما علم من قبله كالمندرس فلا نعلم الحال فیه فإن كان بعض تلك العلوم قد بقی محفوظا عند قوم

ص: 289


1- 1. یفتی( خ).

تناقلوه و تداولوه لم نمنع أن یكون معلوما لهم إذا اتصل التواتر و إن لم یكن كذلك لم نمنع أن یكون العلم به و إن بطل و زال أن یكون أمارة یقتضی غالب الظن عند كثیر منهم و هذا هو الأقرب فیما یتمسك به أهل النجوم لأنهم إذا تدبرت أحوالهم وجدتهم غیر واثقین بما یحكمون و إنما یتقدم أحدهم فی ذلك العلم كتقدم الطبیب فی الطب فكما أن علوم الطب مبنیة علی الأمارات التی تقتضیها التجارب و غالب الظن فكذلك القول فی علم النجوم إلا فی أمور مخصوصة یمكن أن یعلم بضروب من الأخبار انتهی.

و قال العلامة رحمه اللّٰه فی كتاب منتهی المطلب التنجیم حرام و كذا تعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة أو أن لها مدخلا فی التأثیر بالنفع و الضرر و بالجملة كل من یعتقد ربط الحركات النفسانیة و الطبیعیة بالحركات الفلكیة و الاتصالات الكوكبیة كافر و أخذ الأجرة علی ذلك حرام و أما من یتعلم النجوم فیعرف قدر سیر الكواكب و بعده و أحواله من التربیع و الكسف و غیرهما فإنه لا بأس به و نحوه قال فی التحریر و القواعد.

و قال الشیخ الشهید رحمه اللّٰه فی قواعده كل من اعتقد فی الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم و موجدة ما فیه فلا ریب أنه كافر و إن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إلیها و اللّٰه سبحانه هو المؤثر الأعظم كما یقوله أهل العدل فهو مخطئ إذ لا حیاة لهذه الكواكب ثابتة بدلیل عقلی و لا نقلی و بعض الأشعریة یكفرون هذا كما یكفرون الأول و أوردوا علی أنفسهم عدم تكفیر المعتزلة و كل من قال بفعل العبد و فرقوا بأن الإنسان و غیره من الحیوان یوجد فعله من أن التذلل ظاهر علیه فلا یحصل منه اهتضام لجانب الربوبیة بخلاف الكواكب فإنها غائبة عنه فربما أدی ذلك إلی اعتقاد استقلالها و فتح باب الكفر و أما ما یقال من أن استناد الأفعال إلیها كاستناد الإحراق إلی النار و غیرها من العادیات بمعنی أن اللّٰه تعالی أجری عادته أنها إذا كانت علی شكل مخصوص أو وضع مخصوص یفعل ما ینسب إلیها و یكون ربط المسببات بها كربط مسببات الأدویة و الأغذیة بها

ص: 290

مجازا باعتبار الربط العادی لا الفعل (1) الحقیقی فهذا لا یكفر معتقده و لكنه مخطئ أیضا و إن كان أقل خطاء من الأول لأن وقوع هذه الآثار عندها لیس بدائم و لا أكثری.

و قال رحمه اللّٰه فی الدروس و یحرم اعتقاد تأثیر النجوم مستقلة أو بالشركة و الإخبار عن الكائنات بسببها أما لو أخبر بجریان العادة أن اللّٰه تعالی یفعل كذا عند كذا لم یحرم و إن كره علی أن العادة فیها لا تطرد إلا فیما قل و أما علم النجوم فقد حرمه بعض الأصحاب و لعله لما فیه من التعرض للمحظور من اعتقاد التأثیر أو لأن أحكامه تخمینیة و أما علم هیئة الأفلاك فلیس حراما بل ربما كان مستحبا لما فیه من الاطلاع علی حكم اللّٰه و عظم قدرته.

و قال المحقق الشیخ علی أجزل اللّٰه تشریفه التنجیم الإخبار عن أحكام النجوم باعتبار الحركات الفلكیة و الاتصالات الكوكبیة التی مرجعها إلی القیاس و التخمین إلی أن قال و قد ورد عن صاحب الشرع النهی عن تعلم النجوم بأبلغ وجوهه إذا تقرر ذلك فاعلم أن التنجیم مع اعتقاد أن للنجوم تأثیرا فی الموجودات السفلیة و لو علی جهة المدخلیة حرام و كذا تعلم النجوم علی هذا الوجه بل هذا الاعتقاد كفر فی نفسه نعوذ باللّٰه أما التنجیم لا علی هذا الوجه مع التحرز عن الكذب فإنه جائز فقد ثبت كراهیة التزویج و سفر الحج فی العقرب و ذلك من هذا القبیل نعم هو مكروه و لا ینجر إلی الاعتقاد الفاسد و قد ورد النهی عنه مطلقا حسما للمادة.

و قال الشیخ البهائی رحمه اللّٰه ما یدعیه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلیة بالأجرام العلویة إن زعموا أن تلك الأجرام هی العلة المؤثرة فی تلك الحوادث بالاستقلال أو أنها شریكة فی التأثیر فهذا لا یحل للمسلم اعتقاده و علم النجوم المبتنی علی هذا كفر و العیاذ باللّٰه و علی هذا حمل ما ورد فی الحدیث من التحذیر عن علم النجوم و النهی عن اعتقاد صحته و إن قالوا إن اتصالات تلك

ص: 291


1- 1. الفعلی( خ).

الأجرام و ما یعرض لها من الأوضاع علامات علی بعض حوادث هذا العالم مما یوجده اللّٰه سبحانه بقدرته و إرادته كما أن حركات النبض و اختلافات أوضاعه علامات یستدل بها الطبیب علی ما یعرض للبدن من قرب الصحة أو اشتداد المرض و نحو ذلك و كما یستدل باختلاج بعض الأعضاء علی بعض الأحوال المستقبلة فهذا لا مانع منه و لا حرج فی اعتقاده و ما روی من صحة علم النجوم و جواز نقله محمول علی هذا المعنی ثم قال رحمه اللّٰه الأمور التی یحكم بها المنجمون من الحوادث الاستقبالیة أصول بعضها مأخوذة من أصحاب الوحی سلام اللّٰه علیهم و بعض الأصول یدعون فیها التجربة و بعضها مبتن علی أمور متشعبة لا تفی القوة البشریة فی الأغلب بضبطها و الإحاطة بها

كَمَا یُومِئُ إِلَیْهِ قَوْلُ الصَّادِقِ علیه السلام: كَثِیرُهُ لَا یُدْرَكُ وَ قَلِیلُهُ لَا یُنْتِجُ.

فلذلك وجد الاختلاف فی كلامهم و تطرق الخطاء إلی بعض أحكامهم و من اتفق له الجری علی الأصول الصحیحة صح كلامه و صدقت أحكامه لا محالة كما نطق به كلام الصادق علیه السلام فی الروایة المذكورة قبیل هذا الفصل یعنی روایة ابن سیابة و لكن هذا أمر عزیز المنال لا یظفر به إلا القلیل و اللّٰه الهادی إلی سواء السبیل.

و لابن سینا كلام فی هذا الباب قال فی فصل المبدإ و المعاد من إلهیات الشفاء لو أمكن إنسانا من الناس أن یعرف الحوادث التی فی الأرض و السماء جمیعا و طبائعها لفهم كیفیة ما یحدث فی المستقبل و هذا المنجم القائل بالأحكام مع أن أوضاعه الأولی و مقدماته لیست مستندة إلی برهان بل عسی أن یدعی فیها التجربة أو الوحی و ربما حاول قیاسات شعریة أو خطابیة فی إثباتها فإنه إنما یعول علی دلائل جنس واحد من أسباب الكائنات و هی التی فی السماء علی أنه لا یضمن الإحاطة بجمیع الأحوال التی فی السماء و لو ضمن لنا فی ذلك و وفی به لم یمكنه أن یجعلنا بحیث نقف علی وجود جمیعها فی كل وقت و إن كان جمیعها من حیث فعله و طبعه معلوما عنده ثم قال فی آخر كلامه فلیس لنا إذن اعتماد علی أقوالهم و إن سلمنا

ص: 292

متبرعین أن جمیع ما یعطونا من مقدماتهم الحكمیة صادقة انتهی.

و قال الشیخ أبو الفتح محمد بن علی الكراجكی رحمه اللّٰه فی كتاب كنز الفوائد فی الرد علی من قال إن الشمس و القمر و النجوم علل موجبات كلاما طویل الذیل یرجع حاصله إلی أن هذه الكواكب و الأوضاع إن كانت عللا للحوادث فما الحاجة إلی الاطلاع علی الأحكام و أخذ الطوالع عند الموالید و عمل الزوائج و تحاویل السنین مع أن الإنسان لا یقدر علی أن یزید فیه فی سعده و لا أن ینقص به من نحسه و ما أوجبه مولده فهو كائن لا مغیر له مع أنه إذا علم حصول سعادة قبل وقوعها یكون قلق النفس منقسم الخاطر یستبعد قرب الساعات و یستطیل قصر الأوقات تشوقا إلی ما یرد و تطلعا إلی ما وعد و فی ذلك ما یقطعه عن منافعه و یقصر به عن حركاته فی مصالحه اتكالا علی ما یأتیه و ربما أخلف الوعد و تأخر السعد فلیس جمیع أحكامكم تصیب و لا الغلط منكم بعجیب فتصیر المنفعة مضرة و أما متوقع المنحسة فلا شك أنه قد تعجل الشدة رهبة من قدومها و عظم هلعه بهجومها و إن قلتم إن الإنسان یمكنه أن یحترز من المنحسة فیدفعها أو ینقص منها فقد أبطلتم دعواكم أنها مدبرة.

ثم قال و أنا أخبرك بعد هذا بطرق من بطلان أفعالهم و نكت من فساد استدلالهم اعلم أن تسمیة البروج الاثنی عشر بالحمل و الثور و الجوزاء و غیرها لا أصل لها و لا حقیقة و إنما وضعها الراصدون لهم فحصل متعارفا بینهم و كذلك جمیع الصور التی عن جنبی منطقة البروج و الجمیع ثمان و أربعون صورة عندهم مشهورة و علماؤهم معترفون بأن ترتیب هذه الصور و تشبیهها و قسمة الكواكب علیها و تسمیتها صنعها حذاقهم الراصدون لها و قد ذكر هذا أبو الحسین عبد الرحمن بن عمر الصوفی و هو من جملتهم و له مصنفات لم یعمل مثلها فی عملهم و بینه فی الجزء الأول من كتابه الذی عمله فی الصور و قد ذكر رصد الأوائل منهم الكواكب و أنهم رتبوها فی المقادیر و العظم ست مراتب و بین أنهم الفاعلون لذلك و قال إنهم وجدوا من هذه الكواكب تسعمائة و سبعة عشر كوكبا ینتظم منها ثمانیة

ص: 293

و أربعون صورة كل صورة منها تشتمل علی كواكبها و هی الصور التی أثبتها بطلمیوس فی المجسطی بعضها فی النصف الشمالی من الكرة و بعضها علی منطقة البروج التی هی طریقة الشمس و القمر و الكواكب السریعة السیر و بعضها فی النصف الجنوبی منها فسموا كل صورة منها باسم الشی ء المشبه بها فبعضها علی صورة الإنسان مثل كوكبة الجوزاء و كوكبة الجاثی علی ركبتیه و كوكبة العواء(1) و بعضها علی صورة الحیوانات البریة و البحریة مثل الحمل و الثور و السرطان و الأسد و العقرب و الحوت و الدب الأكبر و الدب الأصغر و بعضها خارج عن شبه الإنسان و سائر الحیوانات مثل الإكلیل و المیزان و إنما فعلوا ذلك لیكون لكل كوكب اسم یعرف به متی أشاروا إلیه لمعرفة أوقات اللیل و الطالع فی كل وقت و أشیاء عظیمة المنفعة انتهی.

ثم قال الكراجكی و هو دلیل واضح علی أن الصور و الأشكال و الأسماء و الألقاب لیست علی سبیل الواجب و الاستحقاق و إنما هی اصطلاح و اختیار و لو غیرت عن ذلك إلی تشبیه آخر لأمكن و جاز ثم إنهم بعد هذه الحال جعلوا كثیرا من الأحكام مستخرجا من هذه الصور و الأشكال و منتسبا إلی الأسماء الموضوعة و الألقاب حتی كأنها علی ما ذكروه بنحو واجب و دلیل عقل ثبت فقالوا إن الحكم علی الكسوف علی ما حكاه ابن هنبثی عن بطلمیوس أنه إذا كان البرج الذی یقع فیه الكسوف من ذوات الأجنحة مثل العذراء و الرامی و الدجاجة و النسر و ما أشبهها كان الحادث فی الطیر الذی یأكله الناس و إن كان فی صورة الحیوان مثل السرطان و الدلفین كان الحادث فی الحیوانات البحریة أو النهریة و فی هذه فضیحة عظیمة أ ما یعلم هؤلاء القوم أنهم الذین جعلوا ذوات الأجنحة بأجنحة و الصور البحریة بحریة و أنه لو لا ما فعلوه لم یكن شی ء مما ذكروه فكیف صارت أفعالهم التی ابتدعوها و تشبیهاتهم التی وضعوها موجبة لأن یكون حكم

ص: 294


1- 1. الحواء( خ).

الكسوف مستخرجا منها و صادرا عنها و هذا یؤدی إلی أنهم المدبرون للعالم إذ كانت أفعالهم سببا لما توجبه الكوكب.

ثم أورد رحمه اللّٰه كثیرا من هذه الإلزامات المسكتة علیهم ثم قال و الصور عندهم لا تثبت فی مواضعها و لا تستقر علی أقسامها و صورة الحمل التی یقولون إنها أول البروج قد سفل إلی مكان البرج الثانی و الحمل فی الحوت إذ الثوابت متحركة عندهم بحركة بطیئة خفیة و لخفاء حركتها سموها الثابتة و إن وجدوها فی الأرصاد مختلفة و قال الصوفی فی كتاب الصور إن مواضع هذه الصور التی علی منطقة فلك البروج كانت منذ ثلاثة آلاف سنة فی غیر هذه الأقسام و إن صورة الحمل كانت فی القسم الأول و كان یسمی الأول من البروج الثور و الثانی الجوزاء و الثالث السرطان و لما جددوا الأرصاد فی أیام طیموخارس وجدوا صورة الحمل قد انتقلت إلی القسم الأول من الأقسام الاثنی عشر الذی هو بعد نقطة التقاطع غیروا أسامیها فسموا القسم الأول الحمل و الثانی الثور و الثالث الجوزاء قال و لا یخالفنا أحد فی أن هذه الصور تنتقل حركاتها علی مر الدهور علی أماكنها حتی تصیر صورة الحمل فی القسم التاسع الذی للمیزان و صورة المیزان فی القسم الأول الذی للحمل فیسمی أول البروج المیزان و الثانی العقرب ثم مر فی كلامه موضحا عما ذكرناه من تنقلها الموجب لتغیر أسماء بروجها و هم مجمعون علی أن الكوكبین المتقاربین المعروفین بالشرطین علی قرنی الحمل و هما أول منازل القمر فیجب أن یكونا أول البروج الاثنی عشر و من امتحنهما فی وقتنا هذا و هو من سنة ثمان و عشرین و أربعمائة للهجرة الموافقة لسنة ألف و ثلاثمائة و ثمان و أربعین لذی القرنین وجد أحدهما فی عشرین درجة من الحمل و الأخری فی إحدی و عشرین منه أعنی من البرج الأول فأی برج من البروج الاثنی عشر یبقی

علی صورة واحدة و كیف یثبت الحكم لأول البروج بأنه دال علی الوحوش و علی كل ذی ظلف و قد انتقلت إلیه أكثر صورة الحوت و كذلك حال جمیع البروج.

ص: 295

ثم ذكر رحمه اللّٰه كثیرا من أغلاطهم و اشتباهاتهم إلی أن قال و أنا أذكر لك بعد هذا مقالتنا فی النجوم و ما نعتقده فیها لتعرف الطریقة فی ذلك فتعتمد علیها اعلم أیدك اللّٰه أن الشمس و القمر و النجوم أجسام محدثة من جنس أجسام العالم مؤتلفة من أجزاء تحلها الأعراض و لیست بفاعلة فی الحقیقة و لا ناطقة و لا حیة قادرة و قد قال شیخنا المفید رحمه اللّٰه إنها أجسام ناریة فأما حركتها فهی فعل اللّٰه تعالی فیها و هو المحرك لها و هی من آیاته الباهرة فی خلقه و زینة لسمائه و فیها منافع لعباده لا تحصی و بها یهتدی السائرون برا و بحرا قال اللّٰه تعالی وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ (1) و فیها للخلق مصالح لا یعلمها إلا اللّٰه فأما التأثیر المنسوب إلیها فإنا لا ندفع كون الشمس و القمر مؤثرین فی العالم و نحن نعلم أن الأجسام و إن كان لا یؤثر أحدها فی الآخر إلا مع مماسة بینهما بأنفسهما أو بواسطة فإن للشمس و القمر شعاعا متصلا بالأرض و ما علیها یقوم مقام المماسة و تصح به التأثیرات الحادثة و من ذا الذی ینكر تأثیر الشمس و القمر و هو موجود مشاهد و إن كان تأثیر الشمس أظهر للحس و أبین من تأثیر القمر فی الأزمان و البلدان و النبات و الحیوان فأما غیرهما من الكواكب فلسنا نجد لها تأثیرا نحس و لا نقطع علی وجوبه بالعقل و لا هو أیضا من الممتنع المستحیل بل من الجائز فی العقول لأن لها شعاعا متصلا بالأرض و إن كان دون شعاع الشمس و القمر فغیر منكر أن یكون لها تأثیر یخفی عن الحس خارج عن أفعال الخلق فإن كان لها تأثیر كما یقال كان تأثیرها مع تأثیر الشمس و القمر فی الحقیقة من أفعال اللّٰه عز و جل و لیس یصح إضافته إلیها إلا علی وجه التوسع و التجوز كما تقول أحرقت النار و برد الثلج و قطع السیف و شج الحجر و فی الحقیقة أن النار أحرق بها و الثلج برد بها و قطع أیضا بالسیف و شج بالحجر و كذلك قولنا أحمت الشمس الأرض و نفعت الزرع و فی الحقیقة أن اللّٰه تعالی أحمی بها و نفع و مما یدل علی أن اللّٰه تعالی یستعمل شیئا بشی ء قوله عز و جل أَ لَمْ تَرَ

ص: 296


1- 1. النحل: 16.

أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ ثُمَّ یُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا(1) و قوله تعالی وَ هُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ حَتَّی إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَیِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتی لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (2) و لیس فیما ذكرناه رجوع إلی قول أصحاب الأحكام و الإقرار بما أنكرناه علیهم فی متقدم الكلام لأنا أنكرنا علیهم إضافتهم تأثیرات الشمس و القمر إلیهما من دون اللّٰه سبحانه و قطعهم علی ما جوزناه من تأثیرات الكواكب بغیر حجة عقلیة و لا سمعیة و إضافتهم إلی جمیع الأفعال فی الحقیقة مع دعواهم لها بالحیاة و القدرة فأنكرنا علیهم أن یكون الشمس و القمر أو شی ء من الكواكب فاعلا لأفعالنا أو تكون حركته شیئا موجبا لوقوع الأفعال عنا لشهادة العقل الصحیح بأن أفعالنا لو كانت مخترعة فینا أو كائنة عن سبب أوجبها من غیرنا لم تقع بحسب قصودنا و إراداتنا و كانت لا فرق بینها و بین

جمیع ما یفعل فینا من صحتنا و سقمنا و تألیف أجسامنا و فی حصول الفرق دلالة علی اختصاصها بنا و برهان واضح علی أنها حدثت عن قدرتنا و أنه لا سبب لها غیر اختیارنا و أنكرنا علیهم قولهم إن اللّٰه لا یفعل فی العالم فعلا إلا و الكواكب دالة علیه فإن كل شی ء تدل علیه فلا بد من كونه و هذا باطل لأنه لو ثبت لها تأثیر أو دلالة فإن اللّٰه تعالی أجری بذلك العادة و لیس بمستحیل منه تغییر تلك العادة لما یراه من المصلحة و قد یصرف اللّٰه تعالی السوء عن عبده بدعوة و یزید فی أجله بصلة رحم أو صدقة هذا الذی ثبتت لنا علیه الأدلة و هو الموافق للشریعة و لیس هو بملائم لما یدعیه المنجمون و الحمد لله و أنكرنا علیهم اعتمادهم فی الأحكام علی أصول متناقضة و مقدمات مفتعلة و دعاو مظنونة و لیس لهم علی شی ء منها بینة فإن كان لهذا العلم أصل صحیح علی وجه یسوغ فی العقل و یجوز فلیس هو مما فی أیدیهم و لا من جملة دعاویهم و قد قال شیخنا المفید

ص: 297


1- 1. الزمر: 21.
2- 2. الأعراف: 56.

رحمه اللّٰه إن الاستدلال بحركات النجوم علی كثیر مما سیكون لا یمنع العقل منه و لسنا نمنع أن یكون اللّٰه جل اسمه أعلمه بعض أنبیائه و جعله علما علی صدقه انتهی كلام الكراجكی رحمه اللّٰه و قال شیخ المتكلمین محمود بن علی الحمصی رحمه اللّٰه فی ذكر علم النجوم إنا لا نرد علیهم فیما یتعلق بالحساب فی تسییر النجوم و اتصالاتها التی یذكرونها فإن ذلك مما لا یهمنا و لا هو مما یقابل بإنكار و رد ثم قال رحمه اللّٰه فی إنكار كون النجوم عللا موجبة یبطل ذلك بكل ما یبطل به دعوة المجبرة بأننا غیر مختارین.

ثم قال فإن قیل كیف تنكرون الأحكام و قد علمنا أنهم یحكمون بالكسوف و الخسوف و رؤیة الأهلة و یكون الأمر علی ما یحكمون فی ذلك و كذلك یخبرون عن أمور مستقبلة تجری علی الإنسان و تجری تلك الأمور علی ما أخبروا عنها فمع وضوح الأمر فیما ذكرناه كیف تدفع الأحكام.

قلنا إن أخبارهم عن الكسوف و الخسوف و رؤیة الأهلة فلیس من الأحكام و إنما هو من باب الحساب إنما الحكم أن یقولوا إذا كان كسوف أو خسوف كان من الحوادث كذا و كذا.

ثم قال فأما الأمور المستقبلة التی یخبرون عنها فأكثرها لا تقع علی ما یخبرون عنه و إنما یقع قلیل منه بالاتفاق و مثل ذلك یتفق لأصحاب الفال و الزجر الذین لا یعرفون النجوم بل للعواجز اللواتی یتفألن بالأحجار و الذی قد یخبر المصروع و كثیر من ناقصی العقول عن أشیاء فیتفق وقوع ما یخبرون عنه انتهی.

و السید الجلیل النبیل علی بن طاووس رحمه اللّٰه لأنس قلیل له بهذا العلم عمل فی ذلك رسالة و بالغ فی الإنكار علی من اعتقد أن النجوم ذوات إرادة أو فاعلة أو مؤثرة و استدل علی ذلك بدلائل كثیرة و أیده بكلام جم غفیر من الأفاضل إلا أنه أنكر علی السید الأجل المرتضی رحمه اللّٰه فی تحریمه و ذهب إلی أنه من العلوم المباحات و أن النجوم علامات و دلالات علی الحادثات لكن یجوز للقادر

ص: 298

الحكیم أن یغیرها بالبر و الصدقة و الدعاء و غیر ذلك من الأسباب و الدواعی علی وفق إرادته و حكمته و جوز تعلیم علم النجوم و تعلمه و النظر فیه و العمل به إذا لم یعتقد أنها مؤثرة و حمل أخبار النهی و الذم علی ما إذا اعتقدت ذلك ثم ذكر رحمه اللّٰه تأییدا لصحة هذا العلم أسماء جماعة من الشیعة كانوا عارفین به فقال إن جماعة من بنی نوبخت كانوا علماء بالنجوم و قدوة فی هذا الباب و وقفت علی عدة مصنفات لهم فی النجوم و أنها دلالات علی الحادثات منهم الحسن بن موسی النوبختی و من علماء المنجمین من الشیعة أحمد بن محمد بن خالد البرقی و ذكر النجاشی فی كتبه كتاب النجوم و منهم أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة فقد عد الشیخ و النجاشی من كتبه كتاب النجوم و الشیخ النجاشی كان له تصنیف فی النجوم و من المذكورین بعلم النجوم الجلودی البصری و منهم علی بن محمد بن العدوی الشمشاطی فإنه ذكر النجاشی أن له رسالة فی إبطال أحكام النجوم و منهم علی بن محمد بن العباس فإن النجاشی ذكر فی كتبه كتاب الرد علی المنجمین و كتاب الرد علی الفلاسفة و منهم محمد بن أبی عمیر و استند إلی الخبر السابق و قد عرفت ما فیه قال و منهم محمد بن مسعود العیاشی فإنه ذكر فی تصانیفه كتاب النجوم و منهم موسی بن الحسن بن عباس بن إسماعیل بن أبی سهل بن نوبخت قال النجاشی كان حسن المعرفة بالنجوم و له مصنفات فیه و كان مع ذلك حسن العبادة و الدین و منهم الفضل بن أبی سهل بن نوبخت وصل إلینا من تصانیفه ما یدل علی قوة معرفته بالنجوم

وَ ذَكَرَ عَنِ الْعُیُونِ مَا أَوْرَدْتُهُ فِی أَبْوَابِ تَارِیخِ الرِّضَا علیه السلام: مِنْ أَنَّهُ أَخْبَرَ الْمَأْمُونَ بِخَطَاءِ الْمُنَجِّمِینَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی اخْتَارُوهَا لِوِلَایَةِ الْعَهْدِ فَزَجَرَهُ الْمَأْمُونُ وَ نَهَاهُ أَنْ یُخْبِرَ بِهِ أَحَداً فَعَلِمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ.

و منهم السید الفاضل علی بن أبی الحسن العلوی المعروف بابن الأعلم و كان صاحب الزیج و منهم أبو الحسن النقیب الملقب أبا قیراط و منهم الشیخ الفاضل الشیعی علی بن الحسین بن علی المسعودی مصنف كتاب مروج الذهب و منهم أبو القاسم بن نافع من أصحابنا الشیعة و منهم إبراهیم الفزاری صاحب القصیدة فی النجوم و كان منجما للمنصور

ص: 299

و منهم الشیخ الفاضل أحمد بن یوسف بن إبراهیم المصری كاتب آل طولون و منهم الشیخ الفاضل محمد بن عبد اللّٰه بن عمر البازیار القمی تلمیذ أبی معشر و منهم الشیخ الفاضل أبو الحسین بن أبی الخضیب القمی و منهم أبو جعفر السقاء المنجم ذكره الشیخ فی الرجال و منهم محمد بن أحمد بن سلیم الجعفی مصنف كتاب الفاخر و منهم محمود بن الحسین بن السندی بن شاهك المعروف بكشاجم ذكر ابن شهرآشوب أنه كان شاعرا منجما متكلما و منهم العفیف بن قیس أخو الأشعث ذكره المبرد و قد مر أنه قیل هو الذی أشار إلی أمیر المؤمنین علیه السلام بترك قتال الخوارج فی الساعة التی أراد.

ثم قال رحمه اللّٰه و ممن أدركته من علماء الشیعة العارفین بالنجوم و عرفت بعض إصاباته الفقیه العالم الزاهد الملقب خطیر الدین محمود بن محمد و ممن رأیته الشیخ الفاضل أبو نصر الحسن بن علی القمی ثم عد رحمه اللّٰه من اشتهر بعلم النجوم و قیل إنه من الشیعة فقال منهم أحمد بن محمد السجزی و الشیخ الفاضل علی بن أحمد العمرانی و الفاضل إسحاق بن یعقوب الكندی قال و ممن اشتهر بالنجوم من بنی العباس محمد بن عبد العزیز الهاشمی و علی بن القاسم القصری و قال رحمه اللّٰه وجدت فیما وقفت علیه أن علی بن الحسین بن بابویه القمی كان ممن أخذ طالعه فی النجوم و أن میلاده بالسنبلة ثم قال السید رحمه اللّٰه روی الشیخ فی اختیار الكشی

فی بیان حال أبی خالد السجستانی حمدویه و إبراهیم عن محمد بن عثمان قال حدثنا أبو خالد السجستانی أنه لما مضی أبو الحسن علیه السلام وقف علیه ثم نظر فی نجومه فزعم أنه قد مات فقطع علی موته و خالف أصحابه.

ثم قال رحمه اللّٰه ففی هذه عدة فوائد منها أن هذا أبو خالد كان واقفیا یعتقد أن أبا الحسن موسی علیه السلام ما مات فدله اللّٰه تعالی بعلم النجوم علی موته و قد كان هذا العلم سبب هدایته و منها أنه كان من أصحاب الكاظم علیه السلام و لم یبلغنا أنه أنكر علیه علم النجوم و منها أنه لو علم أبو خالد أن علم النجوم منكر عند إمامه لما اعتمد علیه فی عقیدته و منها اختیار جدی الطوسی لهذا الحدیث و تصحیحه

ص: 300

و قد تقدم ثناؤه رحمه اللّٰه علی جماعة من العلماء بالنجوم ثم قال و ممن اشتهر بعلمه من بنی نوبخت عبد اللّٰه بن أبی سهل و من العلماء بالنجوم محمد بن إسحاق الندیم كان منجما للعلوی المصری و من المذكورین بالتصنیف فی علم النجوم حسن بن أحمد بن محمد بن عاصم المعروف بالعاصمی المحدث الكوفی ثقة سكن بغداد فمن كتبه الكتب النجومیة ذكر ذلك ابن شهرآشوب فی كتاب معالم العلماء و ممن اشتهر بعلم النجوم من المنسوبین إلی مذهب الإمامیة الفضل بن سهل وزیر المأمون فروی محمد بن عبدوس الجمشاری و غیره ما معناه أنه لما وقع بین الأمین و المأمون ما وقع و اضطربت خراسان و طلب جند المأمون أرزاقهم و توجه علی بن عیسی بن ماهان من العراق لحرب المأمون و صعد المأمون إلی منظره للخوف علی نفسه من جنده و معه الفضل و قد ضاق علیه مجال التدبیر و عزم علی مفارقة ما هو فیه أخذ الفضل طالعه و رفع أصطرلابا و قال ما تنزل من هذه المنزلة إلا خلیفة غالبا لأخیك الأمین فلا تعجل و ما زال یسكنه و یثبته حتی ورد علیهم فی تلك الساعة رأس علی بن عیسی و قد قتله طاهر و ثبت ملكه و زال ما كان یخافه و ظفر بالأمان و روی خبر آخر أیضا مثل ذلك.

ثم قال و ممن كان عالما بالنجوم من المنسوبین إلی الشیعة الحسن بن سهل ثم ذكر ما أخرجنا من العیون فی أبواب تاریخ الرضا علیه السلام من حدیث الحمام و قتل الفضل فیه ثم قال رأیت فی كتاب الوزراء جمع عبد الرحمن بن المبارك أنه ذكر محمد بن سعید أنه وجد علی كتاب من كتب ذی الرئاستین بخطه هذه السنة الفلانیة التی تكون فیها النكبة و إلی اللّٰه نرغب فی دفعها و إن صح من حساب الفلك شی ء فالأمر واقع فیها لا محالة و نسأل اللّٰه تعالی أن یختم لنا بخیر بمنه و كان یعمل لذی الرئاستین تقویم فی كل سنة فیوقع علیه هذا یوم یصلح لكذا و یجنب فی هذا الیوم كذا فلما كان فی السنة التی قتل فیها عرض علیه الیوم فجعل یوقع فیه ما یصلح حتی انتهی إلی الیوم الذی قتل فیه فقال أف لهذا الیوم ما أشره علی و رمی بالتقویم و روی عن أخت الفضل قالت دخل الفضل

ص: 301

إلی أمه فی اللیلة التی قتل فی صبیحتها فقعد إلی جانبها و أقبل یعظها و یعزیها عن نفسه و یذكرها حوادث الدهر و تقضی أمور العباد ثم قبل صدرها و ثدیها و ودعها وداع المفارق ثم قام فخرج و هو قلق منزعج لما دله علیه الحساب فجعل ینتقل من موضع إلی موضع و من مجلس إلی مجلس و امتنع علیه النوم فلما كان فی السحر قام إلی الحمام و قدر أن یجعل غمه و حرارته و كربه هو الذی دلت علیه النجوم و قدمت له بغلة فركبها و كان الحمام فی آخر البستان فكبت به البغلة فسره ذلك و قدر أنها هی النكبة التی كان یتخوفها ثم مشی إلی الحمام و لم یزل حتی دخل الحمام فاغتسل فیه فقتل.

قال و من المذكورین بعلم النجوم بوران بنت الحسن بن سهل وجدت فی مجموع عتیق أن بوران كانت فی المنزلة العلیا بأصناف العلم لا سیما فی النجوم فإنها برعت فیه و بلغت أقصی نهایته و كانت ترفع الأصطرلاب كل وقت و تنظر إلی مولد المعتصم فعثرت یوما یقطع علیه سببه خشب فقالت لوالدها الحسن انصرف إلی أمیر المؤمنین و عرفه أن الجاریة فلانة قد نظرت إلی المولد و رفعت الأصطرلاب فدل الحساب و اللّٰه أعلم أن قطعا یلحق أمیر المؤمنین من خشب فی الساعة الفلانیة من یوم بعینه قال الحسن یا قرة العین یا سیدة الحرائر إن أمیر المؤمنین قد تغیر علینا و ربما أصغی إلی شیخك بخلاف ما یقتضیه وجه المشورة و النصیحة قالت یا أبت و ما علیك من نصیحة إمامك لأنه خطر بروح لا عوض منها فإن قبلها و إلا كنت قد أدیت المفروض علیك قال فانصرف الحسن إلی المعتصم و عرفه ما قالت بوران قال المعتصم أیها الحسن أحسن اللّٰه جزاءها و جزاءك انصرف إلیها و خصها عنی بالسلام و اسألها ثانیا و احضر عندی الیوم الذی عینت علیه و لازمنی حتی ینصرم الیوم و یذهب فلست أشاركك فی هذه المشورة و التدبیر أحدا من البشر قال فلما كان صباح ذلك الیوم دخل علیه الحسن فأمر المعتصم حتی خرج كل من فی المجلس و خلا إلیه و أشار علیه أن ینتقل عن المجلس السقفی إلی مجلس ابن أرخی لا یوجد فیه وزن درهم واحد من الخشب

ص: 302

و ما زال الحسن یحدثه و المعتصم یمازحه و ینشطه حتی أظهر النهار و ضربت نوبة الصلاة فقام المعتصم لیتوضأ فقال الحسن لا تخرج أمیر المؤمنین عن هذا المجلس و یكون الوضوء و الصلاة و كل ما تریده فیه حتی ینصرم الیوم فجاء خادم و معه المشط و السواك فقال الحسن للخادم امتشط بالمشط و استك بالسواك فامتنع و قال كیف أتناول آلة أمیر المؤمنین قال المعتصم ویلك امتثل قول الحسن و لا تخالف ففعل فسقطت ثنایاه و انتفخ دماغه و خر مغشیا علیه و رفع میتا و قام الحسن لیخرج فاستدعاه المعتصم و احتضنه و لم یفارقه حتی قبل عینیه و رد علی بوران أملاكا و ضیاعا و كان ابن الزیات حلها عنها و ذكر مثله بروایة أخری و روی من كتاب الوزراء لمحمد بن عبدوس عن إسماعیل بن صبیح قال كنت أكتب یوما بین یدی یحیی بن خالد البرمكی فدخل علیه جعفر بن یحیی فلما رآه صاح و أعرض بوجهه عنه و قطب و كره رؤیته فلما انصرف قلت له أطال اللّٰه بقاءك تفعل هذا بابنك و حاله عند أمیر المؤمنین حالة لا یقدم علیه ولدا و لا ولیا فقال إلیك عنی أیها الرجل فو اللّٰه لا یكون هلاك أهل هذا البیت إلا بسببه فلما كان بعد مدة من ذلك دخل علیه أیضا جعفر و أنا بحضرته ففعل مثل ما فعل الأول و أكدت علیه القول فقال أدن منی الدواة فأدنیتها و كتب كلمات یسیرة فی رقعة و ختمها و دفعها إلی و قال بلی لیكن عندك فإذا دخلت سنة سبع و ثمانین و مائة و مضی فانظر فیها فلما كان فی صفر أوقع الرشید بهم فنظرت فی الرقعة فكان الوقت الذی ذكره قال إسماعیل و كان یحیی أعلم الناس بالنجوم و روی أیضا عن محمد بن عبدوس من كتاب الوزراء عن موسی بن نصر الوصیف عن أبیه قال غدوت إلی یحیی بن خالد فی آخر أمرهم أرید عیادته من علة كان یجدها فوجدت فی دهلیزه بغلا مسرجا فدخلت إلیه فكان یأنس بی و یفضی إلی بسره فوجدته مفكرا مهموما و رأیته مستخلیا مشتغلا بحساب النجوم و هو ینظر فیه فقلت له إنی لما رأیت بغلا مسرجا سرنی لأنی قدرت انصراف العلة و إن عزمك الركوب ثم قد غمنی ما أراه من همك قال فقال لی إن

ص: 303

لهذا البغل قصة إنی رأیت البارحة فی النوم كأنی راكبه حتی وافیت رأس الجسر من الجانب الأیسر فوقفت فإذا صائح یصیح من الجانب الآخر شعر.

كأن لم یكن بین الحجون إلی الصفا***أنیس و لم یسمر بمكة سامر

قال فضربت یدی علی قربوس السرج و قلت شعر:

بلی نحن كنا أهلها فأبادنا***صروف اللیالی و الجدود العواثر

ثم انتبهت فلجأت إلی أخذ الطالع فأخذته و ضربت الأمر ظهر البطن فوقفت علی أنه لا بد من انقضاء مدتنا و زوال أمرنا قال فما كان یكاد یفرغ من كلامه حتی دخل علیه مسرور الخادم بخوان مغطاة و فیها رأس جعفر بن یحیی و قال له یقول لك أمیر المؤمنین كیف رأیت نقمة اللّٰه فی الفاجر فقال له یحیی قل له یا أمیر المؤمنین أری أنك أفسدت علیه دنیاه و أفسد علیك آخرتك.

ثم قال و ممن رأیت ذكره فی علماء النجوم و إن لم أعلم مذهبه إبراهیم بن السندی بن شاهك و كان منجما طبیبا متكلما و من العلماء بالنجوم عضد الدولة ابن بویه و كان منسوبا إلی التشیع و لعله كان یری مذهب الزیدیة و منهم الشیخ المعظم محمود بن علی الحمصی رحمه اللّٰه كما حكینا عنه و منهم جابر بن حیان صاحب الصادق علیه السلام و ذكره ابن الندیم فی رجال الشیعة و ممن ذكر بعلم النجوم من الوزراء أبو أیوب سلیمان بن مخلد الموریانی و ممن ظهر منه العمل علی النجوم البرامكة ذكر عبد الرحمن بن المبارك أن جعفرا لما عزم علی الانتقال إلی قصره الذی بناه و جمع المنجمین لاختیار وقت ینتقل فیه فاختاروا له وقتا من اللیل فلما حضر الوقت خرج علی حمار من الموضع الذی ینزله إلی قصره و الطرق خالیة و الناس ساكنون فلما وصل إلی سوق یحیی رأی رجلا یقول شعر.

یدبر بالنجوم و لیس یدری***و رب النجم یفعل ما یرید

فاستوحش و وقف و دعا بالرجل فقال له أعد علی ما قلت فأعاده فقال ما أردت بهذا قال و اللّٰه ما أردت به معنی من المعانی لكنه عرض لی و جاء علی لسانی فأمر له بدنانیر.

ص: 304

ثم ذكر رحمه اللّٰه إصابات كثیرة من المنجمین نقلا من كتبهم و نقل من كتاب ربیع الأبرار أن رجلا أدخل إصبعیه فی حلقتی مقراض و قال للمنجم أیش تری فی یدی فقال خاتمی حدید و قال فقدت فی دار بعض الرؤساء مشربة فضة فوجه إلی ابن ماهان یسأله فقال المشربة سرقت نفسها فضحكت منه و اغتاظ و قال هل فی الدار جاریة اسمها فضة أخذت الفضة فكان كما قال و قال سعی بمنجم فأمر بصلبه فقیل له هل رأیت هذا فی نجومك فقال رأیت ارتفاعا و لكن لم أعلم أنه فوق خشبة. و قال و من الملوك المشهورین بعلم النجوم و تقریب أهله المأمون و ذكر محمد بن إسحاق أنه كان سبب نقل كتب النجوم و أمثالها من بلاد الروم و

نشرها بین المسلمین و ذكر المسعودی فی حدیث وفاة المأمون قال فأمرنا بإحضار جماعة من أهل الموضع فسألهم ما تفسیر الندیون فقالوا تفسیره مد رجلیك فلما سمع المأمون بذلك اضطرب و تطیر بهذا الاسم و قال سلوهم ما اسم هذا الموضع بالعربیة قالوا اسمه بالعربیة الرقة و كان فیما عمل من مولد المأمون أنه یموت بالرقة فلما سمع اسم الرقة عرف أنه الموضع الذی ذكر فی مولده و أنه لا یموت إلا بالرقة فمات به كما اقتضت دلالة النجوم فی طالعه.

و ذكر محمد بن بابویه فی دلائل النبوة أن بختنصر لما رأی رؤیاه أحضر من جملة العلماء أصحاب النجوم و ذكر التنوخی فی كتابه قال حدثنی الصوفی المنجم قال و كان أبو الحسین حاضرا و عضد الدولة یحدثنی قال اعتللت علة صعبة أیس منی فیها الطبیب و أیست من نفسی و كان تحویل سنتی تلك فی النجوم ردیا جدا نحسا موحشا ثم زادت العلة علی فأمرت أن یحجب الناس كلهم لا یدخل إلی أحد بوجه و لا سبب إلا حاجب البویه فی أوقات حتی منعت الطبیب عن الوصول ضجرا بهم بل بنفسی و یأسا من العافیة فأقمت كذلك أیاما ثلاثة و أربعة و أنا أبكی فی خلوتی علی نفسی إذ جاءنی حاجب البویه فقال فی الدار أبو الحسین الصوفی من الغداة یطلب الوصول و قد اجتهدنا به فی الانصراف بكل رفق و جمیل

ص: 305

فما فعل و قال لا بد من أن أصل و لم أحب أن أحدثه فی الانصراف علی أی وجه كان إلا بأمرك و قد عرفته بأنه قد رسم لی أن لا یصل إلیه أحد من خلق اللّٰه أجمعین فقال الذی حضرت له بشارة و لا یجوز أن یتأخر وقوفه علیها فعرفه هذا عنی و استأذنه لی فی الوصول إلیه فقلت له بضعیف صوت و كلام خفیف یرید أن یقول لی قد بلغ الكوكب الفلانی الموضع الفلانی و یهدی إلی من هذا الجنس ما یضیق به صدری و یزید به همی و ما أقدر علی سماع كلامك فانصرف فخرج الحاجب و رجع إلی مستعجلا و قال إما أن یكون أبو الحسین الصوفی قد جن أو معه أمر عظیم فإنی قد عرفته بما قال مولانا فقال ارجع إلیه و قل له و اللّٰه لو أمرت بضرب عنقی ما انصرفت أو أصل إلیك و و اللّٰه ما أكلمك فی معنی النجوم بكلمة واحدة فعجبت من ذلك عجبا شدیدا مع علمی بعقل أبی الحسین و أنه مما لا یخرق معی فی شی ء و تطلعت نفسی إلی ما یقوله فقلت أدخله فلما دخل إلی قبل الأرض و بكی و قال أنت و اللّٰه فی عافیة لا بأس علیك و الیوم تبرأ و معی معجزة فی ذلك فقلت له ما هی فقال رأیت البارحة فی منامی أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیهما السلام و الناس یهرعون إلیه یسألونه حوائجهم و كان قد تقدمت إلیه و قلت یا أمیر المؤمنین أنا رجل غریب فی هذا البلد تركت نعمتی بالری و تجارتی و تعلقت بحب هذا الأمیر الذی أنا معه و قد بلغ إلی حد الإیاس من العلة و قد أشفقت أن أهلك بهلاكه فادع اللّٰه تعالی بالعافیة له فقال تعنی فناخسرو بن الحسن بن بویه قلت نعم یا أمیر المؤمنین فقال امض إلیه غدا و قل له أ نسیت ما أخبرتك به أمك عنی فی المنام الذی رأته و هی حامل بك أ لیس قد أخبرتك (1) بمدة عمرك و أنك ستعتل إذا بلغت كذا و كذا سنة علة ییأس منها أطباؤك و أهلك ثم تبرأ منها و أنت تصلح من هذه العلة غدا و تبرأ و أری صلاحك أن تركب و تعاود عاداتك كلها فی كذا و كذا یوما و لا قطع علیك قبل الأجل الذی خبرتك به أمك عنی قال لی عضد الدولة و قد

ص: 306


1- 1. أخبرتها( خ).

كنت أنسیت أن أمی قالت لی فی المنام إذا بلغت هذه السنة اعتللت العلة التی قد ذكرتها حتی قال لی أبو الحسین الصوفی فحین سمعت الكلام حدثت لی فی نفسی فی الحال قوة لم یكن من قبل فقلت أقعدونی فجاء الغلمان فأمسكونی حتی جلست علی الفراش و قلت لأبی الحسین اجلس و أعد الحدیث فقد قویت نفسی فأعاده فتولدت لی شهوة الطعام فاستدعیت الأطباء فأشاروا بتناول غذاء وصفوه عمل فی الحال و أكلته و لم تنقض الحال فی الیوم حتی بان لی فی الصلاح أمر عظیم و أقبلت العافیة فركبت و عاودت عاداتی فی الیوم الذی قال أبو الحسین فی المنام أن أركب فیه و كان عضد الدولة یحدثنی و أبو الحسین یقول كذا و اللّٰه كان و كذا قلت لمولانا و أعید باللّٰه ما أحسن حفظه و ذكر ما جری حرفا بحرف ثم قال ما فاتنی فی نفسی من هذا المنام شی ء كنت أشتهی الأشیاء كنت أشتهی أن یكون فیه مثبتا و شیئا كنت أشتهی أن لا یكون فیه فقلت یبلغ اللّٰه مولانا آماله و یحدث له كل ما یسر به و یصرف عنه كل ما لا یؤثر كونه و لم أزد علی الدعاء فعلم غرضی و قال أما الذی كنت أشتهی أن لا یكون فیه فهو أنه وقف علی أنی أملك حلبا و لو كان عنده أنی أملك شیئا مما تجاوز حلبا لقاله و كأنی أخاف أن یكون هذا غایة حدی من تلك الناحیة حتی أنه جاءنی الخبر بأن سیف الدولة أظهر الدعوة لی بحلب و أعماله و دخل تحت طاعتی فذكرت المنام فتنغص علی لأجل هذا الاعتقاد و أما الذی كنت أشتهی أن یكون فیه فهو أنی أعلم من هذا الذی یملك من ولدی و یستقل (1)

الملك علی یدیه فدعوت له و قطعت الحدیث بعدها بنحو سنتین و ما تجاوزت دعوته أعمال حلب بوجه و لا سبب.

قال وَ رَوَی الْحَاكِمُ النَّیْسَابُورِیُّ فِی تَارِیخِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: بَعَثَ تُبَّعٌ إِلَی مَكَّةَ لِنَقْلِ الْبَیْتِ إِلَیْهِ قَالَ فَابْتُلِیَ بِجَسَدِهِ فَقَالَ لِمُنَجِّمِیهِ انْظُرُوا فَنَظَرُوا فَقَالُوا لَعَلَّكَ أَرَدْتَ بَیْتَ اللَّهِ بِشَیْ ءٍ قَالَ نَعَمْ أَرَدْتُ أَنْ یُنْقَلَ إِلَیَّ قَالُوا إِذاً لَا یَكُونُ وَ لَكِنِ اكْسُهُ وَ رُدَّهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَرَدَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَ كَسَاهُ فَبَرَأَ.

انتهی

ص: 307


1- 1. یستقر( ظ).

ما أردت إیراده من كلام السید ره.

و سأل السید مهنان بن سنان العلامة رحمه اللّٰه ما یقول سیدنا فیما یقال إن كسوف الشمس بسبب حیلولة جرم القمر بینه و بین الشمس و إن سبب خسوف القمر حیلولة الأرض و یدل علی ذلك ما یخبر به أهل التقویم فیطابق أخبارهم و إذا كان الأمر علی هذه الصورة فلم أمرنا بالخوف عند ذلك و الفزع إلی الدعاء و الصلاة فی المساجد فأجاب رحمه اللّٰه استناد الكسوف و الخسوف إلی ما ذكره أدام اللّٰه أیامه مستند إلی الرصد و هو أمر ظنی غیر یقینی و لو سلم لم یضر فی التكلیف بالصلاة و سؤال اللّٰه فی رد النور(1) و یجوز أن یكون هذا الحادث سببا لتجدد حادث فی الأرض من خیر أو شر فجاز أن یكون العبادة رافعة لما نیط بذلك الحادث من الشر و الخوف بسبب ذلك ثم سأل عن إخبار المنجمین و أصحاب الرمل بالأشیاء المغیبة فأجاب بأن هذا كله تخمین لا

حقیقة له و ما یوافق قولهم من الحوادث فإنه یقع علی سبیل الاتفاق و علم الرمل ینسب إلی إدریس علیه السلام و لیس بمحقق و لكنه جری لنا وقائع غریبة عجیبة و امتحانات طابقت حكمه لكن لا یثمر ذلك علما محققا انتهی.

و أقول إذا أحطت خبرا بما تلونا علیك من الأخبار و الأقوال لا یخفی علیك أن القول باستقلال النجوم فی تأثیرها بل القول بكونها علة فاعلیة بالإرادة و الاختیار و إن توقف تأثیرها علی شرائط كفر و مخالفة لضرورة الدین (2) و القول بالتأثیر الناقص یحتمل وجهین الأول تأثیرها بالكیفیة كحرارة الشمس و إضاءتها و سائر الكواكب و تبرید القمر فلا سبیل إلی إنكار ذلك لكن الكلام فی أنها

ص: 308


1- 1. لم یضر بالاخبار بحسن الصلاة و الدعاء فی ردّ النور( خ).
2- 2. القول بكون الكواكب حیة مریدة مختارة مؤثرة فی العالم الارضی خطاء لكنه لا یوجب الكفر، إلّا أن یعتقد أنّها واجبة الوجود و لیس فوقها مؤثر، أو أن اللّٰه لا یقدر علی منعها من التأثیر، قال الشهید فی القواعد علی ما حكی عنه المؤلّف: و ان اعتقد انها- یعنی الكواكب- تفعل الآثار المنسوبة إلیها و اللّٰه سبحانه هو المؤثر الأعظم كما یقوله أهل العدل فهو مخطئ، اذ لا حیاة لهذه الكواكب ثابتة بدلیل عقلی و لا نقلی و بعض الاشعریة یكفرون هذا( الخ) و علی هذا فدعوی كون هذا القول مخالفا لضرورة الدین كما تری.

مؤثرات أو معدات لتأثیر الرب سبحانه أو أنه تعالی أجری العادة بخلق الحرارة أو الضوء عقیب محاذاة الشمس مثلا و الأكثر علی الأخیر و الثانی كون حركاتها و أوضاعها و مقارناتها و اتصالاتها مؤثرة ناقصة فی خلق الحوادث علی أحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فلا ریب أن القول به فسق و قول بما لا یعلم و لا دلیل یدل علیه من عقل و لا نقل بل ظواهر الآیات و الأخبار خلافه و القول به جرأة علی اللّٰه.

و أما أنه ینتهی إلی حد الكفر فیشكل الحكم به و إن لم یكن مستبعدا و الكراجكی رحمه اللّٰه لم یفرق فیما مر بین هذا الوجه و الوجه الأول و إنما النزاع فی الثانی دون الأول و أما كونها أمارات و علامات جعلها اللّٰه دلالة علی حدوث الحوادث فی عالم الكون و الفساد فغیر بعید عن السداد و قد عرفت أن كثیرا من الأخبار تدل علی ذلك و هی إما مفیدة للعلم العادی لكنه مخصوص ببعض الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام و من أخذها منهم لأن الطریق إلی العلم بعدم ما یرفع دلالتها من وحی أو إلهام و الإحاطة بجمیع الشرائط و الموانع و القوابل مختصة بهم أو مفیدة للظن و وقوع مدلولاتها مشروط بتحقق شروط و رفع موانع و ما فی أیدی الناس لیس ذلك العلم أصلا أو بعضه منه لكنه غیر معلوم بخصوصه و لا یفید العلم قطعا و إفادته نوعا من الظن مشكوك فیه.

و أما تعلیمه و تعلمه و العمل به فأقسام منها استخراج التقاویم و الإخبار بالأمور الخفیة أو المستقبلة و أخذ الطوالع و الحكم بها علی الأعمار و الأحوال و الظاهر حرمة ذلك لشمول النهی له و ما ورد أنها دلالات و علامات لا یدل علی التجویز لغیر من أحاط علمه بجمیع ذلك من المعصومین علیهم السلام و ما دل علی الجواز فأخبار أكثرها ضعیفة و یمكن حمل بعضها علی التقیة بشیوع العمل بها فی زمن خلفاء الجور و السلاطین فی أكثر الأعصار و تقرب المنجمین عندهم و ربما یومئ بعض الأخبار إلیه و یمكن حمل أخبار النهی علی الكراهة الشدیدة و الجواز علی الإباحة أو حمل أخبار النهی علی ما إذا اعتقد التأثیر و الجواز علی عدمه كما فعله السید ابن طاووس رحمه اللّٰه و غیره لكن الأول أظهر و أحوط.

ص: 309

و منها الاعتناء بالساعات المسعودة و المنحوسة و اختیار الأولة لارتكاب الأعمال و الشروع فیها و الاحتراز عن الثانیة و هذا أیضا یحتمل الكراهة و الحرمة و ما ورد من رعایة العقرب و المحاق فی التزویج و السفر فلا دلالة فیه علی العموم مع أنك قد عرفت أن اصطلاح البروج فی الأخبار الظاهر أنه غیر اصطلاح المنجمین و أما سعادة الكواكب و البروج و نحوستها فتحتمل الأخبار الواردة فیها أمرین أحدهما أن یكون لها سعادة و نحوسة واقعیة لكن ترتفع النحوسة بالتوكل و الدعاء و الصدقة و التوسل باللّٰه تعالی و نحن إنما أمرنا بتلك الأمور لا برعایة الساعات و ثانیهما أن یكون تأثیرها من جهة الطیرة لما اشتهر بین الناس من نحوسة تلك الساعات و إنما یتأثر بها من یتأثر من الطیرة ممن ضعف توكلهم و اعتمادهم علی ربهم و لهم عقول ضعیفة و نفوس دنیة یتأثرون بأدنی شی ء و یومئ إلیه

قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِنْدَ خَبَرِ الْمُنَجِّمِ: اللَّهُمَّ لَا طَیْرَ إِلَّا طَیْرُكَ.

فعلی الوجهین الأولی لمن قویت نفسه و صدق فی توكله علی ربه أن لا یلتفت إلی أمثال ذلك و یتوسل بجنابه تعالی فی جمیع أموره و یطلب منه الخیرة

وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ الطِّیَرَةَ عَلَی مَا تَجْعَلُهَا إِنْ هَوَّنْتَهَا تَهَوَّنَتْ وَ إِنْ شَدَّدْتَهَا تَشَدَّدَتْ وَ إِنْ لَمْ تَجْعَلْهَا شَیْئاً لَمْ تَكُنْ شَیْئاً.

وَ عَنْهُ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی دَاوُدَ علیه السلام كَمَا لَا تَضِیقُ الشَّمْسُ عَلَی مَنْ جَلَسَ فِیهَا كَذَلِكَ لَا تَضِیقُ رَحْمَتِی عَلَی مَنْ دَخَلَ فِیهَا وَ كَمَا لَا تَضُرُّ الطِّیَرَةُ مَنْ لَا یَتَطَیَّرُ مِنْهَا كَذَلِكَ لَا یَنْجُو مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُتَطَیِّرُونَ.

و سیأتی القول فیها فی الباب الآتی.

و منها تعلیم هذا العلم بوجهیه المتقدمین و تعلمه و النظر و التفكر فیه و هو أیضا یحتمل الحرمة و الكراهة و احتمال الكراهة هنا أقوی مما سبق.

و منها علم الهیئة و النظر فی هیئات الأفلاك و حركاتها و جوازه لا یخلو من قوة إذا لم یعتقد فیه ما یخالف الآیات و الأخبار كتطابق الأفلاك و لم یجزم بما لا برهان علیه و إنما قال به علی سبیل الاحتمال و أما ما ذكره الشهید رحمه اللّٰه من استحباب النظر فی علم الهیئة فإنما هو إذا ثبتت مطابقة قواعده لما هی علیها فی

ص: 310

نفس الأمر و عدم اشتماله علی قاعدة مخالفة لما ظهر من الشریعة و إلا فیكون بعضها داخلا فی القول بغیر علم أو فیما حرم اتباعه لمخالفة الشریعة و أما الآیات الدالة علی التفكر فی خلق السماوات و الأرض فالظاهر أن المراد بها التفكر فیها من جهة دلالتها علی وجود الصانع و علمه و قدرته و حكمته لا من جهة نضدها و ترتیبها و كیفیات حركاتها و إن احتمل شمولها لها أیضا.

و منها الحكم بالكسوف و الخسوف و أوائل الأهلة و المحاق و أشباه ذلك فالظاهر جوازه و إن كان الأحوط اجتناب ذلك أیضا فإن الأحكام الشرعیة فیها مبتنیة علی الرؤیة لا علی أحكام المنجمین بذلك و بالجملة ینبغی للمتدین المتبع لأهل بیت العصمة علیهم السلام المدعی لكونه شیعة لهم مقتدیا لآثارهم أن لا یتعرض لشی ء من ذلك إلا فی قلیل منه یتعلق بمعرفة أوقات الصلوات و سائر العبادات و تعیین جهة القبلة و أشباه ذلك و لو كانت هذه العلوم و الأعمال مما له مدخلیة فی صلاح الدین لأمر أئمتنا علیهم السلام شیعتهم بذلك و رغبوهم فیها و حثوهم علیها و علموهم قواعدها و لم ینقل من عادة أهل البیت علیهم السلام و سیرتهم الرجوع إلی الساعات و استعلامها أو بیانها لشیعتهم و احترازهم عن ساعة بسبب أنها نحس بحسب النجوم بل كانوا یأمرونهم بالصدقة و الدعاء و التضرع و التوسل إلی اللّٰه سبحانه فی الاحتراز عن البلایا و الآفات و المنحوسة من الساعات و فی هذه الأزمان تركوا جمیع ذلك و اكتفوا بالرجوع إلی التقاویم و أصحاب النجوم و اتكلوا علیها و أیضا لعلمهم بإخبار المنجمین بأوقات الكسوفات و الخسوفات لا یحصل لهم فی وقوعها فزع و لا یتضرعون إلی اللّٰه فی رفعها و دفع شرها مع أنه یصیر فی أكثر الناس سببا للقول بتأثیر النجوم و حیاتها و تدبیرها فی العالم أعاذنا اللّٰه و سائر المؤمنین من ذلك و إنما أطنبنا الكلام قلیلا فی هذا المقام لكثرة ولوع الناس بهذا العلم و العمل به و تقربهم إلی الملوك بذلك فیوقعون الناس به فی المهالك و اللّٰه العاصم من فتن المبتدعین و الهادی إلی الحق و الیقین.

ص: 311

باب 11 آخر فی النهی عن الاستمطار بالأنواء و الطیرة و العدوی

الآیات:

النمل: قالُوا اطَّیَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (1)

یس: قالُوا إِنَّا تَطَیَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَ لَیَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِیمٌ قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (2)

الواقعة: وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (3)

تفسیر:

قالُوا اطَّیَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ أی تشأمنا بكم إذ تتابعت علینا الشدائد من القحط و غیره و وقع بیننا الافتراق بما اخترعتم من دینكم قالَ طائِرُكُمْ أی سببكم الذی جاء منه شركم عِنْدَ اللَّهِ و هو قضاؤه و قدره أو أعمالكم السیئة المكتوبة عنده بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ أی تختبرون بتعاقب السراء و الضراء و فیه دلالة علی أنه لا أصل للطیرة و أن ما یقع من الخیر و الشر بقدر اللّٰه مترتبا علی الأعمال الحسنة و السیئة كما قال وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ (4) قال صاحب الكشاف كان الرجل یخرج مسافرا فیمر بطیر فیزجره و إن مر سانحا تیمن و إن مر بارحا تشأم فلما نسبوا الخیر و الشر إلی الطائر استعیر لما كان سببا للخیر و الشر و هو قدر اللّٰه و قسمته.

إِنَّا تَطَیَّرْنا بِكُمْ قال البیضاوی تشأمنا بكم و ذلك لاستغرابهم ما ادعوه

ص: 312


1- 1. النمل: 47.
2- 2. یس: 18 و 19.
3- 3. الواقعة: 82.
4- 4. الشوری: 30.

و استقباحهم له و تنفرهم عنه لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا عن مقالتكم هذه طائِرُكُمْ مَعَكُمْ سبب شومكم معكم و هو سوء عقیدتكم و أعمالكم أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ وعظتم به و جواب الشرط محذوف مثل تطیرتم أو توعدتم بالرجم و التعذیب بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ قوم عادتكم الإسراف فی العصیان فمن ثم جاءكم الشوم أو فی الضلال و لذلك توعدتم و تشأمتم بمن یجب أن یكرم و یتبرك به (1).

وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی و تجعلون حظكم من الخیر الذی هو كالرزق لكم أنكم تكذبون به و قیل و تجعلون شكر رزقكم التكذیب عن ابن عباس قال أصاب الناس عطش فی بعض أسفاره فدعا صلی اللّٰه علیه و آله فسقوا فسمع رجلا یقول مطرنا بنوء كذا فنزلت الآیة و قیل معناه و تجعلون حظكم من القرآن الذی رزقكم اللّٰه التكذیب به عن الحسن (2) و قرأه علی علیه السلام و ابن عباس و رویت عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و تجعلون شكركم (3) فالمعنی تجعلون مكان الشكر الذی یجب علیكم التكذیب و قد یكون المعنی و تجعلون شكر رزقكم التكذیب (4)

قال ابن جنی هو علی و تجعلون بدل شكركم (5).

«1»-، 14 تَفْسِیرُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَزَّازِ جَمِیعاً عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ شُرَیْحٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَی الثَّعْلَبِیِّ وَ لَا أَرَانِی إِلَّا وَ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ الْأَعْلَی عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِیِّ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَرَأَ بِهِمُ الْوَاقِعَةَ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّی قَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ سَیَقُولُ قَائِلٌ لِمَ قَرَأَ هَكَذَا قِرَاءَتَهَا إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ وَ كَانُوا إِذَا مُطِرُوا قَالُوا مُطِرْنَا

ص: 313


1- 1. أنوار التنزیل: ج 2، ص 309.
2- 2. مجمع البیان: ج 9، ص 226.
3- 3. مجمع البیان: ج 9، ص 224.
4- 4. فی المصدر: فهو حذف المضاف و قال.
5- 5. مجمع البیان: ج 9 ص 225.

بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (1).

«2»- وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ بَلْ هِیَ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (2).

توضیح: قوله و لا أرانی كلام ثابت أی أظن أنی سمعت الحدیث من عبد الأعلی بغیر توسط أبان و قال الجزری فی النهایة فیه ثلاث من أمر الجاهلیة الطعن فی الأنساب و النیاحة و الأنواء و قد تكرر ذكر النوء و الأنواء فی الحدیث و منه الحدیث مطرنا بنوء كذا و الأنواء هی ثمان و عشرون منزلة ینزل القمر فی كل لیلة فی منزلة منها و منه قوله تعالی وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ یسقط فی المغرب كل ثلاث عشرة لیلة منزلة مع طلوع الفجر و تطلع أخری مقابلتها(3) ذلك الوقت فی المشرق فتنقضی جمیعها مع انقضاء السنة و كانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة و طلوع رقیبها یكون مطر و ینسبونه إلیها فیقولون مطرنا بنوء كذا و إنما سمی نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق یقال ناء ینوء نوءا أی نهض و طلع و قیل أراد بالنواء الغروب و هو من الأضداد قال أبو عبید لم نسمع فی النوء أنه السقوط إلا فی هذا الموضع و إنما غلظ النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی أمر الأنواء لأن العرب كانت تنسب المطر إلیها فأما من جعل المطر من فعل اللّٰه تعالی و أراد بقوله مطرنا بنوء كذا أی فی وقت كذا و هو هذا النواء الفلانی فإن ذلك جائز أی إن اللّٰه قد أجری العادة أن یأتی المطر فی هذه الأوقات (4) انتهی.

و قال ابن العربی من انتظر المطر منها علی أنها فاعلة من دون اللّٰه أو یجعل اللّٰه شریكا فیها فهو كافر و من انتظره منها علی إجراء العادة فلا شی ء علیه و قال النووی لكنه یكره لأنه شعار الكفر و موهم له.

ص: 314


1- 1. تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ: 663.
2- 2. تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّیّ: 663.
3- 3. فی المصدر: مقابلها- بالنصب علی الظرفیة-
4- 4. النهایة: ج 4، ص 178.

«3»- مَعَانِی الْأَخْبَارِ، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ(1) عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیهما السلام قَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِیَّةِ الْفَخْرُ بِالْأَنْسَابِ وَ الطَّعْنُ فِی الْأَحْسَابِ وَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه أخبرنی محمد بن هارون الزنجانی عن علی بن عبد العزیز عن أبی عبید أنه قال سمعت عدة من أهل العلم یقولون إن الأنواء ثمانیة و عشرون نجما معروفة المطالع فی أزمنة السنة كلها من الصیف و الشتاء و الربیع و الخریف یسقط منها فی كل ثلاث عشرة لیلة نجم فی المغرب مع طلوع الفجر و یطلع آخر یقابله فی المشرق من ساعته و كلاهما معلوم مسمی و انقضاء هذه الثمانیة و العشرین كلها مع انقضاء السنة ثم یرجع الأمر إلی النجم الأول مع استئناف السنة المقبلة و كانت العرب فی الجاهلیة إذا سقط منها نجم و طلع آخر قالوا لا بد أن یكون عند ذلك ریاح و مطر فینسبون كل غیث یكون عند ذلك إلی ذلك النجم الذی یسقط حینئذ فیقولون مطرنا بنوء الثریا و الدبران و السماك و ما كان من هذه النجوم فعلی هذا فهذه هی الأنواء واحدها نوء و إنما سمی نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق بالطلوع و هو ینوء نوءا و ذلك النهوض هو النوء فسمی النجم به و كذلك كل ناهض ینتقل بإبطاء فإنه ینوء عند نهوضه قال اللّٰه تبارك و تعالی لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِی الْقُوَّةِ(2).

«4»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الزَّنْجَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ

ص: 315


1- 1. فی المصدر: أحمد بن زیاد بن جعفر الهمدانیّ عن علیّ بن إبراهیم. و ابن عقدة هو أحمد بن محمّد بن سعید الهمدانیّ الكوفیّ الثقة المتوفّی سنة( 333) و یمكن روایة الصدوق- ره- عنه لانه تولد سنة( 305) و كان عند وفاة« ابن عقدة» ابن ثمانیة و عشرین، و إن لم یذكر فی مشایخه، و اللّٰه العالم.
2- 2. القصص: 76. معانی الأخبار: 326.

أَبِی عُبَیْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ بِأَسَانِیدَ مُتَّصِلَةٍ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: نَهَی صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ وَ ذَبَائِحُ الْجِنِّ أَنْ یَشْتَرِیَ الدَّارَ أَوْ یَسْتَخْرِجَ الْعَیْنَ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَیَذْبَحَ لَهُ ذَبِیحَةً لِلطِّیَرَةِ قَالَ أَبُو عُبَیْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا یَتَطَیَّرُونَ إِلَی هَذَا الْفِعْلِ مَخَافَةَ إِنْ لَمْ یَذْبَحُوا أَوْ یُطْعِمُوا أَنْ یُصِیبَهُمْ فِیهَا شَیْ ءٌ مِنَ الْجِنِّ فَأَبْطَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا وَ نَهَی عَنْهُ (1).

«5»- وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا توردن یُورِدَنَ (2) ذُو عَاهَةٍ عَلَی مُصِحٍّ یَعْنِی الرَّجُلَ یُصِیبُ إِبِلَهُ الْجَرَبُ أَوِ الدَّاءُ فَقَالَ لَا تُورِدَنَّهَا(3) عَلَی مُصِحٍّ وَ هُوَ الَّذِی إِبِلُهُ وَ مَاشِیَتُهُ صِحَاحٌ بَرِیئَةٌ مِنَ الْعَاهَةِ.

قال أبو عبید وجهه عندی و اللّٰه أعلم أنه خاف أن ینزل بهذه الصحاح من اللّٰه عز و جل ما نزل بتلك فیظن المصح أن تلك أعدتها فیأثم فی ذلك

«6»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحُسَیْنِ الْفَارِسِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: أَرْبَعَةٌ لَا تَزَالُ فِی أُمَّتِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ وَ الطَّعْنُ فِی الْأَنْسَابِ وَ الِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَ النِّیَاحَةُ الْخَبَرَ(4).

«7»- الْخَرَائِجُ، رُوِیَ: أَنَّهُ فِی وَقْعَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ لَسَقَانَا فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ دَعَوْتُ اللَّهَ لَسُقِیتُ قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ لَنَا لِیَسْقِیَنَا فَدَعَا فَسَالَتِ الْأَوْدِیَةُ فَإِذَا قَوْمٌ عَلَی شَفِیرِ الْوَادِی یَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ الذِّرَاعِ وَ بِنَوْءِ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَا تَرَوْنَ فَقَالَ خَالِدٌ أَ لَا أَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُونَ هَكَذَا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ.

ص: 316


1- 1. معانی الأخبار: 282.
2- 2. فی المصدر: لا یوردن.
3- 3. فی المصدر: لا یوردنها.
4- 4. الخصال: 105.

بیان: یدل علی حرمة هذا القول أو الكراهة الشدیدة و أنه لا یصیر سببا للكفر مع عدم الاعتقاد بكونها مؤثرة و أن هذا الاعتقاد كفر یوجب الارتداد و استحقاق القتل.

«8»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ (1) قَالَ كَانُوا یَقُولُونَ نُمْطَرُ بِنَوْءِ كَذَا وَ بِنَوْءِ كَذَا وَ مِنْهَا أَنَّهُمْ كَانُوا یَأْتُونَ الْكُهَّانَ فَیُصَدِّقُونَهُمْ بِمَا یَقُولُونَ.

بیان: قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی قوله تعالی وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ اختلف فی معناه علی أقوال أحدها أنهم مشركو قریش كانوا یقرون باللّٰه خالقا و محییا و ممیتا و یعبدون الأصنام و یدعونها آلهة عن ابن عباس و ثانیها أنها نزلت فی مشركی العرب إذا سئلوا من خلق السماوات و الأرض و ینزل القطر قالوا اللّٰه ثم هم یشركون كانوا یقولون فی تلبیتهم لبیك لا شریك لك إلا شریك هو لك تملكه و ما ملك و ثالثها أنهم أهل الكتاب آمنوا باللّٰه و الیوم الآخر و التوراة و الإنجیل ثم أشركوا بإنكار القرآن و إنكار نبوة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله و هذا القول مع ما تقدم رواه دارم بن قبیصة عن الرضا عن جده أبی عبد اللّٰه علیه السلام و رابعها أنهم المنافقون یظهرون الإیمان و یشركون فی السر و خامسها أنهم المشبهة آمنوا فی الجملة و أشركوا(2) بالتفصیل عن ابن عباس أیضا و سادسها أن المراد بالإشراك شرك الطاعة لا شرك العبادة أطاعوا الشیطان فی المعاصی التی یرتكبونها مما أوجب اللّٰه علیها النار فأشركوا باللّٰه فی طاعته و لم یشركوا فی (3)

عبادته فیعبدون معه غیره عن أبی جعفر علیه السلام

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُ الرَّجُلِ لَوْ لَا فُلَانٌ لَهَلَكْتُ وَ لَوْ لَا فُلَانٌ لَضَاعَ عِیَالِی جَعْلٌ لِلَّهِ شَرِیكاً فِی مُلْكِهِ یَرْزُقُهُ وَ یَدْفَعُ عَنْهُ فَقِیلَ لَهُ لَوْ قَالَ لَوْ لَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیَّ بِفُلَانٍ

ص: 317


1- 1. یوسف: 106.
2- 2. فی المصدر: فی التفصیل، و روی ذلك عن ابن عبّاس أیضا.
3- 3. فی المصدر: و لم یشركوا باللّٰه شرك عبادة.

لَهَلَكْتُ قَالَ لَا بَأْسَ بِهَذَا.

وَ فِی رِوَایَةِ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ حُمْرَانَ عَنْهُمَا علیهما السلام: أَنَّهُ شِرْكُ النِّعَمِ.

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: إِنَّهُ شِرْكٌ لَا یَبْلُغُ بِهِ الْكُفْرَ(1).

انتهی و أقول ما ورد فی الخبر قریب من الوجه الأخیر و یدل علی حرمة الاعتقاد بالنجوم و الكهانة.

«9»- الْكَافِی، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ قِرْوَاشٍ الْجَمَّالِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْجِمَالِ یَكُونُ بِهَا الْجَرَبُ أَعْزِلُهَا مِنْ إِبِلِی مَخَافَةَ أَنْ یُعْدِیَهَا جَرَبُهَا وَ الدَّابَّةُ رُبَّمَا صَفَرْتُ لَهَا حَتَّی تَشْرَبَ الْمَاءَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَعْرَابِیّاً أَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُصِیبُ الشَّاةَ وَ الْبَقَرَةَ وَ النَّاقَةَ بِالثَّمَنِ الْیَسِیرِ وَ بِهَا جَرَبٌ فَأَكْرَهُ شِرَاءَهَا مَخَافَةَ أَنْ یُعْدِیَ ذَلِكَ الْجَرَبُ إِبِلِی وَ غَنَمِی فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَعْرَابِیُّ فَمَنْ أَعْدَی الْأَوَّلَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا عَدْوَی وَ لَا طِیَرَةَ وَ لَا هَامَةَ وَ لَا شُؤْمَ وَ لَا صَفَرَ وَ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ وَ لَا تَعَرُّبَ بَعْدَ هِجْرَةٍ وَ لَا صَمْتَ یَوْماً إِلَی اللَّیْلِ وَ لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ وَ لَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ وَ لَا یُتْمَ بَعْدَ إِدْرَاكٍ (2).

إیضاح: قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا عدوی قال فی النهایة فیه لا عدوی و لا صفر العدوی اسم من الإعداء كالدعوی و التقوی من الادعاء و الاتقاء یقال أعداه

ص: 318


1- 1. مجمع البیان: ج 5، ص 267.
2- 2. روضة الكافی: 196. أقول: المراد بنفی العدوی ان مخالطة المرضی لیست علة تامة مستقلة فی سرایة الأمراض، و ان كانت مؤثرة كان تأثیرها ناقصا و منوطا باذن اللّٰه و مشیته. و بعبارة اخری الغرض من هذا البیان انه لا ینبغی للموحدان یسند الفعل إلی غیر اللّٰه تعالی، لا أنه لیس لغیره أی تأثیر حتّی مع تسبیبه تعالی و جعله إیّاه مؤثرا و مثل ذلك الشفاء، فان اللّٰه سبحانه هو الذی یبرئ و یشفی، و لا یستلزم ذلك عدم تأثیر الدواء، لانه تعالی هو الذی جعل الدواء مؤثرا، فالفعل بحسب الحقیقة مستند إلیه، و علی، هذا فلا منافاة بین هذا الحدیث و بین ما ثبت فی الطبّ و الحدیث من سرایة بعض الأمراض بواسطة المخالطة. مضافا إلی ان سببیة ذلك انما هو علی سبیل الاقتضاء أو الاعداد فربما یمنع عن تأثیره مانع ظاهری كبعض الأدویة أو غیر ظاهری كالدعاء و التوسل و نحوهما و اللّٰه عزّ و جلّ هو مسبب الأسباب و هو علی كل شی ء قدیر.

الداء یعدیه إعداء و هو أن یصیبه مثل ما بصاحب الداء و ذلك أن یكون ببعیر جرب مثلا فتتقی مخالطته بإبل أخری حذرا أن یتعدی إلیها ما به من الجرب فیصیبها ما أصابه و قد أبطله الإسلام لأنهم كانوا یظنون أن المرض بنفسه یتعدی فأعلمهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه لیس الأمر كذلك و إنما اللّٰه تعالی هو الذی یمرض و ینزل الداء و لهذا قال فی بعض الأحادیث فمن أعدی البعیر الأول أی من أین صار فیه الجرب (1) انتهی.

و أقول یمكن أن یكون المراد نفی استقلال العدوی بدون مدخلیة مشیته تعالی بل مع الاستعاذة باللّٰه یصرفه عنه فلا ینافی الأمر بالفرار من المجذوم و أمثاله لعامة الناس الذین لضعف یقینهم لا یستعیذون به تعالی و تتأثر نفوسهم بأمثاله.

و قَدْ رُوِیَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: أَكَلَ مَعَ الْمَجْذُومِینَ وَ دَعَاهُمْ إِلَی طَعَامِهِ وَ شَارَكَهُمْ فِی الْأَكْلِ.

مع أنه یمكن أن یكون من خصائصهم علیهم السلام لأن اللّٰه یعصمهم عن الأمراض المشینة التی توجب نفرة الناس عنهم و قیل الجذام مستثنی من هذه الكلیة أی عدم العدوی و قال الطیبی فی شرح المشكاة العدوی مجاوزة العلة أو الخلق إلی الغیر و هو بزعم الطب فی سبع الجذام و الجرب و الجدری و الحصبة و البخر و الرمد و الأمراض الوبائیة فأبطله الشرع أی لا تسری علته إلی شخص و قیل بل نفی استقلال تأثیره بل هو متعلق بمشیة اللّٰه تعالی و لذا منع من مقاربته كمقاربة الجدار المائل و السفینة المعیبة و أجاب

الأولون بأن النهی عنها للشفقة خشیة أن یعتقد حقیته إن اتفق إصابة عاهته و أری هذا القول أولی لما فیه من التوفیق بین الأحادیث و الأصول الطبیة التی ورد الشرع باعتبارها علی وجه لا یناقض أصول التوحید انتهی.

و لا طیرة هذه أیضا مثل السابقة و المراد به النهی عن التطیر و التشؤم بالأمور التی یحترز منها العوام أو لا تأثیر للطیرة مطلقا أو علی وجه الاستقلال بل مع قوة النفس و عدم التأثر بها و التوكل علی اللّٰه تعالی یرتفع تأثیرها و یؤید

ص: 319


1- 1. النهایة: ج 3، ص 73.

الأخیر ما سیأتی و ما ورد فی بعض الأخبار الدالة علی تأثیرها فی الجملة و ما ورد فی بعض الأدعیة من الاستعاذة منها قال الجزری فی النهایة الطیرة بكسر الطاء و فتح الیاء و قد تسكن هی التشؤم بالشی ء و هو مصدر تطیر یقال تطیر طیرة كتخیر خیرة و لم یجئ من المصادر هكذا غیرهما و أصله فیما یقال التطیر بالسوانح و البوارح من الطیر و الظباء و غیرهما فكان ذلك یصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع و أبطله و نهی عنه و أخبر أنه لیس له تأثیر فی جلب نفع و دفع ضر

و منه الحدیث: ثَلَاثٌ لَا یَسْلَمُ (1) مِنْهَا أَحَدٌ الطِّیَرَةُ وَ الْحَسَدُ وَ الظَّنُّ قِیلَ فَمَا نَصْنَعُ قَالَ إِذَا تَطَیَّرْتَ فَامْضِ وَ إِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ وَ إِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ (2).

و قال فی قوله و لا هامة الهامة الرأس و اسم طائر و هو المراد فی الحدیث و ذلك أنهم كانوا یتشاءمون بها و هی من طیر اللیل و قیل هی البومة و قیل إن العرب كانت تزعم أن روح القتیل الذی لا یدرك بثأره تصیر هامة فتقول اسقونی اسقونی فإذا أدرك بثأره طارت و قیل كانوا یزعمون أن عظام المیت و قیل روحه تصیر هامة و یسمونه الصدی فنفاه الإسلام و نهاهم عنه (3)

انتهی و قیل هی البومة إذا سقطت علی دار أحدهم رآها ناعیة له أو لبعض أهله و هو بتخفیف المیم علی المشهور و قیل بتشدیدها.

و قوله و لا شؤم هو كالتأكید لما سبق قال الجزری فیه أیضا قال إن كان الشؤم فی شی ء ففی ثلاث المرأة و الدار و الفرس أی إن كان ما یكره و یخاف عاقبته ففی هذه الثلاث و تخصیصه لها لأنه لما أبطل مذهب العرب فی التطیر بالسوانح و البوارح من الطیر و الظباء و نحوهما قال فإن كانت لأحدكم دار یكره سكناها أو امرأة یكره صحبتها أو فرس یكره ارتباطها فلیفارقها بأن ینتقل عن الدار و یطلق المرأة و یبیع الفرس و قیل إن شوم الدار ضیقها و سوء جارها و شوم

ص: 320


1- 1. فی المصدر: لا یسلم منهن أحد.
2- 2. النهایة: ج 3، ص 51.
3- 3. النهایة: ج 4، ص 258.

المرأة أن لا تلد و شوم الفرس أن لا یغزی علیها و الواو فی الشؤم همزة و لكنها خففت فصارت واوا و غلب علیها التخفیف حتی لم ینطق بها مهموزة و الشوم ضد الیمن یقال تشأمت بالشی ء و تیمنت به (1)

انتهی و قیل شوم المرأة غلاء مهرها و سوء خلقها و

قال الخطابی من العامة هو مستثنی من الطیرة أی هی منهیة إلا فی الثلاثة فلیفارقها و قال الطیبی لیس هو من باب التطیر بل إرشاد بأن من یكره واحدا من الثلاثة یفارقها و لذا جعل منه فرضا یقول إن یكن الطیرة انتهی.

و أقول هذا الأخیر أظهر و ورد الخبر فی أخبارنا أیضا كما سیأتی فی كتاب النكاح إن شاء اللّٰه.

و لا صفر قال فی النهایة كانت العرب تزعم أن فی البطن حیة یقال له الصفر تصیب الإنسان إذا جاع و تؤذیه و أنها تعدی فأبطل الإسلام ذلك و قیل أراد به النسی ء الذی كانوا یفعلونه فی الجاهلیة و هو تأخیر المحرم إلی صفر و یجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله (2)

انتهی و قیل هو الشهر المعروف زعموا أنه تكثر فیه الدواهی و الفتن فنفاه الشارع و یحتمل أن یكون المراد هنا النهی عن الصفیر بقرینة أنه علیه السلام لم یذكر الجواب عنه و هو بعید و الظاهر أن الراوی ترك جواب الصفیر و یظهر من بعض الأخبار كراهته.

و لا رضاع بعد فصال و فی سائر الروایات بعد فطام أی لا حكم للرضاع بعد الزمان الذی یجب فیه قطع اللبن عن الولد أی بعد الحولین فلا ینشر الحرمة و لا تعرب بعد هجرة أی لا یجوز اللحوق بالأعراب و ترك الهجرة بعدها و عد فی كثیر من الأخبار من الكبائر و لا صمت یوما إلی اللیل أی لا یجوز التعبد بصوم الصمت الذی كان فی الأمم السابقة فإنه منسوخ فی هذا

ص: 321


1- 1. النهایة: ج 2، ص 241.
2- 2. النهایة: ج 2، ص 266.

الشرع بدعة و لا طلاق قبل نكاح كأن یقول إذا تزوجت فلانة فهی طالق فلا یتحقق هذا الطلاق و كذا قوله لا عتق قبل ملك.

و لا یتم بعد إدراك أی ترتفع أحكام الیتم من حجره و ولایة الولی علیه و حرمة أكل ماله بغیر إذن ولیه و غیرها بعد بلوغه و ستأتی تفاصیل تلك الأحكام فی محالها إن شاء اللّٰه تعالی.

«10»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: كَفَّارَةُ الطِّیَرِ التَّوَكُّلُ (1).

بیان: أی التوكل علی اللّٰه یرفع ذنب ما خطر بالبال من التشؤم بالأشیاء التی نهی عن التشؤم بها أو أنه یرفع تأثیر ذلك كما ترفع الكفارة تأثیر الذنب قال الجزری و منه الحدیث الطیرة شرك و ما منا إلا و لكن اللّٰه یذهبه بالتوكل هكذا جاء الحدیث (2) مقطوعا و لم یذكر المستثنی أی إلا و قد یعتریه التطیر و تسبق إلی قلبه الكراهة(3)

فحذف اختصارا و اعتمادا علی فهم السامع و إنما جعل الطیرة من الشرك لأنهم كانوا یعتقدون أن التطیر یجلب لهم نفعا أو یدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه فكأنهم أشركوه مع اللّٰه تعالی فی ذلك و قوله و لكن اللّٰه یذهبه بالتوكل معناه أنه إذا خطر له عارض التطیر فتوكل علی اللّٰه تعالی و سلم إلیه و لم یعمل بذلك الخاطر غفره اللّٰه تعالی له و لم یؤاخذه به (4).

«11»- الْكَافِی، عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: الطِّیَرَةُ عَلَی مَا تَجْعَلُهَا إِنْ هَوَّنْتَهَا تَهَوَّنَتْ وَ إِنْ شَدَّدْتَهَا تَشَدَّدَتْ وَ إِنْ لَمْ تَجْعَلْهَا شَیْئاً لَمْ تَكُنْ شَیْئاً(5).

ص: 322


1- 1. روضة الكافی: 198.
2- 2. فی المصدر: جاء فی الحدیث.
3- 3. الكراهیة( خ).
4- 4. النهایة: ج 3، ص 52.
5- 5. روضة الكافی: 197.

«12»- وَ مِنْهُ، عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی مَالِكٍ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَمْ یَنْجُ مِنْهَا نَبِیٌّ فَمَنْ دُونَهُ التَّفَكُّرُ فِی الْوَسْوَسَةِ فِی الْخَلْقِ وَ الطِّیَرَةُ وَ الْحَسَدُ إِلَّا أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یَسْتَعْمِلُ حَسَدَهُ (1).

«13»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْأَشْعَرِیِّ بِإِسْنَادِهِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ثَلَاثٌ لَمْ یَعْرَ مِنْهَا نَبِیٌّ فَمَنْ دُونَهُ الطِّیَرَةُ وَ الْحَسَدُ وَ التَّفَكُّرُ فِی الْوَسْوَسَةِ فِی الْخَلْقِ.

قال الصدوق رحمه اللّٰه معنی الطیرة فی هذا الموضع هو أن یتطیر منهم قومهم فأما هم علیهم السلام فلا یتطیرون و ذلك كما قال اللّٰه عز و جل عن قوم صالح قالُوا اطَّیَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ (2) و كما قال آخرون لأنبیائهم إِنَّا تَطَیَّرْنا بِكُمْ الآیة(3)

و أما الحسد فی هذا الموضع هو أن یحسدوا لا أنهم یحسدون غیرهم و ذلك كما قال اللّٰه عز و جل أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً(4) و أما التفكر فی الوسوسة فی الخلق فهو بلواهم علیهم السلام بأهل الوسوسة لا غیر ذلك و ذلك كما حكی اللّٰه عن ولید بن المغیرة المخزومی إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فَقُتِلَ كَیْفَ قَدَّرَ(5) یعنی قال للقرآن إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ یُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ(6) بیان ما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه وجه متین فی الخبر الذی رواه فی الخصال و أما سائر الأخبار المرویة من طرق الخاصة و العامة المشتملة علی التتمات فهذا

ص: 323


1- 1. روضة الكافی: 108.
2- 2. النمل: 47.
3- 3. یس: 18.
4- 4. النساء: 53.
5- 5. المدّثّر: 18 و 19.
6- 6. الخصال: 42.

الوجه لا یجری فیها إلا بتكلف كثیر و الظاهر أن المراد بالطیرة فیها انفعال النفس عما یتشأم به أو تأثیرها واقعا و حصول مقتضاها و الأول فی المعصومین علیهم السلام أظهر بأن یخطر ببالهم الشریفة ثم یدفعوا أثرها بالتوكل و هذا لا ینافی العصمة و أما الحسد فظاهرها

أن الحسد المركوز فی الخاطر إذا لم یظهره الإنسان لم یكن معصیة و لا استبعاد فیه فإنه فی أكثر الخلق لیس باختیار و یمكن أن یراد به ما یعم الغبطة و یكون هذه هی الحاصلة فیهم و أما التفكر فی الوسوسة فی الخلق فیحتمل وجهین الأول أن یراد به التفكر فیما یحصل فی نفس الإنسان فی خالق الأشیاء و كیفیة خلقها و منها ربط الحادث بالقدیم و خلق أعمال العباد و مسألة القضاء و القدر و التفكر فی الحكمة فی خلق بعض الشرور فی العالم كل ذلك من غیر استقرار فی النفس و حصول شك بسببها

كَمَا رَوَی الْكُلَیْنِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْوَسْوَسَةِ(1) فَقَالَ لَا شَیْ ءَ فِیهَا تَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (2).

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّهُ یَقَعُ فِی قَلْبِی أَمْرٌ عَظِیمٌ فَقَالَ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ جَمِیلٌ فَكُلَّمَا وَقَعَ فِی قَلْبِی شَیْ ءٌ قُلْتُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَذَهَبَ عَنِّی (3).

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ فَقَالَ لَهُ أَتَاكَ الْخَبِیثُ فَقَالَ لَكَ مَنْ خَلَقَكَ فَقُلْتَ اللَّهُ فَقَالَ لَكَ اللَّهُ مَنْ خَلَقَهُ فَقَالَ إِی وَ الَّذِی بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَكَانَ كَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاكَ وَ اللَّهِ مَحْضُ الْإِیمَانِ.

قَالَ ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ حَدَّثَنِی (4)

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّمَا عَنَی بِقَوْلِهِ هَذَا وَ اللَّهِ مَحْضُ الْإِیمَانِ خَوْفَهُ أَنْ یَكُونَ قَدْ هَلَكَ حَیْثُ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ فِی قَلْبِهِ (5).

وَ قَدْ رَوَتِ الْعَامَّةُ

ص: 324


1- 1. فی المصدر: و ان كثرت.
2- 2. الكافی: ج 2، ص 424.
3- 3. الكافی: ج 2، ص 424.
4- 4. فی المصدر: حدّثنی أبی عن أبی عبد اللّٰه.
5- 5. الكافی: ج 2، ص 425.

فِی صِحَاحِهِمْ: أَنَّهُ سُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْوَسْوَسَةِ فَقَالَ تِلْكَ مَحْضُ الْإِیمَانِ.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: یَأْتِی الشَّیْطَانُ أَحَدَكُمْ فَیَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا وَ كَذَا حَتَّی یَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْیَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَ لْیَنْتَهِ.

الثانی أن المراد بالخلق المخلوقات و بالتفكر فیهم بالوسوسة التفكر و حدیث النفس بعیوبهم و تفتیش أحوالهم و یؤید هذا الوجه ما رواه الجزری فی النهایة و نقلناه آنفا.

«14»- الْخِصَالُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَطَّارِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ حَرِیزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِی تِسْعَةٌ الْخَطَاءُ وَ النِّسْیَانُ وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَیْهِ وَ مَا لَا یَعْلَمُونَ وَ مَا لَا یُطِیقُونَ وَ مَا اضْطُرُّوا إِلَیْهِ وَ الْحَسَدُ وَ الطِّیَرَةُ وَ التَّفَكُّرُ فِی الْوَسْوَسَةِ فِی الْخَلْقِ مَا لَمْ یَنْطِقْ بِشَفَةٍ(1).

الفقیه، عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله مرسلا: مثله (2)

بیان: لعل قوله صلی اللّٰه علیه و آله ما لم ینطق بشفة قید للثلاثة الأخیرة و قد مر شرح الخبر بتمامه فی كتاب العدل.

«15»- الْكَافِی، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: الشُّؤْمُ لِلْمُسَافِرِ(3) فِی طَرِیقِهِ خَمْسَةُ أَشْیَاءَ الْغُرَابُ النائق [النَّاعِقُ] عَنْ یَمِینِهِ وَ النَّاشِرُ لِذَنَبِهِ وَ الذِّئْبُ الْعَاوِی الَّذِی یَعْوِی فِی وَجْهِ الرَّجُلِ وَ هُوَ مُقْعٍ عَلَی ذَنَبِهِ (4) ثُمَ (5)

یَرْتَفِعُ ثُمَّ یَنْخَفِضُ ثَلَاثاً وَ الظَّبْیُ السَّانِحُ عَنْ یَمِینٍ إِلَی شِمَالٍ وَ الْبُومَةُ الصَّارِخَةُ وَ الْمَرْأَةُ الشَّمْطَاءُ تُلْقَی

ص: 325


1- 1. الخصال: 45.
2- 2. الفقیه: 14.
3- 3. فی الخصال: الشوم فی خمسة للمسافر.
4- 4. فی المصدر: علی ذنبه یعوی.
5- 5. فی الخصال: حتی یرتفع.

فَرْجُهَا وَ الْأَتَانُ الْعَضْبَاءُ یَعْنِی الْجَدْعَاءَ فَمَنْ أَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ مِنْهُنَ (1) شَیْئاً فَلْیَقُلْ اعْتَصَمْتُ بِكَ یَا رَبِّ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ فِی نَفْسِی (2)

فَیُعْصَمُ مِنْ ذَلِكَ (3).

الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ فِی نَفْسِی فَاعْصِمْنِی مِنْ ذَلِكَ.

بیان: الشؤم للمسافر أی ما یتشأم به الناس و ربما تؤثر بتأثر النفس بها و یدفع ضررها بالتوكل و الدعاء المذكور فی الخبر و غیره كما مر فی الطیرة قوله علیه السلام خمسة كذا فی الخصال و المحاسن و أكثر نسخ الفقیه و فی بعضها سبعة و فی بعضها ستة و فی الفقیه و الكلب الناشر و فی الخصال كالكافی و الناشر فیكون نوعا آخر لشؤم الغراب و فی المحاسن بدون الواو أیضا فیكون صفة أخری للغراب فقد ظهر أن الظاهر علی بعض النسخ ستة و علی بعضها سبعة فالخمسة إما من تصحیف النساخ أو مبنی علی عد الثلاثة المصوتة واحدة أو عد الكلب و الذئب واحدا لأنهما من السباع و الغراب و البوم واحدا لأنهما من الطیر و یمكن عطف المرأة علی بعض النسخ و الأتان علی بعضها علی الخمسة فیكون إفراد الخمسة لشهرتها بینهم أو لزیادة شؤمها.

قوله علیه السلام و هو مقع یقال أقعی الكلب إذا جلس علی استه مفترشا رجلیه و ناصبا یدیه و الظاهر رجوع ضمیری یرتفع و ینخفض إلی الذئب و یقال إن هذا دأبه غالبا إذا لقی إنسانا یفعل ذلك لإثارة الغبار فی وجهه و قیل هما یرجعان إلی صوته أو إلی ذنبه و لا یخفی بعدهما. قوله علیه السلام و الظبی السانح قال فی النهایة البارح ضد السانح فالسانح ما مر من الطیر و الوحش بین یدیك من جهة یسارك إلی یمینك و العرب تتیمن بذلك لأنه أمكن للرمی و الصید و البارح ما مر من یمینك إلی یسارك و العرب تتطیر به لأنه لا یمكنك أن

ص: 326


1- 1. فی الخصال: من ذلك.
2- 2. فی الكافی: قال: فیعصم من ذلك.
3- 3. روضة الكافی: 314.

ترمیه حتی تنحرف (1)

و نحوه قال الجوهری و غیره فالمراد بالسانح هنا المعنی اللغوی من قولهم سنح له أی عرض له و ظهر و قال الكفعمی رحمه اللّٰه منهم من یتیمن بالبارح و یتشأم بالسانح كأهل الحجاز و أما النجدیون فهم علی العكس من ذلك.

و المرأة الشمطاء قال الجوهری الشمط بیاض شعر الرأس یخالط سواده و الرجل أشمط و المرأة شمطاء و قوله تلقی فرجها الظاهر عندی أنه كنایة عن استقبالها إیاك و مجیئها من قبل وجهك فإن فرجها من قدامها و قال الفاضل أمین الدین الأسترآبادی رحمه اللّٰه الظاهر أن المراد من قوله تلقاء فرجها أن تستقبلك بفرج خمارها فتعرف أنها شمطاء و قال غیره ممن لقیته یحتمل أن یكون المراد افتراشها علی الأرض من الإلقاء أو كنایة عن كونها زانیة و یحتمل أن یكون تتلقی فحذفت إحدی التاءین فالمراد مواجهتها لفرجها بأن تكون جالسة بحیث یواجه الشخص فرجها و لا یخفی بعد تلك الوجوه و ركاكتها و الأتان العضباء المقطوعة الأذن و لذا فسرها بالجدعاء لئلا یتوهم أن المراد المشقوقة الأذن قال الجوهری ناقة عضباء أی مشقوقة الأذن (2)

و قال الفیروزآبادی العضباء الناقة المشقوقة الأذن و من آذان الخیل الذی جاوز القطع ربعها(3) و قال الجدع كالمنع قطع الأنف أو الأذن أو الید أو الشفة(4).

«16»- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ مُطِرَ النَّاسُ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَ مِنْهُمْ كَافِرٌ قَالُوا هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فَلا

ص: 327


1- 1. النهایة: ج 1، ص 71.
2- 2. الصحاح: ج 1، ص 184.
3- 3. القاموس: ج 1، ص 105.
4- 4. القاموس: ج 2، ص 11.

أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ حَتَّی یَبْلُغَ (1) وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (2).

«17»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ یَقْرَأُ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ یَعْنِی الْأَنْوَاءَ وَ مَا مُطِرَ قَوْمٌ إِلَّا أَصْبَحَ بَعْضُهُمْ كَافِراً وَ كَانُوا یَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (3).

«18»- وَ عَنْ أَبِی خُدْرَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ وَ نَزَلُوا(4)

الْحِجْرَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا یَحْمِلُوا مِنْ مَائِهَا شَیْئاً ثُمَّ ارْتَحَلَ ثُمَّ نَزَلَ مَنْزِلًا آخَرَ وَ لَیْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ دَعَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ سَحَابَةً فَأَمْطَرَتْ عَلَیْهِمْ حَتَّی اسْتَقَوْا مِنْهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِآخَرَ مِنْ قَوْمِهِ یُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ وَیْحَكَ قَدْ تَرَی مَا دَعَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمْطَرَ اللَّهُ عَلَیْنَا السَّمَاءَ فَقَالَ إِنَّمَا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (5).

«19»- وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: فِی قَوْلِهِ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ شُكْرَكُمْ تَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا وَ بِنَجْمِ كَذَا وَ كَذَا(6).

«20»- وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِیِّ قَالَ: قَرَأَ عَلِیٌّ الْوَاقِعَةَ فِی الْفَجْرِ فَقَالَ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّی قَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ سَیَقُولُ قَائِلٌ لِمَ قَرَأَهَا هَكَذَا إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ كَانُوا إِذَا أُمْطِرُوا(7)

قَالُوا مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مُطِرْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (8).

ص: 328


1- 1. فی المصدر: حتی بلغ.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 162.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 162.
4- 4. فی المصدر: بالحجر.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 163.
6- 6. الدّر المنثور: ج 6، ص 163.
7- 7. فی المصدر: إذا مطروا.
8- 8. الدّر المنثور: ج 6، ص 163.

«21»- وَ عَنْ قَتَادَةَ: وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ (1) أَمَّا الْحَسَنُ فَقَالَ بِئْسَ مَا أَخَذَ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ لَمْ یُرْزَقُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا التَّكْذِیبَ قَالَ وَ ذَكَرَ لَنَا أَنَّ النَّاسَ أُمْحِلُوا عَلَی عَهْدِ نَبِیِّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا یَا نَبِیَّ اللَّهِ لَوِ اسْتَقَیْتَ لَنَا فَقَالَ عَسَی قَوْمٌ إِنْ سُقُوا أَنْ یَقُولُوا سُقِینَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا فَاسْتَسْقَی (2)

نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَهُمْ فَمُطِرُوا فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّهُ قَدْ كَانَ بَقِیَ مِنَ الْأَنْوَاءِ كَذَا وَ كَذَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (3).

«22»- وَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَوْ أَمْسَكَ اللَّهُ الْمَطَرَ عَنِ النَّاسِ سَبْعَ سِنِینَ ثُمَّ أَرْسَلَهُ لَأَصْبَحَتْ طَائِفَةٌ كَافِرِینَ قَالُوا هَذِهِ بِنَوْءِ الدَّبَرَانِ (4).

«23»- وَ عَنْ زَیْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِیِّ قَالَ: صَلَّی بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنَ (5) الْحُدَیْبِیَةِ فِی أَثَرِ سَمَاءٍ(6) فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَیْنَا فَقَالَ أَ لَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَبُّكُمْ فِی هَذِهِ الْآیَةِ مَا أَنْعَمْتُ عَلَی عِبَادِی نِعْمَةً إِلَّا أَصْبَحَ فَرِیقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِینَ فَأَمَّا مَنْ آمَنَ بِی وَ حَمِدَنِی عَلَی سُقْیَایَ فَذَلِكَ الَّذِی آمَنَ بِی وَ كَفَرَ بِالْكَوْكَبِ وَ مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا فَذَلِكَ الَّذِی آمَنَ بِالْكَوْكَبِ وَ كَفَرَ بِی (7).

«24»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَوْماً لِأَصْحَابِهِ هَلْ تَدْرُونَ مَا ذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّ الَّذِینَ یَقُولُونَ نُسْتَقَی (8) بِنَجْمِ كَذَا وَ كَذَا فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَ آمَنَ بِذَلِكَ النَّجْمِ وَ الَّذِینَ یَقُولُونَ سَقَانَا اللَّهُ فَقَدْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ كَفَرَ بِذَلِكَ النَّجْمِ (9).

ص: 329


1- 1. فقال( خ).
2- 2. فاستقی( خ).
3- 3. الدّر المنثور: ج 3، ص 163.
4- 4. الدّر المنثور: ج 3، ص 163.
5- 5. فی المصدر: زمن الحدیبیة.
6- 6. أی عقیب مطر.
7- 7. الدّر المنثور: ج 6، ص 164.
8- 8. فی المصدر« نسقی» و فی بعض نسخ البحار« نستسقی».
9- 9. الدّر المنثور: ج 6، ص 163.

«25»- وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سخیر أَنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ دَعَاهُ فَقَالَ: لَوْ تَعَلَّمْتَ عِلْمَ النُّجُومِ فَازْدَدْتَ إِلَی عِلْمِكَ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی التَّصْدِیقُ بِالنُّجُومِ وَ التَّكْذِیبُ بِالْقَدَرِ وَ ظُلْمُ الْأُمَّةِ(1).

«26»- وَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی ثَلَاثاً اسْتِسْقَاءً بِالْأَنْوَاءِ وَ حَیْفَ السُّلْطَانِ وَ تَكْذِیباً بِالْقَدَرِ(2).

«27»- وَ عَنْ مُعَاوِیَةَ اللَّیْثِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَكُونُ النَّاسُ مُجْدِبِینَ فَیُنْزِلُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ رِزْقاً مِنْ رِزْقِهِ فَیُصْبِحُونَ مُشْرِكِینَ قِیلَ لَهُ كَیْفَ ذَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ یَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا(3).

«28»- وَ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَیُصَبِّحُ الْقَوْمَ بِالنِّعْمَةِ أَوْ یُمَسِّیهِمْ بِهَا فَیُصْبِحُ بِهَا قَوْمٌ كَافِرِینَ یَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا(4).

«29»- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا مُطِرَ قَوْمٌ إِلَّا أَصْبَحَ بَعْضُهُمْ كَافِراً یَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَ كَذَا وَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ تَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (5).

باب 12 ما یتعلق بالنجوم و یناسب أحكامها من كتاب دانیال علیه السلام و غیره

قِصَصُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ الصُّوفِیِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَبَّاسِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ الزَّیَّاتِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْخَزَّازِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی كِتَابِ دَانِیَالَ علیه السلام أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَوَّلُ یَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ یَوْمَ السَّبْتِ فَإِنَّهُ یَكُونُ الشِّتَاءُ شَدِیدَ الْبَرْدِ كَثِیرَ الرِّیحِ یَكْثُرُ فِیهِ الْجَلِیدُ وَ تَغْلُو

ص: 330


1- 1. الدّر المنثور: ج 6، ص 164.
2- 2. الدّر المنثور: ج 6، ص 164.
3- 3. الدّر المنثور: ج 6، ص 164.
4- 4. الدّر المنثور: ج 6، ص 164.
5- 5. الدّر المنثور: ج 6، ص 164.

فِیهِ الْحِنْطَةُ وَ تقع [یَقَعُ] فِیهِ الْوَبَاءُ وَ مَوْتُ الصِّبْیَانِ وَ یكثر [تَكْثُرُ] الْحُمَّی فِی تِلْكَ السَّنَةِ وَ یَقِلُّ الْعَسَلُ وَ تكسر [تَكْثُرُ] الْكَمْأَةُ وَ یَسْلَمُ الزَّرْعُ مِنَ الْآفَاتِ وَ یُصِیبُ بَعْضَ الْأَشْجَارِ آفَةٌ وَ بَعْضَ الْكُرُومِ وَ تُخْصِبُ السَّنَةُ وَ یَقَعُ بِالرُّومِ الْمَوَتَانُ وَ یَغْزُوهُمُ الْعَرَبُ وَ یَكْثُرُ فِیهِمُ السَّبْیُ وَ الْغَنَائِمُ فِی أَیْدِی الْعَرَبِ وَ یَكُونُ الْغَلَبَةُ فِی جَمِیعِ الْمَوَاضِعِ لِلسُّلْطَانِ بِمَشِیَّةِ اللَّهِ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْأَحَدِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ یَكُونُ الشِّتَاءُ صَالِحاً وَ یَكْثُرُ الْمَطَرُ وَ یُصِیبُ بَعْضَ الْأَشْجَارِ وَ الزَّرْعِ آفَةٌ وَ یَكُونُ أَوْجَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ وَ مَوْتٌ شَدِیدٌ وَ یَقِلُّ الْعَسَلُ وَ یَكْثُرُ فِی الْهَوَاءِ الْوَبَاءُ وَ الْمَوَتَانُ وَ یَكُونُ فِی آخِرِ السَّنَةِ بَعْضُ الْغَلَاءِ فِی الطَّعَامِ وَ یَكُونُ الْغَلَبَةُ لِلسُّلْطَانِ فِی آخِرِهِ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْإِثْنَیْنِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ یَكُونُ الشِّتَاءُ صَالِحاً وَ یَكُونُ فِی الصَّیْفِ حَرٌّ شَدِیدٌ وَ یَكْثُرُ الْمَطَرُ فِی أَیَّامِهِ وَ یَكْثُرُ الْبَقَرُ وَ الْغَنَمُ وَ یَكْثُرُ الْعَسَلُ وَ یَرْخُصُ الطَّعَامُ وَ الْأَسْعَارُ فِی بُلْدَانِ الْجِبَالِ وَ یَكْثُرُ الْفَوَاكِهُ فِیهَا وَ یَكُونُ مَوْتُ النِّسَاءِ وَ فِی آخِرِ السَّنَةِ یَخْرُجُ خَارِجِیٌّ عَلَی السُّلْطَانِ بِنَوَاحِی الْمَشْرِقِ وَ یُصِیبُ بَعْضَ فَارِسَ غَمٌّ وَ یَكْثُرُ الزُّكَامُ فِی أَرْضِ الْجَبَلِ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الثَّلَاثَاءِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ یَكُونُ الشِّتَاءُ شَدِیدَ الْبَرْدِ وَ یَكْثُرُ الثَّلْجُ وَ الْجَمَدُ بِأَرْضِ الْجَبَلِ وَ نَاحِیَةِ الْمَشْرِقِ وَ یَكْثُرُ الْغَنَمُ وَ الْعَسَلُ وَ یُصِیبُ بَعْضَ الْأَشْجَارِ وَ الْكُرُومِ آفَةٌ وَ یَكُونُ بِنَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ وَ الشَّامِ آفَةٌ مِنْ حَدَثٍ یَحْدُثُ فِی السَّمَاءِ یَمُوتُ فِیهِ خَلْقٌ وَ یَخْرُجُ عَلَی السُّلْطَانِ خَارِجِیٌّ قَوِیٌّ وَ تَكُونُ الْغَلَبَةُ لِلسُّلْطَانِ وَ یَكُونُ فِی أَرْضِ فَارِسَ فِی بَعْضِ الْغَلَّاتِ آفَةٌ وَ تَغْلُو الْأَسْعَارُ بِهَا فِی آخِرِ السَّنَةِ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّ الشِّتَاءَ یَكُونُ وَسَطاً وَ یَكُونُ الْمَطَرُ فِی الْقَیْظِ صَالِحاً نَافِعاً مُبَارَكاً وَ تَكْثُرُ الثِّمَارُ وَ الْغَلَّاتُ بِالْجِبَالِ كُلِّهَا وَ نَاحِیَةِ جَمِیعِ

الْمَشْرِقِ إِلَّا أَنَّهُ یَقَعُ الْمَوْتُ فِی الرِّجَالِ فِی آخِرِ السَّنَةِ وَ یُصِیبُ النَّاسَ بِأَرْضِ بَابِلَ وَ بِالْجَبَلِ آفَةٌ وَ یَرْخُصُ الْأَسْعَارُ وَ تَسْكُنُ مَمْلَكَةُ الْعَرَبِ فِی تِلْكَ السَّنَةِ وَ یَكُونُ الْغَلَبَةُ لِلسُّلْطَانِ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْخَمِیسِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ یَكُونُ الشِّتَاءُ لَیِّناً وَ یَكْثُرُ الْقَمْحُ وَ الْفَوَاكِهُ وَ الْعَسَلُ بِجَمِیعِ نَوَاحِی الْمَشْرِقِ وَ تَكْثُرُ الْحُمَّی فِی أَوَّلِ السَّنَةِ وَ فِی آخِرِهِ وَ بِجَمِیعِ أَرْضِ بَابِلَ فِی آخِرِ السَّنَةِ وَ یَكُونُ لِلرُّومِ عَلَی الْمُسْلِمِینَ غَلَبَةٌ ثُمَّ تَظْهَرُ

ص: 331

الْعَرَبُ عَلَیْهِمْ بِنَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ وَ یَقَعُ بِأَرْضِ السِّنْدِ حُرُوبٌ وَ الظَّفَرُ لِمُلُوكِ الْعَرَبِ وَ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ یَكُونُ الشِّتَاءُ بِلَا بَرْدٍ وَ یَقِلُّ الْمَطَرُ وَ الْأَوْدِیَةُ وَ الْمِیَاهُ وَ تَقِلُّ الْغَلَّاتُ بِنَاحِیَةِ الْجِبَالِ مِائَةَ فَرْسَخٍ فِی مِائَةِ فَرْسَخٍ وَ یَكْثُرُ الْمَوْتُ فِی جَمِیعِ النَّاسِ وَ یَغْلُو الْأَسْعَارُ بِنَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ وَ یُصِیبُ بَعْضَ الْأَشْجَارِ آفَةٌ وَ یَكُونُ لِلرُّومِ عَلَی الْفُرْسِ كَرَّةٌ شَدِیدَةٌ.

فی علامات كسوف الشمس فی الاثنی عشر شهرا

إِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِی الْمُحَرَّمِ فَإِنَّ السَّنَةَ تَكُونُ خَصِیبَةً إِلَّا أَنَّهُ یُصِیبُ النَّاسَ أَوْجَاعٌ فِی آخِرِهَا وَ أَمْرَاضٌ وَ یَكُونُ مِنَ السُّلْطَانِ ظَفَرٌ وَ یَكُونُ زَلْزَلَةٌ بَعْدَهَا سَلَامَةٌ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی صَفَرٍ فَإِنَّهُ یَكُونُ فَزَعٌ وَ جُوعٌ فِی نَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ وَ یَكُونُ قِتَالٌ فِی الْمَغْرِبِ كَثِیرٌ ثُمَّ یَقَعُ الصُّلْحُ فِی الرَّبِیعِ وَ الظَّفَرُ لِلسُّلْطَانِ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی رَبِیعٍ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ یَكُونُ بَیْنَ النَّاسِ صُلْحٌ وَ یَقِلُّ الِاخْتِلَافُ وَ الظَّفَرُ لِلسُّلْطَانِ بِالْمَغْرِبِ وَ یَعِزُّ الْبَقَرُ وَ الْغَنَمُ وَ یَتَّسِعُ فِی آخِرِ السَّنَةِ وَ یَقَعُ الْوَبَاءُ فِی الْإِبِلِ بِالْبَدْوِ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی شَهْرِ رَبِیعٍ الْآخِرِ فَإِنَّهُ یَكُونُ بَیْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ كَثِیرٌ وَ یُقْتَلُ مِنْهُمْ خَلْقٌ عَظِیمٌ وَ یَخْرُجُ خَارِجِیٌّ عَلَی الْمَلِكِ وَ یَكُونُ فَزَعٌ وَ قِتَالٌ وَ یَكْثُرُ الْمَوْتُ فِی النَّاسِ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی جُمَادَی الْأُولَی فَإِنَّهُ تَكُونُ السَّعَةُ فِی جَمِیعِ النَّاسِ بِنَاحِیَةِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ یَكُونُ لِلسُّلْطَانِ إِلَی الرَّعِیَّةِ نَظَرٌ وَ یُحْسِنُ السُّلْطَانُ إِلَی أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَ یُرَاعِی جَانِبَهُمْ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی جُمَادَی الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ یَمُوتُ رَجُلٌ عَظِیمٌ بِالْمَغْرِبِ وَ یَقَعُ بِبِلَادِ مِصْرَ قِتَالٌ وَ حُرُوبٌ شَدِیدَةٌ وَ یَكُونُ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ غَلَاءٌ فِی آخِرِ السَّنَةِ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی رَجَبٍ فَإِنَّهُ تُعْمَرُ الْأَرْضُ وَ یَكُونُ أَمْطَارٌ كَثِیرَةٌ بِالْجِبَالِ وَ بِنَاحِیَةِ الْمَشْرِقِ وَ یَكُونُ جَرَادٌ بِنَاحِیَةِ فَارِسَ وَ لَا یَضُرُّهُمْ ذَلِكَ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی شَعْبَانَ یَكُونُ سَلَامَةٌ فِی جَمِیعِ النَّاسِ مِنَ السُّلْطَانِ وَ یَكُونُ لِلسُّلْطَانِ ظَفَرٌ عَلَی أَعْدَائِهِ بِالْمَغْرِبِ وَ یَقَعُ وَبَاءٌ فِی الْجِبَالِ فِی آخِرِ السَّنَةِ وَ یَكُونُ عَاقِبَتُهُ إِلَی سَلَامَةٍ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ جُمْلَةُ النَّاسِ یُطِیعُونَ

ص: 332

عَظِیمَ فَارِسَ وَ یَكُونُ لِلرُّومِ عَلَی الْعَرَبِ كَرَّةٌ شَدِیدَةٌ ثُمَّ یَكُونُ عَلَی الرُّومِ وَ یُسْبَی مِنْهُمْ وَ یُغْنَمُ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی الشَّوَّالِ فَإِنَّهُ یَكُونُ فِی أَرْضِ الْهِنْدِ وَ الزِّنْجِ قِتَالٌ شَدِیدٌ وَ یَكْثُرُ نَبَاتُ الْأَرْضِ بِالْمَشْرِقِ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی ذِی الْقَعْدَةِ فَإِنَّهُ یَكُونُ مَطَرٌ كَثِیرٌ مُتَوَاتِرٌ وَ یَقَعُ خَرَابٌ بِنَاحِیَةِ فَارِسَ وَ إِذَا انْكَسَفَتْ فِی ذِی الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ یَكُونُ فِیهِ رِیَاحٌ كَثِیرَةٌ وَ یَنْقُصُ الْأَشْجَارُ وَ یَقَعُ بِالْأَرْضِ مِنَ الْمَغْرِبِ سَبُعٌ وَ خَرَابٌ فِی كُلِّ أَرْضٍ مِنْ نَاحِیَةِ الْمَغْرِبِ وَ یَنْقُصُ الطَّعَامُ وَ یَغْلُو عَلَیْهِمْ وَ یَخْرُجُ خَارِجِیٌّ عَلَی الْمَلِكِ وَ یُصِیبُهُ مِنْهُ شِدَّةٌ وَ یَقِلُّ طَعَامُ أَهْلِ فَارِسَ ثُمَّ یَرْخُصُ فِی الْعَامِ الثَّانِی.

فی علامات خسوف القمر طول السنة

إِذَا انْكَسَفَ الْقَمَرُ فِی الْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ یَمُوتُ فِی الْمَغْرِبِ رَجُلٌ عَظِیمٌ وَ یَنْتَقِصُ الْفَاكِهَةُ بِالْجِبَالِ وَ یَقَعُ فِی النَّاسِ حَكَّةٌ وَ یَكْثُرُ الرَّمَدُ بِأَرْضِ بَابِلَ وَ یَقَعُ الْمَوْتُ وَ یَغْلُو أَسْعَارُهَا وَ یَخْرُجُ خَارِجِیٌّ عَلَی السُّلْطَانِ وَ الظَّفَرُ لِلسُّلْطَانِ وَ یَقْتُلُهُمْ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی صَفَرٍ فَإِنَّهُ یَكُونُ جُوعٌ وَ مَرَضٌ بِبَابِلَ وَ بِلَادِهَا حَتَّی یُتَخَوَّفَ عَلَی النَّاسِ ثُمَّ تَكُونُ أَمْطَارٌ كَثِیرَةٌ فَیَحْسُنُ نَبَاتُ الْأَرْضِ وَ حَالُ النَّاسِ وَ یَكُونُ بِالْجِبَالِ فَاكِهَةٌ كَثِیرَةٌ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ یَقَعُ بِالْمَغْرِبِ قِتَالٌ وَ یُصِیبُ النَّاسَ یَرَقَانٌ وَ یَكْثُرُ فَاكِهَةُ الْبِلَادِ بِنَاحِیَةِ مَاهَ وَ یَقَعُ الدُّودُ فِی الْبُقُولِ بِالْجِبَالِ وَ یَقَعُ خَرَابٌ كَثِیرَةٌ بِمَاهَ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی شَهْرِ رَبِیعٍ الْآخِرِ فَإِنَّهُ یَكْثُرُ الْأَنْدَاءُ بِالْجِبَالِ وَ یَكْثُرُ الْخَصْبُ وَ الْمِیَاهُ وَ تَكُونُ السَّنَةُ مُبَارَكَةً وَ یَكُونُ لِلسُّلْطَانِ الظَّفَرُ بِالْمَغْرِبِ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی جُمَادَی الْأُولَی فَإِنَّهُ تُهَرَاقُ دِمَاءٌ كَثِیرَةٌ بِالْبَدْوِ وَ یُصِیبُ عَظِیمَ الشَّامِ بَلِیَّةٌ شَدِیدَةٌ وَ یَخْرُجُ خَارِجِیٌّ عَلَی السُّلْطَانِ وَ الظَّفَرُ لِلسُّلْطَانِ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی جُمَادَی الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ تَقِلُّ الْأَمْطَارُ وَ الْمِیَاهُ بِنَیْنَوَی وَ یَقَعُ فِیهَا جَزَعٌ شَدِیدٌ وَ غَلَاءٌ وَ یُصِیبُ مَلِكَ بَابِلَ إِلَی الْمَغْرِبِ بَلَاءٌ عَظِیمٌ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی رَجَبٍ فَإِنَّهُ یَكُونُ بِالْمَغْرِبِ مَوْتٌ وَ جُوعٌ وَ یَكُونُ بِأَرْضِ بَابِلَ أَمْطَارٌ وَ یَكْثُرُ وَجَعُ الْأَنْفِ وَ الْعَیْنِ فِی الْأَمْصَارِ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی شَعْبَانَ فَإِنَّ الْمَلِكَ یُقْتَلُ أَوْ یَمُوتُ وَ یَمْلِكُ ابْنُهُ وَ

ص: 333

یَغْلُو الْأَسْعَارُ وَ یَكْثُرُ جُوعُ النَّاسِ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ یَكُونُ بِالْجَبَلِ بَرْدٌ شَدِیدٌ وَ ثَلْجٌ وَ مَطَرٌ وَ كَثُرَتِ الْمِیَاهُ وَ یَقَعُ بِأَرْضِ فَارِسَ سِبَاعٌ كَثِیرَةٌ وَ یَقَعُ بِأَرْضِ مَاهَ مَوْتٌ كَثِیرٌ بِالصِّبْیَانِ وَ النِّسَاءِ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی شَوَّالٍ فَإِنَّ الْمَلِكَ یَغْلِبُ عَلَی أَعْدَائِهِ وَ یَكُونُ فِی النَّاسِ شَرٌّ وَ بَلِیَّةٌ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی ذِی الْقَعْدَةِ فَإِنَّهُ تُفْتَحُ الْمَدَائِنُ الشِّدَادُ وَ تَظْهَرُ الْكُنُوزُ فِی بَعْضِ الْأَرَضِینَ وَ الْجِبَالِ وَ إِذَا انْكَسَفَ فِی ذِی الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ یَمُوتُ رَجُلٌ عَظِیمٌ بِالْمَغْرِبِ وَ یَدَّعِی فَاجِرٌ الْمُلْكَ.

قال الراوندی رحمه اللّٰه و جمیع ذلك إن صحت الروایات عن دانیال النبی علیه السلام یجری مجری الملاحم و الحوادث فی الدنیا و علاماتها

وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ خَیْراً أَمْطَرَهُمْ بِاللَّیْلِ وَ شَمَّسَهُمْ بِالنَّهَارِ وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَی أُمَّةٍ وَ لَمْ یُنْزِلْ بِهَا الْعَذَابَ غَلَتْ أَسْعَارُهَا وَ قَصُرَتْ أَعْمَارُهَا وَ لَمْ تَرْبَحْ تِجَارَتُهَا وَ لَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَ لَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا وَ حُبِسَ عَنْهَا أَمْطَارُهَا وَ سُلِّطَ عَلَیْهَا أَشْرَارُهَا وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا مُنِعَتِ الزَّكَاةُ هَلَكَتِ الْمَاشِیَةُ وَ إِذَا جَارَ الْحُكَّامُ أُمْسِكَ الْقَطْرُ مِنَ السَّمَاءِ وَ إِذَا خُفِرَتِ الذِّمَّةُ نُصِرَ الْمُشْرِكُونَ عَلَی الْمُسْلِمِینَ.

و أمثلة ذلك كثیرة و اللّٰه أعلم بحقیقة ذلك.

بیان: قال فی القاموس الجلید ما یسقط علی الأرض من الندی فیجمد(1) و قال الكم ء نبات معروف و الجمع أكمؤ و كمأة أو هی اسم للجمع أو هی للواحد و الكم ء للجمع أو هی تكون واحدة و جمعا(2) و قال بلاد الجبل مدن بین آذربیجان و عراق العرب و خوزستان و فارس (3) و قال الماه قصبة البلد و الماهان الدینور و نهاوند أحدهما(4) ماهة الكوفة و الآخر ماهة البصرة(5).

ص: 334


1- 1. القاموس: ج 1، ص 284.
2- 2. القاموس: ج 1، ص 26.
3- 3. القاموس: ج 3، ص 344.
4- 4. فی المصدر: أحدهما ماه الكوفة و الآخر ماه البصرة.
5- 5. القاموس: ج 4، ص 293.

أقول: وجدت فی بعض الكتب القدیمة أخبارا طویلة فی الملاحم و الأحكام تركتها لعدم الاعتماد علی أسانیدها و إن كان مرویا بعضها عن الصادق علیه السلام و بعضها عن دانیال علیه السلام.

«2»- الْإِخْتِصَاصُ،: اعْلَمْ إِذَا قُرِنَتِ الزُّهَرَةُ مَعَ الْمِرِّیخِ فِی بُرْجٍ وَاحِدٍ هَلَكَ مَلِكُ الرُّومِ أَوْ یَكُونُ بِالرُّومِ مُصِیبَاتٌ عَظِیمَةٌ أَوْ بَلَایَا وَ إِذَا قُرِنَتْ مَعَ زُحَلَ كَانَ فِی الْعَامَّةِ شِدَّةٌ وَ ضِیقٌ وَ إِذَا قُرِنَتِ الزُّهَرَةُ(1) [مَعَ] الْمُشْتَرِی أَصَابَ النَّاسَ رَخَاءٌ مِنَ الْعَیْشِ وَ إِذَا قُرِنَتِ الزُّهَرَةُ [مَعَ] عُطَارِدٍ یَكُونُ إِهْرَاقُ الدِّمَاءِ وَ فَتْحٌ عَظِیمٌ وَ إِذَا قُرِنَ بَهْرَامُ [مَعَ] زُحَلَ (2) فِی بُرْجٍ وَاحِدٍ مَلَكَ مَلِكٌ (3) حَدِیثٌ فِی أَرْضِ ذَلِكَ الْبُرْجِ وَ إِذَا اجْتَمَعَ بَهْرَامُ وَ الْمُشْتَرِی مَاتَ مَلِكٌ عَظِیمُ الشَّأْنِ وَ إِذَا اجْتَمَعَ زُحَلُ وَ عُطَارِدٌ وَقَعَ فِی التُّجَّارِ الْخَوْفُ وَ الْحُزْنُ وَ كَذَلِكَ فِی أَهْلِ الْأَدَبِ وَ إِذَا اجْتَمَعَ زُحَلُ وَ الْمُشْتَرِی فِی بُرْجٍ وَاحِدٍ تَغَیَّرَتِ الدُّنْیَا فِی سَائِرِ الْأَحْوَالِ وَ یَتَغَیَّرُ أُمُورُ النَّاسِ وَ تَخْرُجُ الْخَوَارِجُ مِنَ النَّوَاحِی كُلِّهَا وَ خَاصَّةً مِنَ الْجِیلَانِ وَ الدَّیْلَمِ وَ الْأَكْرَادِ وَ یَقْتُلُونَ النَّاسَ قِتَالًا شَدِیداً وَ یَشْتَدُّ الْأَمْرُ عَلَیْهِمْ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْحُزْنِ وَ تَرْتَفِعُ السَّفِلَةُ شَأْنُهُمْ وَ تَغَیَّرُ طَبَائِعُ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ یَذْهَبُ عَنْهُمُ الْحَیَاءُ وَ الْإِنْسَانِیَّةُ(4) وَ یَزِیدُ فِیهِمْ كَثْرَةُ الْفَسَادِ خَاصَّةً فِی النِّسَاءِ وَ إِسْقَاطُ الْوَالِدَاتِ أَوْلَادَ الْحَرَامِ وَ إِهْرَاقُ الدِّمَاءِ وَ الْقَتْلُ وَ الْجُوعُ وَ إِذَا اجْتَمَعَ الْمُشْتَرِی وَ الْعُطَارِدُ(5) أَصَابَ الْأَرْضَ طَاعُونٌ وَ یَقَعُ فِیمَا بَیْنَ النَّاسِ الْعَدَاوَةُ وَ الْبُغْضُ وَ إِذَا رَكِبَ الْقَمَرُ فَوْقَ زُحَلَ ذَهَبَ مُلْكُ مَلِكٍ وَ إِذَا اجْتَمَعَ بَهْرَامُ وَ عُطَارِدٌ فِی الْعَقْرَبِ فَذَلِكَ آیَةُ قَتْلِ مَلِكِ بَابِلَ وَ إِذَا اجْتَمَعَ الْمُشْتَرِی وَ الزُّهَرَةُ فِی الْعَقْرَبِ فَذَلِكَ آیَةُ فَزَعٍ وَ مَرَضٍ بِأَرْضِ بَابِلَ وَ إِذَا اجْتَمَعَ الشَّمْسُ وَ

ص: 335


1- 1. فی المصدر: مع المشتری.
2- 2. فی المصدر: مع زحل.
3- 3. بفتح اللام فی الأول و كسرها فی الثانی، و فی المصدر« هلك ملك» و الصواب ما فی المتن.
4- 4. فی المصدر: و یطمع كل واحد فی آخر.
5- 5. كذا، و فی المصدر: و عطارد.

زُحَلُ فِی الْعَقْرَبِ فِی شَوْلَةِ الْعَقْرَبِ فَذَلِكَ آیَةُ اخْتِلَافِ الرُّومِ وَ قَتْلِ مَلِكِهِمْ وَ إِذَا اجْتَمَعَ الْمِرِّیخُ وَ عُطَارِدٌ فِی شَوْلَةِ الْعَقْرَبِ فَذَلِكَ خَرَابُ بَیْتِ مَلِكِ بَابِلَ وَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ فِی شَوْلَةِ الْعَقْرَبِ وَ بَهْرَامُ فِی سَرَطَانَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَتَّخِذَ سَرَباً لِتَدْخُلَ فِیهِ فَافْعَلْ وَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الزُّهَرَةُ وَ الْمُشْتَرِی فَإِنَّ النِّسَاءَ یَخْشَیْنَ أَزْوَاجَهُنَّ عَدَاوَةً وَ إِذَا نَزَلَ كِیوَانُ الطَّرْفَةَ أَوِ الدَّبَرَانَ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالْعِرَاقِ وَ مَاتَ كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ وَ إِذَا نَزَلَ الطَّرْفَةَ عَلَی آخِرِهِ یَكُونُ فِی أَرْضِ الْعِرَاقِ قِتَالٌ وَ فِتْنَةٌ وَ إِذَا نَزَلَ النَّثْرَةَ بُدِّلَتْ أَعْمَالُ الْعِرَاقِ وَ لَقُوا بَلَاءً وَ شِدَّةً وَ إِذَا نَزَلَ كِیوَانُ الْغَفْرَ یَكُونُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ قِتَالٌ وَ فِتْنَةٌ وَ إِذَا نَزَلَ كِیوَانُ جَبْهَةَ وَقَعَ الْمَوْتُ فِی الْبَقَرِ وَ السِّبَاعِ وَ الْوَحْشِ وَ إِذَا نَزَلَ كِیوَانُ وَ الْمُشْتَرِی الْإِكْلِیلَ وَ الْقَلْبَ وَ الشَّوْلَةَ یَقَعُ فِی الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ طَاعُونٌ شَدِیدٌ وَ یَمُوتُ مِنَ النَّاسِ أُنَاسٌ كَثِیرٌ وَ یَقَعُ الْفَسَادُ وَ الْبَلَایَا فِی الْأَرْضِ كُلِّهَا وَ یَكُونُ بَلَایَا عَلَیْهِمْ كُلُّهَا فِی النَّاسِ وَ یُقْتَلُ الْمُلُوكُ وَ الْعُلَمَاءُ وَ تَرْتَفِعُ سَفِلَةٌ مِنَ النَّاسِ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَعَ الشَّمْسِ كَوَاكِبَ لَهَا أَذْنَابٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ نَفَرٌ فَإِذَا بَدَا كَوْكَبٌ مِنْهَا فِی بُرْجٍ مِنَ الْبُرُوجِ وَقَعَ فِی أَرْضِ ذَلِكَ الْبُرْجِ شَرٌّ وَ بَلَاءٌ وَ فِتْنَةٌ وَ خَلْعُ الْمُلُوكِ وَ إِذَا رَأَیْتَ كَوْكَباً أَحْمَرَ لَا تَعْرِفُهُ وَ لَیْسَ عَلَی مَجَارِی النُّجُومِ یَنْتَقِلُ فِی السَّمَاءِ مِنْ مَكَانٍ إِلَی مَكَانٍ یُشْبِهُ الْعَمُودَ وَ لَیْسَ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ آیَةُ الْحَرْبِ وَ الْبَلَایَا وَ قَتْلِ الْعُظَمَاءِ وَ كَثْرَةِ الشُّرُورِ وَ الْهُمُومِ وَ الْآشُوبِ فِی النَّاسِ (1).

أقول: و كان فی أصل الكتاب هكذا قوبل و نسخ من خط ابن الحسن بن شادان رحمه اللّٰه.

بیان: لما ذكر الشیخ المفید رحمه اللّٰه هذه الأحكام فی الإختصاص أوردته و لم یستنده إلی روایة و أخذه من كتب أصحاب علم النجوم بعید.

ص: 336


1- 1. الاختصاص: 160- 162.

أبواب الأزمنة و أنواعها و سعادتها و نحوستها و سائر أحوالها

باب 13 السنین و الشهور و أنواعهما و الفصول و أحوالها

الآیات:

التوبة: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِی كِتابِ اللَّهِ یَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّینُ الْقَیِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِیهِنَّ أَنْفُسَكُمْ إلی قوله تعالی إِنَّمَا النَّسِی ءُ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ یُضَلُّ بِهِ الَّذِینَ كَفَرُوا یُحِلُّونَهُ عاماً وَ یُحَرِّمُونَهُ عاماً لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَیُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُیِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْكافِرِینَ (1)

تفسیر:

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ قال الرازی اعلم أن السنة عند العرب عبارة عن اثنی عشر شهرا من الشهور القمریة و الدلیل علیه هذه الآیة و أیضا قوله هُوَ الَّذِی جَعَلَ الشَّمْسَ ضِیاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ (2) فجعل تقدیر القمر بالمنازل علة للسنین و ذلك إنما یصح إذا كانت السنة معلقة بسیر القمر و أیضا قال تعالی یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِیَ مَواقِیتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ (3) و عند سائر

الطوائف عن (4)

المدة التی تدور الشمس فیها دورة تامة و السنة القمریة أقل من الشمسیة بمقدار معلوم و بسبب ذلك النقصان تنتقل

ص: 337


1- 1. التوبة: 36- 37.
2- 2. یونس: 5.
3- 3. البقرة: 189.
4- 4. فی المصدر: عبارة عن المدة.

الشهور القمریة من فصل إلی فصل فیكون الحج واقعا فی الشتاء مرة و فی الصیف أخری و كان یشق علیهم الأمر بهذا السبب و أیضا إذا حضروا الحج حضروا للتجارة و ربما كان ذلك الوقت غیر موافق لحضور التجار من الأطراف و كان یخل بأسباب تجاراتهم بهذا السبب فلهذا السبب أقدموا علی عمل الكبیسة علی ما هو معلوم فی علم الزیجات و اعتبروا السنة الشمسیة و عند ذلك بقی زمان الحج مختصا بوقت معین فهو(1) أخف لمصلحتهم و انتفعوا بتجاراتهم و مصالحهم فهذا النسی ء و إن صار سببا لحصول المصالح الدنیویة إلا أنه لزم منه تغیر حكم اللّٰه تعالی لأنه لما خص الحج بأشهر معلومة علی التعیین و كان بسبب النسی ء یقع فی سائر الشهور فتغیر حكم اللّٰه (2)

لتكلیفه و الحاصل أنهم لرعایة مصالحهم فی الدنیا سعوا فی تغییر أحكام اللّٰه و إبطال تكلیفه فلهذا استوجبوا الذم العظیم فی هذه الآیة(3)

قال النیسابوری قال المفسرون إنهم كانوا أصحاب حروب و غارات و كان یشق علیهم مكث ثلاثة أشهر متوالیة من غیر قتل و غارة فإذا اتفق لهم فی شهر منها أو فی المحرم حرب أو غارة أخروا تحریم ذلك الشهر إلی شهر آخر قال الواحدی و أكثر العلماء علی أن هذا التأخیر كان من المحرم إلی صفر و یروی أنه حدث ذلك فی كنانة لأنهم كانوا فقراء محاویج إلی الغارة و كان جنادة بن عوف الكنانی مطاعا فی قومه و كان یقوم علی جمل فی الموسم فیقول بأعلی صوته إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلوه ثم یقوم فی القابل فیقول إن آلهتكم قد حرمت علیكم المحرم فحرموه و الأكثرون علی أنهم كانوا یحرمون من جملة شهور العام أربعة أشهر و ذلك قوله لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ أی لیوافقوا العدة التی هی الأربعة و لا یخالفوا و لم یعلموا أنهم خالفوا ترك القتال و وجوب التخصیص و ذلك قوله تعالی فَیُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ أی من القتال و ترك الاختصاص

ص: 338


1- 1. فی المصدر: بوقت واحد معین موافق لمصلحتهم.
2- 2. فی المصدر: تغیر حكم اللّٰه و تكلیفه.
3- 3. مفاتیح الغیب: ج 4، ص 633.

قال ابن عباس إنهم ما أحلوا شهرا من الأشهر الحرم إلا حرموا مكانه شهرا آخر من الحلال و لم یحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا آخر من الحرام لأجل أن تكون عدة الحرام أربعة مطابقة لما ذكره اللّٰه تعالی و للآیة تفسیر آخر و هو أن یكون المراد بالنسی ء كبس بعض السنین القمریة بشهر حتی یلتحق بالسنة الشمسیة و ذلك أن السنة القمریة أعنی اثنی عشر شهرا قمریا هی ثلاثمائة و أربعة و خمسون یوما و خمس و سدس یوم علی ما عرف من علم النجوم و عمل الزیجات و السنة الشمسیة و هی عبارة عن عود الشمس من أیة نقطة تفرض من الفلك إلیها بحركتها الخاصة ثلاثمائة و خمسة و ستون یوما و ربع یوم إلا كسرا قلیلا فالسنة القمریة أقل من السنة الشمسیة بعشرة أیام و إحدی و عشرین ساعة و خمس ساعة تقریبا و بسبب هذا النقصان تنتقل الشهور القمریة من فصل إلی فصل فیكون الحج واقعا فی الشتاء مرة و فی الصیف أخری و كذا فی الربیع و الخریف و كان یشق الأمر علیهم إذ ربما كان وقت الحج غیر موافق لحضور التجار من الأطراف فكان تختل أسباب تجاراتهم و معایشهم فلهذا السبب أقدموا علی عمل الكبیسة بحیث یقع الحج دائما عند اعتدال الهواء و إدراك الثمرات و الغلات و ذلك بقرب حلول الشمس نقطة الاعتدال الخریفی فكبسوا تسع عشرة سنة قمریة بسبعة أشهر قمریة حتی صارت تسع عشرة سنة شمسیة فزادوا فی السنة الثانیة شهرا ثم فی الخامسة ثم فی السابعة ثم فی العاشرة ثم فی الثالثة عشر ثم فی السادسة عشر ثم فی الثامنة عشر و قد تعلموا هذه الصنعة من الیهود و النصاری فإنهم یفعلون هكذا لأجل أعیادهم فالشهر الزائد هو الكبیس و سمی بالنسی ء لأنه المؤخر و الزائد مؤخر عن مكانه و هذا التفسیر یطابق ما روی أنه صلی اللّٰه علیه و آله خطب فی حجة الوداع و كان فی جملة ما خطب به إلا أن الزمان قد استدار كهیئته یوم خلق اللّٰه السماوات و الأرض السنة اثنی عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متوالیات ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب مضر(1) بین جمادی و شعبان.

و المعنی رجعت الأشهر إلی ما

ص: 339


1- 1. مضر- كصرد- قبیلة معروفة، و لعلّ إضافة رجب إلیها لاجل أنهم كانوا یعظمونه دون غیرهم كما قیل.

كانت علیه و عاد الحج فی ذی الحجة و بطل النسی ء الذی كان فی الجاهلیة و قد وافقت حجة الوداع ذا الحجة فی نفس الأمر و كانت حجة أبی بكر قبلها فی ذی القعدة التی سموها ذا الحجة و إنما لزم العتب علیهم فی هذا التفسیر لأنهم إذا حكموا علی بعض السنین بأنها ثلاثة عشر شهرا كان مخالفا لحكم اللّٰه بأن عدة الشهور اثنا عشر شهرا أی لا أزید و لا أنقص و إلیه الإشارة بقوله ذلِكَ الدِّینُ الْقَیِّمُ علی هذا التفسیر و یلزمهم أیضا ما لزمهم فی التفسیر الأول من تغییر أشهر الحرم عن أماكنها فتكون الإشارة إلی المجموع انتهی و قال الطبرسی رحمه اللّٰه إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ أی عدد شهور السنة فی حكم اللّٰه و تقدیره اثْنا عَشَرَ شَهْراً و إنما تعبد اللّٰه المسلمین أن یجعلوا سنتهم علی اثنی عشر شهرا لیوافق ذلك عدد الأهلة و منازل القمر دون ما دان به أهل الكتاب و الشهر مأخوذ(1)

من شهرة الأمر لحاجة الناس إلیه فی معاملاتهم و محل دیونهم و حجهم و صومهم و غیر ذلك من مصالحهم المتعلقة بالشهور و قوله فِی كِتابِ اللَّهِ معناه ما كتب اللّٰه فی اللوح المحفوظ و فی الكتب المنزلة علی أنبیائه و قیل فی القرآن و قیل فی حكمه و قضائه عن أبی مسلم و قوله یَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ متصل بقوله عِنْدَ اللَّهِ و العامل فیها الاستقرار و إنما قال ذلك لأنه یوم خلق السماوات و الأرض أجری فیها الشمس و القمر و بمسیرهما تكون الشهور و الأیام و بهما تعرف الشهور مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثلاثة منها سرد ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و واحد فرد و هو رجب و معنی حرم أنه یحرم (2)

انتهاك المحارم فیها أكثر مما یحرم (3) فی غیرها و كانت العرب تعظمها حتی لو أن رجلا لقی قاتل أبیه فیها لم یهجه لحرمتها و إنما جعل اللّٰه بعض هذه الشهور أعظم حرمة من بعض لما علم من المصلحة فی الكف عن الظلم فیها لعظم منزلتها و لأنه ربما

ص: 340


1- 1. مأخوذ( خ).
2- 2. فی المصدر: یعظم.
3- 3. فی المصدر: یعظم.

أدی ذلك إلی ترك الظلم أصلا لانطفاء النائرة و انكسار الحمیة فی تلك المدة فإن الأشیاء تجر إلی أشكالها.

و شهور السنة المحرم سمی بذلك لتحریم القتال فیه و صفر سمی بذلك لأن مكة تصفر من الناس فیه أی تخلو و قیل لأنه وقع وباء فیه فاصفرت وجوههم و قال أبو عبید سمی بذلك لأنه صفرت فیه أوطابهم (1)

عن اللبن و شهرا ربیع سمیا بذلك لإنبات الأرض و إمراعها(2)

فیهما و قیل لارتباع القوم أی إقامتهم و الجمادیان سمیتا بذلك لجمود الماء فیهما و رجب سمی بذلك لأنهم كانوا یرجبونه و یعظمونه یقال رجبته و رجبته بالتخفیف و التشدید و قیل سمی بذلك لترك القتال فیه من قولهم رجل أرجب إذا كان أقطع لا یمكنه العمل

وَ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ فِی الْجَنَّةِ نَهَراً یُقَالُ لَهُ رَجَبٌ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَیَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ مَنْ صَامَ یَوْماً مِنْ رَجَبٍ شَرِبَ مِنْهُ.

و شعبان سمی بذلك لتشعب القبائل فیه

عَنْ أَبِی عَمْرٍو وَ رَوَی زِیَادُ بْنُ مَیْمُونٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّمَا سُمِّیَ شَعْبَانَ لِأَنَّهُ یَشَّعَّبُ فِیهِ خَیْرٌ كَثِیرٌ لِرَمَضَانَ.

و شهر رمضان سمی بذلك لأنه یرمض الذنوب و قیل سمی بذلك لشدة الحر و قیل إن رمضان من أسماء اللّٰه تعالی و شوال سمی بذلك لأن القبائل كانت تشول فیه أی تبرح عن أمكنتها و قیل لشولان الناقة(3)

أذنابها فیه و ذو القعدة سمی بذلك لقعودهم فیه عن القتال و ذو الحجة لقضاء الحج فیه.

ذلِكَ الدِّینُ الْقَیِّمُ أی ذلك الحساب المستقیم الصحیح لا ما كانت العرب تفعله من النسی ء و قیل معناه ذلك الحساب (4) المستقیم الحق و قیل معناه

ص: 341


1- 1. الاوطاب: جمع« الوطب» و هو سقاء اللبن.
2- 2. أمرع المكان: أخصب.
3- 3. فی المصدر: النوق.
4- 4. فی المصدر: القضاء.

ذلك الدین تعبد به فهو اللازم فَلا تَظْلِمُوا فِیهِنَ أی فی هذه الأشهر(1) كلها عن ابن عباس و قیل فی هذه الأشهر الحرم أَنْفُسَكُمْ بترك أوامر اللّٰه و ارتكاب نواهیه و إذا عاد الضمیر إلی جمیع الشهور فإنه یكون نهیا عن الظلم فی جمیع العمر و إذا عاد إلی

الأشهر الحرم ففائدة التخصیص أن الطاعة فیها أعظم ثوابا و المعصیة أعظم عقابا و ذلك حكم اللّٰه فی جمیع الأوقات الشریفة و البقاع المقدسة(2) انتهی.

أقول: و یحتمل أن یكون المراد فلا تظلموا أنفسكم فی أمرهن بهتك حرمتهن و قال الطبرسی رحمه اللّٰه قال مجاهد كان المشركون یحجون فی كل شهر عامین فحجوا فی ذی الحجة عامین ثم حجوا فی المحرم عامین ثم حجوا فی صفر عامین و كذلك فی الشهور حتی وافقت الحجة التی قبل حجة الوداع فی ذی القعدة ثم حج النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی العام القابل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة فلذلك (3)

قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی خُطْبَتِهِ: أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَیْئَتِهِ یَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ الْخَبَرَ.

أراد صلی اللّٰه علیه و آله بذلك أن الأشهر الحرم رجعت إلی مواضعها و عاد الحج إلی ذی الحجة و بطل النسی ء(4).

یُضَلُّ بِهِ الَّذِینَ كَفَرُوا قال البیضاوی أی ضلالا زائدا و قرأ حمزة و الكسائی و حفص یضل علی البناء للمفعول یُحِلُّونَهُ عاماً أی یحلون النسی ء من الأشهر الحرم سنة و یحرمون مكانه شهرا آخر وَ یُحَرِّمُونَهُ عاماً فیتركونه علی حرمته لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ أی لیوافقوا عدة الأربعة المحرمة و اللام متعلقة بیحرمونه أو بما دل علیه مجموع الفعلین فَیُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ بمواطاة العدة وحدها من غیر مراعاة الوقت (5)

انتهی.

ص: 342


1- 1. فی المصدر: الشهور.
2- 2. مجمع البیان: ج 5، ص 27- 28.
3- 3. فی المصدر: فوافقت فی ذی الحجة فذلك حین.
4- 4. مجمع البیان: ج 5، ص 29.
5- 5. أنوار التنزیل: ج 1، ص 500.

و أقول لما كانت معرفة الأخبار المذكورة فی هذا الباب و غیره متوقفة علی معرفة الشهور و السنین و مصطلحاتهما قدمنا شیئا من ذلك فنقول لما احتاجوا فی تقدیر الحوادث إلی تركیب الأیام و كان أشهر الأجرام السماویة الشمس ثم القمر و كان دورة كل منهما إنما تحصل فی أیام متعددة كانا متعینین بالطبع لاعتبار التركیب فصار القمر أصلا فی الشهر و الشمس أصلا فی السنة ثم إن الظاهر من حال القمر لیس دوره فی نفسه بل باعتبار تشكلاته النوریة فلذلك كان الشهر مأخوذا منها و هی إنما تكون بحسب أوضاعه مع الشمس و یتم دوره إذا صار فضل حركة القمر علی حركة الشمس الحقیقیین دورا و العلم به متعذر لأنهما إذا اجتمعا مثلا بمقومیهما و عاد القمر بمقومه إلی موضع الاجتماع فقد سارت الشمس قوسا فإذا قطع القمر تلك القوس فقد سارت قوسا أخری و مع تعذره مختلف لاختلاف حركتیهما بمقومیهما فلا یكون ذلك الفضل أمرا منضبطا فمستعملو الشهر القمری من أهل الظاهر منهم من یأخذونه من یوم الاجتماع إلی یومه و هم الیهود و الترك و منهم من لیلة رؤیة الهلال إلی لیلتها و هم المسلمون أو من تشكل آخر إلی مثله بحسب ما یصطلحون علیه و اعتبار الاستهلال أولی لأنه أبین أوضاعه من الشمس و أقربها إلی الإدراك مع أن القمر فی هذا الموضع كالموجود بعد العدم و المولود الخارج من الظلم لكن لما لم یكن لرؤیة الأهلة حد لا یتعداه

لاختلافها باختلاف المساكن و حدة الأبصار إلی غیر ذلك لم یلتفت إلیها إلا فی الأحكام الشرعیة المبتنیة علی الأمور الظاهرة و مستعملوه من أهل الحساب یأخذون الدور من الفضل بین الحركتین الوسطیتین فیجدونه فی تسعة و عشرین یوما و نصف یوم و دقیقة واحدة و خمسین ثانیة إذا جزئ یوما(1) بلیلته بستین دقیقة و كل دقیقة بستین ثانیة و هذا هو الشهر القمری الاصطلاحی المبنی علی اعتبار سیر الوسط فی السیرین و إذا ضرب عدد أیامه فی اثنی عشر عدد أشهر السنة خرج

ص: 343


1- 1. كذا فی جمیع النسخ التی بأیدینا.

أیام السنة القمریة الاصطلاحیة و هو ثلاثمائة و أربع و خمسون یوما و خمس و سدس یوم و هی ناقصة عن أیام السنة الشمسیة بعشرة أیام و عشرین ساعة و نصف ساعة مستویة بالتقریب فیأخذون لشهر ثلاثین یوما و لشهر آخر تسعة و عشرین یوما و ذلك لأنهم اصطلحوا علی أخذ الكسر الزائد علی النصف صحیحا فأخذوا المحرم الذی هو أول شهور السنة القمریة ثلاثین یوما لكون الكسر أزید من النصف فصار صفر تسعة و عشرین لذهاب النصف عنه بما احتسب فی المحرم فلم یبق إلا ضعف فضل الكسر الزائد علی النصف أعنی ثلاث دقائق و أربعین ثانیة و هو غیر ملتفت إلیه لقصوره عن النصف و صار أول الربیعین ثلاثین یوما و ثانیهما تسعة و عشرین و علی هذا الترتیب إلی آخر السنة فصار ذو الحجة تسعة و عشرین یوما و خمس و سدس یوم و هما اثنتان و عشرون دقیقة لأنها الحاصلة من ضرب ما زاد فی الكسر علی النصف و هو دقیقة واحدة و خمسون ثانیة فی اثنی عشر عدد الشهور و إذا فعل بشهور السنة الثانیة مثل ما فعل بشهور الأولی اجتمع لذی الحجة فی الثانیة مثل ما مر فیصیر الجمیع أربعا و أربعین دقیقة و هو زائد علی النصف فیؤخذ ذو الحجة فی السنة الثانیة ثلاثین یوما و یذهب فی السنة الثالثة من الكسر اللازم بعد كل سنة ست عشرة دقیقة بما اعتبر فی السنة السابقة(1) و تبقی ست دقائق فتنضم إلی الكسر اللازم من السنة الرابعة فیصیر المجموع ثمانی و عشرین دقیقة و هو أقل من النصف فإذا انضم إلی كسر السنة الخامسة صار مجموعهما خمسین دقیقة و هو أكثر من النصف فیجعل ذو الحجة فی هذه السنة ثلاثین یوما و یذهب من الكسر اللازم فی السنة السادسة عشر دقائق و تبقی اثنتا عشرة دقیقة فینضم إلی كسر السنة السابعة و یصیر المجموع أربعا و ثلاثین دقیقة فیؤخذ ذو الحجة فیها ثلاثین یوما و علی هذا القیاس یؤخذ ذو الحجة ثلاثین یوما فی السنة العاشرة و الثالثة عشرة و السادسة

ص: 344


1- 1. لان ذا الحجة اخذ فی السنة الثانیة ثلاثین یوما و هو ناقص عنه بست عشرة دقیقة لانه كان زائدا علی التسعة و العشرین یوما بأربع و أربعین دقیقة، و الاربع و الأربعون دقیقة تنقص عن الستین دقیقة بست عشرة دقیقة.

عشرة و الثامنة عشرة و الحادیة و العشرین و الرابعة و العشرین و السادسة و العشرین و التاسعة و العشرین و من لم یعتبر فی اعتبار الكسر مجاوزة النصف بل یكتفی بالوصول إلیه یجعل ذا الحجة فی السنة الخامسة عشرة ثلاثین یوما بدل السادسة عشرة و علی التقدیرین إذا أخذ ذو الحجة فی السنة التاسع و العشرین ثلاثین یوما بقی علیهم لتمام یوم اثنتان و عشرون دقیقة فینجبر بالكسر اللازم فی السنة الثلاثین و یتم عدد أیام الشهور بلا كسر فی كل ثلاثین سنة ثم یستأنف و السبب فی ذلك أن الكسر اللازم فی سنة واحدة اثنتان و عشرون دقیقة كما مر و نسبته إلی ستین بالخمس و السدس و هما إنما یصحان من ثلاثین فثلاثون خمس یوم ستة أیام و ثلاثون سدس یوم خمسة أیام و المجموع أحد عشر یوما و تسمی هذه الأیام كبائس فسنوا الكبس علی

ترتیب بهزیجهح كادوط(1)

أو بهزیجوح كادوط علی القولین المتقدمین هذا هو المشهور فی الكبس و ذكر شراح التذكرة نوعین آخرین من الكبس الأول ما یفعله الیهود و الترك فإنهم كانوا یردون السنین القمریة إلی السنین الشمسیة بكبس القمریة فی كل سنة أو ثلاث بشهر و الثانی ما تفعله العرب فی الجاهلیة من النسی ء و هو أنهم كانوا یستعملون شهور الأهلة و كانوا حجهم الواقع فی عاشر ذی الحجة كما رسمه إبراهیم علیه السلام دائرا فی الفصول كما فی زماننا هذا فأرادوا وقوعه دائما فی زمان إدراك الغلات و الفواكه و اعتدال الهواء أعنی أوائل الخریف لیسهل علیهم السفر و قضاء المناسك فكان یقوم فی الموسم عند اجتماع العرب خطیب یحمد اللّٰه و یثنی علیه و یقول إنی أزید لكم فی هذه السنة شهرا و هكذا أفعل فی كل ثلاث سنین

ص: 345


1- 1. الباء للسنة الثانیة، و الهاء للخامسة، و الزای للسابعة، و الیاء للعاشرة، و الجیم للثالثة عشر، و الهاء للخامسة عشر، و الحاء للتاسعة عشر، و« كا» للحادیة و العشرین و هكذا و الاختلاف بین الكلمتین فی الهاء الثانیة، فعلی القول بكون الكبیسة هی الخامسة عشر یكون الرمز هاء، و علی القول بكونها السادسة عشر یكون واوا كما مرّ آنفا.

حتی یأتی حجكم فی وقت یسهل فیه مسافرتكم فیوافقونه علی ذلك فكان یجعل المحرم كبسا و یؤخر اسمه إلی صفر و اسم صفر إلی ربیع الأول و هكذا إلی آخر السنة فكان یقع الحج فی السنة القابلة فی عاشر محرم و هو ذو الحجة عندهم لأنهم لما سموا صفر بالمحرم و جعلوه أول السنة صار المحرم الآتی ذا الحجة و آخر السنة و یقع فی السنة محرمان أحدهما رأس السنة و الآخر النسی ء و یصیر شهورها ثلاثة عشر و علی هذا یبقی الحج فی المحرم ثلاث سنین متوالیة ثم ینتقل إلی صفر و یبقی فیه كذلك إلی آخر الأشهر ففی كل ست و ثلاثین سنة قمریة تكون كبیستهم اثنا عشر شهرا قمریا و قیل كانوا یكبسون أربعا و عشرین سنة باثنی عشر شهرا و هذا هو الكبس المشهور فی الجاهلیة و إن كان الأول أقرب إلی مرادهم و بالجملة إذا انقضی سنتان أو ثلاث و انتهت النوبة إلی الكبیس قام فیهم خطیب و قال إنما جعلنا اسم الشهر الفلانی من السنة الداخلة للذی بعده و حیث كانوا یزیدون النسی ء علی جمیع الشهور بالنوبة حتی یكون لهم فی سنة محرمان و فی أخری صفران فإذا اتفق أن یتكرر فی السنة شهر من الأربعة الحرم نبأهم الخطیب (1)

بتكریره و حرم علیهم واحدا منهما بحسب ما تقتضیه مصلحتهم و لما انتهی النوبة فی أیام النبی صلی اللّٰه علیه و آله إلی ذی الحجة و تم دور النسی ء علی الشهور كلها حج فی السنة العاشرة من الهجرة بوقوع الحج فیها فی عاشر ذی الحجة و قال ألا إن الزمان قد استدار كهیئته یوم خلق اللّٰه السماوات و الأرض یعنی به رجوع الحج و أسماء الشهور إلی الوضع الأول ثم تلا قوله تعالی إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً إلی آخر الآیة انتهی و أما السنة الشمسیة فمأخوذة من عود الشمس إلی موضعها من فلك البروج المقتضی لعود حال السنة بحسب الفصول و یحصل ذلك فی ثلاث مائة و خمسة و ستین یوما و ربع یوم إلا كسرا كما ذكره فی التذكرة و الكسر عند بطلمیوس جزء واحد من ثلاث مائة جزء من یوم و یتم فی أیام السنة المذكورة من الشهور القمریة

ص: 346


1- 1. خطیبهم( خ).

الوسطیة اثنی عشر شهرا و أحد عشر یوما إلا سبع دقائق و اثنتی عشرة ثانیة و هذه المدة أعنی اثنی عشر شهرا قمریا وسطیا تسمی سنة قمریة اصطلاحیة و مستعملو السنة الشمسیة لهم طرق الأولی طریقة قدماء المنجمین فإنهم یأخذون السنة من یوم

تحل الشمس فیه نقطة بعینها كالاعتدال الربیعی إلی مثل ذلك الیوم و یأخذون شهورها من الأیام التی تحل فیها أمثال تلك النقطة من البروج فإن كانت النقطة التی هی مبدأ السنة الموافق لمبدإ الشهر الأول أول برج كأول الحمل كانت أمثالها أوائل البروج الباقیة و إن كانت عاشرة برج مثلا كانت أمثالها عواشر البروج الثانیة الفرس (1)

القدیم و لیس فیها كسور و كبائس و سنتهم ثلاثمائة و خمسة و ستون یوما و شهورهم ثلاثون ثلاثون و یزیدون الخمسة فی آخرها و یسمونها الخمسة المسترقة و هذه أسماء شهورهم فروردین ماه أردیبهشت ماه خرداد ماه تیر ماه مرداد ماه شهریور ماه مهر ماه آبان ماه آذر ماه دی ماه بهمن ماه إسفندارمذ ماه و كان فی العهد القدیم لهذا التاریخ كبیسة و أنهم كانوا یجمعون الأرباع الزائدة و یؤخرونها إلی عشرین و مائة سنة و كانوا یزیدون لذلك شهرا فی سنة الإحدی و العشرین و المائة فتصیر هذه السنة ثلاثة عشر شهرا و لهم فی ذلك تفصیل من دور الكبس و غیر ذلك أعرضنا عن ذكرها و كان مبدأ هذا التاریخ من زمان جمشید أو كیومرث و استمر إلی زمان یزدجرد فلما انتهی ملكهم تركوا الكبس و كان بعض المنجمین یزیدون الخمسة المسترقة بعد آبان ماه و بعضهم بعد إسفندارمذ ماه ففی كل أربع سنین أو خمس سنین تتقدم هذه السنة علی السنة الشمسیة بیوم الثالثة التاریخ الملكی و هو منسوب إلی السلطان جلال الدین ملك شاه و السبب فی وضعه أنه اجتمع فی حضرته ثمانیة من الحكماء منهم الخیام فوضعوا تاریخا مبدؤه نزول الشمس أول الحمل و أول السنة یوم تكون الشمس فی نصف نهاره فی الحمل سموه بالنیروز السلطانی فسنوه شمسیة حقیقیة و كذا شهوره إذا اعتبرت بحلول الشمس فی أوائل البروج كما فعله بعض

ص: 347


1- 1. كذا فی جمیع النسخ و الظاهر أن الصواب« طریقة الفرس».

المنجمین و إذا أخذت ثلاثین ثلاثین و ألحقت الكسر بآخر السنة و كبس الكسر فی كل أربع سنین أو خمس بیوم لیوافق أول السنة دائما نزول الشمس الحمل كما فعله أكثر المنجمین كانت اصطلاحیة و أسماء شهورها أسماء شهور الفرس القدیم المتقدم و علیه بناء التقاویم الآن الرابعة التاریخ الرومی مبدؤه بعد اثنتی عشرة سنة شمسیة من وفاة الإسكندر بن فیلقوس الرومی و سنوه شمسیة اصطلاحیة هی ثلاثمائة و خمسة و ستون یوما و ربع تام و كذا شهورهم اصطلاحیة شمسیة و أسماء شهورهم و عددها هكذا تشرین الأول لا تشرین الآخر ل كانون الأول لا كانون الآخر لا شباط كح آذار لا نیسان ل أیار لا حزیران ل تموز لا آب لا أیلول ل و مستعملو هذا التاریخ یعدون أربعة منها ثلاثین و هی تشرین الآخر و نیسان و حزیران و أیلول و السبعة البقیة غیر شباط أحدا و ثلاثین و شباط فی ثلاث سنین متوالیة ثمانیة و عشرین و فی الرابعة و هی سنة الكبیسة تسعة و عشرین فالسنة عندهم ثلاثمائة و خمسة و ستون و ربع كامل مع أن السنة الشمسیة أقل من ذلك عندهم لكسر فی الربع كما عرفت و وجدوا الكسر مختلفا فی أرصادهم ففی رصد التبانی ثلاث عشرة دقیقة و ثلاثة أخماس دقیقة و فی رصد المغربی اثنتا عشرة دقیقة و علی رصد مراغة إحدی عشرة دقیقة و علی رصد بعض المتأخرین تسع دقائق و ثلاثة أخماس دقیقة و علی رصد بطلمیوس أربع دقائق و أربعة أخماس دقیقة و الفرس من زمان جمشید أو قبله و الروم من عهد إسكندر أو بعده كانوا یعتبرون الكسر ربعا تاما موافقا لرصد أبرخس فالشهور الرومیة مبنیة علی هذا الاعتبار و هذا الرصد و علی ما وجده سائر أصحاب الأرصاد فلا یوافق هذه السنة الشمسیة و بمرور الأزمان تدور شهورها فی الفصول و قال بعضهم فی كل ثلاثین سنة تقریبا تتأخر سنتهم عن مبدإ السنة الشمسیة بیوم و أول سنتهم و هو تشرین الأول فی هذه الأزمان یوافق تاسع عشر المیزان و أول نیسان فی الدرجة الثالثة و العشرین من الحمل

ص: 348

و اعلم أن كثیرا من الأمور الشرعیة منوطة بهذه الشهور من الأحوال و الأعمال و الآداب كالمطر فی نیسان و آدابه و لا یعلم أن الشارع بناه علی الفصول أو علی الشهور و لعل الأول أظهر فیشكل اعتبار الشهور فی تلك الأزمان إذ لعلهم أرادوا تعیین أوقات الفصول فعینوها بهذه الشهور لموافقتها لتلك الأوقات فی تلك الأزمان لكن فی بعض الأعمال التی فی وقتها اتساع یمكن رعایة الاحتیاط بحسب التفاوت بین الزمانین و إیقاعها فی الوقت المشترك و ما لم یكن فیه اتساع بعلمها فی الیومین معا.

ثم إن انقسام السنة الشمسیة عند الروم إلی هذه الشهور الاثنی عشر التی بعضها ثمانیة و عشرون و بعضها ثلاثون و بعضها أحد و ثلاثون إنما هو محض اصطلاح منهم لم یذكر أحد من المحصلین له وجها أو نكتة و ما توهم بعض المشاهیر من أنه مبنی علی اختلاف مدة قطع الشمس كلا من البروج الاثنی عشر ظاهر البطلان فإن الحمل و الثور عندهم أحد و ثلاثون و الجوزاء اثنان و ثلاثون و السرطان و الأسد و السنبلة أحد و ثلاثون و المیزان و العقرب ثلاثون و القوس و الجدی تسعة و عشرون و الدلو و الحوت ثلاثون و ظاهر أن الأمر فی الشهور الرومیة لیس علی طبقها كیف و كانون الأول الذی اعتبروه أحدا و ثلاثین هو بین القوس و الجدی و كل منهما تسعة و عشرون.

ثم اعلم أن التاریخ تعیین یوم ظهر فیه أمر شائع كملة أو دولة أو حدث فیه أمر هائل كطوفان أو زلزلة أو حرب عظیم لمعرفة ما بینه و بین أوقات الحوادث و لضبط ما یجب تعیین وقته فی مستقبل الزمان و قد مرت الإشارة إلی تاریخ الروم و الفرس و الشائع المستعمل فی زماننا تاریخ الهجرة و سبب وضعه علی ما نقل أنه دفع إلی عمر صك محله شعبان فقال أی شعبان هو هذا الذی نحن فیه أو الذی یأتینا أو أن أبا موسی كتب إلیه أنه یأتینا من قبلك كتب لا نعرف كیف نعمل فیها قد قرأنا صكا محله شعبان فما ندری أی الشعبانین هو الماضی أو الآتی فجمع الصحابة و استشارهم فیما یضبط به الأوقات فقال له الهرمزان ملك الأهواز

ص: 349

و قد أسلم علی یدیه حین أسر و حمل إلیه إن للعجم حسابا یسمونه ماهروز و أسنده إلی من غلب علیهم من الأكاسرة و بین كیفیة استعماله فعربوا ماهروز بمورخ و جعلوا مصدره التاریخ فقال ابن الخطاب ضعوا للناس تاریخا نضبط به أوقاتهم فقال بعض الحاضرین من مسلمی الیهود لنا حساب مثله نسنده إلی إسكندر فما ارتضاه الصحابة و اتفقوا علی أن یجعل مبدؤه هجرة النبی صلی اللّٰه علیه و آله إذ بها ظهرت دولة الإسلام و كانت الهجرة یوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربیع الأول و أول هذه السنة أعنی المحرم كان یوم الخمیس بحسب الأمر الأوسط و علی قول أهل الحدیث و یوم الجمعة بحسب الرؤیة و حساب الاجتماعات فعمل علیه فی أكثر الأزیاج إلا زیج المعتبر فإنه عمل علی یوم الخمیس و كان اتفاقهم علی ذلك فی سنة سبع عشرة من الهجرة و مبادئ شهور تلك السنة علی الرؤیة و قد تكون تامة و أكثر المتوالیة منها أربعة و قد تكون ناقصة و أكثر المتوالیة منها ثلاثة.

و اعلم أن القوم تمسكوا فی اختیار واقعة الهجرة بمبدإ التواریخ الإسلامیة علی سائر الوقائع المعروفة كالمبعث و المولد بوجوه ضعیفة كقولهم إن المبعث غیر معلوم و المولد مختلف فیه و لا یخفی وهنه فإنه لو أرید بذلك عدم اتفاقهم فی شی ء منهما علی یوم معین من شهر معین فظاهر أن أمر الهجرة أیضا كذلك كما بیناه فی محله مع أن العلم بالیوم و الشهر لا مدخل له فی المطلوب

و هو ظاهر و إن أرید به اختلافهم فی خصوص سنتیهما فكلا فإنه لا خلاف فیه فی زماننا فضلا عن أوائل الإسلام و كذا الوجوه الأخری التی ذكروها فی هذا الباب و لقد عثرت علی خبر یصلح مرجحا و مخصصا لذلك قل من تفطن به

وَ هُوَ مَا وَرَدَ فِی خَبَرِ الصَّحِیفَةِ الشَّرِیفَةِ السَّجَّادِیَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی مَنْ أُلْهِمَهَا حَیْثُ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ أَبِی حَدَّثَنِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ- عَنْ عَلِیٍّ علیهم السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَتْهُ نَعْسَةٌ وَ هُوَ عَلَی مِنْبَرِهِ فَرَأَی فِی مَنَامِهِ رِجَالًا یَنْزُونَ عَلَی مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ یَرُدُّونَ النَّاسَ عَلَی أَعْقَابِهِمُ الْقَهْقَرَی فَاسْتَوَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِساً وَ الْحُزْنُ یُعْرَفُ فِی

ص: 350

وَجْهِهِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام بِهَذِهِ الْآیَةِ وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ (1) الْآیَةَ یَعْنِی بَنِی أُمَیَّةَ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ أَ عَلَی عَهْدِی یَكُونُونَ وَ فِی زَمَنِی قَالَ لَا وَ لَكِنْ تَدُورُ رَحَی الْإِسْلَامِ مِنْ مُهَاجَرِكَ فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ عَشْراً ثُمَّ تَدُورُ رَحَی الْإِسْلامِ عَلَی رَأْسِ خَمْسٍ وَ ثَلَاثِینَ مِنْ مُهَاجَرِكَ فَتَلْبَثُ بِذَلِكَ خَمْساً.

إلی آخر الخبر فیدل علی أن جعل مبدإ التاریخ من الهجرة مأخوذ من جبرئیل علیه السلام و مستند إلی الوحی السماوی و منسوب إلی الخبر النبوی و هذا یؤید ما روی أن أمیر المؤمنین علیه السلام أشار علیهم بذلك فی زمن عمر عند تحیرهم و العلة الواقعیة فی ذلك یمكن أن تكون ما ذكر من أنها مبدأ ظهور غلبة الإسلام و المسلمین و مفتتح ظهور شرائع الدین و تخلص المؤمنین من أسر المشركین و سائر ما جری بعد الهجرة من تأسیس قواعد الدین المبین.

و لنشر هاهنا إلی فوائد.

الفائدة الأولی أنه قد وردت أخبار كثیرة تدل علی أن عدد أیام السنة ثلاثمائة و ستون كالأخبار الواردة فی عدد الطواف المستحبة و كخبر الاختزال و غیرها و هی لا توافق شیئا من المصطلحات المتقدمة و لا السنین الشمسیة و لا القمریة و یمكن توجیهه بوجوه الأول أن یكون المراد بها السنة الإلهیة كما مرت الإشارة إلیه فی الباب الأول الثانی أن یكون المراد به السنة الأولی من خلق الدنیا بضم الستة المصروفة فی خلق الدنیا إلی السنة القمریة الثالث أن یكون مبنیا علی بعض مصطلحات القدماء قال أبو ریحان البیرونی فی تاریخه سمعت أن الملوك البیشدادیة من الفرس و هم الذین ملكوا الدنیا بحذافیرها كانوا یعملون السنة ثلاثمائة و ستین یوما كل شهر منها ثلاثون یوما بلا زیادة و نقصان و أنهم كانوا یكبسون فی كل ست سنین بشهر و یسمونها كبیسة و فی كل مائة و عشرین سنة شهرین أحدهما بسبب الخمسة أیام و الثانی بسبب ربع الیوم و أنهم كانوا یعظمون تلك السنة و یسمونها المباركة و یشتغلون فیها بالعبادات و

ص: 351


1- 1. الإسراء: 60.

المصالح ثم قال بعد ذكر نسی ء العرب و كبس أهل الكتاب و غیرهم و قد حكی أبو محمد التائب الآملی فی كتاب الغرة عن یعقوب بن طارق أن الهند تستعمل أربعة أنواع من المدد أحدها من عودة الشمس من نقطة من فلك البروج إلیها بعینها و هی

سنة الشمس و الثانیة طلوعها ثلاثمائة و ستین مرة و تسمی السنة الوسطی لأنها أكثر من سنة القمر و أقل من سنة الشمس و الثالثة عودة القمر من الشرطین و هما رأس الحمل إلیهما اثنتی عشرة مرة و هی سنة القمر المستعملة.

الفائدة الثانیة قال الرازی فی قوله تعالی وَ لَبِثُوا فِی كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِینَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً فإن قالوا لم لم یقل ثلاثمائة و تسع سنین و ما الفائدة فی قوله وَ ازْدَادُوا تِسْعاً قلنا قال بعضهم كانت المدة ثلاثمائة سنة من السنین الشمسیة و ثلاثمائة و تسع سنین من القمریة و هذا مشكل لأنه لا یصح بالحساب هذا القول (1)

وَ رَوَی الطَّبْرِسِیُّ رحمه اللّٰه وَ غَیْرُهُ: أَنَّ یَهُودِیّاً سَأَلَ عَلِیّاً علیه السلام عَنْ مُدَّةِ لَبْثِهِمْ فَأَخْبَرَ علیه السلام بِمَا فِی الْقُرْآنِ فَقَالَ إِنَّا نَجِدُ فِی كِتَابِنَا ثَلَاثَمِائَةٍ فَقَالَ علیه السلام ذَلِكَ بِسِنِی الشَّمْسِ وَ هَذَا بِسِنِی الْقَمَرِ(2).

و تفصیل القول فی ذلك أنه یمكن تقریر الإشكال الوارد علی هذا التفسیر الذی أومأ إلیه الرازی بوجهین أحدهما أن أیام السنة القمریة فی مدة ثلاثمائة و تسع سنین إذا قسمت علی ثلاثمائة تخرج حصة كل سنة شمسیة ثلاثمائة و أربعة و ستین یوما و ثلثا و عشرین ساعة مستویة و ستا و خمسین دقیقة و ثمانی و ثلاثین ثانیة و أربع و عشرین ثالثة و لا یوافق ذلك شیئا من الأرصاد المتداولة بل ناقص عن الجمیع و ثانیهما أن التفاوت المضبوط بین السنتین فی مدة ثلاثمائة سنة یزید علی تسع سنین علی جمیع الأرصاد فإنه علی رصد التبانی مع أن مقتضاه أقل من سائر الأرصاد یبلغ إلی عشرة أیام و عشرین ساعة و ست و أربعین دقیقة و

ص: 352


1- 1. مفاتیح الغیب: ج 5، ص 706.
2- 2. مجمع البیان: ج 6، ص 463.

أربع و عشرین ثانیة و إذا ضرب هذا المقدار من الزمان فی ثلاثمائة و قسم الحاصل علی مقدار السنة القمریة یزید الخارج علی تسع سنین قمریة بأربعة و سبعین یوما و أربع ساعات و ثمان و أربعین دقیقة فكیف علی سائر الأرصاد حتی أنه علی رصد أبرخس المبنی علیه حساب الروم و الفرس من قدیم الأیام بل المعروف بین جمیع الطوائف فی صدر الإسلام یزید علی تسع سنین بسبعة و سبعین یوما و ثمانی و أربعین دقیقة فلا تستقیم الموافقة المستفادة من التفسیر المذكور و الروایة المنقولة و قد یجاب بأن عدم الاعتناء بالكسور القلیلة فی جنب آحاد الصحاح تارة بإسقاطها سیما إذا لم تبلغ النصف و تارة بإكمالها أی عدها تامة سیما إذا جاوزت النصف و كذا بالآحاد القلیلة فی جنب العشرات و العشرات القلیلة فی جنب المآت و هكذا أمر شائع و عرف عام فی المحاورات الحسابیة یبتنی علیه كثیر من القرآن و الحدیث كما سنشیر إلیه فی حدیث الصباح بن سیابة فلا بأس أن یخبر تعالی بأن مدة لبث أصحاب الكهف ثلاثمائة سنة بالشمسیة أو ثلاثمائة و تسع سنین بالقمریة و كانت ناقصة عن الأولی حقیقة بمثل تلك الأیام القلائل أو كانت مطابقة لها و كانت زائدة علی الثانیة حقیقة بمثلها أو كان فی الأول نقصان و فی الثانیة زیادة یصیر المجموع مساویا لمثل تلك الأیام فإن فی رعایة مطابقة العرف فی تلك المحاورات لمندوحة عن كذبها حتی أنه یمكن أن یقید عرفا أمثال ذلك بأنه كذلك بلا زیادة و لا نقصان اعتمادا علی أن تحقق الزیادة و النقصان فی عرف الحسابیین إنما هو بالصحاح أو ما فی حكمها دون أمثال تلك الكسور.

و أقول قد مر فی المجلد التاسع فی باب علم أمیر المؤمنین علیه السلام بعض القول فی ذلك.

الفائدة الثالثة قد ورد فی الأخبار بناء كثیر من الأمور الشرعیة من الصوم و غیره علی عد شهر من الشهور القمریة تاما و شهرا ناقصا كعد الخمسة من شهر آخر مثله أو الستة فی سنة الكبیسة و سیأتی بیانها و بسط القول فیها فی كتاب الصیام إن شاء اللّٰه تعالی و علیه یبنی ما روی أن یوم الأضحی یوم الصوم و یوم

ص: 353

عاشوراء یوم الفطر لكنه إنما یستقیم فی سنة الكبیسة فإنه إذا كان أول شهر رمضان یوم السبت مثلا كان أول شوال یوم الإثنین لأنه من الشهور التامة و أول ذی القعدة یوم الثلاثاء و أول ذی الحجة یوم الخمیس فالأضحی یوم السبت موافقا لیوم الصوم و ذو الحجة لما كان من الشهور الناقصة فی غیر سنة الكبیسة فالجمعة أول المحرم فعاشوراء یوم الأحد و هو لا یوافق یوم الفطر و فی الكبیسة یوافقه لإتمام ذی الحجة فیها و یمكن أن یكون مبنیا علی الغالب أو علی ما إذا غمت الأهلة كما عمل بها جماعة من الأصحاب علی هذا الوجه أو علی استحباب صوم یوم الشك فإن هذا الحساب متقدم علی الرؤیة غالبا و ما قیل فی الخبر الأخیر من أن المعنی أن العارفین یوم صومهم یوم عیدهم و یوم فطرهم یوم تعزیتهم فهو مما تضحك منه الثكلی و سیأتی مزید تحقیقه فی محله الأنسب و قال أبو ریحان فی تاریخه یبتدءون بالشهر من عند رؤیة الهلال و كذلك شرع فی الإسلام كما قال اللّٰه تعالی یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِیَ مَواقِیتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ (1) ثم نبتت نابتة و نجمت ناجمة و نبغت فرقة جاهلیة فنظروا إلی أخذهم بالتأویل و میلهم إلی الیهود و النصاری فإن لهم جداول و حسابات یستخرجون بها شهورهم و یعرفون منها صیامهم و المسلمون مضطرون إلی رؤیة الهلال و وحدوهم شاكین فیه مختلفین مقلدین بعضهم بعضا بعد استفراغهم أقصی الوسع فی تأمل مواضعه و تفحص مواقعه ثم رجعوا إلی أصحاب الهیئة فألفوا زیجاتهم و كتبهم مفتتحة بمعرفة أوائل ما یراد من شهور العرب بصنوف الحسابات و أنواع الجداول فظنوا أنها معمولة لرؤیة الأهلة و أخذوا بعضها و نسبوه إلی جعفر الصادق علیه السلام و أنه سر من أسرار النبوة و تلك الحسابات مبنیة علی حركات النیرین الوسطی دون المعدلة و معمولة علی عد سنة القمر ثلاثمائة و أربعة و خمسین یوما و خمس و سدس و أن ستة أشهر من السنة تامة و ستة ناقصة و أن كل ناقص منها فهو تال لتام علی ما عمل علیه فی الزیجات فلما قصدوا استخراج أول الصوم و أول الفطر بها خرجت

ص: 354


1- 1. البقرة: 189.

قبل الواجب بیوم فی أغلب الأحوال فأولوا قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله صوموا لرؤیته و أفطروا لرؤیته بأن معناه صوموا الذی یری الهلال فی عشیته كما یقال تهیئوا لاستقباله فیقدم التهیؤ علی الاستقبال قالوا و إن شهر رمضان لا ینقص من ثلاثین فأما أصحاب الهیئة و من تأمل الحال بعنایة شدیدة فإنهم یعلمون أن رؤیة الهلال غیر مطرد علی سنن واحد لاختلاف حركة القمر المرئیة بطیئة و سریعة و قربه من الأرض و بعده و صعوده فی الشمال و الجنوب و هبوطه فیهما و حدوث كل واحد من هذه الأحوال له فی كل نقطة من فلك البروج ثم بعد ذلك لما یعرض من سرعة غروب بعض القطع من فلك البروج و بطء بعض و تغیر ذلك علی اختلاف عروض البلدان و اختلاف الأهویة إما بالإضافة إلی البلاد الصافیة الهواء بالطبع و الكدرة المختلطة بالبخارات دائما و المغبرة فی الأغلب و إما بالإضافة إلی الأزمنة إذا غلظ فی بعضها و رق فی بعض و تفاوت قوی بصر الناظرین إلیه فی الحدة و الكلال و إن ذلك كله علی اختلاف بصنوف الاقترانات كائنة فی كل أول شهرین رمضان و شوال علی أشكال غیر معدودة و أحوال غیر محدودة فیكون لذلك رمضان ناقصا مرة و تاما أخری و إن ذلك كله یفتن بتزاید عروض البلدان و تناقصها فیكون الشهر تاما فی البلدان الشمالیة مثلا و ناقصا هو بعینه فی الجنوبیة منها و بالعكس ثم لا یجری ذلك فیها علی نظم واحد بل لا یتفق فیها أیضا حالة واحدة بعینها لشهر واحد مرارا متوالیة و غیر متوالیة فلو صح عملهم مثلا بتلك الجداول و اتفق مع رؤیة الهلال أو تقدمه یوما واحدا كما أصلوا لاحتاجوا إلی إفرادها لكل عرض علی أن اختلاف الرؤیة لیس متولدا من جهة العرض فقط بل لاختلاف أطوال البلدان فیها أوفر نصیب فإذن لا یمكن ما ذكروه من تمام شهر رمضان أبدا و وقوع أوله و آخره فی جمیع المعمورة من الأرض متفقا كما یخرجه الجدول الذی یستعملونه فأما قولهم إن مقتضی الخبر المأثور تقدیم الصوم و الفطر علی الرؤیة فباطل و ذلك أن حرف اللام یقع علی المستأنف كما ذكروه و یقع علی الماضی كما یقال كتب لكذا مضی من الشهر

ص: 355

أی من عند مضی كذا فلا تتقدم الكتبة الماضی من الشهر و هذا هو مقتضی الخبر دون الأول

أَ لَا تَرَی إِلَی مَا رُوِیَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ قَوْمٌ أُمِّیُّونَ لَا نَكْتُبُ وَ لَا نَحْسُبُ الشَّهْرَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ كَانَ یُشِیرُ فِی كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بِأَصَابِعِهِ الْعَشْرِ یَعْنِی تَامّاً ثَلَاثِینَ یَوْماً ثُمَّ أَعَادَ فَقَالَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ خَنَسَ إِبْهَامَهُ فِی الثَّالِثَةِ یَعْنِی نَاقِصَةً تِسْعَةً وَ عِشْرِینَ یَوْماً.

فنص صلی اللّٰه علیه و آله نصا لا یخفی علی أحد أن الشهر یكون تاما مرة و یكون ناقصا أخری و أن الحكم جار علیه بالرؤیة علیه دون الحساب بقوله لا نكتب و لا نحسب فإن قالوا عنی أن كل شهر تام فإن تالیه ناقص كما یحسبه مستخرجو التواریخ كذبهم العیان إن لم ینكروه و عرف تمویههم الصغیر و الكبیر فیما ارتكبوه علی أن تتمة الخبر الأول یفصح باستحالة ما ادعوه

وَ هُوَ قَوْلُهُ صلی اللّٰه علیه و آله: صُومُوا لِرُؤْیَتِهِ وَ أَفْطِرُوا لِرُؤْیَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَیْكُمْ فَعُدُّوا شَعْبَانَ ثَلَاثِینَ یَوْماً.

وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: فَإِنْ حَالَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ رُؤْیَتِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَامٌ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِینَ.

و ذلك أنه إذا عرف أن الهلال یری إما بجدولهم و حسابهم أو بما یستخرجه أصحاب الزیجات و قدم الصوم أو الفطر علی رؤیته لم یحتج إلی إتمام شعبان ثلاثین أو إكمال شهر رمضان ثلاثین إذا انطبقت الآفاق بسحاب أو غبار و لو كان أیضا شهر رمضان تاما أبدا ثم عرف أوله لاستغنی به عن الرؤیة لشوال مع ما روی فی كتب الشیعة الزیدیة أن الناس صاموا شهر رمضان علی عهد أمیر المؤمنین علیه السلام ثمانیة و عشرین یوما فأمرهم بقضاء یوم واحد فقضوه و إنما اتفق ذلك لتوالی شهر شعبان و شهر رمضان علیهم ناقصین معا و كان حال بینهم و بین الرؤیة لرأس شهر رمضان حائل فأكملوا العدة و تبین الأمر فی آخره

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: یُصِیبُ شَهْرَ رَمَضَانَ مَا یُصِیبُ سَائِرَ الشُّهُورِ مِنَ الزِّیَادَةِ وَ النُّقْصَانِ.

وَ رُوِیَ عَنْهُ أَیْضاً أَنَّهُ قَالَ: إِذَا حَفِظْتُمْ شَعْبَانَ وَ غُمَّ عَلَیْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِینَ وَ صُومُوا.

وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام أَیْضاً: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْأَهِلَّةِ فَقَالَ هِیَ الشُّهُورُ فَإِذَا رَأَیْتَ الْهِلَالَ فَصُمْ وَ إِذَا رَأَیْتَهُ فَأَفْطِرْ.

فَأَمَّا مَا رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَیْتَ هِلَالَ رَجَبٍ فَعُدَّ تِسْعَةً وَ خَمْسِینَ یَوْماً ثُمَّ صُمْ.

ص: 356

وَ مَا رَوَوْا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَیْتَ هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ لِرُؤْیَتِهِ فَعُدَّ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ أَرْبَعَةً وَ خَمْسِینَ یَوْماً ثُمَّ صُمْ فِی الْقَابِلِ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّنَةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ یَوْماً فَاسْتَثْنَی مِنْهَا سِتَّةَ أَیَّامٍ فِیهَا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فَلَیْسَتْ فِی الْعَدَدِ.

فلو صحت الروایة عنه لكان إخباره عن ذلك علی أنه أكثری الوجود فی بقعة واحدة لا أنه مطرد فی جمیع البقاع كما ذكرنا و أما تعلیل الأیام الستة بهذه العلة فتعلیل ركیك یكذب الروایة و تبطل له صحتها و قد قرأت فیما قرأت من الأخبار أن أبا جعفر محمد بن سلیمان عامل الكوفة من جهة المنصور حبس عبد الكریم بن أبی العوجاء و هو خال معن بن زائدة و كان من المانویة فكثر شفعاؤه بمدینة السلام و ألحوا علی المنصور حتی كتب إلی محمد بالكف عنه و كان عبد الكریم یتوقع ورود الكتاب فی معناه فقال لأبی الجبار و كان منقطعا إلیه إن أخرنی الأمیر ثلاثة أیام فله مائة ألف درهم فأعلم أبو الجبار محمدا فقال ذكرتنیه و كنت نسیته فإذا انصرفت من الجمعة فاذكرنیه فلما انصرف ذكره إیاه فدعا به فأمر بضرب عنقه فلما أیقن أنه مقتول قال أما و اللّٰه لئن قتلتمونی لقد وضعت أربعة آلاف حدیث أحرم فیها الحلال و أحل به الحرام و لقد فطرتكم فی یوم صومكم و صومتكم فی یوم فطركم ثم ضربت عنقه و ورد الكتاب فی معناه بعدة و ما أحق هذا الرجل الملحد بأن یكون متولی هذا التأویل الذی ذهبوا إلیه و أصله انتهی و تمام القول فیه فی كتاب الصوم الفائدة الرابعة اعلم أن ما ذكروه من أن مدة الشهر القمری تسعة و عشرون یوما و اثنتا عشرة ساعة و أربع و أربعون دقیقة إنما هو باعتبار وضع القمر بالنسبة إلی الشمس إلی حصول مثل ذلك الوضع له فكان قدر مسیر الشمس فی هذا الزمان منضما إلی قدر دورته من نقطة معینة إلیها و أما باعتباره فی نفسه فإنه یتم دوره فی مدة سبعة و عشرین یوما و ثلث یوم فالتفاوت بین الاعتبارین بیومین و أربع ساعات و أربع و أربعین دقیقة فلمداره بالاعتبار الأخیر حدود ینزل فی كل لیلة فی أحدها إلی أن یرجع إلی الأول منها فهی حقیقة اثنان و ثمانون منزلا

ص: 357

فی ثلاث دورات له لمكان الكسر المذكور و لكن الناس تسامحوا فیه و اصطلحوا علی تقسیم كل دورة له إما إلی سبعة و عشرین منزلا كما اصطلح علیه أهل الهند إسقاطا للكسر و إما إلی ثمانیة و عشرین كما اصطلح علیه العرب إتماما له و علموها بالكواكب القریبة منها و قد مر ذكرها و نظموها بالفارسیة علی الترتیب هكذا:

اسما منازل قمر نزد عرب***شرطین و بطین است و ثریا دبران

هقعه هنعه ذراع و نثره پس طرف***جبهه زبره صرفه و عوا پس از آن

پس سماك و غفر و زبانا اكلیل***قلب و شوله نعائم و بلده بدان

سعد ذابح سعد بلع سعد سعود***باشد پس سعد اخبیه چارمشان

از فرع مقدم به مؤخر چه رسید***آنگه برشاء شد كه باشد پایان (1).

فلأجل التفاوت المذكور بین الاعتبارین إذا فرضنا القمر بدرا فی منزل معین فی شهر معین فبعد إتمام دورة منه إلیه یكون فیه بعینه فی الشهر التالی ناقصا عن البدریة بحسب ذلك التفاوت و هكذا یزید النقصان المذكور بعد كل دورة حتی یبلغ بعد ست دورات فی المنزل المذكور بعد تمام الشهر السادس إلی مرتبة الهلالیة و قس علیه عكسه فیبلغ بعد إتمام ست دورات أخر فیه إلی البدریة فعلی أی حالة یری فی منزل معین یری فیه بعد ست دورات علی الحالة المقابلة لها و بعد اثنتی عشرة دورة علی الحالة الموافقة لها و هكذا دائما.

فإذا تمهد هذا فنقول قد عرفت ما ذكره بعض المفسرین فی قوله تعالی وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ (2) و یرجع حاصله إلی أن القمر من أول ظهوره بالعشیات مستهلا إلی آخر رؤیته بالغدوات مستنیرا یسیر جمیع المنازل و فی آخرها یشبه بالعرجون القدیم فیما یعرضه بسبب مرور الزمان

ص: 358


1- 1. قد مر منا ضبط الأسماء و وجوه تسمیة المنازل بها فی هذا الجزء( ص: 135 و 136) فراجع،.
2- 2. یس: 39.

كالدقة و الانحناء قال الطبرسی رحمه اللّٰه فی جامع الجوامع و المعنی قدرنا مسیره منازل و هی ثمانیة و عشرون منزلا ینزل كل لیلة فی واحد منها لا یتخطاه و لا یتقاصر منها(1)

علی تقدیر مستو حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ و هو عود العذق الذی تقادم عهده حتی یبس و تقوس و قیل إنه یصیر كذلك فی ستة أشهر قال الزجاج هو فعلون من الانعراج و هو الانعطاف و القدیم یدق و ینحنی و یصغر فشبه القمر به من ثلاثة أوجه انتهی و قال الزمخشری بعد تفسیر الآیة بنحو مما مر و قیل أقل مدة الموصوف بالقدم الحول فلو أن رجلا قال كل مملوك لی قدیم فهو حر أو كتب ذلك فی وصیته عتق له من مضی له حول أو أكثر انتهی

وَ رَوَی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَ غَیْرُهُمَا: أَنَّهُ دَخَلَ أَبُو سَعِیدٍ(2) الْمُكَارِی عَلَی أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ مَا تَقُولُ فِی رَجُلٍ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِی قَدِیمٍ فَهُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام مَا مَلَكَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ قَدِیمٌ وَ هُوَ حُرٌّ قَالَ وَ كَیْفَ صَارَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ سَمَّاهُ اللَّهِ قَدِیماً وَ یَعُودُ كَذَلِكَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ(3).

الخبر و فی الكافی هكذا قال نعم إن اللّٰه یقول فی كتابه حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ فما كان من ممالیكه أتی له ستة أشهر فهو حر(4).

فظهر من سیاق ما نقلناه من التفسیر و الحدیث أن بین العامة و الخاصة فی المسألة المذكورة من العتق موضع وفاق هو أن حكمها مستنبط من الآیة المذكورة و موضع خلاف هو أن العامة لم یجاوز نظرهم عما فیها من توصیف العرجون بالقدیم فظنوا بمحض زعمهم أن ثبوت هذا الوصف له بعد أن یحول الحول فحكموا فی المسألة علی طبقه و أن الخاصة عرفوا بتفریع إمامهم الحكم فیها بستة أشهر علی

ص: 359


1- 1. عنها( خ).
2- 2. فی الكافی: ابن أبی سعید.
3- 3. تفسیر القمّیّ: 551، مجمع البیان، ج 8، ص 424 و 425.
4- 4. الكافی( طبعة دار الكتب) ج 6، ص 195 و فیه فهو قدیم و هو حر.

الآیة أنه الحق الموافق لما تضمنه الكتاب فاكتفوا به لعدم احتیاجهم معه إلی تعرف وجه استنباطه منها إذ لهم علیهم السلام طرق فی استخراج الأحكام و الوقائع من الكلام المجید لا سبیل لنا إلی معرفتها لكن ذكر بعض المحققین هنا وجها دقیقا نورده هاهنا و هو أن عبارة حَتَّی عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ المذكورة من الآیة فی الحدیث للاحتجاج علیه مشتملة علی عدة ألفاظ فابتداؤها المتكفل للدلالة علی اعتبار انتهاء لما صوره تعالی فیها من سیر القمر بالمطابقة متضمن للدلالة علی اعتبار ابتداء له أیضا بالالتزام و ذكر العود یدل علی اتحادهما بمعنی أن ما اعتبره من منازله فی هذا السیر للابتداء اعتبر هو بعینه للانتهاء و تقییده فی ضمن التشبیه بكونه هلالا فی خصوص حال العود یدل علی اعتبار كونه بدرا مقابلا لها فی حال البدء المقابل له كما یتبادر من لفظ القمر أیضا سیما مع مقابلة الشمس من الطرفین و النكتة حینئذ فی اعتبار هذا الترتیب فی البدء و العود دون العكس أظهر من الشمس ثم توصیف المشبه به بالقدم یدل علی اعتبار هذا الوصف أیضا فی جملة وجوه الشبه بل هو أحق بالاعتبار لاختصاصه بالذكر و كونه مناطا لسائر الوجوه كقولهم فلان كالبدر المنیر أو كالأسد الغضبان فمجمل ما أوجز فی تلك الكلمات التامات إنما یری من حال سیر القمر فی منازله المقدرة له من أنه فی أی منزل كان بدرا فیه فی وقت یصیر فیه بعینه هلالا شبیها بالعرجون القدیم بعد دورات معدودة فی أزمنة محدودة علی تدریج خاص و نظام معین لا یتغیر و لا یتبدل و لا یزید و لا ینقص و هكذا حاله فی جمیع الأزمان من عجائب الآیات و غرائب التدبیرات فبذلك التصویر و التشبیه مع ما عرفت مما مهدناه من أن صیرورته هلالا فی منزل كان فیه بدرا یتم بتمام الشهر السادس و حینئذ بتعرضه للصفات المعتبرة فی المشبه به و من جملتها القدم تعرف أن الشی ء إذا أتی له ستة أشهر صار موصوفا بالقدم و هذا هو المطلوب.

فإن قیل مدة ستة دورات ناقصة عن ستة أشهر كما عرفت.

قلنا قد مر أنه شاع فی عرف أهل الحساب عد ما زاد علی النصف من الكسور

ص: 360

كاملا و النقصان هنا أقل من نصف شهر كما لا یخفی.

و ربما یؤید هذا الوجه بأن الخبر علی ما رواه علی بن إبراهیم ظاهره وصف القمر بالقدیم إذ الظاهر رجوع الضمیر فی سماه إلی القمر بقرینة قوله و یعود كذلك.

و أقول هذا وجه لطیف مشتمل علی دقائق جلیلة لكنه فی غایة البعد و التكلف و اللّٰه یعلم حقائق كلامه و من خصه بمزید الفضل من إنعامه.

الفائدة الخامسة اعلم أن أصحابنا اتفقوا علی أن ولادة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله كانت فی شهر ربیع الأول إما فی السابع عشر منه كما هو المشهور أو فی الثانی عشر كما اختاره الكلینی رحمه اللّٰه و هو المشهور بین المخالفین و ذكر الكلینی و غیره أن الحمل به صلی اللّٰه علیه و آله كان فی أیام التشریق فیلزم أن یكون مدة حمله صلی اللّٰه علیه و آله إما ثلاثة أشهر أو سنة و ثلاثة أشهر مع أن الأصحاب اتفقوا علی أنه لا یكون الحمل أقل من ستة أشهر و لا أكثر من سنة و لم یذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه صلی اللّٰه علیه وآله و الجواب أن ذلك مبنی علی النسی ء الذی حققناه فی صدر الباب و ذكروا للنسی ء ثلاثة معان أومأنا إلی بعضها الأول أنهم كبسوا تسع عشرة سنة تامة قمریة حتی صارت تسع عشرة سنة تامة شمسیة علی ترتیب بهزیجوح فدور النسی ء علی هذا الوجه تسع عشرة سنة تامة قمریة مكبوسة بسبعة أشهر تامة قمریة لأن تسعة عشر منه و سبعة أشهر تامتین قمریتین تسع عشرة سنة تامة شمسیة و الشهر الزائد و هو الكبس یسمی النسی ء لأنه المؤخر عن مكانه لأن المحرم لو سمی بذی الحجة صار صفر محرما فتأخر المحرم إلی مكان صفر و السنة التی یزیدون الشهر فیها هی السنة الكبیسة أی المدخولة المزیدة فیها من الكبس بمعنی الطم الثانی أنهم كانوا یكبسون فی كل ثلاث سنین شهرا فدور النسی ء ست و ثلاثون سنة تامة قمریة مكبوسة باثنی عشر شهرا قمریا كذلك الثالث أنهم كانوا یكبسون فی كل سنتین شهرا فدور النسی ء علی هذا الوجه أربع و عشرون سنة تامة قمریة مكبوسة باثنی عشر شهرا تاما قمریا و هذا الوجه أشهر

ص: 361

موافقا لما ذكره الطبرسی و غیره و بالجملة أنهم كانوا یزیدون فی بعض السنین شهرا و یتركون بعضها بحاله فبعض سنیهم اثنا عشر شهرا و بعضها ثلاثة عشر شهرا و الزیادة دائما تكون فی آخر السنة التی ینتقل الحج بعدها من شهر إلی آخر لأن من شهر إلی مثله اثنی عشر شهرا و منه إلی ما یلیه ثلاثة عشر شهرا و النسی ء المشهور مبنی علی الأخیر و ربما یبنی علی الأول و الثانی أیضا فنقول علی الوجه الثالث المشهور لما تبین أن الولادة فی الربیع الأول إما فی السابع عشر أو فی الثانی عشر و الوفاة إما فی الثانی عشر منه كما اختاره الكلینی رحمه اللّٰه وفقا للمشهور بین العامة أو فی الثامن و العشرین من الشهر قبله أعنی صفر كما هو المشهور عند الإمامیة و المشهور أن مدة حیاته الشریفة صلی اللّٰه علیه و آله ثلاث و ستون سنة تامة قمریة تحقیقا علی الأول و تقریبا علی الثانی فمن جمادی الأخری المؤخر عن ولادته صلی اللّٰه علیه و آله بثلاثة أشهر إلی ذی الحجة من حجة الوداع المقدم علی وفاته صلی اللّٰه علیه و آله بمثله اثنتان و ستون سنة تامة قمریة و ستة أشهر و هو ستون سنة تامة نسیئیة لأن ستین سنة نسیئیة زائدة علی ستین سنة تامة قمریة بثلاثین شهرا لأن كل سنتین تامتین نسیئتین زائدة علی سنتین تامتین قمریتین بشهر باعتبار انتقال الحج من شهر إلی آخر كما عرفت و ثلاثون شهرا سنتان و ستة أشهر فظهر أن من جمادی الثانیة التی فی خلال عام مولده إلی حجة الوداع ستون سنة تامة نسیئیة و ظهر أن الحج وقع فی خلال عام مولده فی جمادی الثانیة إذ المفروض أن مبدأ كل سنة من السنین التامة النسیئیة الحج الواقع فی شهر و منتهاها الحج الآخر الواقع فی هذا الشهر أو فی الشهر الآخر بعده فمبدأ الستین السنة النسیئیة جمادی الثانیة و منتهاه ذو الحجة حجة الوداع فالستون السنة محصورة بین حجتین إحداهما المبدأ و الأخری المنتهی فالحجج الواقعة فی هذه المدة إحدی و ستون حجة لأن كل سنة تامة نسیئیة محصورة بین حجتین و كل حجة بدایة سنة تامة نسیئیة و نهایة سنة أخری إلا حجة الوداع لأن النسی ء انقطع عنده فهی نهایة سنة ستین النسیئیة فقط و الحجة الواقعة فی خلال عام مولده هی الحجة الأولی الواقعة فیها لأن حجة الوداع كانت أولی حجة وقعت

ص: 362

فی ذی الحجة كما مر و الواقعة قبلها فی الشهر السابقة كانت فی ذی القعدة فالشهر الزائد فی آخر سنة الستین و المزید فیها شهر سنة الستین لا التی قبلها و كذا كل شفع من السنین النسیئیة هی التی زید فی آخرها شهر و قد مر أن الزیادة تكون باعتبار انتقال الحج من شهر إلی آخر فلو كانت الحجة الواقعة فی جمادی الثانیة فی خلال عام مولده صلی اللّٰه علیه و آله هی الحجة الثانیة لزم أن تكون الحجة الواقعة بعدها التی هی مبدأ السنة الثانیة من السنین النسیئیة و منتهی السنة الأولی قد وقعت فی رجب لأن المفروض عدم وقوع أزید من حجتین فی شهر و أن تكون الزیادة فی السنة الأولی لا فی الثانیة و فی الوتر من السنین التامة النسیئیة لا فی الشفع و أن تكون حجة الوداع الحجة الثانیة الواقعة فی ذی الحجة لا الأولی و هو خلاف المنقول و المروی فظهر أن الحجة الواقعة فی جمادی الثانیة فی خلال عام مولده صلی اللّٰه علیه و آله كانت الحجة الأولی فالحمل به صلی اللّٰه علیه و آله فی أیام التشریق فی السنة السابقة فی جمادی الأولی فمدة الحمل عشرة أشهر بلا زیادة و لا نقصان أو بزیادة یوم أو بنقصانه علی ما ذهب إلیه الكلینی و بزیادة أیام علی المشهور من أن یوم الولادة السابع عشر و قد مر بعض القول منا فی ذلك فی المجلد السادس فی باب ولادته صلی اللّٰه علیه و آله و قد ذكرنا هنا جملة من القول فی الاختلاف الواقع فی یوم مولده صلی اللّٰه علیه و آله و لنذكر هنا أیضا بعض القول فیه لما انتهی الكلام إلیه فإن الحدیث ذو شجون فاعلم أنه لا خلاف فی أن یوم الولادة الشریفة من أیام ربیع الأول فی عام الفیل قبل الهجرة بثلاث و خمسین سنة و إنما الخلاف فی أنه أی یوم من الشهر المذكور و لكن علماء الإمامیة رضوان اللّٰه علیهم متفقون علی كونه غیر خارج من الثانی عشر و السابع عشر فالمشهور السابع عشر قال الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی المقنعة ولد صلی اللّٰه علیه و آله بمكة یوم الجمعة السابع عشر من شهر ربیع الأول فی عام الفیل و صدع بالرسالة فی یوم السابع و العشرین من رجب و له یومئذ أربعون سنة انتهی.

و نحو ذلك قال شیخ الطائفة و غیرهما من العلماء و المحدثین إلا ثقة الإسلام فی

ص: 363

الكافی حیث قال ولد النبی صلی اللّٰه علیه و آله لاثنتی عشرة لیلة مضت من شهر ربیع الأول فی عام الفیل یوم الجمعة مع الزوال و روی أیضا عند طلوع الفجر قبل أن یبعث بأربعین سنة(1)

و هو موافق لما هو المشهور بین العامة فی الحرمین زاد اللّٰه فی شرفهما و غیرهما من بلاد المخالفین و هذا القول مع ندرته بیننا قد أید بوجوه.

الأول أن وفاته صلی اللّٰه علیه و آله كانت فی یوم الإثنین بالاتفاق و كانت إما للیلتین بقیتا من شهر صفر كما هو المشهور بین الشیعة أو فی الثانی عشر من ربیع الأول كما فی الكافی و هو أیضا مشهور بین المخالفین و علی كل تقدیر یكون لا محالة غرة ربیع الأول فی السنة الحادیة عشر من هجرته الموافقة لوفاته صلی اللّٰه علیه و آله مطابقة لیوم الخمیس و یلزم منه بالبرهان الحسابی أن یكون غرة ربیع الأول فی سنة المولد یوم الإثنین أو یوم الثلاثاء إذ بین غرتی هذین الربیعین ثلاث و ستون سنة قمریة بلا زیادة و لا نقصان لعدم الخلاف فی مدة عمره صلی اللّٰه علیه و آله ثلاث و عشرون أو أربع و عشرون منها ذات كبیسة و الباقیة خالیة عنها و التردید باعتبار عدم العلم بمبدإ الكبائس و بعد طرح الأسبوعات التامة من كل سنة یبقی من ذوات الكبائس خمسة أیام و من غیرها أربعة أیام و هذا ظاهر فیجتمع من بقایا أسبوعات تلك السنین مائتان و خمسة و سبعون أو ستة و سبعون یوما و الباقی منها بعد طرح سبعة سبعة اثنان أو ثلاثة فیلزم من ذلك أن تكون غرة ربیع المولد یوما من الأسبوع مقدما علی یوم غرة ربیع الوفاة باثنین أو ثلاثة و كان هذا یوم الخمیس فكان ذلك یوم الإثنین أو الثلاثاء كما ذكرنا و كونه یوم الثلاثاء ساقط بالاتفاق لعدم إمكان مطابقة الثانی عشر و لا السابع عشر علی تقدیره ل یوم الجمعة فتعین یوم الإثنین فیصادفه الثانی عشر دون السابع عشر و هو المطلوب.

و الثانی أن وفاة العسكری و انتقال الأمر إلی صاحب الزمان علیه السلام باتفاق الكلینی و المفید رضی اللّٰه عنهما فی الكافی و الإرشاد كان فی یوم الجمعة ثامن شهر ربیع الأول سنة ستین و مائتین من الهجرة(2)

فكانت غرة الشهر المذكور أیضا

ص: 364


1- 1. الكافی: ج 1، ص 439.
2- 2. الكافی: ج 1، ص 503، الإرشاد: 325.

و ما بین غرة هذا الربیع و ربیع المولد ثلاثمائة و اثنتا عشرة سنة كاملة فیظهر بالحساب المتقدم أن بقایا أسبوعات أیام تلك السنین أربعة أو خمسة أیام فتكون غرة ربیع المولد مقدما علی الجمعة بمثلها فیكون یوم الإثنین أو یوم الأحد و الثانی ساقط بالاتفاق و الأول مستلزم للمطلوب.

و الثالث أن غرة محرم الحرام لسنة الهجرة مضبوطة عند أهل الهیئة و الحساب بأنها كانت یوم الخمیس بحسب الحساب و یوم الجمعة باعتبار رؤیة الهلال كما هو مذكور فی التحفة و الزیج الجدید و كذا غرة رجب المرجب سنة المبعث مضبوط بأنها كانت یوم الإثنین كما یظهر مما رواه الشیخ فی المصباح من أن المبعث كان فی یوم السبت و لم أطلع علی خلاف فیه فیستفاد من هذین الضبطین أیضا دلیلان آخران علی هذا المطلوب.

و الرابع ذكر بعض الأفاضل رحمه اللّٰه أن غرة ربیع الأول فیما نحن فیه من الزمان سنة ثمان و ثمانین و ألف من الهجرة كانت یوم الثلاثاء بلا اشتباه و قد مضی حینئذ من غرة ربیع المولد ألف و مائة و أربعون سنة و من المقررات الحسابیة المعلومة لأهل الخبرة أن فی كل مائتین و عشر سنین یعود وضع أیام الأسابیع مع أیام الشهور العربیة إلی ما كان ففی ألف و خمسین سنة یتم العود المذكور خمس مرات فیكفی لنا النظر فی تتمتها و هی تسعون سنة ثلاث و ثلاثون منها ذات كبیسة و سبع و خمسون بلا كبیسة و قد عرفت أن الباقی من الأسبوعات كل من الأولی خمسة و من الثانیة أربعة فمجموع البقایا ثلاثمائة و ثلاث و تسعون یوما و إذا طرحناه سبعة سبعة یبقی واحد فظهر أن غرة ربیع المولد مقدم علی غرة ربیعنا بیوم و هذا كان یوم الثلاثاء فذلك كان یوم الإثنین و هو یستلزم المطلوب كما مر.

ثم قال رحمه اللّٰه فإن قیل ذكر الشیخ فی المصباح و غیره روایة مشتملة علی تفسیر المولد بالسابع عشر قلنا لكونها منافیة لمقتضی هذه الدلائل الحسابیة الغیر المشكوك فیها بل معارضة لما رواه أیضا فی المصباح من موافقة المبعث یوم

ص: 365

السبت لعدم إمكان اجتماعهما علی ما مر ینبغی حملها علی أن لا یكون التفسیر المذكور من كلام الإمام بل من كلام بعض الرواة لإزالة الإبهام عنها علی حسب اعتقاده و مثل ذلك لیس بعزیز فی الروایات.

ثم إذا أتقنت هذا المسلك یتبین لك الحق بمعونته فی كثیر مما وقع الخلاف فیه فمن ذلك أن الأمة بعد اتفاقهم علی وقوع هجرة نبینا صلی اللّٰه علیه و آله من مكة إلی المدینة فی السنة الرابعة عشر من المبعث اختلفوا فی شهرها و یومها بالنسبة إلی الشهر و بالنسبة إلی الأسبوع فقیل یوم الإثنین السادس و العشرون من صفر و قیل لیلة الإثنین السابع و العشرون منه و قیل یوم الخمیس أول ربیع الأول و قیل یوم الثلاثاء ثامنه و قیل یوم الإثنین بدون ذكر شهرها و قیل أول ربیع الأول بدون ذكر یومه و قیل الرابع منه و قیل العاشر منه كذلك فهذه أقوال ثمانیة و لما عرفنا ما مر من مطابقة غرة المحرم سنة الهجرة لیوم الخمیس أو الجمعة و اطلعنا علی سائر التواریخ المعلومة و من جملتها أن غرة ربیع المولد یوم الإثنین و أن بینها و بین غرة ربیع الهجرة ثلاثا و خمسین سنة و وجدناها مشتملة علی أسابیع تامة بلا كسر و مستلزمة لموافقة غرتیهما یوما حصل لنا بتلك المعارف العلم بتهافت القولین الأولین لعدم موافقة السادس و العشرین و لا السابع و العشرین من صفر لیوم الإثنین و كذا بتهافت القول الثالث و الرابع لعدم مطابقة أول ربیع الأول للخمیس و لا الثامن منه للثلاثاء ثم نعلم بارتفاع احتمال الثلاثاء و الخمیس من البین تعین یوم الإثنین موافقا للیوم الخامس المروی عن ابن عباس بل عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ثم بتعینه بطلان القولین الأخیرین لتنافیهما ثم ببطلانهما تعین أول ربیع الأول موافقا للقول السادس المنقول عن الشیخ المفید رحمه اللّٰه فتبین لنا أن هجرته صلی اللّٰه علیه و آله كانت فی یوم الإثنین أول ربیع الأول و الحمد لله.

ثم بعد هذا التحقیق إذا نظرنا فی تاریخ وصوله صلی اللّٰه علیه و آله إلی المدینة و اختلاف القوم فیه فقیل لهلال ربیع الأول و قیل للیلتین خلتا منه و قیل لاثنتا عشرة مضت منه عرفنا بطلان القولین الأولین من طریق العادة فتعین القول الأخیر

ص: 366

الذی ذهب إلیه المفید رحمه اللّٰه فی حدائق الریاض و قد نقل ابن الجوزی فی تلقیحه عن ابن سعد أنه هو المجمع علیه ثم بتعینه عرفنا أن ما نقله ابن الجوزی عن ابن عباس و غیره و ادعی صاحب روضة الصفا اتفاق أئمة الأخبار علیه من مصادفة یوم وصوله صلی اللّٰه علیه و آله إلی المدینة لیوم الإثنین لا عبرة به لعدم إمكان اتفاق الأول و الثانی عشر من شهر فی یوم فیكون وصوله صلی اللّٰه علیه و آله یوم الجمعة فظهر أیضا فساد ما نقله عن عروة أنه مكث بقبا ثلاث لیال ثم ركب یوم الجمعة فالمعتمد هو ما نقله عن الزهری أنه صلی اللّٰه علیه و آله نزل فی بیت عمرو بن عوف بقبا فأقام به بضعة عشرة لیلة فإنه موافق لِمَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ فِی الرَّوْضَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی ذِكْرِ إِسْلَامِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ علیه السلام: حَتَّی هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ وَ خَلَّفَ عَلِیّاً علیه السلام فِی أُمُورٍ لَمْ یَكُنْ یَقُومُ بِهَا أَحَدٌ غَیْرُهُ وَ كَانَ خُرُوجُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

مِنْ مَكَّةَ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنْ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ وَ ذَلِكَ یَوْمُ الْخَمِیسِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنَ الْمَبْعَثِ وَ قَدِمَ الْمَدِینَةَ لِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ لَیْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ مَعَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَنَزَلَ بِقُبَا فَصَلَّی الظُّهْرَ رَكْعَتَیْنِ وَ الْعَصْرَ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ مُقِیماً یَنْتَظِرُ عَلِیّاً علیه السلام یُصَلِّی الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَیْنِ رَكْعَتَیْنِ وَ كَانَ نَازِلًا عَلَی عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ یَوْماً یَقُولُونَ لَهُ أَ تُقِیمُ عِنْدَنَا فَنَتَّخِذَ لَكَ مَنْزِلًا وَ مَسْجِداً فَیَقُولُ لَا إِنِّی أَنْتَظِرُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ یَلْحَقَنِی وَ لَسْتُ مُسْتَوْطِناً مَنْزِلًا حَتَّی یَقْدَمَ عَلِیٌّ وَ مَا أَسْرَعَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَقَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنَزَلَ مَعَهُ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا قَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام تَحَوَّلَ مِنْ قُبَا إِلَی بَنِی سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَ عَلِیٌّ علیه السلام مَعَهُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَخَطَّ لَهُمْ مَسْجِداً وَ نَصَبَ قِبْلَتَهُ فَصَلَّی بِهِمْ فِیهِ الْجُمُعَةَ رَكْعَتَیْنِ وَ خَطَبَ خُطْبَتَیْنِ ثُمَّ رَاحَ مِنْ یَوْمِهِ إِلَی الْمَدِینَةِ عَلَی نَاقَتِهِ الَّتِی كَانَ قَدِمَ عَلَیْهَا وَ عَلِیٌّ مَعَهُ لَا یُفَارِقُهُ یَمْشِی بِمَشْیِهِ (1).

الحدیث.

و لا یخفی أن فیه إشكالین أحدهما فی قوله و ذلك یوم الخمیس لما عرفت

ص: 367


1- 1. روضة الكافی: 339.

أن أول ربیع الأول فی سنة الهجرة یوم الإثنین و الآخر فی قوله من سنة ثلاث عشرة من المبعث لما عرفت أیضا من الاتفاق علی كونه فی السنة الرابعة عشر منه و یمكن توجیه الأول بأن ذلك لیس إشارة إلی أول یوم و لا إلی خروج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كما یتبادر إلی الأذهان بل إلی التخلیف المذكور قبلهما و لعل هذا أقرب إلی ذلك لفظا لكونه أبعد و معنی لما نقل أنه صلی اللّٰه علیه و آله توقف بعد خروجه من مكة فی الغار المشهور ثلاثة أیام و كان علی علیه السلام یصل إلیه فیه سرا فالظاهر أن تخلیفه فیما أوصی إلیه من أموره كان عند ارتحاله عنه فتدبر و توجیه الثانی بأن الاتفاق علی كونها فی الرابعة عشر مبنی علی أن المبعث كان فی رجب و مبدأ السنة عند العرب هو المحرم فما بعد المحرم إلی رجب من جملة السنة الثالثة عشر من المبعث و إن كان معدودا عندهم من الرابعة عشر باعتبار مبدإ السنة فهما متوافقان معنی و المخالفة إنما هی فی اللفظ فقط و من ذلك اختلاف القوم بعد اتفاقهم علی وقوع نص غدیر خم فی ثامن عشر ذی الحجة من السنة العاشرة الهجریة فی خصوص یوم (1)

الأسبوعی فنقل عن ابن مردویه و عن أخطب خوارزم مرویا عن أبی سعید الخدری أنه كان یوم الخمیس و قال بعض الشیعة إنه كان یوم الجمعة و ما نقل فی حبیب السیر من اتفاق المورخین علی أن یوم عرفة فی حجة الوداع كان مطابقا ل یوم الجمعة مقتض للقول منهم بكونه یوم الأحد وَ كَذَا مَا یُتَوَهَّمُ مِمَّا فِی كِتَابِ الْحُجَّةِ مِنَ الْكَافِی فِی أَثْنَاءِ رِوَایَةِ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام حَیْثُ قَالَ: بَعْدَ بَیَانِ نُزُولِ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ ثُمَّ نَزَلَتِ الْوَلَایَةُ وَ إِنَّمَا أَتَاهُ ذَلِكَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بِعَرَفَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِینَكُمْ (2) الْحَدِیثَ.

و كونه توهما لأنه لا یصح أن یكون المراد بلفظ عرفة هاهنا یوم عرفة لمكان الباء و لا الموقف لا لأن اسمه عرفات و إطلاق عرفة علیه شبیه بمولد كما فی الصحاح و القاموس فإنها مستعملة فیه فی كثیر من روایات

ص: 368


1- 1. كذا، و الصواب« الیوم الاسبوعی».
2- 2. الكافی: ج 1، ص 290.

كتاب الحج من الكافی و الفقیه بل لظاهر الروایات عن أهل البیت علیهم السلام بأن نزولها ما بین مكة و المدینة بعد الانصراف من حجة الوداع موافقا لما نقل فی مجمع البیان عن الربیع بن أنس إما قبل وصوله إلی غدیر خم كما روی فی تفسیر علی بن إبراهیم عن أبی جعفر علیه السلام و إما بعده كما روی فی مجمع البیان و غیره عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام موافقا لما رواه المخالفون عن أبی سعید الخدری و وجه الجمع حمل النزول فی الأول علی تمهید ما ینزل أو فی الثانی علی إقامة ما نزل بالتبلیغ فلو كان هذا اللفظ هاهنا من كلام الإمام علیه السلام لاحتمل أن یكون عرفة بالضم إذ هی كما فی القاموس اسم لثلاثة عشر موضعا فلا یبعد أن یكون أحدها قریبا من غدیر خم هذا و لكن التحقیق أن لیس شی ء من هذه الأیام الثلاثة موافقا للتواریخ المضبوطة المعلومة مع اختلافها بالنسبة إلیه قربا و بعدا فإن أقربها منه غرة صفر فی السنة الحادیة عشرة من الهجرة سنة وفاة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هی كما ظهر مما مر كانت مطابقة للثلاثاء فكانت غرة المحرم فیها موافقة للأحد أو الإثنین فكانت غرة ذی الحجة من السنة السابقة العاشرة من الهجرة غیر خارجة عن الجمعة و السبت و الأحد فكانت الثامن عشر منه لا یخلو من الإثنین و الثلاثاء و الأربعاء و إن أبعدها عنه غرة ذی الحجة من سنة سبع و ثمانین و ألف قبیل ما نحن فیه من الزمان و هی كانت یوم الخمیس بحسب الحساب و الرؤیة جمیعا بلا اشتباه و غرة ذی الحجة من السنة العاشرة مقدمة علیها بألف و سبع و سبعین سنة تامة فبطریق الحساب الذی مر بیانه یكون الباقی منها بعد طرح أسبوعاتها ستة فتكون مطابقة للجمعة فكان ثامن عشرة مصادفا لیوم الإثنین فیدل كل من هذین التاریخین المعلومین علی خلاف كل من الأقوال الثلاثة و یدل علی تعین رابع هو یوم الإثنین و یطابقه أیضا ما ضبط ابن الجوزی فی التلقیح من أن قتل عثمان كان فی یوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذی الحجة سنة خمس و ثلاثین فإن ما بینهما خمس و عشرون سنة كاملة و الباقی بعد طرح أسبوعاتها أربعة فإذا كان هذا یوم الجمعة فكان ذلك مقدما علیه بأربعة أیام فكان یوم الإثنین و یوافقه أیضا

ص: 369

ما ذكره الطبری فی تاریخه من أن أول جمعة صلی علی علیه السلام بالناس و خطب بهم بعد قتل عثمان كان مطابقا للخامس و العشرین من ذی الحجة كما لا یخفی.

فإن قلت الصدوق رحمه اللّٰه قَالَ فِی الْفَقِیهِ وَ رُوِیَ: أَنَّهُ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فِی یَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ وَ كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی نَصَبَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِغَدِیرِ خُمٍّ یَوْمَ الْجُمُعَةِ(1).

الحدیث قلنا أولا أن دأبه رحمه اللّٰه فی هذا الكتاب أن یذكر ما لم یعتمد علیه من الروایات بهذا السیاق.

و ثانیا أن قوله و كان الیوم الذی إلی آخره یجوز أن یكون من عبارة الراوی أو من عبارته علی طبق طریقته فی هذا الكتاب من إدراج كلامه كثیرا بین الأحادیث بدون علامة فاصلة بینهما و یؤیدهما أن مثل صدر هذا الحدیث مروی فی التهذیب و الكافی عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام بدون هذه التتمة(2)

و فی الكافی أیضا عن إبراهیم بن أبی البلاد عن بعض أصحابه عن أبی جعفر أو أبی عبد اللّٰه علیه السلام مع تتمة أخری (3). و ثالثا أنه یمكن أن یوجه فیحمل الیوم الذی نصب فیه علی علی الیوم الذی نزل فیه الأمر بالنصب المذكور أو علی الیوم المقدر فیه ذلك و هو یوم المیثاق أو یقال أفاد علیه السلام أحد هذین المعنیین بلفظ آخر فنقله بعض الرواة بهذا اللفظ علی طبق وهمه فیطابق علی الأول ما مر من روایة أبی الجارود و علی الثانی ما روی فی الباب المذكور من الكافی و التهذیب

عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ كَیْفَ سُمِّیَتِ الْجُمُعَةُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَمَعَ فِیهَا خَلْقَهُ لِوَلَایَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیِّهِ فِی الْمِیثَاقِ فَسَمَّاهُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِجَمْعِهِ فِیهِ خَلْقَهُ (4).

الحدیث فتأمل.

ص: 370


1- 1. الفقیه: 113.
2- 2. الكافی: ج 3، ص 413.
3- 3. الكافی: ج 3، ص 415.
4- 4. الكافی: ج 3، ص 415.

و من ذلك أنهم بعد اتفاقهم علی وقوع الواقعة العظمی بكربلاء فی العاشر من المحرم سنة إحدی و ستین من الهجرة اختلفوا فی یومه الأسبوعی فقیل كان یوم الجمعة و قیل یوم السبت و قیل یوم الإثنین و التواریخ المعلومة المضبوطة لا توافق شیئا منها فإن أقربها إلی یوم الغدیر فی السنة العاشرة و كونها مطابقة للإثنین علی ما مر مستلزم لعدم خروج غرة المحرم فی الحادیة عشر عن السبت و الأحد و ما بین المحرمین خمسون سنة تامة و الباقی من أسبوعاتها واحد و یحتمل اثنین أیضا من جهة زیادة الكبائس لو فرضنا مثلا مبدأ الخمسین المذكور مطابقا لخامس الثلاثین المعتبر فیها الكبائس لإحدی عشرة كما لا یخفی علی أهل الخبرة فیلزم أن یكون غرة المحرم فی سنة إحدی و ستین مؤخرة عن السبت أو الأحد بواحد أو اثنین فیكون موافقا للأحد أو الإثنین أو الثلاثاء فعاشره لا یخرج عن الثلاثاء و الأربعاء و الخمیس و أبعد التواریخ المذكورة عنها غرة المحرم فیما نحن فیه من السنة الثامنة و الثمانین بعد الألف و هی كما ثبت بالحساب و الرؤیة جمیعا بلا اشتباه كانت یوم الجمعة و ما بین ذینك المحرمین ألف و سبع و عشرون سنة فإذا أسقطنا عنها ثمانمائة و أربعین أربع دورات تامة كل منها مائتان و عشر سنین علی ما مر وجهه یبقی مائة و سبع و ثمانون سنة و الباقی من أسبوعاتها خمسة مع احتمال أربعة أیضا من جهة نقصان الكبائس لو فرضنا مثلا مبدأ المدة المذكورة مطابقا لثالث الثلاثین المذكور فیلزم أن یكون غرة ذلك المحرم مقدمة علی غرة محرم سنتنا بخمسة أو أربعة فكانت یوم الأحد أو الإثنین فعاشره لا یخرج عن الثلاثاء و الأربعاء و سائر التواریخ المعلومة أیضا دالة علی مثل ما دل علیه هذان التاریخان من حال الأقوال المذكورة بالنسبة إلی القواعد الحسابیة.

فإن قلت القول الأخیر مضبوط فی الكافی و الثانی فی إرشاد المفید علی التعیین و الثلاثة فی مقنعته علی التردید و بالجملة القدر المشترك بینها هو مما اتفق علیه الشیخان الجلیلان.

قلنا اتفاقهما بل نقل كل منهما مقبول ما لم یظهر فی خلافه ما لا یعتریه الشك

ص: 371

و الشبهة و أما مع ذلك فالعذر واضح و باب التأویل مفتوح و اللّٰه أعلم بحقائق الأمور.

و من ذلك أن ابن إدریس رحمه اللّٰه فی سرائره بعد ذكر فضیلة أیام ذی الحجة و ما وقع فیها قال و فی الیوم السادس و العشرین منه سنة ثلاث و عشرین من الهجرة طعن عمر بن الخطاب فینبغی للإنسان أن یصوم هذه الأیام فإن فیها فضلا كثیرا و ثوابا جزیلا و قد تلبس علی بعض أصحابنا یوم قبض عمر بن الخطاب فیظن أنه الیوم التاسع من ربیع الأول و هذا خطأ من قائله بإجماع أهل التواریخ و السیر و قد حقق ذلك شیخنا المفید فی كتاب التواریخ و ذهب إلی ما نقلناه انتهی.

ثم إن صاحب كتاب أنیس العابدین علی طبق الكفعمی فی ذكر أعمال أیام ربیع الأول قال و تاسعه روی فیه صاحب مسار الشیعة أن من أنفق شیئا غفر له و یستحب فیه إطعام الإخوان و تطییبهم و التوسعة فی النفقة و لبس الجدید و الشكر و العبادة و هو یوم نفی الهموم و روی أنه لیس فیه صوم و جمهور الشیعة یزعمون أن فیه قتل عمر بن الخطاب و لیس بصحیح ثم ذكر مضمون السرائر و كتاب التواریخ ثم قال و إنما قتل عمر یوم الإثنین لأربع لیال بقین من ذی الحجة سنة ثلاث و عشرین من الهجرة نص علی ذلك صاحب الغرة و صاحب المعجم و صاحب الطبقات و صاحب كتاب مسار الشیعة و ابن طاوس بل الإجماع حاصل من الشیعة و السنة علی ذلك انتهی.

و فیه أن الیوم المذكور من ذی الحجة من السنة المذكورة لا یمكن كونه موافقا لیوم الإثنین بل الضوابط الحسابیة علی نحو ما مر تدل علی أنه غیر خارج عن الثلاثاء و الأربعاء فالقول بهما مشتمل علی التهافت.

أقول: أكثر ذلك ذكره بعض أفاضل المدققین ممن كان فی عصرنا رحمه اللّٰه و لقد دقق و أفاد و أحسن و أجاد لكن بعض المقدمات المذكورة مبتنیة علی أقوال بعض العلماء تبع فیها بعضهم بعضا أخذا من بعض المورخین فعدها من الإجماعیات و لیس من الإجماع فی شی ء فلا یمكن القدح بها فی الأخبار المعتبرة

ص: 372

و بعضها متفرعة علی ما ظهر لهم من الأرصاد المختلفة فی الكسور و الكبائس مع أن حسابهم مبنی علی الأمر الأوسط فی القمر و قد تتقدم الرؤیة علیه بیومین و تتأخر بیومین لما مر أنه قد تتوالی أربعة من الشهور تامة و قد تتوالی ثلاثة من الشهور ناقصة مع أنه قد یمكن تأخر أول الشهور و تأخره بأكثر من ذلك لمانع غیم أو غیره فیمكن أن یكون ما ورد فی الأخبار مبنیا علی حكم ظاهر الشرع لا علی قوانین الهیئة و مع ذلك كله یصلح أن یكون مرجحا لبعض الأقوال و الأخبار المختلفة و لذا أطلنا الكلام بذكرها و سنعید القول فی كل منها فی بابه إن شاء اللّٰه تعالی و قد مر الكلام فی بعضها و اللّٰه الموفق للحق و الصواب.

«1»- مُهَجُ الدَّعَوَاتِ، رَوَیْنَا مِنْ كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: وَ ذُكِرَ عِنْدَهُ حَزِیرَانُ فَقَالَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِی دَعَا فِیهِ مُوسَی عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ فَمَاتَ فِی یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ.

«2»- وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْهُ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الشُّهُورَ وَ خَلَقَ حَزِیرَانَ وَ جَعَلَ الْآجَالَ فِیهِ مُتَقَارِبَةً.

بیان: تقارب الآجال كنایة عن كثرة الموت إما لأن أجل بعضهم یقرب من بعض أو لأن أجل كل منهم یقرب من ابتدائه و فی القاموس إذا تقارب الزمان لم تكد رؤیا المؤمن تكذب المراد آخر الزمان و اقتراب الساعة لأن الشی ء إذا قل تقاصرت أطرافه (1).

«3»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الشُّهُورَ اثْنَیْ عَشَرَ شَهْراً وَ هِیَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ یَوْماً فَحَجَرَ مِنْهَا سِتَّةَ أَیَّامٍ خَلَقَ فِیهَا السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ فَمِنْ ثَمَّ تَقَاصَرَتِ الشُّهُورُ(2).

ص: 373


1- 1. القاموس: ج 1، ص 115.
2- 2. الخصال: 84.

العلل، عن أبیه عن سعد بن عبد اللّٰه عن یعقوب بن یزید عن حماد: مثله (1)

العیاشی، عن الصباح: مثله.

«4»- الْفَقِیهُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ النَّاسَ یَرْوُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا صَامَ (2) مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ تِسْعَةً وَ عِشْرِینَ یَوْماً أَكْثَرَ مِمَّا صَامَ ثَلَاثِینَ قَالَ كَذَبُوا مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا تَامّاً وَ لَا تَكُونُ الْفَرَائِضُ نَاقِصَةً إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَلَقَ السَّنَةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ یَوْماً وَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ فَحَجَرَهَا(3) مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ سِتِّینَ یَوْماً فَالسَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ خَمْسُونَ یَوْماً وَ شَهْرُ رَمَضَانَ ثَلَاثُونَ یَوْماً لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ الْكَامِلُ تَامٌّ وَ شَوَّالٌ تِسْعَةٌ وَ عِشْرُونَ یَوْماً وَ ذُو الْقَعْدَةِ ثَلَاثُونَ یَوْماً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَی وَ واعَدْنا مُوسی ثَلاثِینَ لَیْلَةً فَالشَّهْرُ هَكَذَا ثُمَّ هَكَذَا أَیْ شَهْرٌ تَامٌّ وَ شَهْرٌ نَاقِصٌ وَ شَهْرُ رَمَضَانَ لَا یَنْقُصُ أَبَداً وَ شَعْبَانُ لَا یَتِمُّ أَبَداً(4).

توضیح: قد عرفت سابقا أن السنة القمریة تزید علی ثلاثمائة و أربعة و خمسین یوما بثمان ساعات و ثمان و أربعین دقیقة علی ما هو المضبوط بالأرصاد فما فی الخبر مبنی علی ما تعارف من إسقاط الكسر الناقص عن النصف فی الحساب مساهلة فإن كان ثلاث مائة و ستون بلا كسر فالستة المختزلة ناقصة منها أیضا بالقدر المذكور و إلا فیحتمل تمامها.

«5»- التَّهْذِیبُ، فِی الصَّحِیحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْأَهِلَّةِ فَقَالَ هِیَ أَهِلَّةُ الشُّهُورِ فَإِذَا رَأَیْتَ الْهِلَالَ فَصُمْ وَ إِذَا رَأَیْتَهُ فَأَفْطِرْ.

و منه بإسناده عن عبد اللّٰه بن سنان عنه علیه السلام: مثله

ص: 374


1- 1. علل الشرائع: ج 2، ص 244.
2- 2. فی المصدر: صام.
3- 3. فی المصدر« حجزها» بالزای المعجمة.
4- 4. الفقیه: 196.

المقنعة، عن ابن مسكان عن أبی بصیر عن الصادق علیه السلام: مثله بیان عن الأهلة أی المذكورة فی قوله تعالی یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ فاستدل علیه السلام بالآیة علی أن المدار فی الأحكام الشرعیة علی الرؤیة كما قال الشیخ رحمه اللّٰه فی التهذیب المعتبر فی تعرف أوائل الشهور بالأهلة دون العدد علی ما یذهب إلیه قوم من شذاذ المسلمین و الذی یدل علی ذلك قول اللّٰه عز و جل یَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِیَ مَواقِیتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِ (1) فبین اللّٰه تعالی أنه جعل هذه الأهلة معتبرة فی تعرف هذه الأوقات و لو كان الأمر علی ما یذهب إلیه أصحاب العدد لما كانت الأهلة مراعاة فی تعرف هذه الأوقات إذ كانوا یرجعون إلی العدد دون غیره و هذا خلاف التنزیل و الهلال إنما سمی هلالا لارتفاع الأصوات عند مشاهدتها بالذكر لها و الإشارة إلیها بالتكبیر أیضا و التهلیل عند رؤیتها و منه قیل استهل الصبی إذا ظهر صوته بالصیاح عند الولادة و سمی الشهر شهرا لاشتهاره بالهلال فمن زعم أن العدد للأیام و الحساب للشهور و السنین یغنی فی علامات الشهور عن الأهلة أبطل معنی سمات الأهلة و الشهور الموضوعة فی لسان العرب علی ما ذكرناه انتهی.

و أقول یمكن المناقشة فی بعض ما ذكره رحمه اللّٰه و سنذكرها فی محلها إن شاء اللّٰه.

«6»- التَّهْذِیبُ، فِی الصَّحِیحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی قَالَ: كَتَبَ إِلَیْهِ أَبُو عُمَرَ أَخْبِرْنِی یَا مَوْلَایَ أَنَّهُ رُبَّمَا أَشْكَلَ عَلَیْنَا هِلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَا نَرَاهُ وَ نَرَی السَّمَاءَ لَیْسَتْ [فِیهَا] عِلَّةٌ فَیُفْطِرُ النَّاسُ وَ نُفْطِرُ مَعَهُمْ وَ یَقُولُ قَوْمٌ مِنَ الْحُسَّابِ قِبَلَنَا إِنَّهُ یُرَی تِلْكَ اللَّیْلَةُ بِعَیْنِهَا بِ مِصْرَ وَ إِفْرِیقِیَةَ وَ الْأُنْدُلُسِ فَهَلْ یَجُوزُ یَا مَوْلَایَ مَا قَالَ الْحُسَّابُ فِی هَذَا الْبَابِ حَتَّی یَخْتَلِفَ الْفَرْضُ عَلَی أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَیَكُونَ صَوْمُهُمْ خِلَافَ صَوْمِنَا وَ فِطْرُهُمْ خِلَافَ فِطْرِنَا فَوَقَّعَ علیه السلام لَا تَصُومَنَّ الشَّكَّ أَفْطِرْ لِرُؤْیَتِهِ وَ صُمْ لِرُؤْیَتِهِ.

بیان: یظهر من كلامه علیه السلام أن المدار علی الرؤیة و اختلاف الفرض إن

ص: 375


1- 1. البقرة: 189.

وقع الاختلاف فی الرؤیة غیر ضائر.

«7»- الْإِقْبَالُ، رَوَیْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَی عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ مِنْ كِتَابِ الصِّیَامِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: شَهْرُ رَمَضَانَ رَأْسُ السَّنَةِ(1).

«8»- الْفَقِیهُ، عَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ علیه السلام قَالَ: ادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ مُسْتَقْبِلَ دُخُولِ السَّنَةِ وَ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ دَعَا بِهِ مُحْتَسِباً مُخْلِصاً لَمْ تُصِبْهُ فِی تِلْكَ السَّنَةِ فِتْنَةٌ وَ لَا آفَةٌ وَ ذَكَرَ الدُّعَاءَ(2).

«9»- الْكَافِی، وَ التَّهْذِیبُ، بِسَنَدٍ فِیهِ جَهَالَةٌ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِی كِتابِ اللَّهِ یَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فَغُرَّةُ الشُّهُورِ شَهْرُ اللَّهِ (3) شَهْرُ رَمَضَانَ وَ قَلْبُ شَهْرِ رَمَضَانَ لَیْلَةُ الْقَدْرِ وَ نَزَلَ الْقُرْآنُ فِی أَوَّلِ لَیْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَاسْتَقْبِلِ الشَّهْرَ بِالْقُرْآنِ (4).

تبیین: فغرة الشهور أی أولها قال فی النهایة غرة كل شی ء أوله.

و قد ورد فی الأخبار أن أول السنة شهر رمضان أو المراد بها أفضلها و أكملها كما قال فی النهایة كل شی ء ترفع قیمته فهو غرة و الغرة أیضا البیاض فیحتمل ذلك أیضا أی منور بالأنوار المعنویة و الأول أظهر و المشهور بین العرب أن أول سنتهم المحرم و هذه الأمور تختلف باختلاف الاعتبارات فیمكن أن یكون أول السنة الشرعیة شهر رمضان و لهذا ابتدأ الشیخ به فی المصباحین و أول السنة العرفیة المحرم و أول سنة التقدیرات لیلة القدر و أول سنة جواز الأكل و الشرب شهر شوال كما روی الصدوق فی العلل بإسناده إلی الفضل بن شاذان فی علة صلاة العید لأنه أول یوم من السنة یحل فیه الأكل و الشرب لأن

ص: 376


1- 1. الإقبال: 4.
2- 2. الفقیه: 175.
3- 3. فی المصدر: شهر اللّٰه عزّ ذكره و هو شهر رمضان.
4- 4. فروع الكافی: ج 2، ص 65.

أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان (1) و قال فی علة اختصاص شهر رمضان بالصوم و فیه لیلة القدر التی هی خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ و فِیها یُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِیمٍ و هو رأس السنة و یقدر فیها ما یكون فی السنة من خیر أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل و لذلك سمیت لیلة القدر(2).

و قال السید ابن طاوس رحمه اللّٰه فی كتاب الإقبال و اعلم أنی وجدت الروایات مختلفات فی أنه هل أول السنة المحرم أو شهر رمضان لكننی رأیت من عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرین و كثیرا من تصانیف علمائهم الماضین أن أول السنة شهر رمضان علی التعیین (3)

و لعل شهر الصیام أول العام فی عبادات الإسلام و المحرم أول السنة فی غیر ذلك من التواریخ و مهام الأنام لأن اللّٰه جل جلاله عظم شهر رمضان فقال جل جلاله شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِی أُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدیً لِلنَّاسِ وَ بَیِّناتٍ مِنَ الْهُدی وَ الْفُرْقانِ (4) فلسان حال هذا التعظیم كالشاهد لشهر رمضان بالتقدیم و لأنه لم یجر لشهر من شهور السنة ذكر باسمه فی القرآن و تعظیم أمره إلا لهذا الشهر شهر الصیام و هذا الاختصاص بذكره كأنه ینبه و اللّٰه أعلم علی تقدیم أمره و لأنه إذا كان أول السنة

شهر الصیام و فیه ما قد اختص به من العبادات التی لیست فی غیره من الشهور و الأیام فكأن الإنسان قد استقبل أول السنة بذلك الاستعداد و الاجتهاد فیرجی أن یكون باقی السنة جاریا علی السداد و المراد و ظاهر دلائل المعقول و كثیر من المنقول أن ابتداءات الدخول فی الأعمال هی أوقات التأهب و الاستظهار لأوساطها و أواخرها علی كل حال و لأن فیه لیلة القدر التی یكتب فیها مقدار الآجال و إطلاق الآمال و ذلك منبه علی أن شهر الصیام هو أول السنة فكأنه فتح للعباد فی أول دخولها

ص: 377


1- 1. العلل، ج 1، ص 256.
2- 2. العلل: ج 1، ص 257.
3- 3. علی الیقین( خ).
4- 4. البقرة، 185.

أن یطلبوا أطول (1)

آجالهم و بلوغ آمالهم لیدركوا آخرها و یحمدوا مواردها و مصادرها

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ وَ ابْنُ بَابَوَیْهِ فِی كِتَابَیْهِمَا وَ اللَّفْظُ لِابْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَیْلَةُ الْقَدْرِ هِیَ أَوَّلُ السَّنَةِ وَ هِیَ آخِرُهَا(2).

و لأن الإخبار بأن شهر رمضان أول السنة أبعد من التقیة و أقرب إلی مراد العترة النبویة و حسبك شاهدا و تنبیها و آكدا ما تضمنه الأدعیة المنقولة فی أول شهر رمضان بأنه أول السنة علی التعیین و البیان (3).

«10»- الْخِصَالُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِی كِتابِ اللَّهِ یَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قَالَ الْمُحَرَّمُ وَ صَفَرٌ وَ رَبِیعٌ الْأَوَّلُ وَ رَبِیعٌ الْآخِرُ وَ جُمَادَی الْأُولَی وَ جُمَادَی الْآخِرَةُ وَ رَجَبٌ وَ شَعْبَانُ وَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ شَوَّالٌ وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ عِشْرُونَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ وَ الْمُحَرَّمُ وَ صَفَرٌ وَ شَهْرُ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ وَ عَشْرٌ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْآخِرِ(4).

بیان: الشهور المذكورة فی هذا الخبر هی أشهر السیاحة التی قال اللّٰه عز و جل فَسِیحُوا فِی الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و المشهور أن ابتداءها یوم النحر إلی العاشر من ربیع الآخر و قیل من أول الشوال إلی آخر المحرم لأن الآیة نزلت فی شوال و قیل لعشر من ذی القعدة إلی عشر من ربیع الأول لأن الحج فی تلك السنة كان فی ذلك الشهر و علی التقادیر هی غیر الأشهر الحرم و كانت مختصة بتلك السنة فهذا إما اصطلاح آخر للأشهر الحرم غیر المشهور أو سقط من الخبر شی ء و لعله أظهر.

ص: 378


1- 1. فی المصدر: طول.
2- 2. فروع الكافی: ج 1، ص 160.
3- 3. الإقبال: 4.
4- 4. الخصال: 85.

«11»- الْخِصَالُ،: فِی خُطْبَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَیَّامِ التَّشْرِیقِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ فَهُوَ الْیَوْمَ كَهَیْئَةِ یَوْمِ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ وَ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِی كِتابِ اللَّهِ یَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ رَجَبُ مُضَرَ الَّذِی بَیْنَ جُمَادَی وَ شَعْبَانَ وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ وَ الْمُحَرَّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِیهِنَّ أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ النَّسِی ءَ زِیادَةٌ فِی الْكُفْرِ یُضَلُّ بِهِ الَّذِینَ كَفَرُوا

یُحِلُّونَهُ عاماً وَ یُحَرِّمُونَهُ عاماً لِیُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَكَانُوا یُحَرِّمُونَ الْمُحَرَّمَ عَاماً وَ یَسْتَحِلُّونَ صَفَرَ وَ یُحَرِّمُونَ صَفَرَ عَاماً وَ یَسْتَحِلُّونَ الْمُحَرَّمَ (1).

بیان: قال فی النهایة یقال رجب فلان مولاه أی عظمه و منه سمی شهر رجب لأنه كان یعظم و منه الحدیث رجب مضر الذی بین جمادی و شعبان أضاف رجب إلی مضر لأنهم كانوا یعظمونه خلاف غیرهم و كأنهم اختصوا به و قوله بین جمادی و شعبان تأكید للبیان و إیضاح لأنهم كانوا ینسئونه و یؤخرونه من شهر إلی شهر فیتحول عن موضعه المختص به فبین لهم أنه الشهر الذی بین جمادی و شعبان لا ما كانوا یسمونه علی حساب النسی ء.

«12»- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ السَّنَةِ كَمْ یَوْماً هِیَ قَالَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ یَوْماً مِنْهَا سِتَّةُ أَیَّامٍ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهَا الدُّنْیَا فَطُرِحَتْ مِنْ أَصْلِ السَّنَةِ فَصَارَتِ السَّنَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ أَرْبَعَةً وَ خمسون [خَمْسِینَ] یَوْماً یُسْتَحَبُّ أَنْ یَطُوفَ الرَّجُلُ فِی مُقَامِهِ بِمَكَّةَ عَدَدَ أَیَّامِ السَّنَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ أُسْبُوعاً فَإِنْ لَمْ یَقْدِرْ عَلَی ذَلِكَ طَافَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ شَوْطاً(2).

«13»- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یُسْتَحَبُّ أَنْ تَطُوفَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّینَ أُسْبُوعاً عَدَدَ أَیَّامِ السَّنَةِ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ مِنَ الطَّوَافِ (3).

ص: 379


1- 1. الخصال: 85.
2- 2. الخصال: 151.
3- 3. الخصال: 151.

«14»- الْعِلَلُ، عَنْ أَبِی الْهَیْثَمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّائِغِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْیَانَ (1)

عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ الْحَرَّ مِنْ فَیْحِ جَهَنَّمَ وَ اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَی رَبِّهَا فَأَذِنَ لَهَا فِی نَفَسَیْنِ نَفَسٍ فِی الشِّتَاءِ وَ نَفَسٍ فِی الصَّیْفِ فَشِدَّةُ مَا یَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ مِنْ فَیْحِهَا وَ مَا یَجِدُونَ مِنَ الْبَرْدِ مِنْ زَمْهَرِیرِهَا(2).

بیان: الخبر عامی ضعیف و قال فی النهایة فیه شدة الحر من فیح جهنم الفیح سطوع الحر و فورانه و یقال بالواو و فاحت القدر تفوح و تفیح إذا غلت و قد أخرجه مخرج التشبیه و التمثیل أی كأنه نار جهنم فی حرها انتهی و قال الطیبی فأذن لها فی نفسین یبین أن المراد به الحقیقة لا المجاز و قال الكرمانی فی شرح البخاری هو علة لشرعیة الإبراد فإن شدته یسلب الخشوع أو لأنه وقت غضب اللّٰه لا ینجع فیه الطلب بالمناجاة إلا من أذن له انتهی و أقول سیأتی تمام القول فیه فی كتاب الصلاة إن شاء اللّٰه.

«15»- الْعَیَّاشِیُّ، عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ فَالسَّنَةُ تَنْقُصُ سِتَّةَ أَیَّامٍ.

أقول: و سیأتی فضائل الشهور و خواصها فی الأبواب المناسبة لها فی عرض الكتاب إن شاء اللّٰه تعالی.

فائدة قال أبو ریحان فأما العرب فإن شهورهم اثنا عشر أولها المحرم و قد قیل فی علل أسامی هذه الشهور أقاویل منها أنه قیل فی تسمیة المحرم أنه

ص: 380


1- 1. هو سفیان بن عیینة بن أبی عمران الهلالی ذكره الشیخ فی أصحاب الصادق: و قال العلامة: سفیان بن عیینة لیس من أصحابنا و لا من عدادنا. و قال الخزرجی فی خلاصة تذهیب الكمال( ص: 123) سفیان بن عیینة بن أبی عمران الهلالی مولاهم أبو محمّد الأعور الكوفیّ احد ائمة الإسلام- إلی ان قال- مات سنة( 198).
2- 2. العلل: ج 1، ص 235.

لكونه من جملة الحرم و صفر لامتیازهم من فرقة تسمی صفریة و شهری ربیع للزهر و الأنوار و تواتر الأندیة و الأمطار و هو نسبة إلی طبع الفصل الذی نسمیه نحن الخریف و كانوا یسمونه ربیعا و شهری جمادی لجمود الماء و رجب لاعتمادهم الحركة فیه لا من جهة القتال و الرجبة العماد و منه قیل عذق مرجب و شعبان لتشعب القبائل فیه و شهر رمضان للحجارة ترمض فیه من شدة الحر و شوال لارتفاع الحر و إدباره و ذو القعدة للزومهم منازلهم و ذو الحجة لحجهم فیه و توجد للشهور العربیة أسامی أخر قد كان أوائلهم یدعونها بها و هی هذه المؤتمر ناجر خوان صوان حنتم زباء الأصم عادل نافق واغل هواع برك و قد توجد هذه الأسماء مخالفة لما أوردناه و مختلفة الترتیب كما نظمها أحد الشعراء:

بمؤتمر و ناجرة بدأنا***و بالخوان یتبعه الصوان

و بالزباء بایدة تلیه***یعود أصم صم به الشنآن

و واغلة و ناتلة جمیعا***و عادلة فهم غرر حسان

و رنة بعدها برك فتمت***شهور الحول یعقدها البنان

و معانی هذه الأسماء علی ما ذكر فی كتب اللغة أما المؤتمر فمعناه أن یأتمر بكل شی ء مما تأتی به السنة من أقضیتها و أما ناجر فهو من النجر و هو شدة الحر و أما خوان فهو علی مثال فعال من الخیانة و كذلك صوان علی مثال فعال من الصیانة و هذه المعانی كانت اتفقت لهم عند أول التسمیة و أما الزباء فهی الداهیة العظیمة المتكاثفة سمی لكثرة القتال فیه و تكاثفه و أما البائد فهو أیضا من القتال إذ كان یبید فیه كثیر من الناس و جری المثل بذلك العجب كل العجب بین جمادی و رجب و كانوا یستعجلون فیه و یتوخون بلوغ ما كان لهم من الثأر و الغارات قبل دخول رجب و هو شهر حرام و أما الأصم فلأنهم كانوا یكفون عن القتال فلا یسمع فیه صوت سلاح و أما الواغل فهو الداخل علی شراب و لم یدعوه و ذلك لهجومه علی شهر رمضان و كان یكثر فی شهر رمضان شربهم للخمر لأن ما یتلوه

ص: 381

هی شهور الحج و أما ناتل فهو مكیال للخمر سمی به لإفراطهم فی الشرب و كثرة استعمالهم لذلك المكیال و أما العادل فهو من العدل لأنه من أشهر الحج و كانوا یشتغلون فیه عن الباطل و أما الرنة فلأن الأنعام كانت ترن فیه لقرب النحر و أما برك فهو لبروك الإبل إذا أحضرت المنحر و أحسن من النظم الذی ذكرنا نظم الصاحب إسماعیل بن عباد لها و هی هذه شعر:

أردت شهور العرب فی جاهلیة***فخذها علی سرد المحرم تشترك

فمؤتمر یأتی و من بعد ناجر***و خوان مع صوان یجمع فی شرك

حنین و زبا و الأصم و عادل***و نافق مع وغل و رنة مع برك

انتهی.

و أقول فی القاموس ناجر رجب أو صفر و كل شهر من شهور الصیف و قال الخوان كشداد و یضم شهر ربیع الأول و قال زبا كربی بلا لام جمادی الآخرة و قال حنین كأمیر و سكیت و باللام فیهما اسمان لجمادی الأولی و الآخرة.

ثم قال أبو ریحان ذكر محمد بن درید فی كتاب الوشاح أن ثمود كانوا یسمون الشهور بأسماء أخر و هی هذه موجب و هو المحرم ثم موجر ثم مولد ثم ملزم ثم مصدر ثم هوبر ثم هوبل ثم موها ثم دیمر ثم دابر ثم حیفل ثم مسبل قال و إنهم كانوا یبتدءون من دیمر و هو شهر رمضان و لم تكن العرب تسمی أیامهم بأسامی مفردة كما سمتها الفرس غیر أنهم أفردوا لكل ثلاث لیال من كل شهر من شهورهم أسماء علی حدة مستخرجا من حال القمر و ضوئه فیها فإذا ابتدءوا من أول الشهر فثلاث غرر جمع غرة و غرة كل شی ء أوله و قیل لأن الهلال فیها یری كالغرة ثم ثلاث نفل من قولهم تنفل إذا ابتدأ بالعطیة من غیر وجوب و بعضهم سمی هذه الثلاث الثانیة شهب ثم ثلاث تسع لأن آخر لیلة منها هی التاسعة و سمی بعضهم هذه الثلاث الثالثة البهر لأنه تبهر ظلمة اللیل فیها ثم ثلاث عشر لأن أولها العاشرة ثم ثلاث بیض لأنها تبیض بطلوع القمر من أولها إلی آخرها ثم ثلاث درع

ص: 382

لاسوداد أوائلها تشبیها بالشاة الدرعاء و الأصل هو التشبیه بالدرع الملبوس لأن لون رأس لابسه یخالف لون سائر بدنه ثم ثلاث ظلم لإظلامها فی أكثر أوقاتها ثم ثلاث حنادس و قیل لها أیضا دهم لسوادها ثم ثلاث آدئ لأنها بقایا و قیل إن ذلك من سیر الإبل و هو یقدم إحدی یدیه ثم یتبعها الأخری عجلا ثم ثلاث محاق لانمحاق القمر و الشهر و خصوا من الشهر لیالی بأسماء مفردة كآخر لیلة منه فإنها تسمی السرار لاستسرار القمر و تسمی الفحمة أیضا لعدم الضوء فیها و یقال لها البراء لتبرؤ الشمس فیها.

و كآخر الشهر فإنهم یسمونه النحیرة لأنه ینحر فیه أی یكون فی نحره و كاللیلة الثالثة عشر فإنها تسمی السواء و الرابعة عشر لیلة البدر لامتلاء القمر فیها و تمام ضوئه و كل شی ء قد تم فقد بدر كما قیل للعشرة آلاف درهم بدرة لأنها تمام العدد و منتهاه بالوضع لا بالطبع.

كلمة المصحّح

بسمه تعالی إلی هنا تمّ الجزء الثانی من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار و هو الجزء الخامس و الخمسون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة البهیّة.

و قد قابلناه علی النسخة الّتی صحّحها الفاضل الخبیر الشیخ محمّد تقیّ الیزدیّ بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولیّ التوفیق.

محمد الباقر البهبودی

ص: 383

كلمة المحقّق

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحیم

أحمدك اللّٰهمّ علی أن وفّقتنی للغوص فی بحار الأنوار، و اقتناء درر الحكم و لآلی الأخبار، و اصلّی و اسلّم علی رسولك المختار، و آله المصطفین الأخیار المجتبین الأطهار، معادن العلم و ینابیع الحكمة و مصادر الآثار.

أقتصر من حمدك بالاعتراف بالعجز عن اكتناه وصفك، و إحصاء نعمك، و من شكر أولیائك أولیاء النعمة بالتطأمّن تجاه مقامهم المنیع، و مكانهم الرفیع استحیاء من القصور عن إیفاء حقّهم، و خجلا من التقصیر فی أداء شكرهم، و إجلالا لشأنهم عندك، و إكبارا لقربهم منك. أنت كما أثنیت علی نفسك و أولیاؤك كما أثنیت علیهم، فصلّ علیهم صلاة كثیرة دائمة لا تنبغی إلّا لهم، و لا یعلم مبلغها غیرك.

و بعد من الواجب علینا بنصّ فتیا العقل، و بما تواتر علیه من النقل، شكر المنعم و إیفاء الحقّ. و لعمر الحقّ من أعظم الناس حقّا علینا معاشر المسلمین و أكبرهم إحسانا إلینا العلماء العظام و المحدّثون الكبار، حیث بذلوا جهیداهم و أفرغوا طاقتهم و مقدرتهم لحفظ سنن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و آثار الأئمّة من أهل بیته علیهم السّلام و نشر علومهم و حكمهم و إبقائها لنا و لمن أراد اللّٰه أن یستخلفه من بعدهم، فجزاهم اللّٰه عنّا و عن كافّة أهل الإسلام خیر الجزاء، و أجزل لهم الأجر و العطاء.

و من فطاحل العلماء و جهابذتهم، و فحول المحدّثین و عباقرتهم، مولانا شیخ الإسلام محمّد باقر المجلسیّ رضوان اللّٰه علیه و له من تلك الفضیلة حظّ وافر و علیه منّا و من قاطبة الشیعة ثناء عاطر، و شكر متواتر.

ص: 384

و قد كابد رحمه اللّٰه من المشقّة و التعب، و قاسی من العناء و النصب، فی الجمع و التألیف، و النظم و الترصیف، ما جاز حدّ البیان، و أعجز القلم و اللسان و لیس یخفی ذلك علی من تأمّل فی آثاره النفیسة البهیّة، و نظر فی كتبه الثمینة القیّمة، و سبر غور

تآلیفه الضخمة الفخمة فعلینا و علی كلّ من اقتطف من ثمار آثاره، و سبح فی أجواء بحاره، و ارتشف من مناهل موسوعاته إجمال الثناء علیه إعظاما لشأنه، و إكثار الدعاء له إیفاء لحقّه. قدّس اللّٰه سرّه، و رفع شأنه، و أعلی مقامه.

و لقد بذلنا غایة مجهودنا فی تصحیح هذا الجزء من كتابه المسمّی «بحار الأنوار» متنا و سندا، و تخریجه، و التعلیق علیه بما یوضح جدده، و یقیم صدده أداء لبعض حقّه، و شكرا لما أنعم المولی تعالی علینا من ولایة أولیائه، و لما یسّر لنا من الاستضاءة بأنوارهم و الاستفادة من علومهم.

و لست أنسی الثناء علی من وازرنی و ساهمنی فی هذا المشروع من إخوانی الأماجد، لا سیّما علی زمیلی الثقة الفاضل البارع «الشیخ عبد الكریم النیّریّ البروجردیّ» حیث عاضدنی بتصحیح الأسانید، و ترجمة بعض الرجال، و علی الفاضل المتتبّع الذكیّ، «السیّد جعفر الحسنی الیزدیّ» و علی سائر إخوانی الّذین ساعدونی فی التخریج و المقابلة بالنسخ و المصادر، و أسأل اللّٰه الكریم أن یدیم توفیقنا جمیعا و یزیدنا من فضله، إنّه ذو فضل عظیم.

قم المشرفة: محمد تقی الیزدی 12/ شعبان المعظم 1379

ص: 385

مراجع التصحیح و التخریج و التعلیق

قوبل هذا الجزء بعدّة نسخ مطبوعة و مخطوطة، منها النسخة المطبوعة بطهران سنة (1305) المعروفة بطبعة أمین الضرب، و منها النسخة المطبوعة بتبریر و منها النسخة المخطوطة النفیسة لمكتبة صاحب الفضیلة السیّد جلال الدین الأرمویّ الشهیر ب «المحدّث» و اعتمدنا فی التخریج و التصحیح و التعلیق علی كتب كثیرة نسرد بعض أسامیها:

«1»- القرآن الكریم.

«2»- تفسیر علیّ بن إبراهیم القمّی المطبوع سنة 1311 فی ایران

«3»- تفسیر فرات الكوفیّ المطبوع سنة 1354 فی النجف

«4»- تفسیر مجمع البیان المطبوع سنة 1373 فی طهران

«5»- تفسیر أنوار التنزیل للقاضی البیضاویّ المطبوع سنة 1285 فی استانبول

«6»- تفسیر مفاتیح الغیب للفخر الرازیّ المطبوع سنة 1294 فی استانبول

«7»- الاحتجاج للطبرسیّ المطبوع سنة 1350 فی النجف

«8»- اصول الكافی للكلینی المطبوع سنة- فی طهران

«9»- الاقبال للسیّد بن طاوس المطبوع سنة 1312 فی طهران

«10»- تنبیه الخواطر لورّام بن أبی فراس المطبوع سنة- فی طهران

«11»- التوحید للصدوق المطبوع سنة 1375 فی طهران

«12»- ثواب الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1375 فی طهران

«13»- الخصال الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1374 فی طهران

«14»- الدرّ المنثور للسیوطیّ

«15»- روضة الكافی للكلینی المطبوع سنة 1374 فی طهران

ص: 386

«16»- علل الشرائع الصدوق المطبوع سنة 1378 فی قم

«17»- عیون الأخبار للصدوق المطبوع سنة 1377 فی قم

«18»- فروع الكافی للكلینی المطبوع سنة- فی-

«19»- المحاسن للبرقیّ المطبوع سنة 1371 فی طهران

«20»- معانی الاخبار للصدوق المطبوع سنة 1379 فی طهران

«21»- مناقب آل أبی طالب لابن شهرآشوب المطبوع سنة 1378 فی قم

«22»- من لا یحضره الفقیه للصدوق المطبوع سنة 1376 فی طهران

«23»- نهج البلاغة للشریف الرضی المطبوع سنة- فی مصر

«24»- اسد الغایة لعزّ الدین ابن الأثیر المطبوع سنة- فی طهران

«25»- تنقیح المقال للشیخ عبد اللّٰه المامقانی المطبوع سنة 1350 فی النجف

«26»- تهذیب الاسماء و اللغات للحافظ محیی الدین بن شرف النوری المطبوع فی مصر

«27»- جامع الرواة للاردبیلی المطبوع سنة 1331 فی طهران

«28»- خلاصة تذهیب الكمال للحافظ الخزرجی المطبوع سنة 132 فی مصر

«29»- رجال النجاشی المطبوع-- فی طهران

«30»- روضات الجنات للمیرزا محمّد باقر الموسوی المطبوع سنة 1367 فی طهران

«31»- الكنی و الألغاب للمحدّث القمی المطبوع-- فی صیدا

«32»- لسان المیزان لابن حجر العسقلانی المطبوع-- فی حیدرآباد الدكن

«33»- الرواشح السماویة للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوع سنة 1311 فی ایران

«34»- القبسات للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوع سنة 1315 فی ایران

«35»- رسالة مذهب ارسطاطا لیس للسید محمّد باقر الحسینی الشهیر بالداماد المطبوعة بهامش القبسات

«36»- اثولوجیا المنسوب إلی ارسطاطا لیس المطبوعة بهامش القبسات

ص: 387

«37»- رسالة الحدوث لصدر المتألهین المطبوع سنة 1302 فی ایران

«38»- الشفاء للشیخ الرئیس ابی علی بن سینا المطبوع سنة 1303 فی ایران

«39»- شرح التجرید تألیف المحقق الطوسی للعلامة الحلّیّ المطبوع سنة 1367 فی قم

«40»- عین الیقین للمولی محسن الفیض الكاشانی المطبوع سنة 1313 فی طهران

«41»- مروج الذهب للمسعودی المطبوع سنة 1346 فی مصر

«42»- القاموس لمحیط للفیروزآبادی المطبوع سنة 1332 فی مصر

«43»- الصحاح للجوهریّ المطبوع سنة 1377 فی مصر

«44»- النهایة لمجد الدین ابن الاثیر المطبوع سنة 1311 فی مصر

ص: 388

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

«4»- باب العرش و الكرسی و حملتهما 39- 1

«5»- باب الحجب و الأستار و السرادقات 47- 39

«6»- باب سدرة المنتهی و معنی علّیّین و سجّین 55- 48

«7»- باب البیت المعمور 61- 55

«8»- باب السماوات و كیفیاتها و عددها و النجوم و أعدادها و صفاتها و المجرة 113- 61

«9»- باب الشمس و القمر و أحوالهما و صفاتهما و اللیل و النهار و ما یتعلّق بهما 216- 113

«10»- باب علم النجوم و العمل به و حال المنجّمین 311- 217

«11»- باب آخر فی النهی عن الاستمطار بالأنواء و الطیرة و العدوی 330- 312

«12»- باب ما یتعلق بالنجوم و یناسب أحكامها من كتاب دانیال علیه السلام و غیره 336- 330

أبواب الأزمنة و أنواعها و سعادتها و نحوستها و سائر أحوالها

«13»- باب السنین و الشهور و أنواعهما و الفصول و أحوالها 383- 337

ص: 389

ص: 390

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 391

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.