بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 45

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 45: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب تاریخ فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام

تتمة أبواب ما یختص بتاریخ الحسین بن علی صلوات اللّٰه علیهما

بقیة الباب 37 سائر ما جری علیه بعد بیعة الناس لیزید بن معاویة إلی شهادته صلوات اللّٰه علیه

اشارة

فلما كان الغداة أمر الحسین علیه السلام بفسطاطه فضرب و أمر بجفنة فیها مسك كثیر فجعل فیها نورة ثم دخل لیطلی فروی أن بریر بن خضیر الهمدانی و عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاری وقفا علی باب الفسطاط لیطلیا بعده فجعل بریر یضاحك عبد الرحمن فقال له عبد الرحمن یا بریر أ تضحك ما هذه ساعة باطل فقال بریر لقد علم قومی أننی ما أحببت الباطل كهلا و لا شابا و إنما أفعل ذلك استبشارا بما نصیر إلیه فو اللّٰه ما هو إلا أن نلقی هؤلاء القوم بأسیافنا نعاجلهم ساعة ثم نعانق الحور العین (1).

رَجَعْنَا إِلَی رِوَایَةِ الْمُفِیدِ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنِّی جَالِسٌ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ الَّتِی قُتِلَ أَبِی فِی صَبِیحَتِهَا وَ عِنْدِی عَمَّتِی زَیْنَبُ تُمَرِّضُنِی (2) إِذِ اعْتَزَلَ أَبِی فِی خِبَاءٍ لَهُ وَ عِنْدَهُ فُلَانٌ (3)

مَوْلَی أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ وَ هُوَ یُعَالِجُ سَیْفَهُ وَ یُصْلِحُهُ


1- 1. كتاب الملهوف ص 84.
2- 2. یقال: مرضه- من باب التفعیل- اذا أحسن القیام علیه فی مرضه و تكفل بمداواته، قال فی اللسان: جاعت فعلت هنا للسلب و ان كانت فی أكثر الامر انما تكون للاثبات.
3- 3. جون. خ ل. و فی المصدر: جوین.

وَ أَبِی یَقُولُ:

یَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِیلٍ***كَمْ لَكَ بِالْإِشْرَاقِ وَ الْأَصِیلِ

مِنْ صَاحِبٍ وَ طَالِبٍ قَتِیلٍ***وَ الدَّهْرُ لَا یَقْنَعُ بِالْبَدِیلِ

وَ إِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَی الْجَلِیلِ***وَ كُلُّ حَیٍّ سَالِكٌ سَبِیلِی

فَأَعَادَهَا مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً حَتَّی فَهِمْتُهَا وَ عَلِمْتُ مَا أَرَادَ فَخَنَقَتْنِیَ الْعَبْرَةُ فَرَدَدْتُهَا وَ لَزِمْتُ السُّكُوتَ وَ عَلِمْتُ أَنَّ الْبَلَاءَ قَدْ نَزَلَ وَ أَمَّا عَمَّتِی فَلَمَّا سَمِعَتْ مَا سَمِعْتُ وَ هِیَ امْرَأَةٌ وَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ الرِّقَّةُ وَ الْجَزَعُ فَلَمْ تَمْلِكْ نَفْسَهَا أَنْ وَثَبَتْ تَجُرُّ ثَوْبَهَا وَ هِیَ حَاسِرَةٌ حَتَّی انْتَهَتْ إِلَیْهِ وَ قَالَتْ وَا ثُكْلَاهْ لَیْتَ الْمَوْتَ أَعْدَمَنِیَ الْحَیَاةَ الْیَوْمَ مَاتَتْ أُمِّی فَاطِمَةُ وَ أَبِی عَلِیٌّ وَ أَخِیَ الْحَسَنُ یَا خَلِیفَةَ الْمَاضِی وَ ثِمَالَ الْبَاقِی فَنَظَرَ إِلَیْهَا الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ قَالَ لَهَا یَا أُخْتَهْ لَا یَذْهَبَنَّ حِلْمَكِ الشَّیْطَانُ وَ تَرَقْرَقَتْ عَیْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَ قَالَ لَوْ تُرِكَ الْقَطَا لَیْلًا لَنَامَ (1)

فَقَالَتْ یَا وَیْلَتَاهْ أَ فَتُغْتَصَبُ نَفْسُكَ اغْتِصَاباً(2)

فَذَلِكَ أَقْرَحُ لِقَلْبِی وَ أَشَدُّ عَلَی نَفْسِی ثُمَّ لَطَمَتْ وَجْهَهَا وَ هَوَتْ إِلَی جَیْبِهَا وَ شَقَّتْهُ وَ خَرَّتْ مَغْشِیَّةً عَلَیْهَا.

فَقَامَ إِلَیْهَا الْحُسَیْنُ علیه السلام فَصَبَّ عَلَی وَجْهِهَا الْمَاءَ وَ قَالَ لَهَا یَا أُخْتَاهْ اتَّقِی اللَّهَ وَ تَعَزَّیْ بِعَزَاءِ اللَّهِ وَ اعْلَمِی أَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ یَمُوتُونَ وَ أَهْلَ السَّمَاءِ لَا یَبْقَوْنَ وَ أَنَ

ص: 2


1- 1. القطا: جمع قطاة و هی طائر فی حجم الحمام صوته قطاقطا. و هذا مثل. قال المیدانی: نزل عمرو بن مامة علی قوم من مراد، فطرقوه لیلا فأثاروا القطا من أماكنها فرأتها امرأته طائرة، فنبهت المرأة زوجها فقال: انما هی القطا، فقالت: لو ترك القطا لیلا لنام. یضرب لمن حمل علی مكروه من غیر ارادته، و قیل غیر ذلك. راجع مجمع الامثال ج 2 ص 174 تحت الرقم 3231.
2- 2. لا أری لذكر الاغتصاب وجها و الظاهر أنّه تصحیف و الصحیح:« أ فتحتسب نفسك احتسابا». یقال: احتسب ولدا له: إذا مات ولده كبیرا، و مثله احتسب نفسه: إذا عدها شهیدا فی ذات اللّٰه، و قد مر فی ص 138 من ج 44 كلام الحسن بن علیّ علیهما السلام« اللّٰهمّ إنّی احتسب نفسی عندك» فراجع.

كُلَّ شَیْ ءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَی الَّذِی خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ وَ یَبْعَثُ الْخَلْقَ وَ یَعُودُونَ وَ هُوَ فَرْدٌ وَحْدَهُ وَ أَبِی خَیْرٌ مِنِّی وَ أُمِّی خَیْرٌ مِنِّی وَ أَخِی خَیْرٌ مِنِّی وَ لِی وَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ بِرَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ فَعَزَّاهَا بِهَذَا وَ نَحْوِهِ وَ قَالَ لَهَا یَا أُخْتَاهْ إِنِّی أَقْسَمْتُ عَلَیْكِ فَأَبِرِّی قَسَمِی- لَا تَشُقِّی عَلَیَّ جَیْباً وَ لَا تَخْمِشِی عَلَیَّ وَجْهاً وَ لَا تَدْعَیْ عَلَیَّ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ إِذَا أَنَا هَلَكْتُ ثُمَّ جَاءَ بِهَا حَتَّی أَجْلَسَهَا عِنْدِی ثُمَّ خَرَجَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَقْرِنَ بَعْضُهُمْ بُیُوتَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ أَنْ یُدْخِلُوا الْأَطْنَابَ بَعْضَهَا فِی بَعْضٍ وَ أَنْ یَكُونُوا بَیْنَ الْبُیُوتِ فَیُقْبِلُوا الْقَوْمَ فِی وَجْهٍ وَاحِدٍ وَ الْبُیُوتُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَ عَنْ أَیْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ قَدْ حَفَّتْ بِهِمْ إِلَّا الْوَجْهَ الَّذِی یَأْتِیهِمْ مِنْهُ عَدُوُّهُمْ وَ رَجَعَ علیه السلام إِلَی مَكَانِهِ فَقَامَ لَیْلَتَهُ كُلَّهَا یُصَلِّی وَ یَسْتَغْفِرُ وَ یَدْعُو وَ یَتَضَرَّعُ وَ قَامَ أَصْحَابُهُ كَذَلِكَ یُصَلُّونَ وَ یَدْعُونَ وَ یَسْتَغْفِرُونَ (1) وَ قَالَ فِی الْمَنَاقِبِ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ خَفَقَ الْحُسَیْنُ بِرَأْسِهِ خَفْقَةً ثُمَّ اسْتَیْقَظَ فَقَالَ أَ تَعْلَمُونَ مَا رَأَیْتُ فِی مَنَامِی السَّاعَةَ فَقَالُوا وَ مَا الَّذِی رَأَیْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَأَیْتُ كَأَنَّ كِلَاباً قَدْ شَدَّتْ عَلَیَّ لِتَنْهَشَنِی وَ فِیهَا كَلْبٌ أَبْقَعُ رَأَیْتُهُ أَشَدَّهَا عَلَیَّ وَ أَظُنُّ أَنَّ الَّذِی یَتَوَلَّی قَتْلِی رَجُلٌ أَبْرَصُ مِنْ بَیْنِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ثُمَّ إِنِّی رَأَیْتُ بَعْدَ ذَلِكَ جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَقُولُ لِی یَا بُنَیَّ أَنْتَ شَهِیدُ آلِ مُحَمَّدٍ وَ قَدِ اسْتَبْشَرَ بِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلُ الصَّفِیحِ الْأَعْلَی فَلْیَكُنْ إِفْطَارُكَ عِنْدِی اللَّیْلَةَ عَجِّلْ وَ لَا تُؤَخِّرْ فَهَذَا مَلَكٌ قَدْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ لِیَأْخُذَ دَمَكَ فِی قَارُورَةٍ خَضْرَاءَ فَهَذَا مَا رَأَیْتُ وَ قَدْ أَزِفَ الْأَمْرُ(2) وَ اقْتَرَبَ الرَّحِیلُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْیَا لَا شَكَّ فِی ذَلِكَ و قال المفید قال الضحاك بن عبد اللّٰه: و مرت بنا خیل لابن سعد تحرسنا و إن حسینا علیه السلام لیقرأ وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ ما كانَ اللَّهُ لِیَذَرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلی ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ

ص: 3


1- 1. كتاب الإرشاد ص 215 و 216.
2- 2. فی الأصل: و قد أنف الامر، و أظنه تصحیفا.

حَتَّی یَمِیزَ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ (1) فسمعها من تلك الخیل رجل یقال له عبد اللّٰه ابن سمیر و كان مضحاكا و كان شجاعا بطلا فارسا شریفا فاتكا فقال نحن و رب الطیبون میزنا بكم فقال له بریر بن الخضیر یا فاسق أنت یجعلك اللّٰه من الطیبین قال له من أنت ویلك قال أنا بریر بن الخضیر فتسابا.

و أصبح الحسین فعبأ أصحابه بعد صلاة الغداة و كان معه اثنان و ثلاثون فارسا و أربعون راجلا و قال محمد بن أبی طالب و فی روایة أخری اثنان و ثمانون راجلا و قال السید رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَةً وَ أَرْبَعِینَ فَارِساً وَ مِائَةَ رَاجِلٍ و كذا قال ابن نما و قال المفید فجعل زهیر بن القین فی میمنة أصحابه و حبیب بن مظاهر فی میسرة أصحابه و أعطی رایته العباس أخاه و جعلوا البیوت فی ظهورهم و أمر بحطب و قصب كان من وراء البیوت أن یترك فی خندق كان قد حفر هناك و أن یحرق بالنار مخافة أن یأتوهم من ورائهم.

و أصبح عمر بن سعد فی ذلك الیوم و هو یوم الجمعة و قیل یوم السبت فعبأ أصحابه و خرج فیمن معه من الناس نحو الحسین و كان علی میمنته عمرو بن الحجاج و علی میسرته شمر بن ذی الجوشن و علی الخیل عروة بن قیس و علی الرجالة شبث بن ربعی و أعطی الرایة دریدا مولاه و قال محمد بن أبی طالب و كانوا نیفا علی اثنین و عشرین ألفا و فی روایة عن الصادق علیه السلام ثلاثین ألفا.

قَالَ الْمُفِیدُ وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَصْبَحَتِ الْخَیْلُ تُقْبِلُ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام رَفَعَ یَدَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِی فِی كُلِّ كَرْبٍ وَ رَجَائِی فِی كُلِّ شِدَّةٍ وَ أَنْتَ لِی فِی كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِی ثِقَةٌ وَ عُدَّةٌ كَمْ مِنْ كَرْبٍ یَضْعُفُ عَنْهُ الْفُؤَادُ وَ تَقِلُّ فِیهِ الْحِیلَةُ وَ یَخْذُلُ فِیهِ الصَّدِیقُ وَ یَشْمَتُ فِیهِ الْعَدُوُّ أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَ شَكَوْتُهُ إِلَیْكَ رَغْبَةً مِنِّی إِلَیْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ فَفَرَّجْتَهُ وَ كَشَفْتَهُ فَأَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ نِعْمَةٍ وَ صَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ وَ مُنْتَهَی كُلِّ رَغْبَةٍ قَالَ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ یَجُولُونَ حَوْلَ بَیْتِ الْحُسَیْنِ فَیَرَوْنَ الْخَنْدَقَ فِی ظُهُورِهِمْ

ص: 4


1- 1. آل عمران: 178 و 179.

وَ النَّارُ تَضْطَرِمُ فِی الْحَطَبِ وَ الْقَصَبِ الَّذِی كَانَ أُلْقِیَ فِیهِ فَنَادَی شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا حُسَیْنُ أَ تَعَجَّلْتَ بِالنَّارِ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَنْ هَذَا كَأَنَّهُ شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ رَاعِیَةِ الْمِعْزَی أَنْتَ أَوْلی بِها صِلِیًّا وَ رَامَ مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ أَنْ یَرْمِیَهُ بِسَهْمٍ فَمَنَعَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ دَعْنِی حَتَّی أَرْمِیَهُ فَإِنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ عُظَمَاءِ الْجَبَّارِینَ وَ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَا تَرْمِهِ فَإِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَهُمْ بِقِتَالٍ (1). وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ رَكِبَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَقُرِّبَ إِلَی الْحُسَیْنِ فَرَسُهُ فَاسْتَوَی عَلَیْهِ وَ تَقَدَّمَ نَحْوَ الْقَوْمِ فِی نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ بُرَیْرُ بْنُ خُضَیْرٍ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام كَلِّمِ الْقَوْمَ فَتَقَدَّمَ بُرَیْرٌ فَقَالَ یَا قَوْمِ اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّ ثَقَلَ مُحَمَّدٍ قَدْ أَصْبَحَ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ هَؤُلَاءِ ذُرِّیَّتُهُ وَ عِتْرَتُهُ وَ بَنَاتُهُ وَ حَرَمُهُ فَهَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ وَ مَا الَّذِی تُرِیدُونَ أَنْ تَصْنَعُوهُ بِهِمْ فَقَالُوا نُرِیدُ أَنْ نُمَكِّنَ مِنْهُمُ الْأَمِیرَ ابْنَ زِیَادٍ فَیَرَی رَأْیَهُ فِیهِمْ فَقَالَ لَهُمْ بُرَیْرٌ أَ فَلَا تَقْبَلُونَ مِنْهُمْ أَنْ یَرْجِعُوا إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی جَاءُوا مِنْهُ وَیْلَكُمْ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَ نَسِیتُمْ كُتُبَكُمْ وَ عُهُودَكُمُ الَّتِی أَعْطَیْتُمُوهَا وَ أَشْهَدْتُمُ اللَّهَ عَلَیْهَا یَا وَیْلَكُمْ أَ دَعَوْتُمْ أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ وَ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ دُونَهُمْ حَتَّی إِذَا أَتَوْكُمْ أَسْلَمْتُمُوهُمْ إِلَی ابْنِ زِیَادٍ وَ حَلَّأْتُمُوهُمْ عَنْ مَاءِ الْفُرَاتِ بِئْسَ مَا خَلَّفْتُمْ نَبِیَّكُمْ فِی ذُرِّیَّتِهِ مَا لَكُمْ لَا سَقَاكُمُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَبِئْسَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ.

فَقَالَ لَهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ یَا هَذَا مَا نَدْرِی مَا تَقُولُ فَقَالَ بُرَیْرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی زَادَنِی فِیكُمْ بَصِیرَةً اللَّهُمَّ إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِنْ فِعَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ أَلْقِ بَأْسَهُمْ بَیْنَهُمْ حَتَّی یَلْقَوْكَ وَ أَنْتَ عَلَیْهِمْ غَضْبَانُ فَجَعَلَ الْقَوْمُ یَرْمُونَهُ بِالسِّهَامِ فَرَجَعَ بُرَیْرٌ إِلَی وَرَائِهِ.

و تقدم الحسین علیه السلام حتی وقف بإزاء القوم فجعل ینظر إلی صفوفهم كأنهم السیل و نظر إلی ابن سعد واقفا فی صنادید الكوفة فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَ الدُّنْیَا فَجَعَلَهَا دَارَ فَنَاءٍ وَ زَوَالٍ مُتَصَرِّفَةً بِأَهْلِهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ فَالْمَغْرُورُ مَنْ غَرَّتْهُ

ص: 5


1- 1. إرشاد المفید ص 217.

وَ الشَّقِیُّ مَنْ فَتَنَتْهُ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الدُّنْیَا فَإِنَّهَا تَقْطَعُ رَجَاءَ مَنْ رَكِنَ إِلَیْهَا وَ تُخَیِّبُ طَمَعَ مَنْ طَمِعَ فِیهَا وَ أَرَاكُمْ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَی أَمْرٍ قَدْ أَسْخَطْتُمُ اللَّهَ فِیهِ عَلَیْكُمْ وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ الْكَرِیمِ عَنْكُمْ وَ أَحَلَّ بِكُمْ نَقِمَتَهُ وَ جَنَّبَكُمْ رَحْمَتَهُ فَنِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا وَ بِئْسَ الْعَبِیدُ أَنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ بِالطَّاعَةِ وَ آمَنْتُمْ بِالرَّسُولِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ إِنَّكُمْ زَحَفْتُمْ إِلَی ذُرِّیَّتِهِ وَ عِتْرَتِهِ تُرِیدُونَ قَتْلَهُمْ لَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَیْكُمُ الشَّیْطَانُ فَأَنْسَاكُمْ ذِكْرَ اللَّهِ الْعَظِیمِ فَتَبّاً لَكُمْ وَ لِمَا تُرِیدُونَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَفَرُوا بَعْدَ إِیمانِهِمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ فَقَالَ عُمَرُ وَیْلَكُمْ كَلِّمُوهُ فَإِنَّهُ ابْنُ أَبِیهِ وَ اللَّهِ لَوْ وَقَفَ فِیكُمْ هَكَذَا یَوْماً جَدِیداً لَمَا انْقَطَعَ وَ لَمَا حُصِرَ فَكَلَّمُوهُ فَتَقَدَّمَ شِمْرٌ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ یَا حُسَیْنُ مَا هَذَا الَّذِی تَقُولُ أَفْهِمْنَا حَتَّی نَفْهَمَ فَقَالَ أَقُولُ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ وَ لَا تَقْتُلُونِی فَإِنَّهُ لَا یَحِلُّ لَكُمْ قَتْلِی وَ لَا انْتِهَاكُ حُرْمَتِی فَإِنِّی ابْنُ بِنْتِ نَبِیِّكُمْ وَ جَدَّتِی خَدِیجَةُ زَوْجَةُ نَبِیِّكُمْ وَ لَعَلَّهُ قَدْ بَلَغَكُمْ قَوْلُ نَبِیِّكُمْ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی بِرِوَایَةِ الْمُفِیدِ.

وَ قَالَ الْمُفِیدُ وَ دَعَا الْحُسَیْنُ علیه السلام بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا وَ نَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ جُلُّهُمْ یَسْمَعُونَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِی وَ لَا تَعْجَلُوا حَتَّی أَعِظَكُمْ بِمَا یَحِقُّ لَكُمْ عَلَیَّ وَ حَتَّی أَعْذِرَ عَلَیْكُمْ فَإِنْ أَعْطَیْتُمُونِیَ النَّصَفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ وَ إِنْ لَمْ تُعْطُونِیَ النَّصَفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْیَكُمْ ثُمَّ لا یَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَیْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَیَّ وَ لا تُنْظِرُونِ إِنَّ وَلِیِّیَ اللَّهُ الَّذِی نَزَّلَ الْكِتابَ وَ هُوَ یَتَوَلَّی الصَّالِحِینَ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ عَلَی مَلَائِكَتِهِ وَ عَلَی أَنْبِیَائِهِ فَلَمْ یُسْمَعْ مُتَكَلِّمٌ قَطُّ قَبْلَهُ وَ لَا بَعْدَهُ أَبْلَغُ مِنْهُ فِی مَنْطِقٍ.

ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَانْسُبُونِی فَانْظُرُوا مَنْ أَنَا ثُمَّ رَاجِعُوا أَنْفُسَكُمْ وَ عَاتِبُوهُمْ فَانْظُرُوا هَلْ یَصْلُحُ لَكُمْ قَتْلِی وَ انْتِهَاكُ حُرْمَتِی أَ لَسْتُ ابْنَ نَبِیِّكُمْ وَ ابْنَ وَصِیِّهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ أَوَّلِ مُؤْمِنٍ مُصَدِّقٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَ وَ لَیْسَ حَمْزَةُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّی أَ وَ لَیْسَ جَعْفَرٌ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ بِجَنَاحَیْنِ عَمِّی أَ وَ لَمْ

ص: 6

یَبْلُغْكُمْ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِی وَ لِأَخِی هَذَانِ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِی بِمَا أَقُولُ وَ هُوَ الْحَقُّ وَ اللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِباً مُذْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ یَمْقُتُ عَلَیْهِ أَهْلَهُ وَ إِنْ كَذَّبْتُمُونِی فَإِنَّ فِیكُمْ مَنْ إِنْ سَأَلْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَكُمْ اسْأَلُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیَّ وَ أَبَا سَعِیدٍ الْخُدْرِیَّ وَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِیَّ وَ زَیْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ (1) یُخْبِرُوكُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِی وَ لِأَخِی أَ مَا فِی هَذَا حَاجِزٌ لَكُمْ عَنْ سَفْكِ دَمِی.

فقال له شمر بن ذی الجوشن هو یَعْبُدُ اللَّهَ عَلی حَرْفٍ إن كان یدری ما تقوّل فقال له حبیب بن مظاهر و اللّٰه إنی لأراك تعبد اللّٰه علی سبعین حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدری ما یقول قد طبع اللّٰه علی قلبك.

ثم قال لهم الحسین علیه السلام فَإِنْ كُنْتُمْ فِی شَكٍّ مِنْ هَذَا أَ فَتَشُكُّونَ أَنِّی ابْنُ بِنْتِ نَبِیِّكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ ابْنُ بِنْتِ نَبِیٍّ غَیْرِی فِیكُمْ وَ لَا فِی غَیْرِكُمْ وَیْحَكُمْ أَ تَطْلُبُونِی بِقَتِیلٍ مِنْكُمْ قَتَلْتُهُ أَوْ مَالٍ لَكُمُ اسْتَهْلَكْتُهُ أَوْ بِقِصَاصٍ مِنْ جِرَاحَةٍ فَأَخَذُوا لَا یُكَلِّمُونَهُ فَنَادَی یَا شَبَثَ بْنَ رِبْعِیٍّ یَا حَجَّارَ بْنَ أَبْجَرَ یَا قَیْسَ بْنَ الْأَشْعَثِ یَا یَزِیدَ بْنَ الْحَارِثِ أَ لَمْ تَكْتُبُوا إِلَیَّ أَنْ قَدْ أَیْنَعَتِ الثِّمَارُ وَ اخْضَرَّ الْجَنَابُ وَ إِنَّمَا تَقْدَمُ عَلَی جُنْدٍ لَكَ مُجَنَّدٍ فَقَالَ لَهُ قَیْسُ بْنُ الْأَشْعَثِ مَا نَدْرِی مَا تَقُولُ وَ لَكِنِ انْزِلْ عَلَی حُكْمِ بَنِی عَمِّكَ فَإِنَّهُمْ لَنْ یُرُوكَ إِلَّا مَا تُحِبُّ فَقَالَ لَهُمُ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِیكُمْ بِیَدِی إِعْطَاءَ الذَّلِیلِ وَ لَا أُقِرُّ لَكُمْ إِقْرَارَ الْعَبِیدِ.

ثُمَّ نَادَی یَا عِبَادَ اللَّهِ إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی وَ رَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ وَ أَعُوذُ بِرَبِّی وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسابِ ثم إنه أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان بعقلها و أقبلوا یزحفون نحوه. (2)

ص: 7


1- 1. مات جابر بن عبد اللّٰه سنة 74 و شهد جنازته الحجاج و الظاهر أنّه بالكوفة و أبو سعید الخدریّ سنة 64- 74 و سهل بن سعد هو آخر من مات بالمدینة سنة احدی و تسعین و زید بن أرقم سنة 66 بالكوفة، و أنس بن مالك آخر من مات بالبصرة سنة 71 و كان قاطنا بها.
2- 2. الإرشاد ص 217 و 218.

و فی المناقب روی بإسناده عن عبد اللّٰه بن محمد بن سلیمان بن عبد اللّٰه بن الحسن عن أبیه عن جده عن عبد اللّٰه قال: لما عبّأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسین بن علی علیهما السلام و رتّبهم مراتبهم و أقام الرایات فی مواضعها و عبأ أصحاب المیمنة و المیسرة فقال لأصحاب القلب اثبتوا.

و أحاطوا بالحسین من كل جانب حتی جعلوه فی مثل الحلقة فخرج علیه السلام حتی أتی الناس فاستنصتهم فأبوا أن ینصتوا حتی قال لهم وَیْلَكُمْ مَا عَلَیْكُمْ أَنْ تُنْصِتُوا إِلَیَّ فَتَسْمَعُوا قَوْلِی وَ إِنَّمَا أَدْعُوكُمْ إِلَی سَبِیلِ الرَّشَادِ فَمَنْ أَطَاعَنِی كَانَ مِنَ الْمُرْشَدِینَ وَ مَنْ عَصَانِی كَانَ

مِنَ الْمُهْلَكِینَ وَ كُلُّكُمْ عَاصٍ لِأَمْرِی غَیْرُ مُسْتَمِعٍ قَوْلِی فَقَدْ مُلِئَتْ بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرَامِ وَ طُبِعَ عَلَی قُلُوبِكُمْ وَیْلَكُمْ أَ لَا تُنْصِتُونَ أَ لَا تَسْمَعُونَ فَتَلَاوَمَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَیْنَهُمْ وَ قَالُوا أَنْصِتُوا لَهُ.

فَقَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ تَبّاً لَكُمْ أَیَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَ تَرَحاً أَ فَحِینَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَلِهِینَ مُتَحَیِّرِینَ فَأَصْرَخْتُكُمْ مُؤَدِّینَ مُسْتَعِدِّینَ سَلَلْتُمْ عَلَیْنَا سَیْفاً فِی رِقَابِنَا وَ حَشَشْتُمْ عَلَیْنَا نَارَ الْفِتَنِ خَبَأَهَا عَدُوُّكُمْ وَ عَدُوُّنَا فَأَصْبَحْتُمْ أَلْباً عَلَی أَوْلِیَائِكُمْ وَ یَداً عَلَیْهِمْ لِأَعْدَائِكُمْ بِغَیْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِیكُمْ وَ لَا أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِیهِمْ إِلَّا الْحَرَامُ مِنَ الدُّنْیَا أَنَالُوكُمْ وَ خَسِیسُ عَیْشٍ طَمِعْتُمْ فِیهِ مِنْ غَیْرِ حَدَثٍ كَانَ مِنَّا لَا رَأْیَ تَفَیَّلَ لَنَا فَهَلَّا لَكُمُ الْوَیْلَاتُ إِذْ كَرِهْتُمُونَا وَ تَرَكْتُمُونَا تَجَهَّزْتُمُوهَا وَ السَّیْفُ لَمْ یُشْهَرْ وَ الْجَأْشُ طَامِنٌ وَ الرَّأْیُ لَمْ یُسْتَحْصَفْ وَ لَكِنْ أَسْرَعْتُمْ عَلَیْنَا كَطَیْرَةِ الذُّبَابِ وَ تَدَاعَیْتُمْ كَتَدَاعِی الْفَرَاشِ فَقُبْحاً لَكُمْ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ مِنْ طَوَاغِیتِ الْأُمَّةِ وَ شُذَاذِ الْأَحْزَابِ وَ نَبَذَةِ الْكِتَابِ وَ نَفَثَةِ الشَّیْطَانِ وَ عُصْبَةِ الْآثَامِ وَ مُحَرِّفِی الْكِتَابِ وَ مُطْفِئِ السُّنَنِ وَ قَتَلَةِ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ و مُبِیرِی عِتْرَةِ الْأَوْصِیَاءِ وَ مُلْحِقِی الْعُهَّارِ بِالنَّسَبِ وَ مُؤْذِی الْمُؤْمِنِینَ و صُرَّاخِ أَئِمَّةِ الْمُسْتَهْزِئِینَ الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ.

وَ أَنْتُمْ- ابْنَ حَرْبٍ وَ أَشْیَاعَهُ تَعْتَمِدُونَ وَ إِیَّانَا تُخَاذِلُونَ أَجَلْ وَ اللَّهِ الْخَذْلُ فِیكُمْ مَعْرُوفٌ وَشَجَتْ عَلَیْهِ عُرُوقُكُمْ وَ تَوَارَثَتْهُ أُصُولُكُمْ وَ فُرُوعُكُمْ وَ ثَبَتَتْ عَلَیْهِ

ص: 8

قُلُوبُكُمْ وَ غُشِیَتْ صُدُورُكُمْ فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ شَیْ ءٍ سِنْخاً لِلنَّاصِبِ وَ أُكْلَةً لِلْغَاصِبِ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی النَّاكِثِینَ الَّذِینَ یَنْقُضُونَ الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْكِیدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَیْكُمْ كَفِیلًا فَأَنْتُمْ وَ اللَّهِ هُمْ.

أَلَا إِنَّ الدَّعِیَّ ابْنَ الدَّعِیَّ قَدْ رَكَزَ بَیْنَ اثْنَتَیْنِ بَیْنَ القلة(1)

[السَّلَّةِ] وَ الذِّلَّةِ وَ هَیْهَاتَ مَا آخُذُ الدَّنِیَّةَ أَبَی اللَّهُ ذَلِكَ وَ رَسُولُهُ وَ جُدُودٌ طَابَتْ وَ حُجُورٌ طَهُرَتْ وَ أُنُوفٌ حَمِیَّةٌ وَ نُفُوسٌ أَبِیَّةٌ لَا تُؤْثِرُ مَصَارِعَ اللِّئَامِ عَلَی مَصَارِعِ الْكِرَامِ أَلَا قَدْ أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ أَلَا إِنِّی زَاحِفٌ بِهَذِهِ الْأُسْرَةِ عَلَی قِلَّةِ الْعَتَادِ وَ خُذَلَةِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:

فَإِنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً***وَ إِنْ نُهْزَمْ فَغَیْرُ مُهَزَّمِینَا

وَ مَا إِنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَ لَكِنْ***مَنَایَانَا وَ دَوْلَةُ آخَرِینَا(2)

أَلَا ثُمَّ لَا تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إِلَّا كَرَیْثِ مَا یُرْكَبُ الْفَرَسُ حَتَّی تَدُورَ بِكُمُ الرَّحَی عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَیَّ أَبِی عَنْ جَدِّی فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِیدُونِ جَمِیعاً فَلا تُنْظِرُونِ إِنِّی تَوَكَّلْتُ عَلَی اللَّهِ رَبِّی وَ رَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ

ص: 9


1- 1. القلة: قلة العدد بالقتل. و فی بعض النسخ: السلة منه رحمه اللّٰه.
2- 2. قائلها فروة بن مسیك المرادی قالها فی یوم الردم لهمدان من مراد. و زاد بعدهما فی الملهوف: اذا ما الموت رفع عن أناس***كلاكله أناخ بآخرینا فأفنی ذلكم سروات قومی***كما أفنی القرون الاولینا فلو خلد الملوك إذا خلدنا***و لو بقی الكرام إذا بقینا فقل للشامتین بنا أفیقوا***سیلقی الشامتون كما لقینا و قد تروی علی غیر هذا اللفظ كما نقله ابن هشام فی السیرة ج 2 ص 582: مررن علی لفات و هن خوص***ینازعن الاعنة ینتحینا فان نغلب فغلابون قدما***و ان نغلب فغیر مغلبینا و ما ان طبنا جبن و لكن***منایانا و طعمة آخرینا كذاك الدهر دولته سجال***تكر صروفه حینا فحینا إلخ.

بِناصِیَتِها إِنَّ رَبِّی عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ اللَّهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ وَ ابْعَثْ عَلَیْهِمْ سِنِینَ كَسِنِی یُوسُفَ وَ سَلِّطْ عَلَیْهِمْ غُلَامَ ثَقِیفٍ یَسْقِیهِمْ كَأْساً مُصَبَّرَةً وَ لَا یَدَعُ فِیهِمْ أَحَداً إِلَّا قَتَلَهُ قَتْلَةً بِقَتْلَةٍ وَ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ یَنْتَقِمُ لِی وَ لِأَوْلِیَائِی وَ أَهْلِ بَیْتِی وَ أَشْیَاعِی مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ غَرُّونَا وَ كَذَبُونَا وَ خَذَلُونَا وَ أَنْتَ رَبُّنَا عَلَیْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَیْكَ أَنَبْنا وَ إِلَیْكَ الْمَصِیرُ ثُمَّ قَالَ أَیْنَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ ادْعُوا لِی عُمَرَ فَدُعِیَ لَهُ وَ كَانَ كَارِهاً لَا یُحِبُّ أَنْ یَأْتِیَهُ فَقَالَ یَا عُمَرُ أَنْتَ تَقْتُلُنِی تَزْعُمُ أَنْ یُوَلِّیَكَ الدَّعِیُّ ابْنُ الدَّعِیِّ بِلَادَ الرَّیِّ وَ جُرْجَانَ وَ اللَّهِ لَا تَتَهَنَّأُ بِذَلِكَ أَبَداً عَهْداً مَعْهُوداً فَاصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فَإِنَّكَ لَا تَفْرَحُ بَعْدِی بِدُنْیَا وَ لَا آخِرَةٍ وَ لَكَأَنِّی بِرَأْسِكَ عَلَی قَصَبَةٍ قَدْ نُصِبَ بِالْكُوفَةِ یَتَرَامَاهُ الصِّبْیَانُ وَ یَتَّخِذُونَهُ غَرَضاً بَیْنَهُمْ.

فاغتاظ عمر من كلامه ثم صرف بوجهه عنه و نادی بأصحابه ما تنتظرون به احملوا بأجمعكم إنما هی أكلة واحدة ثم إن الحسین دعا بفرس رسول اللّٰه المرتجز فركبه و عبأ أصحابه.

أقول: قد روی الخطبة فی تحف العقول نحوا مما مر و رواه السید بتغییر و اختصار(1) و ستأتی بروایة الإحتجاج أیضا.

ثم قال المفید رحمه اللّٰه فلما رأی الحر بن یزید أن القوم قد صمموا علی قتال الحسین علیه السلام قال لعمر بن سعد أی عمر أ مقاتل أنت هذا الرجل قال إی و اللّٰه قتالا شدیدا أیسره أن تسقط الرءوس و تطیح الأیدی قال أ فما لكم فیما عرضه علیكم رضی قال عمر أما لو كان الأمر إلی لفعلت و لكن أمیرك قد أبی فأقبل الحر حتی وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه یقال له قرة بن قیس فقال له یا قرة هل سقیت فرسك الیوم قال لا قال فما ترید أن تسقیه قال قرة فظننت و اللّٰه أنه یرید أن یتنحی و لا یشهد القتال فكره أن أراه حین یصنع ذلك فقلت له لم أسقه و أنا منطلق فأسقیه فاعتزل ذلك المكان الذی كان فیه فو اللّٰه لو أنه

ص: 10


1- 1. تحف العقول ص 240 الملهوف ص 85- 88.

اطلعنی علی الذی یرید لخرجت معه إلی الحسین (1). فأخذ یدنو من الحسین قلیلا قلیلا فقال له مهاجر بن أوس ما ترید یا ابن یزید أ ترید أن تحمل فلم یجبه فأخذه مثل الأفكل و هی الرعدة فقال له المهاجر إن أمرك لمریب و اللّٰه ما رأیت منك فی موقف قط مثل هذا و لو قیل لی من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك فما هذا الذی أری منك فقال له الحر إنی و اللّٰه أخیر نفسی بین الجنة و النار فو اللّٰه لا أختار علی الجنة شیئا و لو قطعت و أحرقت.

ثم ضرب فرسه فلحق الحسین علیه السلام فقال له جعلت فداك یا ابن رسول اللّٰه أنا صاحبك الذی حبستك عن الرجوع و سایرتك فی الطریق و جعجعت بك فی هذا المكان و ما ظننت أن القوم یردون علیك ما عرضته علیهم و لا یبلغون منك هذه المنزلة و اللّٰه لو علمت أنهم ینتهون بك إلی ما ركبت مثل الذی ركبت و أنا تائب إلی اللّٰه مما صنعت فتری لی من ذلك توبة فقال له الحسین علیه السلام نعم یتوب اللّٰه علیك فانزل فقال أنا لك فارسا خیر منی راجلا أقاتلهم علی فرسی ساعة و إلی النزول ما یصیر آخر أمری فقال له الحسین علیه السلام فاصنع یرحمك اللّٰه ما بدا لك.

فاستقدم أمام الحسین علیه السلام فقال یا أهل الكوفة لأمكم الهبل و العبر(2) أ دعوتم هذا العبد الصالح حتی إذا أتاكم أسلمتموه و زعمتم أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم علیه لتقتلوه أمسكتم بنفسه و أخذتم بكلكله و أحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه إلی بلاد اللّٰه العریضة فصار كالأسیر فی أیدیكم لا یملك لنفسه نفعا و لا یدفع عنها ضرا و حلّأتموه و نساءه و صبیته و أهله عن ماء الفرات الجاری تشربه الیهود و النصاری و المجوس و تمرغ فیه خنازیر السواد و كلابهم و ها هم قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمدا فی ذریته لا سقاكم اللّٰه یوم الظمأ.

ص: 11


1- 1. كذب عدو اللّٰه، فانه قد رأی الحرّ بعد ذلك حین یقاتل ذبا عن آل رسول اللّٰه.
2- 2. الهبل: الثكل، و العبر: الموت یقال عبر القوم: ماتوا.

فحمل علیه رجال یرمونه بالنبل فأقبل حتی وقف أمام الحسین علیه السلام و نادی عمر بن سعد یا درید أدن رایتك فأدناها ثم وضع سهما فی كبد قوسه ثم رمی و قال اشهدوا أنی أول من رمی الناس (1).

و قال محمد بن أبی طالب فرمی أصحابه كلهم فما بقی من أصحاب الحسین علیه السلام إلا أصابه من سهامهم قیل فلما رموهم هذه الرمیة قل أصحاب الحسین علیه السلام و قتل فی هذه الحملة خمسون رجلا و قال السید فقال علیه السلام لأصحابه قُومُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَی الْمَوْتِ الَّذِی لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ هَذِهِ السِّهَامَ رُسُلُ الْقَوْمِ إِلَیْكُمْ فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ حَمْلَةً وَ حَمْلَةً حَتَّی قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَیْنِ علیه السلام جَمَاعَةٌ قَالَ فَعِنْدَهَا ضَرَبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَدَهُ عَلَی لِحْیَتِهِ وَ جَعَلَ یَقُولُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی الْیَهُودِ إِذْ جَعَلُوا لَهُ وَلَداً وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَی النَّصَارَی إِذْ جَعَلُوهُ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَی الْمَجُوسِ إِذْ عَبَدُوا الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دُونَهُ وَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَی قَوْمٍ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَی قَتْلِ ابْنِ بِنْتِ نَبِیِّهِمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَا أُجِیبُهُمْ إِلَی شَیْ ءٍ مَمَّا یُرِیدُونَ حَتَّی أَلْقَی اللَّهَ تَعَالَی وَ أَنَا مُخَضَّبٌ بِدَمِی.

وَ رُوِیَ عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِی علیه السلام یَقُولُ لَمَّا الْتَقَی الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَامَتِ الْحَرْبُ أُنْزِلَ النَّصْرُ حَتَّی رَفْرَفَ عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ خُیِّرَ بَیْنَ النَّصْرِ عَلَی أَعْدَائِهِ وَ بَیْنَ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَی فَاخْتَارَ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ الرَّاوِی ثُمَّ صَاحَ علیه السلام أَ مَا مِنْ مُغِیثٍ یُغِیثُنَا لِوَجْهِ اللَّهِ أَ مَا مِنْ ذَابٍّ یَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ (2)

و قال المفید رحمه اللّٰه و تبارزوا فبرز یسار مولی زیاد بن أبی سفیان و برز إلیه عبد اللّٰه بن عمیر فقال له یسار من أنت فانتسب له فقال لست أعرفك حتی یخرج إلی زهیر بن القین أو حبیب بن مظاهر فقال عبد اللّٰه بن عمیر یا ابن الفاعلة

ص: 12


1- 1. كتاب الإرشاد ص 219.
2- 2. الملهوف ص 89 و 90.

و بك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ثم شد علیه فضربه بسیفه حتی برد و إنه لمشغول بضربه إذ شد علیه سالم مولی عبید اللّٰه بن زیاد فصاحوا به قد رهقك العبد فلم یشعر حتی غشیه فبدره بضربة اتقاها ابن عمیر بیده الیسری فأطارت أصابع كفه ثم شد علیه فضربه حتی قتله و أقبل و قد قتلهما جمیعا و هو یرتجز و یقول

إن تنكرونی فأنا ابن كلب***أنا امرؤ ذو مرة و عصب

و لست بالخوار عند النكب

و حمل عمرو بن الحجاج علی میمنة أصحاب الحسین علیه السلام فیمن كان معه من أهل الكوفة فلما دنا من الحسین علیه السلام جثوا له علی الركب و أشرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خیلهم علی الرماح فذهبت الخیل لترجع فرشقهم أصحاب الحسین علیه السلام بالنبل فصرعوا منهم رجالا و جرحوا منهم آخرین و جاء رجل من بنی تمیم یقال له عبد اللّٰه بن خوزة فأقدم علی عسكر الحسین علیه السلام فناداه القوم إلی أین ثكلتك أمك فقال إنی أقدم علی رب رحیم و شفیع مطاع فقال الحسین علیه السلام لأصحابه من هذا فقیل له هذا ابن خوزة التمیمی فقال اللّٰهم جره إلی النار فاضطرب به فرسه فی جدول فوقع و تعلقت رجله الیسری فی الركاب و ارتفعت الیمنی و شد علیه مسلم بن عوسجة فضرب رجله الیمنی فأطارت و عدا به فرسه فضرب برأسه كل حجر و كل شجر حتی مات و عجل اللّٰه بروحه إلی النار و نشب القتال فقتل من الجمیع جماعة(1).

و قال محمد بن أبی طالب و صاحب المناقب و ابن الأثیر فی الكامل و روایاتهم متقاربة أن الحر أتی الحسین علیه السلام فقال یا ابن رسول اللّٰه كنت أول خارج علیك فائذن لی لأكون أول قتیل بین یدیك و أول من یصافح جدك غدا و إنما قال الحر لأكون أول قتیل بین یدیك و المعنی یكون أول قتیل من المبارزین و إلا فإن جماعة كانوا قد قتلوا فی الحملة الأولی كما ذكر فكان أول من تقدم إلی

ص: 13


1- 1. كتاب الإرشاد ص 220.

براز القوم و جعل ینشد و یقول:

إنی أنا الحر ومأوی الضیف***أضرب فی أعناقكم بالسیف

عن خیر من حل بأرض الخیف***أضربكم و لا أری من حیف

و روی أن الحر لما لحق بالحسین علیه السلام قال رجل من تمیم یقال له یزید بن سفیان أما و اللّٰه لو لحقته لأتبعته السنان فبینما هو یقاتل و إن فرسه لمضروب علی أذنیه و حاجبیه و إن الدماء لتسیل إذ قال الحصین یا یزید هذا الحر الذی كنت تتمناه قال نعم فخرج إلیه فما لبث الحر أن قتله و قتل أربعین فارسا و راجلا فلم یزل یقاتل حتی عرقب فرسه و بقی راجلا و هو یقول :

إنی أنا الحر ونجل الحر***أشجع من ذی لبد هزبر

و لست بالجبان عندالكر***لكننی الوقاف عندالفر

ثم لم یزل یقاتل حتی قتل رحمه اللّٰه فاحتمله أصحاب الحسین علیه السلام حتی وضعوه بین یدی الحسین علیه السلام و به رمق فجعل الحسین یمسح وجهه و یقول أنت الحر كما سمتك أمك و أنت الحر فی الدنیا و أنت الحر فی الآخرة و رثاه رجل من أصحاب الحسین علیه السلام و قیل بل رثاه علی بن الحسین علیهما السلام

لنعم الحر حر بنی ریاح***صبور عند مختلف الرماح

و نعم الحر إذ نادی حسینا***فجاد بنفسه عند الصیاح

فیا ربی أضفه فی جنان***و زوجه مع الحور الملاح

و روی أن الحر كان یقول:

آلیت لا أقتل حتی أقتلا***أضربهم بالسیف ضربا معضلا

لا ناقل عنهم و لا معللا***لا عاجز عنهم و لا مبدلا

أحمی الحسین الماجد المؤملا

قال المفید رحمه اللّٰه فاشترك فی قتله أیوب بن مسرح و رجل آخر من

ص: 14

فرسان أهل الكوفة انتهی كلامه (1).

و قال ابن شهرآشوب قتل نیفا و أربعین رجلا منهم و قال ابن نما و رویت بإسنادی أنه قال للحسین علیه السلام لما وجهنی عبید اللّٰه إلیك خرجت من القصر فنودیت من خلفی أبشر یا حر بخیر فالتفت فلم أر أحدا فقلت و اللّٰه ما هذه بشارة و أنا أسیر إلی الحسین و ما أحدث نفسی باتباعك فقال علیه السلام لقد أصبت أجرا و خیرا.

ثم قالوا و كان كل من أراد الخروج ودع الحسین علیه السلام و قال السلام علیك یا ابن رسول اللّٰه فیجیبه و علیك السلام و نحن خلفك و یقرأ علیه السلام فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلًا ثم برز بریر بن خضیر الهمدانی بعد الحر و كان من عباد اللّٰه الصالحین فبرز و هو یقول:

أنا بریر و أبی خضیر***لیث یروع الأسدعند الزئر

یعرف فینا الخیر أهل الخیر***أضربكم و لا أری من ضیر

كذاك فعل الخیر من بریر

و جعل یحمل علی القوم و هو یقول اقتربوا منی یا قتلة المؤمنین اقتربوا منی یا قتلة أولاد البدریین اقتربوا منی یا قتلة أولاد رسول رب العالمین و ذریته الباقین و كان بریر أقرأ أهل زمانه فلم یزل یقاتل حتی قتل ثلاثین رجلا فبرز إلیه رجل یقال له یزید بن معقل فقال لبریر أشهد أنك من المضلین فقال له بریر هلم فلندع اللّٰه أن یلعن الكاذب منا و أن یقتل المحق منا المبطل فتصاولا فضرب یزید لبریر ضربة خفیفة لم یعمل شیئا و ضربه بریر ضربة قدت المغفر و وصلت إلی دماغه فسقط قتیلا قال فحمل رجل من أصحاب ابن زیاد فقتل بریرا رحمه اللّٰه و كان یقال لقاتله بحیر بن أوس الضبی فجال فی میدان الحرب و جعل یقول:

سلی تخبری عنی وأنت ذمیمة***غداة حسین و الرماح شوارع

أ لم آت أقصی ما كرهت و لم یحل***غداة الوغی و الروع ما أنا صانع

ص: 15


1- 1. الإرشاد ص 222.

معی مزنی لم تخنه كعوبه***و أبیض مشحوذ الغرارین قاطع (1)

فجردته فی عصبة لیس دینهم***كدینی و إنی بعد ذاك لقانع

و قد صبروا للطعن و الضرب حسرا(2)***و قد جالدوا لو أن ذلك نافع

فأبلغ عبید اللّٰه إذ ما لقیته***بأنی مطیع للخلیفة سامع

قتلت بریرا ثم جلت لهمة***غداة الوغی لما دعا من یقارع

قال ثم ذكر له بعد ذلك أن بریرا كان من عباد اللّٰه الصالحین و جاءه ابن عم له و قال ویحك یا بحیر قتلت بریر بن خضیر فبأی وجه تلقی ربك غدا قال فندم الشقی و أنشأ یقول:

فلو شاء ربی ما شهدت قتالهم***و لا جعل النعماء عند ابن جائر

لقد كان ذا عارا علی و سبة***یعیر بها الأبناء عند المعاشر

فیا لیت أنی كنت فی الرحم حیضة***و یوم حسین كنت ضمن المقابر

فیا سوأتا ما ذا أقول لخالقی***و ما حجتی یوم الحساب القماطر(3)

ثم برز من بعده وهب بن عبد اللّٰه بن حباب الكلبی و قد كانت معه أمه یومئذ فقالت قم یا بنی فانصر ابن بنت رسول اللّٰه فقال أفعل یا أماه و لا أقصر فبرز و هو یقول:

إن تنكرونی فأنا ابن الكلب***سوف ترونی و ترون ضربی

و حملتی و صولتی فی الحرب***أدرك ثأری بعد ثأر صحبی

و أدفع الكرب أمام الكرب***لیس جهادی فی الوغی باللعب

ص: 16


1- 1. قوله« مزنی» أی رمح مزنی، و كعوب الرمح: النواشر فی أطراف الانابیب و عدم خیانتها: كنایة عن كثرة نفوذها و عدم كلالها، و الغراران: شفرتا السیف منه رحمه اللّٰه.
2- 2. جمع حاسر: الذی لا مغفر علیه و لا درع.
3- 3. یقال: یوم قماطر بالضم: شدید، و هنا یحتمل أن یكون و صفا للحساب، أو و صفا للیوم.

ثم حمل فلم یزل یقاتل حتی قتل منهم جماعة فرجع إلی أمه و امرأته فوقف علیهما فقال یا أماه أ رضیت فقالت ما رضیت أو تقتل بین یدی الحسین علیه السلام فقالت امرأته باللّٰه لا تفجعنی فی نفسك فقالت أمه یا بنی لا تقبل قولها و ارجع فقاتل بین یدی ابن رسول اللّٰه فیكون غدا فی القیامة شفیعا لك بین یدی اللّٰه فرجع قائلا

إنی زعیم لك أم وهب***بالطعن فیهم تارة و الضرب

ضرب غلام مؤمن بالرب***حتی یذیق القوم مر الحرب

إنی امرؤ ذو مرة و عصب***و لست بالخوار عند النكب

حسبی إلهی من علیم حسبی

فلم یزل یقاتل حتی قتل تسعة عشر فارسا و اثنی عشر راجلا ثم قطعت یداه فأخذت امرأته عمودا و أقبلت نحوه و هی تقول فداك أبی و أمی قاتل دون الطیبین حرم رسول اللّٰه فأقبل كی یردها إلی النساء فأخذت بجانب ثوبه و قالت لن أعود أو أموت معك فقال الحسین جزیتم من أهل بیتی خیرا ارجعی إلی النساء رحمك اللّٰه فانصرفت و جعل یقاتل حتی قتل رضوان اللّٰه علیه قال فذهبت امرأته تمسح الدم عن وجهه فبصر بها شمر فأمر غلاما له فضربها بعمود كان معه فشدخها و قتلها و هی أول امرأة قتلت فی عسكر الحسین.

و رأیت حدیثا أن وهب هذا كان نصرانیا فأسلم هو و أمه علی یدی الحسین فقتل فی المبارزة أربعة و عشرین راجلا و اثنی عشر فارسا ثم أخذ أسیرا فأتی به عمر بن سعد فقال ما أشد صولتك ثم أمر فضربت عنقه و رمی برأسه إلی عسكر الحسین علیه السلام فأخذت أمه الرأس فقبلته ثم رمت بالرأس إلی عسكر ابن سعد فأصابت به رجلا فقتلته ثم شدت بعمود الفسطاط فقتلت رجلین فقال لها الحسین ارجعی یا أم وهب أنت و ابنك مع رسول اللّٰه فإن الجهاد مرفوع عن النساء فرجعت و هی تقول إلهی لا تقطع رجائی فقال لها الحسین علیه السلام لا یقطع اللّٰه رجاك یا أم وهب.

ص: 17

ثم برز من بعده عمرو بن خالد الأزدی و هو یقول:

إلیك یا نفس إلی الرحمن***فأبشری بالروح و الریحان

الیوم تجزین علی الإحسان***قد كان منك غابر الزمان

ما خط فی اللوح لدی الدیان***لا تجرعی فكل حی فان

و الصبر أحظی لك بالأمانی***یا معشر الأزد بنی قحطان

ثم قاتل حتی قتل رحمه اللّٰه و فی المناقب ثم تقدم ابنه خالد بن عمرو و هو یرتجز و یقول:

صبرا علی الموت بنی قحطان***كی ما تكونوا فی رضی الرحمن

ذی المجد و العزة و البرهان***و ذی العلی و الطول و الإحسان

یا أبتا قد صرت فی الجنان***فی قصر رب حسن البنیان (1)

ثم تقدم فلم یزل یقاتل حتی قتل رحمة اللّٰه علیه و قال محمد بن أبی طالب ثم برز من بعده سعد بن حنظلة التمیمی و هو یقول:

صبرا علی الأسیاف و الأسنة***صبرا علیها لدخول الجنة

و حور عین ناعمات هنه***لمن یرید الفوز لا بالظنة

یا نفس للراحة فاجهدنه***و فی طلاب الخیر فارغبنه (2)

ثم حمل و قاتل قتالا شدیدا ثم قتل رضوان اللّٰه علیه.

و خرج من بعده عمیر بن عبد اللّٰه المذحجی و هو یرتجز و یقول:

قد علمت سعد و حی مذحج***أنی لدی الهیجاء لیث محرج

أعلو بسیفی هامة المدجج***و أترك القرن لدی التعرج

فریسة الضبع الأزل الأعرج

ص: 18


1- 1. فی مناقب آل أبی طالب: فی قصر در حسن البنیان.
2- 2. قوله:« هنه» الهاء للسكت، و كذا قوله« فاجهدنه» و« فارغبنه» منه رحمه اللّٰه.

و لم یزل یقاتل حتی قتله مسلم الضبابی و عبد اللّٰه البجلی.

ثم برز من بعده مسلم بن عوسجة رحمة اللّٰه و هو یرتجز:

إن تسألوا عنی فإنی ذو لبد***من فرع قوم من ذری بنی أسد

فمن بغانا حائد عن الرشد***و كافر بدین جبار صمد

ثم قاتل قتالا شدیدا.

و قال المفید و صاحب المناقب بعد ذلك و كان نافع بن هلال البجلی یقاتل قتالا شدیدا و یرتجز و یقول:

أنا ابن هلال البجلی (1)***أنا علی دین علی***و دینه دین النبی

فبرز إلیه رجل من بنی قطیعة و قال المفید هو مزاحم بن حریث فقال أنا علی دین عثمان فقال له نافع أنت علی دین الشیطان فحمل علیه نافع فقتله.

فصاح عمرو بن الحجاج بالناس یا حمقی أ تدرون من تقاتلون تقاتلون فرسان أهل المصر و أهل البصائر و قوما مستمیتین لا یبرز منكم إلیهم أحد إلا قتلوه علی قتلتهم و اللّٰه لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم فقال له عمر بن سعد لعنه اللّٰه الرأی ما رأیت فأرسل فی الناس من یعزم علیهم أن لا یبارزهم رجل منهم و قال لو خرجتم إلیهم وحدانا لأتوا علیكم مبارزة.

و دنا عمرو بن الحجاج من أصحاب الحسین علیه السلام فقال یا أهل الكوفة الزموا طاعتكم و جماعتكم و لا ترتابوا فی قتل من مرق من الدین و خالف الإمام فقال الحسین علیه السلام یَا ابْنَ الْحَجَّاجِ أَ عَلَیَّ تُحَرِّضُ النَّاسَ أَ نَحْنُ مَرَقْنَا مِنَ الدِّینِ وَ أَنْتُمْ ثَبَتُّمْ عَلَیْهِ وَ اللَّهِ لَتَعْلَمُنَّ أَیُّنَا الْمَارِقُ مِنَ الدِّینِ وَ مَنْ هُوَ أَوْلَی بِصَلْیِ النَّارِ.

ثم حمل عمرو بن الحجاج لعنه اللّٰه فی میمنته من نحو الفرات فاضطربوا

ص: 19


1- 1. كذا فی النسخ، و لكن لا یستقیم الرجز، و الظاهر أن القائل هلال بن حجاج فقال: أنا هلال البجلیّ ***أنا علی دین علی***و دینه دین النبیّ.

ساعة فصرع مسلم بن عوسجة و انصرف عمرو و أصحابه و انقطعت الغبرة فإذا مسلم صریع و قال محمد بن أبی طالب فسقط إلی الأرض و به رمق فمشی إلیه الحسین و معه حبیب بن مظاهر فقال له الحسین علیه السلام رحمك اللّٰه یا مسلم فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلًا ثم دنا منه حبیب فقال یعز علی مصرعك یا مسلم أبشر بالجنة فقال له قولا ضعیفا بشرك اللّٰه بخیر فقال له حبیب لو لا أعلم أنی فی الأثر لأحببت أن توصی إلی بكل ما أهمك فقال مسلم فإنی أوصیك بهذا و أشار إلی الحسین علیه السلام فقاتل دونه حتی تموت فقال حبیب لأنعمتك عینا ثم مات رضوان اللّٰه علیه.

قال و صاحت جاریة له یا سیداه یا ابن عوسجتاه فنادی أصحاب ابن سعد مستبشرین قتلنا مسلم بن عوسجة فقال شبث بن ربعی لبعض من حوله ثكلتكم أمهاتكم أما إنكم تقتلون أنفسكم بأیدیكم و تذلون عزكم أ تفرحون بقتل مسلم بن عوسجة أما و الذی أسلمت له لرب موقف له فی المسلمین كریم لقد رأیته یوم آذربیجان قتل ستة من المشركین قبل أن تلتام خیول المسلمین.

ثم حمل شمر بن ذی الجوشن فی المیسرة فثبتوا له (1)

و قاتلهم أصحاب الحسین علیه السلام قتالا شدیدا و إنما هم اثنان و ثلاثون فارسا فلا یحملون علی جانب من أهل الكوفة إلا كشفوهم فدعا عمر بن سعد بالحصین بن نمیر فی خمسمائة من الرماة فاقتبلوا(2) حتی دنوا من الحسین و أصحابه فرشقوهم بالنبل فلم یلبثوا أن عقروا خیولهم و قاتلوهم حتی انتصف النهار و اشتد القتال و لم یقدروا أن یأتوهم إلا من جانب واحد لاجتماع أبنیتهم و تقارب بعضها من بعض فأرسل عمر بن سعد الرجال لیقوضوها عن أیمانهم و شمائلهم لیحیطوا بهم و أخذ الثلاثة و الأربعة من أصحاب الحسین یتخللون فیشدون علی الرجل یعرض و ینهب فیرمونه عن

ص: 20


1- 1. فی بعض النسخ و هكذا نسخة الإرشاد زیادة و هی: و طاعنوه و حمل علی الحسین علیه السلام و أصحابه من كل جانب و قاتلهم إلخ.
2- 2. فی الأصل و هكذا سائر النسخ: فاقتتلوا. و هو سهو.

قریب فیصرعونه فیقتلونه.

فقال ابن سعد أحرقوها بالنار فأضرموا فیها فقال الحسین علیه السلام دعوهم یحرقوها فإنهم إذا فعلوا ذلك لم یجوزوا إلیكم فكان كما قال علیه السلام و قیل أتاه شبث بن ربعی و قال أفزعنا النساء ثكلتك أمك فاستحیا و أخذوا لا یقاتلونهم إلا من وجه واحد و شد أصحاب زهیر بن القین فقتلوا أبا عذرة الضبابی من أصحاب شمر فلم یزل یقتل من أصحاب الحسین الواحد و الاثنان فیبین ذلك فیهم لقلتهم و یقتل من أصحاب عمر العشرة فلا یبین فیهم ذلك لكثرتهم.

فلما رأی ذلك أبو ثمامة الصیداوی قال للحسین علیه السلام یا أبا عبد اللّٰه نفسی لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك و لا و اللّٰه لا تقتل حتی أقتل دونك و أحب أن ألقی اللّٰه ربی و قد صلیت هذه الصلاة فرفع الحسین رأسه إلی السماء و قال ذكرت الصلاة جعلك اللّٰه من المصلین نعم هذا أول وقتها ثم قال سلوهم أن یكفوا عنا حتی نصلی فقال الحصین بن نمیر إنها لا تقبل فقال حبیب بن مظاهر لا

تقبل الصلاة زعمت من ابن رسول اللّٰه و تقبل منك یا ختار فحمل علیه حصین بن نمیر و حمل علیه حبیب فضرب وجه فرسه بالسیف فشب (1)

به الفرس و وقع عنه الحصین فاحتوشته أصحابه فاستنقذوه فقال الحسین علیه السلام لزهیر بن القین و سعید بن عبد اللّٰه تقدما أمامی حتی أصلی الظهر فتقدما أمامه فی نحو من نصف أصحابه حتی صلی بهم صلاة الخوف. و روی أن سعید بن عبد اللّٰه الحنفی تقدم أمام الحسین فاستهدف لهم یرمونه بالنبل كلما أخذ الحسین علیه السلام یمینا و شمالا قام بین یدیه فما زال یرمی به حتی سقط إلی الأرض و هو یقول اللّٰهم العنهم لعن عاد و ثمود اللّٰهم أبلغ نبیك السلام عنی و أبلغه ما لقیت من ألم الجراح فإنی أردت بذلك نصرة ذریة نبیك ثم مات رضوان اللّٰه علیه فوجد به ثلاثة عشر سهما سوی ما به من ضرب السیوف و طعن الرماح.

ص: 21


1- 1. شب الفرس شبابا- بالكسر- رفع یدیه و قمص و حرن.

و قال ابن نما و قیل صلی الحسین علیه السلام و أصحابه فرادی بالإیماء ثم قالوا ثم خرج عبد الرحمن بن عبد اللّٰه الیزنی و هو یقول:

أنا ابن عبد اللّٰه من آل یزن***دینی علی دین حسین و حسن

أضربكم ضرب فتی من الیمن***أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن

ثم حمل فقاتل حتی قتل.

و قال السید فخرج عمرو بن قرظة الأنصاری فاستأذن الحسین علیه السلام فأذن له فقاتل قتال المشتاقین إلی الجزاء و بالغ فی خدمة سلطان السماء حتی قتل جمعا كثیرا من حزب ابن زیاد و جمع بین سداد و جهاد و كان لا یأتی إلی الحسین سهم إلا اتقاه بیده و لا سیف إلا تلقاه بمهجته فلم یكن یصل إلی الحسین سوء حتی أثخن بالجراح فالتفت إلی الحسین و قال یا ابن رسول اللّٰه أ وفیت قال نعم أنت أمامی فی الجنة فأقرئ رسول اللّٰه منی السلام و أعلمه أنی فی الأثر فقاتل حتی قتل رضوان اللّٰه علیه.

و فی المناقب أنه كان یقول:

قد علمت كتیبة الأنصار***أن سوف أحمی حوزة الذمار

ضرب غلام غیر نكس شاری***دون حسین مهجتی و داری

و قال السید ثم تقدم جون مولی أبی ذر الغفاری و كان عبدا أسود فقال له الحسین أنت فی إذن منی فإنما تبعتنا طلبا للعافیة فلا تبتل بطریقنا فقال یا ابن رسول اللّٰه أنا فی الرخاء ألحس قصاعكم و فی الشدة أخذلكم و اللّٰه إن ریحی لمنتن و إن حسبی للئیم

و لونی لأسود فتنفس علی بالجنة فتطیب ریحی و یشرف حسبی و یبیض وجهی لا و اللّٰه لا أفارقكم حتی یختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم (1).

و قال محمد بن أبی طالب ثم برز للقتال و هو ینشد و یقول:

كیف یری الكفار ضرب الأسود***بالسیف ضربا عن بنی محمد

ص: 22


1- 1. كتاب الملهوف ص 94- 96.

أذب عنهم باللسان و الید***أرجو به الجنة یوم المورد

ثم قاتل حتی قتل فوقف علیه الحسین علیه السلام و قال اللَّهُمَّ بَیِّضْ وَجْهَهُ وَ طَیِّبْ رِیحَهُ وَ احْشُرْهُ مَعَ الْأَبْرَارِ وَ عَرِّفْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ.

وَ رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَنَّ النَّاسَ كَانُوا یَحْضُرُونَ الْمَعْرَكَةَ وَ یَدْفِنُونَ الْقَتْلَی فَوَجَدُوا جَوْناً بَعْدَ عَشْرَةِ أَیَّامٍ یَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ.

و قال صاحب المناقب كان رجزه هكذا:

كیف یری الفجارضرب الأسود***بالمشرفی القاطع المهند

بالسیف صلتا عن بنی محمد***أذب عنهم باللسان و الید

أرجو بذلك الفوز عند المورد***من الإله الأحد الموحد

إذ لا شفیع عنده كأحمد

و قال السید ثم برز عمرو بن خالد الصیداوی فقال للحسین علیه السلام یا أبا عبد اللّٰه قد هممت أن ألحق بأصحابی و كرهت أن أتخلف و أراك وحیدا من أهلك قتیلا فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ تَقَدَّمْ فَإِنَّا لَاحِقُونَ بِكَ عَنْ سَاعَةٍ فتقدم فقاتل حتی قتل.

قال و جاء حنظلة بن سعد الشبامی (1)

فوقف بین یدی الحسین یقیه السهام و الرماح و السیوف بوجهه و نحره و أخذ ینادی یا قَوْمِ إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ مِثْلَ یَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ یُرِیدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَ یا قَوْمِ

إِنِّی أَخافُ عَلَیْكُمْ یَوْمَ التَّنادِ یَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِینَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ یا قوم لا تقتلوا حسینا فَیُسْحِتَكُمْ اللّٰه بِعَذابٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری (2).

و فی المناقب فقال له الحسین یَا ابْنَ سَعْدٍ إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا الْعَذَابَ حِینَ رَدُّوا عَلَیْكَ مَا دَعَوْتَهُمْ إِلَیْهِ مِنَ الْحَقِّ وَ نَهَضُوا إِلَیْكَ یَشْتِمُونَكَ وَ أَصْحَابَكَ فَكَیْفَ

ص: 23


1- 1. فی الأصل الشامیّ و هو سهو و الصحیح ما فی الصلب كما فی الطبریّ ج 6 ص 254 و الشبام بطن من همدان.
2- 2. الملهوف ص 96 و 97.

بِهِمُ الْآنَ وَ قَدْ قَتَلُوا إِخْوَانَكَ الصَّالِحِینَ قال صدقت جعلت فداك أ فلا نروح إلی ربنا فنلحق بإخواننا فقال له رُحْ إِلَی مَا هُوَ خَیْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا وَ إِلَی مُلْكٍ لا یَبْلی فقال السلام علیك یا ابن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیك و علی أهل بیتك و جمع بیننا و بینك فی جنته قال آمین آمین ثم استقدم فقاتل قتالا شدیدا فحملوا علیه فقتلوه رضوان اللّٰه علیه.

و قال السید فتقدم سوید بن عمرو بن أبی المطاع و كان شریفا كثیر الصلاة فقاتل قتال الأسد الباسل و بالغ فی الصبر علی الخطب النازل حتی سقط بین القتلی و قد أثخن بالجراح فلم یزل كذلك و لیس به حراك حتی سمعهم یقولون قتل الحسین فتحامل و أخرج سكینا من خفه و جعل یقاتل حتی قتل (1).

و قال صاحب المناقب فخرج یحیی بن سلیم المازنی و هو یرتجز و یقول:

لأضربن القوم ضربافیصلا***ضربا شدیدا فی العداة معجلا

لا عاجزا فیها و لا مولولا***و لا أخاف الیوم موتا مقبلا

لكننی كاللیث أحمی أشبلا

ثم حمل فقاتل حتی قتل رحمه اللّٰه.

ثم خرج من بعده قرة بن أبی قرة الغفاری و هو یرتجز و یقول:

قد علمت حقا بنو غفار***و خندف بعد بنی نزار

بأنی اللیث لدی الغیار***لأضربن معشر الفجار

بكل عضب ذكر بتار***ضربا وجیعا عن بنی الأخیار

رهط النبی السادة الأبرار

قال ثم حمل فقاتل حتی قتل رحمه اللّٰه.

و خرج من بعده مالك بن أنس المالكی و هو یرتجز و یقول:

قد علمت مالكها و الدودان***و الخندفیون و قیس عیلان

بأن قومی آفة الأقران***لدی الوغی و سادة الفرسان

ص: 24


1- 1. الملهوف ص 98.

مباشرو الموت بطعن آن***لسنا نری العجز عن الطعان

آل علی شیعة الرحمن***آل زیاد شیعة الشیطان

ثم حمل فقاتل حتی قتل رحمه اللّٰه و قال ابن نما اسمه أنس بن حارث الكاهلی (1) و فی المناقب ثم خرج من بعده عمرو بن مطاع الجعفی هو یقول:

أنا ابن جعف و أبی مطاع***و فی یمینی مرهف قطاع

و أسمر فی رأسه لماع ***یری له من ضوئه شعاع

الیوم قد طاب لنا القراع***دون حسین الضرب و السطاع

یرجی بذاك الفوز و الدفاع***عن حر نار حین لا انتفاع

ثم حمل فقاتل حتی قتل رحمه اللّٰه و قالوا ثم خرج الحجاج بن مسروق و هو مؤذن الحسین علیه السلام و یقول:

أقدم حسین هادیا مهدیا***الیوم تلقی جدك النبیا

ثم أباك ذا الندا علیا***ذاك الذی نعرفه وصیا

و الحسن الخیر الرضی الولیا***و ذا الجناحین الفتی الكمیا

و أسد اللّٰه الشهید الحیا

ثم حمل فقاتل حتی قتل رحمه اللّٰه.

ثم خرج من بعده زهیر بن القین رضی اللّٰه عنه و هو یرتجز و یقول:

أنا زهیر و أنا ابن القین***أذودكم بالسیف عن حسین

إن حسینا أحد السبطین***من عترة البر التقی الزین

ذاك رسول اللّٰه غیر المین***أضربكم و لا أری من شین

یا لیت نفسی قسمت قسمین

و قال محمد بن أبی طالب فقاتل حتی قتل مائة و عشرین رجلا فشد علیه كثیر بن

ص: 25


1- 1. قد مر فی ج 44 ص 320 نقلا عن أمالی الصدوق أنّه مالك بن أنس الكاهلیّ و أنّه كان یقول:« قد علمت كاهلها و دودان» و ما ذكره ابن نما هو الصحیح كما عنونه فی الإصابة و قال: له و لابیه صحبة.

عبد اللّٰه الشعبی و مهاجر بن أوس التمیمی فقتلاه فقال الحسین علیه السلام حین صرع زهیر لا یبعدك اللّٰه یا زهیر و لعن قاتلك لعن الذین مسخوا قردة و خنازیر.

ثم خرج سعید بن عبد اللّٰه الحنفی و هو یرتجز:

أقدم حسین الیوم تلقی أحمدا***و شیخك الحبر علیا ذا الندا

و حسنا كالبدر وافی الأسعدا***و عمك القوم الهمام الأرشدا

حمزة لیث اللّٰه یدعی أسدا***و ذا الجناحین تبوأ مقعدا

فی جنة الفردوس یعلو صعدا

و قال فی المناقب و قیل بل القائل لهذه الأبیات هو سوید بن عمرو بن أبی المطاع قال فلم یزل یقاتل حتی قتل.

ثم برز حبیب بن مظاهر الأسی و هو یقول :

أنا حبیب و أبی مظهر***فارس هیجاء و حرب تسعر

و أنتم عند العدید أكثر***و نحن أعلی حجة وأظهر

و أنتم عند الوفاء أغدر***و نحن أوفی منكم و أصبر

حقا و أنمی منكم و أعذر(1)

و قاتل قتالا شدیدا و قال أیضا:

أقسم لو كنا لكم أعدادا***أو شطركم ولیتم الأكتادا(2)

یا شر قوم حسبا و آدا***و شرهم قد علموا أندادا

ثم حمل علیه رجل من بنی تمیم فطعنه فذهب لیقوم فضربه الحصین بن نمیر لعنه اللّٰه علی رأسه بالسیف فوقع و نزل التمیمی فاجتز رأسه فهد مقتله الحسین

ص: 26


1- 1. كذا فی النسخ و الصحیح ما نقله الطبریّ عن أبی مخنف بتقدیم و تاخیر هكذا: أنتم أعد عدة و أكثر***و نحن أوفی منكم و أصبر و نحن اعلی حجة و أظهر***حقا و اتقی منكم و اعذر.
2- 2. الكتد مثل الكتف: مجتمع الكتفین من الإنسان و الآد: القوّة كالاید. منه رحمه اللّٰه.

علیه السلام فقال عند اللّٰه أحتسب نفسی و حماة أصحابی و قیل بل قتله رجل یقال له بدیل بن صریم و أخذ رأسه فعلقه فی عنق فرسه فلما دخل مكة(1) رآه ابن حبیب و هو غلام غیر مراهق فوثب إلیه فقتله و أخذ رأسه.

و قال محمد بن أبی طالب فقتل اثنین و ستین رجلا فقتله الحصین بن نمیر و علق رأسه فی عنق فرسه.

ثم برز هلال بن نافع البجلی و هو یقول:

أرمی بها معلمة أفواقها***و النفس لا ینفعها إشفاقها

مسمومة تجری بها أخفاقها ***لیملأن أرضها رشاقها

فلم یزل یرمیهم حتی فنیت سهمه ثم ضرب یده إلی سیفه فاستله و جعل یقول :

أنا الغلام الیمنی البجلی***دینی علی دین حسین و علی

إن أقتل الیوم فهذا أملی***فذاك رأیی و ألاقی عملی

فقتل ثلاثة عشر رجلا فكسروا عضدیه و أخذ أسیرا فقام إلیه شمر فضرب عنقه.

قال ثم خرج شاب قتل أبوه فی المعركة و كانت أمه معه فقالت له أمه اخرج یا بنی و قاتل بین یدی ابن رسول اللّٰه فخرج فقال الحسین هذا شاب قتل أبوه و لعل أمه تكره خروجه فقال الشاب أمی أمرتنی بذلك فبرز و هو یقول:

أمیری حسین و نعم الأمیر***سرور فؤاد البشیر النذیر

علی و فاطمة والداه***فهل تعلمون له من نظیر

له طلعة مثل شمس الضحی***له غرة مثل بدر منیر

ص: 27


1- 1. كذا فی النسخ و لا ریب انه مصحف« الكوفة» قال الطبریّ نقلا عن أبی مخنف ان بدیل بن صریم أخذ رأس حبیب و أقبل به الی ابی زیاد فی القصر، فبصر به ابنه القاسم بن حبیب و هو یومئذ مراهق فلزمه كلما دخل دخل معه و إذا خرج خرج معه لیجد منه غرة فیقتله فلم یجد الی ذلك سبیلا حتّی إذا كان زمان مصعب فدخل عسكره فإذا قاتل أبیه فی فسطاطه فدخل علیه یوما و هو قائل نصف النهار فضربه بسیفه حتّی برد. انتهی باختصار.

و قاتل حتی قتل و جز رأسه و رمی به إلی عسكر الحسین علیه السلام فحملت أمه رأسه و قالت أحسنت یا بنی یا سرور قلبی و یا قرة عینی ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته و أخذت عمود خیمته و حملت علیهم و هی تقول:

أنا عجوز سیدی ضعیفة***خاویة بالیة نحیفة

أضربكم بضربة عنیفة***دون بنی فاطمة الشریفة

و ضربت رجلین فقتلتهما فأمر الحسین علیه السلام بصرفها و دعا لها.

و فی المناقب ثم خرج جنادة بن الحارث الأنصاری و هو یقول:

أنا جناد و أنا ابن الحارث***لست بخوار و لا بناكث

عن بیعتی حتی یرثنی وارث***الیوم شلوی فی الصعید ماكث

قال ثم حمل فلم یزل یقاتل حتی قتل رحمه اللّٰه.

قال ثم خرج من بعده عمرو بن جنادة و هو یقول :

أضق الخناق من ابن هند و ارمه***من عامه بفوارس الأنصار

و مهاجرین مخضبین رماحهم***تحت العجاجة من دم الكفار

خضبت علی عهد النبی محمد***فالیوم تخضب من دم الفجار

و الیوم تخضب من دماء أراذل***رفضوا القرآن لنصرة الأشرار

طلبوا بثأرهم ببدر إذ أتوا***بالمرهفات و بالقنا الخطار

و اللّٰه ربی لا أزال مضاربا***فی الفاسقین بمرهف بتار

هذا علی الأزدی حق واجب***فی كل یوم تعانق و كرار

قال ثم خرج عبد الرحمن بن عروة فقال:

قد علمت حقا بنو غفار***و خندف بعد بنی نزار

لنضر بن معشر الفجار***بكل عضب ذكر بتار

یا قوم ذودوا عن بنی الأخیار***بالمشرفی و القنا الخطار

ثم قاتل حتی قتل رحمه اللّٰه.

و قال محمد بن أبی طالب و جاء عابس بن أبی شبیب الشاكری معه شوذب مولی

ص: 28

شاكر و قال یا شوذب ما فی نفسك أن تصنع قال ما أصنع أقاتل حتی أقتل قال ذاك الظن بك فتقدم بین یدی أبی عبد اللّٰه حتی یحتسبك كما احتسب غیرك فإن هذا یوم ینبغی لنا أن نطلب فیه الأجر بكل ما نقدر علیه فإنه لا عمل بعد الیوم و إنما هو الحساب.

فتقدم فسلم علی الحسین علیه السلام و قال یا أبا عبد اللّٰه أما و اللّٰه ما أمسی علی وجه الأرض قریب و لا بعید أعز علی و لا أحب إلی منك و لو قدرت علی أن أدفع عنك الضیم أو القتل بشی ء أعز علی من نفسی و دمی لفعلت السلام علیك یا أبا عبد اللّٰه أشهد أنی علی هداك و هدی أبیك ثم مضی بالسیف نحوهم.

قال ربیع بن تمیم فلما رأیته مقبلا عرفته و قد كنت شاهدته فی المغازی و كان أشجع الناس فقلت أیها الناس هذا أسد الأسود هذا ابن أبی شبیب لا یخرجن إلیه أحد منكم فأخذ ینادی أ لا رجل أ لا رجل.

فقال عمر بن سعد ارضخوه بالحجارة من كل جانب فلما رأی ذلك ألقی درعه و مغفره ثم شد علی الناس فو اللّٰه لقد رأیت یطرد أكثر من مائتین من الناس ثم إنهم تعطفوا علیه من كل جانب فقتل فرأیت رأسه فی أیدی رجال ذوی عدة هذا یقول أنا قتلته و الآخر یقول كذلك فقال عمر بن سعد لا تختصموا هذا لم یقتله إنسان واحد حتی فرق بینهم بهذا القول.

ثم جاءه عبد اللّٰه و عبد الرحمن الغفاریان فقالا یا أبا عبد اللّٰه السلام علیك إنه جئنا لنقتل بین یدیك و ندفع عنك فقال مَرْحَباً بِكُمَا ادْنُوَا مِنِّی فَدَنَوَا مِنْهُ وَ هُمَا یَبْكِیَانِ فَقَالَ یَا ابْنَیْ أَخِی مَا یُبْكِیكُمَا فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَا بَعْدَ سَاعَةٍ قَرِیرَیِ الْعَیْنِ فَقَالا جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ وَ اللَّهِ مَا عَلَی أَنْفُسِنَا نَبْكِی وَ لَكِنْ نَبْكِی عَلَیْكَ نَرَاكَ قَدْ أُحِیطَ بِكَ وَ لَا نَقْدِرُ عَلَی أَنْ نَنْفَعَكَ فَقَالَ جَزَاكُمَا اللَّهُ یَا ابْنَیْ أَخِی بِوُجْدِكُمَا مِنْ ذَلِكَ وَ مُوَاسَاتِكُمَا إِیَّایَ بِأَنْفُسِكُمَا أَحْسَنَ جَزَاءِ الْمُتَّقِینَ ثُمَّ اسْتَقْدَمَا وَ قَالا السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَ عَلَیْكُمَا السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فقاتلا حتی قتلا.

ص: 29

قال ثم خرج غلام تركی كان للحسین علیه السلام و كان قارئا للقرآن فجعل یقاتل و یرتجز و یقول:

البحر من طعنی و ضربی یصطلی***و الجو من سهمی و نبلی یمتلی

إذا حسامی فی یمینی ینجلی***ینشق قلب الحاسد المبجل

فقتل جماعة ثم سقط صریعا فجاءه الحسین علیه السلام فبكی و وضع خده علی خده ففتح عینه فرأی الحسین علیه السلام فتبسم ثم صار إلی ربه رضی اللّٰه عنه.

قال ثم رماهم یزید بن زیاد بن الشعثاء بثمانیة أسهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم و كان كلما رمی قال الحسین علیه السلام اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْیَتَهُ وَ اجْعَلْ ثَوَابَهُ الْجَنَّةَ فحملوا علیه فقتلوه.

و قال ابن نما حدث مهران مولی بنی كاهل قال شهدت كربلاء مع الحسین علیه السلام فرأیت رجلا یقاتل قتالا شدیدا شدیدا لا یحمل علی قوم إلا كشفهم ثم یرجع إلی الحسین علیه السلام و یرتجز و یقول:

أبشر هدیت الرشد تلقی أحمدا***فی جنة الفردوس تعلو صعدا

فقلت من هذا فقالوا أبو عمرو النهشلی و قیل الخثعمی فاعترضه عامر بن نهشل أحد بنی اللات من ثعلبة فقتله و اجتز رأسه و كان أبو عمرو هذا متهجدا كثیر الصلاة.

و خرج یزید بن مهاجر فقتل خمسة من أصحاب عمر بالنشاب و صار مع الحسین علیه السلام و هو یقول:

أنا یزید و أبی المهاجر***كأننی لیث بغیل خادر(1)

ص: 30


1- 1. ضبطه ابن شهرآشوب فی المناقب ج 4 ص 103« یزید بن مهاصر» و الصدوق فیما مر عن الأمالی ج 44 ص 320« زیاد بن مهاصر». و قال الطبریّ: هو یزید بن زیاد كان مع ابن سعد، فلما ردوا الشروط علی الحسین صار معه ثمّ ذكر رمیته و أنّه قال بعد ما قام: لقد تبین لی انی قتلت منهم خمسة. و الغیل: الاجمة موضع الأسد، و الخادر: الكامن.

یا رب إنی للحسین ناصر***و لابن سعد تارك وهاجر

و كان یكنی أبا الشعشاء من بنی بهدلة من كندة.

قال و جاء رجل فقال أین الحسین فقال ها أنا ذا قال أبشر بالنار تردها الساعة قال بَلْ أَبْشِرْ بِرَبٍّ رَحِیمٍ وَ شَفِیعٍ مُطَاعٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ كَاذِباً فَخُذْهُ إِلَی النَّارِ وَ اجْعَلْهُ الْیَوْمَ آیَةً لِأَصْحَابِهِ فما هو إلا أن ثنی عنان فرسه فرمی به و ثبتت رجله فی الركاب فضربه حتی قطعه و وقعت مذاكیره فی الأرض فو اللّٰه لقد عجبت من سرعة دعائه.

ثم جاء آخر فقال أین الحسین فقال ها أنا ذا قال أبشر بالنار قال أَبْشِرْ بِرَبٍّ رَحِیمٍ وَ شَفِیعٍ مُطَاعٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَیْتُ كَأَنَّ كَلْباً أَبْقَعَ یَلَغُ فِی دِمَاءِ أَهْلِ بَیْتِی وَ قَالَ الْحُسَیْنُ رَأَیْتُ كَأَنَّ كِلَاباً تَنْهَشُنِی وَ كَأَنَّ فِیهَا كَلْباً أَبْقَعَ كَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَیَّ وَ هُوَ أَنْتَ وَ كَانَ أَبْرَصَ.

وَ نَقَلْتُ مِنَ التِّرْمِذِیِّ قِیلَ لِلصَّادِقِ علیه السلام كَمْ تَتَأَخَّرُ الرُّؤْیَا فَذَكَرَ مَنَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ التَّأْوِیلُ بَعْدَ سِتِّینَ سَنَةً.

و تقدم سیف بن أبی الحارث بن سریع و مالك بن عبد اللّٰه بن سریع الجابریان بطن من همدان یقال لهم بنو جابر أمام الحسین علیه السلام ثم التقیا فقالا علیك السلام یا ابن رسول اللّٰه فقال علیكما السلام ثم قاتلا حتی قتلا.

ثم قال محمد بن أبی طالب و غیره و كان یأتی الحسین علیه السلام الرجل بعد الرجل فیقول السلام علیك یا ابن رسول اللّٰه فیجیبه الحسین و یقول و علیك السلام و نحن خلفك ثم یقرأ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ حتی قتلوا عن آخرهم رضوان اللّٰه علیهم و لم یبق مع الحسین إلا أهل بیته.

و هكذا یكون المؤمن یؤثر دینه علی دنیاه و موته علی حیاته فی سبیل اللّٰه و ینصر الحق و إن قتل قال سبحانه وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ (1).

ص: 31


1- 1. آل عمران: 169.

و لما وقف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله علی شهداء أحد و فیهم حمزة رضوان اللّٰه علیه و قال أَنَا شَهِیدٌ عَلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ فَإِنَّهُمْ یُحْشَرُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَوْدَاجُهُمْ تَشْخُبُ دَماً فَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَ الرِّیحُ رِیحُ الْمِسْكِ.

و لما قتل أصحاب الحسین و لم یبق إلا أهل بیته و هم ولد علی و ولد جعفر و ولد عقیل و ولد الحسن و ولده علیه السلام اجتمعوا یودع بعضهم بعضا و عزموا علی الحرب فأول من برز من أهل بیته عبد اللّٰه بن مسلم بن عقیل بن أبی طالب و هو یرتجز و یقول:

الیوم ألقی مسلما و هو أبی***و فتیة بادوا علی دین النبی

لیسوا بقوم عرفوا بالكذب***لكن خیار و كرام النسب

من هاشم السادات أهل الحسب

و قال محمد بن أبی طالب فقاتل حتی قتل ثمانیة و تسعین رجلا فی ثلاث حملات ثم قتله عمرو بن صبیح الصیداوی و أسد بن مالك.

و قال أبو الفرج عبد اللّٰه بن مسلم أمه رقیة بنت علی بن أبی طالب علیه السلام قتله عمرو بن صبیح فیما ذكرناه عن المدائنی و عن حمید بن مسلم و ذكر أن السهم أصابه و هو واضع یده علی جبینه فأثبته فی راحته و جبهته و محمد بن مسلم بن عقیل أمه أم ولد قتله فیما رویناه عن أبی جعفر محمد بن علی علیهما السلام أبو جرهم الأزدی و لقیط بن إیاس الجهنی (1).

و قال محمد بن أبی طالب و غیره ثم خرج من بعده جعفر بن عقیل و هو یرتجز و یقول:

أنا الغلام الأبطحی الطالبی***من معشر فی هاشم و غالب

و نحن حقا سادة الذوائب***هذا حسین أطیب الأطایب

من عترة البر التقی العاقب

ص: 32


1- 1. مقاتل الطالبیین ص 66 و 67.

فقتل خمسة عشر فارسا و قال ابن شهرآشوب و قیل قتل رجلین ثم قتله بشر بن سوط الهمدانی (1)

و قال أبو الفرج أمه أم الثغر بنت عامر العامری قتله عروة بن عبد اللّٰه الخثعمی فیما رویناه عن أبی جعفر الباقر علیه السلام و عن حمید بن مسلم.

و قالوا ثم خرج من بعده أخوه عبد الرحمن بن عقیل و هو یقول:

أبی عقیل فاعرفوا مكانی***من هاشم و هاشم إخوانی

كهول صدق سادة الأقران***هذا حسین شامخ البنیان

و سید الشیب مع الشبان

فقتل سبعة عشر فارسا ثم قتله عثمان بن خالد الجهنی.

و قال أبو الفرج و عبد اللّٰه بن عقیل بن أبی طالب أمه أم ولد و قتله عثمان بن خالد بن أشیم الجهنی و بشر بن حوط القابضی فیما ذكر سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم و عبد اللّٰه الأكبر بن عقیل أمه أم ولد قتله فیما ذكر المدائنی عثمان بن خالد الجهنی و رجل من همدان و لم یذكر عبد الرحمن أصلا.

ثم قال و محمد بن أبی سعید بن عقیل بن أبی طالب الأحول و أمه أم ولد قتله لقیط بن یاسر الجهنی رماه بسهم- فیما رویناه عن المدائنی عن أبی مخنف عن سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم: و ذكر محمد بن علی بن حمزة أنه قتل معه جعفر بن محمد بن عقیل و وصف أنه قد سمع أیضا من یذكر أنه قد قتل یوم الحرة.

و قال أبو الفرج ما رأیت فی كتب الأنساب لمحمد بن عقیل ابنا یسمی جعفرا و ذكر أیضا محمد بن علی بن حمزة عن عقیل بن عبد اللّٰه بن عقیل بن محمد بن عبد اللّٰه بن محمد بن عقیل بن أبی طالب أن علی بن عقیل و أمه أم ولد قتل یومئذ(2).

ص: 33


1- 1. راجع المناقب ج 4 ص 105، و فیه فقتل رجلین، و فی قول خمسة عشر فارسا قتله بشر بن سوط الهمدانیّ، و سیجی ء أن الرجل بشر بن حوط القابضی، و قابض بن زید: بطن من همدان.
2- 2. مقاتل الطالبیین ص 65- 67.

ثم قالوا و خرج من بعده محمد بن عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب و هو یقول:

نشكو إلی اللّٰه من العدوان***قتال قوم فی الردی عمیان

قد تركوا معالم القرآن***و محكم التنزیل و التبیان

و أظهروا الكفر مع الطغیان

ثم قاتل حتی قتل عشرة أنفس ثم قتله عامر بن نهشل التمیمی.

ثم خرج من بعده عون بن عبد اللّٰه بن جعفر و هو یقول:

إن تنكرونی فأنا ابن جعفر***شهید صدق فی الجنان أزهر

یطیر فیها بجناح أخضر***كفی بهذا شرفا فی المحشر

ثم قاتل حتی قتل من القوم ثلاثة فوارس و ثمانیة عشر راجلا ثم قتله عبد اللّٰه بن بطة الطائی.

قال أبو الفرج بعد ذكر قتل محمد و عون و إن عونا قتله عبد اللّٰه بن قطنة التیهانی (1) و عبید اللّٰه بن عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب ذكر یحیی بن الحسن فیما أخبرنی به أحمد بن سعید عنه أنه قتل مع الحسین علیه السلام بالطف.

ثم قال أبو الفرج و محمد بن أبی طالب و غیرهما ثم خرج من بعده عبد اللّٰه بن الحسن بن علی بن أبی طالب علیه السلام و فی أكثر الروایات أنه القاسم بن الحسن علیه السلام و هو غلام صغیر لم یبلغ الحلم فلما نظر الحسین إلیه قد برز اعتنقه و جعلا یبكیان حتی غشی علیهما ثم استأذن الحسین علیه السلام فی المبارزة فأبی الحسین أن یأذن له فلم یزل الغلام یقبل یدیه و رجلیه حتی أذن له فخرج و دموعه تسیل علی خدیه و هو یقول:

إن تنكرونی فأنا ابن الحسن (2)***سبط النبی المصطفی و المؤتمن

هذا حسین كالأسیر المرتهن***بین أناس لا سقوا صوب المزن

ص: 34


1- 1. و هكذا فی المناقب لابن شهرآشوب ج 4 ص 106 عبد اللّٰه بن قطنة الطائی و قد یقال عبد اللّٰه بن قطبة البتهانی، و أظنه التینانی بطن من بجیلة من القحطانیة أو هو النبهانی: أبو حی.
2- 2. فی المناقب: ان تنكرونی فأنا فرع الحسن و هو أوفق بالوزن.

و كان وجهه كفلقة القمر فقاتل قتالا شدیدا حتی قتل علی صغره خمسة و ثلاثین رجلا قال حمید كنت فی عسكر ابن سعد فكنت أنظر إلی هذا الغلام علیه قمیص و إزار و نعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنسی أنه كان الیسری فقال عمرو بن سعد الأزدی و

اللّٰه لأشدن علیه فقلت سبحان اللّٰه و ما ترید بذلك و اللّٰه لو ضربنی ما بسطت إلیه یدی یكفیه هؤلاء الذین تراهم قد احتوشوه قال و اللّٰه لأفعلن فشد علیه فما ولی حتی ضرب رأسه بالسیف و وقع الغلام لوجهه و نادی یا عماه.

قال فجاء الحسین كالصقر المنقض فتخلل الصفوف و شد شدة اللیث الحرب فضرب عمرا قاتله بالسیف فاتقاه بیده فأطنها من المرفق فصاح ثم تنحی عنه و حملت خیل أهل الكوفة لیستنقذوا عمرا من الحسین فاستقبلته بصدورها و جرحته بحوافرها و وطئته حتی مات الغلام (1) فانجلت الغبرة فإذا بالحسین قائم علی رأس الغلام و هو یفحص برجله فقال الحسین یَعَزُّ وَ اللَّهِ عَلَی عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلَا یُجِیبَكَ أَوْ یُجِیبَكَ فَلَا یُعِینَكَ أَوْ یُعِینَكَ فَلَا یُغْنِی عَنْكَ بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ.

ص: 35


1- 1. قد اقتحم هاهنا لفظ[ الغلام] و هو سهو ظاهر، یخالف نسخة المقاتل و الإرشاد و مناقب ابن شهرآشوب، و یخالف لفظ الكتاب أیضا، حیث یقول بعده« و هو یفحص برجله» فانما یفحص برجله: ای یجود بنفسه، الذی لم یمت بعد، خصوصا مع مخاطبة الحسین علیه السلام له بقوله:« یعزّ و اللّٰه علی عمك» الخ. فالمائت تحت حوافر الخیل و سنابكها عدو اللّٰه عمرو بن سعد بن نفیل الأزدیّ لا رحمه اللّٰه، و لكن عبارة المصنّف رحمه اللّٰه یفید أنه هو القاسم بن الحسن. أما نسخة المقاتل ففیه: فضرب عمرا بالسیف فاتقاه بساعده فأطنها من لدن المرفق ثمّ تنحی عنه و حملت خیل عمر بن سعد لتستنقذه من الحسین فلما حملت الخیل استقبلته بصدورها و جالت فتوطأته فلم یرم حتّی مات لعنه اللّٰه و أخزاه، فلما تجلت الغبرة إذا بالحسین علی رأس الغلام و هو یفحص برجله و حسین یقول الخبر. و قد یظهر أن لفظ[ الغلام] كان فی نسخة المصنّف مصحفا عن كلمة[ لعنه اللّٰه] التی تكتب هكذا« لعل». راجع مقاتل الطالبیین ص 62، الإرشاد ص 223 و 224، مناقب آل أبی طالب لابن شهرآشوب ج 4 ص 106 و 107.

ثم احتمله فكأنی أنظر إلی رجلی الغلام یخطان فی الأرض و قد وضع صدره علی صدره فقلت فی نفسی ما یصنع فجاء حتی ألقاه بین القتلی من أهل بیته.

ثم قال اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً وَ اقْتُلْهُمْ بَدَداً وَ لَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً صَبْراً یَا بَنِی عُمُومَتِی صَبْراً یَا أَهْلَ بَیْتِی لَا رَأَیْتُمْ هَوَاناً بَعْدَ هَذَا الْیَوْمِ أَبَداً ثم خرج عبد اللّٰه بن الحسن الذی ذكرناه أولا و هو الأصح أنه برز بعد القاسم و هو یقول:

إن تنكرونی فأنا ابن حیدرة***ضرغام آجام و لیث قسورة

علی الأعادی مثل ریح صرصرة

فقتل أربعة عشر رجلا ثم قتله هانئ بن ثبیت الحضرمی فاسود وجهه قَالَ أَبُو الْفَرَجِ كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ علیه السلام یَذْكُرُ أَنَّ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ الْأَسَدِیَّ قَتَلَهُ و روی عن هانئ بن ثبیت القابضی أن رجلا منهم قتله.

ثم قال و أبو بكر بن الحسن بن علی بن أبی طالب و أمه أم ولد- ذكر المدائنی فی إسنادنا عنه عن أبی مخنف عن سلیمان بن أبی راشد: أن عبد اللّٰه بن عقبة الغنوی قتله- و فی حدیث عمرو بن شمر عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام: أن عقبة الغنوی قتله (1).

قالوا ثم تقدمت إخوة الحسین عازمین علی أن یموتوا دونه فأول من خرج منهم أبو بكر بن علی و اسمه عبید اللّٰه و أمه لیلی بنت مسعود بن خالد بن ربعی التمیمیة فتقدم و هو یرتجز:

شیخی علی ذو الفخار الأطول***من هاشم الصدق الكریم المفضل

هذا حسین بن النبی المرسل***عنه نحامی بالحسام المصقل

تفدیه نفسی من أخ مبجل

فلم یزل یقاتل حتی قتله زحر بن بدر النخعی و قیل عبید اللّٰه بن عقبة الغنوی قال

ص: 36


1- 1. المصدر ص 61.

أبو الفرج لا یعرف اسمه و ذكر أبو جعفر الباقر علیه السلام فی الإسناد الذی تقدم أن رجلا من همدان قتله و ذكر المدائنی أنه وجد فی ساقیة مقتولا لا یدری من قتله.

قالوا ثم برز من بعده أخوه عمر بن علی و هو یقول:

أضربكم و لا أری فیكم زحر***ذاك الشقی بالنبی قد كفر

یا زحر یا زحر تدان من عمر***لعلك الیوم تبوأ من سقر

شر مكان فی حریق و سعر***لأنك الجاحد یا شر البشر

ثم حمل علی زحر قاتل أخیه فقتله و استقبل القوم و جعل یضرب بسیفه ضربا منكرا و هو یقول:

خلوا عداه اللّٰه خلوا عن عمر***خلوا عن اللیث العبوس المكفهر

یضربكم بسیفه و لایفر***و لیس فیها كالجبان المنجحر

فلم یزل یقاتل حتی قتل.

ثم برز من بعده أخوه عثمان بن علی و أمه أم البنین بنت حزام بن خالد من بنی كلاب و هو یقول :

إنی أنا عثمان ذوالمفاخر***شیخی علی ذوالفعال الظاهر

و ابن عم للنبی الطاهر***أخی حسین خیرة الأخایر

و سید الكبار و الأصاغر***بعد الرسول و الوصی الناصر

فرماه خولی بن یزید الأصبحی علی جبینه فسقط عن فرسه و جز رأسه رجل من بنی أبان بن حازم- قال أبو الفرج قال یحیی بن الحسن عن علی بن إبراهیم عن عبید اللّٰه بن الحسن و عبد اللّٰه بن العباس قالا: قتل عثمان بن علی و هو ابن إحدی و عشرین سنة و قال الضحاك بإسناده إن خولی بن یزید رمی عثمان بن علی بسهم فأسقطه (1)

و شد علیه رجل من بنی أبان دارم و أخذ رأسه وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام

ص: 37


1- 1. فی المصدر: فأوهطه، و هو الأصحّ: یقال أوهطه: أضعفه و أوهنه و أثخنه ضربا و قیل: صرعه صرعة لا یقوم منها.

أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا سَمَّیْتُهُ بِاسْمِ أَخِی عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ (1)

أقول: و لم یذكر أبو الفرج عمر بن علی فی المقتولین یومئذ.

قالوا: ثم برز من بعده أخوه جعفر بن علی و أمه أم البنین أیضا و هو یقول:

إنی أنا جعفر ذو المعالی***ابن علی الخیر ذوالنوال

حسبی بعمی شرفا وخالی***أحمی حسینا ذی الندی المفضال

ثم قاتل فرماه خولی الأصبحی فأصاب شقیقته أو عینه.

ثم برز أخوه عبد اللّٰه بن علی و هو یقول:

أنا ابن ذی النجدة و الإفضال***ذاك علی الخیر ذو الفعال

سیف رسول اللّٰه ذوالنكال***فی كل قوم ظاهر الأهوال

فقتله هانئ بن ثبیت الحضرمی.

قال أبو الفرج حدثنی أحمد بن سعید عن یحیی بن الحسن عن علی بن إبراهیم عن عبید اللّٰه بن الحسن و عبد اللّٰه بن العباس قالا: قتل عبد اللّٰه بن علی بن أبی طالب علیه السلام و هو ابن خمس و عشرین سنة و لا عقب له و قتل جعفر بن علی و هو ابن تسع عشرة سنة- حدثنی أحمد بن عیسی عن حسین بن نصر عن أبیه عن عمر بن سعد عن أبی مخنف عن عبد اللّٰه بن عاصم عن ضحاك المشرقی (2) قال: قال العباس بن علی لأخیه من أبیه و أمه عبد اللّٰه بن علی تقدم بین یدی حتی أراك و أحتسبك فإنه لا ولد لك فتقدم بین یدیه و شد علیه هانئ بن ثبیت الحضرمی فقتله و بهذا الإسناد أن العباس بن علی قدم أخاه جعفرا بین یدیه (3) فشد علیه هانئ بن ثبیت الذی قتل أخاه فقتله- وَ قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ حَدَّثَنِی عَمْرُو بْنُ

ص: 38


1- 1. مقاتل الطالبیین ص 58.
2- 2. قال الفیروزآبادی: و الضحّاك المشرقی تابعی أو صوابه كسر المیم و فتح الراء نسبة الی مشرق بطن من همدان، أقول: و مثله فی المشتبه للذهبی ص 485.
3- 3. زاد فی المصدر: و هو لانه لم یكن له ولد لیحوز ولد العباس بن علی میراثه.

شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام: أَنَّ خَوْلِیَّ بْنَ یَزِیدَ الْأَصْبَحِیَّ قَتَلَ جَعْفَرَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام.

ثم قال و محمد الأصغر بن علی بن أبی طالب و أمه أم ولد- حدثنی أحمد بن عیسی عن حسین بن نصر عن أبیه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام: و حدثنی أحمد بن أبی شیبة عن أحمد بن الحارث عن المدائنی: أن رجلا من تمیم من بنی أبان بن دارم قتله رضوان اللّٰه علیه.

قال و قد ذكر محمد بن علی بن حمزة أنه قتل یومئذ إبراهیم بن علی بن أبی طالب علیه السلام و أمه أم ولد و ما سمعت بهذا عن غیره و لا رأیت لإبراهیم فی شی ء من كتب الأنساب ذكرا- و ذكر یحیی بن الحسن أن أبا بكر بن عبید اللّٰه الطلحی حدثه عن أبیه: أن عبید اللّٰه بن علی قتل مع الحسین و هذا خطأ و إنما قتل عبید اللّٰه یوم المذار قتله أصحاب المختار و قد رأیته بالمذار(1).

و قال كان العباس بن علی یكنی أبا الفضل و أمه أم البنین أیضا و هو أكبر ولدها و هو آخر من قتل من إخوته لأبیه و أمه فحاز مواریثهم (2) ثم تقدم فقتل فورثهم و إیاه عبید اللّٰه و نازعه فی ذلك عمه عمر بن علی فصولح علی شی ء أرضی به.

و كان العباس رجلا وسیما جمیلا یركب الفرس المطهم و رجلاه یخطان فی الأرض و كان یقال له قمر بنی هاشم و كان لواء الحسین علیه السلام معه- حَدَّثَنِی أَحْمَدُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنِ ابْنِ أَبِی أُوَیْسٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: عَبَّأَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ أَصْحَابَهُ فَأَعْطَی رَایَتَهُ

ص: 39


1- 1. المذار- كسحاب- بلد بین واسط و البصرة، و بها كانت یوم لمصعب بن الزبیر علی أحمر بن شمیط البجلیّ، راجع أیّام العرب فی الإسلام للمیدانی بذیل مجمع الامثال ج 2 ص 447.
2- 2. فی المصدر: لانه كان له عقب، و لم یكن لهم؛ فقدمهم بین یدیه فقتلوا جمیعا فحاز مواریثهم.

أَخَاهُ الْعَبَّاسَ حَدَّثَنِی أَحْمَدُ بْنُ عِیسَی عَنْ حُسَیْنِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّ زَیْدَ بْنَ رُقَادٍ وَ حَكِیمَ بْنَ الطُّفَیْلِ الطَّائِیَّ قَتَلَا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ كَانَتْ أُمُّ الْبَنِینِ أُمَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْإِخْوَةِ الْقَتْلَی تَخْرُجُ إِلَی الْبَقِیعِ فَتَنْدُبُ بَنِیهَا أَشْجَی نُدْبَةٍ وَ أَحْرَقَهَا فَیَجْتَمِعُ النَّاسُ إِلَیْهَا یَسْمَعُونَ مِنْهَا فَكَانَ مَرْوَانُ یَجِی ءُ فِیمَنْ یَجِی ءُ لِذَلِكَ فَلَا یَزَالُ یَسْمَعُ نُدْبَتَهَا وَ یَبْكِی- ذَكَرَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی الْجُهَنِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام(1).

قالوا و كان العباس السقاء قمر بنی هاشم صاحب لواء الحسین علیه السلام و هو أكبر الإخوان مضی یطلب الماء فحملوا علیه و حمل علیهم و جعل یقول:

لا أرهب الموت إذا الموت رقا(2)***حتی أواری فی المصالیت لقی

نفسی لنفس المصطفی الطهر وقا***إنی أنا العباس أغدو بالسقا

و لا أخاف الشر یوم الملتقی

ففرقهم فكمن له زید بن ورقاء(3)من وراء نخلة و عاونه حكیم بن الطفیل السنبسی فضربه علی یمینه فأخذ السیف بشماله و حمل و هو یرتجز:

و اللّٰه إن قطعتم یمینی***إنی أحامی أبدا عن دینی

و عن إمام صادق الیقین***نجل النبی الطاهر الأمین

فقاتل حتی ضعف فكمن له الحكم بن الطفیل الطائی من وراء نخلة فضربه علی شماله فقال:

یا نفس لا تخشی من الكفار***و أبشری برحمة الجبار

ص: 40


1- 1. مقاتل الطالبیین ص 59.
2- 2. فی بعض النسخ« زقا» أی صاح، كانت العرب تزعم ان روح القتیل الذی لا یدرك بثأره تصیر هامة فتزقو عند قبره تقول: اسقونی اسقونی، فإذا أدرك بثأره طارت.
3- 3. هكذا فی نسخة الإرشاد ص 225 و مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 108، و قد مر عن المقاتل أنّه زید بن رقاد فتحرر.

مع النبی السید المختار***قد قطعوا ببغیهم یساری

فأصلهم یا رب حر النار

فضربه ملعون بعمود من حدید فقتله فلما رآه الحسین علیه السلام صریعا علی شاطئ الفرات بكی و أنشأ یقول:

تعدیتم یا شر قوم ببغیكم***و خالفتم دین النبی محمد

أ ما كان خیر الرسل أوصاكم بنا***أ ما نحن من نجل النبی المسدد

أ ما كانت الزهراء أمی دونكم***أ ما كان من خیر البریة أحمد

لعنتم و أخزیتم بما قد جنیتم***فسوف تلاقوا حر نار توقد

أقول: و فی بعض تألیفات أصحابنا أن العباس لما رأی وحدته علیه السلام أتی أخاه و قال یا أخی هل من رخصة فبكی الحسین علیه السلام بكاء شدیدا ثم قال یا أَخِی أَنْتَ صَاحِبُ لِوَائِی وَ إِذَا مَضَیْتَ تَفَرَّقَ عَسْكَرِی (1)

فَقَالَ الْعَبَّاسُ قَدْ ضَاقَ صَدْرِی وَ سَئِمْتُ مِنَ الْحَیَاةِ وَ أُرِیدُ أَنْ أَطْلُبَ ثَأْرِی مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِینَ.

فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَاطْلُبْ لِهَؤُلَاءِ الْأَطْفَالِ قَلِیلًا مِنَ الْمَاءِ فذهب العباس و وعظهم و حذرهم فلم ینفعهم فرجع إلی أخیه فأخبره فسمع الأطفال ینادون العطش العطش فركب فرسه و أخذ رمحه و القربة و قصد نحو الفرات فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكلین بالفرات و رموه بالنبال فكشفهم و قتل منهم علی ما روی ثمانین رجلا حتی دخل الماء.

فلما أراد أن یشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسین و أهل بیته فرمی الماء و ملأ القربة(2)

و حملها علی كتفه الأیمن و توجه نحو الخیمة فقطعوا علیه

ص: 41


1- 1. هذه روایة مرسلة عن كتاب مجهول، یخالف كل المقاتل. فان أصحاب الحسین علیه السلام كلهم قد تفانوا دون أهل بیته، و كان العباس علیه السلام آخر المستشهدین مع أخیه الحسین فلم یكن هناك عسكر! حتی یقول الحسین: إذا مضیت تفرق عسكری.
2- 2. و قال علی ما روی: یا نفس من بعد الحسین هونی***و بعده لا كنت ان تكونی هذا الحسین وارد المنون***و تشربین بارد المعین تاللّٰه ما هذا فعال دینی.

الطریق و أحاطوا به من كل جانب فحاربهم حتی ضربه نوفل الأزرق علی یده الیمنی فقطعها فحمل القربة علی كتفه الأیسر فضربه نوفل فقطع یده الیسری من الزند فحمل القربة بأسنانه فجاءه سهم فأصاب القربة و أریق ماؤها ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره فانقلب عن فرسه و صاح إلی أخیه الحسین أدركنی فلما أتاه رآه صریعا فبكی و حمله إلی الخیمة.

ثم قالوا و لما قتل العباس قال الحسین علیه السلام الْآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِی وَ قَلَّتْ حِیلَتِی.

قال ابن شهرآشوب ثم برز القاسم بن الحسین (1) و هو یرتجز و یقول:

إن تنكرونی فأنا ابن حیدرة***ضرغام آجام و لیث قسورة

علی الأعادی مثل ریح صرصرة***أكیلكم بالسیف كیل السندرة(2)

و ذكر هذا بعد أن ذكر القاسم بن الحسن سابقا و فیه غرابة(3).

قالوا ثم تقدم علی بن الحسین علیهما السلام و قال محمد بن أبی طالب و أبو الفرج و أمه لیلی بنت أبی مرة بن عروة بن مسعود الثقفی و هو یومئذ ابن ثمانی عشرة سنة و قال ابن شهرآشوب و یقال ابن خمس و عشرین سنة(4).

قالوا و رفع الحسین سبابته نحو السماء(5) و قال اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَی هَؤُلَاءِ

ص: 42


1- 1. القاسم بن الحسن خ ل.
2- 2. قد مر فی ما سبق أن هذا الرجز لعبد اللّٰه بن الحسن.
3- 3. و الظاهر أنّه أراد القاسم بن الحسن علیه السلام و انما كرره لاختلاف الروایة فی ترتیب الشهداء، و هكذا فی رجزه، قال فی ج 4 ص 106: ثم برز أخوه- یعنی عبد اللّٰه بن الحسن- القاسم و علیه ثوب و ازار و نعلان فقط و كأنّه فلقة قمر، و أنشأ یقول: انی أنا القاسم من نسل علی***نحن و بیت اللّٰه أولی بالنبی من شمر ذی الجوشن أو ابن الدعی.
4- 4. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 109، مقاتل الطالبیین ص 55 و 56.
5- 5. شیبته خ ل.

الْقَوْمِ فَقَدْ بَرَزَ إِلَیْهِمْ غُلَامٌ أَشْبَهُ النَّاسِ خَلْقاً وَ خُلُقاً وَ مَنْطِقاً بِرَسُولِكَ كُنَّا إِذَا اشْتَقْنَا إِلَی نَبِیِّكَ نَظَرْنَا إِلَی وَجْهِهِ اللَّهُمَّ امْنَعْهُمْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ وَ فَرِّقْهُمْ تَفْرِیقاً وَ مَزِّقْهُمْ تَمْزِیقاً وَ اجْعَلْهُمْ طَرَائِقَ قِدَداً وَ لَا تُرْضِ الْوُلَاةَ عَنْهُمْ أَبَداً فَإِنَّهُمْ دَعَوْنَا لِیَنْصُرُونَا ثُمَّ عَدَوْا عَلَیْنَا یُقَاتِلُونَنَا.

ثُمَّ صَاحَ الْحُسَیْنُ بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مَا لَكَ قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ وَ لَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِی أَمْرِكَ وَ سَلَّطَ عَلَیْكَ مَنْ یَذْبَحُكَ بَعْدِی عَلَی فِرَاشِكَ كَمَا قَطَعْتَ رَحِمِی وَ لَمْ تَحْفَظْ قَرَابَتِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ رَفَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام صَوْتَهُ وَ تَلَا إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ- ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ ثم حمل علی بن الحسین علی القوم و هو یقول:

أنا علی بن الحسین بن علی***من عصبة جد أبیهم النبی

و اللّٰه لا یحكم فینا ابن الدعی***أطعنكم بالرمح حتی ینثنی

أضربكم بالسیف أحمی عن أبی***ضرب غلام هاشمی علوی

فلم یزل یقاتل حتی ضج الناس من كثرة من قتل منهم و روی أنه قتل علی عطشه مائة و عشرین رجلا ثم رجع إلی أبیه و قد أصابته جراحات كثیرة فقال یا أبه العطش قد قتلنی و ثقل الحدید أجهدنی فهل إلی شربة من ماء سبیل أتقوی بها علی الأعداء فبكی الحسین علیه السلام و قال یا بنی یعز علی محمد و علی علی بن أبی طالب و علی أن تدعوهم فلا یجیبوك و تستغیث بهم فلا یغیثوك یا بنی هات لسانك فأخذ بلسانه فمصه و دفع إلیه خاتمه و قال امسكه فی فیك و ارجع إلی قتال عدوك فإنی أرجو أنك لا تمسی حتی یسقیك جدك بكأسه الأوفی شربة لا تظمأ بعدها أبدا فرجع إلی القتال و هو یقول:

الحرب قد بانت لها الحقائق***و ظهرت من بعدها مصادق

و اللّٰه رب العرش لا نفارق***جموعكم أو تغمد البوارق

ص: 43

فلم یزل قتل تمام المائتین ثم ضربه منقذ بن مرة العبدی (1) علی مفرق رأسه ضربة صرعته و ضربه الناس بأسیافهم ثم اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلی عسكر الأعداء فقطعوه بسیوفهم إربا إربا.

فلما بلغت الروح التراقی قال رافعا صوته یا أبتاه هذا جدی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قد سقانی بكأسه الأوفی شربة لا أظمأ بعدها أبدا و هو یقول العجل العجل فإن لك كأسا مذخورة حتی تشربها الساعة فصاح الحسین علیه السلام و قال قَتَلَ اللَّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَی الرَّحْمَنِ وَ عَلَی رَسُولِهِ وَ عَلَی انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ عَلَی الدُّنْیَا بَعْدَكَ الْعَفَا.

قال حمید بن مسلم فكأنی أنظر إلی امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادی بالویل و الثبور و تقول یا حبیباه یا ثمرة فؤاداه یا نور عیناه فسألت عنها فقیل هی زینب بنت علی علیهما السلام و جاءت و انكبت علیه فجاء الحسین فأخذ بیدها فردها إلی الفسطاط و أقبل علیه السلام بفتیانه و قال احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه فجاءوا به حتی وضعوه عند الفسطاط الذی كانوا یقاتلون أمامه.

و قال المفید و ابن نما بعد ذلك ثم رمی رجل من أصحاب عمر بن سعد یقال له عمرو بن صبیح عبد اللّٰه بن مسلم بن عقیل بسهم فوضع عبد اللّٰه یده علی جبهته یتقیه فأصاب السهم كفه و نفذ إلی جبهته فسمّرها به فلم یستطع تحریكها ثم انحنی علیه آخر برمحه فطعنه فی قلبه فقتله.

و حمل عبد اللّٰه بن قطبة الطائی علی عون بن عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب فقتله و حمل عامر بن نهشل التمیمی علی محمد بن عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب فقتله و شد عثمان بن خالد الهمدانی علی عبد الرحمن بن عقیل بن أبی طالب فقتله (2).

ص: 44


1- 1. كذا فی الأصل و نقل عن مقتل العوالم ص 95 أیضا و لكن المشهور كما فی الطبریّ ج 6 ص 625 مرة بن منقذ بن النعمان العبدی ثمّ اللیثی و هكذا ابن الأثیر ج 4 ص 30، الاخبار الطوال ص 254، مقاتل الطالبیین ص 84 و غیر ذلك.
2- 2. الإرشاد ص 223.

وَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِی الْمَقَاتِلِ حَدَّثَنِی أَحْمَدُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ أَوَّلَ قَتِیلٍ قُتِلَ مِنْ وُلْدِ أَبِی طَالِبٍ مَعَ الْحُسَیْنِ ابْنُهُ عَلِیٌّ- وَ حَدَّثَنِی أَحْمَدُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِیٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا بَرَزَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنَ إِلَیْهِمْ أَرْخَی الْحُسَیْنُ علیه السلام عَیْنَیْهِ فَبَكَی ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ فَكُنْ أَنْتَ الشَّهِیدَ عَلَیْهِمْ فَقَدْ بَرَزَ إِلَیْهِمْ غُلَامٌ أَشْبَهُ الْخَلْقِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَشُدُّ عَلَیْهِمْ ثُمَّ یَرْجِعُ إِلَی أَبِیهِ فَیَقُولُ یَا أَبَهْ الْعَطَشَ فَیَقُولُ لَهُ الْحُسَیْنُ اصْبِرْ حَبِیبِی فَإِنَّكَ لَا تُمْسِی حَتَّی یَسْقِیَكَ رَسُولُ اللَّهِ بِكَأْسِهِ وَ جَعَلَ یَكُرُّ كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ حَتَّی رُمِیَ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِی حَلْقِهِ فَخَرَقَهُ وَ أَقْبَلَ یَتَقَلَّبُ فِی دَمِهِ ثُمَّ نَادَی یَا أَبَتَاهْ عَلَیْكَ السَّلَامُ هَذَا جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ عَجِّلِ الْقَدُومَ عَلَیْنَا وَ شَهَقَ شَهْقَةً فَارَقَ الدُّنْیَا(1).

قال أبو الفرج علی بن الحسین هذا هو الأكبر و لا عقب له و یكنی أبا الحسن و أمه لیلی بنت أبی مرة بن عروة بن مسعود الثقفی و هو أول من قتل فی الوقعة و إیاه عنی معاویة فی الخبر الذی- حدثنی به محمد بن محمد بن سلیمان عن یوسف بن موسی القطان عن جریر عن مغیرة قال: قال معاویة من أحق الناس بهذا الأمر قالوا أنت قال لا أولی الناس بهذا الأمر علی بن الحسین بن علی جده رسول اللّٰه و فیه شجاعة بنی هاشم و سخاء بنی أمیة و زهو ثقیف.

و قال یحیی بن الحسن العلوی و أصحابنا الطالبیون یذكرون أن المقتول لأم ولد و أن الذی أمه لیلی هو جدهم و ولد فی خلافة عثمان (2).

ثم قالوا و خرج غلام و بیده عمود(3)

من تلك الأبنیة و فی أذنیه درتان

ص: 45


1- 1. مقاتل الطالبیین ص 85.
2- 2. المصدر ص 55 و 56.
3- 3. الزیادة من الطبریّ ج 6 ص 258 و البدایة ج 8 ص 186. قالا: قال هانئ بن ثبیت الحضرمی:« انی لواقف عاشر عشرة لما صرع الحسین. اذ نظرت الی غلام من آل الحسین علیه ازار و قمیص و فی اذنیه درتان و بیده عمود من تلك الابنیة و هو مذعور یلتفت یمینا و شمالا فأقبل رجل یركض حتّی إذا دنا منه مال عن فرسه و علاه بالسیف و قطعه، فلما عیب علیه كنی عن نفسه». فعدو اللّٰه هو الذی قتله، لكنه لم یذكر نفسه لما عیب علیه بل نسبه الی رجل لا یعرف و جعل نفسه راویا.

و هو مذعور فجعل یلتفت یمینا و شمالا و قرطاه یتذبذبان فحمل علیه هانئ بن ثبیت فقتله فصارت شهربانو تنظر إلیه و لا تتكلم كالمدهوشة.

ثم التفت الحسین عن یمینه فلم یر أحدا من الرجال و التفت عن یساره فلم یر أحدا فخرج علی بن الحسین زین العابدین علیهما السلام و كان مریضا لا یقدر أن یقل سیفه و أم كلثوم تنادی خلفه یا بنی ارجع فقال یَا عَمَّتَاهْ ذَرِینِی أُقَاتِلْ بَیْنَ یَدَیِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَا أُمَّ كُلْثُومٍ خُذِیهِ لِئَلَّا تَبْقَی الْأَرْضُ خَالِیَةً مِنْ نَسْلِ آلِ مُحَمَّدٍ صلوات اللّٰه علیهم.

و لما فجع الحسین بأهل بیته و ولده و لم یبق غیره و غیر النساء و الذراری نادی هَلْ مِنْ ذَابٍّ یَذُبُّ عَنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ مِنْ مُوَحِّدٍ یَخَافُ اللَّهَ فِینَا هَلْ مِنْ مُغِیثٍ یَرْجُو اللَّهَ فِی إِغَاثَتِنَا وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النِّسَاءِ بِالْعَوِیلِ فَتَقَدَّمَ علیه السلام إِلَی بَابِ الْخَیْمَةِ فَقَالَ نَاوِلُونِی عَلِیّاً ابْنِیَ الطِّفْلَ حَتَّی أُوَدِّعَهُ فَنَاوَلُوهُ الصَّبِیَّ.

و قال المفید دعا ابنه عبد اللّٰه (1)

قالوا فجعل یقبله و هو یقول وَیْلٌ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِذَا كَانَ جَدُّكَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَی خَصْمَهُمْ و الصبی فی حجره إذ رماه حرملة بن كاهل الأسدی بسهم فذبحه فی حجر الحسین فتلقی الحسین دمه حتی امتلأت كفه ثم رمی به إلی السماء.

و قال السید ثم قال هَوَّنَ عَلَیَّ مَا نَزَلَ بِی أَنَّهُ بِعَیْنِ اللَّهِ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام فَلَمْ یَسْقُطْ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ قَطْرَةٌ إِلَی الْأَرْضِ (2).

ص: 46


1- 1. فی الإرشاد المطبوع ص 224: ثم جلس الحسین أمام الفسطاط فأتی بابنه عبد اللّٰه و هو طفل إلخ.
2- 2. الملهوف ص 103.

قالوا ثُمَّ قَالَ لَا یَكُونُ أَهْوَنَ عَلَیْكَ مِنْ فَصِیلٍ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ حَبَسْتَ عَنَّا النَّصْرَ فَاْجَعْل ذَلِكَ لِمَا هُوَ خَیْرٌ لَنَا.

أقول: و فی بعض الكتب أن الحسین لما نظر إلی اثنین و سبعین رجلا من أهل بیته صرعی التفت إلی الخیمة و نَادَی یَا سُكَیْنَةُ یَا فَاطِمَةُ یَا زَیْنَبُ یَا أُمَّ كُلْثُومٍ عَلَیْكُنَّ مِنِّی السَّلَامُ فَنَادَتْهُ سُكَیْنَةُ یَا أَبَهْ اسْتَسْلَمْتَ لِلْمَوْتِ؟ فَقَالَ كَیْفَ لَا یَسْتَسْلِمُ مَنْ لَا نَاصِرَ لَهُ وَ لَا مُعِینَ فَقَالَتْ یَا أَبَهْ رُدَّنَا إِلَی حَرَمِ جَدِّنَا فَقَالَ هَیْهَاتَ لَوْ تُرِكَ الْقَطَا لَنَامَ فتصارخن النساء فسكتهن الحسین و حمل علی القوم.

و قال أبو الفرج و عبد اللّٰه بن الحسین و أمه الرباب بنت إمرئ القیس و هی التی یقول فیها أبو عبد اللّٰه الحسین:

لعمرك إننی لأحب دارا***تكون بها سكینة و الرباب

أحبهما و أبذل جلّ مالی***و لیس لعاتب عندی عتاب

و سكینة التی ذكرها ابنته من الرباب و اسم سكینة أمینة و إنما غلب علیها سكینة و لیس باسمها و كان عبد اللّٰه یوم قتل صغیرا جاءه نشابة و هو فی حجر أبیه فذبحته- حدثنی أحمد بن شبیب عن أحمد بن الحارث عن المدائنی عن أبی مخنف عن سلیمان بن أبی راشد عن حمید بن مسلم قال: دعا الحسین بغلام فأقعده فی حجره فرماه عقبة بن بشر فذبحه و حدثنی محمد بن الحسین الأشنانی بإسناده عمن شهد الحسین قال كان معه ابن له صغیر فجاء سهم فوقع فی نحره قال فجعل الحسین یمسح الدم من نحر لبته فیرمی به إلی السماء فما رجع منه شی ء و یَقُولُ اللَّهُمَّ لَا یَكُونُ أَهْوَنَ عَلَیْكَ مِنْ فَصِیلٍ (1).

ثُمَّ قَالُوا ثُمَّ قَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ رَكِبَ فَرَسَهُ وَ تَقَدَّمَ إِلَی الْقِتَالِ وَ هُوَ یَقُولُ:

كَفَرَ الْقَوْمُ وَ قِدْماً رَغِبُوا***عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ رَبِّ الثَّقَلَیْنِ

قَتَلُوا الْقَوْمُ عَلِیّاً وَ ابْنَهُ***حَسَنَ الْخَیْرِكَرِیمَ الْأَبَوَیْنِ

حَنَقاً مِنْهُمْ وَ قَالُوا أَجْمِعُوا***احْشُرُوا النَّاسَ إِلَی حَرْبِ الْحُسَیْنِ

ص: 47


1- 1. مقاتل الطالبیین ص 63 و 64.

یَا لَقَوْمٍ مِنْ أُنَاسٍ رُذَّلٍ***جَمَعَ الْجَمْعَ لِأَهْلِ الْحَرَمَیْنِ

ثُمَّ سَارُوا وَ تَوَاصَوْا كُلُّهُمْ***بِاجْتِیَاحِی لِرِضَاءِ الْمُلْحِدِینَ (1)

لَمْ یَخَافُوا اللَّهَ فِی سَفْكِ دَمِی***لِعُبَیْدِ اللَّهِ نَسْلِ الْكَافِرِینَ

وَ ابْنِ سَعْدٍ قَدْ رَمَانِی عَنْوَةً***بِجُنُودٍ كَوُكُوفِ الْهَاطِلِینَ

لَا لِشَیْ ءٍ كَانَ مِنِّی قَبْلَ ذَا***غَیْرَ فَخْرِی بِضِیَاءِ النَّیِّرَیْنِ

بِعَلِیِّ الْخَیْرِ مِنْ بَعْدِ النَّبِیِ***وَ النَّبِیِّ الْقُرَشِیِّ الْوَالِدَیْنِ

خِیرَةِ اللَّهِ مِنَ الْخَلْقِ أَبِی***ثُمَّ أُمِّی فَأَنَا ابْنُ الْخَیِّرَیْنِ

فِضَّةٌ قَدْ خَلَصَتْ مِنْ ذَهَبٍ***فَأَنَا الْفِضَّةُ وَ ابْنُ الذَّهَبَیْنِ

مَنْ لَهُ جَدٌّ كَجَدِّی فِی الْوَرَی***أَوْ كَشَیْخِی فَأَنَا ابْنُ الْعَلَمَیْنِ

فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ أُمِّی وَ أَبِی***قَاصِمُ الْكُفْرِ بِبَدْرٍ وَ حُنَیْنٍ

عَبَدَ اللَّهَ غُلَاماً یَافِعاً***وَ قُرَیْشٌ یَعْبُدُونَ الْوَثَنَیْنِ

یَعْبُدُونَ اللَّاتَ وَ الْعُزَّی مَعاً***وَ عَلِیٌّ كَانَ صَلَّی الْقِبْلَتَیْنِ

فَأَبِی شَمْسٌ وَ أُمِّی قَمَرٌ***فَأَنَا الْكَوْكَبُ وَ ابْنُ الْقَمَرَیْنِ

وَ لَهُ فِی یَوْمِ أُحُدٍ وَقْعَةٌ***شَفَتِ الْغِلَّ بِفَضِّ الْعَسْكَرَیْنِ

ثُمَّ فِی الْأَحْزَابِ وَ الْفَتْحِ مَعاً***كَانَ فِیهَا حَتْفُ أَهْلِ الْفَیْلَقَیْنِ

فِی سَبِیلِ اللَّهِ مَا ذَا صَنَعَتْ***أُمَّةُ السَّوْءِ مَعاً بِالْعِتْرَتَیْنِ

عِتْرَةِ الْبَرِّ النَّبِیِّ الْمُصْطَفَی***وَ عَلِیِّ الْوَرْدِ یَوْمَ الْجَحْفَلَیْنِ (2)

ثُمَّ وَقَفَ علیه السلام قُبَالَةَ الْقَوْمِ وَ سَیْفُهُ مُصْلَتٌ فِی یَدِهِ آیِساً مِنَ الْحَیَاةِ عَازِماً عَلَی الْمَوْتِ

ص: 48


1- 1. فی كشف الغمّة« للرضا بالملحدین».
2- 2. قال فی كشف الغمّة ج 2 ص 200: من كلامه المنثور قطعة نقلها صاحب كتاب الفتوح، و أنّه علیه السلام لما أحاط به جموع ابن زیاد، و قتلوا من قتلوا من أصحابه و منعوهم الماء كان له ولد صغیر فجاءه سهم منهم فقتله، فرمله الحسین( ع) و حفر له بسیفه و صلی علیه و دفنه و قال: ثم ذكر الاشعار، و ذكرها ابن شهرآشوب ج 4 ص 79. و فیه زیادة سینقلها المصنّف.

وَ هُوَ یَقُولُ:

أَنَا ابْنُ عَلِیِّ الطُّهْرِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ***كَفَانِی بِهَذَا مَفْخَراً حِینَ أَفْخَرُ

وَ جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ أَكْرَمُ مَنْ مَضَی***وَ نَحْنُ سِرَاجُ اللَّهِ فِی الْخَلْقِ نَزْهَرُ

وَ فَاطِمُ أُمِّی مِنْ سُلَالَةِ أَحْمَدَ***وَ عَمِّی یُدْعَی ذَا الْجَنَاحَیْنِ جَعْفَرُ

وَ فِینَا كِتَابُ اللَّهِ أُنْزِلَ صَادِقاً***وَ فِینَا الْهُدَی وَ الْوَحْیُ بِالْخَیْرِ یُذْكَرُ

وَ نَحْنُ أَمَانُ اللَّهِ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ***نُسِرُّ بِهَذَا فِی الْأَنَامِ وَ نَجْهَرُ

وَ نَحْنُ وُلَاةُ الْحَوْضِ نَسْقِی وُلَاتَنَا***بِكَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ مَا لَیْسَ یُنْكَرُ

وَ شِیعَتُنَا فِی النَّاسِ أَكْرَمُ شِیعَةٍ***وَ مُبْغِضُنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَخْسَرُ

أقول: روی فی الإحتجاج أنه لما بقی فردا لیس معه إلا ابنه علی بن الحسین علیهما السلام و ابن آخر فی الرضاع اسمه عبد اللّٰه أخذ الطفل لیودعه فإذا بسهم قد أقبل حتی وقع فی لبة الصبی فقتله فنزل عن فرسه و حفر للصبی بجفن سیفه و رمله بدمه و دفنه ثم وثب قائما و هو یقول إلی آخر الأبیات (1).

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ ذَكَرَ أَبُو عَلِیٍّ السَّلَامِیُّ فِی تَارِیخِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْیَاتَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام مِنْ إِنْشَائِهِ وَ قَالَ لَیْسَ لِأَحَدٍ مِثْلُهَا:

فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْیَا تُعَدُّ نَفِیسَةً***فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ أَعْلَی وَ أَنْبَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ***فَقَتْلُ امْرِئٍ بِالسَّیْفِ فِی اللَّهِ أَفْضَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّراً***فَقِلَّةُ سَعْیِ الْمَرْءِ فِی الْكَسْبِ أَجْمَلُ

وَ إِنْ تَكُنِ الْأَمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَا***فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْمَرْءُ یَبْخَلُ

ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا النَّاسَ إِلَی الْبِرَازِ فَلَمْ یَزَلْ یَقْتُلُ كُلَّ مَنْ دَنَا مِنْهُ مِنْ عُیُونِ الرِّجَالِ حَتَّی قَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِیمَةً ثُمَّ حَمَلَ علیه السلام عَلَی الْمَیْمَنَةِ وَ قَالَ

الْمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ ثُمَّ عَلَی الْمَیْسَرَةِ وَ هُوَ یَقُولُ:

أَنَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍ***آلَیْتُ أَنْ لَا أَنْثَنِی

أَحْمِی عِیَالاتِ أَبِی***أَمْضِی عَلَی دِینِ النَّبِی

ص: 49


1- 1. الاحتجاج ص 154 و 155.

قال المفید و السید و ابن نما رحمهم اللّٰه و اشتد العطش بالحسین علیه السلام فركب المسناة یرید الفرات و العباس أخوه بین یدیه فاعترضه خیل ابن سعد فرمی رجل من بنی دارم الحسین علیه السلام بسهم فأثبته فی حنكه الشریف فانتزع علیه السلام السهم و بسط یده تحت حنكه حتی امتلأت راحتاه من الدم ثم رمی به و قال اللَّهُمَّ إِنِّی أَشْكُو إِلَیْكَ مَا یُفْعَلُ بِابْنِ بِنْتِ نَبِیِّكَ ثم اقتطعوا العباس عنه و أحاطوا به من كل جانب حتی قتلوه و كان المتولی لقتله زید بن ورقاء الحنفی و حكیم بن الطفیل السنبسی فبكی الحسین لقتله بكاء شدیدا(1).

قال السید ثم إن الحسین علیه السلام دعا الناس إلی البراز فلم یزل یقتل كل من برز إلیه حتی قتل مقتلة عظیمة و هو فی ذلك یقول:

الْقَتْلُ أَوْلَی مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ***وَ الْعَارُ أَوْلَی مِنْ دُخُولِ النَّارِ

قال بعض الرواة فو اللّٰه ما رأیت مكثورا قط(2)

قد قتل ولده و أهل بیته و صحبه أربط جأشا منه و إن كانت الرجال لتشد علیه فیشد علیها بسیفه فتنكشف عنه انكشاف المعزی إذا شد فیها الذئب و لقد كان یحمل فیهم و قد تكملوا ألفا فینهزمون بین یدیه كأنهم الجراد المنتشر ثم یرجع إلی مركزه و هو یقول لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (3).

و قال ابن شهرآشوب و محمد بن أبی طالب و لم یزل یقاتل حتی قتل ألف رجل و تسعمائة رجل و خمسین رجلا سوی المجروحین فقال عمر بن سعد لقومه الویل لكم أ تدرون لمن تقاتلون هذا ابن الأنزع البطین هذا ابن قتال العرب فاحملوا علیه من كل جانب و كانت الرماة أربعة آلاف فرموه بالسهام فحالوا

ص: 50


1- 1. الملهوف ص 103- الإرشاد ص 224.
2- 2. المكثور: المغلوب و هو الذی تكاثر علیه الناس فقهروه، قال فی التاج و فی حدیث مثل الحسین:« ما رأینا مكثورا أجرا مقدما منه».
3- 3. كتاب الملهوف ص 105 و مثله فی الطبریّ ج 6 ص 259 عن عبد اللّٰه بن عمار ابن[ عبد] یغوث.

بینه و بین رحله (1).

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ السَّیِّدُ فَصَاحَ بِهِمْ وَیْحَكُمْ یَا شِیعَةَ آلِ أَبِی سُفْیَانَ إِنْ لَمْ یَكُنْ لَكُمْ دِینٌ وَ كُنْتُمْ لَا تَخَافُونَ الْمَعَادَ فَكُونُوا أَحْرَاراً فِی دُنْیَاكُمْ وَ ارْجِعُوا إِلَی أَحْسَابِكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْرَاباً فَنَادَاهُ شِمْرٌ فَقَالَ مَا تَقُولُ یَا ابْنَ فَاطِمَةَ قَالَ أَقُولُ أَنَا الَّذِی أُقَاتِلُكُمْ وَ تُقَاتِلُونِّی وَ النِّسَاءُ لَیْسَ عَلَیْهِنَّ جُنَاحٌ فَامْنَعُوا عُتُاتَكُمْ عَنِ التَّعَرُّضِ لِحَرَمِی مَا دُمْتُ حَیّاً فقال شمر لك هذا ثم صاح شمر إلیكم عن حرم الرجل فاقصدوه فی نفسه فلعمری لهو كفو كریم قال فقصده القوم و هو فی ذلك یطلب شربة من ماء فكلما حمل بفرسه علی الفرات حملوا علیه بأجمعهم حتی أحلوه عنه (2).

و قال ابن شهرآشوب و روی أبو مخنف عن الجلودی: أن الحسین علیه السلام حمل علی الأعور السلمی و عمرو بن الحجاج الزبیدی و كانا فی أربعة آلاف رجل علی الشریعة و أقحم الفرس علی الفرات فلما أولغ الفرس برأسه لیشرب قال علیه السلام أَنْتَ عَطْشَانُ وَ أَنَا عَطْشَانُ وَ اللَّهِ لَا ذُقْتُ الْمَاءَ حَتَّی تَشْرَبَ فَلَمَّا سَمِعَ الْفَرَسُ كَلَامَ الْحُسَیْنِ علیه السلام شَالَ رَأْسَهُ وَ لَمْ یَشْرَبْ كَأَنَّهُ فَهِمَ الْكَلَامَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَأَنَا أَشْرَبُ فمد الحسین علیه السلام یده فغرف من الماء فقال فارس یا أبا عبد اللّٰه تتلذذ بشرب الماء و قد هتكت حرمك فنفض الماء من یده و حمل علی القوم فكشفهم فإذا الخیمة سالمة(3).

قال أبو الفرج قال (4)

و جعل الحسین علیه السلام یطلب الماء و شمر یقول له و اللّٰه لا ترده أو ترد النار فقال له رجل أ لا تری إلی الفرات یا حسین كأنه بطون الحیتان و اللّٰه لا تذوقه أو تموت عطشا فقال الحسین علیه السلام اللَّهُمَّ أَمِتْهُ عَطَشاً قال

ص: 51


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 110.
2- 2. الملهوف ص 106.
3- 3. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 58.
4- 4. القائل حمید بن مسلم بروایة أبی مخنف.

و اللّٰه لقد كان هذا الرجل یقول اسقونی ماء فیؤتی بماء فیشرب حتی یخرج من فیه ثم یقول اسقونی قتلنی العطش فلم یزل كذلك حتی مات (1).

فقالوا ثم رماه رجل من القوم یكنی أبا الحتوف الجعفی (2) بسهم فوقع السهم فی جبهته فنزعه من جبهته فسالت الدماء علی وجهه و لحیته فَقَالَ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَی مَا أَنَا فِیهِ مِنْ عِبَادِكَ هَؤُلَاءِ الْعُصَاةِ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً وَ اقْتُلْهُمْ بَدَداً وَ لَا تَذَرْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ أَحَداً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً.

ثم حمل علیهم كاللیث المغضب فجعل لا یلحق منهم أحدا إلا بعجه (3) بسیفه فقتله و السهام تأخذه من كل ناحیة و هو یتقیها بنحره و صدره و یَقُولُ یَا أُمَّةَ السَّوْءِ بِئْسَمَا خَلَفْتُمْ مُحَمَّداً فِی عِتْرَتِهِ أَمَا إِنَّكُمْ لَنْ تَقْتُلُوا بَعْدِی عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فَتَهَابُوا قَتْلَهُ بَلْ یَهُونُ عَلَیْكُمْ عِنْدَ قَتْلِكُمْ إِیَّایَ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یُكْرِمَنِی رَبِّی بِالشَّهَادَةِ بِهَوَانِكُمْ ثُمَّ یَنْتَقِمُ لِی مِنْكُمْ مِنْ حَیْثُ لَا تَشْعُرُونَ.

قَالَ فَصَاحَ بِهِ الْحُصَیْنُ بْنُ مَالِكٍ السَّكُونِیُّ فَقَالَ یَا ابْنَ فَاطِمَةَ وَ بِمَا ذَا یَنْتَقِمُ لَكَ مِنَّا قَالَ یُلْقِی بَأْسَكُمْ بَیْنَكُمْ وَ یَسْفِكُ دِمَاءَكُمْ ثُمَّ یَصُبُّ عَلَیْكُمُ الْعَذَابَ الْأَلِیمَ ثم لم یزل یقاتل حتی أصابته جراحات عظیمة.

و قال صاحب المناقب و السید حتی أصابته اثنتان و سبعون جراحة و قال ابن شهرآشوب قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهم السلام قَالَ وَجَدْنَا بِالْحُسَیْنِ ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ طَعْنَةً وَ أَرْبَعاً وَ ثَلَاثِینَ ضَرْبَةً وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام أُصِیبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ وُجِدَ بِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ بِضْعٌ وَ عِشْرُونَ طَعْنَةً بِرُمْحٍ وَ ضَرْبَةً بِسَیْفٍ أَوْ رَمْیَةً بِسَهْمٍ وَ رُوِیَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ جِرَاحَةً و قیل ثلاث و ثلاثون ضربة سوی السهام و قیل ألف و تسعمائة جراحة و كانت السهام فی درعه كالشوك فی جلد القنفذ و روی أنها كانت كلها فی مقدمه (4).

ص: 52


1- 1. مقاتل الطالبیین ص 86.
2- 2. و اسمه زیاد بن عبد الرحمن. قیل و الصحیح: أبا الجنوب كنی باسم ولده جنوب.
3- 3. نفحه خ ل.
4- 4. راجع مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 110 و 111، كتاب الملهوف ص 106 و 114.

قالوا فوقف علیه السلام یستریح ساعة و قد ضعف عن القتال فبینما هو واقف إذ أتاه حجر فوقع فی جبهته فأخذ الثوب لیمسح الدم عن وجهه فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم فی صدره و فی بعض الروایات علی قلبه فقال الحسین علیه السلام بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَی مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ إِلَهِی إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ یَقْتُلُونَ رَجُلًا لَیْسَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ ابْنُ نَبِیٍّ غَیْرُهُ ثم أخذ السهم فأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالمیزاب فوضع یده علی الجرح فلما امتلأت رمی به إلی السماء فما رجع من ذلك الدم قطرة و ما عرفت الحمرة فی السماء حتی رمی الحسین علیه السلام بدمه إلی السماء ثم وضع یده ثانیا فلما امتلأت لطخ بها رأسه و لحیته و قال هَكَذَا أَكُونُ حَتَّی أَلْقَی جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنَا مَخْضُوبٌ بِدَمِی وَ أَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَتَلَنِی فُلَانٌ وَ فُلَانٌ. ثم ضعف عن القتال فوقف فكلما أتاه رجل و انتهی إلیه انصرف عنه حتی جاءه رجل من كندة یقال له مالك بن الیسر فشتم الحسین علیه السلام و ضربه بالسیف علی رأسه و علیه برنس فامتلأ دما فقال له الحسین علیه السلام لَا أَكَلْتَ بِهَا وَ لَا شَرِبْتَ وَ حَشَرَكَ اللَّهُ مَعَ الظَّالِمِینَ ثم ألقی البرنس و لبس قلنسوة و اعتم علیها و قد أعیا و جاء الكندی و أخذ البرنس و كان من خز فلما قدم بعد الوقعة علی امرأته فجعل یغسل الدم عنه فقالت له امرأته أ تدخل بیتی بسلب ابن رسول اللّٰه اخرج عنی حشی اللّٰه قبرك نارا فلم یزل بعد ذلك فقیرا بأسوإ حال و یبست یداه و كانتا فی الشتاء ینضحان دما و فی الصیف تصیران یابستین كأنهما عودان.

و قال المفید و السید فلبثوا هنیئة ثم عادوا إلیه و أحاطوا به فخرج عبد اللّٰه بن الحسن بن علی علیهم السلام و هو غلام لم یراهق من عند النساء یشتد حتی وقف إلی جنب الحسین علیه السلام فلحقته زینب بنت علی علیه السلام لتحبسه فقال الحسین علیه السلام احبسیه یا أختی فأبی و امتنع امتناعا شدیدا و قال لا و اللّٰه لا أفارق عمی و أهوی أبجر بن كعب و قیل حرملة بن كاهل إلی الحسین علیه السلام بالسیف فقال له الغلام ویلك یا ابن الخبیثة أ تقتل عمی فضربه بالسیف فاتقاه الغلام بیده فأطنها إلی الجلد

ص: 53

فإذا هی معلقة فنادی الغلام یا أماه فأخذه الحسین علیه السلام فضمه إلیه و قال یَا ابْنَ أَخِی اصْبِرْ عَلَی مَا نَزَلَ بِكَ وَ احْتَسِبْ فِی ذَلِكَ الْخَیْرَ فَإِنَّ اللَّهَ یُلْحِقُكَ بِآبَائِكَ الصَّالِحِینَ (1) قال السید فرماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه و هو فی حجر عمه الحسین علیه السلام.

ثم إن شمر بن ذی الجوشن حمل علی فسطاط الحسین علیه السلام فطعنه بالرمح ثم قال علی بالنار أحرقه علی من فیه فقال له الحسین علیه السلام یَا ابْنَ ذِی الْجَوْشَنِ أَنْتَ الدَّاعِی بِالنَّارِ لِتُحْرِقَ عَلَی أَهْلِی أَحْرَقَكَ اللَّهُ بِالنَّارِ وَ جَاءَ شَبَثٌ فَوَبَّخَهُ فَاسْتَحْیَا وَ انْصَرَفَ.

قَالَ وَ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام ابْعَثُوا إِلَیَّ ثَوْباً لَا یُرْغَبُ فِیهِ أَجْعَلْهُ تَحْتَ ثِیَابِی لِئَلَّا أُجَرَّدَ فَأُتِیَ بِتُبَّانٍ فَقَالَ لَا ذَاكَ لِبَاسُ مَنْ ضُرِبَتْ عَلَیْهِ بِالذِّلَّةِ فأخذ ثوبا خلقا فخرقه و جعله تحت ثیابه فلما قتل جردوه منه ثم استدعی الحسین علیه السلام بسراویل من حبرة ففزرها و لبسها و إنما فزرها لئلا یسلبها فلما قتل سلبها أبجر بن كعب و تركه علیه السلام مجردا فكانت ید أبجر بعد ذلك ییبسان فی الصیف كأنهما عودان و یترطبان فی الشتاء فینضحان دما و قیحا إلی أن أهلكه اللّٰه تعالی.

قال و لما أثخن بالجراح و بقی كالقنفذ طعنه صالح بن وهب المزنی علی خاصرته طعنة فسقط علیه السلام عن فرسه إلی الأرض علی خده الأیمن ثم قام صلوات اللّٰه علیه.

قال و خرجت زینب من الفسطاط و هی تنادی وا أخاه وا سیداه وا أهل بیتاه لیت السماء أطبقت علی الأرض و لیت الجبال تدكدكت علی السهل و قال و صاح الشمر ما تنتظرون بالرجل فحملوا علیه من كل جانب فضربه زرعة بن شریك علی كتفه و ضرب الحسین زرعة فصرعه و ضربه آخر علی عاتقه المقدس بالسیف ضربة كبا علیه السلام بها لوجهه و كان قد أعیا و جعل علیه السلام ینوء و یكبو فطعنه سنان

ص: 54


1- 1. الإرشاد ص 225. الملهوف ص 107 و 108.

بن أنس النخعی فی ترقوته ثم انتزع الرمح فطعنه فی بوانی صدره ثم رماه سنان أیضا بسهم فوقع السهم فی نحره فسقط علیه السلام و جلس قاعدا فنزع السهم من نحره و قرن كفیه جمیعا و كلما امتلأتا من دمائه خضب بهما رأسه و لحیته و هو یقول هكذا حتی ألقی اللّٰه مخضبا بدمی مغصوبا علی حقی.

فقال عمر بن سعد لرجل عن یمینه انزل ویحك إلی الحسین فأرحه فبدر إلیه خولی بن یزید الأصبحی لیجتز رأسه فأرعد فنزل إلیه سنان بن أنس النخعی فضربه بالسیف فی حلقه الشریف و هو یقول و اللّٰه إنی لأجتز رأسك و أعلم أنك ابن رسول اللّٰه و خیر الناس أبا و أما ثم اجتز رأسه المقدس المعظم صلی اللّٰه علیه و سلم و كرم.

و روی أن سنانا هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة ثم قطع یدیه و رجلیه و أغلی له قدرا فیها زیت و رماه فیها و هو یضطرب (1).

و قال صاحب المناقب و محمد بن أبی طالب و لما ضعف علیه السلام نادی شمر ما وقوفكم و ما تنتظرون بالرجل قد أثخنته الجراح و السهام احملوا علیه ثكلتكم أمهاتكم فحملوا علیه من كل جانب فرماه الحصین بن تمیم فی فیه و أبو أیوب الغنوی بسهم فی حلقه و ضربه زرعة بن شریك التمیمی علی كتفه و كان قد طعنه سنان بن أنس النخعی فی صدره و طعنه صالح بن وهب المزنی علی خاصرته فوقع علیه السلام إلی الأرض علی خده الأیمن ثم استوی جالسا و نزع السهم من حلقه ثم دنا عمر بن سعد من الحسین علیه السلام.

قال حمید و خرجت زینب بنت علی علیهما السلام و قرطاها یجولان بین أذنیها و هی تقول لیت السماء انطبقت علی الأرض یا عمر بن سعد أ یقتل أبو عبد اللّٰه و أنت تنظر إلیه و دموع عمر تسیل علی خدیه و لحیته و هو یصرف وجهه عنها و الحسین علیه السلام جالس و علیه جبة خز و قد تحاماه الناس فنادی شمر ویلكم ما تنتظرون به اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم فضربه زرعة بن شریك فأبان كفه الیسری ثم ضربه علی عاتقه ثم انصرفوا عنه و هو یكبو مرة و یقوم أخری.

ص: 55


1- 1. كتاب الملهوف ص 108- 112.

فحمل علیه سنان فی تلك الحال فطعنه بالرمح فصرعه و قال لخولی بن یزید اجتز رأسه فضعف و ارتعدت یده فقال له سنان فت اللّٰه عضدك و أبان یدك فنزل إلیه شمر لعنه اللّٰه و كان اللعین أبرص فضربه برجله فألقاه علی قفاه ثم أخذ بلحیته فقال الحسین علیه السلام أنت الأبقع الذی رأیتك فی منامی فقال أ تشبهنی بالكلاب ثم جعل یضرب بسیفه مذبح الحسین علیه السلام و هو یقول:

أقتلك الیوم و نفسی تعلم***علما یقینا لیس فیه مزعم

و لا مجال لا و لا تكتم***إن أباك خیر من تكلم

و روی فی المناقب بإسناده عن عبد اللّٰه بن میمون عن محمد بن عمرو بن الحسن قال: كنا مع الحسین بنهر كربلاء و نظر إلی شمر بن ذی الجوشن و كان أبرص فقال اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی كَلْبٍ أَبْقَعَ یَلَغُ فِی دَمِ أَهْلِ بَیْتِی.

ثم قال فغضب عمر بن سعد لعنه اللّٰه ثم قال لرجل عن یمینه انزل ویحك إلی الحسین فأرحه فنزل إلیه خولی بن یزید الأصبحی لعنه اللّٰه فاجتز رأسه و قیل بل جاء إلیه شمر و سنان بن أنس و الحسین علیه السلام بآخر رمق یلوك لسانه من العطش و یطلب الماء فرفسه شمر لعنه اللّٰه برجله و قال یا ابن أبی تراب أ لست تزعم أن أباك علی حوض النبی یسقی من أحبه فاصبر حتی تأخذ الماء من یده ثم قال لسنان اجتز رأسه قفاء فقال سنان و اللّٰه لا أفعل فیكون جده محمد صلی اللّٰه علیه و آله خصمی.

فغضب شمر لعنه اللّٰه و جلس علی صدر الحسین و قبض علی لحیته و هم بقتله فضحك الحسین علیه السلام فقال له أ تقتلنی و لا تعلم من أنا فقال أعرفك حق المعرفة أمك فاطمة الزهراء و أبوك علی المرتضی و جدك محمد المصطفی و خصمك العلی الأعلی أقتلك و لا أبالی فضربه بسیفه اثنتی عشرة ضربة ثم جز رأسه صلوات اللّٰه و سلامه علیه و لعن اللّٰه قاتله و مقاتله و السائرین إلیه بجموعهم.

و قال ابن شهرآشوب روی أبو مخنف عن الجلودی: أنه كان صرع الحسین

ص: 56

علیه السلام فجعل فرسه یحامی عنه و یثب علی الفارس فیخبطه عن سرجه و یدوسه حتی قتل الفرس أربعین رجلا ثم تمرغ فی دم الحسین علیه السلام و قصد نحو الخیمة و له صهیل عال و یضرب بیدیه الأرض (1).

و قال السید رضی اللّٰه عنه فلما قتل صلوات اللّٰه علیه ارتفعت فی السماء فی ذلك الوقت غبرة شدیدة سوداء مظلمة فیها ریح حمراء لا تری فیها عین و لا أثر حتی ظن القوم أن العذاب قد جاءهم فلبثوا كذلك ساعة ثم انجلت عنهم.

و روی هلال بن نافع قال إنی لواقف مع أصحاب عمر بن سعد إذ صرخ صارخ أبشر أیها الأمیر فهذا شمر قد قتل الحسین قال فخرجت بین الصفین فوقفت علیه و إنه لیجود بنفسه فو اللّٰه ما رأیت قط قتیلا مضمخا بدمه أحسن منه و لا أنور وجها و لقد شغلنی نور وجهه و جمال هیبته عن الفكرة فی قتله فاستسقی فی تلك الحالة ماء فسمعت رجلا یقول لا تذوق الماء حتی ترد الحامیة فتشرب من حمیمها فسمعته یقول أَنَا أَرِدُ الْحَامِیَةَ فَأَشْرَبُ مِنْ حَمِیمِهَا بَلْ أَرِدُ عَلَی جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسْكُنُ مَعَهُ فِی دَارِهِ فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِیكٍ مُقْتَدِرٍ وَ أَشْرَبُ مِنْ ماءٍ غَیْرِ آسِنٍ وَ أَشْكُو إِلَیْهِ مَا رَكِبْتُمْ مِنِّی وَ فَعَلْتُمْ بِی قال فغضبوا بأجمعهم حتی كأن اللّٰه لم یجعل فی قلب أحد منهم من الرحمة شیئا فاجتزوا رأسه و إنه لیكلمهم فتعجبت من قلة رحمتهم و قلت و اللّٰه لا أجامعكم علی أمر أبدا.

قال ثم أقبلوا علی سلب الحسین علیه السلام فأخذ قمیصه إسحاق بن حویة الحضرمی فلبسه فصار أبرص و امتعط شعره و روی أنه وجد فی قمیصه مائة و بضع عشرة ما بین رمیة و طعنة و ضربة وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام وُجِدَ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ طَعْنَةً وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ ضَرْبَةً و أخذ سراویله أبجر بن كعب التیمی و روی أنه صار زمنا مقعدا من رجلیه و أخذ عمامته أخنس بن مرسد بن علقمة الحضرمی و قیل جابر بن یزید الأودی فاعتم بها فصار معتوها و فی غیر روایة السید فصار مجذوما و أخذ درعه مالك بن بشیر الكندی فصار معتوها.

ص: 57


1- 1. مناقب آل أبی طالب: ج 4 ص 58.

فقال السید و أخذ نعلیه الأسود بن خالد و أخذ خاتمه بجدل بن سلیم الكلبی فقطع إصبعه علیه السلام مع الخاتم و هذا أخذه المختار فقطع یدیه و رجلیه و تركه یتشحط فی دمه حتی هلك و أخذ قطیفة له علیه السلام كانت من خز قیس بن الأشعث و أخذ درعه البتراء عمر بن سعد فلما قتل عمر بن سعد وهبها المختار لأبی عمرة قاتله و أخذ سیفه جمیع بن الخلق الأزدی و یقال رجل من بنی تمیم یقال له الأسود بن حنظلة و فی روایة ابن سعد أنه أخذ سیفه القلافس (1)

النهشلی و زاد محمد بن زكریا أنه وقع بعد ذلك إلی بنت حبیب بن بدیل و هذا السیف المنهوب لیس بذی الفقار و إن ذلك كان مذخورا و مصونا مع أمثاله من ذخائر النبوة و الإمامة و قد نقل الرواة تصدیق ما قلناه و صورة ما حكیناه.

قال و جاءت جاریة من ناحیة خیم الحسین علیه السلام فقال لها رجل یا أمة اللّٰه إن سیدك قتل قالت الجاریة فأسرعت إلی سیدتی و أنا أصیح فقمن فی وجهی و صحن قال و تسابق القوم علی نهب بیوت آل الرسول و قرة عین الزهراء البتول حتی جعلوا ینزعون ملحفة المرأة عن ظهرها و خرجن بنات الرسول و حرمه یتساعدن علی البكاء و یندبن لفراق الحماة و الأحباء.

و روی حمید بن مسلم قال رأیت امرأة من بكر بن وائل كانت مع زوجها فی أصحاب عمر بن سعد فلما رأت القوم قد اقتحموا علی نساء الحسین علیه السلام فسطاطهن و هم یسلبونهن أخذت سیفا و أقبلت نحو الفسطاط فقالت یا آل بكر بن وائل أ تسلب بنات رسول اللّٰه لا حكم إلا لله یا ثارات رسول اللّٰه فأخذها زوجها و ردها إلی رحله.

قال ثم أخرجوا النساء من الخیمة و أشعلوا فیها النار فخرجن حواسر مسلبات حافیات باكیات یمشین سبایا فی أسر الذلة و قلن بحق اللّٰه إلا ما مررتم بنا علی مصرع الحسین فلما نظرت النسوة إلی القتلی صحن و ضربن وجوههن.

قال فو اللّٰه لا أنسی زینب بنت علی علیه السلام و هی تندب الحسین و تنادی بصوت حزین و قلب كئیب وا محمداه صلی علیك ملیك السماء هذا حسین مرمل بالدماء مقطع

ص: 58


1- 1. كذا فی المصدر ص 115، و هكذا تذكرة الخواص ص 144، و المصنّف اختار كلمة« الفلان» و هی نسخة.

الأعضاء و بناتك سبایا إلی اللّٰه المشتكی و إلی محمد المصطفی و إلی علی المرتضی و إلی حمزة سید الشهداء وا محمداه هذا حسین بالعراء یسفی علیه الصبا قتیل أولاد البغایا یا حزناه یا كرباه الیوم مات جدی رسول اللّٰه یا أصحاب محمداه هؤلاء ذریة المصطفی یساقون سوق السبایا. و فی بعض الروایات یا محمداه بناتك سبایا و ذریتك مقتلة تسفی علیهم ریح الصبا و هذا حسین مجزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة و الرداء بأبی من عسكره فی یوم الإثنین نهبا بأبی من فسطاطه مقطع العری بأبی من لا هو غائب فیرتجی و لا جریح فیداوی بأبی من نفسی له الفداء بأبی المهموم حتی قضی بأبی العطشان حتی مضی بأبی من شیبته تقطر بالدماء بأبی من جده رسول إله السماء بأبی من هو سبط نبی الهدی بأبی محمد المصطفی بأبی خدیجة الكبری بأبی علی المرتضی بأبی فاطمة الزهراء سیدة النساء بأبی من ردت علیه الشمس حتی صلی.

قال فأبكت و اللّٰه كل عدو و صدیق ثم إن سكینة اعتنقت جسد الحسین علیه السلام فاجتمع عدة من الأعراب حتی جروها عنه قال ثم نادی عمر بن سعد فی أصحابه من ینتدب للحسین فیوطئ الخیل ظهره فانتدب منهم عشرة و هم إسحاق بن حویة الذی سلب الحسین علیه السلام قمیصه و أخنس بن مرثد و حكیم بن الطفیل السنبسی و عمرو بن صبیح الصیداوی و رجاء بن منقذ العبدی و سالم بن خیثمة الجعفی و واحظ بن ناعم و صالح بن وهب الجعفی و هانئ بن ثبیت الحضرمی و أسید بن مالك فداسوا الحسین علیه السلام بحوافر خیلهم حتی رضوا ظهره و صدره.

قال و جاء هؤلاء العشرة حتی وقفوا علی ابن زیاد فقال أسید بن مالك أحد العشرة:

شعر

نحن رضضنا الصدر بعد الظهر***بكل یعبوب شدید الأسر

فقال ابن زیاد من أنتم فقالوا نحن الذین وطئنا بخیولنا ظهر الحسین حتی

ص: 59

طحنا جناجن صدره فأمر لهم بجائزة یسیرة.

قال أبو عمرو الزاهد فنظرنا فی هؤلاء العشرة فوجدناهم جمیعا أولاد زنا و هؤلاء أخذهم المختار فشد أیدیهم و أرجلهم بسكك الحدید و أوطأ الخیل ظهورهم حتی هلكوا(1).

أقول: المعتمد عندی ما سیأتی فی روایة الكافی أنه لم یتیسر لهم ذلك.

و قال صاحب المناقب و محمد بن أبی طالب قتل الحسین علیه السلام باتفاق الروایات یوم عاشوراء عاشر المحرم سنة إحدی و ستین و هو ابن أربع و خمسین سنة و ستة أشهر و نصف قالا و أقبل فرس الحسین علیه السلام و قد عدا من بین أیدیهم أن لا یؤخذ فوضع ناصیته فی دم الحسین علیه السلام ثم أقبل یركض نحو خیمة النساء و هو یصهل و یضرب برأسه الأرض عند الخیمة حتی مات فلما نظر أخوات الحسین و بناته و أهله إلی الفرس لیس علیه أحد رفعن أصواتهن بالبكاء و العویل و وضعت أم كلثوم یدها علی أم رأسها و نادت وا محمداه وا جداه وا نبیاه وا أبا القاسماه وا علیاه وا جعفراه وا حمزتاه وا حسناه هذا حسین بالعراء صریع بكربلاء مجزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة و الرداء ثم غشی علیها.

فأقبل أعداء اللّٰه لعنهم اللّٰه حتی أحدقوا بالخیمة و معهم شمر فقال ادخلوا فاسلبوا بزتهن فدخل القوم لعنهم اللّٰه فأخذوا ما كان فی الخیمة حتی أفضوا إلی قرط كان فی أذن أم كلثوم أخت الحسین علیه السلام فأخذوه و خرموا أذنها حتی كانت المرأة لتنازع ثوبها علی ظهرها حتی تغلب علیه و أخذ قیس بن الأشعث لعنه اللّٰه قطیفة الحسین علیه السلام فكان یسمی قیس القطیفة و أخذ نعلیه رجل من بنی أود یقال له الأسود ثم مال الناس علی الورس و الحلی و الحلل و الإبل فانتهبوها.

أقول: رأیت فی بعض الكتب أن فاطمة الصغری قالت كنت واقفة بباب الخیمة و أنا أنظر إلی أبی و أصحابی مجززین كالأضاحی علی الرمال و الخیول علی أجسادهم تجول و أنا أفكر فیما یقع علینا بعد أبی من بنی أمیة أ یقتلوننا أو

ص: 60


1- 1. كتاب الملهوف ص 112- 121.

یأسروننا فإذا برجل علی ظهر جواده یسوق النساء بكعب رمحه و هن یلذن بعضهن ببعض و قد أخذ ما علیهن من أخمرة و أسورة و هن یصحن وا جداه وا أبتاه وا علیاه وا قلة ناصراه وا حسناه أ ما من مجیر یجیرنا أ ما من ذائد یذود عنا قالت فطار فؤادی و ارتعدت فرائصی فجعلت أجیل بطرفی یمینا و شمالا علی عمتی أم كلثوم خشیة منه أن یأتینی.

فبینا أنا علی هذه الحالة و إذا به قد قصدنی ففررت منهزمة و أنا أظن أنی أسلم منه و إذا به قد تبعنی فذهلت خشیة منه و إذا بكعب الرمح بین كتفی فسقطت علی وجهی فخرم أذنی و أخذ قرطی و مقنعتی و ترك الدماء تسیل علی خدی و رأسی تصهره الشمس و ولی راجعا إلی الخیم و أنا مغشی علی و إذا أنا بعمتی عندی تبكی و هی تقول قومی نمضی ما أعلم ما جری علی البنات و أخیك العلیل فقمت و قلت یا عمتاه هل من خرقة أستر بها رأسی عن أعین النظار فقالت یا بنتاه و عمتك مثلك فرأیت رأسها مكشوفة و متنها قد أسود من الضرب فما رجعنا إلی الخیمة إلا و هی قد نهبت و ما فیها و أخی علی بن الحسین مكبوب علی وجهه لا یطیق الجلوس من كثرة الجوع و العطش و الأسقام فجعلنا نبكی علیه و یبكی علینا.

و قال المفید رحمه اللّٰه قال حمید بن مسلم فانتهینا إلی علی بن الحسین و هو منبسط علی فراش و هو شدید المرض و مع شمر جماعة من الرجالة فقالوا له أ لا نقتل هذا العلیل فقلت سبحان اللّٰه أ تقتل الصبیان إنما هذا صبی و إنه لما به فلم أزل حتی دفعتهم عنه و جاء عمر بن سعد فصاحت النساء فی وجهه و بكین فقال لأصحابه لا یدخل أحد منكم بیوت هؤلاء النساء و لا تعرضوا لهذا الغلام المریض فسألته النسوة أن یسترجع ما أخذ منهن لیستترن به فقال من أخذ من متاعهم شیئا فلیرده فو اللّٰه ما رد أحد منهم شیئا فوكل بالفسطاط و بیوت النساء و علی بن الحسین جماعة ممن كان معه و قال احفظوهم لئلا یخرج منهم أحد و لا یساء إلیهم. (1)

ص: 61


1- 1. كتاب الإرشاد ص 226 و 227.

و قال محمد بن أبی طالب ثم إن عمر بن سعد سرح برأس الحسین علیه السلام یوم عاشوراء مع خولی بن یزید الأصبحی و حمید بن مسلم إلی ابن زیاد ثم أمر برءوس الباقین من أهل بیته و أصحابه فقطعت و سرح بها مع شمر بن ذی الجوشن إلی الكوفة و أقام ابن سعد یومه ذلك و غده إلی الزوال فجمع قتلاه فصلی علیهم و دفنهم و ترك الحسین و أصحابه منبوذین بالعراء فلما ارتحلوا إلی الكوفة عمد أهل الغاضریة من بنی أسد فصلوا علیهم و دفنوهم و قال ابن شهرآشوب و كانوا یجدون لأكثرهم قبورا و یرون طیورا بیضا(1).

و قال محمد بن أبی طالب و روی أن رءوس أصحاب الحسین و أهل بیته كانت ثمانیة و سبعین رأسا و اقتسمتها القبائل لیتقربوا بذلك إلی عبید اللّٰه و إلی یزید فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا و صاحبهم قیس بن الأشعث و جاءت هوازن باثنی عشر رأسا و فی روایة ابن شهرآشوب بعشرین و صاحبهم شمر لعنه اللّٰه و جاءت تمیم بسبعة عشر رأسا و فی روایة ابن شهرآشوب بتسعة عشر و جاءت بنو أسد بستة عشر رأسا و فی روایة ابن شهرآشوب بتسعة رءوس و جاءت مذحج بسبعة رءوس و جاءت سائر

الناس بثلاثة عشر رأسا و قال ابن شهرآشوب و جاء سائر الجیش بتسعة رءوس و لم یذكر مذحج قال فذلك سبعون رأسا ثم قال و جاءوا بالحرم أساری إلا شهربانویه فإنها أتلفت نفسها فی الفرات.

و قال ابن شهرآشوب و صاحب المناقب و محمد بن أبی طالب اختلفوا فی عدد المقتولین من أهل البیت علیهم السلام فالأكثرون علی أنهم كانوا سبعة و عشرین سبعة من بنی عقیل مسلم المقتول بالكوفة و جعفر و عبد الرحمن ابنا عقیل و محمد بن مسلم و عبد اللّٰه بن مسلم و جعفر بن محمد بن عقیل و محمد بن أبی سعید بن عقیل و زاد ابن شهرآشوب عونا و محمدا ابنی عقیل و ثلاثة من ولد جعفر بن أبی طالب محمد بن عبد اللّٰه بن جعفر و عون الأكبر بن عبد اللّٰه و عبید اللّٰه بن عبد اللّٰه و من ولد علی علیه السلام تسعة الحسین علیه السلام و العباس و یقال و ابنه محمد بن العباس و عمر بن

ص: 62


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 112.

علی و عثمان بن علی و جعفر بن علی و إبراهیم بن علی و عبد اللّٰه بن علی الأصغر و محمد بن علی الأصغر و أبو بكر شك فی قتله و أربعة من بنی الحسن أبو بكر و عبد اللّٰه و القاسم و قیل بشر و قیل عمر و كان صغیرا و ستة من بنی الحسین مع اختلاف فیه علی الأكبر و إبراهیم و عبد اللّٰه و محمد و حمزة و علی و جعفر و عمر و زید و ذبح عبد اللّٰه فی حجره و لم یذكر صاحب المناقب إلا علیا و عبد اللّٰه و أسقط ابن أبی طالب حمزة و إبراهیم و زیدا و عمر.

و قال ابن شهرآشوب و یقال لم یقتل محمد الأصغر بن علی علیه السلام لمرضه و یقال رماه رجل من بنی دارم فقتله (1)

و قال أبو الفرج جمیع من قتل یوم الطف من ولد أبی طالب سوی من یختلف فی أمره اثنان و عشرون رجلا(2) وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَتِ الرُّوَاةُ كُنَّا إِذَا ذَكَرْنَا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیه السلام قَتْلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ قَتَلُوا سَبْعَةَ عَشَرَ إِنْسَاناً كُلُّهُمْ ارْتَكَضَ فِی بَطْنِ فَاطِمَةَ یَعْنِی بِنْتَ أَسَدٍ أُمَّ عَلِیٍّ علیه السلام.

«3»- أَقُولُ رَوَی الشَّیْخُ فِی الْمِصْبَاحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی سَیِّدِی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِی یَوْمِ عَاشُورَاءَ فَأَلْفَیْتُهُ كَاسِفَ اللَّوْنِ ظَاهِرَ الْحُزْنِ وَ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ مِنْ عَیْنَیْهِ كَاللُّؤْلُؤِ الْمُتَسَاقِطِ فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مِمَّ بُكَاؤُكَ لَا أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَیْكَ فَقَالَ لِی أَ وَ فِی غَفْلَةٍ أَنْتَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام أُصِیبَ فِی مِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ قُلْتُ یَا سَیِّدِی فَمَا قَوْلُكَ فِی صَوْمِهِ فَقَالَ لِی صُمْهُ مِنْ غَیْرِ تَبْیِیتٍ وَ أَفْطِرْهُ مِنْ غَیْرِ تَشْمِیتٍ وَ لَا تَجْعَلْهُ یَوْمَ صَوْمٍ كَمَلًا وَ لْیَكُنْ إِفْطَارُكَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِسَاعَةٍ عَلَی شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَإِنَّهُ فِی مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ تَجَلَّتِ الْهَیْجَاءُ عَنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْكَشَفَتِ الْمَلْحَمَةُ عَنْهُمْ وَ فِی الْأَرْضِ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ صَرِیعاً فِی مَوَالِیهِمْ یَعَزُّ عَلَی رَسُولِ اللَّهُ مَصْرَعُهُمْ وَ لَوْ كَانَ فِی الدُّنْیَا یَوْمَئِذٍ حَیّاً لَكَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ هُوَ الْمُعَزَّی بِهِمْ

ص: 63


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 112 و 113.
2- 2. مقاتل الطالبیین ص 67.

قَالَ وَ بَكَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام حَتَّی اخْضَلَّتْ لِحْیَتُهُ بِدُمُوعِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا خَلَقَ النُّورَ خَلَقَهُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فِی تَقْدِیرِهِ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ خَلَقَ الظُّلْمَةَ فِی یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ یَوْمَ عَاشُورَاءَ فِی مِثْلِ ذَلِكَ الْیَوْمِ یَعْنِی الْعَاشِرَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فِی تَقْدِیرِهِ وَ جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

وَ رَوَی صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ مِنْ كِتَابِ بُسْتَانِ الطُّرَفِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام سِتَّةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ مَا كَانَ لَهُمْ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ شَبِیهٌ وَ رُوِیَ عَنِ الْحَسَنِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ.

و قال ابن شهرآشوب: المقتولون من أصحاب الحسین علیه السلام فی الحملة الأولی- نعیم بن عجلان و عمران بن كعب بن حارث الأشجعی و حنظلة بن عمرو الشیبانی (2) و قاسط بن زهیر و كنانة بن عتیق و عمرو بن مشیعة و ضرغامة بن مالك و عامر بن مسلم و سیف بن مالك النمیری و عبد الرحمن الأرحبی و مجمع العائذی و حباب بن الحارث و عمرو الجندی و الجلاس بن عمرو الراسبی و سوار بن أبی حمیر الفهمی و عمار بن أبی سلامة الدالانی و النعمان بن عمرو الراسبی و زاهر بن عمرو مولی ابن الحمق و جبلة بن علی و مسعود بن الحجاج و عبد اللّٰه بن عروة الغفاری و زهیر بن بشیر الخثعمی و عمار بن حسان و عبد اللّٰه بن عمیر و مسلم بن كثیر و زهیر بن سلیم و عبد اللّٰه و عبید اللّٰه ابنا زید البصری و عشرة من موالی الحسین علیه السلام و اثنان من موالی أمیر المؤمنین علیه السلام(3).

و لنذكر هنا زیارة أوردها السید فی كتاب الإقبال یشتمل علی أسماء الشهداء و بعض أحوالهم رضوان اللّٰه علیهم و أسماء قاتلیهم لعنهم اللّٰه.

قَالَ رَوَیْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَی جَدِّی أَبِی جَعْفَرٍ الطُّوسِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ

ص: 64


1- 1. راجع مصباح المتهجد ص 547.
2- 2. كذا فی النسخ. و قد عرفت فی ص 23 أنّه الشبامی و شبام بطن من همدان و قد نسب فیما سبق بأنّه حنظلة بن سعد.
3- 3. مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 113، و فیه: سوار ابن أبی عمیر.

عَیَّاشٍ عَنِ الشَّیْخِ الصَّالِحِ أَبِی مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ النُّعْمَانِ الْبَغْدَادِیِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ قَالَ: خَرَجَ مِنَ النَّاحِیَةِ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ وَ خَمْسِینَ وَ مِائَتَیْنِ عَلَی یَدِ الشَّیْخِ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْأَصْفَهَانِیِّ حِینَ وَفَاةِ أَبِی رَحِمَهُ اللَّهُ وَ كُنْتُ حَدِیثَ السِّنِّ وَ كَتَبْتُ أَسْتَأْذِنُ فِی زِیَارَةِ مَوْلَایَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ زِیَارَةِ الشُّهَدَاءِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَخَرَجَ إِلَیَّ مِنْهُ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِذَا أَرَدْتَ زِیَارَةَ الشُّهَدَاءِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَقِفْ عِنْدَ رِجْلَیِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هُوَ قَبْرُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِكَ فَإِنَّ هُنَاكَ حَوْمَةَ الشُّهَدَاءِ وَ أَوْمِئْ وَ أَشِرْ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ قُلْ:

السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَوَّلَ قَتِیلٍ مِنْ نَسْلِ خَیْرِ سَلِیلٍ مِنْ سُلَالَةِ إِبْرَاهِیمَ الْخَلِیلِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَبِیكَ إِذْ قَالَ فِیكَ قَتَلَ اللَّهُ قَوْماً قَتَلُوكَ یَا بُنَیَّ مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَی الرَّحْمَنِ وَ عَلَی انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ عَلَی الدُّنْیَا بَعْدَكَ الْعَفا كَأَنِّی بِكَ بَیْنَ یَدَیْكَ مَاثِلًا وَ لِلْكَافِرِینَ قَاتِلًا قَائِلًا:

أَنَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ***نَحْنُ وَ بَیْتِ اللَّهِ أَوْلَی بِالنَّبِیِّ

أَطْعَنُكُمْ بِالرُّمْحِ حَتَّی یَنْثَنِی***أَضْرِبُكُمْ بِالسَّیْفِ أَحْمِی عَنْ أَبِی

ضَرْبَ غُلَامٍ هَاشِمِیٍّ عَرَبِیٍّ***وَ اللَّهِ لَا یَحْكُمُ فِینَا ابْنُ الدَّعِیِّ

حَتَّی قَضَیْتَ نَحْبَكَ وَ لَقِیتَ رَبَّكَ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَوْلَی بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِهِ وَ حُجَّتُهُ وَ أَمِینُهُ وَ ابْنُ حُجَّتِهِ وَ أَمِینِهِ حَكَمَ اللَّهُ عَلَی قَاتِلِكَ مُرَّةَ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ النُّعْمَانِ الْعَبْدِیِّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أَخْزَاهُ وَ مَنْ شَرِكَهُ فِی قَتْلِكَ وَ كَانُوا عَلَیْكَ ظَهِیراً أَصْلَاهُمُ اللَّهُ جَهَنَّمَ

ص: 65

وَ ساءَتْ مَصِیراً وَ جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ مُلَاقِیكَ وَ مُرَافِقِی جَدِّكَ وَ أَبِیكَ وَ عَمِّكَ وَ أَخِیكَ وَ أُمِّكَ الْمَظْلُومَةِ وَ أَبْرَأُ إِلَی اللَّهِ مِنْ أَعْدَائِكِ أُولِی الْجُحُودِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ الطِّفْلِ الرَّضِیعِ الْمَرْمِیِّ الصَّرِیعِ الْمُتَشَحِّطِ دَماً الْمُصَعَّدِ دَمُهُ فِی السَّمَاءِ الْمَذْبُوحِ بِالسَّهْمِ فِی حَجْرِ أَبِیهِ لَعَنَ اللَّهُ رَامِیَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ الْأَسَدِیَّ وَ ذَوِیهِ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مُبْلَی الْبَلَاءِ وَ الْمُنَادِی بِالْوَلَاءِ فِی عَرْصَةِ كَرْبَلَاءَ الْمَضْرُوبِ مُقْبِلًا وَ مُدْبِراً لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ هَانِئَ بْنَ ثُبَیْتٍ الْحَضْرَمِیَّ السَّلَامُ عَلَی أَبِی الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ الْمُوَاسِی أَخَاهُ بِنَفْسِهِ الْآخِذِ لِغَدِهِ مِنْ أَمْسِهِ الْفَادِی لَهُ الْوَاقِی السَّاعِی إِلَیْهِ بِمَائِهِ الْمَقْطُوعَةِ یَدَاهُ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ یَزِیدَ بْنَ الرُّقَادِ الْجُهَنِیَّ وَ حَكِیمَ بْنَ الطُّفَیْلِ الطَّائِیَّ السَّلَامُ عَلَی جَعْفَرِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ الصَّابِرِ بِنَفْسِهِ مُحْتَسِباً وَ النَّائِی عَنِ الْأَوْطَانِ مُغْتَرِباً الْمُسْتَسْلِمِ لِلْقِتَالِ الْمُسْتَقْدِمِ لِلنِّزَالِ الْمَكْثُورِ بِالرِّجَالِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ هَانِئَ بْنَ ثُبَیْتٍ الْحَضْرَمِیَّ.

ص: 66

السَّلَامُ عَلَی عُثْمَانَ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ سَمِیِّ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لَعَنَ اللَّهُ رَامِیَهُ بِالسَّهْمِ خَوْلِیَّ بْنَ یَزِیدَ الْأَصْبَحِیَّ الْإِیَادِیَّ وَ الْأَبَانِیَّ الدَّارِیَ (1) السَّلَامُ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَتِیلِ الْأَبَانِیِّ الدَّارِیِ (2)

لَعَنَهُ اللَّهُ وَ ضَاعَفَ عَلَیْهِ الْعَذَابَ الْأَلِیمَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِكِ الصَّابِرِینَ السَّلَامُ عَلَی أَبِی بَكْرِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّكِیِّ الْوَلِیِّ الْمَرْمِیِّ بِالسَّهْمِ الرَّدِیِّ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُقْبَةَ الْغَنَوِیَّ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الزَّكِیِّ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِیَهُ حَرْمَلَةَ بْنَ كَاهِلٍ الْأَسَدِیَّ السَّلَامُ عَلَی الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْمَضْرُوبِ عَلَی هَامَتِهِ الْمَسْلُوبِ لَامَتُهُ حِینَ نَادَی الْحُسَیْنَ عَمَّهُ فَجَلَّی عَلَیْهِ عَمُّهُ كَالصَّقْرِ وَ هُوَ یَفْحَصُ بِرِجْلَیْهِ

التُّرَابَ وَ الْحُسَیْنُ یَقُولُ بُعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ وَ مَنْ خَصْمُهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ اللَّهِ عَلَی عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلَا یُجِیبَكَ أَوْ أَنْ یُجِیبَكَ وَ أَنْتَ قَتِیلٌ جَدِیلٌ فَلَا یَنْفَعُكَ هَذَا وَ اللَّهِ یَوْمٌ كَثُرَ وَاتِرُهُ

ص: 67


1- 1. یرید رجلا من بنی أبان بن دارم.
2- 2. یرید رجلا من بنی أبان بن دارم.

وَ قَلَّ نَاصِرُهُ جَعَلَنِیَ اللَّهُ مَعَكُمَا یَوْمَ جَمْعِكُمَا وَ بَوَّأَنِی مُبَوَّأَكُمَا وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَكَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ نُفَیْلٍ الْأَزْدِیَّ وَ أَصْلَاهُ جَحِیماً وَ أَعَدَّ لَهُ عَذَاباً أَلِیماً السَّلَامُ عَلَی عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّیَّارِ فِی الْجِنَانِ حَلِیفِ الْإِیمَانِ وَ مُنَازِلِ الْأَقْرَانِ النَّاصِحِ لِلرَّحْمَنِ التَّالِی لِلْمَثَانِی وَ الْقُرْآنِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قُطْبَةَ النَّبْهَانِیَّ السَّلَامُ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الشَّاهِدِ مَكَانَ أَبِیهِ وَ التَّالِی لِأَخِیهِ وَ وَاقِیهِ بِبَدَنِهِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَامِرَ بْنَ نَهْشَلٍ التَّمِیمِیَّ السَّلَامُ عَلَی جَعْفَرِ بْنِ عَقِیلٍ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِیَهُ بِشْرَ بْنَ حَوْطٍ الْهَمْدَانِیَّ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَقِیلٍ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِیَهُ عُثْمَانَ بْنَ خَالِدِ بْنِ أَشْیَمَ الْجُهَنِیَ (1) السَّلَامُ عَلَی الْقَتِیلِ ابْنِ الْقَتِیلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ عَامِرَ بْنَ صَعْصَعَةَ وَ قِیلَ أَسَدَ بْنَ مَالِكٍ السَّلَامُ عَلَی أَبِی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ رَامِیَهُ عَمْرَو بْنَ صَبِیحٍ الصَّیْدَاوِیَ

ص: 68


1- 1. فی بعض النسخ: عمر بن خالد بن أسد، و هو تصحیف.

السَّلَامُ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی سَعِیدِ بْنِ عَقِیلٍ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ لَقِیطَ بْنَ نَاشِرٍ(1) الْجُهَنِیَّ السَّلَامُ عَلَی سُلَیْمَانَ مَوْلَی الْحُسَیْنِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ سُلَیْمَانَ بْنَ عَوْفٍ الْحَضْرَمِیَّ السَّلَامُ عَلَی قَارِبٍ مَوْلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ السَّلَامُ عَلَی مُنْجِحٍ مَوْلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ السَّلَامُ عَلَی مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةَ الْأَسَدِیِّ الْقَائِلِ لِلْحُسَیْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِی الِانْصِرَافِ أَ نَحْنُ نُخَلِّی عَنْكَ وَ بِمَ نَعْتَذِرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَدَاءِ حَقِّكَ- لَا وَ اللَّهِ حَتَّی أَكْسِرَ فِی صُدُورِهِمْ رُمْحِی هَذَا وَ أَضْرِبَهُمْ بِسَیْفِی مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِی یَدِی وَ لَا أُفَارِقُكَ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ مَعِی سِلَاحٌ أُقَاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ وَ لَمْ أُفَارِقْكَ حَتَّی أَمُوتَ مَعَكَ وَ كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ شَرَی نَفْسَهُ وَ أَوَّلَ شَهِیدٍ شَهِدَ لِلَّهِ وَ قَضَی نَحْبَهُ فَفُزْتَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ شَكَرَ اللَّهُ اسْتِقْدَامَكَ وَ مُوَاسَاتَكَ إِمَامَكَ إِذْ مَشَی إِلَیْكَ وَ أَنْتَ صَرِیعٌ فَقَالَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ یَا مُسْلِمَ بْنَ عَوْسَجَةَ وَ قَرَأَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلًا لَعَنَ اللَّهُ الْمُشْتَرِكِینَ فِی قَتْلِكَ- عَبْدَ اللَّهِ الضَّبَابِیَّ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَشْكَارَةَ

ص: 69


1- 1. لقیط بن یاسر خ ل.

الْبَجَلِیَّ وَ مُسْلِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبَابِیَّ السَّلَامُ عَلَی سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِیِّ الْقَائِلِ لِلْحُسَیْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِی الِانْصِرَافِ- لَا وَ اللَّهِ لَا نُخَلِّیكَ حَتَّی یَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّا قَدْ حَفِظْنَا غَیْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیكَ وَ اللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّی أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْیَا ثُمَّ أُحْرَقُ ثُمَّ أُذْرَی وَ یُفْعَلُ بِی ذَلِكَ سَبْعِینَ مَرَّةً مَا فَارَقْتُكَ حَتَّی أَلْقَی حِمَامِی دُونَكَ وَ كَیْفَ أَفْعَلُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا هِیَ مَوْتَةٌ أَوْ قَتْلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ هِیَ بَعْدَهَا الْكَرَامَةُ الَّتِی لَا انْقِضَاءَ لَهَا أَبَداً فَقَدْ لَقِیتَ حِمَامَكَ وَ وَاسَیْتَ إِمَامَكَ وَ لَقِیتَ مِنَ اللَّهِ الْكَرَامَةَ فِی دَارِ الْمُقَامَةِ حَشَرَنَا اللَّهُ مَعَكُمْ فِی الْمُسْتَشْهَدِینَ وَ رَزَقَنَا مُرَافَقَتَكُمْ فِی أَعْلَی عِلِّیِّینَ السَّلَامُ عَلَی بِشْرِ بْنِ عُمَرَ الْحَضْرَمِیِّ شَكَرَ اللَّهُ لَكَ قَوْلَكَ لِلْحُسَیْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَكَ فِی الِانْصِرَافِ أَكَلَتْنِی إِذَنْ السِّبَاعُ حَیّاً إِنْ فَارَقْتُكَ وَ أَسْأَلُ عَنْكَ الرُّكْبَانَ وَ أَخْذُلُكَ مَعَ قِلَّةِ الْأَعْوَانِ لَا یَكُونُ هَذَا أَبَداً السَّلَامُ عَلَی یَزِیدَ بْنِ حُصَیْنٍ الْهَمْدَانِیِّ الْمَشْرِقِیِّ الْقَارِی الْمُجَدَّلِ بِالْمَشْرَفِیِّ السَّلَامُ عَلَی عُمَرَ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِیِّ السَّلَامُ عَلَی نُعَیْمِ بْنِ عَجْلَانَ الْأَنْصَارِیِّ.

ص: 70

السَّلَامُ عَلَی زُهَیْرِ بْنِ الْقَیْنِ الْبَجَلِیِّ الْقَائِلِ لِلْحُسَیْنِ وَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِی الِانْصِرَافِ- لَا وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً أَتْرُكُ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَسِیراً فِی یَدِ الْأَعْدَاءِ وَ أَنْجُو لَا أَرَانِیَ اللَّهُ ذَلِكَ الْیَوْمَ السَّلَامُ عَلَی عَمْرِو بْنِ قَرَظَةَ الْأَنْصَارِیِّ السَّلَامُ عَلَی حَبِیبِ بْنِ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِیِّ السَّلَامُ عَلَی الْحُرِّ بْنِ یَزِیدَ الرِّیَاحِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَیْرٍ الْكَلْبِیِّ السَّلَامُ عَلَی نَافِعِ بْنِ هِلَالِ بْنِ نَافِعٍ الْبَجَلِیِ (1)

الْمُرَادِیِّ السَّلَامُ عَلَی أَنَسِ بْنِ كَاهِلٍ الْأَسَدِیِّ السَّلَامُ عَلَی قَیْسِ بْنِ مُسْهِرٍ الصَّیْدَاوِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَیْ عُرْوَةَ بْنِ حَرَاقٍ الْغِفَارِیَّیْنِ السَّلَامُ عَلَی جَوْنِ بْنِ حُوَیٍّ مَوْلَی أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ السَّلَامُ عَلَی شَبِیبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْشَلِیِّ السَّلَامُ عَلَی الْحَجَّاجِ بْنِ زَیْدٍ السَّعْدِیِّ السَّلَامُ عَلَی قَاسِطٍ وَ كَرِشٍ (2)

ابْنَیْ ظَهِیرٍ التَّغْلِبِیَّیْنِ السَّلَامُ عَلَی كِنَانَةَ بْنِ عَتِیقٍ السَّلَامُ عَلَی ضِرْغَامَةَ بْنِ مَالِكٍ

ص: 71


1- 1. هو فی الطبریّ ج 6 ص 253 و كامل ابن الأثیر ج 4 ص 29 و البدایة ج 8 ص 184« الجملی» نسبة الی جمل بن كنانة.
2- 2. كردوس خ ل.

السَّلَامُ عَلَی حُوَیِّ بْنِ مَالِكٍ الضُّبَعِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَمْرِو بْنِ ضُبَیْعَةَ الضُّبَعِیِّ السَّلَامُ عَلَی زَیْدِ بْنِ ثُبَیْتٍ الْقَیْسِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ وَ عُبَیْدِ اللَّهِ ابْنَیْ یَزِیدَ بْنِ ثُبَیْتٍ الْقَیْسِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ السَّلَامُ عَلَی قَعْنَبِ بْنِ عَمْرٍو التَّمْرِیِّ السَّلَامُ عَلَی سَالِمٍ مَوْلَی عَامِرِ بْنِ مُسْلِمٍ السَّلَامُ عَلَی سَیْفِ بْنِ مَالِكٍ السَّلَامُ عَلَی زُهَیْرِ بْنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِیِّ السَّلَامُ عَلَی زَیْدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْجُعْفِیِّ السَّلَامُ عَلَی الْحَجَّاجِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْجُعْفِیِّ السَّلَامُ عَلَی مَسْعُودِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ ابْنِهِ السَّلَامُ عَلَی مُجَمِّعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَائِذِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَمَّارِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ شُرَیْحٍ الطَّائِیِّ السَّلَامُ عَلَی حُبَابِ بْنِ الْحَارِثِ السَّلْمَانِیِّ الْأَزْدِیِّ السَّلَامُ عَلَی جُنْدَبِ بْنِ حُجْرٍ الْخَوْلَانِیِّ السَّلَامُ عَلَی عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ الصَّیْدَاوِیِّ السَّلَامُ عَلَی سَعِیدٍ مَوْلَاهُ السَّلَامُ عَلَی یَزِیدَ بْنِ زِیَادِ بْنِ مُهَاصِرٍ الْكِنْدِیِّ السَّلَامُ عَلَی زَاهِدٍ مَوْلَی عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِیِّ السَّلَامُ عَلَی جَبَلَةَ بْنِ عَلِیٍّ الشَّیْبَانِیِّ السَّلَامُ عَلَی سَالِمٍ مَوْلَی بَنِی الْمَدَنِیَّةِ الْكَلْبِیِّ السَّلَامُ عَلَی أَسْلَمَ بْنِ كُثَیْرٍ الْأَزْدِیِّ الْأَعْرَجِ السَّلَامُ عَلَی زُهَیْرِ بْنِ سُلَیْمٍ الْأَزْدِیِّ.

ص: 72

السَّلَامُ عَلَی قَاسِمِ بْنِ حَبِیبٍ الْأَزْدِیِّ السَّلَامُ عَلَی عُمَرَ بْنِ جُنْدَبٍ الْحَضْرَمِیِّ السَّلَامُ عَلَی أَبِی ثُمَامَةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّائِدِیِّ السَّلَامُ عَلَی حَنْظَلَةَ بْنِ سَعْدٍ الشِّبَامِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْكَدِرِ الْأَرْحَبِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَمَّارِ بْنِ أَبِی سَلَامَةَ الْهَمْدَانِیِّ السَّلَامُ عَلَی عَابِسِ (1) بْنِ أَبِی شَبِیبٍ الشَّاكِرِیِّ السَّلَامُ عَلَی شَوْذَبٍ مَوْلَی شَاكِرٍ السَّلَامُ عَلَی شَبِیبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ سَرِیعٍ السَّلَامُ عَلَی مَالِكِ بْنِ عَبْدِ بْنِ سَرِیعٍ السَّلَامُ عَلَی الْجَرِیحِ الْمَأْسُورِ- سَوَّارِ بْنِ أَبِی حِمْیَرٍ الْفَهْمِیِّ الْهَمْدَانِیِّ السَّلَامُ عَلَی الْمُرَتَّبِ مَعَهُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُنْدُعِیِّ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ یَا خَیْرَ أَنْصَارٍ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَی الدَّارِ بَوَّأَكُمُ اللَّهُ مُبَوَّأَ الْأَبْرَارِ أَشْهَدُ لَقَدْ كَشَفَ اللَّهُ لَكُمُ الْغِطَاءَ وَ مَهَّدَ لَكُمُ الْوِطَاءَ وَ أَجْزَلَ لَكُمُ الْعَطَاءَ وَ كُنْتُمْ عَنِ الْحَقِّ غَیْرَ بِطَاءٍ وَ أَنْتُمْ لَنَا فُرَطَاءُ وَ نَحْنُ لَكُمْ خُلَطَاءُ فِی دَارِ الْبَقَاءِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

ص: 73


1- 1. فی الأصل: عائش.

أقول: قوله و قیل لعله من السید أو من بعض الرواة.

«4»- وَ قَالَ الْمَسْعُودِیُّ فِی كِتَابِ مُرُوجِ الذَّهَبِ: فَعَدَلَ الْحُسَیْنُ إِلَی كَرْبَلَاءَ وَ هُوَ فِی مِقْدَارِ أَلْفِ فَارِسٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ نَحْوِ مِائَةِ رَاجِلٍ فَلَمْ یَزَلْ یُقَاتِلُ حَتَّی قُتِلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ كَانَ الَّذِی تَوَلَّی قَتْلَهُ رَجُلًا مِنْ مَذْحِجٍ وَ قُتِلَ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ قِیلَ ابْنُ تِسْعٍ وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ قِیلَ غَیْرُ ذَلِكَ وَ وُجِدَ بِهِ علیه السلام یَوْمَ قُتِلَ ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ طَعْنَةً وَ أَرْبَعٌ وَ ثَلَاثُونَ ضَرْبَةً وَ ضَرَبَ زُرْعَةُ بْنُ شَرِیكٍ التَّمِیمِیُّ لَعَنَهُ اللَّهُ كَفَّهُ الْیُسْرَی وَ طَعَنَهُ سِنَانُ بْنُ أَنَسٍ النَّخَعِیُّ لَعَنَهُ اللَّهُ ثُمَّ نَزَلَ وَ اجْتَزَّ رَأْسَهُ وَ تَوَلَّی قَتْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ خَاصَّةً لَمْ یَحْضُرْهُمْ شَامِیٌّ وَ كَانَ جَمِیعُ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ سَبْعاً وَ ثَمَانِینَ وَ كَانَ عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فِی حَرْبِ الْحُسَیْنِ علیه السلام ثَمَانِیَةً وَ ثَمَانِینَ رَجُلًا.

أقول: و لنوضح بعض مشكلات ما تقدم فی هذا الباب.

قوله علیه السلام لو لا تقارب الأشیاء أی قرب الآجال أو إناطة الأشیاء بالأسباب بحسب المصالح أو أنه یصیر سببا لتقارب الفرج و غلبة أهل الحق و لما یأت أوانه و فی بعض النسخ لو لا تفاوت الأشیاء أی فی الفضل و الثواب.

قوله علیه السلام فلم یبعد أی من الخیر و النجاح و الفلاح و قد شاع قولهم بعدا له و أبعده اللّٰه و الإغذاذ فی السیر الإسراع و قال الجزری فی حدیث أبی قتادة فانطلق الناس لا یلوی أحد علی أحد أی لا یلتفت و لا یعطف علیه و ألوی برأسه و لواه إذا أماله من جانب إلی جانب انتهی.

و الوله الحیرة و ذهاب العقل حزنا و المراد هنا شدة الشوق و قال الفیروزآبادی عسل الذئب أو الفرس یعسل عسلانا اضطرب فی عدوه و هز رأسه و العسل الناقة السریعة و أبو عسلة بالكسر الذئب انتهی أی یتقطعها الذئاب الكثیرة العدو السریعة أو الأعم منه و من سائر السباع و الكرش من الحیوانات كالمعدة من الإنسان و الأجربة جمع الجراب و هو الهمیان أطلق علی بطونها علی الاستعارة و لعل المعنی أنی أصیر بحیث یزعم الناس أنی أصیر كذلك بقرینة

ص: 74

قوله علیه السلام و هو مجموعة له فی حظیرة القدس فیكون استعارة تمثیلیة أو یقال نسب إلی نفسه المقدسة ما یعرض لأصحابه أو یقال إنها تصیر ابتداء إلی أجوافها لشدة الابتلاء ثم تنتزع منها و تجتمع فی حظیرة القدس و یقال انكمش أی أسرع.

قوله كأنما علی رءوسنا الطیر أی بقینا متحیرین لا نتحرك قال الجزری فی صفة الصحابة كأنما علی رءوسهم الطیر وصفهم بالسكون و الوقار و أنهم لم یكن فیهم طیش و لا خفة لأن الطیر لا تكاد تقع إلا علی شی ء ساكن انتهی.

و التقویض نقض من غیر هدم أو هو نزع الأعواد و الأطناب و الإرقال ضرب من الخبب و هو ضرب من العدو و هوادی الخیل أعناقها.

قوله كان أسنتهم الیعاسیب هو جمع یعسوب أمیر النحل شبهها فی كثرتها بأن كلا منها كأنه أمیر النحل اجتمع علیه عسكره

قال الجزری فی حدیث الدجال: فتتبعه كنوزها كیعاسیب النحل.

جمع یعسوب أی تظهر له و تجتمع عنده كما تجتمع النحل علی یعاسیبها انتهی و كذا تشبیه الرایات بأجنحة الطیر إنما هو فی الكثرة و اتصال بعضها ببعض.

و قال الجوهری و قولهم هم زهاء مائة أی قدر مائة قوله علیه السلام و رشفوا الخیل أی اسقوهم قلیلا قال الجوهری الرشف المص و فی المثل الرشف أنقع أی إذا ترشفت الماء قلیلا قلیلا كان أسكن للعطش و الطساس بالكسر جمع الطس و هو لغة فی الطست و لا تغفل عن كرمه علیه الصلاة و السلام حیث أمر بسقی رجال المخالفین و دوابهم.

قوله و الراویة عندی السقایة أی كنت أظن أن مراده علیه السلام بالراویة المزادة التی یسقی به و لم أعرف أنها تطلق علی البعیر فصرح علیه السلام بذكر الجمل قال الفیروزآبادی الراویة المزادة فیها الماء و البعیر و البغل و الحمار یستقی علیه و قال الجزری فیه نهی عن اختناث الأسقیة خنثت السقاء إذا ثنیت فمه إلی خارج و شربت منه و قبعته إذا ثنیته إلی داخل و الخمیس الجیش و الوغی الحرب و العرمرم الجیش الكثیر و الباتر السیف القاطع و قال الجوهری الجعجعة

ص: 75

الحبس و كتب عبید اللّٰه بن زیاد إلی عمر بن سعد أن جعجع بحسین علیه السلام قال الأصمعی یعنی احبسه و قال ابن الأعرابی یعنی ضیق علیه و قال العراء بالمد الفضاء لا ستر به قال اللّٰه تعالی لَنُبِذَ بِالْعَراءِ و یقال ما لی به قبل بكسر القاف أی طاقة و الصبابة بالضم البقیة من الماء فی الإناء.

و قال الجوهری الوبلة بالتحریك الثقل و الوخامة و قد وبل المرتع وبلا و وبالا فهو وبیل أی وخیم و البرم بالتحریك ما یوجب السأمة و الضجر و الوثیر الفراش الوطی ء اللین و الخمیر الخبز البائت و الفتك أن یأتی الرجل صاحبه و هو غار غافل حتی یشد علیه فیقتله.

و قال البیضاوی فی قوله وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ أی لیس الحین حین مناص و لا هی المشبهة بلیس زیدت علیها تاء التأنیث للتأكید كما زیدت علی رب و ثم و خصت بلزوم الأحیان و حذف أحد المعمولین و قیل هی النافیة للجنس أی و لا حین مناص لهم و قیل للفعل و النصب بإضماره أی و لا أری حین مناص و المناص المنجی.

قوله قد خشیت أی ظننت أو علمت و كبد السماء وسطها و البغر بالتحریك داء و عطش قال الأصمعی هو عطش یأخذ الإبل فتشرب فلا تروی و تمرض عنه فتموت تقول منه بغر بالكسر و الزحف المشی و المناجزة المبارزة و المقاتلة و الثمال بالكسر الغیاث یقال فلان ثمال قومه أی غیاث لهم یقوم بأمرهم و یقال حلأت الإبل عن الماء تحلئة إذا طردتها عنه و منعتها أن ترده قاله الجوهری و قال تقول تبا لفلان تنصبه علی المصدر بإضمار فعل أی ألزمه اللّٰه هلاكا و خسرانا و الترح بالتحریك ضد الفرح و المستصرخ المستغیث و حششت النار أحشها حشا أوقدتها.

قوله جناها أی أخذها و جمع حطبها

و فی روایة السید: فأصرخناكم موجفین سللتم علینا سیفا لنا فی أیمانكم و حششتم علینا نارا اقتدحناها علی عدوكم و عدونا.

ص: 76

و قال الجوهری ألبت الجیش إذا جمعته و تألبوا تجمعوا و هم ألب و إلب إذا كانوا مجتمعین و تفیل رأیه أخطأ و ضعف و الجأش رواغ القلب إذا اضطرب عند الفزع و نفس الإنسان و قد لا یهمز.

قوله علیه السلام طامن أی ساكن مطمئن و استحصف الشی ء استحكم و شذاذ الناس الذین یكونون فی القوم و لیسوا من قبائلهم.

قوله علیه السلام و نفثة الشیطان أی ینفث فیهم الشیطان بالوساوس أو أنهم شرك شیطان قال الفیروزآبادی نفث ینفث و ینفث و هو كالنفخ و نفث الشیطان الشعر و النفاثة ككناسة ما ینفثه المصدور من فیه و الشطیبة من السواك تبقی فی الفم فتنفث و فی تحف العقول بقیة الشیطان.

قوله علیه السلام جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ قال الجوهری هو من عضوته أی فرقته لأن المشركین فرقوا أقاویلهم فیه فجعلوه كذبا و سحرا و كهانة و شعرا و قیل أصله عضهة لأن العضة و العضین فی لغة قریش السحر.

قوله علیه السلام قد ركز أی أقامنا بین الأمرین من قولهم ركز الرمح أی غرزه فی الأرض و فی روایة السید و التحف ركن بالنون أی مال و سكن إلینا بهذین و الأظهر تركنی كما فی الإحتجاج و القلة قلة العدد بالقتل و فی روایة السید و الإحتجاج السلة و هی بالفتح و الكسر اعتلال السیوف و هو أظهر.

قوله فغیر مهزمینا علی صیغة المفعول أی إن أرادوا أن یهزمونا فلا نهزم أو إن هزمونا و أبعدونا فلیس علی وجه الهزیمة بل علی جهة المصلحة و الأول أظهر و الطب بالكسر العادة و الحاصل أنا لم نقتل بسبب الجبن فإنه لیس من عادتنا و لكن بسبب أن حضر وقت منایانا و دولة الآخرین.

قوله علیه السلام إلا ریثما یركب أی إلا قدر ما یركب و طاح یطوح و یطیح هلك و سقط و الهبل بالتحریك مصدر قولك هبلته أمه أی ثكلته و الكلكل الصدر و فی بعض النسخ بكظمه و هو بالتحریك مخرج النفس و هو أظهر و الزئیر صوت الأسد فی صدره.

ص: 77

قوله لعنه اللّٰه مزنی أی رمح مزنی و كعوب الرمح النواشز فی أطراف الأنابیب و عدم خیانتها كنایة عن كثرة نفوذها و عدم كلالها و الغراران شفرتا السیف و الحاسر الذی لا مغفر علیه و لا درع و یوم قماطر بالضم شدید قوله هنه الهاء للسكت و كذا فی قوله فاجهدنه و فارغبنه و رجل مدجج أی شاك فی السلاح و یقال عرج فلان علی المنزل إذا حبس مطیته علیه و أقام و كذلك التعرج ذكره الجوهری و قال قال أبو عمرو الأزل الخفیف الوركین و السمع الأزل الذئب الأرسح یتولد بین الذئب و الضبع و هذه الصفة لازمة له كما یقال الضبع العرجاء و فی المثل هو أسمع من الذئب الأزل (1)

و اللبد بكسر اللام و فتح الباء جمع اللبدة و هی الشعر المتراكب بین كتفی الأسد و یقال للأسد ذو لبد.

قوله لأنعمتك عینا أی نعم أفعل ذلك إكراما لك و إنعاما لعینك و شب الفرس یشب و یشب شبابا و شبیبا إذا قمص و لعب و أشببته أنا إذا هیجته و احتوش القوم علی فلان أی جعلوه وسطهم.

و قال الجوهری قولهم فلان حامی الذمار أی إذا ذمر و غضب حمی و فلان أمنع ذمارا من فلان و یقال الذمار ما وراء الرجل مما یحق علیه أن یحمیه قوله شاری أی شری نفسه و باعها بالجنة و المهند السیف المطبوع من حدید الهند و أصلت سیفه أی جرده من غمده فهو مصلت و ضربه بالسیف صلتا و صلتا إذا ضربه به و هو مصلت و الباسل البطل الشجاع و الفیصل الحاكم

ص: 78


1- 1. قال فی مجمع الامثال تحت الرقم 1885« أسمع من سمع» و یقال:« أسمع من السمع الازل» لان هذه الصفة لازمة له و السمع سبع مركب لانه ولد الذئب من الضبع و السمع كالحیة لا یعرف الاسقام و العلل، و لا یموت حتف أنفه، بل یموت بعرض من الاعراض یعرض له، و لیس فی الحیوان شی ء عدوه كعدو السمع لانه أسرع من الطیر، و یقال: و ثبات السمع تزید علی عشرین أو ثلاثین ذراعا. أقول: و هو شدید السمع یضرب به المثل فی ذلك.

و القضاء بین الحق و الباطل و الولولة الإعوال و الأشبل جمع الشبل ولد الأسد و الغیار بالكسر من الغیرة أو الغارة و قد یكون بمعنی الدخول فی الشی ء و العضب بالفتح السیف القاطع.

و قال الجوهری سیف ذكر و مذكر أی ذو ماء قال أبو عبید هی سیوف شفراتها حدید ذكر و متونها أنیث قال و یقول الناس إنها من عمل الجن و دودان بن أسد أبو قبیلة قوله بطعن آن أی حار شدید الحرارة و یقال أرهفت سیفی أی رققته فهو مرهف و الأسمر الرمح و السطاع لعله من سطوع الغبار و الكمی الشجاع المتكمی فی سلاحه لأنه كمی نفسه أی سترها بالدرع و البیضة.

و القرم السید و الأكتاد جمع الكتد و هو ما بین الكاهل إلی الظهر و الآد القوة و الأخفاق لعله جمع الخفق بمعنی الاضطراب أو الخفق بمعنی ضربك الشی ء بدرة أو عریض أو صوت النعل أو من أخفق الطائر ضرب بجناحیه و الرشق الرمی بالنبل و غیره و بالكسر الاسم و الخور الضعف و الجبن و الشلو بالكسر العضو من أعضاء اللحم و أشلاء الإنسان أعضاؤه بعد البلی و التفرق.

قوله من عامه أی متحیر ضال و لعله بیان لابن هند و العجاجة الغبار و الذوائب جمع الذؤابة و هی من العز و الشرف و كل شی ء أعلاه و الصوب نزول المطر و المزن جمع المزنة و هی السحابة البیضاء و الفلقة بالكسر القطعة و أسد حرب بكسر الراء أی شدید الغضب.

قوله فأطنها أی قطعها و الضرغام بالكسر الأسد و قال الجزری فیه و اقتلهم بددا یروی بكسر الباء جمع بدة و هی الحصة و النصیب أی اقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد حصته و نصیبه و یروی بالفتح أی متفرقین فی القتل واحدا بعد واحد من التبدید انتهی و القسورة العزیز و الأسد و الرماة من الصیادین و یقال أجحرته أی ألجأته إلی أن دخل جحره فانجحر.

قوله علیه السلام إذا الموت رقا أی صعد كنایة عن الكثرة أو القرب و الإشراف

ص: 79

و فی بعض النسخ زقا بالزاء المعجمة أی صالح و المصالیت جمع المصلات و هو الرجل الماضی فی الأمور و اللقا بالفتح الشی ء الملقی لهوانه و قال الجوهری القدة الطریقة و الفرقة من الناس إذا كان هوی كل واحد علی حدة یقال كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً و قال الجوهری العفاء بالفتح و المد التراب و قال صفوان بن محرز إذا دخلت بیتی فأكلت رغیفا و شربت علیه ماء فعلی الدنیا العفاء و قال أبو عبیدة العفاء الدروس و الهلاك قال و هذا كقولهم علیه الدبار إذا دعا علیه أن یدبر فلا یرجع و التذبذب التحرك و الوكوف القطرات و الهطل تتابع المطر و الفیلق بفتح الفاء و اللام الجیش و الورد بالفتح الأسد و الجحفل الجیش و نفحه بالسیف تناوله من بعید و فی بعض النسخ بعجه من قولهم بعج بطنه بالسكین إذا شقه.

و قال الجوهری البقع فی الطیر و الكلاب بمنزلة البلق فی الدواب و الرفس الضرب بالرجل و سفت الریح التراب تسفیه سفیا أذرته و الیعبوب الفرس الكثیر الجری و شددنا أسره أی خلقه و الجناجن عظام الصدر.

«5»- نی، [الغیبة] للنعمانی ابْنُ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِیِّ عَنِ التَّفْلِیسِیِّ عَنِ السَّمَنْدِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام أَنَّهُ قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ یُبْتَلَوْنَ ثُمَّ یُمَیِّزُهُمُ اللَّهُ عِنْدَهُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یُؤْمِنِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْیَا وَ مَرَائِرِهَا وَ لَكِنْ آمَنَهُمْ مِنَ الْعَمَی وَ الشَّقَاءِ فِی الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ كَانَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَضَعُ قَتَلَاهُ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ ثُمَّ یَقُولُ قَتْلَانَا قَتْلَی النَّبِیِّینَ وَ آلِ النَّبِیِّینَ (1).

«6»- یج، [الخرائج و الجرائح] سَهْلُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ فَضْلٍ عَنْ سَعْدٍ الْجَلَّابِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ قَبْلَ أَنْ یُقْتَلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی یَا بُنَیَّ إِنَّكَ سَتُسَاقُ إِلَی الْعِرَاقِ وَ هِیَ أَرْضٌ قَدِ الْتَقَی بِهَا النَّبِیُّونَ وَ

أَوْصِیَاءُ النَّبِیِّینَ وَ هِیَ أَرْضٌ تُدْعَی عَمُورَا وَ إِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ بِهَا وَ یُسْتَشْهَدُ مَعَكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لَا یَجِدُونَ أَلَمَ مَسِّ الْحَدِیدِ وَ تَلَا قُلْنا یا نارُ

ص: 80


1- 1. غیبة النعمانیّ ص 112 و 113.

كُونِی بَرْداً وَ سَلاماً عَلی إِبْراهِیمَ (1) یَكُونُ الْحَرْبُ بَرْداً وَ سَلَاماً عَلَیْكَ وَ عَلَیْهِمْ فَأَبْشِرُوا فَوَ اللَّهِ لَئِنْ قَتَلُونَا فَإِنَّا نَرِدُ عَلَی نَبِیِّنَا قَالَ ثُمَّ أَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ یَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ فَأَخْرُجُ خَرْجَةً یُوَافِقُ ذَلِكَ خَرْجَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ قِیَامَ قَائِمِنَا وَ حَیَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ لَیَنْزِلَنَّ عَلَیَّ وَفْدٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَمْ یَنْزِلُوا إِلَی الْأَرْضِ قَطُّ وَ لَیَنْزِلَنَّ إِلَیَّ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ جُنُودٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَیَنْزِلَنَّ مُحَمَّدٌ وَ عَلِیٌّ وَ أَنَا وَ أَخِی وَ جَمِیعُ مَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی حَمُولَاتٍ مِنْ حَمُولَاتِ الرَّبِّ جِمَالٍ مِنْ نُورٍ لَمْ یَرْكَبْهَا مَخْلُوقٌ ثُمَّ لَیَهُزَّنَّ مُحَمَّدٌ ص لِوَاءَهُ وَ لَیَدْفَعُهُ إِلَی قَائِمِنَا مَعَ سَیْفِهِ ثُمَّ إِنَّا نَمْكُثُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ یُخْرِجُ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ عَیْناً مِنْ دُهْنٍ وَ عَیْناً مِنْ مَاءٍ وَ عَیْناً مِنْ لَبَنٍ ثُمَّ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَدْفَعُ إِلَیَّ سَیْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَبْعَثُنِی إِلَی الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ فَلَا آتِی عَلَی عَدُوٍّ لِلَّهِ إِلَّا أَهْرَقْتُ دَمَهُ وَ لَا أَدَعُ صَنَماً إِلَّا أَحْرَقْتُهُ حَتَّی أَقَعَ إِلَی الْهِنْدِ فَأَفْتَحَهَا وَ إِنَّ دَانِیَالَ وَ یُوشَعَ یَخْرُجَانِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولَانِ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یَبْعَثُ مَعَهُمَا إِلَی الْبَصْرَةِ سَبْعِینَ رَجُلًا فَیَقْتُلُونَ مُقَاتِلِیهِمْ وَ یَبْعَثُ بَعْثاً إِلَی الرُّومِ فَیَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ ثُمَّ لَأَقْتُلَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهَا حَتَّی لَا یَكُونَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا الطَّیِّبُ وَ أَعْرِضُ عَلَی الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی وَ سَائِرِ الْمِلَلِ وَ لَأُخَیِّرَنَّهُمْ بَیْنَ الْإِسْلَامِ وَ السَّیْفِ فَمَنْ أَسْلَمَ مَنَنْتُ عَلَیْهِ وَ مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ أَهْرَقَ اللَّهُ دَمَهُ وَ لَا یَبْقَی رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِنَا إِلَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَیْهِ مَلَكاً یَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَ یُعَرِّفُهُ أَزْوَاجَهُ وَ مَنْزِلَتَهُ فِی الْجَنَّةِ وَ لَا یَبْقَی عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أَعْمَی وَ لَا مُقْعَدٌ وَ لَا مُبْتَلًی إِلَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ بَلَاءَهُ بِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ لَیُنْزِلَنَّ الْبَرَكَةَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ حَتَّی إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتُقْصَفُ بِمَا یَزِیدُ اللَّهُ فِیهَا مِنَ الثَّمَرَةِ وَ لَتَأْكُلُنَّ ثَمَرَةَ الشِّتَاءِ فِی الصَّیْفِ وَ ثَمَرَةَ الصَّیْفِ فِی الشِّتَاءِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُری آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ

ص: 81


1- 1. الأنبیاء ص 69.

بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا یَكْسِبُونَ (1) ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ لَیَهَبُ لِشِیعَتِنَا كَرَامَةً- لَا یَخْفَی عَلَیْهِمْ شَیْ ءٌ فِی الْأَرْضِ وَ مَا كَانَ فِیهَا حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ یُرِیدُ أَنْ یَعْلَمَ عِلْمَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَیُخْبِرَهُمْ بِعِلْمِ مَا یَعْمَلُونَ.

بیان: لتقصف أی تنكسر أغصانها لكثرة ما حملت من الثمرة.

«7»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی یَزِیدَ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ وَ ابْنِ بُكَیْرٍ وَ بُرَیْدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ الْعِجْلِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: أُصِیبَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ وُجِدَ بِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ بِضْعٌ وَ عِشْرُونَ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ ضَرْبَةً بِسَیْفٍ أَوْ رَمْیَةً بِسَهْمٍ فَرُوِیَ أَنَّهَا كَانَتْ كُلُّهَا فِی مُقَدَّمِهِ لِأَنَّهُ علیه السلام كَانَ لَا یُوَلِّی (2).

«8»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِی عُمَارَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: وُجِدَ بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام نَیِّفٌ وَ سَبْعُونَ طَعْنَةً وَ نَیِّفٌ وَ سَبْعُونَ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ.

«9»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ (3) عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَتِ الْعَامَّةُ(4)

عَلَیْنَا الْفُسْطَاطَ وَ أَنَا جَارِیَةٌ صَغِیرَةٌ وَ فِی رِجْلَیَّ خَلْخَالانِ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ رَجُلٌ یَفُضُّ الْخَلْخَالَیْنِ مِنْ رِجْلَیَّ وَ هُوَ یَبْكِی فَقُلْتُ مَا یُبْكِیكَ یَا عَدُوَّ اللَّهِ فَقَالَ كَیْفَ لَا أَبْكِی وَ أَنَا أَسْلُبُ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَا تَسْلُبْنِی قَالَ أَخَافُ أَنْ یَجِی ءَ غَیْرِی فَیَأْخُذَهُ قَالَتْ وَ انْتَهَبُوا مَا فِی الْأَبْنِیَةِ حَتَّی كَانُوا یَنْزِعُونَ الْمَلَاحِفَ عَنْ ظُهُورِنَا.

ص: 82


1- 1. الأعراف: 96.
2- 2. أمالی الصدوق المجلس 31 تحت الرقم: 1.
3- 3. هو عبد اللّٰه بن الحسن الحسن بن علیّ بن أبی طالب علیهم السلام و فی نسخة الأصل و نسخة الكمبانیّ و هكذا المصدر« عبد اللّٰه بن الحسین» و هو تصحیف.
4- 4. فی المصدر المجلس 31 تحت الرقم 2:« الغانمة».

«10»- ج، [الإحتجاج] عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا اسْتَكَفَّ النَّاسُ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام رَكِبَ فَرَسَهُ وَ اسْتَنْصَتَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ تَبّاً لَكُمْ أَیَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَ تَرَحاً وَ بُؤْساً لَكُمْ وَ تَعْساً حِینَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَلِهِینَ فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِفِینَ فَشَحَذْتُمْ عَلَیْنَا سَیْفاً كَانَ فِی أَیْدِینَا وَ حَشَشْتُمْ عَلَیْنَا نَاراً أَضْرَمْنَاهَا عَلَی عَدُوِّكُمْ وَ عَدُوِّنَا فَأَصْبَحْتُمْ أَلْباً عَلَی أَوْلِیَائِكُمْ وَ یَداً لِأَعْدَائِكُمْ مِنْ غَیْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِیكُمْ وَ لَا أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِیهِمْ وَ لَا ذَنْبٍ كَانَ مِنَّا إِلَیْكُمْ فَهَلَّا لَكُمُ الْوَیْلَاتُ إِذْ كَرِهْتُمُونَا وَ السَّیْفُ مَشِیمٌ وَ الْجَأْشُ طَامِنٌ وَ الرَّأْیُ لَمْ یُسْتَحْصَفْ وَ لَكِنَّكُمُ اسْتَسْرَعْتُمْ إِلَی بَیْعَتِنَا كَطَیْرَةِ الدَّبَی (1) وَ تَهَافَتُّمْ إِلَیْهَا كَتَهَافُتِ الْفَرَاشِ ثُمَّ نَقَضْتُمُوهَا سَفَهاً وَ ضِلَّةً بُعْداً وَ سُحْقاً لِطَوَاغِیتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ بَقِیَّةِ الْأَحْزَابِ وَ نَبَذَةِ الْكِتَابِ وَ مُطْفِئِ السُّنَنِ وَ مُوَاخِی الْمُسْتَهْزِءِینَ- الَّذِینَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِینَ وَ عُصَاةِ الْأُمَمِ وَ مُلْحِقِ الْعَهْرَةِ بِالنَّسَبِ- لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ فِی الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ أَ فَهَؤُلَاءِ تَعْضُدُونَ وَ عَنَّا تَتَخَاذَلُونَ أَجَلْ وَ اللَّهِ الْخَذْلُ فِیكُمْ مَعْرُوفٌ نَبَتَتْ عَلَیْهِ أُصُولُكُمْ وَ تَأَزَّرَتْ عَلَیْهِ عُرُوقُكُمْ فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ شَجَرٍ لِلنَّاظِرِ وَ أُكْلَةً لِلْغَاصِبِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ النَّاكِثِینَ الَّذِینَ یَنْقُضُونَ الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْكِیدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَیْكُمْ كَفِیلًا.

أَلَا وَ إِنَّ الدَّعِیَّ ابْنَ الدَّعِیَّ قَدْ تَرَكَنِی بَیْنَ السِّلَّةِ وَ الذِّلَّةِ وَ هَیْهَاتَ لَهُ ذَلِكَ هَیْهَاتَ مِنِّی الذِّلَّةُ أَبَی اللَّهُ ذَلِكَ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ جُدُودٌ طَهُرَتْ وَ حُجُورٌ طَابَتْ أَنْ نُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِّئَامِ عَلَی مَصَارِعِ الْكِرَامِ أَلَا وَ إِنِّی زَاحِفٌ بِهَذِهِ الْأُسْرَةِ عَلَی قِلَّةِ الْعَدَدِ وَ كَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَ خِذْلَةِ النَّاصِرِ ثُمَّ تَمَثَّلَ فَقَالَ:

فَإِنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً***وَ إِنْ نُهْزَمْ فَغَیْرُ مُهَزَّمِینَا

بیان: یقال شمت السیف أغمدته و شمته سللته و هو من الأضداد(2).

ص: 83


1- 1. الدبی: أصغر الجراد، یقال: جاء الخیل كالدبی فبلغ السیل الربی.
2- 2. الاحتجاج ص 154، و قد مر مثله فی ص 8 فراجع.

«11»- فس، [تفسیر القمی] أَبِی عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَقِیَ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ كَیْفَ أَصْبَحْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ وَیْحَكَ أَ مَا آنَ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ كَیْفَ أَصْبَحْتُ أَصْبَحْنَا فِی قَوْمِنَا مِثْلَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی آلِ فِرْعَوْنَ یُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَنَا وَ یَسْتَحْیُونَ نِسَاءَنَا وَ أَصْبَحَ خَیْرُ الْبَرِیَّةِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ یُلْعَنُ عَلَی الْمَنَابِرِ وَ أَصْبَحَ عَدُوُّنَا یُعْطَی الْمَالَ وَ الشَّرَفَ وَ أَصْبَحَ مَنْ یُحِبُّنَا مَحْقُوراً مَنْقُوصاً حَقُّهُ وَ كَذَلِكَ لَمْ یَزَلِ الْمُؤْمِنُونَ وَ أَصْبَحَتِ الْعَجَمُ تَعْرِفُ لِلْعَرَبِ حَقَّهَا بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ لِقُرَیْشٍ حَقَّهَا بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحَتْ قُرَیْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَی الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَی الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحْنَا- أَهْلَ بَیْتِ مُحَمَّدٍ- لَا یُعْرَفُ لَنَا حَقٌّ فَهَكَذَا أَصْبَحْنَا.

«12»- ثو، [ثواب الأعمال] ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَیْسٍ الْمَشْرِقِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَا وَ ابْنُ عَمٍّ لِی وَ هُوَ فِی قَصْرِ بَنِی مُقَاتِلٍ فَسَلَّمْنَا عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَمِّی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الَّذِی أَرَی خِضَابٌ أَوْ شَعْرُكَ فَقَالَ خِضَابٌ وَ الشَّیْبُ إِلَیْنَا بَنِی هَاشِمٍ یُعَجِّلُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا فَقَالَ جِئْتُمَا لِنُصْرَتِی فَقُلْتُ إِنِّی رَجُلٌ كَبِیرُ السِّنِّ كَثِیرُ الدَّیْنِ كَثِیرُ الْعِیَالِ وَ فِی یَدِی بَضَائِعُ لِلنَّاسِ وَ لَا أَدْرِی مَا یَكُونُ وَ أَكْرَهُ أَنْ أُضَیِّعَ أَمَانَتِی وَ قَالَ لَهُ ابْنُ عَمِّی مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ لَنَا فَانْطَلِقَا فَلَا تَسْمَعَا لِی وَاعِیَةً وَ لَا تَرَیَا لِی سَوَاداً فَإِنَّهُ مَنْ سَمِعَ وَاعِیَتَنَا أَوْ رَأَی سَوَادَنَا فَلَمْ یُجِبْنَا وَ لَمْ یُغِثْنَا كَانَ حَقّاً عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یُكِبَّهُ عَلَی مَنْخِرَیْهِ فِی النَّارِ.

كش، [رجال الكشی] وجدت بخط محمد بن عمر السمرقندی و حدثنی بعض الثقات عن الأشعری: مثله (1).

«13»- یر، [بصائر الدرجات] أَیُّوبُ بْنُ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْحُسَیْنِ وَ تَخَلُّفَ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ

ص: 84


1- 1. رجال الكشّیّ ص 105.

عَنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ یَا حَمْزَةُ إِنِّی سَأُحَدِّثُكَ فِی هَذَا الْحَدِیثِ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ بَعْدَ مَجْلِسِنَا هَذَا إِنَّ الْحُسَیْنَ لَمَّا فَصَلَ مُتَوَجِّهاً دَعَا بِقِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی بَنِی هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَحِقَ بِی مِنْكُمْ اسْتُشْهِدَ مَعِی وَ مَنْ تَخَلَّفَ لَمْ یَبْلُغِ الْفَتْحَ وَ السَّلَامُ (1).

«14»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام خَرَجَ قَبْلَ التَّرْوِیَةِ بِیَوْمٍ إِلَی الْعِرَاقِ وَ قَدْ كَانَ دَخَلَ مُعْتَمِراً.

«15»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمُتَمَتِّعَ مُرْتَبِطٌ بِالْحَجِّ وَ الْمُعْتَمِرَ إِذَا فَرَغَ مِنْهَا ذَهَبَ حَیْثُ شَاءَ وَ قَدِ اعْتَمَرَ الْحُسَیْنُ فِی ذِی الْحِجَّةِ ثُمَّ رَاحَ یَوْمَ التَّرْوِیَةِ إِلَی الْعِرَاقِ وَ النَّاسُ یَرُوحُونَ إِلَی مِنًی وَ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِی ذِی الْحِجَّةِ لِمَنْ لَا یُرِیدُ الْحَجَ (2).

«16»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الصُّهْبَانِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ فُضَیْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَقِیصَا قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ خَلَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَنَاجَاهُ طَوِیلًا قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بِوَجْهِهِ إِلَیْهِمْ وَ قَالَ إِنَّ هَذَا یَقُولُ لِی كُنْ حَمَاماً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ وَ لَأَنْ أُقْتَلَ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَ الْحَرَمِ بَاعٌ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ شِبْرٌ وَ لَأَنْ أُقْتَلَ بِالطَّفِّ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ بِالْحَرَمِ (3).

«17»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام لَوْ جِئْتَ إِلَی مَكَّةَ فَكُنْتَ بِالْحَرَمِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَا

ص: 85


1- 1. بصائر الدرجات ص 482 من الطبعة الحدیثة.
2- 2. الكافی ج 4 ص 535 تحت الرقم 3 و 4.
3- 3. راجع كامل الزیارات الباب 23 و هكذا ما بعده.

نَسْتَحِلُّهَا وَ لَا تُسْتَحَلُّ بِنَا وَ لَأَنْ أُقْتَلَ عَلَی تَلِّ أَعْفَرَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أُقْتَلَ بِهَا.

بیان: قال الجوهری الأعفر الرمل الأحمر و الأعفر الأبیض و لیس بالشدید البیاض انتهی و قال المسعودی تل أعفر موضع من بلاد دیار ربیعة.

«18»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ التَّرْوِیَةِ بِیَوْمٍ فَشَیَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ حَضَرَ الْحَجُّ وَ تَدَعُهُ وَ تَأْتِی الْعِرَاقَ فَقَالَ یَا ابْنَ الزُّبَیْرِ لَأَنْ أُدْفَنَ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أُدْفَنَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ.

«19»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ لِأَصْحَابِهِ یَوْمَ أُصِیبُوا أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ فِی قَتْلِكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اصْبِرُوا.

مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن خاله ابن أبی الخطاب عن علی بن النعمان عن الحسین بن أبی العلا: مثله.

«20»- مل، [كامل الزیارات] الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام صَلَّی بِأَصْحَابِهِ الْغَدَاةَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ فِی قَتْلِكُمْ فَعَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ.

بیان: أی قدر قتلكم فی علمه تعالی (1).

«21»- مل، [كامل الزیارات] الْحَسَنُ عَنْ أَبِیهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی (2)

عَنْ

ص: 86


1- 1. و یحتمل أن یكون« آذن» أی أخبر بأنكم مقتولون.
2- 2. فی الأصل و هكذا فی المصدر فی هذا السند و الذی قبله تصحیفات و الصحیح ما فی الصلب، و الحسن هو الحسن بن عبد اللّٰه بن محمّد بن عیسی یروی عن أبیه عن جده محمّد ابن عیسی.

صَفْوَانَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ قَالَ قَالَ: وَ الَّذِی رُفِعَ إِلَیْهِ الْعَرْشُ لَقَدْ حَدَّثَنِی أَبُوكَ بِأَصْحَابِ الْحُسَیْنِ- لَا یَنْقُصُونَ رَجُلًا وَ لَا یَزِیدُونَ رَجُلًا تَعْتَدِی بِهِمْ هَذِهِ الْأُمَّةُ كَمَا اعْتَدَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ وَ قُتِلَ یَوْمَ السَّبْتِ یَوْمَ عَاشُورَاءَ.

أقول: هكذا وجدنا الخبر و لعله سقط منه شی ء.

«22»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ صَلَّی بِأَصْحَابِهِ یَوْمَ أُصِیبُوا ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ فِی قَتْلِكُمْ یَا قَوْمِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ اصْبِرُوا.

«23»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ وَ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ مَعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَتَبَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام مِنْ مَكَّةَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ

الرَّحِیمِ* مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَحِقَ بِی اسْتُشْهِدَ وَ مَنْ لَمْ یَلْحَقْ بِی لَمْ یُدْرِكِ الْفَتْحَ وَ السَّلَامُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَدَّثَنِی كَرَّامٌ عَبْدُ الْكَرِیمِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُیَسِّرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَتَبَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مِنْ كَرْبَلَاءَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَكَأَنَّ الدُّنْیَا لَمْ تَكُنْ وَ كَأَنَّ الْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ وَ السَّلَامُ (1).

«24»- مل، [كامل الزیارات] جَمَاعَةُ مَشَایِخِی مِنْهُمْ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَعِدَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام عَقَبَةَ الْبَطْنِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ مَا أَرَانِی إِلَّا مَقْتُولًا قَالُوا وَ مَا ذَاكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رُؤْیَا رَأَیْتُهَا فِی الْمَنَامِ قَالُوا وَ مَا هِیَ قَالَ رَأَیْتُ كِلَاباً تَنْهَشُنِی

ص: 87


1- 1. المصدر ص 75 و هكذا ما بعده.

أَشَدُّهَا عَلَیَّ كَلْبٌ أَبْقَعُ.

«25»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْخَثْعَمِیِّ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ قَالَ: وَ الَّذِی نَفْسُ حُسَیْنٍ بِیَدِهِ- لَا یَهْنِئُ بَنِی أُمَیَّةَ مُلْكُهُمْ حَتَّی یَقْتُلُونِّی وَ هُمْ قَاتِلِیَّ فَلَوْ قَدْ قَتَلُونِی لَمْ یُصَلُّوا جَمِیعاً أَبَداً وَ لَمْ یَأْخُذُوا عَطَاءً فِی سَبِیلِ اللَّهِ جَمِیعاً أَبَداً إِنَّ أَوَّلَ قَتِیلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَا وَ أَهْلُ بَیْتِی وَ الَّذِی نَفْسُ حُسَیْنٍ بِیَدِهِ- لَا تَقُومُ السَّاعَةُ وَ عَلَی الْأَرْضِ هَاشِمِیٌّ یَطْرِفُ.

مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن عیسی عن محمد بن یحیی الخزاز عن طلحة عن جعفر علیه السلام: مثله.

بیان: لعل المعنی لم یوفق الناس للصلاة جماعة(1) مع إمام الحق و لا أخذ الزكاة و حقوق اللّٰه علی ما یحب اللّٰه إلی قیام القائم علیه السلام و آخر الخبر إشارة إلی ما یصیب بنی هاشم من الفتن فی آخر الزمان.

«26»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْمُعَاذِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی الْأَصَمِّ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا هَمَّ الْحُسَیْنُ بِالشُّخُوصِ إِلَی الْمَدِینَةِ أَقْبَلَتْ نِسَاءُ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَاجْتَمَعْنَ لِلنِّیَاحَةِ حَتَّی مَشَی فِیهِنَّ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَالَ أَنْشُدُكُنَّ اللَّهَ أَنْ تُبْدِینَ هَذَا الْأَمْرَ مَعْصِیَةً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ قَالَتْ لَهُ نِسَاءُ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلِمَنْ نَسْتَبْقِی النِّیَاحَةَ وَ الْبُكَاءَ فَهُوَ عِنْدَنَا كَیَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ رُقَیَّةُ وَ زَیْنَبُ وَ أُمُّ كُلْثُومٍ فَنَنْشُدُكَ اللَّهَ جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاكَ مِنَ الْمَوْتِ فَیَا حَبِیبَ الْأَبْرَارِ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ وَ أَقْبَلَتْ بَعْضُ عَمَّاتِهِ تَبْكِی وَ تَقُولُ أَشْهَدُ یَا حُسَیْنُ لَقَدْ سَمِعْتُ الْجِنَّ نَاحَتْ بِنَوْحِكَ وَ هُمْ یَقُولُونَ:

وَ إِنَّ قَتِیلَ الطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ***أَذَلَّ رِقَاباً مِنْ قُرَیْشٍ فَذَلَّتِ

حَبِیبُ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ یَكُ فَاحِشاً***أَبَانَتْ مُصِیبَتُكَ الْأُنُوفَ وَ جَلَّتِ

ص: 88


1- 1. و الظاهر أنّه بالتخفیف من وصل یصل، أی لا یجمع اللّٰه بینهم حتّی یصل بعضهم بعضا.

وَ قُلْنَ أَیْضاً:

بَكُّوا حُسَیْناً سَیِّداً وَ لِقَتْلِهِ شَابَ الشَّعَرُ***وَ لِقَتْلِهِ زُلْزِلْتُمُ وَ لِقَتْلِهِ انْكَسَفَ الْقَمَرُ

وَ احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ مِنَ الْعَشِیَّةِ وَ السَّحَرِ***وَ تَغَیَّرَتْ شَمْسُ الْبِلَادِ بِهِمْ وَ أَظْلَمَتِ الْكُوَرُ

ذَاكَ ابْنُ فَاطِمَةَ الْمُصَابُ بِهِ الْخَلَائِقُ وَ الْبَشَرُ***أَوْرَثْتَنَا ذُلًّا بِهِ جَدَعَ الْأُنُوفَ مَعَ الْغُرَرِ(1)

«27»- یج، [الخرائج و الجرائح]: مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ الْعِرَاقَ قَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ- لَا تَخْرُجْ إِلَی الْعِرَاقِ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُ یُقْتَلُ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ وَ عِنْدِی تُرْبَةٌ دَفَعَهَا إِلَیَّ فِی قَارُورَةٍ فَقَالَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَقْتُولٌ كَذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ أَخْرُجْ إِلَی الْعِرَاقِ یَقْتُلُونِی أَیْضاً وَ إِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أراك [أُرِیَكِ] مَضْجَعِی وَ مَصْرَعَ أَصْحَابِی ثُمَّ مَسَحَ بِیَدِهِ عَلَی وَجْهِهَا فَفَسَحَ اللَّهُ عَنْ بَصَرِهَا حَتَّی رَأَیَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَ أَخَذَ تُرْبَةً فَأَعْطَاهَا مِنْ تِلْكَ التُّرْبَةِ أَیْضاً فِی قَارُورَةٍ أُخْرَی وَ قَالَ علیه السلام إِذَا فَاضَتْ دَماً فَاعْلَمِی أَنِّی قُتِلْتُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ عَاشُورَاءَ نَظَرْتُ إِلَی الْقَارُورَتَیْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَإِذَا هُمَا قَدْ فَاضَتَا دَماً فَصَاحَتْ (2) وَ لَمْ یُقَلَّبْ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ حَجَرٌ وَ لَا مَدَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ.

وَ مِنْهَا مَا رُوِیَ عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ الْحُسَیْنُ فِی صَبِیحَتِهَا قَامَ فِی أَصْحَابِهِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ هَؤُلَاءِ یُرِیدُونِّی دُونَكُمْ وَ لَوْ قَتَلُونِی لَمْ یَصِلُوا إِلَیْكُمْ فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ وَ أَنْتُمْ فِی حِلٍّ فَإِنَّكُمْ إِنْ أَصْبَحْتُمْ مَعِی قُتِلْتُمْ كُلُّكُمْ فَقَالُوا لَا نَخْذُلُكَ وَ لَا نَخْتَارُ الْعَیْشَ بَعْدَكَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّكُمْ تُقْتَلُونَ كُلُّكُمْ حَتَّی لَا یُفْلِتَ مِنْكُمْ أَحَدٌ فَكَانَ كَمَا قَالَ علیه السلام.

«28»- شا، [الإرشاد] رَوَی سُفْیَانُ بْنُ عُیَیْنَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام

ص: 89


1- 1. كامل الزیارات ص 97 و 98.
2- 2. فصحت ظ.

قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْحُسَیْنِ فَمَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَ مَا ارْتَحَلَ مِنْهُ إِلَّا ذَكَرَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا وَ قَتْلَهُ وَ قَالَ یَوْماً وَ مِنْ هَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ رَأْسَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا أُهْدِیَ إِلَی بَغِیٍّ مِنْ بَغَایَا بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ مَضَی الْحُسَیْنُ علیه السلام فِی یَوْمِ السَّبْتِ الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَی وَ سِتِّینَ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْهُ قَتِیلًا مَظْلُوماً ظَمْآنَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَ سِنُّهُ یَوْمَئِذٍ ثَمَانٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً أَقَامَ بِهَا مَعَ جَدِّهِ سَبْعَ سِنِینَ وَ مَعَ أَبِیهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ثَلَاثِینَ سَنَةً(1) وَ مَعَ أَخِیهِ الْحَسَنِ عَشْرَ سِنِینَ وَ كَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ بَعْدَ أَخِیهِ إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً وَ كَانَ علیه السلام یَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَ الْكَتَمِ وَ قُتِلَ علیه السلام وَ قَدْ نَصَلَ (2) الْخِضَابُ مِنْ عَارِضَیْهِ (3).

«29»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام: وَ لَمَّا امْتُحِنَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ مَنْ مَعَهُ بِالْعَسْكَرِ الَّذِینَ قَتَلُوهُ وَ حَمَلُوا رَأْسَهُ قَالَ لِعَسْكَرِهِ أَنْتُمْ فِی حِلٍّ مِنْ بَیْعَتِی فَالْحَقُوا بِعَشَائِرِكُمْ وَ مَوَالِیكُمْ وَ قَالَ لِأَهْلِ بَیْتِهِ قَدْ جَعَلْتُكُمْ فِی حِلٍّ مِنْ مُفَارَقَتِی فَإِنَّكُمْ لَا تُطِیقُونَهُمْ لِتَضَاعُفِ أَعْدَادِهِمْ وَ قُوَاهُمْ وَ مَا الْمَقْصُودُ غَیْرِی فَدَعُونِی وَ الْقَوْمَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُعِینُنِی وَ لَا یُخَلِّینِی مِنْ حُسْنِ نَظَرِهِ كَعَادَاتِهِ فِی أَسْلَافِنَا الطَّیِّبِینَ فَأَمَّا عَسْكَرُهُ فَفَارَقُوهُ وَ أَمَّا أَهْلُهُ الْأَدْنَوْنَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَأَبَوْا وَ قَالُوا- لَا نُفَارِقُكَ وَ یَحْزُنُنَا مَا یَحْزُنُكَ وَ یُصِیبُنَا مَا یُصِیبُكَ وَ إِنَّا أَقْرَبُ مَا نَكُونُ إِلَی اللَّهِ إِذَا كُنَّا مَعَكَ فَقَالَ لَهُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ وَطَّنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَی مَا وَطَّنْتُ نَفْسِی عَلَیْهِ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا یَهَبُ الْمَنَازِلَ الشَّرِیفَةَ لِعِبَادِهِ بِاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ وَ أَنَّ اللَّهَ وَ إِنْ كَانَ خَصَّنِی مَعَ مَنْ مَضَی مِنْ أَهْلِیَ الَّذِینَ أَنَا آخِرُهُمْ بَقَاءً فِی الدُّنْیَا مِنَ الْكَرَامَاتِ بِمَا یَسْهُلُ عَلَیَّ مَعَهَا احْتِمَالُ الْمَكْرُوهَاتِ فَإِنَّ لَكُمْ شَطْرَ ذَلِكَ مِنْ كَرَامَاتِ اللَّهِ تَعَالَی

ص: 90


1- 1. فی المصدر: سبعا و ثلاثین سنة و مع أخیه الحسن سبع و أربعین سنة.
2- 2. نصل الخضاب أی خرج.
3- 3. كتاب الإرشاد ص 236.

وَ اعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْیَا حُلْوَهَا وَ مُرَّهَا حُلُمٌ وَ الِانْتِبَاهَ فِی الْآخِرَةِ وَ الْفَائِزُ مَنْ فَازَ فِیهَا وَ الشَّقِیُّ مَنْ شَقِیَ فِیهَا.

أقول: تمامه فی أبواب أحوال آدم علیه السلام.

«30»- كِتَابُ النَّوَادِرِ لِعَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَوَاهُ قَالَ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَبِی مَبْطُوناً یَوْمَ قُتِلَ أَبُوهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ كَانَ فِی الْخَیْمَةِ وَ كُنْتُ أَرَی مَوَالِیَنَا كَیْفَ یَخْتَلِفُونَ مَعَهُ یُتْبِعُونَهُ بِالْمَاءِ یَشُدُّ عَلَی الْمَیْمَنَةِ مَرَّةً وَ عَلَی الْمَیْسَرَةِ مَرَّةً وَ عَلَی الْقَلْبِ مَرَّةً وَ لَقَدْ قَتَلُوهُ قَتْلَةً نَهَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُقْتَلَ بِهَا الْكِلَابُ لَقَدْ قُتِلَ بِالسَّیْفِ وَ السِّنَانِ وَ بِالْحِجَارَةِ وَ بِالْخَشَبِ وَ بِالْعَصَا وَ لَقَدْ أَوْطَئُوهُ الْخَیْلَ بَعْدَ ذَلِكَ.

«31»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ وَ أُمُّ سَلَمَةَ: أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ دَخَلَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَیْنَ یَدَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَجَعَلَا یَدُورَانِ حَوْلَهُ یُشَبِّهَانِهِ بِدِحْیَةَ الْكَلْبِیِّ فَجَعَلَ جَبْرَئِیلُ یُومِئُ بِیَدِهِ كَالْمُتَنَاوِلِ شَیْئاً فَإِذَا فِی یَدِهِ تُفَّاحَةٌ وَ سَفَرْجَلَةٌ وَ رُمَّانَةٌ فَنَاوَلَهُمَا وَ تَهَلَّلَتْ وُجُوهُهُمَا وَ سَعَیَا إِلَی جَدِّهِمَا فَأَخَذَ مِنْهُمَا فَشَمَّهَا ثُمَّ قَالَ صِیرَا إِلَی أُمِّكُمَا بِمَا مَعَكُمَا وَ بُدُوُّكُمَا بِأَبِیكُمَا أَعْجَبُ فَصَارَا كَمَا أَمَرَهُمَا فَلَمْ یَأْكُلُوا حَتَّی صَارَ النَّبِیُّ إِلَیْهِمْ فَأَكَلُوا جَمِیعاً فَلَمْ یَزَلْ كُلَّمَا أَكَلَ مِنْهُ عَادَ إِلَی مَا كَانَ حَتَّی قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَلَمْ یَلْحَقْهُ التَّغْیِیرُ وَ النُّقْصَانُ أَیَّامَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّی تُوُفِّیَتْ فَلَمَّا تُوُفِّیَتْ فَقَدْنَا الرُّمَّانَ وَ بَقِیَ التُّفَّاحُ وَ السَّفَرْجَلُ أَیَّامَ أَبِی فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فُقِدَ السَّفَرْجَلُ وَ بَقِیَ التُّفَّاحُ عَلَی هَیْئَتِهِ عِنْدَ الْحَسَنِ حَتَّی مَاتَ فِی سَمِّهِ وَ بَقِیَتِ التُّفَّاحَةُ إِلَی الْوَقْتِ الَّذِی حُوصِرْتُ عَنِ الْمَاءِ فَكُنْتُ أَشَمُّهَا إِذَا عَطِشْتُ فَیَسْكُنُ لَهَبُ عَطَشِی فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَیَّ الْعَطَشُ عَضَضْتُهَا وَ أَیْقَنْتُ بِالْفَنَاءِ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام سَمِعْتُهُ یَقُولُ ذَلِكَ قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِسَاعَةٍ فَلَمَّا قَضَی نَحْبَهُ وُجِدَ رِیحُهَا فِی مَصْرَعِهِ فَالْتَمَسْتُ فَلَمْ یُرَ لَهَا أَثَرٌ فَبَقِیَ رِیحُهَا بَعْدَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ لَقَدْ زُرْتُ قَبْرَهُ فَوَجَدْتُ رِیحَهَا یَفُوحُ مِنْ قَبْرِهِ فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ مِنْ شِیعَتِنَا الزَّائِرِینَ لِلْقَبْرِ

ص: 91

فَلْیَلْتَمِسْ ذَلِكَ فِی أَوْقَاتِ السَّحَرِ فَإِنَّهُ یَجِدُهُ إِذَا كَانَ مُخْلِصاً(1).

«32»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: أَنْشَأَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَوْمَ الطَّفِّ كَفَرَ الْقَوْمُ وَ قِدْماً رَغِبُوا إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ مِنَ الْأَبْیَاتِ وَ زَادَ فِیمَا بَیْنَهَا:

فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ أُمِّی وَ أَبِی***وَارِثُ الرُّسْلِ مَوْلَی الثَّقَلَیْنِ

طَحَنَ الْأَبْطَالَ لَمَّا بَرَزُوا***یَوْمَ بَدْرٍ وَ بِأُحُدٍ وَ حُنَیْنٍ

وَ أَخُو خَیْبَرَ إِذْ بَارَزَهُمْ***بِحُسَامٍ صَارِمٍ ذِی شَفْرَتَیْنِ

وَ الَّذِی أَرْدَی جُیُوشاً أَقْبَلُوا***یَطْلُبُونَ الْوِتْرَ فِی یَوْمِ حُنَیْنٍ

مَنْ لَهُ عَمٌّ كَعَمِّی جَعْفَرٍ***وَهَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْنِحَتَیْنِ

جَدِّیَ الْمُرْسَلُ مِصْبَاحُ الْهُدَی***وَ أَبِی الْمُوفِی لَهُ بِالْبَیْعَتَیْنِ

بَطَلٌ قَرْمٌ هِزَبْرٌ ضَیْغَمٌ***مَاجِدٌ سَمِحٌ قَوِیُّ السَّاعِدَیْنِ

عُرْوَةُ الدِّینِ عَلِیٌّ ذَا كُمُ***صَاحِبُ الْحَوْضِ مُصَلِّی الْقِبْلَتَیْنِ

مَعَ رَسُولِ اللَّهِ سَبْعاً كَامِلًا***مَا عَلَی الْأَرْضِ مُصَلٍّ غَیْرَ ذَیْنِ

تَرَكَ الْأَوْثَانَ لَمْ یَسْجُدْ لَهَا***مَعَ قُرَیْشٍ مُذْ نَشَا طَرْفَةَ عَیْنٍ

وَ أَبِی كَانَ هِزَبْراً ضَیْغَماً***یَأْخُذُ الرُّمْحَ فَیَطْعَنُ طَعْنَتَیْنِ

كَتَمَشِّی الْأُسْدِ بَغْیاً فَسُقُوا***كَأْسَ حَتْفٍ مِنْ نَجِیعِ الْحَنْظَلَیْنِ (2).

33- كش، [رجال الكشی] جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ الزُّبَیْرِ قَالَ: مَرَّ مِیثَمٌ التَّمَّارُ عَلَی فَرَسٍ لَهُ فَاسْتَقْبَلَ حَبِیبَ بْنَ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِیَّ عِنْدَ مَجْلِسِ بَنِی أَسَدٍ فَتَحَدَّثَا حَتَّی اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ فَرَسَیْهِمَا ثُمَّ قَالَ حَبِیبٌ لَكَأَنِّی بِشَیْخٍ أَصْلَعَ ضَخْمِ الْبَطْنِ یَبِیعُ الْبِطِّیخَ عِنْدَ دَارِ الرِّزْقِ قَدْ صُلِبَ فِی حُبِّ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ علیهم السلام وَ یُبْقَرُ بَطْنُهُ عَلَی الْخَشَبَةِ

ص: 92


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 3 ص 391.
2- 2. المصدر ج 4 ص 79.

فَقَالَ مِیثَمٌ وَ إِنِّی لَأَعْرِفُ رَجُلًا أَحْمَرَ لَهُ ضَفِیرَتَانِ یَخْرُجُ لِنُصْرَةِ ابْنِ بِنْتِ نَبِیِّهِ وَ یُقْتَلُ وَ یُجَالُ بِرَأْسِهِ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ افْتَرَقَا فَقَالَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ مَا رَأَیْنَا أَحَداً أَكْذَبَ مِنْ هَذَیْنِ قَالَ فَلَمْ یَفْتَرِقْ أَهْلُ الْمَجْلِسِ حَتَّی أَقْبَلَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ فَطَلَبَهُمَا فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَجْلِسِ عَنْهُمَا فَقَالُوا افْتَرَقَا وَ سَمِعْنَاهُمَا یَقُولَانِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ رُشَیْدٌ رَحِمَ اللَّهُ مِیثَماً نَسِیَ وَ یُزَادُ فِی عَطَاءِ الَّذِی یَجِی ءُ بِالرَّأْسِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ الْقَوْمُ هَذَا وَ اللَّهِ أَكْذَبُهُمْ فَقَالَ الْقَوْمُ وَ اللَّهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَیَّامُ وَ اللَّیَالِی حَتَّی رَأَیْنَاهُ مَصْلُوباً عَلَی بَابِ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ وَ جِی ءَ بِرَأْسِ حَبِیبِ بْنِ مُظَاهِرٍ وَ قَدْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَیْنِ وَ رَأَیْنَا كُلَّ مَا قَالُوا وَ كَانَ حَبِیبٌ مِنَ السَّبْعِینَ الرِّجَالِ الَّذِینَ نَصَرُوا الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ لَقُوا جِبَالَ الْحَدِیدِ وَ اسْتَقْبَلُوا الرِّمَاحَ بِصُدُورِهِمْ وَ السُّیُوفَ بِوُجُوهِهِمْ وَ هُمْ یُعْرَضُ عَلَیْهِمُ الْأَمَانُ وَ الْأَمْوَالُ فَیَأْبَوْنَ فَیَقُولُونَ لَا عُذْرَ لَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِنْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ مِنَّا عَیْنٌ تَطْرِفُ حَتَّی قُتِلُوا حَوْلَهُ وَ لَقَدْ مَزَحَ حَبِیبُ بْنُ مُظَاهِرٍ الْأَسَدِیُّ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ بْنُ حُصَیْنٍ الْهَمْدَانِیُّ وَ كَانَ یُقَالُ لَهُ سَیِّدُ الْقُرَّاءِ یَا أَخِی لَیْسَ هَذِهِ بِسَاعَةِ ضَحِكٍ قَالَ فَأَیُّ مَوْضِعٍ أَحَقُّ مِنْ هَذَا بِالسُّرُورِ وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَمِیلَ عَلَیْنَا هَذِهِ الطَّغَامُ بِسُیُوفِهِمْ فَنُعَانِقَ الْحُورَ الْعِینَ.

قال الكشی هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخرة الكوفة و البصرة(1).

توضیح: قوله اختلفت أعناق فرسیهما أی كانت تجی ء و تذهب و تتقدم و تتأخر كما هو شأن الفرس الذی یرید صاحبه أن یقف و هو یمتنع أو المعنی حاذی عنقاهما علی الخلاف و البقر الشق و الضفیرة العقیصة یقال ضفرت المرأة شعرها(2).

«34»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَیْبَةَ قَالَ: لَقِیَ رَجُلٌ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام بِالثَّعْلَبِیَّةِ وَ هُوَ یُرِیدُ كَرْبَلَاءَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ

ص: 93


1- 1. رجال الكشّیّ ص 73 و 74.
2- 2. أی نسجها و فتلها.

فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ أَیِّ الْبِلَادِ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ یَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ لَوْ لَقِیتُكَ بِالْمَدِینَةِ لَأَرَیْتُكَ أَثَرَ جَبْرَئِیلَ علیه السلام مِنْ دَارِنَا وَ نُزُولِهِ بِالْوَحْیِ عَلَی جَدِّی یَا أَخَا أَهْلِ الْكُوفَةِ أَ فَمُسْتَقَی النَّاسِ الْعِلْمَ مِنْ عِنْدِنَا فَعَلِمُوا وَ جَهِلْنَا هَذَا مَا لَا یَكُونُ (1).

«35»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ صَفْوَانَ عَنْ یُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أُصِیبَ الْحُسَیْنُ وَ عَلَیْهِ جُبَّةُ خَزٍّ.

«36»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ عَلَیْهِ جُبَّةُ خَزٍّ دَكْنَاءُ فَوَجَدُوا فِیهَا ثَلَاثَةً وَ سِتِّینَ مِنْ بَیْنِ ضَرْبَةٍ بِسَیْفٍ أَوْ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ أَوْ رَمْیَةٍ بِسَهْمٍ (2).

«37»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ بِالْوَسِمَةِ(3).

«38»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنِ الْخِضَابِ بِالْوَسِمَةِ فَقَالَ لَا بَأْسَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ بِالْوَسِمَةِ.

«39»- كا، [الكافی] الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ الْهَاشِمِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ عُبَیْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عِیسَی أَخُوهُ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَ مَا یَقُولُ النَّاسُ فِیهِ فَقَالَ عَنْ صَوْمِ ابْنِ مَرْجَانَةَ تَسْأَلُنِی ذَلِكَ یَوْمٌ صَامَهُ الْأَدْعِیَاءُ مِنْ آلِ زِیَادٍ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هُوَ یَوْمٌ یَتَشَاءَمُ بِهِ آلُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَتَشَاءَمُ بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَ الْیَوْمُ الَّذِی یَتَشَاءَمُ بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ لَا یُصَامُ وَ لَا یُتَبَرَّكُ بِهِ وَ یَوْمُ الْإِثْنَیْنِ یَوْمُ نَحْسٍ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ

ص: 94


1- 1. الكافی ج 1 ص 398 و 399.
2- 2. الكافی باب لبس الخز من كتاب الزی و التجمل الرقم 3.
3- 3. المصدر باب السواد و الوسمة الرقم 5 و 6.

فِیهِ نَبِیَّهُ وَ مَا أُصِیبَ آلُ مُحَمَّدٍ إِلَّا فِی یَوْمِ الْإِثْنَیْنِ فَتَشَاءَمْنَا بِهِ وَ تَتَبَرَّكُ بِهِ عَدُوُّنَا وَ یَوْمُ عَاشُورَاءَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ تَبَرَّكَ بِهِ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَ تَشَاءَمَ بِهِ آلُ مُحَمَّدٍ فَمَنْ صَامَهُمَا أَوْ تَبَرَّكَ بِهِمَا لَقِیَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مَمْسُوخَ الْقَلْبِ وَ كَانَ مَحْشَرُهُ مَعَ الَّذِینَ سَنُّوا صَوْمَهُمَا وَ التَّبَرُّكَ بِهِمَا.

«40»- كا، [الكافی] عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ صَوْمِ تَاسُوعَا وَ عَاشُورَاءَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ تَاسُوعَا یَوْمٌ حُوصِرَ فِیهِ الْحُسَیْنُ وَ أَصْحَابُهُ بِكَرْبَلَاءَ وَ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ خَیْلُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَنَاخُوا عَلَیْهِ وَ فَرِحَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِتَوَافُرِ الْخَیْلِ وَ كَثْرَتِهَا وَ اسْتَضْعَفُوا فِیهِ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ أَصْحَابَهُ وَ أَیْقَنُوا أَنَّهُ لَا یَأْتِی الْحُسَیْنَ نَاصِرٌ وَ لَا یُمِدُّهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَبِی الْمُسْتَضْعَفَ الْغَرِیبَ ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا یَوْمُ عَاشُورَاءَ فَیَوْمٌ أُصِیبَ فِیهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام صَرِیعاً بَیْنَ أَصْحَابِهِ وَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ صَرْعَی عُرَاةً أَ فَصَوْمٌ یَكُونُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ كَلَّا وَ رَبِّ الْبَیْتِ الْحَرَامِ مَا هُوَ یَوْمَ صَوْمٍ وَ مَا هُوَ إِلَّا یَوْمُ حُزْنٍ وَ مُصِیبَةٍ دَخَلَتْ عَلَی أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ جَمِیعِ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَوْمُ فَرَحٍ وَ سُرُورٍ لِابْنِ مَرْجَانَةَ وَ آلِ زِیَادٍ وَ أَهْلِ الشَّامِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ عَلَی ذُرِّیَّاتِهِمْ وَ ذَلِكَ یَوْمٌ بَكَتْ جَمِیعُ بِقَاعِ الْأَرْضِ خَلَا بُقْعَةِ الشَّامِ فَمَنْ صَامَهُ أَوْ تَبَرَّكَ بِهِ حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَ آلِ زِیَادٍ مَمْسُوخَ الْقَلْبِ مَسْخُوطاً عَلَیْهِ وَ مَنِ اذَّخَرَ إِلَی مَنْزِلِهِ ذَخِیرَةً أَعْقَبَهُ اللَّهُ تَعَالَی نِفَاقاً فِی قَلْبِهِ إِلَی یَوْمِ یَلْقَاهُ وَ انْتَزَعَ الْبَرَكَةَ عَنْهُ وَ عَنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ وُلْدِهِ وَ شَارَكَهُ الشَّیْطَانُ فِی جَمِیعِ ذَلِكَ (1).

«41»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ الْقَزْوِینِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ یَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ ذَاكَ یَوْمُ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنْ كُنْتَ شَامِتاً فَصُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ آلَ أُمَیَّةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ عَلَی قَتْلِ الْحُسَیْنِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ

ص: 95


1- 1. الكافی باب صوم عرفة و عاشوراء تحت الرقم 5 و 7.

نَذَرُوا نَذْراً إِنْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ سَلِمَ مَنْ خَرَجَ إِلَی الْحُسَیْنِ وَ صَارَتِ الْخِلَافَةُ فِی آلِ أَبِی سُفْیَانَ أَنْ یَتَّخِذُوا ذَلِكَ الْیَوْمَ عِیداً لَهُمْ یَصُومُونَ فِیهِ شُكْراً فَصَارَتْ فِی آلِ أَبِی سُفْیَانَ سُنَّةً إِلَی الْیَوْمِ فِی النَّاسِ وَ اقْتَدَی بِهِمُ النَّاسُ جَمِیعاً لِذَلِكَ فَلِذَلِكَ یَصُومُونَهُ وَ یُدْخِلُونَ عَلَی عِیَالاتِهِمْ وَ أَهَالِیهِمُ الْفَرَحَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ الْخَبَرَ(1).

«42»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ سُلَیْمَانَ كَاتِبِ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ شَرِكَ فِی دَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ابْنَتُهُ جَعْدَةُ سَمَّتِ الْحَسَنَ علیه السلام وَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ شَرِكَ فِی دَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام(2).

تذنیب

قال السید رحمه اللّٰه فی كتاب تنزیه الأنبیاء فإن قیل ما العذر فی خروجه صلوات اللّٰه علیه من مكة بأهله و عیاله إلی الكوفة و المستولی علیها أعداؤه و المتأمر فیها من قبل یزید اللعین یتسلط الأمر و النهی (3)

و قد رأی صنع أهل الكوفة بأبیه و أخیه صلوات اللّٰه علیهما و أنهم غادرون خوانون و كیف خالف ظنه ظن جمیع نصحائه فی الخروج و ابن عباس رحمه اللّٰه یشیر بالعدول عن الخروج و یقطع علی العطب فیه و ابن عمر لما ودعه علیه السلام یقول له أستودعك اللّٰه من قتیل إلی غیر ذلك ممن تكلم فی هذا الباب.

ثم لما علم بقتل مسلم بن عقیل و قد أنفذه رائدا له كیف لم یرجع و یعلم الغرور من القوم و یفطن بالحیلة و المكیدة ثم كیف استجاز أن یحارب بنفر قلیل لجموع عظیمة خلفها مواد لها كثیرة ثم لما عرض علیه ابن زیاد الأمان و أن یبایع یزید كیف لم یستجب حقنا لدمه و دماء من معه من أهله و شیعته و موالیه و لم ألقی بیده إلی التهلكة و بدون هذا الخوف سلم أخوه الحسن علیه السلام الأمر إلی معاویة فكیف یجمع بین فعلیهما فی الصحة.

ص: 96


1- 1. أمالی الشیخ ص 61.
2- 2. الكافی ج 8( كتاب الروضة) ص 167.
3- 3. منبسط الامر و النهی. خ.

الجواب قلنا قد علمنا أن الإمام متی غلب علی ظنه أنه یصل إلی حقه و القیام بما فوض إلیه بضرب من الفعل وجب علیه ذلك و إن كان فیه ضرب من المشقة یتحمل مثلها و سیدنا أبو عبد اللّٰه علیه السلام لم یسر طالبا الكوفة إلا بعد توثق من القوم و عهود و عقود و بعد أن كاتبوه علیه السلام طائعین غیر مكرهین و مبتدئین غیر مجیبین و قد كانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة و أشرافها و قرائها تقدمت إلیه فی أیام معاویة و بعد الصلح الواقع بینه و بین الحسن علیه السلام فدفعهم و قال فی الجواب ما وجب ثم كاتبوه بعد وفاة الحسن علیه السلام و معاویة باق فوعدهم و مناهم و كانت أیام معاویة صعبة لا یطمع فی مثلها.

فلما مضی معاویة و أعادوا المكاتبة و بذلوا الطاعة و كرروا الطلب و الرغبة و رأی علیه السلام من قوتهم علی ما كان یلیهم فی الحال من قبل یزید و تسلطهم علیه و ضعفه عنهم ما قوی فی ظنه أن المسیر هو الواجب تعین علیه ما فعله من الاجتهاد و التسبب و لم یكن فی حسبانه علیه السلام أن القوم یغدر بعضهم و یضعف أهل الحق عن نصرته و یتفق ما اتفق من الأمور الغریبة فإن مسلم بن عقیل لما دخل الكوفة أخذ البیعة علی أكثر أهلها.

و لما وردها عبید اللّٰه بن زیاد و قد سمع بخبر مسلم و دخوله الكوفة و حصوله فی دار هانئ بن عروة المرادی علی ما شرح فی السیرة و حصل شریك بن الأعور بها جاء ابن زیاد عائدا و قد كان شریك وافق مسلم بن عقیل علی قتل ابن زیاد عند حضوره لعیادة شریك و أمكنه ذلك و تیسر له فما فعل و اعتذر بعد فوت الأمر إلی شریك بأن ذلك فتك و

أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال: إن الإیمان قید الفتك (1).

و لو كان فعل مسلم من قتل ابن زیاد ما تمكن منه و وافقه شریك علیه لبطل الأمر و دخل الحسین علیه السلام الكوفة غیر مدافع عنها و حسر كل أحد قناعه فی نصرته و اجتمع له من كان فی قلبه نصرته و ظاهره مع أعدائه.

و قد كان مسلم بن عقیل أیضا لما حبس ابن زیاد هانئا سار إلیه فی جماعة من

ص: 97


1- 1. مر ذكر الحدیث فی ج 44 ص 344 فراجع.

أهل الكوفة حتی حضره فی قصره و أخذ بكظمه و أغلق ابن زیاد الأبواب دونه خوفا و جبنا حتی بث الناس فی كل وجه یرغبون الناس و یرهبونهم و یخذلونهم عن نصرة ابن عقیل فتقاعدوا و تفرق أكثرهم حتی أمسی فی شرذمة و انصرف و كان من أمره ما كان.

و إنما أردنا بذكر هذه الجملة أن أسباب الظفر بالأعداء كانت لائحة متوجهة و أن الاتفاق السیئ عكس الأمر إلی ما یروون من صبره و استسلامه و قلة ناصره علی الرجوع إلی الحق دینا أو حمیة فقد فعل ذلك نفر منهم حتی قتلوا بین یدیه علیه السلام شهداء و مثل هذا یطمع فیه و یتوقع فی أحوال الشدة. فأما الجمع بین فعله و فعل أخیه الحسن علیه السلام فواضح صحیح لأن أخاه سلم كفا للفتنة و خوفا علی نفسه و أهله و شیعته و إحساسا بالغدر من أصحابه و هذا علیه السلام لما قوی فی ظنه النصرة ممن كاتبه و وثق له و رأی من أسباب قوة نصار الحق و ضعف نصار الباطل ما وجب معه علیه الطلب و الخروج فلما انعكس ذلك و ظهرت أمارات الغدر فیه و سوء الاتفاق رام الرجوع و المكافة و التسلیم كما فعل أخوه علیه السلام فمنع من ذلك و حیل بینه و بینه فالحالان متفقان إلا أن التسلیم و المكافة عند ظهور أسباب الخوف لم یقبلا منه علیه السلام و لم یجب إلی الموادعة و طلبت نفسه علیه السلام فمنع منها بجهده حتی مضی كریما إلی جنة اللّٰه تعالی و رضوانه و هذا واضح لمتأمله انتهی.

أقول: قد مضی فی كتاب الإمامة و كتاب الفتن أخبار كثیرة دالة علی أن كلا منهم علیه السلام كان مأمورا بأمور خاصة مكتوبة فی الصحف السماویة النازلة علی الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فهم كانوا یعملون بها و لا ینبغی قیاس الأحكام المتعلقة بهم علی أحكامنا و بعد الاطلاع علی أحوال الأنبیاء علیهم السلام و إن كثیرا منهم كانوا یبعثون فرادی علی ألوف من الكفرة و یسبون آلهتهم و یدعونهم إلی دینهم و لا یبالون بما ینالهم من المكاره و الضرب و الحبس و القتل و الإلقاء فی النار و غیر ذلك لا ینبغی الاعتراض علی أئمة الدین فی أمثال ذلك مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهین

ص: 98

و النصوص المتواترة لا مجال للاعتراض علیهم بل یجب التسلیم لهم فی كل ما یصدر عنهم.

علی أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنه علیه السلام فدی نفسه المقدسة دین جده و لم یتزلزل أركان دول بنی أمیة إلا بعد شهادته و لم یظهر للناس كفرهم و ضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته و لو كان علیه السلام یسالمهم و یوادعهم كان یقوی سلطانهم و یشتبه علی الناس أمرهم فیعود بعد حین أعلام الدین طامسة و آثار الهدایة مندرسة مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنه علیه السلام هرب من المدینة خوفا من القتل إلی مكة و كذا خرج من مكة بعد ما غلب علی ظنه أنهم یریدون غیلته و قتله حتی لم یتیسر له فداه نفسی و أبی

و أمی و ولدی أن یتم حجة فتحلل و خرج مِنْها خائِفاً یَتَرَقَّبُ و قد كانوا لعنهم اللّٰه ضیقوا علیه جمیع الأقطار و لم یتركوا له موضعا للفرار.

و لقد رأیت فی بعض الكتب المعتبرة(1)

أن یزید أنفذ عمرو بن سعید بن العاص فی عسكر عظیم و ولاه أمر الموسم و أمره علی الحاج كلهم و كان قد أوصاه بقبض الحسین علیه السلام سرا و إن لم یتمكن منه بقتله غیلة ثم إنه دس مع الحاج فی تلك السنة ثلاثین رجلا من شیاطین بنی أمیة و أمرهم بقتل الحسین علیه السلام علی أی حال اتفق فلما علم الحسین علیه السلام بذلك حل من إحرام الحج و جعلها عمرة مفردة.

وَ قَدْ رُوِیَ بِأَسَانِیدَ: أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَهُ علیه السلام مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَی الْكُوفَةِ قَالَ وَ اللَّهِ یَا أَخِی لَوْ كُنْتُ فِی جُحْرِ هَامَّةٍ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ- لَاسْتَخْرَجُونِی مِنْهُ حَتَّی یَقْتُلُونِّی.

بل الظاهر أنه صلوات اللّٰه علیه لو كان یسالمهم و یبایعهم لا یتركونه لشدة عداوتهم و كثرة وقاحتهم بل كانوا یغتالونه بكل حیلة و یدفعونه بكل وسیلة و إنما كانوا یعرضون البیعة علیه أولا لعلمهم بأنه لا یوافقهم فی ذلك أ لا تری

ص: 99


1- 1. كما فی المنتخب ص 304.

إلی مروان لعنه اللّٰه كیف كان یشیر علی والی المدینة بقتله قبل عرض البیعة علیه و كان عبید اللّٰه بن زیاد علیه لعائن اللّٰه إلی یوم التناد یقول اعرضوا علیه فلینزل علی أمرنا ثم نری فیه رأینا أ لا تری كیف أمنوا مسلما ثم قتلوه.

فأما معاویة فإنه مع شدة عداوته و بغضه لأهل البیت علیهم السلام كان ذا دهاء و نكراء حزم و كان یعلم أن قتلهم علانیة یوجب رجوع الناس عنه و ذهاب ملكه و خروج الناس علیه فكان یداریهم ظاهرا علی أی حال و لذا صالحه الحسن علیه السلام و لم یتعرض له الحسین و لذلك كان یوصی ولده اللعین بعدم التعرض للحسین علیه السلام لأنه كان یعلم أن ذلك یصیر سببا لذهاب دولته.

اللّٰهم العن كل من ظلم أهل بیت نبیك و قتلهم و أعان علیهم و رضی بما جری علیهم من الظلم و الجور لعنا وبیلا و عذبهم عذابا ألیما و اجعلنا من خیار شیعة آل محمد و أنصارهم و الطالبین بثأرهم مع قائمهم صلوات اللّٰه علیهم أجمعین.

باب 38 شهادة ولدی مسلم الصغیرین رضی اللّٰه عنهما

«1»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ رَجَا عَنْ عَلِیِّ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ شَیْخٍ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أُسِرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ غُلَامَانِ صَغِیرَانِ فَأُتِیَ بِهِمَا عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ فَدَعَا سَجَّاناً لَهُ فَقَالَ خُذْ هَذَیْنِ الْغُلَامَیْنِ إِلَیْكَ فَمِنْ طَیِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمْهُمَا وَ مِنَ الْبَارِدِ فَلَا تَسْقِهِمَا وَ ضَیِّقْ عَلَیْهِمَا سِجْنَهُمَا وَ كَانَ الْغُلَامَانِ یَصُومَانِ النَّهَارَ فَإِذَا جَنَّهُمَا اللَّیْلُ أُتِیَا بِقُرْصَیْنِ مِنْ شَعِیرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ.

ص: 100

فَلَمَّا طَالَ بِالْغُلَامَیْنِ الْمَكْثُ حَتَّی صَارَا فِی السَّنَةِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ یَا أَخِی قَدْ طَالَ بِنَا مَكْثُنَا وَ یُوشِكُ أَنْ تَفْنَی أَعْمَارُنَا وَ تَبْلَی أَبْدَانُنَا فَإِذَا جَاءَ الشَّیْخُ فَأَعْلِمْهُ مَكَانَنَا وَ تَقَرَّبْ إِلَیْهِ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَلَّهُ یُوَسِّعُ عَلَیْنَا فِی طَعَامِنَا وَ یَزِیدُنَا فِی شَرَابِنَا.

فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّیْلُ أَقْبَلَ الشَّیْخُ إِلَیْهِمَا بِقُرْصَیْنِ مِنْ شَعِیرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ الصَّغِیرُ یَا شَیْخُ أَ تَعْرِفُ مُحَمَّداً قَالَ فَكَیْفَ لَا أَعْرَفُ مُحَمَّداً وَ هُوَ نَبِیِّی قَالَ أَ فَتَعْرِفُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ قَالَ وَ كَیْفَ لَا أَعْرِفُ جَعْفَراً وَ قَدْ أَنْبَتَ اللَّهُ لَهُ جَنَاحَیْنِ یَطِیرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ كَیْفَ یَشَاءُ قَالَ أَ فَتَعْرِفُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ قَالَ وَ كَیْفَ لَا أَعْرِفُ عَلِیّاً وَ هُوَ ابْنُ عَمِّ نَبِیِّی وَ أَخُو نَبِیِّی قَالَ لَهُ یَا شَیْخُ فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِیِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ نَحْنُ مِنْ وُلْدِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ بِیَدِكَ أُسَارَی نَسْأَلُكَ مِنْ طَیِّبِ الطَّعَامِ فَلَا تُطْعِمُنَا وَ مِنْ بَارِدِ الشَّرَابِ فَلَا تَسْقِینَا وَ قَدْ ضَیَّقْتَ عَلَیْنَا سِجْنَنَا فَانْكَبَّ الشَّیْخُ عَلَی أَقْدَامِهِمَا یُقَبِّلُهُمَا وَ یَقُولُ نَفْسِی لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ وَ وَجْهِی لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ یَا عِتْرَةَ نَبِیِّ اللَّهِ الْمُصْطَفَی هَذَا بَابُ السِّجْنِ بَیْنَ یَدَیْكُمَا مَفْتُوحٌ فَخُذَا أَیَّ طَرِیقٍ شِئْتُمَا فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّیْلُ أَتَاهُمَا بِقُرْصَیْنِ مِنْ شَعِیرٍ وَ كُوزٍ مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ وَ وَقَفَهُمَا عَلَی الطَّرِیقِ وَ قَالَ لَهُمَا سِیرَا یَا حَبِیبَیَّ اللَّیْلَ وَ اكْمُنَا النَّهَارَ حَتَّی یَجْعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَكُمَا مِنْ أَمْرِكُمَا فَرَجاً وَ مَخْرَجاً فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ فَلَمَّا جَنَّهُمَا اللَّیْلُ انْتَهَیَا إِلَی عَجُوزٍ عَلَی بَابٍ فَقَالا لَهَا یَا عَجُوزُ إِنَّا غُلَامَانِ صَغِیرَانِ غَرِیبَانِ حَدَثَانِ غَیْرُ خَبِیرَیْنِ بِالطَّرِیقِ وَ هَذَا اللَّیْلُ قَدْ جَنَّنَا أَضِیفِینَا سَوَادَ لَیْلَتِنَا هَذِهِ فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِیقَ فَقَالَتْ لَهُمَا فَمَنْ أَنْتُمَا یَا حَبِیبَیَّ فَقَدْ شَمِمْتُ الرَّوَائِحَ كُلَّهَا فَمَا شَمِمْتُ رَائِحَةً هِیَ أَطْیَبُ مِنْ رَائِحَتِكُمَا فَقَالا لَهَا یَا عَجُوزُ نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِیِّكِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ مِنَ الْقَتْلِ قَالَتِ الْعَجُوزُ یَا حَبِیبَیَّ إِنَّ لِی خَتَناً فَاسِقاً قَدْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مَعَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ أَتَخَوَّفُ أَنْ یُصِیبَكُمَا هَاهُنَا فَیَقْتُلَكُمَا قَالا سَوَادَ لَیْلَتِنَا هَذِهِ فَإِذَا أَصْبَحْنَا لَزِمْنَا الطَّرِیقَ فَقَالَتْ سَآتِیكُمَا

ص: 101

بِطَعَامٍ ثُمَّ أَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَا وَ شَرِبَا.

فَلَمَّا وَلَجَا الْفِرَاشَ قَالَ الصَّغِیرُ لِلْكَبِیرِ یَا أَخِی إِنَّا نَرْجُو أَنْ نَكُونَ قَدْ أَمِنَّا لَیْلَتَنَا هَذِهِ فَتَعَالَ حَتَّی أُعَانِقَكَ وَ تُعَانِقَنِی وَ أَشَمَّ رَائِحَتَكَ وَ تَشَمَّ رَائِحَتِی قَبْلَ أَنْ یُفَرِّقَ الْمَوْتُ بَیْنَنَا فَفَعَلَ الْغُلَامَانِ ذَلِكَ وَ اعْتَنَقَا وَ نَامَا فَلَمَّا كَانَ فِی بَعْضِ اللَّیْلِ أَقْبَلَ خَتَنُ الْعَجُوزِ الْفَاسِقُ حَتَّی قَرَعَ الْبَابَ قَرْعاً خَفِیفاً فَقَالَتِ الْعَجُوزُ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا فُلَانٌ قَالَتْ مَا الَّذِی أَطْرَقَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ وَ لَیْسَ هَذَا لَكَ بِوَقْتٍ قَالَ وَیْحَكِ افْتَحِی الْبَابَ قَبْلَ أَنْ یَطِیرَ عَقْلِی وَ تَنْشَقَّ مَرَارَتِی فِی جَوْفِی جَهْدُ الْبَلَاءِ قَدْ نَزَلَ بِی قَالَتْ وَیْحَكَ مَا الَّذِی نَزَلَ بِكَ قَالَ هَرَبَ غُلَامَانِ صَغِیرَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَنَادَی الْأَمِیرُ فِی مُعَسْكَرِهِ مَنْ جَاءَ بِرَأْسِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَ مَنْ جَاءَ بِرَأْسِهِمَا فَلَهُ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَقَدْ أُتْعِبْتُ وَ تَعِبْتُ وَ لَمْ یَصِلْ فِی یَدِی شَیْ ءٌ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ یَا خَتَنِی احْذَرْ أَنْ یَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِی الْقِیَامَةِ قَالَ لَهَا وَیْحَكِ إِنَّ الدُّنْیَا مُحَرَّصٌ عَلَیْهَا فَقَالَتْ وَ مَا تَصْنَعُ بِالدُّنْیَا وَ لَیْسَ مَعَهَا آخِرَةٌ قَالَ إِنِّی لَأَرَاكِ تُحَامِینَ عَنْهُمَا كَأَنَّ عِنْدَكِ مِنْ طَلَبِ الْأَمِیرِ شی ء- [شَیْئاً] فَقُومِی فَإِنَّ الْأَمِیرَ یَدْعُوكِ قَالَتْ وَ مَا یَصْنَعُ الْأَمِیرُ بِی وَ إِنَّمَا أَنَا عَجُوزٌ فِی هَذِهِ الْبَرِّیَّةِ قَالَ إِنَّمَا لِیَ الطَّلَبُ افْتَحِی لِیَ الْبَابَ حَتَّی أُرِیحَ وَ أَسْتَرِیحَ فَإِذَا أَصْبَحْتُ بَكَّرْتُ فِی أَیِّ الطَّرِیقِ آخُذُ فِی طَلَبِهِمَا فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ وَ أَتَتْهُ بِطَعَامٍ وَ شَرَابٍ فَأَكَلَ وَ شَرِبَ فَلَمَّا كَانَ فِی بَعْضِ اللَّیْلِ سَمِعَ غَطِیطَ الْغُلَامَیْنِ فِی جَوْفِ الْبَیْتِ فَأَقْبَلَ یَهِیجُ كَمَا یَهِیجُ الْبَعِیرُ الْهَائِجُ وَ یَخُورُ كَمَا یَخُورُ الثَّوْرُ وَ یَلْمِسُ بِكَفِّهِ جِدَارَ الْبَیْتِ حَتَّی وَقَعَتْ یَدُهُ عَلَی جَنْبِ الْغُلَامِ الصَّغِیرِ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا قَالَ أَمَّا أَنَا فَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَمَنْ أَنْتُمَا فَأَقْبَلَ الصَّغِیرُ یُحَرِّكُ الْكَبِیرَ وَ یَقُولُ قُمْ یَا حَبِیبِی فَقَدْ وَ اللَّهِ وَقَعْنَا فِیمَا كُنَّا نُحَاذِرُهُ.

قَالَ لَهُمَا مَنْ أَنْتُمَا قَالا لَهُ یَا شَیْخُ إِنْ نَحْنُ صَدَّقْنَاكَ فَلَنَا الْأَمَانُ قَالَ نَعَمْ قَالا أَمَانُ اللَّهِ وَ أَمَانُ رَسُولِهِ وَ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ قَالا وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَی ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِینَ قَالَ نَعَمْ قَالا وَ اللَّهُ عَلی ما نَقُولُ وَكِیلٌ

ص: 102

وَ شَهِیدٌ قَالَ نَعَمْ قَالا لَهُ یَا شَیْخُ فَنَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِیِّكَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ مِنَ الْقَتْلِ فَقَالَ لَهُمَا مِنَ الْمَوْتِ هَرَبْتُمَا وَ إِلَی الْمَوْتِ وَقَعْتُمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَظْفَرَنِی بِكُمَا فَقَامَ إِلَی الْغُلَامَیْنِ فَشَدَّ أَكْتَافَهُمَا فَبَاتَ الْغُلَامَانِ لَیْلَتَهُمَا مُكَتَّفَیْنِ.

فَلَمَّا انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبْحِ دَعَا غُلَاماً لَهُ أَسْوَدَ یُقَالُ لَهُ فُلَیْحٌ فَقَالَ لَهُ خُذْ هَذَیْنِ الْغُلَامَیْنِ فَانْطَلِقْ بِهِمَا إِلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ اضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا وَ ائْتِنِی بِرُءُوسِهِمَا لِأَنْطَلِقَ بِهِمَا إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ آخُذَ جَائِزَةَ أَلْفَیْ دِرْهَمٍ فَحَمَلَ الْغُلَامُ السَّیْفَ وَ مَشَی أَمَامَ الْغُلَامَیْنِ فَمَا مَضَی إِلَّا غَیْرَ بَعِیدٍ حَتَّی قَالَ أَحَدُ الْغُلَامَیْنِ یَا أَسْوَدُ مَا أَشْبَهَ سَوَادَكَ بِسَوَادِ بِلَالٍ مُؤَذِّنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ مَوْلَایَ قَدْ أَمَرَنِی بِقَتْلِكُمَا فَمَنْ أَنْتُمَا قَالا لَهُ یَا أَسْوَدُ نَحْنُ مِنْ عِتْرَةِ نَبِیِّكَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هَرَبْنَا مِنْ سِجْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ مِنَ الْقَتْلِ أَضَافَتْنَا عَجُوزُكُمْ هَذِهِ وَ یُرِیدُ مَوْلَاكَ قَتْلَنَا فَانْكَبَّ الْأَسْوَدُ عَلَی أَقْدَامِهِمَا یُقَبِّلُهُمَا وَ یَقُولُ نَفْسِی لِنَفْسِكُمَا الْفِدَاءُ وَ وَجْهِی لِوَجْهِكُمَا الْوِقَاءُ یَا عِتْرَةَ نَبِیِّ اللَّهِ الْمُصْطَفَی وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ مُحَمَّدٌ خَصْمِی فِی الْقِیَامَةِ ثُمَّ عَدَا فَرَمَی بِالسَّیْفِ مِنْ یَدِهِ نَاحِیَةً وَ طَرَحَ نَفْسَهُ فِی الْفُرَاتِ وَ عَبَرَ إِلَی الْجَانِبِ الْآخَرِ فَصَاحَ بِهِ مَوْلَاهُ یَا غُلَامُ عَصَیْتَنِی فَقَالَ یَا مَوْلَایَ إِنَّمَا أَطَعْتُكَ مَا دُمْتَ لَا تَعْصِی اللَّهَ فَإِذَا عَصَیْتَ اللَّهَ فَأَنَا مِنْكَ بَرِی ءٌ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَدَعَا ابْنَهُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّمَا أَجْمَعُ الدُّنْیَا حَلَالَهَا وَ حَرَامَهَا لَكَ وَ الدُّنْیَا مُحَرَّصٌ عَلَیْهَا فَخُذْ هَذَیْنِ الْغُلَامَیْنِ إِلَیْكَ فَانْطَلِقْ بِهِمَا إِلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمَا وَ ائْتِنِی بِرُءُوسِهِمَا لِأَنْطَلِقَ بِهِمَا إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ آخُذَ جَائِزَةَ أَلْفَیْ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ الْغُلَامُ السَّیْفَ وَ مَشَی أَمَامَ الْغُلَامَیْنِ فَمَا مَضَیَا إِلَّا غَیْرَ بَعِیدٍ حَتَّی قَالَ أَحَدُ الْغُلَامَیْنِ یَا شَابُّ مَا أَخْوَفَنِی عَلَی شَبَابِكَ هَذَا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ فَقَالَ یَا حَبِیبَیَّ فَمَنْ أَنْتُمَا قَالا مِنْ عِتْرَةِ نَبِیِّكَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یُرِیدُ وَالِدُكَ قَتْلَنَا فَانْكَبَّ الْغُلَامُ عَلَی أَقْدَامِهِمَا یُقَبِّلُهُمَا وَ یَقُولُ لَهُمَا مَقَالَةَ الْأَسْوَدِ وَ رَمَی بِالسَّیْفِ نَاحِیَةً وَ طَرَحَ نَفْسَهُ فِی الْفُرَاتِ وَ عَبَرَ فَصَاحَ بِهِ أَبُوهُ یَا بُنَیَّ عَصَیْتَنِی قَالَ لَأَنْ أُطِیعَ اللَّهَ وَ أَعْصِیَكَ

ص: 103

أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَعْصِیَ اللَّهَ وَ أُطِیعَكَ.

قَالَ الشَّیْخُ لَا یَلِی قَتْلَكُمَا أَحَدٌ غَیْرِی وَ أَخَذَ السَّیْفَ وَ مَشَی أَمَامَهُمَا فَلَمَّا صَارَ إِلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ سَلَّ السَّیْفَ عَنْ جَفْنِهِ فَلَمَّا نَظَرَ الْغُلَامَانِ إِلَی السَّیْفِ مَسْلُولًا اغْرَوْرَقَتْ أَعْیُنُهُمَا وَ قَالا لَهُ یَا شَیْخُ انْطَلِقْ بِنَا إِلَی السُّوقِ وَ اسْتَمْتِعْ بِأَثْمَانِنَا وَ لَا تُرِدْ أَنْ یَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِی الْقِیَامَةِ غَداً فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَ أَذْهَبُ بِرُءُوسِكُمَا إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ آخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَیْنِ فَقَالا لَهُ یَا شَیْخُ أَ مَا تَحْفَظُ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَرَابَةٌ قَالا لَهُ یَا شَیْخُ فَأْتِ بِنَا إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ حَتَّی یَحْكُمَ فِینَا بِأَمْرِهِ قَالَ مَا إِلَی ذَلِكَ سَبِیلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَیْهِ بِدَمِكُمَا قَالا لَهُ یَا شَیْخُ أَ مَا تَرْحَمُ صِغَرَ سِنِّنَا قَالَ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمَا فِی قَلْبِی مِنَ الرَّحْمَةِ شَیْئاً.

قَالا یَا شَیْخُ إِنْ كَانَ وَ لَا بُدَّ فَدَعْنَا نُصَلِّی رَكَعَاتٍ قَالَ فَصَلِّیَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ فَصَلَّی الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ رَفَعَا طَرْفَیْهِمَا إِلَی السَّمَاءِ فَنَادَیَا یَا حَیُّ یَا حَلِیمُ (1) یَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِینَ احْكُمْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ بِالْحَقِّ فَقَامَ إِلَی الْأَكْبَرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَخَذَ بِرَأْسِهِ وَ وَضَعَهُ فِی الْمِخْلَاةِ وَ أَقْبَلَ الْغُلَامُ الصَّغِیرُ یَتَمَرَّغُ فِی دَمِ أَخِیهِ وَ هُوَ یَقُولُ حَتَّی أَلْقَی رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنَا مُخْتَضِبٌ بِدَمِ أَخِی فَقَالَ لَا عَلَیْكَ سَوْفَ أُلْحِقُكَ بِأَخِیكَ ثُمَّ قَامَ إِلَی الْغُلَامِ الصَّغِیرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَخَذَ رَأْسَهُ وَ وَضَعَهُ فِی الْمِخْلَاةِ وَ رَمَی بِبَدَنِهِمَا فِی الْمَاءِ وَ هُمَا یَقْطُرَانِ دَماً وَ مَرَّ حَتَّی أَتَی بِهِمَا عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ وَ هُوَ قَاعِدٌ عَلَی كُرْسِیٍّ لَهُ وَ بِیَدِهِ قَضِیبُ خَیْزُرَانٍ فَوَضَعَ الرَّأْسَیْنِ بَیْنَ یَدَیْهِ.

فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمَا قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ الْوَیْلُ لَكَ أَیْنَ ظَفِرْتَ بِهِمَا قَالَ أَضَافَتْهُمَا عَجُوزٌ لَنَا قَالَ فَمَا عَرَفْتَ لَهُمَا حَقَّ الضِّیَافَةِ قَالَ لَا قَالَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قَالا لَكَ قَالَ قَالا یَا شَیْخُ اذْهَبْ بِنَا إِلَی السُّوقِ فَبِعْنَا فَانْتَفِعْ بِأَثْمَانِنَا وَ لَا تُرِدْ أَنْ یَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِی الْقِیَامَةِ قَالَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قُلْتَ لَهُمَا قَالَ:

ص: 104


1- 1. فی المصدر المطبوع« یا حكیم» و هكذا فیما یأتی.

قُلْتُ لَا وَ لَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَ أَنْطَلِقُ بِرُءُوسِكُمَا إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ آخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَیْ دِرْهَمٍ قَالَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قَالا لَكَ قَالَ قَالا ائْتِ بِنَا إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ حَتَّی یَحْكُمَ فِینَا بِأَمْرِهِ قَالَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ لَیْسَ إِلَی ذَلِكَ سَبِیلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَیْهِ بِدَمِكُمَا قَالَ أَ فَلَا جِئْتَنِی بِهِمَا حَیَّیْنِ فَكُنْتُ أُضَعِّفُ لَكَ الْجَائِزَةَ وَ أَجْعَلُهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ مَا رَأَیْتُ إِلَی ذَلِكَ سَبِیلًا إِلَّا التَّقَرُّبَ إِلَیْكَ بِدَمِهِمَا.

قَالَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قَالا لَكَ أَیْضاً قَالَ قَالا لِی یَا شَیْخُ احْفَظْ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قُلْتَ لَهُمَا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهُ قَرَابَةٌ قَالَ وَیْلَكَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قَالا لَكَ أَیْضاً قَالَ قَالا یَا شَیْخُ ارْحَمْ صِغَرَ سِنِّنَا قَالَ فَمَا رَحِمْتَهُمَا قَالَ قُلْتُ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمَا مِنَ الرَّحْمَةِ فِی قَلْبِی شَیْئاً قَالَ وَیْلَكَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قَالا لَكَ أَیْضاً قَالَ قَالا دَعْنَا نُصَلِّی رَكَعَاتٍ فَقُلْتُ فَصَلِّیَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ فَصَلَّی الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَالَ فَأَیَّ شَیْ ءٍ قَالا فِی آخِرِ صَلَاتِهِمَا قَالَ رَفَعَا طَرْفَیْهِمَا إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالا یَا حَیُّ یَا حَلِیمُ یَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِینَ احْكُمْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ بِالْحَقِّ.

قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ فَإِنَّ أَحْكَمَ الْحَاكِمِینَ قَدْ حَكَمَ بَیْنَكُمْ مَنْ لِلْفَاسِقِ قَالَ فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَنَا لَهُ قَالَ فَانْطَلِقْ بِهِ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی قَتَلَ فِیهِ الْغُلَامَیْنِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ لَا تَتْرُكْ أَنْ یَخْتَلِطَ دَمُهُ بِدَمِهِمَا وَ عَجِّلْ بِرَأْسِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَ جَاءَ بِرَأْسِهِ فَنَصَبَهُ عَلَی قَنَاةٍ فَجَعَلَ الصِّبْیَانُ یَرْمُونَهُ بِالنَّبْلِ وَ الْحِجَارَةِ وَ هُمْ یَقُولُونَ هَذَا قَاتِلُ ذُرِّیَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(1).

بیان: غطیط النائم و المخنوق نخیرهما.

أَقُولُ رَوَی فِی الْمَنَاقِبِ الْقَدِیمِ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَعَ تَغْیِیرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعْدُ الْأَئِمَّةِ سَعِیدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْفُقَیْمِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السرختكی [السُّرْخَكَتِیِ] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ نُعَیْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ

ص: 105


1- 1. راجع أمالی الصدوق المجلس 19 تحت الرقم: 2.

بْنِ عَلِیٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الذُّهْلِیِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بِكَرْبَلَاءَ هَرَبَ غُلَامَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ أَحَدُهُمَا یُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِیمُ وَ الْآخَرُ یُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ وَ كَانَا مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ الطَّیَّارِ(1)

فَإِذَا هُمَا بِامْرَأَةٍ تَسْتَقِی فَنَظَرَتْ إِلَی الْغُلَامَیْنِ وَ إِلَی حُسْنِهِمَا وَ جَمَالِهِمَا

فَقَالَتْ لَهُمَا مَنْ أَنْتُمَا فَقَالا نَحْنُ مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ الطَّیَّارِ فِی الْجَنَّةِ هَرَبْنَا مِنْ عَسْكَرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ إِنَّ زَوْجِی فِی عَسْكَرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ لَوْ لَا أَنِّی أَخْشَی أَنْ یَجِی ءَ اللَّیْلَةَ وَ إِلَّا ضَیَّفْتُكُمَا وَ أَحْسَنْتُ ضِیَافَتَكُمَا فَقَالا لَهَا أَیَّتُهَا الْمَرْأَةُ انْطَلِقِی بِنَا فَنَرْجُو أَنْ لَا یَأْتِیَنَا زَوْجُكِ اللَّیْلَةَ فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَةُ وَ الْغُلَامَانِ حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی مَنْزِلِهَا فَأَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَقَالا مَا لَنَا فِی الطَّعَامِ مِنْ حَاجَةٍ ائْتِنَا بِمُصَلًّی نَقْضِی فَوَائِتَنَا فَصَلَّیَا فَانْطَلَقَا إِلَی مَضْجَعِهِمَا فَقَالَ الْأَصْغَرُ لِلْأَكْبَرِ یَا أَخِی وَ یَا ابْنَ أُمِّی الْتَزِمْنِی وَ اسْتَنْشِقْ مِنْ رَائِحَتِی فَإِنِّی أَظُنُّ أَنَّهَا آخِرُ لَیْلَتِی لَا نُصْبِحُ بَعْدَهَا وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَی أَنْ قَالَ ثُمَّ هَزَّ السَّیْفَ وَ ضَرَبَ عُنُقَ الْأَكْبَرِ وَ رَمَی بِبَدَنِهِ الْفُرَاتَ فَقَالَ الْأَصْغَرُ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَتْرُكَنِی حَتَّی أَتَمَرَّغَ بِدَمِ أَخِی سَاعَةً قَالَ وَ مَا یَنْفَعُكَ ذَلِكَ قَالَ هَكَذَا أُحِبُّ فَتَمَرَّغَ بِدَمِ أَخِیهِ إِبْرَاهِیمَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ قُمْ فَلَمْ یَقُمْ فَوَضَعَ السَّیْفَ عَلَی قَفَاهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا وَ رَمَی بِبَدَنِهِ إِلَی الْفُرَاتِ فَكَانَ بَدَنُ الْأَوَّلِ عَلَی وَجْهِ الْفُرَاتِ سَاعَةً حَتَّی قَذَفَ الثَّانِیَ فَأَقْبَلَ بَدَنُ الْأَوَّلِ رَاجِعاً یَشَقُّ الْمَاءَ شَقّاً حَتَّی الْتَزَمَ بَدَنَ أَخِیهِ وَ مَضَیَا فِی الْمَاءِ وَ سَمِعَ هَذَا الْمَلْعُونُ صَوْتاً مِنْ بَیْنِهِمَا وَ هُمَا فِی الْمَاءِ رَبِّ تَعْلَمُ وَ تَرَی مَا فَعَلَ بِنَا هَذَا الْمَلْعُونُ فَاسْتَوْفِ لَنَا حَقَّنَا مِنْهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثُمَّ قَالَ فَدَعَا عُبَیْدُ اللَّهِ بِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ یُقَالُ لَهُ نَادِرٌ فَقَالَ لَهُ یَا نَادِرُ دُونَكَ هَذَا الشَّیْخَ شُدَّ كَتِفَیْهِ فَانْطَلِقْ بِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِی قَتَلَ الْغُلَامَیْنِ فِیهِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ سَلَبُهُ لَكَ وَ لَكَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ فَانْطَلَقَ الْغُلَامُ بِهِ إِلَی الْمَوْضِعِ

ص: 106


1- 1. لو صح هذه القصة لكانا من أحفاد جعفر الطیار، و الا فجعفر الطیار قد استشهد فی سنة ثمان یوم مؤتة و بینه و بین مقتل الحسین علیه السلام اثنتان و خمسون سنة.

الَّذِی ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا فِیهِ فَقَالَ لَهُ یَا نَادِرُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ قَتْلِی قَالَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَرَمَی بِجِیفَتِهِ إِلَی الْمَاءِ فَلَمْ یَقْبَلْهُ الْمَاءُ وَ رَمَی بِهِ إِلَی الشَّطِّ وَ أَمَرَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ أَنْ یُحْرَقَ بِالنَّارِ فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَ صَارَ إِلَی عَذَابِ اللَّهِ.

باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات اللّٰه علیه إلی رجوع أهل البیت علیهم السلام إلی المدینة و ما ظهر من إعجازه صلوات اللّٰه علیه فی تلك الأحوال

«1»- قَالَ السَّیِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِ الْمَلْهُوفِ عَلَی أَهْلِ الطُّفُوفِ وَ الشَّیْخُ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِی مُثِیرِ الْأَحْزَانِ وَ اللَّفْظُ لِلسَّیِّدِ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ هُوَ یَوْمُ عَاشُورَاءَ مَعَ خَوْلِیِّ بْنِ یَزِیدَ الْأَصْبَحِیِّ وَ حُمَیْدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَزْدِیِّ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ أَمَرَ بِرُءُوسِ الْبَاقِینَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَنُظِّفَتْ وَ سُرِّحَ بِهَا مَعَ شِمْرِ بْنِ ذِی الْجَوْشَنِ وَ قَیْسِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَ عَمْرِو بْنِ الْحَجَّاجِ فَأَقْبَلُوا بِهَا حَتَّی قَدِمُوا الْكُوفَةَ وَ أَقَامَ بَقِیَّةَ یَوْمِهِ وَ الْیَوْمَ الثَّانِیَ إِلَی زَوَالِ الشَّمْسِ ثُمَّ رَحَلَ بِمَنْ تَخَلَّفَ مِنْ عِیَالِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ حَمَلَ نِسَاءَهُ عَلَی أَحْلَاسِ أَقْتَابٍ بِغَیْرِ وِطَاءٍ مُكَشَّفَاتِ الْوُجُوهِ بَیْنَ الْأَعْدَاءِ وَ هُنَّ وَدَائِعُ خَیْرِ الْأَنْبِیَاءِ وَ سَاقُوهُنَّ كَمَا یُسَاقُ سَبْیُ التُّرْكِ وَ الرُّومِ فِی أَسْرِ الْمَصَائِبِ وَ الْهُمُومِ وَ لِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:

یُصَلَّی عَلَی الْمَبْعُوثِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ***وَ یُغْزَی بَنُوهُ إِنَّ ذَا لَعَجِیبٌ

قَالَ وَ لَمَّا انْفَصَلَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ كَرْبَلَاءَ خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ بَنِی أَسَدٍ فَصَلَّوْا عَلَی تِلْكَ الْجُثَثِ الطَّوَاهِرِ الْمُرَمَّلَةِ بِالدِّمَاءِ وَ دَفَنُوهَا عَلَی مَا هِیَ الْآنَ عَلَیْهِ (1).

ص: 107


1- 1. كتاب الملهوف ص 125- 127.

وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: دَفَنُوا الْحُسَیْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حَیْثُ قَبْرُهُ الْآنَ وَ دَفَنُوا ابْنَهُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ الْأَصْغَرَ عِنْدَ رِجْلَیْهِ وَ حَفَرُوا لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِینَ صُرِعُوا حَوْلَهُ مِمَّا یَلِی رِجْلَیِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ جَمَعُوهُمْ وَ دَفَنُوهُمْ جَمِیعاً مَعاً وَ دَفَنُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِیٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی مَوْضِعِهِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ عَلَی طَرِیقِ الْغَاضِرِیَّةِ حَیْثُ قَبْرُهُ الْآنَ (1).

وَ قَالَ السَّیِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَ سَارَ ابْنُ سَعْدٍ بِالسَّبْیِ الْمُشَارِ إِلَیْهِ فَلَمَّا قَارَبُوا الْكُوفَةَ اجْتَمَعَ أَهْلُهَا لِلنَّظَرِ إِلَیْهِنَّ قَالَ فَأَشْرَفَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْكُوفِیَّاتِ فَقَالَتْ مِنْ أَیِّ الْأُسَارَی أَنْتُنَّ فَقُلْنَ نَحْنُ أُسَارَی آلِ مُحَمَّدٍ فَنَزَلَتْ مِنْ سَطْحِهَا وَ جَمَعَتْ مُلَاءً وَ أُزُراً وَ مَقَانِعَ (2) فَأَعْطَتْهُنَّ فَتَغَطَّیْنَ قَالَ وَ كَانَ مَعَ النِّسَاءِ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ وَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُثَنَّی وَ كَانَ قَدْ وَاسَی عَمَّهُ وَ إِمَامَهُ فِی الصَّبْرِ عَلَی الرِّمَاحِ (3) وَ إِنَّمَا ارْتُثَّ وَ قَدْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ.

وَ كَانَ مَعَهُمْ أَیْضاً زَیْدٌ وَ عَمْرٌو وَلَدَا الْحَسَنِ السِّبْطِ علیه السلام فَجَعَلَ أَهْلُ الْكُوفَةِ یَنُوحُونَ وَ یَبْكُونَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَ تَنُوحُونَ وَ تَبْكُونَ مِنْ أَجْلِنَا فَمَنْ قَتَلَنَا قَالَ بَشِیرُ بْنُ خُزَیْمٍ الْأَسَدِیُّ وَ نَظَرْتُ إِلَی زَیْنَبَ بِنْتِ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَئِذٍ وَ لَمْ أَرَ وَ اللَّهِ خَفِرَةً قَطُّ أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّمَا تُفَرِّعُ عَنْ لِسَانِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ قَدْ أَوْمَأَتْ إِلَی النَّاسِ أَنِ اسْكُتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ اْلْأَجْرَاسُ ثُمَّ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَی أَبِی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الْأَخْیَارِ

ص: 108


1- 1. الإرشاد ص 227.
2- 2. ملاء جمع ملاءة و هی الریطة ذات لفقین، و أزر جمع ازار و هو ثوب یلبس علی الفخذین و مقانع جمع مقنع- بالكسر- ما تقنع به المرأة رأسها و تغطیه به.
3- 3. فی المصدر المطبوع:« فی الصبر علی ضرب السیوف و طعن الرماح» ثم قال: و روی مصنف كتاب المصابیح أن الحسن بن الحسن المثنی قتل بین یدی عمه الحسین علیه السلام فی ذلك الیوم سبعة عشر نفسا و أصابه ثمانیة عشر جراحة، فوقع فأخذ خاله أسماء بن خارجة فحمله الی الكوفة و داواه حتّی برء.

أَمَّا بَعْدُ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الْخَتْلِ وَ الْغَدْرِ أَ تَبْكُونَ فَلَا رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ أَلَا وَ هَلْ فِیكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ النَّطَفُ وَ مَلَقُ الْإِمَاءِ وَ غَمْزُ الْأَعْدَاءِ أَوْ كَمَرْعًی عَلَی دِمْنَةٍ أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَی مَلْحُودَةٍ(1)

أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ وَ فِی الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ وَ تَنْتَحِبُونَ إِی وَ اللَّهِ فَابْكُوا كَثِیراً وَ اضْحَكُوا قَلِیلًا فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعَارِهَا وَ شَنَآنِهَا(2) وَ لَنْ تَرْحَضُوهَا بِغَسْلٍ بَعْدَهَا أَبَداً وَ أَنَّی تَرْحَضُونَ قَتْلَ سَلِیلِ خَاتَمِ الْأَنْبِیَاءِ وَ سَیِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذِ خِیَرَتِكُمْ وَ مَفْزَعِ نَازِلَتِكُمْ وَ مَنَارِ حُجَّتِكُمْ وَ مَدَرَةِ سُنَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا تَزِرُونَ وَ بُعْداً لَكُمْ وَ سُحْقاً فَلَقَدْ خَابَ السَّعْیُ وَ تَبَّتِ الْأَیْدِی وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَیْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَیْلَكُمْ

یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَیَّ كَبِدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فَرَیْتُمْ وَ أَیَّ كَرِیمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَ أَیَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ وَ أَیَّ حُرْمَةٍ لَهُ انْتَهَكْتُمْ لَقَدْ جِئْتُمْ بِهِمْ صَلْعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْءَاءَ فَقْمَاءَ وَ فِی بَعْضِهَا خَرْقَاءَ شَوْهَاءَ كَطِلَاعِ الْأَرْضِ وَ ملاء [مِلْ ءِ] السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ قَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزی وَ أَنْتُمْ لَا تُنْصَرُونَ فَلَا یَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ فَإِنَّهُ لَا تَحْفِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا یُخَافُ فَوْتُ الثَّأْرِ وَ إِنَّ رَبَّكُمْ لَبِالْمِرْصَادِ(3) قَالَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ النَّاسَ یَوْمَئِذٍ حَیَارَی یَبْكُونَ وَ قَدْ وَضَعُوا أَیْدِیَهُمْ فِی

ص: 109


1- 1. كذا فی المصدر ص 130، و نقله المصنّف- رحمه اللّٰه- بلفظه ثمّ شرحه فیما یأتی من بیان الغرائب بالتزیین، و لكن الصحیح:« كقصة علی ملحودة» و القصة هی الجصة بلغة أهل الحجاز، كما فی أكثر معاجم اللغة- القاموس- الصحاح- تاج العروس- النهایة و قال فی الفائق ج 2 ص 173 روی أن النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله نهی عن تطیین القبور و تقصیصها أی تجصیصها، فان القصة هی الجصة أقول: و سائر غرائب الحدیث یأتی بیانه عن المصنّف- رحمه اللّٰه- فلا نكررها.
2- 2. و شنارها خ ل.
3- 3. و مثله فی كتاب الاحتجاج ص 256، و زاد بعده أبیاتا و سیأتی.

أَفْوَاهِهِمْ وَ رَأَیْتُ شَیْخاً وَاقِفاً إِلَی جَنْبِی یَبْكِی حَتَّی اخْضَلَّتْ لِحْیَتُهُ وَ هُوَ یَقُولُ بِأَبِی أَنْتُمْ وَ أُمِّی كُهُولُكُمْ خَیْرُ الْكُهُولِ وَ شَبَابُكُمْ خَیْرُ الشَّبَابِ وَ نِسَاؤُكُمْ خَیْرُ النِّسَاءِ وَ نَسْلُكُمْ خَیْرُ نَسْلٍ لَا یُخْزَی وَ لَا یُبْزَی.

وَ رَوَی زَیْدُ بْنُ مُوسَی قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی علیه السلام قَالَ: خَطَبَتْ فَاطِمَةُ الصُّغْرَی بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ الرَّمْلِ وَ الْحَصَی وَ زِنَةَ الْعَرْشِ إِلَی الثَّرَی أَحْمَدُهُ وَ أُؤْمِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ وُلْدَهُ ذُبِحُوا بِشَطِّ الْفُرَاتِ بِغَیْرِ ذَحْلٍ وَ لَا تِرَاتٍ- اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَفْتَرِیَ عَلَیْكَ الْكَذِبَ وَ أَنْ أَقُولَ عَلَیْكَ خِلَافَ مَا أَنْزَلْتَ مِنْ أَخْذِ الْعُهُودِ لِوَصِیِّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ الْمَسْلُوبِ حَقُّهُ الْمَقْتُولِ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ كَمَا قُتِلَ وُلْدُهُ بِالْأَمْسِ فِی بَیْتٍ مِنْ بُیُوتِ اللَّهِ تَعَالَی فِیهِ مَعْشَرٌ مُسْلِمَةٌ بِأَلْسِنَتِهِمْ تَعْساً لِرُءُوسِهِمْ مَا دَفَعَتْ عَنْهُ ضَیْماً فِی حَیَاتِهِ وَ لَا عِنْدَ مَمَاتِهِ حَتَّی قَبَضْتَهُ إِلَیْكَ مَحْمُودَ النَّقِیبَةِ طَیِّبَ الْعَرِیكَةِ مَعْرُوفَ الْمَنَاقِبِ مَشْهُورَ الْمَذَاهِبِ لَمْ یَأْخُذْهُ اللَّهُمَّ فِیكَ لَوْمَةُ لَائِمٍ وَ لَا عَذْلُ عَاذِلٍ هَدَیْتَهُ یَا رَبِّ لِلْإِسْلَامِ صَغِیراً وَ حَمِدْتَ مَنَاقِبَهُ كَبِیراً وَ لَمْ یَزَلْ نَاصِحاً لَكَ وَ لِرَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَتَّی قَبَضْتَهُ إِلَیْكَ زَاهِداً فِی الدُّنْیَا غَیْرَ حَرِیصٍ عَلَیْهَا رَاغِباً فِی الْآخِرَةِ مُجَاهِداً لَكَ فِی سَبِیلِكَ رَضَیْتَهُ فَاخْتَرْتَهُ وَ هَدَیْتَهُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ* أَمَّا بَعْدُ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الْمَكْرِ وَ الْغَدْرِ وَ الْخُیَلَاءِ فَإِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ ابْتَلَانَا اللَّهُ بِكُمْ وَ ابْتَلَاكُمْ بِنَا فَجَعَلَ بَلَاءَنَا حَسَناً وَ جَعَلَ عِلْمَهُ عِنْدَنَا وَ فَهْمَهُ لَدَیْنَا فَنَحْنُ عَیْبَةُ عِلْمِهِ وَ وِعَاءُ فَهْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ حُجَّتُهُ فِی الْأَرْضِ لِبِلَادِهِ وَ لِعِبَادِهِ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ وَ فَضَّلَنَا بِنَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی كَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِیلًا بَیِّناً فَكَذَّبْتُمُونَا وَ كَفَّرْتُمُونَا وَ رَأَیْتُمْ قِتَالَنَا حَلَالًا وَ أَمْوَالَنَا نَهْباً كَأَنَّا أَوْلَادُ تُرْكٍ أَوْ كَابُلَ كَمَا قَتَلْتُمْ جَدَّنَا بِالْأَمْسِ وَ سُیُوفُكُمْ تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ لِحِقْدٍ مُتَقَدِّمٍ قَرَّتْ بِذَلِكَ عُیُونُكُمْ وَ فَرِحَتْ قُلُوبُكُمْ افْتِرَاءً مِنْكُمْ عَلَی اللَّهِ وَ مَكْراً مَكَرْتُمْ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ فَلَا

ص: 110

تَدْعُوَنَّكُمْ أَنْفُسُكُمْ إِلَی الْجَذَلِ بِمَا أَصَبْتُمْ مِنْ دِمَائِنَا وَ نَالَتْ أَیْدِیكُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا فَإِنَّ مَا أَصَابَنَا مِنَ الْمَصَائِبِ الْجَلِیلَةِ وَ الرَّزَایَا الْعَظِیمَةِ- فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ.

تَبّاً لَكُمْ فَانْتَظِرُوا اللَّعْنَةَ وَ الْعَذَابَ وَ كَأَنْ قَدْ حَلَّ بِكُمْ وَ تَوَاتَرَتْ مِنَ السَّمَاءِ نَقِمَاتٌ فَیُسْحِتَكُمْ بِمَا كَسَبْتُمْ- وَ یُذِیقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ثُمَّ تَخْلُدُونَ فِی الْعَذَابِ الْأَلِیمِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ بِمَا ظَلَمْتُمُونَا- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ وَیْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَیَّةُ یَدٍ طَاعَنَتْنَا مِنْكُمْ وَ أَیَّةُ نَفْسٍ نَزَعَتْ إِلَی قِتَالِنَا أَمْ بِأَیَّةِ رِجْلٍ مَشَیْتُمْ إِلَیْنَا تَبْغُونَ مُحَارَبَتَنَا قَسَتْ قُلُوبُكُمْ وَ غَلُظَتْ أَكْبَادُكُمْ وَ طُبِعَ عَلَی أَفْئِدَتِكُمْ وَ خُتِمَ عَلَی سَمْعِكُمْ وَ بَصَرِكُمْ وَ سَوَّلَ لَكُمُ الشَّیْطَانُ وَ أَمْلَی لَكُمْ وَ جَعَلَ عَلَی بَصَرِكُمْ غِشَاوَةً فَأَنْتُمْ لَا تَهْتَدُونَ تَبّاً لَكُمْ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَیُّ تِرَاتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ قِبَلَكُمْ وَ ذُحُولٍ لَهُ لَدَیْكُمْ بِمَا عَنِدْتُمْ بِأَخِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام جَدِّی وَ بَنِیهِ عِتْرَةِ النَّبِیِّ الطَّاهِرِینَ الْأَخْیَارِ وَ افْتَخَرَ بِذَلِكَ مُفْتَخِرُ [كُمْ] فَقَالَ:

نَحْنُ قَتَلْنَا عَلِیّاً وَ بَنِی عَلِیٍ (1)***بِسُیُوفٍ هِنْدِیَّةٍ وَ رِمَاحٍ

وَ سَبَیْنَا نِسَاءَهُمْ سَبْیَ تُرْكٍ***وَ نَطَحْنَاهُمْ فَأَیَّ نِطَاحٍ

بِفِیكَ أَیُّهَا الْقَائِلُ الْكَثْكَثُ وَ لَكَ الْأَثْلَبُ افْتَخَرْتَ بِقَتْلِ قَوْمٍ زَكَّاهُمُ اللَّهُ وَ طَهَّرَهُمْ وَ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ فَاكْظِمْ وَ أَقْعِ كَمَا أَقْعَی أَبُوكَ وَ إِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ حَسَدْتُمُونَا وَیْلًا لَكُمْ عَلَی مَا فَضَّلَنَا اللَّهُ عَلَیْكُمْ.

فَمَا ذَنْبُنَا أَنْ جَاشَ دَهْراً بُحُورُنَا***وَ بَحْرُكَ سَاجٍ لَا یُوَارِی الدَّعَامِصَا

ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ- وَ مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ.

ص: 111


1- 1. كذا فی النسخ، و لا یستقیم الشعر وزنا.

قَالَ فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ وَ قَالُوا حَسْبُكِ یَا ابْنَةَ الطَّیِّبِینَ فَقَدْ أَحْرَقْتِ قُلُوبَنَا وَ أَنْضَجْتِ نُحُورَنَا وَ أَضْرَمْتِ أَجْوَافَنَا فَسَكَتَتْ عَلَیْهَا وَ عَلَی أَبِیهَا وَ جَدَّتِهَا السَّلَامُ.

أقول: ذكر فی الإحتجاج هذه الخطبة بهذا الإسناد(1)

و لنرجع إلی كلام السید رحمه اللّٰه.

قَالَ: وَ خَطَبَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِیٍّ علیه السلام فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ مِنْ وَرَاءِ كِلَّتِهَا رَافِعَةً صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ فَقَالَتْ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ سَوْأَةً لَكُمْ مَا لَكُمْ خَذَلْتُمْ حُسَیْناً وَ قَتَلْتُمُوهُ وَ انْتَهَبْتُمْ أَمْوَالَهُ وَ وَرِثْتُمُوهُ وَ سَبَیْتُمْ نِسَاءَهُ وَ نَكَبْتُمُوهُ فَتَبّاً لَكُمْ وَ سُحْقاً وَیْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَیَّ دَوَاهٍ دَهَتْكُمْ وَ أَیَّ وِزْرٍ عَلَی ظُهُورِكُمْ حَمَلْتُمْ وَ أَیَّ دِمَاءٍ سَفَكْتُمُوهَا وَ أَیَّ كَرِیمَةٍ أَصَبْتُمُوهَا وَ أَیَّ صِبْیَةٍ سَلَبْتُمُوهَا وَ أَیَّ أَمْوَالٍ انْتَهَبْتُمُوهَا قَتَلْتُمْ خَیْرَ رِجَالاتٍ بَعْدَ النَّبِیِّ وَ نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ قُلُوبِكُمْ أَلَا حِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَ حِزْبُ الشَّیْطَانِ هُمُ الْخاسِرُونَ* ثُمَّ قَالَتْ:

قَتَلْتُمْ أَخِی صَبْراً فَوَیْلٌ لِأُمِّكُمْ***سَتُجْزَوْنَ نَاراً حَرُّهَا یَتَوَقَّدُ

سَفَكْتُمْ دِمَاءً حَرَّمَ اللَّهُ سَفْكَهَا***وَ حَرَّمَهَا الْقُرْآنُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ

أَلَا فَابْشِرُوا بِالنَّارِ إِنَّكُمُ غَداً***لَفِی سَقَرٍ حَقّاً یَقِیناً تُخَلَّدُوا

وَ إِنِّی لَأَبْكِی فِی حَیَاتِی عَلَی أَخِی***عَلَی خَیْرِ مَنْ بَعْدَ النَّبِیِّ سَیُولَدُ

بِدَمْعٍ غَزِیرٍ مُسْتَهَلٍّ مُكَفْكَفٍ***عَلَی الْخَدِّ مِنِّی ذَائِباً لَیْسَ یَجْمُدُ

قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ الْحَنِینِ وَ النَّوْحِ وَ نَشَرَ النِّسَاءُ شُعُورَهُنَّ وَ وَضَعْنَ التُّرَابَ عَلَی رُءُوسِهِنَّ وَ خَمَشْنَ وُجُوهَهُنَّ وَ ضَرَبْنَ خُدُودَهُنَّ وَ دَعَوْنَ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ وَ بَكَی الرِّجَالُ فَلَمْ یُرَ بَاكِیَةٌ وَ بَاكٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ ثُمَّ إِنَّ زَیْنَ الْعَابِدِینَ علیه السلام أَوْمَأَ إِلَی النَّاسِ أَنِ اسْكُتُوا فَسَكَتُوا فَقَامَ قَائِماً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ النَّبِیَّ وَ صَلَّی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی فَأَنَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ

ص: 112


1- 1. كتاب الملهوف ص 127- 137، الاحتجاج ص 155 و 156.

أَنَا ابْنُ الْمَذْبُوحِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ مِنْ غَیْرِ ذَحْلٍ وَ لَا تِرَاتٍ أَنَا ابْنُ مَنِ انْتُهِكَ حَرِیمُهُ وَ سُلِبَ نَعِیمُهُ وَ انْتُهِبَ مَالُهُ وَ سُبِیَ عِیَالُهُ أَنَا ابْنُ مَنْ قُتِلَ صَبْراً وَ كَفَی بِذَلِكَ فَخْراً.

أَیُّهَا النَّاسُ نَاشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ كَتَبْتُمْ إِلَی أَبِی وَ خَدَعْتُمُوهُ وَ أَعْطَیْتُمُوهُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ وَ الْبَیْعَةَ وَ قَاتَلْتُمُوهُ وَ خَذَلْتُمُوهُ فَتَبّاً لِمَا قَدَّمْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ سَوْأَةً لِرَأْیِكُمْ بِأَیَّةِ عَیْنٍ تَنْظُرُونَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ یَقُولُ لَكُمْ قَتَلْتُمْ عِتْرَتِی وَ انْتَهَكْتُمْ حُرْمَتِی فَلَسْتُمْ مِنْ أُمَّتِی؟

قَالَ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ وَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَلَكْتُمْ وَ مَا تَعْلَمُونَ فَقَالَ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً قَبِلَ نَصِیحَتِی وَ حَفِظَ وَصِیَّتِی فِی اللَّهِ وَ فِی رَسُولِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَإِنَّ لَنَا فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةً حَسَنَةً فَقَالُوا بِأَجْمَعِهِمْ نَحْنُ كُلُّنَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهُ سَامِعُونَ مُطِیعُونَ حَافِظُونَ لِذِمَامِكَ غَیْرَ زَاهِدِینَ فِیكَ وَ لَا رَاغِبِینَ عَنْكَ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَإِنَّا حَرْبٌ لِحَرْبِكَ وَ سِلْمٌ لِسِلْمِكَ لَنَأْخُذَنَّ یَزِیدَ وَ نَبْرَأُ مِمَّنْ ظَلَمَكَ وَ ظَلَمَنَا فَقَالَ علیه السلام هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ أَیُّهَا الْغَدَرَةُ الْمَكَرَةُ حِیلَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ شَهَوَاتِ أَنْفُسِكُمْ أَ تُرِیدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَیَّ كَمَا أَتَیْتُمْ إِلَی آبَائِی مِنْ قَبْلُ كَلَّا وَ رَبِّ الرَّاقِصَاتِ فَإِنَّ الْجُرْحَ لَمَّا یَنْدَمِلْ قُتِلَ أَبِی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِالْأَمْسِ وَ أَهْلُ بَیْتِهِ مَعَهُ وَ لَمْ یَنْسَنِی ثُكْلُ رَسُولِ اللَّهِ وَ ثُكْلُ أَبِی وَ بَنِی أَبِی وَ وَجْدُهُ بَیْنَ لَهَاتِی وَ مَرَارَتُهُ بَیْنَ حَنَاجِرِی وَ حَلْقِی وَ غُصَصُهُ یَجْرِی فِی فِرَاشِ صَدْرِی وَ مَسْأَلَتِی أَنْ لَا تَكُونُوا لَنَا وَ لَا عَلَیْنَا ثُمَّ قَالَ:

لَا غَرْوَ إِنْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ شَیْخُهُ***قَدْ كَانَ خَیْراً مِنْ حُسَیْنٍ وَ أَكْرَمَا

فَلَا تَفْرَحُوا یَا أَهْلَ كُوفَانَ بِالَّذِی***أُصِیبَ حُسَیْنٌ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَا

قَتِیلٌ بِشَطِّ النَّهْرِ رُوحِی فِدَاؤُهُ***جَزَاءُ الَّذِی أَرْدَاهُ نَارُ جَهَنَّمَا

أَقُولُ رُوِیَ فِی الْإِحْتِجَاجِ هَكَذَا قَالَ حِذْیَمُ بْنُ بَشِیرٍ: خَرَجَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام إِلَی النَّاسِ وَ أَوْمَأَ إِلَیْهِمْ أَنِ اسْكُتُوا فَسَكَتُوا إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).

ص: 113


1- 1. الاحتجاج ص 157 و فیه: عن حذام بن ستیر.

قَالَ السَّیِّدُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام: رَضِینَا مِنْكُمْ رَأْساً بِرَأْسٍ فَلَا یَوْمَ لَنَا وَ لَا عَلَیْنَا.

أَقُولُ رَأَیْتُ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ رُوِیَ مُرْسَلًا عَنْ مُسْلِمٍ الْجَصَّاصِ قَالَ: دَعَانِی ابْنُ زِیَادٍ لِإِصْلَاحِ دَارِ الْإِمَارَةِ بِالْكُوفَةِ فَبَیْنَمَا أَنَا أُجَصِّصُ الْأَبْوَابَ وَ إِذَا أَنَا بِالزَّعَقَاتِ قَدِ ارْتَفَعَتْ مِنْ جَنَبَاتِ الْكُوفَةِ فَأَقْبَلْتُ عَلَی خَادِمٍ كَانَ مَعَنَا فَقُلْتُ مَا لِی أَرَی الْكُوفَةَ تَضِجُّ قَالَ السَّاعَةَ أَتَوْا بِرَأْسِ خَارِجِیٍّ خَرَجَ عَلَی یَزِیدَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الْخَارِجِیُّ فَقَالَ- الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ فَتَرَكْتُ الْخَادِمَ حَتَّی خَرَجَ وَ لَطَمْتُ وَجْهِی حَتَّی خَشِیتُ عَلَی عَیْنِی أَنْ یَذْهَبَ وَ غَسَلْتُ یَدَیَّ مِنَ الْجِصِّ وَ خَرَجْتُ مِنْ ظَهْرِ الْقَصْرِ وَ أَتَیْتُ إِلَی الْكِنَاسِ فَبَیْنَمَا أَنَا وَاقِفٌ وَ النَّاسُ یَتَوَقَّعُونَ وَصُولَ السَّبَایَا وَ الرُّءُوسِ إِذْ قَدْ أَقْبَلَتْ نَحْوَ أَرْبَعِینَ شُقَّةً تُحْمَلُ عَلَی أَرْبَعِینَ جَمَلًا فِیهَا الْحُرَمُ وَ النِّسَاءُ وَ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ إِذَا بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَلَی بَعِیرٍ بِغَیْرِ وِطَاءٍ وَ أَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَماً وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ یَبْكِی وَ یَقُولُ:

یَا أُمَّةَ السَّوْءِ لَا سُقْیَا لِرَبْعِكُمْ***یَا أُمَّةً لَمْ تُرَاعِ جَدَّنَا فِینَا

لَوْ أَنَّنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ یَجْمَعُنَا***یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَا

تُسَیِّرُونَا عَلَی الْأَقْتَابِ عَارِیَةً***كَأَنَّنَا لَمْ نُشَیِّدْ فِیكُمْ دِیناً

بَنِی أُمَیَّةَ مَا هَذَا الْوُقُوفُ عَلَی***تِلْكَ الْمَصَائِبِ لَا تُلَبُّونَ دَاعِیَنَا

تُصَفِّقُونَ عَلَیْنَا كَفَّكُمْ فَرَحاً***وَ أَنْتُمُ فِی فِجَاجِ الْأَرْضِ تَسْبُونَا

أَ لَیْسَ جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ وَیْلَكُمْ***أَهْدَی الْبَرِیَّةِ مِنْ سُبُلِ الْمُضِلِّینَا

یَا وَقْعَةَ الطَّفِّ قَدْ أَوْرَثْتِنِی حَزَناً***وَ اللَّهُ یَهْتِكُ أَسْتَارَ الْمُسِیئِینَا

قَالَ صَارَ أَهْلُ الْكُوفَةِ یُنَاوِلُونَ الْأَطْفَالَ الَّذِینَ عَلَی الْمَحَامِلِ بَعْضَ التَّمْرِ وَ الْخُبْزِ وَ الْجَوْزِ فَصَاحَتْ بِهِمْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَ قَالَتْ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَیْنَا حَرَامٌ وَ صَارَتْ تَأْخُذُ ذَلِكَ مِنَ أَیْدِی الْأَطْفَالِ وَ أَفْوَاهِهِمْ وَ تَرْمِی بِهِ إِلَی الْأَرْضِ قَالَ كُلُّ ذَلِكَ وَ النَّاسُ یَبْكُونَ عَلَی مَا أَصَابَهُمْ.

ص: 114

ثُمَّ إِنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ أَطْلَعَتْ رَأْسَهَا مِنَ الْمَحْمِلِ وَ قَالَتْ لَهُمْ صَهْ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ تَقْتُلُنَا رِجَالُكُمْ وَ تَبْكِینَا نِسَاؤُكُمْ فَالْحَاكِمُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمُ اللَّهُ یَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ فَبَیْنَمَا هِیَ تُخَاطِبُهُنَّ إِذَا بِضَجَّةٍ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَإِذَا هُمْ أَتَوْا بِالرُّءُوسِ یَقْدُمُهُمْ رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هُوَ رَأْسٌ زُهْرِیٌّ قَمَرِیٌّ أَشْبَهُ الْخَلْقِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِحْیَتُهُ كَسَوَادِ السَّبَجِ قَدِ انْتَصَلَ مِنْهَا(1) الْخِضَابُ وَ وَجْهُهُ دَارَةُ قَمَرٍ طَالِعٍ وَ الرُّمْحُ تَلْعَبُ بِهَا یَمِیناً وَ شِمَالًا فَالْتَفَتَتْ زَیْنَبُ فَرَأَتْ رَأْسَ أَخِیهَا فَنَطَحَتْ جَبِینَهَا بِمُقَدَّمِ الْمَحْمِلِ حَتَّی رَأَیْنَا الدَّمَ یَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ قِنَاعِهَا وَ أَوْمَأَتْ إِلَیْهِ بخرقة [بِحُرْقَةٍ] وَ جَعَلْتْ تَقُولُ:

یَا هِلَالًا لَمَّا اسْتَتَمَّ كَمَالًا***غَالَهُ خَسْفُهُ فَأَبْدَا غُرُوبَا

مَا تَوَهَّمْتُ یَا شَقِیقَ فُؤَادِی***كَانَ هَذَا مُقَدَّراً مَكْتُوبَا

یَا أَخِی فَاطِمَ الصَّغِیرَةَ كَلِّمْهَا***فَقَدْ كَادَ قَلَبُهَا أَنْ یَذُوبَا

یَا أَخِی قَلْبُكَ الشَّفِیقُ عَلَیْنَا***مَا لَهُ قَدْ قَسَی وَ صَارَ صَلِیبَا

یَا أَخِی لَوْ تَرَی عَلِیّاً لَدَی الْأَسْرِ***مَعَ الْیُتْمِ لَا یُطِیقُ وُجُوبَا

كُلَّمَا أَوْجَعُوهُ بِالضَّرْبِ نَادَاكَ***بِذُلٍّ یَغِیضُ دَمْعاً سَكُوبَا

یَا أَخِی ضُمَّهُ إِلَیْكَ وَ قَرِّبْهُ***وَ سَكِّنْ فُؤَادَهُ الْمَرْعُوبَا

مَا أَذَلَّ الْیَتِیمَ حِینَ یُنَادِی***بِأَبِیهِ وَ لَا یَرَاهُ مُجِیبَا

ثُمَّ قَالَ السَّیِّدُ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ زِیَادٍ جَلَسَ فِی الْقَصْرِ لِلنَّاسِ وَ أَذِنَ إِذْناً عَامّاً وَ جِی ءَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَوُضِعَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أُدْخِلَ نِسَاءُ الْحُسَیْنِ وَ صِبْیَانُهُ إِلَیْهِ فَجَلَسَتْ زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیٍّ علیه السلام مُتَنَكِّرَةً فَسَأَلَ عَنْهَا فَقِیلَ هَذِهِ زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیٍّ فَأَقْبَلَ عَلَیْهَا فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَحَكُمْ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ فَقَالَتْ إِنَّمَا یَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَ یَكْذِبُ الْفَاجِرُ وَ هُوَ غَیْرُنَا فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ كَیْفَ رَأَیْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَخِیكِ وَ أَهْلِ بَیْتِكِ؟

ص: 115


1- 1. السبج معرب شبه و هو حجر أسود شدید السواد براق و له فوائد طبیة، و كثیرا ما یشبه به الأشیاء سوادا كقول الحكیم الطوسیّ« شبی چون شبه روی شسته بقیر» و به سموا السبیج و السبیجة و السبجة للثوب الأسود و قد صحفت الكلمة تارة بالشیخ كما فی الأصل و تارة بالشبح كما فی الكمبانیّ. و اما النصل و الانتصال: فهو خروج اللحیة من الخضاب و منه لحیة ناصل.

فَقَالَتْ مَا رَأَیْتُ إِلَّا جَمِیلًا هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَی مَضَاجِعِهِمْ وَ سَیَجْمَعُ اللَّهُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَ تُخَاصَمُ فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ یَوْمَئِذٍ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا ابْنَ مَرْجَانَةَ.

قَالَ فَغَضِبَ وَ كَأَنَّهُ هَمَّ بِهَا فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ إِنَّهَا امْرَأَةٌ وَ الْمَرْأَةُ لَا تُؤَاخَذُ بِشَیْ ءٍ مِنْ مَنْطِقِهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِیَادٍ لَقَدْ شَفَی اللَّهُ قَلْبِی مِنْ طَاغِیَتِكِ الْحُسَیْنِ وَ الْعُصَاةِ الْمَرَدَةِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِكِ فَقَالَتْ لَعَمْرِی لَقَدْ قَتَلْتَ كَهْلِی وَ قَطَعْتَ فَرْعِی وَ اجْتَثَثْتَ أَصْلِی فَإِنْ كَانَ هَذَا شِفَاءَكَ فَقَدِ اشْتَفَیْتَ فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ هَذِهِ سَجَّاعَةٌ وَ لَعَمْرِی لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ سَجَّاعاً شَاعِراً فَقَالَتْ یَا ابْنَ زِیَادٍ مَا لِلْمَرْأَةِ وَ السَّجَّاعَةَ(1)

و قال ابن نما و إن لی عن السجاعة لشغلا و إنی لأعجب ممن یشتفی بقتل أئمته و یعلم أنهم منتقمون منه فی آخرته وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَوُضِعَ الرَّأْسُ بَیْنَ یَدَیْهِ یَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ یَتَبَسَّمُ وَ بِیَدِهِ قَضِیبٌ یَضْرِبُ بِهِ ثَنَایَاهُ وَ كَانَ إِلَی جَانِبِهِ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ شَیْخٌ كَبِیرٌ فَلَمَّا رَآهُ یَضْرِبُ بِالْقَضِیبِ ثَنَایَاهُ قَالَ ارْفَعْ قَضِیبَكَ عَنْ هَاتَیْنِ الشَّفَتَیْنِ فَوَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ رَأَیْتُ شَفَتَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْهِمَا مَا لَا أُحْصِیهِ یُقَبِّلُهُمَا ثُمَّ انْتَحَبَ بَاكِیاً فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِیَادٍ أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَیْكَ أَ تَبْكِی لِفَتْحِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّكَ شَیْخٌ كَبِیرٌ قَدْ خرقت [خَرِفْتَ] وَ ذَهَبَ عَقْلُكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ فَنَهَضَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ صَارَ إِلَی مَنْزِلِهِ (2)

ص: 116


1- 1. الملهوف ص 142 و 143.
2- 2. الإرشاد ص 228، و لكن قد یقال ان زید بن أرقم كان حینذاك أعمی: قد كف بصره بدعاء علی أمیر المؤمنین علیه السلام حین استشهده عن كلام رسول اللّٰه« من كنت مولاه فهذا علی مولاه» فكتمه، كما فی شرح النهج ج 1 ص 362 لابن أبی الحدید، الا انه لم یثبت، و لا نقله أرباب التراجم فی ترجمته. و لو صح لم یناف انكاره علی ابن زیاد بضرب القضیب علی ثنایاه علیه السلام، لجواز أن یكون قد أنكر علی ما سمعه ممن رأی ذلك نعم قال ابن عساكر فی تاریخه ج 4 ص 340 أنه كان حاضر المجلس و یؤید ابن زیاد.

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ثُمَّ رَفَعَ زَیْدٌ صَوْتَهُ یَبْكِی وَ خَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ مَلَكَ عَبْدٌ حُرّاً أَنْتُمْ یَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ الْعَبِیدُ بَعْدَ الْیَوْمِ قَتَلْتُمُ ابْنَ فَاطِمَةَ وَ أَمَّرْتُمُ ابْنَ مَرْجَانَةَ حَتَّی یَقْتُلَ خِیَارَكُمْ وَ یَسْتَعْبِدَ أَشْرَارَكُمْ رَضِیتُمْ بِالذُّلِّ فَبُعْداً لِمَنْ رَضِیَ (1)

وَ قَالَ الْمُفِیدُ فَأُدْخِلَ عِیَالُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا عَلَی ابْنِ زِیَادٍ فَدَخَلَتْ زَیْنَبُ أُخْتُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی جُمْلَتِهِمْ مُتَنَكِّرَةً وَ عَلَیْهَا أَرْذَلُ ثِیَابِهَا وَ مَضَتْ حَتَّی جَلَسَتْ نَاحِیَةً وَ حَفَّتْ بِهَا إِمَاؤُهَا فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ مَنْ هَذِهِ الَّتِی انْحَازَتْ فَجَلَسَتْ نَاحِیَةً وَ مَعَهَا نِسَاؤُهَا فَلَمْ تُجِبْهُ زَیْنَبُ فَأَعَادَ الْقَوْلَ ثَانِیَةً وَ ثَالِثَةً یَسْأَلُ عَنْهَا فَقَالَتْ لَهُ بَعْضُ إِمَائِهَا هَذِهِ- زَیْنَبُ بِنْتُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلَ عَلَیْهَا ابْنُ زِیَادٍ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَحَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ فَقَالَتْ زَیْنَبُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَنَا بِنَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ طَهَّرَنَا مِنَ الرِّجْسِ تَطْهِیراً إِنَّمَا یَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ(2)

وَ قَالَ السَّیِّدُ وَ ابْنُ نَمَا ثُمَّ الْتَفَتَ ابْنُ زِیَادٍ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقِیلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَقَالَ أَ لَیْسَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ فَقَالَ عَلِیٌّ قَدْ كَانَ لِی أَخٌ یُسَمَّی عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ قَتَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ بَلِ اللَّهُ قَتَلَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ- اللَّهُ یَتَوَفَّی الْأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِها وَ الَّتِی لَمْ تَمُتْ فِی مَنامِها(3) فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ وَ لَكَ جُرْأَةٌ عَلَی جَوَابِی اذْهَبُوا بِهِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَسَمِعَتْ عَمَّتُهُ زَیْنَبُ فَقَالَتْ یَا ابْنَ زِیَادٍ إِنَّكَ لَمْ تُبْقِ مِنَّا أَحَداً فَإِنْ عَزَمْتَ عَلَی قَتْلِهِ فَاقْتُلْنِی مَعَهُ وَ قَالَ الْمُفِیدُ وَ ابْنُ

نَمَا فَتَعَلَّقَتْ بِهِ زَیْنَبُ عَمَّتُهُ وَ قَالَتْ یَا ابْنَ زِیَادٍ حَسْبُكَ مِنْ دِمَائِنَا وَ اعْتَنَقَتْهُ وَ قَالَتْ وَ اللَّهِ لَا أُفَارِقُهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَاقْتُلْنِی مَعَهُ (4) فَنَظَرَ ابْنُ زِیَادٍ إِلَیْهَا وَ إِلَیْهِ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ عَجَباً لِلرَّحِمِ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّهَا وَدَّتْ أَنِّی قَتَلْتُهَا مَعَهُ

ص: 117


1- 1. و مثله فی الطبریّ ج 6 ص 262.
2- 2. الإرشاد ص 228.
3- 3. الزمر: 42.
4- 4. الملهوف ص 144.

دَعُوهُ فَإِنِّی أَرَاهُ لِمَا بِهِ.

وَ قَالَ السَّیِّدُ فَقَالَ عَلِیٌّ لِعَمَّتِهِ اسْكُتِی یَا عَمَّةِ حَتَّی أُكَلِّمَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ علیه السلام فَقَالَ أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِی یَا ابْنَ زِیَادٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ لَنَا عَادَةٌ وَ كَرَامَتَنَا الشَّهَادَةُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِیَادٍ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ أَهْلِهِ فَحُمِلُوا إِلَی دَارٍ إِلَی جَنْبِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَقَالَتْ زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیٍّ- لَا یَدْخُلَنَّ عَلَیْنَا عَرَبِیَّةٌ إِلَّا أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مَمْلُوكَةٌ فَإِنَّهُنَّ سُبِینَ وَ قَدْ سُبِینَا وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رُوِّیتُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ شَهِدْتُ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ وَ هُوَ یَنْكُتُ بِقَضِیبٍ عَلَی أَسْنَانِ الْحُسَیْنِ وَ یَقُولُ إِنَّهُ كَانَ حَسَنَ الثَّغْرِ فَقُلْتُ أَمَ وَ اللَّهِ لَأَسُوأَنَّكَ لَقَدْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقَبِّلُ مَوْضِعَ قَضِیبِكَ مِنْ فِیهِ وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُمَا حَضَرَا عُبَیْدَ اللَّهِ یَضْرِبُ بِقَضِیبِهِ أَنْفَ الْحُسَیْنِ وَ عَیْنَیْهِ وَ یَطْعَنُ فِی فَمِهِ فَقَالَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ ارْفَعْ قَضِیبَكَ إِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهُ وَاضِعاً شَفَتَیْهِ عَلَی مَوْضِعِ قَضِیبِكَ ثُمَّ انْتَحَبَ بَاكِیاً فَقَالَ لَهُ أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَیْكَ عَدُوَّ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّكَ شَیْخٌ قَدْ خَرِفْتَ وَ ذَهَبَ عَقْلُكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ فَقَالَ زَیْدٌ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِیثاً هُوَ أَغْلَظُ عَلَیْكَ مِنْ هَذَا رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَقْعَدَ حَسَناً عَلَی فَخِذِهِ الْیُمْنَی وَ حُسَیْناً عَلَی فَخِذِهِ الْیُسْرَی فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی یَافُوخِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَوْدِعُكَ إِیَّاهُمَا وَ صَالِحَ الْمُؤْمِنِینَ فَكَیْفَ كَانَ وَدِیعَتُكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله و قال و لما اجتمع عبید اللّٰه بن زیاد و عمر بن سعد- بعد قتل الحسین علیه السلام قال عبید اللّٰه لعمر ائتنی بالكتاب الذی كتبته إلیك فی معنی قتل الحسین علیه السلام و مناجزته فقال ضاع فقال لتجیئننی به أ تراك معتذرا فی عجائز قریش قال عمر و اللّٰه لقد نصحتك فی الحسین نصیحة لو استشارنی بها أبی سعد كنت قد أدیت حقه فقال عثمان بن زیاد أخو عبید اللّٰه صدق و اللّٰه لوددت أنه لیس من بنی زیاد رجل إلا و فی أنفه خزامة إلی یوم القیامة و أن حسینا لم یقتل قال عمر بن سعد و اللّٰه ما رجع أحد بشر مما رجعت أطعت عبید اللّٰه و عصیت اللّٰه و قطعت الرحم

ص: 118

وَ قَالَ السَّیِّدُ ثُمَّ أَمَرَ ابْنُ زِیَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَطِیفَ بِهِ فِی سِكَكِ الْكُوفَةِ وَ یَحِقُّ لِی أَنْ أَتَمَثَّلَ هَاهُنَا بِأَبْیَاتٍ لِبَعْضِ ذَوِی الْعُقُولِ یَرْثِی بِهَا قَتِیلًا مِنْ آلِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ:

رَأْسُ ابْنِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ وَصِیِّهِ***لِلنَّاظِرِینَ عَلَی قَنَاةٍ یُرْفَعُ

وَ الْمُسْلِمُونَ بِمَنْظَرٍ وَ بِمَسْمَعٍ***لَا مُنْكِرٌ مِنْهُمْ وَ لَا مُتَفَجِّعُ

كُحِلَتْ بِمَنْظَرِكَ الْعُیُونُ عَمَایَةً***وَ أَصَمَّ رُزْؤُكَ كُلَّ أُذُنٍ تَسْمَعُ

مَا رَوْضَةٌ إِلَّا تَمَنَّتْ أَنَّهَا***لَكَ حُفْرَةٌ وَ لِخَطِّ قَبْرِكَ مَضْجَعُ

أَیْقَظْتَ أَجْفَاناً وَ كُنْتَ لَهَا كَرًی***وَ أَنَمْتَ عَیْناً لَمْ یَكُنْ بِكَ تَهْجَعُ (1)

قَالَ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ زِیَادٍ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ فِی بَعْضِ كَلَامِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَظْهَرَ الْحَقَّ وَ أَهْلَهُ وَ نَصْرَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَشْیَاعَهُ وَ قَتَلَ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ فَمَا زَادَ عَلَی هَذَا الْكَلَامِ شَیْئاً حَتَّی قَامَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِیفٍ الْأَزْدِیُّ وَ كَانَ مِنْ خِیَارِ الشِّیعَةِ وَ زُهَّادِهَا وَ كَانَتْ عَیْنُهُ الْیُسْرَی ذَهَبَتْ فِی یَوْمِ الْجَمَلِ وَ الْأُخْرَی فِی یَوْمِ صِفِّینَ وَ كَانَ یُلَازِمُ الْمَسْجِدَ الْأَعْظَمَ فَیُصَلِّی فِیهِ إِلَی اللَّیْلِ فَقَالَ یَا ابْنَ مَرْجَانَةَ إِنَّ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ مَنِ اسْتَعْمَلَكَ وَ أَبُوهُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ أَ تَقْتُلُونَ أَبْنَاءَ النَّبِیِّینَ وَ تَتَكَلَّمُونَ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَی مَنَابِرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَغَضِبَ ابْنُ زِیَادٍ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا الْمُتَكَلِّمُ فَقَالَ أَنَا الْمُتَكَلِّمُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ تَقْتُلُ الذُّرِّیَّةَ الطَّاهِرَةَ الَّتِی قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ عَلَی دِینِ الْإِسْلَامِ وَا غَوْثَاهْ أَیْنَ أَوْلَادُ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ- لَا یَنْتَقِمُونَ مِنْ طَاغِیَتِكَ اللَّعِینِ ابْنِ اللَّعِینِ عَلَی لِسَانِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ قَالَ فَازْدَادَ غَضَبُ ابْنِ زِیَادٍ حَتَّی انْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ وَ قَالَ عَلَیَّ بِهِ فَبَادَرَ إِلَیْهِ الْجَلَاوِزَةُ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ لِیَأْخُذُوهُ فَقَامَتِ الْأَشْرَافُ مِنَ الْأَزْدِ مِنْ بَنِی عَمِّهِ فَخَلَّصُوهُ مِنْ أَیْدِی الْجَلَاوِزَةِ وَ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ انْطَلَقُوا بِهِ إِلَی مَنْزِلِهِ فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ اذْهَبُوا إِلَی هَذَا الْأَعْمَی أَعْمَی الْأَزْدِ أَعْمَی اللَّهُ قَلْبَهُ كَمَا أَعْمَی عَیْنَهُ فَأْتُونِی بِهِ

ص: 119


1- 1. فی المصدر ص 145 بین البیتین الأخیرین تقدیم و تأخیر.

فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْأَزْدَ اجْتَمَعُوا وَ اجْتَمَعَتْ مَعَهُمْ قَبَائِلُ الْیَمَنِ لِیَمْنَعُوا صَاحِبَهُمْ قَالَ وَ بَلَغَ ذَلِكَ إِلَی ابْنِ زِیَادٍ فَجَمَعَ قَبَائِلَ مُضَرَ وَ ضَمَّهُمْ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَ أَمَرَهُمْ بِقِتَالِ الْقَوْمِ قَالَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً حَتَّی قُتِلَ بَیْنَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ وَ وَصَلَ أَصْحَابُ ابْنُ زِیَادٍ إِلَی دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَفِیفٍ فَكَسَرُوا الْبَابَ وَ اقْتَحَمُوا عَلَیْهِ فَصَاحَتْ ابْنَتُهُ أَتَاكَ الْقَوْمُ مِنْ حَیْثُ تَحْذَرُ فَقَالَ لَا عَلَیْكِ نَاوِلِینِی سَیْفِی فَنَاوَلَتْهُ إِیَّاهُ فَجَعَلَ یَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ وَ یَقُولُ:

أَنَا ابْنُ ذِی الْفَضْلِ عَفِیفِ الطَّاهِرِ***عَفِیفٌ شَیْخِی وَ ابْنُ أُمِّ عَامِرِ

كَمْ دَارِعٍ مِنْ جَمْعِكُمْ وَ حَاسِرِ***وَ بَطَلٍ جَدَّلْتُهُ مُغَادِرِ

قَالَ وَ جَعَلَتْ ابْنَتُهُ تَقُولُ یَا أَبَتِ لَیْتَنِی كُنْتُ رَجُلًا أُخَاصِمُ بَیْنَ یَدَیْكَ الْیَوْمَ هَؤُلَاءِ الْفَجَرَةَ قَاتِلِی الْعِتْرَةِ الْبَرَرَةِ قَالَ وَ جَعَلَ الْقَوْمُ یَدُورُونَ عَلَیْهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَ هُوَ یَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ أَحَدٌ وَ كُلَّمَا جَاءُوا مِنْ جِهَةٍ قَالَتْ یَا أَبَهْ قَدْ جَاءُوكَ مِنْ جِهَةِ كَذَا حَتَّی تَكَاثَرُوا عَلَیْهِ وَ أَحَاطُوا بِهِ فَقَالَتْ بِنْتُهُ وَا ذُلَّاهْ یُحَاطُ بِأَبِی وَ لَیْسَ لَهُ نَاصِرٌ یَسْتَعِینُ بِهِ فَجَعَلَ یُدِیرُ سَیْفَهُ وَ یَقُولُ:

أُقْسِمُ لَوْ یُفْسَحُ لِی عَنْ بَصَرِی***ضَاقَ عَلَیْكُمْ مَوْرِدِی وَ مَصْدَرِی

قَالَ فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّی أَخَذُوهُ ثُمَّ حُمِلَ فَأُدْخِلَ عَلَی ابْنِ زِیَادٍ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَخْزَاكَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِیفٍ یَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ بِمَا ذَا أَخْزَانِیَ اللَّهُ؟

وَ اللَّهِ لَوْ فُرِّجَ لِی عَنْ بَصَرِی***ضَاقَ عَلَیْكَ مَوْرِدِی وَ مَصْدَرِی

فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ یَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ یَا عَبْدَ بَنِی عِلَاجٍ یَا ابْنَ مَرْجَانَةَ وَ شَتَمَهُ مَا أَنْتَ وَ عُثْمَانَ إِنْ أَسَاءَ أَمْ أَحْسَنَ وَ أَصْلَحَ أَمْ أَفْسَدَ وَ اللَّهُ تَعَالَی وَلِیُّ خَلْقِهِ یَقْضِی بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ عُثْمَانَ بِالْعَدْلِ وَ الْحَقِّ وَ لَكِنْ سَلْنِی عَنْ أَبِیكَ وَ عَنْكَ وَ عَنْ یَزِیدَ وَ أَبِیهِ فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ وَ اللَّهِ لَا سَأَلْتُكَ عَنْ شَیْ ءٍ أَوْ تَذُوقَ الْمَوْتَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَفِیفٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ أَمَا إِنِّی قَدْ كُنْتُ أَسْأَلُ اللَّهَ رَبِّی أَنْ یَرْزُقَنِیَ الشَّهَادَةَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَكَ أُمُّكَ وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَی یَدَیْ أَلْعَنِ

ص: 120

خَلْقِهِ وَ أَبْغَضِهِمْ إِلَیْهِ فَلَمَّا كُفَّ بَصَرِی یَئِسْتُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَ الْآنَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی رَزَقَنِیهَا بَعْدَ الْیَأْسِ مِنْهَا وَ عَرَّفَنِیَ الْإِجَابَةَ مِنْهُ فِی قَدِیمِ دُعَائِی فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ اضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ صُلِبَ فِی السَّبَخَةِ(1)

وَ قَالَ الْمُفِیدُ فَلَمَّا أَخَذَتْهُ الْجَلَاوِزَةُ نَادَی شِعَارَ الْأَزْدِ فَاجْتَمَعَ مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةٍ فَانْتَزَعُوهُ مِنَ الْجَلَاوِزَةِ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ أَرْسَلَ إِلَیْهِ ابْنُ زِیَادٍ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَیْتِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ صَلَبَهُ فِی السَّبَخَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ (2)

وَ قَالَ ابْنُ نَمَا ثُمَّ دَعَا جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِیَّ وَ كَانَ شَیْخاً فَقَالَ یَا عَدُوَّ اللَّهِ أَ لَسْتَ صَاحِبَ أَبِی تُرَابٍ قَالَ بَلَی لَا أَعْتَذِرُ مِنْهُ قَالَ مَا أَرَانِی إِلَّا مُتَقَرِّباً إِلَی اللَّهِ بِدَمِكَ قَالَ إِذَنْ لَا یُقَرِّبُكَ اللَّهُ مِنْهُ بَلْ یُبَاعِدُكَ قَالَ شَیْخٌ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَ خَلَّی سَبِیلَهُ ثُمَّ قَالَ الْمُفِیدُ وَ لَمَّا أَصْبَحَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَدِیرَ بِهِ فِی سِكَكِ الْكُوفَةِ وَ قَبَائِلِهَا فَرُوِیَ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ مُرَّ بِهِ عَلَیَّ وَ هُوَ عَلَی رُمْحٍ وَ أَنَا فِی غُرْفَةٍ لِی فَلَمَّا حَاذَانِی سَمِعْتُهُ یَقْرَأُ- أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً فَقَفَّ وَ اللَّهِ شِعْرِی عَلَیَّ وَ نَادَیْتُ رَأْسُكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَعْجَبُ وَ أَعْجَبُ وَ قَالَ السَّیِّدُ وَ كَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ إِلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ یُخْبِرُهُ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ وَ خَبَرِ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ كَتَبَ أَیْضاً إِلَی عَمْرِو بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ أَمِیرِ الْمَدِینَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ قَالَ الْمُفِیدُ وَ لَمَّا أَنْفَذَ إلی ابْنُ زِیَادٍ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی یَزِیدَ تَقَدَّمَ إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِی الْحَارِثِ السُّلَمِیِّ فَقَالَ انْطَلِقْ حَتَّی تَأْتِیَ عَمْرَو بْنَ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْمَدِینَةِ فَبَشِّرْهُ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِی وَ سِرْتُ نَحْوَ الْمَدِینَةِ فَلَقِیَنِی رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ مَا الْخَبَرُ فَقُلْتُ الْخَبَرُ عِنْدَ الْأَمِیرِ تَسْمَعُهُ

ص: 121


1- 1. الملهوف ص 146- 150، و المراد بالسبخة: الكناسة.
2- 2. الإرشاد ص 229، و هكذا ما بعده.

قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ قُتِلَ وَ اللَّهِ الْحُسَیْنُ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَی عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ قَالَ مَا وَرَاكَ فَقُلْتُ مَا سَرَّ الْأَمِیرَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ فَقَالَ اخْرُجْ فَنَادِ بِقَتْلِهِ فَنَادَیْتُ فَلَمْ أَسْمَعْ وَ اللَّهِ وَاعِیَةً قَطُّ مِثْلَ وَاعِیَةِ بَنِی هَاشِمٍ فِی دُورِهِمْ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ حِینَ سَمِعُوا النِّدَاءَ بِقَتْلِهِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَی عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ فَلَمَّا رَآنِی تَبَسَّمَ إِلَیَّ ضَاحِكاً ثُمَّ أَنْشَأَ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِیكَرِبَ:

عَجَّتْ نِسَاءُ بَنِی زِیَادٍ عَجَّةً***كَعَجِیجِ نِسْوَتِنَا غَدَاةَ الْأَرْنَبِ

ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو هَذِهِ وَاعِیَةٌ بِوَاعِیَةِ عُثْمَانَ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ دَعَا لِیَزِیدَ وَ نَزَلَ (1)

و قال صاحب المناقب قال فی خطبته إنها لدمة بلدمة و صدمة بصدمة كم خطبة بعد خطبة و موعظة بعد موعظة- حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ و اللّٰه لوددت أن رأسه فی بدنه و روحه فی جسده أحیانا كان یسبنا و نمدحه و یقطعنا و نصله كعادتنا و عادته و لم یكن من أمره ما كان و لكن كیف نصنع بمن سل سیفه یرید قتلنا إلا أن ندفعه عن أنفسنا(2) فقام عبد اللّٰه بن السائب فقال لو كانت فاطمة حیة فرأت رأس الحسین لبكت علیه فجبهه عمرو بن سعید و قال نحن أحق بفاطمة منك أبوها عمنا و زوجها أخونا و ابنها ابننا لو كانت فاطمة حیة لبكت عینها و حرت كبدها و ما لامت من قتله و دفعه عن نفسه ثُمَّ قَالَ الْمُفِیدُ فَدَخَلَ بَعْضُ مَوَالِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَنَعَی إِلَیْهِ ابْنَیْهِ فَاسْتَرْجَعَ فَقَالَ أَبُو السَّلَاسِلِ (3)

مَوْلَی عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مَا لَقِینَا مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَحَذَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِنَعْلِهِ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ أَ لِلْحُسَیْنِ تَقُولُ هَذَا؟

ص: 122


1- 1. الإرشاد ص 231 و 332، و ذكره الطبریّ فی تاریخه ج 6 ص 268.
2- 2. ذكره ابن أبی الحدید فی شرح النهج ج 9 ص 361.
3- 3. ذكر القصة الطبریّ فی ج 6 ص 268 و سماه أبا اللسلاس.

وَ اللَّهِ لَوْ شَهِدْتُهُ لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أُفَارِقَهُ حَتَّی أُقْتَلَ مَعَهُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمِمَّا یَسْخَی بِنَفْسِی عَنْهُمَا وَ یُعَزِّی عَنِ الْمُصَابِ بِهِمَا أَنَّهُمَا أُصِیبَا مَعَ أَخِی وَ ابْنِ عَمِّی مُوَاسِیَیْنِ لَهُ صَابِرَیْنِ مَعَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی جُلَسَائِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَزَّ عَلَیَّ مَصْرَعُ الْحُسَیْنِ إِنْ لَا أَكُنْ آسَیْتُ حُسَیْناً بِیَدِی فَقَدْ آسَاهُ وَلَدَایَ فَخَرَجَتْ أُمُّ لُقْمَانَ بِنْتُ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ حِینَ سَمِعَتْ نَعْیَ الْحُسَیْنِ علیه السلام حَاسِرَةً وَ مَعَهَا أَخَوَاتُهَا أُمُّ هَانِئٍ وَ أَسْمَاءُ وَ رَمْلَةُ وَ زَیْنَبُ بَنَاتُ عَقِیلٍ تَبْكِی قَتْلَاهَا بِالطَّفِّ وَ هِیَ تَقُولُ:

مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِیُّ لَكُمْ***مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ

بِعِتْرَتِی وَ بِأَهْلِی بَعْدَ مُفْتَقَدِی***مِنْهُمْ أُسَارَی وَ قَتْلَی ضُرِّجُوا بِدَمِ

مَا كَانَ هَذَا جَزَائِی إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ***أَنْ تُخْلِفُونِی بِسُوءٍ فِی ذَوِی رَحِمِی

فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ الَّذِی خَطَبَ فِیهِ عَمْرُو بْنُ سَعِیدٍ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ سَمِعَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ مُنَادِیاً یُنَادِی یَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَ لَا یَرَوْنَ شَخْصَهُ:

أَیُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَیْناً***أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِیلِ

كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ یَدْعُو عَلَیْكُمْ***مِنْ نَبِیٍّ وَ مُرْسَلٍ وَ قَبِیلِ (1)

قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَی لِسَانِ ابْنِ دَاوُدَ***وَ مُوسَی وَ صَاحِبِ الْإِنْجِیلِ (2)

و قال ابن نما و روی أن یزید بن معاویة لعنهما اللّٰه بعث بمقتل الحسین علیه السلام إلی المدینة محرز بن حریث بن مسعود الكلبی من بنی عدی بن حباب و رجلا من یهرا(3) و كانا من أفاضل أهل الشام فلما قدما خرجت امرأة من بنات عبد المطلب قیل هی زینب بنت عقیل ناشرة شعرها واضعة كمها علی رأسها تتلقاهم و هی تبكی ما ذا تقولون إذ قال النبی لكم إلی آخر الأبیات.

ص: 123


1- 1. كذا، و الصحیح« و قتیل» یعنی الشهید.
2- 2. الإرشاد ص 232 و 233.
3- 3. كذا فی الأصل، و لعله مصحف بهراء بطن من قضاعة، و هم بنو بهراء بن عمرو ابن الحافی بن قضاعة، كانت منازلهم شمالی منازل بلی من الینبع الی عقبة أیلة.

وَ قَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ بَیْنَمَا أَنَا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ إِذْ دَخَلَتْ صَارِخَةٌ تَصْرُخُ وَ قَالَتْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَعَلُوهَا مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ نَاراً.

وَ نَقَلْتُ مِنْ تَارِیخِ الْبَلاذُرِیِّ أَنَّهُ لَمَّا وَافَی رَأْسُ الْحُسَیْنِ الْمَدِینَةَ سُمِعَتِ الْوَاعِیَةُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ:

ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فِیهِمْ ضَرْبَةً(1)***أَثْبَتَتْ أَوْتَادَ مُلْكٍ فَاسْتَقَرَّ

ثُمَّ أَخَذَ یَنْكُتُ وَجْهَهُ بِقَضِیبٍ وَ یَقُولُ:

یَا حَبَّذَا بَرْدُكَ فِی الْیَدَیْنِ***وَ لَوْنُكَ الْأَحْمَرُ فِی الْخَدَّیْنِ

كَأَنَّهُ بَاتَ بِمِجْسَدَیْنِ (2)***شَفَیْتُ مِنْكَ النَّفْسَ یَا حُسَیْنُ

وَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ النَّطَنْزِیُّ فِی الْخَصَائِصِ عَنْ أَبِی رَبِیعَةَ عَنْ أَبِی قُبَیْلٍ قِیلَ: سُمِعَ فِی الْهَوَاءِ بِالْمَدِینَةِ قَائِلٌ:

یَا مَنْ یَقُولُ بِفَضْلِ آلِ مُحَمَّدٍ***بَلِّغْ رِسَالَتَنَا بِغَیْرِ تَوَانِی

قَتَلَتْ شِرَارُبَنِی أُمَیَّةَ سَیِّداً***خَیْرَ الْبَرِیَّةِ مَاجِداً ذَا شَأْنِ

ابْنَ الْمُفَضَّلِ فِی السَّمَاءِ وَ أَرْضِهَا***سِبْطَ النَّبِیِّ وَ هَادِمَ الْأَوْثَانِ

بَكَتِ الْمَشَارِقُ وَ الْمَغَارِبُ بَعْدَ مَا***بَكَتِ الْأَنَامُ لَهُ بِكُلِّ لِسَانِ

ثُمَّ قَالَ السَّیِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ أَمَّا یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ كِتَابُ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ وَقَفَ عَلَیْهِ أَعَادَ الْجَوَابَ إِلَیْهِ یَأْمُرُهُ فِیهِ بِحَمْلِ رَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ رُءُوسِ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ وَ حَمْلِ أَثْقَالِهِ وَ نِسَائِهِ وَ عِیَالِهِ فَاسْتَدْعَی ابْنُ زِیَادٍ بِمُخْفِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِیِّ فَسَلَّمَ إِلَیْهِ الرُّءُوسَ وَ النِّسَاءَ فَسَارَ بِهِمْ إِلَی الشَّامِ كَمَا یُسَارُ سَبَایَا الْكُفَّارِ یَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ أَهْلُ الْأَقْطَارِ(3) وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ دَفَعَ ابْنُ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ رَأْسَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی

ص: 124


1- 1. دوسر: اسم كتیبة كانت للنعمان بن المنذر.
2- 2. المجسد- كمكرم و معظم- الأحمر من الثیاب أو هو المصبوغ بالزعفران، و كمبرد: ما یلی الجسد من الثیاب.
3- 3. الملهوف ص 152.

زَحْرِ بْنِ قَیْسٍ وَ دَفَعَ إِلَیْهِ رُءُوسَ أَصْحَابِهِ وَ سَرَّحَهُ إِلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ وَ أَنْفَذَ مَعَهُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ عَوْفٍ الْأَزْدِیَّ وَ طَارِقَ بْنَ أَبِی ظَبْیَانَ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ حَتَّی وَرَدُوا بِهَا عَلَی یَزِیدَ بِدِمَشْقَ (1) وَ- قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ رَوَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ لَهِیعَةَ عَنِ ابْنِ أَبِی قُبَیْلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بُعِثَ بِرَأْسِهِ إِلَی یَزِیدَ فَنَزَلُوا فِی أَوَّلِ مَرْحَلَةٍ فَجَعَلُوا یَشْرَبُونَ وَ یَتَبَجَّحُونَ بِالرَّأْسِ فِیمَا بَیْنَهُمْ فَخَرَجَتْ عَلَیْهِمْ كَفٌّ مِنَ الْحَائِطِ مَعَهَا قَلَمٌ مِنْ حَدِیدٍ فَكَتَبَتْ أَسْطُراً بِدَمٍ:

أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَیْناً***شَفَاعَةَ جَدِّهِ یَوْمَ الْحِسَابِ

و قال صاحب الكامل و صاحب المناقب و ابن نما ذكر أبو مخنف: أن عمر بن سعد لما دفع الرأس إلی خولی الأصبحی لعنهما اللّٰه لیحمله إلی ابن زیاد علیه اللعنة أقبل به خولی لیلا فوجد باب القصر مغلقا فأتی به منزله و له امرأتان امرأة من بنی أسد و أخری حضرمیة یقال لها النوار فأوی إلی فراشها فقالت له ما الخبر فقال جئتك بالذهب هذا رأس الحسین معك فی الدار فقالت ویلك جاء الناس بالذهب و الفضة و جئت برأس ابن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله و اللّٰه لا یجمع رأسی و رأسك وسادة أبدا قالت فقمت من فراشی فخرجت إلی الدار و دعا الأسدیة فأدخلها علیه فما زالت و اللّٰه أنظر إلی نور مثل العمود یسطع من الإجانة التی فیها رأس الحسین علیه السلام إلی السماء و رأیت طیورا بیضا ترفرف حولها و حول الرأس (2)

وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ السَّیِّدُ وَ اللَّفْظُ لِصَاحِبِ الْمَنَاقِبِ رَوَی ابْنُ لَهِیعَةَ وَ غَیْرُهُ حَدِیثاً أَخَذْنَا مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ قَالَ كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَیْتِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ یَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی وَ مَا أَرَاكَ فَاعِلًا فَقُلْتُ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَقُلْ مِثْلَ هَذَا فَإِنَّ ذُنُوبَكَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ قَطْرِ الْأَمْطَارِ وَ وَرَقِ الْأَشْجَارِ فَاسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ غَفَرَهَا لَكَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ قَالَ فَقَالَ لِی تَعَالَ حَتَّی أُخْبِرَكَ بِقِصَّتِی فَأَتَیْتُهُ

ص: 125


1- 1. الإرشاد ص 229.
2- 2. ذكر مثله البلاذری فی أنساب الأشراف ج 5 ص 238 و سما زوجته بالعیوف.

فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّنَا كُنَّا خَمْسِینَ نَفَراً مِمَّنْ سَارَ مَعَ رَأْسِ الْحُسَیْنِ إِلَی الشَّامِ وَ كُنَّا إِذَا أَمْسَیْنَا وَضَعْنَا الرَّأْسَ فِی التَّابُوتِ وَ شَرِبْنَا الْخَمْرَ حَوْلَ التَّابُوتِ فَشَرِبَ أَصْحَابِی لَیْلَةً حَتَّی سَكِرُوا وَ لَمْ أَشْرَبْ مَعَهُمْ فَلَمَّا جَنَّ اللَّیْلُ سَمِعْتُ رَعْداً وَ رَأَیْتُ بَرْقاً فَإِذَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ وَ نَزَلَ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ إِسْحَاقُ وَ نَبِیُّنَا مُحَمَّدٌ ص وَ مَعَهُمْ جَبْرَئِیلُ وَ خَلْقٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَدَنَا جَبْرَئِیلُ مِنَ التَّابُوتِ فَأَخْرَجَ الرَّأْسَ وَ ضَمَّهُ إِلَی نَفْسِهِ وَ قَبَّلَهُ ثُمَّ كَذَلِكَ فَعَلَ الْأَنْبِیَاءُ كُلُّهُمْ وَ بَكَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ فَعَزَّاهُ الْأَنْبِیَاءُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَنِی أَنْ أُطِیعَكَ فِی أُمَّتِكَ فَإِنْ أَمَرْتَنِی زَلْزَلْتُ بِهِمُ الْأَرْضَ وَ جَعَلْتُ عالِیَها سافِلَها* كَمَا فَعَلْتُ بِقَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَا جَبْرَئِیلُ فَإِنَّ لَهُمْ مَعِی مَوْقِفاً بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ ثُمَّ صَلُّوا عَلَیْهِ ثُمَّ أَتَی قَوْمٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمَرَنَا بِقَتْلِ الْخَمْسِینَ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِیُّ شَأْنَكُمْ بِهِمْ فَجَعَلُوا یَضْرِبُونَ بِالْحَرَبَاتِ ثُمَّ قَصَدَنِی وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِحَرْبَتِهِ لِیَضْرِبَنِی فَقُلْتُ الْأَمَانَ الْأَمَانَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اذْهَبْ فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَأَیْتُ أَصْحَابِی كُلَّهُمْ جَاثِمِینَ رَمَاداً(1)

ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ بِإِسْنَادِی إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحَدَادِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْهُنْدُوَانِیِّ بِإِسْنَادِهِ: فِی هَذَا الْحَدِیثِ فِیهِ زِیَادَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ لِیَحْمِلَهُ إِلَی یَزِیدَ قَالَ كُلُّ مَنْ قَتَلَهُ جَفَّتْ یَدُهُ وَ فِیهِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ بَرْقٍ لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ فَقِیلَ قَدْ أَقْبَلَ مُحَمَّدٌ ص فَسَمِعْتُ صَهِیلَ الْخَیْلِ وَ قَعْقَعَةَ السِّلَاحِ مَعَ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ الْكَرُوبِیِّینَ وَ الرُّوحَانِیِّینَ وَ الْمُقَرَّبِینَ علیهم السلام وَ فِیهِ فَشَكَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَلَائِكَةِ وَ النَّبِیِّینَ وَ قَالَ قَتَلُوا وَلَدِی وَ قُرَّةَ عَیْنِی وَ كُلُّهُمْ قَبَّلَ الرَّأْسَ وَ ضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ وَ الْبَاقِی یَقْرُبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ أَقُولُ وَ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُمْ لَمَّا قَرُبُوا مِنْ بَعْلَبَكَّ كَتَبُوا إِلَی صَاحِبِهَا فَأَمَرَ بِالرَّایَاتِ فَنُشِرَتْ وَ خَرَجَ الصِّبْیَانُ یَتَلَقَّوْنَهُمْ عَلَی نَحْوٍ مِنْ سِتَّةِ أَمْیَالٍ فَقَالَتْ

ص: 126


1- 1. الملهوف ص 152- 154.

أُمُّ كُلْثُومٍ أَبَادَ اللَّهُ كَثْرَتَكُمْ وَ سَلَّطَ عَلَیْكُمْ مَنْ یَقْتُلُكُمْ ثُمَّ بَكَی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ قَالَ:

وَ هُوَ الزَّمَانُ فَلَا تَفْنَی عَجَائِبُهُ***مِنَ الْكِرَامِ وَ مَا تُهْدَی مَصَائِبُهُ

فَلَیْتَ شَعْرِی إِلَی كَمْ ذَا تُجَاذِبُنَا***فُنُونُهُ وَ تَرَانَا لَمْ نُجَاذِبْهُ

یُسْرَی بِنَا فَوْقَ أَقْتَابٍ بِلَا وِطَاءٍ***وَ سَابِقُ الْعِیسِ یَحْمِی عَنْهُ غَارِبُهُ

كَأَنَّنَا مِنْ أُسَارَی الرُّومِ بَیْنَهُمْ***كَأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُخْتَارُ كَاذِبُهُ

كَفَرْتُمُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَیْحَكُمْ***فَكُنْتُمْ مِثْلَ مَنْ ضَلَّتْ مَذَاهِبُهُ

ثُمَّ قَالَ السَّیِّدُ رحمه اللّٰه وَ سَارَ الْقَوْمُ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ نِسَائِهِ وَ الْأَسْرَی مِنْ رِجَالِهِ فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ دِمَشْقَ دَنَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ مِنْ شِمْرٍ وَ كَانَ فِی جُمْلَتِهِمْ فَقَالَتْ لِی إِلَیْكَ حَاجَةٌ فَقَالَ مَا حَاجَتُكِ فَقَالَتْ إِذَا دَخَلْتَ بِنَا الْبَلَدَ فَاحْمِلْنَا فِی دَرْبٍ قَلِیلِ النَّظَّارَةِ وَ تَقَدَّمْ إِلَیْهِمْ أَنْ یُخْرِجُوا هَذِهِ الرُّءُوسَ مِنْ بَیْنِ الْمَحَامِلِ وَ یُنَحُّونَا عَنْهَا فَقَدْ خُزِینَا مِنْ كَثْرَةِ النَّظَرِ إِلَیْنَا وَ نَحْنُ فِی هَذِهِ الْحَالِ فَأَمَرَ فِی جَوَابِ سُؤَالِهَا أَنْ یُجْعَلَ الرُّءُوسُ عَلَی الرِّمَاحِ فِی أَوْسَاطِ الْمَحَامِلِ بَغْیاً مِنْهُ وَ كُفْراً وَ سَلَكَ بِهِمْ بَیْنَ النَّظَّارَةِ عَلَی تِلْكَ الصِّفَةِ حَتَّی أَتَی بِهِمْ بَابَ دِمَشْقَ فَوَقَفُوا عَلَی دَرَجِ بَابِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ حَیْثُ یُقَامُ السَّبْیُ (1)

وَ رَوَی صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَیْدٍ عَنْ آبَائِهِ: أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ خَرَجْتُ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّی تَوَسَّطْتُ الشَّامَ فَإِذَا أَنَا بِمَدِینَةٍ مُطَّرَدَةِ الْأَنْهَارِ كَثِیرَةِ الْأَشْجَارِ قَدْ عَلَّقُوا السُّتُورَ وَ الْحُجُبَ وَ الدِّیبَاجَ وَ هُمْ فَرِحُونَ مُسْتَبْشِرُونَ وَ عِنْدَهُمْ نِسَاءٌ یَلْعَبْنَ بِالدُّفُوفِ وَ الطُّبُولِ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی لَا نَرَی لِأَهْلِ الشَّامِ عِیداً لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ فَرَأَیْتُ قَوْماً یَتَحَدَّثُونَ فَقُلْتُ یَا قَوْمُ لَكُمْ بِالشَّامِ عِیدٌ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ قَالُوا یَا شَیْخُ نَرَاكَ أَعْرَابِیّاً فَقُلْتُ أَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ قَدْ رَأَیْتُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه وآله قَالُوا یَا سَهْلُ مَا أَعْجَبَكَ السَّمَاءُ- لَا تَمْطُرُ دَماً وَ الْأَرْضُ لَا تَنْخَسِفُ بِأَهْلِهَا قُلْتُ وَ لِمَ ذَاكَ قَالُوا هَذَا رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام عِتْرَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یُهْدَی مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ فَقُلْتُ وَا عَجَبَاهْ یُهْدَی رَأْسُ

ص: 127


1- 1. الملهوف ص 155 و 156.

الْحُسَیْنِ وَ النَّاسُ یَفْرَحُونَ قُلْتُ مِنْ أَیِّ بَابٍ یُدْخَلُ فَأَشَارُوا إِلَی بَابٍ یُقَالُ لَهُ بَابُ سَاعَاتٍ.

قَالَ فَبَیْنَا أَنَا كَذَلِكَ حَتَّی رَأَیْتُ الرَّایَاتِ یَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضاً فَإِذَا نَحْنُ بِفَارِسٍ بِیَدِهِ لِوَاءٌ مَنْزُوعُ السِّنَانِ عَلَیْهِ رَأْسٌ مِنْ أَشْبَهِ النَّاسِ وَجْهاً بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا أَنَا مِنْ وَرَائِهِ رَأَیْتُ نِسْوَةً عَلَی جِمَالٍ بِغَیْرِ وِطَاءٍ فَدَنَوْتُ مِنْ أُولَاهُمْ فَقُلْتُ یَا جَارِیَةُ مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا سُكَیْنَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ فَقُلْتُ لَهَا أَ لَكِ حَاجَةٌ إِلَیَّ فَأَنَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ مِمَّنْ رَأَی جَدَّكِ وَ سَمِعْتُ حَدِیثَهُ قَالَتْ یَا سَعْدُ قُلْ لِصَاحِبِ هَذَا الرَّأْسِ أَنْ یُقَدِّمَ الرَّأْسَ أَمَامَنَا حَتَّی یَشْتَغِلَ النَّاسُ بِالنَّظَرِ إِلَیْهِ وَ لَا یَنْظُرُوا إِلَی حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

قَالَ سَهْلٌ فَدَنَوْتُ مِنْ صَاحِبِ الرَّأْسِ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ لَكَ أَنْ تَقْضِیَ حَاجَتِی وَ تَأْخُذَ مِنِّی أَرْبَعَمِائَةِ دِینَارٍ قَالَ مَا هِیَ قُلْتُ تُقَدِّمُ الرَّأْسَ أَمَامَ الْحَرَمِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَدَفَعْتُ إِلَیْهِ مَا وَعَدْتُهُ وَ وَضَعَ الرَّأْسَ فِی حُقَّةٍ وَ دَخَلُوا عَلَی یَزِیدَ فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ وَ كَانَ یَزِیدُ جَالِساً عَلَی السَّرِیرِ وَ عَلَی رَأْسِهِ تَاجٌ مُكَلَّلٌ بِالدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ وَ حَوْلَهُ كَثِیرٌ مِنْ مَشَایِخِ قُرَیْشٍ فَلَمَّا دَخَلَ صَاحِبُ الرَّأْسِ وَ هُوَ یَقُولُ:

أَوْقِرْ رِكَابِی فِضَّةً وَ ذَهَباً***أَنَا قَتَلْتُ السَّیِّدَ الْمُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَیْرَ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً***وَ خَیْرَهُمْ إِذْ یَنْسُبُونَ النَّسَبَا

قَالَ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّهُ خَیْرُ النَّاسِ لِمَ قَتَلْتَهُ قَالَ رَجَوْتُ الْجَائِزَةَ مِنْكَ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَجَزَّ رَأْسَهُ وَ وَضَعَ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَلَی طَبَقٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ هُوَ یَقُولُ كَیْفَ رَأَیْتَ یَا حُسَیْنُ ثُمَّ قَالَ السَّیِّدُ فَرُوِیَ أَنَّ بَعْضَ فُضَلَاءِ التَّابِعِینَ لَمَّا شَهِدَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ بِالشَّامِ أَخْفَی نَفْسَهُ شَهْراً مِنْ جَمِیعِ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا وَجَدُوهُ بَعْدَ إِذْ فَقَدُوهُ سَأَلُوهُ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَقَالَ أَ لَا تَرَوْنَ مَا نَزَلَ بِنَا ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:

ص: 128

جَاءُوا بِرَأْسِكَ یَا ابْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ***قَتَلُوا جِهَاراً عَامِدِینَ رَسُولًا

قَتَلُوكَ عَطْشَاناً وَ لَمَّا یَرْقُبُوا***فِی قَتْلِكَ التَّأْوِیلَ وَ التَّنْزِیلَا

وَ یُكَبِّرُونَ بِأَنْ قُتِلْتَ وَ إِنَّمَا***قَتَلُوا بِكَ التَّكْبِیرَ وَ التَّهْلِیلَا

قَالَ وَ جَاءَ شَیْخٌ فَدَنَا مِنْ نِسَاءِ الْحُسَیْنِ وَ عِیَالِهِ وَ هُمْ أُقِیمُوا عَلَی دَرَجِ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَتَلَكُمْ وَ أَهْلَكَكُمْ وَ أَرَاحَ الْبِلَادَ مِنْ رِجَالِكُمْ وَ أَمْكَنَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْكُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یَا شَیْخُ هَلْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ عَرَفْتَ هَذِهِ الْآیَةَ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (1) قَالَ الشَّیْخُ قَدْ قَرَأْتُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ فَنَحْنُ الْقُرْبَی یَا شَیْخُ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ- وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی (2) قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلِیٌّ فَنَحْنُ الْقُرْبَی یَا شَیْخُ وَ هَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً(3) قَالَ الشَّیْخُ قَدْ قَرَأْتُ ذَلِكَ قَالَ عَلِیٌّ فَنَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ الَّذِینَ خُصِّصْنَا بِآیَةِ الطَّهَارَةِ یَا شَیْخُ قَالَ فَبَقِیَ الشَّیْخُ سَاكِتاً نَادِماً عَلَی مَا تَكَلَّمَ بِهِ وَ قَالَ بِاللَّهِ إِنَّكُمْ هُمْ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ تَاللَّهِ إِنَّا لَنَحْنُ هُمْ مِنْ غَیْرِ شَكٍّ وَ حَقِّ جَدِّنَا رَسُولِ اللَّهِ إِنَّا لَنَحْنُ هُمْ فَبَكَی الشَّیْخُ وَ رَمَی عِمَامَتَهُ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِنْ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ جِنٍّ وَ إِنْسٍ ثُمَّ قَالَ هَلْ لِی مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ إِنْ تُبْتَ تَابَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ أَنْتَ مَعَنَا فَقَالَ أَنَا تَائِبٌ فَبَلَغَ یَزِیدَ بْنَ مُعَاوِیَةَ حَدِیثُ الشَّیْخِ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ (4)

وَ قَالَ الْمُفِیدُ وَ ابْنُ نَمَا رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِیعَةَ الْحِمْیَرِیُّ قَالَ: إِنِّی لَعِنْدَ یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ بِدِمَشْقَ إِذْ أَقْبَلَ زَحْرُ بْنُ قَیْسٍ حَتَّی دَخَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ وَیْلَكَ مَا وَرَاكَ وَ مَا عِنْدَكَ قَالَ أَبْشِرْیَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِفَتْحِ اللَّهِ وَ نَصْرِهِ وَرَدَ عَلَیْنَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ فِی ثَمَانِیَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ سِتِّینَ مِنْ شِیعَتِهِ فَسِرْنَا إِلَیْهِمْ فَسَأَلْنَاهُمْ أَنْ

ص: 129


1- 1. الشوری: 33.
2- 2. الأنفال: 41.
3- 3. الأحزاب: 33.
4- 4. الملهوف ص 156- 158.

یَسْتَسْلِمُوا أَوْ یَنْزِلُوا عَلَی حُكْمِ الْأَمِیرِ عُبَیْدِ اللَّهِ أَوِ الْقِتَالِ فَاخْتَارُوا الْقِتَالَ عَلَی الِاسْتِسْلَامِ فَعَدَوْنَا عَلَیْهِمْ مَعَ شُرُوقِ الشَّمْسِ فَأَحَطْنَا بِهِمْ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ حَتَّی إِذَا أَخَذَتِ السُّیُوفُ مَأْخَذَهَا مِنْ هَامِ الْقَوْمِ جَعَلُوا یَهْرُبُونَ إِلَی غَیْرِ وَزَرٍ وَ یَلُوذُونَ مِنَّا بِالَآكَامِ وَ الْحُفَرِ لِوَاذاً كَمَا لَاذَ الْحَمَامُ مِنَ الصَّقْرِ فَوَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا كَانَ إِلَّا جَزْرَ جَزُورٍ أَوْ نَوْمَةَ قَائِلٍ حَتَّی أَتَیْنَا عَلَی آخِرِهِمْ فَهَاتِیكَ أَجْسَادُهُمْ مُجَرَّدَةً وَ ثِیَابُهُمْ مُرَمَّلَةً وَ خُدُودُهُمْ مُعَفَّرَةً تَصْهَرُهُمُ الشَّمْسُ وَ تَسْفِی عَلَیْهِمُ الرِّیحُ زُوَّارُهُمُ الرَّخَمُ وَ الْعِقْبَانُ (1) فَأَطْرَقَ یَزِیدُ هُنَیْئَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ قَدْ كُنْتُ أَرْضَی مِنْ طَاعَتِكُمْ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَیْنِ أَمَا لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ لَعَفَوْتُ عَنْهُ ثُمَّ إِنَّ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ بَعْدَ إِنْفَاذِهِ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَمَرَ فِتْیَانَهُ وَ صِبْیَانَهُ وَ نِسَاءَهُ فَجُهِّزُوا وَ أَمَرَ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ فَغُلَّ بِغُلٍّ فِی عُنُقِهِ ثُمَّ سَرَّحَ بِهِمْ فِی أَثَرِ الرُّءُوسِ مَعَ مُخْفِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِیِّ وَ شِمْرِ بْنِ ذِی الْجَوْشَنِ فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّی لَحِقُوا بِالْقَوْمِ الَّذِینَ مَعَهُمُ الرَّأْسُ وَ لَمْ یَكُنْ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یُكَلِّمُ أَحَداً مِنَ الْقَوْمِ فِی الطَّرِیقِ كَلِمَةً وَاحِدَةً حَتَّی بَلَغُوا فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَی بَابِ یَزِیدَ رَفَعَ مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ صَوْتَهُ فَقَالَ هَذَا مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِالْفَجَرَةِ اللِّئَامِ فَأَجَابَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُخْفِرٍ أَشَرُّ وَ أَلْأَمُ (2) وَ زَادَ فِی الْمَنَاقِبِ وَ لَكِنْ قَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ قَالَ فِی الْمَنَاقِبِ وَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ قَاعِداً فِی مَجْلِسِ یَزِیدَ فَقَالَ:

لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أَدْنَی قَرَابَةً***مِنِ ابْنِ زِیَادِ الْعَبْدِ ذِی النَّسَبِ الْوَغْلِ

سُمَیَّةُ أَمْسَی نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَا***وَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَیْسَتْ بِذِی نَسْلِ

ص: 130


1- 1. الرخم: طائر أبقع یشبه النسر فی الخلقة، و العقبان جمع عقاب- بالضم- طائر من الجوارح تسمیها العرب بالكاسر.
2- 2. الإرشاد ص 229 و 230.

قَالَ یَزِیدُ نَعَمْ فَلَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ إِذْ أَقْدَمَ عَلَی مِثْلِ الْحُسَیْنِ بْنِ فَاطِمَةَ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ لَمَا سَأَلَنِی خَصْلَةً إِلَّا أَعْطَیْتُهُ إِیَّاهَا وَ لَدَفَعْتُ عَنْهُ الْحَتْفَ بِكُلِّ مَا اسْتَطَعْتُ وَ لَوْ بِهَلَاكِ بَعْضِ وُلْدِی وَ لَكِنْ قَضَی اللَّهُ أَمْراً فَلَمْ یَكُنْ لَهُ مَرَدٌّ وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّ یَزِیدَ أَسَرَّ إِلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ أَ مَا یَسَعُكَ السُّكُوتُ وَ قَالَ الْمُفِیدُ وَ لَمَّا وُضِعَتِ الرُّءُوسُ بَیْنَ یَدِی یَزِیدَ وَ فِیهَا رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ یَزِیدُ:

نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ***عَلَیْنَا وَ هُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَ أَظْلَمَا(1)

فَقَالَ یَحْیَی بْنُ الْحَكَمِ مَا مَرَّ ذِكْرُهُ فَضَرَبَ یَزِیدُ عَلَی صَدْرِ یَحْیَی یَدَهُ وَ قَالَ اسْكُتْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی أَهْلِ مَجْلِسِهِ فَقَالَ إِنَّ هَذَا كَانَ یَفْخَرُ عَلَیَّ وَ یَقُولُ- أَبِی خَیْرٌ مِنْ أَبِ یَزِیدَ وَ أُمِّی خَیْرٌ مِنْ أُمِّهِ وَ جَدِّی خَیْرٌ مِنْ جَدِّهِ وَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ فَهَذَا الَّذِی قَتَلَهُ فَأَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّ أَبِی خَیْرٌ مِنْ أَبِ یَزِیدَ فَلَقَدْ حَاجَّ أَبِی أَبَاهُ فَقَضَی اللَّهُ لِأَبِی عَلَی أَبِیهِ وَ أَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّ أُمِّی خَیْرٌ مِنْ أُمِّ یَزِیدَ فَلَعَمْرِی لَقَدْ صَدَقَ إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ خَیْرٌ مِنْ أُمِّی وَ أَمَّا قَوْلُهُ جَدِّی خَیْرٌ مِنْ جَدِّهِ فَلَیْسَ لِأَحَدٍ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یَقُولُ بِأَنَّهُ خَیْرٌ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ أَمَّا قَوْلُهُ بِأَنَّهُ خَیْرٌ مِنِّی فَلَعَلَّهُ لَمْ یَقْرَأْ هَذِهِ الْآیَةَ قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ وَ- قَالَ ابْنُ نَمَا نَقَلْتُ مِنْ تَارِیخِ دِمَشْقَ عَنْ رَبِیعَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجُرَشِیِّ: قَالَ أَنَا عِنْدَ یَزِیدَ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتَ مُخْفِرٍ یَقُولُ هَذَا مُخْفِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِاللِّئَامِ الْفَجَرَةِ فَأَجَابَهُ یَزِیدُ مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُخْفِرٍ أَشَرُّ وَ أَلْأَمُ وَ قَالَ السَّیِّدُ ثُمَّ أُدْخِلَ ثَقَلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ نِسَاؤُهُ وَ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْ أَهْلِهِ عَلَی یَزِیدَ وَ هُمْ مُقَرَّنُونَ فِی الْحِبَالِ فَلَمَّا وَقَفُوا بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُمْ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ قَالَ لَهُ عَلِیُ

ص: 131


1- 1. نسبه فی الطبریّ ج 6 ص 267 الی الحصین بن الحمام المری و قبله: صبرنا و كان الصبر منا عزیمة***و أسیافنا یقطعن هاما و معصما أبی قومنا أن ینصفونا فأنصفت***قواضب فی أیماننا تقطر الدما.

بْنُ الْحُسَیْنِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ یَا یَزِیدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ فَأَمَرَ یَزِیدُ بِالْحِبَالِ فَقُطِّعَتْ ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أَجْلَسَ النِّسَاءَ خَلْفَهُ لِئَلَّا یَنْظُرْنَ إِلَیْهِ فَرَآهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَلَمْ یَأْكُلِ الرُّءُوسَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَداً(1)

وَ قَالَ ابْنُ نَمَا قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: أُدْخِلْنَا عَلَی یَزِیدَ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مُغَلَّلُونَ فَلَمَّا وَقَفْنَا بَیْنَ یَدَیْهِ قُلْتُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ یَا یَزِیدُ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنَا عَلَی هَذِهِ الْحَالِ وَ قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ یَا یَزِیدُ بَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ سَبَایَا فَبَكَی النَّاسُ وَ بَكَی أَهْلُ دَارِهِ حَتَّی عَلَتِ الْأَصْوَاتُ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَقُلْتُ وَ أَنَا مَغْلُولٌ أَ تَأْذَنُ لِی فِی الْكَلَامِ فَقَالَ قُلْ وَ لَا تَقُلْ هُجْراً فَقَالَ لَقَدْ وَقَفْتُ مَوْقِفاً لَا یَنْبَغِی لِمِثْلِی أَنْ یَقُولَ الْهُجْرَ مَا ظَنُّكَ بِرَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآنِی فِی الْغُلِّ فَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ حُلُّوهُ حَدَّثَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لَمَّا أُتِیَ یَزِیدُ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ لَوْ كَانَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ ابْنِ مَرْجَانَةَ قَرَابَةٌ لَأَعْطَاكَ مَا سَأَلْتَ ثُمَّ أَنْشَدَ یَزِیدُ:

نُفَلِّقُ هَاماً مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ***عَلَیْنَا وَ هُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَ أَظْلَمَا

قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ(2) ثُمَّ قَالُوا وَ أَمَّا زَیْنَبُ فَإِنَّهَا لَمَّا رَأَتْهُ أَهْوَتْ إِلَی جَیْبِهَا فَشَقَّتْهُ ثُمَّ نَادَتْ بِصَوْتٍ حَزِینٍ تُفْزِعُ الْقُلُوبَ یَا حُسَیْنَاهْ یَا حَبِیبَ رَسُولِ اللَّهِ یَا ابْنَ مَكَّةَ وَ مِنَی یَا ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَیِّدَةَ النِّسَاءِ یَا ابْنَ بِنْتِ الْمُصْطَفَی قَالَ فَأَبْكَتْ وَ اللَّهِ كُلَّ مَنْ كَانَ فِی الْمَجْلِسِ وَ یَزِیدُ سَاكِتٌ ثُمَّ جَعَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فِی دَارِ یَزِیدَ تَنْدُبُ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ تُنَادِی وَا حَبِیبَاهْ یَا سَیِّدَ أَهْلِ بَیْتَاهْ یَا ابْنَ مُحَمَّدَاهْ یَا رَبِیعَ الْأَرَامِلِ وَ الْیَتَامَی یَا قَتِیلَ أَوْلَادِ الْأَدْعِیَاءِ قَالَ فَأَبْكَتْ كُلَّ مَنْ سَمِعَهَا ثُمَّ دَعَا یَزِیدُ بِقَضِیبِ خَیْزُرَانٍ فَجَعَلَ یَنْكُتُ بِهِ ثَنَایَا الْحُسَیْنِ علیه السلام فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ

ص: 132


1- 1. الملهوف ص 158 و 159.
2- 2. الحدید: 22.

أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِیُّ وَ قَالَ وَیْحَكَ یَا یَزِیدُ أَ تَنْكُتُ بِقَضِیبِكَ ثَغْرَ الْحُسَیْنِ بْنِ فَاطِمَةَ أَشْهَدُ لَقَدْ رَأَیْتُ النَّبِیَّ یَرْشُفُ ثَنَایَاهُ وَ ثَنَایَا أَخِیهِ الْحَسَنِ وَ یَقُولُ أَنْتُمَا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَتَلَ اللَّهُ قَاتِلَكُمَا وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِیراً قَالَ فَغَضِبَ یَزِیدُ وَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ فَأُخْرِجَ سَحْباً قَالَ فَجَعَلَ یَزِیدُ یَتَمَثَّلُ بِأَبْیَاتِ ابْنِ الزِّبَعْرَی شِعْرٌ

لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا***جَزِعَ الْخَزْرَجُ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ (1)

فَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً***ثُمَّ قَالُوا یَا یَزِیدُ لَا تُشَلَ

أَقُولُ وَ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ:

لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ***مِنْ بَنِی أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ

وَ فِی الْمَنَاقِبِ لَسْتُ مِنْ عُتْبَةَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ

قَالَ السَّیِّدُ وَ غَیْرُهُ فَقَامَتْ زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِینَ صَدَقَ اللَّهُ كَذَلِكَ یَقُولُ- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوای أَنْ كَذَّبُوا بِآیاتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها یَسْتَهْزِؤُنَ أَ ظَنَنْتَ یَا یَزِیدُ حَیْثُ أَخَذْتَ عَلَیْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ وَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الْأُسَارَی أَنَّ بِنَا عَلَی اللَّهِ هَوَاناً وَ بِكَ عَلَیْهِ كَرَامَةً وَ أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ عِنْدَهُ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَ نَظَرْتَ فِی عِطْفِكَ جَذْلَانَ مَسْرُوراً حِینَ رَأَیْتَ الدُّنْیَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَ الْأُمُورَ مُتَّسِقَةً وَ حِینَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وَ سُلْطَانُنَا مَهْلًا مَهْلًا أَ نَسِیتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَی وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ (2)

ص: 133


1- 1. هذا البیت لعبد اللّٰه بن الزبعری فی یوم احد، و انما استشهد به یزید هناك أوله: یا غراب البین أسمعت فقل***انما تنطق شیئا قد فعل و بعده حین حكت بقباء بركها***و استحر القتل فی عبد الاشل و ما ذكره بعد ذلك فهو لیزید أنشدها مضمنا لابیات ابن الزبعری و سیجی ء لذلك توفیة بحث.
2- 2. آل عمران: 178.

أَ مِنَ الْعَدْلِ یَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِیرُكَ حَرَائِرَكَ وَ إِمَاءَكَ وَ سَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَایَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَ أَبْدَیْتَ وُجُوهَهُنَّ تَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَی بَلَدٍ وَ یَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاهِلِ وَ الْمَنَاقِلِ وَ یَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِیبُ وَ الْبَعِیدُ وَ الدَّنِیُّ وَ الشَّرِیفُ لَیْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِیٌّ وَ لَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِیٌّ وَ كَیْفَ یُرْتَجَی مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الْأَزْكِیَاءِ وَ نَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ وَ كَیْفَ یَسْتَبْطِئُ فِی بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَیْنَا بِالشَّنَفِ وَ الشَّنَآنِ وَ الْإِحَنِ وَ الْأَضْغَانِ ثُمَّ تَقُولُ غَیْرَ مُتَأَثِّمٍ وَ لَا مُسْتَعْظِمٍ:

وَ أَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً***ثُمَّ قَالُوا یَا یَزِیدُ لَا تُشَلُ

مُنْتَحِیاً عَلَی ثَنَایَا أَبِی عَبْدِ اللَّهِ سَیِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِكَ وَ كَیْفَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ وَ قَدْ نَكَأْتَ الْقَرْحَةَ وَ اسْتَأْصَلْتَ الشَّافَةَ بِإِرَاقَتِكَ دِمَاءَ ذُرِّیَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نُجُومِ الْأَرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ تَهْتِفُ بِأَشْیَاخِكَ زَعَمْتَ أَنَّكَ تُنَادِیهِمْ فَلَتَرِدَنَّ وَشِیكاً مَوْرِدَهُمْ وَ لَتَوَدَّنَّ أَنَّكَ شَلَلْتَ وَ بَكِمْتَ وَ لَمْ یَكُنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ اللَّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا وَ انْتَقِمْ مِنْ ظَالِمِنَا وَ أَحْلِلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ قَتَلَ حُمَاتَنَا فَوَ اللَّهِ مَا فَرَیْتَ إِلَّا جِلْدَكَ وَ لَا جَزَزْتَ إِلَّا لَحْمَكَ وَ لَتَرِدَنَّ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرِّیَّتِهِ وَ انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِی عِتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ حَیْثُ یَجْمَعُ اللَّهُ شَمْلَهُمْ وَ یَلُمُّ شَعَثَهُمْ وَ یَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ- وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ حَسْبُكَ بِاللَّهِ حَاكِماً وَ بِمُحَمَّدٍ خَصِیماً وَ بِجَبْرَئِیلَ ظَهِیراً وَ سَیَعْلَمُ مَنْ سَوَّی لَكَ وَ مَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِینَ بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا وَ أَیُّكُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً- وَ لَئِنْ جَرَّتْ عَلَیَّ الدَّوَاهِی مُخَاطَبَتَكَ إِنِّی لَأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ وَ أَسْتَعْظِمُ تَقْرِیعَكَ وَ أَسْتَكْبِرُ تَوْبِیخَكَ لَكِنَّ الْعُیُونَ عَبْرَی وَ الصُّدُورَ حَرَّی أَلَا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللَّهِ النُّجَبَاءِ بِحِزْبِ الشَّیْطَانِ الطُّلَقَاءِ فَهَذِهِ الْأَیْدِی تَنْطِفُ مِنْ

ص: 134

دِمَائِنَا وَ الْأَفْوَاهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لُحُومِنَا وَ تِلْكَ الْجُثَثُ الطَّوَاهِرُ الزَّوَاكِی تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِلُ وَ تَعْفُوهَا أُمَّهَاتُ الْفَرَاعِلِ وَ لَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَجِدُنَا وَشِیكاً مَغْرَماً حِینَ لَا تَجِدُ إِلَّا مَا قَدَّمْتَ وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ فَإِلَی اللَّهِ الْمُشْتَكَی وَ عَلَیْهِ الْمُعَوَّلُ فَكِدْ كَیْدَكَ وَ اسْعَ سَعْیَكَ وَ نَاصِبْ جُهْدَكَ فَوَ اللَّهِ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تُمِیتُ وَحْیَنَا وَ لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا وَ هَلْ رَأْیُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَیَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ یَوْمَ یُنَادِ الْمُنَادِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَتَمَ لِأَوَّلِنَا بِالسَّعَادَةِ وَ لِآخِرِنَا بِالشَّهَادَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ یُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِیدَ وَ یُحْسِنَ عَلَیْنَا الْخِلَافَةَ إِنَّهُ رَحِیمٌ وَدُودٌ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ.

فَقَالَ یَزِیدُ :

یَا صَیْحَةً تُحْمَدُ مِنْ صَوَائِحِ***مَا أَهْوَنَ الْمَوْتَ عَلَی النَّوَائِحِ

قَالَ ثُمَّ اسْتَشَارَ أَهْلَ الشَّامِ فِیمَا یَصْنَعُ بِهِمْ فَقَالُوا لَا تَتَّخِذْ مِنْ كَلْبِ سَوْءٍ جَرْواً فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِیرٍ انْظُرْ مَا كَانَ الرَّسُولُ یَصْنَعُهُ بِهِمْ فَاصْنَعْهُ بِهِمْ (1) وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ یَا ابْنَ حُسَیْنٍ أَبُوكَ قَطَعَ رَحِمِی وَ جَهِلَ حَقِّی وَ نَازَعَنِی سُلْطَانِی فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِ مَا قَدْ رَأَیْتَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ- ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ(2) فَقَالَ یَزِیدُ لِابْنِهِ خَالِدٍ ارْدُدْ عَلَیْهِ فَلَمْ یَدْرِ خَالِدٌ مَا یَرُدُّ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ قُلْ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ(3) وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یَا ابْنَ مُعَاوِیَةَ وَ هِنْدٍ وَ صَخْرٍ لَمْ تَزَلِ النُّبُوَّةُ وَ الْإِمْرَةُ لِآبَائِی وَ أَجْدَادِی مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ وَ لَقَدْ كَانَ جَدِّی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فِی یَوْمِ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ وَ الْأَحْزَابِ فِی یَدِهِ رَایَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبُوكَ

ص: 135


1- 1. الملهوف ص 161- 166.
2- 2. الحدید: 22.
3- 3. الشوری: 30. راجع الإرشاد ص 230.

وَ جَدُّكَ فِی أَیْدِیهِمَا رَایَاتُ الْكُفَّارِ ثُمَّ جَعَلَ عَلَیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَقُولُ:

مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِیُّ لَكُمْ***مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ

بِعِتْرَتِی وَ بِأَهْلِی عِنْدَ مُفْتَقَدِی***مِنْهُمْ أُسَارَی وَ مِنْهُمْ ضُرِّجُوا بِدَمٍ

ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَیْلَكَ یَا یَزِیدُ إِنَّكَ لَوْ تَدْرِی مَا ذَا صَنَعْتَ وَ مَا الَّذِی ارْتَكَبْتَ مِنْ أَبِی وَ أَهْلِ بَیْتِی وَ أَخِی وَ عُمُومَتِی إِذاً لَهَرَبْتَ فِی الْجِبَالِ وَ افْتَرَشْتَ الرَّمَادَ وَ دَعَوْتَ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ أَنْ یَكُونَ رَأْسُ أَبِی الْحُسَیْنِ ابْنِ فَاطِمَةَ وَ عَلِیٍّ مَنْصُوباً عَلَی بَابِ مَدِینَتِكُمْ وَ هُوَ وَدِیعَةُ رَسُولِ اللَّهِ فِیكُمْ فَأَبْشِرْ بِالْخِزْیِ وَ النَّدَامَةِ غَداً إِذَا جُمِعَ النَّاسُ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ قَالَ الْمُفِیدُ ثُمَّ دَعَا بِالنِّسَاءِ وَ الصِّبْیَانِ فَأُجْلِسُوا بَیْنَ یَدَیْهِ فَرَأَی هَیْئَةً قَبِیحَةً فَقَالَ قَبَّحَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ لَوْ كَانَتْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُ قَرَابَةٌ وَ رَحِمٌ مَا فَعَلَ هَذَا بِكُمْ وَ لَا بَعَثَ بِكُمْ عَلَی هَذَا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ وَ لَمَّا جَلَسْنَا بَیْنَ یَدَیْ یَزِیدَ رَقَّ لَنَا فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحْمَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَبْ لِی هَذِهِ الْجَارِیَةَ یَعْنِینِی وَ كُنْتُ جَارِیَةً وَضِیئَةً فَأُرْعِدْتُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمْ فَأَخَذْتُ بِثِیَابِ عَمَّتِی زَیْنَبَ وَ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا یَكُونُ وَ فِی رِوَایَةِ السَّیِّدِ قُلْتُ أُوتِمْتُ وَ أُسْتَخْدَمُ فَقَالَتْ عَمَّتِی لِلشَّامِیِّ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ لَوْ مِتُّ وَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ لَكَ وَ لَا لَهُ فَغَضِبَ یَزِیدُ وَ قَالَ كَذَبْتِ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لِی وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَفْعَلَ لَفَعَلْتُ قَالَتْ كَلَّا وَ اللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ

تَخْرُجَ مِنْ مِلَّتِنَا وَ تَدِینَ بِغَیْرِهَا فَاسْتَطَارَ یَزِیدُ غَضَباً وَ قَالَ إِیَّایَ تَسْتَقْبِلِینَ بِهَذَا إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ الدِّینِ أَبُوكِ وَ أَخُوكِ قَالَتْ زَیْنَبُ بِدِینِ اللَّهِ وَ دِیْنِ أَبِی وَ دِیْنِ أَخِی اهْتَدَیْتَ أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ جَدُّكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِماً قَالَ كَذَبْتِ یَا عَدُوَّةَ اللَّهِ قَالَتْ لَهُ أَنْتَ أَمِیرٌ تَشْتِمُ ظَالِماً وَ تَقْهَرُ لِسُلْطَانِكَ فَكَأَنَّهُ اسْتَحْیَا وَ سَكَتَ وَ عَادَ الشَّامِیُّ فَقَالَ هَبْ لِی هَذِهِ الْجَارِیَةَ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ اعْزُبْ وَهَبَ اللَّهُ لَكَ حَتْفاً قَاضِیاً(1)

ص: 136


1- 1. كتاب الإرشاد ص 231.

وَ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ لِلشَّامِیِّ اسْكُتْ یَا لُكَعَ الرِّجَالِ قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَكَ وَ أَعْمَی عَیْنَیْكَ وَ أَیْبَسَ یَدَیْكَ وَ جَعَلَ النَّارَ مَثْوَاكَ إِنَّ أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ لَا یَكُونُونَ خَدَمَةً لِأَوْلَادِ الْأَدْعِیَاءِ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَتَمَّ كَلَامُهَا حَتَّی أَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهَا فِی ذَلِكَ الرَّجُلِ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی عَجَّلَ لَكَ الْعُقُوبَةَ فِی الدُّنْیَا قَبْلَ الْآخِرَةِ فَهَذَا جَزَاءُ مَنْ یَتَعَرَّضُ لِحَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ فِی رِوَایَةِ السَّیِّدِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ الشَّامِیُّ مَنْ هَذِهِ الْجَارِیَةُ فَقَالَ یَزِیدُ هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ وَ تِلْكَ زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ الشَّامِیُّ الْحُسَیْنُ ابْنُ فَاطِمَةَ وَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ الشَّامِیُّ لَعَنَكَ اللَّهُ یَا یَزِیدُ تَقْتُلُ عِتْرَةَ نَبِیِّكَ وَ تَسْبِی ذُرِّیَّتَهُ وَ اللَّهِ مَا تَوَهَّمْتُ إِلَّا أَنَّهُمْ سَبْیُ الرُّومِ فَقَالَ یَزِیدُ وَ اللَّهِ لَأُلْحِقَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عُنُقُهُ قَالَ السَّیِّدُ وَ دَعَا یَزِیدُ الْخَاطِبَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَصْعَدَ الْمِنْبَرَ فَیَذُمَّ الْحُسَیْنَ وَ أَبَاهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَصَعِدَ وَ بَالَغَ فِی ذَمِّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحُسَیْنِ الشَّهِیدِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ الْمَدْحِ لِمُعَاوِیَةَ وَ یَزِیدَ فَصَاحَ بِهِ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَیْلَكَ أَیُّهَا الْخَاطِبُ اشْتَرَیْتَ مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَتَبَوَّأْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ وَ لَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ سِنَانٍ الْخَفَاجِیُّ فِی وَصْفِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِقَوْلِهِ:

أَ عَلَی الْمَنَابِرِ تُعْلِنُونَ بِسَبِّهِ***وَ بِسَیْفِهِ نُصِبَتْ لَكُمْ أَعْوَادُهَا(1)

وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ غَیْرُهُ رُوِیَ أَنَّ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ بِمِنْبَرٍ وَ خَطِیبٍ لِیُخْبِرَ النَّاسَ بِمَسَاوِی الْحُسَیْنِ وَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ مَا فَعَلَا فَصَعِدَ الْخَطِیبُ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ أَكْثَرَ الْوَقِیعَةَ فِی عَلِیٍّ وَ الْحُسَیْنِ وَ أَطْنَبَ فِی تَقْرِیظِ مُعَاوِیَةَ وَ یَزِیدَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ فَذَكَرَهُمَا بِكُلِّ جَمِیلٍ قَالَ فَصَاحَ بِهِ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَیْلَكَ أَیُّهَا الْخَاطِبُ اشْتَرَیْتَ مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَتَبَّوأْ مَقْعَدَكَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَا یَزِیدُ ائْذَنْ لِی حَتَّی أَصْعَدَ هَذِهِ الْأَعْوَادَ فَأَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ لِلَّهِ فِیهِنَّ رِضاً وَ لِهَؤُلَاءِ الْجُلَسَاءِ فِیهِنَّ أَجْرٌ وَ ثَوَابٌ قَالَ فَأَبَی یَزِیدُ

ص: 137


1- 1. الملهوف ص 167 و 168.

عَلَیْهِ ذَلِكَ فَقَالَ النَّاسُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ائْذَنْ لَهُ فَلْیَصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَلَعَلَّنَا نَسْمَعُ مِنْهُ شَیْئاً فَقَالَ إِنَّهُ إِنْ صَعِدَ لَمْ یَنْزِلْ إِلَّا بِفَضِیحَتِی وَ بِفَضِیحَةِ آلِ أَبِی سُفْیَانَ فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا قَدْرُ مَا یُحْسِنُ هَذَا فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ قَدْ زُقُّوا الْعِلْمَ زَقّاً قَالَ فَلَمْ یَزَالُوا بِهِ حَتَّی أَذِنَ لَهُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً أَبْكَی مِنْهَا الْعُیُونَ وَ أَوْجَلَ مِنْهَا الْقُلُوبَ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أُعْطِینَا سِتّاً وَ فُضِّلْنَا بِسَبْعٍ أُعْطِینَا الْعِلْمَ وَ الْحِلْمَ وَ السَّمَاحَةَ وَ الْفَصَاحَةَ وَ الشَّجَاعَةَ وَ الْمَحَبَّةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ فُضِّلْنَا بِأَنَّ مِنَّا النَّبِیَّ الْمُخْتَارَ مُحَمَّداً وَ مِنَّا الصِّدِّیقُ وَ مِنَّا الطَّیَّارُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ وَ مِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی أَنْبَأْتُهُ بِحَسَبِی وَ نَسَبِی أَیُّهَا النَّاسُ أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنًی أَنَا ابْنُ زَمْزَمَ وَ الصَّفَا أَنَا ابْنُ مَنْ حَمَلَ الرُّكْنَ بِأَطْرَافِ الرِّدَا أَنَا ابْنُ خَیْرِ مَنِ ائْتَزَرَ وَ ارْتَدَی أَنَا ابْنُ خَیْرِ مَنِ انْتَعَلَ وَ احْتَفَی أَنَا ابْنُ خَیْرِ مَنْ طَافَ وَ سَعَی أَنَا ابْنُ خَیْرِ مَنْ حَجَّ وَ لَبَّی أَنَا ابْنُ مَنْ حُمِلَ عَلَی الْبُرَاقِ فِی الْهَوَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ أُسْرِیَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی أَنَا ابْنُ مَنْ بَلَغَ بِهِ جَبْرَئِیلُ إِلَی سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی أَنَا ابْنُ مَنْ دَنا فَتَدَلَّی فَكانَ قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّی بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ أَوْحَی إِلَیْهِ الْجَلِیلُ مَا أَوْحَی أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی أَنَا ابْنُ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ خَرَاطِیمَ الْخَلْقِ حَتَّی قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ بِسَیْفَیْنِ وَ طَعَنَ بِرُمْحَیْنِ وَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَیْنِ وَ بَایَعَ الْبَیْعَتَیْنِ وَ قَاتَلَ بِبَدْرٍ وَ حُنَیْنٍ وَ لَمْ یَكْفُرْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ أَنَا ابْنُ صَالِحِ الْمُؤْمِنِینَ وَ وَارِثِ النَّبِیِّینَ وَ قَامِعِ الْمُلْحِدِینَ وَ یَعْسُوبِ الْمُسْلِمِینَ وَ نُورِ الْمُجَاهِدِینَ وَ زَیْنِ الْعَابِدِینَ وَ تَاجِ الْبَكَّائِینَ وَ أَصْبَرِ الصَّابِرِینَ وَ أَفْضَلِ الْقَائِمِینَ مِنْ آلِ یَاسِینَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ أَنَا ابْنُ الْمُؤَیَّدِ بِجَبْرَئِیلَ الْمَنْصُورِ بِمِیكَائِیلَ أَنَا ابْنُ الْمُحَامِی عَنْ حَرَمِ الْمُسْلِمِینَ وَ قَاتِلِ الْمَارِقِینَ وَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمُجَاهِدِ أَعْدَاءَهُ النَّاصِبِینَ وَ أَفْخَرِ مَنْ مَشَی مِنْ قُرَیْشٍ أَجْمَعِینَ وَ أَوَّلِ مَنْ أَجَابَ وَ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مِنَ

ص: 138

الْمُؤْمِنِینَ وَ أَوَّلِ السَّابِقِینَ وَ قَاصِمِ الْمُعْتَدِینَ وَ مُبِیدِ الْمُشْرِكِینَ وَ سَهْمٍ مِنْ مَرَامِی اللَّهِ عَلَی الْمُنَافِقِینَ وَ لِسَانِ حِكْمَةِ الْعَابِدِینَ وَ نَاصِرِ دِینِ اللَّهِ وَ وَلِیِّ أَمْرِ اللَّهِ وَ بُسْتَانِ حِكْمَةِ اللَّهِ وَ عَیْبَةِ عِلْمِهِ سَمِحٌ سَخِیٌّ بَهِیٌّ بُهْلُولٌ زَكِیٌّ أَبْطَحِیٌّ رَضِیٌّ مِقْدَامٌ هُمَامٌ صَابِرٌ صَوَّامٌ مُهَذَّبٌ قَوَّامٌ قَاطِعُ الْأَصْلَابِ وَ مُفَرِّقُ الْأَحْزَابِ أَرْبَطُهُمْ عِنَاناً وَ أَثْبَتُهُمْ جَنَاناً وَ أَمْضَاهُمْ عَزِیمَةً وَ أَشَدُّهُمْ شَكِیمَةً أَسَدٌ بَاسِلٌ یَطْحَنُهُمْ فِی الْحُرُوبِ إِذَا ازْدَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ وَ قَرُبَتِ الْأَعِنَّةُ طَحْنَ الرَّحَی وَ یَذْرُوهُمْ فِیهَا ذَرْوَ الرِّیحِ الْهَشِیمَ لَیْثُ الْحِجَازِ وَ كَبْشُ الْعِرَاقِ مَكِّیٌّ مَدَنِیٌّ خَیْفِیٌّ عَقَبِیٌّ بَدْرِیٌّ أُحُدِیٌّ شَجَرِیٌّ مُهَاجِرِیٌّ مِنَ الْعَرَبِ سَیِّدُهَا وَ مِنَ الْوَغَی لَیْثُهَا وَارِثُ الْمَشْعَرَیْنِ وَ أَبُو السِّبْطَیْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ ذَاكَ جَدِّی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَا ابْنُ سَیِّدَةِ النِّسَاءِ فَلَمْ یَزَلْ یَقُولُ أَنَا أَنَا حَتَّی ضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ خَشِیَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنْ یَكُونَ فِتْنَةٌ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَقَطَعَ عَلَیْهِ الْكَلَامَ فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ عَلِیٌّ لَا شَیْ ءَ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ فَلَمَّا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ شَهِدَ بِهَا شَعْرِی وَ بَشَرِی وَ لَحْمِی وَ دَمِی فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ الْتَفَتَ مِنْ فَوْقِ الْمِنْبَرِ إِلَی یَزِیدَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا جَدِّی أَمْ جَدُّكَ یَا یَزِیدُ فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ جَدُّكَ فَقَدْ كَذَبْتَ وَ كَفَرْتَ وَ إِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ جَدِّی فَلِمَ قَتَلْتَ عِتْرَتَهُ قَالَ وَ فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ وَ تَقَدَّمَ یَزِیدُ فَصَلَّی صَلَاةَ الظُّهْرِ قَالَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ كَانَ فِی مَجْلِسِ یَزِیدَ هَذَا حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْیَهُودِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الْغُلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ هُوَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ قَالَ فَمَنِ الْحُسَیْنُ قَالَ ابْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ فَمَنْ أُمُّهُ قَالَ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ الْحَبْرُ یَا سُبْحَانَ اللَّهِ فَهَذَا ابْنُ بِنْتِ نَبِیِّكُمْ قَتَلْتُمُوهُ فِی هَذِهِ السُّرْعَةِ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُوهُ فِی ذُرِّیَّتِهِ وَ اللَّهِ لَوْ تَرَكَ فِینَا مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ سِبْطاً مِنْ صُلْبِهِ لَظَنَنَّا أَنَّا كُنَّا نَعْبُدُهُ مِنْ دُونِ رَبِّنَا وَ أَنْتُمْ إِنَّمَا فَارَقَكُمْ نَبِیُّكُمْ بِالْأَمْسِ فَوَثَبْتُمْ عَلَی ابْنِهِ فَقَتَلْتُمُوهُ سَوْءَةً لَكُمْ مِنْ أُمَّةٍ

ص: 139

قَالَ فَأَمَرَ بِهِ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوُجِئَ فِی حَلْقِهِ ثَلَاثاً فَقَامَ الْحَبْرُ وَ هُوَ یَقُولُ إِنْ شِئْتُمْ فَاضْرِبُونِی وَ إِنْ شِئْتُمْ فَاقْتُلُونِی أَوْ فَذَرُونِی فَإِنِّی أَجِدُ فِی التَّوْرَاةِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ ذُرِّیَّةَ نَبِیٍّ- لَا یَزَالُ مَلْعُوناً أَبَداً مَا بَقِیَ فَإِذَا مَاتَ یُصْلِیهِ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ- وَ رَوَی الصَّدُوقُ فِی الْأَمَالِی عَنْ مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِیٍّ ص قَالَتْ: ثُمَّ إِنَّ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ بِنِسَاءِ الْحُسَیْنِ فحبس [فَحُبِسْنَ] مَعَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی مَحْبِسٍ لَا یَكُنُّهُمْ مِنْ حَرٍّ وَ لَا قَرٍّ حَتَّی تَقَشَّرَتْ وُجُوهُهُمْ وَ لَمْ یُرْفَعْ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ حَجَرٌ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ وَ أَبْصَرَ النَّاسُ الشَّمْسَ عَلَی الْحِیطَانِ حَمْرَاءَ كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ إِلَی أَنْ خَرَجَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بِالنِّسْوَةِ وَ رَدَّ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی كَرْبَلَاءَ(1)

وَ قَالَ ابْنُ نَمَا وَ رَأَتْ سُكَیْنَةُ فِی مَنَامِهَا وَ هِیَ بِدِمَشْقَ كَأَنَّ خَمْسَةَ نُجُبٍ مِنْ نُورٍ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ عَلَی كُلِّ نَجِیبٍ شَیْخٌ وَ الْمَلَائِكَةُ مُحْدِقَةٌ بِهِمْ وَ مَعَهُمْ وَصِیفٌ یَمْشِی فَمَضَی النُّجُبُ وَ أَقْبَلَ الْوَصِیفُ إِلَیَّ وَ قَرُبَ مِنِّی وَ قَالَ یَا سُكَینَةُ إِنَّ جَدَّكِ یُسَلِّمُ عَلَیْكِ فَقُلْتُ وَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ السَّلَامُ یَا رَسُولُ مَنْ أَنْتَ قَالَ وَصِیفٌ مِنْ وَصَائِفِ الْجَنَّةِ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ الْمَشِیخَةُ الَّذِینَ جَاءُوا عَلَی النُّجُبِ قَالَ الْأَوَّلُ آدَمُ صَفْوَةُ اللَّهِ وَ الثَّانِی إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ اللَّهِ وَ الثَّالِثُ مُوسَی كَلِیمُ اللَّهِ وَ الرَّابِعُ عِیسَی رُوحُ اللَّهِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الْقَابِضُ عَلَی لِحْیَتِهِ یَسْقُطُ مَرَّةً وَ یَقُومُ أُخْرَی فَقَالَ جَدُّكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ وَ أَیْنَ هُمْ قَاصِدُونَ قَالَ إِلَی أَبِیكِ الْحُسَیْنِ فَأَقْبَلْتُ أَسْعَی فِی طَلَبِهِ لِأُعَرِّفَهُ مَا صَنَعَ بِنَا الظَّالِمُونَ بَعْدَهُ فَبَیْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَتْ خَمْسَةُ هَوَادِجَ مِنْ نُورٍ فِی كُلِّ هَوْدَجٍ امْرَأَةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذِهِ النِّسْوَةُ الْمُقْبِلَاتُ قَالَ الْأُولَی حَوَّاءُ أُمُّ الْبَشَرِ الثَّانِیَةُ آسِیَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ وَ الثَّالِثَةُ مَرْیَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَ الرَّابِعَةُ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ فَقُلْتُ مَنِ الْخَامِسَةُ الْوَاضِعَةُ یَدَهَا عَلَی رَأْسِهَا تَسْقُطُ مَرَّةً وَ تَقُومُ أُخْرَی فَقَالَ جَدَّتُكِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ

ص: 140


1- 1. تراه فی الأمالی المجلس 31 تحت الرقم 4.

أُمُّ أَبِیكِ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهَا مَا صُنِعَ بِنَا فَلَحِقْتُهَا وَ وَقَفْتُ بَیْنَ یَدَیْهَا أَبْكِی وَ أَقُولُ یَا أُمَّتَاهْ جَحَدُوا وَ اللَّهِ حَقَّنَا یَا أُمَّتَاهْ (1)

بَدَّدُوا وَ اللَّهِ شَمْلَنَا یَا أُمَّتَاهْ اسْتَبَاحُوا وَ اللَّهِ حَرِیمَنَا یَا أُمَّتَاهْ قَتَلُوا وَ اللَّهِ الْحُسَیْنَ أَبَانَا فَقَالَتْ كُفِّی صَوْتَكِ یَا سُكَیْنَةُ فَقَدْ أَحْرَقْتِ كَبِدِی وَ قَطَعْتِ نِیَاطَ قَلْبِی هَذَا قَمِیصُ أَبِیكِ الْحُسَیْنِ مَعِی لَا یُفَارِقُنِی حَتَّی أَلْقَی اللَّهَ بِهِ ثُمَّ انْتَبَهْتُ وَ أَرَدْتُ كِتْمَانَ ذَلِكَ الْمَنَامِ وَ حَدَّثْتُ بِهِ أَهْلِی فَشَاعَ بَیْنَ النَّاسِ وَ قَالَ السَّیِّدُ وَ قَالَتْ سُكَیْنَةُ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ مُقَامِنَا رَأَیْتُ فِی الْمَنَامِ وَ ذَكَرْتُ مَنَاماً طَوِیلًا تَقُولُ فِی آخِرِهِ وَ رَأَیْتُ امْرَأَةً رَاكِبَةً فِی هَوْدَجٍ وَ یَدُهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَی رَأْسِهَا فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِیلَ لِی هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ أُمُّ أَبِیكِ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَنْطَلِقَنَّ إِلَیْهَا وَ لَأُخْبِرَنَّهَا بِمَا صُنِعَ بِنَا فَسَعَیْتُ مُبَادِرَةً نَحْوَهَا حَتَّی لَحِقْتُ بِهَا فَوَقَفْتُ بَیْنَ یَدَیْهَا أَبْكِی وَ أَقُولُ یَا أُمَّتَاهْ جَحَدُوا وَ اللَّهِ حَقَّنَا یَا أُمَّتَاهْ بَدَّدُوا وَ اللَّهِ شَمْلَنَا یَا أُمَّتَاهْ اسْتَبَاحُوا وَ اللَّهِ حَرِیمَنَا یَا أُمَّتَاهْ قَتَلُوا وَ اللَّهِ الْحُسَیْنَ أَبَانَا فَقَالَتْ لِی كُفِّی صَوْتَكِ یَا سُكَیْنَةُ فَقَدْ قَطَعْتِ نِیَاطَ قَلْبِی هَذَا قَمِیصُ أَبِیكِ الْحُسَیْنِ علیه السلام لَا یُفَارِقُنِی حَتَّی أَلْقَی اللَّهَ (2)

وَ قَالَ السَّیِّدُ وَ ابْنُ نَمَا وَ رَوَی ابْنُ لَهِیعَةَ عَنْ أَبِی الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقِیَنِی رَأْسُ الْجَالُوتِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ بَیْنِی وَ بَیْنَ دَاوُدَ لَسَبْعِینَ أَباً وَ إِنَّ الْیَهُودَ تَلْقَانِی فَتُعَظِّمُنِی وَ أَنْتُمْ لَیْسَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ ابْنِ نَبِیِّكُمْ إِلَّا أَبٌ وَاحِدٌ قَتَلْتُمُوهُ وَ رُوِیَ عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام أَنَّهُ لَمَّا أُتِیَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ إِلَی یَزِیدَ كَانَ یَتَّخِذُ مَجَالِسَ الشَّرَابِ وَ یَأْتِی بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ وَ یَضَعُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ یَشْرَبُ عَلَیْهِ فَحَضَرَ فِی مَجْلِسِهِ ذَاتَ یَوْمٍ رَسُولُ مَلِكِ الرُّومِ وَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ الرُّومِ وَ عُظَمَائِهِمْ فَقَالَ یَا مَلِكَ الْعَرَبِ هَذَا رَأْسُ مَنْ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ مَا لَكَ وَ لِهَذَا الرَّأْسِ فَقَالَ إِنِّی إِذَا رَجَعْتُ إِلَی مَلِكِنَا یَسْأَلُنِی عَنْ كُلِّ شَیْ ءٍ رَأَیْتُهُ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِقِصَّةِ هَذَا الرَّأْسِ وَ صَاحِبِهِ حَتَّی یُشَارِكَكَ فِی الْفَرَحِ وَ السُّرُورِ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ هَذَا رَأْسُ

ص: 141


1- 1. لغیة، الحق التاء بالام كما فی أبتاه.
2- 2. الملهوف ص 168 و 169.

الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ الرُّومِیُّ وَ مَنْ أُمُّهُ فَقَالَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ النَّصْرَانِیُّ أُفٍّ لَكَ وَ لِدِینِكَ لِی دِینٌ أَحْسَنُ مِنْ دِینِكَ إِنَّ أَبِی مِنْ حَوَافِدِ دَاوُدَ علیه السلام وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ آبَاءٌ كَثِیرَةٌ وَ النَّصَارَی یُعَظِّمُونِّی وَ یَأْخُذُونَ مِنْ تُرَابِ قَدَمِی تَبَرُّكاً بِأَبِی مِنْ حَوَافِدِ دَاوُدَ وَ أَنْتُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ نَبِیِّكُمْ إِلَّا أُمٌّ وَاحِدَةٌ فَأَیُّ دِینٍ دِینُكُمْ ثُمَّ قَالَ لِیَزِیدَ هَلْ سَمِعْتَ حَدِیثَ كَنِیسَةِ الْحَافِرِ فَقَالَ لَهُ قُلْ حَتَّی أَسْمَعَ فَقَالَ بَیْنَ عُمَانَ وَ الصِّینِ بَحْرٌ مَسِیرَةُ سَنَةٍ لَیْسَ فِیهَا عُمْرَانٌ إِلَّا بَلْدَةٌ وَاحِدَةٌ فِی وَسْطِ الْمَاءِ طُولُهَا ثَمَانُونَ فَرْسَخاً فِی ثَمَانِینَ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْدَةٌ أَكْبَرُ مِنْهَا وَ مِنْهَا یُحْمَلُ الْكَافُورُ وَ الْیَاقُوتُ أَشْجَارُهُمُ الْعُودُ وَ الْعَنْبَرُ وَ هِیَ فِی أَیْدِی النَّصَارَی لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُلُوكِ فِیهَا سِوَاهُمْ وَ فِی تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَنَائِسُ كَثِیرَةٌ أَعْظَمُهَا كَنِیسَةُ الْحَافِرِ فِی مِحْرَابِهَا حُقَّةُ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٌ فِیهَا حَافِرٌ یَقُولُونَ إِنَّ هَذَا حَافِرُ حِمَارٍ كَانَ یَرْكَبُهُ عِیسَی وَ قَدْ زَیَّنُوا حَوْلَ الْحُقَّةِ بِالذَّهَبِ وَ الدِّیبَاجِ یَقْصِدُهَا فِی كُلِّ عَامٍ عَالَمٌ مِنَ النَّصَارَی وَ یَطُوفُونَ حَوْلَهَا وَ یُقَبِّلُونَهَا وَ یَرْفَعُونَ حَوَائِجَهُمْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی هَذَا شَأْنُهُمْ وَ دَأْبُهُمْ بِحَافِرِ حِمَارٍ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ حَافِرُ حِمَارٍ كَانَ یَرْكَبُهُ عِیسَی نَبِیُّهُمْ وَ أَنْتُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ بِنْتِ نَبِیِّكُمْ فَلَا بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَی فِیكُمْ وَ لَا فِی دِینِكُمْ فَقَالَ یَزِیدُ اقْتُلُوا هَذَا النَّصْرَانِیَّ لِئَلَّا یَفْضَحَنِی فِی بِلَادِهِ فَلَمَّا أَحَسَّ النَّصْرَانِیُّ بِذَلِكَ قَالَ لَهُ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَنِی قَالَ نَعَمْ قَالَ اعْلَمْ أَنِّی رَأَیْتُ الْبَارِحَةَ نَبِیَّكُمْ فِی الْمَنَامِ یَقُولُ لِی یَا نَصْرَانِیُّ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ كَلَامِهِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ وَثَبَ إِلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ فَضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُهُ وَ یَبْكِی حَتَّی قُتِلَ (1)

وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ ذَكَرَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ غَیْرُهُ أَنَّ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ بِأَنْ یُصْلَبَ الرَّأْسُ عَلَی بَابِ دَارِهِ وَ أَمَرَ بِأَهْلِ بَیْتِ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَنْ یَدْخُلُوا دَارَهُ فَلَمَّا دَخَلَتِ النِّسْوَةُ دَارَ یَزِیدَ لَمْ یَبْقَ مِنْ آلِ مُعَاوِیَةَ وَ لَا أَبِی سُفْیَانَ أَحَدٌ إِلَّا اسْتَقْبَلَهُنَّ بِالْبُكَاءِ

ص: 142


1- 1. الملهوف ص 169- 173.

وَ الصُّرَاخِ وَ النِّیَاحَةِ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَلْقَیْنَ مَا عَلَیْهِنَّ مِنَ الثِّیَابِ وَ الْحُلِیِّ وَ أَقَمْنَ الْمَأْتَمَ عَلَیْهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ خَرَجَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَیْزٍ امْرَأَةُ یَزِیدَ وَ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ تَحْتَ الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی شَقَّتِ السِّتْرَ وَ هِیَ حَاسِرَةٌ فَوَثَبَتْ إِلَی یَزِیدَ وَ هُوَ فِی مَجْلِسٍ عَامٍّ فَقَالَتْ یَا یَزِیدُ أَ رَأْسُ ابْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ مَصْلُوبٌ عَلَی فِنَاءِ بَابِی فَوَثَبَ إِلَیْهَا یَزِیدُ فَغَطَّاهَا وَ قَالَ نَعَمْ فَأَعْوِلِی عَلَیْهِ یَا هِنْدُ وَ ابْكِی عَلَی ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ صَرِیخَةِ قُرَیْشٍ عَجَّلَ عَلَیْهِ ابْنُ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَتَلَهُ قَتَلَهُ اللَّهُ ثُمَّ إِنَّ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنْزَلَهُمْ فِی دَارِهِ الْخَاصَّةِ فَمَا كَانَ یَتَغَدَّی وَ لَا یَتَعَشَّی حَتَّی یَحْضُرَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ قَالَ السَّیِّدُ وَ غَیْرُهُ وَ خَرَجَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام یَوْماً یَمْشِی فِی أَسْوَاقِ دِمَشْقَ فَاسْتَقْبَلَهُ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ لَهُ كَیْفَ أَمْسَیْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَمْسَیْنَا كَمَثَلِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی آلِ فِرْعَوْنَ یُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِسَاءَهُمْ یَا مِنْهَالُ أَمْسَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَی الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً عَرَبِیٌّ وَ أَمْسَتْ قُرَیْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَی سَائِرِ الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنْهَا وَ أَمْسَیْنَا مَعْشَرَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ نَحْنُ مَغْصُوبُونَ مَقْتُولُونَ مُشَرَّدُونَ فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ مِمَّا أَمْسَیْنَا فِیهِ یَا مِنْهَالُ.

وَ لِلَّهِ دَرُّ مَهْیَارَ حَیْثُ قَالَ:

یُعَظِّمُونَ لَهُ أَعْوَادَ مِنْبَرِهِ***وَ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ أَوْلَادَهُ وَضَعُوا

بِأَیِّ حُكْمٍ بَنُوهُ یَتْبَعُونَكُمْ***وَ فَخْرُكُمْ أَنَّكُمْ صَحْبٌ لَهُ تَبَعٌ

قَالَ وَ دَعَا یَزِیدُ یَوْماً بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ علیه السلام وَ كَانَ عَمْرٌو صَغِیراً یُقَالُ إِنَّ عُمُرَهُ إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ لَهُ أَ تُصَارِعُ هَذَا یَعْنِی ابْنَهُ خَالِداً فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو لَا وَ لَكِنْ أَعْطِنِی سِكِّیناً وَ أَعْطِهِ سِكِّیناً ثُمَّ أُقَاتِلُهُ قَالَ یَزِیدُ شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمٍ (1)

هَلْ تَلِدُ الْحَیَّةُ إِلَّا الْحَیَّةَ

ص: 143


1- 1. شطر بیت لابی أخزم الطائی و هو جد حاتم أو جد جده مات ابنه أخزم و ترك بنین فوثبوا یوما علی جدهم فأدموه فقال: ان بنی رملونی بالدم***من یلق آساد الرجال یكلم و من یكن درء به یقوم***شنشنة أعرفها من أخزم یعنی أن هؤلاء أشبهوا أباهم فی العقوق، و الشنشنة: الطبیعة.

وَ قَالَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ اذْكُرْ حَاجَاتِكَ الثَّلَاثَ اللَّاتِی وَعَدْتُكَ بِقَضَائِهِنَّ فَقَالَ الْأُولَی أَنْ تُرِیَنِی وَجْهَ سَیِّدِی وَ أَبِی وَ مَوْلَایَ الْحُسَیْنِ فَأَتَزَوَّدَ مِنْهُ وَ أَنْظُرَ إِلَیْهِ وَ أُوَدِّعَهُ وَ الثَّانِیَةُ أَنْ تَرُدَّ عَلَیْنَا مَا أُخِذَ مِنَّا وَ الثَّالِثَةُ إِنْ كُنْتَ عَزَمْتَ عَلَی قَتْلِی أَنْ تُوَجِّهَ مَعَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ مَنْ یَرُدُّهُنَّ إِلَی حَرَمِ جَدِّهِنَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَمَّا وَجْهُ أَبِیكَ فَلَنْ تَرَاهُ أَبَداً وَ أَمَّا قَتْلُكَ فَقَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ وَ أَمَّا النِّسَاءُ فَمَا یُؤَدِّیهِنَّ إِلَی الْمَدِینَةِ غَیْرُكَ وَ أَمَّا مَا أُخِذَ مِنْكُمْ فَأَنَا أُعَوِّضُكُمْ عَنْهُ أَضْعَافَ قِیمَتِهِ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا مَالُكَ فَمَا نُرِیدُهُ وَ هُوَ مُوَفَّرٌ عَلَیْكَ وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ مَا أُخِذَ مِنَّا لِأَنَّ فِیهِ مِغْزَلَ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِقْنَعَتَهَا وَ قِلَادَتَهَا وَ قَمِیصَهَا فَأَمَرَ بِرَدِّ ذَلِكَ وَ زَادَ عَلَیْهِ مِائَتَیْ دِینَارٍ فَأَخَذَهَا زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام وَ فَرَّقَهَا فِی الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِینِ ثُمَّ أَمَرَ بِرَدِّ الْأُسَارَی وَ سَبَایَا الْبَتُولِ إِلَی أَوْطَانِهِمْ بِمَدِینَةِ الرَّسُولِ قَالَ ابْنُ نَمَا وَ أَمَّا الرَّأْسُ الشَّرِیفُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِیهِ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّ عَمْرَو بْنَ سَعِیدٍ دَفَنَهُ بِالْمَدِینَةِ وَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ جُمْهُورٍ أَنَّهُ دَخَلَ خِزَانَةَ یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ لَمَّا فُتِحَتْ وَجَدَ بِهِ جُؤْنَةً حَمْرَاءَ فَقَالَ لِغُلَامِهِ سُلَیْمٍ احْتَفِظْ بِهَذِهِ الْجُؤْنَةِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ بَنِی أُمَیَّةَ فَلَمَّا فَتَحَهَا إِذَا فِیهَا رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هُوَ مَخْضُوبٌ بِالسَّوَادِ فَقَالَ لِغُلَامِهِ ائْتِنِی بِثَوْبٍ فَأَتَاهُ بِهِ فَلَفَّهُ ثُمَّ دَفَنَهُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ بَابِ الْفَرَادِیسِ عِنْدَ الْبُرْجِ الثَّالِثِ مِمَّا یَلِی الْمَشْرِقَ وَ حَدَّثَنِی جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَنَّ مَشْهَدَ الرَّأْسِ عِنْدَهُمْ یُسَمُّونَهُ مَشْهَدَ الْكَرِیمِ عَلَیْهِ مِنَ الذَّهَبِ شَیْ ءٌ كَثِیرٌ یَقْصِدُونَهُ فِی الْمَوَاسِمِ وَ یَزُورُونَهُ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَدْفُونٌ هُنَاكَ وَ الَّذِی عَلَیْهِ الْمُعَوَّلُ مِنَ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ أُعِیدَ إِلَی الْجَسَدِ بَعْدَ أَنْ طِیفَ بِهِ فِی الْبِلَادِ وَ دُفِنَ مَعَهُ وَ قَالَ السَّیِّدُ فَأَمَّا رَأْسُ الْحُسَیْنِ فَرُوِیَ أَنَّهُ أُعِیدَ فَدُفِنَ بِكَرْبَلَاءَ مَعَ جَسَدِهِ الشَّرِیفِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ كَانَ عَمَلُ الطَّائِفَةِ عَلَی هَذَا الْمَعْنَی الْمُشَارِ إِلَیْهِ و رویت آثار مختلفة كثیرة غیر ما ذكرناه تركنا وضعها لئلا ینفسخ ما شرطناه من اختصار الكتاب (1)

ص: 144


1- 1. الملهوف: 175.

وَ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو العَلَاءِ الْحَافِظُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَشَایِخِهِ: أَنَّ یَزِیدَ بْنَ مُعَاوِیَةَ حِینَ قَدِمَ عَلَیْهِ رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام بَعَثَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَقْدَمَ عَلَیْهِ عِدَّةً مِنْ مَوَالِی بَنِی هَاشِمٍ وَ ضَمَّ إِلَیْهِمْ عِدَّةً مِنْ مَوَالِی أَبِی سُفْیَانَ ثُمَّ بَعَثَ بِثَقَلِ الْحُسَیْنِ وَ مَنْ بَقِیَ مِنْ أَهْلِهِ مَعَهُمْ وَ جَهَّزَهُمْ بِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ لَمْ یَدَعْ لَهُمْ حَاجَةً بِالْمَدِینَةِ إِلَّا أَمَرَ لَهُمْ بِهَا وَ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی عَمْرِو بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ عَامِلُهُ عَلَی الْمَدِینَةِ فَقَالَ عَمْرٌو وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ یَبْعَثْ بِهِ إِلَیَّ ثُمَّ أَمَرَ عَمْرٌو بِهِ فَدُفِنَ بِالْبَقِیعِ عِنْدَ قَبْرِ أُمِّهِ فَاطِمَةَ علیها السلام.

وَ ذَكَرَ غَیْرُهُ أَنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ رَأَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَنَامِ كَأَنَّهُ یَبَرُّهُ وَ یُلْطِفُهُ فَدَعَا الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَعَلَّكَ اصْطَنَعْتَ إِلَی أَهْلِهِ مَعْرُوفاً فَقَالَ سُلَیْمَانُ إِنِّی وَجَدْتُ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی خِزَانَةِ یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ فَكَسَوْتُهُ خَمْسَةً مِنَ الدِّیبَاجِ وَ صَلَّیْتُ عَلَیْهِ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِی وَ قَبَرْتُهُ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَضِیَ مِنْكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَ أَحْسَنَ إِلَی الْحَسَنِ وَ أَمْرَهُ بِالْجَوَائِزِ وَ ذِكْرَ غَیْرُهُمَا أَنَّ رَأْسَهُ علیه السلام صُلِبَ بِدِمَشْقَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ مَكَثَ فِی خَزَائِنِ بَنِی أُمَیَّةَ حَتَّی وَلِیَ سُلَیْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَطَلَبَ فَجِی ءَ بِهِ وَ هُوَ عَظِیمٌ أَبْیَضُ فَجَعَلَهُ فِی سَفَطٍ وَ طَیَّبَهُ وَ جَعَلَ عَلَیْهِ ثَوْباً وَ دَفَنَهُ فِی مَقَابِرِ الْمُسْلِمِینَ بَعْدَ مَا صَلَّی عَلَیْهِ فَلَمَّا وَلِیَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ بَعَثَ إِلَی الْمَكَانِ یَطْلُبُ مِنْهُ الرَّأْسَ فَأُخْبِرَ بِخَبَرِهِ فَسَأَلَ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِی دُفِنَ فِیهِ فَنَبَشَهُ وَ أَخَذَهُ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ مَا صَنَعَ بِهِ فَالظَّاهِرُ مِنْ دِینِهِ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَی كَرْبَلَاءَ فَدُفِنَ مَعَ جَسَدِهِ علیه السلام أقول هذه أقوال المخالفین فی ذلك و المشهور بین علمائنا الإمامیة أنه دفن رأسه مع جسده رده علی بن الحسین علیهما السلام و قد وردت أخبار كثیرة فی أنه مدفون عند قبر أمیر المؤمنین علیه السلام و سیأتی بعضها و اللّٰه یعلم ثُمَّ قَالَ الْمُفِیدُ وَ صَاحِبُ الْمَنَاقِبِ وَ اللَّفْظُ لِصَاحِبِ الْمَنَاقِبِ وَ رُوِیَ أَنَّ یَزِیدَ عَرَضَ عَلَیْهِمُ الْمُقَامَ بِدِمَشْقَ فَأَبَوْا ذَلِكَ وَ قَالُوا بَلْ رُدَّنَا إِلَی الْمَدِینَةِ فَإِنَّهُ مُهَاجَرُ

ص: 145

جَدِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ بَشِیرٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَهِّزْ هَؤُلَاءِ بِمَا یُصْلِحُهُمْ وَ ابْعَثْ مَعَهُمْ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَمِیناً صَالِحاً وَ ابْعَثْ مَعَهُمْ خَیْلًا وَ أَعْوَاناً ثُمَّ كَسَاهُمْ وَ حَبَاهُمْ وَ فَرَضَ لَهُمُ الْأَرْزَاقَ وَ الْأَنْزَالَ (1) ثُمَّ دَعَا بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتُ صَاحِبَهُ مَا سَأَلَنِی خَلَّةً إِلَّا أَعْطَیْتُهَا إِیَّاهُ وَ لَدَفَعْتُ عَنْهُ الْحَتْفَ بِكُلِّ مَا قَدَرْتُ عَلَیْهِ وَ لَوْ بِهَلَاكِ بَعْضِ وُلْدِی وَ لَكِنْ قَضَی اللَّهُ مَا رَأَیْتَ فَكَاتِبْنِی وَ أَنْهِ (2) إِلَیَّ كُلَّ حَاجَةٍ تَكُونُ لَكَ ثُمَّ أَوْصَی بِهِمُ الرَّسُولَ فَخَرَجَ بِهِمُ الرَّسُولُ یُسَایِرُهُمْ فَیَكُونُ أَمَامَهُمْ فَإِذَا نَزَلُوا تَنَحَّی عَنْهُمْ وَ تَفَرَّقَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ كَهَیْئَةِ الْحَرَسِ ثُمَّ یَنْزِلُ بِهِمْ حَیْثُ أَرَادَ أَحَدُهُمُ الْوَضُوءَ وَ یَعْرِضُ عَلَیْهِمْ حَوَائِجَهُمْ وَ یُلْطِفُهُمْ حَتَّی دَخَلُوا الْمَدِینَةَ.

قَالَ الْحَارِثُ بْنُ كَعْبٍ قَالَتْ لِی فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِیٍّ علیه السلام قُلْتُ لِأُخْتِی زَیْنَبَ قَدْ وَجَبَ عَلَیْنَا حَقُّ هَذَا لِحُسْنِ صُحْبَتِهِ لَنَا فَهَلْ لَكَ أَنْ تَصِلَهُ قَالَتْ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ مَا لَنَا مَا نَصِلُهُ بِهِ إِلَّا أَنْ نُعْطِیَهُ حُلِیَّنَا فَأَخَذْتُ سِوَارِی وَ دُمْلُجِی أَوْ سِوَارَ أُخْتِی وَ دُمْلُجَهَا فَبَعَثْنَا بِهَا إِلَیْهِ وَ اعْتَذَرْنَا مِنْ قِلَّتِهَا وَ قُلْنَا هَذَا بَعْضُ جَزَائِكَ لِحُسْنِ صُحْبَتِكَ إِیَّانَا فَقَالَ لَوْ كَانَ الَّذِی صَنَعْتُهُ لِلدُّنْیَا كَانَ فِی دُونِ هَذَا رِضَایَ وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا فَعَلْتُهُ إِلَّا لِلَّهِ وَ قَرَابَتِكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

ثُمَّ قَالَ السَّیِّدُ وَ لَمَّا رَجَعَتْ نِسَاءُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ عِیَالُهُ مِنَ الشَّامِ وَ بَلَغُوا إِلَی الْعِرَاقِ قَالُوا لِلدَّلِیلِ مُرَّ بِنَا عَلَی طَرِیقِ كَرْبَلَاءَ فَوَصَلُوا إِلَی مَوْضِعِ الْمَصْرَعِ فَوَجَدُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیَّ وَ جَمَاعَةً مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ رَجُلًا مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ وَرَدُوا لِزِیَارَةِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ فَوَافَوْا فِی وَقْتٍ وَاحِدٍ وَ تَلَاقَوْا بِالْبُكَاءِ وَ الْحُزْنِ وَ اللَّطْمِ وَ أَقَامُوا الْمَآتِمَ الْمُقْرِحَةَ لِلْأَكْبَادِ وَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِمْ نِسَاءُ ذَلِكَ السَّوَادِ وَ أَقَامُوا عَلَی ذَلِكَ أَیَّاماً.

فَرُوِیَ عَنْ أَبِی حُبَابٍ الْكَلْبِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْجَصَّاصُونَ قَالُوا كُنَّا نَخْرُجُ

ص: 146


1- 1. جمع نزل- كقفل- ما هیئ للضیف أن ینزل علیه، أی رزقه و قراه.
2- 2. من الانهاء بمعنی الابلاغ و الاعلام.

إِلَی الْجَبَّانَةِ(1) فِی اللَّیْلِ عِنْدَ مَقْتَلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَنَسْمَعُ الْجِنَّ یَنُوحُونَ عَلَیْهِ فَیَقُولُونَ:

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِینَهُ فَلَهُ بَرِیقٌ فِی الْخُدُودِ***أَبَوَاهُ مِنْ عَلْیَا قُرَیْشٍ وَ جَدُّهُ خَیْرُ الْجُدُودِ

قَالَ ثُمَّ انْفَصَلُوا مِنْ كَرْبَلَاءَ طَالِبِینَ الْمَدِینَةَ قَالَ بَشِیرُ بْنُ حَذْلَمٍ فَلَمَّا قَرُبْنَا مِنْهَا نَزَلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَحَطَّ رَحْلَهُ وَ ضَرَبَ فُسْطَاطَهُ وَ أَنْزَلَ نِسَاءَهُ وَ قَالَ یَا بَشِیرُ رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ لَقَدْ كَانَ شَاعِراً فَهَلْ تَقْدِرُ عَلَی شَیْ ءٍ مِنْهُ قُلْتُ بَلَی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی لَشَاعِرٌ قَالَ فَادْخُلِ الْمَدِینَةَ وَ انْعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَشِیرٌ فَرَكِبْتُ فَرَسِی وَ رَكَضْتُ حَتَّی دَخَلْتُ الْمَدِینَةَ فَلَمَّا بَلَغْتُ مَسْجِدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله رَفَعْتُ صَوْتِی بِالْبُكَاءِ وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ:

یَا أَهْلَ یَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ بِهَا***قُتِلَ الْحُسَیْنُ فَأَدْمُعِی مِدْرَارُ

الْجِسْمُ مِنْهُ بِكَرْبَلَاءَ مُضَرَّجٌ***وَ الرَّأْسُ مِنْهُ عَلَی الْقَنَاةِ یُدَارُ

قَالَ ثُمَّ قُلْتُ هَذَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ مَعَ عَمَّاتِهِ وَ أَخَوَاتِهِ قَدْ حَلُّوا بِسَاحَتِكُمْ وَ نَزَلُوا بِفِنَائِكُمْ وَ أَنَا رَسُولُهُ إِلَیْكُمْ أُعَرِّفُكُمْ مَكَانَهُ فَمَا بَقِیَتْ فِی الْمَدِینَةِ مُخَدَّرَةٌ وَ لَا مُحَجَّبَةٌ إِلَّا بَرَزْنَ مِنْ خُدُورِهِنَّ مَكْشُوفَةً شُعُورُهُنَّ مُخَمَّشَةً وُجُوهُهُنَّ ضَارِبَاتٍ خُدُودَهُنَّ یَدْعُونَ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ فَلَمْ أَرَ بَاكِیاً أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ لَا یَوْماً أَمَرَّ عَلَی الْمُسْلِمِینَ مِنْهُ وَ سَمِعْتُ جَارِیَةً تَنُوحُ عَلَی الْحُسَیْنِ فَتَقُولُ:

نَعَی سَیِّدِی نَاعٍ نَعَاهُ فَأَوْجَعَا***وَ أَمْرَضَنِی نَاعٍ نَعَاهُ فَأَفْجَعَا

فَعَیْنَیَّ جُودَا بِالدُّمُوعِ وَ أَسْكِبَا***وَ جُودَا بِدَمْعٍ بَعْدَ دَمْعِكُمَا مَعاً

عَلَی مَنْ دَهَی عَرْشَ الْجَلِیلِ فَزَعْزَعَا***فَأَصْبَحَ هَذَا الْمَجْدُ وَ الدِّینُ أَجْدَعَا

عَلَی ابْنِ نَبِیِّ اللَّهِ وَ ابْنِ وَصِیِّهِ***وَ إِنْ كَانَ عَنَّا شَاحِطَ الدَّارِ أَشْسَعَا

ثُمَّ قَالَتْ أَیُّهَا النَّاعِی جَدَّدْتَ حُزْنَنَا بِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ خَدَشْتَ مِنَّا قُرُوحاً لَمَّا تَنْدَمِلْ فَمَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقُلْتُ أَنَا بَشِیرُ بْنُ حَذْلَمٍ وَجَّهَنِی مَوْلَایَ عَلِیُّ بْنُ

ص: 147


1- 1. الجبانة: الصحراء، و المقبرة، و عن المغرب: المصلی العام فی الصحراء.

الْحُسَیْنِ عَلَیْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ وَ هُوَ نَازِلٌ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا مَعَ عِیَالِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ نِسَائِهِ قَالَ فَتَرَكُونِی مَكَانِی وَ بَادَرُوا.

فَضَرَبْتُ فَرَسِی حَتَّی رَجَعْتُ إِلَیْهِمْ فَوَجَدْتُ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا الطُّرُقَ وَ الْمَوَاضِعَ فَنَزَلْتُ عَنْ فَرَسِی وَ تَخَطَّیْتُ رِقَابَ النَّاسِ حَتَّی قَرُبْتُ مِنْ بَابِ الْفُسْطَاطِ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام دَاخِلًا وَ مَعَهُ خِرْقَةٌ یَمْسَحُ بِهَا دُمُوعَهُ وَ خَلْفَهُ خَادِمٌ مَعَهُ كُرْسِیٌّ فَوَضَعَهُ لَهُ وَ جَلَسَ عَلَیْهِ وَ هُوَ لَا یَتَمَالَكُ مِنَ الْعَبْرَةِ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ بِالْبُكَاءِ وَ حَنِینِ الْجَوَارِی وَ النِّسَاءِ وَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ یُعَزُّونَهُ فَضَجَّتْ تِلْكَ الْبُقْعَةُ ضَجَّةً شَدِیدَةً فَأَوْمَأَ بِیَدِهِ أَنِ اسْكُتُوا فَسَكَنَتْ فَوْرَتُهُمْ فَقَالَ علیه السلام.

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- مالِكِ یَوْمِ الدِّینِ بَارِئِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِینَ الَّذِی بَعُدَ فَارْتَفَعَ فِی السَّمَاوَاتِ الْعُلَی وَ قَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوَی نَحْمَدُهُ عَلَی عَظَائِمِ الْأُمُورِ وَ فَجَائِعِ الدُّهُورِ وَ أَلَمِ الْفَجَائِعِ وَ مَضَاضَةِ اللَّوَاذِعِ وَ جَلِیلِ الرُّزْءِ وَ عَظِیمِ الْمَصَائِبِ الْفَاضِعَةِ الْكَاظَّةِ الْفَادِحَةِ الْجَائِحَةِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ وَ لَهُ الْحَمْدُ ابْتَلَانَا بِمَصَائِبَ جَلِیلَةٍ وَ ثُلْمَةٍ فِی الْإِسْلَامِ عَظِیمَةٍ قُتِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَ عِتْرَتُهُ وَ سُبِیَ نِسَاؤُهُ وَ صِبْیَتُهُ وَ دَارُوا بِرَأْسِهِ فِی الْبُلْدَانِ مِنْ فَوْقِ عَامِلِ السِّنَانِ وَ هَذِهِ الرَّزِیَّةُ الَّتِی لَا مِثْلَهَا رَزِیَّةٌ أَیُّهَا النَّاسُ فَأَیُّ رِجَالاتٍ مِنْكُمْ یُسَرُّونَ بَعْدَ قَتْلِهِ أَمْ أَیَّةُ عَیْنٍ مِنْكُمْ تَحْبِسُ دَمْعَهَا وَ تَضَنُّ عَنِ انْهِمَالِهَا فَلَقَدْ بَكَتِ السَّبْعُ الشِّدَادُ لِقَتْلِهِ وَ بَكَتِ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا وَ السَّمَاوَاتُ بِأَرْكَانِهَا وَ الْأَرْضُ بِأَرْجَائِهَا وَ الْأَشْجَارُ بِأَغْصَانِهَا وَ الْحِیتَانُ وَ لُجَجُ الْبِحَارِ وَ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ أَجْمَعُونَ أَیُّهَا النَّاسُ أَیُّ قَلْبٍ لَا یَنْصَدِعُ لِقَتْلِهِ أَمْ أَیُّ فُؤَادٍ لَا یَحِنُّ إِلَیْهِ أَمْ أَیُّ سَمْعٍ یَسْمَعُ هَذِهِ الثُّلْمَةَ الَّتِی ثُلِمَتْ فِی الْإِسْلَامِ أَیُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْنَا مَطْرُودِینَ مُشَرَّدِینَ مَذُودِینَ شَاسِعِینَ عَنِ الْأَمْصَارِ كَأَنَّا أَوْلَادُ تُرْكٍ وَ كَابُلَ مِنْ غَیْرِ جُرْمٍ اجْتَرَمْنَاهُ وَ لَا مَكْرُوهٍ ارْتَكَبْنَاهُ وَ لَا ثُلْمَةٍ فِی الْإِسْلَامِ ثَلَمْنَاهَا- ما سَمِعْنا بِهذا فِی آبائِنَا الْأَوَّلِینَ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ

ص: 148

وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّبِیَّ تَقَدَّمَ إِلَیْهِمْ فِی قِتَالِنَا كَمَا تَقَدَّمَ إِلَیْهِمْ فِی الْوِصَایَةِ بِنَا لَمَا ازْدَادُوا عَلَی مَا فَعَلُوا بِنَا فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ مِنْ مُصِیبَةٍ مَا أَعْظَمَهَا وَ أَوْجَعَهَا وَ أَفْجَعَهَا وَ أَكَظَّهَا وَ أَفَظَّهَا وَ أَمَرَّهَا وَ أَفْدَحَهَا فَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ فِیمَا أَصَابَنَا وَ مَا بَلَغَ بِنَا إِنَّهُ عَزِیزٌ ذُو انْتِقامٍ.

قَالَ فَقَامَ صُوحَانُ بْنُ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ وَ كَانَ زَمِناً فَاعْتَذَرَ إِلَیْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ زَمَانَةِ رِجْلَیْهِ فَأَجَابَهُ بِقَبُولِ مَعْذِرَتِهِ وَ حُسْنِ الظَّنِّ فِیهِ وَ شَكَرَ لَهُ وَ تَرَحَّمَ عَلَی أَبِیهِ (1)

ثُمَّ قَالَ السَّیِّدُ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ إِنَّ زَیْنَ الْعَابِدِینَ علیه السلام بَكَی عَلَی أَبِیهِ أَرْبَعِینَ سَنَةً صَائِماً نَهَارَهُ قَائِماً لَیْلَهُ فَإِذَا حَضَرَ الْإِفْطَارُ جَاءَهُ غُلَامُهُ بِطَعَامِهِ وَ شَرَابِهِ فَیَضَعُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَیَقُولُ كُلْ یَا مَوْلَایَ فَیَقُولُ قُتِلَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ جَائِعاً قُتِلَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ عَطْشَاناً فَلَا یَزَالُ یُكَرِّرُ ذَلِكَ وَ یَبْكِی حَتَّی یُبَلَّ طَعَامُهُ مِنْ دُمُوعِهِ ثُمَّ یُمْزَجُ شَرَابُهُ بِدُمُوعِهِ فَلَمْ یَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ حَدَّثَ مَوْلًی لَهُ علیه السلام أَنَّهُ بَرَزَ یَوْماً إِلَی الصَّحْرَاءِ قَالَ فَتَبِعْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَجَدَ عَلَی حِجَارَةٍ خَشِنَةٍ فَوَقَفْتُ وَ أَنَا أَسْمَعُ شَهِیقَهُ وَ بُكَاءَهُ وَ أَحْصَیْتُ عَلَیْهِ أَلْفَ مَرَّةٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعَبُّداً وَ رِقّاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِیمَاناً وَ صِدْقاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَ إِنَّ لِحْیَتَهُ وَ وَجْهَهُ قَدْ غَمَرَ بِالْمَاءِ مِنْ دُمُوعِ عَیْنَیْهِ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی أَ مَا آنَ لِحُزْنِكَ أَنْ یَنْقَضِیَ وَ لِبُكَائِكَ أَنْ تَقِلَّ فَقَالَ لِی وَیْحَكَ إِنَّ یَعْقُوبَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ علیهم السلام كَانَ نَبِیّاً ابْنَ نَبِیٍّ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ ابْناً فَغَیَّبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَاحِداً مِنْهُمْ فَشَابَ رَأْسُهُ مِنَ الْحُزْنِ وَ احْدَوْدَبَ ظَهْرُهُ مِنَ الْغَمِّ وَ ذَهَبَ بَصَرُهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَ ابْنُهُ حَیٌّ فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ أَنَا فَقَدْتُ أَبِی وَ أَخِی وَ سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی صَرْعَی مَقْتُولِینَ فَكَیْفَ یَنْقَضِی حُزْنِی وَ یَقِلُّ بُكَائِی (2).

إیضاح: قال الجوهری ارتث فلان هو افتعل علی ما لم یسم فاعله أی حمل من المعركة رثیثا أی جریحا و به رمق و قال الخفر بالتحریك شدة الحیاء

ص: 149


1- 1. الملهوف ص 177- 182.
2- 2. المصدر ص 188- 190.

و جاریة خفرة و متخفرة و قال فرعت فی الجبل صعدته و فرعت فی الجبل صعدت و یقال بئسما أفرعت به أی ابتدأت.

أقول: و فی بعض النسخ تفرغ بالغین المعجمة من الإفراغ بمعنی السكب و هو أظهر و الختل الخدعة و فی الإحتجاج الختر و هو أیضا بالتحریك الغدر.

قولها علیها السلام كمثل التی إشارة إلی قوله تعالی وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ(1) قال الطبرسی رحمه اللّٰه أی لا تكونوا كالمرأة التی غزلت ثم نقضت غزلها من بعد إمرار و فتل للمغزل و هی امرأة حمقاء من قریش كانت تغزل مع جواریها إلی انتصاف النهار ثم تأمرهن أن ینقضن ما غزلن و لا تزال ذلك دأبها و قیل إنه مثل ضربه اللّٰه شبه فیه حال ناقض العهد بمن كان كذلك أَنْكاثاً جمع نكث و هو الغزل من الصوف و الشعر یبرم ثم ینكث و ینقض لیغزل ثانیة تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ أی دغلا و خیانة و مكرا.

و قال الخلیل الصلف مجاوزة قدر الظرف و الادعاء فوق ذلك تكبرا و النطف بالتحریك التلطخ بالعیب و فی الإحتجاج بعد الصلف و العجب و الشنف و الكذب و الشنف بالتحریك البغض و التنكر و الدمنة بالكسر ما تدمنه الإبل و الغنم بأبوالها و أبعارها أی تلبده فی مرابضها فربما نبت فیها النبات شبهتهم تارة بذلك النبات فی دناءة أصلهم و عدم الانتفاع بهم مع حسن ظاهرهم و خبث باطنهم و أخری بفضة(2)

تزین بها القبور فی أنهم كالأموات زینوا أنفسهم بلباس الأحیاء و لا ینتفع بهم الأحباء و لا یرجی منهم الكرم و الوفاء.

قولها بعارها الضمیر راجع إلی الأمة أو الأزمنة

و فی الإحتجاج: أجل و اللّٰه فابكوا فإنكم و اللّٰه أحق بالبكاء فابكوا كثیرا و اضحكوا قلیلا فقد بلیتم بعارها و منیتم بشنارها.

و الشنار العیب و رحضه كمنعه غسله كأرحضه و المدرة بالكسر زعیم القوم و خطیبهم و المتكلم عنهم و الذی یرجعون إلی رأیه و تبت الأیدی أی خسرت أو هلكت و الأیدی إما مجاز للأنفس أو بمعناها.

ص: 150


1- 1. النحل: 92.
2- 2. الصحیح بقصة: ای بجصة، كما مر.

و الفری القطع و فی بعض النسخ و الروایات: فرثتم. بالثاء المثلثة قال فی النهایة فی حدیث أم كلثوم بنت علی علیه السلام لأهل الكوفة: أ تدرون أی كبد فرثتم لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

الفرث تفتیت الكبد بالغم و الأذی و الصلعاء الداهیة القبیحة قال الجزری فی حدیث عائشة أنها قالت لمعاویة حین ادعی زیادا ركبت الصلیعاء أی الداهیة و الأمر الشدید أو السوءة الشنیعة البارزة المكشوفة انتهی.

و العنقاء بالقاف الداهیة و فی بعض النسخ بالفاء من العنف و الفقماء من قولهم تفاقم الأمر أی عظم و الخرق ضد الرفق و الشوهاء القبیحة و الضمیر فی قولها جئتم بها راجع إلی الفعلة القبیحة و القضیة الشنیعة التی أتوا بها و الكلام مبنی علی التجرید و طلاع الأرض بالكسر ملؤها و الحفز الحث و الإعجال.

قولها لا یبزی أی لا یغلب و لا یقهر و الذحل الحقد و العداوة یقال طلب بذحله أی بثأره و الموتور الذی قتل له قتیل فلم یدرك بدمه تقول منه وتره یتره وترا و ترة.

قولها علیها السلام فی بیت متعلق بالمقتول لأن أمیر المؤمنین علیه السلام قتل فی المسجد و سائر الأوصاف بعد ذلك نعوت له و التعس الهلاك و الضیم الظلم و النقیبة النفس و العریكة الطبیعة و العذل الملامة و الجدل بالتحریك الفرح و سحته و أسحته أی استأصله و نزع إلیه اشتاق و فی بعض النسخ فزعت أی لجأت.

و قال الجوهری الكثكث و الكثكث فتات الحجارة و التراب مثل الأثلب و الإثلب و یقال بفیه الكثكث و قال كظم غیظه كظما اجترعه و الكظوم السكوت و كظم البعیر یكظم كظوما إذا أمسك عن الجرة و قال أقعی الكلب إذا جلس علی استه مفترشا رجلیه و ناصبا یدیه و قد جاء النهی عن الإقعاء فی الصلاة و قال الشاعر:

فأقع كما أقعی أبوك علی استه***رأی أن ریما فوقه لا یعادله

و قال جاش الوادی زخر و امتد جدا و قال سجا یسجو سجوا سكن و دام و قوله تعالی وَ اللَّیْلِ إِذا سَجی أی إذ دام و سكن و منه البحر الساجی

ص: 151

قال الأعشی:

فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم***و بحرك ساج لا یواری الدعامصا

و قال الدعموص دویبة تغوص فی الماء و الجمع الدعامیص و الدعامص أیضا ثم ذكر بیت الأعشی و الكلة بالكسر الستر الرقیق و الصبیة جمع الصبی.

و قال الجزری فیه أنه نهی عن قتل شی ء من الدواب صبرا هو أن یمسك شی ء من ذوات الروح حیا ثم یرمی بشی ء حتی یموت و كل من قتل فی غیر معركة و لا حرب و لا خطاء فإنه مقتول صبرا قوله و لم ینسنی كأنه علی سبیل القلب و فیه لطف أو المعنی لم یتركنی و اللّٰهاة اللحمة فی أقصی الفم و الفراش بالفتح ما یبس بعد الماء من الطین علی الأرض و بالكسر ما یفرش و موقع اللسان فی قعر الفم.

قولها لا یطیق وجوبا أی لزوما بالأرض و سكونا أو عملا بواجب علی هیئة الاختیار و یقال طعنه فجدله أی رماه بالأرض و رجل مغاور بضم المیم أی مقاتل و هو صفة لقوله بطل أو حال عنه بالإضافة إلی یاء المتكلم و ضرجه بدم أی لطخه و یقال قف شعری أی قام من الفزع و قال الجوهری اللدم صوت الحجر أو الشی ء یقع بالأرض و لیس بالصوت الشدید

و فی الحدیث: و اللّٰه لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتی تخرج فتصاد.

ثم یسمی الضرب لدما و لدمت المرأة وجهها ضربته و التدام النساء ضربهن صدورهن فی النیاحة و اللدم بالتحریك الحرم فی القرابات و القبیل الكفیل و العریف و الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتی أی كل قبیل من قبائل الملائكة و الوزر بالتحریك الملجأ.

قوله لعنه اللّٰه تصهرهم الشمس أی تذیبهم و المخصرة بكسر المیم كالسوط و كلما اختصر الإنسان بیده فأمسكه من عصا و نحوها و الأسل الرمح و شمخ الرجل بأنفه تكبر و عطفا الرجل بالكسر جانباه و النظر فی العطف كنایة عن الخیلاء و الجذل بالتحریك الفرح و قد جذل بالكسر یجذل فهو جذلان.

و قولها علیها السلام یحدو بهن أی یسوقهن سوقا شدیدا و استشرف الشی ء

ص: 152

رفع بصره ینظر إلیه و المنقل الطریق فی الجبل و المنقلة المرحلة من مراحل السفر قولها و كیف یستبطئ فی بغضنا أی لا یطلب منه الإبطاء و التأخیر فی البغض و الشنف بالتحریك البغض و التنكر و الإحن بكسر الهمزة و فتح الحاء جمع الإحنة بالكسر و هی الحقد و الانتحاء الاعتماد و المیل و انتحیت لفلان أی عرضت له و أنحیت علی حلقه السكین أی عرضت و نكأت القرحة قشرتها.

و قال الفیروزآبادی الشافة قرحة تخرج فی أسفل القدم فتكوی فتذهب و إذا قطعت مات صاحبها و الأصل و استأصل اللّٰه شافته أذهبه كما تذهب تلك القرحة أو معناه أزاله من أصله انتهی و یقال خرج وشیكا أی سریعا و الفری القطع.

قولها و لئن جرت علی الدواهی مخاطبتك یحتمل أن یكون مخاطبتك مرفوعا بالفاعلیة أی إن أوقعت علی مخاطبتك البلایا فلا أبالی و لا أعظم قدرك أو یكون منصوبا بالمفعولیة أی إن أوقعتنی دواهی الزمان إلی حال احتجت إلی مخاطبتك فلست معظمة لقدرك.

قولها تنطف بكسر الطاء و ضمها أی تقطر و قال الفیروزآبادی تحلب عینه و فوه أی سالا و العواسل الذئاب السریعة العدو قولها و تعفوها أمهات الفراعل من قولهم عفت الریح المنزل أی درسته أو من قولهم فلان تعفوه الأضیاف أی تأتیه كثیرا و فی بعض النسخ تعفرها أی تلطخها بالتراب عند الأكل و فی بعضها بالقاف من العقر بمعنی الجرح و منه كلب عقور و الفرعل بالضم ولد الضبع

و فی روایة السید: أمهات الفراعل.

و هو أظهر و الفند بالتحریك الكذب و ضعف الرأی و البهلول من الرجال الضحاك و ربط العنان كنایة عن ترك المحارم و ملازمة الشریعة فی جمیع الأمور و فلان شدید الشكیمة إذا كان شدید النفس أنفا أبیا و وجأته بالسكین ضربته.

و النیاط بالكسر عرق علق به القلب من الوتین فإذا قطع مات صاحبه و الشنشنة الخلق و الطبیعة و الشحط البعد و الشاسع البعید و اللواذع المصائب المحرقة الموجعة و یقال كظنی هذا الأمر أی جهدنی من الكرب و الجائحة الشدة التی تستأصل المال و غیره و قال الجوهری عامل الرمح ما یلی السنان.

ص: 153

«2»- قل، [إقبال الأعمال] رَأَیْتُ فِی كِتَابِ الْمَصَابِیحِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ قَالَ لِی أَبِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ: سَأَلْتُ أَبِی عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ عَنْ حَمْلِ یَزِیدَ لَهُ فَقَالَ حَمَلَنِی عَلَی بَعِیرٍ یَطْلُعُ بِغَیْرِ وِطَاءٍ وَ رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَلَی عَلَمٍ وَ نِسْوَتُنَا خَلْفِی عَلَی بِغَالٍ فأكف- [وَاكِفَةً] وَ الْفَارِطَةُ خَلْفَنَا وَ حَوْلَنَا بِالرِّمَاحِ إِنْ دَمَعَتْ مِنْ أَحَدِنَا عَیْنٌ قُرِعَ رَأْسُهُ بِالرُّمْحِ حَتَّی إِذَا دَخَلْنَا دِمَشْقَ صَاحَ صَائِحٌ یَا أَهْلَ الشَّامِ هَؤُلَاءِ سَبَایَا أَهْلِ الْبَیْتِ الْمَلْعُونِ.

بیان: قوله فأكف أی أمیل و أشرف علی السقوط و الأظهر واكفة أی كانت البغال بإكاف أی برذعة من غیر سرج و فرط سبق و فی الأمر قصر به و ضیعه و علیه فی القول أسرف و فرط القوم تقدمهم إلی الورد لإصلاح الحوض و الفرط بضمتین الظلم و الاعتداء و الأمر المجاوز فیه الحد و لعل فیه أیضا تصحیفا.

«3»- لی، [الأمالی] للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ قَالَ حَدَّثَنِی حَاجِبُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ: أَنَّهُ لَمَّا جِی ءَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَمَرَ فَوُضِعَ بَیْنَ یَدَیْهِ فِی طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ جَعَلَ یَضْرِبُ بِقَضِیبٍ فِی یَدِهِ عَلَی ثَنَایَاهُ وَ یَقُولُ لَقَدْ أَسْرَعَ الشَّیْبُ إِلَیْكَ یَا بَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَهْ فَإِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَلْثِمُ حَیْثُ تَضَعُ قَضِیبَكَ فَقَالَ یَوْمٌ بِیَوْمِ بَدْرٍ ثُمَّ أَمَرَ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَغُلَّ وَ حُمِلَ مَعَ النِّسْوَةِ وَ السَّبَایَا إِلَی السِّجْنِ وَ كُنْتُ مَعَهُمْ فَمَا مَرَرْنَا بِزُقَاقٍ إِلَّا وَجَدْنَاهُ مِلْ ءَ رِجَالٍ وَ نِسَاءٍ یَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ یَبْكُونَ فَحُبِسُوا فِی سِجْنٍ وَ طُبِّقَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ دَعَا بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ النِّسْوَةِ وَ أَحْضَرَ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ كَانَتْ زَیْنَبُ ابْنَةُ عَلِیٍّ علیه السلام فِیهِمْ فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَحَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ وَ أَكْذَبَ أَحَادِیثَكُمْ فَقَالَتْ زَیْنَبُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَنَا بِمُحَمَّدٍ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِیراً إِنَّمَا یَفْضَحُ اللَّهُ الْفَاسِقَ وَ یُكَذِّبُ الْفَاجِرَ قَالَ كَیْفَ رَأَیْتِ صَنِیعَ اللَّهِ بِكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ قَالَ كَتَبَ عَلَیْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَی مَضَاجِعِهِمْ وَ سَیَجْمَعُ اللَّهُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ فَتَتَحَاكَمُونَ عِنْدَهُ فَغَضِبَ ابْنُ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَیْهَا وَ هَمَّ بِهَا فَسَكَّنَ مِنْهُ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ-

ص: 154

فَقَالَتْ زَیْنَبُ یَا ابْنَ زِیَادٍ حَسْبُكَ مَا ارْتَكَبْتَ مِنَّا فَلَقَدْ قَتَلْتَ رِجَالَنَا وَ قَطَعْتَ أَصْلَنَا وَ أَبَحْتَ حَرِیمَنَا وَ سَبَیْتَ نِسَاءَنَا وَ ذَرَارِیَّنَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلِاشْتِفَاءِ فَقَدِ اشْتَفَیْتَ فَأَمَرَ ابْنُ زِیَادٍ بِرَدِّهِمْ إِلَی السِّجْنِ وَ بَعَثَ الْبَشَائِرَ إِلَی النَّوَاحِی بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام.

ثُمَّ أَمَرَ بِالسَّبَایَا وَ رَأْسِ الْحُسَیْنِ فَحُمِلُوا إِلَی الشَّامِ فَلَقَدْ حَدَّثَنِی جَمَاعَةٌ كَانُوا خَرَجُوا فِی تِلْكَ الصُّحْبَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا یَسْمَعُونَ بِاللَّیَالِی نَوْحَ الْجِنِّ عَلَی الْحُسَیْنِ إِلَی الصَّبَاحِ وَ قَالُوا فَلَمَّا دَخَلْنَا دِمَشْقَ أُدْخِلَ بِالنِّسَاءِ وَ السَّبَایَا بِالنَّهَارِ مُكَشَّفَاتِ الْوُجُوهِ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ الْجُفَاةُ مَا رَأَیْنَا سَبَایَا أَحْسَنَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَمَنْ أَنْتُمْ فَقَالَتْ سُكَیْنَةُ ابْنَةُ الْحُسَیْنِ نَحْنُ سَبَایَا آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأُقِیمُوا عَلَی دَرَجِ الْمَسْجِدِ حَیْثُ یُقَامُ السَّبَایَا وَ فِیهِمْ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ فَتًی شَابٌّ فَأَتَاهُمْ شَیْخٌ مِنْ أَشْیَاخِ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ لَهُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَتَلَكُمْ وَ أَهْلَكَكُمْ وَ قَطَعَ قَرْنَ الْفِتْنَةِ فَلَمْ یَأْلُ عَنْ شَتْمِهِمْ فَلَمَّا انْقَضَی كَلَامُهُ قَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَ مَا قَرَأْتَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (1) قَالَ بَلَی قَالَ فَنَحْنُ أُولَئِكَ ثُمَّ قَالَ أَ مَا قَرَأْتَ وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ (2) قَالَ بَلَی قَالَ فَنَحْنُ هُمْ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً(3) قَالَ بَلَی قَالَ فَنَحْنُ هُمْ فَرَفَعَ الشَّامِیُّ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَتُوبُ إِلَیْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اللَّهُمَّ إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِنْ عَدُوِّ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مِنْ قَتَلَةِ أَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ لَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَمَا شَعَرْتُ بِهَذَا قَبْلَ الْیَوْمِ ثُمَّ أُدْخِلَ نِسَاءُ الْحُسَیْنِ عَلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ فَصِحْنَ نِسَاءُ آلِ یَزِیدَ وَ بَنَاتُ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلُهُ وَ وَلْوَلْنَ وَ أَقَمْنَ الْمَأْتَمَ وَ وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَتْ سُكَیْنَةُ مَا رَأَیْتُ أَقْسَی قَلْباً مِنْ یَزِیدَ وَ لَا رَأَیْتُ كَافِراً وَ لَا مُشْرِكاً شَرّاً مِنْهُ وَ لَا

ص: 155


1- 1. الشوری: 23.
2- 2. أسری: 26.
3- 3. الأحزاب: 33.

أَجْفَی مِنْهُ وَ أَقْبَلَ یَقُولُ وَ یَنْظُرُ إِلَی الرَّأْسِ:

لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا***جَزِعَ الْخَزْرَجُ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ

ثُمَّ أَمَرَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ فَنُصِبَ عَلَی بَابِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَرُوِیَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّهَا قَالَتْ لَمَّا أُجْلِسْنَا بَیْنَ یَدَیْ یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ رَقَّ لَنَا أَوَّلَ شَیْ ءٍ وَ أَلْطَفَنَا ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحْمَرَ قَامَ إِلَیْهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَبْ لِی هَذِهِ الْجَارِیَةَ یَعْنِینِی وَ كُنْتُ جَارِیَةً وَضِیئَةً فَأُرْعِبْتُ وَ فَرِقْتُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ یَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَخَذْتُ بِثِیَابِ أُخْتِی وَ هِیَ أَكْبَرُ مِنِّی وَ أَعْقَلُ فَقَالَتْ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ لُعِنْتَ مَا ذَاكَ لَكَ وَ لَا لَهُ فَغَضِبَ یَزِیدُ وَ قَالَ بَلْ كَذَبْتِ وَ اللَّهِ لَوْ شِئْتُ لَفَعَلْتُهُ قَالَتْ لَا وَ اللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لَكَ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مِلَّتِنَا وَ تَدِینَ بِغَیْرِ دِینِنَا فَغَضِبَ یَزِیدُ ثُمَّ قَالَ إِیَّایَ تَسْتَقْبِلِینَ بِهَذَا إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ الدِّینِ أَبُوكِ وَ أَخُوكِ فَقَالَتْ بِدِینِ اللَّهِ وَ دِیْنِ أَبِی وَ أَخِی وَ جَدِّی اهْتَدَیْتَ أَنْتَ وَ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ قَالَ كَذَبْتِ یَا عَدُوَّةَ اللَّهِ قَالَتْ أَمِیرٌ یَشْتِمُ ظَالِماً وَ یَقْهَرُ بِسُلْطَانِهِ قَالَتْ فَكَأَنَّهُ لَعَنَهُ اللَّهُ اسْتَحْیَا فَسَكَتَ فَأَعَادَ الشَّامِیُّ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَبْ لِی هَذِهِ الْجَارِیَةَ فَقَالَ لَهُ اعْزُبْ وَهَبَ اللَّهُ لَكَ حَتْفاً قَاضِیاً(1).

«4»- أقول قال عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة: فی جملة أبیات ذكرها عن ابن الزبعری أنه قالها لوصف یوم أحد:

لیت أشیاخی ببدرشهدوا***جزع الخزرج من وقع الأسل

حین حطت بقباء بركها(2)***و استحر القتل فی عبد الأشل

ثم قال كثیر من الناس یعتقدون أن هذا البیت لیزید بن معاویة و قال من أكره التصریح باسمه هذا البیت لیزید فقلت له إنما قاله یزید متمثلا لما حمل إلیه رأس الحسین علیه السلام و هو لابن الزبعری فلم تسكن نفسه إلی ذلك حتی أوضحته له فقلت أ لا تراه قالجزع الخزرج من وقع

الأسل و الحسین علیه السلام لم

ص: 156


1- 1. أمالی الصدوق المجلس 31 تحت الرقم 3.
2- 2. البرك: الصدر، و قباء موضع بالمدینة و عبد الاشل: أی عبد الاشهل حذف الهاء للضرورة.

تحارب عنه الخزرج و كان یلیق أن یقول جزع بنی هاشم من وقع الأسل فقال بعض من كان حاضرا لعله قاله یوم الحرة فقلت المنقول أنه أنشده لما حمل إلیه رأس الحسین علیه السلام و المنقول أنه شعر ابن الزبعری و لا یجوز أن یترك المنقول إلی ما لیس بمنقول (1).

«5»- ج، [الإحتجاج] رَوَی شَیْخٌ صَدُوقٌ مِنْ مَشَایِخِ بَنِی هَاشِمٍ وَ غَیْرُهُ مِنَ النَّاسِ: أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ حَرَمُهُ عَلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ جِی ءَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ وُضِعَ بَیْنَ یَدَیْهِ فِی طَسْتٍ فَجَعَلَ یَضْرِبُ ثَنَایَاهُ بِمِخْصَرَةٍ كَانَتْ فِی یَدِهِ وَ هُوَ یَقُولُ:

لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا***جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ

لَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً***وَ لَقَالُوا یَا یَزِیدُ لَا تُشَلَّ

فَجَزَیْنَاهُمْ بِبَدْرٍ مِثْلَهَا***وَ أَقَمْنَا مِثْلَ بَدْرٍ فَاعْتَدَلَ

لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ***مِنْ بَنِی أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ

فَقَامَتْ زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ أُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ وَ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی جَدِّی سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ صَدَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ یَقُولُ- ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوای أَنْ كَذَّبُوا بِآیاتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها یَسْتَهْزِؤُنَ (2) أَ ظَنَنْتَ یَا یَزِیدُ حِینَ أَخَذْتَ عَلَیْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ وَ ضَیَّقْتَ عَلَیْنَا آفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا لَكَ فِی إِسَارٍ نُسَاقُ إِلَیْكَ سَوْقاً فِی قِطَارٍ وَ أَنْتَ عَلَیْنَا

ص: 157


1- 1. لا ریب أن الشعر لعبد اللّٰه بن الزبعری كما مرّ الإشارة إلیه فی ص 133 تری الأبیات فی سیرة ابن هشام عند ذكر ما قیل من الشعر یوم أحد و هی ستة عشر بیتا و قد أجابه حسان ابن ثابت الأنصاریّ فقال: ذهبت یا بن الزبعری وقعة***كان منا الفضل فیها لو عدل و لقد نلتم و نلنا منكم***و كذلك الحرب أحیانا دول الی آخر الأبیات راجع ج 2 ص 136- 138.
2- 2. الروم: 10.

ذُو اقْتِدَارٍ أَنَّ بِنَا مِنَ اللَّهِ هَوَاناً وَ عَلَیْكَ مِنْهُ كَرَامَةً وَ امْتِنَاناً وَ أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ وَ جَلَالَةِ قَدْرِكَ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَ نَظَرْتَ فِی عِطْفٍ تَضْرِبُ أَصْدَرَیْكَ فَرِحاً وَ تَنْفُضُ مِدْرَوَیْكَ مَرِحاً حِینَ رَأَیْتَ الدُّنْیَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَ الْأُمُورَ لَدَیْكَ مُتَّسِقَةً وَ حِینَ صَفِیَ لَكَ مُلْكُنَا وَ خَلَصَ لَكَ سُلْطَانُنَا فَمَهْلًا مَهْلًا لَا تَطِشْ جَهْلًا أَ نَسِیتَ قَوْلَ اللَّهِ- وَ لا یَحْسَبَنَّ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِی لَهُمْ خَیْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِی لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ (1) أَ مِنَ الْعَدْلِ یَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِیرُكَ حَرَائِرَكَ وَ سَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَایَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَ أَبْدَیْتَ وُجُوهَهُنَّ یَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَی بَلَدٍ وَ یَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاقِلِ وَ یَبْرُزْنَ لِأَهْلِ الْمَنَاهِلِ وَ یَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِیبُ وَ الْبَعِیدُ وَ الْغَائِبُ وَ الشَّهِیدُ وَ الشَّرِیفُ وَ الْوَضِیعُ وَ الدَّنِیُّ وَ الرَّفِیعُ لَیْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِیٌّ وَ لَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِیمٌ عُتُوّاً مِنْكَ عَلَی اللَّهِ وَ جُحُوداً لِرَسُولِ اللَّهِ وَ دَفْعاً لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ لَا غَرْوَ مِنْكَ وَ لَا عَجَبَ مِنْ فِعْلِكَ وَ أَنَّی یُرْتَجَی مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الشُّهَدَاءِ وَ نَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ السُّعَدَاءِ وَ نَصَبَ الْحَرْبَ لِسَیِّدِ الْأَنْبِیَاءِ وَ جَمَعَ الْأَحْزَابَ وَ شَهَرَ الْحِرَابَ وَ هَزَّ السُّیُوفَ فِی وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَشَدُّ الْعَرَبِ لِلَّهِ جُحُوداً وَ أَنْكَرُهُمْ لَهُ رَسُولًا وَ أَظْهَرُهُمْ لَهُ عُدْوَاناً وَ أَعْتَاهُمْ عَلَی الرَّبِّ كُفْراً وَ طُغْیَاناً أَلَا إِنَّهَا نَتِیجَةُ خِلَالِ الْكُفْرِ وَ ضَبٌّ یُجَرْجِرُ فِی الصَّدْرِ لِقَتْلَی یَوْمِ بَدْرٍ فَلَا یَسْتَبْطِئُ فِی بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ مَنْ كَانَ نَظَرُهُ إِلَیْنَا شَنَفاً وَ شَنْآناً وَ أَحَناً وَ ضَغَناً یُظْهِرُ كُفْرَهُ بِرَسُولِهِ وَ یُفْصِحُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَ هُوَ یَقُولُ فَرِحاً بِقَتْلِ وُلْدِهِ وَ سَبْیِ ذُرِّیَّتِهِ غَیْرَ مُتَحَوِّبٍ وَ لَا مُسْتَعْظِمٍ:

لَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً***وَ لَقَالُوا یَا یَزِیدُ لَا تُشَلَّ

مُنْتَحِیاً عَلَی ثَنَایَا أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ كَانَ مُقَبَّلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِهِ

ص: 158


1- 1. آل عمران: 178.

قَدِ الْتَمَعَ السُّرُورُ بِوَجْهِهِ.

لَعَمْرِی لَقَدْ نَكَأْتَ الْقُرْحَةَ وَ اسْتَأْصَلْتَ الشَّافَةَ بِإِرَاقَتِكَ دَمَ سَیِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ ابْنِ یَعْسُوبِ الْعَرَبِ وَ شَمْسِ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هَتَفْتَ بِأَشْیَاخِكَ وَ تَقَرَّبْتَ بِدَمِهِ إِلَی الْكَفَرَةِ مِنْ أَسْلَافِكِ ثُمَّ صَرَخْتَ بِنِدَائِكَ وَ لَعَمْرِی قَدْ نَادَیْتَهُمْ لَوْ شَهِدُوكَ وَ وَشِیكاً تَشْهَدُهُمْ وَ یَشْهَدُوكَ (1) وَ لَتَوَدُّ یَمِینُكَ كَمَا زَعَمْتَ شُلَّتْ بِكَ عَنْ مِرْفَقِهَا وَ أَحْبَبْتَ أُمَّكَ لَمْ تَحْمِلْكَ وَ أَبَاكَ لَمْ یَلِدْكَ حِینَ تَصِیرُ إِلَی سَخَطِ اللَّهِ وَ مُخَاصِمُكَ وَ مُخَاصِمُ أَبِیكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

اللَّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا وَ انْتَقِمْ مِنْ ظَالِمِنَا وَ أَحْلِلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ نَقَصَ ذِمَامَنَا وَ قَتَلَ حُمَاتَنَا وَ هَتَكَ عَنَّا سُدُولَنَا- وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِی فَعَلْتَ وَ مَا فَرَیْتَ إِلَّا جِلْدَكَ وَ مَا جَزَزْتَ إِلَّا لَحْمَكَ وَ سَتَرِدُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ وَ انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ وَ سَفَكْتَ مِنْ دِمَاءِ عِتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ حَیْثُ یَجْمَعُ بِهِ شَمْلَهُمْ وَ یَلُمُّ بِهِ شَعَثَهُمْ وَ یَنْتَقِمُ مِنْ ظَالِمِهِمْ وَ یَأْخُذُ لَهُمْ بِحَقِّهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَ لَا یَسْتَفِزَّنَّكَ الْفَرَحُ بِقَتْلِهِ- وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْیاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ- فَرِحِینَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (2) وَ حَسْبُكَ بِاللَّهِ وَلِیّاً وَ حَاكِماً وَ بِرَسُولِ اللَّهِ خَصِیماً وَ بِجَبْرَئِیلَ ظَهِیراً وَ سَیَعْلَمُ مَنْ بَوَّأَكَ وَ مَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِینَ أَنْ بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا وَ أَنَّكُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضَلُّ سَبِیلًا وَ مَا اسْتِصْغَارِی قَدْرَكَ وَ لَا اسْتِعْظَامِی تَقْرِیعَكَ تَوَهُّماً لِانْتِجَاعِ الْخِطَابِ فِیكَ بَعْدَ أَنْ تَرَكْتَ عُیُونَ الْمُسْلِمِینَ بِهِ عَبْرَی وَ صُدُورَهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ حَرَّی فَتِلْكَ قُلُوبٌ قَاسِیَةٌ وَ نُفُوسٌ طَاغِیَةٌ وَ أَجْسَامٌ مَحْشُوَّةٌ بِسَخَطِ اللَّهِ وَ لَعْنَةِ الرَّسُولِ قَدْ عَشَّشَ فِیهِ الشَّیْطَانُ وَ فَرَّخَ وَ مَنْ هُنَاكَ مِثْلُكَ مَا دَرَجَ وَ نَهَضَ فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ الْأَتْقِیَاءِ وَ أَسْبَاطِ الْأَنْبِیَاءِ وَ سَلِیلِ الْأَوْصِیَاءِ بِأَیْدِی الطُّلَقَاءِ الْخَبِیثَةِ وَ نَسْلِ الْعَهَرَةِ

ص: 159


1- 1. فی الأصل و هكذا المصدر« و ان یشهدوك» و هو تصحیف.
2- 2. آل عمران: 169.

الْفَجَرَةِ تَنْطِفُ أَكُفُّهُمْ مِنْ دِمَائِنَا وَ تَتَحَلَّبُ أَفْوَاهُهُمْ مِنْ لُحُومِنَا وَ لِلْجُثَثِ الزَّاكِیَةِ عَلَی الْجُبُوبِ الضَّاحِیَةِ تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِلُ وَ تُعَفِّرُهَا الْفَرَاعِلُ فَلَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَتَّخِذُنَا وَشِیكاً مَغْرَماً حِینَ لَا تَجِدُ إِلَّا مَا قَدَّمَتْ یَدَاكَ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ وَ إِلَی اللَّهِ الْمُشْتَكَی وَ الْمُعَوَّلُ وَ إِلَیْهِ الْمَلْجَأُ وَ الْمُؤَمَّلُ.

ثُمَّ كِدْ كَیْدَكَ وَ اجْهَدْ جُهْدَكَ فَوَ الَّذِی شَرَّفَنَا بِالْوَحْیِ وَ الْكِتَابِ وَ النُّبُوَّةِ وَ الِانْتِجَابِ- لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَبْلُغُ غَایَتَنَا وَ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارُنَا وَ هَلْ رَأْیُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَیَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ یَوْمَ یُنَادِی الْمُنَادِی أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُ الْعَادِی.

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی حَكَمَ لِأَوْلِیَائِهِ بِالسَّعَادَةِ وَ خَتَمَ لِأَوْصِیَائِهِ بِبُلُوغِ الْإِرَادَةِ نَقَلَهُمْ إِلَی الرَّحْمَةِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الرِّضْوَانِ وَ الْمَغْفِرَةِ وَ لَمْ یَشْقَ بِهِمْ غَیْرُكَ وَ لَا ابْتَلَی بِهِمْ سِوَاكَ وَ نَسْأَلُهُ أَنْ یُكْمِلَ لَهُمُ الْأَجْرَ وَ یُجْزِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ الذُّخْرَ وَ نَسْأَلُهُ حُسْنَ الْخِلَافَةِ وَ جَمِیلَ الْإِنَابَةِ إِنَّهُ رَحِیمٌ وَدُودٌ فَقَالَ یَزِیدُ مُجِیباً لَهَا شِعْراً:

یَا صَیْحَةً تُحْمَدُ مِنْ صَوَائِحِ***مَا أَهْوَنَ الْمَوْتَ عَلَی النَّوَائِحِ

ثُمَّ أَمَرَ بِرَدِّهِمْ (1).

بیان: قال الجزری فی حدیث الحسن یضرب أسدریه أی عطفیه و منكبیه یضرب بیده علیهما و روی بالزاء و الصاد بدل السین بمعنی واحد و هذه الأحرف الثلاثة تتعاقب مع الدال و قال فی باب الصاد فی حدیث الحسن یضرب أصدریه أی منكبیه و قال فی باب المیم و الذال فی حدیث الحسن ما تشاء أن تری أحدهم ینفض مذرویه المذروان جانبا الألیتین و لا واحد لهما و قیل هما طرفا كل شی ء و أراد بهما الحسن فرعا المنكبین یقال جاء فلان ینفض مذرویه إذا جاء باغیا یتهدد و كذلك إذا جاء فارغا فی غیر شغل و المیم زائدة.

و قال الفیروزآبادی الأصدران عرقان تحت الصدغین و جاء یضرب

ص: 160


1- 1. الاحتجاج ص 157- 159.

أصدریه أی فارغا و قال فی المذروین بكسر المیم نحوا مما مر.

و یقال لا غرو أی لیس بعجب و الضب الحقد الكامن فی الصدر و فی بعض النسخ مكان شنفا و شنآنا سیفا و سنانا و فلان یتحوب من كذا أی یتأثم و التحوب أیضا التوجع و التحزن و السدیل ما أسبل علی الهودج و الجمع السدول.

قولها رضی اللّٰه عنها فتلك إشارة إلی أعوانه و أنصاره و فی بعض النسخ قبلك بكسر القاف و فتح الباء عندك أو بفتح القاف و سكون الباء إشارة إلی آبائه لعنهم اللّٰه.

قولها ما درج كلمة ما زائدة كما فی قوله تعالی فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ أی بإعانة هؤلاء درجت و مشیت و قمت أو فی حجور هؤلاء الأشقیاء ربیت و منهم تفرعت و الجبوب بضم الجیم و الباء الأرض الغلیظة و یقال وجه الأرض و فی بعض النسخ بالنون فعلی الأول الضاحیة من قولهم مكان ضاح أی بارز و علی الثانی من قولهم ضحیت للشمس أی برزت و إنما أوردت بعض الروایات مكررا لكثرة اختلافها.

«6»- ج، [الإحتجاج] رَوَی ثِقَاتُ الرُّوَاةِ وَ عُدُولُهُمْ: لَمَّا أُدْخِلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام فِی جُمْلَةِ مَنْ حُمِلَ إِلَی الشَّامِ سَبَایَا مِنْ أَوْلَادِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ أَهَالِیهِ عَلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَتَلَ أَبَاكَ قَالَ علیها السلام قَتَلَ أَبِیَ النَّاسُ قَالَ یَزِیدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَتَلَهُ فَكَفَانِیهِ قَالَ علیها السلام عَلَی مَنْ قَتَلَ أَبِی لَعْنَةُ اللَّهِ أَ فَتَرَانِی لَعَنْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ یَزِیدُ یَا عَلِیُّ اصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَأَعْلِمِ النَّاسَ حَالَ الْفِتْنَةِ وَ مَا رَزَقَ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مِنَ الظَّفَرِ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ مَا أَعْرَفَنِی بِمَا تُرِیدُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی فَأَنَا أُعَرِّفُهُ بِنَفْسِی أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنَی أَنَا ابْنُ الْمَرْوَةِ وَ الصَّفَا أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی أَنَا ابْنُ مَنْ لَا یَخْفَی أَنَا ابْنُ مَنْ عَلَا فَاسْتَعْلَی فَجَازَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَی وَ كَانَ مِنْ رَبِّهِ قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی.

ص: 161

فَضَجَّ أَهْلُ الشَّامِ بِالْبُكَاءِ حَتَّی خَشِیَ یَزِیدُ أَنْ یَرْحَلَ مِنْ مَقْعَدِهِ فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ أَذِّنْ فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ جَلَسَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَلَی الْمِنْبَرِ فَلَمَّا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ بَكَی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی یَزِیدَ فَقَالَ یَا یَزِیدُ هَذَا أَبُوكَ أَمْ أَبِی قَالَ بَلْ أَبُوكَ فَانْزِلْ فَنَزَلَ فَأَخَذَ نَاحِیَةَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَلَقِیَهُ مَكْحُولٌ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ كَیْفَ أَمْسَیْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَمْسَیْنَا بَیْنَكُمْ مِثْلَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی آلِ فِرْعَوْنَ یُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِسَاءَهُمْ- وَ فِی

ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِیمٌ فَلَمَّا انْصَرَفَ یَزِیدُ إِلَی مَنْزِلِهِ دَعَا بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ قَالَ یَا عَلِیُّ أَ تُصَارِعُ ابْنِی خَالِداً قَالَ علیها السلام مَا تَصْنَعُ بِمُصَارَعَتِی إِیَّاهُ أَعْطِنِی سِكِّیناً وَ أَعْطِهِ سِكِّیناً فَلْیَقْتُلْ أَقْوَانَا أَضْعَفَنَا فَضَمَّهُ یَزِیدُ إِلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ لَا تَلِدُ الْحَیَّةُ إِلَّا الْحَیَّةَ أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یَا یَزِیدُ بَلَغَنِی أَنَّكَ تُرِیدُ قَتْلِی فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ قَاتِلِی فَوَجِّهْ مَعَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ مَنْ یَرُدُّهُنَّ إِلَی حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ لَا یَرُدُّهُنَّ غَیْرُكَ لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ فَوَ اللَّهِ مَا أَمَرْتُهُ بِقَتْلِ أَبِیكَ وَ لَوْ كُنْتُ مُتَوَلِّیاً لِقِتَالِهِ مَا قَتَلْتُهُ ثُمَّ أَحْسَنَ جَائِزَتَهُ وَ حَمَلَهُ وَ النِّسَاءَ إِلَی الْمَدِینَةِ(1).

«7»- ج، [الإحتجاج] عَنْ حِذْیَمِ بْنِ شَرِیكٍ الْأَسَدِیِّ قَالَ: لَمَّا أَتَی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام بِالنِّسْوَةِ مِنْ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ مَرِیضاً وَ إِذَا نِسَاءُ أَهْلِ الْكُوفَةِ یَنْتَدِبْنَ مُشَقَّقَاتِ الْجُیُوبِ وَ الرِّجَالُ مَعَهُنَّ یَبْكُونَ فَقَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ بِصَوْتٍ ضَئِیلٍ وَ قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ إِنَّ هَؤُلَاءِ یَبْكُونَ فَمَنْ قَتَلَنَا غَیْرَهُمْ فَأَوْمَأَتْ زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی النَّاسِ بِالسُّكُوتِ قَالَ حِذْیَمٌ الْأَسَدِیُّ فَلَمْ أَرَ وَ اللَّهِ خَفِرَةً أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّمَا تَنْطِقُ وَ تُفْرِغُ عَنْ لِسَانِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ أَشَارَتْ إِلَی النَّاسِ بِأَنْ أَنْصِتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ اْلْأَجْرَاسُ ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِهِ

ص: 162


1- 1. الاحتجاج ص 159 و 160.

أَمَّا بَعْدُ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الْخَتْرِ وَ الْغَدْرِ وَ الْحَدْلِ (1)

أَلَا فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الزَّفْرَةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ مَثَلُ الَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ هَلْ فِیكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ الْعُجْبُ وَ الشَّنَفُ وَ الْكَذِبُ وَ مَلَقُ الْإِمَاءِ وَ غَمْزُ الْأَعْدَاءِ كَمَرْعًی عَلَی دِمْنَةٍ أَوْ كَقَصَّةٍ عَلَی مَلْحُودَةٍ أَلَا بِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ وَ فِی الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ عَلَی أَخِی أَجَلْ وَ اللَّهِ فَابْكُوا فَإِنَّكُمْ وَ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ فَابْكُوا كَثِیراً وَ اضْحَكُوا قَلِیلًا فَقَدْ بُلِیتُمْ بِعَارِهَا وَ مُنِیتُمْ بِشَنَارِهَا وَ لَنْ تَرْحَضُوهَا أَبَداً وَ أَنَّی تَرْحَضُونَ قَتْلَ سَلِیلِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَ سَیِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذِ حَرْبِكُمْ وَ مَعَاذِ حِزْبِكُمْ وَ مَقَرِّ سِلْمِكُمْ وَ آسِی كَلْمِكُمْ وَ مَفْزَعِ نَازِلَتِكُمْ وَ الْمَرْجَعِ إِلَیْهِ عِنْدَ مَقَالَتِكُمْ وَ مَدَرَةِ حُجَجِكُمْ وَ مَنَارِ مَحَجَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ وَ سَاءَ مَا تَزِرُونَ لِیَوْمِ بَعْثِكُمْ فَتَعْساً تَعْساً وَ نُكْساً نُكْساً لَقَدْ خَابَ السَّعْیُ وَ تَبَّتِ الْأَیْدِی وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَیْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ أَ تَدْرُونَ وَیْلَكُمْ أَیَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ ص فَرَیْتُمْ وَ أَیَّ عَهْدٍ نَكَثْتُمْ وَ أَیَّ كَرِیمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَ أَیَّ حُرْمَةٍ لَهُ هَتَكْتُمْ وَ أَیَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ- لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا شَوْهَاءَ صَلْعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْءَاءَ فَقْمَاءَ خَرْقَاءَ طِلَاعَ الْأَرْضِ وَ مِلْ ءَ(2)

السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ لَمْ تُمْطَرِ السَّمَاءُ دَماً- وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزی وَ هُمْ لا یُنْصَرُونَ فَلَا یَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ فَإِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْ لَا یَحْفِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا یُخْشَی عَلَیْهِ فَوْتُ الثَّأْرِ كَلَّا إِنَّ رَبَّكَ لَنَا وَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:

مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِیُّ لَكُمْ***مَا ذَا صَنَعْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ

بِأَهْلِ بَیْتِی وَ أَوْلَادِی وَ مَكْرُمَتِی***مِنْهُمْ أُسَارَی وَ مِنْهُمْ ضُرِّجُوا بِدَمٍ؟

ص: 163


1- 1. یقال: حدل علیه حدلا و حدولا: مال علیه بالظلم، و فی بعض النسخ« الجدل» و فی بعضها« الخذل».
2- 2. ما بین العلامتین زیادة من المصدر ص 156.

مَا كَانَ ذَاكَ جَزَائِی إِذْ نَصَحْتُ لَكُمْ***أَنْ تَخْلُفُونِی بِسُوءٍ فِی ذَوِی رَحِمِی

إِنِّی لَأَخْشَی عَلَیْكُمْ أَنْ یَحُلَّ بِكُمْ***مِثْلُ الْعَذَابِ الَّذِی أَوْدَی عَلَی إِرَمَ

ثُمَّ وَلَّتْ عَنْهُمْ.

قَالَ حِذْیَمٌ فَرَأَیْتُ النَّاسَ حَیَارَی قَدْ رَدُّوا أَیْدِیَهُمْ فِی أَفْوَاهِهِمْ فَالْتَفَتُّ إِلَی شَیْخٍ إِلَی جَانِبِی یَبْكِی وَ قَدِ اخْضَلَّتْ لِحْیَتُهُ بِالْبُكَاءِ وَ یَدُهُ مَرْفُوعَةٌ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ بِأَبِی وَ أُمِّی كُهُولُهُمْ خَیْرُ الْكُهُولِ وَ شَبَابُهُمْ خَیْرُ شَبَابٍ وَ نَسْلُهُمْ نَسْلٌ كَرِیمٌ وَ فَضْلُهُمْ فَضْلٌ عَظِیمٌ ثُمَّ أَنْشَدَ شِعْراً:

كُهُولُهُمْ خَیْرُ الْكُهُولِ وَ نَسْلُهُمْ***إِذَا عُدَّ نَسْلٌ لَا یَبُورُ وَ لَا یَخْزَی

فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یَا عَمَّةِ اسْكُتِی فَفِی الْبَاقِی مِنَ الْمَاضِی اعْتِبَارٌ وَ أَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَالِمَةٌ غَیْرُ مُعَلَّمَةٍ فَهِمَةٌ غَیْرُ مُفَهَّمَةٍ إِنَّ الْبُكَاءَ وَ الْحَنِینَ لَا یَرُدَّانِ مَنْ قَدْ أَبَادَهُ الدَّهْرُ فَسَكَتَتْ ثُمَّ نَزَلَ علیه السلام وَ ضَرَبَ فُسْطَاطَهُ وَ أَنْزَلَ نِسَاءَهُ وَ دَخَلَ الْفُسْطَاطَ.

بیان: قولها و آسی كلمكم الآسی الطبیب و الكلم الجراحة و قال الجوهری النكس بالضم عود المرض بعد النقه و قد نكس الرجل نكسا یقال تعسا له و نكسا و قد یفتح هاهنا للازدواج أو لأنه لغة و فی أكثر النسخ هنا من لا یحفزه بالحاء المهملة و الزاء المعجمة یقال حفزه أی دفعه من خلفه یحفزه بالكسر حفزا و اللیل یحفز النهار أی یسوقه قولها أودی فی أكثر النسخ بالدال المهملة یقال أودی أی هلك و أودی به الموت أی ذهب فكأن علی هنا بمعنی الباء و فی بعضها بالراء من أوری الزند إذا أخرج منه النار.

«8»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ حِذْلَمِ بْنِ سُتَیْرٍ(1) قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فِی الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَی وَ سِتِّینَ عِنْدَ مُنْصَرَفِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بِالنِّسْوَةِ مِنْ كَرْبَلَاءَ وَ مَعَهُمُ الْأَجْنَادُ یُحِیطُونَ بِهِمْ وَ قَدْ

ص: 164


1- 1. و قد یقال حذلم بن ستیر، أو حذام بن ستیر، و الصحیح: حذیم بن بشیر كما مر.

خَرَجَ النَّاسُ لِلنَّظَرِ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا أُقْبِلَ بِهِمْ عَلَی الْجِمَالِ بِغَیْرِ وِطَاءٍ جَعَلَ نِسَاءُ الْكُوفَةِ یَبْكِینَ وَ یَنْدُبْنَ فَسَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ هُوَ یَقُولُ بِصَوْتٍ ضَئِیلٍ وَ قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ وَ فِی عُنُقِهِ الْجَامِعَةُ وَ یَدُهُ مَغْلُولَةٌ إِلَی عُنُقِهِ إِنَّ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةَ یَبْكِینَ فَمَنْ قَتَلَنَا قَالَ وَ رَأَیْتُ

زَیْنَبَ بِنْتَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَمْ أَرَ خَفِرَةً قَطُّ أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّهَا تُفْرِغُ عَنْ لِسَانِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ وَ قَدْ أَوْمَأَتْ إِلَی النَّاسِ أَنِ اسْكُتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ الْأَصْوَاتُ فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَی أَبِی رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الْخَتْلِ وَ الْخَذْلِ فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ أَلَا وَ هَلْ فِیكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ السَّرَفُ خَوَّارُونَ فِی اللِّقَاءِ عَاجِزُونَ عَنِ الْأَعْدَاءِ نَاكِثُونَ لِلْبَیْعَةِ مُضَیِّعُونَ لِلذِّمَّةِ فَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ وَ فِی الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ إِی وَ اللَّهِ فَابْكُوا كَثِیراً وَ اضْحَكُوا قَلِیلًا فَلَقَدْ فُزْتُمْ بِعَارِهَا وَ شَنَارِهَا وَ لَنْ تَغْسِلُوا دَنَسَهَا عَنْكُمْ أَبَداً فَسَلِیلَ خَاتَمِ الرِّسَالَةِ وَ سَیِّدَ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذَ خِیَرَتِكُمْ وَ مَفْزَعَ نَازِلَتِكُمْ وَ أَمَارَةَ مَحَجَّتِكُمْ وَ مَدْرَجَةَ حُجَّتِكُمْ (1)

خَذَلْتُمْ وَ لَهُ قَتَلْتُمْ أَلَا سَاءَ مَا تَزِرُونَ فَتَعْساً وَ نُكْساً وَ لَقَدْ خَابَ السَّعْیُ وَ تَبَّتِ الْأَیْدِی وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَیْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَیْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَیَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ فَرَیْتُمْ وَ أَیَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ وَ أَیَّ كَرِیمَةٍ لَهُ أَصَبْتُمْ- لَقَدْ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدًّا- تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا وَ لَقَدْ أَتَیْتُمْ بِهَا خَرْمَاءَ شَوْهَاءَ طِلَاعُ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ قَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزی فَلَا یَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ فَإِنَّهُ لَا یُعْجِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا یُخَافُ عَلَیْهِ فَوْتُ الثَّأْرِ كَلَّا إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ

ص: 165


1- 1. المدرجة: الطریق- و معظمه و سننه و- الورقة التی تكتب فیها الرسالة و یدرج فیها الكتاب. و لكن الصحیح« مدره حجتكم» كما مر.

قَالَ ثُمَّ سَكَتَتْ فَرَأَیْتُ النَّاسَ حَیَارَی قَدْ رَدُّوا أَیْدِیَهُمْ فِی أَفْوَاهِهِمْ وَ رَأَیْتُ شَیْخاً وَ قَدْ بَكَی حَتَّی اخْضَلَّتْ لِحْیَتُهُ وَ هُوَ یَقُولُ:

كُهُولُهُمْ خَیْرُ الْكُهُولِ وَ نَسْلُهُمْ***إِذَا عُدَّ نَسْلٌ لَا یَخِیبُ وَ لَا یَخْزَی

«9»- ج، [الإحتجاج] وَ عَنْ دَیْلَمِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ حَتَّی أُتِیَ بِسَبَایَا آلِ مُحَمَّدٍ فَأُقِیمُوا عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ حَیْثُ تُقَامُ السَّبَایَا وَ فِیهِمْ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَأَتَاهُمْ شَیْخٌ مِنْ أَشْیَاخِ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَتَلَكُمْ وَ أَهْلَكَكُمْ وَ قَطَعَ قَرْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَمْ یَأْلُ عَنْ شَتْمِهِمْ فَلَمَّا انْقَضَی كَلَامُهُ قَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ إِنِّی قَدْ أَنْصَتُّ لَكَ حَتَّی فَرَغْتَ مِنْ مَنْطِقِكَ وَ أَظْهَرْتَ مَا فِی نَفْسِكَ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَ الْبَغْضَاءِ فَأَنْصِتْ لِی كَمَا أَنْصَتُّ لَكَ فَقَالَ لَهُ هَاتِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ مَا قَرَأْتَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ- قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (1) قَالَ بَلَی فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَنَحْنُ أُولَئِكَ فَهَلْ تَجِدُ لَنَا فِی سُورَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ حَقّاً خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِینَ فَقَالَ لَا قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ (2) قَالَ نَعَمْ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَنَحْنُ أُولَئِكَ الَّذِینَ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یُؤْتِیَهُمْ حَقَّهُمْ فَقَالَ الشَّامِیُّ إِنَّكُمْ لَأَنْتُمْ هُمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام نَعَمْ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی (3) فَقَالَ لَهُ الشَّامِیُّ بَلَی فَقَالَ عَلِیٌّ فَنَحْنُ ذَوُو الْقُرْبَی فَهَلْ تَجِدُ لَنَا فِی سُورَةِ الْأَحْزَابِ حَقّاً خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِینَ فَقَالَ لَا قَالَ عَلِیٌّ أَ مَا قَرَأْتَ هَذِهِ الْآیَةَ- إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً(4) قَالَ فَرَفَعَ الشَّامِیُّ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَتُوبُ إِلَیْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اللَّهُمَّ إِنِّی أَتُوبُ إِلَیْكَ مِنْ عَدَاوَةِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ وَ لَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ مُنْذُ دَهْرٍ فَمَا شَعَرْتُ بِهَا قَبْلَ الْیَوْمِ (5).

ص: 166


1- 1. الشوری: 23.
2- 2. أسری: 26.
3- 3. الأنفال: 41.
4- 4. الأحزاب: 33.
5- 5. الاحتجاج ص 157.

«10»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی أَبُو عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ: أَنَّهُ حَضَرَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ حِینَ أُتِیَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَجَعَلَ یَنْكُتُ بِقَضِیبٍ ثَنَایَاهُ وَ یَقُولُ إِنْ كَانَ لَحَسَنَ الثَّغْرِ فَقَالَ لَهُ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ ارْفَعْ قَضِیبَكَ فَطَالَ مَا رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ یَلْثِمُ مَوْضِعَهُ قَالَ إِنَّكَ شَیْخٌ قَدْ خَرِفْتَ فَقَالَ زَیْدٌ یَجُرُّ ثِیَابَهُ ثُمَّ عُرِضُوا عَلَیْهِ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ إِنْ كَانَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ رَحِمٌ فَأَرْسِلْ مَعَهُنَّ مَنْ یُؤَدِّیهِنَّ فَقَالَ تُؤَدِّیهِنَّ أَنْتَ وَ كَأَنَّهُ اسْتَحْیَا وَ صَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْقَتْلَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مُحَمَّدٍ(1)

مَا رَأَیْتُ مَنْظَراً قَطُّ أَفْظَعَ مِنْ إِلْقَاءِ رَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ یَنْكُتُهُ.

«11»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ: أَنَّ زَیْدَ بْنَ أَرْقَمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ یَوْمَئِذٍ وَ هُوَ یَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَوْدِعُكَهُ وَ صَالِحَ الْمُؤْمِنِینَ فَكَیْفَ حِفْظُكُمْ لِوَدِیعَةِ رَسُولِ اللَّهِ.

«12»- فس، [تفسیر القمی]: ذلِكَ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ (2) فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَخْرَجَتْهُ قُرَیْشٌ مِنْ مَكَّةَ وَ هَرَبَ مِنْهُمْ إِلَی الْغَارِ وَ طَلَبُوهُ لِیَقْتُلُوهُ فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ یَوْمَ بَدْرٍ وَ قُتِلَ عُتْبَةُ وَ شَیْبَةُ وَ الْوَلِیدُ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ غَیْرُهُمْ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ طُلِبَ بِدِمَائِهِمْ فَقُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ آلُ مُحَمَّدٍ بَغْیاً وَ عُدْوَاناً وَ هُوَ قَوْلُ یَزِیدَ حِینَ تَمَثَّلَ بِهَذَا الشِّعْرِ:

لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا***وَقْعَةَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ (3)

لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ***مِنْ بَنِی أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ

وَ كَذَاكَ الشَّیْخُ أَوْصَانِی بِهِ***فَاتَّبَعْتُ الشَّیْخَ فِیمَا قَدْ سَأَلَ

قَدْ قَتَلْنَا الْقَرْمَ مِنْ سَادَاتِهِمْ ***وَ عَدَلْنَاهُ بِبَدْرٍ فَاعْتَدَلَ

ص: 167


1- 1. یعنی الحكم بن محمّد بن القاسم، عن أبیه، عن جده فانه كان حاضر المجلس.
2- 2. الحجّ: 6.
3- 3. الصحیح: جزع الخزرج.

وَ قَالَ الشَّاعِرُ فِی مِثْلِ ذَلِكَ شِعْرٌ

یَقُولُ وَ الرَّأْسُ مَطْرُوحٌ یُقَلِّبُهُ***یَا لَیْتَ أَشْیَاخَنَا الْمَاضِینَ بِالْحَضَرِ

حَتَّی یَقِیسُوا قِیَاساً لَا یُقَاسُ بِهِ***أَیَّامَ بَدْرٍ وَ كَانَ الْوَزْنُ بِالْقَدَرِ

فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ مَنْ عاقَبَ یَعْنِی رَسُولَ اللَّهِ- بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ یَعْنِی حِینَ أَرَادُوا أَنْ یَقْتُلُوهُ- ثُمَّ بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ یَعْنِی بِالْقَائِمِ علیه السلام مِنْ وُلْدِهِ.

«13»- فس، [تفسیر القمی] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَمَّا أُدْخِلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ نَظَرَ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ- وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ كَلَّا مَا هَذِهِ فِینَا نَزَلَتْ وَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِینَا ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ- لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (1) فَنَحْنُ الَّذِینَ لَا نَأْسَی عَلَی مَا فَاتَنَا مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا وَ لَا نَفْرَحُ بِمَا أُوتِینَا.

«14»- فس، [تفسیر القمی] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَمَّا أُدْخِلَ رَأْسُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام عَلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أُدْخِلَ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ بَنَاتُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِنَّ السَّلَامُ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مُقَیَّداً مَغْلُولًا فَقَالَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَتَلَ أَبَاكَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی مَنْ قَتَلَ أَبِی قَالَ فَغَضِبَ یَزِیدُ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَإِذَا قَتَلْتَنِی فَبَنَاتُ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ یَرُدُّهُمْ إِلَی مَنَازِلِهِمْ وَ لَیْسَ لَهُمْ مَحْرَمٌ غَیْرِی فَقَالَ أَنْتَ تَرُدُّهُمْ إِلَی مَنَازِلِهِمْ ثُمَّ دَعَا بِمِبْرَدٍ فَأَقْبَلَ یَبْرُدُ الْجَامِعَةَ مِنْ عُنُقِهِ بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا عَلَیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ أَ تَدْرِی مَا الَّذِی أُرِیدُ بِذَلِكَ قَالَ بَلَی تُرِیدُ أَنْ لَا یَكُونَ لِأَحَدٍ عَلَیَّ مِنَّةٌّ غَیْرُكَ فَقَالَ یَزِیدُ هَذَا وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ ثُمَّ قَالَ یَزِیدُ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ كَلَّا مَا هَذِهِ فِینَا نَزَلَتْ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِینَا- ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها فَنَحْنُ الَّذِینَ لَا نَأْسَی عَلَی مَا فَاتَنَا وَ لَا

ص: 168


1- 1. الآیة الأولی فی الشوری: 30، و الثانیة فی الحدید: 22.

نَفْرَحُ بِمَا آتَانَا مِنْهَا.

«15»- ب، [قرب الإسناد] الْیَقْطِینِیُّ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَی یَزِیدَ بِذَرَارِیِّ الْحُسَیْنِ علیه السلام أُدْخِلَ بِهِنَّ نَهَاراً مُكَشَّفَاتٍ وُجُوهُهُنَّ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ الْجُفَاةُ مَا رَأَیْنَا سَبْیاً أَحْسَنَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَمَنْ أَنْتُمْ فَقَالَتْ سُكَیْنَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ نَحْنُ سَبَایَا آلِ مُحَمَّدٍ(1).

«16»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا علیه السلام فَدَخَلَ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی حَمْزَةَ وَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَ ابْنُ الْمُكَارِی فَقَالَ عَلِیٌّ بَعْدَ كَلَامٍ جَرَی بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهُ علیه السلام فِی إِمَامَتِهِ إِنَّا رُوِّینَا عَنْ آبَائِكَ علیهم السلام أَنَّ الْإِمَامَ لَا یَلِی أَمْرَهُ إِلَّا إِمَامٌ مِثْلُهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ كَانَ إِمَاماً أَوْ غَیْرَ إِمَامٍ قَالَ كَانَ إِمَاماً قَالَ فَمَنْ وَلِیَ أَمْرَهُ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ قَالَ وَ أَیْنَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ كَانَ مَحْبُوساً فِی یَدِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ خَرَجَ وَ هُمْ كَانُوا لَا یَعْلَمُونَ حَتَّی وَلِیَ أَمْرَ أَبِیهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ إِنَّ هَذَا الَّذِی أَمْكَنَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ أَنْ یَأْتِیَ كَرْبَلَاءَ فَیَلِیَ أَمْرَ أَبِیهِ فَهُوَ یُمَكِّنُ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ أَنَّ یَأْتِیَ بَغْدَادَ وَ یَلِیَ أَمْرَ أَبِیهِ (2).

أقول: تمامه فی باب الرد علی الواقفیة.

«17»- كا، [الكافی] الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبُو كُرَیْبٍ وَ أَبُو سَعِیدٍ الْأَشَجُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ إِدْرِیسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِیِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَرَادَ الْقَوْمُ أَنْ یُوطِئُوهُ الْخَیْلَ فَقَالَتْ فِضَّةُ لِزَیْنَبَ یَا سَیِّدَتِی إِنَّ سَفِینَةَ كُسِرَ بِهِ فِی الْبَحْرِ فَخَرَجَ بِهِ إِلَی جَزِیرَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَسَدٍ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَارِثِ أَنَا مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَمْهَمَ بَیْنَ یَدَیْهِ حَتَّی وَقَفَهُ عَلَی الطَّرِیقِ وَ الْأَسَدُ رَابِضٌ فِی نَاحِیَةٍ فَدَعِینِی أَمْضِی إِلَیْهِ فَأُعْلِمَهُ مَا هُمْ صَانِعُونَ غَداً قَالَ فَمَضَتْ إِلَیْهِ فَقَالَتْ

ص: 169


1- 1. قرب الإسناد ص 20.
2- 2. رجال الكشّیّ ص 394.

یَا أَبَا الْحَارِثِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَتْ أَ تَدْرِی مَا یُرِیدُونَ أَنْ یَعْمَلُوا غَداً بِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُرِیدُونَ أَنْ یُوطِئُوا الْخَیْلَ ظَهْرَهُ قَالَ فَمَشَی حَتَّی وَضَعَ یَدَیْهِ عَلَی جَسَدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَأَقْبَلَتِ الْخَیْلُ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَیْهِ قَالَ لَهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فِتْنَةٌ لَا تُثِیرُوهَا انْصَرِفُوا فَانْصَرَفُوا(1).

بیان: قولها إن سفینة كسر به إشارة إلی قصة سفینة مولی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله و إن الأسد رده إلی الطریق و قد مر بأسانید فی أبواب معجزات الرسول (2) و أبو الحارث من كنی الأسد.

«18»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ یُونُسَ عَنْ مَصْقَلَةَ الطَّحَّانِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَقَامَتِ امْرَأَتُهُ الْكَلْبِیَّةُ عَلَیْهِ مَأْتَماً وَ بَكَتْ وَ بَكَیْنَ النِّسَاءُ وَ الْخَدَمُ حَتَّی جَفَّتْ دُمُوعُهُنَّ وَ ذَهَبَتْ فَبَیْنَا هِیَ كَذَلِكَ إِذَا رَأَتْ جَارِیَةً مِنْ جَوَارِیهَا تَبْكِی وَ دُمُوعُهَا تَسِیلُ فَدَعَتْهَا فَقَالَتْ لَهَا مَا لَكِ أَنْتِ مِنْ بَیْنِنَا تَسِیلُ دُمُوعُكِ قَالَتْ إِنِّی لَمَّا أَصَابَنِی الْجَهْدُ شَرِبْتُ شَرْبَةَ سَوِیقٍ قَالَ فَأَمَرَتْ بِالطَّعَامِ وَ الْأَسْوِقَةِ فَأَكَلَتْ وَ شَرِبَتْ وَ أَطْعَمَتْ وَ سَقَتْ وَ قَالَتْ إِنَّمَا نُرِیدُ بِذَلِكَ أَنْ نَتَقَوَّی عَلَی الْبُكَاءِ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ قَالَ وَ أُهْدِیَ إِلَی الْكَلْبِیَّةِ جُوَناً لِتَسْتَعِینَ بِهَا عَلَی مَأْتَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَلَمَّا رَأَتِ الْجُوَنَ قَالَتْ مَا هَذِهِ قَالُوا هَدِیَّةٌ أَهْدَاهَا فُلَانٌ لِتَسْتَعِینِی بِهَا عَلَی مَأْتَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَتْ لَسْنَا فِی عُرْسٍ فَمَا نَصْنَعُ بِهَا ثُمَّ أَمَرَتْ بِهِنَّ فَأُخْرِجْنَ مِنَ الدَّارِ فَلَمَّا أُخْرِجْنَ مِنَ الدَّارِ لَمْ یُحَسَّ لَهَا حِسٌّ كَأَنَّمَا طِرْنَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ لَمْ یُرَ لَهُنَّ بَعْدَ خُرُوجِهِنَّ مِنَ الدَّارِ أَثَرٌ(3).

بیان: الجونی ضرب من القطا سود البطون و الأجنحة ذكره الجوهری

ص: 170


1- 1. أصول الكافی ج 1 ص 465، و لكن الحدیث ضعیف جدا مخالف لضرورة التاریخ من جهات شتّی.
2- 2. راجع ج 17 ص 409 من الطبعة الحدیثة.
3- 3. أصول الكافی ج 1 ص 466.

و كأن الجون بالضم أو كصرد جمعه و إن لم یذكره اللغویون (1).

قوله و أهدی أی رجل و الظاهر أهدی علی بناء المجهول و رفع جون و لعل فقدهن علی سبیل الإعجاز ذهب بهن إلی الجنة و یحتمل أن یكون الآتی بهن من الملائكة أیضا.

«19»- أَقُولُ رَوَی فِی كِتَابِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِیمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الْعَاصِمِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الطَّرَسُوسِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْحُلْوَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَعْمُرَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبَّادٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ جَاءَ غُرَابٌ فَوَقَعَ فِی دَمِهِ ثُمَّ تَمَرَّغَ ثُمَّ طَارَ فَوَقَعَ بِالْمَدِینَةِ عَلَی جِدَارِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ هِیَ الصُّغْرَی فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا فَنَظَرَتْ إِلَیْهِ فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِیداً وَ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:

نَعَبَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ مَنْ تَنْعَاهُ وَیْلَكَ یَا غُرَابُ***قَالَ الْإِمَامَ فَقُلْتُ مَنْ قَالَ الْمُوَفَّقُ لِلصَّوَابِ

إِنَّ الْحُسَیْنَ بِكَرْبَلَاءَ بَیْنَ الْأَسِنَّةِ وَ الضِّرَابِ***فَابْكِی الْحُسَیْنَ بِعَبْرَةٍ تُرْجِی الْإِلَهَ مَعَ الثَّوَابِ

ص: 171


1- 1. بل ذكروه علی ما فی أقرب الموارد قال: و الجمع جون قال عبد اللّٰه بن الدمینة: و أنت التی كلفتنی دلج السری***و جون القطا بالجلهتین جثوم و لكن الظاهر كما أثبتناه« الجؤن» بالهمز، و قد لا یهمز- علی وزن صرد: جمع جونة و هی جونة العطار: سلیلة مغشاة بالادم یجعلون فیها الغالیة، و لذلك قالت:« لسنا فی عرس فما نصنع بها» أی ما نصنع بالطیب و الغالیة؟ و قوله« ثم أمرت بهن» أی امرت بالنسوة التی أهدت الجؤن فأخرجن من الدار. و أمّا اهداء الطیب و الغالیة لیتسعن بها علی المأتم، فهو أمر صحیح حیث ان الإنسان إذا بكی كثیرا غشی علیه، و إذا تغلی بالغالیة أفاق و قوی و نشط علی البكاء ثانیا.

قُلْتُ الْحُسَیْنَ فَقَالَ لِی حَقّاً لَقَدْ سَكَنَ التُّرَابَ*** ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهِ الْجَنَاحُ فَلَمْ یُطِقْ رَدَّ الْجَوَابِ

فَبَكَیْتُ مِمَّا حَلَّ بِی بَعْدَ الدُّعَاءِ الْمُسْتَجَابِ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ فَنَعَتُّهُ لِأَهْلِ الْمَدِینَةِ فَقَالُوا قَدْ جَاءَتْنَا بِسِحْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام.

بیان: نعب الغراب أی صاح.

«20»- وَ قَالَ فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ رُوِیَ: أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَ رَأْسُهُ إِلَی الشَّامِ جَنَّ عَلَیْهِمُ اللَّیْلُ فَنَزَلُوا عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْیَهُودِ فَلَمَّا شَرِبُوا وَ سَكِرُوا قَالُوا عِنْدَنَا رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ أَرُوهُ لِی فَأَرَوْهُ وَ هُوَ فِی الصُّنْدُوقِ یَسْطَعُ مِنْهُ النُّورُ نَحْوَ السَّمَاءِ فَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْیَهُودِیُّ فَاسْتَوْدَعَهُ مِنْهُمْ وَ قَالَ لِلرَّأْسِ اشْفَعْ لِی عِنْدَ جَدِّكَ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الرَّأْسَ فَقَالَ إِنَّمَا شَفَاعَتِی لِلْمُحَمَّدِیِّینَ وَ لَسْتَ بِمُحَمَّدِیٍّ فَجَمَعَ الْیَهُودِیُّ أَقْرِبَاءَهُ ثُمَّ أَخَذَ الرَّأْسَ وَ وَضَعَهُ فِی طَسْتٍ وَ صَبَّ عَلَیْهِ مَاءَ الْوَرْدِ وَ طَرَحَ فِیهِ الْكَافُورَ وَ الْمِسْكَ وَ الْعَنْبَرَ ثُمَّ قَالَ لِأَوْلَادِهِ وَ أَقْرِبَائِهِ هَذَا رَأْسُ ابْنِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ علیه السلام.

ثُمَّ قَالَ یَا لَهْفَاهْ حَیْثُ لَمْ أَجِدْ جَدَّكَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه وآله فَأُسْلِمَ عَلَی یَدَیْهِ یَا لَهْفَاهْ حَیْثُ لَمْ أَجِدْكَ حَیّاً فَأُسْلِمَ عَلَی یَدَیْكَ وَ أُقَاتِلَ بَیْنَ یَدَیْكَ فَلَوْ أَسْلَمْتُ الْآنَ أَ تَشْفَعُ لِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الرَّأْسَ فَقَالَ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ إِنْ أَسْلَمْتَ فَأَنَا لَكَ شَفِیعٌ قَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ سَكَتَ فَأَسْلَمَ الرَّجُلُ وَ أَقْرِبَاؤُهُ.

وَ لَعَلَّ هَذَا الْیَهُودِیَّ كَانَ رَاهِبَ قِنَّسْرِینَ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بِسَبَبِ رَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ جَاءَ ذِكْرُهُ فِی الْأَشْعَارِ وَ أَوْرَدَهُ الْجَوْهَرِیُّ الْجُرْجَانِیُّ فِی مَرْثِیَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام(1).

«21»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ عَنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَلَبِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام سَمِعَ أَهْلُنَا قَائِلًا بِالْمَدِینَةِ یَقُولُ الْیَوْمَ نَزَلَ الْبَلَاءُ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَا یَرَوْنَ فَرَحاً حَتَّی یَقُومَ قَائِمُكُمْ فَیَشْفِیَ صُدُورَكُمْ وَ یَقْتُلَ عَدُوَّكُمْ وَ یَنَالَ بِالْوَتْرِ أَوْتَاراً فَفَزِعُوا مِنْهُ وَ قَالُوا إِنَّ لِهَذَا الْقَوْلِ لَحَادِثاً قَدْ حَدَثَ مَا نَعْرِفُهُ فَأَتَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ خَبَرُ الْحُسَیْنِ

ص: 172


1- 1. لكن الیهودی لا یكون راهبا تاركا للدنیا، بل یكون حبرا من الاحبار.

وَ قَتْلِهِ فَحَسَبُوا ذَلِكَ فَإِذَا هِیَ تِلْكَ اللَّیْلَةُ الَّتِی تَكَلَّمَ فِیهَا الْمُتَكَلِّمُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِلَی مَتَی أَنْتُمْ وَ نَحْنُ فِی هَذَا الْقَتْلِ وَ الْخَوْفِ وَ الشِّدَّةِ فَقَالَ حَتَّی مَاتَ سَبْعُونَ فَرْخاً أَخُو أَبٍ (1) وَ یَدْخُلَ وَقْتُ السَّبْعِینَ فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ السَّبْعِینَ أَقْبَلَتِ الْآیَاتُ تَتْرَی كَأَنَّهَا نِظَامٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ قَرَّتْ عَیْنُهُ إِنَّ الْحُسَیْنَ لَمَّا قُتِلَ أَتَاهُمْ آتٍ وَ هُمْ فِی الْمُعَسْكَرِ فَصَرَخَ فَزُبِرَ فَقَالَ لَهُمْ وَ كَیْفَ لَا أَصْرُخُ وَ رَسُولُ اللَّهُ قَائِمٌ یَنْظُرُ إِلَی الْأَرْضِ مَرَّةً وَ یَنْظُرُ إِلَی حَرْبِكُمْ مَرَّةً وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ یَدْعُوَ اللَّهَ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَهْلِكَ فِیهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَذَا إِنْسَانٌ مَجْنُونٌ فَقَالَ التَّوَّابُونَ تَاللَّهِ مَا صَنَعْنَا بِأَنْفُسِنَا قَتَلْنَا لِابْنِ سُمَیَّةَ سَیِّدَ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَخَرَجُوا عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ الَّذِی كَانَ قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ هَذَا الصَّارِخُ قَالَ مَا نَرَاهُ إِلَّا جَبْرَئِیلَ أَمَا إِنَّهُ لَوْ أُذِنَ لَهُ فِیهِمْ لَصَاحَ بِهِمْ صَیْحَةً یَخْطَفُ مِنْهَا أَرْوَاحَهُمْ مِنْ أَبْدَانِهِمْ إِلَی النَّارِ وَ لَكِنْ أُمْهِلَ لَهُمْ لِیَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِیمَنْ تَرَكَ زِیَارَتَهُ وَ هُوَ یَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ عَقَّ رَسُولَ اللَّهِ وَ عَقَّنَا وَ اسْتَخَفَّ بِأَمْرٍ هُوَ لَهُ وَ مَنْ زَارَهُ كَانَ اللَّهُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ حَوَائِجِهِ وَ كَفَی مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ دُنْیَاهُ وَ إِنَّهُ لَیَجْلِبُ الرِّزْقَ عَلَی الْعَبْدِ وَ یُخْلِفُ عَلَیْهِ مَا أَنْفَقَ وَ یَغْفِرُ لَهُ ذُنُوبَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ یَرْجِعُ إِلَی أَهْلِهِ وَ مَا عَلَیْهِ وِزْرٌ وَ لَا خَطِیئَةٌ إِلَّا وَ قَدْ مُحِیَتْ مِنْ صَحِیفَتِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِی سَفَرِهِ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ فَغَسَّلَتْهُ وَ فُتِحَ لَهُ بَابٌ إِلَی الْجَنَّةِ یَدْخُلُ عَلَیْهِ رَوْحُهَا حَتَّی یُنْشَرَ وَ إِنْ سَلِمَ فُتِحَ الْبَابُ الَّذِی یَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ فَجُعِلَ لَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ أَنْفَقَهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ ذُخِرَ ذَلِكَ لَهُ فَإِذَا حُشِرَ قِیلَ لَهُ لَكَ بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی نَظَرَ لَكَ

ص: 173


1- 1. فی المصدر ص 107« حتی یأتی سبعون فرجا أجواب» و قال المحشی:« الاجواب جمع جوب و هو القطع و لعلّ المراد ان بین كل فرج و فرج آخر انقطاع و تباعد» لكنه تصحیف و الصحیح ما فی الصلب.

وَ ذَخَرَهَا لَكَ عِنْدَهُ (1).

«22»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فِی كِتَابِ الْأَحْمَرِ قَالَ الْأَوْزَاعِیُّ: لَمَّا أُتِیَ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ رَأْسِ أَبِیهِ إِلَی یَزِیدَ بِالشَّامِ قَالَ لِخَطِیبٍ بَلِیغٍ خُذْ بِیَدِ هَذَا الْغُلَامِ فَأْتِ بِهِ الْمِنْبَرَ وَ أَخْبِرِ النَّاسَ بِسُوءِ رَأْیِ أَبِیهِ وَ جَدِّهِ وَ فِرَاقِهِمُ الْحَقَّ وَ بَغْیِهِمْ عَلَیْنَا قَالَ فَلَمْ یَدَعْ شَیْئاً مِنَ الْمَسَاوِی إِلَّا ذَكَرُهُ فِیهِمْ فَلَمَّا نَزَلَ قَامَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ شَرِیفَةٍ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صَلَاةً بَلِیغَةً مُوجَزَةً ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی فَأَنَا أُعَرِّفُهُ نَفْسِی أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنًی أَنَا ابْنُ الْمَرْوَةِ وَ الصَّفَا أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی أَنَا ابْنُ مَنْ لَا یَخْفَی أَنَا ابْنُ مَنْ عَلَا فَاسْتَعْلَی فَجَازَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَی وَ كَانَ مِنْ رَبِّهِ كَقَابِ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّی بِمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ مَثْنَی مَثْنَی أَنَا ابْنُ مَنْ أُسْرِیَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی أَنَا ابْنُ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَا ابْنُ خَدِیجَةَ الْكُبْرَی أَنَا ابْنُ الْمَقْتُولِ ظُلْماً أَنَا ابْنُ الْمَجْزُوزِ الرَّأْسِ مِنَ الْقَفَا أَنَا ابْنُ الْعَطْشَانِ حَتَّی قَضَی أَنَا ابْنُ طَرِیحِ كَرْبَلَاءَ أَنَا

ابْنُ مَسْلُوبِ الْعِمَامَةِ وَ الرِّدَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ بَكَتْ عَلَیْهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ نَاحَتْ عَلَیْهِ الْجِنُّ فِی الْأَرْضِ وَ الطَّیْرُ فِی الْهَوَاءِ أَنَا ابْنُ مَنْ رَأْسُهُ عَلَی السِّنَانِ یُهْدَی أَنَا ابْنُ مَنْ حَرَمُهُ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَی الشَّامِ تُسْبَی- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَ لَهُ الْحَمْدُ ابْتَلَانَا أَهْلَ الْبَیْتِ بِبَلَاءٍ حَسَنٍ حَیْثُ جَعَلَ رَایَةَ الْهُدَی وَ الْعَدْلِ وَ التُّقَی فِینَا وَ جَعَلَ رَایَةَ الضَّلَالَةِ وَ الرَّدَی فِی غَیْرِنَا فَضَّلَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ بِسِتِّ خِصَالٍ فَضَّلَنَا بِالْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ السَّمَاحَةِ وَ الْمَحَبَّةِ وَ الْمَحَلَّةِ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ آتَانَا ما لَمْ یُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ مِنْ قَبْلِنَا فِینَا مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَ تَنْزِیلُ الْكُتُبِ قَالَ فَلَمْ یَفْرُغْ حَتَّی قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ عَلِیٌّ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِیراً فَقَالَ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ عَلِیٌّ أَشْهَدُ بِمَا تَشْهَدُ بِهِ فَلَمَّا قَالَ

ص: 174


1- 1. راجع كامل الزیارات باب نوادر الزیارات آخر حدیث فی الخاتمة و ما جعلناه بین العلامتین ساقط من الأصل.

الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ عَلِیٌّ یَا یَزِیدُ هَذَا جَدِّی أَوْ جَدُّكَ فَإِنْ قُلْتَ جَدُّكَ فَقَدْ كَذَبْتَ وَ إِنْ قُلْتَ جَدِّی فَلِمَ قَتَلْتَ أَبِی وَ سَبَیْتَ حَرَمَهُ وَ سَبَیْتَنِی ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ هَلْ فِیكُمْ مَنْ أَبُوهُ وَ جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَعَلَتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِهِ یُقَالُ لَهُ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو الطَّائِیُّ وَ فِی رِوَایَةٍ مَكْحُولٌ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ كَیْفَ أَمْسَیْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَیْحَكَ كَیْفَ أَمْسَیْتُ أَمْسَیْنَا فِیكُمْ كَهَیْئَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی آلِ فِرْعَوْنَ یُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِسَاءَهُمْ الْآیَةَ وَ أَمْسَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَی الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنْهَا وَ أَمْسَتْ قُرَیْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَی الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً مِنْهَا وَ أَمْسَی آلُ مُحَمَّدٍ مَقْهُورِینَ مَخْذُولِینَ فَإِلَی اللَّهِ نَشْكُو كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَفَرُّقَ ذَاتِ بَیْنِنَا وَ تَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ عَلَیْنَا(1).

كِتَابُ النَّسَبِ، عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ: قَالَ یَزِیدُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَا عَجَبَا لِأَبِیكَ سَمَّی عَلِیّاً وَ عَلِیّاً فَقَالَ علیه السلام إِنَّ أَبِی أَحَبَّ أَبَاهُ فَسَمَّی بِاسْمِهِ مِرَاراً.

تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ وَ الْبَلاذُرِیِّ: أَنَّ یَزِیدَ بْنَ مُعَاوِیَةَ قَالَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ أَ تُصَارِعُ هَذَا یَعْنِی خَالِداً ابْنَهُ قَالَ وَ مَا تَصْنَعُ بِمُصَارَعَتِی إِیَّاهُ أَعْطِنِی سِكِّیناً وَ أَعْطِهِ سِكِّیناً ثُمَّ أُقَاتِلُهُ فَقَالَ یَزِیدُ: شِنْشِنَةٌ أَعْرِفُهَا مِنْ أَخْزَمَ

هَذَا الْعَصَا جَاءَتْ مِنَ الْعُصَیَّةِ(2)***هَلْ تَلِدُ الْحَیَّةُ إِلَّا الْحَیَّةَ

وَ فِی كِتَابِ الْأَحْمَرِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ. وَ رُوِیَ: أَنَّهُ قَالَ لِزَیْنَبَ تَكَلَّمِی فَقَالَتْ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ فَأَنْشَدَ السَّجَّادُ:

لَا تَطْمَعُوا أَنْ تُهِینُونَا فَنُكْرِمَكُمْ***وَ أَنْ نَكُفَّ الْأَذَی عَنْكُمْ وَ تُؤْذُونَا

وَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّا لَا نُحِبُّكُمْ***وَ لَا نَلُومُكُمُ أَنْ لَا تُحِبُّونَا

فَقَالَ صَدَقْتَ یَا غُلَامُ وَ لَكِنْ أَرَادَ أَبُوكَ وَ جَدُّكَ أَنْ یَكُونَا أَمِیرَیْنِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ

ص: 175


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 168- 169.
2- 2. مثل أصله« العصا من العصیة» و العصا اسم فرس لجذیمة الابرش سری علیها حتّی لم یبق فیها قوة، و العصیة أمها، و المعنی ان الفرس المسماة بالعصا هی بنت الفرس المسماة بالعصیة، و المراد ان بعض الامر من بعض. و فی الأصل و المصدر« هذا من العصا عصیة» و هو سهو.

الَّذِی قَتَلَهُمَا وَ سَفَكَ دِمَاءَهُمَا فَقَالَ علیه السلام لَمْ تَزَلِ النُّبُوَّةُ وَ الْإِمْرَةُ لآِبَائِی وَ أَجْدَادِی مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ.

قَالَ الْمَدَائِنِیُّ: لَمَّا انْتَسَبَ السَّجَّادُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَزِیدُ لِجِلْوَازِهِ أَدْخِلْهُ فِی هَذَا الْبُسْتَانِ وَ اقْتُلْهُ وَ ادْفِنْهُ فِیهِ فَدَخَلَ بِهِ إِلَی الْبُسْتَانِ وَ جَعَلَ یَحْفِرُ وَ السَّجَّادُ یُصَلِّی فَلَمَّا هَمَّ بِقَتْلِهِ ضَرَبَتْهُ یَدٌ مِنَ الْهَوَاءِ فَخَرَّ لِوَجْهِهِ وَ شَهَقَ وَ دُهِشَ فَرَآهُ خَالِدُ بْنُ یَزِیدَ وَ لَیْسَ لِوَجْهِهِ بَقِیَّةٌ فَانْقَلَبَ إِلَی أَبِیهِ وَ قَصَّ عَلَیْهِ فَأَمَرَ بِدَفْنِ الْجِلْوَازِ فِی الْحُفْرَةِ وَ إِطْلَاقِهِ وَ مَوْضِعُ حَبْسِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام هُوَ الْیَوْمَ مَسْجِدٌ(1).

«23»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا حُمِلَ رَأْسُ الْحُسَیْنِ إِلَی الشَّامِ أَمَرَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوُضِعَ وَ نَصَبَ عَلَیْهِ مَائِدَةً فَأَقْبَلَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ یَأْكُلُونَ وَ یَشْرَبُونَ الْفُقَّاعَ فَلَمَّا فَرَغُوا أَمَرَ بِالرَّأْسِ فَوُضِعَ فِی طَسْتٍ تَحْتَ سَرِیرِهِ وَ بُسِطَ عَلَیْهِ رُقْعَةُ الشِّطْرَنْجِ وَ جَلَسَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ یَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَ یَذْكُرُ الْحُسَیْنَ وَ أَبَاهُ وَ جَدَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ یَسْتَهْزِئُ بِذِكْرِهِمْ فَمَتَی قَمَرَ صَاحِبَهُ تَنَاوَلَ الْفُقَّاعَ فَشَرِبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ صَبَّ فَضْلَتَهُ مِمَّا یَلِی الطَّسْتَ مِنَ الْأَرْضِ فَمَنْ كَانَ مِنْ شِیعَتِنَا فَلْیَتَوَرَّعْ عَنْ شُرْبِ الْفُقَّاعِ وَ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ وَ مَنْ نَظَرَ إِلَی الْفُقَّاعِ أَوْ إِلَی الشِّطْرَنْجِ فَلْیَذْكُرِ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ لْیَلْعَنْ یَزِیدَ وَ آلَ زِیَادٍ یَمْحُو اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ كَعَدَدِ النُّجُومِ (2).

«24»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] تَمِیمٌ الْقُرَیْشِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْهَرَوِیِّ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: أَوَّلُ مَنِ اتُّخِذَ لَهُ الْفُقَّاعُ فِی الْإِسْلَامِ بِالشَّامِ- یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَأُحْضِرَ وَ هُوَ عَلَی الْمَائِدَةِ وَ قَدْ نَصَبَهَا عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَجَعَلَ یَشْرَبُهُ وَ یَسْقِی أَصْحَابَهُ وَ یَقُولُ اشْرَبُوا فَهَذَا شَرَابٌ مُبَارَكٌ مِنْ بَرَكَتِهِ أَنَّا أَوَّلَ تَنَاوَلْنَاهُ وَ رَأْسُ عَدُوِّنَا بَیْنَ أَیْدِینَا وَ مَائِدَتُنَا مَنْصُوبَةٌ عَلَیْهِ وَ نَحْنُ نَأْكُلُ وَ نُفُوسُنَا سَاكِنَةٌ وَ قُلُوبُنَا مُطْمَئِنَّةٌ

ص: 176


1- 1. المصدر ج 4 ص 173.
2- 2. عیون أخبار الرضا ج 2 ص 22.

فَمَنْ كَانَ مِنْ شِیعَتِنَا فَلْیَتَوَرَّعْ عَنْ شُرْبِ الْفُقَّاعِ فَإِنَّهُ شَرَابُ أَعْدَائِنَا الْخَبَرَ(1).

«25»- یر، [بصائر الدرجات] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ وَ الْبَرْقِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ عِمْرَانَ الْحَلَبِیِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا أُتِیَ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ عَلَیْهِمَا لَعَائِنُ اللَّهِ وَ مَنْ مَعَهُ جَعَلُوهُ فِی بَیْتٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا جُعِلْنَا فِی هَذَا الْبَیْتِ لِیَقَعَ عَلَیْنَا فَیَقْتُلَنَا فَرَاطَنَ الْحَرَسَ فَقَالُوا انْظُرُوا إِلَی هَؤُلَاءِ یَخَافُونَ أَنْ تَقَعَ عَلَیْهِمُ الْبَیْتُ وَ إِنَّمَا یَخْرُجُونَ غَداً فَیُقْتَلُونَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ لَمْ یَكُنْ فِینَا أَحَدٌ یُحْسِنُ الرِّطَانَةَ غَیْرِی وَ الرِّطَانَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِینَةِ الرُّومِیَّةُ(2).

«26»- یر، [بصائر الدرجات] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ ذَكَرَ قَتْلَ الْحُسَیْنِ وَ أَمْرَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ: لَمَّا أَنْ حُمِلَ إِلَی الشَّامِ فَدُفِعْنَا إِلَی السِّجْنِ فَقَالَ أَصْحَابِی مَا أَحْسَنَ بُنْیَانَ هَذَا الْجِدَارِ فَتَرَاطَنَ أَهْلُ الرُّومِ بَیْنَهُمْ فَقَالُوا مَا فِی هَؤُلَاءِ صَاحِبُ دَمٍ إِنْ كَانَ إِلَّا ذَلِكَ یَعْنُونِی فَمَكَثْنَا یَوْمَیْنِ ثُمَّ دَعَانَا وَ أَطْلَقَ عَنَّا(3).

بیان: قوله فدفعنا من كلام علی بن الحسین علیهما السلام و قد حذف صدر الخبر قوله صاحب دم أی طالب دم المقتول أو من یرید یزید قتله.

«27»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِی عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ اسْتَقْبَلَهُ إِبْرَاهِیمُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ قَالَ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ مَنْ غَلَبَ وَ هُوَ یُغَطِّی رَأْسَهُ وَ هُوَ فِی الْمَحْمِلِ قَالَ فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ مَنْ غَلَبَ وَ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَأَذِّنْ ثُمَّ أَقِمْ.

ص: 177


1- 1. المصدر الباب 30 تحت الرقم 51.
2- 2. بصائر الدرجات( الطبعة الحدیثة) ص 337. باب ان الأئمّة علیهم السلام یعرفون الألسن كلها.
3- 3. المصدر ص 339.

«28»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ الْكُلَیْنِیُّ مَعاً عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ یَزِیدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ بِالْحِیرَةِ أَ مَا تُرِیدُ مَا وَعَدْتُكَ قَالَ قُلْتُ بَلَی یَعْنِی الذَّهَابَ إِلَی قَبْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ فَرَكِبَ وَ رَكِبَ إِسْمَاعِیلُ مَعَهُ وَ رَكِبْتُ مَعَهُمْ حَتَّی إِذَا جَازَ الثُّوَیَّةَ وَ كَانَ بَیْنَ الْحِیرَةِ وَ النَّجَفِ عِنْدَ ذَكَوَاتٍ بِیضٍ نَزَلَ وَ نَزَلَ إِسْمَاعِیلُ وَ نَزَلْتُ مَعَهُمْ فَصَلَّی وَ صَلَّی إِسْمَاعِیلُ وَ صَلَّیْتُ فَقَالَ لِإِسْمَاعِیلَ قُمْ فَسَلِّمْ عَلَی جَدِّكَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ لَیْسَ الْحُسَیْنُ بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ لَمَّا حُمِلَ رَأْسُهُ إِلَی الشَّامِ سَرَقَهُ مَوْلًی لَنَا فَدَفَنَهُ بِجَنْبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا(1).

«29»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ مَعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَشْیَمَ عَنْ یُونُسَ بْنِ ظَبْیَانَ أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْمَلْعُونَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ لَمَّا بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام إِلَی الشَّامِ رُدَّ إِلَی الْكُوفَةِ فَقَالَ أَخْرِجُوهُ عَنْهَا لَا یَفْتَتِنْ بِهِ أَهْلُهَا فَصَیَّرَهُ اللَّهُ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَالرَّأْسُ مَعَ الْجَسَدِ وَ الْجَسَدُ مَعَ الرَّأْسِ (2).

بیان: قوله فقال أی قال عبید اللّٰه قوله فالرأس مع الجسد أی بعد ما دفن هناك ظاهرا ألحق بالجسد بكربلاء أو صعد به مع الجسد إلی السماء كما فی بعض الأخبار أو أن بدن أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه كالجسد لذلك الرأس و هما من نور واحد.

أقول: قد روی غیر ذلك من الأخبار فی الكافی و التهذیب تدل علی كون رأسه علیه السلام مدفونا عند قبر والده صلی اللّٰه علیهما و اللّٰه یعلم (3).

ص: 178


1- 1. كامل الزیارات ص 34، الكافی ج 4 ص 571.
2- 2. المصدر ص 36.
3- 3. راجع الكافی أبواب الزیارات من كتاب الحجّ باب موضع رأس الحسین علیه السلام.

«30»- مل، [كامل الزیارات](1) عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْكُوفِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ أَبِی شَیْبَةَ الْقَاضِی عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: بَلَغَنِی یَا زَائِدَةُ أَنَّكَ تَزُورُ قَبْرَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَحْیَاناً فَقُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَكَمَا بَلَغَكَ فَقَالَ لِی فَلِمَا ذَا تَفْعَلُ ذَلِكَ وَ لَكَ مَكَانٌ عِنْدَ سُلْطَانِكَ الَّذِی لَا یَحْتَمِلُ أَحَداً عَلَی مَحَبَّتِنَا وَ تَفْضِیلِنَا وَ ذِكْرِ فَضَائِلِنَا وَ الْوَاجِبِ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ حَقِّنَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا أُرِیدُ بِذَلِكَ إِلَّا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَا أَحْفِلُ بِسَخَطِ مَنْ سَخِطَ وَ لَا یَكْبُرُ فِی صَدْرِی مَكْرُوهٌ یَنَالُنِی بِسَبَبِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ یَقُولُهَا ثَلَاثاً وَ أَقُولُهَا ثَلَاثاً فَقَالَ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ فَلَأُخْبِرَنَّكَ بِخَبَرٍ كَانَ عِنْدِی فِی النُّخَبِ الْمَخْزُونِ إِنَّهُ لَمَّا أَصَابَنَا بِالطَّفِّ مَا أَصَابَنَا وَ قُتِلَ أَبِی علیه السلام وَ قُتِلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ وُلْدِهِ وَ إِخْوَتِهِ وَ سَائِرِ أَهْلِهِ وَ حُمِلَتْ حَرَمُهُ وَ نِسَاؤُهُ عَلَی الْأَقْتَابِ یُرَادُ بِنَا الْكُوفَةُ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَیْهِمْ صَرْعَی وَ لَمْ یُوَارَوْا فَیَعْظُمُ ذَلِكَ فِی صَدْرِی وَ یَشْتَدُّ لِمَا أَرَی مِنْهُمْ قَلَقِی فَكَادَتْ نَفْسِی تَخْرُجُ وَ تَبَیَّنَتْ ذَلِكَ مِنِّی عَمَّتِی زَیْنَبُ بِنْتُ عَلِیٍّ الْكُبْرَی فَقَالَتْ مَا لِی أَرَاكَ تَجُودُ بِنَفْسِكَ یَا بَقِیَّةَ جَدِّی وَ أَبِی وَ إِخْوَتِی فَقُلْتُ وَ كَیْفَ لَا أَجْزَعُ وَ أَهْلَعُ وَ قَدْ أَرَی سَیِّدِی وَ إِخْوَتِی وَ عُمُومَتِی وَ وُلْدَ عَمِّی وَ أَهْلِی مُضَرَّجِینَ بِدِمَائِهِمْ مُرَمَّلِینَ بِالْعَرَاءِ مُسَلَّبِینَ- لَا یُكَفَّنُونَ وَ لَا یُوَارَوْنَ وَ لَا یُعَرِّجُ عَلَیْهِمْ أَحَدٌ وَ لَا یَقْرَبُهُمْ بَشَرٌ كَأَنَّهُمْ أَهْلُ بَیْتٍ مِنَ الدَّیْلَمِ وَ الْخَزَرِ فَقَالَتْ لَا یَجْزَعَنَّكَ مَا تَرَی فَوَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَعَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی جَدِّكَ وَ أَبِیكَ وَ عَمِّكَ وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ

ص: 179


1- 1. هذا الحدیث و ان كان منقولا من روایة الشیخ أبی القاسم جعفر بن محمّد بن قولویه مؤلف كتاب كامل الزیارات، الا أنّه لیس من أصل كتابه، بل أدرجه فیه بعض تلامذته الذی روی الكتاب و نسخه، و قد صرّح بذلك تلمیذه فی صدر الخبر، و لكن ذهل عنه المؤلّف قدّس سرّه فأورده بحیث یظهر أنّه من كتاب كامل الزیارات راجع المصدر ص 259 الباب 88 فضل كربلا و زیارة الحسین علیه السلام، و هكذا نبه علی ذلك مفصلا العلامة النوریّ فی المستدرك ج 3 ص 522 فراجع.

مِیثَاقَ أُنَاسٍ مِنْ هَذِه الْأُمَّةِ- لَا تَعْرِفُهُمْ فَرَاعِنَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ (1)

وَ هُمْ مَعْرُوفُونَ فِی أَهْلِ السَّمَاوَاتِ أَنَّهُمْ یَجْمَعُونَ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ الْمُتَفَرِّقَةَ فَیُوَارُونَهَا وَ هَذِهِ الْجُسُومَ الْمُضَرَّجَةَ وَ یَنْصِبُونَ لِهَذَا الطَّفِّ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِیكَ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ لَا یَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا یَعْفُو رَسْمُهُ عَلَی كُرُورِ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامِ وَ لَیَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْیَاعُ الضَّلَالَةِ فِی مَحْوِهِ وَ تَطْمِیسِهِ فَلَا یَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّاً فَقُلْتُ وَ مَا هَذَا الْعَهْدُ وَ مَا هَذَا الْخَبَرُ فَقَالَتْ حَدَّثَتْنِی أُمُّ أَیْمَنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله زَارَ مَنْزِلَ فَاطِمَةَ علیها السلام فِی یَوْمٍ مِنَ الْأَیَّامِ فَعَمِلَتْ لَهُ حَرِیرَةً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهَا وَ أَتَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام بِطَبَقٍ فِیهِ تَمْرٌ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ أَیْمَنَ فَأَتَیْتُهُمْ بِعُسٍّ فِیهِ لَبَنٌ وَ زُبْدٌ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام مِنْ تِلْكَ الْحَرِیرَةِ وَ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ ثُمَّ أَكَلَ وَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ بِالزُّبْدِ ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ یَدَهُ وَ عَلِیٌّ یَصُبُّ عَلَیْهِ الْمَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ یَدِهِ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ نَظَرَ إِلَی عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ نَظَراً عَرَفْنَا فِیهِ السُّرُورَ فِی وَجْهِهِ ثُمَّ رَمَقَ بِطَرْفِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ مَلِیّاً ثُمَّ وَجَّهَ وَجْهَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَ بَسَطَ یَدَیْهِ یَدْعُو ثُمَّ خَرَّ سَاجِداً وَ هُوَ یَنْشِجُ فَأَطَالَ النُّشُوجَ وَ عَلَا نَحِیبُهُ وَ جَرَتْ دُمُوعُهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ أَطْرَقَ إِلَی الْأَرْضِ وَ دُمُوعُهُ تَقْطُرُ كَأَنَّهَا صَوْبُ الْمَطَرِ فَحَزِنَتْ فَاطِمَةُ وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ حَزِنْتُ مَعَهُمْ لِمَا رَأَیْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ هِبْنَاهُ أَنْ نَسْأَلَهُ حَتَّی إِذَا طَالَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ وَ قَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ مَا یُبْكِیكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَبْكَی اللَّهُ عَیْنَیْكَ وَ قَدْ أَقْرَحَ قُلُوبَنَا مَا نَرَی مِنْ حَالِكَ فَقَالَ یَا أَخِی سُرِرْتُ بِكُمْ وَ قَالَ مُزَاحِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِی حَدِیثِهِ هَاهُنَا(2)

فَقَالَ

ص: 180


1- 1. فی المصدر: هذه الأمة.
2- 2. روی تلمیذ ابن قولویه الحسین بن أحمد بن المغیرة هذا الحدیث بسندین أحدهما ما ذكره المصنّف فی المتن و الآخر: قال: و قد كنت استفدت هذا الحدیث بمصر عن شیخی أبی القاسم علیّ بن محمّد بن عبدوس الكوفیّ رحمه اللّٰه ممّا نقله عن مزاحم بن عبد الوارث البصری بإسناده، عن قدامة بن زائدة، عن أبیه زائدة، عن علیّ بن الحسین علیه السلام. و قد ذاكرت شیخنا ابن قولویه بهذا الحدیث بعد فراغه من تصنیف هذا الكتاب لیدخله فیه فما قضی ذلك و عاجلته منیته رضی اللّٰه عنه و هذا الحدیث داخل فیما أجاز لی شیخی- رحمه اللّٰه و قد جمعت بین الروایتین بالألفاظ الزائدة و النقصان و التقدیم و التأخیر فیها حتّی صح بجمیعه عمن حدّثنی به أولا ثمّ الآن، و ذلك انی ما قرأته علی شیخی و لا أقرأه علی، غیر أنی ارویه عمن حدّثنی به عنه إلخ. فقوله:« و قال مزاحم بن عبد الوارث» هو البصری الذی وقع فی السند الآخر فلا تغفل.

یَا حَبِیبَیَّ إِنِّی سُرِرْتُ بِكُمْ سُرُوراً مَا سُرِرْتُ مِثْلَهُ قَطُّ وَ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَیْكُمْ وَ أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَی نِعْمَتِهِ عَلَیَّ فِیكُمْ إِذْ هَبَطَ عَلَیَّ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اطَّلَعَ عَلَی مَا فِی نَفْسِكَ وَ عَرَفَ سُرُورَكَ بِأَخِیكَ وَ ابْنَتِكَ وَ سِبْطَیْكَ فَأَكْمَلَ لَكَ النِّعْمَةَ وَ هَنَّأَكَ الْعَطِیَّةَ بِأَنْ جَعَلَهُمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ وَ مُحِبِّیهِمْ وَ شِیعَتَهُمْ مَعَكَ فِی الْجَنَّةِ- لَا یُفَرِّقُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ یَحْیَوْنَ كَمَا تَحْیَا(1)

وَ یُعْطَوْنَ كَمَا تُعْطَی حَتَّی تَرْضَی وَ فَوْقَ الرِّضَا عَلَی بَلْوَی كَثِیرَةٍ تَنَالُهُمْ فِی الدُّنْیَا وَ مَكَارِهَ تُصِیبُهُمْ بِأَیْدِی أُنَاسٍ یَنْتَحِلُونَ مِلَّتَكَ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّتِكَ بِرَاءٌ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْكَ خَبْطاً خَبْطاً وَ قَتْلًا قَتْلًا شَتَّی مَصَارِعِهِمْ نَائِیَةٌ قُبُورُهُمْ خِیَرَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَ لَكَ فِیهِمْ فَاحْمَدِ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَی خِیَرَتِهِ وَ ارْضَ بِقَضَائِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ رَضِیتُ بِقَضَائِهِ بِمَا اخْتَارَهُ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ أَخَاكَ مُضْطَهَدٌ بَعْدَكَ مَغْلُوبٌ عَلَی أُمَّتِكَ مَتْعُوبٌ مِنْ أَعْدَائِكَ ثُمَّ مَقْتُولٌ بَعْدَكَ یَقْتُلُهُ أَشَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ وَ أَشْقَی الْبَرِیَّةِ نَظِیرُ عَاقِرِ النَّاقَةِ بِبَلَدٍ تَكُونُ إِلَیْهِ هِجْرَتُهُ وَ هُوَ مَغْرِسُ شِیعَتِهِ وَ شِیعَةِ وُلْدِهِ وَ فِیهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ یَكْثُرُ بَلْوَاهُمْ وَ یَعْظُمُ مُصَابُهُمْ وَ إِنَّ سِبْطَكَ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام مَقْتُولٌ فِی عِصَابَةٍ مِنْ ذُرِّیَّتِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ أَخْیَارٍ مِنْ أُمَّتِكَ بِضَفَّةِ الْفُرَاتِ بِأَرْضٍ تُدْعَی كَرْبَلَاءَ مِنْ أَجْلِهَا یَكْثُرُ الْكَرْبُ وَ الْبَلَاءُ عَلَی أَعْدَائِكَ وَ أَعْدَاءِ ذُرِّیَّتِكَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی لَا یَنْقَضِی كَرْبُهُ وَ لَا تَفْنَی حَسْرَتُهُ وَ هِیَ أَطْهَرُ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَ أَعْظَمُهَا

ص: 181


1- 1. تحبون كما تحبی، خ ل و الحباء هو العطاء بلا من.

حُرْمَةً وَ إِنَّهَا لَمِنْ بَطْحَاءِ الْجَنَّةِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمُ الَّذِی یُقْتَلُ فِیهِ سِبْطُكَ وَ أَهْلُهُ وَ أَحَاطَتْ بِهِمْ كَتَائِبُ أَهْلِ الْكُفْرِ وَ اللَّعْنَةِ تَزَعْزَعَتِ الْأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا وَ مَادَتِ الْجِبَالُ وَ كَثُرَ اضْطِرَابُهَا وَ اصْطَفَقَتِ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا وَ مَاجَتِ السَّمَاوَاتُ بِأَهْلِهَا غَضَباً لَكَ یَا مُحَمَّدُ وَ لِذُرِّیَّتِكَ وَ اسْتِعْظَاماً لِمَا یُنْتَهَكُ مِنْ حُرْمَتِكَ وَ لِشَرِّ مَا یُتَكَافَی بِهِ فِی ذُرِّیَّتِكَ وَ عِتْرَتِكَ وَ لَا یَبْقَی شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا اسْتَأْذَنَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی نُصْرَةِ أَهْلِكَ الْمُسْتَضْعَفِینَ الْمَظْلُومِینَ الَّذِینَ هُمْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ بَعْدَكَ فَیُوحِی اللَّهُ إِلَی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبِحَارِ وَ مَنْ فِیهِنَّ إِنِّی أَنَا اللَّهُ اللَّهُ الْمَلِكُ الْقَادِرُ وَ الَّذِی لَا یَفُوتُهُ هَارِبٌ وَ لَا یُعْجِزُهُ مُمْتَنِعٌ وَ أَنَا أَقْدَرُ عَلَی الِانْتِصَارِ وَ الِانْتِقَامِ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأُعَذِّبَنَّ مَنْ وَتَرَ رَسُولِی وَ صَفِیِّی وَ انْتَهَكَ حُرْمَتَهُ وَ قَتَلَ عِتْرَتَهُ وَ نَبَذَ عَهْدَهُ وَ ظَلَمَ أَهْلَهُ- عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ فَعِنْدَ ذَلِكَ یَضِجُّ كُلُّ شَیْ ءٍ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ بِلَعْنِ مَنْ ظَلَمَ عِتْرَتَكَ وَ اسْتَحَلَّ حُرْمَتَكَ فَإِذَا بَرَزَتْ تِلْكَ الْعِصَابَةُ إِلَی مَضَاجِعِهَا تَوَلَّی اللَّهُ جَلَّ وَ عِزَّ قَبْضَ أَرْوَاحِهَا بِیَدِهِ وَ هَبَطَ إِلَی الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَعَهُمْ آنِیَةٌ مِنَ الْیَاقُوتِ وَ الزُّمُرُّدِ مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَاءِ الْحَیَاةِ وَ حُلَلٌ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ وَ طِیبٌ مِنْ طِیبِ الْجَنَّةِ فَغَسَّلُوا جُثَثَهُمْ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَ أَلْبَسُوهَا الْحُلَلَ وَ حَنَّطُوهَا بِذَلِكَ الطِّیبِ وَ صَلَّی الْمَلَائِكَةُ صَفّاً صَفّاً عَلَیْهِمْ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِكَ لَا یَعْرِفُهُمُ الْكُفَّارُ لَمْ یَشْرَكُوا فِی تِلْكَ الدِّمَاءِ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ وَ لَا نِیَّةٍ فَیُوَارُونَ أَجْسَامَهُمْ وَ یُقِیمُونَ رَسْماً لِقَبْرِ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ بِتِلْكَ الْبَطْحَاءِ یَكُونُ عَلَماً لِأَهْلِ الْحَقِّ وَ سَبَباً لِلْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْفَوْزِ وَ تَحُفُّهُ مَلَائِكَةٌ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ وَ یُصَلُّونَ عَلَیْهِ وَ یُسَبِّحُونَ اللَّهَ عِنْدَهُ وَ یَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لِزُوَّارِهِ وَ یَكْتُبُونَ أَسْمَاءَ مَنْ یَأْتِیهِ زَائِراً مِنْ أُمَّتِكَ مُتَقَرِّباً إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكَ بِذَلِكَ وَ أَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ وَ بُلْدَانِهِمْ وَ یُوسِمُونَ فِی وُجُوهِهِمْ بِمِیسَمِ نُورِ عَرْشِ اللَّهِ هَذَا زَائِرُ قَبْرِ خَیْرِ الشُّهَدَاءِ وَ ابْنِ خَیْرِ الْأَنْبِیَاءِ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ سَطَعَ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْمِیسَمِ نُورٌ تَغْشَی مِنْهُ الْأَبْصَارُ یُدَلُّ عَلَیْهِمْ وَ یُعْرَفُونَ بِهِ.

ص: 182

وَ كَأَنِّی بِكَ یَا مُحَمَّدُ بَیْنِی وَ بَیْنَ مِیكَائِیلَ وَ عَلِیٌّ أَمَامَنَا وَ مَعَنَا مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مَا لَا یُحْصَی عَدَدُهُ وَ نَحْنُ نَلْتَقِطُ مِنْ ذَلِكَ الْمِیسَمَ فِی وَجْهِهِ مِنْ بَیْنِ الْخَلَائِقِ حَتَّی یُنْجِیَهُمُ اللَّهُ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ شَدَائِدِهِ وَ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ وَ عَطَاؤُهُ لِمَنْ زَارَ قَبْرَكَ یَا مُحَمَّدُ أَوْ قَبْرَ أَخِیكَ أَوْ قَبْرَ سِبْطَیْكَ- لَا یُرِیدُ بِهِ غَیْرَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ سَیَجِدُ(1)

أُنَاسٌ مِمَّنْ حَقَّتْ عَلَیْهِمْ مِنَ اللَّهِ اللَّعْنَةُ وَ السَّخَطُ أَنْ یَعْفُوا رَسْمَ ذَلِكَ الْقَبْرِ وَ یَمْحُوا أَثَرَهُ فَلَا یَجْعَلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَهُمْ إِلَی ذَلِكَ سَبِیلًا.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَذَا أَبْكَانِی وَ أَحْزَنَنِی.

قَالَتْ زَیْنَبُ فَلَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَبِی علیه السلام وَ رَأَیْتُ أَثَرَ الْمَوْتِ مِنْهُ قُلْتُ لَهُ یَا أَبَهْ حَدَّثَتْنِی أُمُّ أَیْمَنَ بِكَذَا وَ كَذَا وَ قَدْ أَحْبَبْتُ

أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ فَقَالَ یَا بُنَیَّةِ الْحَدِیثُ كَمَا حَدَّثَتْكِ أُمُّ أَیْمَنَ وَ كَأَنِّی بِكِ وَ بِبَنَاتِ أَهْلِكِ سَبَایَا بِهَذَا الْبَلَدِ أَذِلَّاءَ خَاشِعِینَ- تَخافُونَ أَنْ یَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَصَبْراً صَبْراً فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا لِلَّهِ عَلَی ظَهْرِ الْأَرْضِ یَوْمَئِذٍ وَلِیٌّ غَیْرُكُمْ وَ غَیْرُ مُحِبِّیكُمْ وَ شِیعَتِكُمْ وَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ حِینَ أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْخَبَرِ إِنَّ إِبْلِیسَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ یَطِیرُ فَرَحاً فَیَجُولُ الْأَرْضَ كُلَّهَا فِی شَیَاطِینِهِ وَ عَفَارِیتِهِ فَیَقُولُ یَا مَعْشَرَ الشَّیَاطِینِ قَدْ أَدْرَكْنَا مِنْ ذُرِّیَّةِ آدَمَ الطَّلِبَةَ وَ بَلَغْنَا فِی هَلَاكِهِمُ الْغَایَةَ وَ أَوْرَثْنَاهُمُ النَّارَ إِلَّا مَنِ اعْتَصَمَ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ فَاجْعَلُوا شُغُلَكُمْ بِتَشْكِیكِ النَّاسِ فِیهِمْ وَ حَمْلِهِمْ عَلَی عَدَاوَتِهِمْ وَ إِغْرَائِهِمْ بِهِمْ وَ أَوْلِیَائِهِمْ حَتَّی تَسْتَحْكِمَ ضَلَالَةُ الْخَلْقِ وَ كُفْرُهُمْ وَ لَا یَنْجُوَ مِنْهُمْ نَاجٍ وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَیْهِمْ إِبْلِیسُ وَ هُوَ كَذُوبٌ أَنَّهُ لَا یَنْفَعُ مَعَ عَدَاوَتِكُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ وَ لَا یَضُرُّ مَعَ مَحَبَّتِكُمْ وَ مُوَالاتِكُمْ ذَنْبٌ غَیْرَ الْكَبَائِرِ قَالَ زَائِدَةُ ثُمَّ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِی بِهَذَا الْحَدِیثِ خُذْهُ إِلَیْكَ أَمَا لَوْ ضَرَبْتَ فِی طَلَبِهِ آبَاطَ الْإِبِلِ حَوْلًا لَكَانَ قَلِیلًا(2).

ص: 183


1- 1. فی المصدر:« و سیجتهد».
2- 2. راجع كامل الزیارات ص 257- 266 و أنت خبیر بأن ألفاظ الحدیث تشهد بأنها قصة مسرودة و كیف یصحّ جهل علیّ بن الحسین صلوات اللّٰه علیه و هو امام الخلق بهذا الحدیث. و مفاده حتّی ینبهه زینب بنت علیّ علیه السلام بإسناده عن أم ایمن، فتكون هی التی تسلیه و تعزیه و تبشره بدرجات الشهداء و ظنی أن ابن قولویه رضی اللّٰه عنه و أرضاه انما أعرض عن هذا الحدیث لما كان یری فیه من العلل.

بیان: العس القدح العظیم قولها رمق بطرفه أی نظر و نشج الباكی ینشج بالكسر نشیجا إذا غص بالبكاء فی حلقه من غیر انتحاب و خبطه یخبطه ضربه شدیدا و البعیر بیده الأرض وطئه شدیدا و القوم بسیفه جلدهم و ضفة النهر بالكسر جانبه و التزعزع التحرك و كذلك المید و الاصطفاق الاضطراب یقال الریح تصفق الأشجار فتصطفق و الموتور الذی قتل له قتیل فلم یدرك بدمه تقول منه وتره یتره وترا و ترة و ضرب آباط الإبل كنایة عن الركض و الاستعجال فإن المستعجل یضرب رجلیه بإبطی الإبل لیعدو أی لو سافرت سفرا سریعا فی طلبه حولا.

«31»- یج، [الخرائج و الجرائح] أَبُو الْفَرَجِ سَعِیدُ بْنُ أَبِی الرَّجَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْخَانِیِّ عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ بَكْرَادَ بْنِ الطَّیِّبِ بْنِ شَمْعُونَ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ قَالَ: بَیْنَمَا أَنَا فِی الطَّوَافِ بِالْمَوْسِمِ إِذَا رَأَیْتُ رَجُلًا یَدْعُو وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَغْفِرُ قَالَ فَارْتَعَدْتُ لِذَلِكَ وَ دَنَوْتُ مِنْهُ وَ قُلْتُ یَا هَذَا أَنْتَ فِی حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ رَسُولِهِ وَ هَذَا أَیَّامٌ حُرُمٌ فِی شَهْرٍ عَظِیمٍ فَلِمَ تَیْأَسُ مِنَ الْمَغْفِرَةِ قَالَ یَا هَذَا ذَنْبِی عَظِیمٌ قُلْتُ أَعْظَمُ مِنْ جَبَلِ تِهَامَةَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ یُوَازِنُ الْجِبَالَ الرَّوَاسِیَ قَالَ نَعَمْ فَإِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ قُلْتُ أَخْبِرْنِی قَالَ اخْرُجْ بِنَا عَنِ الْحَرَمِ فَخَرَجْنَا مِنْهُ فَقَالَ لِی أَنَا أَحَدُ مَنْ كَانَ فِی الْعَسْكَرِ الْمَیْشُومِ (1) عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ حِینَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ كُنْتُ أَحَدَ الْأَرْبَعِینَ الَّذِینَ حَمَلُوا الرَّأْسَ إِلَی یَزِیدَ مِنَ الْكُوفَةِ فَلَمَّا حَمَلْنَاهُ عَلَی طَرِیقِ الشَّامِ نَزَلْنَا عَلَی دَیْرٍ لِلنَّصَارَی وَ كَانَ الرَّأْسُ مَعَنَا مَرْكُوزاً عَلَی

ص: 184


1- 1. كذا، و القیاس: المشئوم.

رُمْحٍ وَ مَعَهُ الْأَحْرَاسُ فَوَضَعْنَا الطَّعَامَ وَ جَلَسْنَا لِنَأْكُلَ فَإِذَا بِكَفٍّ فِی حَائِطِ الدَّیْرِ تَكْتُبُ:

أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَیْناً***شَفَاعَةَ جَدِّهِ یَوْمَ الْحِسَابِ

قَالَ فَجَزِعْنَا مِنْ ذَلِكَ جَزَعاً شَدِیداً وَ أَهْوَی بَعْضُنَا إِلَی الْكَفِّ لِیَأْخُذَهَا فَغَابَتْ ثُمَّ عَادَ أَصْحَابِی إِلَی الطَّعَامِ فَإِذَا الْكَفُّ قَدْ عَادَتْ تَكْتُبُ:

فَلَا وَ اللَّهِ لَیْسَ لَهُمْ شَفِیعٌ***وَ هُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِی الْعَذَابِ

فَقَامَ أَصْحَابُنَا إِلَیْهَا فَغَابَتْ ثُمَّ عَادُوا إِلَی الطَّعَامِ فَعَادَتْ تَكْتُبُ-

وَ قَدْ قَتَلُوا الْحُسَیْنَ بِحُكْمِ جَوْرٍ***وَ خَالَفَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْكِتَابِ

فَامْتَنَعْتُ وَ مَا هَنَّأَنِی أَكْلُهُ ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَیْنَا رَاهِبٌ مِنَ الدَّیْرِ فَرَأَی نُوراً سَاطِعاً مِنْ فَوْقِ الرَّأْسِ فَأَشْرَفَ فَرَأَی عَسْكَراً فَقَالَ الرَّاهِبُ لِلْحُرَّاسِ مِنْ أَیْنَ جِئْتُمْ قَالُوا مِنَ الْعِرَاقِ حَارَبْنَا الْحُسَیْنَ فَقَالَ الرَّاهِبُ ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ نَبِیِّكُمْ وَ ابْنُ ابْنِ عَمِّ نَبِیِّكُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ تَبّاً لَكُمْ وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ لِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ابْنٌ لَحَمَلْنَاهُ عَلَی أَحْدَاقِنَا وَ لَكِنْ لِی إِلَیْكُمْ حَاجَةٌ قَالُوا وَ مَا هِیَ قَالَ قُولُوا لِرَئِیسِكُمْ عِنْدِی عَشَرَةُ آلَافِ دَرَاهِمَ وَرِثْتُهَا مِنْ آبَائِی یَأْخُذُهَا مِنِّی وَ یُعْطِینِی الرَّأْسَ یَكُونُ عِنْدِی إِلَی وَقْتِ الرَّحِیلَ فَإِذَا رَحَلَ رَدَدْتُهُ إِلَیْهِ فَأَخْبَرُوا عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بِذَلِكَ (1)

فَقَالَ خُذُوا مِنْهُ الدَّنَانِیرَ وَ أَعْطُوهُ إِلَی وَقْتِ الرَّحِیلِ فَجَاءُوا إِلَی الرَّاهِبِ فَقَالُوا هَاتِ الْمَالَ حَتَّی نُعْطِیَكَ الرَّأْسَ فَأَدْلَی إِلَیْهِمْ جِرَابَیْنِ فِی كُلِّ جِرَابٍ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَدَعَا عُمَرُ بِالنَّاقِدِ وَ الْوَزَّانِ فَانْتَقَدَهَا وَ وَزَنَهَا وَ دَفَعَهَا إِلَی خَازِنٍ لَهُ وَ أَمَرَ أَنْ یُعْطَی الرَّأْسَ فَأَخَذَ الرَّاهِبُ الرَّأْسَ فَغَسَلَهُ وَ نَظَّفَهُ وَ حَشَاهُ بِمِسْكٍ وَ كَافُورٍ كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ جَعَلَهُ فِی حَرِیرَةٍ وَ وَضَعَهُ فِی حَجْرِهِ وَ لَمْ یَزَلْ یَنُوحُ وَ یَبْكِی حَتَّی نَادَوْهُ وَ طَلَبُوا مِنْهُ الرَّأْسَ فَقَالَ یَا رَأْسُ وَ اللَّهِ لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی فَإِذَا كَانَ غَداً فَاشْهَدْ لِی عِنْدَ جَدِّكَ

ص: 185


1- 1. فیه وهم حیث ان ابن زیاد بعث الرءوس مع زحر بن قیس كما مرّ فی ص 125، و لم یكن عمر بن سعد هناك.

مُحَمَّدٍ أَنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَسْلَمْتُ عَلَی یَدَیْكَ وَ أَنَا مَوْلَاكَ وَ قَالَ لَهُمْ إِنِّی أَحْتَاجُ أَنَّ أُكَلِّمَ رَئِیسَكُمْ بِكَلِمَةٍ وَ أُعْطِیَهُ الرَّأْسَ فَدَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ وَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ أَنْ لَا تَعُودَ إِلَی مَا كُنْتَ تَفْعَلُهُ بِهَذَا الرَّأْسِ وَ لَا تَخْرُجَ بِهَذَا الرَّأْسِ مِنْ هَذَا الصُّنْدُوقِ فَقَالَ لَهُ أَفْعَلُ فَأَعْطَاهُ الرَّأْسَ وَ نَزَلَ مِنَ الدَّیْرِ یَلْحَقُ بِبَعْضِ الْجِبَالِ یَعْبُدُ اللَّهَ وَ مَضَی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فَفَعَلَ بِالرَّأْسِ مِثْلَ مَا كَانَ یَفْعَلُ فِی الْأَوَّلِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ دِمَشْقَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ انْزِلُوا وَ طَلَبَ مِنَ الْجَارِیَةِ الْجِرَابَیْنِ فَأَحْضَرَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ فَنَظَرَ إِلَی خَاتَمِهِ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ یُفْتَحَ فَإِذَا الدَّنَانِیرُ قَدْ تَحَوَّلَتْ خَزَفِیَّةً فَنَظَرُوا فِی سِكَّتِهَا فَإِذَا عَلَی جَانِبِهَا مَكْتُوبٌ- لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا یَعْمَلُ الظَّالِمُونَ وَ عَلَی الْجَانِبِ الْآخَرِ مَكْتُوبٌ- سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ خَسِرْتُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةَ ثُمَّ قَالَ لِغِلْمَانِهِ اطْرَحُوهَا فِی النَّهَرِ فَطُرِحَتْ وَ رَحَلَ إِلَی دِمَشْقَ مِنَ الْغَدِ وَ أَدْخَلَ الرَّأْسَ إِلَی یَزِیدَ وَ ابْتَدَرَ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ إِلَی یَزِیدَ فَقَالَ:

امْلَأْ رِكَابِی فِضَّةً أَوْ ذَهَباً***إِنِّی قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَجَّبَا

قَتَلْتُ خَیْرَ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً

فَأَمَرَ یَزِیدُ بِقَتْلِهِ وَ قَالَ إِنْ عَلِمْتَ أَنَّ حُسَیْناً خَیْرُ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً فَلِمَ قَتَلْتَهُ فَجَعَلَ الرَّأْسَ فِی طَسْتٍ وَ هُوَ یَنْظُرُ إِلَی أَسْنَانِهِ وَ یَقُولُ:

لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا***جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ

فَأَهَلُّوا وَ اسْتَهَلُّوا فَرَحاً***ثُمَّ قَالُوا یَا یَزِیدُ لَا تُشَلَّ

وَ جَزَیْنَاهُمْ بِبَدْرٍ مِثْلَهَا***وَ بِأُحُدٍ یَوْمَ أُحُدٍ فَاعْتَدَلَ

لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ***مِنْ بَنِی أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلَ

فَدَخَلَ عَلَیْهِ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ رَأَی الرَّأْسَ فِی الطَّسْتِ وَ هُوَ یَضْرِبُ بِالْقَضِیبِ عَلَی أَسْنَانِهِ فَقَالَ كُفَّ عَنْ ثَنَایَاهُ فَطَالَمَا رَأَیْتُ النَّبِیَّ یُقَبِّلُهَا فَقَالَ یَزِیدُ لَوْ لَا أَنَّكَ

ص: 186

شَیْخٌ كَبِیرٌ خَرِفْتَ لَقَتَلْتُكَ وَ دَخَلَ عَلَیْهِ رَأْسُ الْیَهُودِ فَقَالَ مَا هَذَا الرَّأْسُ فَقَالَ رَأْسُ خَارِجِیٍّ قَالَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ الْحُسَیْنُ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ عَلِیٍّ قَالَ وَ مَنْ أُمُّهُ قَالَ فَاطِمَةُ قَالَ وَ مَنْ فَاطِمَةُ قَالَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ قَالَ نَبِیُّكُمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا جَزَاكُمُ اللَّهُ خَیْراً بِالْأَمْسِ كَانَ نَبِیَّكُمْ وَ الْیَوْمَ قَتَلْتُمْ ابْنَ بِنْتِهِ وَیْحَكَ إِنَّ بَیْنِی وَ بَیْنَ دَاوُدَ النَّبِیِّ نَیِّفاً وَ ثَلَاثِینَ أَباً فَإِذَا رَأَتْنِی الْیَهُودُ كَفَّرَتْ إِلَیَّ ثُمَّ مَالَ إِلَی الطَّسْتِ وَ قَبَّلَ الرَّأْسَ وَ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ جَدَّكَ محمد [مُحَمَّداً] رَسُولُ اللَّهِ وَ خَرَجَ فَأَمَرَ یَزِیدُ بِقَتْلِهِ وَ أَمَرَ فَأُدْخِلَ الرَّأْسُ الْقُبَّةَ الَّتِی بِإِزَاءِ الْقُبَّةِ الَّتِی یَشْرَبُ فِیهَا وَ وَكَّلَنَا بِالرَّأْسِ وَ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ فِی قَلْبِی فَلَمْ یَحْمِلْنِی النَّوْمُ فِی تِلْكَ الْقُبَّةِ فَلَمَّا دَخَلَ اللَّیْلُ وَكَّلَنَا أَیْضاً بِالرَّأْسِ فَلَمَّا مَضَی وَهْنٌ مِنَ اللَّیْلِ سَمِعْتُ دَوِیّاً مِنَ السَّمَاءِ فَإِذَا مُنَادٍ یُنَادِی یَا آدَمُ اهْبِطْ فَهَبَطَ أَبُو الْبَشَرِ وَ مَعَهُ كَثِیرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ مُنَادِیاً یُنَادِی یَا إِبْرَاهِیمُ اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ كَثِیرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ مُنَادِیاً یُنَادِی یَا مُوسَی اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ كَثِیرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ مُنَادِیاً یُنَادِی یَا عِیسَی اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ كَثِیرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ سَمِعْتُ دَوِیّاً عَظِیماً وَ مُنَادٍ یُنَادِی یَا مُحَمَّدُ اهْبِطْ فَهَبَطَ وَ مَعَهُ خَلْقٌ كَثِیرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَأَحْدَقَ الْمَلَائِكَةُ بِالْقُبَّةِ ثُمَّ إِنَّ النَّبِیَّ دَخَلَ الْقُبَّةَ وَ أَخَذَ الرَّأْسَ مِنْهَا وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّ مُحَمَّداً قَعَدَ تَحْتَ الرَّأْسِ فَانْحَنَی الرُّمْحُ وَ وَقَعَ الرَّأْسُ فِی حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ وَ جَاءَ بِهِ إِلَی آدَمَ فَقَالَ یَا أَبِی آدَمُ مَا تَرَی مَا فَعَلَتْ

أُمَّتِی بِوَلَدِی مِنْ بَعْدِی فَاقْشَعَرَّ لِذَلِكَ جِلْدِی ثُمَّ قَامَ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَنَا صَاحِبُ الزَّلَازِلِ فَأْمُرْنِی لِأُزَلْزِلَ بِهِمُ الْأَرْضَ وَ أَصِیحَ بِهِمْ صَیْحَةً وَاحِدَةً یَهْلِكُونَ فِیهَا فَقَالَ لَا قَالَ یَا مُحَمَّدُ دَعْنِی وَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِینَ الْمُوَكَّلِینَ بِالرَّأْسِ قَالَ فَدُونَكَ فَجَعَلَ یَنْفُخُ بِوَاحِدٍ وَاحِدٍ فَدَنَا مِنِّی فَقَالَ تَسْمَعُ وَ تَرَی فَقَالَ النَّبِیُّ دَعُوهُ دَعُوهُ- لَا یَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ فَتَرَكَنِی وَ أَخَذُوا الرَّأْسَ وَ وَلَّوْا فَافْتُقِدَ الرَّأْسُ مِنْ تِلْكَ اللَّیْلَةِ فَمَا عُرِفَ لَهُ خَبَرٌ وَ لَحِقَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ الرَّیَّ فَمَا لَحِقَ بِسُلْطَانِهِ وَ مَحَقَ اللَّهُ عُمُرَهُ فَأُهْلِكَ فِی

ص: 187

الطَّرِیقِ فَقَالَ سُلَیْمَانُ الْأَعْمَشُ قُلْتُ لِلرَّجُلِ تَنَحَّ عَنِّی لَا تُحْرِقْنِی بِنَارِكَ وَ وَلَّیْتُ وَ لَا أَدْرِی بَعْدَ ذَلِكَ مَا خَبَرُهُ.

بیان: التكفیر أن یخضع الإنسان لغیره كما یكفر العلج للدهاقین یضع یده علی صدره و یتطأمن له و الوهن نحو من نصف اللیل قوله تسمع و تری كأنه كلام علی سبیل التهدید أی وقفت هاهنا و تنظر و تسمع أو المعنی أنك كنت فی العسكر و إن لم تفعل شیئا فكنت تسمع واعیتهم و تری ما یفعل بهم.

«32»- یج، [الخرائج و الجرائح] عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَنَا وَ اللَّهِ رَأَیْتُ رَأْسَ الْحُسَیْنِ حِینَ حُمِلَ وَ أَنَا بِدِمَشْقَ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ رَجُلٌ یَقْرَأُ الْكَهْفَ حَتَّی بَلَغَ قَوْلَهُ- أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً(1) فَأَنْطَقَ اللَّهُ الرَّأْسَ بِلِسَانٍ ذَرِبٍ ذَلِقٍ فَقَالَ أَعْجَبُ مِنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ قَتْلِی وَ حَمْلِی.

«33»- سن، [المحاسن] الْحَسَنُ بْنُ ظَرِیفٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَبِسَ نِسَاءُ بَنِی هَاشِمٍ السَّوَادَ وَ الْمُسُوحَ وَ كُنَّ لَا یَشْتَكِینَ مِنْ حَرٍّ وَ لَا بَرْدٍ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ یَعْمَلُ لَهُنَّ الطَّعَامَ لِلْمَأْتَمِ (2).

«34»- جا، [المجالس] للمفید الْمَرْزُبَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیلٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَخَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَمَّا أَتَی نَعْیُ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی الْمَدِینَةِ خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ نِسَائِهَا حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَاذَتْ بِهِ وَ شَهَقَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ التفت [الْتَفَتَتْ] إِلَی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ هِیَ تَقُولُ

مَا ذَا تَقُولُونَ إِنْ قَالَ النَّبِیُّ لَكُمْ***یَوْمَ الْحِسَابِ وَ صِدْقُ الْقَوْلِ مَسْمُوعٌ

خَذَلْتُمْ عِتْرَتِی أَوْ كُنْتُمْ غُیَّباً***وَ الْحَقُّ عِنْدَ وَلِیِّ الْأَمْرِ مَجْمُوعٌ

أَسْلَمْتُمُوهُمْ بِأَیْدِی الظَّالِمِینَ فَمَا***مِنْكُمْ لَهُ الْیَوْمَ عِنْدَ اللَّهِ مَشْفُوعٌ

مَا كَانَ عِنْدَ غَدَاةِ الطَّفِّ إِذْ حَضَرُوا***تِلْكَ الْمَنَایَا وَ لَا عَنْهُنَّ مَدْفُوعٌ

ص: 188


1- 1. الكهف: 9.
2- 2. كتاب المحاسن ص 420.

قَالَ فَمَا رَأَیْنَا بَاكِیاً وَ لَا بَاكِیَةً أَكْثَرَ مِمَّا رَأَیْنَا ذَلِكَ الْیَوْمَ.

«35»- یب، [تهذیب الأحكام] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَیْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جُدِّدَتْ أَرْبَعَةُ مَسَاجِدَ بِالْكُوفَةِ فَرَحاً لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام مَسْجِدُ الْأَشْعَثِ وَ مَسْجِدُ جَرِیرٍ وَ مَسْجِدُ سِمَاكٍ وَ مَسْجِدُ شَبَثِ بْنِ رِبْعِیٍ (1).

«36»- أَقُولُ رُوِیَ فِی بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا مُرْسَلًا: أَنَّ نَصْرَانِیّاً أَتَی رَسُولًا مِنْ مَلِكِ الرُّومِ إِلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَدْ حَضَرَ فِی مَجْلِسِهِ الَّذِی أُتِیَ إِلَیْهِ فِیهِ بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ فَلَمَّا رَأَی النَّصْرَانِیُّ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام بَكَی وَ صَاحَ وَ نَاحَ حَتَّی ابْتَلَّتْ لِحْیَتُهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ اعْلَمْ یَا یَزِیدُ أَنِّی دَخَلْتُ الْمَدِینَةَ تَاجِراً فِی أَیَّامِ حَیَاةِ النَّبِیِّ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ آتِیَهُ بِهَدِیَّةٍ فَسَأَلْتُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَیُّ شَیْ ءٍ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنَ الْهَدَایَا فَقَالُوا الطِّیبُ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ إِنَّ لَهُ رَغْبَةً فِیهِ قَالَ فَحَمَلْتُ مِنَ الْمِسْكِ فَأْرَتَیْنِ وَ قَدْراً مِنَ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ وَ جِئْتُ بِهَا إِلَیْهِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ فِی بَیْتِ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا فَلَمَّا شَاهَدْتُ جَمَالَهُ ازْدَادَ لِعَیْنِی مِنْ لِقَائِهِ نُوراً سَاطِعاً وَ زَادَنِی مِنْهُ سُرُورٌ وَ قَدْ تَعَلَّقَ قَلْبِی بِمَحَبَّتِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ وَضَعْتُ الْعِطْرَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قُلْتُ هَدِیَّةٌ مُحَقَّرَةٌ أَتَیْتُ بِهَا إِلَی حَضْرَتِكَ فَقَالَ لِی مَا اسْمُكَ فَقُلْتُ اسْمِی عَبْدُ الشَّمْسِ فَقَالَ لِی بَدِّلِ اسْمَكَ فَإِنِّی أُسَمِّیكَ عَبْدَ الْوَهَّابِ إِنْ قَبِلْتَ مِنِّی الْإِسْلَامَ قَبِلْتُ مِنْكَ الْهَدِیَّةَ قَالَ فَنَظَرْتُهُ وَ تَأَمَّلْتُهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَبِیٌّ وَ هُوَ النَّبِیُّ الَّذِی أَخْبَرَنَا عَنْهُ عِیسَی علیه السلام حَیْثُ قَالَ إِنِّی مُبَشِّرٌ لَكُمْ بِرَسُولٍ یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ فَاعْتَقَدْتُ ذَلِكَ وَ أَسْلَمْتُ عَلَی یَدِهِ فِی تِلْكَ السَّاعَةِ وَ رَجَعْتُ إِلَی الرُّومِ وَ أَنَا أُخْفِی الْإِسْلَامَ وَ لِی مُدَّةٌ مِنَ السِّنِینَ وَ أَنَا مُسْلِمٌ مَعَ خَمْسٍ مِنَ الْبَنِینَ وَ أَرْبَعٍ مِنَ الْبَنَاتِ وَ أَنَا الْیَوْمَ وَزِیرُ مَلِكِ الرُّومِ وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ مِنَ النَّصَارَی اطِّلَاعٌ عَلَی حَالِنَا وَ اعْلَمْ یَا یَزِیدُ أَنِّی یَوْمَ كُنْتُ فِی حَضْرَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ

ص: 189


1- 1. التهذیب:

رَأَیْتُ هَذَا الْعَزِیزَ الَّذِی رَأْسُهُ وُضِعَ بَیْنَ یَدَیْكَ مَهِیناً حَقِیراً قَدْ دَخَلَ عَلَی جَدِّهِ مِنْ بَابِ الْحُجْرَةِ وَ النَّبِیُّ فَاتِحٌ بَاعَهُ لِیَتَنَاوَلَهُ وَ هُوَ یَقُولُ مَرْحَباً بِكَ یَا حَبِیبِی حَتَّی إِنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَ أَجْلَسَهُ فِی حَجْرِهِ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ شَفَتَیْهِ وَ یَرْشِفُ ثَنَایَاهُ وَ هُوَ یَقُولُ بَعُدَ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مَنْ قَتَلَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ یَا حُسَیْنُ وَ أَعَانَ عَلَی قَتْلِكَ وَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ ذَلِكَ یَبْكِی فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی كُنْتُ مَعَ النَّبِیِّ فِی مَسْجِدِهِ إِذْ أَتَاهُ الْحُسَیْنُ مَعَ أَخِیهِ الْحَسَنِ علیه السلام وَ قَالَ یَا جَدَّاهْ قَدْ تَصَارَعْتُ مَعَ أَخِیَ الْحَسَنِ وَ لَمْ یَغْلِبْ أَحَدُنَا الْآخَرَ وَ إِنَّمَا نُرِیدُ أَنْ نَعْلَمَ أَیُّنَا أَشَدُّ قُوَّةً مِنَ الْآخَرِ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِیُّ حَبِیبَیَّ یَا مُهْجَتَیَّ إِنَّ التَّصَارُعَ لَا یَلِیقُ بِكُمَا وَ لَكِنِ اذْهَبَا فَتَكَاتِبَا فَمَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ كَذَلِكَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ فَمَضَیَا وَ كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَطْراً وَ أَتَیَا إِلَی جَدِّهِمَا النَّبِیِّ فَأَعْطَیَاهُ اللَّوْحَ لِیَقْضِیَ بَیْنَهُمَا فَنَظَرَ النَّبِیُّ إِلَیْهِمَا سَاعَةً وَ لَمْ یُرِدْ أَنْ یَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَهُمَا یَا حَبِیبَیَّ إِنِّی نَبِیٌّ أُمِّیٌّ- لَا أَعْرِفُ الْخَطَّ اذْهَبَا إِلَی أَبِیكُمَا لِیَحْكُمَ بَیْنَكُمَا وَ یَنْظُرَ أَیُّكُمَا أَحْسَنُ خَطّاً قَالَ فَمَضَیَا إِلَیْهِ وَ قَامَ النَّبِیُّ أَیْضاً مَعَهُمَا وَ دَخَلُوا جَمِیعاً إِلَی مَنْزِلِ فَاطِمَةَ علیها السلام فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً وَ إِذَا النَّبِیُّ مُقْبِلٌ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ مَعَهُ وَ كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَ سَلْمَانَ صَدَاقَةٌ وَ مَوَدَّةٌ فَسَأَلْتُهُ كَیْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا وَ خَطُّ أَیِّهِمَا أَحْسَنُ قَالَ سَلْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنَّ النَّبِیَّ لَمْ یُجِبْهُمَا بِشَیْ ءٍ لِأَنَّهُ تَأَمَّلَ أَمْرَهُمَا وَ قَالَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحَسَنِ أَحْسَنُ كَانَ یَغْتَمُّ الْحُسَیْنُ وَ لَوْ قُلْتُ خَطُّ الْحُسَیْنِ أَحْسَنُ كَانَ یَغْتَمُّ الْحَسَنُ فَوَجَّهَهُمَا إِلَی أَبِیهِمَا فَقُلْتُ یَا سَلْمَانُ بِحَقِّ الصَّدَاقَةِ وَ الْأُخُوَّةِ الَّتِی بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ بِحَقِّ دِینِ الْإِسْلَامِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِی كَیْفَ حَكَمَ أَبُوهُمَا بَیْنَهُمَا فَقَالَ لَمَّا أَتَیَا إِلَی أَبِیهِمَا وَ تَأَمَّلَ حَالَهُمَا رَقَّ لَهُمَا وَ لَمْ یُرِدْ أَنْ یَكْسِرَ قَلْبَ أَحَدِهِمَا قَالَ لَهُمَا امْضِیَا إِلَی أُمِّكُمَا فَهِیَ تَحْكُمُ بَیْنَكُمَا فَأَتَیَا إِلَی أُمِّهِمَا وَ عَرَضَا عَلَیْهَا مَا كَتَبَا فِی اللَّوْحِ وَ قَالا یَا أُمَّاهْ إِنَّ جَدَّنَا أَمَرَنَا أَنْ نَتَكَاتَبَ فَكُلُّ مَنْ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ فَتَكَاتَبْنَا وَ جِئْنَا

ص: 190

إِلَیْهِ فَوَجَّهَنَا إِلَی أَبِینَا فَلَمْ یَحْكُمْ بَیْنَنَا وَ وَجَّهَنَا إِلَیْكِ فَتَفَكَّرَتْ فَاطِمَةُ بِأَنَّ جَدَّهُمَا وَ أَبَاهُمَا مَا أَرَادَا كَسْرَ خَاطِرِهِمَا أَنَا مَا ذَا أَصْنَعُ وَ كَیْفَ أَحْكُمُ بَیْنَهُمَا فَقَالَتْ لَهُمَا یَا قُرَّتَیْ عَیْنِی إِنِّی أَقْطَعُ قِلَادَتِی عَلَی رَأْسِكُمَا فَأَیُّكُمَا یَلْتَقِطُ مِنْ لُؤْلُؤِهَا أَكْثَرَ كَانَ خَطُّهُ أَحْسَنَ وَ تَكُونُ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ قَالَ وَ كَانَ فِی قِلَادَتِهَا سَبْعُ لُؤْلُؤَاتٍ ثُمَّ إِنَّهَا قَامَتْ فَقَطَعَتْ قِلَادَتَهَا عَلَی رَأْسِهِمَا فَالْتَقَطَ الْحَسَنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَاتٍ وَ الْتَقَطَ الْحُسَیْنُ ثَلَاثَ لُؤْلُؤَاتٍ وَ بَقِیَتِ الْأُخْرَی فَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَنَاوُلَهَا فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی جَبْرَئِیلَ بِنُزُولِهِ إِلَی الْأَرْضِ وَ أَنْ یَضْرِبَ بِجَنَاحِهِ تِلْكَ اللُّؤْلُؤَةَ وَ یَقُدَّهَا نِصْفَیْنِ فَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفاً فَانْظُرْ یَا یَزِیدُ كَیْفَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یُدْخِلْ عَلَی أَحَدِهِمَا أَلَمَ تَرْجِیحِ الْكِتَابَةِ وَ لَمْ یُرِدْ كَسْرَ قَلْبِهِمَا وَ كَذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَاطِمَةُ علیهما السلام وَ كَذَلِكَ رَبُّ الْعِزَّةِ لَمْ یُرِدْ كَسْرَ قَلْبِ أَحَدِهِمَا بَلْ أَمَرَ مَنْ قَسَمَ اللُّؤْلُؤَةَ بَیْنَهُمَا لِجَبْرِ قَلْبِهِمَا وَ أَنْتَ هَكَذَا تَفْعَلُ بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ أُفٍّ لَكَ وَ لِدِینِكَ یَا یَزِیدُ ثُمَّ إِنَّ النَّصْرَانِیَّ نَهَضَ إِلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ احْتَضَنَهُ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُهُ وَ هُوَ یَبْكِی وَ یَقُولُ یَا حُسَیْنُ اشْهَدْ لِی عِنْدَ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی وَ عِنْدَ أَبِیكَ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی وَ عِنْدَ أُمِّكَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ.

قَالَ وَ رُوِیَ مِنْ طَرِیقِ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام: أَنَّهُ لَمَّا اسْتُشْهِدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بَقِیَ فِی كَرْبَلَاءَ صَرِیعاً وَ دَمُهُ عَلَی الْأَرْضِ مَسْفُوحاً وَ إِذَا بِطَائِرٍ أَبْیَضَ قَدْ أَتَی وَ تَمَسَّحَ بِدَمِهِ وَ جَاءَ وَ الدَّمُ یَقْطُرُ مِنْهُ فَرَأَی طُیُوراً تَحْتَ الظِّلَالِ عَلَی الْغُصُونِ وَ الْأَشْجَارِ وَ كُلٌّ مِنْهُمْ یَذْكُرُ الْحَبَّ وَ الْعَلَفَ وَ الْمَاءَ فَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ الطَّیْرُ الْمُتَلَطِّخُ بِالدَّمِ یَا وَیْلَكُمْ أَ تَشْتَغِلُونَ بِالْمَلَاهِی وَ ذِكْرِ الدُّنْیَا وَ الْمَنَاهِی وَ الْحُسَیْنُ فِی أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِی هَذَا الْحَرِّ مُلْقًی عَلَی الرَّمْضَاءِ ظَامِئٌ مَذْبُوحٌ وَ دَمُهُ مَسْفُوحٌ فَعَادَتِ الطُّیُورُ كُلٌّ مِنْهُمْ قَاصِداً كَرْبَلَاءَ فَرَأَوْا سَیِّدَنَا الْحُسَیْنَ علیه السلام مُلْقًی فِی الْأَرْضِ جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ وَ لَا غُسْلٍ وَ لَا كَفَنٍ قَدْ سَفَتْ عَلَیْهِ السَّوَافِی وَ بَدَنُهُ مَرْضُوضٌ قَدْ هَشَّمَتْهُ الْخَیْلُ بِحَوَافِرِهَا زُوَّارُهُ وُحُوشُ الْقِفَارِ وَ نَدَبَتُهُ جِنُّ السُّهُولِ وَ الْأَوْعَارِ قَدْ أَضَاءَ التُّرَابُ مِنْ أَنْوَارِهِ وَ أَزْهَرَ الْجَوُّ مِنْ أَزْهَارِهِ.

ص: 191

فَلَمَّا رَأَتْهُ الطُّیُورُ تَصَایَحْنَ وَ أَعْلَنَّ بِالْبُكَاءِ وَ الثُّبُورِ وَ تَوَاقَعْنَ عَلَی دَمِهِ یَتَمَرَّغْنَ فِیهِ وَ طَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَی نَاحِیَةٍ یُعْلِمُ أَهْلَهَا عَنْ قَتْلِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ طَیْراً مِنْ هَذِهِ الطُّیُورِ قَصَدَ مَدِینَةَ الرَّسُولِ وَ جَاءَ یُرَفْرِفُ وَ الدَّمُ یَتَقَاطَرُ مِنْ أَجْنِحَتِهِ وَ دَارَ حَوْلَ قَبْرِ سَیِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ یُعْلِنُ بِالنِّدَاءِ أَلَا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بِكَرْبَلَاءَ أَلَا ذُبِحَ الْحُسَیْنُ بِكَرْبَلَاءَ فَاجْتَمَعَتِ الطُّیُورُ عَلَیْهِ وَ هُمْ یَبْكُونَ عَلَیْهِ وَ یَنُوحُونَ- فَلَمَّا نَظَرَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ مِنَ الطُّیُورِ ذَلِكَ النَّوْحَ وَ شَاهَدُوا الدَّمَ یَتَقَاطَرُ مِنَ الطَّیْرِ لَمْ یَعْلَمُوا مَا الْخَبَرُ حَتَّی انْقَضَتْ مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ وَ جَاءَ خَبَرُ مَقْتَلِ الْحُسَیْنِ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ الطَّیْرَ كَانَ یُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ بِقَتْلِ ابْنِ فَاطِمَةَ الْبَتُولِ وَ قُرَّةِ عَیْنِ الرَّسُولِ وَ قَدْ نُقِلَ أَنَّهُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ الَّذِی جَاءَ فِیهِ الطَّیْرُ إِلَی الْمَدِینَةِ كَانَ فِی الْمَدِینَةِ رَجُلٌ یَهُودِیٌّ وَ لَهُ بِنْتٌ عَمْیَاءُ زَمْنَاءُ طَرْشَاءُ(1) مَشْلُولَةٌ وَ الْجُذَامُ قَدْ أَحَاطَ بِبَدَنِهَا فَجَاءَ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَ الدَّمُ یَتَقَاطَرُ مِنْهُ وَ وَقَعَ عَلَی شَجَرَةٍ یَبْكِی طُولَ لَیْلَتِهِ وَ كَانَ الْیَهُودِیُّ قَدْ أَخْرَجَ ابْنَتَهُ تِلْكَ الْمَرِیضَةَ إِلَی خَارِجِ الْمَدِینَةِ إِلَی بُسْتَانٍ وَ تَرَكَهَا فِی الْبُسْتَانِ الَّذِی جَاءَ الطَّیْرُ وَ وَقَعَ فِیهِ فَمِنَ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ أَنَّ تِلْكَ اللَّیْلَةَ عَرَضَ لِلْیَهُودِیِّ عَارِضٌ فَدَخَلَ الْمَدِینَةَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ فَلَمْ یَقْدِرْ أَنْ یَخْرُجَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ إِلَی الْبُسْتَانِ الَّتِی فِیهَا ابْنَتُهُ الْمَعْلُولَةُ وَ الْبِنْتُ لَمَّا نَظَرَتْ أَبَاهَا لَمْ یَأْتِهَا تِلْكَ اللَّیْلَةَ لَمْ یَأْتِهَا نَوْمٌ لِوَحْدَتِهَا لِأَنَّ أَبَاهَا كَانَ یُحَدِّثُهَا وَ یُسَلِّیهَا حَتَّی تَنَامَ فَسَمِعَتْ عِنْدَ السَّحَرِ بُكَاءَ الطَّیْرِ وَ حَنِینَهُ فَبَقِیَتْ تَتَقَلَّبُ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَی أَنْ صَارَتْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الَّتِی عَلَیْهَا الطَّیْرُ فَصَارَتْ كُلَّمَا حَنَّ ذَلِكَ الطَّیْرُ تُجَاوِبُهُ مِنْ قَلْبٍ مَحْزُونٍ فَبَیْنَمَا هِیَ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعَ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ فَوَقَعَتْ عَلَی عَیْنِهَا فَفُتِحَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ أُخْرَی عَلَی عَیْنِهَا الْأُخْرَی فَبَرَأَتْ ثُمَّ قَطْرَةٌ عَلَی یَدَیْهَا فَعُوفِیَتْ ثُمَّ عَلَی رِجْلَیْهَا فَبَرَأَتْ وَ عَادَتْ كُلَّمَا قَطَرَتْ قَطْرَةٌ مِنَ الدَّمِ تُلَطِّخُ بِهِ جَسَدَهَا فَعُوفِیَتْ مِنْ جَمِیعِ مَرَضِهَا مِنْ بَرَكَاتِ دَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام

ص: 192


1- 1. مؤنث أطرش، و هو الأصمّ الذی تعطلت آلات سمعه.

فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَقْبَلَ أَبُوهَا إِلَی الْبُسْتَانِ فَرَأَی بِنْتاً تَدُورُ وَ لَمْ یَعْلَمْ أَنَّهَا ابْنَتُهُ فَسَأَلَهَا أَنَّهُ كَانَ لِی فِی الْبُسْتَانِ ابْنَةٌ عَلِیلَةٌ لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَتَحَرَّكَ فَقَالَتِ ابْنَتُهُ وَ اللَّهِ أَنَا ابْنَتُكَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهَا وَقَعَ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَامَ عَلَی قَدَمَیْهِ فَأَتَتْ بِهِ إِلَی ذَلِكَ الطَّیْرِ فَرَآهَا وَاكِراً عَلَی الشَّجَرَةِ یَئِنُّ مِنْ قَلْبٍ حَزِینٍ مُحْتَرِقٍ مِمَّا رَأَی مِمَّا فُعِلَ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام.

فَقَالَ لَهُ الْیَهُودِیُّ أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ بِالَّذِی خَلَقَكَ أَیُّهَا الطَّیْرُ أَنْ تُكَلِّمَنِی بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَی فَنَطَقَ الطَّیْرُ مُسْتَعْبِراً ثُمَّ قَالَ إِنِّی كُنْتُ وَاكِراً عَلَی بَعْضِ الْأَشْجَارِ مَعَ جُمْلَةِ الطُّیُورِ عِنْدَ الظَّهِیرَةِ وَ إِذَا بِطَیْرٍ سَاقِطٍ عَلَیْنَا وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا الطُّیُورُ تَأْكُلُونَ وَ تَتَنَعَّمُونَ وَ الْحُسَیْنُ فِی أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فِی هَذَا الْحَرِّ عَلَی الرَّمْضَاءِ طَرِیحاً ظَامِئاً وَ النَّحْرُ دَامٍ وَ رَأْسُهُ مَقْطُوعٌ عَلَی الرُّمْحِ مَرْفُوعٌ وَ نِسَاؤُهُ سَبَایَا حُفَاةٌ عَرَایَا فَلَمَّا سَمِعْنَ بِذَلِكَ تَطَایَرْنَ إِلَی كَرْبَلَاءَ فَرَأَیْنَاهُ فِی ذَلِكَ الْوَادِی طَرِیحاً الْغُسْلُ مِنْ دَمِهِ وَ الْكَفَنُ الرَّمْلُ السَّافِی عَلَیْهِ فَوَقَعْنَا كُلُّنَا عَلَیْهِ نَنُوحُ وَ نَتَمَرَّغُ بِدَمِهِ الشَّرِیفِ وَ كَانَ كُلٌّ مِنَّا طَارَ إِلَی نَاحِیَةٍ فَوَقَعْتُ أَنَا فِی هَذَا الْمَكَانِ فَلَمَّا سَمِعَ الْیَهُودِیُّ ذَلِكَ تَعَجَّبَ وَ قَالَ لَوْ لَمْ یَكُنِ الْحُسَیْنُ ذَا قَدْرٍ رَفِیعٍ عِنْدَ اللَّهِ مَا كَانَ دَمُهُ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْیَهُودِیُّ وَ أَسْلَمَتِ الْبِنْتُ وَ أَسْلَمَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ قَوْمِهِ.

وَ قَالَ: حُكِیَ عَنْ رَجُلٍ أَسَدِیٍّ قَالَ: كُنْتُ زَارِعاً عَلَی نَهَرِ الْعَلْقَمِیِّ بَعْدَ ارْتِحَالِ الْعَسْكَرِ عَسْكَرِ بَنِی أُمَیَّةَ فَرَأَیْتُ عَجَائِبَ لَا أَقْدِرُ أَحْكِی إِلَّا بَعْضَهَا مِنْهَا أَنَّهُ إِذَا هَبَّتِ الرِّیَاحُ تَمُرُّ عَلَیَّ نَفَحَاتٌ كَنَفَحَاتِ الْمِسْكِ وَ الْعَنْبَرِ إِذَا سَكَنَتْ أَرَی نُجُوماً تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ وَ یَرْقَی مِنَ الْأَرْضِ إِلَی السَّمَاءِ مِثْلُهَا وَ أَنَا مُنْفَرِدٌ مَعَ عِیَالِی وَ لَا أَرَی أَحَداً أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ وَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ یُقْبِلُ أَسَدٌ مِنَ الْقِبْلَةِ فَأُوَلِّی عَنْهُ إِلَی مَنْزِلِی فَإِذَا أَصْبَحَ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ ذَهَبْتُ مِنْ مَنْزِلِی أَرَاهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ذَاهِباً فَقُلْتُ فِی نَفْسِی إِنَّ هَؤُلَاءِ خَوَارِجُ قَدْ خَرَجُوا عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَ أَرَی مِنْهُمْ مَا لَمْ أَرَهُ مِنْ سَائِرِ الْقَتْلَی فَوَ اللَّهِ هَذِهِ اللَّیْلَةُ لَا بُدَّ مِنَ الْمُسَاهَرَةِ لِأُبْصِرَ هَذَا

ص: 193

الْأَسَدَ یَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْجُثُثِ أَمْ لَا فَلَمَّا صَارَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَ إِذَا بِهِ أَقْبَلَ فَحَقَّقْتُهُ وَ إِذَا هُوَ هَائِلُ الْمَنْظَرِ فَارْتَعَدْتُ مِنْهُ وَ خَطَرَ بِبَالِی إِنْ كَانَ مُرَادُهُ لُحُومَ بَنِی آدَمَ فَهُوَ یَقْصِدُنِی وَ أَنَا أُحَاكِی نَفْسِی بِهَذَا فَمَثَّلْتُهُ وَ هُوَ یَتَخَطَّی الْقَتْلَی حَتَّی وَقَفَ عَلَی جَسَدٍ كَأَنَّهُ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ فَبَرَكَ عَلَیْهِ فَقُلْتُ یَأْكُلُ مِنْهُ وَ إِذَا بِهِ یُمَرِّغُ وَجْهَهُ عَلَیْهِ وَ هُوَ یُهَمْهِمُ وَ یُدَمْدِمُ فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ مَا هَذِهِ إِلَّا أُعْجُوبَةٌ فَجَعَلْتُ أَحْرُسُهُ حَتَّی اعْتَكَرَ الظَّلَامُ (1)

وَ إِذَا بِشُمُوعٍ مُعَلَّقَةٍ مَلَأَتِ الْأَرْضَ وَ إِذَا بِبُكَاءٍ وَ نَحِیبٍ وَ لَطْمٍ مُفْجِعٍ فَقَصَدْتُ تِلْكَ الْأَصْوَاتِ فَإِذَا هِیَ تَحْتَ الْأَرْضِ فَفَهِمْتُ مِنْ نَاعٍ فِیهِمْ یَقُولُ وَا حُسَیْنَاهْ وَا إِمَامَاهْ فَاقْشَعَرَّ جِلْدِی فَقَرُبْتُ مِنَ الْبَاكِی وَ أَقْسَمْتُ عَلَیْهِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ مَنْ تَكُونُ فَقَالَ إِنَّا نِسَاءٌ مِنَ الْجِنِّ فَقُلْتُ وَ مَا شَأْنُكُنَّ فَقُلْنَ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ هَذَا عَزَاؤُنَا عَلَی الْحُسَیْنِ الذَّبِیحِ الْعَطْشَانِ فَقُلْتُ هَذَا الْحُسَیْنُ الَّذِی یَجْلِسُ عِنْدَهُ الْأَسَدُ قُلْنَ نَعَمْ أَ تَعْرِفُ هَذَا الْأَسَدَ قُلْتُ لَا قُلْنَ هَذَا أَبُوهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَرَجَعْتُ وَ دُمُوعِی تَجْرِی عَلَی خَدِّی (2).

قَالَ وَ نُقِلَ: أَنَّ سُكَیْنَةَ بِنْتَ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَتْ: یَا یَزِیدُ رَأَیْتُ الْبَارِحَةَ رُؤْیَا إِنْ سَمِعْتَهَا مِنِّی قَصَصْتُهَا عَلَیْكَ فَقَالَ یَزِیدُ هَاتِی مَا رَأَیْتِی قَالَتْ بَیْنَمَا أَنَا سَاهِرَةٌ وَ قَدْ كَلَلْتُ مِنَ الْبُكَاءِ بَعْدَ أَنْ صَلَّیْتُ وَ دَعَوْتُ اللَّهَ بِدَعَوَاتٍ فَلَمَّا رَقَدَتْ عَیْنِی رَأَیْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ قَدْ تَفَتَّحَتْ وَ إِذَا أَنَا بِنُورٍ سَاطِعٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْأَرْضِ وَ إِذَا

ص: 194


1- 1. اعتكر الظلام: ای اختلط كأنّه كر بعضه علی بعض من بطء انجلائه.
2- 2. هذه كلها قصة مسرودة منثورة، و كل قاص انما یسرد و ینثر علی حسب ما یراه فی نفسه عظیما مؤثرا، و هذا الرجل الذی یقص هذه الاقاصیص، قد صور عظمة الامام علی ابن أبی طالب بصورة أسد یجیی ء لنوح الحسین علیه السلام، و لا بأس بنقلها بعد العلم بكونها قصة مسرودة، كما أن المصنّف رحمه اللّٰه انما ینقل أمثال هذه الروایات القصصیة لترویح النفوس.

أَنَا بِوَصَائِفَ مِنْ وَصَائِفِ الْجَنَّةِ وَ إِذَا أَنَا بِرَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ فِی تِلْكَ الرَّوْضَةِ قَصْرٌ وَ إِذَا أَنَا بِخَمْسِ مَشَایِخَ یَدْخُلُونَ إِلَی ذَلِكَ الْقَصْرِ وَ عِنْدَهُمْ وَصِیفٌ فَقُلْتُ یَا وَصِیفُ أَخْبِرْنِی لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ فَقَالَ هَذَا لِأَبِیكِ الْحُسَیْنِ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَی ثَوَاباً لِصَبْرِهِ فَقُلْتُ وَ مَنْ هَذِهِ الْمَشَایِخُ فَقَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَآدَمُ أَبُو الْبَشَرِ وَ أَمَّا الثَّانِی فَنُوحٌ نَبِیُّ اللَّهِ وَ أَمَّا الثَّالِثُ فَإِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ وَ أَمَّا الرَّابِعُ فَمُوسَی الْكَلِیمُ فَقُلْتُ لَهُ وَ مَنِ الْخَامِسُ الَّذِی أَرَاهُ قَابِضاً عَلَی لِحْیَتِهِ بَاكِیاً حَزِیناً مِنْ بَیْنِهِمْ فَقَالَ لِی یَا سُكَیْنَةُ أَ مَا تعرفه [تَعْرِفِینَهُ] فَقُلْتُ لَا فَقَالَ هَذَا جَدُّكِ رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ إِلَی أَیْنَ یُرِیدُونَ فَقَالَ إِلَی أَبِیكِ الْحُسَیْنِ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَلْحَقَنَّ جَدِّی وَ أُخْبِرَنَّهُ بِمَا جَرَی عَلَیْنَا فَسَبَقَنِی وَ لَمْ أَلْحَقْهُ فَبَیْنَمَا أَنَا مُتَفَكِّرَةٌ وَ إِذَا بِجَدِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ بِیَدِهِ سَیْفُهُ وَ هُوَ وَاقِفٌ فَنَادَیْتُهُ یَا جَدَّاهْ قُتِلَ وَ اللَّهِ ابْنُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَبَكَی وَ ضَمَّنِی إِلَی صَدْرِهِ وَ قَالَ یَا بُنَیَّةِ صَبْراً وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ثُمَّ إِنَّهُ مَضَی وَ لَمْ أَعْلَمْ إِلَی أَیْنَ فَبَقِیتُ مُتَعَجِّبَةً كَیْفَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ فَبَیْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا بِبَابٍ قَدْ فُتِحَ مِنَ السَّمَاءِ وَ إِذَا بِالْمَلَائِكَةِ یَصْعَدُونَ وَ یَنْزِلُونَ عَلَی رَأْسِ أَبِی قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ یَزِیدُ ذَلِكَ لَطَمَ عَلَی وَجْهِهِ وَ بَكَی وَ قَالَ مَا لِی وَ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ: وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی أَنَّ سُكَیْنَةَ قَالَتْ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیَّ رَجُلٌ دُرِّیُّ اللَّوْنِ قَمَرِیُّ الْوَجْهِ حَزِینُ الْقَلْبِ فَقُلْتُ لِلْوَصِیفِ مَنْ هَذَا فَقَالَ جَدُّكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ قُلْتُ لَهُ یَا جَدَّاهْ قُتِلَتْ وَ اللَّهِ رِجَالُنَا وَ سُفِكَتْ وَ اللَّهِ دِمَاؤُنَا

وَ هُتِكَتْ وَ اللَّهِ حَرِیمُنَا وَ حُمِلْنَا عَلَی الْأَقْتَابِ مِنْ غَیْرِ وِطَاءٍ نُسَاقُ إِلَی یَزِیدَ فَأَخَذَنِی إِلَیْهِ وَ ضَمَّنِی إِلَی صَدْرِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی آدَمَ وَ نُوحٍ وَ إِبْرَاهِیمَ وَ مُوسَی ثُمَّ قَالَ لَهُمْ مَا تَرَوْنَ إِلَی مَا صَنَعَتْ أُمَّتِی بِوَلَدِی مِنْ بَعْدِی ثُمَّ قَالَ الْوَصِیفُ یَا سُكَیْنَةُ اخْفِضِی صَوْتَكِ فَقَدْ أَبْكَیْتِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ أَخَذَ الْوَصِیفُ بِیَدِی فَأَدْخَلَنِی الْقَصْرَ وَ إِذَا بِخَمْسِ نِسْوَةٍ قَدْ عَظَّمَ اللَّهُ خِلْقَتَهُنَّ وَ زَادَ فِی نُورِهِنَّ وَ بَیْنَهُنَّ امْرَأَةٌ عَظِیمَةُ الْخِلْقَةِ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا وَ عَلَیْهَا ثِیَابٌ سُودٌ

ص: 195

وَ بِیَدِهَا قَمِیصٌ مُضَمَّخٌ بِالدَّمِ وَ إِذَا قَامَتْ یَقُمْنَ مَعَهَا وَ إِذَا جَلَسَتْ یَجْلِسْنَ مَعَهَا فَقُلْتُ لِلْوَصِیفِ مَا هَؤُلَاءِ النِّسْوَةُ اللَّاتِی قَدْ عَظَّمَ اللَّهُ خِلْقَتَهُنَّ فَقَالَ یَا سُكَیْنَةُ هَذِهِ حَوَّاءُ أُمُّ الْبَشَرِ وَ هَذِهِ مَرْیَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَ هَذِهِ خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ وَ هَذِهِ هَاجَرُ وَ هَذِهِ سَارَةُ وَ هَذِهِ الَّتِی بِیَدِهَا الْقَمِیصُ الْمُضَمَّخُ وَ إِذَا قَامَتْ یَقُمْنَ مَعَهَا وَ إِذَا جَلَسَتْ یَجْلِسْنَ مَعَهَا هِیَ جَدَّتُكِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ فَدَنَوْتُ مِنْهَا وَ قُلْتُ لَهَا یَا جَدَّتَاهْ قُتِلَ وَ اللَّهِ أَبِی وَ أُوتِمْتُ عَلَی صِغَرِ سِنِّی فَضَمَّتْنِی إِلَی صَدْرِهَا وَ بَكَتْ شَدِیداً وَ بَكَیْنَ النِّسَاءُ كُلُّهُنَّ وَ قُلْنَ لَهَا یَا فَاطِمَةُ یَحْكُمُ اللَّهُ بَیْنَكِ وَ بَیْنَ یَزِیدَ یَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ ثُمَّ إِنَّ یَزِیدَ تَرَكَهَا وَ لَمْ یَعْبَأْ بِقَوْلِهَا.

«3»- قَالَ: وَ نُقِلَ عَنْ هِنْدٍ زَوْجَةِ یَزِیدَ قَالَتْ: كُنْتُ أَخَذْتُ مَضْجَعِی فَرَأَیْتُ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ وَ قَدْ فُتِحَتْ وَ الْمَلَائِكَةُ یَنْزِلُونَ كَتَائِبَ كَتَائِبَ إِلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ وَ هُمْ یَقُولُونَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَبَیْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ نَظَرْتُ إِلَی سَحَابَةٍ قَدْ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَ فِیهَا رِجَالٌ كَثِیرُونَ وَ فِیهِمْ رَجُلٌ دُرِّیُّ اللَّوْنِ قَمَرِیُّ الْوَجْهِ فَأَقْبَلَ یَسْعَی حَتَّی انْكَبَّ عَلَی ثَنَایَا الْحُسَیْنِ یُقَبِّلُهُمَا وَ هُوَ یَقُولُ یَا وَلَدِی قَتَلُوكَ أَ تَرَاهُمْ مَا عَرَفُوكَ وَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ مَنَعُوكَ یَا وَلَدِی أَنَا جَدُّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ هَذَا أَبُوكَ عَلِیٌّ الْمُرْتَضَی وَ هَذَا أَخُوكَ الْحَسَنُ وَ هَذَا عَمُّكَ جَعْفَرٌ وَ هَذَا عَقِیلٌ وَ هَذَانِ حَمْزَةُ وَ الْعَبَّاسُ ثُمَّ جَعَلَ یُعَدِّدُ أَهْلَ بَیْتِهِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ قَالَتْ هِنْدٌ فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِی فَزِعَةً مَرْعُوبَةً وَ إِذَا بِنُورٍ قَدِ انْتَشَرَ عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ فَجَعَلْتُ أَطْلُبُ یَزِیدَ وَ هُوَ قَدْ دَخَلَ إِلَی بَیْتٍ مُظْلِمٍ وَ قَدْ دَارَ وَجْهَهُ إِلَی الْحَائِطِ وَ هُوَ یَقُولُ مَا لِی وَ لِلْحُسَیْنِ وَ قَدْ وَقَعَتْ عَلَیْهِ الْهُمُومَاتُ فَقَصَصْتُ عَلَیْهِ الْمَنَامَ وَ هُوَ مُنَكِّسُ الرَّأْسِ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اسْتَدْعَی بِحَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُنَّ أَیُّمَا أَحَبُّ إِلَیْكُنَّ الْمُقَامُ عِنْدِی أَوِ الرُّجُوعُ إِلَی الْمَدِینَةِ وَ لَكُمُ الْجَائِزَةُ السَّنِیَّةُ قَالُوا نُحِبُّ أَوَّلًا أَنْ نَنُوحَ عَلَی الْحُسَیْنِ قَالَ افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ ثُمَّ أُخْلِیَتْ لَهُنَّ الْحُجَرُ وَ الْبُیُوتُ فِی دِمَشْقَ وَ لَمْ تَبْقَ هَاشِمِیَّةٌ وَ لَا قُرَشِیَّةٌ إِلَّا وَ لَبِسَتِ السَّوَادَ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ نَدَبُوهُ عَلَی مَا نُقِلَ سَبْعَةَ أَیَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّامِنُ دَعَاهُنَّ یَزِیدُ وَ عَرَضَ عَلَیْهِنَّ الُمَقَامَ

ص: 196

فَأَبَیْنَ وَ أَرَادُوا الرُّجُوعَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَحْضَرَ لَهُمُ الْمَحَامِلَ وَ زَیَّنَهَا وَ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ الْإِبْرِیسَمِ وَ صَبَّ عَلَیْهَا الْأَمْوَالَ وَ قَالَ یَا أُمَّ كُلْثُومٍ خُذُوا هَذَا الْمَالَ عِوَضَ مَا أَصَابَكُمْ فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ یَا یَزِیدُ مَا أَقَلَّ حَیَاءَكَ وَ أَصْلَبَ وَجْهَكَ تَقْتُلُ أَخِی وَ أَهْلَ بَیْتِی وَ تُعْطِینِی عِوَضَهُمْ؟

ثُمَّ قَالَ: وَ أَمَّا أُمُّ كُلْثُومٍ فَحِینَ تَوَجَّهَتْ إِلَی الْمَدِینَةِ جَعَلَتْ تَبْكِی وَ تَقُولُ:

مَدِینَةَ جَدِّنَا لَا تَقْبَلِینَا***فَبِالْحَسَرَاتِ وَ الْأَحْزَانِ جِئْنَا

أَلَا فَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ عَنَّا***بِأَنَّا قَدْ فُجِعْنَا فِی أَبِینَا

وَ أَنَّ رِجَالَنَا بِالطَّفِّ صَرْعَی***بِلَا رُؤْسٍ وَ قَدْ ذَبَحُوا الْبَنِینَا

وَ أَخْبِرْ جَدَّنَا أَنَّا أُسِرْنَا***وَ بَعْدَ الْأَسْرِ یَا جَدَّا سُبِینَا

وَ رَهْطُكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْحَوْا***عَرَایَا بِالطُّفُوفِ مُسَلَّبِینَا

وَ قَدْ ذَبَحُوا الْحُسَیْنَ وَ لَمْ یُرَاعُوا***جَنَابَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فِینَا

فَلَوْ نَظَرَتْ عُیُونُكَ لِلْأُسَارَی***عَلَی أَقْتَابِ الْجِمَالِ مُحَمَّلِینَا

رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ الصَّوْنِ صَارَتْ***عُیُونُ النَّاسِ نَاظِرَةً إِلَیْنَا

وَ كُنْتَ تَحُوطُنَا حَتَّی تَوَلَّتْ***عُیُونُكَ ثَارَتِ الْأَعْدَا عَلَیْنَا

أَ فَاطِمُ لَوْ نَظَرْتِ إِلَی السَّبَایَا***بَنَاتِكَ فِی الْبِلَادِ مُشَتَّتِینَا

أَ فَاطِمُ لَوْ نَظَرْتِ إِلَی الْحَیَارَی***وَ لَوْ أَبْصَرْتِ زَیْنَ الْعَابِدِینَا

أَ فَاطِمُ لَوْ رَأَیْتِینَا سَهَارَی***وَ مِنْ سَهَرِ اللَّیَالِی قَدْ عَمِینَا

أَ فَاطِمُ مَا لَقِیتِی مِنْ عِدَاكِی***وَ لَا قِیرَاطَ مِمَّا قَدْ لَقِینَا

فَلَوْ دَامَتْ حَیَاتُكِ لَمْ تَزَالِی***إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ تَنْدُبِینَا

وَ عَرِّجْ بِالْبَقِیعِ وَ قِفْ وَ نَادِ***أَیَا ابْنَ حَبِیبِ رَبِّ الْعَالَمِینَا

وَ قُلْ یَا عَمِّ یَا حَسَنَ الْمُزَكَّی***عِیَالُ أَخِیكَ أَضْحَوْا ضَائِعِینَا

أَیَا عَمَّاهْ إِنَّ أَخَاكَ أَضْحَی***بَعِیداً عَنْك بِالرَّمْضَا رَهِیناً

بِلَا رَأْسٍ تَنُوحُ عَلَیْهِ جَهْراً***طُیُورٌ وَ الْوُحُوشُ الْمُوحِشِینَا

وَ لَوْ عَایَنْتَ یَا مَوْلَایَ سَاقُوا***حَرِیماً لَا یَجِدْنَ لَهُمْ مُعِیناً

ص: 197

عَلَی مَتْنِ النِّیَاقِ بِلَا وِطَاءٍ***وَ شَاهَدْتَ الْعِیَالَ مُكَشَّفِینَا

مَدِینَةَ جَدِّنَا لَا تَقْبَلِینَا***فَبِالْحَسَرَاتِ وَ الْأَحْزَانِ جِئْنَا

خَرَجْنَا مِنْكِ بِالْأَهْلِینَ جَمْعاً***رَجَعْنَا لَا رِجَالَ وَ لَا بَنِینَا

وَ كُنَّا فِی الْخُرُوجِ بِجَمْعِ شَمْلٍ***رَجَعْنَا حَاسِرِینَ مُسَلَّبِینَا

وَ كُنَّا فِی أَمَانِ اللَّهِ جَهْراً***رَجَعْنَا بِالْقَطِیعَةِ خَائِفِینَا

وَ مَوْلَانَا الْحُسَیْنُ لَنَا أَنِیسٌ***رَجَعْنَا وَ الْحُسَیْنُ بِهِ رَهِینَا

فَنَحْنُ الضَّائِعَاتُ بِلَا كَفِیلٍ***وَ نَحْنُ النَّائِحَاتُ عَلَی أَخِینَا

وَ نَحْنُ السَّائِرَاتُ عَلَی الْمَطَایَا***نُشَالُ عَلَی جِمَالِ الْمُبْغِضِینَا

وَ نَحْنُ بَنَاتُ یس وَ طه***وَ نَحْنُ الْبَاكِیَاتُ عَلَی أَبِینَا

وَ نَحْنُ الطَّاهِرَاتُ بِلَا خَفَاءٍ***وَ نَحْنُ الْمُخْلَونَ الْمُصْطَفَوْنَا

وَ نَحْنُ الصَّابِرَاتُ عَلَی الْبَلَایَا***وَ نَحْنُ الصَّادِقُونَ النَّاصِحُونَا

أَلَا یَا جَدَّنَا قَتَلُوا حُسَیْناً***وَ لَمْ یَرْعَوْا جَنَابَ اللَّهِ فِینَا

أَلَا یَا جَدَّنَا بَلَغَتْ عِدَانَا***مُنَاهَا وَ اشْتَفَی الْأَعْدَاءُ فِینَا

لَقَدْ هَتَكُوا النِّسَاءَ وَ حَمَّلُوهَا***عَلَی الْأَقْتَابِ قَهْراً أَجْمَعِینَا

وَ زَیْنَبُ أَخْرَجُوهَا مِنْ خِبَاهَا***وَ فَاطِمُ وَالِهٌ تُبْدِی الْأَنِینَا

سُكَیْنَةُ تَشْتَكِی مِنْ حَرِّ وَجْدٍ***تُنَادِی الْغَوْثَ رَبَّ الْعَالَمِینَا

وَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ بِقَیْدِ ذُلٍ***وَ رَامُوا قَتْلَهُ أَهْلُ الْخَئُونَا

فَبَعْدَهُمُ عَلَی الدُّنْیَا تُرَابٌ***فَكَأْسُ الْمَوْتِ فِیهَا قَدْ سُقِینَا

وَ هَذِی قِصَّتِی مَعَ شَرْحِ حَالِی***أَلَا یَا سَامِعُونَ ابْكُوا عَلَیْنَا

قَالَ الرَّاوِی وَ أَمَّا زَیْنَبُ فَأَخَذَتْ بِعِضَادَتَیْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ نَادَتْ یَا جَدَّاهْ إِنِّی نَاعِیَةٌ إِلَیْكَ أَخِیَ الْحُسَیْنَ وَ هِیَ مَعَ ذَلِكَ لَا تَجِفُّ لَهَا عَبْرَةٌ وَ لَا تَفْتُرُ مِنَ الْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ كُلَّمَا نَظَرَتْ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ تَجَدَّدَ حُزْنُهَا وَ زَادَ وَجْدُهَا.

«38»- یف، [الطرائف] مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَی سَهْلٍ قَالَ: قالت [سَمِعْتُ] أُمَّ سَلَمَةَ

ص: 198

زَوْجَةَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ جَاءَهَا نَعْیُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ لَعَنَتْ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَ قَالَتْ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ غَرُّوهُ وَ أَذَلُّوهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَإِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ علیها السلام عَشِیَّةً بِبُرْمَةٍ قَدْ صَنَعَتْ فِیهَا عَصِیدَةً(1) تَحْمِلُهَا فِی طَبَقٍ حَتَّی وَضَعَتْهَا بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهَا أَیْنَ ابْنُ عَمِّكِ قَالَتْ هُوَ فِی الْبَیْتِ قَالَ اذْهَبِی فَادْعِیهِ وَ ائْتِینِی بِابْنَیْهِ قَالَتْ وَ جَاءَتْ تَقُودُ ابْنَیْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِیَدٍ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یَمْشِی بِأَثَرِهَا حَتَّی دَخَلُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَجْلَسَهُمَا فِی حَجْرِهِ وَ جَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ یَمِینِهِ وَ جَلَسَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام عَنْ یَسَارِهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَاجْتَذَبَ مِنْ تَحْتِی كِسَاءً خَیْبَرِیّاً كَانَ بِسَاطاً لَنَا فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخَذَ طَرَفَیِ الْكِسَاءِ وَ أَلْوَی بِیَدِهِ الْیُمْنَی إِلَی رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَیْتِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَسْتُ مِنْ أَهْلِكَ قَالَ بَلَی قَالَتْ فَأَدْخَلَنِی فِی الْكِسَاءِ بَعْدَ مَا قَضَی دُعَاءَهُ لِابْنِ عَمِّهِ عَلِیٍّ وَ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ وَ ابْنَیْهِمَا(2).

«39»- أَقُولُ رَوَی شَارِحُ دِیوَانِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ هِشَامٍ الْكَلْبِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ: أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام سَمِعُوا صَوْتَ هَاتِفٍ مِنَ السَّمَاءِ یَقُولُ:

أَیُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَیْناً***أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِیلِ

كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ یَدْعُو عَلَیْكُمْ***مِنْ نَبِیٍّ وَ مُرْسَلٍ وَ قَتِیلٍ

قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَی لِسَانِ بْنِ دَاوُدَ***وَ مُوسَی وَ صَاحِبِ الْإِنْجِیلِ

«40»- وَ وَجَدْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ نَقْلًا مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ قُدِّسَ سِرُّهُ قَالَ: لَمَّا جِی ءَ بِرُءُوسِ الشُّهَدَاءِ وَ السَّبَایَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام أَنْشَدَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ:

لَمَّا بَدَتْ تِلْكَ الرُّءُوسُ وَ أَشْرَقَتْ***تِلْكَ الشَّمُوسُ عَلَی رُبَی جَیْرُونِ (3)

صَاحَ الْغُرَابُ فَقُلْتُ صِحْ أَوْ لَا تَصِحْ***فَلَقَدْ قَضَیْتُ مِنَ النَّبِیِّ دُیُونِی

ص: 199


1- 1. البرمة: القدر من الحجر، و العصیدة: دقیق یلت بالسمن و یطبخ.
2- 2. الطرائف: 30.
3- 3. باب من أبواب دمشق.

«41»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، وَ رُوِیَ: أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ هَمَّ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَوَقَّفَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ یُكَلِّمُهُ لِیَسْتَنْطِقَهُ بِكَلِمَةٍ یُوجِبُ بِهَا قَتْلَهُ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یُجِیبُهُ حَسَبَ مَا یُكَلِّمُهُ وَ فِی یَدِهِ سُبْحَةٌ صَغِیرَةٌ یُدِیرُهَا بِأَصَابِعِهِ وَ هُوَ یَتَكَلَّمُ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ أُكَلِّمُكَ وَ أَنْتَ تُجِیبُنِی وَ تُدِیرُ أَصَابِعَكَ بِسُبْحَةٍ فِی یَدِكَ فَكَیْفَ یَجُوزُ ذَلِكَ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّی الْغَدَاةَ وَ انْفَتَلَ- لَا یَتَكَلَّمُ حَتَّی یَأْخُذَ سُبْحَةً بَیْنَ یَدَیْهِ فَیَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَصْبَحْتُ أُسَبِّحُكَ وَ أُمَجِّدُكَ وَ أُحَمِّدُكَ وَ أُهَلِّلُكَ بِعَدَدِ مَا أُدِیرُ بِهِ سُبْحَتِی وَ یَأْخُذُ السُّبْحَةَ وَ یُدِیرُهَا وَ هُوَ یَتَكَلَّمُ بِمَا یُرِیدُ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَتَكَلَّمَ بِالتَّسْبِیحِ وَ ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَسَبٌ لَهُ وَ هُوَ حِرْزٌ إِلَی أَنْ یَأْوِیَ إِلَی فِرَاشِهِ فَإِذَا أَوَی إِلَی فِرَاشِهِ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَ وَضَعَ سُبْحَتَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَهِیَ مَحْسُوبَةٌ لَهُ مِنَ الْوَقْتِ إِلَی الْوَقْتِ فَفَعَلْتُ هَذَا اقْتِدَاءً بِجَدِّی فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ لَسْتُ أُكَلِّمُ أَحَداً مِنْكُمْ إِلَّا وَ یُجِیبُنِی بِمَا یَعُوذُ بِهِ وَ عَفَا عَنْهُ وَ وَصَلَهُ وَ أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِ.

«42»- نَوَادِرُ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: إِنَّ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَیْرِ لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ یُقَاتِلُهُ وَ بَلَغَ الْحَیْرَ دَخَلَ فَوَقَفَ عَلَی قَبْرِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ غُصِبْتَ نَفْسَكَ مَا غُصِبْتَ دِینَكَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ هُوَ یَقُولُك: شِعْرٌ

وَ إِنَّ الْأُولَی بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ***تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّأَسِّیَا

وَ مِنْهُ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أَهْلَ الْبُلْدَانِ مَا كَانَ مِنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَدِمَتْ لِزِیَارَتِهِ مِائَةُ أَلْفِ امْرَأَةٍ مِمَّنْ كَانَتْ لَا تَلِدُ فَوَلَدْنَ كُلُّهُنَّ.

ص: 200

باب 40 ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض علیه ص و انكساف الشمس و القمر و غیرها

«1»- فس، [تفسیر القمی] أَبِی عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: مَرَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَقَالَ فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ (1) ثُمَّ مَرَّ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ لَكِنْ هَذَا لَتَبْكِیَنَّ عَلَیْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ قَالَ وَ مَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا.

«2»- ب، [قرب الإسناد] عَنْهُمَا(2)

عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: زُورُوا الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ لَا تَجْفُوهُ فَإِنَّهُ سَیِّدُ شَبَابِ الشُّهَدَاءِ أَوْ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ شَبِیهُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ عَلَیْهِمَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.

أَقُولُ فِی خَبَرِ ابْنِ شَبِیبٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّهُ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ (3).

«3»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی فَاخِتَةَ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ أَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ

ص: 201


1- 1. الدخان: 29.
2- 2. یعنی محمّد بن عبد الحمید و عبد الصمد بن محمّد، و صدر الحدیث هكذا: قال: حنان- قلت لابی عبد اللّٰه علیه السلام: ما تقول فی زیارة قبر الحسین علیه السلام فانه بلغنا عن بعضكم أنّه قال: تعدل حجة و عمرة، قال فقال ما أصعب هذا الحدیث ما تعدل هذا كله لكن زوروه الحدیث، راجع المصدر ص 66.
3- 3. راجع ج 44 ص 286.

وَ یُونُسُ بْنُ یَعْقُوبَ وَ الْفُضَیْلُ بْنُ یَسَارٍ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّی أَحْضُرُ مَجَالِسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَذْكُرُكُمْ فِی نَفْسِی فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَقُولُ فَقَالَ یَا حُسَیْنُ إِذَا حَضَرْتَ مَجَالِسَ هَؤُلَاءِ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَرِنَا الرَّخَاءَ وَ السُّرُورَ فَإِنَّكَ تَأْتِی عَلَی مَا تُرِیدُ قَالَ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّی أَذْكُرُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَقُولُ إِذَا ذَكَرْتُهُ فَقَالَ قُلْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْكَ یَا بَا عَبْدِ اللَّهِ تُكَرِّرُهَا ثَلَاثاً ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا وَ قَالَ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا قُتِلَ بَكَتْ عَلَیْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِیهِنَّ وَ مَا بَیْنَهُنَّ وَ مَنْ یَتَقَلَّبُ فِی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ مَا یُرَی وَ مَا لَا یُرَی إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ فَإِنَّهَا لَمْ تَبْكِ عَلَیْهِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَشْیَاءِ الَّتِی لَمْ تَبْكِ عَلَیْهِ فَقَالَ الْبَصْرَةُ وَ دِمَشْقُ وَ آلُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ.

«4»- لی، [الأمالی] للصدوق ع، [علل الشرائع] ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ فُضَیْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ جَبَلَةَ الْمَكِّیَّةِ قَالَ سَمِعْتُ مِیثَمَ التَّمَّارِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ یَقُولُ: وَ اللَّهِ لَتَقْتُلُ هَذِهِ الْأُمَّةُ ابْنَ نَبِیِّهَا فِی الْمُحَرَّمِ لِعَشْرٍ یَمْضِینَ مِنْهُ وَ لَیَتَّخِذَنَّ أَعْدَاءُ اللَّهِ ذَلِكَ الْیَوْمَ یَوْمَ بَرَكَةٍ وَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ قَدْ سَبَقَ فِی عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ أَعْلَمُ ذَلِكَ لِعَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَیَّ مَوْلَایَ- أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ لَقَدْ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ یَبْكِی عَلَیْهِ كُلُّ شَیْ ءٍ حَتَّی الْوُحُوشُ فِی الْفَلَوَاتِ وَ الْحِیتَانُ فِی الْبَحْرِ وَ الطَّیْرُ فِی السَّمَاءِ وَ یَبْكِی عَلَیْهِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مُؤْمِنُو الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ وَ جَمِیعُ مَلَائِكَةِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ وَ رِضْوَانُ وَ مَالِكٌ وَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَ تَمْطُرُ السَّمَاءُ دَماً وَ رَمَاداً ثُمَّ قَالَ وَجَبَتْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ كَمَا وَجَبَتْ عَلَی الْمُشْرِكِینَ الَّذِینَ یَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ كَمَا وَجَبَتْ عَلَی الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی وَ الْمَجُوسِ قَالَ جَبَلَةُ فَقُلْتُ لَهُ یَا مِیثَمُ فَكَیْفَ یَتَّخِذُ النَّاسُ ذَلِكَ الْیَوْمَ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ الْحُسَیْنُ یَوْمَ بَرَكَةٍ فَبَكَی مِیثَمٌ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ یَزْعُمُونَ لِحَدِیثٍ یَضَعُونَهُ أَنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی تَابَ اللَّهُ فِیهِ عَلَی آدَمَ وَ إِنَّمَا تَابَ اللَّهُ عَلَی آدَمَ فِی ذِی الْحِجَّةِ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی قَبِلَ اللَّهُ فِیهِ تَوْبَةَ دَاوُدَ

ص: 202

وَ إِنَّمَا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ تَوْبَتَهُ فِی ذِی الْحِجَّةِ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی أَخْرَجَ اللَّهُ فِیهِ- یُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ وَ إِنَّمَا أَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ فِی ذِی الْحِجَّةِ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی اسْتَوَتْ فِیهِ سَفِینَةُ نُوحٍ عَلَی الْجُودِیِّ وَ إِنَّمَا اسْتَوَتْ عَلَی الْجُودِیِ فِی یَوْمِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی فَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ الْبَحْرَ لِبَنِی إِسْرَائِیلَ وَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِی رَبِیعٍ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ مِیثَمٌ یَا جَبَلَةُ اعْلَمِی أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لِأَصْحَابِهِ عَلَی سَائِرِ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةٌ یَا جَبَلَةُ إِذَا نَظَرْتِ إِلَی الشَّمْسِ حَمْرَاءَ كَأَنَّهَا دَمٌ عَبِیطٌ فَاعْلَمِی أَنَّ سَیِّدَ الشُّهَدَاءِ الْحُسَیْنَ قَدْ قُتِلَ قَالَتْ جَبَلَةُ فَخَرَجْتُ ذَاتَ یَوْمٍ فَرَأَیْتُ الشَّمْسَ عَلَی الْحِیطَانِ كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ فَصِحْتُ حِینَئِذٍ وَ بَكَیْتُ وَ قُلْتُ قَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ سَیِّدُنَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام(1).

بیان: العبیط الطری.

«5»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَعَثَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَی أَبِی فَأَشْخَصَهُ إِلَی الشَّامِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ قَالَ لَهُ یَا بَا جَعْفَرٍ أَشْخَصْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ یَصْلُحْ أَنْ یَسْأَلَكَ عَنْهَا غَیْرِی وَ لَا أَعْلَمُ فِی الْأَرْضِ خَلْقاً یَنْبَغِی أَنْ یَعْرِفَ أَوْ عَرَفَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إِنْ كَانَ إِلَّا وَاحِدٌ فَقَالَ أَبِی لِیَسْأَلْنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَمَّا أَحَبَّ فَإِنْ عَلِمْتُ أَجَبْتُ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ أَعْلَمْ قُلْتُ لَا أَدْرِی وَ كَانَ الصِّدْقُ أَوْلَی بِی فَقَالَ هِشَامٌ أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّیْلَةِ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْغَائِبُ عَنِ الْمِصْرِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ عَلَی قَتْلِهِ وَ مَا الْعَلَامَةُ فِیهِ لِلنَّاسِ فَإِنْ عَلِمْتَ ذَلِكَ وَ أَحْبَبْتَ فَأَخْبِرْنِی هَلْ كَانَ تِلْكَ الْعَلَامَةُ لِغَیْرِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی قَتْلِهِ فَقَالَ لَهُ أَبِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ تِلْكَ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ

ص: 203


1- 1. علل الشرائع ج 1 ص 217 أمالی الصدوق المجلس 27 تحت الرقم: 1.

علیه السلام لَمْ یُرْفَعْ حَجَرٌ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا هَارُونُ أَخُو مُوسَی علیه السلام وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی رُفِعَ فِیهَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ الصَّفَا وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ فَتَرَبَّدَ وَجْهُ هِشَامٍ حَتَّی انْتُقِعَ لَوْنُهُ وَ هَمَّ أَنْ یَبْطِشَ بِأَبِی فَقَالَ لَهُ أَبِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الْوَاجِبُ عَلَی الْعِبَادِ الطَّاعَةُ لِإِمَامِهِمْ وَ الصِّدْقُ لَهُ بِالنَّصِیحَةِ وَ إِنَّ الَّذِی دَعَانِی إِلَی أَنْ أَجَبْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِیمَا سَأَلَنِی عَنْهُ مَعْرِفَتِی لَهُ بِمَا یَجِبُ لَهُ عَلَیَّ مِنَ الطَّاعَةِ فَلْیُحْسِنْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ الظَّنَّ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ انْصَرِفْ إِلَی أَهْلِكَ إِذَا شِئْتَ قَالَ فَخَرَجَ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ عِنْدَ خُرُوجِهِ أَعْطِنِی عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ أَنْ لَا تُوقِعَ هَذَا الْحَدِیثَ إِلَی أَحَدٍ حَتَّی أَمُوتَ فَأَعْطَاهُ أَبِی مِنْ ذَلِكَ مَا أَرْضَاهُ وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ بِطُولِهِ (1).

بیان: قال الجوهری تربد وجه فلان أی تغیر من الغضب و انتقع لونه علی بناء المجهول أی تغیر من حزن أو سرور.

«6»- مل، [كامل الزیارات] أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِیِّ وَ قَالَ أَحْمَدُ وَ أَخْبَرَنِی عَمِّی عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی نَضْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ أَنَّهُ قَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ عَرَفْنَا أَهْلَ بَیْتِ الْمَقْدِسِ وَ نَوَاحِیهَا- عَشِیَّةَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ قُلْتُ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ مَا رَفَعْنَا حَجَراً وَ لَا مَدَراً وَ صَخْراً إِلَّا وَ رَأَیْنَا تَحْتَهَا دَماً یَغْلِی وَ احْمَرَّتِ الْحِیطَانُ كَالْعَلَقِ وَ مُطِرْنَا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ دَماً عَبِیطاً وَ سَمِعْنَا مُنَادِیاً یُنَادِی فِی جَوْفِ اللَّیْلِ یَقُولُ:

أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَیْناً***شَفَاعَةَ جَدِّهِ یَوْمَ الْحِسَابِ

مَعَاذَ اللَّهِ لَا نِلْتُمْ یَقِیناً***شَفَاعَةَ أَحْمَدَ وَ أَبِی تُرَابٍ

ص: 204


1- 1. كامل الزیارات ص 75 و 76.

قَتَلْتُمْ خَیْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَایَا***وَ خَیْرَ الشِّیبِ طُرّاً وَ الشَّبَابِ

وَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ ثَلَاثاً ثُمَّ تَجَلَّتْ عَنْهَا وَ انْشَبَكَتِ النُّجُومُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أُرْجِفْنَا بِقَتْلِهِ فَلَمْ یَأْتِ عَلَیْنَا كَثِیرُ شَیْ ءٍ حَتَّی نُعِیَ إِلَیْنَا الْحُسَیْنُ علیه السلام(1).

«7»- مل، [كامل الزیارات] أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ النَّاقِدُ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِی أَبُو مَعْشَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ لَمْ یَبْقَ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ حَصَاةٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهَا دَمٌ عَبِیطٌ.

مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسین عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد: مثله (2).

«8»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ أَبِی إِسْمَاعِیلَ السَّرَّاجِ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُعَمَّرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَكَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ وَ الطَّیْرُ وَ الْوَحْشُ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام حَتَّی ذَرَفَتْ دُمُوعُهَا(3).

مل، [كامل الزیارات] أبی و جماعة مشایخی عن سعد و محمد العطار معا عن محمد بن الحسین: مثله بیان ذرفت أی سالت.

«9»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی دَاوُدَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَبِی عَمْرٍو الْجَلَّابِ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام بِأَبِی وَ أُمِّی الْحُسَیْنُ الْمَقْتُولُ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ وَ اللَّهِ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی الْوَحْشِ مَادَّةً أَعْنَاقَهَا عَلَی قَبْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَحْشِ یَبْكُونَهُ وَ یَرْثُونَهُ لَیْلًا حَتَّی الصَّبَاحِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِیَّاكُمْ وَ الْجَفَاءَ.

«10»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی

ص: 205


1- 1. المصدر ص 77 و هكذا ما یأتی بعده.
2- 2. المصدر ص 93.
3- 3. كامل الزیارات الباب 26 ص 79 و هكذا ما بعده علی الترتیب إلی آخر الباب.

عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ النَّهَاوَنْدِیِّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ ثُوَیْرٍ وَ ابْنِ ظَبْیَانَ وَ أَبِی سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْمُفَضَّلِ كُلِّهِمْ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمَّا مَضَی بَكَتْ عَلَیْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِیهِنَّ وَ مَا بَیْنَهُنَّ وَ مَنْ یَتَقَلَّبُ عَلَیْهِنَّ وَ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ وَ مَنْ خَلَقَ رَبَّنَا وَ مَا یُرَی وَ مَا لَا یُرَی.

مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن محمد بن الحسین: مثله.

«11»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ ثُوَیْرٍ عَنْ یُونُسَ وَ أَبِی سَلَمَةَ السَّرَّاجِ وَ الْمُفَضَّلِ قَالُوا سَمِعْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا مَضَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا بَكَی عَلَیْهِ جَمِیعُ مَا خَلَقَ اللَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ- الْبَصْرَةَ وَ دِمَشْقَ وَ آلَ عُثْمَانَ.

«12»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ یَحْیَی عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ ثُوَیْرٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَ ابْنُ ظَبْیَانَ وَ الْمُفَضَّلُ وَ أَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ جُلُوساً عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَكَانَ الْمُتَكَلِّمُ یُونُسَ وَ كَانَ أَكْبَرَنَا سِنّاً وَ ذَكَرَ حَدِیثاً طَوِیلًا یَقُولُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا مَضَی بَكَتْ عَلَیْهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ مَا فِیهِنَّ وَ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَ مَا فِیهِنَّ وَ مَا بَیْنَهُنَّ وَ مَا یَنْقَلِبُ فِی الْجَنَّةِ وَ النَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا وَ مَا یُرَی وَ مَا لَا یُرَی بَكَی عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْیَاءَ لَمْ تَبْكِ عَلَیْهِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَشْیَاءِ قَالَ لَمْ تَبْكِ عَلَیْهِ الْبَصْرَةُ وَ لَا دِمَشْقُ وَ لَا آلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَلَیْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ.

«13»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِی یَعْقُوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا زُرَارَةُ إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَی الْحُسَیْنِ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً بِالدَّمِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ بَكَتْ أَرْبَعِینَ

ص: 206

صَبَاحاً بِالسَّوَادِ وَ إِنَّ الشَّمْسَ بَكَتْ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً بِالْكُسُوفِ وَ الْحُمْرَةِ وَ إِنَّ الْجِبَالَ تَقَطَّعَتْ وَ انْتَثَرَتْ وَ إِنَّ الْبِحَارَ تَفَجَّرَتْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَكَتْ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً عَلَی الْحُسَیْنِ وَ مَا اخْتَضَبَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ وَ لَا ادَّهَنَتْ وَ لَا اكْتَحَلَتْ وَ لَا رَجَّلَتْ حَتَّی أَتَانَا رَأْسُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ مَا زِلْنَا فِی عَبْرَةٍ بَعْدَهُ.

وَ كَانَ جَدِّی إِذَا ذَكَرَهُ بَكَی حَتَّی تَمْلَأَ عَیْنَاهُ لِحْیَتَهُ وَ حَتَّی یَبْكِیَ لِبُكَائِهِ رَحْمَةً لَهُ مَنْ رَآهُ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ عِنْدَ قَبْرِهِ لَیَبْكُونَ فَیَبْكِی لِبُكَائِهِمْ كُلُّ مَنْ فِی الْهَوَاءِ وَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ علیه السلام فَزَفَرَتْ جَهَنَّمُ زَفْرَةً كَادَتِ الْأَرْضُ تَنْشَقُّ لِزَفْرَتِهَا وَ لَقَدْ خَرَجَتْ نَفْسُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَشَهَقَتْ جَهَنَّمُ شَهْقَةً لَوْ لَا أَنَّ اللَّهَ حَبَسَهَا بِخُزَّانِهَا لَأَحْرَقَتْ مَنْ عَلَی ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ فَوْرِهَا وَ لَوْ یُؤْذَنُ لَهَا مَا بَقِیَ شَیْ ءٌ إِلَّا ابْتَلَعَتْهُ وَ لَكِنَّهَا مَأْمُورَةٌ مَصْفُودَةٌ وَ لَقَدْ عَتَتْ عَلَی الْخُزَّانِ غَیْرَ مَرَّةٍ حَتَّی أَتَاهَا جَبْرَئِیلُ فَضَرَبَهَا بِجَنَاحِهِ فَسَكَنَتْ وَ إِنَّهَا لَتَبْكِیهِ وَ تَنْدُبُهُ وَ إِنَّهَا لَتَتَلَظَّی عَلَی قَاتِلِهِ وَ لَوْ لَا مَنْ عَلَی الْأَرْضِ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ لَنَقَضَتِ الْأَرْضَ وَ أَكْفَأَتْ مَا عَلَیْهَا وَ مَا تَكْثُرُ الزَّلَازِلُ إِلَّا عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ.

وَ مَا عَیْنٌ أَحَبَّ إِلَی اللَّهِ وَ لَا عَبْرَةٌ مِنْ عَیْنٍ بَكَتْ وَ دَمَعَتْ عَلَیْهِ وَ مَا مِنْ بَاكٍ یَبْكِیهِ إِلَّا وَ قَدْ وَصَلَ فَاطِمَةَ وَ أَسْعَدَهَا عَلَیْهِ وَ وَصَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَدَّی حَقَّنَا وَ مَا مِنْ عَبْدٍ یُحْشَرُ إِلَّا وَ عَیْنَاهُ بَاكِیَةٌ إِلَّا الْبَاكِینَ عَلَی جَدِّی فَإِنَّهُ یُحْشَرُ وَ عَیْنُهُ قَرِیرَةٌ وَ الْبِشَارَةُ تَلْقَاهُ وَ السُّرُورُ عَلَی وَجْهِهِ وَ الْخَلْقُ فِی الْفَزَعِ وَ هُمْ آمِنُونَ وَ الْخَلْقُ یُعْرَضُونَ وَ هُمْ حُدَّاثُ الْحُسَیْنِ علیه السلام تَحْتَ الْعَرْشِ وَ فِی ظِلِّ الْعَرْشِ- لَا یَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ

یُقَالُ لَهُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَیَأْبَوْنَ وَ یَخْتَارُونَ مَجْلِسَهُ وَ حَدِیثَهُ وَ إِنَّ الْحُورَ لَتُرْسِلُ إِلَیْهِمْ إِنَّا قَدِ اشْتَقْنَاكُمْ مَعَ الْوِلْدَانِ الْمُخَلَّدِینَ فَمَا یَرْفَعُونَ رُءُوسَهُمْ إِلَیْهِمْ لِمَا یَرَوْنَ فِی مَجْلِسِهِمْ مِنَ السُّرُورِ وَ الْكَرَامَةِ وَ إِنَّ أَعْدَاءَهُمْ مِنْ بَیْنِ مَسْحُوبٍ بِنَاصِیَتِهِ إِلَی النَّارِ وَ مِنْ قَائِلٍ فَما لَنا مِنْ شافِعِینَ وَ لا صَدِیقٍ حَمِیمٍ وَ إِنَّهُمْ لَیُرَوْنَ مَنْزِلَهُمْ وَ مَا یَقْدِرُونَ أَنْ یَدْنُوا إِلَیْهِمْ وَ لَا یَصِلُونَ إِلَیْهِمْ وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَأْتِیهِمْ بِالرِّسَالَةِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَ مِنْ خُزَّانِهِمْ (1) عَلَی مَا أُعْطُوا مِنَ الْكَرَامَةِ

ص: 207


1- 1. فی المصدر: و خدامهم.

فَیَقُولُونَ نَأْتِیكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَیَرْجِعُونَ إِلَی أَزْوَاجِهِمْ بِمَقَالاتِهِمْ فَیَزْدَادُونَ إِلَیْهِمْ شَوْقاً إِذَا هُمْ خَبَّرُوهُمْ بِمَا هُمْ فِیهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَ قُرْبِهِمْ مِنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَیَقُولُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی كَفَانَا الْفَزَعَ الْأَكْبَرَ وَ أَهْوَالَ الْقِیَامَةِ وَ نَجَّانَا مِمَّا كُنَّا نَخَافُ وَ یُؤْتَوْنَ بِالْمَرَاكِبِ وَ الرِّحَالِ عَلَی النَّجَائِبِ فَیَسْتَوُونَ عَلَیْهَا وَ هُمْ فِی الثَّنَاءِ عَلَی اللَّهِ وَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ عَلَی آلِهِ حَتَّی یَنْتَهُوا إِلَی مَنَازِلِهِمْ.

«14»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ أُحَدِّثُهُ فَدَخَلَ عَلَیْهِ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ مَرْحَباً وَ ضَمَّهُ وَ قَبَّلَهُ وَ قَالَ حَقَّرَ اللَّهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ وَ انْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ وَ خَذَلَ اللَّهُ مَنْ خَذَلَكُمْ وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكُمْ وَ كَانَ اللَّهُ لَكُمْ وَلِیّاً وَ حَافِظاً وَ نَاصِراً فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَ بُكَاءُ الْأَنْبِیَاءِ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ ثُمَّ بَكَی وَ قَالَ یَا أَبَا بَصِیرٍ إِذَا نَظَرْتُ إِلَی وُلْدِ الْحُسَیْنِ أَتَانِی مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَی إِلَی أَبِیهِمْ وَ إِلَیْهِمْ یَا أَبَا بَصِیرٍ إِنَّ فَاطِمَةَ لَتَبْكِیهِ وَ تَشْهَقُ فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْ لَا أَنَّ الْخَزَنَةَ یَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا وَ قَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ یَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ أَوْ یَشْرُدَ دُخَانُهَا فَیُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ فَیَكْبَحُونَهَا مَا دَامَتْ بَاكِیَةً وَ یَزْجُرُونَهَا وَ یُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَسْكُنُ حَتَّی یَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ وَ إِنَّ الْبِحَارَ تَكَادُ أَنْ تَنْفَتِقَ فَیَدْخُلَ بَعْضُهَا عَلَی بَعْضٍ وَ مَا مِنْهَا قَطْرَةٌ إِلَّا بِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ فَإِذَا سَمِعَ الْمَلَكُ صَوْتَهَا أَطْفَأَ نَارَهَا(1) بِأَجْنِحَتِهِ وَ حَبَسَ بَعْضَهَا عَلَی بَعْضٍ مَخَافَةً عَلَی الدُّنْیَا وَ مَنْ فِیهَا وَ مَنْ عَلَی الْأَرْضِ فَلَا تَزَالُ الْمَلَائِكَةُ مُشْفِقِینَ یَبْكُونَ لِبُكَائِهَا وَ یَدْعُونَ اللَّهَ وَ یَتَضَرَّعُونَ إِلَیْهِ وَ یَتَضَرَّعُ أَهْلُ الْعَرْشِ وَ مَنْ حَوْلَهُ وَ تَرْتَفِعُ أَصْوَاتٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّقْدِیسِ لِلَّهِ مَخَافَةً عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَوْ أَنَّ صَوْتاً مِنْ أَصْوَاتِهِمْ یَصِلُ

ص: 208


1- 1. یقال: نأرت النائرة نارا: هاجت، و المراد ثوران الماء و غلیانها، و لذلك عبر بقوله« أطفأ».

إِلَی الْأَرْضِ لَصَعِقَ أَهْلُ الْأَرْضِ وَ تَقَلَّعَتِ الْجِبَالُ وَ زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِیمٌ قَالَ غَیْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ ثُمَّ قَالَ یَا بَا بَصِیرٍ أَ مَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِیمَنْ یُسْعِدُ فَاطِمَةَ فَبَكِیتُ حِینَ قَالَهَا فَمَا قَدَرْتُ عَلَی الْمَنْطِقِ وَ مَا قَدَرْتُ عَلَی

كَلَامِی مِنَ الْبُكَاءِ ثُمَّ قَامَ إِلَی الْمُصَلَّی یَدْعُو وَ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَ مَا جَاءَنِی النَّوْمُ وَ أَصْبَحْتُ صَائِماً وَجِلًا حَتَّی أَتَیْتُهُ فَلَمَّا رَأَیْتُهُ قَدْ سَكَنَ سَكَنْتُ وَ حَمِدْتُ اللَّهَ حَیْثُ لَمْ تَنْزِلْ بِی عُقُوبَةٌ.

بیان: تقول كبحت الدابة إذا جذبتها إلیك باللجام لكی تقف و لا تجری.

«15»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِیثَمِیِّ عَنْ عَلِیٍّ الْأَزْرَقِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِیِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَقُولُ فِی الرَّحْبَةِ وَ هُوَ یَتْلُو هَذِهِ الْآیَةَ- فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ (1) وَ خَرَجَ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَمَا إِنَّ هَذَا سَیُقْتَلُ وَ تَبْكِی عَلَیْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ (2).

«16»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ یَزْدَادَ بْنِ عِیسَی الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ النَّخَعِیِّ قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَجَلَسَ فِی الْمَسْجِدِ وَ اجْتَمَعَ أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ وَ جَاءَ الْحُسَیْنُ علیه السلام حَتَّی قَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ اللَّهَ عَیَّرَ أَقْوَاماً فِی الْقُرْآنِ فَقَالَ فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَیَقْتُلَنَّكَ ثُمَّ تَبْكِیكَ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.

مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن أبی الخطاب بإسناده: مثله.

«17»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ وُهَیْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بَكَی لِقَتْلِهِ السَّمَاءُ

ص: 209


1- 1. الدخان: 29.
2- 2. كامل الزیارات الباب 28 ص 88 و هكذا ما بعده علی الترتیب إلی آخر الباب.

وَ الْأَرْضُ وَ احْمَرَّتَا وَ لَمْ تَبْكِیَا عَلَی أَحَدٍ قَطُّ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ.

مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن أبی الخطاب بإسناده: مثله.

«18»- مل، [كامل الزیارات] عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ غَیْرُهُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ السَّمَاءَ بَكَتْ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ لَمْ تَبْكِ عَلَی أَحَدٍ غَیْرِهِمَا قُلْتُ وَ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ مَكَثُوا أَرْبَعِینَ یَوْماً تَطْلُعُ الشَّمْسُ بِحُمْرَةٍ وَ تَغْرُبُ بِحُمْرَةٍ قُلْتُ فَذَلِكَ بُكَاؤُهَا قَالَ نَعَمْ.

مل، [كامل الزیارات] أبی و علی بن الحسین معا عن سعد عن ابن عیسی عن الوشاء عن حماد بن عثمان: مثله (1).

«19»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُسْهِرٍ الْقُرَشِیِّ قَالَ حَدَّثَتْنِی جَدَّتِی: أَنَّهَا أَدْرَكَتِ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ حِینَ قُتِلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَتْ فَمَكَثْنَا سَنَةً وَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَ السَّمَاءُ مِثْلُ الْعَلَقَةِ مِثْلُ الدَّمِ مَا تُرَی الشَّمْسُ.

«20»- مل، [كامل الزیارات] عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ قَالَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ أَحَداً مُنْذُ قُتِلَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا حَتَّی قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَبَكَتْ عَلَیْهِ.

ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] بالإسناد إلی الصدوق عن أبیه عن علی بن إبراهیم: مثله.

«21»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: احْمَرَّتِ السَّمَاءُ حِینَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ سَنَةً ثُمَّ قَالَ بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ سَنَةً وَ عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ حُمْرَتُهَا بُكَاؤُهَا.

ص: 210


1- 1. تری هذا الحدیث بالسند المذكور فی الباب 28 من المصدر تحت الرقم 15.

«22»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا(1)

الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیّاً وَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا لَمْ یَكُنْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیّاً وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَیْهِمَا أَرْبَعِینَ صَبَاحاً قَالَ قُلْتُ مَا بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتْ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغْرُبُ حَمْرَاءَ.

«23»- مل، [كامل الزیارات] عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ وَ سَعْدٍ مَعاً عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَا بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَی أَحَدٍ بَعْدَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا إِلَّا عَلَی الْحُسَیْنِ بْنَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَإِنَّهَا بَكَتْ عَلَیْهِ أَرْبَعِینَ یَوْماً.

«24»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ كُلَیْبِ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیهمم السلام.

«25»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ تُرَاباً أَحْمَرَ.

«26»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَسْلَمَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثُبَیْتٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ السَّمَاءَ لَمْ تَبْكِ مُنْذُ وُضِعَتْ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قُلْتُ أَیُّ شَیْ ءٍ بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتْ إِذَا اسْتُقْبِلَتْ بِالثَّوْبِ وَقَعَ عَلَی الثَّوْبِ شِبْهُ أَثَرِ الْبَرَاغِیثِ مِنَ الدَّمِ.

«27»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُوسَی بْنِ الْفَضْلِ عَنْ حَنَانٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا تَقُولُ فِی زِیَارَةِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَإِنَّهُ بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً وَ عُمْرَةً قَالَ لَا تَعْجَبْ

ص: 211


1- 1. مریم: 7.

مَا أَصَابَ مَنْ یَقُولُ هَذَا كُلُّهُ (1) وَ لَكِنْ زُرْهُ وَ لَا تَجْفُهُ فَإِنَّهُ سَیِّدُ شَبَابِ الشُّهَدَاءِ وَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ شَبِیهُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ عَلَیْهِمَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.

مل، [كامل الزیارات] أبی و أبی الولید عن الصفار عن عبد الصمد بن محمد عن حنان بن سدیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله- مل، [كامل الزیارات] أبی و جماعة مشایخی عن سعد عن ابن عیسی عن ابن بزیع عن حنان: مثله بیان قوله علیه السلام ما أصاب محمول علی التقیة(2).

«28»- مل، [كامل الزیارات] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَاتِلُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَلَدَ زِنًا وَ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ وَلَدُ زِنًا وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا عَلَیْهِمَا قَالَ قُلْتُ وَ كَیْفَ تَبْكِی قَالَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فِی حُمْرَةٍ وَ تَغِیبُ فِی حُمْرَةٍ.

مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسین عن جعفر بن بشیر: مثله.

«29»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِیِّ عَنْ كَثِیرِ بْنِ شِهَابٍ الْحَارِثِیِّ قَالَ: بَیْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الرَّحْبَةِ إِذَا طَلَعَ الْحُسَیْنُ عَلَیْهِ فَضَحِكَ عَلِیٌّ حَتَّی بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً فَقَالَ- فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَیُقْتَلَنَّ هَذَا وَ لَتَبْكِیَنَّ عَلَیْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ.

مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد و الحمیری معا عن ابن عیسی: مثله.

ص: 212


1- 1. لا تعجب بالقول هذا كله خ ل.
2- 2. هذا إذا كانت« ما» نافیة، لكنها ما التعجبیة دخلت علی أفعل التعجب، و قد مر فی ذیل الحدیث المرقم 2 عن قرب الإسناد بلفظ آخر فراجع.

«30»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ الْحَسَنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: مَا بَكَتِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام.

«31»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ الَّذِی قَتَلَ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَلَدَ زِناً وَ الَّذِی قَتَلَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا وَلَدَ زِناً وَ قَالَ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ حِینَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ سَنَةً ثُمَّ قَالَ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ حُمْرَتُهَا بُكَاؤُهَا(1).

«32»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الرَّاعِبِیَّةَ فِی بُیُوتِكُمْ فَإِنَّهَا تَلْعَنُ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام

«33»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ أَخِی وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ صَنْدَلٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِی بَیْتِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَنَظَرْتُ إِلَی الْحَمَامِ الرَّاعِبِیِّ یُقَرْقِرُ طَوِیلًا فَنَظَرَ إِلَیَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام طَوِیلًا فَقَالَ یَا دَاوُدُ تَدْرِی مَا یَقُولُ هَذَا الطَّیْرُ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ تَدْعُو عَلَی قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَاتَّخِذُوهُ فِی مَنَازِلِكُمْ.

مل، [كامل الزیارات] أبی و جماعة مشایخی عن سعد عن الجامورانی بإسناده: مثله.

«34»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَمِعْتُهُ یَقُولُ فِی الْبُومَةِ فَقَالَ هَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَآهَا بِالنَّهَارِ قِیلَ لَهُ لَا تَكَادُ تَظْهَرُ بِالنَّهَارِ وَ لَا تَظْهَرُ إِلَّا لَیْلًا قَالَ أَمَا إِنَّهَا لَمْ تَزَلْ تَأْوِی الْعُمْرَانَ أَبَداً فَلَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام

ص: 213


1- 1. كامل الزیارات الباب 30 و ما بعده علی الترتیب، و الحمام الراعبیة مر تفسیرها فی ج 44 ص 305.

آلَتْ عَلَی نَفْسِهَا أَنْ لَا تَأْوِیَ الْعُمْرَانَ أَبَداً وَ لَا تَأْوِی إِلَّا الْخَرَابَ فَلَا تَزَالُ نَهَارَهَا صَائِمَةً حَزِینَةً حَتَّی یَجُنَّهَا اللَّیْلُ فَإِذَا جَنَّهَا اللَّیْلُ فَلَا تَزَالُ تَرِنُّ عَلَی الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حَتَّی تُصْبِحَ (1).

«35»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ صَاعِدٍ الْبَرْبَرِیِّ قَیِّماً لِقَبْرِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الرِّضَا علیه السلام فَقَالَ لِی مَا یَقُولُ النَّاسُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ جِئْنَا نَسْأَلُكَ قَالَ فَقَالَ لِی تَرَی هَذِهِ الْبُومَةَ كَانَتْ عَلَی عَهْدِ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَأْوِی الْمَنَازِلَ وَ الْقُصُورَ وَ الدُّورَ وَ كَانَتْ إِذَا أَكْلَ النَّاسُ الطَّعَامَ تَطِیرُ فَتَقَعُ أَمَامَهُمْ فَیُرْمَی إِلَیْهَا بِالطَّعَامِ وَ تُسْقَی ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَی مَكَانِهَا وَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ خَرَجَتْ مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَی الْخَرَابِ وَ الْجِبَالِ وَ الْبَرَارِی وَ قَالَتْ بِئْسَ الْأُمَّةُ أَنْتُمْ قَتَلْتُمُ ابْنَ نَبِیِّكُمْ وَ لَا آمَنُكُمْ عَلَی نَفْسِی.

«36»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْبُومَةُ لَتَصُومُ النَّهَارَ فَإِذَا أَفْطَرَتْ تَدَلَّهَتْ (2) عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی تُصْبِحَ.

بیان: قال الفیروزآبادی الدلة محركة(3)

و الدلوة ذهاب الفؤاد من هم و نحوه و دلهه العشق تدلیها فتدله.

«37»- مل، [كامل الزیارات] عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُوسَی بْنِ عُمَرَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْمِیثَمِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: یَا یَعْقُوبُ (4)

رَأَیْتَ بُومَةً قَطُّ تَنَفَّسُ بِالنَّهَارِ فَقَالَ لَا قَالَ وَ تَدْرِی لِمَ ذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ لِأَنَّهَا تَظَلُّ یَوْمَهَا صَائِمَةً فَإِذَا جَنَّهَا اللَّیْلُ أَفْطَرَتْ عَلَی مَا رُزِقَتْ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَرَنَّمُ عَلَی الْحُسَیْنِ حَتَّی تُصْبِحَ.

ص: 214


1- 1. كامل الزیارات الباب 31 و ما بعده إلی آخر الباب.
2- 2. تولهت خ ل، و فی المصدر« اندبت» و هو تصحیف.
3- 3. فی القاموس: الدله، و یحرك إلخ.
4- 4. الظاهر أنّه كان یعقوب بن شعیب المیثمی حاضرا فی المجلس، و خطاب الامام معه.

بیان: لعل التنفس كنایة عن التصویت أو عن الأكل و الشرب قال الفیروزآبادی تنفس فی الإناء شرب من غیر أن یبینه عن فیه انتهی أو عن التفرج و التوسع یقال أنت فی نفس من عمرك أی فی سعة و فسحة و قال الجزری فیه فلو كنت تنفست أی أطلت الكلام.

«38»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَبُو نُعَیْمٍ فِی دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَ النَّسَوِیُّ فِی الْمَعْرِفَةِ قَالَتْ نَصْرَةُ الْأَزْدِیَّةُ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ حِبَابُنَا وَ جِرَارُنَا صَارَتْ مَمْلُوَّةً دَماً(1).

وَ قَالَ قَرَظَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ: مَطَرَتِ السَّمَاءُ یَوْماً نِصْفَ النَّهَارِ عَلَی شَمْلَةٍ بَیْضَاءَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ دَمٌ وَ ذَهَبَتِ الْإِبِلُ إِلَی الْوَادِی لِتَشْرَبَ فَإِذَا هُوَ دَمٌ وَ إِذَا هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام

وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام أَرْبَعِینَ یَوْماً بِالدَّمِ.

زُرَارَةُ بْنُ أَعْیَنَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَ لَمْ تَبْكِ إِلَّا عَلَیْهِمَا قُلْتُ فَمَا بُكَاؤُهَا قَالَ كَانَتِ الشَّمْسُ تَطْلُعُ حَمْرَاءَ وَ تَغِیبُ حَمْرَاءَ.

أُسَامَةُ بْنُ شَبِیبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سُلَیْمٍ قَالَتْ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ مَطَرَتِ السَّمَاءُ مَطَراً كَالدَّمِ احْمَرَّتْ مِنْهُ الْبُیُوتُ وَ الْحِیطَانُ.

وَ رَوَی قَرِیباً مِنْ ذَلِكَ فِی الْإِبَانَةِ.

تَفْسِیرُ الْقُشَیْرِیِّ وَ الْفَتَّالُ: قَالَ السُّدِّیُّ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بَكَتْ عَلَیْهِ السَّمَاءُ وَ عَلَامَتُهَا حُمْرَةُ أَطْرَافِهَا.

مُحَمَّدُ بْنُ سِیرِینَ قَالَ: أُخْبِرْنَا أَنَّ حُمْرَةَ أَطْرَافِ السَّمَاءِ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام

تَارِیخُ النَّسَوِیِّ رَوَی حَمَّادُ بْنُ زَیْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تَعْلَمُ هَذِهِ الْحُمْرَةُ فِی الْأُفُقِ مِمَّ هِیَ ثُمَّ قَالَ مِنْ یَوْمَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام(2).

ص: 215


1- 1. جمع الحب و الجرة: اناء للماء من خزف و الثانی أصغر من الأول.
2- 2. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 54.

أقول: قال صاحب المناقب و روی هذا الحدیث أبو عیسی الترمذی.

«39»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْأَسْوَدُ بْنُ قَیْسٍ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ ارْتَفَعَتْ حُمْرَةٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَ حُمْرَةٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ فَكَادَتَا یَلْتَقِیَانِ فِی كَبِدِ السَّمَاءِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.

تَارِیخُ النَّسَوِیِّ قَالَ أَبُو قَبِیلٍ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام كُسِفَتِ الشَّمْسُ كَسْفَةً بَدَتِ الْكَوَاكِبُ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّی ظَنَنَّا أَنَّهَا هِیَ.

بیان: أنها هی أی القیامة- أقول روی هذا الخبر فی بعض كتب المناقب المعتبرة عن علی بن أحمد العاصمی عن إسماعیل بن أحمد البیهقی عن والده عن محمد بن الحسین القطان عن عبد اللّٰه بن جعفر بن درستویه النحوی عن یعقوب بن سفیان عن النضر بن عبد الجبار عن ابن لهیعة عن أبی قبیل: مثله.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ یَعْقُوبَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ جَدَّتِهِ قَالَتْ: كُنْتُ أَیَّامَ الْحُسَیْنِ جَارِیَةً شَابَّةً فَكَانَتِ السَّمَاءُ أَیَّاماً عَلَقَةً.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ یَعْقُوبَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أُمِّ سُرَّقٍ الْعَبْدِیَّةِ عَنْ نَضْرَةَ الْأَزْدِیَّةِ قَالَتْ: لَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً فَأَصْبَحْتُ وَ كُلُّ شَیْ ءٍ لَنَا مَلْآنُ دَماً.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ یَعْقُوبَ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّقِّیِّ عَنْ سَلَّامِ بْنِ سُلَیْمَانَ الثَّقَفِیِّ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِیِّ عَنْ أُمِّ حَیَّانَ قَالَتْ: یَوْمَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ أَظْلَمَتْ عَلَیْنَا ثَلَاثاً وَ لَمْ یَمَسَّ أَحَدٌ مِنْ زَعْفَرَانِهِمْ (1) شَیْئاً فَجَعَلَهُ عَلَی وَجْهِهِ إِلَّا احْتَرَقَ وَ لَمْ یُقَلَّبْ حَجَرٌ بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَّا أَصْبَحَ تَحْتَهُ دَماً عَبِیطاً.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ یَعْقُوبَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا عُرِفَ الزُّهْرِیُّ تَكَلَّمَ فِی مَجْلِسِ الْوَلِیدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ الْوَلِیدُ أَیُّكُمْ یَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَیْتِ الْمَقْدِسِ- یَوْمَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَقَالَ الزُّهْرِیُّ بَلَغَنِی أَنَّهُ لَمْ یُقَلَّبْ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ.

ص: 216


1- 1. ترید بالزعفران: الخلوق المتخذة من الزعفران.

«40»- یف، [الطرائف] رُوِیَ فِی أَوَّلِ الْجُزْءِ الْخَامِسِ مِنْ صَحِیحِ مُسْلِمٍ: فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ (1) قَالَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بَكَتِ السَّمَاءُ وَ بُكَاؤُهَا حُمْرَتُهَا.

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ: فِی تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَةِ أَنَّ الْحُمْرَةَ الَّتِی مَعَ الشَّفَقِ لَمْ یَكُنْ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام

وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ أَیْضاً یَرْفَعُهُ قَالَ: مُطِرْنَا دَماً بِأَیَّامِ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام

«41»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ حَشِیشٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَلِیلٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَهْلٍ عَنْ مُؤَمِّلٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِی عَمَّارٍ قَالَ: أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ یَوْمَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام دَماً عَبِیطاً.

«42»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ مَتِّیلٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَطِیفٍ التَّفْلِیسِیِّ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: لَمَّا ضُرِبَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بِالسَّیْفِ ثُمَّ ابْتُدِرَ لِیُقْطَعَ رَأْسُهُ نَادَی مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَقَالَ أَلَا أَیَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمُتَحَیِّرَةُ الظَّالِمَةُ بَعْدَ نَبِیِّهَا- لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِأَضْحًی وَ لَا فِطْرٍ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ مَا وُفِّقُوا وَ لَا یُوَفَّقُونَ أَبَداً حَتَّی یَقُومَ ثَائِرُ الْحُسَیْنِ علیه السلام(2).

ع، [علل الشرائع] علی بن أحمد عن الكلینی عن علی بن محمد عمن ذكره عن محمد بن سلیمان عن عبد اللّٰه بن لطیف عن رزین عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (3) بیان عدم توفیقهم للفطر و الأضحی إما لاشتباه الهلال فی كثیر من الأزمان فی هذین الشهرین كما فهمه الأكثر أو لأنهم لعدم ظهور أئمة الحق و عدم استیلائهم

ص: 217


1- 1. الدخان: 29.
2- 2. أمالی الصدوق المجلس 31 تحت الرقم 5، و رواه فی الفقیه ج 1 ص 62.
3- 3. علل الشرائع ج 2 ص 76 و تراه فی الكافی ج 4 ص 170، و فیه حتّی یثأر ثائر الحسین علیه السلام.

لا یوفقون للصلاتین إما كاملة أو مطلقا بناء علی اشتراط الإمام أو یخص الحكم بالعامة كما هو الظاهر و الأخیر عندی أظهر و اللّٰه یعلم.

«43»- ع، [علل الشرائع] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام قَالَ: قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِی الْعَامَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِیَ أَنَّهُمْ لَا یُوَفَّقُونَ لِصَوْمٍ فَقَالَ لِی أَمَا إِنَّهُمْ قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَةُ الْمَلَكِ فِیهِمْ قَالَ قُلْتُ وَ كَیْفَ ذَلِكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ إِنَّ النَّاسَ لَمَّا قَتَلُوا الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلَكاً یُنَادِی أَیَّتُهَا الْأُمَّةُ الظَّالِمَةُ الْقَاتِلَةُ عِتْرَةَ نَبِیِّهَا- لَا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِصَوْمٍ وَ لَا فِطْرٍ وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ لِفِطْرٍ وَ لَا أَضْحًی (1).

«44»- لی، [الأمالی] للصدوق الْفَامِیُّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام دَخَلَ یَوْماً إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ بَكَی فَقَالَ لَهُ مَا یُبْكِیكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبْكِی لِمَا یُصْنَعُ بِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام إِنَّ الَّذِی یُؤْتَی إِلَیَّ سَمٌّ یُدَسُّ إِلَیَّ فَأُقْتَلُ بِهِ وَ لَكِنْ لَا یَوْمَ كَیَوْمِكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ یَزْدَلِفُ إِلَیْكَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ یَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّةِ جَدِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَنْتَحِلُونَ دِینَ الْإِسْلَامِ فَیَجْتَمِعُونَ عَلَی قَتْلِكَ وَ سَفْكِ دَمِكَ وَ انْتِهَاكِ حُرْمَتِكَ وَ سَبْیِ ذَرَارِیِّكَ وَ نِسَائِكَ وَ انْتِهَابِ ثِقْلِكَ فَعِنْدَهَا تَحِلُّ بِبَنِی أُمَیَّةَ اللَّعْنَةُ وَ تُمْطِرُ السَّمَاءُ رَمَاداً وَ دَماً وَ یَبْكِی عَلَیْكَ كُلُّ شَیْ ءٍ حَتَّی الْوُحُوشُ فِی الْفَلَوَاتِ وَ الْحِیتَانُ فِی الْبِحَارِ(2).

«45»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِیًّا(3) قَالَ یَحْیَی بْنُ زَكَرِیَّا لَمْ یَكُنْ لَهُ سَمِیٌّ قَبْلَهُ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ لَمْ یَكُنْ لَهُ سَمِیٌّ قَبْلَهُ وَ بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَیْهِمَا أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَ كَذَلِكَ بَكَتِ الشَّمْسُ

ص: 218


1- 1. المصدر ج 2 ص 76 و تراه فی الكافی ج 4 ص 169.
2- 2. أمالی الصدوق المجلس 24 تحت الرقم 3.
3- 3. مریم: 7.

عَلَیْهِمَا وَ بُكَاؤُهَا أَنْ تَطْلُعَ حَمْرَاءَ وَ تَغِیبَ حَمْرَاءَ وَ قِیلَ أَیْ بَكَی أَهْلُ السَّمَاءِ وَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ.

«46»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ بَكَی لِقَتْلِهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ احْمَرَّتَا وَ لَمْ یَبْكِیَا عَلَی أَحَدٍ قَطُّ إِلَّا عَلَی یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا.

«47»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ النَّاقِدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسْلَمِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَیْرِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ قَدْ أَخْرَجَهُ عُثْمَانُ إِلَی الرَّبَذَةِ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ یَا أَبَا ذَرٍّ أَبْشِرْ فَهَذَا قَلِیلٌ فِی اللَّهِ فَقَالَ مَا أَیْسَرَ هَذَا وَ لَكِنْ كَیْفَ أَنْتُمْ إِذَا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ قَتْلًا أَوْ قَالَ ذُبِحَ ذَبْحاً وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ فِی الْإِسْلَامِ بَعْدَ قَتْلِ الْخَلِیفَةِ أَعْظَمَ (1) قَتِیلًا مِنْهُ وَ إِنَّ اللَّهَ سَیَسُلُّ سَیْفَهُ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا یَغْمِدُهُ أَبَداً وَ یَبْعَثُ نَاقِماً مِنْ ذُرِّیَّتِهِ فَیَنْتَقِمُ مِنَ النَّاسِ وَ إِنَّكُمْ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا یَدْخُلُ عَلَی أَهْلِ الْبِحَارَ وَ سُكَّانِ الْجِبَالِ فِی الْغِیَاضِ وَ الْآكَامِ وَ أَهْلِ السَّمَاءِ مِنْ قَتْلِهِ لَبَكِیتُمْ وَ اللَّهِ حَتَّی تَزْهَقَ أَنْفُسُكُمْ وَ مَا مِنْ سَمَاءٍ یَمُرُّ بِهِ رُوحُ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَّا فَزِعَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ یَقُومُونَ قِیَاماً تُرْعَدُ مَفَاصِلُهُمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مَا مِنْ سَحَابَةٍ تَمُرُّ وَ تُرْعِدُ وَ تُبْرِقُ إِلَّا لَعَنَتْ قَاتِلَهُ وَ مَا مِنْ یَوْمٍ إِلَّا وَ تُعْرَضُ رُوحُهُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فَیَلْتَقِیَانِ (2).

«48»- شا، [الإرشاد] رَوَی یُوسُفُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِیرِینَ یَقُولُ: لَمْ تُرَ هَذِهِ الْحُمْرَةُ فِی السَّمَاءِ إِلَّا بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ (3).

بیان: یمكن أن یكون المراد كثرة الحمرة و زیادتها.

ص: 219


1- 1. یرید بالخلیفة علیّ بن أبی طالب علیه السلام، و فی بعض النسخ:« بعد قتل الحسین علیه السلام أعظم قتیلا منه».
2- 2. كامل الزیارات ص 74.
3- 3. الإرشاد ص 236. أقول: ان اختلاف الجو و الكائنات بانظلام الدنیا ثلاثة أیّام و بكاء الشمس بحمرتها غدوا و عشیا و غیر ذلك ممّا مر علیك فی هذا الباب ممّا تواتر عند المؤرخین فلا ریب فی وقوعها كما اعترف به المخالفون، قال السیوطی فی الدّر المنثور ج 6 ص 31: أخرج ابن أبی حاتم. عن عبید المكتب، عن إبراهیم رضی اللّٰه عنه قال: ما بكت السماء منذ كانت الدنیا الا علی اثنین( قیل لعبید أ لیس السماء و الأرض تبكی علی المؤمن؟ قال ذاك مقامه و حیث یصعد عمله قال و تدری ما بكاء السماء قال: لا قال: تحمر و تصیر وردة كالدهان) ان یحیی بن زكریا لما قتل احمرت السماء و قطرت دما و ان حسین بن علی یوم قتل احمرت السماء. و أخرج ابن أبی حاتم، عن زید بن زیاد، عنه قال: لما قتل الحسین احمرت آفاق السماء أربعة أشهر. فتری أمثال ما أخرجه المصنّف رحمه اللّٰه من كتب الشیعة، فی تاریخ ابن عساكر ج 4 ص 339، الخصائص الكبری ج 2 ص 126، الخطط المقریزیة ج 2 ص 289 تذكرة الخواص ص 155، المقتل للخوارزمی ج 2 ص 90، الاتحاف بحب الاشراف ص 24 تهذیب التهذیب ج 2 ص 354، الصواعق المحرقة ص 116، تاریخ الخلفاء ص 138 الكواكب الدریة ج 1 ص 56، مجمع الزوائد ج 9 ص 197، عقد الفرید ج 2 ص 315 و غیر ذلك فراجع.

باب 41 ضجیج الملائكة إلی اللّٰه تعالی فی أمره و أن اللّٰه بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبیاء و فاطمة علیهم السلام علیه صلوات اللّٰه علیه

1 أقول قد أثبتنا خبر ابن شبیب فی باب البكاء علیه (1) صلی اللّٰه علیه.

«2»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ مَتِّیلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ هَبَطُوا یُرِیدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَلَمْ یُؤْذَنْ لَهُمْ فِی الْقِتَالِ فَرَجَعُوا فِی الِاسْتِئْذَانِ وَ هَبَطُوا وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ رَئِیسُهُمْ مَلَكٌ یُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ(2).

ص: 220


1- 1. راجع ج 44 ص 285.
2- 2. أمالی الصدوق المجلس 92 تحت الرقم 7.

مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر الرزاز عن ابن أبی الخطاب: مثله (1).

«3»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ مَا كَانَ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ قَالَتْ یَا رَبِّ یُفْعَلُ هَذَا بِالْحُسَیْنِ صَفِیِّكَ وَ ابْنِ نَبِیِّكَ قَالَ فَأَقَامَ اللَّهُ لَهُمْ ظِلَّ الْقَائِمِ علیه السلام وَ قَالَ بِهَذَا أَنْتَقِمُ لَهُ مِنْ ظَالِمِیهِ.

«4»- ع، [علل الشرائع] الدَّقَّاقُ وَ ابْنُ عِصَامٍ مَعاً عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ لَسْتُمْ كُلُّكُمْ قَائِمِینَ بِالْحَقِّ قَالَ بَلَی قُلْتُ فَلِمَ سُمِّیَ الْقَائِمُ قَائِماً قَالَ لَمَّا قُتِلَ جَدِّیَ الْحُسَیْنُ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ قَالُوا إِلَهَنَا وَ سَیِّدَنَا أَ تَغْفُلُ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَ ابْنَ صَفْوَتِكَ وَ خِیَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِمْ قِرُّوا مَلَائِكَتِی فَوَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَ لَوْ بَعْدَ حِینٍ ثُمَّ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام لِلْمَلَائِكَةِ فَسُرَّتِ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ فَإِذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ یُصَلِّی فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ الْقَائِمِ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ (2).

«5»- مل، [كامل الزیارات] الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ النَّصِیبِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ أَخْبَرَنِی الْمَشِیخَةُ: أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِی جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْبَرَهُ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ كَانَ مَلَكَ الْبِحَارِ وَ ذَلِكَ أَنَّ مَلَكاً مِنْ مَلَائِكَةِ الْفِرْدَوْسِ نَزَلَ عَلَی الْبَحْرِ وَ نَشَرَ أَجْنِحَتَهُ عَلَیْهَا ثُمَّ صَاحَ صَیْحَةً وَ قَالَ یَا أَهْلَ الْبِحَارِ الْبَسُوا أَثْوَابَ الْحُزْنِ فَإِنَّ فَرْخَ الرَّسُولِ مَذْبُوحٌ ثُمَّ حَمَلَ مِنْ تُرْبَتِهِ فِی أَجْنِحَتِهِ إِلَی السَّمَاوَاتِ فَلَمْ یَلْقَ مَلَكاً فِیهَا إِلَّا شَمَّهَا وَ صَارَ عِنْدَهُ لَهَا أَثَرٌ وَ لَعَنَ قَتَلَتَهُ

ص: 221


1- 1. كامل الزیارات ص 83.
2- 2. علل الشرائع ج 1 ص 154.

وَ أَشْیَاعَهُمْ وَ أَتْبَاعَهُمْ (1).

«6»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا لَكُمْ لَا تَأْتُونَهُ یَعْنِی قَبْرَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ یَبْكُونَ عِنْدَ قَبْرِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(2).

«7»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِنَا عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ رِبْعِیٍّ عَنْ فُضَیْلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا لَكُمْ لَا تَأْتُونَهُ یَعْنِی قَبْرَ الْحُسَیْنِ فَإِنَّ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ یَبْكُونَ عِنْدَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«8»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِی إِسْمَاعِیلَ السَّرَّاجِ عَنْ یَحْیَی بْنِ مَعْمَرٍ الْقَطَّانِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«9»- مل، [كامل الزیارات](3)

أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَكَّلَ اللَّهُ بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ سَبْعِینَ أَلْفَ مَلَكٍ یُصَلُّونَ عَلَیْهِ كُلَّ یَوْمٍ شُعْثاً غُبْراً مُنْذُ یَوْمَ قُتِلَ إِلَی مَا شَاءَ اللَّهُ یَعْنِی بِذَلِكَ قِیَامَ الْقَائِمِ علیه السلام.

«10»- مل، [كامل الزیارات] بِالْإِسْنَادِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ مُبَارَكٍ الْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عِنْدَ قَبْرِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«11»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ جَمِیعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ عَنْ

ص: 222


1- 1. كامل الزیارات ص 67 و 68.
2- 2. راجع المصدر الباب 27 و ما بعده علی الترتیب.
3- 3. فی النسخ هنا رمز المحاسن: سن و هو سهو ظاهر بقرینة الاسناد، راجع كامل الزیارات ص 84.

أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ (1) أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

«12»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ حَرِیزٍ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: إِنَّ عَلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

قال محمد بن مسلم: یحرسونه.

«13»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ رِبْعِیٍّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ أَیْنَ قُبُورُ الشُّهَدَاءِ فَقَالَ أَ لَیْسَ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَكُمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ حَوْلَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

مل، [كامل الزیارات] ابن الولید عن الصفار عن ابن معروف بإسناده: مثله.

«14»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ أَبِی إِسْمَاعِیلَ السَّرَّاجِ عَنْ یَحْیَی بْنِ مَعْمَرٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَ الْحُسَیْنَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَلَا یَأْتِیهِ أَحَدٌ إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَا یَمْرَضُ أَحَدٌ إِلَّا عَادُوهُ وَ لَا یَمُوتُ أَحَدٌ إِلَّا شَهِدُوهُ.

مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن أبی الخطاب بإسناده: مثله.

«15»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِقَبْرِ الْحُسَیْنِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی زَوَالِ الشَّمْسِ وَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ هَبَطَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ وَ صَعِدَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ فَلَمْ یَزَلْ یَبْكُونَهُ حَتَّی یَطْلُعَ الْفَجْرُ وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ.

«16»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ هَارُونَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ أَنَا عِنْدَهُ فَقَالَ مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ الْحُسَیْنِ

ص: 223


1- 1. یعنی قبر الحسین علیه السلام.

فَقَالَ إِنَّ الْحُسَیْنَ لَمَّا أُصِیبَ بَكَتْهُ حَتَّی الْبِلَادُ فَوَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ شُعْثاً غُبْراً یَبْكُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ.

«17»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ(1) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ قَالَ وَ حَدَّثَنَا الْهَیْثَمُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُقَرِّنٍ (2) عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِذَا زُرْتُمْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَالْزَمُوا الصَّمْتَ إِلَّا مِنْ خَیْرٍ وَ إِنَّ مَلَائِكَةَ اللَّیْلِ وَ النَّهَارِ مِنَ الْحَفَظَةِ تَحْضُرُ الْمَلَائِكَةَ الَّذِینَ بِالْحَائِرِ فَتُصَافِحُهُمْ فَلَا یُجِیبُونَهَا مِنْ شِدَّةِ الْبُكَاءِ فَیَنْتَظِرُونَهُمْ حَتَّی تَزُولَ الشَّمْسُ وَ حَتَّی یُنَوِّرَ الْفَجْرُ ثُمَّ یُكَلِّمُونَهُمْ وَ یَسْأَلُونَهُمْ عَنْ أَشْیَاءَ مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ فَأَمَّا مَا بَیْنَ هَذَیْنِ الْوَقْتَیْنِ فَإِنَّهُمْ لَا یَنْطِقُونَ وَ لَا یَفْتُرُونَ عَنِ الْبُكَاءِ وَ الدُّعَاءِ وَ لَا یَشْغَلُونَهُمْ فِی هَذَیْنِ الْوَقْتَیْنِ عَنْ أَصْحَابِهِمْ فَإِنَّهُمْ شُغُلُهُمْ بِكُمْ إِذَا نَطَقْتُمْ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا الَّذِی یَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ وَ أَیُّهُمْ یَسْأَلُ صَاحِبَهُ الْحَفَظَةُ أَوْ أَهْلُ الْحَائِرِ قَالَ أَهْلُ الْحَائِرِ یَسْأَلُونَ الْحَفَظَةَ لِأَنَّ أَهْلَ الْحَائِرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَا یَبْرَحُونَ وَ الْحَفَظَةُ تَنْزِلُ وَ تَصْعَدُ قُلْتُ فَمَا تَرَی یَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ قَالَ إِنَّهُمْ یَمُرُّونَ إِذَا عَرَجُوا بِإِسْمَاعِیلَ صَاحِبِ الْهَوَاءِ فَرُبَّمَا وَافَقُوا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَهُ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ الْأَئِمَّةَ مَنْ مَضَی مِنْهُمْ فَیَسْأَلُونَهُمْ عَنْ أَشْیَاءَ وَ عَمَّنْ حَضَرَ مِنْكُمُ الْحَائِرَ وَ یَقُولُونَ بَشِّرُوهُمْ بِدُعَائِكُمْ فَتَقُولُ الْحَفَظَةُ كَیْفَ نُبَشِّرُهُمْ وَ هُمْ لَا یَسْمَعُونَ كَلَامَنَا فَیَقُولُونَ لَهُمْ بَارِكُوا عَلَیْهِمْ وَ ادْعُوا لَهُمْ عَنَّا فَهِیَ الْبِشَارَةُ مِنَّا وَ إِذَا انْصَرَفُوا فَحُفُّوهُمْ بِأَجْنِحَتِكُمْ حَتَّی یُحِسُّوا مَكَانَكُمْ وَ إِنَّا نَسْتَوْدِعُهُمُ الَّذِی لَا تَضِیعُ وَدَائِعُهُ.

ص: 224


1- 1. ما بین العلامتین ساقط من الأصل راجع المصدر ص 86 و 87.
2- 2. قیل: الظاهران المروی عنه هو مقرن لا ولده حیث انه هو الذی یروی عنه الهیثم ابن واقد، و هو الراوی عن الإمام علیه السلام و لیس فی كتب الرجال و الحدیث، عن ابنه هذا عین و لا أثر، فتحرر.

وَ لَوْ یَعْلَمُوا مَا فِی زِیَارَتِهِ مِنَ الْخَیْرِ وَ یَعْلَمُ ذَلِكَ النَّاسُ لَاقْتَتَلُوا عَلَی زِیَارَتِهِ بِالسُّیُوفِ وَ لَبَاعُوا أَمْوَالَهُمْ فِی إِتْیَانِهِ.

وَ إِنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام إِذَا نَظَرَتْ إِلَیْهِمْ وَ مَعَهَا أَلْفُ نَبِیٍّ وَ أَلْفُ صِدِّیقٍ وَ أَلْفُ شَهِیدٍ وَ مِنَ الْكَرُوبِیِّینَ أَلْفُ أَلْفٍ یُسْعِدُونَهَا عَلَی الْبُكَاءِ وَ إِنَّهَا لَتَشْهَقُ شَهْقَةً فَلَا تَبْقَی فِی السَّمَاوَاتِ مَلَكٌ إِلَّا بَكَی رَحْمَةً لِصَوْتِهَا وَ مَا تَسْكُنُ حَتَّی یَأْتِیَهَا النَّبِیُّ فَیَقُولَ یَا بُنَیَّةِ قَدْ أَبْكَیْتِ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَ شَغَلْتِهِمْ عَنِ التَّقْدِیسِ وَ التَّسْبِیحِ فَكُفِّی حَتَّی یُقَدِّسُوا فَ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ وَ إِنَّهَا لَتَنْظُرُ إِلَی مَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ فَتَسْأَلُ اللَّهَ لَهُمْ مِنْ كُلِّ خَیْرٍ وَ لَا تَزْهَدُوا فِی إِتْیَانِهِ فَإِنَّ الْخَیْرَ فِی إِتْیَانِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ یُحْصَی.

«18»- مل، [كامل الزیارات] بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ الْبَزَّازِ(1)

عَنْ حَرِیزٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَقَلَّ بَقَاءَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ أَقْرَبَ آجَالَكُمْ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ مَعَ حَاجَةِ هَذَا الْخَلْقِ إِلَیْكُمْ فَقَالَ إِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا صَحِیفَةً فِیهَا مَا یَحْتَاجُ إِلَیْهِ أَنْ یَعْمَلَ بِهِ فِی مُدَّتِهِ فَإِذَا انْقَضَی مَا فِیهَا مِمَّا أُمِرَ بِهِ عَرَفَ أَنَّ أَجَلَهُ قَدْ حَضَرَ وَ أَتَاهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَنْعَی إِلَیْهِ نَفْسَهُ وَ أَخْبَرَهُ بِمَا لَهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام قَرَأَ صَحِیفَتَهُ الَّتِی أُعْطِیَهَا وَ فُسِّرَ لَهُ مَا یَأْتِی وَ مَا یَبْقَی وَ بَقِیَ مِنْهَا أَشْیَاءُ لَمْ تَنْقَضِ فَخَرَجَ إِلَی الْقِتَالِ وَ كَانَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ الَّتِی بَقِیَتْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ سَأَلَتِ اللَّهَ فِی نُصْرَتِهِ فَأَذِنَ لَهُمْ فَمَكَثَتْ تَسْتَعِدُّ لِلْقِتَالِ وَ تَتَأَهَّبُ لِذَلِكَ حَتَّی قُتِلَ فَنَزَلَتْ وَ قَدِ انْقَطَعَتْ مُدَّتُهُ وَ قُتِلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ یَا رَبِّ أَذِنْتَ لَنَا فِی الِانْحِدَارِ وَ أَذِنْتَ لَنَا فِی نُصْرَتِهِ فَانْحَدَرْنَا وَ قَدْ قَبَضْتَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِلَیْهِمْ أَنِ الْزَمُوا قُبَّتَهُ حَتَّی تَرَوْنَهُ وَ قَدْ خَرَجَ فَانْصُرُوهُ وَ ابْكُوا عَلَیْهِ وَ عَلَی مَا فَاتَكُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ وَ إِنَّكُمْ خُصِّصْتُمْ بِنُصْرَتِهِ وَ الْبُكَاءِ عَلَیْهِ فَبَكَتِ الْمَلَائِكَةُ تَقَرُّباً وَ جَزَعاً عَلَی مَا فَاتَهُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ فَإِذَا خَرَجَ علیه السلام یَكُونُونَ أَنْصَارَهُ.

كا، [الكافی] علی عن أبیه عن الأصم عن أبی عبد اللّٰه البزاز عن حریز: مثله (2).

ص: 225


1- 1. الظاهر أبو عبد اللّٰه البزاز كما فی الكافی.
2- 2. أصول الكافی ج 1 ص 283.

«19»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ أَخِی مَعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی مَعاً عَنِ الْعَمْرَكِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا یَحْیَی وَ كَانَ فِی خِدْمَةِ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام عَنْ عَلِیٍّ عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ فِی طَرِیقِ الْمَدِینَةِ وَ نَحْنُ نُرِیدُ مَكَّةَ فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا لِی أَرَاكَ كَئِیباً حَزِیناً مُنْكَسِراً فَقَالَ لَوْ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ لَشَغَلَكَ عَنْ مُسَاءَلَتِی فَقُلْتُ وَ مَا الَّذِی تَسْمَعُ قَالَ ابْتِهَالُ الْمَلَائِكَةِ إِلَی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ عَلَی قَتَلَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ نَوْحُ الْجِنِّ وَ بُكَاءُ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ حَوْلَهُ وَ شِدَّةُ جَزَعِهِمْ فَمَنْ یَتَهَنَّأُ مَعَ هَذَا بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ نَوْمٍ وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ (1).

«20»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَیْبَةَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی كُنْتُ بِالْحِیرَةِ لَیْلَةَ عَرَفَةَ وَ كُنْتُ أُصَلِّی وَ ثَمَّ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِینَ أَلْفاً مِنَ النَّاسِ جَمِیلَةٍ وُجُوهُهُمْ طَیِّبَةٍ أَرْوَاحُهُمْ وَ أَقْبَلُوا

یُصَلُّونَ بِاللَّیْلِ أَجْمَعَ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ سَجَدْتُ ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِی فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ أَحَداً فَقَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّهُ مَرَّ بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ خَمْسُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ هُوَ یُقْتَلُ فَعَرَجُوا إِلَی السَّمَاءِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمْ مَرَرْتُمْ بِابْنِ حَبِیبِی وَ هُوَ یُقْتَلُ فَلَمْ تَنْصُرُوهُ فَاهْبِطُوا إِلَی الْأَرْضِ فَاسْكُنُوا عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثاً غُبْراً إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ(2).

«21»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: هَبَطَ أَرْبَعَةُ آلَافِ مَلَكٍ یُرِیدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَیْنِ فَلَمْ یُؤْذَنْ لَهُمْ فِی الْقِتَالِ فَرَجَعُوا فِی الِاسْتِئْمَارِ فَهَبَطُوا وَ قَدْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ لُعِنَ قَاتِلُهُ وَ مَنْ أَعَانَ عَلَیْهِ وَ مَنْ شَرِكَ فِی دَمِهِ فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ یَبْكُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ رَئِیسُهُمْ مَلَكٌ یُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ فَلَا یَزُورُهُ زَائِرٌ إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ وَ لَا یُوَدِّعُهُ مُوَدِّعٌ إِلَّا شَیَّعُوهُ وَ لَا یَمْرَضُ إِلَّا عَادُوهُ وَ لَا یَمُوتُ إِلَّا صَلُّوا عَلَی جِنَازَتِهِ وَ اسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ فِی الْأَرْضِ یَنْتَظِرُونَ قِیَامَ الْقَائِمِ علیه السلام(3).

ص: 226


1- 1. المصدر ص 92.
2- 2. المصدر ص 115.
3- 3. المصدر ص 192.

«22»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب جَامِعُ التِّرْمِذِیِّ وَ كِتَابُ السُّدِّیِّ وَ فَضَائِلُ السَّمْعَانِیِّ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَنَامِ وَ عَلَی رَأْسِهِ التُّرَابُ فَقُلْتُ مَا لَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَیْنِ آنِفاً.

ابْنُ فَوْرَكَ فِی فُصُولِهِ وَ أَبُو یَعْلَی فِی مُسْنَدِهِ وَ الْعَامِرِیُّ فِی إِبَانَتِهِ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا عَنْ عَائِشَةَ وَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: أَنَّهُ دَخَلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ عَلَی النَّبِیِّ وَ هُوَ یُوحَی إِلَیْهِ فَنَزَلَ الْوَحْیُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ مُنْكَبٌّ عَلَی ظَهْرِهِ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ تُحِبُّهُ فَقَالَ أَ لَا أُحِبُّ ابْنِی فَقَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ مِنْ بَعْدِكَ فَمَدَّ جَبْرَئِیلُ یَدَهُ فَإِذَا بِتُرْبَةٍ بَیْضَاءَ فَقَالَ فِی هَذِهِ التُّرْبَةِ یُقْتَلُ ابْنُكَ هَذِهِ یَا مُحَمَّدُ اسْمُهَا الطَّفُّ الْخَبَرَ.

وَ فِی أَخْبَارِ سَالِمِ بْنِ الْجَعْدِ: أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ مِیكَائِیلَ.

وَ فِی مُسْنَدِ أَبِی یَعْلَی: أَنَّ ذَلِكَ مَلَكُ الْقَطْرِ.

أَحْمَدُ فِی الْمُسْنَدِ عَنْ أَنَسٍ وَ الْغَزَّالِیُّ فِی كِیمْیَاءِ السَّعَادَةِ وَ ابْنُ بَطَّةَ فِی كِتَابِهِ الْإِبَانَةِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ طَرِیقاً وَ ابْنُ حُبَیْشٍ التَّمِیمِیُّ وَ اللَّفْظُ لَهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَیْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِی مَنْزِلِی إِذْ سَمِعْتُ صُرَاخاً عَظِیماً عَالِیاً مِنْ بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ هِیَ تَقُولُ یَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسْعِدِینِی وَ ابْكِینَ مَعِی فَقَدْ قُتِلَ سَیِّدُكُنَّ فَقِیلَ وَ مِنْ أَیْنَ عَلِمْتِ ذَلِكَ قَالَتْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ السَّاعَةَ فِی الْمَنَامِ شَعِثاً مَذْعُوراً فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ قُتِلَ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ وَ أَهْلُ بَیْتِهِ فَدَفَنْتُهُمْ قَالَتْ فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَیْنِ الَّذِی أَتَی بِهَا جَبْرَئِیلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ وَ قَالَ إِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكِ فَأَعْطَانِیهَا النَّبِیُّ فَقَالَ اجْعَلِیهَا فِی زُجَاجَةٍ فَلْتَكُنْ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَرَأَیْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ قَدْ صَارَتْ دَماً عَبِیطاً یَفُورُ(1).

أَمَالِی الْمُفِیدِ النَّیْسَابُورِیُّ: أَنَّ زَرَّةَ النَّائِحَةَ رَأَتْ فَاطِمَةَ علیها السلام فِیمَا یَرَی النَّائِمُ أَنَّهَا وَقَفَتْ عَلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ تَبْكِی وَ أَمَرَتْهَا أَنْ تُنْشِدَ-

أَیُّهَاالْعَیْنَانِ فِیضَا***وَ اسْتَهِلَّا لَا تَغِیظَا

ص: 227


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 55.

وَ ابْكِیَا بِالطَّفِّ مَیْتاً***تُرِكَ الصَّدْرُ رَضِیضاً

لَمْ أُمَرِّضْهُ قَتِیلًا ***لَا وَ لَا كَانَ مَرِیضاً(1)

بیان: تهللت دموعه أی سالت و استهل المطر اشتد انصبابه و غاض الماء قل.

«23»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ شَمُّونٍ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ كَرَّامٍ قَالَ: حَلَفْتُ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ نَفْسِی أَنْ لَا آكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّی یَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ فَدَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِكُمْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ أَنْ لَا یَأْكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّی یَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ فَصُمْ إِذاً یَا كَرَّامُ وَ لَا تَصُمِ الْعِیدَیْنِ وَ لَا ثَلَاثَةَ التَّشْرِیقِ وَ لَا إِذَا كُنْتَ مُسَافِراً وَ لَا مَرِیضاً فَإِنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام لَمَّا قُتِلَ عَجَّتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَیْهِمَا وَ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا یَا رَبَّنَا ائْذَنْ لَنَا فِی هَلَاكِ الْخَلْقِ حَتَّی نَجُدَّهُمْ مِنْ جَدِیدِ الْأَرْضِ بِمَا اسْتَحَلُّوا حُرْمَتَكَ وَ قَتَلُوا صَفْوَتَكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمْ یَا مَلَائِكَتِی وَ یَا سَمَاوَاتِی وَ یَا أَرْضِیَ اسْكُنُوا ثُمَّ كَشَفَ حِجَاباً مِنَ الْحُجُبِ فَإِذَا خَلْفَهُ مُحَمَّدٌ وَ اثْنَا عَشَرَ وَصِیّاً لَهُ علیه السلام ثُمَّ أَخَذَ بِیَدِ فُلَانٍ الْقَائِمِ مِنْ بَیْنِهِمْ فَقَالَ یَا مَلَائِكَتِی وَ یَا سَمَاوَاتِی وَ یَا أَرْضِی بِهَذَا أَنْتَصِرُ لِهَذَا قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (2).

بیان: جددت الشی ء أجده جدا قطعته و جد النخل یجده أی صرمه و الجدید وجه الأرض.

«24»- أَقُولُ رَوَی الْحَسَنُ بْنُ سُلَیْمَانَ مِنْ كِتَابِ الْمِعْرَاجِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّدُوقِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِی إِلَی السَّمَاءِ فَبَلَغْتُ السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ نَظَرْتُ إِلَی صُورَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقُلْتُ حَبِیبِی جَبْرَئِیلُ مَا هَذِهِ الصُّورَةُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ اشْتَهَتِ الْمَلَائِكَةُ أَنْ یَنْظُرُوا إِلَی صُورَةِ عَلِیٍّ فَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّ بَنِی آدَمَ فِی دُنْیَاهُمْ یَتَمَتَّعُونَ غُدْوَةً وَ عَشِیَّةً بِالنَّظَرِ إِلَی

ص: 228


1- 1. المصدر ص 63.
2- 2. أصول الكافی ج 1 ص 534.

عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ حَبِیبِ حَبِیبِكَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَلِیفَتِهِ وَ وَصِیِّهِ وَ أَمِینِهِ فَمَتِّعْنَا بِصُورَتِهِ قَدْرَ مَا تَمَتَّعَ أَهْلُ الدُّنْیَا بِهِ فَصَوَّرَ لَهُمْ صُورَتَهُ مِنْ نُورِ قُدْسِهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَعَلِیٌّ علیه السلام بَیْنَ أَیْدِیهِمْ لَیْلًا وَ نَهَاراً یَزُورُونَهُ وَ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ غُدْوَةً وَ عَشِیَّةً قَالَ فَأَخْبَرَنِی الْأَعْمَشُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ فَلَمَّا ضَرَبَهُ اللَّعِینُ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلَی رَأْسِهِ صَارَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِی صُورَتِهِ الَّتِی فِی السَّمَاءِ فَالْمَلَائِكَةُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ غُدْوَةً وَ عَشِیَّةَ یَلْعَنُونَ قَاتِلَهُ ابْنَ مُلْجَمٍ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ هَبَطَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ حَمَلَتْهُ حَتَّی أَوْقَفَتْهُ مَعَ صُورَةِ عَلِیٍّ فِی السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَكُلَّمَا هَبَطَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عُلًا وَ صَعَدَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْیَا فَمَنْ فَوْقَهَا إِلَی السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ لِزِیَارَةِ صُورَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ النَّظَرِ إِلَیْهِ وَ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ مُتَشَحِّطاً بِدَمِهِ لَعَنُوا یَزِیدَ وَ ابْنَ زِیَادٍ وَ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَ الْأَعْمَشُ قَالَ لِیَ الصَّادِقُ علیه السلام هَذَا مِنْ مَكْنُونِ الْعِلْمِ وَ مَخْزُونِهِ- لَا تُخْرِجْهُ إِلَّا إِلَی أَهْلِهِ (1).

ص: 229


1- 1. كتاب المحتضر ص 146 و 147.

باب 42 رؤیة أم سلمة و غیرها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله فی المنام و إخباره بشهادة الكرام

«1»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُلَیْلٍ الْعَنْزِیِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْعَرَبِیِّ عَنْ غِیَاثِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: أَصْبَحَتْ یَوْماً أُمُّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا تَبْكِی فَقِیلَ لَهَا مِمَّ بُكَاؤُكِ فَقَالَتْ لَقَدْ قُتِلَ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ اللَّیْلَةَ وَ ذَلِكَ أَنَّنِی مَا رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ مُنْذُ مَضَی إِلَّا اللَّیْلَةَ فَرَأَیْتُهُ شَاحِباً كَئِیباً فَقَالَتْ قُلْتُ مَا لِی أَرَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ شَاحِباً كَئِیباً قَالَ مَا زالت [زِلْتُ] اللَّیْلَةَ أَحْفِرُ الْقُبُورَ- لِلْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ.

لی، [الأمالی] للصدوق أبی عن سعد عن البرقی عن أبیه عن وهب بن وهب عنه علیه السلام: مثله (1)

بیان: شحب جسمه أی تغیر.

«2»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ حُشَیْشٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُبَارَكٍ الْخَثْعَمِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِیهِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَیْنَا أَنَا رَاقِدٌ فِی مَنْزِلِی إِذْ سَمِعْتُ صُرَاخاً عَظِیماً عَالِیاً مِنْ بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجْتُ یَتَوَجَّهُ بِی قَائِدِی إِلَی مَنْزِلِهَا وَ أَقْبَلَ أَهْلُ الْمَدِینَةِ إِلَیْهَا الرِّجَالُ وَ النِّسَاءُ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَیْهَا قُلْتُ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ مَا لَكِ تَصْرُخِینَ وَ تَغُوثِینَ فَلَمْ تُجِبْنِی وَ أَقْبَلَتْ عَلَی النِّسْوَةِ الْهَاشِمِیَّاتِ وَ قَالَتْ یَا بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسْعِدِینِی وَ ابْكِینَ مَعِی

ص: 230


1- 1. أمالی الصدوق المجلس 29 تحت الرقم 1.

فَقَدْ قُتِلَ وَ اللَّهِ سَیِّدُكُنَّ وَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَیْحَانَتُهُ الْحُسَیْنُ فَقُلْتُ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ مِنْ أَیْنَ عَلِمْتِ ذَلِكَ قَالَتْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِی الْمَنَامِ السَّاعَةَ شَعِثاً مَذْعُوراً فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَقَالَ قُتِلَ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ أَهْلُ بَیْتِهِ

الْیَوْمَ فَدَفَنْتُهُمْ وَ السَّاعَةَ فَرَغْتُ مِنْ دَفْنِهِمْ قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّی دَخَلْتُ الْبَیْتَ وَ أَنَا لَا أَكَادُ أَنْ أَعْقِلَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا بِتُرْبَةِ الْحُسَیْنِ الَّتِی أَتَی بِهَا جَبْرَئِیلُ مِنْ كَرْبَلَاءَ فَقَالَ إِذَا صَارَتْ هَذِهِ التُّرْبَةُ دَماً فَقَدْ قُتِلَ ابْنُكِ وَ أَعْطَانِیهَا النَّبِیُّ فَقَالَ اجعل [اجْعَلِی] هَذِهِ التُّرْبَةَ فِی زُجَاجَةٍ أَوْ قَالَ فِی قَارُورَةٍ وَ لْتَكُنْ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً عَبِیطاً فَقَدْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ فَرَأَیْتُ الْقَارُورَةَ الْآنَ وَ قَدْ صَارَتْ دَماً عَبِیطاً تَفُورُ قَالَ فَأَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَلَطَّخَتْ بِهِ وَجْهَهَا وَ جَعَلَتْ ذَلِكَ الْیَوْمَ مَأْتَماً وَ مَنَاحَةً عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَجَاءَتِ الرُّكْبَانُ بِخَبَرِهِ وَ أَنَّهُ قُتِلَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ قَالَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ إِنِّی دَخَلْتُ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَنْزِلَهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِیثِ وَ ذَكَرْتُ لَهُ رِوَایَةَ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ هَذَا الْحَدِیثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام حَدَّثَنِیهِ عُمَرُ بْنُ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِی رِوَایَةِ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْهُ قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الْقَابِلَةُ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِی أَغْبَرَ أَشْعَثَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ شَأْنِهِ فَقَالَ لِی أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنِّی فَرَغْتُ مِنْ مَدْفَنِ الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ.

قَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِی الْمِقْدَامِ فَحَدَّثَنِی سَدِیرٌ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: أَنَّ جَبْرَئِیلَ جَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِالتُّرْبَةِ الَّتِی یُقْتَلُ عَلَیْهَا الْحُسَیْنُ علیه السلام قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَهِیَ عِنْدَنَا.

«3»- فِی بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ رُوِیَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّیْبَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ التَّمِیمِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطِیفِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَمَّارٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِهِ یَوْماً بِنِصْفِ النَّهَارِ وَ هُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ فِی یَدِهِ قَارُورَةٌ فِیهَا دَمٌ

ص: 231

فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الدَّمُ قَالَ دَمُ الْحُسَیْنِ لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ الْیَوْمِ فَأُحْصِی ذَلِكَ الْیَوْمُ فَوُجِدَ أَنَّهُ قُتِلَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ (1).

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَاصِمِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ وَالِدِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ تَمْتَامٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنْ سَلْمَی قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ وَ هِیَ تَبْكِی فَقُلْتُ لَهَا مَا یُبْكِیكِ قَالَتْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَنَامِ وَ عَلَی رَأْسِهِ وَ لِحْیَتِهِ أَثَرُ التُّرَابِ فَقُلْتُ مَا لَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مُغْبَرّاً قَالَ شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَیْنِ آنِفاً(2).

وَ جَاءَ فِی الْمَرَاسِیلِ أَنَّ سَلْمَی الْمَدَنِیَّةَ قَالَتْ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أُمِّ سَلَمَةَ قَارُورَةً فِیهَا رَمْلٌ مِنَ الطَّفِّ وَ قَالَ لَهَا إِذَا تَحَوَّلَ هَذَا دَماً عَبِیطاً فَعِنْدَ ذَلِكَ یُقْتَلُ الْحُسَیْنُ قَالَتْ سَلْمَی فَارْتَفَعَتْ وَاعِیَةٌ مِنْ حُجْرَةِ أُمِّ سَلَمَةَ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ أَتَاهَا فَقُلْتُ مَا دَهَاكِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ قَالَتْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَنَامِ وَ التُّرَابُ عَلَی رَأْسِهِ فَقُلْتُ مَا لَكَ فَقَالَ وَثَبَ النَّاسُ عَلَی ابْنِی فَقَتَلُوهُ وَ قَدْ شَهِدْتُهُ قَتِیلًا السَّاعَةَ فَاقْشَعَرَّ جِلْدِی فَوَثَبْتُ إِلَی الْقَارُورَةِ فَوَجَدْتُهَا تَفُورُ دَماً قَالَتْ سَلْمَی فَرَأَیْتُهَا مَوْضُوعَةً بَیْنَ یَدَیْهَا.

«4»- یف، [الطرائف] مِنْ كِتَابِ الْجَمْعِ بَیْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ قَالَ: إِنَّ النَّبِیَّ رُئِیَ فِی الْمَنَامِ وَ هُوَ یَبْكِی فَقِیلَ لَهُ مَا لَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام آنِفاً.

ص: 232


1- 1. أخرجه فی مشكاة المصابیح ص 572 قال: رواها البیهقیّ فی دلائل النبوّة و أحمد. و رواه ابن حجر فی الإصابة ج 1 ص 334، و ابن عبد البر فی الاستیعاب بذیله ص 380 و هكذا ابن الأثیر فی أسد الغابة ج 2 ص 22.
2- 2. رواه الترمذی و قال: هذا حدیث غریب كما فی مشكاة المصابیح ص 570 و سلمی هی زوجة أبی رافع مولی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله. و قد روی هذا الخبر و الذی قبله فی أسد الغابة لابن الأثیر ج 2 ص 22.

باب 43 نوح الجن علیه صلوات اللّٰه علیه

«1»- أَقُولُ وَجَدْتُ فِی بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّهُ رُوِیَ عَنْ سَیِّدِ الْحُفَّاظِ أَبِی مَنْصُورٍ الدَّیْلَمِیِّ عَنِ الرَّئِیسِ أَبِی الْفَتْحِ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْحَنَفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّبَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِیمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عِیسَی بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْخُزَاعِیِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْجَوْنِ قَالَتْ: نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِخَیْمَةِ خَالَتِهَا أُمِّ مَعْبَدٍ وَ مَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِی الشَّاةِ مَا قَدْ عَرَفَهُ النَّاسُ فَقَالَ فِی الْخَیْمَةِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ حَتَّی أَبْرَدَ وَ كَانَ یَوْمٌ قَائِظٌ شَدِیدٌ حَرُّهُ فَلَمَّا قَامَ مِنْ رَقْدَتِهِ دَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ یَدَیْهِ فَأَنْقَاهُمَا ثُمَّ مَضْمَضَ فَاهُ وَ مَجَّهُ عَلَی عَوْسَجَةٍ كَانَتْ إِلَی جَنْبِ خَیْمَةِ خَالَتِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ اسْتَنْشَقَ ثَلَاثاً وَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَ ذِرَاعَیْهِ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ قَالَ لِهَذِهِ الْعَوْسَجَةِ شَأْنٌ ثُمَّ فَعَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ فَعَجِبْتُ وَ فَتَیَاتُ الْحَیِّ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا كَانَ عَهِدْنَا وَ لَا رَأَیْنَا مُصَلِّیاً قَبْلَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَصْبَحْنَا وَ قَدْ عَلَتِ الْعَوْسَجَةُ(1)

حَتَّی صَارَتْ كَأَعْظَمِ دَوْحَةٍ عَادِیَةٍ وَ أَبْهَی وَ خَضَدَ اللَّهُ شَوْكَهَا وَ سَاخَتْ عُرُوقُهَا وَ كَثُرَتْ أَفْنَانُهَا وَ اخْضَرَّ سَاقُهَا وَ وَرَقُهَا ثُمَّ أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَ أَیْنَعَتْ بِثَمَرٍ كَأَعْظَمِ مَا یَكُونُ مِنَ الْكَمْأَةِ فِی لَوْنِ الْوَرْسِ الْمَسْحُوقِ وَ رَائِحَةِ الْعَنْبَرِ وَ طَعْمِ الشَّهْدِ وَ اللَّهِ مَا أَكَلَ مِنْهَا جَائِعٌ إِلَّا شَبِعَ وَ لَا ظَمْآنُ إِلَّا رَوِیَ وَ لَا سَقِیمٌ إِلَّا بَرَأَ وَ لَا ذُو حَاجَةٍ وَ فَاقَةٍ إِلَّا اسْتَغْنَی وَ لَا أَكَلَ مِنْ وَرَقِهَا

ص: 233


1- 1. العوسج: من شجر الشوك له جناة حمراء و یكون غالبا فی السباخ، الواحدة عوسجة.

بَعِیرٌ وَ لَا نَاقَةٌ وَ لَا شَاةٌ إِلَّا سَمِنَتْ وَ دَرَّ لَبَنُهَا وَ رَأَیْنَا النَّمَاءَ وَ الْبَرَكَةَ فِی أَمْوَالِنَا مُنْذُ یَوْمَ نَزَلَ وَ أَخْصَبَتْ بِلَادُنَا وَ أَمْرَعَتْ (1)

فَكُنَّا نُسَمِّی تِلْكَ الشَّجَرَةَ الْمُبَارَكَةَ وَ كَانَ یَنْتَابُنَا مَنْ حَوْلَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِی یَسْتَظِلُّونَ بِهَا وَ یَتَزَوَّدُونَ مِنْ وَرَقِهَا فِی الْأَسْفَارِ وَ یَحْمِلُونَ مَعَهُمْ فِی الْأَرْضِ الْقِفَارِ فَیَقُومُ لَهُمْ مَقَامَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ وَ عَلَی ذَلِكَ أَصْبَحْنَا ذَاتَ یَوْمٍ وَ قَدْ تَسَاقَطَ ثِمَارُهَا وَ اصْفَرَّ وَرَقُهَا فَأَحْزَنَنَا ذَلِكَ وَ فَرِقْنَا لَهُ فَمَا كَانَ إِلَّا قَلِیلٌ حَتَّی جَاءَ نَعْیُ رَسُولِ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ قُبِضَ ذَلِكَ الْیَوْمَ فَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تُثْمِرُ ثَمَراً دُونَ ذَلِكَ فِی الْعِظَمِ وَ الطَّعْمِ وَ الرَّائِحَةِ فَأَقَامَتْ عَلَی ذَلِكَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ یَوْمٍ أَصْبَحْنَا وَ إِذَا بِهَا قَدْ تَشَوَّكَتْ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَی آخِرِهَا فَذَهَبَتْ نَضَارَةُ عِیدَانِهَا وَ تَسَاقَطَ جَمِیعُ ثَمَرِهَا فَمَا كَانَ إِلَّا یَسِیراً حَتَّی وَافَی مَقْتَلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَمَا أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا قَلِیلًا وَ لَا كَثِیراً وَ انْقَطَعَ ثَمَرُهَا وَ لَمْ نَزَلْ وَ مَنْ حَوْلَنَا نَأْخُذُ مِنْ وَرَقِهَا وَ نُدَاوِی مَرْضَانَا بِهَا وَ نَسْتَشْفِی بِهِ مِنْ أَسْقَامِنَا فَأَقَامَتْ عَلَی ذَلِكَ بُرْهَةً طَوِیلَةً ثُمَّ أَصْبَحْنَا ذَاتَ یَوْمٍ فَإِذَا بِهَا قَدِ انْبَعَثَتْ مِنْ سَاقِهَا دَماً عَبِیطاً جَارِیاً وَ وَرَقُهَا ذَابِلَةٌ تَقْطُرُ دَماً كَمَاءِ اللَّحْمِ فَقُلْنَا أَنْ قَدْ حَدَثَ عَظِیمَةٌ فَبِتْنَا لَیْلَتَنَا فَزِعِینَ مَهْمُومِینَ نَتَوَقَّعُ الدَّاهِیَةَ فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّیْلُ عَلَیْنَا سَمِعْنَا بُكَاءً وَ عَوِیلًا مِنْ تَحْتِهَا وَ جَلَبَةً شَدِیدَةً وَ رَجَّةً وَ سَمِعْنَا صَوْتَ بَاكِیَةٍ تَقُولُ:

أَیَا ابْنَ النَّبِیِّ وَ یَا ابْنَ الْوَصِیِّ***وَ یَا مَنْ بَقِیَّةُ سَادَاتِنَا الْأَكْرَمِینَا

ثُمَّ كَثُرَتِ الرَّنَّاتُ وَ الْأَصْوَاتُ فَلَمْ نَفْهَمْ كَثِیراً مِمَّا كَانُوا یَقُولُونَ فَأَتَانَا بَعْدَ ذَلِكَ قَتْلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ یَبِسَتِ الشَّجَرَةُ وَ جَفَّتْ فَكَسَرَتْهَا الرِّیَاحُ وَ الْأَمْطَارُ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَهَبَتْ وَ انْدَرَسَ أَثَرُهَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیُّ فَلَقِیتُ دِعْبِلَ بْنَ عَلِیٍّ الْخُزَاعِیَّ بِمَدِینَةِ الرَّسُولِ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِیثِ فَلَمْ یُنْكِرْهُ وَ- قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی عَنْ أُمِّهِ سَعِیدَةَ بِنْتِ مَالِكٍ الْخُزَاعِیَّةِ: أَنَّهَا أَدْرَكَتْ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَأَكَلَتْ مِنْ ثَمَرِهَا عَلَی عَهْدِ عَلِیِّ بْنِ

ص: 234


1- 1. یقال: أمرعت الأرض: شبع غنمها و أكلأت فی الشجر و البقر.

أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَنَّهَا سَمِعَتْ تِلْكَ اللَّیْلَةَ نَوْحَ الْجِنِّ فَحَفِظَتْ مِنْ جِنِّیَّةٍ مِنْهُنَّ:

یَا ابْنَ الشَّهِیدِ وَ یَا شَهِیداً عَمُّهُ***خَیْرُ الْعُمُومَةِ جَعْفَرٌ الطَّیَّارُ

عَجَباً لِمَصْقُولٍ أَصَابَكَ حَدُّهُ***فِی الْوَجْهِ مِنْكَ وَ قَدْ عَلَاهُ غُبَارٌ

قَالَ دِعْبِلٌ فَقُلْتُ فِی قَصِیدَتِی

زُرْ خَیْرَ قَبْرٍ بِالْعِرَاقِ یُزَارُ***وَ اعْصِ الْحِمَارَ فَمَنْ نَهَاكَ حِمَارٌ

لِمَ لَا أَزُورُكَ یَا حُسَیْنُ لَكَ الْفِدَا***قَوْمِی وَ مَنْ عُطِفَتْ عَلَیْهِ نِزَارُ

وَ لَكَ الْمَوَدَّةُ فِی قُلُوبِ ذَوِی النُّهَی***وَ عَلَی عَدُوِّكَ مَقْتَةٌ وَ دَمَارٌ

یَا ابْنَ الشَّهِیدِ وَ یَا شَهِیداً عَمُّهُ***خَیْرُ الْعُمُومَةِ جَعْفَرٌ الطَّیَّارُ(1)

بیان: خضدت الشجر قطعت شوكها.

«2»- وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِی مُثِیرِ الْأَحْزَانِ: نَاحَتْ عَلَیْهِ الْجِنُّ وَ كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُمْ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ یَسْتَمِعُونَ النَّوْحَ وَ یَبْكُونَ. وَ ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِیرَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّهُ سُمِعَ لَیْلَةَ قَتْلِهِ بِالْمَدِینَةِ مُنَادٍ یَسْمَعُونَهُ وَ لَا یَرَوْنَ شَخْصَهُ:

أَیُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَیْناً***أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِیلِ

كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ یَدْعُو عَلَیْكُمْ***مِنْ نَبِیٍّ وَ مَلْأَكٍ وَ قَبِیلٍ

قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَی لِسَانِ ابْنِ دَاوُدَ***وَ مُوسَی وَ صَاحِبِ الْإِنْجِیلِ (2)

وَ رُوِیَ: أَنَّ هَاتِفاً سُمِعَ بِالْبَصْرَةِ یُنْشِدُ لَیْلًا :

إن الرماح الواردات صدورها***نحو الحسین تقاتل التنزیلا

و یهللون بأن قتلت و إنما***قتلوا بك التكبیر و التهلیلا

فكأنما قتلوا أباك محمدا***صلی علیه اللّٰه أو جبریلا

و ذكر ابن الجوزی فی كتاب النور فی فضائل الأیام و الشهور: نوح الجن علیه فقالت :

ص: 235


1- 1. تری حدیث دعبل فی مقتل الخوارزمی ج 2 ص 100.
2- 2. تراها فی تاریخ ابن عساكر ج 4 ص 341.

لقد جئن نساء الجن یبكین شجیات***و یلطمن خدودا كالدنانیر نقیات

و یلبسن الثیاب السود بعد القصبیات

«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب قال دعبل حدثنی أبی عن جدی عن أمه سعدی بنت مالك الخزاعیة: أنها سمعت نوح الجن علی الحسین علیه السلام:

یا ابن الشهید و یا شهیدا عمه***خیر العمومة جعفر الطیار

عجبا لمصقول أصابك حده***فی الوجه منك و قد علاك غبار

إبانة ابن بطة أنه سمع من نوحهم:

أیا عین جودی و لا تجمدی***و جودی علی الهالك السید

فبالطف أمسی صریعا فقد***رزئنا الغداة بأمر بدی

و من نوحهم:

نساء الجن یبكین من الحزن شجیات***و أسعدن بنوح للنساء الهاشمیات

و یندبن حسینا عظمت تلك الرزیات***و یلطمن خدودا كالدنانیر نقیات

و یلبسن ثیاب السود بعد القصبیات

و من نوحهم:

احمرت الأرض من قتل الحسین كما***اخضر عند سقوط الجونة العلق

یا ویل قاتله یا ویل قاتله***فإنه فی سعیر النار یحترق

و من نوحهم:

أبكی ابن فاطمة الذی من قتله شاب الشعر***و لقتله زلزلتم و لقتله خسف القمر

و سمع نوح جن قصدوه لموازرته:

و اللّٰه ما جئتكم حتی بصرت به***بالطف منعفرالخدین منحورا

قال الطبری: و سمع نوح الملائكة فی أول منزل نزلوا قاصدین إلی الشام:

أیها القاتلون جهلا حسینا***أبشروا بالعذاب و التنكیل

كل أهل السماء یدعو علیكم***من نبی و مرسل و قتیل

ص: 236

قد لعنتم علی لسان ابن داود***و موسی و صاحب الإنجیل (1)

بیان: بأمر بدی أی بأمر بدیع غریب و قال الجوهری الجونة عین الشمس و إنما سمیت جونة عند مغیبها لأنها تسود حین تغیب و العلق القطعة من الدم أی كما یخضر الأفق عند سقوط الشفق و لعل الأظهر كما احمر.

«4»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنْ أَبِی لَیْلَی الْوَاسِطِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَّانَ الْكِنَانِیِّ قَالَ: بَكَتِ الْجِنُّ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَتْ:

مَا ذَا تَقُولُونَ إِذْ قَالَ النَّبِیُّ لَكُمْ***مَا ذَا فَعَلْتُمْ وَ أَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ

بِأَهْلِ بَیْتِی وَ إِخْوَانِی وَ مَكْرُمَتِی***مِنْ بَیْنِ أَسْرَی وَ قَتْلَی ضُرِّجُوا بِدَمٍ (2)

«5»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: بَیْنَا الْحُسَیْنُ علیه السلام یَسِیرُ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَی الْعِرَاقِ وَ إِذَا رَجُلٌ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ- وَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام مِثْلَ أَلْفَاظِ سَلَمَةَ قَالَ: وَ هُوَ یَقُولُ:

یَا نَاقَتِی لَاتُذْعَرِی مِنْ زَجْرِی***وَ شَمِّرِی قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ

بِخَیْرِ رُكْبَانٍ وَ خَیْرِ سَفْرٍ***حَتَّی تَحَلَّیْ بِكَرِیمِ الْبَحْرِ

بِمَاجِدِ الْجِدِّ رَحِیبِ الصَّدْرِ***أَثَابَهُ اللَّهُ لِخَیْرِ أَمْرٍ(3)

ثَمَّتَ أَبْقَاهُ بَقَاءَ الدَّهْرِ

فَقَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام

ص: 237


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 62 و 63. و زاد ابن الجوزی فی التذكرة ص 153 عن هشام بن محمّد الكلبی: فكانوا یرون أنّه بعض الملائكة، و قد أكثر الناس فیها.
2- 2. كامل الزیارات ص 95.
3- 3. فی الأصل و كذا المصدر ص 96: أبانه اللّٰه، و الصحیح ما فی الصلب و یحتمل« أنابه اللّٰه».

سَأَمْضِی وَ مَا بِالْمَوْتِ عَارٌ عَلَی الْفَتَی***إِذَا مَا نَوَی حَقّاً وَ جَاهَدَ مُسْلِماً

وَ وَاسَی الرِّجَالَ الصَّالِحِینَ بِنَفْسِهِ***وَ فَارَقَ مَثْبُوراً وَ خَالَفَ مُجْرِماً

فَإِنْ عِشْتُ لَمْ أَنْدَمْ وَ إِنْ مِتُّ لَمْ أُلَمْ***كَفَی بِكَ مَوْتاً أَنْ تَذِلَّ وَ تَغْرَمَا

6- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْمُعَاذِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عِكْرِمَةَ قَالَ: أَصْبَحْنَا لَیْلَةَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ بِالْمَدِینَةِ فَإِذَا مَوْلًی لَنَا یَقُولُ سَمِعْنَا الْبَارِحَةَ مُنَادِیاً یُنَادِی وَ یَقُولُ:

أَیُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَیْناً***أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِیلِ

كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ یَدْعُو عَلَیْكُمْ***مِنْ نَبِیٍّ وَ مُرْسَلٍ وَ قَتِیلٍ

قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَی لِسَانِ بْنِ دَاوُدَ***وَ ذِی الرُّوحِ حَامِلِ الْإِنْجِیلِ (1)

7- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ حَدَّثَتْنِی جَدَّتِی: أَنَّ الْجِنَّ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بَكَتْ عَلَیْهِ بِهَذِهِ الْأَبْیَاتِ:

یَا عَیْنُ جُودِی بِالْعِبَرِ وَ ابْكِی فَقَدْ حَقَّ الْخَبَرُ***ابْكِی ابْنَ فَاطِمَةَ الَّذِی وَرَدَ الْفُرَاتَ فَمَا صَدَرَ

الْجِنُّ تَبْكِی شَجْوَهَا لَمَّا أَتَی مِنْهُ الْخَبَرُ***قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ رَهْطُهُ تَعْساً لِذَلِكَ مِنْ خَبَرٍ

فَلَأَبْكِیَنَّكَ حُرْقَةً عِنْدَ الْعِشَاءِ وَ بِالسَّحَرِ***وَ لَأَبْكِیَنَّكَ مَا جَرَی عِرْقٌ وَ مَا حَمَلَ الشَّجَرُ

8- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ نَوْحَ الْجِنِّ مُنْذُ قُبِضَ النَّبِیُّ إِلَّا اللَّیْلَةَ وَ لَا أَرَانِی إِلَّا وَ قَدْ أُصِبْتُ بِابْنِی قَالَ وَ جَاءَتِ الْجِنِّیَّةُ مِنْهُمْ تَقُولُ:

أَلَا یَا عَیْنُ فَانْهَمِلِی بِجُهْدِی***فَمَنْ یَبْكِی عَلَی الشُّهَدَاءِ بَعْدِی

ص: 238


1- 1. كامل الزیارات ص 97 و هكذا ما بعده.

عَلَی رَهْطٍ تَقُودُهُمُ الْمَنَایَا***إِلَی مُتَجَبِّرٍ فِی مِلْكِ عَبْدٍ(1)

مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر القرشی عن ابن أبی الخطاب: مثله- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أمالی النیسابوری و الطوسی: مثله (2)

و روی فی المناقب القدیم عن شهردار الدیلمی عن محمود بن إسماعیل عن أحمد بن فازشاه قال و أخبرنی أبو علی مناولة عن أبی نعیم الحافظ قالا أخبرنا الطبرانی عن القاسمِ بن عباد الخطابی عن سوید بن سعید عن عمرو بن ثابت: مثله و فیه

ألا یا عین فاحتفلی بجهد(3).

9- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مُقِیلٍ الْحَارِثِیِّ عَنِ الْمَحْفُوظِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِی شَیْخٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ كَانَ یَسْكُنُ الرَّابِیَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِی یَقُولُ: مَا شَعَرْنَا بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ حَتَّی كَانَ مَسَاءُ لَیْلَةِ عَاشُورَاءَ فَإِنِّی لَجَالِسٌ بِالرَّابِیَةِ وَ مَعِی رَجُلٌ مِنَ الْحَیِّ فَسَمِعْنَا هَاتِفاً یَقُولُ:

وَ اللَّهِ مَا جِئْتُكُمْ حَتَّی بَصُرْتُ بِهِ***بِالطَّفِّ مُنْعَفِرَ الْخَدَّیْنِ مَنْحُوراً

وَ حَوْلَهُ فِتْیَةٌ تُدْمَی نُحُورُهُمْ***مِثْلَ الْمَصَابِیحِ یُطْفُونَ الدُّجَی نُوراً

وَ قَدْ حَثَثْتُ قَلُوصِی كَیْ أُصَادِفَهُمْ***مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَلَاقَی الْحُرَّدُ الْحُورَا(4)

فَعَاقَنِی قَدَرٌ وَ اللَّهُ بَالِغُهُ***وَ كَانَ أَمْراً قَضَاهُ اللَّهُ مَقْدُوراً

كَانَ الْحُسَیْنُ سِرَاجاً یُسْتَضَاءُ بِهِ***اللَّهُ یَعْلَمُ أَنِّی لَمْ أَقُلْ زُوراً

ص: 239


1- 1. أمالی الصدوق المجلس 29 الرقم 2.
2- 2. كامل الزیات ص 93، مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 62.
3- 3. تری الحدیث مسندا و مرسلا فی تاریخ ابن عساكر ج 4 ص 341. و الخصائص للسیوطی ج 2 ص 127 مجمع الزوائد ج 9 ص 199، تذكرة الخواص ص 152 و فیه« الی متجبر فی ثوب عبد».
4- 4. فی تذكرة الخواص ص 154 عن المدائنی:« من قبل ما ینكحون الخرد الحورا».

صَلَّی الْإِلَهُ عَلَی جِسْمٍ تَضَمَّنَهُ***قَبْرُ الْحُسَیْنِ حَلِیفِ الْخَیْرِ مَقْبُوراً

مُجَاوِراً لِرَسُولِ اللَّهِ فِی غُرَفٍ ***وَ لِلْوَصِیِّ وَ لِلطَّیَّارِ مَسْرُوراً

فَقُلْنَا لَهُ مَنْ أَنْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ أَنَا وَ آلِی مِنْ جِنِّ نَصِیبِینَ أَرَدْنَا مُؤَازَرَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ مُوَاسَاتَهُ بِأَنْفُسِنَا فَانْصَرَفْنَا مِنَ الْحَجِّ فَأَصَبْنَاهُ قَتِیلًا.

بیان: حرد جمع حارد من قولهم أسد حارد أی غضبان أو من حرد الرجل حرودا إذا تحول عن قومه و فیما سیأتی من روایة ابن قولویه من قبل ما أن یلاقوا الخرد الحورا و هو أظهر قال الفیروزآبادی الخرید و بهاء و الخرود البكر لم تمسس أو الخفرة الطویلة السكوت الخافضة الصوت المتسترة و الجمع خرائد و خرد خرد.

«10»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْمِیثَمِیِّ قَالَ: خَمْسَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَرَادُوا نَصْرَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَعَرَّسُوا(1) بِقَرْیَةٍ یُقَالُ لَهَا شَاهِی إِذْ أَقْبَلَ عَلَیْهِمْ رَجُلَانِ شَیْخٌ وَ شَابٌّ وَ سَلَّمَا عَلَیْهِمْ قَالَ فَقَالَ الشَّیْخُ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ وَ هَذَا ابْنُ أَخِی أَرَادَ نَصْرَ هَذَا الرَّجُلِ الْمَظْلُومِ قَالَ فَقَالَ لَهُمُ الشَّیْخُ الْجِنِّیُّ قَدْ رَأَیْتُ رَأْیاً قَالَ فَقَالَ الْفِتْیَةُ الْإِنْسِیُّونَ وَ مَا هَذَا الرَّأْیُ الَّذِی رَأَیْتَ قَالَ رَأَیْتُ أَنْ أَطِیرَ فَآتِیَكُمْ بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَتَذْهَبُونَ عَلَی بَصِیرَةٍ فَقَالُوا لَهُ نِعْمَ مَا رَأَیْتَ قَالَ فَغَابَ یوم [یَوْماً] وَ لَیْلَتَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ إِذَا هُمْ بِصَوْتٍ یَسْمَعُونَهُ وَ لَا یَرَوْنَ الشَّخْصَ وَ هُوَ یَقُولُ:

وَ اللَّهِ مَا جِئْتُكُمْ حَتَّی بَصُرْتُ بِهِ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ مِنَ الْأَبْیَاتِ سِوَی بَیْتَیْنِ مُصَدَّرَیْنِ بِقَوْلِهِ فَعَاقَنِی وَ بِقَوْلِهِ فَصَلَّی فَأَجَابَهُ بَعْضُ الْفِتْیَةِ مِنَ الْإِنْسِیِّینَ یَقُولُ

اذْهَبْ فَلَا زَالَ قَبْرٌ أَنْتَ سَاكِنُهُ***إِلَی الْقِیَامَةِ یُسْقَی الْغَیْثَ مَمْطُوراً

وَ قَدْ سَلَكْتَ سَبِیلًا كُنْتَ سَالِكَهُ***وَ قَدْ شَرِبْتَ بِكَأْسٍ كَانَ مَغْزُوراً

ص: 240


1- 1. فی المصدر ص 92:« فمروا» و التعریس نزول القوم فی السفر من آخر اللیل یقعون فیه وقعة للاستراحة ثمّ یرتحلون و شاهی موضع قرب القادسیة.

وَ فِتْیَةٍ فَرَّغُوا لِلَّهِ أَنْفُسَهُمْ***وَ فَارَقُوا الْمَالَ وَ الْأَحْبَابَ وَ الدُّورَا(1)

11- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِی زِیَادٍ الْقَنْدِیِّ قَالَ: كَانَ الْجَصَّاصُونَ یَسْمَعُونَ نَوْحَ الْجِنِّ حِینَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی السَّحَرِ بِالْجَبَّانَةِ وَ هُمْ یَقُولُونَ:

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِینَهُ فَلَهُ بِرِیقٌ فِی الْخُدُودِ***أَبَوَاهُ فِی عَلْیَا قُرَیْشٍ جَدُّهُ خَیْرُ الْجُدُودِ

أقول: روی فی المناقب القدیم عن أبی العلا الحسن بن أحمد الهمدانی عن محمود بن إسماعیل عن أحمد بن محمد بن الحسین عن أبی القاسم اللخمی عن محمد بن عثمان عن جندل بن والق عن عبد اللّٰه بن الطفیل عن أبی زید الفقیمی عن أبی حباب الكلبی عن الجصاصین: مثله.

«12»- مل، [كامل الزیارات] بِالْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ غَسَّانَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: كَانَتِ الْجِنُّ تَنُوحُ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَتَقُولُ:

لِمَنِ الْأَبْیَاتُ بِالطَّفِّ عَلَی كُرْهٍ بَنَیْنَه***تِلْكَ أَبْیَاتُ حُسَیْنٍ یَتَجَاوَبْنَ الرَّنِینَةَ

«13»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَزَوَّرِ قَالَ سَمِعْتُ لَیْلَی وَ هِیَ تَقُولُ: سَمِعْتُ نَوْحَ الْجِنِّ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ هِیَ تَقُولُ:

یَا عَیْنُ جُودِی بِالدُّمُوعِ فَإِنَّمَا***یَبْكِی الْحَزِینُ بِحُرْقَةٍ وَ تَوَجُّعٍ

یَا عَیْنُ أَلْهَاكِ الرُّقَادُ بِطِیبِهِ***مِنْ ذِكْرِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ تَوَجُّعٍ

بَاتَتْ ثَلَاثاً بِالصَّعِیدِ جُسُومُهُمْ***بَیْنَ الْوُحُوشِ وَ كُلُّهُمْ فِی مَصْرَعٍ

أقول: قد أوردنا بعض الأخبار فی باب شهادته صلوات اللّٰه علیه.

ص: 241


1- 1. كامل الزیارات ص 93، و هكذا ما بعده علی الترتیب.

باب 44 ما قیل من المراثی فیه صلوات اللّٰه علیه

«1»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی المفید عن محمد بن عمران عن محمد بن إبراهیم عن عبد اللّٰه بن أبی سعد عن مسعود بن عمرو عن إبراهیم بن داحة قال: أول شعر رثی به الحسین بن علی علیه السلام قول عقبة بن عمرو السهمی من بنی سهم بن عوف بن غالب:

إذا العین قرت فی الحیاة و أنتم***تخافون فی الدنیا فأظلم نورها

مررت علی قبر الحسین بكربلاء***ففاض علیه من دموعی غزیرها

فما زلت أرثیه و أبكی لشجوه***و یسعد عینی دمعها و زفیرها

و بكیت من بعد الحسین عصائب***أطافت به من جانبیها قبورها

سلام علی أهل القبور بكربلاء***و قل لها منی سلام یزورها

سلام بآصال العشی و بالضحی***تؤدیه نكباء الریاح و مورها

و لا برح الوفاد زوار قبره***یفوح علیهم مسكها و عبیرها.

قب، [المناقب] لابن شهرآشوب مرسلا(1): مثله بیان النكباء الریح الناكبة التی تنكب عن مهاب الریاح القوم ذكره الجوهری و قال الفیروزآبادی ریح انحرفت و وقعت بین ریحین أو بین الصبا و الشمال و المور بالضم الغبار بالریح (2).

«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الكمیت:

أضحكنی الدهر وأبكانی***و الدهر ذو صرف وألوان

لتسعة بالطف قدغودروا***صاروا جمیعا رهن أكفان

ص: 242


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 123، و فیه« عقبة بن عمیق» و فی تذكرة الخواص: ص 153 عقبة بن عمرو العبسی.
2- 2. و فی المناقب« تؤدیه نكباء الصبا و دبورها».

و ستة لا یتجازی بهم***بنو عقیل خیر فرسان

ثم علیُّ الخیر مولاهم***ذكرهم هیج أحزانی (1).

بیان: التجازی التقاضی.

«3»- قب المناقب لابن شهرآشوب السری الرفاء(2):

أقام روح و ریحان علی جدث***ثوی الحسین به ظمآن آمینا

كأن أحشاءنا من ذكره أبدا***تطوی علی الجمر أو تحشی السكاكینا

مهلا فما نقضوا أوتار والده***و إنما نقضوا فی قتله الدینا.

بیان: لعل الأوتار جمع وتر القوس كنایة عن العهود و المواثیق (3).

«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب دِعْبِلٌ:

هَلَّا بَكَیْتَ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ أَهْلِهِ***هَلَّا بَكَیْتَ لِمَنْ بَكَاهُ مُحَمَّدٌ

فَلَقَدْ بَكَتْهُ فِی السَّمَاءِ مَلَائِكٌ***زُهْرٌ كِرَامٌ رَاكِعُونَ وَ سُجَّدٌ

لَمْ یَحْفَظُوا حُبَّ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ***إِذْ جَرَّعُوهُ حَرَارَةً مَا تَبْرُدُ

قَتَلُوا الْحُسَیْنَ فَأَثْكَلُوهُ بِسِبْطِهِ***فَالثُّكْلُ مِنْ بَعْدِ الْحُسَیْنِ مُبَدَّدٌ

هَذَا حُسَیْنٌ بِالسُّیُوفِ مُبَضَّعٌ***مُتَخَضَّبٌ بِدِمَائِهِ مُسْتَشْهِدٌ

عَارٍ بِلَا ثَوْبٍ صَرِیعٌ فِی الثَّرَی***بَیْنَ الْحَوَافِرِ وَ السَّنَابِكِ یُقْصَدُ

كَیْفَ الْقَرَارُ وَ فِی السَّبَایَا زَیْنَبُ***تَدْعُو بِفَرْطِ حَرَارَةٍ یَا أَحْمَدُ

یَا جَدِّ إِنَّ الْكَلْبَ یَشْرَبُ آمِناً***رَیّاً وَ نَحْنُ عَنِ الْفُرَاتِ نُطْرَدُ

یَا جَدِّ مِنْ ثَكْلِی وَ طُولِ مُصِیبَتِی***وَ لِمَا أُعَایِنُهُ أَقُومُ وَ أَقْعُدُ.

بیان: قوله فالثكل من بعدالحسین مبدد أی تفرق و كثر القتل و الثكل بعد قتله علیه السلام فی أولاد الرسول صلی اللّٰه علیه و آله أو سائر الخلق أیضا و لا یبعد أن یكون فالكل فصحف.

ص: 243


1- 1. المصدر ج 4 ص 116، و هكذا ما بعده علی الترتیب.
2- 2. المصدر: الوفی السری.
3- 3. و لعله كنایة عن السداة: مامد من خیوط الثوب و نسج علیه اللحمة، فإذا انتقض انتقض اللحمة.

«5»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب كشاجم:

إذا تفكرت فی مصابهم ***أثقب زند الهموم قادحة

فبعضهم قربت مصارعه***و بعضهم بعدت مطارحه

أظلم فی كربلاء یومهم***ثم تجلی و هم ذبائحه

ذل حماه و قل ناصره***و نال أقوی مناه كاشحة.

خالد بن معدان:

جاءوا برأسك یا ابن بنت محمد***مترملا بدمائه ترمیلا

قتلوك عطشانا و لم یترقبوا***فی قتلك التنزیل و التأویلا

و كأنما بك یا ابن بنت محمد***قتلوا جهارا عامدین رسولا

و یكبرون بأن قتلت و إنما***قتلوا بك التكبیر و التهلیلا.

سلیمان بن قتة(1)

الهاشمی:

مررت علی أبیات آل محمد***فلم أرها أمثالها یوم حلت

أ لم تر أن الأرض أضحت مریضة***لفقد حسین و البلاد اقشعرت

و إن قتیل الطف من آل هاشم***أذل رقاب المسلمین فذلت

و كانوا رجاء ثم عادوا رزیة***لقد عظمت تلك الرزایا و جلت.

السوسی:

لهفی علی السبط و ما ناله***قد مات عطشانا بكرب الظما

لهفی لمن نكس عن سرجه***لیس من الناس له من حما

ص: 244


1- 1. هذا هو الصحیح كما نص علیه الفیروزآبادی قال: وقته كضبة: أم سلیمان و عنونه ابن قتیبة فی التابعین و قال: منسوب الی أمه و هو مولی لتیم قریش، و كان مع روایته شاعرا، و هكذا قال المبرد فی الكامل: سلیمان بن قتة رجل من تیم بن مرة و كان منقطعا الی بنی هاشم. أقول: و لعلّ ابن شهرآشوب أراد من وصفه بالهاشمی انقطاعه ذلك، و الا فهو تیمی ولاء، و لعله تصحیف القرشیّ، و قد یقال أنّه خزاعی كما فی أسد الغابة ج 2 ص 21، و هكذا فی الاستیعاب بذیل الإصابة ج 1 ص 378.

لهفی علی بدر الهدی إذ علا***فی رمحه یحكیه بدر الدجی

لهفی علی النسوة إذ برزت***تساق سوقا بالعنا و الجفا

لهفی علی تلك الوجوه التی***أبرزن بعد الصون بین الملا

لهفی علی ذاك العذار الذی***علاه بالطف تراب العرا

لهفی علی ذاك القوام الذی***حناه بالطف سیوف العدا

و له:

كم دموع ممزوجة بدماء ***سكبتها العیون فی كربلاء

لست أنساه بالطفوف غریبا***مفردا بین صحبه بالعراء

و كأنی به و قد خر فی الترب***صریعا مخضبا بالدماء

و كأنی به و قد لحظ النسوان***یهتكن مثل هتك الإماء

و له :

جودی علی حسین یا عین بانغزار***جودی علی الغریب إذا الجار لا یجار

جودی علی النساء مع الصبیة الصغار***جودی علی القتیل مطروح فی القفار

و له :

ألا یا بنی الرسول لقد قل الاصطبار***ألا یا بنی الرسول خلت منكم الدیار

ألا یا بنی الرسول فلا قر لی قرار

و له:

لا عذر للشیعی یرقأ دمعه***و دم الحسین بكربلاء أریقا

یا یوم عاشوراء لقد خلفتنی***ما عشت فی بحر الهموم غریقا

فیك استبیح حریم آل محمد***و تمزقت أسبابهم تمزیقا

أ أذوق ری الماء و ابن محمد***لم یرو حتی للمنون أذیقا

و له :

و كل جفنی بالسهاد***مذ عرس الحزن فی فؤادی

ناع نعی بالطفوف بدرا***أكرم به رائحا و غادی

ص: 245

نعی حسینا فدته روحی***لما أحاطت به الأعادی

فی فتیة ساعدوا و واسوا***و جاهدوا أعظم الجهاد

حتی تفانوا و ظل فردا***و نكسوه عن الجواد

و جاء شمر إلیه حتی***جرعه الموت و هو صاد

و ركب الرأس فی سنان***كالبدر یجلو دجی السواد

و احتملوا أهله سبایا***علی مطایا بلا مهاد

و له أیضا :

أ أنسی حسینا بالطفوف مجدلا***و من حوله الأطهار كالأنجم الزهر

أ أنسی حسینا یوم سیر برأسه***علی الرمح مثل البدر فی لیلة البدر

أ أنسی السبایا من بنات محمد***یهتكن من بعد الصیانة و الخدر.

بیان: و هو صاد أی عطشان.

«6»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب العونی:

فیا بضعة من فؤاد النبی***بالطف أضحت كَثِیباً مَهِیلًا

و یا كبدا من فؤاد البتول***بالطف شلت فأضحت أكیلا(1)

قتلت فأبكیت عین الرسول***و أبكیت من رحمة جبرئیلا

و له :

یا قمرا غاب حین لاحا***أورثنی فقدك المنایا

یا نوب الدهر لم یدع لی***صرفك من حادث صلاحا

أ بعد یوم الحسین ویحی***استعذب اللّٰهو و المزاحا

یا بأبی أنفس ظلماء***ماتوا و لم یشربوا المباحا

یا بأبی غرة هداة ***باكرها حتفها صباحا

یا سادتی یا بنی علی***بكی الهدی فقدكم و ناحا(2)

ص: 246


1- 1. فی المناقب ج 4 ص 119« ثلت» و الثلّ: الهدم و الهلاك.
2- 2. فی المصدر: بعدكم و ناحا.

یا سادتی یا بنی إمامی***أقولها عنوة صراحا

أوحشتم الحجر و المساعی***آنستم القفر و البطاحا

أوحشتم الذكر و المثانی***و السور النول الفصاحا(1).

بیان: النول كركع جمع النائل أی العطاء.

«7»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب و له:

لم أنس یوما للحسین و قد ثوی***بالطف مسلوب الرداء خلیعا

ظمآن من ماء الفرات معطشا***ریان من غصص الحتوف نقیعا

یرنو إلی ماء الفرات بطرفه***فیراه عنه محرما ممنوعا.

بیان: نقیعا أی كأنه نقع له سم الحتوف أو من قولهم سم ناقع أی بالغ و سم منقع أی مربی و رنا إلیه یرنو رنوا أدام النظر.

«8»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الزاهی:

أعاتب عینی إذا أقصرت***و أفنی دموعی إذا ما جرت

لذكراكم یا بنی المصطفی***دموعی علی الخد قد سطرت

لكم و علیكم جفت غمضها***جفونی عن النوم و استشعرت

أ مثل أجسادكم بالعراق***و فیها الأسنة قد كسرت

أ مثلكم فی عراق الطفوف***بدورا تكسف إذ أقمرت

غدت أرض یثرب من جمعكم***كخط الصحیفة إذ أقفرت

و أضحی بكم كربلاء مغربا***لزهر النجوم إذا غورت (2)

كأنی بزینب حول الحسین***و منها الذوائب قد نشرت

تمرغ فی نحره شعرها***و تبدی من الوجد ما أضمرت

و فاطمة عقلها طائر***إذا السوط فی جنبها أبصرت

ص: 247


1- 1. كذا فی الأصل و هو سهو و الصحیح كما فی المصدر: و السور الطول الفصاحا.
2- 2. فی الأصل و هكذا نسخة الكمبانیّ« كزهر النجوم».

و للسبط فوق الثری شیبة***یفیض دم النحر قد عفرت

و رأس الحسین أمام الرفاق***كغرة صبح إذا أسفرت

و له أیضا :

لست أنسی النساء فی كربلاء***و حسین ظام فرید وحید

ساجد یلثم الثری و علیه***قضب الهند ركع و سجود

یطلب الماء و الفرات قریب***و یری الماء و هو عنه بعید.

بیان: جفت أی أبعدت و قوله جفونی فاعله و قوله عن النوم متعلق به بتضمین معنی الفرار و نحوه أی أبعدت و تركت جفونی غمضها و ضمها فرارا عن النوم و استشعرت أی أضمرت حزنا یقال استشعر فلان خوفا أی أضمره قوله إذ أقمرت أی قبل أن تصل إلی البدریة و الكمال تكسفت قوله إذ أقفرت أی خلت أرض یثرب منكم فبقی منكم فیها آثار خربة كخط الصحیفة یقال سیف قاضب و قضیب أی قطاع و الجمع قواضب و قضب.

«9»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الناشی:

مصائب نسل فاطمة البتول***نكت حسراتها كبد الرسول

ألا بأبی البدور لقین كسفا***و أسلمها الطلوع إلی الأفول

ألا یا یوم عاشوراء رمانی***مصابی منك بالداء الدخیل

كأنی بابن فاطمة جدیلا***یلاقی الترب بالوجه الجمیل

یجرن فی الثری قدا و نحرا***علی الحصباء بالخد التلیل

صریعا ظل فوق الأرض أرضا***فوا أسفا علی الجسم النحیل

أعادیه توطأه و لكن***تخطاه العتاق من الخیول

و قد قطع العداة الرأس منه***و علوه علی رمح طویل

و قد برز النساء مهتكات***یجززن الشعور من الأصول

یسرن مع الیتامی من قتیل***یخضب بالدماء إلی قتیل

فطورا یلتثمن بنی علی***و طورا یلتثمن بنی عقیل

ص: 248

و فاطمة الصغیرة بعد عز***كساها الحزن أثواب الذلیل

تنادی جدها یا جد إنا***طلبنا بعد فقدك بالذحول.

بیان: قال الفیروزآبادی داء و حب دخیل أی داخل و الجدیل الصریع و جرن الحب طحنه و جرن الثوب جرونا انسحق و القد القامة وَ تَلَّهُ لِلْجَبِینِ أی صرعه و الذحول جمع الذحل یقال طلب بذحله أی بثأره.

«10»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب المرتضی:

إن یوم الطف یوما كان للدین عصیبا***لم یدع للقلب منی فی المسرات نصیبا

لعن اللّٰه رجالا أترعوا الدنیا غصوبا***سالموا عجزا فلما قدروا شنوا الحروبا

طلبوا أوتار بدر عندنا ظلما و حوبا

و له:

لقد كسرت للدین فی یوم كربلاء***كسائر لا تؤسی و لا هی تجبر

فإما سبی بالرماح مسوق***و إما قتیل بالتراب معفر

و جرحی كما اختارت رماح و أنصل***و صرعی كما شاءت ضباع و أنسر.

بیان: یوم عصیب أی شدید و أترعه أی ملأه و الترع محركة الإسراع إلی الشر و ترع فلان كفرح اقتحم الأمور مرحا و نشاطا و الحوب بالضم الإثم و الهلاك و البلاء قوله لا تؤسی من أسوت الجرح أی داویته.

الرضی:

كربلاء لا زلت كربا و بلا***ما لقی عندك آل المصطفی (1)

كم علی تربك لما صرعوا***من دم سال و من دمع جری

و ضیوف لفلاة قفرة*** نزلوا فیها علی غیر قری

لم یذوقوا الماء حتی اجتمعوا***بحدی السیف علی ورد الردی

تكسف الشمس شموس منهم***لا تدانیها علوا و ضیا

ص: 249


1- 1. لقاه، یلقاه مثل لقیه لغة طائیة قال شاعرهم: لم تلق خیل قبلها ما قد لقت***من غب هاجرة و سیر مساد.

و تنوش الوحش من أجسادهم***أرجل السبق و أیمان الندا

و وجوها كالمصابیح فمن***قمر غاب و من نجم هوی

غیرتهن اللیالی و غدا***جائر الحكم علیهن البلی

یا رسول اللّٰه لو عاینتهم***و هم ما بین قتل و سبا

من رمیض یمنع الظل و من***عاطش یسقی أنابیب القنا

و مسوق عاثر یسعی به***خلف محمول علی غیر وطا

جزروا جزر الأضاحی نسله***ثم ساقوا أهله سوق الإما

قتلوه بعد علم منهم***إنه خامس أصحاب الكسا

میت تبكی له فاطمة***و أبوها و علی ذو العلا

و له أیضا:

شغل الدموع عن الدیار بكاؤها***لبكاء فاطمة علی أولادها

لم یخلفوها فی الشهید و قد رأی***دفع الفرات یذاد عن ورادها

أ تری درت أن الحسین طریده***لقنا بنی الطرداء عند ولادها

كانت مآتم بالعراق تعدها***أمویة بالشام من أعیادها

ما راقبت غضب النبی و قد غدا***زرع النبی مظنة لحصادها

جعلت رسول اللّٰه من خصمائها***فلبئس ما ادخرت لیوم معادها

نسل النبی علی صعاب مطیها***و دم الحسین علی رءوس صعادها

وا لهفتاه لعصبة علویة***تبعت أمیة بعد ذل قیادها

جعلت عران الذل فی آنافها***و غلاظ وسم الضیم فی أجیادها

و استأثرت بالأمر عن غیابها***و قضت بما شاءت علی أشهادها

طلبت تراث الجاهلیة عندها***و شفت قدیم الغل من أحقادها

یا یوم عاشوراء كم لك لوعة***تترقص الأشیاء من إیقادها

أقول: و فی بعض الكتب فیه زیادة:

إن قوضت تلك القباب فإنها***خرت عماد الدین قبل عمادها

ص: 250

هی صفوة اللّٰه التی أوحی بها***و قضی أوامره إلی أمجادها

یروی مناقب فضلها أعداؤها***أبدا فیسندها إلی أضدادها

یا فرقة ضاعت دماء محمد***و بنیه بین یزیدها و زیادها

صغرا بمال اللّٰه مل ء أكفها***و أكف آل اللّٰه فی أصفادها

ضربوا بسیف محمد أبناءه***ضرب الغرائب عدن بعد ذیادها

یا یوم عاشوراء كم لك لوعة***تترقص الأحشاء من إیقادها

ما عدت إلا عاد قلبی علة***حزنی و لو بالغت فی إیرادها.

بیان: قوله بحدی السیف أی حداهم السیف حتی اجتمعوا علی نوبة هلاكهم أو علی ما یورد علیه من الهلاك و یمكن أن یكون بحد السیف علی التخفیف لضرورة الشعر و فی بعض النسخ بحذا السیف أی قبال السیف قوله تكسف الشمس أی هم شموس كل منهم یغلب نوره نور الشمس و یكسفها و النوش التناول قوله جائر الحكم حال عن البلی أی بلی كثیر كأنه جار فی الحكم و لعل مراده غیر المعصوم فإنه لا یتطرق إلیه البلی مع أنه فی الشعر قد لا یراعی تلك الأمور.

قوله شغل الدموع أی شغل البكاء علی تلك المصیبة الدموع عن انصبابها لذكر دیار المحبوبین و منازلهم فالضمیر فی بكاؤها راجع إلی العیون بقرینة المقام و الأصوب شغل العیون أی عن النظر إلی الدیار قوله لم یخلفوها أی لم یرعوا حرمة فاطمة فی الشهید و الدفع بضم الدال و فتح الفاء جمع الدفعة أی دفعات الفرات و انصباباتها و الدفاع طحمة الموج و السیل.

قوله درت أی علمت فاطمة علیها السلام قوله بنی الطرداء أی أبناء الذین كانوا مطرودین ملعونین حین تلد فاطمة تلك الأولاد و الزرع الولد و هنا معناه الآخر مرعی و السعدة القناة المستویة تنبت كذلك لا تحتاج إلی تثقیف و الصعاد جمعها و العران العود الذی یجعل فی وتره أنف البختی.

ص: 251

«11»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب آخر:

تبیت النشاوی من أمیة نوما***و بالطف قتلی ما ینام حمیمها

و ما قتل الإسلام إلا عصابة***تأمر نوكاها و نام زعیمها

فأضحت قناة الدین فی كف ظالم***إذا اعوج منها جانب لا یقیمها

غیره:

وا خجلة الإسلام من أضداده***ظفروا له بمعایب و معایر

آل العزیر یعظمون حماره***و یرون فوزا لثمهم للحافر

و سیوفكم بدم ابن بنت نبیكم****مخضوبة لرضی یزید الفاجر

و فی روایة:

وا خجلة الإسلام من أضداده***ظفروا له بمعایب و معایر(1)

رأس ابن بنت محمد و وصیه***تهدی جهارا للشقی الفاجر.

الصنوبری:

یا خیر من لبس النبوة من جمیع الأنبیاء***وجدی علی سبطیك وجد لیس یؤذن بانقضاء

هذا قتیل الأشقیاء و ذا قتیل الأدعیاء***یوم الحسین هرقت دمع الأرض بل دمع السماء

یوم الحسین تركت باب العز مهجور الفناء***یا كربلاء خلفت من كرب علی و من بلاء

كم فیك من وجه تشرب ماؤه ماء البهاء***نفسی فداء المصطلی نار الوغی أی اصطلاء

حیث الأسنة فی الجواشن كالكواكب فی السماء***فاختار درع الصبر حیث الصبر من لبس السناء

ص: 252


1- 1. هذا البیت ساقط من المصدر، راجع ج 4 ص 124.

و أبا إباء الأسد إن الأسد صادقة الإباء***و قضی كریما إذ قضی ظمآن فی نفر ظماء

منعوه طعم الماء لا وجدوا لما طعم ماء***من ذا لمعفور الجواد ممال أعواد الخباء

من للطریح الشلو عریانا مخلی بالعراء***من للمحنط بالتراب و للمغسل بالدماء

من لابن فاطمة المغیب عن عیون الأولیاء.

بیان: الشلو بالكسر العضو من أعضاء اللحم و أشلاء الإنسان أعضاؤه بعد التفرق.

«12»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب للشافعی:

تأوه قلبی و الفؤاد كئیب ***و أرق نومی فالسهاد عجیب

فمن مبلغ عنی الحسین رسالة***و إن كرهتها أنفس و قلوب

ذبیح بلا جرم كأن قمیصه***صبیغ بماء الأرجوان خضیب

فللسیف إعوال و للرمح رنة***و للخیل من بعد الصهیل نحیب

تزلزلت الدنیا لآل محمد***و كادت لهم صم الجبال تذوب

و غارت نجوم و اقشعرت كواكب***و هتك أستار و شق جیوب

یصلی علی المبعوث من آل هاشم***و یغزی بنوه إن ذا لعجیب

لئن كان ذنبی حب آل محمد***فذلك ذنب لست عنه أتوب

هم شفعائی یوم حشری و موقفی***إذا ما بدت للناظرین خطوب.

الجوهری:

عاشورنا ذا ألا لهفی علی الدین***خذوا حدادكم یا آل یاسین

الیوم شقق جیب الدین و انتهبت***بنات أحمد نهب الروم و الصین

الیوم قام بأعلا الطف نادبهم***یقول من لیتیم أو لمسكین

الیوم خضب جیب المصطفی بدم***أمسی عبیر نحور الحور و العین

ص: 253

الیوم خر نجوم الفخر من مضر***علی مناخر تذلیل و توهین

الیوم أطفئ نور اللّٰه متقدا***و جزرت لهم التقوی علی الظین (1)

الیوم هتك أسباب الهدی مزقا***و برقعت عزة الإسلام بالهون

الیوم زعزع قدس من جوانبه***و طاح بالخیل ساحات المیادین

الیوم نال بنو حرب طوائلها***مما صلوه ببدر ثم صفین

الیوم جدك سبط المصطفی شرقا***من نفسه بنجیع غیر مسنون.

إیضاح: الحداد بالكسر ثیاب المأتم السود و طاح أی هلك و سقط و الطوائل جمع طائلة و هی العداوة و الترة و النجیع من الدم ما كان إلی السواد و قیل هو دم الجوف خاصة و المسنون المتغیر المنتن و قوله شرقا فعل و الألف للإشباع أی شرق بسبب مصیبة من هو بمنزلة نفسه بدم طری من الحزن.

«13»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب شاعر:

یا كربلاء یا كربتی و زفرتی***كم فیك من ساق و من جمجمة

و من یمین بالحسام بینت***للفاطمیات العظام الحرمة

قد خر أركان العلی و انهدت***و غلقت أبوابه و سدت

تلك الرزایا عظمت و جلت

آخر:

كم سید لی بكربلاء فدیته السید الغریب***كم سید لی بكربلاء للموت فی صدره وجیب

كم سید لی بكربلاء عسكره بالعرا نهیب***كم سید لی بكربلاء لیس لما یشتهی طبیب

كم سید لی بكربلاء خاتمه و الرداء سلیب***كم سید لی بكربلاء خضب من نحره المشیب

ص: 254


1- 1. و جررت لمم التقوی علی الطین. خ ل.

كم سید لی بكربلاء ملثمه و الردا خضیب***كم سید لی بكربلاء یسمع صوتی و لا یجیب

كم سید لی بكربلاء ینقر فی ثغرة القضیب

آخر:

رأس ابن بنت محمد و وصیه***للناظرین علی قناة یرفع

و المسلمون بمنظر و بمسمع***لا منكر منهم و لا متفجع

كحلت بمنظرك العیون عمایة***و أصم رزءك كل أذن یسمع

أیقظت أجفانا و كنت لها كری***و أنمت عینا لم تكن بك تهجع

ما روضة إلا تمنت أنها***لك منزل و لخط قبرك مضجع

آخر :

إذا جاء عاشوراء تضاعف حسرتی***لآل رسول اللّٰه و انهل عبرتی

هو الیوم فیه اغبرت الأرض كلها***وجوما علیها و السماء اقشعرت

أریقت دماء الفاطمیین بالملإ***فلو عقلت شمس النهار لخرت

بنفسی خدود فی التراب تعفرت***بنفسی جسوم بالعراء تعرت

بنفسی رءوس معلیات علی القنا***إلی الشام تهدی بازفات الأسنة(1)

بنفسی شفاه ذابلات من الظمإ***و لم تحظ من ماءالفرات بقطرة

بنفسی عیون غائرات سواهر** إلی الماء منها قطرة بعد قطرة

بنفسی من آل النبی خرائد***حواسر لم تعرف علیهم بسترة.

إیضاح: قال الجوهری وجم من الأمر وجوما و الواجم الذی اشتد حزنه حتی أمسك عن الكلام و یوم وجیم أی شدید الحر و قال الفیروزآبادی الزفت المل ء و الغیظ و الطرد و السوق و الدفع و المنع و بالكسر القار و المزفت المطلی به و الظاهر بارقات كما ستجی ء و الخریدة من النساء الحییة و الجمع خرائد قوله لم تعرف من العرف و المعروف بمعنی الإحسان.

ص: 255


1- 1. فی المصدر ج 4 ص 126« بارقات» و یمكن أن یقرأ« بازقات».

«14»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب لأبی الفرج بن الجوزی:(1)

أ حسین و المبعوث جدك بالهدی***قسما یكون الحق فیه مسائلی

لو كنت شاهد كربلاء لبذلت فی***تنفیس كربك جهد بذل الباذل

و سقیت حد السیف من أعدائكم ***جللا و حد السمهری الذابل (2)

لكننی أخرت عنك لشقوتی***فبلابلی بین الغری و بابل

إذ لم أفز بالنصر من أعدائكم***فأقل من حزن و دمع سائل

آخر:

یا حر صدری یالهیب الحشا***انهد ركنی یا أخی و القوا

كنت أخی ركنی و لم یبق لی***ذخر و لا ركن و لا ملتجا

و كنت أرجوك فقد خاننی***ما كنت أرجوه فخاب الرجا

أیا ابن أمی لو تأملتنی***رأیت منی ما یسر العدا

حل بأعدائك ما حل بی***من ألم السیر و ذل السبا

و یا شقیقی أنا أفدیك من***یومك هذا و أكون الفدا

و لا هنأنی العیش یا سیدی***ما عشت من بعدك أو أدفنا

آخر:

یا من رأی حسینا شلوا لدی الفلاة***و الرأس منه عال فی ذروة القناة

و زینب تنادی قد قتلوا حماتی***یا جد لو ترانا أسری مهتكات.

توضیح: الجلل بالتحریك العظیم و السمهری الرمح الصلب و البلابل شدة الهموم و الوساوس.

ص: 256


1- 1. قال سبطه فی التذكرة ص 154: و أنشدنا أبو عبد اللّٰه محمّد ابن البندیجی البغدادیّ قال: أنشدنا بعض مشایخنا أن ابن الهباریة الشاعر اجتاز بكربلاء فجلس یبكی علی الحسین و أهله و قال بدیها:« أ حسین و المبعوث جدك بالهدی» الأبیات، ثمّ نام مكانه فرأی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی المنام فقال له: یا فلان! جزاك اللّٰه عنی خیرا، أبشر فان اللّٰه قد كتبك ممن جاهد بین یدی الحسین.
2- 2. فی التذكرة:« عللا» و العل: الشرب الثانی، یقال« علل بعد نهل».

«15»- أَقُولُ رَأَیْتُ فِی بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ الْمُتَأَخِّرِینَ أَنَّهُ قَالَ حَكَی دِعْبِلٌ الْخُزَاعِیُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیه السلام فِی مِثْلِ هَذِهِ الْأَیَّامِ فَرَأَیْتُهُ جَالِساً جِلْسَةَ الْحَزِینِ الْكَئِیبِ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ حَوْلِهِ فَلَمَّا رَآنِی مُقْبِلًا قَالَ لِی مَرْحَباً بِكَ یَا دِعْبِلُ مَرْحَباً بِنَاصِرِنَا بِیَدِهِ وَ لِسَانِهِ ثُمَّ إِنَّهُ وَسَّعَ لِی فِی مَجْلِسِهِ وَ أَجْلَسَنِی إِلَی جَانِبِهِ ثُمَّ قَالَ لِی یَا دِعْبِلُ أُحِبُّ أَنْ تُنْشِدَنِی شِعْراً فَإِنَّ هَذِهِ الْأَیَّامَ أَیَّامَ حُزْنٍ كَانَتْ عَلَیْنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ أَیَّامَ سُرُورٍ كَانَتْ عَلَی أَعْدَائِنَا خُصُوصاً بَنِی أُمَیَّةَ یَا دِعْبِلُ مَنْ بَكَی وَ أَبْكَی عَلَی مُصَابِنَا وَ لَوْ وَاحِداً كَانَ أَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ یَا دِعْبِلُ مَنْ ذَرَفَتْ عَیْنَاهُ عَلَی مُصَابِنَا وَ بَكَی لِمَا أَصَابَنَا مِنْ أَعْدَائِنَا حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَنَا فِی زُمْرَتِنَا یَا دِعْبِلُ مَنْ بَكَی عَلَی مُصَابِ جَدِّیَ الْحُسَیْنِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ الْبَتَّةَ ثُمَّ إِنَّهُ علیه السلام نَهَضَ وَ ضَرَبَ سِتْراً بَیْنَنَا وَ بَیْنَ حُرَمِهِ وَ أَجْلَسَ أَهْلَ بَیْتِهِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ لِیَبْكُوا عَلَی مُصَابِ جَدِّهِمُ الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ وَ قَالَ لِی یَا دِعْبِلُ ارْثِ الْحُسَیْنَ فَأَنْتَ نَاصِرُنَا وَ مَادِحُنَا مَا دُمْتَ حَیّاً فَلَا تُقَصِّرْ عَنْ نَصْرِنَا مَا اسْتَطَعْتَ قَالَ دِعْبِلٌ فَاسْتَعْبَرْتُ وَ سَالَتْ عَبْرَتِی وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ:

أَ فَاطِمُ لَوْخِلْتِ الْحُسَیْنَ مُجَدَّلًا***وَ قَدْ مَاتَ عَطْشَاناً بِشَطِّ فُرَاتِ

إِذاً لَلَطَمْتِ الْخَدَّ فَاطِمُ عِنْدَهُ***وَ أَجْرَیْتِ دَمْعَ الْعَیْنِ فِی الْوَجَنَاتِ

أَ فَاطِمُ قُومِی یَا ابْنَةَ الْخَیْرِ وَ انْدُبِی***نُجُومَ سَمَاوَاتٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ

قُبُورٌ بِكُوفَانَ وَ أُخْرَی بِطَیْبَةَ***وَ أُخْرَی بِفَخٍّ نَالَهَا صَلَوَاتِی

قُبُورٌ بِبَطْنِ النَّهْرِ مِنْ جَنْبِ كَرْبَلَا***مُعَرَّسُهُمْ فِیهَا بِشَطِّ فُرَاتٍ

توافوا [تُوُفُّوا] عِطَاشَا بِالْعَرَاءِ فَلَیْتَنِی***تُوُفِّیتُ فِیهِمْ قَبْلَ حِینِ وَفَاتِی

إِلَی اللَّهِ أَشْكُو لَوْعَةً عِنْدَ ذِكْرِهِمْ (1)***سَقَتْنِی بِكَأْسِ الثُّكْلِ وَ الفضعات [الْفَظِعَاتِ]

إِذَا فَخَرُوا یَوْماً أَتَوْا بِمُحَمَّدٍ***وَ جِبْرِیلَ وَ الْقُرْآنِ وَ السُّورَاتِ

وَ عَدُّوا عَلِیّاً ذَا الْمَنَاقِبِ وَ الْعُلَا***وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ خَیْرَ بَنَاتِ

وَ حَمْزَةَ وَ الْعَبَّاسَ ذَا الدِّینِ وَ التُّقَی***وَ جَعْفَرَهَا الطَّیَّارَ فِی الْحُجُبَاتِ

ص: 257


1- 1. اللوعة: حرقة الحزن و الهوی و الوجد.

أُولَئِكَ مَشْئُومُونَ هِنْداً وَ حَرْبَهَا***سُمَیَّةَ مِنْ نَوْكَی وَ مِنْ قَذِرَاتٍ

هُمْ مَنَعُوا الْآبَاءَ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِمْ***وَ هُمْ تَرَكُوا الْأَبْنَاءَ رَهْنَ شَتَاتٍ

سَأَبْكِیهِمُ مَا حَجَّ لِلَّهِ رَاكِبٌ***وَ مَا نَاحَ قُمْرِیٌّ عَلَی الشَّجَرَاتِ

فَیَا عَیْنُ بَكِّیهِمْ وَ جُودِی بِعَبْرَةٍ***فَقَدْ آنَ لِلتَّسْكَابِ وَ الْهَمَلَاتِ

بَنَاتُ زِیَادٍ فِی الْقُصُورِ مَصُونَةٌ***وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ مُنْهَتِكَاتٌ

وَ آلُ زِیَادٍ فِی الْحُصُونِ مَنِیعَةٌ***وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ فِی الْفَلَوَاتِ

دِیَارُ رَسُولِ اللَّهِ أَصْبَحْنَ بَلْقَعاً***وَ آلُ زِیَادٍ تَسْكُنُ الُحُجرَاتِ

و آلُ رَسُولِ اللَّهِ نُحْفٌ جُسُومُهُمْ***وَ آلُ زِیَادٍ غُلَّظُ الْقَصَرَاتِ (1)

وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ تُدْمَی نُحُورُهُمْ***وَ آلُ زِیَادٍ رَبَّةُ الْحَجَلَاتِ

وَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ تُسْبَی حَرِیمُهُمْ***وَ آلُ زِیَادٍ آمِنُوا السَّرَبَاتِ

إِذَا وُتِرُوا مَدُّوا إِلَی وَاتِرِیهِمْ***أَكُفّاً مِنَ الْأَوْتَارِ مُنْقَبِضَاتٍ

سَأَبْكِیهِمْ مَا ذَرَّ فِی الْأَرْضِ شَارِقٌ***وَ نَادَی مُنَادِی الْخَیْرِ لِلصَّلَوَاتِ

وَ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَ حَانَ غُرُوبُهَا***وَ بِاللَّیْلِ أَبْكِیهِمْ وَ الْغُدُوَاتِ

أقول: سیأتی تمام القصیدة و شرحها فی أبواب تاریخ الرضا علیه السلام.

«16»- و رأیت فی بعض مؤلفات بعض ثقات المعاصرین بعض المراثی فأحببت إیرادها للشیخ الخلیعی :

لم أبك ربعا للأحبة قد خلا***و عفا و غیره الجدید و أمحلا

كلا و لا كلفت صحبی وقفة***فی الدار إن لم اشف ضبا عللا

و مطارح النادی و غزلان النقا***و الجزع لم أحفل بها متغزلا

و بواكر الأظعان لم أسكب لها***دمعا و لا خل نأی و ترحلا

لكن بكیت لفاطم و لمنعها***فدكا و قد أتت الخئون الأولا

إذ طالبته بإرثها فروی لها***خبرا ینافی المحكم المتنزلا

لهفی لها و جفونها قرحی و قد***حملت من الأحزان عبئا مثقلا

ص: 258


1- 1. جمع قصرة: أصل العنق إذا غلظت.

و قد اغتدت منفیة و حمیها***متطیرا ببكائها متثقلا

تخفی تفجعها و تخفض صوتها***و تظل نادبة أباها المرسلا

تبكی علی تكدیر دهر ما صفا***من بعده و قریر عیش ما حلا

لم أنسها إذ أقبلت فی نسوة***من قومها تروی مدامعها الملا

و تنفست صعدا و نادت أیها***الأنصار یا أهل الحمایة و الكلا

أ ترون یا نجب الرجال و أنتم***أنصارنا و حماتنا أن نخذلا

ما لی و ما لدعی تیم ادعی***إرثی و ضل مكذبا و مبدلا

أ علیه قد نزل الكتاب مبینا***حكم الفرائض أم علینا نزلا

أم خصه المبعوث منه بعلم ما***أخفاه عنا كی نضل و نجهلا

أم أنزلت آی بمنعی إرثه***قد كان یخفیها النبی إذا تلا

أم كان فی حكم النبی و شرعه***نقص فتممه الغوی و كملا

أم كان دینی غیر دین أبی فلا***میراث لی منه و لیس له و لا

قوموا بنصری إنها لغنیمة***لمن اغتدی لی ناصرا متكفلا

و استعطفوه و خوفوه و اشهدوا***ذلی له و جفاه لی بین الملا

إن لج فی سخطی فقد عدم الرضی***من ذی الجلال و للعقاب تعجلا

أو دام فی طغیانه فقد اقتنی***لعنا علی مر الزمان مطولا

أین المودة و القرابة یا ذوی***الأیمان ما هذا القطیعة و القلا

أ فَهَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ تَوَلَّیْتُمْ بأن***تمضوا علی سنن الجبابرة الأولی

و تنكبوا نهج السبیل بقطع ما***أمر الإله عباده أن یوصلا

و لقد أزالكم الهوی و أحلكم***دار البوار من الجحیم و أدخلا

و لسوف یعقب ظلمكم أن تتركوا***ولدی برمضاء الطفوف مجدلا

فی فتیة مثل البدور كواملا***عرض المحاق بها فاضحت آفلا

و أقوم من خلل اللحود حزینة***و القوم قد نزلت بهم غیر البلاء

و یروعنی نقط القنا بجسومهم***و یسوؤنی شكل السیوف علی الطلی

ص: 259

فأقبل النحر الخضیب و أمسح***الوجه التریب مضمخا و مرملا

و یقوم سیدنا النبی و رهطه***متلهفا متأسفا متقلقلا

فیری الغریب المستضام النازح***الأوطان ملقی فی الثری ما غسلا

و تقوم آسیة و تأتی مریم***یبكین من كربی بعرصة كربلاء

و یطفن حولی نادبات الجن إشفاقا***علی یفضن دمعا مسبلا

و تضج أملاك السماء لعبرتی***و تعج بالشكوی إلی رب العلی

و أری بناتی یشتكین حواسرا***نهب المعاجر والهات ثكلا

و أری إمام العصر بعد أبیه فی***صفد الحدید مغللا و معللا

و أری كریم مؤملی فی ذابل***كالبدر فی ظلم الدیاجی یجتلی

یهدی إلی الرجس اللعین فیشتفی***منه فؤاد بالحقود قد امتلأ

و یظل یقرع منه ثغرا طال ما***قدما ترشفه النبی و قبلا

و مضلل أضحی یوطئ عذرة***و یقول و هو من البصیرة قد خلا

لو لم یحرم أحمد میراثه***لم یمنعوه أهله و تأولا

فأجبته إصر بقلبك أم قذا***فی العین منك عدتك تبصرة الجلا

أ و لیس أعطاها ابن خطاب لحید***رة الرضا مستعتبا متنصلا

أ تراه حلل ما رآه محرما***أم ذاك حرم ما رآه محللا

یا راكبا تطوی المهامة عیسه***طی الردا و تجوب أجواز الفلا

عرج بأكناف الغری مبلغا***شوقی و ناد بها الإمام الأفضلا

و من العجیب تشوقی لمزار من***لم یتخذ إلا فؤادی منزلا

فاحبس و قل یا خیر من وطئ الثری***و أعزهم جارا و أعذب منهلا

لو شئت قمت بنصر بضعة أحمد***الهادی بعقد عزیمة لن تحللا

و رمیت أعداء الرسول بجمرة***من حد سیفك حرها لا یصطلی

لكن صبرت لأن تقام علیهم***حجج الإله و لن تری أن تعجلا

كیلا یقولوا إن عجلت علیهم***كنا نراجع أمرنا لو أمهلا

ص: 260

مولای یا جنب الإله و عینه***یا ذا المناقب و المراتب و العلا

إحیاؤك العظم الرمیم و ردك ***الشمس المنیرة و الدجی قد أسبلا

و خضوعها لك فی الخطاب و قولها***یا قادرا یا قاهرا یا أولا

و كلام أصحاب الرقیم و ردهم***منك السلام و ما استنار و ما انجلی

و حدیث سلمان و نصرته علی***أسد الفرات و علم ما قد أشكلا

لا یستفز ذوی النهی و یقل من***أن یرتضی و یجل من أن یذهلا

أخذ الإله لك العهود علی الوری***فی الذر لما أن برا و بك ابتلی

فی یوم قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ***و علی مولاكم معا قالُوا بَلی

قسما بوردی من حیاض معارفی***و بشربی العذب الرحیق السلسلا

و من استجارك من نبی مرسل***و دعا بحقك ضارعا متوسلا

لو قلت إنك رب كل فضیلة***ما كنت فیما قلته متنحلا

أو بحت بالخطر الذی أعطاك رب***العرش كادونی و قالوا قد غلا

فإلیك من تقصیر عبدك عذره***فكثیر ما أنهی یراه مقللا

بل كیف یبلغ كنه وصفك قائل***و اللّٰه فی علیاك أبلغ مقولا

و نفائس القرآن فیك تنزلت***و بك اغتدی متحلیا متجملا

فاستجلها بكرا فأنت ملیكها***و علی سواك تجل من أن تجتلی (1)

و لئن بقیت لأنظمن قلائد***ینسی ترصعها النظام الأولا

شهد الإله بأننی متبرئ***من حبتر و من الدلام و نعثلا

و براءة الخلعی من عصب الخنا***تبنی علی أن البرا أصل الولاء.

قصیدة لابن حماد رحمه اللّٰه:

مصاب شهید الطف جسمی أنحلا***و كدر من دهری و عیشی ما حلا

فما هل شهر العشر إلا تجددت***بقلبی أحزان توسدنی البلی

ص: 261


1- 1. یقال: اجتلی العروس علی بعلها: عرضها علیه مجلوة، فاستجلاها: أی استكشفها.

و أذكر مولای الحسین و ما جری ***علیه من الأرجاس فی طف كربلاء

فو اللّٰه لا أنساه بالطف قائلا***لعترته الغر الكرام و من تلا

ألا فانزلوا فی هذه الأرض و اعلموا***بأنی بها أمسی صریعا مجدلا

و أسقی بها كأس المنون علی ظما***و یصبح جسمی بالدماء مغسلا

و لهفی له یدعو اللئام تأملوا***مقالی یا شر الأنام و أرذلا

أ لم تعلموا أنی ابن بنت محمد***و والدی الكرار للدین كملا

فهل سنة غیرتها أو شریعة***و هل كنت فی دین الإله مبدلا

أ حللت ما قد حرم الطهر أحمد***أ حرمت ما قد كان قبل محللا

فقالوا له دع ما تقول فإننا***سنسقیك كأس الموت غصبا معجلا

كفعل أبیك المرتضی بشیوخنا***و نشفی صدورا من ضغائنكم ملا

فأثنی إلی نحو النساء جواده***و أحزانه منها الفؤاد قد امتلأ

و نادی ألا یا أهل بیتی تصبروا***علی الضر بعدی و الشدائد و البلاء

فإنی بهذا الیوم أرحل عنكم***علی الرغم منی لا ملال و لا قلا

فقوموا جمیعا أهل بیتی و أسرعوا***أودعكم و الدمع فی الخد مسبلا

فصبرا جمیلا و اتقوا اللّٰه إنه***سیجزیكم خیر الجزاء و أفضلا

فأثنی علی أهل العناد مبادرا***یحامی عن دین المهیمن ذی العلا

و صال علیهم كالهزبر مجاهدا***كفعل أبیه لن یزل و یخذلا

فمال علیه القوم من كل جانب***فألقوه عن ظهر الجواد معجلا

و خر كریم السبط یا لك نكبة***بها أصبح الدین القویم معطلا

فارتجت السبع الشداد و زلزلت***و ناحت علیه الجن و الوحش فی الفلا

و راح جواد السبط نحو نسائه***ینوح و ینعی الظامئ المترملا

خرجن بنیات البتول حواسرا***فعاین مهر السبط و السرج قد خلا

فأدمین باللطم الخدود لفقده***و أسكبن دمعا حره لیس یصطلی

ص: 262

و لم أنس زینب تستغیث سكینة(1) ***أخی كنت لی حصنا حصینا و موئلا

أخی یا قتیل الأدعیاء كسرتنی***و أورثتنی حزنا مقیما مطولا

أخی كنت أرجو أن أكون لك الفدا***فقد خبت فیما كنت فیه أؤملا

أخی لیتنی أصبحت عمیا و لا أری***جبینك و الوجه الجمیل مرملا

و تدعو إلی الزهراء بنت محمد***أیا أم ركنی قد وهی و تزلزلا

أیا أم قد أمسی حبیبك بالعرا***طریحا ذبیحا بالدماء مغسلا

أیا أم نوحی فالكریم علی القنا***یلوح كالبدر المنیر إذا انجلی

و نوحی علی النحر الخضیب و اسكبی***دموعا علی الخد التریب المرملا

و نوحی علی الجسم التریب تدوسه***خیول بنی سفیان فی أرض كربلاء

و نوحی علی السجاد فی الأسر بعده***یقاد إلی الرجس اللعین مغللا

فیا حسرة ما تنقضی و مصیبة***إلی أن نری المهدی بالنصر أقبلا

إمام یقیم الدین بعد خفائه***إمام له رب السماوات فضلا

أیا آل طه یا رجائی و عدتی***و عونی أیا أهل المفاخر و العلا

یمینا بأنی ما ذكرت مصابكم***أیا سادتی إلا أبیت مقلقلا

فحزنی علیكم كل آن مجدد***مقیم إلی أن أسكن الترب و البلاء

عبیدكم العبد الحقیر محمد***كئیب و قد أمسی علیكم معولا

یؤملكم یا سادتی تشفعوا له***إذا ما أتی یوم الحساب لیسألا

فو اللّٰه ما أرجو النجاة بغیركم***غدا یوم آتی خائفا متوجلا

إذا فر منی والدی و مصاحبی***و عاینت ما قدمت فی زمن الخلا

و منوا علی الحضار بالعفو فی غد***لأن بكم قدری و قدرهم علا

علیكم سلام اللّٰه یا آل أحمد***سلام علی مر الزمان مطولا

ص: 263


1- 1. لفظ« سكینة» من السكون حال من« زینب» و یحتمل أن یكون تصحیف شكیمة و هی الانتصار من الظلم.

أیضا لابن حماد:

أ هجرت یا ذات الجمال دلالا***و جعلت جسمی للصدود خبالا

و سقیتنی كأس الفراق مرارة***و منعت عذب رضابك السلسالا

أسفا كما منع الحسین بكربلاء***ماء الفرات و أوسعوه خبالا

و سقوه أطراف الأسنة و القنا***و یزید یشرب فی القصور زلالا

لم أنس مولای الحسین بكربلاء***ملقی طریحا بالدماء رمالا

وا حسرتی كم یستغیث بجده***و الشمر منه یقطع الأوصالا

و یقول یا جداه لیتك حاضر***فعساك تمنع دوننا الأنذالا

و یقول للشمر اللعین و قد علا***صدرا تربی فی تقی و دلالا

یا شمر تقتلنی بغیر جنایة***حقا ستجزی فی الجحیم نكالا

و اجتز بالعضب المهند رأسه***ظلما و هز برأسه العسالا(1)

و علا به فوق السنان و كبروا***لله جل جلاله و تعالی

فارتجت السبع الطباق و أظلمت***و تزلزلت لمصابه زلزالا

و بكین أطباق السماء و أمطرت***أسفا لمصرعه دما قد سالا

یا ویلكم أ تكبرون لفقد من***قتلوا به التكبیر و التهلیلا

تركوه شلوا فی الفلاة و صیروا***للخیل فی جسد الحسین مجالا

و لقد عجبت من الإله و حلمه***فی الحال جل جلاله و تعالی

كفروا فلم یخسف بهم أرضا بما***فعلوا و أمهلهم به إمهالا

و غدا الحصان من الوقیعة عاریا***ینعی الحسین و قد مضی إجفالا

متوجها نحو الخیام مخضبا***بدم الحسین و سرجه قد مالا

و تقول زینب یا سكینة قد أتی***فرس الحسین فانظری ذا الحالا

قامت سكینة عاینته محمحما***ملقی العنان فأعولت إعوالا

فبكت و قالت وا شماتة حاسدی***قتلوا الحسین و أیتموا الأطفالا

ص: 264


1- 1. العسال: الرمح یهتز لبنا.

یا عمتا جاء الحصان مخضبا***بدم الشهید و دمعه قد سالا

لما سمعن الطاهرات سكینة***تنعی الحسین و تظهر الإعوالا

أبرزن من وسط الخدور صوارخا***یندبن سبط محمد المفضالا

فلطمن منهن الخدود و كشفت***منها الوجوه و أعلنت إعوالا

و خمشن منهن الوجوه لفقد من***نادی مناد فی السماء و قالا

قتل الإمام ابن الإمام بكربلاء***ظلما و قاسی منهم الأهوالا

و تقول یا جداه نسل أمیة***قتلوا الحسین و ذبحوا الأطفالا

یا جدنا فعلوا علوج أمیة(1)***فعلا شنیعا یدهش الأفعالا

یا جدنا هذا الحسین بكربلاء***قد بضعوه أسنة و نصالا

ملقی علی شاطئ الفرات مجدلا***فی الغاضریة للوری أمثالا

ثم استباحوا فی الطفوف حریمه***نهبوا السراة و قوضوا الأحمالا

و غدوا بزین العابدین مكتفا***فوق المطیة یشتكی الأهوالا

یبكی أباه بعبرة مسفوحة***أسروه مضنی لا یطیق نزالا(2)

و أتوا به نحو الخیام و أمه***تبكی و تسحب خلفه الأذیالا

و تقول لیت الموت جاء و لم أر***هذی الفعال و أنظر الأنذالا

لو كان والده علی المرتضی ***حیا لجدل دونه الأبطالا

و لفر جیش المارقین هزیمة ***من سیفه لا یستطیع قتالا

یا ویلكم فستسحبون أذلة***و ستحملون بفعلكم أثقالا

فعلی ابن سعد و اللعین عبیده (3)***لعن تجدد لا یزول زوالا

و علی محمد ثم آل محمد***روح و ریحان یدوم مقالا

ص: 265


1- 1. العلج- بالكسر- الرجل القوی الضخم من كفّار العجم، و بعض العرب یطلق العلج علی الكافر مطلقا، و الجمع علوج و أعلاج.
2- 2. یقال: أضناه المرض: أثقله مرضا مخامرا كلما ظنّ برؤه نكس، فهو مضنی.
3- 3. یعنی عبید اللّٰه ابن زیاد.

و علیهم صلی المهیمن ما حدا***فی البید ركبان تسیر عجالا(1)

فمتی تعود لآل أحمد دولة***و نری لملك الظالمین زوالا

یا آل أحمد أنتم سفن النجا***و أنا و حقكم لكم أتوالی

أرجوكم لی فی المعاد ذریعة***و بكم أفوز و أبلغ الآمالا

فلأنتم حجج الإله علی الوری***من لم یقل ما قلت قال محالا

و اللّٰه أنزل هل أتی فی مدحكم***و النمل و الحجرات و الأنفالا

و المرتقی من فوق منكب أحمد***منكم و لو رام السماء لنالا

و علیكم نزل الكتاب مفصلا***و اللّٰه أنزله لكم إنزالا

نص بإذن اللّٰه لا من نفسه***ذو العرش نص به لكم إفضالا

فتكلم المختار لما جاءه***من ربه جبریلهم إرسالا

إذ قال هذا وارثی و خلیفتی***فی أمتی فتسمعوا ما قالا

أفدیكم آل النبی و بمهجتی***و أبی و أبذل فیكم الأموالا

و أنا ابن حماد ولیكم الذی***لم یرض غیر كم و لم یتوالا

أصبحت معتصما بحبل ولائكم***جدا و إن قصر الزمان و طالا

و أنا الذی أهواكم یا سادتی***أرجو بذاك عنایة و نوالا

بعد الصلاة علی النبی محمد***ما غرد القمری و أرخی البالا.

أقول: لبعض تلامذة والدی الماجد نور اللّٰه ضریحه و هو محمد رفیع بن مؤمن الجیلی تجاوز اللّٰه عن سیئاتهما و حشرهما مع ساداتهما مراثی مبكیة حسنة السبك جزیلة الألفاظ سألنی إیرادها(2)

لتكون لسان صدق له فی الآخرین و هی هذه:

ص: 266


1- 1. البید: جمع بیداء: الفلاة.
2- 2. هذه المراثی الأربعة التی جعلناه بین المعقوفتین ممّا ألحقه المؤلّف قدّس سرّه بعد تألیف الكتاب و انتشاره، و لذلك لا یوجد منها فی نسخة الأصل أثر، و انما نقلناها من نسخة الكمبانی، و الظاهر أنهم نقلوها من خطّ المؤلّف قدّس سرّه علی بعض النسخ.

المرثیة الأولی

كم لریب المنون من وثبات***زعزعتنی فی رقدتی و ثباتی

كیف لی و الحمام أغرق فی النزع***و لا یخطئ الذی فی الحیاة

نفسی المقتضی مسرة نفسی***فی بلوغی منیتی خطواتی

كیف یلتذ عاقل لحیاة***هی أمطی الرحال نحو الممات

هل سلیم المذاق یشهی و یستصفی***أجاجا فی وهدة الكدرات

هذه دار رحلة غب حل***كالتی فی الطریق وسط الفلاة

لا مكان الثواء و الطمن و الأمن***من الأخذ بغتة و البیات

بئست الدار إذ قد اجتمعت فیها***صنوف الأكالب الضاریات

ذل فیها أولو الشرافة و المجد***و عزت أراذل العبلات

دور أهل الضلال فیها استجدت***و رسوم الهدی عفت داثرات

أف للدار هذه ثم تبا***لا أری عندها مكان الثبات

كالبغاة الزناة آل زیاد***نطف العاهرین و العاهرا

أ تری من یقول ذاك افتراه***أو رمی المحصنین و المحصنات

لا و رب المقام و البیت و الحجر***و جمع و الخیف و العرفات

هل سمعت الذی تواتر معنی***من نبی الوری بنقل الثقات

إن من كان مبغضا لعلی***فهو لا شك خائن الأمهات

ما وجدنا أشد بغضا و حقدا***من عبید الغریق فی اللعنات

كافر فاسق دعی خبیث***فاجر ظالم شقی و عات

نال آل الرسول من ذلك الرجس***رزایا قد هدت الراسیات

یا لها من مصیبة رق فیها***قلب كل الأنام حتی العداة

یا لها من مصیبة صاح فیها***فرق الجن صیحة الثاكلات

یا لها من مصیبة أسبلت دمع***الأولی ما بكوا لدی النازلات

لهف قلبی لسادة الخلق إذ هم***ذللوا فی إسار قوم طغاة

ص: 267

لهف قلبی و لجة البغی هاجت***فأمالت باللطم سفن النجاة

لهف قلبی لفتیة كبدور***خسفت من تراكم الظلمات

لهف قلبی لنسوة شبه حور***أخرجت من حظائر القادسات

و كأنی بزینب و هی تدعو***أمها بالنحیب والزفرات

آه وا سوأتاه یا أم قومی***فاثكلینا مجامع النائحات

هل ترینا الحسین منعفر الخد***و أوداجه غدت شاخبات

هل ترینا الحسین مات علیلا***یابس الحلق و هو عند الفرات

یا أبی یا أبا الضعاف الیتامی***یا مغیث اللّٰهیف فی الطائحات

لو رأیت الحسین بین الأعادی***كغریب فی الأكلب العاویات

طارد ما یصول قدامه إذ***عضه فی الوراء آخر عات

مستغیث یقول هل من مغیث***أو خلیل مؤانس و موات

لیت فی القوم من یدین بدینی***لیت فی القوم من یصلی صلاتی

علكم أیها العصابة صم***صمما نالكم من الأمهات

أنتم جاحدوا نبوة جدی***أنتم عابدوا منات و لات

هل بكم من مروة المرء شی ء***أو حیاء النساء لا و حیاتی

أهل بیت الرسول فی شرف الموت***لیبس الشفاه و اللّٰهوات

أنتم مظهرو دهاء و زهو***و نشاط بحبس ماء الفرات

أهل بیت الرسول فی الطف صرعی***ذو بطون خمیصة ضامرات

أنتم فی تنعم و رفاه***من لذیذ اللحوم و المرقات

أنتم فی الرحیب مجتمع الشمل***و آل الرسول رهن شتات

أین ترحیبكم أبیدت قراكم***بنزیل دعوتم دعوات

أین إیفاء ما كتبتم إلینا***و وعدتم لنا به وعدات

ویلكم ما جوابكم إذ دعاكم***یوم فصل الخصام قاضی القضاة

فعلیكم لعن الإله وبیلا***ما تلظی السعیر باللّٰهبات

ص: 268

ثم لعن الرسول فالخلق طرا***كل لعن مستتبع اللعنات

و علی من بكی لنا أو تباكی***صلوات من ربنا دائمات

رب هذا القصید قد نظم الجیلی***فانظمه فی عداد الرثات

و تجاوز عن سیئات جناها***یوم یدعی یا غافر السیئات

المرثیة الثانیة له عفی عنه

أما الهموم فقد حلت بوادینا***و استوطنت إذ رأت حسن القری فینا

و هل تری أحدا أحری بصحبتها***ممن حوی الفضل و الآداب و الدینا

أنی یكون لأهل الفضل من فرح***و ما صفی عیشهم من لوعة حینا

أ لا تری السادة النجب الكرام بنی***سلیلة المصطفی الغر المیامینا

أصابهم من بنی حرب الخباث أذی***له السماوات و الأرضون یبكینا

لهفی علی قول مولانا الحسین ***لصحبه و أعداؤه جاءوا یناوونا

ألا دعونی ألا فامضوا لشأنكم***إن البغاة إذن إیای یبغونا

لا یشتفی غلهم إلا بسفك دمی***إن كان ذا فبغیری لا یبالونا

فقال من هؤلاء الرهط طائفة***كانوا نفوسهم للخلد شارینا

فداك آباؤنا یا ابن الرسول لقد***كنا علی ما له صرنا مصرینا

تاللّٰه لو قطعت أعضاؤنا قطعا***لما عدلنا بها دنیا المضلینا

هدیتمونا إلی الإسلام لیس علی***وجه البسیط فریق مثلنا دینا

لولاكم ما عرفنا اللّٰه خالقنا***و لا صلاة و تطهیرا و تأذینا

أنتم دلائلنا أنتم وسائلنا***أنتم إلی الفوز بالرضوان هادونا

أ لیس جدك خیر المرسلین ألا***أبوك منه كما موسی و هارونا

فكیف نسلمك العلج الزنیم و قد***نراه أخبث فرعون مضی طینا

نعوذ باللّٰه من ذا بل نقاتلهم***بالسهم و السیف و العسال مسنونا

حتی یفیئوا إلی أمر الإله و یرفعوا***ید البغی عن خیر المصلینا

قال الحسین أتیتم بالوفاء إذن***جزاكم اللّٰه عنا آل یاسینا

ص: 269

فأنزلوا یا جنود اللّٰه رحلكم***ثم استعدوا لبلوی سوف یأتینا

شدوا حیازیمكم للموت و اصطبروا***و لا تخافوا بأن الموت لاقینا

و هل نخاف بأن الخصم یقتلنا***و الحق و اللّٰه فینا لیس یعدونا

لا عار للمرء لو تفقأ كریمته***إن كان مستبصرا قد أحكم الدینا

القوم من نیل روح اللّٰه قد یئسوا***و موقف العرض من ذا لا یبالونا

القوم قد آثروا الدنیا و زینتها***و یعبدون هواهم و الشیاطینا

بغوا رضی ابن زیاد خاب آملهم***یردون أولادنا یسبون أهلینا

یسقون أفراسهم ماء الفرات و***یقتلون آل رسول اللّٰه ظامینا

یا لیت فاطمة الطهر البتول تری***ما نالنا من بنی حرب و تبكینا

هل من خبیر ببلوانا یمر علی***زقاق طیبة یبكینا و یرثینا

یقول یا مصطفی إنی خرجت و قد***تركت ابنك منحورا و مطعونا

یقول آخر یا طهر البتول لقد***تركت ابنك محزونا و مشجونا

وا حسرتی لطریح بالعراء و لم***یدفن و ما كان مغسولا و مكفونا

وا لهف قلبی لفتیان أولی شرف***قد قتلوا و هم القرآن تالونا

وا لهف قلبی لنسوان مخدرة***ابرزن بالطف فی قوم ملاعینا

یا رب عذب عذاب الهون رائسهم***یزید ثم عبیدا فالاعنینا(1)

و اغفر لمسكیننا الجیلی زلته***آمین آمین یا غفار آمینا

المرثیة الثالثة له عفی عنه

ألا لیس من فقد الخلیل هزالی***و لا من مزاج السوء سوأة حالی

و لا نابنی ضیق المعاش فعابنی***خلیطی و أقرانی بقلة مالی

و لكن خیول الغم و الكرب و النوی***توالت علی بالی و أی توالی

لما حل من أصناف بلوی و محنة***بآل رسول اللّٰه أكرم آل

فكم مشرب كأس الحتوف فبعضهم***بدس و بعض مؤذنا بقتال

ص: 270


1- 1. كذا فی نسخة الكمبانیّ.

أ لم تسمع الملعونة الرجس إذ مضت***توسوس للأخری بوعد وصال

إلی أن قتلن المجتبی الحسن الذی***له مع حسن الوجه حسن خصال

فیا لیت كبد قطعت حین شربه***نقیع سموم خال كأس زلال

و یا لیت شمس الیوم كاللیل سودت***بما اخضر وجه مشرق كلئالی

بنفسی إذ جاءته زینب أخته***و قد شاهدت حالا و أیة حال

فقال تعالی یا ابنة الخیر فاعجبی***فكم فلذة منی سقطن حیالی

تعالی تعالی یا ابنة الأم فانظری***أخاك بكبد قاء أم بطحال

بنفسی إذ وصی أخاه معانقا***بتقوی الإله الخالق المتعال

و بالصبر و التسلیم لله و الرضی***و بالشكر و التحمید أیة حال

و قال تذكر نقل معراج جدنا***و مالك من قصر الجنان و مالی

فهذا اخضراری قد تحقق حسبما***هناك و فی علم الإله جری لی

سیدمون نحرا كان فی غیر مرة***یقبله الجد الجلیل حیالی

فتحمر وجها حیث لا یتیسر***اللواذ بأنصار و لا بموالی

فوا حسرتی وا سوأتا وا مصیبتا***لمذبوح أرض الطف یوم نزال

یزید بما استحللت هتك حریمه***و حرمت شرب الماء رد سؤالی

تدور بدور الفخر و العز و العلی***زقاق بلاد الشام فوق جمال

أطایب بیض كالشموس وجوهها***بظهر شموس فی مسیر قلال

ذراری رسول اللّٰه شد وثاقهم***كنحو أساری أوثقت بحبال

تذل میاتیم الحسین معاندا***و قد كان للأیتام خیر ثمال

فكیف إذا استعدی علیك محمد***لدی حاكم ذی نقمة و نكال

و بطش شدید و انتقام و سطوة***و سلطنة فی عزة و جلال

علیك إلی یوم الجزاء و بعده***من اللّٰه لعن دائم متتال

إلهی أنا الجیلی عبدك مذعنا***بما كان منی من قبیح فعال

و لكننی راثی الحسین و ناشر***مدائح ساداتی بلحن مقال

ص: 271

محبة أولاد الرسول تعرقت***ببالی فلا بالموت بعد أبالی

و لم أتخذ دون الوصی ولیجة***و هذا عطاء منك قبل سؤالی

و أنت علیم من ضمیری بأننی***بغیض لأعداء الوصی و قال

فلا تبعدنی عنه حیا و میتا***و عمم بهذا الفضل كل موال

المرثیة الرابعة أیضا له عفی عنه

اطلبوا للضحك دونی و علی الحزن دعونی***حرم الضحك أخلائی عن أهل الشجون

حزنی لیس لخل أو أنیس أو قرین***أو لولد كنت أرجو منهم أن یخلفونی

إنما حزنی و بثی و رنینی و أنینی***لشهید الطف سبط المصطفی الهادی الأمین

لهف قلبی إذ ینادی قومه هل من معین***ما لقومی لا یجیبونن إذ قد سمعونی

ألما فی قلبهم منی من داء دفین***أم لهم بغض علی الإسلام أم لم یعرفونی

ها أنا ابن المصطفی الآتی بقرآن مبین***ها أنا ابن المرتضی الهادی إلی دین مبین

أمی الزهراء مخدومة جبرئیل الأمین***مذهبی التوحید و التقدیس و الإسلام دینی

هل علی الأرض نظیری الیوم قومی أنصفونی***فبما استحللتم هتك حریمی أخبرونی

ویلكم یوم ینادی المرء یا رب ارجعونی***و أنا أشكو إلی جدی بالصوت الحزین

ص: 272

جد یا جد تری قومی كیف استضعفونی***ثم لم یرضوا بالاستضعاف حتی قتلونی

آه من جور عبید الفاسق العلج الهجین***آه من شمر و شبث یظهران الحقد دونی (1)

آه من إدماء نحری آه من عفر جبینی***آه من أجل صبایا هن من لحمی و طینی

آه من ذی ثفنات هو نفسی و وتینی***آه إذ أبرزت النسوان من حصن حصین

حاسرات ظامئات خافضات للأنین***آه من جور یزید بن اللعین بن اللعین

رب عذبهم بتعذیب ألیم و مهین***و احشر الجیلی فی زمرة أصحاب الیمین (2).

أقول: روی فی بعض كتب المناقب القدیمة بإسناده عن البیهقی عن علی بن محمد الأدیب یذكر بإسناد له: أن رأس الحسین بن علی علیهما السلام لما صلب بالشام أخفی خالد بن عفران و هو من أفضل التابعین شخصه من أصحابه فطلبوه شهرا حتی وجدوه فسألوه عن عزلته فقال أ ما ترون ما نزل بنا ثم أنشأ یقول:

جاءوا برأسك یا ابن بنت محمد***مترملا بدمائه ترمیلا

و كأنما بك یا ابن بنت محمد***قتلوا جهارا عامدین رسولا

قتلوك عطشانا و لم یترقبوا***فی قتلك التنزیل و التأویلا

و یكبرون بأن قتلت و إنما***قتلوا بك التكبیر و التهلیلا

أخبرنی سید الحفاظ أبو منصور شهردار بن شیرویه الدیلمی عن محیی السنة أبی الفتح إجازة قال أنشدنی أبو الطیب البابلی أنشدنی أبو النجم بدر بن

ص: 273


1- 1. آه من شمر و شبث قاطعی عرق وتینی، خ ل.
2- 2. انتهی ما نقلناه من نسخة الكمبانیّ.

إبراهیم بالدینور للشافعی محمد بن إدریس:

تأوب همی و الفؤاد كئیب***و أرق نومی فالرقاد غریب

و مما نفی جسمی و شیب لمتی***تصاریف أیام لهن خطوب

فمن مبلغ عنی الحسین رسالة***و إن كرهتها أنفس و قلوب

قتیلا بلا جرم كأن قمیصه***صبیغ بماء الأرجوان خضیب

و للسیف إعوال و للرمح رنة***و للخیل من بعد الصهیل نحیب

تزلزلت الدنیا لآل محمد***و كادت لها صم الجبال تذوب

یصلی علی المهدی من آل هاشم***و یغزی بنوه إن ذا لعجیب

لئن كان ذنبی حب آل محمد***فذلك ذنب لست منه أتوب.

أخبرنی أبو منصور الدیلمی عن أحمد بن علی بن عامر الفقیه أنشدنی أحمد بن منصور بن علی القطیعی المعروف بالقطان ببغداد لنفسه:

یا أیها المنزل المحیل***غاثك مستخفر هطول

أودی علیك الزمان لما***شجاك من أهله الرحیل

لا تغترر بالزمان و اعلم***أن ید الدهر تستطیل

فإن آجالنا قصار***فیه و آمالنا تطول

تفنی اللیالی و لیس یفنی***شوقی و لا حسرتی تزول

لا صاحب منصف فأسلو***به و لا حافظ وصول

و كیف أبقی بلا صدیق***باطنه باطن جمیل

یكون فی البعد و التدانی***یقول مثل الذی أقول

هیهات قل الوفاء فیهم***فلا حمیم و لا وصول

یا قوم ما بالنا جفینا***فلا كتاب و لا رسول

لو وجدوا بعض ما وجدنا***لكاتبونا و لم یحولوا

لكن خانوا و لم یجودوا***لنا بوصل و لم ینیلوا

قلبی قریح به كلوم***أفتنه طرفك البخیل

أنحل جسمی هواك حتی***كأنه حصرك النحیل

ص: 274

یا قاتلی بالصدود رفقا***بمهجة شفها غلیل (1)

غصن من البان حیث مالت***ریح الخزامی به تمیل (2)

یسطو علینا بغنج لحظ***كأنه مرهف صقیل

كما سطت بالحسین قوم***أراذل ما لهم أصول

یا أهل كوفان لم غدرتم***بنا و كم أنتم نكول

أنتم كتبتم إلی كتبا***و فی طریاتها ذحول

فراقبوا اللّٰه فی خبای***فیه لنا فتیة غفول

و أم كلثوم قد تنادی***لیس الذی حل بی قلیل

تقول لما رأته خلوا***قد خسفت صدره الخیول

جاشت بشط الفرات تدعو***ما فعل السید القتیل

أین الذی حین أرضعوه***ناغاه فی المهد جبرئیل

أین الذی حین غمدوه***قبله أحمد الرسول

أین الذی جده النبی***و أمه فاطم البتول

أنا ابن منصور لی لسان***علی ذوی النصب یستطیل

ما الرفض دینی و لا اعتقادی***و لست عن مذهبی أحول.

قال و لدعبل الخزاعی رحمه اللّٰه:

أ أسبلت دمع العین بالعبرات***و بت تقاسی شدة الزفرات

و تبكی لآثار لآل محمد***فقد ضاق منك الصدر بالحسرات

ألا فابكهم حقا و بل علیهم***عیونا لریب الدهر منسكبات

و لا تنس فی یوم الطفوف مصابهم***و داهیة من أعظم النكبات

سقی اللّٰه أجداثا علی أرض كربلاء***مرابیع أمطار من المزنات

ص: 275


1- 1. شفه الهم و الحزن و الحب: هزله و أوهنه. و النسخ« ببهجة» و هو تصحیف.
2- 2. الخزامی خیری البر زهره أطیب الازهار نفحة یتمثل به فی الطیب، یقال:« أطیب من نفس النعامی بین ورق الخزامی» و فی النسخ« الخرامی».

و صلی علی روح الحسین حبیبه***قتیلا لدی النهرین بالفلوات

قتیلا بلا جرم فجیعا بفقده***فریدا ینادی أین أین حماتی

أنا الظامئ العطشان فی أرض غربة***قتیلا و مطلوبا بغیر ترات

و قد رفعوا رأس الحسین علی القنا***و ساقوا نساء ولها خفرات

فقل لابن سعد عذب اللّٰه روحه***ستلقی عذاب النار باللعنات

سأقنت طول الدهر ما هبت الصبا***و أقنت بالآصال و الغدوات

علی معشر ضلوا جمیعا و ضیعوا***مقال رسول اللّٰه بالشبهات

قال و لدعبل أیضا رحمه اللّٰه:

یا أمة قتلت حسینا عنوة***لم ترع حق اللّٰه فیه فتهتدی

قتلوه یوم الطف طعنا بالقنا***و بكل أبیض صارم و مهند

و لطال ما ناداهم بكلامه***جدی النبی خصیمكم فی المشهد

جدی النبی أبی علی فاعلموا***و الفخر فاطمة الزكیة محتدی

یا قوم إن الماء یشربه الوری***و لقد ظمئت و قل منه تجلدی

قد شقنی عطشی و أقلقنی الذی***ألفاه من ثقل الحدید المؤید(1)

قالوا له هذا علیك محرم***هذا حلال من یبایع للغبی (2)

فأتاه سهم من ید مشئومة***من قوس ملعون خبیث المولد

یا عین جودی بالدموع و جودی***و ابكی الحسین السید بن السید.

قال و لبعضهم:

إن كنت محزونا فما لك ترقد***هلا بكیت لمن بكاه محمد

هلا بكیت علی الحسین و نسله***إن البكاء لمثلهم قد یحمد

لتضعضع الإسلام یوم مصابه***فالجود یبكی فقده و السؤدد

أ نسیت إذ سارت إلیه كتائب***فیها ابن سعد و الطغاة الجحد

فسقوه من جرع الحتوف بمشهد***كثر العداة به و قل المسعد

ص: 276


1- 1. المؤید: الامر العظیم، الداهیة.
2- 2. كذا و لعله تصحیف« بالید».

ثم استباحوا الصائنات حواسرا***و الشمل من بعد الحسین مبدد(1) كیف

القرار و فی السبایا زینب***تدعو المسا یا جدنا یا أحمد

هذا حسین بالحدید مقطع***متخضب بدمائه مستشهد

عار بلا كفن صریع فی الثری***تحت الحوافر و السنابك مقصد

و الطیبون بنوك قتلی حوله***فوق التراب ذبائح لا تلحد

یا جد قد منعوا الفرات و قتلوا***عطشا فلیس لهم هنالك مورد

یا جد من ثكلی و طول مصیبتی***و لما أعاینه أقوم و أقعد

و له:

حسب الذی قتل الحسین من الخسارة و الندامة***أن الشفیع لدی الإله خصیمه یوم القیامة.

قال و لدعبل أیضا رحمه اللّٰه:

منازل بین أكناف الغری***إلی وادی المیاه إلی الطوی

لقد شغل الدموع عن الغوانی***مصاب الأكرمین بنی علی

أتی أسفی علی هفوات دهر(2)***تضاءل فیه أولاد الزكی

أ لم تقف البكاء علی حسین***و ذكرك مصرع الحبر التقی

أ لم یحزنك أن بنی زیاد***أصابوا بالتراب بنی النبی

و أن بنی الحصان یمر فیهم***علانیة سیوف بنی البغی.

قال و للرضی الموسوی نقیب النقباء البغدادی:

سقی اللّٰه المدینة من محل***لباب الودق بالنطف العذاب

و جاد علی البقیع و ساكنیه***رخی البال ملئان الوطاب

و أعلام الغری و ما أساخت***معالمها من الحسب اللباب

و قبرا بالطفوف یضم شلوا***قضی ظمأ إلی برد الشراب

و بغدادا و سامرا و طوسا***هطول الودق منخرق العباب

ص: 277


1- 1. هذا هو الصحیح، و قد مر فی ص 243« فالثكل من بعد الحسین مبدد» و هو تصحیف.
2- 2. أیا أسفا، ظ.

بكم فی الشعر فخری لا بشعری***و عنكم طال باعی فی الخطاب

و من أولی بكم منی ولیا***و فی أیدیكم طرف انتسابی.

قال و لأبی الحسن علی بن أحمد الجرجانی من قصیدة طویلة یمدح أهل البیت علیهم السلام:

وجدی بكوفان ما وجدی بكوفان***تهمی علیه ضلوعی قبل أجفان (1)

أرض إذا نفحت ریح العراق بها***أتت بشاشتها أقصی خراسان

و من قتیل بأعلی كربلاء علی***جهد الصدی فتراه غیر صدیان

و ذی صفائح یستسقی البقیع به***ری الجوانح من روح و رضوان

هذا قسیم رسول اللّٰه من آدم***قدا معا مثل ما قد الشراكان

و ذاك سبطا رسول اللّٰه جدهما***وجه الهدی و هما فی الوجه عیناه

وا خجلتا من أبیهم یوم یشهدهم***مضرجین نشاوی من دم قان (2)

یقول یا أمة حف الضلال بها***فاستبدلت للعمی كفرا بإیمان

ما ذا جنیت علیكم إذ أتیتكم***بخیر ما جاء من آی و فرقان

أ لم أجركم و أنتم فی ضلالتكم***علی شفا حفرة من حر نیران

أ لم أؤلف قلوبا منكم مزقا فرقا***مثارة بین أحقاد و أضغان

أ ما تركت كتاب اللّٰه بینكم***و آیة الغر فی جمع و قرآن

أ لم أكن فیكم غوثا لمضطهد***أ لم أكن فیكم ماء لظمآن

قتلتم ولدی صبرا علی ظمإ***هذا و ترجون عند الحوض إحسانی

سبیتم ثكلتكم أمهاتكم***بنی البتول و هم لحمی و جثمانی

مزقتم و نكثتم عهد والدهم***و قد قطعتم بذاك النكث أقرانی

یا رب خذ لی منهم إذ هم ظلموا***كرام رهطی و راموا هدم بنیانی

ما ذا تجیبون و الزهراء خصمكم***و الحاكم اللّٰه للمظلوم و الجانی

ص: 278


1- 1. همی الماء و الدمع همیا و همیانا: سال لا یثنیه شی ء و العین: صبت دمعها.
2- 2. یقال: أحمر قان أصله قانئ بالهمز ای اشتد حمرته، و بالیاء لغة.

أهل الكساء صلاة اللّٰه ما نزلت***علیكم الدهر من مثنی و وحدان

أنتم نجوم بنی حواء ما طلعت***شمس النهار و ما لاح السماكان (1)

ما زلت منكم علی شوق یهیجنی***و الدهر یأمرنی فیه و ینهانی

حتی أتیتك و التوحید راحلتی***و العدل زادی و تقوی اللّٰه إمكانی

هذی حقائق لفظ كلما برقت***ردت بلألائها أبصار عمیان (2)

هی الحلی لبنی طه و عترتهم***هی الردی لبنی حرب و مروان

هی الجواهر جاء الجوهری بها***محبة لكم من أرض جرجان

قال و له أیضا فی یوم عاشوراء من قصیدته الطویلة:

یا أهل عاشوراء یا لهفی علی الدین***خذوا حدادكم یا آل یاسین

إلی آخر ما مضی فی روایة ابن شهرآشوب (3) و زاد فیه:

زادوا علیه بحبس الماء غلته***تبا لرأی فریق فیه مغبون

نالوا أزمة دنیاهم ببغیهم***فلیتهم سمحوا منها بماعون

حتی یصیح بقنسرین راهبها***یا فرقة الغی یا حزب الشیاطین

أ تهزءون برأس بات منتصبا***علی القناة بدین اللّٰه یوصینی

آمنت ویحكم باللّٰه مهتدیا***و بالنبی و حب المرتضی دینی

فجدلوه صریعا فوق جبهته***و قسموه بأطراف السكاكین

و أوقروا صهوات الخیل من أحن (4)***علی أساراهم فعل الفراعین

مصفدین علی أقتاب أرحلهم***محمولة بین مضروب و مطعون

أطفال فاطمة الزهراء قد فطموا***من الثدی بأنیاب الثعابین

یا أمة ولی الشیطان رأیتها***و مكن الغی منها كل تمكین

ص: 279


1- 1. یرید السماك الرامح و السماك الاعزل: كوكبان نیران.
2- 2. اللألاء: ضوء السراج و لمعانه.
3- 3. راجع ص 253.
4- 4. الصهوة: مقعد الفارس من الفرس.

ما المرتضی و بنوه من معاویة***و لا الفواطم من هند و میسون

آل الرسول عبادید السیوف فمن***هام علی وجهه خوفا و مسجون

یا عین لا تدعی شیئا لغادیة***تهمی و لا تدعی دمعا لمحزون

قومی علی جدث بالطف فانتقضی***بكل لؤلؤ دمع فیك مكنون

یا آل أحمد إن الجوهری لكم***سیف یقطع عنكم كل موصون.

قال و لغیره عاشوریة طویلة انتخبت منها هذه الأبیات:

إذا جاء عاشوراء تضاعف حسرتی***لآل رسول اللّٰه و انهل عبرتی

هو الیوم فیه اغبرت الأرض كلها***وجوما علیهم و السماء اقشعرت

مصائب ساءت كل من كان مسلما***و لكن عیون الفاجرین أقرت

إذا ذكرت نفسی مصیبة كربلاء***و أشلاء سادات بها قد تفرت

أضاقت فؤادی و استباحت تجارتی***و عظم كربی ثم عیشی أمرت

أریقت دماء الفاطمیین بالملا***فلو عقلت شمس النهار لخرت

ألا بأبی تلك الدماء التی جرت***بأیدی كلاب فی الجحیم استقرت

توابیت من نار علیهم قد أطبقت (1)***لهم زفرة فی جوفها بعد زفرة

فشتان من فی النار قد كان هكذا***و من هو فی الفردوس فوق الأسرة(2)

بنفسی خدود فی التراب تعفرت***بنفسی جسوم بالعراء تعرت

بنفسی رءوس معلیات علی القنا***إلی الشام تهدی بارقات الأسنة

بنفسی شفاه ذابلات من الظمإ***و لم تحظ من ماء الفرات بقطرة

بنفسی عیون غائرات سواهر***إلی الماء منها نظرة بعد نظرة

بنفسی من آل النبی خرائد***حواسر لم تقذف علیهم بسترة

تفیض دموعا بالدماء مشوبة***كقطر الغوادی من مدافع سرة(3)

ص: 280


1- 1. التوابیت: جمع تابوت.
2- 2. الاسرة: جمع سریر.
3- 3. الغوادی جمع غادیة: السحابة تنشأ غدوة. و فی النسخ« الفوادی» فتحرر.

علی خیر قتلی من كهول و فتیة***مصالیت أنجاد إذا الخیل كرت

ربیع الیتامی و الأرامل فابكها***مدارس للقرآن فی كل سحرة

و أعلام دین المصطفی و ولاته***و أصحاب قربان و حج و عمرة

ینادون یا جداه أیة محنة***تراه علینا من أمیة مرت

ضغائن بدر بعد ستین أظهرت***و كانت أجنت فی الحشا و أسرت

شهدت بأن لم ترض نفس بهذه***و فیها من الإسلام مثقال ذرة

كأنی ببنت المصطفی قد تعلقت***یداها بساق العرش و الدمع أذرت

و فی حجرها ثوب الحسین مضرجا***و عنها جمیع العالمین بحسرة

تقول أیا عدل اقض بینی و بین من***تعدی علی ابنی بعد قهر و قسرة

أجالوا علیه بالصوارم و القنا***و كم جال فیهم من سنان و شفرة

علی غیر جرم غیر إنكار بیعة***لمنسلخ من دین أحمد عرة(1)

فیقضی علی قوم علیه تألبوا***بسوء عذاب النار من غیر فترة

و یسقون من ماء صدید إذا دنا***شوی الوجه و الأمعاء منه تهددت

مودة ذی القربی رعوها كما تری***و قول رسول اللّٰه أوصی بعترتی

فكم عجرة قد اتبعوها بعجرة***و كم غدرة قد ألحقوها بغدرة

هم أول العادین ظلما علی الوری***و من سار فیهم بالأذی و المضرة

مضوا و انقضت أیامهم و عهودهم***سوی لعنة باءوا بها مستمرة

لآل رسول اللّٰه ودی خالصا***كما لموالیهم ولائی و نصرتی

و ها أنا مذ أدركت حد بلاغتی***أصلی علیهم فی عشیی و بكرتی

و قول النبی المرء مع من أحبه***یقوی رجائی فی إقالة عثرتی

علی حبهم یا ذا الجلال توفنی***و حرم علی النیران شیبی و كبرتی.

قال و لعلی بن الحسین الدوادی من قصیدة طویلة انتخبت منها:

بنو المصطفی المختار أحمد طهروا***و أثنی علیهم محكم السورات

ص: 281


1- 1. یقال:« فلان عرة أهله»: شینهم و عارهم.

بنو حیدر المخصوص بالدرجات***من اللّٰه و الخواض فی الغمرات

فروع النبی المصطفی و وصیه***و فاطم طابت تلك من شجرات

و سائلة لم تسكب الدمع دائبا***و تقذف نارا منك فی الزفرات

فقلت علی وجه الحسین و قد ذرت***علیه السوافی ثائر الهبوات

فقد غرقت منه المحاسن فی دم***و أهدی للفجار فوق قناة

و حلئ عن ماء الفرات و قد صفت***موارده للشاء و الحمرات

علی أم كلثوم تساق سبیة***و زینب و السجاد ذی الثفنات

أصیبوا بأطراف الرماح فأهلكوا***و هم للوری أمن من الهلكات

بهم عن شفیر النار قد نجی الوری***فجازوهم بالسیف ذی الشفرات

فیا أقبرا حطت علی أنجم هوت***و فرقن فی الأطراف مغتربات

و لیس قبورا هن بل هی روضة***منورة مخضرة الجنبات

و ما غفل الرحمن عن عصبة طغت***و ما هتكت ظلما من الحرمات

أ مقروعة فی كل یوم صفاتكم***بأیدی رزایا فتن كل صفات (1)

فحتام ألقی جدكم و هو مطرق***غضیض و ألقی الدهر غیر موات

فیا رب غیر ما تراه معجلا***تعالیت یا ربی عن الغفلات.

قال و للصاحب كافی الكفاة إسماعیل بن عباد من قصیدة طویلة انتخبت منها هذه الأبیات:

بلغت نفسی مناها بالموالی آل طاها***برسول اللّٰه من حاز المعالی و حواها

و ببنت المصطفی من أشبهت فضلا أباها***و بحب الحسن البالغ فی العلیا مداها

و الحسین المرتضی یوم المساعی إذ حواها***لیس فیهم غیر نجم قد تعالی و تناهی

ص: 282


1- 1. كذا فی النسخ، و لعلّ الصواب« فت» فتحرر.

عترة أصبحت الدنیا جمیعا فی حماها***ما یحدث عصب البغی بأنواع عماها

أردت الأكبر بالسم و ما كان كفاها***و انبرت تبغی حسینا و عرته و عراها

منعته شربه و الطیر قد أروت صداها***فأفاتت نفسه یا لیت روحی قد فداها

بنته تدعو أباها أخته تبكی أخاها***لو رأی أحمد ما كان دهاه و دهاها

و رأی زینب إذ شمر أتاها و سباها***لشكا الحال إلی اللّٰه و قد كان شكاها

و إلی اللّٰه سیأتی و هو أولی من جزاها

و للصاحب أیضا منتخبة من قصیدته:

ما لعلی العلا أشباه***لا و الذی لا إله إلا هو

مبناه مبنی النبی تعرفه***و ابناه عند التفاخر ابناه

لو طلب النجم ذات أخمصه***أعلاه و الفرقدان نعلاه

یا بأبی السید الحسین و قد***جاهد فی الدین یوم بلواه

یا بأبی أهله و قد قتلوا***من حوله و العیون ترعاه

یا قبح اللّٰه أمة خذلت***سیدها لا ترید مرضاه

یا لعن اللّٰه جیفة نجسا***یقرع من بغضه ثنایاه

و للصاحب أیضا منتخبة من قصیدته:

برئت من الأرجاس رهط أمیة***لما صح عندی من قبیح غذائهم

و لعنهم خیر الوصیین جهرة***لكفرهم المعدود فی شردائهم

و قتلهم السادات من آل هاشم***و سبیهم عن جرأة لنسائهم

و ذبحهم خیر الرجال أرومة***حسین العلا بالكرب فی كربلائهم

ص: 283

و تشتیتهم شمل النبی محمد***لما ورثوا من بغضه فی قنائهم

و ما غضبت إلا لأصنامها التی***أدیلت و هم أنصارها لشقائهم

أیا رب جنبنی المكاره و اعف عن***ذنوبی لما أخلصته من ولائهم

أیا رب أعدائی كثیر فزدهم***بغیظهم لا یظفروا بابتغائهم

أیا رب من كان النبی و أهله***وسائله لم یخش من غلوائهم

حسین توصل لی إلی اللّٰه إننی***بلیت بهم فادفع عظیم بلائهم

فكم قد دعونی رافضیا لحبكم***فلم ینثنی عنكم طویل عوائهم

و للصاحب أیضا من قصیدته منتخبة:

یا أصل عترة أحمد لولاك لم***یك أحمد المبعوث ذا أعقاب

ردت علیك الشمس و هی فضیلة***بهرت فلم تستر بكف نقاب

لم أحك إلا ما روته نواصب***عادتك فهی مباحة الأسلاب

عوملت یا تلو النبی و صنوه***بأوابد جاءت بكل عجاب

قد لقبوك أبا تراب بعد ما***باعوا شریعتهم بكف تراب

أ تشك فی لعنی أمیة بعد ما***كفرت علی الأحرار و الأطیاب

قتلوا الحسین فیا لعولی بعده***و لطول حزنی أو أصیر لما بی

فسبوا بنات محمد فكأنما***طلبوا ذحول الفتح و الأحزاب

رفقا ففی یوم القیامة غنیة***و النار باطشة بصوت عقاب

و للصاحب أیضا من قصیدته الطویل:

أجروا دماء أخی النبی محمد***فلتجر غزر دموعنا و لتهمل

و لتصدر اللعنات غیر مزالة***لعداه من ماض و من مستقبل

و تجردوا لبنیه ثم بناته***بعظائم فاسمع حدیث المقتل

منعوا الحسین الماء و هو مجاهد***فی كربلاء فنح كنوح المعول

منعوه أعذب منهل و كذا غدا***یردون فی النیران أوخم منهل

أ یجز رأس ابن النبی و فی الوری***حی أمام ركابه لم یقتل

ص: 284

و بنو السفاح تحكموا فی أهل حی***علی الفلاح بفرصة و تعجل

نكت الدعی بن البغی ضواحكا***هی للنبی الخیر خیر مقبل

تمضی بنو هند سیوف الهند فی***أوداج أولاد النبی و تعتلی

ناحت ملائكة السماء لقتلهم***و بكوا فقد سقوا كئوس الذبل

فأری البكاء علی الزمان محللا***و الضحك بعد الطف غیر محلل

كم قلت للأحزان دومی هكذا***و تنزلی فی القلب لا تترحل.

و لزینب بنت فاطمة البتول من قصیدة انتخبت منها هذه:

تمسك بالكتاب و من تلاه***فأهل البیت هم أهل الكتاب

بهم نزل الكتاب و هم تلوه***و هم كانوا الهداة إلی الصواب

إمامی وحد الرحمن طفلا***و آمن قبل تشدید الخطاب

علی كان صدیق البرایا***علی كان فاروق العذاب

شفیعی فی القیامة عند ربی***نبیی و الوصی أبو تراب

و فاطمة البتول و سیدا من ***یخلد فی الجنان مع الشباب

علی الطف السلام و ساكنیه***و روح اللّٰه فی تلك القباب

نفوسا قدست فی الأرض قدما***و قد خلصت من النطف العذاب

فضاجع فتیة عبدوا فناموا***هجودا فی الفدافد و الشعاب

علتهم فی مضاجعهم كعاب***بأوراق منعمة رطاب

و صیرت القبور لهم قصورا***مناخا ذات أفنیة رحاب

لئن وارتهم أطباق أرض***كما أغمدت سیفا فی قراب

كأقمار إذا جاسوا رواض***و آساد إذا ركبوا غضاب

لقد كانوا البحار لمن أتاهم***من العافین و الهلكی السغاب

فقد نقلوا إلی جنات عدن***و قد عیضوا النعیم من العقاب

بنات محمد أضحت سبایا***یسقن مع الأساری و النهاب

مغبرة الذیول مكشفات***كسبی الروم دامیة الكعاب

ص: 285

لئن أبرزن كرها من حجاب***فهن من التعفف فی حجاب

أ یبخل فی الفرات علی حسین***و قد أضحی مباحا للكلاب

فلی قلب علیه ذو التهاب***و لی جفن علیه ذو انسكاب.

و لدعبل الخزاعی من قصیدته الطویلة:

جاءوا من الشام المشومة أهلها***للشوم یقدم جندهم إبلیس

لعنوا و قد لعنوا بقتل إمامهم***تركوه و هم مبضع مخموس

و سبوا فوا حزنی بنات محمد***عبری حواسر ما لهن لبوس

تبا لكم یا ویلكم أ رضیتم***بالنار ذل هنالك المحبوس

بعتم بدنیا غیركم جهلا بكم***عز الحیاة و إنه لنفیس

أخسر بها من بیعة أمویة***لعنت و حظ البائعین خسیس

بؤسا لمن بایعتم و كأننی***بأمامكم وسط الجحیم حبیس

یا آل أحمد ما لقیتم بعده***من عصبة هم فی القیاس مجوس

كم عبرة فاضت لكم و تقطعت***یوم الطفوف علی الحسین نفوس

صبرا موالینا فسوف ندیلكم***یوما علی آل اللعین عبوس

ما زلت متبعا لكم و لأمركم***و علیه نفسی ما حییت أسوس.

و من قصیدة لجعفر بن عفان الطائی رحمه اللّٰه:

لیبك علی الإسلام من كان باكیا***فقد ضیعت أحكامه و استحلت

غداة حسین للرماح ذریة***و قد نهلت منه السیوف و علت

و غودر فی الصحراء لحما مبددا***علیه عناق الطیر باتت و ظلت

فما نصرته أمة السوء إذ دعا***لقد طاشت الأحلام منها و ضلت

ألا بل محوا أنوارهم بأكفهم***فلا سلمت تلك الأكف و شلت

و ناداهم جهدا بحق محمد***فإن ابنه من نفسه حیث حلت

فما حفظوا قرب الرسول و لا رعوا***و زلت بهم أقدامهم و استزلت

أذاقته حر القتل أمة جده***هفت نعلها فی كربلاء و زلت

ص: 286

فلا قدس الرحمن أمة جده***و إن هی صامتا للإله و صلت

كما فجعت بنت الرسول بنسلها***و كانوا حماة الحرب حین استقلت

و من قصیدة طویلة انتخبت منها أبیاتا:

بكی الحسین لركن الدین حین وها***و للأمور العظیمات الجلیلات

هل لامرئ عاذر فی حزن دمعته***بعد الحسین و مسبی الفاطمیات

أم هل لمكتئب حران فقده***لذاذة العیش تكرار الفجیعات

مثل النجوم الدراری فی مراتبها***إن غاب نجم بدا نجم لمیقات

یا أمة السوء هاتوا ما حجاجكم***إذا برزتم لجبار السماوات

و أحمد خصمكم و اللّٰه منصفه***بالحق و العدل منه لا المحابات

أ لم أبین لكم ما فیه رشدكم***من الحلال و من ترك الخبیثات

فما صنعتم أضل اللّٰه سعیكم***فیما عهدت إلیكم فی وصایات

أما بنی فمقتول و مكبول***و هارب فی رءوس المشمخرات

و قد أخفتم بناتی بین أظهركم***ما ذا أردتم شفیتم من بنیاتی

ینقلن من عند جبار یعاهده***إلی جبابر أمثال السبیات

أ كان هذا جزائی لا أبا لكم***فی أقربائی و فی أهل الحرمات

ردوا الجحیم فحلوها بسعیكم***ثم أخلدوا فی عقوبات ألیمات.

قال و من مرثیة زینب بنت فاطمة أخت الحسین علیه السلام حین أدخلوا دمشق:

أ ما شجاك یا سكن قتل الحسین و الحسن***ظمآن من طول الحزن و كل وغد ناهل

یقول یا قوم أبی علی البر الوصی***و فاطم أمی التی لها التقی و النائل

منوا علی ابن المصطفی بشربة یحیا بها***أطفالنا من الظماء حیث الفرات سائل

قالوا له لا ماء لا إلا السیوف و القنا***فانزل بحكم الأدعیا فقال بل أناضل

حتی أتاه مشقص رماه وغد أبرص***من سقر لا یخلص رجس دعی واغل

فهللوا بختله و اعصوصبوا لقتله***و موته فی نضله قد أقحم المناضل

و عفروا جبینه و خضبوا عثنونه (1)***بالدم یا معینة ما أنت عنه غافل

ص: 287


1- 1. العثنون: اللحیة أو ما فضل منها بعد العارضین.

و هتكوا حریمه و ذبحوا فطیمه***و آثروا كلثومه و سقیت الحلائل

یسقن بالتنایف بضجة الهواتف***و أدمع ذوارف عقولها زوائل

یقلن یا محمد یا جدنا یا أحمد***قد أسرتنا الأعبد و كلنا ثواكل

تهدی سبایا كربلاء إلی الشئام و البلاء***قد انتعلن بالدماء لیس لهن ناعل

إلی یزید الطاغیة معدن كل داهیة***من نحو باب الجابیة بجاحد و خالل

حتی دنا بدر الدجی رأس الإمام المرتجی***بین یدی شر الوری ذاك اللعین القاتل

یظل فی بنانه قضیب خیزرانه***ینكت فی أسنانه قطعت الأنامل

أنامل بجاحد و حافد مراصد***مكابد معاند فی صدره غوائل

طوائل بدریة غوائل كفریة***شوهاء جاهلیة ذلت لها الأفاضل

فیا عیونی اسكبی علی بنی بنت النبی***بفیض دمع ناضب كذاك یبكی العاقل.

روی: أن أبا یوسف عبد السلام بن محمد القزوینی ثم البغدادی قال لأبی العلاء المعری هل لك شعر فی أهل بیت رسول اللّٰه فإن بعض شعراء قزوین یقول فیهم ما لا یقول شعراء تنوخ فقال له المعری و ما ذا تقول شعراؤهم فقال یقولون:

رأس ابن بنت محمد و وصیه***للمسلمین علی قناة یرفع

و المسلمون بمنظر و بمسمع***لا جازع منهم و لا متوجع

أیقظت أجفانا و كنت لها كری***و أنمت عینا لم تكن بك تهجع

كحلت بمنظرك العیون عمایة***و أصم نعیك كل أذن تسمع

ما روضة إلا تمنت أنها***لك مضجع و لخط قبر موضع

فقال المعری و أنا أقول:

مسح الرسول جبینه فله بریق فی الخدود***أبواه من علیا قریش جده خیر الجدود.

و لبعض التابعین:

یا حسین بن علی یا قتیل ابن زیاد***یا حسین بن علی یا صریعا فی البوادی

ص: 288

لو رأت فاطم بكت بدموع كالعهاد(1)***لو رأت فاطم ناحت نوح ورقاء بوادی

و لقامت و هی ولهاء و تبكی و تنادی***ولدی سبط نبی قد بالسمر الشداد

آه من شمر بغی كافر و ابن زیاد***لعن اللّٰه یزیدا و ابن حرب لعن عاد

هم أعادی لرسول اللّٰه أبناء أعادی***و لهم عاجل خزی و عذاب فی التناد

و مهاد فی الجحیم إنها شر مهاد.

و لبعض الشیعة:

متی یشفیك دمعك من همول***و یبرد ما بقلبك من غلیل

قتیل ما قتیل بنی زیاد***ألا بأبی و نفسی من قتیل

أریق دم الحسین فلم یراعوا***و فی الأحیاء أموات العقول

فدت نفسی جبینك من جبین***جری دمه علی خد أسیل

أ یخلو قلب ذی ورع تقی***من الأحزان و الألم الطویل

و قد شرقت رماح بنی زیاد***بری من دماء بنی الرسول

فؤادك و السلو فإن قلبی***سیأبی أن یعود إلی ذهول

فیا طول الأسی من بعد قوم***أدیر علیهم كأس الأفول

تعاورهم أسنة آل حرب***و أسیاف قلیلات الفلول

بتربة كربلاء لهم دیار***ینام الأهل دارسة السلول (2)

تحیات و مغفرة و روح***علی تلك المحلة و الحلول

و أوصال الحسین ببطن قاع***ملاعب للدبور و للقبول

ص: 289


1- 1. العهاد جمع العهد: المطر الذی یكون بعد المطر.
2- 2. كأنّه تصحیف« الطلول» و هو جمع طلل: الشاخص من الدار.

برئنا یا رسول اللّٰه ممن***أصابك بالأذاء و بالذحول.

و لمنصور بن النمری:

یقتل ذریة النبی و یرجون ***جنان الخلود للقاتل

ما الشك عندی فی كفر قاتله***لكننی قد أشك فی الخاذل (1).

و للصاحب رحمه اللّٰه:

لا یشتفی إلا بسبی بناته***وجدانها التخویف و الإبعاد

إن لم أكن حربا لحرب كلها***فنفانی الآباء و الأجداد

إن لم أفضل أحمدا و وصیه***لهدمت مجدا شأوه عباد

یا كربلاء تحدثی ببلایا***و بكربنا أن الحدیث یعاد

أسد نماه أحمد و وصیه***أرداه كلب قد نماه زیاد

فالدین یبكی و الملائك تشتكی***و الجو أكلف و السنون جماد(2).

و لسلیمان بن قتة:

مررت علی أبیات آل محمد***فلم أرها أمثالها حین حلت

ص: 290


1- 1. ذكر أشعاره ابن عبد البر فی الاستیعاب بذیل الإصابة ج 1 ص 380 و ابن الأثیر فی أسد الغابة ج 2 ص 22 و هی: ویلك یا قاتل الحسین لقد***بؤت بحمل ینوء بالحامل أی حباء حبوت أحمد فی***حفرته من حرارة الثاكل تعال فاطلب غدا شفاعته***و انهض فرد حوضه مع الناهل ما الشك عندی فی حال قاتله***لكننی قد أشك فی الخاذل كأنّما أنت تعجبین أ لا***تنزل بالقوم نقمة العاجل لا یعجل اللّٰه ان عجلت و ما***ربك عما ترین بالغافل ما حصلت لامرئ سعادته***حقت علیه عقوبة الأجل.
2- 2. یقال وجه أكلف: إذا علی بشرته حمرة كدرة و الجماد من السنین: ما لم یصبها مطر.

فلا یبعد اللّٰه الدیار و أهلها***و إن أصبحت منهم بزعمی تخلت

ألا إن قتلی الطف من آل هاشم***أذلت رقاب المسلمین فذلت

و كانوا غیاثا ثم أضحوا رزیة***ألا عظمت تلك الرزایا و جلت.

و أنشدنی الإمام الأجل ركن الإسلام أبو الفضل الكرمانی رحمه اللّٰه أنشدنی الإمام الأجل الأستاذ فخر القضاة محمد بن الحسین الأرسایندی لواحد من الشعراء:

عین جودی بعبرة و عویل***و اندبی إن بكیت آل الرسول

و اندبی تسعة لصلب علی***قد أصیبوا و خمسة لعقیل

و اندبی كلهم فلیس إذا ما***ضن بالخیر كلهم بالبخیل

و اندبی إن ندبت عونا أخاهم***لیس فیما ینوبهم بخذول

و سمی النبی غودر فیهم***قد علوه بصارم مسلول.

قال فخر القضاة و أنشدنی القاضی الإمام محمد بن عبد الجبار السمعانی من قیله:

بمحمد سلوا سیوف محمد***رضخوا بها هامات آل محمد.

و لغیره:

محن الزمان سحائب مترادفة***هی بالفوادح و الفواجع ساجمة

و إذا الهموم تعاورتك فسلها***بمصاب أولاد البتولة فاطمة.

و للصاحب كافی الكفاة إسماعیل بن عباد رحمه اللّٰه:

عین جودی علی الشهید القتیل***و اترك الخد كالمحیل المحیل

كیف یشفی البكاء فی قتل مولای***إمام التنزیل و التأویل

و لو أن البحار صارت دموعی***ما كفتنی لمسلم بن عقیل

قاتلوا اللّٰه و النبی و مولاهم***علیا إذ قاتلوا ابن الرسول

صرعوا حوله كواكب دجن (1)***قتلوا حوله ضراغم خیل

إخوة كل واحد منهم لیث***عرین و حد سیف صقیل

ص: 291


1- 1. هو سواد اللیل.

أوسعوهم ضربا و طعنا و نحرا***و انتهابا یا ضلة من سبیل

و الحسین الممنوع شربة ماء***بین حر الظبی و حر الغلیل

مثكلا بابنه و قد ضمه و هو***غریق من الدماء الهمول

فجعوه من بعده برضیع***هل سمعتم بمرضع مقتول

ثم لم یشفهم سوی قتل نفس***هی نفس التكبیر و التهلیل

هی نفس الحسین نفس رسول اللّٰه***نفس الوصی نفس البتول

ذبحوه ذبح الأضاحی فیا قلب***تصدع علی العزیز الذلیل

وطئوا جسمه و قد قطعوه***ویلهم من عقاب یوم وبیل

أخذوا رأسه و قد بضعوه***إن سعی الكفار فی تضلیل

نصبوه علی القنا فدمائی***لا دموعی تسیل كل مسیل

و استباحوا بنات فاطمة الزهراء***لما صرخن حول القتیل

حملوهن قد كشفن علی الأقتاب***سبیا بالعنف و التهویل

یا لكرب بكربلاء عظیم***و لرزء علی النبی ثقیل

كم بكی جبرئیل مما دهاه***فی بنیه صلوا علی جبرئیل

سوف تأتی الزهراء تلتمس***الحكم إذ حان محشر التعدیل

و أبوها و بعلها و بنوها***حولها و الخصام غیر قلیل

و تنادی یا رب ذبح أولادی***لما ذا و أنت خیر مدیل

فینادی بمالك ألهب النار***و أجج و خذ بأهل الغلول

یا بنی المصطفی بكیت و أبكیت***و نفسی لم تأت بعد بسؤل

لیت روحی ذابت دموعا فأبكی***للذی نالكم من التذلیل

فولائی لكم عتادی و زادی***یوم ألقاكم علی سلسبیل

لی فیكم مدائح و مراثی***حفظت حفظ محكم التنزیل

قد كفاها فی الشرق و الغرب فخرا***أن یقولوا هی من قیل إسماعیل

و متی كادنی النواصب فیكم***حسبی اللّٰه و هو خیر وكیل

ص: 292

و للصاحب أیضا رحمه اللّٰه من قصیدة طویلة:

هم وكدوا أمر الدعی یزید ملفوظ السفاح***فسطا علی روح الحسین و أهله جم الجماح (1)

صرعوهم قتلوهم نحروهم نحر الأضاحی***یا دمع حی علی انسجام ثم حی علی انسفاح

فی أهل حی علی الصلاة و أهل حی علی الفلاح***یحمی یزید نساءه بین النضائد و الوشاح

و بنات أحمد قد كشفن علی حریم مستباح***لیت النوائح ما سكتن عن النیاحة و الصیاح

یا سادتی لكم ودادی و هو داعیة امتداحی***و بذكر فضلكم اغتباقی كل یوم و اصطباحی (2)

لزم ابن عباد ولاءكم الصریح بلا براح.

أقول: و قال ابن نما رحمه اللّٰه رویت إلی ابن عائشة قال: مر سلیمان بن قتة العدوی مولی بنی تیم بكربلاء بعد قتل الحسین علیه السلام بثلاث فنظر إلی مصارعهم فاتكأ علی فرس له عربیة و أنشأ:

مررت علی أبیات آل محمد***فلم أرها أمثالها یوم حلت (3)

أ لم تر أن الشمس أضحت مریضة***لفقد حسین و البلاد اقشعرت

و كانوا رجاء ثم أضحوا رزیة***لقد عظمت تلك الرزایا و جلت

و تسألنا قیس فنعطی فقیرها***و تقتلنا قیس إذا النعل زلت

ص: 293


1- 1. الجم: الكثیر من كل شی ء، و الجماح كأنّه جمع جموح أو جامح: الفرس الذی یركب رأسه لا یثنیه شی ء.
2- 2. الاغتباق: شرب الغبوق: و هو ما یشرب بالعشی و الاصطباح: شرب الصبوح: ما یشرب بالصباح.
3- 3. فی أسد الغابة« حین حلت» و فی الاستیعاب« حین خلت».

و عند غنی قطرة من دمائنا(1)***سنطلبهم یوما بها حیث حلت

فلا یبعد اللّٰه الدیار و أهلها***و إن أصبحت منهم بزعمی تخلت

و إن قتیل الطف من آل هاشم***أذل رقاب المسلمین فذلت

و قد أعولت تبكی السماء لفقده***و أنجمها ناحت علیه و صلت (2)

و قیل الأبیات لأبی الرمح الخزاعی. حدث المرزبانی قال: دخل أبو الرمح (3) إلی فاطمة بنت الحسین بن علی علیه السلام فأنشدها مرثیة فی الحسین علیه السلام:

أجالت علی عینی سحائب عبرة***فلم تصح بعد الدمع حتی ارمعلت (4)

تبكی علی آل النبی محمد***و ما أكثرت فی الدمع لا بل أقلت

أولئك قوم لم یشیموا سیوفهم***و قد نكأت أعداؤهم حین سلت (5)

و إن قتیل الطف من آل هاشم***أذل رقابا من قریش فذلت

فقالت: فاطمة یا أبا رمح هكذا تقول قال فكیف أقول جعلنی اللّٰه فداك قالت قل أذل رقاب المسلمین فذلت فقال لا أنشدها بعد الیوم إلا هكذا.

أقول: ما قیل من المراثی فی مصیبته صلوات اللّٰه علیه جمة لا تحصی و لا یناسب إیرادها ما نحن بصدده فی هذا الكتاب و إنما أوردنا قلیلا منها رجاء أن یشركنی اللّٰه تعالی مع من یبكی و ینوح بها فی ثوابه و لذلك عدونا ما التزمناه فی صدر الكتاب بذكر بعض القصص عن التواریخ و الكتب التی لم تكن فی درجة ما أوردته فی الفهرست فی الوثوق و الاعتماد و تأسینا بذلك بسنة علمائنا الماضین رضوان اللّٰه علیهم فإنهم فی إیراد تلك القصص الهائلة اعتمدوا علی التواریخ لقلة ورود خصوصیاتها فی الأخبار علی أن أكثرها مؤیدة بالأخبار المعتبرة التی أوردتها و اللّٰه الموفق و علیه التكلان.

ص: 294


1- 1. فی النسخ« غبی» و هو تصحیف، و الغنی: بطن من قیس عیلان.
2- 2. فی النسخ« تبكی النساء» و« انجمنا».
3- 3. فی الاستیعاب: أبی الزمیج.
4- 4. أی تتابع قطرة.
5- 5. فی أسد الغابة و الاستیعاب:« و لم تنك فی أعدائهم حین سلت».

باب 45 العلة التی من أجلها أخر اللّٰه العذاب عن قتلته صلوات اللّٰه علیه و العلة التی من أجلها یقتل أولاد قتلته علیه السلام و إن اللّٰه ینتقم له فی زمن القائم علیه السلام

«1»- ع، [علل الشرائع] ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْهَرَوِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِی حَدِیثٍ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ قَتَلَ ذَرَارِیَّ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام بِفِعَالِ آبَائِهَا فَقَالَ علیه السلام هُوَ كَذَلِكَ فَقُلْتُ وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری (1) مَا مَعْنَاهُ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ فِی جَمِیعِ أَقْوَالِهِ وَ لَكِنْ ذَرَارِیُّ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ یَرْضَوْنَ بِفِعَالِ آبَائِهِمْ وَ یَفْتَخِرُونَ بِهَا وَ مَنْ رَضِیَ شَیْئاً كَانَ كَمَنْ أَتَاهُ وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ بِالْمَشْرِقِ فَرَضِیَ بِقَتْلِهِ رَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَكَانَ الرَّاضِی عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ شَرِیكَ الْقَاتِلِ وَ إِنَّمَا یَقْتُلُهُمُ الْقَائِمُ علیه السلام إِذَا خَرَجَ لِرِضَاهُمْ بِفِعْلِ آبَائِهِمْ قَالَ قُلْتُ لَهُ بِأَیِّ شَیْ ءٍ یَبْدَأُ الْقَائِمُ مِنْكُمْ إِذَا قَامَ قَالَ یَبْدَأُ بِبَنِی شَیْبَةَ فَیَقْطَعُ أَیْدِیَهُمْ لِأَنَّهُمْ سُرَّاقُ بَیْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.

«2»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] ج، [الإحتجاج] بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام كَانَ یَذْكُرُ حَالَ مَنْ مَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَ یَحْكِی قِصَّتَهُمْ فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی مَسَخَ أُولَئِكَ الْقَوْمَ لِاصْطِیَادِ السَّمَكِ

فَكَیْفَ تَرَی عِنْدَ اللَّهِ یَكُونُ حَالُ مَنْ قَتَلَ أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَتَكَ حَرِیمَهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَ إِنْ لَمْ یَمْسَخْهُمْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّ الْمُعَدَّ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ عَذَابِ الْمَسْخِ فَقِیلَ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّا قَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ هَذَا الْحَدِیثَ فَقَالَ لَنَا بَعْضُ

ص: 295


1- 1. الأنعام: 164، و الحدیث فی العیون ج 1 ص 273، علل الشرائع ج 1 ص 219.

النُّصَّابِ فَإِنْ كَانَ قَتْلُ الْحُسَیْنِ بَاطِلًا فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ صَیْدِ السَّمَكِ فِی السَّبْتِ أَ فَمَا كَانَ یَغْضَبُ عَلَی قَاتِلِیهِ كَمَا غَضِبَ عَلَی صَیّادِی السَّمَكِ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ قُلْ لِهَؤُلَاءِ النُّصَّابِ فَإِنْ كَانَ إِبْلِیسُ مَعَاصِیهِ أَعْظَمَ مِنْ مَعَاصِی مَنْ كَفَرَ بِإِغْوَائِهِ فَأَهْلَكَ اللَّهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ كَقَوْمِ نُوحٍ وَ فِرْعَوْنَ وَ لَمْ یُهْلِكْ إِبْلِیسَ وَ هُوَ أَوْلَی بِالْهَلَاكِ فَمَا بَالُهُ أَهْلَكَ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ قَصُرُوا عَنْ إِبْلِیسَ فِی عَمَلِ الْمُوبِقَاتِ وَ أَمْهَلَ إِبْلِیسَ مَعَ إِیثَارِهِ لِكَشْفِ الْمُخْزِیَاتِ أَ لَا كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ حَكِیماً بِتَدْبِیرِهِ وَ حُكْمِهِ فِیمَنْ أَهْلَكَ وَ فِیمَنِ اسْتَبْقَی فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الصَّائِدُونَ فِی السَّبْتِ وَ هَؤُلَاءِ الْقَاتِلُونَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام یَفْعَلُ فِی الْفَرِیقَیْنِ مَا یَعْلَمُ أَنَّهُ أَوْلَی بِالصَّوَابِ وَ الْحِكْمَةِ- لا یُسْئَلُ عَمَّا یَفْعَلُ وَ عِبَادُهُ یُسْأَلُونَ.

وَ قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام لَمَّا حَدَّثَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بِهَذَا الْحَدِیثِ قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ فِی مَجْلِسِهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَیْفَ یُعَاتِبُ اللَّهُ وَ یُوَبِّخُ هَؤُلَاءِ الْأَخْلَافَ عَلَی قَبَائِحَ أَتَی بِهَا أَسْلَافُهُمْ وَ هُوَ یَقُولُ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری فَقَالَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ فَهُوَ یُخَاطِبُ فِیهِ أَهْلَ اللِّسَانِ بِلُغَتِهِمْ یَقُولُ الرَّجُلُ التَّمِیمِیُّ قَدْ أَغَارَ قَوْمُهُ عَلَی بَلَدٍ وَ قَتَلُوا مَنْ فِیهِ أَغَرْتُمْ عَلَی بَلَدِ كَذَا وَ یَقُولُ الْعَرَبِیُّ أَیْضاً وَ نَحْنُ فَعَلْنَا بِبَنِی فُلَانٍ وَ نَحْنُ سَبَیْنَا آلَ فُلَانٍ وَ نَحْنُ خَرَّبْنَا بَلَدَ كَذَا لَا یُرِیدُ أَنَّهُمْ بَاشَرُوا ذَلِكَ وَ لَكِنْ یُرِیدُ هَؤُلَاءِ بِالْعَذْلِ وَ أُولَئِكَ بِالافْتِخَارِ أَنَّ قَوْمَهُمْ فَعَلُوا كَذَا وَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی هَذِهِ الْآیَةِ إِنَّمَا هُوَ تَوْبِیخٌ لِأَسْلَافِهِمْ وَ تَوْبِیخُ الْعَذْلِ عَلَی هَؤُلَاءِ الْمَوْجُودِینَ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ اللُّغَةُ الَّتِی أُنْزِلَ بِهَا الْقُرْآنُ وَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَخْلَافَ أَیْضاً رَاضُونَ بِمَا فَعَلَ أَسْلَافُهُمْ مُصَوِّبُونَ ذَلِكَ لَهُمْ فَجَازَ أَنْ یُقَالَ لَهُمْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ أَیْ إِذْ رَضِیتُمْ قَبِیحَ فِعْلِهِمْ (1).

«3»- ثو، [ثواب الأعمال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: الْقَائِمُ وَ اللَّهِ یَقْتُلُ ذَرَارِیَّ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ بِفِعَالِ آبَائِهَا.

«4»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی

ص: 296


1- 1. كتاب الاحتجاج ص 160.

عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَی الظَّالِمِینَ (1) قَالَ أَوْلَادُ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام.

مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن هاشم و ابن أبی الخطاب عن عثمان بن عیسی: مثله (2)

بیان: لعل المراد بالعدوان ما یسمی ظاهرا عدوانا و إن كان فی الواقع موافقا للعدل.

«4»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ حَكَمٍ الْحَنَّاطِ(3) عَنْ ضُرَیْسٍ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ(4) قَالَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام.

«5»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِیُّ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ الْحَنَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ (5) قَالَ قَتْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ طَعْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِیراً قَتْلُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما قَالَ إِذَا جَاءَ نَصْرُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ- بَعَثْنا عَلَیْكُمْ عِباداً لَنا أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ قَوْماً یَبْعَثُهُمُ اللَّهُ قَبْلَ قِیَامِ الْقَائِمِ- لَا یَدَعُونَ وِتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقُوهُ وَ كَانَ وَعْدُ اللَّهِ مَفْعُولًا.

ص: 297


1- 1. البقرة: 193.
2- 2. كامل الزیارات ص 64.
3- 3. یظهر من حدیث فی الكافی ج 5 ص 274 أنّه كان خیاطا، قال: قلت لابی عبد اللّٰه علیه السلام انی اتقبل الثوب بدرهم و أسلمه بأكثر من ذلك الحدیث.
4- 4. الحجّ: 39، راجع المصدر ص 63.
5- 5. أسری: 4 و 5، راجع المصدر ص 62.

«6»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ یَوْمَ یَقُومُ الْأَشْهادُ(1) قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ مِنْهُمْ وَ لَمْ یُنْصَرْ بَعْدُ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قُتِلَ قَتَلَةُ الْحُسَیْنِ وَ لَمْ یُطْلَبْ بِدَمِهِ بَعْدُ.

«7»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ سَأَلْتُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ (2) قَالَ ذَلِكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ یَخْرُجُ فَیَقْتُلُ بِدَمِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَلَوْ قَتَلَ أَهْلَ الْأَرْضِ لَمْ یَكُنْ سَرَفاً وَ قَوْلِهِ تَعَالَی فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ لَمْ یَكُنْ لِیَصْنَعَ شَیْئاً یَكُونُ سَرَفاً ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقْتُلُ وَ اللَّهِ ذَرَارِیَّ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ بِفِعَالِ آبَائِهَا.

«8»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ الْحَسَنِ بَیَّاعِ الْهَرَوِیِّ یَرْفَعُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام: فِی قَوْلِهِ فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَی الظَّالِمِینَ قَالَ إِلَّا عَلَی ذُرِّیَّةِ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ (3).

«9»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ إِبْرَاهِیمَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ: قُلْتُ فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَی الظَّالِمِینَ قَالَ لَا یَعْتَدِی اللَّهُ عَلَی أَحَدٍ إِلَّا عَلَی نَسْلِ وُلْدِ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام.

«10»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب تَارِیخُ بَغْدَادَ وَ خُرَاسَانَ وَ الْإِبَانَةُ وَ الْفِرْدَوْسُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِّی قَتَلْتُ بِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا سَبْعِینَ أَلْفاً وَ أَقْتُلُ بِابْنِ بِنْتِكَ سَبْعِینَ أَلْفاً وَ سَبْعِینَ أَلْفاً.

الصَّادِقُ علیه السلام: قُتِلَ بِالْحُسَیْنِ مِائَةُ أَلْفٍ وَ مَا طُلِبَ بِثَأْرِهِ وَ سَیُطْلَبُ بِثَأْرِهِ (4).

عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الْحُسَیْنِ فَمَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَ لَا ارْتَحَلَ عَنْهُ إِلَّا وَ ذَكَرَ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا وَ قَالَ یَوْماً مِنْ هَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ أَنَّ رَأْسَ یَحْیَی

ص: 298


1- 1. غافر: 51، راجع كامل الزیارات ص 63.
2- 2. أسری: 33، راجع المصدر ص 63.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ ج 1 ص 86 و هكذا ما یلیه ص 87.
4- 4. المناقب ج 4 ص 81.

أُهْدِیَ إِلَی بَغِیٍّ مِنْ بَغَایَا بَنِی إِسْرَائِیلَ.

وَ فِی حَدِیثِ مُقَاتِلٍ عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ عَنْ أَبِیهِ: أَنَّ امْرَأَةَ مَلِكِ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَبِرَتْ وَ أَرَادَتْ أَنْ تُزَوِّجَ بِنْتَهَا مِنْهُ لِلْمَلِكِ فَاسْتَشَارَ الْمَلِكُ یَحْیَی بْنَ زَكَرِیَّا فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَعَرَفَتِ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَ زَیَّنَتْ بِنْتَهَا وَ بَعَثَتْهَا إِلَی الْمَلِكِ فَذَهَبَتْ وَ لَعِبَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ مَا حَاجَتُكِ قَالَتْ رَأْسُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا فَقَالَ الْمَلِكُ یَا بُنَیَّةِ حَاجَةٌ غَیْرُ هَذَا قَالَتْ مَا أُرِیدُ غَیْرَهُ وَ كَانَ الْمَلِكُ إِذَا كَذَبَ فِیهِمْ عُزِلَ عَنْ مُلْكِهِ فَخُیِّرَ بَیْنَ مُلْكِهِ وَ بَیْنَ قَتْلِ یَحْیَی فَقَتَلَهُ ثُمَّ بَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَیْهَا فِی طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فَأُمِرَتِ الْأَرْضُ فَأَخَذَتْهَا وَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بُخْتَنَصَّرَ فَجَعَلَ یَرْمِی عَلَیْهِمْ بِالْمَنَاجِیقِ وَ لَا تَعْمَلُ شَیْئاً فَخَرَجَتْ إِلَیْهِ عَجُوزٌ مِنَ الْمَدِینَةِ فَقَالَتْ أَیُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَذِهِ مَدِینَةُ الْأَنْبِیَاءِ لَا تَنْفَتِحُ إِلَّا بِمَا أَدُلُّكَ عَلَیْهِ قَالَ لَكِ مَا سَأَلْتِ قَالَتْ ارْمِهَا بِالْخَبَثِ وَ الْعَذِرَةِ فَفَعَلَ فَتَقَطَّعَتْ فَدَخَلَهَا فَقَالَ عَلَیَّ بِالْعَجُوزِ فَقَالَ لَهَا مَا حَاجَتُكِ قَالَتْ فِی الْمَدِینَةِ دَمٌ یَغْلِی فَاقْتُلْ عَلَیْهِ حَتَّی یَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَیْهِ سَبْعِینَ أَلْفاً حَتَّی سَكَنَ یَا وَلَدِی یَا عَلِیُّ وَ اللَّهِ لَا یَسْكُنُ دَمِی حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ الْمَهْدِیَّ فَیَقْتُلَ عَلَی دَمِی مِنَ الْمُنَافِقِینَ الْكَفَرَةِ الْفَسَقَةِ سَبْعِینَ أَلْفاً(1).

ص: 299


1- 1. المصدر ص 85.

باب 46 ما عجل اللّٰه به قتلة الحسین صلوات اللّٰه علیه من العذاب فی الدنیا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه فی ذلك عند الحرب و بعده

«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب رُوِیَ: أَنَّ الْحُسَیْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِنَّ مِمَّا یُقِرُّ لِعَیْنِی أَنَّكَ لَا تَأْكُلُ مِنْ بُرِّ الْعِرَاقِ بَعْدِی إِلَّا قَلِیلًا فَقَالَ مُسْتَهْزِئاً یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِی الشَّعِیرِ خَلَفٌ فَكَانَ كَمَا قَالَ لَمْ یَصِلْ إِلَی الرَّیِّ وَ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ.

تَارِیخُ النَّسَوِیِّ وَ تَارِیخُ بَغْدَادَ وَ إِبَانَةُ الْعُكْبَرِیِّ قَالَ سُفْیَانُ بْنُ عُیَیْنَةَ حَدَّثَتْنِی جَدَّتِی: أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام كَانَ یَحْمِلُ وَرْساً فَصَارَ وَرْسُهُ دَماً وَ رَأَیْتُ النَّجْمَ كَأَنَّ فِیهِ النِّیرَانَ یَوْمَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ.

یَعْنِی بِالنَّجْمِ النَّبَاتَ.

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أُمِّهِ قَالَ: انْتَهَبَ النَّاسُ وَرْساً(1)

مِنْ عَسْكَرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَمَا اسْتَعْمَلَتْهُ امْرَأَةٌ إِلَّا بَرِصَتْ.

أَمَالِی أَبِی سَهْلٍ الْقَطَّانِ یَرْوِیهِ عَنِ ابْنِ عُیَیْنَةَ قَالَ: أَدْرَكْتُ مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ رَجُلَیْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ طَالَ ذَكَرُهُ حَتَّی كَانَ یَلُفُّهُ وَ فِی رِوَایَةٍ كَانَ یَحْمِلُهُ عَلَی عَاتِقِهِ وَ أَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّهُ كَانَ یَسْتَقْبِلُ الرَّاوِیَةَ فَیَشْرَبُهَا إِلَی آخِرِهَا وَ لَا یَرْوَی وَ ذَلِكَ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَی الْحُسَیْنِ وَ قَدْ أَهْوَی إِلَی فِیهِ بِمَاءٍ وَ هُوَ یَشْرَبُ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَا أَرْوَاكَ اللَّهُ مِنَ الْمَاءِ فِی دُنْیَاكَ وَ لَا فِی آخِرَتِكَ.

وَ فِی رِوَایَةٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ كَلْبٍ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَشَكَّ شِدْقَهُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَا أَرْوَاكَ اللَّهُ فَعَطِشَ الرَّجُلُ حَتَّی أَلْقَی نَفْسَهُ فِی الْفُرَاتِ وَ شَرِبَ حَتَّی مَاتَ (2).

بیان: الشك اللزوم و اللصوق.

ص: 300


1- 1. الورس: نبت یكون بالیمن یتخذ منه الغمرة للوجه.
2- 2. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 55 و 56.

«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب الْمَقْتَلُ عَنِ ابْنِ بَابَوَیْهِ وَ التَّارِیخُ عَنِ الطَّبَرِیِّ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْوَاعِظُ: نَادَی رَجُلٌ یَا حُسَیْنُ إِنَّكَ لَنْ تَذُوقَ مِنَ الْفُرَاتِ قَطْرَةً حَتَّی تَمُوتَ أَوْ تَنْزِلَ عَلَی حُكْمِ الْأَمِیرِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشاً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَداً فَغَلَبَ عَلَیْهِ الْعَطَشُ فَكَانَ یَعُبُّ الْمِیَاهَ وَ یَقُولُ وَا عَطَشَاهْ حَتَّی تَقَطَّعَ.

تاریخ الطبری: أنه كان هذا المنادی عبد اللّٰه بن الحصین الأزدی رواه حمید بن مسلم و فی روایة كان رجلا من دارم.

فَضَائِلُ الْعَشَرَةِ عَنْ أَبِی السَّعَادَاتِ بِالْإِسْنَادِ فِی خَبَرٍ: أَنَّهُ لَمَّا رَمَاهُ الدَّارِمِیُّ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ حَنَكَهُ جَعَلَ یَتَلَقَّی الدَّمَ ثُمَّ یَقُولُ هَكَذَا إِلَی السَّمَاءِ(1) فَكَانَ هَذَا الدَّارِمِیُّ یَصِیحُ مِنَ الْحَرِّ فِی بَطْنِهِ وَ الْبَرْدِ فِی ظَهْرِهِ بَیْنَ یَدَیْهِ الْمَرَاوِحُ وَ الثَّلْجُ وَ خَلْفَهُ الْكَانُونُ وَ النَّارُ وَ هُوَ یَقُولُ اسْقُونِی فَیَشْرَبُ الْعُسَّ ثُمَّ یَقُولُ اسْقُونِی أَهْلَكَنِیَ الْعَطَشُ قَالَ فَانْقَدَّ بَطْنُهُ.

ابْنُ بَطَّةَ فِی الْإِبَانَةِ وَ ابْنُ جَرِیرٍ فِی التَّارِیخِ: أَنَّهُ نَادَی الْحُسَیْنَ علیه السلام ابْنُ جَوْزَةَ فَقَالَ یَا حُسَیْنُ أَبْشِرْ فَقَدْ تَعَجَّلْتَ النَّارَ فِی الدُّنْیَا قَبْلَ الْآخِرَةِ قَالَ وَیْحَكَ أَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ لِی رَبٌّ رَحِیمٌ وَ شَفَاعَةُ نَبِیٍّ مُطَاعٍ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ كَاذِباً فَجُرَّهُ إِلَی النَّارِ قَالَ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ ثَنَّی عِنَانَ فَرَسِهِ فَوَثَبَ بِهِ فَرَمَی بِهِ وَ بَقِیَتْ رِجْلُهُ فِی الرِّكَابِ وَ نَفَرَ الْفَرَسُ فَجَعَلَ یَضْرِبُ بِرَأْسِهِ كُلَّ حَجَرٍ وَ شَجَرٍ حَتَّی مَاتَ.

وَ فِی رِوَایَةِ غَیْرِهِمَا: اللَّهُمَّ جُرَّهُ إِلَی النَّارِ وَ أَذِقْهُ حَرَّهَا فِی الدُّنْیَا قَبْلَ مَصِیرِهِ إِلَی الْآخِرَةِ فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فِی الْخَنْدَقِ وَ كَانَ فِیهِ نَارٌ فَسَجَدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام.

تاریخ الطبری قال أبو مخنف حدثنی عمرو بن شعیب عن محمد بن عبد الرحمن: أن یدی أبجر بن كعب كانتا فی الشتاء تنضحان الماء و فی الصیف تیبسان كأنهما عودان.

وَ فِی رِوَایَةِ غَیْرِهِ: كَانَتْ یَدَاهُ تَقْطُرَانِ فِی الشِّتَاءِ دَماً وَ كَانَ هَذَا الْمَلْعُونُ سَلَبَ الْحُسَیْنَ علیه السلام.

وَ یُرْوَی: أَنَّهُ أَخَذَ عِمَامَتَهُ جَابِرُ بْنُ زَیْدٍ الْأَزْدِیُّ وَ تَعَمَّمَ بِهَا فَصَارَ فِی الْحَالِ مَعْتُوهاً

ص: 301


1- 1. أی یرمیه الی السماء.

وَ أَخَذَ ثَوْبَهُ جَعُوبَةُ بْنُ حُوَیَّةَ الْحَضْرَمِیُّ وَ لَبِسَهُ فَتَغَیَّرَ وَجْهُهُ وَ حُصَّ شَعْرُهُ وَ بَرِصَ بَدَنُهُ وَ أَخَذَ سَرَاوِیلَهُ الْفَوْقَانِیَّ بَحِیرُ بْنُ عَمْرٍو الْجَرْمِیُّ وَ تَسَرْوَلَ بِهِ فَصَارَ مُقْعَداً(1).

بیان: رجل أحص بین الحصص أی قلیل شعر الرأس و قد حصت البیضة رأسه.

«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ یُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ الْیُسْرِ أَتَی الْحُسَیْنَ علیه السلام بَعْدَ مَا ضَعُفَ مِنْ كَثْرَةِ الْجِرَاحَاتِ فَضَرَبَهُ عَلَی رَأْسِهِ بِالسَّیْفِ وَ عَلَیْهِ بُرْنُسٌ مِنْ خَزٍّ فَقَالَ علیه السلام لَا أَكَلْتَ بِهَا وَ لَا شَرِبْتَ وَ حَشَرَكَ اللَّهُ مَعَ الظَّالِمِینَ فَأَلْقَی ذَلِكَ الْبُرْنُسَ مِنْ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُ الْكِنْدِیُّ فَأَتَی بِهِ أَهْلَهُ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ أَ سَلَبُ الْحُسَیْنِ تُدْخِلُهُ فِی بَیْتِی- لَا تَجْتَمِعُ رَأْسِی وَ رَأْسُكَ أَبَداً فَلَمْ یَزَلْ فَقِیراً حَتَّی هَلَكَ.

أَحَادِیثُ ابْنِ الْحَاشِرِ قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ خَرَجَ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ جَاءَ بِجَمَلٍ وَ زَعْفَرَانٍ فَكُلَّمَا دَقُّوا الزَّعْفَرَانَ صَارَ نَاراً فَلَطَخَتِ امْرَأَتُهُ عَلَی یَدَیْهَا فَصَارَتْ بَرْصَاءَ وَ قَالَ وَ نُحِرَ الْبَعِیرُ فَكُلَّمَا جَزُّوا بِالسِّكِّینِ صَارَ مَكَانُهَا نَاراً قَالَ فَقَطَّعُوهُ فَخَرَجَ مِنْهُ النَّارُ قَالَ فَطَبَخُوهُ فَفَارَتِ الْقِدْرُ نَاراً.

وَ یُرْوَی عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ وَ یَزِیدَ بْنِ هَارُونَ الْوَاسِطِیِّ أَنَّهُمَا قَالا: نُحِرَ إِبِلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِذَا لَحْمُهُ یَتَوَقَّدُ نَاراً.

تَارِیخُ النَّسَوِیِّ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَیْدٍ قَالَ جَمِیلُ بْنُ مُرَّةَ: لَمَّا طَبَخُوهَا صَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ.

وَ رُوِیَ: أَنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام دَعَا وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ بَیْتِ نَبِیِّكَ وَ ذُرِّیَّتُهُ وَ قَرَابَتُهُ فَاقْصِمْ مَنْ ظَلَمَنَا وَ غَصَبَنَا حَقَّنَا إِنَّكَ سَمِیعٌ قَرِیبٌ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ وَ أَیُّ قَرَابَةٍ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ مُحَمَّدٍ فَقَرَأَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَرِنِی فِیهِ فِی هَذَا الْیَوْمِ ذُلًّا عَاجِلًا فَبَرَزَ ابْنُ الْأَشْعَثِ لِلْحَاجَةِ فَلَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ عَلَی ذَكَرِهِ فَسَقَطَ وَ هُوَ یَسْتَغِیثُ وَ یَتَقَلَّبُ عَلَی حَدَثِهِ.

ص: 302


1- 1. المصدر ج 4 ص 56 و 57.

إِبَانَةُ ابْنِ بَطَّةَ وَ جَامِعُ الدَّارَقُطْنِیِّ وَ فَضَائِلُ أَحْمَدَ رَوَی قُرَّةُ بْنُ أَعْیَنَ عَنْ خَالِهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِی رَجَاءٍ الْعُطَارِدِیِّ فَقَالَ: لَا تَذْكُرُوا أَهْلَ الْبَیْتِ إِلَّا بِخَیْرٍ فَدَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ حَاضِرِی كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ یَسُبُّ الْحُسَیْنَ علیه السلام فَأَهْوَی اللَّهُ عَلَیْهِ نَجْمَیْنِ فَعَمِیَتْ عَیْنَاهُ.

وَ سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْقَاضِی أَعْمَی عَنْ عَمَائِهِ فَقَالَ كُنْتُ حَضَرْتُ كَرْبَلَاءَ وَ مَا قَاتَلْتُ فَنِمْتُ فَرَأَیْتُ شَخْصاً هَائِلًا قَالَ لِی أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ- لَا أُطِیقُ فَجَرَّنِی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ فَوَجَدْتُهُ حَزِیناً وَ فِی یَدِهِ حَرْبَةٌ وَ بُسِطَ قُدَّامَهُ نَطْعٌ وَ مَلَكٌ قِبَلَهُ قَائِمٌ فِی یَدِهِ سَیْفٌ مِنَ النَّارِ یَضْرِبُ أَعْنَاقَ الْقَوْمِ وَ تَقَعُ النَّارُ فِیهِمْ فَتُحْرِقُهُمْ ثُمَّ یُحْیَوْنَ وَ یَقْتُلُهُمْ أَیْضاً هَكَذَا فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا ضَرَبْتُ بِسَیْفٍ وَ لَا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ وَ لَا رَمَیْتُ سَهْماً فَقَالَ النَّبِیُّ أَ لَسْتَ كَثَّرْتَ السَّوَادَ فَسَلَّمَنِی وَ أَخَذَ مِنْ طَسْتٍ فِیهِ دَمٌ فَكَحَّلَنِی مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَاحْتَرَقَتْ عَیْنَایَ فَلَمَّا انْتَبَهْتُ كُنْتُ أَعْمَی.

كَنْزُ الْمُذَكِّرِینَ قَالَ الشَّعْبِیُّ: رَأَیْتُ رَجُلًا مُتَعَلِّقاً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی وَ لَا أَرَاكَ تَغْفِرُ لِی فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَنْبِهِ فَقَالَ كُنْتُ مِنَ الْوُكَلَاءِ عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ وَ كَانَ مَعِی خَمْسُونَ رَجُلًا فَرَأَیْتُ غَمَامَةً بَیْضَاءَ مِنْ نُورٍ وَ قَدْ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَی الْخَیْمَةِ وَ جَمْعاً كَثِیراً أَحَاطُوا بِهَا فَإِذَا فِیهِمْ آدَمُ وَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ مُوسَی وَ عِیسَی ثُمَّ نَزَلَتْ أُخْرَی وَ فِیهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَبْرَائِیلُ وَ مِیكَائِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَبَكَی النَّبِیُّ وَ بَكَوْا مَعَهُ جَمِیعاً فَدَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ وَ قَبَضَ تِسْعاً وَ أَرْبَعِینَ فَوَثَبَ عَلَیَّ فَوَثَبْتُ عَلَی رِجْلِی وَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْأَمَانَ الْأَمَانَ فَوَ اللَّهِ مَا شَایَعْتُ فِی قَتْلِهِ وَ لَا رَضِیتُ فَقَالَ وَیْحَكَ وَ أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَی مَا یَكُونُ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ یَا مَلَكَ الْمَوْتِ خَلِّ عَنْ قَبْضِ رُوحِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ یَمُوتَ یَوْماً فَتَرَكَنِی وَ خَرَجْتُ إِلَی هَذَا الْمَوْضِعِ تَائِباً عَلَی مَا كَانَ مِنِّی.

النَّطَنْزِیُّ فِی الْخَصَائِصِ: لَمَّا جَاءُوا بِرَأْسِ الْحُسَیْنِ وَ نَزَلُوا مَنْزِلًا یُقَالُ لَهُ قِنَّسْرِینُ اطَّلَعَ رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ إِلَی الرَّأْسِ فَرَأَی نُوراً سَاطِعاً یَخْرُجُ مِنْ فِیهِ (1) وَ یَصْعَدُ

ص: 303


1- 1. كأن هذا الراهب كان یری ملكوت الأشیاء بریاضته و رهبانیته: فرأی النور الساطع من الرأس، و لا یراه سائر الناس.

إِلَی السَّمَاءِ فَأَتَاهُمْ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَخَذَ الرَّأْسَ وَ أَدْخَلَهُ صَوْمَعَتَهُ فَسَمِعَ صَوْتاً وَ لَمْ یَرَ شَخْصاً قَالَ طُوبَی لَكَ وَ طُوبَی لِمَنْ عَرَفَ حُرْمَتَهُ فَرَفَعَ الرَّاهِبُ رَأْسَهُ وَ قَالَ یَا رَبِّ بِحَقِّ عِیسَی تَأْمُرُ هَذَا الرَّأْسَ بِالتَّكَلُّمِ مَعِی فَتَكَلَّمَ الرَّأْسُ وَ قَالَ یَا رَاهِبُ أَیَّ شَیْ ءٍ تُرِیدُ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ابْنُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی وَ أَنَا ابْنُ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی وَ أَنَا ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَا الْمَقْتُولُ بِكَرْبَلَاءَ أَنَا الْمَظْلُومُ أَنَا الْعَطْشَانُ وَ سَكَتَ فَوَضَعَ الرَّاهِبُ وَجْهَهُ عَلَی وَجْهِهِ فَقَالَ لَا أَرْفَعُ وَجْهِی عَنْ وَجْهِكَ حَتَّی تَقُولَ أَنَا شَفِیعُكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَتَكَلَّمَ الرَّأْسُ وَ قَالَ ارْجِعْ إِلَی دِینِ جَدِّی مُحَمَّدٍ فَقَالَ الرَّاهِبُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَبِلَ لَهُ الشَّفَاعَةَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَخَذُوا مِنْهُ الرَّأْسَ وَ الدَّرَاهِمَ فَلَمَّا بَلَغُوا الْوَادِیَ نَظَرُوا الدَّرَاهِمَ قَدْ صَارَتْ حِجَارَةً.

وَ فِی أَثَرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ قَالَتْ لِحَاجِبِ ابْنِ زِیَادٍ وَیْلَكَ هَذِهِ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ خُذْهَا إِلَیْكَ وَ اجْعَلْ رَأْسَ الْحُسَیْنِ أَمَامَنَا وَ اجْعَلْنَا عَلَی الْجِمَالِ وَرَاءَ النَّاسِ لِیَشْتَغِلَ النَّاسُ بِنَظَرِهِمْ إِلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ عَنَّا فَأَخَذَ الْأَلْفَ وَ قَدَّمَ الرَّأْسَ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ وَ قَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ حِجَارَةً سَوْدَاءَ مَكْتُوباً عَلَی أَحَدِ جَانِبَیْهَا- وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا یَعْمَلُ الظَّالِمُونَ وَ عَلَی الْجَانِبِ الْآخَرِ وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ.

وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ: أَنَّهُ صُلِبَ رَأْسُ الْحُسَیْنِ علیه السلام بِالصَّیَارِفِ فِی الْكُوفَةِ فَتَنَحْنَحَ الرَّأْسُ وَ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ إِلَی قَوْلِهِ- إِنَّهُمْ فِتْیَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زِدْناهُمْ هُدیً فَلَمْ یَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا ضَلَالًا.

وَ فِی أَثَرٍ: أَنَّهُمْ لَمَّا صَلَبُوا رَأْسَهُ عَلَی الشَّجَرِ سُمِعَ مِنْهُ- وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ وَ سُمِعَ أَیْضاً صَوْتُهُ بِدِمَشْقَ یَقُولُ- لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ سُمِعَ أَیْضاً یَقْرَأُ- أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَ الرَّقِیمِ كانُوا مِنْ آیاتِنا عَجَباً فَقَالَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ أَمْرُكَ أَعْجَبُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.

كِتَابَیْ ابْنِ بَطَّةَ وَ التِّرْمِذِیِّ وَ خَصَائِصِ النَّطَنْزِیِّ وَ اللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ عَنْ عُمَارَةَ

ص: 304

بْنِ عُمَیْرٍ: أَنَّهُ لَمَّا جِی ءَ بِرَأْسِ ابْنِ زِیَادٍ وَ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ إِلَی الْمَسْجِدِ انْتَهَیْتُ إِلَیْهِمْ وَ النَّاسُ یَقُولُونَ قَدْ جَاءَتْ قَدْ جَاءَتْ قَالَ فَجَاءَتْ حَیَّةٌ تَتَخَلَّلُ الرُّءُوسَ حَتَّی دَخَلَتْ فِی مِنْخَرِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنَ الْمِنْخَرِ الْآخَرِ ثُمَّ قَالُوا قَدْ جَاءَتْ قَدْ جَاءَتْ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً(1).

أَبُو مِخْنَفٍ فِی رِوَایَةٍ: لَمَّا دُخِلَ بِالرَّأْسِ عَلَی یَزِیدَ كَانَ لِلرَّأْسِ طِیبٌ قَدْ فَاحَ عَلَی كُلِّ طِیبٍ وَ لَمَّا نُحِرَ الْجَمَلُ الَّذِی حُمِلَ عَلَیْهِ رَأْسُ الْحُسَیْنِ كَانَ لَحْمُهُ أَمَرَّ مِنَ الصَّبِرِ وَ لَمَّا قُتِلَ علیه السلام صَارَ الْوَرْسُ دَماً وَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ إِلَی ثَلَاثَةِ أَسْبَاتٍ وَ مَا فِی الْأَرْضَ حَجَرٌ إِلَّا وَ تَحْتَهُ دَمٌ وَ نَاحَتْ عَلَیْهِ الْجِنُّ كُلَّ یَوْمٍ فَوْقَ قَبْرِ النَّبِیِّ إِلَی سَنَةٍ كَامِلَةٍ(2).

بیان: قوله إلی ثلاثة أسبات أی أسابیع و إنما ذكر هكذا لأنهم ذكروا أن قتله علیه السلام كان یوم السبت فابتداء ذلك من هذا الیوم.

«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْبَیْهَقِیِّ بِالْإِسْنَادِ إِلَی أَبِی قَبِیلٍ وَ أَمَالِی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ النَّیْسَابُورِیِّ أَیْضاً: أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ اجْتُزَّ رَأْسُهُ قَعَدُوا فِی أَوَّلِ مَرْحَلَةٍ یَشْرَبُونَ النَّبِیذَ وَ یَتَحَیَّوْنَ بِالرَّأْسِ فَخَرَجَ عَلَیْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِیدٍ مِنْ حَائِطٍ فَكَتَبَ سَطْراً بِالدَّمِ:

أَ تَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَیْناً***شَفَاعَةَ جَدِّهِ یَوْمَ الْحِسَابِ

قَالَ فَهَرَبُوا وَ تَرَكُوا الرَّأْسَ ثُمَّ رَجَعُوا.

وَ فِی كِتَابِ ابْنِ بَطَّةَ: أَنَّهُمْ وَجَدُوا ذَلِكَ مَكْتُوباً فِی كَنِیسَةٍ.

وَ قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: احْتَفَرَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ حَفِیرَةً فَوُجِدَ فِیهَا لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِیهِ مَكْتُوبٌ هَذَا الْبَیْتُ وَ بَعْدَهُ:

فَقَدْ قَدِمُوا عَلَیْهِ بِحُكْمِ جَوْرٍ***فَخَالَفَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْكِتَابِ

ص: 305


1- 1. ذكره ابن الأثیر فی أسد الغابة ج 2 ص 22 و قال: قال الترمذی: هذا حدیث صحیح، أخرجه الثلاثة.
2- 2. المصدر ج 4 ص 57- 61.

سَتَلْقَی یَا یَزِیدُ غَداً عَذَاباً***مِنَ الرَّحْمَنِ یَا لَكَ مِنْ عَذَابٍ

فَسَأَلْنَاهُمْ مُنْذُ كَمْ هَذَا فِی كَنِیسَتِكُمْ فَقَالُوا قَبْلَ أَنْ یُبْعَثَ نَبِیُّكُمْ بِثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ.

«5»- أَقُولُ رَوَی السَّیِّدُ فِی كِتَابِ الْمَلْهُوفِ وَ ابْنُ شَهْرَآشُوبَ وَ غَیْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْقَاضِی قَالَ: لَقِیتُ رَجُلًا مَكْفُوفاً قَدْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَسُئِلَ عَنْ بَصَرِهِ فَقَالَ كُنْتُ شَهِدْتُ قَتْلَهُ عَاشِرَ عَشَرَةٍ غَیْرَ أَنِّی لَمْ أَطْعَنْ بِرُمْحٍ وَ لَمْ أَضْرِبْ بِسَیْفٍ وَ لَمْ أَرْمِ بِسَهْمٍ فَلَمَّا قُتِلَ رَجَعْتُ إِلَی مَنْزِلِی وَ صَلَّیْتُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ نِمْتُ فَأَتَانِی آتٍ فِی مَنَامِی فَقَالَ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ مَا لِی وَ لَهُ فَأَخَذَ بِتَلْبِیبِی وَ جَرَّنِی إِلَیْهِ فَإِذَا النَّبِیُّ جَالِسٌ فِی صَحْرَاءَ حَاسِرٌ عَنْ ذِرَاعَیْهِ آخِذٌ بِحَرْبَةٍ وَ مَلَكٌ قَائِمٌ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ فِی یَدِهِ سَیْفٌ مِنْ نَارٍ یَقْتُلُ أَصْحَابِیَ التِّسْعَةَ فَكُلَّمَا ضَرَبَ ضَرْبَةً الْتَهَبَ أَنْفُسُهُمْ نَاراً فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ جَثَوْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ قُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ یَرُدَّ عَلَیَّ وَ مَكَثَ طَوِیلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ یَا عَدُوَّ اللَّهِ انْتَهَكْتَ حُرْمَتِی وَ قَتَلْتَ عِتْرَتِی وَ لَمْ تَرْعَ حَقِّی وَ فَعَلْتَ وَ فَعَلْتَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ضَرَبْتُ بِسَیْفٍ وَ لَا طَعَنْتُ بِرُمْحٍ وَ لَا رَمَیْتُ بِسَهْمٍ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ لَكِنَّكَ كَثَّرْتَ السَّوَادَ ادْنُ مِنِّی فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَإِذَا طَسْتٌ مَمْلُوءٌ دَماً فَقَالَ لِی هَذَا دَمُ وَلَدِیَ الْحُسَیْنِ فَكَحَلَنِی مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَانْتَبَهْتُ حَتَّی السَّاعَةَ لَا أُبْصِرُ شَیْئاً(1).

وَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِی الْمَقَاتِلِ قَالَ الْمَدَائِنِیُّ حَدَّثَنِی أَبُو غَسَّانَ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: رَأَیْتُ رَجُلًا مِنْ بَنِی أَبَانِ بْنِ دَارِمٍ أَسْوَدَ الْوَجْهِ وَ كُنْتُ أَعْرِفُهُ جَمِیلًا شَدِیدَ الْبَیَاضِ فَقُلْتُ لَهُ مَا كِدْتُ أَعْرِفُكَ قَالَ إِنِّی قَتَلْتُ شَابّاً أَمْرَدَ مَعَ الْحُسَیْنِ بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَثَرُ السُّجُودِ فَمَا نِمْتُ لَیْلَةً مُنْذُ قَتَلْتُهُ إِلَّا أَتَانِی فَیَأْخُذُ بِتَلَابِیبِی حَتَّی یَأْتِیَ جَهَنَّمَ فَیَدْفَعَنِی فِیهَا فَأَصِیحَ فَمَا یَبْقَی أَحَدٌ فِی الْحَیِّ إِلَّا سَمِعَ صِیَاحِی قَالَ وَ الْمَقْتُولُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام(2).

ص: 306


1- 1. الملهوف ص 121- 122، و اللفظ له و قد مر عن المناقب بغیر هذا اللفظ.
2- 2. مقاتل الطالبیین ص 86، و قد ذكر القصة ابن شهرآشوب فی المناقب ج 4 ص 58 بغیر هذا اللفظ، و زاد: قال: فسمعت بذلك جارة له فقالت: ما یدعنا ننام اللیل من صیاحه.

«6»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْمَرَاغِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ أَبِی ثَوْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: لَمَّا خِفْنَا(1)

أَیَّامَ الْحَجَّاجِ خَرَجَ نَفَرٌ مِنَّا مِنَ الْكُوفَةِ مُسْتَتِرِینَ وَ خَرَجْتُ مَعَهُمْ فَصِرْنَا إِلَی كَرْبَلَاءَ وَ لَیْسَ بِهَا مَوْضِعٌ نَسْكُنُهُ فَبَنَیْنَا كُوخاً عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قُلْنَا نَأْوِی إِلَیْهِ فَبَیْنَا نَحْنُ فِیهِ إِذْ جَاءَنَا رَجُلٌ غَرِیبٌ فَقَالَ أَصِیرُ مَعَكُمْ فِی هَذَا الْكُوخِ اللَّیْلَةَ فَأَنَا عَابِرُ سَبِیلٍ فَأَجَبْنَاهُ وَ قُلْنَا غَرِیبٌ مُنْقَطَعٌ بِهِ فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ أَظْلَمَ اللَّیْلُ أَشْعَلْنَا وَ كُنَّا نُشْعِلُ بِالنِّفْطِ ثُمَّ جَلَسْنَا نَتَذَاكَرُ أَمْرَ الْحُسَیْنِ وَ مُصِیبَتَهُ وَ قَتْلَهُ وَ مَنْ تَوَلَّاهُ فَقُلْنَا مَا بَقِیَ أَحَدٌ مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ إِلَّا رَمَاهُ اللَّهُ بِبَلِیَّةٍ فِی بَدَنِهِ فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَأَنَا كُنْتُ فِیمَنْ قَتَلَهُ وَ اللَّهِ مَا أَصَابَنِی سُوءٌ وَ إِنَّكُمْ یَا قَوْمِ تَكْذِبُونَ فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ وَ قَلَّ ضَوْءُ النِّفْطِ فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِیُصْلِحَ الْفَتِیلَةَ بِإِصْبَعِهِ فَأَخَذَتِ النَّارُ كَفَّهُ فَخَرَجَ نَادّاً حَتَّی أَلْقَی نَفْسَهُ فِی الْفُرَاتِ یَتَغَوَّثُ بِهِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْنَا یُدْخِلُ رَأْسَهُ فِی الْمَاءِ وَ النَّارُ عَلَی وَجْهِ الْمَاءِ فَإِذَا أَخْرَجَ رَأْسَهُ سَرَتِ النَّارُ إِلَیْهِ فَیَغُوصُهُ إِلَی الْمَاءِ ثُمَّ یُخْرِجُهُ فَتَعُودُ إِلَیْهِ فَلَمْ یَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّی هَلَكَ.

«7»- ثو، [ثواب الأعمال] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْحِجَازِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ دَاوُدَ أَبِی الْعَبَّاسِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْخَلِیلِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ: سَمَرْتُ أَنَا وَ نَفَرٌ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَتَذَاكَرْنَا مَقْتَلَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا تَلَبَّسَ أَحَدٌ بِقَتْلِهِ إِلَّا أَصَابَهُ بَلَاءٌ فِی أَهْلِهِ وَ نَفْسِهِ وَ مَالِهِ فَقَالَ شَیْخٌ مِنَ الْقَوْمِ فَهُوَ وَ اللَّهِ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَهُ وَ أَعَانَ عَلَیْهِ فَمَا أَصَابَهُ إِلَی الْآنَ أَمْرٌ یَكْرَهُهُ فَمَقَتَهُ الْقَوْمُ وَ تَغَیَّرَ السِّرَاجُ وَ كَانَ دُهْنُهُ نِفْطاً فَقَامَ إِلَیْهِ لِیُصْلِحَهُ فَأَخَذَتِ النَّارُ بِإِصْبَعِهِ فَنَفَخَهَا فَأَخَذَتْ بِلِحْیَتِهِ فَخَرَجَ یُبَادِرُ إِلَی الْمَاءِ فَأَلْقَی نَفْسَهُ فِی النَّهَرِ وَ جَعَلَتِ النَّارُ تُرَفْرِفُ عَلَی رَأْسِهِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ أَحْرَقَتْهُ حَتَّی مَاتَ لَعَنَهُ اللَّهُ.

ص: 307


1- 1. هذا هو الصحیح، و فی بعض النسخ: رجعتا، و فی بعضها« جعنا».

«8»- ثو، [ثواب الأعمال] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: قَدِمَ عَلَیْنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِی دَارِمٍ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مُسْوَدَّ الْوَجْهِ وَ كَانَ رَجُلًا جَمِیلًا شَدِیدَ الْبَیَاضِ فَقُلْتُ لَهُ مَا كِدْتُ أَنْ أَعْرِفَكَ لِتَغَیُّرِ لَوْنِكَ فَقَالَ قَتَلْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَبْیَضَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ أَثَرُ السُّجُودِ وَ جِئْتُ بِرَأْسِهِ فَقَالَ الْقَاسِمُ لَقَدْ رَأَیْتُهُ عَلَی فَرَسٍ لَهُ مَرِحاً وَ قَدْ عَلَّقَ الرَّأْسَ بِلَبَانِهَا وَ هُوَ یُصِیبُ رُكْبَتَهَا قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِی لَوْ أَنَّهُ رَفَعَ الرَّأْسَ قَلِیلًا أَ مَا تَرَی مَا تَصْنَعُ بِهِ الْفَرَسُ بِیَدَیْهَا فَقَالَ لِی یَا بُنَیَّ مَا یُصْنَعُ بِهِ أَشَدُّ لَقَدْ حَدَّثَنِی فَقَالَ مَا نِمْتُ لَیْلَةً مُنْذُ قَتَلْتُهُ إِلَّا أَتَانِی فِی مَنَامِی حَتَّی یَأْخُذَ بِتَلْبِیبِی فَیَقُودَنِی فَیَقُولُ انْطَلِقْ فَیَنْطَلِقُ بِی إِلَی جَهَنَّمَ فَیَقْذِفُ بِی فِیهَا حَتَّی أُصْبِحَ قَالَ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ جَارِیَةٌ لَهُ فَقَالَتْ مَا یَدَعُنَا نَنَامُ شَیْئاً مِنَ اللَّیْلِ مِنْ صِیَاحِهِ قَالَ فَقُمْتُ فِی شَبَابٍ مِنَ الْحَیِّ فَأَتَیْنَا امْرَأَتَهُ فَسَأَلْنَاهَا فَقَالَتْ قَدْ أَبْدَی عَلَی نَفْسِهِ قَدْ صَدَقَكُمْ.

بیان: قوله مرحا حال عن الراكب أی فرحا و فی نسخة قدیمة موجأ فهو صفة للمركوب أی خصی و الأصل فیه موجوء لكن قد یستعمل هكذا قال الجزری و منه

الحدیث: أنه ضحی بكبشین موجوءین.

أی خصیین و منهم من یرویه موجئین بوزن مكرمین و هو خطأ و منهم موجیین بغیر همز علی التخفیف و یكون من وجئه وجئا فهو موجی و قال الفیروزآبادی اللبان بالفتح الصدر أو وسطه أو ما بین الثدیین أو صدر ذی الحافر و قوله أبدی أی أظهر و فیه تضمین معنی الطعن أی طاعنا علی نفسه.

«9»- ثو، [ثواب الأعمال] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ عُمَیْرٍ التَّیْمِیِّ قَالَ: لَمَّا جِی ءَ بِرَأْسِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ عَلَیْهِمْ غَضَبُ اللَّهِ قَالَ انْتَهَیْتُ إِلَیْهِمْ وَ النَّاسُ یَقُولُونَ قَدْ جَاءَتْ حَیَّةٌ تَتَخَلَّلُ الرُّءُوسَ حَتَّی دَخَلَتْ فِی مَنْخِرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ ثُمَّ خَرَجَتْ فَدَخَلَتْ فِی الْمَنْخِرِ الْآخَرِ.

«10»- ثو، [ثواب الأعمال] أَبِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ

ص: 308

عَنْ عَلِیِّ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْحَلَبِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ آلَ أَبِی سُفْیَانَ قَتَلُوا الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَنَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُمْ وَ قَتَلَ هِشَامٌ زَیْدَ بْنَ عَلِیٍّ فَنَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُ وَ قَتَلَ الْوَلِیدُ یَحْیَی بْنَ زَیْدٍ فَنَزَعَ اللَّهُ مُلْكَهُ.

«11»- مل، [كامل الزیارات] أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَنَوِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ قَالَ: وَ هَلْ بَقِیَ فِی السَّمَاوَاتِ مَلَكٌ لَمْ یَنْزِلْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ یُعَزِّیهِ فِی وَلَدِهِ الْحُسَیْنِ وَ یُخْبِرُهُ بِثَوَابِ اللَّهِ إِیَّاهُ وَ یَحْمِلُ إِلَیْهِ تُرْبَتَهُ مَصْرُوعاً عَلَیْهَا مَذْبُوحاً مَقْتُولًا طَرِیحاً مَخْذُولًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَ اقْتُلْ مَنْ قَتَلَهُ وَ اذْبَحْ مَنْ ذَبَحَهُ وَ لَا تُمَتِّعْهُ بِمَا طَلَبَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عُوجِلَ الْمَلْعُونُ یَزِیدُ وَ لَمْ یَتَمَتَّعْ بَعْدَ قَتْلِهِ وَ لَقَدْ أُخِذَ مُغَافَصَةً بَاتَ سَكْرَانَ وَ أَصْبَحَ مَیِّتاً مُتَغَیِّراً

كَأَنَّهُ مَطْلِیٌّ بِقَارٍ أُخِذَ عَلَی أَسَفٍ وَ مَا بَقِیَ أَحَدٌ مِمَّنْ تَابَعَهُ عَلَی قَتْلِهِ أَوْ كَانَ فِی مُحَارَبَتِهِ إِلَّا أَصَابَهُ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ وَ صَارَ ذَلِكَ وِرَاثَةً فِی نَسْلِهِمْ (1).

«12»- أَقُولُ رُوِیَ فِی بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْمُعْتَبَرَةِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الطَّبَرَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الصُّوفِیِّ عَنْ أَبِی غَسَّانَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ كُرْدُوسٍ عَنْ حَاجِبِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْقَصْرَ خَلْفَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَاضْطَرَمَ فِی وَجْهِهِ نَاراً فَقَالَ هَكَذَا بِكُمِّهِ عَلَی وَجْهِهِ فَقَالَ هَلْ رَأَیْتَ قُلْتُ نَعَمْ فَأَمَرَنِی أَنْ أَكْتُمَ ذَلِكَ.

وَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَاصِمِیُّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیِّ عَنْ وَالِدِهِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ شَرِیكِ بْنِ عُمَیْرٍ یَعْنِی عَبْدَ الْمَلِكِ قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ یَوْماً مَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ فَلْیَقُمْ فَلْنُعْطِهِ عَلَی بَلَائِهِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَعْطِنِی عَلَی بَلَائِی قَالَ وَ مَا بَلَاؤُكَ قَالَ قَتَلْتُ الْحُسَیْنَ قَالَ وَ كَیْفَ قَتَلْتَهُ قَالَ دَسَرْتُهُ وَ اللَّهِ بِالرُّمْحِ

ص: 309


1- 1. كامل الزیارات: ص 61 و 62.

دَسْراً وَ هَبَرْتُهُ بِالسَّیْفِ هَبْراً وَ مَا أَشْرَكْتُ مَعِی فِی قَتْلِهِ أَحَداً قَالَ أَمَا إِنَّكَ وَ إِیَّاهُ لَنْ تَجْتَمِعَا فِی مَكَانٍ أَبَداً قَالَ لَهُ اخْرُجْ قَالَ وَ أَحْسَبُهُ لَمْ یُعْطِهِ شَیْئاً.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَیْهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سُفْیَانَ النَّسَوِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ جَمِیلِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ: أَصَابُوا إِبِلًا فِی عَسْكَرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَوْمَ قُتِلَ فَنَحَرُوهَا وَ طَبَخُوهَا قَالَ فَصَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ یَسِیغُوا مِنْهَا شَیْئاً.

بیان: العلقم شجر مر و یقال للحنظل و لكل شی ء مر علقم.

«13»- ثُمَّ قَالَ وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَمِیدِیِّ عَنْ سُفْیَانَ قَالَ حَدَّثَتْنِی جَدَّتِی قَالَتْ: لَقَدْ رَأَیْتُ الْوَرْسَ عَادَ رَمَاداً وَ لَقَدْ رَأَیْتُ اللَّحْمَ كَأَنَّ فِیهِ النَّارَ حِینَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی حَفْصَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: إِنْ كَانَ الْوَرْسُ مِنْ وَرْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام لِیُقَالَ بِهِ هَكَذَا فَیَصِیرُ رَمَاداً.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدُّورِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ مَعِینٍ عَنْ جَرِیرٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَبِی الزِّنَادِ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ لِی أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ صَارَ الْوَرْسُ رَمَاداً الَّذِی كَانَ فِی عَسْكَرِهِمْ وَ احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ وَ نَحَرُوا نَاقَةً فِی عَسْكَرِهِمْ فَكَانُوا یَرَوْنَ فِی لَحْمِهَا النِّیرَانَ.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عَبْد اللَّهِ بْنِ وَصِیفٍ عَنِ الْمُشْطَاحِ الْوَرَّاقِ قَالَ سَمِعْتُ الْفَتْحَ بْنَ شُخْرُفٍ الْعَابِدَ یَقُولُ: أَفُتُّ الْخُبْزَ لِلْعَصَافِیرِ كُلَّ یَوْمٍ فَكَانَتْ تَأْكُلُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ عَاشُورَاءَ فَتَتُّ لَهَا فَلَمْ تَأْكُلْ فَعَلِمْتُ أَنَّهَا امْتَنَعَتْ لِقَتْلِ حُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ بْنِ بُشْرَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الدُّنْیَا عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِیهِ

ص: 310

عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَبَانِ بْنِ دَارِمٍ یُقَالُ لَهُ زُرْعَةُ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَرَمَی الْحُسَیْنَ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ حَنَكَهُ فَجَعَلَ یَتَلَقَّی الدَّمَ ثُمَّ یَقُولُ هَكَذَا إِلَی السَّمَاءِ فَیَرْمِی بِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام دَعَا بِمَاءٍ لِیَشْرَبَ فَلَمَّا رَمَاهُ حَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ اللَّهُمَّ ظَمِّئْهُ قَالَ فَحَدَّثَنِی مَنْ شَهِدَهُ وَ هُوَ یَمُوتُ وَ هُوَ یَصِیحُ مِنَ الْحَرِّ فِی بَطْنِهِ وَ الْبَرْدِ فِی ظَهْرِهِ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ الْمَرَاوِحُ وَ الثَّلْجُ وَ خَلْفَهُ الْكَانُونُ وَ هُوَ یَقُولُ اسْقُونِی أَهْلَكَنِی الْعَطَشُ فَیُؤْتَی بِعُسٍّ عَظِیمٍ فِیهِ السَّوِیقُ وَ الْمَاءُ وَ اللَّبَنُ لَوْ شَرِبَهُ خَمْسَةٌ لَكَفَاهُمْ قَالَ فَیَشْرَبُهُ ثُمَّ یَعُودُ فَیَقُولُ اسْقُونِی أَهْلَكَنِی الْعَطَشُ قَالَ فَانْقَدَّ بَطْنُهُ كَانْقِدَادِ الْبَعِیرِ.

وَ ذَكَرَ أَعْثَمُ الْكُوفِیُّ هَذَا الْحَدِیثَ مُخْتَصَراً قَالَ: اسْمُ الرَّامِی لَعَنَهُ اللَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِیُّ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشاً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَداً قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ لَقَدْ رَأَیْتُنِی عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَ هُوَ یَصِیحُ وَ الْمَاءُ یُبَرَّدُ لَهُ فِیهِ السُّكَّرُ وَ الْأَعْسَاسُ فِیهَا اللَّبَنُ وَ هُوَ یَقُولُ وَیْلَكُمْ اسْقُونِی فَقَدْ قَتَلَنِیَ الْعَطَشُ فَیُعْطَی الْقُلَّةَ أَوِ الْعُسَّ فَإِذَا نَزَعَهُ مِنْ فِیهِ یَصِیحُ حَتَّی انْقَدَّ بَطْنُهُ وَ مَاتَ شَرَّ مِیتَةٍ لَعَنَهُ اللَّهُ.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی الدُّنْیَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ سُفْیَانَ قَالَ حَدَّثَتْنِی جَدَّتِی أُمُّ أَبِی قَالَتْ: أَدْرَكْتُ رَجُلَیْنِ مِمَّنْ شَهِدَ قَتْلَ الْحُسَیْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَطَالَ ذَكَرُهُ حَتَّی كَانَ یَلُفُّهُ وَ أَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ یَسْتَقْبِلُ الرَّاوِیَةَ فَیَشْرَبُهَا حَتَّی یَأْتِیَ عَلَی آخِرِهَا قَالَ سُفْیَانُ أَدْرَكْتُ ابْنَ أَحَدِهِمَا بِهِ خَبَلٌ أَوْ نَحْوُ هَذَا.

وَ رُوِیَ: أَنَّ رَجُلًا بِلَا أَیْدٍ وَ لَا أَرْجُلٍ وَ هُوَ أَعْمَی یَقُولُ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ النَّارِ فَقِیلَ لَهُ لَمْ تَبْقَ لَكَ عُقُوبَةٌ وَ مَعَ ذَلِكَ تَسْأَلُ النَّجَاةَ مِنَ النَّارِ قَالَ كُنْتُ فِیمَنْ قَتَلَ الْحُسَیْنَ علیه السلام بِكَرْبَلَاءَ فَلَمَّا قُتِلَ رَأَیْتُ عَلَیْهِ سَرَاوِیلًا وَ تِكَّةً حَسَنَةً بَعْدَ مَا سَلَبَهُ النَّاسُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْزِعَ مِنْهُ التِّكَّةَ فَرَفَعَ یَدَهُ الْیُمْنَی وَ وَضَعَهَا عَلَی التِّكَّةِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَی دَفْعِهَا فَقَطَعْتُ یَمِینَهُ ثُمَّ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ التِّكَّةَ فَرَفَعَ شِمَالَهُ فَوَضَعَهَا عَلَی تِكَّتِهِ فَقَطَعْتُ یَسَارَهُ ثُمَّ هَمَمْتُ بِنَزْعِ التِّكَّةِ مِنَ السَّرَاوِیلِ فَسَمِعْتُ زَلْزَلَةً فَخِفْتُ وَ تَرَكْتُهُ فَأَلْقَی اللَّهُ عَلَیَّ النَّوْمَ فَنِمْتُ بَیْنَ الْقَتْلَی فَرَأَیْتُ كَأَنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه وآله أَقْبَلَ وَ مَعَهُ عَلِیٌ

ص: 311

وَ فَاطِمَةُ فَأَخَذُوا رَأْسَ الْحُسَیْنِ فَقَبَّلَتْهُ فَاطِمَةُ ثُمَّ قَالَتْ یَا وَلَدِی قَتَلُوكَ قَتَلَهُمُ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ فَكَانَ یَقُولُ قَتَلَنِی شِمْرٌ وَ قَطَعَ یَدَایَ هَذَا النَّائِمُ وَ أَشَارَ إِلَیَّ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِی قَطَعَ اللَّهُ یَدَیْكَ وَ رِجْلَیْكَ وَ أَعْمَی بَصَرَكَ وَ أَدْخَلَكَ النَّارَ فَانْتَبَهْتُ وَ أَنَا لَا أُبْصِرُ شَیْئاً وَ سَقَطَتْ مِنِّی یَدَایَ وَ رِجْلَایَ وَ لَمْ یَبْقَ مِنْ دُعَائِهَا إِلَّا النَّارُ.

أَقُولُ رَوَی السَّائِلُ عَنِ السَّیِّدِ الْمُرْتَضَی رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ خَبَرٍ رَوَی النُّعْمَانِیُّ فِی كِتَابِ التَّسَلِّی عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِذَا احْتُضِرَ الْكَافِرُ حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَدْنُو إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام فَیَقُولُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا كَانَ یُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَأَبْغِضْهُ فَیَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ إِنَّ هَذَا كَانَ یُبْغِضُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِ رَسُولِهِ فَأَبْغِضْهُ فَیَقُولُ جَبْرَئِیلُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ إِنَّ هَذَا كَانَ یُبْغِضُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ فَأَبْغِضْهُ وَ أَعْنِفْ بِهِ فَیَدْنُو مِنْهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَیَقُولُ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَخَذْتَ فَكَاكَ رَقَبَتِكَ أَخَذْتَ أَمَانَ بَرَاءَتِكَ تَمَسَّكْتَ بِالْعِصْمَةِ الْكُبْرَی فِی دَارِ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا فَیَقُولُ وَ مَا هِیَ فَیَقُولُ وَلَایَةُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَیَقُولُ مَا أَعْرِفُهَا وَ لَا أَعْتَقِدُ بِهَا فَیَقُولُ لَهُ جَبْرَئِیلُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ مَا كُنْتَ تَعْتَقِدُ فَیَقُولُ لَهُ جَبْرَئِیلُ أَبْشِرْ یَا عَدُوَّ اللَّهِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَ عَذَابِهِ فِی النَّارِ أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَقَدْ فَاتَكَ وَ أَمَّا الَّذِی كُنْتَ تَخَافُ فَقَدْ نَزَلَ بِكَ ثُمَّ یَسُلُّ نَفْسَهُ سَلًّا عَنِیفاً ثُمَّ یُوَكِّلُ بِرُوحِهِ مِائَةَ شَیْطَانٍ كُلُّهُمْ یَبْصُقُ فِی وَجْهِهِ وَ یَتَأَذَّی بِرِیحِهِ فَإِذَا وُضِعَ فِی قَبْرِهِ فُتِحَ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ یَدْخُلُ إِلَیْهِ مِنْ فَوْحِ رِیحِهَا وَ لَهَبِهَا ثُمَّ إِنَّهُ یُؤْتَی بِرُوحِهِ إِلَی جِبَالِ بَرَهُوتَ ثُمَّ إِنَّهُ یَصِیرُ فِی الْمُرَكَّبَاتِ بَعْدَ أَنْ یَجْرِیَ فِی كُلِّ سِنْخٍ مَسْخُوطٍ عَلَیْهِ حَتَّی یَقُومَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَیَبْعَثُهُ اللَّهُ فَیَضْرِبُ عُنُقَهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ- رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ أَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلی خُرُوجٍ مِنْ سَبِیلٍ (1) وَ اللَّهِ لَقَدْ أُتِیَ بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَعْدَ مَا قُتِلَ وَ إِنَّهُ لَفِی صُورَةِ قِرْدٍ فِی عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ فَجَعَلَ یَعْرِفُ أَهْلَ الدَّارِ وَ هُمْ لَا یَعْرِفُونَهُ وَ اللَّهِ لَا یَذْهَبُ الْأَیَّامُ حَتَّی یُمْسَخَ عَدُوُّنَا مَسْخاً ظَاهِراً حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَیُمْسَخُ فِی حَیَاتِهِ قِرْداً أَوْ

ص: 312


1- 1. غافر: 11.

خِنْزِیراً وَ مِنْ وَرَائِهِمْ عَذابٌ غَلِیظٌ وَ مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِیراً.

بیان: هذا خبر غریب و لم ینكره السید فی الجواب و أجاب بما حاصله أنا ننكر تعلق الروح بجسد آخر و لا ننكر تغیر جسمه إلی صورة أخری.

و أقول یمكن حمله علی التغییر فی الجسد المثالی أو أجزاء جسده الأصلی إلی الصور القبیحة و قد مر بعض القول فی ذلك.

«14»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام إِذْ جَاءَ شَیْخٌ قَدِ انْحَنَی مِنَ الْكِبَرِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ یَا شَیْخُ ادْنُ مِنِّی فَدَنَا مِنْهُ وَ قَبَّلَ یَدَهُ وَ بَكَی فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مَا یُبْكِیكَ یَا شَیْخُ قَالَ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا مُقِیمٌ عَلَی رَجَاءٍ مِنْكُمْ مُنْذُ نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ أَقُولُ هَذِهِ السَّنَةَ وَ هَذَا الشَّهْرَ وَ هَذَا الْیَوْمَ وَ لَا أَرَاهُ فِیكُمْ فَتَلُومُنِی أَنْ أَبْكِیَ قَالَ فَبَكَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا شَیْخُ إِنْ أُخِّرَتْ مَنِیَّتُكَ كُنْتَ مَعَنَا وَ إِنْ عُجِّلَتْ كُنْتَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ ثَقَلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الشَّیْخُ مَا أُبَالِی مَا فَاتَنِی بَعْدَ هَذَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ یَا شَیْخُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنِّی تَارِكٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا- كِتَابَ اللَّهِ الْمُنْزَلَ وَ عِتْرَتِی أَهْلَ بَیْتِی تَجِی ءُ وَ أَنْتَ مَعَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثُمَّ قَالَ یَا شَیْخُ مَا أَحْسَبُكَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ لَا قَالَ فَمِنْ أَیْنَ قَالَ مِنْ سَوَادِهَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ أَیْنَ أَنْتَ مِنْ قَبْرِ جَدِّیَ الْمَظْلُومِ الْحُسَیْنِ قَالَ إِنِّی لَقَرِیبٌ مِنْهُ قَالَ كَیْفَ إِتْیَانُكَ لَهُ قَالَ إِنِّی لَآتِیهِ وَ أُكْثِرُ قَالَ یَا شَیْخُ ذَاكَ دَمٌ یَطْلُبُ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ مَا أُصِیبَ وُلْدُ فَاطِمَةَ وَ لَا یُصَابُونَ بِمِثْلِ الْحُسَیْنِ وَ لَقَدْ قُتِلَ علیه السلام فِی سَبْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ نَصَحُوا لِلَّهِ وَ صَبَرُوا فِی جَنْبِ اللَّهِ فَجَزَاهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ جَزَاءِ الصَّابِرِینَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ وَ مَعَهُ الْحُسَیْنُ وَ یَدُهُ عَلَی رَأْسِهِ یَقْطُرُ دَماً فَیَقُولُ یَا رَبِّ سَلْ أُمَّتِی فِیمَ قَتَلُوا ابْنِی وَ قَالَ علیه السلام كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ سِوَی الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ عَلَی الْحُسَیْنِ.

ص: 313

أَقُولُ رُوِیَ فِی بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا مُرْسَلًا عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَالَ: رَأَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَمَصُّ لُعَابَ الْحُسَیْنِ كَمَا یَمَصُّ الرَّجُلُ السُّكَّرَةَ وَ هُوَ یَقُولُ حُسَیْنٌ مِنِّی وَ أَنَا مِنْ حُسَیْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَیْناً وَ أَبْغَضَ اللَّهُ مَنْ أَبْغَضَ حُسَیْناً- حُسَیْنٌ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَتَلَ بِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا سَبْعِینَ أَلْفاً مِنَ الْمُنَافِقِینَ وَ سَیَقْتُلُ بِابْنِ ابْنَتِكَ الْحُسَیْنِ سَبْعِینَ أَلْفاً وَ سَبْعِینَ أَلْفاً مِنَ الْمُعْتَدِینَ وَ إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ فِی تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ وَ یَكُونُ عَلَیْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ قَدْ شُدَّتْ یَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ بِسَلَاسِلَ مِنْ نَارٍ وَ هُوَ مُنَكَّسٌ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ فِی قَعْرِ جَهَنَّمَ وَ لَهُ رِیحٌ یَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ مِنْ شِدَّةِ نَتْنِهَا وَ هُوَ فِیهَا خَالِدٌ ذَائِقُ الْعَذَابِ الْأَلِیمِ- لَا یُفَتَّرُ عَنْهُ وَ یُسْقَی مِنْ حَمِیمِ جَهَنَّمَ.

وَ رُوِیَ أَیْضاً فِی بَعْضِ الْأَخْبَارِ: أَنَّ مَلَكاً مِنْ مَلَائِكَةِ الصَّفِیحِ الْأَعْلَی اشْتَاقَ لِرُؤْیَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ بِالنُّزُولِ إِلَی الْأَرْضِ لِزِیَارَتِهِ وَ كَانَ ذَلِكَ الْمَلَكُ لَمْ یَنْزِلْ إِلَی الْأَرْضِ أَبَداً مُنْذُ خُلِقَتْ فَلَمَّا أَرَادَ النُّزُولَ أَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْهِ یَقُولُ أَیُّهَا الْمَلَكُ أَخْبِرْ مُحَمَّداً أَنَّ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِهِ اسْمُهُ یَزِیدُ یَقْتُلُ فَرْخَهُ الطَّاهِرَ ابْنَ الطَّاهِرَةِ نَظِیرَةِ الْبَتُولِ مَرْیَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ فَقَالَ الْمَلَكُ لَقَدْ نَزَلْتُ إِلَی الْأَرْضِ وَ أَنَا مَسْرُورٌ بِرُؤْیَةِ نَبِیِّكَ مُحَمَّدٍ فَكَیْفَ أُخْبِرُهُ بِهَذَا الْخَبَرِ الْفَضِیحِ وَ إِنَّنِی لَأَسْتَحْیِی مِنْهُ أَنْ أُفْجِعَهُ بِقَتْلِ وَلَدِهِ فَلَیْتَنِی لَمْ أَنْزِلْ إِلَی الْأَرْضِ قَالَ فَنُودِیَ الْمَلَكُ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ أَنِ افْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ فَدَخَلَ الْمَلَكُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ وَ نَشَرَ أَجْنِحَتَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ اعْلَمْ أَنِّی اسْتَأْذَنْتُ رَبِّی فِی النُّزُولِ إِلَی الْأَرْضِ شَوْقاً لِرُؤْیَتِكَ وَ زِیَارَتِكَ فَلَیْتَ رَبِّی كَانَ حَطَّمَ أَجْنِحَتِی وَ لَمْ آتِكَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إِنْفَاذِ أَمْرِ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِكَ اسْمُهُ یَزِیدُ زَادَهُ اللَّهُ لَعْناً فِی الدُّنْیَا وَ عَذَاباً فِی الْآخِرَةِ یَقْتُلُ فَرْخَكَ الطَّاهِرَ ابْنَ الطَّاهِرَةِ وَ لَمْ یَتَمَتَّعْ قَاتِلَهُ فِی الدُّنْیَا مِنْ بَعْدِهِ إِلَّا قَلِیلًا وَ یَأْخُذُهُ اللَّهُ مُقَاصّاً لَهُ عَلَی سُوءِ عَمَلِهِ وَ یَكُونُ مُخَلَّداً فِی النَّارِ فَبَكَی النَّبِیُّ بُكَاءً شَدِیداً وَ قَالَ أَیُّهَا الْمَلَكُ هَلْ تُفْلِحُ أُمَّةٌ بِقَتْلِ وَلَدِی وَ فَرْخِ

ص: 314

ابْنَتِی؟ فَقَالَ لَا یَا مُحَمَّدُ بَلْ یَرْمِیهِمُ اللَّهُ بِاخْتِلَافِ قُلُوبِهِمْ وَ أَلْسِنَتِهِمْ فِی دَارِ الدُّنْیَا وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذَابٌ أَلِیمٌ.

وَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ: حِینَ أَسْلَمَ فِی أَیَّامِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ جَعَلَ النَّاسُ یَسْأَلُونَهُ عَنِ الْمَلَاحِمِ الَّتِی تَظْهَرُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ فَصَارَ كَعْبٌ یُخْبِرُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْأَخْبَارِ وَ الْمَلَاحِمِ وَ الْفِتَنِ الَّتِی تَظْهَرُ فِی الْعَالَمِ ثُمَّ قَالَ وَ أَعْظَمُهَا فِتْنَةً وَ أَشَدُّهَا مُصِیبَةً- لَا تُنْسَی إِلَی أَبَدِ الْآبِدِینَ مُصِیبَةُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هِیَ الْفَسَادُ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ الْمَجِیدِ حَیْثُ قَالَ ظَهَرَ الْفَسادُ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ (1) وَ إِنَّمَا فُتِحَ الْفَسَادُ بِقَتْلِ هَابِیلَ بْنِ آدَمَ وَ خُتِمَ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَ وَ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّهُ یُفْتَحُ یَوْمَ قَتْلِهِ أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ وَ یُؤْذِنُ السَّمَاءَ بِالْبُكَاءِ فَتَبْكِی دَماً فَإِذَا رَأَیْتُمُ الْحُمْرَةَ فِی السَّمَاءِ قَدِ ارْتَفَعَتْ فَاعْلَمُوا أَنَّ السَّمَاءَ تَبْكِی حُسَیْناً فَقِیلَ یَا كَعْبُ لِمَ لَا تَفْعَلُ السَّمَاءُ كَذَلِكَ وَ لَا تَبْكِی دَماً لِقَتْلِ الْأَنْبِیَاءِ مِمَّنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْحُسَیْنِ فَقَالَ وَیْحَكُمْ إِنَّ قَتْلَ الْحُسَیْنِ أَمْرٌ عَظِیمٌ وَ إِنَّهُ ابْنُ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ إِنَّهُ یُقْتَلُ عَلَانِیَةً مُبَارَزَةً ظُلْماً وَ عُدْوَاناً وَ لَا تُحْفَظُ فِیهِ وَصِیَّةُ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ وَ هُوَ مِزَاجُ مَائِهِ وَ بَضْعَةٌ مِنْ لَحْمِهِ یُذْبَحُ بِعَرْصَةِ كَرْبَلَاءَ فَوَ الَّذِی نَفْسُ كَعْبٍ بِیَدِهِ لَتَبْكِیَنَّهُ زُمْرَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِی السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ- لَا یَقْطَعُونَ بُكَاءَهُمْ عَلَیْهِ إِلَی آخِرِ الدَّهْرِ وَ إِنَّ الْبُقْعَةَ الَّتِی یُدْفَنُ فِیهَا خَیْرُ الْبِقَاعِ وَ مَا مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا وَ یَأْتِی إِلَیْهَا وَ یَزُورُهَا وَ یَبْكِی عَلَی مُصَابِهِ وَ لِكَرْبَلَاءَ فِی كُلِّ یَوْمٍ زِیَارَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَإِذَا كَانَتْ لَیْلَةُ الْجُمُعَةِ یَنْزِلُ إِلَیْهَا تِسْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ یَبْكُونَ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ یَذْكُرُونَ فَضْلَهُ وَ إِنَّهُ یُسَمَّی فِی السَّمَاءِ حُسَیْناً الْمَذْبُوحَ وَ فِی الْأَرْضِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَ فِی الْبِحَارِ الْفَرْخَ الْأَزْهَرَ الْمَظْلُومَ وَ إِنَّهُ یَوْمَ قَتْلِهِ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ بِالنَّهَارِ وَ مِنَ اللَّیْلِ یَنْخَسِفُ الْقَمَرُ وَ تَدُومُ الظُّلْمَةُ عَلَی النَّاسِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ تُمْطِرُ السَّمَاءُ دَماً وَ تَدَكْدَكُ الْجِبَالُ وَ تَغَطْمَطُ الْبِحَارُ وَ لَوْ لَا بَقِیَّةٌ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ وَ طَائِفَةٌ مِنْ شِیعَتِهِ الَّذِینَ یَطْلُبُونَ بِدَمِهِ وَ یَأْخُذُونَ بِثَأْرِهِ لَصَبَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ نَاراً مِنَ السَّمَاءِ أَحْرَقَتِ الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا.

ص: 315


1- 1. الروم: 41.

ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ یَا قَوْمِ كَأَنَّكُمْ تَتَعَجَّبُونَ بِمَا أُحَدِّثُكُمْ فِیهِ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَتْرُكْ شَیْئاً كَانَ أَوْ یَكُونُ مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلَی آخِرِهِ إِلَّا وَ قَدْ فَسَّرَهُ لِمُوسَی علیه السلام وَ مَا مِنْ نَسَمَةٍ خُلِقَتْ إِلَّا وَ قَدْ رُفِعَتْ إِلَی آدَمَ فِی عَالَمِ الذَّرِّ وَ عُرِضَتْ عَلَیْهِ وَ لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَیْهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَ نَظَرَ إِلَیْهَا وَ إِلَی اخْتِلَافِهَا وَ تَكَالُبِهَا عَلَی هَذِهِ الدُّنْیَا الدَّنِیَّةِ فَقَالَ آدَمُ یَا رَبِّ مَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الزَّكِیَّةِ وَ بَلَاءِ الدُّنْیَا وَ هُمْ أَفْضَلُ الْأُمَمِ فَقَالَ لَهُ یَا آدَمُ إِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فَاخْتَلَفَتْ قُلُوبُهُمْ وَ سَیُظْهِرُونَ الْفَسَادَ فِی الْأَرْضِ كَفَسَادِ قَابِیلَ حِینَ قَتَلَ هَابِیلَ وَ إِنَّهُمْ یَقْتُلُونَ فَرْخَ حَبِیبِی مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی ثُمَّ مُثِّلَ لِآدَمَ علیه السلام مَقْتَلُ الْحُسَیْنِ وَ مَصْرَعُهُ وَ وُثُوبُ أُمَّةِ جَدِّهِ عَلَیْهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِمْ فَرَآهُمْ مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ فَقَالَ یَا رَبِّ ابْسُطْ عَلَیْهِمُ الِانْتِقَامَ كَمَا قَتَلُوا فَرْخَ نَبِیِّكَ الْكَرِیمِ عَلَیْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ السَّلَامِ.

وَ رُوِیَ فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ قَالَ: لَمَّا اسْتُشْهِدَ سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ حَجَّ النَّاسُ مِنْ قَابِلٍ دَخَلْتُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ فَقُلْتُ لَهُ یَا مَوْلَایَ قَدْ قَرُبَ الْحَجُّ فَمَا ذَا تَأْمُرُنِی فَقَالَ امْضِ عَلَی نِیَّتِكَ وَ حُجَّ فَحَجَجْتُ فَبَیْنَمَا أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْیَدَیْنِ وَ وَجْهُهُ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ وَ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذَا الْبَیْتِ الْحَرَامِ اغْفِرْ لِی وَ مَا أَحْسَبُكَ تَفْعَلُ وَ لَوْ تَشَفَّعَ فِیَّ سُكَّانُ سَمَاوَاتِكَ وَ أَرْضِكَ وَ جَمِیعُ مَا خَلَقْتَ لِعِظَمِ جُرْمِی قَالَ سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ فَشُغِلْتُ وَ شُغِلَ النَّاسُ عَنِ الطَّوَافِ حَتَّی حَفَّ بِهِ النَّاسُ وَ اجْتَمَعْنَا عَلَیْهِ فَقُلْنَا یَا وَیْلَكَ لَوْ كُنْتَ إِبْلِیسَ مَا كَانَ یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تَیْأَسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَمَنْ أَنْتَ وَ مَا ذَنْبُكَ فَبَكَی وَ قَالَ یَا قَوْمِ أَنَا أَعْرَفُ بِنَفْسِی وَ ذَنْبِی وَ مَا جَنَیْتُ فَقُلْنَا لَهُ تَذْكُرُهُ لَنَا فَقَالَ أَنَا كُنْتُ جَمَّالًا لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الْعِرَاقِ وَ كُنْتُ أَرَاهُ إِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ یَضَعُ سَرَاوِیلَهُ عِنْدِی فَأَرَی تِكَّةً تُغْشِی الْأَبْصَارَ بِحُسْنِ إِشْرَاقِهَا وَ كُنْتُ أَتَمَنَّاهَا تَكُونُ لِی إِلَی أَنْ صِرْنَا بِكَرْبَلَاءَ وَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ هِیَ مَعَهُ فَدَفَنْتُ نَفْسِی فِی مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلَمَّا جَنَّ اللَّیْلُ خَرَجْتُ مِنْ مَكَانِی فَرَأَیْتُ مِنْ تِلْكَ الْمَعْرَكَةِ نُوراً لَا ظُلْمَةً

ص: 316

وَ نَهَاراً لَا لَیْلًا وَ الْقَتْلَی مُطْرَحِینَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَذَكَرْتُ لِخُبْثِی وَ شَقَائِی التِّكَّةَ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَطْلُبَنَّ الْحُسَیْنَ وَ أَرْجُو أَنْ تَكُونَ التِّكَّةُ فِی سَرَاوِیلِهِ فَآخُذَهَا وَ لَمْ أَزَلْ أَنْظُرُ فِی وُجُوهِ الْقَتْلَی حَتَّی أَتَیْتُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَوَجَدْتُهُ مَكْبُوباً عَلَی وَجْهِهِ وَ هُوَ جُثَّةٌ بِلَا رَأْسٍ وَ نُورُهُ مُشْرِقٌ مُرَمَّلٌ بِدِمَائِهِ وَ الرِّیَاحُ سَافِیَةٌ عَلَیْهِ فَقُلْتُ هَذَا وَ اللَّهِ الْحُسَیْنُ فَنَظَرْتُ إِلَی سَرَاوِیلِهِ كَمَا كُنْتُ أَرَاهَا فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ ضَرَبْتُ بِیَدِی إِلَی التِّكَّةِ لِآخُذَهَا فَإِذَا هُوَ قَدْ عَقَدَهَا عُقَداً كَثِیرَةً فَلَمْ أَزَلْ أَحُلُّهَا حَتَّی حَلَلْتُ عُقْدَةً مِنْهَا فَمَدَّ یَدَهُ الْیُمْنَی وَ قَبَضَ عَلَی التِّكَّةِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَی أَخْذِ یَدِهِ عَنْهَا وَ لَا أَصِلُ إِلَیْهَا فَدَعَتْنِی النَّفْسُ الْمَلْعُونَةُ إِلَی أَنْ أَطْلُبَ شَیْئاً أَقْطَعُ بِهِ یَدَیْهِ فَوَجَدْتُ قِطْعَةَ سَیْفٍ مَطْرُوحٍ فَأَخَذْتُهَا وَ اتَّكَیْتُ عَلَی یَدِهِ وَ لَمْ أَزَلْ أَحُزُّهَا حَتَّی فَصَلْتُهَا عَنْ زَنْدِهِ ثُمَّ نَحَّیْتُهَا عَنِ التِّكَّةِ وَ مَدَدْتُ یَدِی إِلَی التِّكَّةِ لِأَحُلَّهَا فَمَدَّ یَدَهُ الْیُسْرَی فَقَبَضَ عَلَیْهَا فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَی أَخْذِهَا فَأَخَذْتُ قِطْعَةَ السَّیْفِ فَلَمْ أَزَلْ أَحُزُّهَا حَتَّی فَصَلْتُهَا عَنِ التِّكَّةِ وَ مَدَدْتُ یَدِی إِلَی التِّكَّةِ لِآخُذَهَا فَإِذَا الْأَرْضُ تَرْجُفُ وَ السَّمَاءُ تَهْتَزُّ وَ إِذَا بِغَلَبَةٍ عَظِیمَةٍ وَ بُكَاءٍ وَ نِدَاءٍ وَ قَائِلٍ یَقُولُ وَا ابْنَاهْ وَا مَقْتُولَاهْ وَا ذَبِیحَاهْ وَا حُسَیْنَاهْ وَا غَرِیبَاهْ یَا بُنَیَّ قَتَلُوكَ وَ مَا عَرَفُوكَ وَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ مَنَعُوكَ فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ صَعِقْتُ وَ رَمَیْتُ نَفْسِی بَیْنَ الْقَتْلَی وَ إِذَا بِثَلَاثِ نَفَرٍ وَ امْرَأَةٍ وَ حَوْلَهُمْ خَلَائِقُ وُقُوفٌ وَ قَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ بِصُوَرِ النَّاسِ وَ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ وَ إِذَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ یَقُولُ یَا ابْنَاهْ یَا حُسَیْنُ فِدَاكَ جَدُّكَ وَ أَبُوكَ وَ أَخُوكَ وَ أُمُّكَ وَ إِذَا بِالْحُسَیْنِ علیه السلام قَدْ جَلَسَ وَ رَأْسُهُ عَلَی بَدَنِهِ وَ هُوَ یَقُولُ لَبَّیْكَ یَا جَدَّاهْ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ یَا أَبَتَاهْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ یَا أُمَّاهْ یَا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَ یَا أَخَاهْ الْمَقْتُولَ بِالسَّمِّ عَلَیْكُمْ مِنِّی السَّلَامُ ثُمَّ إِنَّهُ بَكَی وَ قَالَ یَا جَدَّاهْ قَتَلُوا وَ اللَّهِ رِجَالَنَا یَا جَدَّاهْ سَلَبُوا وَ اللَّهِ نِسَاءَنَا یَا جَدَّاهْ نَهَبُوا وَ اللَّهِ رِحَالَنَا یَا جَدَّاهْ ذَبَحُوا وَ اللَّهِ أَطْفَالَنَا یَا جَدَّاهْ یَعَزُّ وَ اللَّهِ عَلَیْكَ أَنْ تَرَی حَالَنَا وَ مَا فَعَلَ الْكُفَّارُ بِنَا وَ إِذَا هُمْ جَلَسُوا یَبْكُونَ حَوْلَهُ عَلَی مَا أَصَابَهُ وَ فَاطِمَةُ تَقُولُ یَا أَبَاهْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ مَا تَرَی مَا فَعَلَتْ أُمَّتُكَ بِوَلَدِی أَ تَأْذَنُ لِی أَنْ آخُذَ مِنْ دَمِ شَیْبِهِ وَ أُخَضِّبَ بِهِ نَاصِیَتِی-

ص: 317

وَ أَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَا مُخْتَضِبَةٌ بِدَمِ وَلَدِیَ الْحُسَیْنِ فَقَالَ لَهَا خُذِی وَ نَأْخُذُ یَا فَاطِمَةُ فَرَأَیْتُهُمْ یَأْخُذُونَ مِنْ دَمِ شَیْبِهِ وَ تَمْسَحُ بِهِ فَاطِمَةُ نَاصِیَتَهَا وَ النَّبِیُّ وَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ علیهم السلام یَمْسَحُونَ بِهِ نُحُورَهُمْ وَ صُدُورَهُمْ وَ أَیْدِیَهُمْ إِلَی الْمَرَافِقِ وَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُ فَدَیْتُكَ یَا حُسَیْنُ یَعَزُّ وَ اللَّهِ عَلَیَّ أَنْ أَرَاكَ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ مُرَمَّلَ الْجَبِینَیْنِ دَامِیَ النَّحْرِ مَكْبُوباً عَلَی قَفَاكَ قَدْ كَسَاكَ الذَّارِئُ مِنَ الرُّمُولِ (1)

وَ أَنْتَ طَرِیحٌ مَقْتُولٌ مَقْطُوعُ الْكَفَّیْنِ یَا بُنَیَّ مَنْ قَطَعَ یَدَكَ الْیُمْنَی وَ ثَنَّی بِالْیُسْرَی- فَقَالَ یَا جَدَّاهْ كَانَ مَعِی جَمَّالٌ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ كَانَ یَرَانِی إِذَا وَضَعْتُ سَرَاوِیلِی لِلْوُضُوءِ فَیَتَمَنَّی أَنْ یَكُونَ تِكَّتِی لَهُ فَمَا مَنَعَنِی أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَیْهِ إِلَّا لِعِلْمِی أَنَّهُ صَاحِبُ هَذَا الْفِعْلِ فَلَمَّا قُتِلْتُ خَرَجَ یَطْلُبُنِی بَیْنَ الْقَتْلَی فَوَجَدَنِی جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ فَتَفَقَّدَ سَرَاوِیلِی فَرَأَی التِّكَّةَ وَ قَدْ كُنْتُ عَقَدْتُهَا عُقَداً كَثِیرَةً فَضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی التِّكَّةِ فَحَلَّ عُقْدَةً مِنْهَا فَمَدَدْتُ یَدِیَ الْیُمْنَی فَقَبَضْتُ عَلَی التِّكَّةِ فَطَلَبَ فِی الْمَعْرَكَةِ فَوَجَدَ قِطْعَةَ سَیْفٍ مَكْسُورٍ فَقَطَعَ بِهِ یَمِینِی ثُمَّ حَلَّ عُقْدَةً أُخْرَی فَقَبَضْتُ عَلَی التِّكَّةِ بِیَدِیَ الْیُسْرَی كَیْ لَا یَحُلَّهَا فَتَنْكَشِفُ عَوْرَتِی فَحَزَّ یَدِیَ الْیُسْرَی فَلَمَّا أَرَادَ حَلَّ التِّكَّةِ حَسَّ بِكَ فَرَمَی نَفْسَهُ بَیْنَ الْقَتْلَی فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِیُّ كَلَامَ الْحُسَیْنِ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً وَ أَتَی إِلَیَّ بَیْنَ الْقَتْلَی إِلَی أَنْ وَقَفَ نَحْوِی فَقَالَ مَا لِی وَ

مَا لَكَ یَا جَمَّالُ تَقْطَعُ یَدَیْنِ طَالَ مَا قَبَّلَهُمَا جَبْرَئِیلُ وَ مَلَائِكَةُ اللَّهِ أَجْمَعُونَ وَ تَبَارَكَتْ بِهَا أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ أَ مَا كَفَاكَ مَا صَنَعَ بِهِ الْمَلاعِینُ مِنَ الذُّلِّ وَ الْهَوَانِ هَتَكُوا نِسَاءَهُ مِنْ بَعْدِ الْخُدُورِ وَ انْسِدَالِ السُّتُورِ سَوَّدَ اللَّهُ وَجْهَكَ یَا جَمَّالُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ قَطَعَ اللَّهُ یَدَیْكَ وَ رِجْلَیْكَ وَ جَعَلَكَ فِی حِزْبِ مَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَ تَجَرَّأَ عَلَی اللَّهِ فَمَا اسْتَتَمَّ دُعَاءَهُ حَتَّی شُلَّتْ یَدَایَ وَ حَسِسْتُ بِوَجْهِی كَأَنَّهُ أُلْبِسَ قِطَعاً مِنَ اللَّیْلِ مُظْلِماً وَ بَقِیتُ عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ فَجِئْتُ إِلَی هَذَا الْبَیْتِ أَسْتَشْفِعُ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا یُغْفَرُ لِی أَبَداً

ص: 318


1- 1. جمع الرمل علی الرمول علی غیر قیاس.

فَلَمْ یَبْقَ فِی مَكَّةَ أَحَدٌ إِلَّا وَ سَمِعَ حَدِیثَهُ وَ تَقَرَّبَ إِلَی اللَّهِ بِلَعْنَتِهِ وَ كُلٌّ یَقُولُ حَسْبُكَ مَا جَنَیْتَ یَا لَعِینُ- وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ.

وَ قَالَ حُكِیَ عَنْ رَجُلٍ كُوفِیٍّ حَدَّادٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْعَسْكَرُ مِنَ الْكُوفَةِ لِحَرْبِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ جَمَعْتُ حَدِیداً عِنْدِی وَ أَخَذْتُ آلَتِی وَ سِرْتُ مَعَهُمْ فَلَمَّا وَصَلُوا وَ طَنَّبُوا خِیَمَهُمْ بَنَیْتُ خَیْمَةً وَ صِرْتُ أَعْمَلُ أَوْتَاداً لِلْخِیَمِ وَ سِكَكاً وَ مَرَابِطَ لِلْخَیْلِ وَ أَسِنَّةً لِلرِّمَاحِ وَ مَا اعْوَجَّ مِنْ سِنَانٍ أَوْ خَنْجَرٍ أَوْ سَیْفٍ كُنْتُ بِكُلِّ ذَلِكَ بَصِیراً فَصَارَ رِزْقِی كَثِیراً وَ شَاعَ ذِكْرِی بَیْنَهُمْ حَتَّی أَتَی الْحُسَیْنُ مَعَ عَسْكَرِهِ فَارْتَحَلْنَا إِلَی كَرْبَلَاءَ وَ خَیَّمْنَا عَلَی شَاطِئِ الْعَلْقَمِیِّ وَ قَامَ الْقِتَالُ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ حَمَوْا الْمَاءَ عَلَیْهِ وَ قَتَلُوهُ وَ أَنْصَارَهُ وَ بَنِیهِ وَ كَانَ مُدَّةُ إِقَامَتِنَا وَ ارْتِحَالِنَا تِسْعَةَ عَشَرَ یَوْماً فَرَجَعْتُ غَنِیّاً إِلَی مَنْزِلِی وَ السَّبَایَا مَعَنَا فَعُرِضَتْ عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ فَأَمَرَ أَنْ یَشْهَرُوهُمْ إِلَی یَزِیدَ إِلَی الشَّامِ فَلَبِثْتُ فِی مَنْزِلِی أَیَّاماً قَلَائِلَ وَ إِذَا أَنَا ذَاتَ لَیْلَةٍ رَاقِدٌ عَلَی فِرَاشِی فَرَأَیْتُ طَیْفاً كَأَنَّ الْقِیَامَةَ قَامَتْ وَ النَّاسُ یَمُوجُونَ عَلَی الْأَرْضِ كَالْجَرَادِ إِذَا فَقَدَتْ دَلِیلَهَا وَ كُلُّهُمْ دَالِعٌ لِسَانَهُ عَلَی صَدْرِهِ مِنْ شِدَّةِ الظَّمَاءِ وَ أَنَا أَعْتَقِدُ بِأَنَّ مَا فِیهِمْ أَعْظَمَ مِنِّی عَطَشاً لِأَنَّهُ كَلَّ سَمْعِی وَ بَصَرِی مِنْ شِدَّتِهِ هَذَا غَیْرَ حَرَارَةِ الشَّمْسِ یَغْلِی مِنْهَا دِمَاغِی وَ الْأَرْضُ تَغْلِی كَأَنَّهَا الْقِیرُ إِذَا أُشْعِلَ تَحْتَهُ نَارٌ فَخِلْتُ أَنَّ رِجْلَیَّ قَدْ تَقَلَّعَتْ قَدَمَاهَا فَوَ اللَّهِ الْعَظِیمِ لَوْ أَنِّی خُیِّرْتُ بَیْنَ عَطَشِی وَ تَقْطِیعِ لَحْمِی حَتَّی یَسِیلَ دَمِی لِأَشْرَبَهُ لَرَأَیْتُ شُرْبَهُ خَیْراً مِنْ عَطَشِی فَبَیْنَا أَنَا فِی الْعَذَابِ الْأَلِیمِ وَ الْبَلَاءِ الْعَمِیمِ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ عَمَّ الْمَوْقِفَ نُورُهُ وَ ابْتَهَجَ الْكَوْنُ بِسُرُورِهِ رَاكِبٌ عَلَی فَرَسٍ وَ هُوَ ذُو شَیْبَةٍ قَدْ حَفَّتْ بِهِ أُلُوفٌ مِنْ كُلِّ نَبِیٍّ وَ وَصِیٍّ وَ صِدِّیقٍ وَ شَهِیدٍ وَ صَالِحٍ فَمَرَّ كَأَنَّهُ رِیحٌ أَوْ سَیَرَانُ فَلَكٍ فَمَرَّتْ سَاعَةً وَ إِذَا أَنَا بِفَارِسٍ عَلَی جَوَادٍ أَغَرَّ لَهُ وَجْهٌ كَتَمَامِ الْقَمَرِ تَحْتَ رِكَابِهِ أُلُوفٌ إِنْ أَمَرَ ائْتَمَرُوا وَ إِنْ زَجَرَ انْزَجَرُوا فَاقْشَعَرَّتِ الْأَجْسَامُ مِنْ لَفْتَاتِهِ وَ ارْتَعَدَتِ الْفَرَائِصُ مِنْ خَطَرَاتِهِ فَتَأَسَّفْتُ عَلَی الْأَوَّلِ مَا سَأَلْتُ عَنْهُ خِیفَةً مِنْ هَذَا وَ إِذَا بِهِ قَدْ قَامَ فِی رِكَابِهِ وَ أَشَارَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ سَمِعْتُ قَوْلَهُ خُذُوهُ وَ إِذَا بِأَحَدِهِمْ قَاهِرٌ بِعَضُدِی

ص: 319

كَلْبَةَ حَدِیدٍ خَارِجَةً مِنَ النَّارِ فَمَضَی بِی إِلَیْهِ فَخِلْتُ كَتِفِیَ الْیُمْنَی قَدِ انْقَلَعَتْ فَسَأَلْتُهُ الْخِفَّةَ فَزَادَنِی ثِقْلًا فَقُلْتُ لَهُ سَأَلْتُكَ بِمَنْ أَمَّرَكَ عَلَیَّ مَنْ تَكُونُ قَالَ مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ الْجَبَّارِ قُلْتُ وَ مَنْ هَذَا قَالَ عَلِیٌّ الْكَرَّارُ قُلْتُ وَ الَّذِی قَبْلَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمُخْتَارُ قُلْتُ وَ الَّذِی حَوْلَهُ قَالَ النَّبِیُّونَ وَ الصِّدِّیقُونَ وَ الشُّهَدَاءُ وَ الصَّالِحُونَ وَ الْمُؤْمِنُونَ قُلْتُ أَنَا مَا فَعَلْتُ حَتَّی أَمَّرَكَ عَلَیَّ قَالَ إِلَیْهِ یَرْجِعُ الْأَمْرُ وَ حَالُكَ حَالُ هَؤُلَاءِ فَحَقَّقْتُ النَّظَرَ وَ إِذَا بِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَمِیرِ الْعَسْكَرِ وَ قَوْمٍ لَمْ أَعْرِفْهُمْ وَ إِذَا بِعُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ مِنْ حَدِیدٍ وَ النَّارُ خَارِجَةٌ مِنْ عَیْنَیْهِ وَ أُذُنَیْهِ فَأَیْقَنْتُ بِالْهَلَاكِ وَ بَاقِی الْقَوْمِ مِنْهُمْ مُغَلَّلٌ وَ مِنْهُمْ مُقَیَّدٌ وَ مِنْهُمْ مَقْهُورٌ بِعَضُدِهِ مِثْلِی.

فَبَیْنَا نَحْنُ نَسِیرُ وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِی وَصَفَهُ الْمَلَكُ جَالِسٌ عَلَی كُرْسِیٍّ عَالٍ یَزْهُو أَظُنُّهُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَ رَجُلَیْنِ ذِی شَیْبَتَیْنِ بَهِیَّتَیْنِ عَنْ یَمِینِهِ فَسَأَلْتُ الْمَلَكَ عَنْهُمَا فَقَالَ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِیمُ وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا صَنَعْتَ یَا عَلِیُّ قَالَ مَا تَرَكْتُ أَحَداً مِنْ قَاتِلِی الْحُسَیْنِ إِلَّا وَ أَتَیْتُ بِهِ فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَی عَلَی أَنِّی لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ وَ رُدَّ إِلَیَّ عَقْلِی وَ إِذَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ قَدِّمُوهُمْ فَقَدَّمُوهُمْ إِلَیْهِ وَ جَعَلَ یَسْأَلُهُمْ وَ یَبْكِی وَ یَبْكِی كُلُّ مَنْ فِی الْمَوْقِفِ لِبُكَائِهِ لِأَنَّهُ یَقُولُ لِلرَّجُلِ مَا صَنَعْتَ بِطَفِّ كَرْبَلَاءَ بِوَلَدِیَ الْحُسَیْنِ فَیُجِیبُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا حَمَیْتُ الْمَاءَ عَنْهُ وَ هَذَا یَقُولُ أَنَا قَتَلْتُهُ وَ هَذَا یَقُولُ أَنَا وَطِئْتُ صَدْرَهُ بِفَرَسِی وَ مِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ أَنَا ضَرَبْتُ وَلَدَهُ الْعَلِیلَ فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَا وَلَدَاهْ وَا قِلَّةَ نَاصِرَاهْ وَا حُسَیْنَاهْ وَا عَلِیَّاهْ هَكَذَا جَرَی عَلَیْكُمْ بَعْدِی أَهْلَ بَیْتِی انْظُرْ یَا أَبِی آدَمُ انْظُرْ یَا أَخِی نُوحُ كَیْفَ خَلَفُونِی فِی ذُرِّیَّتِی فَبَكَوْا حَتَّی ارْتَجَّ الْمَحْشَرُ فَأَمَرَ بِهِمْ زَبَانِیَةَ جَهَنَّمَ یَجُرُّونَهُمْ أَوَّلًا فَأَوَّلًا إِلَی النَّارِ وَ إِذَا بِهِمْ قَدْ أَتَوْا بِرَجُلٍ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا صَنَعْتُ شَیْئاً فَقَالَ أَ مَا كُنْتَ نَجَّاراً قَالَ صَدَقْتَ یَا سَیِّدِی لَكِنِّی مَا عَمِلْتُ شَیْئاً إِلَّا عَمُودَ الْخَیْمَةِ لِحُصَیْنِ بْنِ نُمَیْرٍ لِأَنَّهُ انْكَسَرَ مِنْ رِیحٍ عَاصِفٍ فَوَصَلْتُهُ فَبَكَی وَ قَالَ كَثَّرْتَ السَّوَادَ عَلَی وَلَدِی خُذُوهُ إِلَی النَّارِ وَ صَاحُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ وَصِیِّهِ

ص: 320

قَالَ الْحَدَّادُ فَأَیْقَنْتُ بِالْهَلَاكِ فَأَمَرَ بِی فَقَدَّمُونِی فَاسْتَخْبَرَنِی فَأَخْبَرْتُهُ فَأَمَرَ بِی إِلَی النَّارِ فَمَا سَحَبُونِی إِلَّا وَ انْتَبَهْتُ وَ حَكَیْتُ لِكُلِّ مَنْ لَقِیتُهُ وَ قَدْ یَبِسَ لِسَانُهُ وَ مَاتَ نِصْفُهُ وَ تَبَرَّأَ مِنْهُ كُلُّ مَنْ یُحِبُّهُ وَ مَاتَ فَقِیراً لَا رَحِمَهُ اللَّهُ- وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ.

قَالَ وَ حُكِیَ عَنِ السُّدِّیِّ قَالَ: أَضَافَنِی رَجُلٌ فِی لَیْلَةٍ كُنْتُ أُحِبُّ الْجَلِیسَ فَرَحَّبْتُ بِهِ وَ قَرَّبْتُهُ وَ أَكْرَمْتُهُ وَ جَلَسْنَا نَتَسَامَرُ وَ إِذَا بِهِ یَنْطَلِقُ بِالْكَلَامِ كَالسَّیْلِ إِذَا قَصَدَ الْحَضِیضَ فَطَرَقْتُ لَهُ فَانْتَهَی فِی سَمَرِهِ طَفَّ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ قَرِیبَ الْعَهْدِ مِنْ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَتَأَوَّهْتُ الصُّعَدَاءَ وَ تَزَفَّرْتُ كَمَلًا فَقَالَ مَا بَالُكَ قُلْتُ ذَكَرْتَ مُصَاباً یَهُونُ عِنْدَهُ كُلُّ مُصَابٍ قَالَ أَ مَا كُنْتَ حَاضِراً یَوْمَ الطَّفِّ قُلْتُ لَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ أَرَاكَ تَحْمَدُ عَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ قُلْتُ عَلَی الْخَلَاصِ مِنْ دَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام لِأَنَّ جَدَّهُ ص قَالَ إِنَّ مَنْ طُولِبَ بِدَمِ وَلَدِیَ الْحُسَیْنِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ لَخَفِیفُ الْمِیزَانِ قَالَ قَالَ هَكَذَا جَدُّهُ قُلْتُ نَعَمْ وَ قَالَ ص وَلَدِیَ الْحُسَیْنُ یُقْتَلُ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً أَلَا وَ مَنْ قَتَلَهُ یُدْخَلُ فِی تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ وَ یُعَذَّبُ بِعَذَابِ نِصْفِ أَهْلِ النَّارِ وَ قَدْ غُلَّتْ یَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ وَ لَهُ رَائِحَةٌ یَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ مِنْهَا هُوَ وَ مَنْ شَایَعَ وَ بَایَعَ أَوْ رَضِیَ بِذَلِكَ- كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بُدِّلُوا بِجُلُودٍ غَیْرِهَا- لِیَذُوقُوا الْعَذابَ لا یُفَتَّرُ عَنْهُمْ سَاعَةً وَ یُسْقَوْنَ مِنْ حَمِیمِ جَهَنَّمَ فَالْوَیْلُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ قَالَ لَا تُصَدِّقْ هَذَا الْكَلَامَ یَا أَخِی قُلْتُ كَیْفَ هَذَا وَ قَدْ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ قَالَ تُرَی قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَاتِلُ وَلَدِیَ الْحُسَیْنِ لَا یَطُولُ عُمُرُهُ وَ هَا أَنَا وَ حَقِّكَ قَدْ تَجَاوَزْتُ التِّسْعِینَ مَعَ أَنَّكَ مَا تَعْرِفُنِی قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ قَالَ أَنَا الْأَخْنَسُ بْنُ زَیْدٍ قُلْتُ وَ مَا صَنَعْتَ یَوْمَ الطَّفِّ قَالَ أَنَا الَّذِی أُمِّرْتُ عَلَی الْخَیْلِ الَّذِینَ أَمَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِوَطْیِ جِسْمِ الْحُسَیْنِ بِسَنَابِكِ الْخَیْلِ وَ هَشَّمْتُ أَضْلَاعَهُ وَ جَرَرْتُ نَطْعاً مِنْ تَحْتِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ هُوَ عَلِیلٌ حَتَّی كَبَبْتُهُ عَلَی وَجْهِهِ وَ خَرَمْتُ أُذُنَیْ صَفِیَّةَ بِنْتِ الْحُسَیْنِ لِقُرْطَیْنِ كَانَا فِی أُذُنَیْهَا.

ص: 321

قَالَ السُّدِّیُّ فَبَكَی قَلْبِی هُجُوعا وَ عَیْنَایَ دُمُوعاً وَ خَرَجْتُ أُعَالِجُ عَلَی إِهْلَاكِهِ وَ إِذَا بِالسِّرَاجِ قَدْ ضَعُفَتْ فَقُمْتُ أُزْهِرُهَا فَقَالَ اجْلِسْ وَ هُوَ یَحْكِی مُتَعَجِّباً مِنْ نَفْسِهِ وَ سَلَامَتِهِ وَ مَدَّ إِصْبَعَهُ لِیُزْهِرَهَا فَاشْتَعَلَتْ بِهِ فَفَرَكَهَا فِی التُّرَابِ فَلَمْ تَنْطَفِ فَصَاحَ بِی أَدْرِكْنِی یَا أَخِی فَكَبَبْتُ الشَّرْبَةَ عَلَیْهَا وَ أَنَا غَیْرُ مُحِبٍّ لِذَلِكَ فَلَمَّا شَمَّتِ النَّارُ رَائِحَةَ الْمَاءِ ازْدَادَتْ قُوَّةً وَ صَاحَ بِی مَا هَذِهِ النَّارُ وَ مَا یُطْفِئُهَا قُلْتُ أَلْقِ نَفْسَكَ فِی النَّهَرِ فَرَمَی بِنَفْسِهِ فَكُلَّمَا رَكَسَ جِسْمُهُ فِی الْمَاءِ اشْتَعَلَتْ فِی جَمِیعِ بَدَنِهِ* كَالْخَشَبَةِ الْبَالِیَةِ فِی الرِّیحٍ الْبَارِحِ هَذَا وَ أَنَا أَنْظُرُهُ فَوَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَمْ تُطْفَأْ حَتَّی صَارَ فَحْماً وَ سَارَ عَلَی وَجْهِ الْمَاءِ- أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ- وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ.

أَقُولُ وَ رَوَی ابْنُ شِیرَوَیْهِ فِی الْفِرْدَوْسِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: قَالَ لِی جَبْرَئِیلُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَتَلْتُ بِدَمِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا سَبْعِینَ أَلْفاً وَ إِنِّی أَقْتُلُ بِدَمِ ابْنِكَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ سَبْعِینَ أَلْفاً وَ سَبْعِینَ أَلْفاً.

وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام عَنْهُ ص قَالَ: قَاتِلُ الْحُسَیْنِ فِی تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ عَلَیْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ الدُّنْیَا.

«16»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَفَّانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِیَّةَ عَنْ نَاصِحٍ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُرَیْبَةَ جَارِیَةٍ لَهُمْ قَالَتْ: كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ خَرَجَ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ جَاءَ بِجَمَلٍ وَ زَعْفَرَانٍ قَالَتْ فَلَمَّا دَقُّوا الزَّعْفَرَانَ صَارَ نَاراً قَالَتْ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تَأْخُذُ مِنْهُ الشَّیْ ءَ فَتَلْطَخُهُ عَلَی یَدِهَا فَیَصِیرُ مِنْهُ بَرَصٌ قَالَتْ وَ نَحَرُوا الْبَعِیرَ فَلَمَّا جَزُّوا بِالسِّكِّینِ صَارَ مَكَانُهَا نَاراً قَالَتْ فَجَعَلُوا یَسْلَخُونَهُ فَیَصِیرُ مَكَانَهُ نَاراً قَالَتْ فَقَطَّعُوهُ فَخَرَجَ مِنْهُ النَّارُ قَالَتْ فَطَبَخُوهُ فَكُلَّمَا أَوْقَدُوا النَّارَ فَارَتِ الْقِدْرُ نَاراً قَالَتْ فَجَعَلُوهُ فِی الْجَفْنَةِ فَصَارَ نَاراً قَالَتْ وَ كُنْتُ صَبِیَّةً یَوْمَئِذٍ فَأَخَذْتُ عَظْماً مِنْهُ فَطَیَّنْتُ عَلَیْهِ فَوَجَدْتُهُ بَعْدَ زَمَانٍ فَلَمَّا حَزَزْنَاهُ بِالسِّكِّینِ صَارَ مَكَانُهُ نَاراً فَعَرَفْنَا أَنَّهُ ذَلِكَ الْعَظْمُ فَدَفَنَّاهُ.

«17»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی بِالْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَطِیَّةَ قَالَ سَمِعْتُ جَدِّی أَبَا أُمِّی بَزِیعاً قَالَ:

ص: 322

كُنَّا نَمُرُّ وَ نَحْنُ غِلْمَانٌ زَمَنَ خَالِدٍ عَلَی رَجُلٍ فِی الطَّرِیقِ جَالِسٍ أَبْیَضِ الْجَسَدِ أَسْوَدِ الْوَجْهِ وَ كَانَ النَّاسُ یَقُولُونَ خَرَجَ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام.

باب 47 أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات اللّٰه علیه و ما جری بینهم و بین یزید من الاحتجاج و قد مضی أكثرها فی الأبواب السابقة و سیأتی بعضها

«1»- رُوِیَ فِی بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِیمَةِ(1)

عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الْعَاصِمِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ الْبَیْهَقِیِّ عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ عِیسَی بْنِ یُونُسَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِیقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَتَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَی بَیْعَتِهِ فَامْتَنَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ ظَنَّ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ عَلَیْهِمَا اللَّعْنَةُ أَنَّ امْتِنَاعَ ابْنِ عَبَّاسٍ تَمَسُّكاً مِنْهُ بِبَیْعَتِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّ الْمُلْحِدَ ابْنَ الزُّبَیْرِ دَعَاكَ إِلَی بَیْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِی طَاعَتِهِ لِتَكُونَ لَهُ عَلَی الْبَاطِلِ ظَهِیراً وَ فِی الْمَأْثَمِ شَرِیكاً وَ أَنَّكَ اعْتَصَمْتَ بِبَیْعَتِنَا وَفَاءً مِنْكَ لَنَا وَ طَاعَةً لِلَّهِ لِمَا عَرَّفَكَ مِنْ حَقِّنَا فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ ذِی رَحِمٍ خَیْرَ مَا یَجْزِی الْوَاصِلِینَ بِأَرْحَامِهِمْ الْمُوفِینَ

بِعُهُودِهِمْ فَمَا أَنْسَی مِنَ الْأَشْیَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ بِرَّكَ وَ تَعْجِیلَ صِلَتِكَ بِالَّذِی أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْقَرَابَةِ مِنَ الرَّسُولِ فَانْظُرْ مَنْ طَلَعَ عَلَیْكَ مِنَ الْآفَاقِ مِمَّنْ سَحَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَیْرِ بِلِسَانِهِ وَ زُخْرُفِ قَوْلِهِ فَأَعْلِمْهُمْ بِرَأْیِكَ فَإِنَّهُمْ مِنْكَ أَسْمَعُ وَ لَكَ أَطْوَعُ لِلْمُحِلِّ لِلْحُرَمِ الْمَارِقِ.

ص: 323


1- 1. قال سبط ابن الجوزی: فی التذكرة ص 155: ذكر الواقدی و هشام و ابن إسحاق و غیرهم قالوا لما قتل الحسین، و ذكر القصة بغیر هذا اللفظ.

فَكَتَبَ إِلَیْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ دُعَاءَ ابْنِ الزُّبَیْرِ إِیَّایَ إِلَی بَیْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِی طَاعَتِهِ فَإِنْ یَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنِّی وَ اللَّهِ مَا أَرْجُو بِذَلِكَ بِرَّكَ وَ لَا حَمْدَكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ بِالَّذِی أَنْوِی بِهِ عَلِیمٌ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ غَیْرُ نَاسٍ بِرِّی وَ تَعْجِیلَ صِلَتِی فَاحْبِسْ أَیُّهَا الْإِنْسَانُ بِرَّكَ وَ تَعْجِیلَ صِلَتِكَ فَإِنِّی حَابِسٌ عَنْكَ وُدِّی فَلَعَمْرِی مَا تُؤْتِینَا مِمَّا لَنَا قِبَلَكَ مِنْ حَقِّنَا إِلَّا الْیَسِیرَ وَ إِنَّكَ لَتَحْبِسُ عَنَّا مِنْهُ الْعَرِیضَ الطَّوِیلَ وَ سَأَلْتَ أَنْ أَحُثَّ النَّاسَ إِلَیْكَ وَ أَنْ أُخَذِّلَهُمْ مِنِ ابْنِ الزُّبَیْرِ فَلَا وَلَاءً وَ لَا سُرُوراً وَ لَا حِبَاءً إِنَّكَ تَسْأَلُنِی نُصْرَتَكَ وَ تَحُثُّنِی عَلَی وُدِّكَ وَ قَدْ قَتَلْتَ حُسَیْناً وَ فِتْیَانَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَصَابِیحَ الْهُدَی وَ نُجُومَ الْأَعْلَامِ غَادَرَتْهُمْ خُیُولُكَ بِأَمْرِكَ فِی صَعِیدٍ وَاحِدٍ مُرَمَّلِینَ بِالدِّمَاءِ مَسْلُوبِینَ بِالْعَرَاءِ- لَا مُكَفَّنِینَ وَ لَا مُوَسَّدِینَ تَسْفِی عَلَیْهِمُ الرِّیَاحُ وَ تَنْتَابُهُمْ عُرْجُ الضِّبَاعِ حَتَّی أَتَاحَ اللَّهُ بِقَوْمٍ لَمْ یَشْرَكُوا فِی دِمَائِهِمْ كَفَّنُوهُمْ وَ أَجَنُّوهُمْ وَ جَلَسْتَ مَجْلِسَكَ الَّذِی جَلَسْتَ فَمَا أَنْسَی مِنَ الْأَشْیَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ إِطْرَادَكَ حُسَیْناً مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی حَرَمِ اللَّهِ وَ تَسْیِیرَكَ إِلَیْهِ الرِّجَالَ لِتَقْتُلَهُ [فِی] الْحَرَمِ فَمَا زِلْتَ فی بِذَلِكَ وَ عَلَی ذَلِكَ حَتَّی أَشْخَصْتَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْعِرَاقِ فَخَرَجَ خائِفاً یَتَرَقَّبُ* فَزَلْزَلْتَ بِهِ خَیْلَكَ عَدَاوَةً مِنْكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَهْلِ بَیْتِهِ الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً أُولَئِكَ لَا كَآبَائِكَ الْجِلَافِ الْجُفَاةِ أَكْبَادِ الْإِبِلِ وَ الْحَمِیرِ فَطَلَبَ إِلَیْكُمُ الْمُوَادَعَةَ وَ سَأَلَكُمُ الرَّجْعَةَ فَاغْتَنَمْتُمْ قِلَّةَ أَنْصَارِهِ وَ اسْتِئْصَالَ أَهْلِ بَیْتِهِ تَعَاوَنْتُمْ عَلَیْهِ كَأَنَّكُمْ قَتَلْتُمْ أَهْلَ بَیْتٍ مِنَ التُّرْكِ فَلَا شَیْ ءَ أَعْجَبَ عِنْدِی مِنْ طَلِبَتِكَ وُدِّی وَ قَدْ قَتَلْتَ وُلْدَ أَبِی وَ سَیْفُكَ یَقْطُرُ مِنْ دَمِی وَ أَنْتَ أَحَدُ ثَأْرِی فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ- لَا یَبْطُلُ لَدَیْكَ دَمِی وَ لَا تَسْبِقْنِی بِثَأْرِی وَ إِنْ سَبَقْتَنِی فِی الدُّنْیَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا قُتِلَ النَّبِیُّونَ وَ آلُ النَّبِیِّینَ فَیَطْلُبُ اللَّهُ بِدِمَائِهِمْ فَكَفَی بِاللَّهِ لِلْمَظْلُومِینَ نَاصِراً وَ مِنَ الظَّالِمِینَ مُنْتَقِماً فَلَا یُعْجِبْكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِنَا الْیَوْمَ فَلَنَظْفَرَنَّ بِكَ یَوْماً وَ ذَكَرْتَ وَفَائِی وَ مَا عَرَّفْتَنِی مِنْ حَقِّكَ فَإِنْ یَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَ اللَّهِ بَایَعْتُكَ وَ مَنْ قَبْلَكَ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّی وَ وَلَدُ أَبِی أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ وَ لَكِنَّكُمْ مَعْشَرَ

ص: 324

قُرَیْشٍ كَابَرْتُمُونَا حَتَّی دَفَعْتُمُونَا عَنْ حَقِّنَا وَ وَلِیتُمُ الْأَمْرَ دُونَنَا فَبُعْداً لِمَنْ تَحَرَّی ظُلْمَنَا وَ اسْتَغْوَی السُّفَهَاءَ عَلَیْنَا- كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ وَ قَوْمُ لُوطٍ وَ أَصْحَابُ مَدْیَنَ أَلَا وَ إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْأَعَاجِیبِ وَ مَا عَسَی أَنْ أَعْجَبَ حَمْلُكَ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ أَطْفَالًا صِغَاراً مِنْ وُلْدِهِ إِلَیْكَ بِالشَّامِ كَالسَّبْیِ الْمَجْلُوبِینَ تُرِی النَّاسَ أَنَّكَ قَهَرْتَنَا وَ أَنْتَ تَمُنُّ عَلَیْنَا وَ بِنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ فَلَئِنْ كُنْتَ تُصْبِحُ آمِناً مِنْ جِرَاحَةِ یَدِی إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یُعَظِّمَ اللَّهُ جُرْحَكَ مِنْ لِسَانِی وَ نَقْضِی وَ إِبْرَامِی وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِآیِسٍ مِنْ بَعْدِ قَتْلِكَ وُلْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَأْخُذَكَ أَخْذاً أَلِیماً وَ یُخْرِجَكَ مِنَ الدُّنْیَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً فَعِشْ لَا أَبَا لَكَ مَا اسْتَطَعْتَ فَقَدْ وَ اللَّهِ ازْدَدْتَ عِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافاً وَ اقْتَرَفْتَ مَأْثَماً- وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی.

ذِكْرُ كِتَابِ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ مَصِیرِهِ إِلَیْهِ وَ أَخْذِ جَائِزَتِهِ: كَتَبَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ بِالْمَدِینَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكَ عَمَلًا صَالِحاً یَرْضَی بِهِ عَنَّا فَإِنِّی مَا أَعْرِفُ الْیَوْمَ فِی بَنِی هَاشِمٍ رَجُلًا هُوَ أَرْجَحُ

مِنْكَ حِلْماً وَ عِلْماً وَ لَا أَحْضَرُ فَهْماً وَ حُكْماً وَ لَا أَبْعَدُ مِنْ كُلِّ سَفَهٍ وَ دَنَسٍ وَ طَیْشٍ وَ لَیْسَ مَنْ یَتَخَلَّقُ بِالْخَیْرِ تَخَلُّقاً وَ یَنْتَحِلُ الْفَضْلَ تَنَحُّلًا كَمَنْ جَبَلَهُ اللَّهُ عَلَی الْخَیْرِ جَبْلًا وَ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ مِنْكَ قَدِیماً وَ حَدِیثاً شَاهِداً وَ غَائِباً غَیْرَ أَنِّی قَدْ أَحْبَبْتُ زِیَارَتَكَ وَ الْأَخْذَ بِالْحَظِّ مِنْ رُؤْیَتِكَ فَإِذَا نَظَرْتَ فِی كِتَابِی هَذَا فَأَقْبِلْ إِلَیَّ آمِناً مُطْمَئِنّاً أَرْشَدَكَ اللَّهُ أَمْرَكَ وَ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ وَ قَرَأَهُ أَقْبَلَ عَلَی ابْنَیْهِ جَعْفَرٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ أَبِی هَاشِمٍ فَاسْتَشَارَهُمَا فِی ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ یَا أَبَهْ اتَّقِ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ وَ لَا تَصِرْ إِلَیْهِ فَإِنِّی خَائِفٌ أَنْ یُلْحِقَكَ بِأَخِیكَ الْحُسَیْنِ وَ لَا یُبَالِیَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ یَا بُنَیَّ وَ لَكِنِّی لَا أَخَافُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ جَعْفَرٌ یَا أَبَهْ إِنَّهُ قَدْ أَلْطَفَكَ فِی كِتَابِهِ إِلَیْكَ وَ لَا أَظُنُّهُ یَكْتُبُ إِلَی أَحَدٍ مِنْ قُرَیْشٍ بِأَنْ أَرْشَدَكَ اللَّهُ أَمْرَكَ وَ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ یَكُفَّ اللَّهُ شَرَّهُ عَنْكَ قَالَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ یَا بُنَیَّ إِنِّی تَوَكَّلْتُ عَلَی اللَّهِ الَّذِی یُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَی الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا.

ص: 325

قَالَ ثُمَّ تَجَهَّزَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ سَارَ حَتَّی قَدِمَ عَلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ بِالشَّامِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ أَذِنَ لَهُ وَ قَرَّبَهُ وَ أَدْنَاهُ وَ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَی سَرِیرِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ یَا أَبَا الْقَاسِمِ آجَرَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ فِی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَقَصَكَ فَقَدْ نَقَصَنِی وَ لَئِنْ كَانَ أَوْجَعَكَ فَقَدْ أَوْجَعَنِی وَ لَوْ كُنْتُ أَنَا الْمُتَوَلِّیَ لِحَرْبِهِ لَمَا قَتَلْتُهُ وَ لَدَفَعْتُ عَنْهُ الْقَتْلَ وَ لَوْ بِحَزِّ أَصَابِعِی وَ ذَهَابِ بَصَرِی وَ لَفَدَیْتُهُ بِجَمِیعِ مَا مَلَكَتْ یَدِی وَ إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَنِی وَ قَطَعَ رَحِمِی وَ نَازَعَنِی حَقِّی وَ لَكِنْ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ لَمْ یَعْلَمْ رَأْیِی فِی ذَلِكَ فَعَجَّلَ عَلَیْهِ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَهُ وَ لَمْ یَسْتَدْرِكْ مَا فَاتَ وَ بَعْدُ فَإِنَّهُ لَیْسَ یَجِبُ عَلَیْنَا أَنْ نَرْضَی بِالدَّنِیَّةِ فِی حَقِّنَا وَ لَمْ یَكُنْ یَجِبُ عَلَی أَخِیكَ أَنْ یُنَازِعَنَا فِی أَمْرٍ خَصَّنَا اللَّهُ بِهِ دُونَ غَیْرِنَا وَ عَزِیزٌ عَلَیَّ مَا نَالَهُ وَ السَّلَامُ فَهَاتِ الْآنَ مَا عِنْدَكَ یَا أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ فَتَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنِّی قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكَ فَوَصَلَ اللَّهُ رَحِمَكَ وَ رَحِمَ حُسَیْناً وَ بَارَكَ لَهُ فِیمَا صَارَ إِلَیْهِ مِنْ ثَوَابِ رَبِّهِ وَ الْخُلْدِ الدَّائِمِ الطَّوِیلِ فِی جِوَارِ الْمَلِكِ الْجَلِیلِ وَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَا نَقَصَنَا فَقَدْ نَقَصَكَ وَ مَا عَرَاكَ فَقَدْ عَرَانَا مِنْ فَرَحٍ وَ تَرَحٍ وَ كَذَا أَظُنُّ أَنْ لَوْ شَهِدْتَ ذَلِكَ بِنَفْسِكَ- لَاخْتَرْتَ أَفْضَلَ الرَّأْیِ وَ الْعَمَلِ وَ لَجَانَبْتَ أَسْوَأَ الْفِعْلِ وَ الْخَطَلِ وَ الْآنَ فَإِنَّ حَاجَتِی إِلَیْكَ أَنْ لَا تُسْمِعَنِی فِیهِ مَا أَكْرَهُ فَإِنَّهُ أَخِی وَ شَقِیقِی وَ ابْنُ أَبِی وَ إِنْ زَعَمْتَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ ظَلَمَكَ وَ كَانَ عُدُوّاً لَكَ كَمَا تَقُولُ قَالَ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ إِنَّكَ لَنْ تَسْمَعَ مِنِّی إِلَّا خَیْراً وَ لَكِنْ هَلُمَّ فَبَایِعْنِی وَ اذْكُرْ مَا عَلَیْكَ مِنَ الدَّیْنِ حَتَّی أَقْضِیَهُ عَنْكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا الْبَیْعَةُ فَقَدْ بَایَعْتُكَ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الدَّیْنِ فَمَا عَلَیَّ دَیْنٌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ إِنِّی مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی كُلِّ نِعْمَةٍ سَابِغَةٍ لَا أَقُومُ بِشُكْرِهَا قَالَ فَالْتَفَتَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَی ابْنِهِ خَالِدٍ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ هَذَا بَعِیدٌ مِنَ الْخِبِّ وَ اللُّؤْمِ وَ الدَّنَسِ وَ الْكَذِبِ وَ لَوْ كَانَ غَیْرَهَ كَبَعْضِ مَنْ عَرَفْتَ لَقَالَ عَلَیَّ مِنَ الدَّیْنِ كَذَا وَ كَذَا لِیَسْتَغْنِمَ أَخْذَ أَمْوَالِنَا قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِ یَزِیدُ فَقَالَ بَایَعْتَنِی یَا أَبَا الْقَاسِمِ؟

ص: 326

فَقَالَ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَإِنِّی قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَابْعَثْ مَنْ یَقْبِضُهَا فَإِذَا أَرَدْتَ الِانْصِرَافَ عَنَّا وَصَلْنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ لَا حَاجَةَ لِی فِی هَذَا الْمَالِ وَ لَا لَهُ جِئْتُ قَالَ یَزِیدُ فَلَا عَلَیْكَ أَنْ تَقْبِضَهُ وَ تُفَرِّقَهُ فِیمَنْ أَحْبَبْتَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِكَ قَالَ فَإِنِّی قَدْ قَبِلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَأَنْزَلَهُ فِی بَعْضِ مَنَازِلِهِ وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ یَدْخُلُ عَلَیْهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ صَبَاحاً وَ مَسَاءً قَالَ وَ إِذَا وَفْدُ أَهْلِ الْمَدِینَةِ قَدْ قَدِمُوا عَلَی یَزِیدَ وَ فِیهِمْ مُنْذِرُ بْنُ الزُّبَیْرِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ مُغِیرَةَ الْمَخْزُومِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِی عَامِرٍ الْأَنْصَارِیُّ فَأَقَامُوا عِنْدَ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ أَیَّاماً فَأَجَازَهُمْ یَزِیدُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِخَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ أَجَازَ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَیْرِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا أَرَادُوا الِانْصِرَافَ إِلَی الْمَدِینَةِ أَقْبَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ حَتَّی دَخَلَ عَلَی یَزِیدَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِی الِانْصِرَافِ مَعَهُمْ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَذِنَ لَهُ فِی ذَلِكَ وَ وَصَلَهُ بِمِائَتَیْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ أَعْطَاهُ عُرُوضاً بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنِّی لَا أَعْلَمُ فِی أَهْلِ بَیْتِكِ الْیَوْمَ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِالْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ لَا تُفَارِقَنِی وَ تَأْمُرَنِی بِمَا فِیهِ حَظِّی وَ رُشْدِی فَوَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَنْصَرِفَ عَنِّی وَ أَنْتَ ذَامٌّ لِشَیْ ءٍ مِنْ أَخْلَاقِی فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا مَا كَانَ مِنْكَ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَذَاكَ شَیْ ءٌ لَا یُسْتَدْرَكُ وَ أَمَّا الْآنَ فَإِنِّی مَا رَأَیْتُ مِنْكَ مُذْ قَدِمْتُ عَلَیْكَ إِلَّا خَیْراً وَ لَوْ رَأَیْتُ مِنْكَ خَصْلَةً أَكْرَهُهَا لَمَا وَسِعَنِی السُّكُوتُ دُونَ أَنْ أَنْهَاكَ عَنْهَا وَ أُخْبِرَكَ بِمَا یَحِقُّ لِلَّهِ عَلَیْكَ مِنْهَا لِلَّذِی أَخَذَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَلَی الْعُلَمَاءِ فِی عِلْمِهِمْ أَنْ یُبَیِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَ لَا یَكْتُمُوهُ وَ لَسْتُ مُؤَدِّیاً عَنْكَ إِلَی مَنْ وَرَائِی مِنَ النَّاسِ إِلَّا خَیْراً غَیْرَ أَنِّی أَنْهَاكَ عَنْ شُرْبِ هَذَا الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ وَ لَیْسَ مَنْ وُلِّیَ أُمُورَ الْأُمَّةِ وَ دُعِیَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ عَلَی رُءُوسِ الْأَشْهَادِ عَلَی الْمَنَابِرِ كَغَیْرِهِ مِنَ النَّاسِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ وَ تَدَارَكْ مَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ السَّلَامُ قَالَ فَسُرَّ یَزِیدُ بِمَا سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ سُرُوراً شَدِیداً ثُمَّ قَالَ فَإِنِّی قَابِلٌ مِنْكَ مَا أَمَرْتَنِی بِهِ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تُكَاتِبَنِی فِی كُلِّ حَاجَةٍ تَعْرِضُ لَكَ مِنْ صِلَةٍ أَوْ تَعَاهُدٍ

ص: 327

وَ لَا تُقَصِّرَنَّ فِی ذَلِكَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ أَفْعَلُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ لَا أَكُونُ إِلَّا عِنْدَ مَا تُحِبُّ قَالَ ثُمَّ وَدَّعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ رَجَعَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَفَرَّقَ ذَلِكَ الْمَالَ كُلَّهُ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ سَائِرِ بَنِی هَاشِمٍ وَ قُرَیْشٍ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ قُرَیْشٍ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ وَ الذُّرِّیَّةِ وَ الْمَوَالِی إِلَّا صَارَ إِلَیْهِ شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا مُجَاوِراً لَا یَعْرِفُ شَیْئاً غَیْرَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ رَضِیَ عَنْهُمْ وَ رَزَقَنَا شَفَاعَتَهُمْ بِحَوْلِهِ وَ مَنِّهِ وَ فَضْلِهِ وَ كَرَمِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.

أَقُولُ قَالَ الْعَلَّامَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ رَوَی الْبَلاذُرِیُّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَظُمَتِ الرَّزِیَّةُ وَ جَلَّتِ الْمُصِیبَةُ وَ حَدَثَ فِی الْإِسْلَامِ حَدَثٌ عَظِیمٌ وَ لَا یَوْمَ كَیَوْمِ الْحُسَیْنِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ یَزِیدُ أَمَّا بَعْدُ یَا أَحْمَقُ فَإِنَّنَا جِئْنَا إِلَی بُیُوتٍ مُنَجَّدَةٍ وَ فُرُشٍ مُمَهَّدَةٍ وَ وَسَائِدَ مُنَضَّدَةٍ فَقَاتَلْنَا عَنْهَا فَإِنْ یَكُنِ الْحَقُّ لَنَا فَعَنْ حَقِّنَا قَاتَلْنَا وَ إِنْ كَانَ الْحَقُّ لِغَیْرِنَا فَأَبُوكَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ هَذَا وَ ابْتَزَّ وَ اسْتَأْثَرَ بِالْحَقِّ عَلَی أَهْلِهِ.

أَقُولُ قَدْ سَبَقَ فِی كِتَابِ الْفِتَنِ خَبَرٌ طَوِیلٌ أَخْرَجْنَاهُ مِنْ كِتَابِ دَلَائِلِ الْإِمَامَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ: أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ نَعْیُ الْحُسَیْنِ علیه السلام الْمَدِینَةَ وَ قَتْلُ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ ثَلَاثٍ وَ خَمْسِینَ رَجُلًا مِنْ شِیعَتِهِ وَ قَتْلُ عَلِیٍّ ابْنِهِ بَیْنَ یَدَیْهِ بِنُشَّابَةٍ وَ سَبْیُ ذَرَارِیِّهِ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَی الشَّامِ مُنْكِراً لِفِعْلِ یَزِیدَ وَ مُسْتَنْفِراً لِلنَّاسِ عَلَیْهِ حَتَّی أَتَی یَزِیدَ وَ أَغْلَظَ لَهُ الْقَوْلَ فَخَلَا بِهِ یَزِیدُ وَ أَخْرَجَ إِلَیْهِ طُومَاراً طَوِیلًا كَتَبَهُ عُمَرُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ أَظْهَرَ فِیهِ أَنَّهُ عَلَی دِینِ آبَائِهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَ أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ سَاحِراً غَلَبَ عَلَی النَّاسِ بِسِحْرِهِ وَ أَوْصَاهُ بِأَنْ یُكْرِمَ أَهْلَ بَیْتِهِ ظَاهِراً وَ یَسْعَی فِی أَنْ یَجْتَثَّهُمْ عَنْ جَدِیدِ الْأَرْضِ وَ لَا یَدَعَ أَحَداً مِنْهُمْ عَلَیْهَا فِی أَشْیَاءَ كَثِیرَةٍ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا فَلَمَّا قَرَأَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِیَ بِذَلِكِ وَ رَجَعَ وَ أَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِیمَا أَتَی بِهِ وَ مَعْذُورٌ فِیمَا فَعَلَهُ.

وَ لَنِعْمَ مَا قِیلَ مَا قُتِلَ الْحُسَیْنُ إِلَّا فِی یَوْمِ السَّقِیفَةِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی مَنْ أَسَّسَ أَسَاسَ الظُّلْمِ وَ الْجَوْرِ عَلَی أَهْلِ بَیْتِ النَّبِیِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ.

ص: 328

باب 48 عدد أولاده صلوات اللّٰه علیه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه علیه السلام

و قد أوردنا بعض أحوالهن فی أبواب تاریخ السجاد علیه السلام.

«1»- شا، [الإرشاد]: كَانَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام سِتَّةُ أَوْلَادٍ- عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ الْأَكْبَرُ كُنْیَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أُمُّهُ شَهْرَبَانُ (1) بِنْتُ كِسْرَی یَزْدَجَرْدَ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ الْأَصْغَرُ قُتِلَ مَعَ أَبِیهِ بِالطَّفِّ وَ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِیمَا سَلَفَ وَ أُمُّهُ لَیْلَی بِنْتُ أَبِی مُرَّةَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیَّةُ وَ جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ لَا بَقِیَّةَ لَهُ وَ أُمُّهُ قُضَاعِیَّةٌ وَ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِی حَیَاةِ الْحُسَیْنِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَیْنِ قُتِلَ مَعَ أَبِیهِ صَغِیراً جَاءَهُ سَهْمٌ وَ هُوَ فِی حَجْرِ أَبِیهِ فَذَبَحَهُ وَ سُكَیْنَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ وَ أُمُّهَا الرَّبَابُ بِنْتُ إِمْرِئِ الْقَیْسِ بْنِ عَدِیٍّ كَلْبِیَّةٌ مُعَدِّیَّةٌ وَ هِیَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ وَ أُمُّهَا أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ تَیْمِیَّةٌ.

«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب ذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابَ الْبِدَعِ وَ صَاحِبُ كِتَابِ شَرْحِ الْأَخْبَارِ: أَنَّ عَقِبَ الْحُسَیْنِ مِنِ ابْنِهِ عَلِیٍّ الْأَكْبَرِ وَ أَنَّهُ هُوَ الْبَاقِی بَعْدَ أَبِیهِ وَ أَنَّ الْمَقْتُولَ هُوَ الْأَصْغَرُ مِنْهُمَا وَ عَلَیْهِ نُعَوِّلُ فَإِنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ الْبَاقِی كَانَ یَوْمَ كَرْبَلَاءَ مِنْ أَبْنَاءِ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ إِنَّ ابْنَهُ مُحَمَّداً الْبَاقِرَ كَانَ یَوْمَئِذٍ مِنَ أَبْنَاءِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ كَانَ لِعَلِیٍّ الْأَصْغَرِ الْمَقْتُولِ نَحْوُ اثْنَتَیْ عَشْرَةَ سَنَةً.

وَ تَقُولُ الزَّیْدِیَّةُ: إِنَّ الْعَقِبَ مِنَ الْأَصْغَرِ وَ إِنَّهُ كَانَ فِی یَوْمِ كَرْبَلَاءَ ابْنَ سَبْعِ سِنِینَ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ أَرْبَعِ سِنِینَ وَ عَلَی هَذَا النَّسَّابُونَ.

كِتَابُ النَّسَبِ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ: قَالَ یَزِیدُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَا عَجَبَا لِأَبِیكَ سَمَّی عَلِیّاً وَ عَلِیّاً فَقَالَ علیه السلام إِنَّ أَبِی أَحَبَّ أَبَاهُ فَسَمَّی بِاسْمِهِ مِرَاراً(2).

ص: 329


1- 1. فی الإرشاد ص 236: شاه زنان.
2- 2. المناقب ج 4 ص 174 و 173.

«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: لَمَّا وُرِدَ بَسَبْیِ الْفُرْسِ إِلَی الْمَدِینَةِ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ یَبِیعَ النِّسَاءَ وَ أَنْ یَجْعَلَ الرِّجَالَ عَبِیدَ الْعَرَبِ وَ عَزَمَ عَلَی أَنْ یُحْمَلَ الْعَلِیلُ وَ الضَّعِیفُ وَ الشَّیْخُ الْكَبِیرُ فِی الطَّوَافِ وَ حَوْلَ الْبَیْتِ عَلَی ظُهُورِهِمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَكْرِمُوا كَرِیمَ قَوْمٍ وَ إِنْ خَالَفُوكُمْ وَ هَؤُلَاءِ الْفُرْسُ حُكَمَاءُ كُرَمَاءُ فَقَدْ أَلْقَوْا إِلَیْنَا السَّلَامَ وَ رَغِبُوا فِی الْإِسْلَامِ وَ قَدْ أَعْتَقْتُ مِنْهُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ حَقِّی وَ حَقَّ بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَتِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ قَدْ وَهَبْنَا حَقَّنَا لَكَ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ أَنَّهُمْ قَدْ وَهَبُوا وَ قَبِلْتُ وَ أَعْتَقْتُ فَقَالَ عُمَرُ سَبَقَ إِلَیْهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ نَقَضَ عَزْمَتِی فِی الْأَعَاجِمِ وَ رَغِبَ جَمَاعَةٌ فِی بَنَاتِ الْمُلُوكِ أَنْ یَسْتَنْكِحُوهُنَّ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ تُخَیِّرُهُنَّ وَ لَا تُكْرِهُهُنَّ فَأَشَارَ أَكْبَرُهُمْ إِلَی تَخْیِیرِ شَهْرَبَانُوَیْهِ بِنْتِ یَزْدَجَرْدَ فَحَجَبَتْ وَ أَبَتْ فَقِیلَ لَهَا أَیَا كَرِیمَةَ قَوْمِهَا مَنْ تَخْتَارِینَ مِنْ خُطَّابِكِ وَ هَلْ أَنْتِ رَاضِیَةٌ بِالْبَعْلِ فَسَكَتَتْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ رَضِیَتْ وَ بَقِیَ الِاخْتِیَارُ بَعْدُ سُكُوتُهَا إِقْرَارُهَا فَأَعَادُوا الْقَوْلَ فِی التَّخْیِیرِ فَقَالَتْ لَسْتُ مِمَّنْ یَعْدِلُ عَنِ النُّورِ السَّاطِعِ وَ الشِّهَابِ اللَّامِعِ الْحُسَیْنِ إِنْ كُنْتُ مُخَیَّرَةً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لِمَنْ تَخْتَارِینَ أَنْ یَكُونَ وَلِیَّكِ فَقَالَتْ أَنْتَ فَأَمَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ حُذَیْفَةَ بْنَ الْیَمَانِ أَنْ یَخْطُبَ فَخَطَبَ وَ زُوِّجَتْ مِنَ الْحُسَیْنِ.

قَالَ ابْنُ الْكَلْبِیِّ: وَلَّی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ حُرَیْثَ بْنَ جَابِرٍ الْحَنَفِیَّ جَانِباً مِنَ الْمَشْرِقِ فَبَعَثَ بِنْتَ یَزْدَجَرْدَ بْنِ شَهْرِیَارَ بْنِ كِسْرَی فَأَعْطَاهَا عَلَی ابْنِهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَوَلَدَتْ مِنْهُ عَلِیّاً.

وَ قَالَ غَیْرُهُ: إِنَّ حُرَیْثاً بَعَثَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِبِنْتَیْ یَزْدَجَرْدَ فَأَعْطَی وَاحِدَةً لِابْنِهِ الْحُسَیْنِ فَأَوْلَدَهَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ وَ أَعْطَی الْأُخْرَی مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ فَأَوْلَدَهَا الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ(1).

«4»- قب: أَبْنَاؤُهُ عَلِیٌّ الْأَكْبَرُ الشَّهِیدُ أُمُّهُ بَرَّةُ بِنْتُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیِّ وَ عَلِیٌّ الْإِمَامُ وَ هُوَ عَلِیٌّ الْأَوْسَطُ وَ عَلِیٌّ الْأَصْغَرُ وَ هُمَا مِنْ شَهْرَبَانُوَیْهِ وَ مُحَمَّدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ

ص: 330


1- 1. المناقب ج 4 ص 48.

الشَّهِیدُ مِنْ أُمِّ الرَّبَابِ بِنْتِ إِمْرِئِ الْقَیْسِ وَ جَعْفَرٌ وَ أُمُّهُ قُضَاعِیَّةٌ وَ بَنَاتُهُ سُكَیْنَةُ أُمُّهَا رَبَابُ بِنْتُ إِمْرِئِ الْقَیْسِ الْكِنْدِیَّةُ وَ فَاطِمَةُ أُمُّهَا أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ زَیْنَبُ وَ أَعْقَبَ الْحُسَیْنُ مِنِ ابْنٍ وَاحِدٍ وَ هُوَ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیه السلام وَ ابْنَتَیْنِ وَ بَابُهُ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُ (1).

«5»- كشف، [كشف الغمة] قَالَ كَمَالُ الدِّینِ بْنُ طَلْحَةَ: كَانَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ ذُكُورٌ وَ إِنَاثٌ عَشَرَةٌ سِتَّةُ ذُكُورٍ وَ أَرْبَعُ إِنَاثٍ فَالذَّكَرُ عَلِیٌّ الْأَكْبَرُ وَ عَلِیٌّ الْأَوْسَطُ وَ هُوَ سَیِّدُ الْعَابِدِینَ وَ عَلِیٌّ الْأَصْغَرُ وَ مُحَمَّدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ جَعْفَرٌ فَأَمَّا عَلِیٌّ الْأَكْبَرُ فَإِنَّهُ قَاتَلَ بَیْنَ یَدَیْ أَبِیهِ حَتَّی قُتِلَ شَهِیداً وَ أَمَّا عَلِیٌّ الْأَصْغَرُ فَجَاءَهُ سَهْمٌ وَ هُوَ طِفْلٌ فَقَتَلَهُ وَ قِیلَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قُتِلَ أَیْضاً مَعَ أَبِیهِ شَهِیداً وَ أَمَّا الْبَنَاتُ فَزَیْنَبُ وَ سُكَیْنَةُ وَ فَاطِمَةُ هَذَا قَوْلٌ مَشْهُورٌ وَ قِیلَ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ بَنِینَ وَ بِنْتَانِ وَ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَ كَانَ الذِّكْرُ الْمُخَلَّدُ وَ الْبِنَاءُ الْمُنَضَّدُ مَخْصُوصاً مِنْ بَیْنِ بَنِیهِ- بِعَلِیٍّ الْأَوْسَطِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ دُونَ بَقِیَّةِ الْأَوْلَادِ آخِرُ كَلَامِهِ قُلْتُ عَدَّدَ أَوْلَادَهُ علیه السلام ذَكَرَ بَعْضاً وَ تَرَكَ بَعْضاً قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ وُلِدَ لَهُ سِتَّةُ بَنِینَ وَ ثَلَاثُ بَنَاتٍ- عَلِیٌّ الْأَكْبَرُ الشَّهِیدُ مَعَ أَبِیهِ وَ عَلِیٌّ الْإِمَامُ سَیِّدُ الْعَابِدِینَ وَ عَلِیٌّ الْأَصْغَرُ وَ مُحَمَّدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ الشَّهِیدُ مَعَ أَبِیهِ وَ جَعْفَرٌ وَ زَیْنَبُ وَ سُكَیْنَةُ وَ فَاطِمَةُ.

وَ قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ الْأَخْضَرِ الْجَنَابِذِیُّ: وُلْدُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا سِتَّةٌ أَرْبَعَةُ ذُكُورٍ وَ ابْنَتَانِ عَلِیٌّ الْأَكْبَرُ وَ قُتِلَ مَعَ أَبِیهِ وَ عَلِیٌّ الْأَصْغَرُ وَ جَعْفَرٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ سُكَیْنَةُ وَ فَاطِمَةُ قَالَ وَ نَسْلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام مِنْ عَلِیٍّ الْأَصْغَرِ وَ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ وَ كَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ قَالَ الزُّهْرِیُّ مَا رَأَیْتُ هَاشِمِیّاً أَفْضَلَ مِنْهُ.

قلت قد أخل الحافظ بذكر علی زین العابدین علیه السلام حیث قال علی الأكبر و علی الأصغر و أثبته حیث قال و نسل الحسین من علی الأصغر

ص: 331


1- 1. المصدر ص 77.

فسقط فی هذه الروایة علی الأصغر و الصحیح أن العلیین من أولاده ثلاثة كما ذكر كمال الدین و زین العابدین علیه السلام هو الأوسط و التفاوت بین ما ذكره كمال الدین و الحافظ أربعة(1).

باب 49 أحوال المختار بن أبی عبید الثقفی و ما جری علی یدیه و أیدی أولیائه

«1»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عُمَرَ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُونُسَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ مُنْصَرَفِی مِنْ مَكَّةَ فَقَالَ لِی یَا مِنْهَالُ مَا صَنَعَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلٍ الْأَسَدِیُّ فَقُلْتُ تَرَكْتُهُ حَیّاً بِالْكُوفَةِ قَالَ فَرَفَعَ یَدَیْهِ جَمِیعاً ثُمَّ قَالَ علیه السلام اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِیدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِیدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ النَّارِ قَالَ الْمِنْهَالُ فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَ قَدْ ظَهَرَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِی عُبَیْدَةَ الثَّقَفِیُّ وَ كَانَ لِی صَدِیقاً فَكُنْتُ فِی مَنْزِلِی أَیَّاماً حَتَّی انْقَطَعَ النَّاسُ عَنِّی وَ رَكِبْتُ إِلَیْهِ فَلَقِیتُهُ خَارِجاً مِنْ دَارِهِ فَقَالَ یَا مِنْهَالُ لَمْ تَأْتِنَا فِی وَلَایَتِنَا هَذِهِ وَ لَمْ تُهَنِّئْنَا بِهَا وَ لَمْ تُشْرِكْنَا فِیهَا فَأَعْلَمْتُهُ أَنِّی كُنْتُ بِمَكَّةَ وَ أَنِّی قَدْ جِئْتُكَ الْآنَ وَ سَایَرْتُهُ وَ نَحْنُ نَتَحَدَّثُ حَتَّی أَتَی الْكِنَاسَ فَوَقَفَ وُقُوفاً كَأَنَّهُ یَنْظُرُ شَیْئاً وَ قَدْ كَانَ أُخْبِرَ بِمَكَانِ حَرْمَلَةَ بْنِ كَاهِلٍ فَوَجَّهَ فِی طَلَبِهِ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ جَاءَ قَوْمٌ یَرْكُضُونَ وَ قَوْمٌ یَشْتَدُّونَ حَتَّی قَالُوا أَیُّهَا الْأَمِیرُ الْبِشَارَةَ قَدْ أُخِذَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلٍ فَمَا لَبِثْنَا أَنْ جِی ءَ بِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ الْمُخْتَارُ قَالَ لِحَرْمَلَةَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَكَّنَنِی مِنْكَ ثُمَّ قَالَ الْجَزَّارَ الْجَزَّارَ فَأُتِیَ بِجَزَّارٍ فَقَالَ لَهُ اقْطَعْ یَدَیْهِ فَقُطِعَتَا ثُمَّ قَالَ لَهُ اقْطَعْ رِجْلَیْهِ فَقُطِعَتَا ثُمَّ قَالَ النَّارَ النَّارَ فَأُتِیَ بِنَارٍ وَ قَصَبٍ فَأُلْقِیَ عَلَیْهِ فَاشْتَعَلَ فِیهِ النَّارُ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ لِی یَا

ص: 332


1- 1. كشف الغمّة ج 2 ص 214.

مِنْهَالُ إِنَّ التَّسْبِیحَ لَحَسَنٌ فَفِیمَ سَبَّحْتَ فَقُلْتُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ دَخَلْتُ فِی سَفْرَتِی هَذِهِ مُنْصَرَفِی مِنْ مَكَّةَ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ لِی یَا مِنْهَالُ مَا فَعَلَ حَرْمَلَةُ بْنُ كَاهِلٍ الْأَسَدِیُّ فَقُلْتُ تَرَكْتُهُ حَیّاً بِالْكُوفَةِ فَرَفَعَ یَدَیْهِ جَمِیعاً فَقَالَ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِیدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ الْحَدِیدِ اللَّهُمَّ أَذِقْهُ حَرَّ النَّارِ فَقَالَ لِیَ الْمُخْتَارُ أَ سَمِعْتَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ هَذَا فَقُلْتُ [وَ] اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ یَقُولُ هَذَا قَالَ فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ وَ قَدِ احْتَرَقَ حَرْمَلَةُ وَ رَكِبْتُ مَعَهُ وَ سِرْنَا فَحَاذَیْتُ دَارِی فَقُلْتُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ إِنْ رَأَیْتَ أَنْ تُشَرِّفَنِی وَ تُكْرِمَنِی وَ تَنْزِلَ عِنْدِی وَ تَحَرَّمَ بِطَعَامِی فَقَالَ یَا مِنْهَالُ تُعْلِمُنِی أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ دَعَا بِأَرْبَعِ دَعَوَاتٍ فَأَجَابَهُ اللَّهُ عَلَی یَدِی ثُمَّ تَأْمُرُنِی أَنْ آكُلَ هَذَا یَوْمُ صَوْمٍ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَا فَعَلْتُهُ بِتَوْفِیقِهِ وَ حَرْمَلَةُ هُوَ الَّذِی حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام.

بیان: الحرمة ما لا یحل انتهاكه و منه قولهم تحرم بطعامه و ذلك لأن العرب إذا أكل رجل منهم من طعام غیره حصلت بینهما حرمة و ذمة یكون كل منهما آمنا من أذی صاحبه.

«2»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِی أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِیُّ عَنْ رِجَالِهِ: أَنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِی عُبَیْدٍ الثَّقَفِیَّ ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ لَیْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَیْلَةً بَقِیَتْ مِنْ رَبِیعٍ الْآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَ سِتِّینَ فَبَایَعَهُ النَّاسُ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ دِمَاءِ أَهْلِ بَیْتِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ الدَّفْعِ عَنِ الضُّعَفَاءِ فَقَالَ الشَّاعِرُ فِی ذَلِكَ:

وَ لَمَّا دَعَا الْمُخْتَارُ جِئْنَا لِنَصْرِهِ***عَلَی الْخَیْلِ تُرْدِی مِنْ كُمَیْتٍ وَ أَشْقَرَا

دَعَا یَا لَثَأْرَاتِ الْحُسَیْنِ فَأَقْبَلَتْ***تُعَادِی بِفُرْسَانِ الصَّبَاحِ لِتَثْأَرَا

وَ نَهَضَ الْمُخْتَارُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِیعٍ وَ كَانَ عَلَی الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَیْرِ فَأَخْرَجَهُ وَ أَصْحَابَهُ مِنْهَا مُنْهَزِمِینَ وَ أَقَامَ بِالْكُوفَةِ إِلَی الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ سِتِّینَ ثُمَّ عَمَدَ

ص: 333

عَلَی إِنْفَاذِ الْجُیُوشِ إِلَی ابْنِ زِیَادٍ وَ كَانَ بِأَرْضِ الْجَزِیرَةِ فَصَیَّرَ عَلَی شُرَطِهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِیَّ وَ أَبَا عُمَارَةَ كَیْسَانَ مَوْلَی عربیة- [عُرَیْنَةَ] وَ أَمَرَ إِبْرَاهِیمَ بْنَ الْأَشْتَرِ رحمه اللّٰه بِالتَّأَهُّبِ لِلْمَسِیرِ إِلَی ابْنِ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أَمَّرَهُ عَلَی الْأَجْنَادِ فَخَرَجَ إِبْرَاهِیمُ یَوْمَ السَّبْتِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ سِتِّینَ فِی أَلْفَیْنِ مِنْ مَذْحِجٍ وَ أَسَدٍ وَ أَلْفَیْنِ مِنْ تَمِیمٍ وَ هَمْدَانَ وَ أَلْفٍ وَ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ قَبَائِلِ الْمَدِینَةِ وَ أَلْفٍ وَ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ كِنْدَةَ وَ رَبِیعَةَ وَ أَلْفَیْنِ مِنَ الْحَمْرَاءِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ ابْنُ الْأَشْتَرِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنَ الْقَبَائِلِ وَ ثَمَانِیَةِ آلَافٍ مِنَ الْحَمْرَاءِ(1)

وَ شَیَّعَ الْمُخْتَارُ إِبْرَاهِیمَ بْنَ الْأَشْتَرِ رحمه اللّٰه مَاشِیاً فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِیمُ ارْكَبْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ إِنِّی لَأَحْتَسِبُ الْأَجْرَ فِی خُطَایَ مَعَكَ وَ أُحِبُّ أَنْ تَغْبَرَّ قَدَمَایَ فِی نَصْرِ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام ثُمَّ وَدَّعَهُ وَ انْصَرَفَ فَسَارَ ابْنُ الْأَشْتَرِ حَتَّی أَتَی الْمَدَائِنَ ثُمَّ سَارَ یُرِیدُ ابْنَ زِیَادٍ فَشَخَصَ الْمُخْتَارُ عَنِ الْكُوفَةِ لَمَّا أَتَاهُ أَنَّ ابْنَ الْأَشْتَرِ قَدِ ارْتَحَلَ مِنَ الْمَدَائِنِ وَ أَقْبَلَ حَتَّی نَزَلَ الْمَدَائِنَ فَلَمَّا نَزَلَ ابْنُ الْأَشْتَرِ نَهْرَ الْخَازِرِ بِالْمَوْصِلِ (2)

أَقْبَلَ ابْنُ زِیَادٍ فِی الْجُمُوعِ فَنَزَلَ عَلَی أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ مِنْ عَسْكَرِ ابْنِ الْأَشْتَرِ ثُمَّ الْتَقَوْا فَحَضَّ ابْنُ الْأَشْتَرِ أَصْحَابَهُ وَ قَالَ یَا أَهْلَ الْحَقِّ وَ أَنْصَارَ الدِّینِ هَذَا ابْنُ زِیَادٍ قَاتِلُ حُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ قَدْ أَتَاكُمُ اللَّهُ بِهِ وَ بِحِزْبِهِ حِزْبِ الشَّیْطَانِ فَقَاتِلُوهُمْ بِنِیَّةٍ وَ صَبْرٍ لَعَلَّ اللَّهَ یَقْتُلُهُ بِأَیْدِیكُمْ وَ یَشْفِی صُدُورَكُمْ وَ تَزَاحَفُوا وَ نَادَی أَهْلَ الْعِرَاقِ یَا آلَ ثَأْرَاتِ الْحُسَیْنِ فَجَالَ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْتَرِ

جَوْلَةً فَنَادَاهُمْ یَا شُرْطَةَ اللَّهِ الصَّبْرَ الصَّبْرَ فَتَرَاجَعُوا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَشَّارِ بْنِ أَبِی عَقِبٍ الدُّؤَلِیُّ حَدَّثَنِی خَلِیلِی: أَنَّا نَلْقَی أَهْلَ الشَّامِ عَلَی نَهَرٍ یُقَالُ لَهُ الْخَازِرُ فَیَكْشِفُونَا حَتَّی نَقُولَ هَیِّ هَیِ (3)

ثُمَّ نَكُرُّ عَلَیْهِمْ فَنَقْتُلُ أَمِیرَهُمْ فَأَبْشِرُوا وَ اصْبِرُوا

ص: 334


1- 1. الحمراء: العجم لان الشقرة أغلب الالوان علیهم و الأحامرة قوم من العجم سكنوا بالكوفة.
2- 2. نهر بین الموصل و اربل.
3- 3. بالفتح و تشدید الیاء مكسورة اسم فعل للامر، بمعنی أسرع فیما أنت فیه.

فَإِنَّكُمْ لَهُمْ قَاهِرُونَ- ثُمَّ حَمَلَ ابْنُ الْأَشْتَرِ رحمه اللّٰه یَمِیناً فَخَالَطَ الْقَلْبَ وَ كَسَرَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَرَكَبُوهُمْ یَقْتُلُونَهُمْ فَانْجَلَتِ الْغُمَّةُ وَ قَدْ قُتِلَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ وَ حُصَیْنُ بْنُ نُمَیْرٍ وَ شُرَحْبِیلُ بْنُ ذِی الْكَلَاعِ وَ ابْنُ حَوْشَبٍ وَ غَالِبٌ الْبَاهِلِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِیَاسٍ السُّلَمِیُّ وَ أَبُو الْأَشْرَسِ الَّذِی كَانَ عَلَی خُرَاسَانَ وَ أَعْیَانُ أَصْحَابِهِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ لِأَصْحَابِهِ إِنِّی رَأَیْتُ بَعْدَ مَا انْكَشَفَ النَّاسُ طَائِفَةً مِنْهُمْ قَدْ صَبَرَتْ تُقَاتِلُ فَأَقْدَمْتُ عَلَیْهِمْ وَ أَقْبَلَ رَجُلٌ آخَرُ فِی كَبْكَبَةٍ كَأَنَّهُ بَغْلٌ أَقْمَرُ یُغْرِی النَّاسَ لَا یَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا صَرَعَهُ فَدَنَا مِنِّی فَضَرَبْتُ یَدَهُ فَأَبَنْتُهَا وَ سَقَطَ عَلَی شَاطِئِ نَهَرٍ فَسُرِقَتْ یَدَاهُ وَ عَرِبَتْ رِجْلَاهُ فَقَتَلْتُهُ وَ وَجَدْتُ مِنْهُ رِیحَ الْمِسْكِ وَ أَظُنُّهُ ابْنَ زِیَادٍ فَاطْلُبُوهُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَنَزَعَ خُفَّیْهِ وَ تَأَمَّلَهُ فَإِذَا هُوَ ابْنُ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَی وَصْفِ ابْنِ الْأَشْتَرِ فَاجْتَزَّ رَأْسَهُ وَ اسْتَوْقَدُوا عَامَّةَ اللَّیْلِ بِجَسَدِهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ مِهْرَانُ مَوْلَی زِیَادٍ وَ كَانَ یُحِبُّهُ حُبّاً شَدِیداً فَحَلَفَ أَنْ لَا یَأْكُلَ شَحْماً أَبَداً فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَحَوَوْا مَا فِی الْعَسْكَرِ وَ هَرَبَ غُلَامٌ لِعُبَیْدِ اللَّهِ إِلَی الشَّامِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ مَتَی عَهْدُكَ بِابْنِ زِیَادٍ فَقَالَ جَالَ النَّاسُ فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ وَ قَالَ ایتِنِی بِجَرَّةٍ فِیهَا مَاءٌ فَأَتَیْتُهُ فَاحْتَمَلَهَا فَشَرِبَ مِنْهَا وَ صَبَّ الْمَاءَ بَیْنَ دِرْعِهِ وَ جَسَدِهِ وَ صَبَّ عَلَی نَاصِیَةِ فَرَسِهِ فَصَهَلَ ثُمَّ اقْتَحَمَهُ فَهَذَا آخِرُ عَهْدِی بِهِ قَالَ وَ بَعَثَ ابْنُ الْأَشْتَرِ بِرَأْسِ ابْنِ زِیَادٍ إِلَی الْمُخْتَارِ وَ أَعْیَانِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَدِمَ بِالرُّءُوسِ وَ الْمُخْتَارُ یَتَغَدَّی فَأُلْقِیَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام بَیْنَ یَدِی ابْنِ زِیَادٍ وَ هُوَ یَتَغَدَّی وَ أُتِیتُ بِرَأْسِ ابْنِ زِیَادٍ وَ أَنَا أَتَغَدَّی قَالَ وَ انْسَابَتْ حَیَّةٌ بَیْضَاءُ تَخَلَّلُ الَرُّءُوسَ حَتَّی دَخَلَتْ فِی أَنْفِ ابْنِ زِیَادٍ وَ خَرَجَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ دَخَلَتْ مِنْ أُذُنِهِ وَ خَرَجَتْ مِنْ أَنْفِهِ فَلَمَّا فَرَغَ الْمُخْتَارُ مِنَ الْغَدَاءِ قَامَ فَوَطِئَ وَجْهَ ابْنِ زِیَادٍ بِنَعْلِهِ ثُمَّ رَمَی بِهَا إِلَی مَوْلًی لَهُ وَ قَالَ اغْسِلْهَا فَإِنِّی وَضَعْتُهَا عَلَی وَجْهِ نَجِسٍ كَافِرٍ وَ خَرَجَ الْمُخْتَارُ إِلَی الْكُوفَةِ وَ بَعَثَ بِرَأْسِ ابْنِ زِیَادٍ وَ رَأْسِ حُصَیْنِ بْنِ نُمَیْرٍ

ص: 335

وَ رَأْسِ شُرَحْبِیلَ بْنِ ذِی الْكَلَاعِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عُمَیْرٍ الثَّقَفِیِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الْجُشَمِیِّ وَ السَّائِبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْعَرِیِّ إِلَی مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ بِمَكَّةَ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ مَعَهُمْ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی بَعَثْتُ أَنْصَارَكَ وَ شِیعَتَكَ إِلَی عَدُوِّكَ یَطْلُبُونَهُ بِدَمِ أَخِیكَ الْمَظْلُومِ الشَّهِیدِ فَخَرَجُوا مُحْتَسِبِینَ مُحْنِقِینَ أَسِفِینَ فَلَقُوهُمْ دُونَ نَصِیبِینَ فَقَتَلَهُمْ رَبُّ الْعِبَادِ- وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ الَّذِی طَلَبَ لَكُمُ الثَّأْرَ وَ أَدْرَكَ لَكُمْ رُؤَسَاءَ أَعْدَائِكُمْ فَقَتَلَهُمْ فِی كُلِّ فَجٍّ وَ غَرَّقَهُمْ فِی كُلِّ بَحْرٍ فَشَفَی بِذَلِكَ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِینَ وَ أَذْهَبَ غَیْظَ قُلُوبِهِمْ وَ قَدِمُوا بِالْكِتَابِ وَ الرُّءُوسِ إِلَیْهِ فَبَعَثَ بِرَأْسِ ابْنِ زِیَادٍ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَأُدْخِلَ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَتَغَدَّی فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أُدْخِلْتُ عَلَی ابْنِ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ هُوَ یَتَغَدَّی وَ رَأْسُ أَبِی بَیْنَ یَدَیْهِ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِی حَتَّی تُرِیَنِی رَأْسَ ابْنِ زِیَادٍ وَ أَنَا أَتَغَدَّی فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَجَابَ دَعْوَتِی ثُمَّ أَمَرَ فَرُمِیَ بِهِ فَحُمِلَ إِلَی ابْنِ الزُّبَیْرِ فَوَضَعَهُ ابْنُ الزُّبَیْرِ عَلَی قَصَبَةٍ فَحَرَّكَتْهَا الرِّیحُ فَسَقَطَ فَخَرَجَتْ حَیَّةٌ مِنْ تَحْتِ السِّتَارِ فَأَخَذَتْ بِأَنْفِهِ فَأَعَادُوا الْقَصَبَةَ فَحَرَّكَتْهَا الرِّیحُ فَسَقَطَ فَخَرَجَتِ الْحَیَّةُ فَأَزَمَتْ بِأَنْفِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ ابْنُ الزُّبَیْرِ فَأُلْقِیَ فِی بَعْضِ شِعَابِ مَكَّةَ قَالَ وَ كَانَ الْمُخْتَارُ رحمه اللّٰه قَدْ سُئِلَ فِی أَمَانِ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ فَآمَنَهُ عَلَی أَنْ لَا یَخْرُجَ مِنَ الْكُوفَةِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا فَدَمُهُ هَدَرٌ قَالَ فَأَتَی عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّی سَمِعْتُ الْمُخْتَارَ یَحْلِفُ لَیَقْتُلُنَّ رَجُلًا وَ اللَّهِ مَا أَحْسَبُهُ غَیْرَكَ قَالَ فَخَرَجَ عُمَرُ حَتَّی أَتَی الْحَمَّامَ (1)

فَقِیلَ لَهُ أَ تَرَی هَذَا یَخْفَی عَلَی الْمُخْتَارِ فَرَجَعَ لَیْلًا فَدَخَلَ دَارَهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ غَدَوْتُ فَدَخَلْتُ عَلَی الْمُخْتَارِ وَ جَاءَ الْهُشَیْمُ بْنُ الْأَسْوَدِ فَقَعَدَ فَجَاءَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ لِلْمُخْتَارِ یَقُولُ لَكَ أَبُو حَفْصٍ أَیْنَ لَنَا بِالَّذِی كَانَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ قَالَ اجْلِسْ فَدَعَا الْمُخْتَارُ أَبَا عَمْرَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ قَصِیرٌ یَتَخَشْخَشُ فِی الْحَدِیدِ فَسَارَّهُ وَ دَعَا بِرَجُلَیْنِ فَقَالَ اذْهَبَا مَعَهُ فَذَهَبَ فَوَ اللَّهِ مَا أَحْسَبُهُ بَلَغَ دَارَ

ص: 336


1- 1. یعنی حمام عمر، كما یأتی عن ابن نما فی رسالة أخذ الثأر.

عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ حَتَّی جَاءَ بِرَأْسِهِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ لِحَفْصٍ أَ تَعْرِفُ هَذَا قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ قَالَ یَا أَبَا عَمْرَةَ أَلْحِقْهُ بِهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ رحمه اللّٰه عُمَرُ بِالْحُسَیْنِ وَ حَفْصٌ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ لَا سَوَاءَ قَالَ وَ اشْتَدَّ أَمْرُ الْمُخْتَارِ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ زِیَادٍ وَ أَخَافَ الْوُجُوهَ وَ قَالَ لَا یَسُوغُ لِی طَعَامٌ وَ لَا شَرَابٌ حَتَّی أَقْتُلَ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ مَا مِنْ دِینِی أَتْرُكُ أَحَداً مِنْهُمْ حَیّاً وَ قَالَ أَعْلِمُونِی مَنْ شَرِكَ فِی دَمِ الْحُسَیْنِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَلَمْ یَكُنْ یَأْتُونَهُ بِرَجُلٍ فَیَقُولُونَ إِنَّ هَذَا مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ أَوْ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَیْهِ إِلَّا قَتَلَهُ وَ بَلَغَهُ أَنَّ شِمْرَ بْنَ ذِی الْجَوْشَنِ لَعَنَهُ اللَّهُ أَصَابَ مَعَ الْحُسَیْنِ إِبِلًا فَأَخَذَهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ نَحَرَهَا وَ قَسَّمَ لُحُومَهَا فَقَالَ الْمُخْتَارُ أَحْصُوا لِی كُلَّ دَارٍ دَخَلَ فِیهَا شَیْ ءٌ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ فَأَحْصَوْهَا فَأَرْسَلَ إِلَی مَنْ كَانَ أَخَذَ مِنْهَا شَیْئاً فَقَتَلَهُمْ وَ هَدَمَ دُوراً بِالْكُوفَةِ وَ أُتِیَ الْمُخْتَارُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَیْدٍ الْجُهَنِیِّ وَ مَالِكِ بْنِ الْهَیْثَمِ الْبَدَّانِیِ (1)

مِنْ كِنْدَةَ وَ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ الْمُحَارِبِیِّ فَقَالَ یَا أَعْدَاءَ اللَّهِ أَیْنَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ قَالُوا أُكْرِهْنَا عَلَی الْخُرُوجِ إِلَیْهِ قَالَ أَ فَلَا مَنَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ سَقَیْتُمُوهُ مِنَ الْمَاءِ وَ قَالَ لِلْبَدَّانِیِّ أَنْتَ صَاحِبُ بُرْنُسِهِ لَعَنَكَ اللَّهُ قَالَ لَا قَالَ بَلَی ثُمَّ قَالَ اقْطَعُوا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ دَعُوهُ یَضْطَرِبُ حَتَّی یَمُوتَ فَقَطَعُوهُ وَ أَمَرَ بِالْآخَرَیْنِ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمَا وَ أُتِیَ بِقُرَادِ بْنِ مَالِكٍ وَ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِیِّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ الْخَوْلَانِیِّ فَقَالَ لَهُمْ یَا قَتَلَةَ الصَّالِحِینَ أَ لَا تَرَوْنَ اللَّهَ بَرِئَ مِنْكُمْ لَقَدْ جَاءَكُمُ الْوَرْسُ بِیَوْمٍ نَحْسٍ فَأَخْرَجَهُمْ إِلَی السُّوقِ فَقَتَلَهُمْ وَ بَعَثَ الْمُخْتَارُ مُعَاذَ بْنَ هَانِئٍ الْكِنْدِیَّ وَ أَبَا عَمْرَةَ كَیْسَانَ إِلَی دَارِ خَوْلِیِّ بْنِ یَزِیدَ الْأَصْبَحِیِّ وَ هُوَ الَّذِی حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی ابْنِ زِیَادٍ فَأَتَوْا دَارَهُ فَاسْتَخْفَی فِی الْمَخْرَجِ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ رَكَّبَ عَلَی نَفْسِهِ قَوْصَرَّةً فَأَخَذُوهُ وَ خَرَجُوا یُرِیدُونَ الْمُخْتَارَ فَتَلَقَّاهُمْ فِی رَكْبٍ فَرَدُّوهُ إِلَی دَارِهِ وَ قَتَلَهُ عِنْدَهَا وَ أَحْرَقَهُ.

ص: 337


1- 1. نسبة الی بدا- بتشدید الدال- بطن من كندة، من القحطانیة و هم بنو بدّا بن الحارث بن معاویة بن كندة كانت منازلهم بحضر موت.

وَ طَلَبَ الْمُخْتَارُ شِمْرَ بْنَ ذِی الْجَوْشَنِ فَهَرَبَ إِلَی الْبَادِیَةِ فَسَعَی بِهِ إِلَی أَبِی عَمْرَةَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِیداً فَأَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ فَأَخَذَهُ أَبُو عَمْرَةَ أَسِیراً وَ بَعَثَ بِهِ إِلَی الْمُخْتَارِ فَضَرَبَ (1)

عُنُقَهُ وَ أَغْلَی لَهُ دُهْناً فِی قِدْرٍ فَقَذَفَهُ فِیهَا فَتَفَسَّخَ وَ وَطِئَ مَوْلًی لِآلِ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ وَجْهَهُ وَ رَأْسَهُ وَ لَمْ یَزَلِ الْمُخْتَارُ یَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ وَ أَهْلِهِ حَتَّی قَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقاً كَثِیراً وَ هَرَبَ الْبَاقُونَ فَهَدَمَ دُورَهُمْ وَ قَتَلَتِ الْعَبِیدُ مَوَالِیَهُمُ الَّذِینَ قَاتَلُوا الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ أَتَوُا الْمُخْتَارَ فَأَعْتَقَهُمْ.

إیضاح: ردی الفرس بالفتح یردی ردیا إذا رجم الأرض رجما بین العدو و المشی الشدید قوله تعادی من العداوة أو من العدو و الأخیر أظهر قوله لتثأر أی لتطلب الثأر بدم الحسین علیه السلام و قال الفیروزآبادی سرقت مفاصله كفرح ضعف و فی بعض النسخ بالشین من الشرق بمعنی الشق أو من قولهم شرق الدم بجسده شرقا إذا ظهر و لم یسل و عرب كفرح ورم و تقیح و فی بعض النسخ بالغین المعجمة من قولهم غرب كفرح أسود و قال الجوهری یقال أزم الرجل بصاحبه إذا لزمه عن أبی زید و أزمه أیضا أی عضه و الحمام اسم موضع خارج الكوفة و قال الجوهری القوصرة بالتشدید هذا الذی یكنز فیه التمر من البواری.

أقول: قد مضی ذم المختار فی باب مصالحة الحسن علیه السلام(2).

«3»- یر، [بصائر الدرجات] أَیُّوبُ بْنُ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ شُعَیْبٍ قَالَ حَدَّثَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ دَرَّاجٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ الْمُخْتَارَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَی بَعْضِ عَمَلِهِ وَ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَخَذَهُ فَحَبَسَهُ وَ طَلَبَ مِنْهُ مَالًا حَتَّی إِذَا كَانَ یَوْماً مِنَ الْأَیَّامِ دَعَاهُ هُوَ وَ بِشْرَ بْنَ غَالِبٍ فَهَدَّدَهُمَا بِالْقَتْلِ فَقَالَ لَهُ بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ وَ كَانَ رَجُلًا مُتَنَكِّراً وَ اللَّهِ مَا تَقْدِرُ عَلَی قَتْلِنَا قَالَ لِمَ وَ مِمَّ ذَلِكَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَ أَنْتُمَا أَسِیرَانِ فِی یَدِی قَالَ لِأَنَّهُ جَاءَنَا فِی الْحَدِیثِ أَنَّكَ تَقْتُلُنَا حِینَ تَظْهَرُ عَلَی دِمَشْقَ فَتَقْتُلُنَا عَلَی دَرَجِهَا قَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ صَدَقْتَ قَدْ جَاءَ هَذَا قَالَ فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ خَرَجَا مِنْ مَحْبَسِهِمَا.

ص: 338


1- 1. الی المختار فأغلی له خ ل.
2- 2. راجع ج 44 ص 28.

أقول: تمامه فی معجزات الباقر علیه السلام.

«4»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْخَیَّاطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَنْتَصِرَ لِأَوْلِیَائِهِ انْتَصَرَ لَهُمْ بِشِرَارِ خَلْقِهِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَنْتَصِرَ لِنَفْسِهِ انْتَصَرَ بِأَوْلِیَائِهِ وَ لَقَدِ انْتَصَرَ لِیَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا بِبُخْتَنَصَّرَ.

«5»- سر، [السرائر] أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ بِشَفِیرِ النَّارِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ فَیَصِیحُ صَائِحٌ مِنَ النَّارِ یَا رَسُولَ اللَّهُ أَغِثْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ ثَلَاثاً قَالَ فَلَا یُجِیبُهُ قَالَ فَیُنَادِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ثَلَاثاً أَغِثْنِی فَلَا یُجِیبُهُ قَالَ فَیُنَادِی یَا حُسَیْنُ یَا حُسَیْنُ یَا حُسَیْنُ أَغِثْنِی أَنَا قَاتِلُ أَعْدَائِكِ قَالَ فَیَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ قَدِ احْتَجَّ عَلَیْكَ قَالَ فَیَنْقَضُّ عَلَیْهِ كَأَنَّهُ عُقَابٌ كَاسِرٌ قَالَ فَیُخْرِجُهُ مِنَ النَّارِ قَالَ فَقُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ مَنْ هَذَا جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ الْمُخْتَارُ قُلْتُ لَهُ وَ لِمَ عُذِّبَ بِالنَّارِ وَ قَدْ فَعَلَ مَا فَعَلَ قَالَ إِنَّهُ قَالَ كَانَ فِی قَلْبِهِ مِنْهُمَا شَیْ ءٌ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَوْ أَنَّ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ كَانَ فِی قَلْبَیْهِمَا شَیْ ءٌ لَأَكَبَّهُمَا اللَّهُ فِی النَّارِ عَلَی وُجُوهِهِمَا.

بیان: كأن هذا الخبر وجه جمع بین الأخبار المختلفة الواردة فی هذا الباب بأنه و إن لم یكن كاملا فی الإیمان و الیقین و لا مأذونا فیما فعله صریحا من أئمة الدین لكن لما جری علی یدیه الخیرات الكثیرة و شفی بها صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِینَ كانت عاقبة أمره آئلة إلی النجاة فدخل بذلك تحت قوله سبحانه وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً عَسَی اللَّهُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ (1) و أنا فی شأنه من المتوقفین و إن كان الأشهر بین أصحابنا أنه من المشكورین.

«6»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: كَمَا أَنَّ بَعْضَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَطَاعُوا فَأُكْرِمُوا وَ بَعْضَهُمْ عَصَوْا فَعُذِّبُوا فَكَذَلِكَ تَكُونُونَ أَنْتُمْ فَقَالُوا فَمَنِ الْعُصَاةُ

ص: 339


1- 1. التوبة: 102.

یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ الَّذِینَ أُمِرُوا بِتَعْظِیمِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ تَعْظِیمِ حُقُوقِنَا فَخَانُوا وَ خَالَفُوا ذَلِكَ وَ جَحَدُوا حُقُوقَنَا وَ اسْتَخَفُّوا بِهَا وَ قَتَلُوا أَوْلَادَنَا أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِینَ أُمِرُوا بِإِكْرَامِهِمْ وَ مَحَبَّتِهِمْ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ قَالَ بَلَی خَبَراً حَقّاً وَ أَمْراً كَائِناً سَیَقْتُلُونَ وَلَدَیَّ هَذَیْنِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ.

ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ سَیُصِیبُ الَّذِینَ ظَلَمُوا رِجْزاً فِی الدُّنْیَا بِسُیُوفِ بَعْضِ مَنْ یُسَلِّطُ اللَّهُ تَعَالَی عَلَیْهِمْ لِلِانْتِقَامِ- بِما كانُوا یَفْسُقُونَ كَمَا أَصَابَ بَنِی إِسْرَائِیلَ الرِّجْزُ قِیلَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ غُلَامٌ مِنْ ثَقِیفٍ یُقَالُ لَهُ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِی عُبَیْدٍ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ هَذَا بِزَمَانٍ وَ إِنَّ هَذَا الْخَبَرَ اتَّصَلَ بِالْحَجَّاجِ بْنِ یُوسُفَ لَعَنَهُ اللَّهُ مِنْ قَوْلِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَ هَذَا وَ أَمَّا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَأَنَا أَشُكُّ هَلْ حَكَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَّا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَصَبِیٌّ مَغْرُورٌ یَقُولُ الْأَبَاطِیلَ وَ یُغَرُّ بِهَا مُتَّبِعُوهُ اطْلُبُوا لِیَ الْمُخْتَارَ فَطُلِبَ فَأُخِذَ فَقَالَ قَدِّمُوهُ إِلَی النَّطْعِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَأُتِیَ بِالنَّطْعِ فَبُسِطَ وَ أُبْرِكَ عَلَیْهِ الْمُخْتَارُ ثُمَّ جَعَلَ الْغِلْمَانُ یَجِیئُونَ وَ یَذْهَبُونَ لَا یَأْتُونَ بِالسَّیْفِ قَالَ الْحَجَّاجُ مَا لَكُمْ قَالُوا لَسْنَا نَجِدُ مِفْتَاحَ الْخِزَانَةِ وَ قَدْ ضَاعَ مِنَّا وَ السَّیْفُ فِی الْخِزَانَةِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ لَنْ تَقْتُلَنِی وَ لَنْ یَكْذِبَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَئِنْ قَتَلْتَنِی لَیُحْیِیَنِیَ اللَّهُ حَتَّی أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِینَ أَلْفاً فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِبَعْضِ حُجَّابِهِ أَعْطِ السَّیَّافَ سَیْفَكَ یَقْتُلُهُ فَأَخَذَ السَّیَّافُ سَیْفَهُ وَ جَاءَ لِیَقْتُلَهُ بِهِ وَ الْحَجَّاجُ یَحُثُّهُ وَ یَسْتَعْجِلُهُ فَبَیْنَا هُوَ فِی تَدْبِیرِهِ إِذْ عَثَرَ وَ السَّیْفُ بِیَدِهِ فَأَصَابَ السَّیْفُ بَطْنَهُ فَشَقَّهُ فَمَاتَ فَجَاءَ بِسَیَّافٍ آخَرَ وَ أَعْطَاهُ السَّیْفَ فَلَمَّا رَفَعَ یَدَهُ لِیَضْرِبَ عُنُقَهُ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَنَظَرُوا وَ إِذَا الْعَقْرَبُ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ یَا حَجَّاجُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَی قَتْلِی وَیْحَكَ یَا حَجَّاجُ أَ مَا تَذْكُرُ مَا قَالَ نِزَارُ بْنُ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ- لِلسَّابُورِ ذِی الْأَكْتَافِ حِینَ كَانَ یَقْتُلُ الْعَرَبَ وَ یَصْطَلِمُهُمْ فَأَمَرَ نِزَارٌ وُلْدَهُ فَوُضِعَ فِی زَبِیلٍ فِی طَرِیقِهِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ لِمَ تَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْعَرَبَ وَ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ إِلَیْكَ وَ قَدْ قَتَلْتَ الَّذِینَ كَانُوا مُذْنِبِینَ فِی عَمَلِكَ وَ الْمُفْسِدِینَ قَالَ لِأَنِّی وَجَدْتُ فِی الْكِتَابِ

ص: 340

أَنَّهُ یَخْرُجُ مِنْهُمْ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ یَدَّعِی النُّبُوَّةَ فَیُزِیلُ دَوْلَةَ مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ وَ یُفْنِیهَا فَاقْتُلْهُمْ حَتَّی لَا یَكُونَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ نِزَارٌ لَئِنْ كَانَ مَا وَجَدْتَهُ فِی كُتُبِ الْكَذَّابَیْنِ فَمَا أَوْلَاكَ أَنْ تَقْتُلَ الْبُرَاءَ غَیْرَ الْمُذْنِبِینَ وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الصَّادِقِینَ فَإِنَّ اللَّهَ سَیَحْفَظُ ذَلِكَ الْأَصْلَ الَّذِی یَخْرُجُ مِنْهُ هَذَا الرَّجُلُ وَ لَنْ تَقْدِرَ عَلَی إِبْطَالِهِ وَ یُجْرِی قَضَاءَهُ وَ یُنْفِذُ أَمْرَهُ وَ لَوْ لَمْ یَبْقَ مِنْ جَمِیعِ الْعَرَبِ إِلَّا وَاحِدٌ فَقَالَ سَابُورُ صَدَقْتَ هَذَا نِزَارٌ یَعْنِی بِالْفَارِسِیَّةِ الْمَهْزُولَ كُفُّوا عَنِ الْعَرَبِ فَكَفُّوا عَنْهُمْ وَ لَكِنْ یَا حَجَّاجُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَی أَنْ أَقْتُلَ مِنْكُمْ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِینَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِنْ شِئْتَ فَتَعَاطَ قَتْلِی وَ إِنْ شِئْتَ فَلَا تَتَعَاطَ فَإِنَّ اللَّهَ إِمَّا أَنْ یَمْنَعَكَ عَنِّی وَ إِمَّا أَنَّ یُحْیِیَنِی بَعْدَ قَتْلِكَ فَإِنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ حَقٌّ لَا مِرْیَةَ فِیهِ- فَقَالَ لِلسَّیَّافِ اضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّ هَذَا لَنْ یَقْدِرَ عَلَی ذَلِكَ وَ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْمُتَوَلِّیَ لِمَا تَأْمُرُهُ فَكَانَ یُسَلِّطُ عَلَیْكَ أَفْعًی كَمَا سَلَّطَ عَلَی هَذَا الْأَوَّلِ عَقْرَباً فَلَمَّا هَمَّ السَّیَّافُ أَنْ یَضْرِبَ عُنُقَهُ إِذَا بِرَجُلٍ مِنْ خَوَاصِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَدْ دَخَلَ فَصَاحَ بِالسَّیَّافِ كُفَّ عَنْهُ وَ مَعَهُ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَإِذَا فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ یَا حَجَّاجَ بْنَ یُوسُفَ فَإِنَّهُ قَدْ سَقَطَ إِلَیْنَا طَیْرٌ عَلَیْهِ رُقْعَةٌ أَنَّكَ أَخَذْتَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِی عُبَیْدٍ تُرِیدُ قَتْلَهُ تَزْعُمُ أَنَّهُ حُكِیَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِیهِ أَنَّهُ سَیَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِی أُمَیَّةَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةً وَ ثَمَانِینَ أَلْفَ رَجُلٍ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِی هَذَا فَخَلِّ عَنْهُ وَ لَا تَعَرَّضْ لَهُ إِلَّا بِسَبِیلِ خَیْرٍ فَإِنَّهُ زَوْجُ ظِئْرِ ابْنِی الْوَلِیدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَ قَدْ كَلَّمَنِی فِیهِ الْوَلِیدُ وَ إِنَّ الَّذِی حُكِیَ إِنْ كَانَ بَاطِلًا فَلَا مَعْنَی لِقَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِخَبَرٍ بَاطِلٍ وَ إِنْ كَانَ حَقّاً فَإِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَی تَكْذِیبِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ فَخَلَّی عَنْهُ الْحَجَّاجُ فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ یَقُولُ سَأَفْعَلُ كَذَا وَ أَخْرُجُ وَقْتَ كَذَا وَ أَقْتُلُ مِنَ النَّاسِ كَذَا وَ هَؤُلَاءِ صَاغِرُونَ یَعْنِی بَنِی أُمَیَّةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ فَأَخَذَ وَ أَنْزَلَ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ الْعُنُقِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ إِنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَی ذَلِكَ فَلَا تَتَعَاطَ رَدّاً عَلَی اللَّهِ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ إِذْ سَقَطَ عَلَیْهِ طَائِرٌ آخَرُ عَلَیْهِ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ یَا حَجَّاجُ لَا تَعَرَّضْ لِلْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ زَوْجُ مُرْضِعَةِ ابْنِی الْوَلِیدِ وَ لَئِنْ كَانَ حَقّاً فَسَتُمْنَعُ مِنْ قَتْلِهِ-

ص: 341

كَمَا مُنِعَ دَانِیَالُ مِنْ قَتْلِ بُخْتَنَصَّرَ الَّذِی كَانَ قَضَی اللَّهُ أَنْ یَقْتُلَ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَتَرَكَهُ الْحَجَّاجُ وَ تَوَعَّدَهُ إِنْ عَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ فَعَادَ لِمِثْلِ مَقَالَتِهِ وَ اتَّصَلَ بِالْحَجاج الْخَبَرُ فَطَلَبَهُ فَاخْتَفَی مُدَّةً ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ فَلَمَّا هَمَّ بِضَرْبِ عُنُقِهِ إِذْ قَدْ وَرَدَ عَلَیْهِ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَاحْتَبَسَهُ الْحَجَّاجُ وَ كَتَبَ إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ كَیْفَ تَأْخُذُ إِلَیْكَ عَدُوّاً مُجَاهِراً یَزْعُمُ أَنَّهُ یَقْتُلُ مِنْ أَنْصَارِ بَنِی أُمَیَّةَ كَذَا وَ كَذَا أَلْفاً فَبَعَثَ إِلَیْهِ إِنَّكَ رَجُلٌ جَاهِلٌ لَئِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِیهِ بَاطِلًا فَمَا أَحَقَّنَا بِرِعَایَةِ حَقِّهِ لِحَقِّ مَنْ خَدَمَنَا وَ إِنْ كَانَ الْخَبَرُ فِیهِ حَقّاً فَإِنَّهُ سَنُرَبِّیهِ لِیُسَلَّطَ عَلَیْنَا كَمَا رَبَّی فِرْعَوْنُ مُوسَی علیه السلام حَتَّی سُلِّطَ عَلَیْهِ فَبَعَثَ بِهِ الْحَجَّاجُ وَ كَانَ مِنَ الْمُخْتَارِ مَا كَانَ وَ قَتَلَ مَنْ قَتَلَ وَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام لِأَصْحَابِهِ وَ قَدْ قَالُوا لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَكَرَ مِنْ أَمْرِ الْمُخْتَارِ وَ لَمْ یَقُلْ مَتَی یَكُونُ قَتْلُهُ لِمَنْ یَقْتُلُ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ صَدَقَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَ وَ لَا أُخْبِرُكُمْ مَتَی یَكُونُ قَالُوا بَلَی قَالَ یَوْمَ كَذَا إِلَی ثَلَاثِ سِنِینَ مِنْ قَوْلِی هَذَا وَ سَیُؤْتَی بِرَأْسِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ شِمْرِ بْنِ ذِی الْجَوْشَنِ فِی یَوْمِ كَذَا وَ كَذَا وَ سَنَأْكُلُ وَ هُمَا بَیْنَ أَیْدِینَا نَنْظُرُ إِلَیْهِمَا قَالَ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ یَكُونُ فِیهِ الْقَتْلُ مِنَ الْمُخْتَارِ لِأَصْحَابِ بَنِی أُمَیَّةَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَی مَائِدَةٍ إِذْ قَالَ لَهُمْ مَعَاشِرَ إِخْوَانِنَا طَیِّبُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ وَ ظَلَمَةُ بَنِی أُمَیَّةَ یُحْصَدُونَ قَالُوا أَیْنَ قَالَ فِی مَوْضِعِ كَذَا یَقْتُلُهُمُ الْمُخْتَارُ وَ سَیُؤْتَی بِرَأْسَیْنِ یَوْمَ كَذَا وَ كَذَا فَلَمَّا كَانَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ أُتِیَ بِالرَّأْسَیْنِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ یَقْعُدَ لِلْأَكْلِ وَ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَمَّا رَآهُمَا سَجَدَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُمِتْنِی حَتَّی أَرَانِی فَجَعَلَ یَأْكُلُ وَ یَنْظُرُ إِلَیْهِمَا فَلَمَّا كَانَ فِی وَقْتِ الْحَلْوَاءِ لَمْ یَأْتِ بِالْحَلْوَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدِ اشْتَغَلُوا عَنْ عَمَلِهِ بِخَبَرِ الرَّأْسَیْنِ فَقَالَ نُدَمَاؤُهُ وَ لَمْ یُعْمَلِ الْیَوْمَ الْحَلْوَاءُ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام لَا نُرِیدُ حُلْواً أَحْلَی مِنْ نَظَرِنَا إِلَی هَذَیْنِ الرَّأْسَیْنِ.

ثُمَّ عَادَ إِلَی قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ وَ مَا لِلْكَافِرِینَ وَ الْفَاسِقِینَ عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ وَ أَوْفَی.

ص: 342

توضیح: قوله علیه السلام فكان ذلك بعد قوله هذا أی ولد المختار بعد قول أمیر المؤمنین هذا بزمان.

«7»- كش، [رجال الكشی] حَمْدَوَیْهِ عَنْ یَعْقُوبَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْمُثَنَّی عَنْ سَدِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَا تَسُبُّوا الْمُخْتَارَ فَإِنَّهُ قَدْ قَتَلَ قَتَلَتَنَا وَ طَلَبَ بِثَأْرِنَا وَ زَوَّجَ أَرَامِلَنَا وَ قَسَّمَ فِینَا الْمَالَ عَلَی الْعُسْرَةِ(1).

«8»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عُثْمَانُ بْنُ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَزْدَادَ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَخْرَفِ عَنْ حَبِیبٍ الْخَثْعَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْمُخْتَارُ یَكْذِبُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام.

«9»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عُثْمَانُ بْنُ حَامِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَزْدَادَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ یَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِیكٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام یَوْمَ النَّحْرِ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ وَ قَالَ أَرْسِلْ إِلَی الْحَلَّاقِ فَقَعَدْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ شَیْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَتَنَاوَلَ یَدَهُ لِیُقَبِّلَهَا فَمَنَعَهُ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَكَمُ بْنُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِی عُبَیْدٍ الثَّقَفِیُّ وَ كَانَ مُتَبَاعِداً مِنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَمَدَّ یَدَهُ إِلَیْهِ حَتَّی كَادَ یُقْعِدُهُ فِی حَجْرِهِ بَعْدَ مَنْعِهِ یَدَهُ ثُمَّ قَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِی أَبِی وَ قَالُوا وَ الْقَوْلُ وَ اللَّهِ قَوْلُكَ قَالَ وَ أَیَّ شَیْ ءٍ یَقُولُونَ قَالَ یَقُولُونَ كَذَّابٌ وَ لَا تَأْمُرُنِی بِشَیْ ءٍ إِلَّا قَبِلْتُهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَخْبَرَنِی أَبِی وَ اللَّهِ أَنَّ مَهْرَ أُمِّی كَانَ مِمَّا بَعَثَ بِهِ الْمُخْتَارُ أَ وَ لَمْ یَبْنِ دُورَنَا وَ قَتَلَ قَاتِلِینَا وَ طَلَبَ بِدِمَائِنَا فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَ أَخْبَرَنِی وَ اللَّهِ أَبِی أَنَّهُ كَانَ لَیَسْمُرُ عِنْدَ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِیٍّ یُمَهِّدُهَا الْفِرَاشَ وَ یُثْنِی لَهَا الْوَسَائِدَ وَ مِنْهَا أَصَابَ الْحَدِیثَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ مَا تَرَكَ لَنَا حَقّاً عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا طَلَبَهُ قَتَلَ قَتَلَتَنَا وَ طَلَبَ بِدِمَائِنَا.

بیان: لیسمر من السمر و هو الحدیث باللیل و فی بعض النسخ لیستمر فهو إما افتعال أیضا من السمر أو بتشدید الراء أی كان دائما عندها و فی بعض النسخ

ص: 343


1- 1. راجع رجال الكشّیّ ص 115 و هكذا ما بعده الی ص 117.

لییتم و فی بعضها لیتم و الأول كأنه أصوب.

«10»- كش، [رجال الكشی] جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْعُبَیْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَتَبَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِی عُبَیْدٍ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ وَ بَعَثَ إِلَیْهِ بِهَدَایَا مِنَ الْعِرَاقِ فَلَمَّا وَقَفُوا عَلَی بَابِ عَلِیٍّ دَخَلَ الْآذِنُ یَسْتَأْذِنُ لَهُمْ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ رَسُولُهُ فَقَالَ أَمِیطُوا عَنْ بَابِی فَإِنِّی لَا أَقْبَلُ هَدَایَا الْكَذَّابِینَ وَ لَا أَقْرَأُ كُتُبَهُمْ فَمَحَوُا الْعِنْوَانَ وَ كَتَبُوا لِلْمَهْدِیِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ فَقَالَ

أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ اللَّهِ لَقَدْ كَتَبَ إِلَیْهِ بِكِتَابٍ مَا أَعْطَاهُ فِیهِ شَیْئاً إِنَّمَا كَتَبَ إِلَیْهِ یَا ابْنَ خَیْرِ مَنْ طَشَی وَ مَشَی فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ فَقُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَمَّا الْمَشْیُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ فَأَیُّ شَیْ ءٍ الطَّشْیُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْحَیَاةُ.

بیان: لم أجد الطشی فیما عندنا من كتب اللغة.

«11»- كش، [رجال الكشی] جَبْرَئِیلُ عَنِ الْعُبَیْدِیِّ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَزَوَّرٍ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: رَأَیْتُ الْمُخْتَارَ عَلَی فَخِذِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ هُوَ یَمْسَحُ رَأْسَهُ وَ یَقُولُ یَا كَیِّسُ یَا كَیِّسُ.

«12»- كش، [رجال الكشی] إِبْرَاهِیمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ ابْنِ عَمِیرَةَ عَنْ جَارُودِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا امْتَشَطَتْ فِینَا هَاشِمِیَّةٌ وَ لَا اخْتَضَبَتْ حَتَّی بَعَثَ إِلَیْنَا الْمُخْتَارُ بِرُءُوسِ الَّذِینَ قَتَلُوا الْحُسَیْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ.

«13»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عَلِیٍّ عَنْ خَالِدِ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ: أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام لَمَّا أُتِیَ بِرَأْسِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ رَأْسِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ خَرَّ سَاجِداً وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَدْرَكَ لِی ثَأْرِی مِنْ أَعْدَائِی وَ جَزَی الْمُخْتَارَ خَیْراً.

«13»- كش، [رجال الكشی] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ: أَنَّ الْمُخْتَارَ أَرْسَلَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بِعِشْرِینَ أَلْفَ دِینَارٍ فَقَبِلَهَا وَ بَنَی بِهَا دَارَ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ دَارَهُمُ الَّتِی هُدِمَتْ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَعَثَ إِلَیْهِ بِأَرْبَعِینَ أَلْفَ دِینَارٍ بَعْدَ مَا

ص: 344

أَظْهَرَ الْكَلَامَ الَّذِی أَظْهَرَهُ فَرَدَّهَا وَ لَمْ یَقْبَلْهَا وَ الْمُخْتَارُ هُوَ الَّذِی دَعَا النَّاسَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ سُمُّوا الْكَیْسَانِیَّةَ وَ هُمُ الْمُخْتَارِیَّةُ وَ كَانَ لَقَبُهُ كَیْسَانَ وَ لُقِّبَ بِكَیْسَانَ لِصَاحِبِ شُرَطِهِ الْمُكَنَّی أَبَا عَمْرَةَ وَ كَانَ اسْمُهُ كَیْسَانَ وَ قِیلَ إِنَّهُ سُمِّیَ كَیْسَانُ بِكَیْسَانَ مَوْلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ الَّذِی حَمَلَهُ عَلَی الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ دَلَّهُ عَلَی قَتَلَتِهِ وَ كَانَ صَاحِبَ سِرِّهِ وَ الْغَالِبَ عَلَی أَمْرِهِ وَ كَانَ لَا یَبْلُغُهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَعْدَاءِ الْحُسَیْنِ أَنَّهُ فِی دَارٍ أَوْ فِی مَوْضِعٍ إِلَّا قَصَدَهُ وَ هَدَمَ الدَّارَ بِأَسْرِهَا وَ قَتَلَ كُلَّ مَنْ فِیهَا مِنْ ذِی رُوحٍ وَ كُلُّ دَارٍ بِالْكُوفَةِ خَرَابٌ فَهِیَ مِمَّا هَدَمَهَا وَ أَهْلُ الْكُوفَةِ یَضْرِبُونَ بِهَا الْمَثَلَ فَإِذَا افْتَقَرَ إِنْسَانٌ قَالُوا دَخَلَ أَبُو عَمْرَةَ بَیْتَهُ حَتَّی قَالَ فِیهِ الشَّاعِرُ:

إِبْلِیسُ بِمَا فِیهِ خَیْرٌ مِنْ أَبِی عَمْرَةَ***یُغْوِیكَ وَ یُطْغِیكَ وَ لَا یُعْطِیكَ كِسْرَةً.

14- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی مَا زَالَ سِرُّنَا مَكْتُوماً حَتَّی صَارَ فِی یَدَیْ وُلْدِ كَیْسَانَ فَتَحَدَّثُوا بِهِ فِی الطَّرِیقِ وَ قُرَی السَّوَادِ(1).

بیان: قال الفیروزآبادی كیسان لقب المختار بن أبی عبید المنسوب إلیه الكیسانیة.

«15»- یب، [تهذیب الأحكام] مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی قَتَادَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أُمَیَّةَ بْنِ عَلِیٍّ الْقَیْسِیِّ عَنْ بَعْضِ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی یَجُوزُ النَّبِیُّ الصِّرَاطَ یَتْلُوهُ عَلِیٌّ وَ یَتْلُو عَلِیّاً الْحَسَنُ وَ یَتْلُو الْحَسَنَ الْحُسَیْنُ فَإِذَا تَوَسَّطُوهُ نَادَی الْمُخْتَارُ الْحُسَیْنَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّی طَلَبْتُ بِثَأْرِكَ فَیَقُولُ النَّبِیُّ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام أَجِبْهُ فَیَنْقَضُّ الْحُسَیْنُ فِی النَّارِ كَأَنَّهُ عُقَابٌ كَاسِرٌ فَیُخْرِجُ الْمُخْتَارَ حُمَمَةً وَ لَوْ شُقَّ عَنْ قَلْبِهِ لَوُجِدَ حُبُّهُمَا فِی قَلْبِهِ.

بیان: انقض الطائر هوی فی طیرانه و كسر الطائر أی ضم جناحیه حین

ص: 345


1- 1. الكافی ج 2 ص 223 باب الكتمان.

ینقض و الحمم بضم الحاء و فتح المیم الرماد و الفحم و كل ما احترق من النار قوله علیه السلام حبهما أی حب الشیخین الملعونین و قیل حب الحسنین صلوات اللّٰه علیهما فیكون تعلیلا لإخراجه كما أنه علی الأول تعلیل لدخوله و احتراقه و یدفعه ما مر من خبر سماعة(1)

و قیل المراد حب الرئاسة و المال و الأول هو الصواب.

«16»- وَ قَالَ الشَّیْخُ حَسَنُ بْنُ سُلَیْمَانَ فِی كِتَابِ الْمُحْتَضَرِ قِیلَ: بَعَثَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِی عُبَیْدٍ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَرِهَ أَنْ یَقْبَلَهَا مِنْهُ وَ خَافَ أَنْ یَرُدَّهَا فَتَرَكَهَا فِی بَیْتٍ فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ كَتَبَ إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ یُخْبِرُهُ بِهَا فَكَتَبَ إِلَیْهِ خُذْهَا طَیِّبَةً هَنِیئَةً فَكَانَ عَلِیٌّ یَلْعَنُ الْمُخْتَارَ وَ یَقُولُ كَذَبَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَیْنَا لِأَنَّ الْمُخْتَارَ كَانَ یَزْعُمُ أَنَّهُ یُوحَی إِلَیْهِ.

أقول: و لنورد هنا رسالة شرح الثأر الذی ألفه الشیخ الفاضل البارع جعفر بن محمد بن نما فإنها مشتملة علی جل أحوال المختار و من قتله من الأشرار علی وجه الاختصار لیشفی به صدور المؤمنین الأخیار و لیظهر منها بعض أحوال المختار و هی هذه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أما بعد حمد اللّٰه الذی جعل الحمد ثمنا لثوابه و نجاة یوم الوعید من عقابه و الصلاة علی محمد الذی شرفت الأماكن بذكره و عطرت المساكن برباء نشره (2)

و علی آله و أصحابه الذین عظم قدرهم بقدره و تابعوه فی نهیه و أمره فإنی لما صنفت كتاب المقتل الذی سمیته مثیر الأحزان و منیر سبل الأشجان و جمعت فیه من طرائف الأخبار و لطائف الآثار ما یربی علی الجوهر و النضار سألنی جماعة من الأصحاب أن أضیف إلیه عمل الثأر و أشرح قضیة المختار فتارة أقدم و أخری أحجم و مرة أجنح جنوح الشامس و آونة

ص: 346


1- 1. راجع ص 339 تحت الرقم 5 عن السرائر.
2- 2. النشر: الریح الطیبة، و الربا: الزیادة و النماء، و بالفتح: الفضل و الطول. و فی الأصل:« بریا نشره» فتحرر.

أنفر نفور العذراء من ید اللامس و أردهم عن عمله فرقا من التعرض لذكره و إظهار مخفی سره ثم كشفت قناع المراقبة فی إجابة سؤالهم و الانقیاد لمرامهم و أظهرت ما كان فی ضمیری و جعلت نشر فضیلته أنیسی و سمیری لأنه به خبت نار وجد سید المرسلین و قرة عین زین العابدین و ما زال السلف یتباعدون عن زیارته و یتقاعدون عن إظهار فضیلته تباعد الضب عن الماء و الفراقد من الحصباء و نسبوه إلی القول بإمامة محمد بن الحنفیة و رفضوا قبره و جعلوا قربهم إلی اللّٰه هجره مع قربه و إن قبته لكل من خرج من باب مسلم بن عقیل كالنجم اللامع و عدلوا من العلم إلی التقلید و نسوا ما فعل بأعداء المقتول الشهید و أنه جاهد فی اللّٰه حق الجهاد و بلغ من رضا زین العابدین غایة المراد و رفضوا منقبته التی رقت حواشیها و تفجرت ینابیع السعادة فیها. و كان محمد بن الحنفیة أكبر من زین العابدین سنا و یری تقدیمه علیه فرضا و دینا و لا یتحرك حركة إلا بما یهواه و لا ینطق إلا عن رضاه و یتأمر له تأمر الرعیة للوالی و یفضله تفضیل السید علی الخادم و الموالی و تقلد محمد رحمه اللّٰه أخذ الثأر إراحة لخاطره الشریف من تحمل الأثقال و الشد و الترحال و یدل علی ذلك

ما رویته عن أبی بجیر عالم الأهواز و كان یقول بإمامة ابن الحنفیة قال: حججت فلقیت إمامی و كنت یوما عنده فمر به غلام شاب فسلم علیه فقام فتلقاه و قبل ما بین عینیه و خاطبه بالسیادة و مضی الغلام و عاد محمد إلی مكانه فقلت له عند اللّٰه أحتسب عنای فقال و كیف ذاك قلت لأنا نعتقد أنك الإمام المفترض الطاعة تقوم تتلقی هذا الغلام و تقول له یا سیدی فقال نعم هو و اللّٰه إمامی فقلت و من هذا قال علی ابن أخی الحسین اعلم أنی نازعته الإمامة و نازعنی فقال لی أ ترضی بالحجر الأسود حكما بینی و بینك فقلت و كیف نحتكم إلی حجر جماد فقال إن إماما لا یكلمه الجماد فلیس بإمام فاستحییت من ذلك فقلت بینی و بینك الحجر الأسود فقصدنا الحجر و صلی و صلیت و تقدم إلیه و قال أسألك بالذی أودعك مواثیق العباد لتشهد لهم بالموافاة إلا أخبرتنا من الإمام منا

ص: 347

فنطق و اللّٰه الحجر و قال یا محمد سلم الأمر إلی ابن أخیك فهو أحق به منك و هو إمامك و تحلحل (1)

حتی ظننته یسقط فأذعنت بإمامته و دنت له بفرض طاعته.

قال أبو بجیر فانصرفت من عنده و قد دنت بإمامة علی بن الحسین علیهما السلام و تركت القول بالكیسانیة.

وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِیُّ یَخْدُمُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ دَهْراً وَ لَا یَشُكُّ أَنَّهُ الْإِمَامُ حَتَّی أَتَاهُ یَوْماً فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ لِی حُرْمَةً وَ مَوَدَّةً فَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا أَخْبَرْتَنِی أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَی خَلْقِهِ قَالَ یَا أَبَا خَالِدٍ لَقَدْ حَلَّفْتَنِی بِالْعَظِیمِ الْإِمَامُ عَلِیٌّ ابْنُ أَخِی عَلَیَّ وَ عَلَیْكَ وَ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو خَالِدٍ قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ جَاءَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ فَاسْتَأْذَنَ وَ دَخَلَ فَقَالَ لَهُ مَرْحَباً یَا كَنْكَرُ مَا كُنْتَ لَنَا بِزَائِرٍ مَا بَدَا لَكَ فِینَا فَخَرَّ أَبُو خَالِدٍ سَاجِداً شُكْراً لِمَا سَمِعَ مِنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُمِتْنِی حَتَّی عَرَفْتُ إِمَامِی قَالَ وَ

كَیْفَ عَرَفْتَ إِمَامَكَ یَا أَبَا خَالِدٍ قَالَ لِأَنَّكَ دَعَوْتَنِی بِاسْمِیَ الَّذِی لَا یَعْرِفُهُ سِوَی أُمِّی وَ كُنْتُ فِی عَمْیَاءَ مِنْ أَمْرِی وَ لَقَدْ خَدَمْتُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ عُمُراً- لَا أَشُكُّ أَنَّهُ إِمَامٌ حَتَّی أَقْسَمْتُ عَلَیْهِ فَأَرْشَدَنِی إِلَیْكَ فَقَالَ هُوَ الْإِمَامُ عَلَیَّ وَ عَلَیْكَ وَ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ ثُمَّ انْصَرَفَ وَ قَدْ قَالَ بِإِمَامَةِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام(2).

وَ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْخَوَارِجِ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ لِمَ غَرَّرَ بِكَ فِی الْحُرُوبِ وَ لَمْ یُغَرِّرْ(3) بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ قَالَ لِأَنَّهُمَا عَیْنَاهُ وَ أَنَا یَمِینُهُ فَهُوَ یَدْفَعُ بِیَمِینِهِ عَنْ عَیْنَیْهِ.

وَ رَوَی الْعَبَّاسُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِیُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمٌ مِنْ أَیَّامِ صِفِّینَ دَعَا عَلِیٌّ علیه السلام ابْنَهُ مُحَمَّداً فَقَالَ شُدَّ

ص: 348


1- 1. تحلحل عن مكانه: تحرك و تزحزح.
2- 2. روی الحدیث الكشّیّ فی رجاله ص 111 فراجع.
3- 3. یقال: غرر بنفسه و ماله: عرضهما للهلكة.

عَلَی الْمَیْمَنَةِ فَحَمَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ فَكَشَفَ مَیْمَنَةَ عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَ قَدْ جُرِحَ فَقَالَ لَهُ الْعَطَشَ فَقَامَ إِلَیْهِ علیه السلام فَسَقَاهُ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ ثُمَّ صَبَّ الْمَاءَ بَیْنَ دِرْعِهِ وَ جِلْدِهِ فَرَأَیْتُ عَلَقَ الدَّمِ یَخْرُجُ مِنْ حَلَقِ الدِّرْعِ ثُمَّ أَمْهَلَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ شُدَّ فِی الْمَیْسَرَةِ فَحَمَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَی مَیْسَرَةِ مُعَاوِیَةَ فَكَشَفَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ وَ بِهِ جِرَاحَةٌ وَ هُوَ یَقُولُ الْمَاءَ الْمَاءَ فَقَامَ إِلَیْهِ فَفَعَلَ مِثْلَ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ شُدَّ فِی الْقَلْبِ فَكَشَفَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ وَ قَدْ أَثْقَلَتْهُ الْجِرَاحَاتُ وَ هُوَ یَبْكِی فَقَامَ إِلَیْهِ فَقَبَّلَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ فِدَاكَ أَبُوكَ لَقَدْ سَرَرْتَنِی وَ اللَّهِ یَا بُنَیَّ فَمَا یُبْكِیكَ أَ فَرَحٌ أَمْ جَزَعٌ فَقَالَ كَیْفَ لَا أَبْكِی وَ قَدْ عَرَضْتَنِی لِلْمَوْتِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَلَّمَنِیَ اللَّهُ تَعَالَی وَ كُلَّمَا رَجَعْتُ إِلَیْكَ لِتُمْهِلَنِی فَمَا أَمْهَلْتَنِی وَ هَذَانِ أَخَوَایَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ مَا تَأْمُرُهُمَا بِشَیْ ءٍ فَقَبَّلَ علیه السلام رَأْسَهُ وَ قَالَ یَا بُنَیَّ أَنْتَ ابْنِی وَ هَذَانِ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ فَلَا أَصْوَنُهُمَا قَالَ بَلَی یَا أَبَاهْ جَعَلَنِی اللَّهُ فِدَاكَ وَ فِدَاهُمَا.

وَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ رَأْیَهُ فَكَیْفَ یَخْرُجُ عَنْ طَاعَتِهِ وَ یَعْدِلُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِمُخَالَفَتِهِ مَعَ عِلْمِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ أَنَّ زَیْنَ الْعَابِدِینَ وَلِیُّ الدَّمِ وَ صَاحِبُ الثَّأْرِ وَ الْمُطَالِبُ بِدِمَاءِ الْأَبْرَارِ فَنَهَضَ الْمُخْتَارُ نُهُوضَ الْمَلِكِ الْمُطَاعِ وَ مَدَّ إِلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ یَداً طَوِیلَةَ الْبَاعِ فَهَشَّمَ عِظَاماً تَغَذَّتْ بِالْفُجُورِ وَ قَطَعَ أَعْضَاءً نَشَأَتْ عَلَی الْخُمُورِ وَ حَازَ إِلَی فَضِیلَةٍ لَمْ یَرْقَ إِلَی شِعَافِ شَرَفِهَا عَرَبِیٌّ وَ لَا أَعْجَمِیٌّ وَ أَحْرَزَ مَنْقَبَةً لَمْ یَسْبِقْهُ إِلَیْهَا هَاشِمِیٌّ وَ كَانَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْتَرُ مُشَارِكاً لَهُ فِی هَذِهِ الْبَلْوَی وَ مُصَدِّقاً عَلَی الدَّعْوَی وَ لَمْ یَكُ إِبْرَاهِیمُ شَاكّاً فِی دِینِهِ وَ لَا ضَالًّا فِی اعْتِقَادِهِ وَ یَقِینِهِ وَ الْحُكْمُ فِیهِمَا وَاحِدٌ وَ أَنَا أَشْرَحُ بَوَارَ الْفُجَّارِ عَلَی یَدِ الْمُخْتَارِ مُعْتَمِداً قَانُونَ الِاخْتِصَارِ وَ سَمَّیْتُهُ ذَوْبَ النُّضَّارِ فِی شَرْحِ الثَّأْرِ وَ قَدْ وَضَعْتُهُ عَلَی أَرْبَعِ مَرَاتِبَ وَ اللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ الْمُكَافِی یَوْمَ الْحِسَابِ.

ص: 349

الْمَرْتَبَةُ الْأُولَی فِی ذِكْرِ نَسَبِهِ وَ طُرَفٍ مِنْ أَخْبَارِهِ

هُوَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِی عُبَیْدِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عُمَیْرٍ الثَّقَفِیُّ وَ قَالَ الْمَرْزُبَانِیُّ ابْنُ عُمَیْرِ بْنِ عُقْدَةَ بْنِ عَنْزَةَ كُنْیَتُهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَ كَانَ أَبُو عُبَیْدٍ وَالِدُهُ یَتَنَوَّقُ فِی طَلَبِ النِّسَاءِ فَذُكِرَ لَهُ نِسَاءُ قَوْمِهِ فَأَبَی أَنْ یَتَزَوَّجَ مِنْهُنَّ فَأَتَاهُ آتٍ فِی مَنَامِهِ فَقَالَ تَزَوَّجْ دُومَةَ الْحَسْنَاءَ الْحُومَةَ فَمَا تَسْمَعُ فِیهَا لِلَائِمٍ لَوْمَةً فَأَخْبَرَ أَهْلَهُ فَقَالُوا قَدْ أُمِرْتَ فَتَزَوَّجْ دُومَةَ بِنْتَ وَهْبِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُعَتِّبٍ فَلَمَّا حَمَلَتْ بِالْمُخْتَارِ قَالَتْ رَأَیْتُ فِی النَّوْمِ قَائِلًا یَقُولُ:

أَبْشِرِی بِالْوَلَدِ***أَشْبَهَ شَیْ ءٍ بِالْأَسَدِ

إِذَا الرِّجَالُ فِی كَبَدٍ***تَقَاتَلُوا عَلَی بَلَدٍ

كَانَ لَهُ الْحَظُّ الْأَشَّدُّ

فَلَمَّا وَضَعَتْ أَتَاهَا ذَلِكَ الْآتِی فَقَالَ لَهَا إِنَّهُ قَبْلَ أَنْ یَتَرَعْرَعَ وَ قَبْلَ أَنْ یَتَشَعْشَعَ قَلِیلُ الْهَلَعِ كَثِیرُ التَّبَعِ یُدَانُ بِمَا صَنَعَ وَ وَلَدَتْ لِأَبِی عُبَیْدٍ الْمُخْتَارَ وَ جَبْراً وَ أَبَا جَبْرٍ وَ أَبَا الْحَكَمِ وَ أَبَا أُمَیَّةَ وَ كَانَ مَوْلِدُهُ فِی عَامِ الْهِجْرَةِ وَ حَضَرَ مَعَ أَبِیهِ وَقْعَةَ قُسِّ النَّاطِفِ (1) وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ كَانَ یَتَفَلَّتُ لِلْقِتَالِ فَیَمْنَعُهُ سَعْدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَمُّهُ فَنَشَأَ مِقْدَاماً شُجَاعاً لَا یَتَّقِی شَیْئاً وَ تَعَاطَی مَعَالِیَ الْأُمُورِ وَ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَافِرٍ وَ جَوَابٍ حَاضِرٍ وَ خِلَالٍ مَأْثُورَةٍ وَ نَفْسٍ بِالسَّخَاءِ مَوْفُورَةٍ وَ فِطْرَةٍ تُدْرِكُ الْأَشْیَاءَ بِفَرَاسَتِهَا وَ هِمَّةٍ تَعْلُو عَلَی الْفَرَاقِدِ بِنَفَاسَتِهَا وَ حَدْسٍ مُصِیبٍ وَ كَفٍّ فِی الْحُرُوبِ مُجِیبٍ وَ مَارَسَ التَّجَارِبَ فَحَنَّكَتْهُ وَ لَابَسَ الْخُطُوبَ فَهَذَّبَتْهُ (2).

ص: 350


1- 1. قس الناطف: موضع قرب الكوفة، و به كان وقعة لهم علی الفرس راجع أیام العرب فی الإسلام للمیدانی بذیل مجمع الامثال ج 2 ص 445. و فی النسخ: قیس الناطف و هو تصحیف.
2- 2. سیأتی شرح غرائب الحدیث فی بیانه قدّس سرّه، و لا نذكره حذر التكرار فراجع.

وَ رُوِیَ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَیْتُ الْمُخْتَارَ عَلَی فَخِذِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَمْسَحُ رَأْسَهُ وَ یَقُولُ یَا كَیِّسُ یَا كَیِّسُ فَسُمِّیَ كَیْسَانَ.

وَ إِلَیْهِ عُزِیَ الْكَیْسَانِیَّةُ كَمَا عُزِیَ الْوَاقِفَةُ إِلَی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام وَ الْإِسْمَاعِیلِیَّةُ إِلَی أَخِیهِ إِسْمَاعِیلَ وَ غَیْرُهُمْ مِنَ الْفِرَقِ.

وَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسُبُّوا الْمُخْتَارَ فَإِنَّهُ قَتَلَ قَتَلَتَنَا وَ طَلَبَ ثَأْرَنَا وَ زَوَّجَ أَرَامِلَنَا وَ قَسَّمَ فِینَا الْمَالَ عَلَی الْعُسْرَةِ.

وَ رُوِیَ: أَنَّهُ دَخَلَ جَمَاعَةٌ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام وَ فِیهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِیكٍ قَالَ فَقَعَدْتُ بَیْنَ یَدَیْهِ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِمْ شَیْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَتَنَاوَلَ یَدَهُ لِیُقَبِّلَهَا فَمَنَعَهُ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا أَبُو الْحَكَمِ بْنُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِی عُبَیْدٍ الثَّقَفِیُّ وَ كَانَ مُتَبَاعِداً مِنْهُ علیه السلام فَمَدَّ یَدَهُ فَأَدْنَاهُ حَتَّی كَادَ یُقْعِدُهُ فِی حَجْرِهِ بَعْدَ مَنْعِهِ یَدَهُ فَقَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِی أَبِی وَ الْقَوْلُ وَ اللَّهِ قَوْلُكَ قَالَ وَ أَیَّ شَیْ ءٍ یَقُولُونَ؟ قَالَ یَقُولُونَ كَذَّابٌ وَ لَا تَأْمُرُنِی بِشَیْ ءٍ إِلَّا قَبِلْتُهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَخْبَرَنِی أَبِی أَنَّ مَهْرَ أُمِّی مِمَّا بَعَثَ بِهِ الْمُخْتَارُ إِلَیْهِ أَ وَ لَمْ یَبْنِ دُورَنَا وَ قَتَلَ قَاتِلَنَا وَ طَلَبَ بِثَأْرِنَا فَرَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ وَ كَرَّرَهَا ثَلَاثاً مَا تَرَكَ لَنَا حَقّاً عِنْدَ أَحَدٍ إِلَّا طَلَبَهُ.

وَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: كُنْتُ أَزُورُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فِی وَقْتِ الْحَجِّ فَأَتَیْتُهُ سَنَةً وَ إِذَا عَلَی فَخِذِهِ صَبِیٌّ فَقَامَ الصَّبِیُّ فَوَقَعَ عَلَی عَتَبَةِ الْبَابِ فَانْشَجَّ فَوَثَبَ إِلَیْهِ مُهَرْوِلًا فَجَعَلَ یُنَشِّفُ دَمَهُ وَ یَقُولُ إِنِّی أُعِیذُكَ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلُوبَ فِی الْكُنَاسَةِ قُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی وَ أَیُّ كُنَاسَةٍ قَالَ كُنَاسَةُ الْكُوفَةِ قُلْتُ وَ یَكُونُ ذَلِكَ قَالَ إِی وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَئِنْ عِشْتَ بَعْدِی لَتَرَیَنَّ هَذَا الْغُلَامَ فِی نَاحِیَةٍ مِنْ نَوَاحِی الْكُوفَةِ وَ هُوَ مَقْتُولٌ مَدْفُونٌ مَنْبُوشٌ مَسْحُوبٌ مَصْلُوبٌ فِی الْكُنَاسَةِ ثُمَّ یُنْزَلُ فَیُحْرَقُ وَ یُذْرَی فِی الْبَرِّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا اسْمُ هَذَا الْغُلَامِ فَقَالَ ابْنِی زَیْدٌ ثٌمَّ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ وَ قَالَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِیثِ ابْنِی هَذَا بَیْنَا أَنَا لَیْلَةً سَاجِدٌ وَ رَاكِعٌ ذَهَبَ بِیَ النَّوْمُ فَرَأَیْتُ كَأَنِّی فِی الْجَنَّةِ وَ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ قَدْ زَوَّجُونِی حَوْرَاءَ مِنْ حُورِ الْعِینِ فَوَاقَعْتُهَا وَ اغْتَسَلْتُ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی وَ وَلَّیْتُ هَتَفَ

ص: 351

بِی هَاتِفٌ لِیَهْنِئْكَ زَیْدٌ.

فَاسْتَیْقَظْتُ وَ تَطَهَّرْتُ وَ صَلَّیْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَدَقَّ الْبَابَ رَجُلٌ فَخَرَجْتُ إِلَیْهِ فَإِذَا مَعَهُ جَارِیَةٌ مَلْفُوفٌ كُمُّهَا عَلَی یَدِهِ مُخَمَّرَةٌ بِخِمَارٍ قُلْتُ حَاجَتُكَ قَالَ أُرِیدُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ قُلْتُ أَنَا هُوَ قَالَ أَنَا رَسُولُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِی عُبَیْدٍ الثَّقَفِیِّ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ وَقَعَتْ هَذِهِ الْجَارِیَةُ فِی نَاحِیَتِنَا فَاشْتَرَیْتُهَا بِسِتِّمِائَةِ دِینَارٍ وَ هَذِهِ سِتُّمِائَةِ دِینَارٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَی دَهْرِكَ وَ دَفَعَ إِلَیَّ كِتَاباً كَتَبْتُ جَوَابَهُ وَ قُلْتُ مَا اسْمُكِ قَالَتْ حَوْرَاءُ فَهَیَّئُوهَا لِی وَ بِتُّ بِهَا عَرُوساً فَعَلِقَتْ بِهَذَا الْغُلَامِ فَأَسْمَیْتُهُ زَیْداً وَ سَتَرَی مَا قُلْتُ لَكَ.

قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِیُّ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُ كُلَّ مَا ذَكَرَهُ علیه السلام فِی زَیْدٍ.

و روی عن عمر بن علی علیه السلام: أن المختار أرسل إلی علی بن الحسین عشرین ألف دینار فقبلها و بنی منها دار عقیل بن أبی طالب و دارهم التی هدمت. و كان المختار ذا مقول مشحوذ الغرار مأمون العثار إن نثر سجع و إن نطق برع ثابت الجنان مقدم الشجعان ما حدس إلا أصاب و لا تفرس قط خاب و لو لم یكن كذلك لما قام بأدوات المفاخر و رأس علی الأمراء و العساكر و ولی علی علیه السلام عمه علی المدائن عاملا و المختار معه فلما ولی المغیرة بن شعبة الكوفة من قبل معاویة رحل المختار إلی المدینة و كان یجالس محمد بن الحنفیة و یأخذ عنه الأحادیث فلما عاد إلی الكوفة ركب مع المغیرة یوما فمر بالسوق فقال المغیرة یا لها غارة و یا له جمعا إنی لأعلم كلمة لو نعق لها ناعق و لا ناعق لها لاتبعوه و لا سیما الأعاجم الذین إذا ألقی إلیهم الشی ء قبلوه فقال له المختار و ما هی یا عم قال یستأدون بآل محمد فأغضی علیها المختار و لم یزل ذلك فی نفسه ثم جعل یتكلم بفضل آل محمد و ینشر مناقب علی و الحسن و الحسین علیهم السلام و یسیر ذلك و یقول إنهم أحق بالأمر من كل أحد بعد رسول اللّٰه و یتوجع لهم مما نزل بهم ففی بعض الأیام لقیه معبد بن خالد الجدلی جدیلة قیس فقال له یا معبد إن أهل الكتب ذكروا أنهم یجدون رجلا من ثقیف یقتل الجبارین و ینصر

ص: 352

المظلومین و یأخذ بثأر المستضعفین و وصفوا صفته فلم یذكروا صفة فی الرجل إلا و هی فیّ غیر خصلتین أنه شابّ و قد جاوزت الستین و أنه ردیّ البصر و أنا أبصر من عقاب فقال معبد أما السنّ فإن ابن ستین و سبعین عند أهل ذلك الزمان شاب و أما بصرك فما تدری ما یحدث اللّٰه فیه لعله یكلّ قال عسی فلم یزل علی ذلك حتی مات معاویة و ولی یزید و وجه الحسین علیه السلام مسلم بن عقیل إلی الكوفة فأسكنه المختار داره و بایعه فلما قتل مسلم رحمه اللّٰه سعی بالمختار إلی عبید اللّٰه بن زیاد فأحضره و قال له یا ابن عبید أنت المبایع لأعدائنا فشهد له عمرو بن حریث أنه لم یفعل فقال عبید اللّٰه لو لا شهادة عمرو لقتلتك و شتمه و ضربه بقضیب فی یده فشتر عینه و حبسه و حبس أیضا عبد اللّٰه بن الحارث بن عبد المطلب و كان فی الحبس میثم التمار رحمه اللّٰه فطلب عبد اللّٰه حدیدة یزیل بها شعر بدنه و قال لا آمن ابن زیاد یقتلنی فأكون قد ألقیت ما علی من الشعر فقال المختار و اللّٰه لا یقتلك و لا یقتلنی و لا یأتی علیك إلا قلیل حتی تلی البصرة فقال میثم للمختار و أنت تخرج ثائرا بدم الحسین فتقتل هذا الذی یرید قتلنا و تطأ بقدمیك علی وجنتیه و لم یزل ذلك یتردد فی صدره حتی قتل الحسین علیه السلام كتب المختار إلی أخته صفیة بنت أبی عبید و كانت زوجة عبد اللّٰه بن عمر تسأله مكاتبة یزید بن معاویة فكتب إلیه فقال یزید نشفع أبا عبد الرحمن و كلمته هند بنت أبی سفیان فی عبد اللّٰه بن الحارث و هی خالته فكتب إلی عبید اللّٰه فأطلقهما بعد أن أجل المختار ثلاثة أیام لیخرج من الكوفة و إن تأخر عنها ضرب عنقه فخرج هاربا نحو الحجاز حتی إذا صار بواقصة لقی الصقعب بن زهیر الأزدی فقال یا أبا إسحاق ما لی أری عینك علی هذه الحال قال فعل بی ذلك عبید اللّٰه بن زیاد قتلنی اللّٰه إن لم أقتله و أقطع أعضاءه و لأقتلن بالحسین عدد الذین قتلوا بیحیی بن زكریا و هم سبعون ألفا ثم قال و الذی أنزل القرآن و بین الفرقان و شرع الأدیان و كره العصیان لأقتلن العصاة من أزد عمان و مذحج و همدان و نهد و خولان

ص: 353

و بكر و هزان و ثعل و نبهان و عبس و ذبیان و قبائل قیس عیلان غضبا لابن بنت نبی الرحمن نعم یا صقعب و حق السمیع العلیم العلی العظیم العدل الكریم العزیز الحكیم الرحمن الرحیم لأعركن عرك الأدیم بنی كندة و سلیم و الأشراف من تمیم ثم سار إلی مكة.

قال ابن العرق رأیت المختار اشتر العین فسألته فقال شترها ابن زیاد یا ابن العرق إن الفتنة أرعدت و أبرقت و كان قد أینعت و ألقت خطامها و خبطت و شمست و هی رافعة ذیلها و قائلة ویلها بدجلة و حولها.

فلم یزل علی ذلك حتی مات یزید یوم الخمیس لأربع عشرة لیلة خلت من شهر ربیع الأول سنة ثلاث و ستین و قیل سنة أربع و عمره علی الخلاف فیه ثمان و ثلاثون سنة و كان مدة خلافته سنتین و ثمانیة أشهر و خلف أحد عشر ولدا منهم أبو لیلی معاویة و بویع له بالشام و خلع نفسه و قد ذكرت حدیثه فی المقتل و أخوه خالد أمه بنت هاشم بن عتبة بن عبد الشمس تزوجها مروان بن الحكم بعد یزید و فیها قال الشاعر:

أسلمی أم خالد***رب ساع لقاعد

و فی تلك السنة بویع لعبد اللّٰه بن الزبیر بالحجاز و لمروان بن الحكم بالشام و لعبید اللّٰه بن زیاد بالبصرة.

و أما أهل العراق فإنهم وقعوا فی الحیرة و الأسف و الندم علی تركهم نصرة الحسین علیه السلام و كان عبید اللّٰه بن الحر بن المجمع بن حریم الجعفی من أشراف أهل الكوفة و كان قد مشی إلی الحسین و ندبه إلی الخروج معه فلم یفعل ثم تداخله الندم حتی كادت نفسه تفیض فقال:

فیا لك حسرة ما دمت حیا***تردد بین حلقی و التراقی

حسین حین یطلب بذل نصری***علی أهل الضلالة و النفاق

غداة یقول لی بالقصر قولا***أ تتركنا و تزمع بالفراق

و لو إنی أواسیه بنفسی***لنلت كرامة یوم التلاق

ص: 354

مع ابن المصطفی نفسی فداه***تولی ثم ودع بانطلاق

فلو فلق التلهف قلب حی***لهم الیوم قلبی بانقلاق

فقد فاز الأولی نصروا حسینا***و خاب الآخرون أولو النفاق (1)

و لم یكن فی العراق من یصلح للقتال و النجدة و البأس إلا قبائل العرب بالكوفة فأول من نهض سلیمان بن صرد الخزاعی و كانت له صحبة مع النبی صلی اللّٰه علیه و آله و مع علی علیه السلام و المسیب بن نجبة الفزاری و هو من كبار الشیعة و له صحبة مع علی علیه السلام و عبد اللّٰه بن سعد بن نفیل الأزدی و رفاعة بن شداد البجلی و عبد اللّٰه بن وأل التیمی من بنی تیم اللات بن ثعلبة و اجتمعوا فی دار سلیمان و معهم أناس من الشیعة فبدأ سلیمان بالكلام فحمد اللّٰه و أثنی علیه و قال أما بعد فقد ابتلینا بطول العمر و التعرض للفتن و نرغب إلی ربنا أن لا یجعلنا ممن یقول له أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما یَتَذَكَّرُ فِیهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ النَّذِیرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِینَ مِنْ نَصِیرٍ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الْعُمُرُ الَّذِی أَعْذَرَ اللَّهُ فِیهِ ابْنَ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً و لیس فینا إلا من قد بلغها و كنا مغرمین بتزكیة أنفسنا و مدح شیعتنا حتی بلی اللّٰه خیارنا فوجدنا كذابین فی نصر ابن بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه وآله و لا عذر دون أن تقتلوا قاتلیه فعسی ربنا أن یعفو عنا.

قال رفاعة بن شداد قد هداك اللّٰه لأصوب القول و دعوت إلی أرشد الأمور جهاد الفاسقین و إلی التوبة من الذنب فمسموع منك مستجاب لك مقبول قولك فإن رأیتم ولینا هذا الأمر شیخ الشیعة صاحب رسول اللّٰه سلیمان بن صرد.

فقال المسیب بن نجبة أصبتم و وفقتم و أنا أری الذی رأیتم فاستعدوا للحرب.

و كتب سلیمان كتابا إلی من كان بالمدائن من الشیعة من أهل الكوفة و حمله مع عبد اللّٰه بن مالك الطائی إلی سعد بن حذیفة بن الیمان یدعوهم إلی أخذ الثأر فلما وقفوا علی الكتاب قالوا رأینا مثل رأیهم و كتب سعد بن حذیفة الجواب بذلك.

ص: 355


1- 1. فی الأصل: الی النفاق، و هو تصحیف، و فی مقتل الخوارزمی ج 1 ص 228: ذوو النفاق.

و كتب سلیمان إلی المثنی بن مخرمة العبدی كتابا و بعثه مع ظبیان بن عمارة التمیمی من بنی سعد فكتب المثنی الجواب أما بعد فقد قرأت كتابك و أقرأته إخوانك فحمدوا رأیك و استجابوا لك فنحن موافوك إن شاء اللّٰه للأجل الذی ضربت و السلام علیك و كتب فی أسفل كتابه:

تبصر كأنی قد أتیتك معلما***علی أبلغ الهادی أجش هزیم

طویل القرا نهد أشق مقلص***ملح علی قارئ اللجام رءوم

بكل فتی لا یملأ الدرع نحره***محش لنار الحرب غیر سؤم

أخی ثقة یبغی الإله بسعیه***ضروب بنصل السیف غیر أثیم.

و ذكر محمد بن جریر الطبری فی تاریخه أن أول ما ابتدأ به الشیعة من أمرهم سنة إحدی و ستین و هی السنة التی قتل فیها الحسین فما زالوا فی جمع آلة الحرب و الاستعداد للقتال و دعاء الشیعة بعضهم لبعض فی السر للطلب بدم الحسین علیه السلام حتی مات یزید بن معاویة و كان بین مقتل الحسین علیه السلام و هلاك یزید ثلاث سنین و شهران و أربعة أیام و كان أمیر العراق عبید اللّٰه و خلیفته بالكوفة عمرو بن حریث المخزومی و كان عبد اللّٰه بن الزبیر قبل موت یزید یدعو الناس إلی طلب ثأر الحسین و أصحابه و یغریهم بیزید و یوثبهم علیه فلما مات یزید أعرض عن ذلك القول و بان أنه یطلب الملك لنفسه لا للثأر.

و ذكر المدائنی عن رجاله أن المختار لما قدم علی عبد اللّٰه بن الزبیر لم یر عنده ما یرید فقال:

ذو مخاریق و ذو مندوحة***و ركابی حیث وجهت ذلل

لا تبیتن منزلا تكرهه***و إذا زلت بك النعل فزل

فخرج المختار من مكة متوجها إلی الكوفة فلقیه هانئ بن أبی حیة الوداعی فسأله عن أهلها فقال لو كان لهم رجل یجمعهم علی شی ء واحد لأكل الأرض بهم فقال المختار أنا و اللّٰه أجمعهم علی الحق و ألقی بهم ركبان الباطل و أقتل بهم كل جبار عنید إن شاء اللّٰه و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثم سأله المختار عن سلیمان

ص: 356

بن صرد هل توجه لقتال المحلین قال لا و لكنهم عازمون علی ذلك ثم سار المختار حتی انتهی إلی نهر الحیرة و هو یوم الجمعة فنزل و اغتسل و لبس ثیابه و تقلد سیفه و ركب فرسه و دخل الكوفة نهارا لا یمر علی مسجد القبائل و مجالس القوم و مجتمع المحال إلا وقف و سلم و قال أبشروا بالفرج فقد جئتكم بما تحبون و أنا المسلط علی الفاسقین و الطالب بدم أهل بیت نبی رب العالمین.

ثم دخل الجامع و صلی فیه فرأی الناس ینظرون إلیه و یقول بعضهم لبعض هذا المختار ما قدم إلا لأمر و نرجو به الفرج و خرج من الجامع و نزل داره و یعرف قدیما بسالم بن المسیب ثم بعث إلی وجوه الشیعة و عرفهم أنه جاء من محمد بن الحنفیة للطلب بدماء أهل البیت و هذا أمر لكم فیه الشفاء و قتل الأعداء فقالوا أنت موضع ذلك و أهله غیر أن الناس قد بایعوا سلیمان بن صرد الخزاعی فهو شیخ الشیعة الیوم فلا تعجل فی أمرك فسكت المختار و أقام ینتظر ما یكون من أمر سلیمان و الشیعة حینئذ یریدون أمرهم سرا خوفا من عبد الملك بن مروان و من عبد اللّٰه بن الزبیر و كان خوف الشیعة من أهل الكوفة أكثر لأن أكثرهم قتلة الحسین علیه السلام و صار المختار یفخذ الناس عن سلیمان بن صرد و یدعوهم إلی نفسه فأول من بایعه و ضرب علی یده عبید بن عمر و إسماعیل بن كثیر فقال عمر بن سعد و شبث بن ربعی لأهل الكوفة إن المختار أشد علیكم لأن سلیمان إنما خرج یقاتل عدوكم و المختار إنما یرید أن یثب علیكم فسیروا إلیه و أوثقوه بالحدید و خلدوه السجن فما شعر حتی أحاطوا بداره و استخرجوه فقال إبراهیم بن محمد بن طلحة لعبد اللّٰه بن یزید أوثقه كتافا و مشه حافیا فقال له لم أفعل هذا برجل لم یظهر لنا عداوة و لا حربا إنما أخذناه علی الظن فأتی ببغلة له دهماء فركبها و أدخلوه السجن قال یحیی بن أبی عیسی دخلت مع حمید بن مسلم الأزدی إلی المختار فسمعته یقول أما و رب البحار و النخل و الأشجار و المهامة القفار و الملائكة الأبرار و المصطفین الأخیار لأقتلن كل جبار بكل لدن خطار و مهند بتار فی

ص: 357

جموع من الأنصار لیسوا بمیل و لا أغمار و لا بعزل أشرار حتی إذا أقمت عمود الدین و رأیت صدع المسلمین و أدركت ثأر النبیین لم یكبر علی زوال الدنیا و لم أحفل بالموت إذ أتی.

المرتبة الثانیة فی ذكر رجال سلیمان بن صرد و خروجه و مقتله.

لما أراد النهوض بعسكره من النخیلة و هی العباسیة مستهل شهر ربیع الآخر سنة خمس و ستین و هی السنة التی أمر مروان بن الحكم أهل الشام بالبیعة من بعده لابنیه عبد الملك و عبد العزیز و جعلهما ولیی عهده و فیها مات مروان بدمشق مستهل شهر رمضان و كان عمره إحدی و ثمانین سنة و كانت خلافته تسعة أشهر و كان عبید اللّٰه بالعراق فسار حتی نزل الجزیرة فأتاه الخبر بموت مروان و خرج سلیمان بن صرد لیرحل فرأی عسكره فاستقله فبعث حكیم بن منقذ الكندی و الولید بن حصین الكنانی فی جماعة و أمرهما بالنداء فی الكوفة یا آل ثأرات الحسین علیه السلام.

فسمع النداء رجل من كثیر من الأزد و هو عبد اللّٰه بن حازم و عنده ابنته و امرأته سهلة بن سبرة و كانت من أجمل النساء و أحبهم إلیه و لم یكن دخل فی القوم فوثب إلی ثیابه فلبسها و إلی سلاحه و فرسه قالت له زوجته ویحك أ جننت قال لا و لكنی

سمعت داعی اللّٰه عز و جل فأنا مجیبه و طالب بدم هذا الرجل حتی أموت فقالت إلی من تودع بیتك هذا قال إلی اللّٰه اللّٰهم إنی أستودعك ولدی و أهلی اللّٰهم احفظنی فیهم و تب علی مما فرطت فی نصرة ابن بنت نبیك.

ثم نادوا یا لثأرات الحسین فی الجامع و الناس یصلون العشاء الآخرة فخرج جمع كثیر إلی سلیمان و كان معه ستة عشر ألفا مثبتة فی دیوانه فلم یصف منهم سوی أربعة آلاف و عزم علی المسیر إلی الشام لمحاربة عبید اللّٰه بن زیاد فقال

ص: 358

له عبد اللّٰه بن سعد إن قتلة الحسین كلهم بالكوفة منهم عمر بن سعد و رءوس الأرباع و أشراف القبائل و لیس بالشام سوی عبید اللّٰه بن زیاد فلم یوافق إلا علی المسیر.

فخرج عشیة الجمعة لخمس مضین من شهر ربیع الآخر كما ذكرنا فباتوا بدیر الأعور ثم سار فنزل علی أقساس بنی مالك علی شاطئ الفرات ثم أصبحوا عند قبر الحسین علیه السلام فأقاموا یوما و لیلة یصلون و یستغفرون ثم ضجوا ضجة واحدة بالبكاء و العویل فلم یر یوم أكثر بكاء فیه و ازدحموا عند الوداع علی قبره كالزحام علی الحجر الأسود و قام فی تلك الحال وهب بن زمعة الجعفی باكیا علی القبر و أنشد أبیات عبید اللّٰه بن الحر الجعفی:

تبیت النشاوی من أمیة نوما***و بالطف قتلی ما ینام حمیمها

و ما ضیع الإسلام إلا قبیلة***تأمر نوكاها و دام نعیمها

و أضحت قناة الدین فی كف ظالم***إذا اعوج منها جانب لا یقیمها

فأقسمت لا تنفك نفسی حزینة***و عینی تبكی لا یجف سجومها

حیاتی أو تلقی أمیة خزیه***یذل لها حتی الممات قرومها.

و كان مع الناس عبد اللّٰه بن عوف الأحمر علی فرس كمیت یتأكل تأكلا(1) و هو یقول:

خرجن یلمعن بنا أرسالا***عوابسا قد تحمل الأبطالا

نرید أن نلقی بها الأقیالا***الفاسقین الغدر الضلالا

و قد رفضنا الأهل و الأموالا***و الخفرات البیض و الحجالا(2)

نرجو به التحفة و النوالا***لنرضی المهیمن المفضالا

فساروا حتی أتوا هیت ثم خرجوا حتی انتهوا إلی قرقیسا و بلغهم أن

ص: 359


1- 1. أی یأكل نفسه من الغضب و الحرقة و التوهج و القیاس أن یقال یأتكل كما قال الاعشی: أبلغ یزید بنی شیبان مألكة***أبا ثبیت أ ما تنفك تأتكل.
2- 2. جمع حجلة بیت العروس یزین بالثیاب و الاسرة و الستور.

أهل الشام فی عدد كثیر فساروا سیرا مغذا حتی وردوا عین الوردة عن یوم و لیلة ثم قام سلیمان بن صرد فوعظهم و ذكرهم الدار الآخرة و قال إن قتلت فأمیركم المسیب بن نجبة فإن أصیب المسیب فالأمیر عبد اللّٰه بن سعید بن نفیل فإن أصیب فأخوه خالد بن سعد فإن قتل خالد فالأمیر عبد اللّٰه بن وأل فإن قتل ابن وأل فأمیركم رفاعة بن شداد.

ثم بعث سلیمان المسیب بن نجبة فی أربعة آلاف فارس رائدا و أن یشن علیهم الغارة قال حمید بن مسلم كنت معهم فسرنا یومنا كله و لیلتنا حتی إذا كان السحر نزلنا و هومنا(1) ثم ركبنا و قد صلینا الصبح ففرق العسكر و بقی معه مائة فارس فلقی أعرابیا فقال كم بیننا و بین أدنی القوم فقال میل أقول و المیل أربعة آلاف ذراع و كل ثلاثة أمیال فرسخ. و هذا عسكر شراحیل بن ذی الكلاع (2) من قبل عبید اللّٰه معه أربعة آلاف و من ورائهم الحصین بن نمیر السكونی فی أربعة آلاف و من ورائهم الصلت بن ناجیة الغلابی فی أربعة آلاف و جمهور العسكر مع عبید اللّٰه بن زیاد بالرقة.

فساروا حتی أشرفوا علی عسكر الشام فقال المسیب لأصحابه كروا علیهم فحمل عسكر العراق فانهزموا فقتل منهم خلق كثیر و غنموا منهم غنیمة عظیمة و أمرهم المسیب بالعود فرجعوا إلی سلیمان بن صرد و وصل الخبر إلی عبید اللّٰه فسرح إلیهم الحصین بن نمیر و أتبعه بالعساكر حتی نزل فی عشرین ألفا و عسكر العراق یومئذ ثلاثة آلاف و مائة لا غیر.

ثم تهیأ العساكر للحرب فكان علی میمنة أهل الشام عبد اللّٰه بن الضحاك بن قیس الفهری و علی میسرتهم مخارق بن ربیعة الغنوی و علی الجناح شراحیل بن ذی الكلاع الحمیری و فی القلب الحصین بن نمیر السكونی ثم جعل أهل العراق علی میمنتهم المسیب بن نجبة الفزاری و علی میسرتهم عبد اللّٰه بن سعد بن

ص: 360


1- 1. التهویم: النوم القلیل شبه النعاس.
2- 2. و یقال: شرحبیل أیضا راجع الاستیعاب و الإصابة ترجمة ذی الكلاع.

نفیل الأزدی و علی الجناح رفاعة بن شداد البجلی و علی القلب الأمیر سلیمان بن صرد الخزاعی و وقف العسكر فنادی أهل الشام ادخلوا فی طاعة عبد الملك بن مروان و نادی أهل العراق سلموا إلینا عبید اللّٰه بن زیاد و أن یخرج الناس من طاعة عبد الملك و آل الزبیر و یسلم الأمر إلی أهل بیت نبینا فأبی الفریقان و حمل بعضهم علی بعض و جعل سلیمان بن صرد یحرضهم علی القتال و یبشرهم بكرامة اللّٰه ثم كسر جفن سیفه و تقدم نحو أهل الشام و هو یقول:

إلیك ربی تبت من ذنوبی***و قد علانی فی الوری مشیبی

فارحم عبیدا عرما تكذیب***و اغفر ذنوبی سیدی و حوبی

قال حمید بن مسلم حملت میمنتنا علی میسرتهم و حملت میسرتنا علی میمنتهم و حمل سلیمان فی القلب فهزمناهم و ظفرنا بهم و حجز اللیل بیننا و بینهم ثم قاتلناهم فی الغد و بعده حتی مضت ثلاثة أیام ثم أمرهم الحصین بن نمیر لأهل الشام برمی النبل فأتت السهام كالشرار المتطائر فقتل سلیمان بن صرد رحمه اللّٰه فلقد بذل فی أهل الثأر مهجته و أخلص لله توبته و قد قلت هذین البیتین حیث مات مبرأ من العتب و الشین.

قضی سلیمان نحبه فغدا***إلی جنان و رحمة البارئ

مضی حمیدا فی بذل مهجته***و أخذه للحسین بالثأر

ثم أخذ الرایة المسیب بن نجبة فقاتل قتالا خرت له الأذقان و أثر فی ذلك الجیش الجم الطعان ثلاث مرات و كان من أعظم الشجعان قتالا و أكرهم علی الأعداء نكالا و هو یقول:

قد علمت میالة الذوائب***واضحة الخدین و الترائب

إنی غداة الروع و التغالب***أشجع من ذی لبدة مواثب

قصاع أقران مخوف الجانب.

فلم یزل یكر علیهم فیفرون بین یدیه حتی تكاثروا فقتلوه.

ثم أخذ الرایة عبد اللّٰه بن سعد بن نفیل ثم حمل علی القوم و طعن و هو یقول

ص: 361

ارحم إلهی عبدك التوابا***و لا تؤاخذه فقد أنابا

و فارق الأهلین و الأحبابا***یرجو بذاك الفوز و الثوابا

فلم یزل یقاتل حتی قتل.

ثم تقدم أخوه خالد بن سعد بالرایة و حرضهم علی القتال و رغبهم فی حمید المآل فقاتل أشد قتال و نكل بهم أی نكال حتی قتل.

و تقدم عبد اللّٰه بن وأل فأخذ الرایة و قاتل حتی قطعت یده الیسری ثم استند إلی أصحابه و یده تشخب دما ثم كر علیهم و هو یقول:

نفسی فداكم اذكروا المیثاقا***و صابروهم و احذروا النفاقا

لا كوفة نبغی و لا عراقا***لا بل نرید الموت و العتاقا

و قاتل حتی قتل فبینما هم كذلك إذ جاءتهم النجدة مع المثنی بن مخرمة العبدی من البصرة و من المدائن مع كثیر بن عمرو الحنفی فاشتدت قلوب أهل العراق بهم و اجتمعوا و كبروا و اشتد القتال فتقدم رفاعة بن شداد نحو صفوف الشام و هو یرتجز و یقول:

یا رب إنی تائب إلیكا***قد اتكلت سیدی علیكا

قدما أرجی الخیر من یدیكا***فاجعل ثوابی أملی إلیكا.

قال عبد اللّٰه بن عوف الأزدی و اشتد القتال حتی بان فی أهل العراق الضعف و القلة و تحدثوا فی ترك القتال فبعضهم یوافق و بعضهم یقول إن ولینا ركبنا السیف فلا نمشی فرسخا حتی لا یبقی منا واحد و إنما نقاتل حتی یأتی اللیل و نمضی ثم تقدم عبد اللّٰه بن عوف إلی الرایة فرفعها و اقتتلوا أشد قتال فقتل جماعة من أهل العراق و انفلت الجموع و افترق الناس و عاد العسكر حتی وصلوا قرقیسا من جانب البر و جاء سعد بن حذیفة إلی هیت فلقیه الأعراب فأخبروه بما لقی الناس ثم عاد أهل المدائن و أهل البصرة و أهل الكوفة إلی بلادهم و المختار محبوس و كان یقول لأصحابه عدوا لغارتكم هذا أكثر من عشر و دون الشهر ثم یجیئكم نبأ هتر من طعن بتر و ضرب هبر و قتل جم و أمر هم

ص: 362

فمن لها أنا لها لا تكذبن أنا لها و كان المختار یأخذ أفعاله بالرجز و الفراسة و الخدع و حسن السیاسة.

قال المرزبانی فی كتاب الشعراء كان له غلام اسمه جبرئیل و كان یقول قال لی جبرئیل و قلت لجبرئیل فیتوهم الأعراب و أهل البوادی أنه جبرئیل علیه السلام فاستحوذ علیهم بذلك حتی انتظمت له الأمور و قام بإعزاز الدین و نصره و كسر الباطل و قصره.

و لما قدم أصحاب سلیمان بن صرد من الشام كتب إلیهم المختار من الحبس أما بعد فإن اللّٰه أعظم لكم الأجر و حط عنكم الوزر بمفارقة القاسطین و جهاد المحلین إنكم لن تنفقوا نفقة و لم تقطعوا عقبة و لم تخطوا خطوة إلا رفع اللّٰه لكم بها درجة و كتب لكم حسنة فأبشروا فإنی لو خرجت إلیكم جردت فیما بین المشرق و المغرب من عدوكم بالسیف بإذن اللّٰه فجعلتهم ركاما و قتلتهم فذا و توأما فرحب اللّٰه لمن قارب و اهتدی و لا یبعد اللّٰه إلا من عصی و أبی و السلام یا أهل الهدی.

فلما جاء كتابه وقف علیه جماعة من رؤساء القبائل و أعادوا الجواب قرأنا كتابك و نحن حیث یسرك فإن شئت أن نأتیك حتی نخرجك من الحبس فعلنا فأخبره الرسول فسر باجتماع الشیعة له و قال لا تفعلوا هذا فإنی أخرج فی أیامی هذه و كان المختار قد بعث إلی عبد اللّٰه بن عمر بن الخطاب أما بعد فإنی حبست مظلوما و ظن بی الولاة ظنونا كاذبة فاكتب فی رحمك اللّٰه إلی هذین الظالمین و هما عبد اللّٰه بن یزید و إبراهیم بن محمد كتابا عسی اللّٰه أن یخلصنی من أیدیهما بلطفك و منك و السلام علیك.

فكتب إلیهما ابن عمر أما بعد فقد علمتما الذی بینی و بین المختار من الصهر و الذی بینی و بینكما من الود فأقسمت علیكما لما خلیتما سبیله حین تنظران فی كتابی هذا و السلام علیكما و رحمة اللّٰه و بركاته فلما قرأ الكتاب طلبا من المختار كفلاء فأتاه جماعة من أشراف الكوفة فاختارا منهم عشرة ضمنوه و حلفاه أن

ص: 363

لا یخرج علیهما فإن هو خرج فعلیه ألف بدنة ینحرها لدی رتاج الكعبة و ممالیكه كلهم أحرار فخرج و جاء داره.

قال حمید بن مسلم سمعت المختار یقول قاتلهم اللّٰه ما أجهلهم و أحمقهم حیث یرون أنی أفی لهم بأیمانهم هذه أما حلفی باللّٰه فإنه ینبغی إذا حلفت یمینا و رأیت ما هو أولی منها أن أتركها و أعمل الأولی و أكفر عن یمینی و خروجی خیر من كفی عنهم و أما هدی ألف بدنة فهو أهون علی من بصقة و ما یهولنی ثمن ألف بدنة و أما عتق ممالیكی فو اللّٰه لوددت أنه استتب لی أمری من أخذ الثأر ثم لم أملك مملوكا أبدا.

و لما استقر فی داره اختلفت الشیعة إلیه و اجتمعت علیه و اتفقوا علی الرضا به و كان قد بویع له و هو فی السجن و لم یزل یكثرون و أمرهم یقوی و یشتد حتی عزل عبد اللّٰه بن الزبیر الوالیین من قبله و هما عبد اللّٰه بن زید و إبراهیم بن محمد بن طلحة المذكورین و بعث عبد اللّٰه بن مطیع والیا علی الكوفة و الحارث بن عبد اللّٰه بن أبی ربیعة علی البصرة فدخل ابن مطیع إلیها و بعث المختار إلی أصحابه فجمعهم فی الدور حوله و أراد أن یثب علی أهل الكوفة.

فجاء رجل من أصحابه من شبام عظیم الشرف و هو عبد الرحمن بن شریح فلقی جماعة منهم سعد بن منقذ و سعر بن أبی سعر الحنفی و الأسود الكندی و قدامة بن مالك الجشمی و قد اجتمعوا فقالوا له إن المختار یرید الخروج بنا للأخذ بالثأر و قد بایعناه و لا نعلم أرسله إلینا محمد بن الحنفیة أم لا فانهضوا بنا إلیه نخبره بما قدم به علینا فإن رخص لنا ابتعناه و إن نهانا تركناه فخرجوا و جاءوا إلی ابن الحنفیة فسألهم عن الناس فخبروه و قالوا لنا إلیك حاجة قال سر أم علانیة قلنا بل سر قال رویدا إذن ثم مكث قلیلا و تنحی و دعانا فبدأ عبد الرحمن بن شریح بحمد اللّٰه و الثناء و قال أما بعد فإنكم أهل بیت خصكم اللّٰه بالفضیلة و شرفكم

بالنبوة و عظم حقكم علی هذه الأمة و قد أصبتم بحسین مصیبة عمت المسلمین و قد قدم المختار یزعم أنه جاء من قبلكم و قد دعانا

ص: 364

إلی كتاب اللّٰه و سنة نبیه و الطلب بدماء أهل البیت فبایعناه علی ذلك فإن أمرتنا باتباعه اتبعناه و إن نهیتنا اجتنبناه.

فلما سمع كلامه و كلام غیره حمد اللّٰه و أثنی علیه و صلی علی النبی و قال أما ما ذكرتم مما خصنا اللّٰه فإن الفضل لله یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ و أما مصیبتنا بالحسین فذلك فی الذكر الحكیم و أما الطلب بدمائنا.

قال جعفر بن نما مصنف هذا الكتاب فقد رویت عن والدی رحمة اللّٰه علیه أنه قال لهم قوموا بنا إلی إمامی و إمامكم علی بن الحسین فلما دخل و دخلوا علیه أخبر خبرهم الذی جاءوا لأجله قال یا عم لو أن عبدا زنجیا تعصب لنا أهل البیت لوجب علی الناس موازرته و قد ولیتك هذا الأمر فاصنع ما شئت فخرجوا و قد سمعوا كلامه و هم یقولون أذن لنا زین العابدین علیه السلام و محمد بن الحنفیة.

و كان المختار علم بخروجهم إلی محمد بن الحنفیة و كان یرید النهوض بجماعة الشیعة قبل قدومهم فلما تهیأ ذلك له و كان یقول إن نفیرا منكم تحیروا و ارتابوا فإن هم أصابوا أقبلوا و أنابوا و إن هم كبوا و هابوا و اعترضوا و انجابوا فقد خسروا و خابوا فدخل القادمون من عند محمد بن الحنفیة فقال ما وراءكم فقد فتنتم و ارتبتم فقالوا قد أمرنا بنصرتك فقال أنا أبو إسحاق اجمعوا إلی الشیعة فجمع من كان قریبا فقال یا معشر الشیعة إن نفرا أحبوا أن یعلموا مصداق ما جئت به فخرجوا إلی إمام الهدی و النجیب المرتضی و ابن المصطفی المجتبی یعنی زین العابدین علیه السلام فعرفهم أنی ظهیره و رسوله و أمركم باتباعی و طاعتی و قال كلاما یرغبهم إلی الطاعة و الاستنفار معه و أن یعلم الحاضر الغائب.

و عرفه قوم أن جماعة من أشراف الكوفة مجتمعون علی قتالك مع ابن مطیع و متی جاء معنا إبراهیم بن الأشتر رجونا بإذن اللّٰه تعالی القوة علی عدونا فله عشیرة فقال القوه و عرفوا الإذن لنا فی الطلب بدم الحسین و أهل بیته فعرفوه فقال قد أجبتكم علی أن تولونی الأمر فقالوا له أنت أهل و لكن لیس

ص: 365

إلیه سبیل هذا المختار قد جاءنا من قبل إمام الهدی و من نائبه محمد بن الحنفیة و هو المأذون له فی القتال فلم یجب فانصرفوا و عرفوه المختار.

فبقی ثلاثا ثم إنه دعا جماعة من وجوه أصحابه قال عامر الشعبی و أنا و أبی فیهم فسار المختار و هو أمامنا یقد بنا بیوت الكوفة لا یدری أین یرید حتی وقف علی باب إبراهیم فأذن له و ألقیت الوسائد فجلسنا علیها و جلس المختار معه علی فراشه و قال هذا كتاب محمد بن أمیر المؤمنین علیه السلام یأمرك أن تنصرنا فإن فعلت اغتبطت و إن امتنعت فهذا الكتاب حجة علیك و سیغنی اللّٰه محمدا و أهل بیته عنك و كان المختار قد سلم الكتاب إلی الشعبی فلما تم كلامه قال ارفع الكتاب إلیه ففض ختمه و هو كتاب

طویل فیه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ من محمد المهدی إلی إبراهیم بن الأشتر سلام علیك قد بعثت إلیك المختار و من ارتضیته لنفسی و قد أمرته بقتال عدوی و الطلب بدماء أهل بیتی فامض معه بنفسك و عشیرتك و تمام الكتاب بما یرغب إبراهیم فی ذلك.

فلما قرأ الكتاب قال ما زال یكتب إلی اسمه و اسم أبیه فما باله و یقول فی هذا الكتاب المهدی قال المختار ذاك زمان قال إبراهیم من یعلم أن هذا كتاب ابن الحنفیة إلی قال یزید بن أنس و أحمر بن سقیط و عبد اللّٰه بن كامل و غیرهم نحن نعلم و نشهد أنه كتاب محمد إلیك قال الشعبی إلا أنا و أبی لا نعلم فعند ذلك تأخر إبراهیم عن صدر الفراش و أجلس المختار علیه و قال ابسط یدك فبسط یده فبایعه و دعا بفاكهة و شراب من عسل فأصبنا منه فأخرجنا معنا إبراهیم إلی أن دخل المختار داره.

فلما رجع أخذ بیدی و قال یا شعبی علمت أنك لا تشهد و لا أبوك أ فتری هؤلاء شهدوا علی حق قلت شهدوا علی ما رأیت و فیهم سادة القراء و مشیخة المصر و فرسان العرب و ما یقول مثل هؤلاء إلا حقا.

و كان إبراهیم رحمه اللّٰه ظاهر الشجاعة واری زناد الشهامة نافذ حد الصرامة

ص: 366

مشمرا فی محبة أهل البیت عن ساقیه متلقیا رایة النصح لهم بكلتا یدیه فجمع عشیرته و إخوانه و أهل مودته و أعوانه و كان یتردد بهم إلی المختار عامة اللیل و معه حمید بن مسلم الأزدی حتی تصوب النجوم و تنقض الرجوم و أجمع رأیهم أن یخرجوا یوم الخمیس لأربع عشرة لیلة خلت من شهر ربیع الآخر سنة ست و ستین و كان إیاس بن مضارب صاحب شرطة عبد اللّٰه بن مطیع أمیر الكوفة فقال له إن المختار خارج علیك لا محالة فخذ حذرك ثم خرج إیاس مع الحرس و بعث ولده راشدا إلی الكناسة و جاء هو إلی السوق و أنفذ ابن مطیع إلی الجبانات من شحنها بالرجال یحرسها من أهل الریبة و خرج إبراهیم بعد المغرب إلی المختار و معه جماعة علیهم الدروع و فوقها الأقبیة و قد أحاط الشرط بالسوق و القصر لقی إیاس بن مضارب أصحاب إبراهیم و هم متسلحون فقال ما هذا الجمع إن أمرك لمریب و لا أتركك حتی آتی بك إلی الأمیر فامتنع إبراهیم و وقع التشاجر بینهم و مع إیاس رجل من همدان اسمه أبا قطن قال له إبراهیم ادن منی لأنه صدیقه فظن أنه یرید أن یجعله شفیعه فی تخلیة القوم و بید أبی قطن رمح طویل فأخذه إبراهیم منه و طعن إیاس بن مضارب فی نحره فصرعه و أمرهم فاجتزوا رأسه و انهزم أصحابه و أقبل إبراهیم إلی المختار و عرفه ذلك فاستبشر و تفاءل بالنصر و الظفر ثم أمر بإشعال النار فی هرادی القصب و بالنداء یا آل ثأرات الحسین و لبس درعه و سلاحه و هو یقول:

قد علمت بیضاء حسناء الطلل.***واضحة الخدین عجزاء الكفل

إنی غداة الروع مقدام بطل***لا عاجز فیها و لا وغد فشل

فأقبل الناس من كل ناحیة و جاء عبید اللّٰه بن الحر الجعفی فی قومه و تقاتلوا قتالا عظیما و شرد الناس و من كان فی الطرق و الجبانات من أصحاب السلاح و استشعروا الحذر و تفرقوا فی الأزقة خوفا من إبراهیم و أشار شبث بن ربعی علی الأمیر ابن

مطیع بالقتال فعلم المختار فخرج فی أصحابه حتی نزل دیر هند مما یلی بستان زائدة فی السبخة ثم جاء أبو عثمان النهدی فی جماعة أصحابه إلی

ص: 367

الكوفة و نادوا یا آل ثأرات الحسین یا منصور أمت و هذه علامة بینهم یا أیها الحی المهتدون ألا إن أمین آل محمد قد خرج فنزل دیر هند و بعثنی إلیكم داعیا و مبشرا فأخرجوا إلیه رحمكم اللّٰه فخرجوا من الدور یتداعون و فی هذا المعنی قلت هذه الأبیات متأسفا علی ما فات كیف لم أكن من أصحاب الحسین علیه السلام فی نصرته و لا من أصحاب المختار و جماعته.

و لما دعا المختار للثأر أقبلت***كتائب من أشیاع آل محمد

و قد لبسوا فوق الدروع قلوبهم***و خاضوا بحار الموت فی كل مشهد

هم نصروا سبط النبی و رهطه***و دانوا بأخذ الثأر من كل ملحد

ففازوا بجنات النعیم و طیبها***و ذلك خیر من لجین و عسجد

و لو أننی یوم الهیاج لدی الوغی***لأعملت حد المشرفی المهند

فوا أسفا إذ لم أكن من حماته***فأقتل فیهم كل باغ و معتد.

المرتبة الثالثة فی وصف الوقعة مع ابن مطیع

قال الوالبی و حمید بن مسلم و النعمان بن أبی الجعد: خرجنا مع المختار فو اللّٰه ما انفجر الفجر حتی فرغ من تعبئة عسكره فلما أصبح تقدم و صلی بنا الغداة فقرأ و النازعات و عبس فو اللّٰه ما سمعنا إماما أفصح لهجة منه و نادی ابن مطیع فی أصحابه فلما جاءوا بعث شبث بن ربعی فی ثلاثة آلاف و راشد بن إیاس فی أربعة آلاف و حجار بن أبجر العجلی فی ثلاثة آلاف و عكرمة بن ربعی و شداد بن أبجر و عبد الرحمن بن سوید فی ثلاثة آلاف و تتابعت العساكر نحوا من عشرین ألفا فسمع المختار أصواتا مرتفعة و ضجة ما بین بنی سلیم و سكة البرید فأمر باستعلام ذلك فإذا هو شبث بن ربعی و معه خیل عظیمة و أتاه فی الحال سعر بن أبی سعر الحنفی و ممن بایع المختار یركض من قبل مراد فلقی راشد بن إیاس فأخبر المختار فأرسل إبراهیم بن الأشتر فی تسعمائة فارس و ستمائة راجل

ص: 368

و نعیم بن هبیرة فی ثلاثمائة فارس و ستمائة راجل و قدم المختار یزید بن أنس فی موضع مسجد شبث فی تسعمائة فقاتلوهم حتی أدخلوهم البیوت و قتل من الفریقین جمع و قتل نعیم بن هبیرة و جاء إبراهیم فلقی راشد بن إیاس و معه أربعة آلاف فارس فقال إبراهیم لأصحابه لا یهولنكم كثرتهم فلرب فئة قلیلة غلبت فئة كثیرة وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ* فاشتد قتالهم و بصر خزیمة بن

نصر العبسی براشد و حمل علیه فطعنه فقتله ثم نادی خزیمة قتلت راشدا و رب الكعبة فانهزم القوم و انكسروا و أجفلوا إجفال النعام و أطلوا علیهم كقطع الغمام و استبشر أصحاب المختار و حملوا علی خیل الكوفة فجعلوا صفو حیاتهم كدرا و ساقوهم حتی أوصلوهم إلی الموت زمرا حتی أوصلوهم السكك و أدخلوهم الجامع و حصروا الأمیر ابن مطیع ثلاثا فی القصر و نزل المختار بعد هذه الوقعة جانب السوق و ولی حصار القصر إبراهیم بن الأشتر.

فلما ضاق علیه و علی أصحابه الحصار و علموا أنه لا تعویل لهم علی مكر و لا سبیل إلی مفر أشاروا علیه أن یخرج لیلا فی زی امرأة و یستتر فی بعض دور الكوفة ففعل و خرج حتی صار إلی دار أبی موسی الأشعری فآووه و أما هم فإنهم طلبوا الأمان فآمنهم و خرجوا و بایعوه و صار یمنیهم و یستجر مودتهم و یحسن السیرة فیهم.

و لما خرج أصحاب ابن مطیع من القصر سكنه المختار ثم خرج إلی الجامع و أمر بالنداء الصلاة جامعة فاجتمع الناس و رقی المنبر ثم قال الحمد لله الذی وعد ولیه النصر و عدوه الخسر وعدا مأتیا و أمرا مفعولا وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری أیها الناس مدت لنا غایة و رفعت لنا رایة فقیل فی الرایة ارفعوها و لا تضیعوها و فی الغایة خذوها و لا تدعوها فسمعنا دعوة الداعی و قبلنا قول الراعی فكم من باغ و باغیة و قتلی فی الراعیة ألا فبعدا لمن طغی و بغی و جحد و لغی و كذب و تولی ألا فهلموا عباد اللّٰه إلی بیعة الهدی و مجاهدة الأعداء و الذب عن الضعفاء من آل محمد المصطفی و أنا المسلط علی المحلین المطالب بدم ابن نبی رب العالمین أما

ص: 369

و منشئ السحاب الشدید العقاب لأنبشن قبر ابن شهاب المفتری الكذاب المجرم المرتاب و لأنفین الأحزاب إلی بلاد الأعراب ثم و رب العالمین لأقتلن أعوان الظالمین و بقایا القاسطین.

ثم قعد علی المنبر و وثب قائما و قال أما و الذی جعلنی بصیرا و نور قلبی تنویرا لأحرقن بالمصر دورا و لأنبشن بها قبورا و لأشفین بها صدورا و لأقتلن بها جبارا كفورا ملعونا غدورا و عن قلیل و رب الحرم و البیت المحرم و حق النون و القلم لیرفعن لی علم من الكوفة إلی إضم إلی أكناف ذی سلم من العرب و العجم ثم لأتخذن من بنی تمیم أكثر الخدم.

ثم نزل و دخل قصر الإمارة و انعكف علیه الناس للبیعة فلم یزل باسطا یده حتی بایعه خلق من العرب و السادات و الموالی و وجد فی بیت المال بالكوفة تسعة آلاف ألف فأعطی كل واحد من أصحابه الذین قاتل بهم فی حصر ابن مطیع و هم ثلاث آلاف و ثمانمائة رجل كل واحد منهم خمسمائة درهم و ستة آلاف رجل من الذین أتوه من بعد حصار القصر مائتین مائتین.

و لما علم أن ابن مطیع فی دار أبی موسی الأشعری دعا عبد اللّٰه بن كامل الشاكری و دفع إلیه عشرة آلاف درهم و أمره بحملها إلیه و أن یقول له استعن بها علی سفرك فإنی أعلم أنه ما منعك إلا ضیق یدك.

فأخذها و مضی إلی البصرة و لم یمش إلی عبد اللّٰه بن الزبیر حیاء مما جری علیه من المختار و استعمل علی شرطته عبد اللّٰه بن كامل و علی حرسه كیسان أبا عمر مولی عرینة(1) و عقد لعبد اللّٰه بن الحارث أخی الأشتر لأمه علی إرمینیة و لمحمد بن عطارد علی آذربیجان و لعبد الرحمن بن سعد بن قیس علی الموصل و لسعد بن حذیفة بن الیمان علی حلوان و لعمر بن السائب علی الری و همدان و فرق العمال بالجبال و البلاد و كان یحكم بین الخصوم حتی إذا شغلته أموره فولی شریحا قاضیا فلما سمع المختار أن علیا علیه السلام عزله أراد عزله فتمارض هو فعزله و ولاه عبد اللّٰه بن عتبة بن مسعود فمرض فجعل مكانه عبد اللّٰه بن مالك

ص: 370


1- 1. عریبة خ.

الطائی قاضیا.

و كان مروان بن الحكم لما استقامت له الشام بالطاعة بعث جیشین أحدهما إلی الحجاز(1)

و الآخر إلی العراق مع عبید اللّٰه بن زیاد لینهب الكوفة إذا ظفر بها ثلاثة أیام فاجتاز بالجزیرة عرض له أمر منعه من السیر و عاملها من قبل ابن الزبیر قیس عیلان فلم یزل عبید اللّٰه مشغولا بذلك عن العراق ثم قدم الموصل و عامل المختار علیها عبد الرحمن بن سعید بن قیس فوجه عبید اللّٰه إلیه خیله و رجله فانحاز عبد الرحمن إلی تكریت و كتب إلی المختار یعرفه ذلك فكتب الجواب یصوب رأیه و یحمد مشورته و أن لا یفارق مكانه حتی یأتیه أمره إن شاء اللّٰه.

ثم دعا المختار یزید بن أنس و عرفه جلیة الحال و رغبه فی النهوض بالخیل و الرجال و حكمه فی تخییر من شاء من الأبطال فتخیر ثلاثة آلاف فارس ثم خرج من الكوفة و شیعه المختار إلی دیر أبی موسی و أوصاه بشی ء من أدوات الحرب و إن احتاج إلی مدد عرفه فقال أرید لا تمدنی إلا بدعائك كفی به مددا ثم كتب المختار إلی عبد الرحمن بن سعید بن قیس أما بعد فخل بین یزید و بین البلاد إن شاء اللّٰه و السلام علیك.

فسار حتی بلغ أرض الموصل فنزل بموضع یقال له بافكی (2) و بلغ خبره إلی عبید اللّٰه بن زیاد و عرف عدتهم فقال أرسل إلی كل ألف ألفین و بعث ستة آلاف فارس فجاءوا و یزید بن أنس مریض مدنف فأركبوه حمارا مصریا و الرجالة یمسكونه یمینا و شمالا فیقف علی الأرباع و یحثهم علی القتال و یرغبهم فی حمید المال و قال إن هلكت فأمیركم ورقاء بن عازب الأسدی فإن هلك فأمیركم عبد اللّٰه بن ضمرة العذری فإن هلك فأمیركم سعر بن أبی سعر الحنفی و وقع القتال بینهم فی ذی الحجة یوم عرفة سنة ست و ستین قبل شروق الشمس فلا یرتفع

ص: 371


1- 1. و كان أمیر الجیش حبشی بن دلجة القینی. فی النسخ« الی المختار» و هو تصحیف.
2- 2. ناحیة بالموصل قرب الخازر تشتمل علی قری یجمعها هذا الاسم، و فی النسخ« یاتلی».

الضحی حتی هزمهم عسكر العراق و أزالهم عن مآزق الحرب زوال السراب و قشعوهم انقشاع الضباب و أتوا یزید بثلاثمائة أسیر و قد أشفی علی الموت فأشار بیده أن اضربوا رقابهم فقتلوا جمیعا ثم مات یزید بن أنس فصلی علیه ورقاء بن عازب الأسدی و دفنه و اغتم عسكر العراق لموته فعزاهم ورقاء فیه و عرفهم أن عبید اللّٰه بن زیاد فی جمع كثیر و لا طاقة لكم به فقالوا الرأی أن ننصرف فی جوف اللیل.

قال محمد بن جریر الطبری فی تاریخه كان مع عبید اللّٰه ثمانون ألفا من أهل الشام ثم اتصل بالمختار و أهل الكوفة إرجاف الناس بیزید بن أنس فظنوا أنه قتل و لم یعلموا كیف هلك و استطلع المختار ذلك من عامله علی المدائن فأخبره بموته و أن العسكر انصرف من غیر هزیمة و لا كسرة فطاب قلب المختار ثم ندب الناس.

قال المرزبانی و أمر إبراهیم بن الأشتر بالمسیر إلی عبید اللّٰه فخرج فی ألفین من مذحج و أسد و ألفین من تمیم و همدان و ألف و خمسمائة من قبائل المدینة و ألف و أربعمائة من الكندة و ربیعة و ألفین من الحمراء و قیل خرج فی اثنی عشر ألفا أربعة آلاف من القبائل و ثمانیة آلاف من الحمراء و شیع إبراهیم ماشیا فقال اركب رحمك اللّٰه فقال المختار إنی لأحتسب الأجر فی خطای معك و أحب أن تتغبر قدمای فی نصر آل محمد و الطلب بدم الحسین علیه السلام ثم ودعه و انصرف و بات إبراهیم بموضع یقال له حمام أعین ثم رحل حتی وافی ساباط المدائن فحینئذ توسم أهل الكوفة فی المختار القلة و الضعف فخرج أهل الكوفة علیه و جاهروه بالعداوة و لم یبق أحد ممن شرك فی قتل الحسین و كان مختفیا إلا و ظهر و نقضوا بیعته و سلوا علیه سیفا واحدا و اجتمعت القبائل علیه من بجیلة و الأزد و كندة و شمر بن ذی الجوشن فبعث المختار من ساعته رسولا إلی إبراهیم و هو بساباط لا تضع كتابی حتی تعود بجمیع من معك إلی فلما جاءهم كتابه نادی بالرجوع فوصلوا السیر بالسری و أرخوا الأعنة و جذبوا البری ء و المختار

ص: 372

یشغل أهل الكوفة بالتسویف و الملاطفة حتی یرجع إبراهیم بعسكره فیكف عادیتهم و یقمع شرتهم و یحصد شوكتهم و كان مع المختار أربعة آلاف فبغی علیه أهل الكوفة و بدءوه بالحرب فحاربه یومهم أجمع و باتوا علی ذلك فوافاهم إبراهیم فی الیوم الثانی بخیله و رجله و معه أهل النجدة و القوة فلما علموا قدومه افترقوا فرقتین ربیعة و مضر علا حدة و الیمن علا حدة فخیر المختار إبراهیم إلی أی الفرقتین تسیر فقال إلی أیهما أحببت و كان المختار ذا عقل وافر و رأی حاضر فأمره بالسیر إلی مضر بالكناسة و سار هو إلی الیمن إلی الجبانة السبیع فبدأ بالقتال رفاعة بن شداد فقاتل قتال الشدید البأس القوی المراس حتی قتل. و قاتل حمید بن مسلم و هو یقول:

لأضربن عن أبی حكیم***مفارق الأعبد و الحمیم.

ثم انكسروا كسرة هائلة و جاء البشیر إلی المختار أنهم ولوا مدبرین فمنهم من اختفی فی بیته و منهم من لحق بمصعب بن الزبیر و منهم من خرج إلی البادیة ثم وضعت الحرب أوزارها و حلت أزرارها و محص القتل شرارها فأحصوا القتلی منهم فكانوا ستمائة و أربعین رجلا ثم استخرج من دور الوادعیین خمسمائة أسیر كما ذكر الطبری و غیره فجاءوا بهم إلی المختار فعرضوهم

علیه فقال كل من حضر منهم قتل الحسین فأعلمونی به فلا یؤتی بمن حضر قتله إلا قیل هذا فیضرب عنقه حتی قتل منهم مائتین و ثمانیة و أربعین رجلا و قتل أصحاب المختار جمعا كثیرا بغیر علمه و أطلق الباقین ثم علم المختار أن شمر بن ذی الجوشن خرج هاربا و معه نفر ممن شرك فی قتل الحسین علیه السلام فأمر عبدا له أسود یقال له رزین و قیل زربی و معه عشرة و كان شجاعا یتبعه فیأتیه برأسه قال مسلم بن عبد اللّٰه الضبابی كنت مع شمر حین هزمنا المختار فدنا منا العبد قال شمر اركضوا و تباعدوا لعل العبد یطمع فی فأمعنا فی التباعد عنه حتی لحقه العبد فحمل علیه فقتله و مشی فنزل فی جانب قریة اسمها الكلتانیة علی شاطئ نهر إلی جانب تل ثم أخذ من القریة علجا فضربه و دفع إلیه كتابا و قال عجل به إلی مصعب بن

ص: 373

الزبیر و كان عنوانه للأمیر المصعب بن الزبیر من شمر بن ذی الجوشن فمشی العلج حتی دخل قریة فیها أبو عمرة بعثه المختار إلیها فی أمر و معه خمسمائة فارس قرأ الكتاب رجل من أصحابه و قرأ عنوانه فسأل عن شمر و أین هو فأخبره أن بینهم و بینه ثلاثة فراسخ.

قال مسلم بن عبد اللّٰه قلت لشمر لو ارتحلت من هذا المكان فإنا نتخوف علیك فقال ویلكم أ كل هذا الجزع من الكذاب و اللّٰه لا برحت فیه ثلاثة أیام فبینما نحن فی أول النوم أشرفت علینا الخیل من التل و أحاطوا بنا و هو عریان مؤتزرا بمندیل فانهزمنا و تركناه فأخذ سیفه و دنا منهم و هو یقول:

نبهتموا لیثا هزبرا باسلا***جهما محیاه یدق الكاهلا

لم یك یوما من عدو ناكلا***إلا كذا مقاتلا أو قاتلا

فلم یك بأسرع أن سمعنا قتل الخبیث قتله أبو عمرة و قتل أصحابه ثم جی ء بالرءوس إلی المختار خر ساجدا و نصبت الرءوس فی رحبة الحذاءین حذاء الجامع.

و أنا الآن أذكر من قتله المختار من قتلة الحسین علیه السلام.

ذكر الطبری فی تاریخه أن المختار تجرد لقتلة الحسین و أهل بیته و قال اطلبوهم فإنه لا یسوغ لی الطعام و الشراب حتی أطهر الأرض منهم قال موسی بن عامر فأول من بدأ به الذین وطئوا الحسین بخیلهم و أنامهم علی ظهورهم و ضرب سكك الحدید فی أیدیهم و أرجلهم و أجری الخیل علیهم حتی قطعتهم و حرقهم بالنار ثم أخذ رجلین اشتركا فی دم عبد الرحمن بن عقیل بن أبی طالب و فی سلبه كانا فی الجبانة فضرب أعناقهما ثم أحرقهما بالنار ثم أحضر مالك بن بشیر فقتله فی السوق و بعث أبا عمرة فأحاط بدار خولی بن یزید الأصبحی و هو حامل رأس الحسین علیه السلام إلی عبید اللّٰه فخرجت امرأته إلیهم و هی النوار ابنة مالك كما ذكر الطبری فی تاریخه و قیل اسمها العیوف و كانت محبة لأهل البیت قالت

ص: 374

لا أدری أین هو و أشارت بیدها إلی بیت الخلاء فوجدوه و علی رأسه قوصرة فأخذوه و قتلوه ثم أمر بحرقه.

و بعث عبد اللّٰه بن كامل إلی حكیم بن الطفیل السنبسی و كان قد أخذ سلب العباس و رماه بسهم (1)

فأخذوه قبل وصوله إلی المختار و نصبوه هدفا و رموه بالسهام و بعث إلی قاتل علی بن الحسین و هو مرة بن منقذ العبدی و كان شیخا فأحاطوا بداره فخرج و بیده الرمح و هو علی فرس جواد فطعن عبید اللّٰه بن ناجیة الشبامی فصرعه و لم تضره الطعنة و ضربه ابن كامل بالسیف فاتقاها بیده الیسری فأشرع فیها السیف و تمطرت به الفرس فأفلت و لحق بمصعب و شلت یده بعد ذلك و أحضر زید بن رقاد فرماه بالنبل و الحجارة و أحرقه و هرب سنان بن أنس إلی البصرة فهدم داره ثم خرج من البصرة نحو القادسیة و كان علیه عیون فأخبروا المختار فأخذه بین العذیب و القادسیة فقطع أنامله ثم یدیه و رجلیه و أغلی زیتا فی قدر و رماه فیها.

و هرب عبد اللّٰه بن عقبة الغنوی إلی الجزیرة فهدم داره و فیه و فی حرملة بن الكاهل قتل واحدا من أصحاب الحسین علیه السلام قال الشاعر:

و عند غنی قطرة من دمائنا***و فی أسد أخری تعد و تذكر

حدث المنهال بن عمر و قال دخلت علی زین العابدین علیه السلام أودعه و أنا أرید الانصراف من مكة فقال یا منهال ما فعل حرملة بن كاهل و كان معی بشر بن غالب الأسدی فقال ذلك من بنی الحریش أحد بنی موقد النار و هو حی بالكوفة فرفع یدیه و قال اللّٰهم أذقه حر النار اللّٰهم أذقه حر الحدید قال المنهال و قدمت الكوفة و المختار بها فركبت إلیه فلقیته خارجا من داره فقال یا منهال لم تشركنا فی ولایتنا هذه فعرفته أنی كنت بمكة فمشی حتی أتی الكناس و وقف كأنه ینتظر شیئا فلم یلبث أن جاء قوم قالوا أبشر أیها الأمیر

ص: 375


1- 1. سقط هناك نحو سطر هكذا: فالتجأ نسوته بعدی بن حاتم الطائی لیشفع عند المختار فأخذوه قبل وصوله- ای قبل وصول عدی- الی المختار- الخ.

فقد أخذ حرملة فجی ء به فقال لعنك اللّٰه الحمد لله الذی أمكننی منك الجزار الجزار فأتی بجزار فأمره بقطع یدیه و رجلیه ثم قال النار النار فأتی بنار و قصب فأحرق.

فقلت سبحان اللّٰه سبحان اللّٰه فقال إن التسبیح لحسن لم سبحت فأخبرته دعاء زین العابدین علیه السلام فنزل عن دابته و صلی ركعتین و أطال السجود و ركب و سار فحاذی داری فعزمت علیه بالنزول و التحرم بطعامی فقال إن علی بن الحسین دعا بدعوات فأجابها اللّٰه علی یدی ثم تدعونی إلی الطعام هذا یوم صوم شكرا لله تعالی فقلت أحسن اللّٰه توفیقك.

و انهزم عبد اللّٰه بن عروة الخثعمی إلی مصعب فهدم داره و طلب عمرو بن صبیح الصیداوی فأتوه و هو علی سطحه بعد ما هدأت العیون و سیفه تحت رأسه فأخذوه و سیفه فقال قبحك اللّٰه من سیف ما أبعدك علی قربك فجی ء به إلی المختار فلما كان من الغداة طعنوه بالرماح حتی مات و أنفذ إلی محمد بن الأشعث بن قیس و قد انهزم إلی قصر له فی قریة إلی جنب القادسیة فقال انطلق فإنك تجده لاهیا متصدیا أو قائما متبلدا أو خائفا متلددا أو كامنا متعمدا فأتنی برأسه فأحاطوا بالقصر و له بابان فخرج و مشی إلی مصعب فهدم القصر و داره و أخذ ما كان فیها قال المرزبانی و أتوه بعبد اللّٰه بن أسید الجهنی و مالك بن الهشیم البدائی و حمل بن مالك المحاربی من القادسیة فقال یا أعداء اللّٰه أین الحسین بن علی قالوا أكرهنا علی الخروج قال فألا مننتم علیه و سقیتموه من الماء و قال للبدائی أنت آخذ برنسه قال لا قال بلی و أمر بقطع یدیه و رجلیه و الآخران ضرب أعناقهما. و أتوه ببجدل بن سلیم الكلبی و عرفوا أنه أخذ خاتمه و قطع إصبعه فأمر بقطع یدیه و رجلیه فلم یزل ینزف حتی مات و أتوه برقاد بن مالك و عمر بن خالد و عبد الرحمن البجلی و عبد اللّٰه بن قیس الخولانی فقال یا قتلة الحسین لقد أخذتم الورس فی یوم نحس و كان فی رحل الحسین ورس فاقتسموه وقت نهب رحله

ص: 376

فأخرجهم إلی السوق.

و كان أسماء بن خارجة الفزاری ممن سعی فی قتل مسلم بن عقیل رحمه اللّٰه فقال المختار أما و رب السماء و رب الضیاء و الظلماء لتنزلن نار من السماء دهماء حمراء سحماء تحرق دار أسماء فبلغ كلامه إلیه فقال سجع أبو إسحاق و لیس هاهنا مقام بعد هذا و خرج من داره هاربا إلی البادیة فهدم داره و دور بنی عمه.

و كان الشمر بن ذی الجوشن قد أخذ من الإبل التی كانت تحت رحل الحسین علیه السلام فنحرها و قسم لحمها علی قوم من أهل الكوفة فأمر المختار فأحصوا كل دار دخلها ذلك اللحم فقتل أهلها و هدمها و لم یزل المختار یتبع قتلة الحسین علیه السلام حتی قتل خلقا كثیرا و هزم الباقین فهدم دورهم و أنزلهم من المعاقل و الحصون إلی المفاوز و الصحون قال و قتلت العبید موالیها و جاءوا إلی المختار فعتقهم و كان العبد یسعی بمولاه فیقتله المختار حتی أن العبد یقول لسیده احملنی علی عنقك فیحمله و یدلی رجلیه علی صدره إهانة له و لخوفه من سعایته به إلی المختار.

فیا لها منقبة حازها و مثوبة أحرزها فقد سر النبی بفعله و إدخاله الفرح علی عترته و أهله و قد قلت هذه الأبیات مع كلال الخاطر و قذی الناظر:

سر النبی بأخذ الثأر من عصب***باءوا بقتل الحسین الطاهر الشیم

قوم غذوا بلبان البغض ویحهم***للمرتضی و بنیه سادة الأمم

حاز الفخار الفتی المختار إذ قعدت***عن نصره سائر الأعراب و العجم

جادته من رحمة الجبار ساریة***تهمی علی قبره منهلة الدیم.

المرتبة الرابعة فی ذكر مقتل عمر بن سعد و عبید اللّٰه بن زیاد و من تابعه و كیفیة قتالهم و النصر علیهم.

فلما خلا خاطره و انجلی ناظره اهتم بعمر بن سعد و ابنه حفص حدث عمر بن الهیثم قال كنت جالسا عن یمین المختار و الهیثم بن الأسود(1) عن یساره فقال و اللّٰه لأقتلن رجلا عظیم القدمین غائر العینین مشرف الحاجبین یهمر

ص: 377


1- 1. الهشیم بن الأسود، خ.

برجله الأرض یرضی قتله أهل السماء و الأرض فسمع الهیثم قوله و وقع فی نفسه أنه أراد عمر بن سعد فبعث ولده العریان فعرفه قول المختار و كان عبد اللّٰه بن جعدة بن هبیرة أعز الناس علی المختار قد أخذ لعمر أمانا حیث اختفی فیه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هذا أمان المختار بن أبی عبید الثقفی لعمر بن سعد بن أبی وقاص إنك آمن بأمان اللّٰه علی نفسك و أهلك و مالك و ولدك لا تؤاخذ بحدث كان منك قدیما ما سمعت و أطعت و لزمت منزلك إلا أن تحدث حدثا فمن لقی عمر بن سعد من شرطة اللّٰه و شیعة آل محمد علیهم السلام فلا یعرض له إلا بسبیل خیر و السلام ثم شهد فیه جماعة.

قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام إِنَّمَا قَصْدَ الْمُخْتَارُ أَنْ یُحْدِثَ حَدَثاً هُوَ أَنْ یَدْخُلَ بَیْتَ الْخَلَاءِ وَ یُحْدِثَ فَظَهَرَ عُمَرُ إِلَی الْمُخْتَارِ فَكَانَ یُدْنِیهِ وَ یُكْرِمُهُ وَ یُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَی سَرِیرِهِ.

و علم أن قول المختار عنه فعزم علی الخروج من الكوفة فأحضر رجلا من بنی تیم اللات اسمه مالك و كان شجاعا و أعطاه أربعمائة دینار و قال هذه معك لحوائجنا و خرجا فلما كان عند حمام عمر أو نهر عبد الرحمن وقف و قال أ تدری لم خرجت قال لا قال خفت المختار فقال ابن دومة یعنی المختار أضیق استا من أن یقتلك و إن هربت هدم دارك و انتهب عیالك و مالك و خرب ضیاعك و أنت أعز العرب فاغتر بكلامه فرجعا علی الروحاء فدخلا الكوفة مع الغداة.

هذا قول المرزبانی و قال غیره إن المختار علم خروجه من الكوفة فقال وفینا له و غدر و فی عنقه سلسلة لو جهد أن ینطلق ما استطاع فنام عمر علی الناقة فرجعت و هو لا یدری حتی ردته إلی الكوفة فأرسل عمر ابنه إلی المختار قال له أین أبوك قال فی المنزل و لم یكونا یجتمعان عند المختار و إذا حضر أحدهما غاب الآخر خوفا أن یجتمعا فیقتلهما فقال حفص أبی یقول أ تفی لنا بالأمان قال اجلس و طلب المختار أبا عمرة و هو كیسان التمار فأسر إلیه أن اقتل عمر بن سعد و إذا دخلت و رأیته یقول یا غلام علی بطیلسانی فإنه یرید السیف فبادره

ص: 378

و اقتله فلم یلبث أن جاء و معه رأسه فقال حفص إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فقال له أ تعرف هذا الرأس قال نعم و لا خیر فی العیش بعده فقال إنك لا تعیش بعده فقال و أمر بقتله و قال المختار عمر بالحسین و حفص بعلی بن الحسین و لا سواء و اللّٰه لأقتلن سبعین ألفا كما قتل بیحیی بن زكریا علیهما السلام و قیل إنه قال لو قتلت ثلاثة أرباع قریش لما وفوا بأنملة من أنامل الحسین علیه السلام.

و كان محمد بن الحنفیة یعتب علی المختار لمجالسة عمر بن سعد و تأخیر قتله فحمل الرأسین إلی مكة مع مسافر بن سعد الهمدانی و ظبیان بن عمارة التمیمی فبینا محمد بن الحنفیة جالسا فی نفر من الشیعة و هو یعتب علی المختار فما تم كلامه إلا و الرأسان عنده فخر ساجدا و بسط كفیه و قال اللّٰهم لا تنس هذا الیوم للمختار و أجزه عن أهل بیت نبیك محمد خیر الجزاء فو اللّٰه ما علی المختار بعد هذا من عتب.

فلما قضی المختار من أعداء اللّٰه وطره و حاجته و بلغ فیهم أمنیته قال لم یبق علی أعظم من عبید اللّٰه بن زیاد فأحضر إبراهیم بن الأشتر و أمره بالمسیر إلی عبید اللّٰه فقال إنی خارج و لكنی أكره خروج عبید اللّٰه بن الحر معی و أخاف أن یغدر بی وقت الحاجة فقال له أحسن إلیه و املأ عینه بالمال و أخاف إن أمرته بالقعود عنك فلا یطیب له فخرج إبراهیم من الكوفة و معه عشرة آلاف فارس و خرج المختار فی تشییعه و قال اللّٰهم انصر من صبر و اخذل من كفر و من عصی و فجر و بایع و غدر و علا و تجبر فصار إلی سقر لا تُبْقِی وَ لا تَذَرُ لیذوق العذاب الأكبر ثم رجع و مضی إبراهیم و هو یرتجز و یقول:

أنا و حق المرسلات عرفا***حقا و حق العاصفات عصفا

لنعسفن من بغانا عسفا***حتی یسوم القوم منا خسفا

زحفا إلیهم لا نمل الرجفا***حتی نلاقی بعد صف صفا

و بعد ألف قاسطین ألفا***نكشفهم لدی الهیاج كشفا

فسار إلی المدائن فأقام بها ثلاثا و سار إلی تكریت فنزلها و أمر بجبایة

ص: 379

خراجها ففرقه و بعث إلی عبید اللّٰه بن الحر بخمسة آلاف درهم فغضب فقال أنت أخذت لنفسك عشرة آلاف درهم و ما كان الحر دون مالك فحلف إبراهیم إنی ما أخذت زیادة علیك ثم حمل إلیه ما أخذه لنفسه فلم یرض و خرج علی المختار و نقض عهده و أغار علی سواد الكوفة فنهب القری و قتل العمال و أخذ الأموال و مضی إلی البصرة إلی مصعب بن الزبیر.

فلما علم المختار أرسل عبد اللّٰه بن كامل إلی داره فهدمها و إلی زوجته سلمی بنت خالد الجعفیة حبسها ثم ورد كتاب المختار إلی إبراهیم یحثه علی تعجیل القتال فطوی المراحل حتی نزل علی نهر الخازر علی أربعة فراسخ من الموصل و عبید اللّٰه بن زیاد بها قال عبد اللّٰه بن أبی عقب الدیلمی حدثنی خلیلی أنا نلقی أهل الشام علی نهر یقال له الخازر فیكشفونا حتی نقول هیّ هیّ ثم نكر علیهم فنقتل أمیرهم فأبشروا و اصبروا فإنكم لهم قاهرون فعلم عبید اللّٰه بقدوم إبراهیم فرحل فی ثلاثة و ثمانین ألفا حتی نزل قریبا من عسكر العراق و طلبهم أشد طلب و جاءهم فی جحفل لجب و كان مع ابن الأشتر أقل من عشرین ألفا و كان فی عسكر الشام من أشراف بنی سلیم عمیر بن الحباب فراسله إبراهیم و وعده بالحباء و الإكرام فجاء و معه ألف فارس من بنی عمه و أقاربه فصار مع عسكر العراق فأشار علیهم بتعجیل القتال و ترك المطاولة فلما كان فی السحر صلوا بغلس و عبأ إبراهیم أصحابه فجعل علی میمنته سفیان بن یزید الأزدی و علی میسرته علی بن مالك الجشمی و علی الخیل الطفیل بن لقیط النخعی

و علی الرجالة مزاحم بن مالك السكونی ثم زحفوا حتی أشرفوا علی أهل الشام و لم یظنوا أنهم یقدمون علیهم لكثرتهم فبادروا إلی تعبئة عسكرهم فجعل عبید اللّٰه علی میمنته شراحیل بن ذی الكلاع و علی میسرته ربیعة بن مخارق الغنوی و علی جناح میسرته جمیل بن عبد اللّٰه بن الغنمی و فی القلب الحصین بن نمیر و وقف العسكران و التقی الجمعان فخرج ابن ضبعان الكلبی و نادی یا شیعة المختار الكذاب یا شیعة ابن الأشتر المرتاب

ص: 380

أنا ابن ضبعان الكریم المفضل***من عصبة یبرون من دین علی

كذاك كانوا فی الزمان الأول.

فخرج إلیه الأحوص بن شداد الهمدانی و هو یقول:

أنا ابن شداد علی دین علی***لست لعثمان بن أروی بولی

لأصلین القوم فیمن یصطلی***بحر نار الحرب حتی تنجلی

فقال للشامی ما اسمك قال منازل الأبطال قال له الأحوص و أنا مقرب الآجال ثم حمل علیه و ضربه فسقط قتیلا ثم نادی هل من مبارز فخرج إلیه داود الدمشقی و هو یقول:

أنا ابن من قاتل فی صفینا***قتال قرن لم یكن غبینا

بل كان فیها بطلا جرونا***مجربا لدی الوغی كمینا

فأجابه الأحوص یقول:

یا ابن الذی قاتل فی صفینا***و لم یكن فی دینه غبینا

كذبت قد كان بها مغبونا***مذبذبا فی أمره مفتونا

لا یعرف الحق و لا الیقینا***بؤسا له لقد مضی ملعونا.

ثم التقیا فضربه الأحوص فقتله ثم عاد إلی صفه و خرج الحصین بن نمیر السكونی و هو یقول:

یا قادة الكوفة أهل المنكر***و شیعة المختار و ابن الأشتر

هل فیكم قوم كریم العنصر***مهذب فی قومه بمفخر

یبرز نحوی قاصدا لا یمتری

فخرج إلیه شریك بن خزیم (1) التغلبی و هو یقول:

یا قاتل الشیخ الكریم الأزهر***بكربلاء یوم التقاء العسكر

أعنی حسینا ذا الثنا و المخفر(2)***و ابن النبی الطاهر المطهر

ص: 381


1- 1. و قیل: شریك بن حدیر، و قیل حذیم.
2- 2. و فی روایة: اعنی حسینا ذا السنا و المفخر.

و ابن علی البطل المظفر***هذا فخذها من هزبر قسور

ضربة قوم ربعی مضری.

فالتقیا بضربتین فجدله التغلبی صریعا فدخل علی أهل الشام من أهل العراق مدخل عظیم.

ثم تقدم إبراهیم و نادی ألا یا شرط اللّٰه ألا یا شیعة الحق ألا یا أنصار الدین قاتلوا المحلین و أولاد القاسطین لا تطلبوا أثرا بعد عین هذا عبید اللّٰه بن زیاد قاتل الحسین ثم حمل علی أهل الشام و ضرب فیهم بسیفه و هو یقول:

قد علمت مذحج علما لا خطل***أنی إذا القرن لقینی لا وكل

و لا جزوع عندها و لا نكل***أروع مقداما إذا النكس فشل

أضرب فی القوم إذا جاء الأجل***و اعتلی رأس الطرماح البطل

بالذكر البتار حتی ینجدل.

و حمل أهل العراق معه و اختلطوا و تقدمت رایتهم و شبت فیهم نار الحرب و دهمهم العسكر بجناحیه و القلب إلی أن صلوا بالإیماء و التكبیر صلاة الظهر و اشتغلوا بالقتال إلی أن تحلی صدر الدجی بالأنجم الأزهر و زحف علیهم عسكر العراق فرحا بالمصاع و حرصا علی القراع و وثوقا بما وعدهم اللّٰه به من النصر و حسن الدفاع و انقضوا علیهم انقضاض العقبان علی الرخم و جالوا فیهم جولان السرحان علی الغنم و عركوهم عرك الأدیم و دحوا بهم إلی عذاب الجحیم و أذاقوهم أسنة الرماح النازعة

للمهج و الأرواح فلم تزل الحرب قائمة و السیوف لأجسادهم منتهبة فولی عسكر الشام مكسورا علیه ذلة الخائب الخجل و ارتیاع الخائف الوجل و عسكر العراق منصورا و علی وجههم مسحة المسرور الثمل و تبعوهم إلی متون النجاد و بطون الوهاد و النبل ینزل علیهم كصیب العهاد. ثم انجلت الحرب و قد قتل أعیان أهل الشام مثل الحصین بن نمیر و شراحبیل بن ذی الكلاع و ابن حوشب و غالب الباهلی و أبی أشرس بن عبد اللّٰه الذی كان علی خراسان و حاز إبراهیم رحمه اللّٰه فضیلة هذا الفتح و عاقبة هذا المنح الذی انتشر فی الأقطار و دام دوام الأعصار و لقد أحسن عبد اللّٰه بن الزبیر

ص: 382

الأسدی یمدح إبراهیم الأشتر فقال:

اللّٰه أعطاك المهابة و التقی***و أحل بیتك فی العدید الأكثر

و أقر عینك یوم وقعة خازر***و الخیل تعثر فی القنا المتكسر

من ظالمین كفتهم أیامهم***تركوا لحاجلة و طیر أعثر

ما كان أجرأهم جزاهم ربهم***یوم الحساب علی ارتكاب المنكر

قال الرواة رأینا إبراهیم بعد ما انكسر العسكر و انكسف العثیر قوما منهم ثبتوا و صبروا و قاتلوا فلقطهم من صهوات الخیل و قذفهم فی لهوات اللیل حتی صبغت الأرض من دمائهم ثیابا حمرا و ملأ الفجاج ببأسه ذعرا و تساقطت النسور علی النسور و أهوت العقبان علی أجسادهم و هی كالعقیق المنثور و اصطلح علی أكل لحمهم الذئب و السبع و السید و الضبع.

قال إبراهیم و أقبل رجل أحمر فی كبكبة یغری الناس كأنه بغل أقمر لا یدنو منه فارس إلا صرعه و لا كمی إلا قطعه فدنا منی فضربت یده فأبنتها و سقط علی شاطئ الخازر فشرقت یداه و غربت رجلاه فقتلته و وجدت رائحة المسك تفوح منه و جاء رجل نزع خفیه و ظنوا أنه ابن زیاد من غیر تحقیق فطلبوه فإذا هو علی ما وصف إبراهیم فاجتزوا رأسه و احتفظوا طول اللیل بجسده فلما أصبحوا عرفه مهران مولی زیاد فلما رآه إبراهیم قال الحمد لله الذی أجری قتله علی یدی و قتل فی صفر و قال قوم من أصحاب الحدیث یوم عاشوراء و عمره دون الأربعین و قیل تسع و ثلاثون سنة و أصبح الناس فحووا ما كان و غنموا غنیمة عظیمة و لقد أجاد أبو السفاح الزبیدی بمدحته إبراهیم و هجائه ابن زیاد فقال

أتاكم غلام من عرانین مذحج***جری ء علی الأعداء غیر نكول

أتاه عبید اللّٰه فی شر عصبة***من الشام لما أرضیوا بقلیل

فلما التقی الجمعان فی حومة الوغی***و للموت فیهم ثم جر ذیول

فأصبحت قد ودعت هندا و أصبحت***مولهة ما وجدها بقلیل

و أخلق بهند أن تساق سبیة***لها من أبی إسحاق سر حلیل

ص: 383

تولی عبید اللّٰه خوفا من الردی***و خشیة ماضی الشفرتین صقیل

جزی اللّٰه خیرا شرطة اللّٰه إنهم***شفوا بعبید اللّٰه كل غلیل

یعنی بقوله هند بنت أسماء بن خارجة زوجة عبید اللّٰه لما قتل حملها عتبة أخوها إلی الكوفة و بقوله أبی إسحاق هو المختار.

و هرب غلام لعبید اللّٰه إلی الشام فسأله عبد الملك بن مروان عنه قال لما جال الناس تقدم فقاتل ثم قال ایتنی بجرة فیها ماء فأتیته فشرب و صب الماء بین درعه و جسده و صب علی ناصیة فرسه ثم حمل فهذا آخر عهدی به.

قال یزید بن مفرغ (1)

یهجو ابن زیاد:

إن المنایا إذا حاولن طاغیة***هتكن عنه ستورا بعد أبواب

إن الذی عاش غدارا بذمته***و مات هزلا قتیل اللّٰه بالراب (2)

ما شق جیب و لا ناحتك ناحیة***و لا بكتك جیاد عند أسلاب

هلا جموع نزار إذ لقیتهم***كنت امرأ من نزار غیر مرتاب

أو حمیر كنت قیلا من ذوی یمن***أن المقاویل فی ملك و أحباب

و كان المختار قد سار من الكوفة یتطلع أحوال إبراهیم و استخلف فی الكوفة السائب بن مالك فنزل ساباط ثم دخل المدائن و رقی المنبر فحمد اللّٰه و أثنی علیه و أمر الناس بالجد فی النهوض إلی إبراهیم قال الشعبی كنت معه فأتته البشری بقتل عبید اللّٰه و أصحابه فكاد یطیر فرحا و رجع إلی الكوفة فی الحال مسرورا بالظفر.

و ذكر أبو السائب عن أحمد بن بشیر عن مجالد عن عامر: أنه قال الشیعة یتهمونی ببغض علی علیه السلام و لقد رأیت فی النوم بعد مقتل الحسین علیه السلام كأن

ص: 384


1- 1. قال الفیروزآبادی: و یزید بن ربیعة بن مفرغ كمحدث شاعر، جده راهن علی أن یشرب عسا من لبن ففرغه شرابا.
2- 2. الزاب: نهر بالموصل، و نهر باربل، و نهر بین سوراء و واسط.

رجالا نزلوا من السماء علیهم ثیاب خضر معهم حراب یتبعون قتلة الحسین علیه السلام فلما لبثت أن خرج المختار فقتلهم.

و ذكر عمر بن شبة قال حدثنی أبو أحمد الزبیری عن عمه قال قال أبو عمر البزاز: كنت مع إبراهیم بن الأشتر لما لقی عبید اللّٰه بن زیاد بالخازر فعددنا القتلی بالقصب لكثرتهم قیل كانوا سبعین ألفا قال و صلبه (1) إبراهیم منكسا فكأنی أنظر إلی خصییه كأنهما جعلان و عن الشعبی أنه لم یقتل قط من أهل الشام بعد صفین مثل هذه الوقعة بالخازر و قال الشعبی كانت یوم عاشوراء سنة سبع و ستین و بعث إبراهیم برأس عبید اللّٰه بن زیاد و رءوس الرؤساء من أهل الشام و فی آذانهم رقاع أسمائهم فقدموا علیه و هو یتغدی فحمد اللّٰه تعالی علی الظفر فلما فرغ من الغداء قام فوطئ وجه ابن زیاد بنعله ثم رمی بها إلی غلامه و قال اغسلها فإنی وضعتها علی وجه نجس كافر.

و عن أبی الطفیل عامر بن واثلة الكنانی قال وضعت الرءوس عند السدة بالكوفة علیها ثوب أبیض فكشفنا عنها الثوب و حیة تتغلغل فی رأس عبید اللّٰه و نصبت الرءوس فی الرحبة قال عامر و رأیت الحیة تدخل فی منافذ رأسه و هو مصلوب مرارا.

ثم حمل المختار رأسه و رءوس القواد إلی مكة مع عبد الرحمن بن أبی عمیر الثقفی و عبد الرحمن بن شداد الجشمی و أنس بن مالك الأشعری و قیل السائب بن مالك و معها ثلاثون ألف دینار إلی محمد بن الحنفیة و كتب معهم أنی بعثت أنصاركم و شیعتكم إلی عدوكم فخرجوا محتسبین أسفین فقتلوهم فالحمد لله الذی أدرك لكم الثأر و أهلكهم فی كل فج عمیق و غرقهم فی كل بحر و شفی اللّٰه صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِینَ فقدموا بالكتاب و الرءوس علیه فلما رآها خر ساجدا و دعا للمختار و قال جزاه اللّٰه خیر الجزاء فقد أدرك لنا ثأرنا و وجب حقه علی

ص: 385


1- 1. یعنی عبید اللّٰه بن زیاد.

كل من ولده عبد المطلب بن هاشم اللّٰهم و احفظ لإبراهیم الأشتر و انصره علی الأعداء و وفقه لما تحب و ترضی و اغفر له فی الآخرة و الأولی.

فبعث رأس عبید اللّٰه إلی علی بن الحسین علیهما السلام فأدخل علیه و هو یتغدی فسجد شكرا لله تعالی و قال الحمد لله الذی أدرك لی ثأری من عدوی و جزی اللّٰه المختار خیرا أدخلت علی عبید اللّٰه بن زیاد و هو یتغدی و رأس أبی بین یدیه فقلت اللّٰهم لا تمتنی حتی ترینی رأس ابن زیاد و قسم محمد المال فی أهله و شیعته بمكة و مدینة علی أولاد المهاجرین و الأنصار.

وَ رَوَی الْمَرْزُبَانِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: مَا اكْتَحَلَتْ هَاشِمِیَّةٌ وَ لَا اخْتَضَبَتْ وَ لَا رُئِیَ فِی دَارِ هَاشِمِیٍّ دُخَانٌ خَمْسَ حِجَجٍ حَتَّی قُتِلَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ.

و عن عبد اللّٰه بن محمد بن أبی سعید عن أبی العیناء عن یحیی بن راشد قال قالت فاطمة بنت علی: ما تحنأت (1)

امرأة منا و لا أجالت فی عینها مرودا و لا امتشطت حتی بعث المختار رأس عبید اللّٰه بن زیاد.

و روی: أنه قتل ثمانیة عشر ألفا ممن شرك فی قتل الحسین علیه السلام أیام ولایته و كانت ثمانیة عشر شهرا أولها أربع عشرة لیلة خلت من ربیع الأول سنة ست و ستین و آخرها النصف من شهر رمضان من سنة سبع و ستین و عمره سبع و ستون سنة.

قال جعفر بن نما مصنف هذا الثأر اعلم أن كثیرا من العلماء لا یحصل لهم التوفیق بفطنة توقفهم علی معانی الألفاظ و لا رویة تنقلهم من رقدة الغفلة إلی الاستیقاظ و لو تدبروا أقوال الأئمة فی مدح المختار لعلموا أنه من السابقین المجاهدین الذین مدحهم اللّٰه تعالی جل جلاله فی كتابه المبین و دعاء زین العابدین علیه السلام للمختار دلیل واضح و برهان لائح علی أنه عنده من المصطفین الأخیار و لو كان علی غیر الطریقة المشكورة و یعلم أنه مخالف له فی اعتقاده لما كان یدعو له دعاء لا یستجاب و یقول فیه قولا لا یستطاب و كان دعاؤه علیه السلام له عبثا و الإمام

ص: 386


1- 1. یقال: تحنأ: تخضب بالحناء.

منزه عن ذلك و قد أسلفنا من أقوال الأئمة فی مطاوی الكتاب تكرار مدحهم له و نهیهم عن ذمه ما فیه غنیة لذوی الأبصار و بغیة لذوی الاعتبار و إنما أعداؤه عملوا له مثالب لیباعدوه من قلوب الشیعة كما عمل أعداء أمیر المؤمنین علیه السلام له مساوی و هلك بها كثیر ممن حاد عن محبته و حال عن طاعته فالولی له علیه السلام لم تغیره الأوهام و لا باحته تلك الأحلام بل كشفت له عن فضله المكنون و علمه المصون فعمل فی قضیة المختار ما عمل مع أبی الأئمة الأطهار و قد وفیت بما وعدت من الاختصار و أتیت بالمعانی التی تضمنت حدیث الثأر من غیر حشو و لا إطالة و لا سأم و لا ملالة و أقسمت علی قارئیه و مستمعیه و علی كل ناظر فیه أن لا یخلینی من إهداء الدعوات إلی و الإكثار من الترحم علی و أسأل اللّٰه أن یجعلنی و إیاهم ممن خلصت سریرته من وساوس الأوهام و صفت طویته من كدر الآثام و أن یباعدنا من الحسد المحبط للأعمال المؤدی إلی أقبح المآل و أن یحسن لی الخلافة علی الأهل و الآل و یذهب الغل من القلوب و یوفق لمراضی علام الغیوب فإنه أسمع سمیع و أكرم مجیب وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ و صلاته علی سید المرسلین محمد و آله الطاهرین.

بیان: الشعاف رءوس الجبال و تنوق فی الأمر بالغ و تجود قوله قبل أن یتزعزع كذا فیما عندنا من الكتاب بالزاءین المعجمتین یقال تزعزع أی تحرك و الزعازع الشدائد من الدهر و لعل الأظهر أنه بالمهملتین من قولهم ترعرع الصبی إذا تحرك و نشأ و یقال تشعشع الشهر إذا بقی منه قلیل و هو أیضا یحتمل أن یكون بالمهملتین یقال تسعسع الشهر أی ذهب أكثره و تسعسع حاله انحطت و تقول حنكت الفرس إذا جعلت فی فیه الرسن و حنكت الصبی و حنكته إذا مضغت تمرا أو غیره ثم دلكته بحنكه و

یقال حنكته السن و أحنكته إذا أحكمته التجارب و الأمور ذكره الجوهری و قال رجل مقول أی لسن كثیر القول و المقول اللسان انتهی.

و الغرار بالكسر حد السیف و غیره و تقول استأدیت الأمیر علی فلان

ص: 387

فأدانی علیه بمعنی استعدیته فأعدانی علیه و آدیته أعنته و یقال عركه أی دلكه و حكه حتی عفاه و أرعد تهدد و توعد كأبرق و شمس الفرس منع ظهره و المغرم بضم المیم و فتح الراء المولع بالشی ء و الهوادی أول رعیل من الخیل و یقال جششت الشی ء أی دققته و كسرته و فرس أجش الصوت غلیظه و الهزیم بمعنی الهازم و هزیم الرعد صوته و القرا الظهر و فرس نهد أی جسیم مشرف و فرس أشق طویل و فرس مقلص بكسر اللام أی مشرف مشمر طویل القوائم و قوله قارئ اللجام لعل معناه جاذبه و مانعه عن الجری إلی العدو و الرؤم المحب و المعنی محب الحرب الحریص علیه قوله بكل فتی أی أتیتك مع كل فتی و قوله لا یملأ الدرع نحره لعله كنایة عن عدم احتیاجه إلی لبس الدرع لشجاعته و یقال حششت النار أی أوقدتها و المحش بكسر المیم ما تحرك به النار من حدید و منه قیل للرجل الشجاع نعم محش الكتیبة و المخراق الرجل الحسن الجسم و المتصرف فی الأمور و المندیل یلف لیضرب به و هو مخراق حرب أی صاحب حروب. قوله یفخذ الناس أی یدعوهم إلی نفسه فخذا فخذا و قبیلة قبیلة مخذلا عن سلیمان و اللدن اللین من كل شی ء و خطر الرجل بسیفه و رمحه رفعه مرة و وضعه أخری و الرمح اهتز فهو خطار و هند السیف شحذه و البتر القطع و المیل جمع أمیل و هو الكسل الذی لا یحسن الركوب و الفروسیة و الأغمار جمع غمر بالضم و هو الجاهل الغر الذی لم یجرب الأمور و العزل بالضم جمع الأعزل و هو الذی لا سلاح معه و یقال رأب الصدع إذا شعبه و رأب الشی ء إذا جمعه و شده برفق و سجم الدمع سجوما سال و عین سجوم و القرم السید و لمع بالشی ء ذهب و الرسل محركة القطیع من كل شی ء و الجمع أرسال و الأقیال جمع قیل و هو أحد ملوك حمیر دون الملك الأعظم و الخفرة بكسر الفاء الكثیرة الحیاء و أغذ فی السیر أسرع و التهویم و التهوم هز الرأس من النعاس و قصعت الرجل قصعا صغرته و حقرته و قصعت هامته إذا ضربتها ببسط كفك و الهتر

ص: 388

بالكسر العجب و الداهیة و ضرب هبر أی قاطع و یقال حیا اللّٰه طللك أی شخصك و الوغد الدنی الذی یخدم بطعام بطنه.

و قال الجزری فیه كان شعارنا یا منصور أمت أمر بالموت و المراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة مع حصول الغرض للشعار فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة بینهم یتعارفون بها لأجل ظلمة اللیل انتهی و اللجین مصغرا الفضة و العسجد الذهب و أجفل القوم هربوا مسرعین و أطل علیه أشرف و إضم كعنب جبل و الوادی الذی فیه مدینة الرسول صلی اللّٰه علیه و آله عند المدینة یسمی القناة و من أعلی منها عند السد الشظاة ثم ما كان أسفل من ذلك یسمی إضما و المأزق المضیق و منه سمی موضع الحرب مأزقا و البری بالضم جمع برة و هی حلقة من صفر تجعل فی لحم أنف البعیر و المراس بالكسر الشدة و الممارسة و المعالجة و القوصرة بالتشدید و قد یخفف وعاء للتمر و تمطرت الطیر أسرعت فی هویها و الخیل جاءت یسبق بعضها بعضا.

و الجحفل الجیش و یقال جیش لجب أی ذو جلبة و كثرة و المطاولة المماطلة و الغبین الضعیف الرأی و جرن جرونا تعود الأمر و مرن و الكمین كأمیر القوم یكمنونه فی الحرب و الهزبر الأسد و كذا القسور و الخطل الفاسد المضطرب و الوكل بالتحریك العاجز و النكل الجبان و الأروع من الرجال الذی یعجبك حسنه و النكس بالكسر الرجل الضعیف و الطرماح كسنمار العالی النسب المشهور و الذكر أیبس الحدید و أجوده و المصاع المجالدة و المضاربة و الثمل السكران و الصیب السحاب و الانصباب و العهاد بالكسر جمع العهد و هو المطر بعد المطر و الخازر نهر بین الموصل و إربل و الحاجلة الإبل التی ضربت سوقها فمشت علی بعض قوائمها و حجل الطائر إذا نزا فی مشیته كذلك و الأعثر الأغبر و طائر طویل العنق و العثیر بكسر العین و سكون الثاء الغبار و الصهوة موضع اللبد من ظهر الفرس.

قوله علی النسور أی الذین كانوا فی الحرب كالنسور و یحتمل أن یكون بالثاء المثلثة من النثر بمعنی التفرق و السید بالكسر الأسد و الذئب و یقال

ص: 389

قری البعیر العلف فی شدقه أی جمعه و قری البلاد تتبعها یخرج من أرض إلی أرض و القمرة لون إلی الخضرة و الكمی كغنی الشجاع أو لابس السلاح و یقال باحته الود أی خالصه.

باب 50 جور الخلفاء علی قبره الشریف و ما ظهر من المعجزات عند ضریحه و من تربته و زیارته صلوات اللّٰه علیه

«1»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ حَشِیشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِیثَمٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْحِمَّانِیِّ أَمْلَی عَلَیَّ فِی مَنْزِلِهِ قَالَ: خَرَجْتُ أَیَّامَ وِلَایَةِ مُوسَی بْنِ عِیسَی الْهَاشِمِیِّ الْكُوفَةَ مِنْ مَنْزِلِی فَلَقِیَنِی أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ فَقَالَ لِی امْضِ بِنَا یَا یَحْیَی إِلَی هَذَا فَلَمْ أَدْرِ مَنْ یَعْنِی وَ كُنْتُ أُجِلُّ أَبَا بَكْرٍ عَنْ مُرَاجَعَتِهِ وَ كَانَ رَاكِباً حِمَاراً لَهُ فَجَعَلَ یَسِیرُ عَلَیْهِ وَ أَنَا أَمْشِی مَعَ رِكَابِهِ فَلَمَّا صِرْنَا عِنْدَ الدَّارِ الْمَعْرُوفَةِ بِدَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَازِمٍ الْتَفَتَ إِلَیَّ وَ قَالَ یَا ابْنَ الْحِمَّانِیِّ إِنَّمَا جَرَرْتُكَ مَعِی وَ جَشَّمْتُكَ (1)

أَنْ تَمْشِیَ خَلْفِی لِأُسْمِعَكَ مَا أَقُولُ لِهَذِهِ الطَّاغِیَةِ قَالَ فَقُلْتُ مَنْ هُوَ یَا أَبَا بَكْرٍ قَالَ هَذَا الْفَاجِرُ الْكَافِرُ مُوسَی بْنُ عِیسَی فَسَكَتُّ عَنْهُ وَ مَضَی وَ أَنَا أَتْبَعُهُ حَتَّی إِذَا صِرْنَا إِلَی بَابِ مُوسَی بْنِ عِیسَی وَ بَصُرَ بِهِ الْحَاجِبُ وَ تَبَیَّنَهُ وَ كَانَ النَّاسُ یَنْزِلُونَ عِنْدَ الرَّحْبَةِ فَلَمْ یَنْزِلْ أَبُو بَكْرٍ هُنَاكَ وَ كَانَ عَلَیْهِ یَوْمَئِذٍ قَمِیصٌ وَ إِزَارٌ وَ هُوَ مَحْلُولُ الْأَزْرَارِ قَالَ فَدَخَلَ عَلَی حِمَارِهِ وَ نَادَانِی تَعَالَ یَا ابْنَ الْحِمَّانِیِّ فَمَنَعَنِی الْحَاجِبُ فَزَجَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ قَالَ لَهُ أَ تَمْنَعُهُ یَا فَاعِلُ وَ هُوَ مَعِی فَتَرَكَنِی فَمَا زَالَ یَسِیرُ عَلَی حِمَارِهِ حَتَّی دَخَلَ الْإِیْوَانَ فَبَصُرَ بِنَا مُوسَی وَ هُوَ

ص: 390


1- 1. یقال: جشمته الامر و أجشمته ایاه: كلفته إیّاه قال:« مهما تجشمنی فانی جاشم».

قَاعِدٌ فِی صَدْرِ الْإِیْوَانِ عَلَی سَرِیرِهِ وَ بِجَنْبَتَیِ السَّرِیرِ رِجَالٌ مُتَسَلِّحُونَ وَ كَذَلِكَ كَانُوا یَصْنَعُونَ فَلَمَّا أَنْ رَآهُ مُوسَی رَحَّبَ بِهِ وَ قَرَّبَهُ وَ أَقْعَدَهُ عَلَی سَرِیرِهِ وَ مُنِعْتُ أَنَا حِینَ وَصَلْتُ إِلَی الْإِیْوَانِ أَنْ أَتَجَاوَزَهُ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ أَبُو بَكْرٍ عَلَی السَّرِیرِ الْتَفَتَ فَرَآنِی حَیْثُ أَنَا وَاقِفٌ فَنَادَانِی فَقَالَ وَیْحَكَ فَصِرْتُ إِلَیْهِ وَ نَعْلِی فِی رِجْلِی وَ عَلَیَّ قَمِیصٌ وَ إِزَارٌ فَأَجْلَسَنِی بَیْنَ یَدَیْهِ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ مُوسَی فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ تَكَلَّمْنَا فِیهِ قَالَ لَا وَ لَكِنِّی جِئْتُ بِهِ شَاهِداً عَلَیْكَ قَالَ فِیمَا ذَا قَالَ إِنِّی رَأَیْتُكَ وَ مَا صَنَعْتَ بِهَذَا الْقَبْرِ قَالَ أَیُّ قَبْرٍ قَالَ قَبْرُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ- ص وَ كَانَ مُوسَی قَدْ وَجَّهَ إِلَیْهِ مَنْ كَرَبَهُ وَ كَرَبَ جَمِیعَ أَرْضِ الْحَائِرِ وَ حَرَثَهَا وَ زَرَعَ الزَّرْعَ فِیهَا فَانْتَفَخَ مُوسَی حَتَّی كَادَ أَنْ یَنْقَدَّ ثُمَّ قَالَ وَ مَا أَنْتَ وَ ذَا قَالَ اسْمَعْ حَتَّی أُخْبِرَكَ اعْلَمْ أَنِّی رَأَیْتُ فِی مَنَامِی كَأَنِّی خَرَجْتُ إِلَی قَوْمِی بَنِی غَاضِرَةَ فَلَمَّا صِرْتُ بِقَنْطَرَةِ الْكُوفَةِ اعْتَرَضَنِی خَنَازِیرُ عَشَرَةٌ تُرِیدُنِی فَأَغَاثَنِیَ اللَّهُ بِرَجُلٍ كُنْتُ أَعْرِفُهُ مِنْ بَنِی أَسَدٍ فَدَفَعَهَا عَنِّی فَمَضَیْتُ لِوَجْهِی فَلَمَّا صِرْتُ إِلَی شَاهِی ضَلَلْتُ الطَّرِیقَ فَرَأَیْتُ هُنَاكَ عَجُوزاً فَقَالَتْ لِی أَیْنَ تُرِیدُ أَیُّهَا الشَّیْخُ قُلْتُ أُرِیدُ الْغَاضِرِیَّةَ قَالَتْ لِی تَنْظُرُ هَذَا الْوَادِیَ فَإِنَّكَ إِذَا أَتَیْتَ إِلَی آخِرِهِ اتَّضَحَ لَكَ الطَّرِیقُ فَمَضَیْتُ وَ فَعَلْتُ ذَلِكَ فَلَمَّا صِرْتُ إِلَی نَیْنَوَی إِذَا أَنَا بِشَیْخٍ كَبِیرٍ جَالِسٍ هُنَاكَ فَقُلْتُ مِنْ أَیْنَ أَنْتَ أَیُّهَا الشَّیْخُ فَقَالَ لِی أَنَا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْیَةِ فَقُلْتُ كَمْ تَعُدُّ مِنَ السِّنِینَ فَقَالَ مَا أَحْفَظُ مَا مَرَّ مِنْ سِنِّی وَ عُمُرِی وَ لَكِنْ أَبْعَدُ ذُكْرِی أَنِّی رَأَیْتُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَ مَنْ تَبِعَهُ یُمْنَعُونَ الْمَاءَ الَّذِی تَرَاهُ وَ لَا تُمْنَعُ الْكِلَابُ وَ لَا الْوُحُوشُ شُرْبَهُ فَاسْتَفْظَعْتُ ذَلِكَ وَ قُلْتُ لَهُ وَیْحَكَ أَنْتَ رَأَیْتَ هَذَا قَالَ إِی وَ الَّذِی سَمَكَ السَّمَاءَ لَقَدْ رَأَیْتُ هَذَا أَیُّهَا الشَّیْخُ وَ عَایَنْتُهُ وَ إِنَّكَ وَ أَصْحَابَكَ الَّذِینَ تُعِینُونَ عَلَی مَا قَدْ رَأَیْنَا مِمَّا أَقْرَحَ عُیُونَ الْمُسْلِمِینَ إِنْ كَانَ فِی الدُّنْیَا مُسْلِمٌ فَقُلْتُ وَیْحَكَ وَ مَا هُوَ قَالَ

ص: 391

حَیْثُ لَمْ تُنْكِرُوا مَا أَجْرَی سُلْطَانُكُمْ إِلَیْهِ قُلْتُ وَ مَا جَرَی قَالَ أَ یُكْرَبُ قَبْرُ ابْنِ النَّبِیِّ وَ یُحْرَثُ أَرْضُهُ قُلْتُ وَ أَیْنَ الْقَبْرُ قَالَ هَا هُوَ ذَا أَنْتَ وَاقِفٌ فِی أَرْضِهِ فَأَمَّا الْقَبْرُ فَقَدْ عَمِیَ عَنْ أَنْ یُعْرَفَ مَوْضِعُهُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ وَ مَا كُنْتُ رَأَیْتُ الْقَبْرَ ذَلِكَ الْوَقْتَ قَطُّ وَ لَا أَتَیْتُهُ فِی طُولِ عُمُرِی فَقُلْتُ مَنْ لِی بِمَعْرِفَتِهِ فَمَضَی مَعِیَ الشَّیْخُ حَتَّی وَقَفَ بِی عَلَی حَیْرٍ(1) لَهُ بَابٌ وَ آذِنٌ وَ إِذَا جَمَاعَةٌ كَثِیرَةٌ عَلَی الْبَابِ فَقُلْتُ لِلْآذِنِ أُرِیدُ الدُّخُولَ عَلَی ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَا تَقْدِرُ عَلَی الْوُصُولِ فِی هَذَا الْوَقْتِ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ هَذَا وَقْتُ زِیَارَةِ إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَعَهُمَا جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ فِی رَعِیلٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَثِیرٍ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ فَانْتَبَهْتُ وَ قَدْ دَخَلَنِی رَوْعٌ شَدِیدٌ وَ حُزْنٌ وَ كَآبَةٌ وَ مَضَتْ بِیَ الْأَیَّامُ حَتَّی كِدْتُ أَنْ أَنْسَی الْمَنَامَ ثُمَّ اضْطُرِرْتُ إِلَی الْخُرُوجِ إِلَی بَنِی غَاضِرَةَ لِدَیْنٍ كَانَ لِی عَلَی رَجُلٍ مِنْهُمْ فَخَرَجْتُ وَ أَنَا لَا أَذْكُرُ الْحَدِیثَ حَتَّی صِرْتُ بِقَنْطَرَةِ الْكُوفَةِ لَقِیَنِی عَشَرَةٌ مِنَ اللُّصُوصِ فَحِینَ رَأَیْتُهُمْ ذَكَرْتُ الْحَدِیثَ وَ رَعَبْتُ مِنْ خَشْیَتِی لَهُمْ فَقَالُوا لِی أَلْقِ مَا مَعَكَ وَ انْجُ بِنَفْسِكَ وَ كَانَتْ مَعِی نُفَیْقَةٌ فَقُلْتُ وَیْحَكُمْ- أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ فِی طَلَبِ دَیْنٍ لِی وَ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَا تَقْطَعُونِی عَنْ طَلَبِ دَیْنِی وَ تَصَرُّفَاتِی فِی نَفَقَتِی فَإِنِّی شَدِیدُ الْإِضَافَةِ فَنَادَی رَجُلٌ مِنْهُمْ مَوْلَایَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ لَا یُعَرَّضُ لَهُ ثُمَّ قَالَ لِبَعْضِ فِتْیَانِهِمْ كُنْ مَعَهُ حَتَّی تَصِیرَ بِهِ إِلَی الطَّرِیقِ الْأَیْمَنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلْتُ أَتَذَكَّرُ مَا رَأَیْتُهُ فِی الْمَنَامِ وَ أَتَعَجَّبُ مِنْ تَأْوِیلِ الْخَنَازِیرِ حَتَّی صِرْتُ إِلَی نَیْنَوَی فَرَأَیْتُ وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الشَّیْخَ الَّذِی كُنْتُ رَأَیْتُهُ فِی مَنَامِی بِصُورَتِهِ وَ هَیْئَتِهِ رَأَیْتُهُ فِی الْیَقَظَةِ كَمَا رَأَیْتُهُ فِی الْمَنَامِ سَوَاءً فَحِینَ رَأَیْتُهُ ذَكَرْتُ الْأَمْرَ وَ الرُّؤْیَا فَقُلْتُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَا كَانَ هَذَا إِلَّا وَحْیاً ثُمَّ سَأَلْتُهُ كَمَسْأَلَتِی إِیَّاهُ فِی الْمَنَامِ فَأَجَابَنِی بِمَا كَانَ أَجَابَنِی ثُمَّ قَالَ لِی امْضِ بِنَا فَمَضَیْتُ

ص: 392


1- 1. الحبر: البستان، و المراد الحائر الحسینی علیه السلام.

فَوَقَفْتُ مَعَهُ عَلَی الْمَوْضِعِ وَ هُوَ مَكْرُوبٌ فَلَمْ یَفُتْنِی شَیْ ءٌ مِنْ مَنَامِی إِلَّا الْآذِنُ وَ الْحَیْرُ فَإِنِّی لَمْ أَرَ حَیْراً وَ لَمْ أَرَ آذِناً فَاتَّقِ اللَّهَ أَیُّهَا الرَّجُلُ فَإِنِّی قَدْ آلَیْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ لَا أَدَعَ إِذَاعَةَ هَذَا الْحَدِیثِ وَ لَا زِیَارَةَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ قَصْدَهُ وَ إِعْظَامَهُ فَإِنَّ مَوْضِعاً یَؤُمُّهُ إِبْرَاهِیمُ وَ مُحَمَّدٌ وَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ لَحَقِیقٌ بِأَنْ یُرْغَبَ فِی إِتْیَانِهِ وَ زِیَارَتِهِ فَإِنَّ أَبَا حُصَیْنٍ حَدَّثَنِی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ رَآنِی فِی الْمَنَامِ فَإِیَّایَ رَأَی فَإِنَّ الشَّیْطَانَ لَا یَتَشَبَّهُ بِی فَقَالَ لَهُ مُوسَی إِنَّمَا أَمْسَكْتُ عَنْ إِجَابَةِ كَلَامِكَ لِأَسْتَوْفِیَ هَذِهِ الْحُمْقَةَ الَّتِی ظَهَرَتْ مِنْكَ وَ تَاللَّهِ إِنْ بَلَغَنِی بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهَذَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ وَ عُنُقَ هَذَا الَّذِی جِئْتَ بِهِ شَاهِداً عَلَیَّ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِذاً یَمْنَعُنِی اللَّهُ وَ إِیَّاهُ مِنْكَ فَإِنِّی إِنَّمَا أَرَدْتُ اللَّهَ بِمَا كَلَّمْتُكَ بِهِ فَقَالَ لَهُ أَ تُرَاجِعُنِی یَا مَاصُّ وَ شَتَمَهُ فَقَالَ لَهُ اسْكُتْ أَخْزَاكَ اللَّهُ وَ قَطَعَ لِسَانَكَ فَأُزْعِلَ مُوسَی عَلَی سَرِیرِهِ ثُمَّ قَالَ خُذُوهُ فَأَخَذُوا الشَّیْخَ عَنِ السَّرِیرِ وَ أُخِذْتُ أَنَا فَوَ اللَّهِ لَقَدْ مَرَّ بِنَا مِنَ السَّحْبِ وَ الْجَرِّ وَ الضَّرْبِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّنَا لَا نُكْثِرُ الْأَحْیَاءَ أَبَداً وَ كَانَ أَشَدَّ مَا مَرَّ بِی مِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَأْسِی كَانَ یُجَرُّ عَلَی الصَّخْرِ وَ كَانَ بَعْضُ مَوَالِیهِ یَأْتِینِی فَیَنْتِفُ لِحْیَتِی وَ مُوسَی یَقُولُ اقْتُلُوهُمَا ابْنَیْ كَذَا وَ كَذَا بِالزَّانِی لَا یُكَنِّی وَ أَبُو بَكْرٍ یَقُولُ لَهُ أَمْسِكْ قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَكَ وَ انْتَقَمَ مِنْكَ اللَّهُمَّ إِیَّاكَ أَرَدْنَا وَ لِوُلْدِ نَبِیِّكَ غَضِبْنَا وَ عَلَیْكَ تَوَكَّلْنَا فَصَیَّرَ بِنَا جَمِیعاً إِلَی الْحَبْسِ فَمَا لَبِثْنَا فِی الْحَبْسِ إِلَّا قَلِیلًا فَالْتَفَتَ إِلَیَّ أَبُو بَكْرٍ وَ رَأَی ثِیَابِی قَدْ خُرِّقَتْ وَ سَالَتْ دِمَائِی فَقَالَ یَا حِمَّانِیُّ قَدْ قَضَیْنَا لِلَّهِ حَقّاً وَ اكْتَسَبْنَا فِی یَوْمِنَا هَذَا أَجْراً وَ لَنْ یَضِیعَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدَ رَسُولِهِ فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا قَدْرَ غَدَائِهِ وَ نَوْمِهِ حَتَّی جَاءَنَا رَسُولُهُ فَأَخْرَجَنَا إِلَیْهِ وَ طَلَبَ حِمَارَ أَبِی بَكْرٍ فَلَمْ یُوجَدْ فَدَخَلْنَا عَلَیْهِ وَ إِذَا هُوَ فِی سِرْدَابٍ لَهُ یَشْبَهُ الدُّورَ سَعَةً وَ كِبَراً فَتَعِبْنَا فِی الْمَشْیِ إِلَیْهِ تَعَباً شَدِیداً وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا تَعِبَ فِی مَشْیِهِ جَلَسَ یَسِیراً ثُمَّ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا فِیكَ فَلَا تَنْسَهُ فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَی مُوسَی وَ إِذَا هُوَ عَلَی سَرِیرٍ لَهُ فَحِینَ بَصُرَ بِنَا قَالَ لَا حَیَّا اللَّهُ وَ لَا قَرَّبَ مِنْ جَاهِلٍ

ص: 393

أَحْمَقَ مُتَعَرِّضٍ لِمَا یَكْرَهُ وَیْلَكَ یَا دَعِیُّ مَا دُخُولُكَ فِیمَا بَیْنَنَا مَعْشَرَ بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكَ وَ اللَّهُ حَسِیبُكَ فَقَالَ لَهُ اخْرُجْ قَبَّحَكَ اللَّهُ وَ اللَّهِ إِنْ بَلَغَنِی أَنَّ هَذَا الْحَدِیثَ شَاعَ أَوْ ذُكِرَ عَنْكَ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ وَ قَالَ یَا كَلْبُ وَ شَتَمَنِی وَ قَالَ إِیَّاكَ ثُمَّ إِیَّاكَ أَنْ تُظْهِرَ هَذَا فَإِنَّهُ إِنَّمَا خُیِّلَ لِهَذَا الشَّیْخِ الْأَحْمَقِ شَیْطَانٌ یَلْعَبُ بِهِ فِی مَنَامِهِ اخْرُجَا عَلَیْكُمَا لَعْنَةُ اللَّهِ وَ غَضَبُهُ فَخَرَجْنَا وَ قَدْ أَیِسْنَا مِنَ الْحَیَاةِ فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَی مَنْزِلِ الشَّیْخِ أَبِی بَكْرٍ وَ هُوَ یَمْشِی وَ قَدْ ذَهَبَ حِمَارُهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَدْخُلَ مَنْزِلَهُ الْتَفَتَ إِلَیَّ وَ قَالَ احْفَظْ هَذَا الْحَدِیثَ وَ أَثْبِتْهُ عِنْدَكَ وَ لَا تُحَدِّثَنَّ هَؤُلَاءِ الرُّعَاعَ وَ لَكِنْ حَدِّثْ بِهِ أَهْلَ الْعُقُولِ وَ الدِّینِ.

بیان: تقول كربت الأرض أی قلبتها للحرث و الرعیل القطعة من الخیل و الإضافة الضیافة و قال الجوهری قولهم یا مصان و للأنثی یا مصانة شتم أی یا ماص فرج أمه و یقال أیضا رجل مصان إذا كان یرضع الغنم من لؤمه و زاعله أزعجه قوله إننا لا نكثر الأحیاء أبدا هو كنایة عن الموت أی لا نكون بینهم حتی یكثر عددهم بنا قوله بالزانی لا یكنی أی كان یقول فی الشتم ألفاظا صریحة فی الزنا و لا یكتفی بالكنایة.

«2»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ حَشِیشٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الدِّیزَجِ قَالَ: بَعَثَنِی الْمُتَوَكِّلُ إِلَی كَرْبَلَاءَ لِتَغْیِیرِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ كَتَبَ مَعِی إِلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْقَاضِی أُعْلِمُكَ أَنِّی قَدْ بَعَثْتُ إِبْرَاهِیمَ الدِّیزَجَ إِلَی كَرْبَلَاءَ لِیَنْبُشَ قَبْرَ الْحُسَیْنِ فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِی فَقِفْ عَلَی الْأَمْرِ حَتَّی تَعْرِفَ فَعَلَ أَوْ لَمْ یَفْعَلْ قَالَ الدِّیزَجُ فَعَرَّفَنِی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ مَا كَتَبَ بِهِ إِلَیْهِ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِی بِهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ ثُمَّ أَتَیْتُهُ فَقَالَ لِی مَا صَنَعْتَ فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَ بِهِ فَلَمْ أَرَ شَیْئاً وَ لَمْ أَجِدْ شَیْئاً فَقَالَ لِی أَ فَلَا عَمَّقْتَهُ قُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ فَمَا رَأَیْتُ فَكَتَبَ إِلَی السُّلْطَانِ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ الدِّیزَجَ قَدْ نَبَشَ فَلَمْ یَجِدْ شَیْئاً وَ أَمَرْتُهُ

ص: 394

فَمَخَرَهُ بِالْمَاءِ وَ كَرَبَهُ بِالْبَقَرِ قَالَ أَبُو عَلِیٍّ الْعَمَّارِیُّ فَحَدَّثَنِی إِبْرَاهِیمُ الدِّیزَجُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ صُورَةِ الْأَمْرِ فَقَالَ لِی أَتَیْتُ فِی خَاصَّةِ غِلْمَانِی فَقَطْ وَ إِنِّی نَبَشْتُ فَوَجَدْتُ بَارِیَةً جَدِیدَةً وَ عَلَیْهَا بَدَنُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ وَجَدْتُ مِنْهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ فَتَرَكْتُ الْبَارِیَةَ عَلَی حَالِهَا وَ بَدَنَ الْحُسَیْنِ عَلَی الْبَارِیَةِ وَ أَمَرْتُ بِطَرْحِ التُّرَابِ عَلَیْهِ وَ أَطْلَقْتُ عَلَیْهِ الْمَاءَ وَ أَمَرْتُ بِالْبَقَرِ لِتَمْخَرَهُ وَ تَحْرُثَهُ فَلَمْ تَطَأْهُ الْبَقَرُ وَ كَانَتْ إِذَا جَاءَتْ إِلَی الْمَوْضِعِ رَجَعَتْ عَنْهُ فَحَلَفْتُ لِغِلْمَانِی بِاللَّهِ وَ بِالْأَیْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ لَئِنْ ذَكَرَ أَحَدٌ هَذَا لَأَقْتُلَنَّهُ.

بیان: یقال مخرت الأرض أی أرسلت فیه الماء و السفینة إذا جرت تشق الماء مع صوت.

«3»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی السَّلَاسِلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبَاقَطَانِیِّ قَالَ: ضَمَّنِی عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ یَحْیَی بْنِ خَاقَانَ إِلَی هَارُونَ الْمُعَرِّیِّ وَ كَانَ قَائِداً مِنْ قُوَّادِ السُّلْطَانِ أَكْتُبُ لَهُ وَ كَانَ بَدَنُهُ كُلُّهُ أَبْیَضَ شَدِیدَ الْبَیَاضِ حَتَّی یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ كَانَا كَذَلِكَ وَ كَانَ وَجْهُهُ أَسْوَدَ شَدِیدَ السَّوَادِ كَأَنَّهُ الْقِیرُ وَ كَانَ یَتَفَقَّأُ مَعَ ذَلِكَ مِدَّةً مُنْتِنَةً قَالَ فَلَمَّا أَنِسَ بِی سَأَلْتُهُ عَنْ سَوَادِ وَجْهِهِ فَأَبَی أَنْ یُخْبِرَنِی ثُمَّ إِنَّهُ مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِی مَاتَ فِیهِ فَقَعَدْتُ فَسَأَلْتُهُ فَرَأَیْتُهُ كَأَنَّهُ یُحِبُّ أَنْ یُكْتَمَ عَلَیْهِ فَضَمِنْتُ لَهُ الْكِتْمَانَ فَحَدَّثَنِی قَالَ وَجَّهَنِی الْمُتَوَكِّلُ أَنَا وَ الدِّیزَجَ لِنَبْشِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ وَ إِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَیْهِ فَلَمَّا عَزَمْتُ عَلَی الْخُرُوجِ وَ الْمَسِیرِ إِلَی النَّاحِیَةِ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَنَامِ فَقَالَ لَا تَخْرُجْ مَعَ الدِّیزَجِ وَ لَا تَفْعَلْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فِی قَبْرِ الْحُسَیْنِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءُوا یَسْتَحِثُّونِی فِی الْمَسِیرِ فَسِرْتُ مَعَهُمْ حَتَّی وَفَیْنَا كَرْبَلَاءَ وَ فَعَلْنَا مَا أَمَرَنَا بِهِ الْمُتَوَكِّلُ فَرَأَیْتُ النَّبِیَّ فِی الْمَنَامِ فَقَالَ أَ لَمْ آمُرْكَ أَنْ لَا تَخْرُجَ مَعَهُمْ وَ لَا تَفْعَلَ فِعْلَهُمْ فَلَمْ تَقَبَلْ حَتَّی فَعَلْتَ مَا فَعَلُوا ثُمَّ لَطَمَنِی وَ تَفَلَ فِی وَجْهِی فَصَارَ وَجْهِی مُسْوَدّاً كَمَا تَرَی وَ جِسْمِی عَلَی حَالَتِهِ الْأُولَی.

بیان: تفقأ الدمل و القرح تشقق.

«4»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَحْمَدَ أَبِی الْقَاسِمِ الْفَقِیهِ عَنِ الْفَضْلِ

ص: 395

بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَمِیدِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ الدِّیزَجِ وَ كُنْتُ جَارَهُ أَعُودُهُ فِی مَرَضِهِ الَّذِی مَاتَ فِیهِ فَوَجَدْتُهُ بِحَالٍ سَوْءٍ وَ إِذَا هُوَ كَالْمَدْهُوشِ وَ عِنْدَهُ الطَّبِیبُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ وَ كَانَتْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ خِلْطَةٌ وَ أُنْسٌ تُوجِبُ الثِّقَةَ بِی وَ الِانْبِسَاطَ إِلَیَّ فَكَاتَمَنِی حَالَهُ وَ

أَشَارَ إِلَی الطَّبِیبِ فَشَعَرَ الطَّبِیبُ بِإِشَارَتِهِ وَ لَمْ یَعْرِفْ مِنْ حَالِهِ مَا یَصِفُ لَهُ مِنَ الدَّوَاءِ مَا یَسْتَعْمِلُهُ فَقَامَ فَخَرَجَ وَ خَلَا الْمَوْضِعُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ أُخْبِرُكَ وَ اللَّهِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنَّ الْمُتَوَكِّلَ أَمَرَنِی بِالْخُرُوجِ إِلَی نَیْنَوَی إِلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَأَمَرَنَا أَنْ نَكْرُبَهُ وَ نَطْمِسَ أَثَرَ الْقَبْرِ فَوَافَیْتُ النَّاحِیَةَ مَسَاءً وَ مَعَنَا الْفَعَلَةُ وَ الدركاریون (1) [الرُّوزْكَارِیُّونَ] مَعَهُمُ الْمَسَاحِی وَ الْمِرْوَدُ فَتَقَدَّمْتُ إِلَی غِلْمَانِی وَ أَصْحَابِی أَنْ یَأْخُذُوا الْفَعَلَةَ بِخَرَابِ الْقَبْرِ وَ حَرْثِ أَرْضِهِ فَطَرَحْتُ نَفْسِی لِمَا نَالَنِی مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ وَ نِمْتُ فَذَهَبَ بِیَ النَّوْمُ فَإِذَا ضَوْضَاءٌ شَدِیدٌ وَ أَصْوَاتٌ عَالِیَةٌ وَ جَعَلَ الْغِلْمَانُ یُنَبِّهُونِی فَقُمْتُ وَ أَنَا ذَعِرٌ فَقُلْتُ لِلْغِلْمَانِ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا أَعْجَبُ شَأْنٍ قُلْتُ وَ مَا ذَاكَ قَالُوا إِنَّ بِمَوْضِعِ الْقَبْرِ قَوْماً قَدْ حَالُوا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْقَبْرِ وَ هُمْ یَرْمُونَنَا مَعَ ذَلِكَ بِالنُّشَّابِ فَقُمْتُ مَعَهُمْ لِأَتَبَیَّنَ الْأَمْرَ فَوَجَدْتُهُ كَمَا وَصَفُوا وَ كَانَ ذَلِكَ فِی أَوَّلِ اللَّیْلِ مِنْ لَیَالِی الْبِیضِ فَقُلْتُ ارْمُوهُمْ فَرَمَوْا فَعَادَتْ سِهَامُنَا إِلَیْنَا فَمَا سَقَطَ سَهْمٌ مِنَّا إِلَّا فِی صَاحِبِهِ الَّذِی رَمَی بِهِ فَقَتَلَهُ فَاسْتَوْحَشْتُ لِذَلِكَ وَ جَزِعْتُ وَ أَخَذَتْنِی الْحُمَّی وَ الْقُشَعْرِیرَةُ وَ رَحَلْتُ عَنِ الْقَبْرِ لِوَقْتِی وَ وَطَّنْتُ نَفْسِی عَلَی أَنْ یَقْتُلَنِیَ الْمُتَوَكِّلُ لِمَا لَمْ أَبْلُغْ فِی الْقَبْرِ جَمِیعَ مَا تَقَدَّمَ إِلَیَّ بِهِ قَالَ أَبُو بَرْزَةَ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ كُفِیتَ مَا تَحْذَرُ مِنَ الْمُتَوَكِّلِ قَدْ قُتِلَ بَارِحَةَ الْأُولَی وَ أَعَانَ عَلَیْهِ فِی قَتْلِهِ الْمُنْتَصِرُ فَقَالَ لِی قَدْ سَمِعْتُ بِذَلِكَ وَ قَدْ نَالَنِی فِی جِسْمِی مَا لَا أَرْجُو مَعَهُ الْبَقَاءَ قَالَ أَبُو بَرْزَةَ كَانَ هَذَا فِی أَوَّلِ النَّهَارِ فَمَا أَمْسَی الدِّیزَجُ حَتَّی مَاتَ.

قَالَ ابْنُ حَشِیشٍ قَالَ أَبُو الْمُفَضَّلِ: إِنَّ الْمُنْتَصِرَ سَمِعَ أَبَاهُ یَشْتِمُ فَاطِمَةَ فَسَأَلَ

ص: 396


1- 1. الروزكاریون خ ل. و المساحی: جمع مسحاة و المرود- هنا: محور البكرة من الحدید و هی خشبة مستدیرة فی وسطها محز یستقی علیها.

رَجُلًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ قَدْ وَجَبَ عَلَیْهِ الْقَتْلُ إِلَّا أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ لَمْ یَطُلْ لَهُ عُمُرٌ قَالَ مَا أُبَالِی إِذَا أَطَعْتُ اللَّهَ بِقَتْلِهِ أَنْ لَا یَطُولَ لِی عُمُرٌ فَقَتَلَهُ وَ عَاشَ بَعْدَهُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ.

«5»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ هَارُونَ الْخَدِیجِیِّ الْكَبِیرِ مِنْ شَاطِئِ النِّیلِ قَالَ حَدَّثَنِی جَدِّی الْقَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَسَدِیُّ الْكُوفِیُّ وَ كَانَ لَهُ عِلْمٌ بِالسِّیرَةِ وَ أَیَّامِ النَّاسِ قَالَ: بَلَغَ الْمُتَوَكِّلَ جَعْفَرَ بْنَ الْمُعْتَصِمِ أَنَّ أَهْلَ السَّوَادِ یَجْتَمِعُونَ بِأَرْضِ نَیْنَوَی لِزِیَارَةِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَیَصِیرُ إِلَی قَبْرِهِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِیرٌ فَأَنْفَذَ قَائِداً مِنْ قُوَّادِهِ وَ ضَمَّ إِلَیْهِ كَنَفاً مِنَ الْجُنْدِ كَثِیراً لِیَشْعَثَ قَبْرَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ یَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ زِیَارَتِهِ وَ الِاجْتِمَاعِ إِلَی قَبْرِهِ فَخَرَجَ الْقَائِدُ إِلَی الطَّفِّ وَ عَمِلَ بِمَا أُمِرَ وَ ذَلِكَ فِی سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ وَ مِائَتَیْنِ فَثَارَ أَهْلُ السَّوَادِ بِهِ وَ اجْتَمَعُوا عَلَیْهِ وَ قَالُوا لَوْ قُتِلْنَا عَنْ آخِرِنَا لَمَا أَمْسَكَ مَنْ بَقِیَ مِنَّا عَنْ زِیَارَتِهِ وَ رَأَوْا مِنَ الدَّلَائِلِ مَا حَمَلَهُمْ عَلَی مَا صَنَعُوا فَكَتَبَ بِالْأَمْرِ إِلَی الْحَضْرَةِ فَوَرَدَ كِتَابُ الْمُتَوَكِّلِ إِلَی الْقَائِدِ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ وَ الْمَسِیرِ إِلَی الْكُوفَةِ مُظْهِراً أَنَّ مَسِیرَهُ إِلَیْهَا فِی مَصَالِحِ أَهْلِهَا وَ الِانْكِفَاءِ إِلَی الْمِصْرِ فَمَضَی الْأَمْرُ عَلَی ذَلِكَ حَتَّی كَانَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ فَبَلَغَ الْمُتَوَكِّلَ أَیْضاً مَصِیرُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ وَ الْكُوفَةِ إِلَی كَرْبَلَاءَ لِزِیَارَةِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ جَمْعُهُمْ لِذَلِكَ وَ صَارَ لَهُمْ سُوقٌ كَبِیرٌ فَأَنْفَذَ قَائِداً فِی جَمْعٍ كَثِیرٍ مِنَ الْجُنْدِ وَ أَمَرَ مُنَادِیاً یُنَادِی بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِمَّنْ زَارَ قَبْرَهُ وَ نَبَشَ الْقَبْرَ وَ حَرَثَ أَرْضَهُ وَ انْقَطَعَ النَّاسُ عَنِ الزِّیَارَةِ وَ عَمِلَ عَلَی تَتَبُّعِ آلِ أَبِی طَالِبٍ وَ الشِّیعَةِ فَقُتِلَ وَ لَمْ یَتِمَّ لَهُ مَا قَدَّرَهُ.

بیان: قوله كنفا من الجند أی جانبا كنایة عن الجماعة منهم و فی بعض النسخ بالثاء و هو بالفتح الجماعة قوله لیشعب أی یشق و ینش و فی بعض النسخ المصححة لیشعث من قبره یقال شعث منه تشعیثا نضح عنه و ذب و دفع و انكفأ رجع.

«6»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ غَالِبٍ الْأَزْدِیِ

ص: 397

قَالَ حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَابِیَةَ الطُّورِیُّ قَالَ: حَجَجْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ مِائَتَیْنِ فَلَمَّا صَدَرْتُ مِنَ الْحَجِّ صِرْتُ إِلَی الْعِرَاقِ فَزُرْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَلَی حَالِ خِیفَةٍ مِنَ السُّلْطَانِ وَ زُرْتُهُ ثُمَّ تَوَجَّهْتُ إِلَی زِیَارَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِذَا هُوَ قَدْ حُرِثَ أَرْضُهُ وَ مُخِرَ فِیهَا الْمَاءُ وَ أُرْسِلَتِ الثِّیرَانُ الْعَوَامِلُ فِی الْأَرْضِ فَبِعَیْنِی وَ بَصَرِی كُنْتُ رَأَیْتُ الثِّیرَانَ تُسَاقُ فِی الْأَرْضِ فَتَنْسَاقُ لَهُمْ حَتَّی إِذَا حَازَتْ مَكَانَ الْقَبْرِ حَادَتْ عَنْهُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَتُضْرَبُ بِالْعَصَا الضَّرْبَ الشَّدِیدَ فَلَا یَنْفَعُ ذَلِكَ فِیهَا وَ لَا تَطَأُ الْقَبْرَ بِوَجْهٍ وَ لَا سَبَبٍ فَمَا أَمْكَنَتْنِی الزِّیَارَةُ فَتَوَجَّهْتُ إِلَی بَغْدَادَ وَ أَنَا أَقُولُ:

تَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ أُمَیَّةُ قَدْ أَتَتْ***قَتْلَ ابْنِ بِنْتِ نَبِیِّهَا مَظْلُوماً

فَلَقَدْ أَتَاهُ بَنُو أَبِیهِ بِمِثْلِهَا***هَذَا لَعَمْرُكَ قَبْرُهُ مَهْدُوماً

أَسِفُوا عَلَی أَنْ لَا یَكُونُوا شَایَعُوا***فِی قَتْلِهِ فَتَتَبَّعُوهُ رَمِیماً

فَلَمَّا قَدِمْتُ بَغْدَادَ سَمِعْتُ الْهَائِعَةَ فَقُلْتُ مَا الْخَبَرُ قَالُوا سَقَطَ الطَّائِرُ بِقَتْلِ جَعْفَرٍ الْمُتَوَكِّلِ فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ وَ قُلْتُ إِلَهِی لَیْلَةٌ بِلَیْلَةٍ.

بیان: قال الفیروزآبادی الهیعة و الهائعة الصوت تفزع منه و تخافه من عدو.

«7»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمٍ الْأُبُلِّیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النُّعْمَانِ الْجُوزْجَانِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُغِیرَةِ الرَّازِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ جَرِیرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَسَأَلَهُ جَرِیرٌ عَنْ خَبَرِ النَّاسِ فَقَالَ تَرَكْتُ الرَّشِیدَ وَ قَدْ كَرَبَ قَبْرَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَمَرَ أَنْ تُقْطَعَ السِّدْرَةُ الَّتِی فِیهِ فَقُطِعَتْ قَالَ فَرَفَعَ جَرِیرٌ یَدَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ جَاءَنَا فِیهِ حَدِیثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ قَاطِعَ السِّدْرَةِ ثَلَاثاً فَلَمْ نَقِفْ عَلَی مَعْنَاهُ حَتَّی الْآنَ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِقَطْعِهِ تَغْیِیرُ مَصْرَعِ الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی لَا یَقِفَ النَّاسُ عَلَی قَبْرِهِ.

«8»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَرَجٍ الرحجی [الرُّخَّجِیِ] قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ فَرَجٍ قَالَ: أَنْفَذَنِیَ الْمُتَوَكِّلُ فِی تَخْرِیبِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَصِرْتُ إِلَی النَّاحِیَةِ فَأَمَرْتُ بِالْبَقَرِ فَمُرَّ بِهَا عَلَی الْقُبُورِ كُلِّهَا-

ص: 398

فَلَمَّا بَلَغَتْ قَبْرَ الْحُسَیْنِ علیه السلام لَمْ تَمُرَّ عَلَیْهِ قَالَ عَمِّی عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ فَأَخَذْتُ الْعَصَا بِیَدِی فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُهَا حَتَّی تَكَسَّرَتِ الْعَصَا فِی یَدِی فَوَ اللَّهِ مَا جَازَتْ عَلَی قَبْرِهِ وَ لَا تَخَطَّتْهُ قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ كَانَ عَمِّی عُمَرُ بْنُ فَرَجٍ كَثِیرَ الِانْحِرَافِ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنَا أَبْرَأُ إِلَی اللَّهِ مِنْهُ وَ كَانَ جَدِّی أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ شَدِیدَ الْمَوَدَّةِ لَهُمْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ رَضِیَ عَنْهُ فَأَنَا أَتَوَلَّاهُ لِذَلِكَ وَ أَفْرَحُ بِوِلَادَتِهِ.

«9»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَابُوسِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: صَلَّیْتُ فِی جَامِعِ الْمَدِینَةِ وَ إِلَی جَانِبِی رَجُلَانِ عَلَی أَحَدِهِمَا ثِیَابُ السَّفَرِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ یَا فُلَانُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ طِینَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِی وَجَعُ الْجَوْفِ فَتَعَالَجْتُ بِكُلِّ دَوَاءٍ فَلَمْ أَجِدْ فِیهِ عَافِیَةً وَ خِفْتُ عَلَی نَفْسِی وَ أَیِسْتُ مِنْهَا وَ كَانَتْ عِنْدَنَا امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَجُوزٌ كَبِیرَةٌ فَدَخَلَتْ عَلَیَّ وَ أَنَا فِی أَشَدِّ مَا بِی مِنَ الْعِلَّةِ فَقَالَتْ لِی یَا سَالِمُ مَا أَرَی عِلَّتَكَ إِلَّا كُلَّ یَوْمٍ زَائِدَةً فَقُلْتُ لَهَا نَعَمْ فَقَالَتْ فَهَلْ لَكَ أَنْ أُعَالِجَكَ فَتَبْرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقُلْتُ لَهَا مَا أَنَا إِلَی شَیْ ءٍ أَحْوَجَ مِنِّی إِلَی هَذَا فَسَقَتْنِی مَاءً فِی قَدَحٍ فَسَكَنَتْ عَنِّی الْعِلَّةُ وَ بَرَأَتْ حَتَّی كَأَنْ لَمْ یَكُنْ بِی عِلَّةٌ قَطُّ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَشْهُرٍ دَخَلْتُ عَلَی الْعَجُوزِ فَقُلْتُ لَهَا بِاللَّهِ عَلَیْكِ یَا سَلَمَةُ وَ كَانَ اسْمُهَا سَلَمَةَ بِمَا ذَا دَاوَیْتِنِی فَقَالَتْ بِوَاحِدَةٍ مِمَّا فِی هَذِهِ السُّبْحَةِ مِنْ سُبْحَةٍ كَانَتْ فِی یَدِهَا فَقُلْتُ وَ مَا هَذِهِ السُّبْحَةُ فَقَالَتْ إِنَّهَا مِنْ طِینِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقُلْتُ لَهَا یَا رَافِضِیَّةُ دَاوَیْتِنِی بِطِینِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ فَخَرَجَتْ مِنْ عِنْدِی مُغْضَبَةً وَ رَجَعَتْ وَ اللَّهِ عِلَّتِی كَأَشَدِّ مَا كَانَتْ وَ أَنَا أُقَاسِی مِنْهَا الْجَهْدَ وَ الْبَلَاءَ وَ قَدْ وَ اللَّهِ خَشِیتُ عَلَی نَفْسِی ثُمَّ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَا یُصَلِّیَانِ وَ غَابَا عَنِّی.

«10»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی طَاهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی الشَّرِیعِیِّ عَنْ أَبِیهِ مُوسَی بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ قَالَ: لَقِیَنِی یُوحَنَّا بْنُ سَرَاقِیُونَ النَّصْرَانِیُّ الْمُتَطَبِّبُ فِی شَارِعِ أَبِی أَحْمَدَ فَاسْتَوْقَفَنِی وَ قَالَ لِی بِحَقِّ نَبِیِّكَ وَ دِینِكَ

ص: 399

مَنْ هَذَا الَّذِی یَزُورُ قَبْرَهُ قَوْمٌ مِنْكُمْ بِنَاحِیَةِ قَصْرِ ابْنِ هُبَیْرَةَ مَنْ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ نَبِیِّكُمْ قُلْتُ لَیْسَ هُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ هُوَ ابْنُ بِنْتِهِ فَمَا دَعَاكَ إِلَی الْمَسْأَلَةِ لِی عَنْهُ فَقَالَ لَهُ عِنْدِی حَدِیثٌ طَرِیفٌ فَقُلْتُ حَدِّثْنِی بِهِ فَقَالَ وَجَّهَ إِلَیَّ سَابُورُ الْكَبِیرُ الْخَادِمُ الرَّشِیدِیُّ فِی اللَّیْلِ فَصِرْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ تَعَالَ مَعِی فَمَضَی وَ أَنَا مَعَهُ حَتَّی دَخَلْنَا عَلَی مُوسَی بْنِ عِیسَی الْهَاشِمِیِّ فَوَجَدْنَاهُ زَائِلَ الْعَقْلِ مُتَّكِئاً عَلَی وِسَادَةٍ وَ إِذَا بَیْنَ یَدَیْهِ طَسْتٌ فِیهَا حَشْوُ جَوْفِهِ وَ كَانَ الرَّشِیدُ اسْتَحْضَرَهُ مِنَ الْكُوفَةِ فَأَقْبَلَ سَابُورُ عَلَی خَادِمٍ كَانَ مِنْ خَاصَّةِ مُوسَی فَقَالَ لَهُ وَیْحَكَ مَا خَبَرُهُ فَقَالَ لَهُ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ سَاعَتِهِ جَالِساً وَ حَوْلَهُ نُدَمَاؤُهُ وَ هُوَ مِنْ أَصَحِّ النَّاسِ جِسْماً وَ أَطْیَبِهِمْ نَفْساً إِذْ جَرَی ذِكْرُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ یُوحَنَّا هَذَا الَّذِی سَأَلْتُكَ عَنْهُ فَقَالَ مُوسَی إِنَّ الرَّافِضَةَ لَیَغْلُونَ فِیهِ حَتَّی إِنَّهُمْ فِیمَا عَرَفْتُ یَجْعَلُونَ تُرْبَتَهُ دَوَاءً یَتَدَاوَوْنَ بِهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ كَانَ حَاضِراً قَدْ كَانَتْ بِی عِلَّةٌ غَلِیلَةٌ فَتَعَالَجْتُ لَهَا بِكُلِّ عِلَاجٍ فَمَا نَفَعَنِی حَتَّی وَصَفَ لِی كَاتِبِی أَنْ خُذْ مِنْ هَذِهِ التُّرْبَةِ فَأَخَذْتُهَا فَنَفَعَنِیَ اللَّهُ بِهَا وَ زَالَ عَنِّی مَا كُنْتُ أَجِدُهُ قَالَ فَبَقِیَ عِنْدَكَ مِنْهَا شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ فَوَجَّهَ فَجَاءَهُ مِنْهَا بِقِطْعَةٍ فَنَاوَلَهَا مُوسَی بْنَ عِیسَی فَأَخَذَهَا مُوسَی فَاسْتَدْخَلَهَا دُبُرَهُ اسْتِهْزَاءً بِمَنْ تَدَاوَی بِهَا وَ احْتِقَاراً وَ تَصْغِیراً لِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِی هِیَ تُرْبَتُهُ یَعْنِی الْحُسَیْنَ علیه السلام فَمَا هُوَ إِلَّا أَنِ اسْتَدْخَلَهَا دُبُرَهُ حَتَّی صَاحَ النَّارَ النَّارَ الطَّسْتَ الطَّسْتَ فَجِئْنَاهُ بِالطَّسْتِ فَأَخْرَجَ فِیهَا مَا تَرَی فَانْصَرَفَ النُّدَمَاءُ وَ صَارَ الْمَجْلِسُ مَأْتَماً فَأَقْبَلَ عَلَی سَابُورَ فَقَالَ انْظُرْ هَلْ لَكَ فِیهِ حِیلَةٌ فَدَعَوْتُ بِشَمْعَةٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا كَبِدُهُ وَ طِحَالُهُ وَ رِیَتُهُ وَ فُؤَادُهُ خَرَجَ مِنْهُ فِی الطَّسْتِ فَنَظَرْتُ إِلَی أَمْرٍ عَظِیمٍ فَقُلْتُ مَا لِأَحَدٍ فِی هَذَا صُنْعٌ إِلَّا أَنْ یَكُونَ لِعِیسَی الَّذِی كَانَ یُحْیِی

الْمَوْتَی فَقَالَ لِی سَابُورُ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ كُنْ هَاهُنَا فِی الدَّارِ إِلَی أَنْ یَتَبَیَّنَ مَا یَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ فَبِتُّ عِنْدَهُمْ وَ هُوَ بِتِلْكَ الْحَالِ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ فَمَاتَ فِی وَقْتِ السَّحَرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَی قَالَ لِی مُوسَی بْنُ سَرِیعٍ كَانَ یُوحَنَّا یَزُورُ قَبْرَ الْحُسَیْنِ

ص: 400

وَ هُوَ عَلَی دِینِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ هَذَا وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ.

«11»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: أَخَذَ الْمُسْتَرْشِدُ مِنْ مَالِ الْحَائِرِ وَ كَرْبَلَاءَ وَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ لَا یَحْتَاجُ إِلَی الْخِزَانَةِ أُنْفِقُ عَلَی الْعَسْكَرِ فَلَمَّا خَرَجَ قُتِلَ هُوَ وَ ابْنُهُ الرَّاشِدُ.

كِتَابَیْ ابْنِ بَطَّةَ وَ النَّطَنْزِیِّ رَوَی أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: أَحْدَثَ رَجُلٌ عَلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَأَصَابَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ جُنُونٌ وَ جُذَامٌ وَ بَرَصٌ وَ هُمْ یَتَوَارَثُونَ الْجُذَامَ إِلَی السَّاعَةِ.

وَ رَوَی جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ: أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَنْ یُجْرَی الْمَاءُ عَلَیْهِ مِنَ الْعَلْقَمِیِّ أَتَی زَیْدٌ الْمَجْنُونُ وَ بُهْلُولٌ الْمَجْنُونُ إِلَی كَرْبَلَاءَ فَنَظَرَا إِلَی الْقَبْرِ وَ إِذَا هُوَ مُعَلَّقٌ بِالْقُدْرَةِ فِی الْهَوَاءِ فَقَالَ زَیْدٌ یُرِیدُونَ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ- وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْحَرَّاثَ حَرَثَ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَ الْقَبْرُ یَرْجِعُ إِلَی حَالِهِ فَلَمَّا نَظَرَ الْحَرَّاثُ إِلَی ذَلِكَ آمَنَ بِاللَّهِ وَ حَلَّ الْبَقَرَ فَأُخْبِرَ الْمُتَوَكِّلَ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ (1).

«12»- أَقُولُ وَجَدْتُ فِی بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا قَالَ رُوِیَ عَنْ سُلَیْمَانَ الْأَعْمَشِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ نَازِلًا بِالْكُوفَةِ وَ كَانَ لِی جَارٌ وَ كُنْتُ آتِی إِلَیْهِ وَ أَجْلِسُ عِنْدَهُ فَأَتَیْتُ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَیْهِ فَقُلْتُ لَهُ یَا هَذَا مَا تَقُولُ فِی زِیَارَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ لِی هِیَ بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ذِی ضَلَالَةٍ فِی النَّارِ قَالَ سُلَیْمَانُ فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَ أَنَا مُمْتَلِئٌ عَلَیْهِ غَیْظاً فَقُلْتُ فِی نَفْسِی إِذَا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ آتِیهِ وَ أُحَدِّثُهُ شَیْئاً مِنْ فَضَائِلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنْ أَصَرَّ عَلَی الْعِنَادِ قَتَلْتُهُ قَالَ سُلَیْمَانُ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ أَتَیْتُهُ وَ قَرَعْتُ عَلَیْهِ الْبَابَ وَ دَعَوْتُهُ بِاسْمِهِ فَإِذَا بِزَوْجَتِهِ تَقُولُ لِی إِنَّهُ قَصَدَ إِلَی زِیَارَةِ الْحُسَیْنِ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ قَالَ سُلَیْمَانُ فَسِرْتُ فِی أَثَرِهِ إِلَی زِیَارَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَلَمَّا دَخَلْتُ إِلَی الْقَبْرِ فَإِذَا أَنَا بِالشَّیْخِ سَاجِدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ یَدْعُو وَ یَبْكِی فِی سُجُودِهِ وَ یَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ وَ الْمَغْفِرَةَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ بَعْدَ زَمَانٍ طَوِیلٍ فَرَآنِی قَرِیباً مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ یَا شَیْخُ بِالْأَمْسِ

ص: 401


1- 1. مناقب آل أبی طالب ج 4 ص 64.

كُنْتَ تَقُولُ زِیَارَةُ الْحُسَیْنِ علیه السلام بِدْعَةٌ وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَ كُلُّ ذِی ضَلَالَةٍ فِی النَّارِ وَ الْیَوْمَ أَتَیْتَ تَزُورُهُ فَقَالَ یَا سُلَیْمَانُ لَا تَلُمْنِی فَإِنِّی مَا كُنْتُ أُثْبِتُ لِأَهْلِ الْبَیْتِ إِمَامَةً حَتَّی كَانَتْ لَیْلَتِی تِلْكَ فَرَأَیْتُ رُؤْیَا هَالَتْنِی وَ رَوَّعَتْنِی فَقُلْتُ لَهُ مَا رَأَیْتَ أَیُّهَا الشَّیْخُ قَالَ رَأَیْتُ رَجُلًا جَلِیلَ الْقَدْرِ لَا بِالطَّوِیلِ الشَّاهِقِ وَ لَا بِالْقَصِیرِ اللَّاصِقِ لَا أَقْدِرُ أَصِفُهُ مِنْ عِظَمِ جَلَالِهِ وَ جَمَالِهِ وَ بَهَائِهِ وَ كَمَالِهِ وَ هُوَ مَعَ أَقْوَامٍ یَحُفُّونَ بِهِ حَفِیفاً وَ یَزُفُّونَهُ زَفِیفاً وَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَارِسٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ تَاجٌ وَ لِلتَّاجِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ وَ فِی كُلِّ رُكْنٍ جَوْهَرَةٌ تُضِی ءُ مِنْ مَسِیرَةِ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فَقُلْتُ لِبَعْضِ خُدَّامِهِ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَی قُلْتُ وَ مَنْ هَذَا الْآخَرُ فَقَالَ عَلِیٌّ الْمُرْتَضَی وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ مَدَدْتُ نَظَرِی فَإِذَا أَنَا بِنَاقَةٍ مِنْ نُورٍ وَ عَلَیْهَا هَوْدَجٌ مِنْ نُورٍ وَ فِیهِ امْرَأَتَانِ وَ النَّاقَةُ تَطِیرُ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذِهِ النَّاقَةُ فَقَالَ- لِخَدِیجَةَ الْكُبْرَی وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ علیها السلام فَقُلْتُ وَ مَنْ هَذَا الْغُلَامُ فَقَالَ هَذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ فَقُلْتُ وَ إِلَی أَیْنَ یُرِیدُونَ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالُوا لِزِیَارَةِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً شَهِیدِ كَرْبَلَاءَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی ثُمَّ إِنِّی قَصَدْتُ نَحْوَ الْهَوْدَجِ الَّذِی فِیهِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَ إِذَا أَنَا بِرِقَاعٍ مَكْتُوبَةٍ تَتَسَاقَطُ مِنَ السَّمَاءِ فَسَأَلْتُ مَا هَذِهِ الرِّقَاعُ فَقَالَ هَذِهِ رِقَاعٌ فِیهَا أَمَانٌ مِنَ النَّارِ لِزُوَّارِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ فَطَلَبْتُ مِنْهُ رُقْعَةً فَقَالَ لِی إِنَّكَ تَقُولُ زِیَارَتُهُ بِدْعَةٌ فَإِنَّكَ لَا تَنَالُهَا حَتَّی تَزُورَ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ تَعْتَقِدَ فَضْلَهُ وَ شَرَفَهُ فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِی فَزِعاً مَرْعُوباً وَ قَصَدْتُ مِنْ وَقْتِی وَ سَاعَتِی إِلَی زِیَارَةِ سَیِّدِیَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَنَا تَائِبٌ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَوَ اللَّهِ یَا سُلَیْمَانُ- لَا أُفَارِقُ قَبْرَ الْحُسَیْنِ حَتَّی یُفَارِقَ رُوحِی جَسَدِی.

قَالَ وَ رَوَی الثِّقَاتُ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ دِعْبِلِ بْنِ عَلِیٍّ الْخُزَاعِیِّ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفْتُ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام بِقَصِیدَتِی التَّائِیَّةِ نَزَلْتُ بِالرَّیِّ وَ إِنِّی فِی لَیْلَةٍ مِنَ اللَّیَالِی وَ أَنَا أَصُوغُ قَصِیدَةً وَ قَدْ ذَهَبَ مِنَ اللَّیْلِ شَطْرُهُ فَإِذَا طَارِقٌ یَطْرُقُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَخٌ لَكَ فَبَدَرْتُ إِلَی الْبَابِ فَفَتَحْتُهُ فَدَخَلَ شَخْصٌ اقْشَعَرَّ مِنْهُ بَدَنِی وَ ذَهَلَتْ مِنْهُ نَفْسِی فَجَلَسَ نَاحِیَةً وَ قَالَ لِی لَا تَرُعْ أَنَا أَخُوكَ مِنَ الْجِنِّ وُلِدْتُ

ص: 402

فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی وُلِدْتَ فِیهَا وَ نَشَأْتُ مَعَكَ وَ إِنِّی جِئْتُ أُحَدِّثُكَ بِمَا یَسُرُّكَ وَ یُقَوِّی نَفْسَكَ وَ بَصِیرَتَكَ قَالَ فَرَجَعَتْ نَفْسِی وَ سَكَنَ قَلْبِی فَقَالَ یَا دِعْبِلُ إِنِّی كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ خَلْقِ اللَّهِ بُغْضاً وَ عَدَاوَةً لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَخَرَجْتُ فِی نَفَرٍ مِنَ الْجِنِّ الْمَرَدَةِ الْعُتَاةِ فَمَرَرْنَا بِنَفَرٍ یُرِیدُونَ زِیَارَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَدْ جَنَّهُمُ اللَّیْلُ فَهَمَمْنَا بِهِمْ وَ إِذَا مَلَائِكَةٌ تَزْجُرُنَا مِنَ السَّمَاءِ وَ مَلَائِكَةٌ فِی الْأَرْضِ تَزْجُرُ عَنْهُمْ هَوَامَّهَا فَكَأَنِّی كُنْتُ نَائِماً فَانْتَبَهْتُ أَوْ غَافِلًا فَتَیَقَّظْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِعِنَایَةٍ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی لِمَكَانِ مَنْ قَصَدُوا لَهُ وَ تَشَرَّفُوا بِزِیَارَتِهِ فَأَحْدَثْتُ تَوْبَةً وَ جَدَّدْتُ نِیَّةً وَ زُرْتُ مَعَ الْقَوْمِ وَ وَقَفْتُ بِوُقُوفِهِمْ وَ دَعَوْتُ بِدُعَائِهِمْ وَ حَجَجْتُ بِحَجِّهِمْ تِلْكَ السَّنَةَ وَ زُرْتُ قَبْرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَوْلَهُ جَمَاعَةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ الصَّادِقُ علیه السلام قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ سَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَقَالَ لِی مَرْحَباً بِكَ یَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَ تَذْكُرُ لَیْلَتَكَ بِبَطْنِ كَرْبَلَاءَ وَ مَا رَأَیْتَ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَی لِأَوْلِیَائِنَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَ تَوْبَتَكَ وَ غَفَرَ خَطِیئَتَكَ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنَّ عَلَیَّ بِكُمْ وَ نَوَّرَ قَلْبِی بِنُورِ هِدَایَتِكُمْ وَ جَعَلَنِی مِنَ الْمُعْتَصِمِینَ بِحَبْلِ وَلَایَتِكُمْ فَحَدِّثْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ بِحَدِیثٍ أَنْصَرِفْ بِهِ إِلَی أَهْلِی وَ قَوْمِی فَقَالَ نَعَمْ حَدَّثَنِی أَبِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ- الْجَنَّةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَی الْأَنْبِیَاءِ حَتَّی أَدْخُلَهَا أَنَا وَ عَلَی الْأَوْصِیَاءِ حَتَّی تَدْخُلَهَا أَنْتَ وَ عَلَی الْأُمَمِ حَتَّی تَدْخُلَهَا أُمَّتِی وَ عَلَی أُمَّتِی حَتَّی یُقِرُّوا بِوَلَایَتِكَ وَ یَدِینُوا بِإِمَامَتِكَ یَا عَلِیُّ وَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ- لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَ مِنْكَ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ ثُمَّ قَالَ خُذْهَا یَا دِعْبِلُ فَلَنْ تَسْمَعَ بِمِثْلِهَا مِنْ مِثْلِی أَبَداً ثُمَّ ابْتَلَعَتْهُ الْأَرْضُ فَلَمْ أَرَهُ.

قَالَ وَ رُوِیَ: أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ مِنْ خُلَفَاءِ بَنِی الْعَبَّاسِ كَانَ كَثِیرَ الْعَدَاوَةِ شَدِیدَ الْبُغْضِ لِأَهْلِ بَیْتِ الرَّسُولِ وَ هُوَ الَّذِی أَمَرَ الْحَارِثِینَ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَنْ یُخْرِبُوا بُنْیَانَهُ وَ یُحْفُوا آثَارَهُ وَ أَنْ یُجْرُوا عَلَیْهِ الْمَاءَ مِنَ النَّهَرِ الْعَلْقَمِیِّ بِحَیْثُ لَا تَبْقَی لَهُ أَثَرٌ وَ لَا أَحَدٌ یَقِفُ لَهُ عَلَی خَبَرٍ وَ تَوَعَّدَ النَّاسَ بِالْقَتْلِ لِمَنْ زَارَ قَبْرَهُ وَ جَعَلَ رَصَداً مِنْ

ص: 403

أَجْنَادِهِ وَ أَوْصَاهُمْ كُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ یُرِیدُ زِیَارَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَاقْتُلُوهُ یُرِیدُ بِذَلِكَ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ وَ إِخْفَاءَ آثَارِ ذُرِّیَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَی رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْخَیْرِ یُقَالُ لَهُ زَیْدٌ الْمَجْنُونُ وَ لَكِنَّهُ ذُو عَقْلٍ سَدِیدٍ وَ رَأْیٍ رَشِیدٍ وَ إِنَّمَا لُقِّبَ بِالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ أَفْحَمَ كُلَّ لَبِیبٍ وَ قَطَعَ حُجَّةَ كُلِّ أَدِیبٍ وَ كَانَ لَا یَعْیَ مِنَ الْجَوَابِ وَ لَا یَمَلُّ مِنَ الْخِطَابِ فَسَمِعَ بِخَرَابِ بُنْیَانِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ حَرْثِ مَكَانِهِ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَیْهِ وَ اشْتَدَّ حُزْنُهُ وَ تَجَدَّدَ مُصَابُهُ بِسَیِّدِهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ كَانَ مَسْكَنُهُ یَوْمَئِذٍ بِمِصْرَ فَلَمَّا غَلَبَ عَلَیْهِ الْوَجْدُ وَ الْغَرَامُ لِحَرْثِ قَبْرِ الْإِمَامِ علیه السلام خَرَجَ مِنْ مِصْرَ مَاشِیاً هَائِماً عَلَی وَجْهِهِ شَاكِیاً وَجْدَهُ إِلَی رَبِّهِ وَ بَقِیَ حَزِیناً كَئِیباً حَتَّی بَلَغَ الْكُوفَةَ وَ كَانَ الْبُهْلُولُ یَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ فَلَقِیَهُ زَیْدٌ الْمَجْنُونُ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ مِنْ أَیْنَ لَكَ مَعْرِفَتِی فَلَمْ تَرَنِی قَطُّ فَقَالَ زَیْدٌ یَا هَذَا اعْلَمْ أَنَّ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِینَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ مَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ فَقَالَ لَهُ الْبُهْلُولُ یَا زَیْدُ مَا الَّذِی أَخْرَجَكَ مِنْ بِلَادِكَ بِغَیْرِ دَابَّةٍ وَ لَا مَرْكُوبٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا خَرَجْتُ إِلَّا مِنْ شِدَّةِ وَجْدِی وَ حُزْنِی وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّ هَذَا اللَّعِینَ أَمَرَ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ خَرَابِ بُنْیَانِهِ وَ قَتْلِ زُوَّارِهِ فَهَذَا الَّذِی أَخْرَجَنِی مِنْ مَوْطِنِی وَ نقص [نَغَّصَ] عَیْشِی وَ أَجْرَی دُمُوعِی وَ أَقَلَّ هُجُوعِی فَقَالَ الْبُهْلُولُ وَ أَنَا وَ اللَّهِ كَذَلِكَ فَقَالَ لَهُ قُمْ بِنَا نَمْضِی إِلَی كَرْبَلَاءَ لِنُشَاهِدَ قُبُورَ أَوْلَادِ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی قَالَ فَأَخَذَ كُلٌّ بِیَدِ صَاحِبِهِ حَتَّی وَصَلَا إِلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ إِذَا هُوَ عَلَی حَالِهِ لَمْ یَتَغَیَّرْ وَ قَدْ هَدَمُوا بُنْیَانَهُ وَ كُلَّمَا أَجْرَوْا عَلَیْهِ الْمَاءَ غَارَ وَ حَارَ وَ اسْتَدَارَ بِقُدْرَةِ الْعَزِیزِ الْجَبَّارِ وَ لَمْ یَصِلْ قَطْرَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ كَانَ الْقَبْرُ الشَّرِیفُ إِذَا جَاءَهُ الْمَاءُ یَرْتَفِعُ أَرْضُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی فَتَعَجَّبَ زَیْدٌ الْمَجْنُونُ مِمَّا شَاهَدَهُ وَ قَالَ انْظُرْ یَا بُهْلُولُ یُرِیدُونَ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ- وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ ....

وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ وَ لَمْ یَزَلِ الْمُتَوَكِّلُ یَأْمُرُ بِحَرْثِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام مُدَّةَ عِشْرِینَ سَنَةً

ص: 404

وَ الْقَبْرُ عَلَی حَالِهِ لَمْ یَتَغَیَّرْ وَ لَا یَعْلُوهُ قَطْرَةٌ مِنَ الْمَاءِ فَلَمَّا نَظَرَ الْحَارِثُ إِلَی ذَلِكَ قَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَأَهْرُبَنَّ عَلَی وَجْهِی وَ أَهِیمُ فِی الْبَرَارِی وَ لَا أَحْرُثُ قَبْرَ الْحُسَیْنِ ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ إِنَّ لِی مُدَّةَ عِشْرِینَ سَنَةً أَنْظُرُ آیَاتِ اللَّهِ وَ أُشَاهِدُ بَرَاهِینَ آلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَا أَتَّعِظُ وَ لَا أَعْتَبِرُ ثُمَّ إِنَّهُ حَلَّ النِّیرَانَ وَ طَرَحَ الْفَدَّانَ (1) وَ أَقْبَلَ یَمْشِی نَحْوَ زَیْدٍ الْمَجْنُونِ وَ قَالَ لَهُ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ یَا شَیْخُ قَالَ مِنْ مِصْرَ فَقَالَ لَهُ وَ لِأَیِّ شَیْ ءٍ جِئْتَ إِلَی هُنَا وَ إِنَّهُ لَأَخْشَی عَلَیْكَ مِنَ الْقَتْلِ فَبَكَی زَیْدٌ وَ قَالَ وَ اللَّهِ قَدْ بَلَغَنِی حَرْثُ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَأَحْزَنَنِی ذَلِكَ وَ هَیَّجَ حُزْنِی وَ وَجْدِی فَانْكَبَّ الْحَارِثُ عَلَی أَقْدَامِ زَیْدٍ یُقَبِّلُهُمَا وَ هُوَ یَقُولُ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی فَوَ اللَّهِ یَا شَیْخُ مِنْ حِینِ مَا أَقْبَلْتَ إِلَیَّ أَقْبَلَتْ إِلَیَّ الرَّحْمَةُ وَ اسْتَنَارَ قَلْبِی بِنُورِ اللَّهِ وَ إِنِّی آمَنْتُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنَّ لِی مُدَّةَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ أَنَا أَحْرُثُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَ كُلَّمَا أَجْرَیْتُ الْمَاءَ إِلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام غَارَ وَ حَارَ وَ اسْتَدَارَ وَ لَمْ یَصِلْ إِلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ مِنْهُ قَطْرَةٌ وَ كَأَنِّی كُنْتُ فِی سُكْرٍ وَ أَفَقْتُ الْآنَ بِبَرَكَةِ قُدُومِكَ إِلَیَّ فَبَكَی زَیْدٌ وَ تَمَثَّلَ بِهَذِهِ الْأَبْیَاتِ:

تَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ أُمَیَّةُ قَدْ أَتَتْ***قَتْلَ ابْنِ بِنْتِ نَبِیِّهَا مَظْلُوماً

فَلَقَدْ أَتَاهُ بَنُو أَبِیهِ بِمِثْلِهِ***هَذَا لَعَمْرُكَ قَبْرُهُ مَهْدُوماً

أَسِفُوا عَلَی أَنْ لَا یَكُونُوا شَارَكُوا***فِی قَتْلِهِ فَتَتَبَّعُوهُ رَمِیماً

فَبَكَی الْحَارِثُ وَ قَالَ یَا زَیْدُ قَدْ أَیْقَظْتَنِی مِنْ رَقْدَتِی وَ أَرْشَدْتَنِی مِنْ غَفْلَتِی وَ هَا أَنَا الْآنَ مَاضٍ إِلَی الْمُتَوَكِّلِ بِسُرَّمَنْ رَأَی أُعَرِّفُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ إِنْ شَاءَ أَنْ یَقْتُلَنِی وَ إِنْ شَاءَ أَنْ یَتْرُكَنِی فَقَالَ لَهُ زَیْدٌ وَ أَنَا أَیْضاً أَسِیرُ مَعَكَ إِلَیْهِ وَ أُسَاعِدُكَ عَلَی ذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ إِلَی الْمُتَوَكِّلِ وَ خَبَّرَهُ بِمَا شَاهَدَ مِنْ بُرْهَانِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام اسْتَشَاطَ غَیْظاً وَ ازْدَادَ بُغْضاً لِأَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَارِثِ وَ أَمَرَ

ص: 405


1- 1. أراد بالفدان: آلة الثورین للحرث لقوله« طرح» و النیران یحتمل كونه تصحیف« الثیران» لقوله« حل» و سیأتی فی البیان.

أَنْ یُشَدَّ فِی رِجْلِهِ حَبْلٌ وَ یُسْحَبَ عَلَی وَجْهِهِ فِی الْأَسْوَاقِ ثُمَّ یُصْلَبَ فِی مُجْتَمَعِ النَّاسِ لِیَكُونَ عِبْرَةً لِمَنِ اعْتَبَرَ وَ لَا یَبْقَی أَحَدٌ یَذْكُرُ أَهْلَ الْبَیْتِ بِخَیْرٍ أَبَداً وَ أَمَّا زَیْدٌ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ ازْدَادَ حُزْنُهُ وَ اشْتَدَّ عَزَاؤُهُ وَ طَالَ بُكَاؤُهُ وَ صَبَرَ حَتَّی أَنْزَلُوهُ مِنَ الصَّلْبِ وَ أَلْقَوْهُ عَلَی مَزْبَلَةٍ هُنَاكَ فَجَاءَ إِلَیْهِ زَیْدٌ فَاحْتَمَلَهُ إِلَی الدِّجْلَةِ وَ غَسَّلَهُ وَ كَفَّنَهُ وَ صَلَّی عَلَیْهِ وَ دَفَنَهُ وَ بَقِیَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ لَا یُفَارِقُ قَبْرَهُ وَ هُوَ یَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ عِنْدَهُ فَبَیْنَمَا هُوَ ذَاتَ یَوْمٍ جَالِسٌ إِذْ سَمِعَ صُرَاخاً عَالِیاً وَ نَوْحاً شَجِیّاً وَ بُكَاءً عَظِیماً وَ نِسَاءً بِكَثْرَةٍ مُنَشَّرَاتِ الشُّعُورِ مُشَقَّقَاتِ الْجُیُوبِ مُسْوَدَّاتِ الْوُجُوهِ وَ رِجَالًا بِكَثْرَةٍ یَنْدِبُونَ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ وَ النَّاسُ كَافَّةً فِی اضْطِرَابٍ شَدِیدٍ وَ إِذَا بِجَنَازَةٍ مَحْمُولَةٍ عَلَی أَعْنَاقِ الرِّجَالِ وَ قَدْ نُشِرَتْ لَهَا الْأَعْلَامُ وَ الرَّایَاتُ وَ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهَا أَفْوَاجاً قَدِ انْسَدَّتِ الطُّرُقُ مِنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ قَالَ زَیْدٌ فَظَنَنْتُ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ قَدْ مَاتَ فَتَقَدَّمْتُ إِلَی رَجُلٍ مِنْهُمْ وَ قُلْتُ لَهُ مَنْ یَكُونُ هَذَا الْمَیِّتُ فَقَالَ هَذِهِ جَنَازَةُ جَارِیَةِ الْمُتَوَكِّلِ وَ هِیَ جَارِیَةٌ سَوْدَاءُ حَبَشِیَّةٌ وَ كَانَ اسْمُهَا رَیْحَانَةَ وَ كَانَ یُحِبُّهَا حُبّاً شَدِیداً ثُمَّ إِنَّهُمْ عَمِلُوا لَهَا شَأْناً عَظِیماً وَ دَفَنُوهَا فِی قَبْرٍ جَدِیدٍ وَ فَرَشُوا فِیهِ الْوَرْدَ وَ الرَّیَاحِینَ وَ الْمِسْكَ وَ الْعَنْبَرَ وَ بَنَوْا عَلَیْهَا قُبَّةً عَالِیَةً فَلَمَّا نَظَرَ زَیْدٌ إِلَی ذَلِكَ ازْدَادَتْ أَشْجَانُهُ وَ تَصَاعَدَتْ نِیرَانُهُ وَ جَعَلَ یَلْطِمُ وَجْهَهُ وَ یُمَزِّقُ أَطْمَارَهُ وَ یُحْثِی التُّرَابَ عَلَی رَأْسِهِ وَ هُوَ یَقُولُ وَا وَیْلَاهْ وَا أَسَفَاهْ عَلَیْكَ یَا حُسَیْنُ أَ تُقْتَلُ بِالطَّفِّ غَرِیباً وَحِیداً ظَمْآنَ شَهِیداً وَ تُسْبَی نِسَاؤُكَ وَ بَنَاتُكَ وَ عِیَالُكَ وَ تُذْبَحُ أَطْفَالُكَ وَ لَمْ یَبْكِ عَلَیْكَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَ تُدْفَنُ بِغَیْرِ غُسْلٍ وَ لَا كَفَنٍ وَ یُحْرَثُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْرُكَ لِیُطْفِئُوا نُورَكَ وَ أَنْتَ ابْنُ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی وَ ابْنُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ یَكُونُ هَذَا الشَّأْنُ الْعَظِیمُ لِمَوْتِ جَارِیَةٍ سَوْدَاءَ وَ لَمْ یَكُنِ الْحُزْنُ وَ الْبُكَاءُ لِابْنِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی قَالَ وَ لَمْ یَزَلْ یَبْكِی وَ یَنُوحُ حَتَّی غُشِیَ عَلَیْهِ وَ النَّاسُ كَافَّةً یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَقَّ لَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ جَنَی عَلَیْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ مِنْ غَشْوَتِهِ أَنْشَدَ یَقُولُ:

أَ یُحْرَثُ بِالطَّفِّ قَبْرُ الْحُسَیْنِ***وَ یَعْمُرُ قَبْرُ بَنِی الزَّانِیَةِ

ص: 406

لَعَلَّ الزَّمَانَ بِهِمْ قَدْ یَعُودُ***وَ یَأْتِی بِدَوْلَتِهِمْ ثَانِیَةً

أَلَا لَعَنَ اللَّهُ أَهْلَ الْفَسَادِ***وَ مَنْ یَأْمَنُ الدَّنِیَّةَ الْفَانِیَةَ

قَالَ إِنَّ زَیْداً كَتَبَ هَذِهِ الْأَبْیَاتَ فِی وَرَقَةٍ وَ سَلَّمَهَا لِبَعْضِ حُجَّابِ الْمُتَوَكِّلِ قَالَ فَلَمَّا قَرَأَهَا اشْتَدَّ غَیْظُهُ وَ أَمَرَ بِإِحْضَارِهِ فَأُحْضِرَ وَ جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ مِنَ الْوَعْظِ وَ التَّوْبِیخِ مَا أَغَاظَهُ حَتَّی أَمَرَ بِقَتْلِهِ فَلَمَّا مَثُلَ بَیْنَ یَدَیْهِ سَأَلَهُ عَنْ أَبِی تُرَابٍ مَنْ هُوَ اسْتِحْقَاراً لَهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكَ عَارِفٌ بِهِ وَ بِفَضْلِهِ وَ شَرَفِهِ وَ حَسَبِهِ وَ نَسَبِهِ فَوَ اللَّهِ مَا یَجْحَدُ فَضْلَهُ إِلَّا كُلُّ كَافِرٍ مُرْتَابٍ وَ لَا یُبْغِضُهُ إِلَّا كُلُّ مُنَافِقٍ كَذَّابٍ وَ شَرَعَ یُعَدِّدُ فَضْلَهُ وَ مَنَاقِبَهُ حَتَّی ذَكَرَ مِنْهَا مَا أَغَاظَ الْمُتَوَكِّلَ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ فَحُبِسَ فَلَمَّا أُسْدِلَ الظَّلَامُ وَ هَجَعَ جَاءَ إِلَی الْمُتَوَكِّلِ هَاتِفٌ وَ رَفَسَهُ بِرِجْلِهِ وَ قَالَ لَهُ قُمْ وَ أَخْرِجْ زَیْداً مِنْ حَبْسِهِ وَ إِلَّا أَهْلَكَكَ اللَّهُ عَاجِلًا فَقَامَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَ أَخْرَجَ زَیْداً مِنْ حَبْسِهِ وَ خَلَعَ عَلَیْهِ خِلْعَةً سَنِیَّةً وَ قَالَ لَهُ اطْلُبْ مَا تُرِیدُ قَالَ أُرِیدُ عِمَارَةَ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَنْ لَا یَتَعَرَّضَ أَحَدٌ لِزُوَّارِهِ فَأَمَرَ لَهُ بِذَلِكَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَرِحاً مَسْرُوراً وَ جَعَلَ یَدُورُ فِی الْبُلْدَانِ وَ هُوَ یَقُولُ مَنْ أَرَادَ زِیَارَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَلَهُ الْأَمَانُ طُولَ الْأَزْمَانِ.

بیان: نیر الفدان بالكسر الخشبة المعترضة فی عنق الثورین و الجمع النیران و الأنیار و الفدان بالتشدید البقرة التی تحرث و الإسدال إرخاء الستر و إرساله و فیه استعارة و الرفس الضرب بالرجل.

«13»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَیْبَةَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی كُنْتُ بِالْحَیْرِ(1) لَیْلَةَ عَرَفَةَ وَ كُنْتُ أُصَلِّی وَ ثَمَّ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِینَ أَلْفاً مِنَ النَّاسِ جَمِیلَةٍ وُجُوهُهُمْ طَیِّبَةٍ أَرْوَاحُهُمْ وَ أَقْبَلُوا یُصَلُّونَ بِاللَّیْلِ أَجْمَعَ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ سَجَدْتُ ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِی فَلَمْ أَرَ مِنْهُمْ أَحَداً فَقَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّهُ مَرَّ بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام خَمْسُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَ هُوَ یُقْتَلُ فَعَرَجُوا إِلَی السَّمَاءِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِمْ مَرَرْتُمْ بِابْنِ حَبِیبِی وَ هُوَ یُقْتَلُ

ص: 407


1- 1. یعنی الحائر الحسینی علیه السلام.

فَلَمْ تَنْصُرُوهُ فَاهْبِطُوا إِلَی الْأَرْضِ فَاسْكُنُوا عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثاً غُبْراً إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ(1).

«14»- مل، [كامل الزیارات] الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحُسَیْنِ ابْنِ بِنْتِ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: خَرَجْتُ فِی آخِرِ زَمَانِ بَنِی مَرْوَانَ إِلَی قَبْرِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام مُسْتَخْفِیاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی كَرْبَلَاءَ فَاخْتَفَیْتُ فِی نَاحِیَةِ الْقَرْیَةِ حَتَّی إِذَا ذَهَبَ مِنَ اللَّیْلِ نِصْفُهُ أَقْبَلْتُ نَحْوَ الْقَبْرِ فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ أَقْبَلَ نَحْوِی رَجُلٌ فَقَالَ لِی انْصَرِفْ مَأْجُوراً فَإِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَیْهِ فَرَجَعْتُ فَزِعاً حَتَّی إِذَا كَادَ یَطْلُعُ الْفَجْرُ أَقْبَلْتُ نَحْوَهُ حَتَّی إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُ خَرَجَ إِلَیَّ الرَّجُلُ فَقَالَ لِی یَا هَذَا إِنَّكَ لَنْ تَصِلَ إِلَیْهِ فَقُلْتُ لَهُ عَافَاكَ اللَّهُ وَ لِمَ لَا أَصِلُ إِلَیْهِ وَ قَدْ أَقْبَلْتُ مِنَ الْكُوفَةِ أُرِیدُ زِیَارَتَهُ فَلَا تَحُلْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ عَافَاكَ اللَّهُ وَ أَنَا أَخَافُ أَنْ أُصْبِحَ فَیَقْتُلُونِّی أَهْلُ الشَّامِ إِنْ أَدْرَكُونِی هَاهُنَا قَالَ فَقَالَ لِیَ اصْبِرْ قَلِیلًا فَإِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام سَأَلَ اللَّهَ أَنْ یَأْذَنَ لَهُ فِی زِیَارَةِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَأَذِنَ لَهُ فَهَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ فِی سَبْعِینَ أَلْفَ مَلَكٍ فَهُمْ بِحَضْرَتِهِ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ یَنْتَظِرُونَ طُلُوعَ الْفَجْرِ ثُمَّ یَرْجِعُونَ (2) إِلَی السَّمَاءِ قَالَ فَقُلْتُ فَمَنْ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ قَالَ أَنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِینَ أُمِرُوا بِحَرَسِ قَبْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ الِاسْتِغْفَارِ لِزُوَّارِهِ فَانْصَرَفْتُ وَ قَدْ كَادَ یَطِیرُ عَقْلِی لِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ قَالَ فَأَقْبَلْتُ حَتَّی إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَقْبَلْتُ نَحْوَهُ فَلَمْ یَحُلْ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ أَحَدٌ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَی قَتَلَتِهِ وَ صَلَّیْتُ الصُّبْحَ وَ أَقْبَلْتُ مُسْرِعاً مَخَافَةَ أَهْلِ الشَّامِ.

«15»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ، حَدَّثَنِی الشَّیْخُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّیْشَابُورِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْتُ ذَاتَ سَنَةٍ إِلَی زِیَارَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی جَمَاعَةٍ فَلَمَّا كُنَّا عَلَی فَرْسَخَیْنِ مِنَ الْمَشْهَدِ أَوْ أَكْثَرَ أَصَابَ رَجُلًا مِنَ الْجَمَاعَةِ الْفَالِجُ وَ صَارَ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ لَحْمٍ قَالَ وَ جَعَلَ

ص: 408


1- 1. كامل الزیارات ص 115.
2- 2. فی المصدر: یعرجون. راجع ص 112.

یُنَاشِدُنَا بِاللَّهِ أَنْ لَا نُخَلِّیَهُ وَ أَنْ نَحْمِلَهُ إِلَی الْمَشْهَدِ فَقَامَ عَلَیْهِ مَنْ یُرَاعِیهِ وَ یُحَافِظُهُ عَلَی الْبَهِیمَةِ فَلَمَّا دَخَلْنَا الْحَضْرَةَ وَضَعْنَاهُ عَلَی ثَوْبٍ وَ أَخَذَ رَجُلَانِ مِنَّا طَرَفَیِ الثَّوْبِ وَ رَفَعْنَاهُ عَلَی الْقَبْرِ وَ كَانَ یَدْعُو وَ یَتَضَرَّعُ وَ یَبْكِی وَ یَبْتَهِلُ وَ یُقْسِمُ عَلَی اللَّهِ بِحَقِّ الْحُسَیْنِ أَنْ یَهَبَ لَهُ الْعَافِیَةَ قَالَ فَلَمَّا وُضِعَ الثَّوْبُ عَلَی الْأَرْضِ جَلَسَ الرَّجُلُ وَ مَشَی وَ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ.

لقد تمّ هذا المجلّد بفضل اللّٰه و عونه فی شهر ربیع الأوّل من شهور سنة تسع و سبعین بعد الألف من الهجرة و الحمد للّٰه أوّلًا و آخراً و صلّی اللّٰه علی محمّد و أهل بیته الطاهرین المقدّسین.

ص: 409

كلمة المصحّح

بسم اللّٰه الرحمن الرحیم

الحمد للّٰه. و الصلاة و السلام علی رسول اللّٰه و علی آله الأطیبین أمناء اللّٰه.

و بعد: فهذا هو الجزء الثالث من المجلّد العاشر من كتاب بحار الأنوار حسب تجزئة المصنّف رضوان اللّٰه علیه و الجزء الخامس و الأربعون حسب تجزئتنا وفّقنا اللّٰه العزیز لإتمامه بفضله و منّه.

نسخة الأصل:

و منن اللّٰه علینا أن أظفرنا بنسخة المؤلّف قدسّ سرّه بخطّ یده و هی مضبوطة فی خزانة مكتبة المسجد الأعظم لا زالت دائرة بقم لمؤسّسه و بانیه فقیه الأمّة و فقید أسرتها آیة اللّٰه المرحوم الحاجّ آقا حسین الطباطبائیّ البروجردیّ رضوان اللّٰه علیه فقابلنا طبعتنا هذه علی تلك النسخة و راجعنا المصادر و النسخ المطبوعة الأخر التی أوعزنا إلیها فی الذیل فجاء بحمد اللّٰه أحسن النسخ طباعة و أتقنا و أصحّها تحقیقا

و لا یسعنا دون أن نشكر فضیلة نجله الزاكی و خلفه الصدق حجة الإسلام و المسلمین الحاجّ السیّد محمّد حسن الطباطبائی دام إفضاله حیث تفضّل علینا بهذه النسخة الكریمة حتّی قابلناها مع نسختنا من البدو إلی الختم فله الشكر الجزیل و الثناء الحسن جزاء اللّٰه عن الإسلام و المسلمین خیر الجزاء.

محمد باقر البهبودی

ربیع الأوّل 1385

ص: 410

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

«37»- سائر ما جری علیه بعد بیعة الناس لیزید بن معاویة إلی شهادته صلوات اللّٰه علیه 100- 1

«38»- باب شهادة ولدی مسلم الصغیرین رضی اللّٰه عنهما 107- 100

«39»- باب الوقائع المتأخّرة عن قتله صلوات اللّٰه علیه إلی رجوع أهل البیت علیهم السلام إلی المدینة و ما ظهر من إعجازه صلوات اللّٰه علیه فی تلك الأحوال 200- 107

«40»- باب ما ظهر بعد شهادته من بكاء السماء و الأرض علیه صّلی الّله علیه و انكساف الشمس و القمر و غیرها 219- 201

«41»- باب ضجیج الملائكة إلی اللّٰه تعالی فی أمره و أنّ اللّٰه بعثهم لنصره و بكائهم و بكاء الأنبیاء و فاطمة علیهم السلام صلوات اللّٰه علیه 229- 220

«42»- باب رؤیة أمّ سلمة و غیرها رسول اللّٰه صّلی الّله علیه و آله فی المنام و إخباره بشهادة الكرام 232- 230

«43»- باب نوح الجنّ علیه صلوات اللّٰه علیه 241- 233

«44»- باب ما قیل من المراثی فیه صلوات اللّٰه علیه 294- 242

«45»- باب العلّة التی من أجلها أخّر اللّٰه العذاب عن قتلته صلوات اللّٰه علیه و العلّة التی من أجلها یقتل أولاد قتلته علیه السلام و أنّ اللّٰه ینتقم له فی زمن القائم علیه السلام 299- 295

ص: 411

«46»- باب ما عجّل اللّٰه به قتلة الحسین صلوات اللّٰه علیه من العذاب فی الدنیا و ما ظهر من إعجازه و استجابة دعائه فی ذلك عند الحرب و بعده 323- 300

«47»- باب أحوال عشائره و أهل زمانه صلوات اللّٰه علیه و ما جری بینهم و بین یزید من الاحتجاج 328- 323

«48»- باب عدد أولاده صلوات اللّٰه علیه و جمل أحوالهم و أحوال أزواجه علیه السلام 332- 329

«49»- باب أحوال المختار بن أبی عبید الثقفی و ما جری علی یدیه و أیدی أولیائه 390- 332

«50»- باب جور الخلفاء علی قبره الشریف و ما ظهر من المعجزات عند ضریحه و من تربته و زیارته صلوات اللّٰه علیه 409- 390

ص: 412

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام.

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 413

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.