بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 44: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
«1»- ع، [علل الشرائع] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی نَصْرٍ عَنْ سَدِیرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ مَعِی ابْنِی یَا سَدِیرُ اذْكُرْ لَنَا أَمْرَكَ الَّذِی أَنْتَ عَلَیْهِ فَإِنْ كَانَ فِیهِ إِغْرَاقٌ كَفَفْنَاكَ عَنْهُ وَ إِنْ كَانَ مُقَصِّراً أَرْشَدْنَاكَ قَالَ فَذَهَبْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام أَمْسِكْ حَتَّی أَكْفِیَكَ إِنَّ الْعِلْمَ الَّذِی وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام مَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ جَحَدَهُ كَانَ كَافِراً ثُمَّ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ الْحَسَنُ علیه السلام قُلْتُ كَیْفَ یَكُونُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ وَ قَدْ كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ دَفَعَهَا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ اسْكُتْ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا صَنَعَ لَوْ لَا مَا صَنَعَ لَكَانَ أَمْرٌ عَظِیمٌ (1).
«2»- ع، [علل الشرائع] حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ دَاوُدَ الدَّقَّاقِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اللَّیْثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی بُكَیْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْخَفَّافُ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَقِیصَا قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَ دَاهَنْتَ مُعَاوِیَةَ وَ صَالَحْتَهُ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَ
الْحَقَّ لَكَ دُونَهُ وَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ ضَالٌّ بَاغٍ.
فَقَالَ یَا بَا سَعِیدٍ أَ لَسْتُ حُجَّةَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ عَلَی خَلْقِهِ وَ إِمَاماً عَلَیْهِمْ بَعْدَ أَبِی علیه السلام قُلْتُ بَلَی قَالَ أَ لَسْتُ الَّذِی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله لِی وَ لِأَخِی- الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ إِمَامَانِ قَامَا أَوْ قَعَدَا قُلْتُ بَلَی قَالَ فَأَنَا إِذَنْ إِمَامٌ لَوْ قُمْتُ وَ أَنَا إِمَامٌ إِذَا قَعَدْتُ یَا بَا سَعِیدٍ عِلَّةُ مُصَالَحَتِی لِمُعَاوِیَةَ عِلَّةُ مُصَالَحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِبَنِی ضَمْرَةَ وَ بَنِی أَشْجَعَ وَ لِأَهْلِ مَكَّةَ حِینَ انْصَرَفَ مِنَ الْحُدَیْبِیَةِ أُولَئِكَ كُفَّارٌ بِالتَّنْزِیلِ وَ مُعَاوِیَةُ وَ أَصْحَابُهُ كُفَّارٌ بِالتَّأْوِیلِ یَا بَا سَعِیدٍ إِذَا كُنْتُ إِمَاماً مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ لَمْ یجب [یَجُزْ] أَنْ یُسَفَّهَ رَأْیِی فِیمَا أَتَیْتُهُ مِنْ مُهَادَنَةٍ أَوْ مُحَارَبَةٍ وَ إِنْ كَانَ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِیمَا أَتَیْتُهُ مُلْتَبِساً أَ لَا تَرَی الْخَضِرَ علیه السلام لَمَّا خَرَقَ السَّفِینَةَ وَ قَتَلَ الْغُلَامَ وَ أَقَامَ الْجِدَارَ سَخِطَ مُوسَی علیه السلام فِعْلَهُ- لِاشْتِبَاهِ وَجْهِ الْحِكْمَةِ عَلَیْهِ حَتَّی أَخْبَرَهُ فَرَضِیَ هَكَذَا أَنَا سَخِطْتُمْ عَلَیَّ بِجَهْلِكُمْ بِوَجْهِ الْحِكْمَةِ فِیهِ وَ لَوْ لَا مَا أَتَیْتُ لَمَا تُرِكَ مِنْ شِیعَتِنَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ إِلَّا قُتِلَ.
قال الصدوق رحمه اللّٰه قد ذكر محمد بن بحر الشیبانی رضی اللّٰه عنه (1) فی كتابه المعروف بكتاب الفروق بین الأباطیل و الحقوق فی معنی موادعة الحسن بن علی بن أبی طالب لمعاویة فذكر سؤال سائل عن تفسیر حدیث یوسف بن مازن الراسبی (2)
فی هذا المعنی و الجواب عنه و هو الذی رواه أبو بكر محمد بن الحسن بن إسحاق بن خزیمة النیسابوری قال حدثنا أبو طالب زید بن أحزم قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القاسم بن الفضل قال حدثنا یوسف بن مازن الراسبی قال: بایع الحسن بن علی صلوات اللّٰه علیه معاویة علی أن لا یسمیه أمیر المؤمنین و لا یقیم عنده شهادة و علی أن لا یتعقب علی شیعة علی علیه السلام شیئا و علی أن یفرق فی أولاد
ص: 2
من قتل مع أبیه یوم الجمل و أولاد من قتل مع أبیه بصفین ألف ألف درهم و أن یجعل ذلك من خراج دارابجرد(1).
قال و ما ألطف حیلة الحسن صلوات اللّٰه علیه فی إسقاطه إیاه عن إمرة المؤمنین قال یوسف فسمعت القاسم بن محیمة یقول ما وفی معاویة للحسن بن علی صلوات اللّٰه علیه بشی ء عاهده علیه و إنی قرأت كتاب الحسن علیه السلام إلی معاویة یعدد علیه ذنوبه إلیه و إلی شیعة علی علیه السلام فبدأ بذكر عبد اللّٰه بن یحیی الحضرمی و من قتلهم معه.
فنقول رحمك اللّٰه إن ما قال یوسف بن مازن من أمر الحسن علیه السلام و معاویة عند أهل التمیز و التحصیل تسمی المهادنة و المعاهدة أ لا تری كیف یقول ما وفی معاویة للحسن بن علی بشی ء عاهده علیه و هادنه و لم یقل بشی ء بایعه علیه و المبایعة علی ما یدعیه المدعون علی الشرائط التی ذكرناها ثم لم یف بها لم یلزم الحسن علیه السلام.
و أشد ما هاهنا من الحجة علی الخصوم معاهدته إیاه علی أن لا یسمیه أمیر المؤمنین و الحسن علیه السلام عند نفسه لا محالة مؤمن فعاهده علی أن لا یكون علیه أمیرا إذ الأمیر هو الذی یأمر فیؤتمر له.
فاحتال الحسن صلوات اللّٰه علیه لإسقاط الایتمار لمعاویة إذا أمره أمرا علی نفسه و الأمیر هو الذی أمره مأمور(2) من فوقه فدل علی أن اللّٰه عز و جل لم یؤمره علیه و لا رسوله صلی اللّٰه علیه و آله أمره علیه فَقَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَا یَلِیَنَّ مُفَاءٌ عَلَی مُفِی ءٍ(3).
ص: 3
یرید أن من حكمه (1)
حكم هوازن الذین صاروا فیئا للمهاجرین و الأنصار فهؤلاء طلقاء المهاجرین و الأنصار بحكم إسعافهم النبی فیئهم لموضع رضاعه (2)
ص: 4
و حكم قریش و أهل مكة حكم هوازن (1).
فمن أمره (2)
رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علیهم فهو التأمیر من اللّٰه جل جلاله و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله.
أو من الناس كما قالوا فی غیر معاویة إن الأمة اجتمعت فأمرت فلانا و فلانا و فلانا علی أنفسهم فهو أیضا تأمیر غیر أنه من الناس لا من اللّٰه و لا من رسوله و هو إن لم یكن تأمیرا من اللّٰه و من رسوله و لا تأمیرا من المؤمنین فیكون أمیرهم بتأمیرهم فهو تأمیر منه بنفسه.
و الحسن صلوات اللّٰه علیه مؤمن من المؤمنین فلم یؤمر معاویة علی نفسه بشرطه علیه ألا یسمیه أمیر المؤمنین فلم یلزمه ذلك الایتمار له فی شی ء أمره به و فرغ صلوات اللّٰه علیه إذ خلص بنفسه من الإیجاب علیها الایتمار له عن أن یتخذ علی المؤمنین الذین هم علی الحقیقة مؤمنون و هم الذین كَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ و لأن هذه الطبقة لم یعتقدوا إمارته و وجوب طاعته علی أنفسهم و لأن الحسن علیه السلام أمیر البررة و قاتل الفجرة
كَمَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام عَلِیٌ :
ص: 5
أَمِیرُ الْبَرَرَةِ وَ قَاتِلُ الْفَجَرَةِ.
فأوجب علیه السلام أنه لیس لبرّ من الأبرار أن یتأمر علیه و إن التأمیر علی أمیر الأبرار لیس ببرّ هكذا یقتضی مراد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لو لم یشترط الحسن بن علی علیهما السلام علی معاویة هذه الشروط و سماه أمیر المؤمنین. و قد قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله: قریش أئمة الناس أبرارها لأبرارها و فجارها لفجارها.
و كل من اعتقد من قریش أن معاویة إمامه بحقیقة الإمامة من اللّٰه عز و جل و اعتقد الایتمار له وجوبا علیه فقد اعتقد وجوب اتخاذ مال اللّٰه دولا و عباده خولا و دینه دخلا(1) و ترك أمر اللّٰه إیاه إن كان مؤمنا فقد أمر اللّٰه عز و جل المؤمنین بالتعاون علی البر و التقوی فقال وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (2).
فإن كان اتخاذ مال اللّٰه دولا و عباده خولا و دین اللّٰه دخلا من البر و التقوی جاز علی تأویلك من اتخذه إماما و أمره علی نفسه كما ترون التأمیر علی العباد.
و من اعتمد أن قهر مال اللّٰه علی ما یقهر علیه و دین اللّٰه علی ما یسأم و أهل دین اللّٰه علی ما یسأمون هو بقهر من اتخذهم خولا و إن اللّٰه من قبله مدیل فی تخلیص المال من الدول و الدین من الدخل و العباد من الخول علم و سلم و آمن و اتقی إن البر مقهور فی ید الفاجر و الأبرار مقهورون فی أیدی الفجار بتعاونهم مع الفاجر علی الإثم و العدوان المزجور عنه المأمور بضده و خلافه و منافیه.
و قد سئل الثوری السفیان عن العدوان ما هو فقال هو أن ینقل صدقة بانقیا إلی الحیرة فتفرق فی أهل السهام بالحیرة و ببانقیا أهل السهام
ص: 6
و أنا أقسم باللّٰه قسما بارا أن حراسة سفیان و معاویة بن مرة و مالك بن معول و خیثمة بن عبد الرحمن خشبة(1) زید بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام بكناس الكوفة بأمر هشام بن عبد الملك من العدوان الذی زجر اللّٰه عز و جل عنه و إن حراسه من سمیتهم بخشبة زید رضوان اللّٰه علیه الداعیة بنقل صدقة بانقیا إلی الحیرة.
فإن عذر عاذر عمن سمیتهم بالعجز عن نصر البر الذی هو الإمام من قبل اللّٰه عز و جل الذی فرض طاعته علی العباد علی الفاجر الذی تأمر بإعانة الفجرة إیاه قلنا لعمری إن العاجز معذور فیما عجز عنه و لكن لیس الجاهل بمعذور فی ترك الطلب فیما فرض اللّٰه عز و جل علیه و إیجابه علی نفسه فرض طاعته و طاعة رسوله صلی اللّٰه علیه و آله و طاعة أولی الأمر و بأنه لا یجوز أن یكون سریرة ولاة الأمر بخلاف علانیتهم كما لم یجز أن یكون سریرة النبی صلی اللّٰه علیه و آله الذی هم أصل ولاة الأمر و هم فرعه بخلاف علانیته.
و إن اللّٰه عز و جل العالم بالسرائر و الضمائر و المطلع علی ما فی صدور العباد لم یكل علم ما لم یعلمه العباد إلی العباد جل و عز عن تكلیف العباد ما لیس فی وسعهم و طوقهم إذ ذاك ظلم من المكلف و عبث منه و إنه لا یجوز أن یجعل جل و تقدس اختیار من یستوی سریرته بعلانیته و من لا یجوز ارتكاب الكبائر الموبقة و الغضب و الظلم منه إلی من لا یعلم السرائر و الضمائر فلا یسع أحدا جهل هذه الأشیاء.
و إن وسع العاجز بعجزه ترك ما یعجز عنه فإنه لا یسعه الجهل بالإمام البر الذی هو إمام الأبرار و العاجز بعجزه معذور و الجاهل غیر معذور فلا یجوز أن لا یكون للأبرار إمام و إن كان مقهورا فی قهر الفاجر و الفجار فمتی
ص: 7
لم یكن للبر إمام بر قاهر أو مقهور فمات میتة جاهلیة إذا مات و لیس یعرف إمامه.
فإن قیل فما تأویل عهد الحسن علیه السلام و شرطه علی معاویة بأن لا یقیم عنده شهادة لإیجاب اللّٰه علیه عز و جل إقامة الشهادة بما علمه قبل شرطه علی معاویة بأن لا یقیم عنده شهادة قیل إن لإقامة الشهادة من الشاهد شرائط و هی حدودها التی لا یجوز تعدیها لأن من تعدی حدود اللّٰه عز و جل فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ و أوكد شرائطها إقامتها عند قاض فصل و حكم عدل ثم الثقة من الشاهد أن یقیمها عند من یجر(1) بشهادته حقا و یمیت بها أثره و یزیل بها ظلما فإذا لم یكن من یشهد عنده سقط عنه فرض إقامة الشهادة.
و لم یكن معاویة عند الحسن علیه السلام أمیرا أقامه اللّٰه عز و جل و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله أو حاكما من ولاة الحكم فلو كان حاكما من قبل اللّٰه و قبل رسوله ثم علم الحسن علیه السلام أن الحكم هو الأمیر و الأمیر هو الحكم و قد شرط علیه الحسن أن لا یؤمر حین شرط ألا یسمیه أمیر المؤمنین فكیف یقیم الشهادة عند من أزال عنه الإمرة بشرط أن لا یسمیه أمیر المؤمنین و إذا زال ذلك عنه بالشرط أزال عنه الحكم لأن الأمیر هو الحاكم و هو المقیم للحاكم و من لیس له تأمیر و لا تحاكم فحكمه هذر و لا تقام الشهادة عند من حكمه هذر.
فإن قال فما تأویل عهد الحسن علیه السلام علی معاویة و شرطه علیه أن لا یتعقب علی شیعة علی علیه السلام شیئا قیل إن الحسن علیه السلام علم أن القوم جوزوا لأنفسهم التأویل و سوغوا فی تأویلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء و إن كان اللّٰه عز و جل حقنه و حقن ما أرادوا حقنه و إن كان اللّٰه عز و جل أراقه فی حكمه فأراد الحسن علیه السلام أن یبین أن تأویل معاویة علی شیعة علی علیه السلام بتعقبه علیهم ما یتعقبه زائل مضمحل فاسد كما أنه أزال إمرته عنه و عن المؤمنین بشرط
ص: 8
أن لا یسمیه أمیر المؤمنین و إن إمرته زالت عنه و عنهم و أفسد حكمه علیه و علیهم.
ثم سوغ الحسن علیه السلام بشرطه علیه أن لا یقیم عنده شهادة للمؤمنین القدوة منهم به فی أن لا یقیموا عنده شهادة فتكون حینئذ داره دائرة و قدرته قائمة لغیر الحسن و لغیر المؤمنین فتكون داره كدار بخت نصر و هو بمنزلة دانیال فیها و كدار العزیز و هو كیوسف فیها. فإن قال دانیال و یوسفعلیهما السلام كانا یحكمان لبخت نصر و العزیز قلنا لو أراد بخت نصر دانیال و العزیز یوسف أن یریقا بشهادة عمار بن الولید و عقبة بن أبی معیط و شهادة أبی بردة بن أبی موسی و شهادة عبد الرحمن بن أشعث بن قیس دم حجر بن عدی بن الأدبر و أصحابه رحمهم اللّٰه و أن یحكما له بأن زیادا أخوه و أن دم حجر و أصحابه مراقة بشهادة من ذكرت لما جاز أن یحكما لبخت نصر و العزیز و الحكم بالعدل یرمی الحاكم به فی قدرة عدل أو جائر و مؤمن أو كافر لا سیما إذا كان الحاكم مضطر إلی أن یدین للجائر الكافر و المبطل و المحق بحكمه.
فإن قال و لم خص الحسن علیه السلام عد الذنوب إلیه و إلی شیعة علی علیه السلام و قدم أمامها قتله عبد اللّٰه بن یحیی الحضرمی و أصحابه و قد قتل حجرا و أصحابه و غیرهم قلنا لو قدم الحسن علیه السلام فی عده علی معاویة ذنوب حجر و أصحابه علی عبد اللّٰه بن یحیی الحضرمی و أصحابه لكان سؤالك قائما فتقول لم قدم حجرا علی عبد اللّٰه بن یحیی و أصحابه أهل الأخیار و الزهد فی الدنیا و الإعراض عنها فأخبر معاویة بما كان علیه ابن یحیی و أصحابه من الخرق (1) علی أمیر المؤمنین علیه السلام و شدة حبهم إیاه و إفاضتهم فی ذكره و فضله فجاء بهم و ضرب أعناقهم صبرا.
و من أنزل راهبا من صومعته فقتله بلا جنایة منه إلی قاتله أعجب ممن یخرج
ص: 9
قسا من دیره فیقتله لأن صاحب الدیر أقرب إلی بسط الید لتناول ما معه من صاحب الصومعة الذی هو بین السماء و الأرض فتقدیم الحسن علیه السلام العباد علی العباد و الزهاد علی الزهاد و مصابیح البلاد علی مصابیح البلاد لا یتعجب منه بل یتعجب لو قدم فی الذكر مقصرا علی مخبت و مقتصدا علی مجتهد.
فإن قال ما تأویل اختیار مال دارابجرد علی سائر الأموال لما اشترط أن یجعله لأولاد من قتل مع أبیه صلوات اللّٰه علیهم یوم الجمل و بصفین قیل لدارابجرد خطب فی شأن الحسن علیه السلام بخلاف جمیع فارس (1).
ص: 10
و قلنا إن المال مالان الفی ء الذی ادعوا أنه موقوف علی المصالح الداعیة إلی قوام الملة و عمارتها من تجییش الجیوش للدفع عن البیضة و لأرزاق الأساری و مال الصدقة الذی خص به أهل السهام و قد جری فی فتوح الأرضین بفارس و الأهواز و غیرهما من البلدان فیما فتح منها صلحا و ما فتح منها عنوة و ما أسلم أهلها علیها هنات و هنات و أسباب و أسباب (1).
و قد كتب ابن عبد العزیز إلی عبد الحمید بن زید بن الخطاب و هو عامله علی العراق أیدك اللّٰه هاش فی السواد ما یركبون فیه البراذین و یتختمون بالذهب و یلبسون الطیالسة و خذ فضل ذلك فضعه فی بیت المال.
و كتب ابن الزبیر إلی عامله جنبوا بیت مال المسلمین ما یؤخذ علی المناظر و القناطر فإنه سحت فقصر المال عما كان فكتب إلیهم ما للمال قد قصر فكتبوا إلیه أن أمیر المؤمنین نهانا عما یؤخذ علی المناظر و القناطر فلذلك قصر المال فكتب إلیهم عودوا إلی ما كنتم علیه هذا بعد قوله إنه سحت.
و لا بد أن یكون أولاد من قتل من أصحاب علی صلوات اللّٰه علیه بالجمل و بصفین من أهل الفی ء و مال المصلحة و من أهل الصدقة و السهام
وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فِی الصَّدَقَةِ: قَدْ أُمِرْتُ أَنْ آخُذَهَا مِنْ أَغْنِیَائِكُمْ وَ أَرُدَّهَا فِی فُقَرَائِكُمْ.
بالكاف و المیم ضمیر من وجبت علیهم فی أموالهم الصدقة و من وجبت لهم الصدقة فخاف الحسن علیه السلام أن كثیرا منهم لا یری لنفسه أخذ الصدقة من كثیر منهم و لا أكل صدقة كثیر منهم إذ كانت غسالة ذنوبهم و لم یكن للحسن علیه السلام فی مال الصدقة سهم.
رَوَی بَهْزُ بْنُ حَكِیمِ بْنِ مُعَاوِیَةَ بْنِ حَیْدَةَ الْقُشَیْرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ (2)
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قَالَ: فِی كُلِّ أَرْبَعِینَ مِنَ الْإِبِلِ ابْنَةُ لَبُونٍ وَ لَا تُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ
ص: 11
حِسَابِهَا مَنْ أَتَانَا بِهَا مُؤْتَجِراً فَلَهُ أَجْرُهَا وَ مَنْ مَنَعَنَاهَا أَخَذْنَاهَا مِنْهُ وَ شَطْرُ إِبِلِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا وَ لَیْسَ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِیهَا شَیْ ءٌ وَ فِی كُلِّ غَنِیمَةٍ خُمُسُ أَهْلِ الْخُمُسِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ مُنِعُوا.
فخص الحسن علیه السلام ما لعله كان عنده أعف و أنظف من مال اردشیرخره و لأنها حوصرت سبع سنین حتی اتخذ المحاصرون لها فی مدة حصارهم إیاها مصانع (1) و عمارات ثم میزوها من جملة ما فتحوها بنوع من الحكم و بین الإصطخر الأول و الإصطخر الثانی هنات علمها الربانی الذی هو الحسن علیه السلام فاختار لهم أنظف ما عرف.
فَقَدْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (2) أَنَّهُ لَا یُجَاوِزُ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّی یُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ ثِیَابِهِ (3) فِیمَا أَبْلَاهُ
ص: 12
وَ عُمُرِهِ فِیمَا أَفْنَاهُ وَ عَنْ مَالِهِ مِنْ أَیْنَ جَمَعَهُ وَ فِیمَا أَنْفَقَهُ وَ عَنْ حُبِّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَأْخُذَانِ مِنْ مُعَاوِیَةَ الْأَمْوَالَ فَلَا یُنْفِقَانِ مِنْ ذَلِكَ عَلَی أَنْفُسِهِمَا وَ لَا عَلَی عِیَالِهِمَا مَا تَحْمِلُهُ الذُّبَابَةُ بِفِیهَا.
قال شیبة بن نعامة: كان علی بن الحسین علیه السلام ینحل فلما مات نظروا فإذا هو یعول فی المدینة أربعمائة بیت من حیث لم یقف الناس علیه.
فإن قال فإن هذا
محمد بن إسحاق بن خزیمة النیسابوری قال حدثنا أبو بشر الواسطی قال حدثنا خالد بن داود عن عامر قال: بایع الحسن بن علی معاویة علی أن یسالم من سالم و یحارب من حارب و لم یبایعه علی أنه أمیر المؤمنین.
قلنا هذا حدیث ینقض آخره أوله و أنه لم یؤمره و إذا لم یؤمره لم یلزمه الایتمار له إذا أمره و قد روینا من غیر وجه ما ینقض قوله یسالم من سالم و یحارب من حارب فلا نعلم فرقة من الأمة أشد علی معاویة من الخوارج و
خرج علی معاویة بالكوفة جویریة بن ذراع أو ابن وداع أو غیره من الخوارج فقال معاویة للحسن أخرج إلیهم و قاتلهم فقال یأبی اللّٰه لی بذلك قال فلم أ لیس هم أعداؤك و أعدائی قال نعم یا معاویة و لكن لیس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فوجده فأسكت معاویة.
و لو كان ما رواه أنه بایع علی أن یسالم من سالم و یحارب من حارب لكان معاویة لا یسكت علی ما حجه به الحسن علیه السلام و لأنه یقول له قد بایعتنی علی أن تحارب من حاربت كائنا من كان و تسالم من سالمت كائنا من كان و إذا قال عامر فی حدیثه و لم
یبایعه علی أنه أمیر المؤمنین قد ناقض لأن الأمیر هو الآمر و الزاجر و المأمور هو المؤتمر و المنزجر فأبی تصرف الأمر فقد أزال الحسن علیه السلام فی موادعته معاویة الایتمار له فقد خرج من تحت أمره حین شرط أن لا یسمیه أمیر المؤمنین.
و لو انتبه معاویة بحیلة الحسن علیه السلام بما احتال علیه لقال له یا با محمد أنت
ص: 13
مؤمن و أنا أمیر فإذا لم أكن أمیرك لم أكن للمؤمنین أیضا أمیرا و هذه حیلة منك تزیل أمری عنك و تدفع حكمی لك و علیك فلو كان قوله یحارب من حارب مطلقا و لم یكن شرطه إن قاتلك من هو شر منك قاتلته و إن قاتلك من هو مثلك فی الشر و أنت أقرب منه إلیه لم أقاتله و لأن شرط اللّٰه علی الحسن و علی جمیع عباده التعاون عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی و ترك التعاون عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ و إن قتال (1)
من طلب الحق فأخطأه مع من طلب الباطل فوجده تعاون عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ (2).
فإن قال هذا حَدِیثُ ابْنِ سِیرِینَ یَرْوِیهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَیْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِی عَدِیٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِیرِینَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَوْمَ كَلَّمَ فَقَالَ مَا بَیْنَ جَابَرْسَ وَ جَابَلْقَ رَجُلٌ جَدُّهُ نَبِیٌّ غَیْرِی وَ غَیْرُ أَخِی وَ إِنِّی رَأَیْتُ أَنْ أُصْلِحَ بَیْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ كُنْتُ أَحَقَّهُمْ بِذَلِكَ فَإِنَّا بَایَعْنَا مُعَاوِیَةَ وَ لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ.
قلنا أ لا تری إلی قول أنس كیف یقول یوم كلم الحسن و لم یقل یوم بایع إذ لم یكن عنده بیعة حقیقة و إنما كانت مهادنة كما یكون بین أولیاء اللّٰه و أعدائه لا مبایعة تكون بین أولیائه و أولیائه فرأی الحسن علیه السلام رفع السیف مع العجز بینه و بین معاویة كما رأی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله رفع السیف بینه و بین أبی سفیان و سهیل بن عمرو و لو لم یكن رسول اللّٰه مضطرا إلی تلك المصالحة و الموادعة لما فعل.
فإن قال قد ضرب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بینه و بین سهیل و أبی سفیان مدة و لم یجعل الحسن بینه و بین معاویة مدة قلنا بل ضرب الحسن علیه السلام أیضا بینه و بین معاویة مدة و إن جهلناها و لم نعلمها و هی ارتفاع الفتنة و انتهاء مدتها و هو مَتاعٌ إِلی حِینٍ
ص: 14
فإن قال: فإن الحسن قال لجبیر بن نفیر(1)
حین قال له إن الناس یقولون إنك ترید الخلافة فقال قد كان جماجم العرب فی یدی یحاربون من حاربت و یسالمون من سالمت تركتها ابتغاء وجه اللّٰه و حقن دماء أمة محمد ثم أثیرها یا تیاس أهل الحجاز؟
قلنا إن جبیرا كان دسیسا إلی الحسن علیه السلام دسه معاویة إلیه لیختبره هل فی نفسه الإثارة و كان جبیر یعلم أن الموادعة التی وادع معاویة غیر مانعة من الإثارة التی اتهمه بها و لو لم یجز للحسن علیه السلام مع المهادنة التی هادن أن یطلب الخلافة لكان جبیر یعلم ذلك فلا یسأله لأنه یعلم أن الحسن علیه السلام لا یطلب ما لیس له طلبه فلما اتهمه بطلب ما له طلبه دس إلیه دسیسة هذا لیستبرئ برأیه و علم أنه الصادق و ابن الصادق و أنه إذا أعطاه بلسانه أنه لا یثیرها بعد تسكینه إیاها فإنه وفی بوعده صادق فی عهده.
فلما مقته قول جبیر قال له یا تیاس أهل الحجاز و التیاس بیاع عسب الفحل الذی هو حرام و أما قوله بیدی جماجم العرب فقد صدق علیه السلام و لكن كان من تلك الجماجم الأشعث بن قیس فی عشرین ألفا و یزهدونهم (2).
قال الأشعث یوم رفع المصاحف و وقع تلك المكیدة إن لم تجب إلی ما دعیت إلیه لم یرم معك غدا یمانیان بسهم و لم یطعن یمانیان برمح و لا یضرب یمانیان بسیف و أومأ بیده (3) إلی أصحابه أبناء الطمع و كان فی تلك الجماجم شبث بن ربعی تابع كل ناعق و مثیر كل فتنة و عمرو بن حریث الذی ظهر علی
ص: 15
علی صلوات علیه و بایع ضبة احتوشها مع الأشعث و المنذر بن الجارود الطاغی الباغی.
و صدق الحسن صلوات اللّٰه علیه أنه كان بیده هذه الجماجم یحاربون من حارب و لكن محاربة منهم للطمع و یسالمون من سالم لذلك و كان من حارب لله جل و عز و ابتغی القربة إلیه و الحظوة منه قلیلا و لیس فیهم عدد یتكافی أهل الحرب لله و النزاع لأولیاء اللّٰه و استمداد كل مدد و كل عدد و كل شدة علی حجج اللّٰه عز و جل.
بیان: قوله صلی اللّٰه علیه و آله قاما أو قعدا أی سواء قاما بأمر الإمامة أم قعدا عنه للمصلحة و التقیة و یقال سفهه أی نسبه إلی السفه و تعقبه أی أخذه بذنب كان منه.
قوله و المبایعة علی ما یدعیه المدعون المبایعة مبتدأ و لم یلزم خبره أی لو كانت مبایعة علی سبیل التنزل فهی كانت علی شروط و لم تتحقق تلك الشروط فلم تقع المبایعة و یحتمل أن یكون نتیجة لما سبق أی فعلی ما ذكرنا لم تقع المبایعة علی هذا الوجه أیضا.
قوله علی نفسه لعله متعلق بالإسقاط بأن یكون علی بمعنی عن قوله هو الذی أمره مأمور الظاهر زیادة لفظ مأمور و علی تقدیره یصح أیضا إذ فی العرف لا یطلق الأمیر علی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیكون كل من نصب أمیرا مأمورا.
قوله یرید أن من حكمه لعل خبر أن محذوف (1)
بقرینة المقام و الإسعاف الإعانة و قضاء الحاجة.
قوله لمن أمره رسول اللّٰه علیهم أی علی هوازن أو علی أهل مكة و المعنی كما أن هوازن لا یكونون أمراء علی الذین أمرهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علی هوازن كذلك قریش و أهل مكة بالنسبة إلی من أمرهم اللّٰه علیهم و بعثهم لقتالهم.
ص: 16
قوله فهو أی التأمیر مطلقا أو تأمیر معاویة قوله أن یتخذ أی عن أن یتخذ و هو متعلق بقوله فرغ أی لما خلص علیه السلام نفسه عن البیعة فرغ عن أن یتخذ بیعة الشقی علی المؤمنین لأن بیعتهم كان تابعا لبیعته و لم یبایعوا أنفسهم بیعة علی حدة و إلیه أشار بقوله لأن هذه الطبقة و قوله و لأن الحسن دلیل آخر علی عدم تأمیره علی الحسن علیه السلام و قوله فقد اعتقد جزاء للشرط فی قوله و لو لم یشترط.
و
قَالَ الْجَزَرِیُّ وَ فِی حَدِیثِ أَبِی هُرَیْرَةَ: إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِی الْعَاصِ ثَلَاثِینَ اتَّخَذُوا عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا.
بالتحریك أی خدما و عبدا یعنی أنهم یستخدمونهم و یستعبدونهم و قال الدخل بالتحریك الغش و العیب و الفساد و منه
الْحَدِیثُ: إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِی الْعَاصِ ثَلَاثِینَ كَانَ دِینُ اللَّهِ دَخَلًا.
و حقیقته أن یدخلوا فی الدین أمورا لم تجر به السنة انتهی.
و الدول بضم الدال و فتح الواو جمع دولة بالضم و هو ما یتداولونه بینهم یكون مرة لهذا و مرة لهذا قوله من اتخذه أی اتخاذ من اتخذه و هو فاعل جاز و قوله من اعتمد مبتدأ و قوله علم و سلم خبره.
و یقال سأمه سوء العذاب أی حمله علیه قوله إن البر كأنه استئناف أو اللام فیه مقدر أی لأن البر مقهور و یمكن أن یكون اتقی تصحیف أتقن أو أیقن.
و بانقیا قریة بالكوفة و الحیرة بلدة قرب الكوفة و الكناسة بالضم موضع بالكوفة.
قوله الداعیة هی خبر أن أی أمثال تلك المعاونات علی الظلم صارت أسبابا لتغییر أحكام اللّٰه التی من جملتها نقل صدقة بانقیا إلی الحیرة.
و الأثرة الاستبداد بالشی ء و التفرد به و الهذر بالتحریك الهذیان و بالدال المهملة البطلان.
قوله و من أنزل راهبا حاصله أن عبد اللّٰه كان من المترهبین المتعبدین
ص: 17
و كان أقل ضررا بالنسبة إلیهم من حجر و أصحابه فكان قتله أشنع فلذا قدمه و الإخبات الخشوع و التواضع قوله هنات و هنات أی شرور و فساد و ظلم.
و قال الفیروزآبادی الهوشة الفتنة و الهیج و الاضطراب و الاختلاط و الهواشات بالضم الجماعات من الناس و الإبل و الأموال الحرام و المهاوش ما غصب و سرق و قال الهیش الإفساد و التحریك و الهیج و الحلب الروید و الجمع.
قوله مؤتجرا أی طالبا للأجر و الثواب و قال الجزری فی حدیث مانع الزكاة أنا آخذها و شطر ماله عزمة من عزمات اللّٰه أی حق من حقوق اللّٰه و واجب من واجباته.
قال الحربی غلط الراوی فی لفظ الروایة إنما هو شطر ماله أی یجعل ماله شطرین و یتخیر علیه المصدق فیأخذ الصدقة من خیر النصفین عقوبة لمنعه الزكاة فأما ما لا یلزمه فلا و قال الخطابی فی قول الحربی لا أعرف هذا الوجه و قیل معناه أن الحق مستوفی منه غیر متروك علیه و إن ترك شطر ماله كرجل كان له ألف شاة مثلا فتلفت حتی لم یبق إلا عشرون فإنه یؤخذ منه عشر شیاه لصدقة الألف و هو شطر ماله الباقی و هذا أیضا بعید لأنه قال أنا آخذها و شطر ماله و لم یقل أنا آخذ و أشطر ماله.
و قیل إنه كان فی صدر الإسلام یقع بعض العقوبات فی الأموال ثم نسخ كقوله فی الثمر المعلق من خرج بشی ء فله غرامة مثلیه و العقوبة و كقوله فی ضالة الإبل المكتومة غرامتها و مثلها معها و كان عمر یحكم به و قد أخذ أحمد بشی ء من هذا و عمل به.
و قال الشافعی فی القدیم من منع زكاة ماله أخذت منه و أخذ شطر ماله عقوبة علی منعه و استدل بهذا الحدیث و قال فی الجدید لا یؤخذ منه إلا الزكاة لا غیر و جعل هذا الحدیث منسوخا انتهی.
قوله ینحل من النحلة بمعنی العطیة أو النحول بمعنی الهزال و الثانی بعید
ص: 18
قوله علیه السلام لیس من طلب الحق المعنی أن هؤلاء الخوارج مع غایة كفرهم خیر من معاویة و أصحابه لأن للخوارج شبهة و كان غرضهم طلب الحق فأخطئوا بخلاف معاویة و أصحابه فإنهم طلبوا الباطل معاندین فأصابوه لعنة اللّٰه علیهم أجمعین.
قوله إلیه أی إلی الشر و الجماجم جمع الجمجمة جمجمة الرأس و یكنی بها عن السادات و القبائل التی تنسب إلیها البطون.
و قال الفیروزآبادی التیس ذكر الظباء و المعز و التیاس ممسكة و العسب ضراب الفحل أو ماؤه أو نسله و احتوش القوم علی فلان جعلوه فی وسطهم.
«3»- ج، [الإحتجاج] عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ سَدِیرِ بْنِ حُكَیْمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَقِیصَا قَالَ: لَمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ دَخَلَ عَلَیْهِ النَّاسُ فَلَامَهُ بَعْضُهُمْ عَلَی بَیْعَتِهِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام وَیْحَكُمْ مَا تَدْرُونَ مَا عَمِلْتُ وَ اللَّهِ الَّذِی عَمِلْتُ خَیْرٌ لِشِیعَتِی مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ أَ لَا تَعْلَمُونَ أَنِّی إِمَامُكُمْ وَ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ عَلَیْكُمْ وَ أَحَدُ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِنَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیَّ قَالُوا بَلَی قَالَ أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ الْخَضِرَ لَمَّا خَرَقَ السَّفِینَةَ وَ أَقَامَ الْجِدَارَ وَ قَتَلَ الْغُلَامَ كَانَ ذَلِكَ سَخَطاً لِمُوسَی بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام إِذْ خَفِیَ عَلَیْهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِی ذَلِكَ وَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ حِكْمَةً وَ صَوَاباً أَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَ یَقَعُ فِی عُنُقِهِ بَیْعَةٌ لِطَاغِیَةِ زَمَانِهِ إِلَّا الْقَائِمُ الَّذِی یُصَلِّی خَلْفَهُ رُوحُ اللَّهِ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَعلیهما السلام فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُخْفِی وِلَادَتَهُ وَ یُغَیِّبُ شَخْصَهُ لِئَلَّا یَكُونَ لِأَحَدٍ فِی عُنُقِهِ بَیْعَةٌ إِذَا خَرَجَ ذَاكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أَخِی الْحُسَیْنِ ابْنُ سَیِّدَةِ الْإِمَاءِ یُطِیلُ اللَّهُ عُمُرَهُ فِی غَیْبَتِهِ ثُمَّ یُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِی صُورَةِ شَابٍّ ابْنِ دُونِ الْأَرْبَعِینَ سَنَةً ذَلِكَ لِیُعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.
ك، [إكمال الدین] المظفر العلوی عن ابن العیاشی عن أبیه عن جبرئیل بن أحمد عن موسی بن جعفر البغدادی عن الحسن بن محمد الصیرفی عن حنان بن
ص: 19
سدیر: مثله (1).
«4»- ج، [الإحتجاج] عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِیِّ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بِالْمَدَائِنِ أَتَیْتُهُ وَ هُوَ مُتَوَجِّعٌ فَقُلْتُ مَا تَرَی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّ النَّاسَ مُتَحَیِّرُونَ فَقَالَ أَرَی وَ اللَّهِ مُعَاوِیَةَ خَیْراً لِی مِنْ هَؤُلَاءِ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لِی شِیعَةً ابْتَغَوْا قَتْلِی وَ انْتَهَبُوا ثَقَلِی وَ أَخَذُوا مَالِی وَ اللَّهِ لَأَنْ آخُذَ مِنْ مُعَاوِیَةَ عَهْداً أَحْقُنُ بِهِ دَمِی وَ آمَنُ بِهِ فِی أَهْلِی خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَقْتُلُونِی فَتَضِیعَ أَهْلُ بَیْتِی وَ أَهْلِی وَ اللَّهِ لَوْ قَاتَلْتُ مُعَاوِیَةَ لَأَخَذُوا بِعُنُقِی حَتَّی یَدْفَعُونِی إِلَیْهِ سِلْماً فَوَ اللَّهِ لَأَنْ أُسَالِمَهُ وَ أَنَا عَزِیزٌ خَیْرٌ مِنْ أَنْ یَقْتُلَنِی وَ أَنَا أَسِیرُهُ أَوْ یَمُنَّ عَلَیَّ فَتَكُونَ سُبَّةً عَلَی بَنِی هَاشِمٍ إِلَی آخِرِ الدَّهْرِ وَ مُعَاوِیَةُ لَا یَزَالُ یَمُنُّ بِهَا وَ عَقِبُهُ عَلَی الْحَیِّ مِنَّا وَ الْمَیِّتِ قَالَ قُلْتُ تَتْرُكُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ شِیعَتَكَ كَالْغَنَمِ لَیْسَ لَهُمْ رَاعٍ قَالَ وَ مَا أَصْنَعُ یَا أَخَا جُهَیْنَةَ إِنِّی وَ اللَّهِ أَعْلَمُ بِأَمْرٍ قَدْ أُدِّیَ بِهِ إِلَیَّ عَنْ ثِقَاتِهِ- أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لِی ذَاتَ یَوْمٍ وَ قَدْ رَآنِی فَرِحاً یَا حَسَنُ أَ تَفْرَحُ كَیْفَ بِكَ إِذَا رَأَیْتَ أَبَاكَ قَتِیلًا أَمْ كَیْفَ بِكَ إِذَا وُلِّیَ هَذَا الْأَمْرَ بَنُو أُمَیَّةَ وَ أَمِیرُهَا الرَّحْبُ الْبُلْعُومِ الْوَاسِعُ الْأَعْفَاجِ یَأْكُلُ وَ لَا یَشْبَعُ یَمُوتُ وَ لَیْسَ لَهُ فِی السَّمَاءِ نَاصِرٌ وَ لَا فِی الْأَرْضِ عَاذِرٌ ثُمَّ یَسْتَوْلِی عَلَی غَرْبِهَا وَ شَرْقِهَا تَدِینُ لَهُ الْعِبَادُ وَ یَطُولُ مُلْكُهُ یَسْتَنُّ بِسُنَنِ الْبِدَعِ وَ الضَّلَالِ وَ یُمِیتُ الْحَقَّ وَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْسِمُ الْمَالَ فِی أَهْلِ وَلَایَتِهِ وَ یَمْنَعُهُ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ وَ یَذِلُّ فِی مُلْكِهِ الْمُؤْمِنُ وَ یَقْوَی فِی سُلْطَانِهِ الْفَاسِقُ وَ یَجْعَلُ الْمَالَ بَیْنَ أَنْصَارِهِ دُوَلًا وَ یَتَّخِذُ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَ یَدْرُسُ فِی سُلْطَانِهِ الْحَقُّ وَ یَظْهَرُ الْبَاطِلُ وَ یُلْعَنُ الصَّالِحُونَ وَ یُقْتَلُ مَنْ نَاوَاهُ عَلَی الْحَقِّ وَ یَدِینُ مَنْ وَالاهُ عَلَی الْبَاطِلِ
فَكَذَلِكَ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلًا فِی آخِرِ الزَّمَانِ وَ كَلَبٍ مِنَ الدَّهْرِ وَ جَهْلٍ مِنَ النَّاسِ یُؤَیِّدُهُ اللَّهُ بِمَلَائِكَتِهِ وَ یَعْصِمُ أَنْصَارَهُ وَ یَنْصُرُهُ بِآیَاتِهِ وَ یُظْهِرُهُ عَلَی
ص: 20
الْأَرْضِ حَتَّی یَدِینُوا طَوْعاً وَ كَرْهاً یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً وَ نُوراً وَ بُرْهَاناً یَدِینُ لَهُ عَرْضُ الْبِلَادِ وَ طُولُهَا حَتَّی لَا یَبْقَی كَافِرٌ إِلَّا آمَنَ وَ لَا طَالِحٌ إِلَّا صَلَحَ وَ تَصْطَلِحُ فِی مُلْكِهِ السِّبَاعُ وَ تُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبْتَهَا وَ تُنْزِلُ السَّمَاءُ بَرَكَتَهَا وَ تَظْهَرُ لَهُ الْكُنُوزُ یَمْلِكُ مَا بَیْنَ الْخَافِقَیْنِ أَرْبَعِینَ عَاماً فَطُوبَی لِمَنْ أَدْرَكَ أَیَّامَهُ وَ سَمِعَ كَلَامَهُ (1).
إیضاح: یقال صار هذا الأمر سبة علیه بضم السین و تشدید الباء أی عارا یسب به قوله عن ثقاته لعل الضمیر راجع إلی الأمر أو إلی اللّٰه و كل منهما لا یخلو من تكلف و قال الجوهری الرحب بالضم السعة تقول منه فلان رحب الصدر و الرحب بالفتح الواسع و البلعوم بالضم مجری الطعام فی الحلق و هو المری ء و الأعفاج من الناس و من الحافر و السباع كلها ما یصیر الطعام إلیه بعد المعدة و هو مثل المصارین لذوات الخف و الظلف.
و دانه أی أذله و استعبده و دان له أی أطاعه و دینت الرجل وكلته إلی دینه و الكلب بالتحریك الشدة و الطالح خلاف الصالح و الخافقان أفقا المشرق و المغرب.
«5»- أَعْلَامُ الدِّینِ لِلدَّیْلَمِیِّ، قَالَ: خَطَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بَعْدَ وَفَاةِ أَبِیهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَ مَا وَ اللَّهِ مَا ثَنَانَا عَنْ قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ ذِلَّةٌ وَ لَا قِلَّةٌ وَ لَكِنْ كُنَّا نُقَاتِلُهُمْ بِالسَّلَامَةِ وَ الصَّبْرِ فَشِیبَ السَّلَامَةُ بِالْعَدَاوَةِ وَ الصَّبْرُ بِالْجَزَعِ وَ كُنْتُمْ تَتَوَجَّهُونَ مَعَنَا وَ دِینُكُمْ أَمَامَ دُنْیَاكُمْ وَ قَدْ أَصْبَحْتُمُ الْآنَ وَ دُنْیَاكُمْ أَمَامَ دِینِكُمْ وَ كُنَّا لَكُمْ وَ كُنْتُمْ لَنَا وَ قَدْ صِرْتُمُ الْیَوْمَ عَلَیْنَا ثُمَّ أَصْبَحْتُمْ تَصُدُّونَ قَتِیلَیْنِ قَتِیلًا بِصِفِّینَ تَبْكُونَ عَلَیْهِمْ وَ قَتِیلًا بِالنَّهْرَوَانِ تَطْلُبُونَ بِثَأْرِهِمْ فَأَمَّا الْبَاكِی فَخَاذِلٌ وَ أَمَّا الطَّالِبُ فَثَائِرٌ وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ قَدْ دَعَا إِلَی أَمْرٍ لَیْسَ فِیهِ عِزٌّ وَ لَا نَصَفَةٌ فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْحَیَاةَ قَبِلْنَاهُ مِنْهُ وَ أَغْضَضْنَا عَلَی الْقَذَی وَ إِنْ أَرَدْتُمُ الْمَوْتَ بَذَلْنَاهُ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ حَاكَمْنَاهُ إِلَی اللَّهِ.
ص: 21
فَنَادَی الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ بَلِ الْبَقِیَّةُ وَ الْحَیَاةُ(1).
«6»- ج، [الإحتجاج] د، [العدد القویة] عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: قَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ حِینَ اجْتَمَعَ مَعَ مُعَاوِیَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ مُعَاوِیَةَ زَعَمَ أَنِّی رَأَیْتُهُ لِلْخِلَافَةِ أَهْلًا وَ لَمْ أَرَ نَفْسِی لَهَا أَهْلًا وَ كَذَبَ مُعَاوِیَةُ أَنَا أَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّ اللَّهِ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّاسَ بَایَعُونِی وَ أَطَاعُونِی وَ نَصَرُونِی لَأَعْطَتْهُمُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا وَ لَمَا طَمِعْتَ فِیهَا یَا مُعَاوِیَةُ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلًا قَطُّ وَ فِیهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا لَمْ یَزَلْ أَمْرُهُمْ یَذْهَبُ سَفَالًا حَتَّی یَرْجِعُوا إِلَی مِلَّةِ عَبَدَةِ الْعِجْلِ وَ قَدْ تَرَكَ بَنُو إِسْرَائِیلَ هَارُونَ وَ اعْتَكَفُوا عَلَی الْعِجْلِ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أَنَّ هَارُونَ خَلِیفَةُ مُوسَی وَ قَدْ تَرَكَتِ الْأُمَّةُ عَلِیّاً علیه السلام وَ قَدْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ
ص: 22
لِعَلِیٍّ علیه السلام أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ النُّبُوَّةِ فَلَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ قَدْ هَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مِنْ قَوْمِهِ وَ هُوَ یَدْعُوهُمْ إِلَی اللَّهِ حَتَّی فَرَّ إِلَی الْغَارِ وَ لَوْ وَجَدَ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً مَا هَرَبَ مِنْهُمْ وَ لَوْ وَجَدْتُ أَنَا أَعْوَاناً مَا بَایَعْتُكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ هَارُونَ فِی سَعَةٍ حِینَ اسْتَضْعَفُوهُ وَ كَادُوا یَقْتُلُونَهُ وَ لَمْ یَجِدْ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَعَةٍ حِینَ فَرَّ مِنْ قَوْمِهِ لِمَا لَمْ یَجِدْ أَعْوَاناً عَلَیْهِمْ وَ كَذَلِكَ أَنَا وَ أَبِی فِی سَعَةٍ مِنَ اللَّهِ حِینَ تَرَكَتْنَا الْأُمَّةُ وَ بَایَعَتْ غَیْرَنَا وَ لَمْ نَجِدْ أَعْوَاناً وَ إِنَّمَا هِیَ السُّنَنُ وَ الْأَمْثَالُ یَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوِ الْتَمَسْتُمْ فِیمَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لَمْ تَجِدُوا رَجُلًا مِنْ وُلْدِ نَبِیٍّ غَیْرِی وَ غَیْرَ أَخِی.
«7»- كش، [رجال الكشی] رُوِیَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الطَّوِیلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ علیه السلام یُقَالُ لَهُ- سُفْیَانُ بْنُ لَیْلَی (1)
وَ هُوَ عَلَی رَاحِلَةٍ لَهُ فَدَخَلَ عَلَی الْحَسَنِ وَ هُوَ
ص: 23
مُحْتَبٍ (1)
فِی فِنَاءِ دَارِهِ فَقَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ انْزِلْ وَ لَا تَعْجَلْ فَنَزَلَ فَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ فِی الدَّارِ وَ أَقْبَلَ یَمْشِی حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ مَا قُلْتَ قَالَ قُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ وَ مَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ قَالَ عَمَدْتَ إِلَی أَمْرِ الْأُمَّةِ فَخَلَعْتَهُ مِنْ عُنُقِكَ وَ قَلَّدْتَهُ هَذَا الطَّاغِیَةَ یَحْكُمُ بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام سَأُخْبِرُكَ لِمَ فَعَلْتُ ذَلِكَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِی علیه السلام یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله لَنْ تَذْهَبَ الْأَیَّامُ وَ اللَّیَالِی حَتَّی یَلِیَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ وَاسِعُ الْبُلْعُومِ رَحْبُ الصَّدْرِ(2) یَأْكُلُ وَ لَا یَشْبَعُ وَ هُوَ مُعَاوِیَةُ فَلِذَلِكَ فَعَلْتُ مَا جَاءَ بِكَ قَالَ حُبُّكَ قَالَ اللَّهَ قَالَ اللَّهَ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ اللَّهِ لَا یُحِبُّنَا عَبْدٌ أَبَداً وَ لَوْ كَانَ أَسِیراً فِی الدَّیْلَمِ إِلَّا نَفَعَهُ حُبُّنَا وَ إِنَّ حُبَّنَا لَیُسَاقِطُ الذُّنُوبَ مِنْ بَنِی آدَمَ كَمَا یُسَاقِطُ الرِّیحُ الْوَرَقَ مِنَ الشَّجَرِ.
ختص، [الإختصاص] جعفر بن الحسین المؤمن و جماعة مشایخنا عن محمد بن الحسین بن
ص: 24
أحمد عن الصفار عن ابن عیسی عن علی بن النعمان: مثله (1).
«8»- كشف، [كشف الغمة] رَوَی الدُّولَابِیُّ مَرْفُوعاً إِلَی جُبَیْرِ بْنِ نُفَیْرٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِینَةَ(2) فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام كَانَتْ جَمَاجِمُ الْعَرَبِ بِیَدِی یُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ وَ یُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ فَتَرَكْتُهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَ حَقْنَ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ.
وَ رُوِیَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله أَبْصَرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام مُقْبِلًا فَقَالَ اللَّهُمَّ سَلِّمْهُ وَ سَلِّمْ مِنْهُ.
«9»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَ اللَّهِ الَّذِی صَنَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام كَانَ خَیْراً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ وَ وَ اللَّهِ لَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ- أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إِنَّمَا هِیَ طَاعَةُ الْإِمَامِ وَ لَكِنَّهُمْ طَلَبُوا الْقِتَالَ- فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ- ... نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ (3) أَرَادُوا تَأْخِیرَ ذَلِكَ إِلَی الْقَائِمِعلیه السلام.
توضیح: قوله علیه السلام إنما هی طاعة الإمام أی المقصود فی الآیة طاعة الإمام الذی ینهی عن القتال لعدم كونه مأمورا به و یأمر بالصلاة و الزكاة و سائر
ص: 25
أبواب البر و الحاصل أن أصحاب الحسن علیه السلام كانوا بهذه الآیة مأمورین بطاعة إمامهم فی ترك القتال فلم یرضوا به و طلبوا القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ مع الحسین علیه السلام قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ أی قیام القائم علیه السلام.
ثم اعلم أن هذه الآیة كما ورد فی الخبر لیست فی القرآن ففی سورة النساء أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ یَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْیَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْیَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْیا قَلِیلٌ و فی سورة إبراهیم فَیَقُولُ الَّذِینَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ فلعله علیه السلام وصل آخر الآیة بالآیة السابقة لكونهما لبیان حال هذه الطائفة أو أضاف قوله نُجِبْ دَعْوَتَكَ بتلك الآیة علی وجه التفسیر و البیان أی كان غرضهم أنه إن أخرتنا إلی ذلك نجب دعوتك و نتبع و یحتمل أن یكون فی مصحفهم علیهم السلام هكذا.
أقول: سیأتی بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب فی باب شهادته علیه السلام.
قال السید المرتضی فی كتاب تنزیه الأنبیاء فإن قال قائل ما العذر له علیه السلام فی خلع نفسه من الإمامة و تسلیمها إلی معاویة مع ظهور فجوره و بعده عن أسباب الإمامة و تعریه من صفات مستحقها ثم فی بیعته و أخذ عطائه و صلاته و إظهار موالاته و القول بإمامته هذا مع توفر أنصاره و اجتماع أصحابه و مبایعة من كان یبذل عنه دمه و ماله حتی سموه مذل المؤمنین و عابوه فی وجهه علیه السلام.
الجواب قلنا قد ثبت أنه علیه السلام الإمام المعصوم المؤید الموفق بالحجج الظاهرة و الأدلة القاهرة فلا بد من التسلیم لجمیع أفعاله و حملها علی الصحة
ص: 26
و إن كان فیها ما لا یعرف وجهه علی التفصیل أو كان له ظاهر ربما نفرت النفس عنه و قد مضی تلخیص هذه الجملة و تقریرها فی مواضع من كتابنا هذا.
و بعد فإن الذی جری منه علیه السلام كان السبب فیه ظاهرا و الحامل علیه بینا جلیا لأن المجتمعین له من الأصحاب و إن كانوا كثیری العدد فقد كانت قلوب أكثرهم نغلة غیر صافیة و قد كانوا صبوا إلی دنیا معاویة من غیر مراقبة و لا مساترة فأظهروا له علیه السلام النصرة و حملوه علی المحاربة و الاستعداد لها طمعا فی أن یورطوه و یسلموه فأحس بهذا منهم قبل التولج و التلبس فتخلی من الأمر و تحرز من المكیدة التی كادت تتم علیه فی سعة من الوقت.
و قد صرح بهذه الجملة و بكثیر من تفصیلها فی مواقف كثیرة و بألفاظ مختلفة و قال علیه السلام إنما هادنت حقنا للدماء و ضنا بها و إشفاقا علی نفسی و أهلی و المخلصین من أصحابی فكیف لا یخاف أصحابه و یتهمهم علی نفسه و أهله.
و هو علیه السلام لما كتب إلی معاویة یعلمه أن الناس قد بایعوه بعد أبیه علیه السلام و یدعوه إلی طاعته فأجابه معاویة بالجواب المعروف المتضمن للمغالطة منه و المواریة و قال له فیه لو كنت أعلم أنك أقوم بالأمر و أضبط للناس و أكید للعدو و أقوی علی جمیع الأمور منی لبایعتك لأننی أراك لكل خیر أهلا و قال فی كتابه إن أمری و أمرك شبیه بأمر أبی بكر و أمركم بعد وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
فدعاه ذلك إلی أن خطب أصحابه بالكوفة یحضهم علی الجهاد و یعرفهم فضله و ما فی الصبر علیه من الأجر و أمرهم أن یخرجوا إلی معسكرهم فما أجابه أحد فقال لهم عدی بن حاتم سبحان اللّٰه أ لا تجیبون إمامكم أین خطباء المصر فقام قیس بن سعد و فلان و فلان فبذلوا الجهاد و أحسنوا القول و نحن نعلم أن من یضن بكلامه أولی أن یضن بفعاله.
أ و لیس أحدهم جلس له فی مظلم ساباط و طعنه بمعول كان معه أصاب فخذه و شقه حتی وصل إلی العظم و انتزع من یده و حمل علیه السلام إلی المدائن و علیها سعد بن مسعود عم المختار و كان أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه ولاه إیاها فأدخل
ص: 27
منزله فأشار المختار علی عمه أن یوثقه و یسیر به إلی معاویة علی أن یطعمه خراج جوحی سنة فأبی علیه و قال للمختار قبح اللّٰه رأیك أنا عامل أبیه و قد ائتمننی و شرفنی و هبنی بلاء أبیه (1) أ أنسی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لا أحفظه فی ابن ابنته و حبیبته.
ثم إن سعد بن مسعود أتاه علیه السلام بطبیب و قام علیه حتی برأ و حوله إلی بیض المدائن (2).
فمن الذی یرجو السلامة بالمقام بین أظهر هؤلاء القوم فضلا علی النصرة و المعونة و
قد أجاب علیه السلام حجر بن عدی الكندی لما قال له سودت
ص: 28
وجوه المؤمنین فقال علیه السلام ما كل أحد یحب ما تحب و لا رأیه كرأیك و إنما فعلت ما فعلت إبقاء علیكم.
وَ رَوَی عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ عَنْ أَبِی الْكَنُودِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَیْدٍ قَالَ: لَمَّا بَایَعَ الْحَسَنُ علیه السلام مُعَاوِیَةَ أَقْبَلَتِ الشِّیعَةُ تَتَلَاقَی بِإِظْهَارِ الْأَسَفِ وَ الْحَسْرَةِ عَلَی تَرْكِ الْقِتَالِ فَخَرَجُوا إِلَیْهِ بَعْدَ سَنَتَیْنِ مِنْ یَوْمَ بَایَعَ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ سُلَیْمَانُ بْنُ صُرَدَ الْخُزَاعِیُّ مَا یَنْقَضِی تَعَجُّبُنَا مِنْ بَیْعَتِكَ مُعَاوِیَةَ وَ مَعَكَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كُلُّهُمْ یَأْخُذُ الْعَطَاءَ وَ هُمْ عَلَی أَبْوَابِ مَنَازِلِهِمْ وَ مَعَهُمْ مِثْلُهُمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَ أَتْبَاعِهِمْ سِوَی شِیعَتِكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ الْحِجَازِ ثُمَّ لَمْ تَأْخُذْ لِنَفْسِكَ ثِقَةً فِی الْعَقْدِ وَ لَا حَظّاً مِنَ الْعَطِیَّةِ فَلَوْ كُنْتَ إِذْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ أَشْهَدْتَ عَلَی مُعَاوِیَةَ وُجُوهَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ كَتَبْتَ عَلَیْهِ كِتَاباً بِأَنَّ الْأَمْرَ لَكَ بَعْدَهُ كَانَ الْأَمْرُ عَلَیْنَا أَیْسَرَ وَ لَكِنَّهُ أَعْطَاكَ شَیْئاً بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ لَمْ یَفِ بِهِ ثُمَّ لَمْ یَلْبَثْ أَنْ قَالَ عَلَی رُءُوسِ الْأَشْهَادِ إِنِّی كُنْتُ شَرَطْتُ شُرُوطاً وَ وَعَدْتُ عِدَاةً إِرَادَةً لِإِطْفَاءِ نَارِ الْحَرْبِ وَ مُدَارَاةً لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ فَلَمَّا أَنْ جَمَعَ اللَّهُ لَنَا الْكَلِمَ وَ الْأُلْفَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ تَحْتَ قَدَمَیَّ وَ اللَّهِ مَا عَنَی بِذَلِكَ
غَیْرَكَ وَ مَا أَرَادَ إِلَّا مَا كَانَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ وَ قَدْ نَقَضَ فَإِذَا شِئْتَ فَأَعِدِ الْحَرْبَ خُدْعَةً وَ ائْذَنْ لِی فِی تَقَدُّمِكَ إِلَی الْكُوفَةِ فَأُخْرِجَ عَنْهَا عَامِلَهُ وَ أُظْهِرَ خَلْعَهُ وَ تَنَبَّذْ إِلَیْهِ عَلی سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْخائِنِینَ وَ تَكَلَّمَ الْبَاقُونَ بِمِثْلِ كَلَامِ سُلَیْمَانَ.
فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام أَنْتُمْ شِیعَتُنَا وَ أَهْلُ مَوَدَّتِنَا فَلَوْ كُنْتُ بِالْحَزْمِ فِی أَمْرِ الدُّنْیَا أَعْمَلَ وَ لِسُلْطَانِهَا أَرْكَضَ وَ أَنْصَبَ، مَا كَانَ مُعَاوِیَةُ بِأَبْأَسَ مِنِّی بَأْساً وَ لَا أَشَدَّ شَكِیمَةً
ص: 29
وَ لَا أَمْضَی عَزِیمَةً(1) وَ لَكِنِّی أَرَی غَیْرَ مَا رَأَیْتُمْ وَ مَا أَرَدْتُ بِمَا فَعَلْتُ إِلَّا حَقْنَ الدِّمَاءِ فَارْضُوا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَ سَلِّمُوا لِأَمْرِهِ وَ الْزَمُوا بُیُوتَكُمْ وَ أَمْسِكُوا.
أَوْ قَالَ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ حَتَّی یَسْتَرِیحَ بَرٌّ أَوْ یُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ.
وَ هَذَا كَلَامٌ مِنْهُ علیه السلام یَشْفِی الصُّدُورَ وَ یَذْهَبُ بِكُلِّ شُبْهَةٍ فِی هَذَا الْبَابِ.
وَ قَدْ رُوِیَ: أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا طَالَبَهُ مُعَاوِیَةُ بِأَنْ یَتَكَلَّمَ عَلَی النَّاسِ وَ یُعَلِّمَهُمْ مَا عِنْدَهُ فِی هَذَا الْبَابِ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَكْیَسَ الْكَیْسِ التُّقَی وَ أَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ بَیْنَ جَابَلَقَ وَ جَابَرَسَ رَجُلًا جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَا وَجَدْتُمُوهُ غَیْرِی وَ غَیْرَ أَخِی الْحُسَیْنِ وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ هَدَاكُمْ بِأَوْلِیَاءِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (2)
وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ نَازَعَنِی حَقّاً هُوَ لِی فَتَرَكْتُهُ لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَ حَقْنِ دِمَائِهَا وَ قَدْ بَایَعْتُمُونِی عَلَی أَنْ تُسَالِمُوا مَنْ سَالَمْتُ فَقَدْ رَأَیْتُ أَنْ أُسَالِمَهُ وَ رَأَیْتُ أَنَّ مَا حَقَنَ الدِّمَاءَ خَیْرٌ مِمَّا سَفَكَهَا وَ أَرَدْتُ صَلَاحَكُمْ وَ أَنْ یَكُونَ مَا صَنَعْتُ حُجَّةً عَلَی مَنْ كَانَ یَتَمَنَّی هَذَا الْأَمْرَ وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ.
و كلامه علیه السلام فی هذا الباب الذی یصرح فی جمیعه بأنه مغلوب مقهور ملجأ إلی التسلیم و دافع بالمسالمة الضرر العظیم عن الدین و المسلمین أشهر من الشمس و أجلی من الصبح فأما قول السائل إنه خلع نفسه من الإمامة فمعاذ اللّٰه لأن الإمامة بعد حصولها للإمام لا یخرج عنه بقوله و عند أكثر مخالفینا أیضا فی الإمامة أن خلع الإمام نفسه لا یؤثر فی خروجه من الإمامة و إنما ینخلع من الإمامة عندهم بالأحداث و الكبائر و لو كان خلعه فی نفسه مؤثرا لكان إنما یؤثر إذا وقع اختیارا فأما مع الإلجاء و الإكراه فلا تأثیر له و لو كان مؤثرا فی موضع
ص: 30
من المواضع.
و لم یسلم أیضا الأمر إلی معاویة بل كف عن المحاربة و المغالبة لفقد الأعوان و عوز الأنصار و تلاقی الفتنة علی ما ذكرناه فیغلب علیه معاویة بالقهر و السلطان مع ما أنه كان متغلبا علی أكثره و لو أظهر علیه السلام له التسلیم قولا لما كان فیه شی ء إذا كان عن إكراه و اضطهاد.
فأما البیعة فإن أرید بها الصفقة و إظهار الرضا و الكف عن المنازعة فقد كان ذلك لكنا قد بینا جهة وقوعه و الأسباب المحوجة إلیه و لا حجة فی ذلك علیه صلوات اللّٰه علیه كما لم یكن فی مثله حجة علی أبیه صلوات اللّٰه علیهما لما بایع المتقدمین علیه و كف عن نزاعهم و أمسك عن غلابهم.
و إن أرید بالبیعة الرضا و طیب النفس فالحال شاهد بخلاف ذلك و كلامه المشهور كله یدل علی أنه أحوج و أحرج و أن الأمر له و هو أحق الناس به و إنما كف عن المنازعة فیه للغلبة و القهر و الخوف علی الدین و المسلمین.
فأما أخذ العطاء فقد بینا فی هذا الكتاب عند الكلام فیما فعله أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه من ذلك أن أخذه من ید الجابر الظالم المتغلب جائز و أنه لا لؤم فیه علی الأخذ و لا حرج و أما أخذ الصلات فسائغ بل واجب لأن كل مال فی ید الغالب الجابر المتغلب علی أمر الأمة یجب علی الإمام و علی جمیع المسلمین انتزاعه من یده كیف ما أمكن بالطوع أو الإكراه و وضعه فی مواضعه.
فإذا لم یتمكن علیه السلام من انتزاع جمیع ما فی ید معاویة من أموال اللّٰه تعالی و أخرج هو شیئا منها إلیه علی سبیل الصلة فواجب علیه أن یتناوله من یده و یأخذ منه حقه و یقسمه علی مستحقه لأن التصرف فی ذلك المال بحق الولایة علیه لم یكن فی تلك الحال إلا له علیه السلام.
و لیس لأحد أن یقول إن الصلات التی كان یقبلها من معاویة أنه كان ینفقها علی نفسه و عیاله و لا یخرجها إلی غیره و ذلك أن هذا مما لا یمكن أن یدعی العلم به و القطع علیه و لا شك أنه علیه السلام كان ینفق منها لأن فیها حقه و حق
ص: 31
عیاله و أهله و لا بد من أن یكون قد أخرج منها إلی المستحقین حقوقهم و كیف یظهر ذلك و هو علیه السلام كان قاصدا إلی إخفائه و ستره لمكان التقیة و المحوج له علیه السلام إلی قبول تلك الأموال علی سبیل الصلة هو المحوج له إلی ستر إخراجها أو إخراج بعضها إلی مستحقیها من المسلمین و قد كان علیه و آله السلام یتصدق بكثیر من أمواله و یواسی الفقراء و یصل المحتاجین و لعل فی جملة ذلك هذه الحقوق.
فأما إظهار موالاته فما أظهر علیه السلام من ذلك شیئا كما لم یبطنه و كلامه علیه السلام فیه بمشهد معاویة و مغیبه معروف ظاهر و لو فعل ذلك خوفا و استصلاحا و تلافیا للشر العظیم لكان واجبا فقد فعل أبوه صلوات اللّٰه علیه و آله مثله مع المتقدمین علیه.
و أعجب من هذا كله دعوی القول بإمامته و معلوم ضرورة منه علیه السلام خلاف ذلك فإنه كان یعتقد و یصرح بأن معاویة لا یصلح أن یكون بعض ولاة الإمام و أتباعه فضلا عن الإمامة نفسها.
و لیس یظن مثل هذه الأمور إلا عامی حشوی قد قعد به التقلید و ما سبق إلی اعتقاده من تصویب القوم كلهم عن التأمل و سماع الأخبار المأثورة فی هذا الباب فهو لا یسمع إلا ما یوافقه و إذا سمع لم یصدق إلا بما أعجبه وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.
و أقول بعد ما أسسناه فی كتاب الإمامة بالدلائل العقلیة و النقلیة أنهم علیهم السلام لا یفعلون شیئا إلا بما وصل إلیهم من اللّٰه تعالی و بعد ما قرع سمعك فی تلك الأبواب من الأخبار الدالة علی وجه الحكمة فی خصوص ما فعله علیه السلام لا أظنك تحتاج إلی بسط القول فی ذلك وَ اللَّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ.
ص: 32
«1»- ع، [علل الشرائع]: دَسَّ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ وَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ وَ إِلَی حُجْرِ بْنِ الْحَارِثِ (1) وَ شَبَثِ بْنِ رِبْعِیٍّ دَسِیساً أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَیْنٍ مِنْ عُیُونِهِ أَنَّكَ إِنْ قَتَلْتَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ فَلَكَ مِائَتَا أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ جُنْدٌ مِنْ أَجْنَادِ الشَّامِ وَ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتِی فَبَلَغَ الْحَسَنَ علیه السلام فَاسْتَلْأَمَ وَ لَبِسَ دِرْعاً وَ كَفَرَهَا وَ كَانَ یَحْتَرِزُ وَ لَا یَتَقَدَّمُ لِلصَّلَاةِ بِهِمْ إِلَّا كَذَلِكَ فَرَمَاهُ أَحَدُهُمْ فِی الصَّلَاةِ بِسَهْمٍ فَلَمْ یَثْبُتْ فِیهِ لِمَا عَلَیْهِ مِنَ اللَّأْمَةِ فَلَمَّا صَارَ فِی مُظْلَمِ سَابَاطَ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمْ بِخَنْجَرٍ مَسْمُومٍ فَعَمِلَ فِیهِ الْخَنْجَرُ فَأَمَرَ علیه السلام أَنْ یُعْدَلَ بِهِ إِلَی بَطْنِ جُرَیْحَی (2)
وَ عَلَیْهَا عَمُّ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِی عُبَیْدِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ قَیْلَةَ فَقَالَ الْمُخْتَارُ لِعَمِّهِ تَعَالَ حَتَّی نَأْخُذَ الْحَسَنَ وَ نُسَلِّمَهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَیَجْعَلَ لَنَا الْعِرَاقَ فَنَذِرَ بِذَلِكَ الشِّیعَةُ مِنْ قَوْلِ الْمُخْتَارِ لِعَمِّهِ فَهَمُّوا بِقَتْلِ الْمُخْتَارِ فَتَلَطَّفَ عَمُّهُ لِمَسْأَلَةِ الشِّیعَةِ بِالْعَفْوِ عَنِ الْمُخْتَارِ فَفَعَلُوا فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام وَیْلَكُمْ وَ اللَّهِ إِنَّ مُعَاوِیَةَ- لَا یَفِی لِأَحَدٍ مِنْكُمْ بِمَا ضَمِنَهُ فِی قَتْلِی وَ إِنِّی أَظُنُّ أَنِّی إِنْ وَضَعْتُ یَدِی فِی یَدِهِ فَأُسَالِمُهُ لَمْ یَتْرُكْنِی أَدِینُ لِدِینِ جَدِّی ص وَ إِنِّی أَقْدِرُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَحْدِی وَ لَكِنِّی كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی أَبْنَائِكُمْ وَاقِفِینَ عَلَی أَبْوَابِ أَبْنَائِهِمْ یَسْتَسْقُونَهُمْ وَ یَسْتَطْعِمُونَهُمْ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ فَلَا یُسْقَوْنَ وَ لَا یُطْعَمُونَ فَبُعْداً وَ سُحْقاً لِمَا كَسَبَتْهُ أَیْدِیهِمْ- وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ
ص: 33
فَجَعَلُوا یَعْتَذِرُونَ بِمَا لَا عُذْرَ لَهُمْ فِیهِ فَكَتَبَ الْحَسَنُ مِنْ فَوْرِهِ ذَلِكَ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَطْبِی انْتَهَی إِلَی الْیَأْسِ مِنْ حَقٍّ أُحْیِیهِ وَ بَاطِلٍ أُمِیتُهُ وَ خَطْبُكَ خَطْبُ مَنِ انْتَهَی إِلَی مُرَادِهِ وَ إِنَّنِی أَعْتَزِلُ هَذَا الْأَمْرَ وَ أُخَلِّیهِ لَكَ وَ إِنْ كَانَ تَخْلِیَتِی إِیَّاهُ شَرّاً لَكَ فِی مَعَادِكَ
وَ لِی شُرُوطٌ أَشْتَرِطُهَا- لَا تَبْهَظَنَّكَ إِنْ وَفَیْتَ لِی بِهَا بِعَهْدٍ وَ لَا تَخِفُّ إِنْ غَدَرْتَ وَ كَتَبَ الشُّرُوطَ فِی كِتَابٍ آخَرَ فِیهِ یُمَنِّیهِ بِالْوَفَاءِ وَ تَرْكِ الْغَدْرِ وَ سَتَنْدَمُ یَا مُعَاوِیَةُ كَمَا نَدِمَ غَیْرُكَ مِمَّنْ نَهَضَ فِی الْبَاطِلِ أَوْ قَعَدَ عَنِ الْحَقِّ حِینَ لَمْ یَنْفَعِ النَّدَمُ وَ السَّلَامُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَنْ هُوَ النَّادِمُ النَّاهِضُ وَ النَّادِمُ الْقَاعِدُ قُلْنَا هَذَا الزُّبَیْرُ ذَكَرَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَا أَیْقَنَ بِخَطَاءِ مَا أَتَاهُ وَ بَاطِلِ مَا قَضَاهُ وَ بِتَأْوِیلِ مَا عَزَاهُ فَرَجَعَ عَنْهُ الْقَهْقَرَی وَ لَوْ وَفَی بِمَا كَانَ فِی بَیْعَتِهِ لَمَحَا نَكْثَهُ وَ لَكِنَّهُ أَبَانَ ظَاهِراً النَّدَمَ وَ السَّرِیرَةَ إِلَی عَالِمِهَا وَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَوَی أَصْحَابُ الْأَثَرِ فِی فَضَائِلِهِ أَنَّهُ قَالَ مَهْمَا آسَی عَلَیْهِ مِنْ شَیْ ءٍ فَإِنِّی لَا آسَی عَلَی شَیْ ءٍ أَسَفِی عَلَی أَنِّی لَمْ أُقَاتِلْ الْفِئَةَ الْبَاغِیَةَ مَعَ عَلِیٍ (1)
فَهَذَا نَدَمُ الْقَاعِدِ وَ هَذِهِ عَائِشَةُ رَوَی الرُّوَاةُ أَنَّهَا لَمَّا أَنَّبَهَا مُؤَنِّبٌ فِیمَا أَتَتْهُ قَالَتْ قُضِیَ الْقَضَاءُ وَ جَفَّتِ الْأَقْلَامُ وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ لِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِشْرُونَ ذَكَراً كُلُّهُمْ مِثْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ فَثَكِلْتُهُمْ بِمَوْتٍ وَ قَتْلٍ كَانَ أَیْسَرَ عَلَیَّ مِنْ خُرُوجِی عَلَی عَلِیٍّ وَ مَسْعَایَ الَّتِی سَعَیْتُ فَإِلَی اللَّهِ شَكْوَایَ لَا إِلَی غَیْرِهِ (2)
وَ هَذَا سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ لَمَّا أُنْهِیَ إِلَیْهِ أَنَّ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَتَلَ ذَا الثُّدَیَّةِ أَخَذَهُ مَا قَدَّمَ وَ مَا أَخَّرَ وَ قَلِقَ وَ نَزِقَ وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ
ص: 34
لَمَشَیْتُ إِلَیْهِ وَ لَوْ حَبْواً وَ لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِیَةُ دَخَلَ إِلَیْهِ سَعْدٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا إِسْحَاقَ مَا الَّذِی مَنَعَكَ أَنْ تُعِینَنِی عَلَی الطَّلَبِ بِدَمِ الْإِمَامِ الْمَظْلُومِ فَقَالَ كُنْتُ أُقَاتِلُ مَعَكَ عَلِیّاً وَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ: أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی.
قَالَ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ وَ إِلَّا صَمَّتَا قَالَ أَنْتَ الْآنَ أَقَلُّ عُذْراً فِی الْقُعُودِ عَنِ النُّصْرَةِ فَوَ اللَّهِ لَوْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قَاتَلْتُهُ (1) وَ قَدْ أَحَالَ فَقَدْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَاتَلَهُ وَ هُوَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ لِلدُّنْیَا یَلْعَنُهُ وَ یَشْتِمُهُ وَ یَرَی أَنَّ مُلْكَهُ وَ ثُبَاتَ قُدْرَتِهِ بِذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ یَقْطَعَ عُذْرَ سَعْدٍ فِی الْقُعُودِ عَنْ نَصْرِهِ- وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لِحُمْقِهِ وَ خُرْقِهِ فَإِنَّ عَلِیّاً نَدِمَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ مِنَ النُّهُوضِ فِی تِلْكَ الْأُمُورِ وَ إِرَاقَةِ تِلْكَ الدِّمَاءِ كَمَا نَدِمُوا هُمْ فِی النُّهُوضِ وَ الْقُعُودِ قِیلَ كَذَبْتَ وَ أَحَلْتَ لِأَنَّهُ فِی غَیْرِ مَقَامٍ قَالَ: إِنِّی قَلَّبْتُ أَمْرِی وَ أَمْرَهُمْ ظَهْراً لِبَطْنٍ فَمَا وَجَدْتُ إِلَّا قِتَالَهُمْ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ قَدْ رُوِیَ عَنْهُ أُمِرْتُ بِقِتَالِ- النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
وَ رُوِیَ هَذَا الْحَدِیثُ مِنْ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ وَجْهاً عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّكَ تُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
وَ لَوْ أَظْهَرَ نَدَماً بِحَضْرَةِ مَنْ سَمِعُوا مِنْهُ هَذَا وَ هُوَ یَرْوِیهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَكَانَ مُكَذِّباً فِیهِ نَفْسَهُ وَ كَانَ فِیهِمُ الْمُهَاجِرُونَ كَعَمَّارٍ وَ الْأَنْصَارُ- كَأَبِی الْهَیْثَمِ وَ أَبِی أَیُّوبَ وَ دُونَهُمَا فَإِنْ لَمْ یَتَحَرَّجْ وَ لَمْ یَتَوَرَّعْ عَنِ الْكَذِبِ عَلَی مَنْ كَذَبَ عَلَیْهِ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ اسْتَحْیَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَعْیَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ عَمَّارٌ الَّذِی
یَقُولُ فِیهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: عَمَّارٌ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَمَّارٍ یَدُورُ مَعَهُ حَیْثُ دَارَ.
یَحْلِفُ جَهْدَ أَیْمَانِهِ وَ اللَّهِ لَوْ بَلَغُوا بِنَا قَصَبَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْتُ أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ (2) وَ یَحْلِفُ أَنَّهُ قَاتَلَ رَایَتَهُ الَّتِی أَحْضَرَهَا صِفِّینَ وَ هِیَ الَّتِی أَحْضَرَهَا
ص: 35
یَوْمَ أُحُدٍ وَ الْأَحْزَابِ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُ هَذِهِ الرَّایَةَ آخِرَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ وَ اللَّهِ مَا هِیَ عِنْدِی بِأَهْدَی مِنَ الْأُولَی (1)
وَ كَانَ یَقُولُ إِنَّهُمْ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ حَتَّی وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً وَ لَوْ نَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام عِنْدَ
قَوْلِهِ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
لَكَانَ مَنْ مَعَ عَلِیٍّ یَقُولُ لَهُ كَذَبْتَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِقْرَارُهُ بِذَلِكَ عَلَی نَفْسِهِ وَ كَانَتِ الْأُمَّةُ الزُّبَیْرُ وَ عَائِشَةُ وَ حِزْبُهُمَا وَ عَلِیٌّ وَ أَبُو أَیُّوبَ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ عَمَّارٌ وَ أَصْحَابُهُ وَ سَعْدٌ وَ ابْنُ عُمَرَ وَ أَصْحَابُهُ (2) فَإِذَا اجْتَمَعُوا جَمِیعاً عَلَی النَّدَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ یَكُونَ اجْتَمَعُوا عَلَی نَدَمٍ مِنْ شَیْ ءٍ فَعَلُوهُ وَدُّوا أَنَّهُمْ لَمْ یَفْعَلُوهُ وَ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِی فَعَلُوهُ بَاطِلٌ فَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَی الْبَاطِلِ وَ هُمُ الْأُمَّةُ الَّتِی لَا تَجْتَمِعُ عَلَی الْبَاطِلِ أَوِ اجْتَمَعُوا عَلَی النَّدَمِ مِنْ تَرْكِ شَیْ ءٍ لَمْ یَفْعَلُوهُ وَدُّوا أَنَّهُمْ فَعَلُوهُ فَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَی الْبَاطِلِ بِتَرْكِهِمْ جَمِیعاً الْحَقَّ وَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ یَكُونَ
النَّبِیُّ ص حِینَ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام إِنَّكَ تُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
كَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله خَبَراً وَ لَا یَجُوزُ أَنْ لَا یَكُونَ مَا أَخْبَرَ إِلَّا بِأَنْ یُكَذِّبَ الْمُخْبِرَ أَوْ یَكُونَ أَمْرُهُ بِقِتَالِهِمْ (3) وَ تَرْكُهُ
ص: 36
لِلِائْتِمَارِ بِمَا أُمِرَ بِهِ عِنْدَهُ كَمَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّهُ كَفَرَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ حَقَنَ دِمَاءً أَنْتَ تَدَّعِی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ مَأْمُوراً بِإِرَاقَتِهَا وَ الْحَقْنُ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ بِإِرَاقَتِهِ مِنَ الْحَاقِنِ عِصْیَانٌ قُلْنَا إِنَّ الْأُمَّةَ الَّتِی ذَكَرَ الْحَسَنُ علیه السلام أُمَّتَانِ وَ فِرْقَتَانِ وَ طَائِفَتَانِ هَالِكَةٌ وَ نَاجِیَةٌ وَ بَاغِیَةٌ وَ مَبْغِیٌّ عَلَیْهَا فَإِذَا لَمْ یَكُنْ حَقْنُ دِمَاءِ الْمَبْغِیِّ عَلَیْهَا إِلَّا بِحَقْنِ دِمَاءِ الْبَاغِیَةِ لِأَنَّهُمَا إِذَا اقْتَتَلَا وَ لَیْسَ لِلْمَبْغِیِّ عَلَیْهَا قِوَامٌ بِإِزَالَةِ الْبَاغِیَةِ حُقِنَ دَمُ الْمَبْغِیِّ عَلَیْهَا وَ إِرَاقَةُ دَمِ الْبَاغِیَةِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ إِرَاقَةٌ لِدَمِ الْمَبْغِیِّ عَلَیْهَا لَا غَیْرُ فَهَذَا هَذَا فَإِنْ قَالَ فَمَا الْبَاغِی عِنْدَكَ أَ مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ لَا مُؤْمِنٌ وَ لَا كَافِرٌ قُلْنَا إِنَّ الْبَاغِیَ هُوَ الْبَاغِی بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَ سَمَّاهُمْ أَهْلُ الْإِرْجَاءِ مُؤْمِنِینَ مَعَ تَسْمِیَتِهِمْ إِیَّاهُمْ بِالْبَاغِینَ وَ سَمَّاهُمْ أَهْلُ الْوَعِیدِ كُفَّاراً مُشْرِكِینَ وَ كُفَّاراً غَیْرَ مُشْرِكِینَ كَالْإِبَاضِیَّةِ وَ الزَّیْدِیَّةِ وَ فُسَّاقاً خَالِدِینَ فِی النَّارِ كَوَاصِلٍ وَ عُمَرَ وَ مُنَافِقِینَ خَالِدِینَ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ- كَالْحَسَنِ وَ أَصْحَابِهِ فَكُلُّهُمْ قَدْ أَزَالَ الْبَاغِیَ عَمَّا كَانَ فِیهِ قَبْلَ الْبَغْیِ فَأَخْرَجَهُ قَوْمٌ إِلَی الْكُفْرِ وَ الشِّرْكِ كَجَمِیعِ الْخَوَارِجِ غَیْرِ الْإِبَاضِیَّةِ(1)
وَ إِلَی الْكُفْرِ غَیْرِ الشِّرْكِ كَالْإِبَاضِیَّةِ وَ الزَّیْدِیَّةِ وَ إِلَی الْفِسْقِ وَ النِّفَاقِ كَوَاصِلٍ وَ أَقَلُّ مَا حَكَمَ عَلَیْهِمْ أَهْلُ الْإِرْجَاءِ إِسْقَاطُهُمْ مِنَ السُّنَنِ وَ الْعَدَالَةِ وَ الْقَبُولِ فَإِنْ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَمَّی الْبَاغِیَ مُؤْمِناً فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا(2) فَجَعَلَهُمْ مُؤْمِنِینَ قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِصْلَاحِ بَیْنَ الطَّائِفَتَیْنِ الْمُقْتَتِلَیْنِ كَانَ قَبْلَ اقْتِتَالِهِمَا عَالِماً بِالْبَاغِیَةِ مِنْهُمَا أَ وَ لَمْ یَكُنْ عَالِماً بِالْبَاغِیَةِ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ عَالِماً بِالْبَاغِیَةِ مِنْهُمَا كَانَ مَأْمُوراً بِقِتَالِهَا مَعَ الْمَبْغِیِّ عَلَیْهَا- حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ وَ هُوَ الرُّجُوعُ إِلَی مَا خَرَجَ مِنْهُ بِالْبَغْیِ وَ إِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ بِالْإِصْلَاحِ جَاهِلًا بِالْبَاغِیَةِ وَ الْمَبْغِیِّ عَلَیْهَا فَإِنَّهُ كَانَ جَاهِلًا بِالْمُؤْمِنِ غَیْرِ الْبَاغِی وَ الْمُؤْمِنِ الْبَاغِی وَ كَانَ الْمُؤْمِنُ غَیْرُ الْبَاغِی عَرَفَ بَعْدَ التَّبْیِینِ وَ الْفَرْقُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْبَاغِی- [كَانَ] مُجْمَعاً مِنْ
ص: 37
أَهْلِ الصَّلَاةِ عَلَی إِیمَانِهِ- لَا اخْتِلَافَ بَیْنَهُمْ فِی اسْمِهِ وَ الْمُؤْمِنُ الْبَاغِی بِزَعْمِكَ مُخْتَلِفٌ فِیهِ فَلَا یُسَمَّی مُؤْمِناً حَتَّی یُجْمَعَ عَلَی أَنَّهُ مُؤْمِنٌ كَمَا أُجْمِعَ عَلَی أَنَّهُ بَاغٍ فَلَا یُسَمَّی الْبَاغِی مُؤْمِناً إِلَّا بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الصَّلَاةِ عَلَی تَسْمِیَتِهِ مُؤْمِناً كَمَا أَجْمَعُوا عَلَیْهِ وَ عَلَی تَسْمِیَتِهِ بَاغِیاً فَإِنْ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَمَّی الْبَاغِیَ لِلْمُؤْمِنِینَ أَخاً وَ لَا یَكُونُ أَخُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا مُؤْمِناً قِیلَ أَحَلْتَ وَ بَاعَدْتَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَمَّی هُوداً وَ هُوَ نَبِیٌّ أَخَا عَادٍ وَ هُمْ كُفَّارٌ فَقَالَ وَ إِلی عادٍ أَخاهُمْ هُوداً(1) وَ قَدْ یُقَالُ لِلشَّامِیِّ یَا أَخَا الشَّامِ وَ لِلْیَمَانِیِّ یَا أَخَا الْیَمَنِ وَ یُقَالُ لِلْمُسَایِفِ اللَّازِمِ لَهُ الْمُقَاتِلِ بِهِ فُلَانٌ أَخُ السَّیْفِ فَلَیْسَ فِی یَدِ الْمُتَأَوِّلِ أَخُ الْمُؤْمِنِ لَا یَكُونُ إِلَّا مُؤْمِناً مَعَ شَهَادَةِ الْقُرْآنِ بِخِلَافِهِ وَ شَهَادَةِ اللُّغَةِ بِأَنَّهُ یَكُونُ الْمُؤْمِنُ أَخَا الْجَمَادِ الَّذِی هُوَ الشَّامُ وَ الْیَمَنُ وَ السَّیْفُ وَ الرُّمْحُ وَ بِاللَّهِ أَسْتَعِینُ عَلَی أُمُورِنَا فِی أَدْیَانِنَا وَ دُنْیَانَا وَ آخِرَتِنَا وَ إِیَّاهُ نَسْأَلُ التَّوْفِیقَ لِمَا قَرُبَ مِنْهُ وَ أُزْلِفَ لَدَیْهِ بِمَنِّهِ وَ كَرَمِهِ بیان استلأم الرجل إذا لبس اللأمة و هی الدرع و كفرت الشی ء أكفره بالكسر كفرا أی سترته و نذر القوم بالعدو بكسر الذال أی علموا و الخطب الأمر و الشأن و بهظه الأمر كمنع غلبه و ثقل علیه.
قوله علیه السلام و لا تخف إن غدرت أی لا یرتفع عنك ثقل إن لم تف بالعهد كما أنه لا یثقل علیك إن وفیت قوله ما عزاه أی نسبه إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله من العذر فی هذا الخروج و یقال أسی علی مصیبة بالكسر یأسی أسی أی حزن قوله أخذه ما قدم و ما أخر أی أخذه هم ما قدم من سوء معاملته مع علی علیه السلام و ما أخر من نصرته أو من عذاب الآخرة أو كنایة عن هموم شتی لأمور كثیرة مختلفة. و القلق محركة الانزعاج و نزق كفرح و ضرب طاش و خف عند الغضب قوله عن النصرة أی عن نصرة علی علیه السلام قوله و أحال هذا كلام الصدوق أی
ص: 38
كذب معاویة و أتی بالمحال حتی ادعی عدم سماع ذلك قوله إنه قاتل رایته أی رایة معاویة قوله بأهدی من الأولی أی هی مثل الأولی رایة شرك فی أنها رایة شرك و كفر قوله أو یكون أمره حاصله أن هذا الكلام من النبی صلی اللّٰه علیه و آله إما إخبار أو أمر فی صورة الخبر و علی ما ذكرت من كونهم علی الحق یلزم علی الأول كذب الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و علی الثانی مخالفة أمیر المؤمنین علیه السلام لما أمره به الرسول صلی اللّٰه علیه و آله.
أقول: قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْفَهَانِیُّ: كَتَبَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ مَعَ جُنْدَبِ (1)
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِیِّ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ وَ مِنَّةً لِلْمُؤْمِنِینَ تَوَفَّاهُ اللَّهُ غَیْرَ مُقَصِّرٍ وَ لَا وَانٍ بَعْدَ أَنْ أَظْهَرَ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ وَ مَحَقَ بِهِ الشِّرْكَ وَ خَصَّ قُرَیْشاً خَاصَّةً فَقَالَ لَهُ وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ (2) فَلَمَّا تُوُفِّیَ تَنَازَعَتْ سُلْطَانَهُ الْعَرَبُ فَقَالَتْ قُرَیْشٌ نَحْنُ قَبِیلَتُهُ وَ أُسْرَتُهُ وَ أَوْلِیَاؤُهُ وَ لَا یَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تُنَازِعُونَا سُلْطَانَ مُحَمَّدٍ وَ حَقَّهُ فَرَأَتِ الْعَرَبُ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ قُرَیْشٌ وَ أَنَّ الْحُجَّةَ لَهُمْ فِی ذَلِكَ عَلَی مَنْ نَازَعَهُمْ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْعَمَتْ لَهُمْ وَ سَلَّمَتْ إِلَیْهِمْ.
ثُمَّ حَاجَجْنَا نَحْنُ قُرَیْشاً بِمِثْلِ مَا حَاجَّتْ بِهِ الْعَرَبُ فَلَمْ تُنْصِفْنَا قُرَیْشٌ إِنْصَافَ الْعَرَبِ لَهَا إِنَّهُمْ أَخَذُوا هَذَا الْأَمْرَ دُونَ الْعَرَبِ بِالْإِنْصَافِ وَ الِاحْتِجَاجِ فَلَمَّا صِرْنَا أَهْلَ بَیْتِ مُحَمَّدٍ وَ أَوْلِیَاءَهُ إِلَی مُحَاجَّتِهِمْ وَ طَلَبِ النَّصَفِ مِنْهُمْ بَاعَدُونَا وَ اسْتَوْلَوْا بِالاجْتِمَاعِ عَلَی ظُلْمِنَا وَ مُرَاغَمَتِنَا وَ الْعَنَتِ مِنْهُمْ لَنَا فَالْمَوْعِدُ اللَّهُ وَ هُوَ الْوَلِیُّ النَّصِیرُ.
وَ لَقَدْ تَعَجَّبْنَا لِتَوَثُّبِ الْمُتَوَثِّبِینَ عَلَیْنَا فِی حَقِّنَا وَ سُلْطَانِ نَبِیِّنَا وَ إِنْ كَانُوا ذَوِی فَضِیلَةٍ وَ سَابِقَةٍ فِی الْإِسْلَامِ وَ أَمْسَكْنَا عَنْ مُنَازَعَتِهِمْ مَخَافَةً عَلَی الدِّینِ أَنْ یَجِدَ الْمُنَافِقُونَ وَ الْأَحْزَابُ فِی ذَلِكَ مَغْمَزاً یَثْلِمُونَهُ بِهِ أَوْ یَكُونَ لَهُمْ بِذَلِكَ سَبَبٌ إِلَی مَا أَرَادُوا مِنْ إِفْسَادِهِ فَالْیَوْمَ فَلْیَتَعَجَّبِ الْمُتَعَجِّبُ مِنْ تَوَثُّبِكَ یَا مُعَاوِیَةُ عَلَی أَمْرٍ لَسْتَ مِنْ
ص: 39
أَهْلِهِ لَا بِفَضْلٍ فِی الدِّینِ مَعْرُوفٍ وَ لَا أَثَرٍ فِی الْإِسْلَامِ مَحْمُودٍ وَ أَنْتَ ابْنُ حِزْبٍ مِنَ الْأَحْزَابِ وَ ابْنُ أَعْدَی قُرَیْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّ اللَّهَ حَسِیبُكَ فَسَتُرَدُّ فَتَعْلَمُ لِمَنْ عُقْبَی الدَّارِ وَ بِاللَّهِ لَتَلْقَیَنَّ عَنْ قَلِیلٍ رَبَّكَ ثُمَّ لَیَجْزِیَنَّكَ بِمَا قَدَّمَتْ یَدَاكَ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ إِنَّ عَلِیّاً لَمَّا مَضَی لِسَبِیلِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَوْمَ قُبِضَ وَ یَوْمَ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْهِ بِالْإِسْلَامِ وَ یَوْمَ یُبْعَثُ حَیّاً وَلَّانِی الْمُسْلِمُونَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا یُؤْتِیَنَا فِی الدُّنْیَا الزَّائِلَةِ شَیْئاً یَنْقُصُنَا بِهِ فِی الْآخِرَةِ مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ كَرَامَتِهِ وَ إِنَّمَا حَمَلَنِی عَلَی الْكِتَابِ إِلَیْكَ الْإِعْذَارُ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی أَمْرِكَ وَ لَكَ فِی ذَلِكَ إِنْ فَعَلْتَهُ الْحَظُّ الْجَسِیمُ وَ الصَّلَاحُ لِلْمُسْلِمِینَ فَدَعِ التَّمَادِیَ فِی الْبَاطِلِ وَ ادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ مِنْ بَیْعَتِی فَإِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ كُلِ أَوَّابٍ حَفِیظٍ وَ مَنْ لَهُ قَلْبٌ مُنِیبٌ.
وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ دَعِ الْبَغْیَ وَ احْقُنْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِینَ فَوَ اللَّهِ مَا لَكَ مِنْ خَیْرٍ فِی أَنْ تَلْقَی اللَّهَ مِنْ دِمَائِهِمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَنْتَ لَاقِیهِ بِهِ وَ ادْخُلْ فِی السِّلْمِ وَ الطَّاعَةِ وَ لَا تُنَازِعِ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ لِیُطْفِئَ اللَّهُ النَّائِرَةَ بِذَلِكَ وَ یَجْمَعَ الْكَلِمَةَ وَ یُصْلِحَ ذَاتَ الْبَیْنِ وَ إِنْ أَنْتَ أَبَیْتَ إِلَّا التَّمَادِیَ فِی غَیِّكَ سِرْتُ إِلَیْكَ بِالْمُسْلِمِینَ فَحَاكَمْتُكَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ أقول ثم ذكر جواب معاویة و ما أظهر فیه من الكفر و الإلحاد إِلَی قَوْلِهِ وَ قَدْ فَهِمْتُ الَّذِی دَعَوْتَنِی إِلَیْه مِنَ الصُّلْحِ فَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ أَضْبَطُ مِنِّی لِلرَّعِیَّةِ وَ أَحْوَطُ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَحْسَنُ سِیَاسَةً وَ أَقْوَی عَلَی جَمْعِ الْأَمْوَالِ وَ أَكْیَدُ لِلْعَدُوِّ لَأَجَبْتُكَ إِلَی مَا دَعَوْتَنِی إِلَیْهِ وَ رَأَیْتُكَ لِذَلِكَ أَهْلًا وَ لَكِنْ قَدْ عَلِمْتَ أَنِّی أَطْوَلُ مِنْكَ وَلَایَةً وَ أَقْدَمُ مِنْكَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ تَجْرِبَةً وَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنّاً فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُجِیبَنِی إِلَی هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِی سَأَلْتَنِی فَادْخُلْ فِی طَاعَتِی وَ لَكَ الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِی وَ لَكَ مَا فِی بَیْتِ مَالِ الْعِرَاقِ بَالِغاً مَا بَلَغَ تَحْمِلُهُ إِلَی حَیْثُ أَحْبَبْتَ وَ لَكَ خَرَاجُ أَیِّ كُوَرِ الْعِرَاقِ شِئْتَ مَعُونَةً عَلَی نَفَقَتِكَ یَجْبِیهَا أَمِینُكَ وَ یَحْمِلُهَا إِلَیْكَ فِی
ص: 40
كُلِّ سَنَةٍ وَ لَكَ أَنْ لَا یُسْتَوْلَی عَلَیْكَ بِالْأَشْیَاءِ وَ لَا یُقْضَی دُونَكَ الْأُمُورُ وَ لَا تُعْصَی فِی أَمْرٍ أَرَدْتَ بِهِ طَاعَةَ اللَّهِ أَعَانَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ عَلَی طَاعَتِهِ إِنَّهُ سَمِیعٌ مُجِیبُ الدُّعَاءِ وَ السَّلَامُ.
قَالَ جُنْدَبٌ فَلَمَّا أَتَیْتُ الْحَسَنَ علیه السلام بِكِتَابِ مُعَاوِیَةَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ الرَّجُلَ سَائِرٌ إِلَیْكَ فَابْدَأْهُ بِالْمَسِیرِ حَتَّی تُقَاتِلَهُ فِی أَرْضِهِ وَ بِلَادِهِ وَ عَمَلِهِ فَأَمَّا أَنْ تُقَدِّرَ أَنَّهُ یَنْقَادُ لَكَ فَلَا وَ اللَّهِ حَتَّی یَرَی مِنَّا أَعْظَمَ مِنْ یَوْمِ صِفِّینَ فَقَالَ أَفْعَلُ ثُمَّ قَعَدَ عَنْ مَشُورَتِی وَ تَنَاسَی قَوْلِی (1).
«2»- ب، [قرب الإسناد] ابْنُ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام: أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا كَانَا یَغْمِزَانِ مُعَاوِیَةَ وَ یَقُولَانِ فِیهِ وَ یَقْبَلَانِ جَوَائِزَهُ.
«3»- ف، [تحف العقول]: قَالَ مُعَاوِیَةُ لِلْحَسَنِ علیه السلام بَعْدَ الصُّلْحِ اذْكُرْ فَضْلَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا ابْنُ الْبَشِیرِ النَّذِیرِ أَنَا ابْنُ الْمُصْطَفَی بِالرِّسَالَةِ أَنَا ابْنُ مَنْ صَلَّتْ عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ أَنَا ابْنُ مَنْ شُرِّفَتْ بِهِ الْأُمَّةُ أَنَا ابْنُ مَنْ كَانَ جَبْرَئِیلُ السَّفِیرَ مِنَ اللَّهِ إِلَیْهِ أَنَا ابْنُ مَنْ بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِینَ فَلَمْ یَقْدِرْ مُعَاوِیَةُ یَكْتُمُ عَدَاوَتَهُ وَ حَسَدَهُ فَقَالَ یَا حَسَنُ عَلَیْكَ بِالرُّطَبِ فَانْعَتْهُ لَنَا قَالَ نَعَمْ یَا مُعَاوِیَةُ الرِّیحُ تُلْقِحُهُ وَ الشَّمْسُ تَنْفُخُهُ وَ الْقَمَرُ یُلَوِّنُهُ وَ الْحَرُّ یُنْضِجُهُ وَ اللَّیْلُ یُبَرِّدُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی مَنْطِقِهِ فَقَالَ أَنَا ابْنُ الْمُسْتَجَابِ الدَّعْوَةِ أَنَا ابْنُ مَنْ كَانَ مِنْ رَبِّهِ كَقَابِ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی أَنَا ابْنُ الشَّفِیعِ الْمُطَاعِ أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنًی أَنَا ابْنُ مَنْ خَضَعَتْ لَهُ قُرَیْشٌ رَغْماً أَنَا ابْنُ مَنْ سَعِدَ تَابِعُهُ وَ شَقِیَ خَاذِلُهُ أَنَا ابْنُ مَنْ جُعِلَتِ الْأَرْضُ لَهُ طَهُوراً وَ مَسْجِداً أَنَا ابْنُ مَنْ كَانَتْ أَخْبَارُ السَّمَاءِ إِلَیْهِ تَتْرَی أَنَا ابْنُ مَنْ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَظُنُّ نَفْسَكَ یَا حَسَنُ تُنَازِعُكَ إِلَی الْخِلَافَةِ فَقَالَ وَیْلَكَ یَا مُعَاوِیَةُ
ص: 41
إِنَّمَا الْخَلِیفَةُ مَنْ سَارَ بِسِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ لَعَمْرِی إِنَّا لَأَعْلَامُ الْهُدَی وَ مَنَارُ التُّقَی وَ لَكِنَّكَ یَا مُعَاوِیَةُ مِمَّنْ أَبَادَ السُّنَنَ وَ أَحْیَا الْبِدَعَ وَ اتَّخَذَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَ دِینَ اللَّهِ لَعِباً فَكَأَنْ قَدْ أُخْمِلَ مَا أَنْتَ فِیهِ فَعِشْتَ یَسِیراً وَ بَقِیَتْ عَلَیْكَ تَبِعَاتُهُ یَا مُعَاوِیَةُ وَ اللَّهِ لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ مَدِینَتَیْنِ إِحْدَاهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَ الْأُخْرَی بِالْمَغْرِبِ أَسْمَاؤُهُمَا جَابَلْقَا وَ جَابَلْسَا مَا بَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمَا أَحَداً غَیْرَ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَخْبِرْنَا عَنْ لَیْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ نَعَمْ عَنْ مِثْلِ هَذَا فَاسْأَلْ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ سَبْعاً وَ الْأَرَضِینَ سَبْعاً وَ الْجِنَّ مِنْ سَبْعٍ وَ الْإِنْسَ مِنْ سَبْعٍ فَتَطْلُبُ مِنْ لَیْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ إِلَی لَیْلَةِ سَبْعٍ وَ عِشْرِینَ ثُمَّ نَهَضَ علیه السلام.
أقول: قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ قَالَ: سَأَلَ مُعَاوِیَةُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام بَعْدَ الصُّلْحِ أَنْ یَخْطُبَ النَّاسَ فَامْتَنَعَ فَنَاشَدَهُ أَنْ یَفْعَلَ فَوُضِعَ لَهُ كُرْسِیٌّ فَجَلَسَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی تَوَحَّدَ فِی مُلْكِهِ وَ تَفَرَّدَ فِی رُبُوبِیَّتِهِ یُؤْتِی الْمُلْكَ مَنْ یَشَاءُ وَ یَنْزِعُهُ عَمَّنْ یَشَاءُ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَ بِنَا مُؤْمِنَكُمْ وَ أَخْرَجَ مِنَ الشِّرْكِ أَوَّلَكُمْ وَ حَقَنَ دِمَاءَ آخِرِكُمْ فَبَلَاؤُنَا عِنْدَكُمْ قَدِیماً وَ حَدِیثاً أَحْسَنُ الْبَلَاءِ إِنْ شَكَرْتُمْ أَوْ كَفَرْتُمْ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّ عَلِیٍّ كَانَ أَعْلَمَ بِعَلِیٍّ حِینَ قَبَضَهُ إِلَیْهِ وَ لَقَدِ اخْتَصَّهُ بِفَضْلٍ لَنْ تُعْهَدُوا بِمِثْلِهِ وَ لَنْ تَجِدُوا مِثْلَ سَابِقَتِهِ.
فَهَیْهَاتَ هَیْهَاتَ طَالَمَا قَلَّبْتُمُ الْأُمُورَ حَتَّی أَعْلَاهُ اللَّهُ عَلَیْكُمْ وَ هُوَ صَاحِبُكُمْ غَزَاكُمْ فِی بَدْرٍ وَ أَخَوَاتِهَا جَرَّعَكُمْ رَنَقاً وَ سَقَاكُمْ عَلَقاً وَ أَذَلَّ رِقَابَكُمْ وَ شَرَقَكُمْ بِرِیقِكُمْ فَلَسْتُمْ بِمَلُومِینَ عَلَی بُغْضِهِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَا تُرَی أُمَّةُ مُحَمَّدٍ خَفْضاً مَا كَانَتْ سَادَتُهُمْ وَ قَادَتُهُمْ فِی بَنِی أُمَیَّةَ وَ لَقَدْ وَجَّهَ اللَّهُ إِلَیْكُمْ فِتْنَةً لَنْ تُصَدُّوا عَنْهَا حَتَّی تَهْلِكُوا لِطَاعَتِكُمْ طَوَاغِیتَكُمْ وَ انْضِوَائِكُمْ إِلَی شَیَاطِینِكُمْ فَعِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُ مَا مَضَی وَ مَا یُنْتَظَرُ مِنْ سُوءِ رَغْبَتِكُمْ وَ حَیْفِ حِلْمِكُمْ.
ثُمَّ قَالَ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لَقَدْ فَارَقَكُمْ بِالْأَمْسِ سَهْمٌ مِنْ مَرَامِی اللَّهِ صَائِبٌ عَلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ نَكَالٌ عَلَی فُجَّارِ قُرَیْشٍ لَمْ یَزَلْ آخِذاً بِحَنَاجِرِهَا جَاثِماً عَلَی أَنْفُسِهَا
ص: 42
لَیْسَ بِالْمَلُومَةِ فِی أَمْرِ اللَّهِ وَ لَا بِالسَّرُوقَةِ لِمَالِ اللَّهِ وَ لَا بِالْفَرُوقَةِ فِی حَرْبِ أَعْدَاءِ اللَّهِ أَعْطَی الْكِتَابَ خَوَاتِیمَهُ وَ عَزَائِمَهُ دَعَاهُ فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ فَأَتْبَعَهُ لَا تَأْخُذُهُ فِی اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ فَصَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ رَحْمَتُهُ.
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَخْطَأَ عَجِلٌ أَوْ كَادَ وَ أَصَابَ مُتَثَبِّتٌ أَوْ كَادَ(1) مَا ذَا أَرَدْتُ مِنْ خُطْبَةِ الْحَسَنِ علیه السلام.
بیان: رنق رنقا بالتحریك كدر و انضوی إلیه مال و جثم لزم مكانه فلم یبرح أو وقع علی صدره أو تلبّد بالأرض.
«4»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَلِیٌّ علیه السلام جَاءَ النَّاسُ إِلَی الْحَسَنِ وَ قَالُوا أَنْتَ خَلِیفَةُ أَبِیكَ وَ وَصِیُّهُ وَ نَحْنُ السَّامِعُونَ الْمُطِیعُونَ لَكَ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ فَقَالَ علیه السلام كَذَبْتُمْ وَ اللَّهِ مَا وَفَیْتُمْ لِمَنْ كَانَ خَیْراً مِنِّی فَكَیْفَ تَفُونَ لِی وَ كَیْفَ أَطْمَئِنُّ إِلَیْكُمْ وَ لَا أَثِقُ بِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِینَ فَمَوْعِدُ مَا بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ مُعَسْكَرُ الْمَدَائِنِ فَوَافُوا إِلَیَّ هُنَاكَ فَرَكِبَ وَ رَكِبَ مَعَهُ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ وَ تَخَلَّفَ عَنْهُ كَثِیرٌ فَمَا وَفَوْا بِمَا قَالُوهُ وَ بِمَا وَعَدُوهُ وَ غَرُّوهُ كَمَا غَرُّوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ قَبْلِهِ فَقَامَ خَطِیباً وَ قَالَ غَرَرْتُمُونِی كَمَا غَرَرْتُمْ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِی مَعَ أَیِّ إِمَامٍ تُقَاتِلُونَ بَعْدِی مَعَ الْكَافِرِ الظَّالِمِ الَّذِی لَمْ یُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ لَا بِرَسُولِهِ قَطُّ وَ لَا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ هُوَ وَ بنی [بَنُو] أُمَیَّةَ إِلَّا فَرَقاً مِنَ السَّیْفِ وَ لَوْ لَمْ یَبْقَ لِبَنِی أُمَیَّةَ إِلَّا عَجُوزٌ دَرْدَاءُ لَبَغَتْ دِینَ اللَّهِ عِوَجاً وَ هَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله ثُمَّ وَجَّهَ إِلَیْهِ قَائِداً فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ كَانَ مِنْ كِنْدَةَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یُعَسْكِرَ بِالْأَنْبَارِ وَ لَا یُحْدِثَ شَیْئاً حَتَّی یَأْتِیَهُ أَمْرُهُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَی الْأَنْبَارِ وَ نَزَلَ بِهَا وَ عَلِمَ مُعَاوِیَةُ بِذَلِكَ بَعَثَ إِلَیْهِ رُسُلًا وَ كَتَبَ إِلَیْهِ مَعَهُمْ أَنَّكَ إِنْ أَقْبَلْتَ إِلَیَّ أُوَلِّكَ بَعْضَ كُوَرِ الشَّامِ وَ الْجَزِیرَةِ غَیْرَ مُنْفِسٍ عَلَیْكَ وَ أَرْسَلَ إِلَیْهِ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ
ص: 43
الْكِنْدِیُّ عَدُوُّ اللَّهِ الْمَالَ وَ قَلَبَ عَلَی الْحَسَنِ وَ صَارَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فِی مِائَتَیْ رَجُلٍ مِنْ خَاصَّتِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ علیه السلام فَقَامَ خَطِیباً وَ قَالَ هَذَا الْكِنْدِیُّ تَوَجَّهَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ غَدَرَ بِی وَ بِكُمْ وَ قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَكُمْ أَنْتُمْ عَبِیدُ الدُّنْیَا وَ أَنَا مُوَجِّهٌ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَهُ وَ إِنِّی أَعْلَمُ أَنَّهُ سَیَفْعَلُ بِی وَ بِكُمْ مَا فَعَلَ صَاحِبُهُ وَ لَا یُرَاقِبُ اللَّهَ فِیَّ وَ لَا فِیكُمْ فَبَعَثَ إِلَیْهِ رَجُلًا مِنْ مُرَادٍ فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ تَقَدَّمَ إِلَیْهِ بِمَشْهَدٍ مِنَ النَّاسِ وَ تَوَكَّدَ عَلَیْهِ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَیَغْدِرُ كَمَا غَدَرَ الْكِنْدِیُّ فَحَلَفَ لَهُ بِالْأَیْمَانِ الَّتِی لَا تَقُومُ لَهَا الْجِبَالُ أَنَّهُ لَا یَفْعَلُ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّهُ سَیَغْدِرُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ إِلَی الْأَنْبَارِ أَرْسَلَ مُعَاوِیَةُ إِلَیْهِ رُسُلًا وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بِمِثْلِ مَا كَتَبَ إِلَی صَاحِبِهِ وَ بَعَثَ إِلَیْهِ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ مَنَّاهُ أَیَّ وِلَایَةٍ أَحَبَّ مِنْ كُوَرِ الشَّامِ وَ الْجَزِیرَةِ فَقَلَبَ عَلَی الْحَسَنِ وَ أَخَذَ طَرِیقَهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ لَمْ یَحْفَظْ مَا أَخَذَ عَلَیْهِ مِنَ الْعُهُودِ وَ بَلَغَ الْحَسَنَ مَا فَعَلَ الْمُرَادِیُّ فَقَامَ خَطِیباً فَقَالَ قَدْ أَخْبَرْتُكُمْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی أَنَّكُمْ لَا تَفُونَ لِلَّهِ بِعُهُودٍ وَ هَذَا صَاحِبُكُمُ الْمُرَادِیُّ غَدَرَ بِی وَ بِكُمْ وَ صَارَ إِلَی مُعَاوِیَةَ ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی الْحَسَنِ یَا ابْنَ عَمِّ- لَا تَقْطَعِ الرَّحِمَ الَّذِی بَیْنَكَ وَ بَیْنِی فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ غَدَرُوا بِكَ وَ بِأَبِیكَ مِنْ قَبْلِكَ فَقَالُوا إِنْ خَانَكَ الرَّجُلَانِ وَ غَدَرُوا بِكَ فَإِنَّا مُنَاصِحُونَ لَكَ فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ لَأَعُودَنَّ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ غَادِرُونَ مَا بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ إِنَّ مُعَسْكَرِی بِالنُّخَیْلَةِ فَوَافُونِی هُنَاكَ وَ اللَّهِ لَا تَفُونَ لِی بِعَهْدِی وَ لَتَنْقُضُنَّ الْمِیثَاقَ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ أَخَذَ طَرِیقَ النُّخَیْلَةِ فَعَسْكَرَ عَشَرَةَ أَیَّامٍ فَلَمْ یَحْضُرْهُ إِلَّا أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَانْصَرَفَ إِلَی الْكُوفَةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ یَا عَجَباً مِنْ قَوْمٍ لَا حَیَاءَ لَهُمْ وَ لَا دِینَ وَ لَوْ سَلَّمْتُ لَهُ الْأَمْرَ فَایْمُ اللَّهِ لَا تَرَوْنَ فَرَجاً أَبَداً مَعَ بَنِی أُمَیَّةَ وَ اللَّهِ لَ یَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ حَتَّی تَتَمَنَّوْا أَنَّ عَلَیْكُمْ جَیْشاً جَیْشاً وَ لَوْ وَجَدْتُ أَعْوَاناً
ص: 44
مَا سَلَّمْتُ لَهُ الْأَمْرَ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَی بَنِی أُمَیَّةَ فَأُفٍّ وَ تَرَحاً یَا عَبِیدَ الدُّنْیَا وَ كَتَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَإِنَّا مَعَكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَخَذْنَا الْحَسَنَ وَ بَعَثْنَاهُ إِلَیْكَ ثُمَّ أَغَارُوا عَلَی فُسْطَاطِهِ وَ ضَرَبُوهُ بِحَرْبَةٍ وَ أُخِذَ مَجْرُوحاً ثُمَّ كَتَبَ جَوَاباً لِمُعَاوِیَةَ إِنَّمَا هَذَا الْأَمْرُ لِی وَ الْخِلَافَةُ لِی وَ لِأَهْلِ بَیْتِی وَ إِنَّهَا لَمُحَرَّمَةٌ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِكَ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ صَابِرِینَ عَارِفِینَ بِحَقِّی غَیْرَ مُنْكِرِینَ مَا سَلَّمْتُ لَكَ وَ لَا أَعْطَیْتُكَ مَا تُرِیدُ وَ انْصَرَفَ إِلَی الْكُوفَةِ.
بیان: امرأة درداء أی لیس فی فمها سنّ قوله علیه السلام لبغت دین اللّٰه عوجا إلی لطلبت أن یثبت له اعوجاجا و تلبس علی الناس أن فیه عوجا مقتبس من قوله تعالی قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً(1) و الكور بضم الكاف و فتح الواو جمع الكورة و هی المدینة و الصقع و قال الجوهری أنفسنی فلان فی كذا أی رغبنی فیه و لفلان منفس و نفیس أی مال كثیر و نفس به بالكسر أی ضن به یقال نفست علیه الشی ء نفاسة إذا لم تره یستأهله قوله و قلب علی الحسن أی صرف العسكر أو الأمر إلیه و الترح بالتحریك ضد الفرح و الهلاك.
«5»- شا، [الإرشاد]: لَمَّا بَلَغَ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ وَفَاةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ بَیْعَةُ النَّاسِ ابْنَهُ الْحَسَنَ علیه السلام دَسَّ رَجُلًا مِنْ حِمْیَرٍ إِلَی الْكُوفَةِ وَ رَجُلًا مِنْ بَنِی الْقَیْنِ إِلَی الْبَصْرَةِ لِیَكْتُبَا إِلَیْهِ بِالْأَخْبَارِ وَ یُفْسِدَا عَلَی الْحَسَنِ الْأُمُورَ فَعَرَفَ ذَلِكَ الْحَسَنُ علیه السلام فَأَمَرَ بِاسْتِخْرَاجِ الْحِمْیَرِیِّ مِنْ عِنْدِ لَحَّامٍ (2) بِالْكُوفَةِ فَأُخْرِجَ وَ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَ كَتَبَ إِلَی الْبَصْرَةِ بِاسْتِخْرَاجِ الْقَیْنِیِّ مِنْ بَنِی سُلَیْمٍ فَأُخْرِجَ وَ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَ كَتَبَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ دَسَسْتَ الرِّجَالَ لِلِاحْتِیَالِ وَ الِاغْتِیَالِ وَ أَرْصَدْتَ الْعُیُونَ كَأَنَّكَ تُحِبُّ اللِّقَاءَ وَ مَا أَشُكُّ فِی ذَلِكَ فَتَوَقَّعْهُ
ص: 45
إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ بَلَغَنِی أَنَّكَ شَمِتَّ بِمَا لَمْ یَشْمَتْ بِهِ ذُو حِجًی وَ إِنَّمَا مَثَلُكَ فِی ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ:
فَقُلْ لِلَّذِی یَبْغِی خِلَافَ الَّذِی مَضَی*** تَزَوَّدْ لِأُخْرَی مِثْلَهَا فَكَأَنَّ قَدْ
فَإِنَّا وَ مَنْ قَدْ مَاتَ مِنَّا لَكَالَّذِی*** یَرُوحُ فَیُمْسِی فِی الْمَبِیتِ لِیَغْتَدِی
فَأَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ عَنْ كِتَابِهِ بِمَا لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَی ذِكْرِهِ وَ كَانَ بَیْنَ الْحَسَنِ علیه السلام وَ بَیْنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُكَاتَبَاتٌ وَ مُرَاسَلَاتٌ وَ احْتِجَاجَاتٌ لِلْحَسَنِ علیه السلام فِی اسْتِحْقَاقِهِ الْأَمْرَ وَ تَوَثُّبِ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَی أَبِیهِ علیه السلام وَ ابْتِزَازِهِمْ سُلْطَانَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَحَقُّقِهِمْ بِهِ دُونَهُ أَشْیَاءُ یَطُولُ ذِكْرُهَا وَ سَارَ مُعَاوِیَةُ نَحْوَ الْعِرَاقِ لِیَغْلِبَ عَلَیْهِ فَلَمَّا بَلَغَ جِسْرَ مَنْبِجٍ (1)
تَحَرَّكَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ بَعَثَ حُجْرَ بْنَ عَدِیٍّ یَأْمُرُ الْعُمَّالَ بِالْمَسِیرِ وَ اسْتَنْفَرَ النَّاسَ لِلْجِهَادِ فَتَثَاقَلُوا عَنْهُ ثُمَّ خَفُّوا وَ مَعَهُ أَخْلَاطٌ مِنَ النَّاسِ بَعْضُهُمْ شِیعَةٌ لَهُ وَ لِأَبِیهِ وَ بَعْضُهُمْ مُحَكِّمَةٌ(2) یُؤْثِرُونَ قِتَالَ مُعَاوِیَةَ بِكُلِّ حِیلَةٍ وَ بَعْضُهُمْ أَصْحَابُ فِتَنٍ وَ طَمَعٍ فِی الْغَنَائِمِ وَ بَعْضُهُمْ شُكَّاكٌ وَ بَعْضُهُمْ أَصْحَابُ عَصَبِیَّةٍ اتَّبَعُوا رُؤَسَاءَ قَبَائِلِهِمْ- لَا یَرْجِعُونَ إِلَی دِینٍ فَسَارَ حَتَّی أَتَی حَمَّامَ عُمَرَ ثُمَّ أَخَذَ عَلَی دَیْرِ كَعْبٍ فَنَزَلَ سَابَاطَ دُونَ الْقَنْطَرَةِ وَ بَاتَ هُنَاكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَرَادَ علیه السلام أَنْ یَمْتَحِنَ أَصْحَابَهُ وَ یَسْتَبْرِئَ أَحْوَالَهُمْ لَهُ فِی الطَّاعَةِ لِیَتَمَیَّزَ بِذَلِكَ أَوْلِیَاؤُهُ مِنْ أَعْدَائِهِ وَ یَكُونَ عَلَی بَصِیرَةٍ مِنْ لِقَاءِ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ فَأَمَرَ أَنْ یُنَادِیَ فِی النَّاسِ بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعُوا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا حَمِدَهُ حَامِدٌ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كُلَّمَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ ائْتَمَنَهُ عَلَی الْوَحْیِ- ص أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی وَ اللَّهِ لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ قَدْ أَصْبَحْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَ مَنِّهِ وَ أَنَا أَنْصَحُ خَلْقِ
ص: 46
اللَّهِ لِخَلْقِهِ وَ مَا أَصْبَحْتُ مُحْتَمِلًا عَلَی مُسْلِمٍ ضَغِینَةً وَ لَا مُرِیداً لَهُ بِسُوءٍ وَ لَا غَائِلَةٍ أَلَا وَ إِنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِی الْجَمَاعَةِ خَیْرٌ لَكُمْ مِمَّا تُحِبُّونَ فِی الْفُرْقَةِ أَلَا وَ إِنِّی نَاظِرٌ لَكُمْ خَیْراً مِنْ نَظَرِكُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَلَا تُخَالِفُوا أَمْرِی وَ لَا تَرُدُّوا عَلَیَّ رَأْیِی غَفَرَ اللَّهُ لِی وَ لَكُمْ وَ أَرْشَدَنِی وَ إِیَّاكُمْ لِمَا فِیهِ الْمَحَبَّةُ وَ الرِّضَا قَالَ فَنَظَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ قَالُوا مَا تَرَوْنَهُ یُرِیدُ بِمَا قَالَ قَالُوا نَظُنُّهُ وَ اللَّهِ یُرِیدُ أَنْ یُصَالِحَ مُعَاوِیَةَ وَ یُسَلِّمَ الْأَمْرَ إِلَیْهِ فَقَالُوا كَفَرَ وَ اللَّهِ الرَّجُلُ ثُمَّ شَدُّوا عَلَی فُسْطَاطِهِ وَ انْتَهَبُوهُ حَتَّی أَخَذُوا مُصَلَّاهُ مِنْ تَحْتِهِ ثُمَّ شَدَّ عَلَیْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُعَالٍ الْأَزْدِیُّ فَنَزَعَ مطرفة [مِطْرَفَهُ] عَنْ عَاتِقِهِ فَبَقِیَ جَالِساً مُتَقَلِّداً بِالسَّیْفِ بِغَیْرِ رِدَاءٍ ثُمَّ دَعَا بِفَرَسِهِ وَ رَكِبَهُ وَ أَحْدَقَ بِهِ طَوَائِفُ مِنْ خَاصَّتِهِ وَ شِیعَتِهِ وَ مَنَعُوا مِنْهُ مَنْ أَرَادَهُ فَقَالَ ادْعُوا لِی رَبِیعَةَ وَ هَمْدَانَ فَدَعَوْا لَهُ فَأَطَافُوا بِهِ وَ دَفَعُوا النَّاسَ عَنْهُ علیه السلام وَ سَارَ وَ مَعَهُ شَوْبٌ مِنْ غَیْرِهِمْ فَلَمَّا مَرَّ فِی مُظْلَمِ سَابَاطَ بَدَرَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أَسَدٍ یُقَالُ لَهُ الْجَرَّاحُ بْنُ سِنَانٍ وَ أَخَذَ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ وَ بِیَدِهِ مِغْوَلٌ وَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْرَكْتَ یَا حَسَنُ كَمَا أَشْرَكَ أَبُوكَ مِنْ قَبْلُ ثُمَّ طَعَنَهُ فِی فَخِذِهِ فَشَقَّهُ حَتَّی بَلَغَ الْعَظْمَ ثُمَّ اعْتَنَقَهُ الْحَسَنُ علیه السلام وَ خَرَّا جَمِیعاً إِلَی الْأَرْضِ فَوَثَبَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ شِیعَةِ الْحَسَنِ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ الطَّائِیُّ فَانْتَزَعَ الْمِغْوَلَ مِنْ یَدِهِ وَ خَضْخَضَ بِهِ جَوْفَهُ فَأَكَبَّ عَلَیْهِ آخَرُ یُقَالُ لَهُ- ظَبْیَانُ بْنُ عُمَارَةَ فَقَطَعَ أَنْفَهُ فَهَلَكَ مِنْ ذَلِكَ وَ أُخِذَ آخَرُ كَانَ مَعَهُ فَقُتِلَ وَ حُمِلَ الْحَسَنُ علیه السلام عَلَی سَرِیرٍ إِلَی الْمَدَائِنِ فَأُنْزِلَ بِهِ عَلَی سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیِّ وَ كَانَ عَامِلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِهَا فَأَقَرَّهُ الْحَسَنُ علیه السلام عَلَی ذَلِكَ وَ اشْتَغَلَ الْحَسَنُ علیه السلام بِنَفْسِهِ یُعَالِجُ جُرْحَهُ وَ كَتَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ القَبَائِلِ إِلَی مُعَاوِیَةَ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ لَهُ فِی السِّرِّ وَ اسْتَحَثُّوهُ عَلَی الْمَسِیرِ نَحْوَهُمْ وَ ضَمِنُوا لَهُ تَسْلِیمَ الْحَسَنِ علیه السلام إِلَیْهِ عِنْدَ دُنُوِّهِمْ مِنْ عَسْكَرِهِ أَوِ الْفَتْكَ بِهِ وَ بَلَغَ الْحَسَنَ علیه السلام ذَلِكَ وَ وَرَدَ عَلَیْهِ كِتَابُ قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ وَ كَانَ قَدْ أَنْفَذَهُ مَعَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عِنْدَ مَسِیرِهِ مِنَ الْكُوفَةِ لِیَلْقَی مُعَاوِیَةَ
ص: 47
وَ یَرُدَّهُ عَنِ الْعِرَاقِ وَ جَعَلَهُ أَمِیراً عَلَی الْجَمَاعَةِ وَ قَالَ إِنْ أُصِبْتَ فَالْأَمِیرُ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ فَوَصَلَ كِتَابُ قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ یُخْبِرُهُ أَنَّهُمْ نَازَلُوا مُعَاوِیَةَ بِقَرْیَةٍ یُقَالُ لَهَا الْحَبُّونِیَّةُ بِإِزَاءِ مَسْكِنَ (1) وَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ أَرْسَلَ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ یُرَغِّبُهُ فِی الْمَصِیرِ إِلَیْهِ وَ ضَمِنَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ یُعَجِّلُ لَهُ مِنْهَا النِّصْفَ وَ یُعْطِیهِ النِّصْفَ الْآخَرَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَی الْكُوفَةِ فَانْسَلَّ عُبَیْدُ اللَّهِ فِی اللَّیْلِ إِلَی مُعَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ فِی خَاصَّتِهِ وَ أَصْبَحَ النَّاسُ قَدْ فَقَدُوا أَمِیرَهُمْ فَصَلَّی بِهِمْ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ وَ نَظَرَ فِی أُمُورِهِمْ فَازْدَادَتْ بَصِیرَةُ الْحَسَنِ علیه السلام بِخِذْلَانِ الْقَوْمِ لَهُ وَ فَسَادِ نِیَّاتِ الْمُحَكِّمَةِ فِیهِ بِمَا أَظْهَرُوهُ لَهُ مِنَ السَّبِّ وَ التَّكْفِیرِ لَهُ وَ اسْتِحْلَالِ دَمِهِ وَ نَهْبِ أَمْوَالِهِ وَ لَمْ یَبْقَ مَعَهُ مَنْ یَأْمَنُ غَوَائِلَهُ إِلَّا خَاصَّةٌ مِنْ شِیعَةِ أَبِیهِ وَ شِیعَتِهِ وَ هُمْ جَمَاعَةٌ لَا یَقُومُ لِأَجْنَادِ الشَّامِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ فِی الْهُدْنَةِ وَ الصُّلْحِ وَ أَنْفَذَ إِلَیْهِ بِكُتُبِ أَصْحَابِهِ الَّذِینَ ضَمِنُوا لَهُ فِیهَا الْفَتْكَ بِهِ وَ تَسْلِیمَهُ إِلَیْهِ وَ اشْتَرَطَ لَهُ عَلَی نَفْسِهِ فِی إِجَابَتِهِ إِلَی صُلْحِهِ شُرُوطاً كَثِیرَةً وَ عَقَدَ لَهُ عُقُوداً كَانَ فِی الْوَفَاءِ بِهَا مَصَالِحُ شَامِلَةٌ فَلَمْ یَثِقْ بِهِ الْحَسَنُ وَ عَلِمَ بِاحْتِیَالِهِ بِذَلِكَ وَ اغْتِیَالِهِ غَیْرَ أَنَّهُ لَمْ یَجِدْ بُدّاً مِنْ إِجَابَتِهِ إِلَی مَا الْتَمَسَ مِنْهُ مِنْ تَرْكِ الْحَرْبِ وَ إِنْفَاذِ الْهُدْنَةِ لِمَا كَانَ عَلَیْهِ أَصْحَابُهُ مِمَّا وَصَفْنَاهُ مِنْ ضَعْفِ الْبَصَائِرِ فِی حَقِّهِ وَ الْفَسَادِ عَلَیْهِ وَ الْخُلْفِ مِنْهُمْ لَهُ وَ مَا انْطَوَی عَلَیْهِ كَثِیرٌ مِنْهُمْ فِی اسْتِحْلَالِ دَمِهِ وَ تَسْلِیمِهِ إِلَی خَصْمِهِ وَ مَا كَانَ مِنْ خِذْلَانِ ابْنِ عَمِّهِ لَهُ وَ مَصِیرِهِ إِلَی عَدُوِّهِ وَ مَیْلِ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ إِلَی الْعَاجِلَةِ وَ زُهْدِهِمْ فِی الْآجِلَةِ فَتَوَثَّقَ علیه السلام لِنَفْسِهِ مِنْ مُعَاوِیَةَ لِتَوْكِیدِ الْحُجَّةِ عَلَیْهِ وَ الْإِعْذَارِ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی وَ عِنْدَ كَافَّةِ الْمُسْلِمِینَ وَ اشْتَرَطَ عَلَیْهِ تَرْكَ سَبِّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الْعُدُولَ عَنِ الْقُنُوتِ عَلَیْهِ فِی الصَّلَوَاتِ وَ أَنْ یُؤْمِنَ شِیعَتَهُ وَ لَا یَتَعَرَّضَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِسُوءٍ
ص: 48
وَ یُوصِلَ إِلَی كُلِّ ذِی حَقٍّ حَقَّهُ وَ أَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ إِلَی ذَلِكَ كُلِّهِ وَ عَاهَدَ عَلَیْهِ وَ حَلَفَ لَهُ بِالْوَفَاءِ لَهُ.
فَلَمَّا اسْتَتَمَّتِ الْهُدْنَةُ عَلَی ذَلِكَ سَارَ مُعَاوِیَةُ حَتَّی نَزَلَ بِالنُّخَیْلَةِ وَ كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَصَلَّی بِالنَّاسِ ضُحَی النَّهَارِ فَخَطَبَهُمْ وَ قَالَ فِی خُطْبَتِهِ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُكُمْ لِتُصَلُّوا وَ لَا لِتَصُومُوا وَ لَا لِتَحُجُّوا وَ لَا لِتُزَكُّوا إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَ لَكِنِّی قَاتَلْتُكُمْ لِأَتَأَمَّرَ عَلَیْكُمْ وَ قَدْ أَعْطَانِی اللَّهُ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَلَا وَ إِنِّی كُنْتُ مَنَّیْتُ الْحَسَنَ وَ أَعْطَیْتُهُ أَشْیَاءَ وَ جَمِیعُهَا تَحْتَ قَدَمَیَّ لَا أَفِی بِشَیْ ءٍ مِنْهَا لَهُ.
ثُمَّ سَارَ حَتَّی دَخَلَ الْكُوفَةَ فَأَقَامَ بِهَا أَیَّاماً فَلَمَّا اسْتَتَمَّتِ الْبَیْعَةُ لَهُ مِنْ أَهْلِهَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَ ذَكَرَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَالَ مِنْهُ وَ نَالَ مِنَ الْحَسَنِ علیه السلام مَا نَالَ وَ كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام حَاضِرَیْنِ فَقَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لِیَرُدَّ عَلَیْهِ فَأَخَذَ بِیَدِهِ الْحَسَنُ علیه السلام فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ أَیُّهَا الذَّاكِرُ عَلِیّاً أَنَا الْحَسَنُ وَ أَبِی عَلِیٌّ وَ أَنْتَ مُعَاوِیَةُ وَ أَبُوكَ صَخْرٌ وَ أُمِّی فَاطِمَةُ وَ أُمُّكَ هِنْدٌ وَ جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ جَدُّكَ حَرْبٌ وَ جَدَّتِی خَدِیجَةُ وَ جَدَّتُكَ قُتَیْلَةُ فَلَعَنَ اللَّهُ أَخْمَلَنَا ذِكْراً وَ أَلْأَمَنَا حَسَباً وَ شَرَّنَا قَدَماً وَ أَقْدَمَنَا كُفْراً وَ نِفَاقاً فَقَالَتْ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ آمِینَ آمِینَ (1).
توضیح: قوله فكأن قد أی فكأن قد نزلت أو جاءت و حذف مدخول قد شائع قوله و بیده مغول فی بعض النسخ بالغین المعجمة قال الفیروزآبادی المغول كمنبر حدیدة تجعل فی السوط فیكون لها غلاف و شبه مشمل إلا أنه أدق و أطول منه و نصل طویل أو سیف دقیق له قفا واسم و فی بعضها بالمهملة و هی حدیدة ینقر بها الجبال و الخضخضة التحریك و الفتك أن یأتی الرجل صاحبه و هو
ص: 49
غار غافل حتی یشد علیه فیقتله.
أقول: وَ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ: لَمَّا سَارَ مُعَاوِیَةُ قَاصِداً إِلَی الْعِرَاقِ وَ بَلَغَ جِسْرَ مَنْبِجٍ نَادَی الْمُنَادِی الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَلَمَّا اجْتَمَعُوا خَرَجَ الْحَسَنُ علیه السلام فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْجِهَادَ عَلَی خَلْقِهِ وَ سَمَّاهُ كَرْهاً ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ الْجِهَادِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ (1) فَلَسْتُمْ أَیُّهَا النَّاسُ نَائِلِینَ مَا تُحِبُّونَ إِلَّا بِالصَّبْرِ عَلَی مَا تَكْرَهُونَ إِنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّ مُعَاوِیَةَ بَلَغَهُ أَنَّا كُنَّا أَزْمَعْنَا عَلَی الْمَسِیرِ إِلَیْهِ فَتَحَرَّكَ لِذَلِكَ فَاخْرُجُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَی مُعَسْكَرِكُمْ بِالنُّخَیْلَةِ حَتَّی نَنْظُرَ وَ تَنْظُرُونَ وَ نَرَی وَ تَرَوْنَ قَالَ وَ إِنَّهُ فِی كَلَامِهِ لَیَتَخَوَّفُ خِذْلَانَ النَّاسِ لَهُ.
قَالَ فَسَكَتُوا فَمَا تَكَلَّمَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ لَا أَجَابَهُ بِحَرْفٍ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ قَامَ فَقَالَ أَنَا ابْنُ حَاتِمٍ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَقْبَحَ هَذَا الْمَقَامَ أَ لَا تُجِیبُونَ إِمَامَكُمْ وَ ابْنَ بِنْتِ نَبِیِّكُمْ أَیْنَ خُطَبَاءُ مِصْرَ الَّذِینَ أَلْسِنَتُهُمْ كَالْمَخَارِیقِ فِی الدَّعَةِ فَإِذَا جَدَّ الْجَدُّ فَرَوَّاغُونَ كَالثَّعَالِبِ أَ مَا تَخَافُونَ مَقْتَ اللَّهِ وَ لَا عَنَتَهَا وَ عَارَهَا.
ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْحَسَنَ علیه السلام بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ الْمَرَاشِدَ وَ جَنَّبَكَ الْمَكَارِهَ وَ وَفَّقَكَ لِمَا یُحْمَدُ وَرْدُهُ وَ صَدْرُهُ وَ قَدْ سَمِعْنَا مَقَالَتَكَ وَ انْتَهَیْنَا إِلَی أَمْرِكَ وَ سَمِعْنَا لَكَ وَ أَطَعْنَاكَ فِیمَا قُلْتَ وَ رَأَیْتَ وَ هَذَا وَجْهِی إِلَی مُعَسْكَرِنَا فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ یُوَافِیَ فَلْیُوَافِ.
ثُمَّ مَضَی لِوَجْهِهِ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ دَابَّتُهُ بِالْبَابِ فَرَكِبَهَا وَ مَضَی إِلَی النُّخَیْلَةِ وَ أَمَرَ غُلَامَهُ أَنْ یَلْحَقَهُ بِمَا یُصْلِحُهُ فَكَانَ عَدِیٌّ أَوَّلَ النَّاسِ عَسْكَراً.
ثُمَّ قَامَ قَیْسُ بْنُ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِیُّ وَ مَعْقِلُ بْنُ قَیْسٍ الرِّیَاحِیُّ وَ زِیَادُ بْنُ حَصْفَةَ التَّیْمِیُّ فَأَنَّبُوا النَّاسَ وَ لَامُوهُمْ وَ حَرَّضُوهُمْ وَ كَلَّمُوا الْحَسَنَ علیه السلام بِمِثْلِ كَلَامِ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ فِی الْإِجَابَةِ وَ الْقَبُولِ فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ علیه السلام صَدَقْتُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَا زِلْتُ أَعْرِفُكُمْ بِصِدْقِ النِّیَّةِ وَ الْوَفَاءِ وَ الْقَبُولِ وَ الْمَوَدَّةِ الصَّحِیحَةِ فَجَزَاكُمُ اللَّهُ خَیْراً
ص: 50
ثُمَّ نَزَلَ وَ خَرَجَ النَّاسُ وَ عَسْكَرُوا وَ نَشِطُوا لِلْخُرُوجِ وَ خَرَجَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی الْمُعَسْكَرِ وَ اسْتَخْلَفَ عَلَی الْكُوفَةِ الْمُغِیرَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ وَ أَمَرَهُ بِاسْتِحْثَاثِ النَّاسِ عَلَی اللُّحُوقِ إِلَیْهِ وَ سَارَ الْحَسَنُ علیه السلام فِی عَسْكَرٍ عَظِیمٍ حَتَّی نَزَلَ دَیْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَقَامَ بِهِ ثَلَاثاً حَتَّی اجْتَمَعَ النَّاسُ.
ثُمَّ دَعَا عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ عَمِّ إِنِّی بَاعِثٌ مَعَكَ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً مِنْ فُرْسَانِ الْعَرَبِ وَ قُرَّاءِ الْمِصْرِ الرَّجُلُ مِنْهُمْ یَزِیدُ الْكَتِیبَةَ فَسِرْ بِهِمْ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ ابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَ افْرُشْ لَهُمْ جَنَاحَكَ وَ أَدْنِهِمْ مِنْ مَجْلِسِكَ فَإِنَّهُمْ بَقِیَّةُ ثِقَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ سِرْ بِهِمْ عَلَی شَطِّ الْفُرَاتِ حَتَّی تَقْطَعَ بِهِمُ الْفُرَاتَ حَتَّی تَسِیرَ بِمَسْكِنَ ثُمَّ امْضِ حَتَّی تَسْتَقْبِلَ بِهِمْ مُعَاوِیَةَ فَإِنْ أَنْتَ لَقِیتَهُ فَاحْتَبِسْهُ حَتَّی آتِیَكَ فَإِنِّی عَلَی أَثَرِكَ وَشِیكاً وَ لْیَكُنْ خَبَرُكَ عِنْدِی كُلَّ یَوْمٍ وَ شَاوِرْ هَذَیْنِ یَعْنِی قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ سَعِیدَ بْنَ قَیْسٍ وَ إِذَا لَقِیتَ مُعَاوِیَةَ فَلَا تُقَاتِلْهُ حَتَّی یُقَاتِلَكَ فَإِنْ فَعَلَ فَقَاتِلْهُ فَإِنْ أُصِبْتَ فَقَیْسُ بْنُ سَعْدٍ عَلَی النَّاسِ فَإِنْ أُصِیبَ فَسَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ عَلَی النَّاسِ.
فَسَارَ عُبَیْدُ اللَّهِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی شِینْوَرَ حَتَّی خَرَجَ إِلَی شَاهِی ثُمَّ لَزِمَ الْفُرَاتَ وَ الْفَلُّوجَةَ حَتَّی أَتَی مَسْكِنَ وَ أَخَذَ الْحَسَنُ عَلَی حَمَّامِ عُمَرَ حَتَّی أَتَی دَیْرَ كَعْبٍ ثُمَّ بَكَّرَ فَنَزَلَ سَابَاطَ دُونَ الْقَنْطَرَةِ. أقول ثم ذكر ما جری علیه صلوات اللّٰه علیه هناك و قد مر ذكره ثم قال.
فأما معاویة فإنه وافی حتی نزل فی قریة یقال له الحبونیة و أقبل عبید اللّٰه بن العباس حتی نزل بإزائه فلما كان من غد وجه معاویة إلی عبید اللّٰه أن الحسن قد راسلنی فی الصلح و هو مسلم الأمر إلی فإن دخلت فی طاعتی الآن كنت متبوعا و إلا دخلت و أنت تابع و لك إن جئتنی الآن أن أعطیك ألف ألف درهم أعجل لك فی هذا الوقت نصفها و إذا دخلت الكوفة النصف الآخر.
فانسل عبید اللّٰه لیلا فدخل عسكر معاویة فوفی له بما وعده و أصبح الناس
ص: 51
ینتظرونه أن یخرج فیصلی بهم فلم یخرج حتی أصبحوا فطلبوه فلم یجدوه فصلی بهم قیس بن سعد بن عبادة ثم خطبهم فثبتهم و ذكر عبید اللّٰه فنال منه ثم أمرهم بالصبر و النهوض إلی العدو فأجابوه بالطاعة و قالوا له انهض بنا إلی عدونا علی اسم اللّٰه فنهض بهم.
و خرج إلیهم بسر بن أرطاة فصاحوا إلی أهل العراق ویحكم هذا أمیركم عندنا قد بایع و إمامكم الحسن قد صالح فعلام تقتلون أنفسكم فقال لهم قیس بن سعد اختاروا إحدی اثنتین إما القتال مع غیر إمام و إما أن تبایعوا بیعة ضلال قالوا بل نقاتل بلا إمام فخرجوا فضربوا أهل الشام حتی ردوهم إلی مصافهم.
و كتب معاویة إلی قیس بن سعد یدعوه و یمنیه فكتب إلیه قیس لا و اللّٰه لا تلقانی أبدا إلا بینی و بینك الرمح فكتب إلیه معاویة لما یئس منه أما بعد فإنك یهودی ابن یهودی تشقی نفسك و تقتلها فیما لیس لك فإن ظهر أحب الفریقین إلیك نبذك و عزلك و إن ظهر أبغضهما إلیك نكل بك و قتلك و قد كان أبوك أوتر غیر قوسه و رمی غیر غرضه فخذله قومه و أدركه یومه فمات بحوران طریدا غریبا و السلام.
فكتب إلیه قیس بن سعد أما بعد فإنما أنت وثن ابن وثن دخلت فی الإسلام كرها و أقمت فیه فرقا و خرجت منه طوعا و لم یجعل اللّٰه لك فیه نصیبا لم یقدم إسلامك و لم یحدث نفاقك و لم تزل حربا لله و لرسوله و حزبا من أحزاب المشركین و عدوا لله و نبیه و المؤمنین من عباده و ذكرت أبی فلعمری ما أوتر إلا قوسه و لا رمی إلا غرضه فشغب علیه من لا یشق غباره و لا یبلغ كعبه و زعمت أنی یهودی ابن یهودی و قد علمت و علم الناس إنی و أبی أعداء الدین الذی خرجت منه و أنصار الدین الذی دخلت فیه و صرت إلیه و السلام.
فلما قرأ معاویة كتابه غاظه و أراد إجابته فقال له عمرو مهلا فإنك إن كاتبته أجابك بأشد من هذا و إن تركته دخل فیما دخل فیه الناس فأمسك عنه و بعث معاویة عبد اللّٰه بن عامر و عبد الرحمن بن سمرة إلی الحسن علیه السلام للصلح فدعواه
ص: 52
إلیه و زهداه فی الأمر و أعطیاه ما شرط له معاویة و أن لا یتبع أحد بما مضی و لا ینال أحد من شیعة علی بمكروه و لا یذكر علی إلا بخیر و أشیاء اشترطها الحسن فأجاب إلی ذلك و انصرف قیس بن سعد فیمن معه إلی الكوفة.
ثم قال و روی الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعید بن سوید قال: صلی بنا معاویة بالنخیلة الجمعة فخطب ثم قال إنی و اللّٰه ما قاتلتكم لتصلوا و لا لتصوموا و لا لتحجوا و لا لتزكوا إنكم لتفعلون ذلك إنما قاتلتكم لأتأمر علیكم و قد أعطانی اللّٰه ذلك و أنتم كارهون.
قال فكان عبد الرحمن بن شریك إذا حدث بذلك یقول هذا و اللّٰه هو التهتك.
قال أبو الفرج: و دخل معاویة الكوفة بعد فراغه من خطبته بالنخیلة بین یدیه خالد بن عرفطة و معه حبیب بن حمار یحمل رایته فلما صار بالكوفة دخل المسجد من باب الفیل و اجتمع الناس إلیه.
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فَحَدَّثَنِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّیْرَفِیُّ وَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ خَلَفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الرَّازِیِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ سَعِیدٍ(1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اللَّیْثِیِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: بَیْنَمَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَلَی مِنْبَرِ الْكُوفَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَاتَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا مَاتَ وَ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَدْخُلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَ أَشَارَ إِلَی بَابِ الْفِیلِ وَ مَعَهُ رَایَةُ ضَلَالَةٍ یَحْمِلُهَا حَبِیبُ بْنُ حَمَّارٍ قَالَ فَوَثَبَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا حَبِیبُ بْنُ حَمَّارٍ وَ أَنَا لَكَ شِیعَةٌ فَقَالَ فَإِنَّهُ كَمَا أَقُولُ قَالَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ قَدِمَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ عَلَی مُقَدِّمَةِ مُعَاوِیَةَ یَحْمِلُ رَایَتَهُ حَبِیبُ بْنُ حَمَّارٍ.
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَ قَالَ مَالِكُ بْنُ سَعِیدٍ وَ حَدَّثَنِی الْأَعْمَشُ بِهَذَا الْحَدِیثِ فَقَالَ حَدَّثَنِی صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَ أَشَارَ إِلَی دَارِ السَّائِبِ أَبِی عَطَا أَنَّهُ سَمِعَ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ هَذَا.
ص: 53
قال أبو الفرج: فلما تم الصلح بین الحسن و معاویة أرسل إلی قیس بن سعد یدعوه إلی البیعة فجاء و كان رجلا طوالا یركب الفرس المشرف و رجلاه یخطان فی الأرض و ما فی وجهه طاقة شعر و كان یسمی خصی الأنصار فلما أرادوا إدخاله إلیه قال حلفت أن لا ألقاه إلا و بینی و بینه الرمح أو السیف فأمر معاویة برمح و بسیف فوضعا بینه و بینه لیبر یمینه.
قال أبو الفرج و قد روی: أن الحسن لما صالح معاویة اعتزل قیس بن سعد فی أربعة آلاف و أبی أن یبایع فلما بایع الحسن أدخل قیس لیبایع فأقبل علی الحسن فقال أ فی حل أنا من بیعتك قال نعم فألقی له كرسی و جلس معاویة علی سریره و الحسن معه فقال له معاویة أ نبایع یا قیس قال نعم و وضع یده علی فخذه و لم یمدها إلی معاویة فحنی معاویة علی سریره (1)
و أكب علی قیس حتی مسح یده علی یده و ما رفع قیس إلیه یده.
«6»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: لَمَّا مَاتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَطَبَ الْحَسَنُ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ بَلَاءٍ وَ فِتْنَةٍ وَ كُلُّ مَا فِیهَا فَإِلَی زَوَالٍ وَ اضْمِحْلَالٍ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَی قَوْلِهِ وَ إِنِّی أُبَایِعُكُمْ عَلَی أَنْ تُحَارِبُوا مَنْ حَارَبْتُ وَ تُسَالِمُوا مَنْ سَالَمْتُ فَقَالَ النَّاسُ سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (2) فَأَقَامَ بِهَا شَهْرَیْنِ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَلَاماً فِیهِ فَشَمِّرْ فِی الْحَرْبِ وَ جَاهِدْ عَدُوَّكَ وَ دَارِ أَصْحَابَكَ وَ اسْتَتِرْ مِنَ الضَّنِینِ دِینَهُ بِمَا لَا یَنْثَلِمُ لَكَ دِینٌ وَ وَلِّ أَهْلَ الْبُیُوتَاتِ وَ الشَّرَفِ وَ الْحَرْبُ خُدْعَةٌ وَ عَلِمْتُ أَنَّ أَبَاكَ إِنَّمَا رَغِبَ النَّاسُ عَنْهُ وَ صَارُوا إِلَی مُعَاوِیَةَ لِأَنَّهُ آسَی بَیْنَهُمْ فِی الْعَطَاءِ.
فَرَتَّبَ علیه السلام الْعُمَّالَ وَ أَنْفَذَ عَبْدَ اللَّهِ إِلَی الْبَصْرَةِ فَقَصَدَ مُعَاوِیَةُ نَحْوَ الْعِرَاقِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ الْحَسَنُ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَعَثَ مُحَمَّداً رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ فَأَظْهَرَ بِهِ الْحَقَّ وَ قَمَعَ بِهِ الشِّرْكَ وَ أَعَزَّ بِهِ الْعَرَبَ عَامَّةً وَ شَرَّفَ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهَا خَاصَّةً فَقَالَ وَ إِنَّهُ
ص: 54
لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ (1) فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَی تَنَازَعَتِ الْعَرَبُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِیرٌ فَقَالَتْ قُرَیْشٌ نَحْنُ أَوْلِیَاؤُهُ وَ عَشِیرَتُهُ فَلَا تُنَازِعُونَا سُلْطَانَهُ فَعَرَفَتِ الْعَرَبُ ذَلِكَ لِقُرَیْشٍ ثُمَّ جَاحَدَتْنَا قُرَیْشٌ مَا قَدْ عَرَفَتْهُ الْعَرَبُ لَهُمْ وَ هَیْهَاتَ مَا أَنْصَفَتْنَا قُرَیْشٌ الْكِتَابَ فَأَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ عَلَی یَدَیْ جُنْدَبٍ الْأَزْدِیِّ مُوصِلِ كِتَابِ الْحَسَنِ علیه السلام فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ بِهِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ أَحَقُّ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ وَ ذَكَرْتَ تَنَازُعَ الْمُسْلِمِینَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَصَرَّحْتَ بِنَمِیمَةِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ أَبِی عُبَیْدَةَ وَ غَیْرِهِمْ فَكَرِهْتُ ذَلِكَ لَكَ لِأَنَّ الْأُمَّةَ قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ قُرَیْشاً أَحَقُّ بِهَا وَ قَدْ عَلِمْتَ مَا جَرَی مِنْ أَمْرِ الْحَكَمَیْنِ فَكَیْفَ تَدْعُونِّی إِلَی أَمْرٍ إِنَّمَا تَطْلُبُهُ بِحَقِّ أَبِیكَ وَ قَدْ خَرَجَ أَبُوكَ مِنْهُ.
ثُمَّ كَتَبَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ فِی عِبَادِهِ مَا یَشَاءُ- لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِیعُ الْحِسابِ فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ مَنِیَّتُكَ عَلَی یَدَیْ رَعَاعِ النَّاسِ (2)
وَ آیس [ایْئَسْ] مِنْ أَنْ تَجِدَ فِینَا غَمِیزَةً وَ إِنْ أَنْتَ أَعْرَضْتَ عَمَّا أَنْتَ فِیهِ وَ بَایَعْتَنِی وَفَیْتُ لَكَ بِمَا وَعَدْتُ وَ أَجَزْتُ لَكَ مَا شَرَطْتُ وَ أَكُونُ فِی ذَلِكَ كَمَا قَالَ أَعْشَی بَنِی قَیْسٍ:
وَ إِنْ أَحَدٌ أَسْدَی إِلَیْكَ كَرَامَةً*** فَأَوْفِ بِمَا تُدْعَی إِذَا مِتَّ وَافِیاً
فَلَا تَحْسُدِ الْمَوْلَی إِذَا كَانَ ذَا غِنًی*** وَ لَا تَجْفُهُ إِنْ كَانَ لِلْمَالِ نَائِیاً
ثُمَّ الْخِلَافَةُ لَكَ مِنْ بَعْدِی وَ أَنْتَ أَوْلَی النَّاسِ بِهَا وَ فِی رِوَایَةٍ وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ أَقْوَی لِلْأَمْرِ وَ أَضْبَطُ لِلنَّاسِ وَ أَكْبَتُ لِلْعَدُوِّ وَ أَقْوَی عَلَی جَمْعِ الْأَمْوَالِ مِنِّی لَبَایَعْتُكَ لِأَنَّنِی أَرَاكَ لِكُلِّ خَیْرٍ أَهْلًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَمْرِی وَ أَمْرَكَ شَبِیهٌ بِأَمْرِ أَبِی بَكْرٍ وَ أَبِیكَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
فَأَجَابَهُ الْحَسَنُ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ إِلَیَّ كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِیهِ مَا ذَكَرْتَ وَ تَرَكْتُ جَوَابَكَ خَشْیَةَ الْبَغْیِ وَ بِاللَّهِ أَعُوذُ مِنْ ذَلِكَ فَاتَّبِعِ الْحَقَّ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَنْ
ص: 55
أَهْلُهُ وَ عَلَیَّ إِثْمُ أَنْ أَقُولَ فَأَكْذِبَ.
فَاسْتَنْفَرَ مُعَاوِیَةُ النَّاسَ فَلَمَّا بَلَغَ جِسْرَ مَنْبِجٍ بَعَثَ الْحَسَنُ علیه السلام حُجْرَ بْنَ عَدِیٍّ وَ اسْتَنْفَرَ النَّاسَ لِلْجِهَادِ فَتَثَاقَلُوا ثُمَّ خَفَّ مَعَهُ أَخْلَاطٌ مِنْ شِیعَتِهِ وَ مُحَكِّمَةٌ وَ شُكَّاكٌ وَ أَصْحَابُ عَصَبِیَّةٍ وَ فِتَنٍ حَتَّی أَتَی حَمَّامَ عُمَرَ.
أقول: و ساق الكلام نحوا مما مر إلی أن قال و أنفذ إلی معاویة عبد اللّٰه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فتوثق منه لتأكید الحجة أن یعمل فیهم بكتاب اللّٰه و سنة نبیه و الأمر من بعده شوری و أن یترك سب علی و أن یؤمن شیعته و لا یتعرض لأحد منهم و یوصل إلی كل ذی حق حقه و یوفر علیه حقه كل سنة خمسون ألف درهم فعاهده علی ذلك معاویة و حلف بالوفاء به و شهد بذلك عبد اللّٰه بن الحارث و عمرو بن أبی سلمة و عبد اللّٰه بن عامر بن كریز و عبد الرحمن بن أبی سمرة و غیرهم.
فلما سمع ذلك قیس بن سعد قال:
أتانی بأرض العال من أرض مسكن*** بأن إمام الحق أضحی مسالما
فما زلت مذ بینته متلددا*** أراعی نجوما خاشع القلب واجما
وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ الْحَسَنُ علیه السلام فِی صُلْحِ مُعَاوِیَةَ: أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ مَا بَیْنَ جَابَلْقَا وَ جَابَرْسَا رَجُلًا جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَا وَجَدْتُمُوهُ غَیْرِی وَ غَیْرَ أَخِی وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ نَازَعَنِی حَقّاً هُوَ لِی فَتَرَكْتُهُ لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَ حَقْنِ دِمَائِهَا وَ قَدْ بَایَعْتُمُونِی عَلَی أَنْ تُسَالِمُوا مَنْ سَالَمْتُ وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أُسَالِمَهُ وَ أَنْ یَكُونَ مَا صَنَعْتُ حُجَّةً عَلَی مَنْ كَانَ یَتَمَنَّی هَذَا الْأَمْرَ- وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ.
وَ فِی رِوَایَةٍ إِنَّمَا هَادَنْتُ حَقْناً لِلدِّمَاءِ وَ صِیَانَتَهَا وَ إِشْفَاقاً عَلَی نَفْسِی وَ أَهْلِی وَ الْمُخْلَصِینَ مِنْ أَصْحَابِی. وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام قَالَ: یَا أَهْلَ الْعِرَاقِ إِنَّمَا سَخِیَ عَلَیْكُمْ (1)
ص: 56
بِنَفْسِی ثَلَاثٌ قَتْلُكُمْ أَبِی وَ طَعْنُكُمْ إِیَّایَ وَ انْتِهَابُكُمْ مَتَاعِی وَ دَخَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَلَی أَخِیهِ بَاكِیاً ثُمَّ خَرَجَ ضَاحِكاً فَقَالَ لَهُ مَوَالِیهِ مَا هَذَا قَالَ الْعَجَبُ مِنْ دُخُولِی عَلَی إِمَامٍ أُرِیدُ أَنْ أُعَلِّمَهُ فَقُلْتُ مَا ذَا دَعَاكَ إِلَی تَسْلِیمِ الْخِلَافَةِ فَقَالَ الَّذِی دَعَا أَبَاكَ فِیمَا تَقَدَّمَ قَالَ فَطَلَبَ مُعَاوِیَةُ الْبَیْعَةَ مِنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ الْحَسَنُ یَا مُعَاوِیَةُ لَا تُكْرِهْهُ فَإِنَّهُ لَا یُبَایِعُ أَبَداً أَوْ یُقْتَلَ وَ لَنْ یُقْتَلَ حَتَّی یُقْتَلَ أَهْلُ بَیْتِهِ وَ لَنْ یُقْتَلَ أَهْلُ بَیْتِهِ حَتَّی یُقْتَلَ أَهْلُ الشَّامِ.
وَ قَالَ الْمُسَیَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِیُّ وَ سُلَیْمَانُ بْنُ صُرَدَ الْخُزَاعِیُّ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام مَا یَنْقَضِی تَعَجُّبُنَا مِنْكَ بَایَعْتَ مُعَاوِیَةَ وَ مَعَكَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ مِنَ الْكُوفَةِ سِوَی أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ الْحِجَازِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَمَا تَرَی الْآنَ فَقَالَ وَ اللَّهِ أَرَی أَنْ تَرْجِعَ لِأَنَّهُ نَقَضَ الْعَهْدَ فَقَالَ یَا مُسَیَّبُ إِنَّ الْغَدْرَ لَا خَیْرَ فِیهِ وَ لَوْ أَرَدْتُ لَمَا فَعَلْتُ وَ قَالَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ أَمَا وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ مِتَّ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ مِتْنَا مَعَكَ وَ لَمْ نَرَ هَذَا الْیَوْمَ فَإِنَّا رَجَعْنَا رَاغِمِینَ بِمَا كَرِهْنَا وَ رَجَعُوا مَسْرُورِینَ بِمَا أَحَبُّوا فَلَمَّا خَلَا بِهِ الْحَسَنُ علیه السلام قَالَ یَا حُجْرُ قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكَ فِی مَجْلِسِ مُعَاوِیَةَ وَ لَیْسَ كُلُّ إِنْسَانٍ یُحِبُّ مَا تُحِبُّ وَ لَا رَأْیُهُ كَرَأْیِكَ وَ إِنِّی لَمْ أَفْعَلْ مَا فَعَلْتُ إِلَّا إِبْقَاءً عَلَیْكُمْ وَ اللَّهُ تَعَالَی كُلَّ یَوْمٍ هُوَ فِی شَأْنٍ وَ أَنْشَأَ علیه السلام لَمَّا اضْطُرَّ إِلَی الْبَیْعَةِ:
أُجَامِلُ أَقْوَاماً حَیَاءً وَ لَا أَرَی*** قُلُوبَهُمُ تَغْلِی عَلَیَّ مَرَاضُهَا(1)
وَ لَهُ علیه السلام:
لَئِنْ سَاءَنِی دَهْرٌ عَزَمْتُ تَصَبُّراً*** وَ كُلُّ بَلَاءٍ لَا یَدُومُ یَسِیرُ
ص: 57
وَ إِنْ سَرَّنِی لَمْ أَبْتَهِجْ بِسُرُورِهِ*** وَ كُلُّ سُرُورٍ لَا یَدُومُ حَقِیرٌ
إیضاح: قوله علیه السلام استتر من الضنین الضنین البخیل أی استر دینك ممن یبخل بدینه منك بأن لا یظهر لك دینه أو لا یوافقك فی الدین علی وجه لا یضرّ بدینك بأن یكون علی وجه المداهنة و یقال لیس له فیه غمیزة أی مطعن و أسدی و أولی و أعطی بمعنی قوله بما تدعی أی أوف جزاء تلك الكرامة إیفاء تصیر به معروفا بعد موتك بأنك كنت وافیا.
قوله إن كان للمال نائیا أی بعیدا عن المال فقیرا و فلان یتلدد أی یلتفت یمینا و شمالا و رجل ألدّ بیّن اللدد و هو شدید الخصومة و الواجم الذی اشتد حزنه و أمسك عن الكلام.
قوله علیه السلام إنما سخی علیكم أی جعلنی سخیا فی ترككم قال الجوهری سخت نفسه عن الشی ء إذا تركته قوله علیه السلام و لا أری قلوبهم أی أجاملهم و لا أنظر إلی غلیان قلوبهم للحقد و العداوة و یحتمل أن تكون لا زائدة.
«7»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب تَفْسِیرُ الثَّعْلَبِیِّ وَ مُسْنَدُ الْمَوْصِلِیِّ وَ جَامِعُ التِّرْمِذِیِ (1)
وَ اللَّفْظُ لَهُ عَنْ یُوسُفَ بْنِ مَازِنٍ الرَّاسِبِیِ (2): أَنَّهُ لَمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام عُذِلَ وَ قِیلَ لَهُ یَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ مُسَوِّدَ الْوُجُوهِ فَقَالَ علیه السلام لَا تَعْذِلُونِی فَإِنَّ فِیهَا مَصْلَحَةً
ص: 58
وَ لَقَدْ رَأَی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِهِ یَخْطُبُ بَنُو أُمَیَّةَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ(1)
فَحَزِنَ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ بِقَوْلِهِ إِنَّا أَعْطَیْناكَ الْكَوْثَرَ وَ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ- وَ فِی خَبَرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَنَزَلَ- أَ فَرَأَیْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِینَ إِلَی قَوْلِهِ یُمَتَّعُونَ (2) ثُمَّ أُنْزِلَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ یَعْنِی جَعَلَ اللَّهُ لَیْلَةَ الْقَدْرِ لِنَبِیِّهِ خَیْراً مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مُلْكِ بَنِی أُمَیَّةَ وَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ یَسَارٍ وَ سَهْلِ بْنِ سَهْلٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله رَأَی فِی مَنَامِهِ أَنَّ قُرُوداً تَصْعَدُ فِی مِنْبَرِهِ وَ تَنْزِلُ فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَ اغْتَمَّ بِهِ وَ لَمْ یُرَ بَعْدَ ذَلِكَ ضَاحِكاً حَتَّی مَاتَ وَ هُوَ الْمَرْوِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام .
مُسْنَدُ الْمَوْصِلِیِّ أَنَّهُ رَأَی فِی مَنَامِهِ خَنَازِیرَ تَصْعَدُ فِی مِنْبَرِهِ الْخَبَرَ وَ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِیُّ عَدَدْنَا مُلْكَ بَنِی أُمَیَّةَ فَكَانَ أَلْفَ شَهْرٍ.
أَقُولُ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْفَهَانِیُّ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو عُبَیْدٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی عَمْرَوَیْهِ عَنْ مَكِّیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ السَّرِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ اللیل [أَبِی لَیْلَی] قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَ حَدَّثَنِی أَیْضاً مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْأُشْنَانِیُ (3)
وَ عَلِیُّ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سُفْیَانَ قَالَ: أَتَیْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام حِینَ بَایَعَ مُعَاوِیَةَ فَوَجَدْتُهُ بِفِنَاءِ دَارِهِ وَ عِنْدَهُ رَهْطٌ فَقُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا سُفْیَانُ انْزِلْ فَنَزَلْتُ فَعَقَلْتُ رَاحِلَتِی ثُمَّ أَتَیْتُهُ فَجَلَسْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ كَیْفَ قُلْتَ یَا سُفْیَانُ قَالَ قُلْتُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مُذِلَّ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ مَا جَرَّ هَذَا مِنْكَ إِلَیْنَا فَقُلْتُ أَنْتَ
ص: 59
وَ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی أَذْلَلْتَ رِقَابَنَا حِینَ أَعْطَیْتَ هَذَا الطَّاغِیَةَ الْبَیْعَةَ وَ سَلَّمْتَ الْأَمْرَ إِلَی اللَّعِینِ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ مَعَكَ مِائَةُ أَلْفٍ كُلُّهُمْ یَمُوتُ دُونَكَ وَ قَدْ جَمَعَ اللَّهُ عَلَیْكَ أَمْرَ النَّاسِ.
فَقَالَ یَا سُفْیَانُ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ إِذَا عَلِمْنَا الْحَقَّ تَمَسَّكْنَا بِهِ وَ إِنِّی سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ- لَا تَذْهَبُ الْأَیَّامُ وَ اللَّیَالِی حَتَّی یَجْتَمِعَ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَی رَجُلٍ وَاسِعِ السُّرْمِ ضَخْمِ الْبُلْعُومِ یَأْكُلُ وَ لَا یَشْبَعُ- لَا یَنْظُرُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ لَا یَمُوتُ حَتَّی لَا یَكُونَ لَهُ فِی السَّمَاءِ عَاذِرٌ وَ لَا فِی الْأَرْضِ نَاصِرٌ وَ إِنَّهُ لَمُعَاوِیَةُ وَ إِنِّی عَرَفْتُ أَنَ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ ثُمَّ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقُمْنَا إِلَی حَالِبٍ یَحْلُبُ نَاقَتَهُ فَتَنَاوَلَ الْإِنَاءَ فَشَرِبَ قَائِماً ثُمَّ سَقَانِی وَ خَرَجْنَا نَمْشِی إِلَی الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِی مَا جَاءَ بِكَ یَا سُفْیَانُ قُلْتُ حُبُّكُمْ وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِ قَالَ فَأَبْشِرْ یَا سُفْیَانُ فَإِنِّی سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ یَرِدُ عَلَیَّ الْحَوْضَ أَهْلُ بَیْتِی وَ مَنْ أَحَبَّهُمْ مِنْ أُمَّتِی كَهَاتَیْنِ یَعْنِی السَّبَّابَتَیْنِ أَوْ كَهَاتَیْنِ یَعْنِی السَّبَّابَةَ وَ الْوُسْطَی إِحْدَاهُمَا تَفْضُلُ عَلَی الْأُخْرَی أَبْشِرْ یَا سُفْیَانُ فَإِنَّ الدُّنْیَا تَسَعُ الْبَرَّ وَ الْفَاجِرَ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ إِمَامَ الْحَقِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله.
قال ابن أبی الحدید قوله و لا فی الأرض ناصر أی ناصر دینی أی لا یمكن أحد أن ینتصر له بتأویل دینی یتكلف به عذرا لأفعاله القبیحة.
«8»- كش، [رجال الكشی] ذَكَرَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ فِی بَعْضِ كُتُبِهِ قَالَ: إِنَّ الْحَسَنَ علیه السلام لَمَّا قُتِلَ أَبُوهُ علیه السلام خَرَجَ فِی شَوَّالٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی قِتَالِ مُعَاوِیَةَ فَالْتَقَوْا بِكَسْكَرَ وَ حَارَبَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ كَانَ الْحَسَنُ علیه السلام جَعَلَ ابْنَ عَمِّهِ- عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَمَرَّ بِالرَّایَةِ وَ لَحِقَ بِمُعَاوِیَةَ وَ بَقِیَ الْعَسْكَرُ بِلَا قَائِدٍ وَ لَا رَئِیسٍ فَقَامَ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ لَا یَهُولَنَّكُمْ
ص: 60
ذَهَابُ هَذَا الْكَذَا وَ كَذَا(1) فَإِنَّ هَذَا وَ أَبَاهُ لَمْ یَأْتِیَا قَطُّ بِخَیْرٍ وَ قَامَ یَأْمُرُ النَّاسَ وَ وَثَبَ أَهْلُ عَسْكَرِ الْحَسَنِ علیه السلام بِالْحَسَنِ فِی شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ فَانْتَهَبُوا فُسْطَاطَهُ وَ أَخَذُوا مَتَاعَهُ وَ طَعَنَهُ ابْنُ بِشْرٍ الْأَسَدِیُّ فِی خَاصِرَتِهِ فَرَدُّوهُ جَرِیحاً إِلَی الْمَدَائِنِ حَتَّی تَحَصَّنَ فِیهَا عِنْدَ عَمِّ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِی عُبَیْدٍ.
«9»- كش، [رجال الكشی] جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ وَ أَبُو إِسْحَاقَ حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ الْعَطَّارِ الْكُوفِیِّ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ فُضَیْلٍ غُلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا أَنِ اقْدَمْ أَنْتَ وَ الْحُسَیْنُ وَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ فَخَرَجَ مَعَهُمْ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِیُّ فَقَدِمُوا الشَّامَ فَأَذِنَ لَهُمْ مُعَاوِیَةُ وَ أَعَدَّ لَهُمُ الْخُطَبَاءَ فَقَالَ یَا حَسَنُ قُمْ فَبَایِعْ فَقَامَ فَبَایَعَ ثُمَّ قَالَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام قُمْ فَبَایِعْ فَقَامَ فَبَایَعَ ثُمَّ قَالَ یَا قَیْسُ قُمْ فَبَایِعْ فَالْتَفَتَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام یَنْظُرُ مَا یَأْمُرُهُ فَقَالَ یَا قَیْسُ إِنَّهُ إِمَامِی یَعْنِی الْحَسَنَ علیه السلام.
«10»- كش، [رجال الكشی] جَعْفَرُ بْنُ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ ذَرِیحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: دَخَلَ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِیُ
ص: 61
صَاحِبُ شُرْطَةِ الْخَمِیسِ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ بَایِعْ فَنَظَرَ قَیْسٌ إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ یَا بَا مُحَمَّدٍ بَایَعْتَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ أَ مَا تَنْتَهِی أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّی فَقَالَ لَهُ قَیْسٌ مَا شِئْتَ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ شِئْتُ لَتُنَاقَضَنَّ بِهِ فَقَالَ وَ كَانَ مِثْلَ الْبَعِیرِ جِسْماً وَ كَانَ خَفِیفَ اللِّحْیَةِ قَالَ فَقَامَ إِلَیْهِ الْحَسَنُ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ بَایِعْ یَا قَیْسُ فَبَایَعَ.
بیان: قوله أما و اللّٰه إنی اكتفی ببعض الكلام تعویلا علی قرینة المقام أی إنی أقتلك أو نحوه قوله ما شئت أی اصنع ما شئت قوله لئن شئت علی صیغة المتكلم أی إن شئت نقضت بیعتك فقوله لتناقضن علی بناء المجهول.
«11»- كشف، [كشف الغمة] عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: شَهِدْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام حِینَ صَالَحَ مُعَاوِیَةَ بِالنُّخَیْلَةِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ قُمْ فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّكَ تَرَكْتَ هَذَا الْأَمْرَ وَ سَلَّمْتَهُ إِلَیَّ فَقَامَ الْحَسَنُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَكْیَسَ الْكَیْسِ التُّقَی وَ أَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ وَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِی أَخْتَلِفُ فِیهِ أَنَا وَ مُعَاوِیَةُ إِمَّا أَنْ یَكُونَ حَقَّ امْرِئٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنِّی وَ إِمَّا أَنْ یَكُونَ حَقّاً هُوَ لِی فَقَدْ تَرَكْتُهُ إِرَادَةً لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَ حَقْنِ دِمَائِهَا(1) وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ.
«12»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمَّارٍ أَبِی الْیَقْظَانِ عَنْ أَبِی عُمَرَ زَاذَانَ قَالَ: لَمَّا وَادَعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام مُعَاوِیَةَ صَعِدَ مُعَاوِیَةُ الْمِنْبَرَ وَ جَمَعَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ وَ قَالَ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ رَآنِی لِلْخِلَافَةِ أَهْلًا وَ لَمْ یَرَ نَفْسَهُ لَهَا أَهْلًا وَ كَانَ الْحَسَنُ علیه السلام أَسْفَلَ مِنْهُ بِمِرْقَاةٍ.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ قَامَ الْحَسَنُ علیه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُبَاهَلَةَ فَقَالَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مِنَ الْأَنْفُسِ بِأَبِی وَ مِنَ الْأَبْنَاءِ بِی وَ بِأَخِی وَ مِنَ النِّسَاءِ بِأُمِّی وَ كُنَّا أَهْلَهُ وَ نَحْنُ آلُهُ وَ هُوَ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُ وَ لَمَّا نَزَلَتْ آیَةُ التَّطْهِیرِ جَمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فِی كِسَاءٍ لِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا
ص: 62
خَیْبَرِیٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَیْتِی وَ عِتْرَتِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً فَلَمْ یَكُنْ أَحَدٌ فِی الْكِسَاءِ غَیْرِی وَ أَخِی وَ أَبِی وَ أُمِّی وَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ تُصِیبُهُ جَنَابَةٌ فِی الْمَسْجِدِ وَ یُولَدُ فِیهِ إِلَّا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبِی تَكْرِمَةً مِنَ اللَّهِ لَنَا وَ تَفْضِیلًا مِنْهُ لَنَا وَ قَدْ رَأَیْتُمْ مَكَانَ مَنْزِلِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ أَمَرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ فَسَدَّهَا وَ تَرَكَ بَابَنَا فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ أَمَا إِنِّی لَمْ أَسُدَّهَا وَ أَفْتَحْ بَابَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِی أَنْ أَسُدَّهَا وَ أَفْتَحَ بَابَهُ.
وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ زَعَمَ لَكُمْ أَنِّی رَأَیْتُهُ لِلْخِلَافَةِ أَهْلًا وَ لَمْ أَرَ نَفْسِی لَهَا أَهْلًا فَكَذَبَ مُعَاوِیَةُ نَحْنُ أَوْلَی بِالنَّاسِ فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ نَزَلْ أَهْلَ الْبَیْتِ مَظْلُومِینَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ ص فَاللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ ظَلَمَنَا حَقَّنَا وَ تَوَثَّبَ عَلَی رِقَابِنَا وَ حَمَلَ النَّاسَ عَلَیْنَا وَ مَنَعَنَا سَهْمَنَا مِنَ الْفَیْ ءِ وَ مَنَعَ أُمَّنَا مَا جَعَلَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّاسَ بَایَعُوا أَبِی حِینَ فَارَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله لَأَعْطَتْهُمُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا وَ مَا طَمِعْتَ فِیهَا یَا مُعَاوِیَةُ فَلَمَّا خَرَجَتْ مِنْ مَعْدِنِهَا تَنَازَعَتْهَا قُرَیْشٌ بَیْنَهَا فَطَمِعَتْ فِیهَا الطُّلَقَاءُ وَ أَبْنَاءُ الطُّلَقَاءِ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلًا وَ فِیهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا لَمْ یَزَلْ أَمْرُهُمْ یَذْهَبُ سَفَالًا حَتَّی یَرْجِعُوا إِلَی مَا تَرَكُوا فَقَدْ تَرَكَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ هَارُونَ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ أَنَّهُ خَلِیفَةُ مُوسَی فِیهِمْ وَ اتَّبَعُوا السَّامِرِیَّ وَ قَدْ تَرَكَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَبِی وَ بَایَعُوا غَیْرَهُ وَ قَدْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا النُّبُوَّةَ وَ قَدْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله نَصَبَ أَبِی یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْهُمُ الْغَائِبَ.
وَ قَدْ هَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مِنْ قَوْمِهِ وَ هُوَ یَدْعُوهُمْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی حَتَّی دَخَلَ الْغَارَ وَ لَوْ وَجَدَ أَعْوَاناً مَا هَرَبَ وَ قَدْ كَفَّ أَبِی یَدَهُ حِینَ نَاشَدَهُمْ وَ اسْتَغَاثَ فَلَمْ یُغَثْ فَجَعَلَ اللَّهُ هَارُونَ فِی سَعَةٍ حِینَ اسْتَضْعَفُوهُ وَ كَادُوا یَقْتُلُونَهُ وَ جَعَلَ اللَّهُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَعَةٍ حِینَ دَخَلَ الْغَارَ وَ لَمْ یَجِدْ أَعْوَاناً وَ كَذَلِكَ أَبِی وَ أَنَا فِی سَعَةٍ مِنَ اللَّهِ حِینَ
ص: 63
خَذَلَتْنَا هَذِهِ الْأُمَّةُ وَ بَایَعُوكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ إِنَّمَا هِیَ السُّنَنُ وَ الْأَمْثَالُ یَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوِ الْتَمَسْتُمْ فِیمَا بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ أَنْ تَجِدُوا رَجُلًا وَلَدَهُ نَبِیٌّ غَیْرِی وَ أَخِی لَمْ تَجِدُوا وَ إِنِّی قَدْ بَایَعْتُ هَذَا وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ.
أقول: قد مضی فی كتاب الإحتجاج بوجه أبسط مرویّا عن الصادق علیه السلام و هذا مختصر منه (1).
«13»- كشف، [كشف الغمة] وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: كِتَابٌ كَتَبَهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ بَعْدَ وَفَاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ بَایَعَهُ النَّاسُ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ صَخْرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ فَأَظْهَرَ بِهِ الْحَقَّ وَ دَفَعَ بِهِ الْبَاطِلَ وَ أَذَلَّ بِهِ أَهْلَ الشِّرْكِ وَ أَعَزَّ بِهِ الْعَرَبَ عَامَّةً وَ شَرَّفَ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ خَاصَّةً فَقَالَ تَعَالَی وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ (2) فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَی تَنَازَعَتِ الْعَرَبُ الْأَمْرَ بَعْدَهُ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِیرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِیرٌ وَ قَالَتْ قُرَیْشٌ نَحْنُ أَوْلِیَاؤُهُ وَ عَشِیرَتُهُ فَلَا تُنَازِعُوا سُلْطَانَهُ فَعَرَفَتِ الْعَرَبُ ذَلِكَ لِقُرَیْشٍ وَ نَحْنُ الْآنَ أَوْلِیَاؤُهُ وَ ذَوُو الْقُرْبَی مِنْهُ وَ لَا غَرْوَ إِنَّ مُنَازَعَتَكَ إِیَّانَا بِغَیْرِ حَقٍّ فِی الدِّینِ مَعْرُوفٌ وَ لَا أَثَرٌ فِی الْإِسْلَامِ مَحْمُودٌ وَ الْمَوْعِدُ اللَّهُ تَعَالَی بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْ لَا یُؤْتِیَنَا فِی هَذِهِ الدُّنْیَا شَیْئاً یَنْقُصُنَا بِهِ فِی الْآخِرَةِ وَ بَعْدُ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَلَّانِی هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ انْظُرْ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مَا تُحْقَنُ بِهِ دِمَاؤُهُمْ وَ تُصْلَحُ أُمُورُهُمْ وَ السَّلَامُ-.
ص: 64
وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام مَا كَتَبَهُ فِی كِتَابِ الصُّلْحِ الَّذِی اسْتَقَرَّ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ حَیْثُ رَأَی حَقْنَ الدِّمَاءِ وَ إِطْفَاءَ الْفِتْنَةِ وَ هُوَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَیْهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ صَالَحَهُ عَلَی أَنْ یُسَلِّمَ إِلَیْهِ وِلَایَةَ أَمْرِ الْمُسْلِمِینَ عَلَی أَنْ یَعْمَلَ فِیهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سِیرَةِ الْخُلَفَاءِ الصَّالِحِینَ (1)
وَ لَیْسَ لِمُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَنْ یَعْهَدَ إِلَی أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ عَهْداً بَلْ یَكُونُ الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ شُورَی بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ عَلَی أَنَّ النَّاسَ آمِنُونَ حَیْثُ كَانُوا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ فِی شَامِهِمْ وَ عِرَاقِهِمْ وَ حِجَازِهِمْ وَ یَمَنِهِمْ وَ عَلَی أَنَّ أَصْحَابَ عَلِیٍّ وَ شِیعَتَهُ آمِنُونَ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ وَ نِسَائِهِمْ وَ أَوْلَادِهِمْ وَ عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَی أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ بِالْوَفَاءِ وَ بِمَا أَعْطَی اللَّهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ عَلَی أَنْ لَا یَبْغِیَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ لَا لِأَخِیهِ الْحُسَیْنِ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَائِلَةً سِرّاً وَ لَا جَهْراً وَ لَا یُخِیفَ أَحَداً مِنْهُمْ فِی أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ شَهِدَ عَلَیْهِ بِذَلِكَ وَ كَفی بِاللَّهِ شَهِیداً فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ السَّلَامُ وَ لَمَّا تَمَّ الصُّلْحُ وَ انْبَرَمَ الْأَمْرُ الْتَمَسَ مُعَاوِیَةُ مِنَ الْحَسَنِ علیه السلام أَنْ یَتَكَلَّمَ بِمَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ وَ یُعْلِمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ بَایَعَ مُعَاوِیَةَ وَ سَلَّمَ الْأَمْرَ إِلَیْهِ فَأَجَابَهُ إِلَی ذَلِكَ فَخَطَبَ وَ قَدْ حَشَدَ النَّاسُ خُطْبَةً حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ صَلَّی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهَا وَ هِیَ مِنْ كَلَامِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ علیه السلام وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَكْیَسَ الْكَیْسِ التُّقَی وَ أَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ(2)
وَ إِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ بَیْنَ جَابَلَقَ وَ جَابَرَسَ رَجُلًا جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَا وَجَدْتُمُوهُ غَیْرِی وَ غَیْرَ أَخِی الْحُسَیْنِ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ بِجَدِّی مُحَمَّدٍ فَأَنْقَذَكُمْ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ
ص: 65
وَ رَفَعَكُمْ بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ وَ أَعَزَّكُمْ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَ كَثَّرَكُمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ نَازَعَنِی حَقّاً هُوَ لِی دُونَهُ فَنَظَرْتُ لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَ قَطْعِ الْفِتْنَةِ وَ قَدْ كُنْتُمْ بَایَعْتُمُونِی عَلَی أَنْ تُسَالِمُوا مَنْ سَالَمْتُ وَ تُحَارِبُوا مَنْ حَارَبْتُ فَرَأَیْتُ أَنْ أُسَالِمَ مُعَاوِیَةَ وَ أَضَعَ الْحَرْبَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ وَ قَدْ بَایَعْتُهُ وَ رَأَیْتُ أَنَّ حَقْنَ الدِّمَاءِ خَیْرٌ مِنْ سَفْكِهَا وَ لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلَّا صَلَاحَكُمْ وَ بَقَاءَكُمْ- وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ.
بیان: یقال لا غرو أی لیس بعجب قوله و لا أثر الجملة حالیة أی و الحال أنه لیس لك أثر محمود و فعل ممدوح فی الإسلام.
أَقُولُ سَیَأْتِی فِی كِتَابِ الْغَیْبَةِ فِی الْخَبَرِ الطَّوِیلِ الَّذِی رَوَاهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی الرَّجْعَةِ(1) أَنَّهُ علیه السلام قَالَ: یَا مُفَضَّلُ وَ یَقُومُ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی جَدِّهِ ص فَیَقُولُ یَا جَدَّاهْ كُنْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی دَارِ هِجْرَتِهِ بِالْكُوفَةِ حَتَّی اسْتُشْهِدَ بِضَرْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوَصَّانِی بِمَا وَصَّیْتَهُ یَا جَدَّاهْ وَ بَلَغَ اللَّعِینَ مُعَاوِیَةَ قَتْلُ أَبِی فَأَنْفَذَ الدَّعِیَّ اللَّعِینَ زِیَاداً إِلَی الْكُوفَةِ فِی مِائَةِ أَلْفٍ وَ خَمْسِینَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ فَأَمَرَ بِالْقَبْضِ عَلَیَّ وَ عَلَی أَخِیَ الْحُسَیْنِ وَ سَائِرِ إِخْوَانِی وَ أَهْلِ بَیْتِی وَ شِیعَتِنَا وَ مَوَالِینَا وَ أَنْ یَأْخُذَ عَلَیْنَا الْبَیْعَةَ لِمُعَاوِیَةَ فَمَنْ أَبَی مِنَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ وَ سَیَّرَ إِلَی مُعَاوِیَةَ رَأْسَهُ (2)
فَلَمَّا عَلِمْتُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ مُعَاوِیَةَ خَرَجْتُ مِنْ دَارِی فَدَخَلْتُ جَامِعَ الْكُوفَةِ لِلصَّلَاةِ وَ رَقَأْتُ الْمِنْبَرَ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ أَثْنَیْتُ عَلَیْهِ وَ قُلْتُ مَعْشَرَ النَّاسِ
ص: 66
عَفَتِ الدِّیَارُ وَ مُحِیَتِ الْآثَارُ وَ قَلَّ الِاصْطِبَارُ فَلَا قَرَارَ عَلَی هَمَزَاتِ الشَّیَاطِینِ وَ حُكْمِ الْخَائِنِینَ السَّاعَةَ وَ اللَّهِ صَحَّتِ الْبَرَاهِینُ وَ فُصِّلَتِ الْآیَاتُ وَ بَانَتِ الْمُشْكِلَاتُ وَ لَقَدْ كُنَّا نَتَوَقَّعُ تَمَامَ هَذِهِ الْآیَةِ تَأْوِیلَهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ یَنْقَلِبْ عَلی عَقِبَیْهِ فَلَنْ یَضُرَّ اللَّهَ شَیْئاً وَ سَیَجْزِی اللَّهُ الشَّاكِرِینَ (1)
فَلَقَدْ مَاتَ وَ اللَّهِ جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ قُتِلَ أَبِی علیه السلام وَ صَاحَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ فِی قُلُوبِ النَّاسِ وَ نَعَقَ نَاعِقُ الْفِتْنَةِ وَ خَالَفْتُمُ السُّنَّةَ فَیَا لَهَا مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ عَمْیَاءَ لَا یُسْمَعُ لِدَاعِیهَا وَ لَا یُجَابُ مُنَادِیهَا وَ لَا یُخَالَفُ وَالِیهَا ظَهَرَتْ كَلِمَةُ النِّفَاقِ وَ سُیِّرَتْ رَایَاتُ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَ تَكَالَبَتْ جُیُوشُ أَهْلِ الْمَرَاقِّ مِنَ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ هَلُمُّوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَی الِافْتِتَاحِ وَ النُّورِ الْوَضَّاحِ وَ الْعِلْمِ الْجَحْجَاحِ وَ النُّورِ الَّذِی لَا یُطْفَی وَ الْحَقِّ الَّذِی لَا یَخْفَی أَیُّهَا النَّاسُ تَیَقَّظُوا مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ وَ مِنْ تَكَاثُفِ الظُّلْمَةِ فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ وَ تَرَدَّی بِالْعَظَمَةِ لَئِنْ قَامَ إِلَیَّ مِنْكُمْ عَصَبَةٌ بِقُلُوبٍ صَافِیَةٍ وَ نِیَّاتٍ مُخْلِصَةٍ- لَا یَكُونُ فِیهَا شَوْبُ نِفَاقٍ وَ لَا نِیَّةُ افْتِرَاقٍ لَأُجَاهِدَنَّ بِالسَّیْفِ قُدُماً قُدُماً وَ لَأُضِیقَنَّ مِنَ السُّیُوفِ جَوَانِبَهَا وَ مِنَ الرِّمَاحِ أَطْرَافَهَا وَ مِنَ الْخَیْلِ سَنَابِكَهَا فَتَكَلَّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَكَأَنَّمَا أُلْجِمُوا بِلِجَامِ الصَّمْتِ عَنْ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَّا عِشْرُونَ رَجُلًا فَإِنَّهُمْ قَامُوا إِلَیَّ فَقَالُوا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا نَمْلِكُ إِلَّا أَنْفُسَنَا وَ سُیُوفَنَا فَهَا نَحْنُ بَیْنَ یَدَیْكَ لِأَمْرِكَ طَائِعُونَ وَ عَنْ رَأْیِكَ صَادِرُونَ فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ فَنَظَرْتُ یَمْنَةً وَ یَسْرَةً فَلَمْ أَرَ أَحَداً غَیْرَهُمْ فَقُلْتُ لِی أُسْوَةٌ بِجَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ عَبَدَ اللَّهَ سِرّاً وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ فِی تِسْعَةٍ وَ ثَلَاثِینَ رَجُلًا فَلَمَّا أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُ الْأَرْبَعِینَ صَارَ فِی عِدَّةٍ وَ أَظْهَرَ أَمْرَ اللَّهِ فَلَوْ كَانَ مَعِی عِدَّتُهُمْ جَاهَدْتُ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ.
ص: 67
ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِی نَحْوَ السَّمَاءِ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّی قَدْ دَعَوْتُ وَ أَنْذَرْتُ وَ أَمَرْتُ وَ نَهَیْتُ وَ كَانُوا عَنْ إِجَابَةِ الدَّاعِی غَافِلِینَ وَ عَنْ نُصْرَتِهِ قَاعِدِینَ وَ فِی طَاعَتِهِ مُقَصِّرِینَ وَ لِأَعْدَائِهِ نَاصِرِینَ اللَّهُمَّ فَأَنْزِلْ عَلَیْهِمْ رِجْزَكَ وَ بَأْسَكَ وَ عَذَابَكَ الَّذِی لَا یُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ وَ نَزَلْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ دَاخِلًا إِلَی الْمَدِینَةِ فَجَاءُونِی یَقُولُونَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ أَسْرَی سَرَایَاهُ إِلَی الْأَنْبَارِ وَ الْكُوفَةِ وَ شَنَّ غَارَاتِهِ عَلَی الْمُسْلِمِینَ وَ قَتَلَ مَنْ لَمْ یُقَاتِلْهُ وَ قَتَلَ النِّسَاءَ وَ الْأَطْفَالَ فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَهُمْ فَأَنْفَذْتُ مَعَهُمْ رِجَالًا وَ جُیُوشاً وَ عَرَّفْتُهُمْ أَنَّهُمْ یَسْتَجِیبُونَ لِمُعَاوِیَةَ وَ یَنْقُضُونَ عَهْدِی وَ بَیْعَتِی فَلَمْ یَكُنْ إِلَّا مَا قُلْتُ لَهُمْ وَ أَخْبَرْتُهُمْ.
أقول: أوردت الخبر بتمامه و شرحه فی كتاب الغیبة.
وَ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ رُوِیَ: أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ الْبَاقِرَ علیهما السلام قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ یَا فُلَانُ مَا لَقِینَا مِنْ ظُلْمِ قُرَیْشٍ إِیَّانَا وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَیْنَا وَ مَا لَقِیَ شِیعَتُنَا وَ مُحِبُّونَا مِنَ النَّاسِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قُبِضَ وَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّا أَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ فَتَمَالَأَتْ عَلَیْنَا قُرَیْشٌ حَتَّی أَخْرَجَتِ الْأَمْرَ عَنْ مَعْدِنِهِ وَ احْتَجَّتْ عَلَی الْأَنْصَارِ بِحَقِّنَا وَ حُجَّتِنَا تَدَاوَلَتْهَا قُرَیْشٌ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّی رَجَعَتْ إِلَیْنَا فَنَكَثَتْ بَیْعَتَنَا وَ نَصَبَتِ الْحَرْبَ لَنَا وَ لَمْ یَزَلْ صَاحِبُ الْأَمْرِ فِی صَعُودٍ كَئُودٍ حَتَّی قُتِلَ فَبُویِعَ الْحَسَنُ ابْنُهُ وَ عُوهِدَ ثُمَّ غُدِرَ بِهِ وَ أُسْلِمَ وَ وَثَبَ عَلَیْهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ حَتَّی طُعِنَ بِخَنْجَرٍ فِی جَنْبِهِ وَ انْتُهِبَ عَسْكَرُهُ وَ عُولِجَتْ خَلَاخِیلُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ فَوَادَعَ مُعَاوِیَةَ وَ حَقَنَ دَمَهُ وَ دِمَاءَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ هُمْ قَلِیلٌ حَقَّ قَلِیلٍ ثُمَّ بَایَعَ الْحُسَیْنَ علیه السلام مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عِشْرُونَ أَلْفاً ثُمَّ غَدَرُوا بِهِ وَ خَرَجُوا عَلَیْهِ وَ بَیْعَتُهُ فِی أَعْنَاقِهِمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ لَمْ نَزَلْ أَهْلَ الْبَیْتِ نُسْتَذَلُّ وَ نُسْتَضَامُ وَ نُقْصَی وَ نُمْتَهَنُ وَ نُحْرَمُ وَ نُقْتَلُ وَ نَخَافُ وَ لَا نَأْمَنُ عَلَی دِمَائِنَا وَ دِمَاءِ أَوْلِیَائِنَا وَ وَجَدَ الْكَاذِبُونَ الْجَاحِدُونَ لِكَذِبِهِمْ
ص: 68
وَ جُحُودِهِمْ مَوْضِعاً یَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَی أَوْلِیَائِهِمْ وَ قُضَاةِ السَّوْءِ وَ عُمَّالِ السَّوْءِ فِی كُلِّ بَلْدَةٍ فَحَدَّثُوهُمْ بِالْأَحَادِیثِ الْمَوْضُوعَةِ الْمَكْذُوبَةِ وَ رَوَوْا عَنَّا مَا لَمْ نَقُلْهُ وَ لَمْ نَفْعَلْهُ لِیُبَغِّضُونَا إِلَی النَّاسِ وَ كَانَ عِظَمُ ذَلِكَ وَ كِبَرُهُ زَمَنَ مُعَاوِیَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَسَنِ علیه السلام فَقُتِلَتْ شِیعَتُنَا بِكُلِّ بَلْدَةٍ وَ قُطِّعَتِ الْأَیْدِی وَ الْأَرْجُلُ عَلَی الظِّنَّةِ وَ كَانَ مَنْ ذُكِرَ بِحُبِّنَا وَ الِانْقِطَاعِ إِلَیْنَا سُجِنَ أَوْ نُهِبَ مَالُهُ أَوْ هُدِمَتْ دَارُهُ ثُمَّ لَمْ یَزَلِ الْبَلَاءُ یَشْتَدُّ وَ یَزْدَادُ إِلَی زَمَانِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ قَاتِلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَهُمْ كُلَّ قَتْلَةٍ وَ أَخَذَهُمْ بِكُلِّ ظِنَّةٍ وَ تُهَمَةٍ حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ لَیُقَالُ لَهُ زِنْدِیقٌ أَوْ كَافِرٌ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنْ أَنْ یُقَالَ شِیعَةُ عَلِیٍّ وَ حَتَّی صَارَ الرَّجُلُ الَّذِی یُذْكَرُ بِالْخَیْرِ وَ لَعَلَّهُ یَكُونُ وَرِعاً صَدُوقاً یُحَدِّثُ بِأَحَادِیثَ عَظِیمَةٍ عَجِیبَةٍ مِنْ تَفْضِیلِ مَنْ قَدْ سَلَفَ مِنَ الْوُلَاةِ وَ لَمْ یَخْلُقِ اللَّهُ تَعَالَی شَیْئاً مِنْهَا وَ لَا كَانَتْ وَ لَا وَقَعَتْ وَ هُوَ یَحْسَبُ أَنَّهَا حَقٌّ لِكَثْرَةِ مَنْ قَدْ رَوَاهَا مِمَّنْ لَمْ یُعْرَفْ بِكَذِبٍ وَ لَا بِقِلَّةِ وَرَعٍ.
ص: 69
«1»- ج، [الإحتجاج] رُوِیَ عَنِ الشَّعْبِیِّ وَ أَبِی مِخْنَفٍ وَ یَزِیدَ بْنِ أَبِی حَبِیبٍ الْمِصْرِیِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَمْ یَكُنْ فِی الْإِسْلَامِ یَوْمٌ فِی مُشَاجَرَةِ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا فِی مَحْفِلٍ أَكْثَرَ ضَجِیجاً وَ لَا أَعْلَی كَلَاماً وَ لَا أَشَدَّ مُبَالَغَةً فِی قَوْلٍ مِنْ یَوْمٍ اجْتَمَعَ فِیهِ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ- عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ قَدْ تَوَاطَئُوا عَلَی أَمْرٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِیَةَ أَ لَا تَبْعَثُ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ فَتُحْضِرَهُ فَقَدْ أَحْیَا سِیرَةَ أَبِیهِ وَ خَفَقَتِ النِّعَالُ خَلْفَهُ إِنْ أَمَرَ فَأُطِیعَ وَ إِنْ قَالَ فَصُدِّقَ وَ هَذَانِ یَرْفَعَانِ بِهِ إِلَی مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُمَا فَلَوْ بَعَثْتَ إِلَیْهِ فَقَصَرْنَا بِهِ (1) وَ بِأَبِیهِ وَ سَبَبْنَاهُ وَ سَبَبْنَا أَبَاهُ وَ صَعَّرْنَا بِقَدْرِهِ وَ قَدْرِ أَبِیهِ وَ قَعَدْنَا لِذَلِكَ حَتَّی صُدِقَ لَكَ فِیهِ فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِیَةُ إِنِّی أَخَافُ أَنْ یُقَلِّدَكُمْ قَلَائِدَ یَبْقَی عَلَیْكُمْ عَارُهَا حَتَّی تدخلكم [یُدْخِلَكُمْ] قُبُورَكُمْ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُهُ قَطُّ إِلَّا كَرِهْتُ جَنَابَهُ وَ هِبْتُ عِتَابَهُ وَ إِنِّی إِنْ بَعَثْتُ إِلَیْهِ لَأَنْصَفْتُهُ مِنْكُمْ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَ تَخَافُ أَنْ یَتَسَامَی بَاطِلُهُ عَلَی حَقِّنَا وَ مَرَضُهُ عَلَی صِحَّتِنَا قَالَ لَا قَالَ فَابْعَثْ إِذاً إِلَیْهِ فَقَالَ عُتْبَةُ هَذَا رَأْیٌ لَا أَعْرِفُهُ وَ اللَّهِ مَا تَسْتَطِیعُونَ أَنْ تَلْقَوْهُ بِأَكْثَرَ وَ لَا أَعْظَمَ مِمَّا فِی أَنْفُسِكُمْ عَلَیْهِ وَ لَا یَلْقَاكُمْ إِلَّا بِأَعْظَمَ مِمَّا فِی نَفْسِهِ عَلَیْكُمْ وَ إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ بَیْتٍ خَصِمٍ جَدِلٍ (2)
ص: 70
فَبَعَثُوا إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ قَالَ لَهُ یَدْعُوكَ مُعَاوِیَةُ قَالَ وَ مَنْ عِنْدَهُ قَالَ الرَّسُولُ عِنْدَهُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ سَمَّی كُلًّا مِنْهُمْ بِاسْمِهِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام مَا لَهُمْ خَرَّ عَلَیْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَیْثُ لا یَشْعُرُونَ ثُمَّ قَالَ یَا جَارِیَةُ أَبْلِغِینِی ثِیَابِی ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَدْرَأُ بِكَ فِی نُحُورِهِمْ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ وَ أَسْتَعِینُ بِكَ عَلَیْهِمْ فَاكْفِنِیهِمْ بِمَا شِئْتَ وَ أَنَّی شِئْتَ مِنْ حَوْلِكَ وَ قُوَّتِكَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ وَ قَالَ لِلرَّسُولِ هَذَا كَلَامُ الْفَرَجِ فَلَمَّا أَتَی مُعَاوِیَةَ رَحَّبَ بِهِ وَ حَیَّاهُ وَ صَافَحَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام إِنَّ الَّذِی حُیِّیتُ بِهِ سَلَامَةٌ وَ الْمُصَافَحَةَ أَمَنَةٌ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَجَلْ إِنَّ هَؤُلَاءِ بَعَثُوا إِلَیْكَ وَ عَصَوْنِی لِیُقَرِّرُوكَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ أَنَّ أَبَاكَ قَتَلَهُ فَاسْمَعْ مِنْهُمْ ثُمَّ أَجِبْهُمْ بِمِثْلِ مَا یُكَلِّمُونَكَ وَ لَا یَمْنَعْكَ مَكَانِی مِنْ جَوَابِهِمْ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام سُبْحَانَ اللَّهِ الْبَیْتُ بَیْتُكَ وَ الْإِذْنُ فِیهِ إِلَیْكَ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَجَبْتَهُمْ إِلَی مَا أَرَادُوا إِنِّی لَأَسْتَحْیِی لَكَ مِنَ الْفُحْشِ وَ لَئِنْ كَانُوا غَلَبُوكَ إِنِّی لَأَسْتَحْیِی لَكَ مِنَ الضَّعْفِ فَبِأَیِّهِمَا تُقِرُّ وَ مِنْ أَیِّهِمَا تَعْتَذِرُ أَمَا إِنِّی لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِهِمْ وَ اجْتِمَاعِهِمْ لَجِئْتُ بِعِدَّتِهِمْ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ مَعَ وَحْدَتِی هُمْ أَوْحَشُ مِنِّی مَعَ جَمْعِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَوَلِیِّیَ الْیَوْمَ وَ فِیمَا بَعْدَ الْیَوْمِ فَلْیَقُولُوا فَأَسْمَعُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ فَتَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ مَا سَمِعْتُ كَالْیَوْمِ أَنْ بَقِیَ مِنْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَ قَتْلِ الْخَلِیفَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ كَانَ مِنِ ابْنِ أُخْتِهِمْ وَ الْفَاضِلَ فِی الْإِسْلَامِ مَنْزِلَةً وَ الْخَاصَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَثَرَةً فَبِئْسَ كَرَامَةُ اللَّهِ حَتَّی سَفَكُوا دَمَهُ اعْتِدَاءً وَ طَلَباً لِلْفِتْنَةِ وَ حَسَداً وَ نَفَاسَةً وَ طَلَبَ مَا لَیْسُوا بِآهِلِینَ لِذَلِكَ مَعَ سَوَابِقِهِ وَ مَنْزِلَتِهِ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ وَ مِنَ الْإِسْلَامِ فَیَا ذُلَّاهْ أَنْ یَكُونَ حَسَنٌ وَ سَائِرُ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَتَلَةُ عُثْمَانَ أَحْیَاءً یَمْشُونَ عَلَی مَنَاكِبِ الْأَرْضِ وَ عُثْمَانُ مُضَرَّجٌ بِدَمِهِ مَعَ أَنَّ لَنَا فِیكُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ دَماً بِقَتْلَی بَنِی أُمَیَّةَ بِبَدْرٍ-
ص: 71
ثُمَّ تَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِی یَا ابْنَ أَبِی تُرَابٍ بَعَثْنَا إِلَیْكَ لِنُقَرِّرَكَ أَنَّ أَبَاكَ سَمَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّیقَ وَ اشْتَرَكَ فِی قَتْلِ عُمَرَ الْفَارُوقِ وَ قَتْلِ عُثْمَانَ ذَا النُّورَیْنِ مَظْلُوماً فَادَّعَی مَا لَیْسَ لَهُ بِحَقٍّ وَ وَقَعَ فِیهِ وَ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ وَ عَیَّرَهُ بِشَأْنِهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ یَكُنِ اللَّهُ لِیُعْطِیَكُمُ الْمُلْكَ فَتَرْتَكِبُونَ فِیهِ مَا لَا یَحِلُّ لَكُمْ ثُمَّ أَنْتَ یَا حَسَنُ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِأَنَّكَ كَائِنٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَیْسَ عِنْدَكَ عَقْلُ ذَلِكَ وَ لَا رَأْیُهُ فَكَیْفَ وَ قَدْ سُلِبْتَهُ وَ تُرِكْتَ أَحْمَقَ فِی قُرَیْشٍ وَ ذَلِكَ لِسُوءِ عَمَلِ أَبِیكَ وَ إِنَّمَا دَعَوْنَاكَ لِنَسُبَّكَ وَ أَبَاكَ ثُمَّ أَنْتَ لَا تَسْتَطِیعُ أَنْ تُعَتِّبَ عَلَیْنَا وَ لَا أَنْ تُكَذِّبَنَا فِی شَیْ ءٍ بِهِ فَإِنْ كُنْتَ تَرَی أَنَّا كَذَبْنَاكَ فِی شَیْ ءٍ وَ تَقَوَّلْنَا عَلَیْكَ بِالْبَاطِلِ وَ ادَّعَیْنَا خِلَافَ الْحَقِّ فَتَكَلَّمْ وَ إِلَّا فَاعْلَمْ أَنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ أَمَّا أَبُوكَ فَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ قَتْلَهُ وَ تَفَرَّدَ بِهِ وَ أَمَّا أَنْتَ فَإِنَّكَ فِی أَیْدِینَا نَتَخَیَّرُ فِیكَ وَ اللَّهِ أَنْ لَوْ قَتَلْنَاكَ مَا كَانَ فِی قَتْلِكَ إِثْمٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عَیْبٌ عِنْدَ النَّاسِ ثُمَّ تَكَلَّمَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَكَانَ أَوَّلُ مَا ابْتَدَأَ بِهِ أَنْ قَالَ یَا حَسَنُ إِنَّ أَبَاكَ كَانَ شَرَّ قُرَیْشٍ لِقُرَیْشٍ أَقْطَعَهُ لِأَرْحَامِهَا وَ أَسْفَكَهُ لِدِمَائِهَا وَ إِنَّكَ لَمِنْ قَتَلَةِ- عُثْمَانَ وَ إِنَّ فِی الْحَقِّ أَنْ نَقْتُلَكَ بِهِ وَ إِنَّ عَلَیْكَ الْقَوَدَ فِی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّا قَاتِلُوكَ بِهِ فَأَمَّا أَبُوكَ فَقَدْ تَفَرَّدَ اللَّهُ بِقَتْلِهِ فَكَفَانَاهُ وَ أَمَّا رَجَاؤُكَ لِلْخِلَافَةِ فَلَسْتَ مِنْهَا لَا فِی قَدْحَةِ زَنْدِكَ وَ لَا فِی رَجْحَةِ مِیزَانِكَ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ بِنَحْوٍ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ یَا مَعَاشِرَ بَنِی هَاشِمٍ كُنْتُمْ أَوَّلَ مَنْ دَبَّ بِعَیْبِ عُثْمَانَ وَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَیْهِ حَتَّی قَتَلْتُمُوهُ حِرْصاً عَلَی الْمُلْكِ وَ قَطِیعَةً لِلرَّحِمِ وَ اسْتِهْلَاكَ الْأُمَّةِ(1) وَ سَفْكَ دِمَائِهَا حِرْصاً عَلَی الْمُلْكِ وَ طَلَباً لِلدُّنْیَا الْخَسِیسَةِ وَ حُبّاً لَهَا وَ كَانَ عُثْمَانُ خَالَكُمْ فَنِعْمَ الْخَالُ كَانَ
ص: 72
لَكُمْ وَ كَانَ صِهْرُكُمْ فَكَانَ نِعْمَ الصِّهْرُ لَكُمْ قَدْ كُنْتُمْ أَوَّلَ مَنْ حَسَدَهُ وَ طَعَنَ عَلَیْهِ ثُمَّ وَلِیتُمْ قَتْلَهُ فَكَیْفَ رَأَیْتُمْ صُنْعَ اللَّهِ بِكُمْ- ثُمَّ تَكَلَّمَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ كَانَ كَلَامُهُ وَ قَوْلُهُ كُلُّهُ وُقُوعاً فِی عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا حَسَنُ إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَلَمْ یَكُنْ لِأَبِیكَ فِی ذَلِكَ عُذْرُ بَرِی ءٍ وَ لَا اعْتِذَارُ مُذْنِبٍ غَیْرَ أَنَّا یَا حَسَنُ قَدْ ظَنَنَّا لِأَبِیكَ فِی ضَمِّهِ قَتَلَتَهُ وَ إِیوَائِهِ لَهُمْ وَ ذَبِّهِ عَنْهُمْ أَنَّهُ بِقَتْلِهِ رَاضٍ وَ كَانَ وَ اللَّهِ طَوِیلَ السَّیْفِ وَ اللِّسَانِ یَقْتُلُ الْحَیَّ وَ یَعِیبُ الْمَیِّتَ وَ بَنُو أُمَیَّةَ خَیْرٌ لِبَنِی هَاشِمٍ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ لِبَنِی أُمَیَّةَ وَ مُعَاوِیَةُ خَیْرٌ لَكَ یَا حَسَنُ مِنْكَ لِمُعَاوِیَةَ وَ قَدْ كَانَ أَبُوكَ نَاصَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فِی حَیَاتِهِ وَ أَجْلَبَ عَلَیْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ أَرَادَ قَتْلَهُ فَعَلِمَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله ثُمَّ كَرِهَ أَنْ یُبَایِعَ أَبَا بَكْرٍ حَتَّی أُتِیَ بِهِ قَوْداً ثُمَّ دَسَّ إِلَیْهِ فَسَقَاهُ سَمّاً فَقَتَلَهُ ثُمَّ نَازَعَ عُمَرَ حَتَّی هَمَّ أَنْ یَضْرِبَ رَقَبَتَهُ فَعَمِلَ فِی قَتْلِهِ ثُمَّ طَعَنَ عَلَی عُثْمَانَ حَتَّی قَتَلَهُ كُلُّ هَؤُلَاءِ قَدْ شَرِكَ فِی دَمِهِمْ فَأَیُّ مَنْزِلَةٍ لَهُ مِنَ اللَّهِ یَا حَسَنُ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ السُّلْطَانَ لِوَلِیِّ الْمَقْتُولِ فِی كِتَابِهِ الْمُنْزَلِ- فَمُعَاوِیَةُ وَلِیُّ الْمَقْتُولِ بِغَیْرِ حَقٍّ فَكَانَ مِنَ الْحَقِّ لَوْ قَتَلْنَاكَ وَ أَخَاكَ وَ اللَّهِ مَا دَمُ عَلِیٍّ بِخَطِرٍ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْمَعَ فِیكُمْ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْمُلْكَ وَ النُّبُوَّةَ ثُمَّ سَكَتَ فَتَكَلَّمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدَی أَوَّلَكُمْ بِأَوَّلِنَا وَ آخِرَكُمْ بِآخِرِنَا وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی سَیِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ اسْمَعُوا مِنِّی مَقَالَتِی وَ أَعِیرُونِی فَهْمَكُمْ وَ بِكَ أَبْدَأُ یَا مُعَاوِیَةُ ثُمَّ قَالَ لِمُعَاوِیَةَ إِنَّهُ لَعَمْرُ اللَّهِ یَا أَزْرَقُ مَا شَتَمَنِی غَیْرُكَ وَ مَا هَؤُلَاءِ شَتَمُونِی وَ لَا سَبَّنِی غَیْرُكَ وَ مَا هَؤُلَاءِ سَبُّونِی وَ لَكِنْ شَتَمْتَنِی وَ سَبَبْتَنِی فُحْشاً مِنْكَ وَ سُوءَ رَأْیٍ وَ بَغْیاً وَ عُدْوَاناً وَ حَسَداً عَلَیْنَا وَ عَدَاوَةً لِمُحَمَّدٍ ص قَدِیماً وَ حَدِیثاً وَ إِنَّهُ وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَنَا وَ هَؤُلَاءِ یَا أَزْرَقُ مُثَاوِرِینَ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَوْلَنَا الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ مَا قَدَرُوا أَنْ یَتَكَلَّمُوا بِمِثْلِ مَا تَكَلَّمُوا بِهِ وَ لَا
ص: 73
اسْتَقْبَلُونِی بِمَا اسْتَقْبَلُونِی بِهِ فَاسْمَعُوا مِنِّی أَیُّهَا الْمَلَأُ الْمُخَیِّمُونَ (1)
الْمُعَاوِنُونَ عَلَیَّ وَ لَا تَكْتُمُوا حَقّاً عَلِمْتُمُوهُ وَ لَا تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ نَطَقْتُ بِهِ وَ سَأَبْدَأُ بِكَ یَا مُعَاوِیَةُ فَلَا أَقُولُ فِیكَ إِلَّا دُونَ مَا فِیكَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِی شَتَمْتُمُوهُ صَلَّی الْقِبْلَتَیْنِ كِلْتَیْهِمَا وَ أَنْتَ تَرَاهُمَا جَمِیعاً ضَلَالَةً تَعْبُدُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّی وَ بَایَعَ الْبَیْعَتَیْنِ كِلْتَیْهِمَا بَیْعَةَ الرِّضْوَانِ وَ بَیْعَةَ الْفَتْحِ وَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ بِالْأُولَی كَافِرٌ وَ بِالْأُخْرَی نَاكِثٌ ثُمَّ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّمَا أَقُولُ حَقّاً إِنَّهُ لَقِیَكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ وَ مَعَهُ رَایَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَكَ یَا مُعَاوِیَةُ رَایَةُ الْمُشْرِكِینَ تَعْبُدُ اللَّاتَ وَ الْعُزَّی وَ تَرَی حَرْبَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْمُؤْمِنِینَ فَرْضاً وَاجِباً وَ لَقِیَكُمْ یَوْمَ أُحُدٍ وَ مَعَهُ رَایَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَكَ یَا مُعَاوِیَةُ رَایَةُ الْمُشْرِكِینَ وَ لَقِیَكُمْ یَوْمَ الْأَحْزَابِ وَ مَعَهُ رَایَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَكَ یَا مُعَاوِیَةُ رَایَةُ الْمُشْرِكِینَ كُلَّ ذَلِكَ یُفْلِجُ اللَّهُ حُجَّتَهُ وَ یُحِقُّ دَعْوَتَهُ وَ یُصَدِّقُ أُحْدُوثَتَهُ وَ یَنْصُرُ رَایَتَهُ وَ كُلَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَرَی عَنْهُ رَاضِیاً فِی الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا ثُمَّ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله حَاصَرَ بَنِی قُرَیْظَةَ وَ بَنِی النَّضِیرِ ثُمَّ بَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَ مَعَهُ رَایَةُ الْمُهَاجِرِینَ وَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَ مَعَهُ رَایَةُ الْأَنْصَارِ فَأَمَّا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَجُرِحَ وَ حُمِلَ جَرِیحاً وَ أَمَّا عُمَرُ فَرَجَعَ وَ هُوَ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُهُ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّارٌ غَیْرُ فَرَّارٍ ثُمَّ لَا یَرْجِعُ حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ
عَلَیْهِ فَتَعَرَّضَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ غَیْرُهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ عَلِیٌّ یَوْمَئِذٍ أَرْمَدُ شَدِیدَ الرَّمَدِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَتَفَلَ فِی عَیْنَیْهِ فَبَرَأَ مِنَ الرَّمَدِ فَأَعْطَاهُ الرَّایَةَ فَمَضَی وَ لَمْ یَثْنِ حَتَّی فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِمَنِّهِ وَ طَوْلِهِ (2) وَ أَنْتَ یَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ عَدُوٌّ لِلَّهِ
ص: 74
وَ رَسُولِهِ فَهَلْ یُسَوَّی بَیْنَ رَجُلٍ نَصَحَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ رَجُلٍ عَادَی اللَّهَ وَ رَسُولَهُ صلی اللّٰه علیه و آله.
ثُمَّ أُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا أَسْلَمَ قَلْبُكَ بَعْدُ وَ لَكِنَّ اللِّسَانَ خَائِفٌ فَهُوَ یَتَكَلَّمُ بِمَا لَیْسَ فِی الْقَلْبِ.
ثُمَّ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله اسْتَخْلَفَهُ عَلَی الْمَدِینَةِ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ وَ لَا سَخِطَهُ ذَلِكَ وَ لَا كَرِهَهُ وَ تَكَلَّمَ فِیهِ الْمُنَافِقُونَ فَقَالَ لَا تُخْلِفْنِی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّی لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْكَ فِی غَزْوَةٍ قَطُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله أَنْتَ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی فِی أَهْلِی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی ثُمَّ أَخَذَ بِیَدِ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ تَوَلَّانِی فَقَدْ تَوَلَّی اللَّهَ وَ مَنْ تَوَلَّی عَلِیّاً فَقَدْ تَوَلَّانِی وَ مَنْ أَطَاعَنِی فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ أَطَاعَ عَلِیّاً فَقَدْ أَطَاعَنِی وَ مَنْ أَحَبَّنِی فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ مَنْ أَحَبَّ عَلِیّاً فَقَدْ أَحَبَّنِی ثُمَّ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمْ مَا لَمْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ- كِتَابَ اللَّهِ فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ وَ حَرِّمُوا حَرَامَهُ وَ اعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ وَ آمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ وَ قُولُوا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَ أَحِبُّوا أَهْلَ بَیْتِی وَ عِتْرَتِی وَ وَالُوا مَنْ وَالاهُمْ وَ انْصُرُوهُمْ عَلَی مَنْ عَادَاهُمْ وَ إِنَّهُمَا لَمْ یَزَالا فِیكُمْ حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثُمَّ دَعَا وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ عَلِیّاً فَاجْتَذَبَهُ بِیَدِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ اللَّهُمَّ مَنْ عَادَی عَلِیّاً فَلَا تَجْعَلْ لَهُ فِی الْأَرْضِ مَقْعَداً وَ لَا فِی السَّمَاءِ مَصْعَداً وَ اجْعَلْهُ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ النَّارِ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قَالَ لَهُ أَنْتَ الذَّائِدُ عَنْ حَوْضِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ تَذُودُ عَنْهُ كَمَا یَذُودُ أَحَدُكُمُ الْغَرِیبَةَ مِنْ وَسْطِ إِبِلِهِ- أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ فَبَكَی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَقَالَ عَلِیٌّ مَا یُبْكِیكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ یُبْكِینِی أَنِّی أَعْلَمُ أَنَّ لَكَ فِی قُلُوبِ رِجَالٍ مِنْ أُمَّتِی ضَغَائِنَ لَا یُبْدُونَهَا حَتَّی أَتَوَلَّی عَنْكَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ وَ اجْتَمَعَ
ص: 75
أَهْلُ بَیْتِهِ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِی وَ عِتْرَتِی اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُمْ وَ انْصُرْهُمْ عَلَی مَنْ عَادَاهُمْ وَ قَالَ إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ بَیْتِی فِیكُمْ كَسَفِینَةِ نُوحٍ مَنْ دَخَلَ فِیهَا نَجَا وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ سَلَّمُوا عَلَیْهِ بِالْوَلَایَةِ فِی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَ حَیَاتِهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِیّاً أَوَّلُ مَنْ حَرَّمَ الشَّهَوَاتِ كُلَّهَا عَلَی نَفْسِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدِینَ- وَ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَیِّباً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (1) وَ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْمَنَایَا وَ عِلْمُ الْقَضَایَا وَ فَصْلُ الْخِطَابِ وَ رُسُوخُ الْعِلْمِ وَ مُنَزَّلُ الْقُرْآنِ وَ كَانَ فِی رَهْطٍ لَا نَعْلَمُهُمْ یَتِمُّونَ عَشَرَةً نَبَّأَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ وَ أَنْتُمْ فِی رَهْطٍ قَرِیبٍ مِنْ عِدَّةِ أُولَئِكَ لُعِنُوا عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَشْهَدُ لَكُمْ وَ أَشْهَدُ عَلَیْكُمْ أَنَّكُمْ لُعَنَاءُ اللَّهِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلَّكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله بَعَثَ إِلَیْكَ لِتَكْتُبَ لِبَنِی خُزَیْمَةَ حِینَ أَصَابَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ فَانْصَرَفَ إِلَیْهِ الرَّسُولُ فَقَالَ هُوَ یَأْكُلُ فَأَعَادَ الرَّسُولَ إِلَیْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ یَنْصَرِفُ الرَّسُولُ وَ یَقُولُ هُوَ یَأْكُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله اللَّهُمَّ لَا تُشْبِعْ بَطْنَهُ فَهِیَ وَ اللَّهِ فِی نَهْمَتِكَ وَ أَكْلِكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ(2)
ص: 76
ثُمَّ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّمَا أَقُولُ حَقّاً إِنَّكَ یَا مُعَاوِیَةُ كُنْتَ تَسُوقُ بِأَبِیكَ عَلَی جَمَلٍ أَحْمَرَ وَ یَقُودُهُ أَخُوكَ هَذَا الْقَاعِدُ وَ هَذَا یَوْمُ الْأَحْزَابِ فَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله الرَّاكِبَ وَ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ فَكَانَ أَبُوكَ الرَّاكِبَ وَ أَنْتَ یَا أَزْرَقُ السَّائِقَ وَ أَخُوكَ هَذَا الْقَاعِدُ الْقَائِدَ؟
ثُمَّ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله لَعَنَ أَبَا سُفْیَانَ فِی سَبْعَةِ مَوَاطِنَ أَوَّلُهُنَّ حِینَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ وَ أَبُو سُفْیَانَ جَاءَ مِنَ الشَّامِ فَوَقَعَ فِیهِ أَبُو سُفْیَانَ فَسَبَّهُ وَ أَوْعَدَهُ وَ هَمَّ أَنْ یَبْطِشَ بِهِ ثُمَّ صَرَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ.
وَ الثَّانِی یَوْمَ الْعِیرِ حَیْثُ طَرَدَهَا أَبُو سُفْیَانَ لِیُحْرِزَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ الثَّالِثُ یَوْمَ أُحُدٍ یَوْمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله اللَّهُ مَوْلَانَا وَ لَا مَوْلَی لَكُمْ وَ قَالَ أَبُو سُفْیَانَ لَنَا الْعُزَّی وَ لَا لَكُمُ الْعُزَّی فَلَعَنَهُ اللَّهُ وَ مَلَائِكَتُهُ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ أَجْمَعُونَ وَ الرَّابِعُ یَوْمَ حُنَیْنٍ یَوْمَ جَاءَ أَبُو سُفْیَانَ بِجَمْعِ قُرَیْشٍ وَ هَوَازِنَ وَ جَاءَ عُیَیْنَةُ بِغَطْفَانَ وَ الْیَهُودِ فَرَدَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ بِغَیْظِهِمْ لَمْ یَنالُوا خَیْراً(1) هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ
ص: 77
لَهُ فِی سُورَتَیْنِ فِی كِلْتَیْهِمَا یُسَمِّی أَبَا سُفْیَانَ وَ أَصْحَابَهُ كُفَّاراً- وَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ یَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ عَلَی رَأْیِ أَبِیكَ بِمَكَّةَ وَ عَلِیٌّ یَوْمَئِذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی رَأْیِهِ وَ دِینِهِ.
وَ الْخَامِسُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ الْهَدْیَ مَعْكُوفاً أَنْ یَبْلُغَ مَحِلَّهُ (1) وَ صَدَدْتَ أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ مُشْرِكُو قُرَیْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَلَعَنَهُ اللَّهُ لَعْنَةً شَمِلَتْهُ وَ ذُرِّیَّتَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.
وَ السَّادِسُ یَوْمَ الْأَحْزَابِ یَوْمَ جَاءَ أَبُو سُفْیَانَ بِجَمْعِ قُرَیْشٍ وَ جَاءَ عُیَیْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ بِغَطْفَانَ فَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله الْقَادَةَ وَ الْأَتْبَاعَ وَ السَّاقَةَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ مَا فِی الْأَتْبَاعِ مُؤْمِنٌ فَقَالَ لَا تُصِیبُ اللَّعْنَةُ مُؤْمِناً مِنَ الْأَتْبَاعِ وَ أَمَّا الْقَادَةُ فَلَیْسَ فِیهِمْ مُؤْمِنٌ وَ لَا مُجِیبٌ وَ لَا نَاجٍ.
وَ السَّابِعُ یَوْمَ الثَّنِیَّةِ یَوْمَ شَدَّ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا سَبْعَةٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ خَمْسَةٌ مِنْ سَائِرِ قُرَیْشٍ فَلَعَنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ رَسُولُهُ ص مَنْ حَلَّ الثَّنِیَّةَ غَیْرَ النَّبِیِّ وَ سَائِقِهِ وَ قَائِدِهِ ثُمَّ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ دَخَلَ عَلَی عُثْمَانَ حِینَ بُویِعَ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا ابْنَ أَخِی هَلْ عَلَیْنَا مِنْ عَیْنٍ فَقَالَ لَا فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ تَدَاوَلُوا الْخِلَافَةَ فِتْیَانَ بَنِی أُمَیَّةَ فَوَ الَّذِی نَفْسُ أَبِی سُفْیَانَ بِیَدِهِ مَا مِنْ جَنَّةٍ وَ لَا نَارٍ(2)
وَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ أَخَذَ بِیَدِ الْحُسَیْنِ حِینَ بُویِعَ عُثْمَانُ وَ قَالَ یَا ابْنَ أَخِی اخْرُجْ مَعِی إِلَی بَقِیعِ الْغَرْقَدِ فَخَرَجَ حَتَّی إِذَا تَوَسَّطَ الْقُبُورَ اجْتَرَّهُ فَصَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا أَهْلَ الْقُبُورِ الَّذِی كُنْتُمْ تُقَاتِلُونَا عَلَیْهِ صَارَ بِأَیْدِینَا وَ أَنْتُمْ رَمِیمٌ فَقَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ قَبَّحَ اللَّهُ شَیْبَتَكَ وَ قَبَّحَ وَجْهَكَ ثُمَّ نَتَرَ یَدَهُ وَ تَرَكَهُ فَلَوْ لَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِیرٍ أَخَذَ بِیَدِهِ وَ رَدَّهُ إِلَی الْمَدِینَةِ لَهَلَكَ (3)
ص: 78
فَهَذَا لَكَ یَا مُعَاوِیَةُ فَهَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَرُدَّ عَلَیْنَا شَیْئاً.
وَ مِنْ لَعْنَتِكَ یَا مُعَاوِیَةُ أَنَّ أَبَاكَ أَبَا سُفْیَانَ كَانَ یَهُمُّ أَنْ یُسْلِمَ فَبَعَثْتَ إِلَیْهِ بِشِعْرٍ مَعْرُوفٍ مَرْوِیٍّ فِی قُرَیْشٍ عِنْدَهُمْ تَنْهَاهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ تَصُدُّهُ وَ مِنْهَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَلَّاكَ الشَّامَ فَخُنْتَ بِهِ وَ وَلَّاكَ عُثْمَانُ فَتَرَبَّصْتَ بِهِ رَیْبَ الْمَنُونِ ثُمَّ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّكَ قَاتَلْتَ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ عَرَفْتَ سَوَابِقَهُ وَ فَضْلَهُ وَ عِلْمَهُ عَلَی أَمْرٍ هُوَ أَوْلَی بِهِ مِنْكَ وَ مِنْ غَیْرِكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ النَّاسِ وَ لَا دَنِیَّةَ بَلْ أَوْطَأْتَ النَّاسَ عَشْوَةً وَ أَرَقْتَ دِمَاءَ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ بِخَدْعِكَ وَ كَیْدِكَ وَ تَمْوِیهِكَ فِعْلَ مَنْ لَا یُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ وَ لَا یَخْشَی الْعِقَابَ فَلَمَّا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ صِرْتَ إِلَی شَرِّ مَثْوًی وَ عَلِیٌّ إِلَی خَیْرِ مُنْقَلَبٍ وَ اللَّهُ لَكَ بِالْمِرْصَادِ فَهَذَا لَكَ یَا مُعَاوِیَةُ خَاصَّةً وَ مَا أَمْسَكْتُ عَنْهُ مِنْ مَسَاوِیكَ وَ عُیُوبِكَ فَقَدْ كَرِهْتُ بِهِ التَّطْوِیلَ وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ فَلَمْ تَكُنْ حَقِیقاً لِحُمْقِكَ أَنْ تَتَبَّعَ هَذِهِ الْأُمُورَ فَإِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الْبَعُوضَةِ إِذْ قَالَتْ لِلنَّخْلَةِ اسْتَمْسِكِی فَإِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَنْزِلَ عَنْكَ فَقَالَتْ لَهَا النَّخْلَةُ مَا شَعَرْتُ بِوُقُوعِكَ فَكَیْفَ یَشُقُّ عَلَیَّ نُزُولُكَ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا شَعَرْتُ أَنَّكَ تُحْسِنُ أَنْ تُعَادِیَ لِی فَیَشُقَّ عَلَیَّ ذَلِكَ وَ إِنِّی لَمُجِیبُكَ فِی الَّذِی قُلْتَ.
إِنَّ سَبَّكَ عَلِیّاً أَ بِنَقْصٍ فِی حَسَبِهِ أَوْ تَبَاعُدِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ بِسُوءِ بَلَاءٍ فِی الْإِسْلَامِ أَوْ بِجَوْرٍ فِی حُكْمٍ أَوْ رَغْبَةٍ فِی الدُّنْیَا فَإِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً مِنْهَا فَقَدْ كَذَبْتَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ لَكُمْ فِینَا تِسْعَةَ عَشَرَ دَماً بِقَتْلَی مُشْرِكِی بَنِی أُمَیَّةَ بِبَدْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ قَتَلَهُمْ وَ لَعَمْرِی لَیُقْتَلَنَّ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ تِسْعَةَ عَشَرَ وَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ تِسْعَةَ عَشَرَ ثُمَّ یُقْتَلُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ وَ تِسْعَةَ عَشَرَ فِی مَوْطِنٍ وَاحِدٍ سِوَی مَا قُتِلَ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ لَا یُحْصِی عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ.
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قَالَ إِذَا بَلَغَ وُلْدُ الْوَزَغِ ثَلَاثِینَ رَجُلًا أَخَذُوا مَالَ اللَّهِ بَیْنَهُمْ دُوَلًا وَ عِبَادَهُ خَوَلًا وَ كِتَابَهُ دَغَلًا فَإِذَا بَلَغُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَ عَشْراً حَقَّتْ
ص: 79
عَلَیْهِمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ فَإِذَا بَلَغُوا أَرْبَعَمِائَةٍ وَ خَمْسَةً وَ سَبْعِینَ كَانَ هَلَاكُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ لَوْكِ تَمْرَةٍ فَأَقْبَلَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِی الْعَاصِ وَ هُمْ فِی ذَلِكَ الذِّكْرِ وَ الْكَلَامِ فَقَالَ [قَالَ] رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله اخْفِضُوا أَصْوَاتَكُمْ (1) فَإِنَّ الْوَزَغَ یَسْمَعُ وَ ذَلِكَ حِینَ رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ مَنْ یَمْلِكُ بَعْدَهُ مِنْهُمْ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ یَعْنِی فِی الْمَنَامِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَ شَقَّ عَلَیْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فَأَشْهَدُ لَكُمْ وَ أَشْهَدُ عَلَیْكُمْ مَا سُلْطَانُكُمْ بَعْدَ قَتْلِ عَلِیٍّ إِلَّا أَلْفَ شَهْرٍ الَّتِی أَجَّلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الشَّانِئِ اللَّعِینِ الْأَبْتَرِ فَإِنَّمَا أَنْتَ كَلْبٌ أَوَّلُ أَمْرِكَ أُمُّكَ لَبَغِیَّةٌ وَ إِنَّكَ وُلِدْتَ عَلَی فِرَاشٍ مُشْتَرَكٍ فَتَحَاكَمَتْ فِیكَ رِجَالُ قُرَیْشٍ مِنْهُمْ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ الْوَلِیدُ بْنُ الْمُغِیرَةِ وَ عُثْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ وَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ كُلُّهُمْ یَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُهُ فَغَلَبَهُمْ عَلَیْكَ مِنْ بَیْنِ قُرَیْشٍ أَلْأَمُهُمْ حَسَباً وَ أَخْبَثُهُمْ مَنْصَباً وَ أَعْظَمُهُمْ بُغْیَةً ثُمَّ قُمْتَ خَطِیباً وَ قُلْتَ أَنَا شَانِئُ مُحَمَّدٍ وَ قَالَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ إِنَّ مُحَمَّداً رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا وَلَدَ لَهُ فَلَوْ قَدْ مَاتَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فَكَانَتْ أُمُّكَ تَمْشِی إِلَی عَبْدِ قَیْسٍ لِطَلَبِ الْبَغْیَةِ تَأْتِیهِمْ فِی دُورِهِمْ وَ رِحَالِهِمْ وَ بُطُونِ أَوْدِیَتِهِمْ ثُمَّ كُنْتَ فِی كُلِّ مَشْهَدٍ یَشْهَدُ رَسُولُ اللَّهِ عَدُوَّهُ أَشَدَّهُمْ لَهُ عَدَاوَةً وَ أَشَدَّهُمْ لَهُ تَكْذِیباً ثُمَّ كُنْتَ فِی أَصْحَابِ السَّفِینَةِ الَّذِینَ أَتَوُا النَّجَاشِیَّ وَ الْمِهْرَجِ الْخَارِجِ إِلَی الْحَبَشَةِ فِی الْإِشَاطَةِ بِدَمِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ سَائِرِ الْمُهَاجِرِینَ إِلَی النَّجَاشِیِّ فَحَاقَ الْمَكْرُ السَّیِّئُ بِكَ وَ جَعَلَ جَدَّكَ الْأَسْفَلَ وَ أَبْطَلَ أُمْنِیَّتَكَ وَ خَیَّبَ سَعْیَكَ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكَ وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِینَ كَفَرُوا السُّفْلی وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِیَ الْعُلْیا وَ أَمَّا قَوْلُكَ فِی عُثْمَانَ فَأَنْتَ یَا قَلِیلَ الْحَیَاءِ وَ الدِّینِ أَلْهَبْتَ عَلَیْهِ نَاراً ثُمَّ هَرَبْتَ إِلَی فِلَسْطِینَ تَتَرَبَّصُ بِهِ الدَّوَائِرَ فَلَمَّا أَتَتْكَ خَبَرُ قَتْلِهِ حَبَسْتَ نَفْسَكَ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَبِعْتَهُ دِینَكَ یَا خَبِیثُ بِدُنْیَا غَیْرِكَ وَ لَسْنَا نَلُومُكَ عَلَی بُغْضِنَا وَ لَا نُعَاتِبُكَ عَلَی حُبِّنَا وَ أَنْتَ عَدُوٌّ لِبَنِی
ص: 80
هَاشِمٍ فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ الْإِسْلَامِ وَ قَدْ هَجَوْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله بِسَبْعِینَ بَیْتاً مِنْ شِعْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله اللَّهُمَّ إِنِّی لَا أُحْسِنُ الشِّعْرَ وَ لَا یَنْبَغِی لِی أَنْ أَقُولَهُ فَالْعَنْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِكُلِّ بَیْتٍ أَلْفَ لَعْنَةٍ ثُمَّ أَنْتَ یَا عَمْرُو الْمُؤْثِرُ دُنْیَا غَیْرِكَ عَلَی دِینِكَ أَهْدَیْتَ إِلَی النَّجَاشِیِّ الْهَدَایَا وَ رَحَلْتَ إِلَیْهِ رِحْلَتَكَ الثَّانِیَةَ وَ لَمْ تَنْهَكَ الْأُولَی عَنِ الثَّانِیَةِ كُلَّ ذَلِكَ تَرْجِعُ مَغْلُولًا حَسِیراً تُرِیدُ بِذَلِكَ هَلَاكَ جَعْفَرٍ وَ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا أَخْطَأَكَ مَا رَجَوْتَ وَ أَمَّلْتَ أَحَلْتَ عَلَی صَاحِبِكَ عُمَارَةَ بْنِ الْوَلِیدِ وَ أَمَّا أَنْتَ یَا وَلِیدَ بْنَ عُقْبَةَ فَوَ اللَّهِ مَا أَلُومُكَ أَنْ تُبْغِضَ عَلِیّاً وَ قَدْ جَلَدَكَ فِی الْخَمْرِ ثَمَانِینَ وَ قَتَلَ أَبَاكَ صَبْراً بِیَدِهِ یَوْمَ بَدْرٍ أَمْ كَیْفَ تَسُبُّهُ فَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ مُؤْمِناً فِی عَشْرِ آیَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَ سَمَّاكَ فَاسِقاً وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ (1) وَ قَوْلُهُ إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا أَنْ تُصِیبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلی ما فَعَلْتُمْ نادِمِینَ (2) وَ مَا أَنْتَ وَ ذِكْرَ قُرَیْشٍ وَ إِنَّمَا أَنْتَ ابْنُ عَلِیجٍ مِنْ أَهْلِ صَفُّورِیَةَ یُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ (3)
وَ أَمَّا زَعْمُكَ أَنَّا قَتَلْنَا عُثْمَانَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَطَاعَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَائِشَةُ أَنْ یَقُولُوا ذَلِكَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَكَیْفَ تَقُولُهُ أَنْتَ وَ لَوْ سَأَلْتَ أُمَّكَ مَنْ أَبُوكَ إِذْ
ص: 81
تَرَكَتْ ذَكْوَانَ فَأَلْصَقَتْكَ بِعُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ اكْتَسَتْ بِذَلِكَ عِنْدَ نَفْسِهَا سَنَاءً وَ رِفْعَةً مَعَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ وَ لِأَبِیكَ وَ أُمِّكَ مِنَ الْعَارِ وَ الْخِزْیِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ ثُمَّ أَنْتَ یَا وَلِیدُ وَ اللَّهِ أَكْبَرُ فِی الْمِیلَادِ مِمَّنْ تَدَّعِی لَهُ النَّسَبَ فَكَیْفَ تَسُبُّ عَلِیّاً وَ لَوِ اشْتَغَلْتَ بِنَفْسِكَ لَبَیَّنْتَ نَسَبَكَ إِلَی أَبِیكَ- لَا إِلَی مَنْ تَدَّعِی لَهُ وَ لَقَدْ قَالَتْ لَكَ أُمُّكَ یَا بُنَیَّ أَبُوكَ وَ اللَّهِ أَلْأَمُ وَ أَخْبَثُ مِنْ عُقْبَةَ وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عُتْبَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِحَصِیفٍ فَأُجَاوِبَكَ وَ لَا عَاقِلٍ فَأُعَاتِبَكَ وَ مَا عِنْدَكَ خَیْرٌ یُرْجَی وَ لَا شَرٌّ یُخْشَی وَ مَا كُنْتُ وَ لَوْ سَبَبْتَ عَلِیّاً لِأَغَارَ بِهِ عَلَیْكَ لِأَنَّكَ عِنْدِی لَسْتَ بِكُفْوٍ لِعَبْدِ عَبْدِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَرُدَّ عَلَیْكَ وَ أُعَاتِبَكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَكَ وَ لِأَبِیكَ وَ أُمِّكَ وَ أَخِیكَ بِالْمِرْصَادِ فَأَنْتَ ذُرِّیَّةُ آبَائِكَ الَّذِینَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِی الْقُرْآنِ فَقَالَ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلی ناراً حامِیَةً- تُسْقی مِنْ عَیْنٍ آنِیَةٍ إِلَی قَوْلِهِ مِنْ جُوعٍ (1) وَ أَمَّا وَعِیدُكَ إِیَّایَ بِقَتْلِی فَهَلَّا قَتَلْتَ الَّذِی وَجَدْتَهُ عَلَی فِرَاشِكَ مَعَ حَلِیلَتِكَ وَ قَدْ غَلَبَكَ عَلَی فَرْجِهَا وَ شَرِكَكَ فِی وَلَدِهَا حَتَّی أَلْصَقَ بِكَ وَلَداً لَیْسَ لَكَ (2)
وَیْلًا لَكَ لَوْ شَغَلْتَ نَفْسَكَ بِطَلَبِ ثَأْرِكَ مِنْهُ كُنْتَ جَدِیراً وَ بِذَلِكَ حَرِیّاً إِذْ تُسَوِّمُنِی الْقَتْلَ وَ تَوَعَّدُنِی بِهِ- وَ لَا أَلُومُكَ أَنْ تَسُبَّ عَلِیّاً وَ قَدْ قَتَلَ أَخَاكَ مُبَارَزَةً وَ اشْتَرَكَ هُوَ وَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِی قَتْلِ جَدِّكَ حَتَّی أَصْلَاهُمَا اللَّهُ عَلَی أَیْدِیهِمَا نَارَ جَهَنَّمَ وَ أَذَاقَهُمَا الْعَذَابَ
ص: 82
الْأَلِیمَ وَ نُفِیَ عَمُّكَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1)
وَ أَمَّا رَجَائِی الْخِلَافَةَ فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَئِنْ رَجَوْتُهَا فَإِنَّ لِی فِیهَا لَمُلْتَمَساً وَ مَا أَنْتَ بِنَظِیرِ أَخِیكَ وَ لَا خَلِیفَةَ أَبِیكَ لِأَنَّ أَخَاكَ أَكْثَرُ تَمَرُّداً عَلَی اللَّهِ وَ أَشَدُّ طَلَباً لِإِرَاقَةِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ وَ طَلَبِ مَا لَیْسَ لَهُ بِأَهْلٍ یُخَادِعُ النَّاسَ وَ یَمْكُرُهُمْ وَ یَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیْرُ الْماكِرِینَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عَلِیّاً كَانَ شَرَّ قُرَیْشٍ لِقُرَیْشٍ فَوَ اللَّهِ مَا حَقَّرَ مَرْحُوماً وَ لَا قَتَلَ مَظْلُوماً وَ أَمَّا أَنْتَ یَا مُغِیرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَإِنَّكَ لِلَّهِ عَدُوٌّ وَ لِكِتَابِهِ نَابِذٌ وَ لِنَبِیِّهِ مُكَذِّبٌ وَ أَنْتَ الزَّانِی وَ قَدْ وَجَبَ عَلَیْكَ الرَّجْمُ وَ شَهِدَ عَلَیْكَ الْعُدُولُ الْبَرَرَةُ الْأَتْقِیَاءُ فَأُخِّرَ رَجْمُكَ وَ دُفِعَ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ وَ الصِّدْقُ بِالْأَغَالِیطِ وَ ذَلِكَ لِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِیمِ وَ الْخِزْیِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزی (2) وَ أَنْتَ ضَرَبْتَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أَدْمَیْتَهَا وَ أَلْقَتْ مَا فِی بَطْنِهَا اسْتِذْلَالًا مِنْكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُخَالَفَةً مِنْكَ لِأَمْرِهِ وَ انْتِهَاكاً لِحُرْمَتِهِ وَ قَدْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله أَنْتِ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ اللَّهُ مُصَیِّرُكَ إِلَی النَّارِ وَ جَاعِلُ وَبَالِ مَا نَطَقْتَ بِهِ عَلَیْكَ فَبِأَیِّ الثَّلَاثَةِ(3) سَبَبْتَ عَلِیّاً أَ نَقْصاً مِنْ حَسَبِهِ أَمْ بُعْداً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمْ سُوءَ
ص: 83
بَلَاءٍ فِی الْإِسْلَامِ أَمْ جَوْراً فِی حُكْمٍ أَمْ رَغْبَةً فِی الدُّنْیَا إِنْ قُلْتَ بِهَا فَقَدْ كَذَبْتَ وَ كَذَّبَكَ النَّاسُ.
أَ تَزْعُمُ أَنَّ عَلِیّاً قَتَلَ عُثْمَانَ مَظْلُوماً- فَعَلِیٌّ وَ اللَّهِ أَتْقَی وَ أَنْقَی مِنْ لَائِمِهِ فِی ذَلِكَ وَ لَعَمْرِی إِنْ كَانَ عَلِیّاً قَتَلَ عُثْمَانَ مَظْلُوماً فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ فِی شَیْ ءٍ فَمَا نَصَرْتَهُ حَیّاً وَ لَا تَعَصَّبْتَ لَهُ مَیِّتاً وَ مَا زَالَتِ الطَّائِفُ دَارَكَ تَتَبَّعُ الْبَغَایَا وَ تُحْیِی أَمْرَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ تُمِیتُ الْإِسْلَامَ حَتَّی كَانَ فِی أَمْسِ [مَا كَانَ] وَ أَمَّا اعْتِرَاضُكَ فِی بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی أُمَیَّةَ فَهُوَ ادِّعَاؤُكَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ فِی شَأْنِ الْإِمَارَةِ وَ قَوْلُ أَصْحَابِكَ فِی الْمُلْكِ الَّذِی مَلَكْتُمُوهُ فَقَدْ مَلِكَ فِرْعَوْنُ مِصْرَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ مُوسَی وَ هَارُونُ علیهما السلام نَبِیَّانِ مُرْسَلَانِ یَلْقَیَانِ مَا یَلْقَیَانِ وَ هُوَ مُلْكُ اللَّهِ یُعْطِیهِ الْبَرَّ وَ الْفَاجِرَ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ (1) وَ قَالَ وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْیَةً أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِیراً(2)
ثُمَّ قَامَ الْحَسَنُ علیه السلام فَنَفَضَ ثِیَابَهُ وَ هُوَ یَقُولُ الْخَبِیثاتُ لِلْخَبِیثِینَ وَ الْخَبِیثُونَ لِلْخَبِیثاتِ هُمْ وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ هَؤُلَاءِ وَ شِیعَتُكَ- وَ الطَّیِّباتُ لِلطَّیِّبِینَ وَ الطَّیِّبُونَ لِلطَّیِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا یَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِیمٌ (3) هُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ أَصْحَابُهُ وَ شِیعَتُهُ ثُمَّ خَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ ذُقْ وَبَالَ مَا كَسَبَتْ یَدَاكَ وَ مَا جَنَیْتَ وَ مَا قَدْ أَعَدَّاللَّهُ لَكَ وَ لَهُمْ مِنَ الْخِزْیِ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَ الْعَذَابِ الْأَلِیمِ فِی الْآخِرَةِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لِأَصْحَابِهِ وَ أَنْتُمْ فَذُوقُوا وَبَالَ مَا قَدْ جَنَیْتُمْ فَقَالَ لَهُ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ اللَّهِ مَا ذُقْنَا إِلَّا كَمَا ذُقْتَ وَ لَا اجْتَرَأَ إِلَّا عَلَیْكَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّكُمْ لَنْ تَنْتَصِفُوا مِنَ الرَّجُلِ فَهَلْ (4) أَطَعْتُمُونِی أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوِ انْتَصَرْتُمْ مِنَ الرَّجُلِ
ص: 84
إِذْ فَضَحَكُمْ وَ اللَّهِ مَا قَامَ حَتَّی أَظْلَمَ عَلَیَّ الْبَیْتَ وَ هَمَمْتُ أَنْ أَسْطُوَ بِهِ فَلَیْسَ فِیكُمْ خَیْرٌ الْیَوْمَ.
وَ لَا بَعْدَ الْیَوْمِ قَالَ وَ سَمِعَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِمَا لَقِیَ مُعَاوِیَةُ وَ أَصْحَابُهُ الْمَذْكُورُونَ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَأَتَاهُمْ فَوَجَدَهُمْ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ فِی الْبَیْتِ فَسَأَلَهُمْ مَا الَّذِی بَلَغَنِی عَنِ الْحَسَنِ وَ زَعَلِهِ قَالُوا قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُمْ مَرْوَانُ فَهَلَّا أَحْضَرْتُمُونِی ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ لَأَسُبَّنَّهُ وَ لَأَسُبَّنَّ أَبَاهُ وَ أَهْلَ الْبَیْتِ سَبّاً تُغَنِّی بِهِ الْإِمَاءُ وَ الْعَبِیدُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ الْقَوْمُ لَمْ یَفُتْكَ شَیْ ءٌ وَ هُمْ یَعْلَمُونَ مِنْ مَرْوَانَ بَذْرَ لِسَانٍ وَ فُحْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ فَأَرْسِلْ إِلَیْهِ یَا مُعَاوِیَةُ فَأَرْسَلَ مُعَاوِیَةُ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام مَا یُرِیدُ هَذَا الطَّاغِیَةُ مِنِّی وَ اللَّهِ لَئِنْ أَعَادَ الْكَلَامَ لَأُوقِرَنَّ مَسَامِعَهُ مَا یَبْقَی عَلَیْهِ عَارُهُ وَ شَنَارُهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ علیه السلام فَلَمَّا أَنْ جَاءَهُمْ وَجَدَهُمْ بِالْمَجْلِسِ عَلَی حَالَتِهِمُ الَّتِی تَرَكَهُمْ فِیهَا غَیْرَ أَنَّ مَرْوَانَ قَدْ حَضَرَ مَعَهُمْ فِی هَذَا الْوَقْتِ فَمَشَی الْحَسَنُ علیه السلام حَتَّی جَلَسَ عَلَی السَّرِیرِ مَعَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ لِمُعَاوِیَةَ لِمَ أَرْسَلْتَ إِلَیَّ قَالَ لَسْتُ أَنَا أَرْسَلْتُ إِلَیْكَ وَ لَكِنْ مَرْوَانُ الَّذِی أَرْسَلَ إِلَیْكَ فَقَالَ مَرْوَانُ أَنْتَ یَا حَسَنُ السَّبَّابُ رِجَالَ قُرَیْشٍ فَقَالَ وَ مَا الَّذِی أَرَدْتَ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأَسُبَّنَّكَ وَ أَبَاكَ وَ أَهْلَ بَیْتِكَ سَبّاً تُغَنِّی بِهِ الْإِمَاءُ وَ الْعَبِیدُ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَّا أَنْتَ یَا مَرْوَانُ فَلَسْتُ أَنَا سَبَبْتُكَ وَ لَا سَبَبْتُ أَبَاكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَعَنَكَ وَ لَعَنَ أَبَاكَ وَ أَهْلَ بَیْتِكَ وَ ذُرِّیَّتَكَ وَ مَا خَرَجَ مِنْ صُلْبِ أَبِیكَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله (1)
ص: 85
وَ اللَّهِ یَا مَرْوَانُ مَا تُنْكِرُ أَنْتَ وَ لَا أَحَدٌ مِمَّنْ حَضَرَ هَذِهِ اللَّعْنَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَكَ وَ لِأَبِیكَ مِنْ قَبْلِكَ وَ مَا زَادَكَ اللَّهُ یَا مَرْوَانُ بِمَا خَوَّفَكَ إِلَّا طُغْیَاناً كَبِیراً صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ یَقُولُ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً كَبِیراً(1)
وَ أَنْتَ یَا مَرْوَانُ وَ ذُرِّیَّتُكَ الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِی الْقُرْآنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَثَبَ مُعَاوِیَةُ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی فَمِ الْحَسَنِ وَ قَالَ یَا بَا مُحَمَّدٍ مَا كُنْتَ فَحَّاشاً فَنَفَضَ الْحَسَنُ علیه السلام ثَوْبَهُ وَ قَامَ وَ خَرَجَ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ عَنِ الْمَجْلِسِ بِغَیْظٍ وَ حُزْنٍ وَ سَوَادِ الْوُجُوهِ (2).
بیان: فقصرنا به علی بناء المجرد و الباء للتعدیة أی أظهرنا أنه قاصر عن بلوغ الكمال أو مقصر قوله حتی صدق لك فیه علی بناء المجهول و یحتمل المعلوم.
و قال الفیروزآبادی الجناب الفناء و الرحل و الناحیة و بالضم ذات الجنب و بالكسر فرس طوع الجناب سلس القیاد و لج فی جناب قبیح بالكسر أی مجانبة أهله.
قوله یتسامی من السمو بمعنی الرفعة قوله فبئس كرامة اللّٰه أی فبئس ما رعوها قوله لا فی قدحة زندك القدحة بالكسر اسم من اقتداح النار و بالفتح للمرة و هی كنایة عن التدبیر فی الملك و استخراج الأمور بالنظر و رجحة المیزان كنایة عن كونه أفضل من غیره فی الكمالات قوله من دب بعیب عثمان أی مشی به كنایة عن السعی فی إظهاره و الخطر بالتحریك العوض و المثل و المثاورة المواثبة و المنازعة و یقال خیموا بالمكان أی أقاموا.
ص: 86
قوله علیه السلام قریظة و بنی النضیر هذا إشارة إلی غزوة خیبر و فیه إشكالان أحدهما أن قریظة و النضیر كانا من یهود المدینة إلا أن یقال لعل بعضهم لحقوا خیبرا و الثانی أن سعد بن معاذ جرح یوم الأحزاب و مات بعد الحكم فی بنی قریظة و لم یبق إلی غزوة خیبر و الظاهر أنه علیه السلام كان أشار إلی ما ظهر منه علیه السلام فی تلك الوقائع جمیعا فاشتبه علی الراوی قوله علیه السلام و لم یثن أی لم یعطف الرایة و لم یردها.
و قال الفیروزآبادی الغرقد شجر عظام أو هی العوسج إذا عظم و بها سموا و بقیع الغرقد مقبرة المدینة لأنه كان منبتها انتهی و النتر جذب فیه قوة و جفوة و ریب المنون حوادث الدهر أو الموت و قال الجوهری العشوة أن تركب أمرا علی غیر بیان (1) یقال أوطأتنی عشوة و عشوة و عشوة أی أمرا ملتبسا انتهی و اللوك أهون المضغ أو مضغ صلب.
قوله علیه السلام و المهرج قال الفیروزآبادی هرج الناس یهرجون وقعوا فی فتنة و اختلاط و قتل و الفرس جری و إنه لمهرج كمنبر و فی بعض النسخ و المهجر فیكون عطفا علی النجاشی بأن یكون مصدرا میمیا أی أهل الهجرة و یقال أشاط بدمه و أشاط دمه أی عرضه للقتل قوله علیه السلام و جعل جدك بالكسر أی اجتهادك و سعیك أو بالفتح و هو الحظ و البخت.
و قال الجزری فلسطین بكسر الفاء و فتح اللام الكورة المعروفة ما بین الأردن و دیار مصر و أم بلادها بیت المقدس و الدوائر صروف الزمان و حوادث الدهر و العواقب المذمومة ذكرها فی مجمع البیان قوله علیه السلام و لو سألت لو للتمنی قوله علیه السلام أكبر فی المیلاد أی كنت أكبر سنا من
ص: 87
عقبة فكیف تكون ابنه أو أنت أكبر من أن تكون ابنه فإنه فی وقت میلادك لم یكن فی سن الرجال و الحصیف المحكم العقل.
قوله علیه السلام علی أیدیهما أی كانا هما الباعثان علی ذلك حیث اختارا المقاتلة و كأنه كان یدیه فصحف قوله فبأی الثلاثة الظاهر فبأی الخمسة و یمكن أن یقال علی الثلاثة الأخیرة واحدا لتقاربها أو الأولین واحدا و كذا الآخرین أو یقال أنه علیه السلام بعد ذكر الثلاثة ذكر أمرین آخرین.
قوله علیه السلام فما زالت الطائف دارك أی كنت دائما فی الطائف تتبع الزوانی عند تلك الحروب و الغزوات حتی جئت منه أمس (1)
و المراد بالأمس الزمان القریب مجازا قوله فهو ادعاؤك إلی معاویة یحتمل أن یكون إلی بمعنی مع أی لا یدعی هذا إلا أنت و معاویة و یحتمل أن یكون علی التضمین أی داعیا أو منتمیا إلی معاویة و لا یبعد أن یكون أصله دعاؤك فزیدت الهمزة من النساخ و الزعل بالتحریك النشاط.
«2»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ لِمُعَاوِیَةَ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ رَجُلٌ عَیِیٌ (2) وَ إِنَّهُ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ رَمَقُوهُ بِأَبْصَارِهِمْ خَجِلَ وَ انْقَطَعَ لَوْ أَذِنْتَ لَهُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَوْ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ وَ وَعَظْتَنَا- فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ ابْنُ سَیِّدَةِ النِّسَاءِ- فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا ابْنُ نَبِیِّ اللَّهِ أَنَا ابْنُ السِّرَاجِ
ص: 88
الْمُنِیرِ أَنَا ابْنُ الْبَشِیرِ النَّذِیرِ أَنَا ابْنُ مَنْ بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ أَنَا ابْنُ مَنْ بُعِثَ إِلَی الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَنَا ابْنُ خَیْرِ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا ابْنُ صَاحِبِ الْفَضَائِلِ أَنَا ابْنُ صَاحِبِ الْمُعْجِزَاتِ وَ الدَّلَائِلِ أَنَا ابْنُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا الْمَدْفُوعُ عَنْ حَقِّی أَنَا وَاحِدُ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَا ابْنُ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ أَنَا ابْنُ مَكَّةَ وَ مِنًی أَنَا ابْنُ الْمَشْعَرِ وَ عَرَفَاتٍ فَاغْتَاظَ مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ خُذْ فِی نَعْتِ الرُّطَبِ وَ دَعْ ذَا فَقَالَ الرِّیحُ تَنْفُخُهُ وَ الْحَرُّ یُنْضِجُهُ وَ بَرْدُ اللَّیْلِ یُطَیِّبُهُ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ أَنَا ابْنُ الشَّفِیعِ الْمُطَاعِ أَنَا ابْنُ مَنْ قَاتَلَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ أَنَا ابْنُ مَنْ خَضَعَتْ لَهُ قُرَیْشٌ أَنَا ابْنُ إِمَامِ الْخَلْقِ وَ ابْنُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَشِیَ مُعَاوِیَةُ أَنْ یَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ فَقَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ انْزِلْ فَقَدْ كَفَی مَا جَرَی فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ ظَنَنْتُ أَنْ سَتَكُونُ خَلِیفَةً وَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام إِنَّمَا الْخَلِیفَةُ مَنْ سَارَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ لَیْسَ الْخَلِیفَةُ مَنْ سَارَ بِالْجَوْرِ وَ عَطَّلَ السُّنَّةَ وَ اتَّخَذَ الدُّنْیَا أَباً وَ أُمّاً مَلِكَ مُلْكاً مُتِّعَ بِهِ قَلِیلًا ثُمَّ تَنْقَطِعُ لَذَّتُهُ وَ تَبْقَی تَبِعَتُهُ وَ حَضَرَ الْمَحْفِلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ كَانَ شَابّاً فَأَغْلَظَ لِلْحَسَنِ كَلَامَهُ وَ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِی السَّبِّ وَ الشَّتْمِ لَهُ وَ لِأَبِیهِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام اللَّهُمَّ غَیِّرْ مَا بِهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَ اجْعَلْهُ أُنْثَی لِیُعْتَبَرَ بِهِ فَنَظَرَ الْأُمَوِیُّ فِی نَفْسِهِ وَ قَدْ صَارَ امْرَأَةً قَدْ بَدَّلَ اللَّهُ لَهُ فَرْجَهُ بِفَرْجِ النِّسَاءِ وَ سَقَطَتْ لِحْیَتُهُ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام اعْزُبِی مَا لَكِ وَ مَحْفِلَ الرِّجَالِ فَإِنَّكِ امْرَأَةٌ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ علیه السلام سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ نَفَضَ ثَوْبَهُ وَ نَهَضَ لِیَخْرُجَ فَقَالَ ابْنُ الْعَاصِ اجْلِسْ فَإِنِّی أَسْأَلُكَ مَسَائِلَ قَالَ علیه السلام سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ عَمْرٌو أَخْبِرْنِی عَنِ الْكَرَمِ وَ النَّجْدَةِ وَ الْمُرُوءَةِ فَقَالَ علیه السلام أَمَّا الْكَرَمُ فَالتَّبَرُّعُ بِالْمَعْرُوفِ وَ الْإِعْطَاءُ قَبْلَ السُّؤَالِ وَ أَمَّا النَّجْدَةُ فَالذَّبُّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَ الصَّبْرُ فِی الْمَوَاطِنِ
ص: 89
عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَ أَمَّا الْمُرُوءَةُ فَحِفْظُ الرَّجُلِ دِینَهُ وَ إِحْرَازُهُ نَفْسَهُ مِنَ الدَّنَسِ وَ قِیَامُهُ بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ وَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ فَخَرَجَ فَعَذَلَ مُعَاوِیَةُ عَمْراً فَقَالَ أَفْسَدْتَ أَهْلَ الشَّامِ فَقَالَ عَمْرٌو إِلَیْكَ عَنِّی إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمْ یُحِبُّوكَ مَحَبَّةَ إِیمَانٍ وَ دِینٍ إِنَّمَا أَحَبُّوكَ لِلدُّنْیَا یَنَالُونَهَا مِنْكَ وَ السَّیْفُ وَ الْمَالُ بِیَدِكَ فَمَا یُغْنِی عَنِ الْحَسَنِ كَلَامُهُ ثُمَّ شَاعَ أَمْرُ الشَّابِّ الْأُمَوِیِّ وَ أَتَتْ زَوْجَتُهُ إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام فَجَعَلَتْ تَبْكِی وَ تَتَضَرَّعُ فرقا [فَرَقَ] لَهُ وَ دَعَا فَجَعَلَهُ اللَّهُ كَمَا كَانَ.
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب إِسْمَاعِیلُ بْنُ أَبَانٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام: أَنَّهُ مَرَّ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ بِحَلْقَةٍ فِیهَا قَوْمٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ فَتَغَامَزُوا بِهِ وَ ذَلِكَ عِنْدَ مَا تَغَلَّبَ مُعَاوِیَةُ عَلَی ظَاهِرِ أَمْرِهِ فَرَآهُمْ وَ تَغَامُزَهُمْ بِهِ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ قَالَ قَدْ رَأَیْتُ تَغَامُزَكُمْ أَمَا وَ اللَّهِ لَا تَمْلِكُونَ یَوْماً إِلَّا مَلَكْنَا یَوْمَیْنِ وَ لَا شَهْراً إِلَّا مَلَكْنَا شَهْرَیْنِ وَ لَا سَنَةً إِلَّا مَلَكْنَا سَنَتَیْنِ وَ إِنَّا لَنَأْكُلُ فِی سُلْطَانِكُمْ وَ نَشْرَبُ وَ نَلْبَسُ وَ نَنْكِحُ وَ نَرْكَبُ وَ أَنْتُمْ لَا تَأْكُلُونَ فِی سُلْطَانِنَا وَ لَا تَشْرَبُونَ وَ لَا تَنْكِحُونَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فَكَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَ أَنْتُمْ أَجْوَدُ النَّاسِ وَ أَرْأَفُهُمْ وَ أَرْحَمُهُمْ تَأْمَنُونَ فِی سُلْطَانِ الْقَوْمِ وَ لَا یَأْمَنُونَ فِی سُلْطَانِكُمْ فَقَالَ لِأَنَّهُمْ عَادُونَا بِكَیْدِ الشَّیْطَانِ وَ كَیْدُ الشَّیْطَانِ ضَعِیفٌ وَ عَادَیْنَاهُمْ بِكَیْدِ اللَّهِ وَ كَیْدُ اللَّهِ شَدِیدٌ(1).
«4»- ج، [الإحتجاج] رَوَی الشَّعْبِیُّ: أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَدِمَ الْمَدِینَةَ فَقَامَ خَطِیباً فَنَالَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِنَّهُ لَمْ یُبْعَثْ نَبِیٌّ إِلَّا جُعِلَ لَهُ وَصِیٌّ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَمْ یَكُنْ نَبِیٌّ إِلَّا وَ لَهُ عَدُوٌّ مِنَ الْمُجْرِمِینَ وَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ وَصِیَّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنَا ابْنُ عَلِیٍّ وَ أَنْتَ ابْنُ صَخْرٍ وَ جَدُّكَ حَرْبٌ وَ جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ أُمُّكَ هِنْدٌ وَ أُمِّی فَاطِمَةُ وَ جَدَّتِی خَدِیجَةُ وَ جَدَّتُكَ نَثِیلَةُ فَلَعَنَ اللَّهُ أَلْأَمَنَا حَسَباً وَ أَقْدَمَنَا كُفْراً
ص: 90
وَ أَخْمَلَنَا ذِكْراً وَ أَشَدَّنَا نِفَاقاً فَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ آمِینَ فَنَزَلَ مُعَاوِیَةُ فَقَطَعَ خُطْبَتَهُ (1).
«5»- ج، [الإحتجاج] رُوِیَ: أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِیَةُ الْكُوفَةَ قِیلَ لَهُ إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام مُرْتَفِعٌ فِی أَنْفُسِ النَّاسِ فَلَوْ أَمَرْتَهُ أَنْ یَقُومَ دُونَ مَقَامِكَ عَلَی الْمِنْبَرِ فَتُدْرِكَهُ الْحَدَاثَةُ وَ الْعِیُّ فَیَسْقُطَ مِنْ أَنْفُسِ النَّاسِ فَأَبَی عَلَیْهِمْ وَ أَبَوْا عَلَیْهِ إِلَّا أَنْ یَأْمُرَهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ فَقَامَ دُونَ مَقَامِهِ فِی الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ مَا بَیْنَ كَذَا وَ كَذَا لِتَجِدُوا رَجُلًا جَدُّهُ نَبِیٌّ لَمْ تَجِدُوهُ غَیْرِی وَ غَیْرَ أَخِی وَ إِنَّا أَعْطَیْنَا صَفْقَتَنَا هَذَا الطَّاغِیَةَ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی أَعْلَی الْمِنْبَرِ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ هُوَ فِی مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْمِنْبَرِ وَ رَأَیْنَا حَقْنَ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ أَفْضَلَ مِنْ إِهْرَاقِهَا- وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ مَا أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ هَذَا فَقَالَ أَرَدْتُ بِهِ مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.
فَقَامَ مُعَاوِیَةُ فَخَطَبَ خُطْبَةً عَیِیَّةً فَاحِشَةً فَثَلَبَ فِیهَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ یَا ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ أَ وَ أَنْتَ تَسُبُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَنْ سَبَّ عَلِیّاً فَقَدْ سَبَّنِی وَ مَنْ سَبَّنِی فَقَدْ سَبَّ اللَّهَ وَ مَنْ سَبَّ اللَّهَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِیهَا مُخَلَّداً وَ لَهُ عَذَابٌ مُقِیمٌ ثُمَّ انْحَدَرَ الْحَسَنُ علیه السلام عَنِ الْمِنْبَرِ فَدَخَلَ دَارَهُ وَ لَمْ یُصَلِّ هُنَاكَ بَعْدَ ذَلِكَ (2).
بیان: قوله عییّة بتشدید الیاء الثانیة علی فعیل من العیّ خلاف البیان یقال عیَّ فی منطقه فهو عییٌّ و یحتمل أن عتیّة بالتاء المثنّاة الفوقانیة من العتوّ و الفساد أو بالغین المعجمة و الباء الموحّدة من الغباوة خلاف الفطنة و علی التقادیر توصیف الخطبة بها مجاز و یقال ثلبه ثلبا إذا صرّح بالعیب و تنقّصه.
«6»- لی، [الأمالی] للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ هِشَامٌ وَ أَخْبَرَنِی بِبَعْضِهِ أَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ یَحْیَی
ص: 91
وَ غَیْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ: فِی كَلَامٍ كَانَ بَیْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ بَیْنَ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام لَا أَلُومُكَ أَنْ تَسُبَّ عَلِیّاً وَ قَدْ جَلَدَكَ فِی الْخَمْرِ ثَمَانِینَ سَوْطاً وَ قَتَلَ أَبَاكَ صَبْراً بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی یَوْمِ بَدْرٍ وَ قَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی غَیْرِ آیَةٍ مُؤْمِناً وَ سَمَّاكَ فَاسِقاً وَ قَدْ قَالَ الشَّاعِرُ فِیكَ وَ فِی عَلِیٍّ علیه السلام (1):
أَنْزَلَ اللَّهُ فِی الْكِتَابِ عَلَیْنَا*** فِی عَلِیٍّ وَ فِی الْوَلِیدِ قُرْآناً
فَتَبَوَّأَ الْوَلِیدُ مَنْزِلَ كُفْرٍ*** وَ عَلِیٌّ تَبَوَّأَ الْإِیمَانَا
لَیْسَ مَنْ كَانَ مُؤْمِناً یَعْبُدُ اللَّهَ***كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً خَوَّاناً
سَوْفَ یُدْعَی الْوَلِیدُ بَعْدَ قَلِیلٍ*** وَ عَلِیٌّ إِلَی الْجَزَاءِ عِیَاناً
فَعَلِیٌّ یُجْزَی هُنَاكَ جِنَاناً***وَ هُنَاكَ الْوَلِیدُ یُجْزَی هَوَاناً(2)
«7»- أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ: طَلَبَ زِیَادٌ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ مِمَّنْ كَانَ فِی كِتَابِ الْأَمَانِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ الْحَسَنُ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی زِیَادٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا كُنَّا أَخَذْنَا مِنَ الْأَمَانِ لِأَصْحَابِنَا وَ قَدْ ذَكَرَ لِی فُلَانٌ أَنَّكَ تَعَرَّضْتَ لَهُ فَأُحِبُّ أَنْ لَا تَتَعَرَّضَ لَهُ إِلَّا بِخَیْرٍ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ وَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنِ ادَّعَاهُ مُعَاوِیَةُ غَضِبَ حَیْثُ لَمْ یَنْسُبْهُ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مِنْ زِیَادِ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی الْحَسَنِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ أَتَانِی كِتَابُكَ فِی فَاسِقٍ یُؤْوِیهِ الْفُسَّاقُ مِنْ شِیعَتِكَ وَ شِیعَةِ أَبِیكَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأَطْلُبَنَّهُ بَیْنَ جِلْدِكَ وَ لَحْمِكَ وَ إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَیَّ لَحْماً أَنَا آكُلُهُ لِلَحْمٍ أَنْتَ مِنْهُ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ الْحَسَنُ الْكِتَابَ بَعَثَ بِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَلَمَّا قَرَأَهُ غَضِبَ وَ كَتَبَ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی زِیَادٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ لَكَ رَأْیَیْنِ رَأْیاً مِنْ أَبِی سُفْیَانَ وَ رَأْیاً مِنْ سُمَیَّةَ فَأَمَّا رَأْیُكَ مِنْ أَبِی سُفْیَانَ فَحِلْمٌ وَ حَزْمٌ وَ أَمَّا رَأْیُكَ مِنْ سُمَیَّةَ فَمَا یَكُونُ مِنْ مِثْلِهَا إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ كَتَبَ إِلَیَّ أَنَّكَ عَرَضْتَ لِصَاحِبِهِ فَلَا تَعَرَّضْ لَهُ فَإِنِّی
ص: 92
لَمْ أَجْعَلْ لَكَ عَلَیْهِ سَبِیلًا.
«8»- ج، [الإحتجاج] مُفَاخَرَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ وَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِینَ قِیلَ: وَفَدَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام عَلَی مُعَاوِیَةَ فَحَضَرَ مَجْلِسَهُ وَ إِذَا عِنْدَهُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فَفَخَرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ فَوَضَعُوا مِنْهُمْ وَ ذَكَرُوا أَشْیَاءَ سَاءَتِ الْحَسَنَ علیه السلام وَ بَلَغَتْ مِنْهُ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَا شُعْبَةٌ مِنْ خَیْرِ الشُّعَبِ آبَائِی أَكْرَمُ الْعَرَبِ لَنَا الْفَخْرُ وَ النَّسَبُ وَ السَّمَاحَةُ عِنْدَ الْحَسَبِ مِنْ خَیْرِ شَجَرَةٍ أَنْبَتَتْ فُرُوعاً نَامِیَةً وَ أَثْمَاراً زَاكِیَةً وَ أَبْدَاناً قَائِمَةً فِیهَا أَصْلُ الْإِسْلَامِ وَ عِلْمُ النُّبُوَّةِ فَعَلَوْنَا حِینَ شَمَخَ بِنَا الْفَخْرُ وَ اسْتَطَلْنَا حِینَ امْتَنَعَ مِنَّا الْعِزُّ بُحُورٌ زَاخِرَةٌ لَا تُنْزَفُ وَ جِبَالٌ شَامِخَةٌ لَا تُقْهَرُ فَقَالَ مَرْوَانُ مَدَحْتَ نَفْسَكَ وَ شَمَخْتَ بِأَنْفِكَ هَیْهَاتَ یَا حَسَنُ نَحْنُ وَ اللَّهِ الْمُلُوكُ السَّادَةُ وَ الْأَعِزَّةُ الْقَادَةُ- لَا نَنْحَجِزُ(1) فَلَیْسَ لَكَ مِثْلُ عِزِّنَا وَ لَا فَخْرٌ كَفَخْرِنَا ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:
شَفَیْنَا أَنْفُساً طَابَتْ وَقُوراً***فَنَالَتْ عِزَّهَا فِیمَنْ یَلِینَا
وَ أُبْنَا بِالْغَنِیمَةِ حَیْثُ أُبْنَا***وَ أُبْنَا بِالْمُلُوكِ مُقَرَّنِینَا(2)
ثُمَّ تَكَلَّمَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ نَصَحْتُ لِأَبِیكَ فَلَمْ یَقْبَلِ النُّصْحَ لَوْ لَا كَرَاهِیَةُ قَطْعِ الْقَرَابَةِ لَكُنْتُ فِی جُمْلَةِ أَهْلِ الشَّامِ فَكَانَ یَعْلَمُ أَبُوكَ أَنِّی أُصْدِرُ الْوُرَّادَ عَنْ مَنَاهِلِهَا بِزَعَارَّةِ قَیْسٍ وَ حِلْمِ ثَقِیفٍ وَ تَجَارِبِهَا لِلْأُمُورِ عَلَی القَبَائِلِ.
فَتَكَلَّمَ الْحَسَنُ علیه السلام فَقَالَ یَا مَرْوَانُ أَ جُبْناً وَ خَوَراً وَ ضَعْفاً وَ عَجْزاً أَ تَزْعُمُ أَنِّی مَدَحْتُ نَفْسِی وَ أَنَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَمَخْتُ بِأَنْفِی وَ أَنَا سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ
ص: 93
وَ إِنَّمَا یَبْذَخُ وَ یَتَكَبَّرُ وَیْلَكَ مَنْ یُرِیدُ رَفْعَ نَفْسِهِ وَ یَتَبَجَّحُ مَنْ یُرِیدُ الِاسْتِطَالَةَ فَأَمَّا نَحْنُ فَأَهْلُ بَیْتِ الرَّحْمَةِ وَ مَعْدِنُ الْكَرَامَةِ وَ مَوْضِعُ الْخِیَرَةِ وَ كَنْزُ الْإِیمَانِ وَ رُمْحُ الْإِسْلَامِ وَ سَیْفُ الدِّینِ أَ لَا تَصْمُتُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ قَبْلَ أَنْ أَرْمِیَكَ بِالْهَوَائِلِ وَ أَسِمَكَ بِمِیسَمٍ تَسْتَغْنِی بِهِ عَنِ اسْمِكَ.
فَأَمَّا إِیَابُكَ بِالنِّهَابِ وَ الْمُلُوكِ أَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی وُلِّیتَ فِیهِ مَهْزُوماً وَ انْحَجَزْتَ مَذْعُوراً فَكَانَتْ غَنِیمَتُكَ هَزِیمَتَكَ وَ غَدْرُكَ بِطَلْحَةَ حِینَ غَدَرْتَ بِهِ فَقَتَلْتَهُ قُبْحاً لَكَ (1) مَا أَغْلَظَ جِلْدَةَ وَجْهِكَ (2) فَنَكَسَ مَرْوَانُ رَأْسَهُ وَ بَقِیَ الْمُغِیرَةُ مَبْهُوتاً فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ الْحَسَنُ علیه السلام فَقَالَ یَا أَعْوَرَ ثَقِیفٍ مَا أَنْتَ مِنْ قُرَیْشٍ فَأُفَاخِرَكَ أَ جَهِلْتَنِی یَا وَیْحَكَ وَ أَنَا ابْنُ خِیَرَةِ الْإِمَاءِ وَ سَیِّدَةِ النِّسَاءِ غَذَّانَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله بِعِلْمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَعَلَّمَنَا تَأْوِیلَ الْقُرْآنِ وَ مُشْكِلَاتِ الْأَحْكَامِ لَنَا الْعِزَّةُ الْغَلْبَاءُ وَ الْكَلِمَةُ الْعُلْیَاءُ وَ الْفَخْرُ وَ السَّنَاءُ وَ أَنْتَ مِنْ قَوْمٍ لَمْ یَثْبُتْ لَهُمْ فِی الْجَاهِلِیَّةِ نَسَبٌ وَ لَا لَهُمْ فِی الْإِسْلَامِ نَصِیبٌ عَبْدٌ آبِقٌ مَا لَهُ وَ الِافْتِخَارَ عِنْدَ مُصَادَمَةِ اللُّیُوثِ وَ مُجَاحَشَةِ الْأَقْرَانِ نَحْنُ السَّادَةُ وَ نَحْنُ الْمَذَاوِیدُ الْقَادَةُ نَحْمِی الذِّمَارَ وَ نَنْفِی عَنْ سَاحَتِنَا الْعَارَ وَ أَنَا ابْنُ نَجِیبَاتِ الْأَبْكَارِ ثُمَّ أَشَرْتَ زَعَمْتَ بِخَیْرِ وَصِیِّ خَیْرِ الْأَنْبِیَاءِ كَانَ هُوَ بِعَجْزِكَ أَبْصَرَ وَ بِخَوَرِكَ أَعْلَمَ وَ كُنْتَ لِلرَّدِّ عَلَیْكَ مِنْهُ أَهْلًا لِوَغْرِكَ فِی صَدْرِكَ وَ بُدُوِّ الْغَدْرِ فِی عَیْنِكَ هَیْهَاتَ لَمْ یَكُنْ لِیَتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً(3) وَ زَعَمْتَ لَوْ أَنَّكَ كُنْتَ بِصِفِّینَ بِزَعَارَّةِ قَیْسٍ وَ حِلْمِ ثَقِیفٍ
ص: 94
فِی مَا ذَا ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَ بِعَجْزٍ عِنْدَ الْمَقَامَاتِ وَ فِرَارِكَ عِنْدَ الْمُجَاحَشَاتِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوِ الْتَفَّتْ عَلَیْكَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ الْأَشَاجِعُ لَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا یَمْنَعُهُ مِنْكَ الْمَوَانِعُ وَ لَقَامَتْ عَلَیْكَ الْمُرِنَّاتُ الْهَوَالِعُ وَ أَمَّا زَعَارَّةُ قَیْسٍ فَمَا أَنْتَ وَ قَیْساً إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ آبِقٌ فَتُسَمَّی ثَقِیفاً(1) فَاحْتَلْ لِنَفْسِكَ مِنْ غَیْرِهَا فَلَسْتَ مِنْ رِجَالِهَا أَنْتَ بِمُعَالَجَةِ الشُّرُكِ (2) وَ مَوَالِجِ الزَّرَائِبِ أَعْرَفُ مِنْكَ بِالْحُرُوبِ فَأَیُّ الْحِلْمِ عِنْدَ الْعَبِیدِ الْقُیُونِ ثُمَّ تَمَنَّیْتَ لِقَاءَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَذَاكَ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ أَسَدٌ بَاسِلٌ وَ سَمٌّ قَاتِلٌ- لَا تُقَاوِمُهُ الْأَبَالِسَةُ عِنْدَ الطَّعْنِ وَ الْمُخَالَسَةِ فَكَیْفَ تَرُومُهُ الضِّبْعَانُ وَ تَنَاوَلُهُ الْجِعْلَانُ بِمِشْیَتِهَا الْقَهْقَرَی وَ أَمَّا وَصْلَتُكَ فَمَنْكُولَةٌ(3) وَ قَرَابَتُكَ فَمَجْهُولَةٌ وَ مَا رَحِمُكَ مِنْهُ إِلَّا كَبَنَاتِ الْمَاءِ مِنْ خَشَفَانِ الظِّبَا بَلْ أَنْتَ أَبْعَدُ مِنْهُ نَسَباً فَوَثَبَ الْمُغِیرَةُ وَ الْحَسَنُ علیه السلام یَقُولُ عُذِرْنَا مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ أَنْ تَجَاوَرْنَا بَعْدَ مُنَاطَقَةِ الْقُیُونِ وَ مُفَاخَرَةِ الْعَبِیدِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ ارْجِعْ یَا مُغِیرَةُ هَؤُلَاءِ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ- لَا تُقَاوِمُهُمُ الصَّنَادِیدُ وَ لَا تُفَاخِرُهُمُ الْمَذَاوِیدُ ثُمَّ أَقْسَمَ عَلَی الْحَسَنِ علیه السلام بِالسُّكُوتِ فَسَكَتَ.
إیضاح: قال الجوهری زخر الوادی إذا امتد جدا و ارتفع یقال بحر زاخر و قال نزفت ماء البئر نزفا أی نزحته كله یتعدی و لا یتعدی و قال:
ص: 95
الجبال الشوامخ هی الشواهق و شمخ الرجل بأنفه تكبر انتهی.
و الانحجاز الامتناع و الإصدار الإرجاع و المنهل عین ماء ترده الإبل فی المراعی قوله علیه السلام أ جبنا أی أ تزعم أنی أقول هذا جبنا و الخور بالتحریك الضعف و البذخ الكبر و قد بذخ بالكسر و تبذخ أی تكبر و علا و البجح بتقدیم الجیم علی الحاء الفرح و بجحته أنا تبجیحا فتبجح أی أفرحته ففرح و الهوائل المفزعات و الإیاب الرجوع و النهب الغنیمة و الجمع النهاب بالكسر إشارة إلی قوله و أبنا بالغنیمة.
و المجاحشة المدافعة و الذائد الحامی الدافع و المذواد مبالغة فیه و قال الجوهری فلان حامی الذمار أی إذا ذمر و غضب حمی و فلان أمنع ذمارا من فلان و یقال الذمار ما وراء الرجل مما یحق علیه أن یحمیه لأنهم قالوا حامی الذمار كما قالوا حامی الحقیقة انتهی.
و الوغر بالفتح و بالتحریك الضغن و الحقد و بدو الغدر ظهوره و الأشاجع أصول الأصابع التی تتصل بعصب ظاهر الكف و التفاف الأشاجع كنایة عن التمكن و الاقتدار منه و المرنات البواكی الصائحات عند المصیبة و الهلع أفحش الجزع و الزرائب جمع الزریبة و هی الطنفسة و حظیرة الغنم و كلاهما مناسبان و فی بعض النسخ الزرانب و هو جمع الزرنب فرج المرأة.
و القیون جمع القین بمعنی العبد أو الحداد و الصانع و أكثر ما یجمع بالمعنی الأول علی قیان لكنه أنسب بالمقام و البسالة الشجاعة و قد بسل فهو باسل أی بطل و بنات الماء الحیوانات المتولدة فیه أو طیوره و قال المطرزی و بنات الماء من الطیر استعارة قوله علیه السلام عذرنا علی بناء المفعول أی صرنا معذورین إن آذیناهم و كافیناهم بعد المجاورة لما فعلوا بنا من مناطقة القیون قال الجزری فیه من یعذرنی من رجل قد بلغنی عنه كذا و كذا أی من یقوم بعذری إن كافأته علی سوء صنیعه فلا یلومنی و یحتمل أن یكون تحاورنا بالحاء المهملة من المحاورة أی إن تكلمنا مع بنی أمیة مع عدم قابلیتهم لذلك فنحن معذورون بعد
ص: 96
محاورة القیون.
«9»- ج، [الإحتجاج] رَوَی سُلَیْمُ بْنُ قَیْسٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی مُعَاوِیَةُ مَا أَشَدَّ تَعْظِیمَكَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ مَا هُمَا بِخَیْرٍ مِنْكَ وَ لَا أَبُوهُمَا بِخَیْرٍ مِنْ أَبِیكَ لَوْ لَا أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقُلْتُ مَا أُمُّكَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ بِدُونِهَا قَالَ فَغَضِبْتُ مِنْ مَقَالَتِهِ وَ أَخَذَنِی مَا لَا أَمْلِكُ فَقُلْتُ إِنَّكَ لَقَلِیلُ الْمَعْرِفَةِ بِهِمَا وَ بِأَبِیهِمَا وَ أُمِّهِمَا بَلَی وَ اللَّهِ هُمَا خَیْرٌ مِنِّی وَ أَبُوهُمَا خَیْرٌ مِنْ أَبِی وَ أُمُّهُمَا خَیْرٌ مِنْ أُمِّی وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ فِیهِمَا وَ فِی أَبِیهِمَا وَ أَنَا غُلَامٌ فَحَفِظْتُهُ مِنْهُ وَ وَعَیْتُهُ.
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ لَیْسَ فِی الْمَجْلِسِ غَیْرُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ ابْنِ جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ أَخِیهِ الْفَضْلِ هَاتِ مَا سَمِعْتَ فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِكَذَّابٍ فَقَالَ إِنَّهُ أَعْظَمُ مِمَّا فِی نَفْسِكَ قَالَ وَ إِنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ أُحُدٍ وَ حَرَی فَإِنَّهُ مَا لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لَا أُبَالِی أَمَّا إِذَا قَتَلَ اللَّهُ طَاغِیَتَكُمْ وَ فَرَّقَ جَمْعَكُمْ وَ صَارَ الْأَمْرُ فِی أَهْلِهِ وَ مَعْدِنِهِ فَلَا نُبَالِی مَا قُلْتُمْ وَ لَا یَضُرُّنَا مَا ادَّعَیْتُمْ.
قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ أَنَا أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ كُنْتُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَأَنْتَ یَا أَخِی أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ عَلِیٌّ بَیْنَ یَدَیْهِ علیه السلام فِی الْبَیْتِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ عُمَرُ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ(1) وَ فِی الْبَیْتِ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ أُمُّ أَیْمَنَ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ الزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله عَلَی عَضُدِهِ وَ أَعَادَ مَا قَالَ فِیهِ ثَلَاثاً ثُمَّ نَصَّ بِالْإِمَامَةِ عَلَی الْأَئِمَّةِ تَمَامَ الِاثْنَیْ عَشَرَ علیهم السلام ثُمَّ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ لِأُمَّتِی اثْنَا عَشَرَ إِمَامَ ضَلَالَةٍ كُلُّهُمْ ضَالٌّ مُضِلٌّ عَشَرَةٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ رَجُلَانِ مِنْ قُرَیْشٍ وِزْرُ جَمِیعِ الِاثْنَیْ عَشَرَ وَ مَا أَضَلُّوا فِی أَعْنَاقِهِمَا ثُمَّ سَمَّاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ سَمَّی الْعَشَرَةَ مَعَهُمَا قَالَ فَسَمِّهِمْ لَنَا قَالَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ صَاحِبُ السِّلْسِلَةِ وَ ابْنُهُ مِنْ آلِ
ص: 97
أَبِی سُفْیَانَ وَ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ أَوَّلُهُمْ مَرْوَانُ.
قَالَ مُعَاوِیَةُ لَئِنْ كَانَ مَا قُلْتَ حَقّاً لَقَدْ هَلَكْتُ وَ هَلَكَتِ الثَّلَاثَةُ قَبْلِی وَ جَمِیعُ مَنْ تَوَلَّاهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَقَدْ هَلَكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ التَّابِعِینَ غَیْرَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ شِیعَتَكُمْ قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ فَإِنَّ الَّذِی قُلْتُ وَ اللَّهِ حَقٌّ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
قَالَ مُعَاوِیَةُ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا یَقُولُ ابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ مُعَاوِیَةُ بِالْمَدِینَةِ أَوَّلَ سَنَةٍ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ بَعْدَ قَتْلِ عَلِیٍّ علیه السلام أَرْسِلْ إِلَی الَّذِینَ سَمَّی فَأَرْسَلَ إِلَی عُمَرَ بْنِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ أُسَامَةَ فَشَهِدُوا جَمِیعاً أَنَّ الَّذِی قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ حَقٌّ قَدْ سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَمَا سَمِعَهُ (1)
ثُمَّ أَقْبَلَ مُعَاوِیَةُ إِلَی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ الْفَضْلِ وَ ابْنِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ أُسَامَةَ فَقَالَ كُلُّكُمْ عَلَی مَا قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ مُعَاوِیَةُ فَإِنَّكُمْ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَتَدَّعُونَ أَمْراً عَظِیماً وَ تَحْتَجُّونَ بِحُجَّةٍ قَوِیَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ حَقّاً فَإِنَّكُمْ لَتَصْبِرُونَ عَلَی أَمْرٍ وَ تَسْتُرُونَهُ وَ النَّاسُ فِی غَفْلَةٍ وَ عَمًی وَ لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولُونَ حَقّاً لَقَدْ هَلَكَتِ الْأُمَّةُ وَ رَجَعَتْ عَنْ دِینِهَا وَ كَفَرَتْ بِرَبِّهَا وَ جَحَدَتْ نَبِیَّهَا إِلَّا أَنْتُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِكُمْ فَأُولَئِكَ قَلِیلٌ فِی النَّاسِ فَأَقْبَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ قَالَ اللَّهُ وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ(2) وَ قَالَ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ (3) وَ مَا تَعْجَبُ مِنِّی یَا مُعَاوِیَةُ اعْجَبْ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّ السَّحَرَةَ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ (4) فَآمَنُوا بِمُوسَی وَ صَدَّقُوهُ ثُمَّ سَارَ بِهِمْ وَ مَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَقْطَعَهُمُ الْبَحْرَ وَ أَرَاهُمُ الْعَجَائِبَ وَ هُمْ مُصَدِّقُونَ بِمُوسَی وَ بِالتَّوْرَاةِ یُقِرُّونَ لَهُ بِدِینِهِ ثُمَّ مَرُّوا بِأَصْنَامٍ تُعْبَدُ فَقَالُوا اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (5) وَ عَكَفُوا عَلَی الْعِجْلِ جَمِیعاً غَیْرَ هَارُونَ
ص: 98
فَقَالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی (1) وَ قَالَ لَهُمْ مُوسَی بَعْدَ ذَلِكَ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ(2) فَكَانَ مِنْ جَوَابِهِمْ مَا قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمْ فَقَالَ مُوسَی علیه السلام رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ (3) فَمَا اتِّبَاعُ (4) هَذِهِ الْأُمَّةِ رِجَالًا سَوَّدُوهُمْ وَ أَطَاعُوهُمْ لَهُمْ سَوَابِقُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنَازِلُ قَرِیبَةٌ مِنْهُ وَ أَصْهَارٌ مُقِرِّینَ بِدِینِ مُحَمَّدٍ وَ بِالْقُرْآنِ حَمَلَهُمُ الْكِبْرُ وَ الْحَسَدُ أَنْ خَالَفُوا إِمَامَهُمْ وَ وَلِیَّهُمْ بِأَعْجَبَ مِنْ قَوْمٍ صَاغُوا مِنْ حُلِیِّهِمْ عِجْلًا ثُمَّ عَكَفُوا عَلَیْهِ یَعْبُدُونَهُ وَ یَسْجُدُونَ لَهُ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ وَ اجْتَمَعُوا عَلَی ذَلِكَ كُلُّهُمْ غَیْرَ هَارُونَ وَحْدَهُ وَ قَدْ بَقِیَ مَعَ صَاحِبِنَا الَّذِی هُوَ مِنْ نَبِیِّنَا بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ نَاسٌ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ الزُّبَیْرُ ثُمَّ رَجَعَ الزُّبَیْرُ وَ ثَبَتَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مَعَ إِمَامِهِمْ حَتَّی لَقُوا اللَّهَ وَ تَتَعَجَّبُ یَا مُعَاوِیَةُ أَنْ سَمَّی اللَّهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ قَدْ نَصَّ عَلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ وَ احْتَجَّ بِهِمْ عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِمْ وَ أَخْبَرَ أَنَّ أَوَّلَهُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنَّهُ خَلِیفَتُهُ فِیهِمْ وَ وَصِیُّهُ وَ قَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله جَیْشاً یَوْمَ مُؤْتَةَ فَقَالَ عَلَیْكُمْ جَعْفَرٌ فَإِنْ هَلَكَ فَزَیْدٌ فَإِنْ هَلَكَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقُتِلُوا جَمِیعاً أَ فَتَرَاهُ یَتْرُكُ الْأُمَّةَ وَ لَمْ یُبَیِّنْ لَهُمْ مَنِ الْخَلِیفَةُ بَعْدَهُ لِیَخْتَارُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمُ الْخَلِیفَةَ كَانَ رَأْیُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ أَهْدَی لَهُمْ وَ أَرْشَدَ مِنْ رَأْیِهِ وَ اخْتِیَارِهِ وَ مَا رَكِبَ الْقَوْمُ مَا رَكِبُوا إِلَّا بَعْدَ مَا
بَیَّنَهُ وَ مَا تَرَكَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فِی عَمًی وَ لَا شُبْهَةٍ فَأَمَّا مَا قَالَ الرَّهْطُ الْأَرْبَعَةُ الَّذِینَ تَظَاهَرُوا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ كَذَبُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَكُنْ لِیَجْمَعَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ النُّبُوَّةَ
ص: 99
وَ الْخِلَافَةَ فَقَدْ شَبَّهُوا عَلَی النَّاسِ بِشَهَادَتِهِمْ وَ كَذِبِهِمْ وَ مَكْرِهِمْ.
قَالَ مُعَاوِیَةُ مَا تَقُولُ یَا حَسَنُ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْعَجَبُ مِنْكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ مِنْ قِلَّةِ حَیَائِكَ وَ مِنْ جُرْأَتِكَ عَلَی اللَّهِ حِینَ قُلْتَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ طَاغِیَتَكُمْ وَ رَدَّ الْأَمْرَ إِلَی مَعْدِنِهِ فَأَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ مَعْدِنُ الْخِلَافَةِ دُونَنَا وَیْلٌ لَكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَكَ الَّذِینَ أَجْلَسُوكَ هَذَا الْمَجْلِسَ وَ سَنُّوا لَكَ هَذِهِ السُّنَّةَ لَأَقُولَنَّ كَلَاماً مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَ لَكِنِّی أَقُولُ لِتَسْمَعَهُ بَنُو أَبِی هَؤُلَاءِ حَوْلِی.
إِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَی أُمُورٍ كَثِیرَةٍ لَیْسَ بَیْنَهُمْ اخْتِلَافٌ فِیهَا وَ لَا تَنَازُعٌ وَ لَا فُرْقَةٌ عَلَی شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ عَبْدُهُ وَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجِّ الْبَیْتِ ثُمَّ أَشْیَاءَ كَثِیرَةٍ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ الَّتِی لَا تُحْصَی وَ لَا یَعُدُّهَا إِلَّا اللَّهُ وَ اجْتَمَعُوا عَلَی تَحْرِیمِ الزِّنَا وَ السَّرِقَةِ وَ الْكَذِبِ وَ الْقَطِیعَةِ وَ الْخِیَانَةِ وَ أَشْیَاءَ كَثِیرَةٍ مِنْ مَعَاصِی اللَّهِ لَا تُحْصَی وَ لَا یَعُدُّهَا إِلَّا اللَّهُ وَ اخْتَلَفُوا فِی سُنَنٍ اقْتَتَلُوا فِیهَا وَ صَارُوا فِرَقاً یَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ هِیَ الْوَلَایَةُ وَ یَبْرَأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ یَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً أَیُّهُمْ (1)
أَحَقُّ وَ أَوْلَی بِهَا إِلَّا فِرْقَةٌ تَتَّبِعُ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّةَ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَنْ أَخَذَ بِمَا عَلَیْهِ أَهْلُ الْقِبْلَةِ الَّذِی لَیْسَ فِیهِ اخْتِلَافٌ وَ رَدَّ عِلْمَ مَا اخْتَلَفُوا فِیهِ إِلَی اللَّهِ سَلِمَ وَ نَجَا بِهِ مِنَ النَّارِ وَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَ مَنَّ عَلَیْهِ وَ احْتَجَّ عَلَیْهِ بِأَنْ نَوَّرَ قَلْبَهُ بِمَعْرِفَةِ وُلَاةِ الْأَمْرِ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ وَ مَعْدِنِ الْعِلْمِ أَیْنَ هُوَ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَعِیدٌ وَ لِلَّهِ وَلِیٌّ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً عَلِمَ حَقّاً فَقَالَ فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ.
نَحْنُ نَقُولُ أَهْلَ الْبَیْتِ إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنَّا وَ إِنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِینَا وَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنَا أَهْلَهَا فِی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّ الْعِلْمَ فِینَا وَ نَحْنُ أَهْلُهُ وَ هُوَ عِنْدَنَا مَجْمُوعٌ كُلُّهُ بِحَذَافِیرِهِ وَ إِنَّهُ لَا یَحْدُثُ شَیْ ءٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ حَتَّی أَرْشُ الْخَدْشِ إِلَّا وَ هُوَ عِنْدَنَا مَكْتُوبٌ بِإِمْلَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَطِّ عَلِیٍّ علیه السلام بِیَدِهِ وَ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُمْ أَوْلَی بِذَلِكَ مِنَّا حَتَّی أَنْتَ یَا ابْنَ هِنْدٍ تَدَّعِی ذَلِكَ وَ تَزْعُمُ
ص: 100
أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَی أَبِی أَنِّی أُرِیدُ أَنْ أَكْتُبَ الْقُرْآنَ فِی مُصْحَفٍ فَابْعَثْ إِلَیَّ بِمَا كَتَبْتَ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَتَاهُ فَقَالَ تَضْرِبُ وَ اللَّهِ عُنُقِی قَبْلَ أَنْ یَصِلَ إِلَیْكَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَالَ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ (1) قَالَ إِیَّایَ عَنَی وَ لَمْ یَعْنِكَ وَ لَا أَصْحَابَكَ فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ ابْنَ أَبِی طَالِبٍ یَحْسَبُ أَنَّ أَحَداً لَیْسَ عِنْدَهُ عِلْمٌ غَیْرَهُ مَنْ كَانَ یَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَیْئاً فَلْیَأْتِنِی فَإِذَا جَاءَ رَجُلٌ فَقَرَأَ شَیْئاً مَعَهُ فِیهِ آخَرُ(2)
كَتَبَهُ وَ إِلَّا لَمْ یَكْتُبْهُ ثُمَّ قَالُوا قَدْ ضَاعَ مِنْهُ قُرْآنٌ كَثِیرٌ بَلْ كَذَبُوا وَ اللَّهِ بَلْ هُوَ مَجْمُوعٌ مَحْفُوظٌ عِنْدَ أَهْلِهِ ثُمَّ أَمَرَ عُمَرُ
قُضَاتَهُ وَ وُلَاتَهُ أَجْهِدُوا آرَاءَكُمْ وَ اقْضُوا بِمَا تَرَوْنَ أَنَّهُ الْحَقُّ فَلَا یَزَالُ هُوَ وَ بَعْضُ وُلَاتِهِ قَدْ وَقَعُوا فِی عَظِیمَةٍ فَیُخْرِجُهُمْ مِنْهَا أَبِی لِیَحْتَجَّ عَلَیْهِمْ بِهَا فَتَجْتَمِعُ الْقُضَاةُ عِنْدَ خَلِیفَتِهِمْ وَ قَدْ حَكَمُوا فِی شَیْ ءٍ وَاحِدٍ بِقَضَایَا مُخْتَلِفَةٍ فَأَجَازَهَا لَهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یُؤْتِهِ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ وَ زَعَمَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْ مُخَالِفِینَا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْقِبْلَةِ أَنَّ مَعْدِنَ الْخِلَافَةِ وَ الْعِلْمِ دُونَنَا فَنَسْتَعِینُ بِاللَّهِ عَلَی مَنْ ظَلَمَنَا وَ جَحَدَنَا حَقَّنَا وَ رَكِبَ رِقَابَنَا وَ سَنَّ لِلنَّاسِ عَلَیْنَا مَا یَحْتَجُّ بِهِ مِثْلُكَ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ إِنَّمَا النَّاسُ ثَلَاثَةٌ مُؤْمِنٌ یَعْرِفُ حَقَّنَا وَ یُسَلِّمُ لَنَا وَ یَأْتَمُّ بِنَا فَذَلِكَ نَاجٍ مُحِبٌّ لِلَّهِ وَ لِی وَ نَاصِبٌ لَنَا الْعَدَاوَةَ یَتَبَرَّأُ مِنَّا وَ یَلْعَنُنَا وَ یَسْتَحِلُّ دِمَاءَنَا وَ یَجْحَدُ حَقَّنَا وَ یَدِینُ اللَّهَ بِالْبَرَاءَةِ مِنَّا فَهَذَا كَافِرٌ مُشْرِكٌ فَاسِقٌ وَ إِنَّمَا كَفَرَ وَ أَشْرَكَ مِنْ حَیْثُ لَا یَعْلَمُ كَمَا سَبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَیْرِ عِلْمٍ (3) كَذَلِكَ یُشْرِكُ بِاللَّهِ بِغَیْرِ عِلْمٍ وَ رَجُلٌ آخِذٌ بِمَا لَا یُخْتَلَفُ فِیهِ وَ رَدَّ عِلْمَ مَا أَشْكَلَ عَلَیْهِ إِلَی اللَّهِ مَعَ وَلَایَتِنَا وَ لَا یَأْتَمُّ بِنَا
ص: 101
وَ لَا یُعَادِینَا وَ لَا یَعْرِفُ حَقَّنَا فَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ وَ یُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ فَهَذَا مُسْلِمٌ ضَعِیفٌ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةُ أَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ غَیْرَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ ابْنِ جَعْفَرٍ فَإِنَّهُ أَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ (1).
أقول: وجدته فی كتاب سلیم بروایة ابن أبی عیاش عنه: بتغییر ما و قد أوردته فی كتاب الفتن و قد مر بعض الخبر بأسانید فی باب نصّ النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی الاثنی عشر صلوات اللّٰه علیهم (2).
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی الْمَدَائِنِیُّ قَالَ: لَقِیَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الْحَسَنَ فِی الطَّوَافِ فَقَالَ لَهُ یَا حَسَنُ زَعَمْتَ أَنَّ الدِّینَ لَا یَقُومُ إِلَّا بِكَ وَ بِأَبِیكَ فَقَدْ رَأَیْتَ اللَّهَ أَقَامَ مُعَاوِیَةَ فَجَعَلَهُ رَاسِیاً بَعْدَ مَیْلِهِ وَ بَیِّناً بَعْدَ خَفَائِهِ أَ فَیَرْضَی اللَّهُ بِقَتْلِ عُثْمَانَ أَوْ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَیْتِ كَمَا یَدُورُ الْجَمَلُ بِالطَّحِینِ عَلَیْكَ ثِیَابٌ كَغِرْقِئِ الْبَیْضِ (3) وَ أَنْتَ قَاتِلُ عُثْمَانَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَأَلَمُّ لِلشَّعَثِ وَ أَسْهَلُ لِلْوَعْثِ أَنْ یُورِدَكَ مُعَاوِیَةُ حِیَاضَ أَبِیكَ.
فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام إِنَّ لِأَهْلِ النَّارِ عَلَامَاتٍ یُعْرَفُونَ بِهَا إِلْحَادٌ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ مُوَالاةٌ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ وَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ عَلِیّاً لَمْ یَرْتَبْ فِی الدِّینِ وَ لَمْ یَشُكَّ فِی اللَّهِ سَاعَةً وَ لَا طَرْفَةَ عَیْنٍ قَطُّ وَ وَ اللَّهِ لَتَنْتَهِیَنَّ یَا ابْنَ أُمِّ عَمْرٍو أَوْ لَأُنْفِذَنَّ حِضْنَیْكَ (4) بِنَوَافِذَ أَشَدَّ مِنَ الْأَقْضِبَةِ فَإِیَّاكَ وَ الْهَجْمَ عَلَیَّ فَإِنِّی مَنْ قَدْ عَرَفْتَ لَیْسَ بِضَعِیفِ الْغَمْزَةِ
ص: 102
وَ لَا هَشِّ الْمُشَاشَةِ وَ لَا مَرِی ءِ الْمَأْكَلَةِ وَ إِنِّی مِنْ قُرَیْشٍ كَوَاسِطَةِ الْقِلَادَةِ یُعْرَفُ حَسَبِی وَ لَا أُدْعَی لِغَیْرِ أَبِی وَ أَنْتَ مَنْ تَعْلَمُ وَ یَعْلَمُ النَّاسُ تَحَاكَمَتْ فِیكَ رِجَالُ قُرَیْشٍ فَغَلَبَ عَلَیْكَ جَزَّارُهَا أَلْأَمُهُمْ حَسَباً وَ أَعْظَمُهُمْ لُؤْماً(1)
فَإِیَّاكَ عَنِّی فَإِنَّكَ رِجْسٌ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ الطَّهَارَةِ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنَّا الرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِیراً فَأُفْحِمَ عَمْرٌو وَ انْصَرَفَ كَئِیباً.
«10»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: تَفَاخَرَتْ قُرَیْشٌ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام حَاضِرٌ- لَا یَنْطِقُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا لَكَ لَا تَنْطِقُ فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِمَشُوبِ الْحَسَبِ وَ لَا بِكَلِیلِ اللِّسَانِ قَالَ الْحَسَنُ علیه السلام مَا ذَكَرُوا فَضِیلَةً إِلَّا وَ لِی مَحْضُهَا وَ لُبَابُهَا ثُمَّ قَالَ:
فِیمَ الْكَلَامُ؟وَ قَدْ سَبَقْتُ مُبَرِّزاً*** سَبْقَ الْجَوَادِ مِنَ الْمَدَی الْمُتَنَفِّسِ (2)
بیان: المتنفّس البعید من قولهم أنت من فی نفس من أمرك أی سعة.
«11»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَخْبَارُ أَبِی حَاتِمٍ: أَنَّ مُعَاوِیَةَ فَخَرَ یَوْماً فَقَالَ أَنَا ابْنُ بَطْحَاءَ وَ مَكَّةَ أَنَا ابْنُ أَغْزَرِهَا جُوداً وَ أَكْرَمِهَا جُدُوداً أَنَا ابْنُ مَنْ سَادَ قُرَیْشاً فَضْلًا نَاشِئاً وَ كَهْلًا فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَ عَلَیَّ تَفْتَخِرُ یَا مُعَاوِیَةُ أَنَا ابْنُ عُرُوقِ الثَّرَی أَنَا ابْنُ مَأْوَی التُّقَی أَنَا ابْنُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَی أَنَا ابْنُ مَنْ سَادَ أَهْلَ الدُّنْیَا بِالْفَضْلِ السَّابِقِ وَ الْحَسَبِ الْفَائِقِ أَنَا ابْنُ مَنْ طَاعَتُهُ طَاعَةُ اللَّهِ وَ مَعْصِیَتُهُ مَعْصِیَةُ اللَّهِ فَهَلْ لَكَ أَبٌ كَأَبِی تُبَاهِینِی بِهِ وَ قَدِیمٌ كَقَدِیمِی تُسَامِینِی بِهِ قُلْ نَعَمْ أَوْ لَا قَالَ مُعَاوِیَةُ بَلْ أَقُولُ لَا وَ هِیَ لَكَ تَصْدِیقٌ فَقَالَ الْحَسَنُ:
ص: 103
الْحَقُّ أَبْلَجُ مَا یَحِیلُ سَبِیلُهُ*** وَ الْحَقُّ یَعْرِفُهُ ذَوُو الْأَلْبَابِ
كشف، [كشف الغمة] عن الشعبی: مثله (1)
بیان: رأیت فی بعض الكتب أن عروق الثری إبراهیم علیه السلام لكثرة ولده فی البادیة و لعله علیه السلام عرّض بكون معاویة ولد زنا لیس من ولد إبراهیم قوله ما یحیل سبیله أی ما یتغیر قال الفیروزآبادی حال یحیل حیولا تغیّر و فی كشف الغمة تخیل بالخاء المعجمة علی صیغة الخطاب و نصب السبیل أی لا یمكنك أن توقع فی الخیال غیره.
«12»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَا أَخْیَرُ مِنْكَ یَا حَسَنُ قَالَ وَ كَیْفَ ذَاكَ یَا ابْنَ هِنْدٍ قَالَ لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَیَّ وَ لَمْ یُجْمِعُوا عَلَیْكَ قَالَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ لِشَرِّ مَا عَلَوْتَ یَا ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ الْمُجْتَمِعُونَ عَلَیْكَ رَجُلَانِ بَیْنَ مُطِیعٍ وَ مُكْرَهٍ فَالطَّائِعُ لَكَ عَاصٍ لِلَّهِ وَ الْمُكْرَهُ مَعْذُورٌ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ حَاشَ لِلَّهِ أَنْ أَقُولَ أَنَا خَیْرٌ مِنْكَ فَلَا خَیْرَ فِیكَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ بَرَّأَنِی مِنَ الرَّذَائِلِ كَمَا بَرَّأَكَ مِنَ الْفَضَائِلِ.
كِتَابُ الشِّیرَازِیِّ رَوَی سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ(2) أَنَّهُ جَلَسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ یَأْكُلَانِ الرُّطَبَ فَقَالَ یَزِیدُ یَا حَسَنُ إِنِّی مُذْ كُنْتُ أُبْغِضُكَ قَالَ الْحَسَنُ اعْلَمْ یَا یَزِیدُ أَنَّ إِبْلِیسَ شَارَكَ أَبَاكَ فِی جِمَاعِهِ فَاخْتَلَطَ الْمَاءَانِ فَأَوْرَثَكَ ذَلِكَ عَدَاوَتِی لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ شارِكْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ شَارَكَ الشَّیْطَانُ حَرْباً عِنْدَ جِمَاعِهِ فَوُلِدَ لَهُ صَخْرٌ فَلِذَلِكَ كَانَ یُبْغِضُ جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ هَرَبَ سَعِیدُ بْنُ سَرْحٍ مِنْ زِیَادٍ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَكَتَبَ الْحَسَنُ إِلَیْهِ یَشْفَعُ فِیهِ فَكَتَبَ زِیَادٌ مِنْ زِیَادِ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی الْحَسَنِ ابْنِ فَاطِمَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی
ص: 104
كِتَابُكَ تَبْدَأُ فِیهِ بِنَفْسِكَ قَبْلِی وَ أَنْتَ طَالِبُ حَاجَةٍ وَ أَنَا سُلْطَانٌ وَ أَنْتَ سُوقَةٌ وَ ذَكَرَ نَحْواً مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا قَرَأَ الْحَسَنُ الْكِتَابَ تَبَسَّمَ وَ أَنْفَذَ بِالْكِتَابِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی زِیَادٍ یُؤَنِّبُهُ وَ یَأْمُرُهُ أَنْ یُخَلِّیَ عَنْ أَخِی سَعِیدٍ وَ وُلْدِهِ وَ امْرَأَتِهِ وَ رَدَّ مَالِهِ وَ بِنَاءَ مَا قَدْ هَدَمَهُ مِنْ دَارِهِ ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا كِتَابُكَ إِلَی الْحَسَنِ بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أُمِّهِ- لَا تَنْسُبْهُ إِلَی أَبِیهِ وَ أُمُّهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَ ذَلِكَ أَفْخَرُ لَهُ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ.
وَ ذَكَرُوا: أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام دَخَلَ عَلَی مُعَاوِیَةَ یَوْماً فَجَلَسَ عِنْدَ رِجْلِهِ وَ هُوَ مُضْطَجِعٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ لَا أُعْجِبُكَ مِنْ عَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنِّی لَسْتُ لِلْخِلَافَةِ أَهْلًا فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا جُلُوسِی عِنْدَ رِجْلِكَ وَ أَنْتَ نَائِمٌ فَاسْتَحْیَا مُعَاوِیَةُ وَ اسْتَوَی قَاعِداً وَ اسْتَعْذَرَهُ.
كشف، [كشف الغمة]: مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ قُلْتُ وَ الْحَسَنُ علیه السلام لَمْ یَعْجَبْ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ لَا یَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ ضَرُورِیٌّ لَكِنَّهُ قَالَ وَ أَعْجَبُ مِنْ تَوَلِّیكَ الْخِلَافَةَ قُعُودِی (1)
بیان: یحتمل أن یكون التعجب من صدور هذا القول منها و إن كان حقا لكونها مقرة بخلافة أبیها مع اشتراكهما فی عدم الاستحقاق و داعیة لمعاویة إلی مقاتلة أمیر المؤمنین علیه السلام.
«13»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب وَ فِی الْعُقَدِ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام بَیْنَ یَدَیْ مُعَاوِیَةَ أَسْرَعَ الشَّیْبُ إِلَی شَارِبِكَ یَا حَسَنُ وَ یُقَالُ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخُرْقِ فَقَالَ علیه السلام لَیْسَ كَمَا بَلَغَكَ وَ لَكِنَّا مَعْشَرَ بَنِی هَاشِمٍ طَیِّبَةٌ أَفْوَاهُنَا عَذْبَةٌ شِفَاهُنَا فَنِسَاؤُنَا یُقْبِلْنَ عَلَیْنَا بِأَنْفَاسِهِنَّ وَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ بَنِی أُمَیَّةَ فِیكُمْ بَخَرٌ شَدِیدٌ فَنِسَاؤُكُمْ یَصْرِفْنَ أَفْوَاهَهُنَّ وَ أَنْفَاسَهُنَّ إِلَی أَصْدَاغِكُمْ فَإِنَّمَا یَشِیبُ مِنْكُمْ مَوْضِعُ الْعِذَارِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ مَرْوَانُ أَمَا إِنَّ فِیكُمْ یَا بَنِی هَاشِمٍ خَصْلَةَ سَوْءٍ(2) قَالَ وَ مَا هِیَ؟
ص: 105
قَالَ الْغُلْمَةُ قَالَ أَجَلْ نُزِعَتْ مِنْ نِسَائِنَا وَ وُضِعَتْ فِی رِجَالِنَا وَ نُزِعَتِ الْغُلْمَةُ مِنْ رِجَالِكُمْ وَ وُضِعَتْ فِی نِسَائِكُمْ فَمَا قَامَ لِأُمَوِیَّةٍ إِلَّا هَاشِمِیٌّ ثُمَّ خَرَجَ یَقُولُ:
وَ مَارَسْتُ هَذَا الدَّهْرَ خَمْسِینَ حِجَّةً*** وَ خَمْساً أُرَجِّی قَابِلًا بَعْدَ قَابِلٍ
فَمَا أَنَا فِی الدُّنْیَا بَلَغْتُ جَسِیمَهَا*** وَ لَا فِی الَّذِی أَهْوَی كَدَحْتُ بِطَائِلٍ
فَقَدْ أَشْرَعَتْنِی فِی الْمَنَایَا أَكُفُّهَا(1)*** وَ أَیْقَنْتُ أَنِّی رَهْنُ مَوْتٍ مُعَاجَلٌ
«14»- كشف، [كشف الغمة] قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لِحَبِیبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِیِّ رُبَّ مَسِیرٍ لَكَ فِی غَیْرِ طَاعَةٍ قَالَ أَمَّا مَسِیرِی إِلَی أَبِیكَ فَلَا قَالَ بَلَی وَ لَكِنَّكَ أَطَعْتَ مُعَاوِیَةَ عَلَی دُنْیَا قَلِیلَةٍ فَلَئِنْ كَانَ قَامَ بِكَ فِی دُنْیَاكَ لَقَدْ قَعَدَ بِكَ فِی آخِرَتِكَ فَلَوْ كُنْتَ إِذَا فَعَلْتَ شَرّاً قُلْتَ خَیْراً كُنْتَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً(2) وَ لَكِنَّكَ كَمَا قَالَ بَلْ رانَ عَلی قُلُوبِهِمْ ما كانُوا یَكْسِبُونَ (3).
«15»- د، [العدد القویة] كشف، [كشف الغمة]: لَمَّا خَرَجَ حَوْثَرَةُ الْأَسَدِیُّ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَجَّهَ مُعَاوِیَةُ إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام یَسْأَلُهُ أَنْ یَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّی لِقِتَالِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَفَفْتُ عَنْكَ لِحَقْنِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ وَ مَا أَحْسَبُ ذَلِكَ یَسَعُنِی أَنْ أُقَاتِلَ عَنْكَ قَوْماً أَنْتَ وَ اللَّهِ أَوْلَی بِقِتَالِی مِنْهُمْ.
وَ قِیلَ لَهُ علیه السلام فِیكَ عَظَمَةٌ قَالَ لَا بَلْ فِیَّ عِزَّةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی- وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ (4).
وَ قَالَ مُعَاوِیَةُ إِذَا لَمْ یَكُنِ الْهَاشِمِیُّ جَوَاداً لَمْ یُشْبِهْ قَوْمَهُ وَ إِذَا لَمْ یَكُنِ الزُّبَیْرِیُّ شُجَاعاً لَمْ یُشْبِهْ قَوْمَهُ وَ إِذَا لَمْ یَكُنِ الْأُمَوِیُّ حَلِیماً لَمْ یُشْبِهْ قَوْمَهُ وَ إِذَا لَمْ یَكُنِ الْمَخْزُومِیُّ تَیَّاهاً لَمْ یُشْبِهْ قَوْمَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَسَنَ علیه السلام فَقَالَ مَا أَحْسَنَ
ص: 106
مَا نَظَرَ لِقَوْمِهِ أَرَادَ أَنْ یَجُودَ بَنُو هَاشِمٍ بِأَمْوَالِهِمْ فَیَفْتَقِرُوا وَ یُزْهَی بَنُو مَخْزُومٍ فَتُبْغَضَ وَ تُشْنَأَ وَ تَحَارَبَ بَنُو الزُّبَیْرِ فَیَتَفَانَوْا وَ تَحْلُمَ بَنُو أُمَیَّةَ فَتُحَبَّ.
«16»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَالِكٍ النَّحْوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِیِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِیِّ عَنْ شَرْقِیِّ [بْنِ] الْقُطَامِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: خَاصَمَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أُسَامَةَ بْنَ زَیْدٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ مَقْدَمَهُ الْمَدِینَةَ فِی حَائِطٍ مِنْ حِیطَانِ الْمَدِینَةِ فَارْتَفَعَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمَا حَتَّی تَلَاحَیَا فَقَالَ عَمْرٌو تُلَاحِینِی وَ أَنْتَ مَوْلَایَ فَقَالَ أُسَامَةُ وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِمَوْلَاكَ وَ لَا یَسُرُّنِی أَنِّی فِی نَسَبِكَ مَوْلَایَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَقَالَ أَ لَا تَسْمَعُونَ مَا یَسْتَقْبِلُنِی بِهِ هَذَا الْعَبْدُ؟
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْهِ عَمْرٌو فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ السَّوْدَاءِ مَا أَطْغَاكَ فَقَالَ أَنْتَ أَطْغَی مِنِّی وَ لِمَ تُعَیِّرُنِی بِأُمِّی وَ أُمِّی وَ اللَّهِ خَیْرٌ مِنْ أُمِّكَ وَ هِیَ أُمُّ أَیْمَنَ مَوْلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَشَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ بِالْجَنَّةِ وَ أَبِی خَیْرٌ مِنْ أَبِیكَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حِبُّهُ وَ مَوْلَاهُ قُتِلَ شَهِیداً بِمُؤْتَةَ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أَمِیرٌ عَلَی أَبِیكَ وَ عَلَی مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْ أَبِیكَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عَلَی أَبِی عُبَیْدَةَ وَ سَرَوَاتِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَأَنَّی تُفَاخِرُنِی یَا ابْنَ عُثْمَانَ فَقَالَ عَمْرٌو یَا قَوْمِ أَ مَا تَسْمَعُونَ مَا یُجِیبُنِی بِهِ هَذَا الْعَبْدُ فَقَامَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَجَلَسَ إِلَی جَنْبِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَجَلَسَ إِلَی جَنْبِ أُسَامَةَ فَقَامَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ فَجَلَسَ إِلَی جَنْبِ عَمْرٍو فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَجَلَسَ إِلَی جَنْبِ أُسَامَةَ فَلَمَّا رَآهُمْ مُعَاوِیَةُ قَدْ صَارُوا فَرِیقَیْنِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی أُمَیَّةَ خَشِیَ أَنْ یَعْظُمَ الْبَلَاءُ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِی مِنْ هَذَا الْحَائِطِ لَعِلْماً قَالُوا فَقُلْ بِعِلْمِكَ فَقَدْ رَضِینَا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله جَعَلَهُ لِأُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ
ص: 107
قُمْ یَا أُسَامَةُ فَاقْبِضْ حَائِطَكَ هَنِیئاً مَرِیئاً فَقَامَ أُسَامَةُ وَ الْهَاشِمِیُّونَ فَجَزَوْا مُعَاوِیَةَ خَیْراً فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَا جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الرَّحِمِ خَیْراً مَا زِدْتَ عَلَی أَنْ كَذَّبْتَ قَوْلَنَا وَ فَسَخْتَ حُجَّتَنَا وَ أَشْمَتَّ بِنَا عَدُوَّنَا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَیْحَكَ یَا عَمْرُو إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُ هَؤُلَاءِ الْفِتْیَةَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَدِ اعْتَزَلُوا ذَكَرْتُ أَعْیُنَهُمْ تَدُورُ إِلَیَّ مِنْ تَحْتِ الْمَغَافِرِ بِصِفِّینَ وَ كَادَ یَخْتَلِطُ عَلَیَّ عَقْلِی وَ مَا یُؤْمِنِّی یَا ابْنَ عُثْمَانَ مِنْهُمْ وَ قَدْ أَحَلُّوا بِأَبِیكَ مَا أَحَلُّوا وَ نَازَعُونِی مُهْجَةَ نَفْسِی حَتَّی نَجَوْتُ مِنْهُمْ بَعْدَ نَبَإٍ عَظِیمٍ وَ خَطْبٍ جَسِیمٍ فَانْصَرِفْ فَنَحْنُ مُخْلِفُونَ لَكَ خَیْراً مِنْ حَائِطِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
بیان: التلاحی التخاصم و التنازع و الحبّ بالكسر المحبوب و السروات جمع سراة و هی جمع سریّ و السریّ الشریف و جمع السریّ علی سراة عزیز.
أقول: قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِیبٍ فِی أَمَالِیهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام عَلَی مُعَاوِیَةَ بَعْدَ عَامِ الْجَمَاعَةِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِی مَجْلِسٍ ضَیِّقٍ فَجَلَسَ عِنْدَ رِجْلَیْهِ فَتَحَدَّثَ مُعَاوِیَةُ بِمَا شَاءَ أَنْ یَتَحَدَّثَ ثُمَّ قَالَ عَجَباً لِعَائِشَةَ تَزْعُمُ أَنِّی فِی غَیْرِ مَا أَنَا أَهْلُهُ وَ أَنَّ الَّذِی أَصْبَحْتُ فِیهِ لَیْسَ فِی الْحَقِّ مَا لَهَا وَ لِهَذَا یَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا إِنَّمَا كَانَ یُنَازِعُنِی فِی هَذَا الْأَمْرِ أَبُو هَذَا الْجَالِسِ وَ قَدِ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ.
فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام أَ وَ عَجَبٌ ذَلِكَ یَا مُعَاوِیَةُ قَالَ إِی وَ اللَّهِ قَالَ أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ هَذَا قَالَ مَا هُوَ قَالَ جُلُوسُكَ فِی صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَ أَنَا عِنْدَ رِجْلَیْكَ فَضَحِكَ مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ یَا ابْنَ أَخِی بَلَغَنِی أَنَّ عَلَیْكَ دَیْناً قَالَ إِنَّ عَلَیَّ دَیْناً قَالَ كَمْ هُوَ قَالَ مِائَةُ أَلْفٍ فَقَالَ قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ مِائَةٌ مِنْهَا لِدَیْنِكَ وَ مِائَةٌ تَقْسِمُهَا فِی أَهْلِ بَیْتِكَ وَ مِائَةٌ لِخَاصَّةِ نَفْسِكَ فَقُمْ مُكَرَّماً فَاقْبِضْ صِلَتَكَ..
فَلَمَّا خَرَجَ الْحَسَنُ علیه السلام قَالَ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ لِأَبِیهِ تَاللَّهِ مَا رَأَیْتُ؟
ص: 108
اسْتَقْبَلَكَ بِمَا اسْتَقْبَلَكَ بِهِ ثُمَّ أَمَرْتَ لَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ قَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ الْحَقَّ حَقُّهُمْ فَمَنْ أَتَاكَ مِنْهُمْ فَاحْثُ لَهُ (1).
ص: 109
«1»- مع، [معانی الأخبار] مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یُونُسَ الْمُعَاذِیِّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ مُوسَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: كَانَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا صَدِیقٌ وَ كَانَ مَاجِناً فَتَبَاطَأَ عَلَیْهِ أَیَّاماً فَجَاءَهُ یَوْماً فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام كَیْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَصْبَحْتُ بِخِلَافِ مَا أُحِبُّ وَ یُحِبُّ اللَّهُ وَ یُحِبُّ الشَّیْطَانُ فَضَحِكَ الْحَسَنُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُحِبُّ أَنْ أُطِیعَهُ وَ لَا أَعْصِیَهُ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ وَ الشَّیْطَانُ یُحِبُّ أَنْ أَعْصِیَ اللَّهَ وَ لَا أُطِیعَهُ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ لَا أَمُوتَ وَ لَسْتُ كَذَلِكَ.
فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا بَالُنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ وَ لَا نُحِبُّهُ قَالَ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام إِنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ آخِرَتَكُمْ وَ عَمَّرْتُمْ دُنْیَاكُمْ فَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ النُّقْلَةَ مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَی الْخَرَابِ (1).
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الطَّیَّارُ وَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِیلٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ حَبَابَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الْوَالِبِیَّةِ وَ حُذَیْفَةُ بْنُ أَسِیدٍ وَ الْجَارُودُ بْنُ أَبِی بِشْرٍ وَ الْجَارُودُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَ قَیْسُ بْنُ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ وَ سُفْیَانُ بْنُ أَبِی لَیْلَی الْهَمْدَانِیُّ وَ عَمْرُو بْنُ قَیْسٍ المشرفی [الْمَشْرِقِیُ] وَ أَبُو صَالِحٍ كَیْسَانُ بْنُ كُلَیْبٍ وَ أَبُو مِخْنَفٍ لُوطُ بْنُ یَحْیَی الْأَزْدِیُّ وَ مُسْلِمٌ الْبَطِینُ وَ أَبُو رَزِینٍ مَسْعُودُ بْنُ أَبِی وَائِلٍ وَ هِلَالُ بْنُ یِسَافٍ وَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ كُلَیْبٍ السَّبِیعِیُّ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ خَوَاصِ
ص: 110
أَبِیهِ مِثْلُ حُجْرٍ وَ رُشَیْدٍ وَ رِفَاعَةَ وَ كُمَیْلٍ وَ الْمُسَیَّبِ وَ قَیْسٍ وَ ابْنِ وَاثِلَةَ وَ ابْنِ الْحَمِقِ وَ ابْنِ أَرْقَمَ وَ ابْنِ صُرَدَ وَ ابْنِ عَقْلَةَ وَ جَابِرٍ وَ الدُّؤَلِیِّ وَ حَبَّةَ وَ عَبَایَةَ وَ جُعَیْدٍ وَ سُلَیْمٍ وَ حَبِیبٍ وَ الْأَحْنَفِ وَ الْأَصْبَغِ وَ الْأَعْوَرِ مِمَّا لَا تُحْصَی كَثْرَةً(1).
«3»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ أَبِی بَرْزَةَ الْأَسْلَمِیِّ قَالَ: وُلِدَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام مَوْلُودٌ فَأَتَتْهُ قُرَیْشٌ فَقَالُوا یَهْنِئُكَ الْفَارِسُ فَقَالَ وَ مَا هَذَا مِنَ الْكَلَامِ قُولُوا شَكَرْتَ الْوَاهِبَ وَ بُورِكَ لَكَ فِی الْمَوْهُوبِ وَ بَلَغَ اللَّهُ بِهِ أَشُدَّهُ وَ رَزَقَكَ بِرَّهُ (2).
«4»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: هَنَّأَ رَجُلٌ رَجُلًا أَصَابَ ابْناً فَقَالَ یَهْنِئُكَ الْفَارِسُ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام لَهُ مَا عِلْمُكَ یَكُونُ فَارِساً أَوْ رَاجِلًا قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا أَقُولُ قَالَ تَقُولُ شَكَرْتَ الْوَاهِبَ وَ بُورِكَ لَكَ فِی الْمَوْهُوبِ وَ بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ رَزَقَكَ بِرَّهُ (3).
«5»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ الْأَنْصَارِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام خَرَجَ مِنَ الْحَمَّامِ فَلَقِیَهُ إِنْسَانٌ فَقَالَ طَابَ اسْتِحْمَامُكَ فَقَالَ یَا لُكَعُ وَ مَا تَصْنَعُ بِالاسْتِ هَاهُنَا فَقَالَ طَابَ حَمِیمُكَ فَقَالَ أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الْحَمِیمَ الْعَرَقُ قَالَ طَابَ حَمَّامُكَ فَقَالَ وَ إِذَا طَابَ حَمَّامِی فَأَیُّ شَیْ ءٍ لِی قُلْ طَهُرَ مَا طَابَ مِنْكَ وَ طَابَ مَا طَهُرَ مِنْكَ (4).
بیان: قال الفیروزآبادی استحمّ اغتسل بالماء الحارّ و الماء البارد ضد و قال و لا یقال طاب حمّامك و إنما یقال طابت حمّتك بالكسر أی حمیمك
ص: 111
أی طاب عرقك انتهی (1).
و لعله علیه السلام قال ما تصنع بالاست علی وجه المطایبة لكون الاست موضوعا لأمر قبیح و إن لم یكن مقصودا هاهنا تنبیها له علی أنه لا بد أن یرجع فی تلك الأمور إلی المعصوم و لا یخترعوا بآرائهم و یحتمل أن یكون المراد أن الألف و السین و التاء الموضوعة للطلب غیر مناسب فی المقام فیكون إشارة إلی أن الاستحمام بمعنی الاغتسال لغة غیر فصیحة(2).
«6»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: أَصْحَابُهُ أَصْحَابُ أَبِیهِ وَ بَابُهُ قَیْسُ بْنُ وَرْقَا الْمَعْرُوفُ بِسَفِینَةَ وَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ وَ یُقَالُ وَ مِیثَمٌ التَّمَّارُ.
«7»- ختص، [الإختصاص]: أَصْحَابُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام سُفْیَانُ بْنُ أَبِی لَیْلَی الْهَمْدَانِیُّ- حُذَیْفَةُ بْنُ أَسِیدٍ الْغِفَارِیُّ أَبُو رَزِینٍ الْأَسَدِیُ (3).
«8»- ختص، [الإختصاص] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَ عَنِ الْعَطَّارِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام قَالَ: إِذَا كَانَ یَوْمُ الْقِیَامَةِ نَادَی مُنَادٍ أَیْنَ حَوَارِیُّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ ابْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقُومُ سُفْیَانُ بْنُ أَبِی لَیْلَی الْهَمْدَانِیُّ وَ حُذَیْفَةُ بْنُ أَسِیدٍ الْغِفَارِیُّ ثُمَّ یُنَادِی أَیْنَ حَوَارِیُّ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَیَقُومُ كُلُّ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ وَ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ الْخَبَرَ(4).
«9»- فض، كتاب [الروضة] یل، [الفضائل] لابن شاذان عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَیْرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ رِبْعِیٍّ عَنْ خِرَاشٍ قَالَ: سَأَلَ مُعَاوِیَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ عَلِیٌ
ص: 112
أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام عَلِیٌّ كَانَ وَ اللَّهِ عَلَمَ الْهُدَی وَ كَهْفَ التُّقَی وَ مَحَلَّ الْحِجَی وَ مَحْتِدَ النَّدَی وَ طَوْدَ النُّهَی وَ عَلَمَ الْوَرَی وَ نُوراً فِی ظُلْمَةِ الدُّجَی وَ دَاعِیاً إِلَی الْمَحَجَّةِ الْعُظْمَی وَ مُسْتَمْسِكاً بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَی وَ سَامِیاً إِلَی الْمَجْدِ وَ الْعُلَا وَ قَائِدَ الدِّینِ وَ التُّقَی وَ سَیِّدَ مَنْ تَقَمَّصَ وَ ارْتَدَی بَعْلَ بِنْتِ الْمُصْطَفَی وَ أَفْضَلَ مَنْ صَامَ وَ صَلَّی وَ أَفْخَرَ مَنْ ضَحِكَ وَ بَكَی صَاحِبَ الْقِبْلَتَیْنِ فَهَلْ یُسَاوِیهِ مَخْلُوقٌ كَانَ أَوْ یَكُونُ كَانَ وَ اللَّهِ كَالْأَسَدِ مُقَاتِلًا وَ لَهُمْ فِی الْحُرُوبِ حَامِلًا عَلَی مُبْغِضِیهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ* إِلَی یَوْمِ التَّنَادِ.
إیضاح: المحتد بالكسر الأصل و الندا العطاء و الطود الجبل العظیم.
«10»- ل، [الخصال] ابْنُ مُوسَی عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ الْغِفَارِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِیَةَ ذَاتَ یَوْمٍ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ فِیهِمْ عِدَّةٌ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا بَنِی هَاشِمٍ بِمَ تَفْخَرُونَ عَلَیْنَا أَ لَیْسَ الْأَبُ وَ الْأُمُّ وَاحِداً وَ الدَّارُ وَ الْمَوْلِدُ وَاحِداً فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَفْخَرُ عَلَیْكُمْ بِمَا أَصْبَحْتَ تَفْخَرُ بِهِ عَلَی سَائِرِ قُرَیْشٍ وَ تَفْخَرُ بِهِ قُرَیْشٌ عَلَی الْأَنْصَارِ وَ تَفْخَرُ بِهِ الْأَنْصَارُ عَلَی سَائِرِ الْعَرَبِ وَ تَفْخَرُ بِهِ الْعَرَبُ عَلَی الْعَجَمِ- بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِمَا لَا تَسْتَطِیعُ لَهُ إِنْكَاراً وَ لَا مِنْهُ فِرَاراً فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَقَدْ أُعْطِیتَ لِسَاناً ذَلْقاً تَكَادُ تَغْلِبُ بِبَاطِلِكَ حَقَّ سِوَاكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَهْ فَإِنَّ الْبَاطِلَ لَا یَغْلِبُ الْحَقَّ وَ دَعْ عَنْكَ الْحَسَدَ فَلَبِئْسَ الشِّعَارُ الْحَسَدُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ صَدَقْتَ أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّی لَأُحِبُّكَ لِخِصَالٍ أَرْبَعٍ مَعَ مَغْفِرَتِی لَكَ خِصَالًا أَرْبَعاً فَأَمَّا مَا أُحِبُّكَ فَلِقَرَابَتِكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَإِنَّكَ رَجُلٌ مِنْ أُسْرَتِی وَ أَهْلِ بَیْتِی وَ مِنْ مُصَاصِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنَّ أَبِی كَانَ خِلًّا لِأَبِیكَ وَ أَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِنَّكَ لِسَانُ قُرَیْشٍ وَ زَعِیمُهَا وَ فَقِیهُهَا وَ أَمَّا الْأَرْبَعُ الَّتِی غَفَرْتُ لَكَ فَعَدْوُكَ عَلَیَّ بِصِفِّینَ فِیمَنْ عَدَا وَ إِسَاءَتُكَ فِی خِذْلَانِ عُثْمَانَ فِیمَنْ أَسَاءَ وَ سَعْیُكَ عَلَی عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ فِیمَنْ سَعَی وَ نَفْیُكَ
ص: 113
عَنِّی زِیَاداً فِیمَنْ نَفَی فَضَرَبْتُ أَنْفَ هَذَا الْأَمْرِ وَ عَیْنَهُ حَتَّی اسْتَخْرَجْتُ عُذْرَكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَوْلِ الشُّعَرَاءِ أَمَّا مَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَوْلُهُ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً(1)
وَ أَمَّا مَا قَالَتِ الشُّعَرَاءُ فَقَوْلُ أَخِی بَنِی دِینَارٍ:
وَ لَسْتُ بِمُسْتَبْقٍ أَخاً لَا تَلُمُّهُ*** عَلَی شَعَثٍ أَیِّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبِ
فَاعْلَمْ أَنِّی قَدْ قَبِلْتُ فِیكَ الْأَرْبَعَ الْأُولَی وَ غَفَرْتُ لَكَ الْأَرْبَعَ الْأُخْرَی وَ كُنْتُ فِی ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ:
سَأَقْبَلُ مِمَّنْ قَدْ أَحَبَّ جَمِیلَهُ*** وَ أَغْفِرُ مَا قَدْ كَانَ مِنْ غَیْرِ ذَلِكَا
ثُمَّ أَنْصَتَ فَتَكَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ تُحِبُّنِی لِقَرَابَتِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَیْكَ وَ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ آمَنَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِأَنَّهُ الْأَجْرُ الَّذِی سَأَلَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله عَلَی مَا آتَاكُمْ بِهِ مِنَ الضِّیَاءِ وَ الْبُرْهَانِ الْمُبِینِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (2) فَمَنْ لَمْ یُجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله إِلَی مَا سَأَلَهُ خَابَ وَ خَزِیَ وَ كَبَا فِی جَهَنَّمَ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنِّی رَجُلٌ مِنْ أُسْرَتِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ فَذَلِكَ كَذَلِكَ وَ إِنَّمَا أَرَدْتَ بِهِ صِلَةَ الرَّحِمِ وَ لَعَمْرِی إِنَّكَ الْیَوْمَ وَصُولٌ مَعَ مَا(3)
قَدْ كَانَ مِنْكَ مِمَّا لَا تَثْرِیبَ عَلَیْكَ فِیهِ الْیَوْمَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ أَبِی كَانَ خِلًّا لِأَبِیكَ فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ وَ قَدْ سَبَقَ فِیهِ قَوْلُ الْأَوَّلِ
سَأَحْفَظُ مَنْ آخَی أَبِی فِی حَیَاتِهِ*** وَ أَحْفَظُهُ مِنْ بَعْدِهِ فِی الْأَقَارِبِ
وَ لَسْتُ لِمَنْ لَا یَحْفَظُ الْعَهْدَ وَامِقاً*** وَ لَا هُوَ عِنْدَ النَّائِبَاتِ بِصَاحِبِی
وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنِّی لِسَانُ قُرَیْشٍ وَ زَعِیمُهَا وَ فَقِیهُهَا فَإِنِّی لَمْ أُعْطَ مِنْ ذَلِكَ
ص: 114
شَیْئاً إِلَّا وَ قَدْ أُوتِیتَهُ غَیْرَ أَنَّكَ قَدْ أَبَیْتَ بِشَرَفِكَ وَ كَرَمِكَ إِلَّا أَنْ تُفَضِّلَنِی وَ قَدْ سَبَقَ فِی ذَلِكَ قَوْلُ الْأَوَّلِ:
وَ كُلُّ كَرِیمٍ لِلْكِرَامِ مُفَضِّلٌ*** یَرَاهُ لَهُ أَهْلًا وَ إِنْ كَانَ فَاضِلًا
وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدْوِی عَلَیْكَ بِصِفِّینَ فَوَ اللَّهِ لَوْ لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ لَكُنْتُ مِنْ أَلْأَمِ الْعَالَمِینَ أَ كَانَتْ نَفْسُكَ تُحَدِّثُكَ یَا مُعَاوِیَةُ أَنِّی أَخْذُلُ ابْنَ عَمِّی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیِّدَ الْمُسْلِمِینَ وَ قَدْ حَشَدَ لَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ الْمُصْطَفَوْنَ الْأَخْیَارُ لِمَ یَا مُعَاوِیَةُ أَ شَكٌّ فِی دِینِی أَمْ حَیْرَةٌ فِی سَجِیَّتِی أَمْ ضَنٌّ بِنَفْسِی وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ خِذْلَانِ عُثْمَانَ فَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ أَمَسَّ رَحِماً بِهِ مِنِّی وَ لِی فِی الْأَقْرَبِینَ وَ الْأَبْعَدِینَ أُسْوَةٌ وَ إِنِّی لَمْ أَعْدُ عَلَیْهِ فِیمَنْ عَدَا بَلْ كَفَفْتُ عَنْهُ كَمَا كَفَّ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَ الْحِجَی وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ سَعْیِی عَلَی عَائِشَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَمَرَهَا أَنْ تَقِرَّ فِی بَیْتِهَا وَ تَحْتَجِبَ بِسِتْرِهَا فَلَمَّا كَشَفَتْ جِلْبَابَ الْحَیَاءِ وَ خَالَفَتْ نَبِیَّهَا صلی اللّٰه علیه و آله وَسِعَنَا مَا كَانَ مِنَّا إِلَیْهَا وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ نَفْیِ زِیَادٍ فَإِنِّی لَمْ أَنْفِهِ بَلْ نَفَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله إِذْ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَ إِنِّی مِنْ بَعْدِ هَذَا لَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ فِی جَمِیعِ أُمُورِكَ فَتَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا أَحَبَّكَ سَاعَةً قَطُّ غَیْرَ أَنَّهُ قَدْ أُعْطِیَ لِسَاناً ذَرِباً یُقَلِّبُهُ كَیْفَ شَاءَ وَ إِنَّ مَثَلَكَ وَ مَثَلَهُ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ وَ ذَكَرَ بَیْتَ شِعْرٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ عَمْراً دَاخِلٌ بَیْنَ الْعَظْمِ وَ اللَّحْمِ وَ الْعَصَا وَ اللِّحَا(1) وَ قَدْ تَكَلَّمَ فَلْیَسْتَمِعْ فَقَدْ وَافَقَ قَرْناً
ص: 115
أَمَا وَ اللَّهِ یَا عَمْرُو إِنِّی لَأُبْغِضُكَ فِی اللَّهِ وَ مَا أَعْتَذِرُ مِنْهُ إِنَّكَ قُمْتَ خَطِیباً فَقُلْتَ أَنَا شَانِئُ مُحَمَّدٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فَأَنْتَ أَبْتَرُ الدِّینِ وَ الدُّنْیَا وَ أَنْتَ شَانِئُ مُحَمَّدٍ فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ الْإِسْلَامِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی- لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ (1) وَ قَدْ حَادَدْتَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ قَدِیماً وَ حَدِیثاً وَ لَقَدْ جَهَدْتَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ جَهْدَكَ وَ أَجْلَبْتَ عَلَیْهِ بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ حَتَّی إِذَا غَلَبَكَ اللَّهُ عَلَی أَمْرِكَ وَ رَدَّ كَیْدَكَ فِی نَحْرِكَ وَ أَوْهَنَ قُوَّتَكَ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكَ نُزِعْتَ وَ أَنْتَ حَسِیرٌ.
ثُمَّ كِدْتَ بِجُهْدِكَ لِعَدَاوَةِ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّهِ مِنْ بَعْدِهِ لَیْسَ بِكَ فِی ذَلِكَ حُبُّ مُعَاوِیَةَ وَ لَا آلِ مُعَاوِیَةَ إِلَّا الْعَدَاوَةَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ ص مَعَ بُغْضِكَ وَ حَسَدِكَ الْقَدِیمِ لِأَبْنَاءِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ مَثَلُكَ فِی ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ:
تَعَرَّضَ لِی عَمْرٌو وَ عَمْرٌو خَزَایَةٌ*** تَعَرُّضَ ضُبْعِ الْقَفْرِ لِلْأَسَدِ الْوَرْدِ
فَمَا هُوَ لِی نِدٌّ فَأَشْتُمَ عِرْضَهُ*** وَ لَا هُوَ لِی عَبْدٌ فَأَبْطِشَ بِالْعَبْدِ
فَتَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَطَعَ عَلَیْهِ مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ یَا عَمْرُو مَا أَنْتَ مِنْ رِجَالِهِ فَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ وَ إِنْ شِئْتَ فَدَعْ فَاغْتَنَمَهَا عَمْرٌو وَ سَكَتَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ دَعْهُ یَا مُعَاوِیَةُ فَوَ اللَّهِ لَأَسِمَنَّهُ بِمِیسَمٍ یَبْقَی عَلَیْهِ عَارُهُ وَ شَنَارُهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ تَتَحَدَّثُ بِهِ الْإِمَاءُ وَ الْعَبِیدُ وَ یُتَغَنَّی بِهِ فِی الْمَجَالِسِ وَ یُحَدَّثُ بِهِ فِی الْمَحَافِلِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَا عَمْرُو وَ ابْتَدَأَ فِی الْكَلَامِ فَمَدَّ مُعَاوِیَةُ یَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَی فِی ابْنِ عَبَّاسٍ وَ قَالَ لَهُ أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَّا أَمْسَكْتَ وَ كَرِهَ أَنْ یَسْمَعَ أَهْلُ الشَّامِ مَا یَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ اخْسَأْ أَیُّهَا الْعَبْدُ وَ أَنْتَ مَذْمُومٌ وَ افْتَرَقُوا.
إیضاح: ذلاقة اللسان حدّته یقال لسان ذلق بالفتح و ذلق بضمتین و ذلق بضم الأول و فتح الثانی و المصاص بالضم خالص كل شی ء یقال فلان مصاص قومه إذا كان أخلصهم نسبا و زعیم القوم سیدهم.
ص: 116
قوله فضربت أنف هذا الأمر هذا مثل تقوله العرب إذا أرادت بیان الاستقصاء فی البحث و الفكر و إنما خص الأنف و العین لأنهما صورة الوجه و الذی یتأمل من الإنسان إنما هو وجهه أی عرضت وجوه هذا الأمر علی العقل واحدا واحدا و تأملت فیها و قال الخلیل فی كتاب العین الضرب یقع علی جمیع الأعمال.
أقول: و یحتمل أن یكون الضرب بمعناه كنایة عن زجره بأی وجه یمكن حتی اتجه الغدر فیه.
و لمّ اللّٰه شعثه بالتحریك أی أصلح و جمع ما تفرّق من أموره أی لا یبقی لك أخ إن ترع عند النكبات حاله فإن المهذّب الأخلاق من الرجال قلیل و الوامق المحبّ و قال الجوهری الورد الذی یشمّ الواحدة وردة و بلونه قیل للأسد ورد و للفرس ورد.
«11»- جا، [المجالس] للمفید مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: حَضَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ مَجْلِسَ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّكُمْ تُرِیدُونَ أَنْ تُحْرِزُوا الْإِمَامَةَ كَمَا اخْتَصَصْتُمْ بِالنُّبُوَّةِ وَ اللَّهِ لَا یَجْتَمِعَانِ أَبَداً إِنَّ حُجَّتَكُمْ فِی الْخِلَافَةِ مُشْتَبِهَةٌ عَلَی النَّاسِ إِنَّكُمْ تَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا بَالُ خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِی غَیْرِنَا وَ هَذِهِ شُبْهَةٌ لِأَنَّهَا یُشْبِهُ الْحَقَّ وَ بِهَا مَسْحَةٌ مِنَ الْعَدْلِ وَ لَیْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَظُنُّونَ إِنَّ الْخِلَافَةَ یَنْقَلِبُ فِی أَحْیَاءِ قُرَیْشٍ بِرِضَی الْعَامَّةِ وَ شُورَی الْخَاصَّةِ وَ لَسْنَا نَجِدُ النَّاسَ یَقُولُونَ لَیْتَ بَنِی هَاشِمٍ وَلُونَا وَ لَوْ وَلُونَا كَانَ خَیْراً لَنَا فِی دُنْیَانَا وَ أُخْرَانَا وَ لَوْ كُنْتُمْ زَهَدْتُمْ فِیهَا أَمْسِ كَمَا تَقُولُونَ مَا قَاتَلْتُمْ عَلَیْهَا الْیَوْمَ وَ اللَّهِ لَوْ مَلَكْتُمُوهَا یَا بَنِی هَاشِمٍ لَمَا كَانَتْ رِیحُ عَادٍ وَ لَا صَاعِقَةُ ثَمُودَ بِأَهْلَكَ لِلنَّاسِ مِنْكُمْ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا قَوْلُكَ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّا نَحْتَجُّ بِالنُّبُوَّةِ فِی اسْتِحْقَاقِ الْخِلَافَةِ فَهُوَ وَ اللَّهِ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ یُسْتَحَقَّ الْخِلَافَةُ بِالنُّبُوَّةِ فَبِمَ یُسْتَحَقُّ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْخِلَافَةَ وَ النُّبُوَّةَ لَا یَجْتَمِعَانِ لِأَحَدٍ فَأَیْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ
ص: 117
وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً(1) فَالْكِتَابُ هُوَ النُّبُوَّةُ وَ الْحِكْمَةُ هِیَ السُّنَّةُ وَ الْمُلْكُ هُوَ الْخِلَافَةُ فَنَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ وَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ جَارٍ فِینَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ أَمَّا دَعْوَاكَ عَلَی حُجَّتِنَا أَنَّهَا مُشْتَبِهَةٌ فَلَیْسَ كَذَلِكَ وَ حُجَّتُنَا أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ وَ أَنْوَرُ مِنَ الْقَمَرِ- كِتَابُ اللَّهِ مَعَنَا وَ سُنَّةُ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِینَا وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ ثَنَی عِطْفَكَ وَ صَعَّرَكَ قَتْلُنَا أَخَاكَ وَ جَدَّكَ وَ خَالَكَ وَ عَمَّكَ فَلَا تَبْكِ عَلَی أَعْظُمٍ حَائِلَةٍ وَ أَرْوَاحٍ فِی النَّارِ هَالِكَةٍ وَ لَا تَغْضَبُوا لِدِمَاءٍ أَرَاقَهَا الشِّرْكُ وَ أَحَلَّهَا الْكُفْرُ وَ وَضَعَهَا الدِّینُ وَ أَمَّا تَرْكُ تَقْدِیمِ النَّاسِ لَنَا فِیمَا خَلَا وَ عُدُولُهُمْ عَنِ الْإِجْمَاعِ عَلَیْنَا فَمَا حُرِمُوا مِنَّا أَعْظَمُ مِمَّا حُرِمْنَا مِنْهُمْ وَ كُلُّ أَمْرٍ إِذَا حَصَلَ حَاصِلُهُ ثَبَتَ حَقُّهُ وَ زَالَ بَاطِلُهُ وَ أَمَّا افْتِخَارُكَ بِالْمُلْكِ الزَّائِلِ الَّذِی تَوَصَّلْتَ إِلَیْهِ بِالْمِحَالِ الْبَاطِلِ فَقَدْ مَلِكَ فِرْعَوْنُ مِنْ قَبْلِكَ فَأَهْلَكَهُ اللَّهُ وَ مَا تَمْلِكُونَ یَوْماً یَا بَنِی أُمَیَّةَ إِلَّا وَ نَمْلِكُ بَعْدَكُمْ یَوْمَیْنِ وَ لَا شَهْراً إِلَّا مَلِكْنَا شَهْرَیْنِ وَ لَا حَوْلًا إِلَّا مَلِكْنَا حَوْلَیْنِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا لَوْ مَلِكْنَا كَانَ مُلْكُنَا أَهْلَكَ لِلنَّاسِ مِنْ رِیحِ عَادٍ وَ صَاعِقَةِ ثَمُودَ فَقَوْلُ اللَّهِ یُكَذِّبُكَ فِی ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ (2) فَنَحْنُ أَهْلُ بَیْتِهِ الْأَدْنَوْنَ وَ ظَاهِرُ الْعَذَابِ بِتَمَلُّكِكَ رِقَابَ الْمُسْلِمِینَ ظَاهِرٌ لِلْعِیَانِ وَ سَیَكُونُ مِنْ بَعْدِكَ تَمَلُّكُ وَلَدِكَ وَ وُلْدِ أَبِیكَ أَهْلَكَ لِلْخَلْقِ مِنَ الرِّیحِ الْعَقِیمِ ثُمَّ یَنْتَقِمُ اللَّهُ بِأَوْلِیَائِهِ وَ یَكُونُ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ.
بیان: قال الجوهری یقال ثنی فلان عنی عطفه إذا أعرض عنك و قال صعر خده و صاعر أی أماله من الكبر.
«12»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَالِكٍ النَّحْوِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْمُعَدِّلِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَیْسٍ الْمَكِّیِّ عَنْ عِكْرِمَةَ صَاحِبِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حَجَّ مُعَاوِیَةُ نَزَلَ الْمَدِینَةَ فَاسْتُؤْذِنَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ عَلَیْهِ فَقَالَ لِجُلَسَائِهِ إِذَا أَذِنْتُ لِسَعْدٍ وَ جَلَسَ فَخُذُوا عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ
ص: 118
فَأَذِنَ لَهُ وَ جَلَسَ مَعَهُ عَلَی السَّرِیرِ.
قَالَ وَ شَتَمَ الْقَوْمُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَانْسَكَبَتْ عَیْنَا سَعْدٍ بِالْبُكَاءِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ مَا یُبْكِیكَ یَا سَعْدُ أَ تَبْكِی أَنْ یُشْتَمَ قَاتِلُ أَخِیكَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَمْلِكُ الْبُكَاءَ خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرِینَ حَتَّی نَزَلْنَا هَذَا الْمَسْجِدَ یَعْنِی مَسْجِدَ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ فِیهِ مَبِیتُنَا وَ مَقِیلُنَا إِذاً أُخْرِجْنَا مِنْهُ وَ تُرِكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فِیهِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَیْنَا وَ هَبْنَا نَبِیَّ اللَّهِ أَنْ نَذْكُرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَتَتْنَا عَائِشَةُ فَقُلْنَا یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ لَنَا صُحْبَةً مِثْلَ صُحْبَةِ عَلِیٍّ وَ هِجْرَةً مِثْلَ هِجْرَتِهِ وَ إِنَّا قَدْ أُخْرِجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ وَ تُرِكَ فِیهِ فَلَا نَدْرِی مِنْ سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنْ غَضَبٍ مِنْ رَسُولِهِ فَاذْكُرِی ذَلِكَ لَهُ فَإِنَّا نَهَابُهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهَا یَا عَائِشَةُ لَا وَ اللَّهِ مَا أَنَا أَخْرَجْتُهُمْ وَ لَا أَنَا أَسْكَنْتُهُ بَلِ اللَّهُ أَخْرَجَهُمْ وَ أَسْكَنَهُ وَ غَزَوْنَا خَیْبَرَ فَانْهَزَمَ عَنْهَا مَنِ انْهَزَمَ فَقَالَ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ الْیَوْمَ رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَدَعَاهُ وَ هُوَ أَرْمَدُ فَتَفَلَ فِی عَیْنِهِ وَ أَعْطَاهُ الرَّایَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ وَ غَزَوْنَا تَبُوكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَدَّعَ عَلِیٌّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی ثَنِیَّةِ الْوَدَاعِ وَ بَكَی فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یُبْكِیكَ فَقَالَ كَیْفَ لَا أَبْكِی وَ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْكَ فِی غَزَاةٍ مُنْذُ بَعَثَكَ اللَّهُ تَعَالَی فَمَا بَالُكَ تُخْلِفُنِی فِی هَذِهِ الْغَزَاةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرْضَی أَنْ تَكُونَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام بَلَی رَضِیتُ.
«13»- مِنْ بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْقَدِیمَةِ،: رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَی مَرْوَانَ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْمَدِینَةِ أَنْ یَخْطُبَ عَلَی یَزِیدَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَلَی حُكْمِ أَبِیهَا فِی الصَّدَاقِ وَ قَضَاءِ دَیْنِهِ بَالِغاً مَا بَلَغَ وَ عَلَی صُلْحِ الْحَیَّیْنِ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی أُمَیَّةَ فَبَعَثَ مَرْوَانُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ یَخْطُبُ إِلَیْهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَمْرَ نِسَائِنَا إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَاخْطُبْ إِلَیْهِ فَأَتَی مَرْوَانُ الْحَسَنَ خَاطِباً فَقَالَ الْحَسَنُ:
ص: 119
اجْمَعْ مَنْ أَرَدْتَ فَأَرْسَلَ مَرْوَانُ فَجَمَعَ الْحَیَّیْنِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی أُمَیَّةَ فَتَكَلَّمَ مَرْوَانُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مُعَاوِیَةَ أَمَرَنِی أَنْ أَخْطُبَ زَیْنَبَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَلَی حُكْمِ أَبِیهَا فِی الصَّدَاقِ وَ قَضَاءِ دَیْنِهِ بَالِغاً مَا بَلَغَ وَ عَلَی صُلْحِ الْحَیَّیْنِ بَنِی هَاشِمٍ وَ أُمَیَّةَ وَ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ كُفْوُ مَنْ لَا كُفْوَ لَهُ وَ لَعَمْرِی لَمَنْ یَغْبِطُكُمْ بِیَزِیدَ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَغْبِطُ یَزِیدَ بِكُمْ وَ یَزِیدُ مِمَّنْ یُسْتَسْقَی الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثُمَّ سَكَتَ فَتَكَلَّمَ الْحَسَنُ علیه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ حُكْمِ أَبِیهَا فِی الصَّدَاقِ فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ لِنَرْغَبَ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِهِ وَ بَنَاتِهِ وَ أَمَّا قَضَاءُ دَیْنِ أَبِیهَا فَمَتَی قَضَتْ نِسَاؤُنَا دُیُونَ آبَائِهِنَّ وَ أَمَّا صُلْحُ الْحَیَّیْنِ فَإِنَّا عَادَیْنَاكُمْ لِلَّهِ وَ فِی اللَّهِ فَلَا نُصَالِحُكُمْ لِلدُّنْیَا وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَنْ یَغْبِطُنَا بِیَزِیدَ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَغْبِطُهُ بِنَا فَإِنْ كَانَتِ الْخِلَافَةُ فَاقَتِ النُّبُوَّةَ فَنَحْنُ الْمَغْبُوطُونَ بِهِ وَ إِنْ كَانَتِ النُّبُوَّةُ فَاقَتِ الْخِلَافَةَ فَهُوَ الْمَغْبُوطُ بِنَا وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْغَمَامَ یُسْتَسْقَی بِوَجْهِ یَزِیدَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ إِلَّا لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ رَأَیْنَا أَنْ نُزَوِّجَهَا مِنِ ابْنِ عَمِّهَا- الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَ قَدْ زَوَّجْتُهَا مِنْهُ وَ جَعَلْتُ مَهْرَهَا ضَیْعَتِیَ الَّتِی لِی بِالْمَدِینَةِ وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ أَعْطَانِی بِهَا عَشَرَةَ آلَافِ دِینَارٍ وَ لَهَا فِیهَا غِنًی وَ كِفَایَةٌ فَقَالَ مَرْوَانُ أَ غَدْراً یَا بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَ الْحَسَنُ وَاحِدَةٌ بِوَاحِدَةٍ وَ كَتَبَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ خَطَبْنَا إِلَیْهِمْ فَلَمْ یَفْعَلُوا وَ لَوْ خَطَبُوا إِلَیْنَا لَمَا رَدَدْنَاهُمْ.
وَ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ نَظَرَ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ هُوَ بِالْمَدِینَةِ وَ قَدِ احْتَفَّ بِهِ خَلْقٌ مِنْ قُرَیْشٍ یُعَظِّمُونَهُ فَتَدَاخَلَهُ حَسَدٌ فَدَعَا أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیَّ وَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَیْسٍ الْفِهْرِیَّ فَشَاوَرَهُمَا فِی أَمْرِ الْحَسَنِ وَ الَّذِی یَهُمُّ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْأَسْوَدِ رَأْیُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَفْضَلُ وَ أَرَی أَنْ لَا تَفْعَلَ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 120
لَنْ یَقُولَ فِیهِ قَوْلًا إِلَّا أَنْزَلَهُ سَامِعُوهُ مِنْهُ بِهِ حَسَداً وَ رَفَعُوا بِهِ صُعُداً وَ الْحَسَنُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مُعْتَدِلٌ شَبَابُهُ أَحْضَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ جَوَابُهُ فَأَخَافُ أَنْ یَرُدَّ عَلَیْكَ كَلَامَكَ بِنَوَافِذَ تَرْدَعُ سِهَامَكَ فَیَقْرَعُ بِذَلِكَ ظُنْبُوبَكَ وَ یُبْدِی بِهِ عُیُوبَكَ فَإِذاً كَلَامُكَ فِیهِ صَارَ لَهُ فَضْلًا وَ عَلَیْكَ كَلًّا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْرِفُ لَهُ عَیْباً فِی أَدَبٍ أَوْ وَقِیعَةً فِی حَسَبٍ وَ إِنَّهُ لَهُوَ الْمُهَذَّبُ قَدْ أَصْبَحَ مِنْ صَرِیحِ الْعَرَبِ فِی غُرِّ لُبَابِهَا وَ كَرِیمِ مَحْتِدِهَا وَ طِیبِ عُنْصُرِهَا فَلَا تَفْعَلْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَیْسٍ الْفِهْرِیُّ أَمْضِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِیهِ رَأْیَكَ وَ لَا تَنْصَرِفْ عَنْهُ بِلَأْیِكَ (1)
فَإِنَّكَ لَوْ رَمَیْتَهُ بِقَوَارِضِ كَلَامِكَ وَ مُحْكَمِ جَوَابِكَ لَقَدْ ذَلَّ لَكَ كَمَا یَذِلُّ الْبَعِیرُ الشَّارِفُ مِنَ الْإِبِلِ فَقَالَ أَفْعَلُ وَ حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ فَصَعِدَ مُعَاوِیَةُ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَكَرَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فَتَنَقَّصَهُ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ شَیْبَةً مِنْ قُرَیْشٍ ذَوِی سَفَهٍ وَ طَیْشٍ وَ تَكَدُّرٍ مِنْ عَیْشٍ أَتْعَبَتْهُمُ الْمَقَادِیرُ اتَّخَذَ الشَّیْطَانُ رُءُوسَهُمْ مَقَاعِدَ وَ أَلْسِنَتَهُمْ مَبَادِرَ فَبَاضَ وَ فَرَّخَ فِی صُدُورِهِمْ وَ دَرَجَ فِی نُحُورِهِمْ فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الْخَطَلَ وَ أَعْمَی عَلَیْهِمُ السُّبُلَ وَ أَرْشَدَهُمْ إِلَی الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ وَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ فَهُمْ لَهُ شُرَكَاءُ وَ هُوَ لَهُمْ قَرِینٌ- وَ مَنْ یَكُنِ الشَّیْطانُ لَهُ قَرِیناً فَساءَ قَرِیناً وَ كَفَی بِی لَهُمْ وَ لَهُمْ مُؤَدِّباً وَ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ فَوَثَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ أَخَذَ بِعَضَادَةِ الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی نَبِیِّهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَنَا ابْنُ نَبِیِّ اللَّهِ أَنَا ابْنُ مَنْ جُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَ طَهُوراً أَنَا ابْنُ السِّرَاجِ الْمُنِیرِ أَنَا ابْنُ الْبَشِیرِ النَّذِیرِ أَنَا ابْنُ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ إِمَامِ الْمُتَّقِینَ وَ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ أَنَا ابْنُ مَنْ بُعِثَ إِلَی الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَنَا ابْنُ مَنْ بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ فَلَمَّا سَمِعَ كَلَامَهُ مُعَاوِیَةُ غَاظَ مَنْطِقَهُ وَ أَرَادَ أَنْ یَقْطَعَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا حَسَنُ عَلَیْكَ
ص: 121
بِصِفَةِ الرُّطَبِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام الرِّیحُ تُلْقِحُهُ وَ الْحَرُّ یُنْضِجُهُ وَ اللَّیْلُ یُبَرِّدُهُ وَ یُطَیِّبُهُ عَلَی رَغْمِ أَنْفِكَ یَا مُعَاوِیَةُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی كَلَامِهِ فَقَالَ أَنَا ابْنُ الْمُسْتَجَابِ الدَّعْوَةِ أَنَا ابْنُ الشَّفِیعِ الْمُطَاعِ أَنَا ابْنُ أَوَّلِ مَنْ یَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ التُّرَابِ وَ یُقْرِعُ بَابَ الْجَنَّةِ أَنَا ابْنُ مَنْ قَاتَلَتِ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ وَ لَمْ تُقَاتِلْ مَعَ نَبِیٍّ قَبْلَهُ أَنَا ابْنُ مَنْ نُصِرَ عَلَی الْأَحْزَابِ أَنَا ابْنُ مَنْ ذَلَّ لَهُ قُرَیْشٌ رَغْماً فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَمَا إِنَّكَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِالْخِلَافَةِ وَ لَسْتَ هُنَاكَ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام أَمَّا الْخِلَافَةُ فَلِمَنْ عَمِلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَتِ الْخِلَافَةُ لِمَنْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَ عَطَّلَ السُّنَّةَ إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ أَصَابَ مُلْكاً فَتَمَتَّعَ بِهِ وَ كَأَنَّهُ انْقَطَعَ عَنْهُ وَ بَقِیَتْ تَبِعَاتُهُ عَلَیْهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا فِی قُرَیْشٍ رَجُلٌ إِلَّا وَ لَنَا عِنْدَهُ نِعَمٌ مُجَلِّلَةٌ وَ یَدٌ جَمِیلَةٌ قَالَ بَلَی مَنْ تَعَزَّزْتَ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ وَ تَكَثَّرْتَ بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَنْ أُولَئِكَ یَا حَسَنُ قَالَ مَنْ یُلْهِیكَ عَنْ مَعْرِفَتِهِ قَالَ الْحَسَنُ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ أَنَا ابْنُ مَنْ سَادَ قُرَیْشاً شَابّاً وَ كَهْلًا أَنَا ابْنُ مَنْ سَادَ الْوَرَی كَرَماً وَ نُبْلًا أَنَا ابْنُ مَنْ سَادَ أَهْلَ الدُّنْیَا بِالْجُودِ الصَّادِقِ وَ الْفَرْعِ الْبَاسِقِ وَ الْفَضْلِ السَّابِقِ أَنَا ابْنُ مَنْ رِضَاهُ رِضَی اللَّهِ وَ سَخَطُهُ سَخَطُ اللَّهِ فَهَلْ لَكَ أَنْ تُسَامِیَهُ یَا مُعَاوِیَةُ فَقَالَ أَقُولُ لَا تَصْدِیقاً لِقَوْلِكَ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام الْحَقُّ أَبْلَجُ وَ الْبَاطِلُ لَجْلَجٌ وَ لَنْ یَنْدَمَ مَنْ رَكِبَ الْحَقَّ وَ قَدْ خَابَ مَنْ رَكِبَ الْبَاطِلَ وَ الْحَقُّ یَعْرِفُهُ ذَوُو الْأَلْبَابِ ثُمَّ نَزَلَ مُعَاوِیَةُ وَ أَخَذَ بِیَدِ الْحَسَنِ وَ قَالَ لَا مَرْحَباً بِمَنْ سَاءَكَ.
بیان: الظنبوب هو حرف العظم الیابس من الساق و الصریح الرجل الخالص النسب قوله بلأیك یقال فعل كذا بعد لأی أی بعد شدّة و إبطاء و لَآی لَأْیاً أی أَبْطَأَ و فی بعض النسخ بدأیك قال الجوهری الدأی من البعیر الموضع الذی تقع علیه ظلفة الرَّحل فتعقره أبو زید دأیت الشی ء أدأی له دأیا إذا ختلتَه و الشارف المسنّة من النوق.
ص: 122
قوله إن شیبة أی ذوی شیبة و قال الجوهری التلجلج التردّد فی الكلام یقال الحق أبلج و الباطل لجلج أی یردّد من غیر أن ینفذ.
«14»- ختص، [الإختصاص] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ [بْنِ] یَزِیدَ الْغَسَّانِیِّ یَرْفَعُهُ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ الْعِرَاقِیِّینَ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَدِمَ فِی وَفْدِ أَهْلِ الْكُوفَةِ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِیُّ وَ فِی وَفْدِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِیَةَ هَؤُلَاءِ رِجَالُ الدُّنْیَا وَ هُمْ شِیعَةُ عَلِیٍّ علیه السلام الَّذِینَ قَاتَلُوا مَعَهُ یَوْمَ الْجَمَلِ وَ یَوْمَ صِفِّینَ فَكُنْ مِنْهُمْ عَلَی حَذَرٍ فَأَمَرَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِمَجْلِسٍ سِرِّیٍّ وَ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ بِالْكَرَامَةِ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَیْهِ قَالَ لَهُمْ أَهْلًا وَ سَهْلًا قَدِمْتُمْ أَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ وَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ الْحَشْرِ وَ النَّشْرِ فَتَكَلَّمَ صَعْصَعَةُ وَ كَانَ مِنْ أَحْضَرِ النَّاسِ جَوَاباً فَقَالَ یَا مُعَاوِیَةُ أَمَّا قَوْلُكَ أَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَهْلَهَا وَ إِنَّمَا تُقَدِّسُهُمُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَرْضَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ فَمَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ وَ الشِّرْكِ وَ الْفَرَاعِنَةِ وَ الْجَبَابِرَةِ أَكْثَرُ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الرُّسُلِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَرْضَ الْحَشْرِ وَ النَّشْرِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا یَضُرُّهُ بُعْدُ الْمَحْشَرِ وَ الْمُنَافِقَ لَا یَنْفَعُهُ قُرْبُهُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَوْ كَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ أَوْلَدَهُمْ أَبُو سُفْیَانَ لَمَا كَانَ فِیهِمْ إِلَّا كَیِّساً رَشِیداً فَقَالَ صَعْصَعَةُ قَدْ أَوْلَدَ النَّاسَ مَنْ كَانَ خَیْراً مِنْ أَبِی سُفْیَانَ فَأَوْلَدَ الْأَحْمَقَ وَ الْمُنَافِقَ وَ الْفَاجِرَ وَ الْفَاسِقَ وَ الْمَعْتُوهَ وَ الْمَجْنُونَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ فَخَجِلَ مُعَاوِیَةُ(1).
«15»- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام یُصَلِّیَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا مَا كَانَ أَبُوكَ یُصَلِّی إِذَا رَجَعَ إِلَی الْبَیْتِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا كَانَ یَزِیدُ عَلَی صَلَاةٍ.
«16»- ج، [الإحتجاج] عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ حَاجّاً فِی خِلَافَتِهِ فَاسْتَقْبَلَهُ أَهْلُ الْمَدِینَةِ فَنَظَرَ فَإِذَا الَّذِینَ اسْتَقْبَلُوهُ مَا مِنْهُمْ إِلَّا قُرَشِیٌّ فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ
ص: 123
مَا فَعَلَتِ الْأَنْصَارُ وَ مَا بَالُهُمْ لَمْ یَسْتَقْبِلُونِی فَقِیلَ لَهُ إِنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ لَیْسَ لَهُمْ دَوَابُّ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ أَیْنَ نَوَاضِحُهُمْ فَقَالَ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ كَانَ سَیِّدَ الْأَنْصَارِ وَ ابْنَ سَیِّدِهَا أَفْنَوْهَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ أُحُدٍ وَ مَا بَعْدَهُمَا مِنْ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ ضَرَبُوكَ وَ أَبَاكَ عَلَی الْإِسْلَامِ حَتَّی ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ كَارِهُونَ فَسَكَتَ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ قَیْسٌ أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله عَهِدَ إِلَیْنَا أَنَّا سَنَلْقَی بَعْدَهُ أَثَرَةً قَالَ مُعَاوِیَةُ فَمَا أَمَرَكُمْ بِهِ فَقَالَ أَمَرَنَا أَنْ نَصْبِرَ حَتَّی نَلْقَاهُ قَالَ فَاصْبِرُوا حَتَّی تَلْقَوْهُ (1) ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِیَةَ مَرَّ بِحَلْقَةٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا غَیْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْقِیَامِ كَمَا قَامَ أَصْحَابُكَ إِلَّا لِمَوْجِدَةِ أَنِّی قَاتَلْتُكُمْ بِصِفِّینَ فَلَا تَجِدْ مِنْ ذَلِكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَإِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ كَافِرٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ قَالَ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ فَذَاكَ أَدْحَضُ لِحُجَّتِكَ قَالَ فَإِنَّا قَدْ كَتَبْنَا فِی الْآفَاقِ نَنْهَی عَنْ ذِكْرِ مَنَاقِبِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ علیهم السلام فَكُفَّ لِسَانَكَ فَقَالَ یَا مُعَاوِیَةُ أَ تَنْهَانَا عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَ لَا قَالَ أَ فَتَنْهَانَا عَنْ تَأْوِیلِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَقْرَؤُهُ وَ لَا نَسْأَلُ عَمَّا عَنَی اللَّهُ بِهِ ثُمَّ قَالَ فَأَیُّهُمَا أَوْجَبُ عَلَیْنَا قِرَاءَتُهُ أَوِ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ كَیْفَ نَعْمَلُ بِهِ وَ لَا نَعْلَمُ مَا عَنَی اللَّهُ قَالَ سَلْ عَنْ ذَلِكَ مَنْ یَتَأَوَّلُهُ عَلَی غَیْرِ مَا تَتَأَوَّلُهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ قَالَ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَی أَهْلِ بَیْتِی أَ نَسْأَلُ عَنْهُ آلَ أَبِی سُفْیَانَ یَا مُعَاوِیَةُ أَ تَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ بِالْقُرْآنِ بِمَا فِیهِ مِنْ حَلَالٍ وَ حَرَامٍ فَإِنْ لَمْ تَسْأَلِ الْأُمَّةُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّی تَعْلَمَ تَهْلِكُ وَ تَخْتَلِفُ قَالَ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَ تَأَوَّلُوهُ وَ لَا تَرْوُوا شَیْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكُمْ وَ ارْوُوا
ص: 124
مَا سِوَی ذَلِكَ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی الْقُرْآنِ- یُرِیدُونَ أَنْ یُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (1) قَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ ارْبَعْ عَلَی نَفْسِكَ وَ كُفَّ لِسَانَكَ وَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْیَكُنْ ذَلِكَ سِرّاً لَا یَسْمَعُهُ أَحَدٌ عَلَانِیَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی بَیْتِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ نَادَی مُنَادِی مُعَاوِیَةَ أَنْ بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ رَوَی حَدِیثاً فِی مَنَاقِبِ عَلِیٍّ وَ فَضْلِ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ بَلِیَّةً أَهْلُ الْكُوفَةِ لِكَثْرَةِ مَنْ بِهَا مِنَ الشِّیعَةِ فَاسْتَعْمَلَ زِیَادَ بْنَ أَبِیهِ وَ ضَمَّ إِلَیْهِ الْعِرَاقَیْنِ الْكُوفَةَ وَ الْبَصْرَةَ فَجَعَلَ یَتَتَبَّعُ الشِّیعَةَ وَ هُوَ بِهِمْ عَارِفٌ یَقْتُلُهُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ أَخَافَهُمْ وَ قَطَعَ الْأَیْدِیَ وَ الْأَرْجُلَ وَ صَلَبَهُمْ فِی جُذُوعِ النَّخْلِ وَ سَمَلَ أَعْیُنَهُمْ وَ طَرَدَهُمْ وَ شَرَّدَهُمْ حَتَّی نُفُوا عَنِ الْعِرَاقِ فَلَمْ یَبْقَ بِهَا أَحَدٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فَهُمْ بَیْنَ مَقْتُولٍ أَوْ مَصْلُوبٍ أَوْ مَحْبُوسٍ أَوْ طَرِیدٍ أَوْ شَرِیدٍ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی جَمِیعِ عُمَّالِهِ فِی الْأَمْصَارِ أَنْ لَا تُجِیزُوا لِأَحَدٍ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ شَهَادَةً وَ انْظُرُوا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنْ شِیعَةِ عُثْمَانَ وَ مُحِبِّیهِ وَ مُحِبِّی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أَهْلِ وَلَایَتِهِ وَ الَّذِینَ یَرْوُونَ فَضْلَهُ وَ مَنَاقِبَهُ فَادْنُوا مَجَالِسَهُمْ وَ قَرِّبُوهُمْ وَ أَكْرِمُوهُمْ وَ اكْتُبُوا بِمَنْ یَرْوِی مِنْ مَنَاقِبِهِ بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِیهِ وَ قَبِیلَتِهِ فَفَعَلُوا حَتَّی كَثُرَتِ الرِّوَایَةُ فِی عُثْمَانَ وَ افْتَعَلُوهَا لِمَا كَانَ یَبْعَثُ إِلَیْهِمْ مِنَ الصِّلَاتِ وَ الْخِلَعِ وَ الْقَطَائِعِ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْمَوَالِی فَكَثُرَ ذَلِكَ فِی كُلِّ مِصْرٍ وَ تَنَافَسُوا فِی الْأَمْوَالِ وَ الدُّنْیَا فَلَیْسَ أَحَدٌ یَجِی ءُ مِنْ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ فَیَرْوِی فِی عُثْمَانَ مَنْقَبَةً أَوْ فَضِیلَةً إِلَّا كُتِبَ اسْمُهُ وَ قُرِّبَ وَ أُجِیزَ فَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی عُمَّالِهِ أَنَّ الْحَدِیثَ فِی عُثْمَانَ قَدْ كَثُرَ وَ فَشَا فِی كُلِّ مِصْرٍ فَادْعُوا النَّاسَ إِلَی الرِّوَایَةِ فِی مُعَاوِیَةَ وَ فَضْلِهِ وَ سَوَابِقِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَیْنَا وَ أَقَرُّ لِأَعْیُنِنَا وَ أَدْحَضُ لِحُجَّةِ أَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ وَ أَشَدُّ عَلَیْهِمْ
ص: 125
فَقَرَأَ كُلُّ أَمِیرٍ وَ قَاضٍ كِتَابَهُ عَلَی النَّاسِ فَأَخَذَ النَّاسُ فِی الرِّوَایَاتِ فِی فَضَائِلِ مُعَاوِیَةَ عَلَی الْمِنْبَرِ فِی كُلِّ كُورَةٍ وَ كُلِّ مَسْجِدٍ زُوراً وَ أَلْقَوْا ذَلِكَ إِلَی مُعَلِّمِی الْكَتَاتِیبِ فَعَلَّمُوا ذَلِكَ صِبْیَانَهُمْ كَمَا یُعَلِّمُونَهُمُ الْقُرْآنَ حَتَّی عَلَّمُوهُ بَنَاتَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ حَشَمَهُمْ فَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ كَتَبَ زِیَادُ بْنُ أَبِیهِ إِلَیْهِ فِی حَقِّ الْحَضْرَمِیِّینَ أَنَّهُمْ عَلَی دِینِ عَلِیٍّ وَ عَلَی رَأْیِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ اقْتُلْ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَی دِینِ عَلِیٍّ وَ رَأْیِهِ فَقَتَلَهُمْ وَ مَثَّلَ بِهِمْ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی جَمِیعِ الْبُلْدَانِ انْظُرُوا مَنْ قَامَتْ عَلَیْهِ الْبَیِّنَةُ أَنَّهُ یُحِبُّ عَلِیّاً وَ أَهْلَ بَیْتِهِ فَامْحُوهُ عَنِ الدِّیوَانِ وَ كَتَبَ كِتَاباً آخَرَ انْظُرُوا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ اتَّهَمْتُمُوهُ بِحُبِّهِ فَاقْتُلُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُقَمْ عَلَیْهِ الْبَیِّنَةُ فَقَتَلُوهُمْ عَلَی التُّهَمَةِ وَ الظِّنَّةِ وَ الشُّبْهَةِ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ حَتَّی لَوْ كَانَ الرَّجُلُ تَسْقُطُ مِنْهُ كَلِمَةٌ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ حَتَّی كَانَ الرَّجُلُ یُرْمَی بِالزَّنْدَقَةِ وَ الْكُفْرِ كَانَ یُكَرَّمُ وَ یُعَظَّمُ وَ لَا یُتَعَرَّضُ لَهُ بِمَكْرُوهٍ وَ الرَّجُلُ مِنَ الشِّیعَةِ لَا یَأْمَنُ عَلَی نَفْسِهِ فِی بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ- لَا سِیَّمَا الْكُوفَةَ وَ الْبَصْرَةَ حَتَّی لَوْ أَنَّ أَحَداً مِنْهُمْ أَرَادَ أَنْ یُلْقِیَ سِرّاً إِلَی مَنْ یَثِقُ بِهِ لَأَتَاهُ فِی بَیْتِهِ فَیَخَافُ خَادِمَهُ وَ مَمْلُوكَهُ فَلَا یُحَدِّثُهُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ یَأْخُذَ عَلَیْهِ الْأَیْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ لَیَكْتُمَنَّ عَلَیْهِ ثُمَّ لَا یَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً حَتَّی كَثُرَ وَ ظَهَرَ أَحَادِیثُهُمُ الْكَاذِبَةُ وَ نَشَأَ عَلَیْهِ الصِّبْیَانُ یَتَعَلَّمُونَ ذَلِكَ وَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ فِی ذَلِكَ الْقُرَّاءُ الْمُرَاءُونَ الْمُتَصَنِّعُونَ الَّذِینَ یُظْهِرُونَ الْخُشُوعَ وَ الْوَرَعَ فَكَذَبُوا وَ انْتَحَلُوا الْأَحَادِیثَ وَ وَلَّدُوهَا فَیَحَظُّونَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْوُلَاةِ وَ الْقُضَاةِ وَ یَدْنُونَ مَجَالِسَهُمْ وَ یُصِیبُونَ بِذَلِكَ الْأَمْوَالَ وَ الْقَطَائِعَ وَ الْمَنَازِلَ حَتَّی صَارَتْ أَحَادِیثُهُمْ وَ رِوَایَاتُهُمْ عِنْدَهُمْ حَقّاً وَ صِدْقاً فَرَوَوْهَا وَ قَبِلُوهَا وَ تَعَلَّمُوهَا وَ عَلَّمُوهَا وَ أَحَبُّوا عَلَیْهَا وَ أَبْغَضُوا مَنْ رَدَّهَا أَوْ شَكَّ فِیهَا فَاجْتَمَعَتْ عَلَی ذَلِكَ جَمَاعَتُهُمْ وَ صَارَتْ فِی یَدِ الْمُتَنَسِّكِینَ وَ الْمُتَدَیِّنِینَ مِنْهُمُ الَّذِینَ لَا یَسْتَحِلُّونَ الِافْتِعَالَ لِمِثْلِهَا فَقَبِلُوهَا وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنَّهَا حَقٌّ وَ لَوْ عَلِمُوا بُطْلَانَهَا وَ تَیَقَّنُوا أَنَّهَا مُفْتَعِلَةٌ لَأَعْرَضُوا عَنْ رِوَایَتِهَا وَ لَمْ یَدِینُوا بِهَا وَ لَمْ یُبْغِضُوا مَنْ خَالَفَهَا
ص: 126
فَصَارَ الْحَقُّ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ عِنْدَهُمْ بَاطِلًا وَ الْبَاطِلُ حَقّاً وَ الْكَذِبُ صِدْقاً وَ الصِّدْقُ كَذِباً فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام ازْدَادَ الْبَلَاءُ وَ الْفِتْنَةُ فَلَمْ یَبْقَ لِلَّهِ وَلِیٌّ إِلَّا خَائِفٌ عَلَی نَفْسِهِ أَوْ مَقْتُولٌ أَوْ طَرِیدٌ أَوْ شَرِیدٌ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَوْتِ مُعَاوِیَةَ بِسَنَتَیْنِ حَجَّ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ وَ قَدْ جَمَعَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بَنِی هَاشِمٍ رِجَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ مَوَالِیَهُمْ وَ شِیعَتَهُمْ مَنْ حَجَّ مِنْهُمْ وَ مَنْ لَمْ یَحُجَّ وَ مَنْ بِالْأَمْصَارِ مِمَّنْ یَعْرِفُونَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ ثُمَّ لَمْ یَدَعْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَ التَّابِعِینَ وَ مِنَ الْأَنْصَارِ الْمَعْرُوفِینَ بِالصَّلَاحِ وَ النُّسُكِ إِلَّا جَمَعَهُمْ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِمْ بِمِنًی أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی سُرَادِقِهِ عَامَّتُهُمُ التَّابِعُونَ وَ أَبْنَاءُ الصَّحَابَةِ فَقَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فِیهِمْ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَذَا الطَّاغِیَةَ قَدْ صَنَعَ بِنَا وَ بِشِیعَتِنَا مَا قَدْ عَلِمْتُمْ وَ رَأَیْتُمْ وَ شَهِدْتُمْ وَ بَلَغَكُمْ وَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْ أَشْیَاءَ فَإِنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقُونِی وَ إِنْ كَذَبْتُ فَكَذِّبُونِی اسْمَعُوا مَقَالَتِی وَ اكْتُمُوا قَوْلِی ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَی أَمْصَارِكُمْ وَ قَبَائِلِكُمْ مَنْ أَمِنْتُمْ وَ وَثِقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُمْ إِلَی مَا تَعْلَمُونَ فَإِنِّی أَخَافُ أَنْ یَنْدَرِسَ هَذَا الْحَقُّ وَ یَذْهَبَ- وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ فَمَا تَرَكَ الْحُسَیْنُ علیه السلام شَیْئاً أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا قَالَهُ وَ فَسَّرَهُ وَ لَا شَیْئاً قَالَهُ الرَّسُولُ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَبِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ إِلَّا رَوَاهُ وَ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ الصَّحَابَةُ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَاهُ وَ شَهِدْنَاهُ وَ یَقُولُ التَّابِعُونَ اللَّهُمَّ قَدْ حَدَّثَنَاهُ مَنْ نُصَدِّقُهُ وَ نَأْتَمِنُهُ حَتَّی لَمْ یَتْرُكْ شَیْئاً إِلَّا قَالَهُ ثُمَّ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ إِلَّا رَجَعْتُمْ وَ حَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونَ بِهِ ثُمَّ نَزَلَ وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ (1).
ص: 127
بیان: قال الجوهری قال ابن السكیت ربع الرجل یربع إذا وقف و تحبس و منه قولهم اربع علی نفسك و اربع علی ظلعك أی ارفق بنفسك و كف و قال الكتاب و المكتب واحد و الجمع الكتاتیب.
أقول: قد روینا الخبر من أصل كتاب سلیم أبسط من ذلك فی كتاب الفتن.
«17»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَزْرَقِ عَنْ أَبِی الْجَحَّافِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ: لَمَّا اسْتَوْثَقَ الْأَمْرُ لِمُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَنْفَذَ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ إِلَی الْحِجَازِ فِی طَلَبِ شِیعَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كَانَ عَلَی مَكَّةَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَطَلَبَهُ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ فَأُخْبِرَ أَنَّ لَهُ وَلَدَیْنِ صَبِیَّیْنِ فَبَحَثَ عَنْهُمَا فَوَجَدَهُمَا فَأَخَذَهُمَا وَ أَخْرَجَهُمَا مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِی كَانَا فِیهِ وَ لَهُمَا ذُؤَابَتَانِ فَأَمَرَ بِذَبْحِهِمَا فَذُبِحَا(1)
وَ بَلَغَ أُمَّهُمَا الْخَبَرُ فَكَادَتْ نَفْسُهَا تَخْرُجُ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:
هَا مَنْ أَحَسَّ بِابْنَیَّ اللَّذَیْنِ هُمَا*** كَالدُّرَّتَیْنِ تَشَظَّی عَنْهُمَا الصَّدَفُ
هَا مَنْ أَحَسَّ بِابْنَیَّ اللَّذَیْنِ هُمَا*** سَمْعِی وَ عَیْنِی فَقَلْبِی الْیَوْمَ مُخْتَطِفٌ
نُبِّئْتُ بُسْراً وَ مَا صَدَّقْتُ مَا زَعَمُوا*** مِنْ قَوْلِهِمْ وَ مِنَ الْإِفْكِ الَّذِی اقْتَرَفُوا
أَضْحَتْ عَلَی وَدَجَیْ طِفْلَیَّ مُرْهَفَةً*** مَشْحُوذَةً وَ كَذَاكَ الظُّلْمُ وَ السَّرَفُ
مَنْ دَلَّ وَالِهَةً عَبْرَاءَ مُفْجَعَةً*** عَلَی صَبِیَّیْنِ فَاتَا إِذْ مَضَی السَّلَفُ
ص: 128
قَالَ ثُمَّ اجْتَمَعَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ مِنْ بَعْدُ وَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لِعُبَیْدِ اللَّهِ أَ تَعْرِفُ هَذَا الشَّیْخَ قَاتِلَ الصَّبِیَّیْنِ قَالَ بُسْرٌ نَعَمْ أَنَا قَاتِلُهُمَا فَمَهْ فَقَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ لِی سَیْفاً قَالَ بُسْرٌ فَهَاكَ سَیْفِی وَ أَوْمَأَ إِلَی سَیْفِهِ فَزَبَرَهُ مُعَاوِیَةُ وَ انْتَهَرَهُ وَ قَالَ أُفٍّ لَكَ مِنْ شَیْخٍ مَا أَحْمَقَكَ تَعْمِدُ إِلَی رَجُلٍ قَدْ قَتَلْتَ ابْنَیْهِ فَتُعْطِیهِ سَیْفَكَ كَأَنَّكَ لَا تَعْرِفُ أَكْبَادَ بَنِی هَاشِمٍ وَ اللَّهِ لَوْ دَفَعْتَهُ إِلَیْهِ لَبَدَأَ بِكَ وَ ثَنَّی بِی فَقَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ بَلْ وَ اللَّهِ كُنْتُ أَبْدَأُ بِكَ وَ أُثَنِّی بِهِ.
بیان: ها حرف تنبیه و قال الجوهری الشظیة الفلقة من العصا و نحوها و الجمع الشظایا یقال تشظّی الشی ء إذا تطایر شظایا و قال كالدّرّتین تشظّی عنهما الصدف (1).
«18»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَالِكٍ النَّحْوِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَطَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِصْبَاعِیِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: كُنْتُ غَازِیاً زَمَنَ مُعَاوِیَةَ بِخُرَاسَانَ وَ كَانَ عَلَیْنَا رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِینَ فَصَلَّی بِنَا یَوْماً الظُّهْرَ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِی الْإِسْلَامِ حَدَثٌ عَظِیمٌ لَمْ یَكُنْ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله مِثْلُهُ بَلَغَنِی أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَتَلَ حُجْراً وَ أَصْحَابَهُ فَإِنْ یَكُ عِنْدَ الْمُسْلِمِینَ غِیَرٌ فَسَبِیلُ ذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُمْ غِیَرٌ فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَقْبِضَنِی إِلَیْهِ وَ أَنْ یُعَجِّلَ إِلَیْهِ وَ أَنْ یُعَجِّلَ ذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِی الْحَسَنِ فَلَا وَ اللَّهِ صَلَّی بِنَا صَلَاةً غَیْرَهَا حَتَّی سَمِعْنَا عَلَیْهِ الصِّیَاحَ.
بیان: الغیر بكسر الغین و فتح الیاء الاسم من قولك غیرت الشی ء فتغیر.
«19»- ج، [الإحتجاج] عَنْ صَالِحِ بْنِ كَیْسَانَ قَالَ: لَمَّا قَتَلَ مُعَاوِیَةُ حُجْرَ بْنَ عَدِیٍّ وَ أَصْحَابَهُ حَجَّ ذَلِكَ الْعَامَ فَلَقِیَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَلْ بَلَغَكَ مَا صَنَعْنَا بِحُجْرٍ وَ أَصْحَابِهِ وَ أَشْیَاعِهِ وَ شِیعَةِ أَبِیكَ فَقَالَ وَ مَا صَنَعْتَ بِهِمْ قَالَ قَتَلْنَاهُمْ وَ كَفَّنَّاهُمْ وَ صَلَّیْنَا عَلَیْهِمْ فَضَحِكَ الْحُسَیْنُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ خَصَمَكَ الْقَوْمُ یَا مُعَاوِیَةُ لَكِنَّنَّا لَوْ قَتَلْنَا
ص: 129
شِیعَتَكَ مَا كَفَّنَّاهُمْ وَ لَا صَلَّیْنَا عَلَیْهِمْ وَ لَا أَقْبَرْنَاهُمْ.
وَ لَقَدْ بَلَغَنِی وَقِیعَتُكَ فِی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قِیَامُكَ بِنَقْصِنَا وَ اعْتِرَاضُكَ بَنِی هَاشِمٍ بِالْعُیُوبِ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَارْجِعْ فِی نَفْسِكَ ثُمَّ سَلْهَا الْحَقَّ عَلَیْهَا وَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدْهَا أَعْظَمَ عَیْباً فَمَا أَصْغَرَ عَیْبَكَ فِیكَ فَقَدْ ظَلَمْنَاكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ لَا تُوتِرَنَّ غَیْرَ قَوْسِكَ وَ لَا تَرْمِیَنَّ غَیْرَ غَرَضِكَ وَ لَا تَرْمِنَا بِالْعَدَاوَةِ مِنْ مَكَانٍ قَرِیبٍ فَإِنَّكَ وَ اللَّهِ قَدْ أَطَعْتَ فِینَا رَجُلًا مَا قَدُمَ إِسْلَامُهُ وَ لَا حَدُثَ نِفَاقُهُ وَ لَا نَظَرَ لَكَ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ أَوْ دَعْ یَعْنِی عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ.
كشف: لما قتل معاویة حجر بن عدی و ذكر نحوه (1).
«20»- كش، [رجال الكشی] جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ رَفَعَهُ قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله سَرِیَّةً فَقَالَ لَهُمْ إِنَّكُمْ تَضِلُّونَ سَاعَةَ كَذَا مِنَ اللَّیْلِ فَخُذُوا ذَاتَ الْیَسَارِ فَإِنَّكُمْ تَمُرُّونَ بِرَجُلٍ فِی شَاتِهِ فَتَسْتَرْشِدُونَهُ فَیَأْبَی أَنْ یُرْشِدَكُمْ حَتَّی تُصِیبُوا مِنْ طَعَامِهِ فَیَذْبَحُ لَكُمْ كَبْشاً فَیُطْعِمُكُمْ ثُمَّ یَقُومُ فَیُرْشِدُكُمْ فَأَقْرِءُوهُ مِنِّی السَّلَامَ وَ أَعْلِمُوهُ أَنِّی قَدْ ظَهَرْتُ بِالْمَدِینَةِ فَمَضَوْا فَضَلُّوا الطَّرِیقَ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَ لَمْ یَقُلْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله تَیَاسَرُوا فافعلوا [فَفَعَلُوا] فَمَرُّوا بِالرَّجُلِ الَّذِی قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَاسْتَرْشَدُوهُ فَقَالَ لَهُمُ الرَّجُلُ لَا أَفْعَلُ حَتَّی تُصِیبُوا مِنْ طَعَامِی فَفَعَلُوا فَأَرْشَدَهُمُ الطَّرِیقَ وَ نَسُوا أَنْ یُقْرِءُوهُ السَّلَامَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُمُ الرَّجُلُ وَ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ أَ ظَهَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْمَدِینَةِ فَقَالُوا نَعَمْ فَلَحِقَ بِهِ وَ لَبِثَ مَعَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله ارْجِعْ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی مِنْهُ هَاجَرْتَ فَإِذَا تَوَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَأْتِهِ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ حَتَّی إِذَا نَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْكُوفَةَ أَتَاهُ فَأَقَامَ مَعَهُ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لَهُ لَكَ دَارٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ بِعْهَا وَ اجْعَلْهَا فِی الْأَزْدِ فَإِنِّی غَداً لَوْ غِبْتُ لَطُلِبْتَ فَمَنَعَكَ الْأَزْدُ حَتَّی تَخْرُجَ مِنَ الْكُوفَةِ مُتَوَجِّهاً
ص: 130
إِلَی حِصْنِ الْمَوْصِلِ فَتَمُرَّ بِرَجُلٍ مُقْعَدٍ فَتَقْعُدَ عِنْدَهُ ثُمَّ تَسْتَسْقِیَهُ فَیُسْقِیَكَ وَ یَسْأَلَكَ عَنْ شَأْنِكَ فَأَخْبِرْهُ وَ ادْعُهُ إِلَی الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ یُسْلِمُ وَ امْسَحْ بِیَدِكَ عَلَی وَرِكَیْهِ فَإِنَّ اللَّهَ یَمْسَحُ مَا بِهِ وَ یَنْهَضُ قَائِماً فَیَتَّبِعُكَ وَ تَمُرُّ بِرَجُلٍ أَعْمَی عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ فَتَسْتَسْقِیهِ فَیُسْقِیكَ وَ یَسْأَلُكَ عَنْ شَأْنِكَ فَأَخْبِرْهُ وَ ادْعُهُ إِلَی الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ یُسْلِمُ وَ امْسَحْ بِیَدِكَ عَلَی عَیْنَیْهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُعِیدُهُ بَصِیراً فَیَتَّبِعُكَ وَ هُمَا یُوَارِیَانِ بَدَنَكَ فِی التُّرَابِ ثُمَّ تَتْبَعُكَ الْخَیْلُ فَإِذَا صِرْتَ قَرِیباً مِنَ الْحِصْنِ فِی مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا رَهَقَتْكَ الْخَیْلُ فَانْزِلْ عَنْ فَرَسِكَ وَ مُرَّ إِلَی الْغَارِ فَإِنَّهُ یَشْتَرِكُ فِی دَمِكَ فَسَقَةٌ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فَفَعَلَ مَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی الْحِصْنِ قَالَ لِلرَّجُلَیْنِ اصْعَدَا فَانْظُرَا هَلْ تَرَیَانِ شَیْئاً قَالا نَرَی خَیْلًا مُقْبِلَةً فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ دَخَلَ الْغَارَ وَ عَارَ فَرَسُهُ فَلَمَّا دَخَلَ الْغَارَ ضَرَبَهُ أَسْوَدُ سَالِخٌ فِیهِ وَ جَاءَتِ الْخَیْلُ فَلَمَّا رَأَوْا فَرَسَهُ عَائِراً قَالُوا هَذَا فَرَسُهُ وَ هُوَ قَرِیبٌ وَ طَلَبَهُ الرِّجَالُ فَأَصَابُوهُ فِی الْغَارِ فَكُلَّمَا ضَرَبُوا أَیْدِیَهُمْ إِلَی شَیْ ءٍ مِنْ جِسْمِهِ تَبِعَهُمُ اللَّحْمُ فَأَخَذُوا رَأْسَهُ فَأَتَوْا بِهِ مُعَاوِیَةَ فَنَصَبَهُ عَلَی رُمْحٍ وَ هُوَ أَوَّلُ رَأْسٍ نُصِبَ فِی الْإِسْلَامِ (1).
ص: 131
إیضاح: عار الفرس أی انفلت و ذهب هاهنا و هاهنا من مرحه ذكره الجوهری و قال السالخ الأسود من الحیّات یقال أسود سالخ غیر مضاف لأنه یسلخ جلده كل عام.
أقول: قد مر أخبار فضله و شهادته رضی اللّٰه عنه فی كتاب الفتن فی باب أحوال أصحاب أمیر المؤمنین صلوات علیه.
«21»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ التَّمَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْأَعْرَابِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عُمْرُوسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: خَطَبَ النَّاسَ یَوْماً مُعَاوِیَةُ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ وَ فِی الْجَامِعِ یَوْمَئِذٍ مِنَ الْوُفُودِ عُلَمَاءُ قُرَیْشٍ وَ خُطَبَاءُ رَبِیعَةَ وَ مَدَارِهُهَا وَ صَنَادِیدُ الْیَمَنِ وَ مُلُوكُهَا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَكْرَمَ خُلَفَاءَهُ فَأَوْجَبَ لَهُمُ الْجَنَّةَ وَ أَنْقَذَهُمْ مِنَ النَّارِ ثُمَّ جَعَلَنِی مِنْهُمْ وَ جَعَلَ أَنْصَارِی أَهْلَ الشَّامِ الذَّابِّینَ عَنْ حُرَمِ اللَّهِ الْمُؤَیَّدِینَ بِظَفَرِ اللَّهِ الْمَنْصُورِینَ عَلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ قَالَ وَ كَانَ فِی الْجَامِعِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ فَقَالَ الْأَحْنَفُ لِصَعْصَعَةَ أَ تَكْفِینِی أَمْ أَقُومُ إِلَیْهِ أَنَا فَقَالَ صَعْصَعَةُ لِلْأَحْنَفِ بَلْ أَكْفِیكَهُ أَنَا ثُمَّ قَامَ صَعْصَعَةُ فَقَالَ یَا ابْنَ أَبِی سُفْیَانَ تَكَلَّمْتَ فَأَبْلَغْتَ وَ لَمْ تَقْصُرْ دُونَ مَا أَرَدْتَ وَ كَیْفَ یَكُونُ مَا تَقُولُ وَ قَدْ غَلَبْتَنَا قَسْراً وَ مَلَكْتَنَا تَجَبُّراً وَ دِنْتَنَا بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ اسْتَوْلَیْتَ بِأَسْبَابِ الْفَضْلِ عَلَیْنَا فَأَمَّا إِطْرَاؤُكَ لِأَهْلِ الشَّامِ فَمَا رَأَیْتُ أَطْوَعَ لِمَخْلُوقٍ وَ أَعْصَی لِخَالِقٍ مِنْهُمْ قَوْمٌ ابْتَعْتَ مِنْهُمْ دِینَهُمْ وَ أَبْدَانَهُمْ بِالْمَالِ فَإِنْ أَعْطَیْتَهُمْ حَامُوا عَلَیْكَ وَ نَصَرُوكَ وَ إِنْ مَنَعْتَهُمْ قَعَدُوا عَنْكَ وَ رَفَضُوكَ قَالَ مُعَاوِیَةُ اسْكُتْ ابْنَ صُوحَانَ فَوَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنِّی لَمْ أَتَجَرَّعْ غُصَّةَ غَیْظٍ قَطُّ أَفْضَلَ مِنْ حِلْمٍ وَ أَحْمَدَ مِنْ كَرَمٍ سِیَّمَا فِی الْكَفِّ عَنْ مِثْلِكَ وَ الِاحْتِمَالِ لِذَوِیكَ لَمَا عُدْتَ إِلَی مِثْلِ مَقَالَتِكَ فَقَعَدَ صَعْصَعَةُ فَأَنْشَأَ مُعَاوِیَةُ یَقُولُ:
قَبِلْتُ جَاهِلَهُمْ حِلْماً وَ مَكْرُمَةً*** وَ الْحِلْمُ عَنْ قُدْرَةٍ فَضْلٌ مِنَ الْكَرَمِ.
إیضاح: المدره كمنبر السیّد الشریف و المُقدم فی اللسان و الید عند
ص: 132
الخصومة و القتال.
«22»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَكِیمِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَیْرٍ اللَّخْمِیِّ قَالَ: قَدِمَ حَارِثَةُ بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِیُّ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ مَعَ مُعَاوِیَةَ عَلَی السَّرِیرِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ الْحُبَابُ الْمُجَاشِعِیُّ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا حَارِثَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ وَ كَانَ نَبِیلًا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ مَا عَسَیْتَ أَنْ تَكُونَ هَلْ أَنْتَ إِلَّا نَحْلَةٌ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ یَا مُعَاوِیَةُ قَدْ شَبَّهْتَنِی بِالنَّحْلَةِ(1)
وَ هِیَ وَ اللَّهِ حَامِیَةُ اللَّسْعَةِ حُلْوَةُ الْبُصَاقِ مَا مُعَاوِیَةُ إِلَّا كَلْبَةٌ تُعَاوِی الْكِلَابَ وَ مَا أُمَیَّةُ إِلَّا تَصْغِیرُ أَمَةٍ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَا تَفْعَلْ قَالَ إِنَّكَ فَعَلْتَ فَفَعَلْتُ قَالَ لَهُ فَادْنُ اجْلِسْ مَعِی عَلَی السَّرِیرِ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنِّی رَأَیْتُ هَذَیْنِ قَدْ أَمَاطَاكَ عَنْ مَجْلِسِكَ فَلَمْ أَكُنْ لِأُشَارِكَهُمَا قَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ ادْنُ أُسَارَّكَ فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ یَا حَارِثَةُ إِنِّی اشْتَرَیْتُ مِنْ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ دِینَهُمَا قَالَ وَ مِنِّی فَاشْتَرِ یَا مُعَاوِیَةُ قَالَ لَهُ لَا تَجْهَرْ.
بیان: حامیة اللسعة إما كنایة عن عدم الشوك فیها و عدم التضرر بها أو أنها لطولها یمكن التحرز عن المؤذیات بالصعود علیها أو أن ثمرها ینفع فی دفع السموم.
ص: 133
«1»- كا، [الكافی]: وُلِدَ علیه السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فِی سَنَةِ بَدْرٍ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَ رُوِیَ أَنَّهُ وُلِدَ فِی سَنَةِ ثَلَاثٍ وَ مَضَی علیه السلام فِی شَهْرِ صَفَرٍ فِی آخِرِهِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ مَضَی وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ أَشْهُرٍ(1).
«2»- یب، [تهذیب الأحكام]: وُلِدَ علیه السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ قُبِضَ بِالْمَدِینَةِ مَسْمُوماً فِی صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ كَانَ سِنُّهُ یَوْمَئِذٍ سَبْعاً وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً.
أقول: قال الشهید رحمه اللّٰه فی الدروس: ولد علیه السلام بالمدینة یوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان سنة اثنتین من الهجرة و قال المفید سنة ثلاث و قبض بها مسموما یوم الخمیس سابع صفر سنة تسع و أربعین أو سنة خمسین من الهجرة عن سبع و أربعین أو ثمان.
و قال الكفعمی: ولد علیه السلام فی یوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة و توفی یوم الخمیس سابع شهر صفر سنة خمسین من الهجرة و نقش خاتمه العزة لله و كان له خمسة عشر ولدا و كانت أزواجه أربعة و ستین عدا الجواری و كان بابه سفینة.
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وُلِدَ الْحَسَنُ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ لَیْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ- عَامَ أُحُدٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ قِیلَ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ وَ جَاءَتْ بِهِ فَاطِمَةُ علیها السلام إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ السَّابِعِ مِنْ مَوْلِدِهِ فِی خِرْقَةٍ مِنْ حَرِیرِ الْجَنَّةِ وَ كَانَ جَبْرَئِیلُ نَزَلَ بِهَا إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَمَّاهُ حَسَناً وَ عَقَّ عَنْهُ كَبْشاً فَعَاشَ مَعَ جَدِّهِ سَبْعَ سِنِینَ وَ أَشْهُراً وَ قِیلَ ثَمَانَ سِنِینَ
ص: 134
وَ مَعَ أَبِیهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ بَعْدَهُ تِسْعَ سِنِینَ وَ قَالُوا عَشْرَ سِنِینَ.
وَ كَانَ علیه السلام رَبْعَ الْقَامَةِ وَ لَهُ مَحَاسِنُ كَثَّةٌ(1) وَ بُویِعَ بَعْدَ أَبِیهِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ الْحَادِی وَ الْعِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِی سَنَةِ أَرْبَعِینَ وَ كَانَ أَمِیرُ جَیْشِهِ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ ثُمَّ قَیْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ كَانَ عُمُرُهُ لَمَّا بُویِعَ سَبْعاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَبَقِیَ فِی خِلَافَتِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ وَقَعَ الصُّلْحُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ فِی سَنَةِ إِحْدَی وَ أَرْبَعِینَ وَ خَرَجَ الْحَسَنُ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرَ سِنِینَ وَ سَمَّاهُ اللَّهُ الْحَسَنَ وَ سَمَّاهُ فِی التَّوْرَاةِ شَبَّراً وَ كُنْیَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَ أَبُو الْقَاسِمِ وَ أَلْقَابُهُ السَّیِّدُ وَ السِّبْطُ وَ الْأَمِینُ (2) وَ الْحُجَّةُ وَ الْبَرُّ وَ التَّقِیُّ وَ الْأَثِیرُ وَ الزَّكِیُّ وَ الْمُجْتَبَی وَ السِّبْطُ الْأَوَّلُ وَ الزَّاهِدُ وَ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ظَلَّ مَظْلُوماً وَ مَاتَ مَسْمُوماً وَ قُبِضَ بِالْمَدِینَةِ بَعْدَ مُضِیِّ عَشْرِ سِنِینَ مِنْ مُلْكِ مُعَاوِیَةَ فَكَانَ فِی سِنِی إِمَامَتِهِ أَوَّلُ مُلْكِ مُعَاوِیَةَ فَمَرِضَ أَرْبَعِینَ یَوْماً وَ مَضَی لَیْلَتَیْنِ بَقِیَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ قِیلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ عُمُرُهُ سَبْعٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ أَشْهُرٌ وَ قِیلَ ثَمَانٌ وَ أَرْبَعُونَ وَ قِیلَ فِی سَنَةِ تَمَامِ خَمْسِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ كَانَ بَذَلَ مُعَاوِیَةُ لِجَعْدَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ
الْكِنْدِیِّ وَ هِیَ ابْنَةُ أُمِّ فَرْوَةَ أُخْتِ أَبِی بَكْرِ بْنِ أَبِی قُحَافَةَ عَشَرَةَ آلَافِ دِینَارٍ وَ أَقْطَاعَ عَشَرَةِ ضِیَاعٍ مِنْ سَقْیِ سُورَا(3)
وَ سَوَادِ الْكُوفَةِ عَلَی أَنْ تَسُمَّ الْحَسَنَ علیه السلام وَ تَوَلَّی الْحُسَیْنُ علیه السلام غُسْلَهُ وَ تَكْفِینَهُ وَ دَفْنَهُ وَ قَبْرَهُ بِالْبَقِیعِ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ(4).
ص: 135
«4»- كشف، [كشف الغمة] قَالَ كَمَالُ الدِّینِ بْنُ طَلْحَةَ: أَصَحُّ مَا قِیلَ فِی وِلَادَتِهِ علیه السلام أَنَّهُ وُلِدَ بِالْمَدِینَةِ فِی النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ كَانَ وَالِدُهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَدْ بَنَی بِفَاطِمَةَ علیها السلام فِی ذِی الْحِجَّةِ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِیَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ فَكَانَ الْحَسَنُ علیه السلام أَوَّلَ أَوْلَادِهَا وَ قِیلَ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ الصَّحِیحُ خِلَافُهُ وَ لَمَّا وُلِدَ علیه السلام وَ أُعْلِمَ بِهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَخَذَهُ وَ أَذَّنَ فِی أُذُنِهِ وَ مِثْلَ ذَلِكَ رَوَی الْجَنَابِذِیُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ الْأَخْضَرِ وَ رَوَی ابْنُ الْخَشَّابِ أَنَّهُ وُلِدَ علیه السلام لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ لَمْ یُولَدْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مَوْلُودٌ فَعَاشَ إِلَّا الْحَسَنُ علیه السلام وَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ علیهما السلام.
وَ رَوَی الدُّولَابِیُّ فِی كِتَابِهِ الْمُسَمَّی كِتَابَ الذُّرِّیَّةِ الطَّاهِرَةِ، قَالَ: تَزَوَّجَ عَلِیٌّ فَاطِمَةَ علیها السلام فَوَلَدَتْ لَهُ حَسَناً بَعْدَ أُحُدٍ بِسَنَتَیْنِ وَ كَانَ بَیْنَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَ بَیْنَ مَقْدَمِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ سَنَتَانِ وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَ نِصْفٌ فَوَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِینَ وَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَ نِصْفٍ مِنَ التَّارِیخِ وَ بَیْنَ أُحُدٍ وَ بَدْرٍ سَنَةٌ وَ نِصْفٌ وَ رُوِیَ أَنَّهَا علیها السلام وَلَدَتْهُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ رُوِیَ أَنَّهُ وُلِدَ فِی النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ كُنْیَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَ رُوِیَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله عَقَّ عَنْهُ بِكَبْشٍ وَ حَلَقَ رَأْسَهُ وَ أَمَرَ أَنْ یُتَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ فِضَّةٌ وَ رُوِیَ أَنَّ فَاطِمَةَ علیها السلام أَرَادَتْ أَنْ تَعُقَّ عَنْهُ بِكَبْشٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله لَا تَعُقِّی عَنْهُ وَ لَكِنِ احْلِقِی رَأْسَهُ ثُمَّ تَصَدَّقِی بِوَزْنِهِ مِنَ الْوَرِقِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مِنْهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ كَبْشاً وَ عَنِ الْحُسَیْنِ كَبْشاً.
وَ قَالَ الْكَنْجِیُّ الشَّافِعِیُّ فِی كِتَابِ كِفَایَةِ الطَّالِبِ:- الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ كُنْیَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وُلِدَ بِالْمَدِینَةِ لَیْلَةَ النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1).
ص: 136
وَ رُوِیَ مَرْفُوعاً إِلَی أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَیُّوبَ الْمُغِیرِیِّ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَبْیَضَ مُشْرَباً حُمْرَةً أَدْعَجَ الْعَیْنَیْنِ سَهْلَ الْخَدَّیْنِ دَقِیقَ الْمَسْرُبَةِ كَثَّ اللِّحْیَةِ ذَا وَفْرَةٍ وَ كَأَنَّ عُنُقَهُ إِبْرِیقُ فِضَّةٍ عَظِیمَ الْكَرَادِیسِ بَعِیدَ مَا بَیْنَ الْمَنْكِبَیْنِ رَبْعَةً لَیْسَ بِالطَّوِیلِ وَ لَا الْقَصِیرِ مَلِیحاً مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهاً وَ كَانَ یَخْضِبُ بِالسَّوَادِ وَ كَانَ جَعْدَ الشَّعْرِ حَسَنَ الْبَدَنِ.
وَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: أَشْبَهَ الْحَسَنُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَا بَیْنَ الصَّدْرِ إِلَی الرَّأْسِ وَ الْحُسَیْنُ أَشْبَهَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ (1).
بیان: الدعج شدة سواد العین مع سعتها قوله سهل الخدین أی سائل الخدین غیر مرتفع الوجنتین و المسربة بضم الراء ما دق من شعر الصدر سائلا إلی الجوف (2) و كثّ الشی ء أی كثف و الوفرة الشعرة إلی شحمة الأذن و كل عظمین التقیا فی مفصل فهو كردوس.
«5»- كشف، [كشف الغمة] قَالَ عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ الْأَخْضَرِ الْجَنَابِذِیُ (3): تُوُفِّیَ علیها السلام وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ وَلِیَ غُسْلَهُ الْحُسَیْنُ وَ مُحَمَّدٌ وَ الْعَبَّاسُ إِخْوَتُهُ وَ صَلَّی عَلَیْهِ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ فِی سَنَةِ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ (4).
ص: 137
وَ قَالَ الْحَافِظُ فِی الْحِلْیَةِ رُوِیَ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ رَجُلٌ عَلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام نَعُودُهُ فَقَالَ یَا فُلَانُ سَلْنِی قَالَ لَا وَ اللَّهِ- لَا أَسْأَلُكَ حَتَّی یُعَافِیَكَ اللَّهُ ثُمَّ نَسْأَلُكَ قَالَ ثُمَّ دَخَلَ الْخَلَاءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَیْنَا فَقَالَ سَلْنِی قَبْلَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِی قَالَ بَلْ یُعَافِیكَ اللَّهُ ثُمَّ لَنَسْأَلُكَ قَالَ أُلْقِیَتْ طَائِفَةٌ مِنْ كَبِدِی وَ إِنِّی قَدْ سُقِیتُ السَّمَّ مِرَاراً فَلَمْ أُسْقَ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَیْهِ مِنَ الْغَدِ وَ هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ وَ الْحُسَیْنُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ یَا أَخِی مَنْ تَتَّهِمُ قَالَ لِمَ لِتَقْتُلَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنْ یَكُنِ الَّذِی أَظُنُّ فَإِنَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكِیلًا وَ إِلَّا یَكُنْ فَمَا أُحِبُّ أَنْ یُقْتَلَ بِی بَرِی ءٌ ثُمَّ قَضَی علیه السلام.
وَ عَنْ رُقَیَّةَ بْنِ مَصْقَلَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ الْمَوْتُ قَالَ أَخْرِجُونِی إِلَی الصَّحْرَاءِ لَعَلِّی أَنْظُرُ فِی مَلَكُوتِ السَّمَاءِ یَعْنِی الْآیَاتِ فَلَمَّا أُخْرِجَ بِهِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَحْتَسِبُ نَفْسِی عِنْدَكَ فَإِنَّهَا أَعَزُّ الْأَنْفُسِ عَلَیَّ وَ كَانَ لَهُ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ أَنَّهُ احْتَسَبَ نَفْسَهُ (1).
بیان: قوله علیه السلام اللّٰهم إنی أحتسب نفسی عندك أی أرضی بذهاب نفسی و شهادتی و لا أطلب القود طالبا لرضاك أو أطلب منك أن تجعلها عندك فی محالّ القدس.
«6»- نص، [كفایة الأثر] مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْهَیْثَمِ عَنْ جَدِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِیهِ بُهْلُولِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَیْدٍ الرَّقِّیِّ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ مَانِی الْعَبْسِیِّ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ طَسْتٌ یُقْذَفُ عَلَیْهِ الدَّمُ وَ یَخْرُجُ كَبِدُهُ قِطْعَةً قِطْعَةً مِنَ السَّمِّ الَّذِی أَسْقَاهُ مُعَاوِیَةُ(2) فَقُلْتُ یَا مَوْلَایَ
ص: 138
مَا لَكَ لَا تُعَالِجُ نَفْسَكَ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بِمَا ذَا أُعَالِجُ الْمَوْتَ قُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ عَهِدَ إِلَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ یَمْلِكُهُ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً مِنْ وُلْدِ عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ مَا مِنَّا إِلَّا مَسْمُومٌ أَوْ مَقْتُولٌ ثُمَّ رُفِعَتِ الطَّسْتُ وَ بَكَی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ عِظْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ اسْتَعِدَّ لِسَفَرِكَ وَ حَصِّلْ زَادَكَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ تَطْلُبُ الدُّنْیَا وَ الْمَوْتُ یَطْلُبُكَ وَ لَا تَحْمِلْ هَمَّ یَوْمِكَ الَّذِی لَمْ یَأْتِ عَلَی یَوْمِكَ الَّذِی أَنْتَ فِیهِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَكْسِبُ مِنَ الْمَالِ شَیْئاً فَوْقَ قُوتِكَ إِلَّا كُنْتَ فِیهِ خَازِناً لِغَیْرِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا عِقَابٌ وَ فِی الشُّبُهَاتِ عِتَابٌ فَأَنْزِلِ الدُّنْیَا بِمَنْزِلَةِ الْمَیْتَةِ خُذْ مِنْهَا مَا یَكْفِیكَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا كُنْتَ قَدْ زَهِدْتَ فِیهَا وَ إِنْ كَانَ حَرَاماً لَمْ یَكُنْ فِیهِ وِزْرٌ فَأَخَذْتَ كَمَا أَخَذْتَ مِنَ الْمَیْتَةِ وَ إِنْ كَانَ الْعِتَابُ فَإِنَّ الْعِتَابَ یَسِیرٌ وَ اعْمَلْ لِدُنْیَاكَ كَأَنَّكَ تَعِیشُ أَبَداً وَ اعْمَلْ لآِخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَداً وَ إِذَا أَرَدْتَ عِزّاً بِلَا عَشِیرَةٍ وَ هَیْبَةً بِلَا سُلْطَانٍ فَاخْرُجْ مِنْ ذُلِّ مَعْصِیَةِ اللَّهِ إِلَی عِزِّ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذَا نَازَعَتْكَ إِلَی صُحْبَةِ الرِّجَالِ حَاجَةٌ فَاصْحَبْ مَنْ إِذَا صَحِبْتَهُ زَانَكَ وَ إِذَا خَدَمْتَهُ صَانَكَ وَ إِذَا أَرَدْتَ مِنْهُ مَعُونَةً أَعَانَكَ وَ إِنْ قُلْتَ صَدَّقَ قَوْلَكَ وَ إِنْ صُلْتَ شَدَّ صَوْلَكَ (1)
وَ إِنْ مَدَدْتَ یَدَكَ بِفَضْلٍ مَدَّهَا وَ إِنْ بَدَتْ عَنْكَ ثُلْمَةٌ سَدَّهَا وَ إِنْ رَأَی مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا وَ إِنْ سَأَلْتَهُ أَعْطَاكَ وَ إِنْ سَكَتَّ عَنْهُ ابْتَدَأَكَ وَ إِنْ نَزَلَتْ إِحْدَی الْمُلِمَّاتِ بِهِ سَاءَكَ
ص: 139
مَنْ لَا تَأْتِیكَ مِنْهُ الْبَوَائِقُ وَ لَا یَخْتَلِفُ عَلَیْكَ مِنْهُ الطَّرَائِقُ وَ لَا یَخْذُلُكَ عِنْدَ الْحَقَائِقِ وَ إِنْ تَنَازَعْتُمَا مُنْقَسِماً آثَرَكَ قَالَ ثُمَّ انْقَطَعَ نَفَسُهُ وَ اصْفَرَّ لَوْنُهُ حَتَّی خَشِیتُ عَلَیْهِ وَ دَخَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ الْأَسْوَدُ بْنُ أَبِی الْأَسْوَدِ فَانْكَبَّ عَلَیْهِ حَتَّی قَبَّلَ رَأْسَهُ وَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ ثُمَّ قَعَدَ عِنْدَهُ فَتَسَارَّا جَمِیعاً فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ- إِنَّا لِلَّهِ إِنَّ الْحَسَنَ قَدْ نُعِیَتْ إِلَیْهِ نَفْسُهُ وَ قَدْ أَوْصَی إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ تُوُفِّیَ یَوْمَ الْخَمِیسِ فِی آخِرِ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ لَهُ سَبْعٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِالْبَقِیعِ.
«7»- عُیُونُ الْمُعْجِزَاتِ لِلْمُرْتَضَی رَحِمَهُ اللَّهُ،: كَانَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ أَشْهُرٍ وَ وَلَدَتْ فَاطِمَةُ أَبَا مُحَمَّدٍعلیهما السلام وَ لَهَا إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً كَامِلَةً وَ كَانَتْ وِلَادَتُهُ مِثْلَ وِلَادَةِ جَدِّهِ وَ أَبِیهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ طَاهِراً مُطَهَّراً یُسَبِّحُ وَ یُهَلِّلُ
فِی حَالِ وِلَادَتِهِ وَ یَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَلَی مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ الْحَدِیثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ جَبْرَئِیلَ نَاغَاهُ فِی مَهْدِهِ وَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ كَانَ لَهُ سَبْعُ سِنِینَ وَ شُهُورٌ وَ كَانَ سَبَبُ مُفَارَقَةِ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ علیه السلام دَارَ الدُّنْیَا وَ انْتِقَالِهِ إِلَی دَارِ الْكَرَامَةِ عَلَی مَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بَذَلَ لِجَعْدَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ زَوْجَةِ أَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام عَشَرَةَ آلَافِ دِینَارٍ وَ إِقْطَاعَاتٍ (1) كَثِیرَةً مِنْ شِعْبِ سُورَا وَ سَوَادِ الْكُوفَةِ وَ حَمَلَ إِلَیْهَا سَمّاً فَجَعَلَتْهُ فِی طَعَامٍ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی لِقَاءِ مُحَمَّدٍ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ أَبِی سَیِّدِ الْوَصِیِّینَ وَ أُمِّی سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ عَمِّی جَعْفَرٍ الطَّیَّارِ فِی الْجَنَّةِ وَ حَمْزَةَ سَیِّدِ الشُّهَدَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ وَ دَخَلَ عَلَیْهِ أَخُوهُ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَالَ كَیْفَ تَجِدُ نَفْسَكَ قَالَ أَنَا فِی آخِرِ یَوْمٍ مِنَ الدُّنْیَا وَ أَوَّلِ یَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ عَلَی كُرْهٍ مِنِّی لِفِرَاقِكَ وَ فِرَاقِ إِخْوَتِی ثُمَّ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَلَی مَحَبَّةٍ مِنِّی لِلِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَاطِمَةَ وَ جَعْفَرٍ وَ حَمْزَةَ علیهم السلام ثُمَّ أَوْصَی إِلَیْهِ وَ سَلَّمَ إِلَیْهِ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ وَ مَوَارِیثَ الْأَنْبِیَاءِ علیهم السلام الَّتِی كَانَ
ص: 140
أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَلَّمَهَا إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَخِی إِذَا أَنَا مِتُّ فَغَسِّلْنِی وَ حَنِّطْنِی وَ كَفِّنِّی وَ احْمِلْنِی إِلَی جَدِّی صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی تُلْحِدَنِی إِلَی جَانِبِهِ فَإِنْ مُنِعْتَ مِنْ ذَلِكَ فَبِحَقِّ جَدِّكَ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَبِیكَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أُمِّكَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ علیها السلام أَنْ لَا تُخَاصِمَ أَحَداً وَ ارْدُدْ جَنَازَتِی مِنْ فَوْرِكَ إِلَی الْبَقِیعِ حَتَّی تَدْفِنِّی مَعَ أُمِّی علیها السلام.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شَأْنِهِ وَ حَمَلَهُ لِیَدْفَنَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَكِبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ طَرِیدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَغْلَةً وَ أَتَی عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ الْحُسَیْنَ یُرِیدُ أَنْ یَدْفِنَ أَخَاهُ الْحَسَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ إِنْ دُفِنَ مَعَهُ لَیَذْهَبَنَّ فَخْرُ أَبِیكَ وَ صَاحِبِهِ عُمَرَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ قَالَتْ فَمَا أَصْنَعُ یَا مَرْوَانُ قَالَ الْحَقِی بِهِ وَ امْنَعِیهِ مِنْ أَنْ یُدْفَنَ مَعَهُ قَالَتْ وَ كَیْفَ أَلْحَقُهُ قَالَ ارْكَبِی بَغْلَتِی هَذِهِ فَنَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ وَ رَكِبَتْهَا وَ كَانَتْ تَؤُزُّ النَّاسَ وَ بَنِی أُمَیَّةَ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ تُحَرِّضُهُمْ عَلَی مَنْعِهِ مِمَّا هَمَّ بِهِ فَلَمَّا قَرُبَتْ مِنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ قَدْ وَصَلَتْ جَنَازَةُ الْحَسَنِ فَرَمَتْ بِنَفْسِهَا عَنِ الْبَغْلَةِ وَ قَالَتْ وَ اللَّهِ لَا یُدْفَنُ الْحَسَنُ هَاهُنَا أَبَداً أَوْ تُجَزَّ هَذِهِ وَ أَوْمَتْ بِیَدِهَا إِلَی شَعْرِهَا فَأَرَادَ بَنُو هَاشِمٍ الْمُجَادَلَةَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهَ اللَّهَ لَا تُضَیِّعُوا وَصِیَّةَ أَخِی وَ اعْدِلُوا بِهِ إِلَی الْبَقِیعِ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ عَلَیَّ إِنْ أَنَا مُنِعْتُ مِنْ دَفْنِهِ مَعَ جَدِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ لَا أُخَاصِمَ فِیهِ أَحَداً وَ أَنْ أَدْفِنَهُ بِالْبَقِیعِ مَعَ أُمِّهِ علیها السلام فَعَدَلُوا بِهِ وَ دَفَنُوهُ بِالْبَقِیعِ مَعَهَا علیها السلام فَقَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَالَ یَا حُمَیْرَاءُ لَیْسَ یَوْمُنَا مِنْكَ بِوَاحِدٍ یَوْمٌ عَلَی الْجَمَلِ وَ یَوْمٌ عَلَی الْبَغْلَةِ أَ مَا كَفَاكَ أَنْ یُقَالَ یَوْمُ الْجَمَلِ حَتَّی یُقَالَ یَوْمُ الْبَغْلِ یَوْمٌ عَلَی هَذَا وَ یَوْمٌ عَلَی هَذَا بَارِزَةً عَنْ حِجَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تُرِیدِینَ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ- وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ- إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَقَالَتْ لَهُ إِلَیْكَ عَنِّی وَ أُفٍّ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ رُوِیَ أَنَّ الْحَسَنَ علیه السلام فَارَقَ الدُّنْیَا وَ لَهُ تِسْعٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ شهرا [شَهْرٌ] أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعَ سِنِینَ وَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ بَاقِی عُمُرِهِ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ (1)
ص: 141
رُوِیَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَ أُمِّهِ علیها السلام سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ.
توضیح: الأزّ التهییج و الإغراء.
أقول: و قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ: أَنَّ مَرْوَانَ لَمَّا مَنَعَ الْحَسَنَ علیه السلام أَنْ یُدْفَنَ عِنْدَ جَدِّهِ فَاجْتَمَعَ بَنُو هَاشِمٍ وَ بَنُو أُمَیَّةَ وَ أَعَانَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ وَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ وَ جَاءُوا بِسِلَاحٍ فَقَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ لِمَرْوَانَ أَ تَمْنَعُ الْحَسَنَ أَنْ یُدْفَنَ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ وَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
«8»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ سُلَیْمَانَ كَاتِبِ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ شَرِكَ فِی دَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ ابْنَتُهُ جَعْدَةُ سَمَّتِ الْحَسَنَ وَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ شَرِكَ فِی دَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام (1).
«9»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا احْتُضِرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا قَالَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام یَا أَخِی إِنِّی أُوصِیكَ بِوَصِیَّةٍ فَاحْفَظْهَا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَهَیِّئْنِی ثُمَّ وَجِّهْنِی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُحْدِثَ بِهِ عَهْداً ثُمَّ اصْرِفْنِی إِلَی أُمِّی فَاطِمَةَ علیها السلام ثُمَّ رُدَّنِی فَادْفِنِّی بِالْبَقِیعِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ سَیُصِیبُنِی مِنَ الْحُمَیْرَاءِ مَا یَعْلَمُ النَّاسُ مِنْ صَنِیعِهَا وَ عَدَاوَتِهَا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَدَاوَتِهَا لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فَلَمَّا قُبِضَ الْحَسَنُ علیه السلام وُضِعَ عَلَی سَرِیرِهِ وَ انْطُلِقَ بِهِ إِلَی مُصَلَّی رَسُولِ اللَّهِ الَّذِی كَانَ یُصَلِّی فِیهِ عَلَی الْجَنَائِزِ فَصُلِّیَ عَلَی الْحَسَنِ علیه السلام فَلَمَّا أَنْ صُلِّیَ عَلَیْهِ حُمِلَ فَأُدْخِلَ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا أُوقِفَ عَلَی قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ بَلَغَ عَائِشَةَ الْخَبَرُ وَ قِیلَ لَهَا إِنَّهُمْ قَدْ أَقْبَلُوا بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام لِیُدْفَنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَرَجَتْ
ص: 142
مُبَادِرَةً عَلَی بَغْلٍ بِسَرْجٍ فَكَانَتْ أَوَّلَ امْرَأَةٍ رَكِبَتْ فِی الْإِسْلَامِ سَرْجاً فَوَقَفَتْ فَقَالَتْ نَحُّوا ابْنَكُمْ عَنْ بَیْتِی فَإِنَّهُ لَا یُدْفَنُ فِیهِ شَیْ ءٌ وَ لَا یُهْتَكُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِجَابُهُ فَقَالَ لَهَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا قَدِیماً هَتَكْتِ أَنْتِ وَ أَبُوكِ حِجَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَدْخَلْتِ بَیْتَهُ مَنْ لَا یُحِبُّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قُرْبَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ سَائِلُكِ عَنْ ذَلِكِ یَا عَائِشَةُ إِنَّ أَخِی أَمَرَنِی أَنْ أُقَرِّبَهُ مِنْ أَبِیهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیُحْدِثَ بِهِ عَهْداً وَ اعْلَمِی أَنَّ أَخِی أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَعْلَمُ بِتَأْوِیلِ كِتَابِهِ مِنْ أَنْ یَهْتِكَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سِتْرَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا أَنْ یُؤْذَنَ لَكُمْ (1) وَ قَدْ أَدْخَلْتِ أَنْتِ بَیْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الرِّجَالَ بِغَیْرِ إِذْنِهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِیِ (2) وَ لَعَمْرِی لَقَدْ ضَرَبْتِ أَنْتِ لِأَبِیكِ وَ فَارُوقِهِ عِنْدَ أُذُنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَعَاوِلَ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ الَّذِینَ یَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِینَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوی (3) وَ لَعَمْرِی لَقَدْ أَدْخَلَ أَبُوكِ وَ فَارُوقُهُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقُرْبِهِمَا مِنْهُ الْأَذَی وَ مَا رَعَیَا مِنْ حَقِّهِ مَا أَمَرَهُمَا اللَّهُ بِهِ عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَمْوَاتاً مَا حَرَّمَ مِنْهُمْ أَحْیَاءً وَ تَاللَّهِ یَا عَائِشَةُ لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِی كَرِهْتِیهِ مِنْ دَفْنِ الْحَسَنِ عِنْدَ أَبِیهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا جَائِزاً فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ اللَّهِ لَعَلِمْتِ أَنَّهُ سَیُدْفَنُ وَ إِنْ رَغِمَ مَعْطِسُكِ قَالَ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ قَالَ یَا عَائِشَةُ یَوْماً عَلَی بَغْلٍ وَ یَوْماً عَلَی جَمَلٍ فَمَا تَمْلِكِینَ نَفْسَكِ وَ لَا تَمْلِكِینَ الْأَرْضَ عَدَاوَةً لِبَنِی هَاشِمٍ قَالَ فَأَقْبَلَتْ عَلَیْهِ فَقَالَتْ یَا ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ هَؤُلَاءِ الْفَوَاطِمُ یَتَكَلَّمُونَ فَمَا كَلَامُكَ فَقَالَ لَهَا الْحُسَیْنُ وَ أَنَّی تُبْعِدِینَ
ص: 143
مُحَمَّداً مِنَ الْفَوَاطِمِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ وَلَدَتْهُ ثَلَاثُ فَوَاطِمَ- فَاطِمَةُ بِنْتُ عِمْرَانَ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ بْنِ رَوَاحَةَ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ مَعِیصِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام نَحُّوا ابْنَكُمْ وَ اذْهَبُوا بِهِ فَإِنَّكُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ قَالَ فَمَضَی الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی قَبْرِ أُمِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَدَفَنَهُ بِالْبَقِیعِ (1).
«10»- كا، [الكافی] سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ أَخِیهِ عَلِیٍّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُبِضَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فِی عَامِ خَمْسِینَ عَاشَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْبَعِینَ سَنَةً(2).
«11»- د، [العدد القویة] فِی تَارِیخِ الْمُفِیدِ،: فِی یَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِثَمَانِیَةَ عَشَرَ شَهْراً مِنَ الْهِجْرَةِ سَنَةَ بَدْرٍ كَانَ مَوْلِدُ سَیِّدِنَا أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام.
فِی كِتَابِ دَلَائِلِ الْإِمَامَةِ: وُلِدَ علیه السلام فِی یَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ كَذَا فِی كِتَابِ تُحْفَةِ الظُّرَفَاءِ وَ كِتَابِ الذَّخِیرَةِ.
فِی كِتَابِ الْمُجْتَنَی فِی النَّسَبِ: وُلِدَ علیه السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ لِثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بِالْمَدِینَةِ- قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِتِسْعَةَ عَشَرَ یَوْماً.
فِی كِتَابِ التَّذْكِرَةِ: وُلِدَ علیه السلام فِی النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ فِیهَا كَانَتْ غَزَاةُ أُحُدٍ.
فِی كِتَابِ مَوَالِیدِ الْأَئِمَّةِ: وُلِدَ علیه السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ فِی رِوَایَةٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ قِیلَ- یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ النِّصْفَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ- بِالْمَدِینَةِ فِی مُلْكِ یَزْدَجَرْدَ بْنِ شَهْرِیَارَ.
«12»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ
ص: 144
سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ: إِنَّ جَعْدَةَ بِنْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ الْكِنْدِیَّ سَمَّتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ سَمَّتْ مَوْلَاةً لَهُ فَأَمَّا مَوْلَاتُهُ فَقَاءَتِ السَّمَّ وَ أَمَّا الْحَسَنُ فَاسْتَمْسَكَ فِی بَطْنِهِ ثُمَّ انْتَفَطَ بِهِ فَمَاتَ (1).
بیان: نَفِطَتِ الكفُّ كفرح قَرِحَتْ عملا أو مَجَلَتْ و فی بعض النسخ انتقض.
«13»- أَقُولُ رُوِیَ فِی بَعْضِ تَأْلِیفَاتِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ الْحَسَنَ علیه السلام لَمَّا دَنَتْ وَفَاتُهُ وَ نَفِدَتْ أَیَّامُهُ وَ جَرَی السَّمُّ فِی بَدَنِهِ تَغَیَّرَ لَوْنُهُ وَ اخْضَرَّ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَا لِی أَرَی لَوْنَكَ مَائِلًا إِلَی الْخُضْرَةِ فَبَكَی الْحَسَنُ علیه السلام وَ قَالَ یَا أَخِی لَقَدْ صَحَّ حَدِیثُ جَدِّی فِیَّ وَ فِیكَ ثُمَّ اعْتَنَقَهُ طَوِیلًا وَ بَكَیَا كَثِیراً فَسُئِلَ علیه السلام عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَخْبَرَنِی جَدِّی قَالَ لَمَّا دَخَلْتُ لَیْلَةَ الْمِعْرَاجِ رَوْضَاتِ الْجِنَانِ وَ مَرَرْتُ عَلَی مَنَازِلِ أَهْلِ الْإِیمَانِ رَأَیْتُ قَصْرَیْنِ عَالِیَیْنِ مُتَجَاوِرَیْنِ عَلَی صِفَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ وَ الْآخَرَ مِنَ الْیَاقُوتِ الْأَحْمَرِ فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ لِمَنْ هَذَانِ الْقَصْرَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْحَسَنِ وَ الْآخَرُ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام فَقُلْتُ یَا جَبْرَئِیلُ فَلِمَ لَمْ یَكُونَا عَلَی لَوْنٍ وَاحِدٍ فَسَكَتَ وَ لَمْ یَرُدَّ جَوَاباً فَقُلْتُ لِمَ لَا تَتَكَلَّمُ قَالَ حَیَاءً مِنْكَ فَقُلْتُ لَهُ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِی فَقَالَ أَمَّا خُضْرَةُ قَصْرِ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ یَمُوتُ بِالسَّمِّ وَ یَخْضَرُّ لَوْنُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَ أَمَّا حُمْرَةُ قَصْرِ الْحُسَیْنِ فَإِنَّهُ یُقْتَلُ وَ یَحْمَرُّ وَجْهُهُ بِالدَّمِ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَكَیَا وَ ضَجَّ الْحَاضِرُونَ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ.
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ قَالَ: سُقِیَ الْحَسَنُ علیه السلام السَّمَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لَقَدْ سُقِیتُهُ مِرَاراً فَمَا شَقَّ عَلَیَّ مِثْلَ مَشَقَّتِهِ هَذِهِ الْمَرَّةَ.
وَ رَوَی الْمَدَائِنِیُّ عَنْ جُوَیْرِیَةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ علیه السلام أَخْرَجُوا جِنَازَتَهُ فَحَمَلَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ سَرِیرَهُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام تَحْمِلُ الْیَوْمَ جَنَازَتَهُ وَ كُنْتَ بِالْأَمْسِ تُجَرِّعُهُ الْغَیْظَ قَالَ مَرْوَانُ نَعَمْ كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ یُوَازِنُ
ص: 145
حِلْمُهُ الْجِبَالَ (1).
ثُمَّ قَالَ اخْتَلَفَ فِی سِنِّ الْحَسَنِ علیه السلام وَقْتَ وَفَاتِهِ فَقِیلَ ابْنُ ثَمَانٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ هُوَ الْمَرْوِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِی رِوَایَةِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ: وَ قِیلَ ابْنُ سِتٍّ وَ أَرْبَعِینَ وَ هُوَ الْمَرْوِیُّ أَیْضاً- عَنْ جَعْفَرٍ علیه السلام فِی رِوَایَةِ أَبِی بَصِیرٍ انْتَهَی:.
وَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِی مَقَاتِلِ الطَّالِبِیِّینَ: اخْتُلِفَ فِی مَبْلَغِ سِنِّ الْحَسَنِ علیه السلام وَقْتَ وَفَاتِهِ.
فَحَدَّثَنِی أَحْمَدُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَنَّهُ تُوُفِّیَ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً.
وَ حَدَّثَنِی أَحْمَدُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَیْنٍ اللُّؤْلُؤِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَنَّ الْحَسَنَ تُوُفِّیَ وَ هُوَ ابْنُ سِتٍّ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً.
قَالَ وَ رَوَی سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ قُتِلَ وَ لَهُ ثَمَانٌ وَ خَمْسُونَ وَ أَنَّ الْحَسَنَ كَذَلِكَ كَانَتْ سِنُوهُ یَوْمَ مَاتَ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام حَدَّثَنِی بِذَلِكَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی السَّائِبِ سَلَمِ بْنِ جُنَادَةَ عَنْ وَكِیعٍ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام:
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَ هَذَا وَهَمٌ لِأَنَّ الْحَسَنَ علیه السلام وُلِدَ فِی سَنَةِ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ تُوُفِّیَ سَنَةَ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ وَ لَا خِلَافَ فِی ذَلِكَ وَ سِنُوهُ عَلَی هَذَا ثَمَانٌ وَ أَرْبَعُونَ أَوْ نَحْوُهَا(2).
ص: 146
«14»- ج، [الإحتجاج] عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنَّا قَالَ: أَتَیْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَذْلَلْتَ رِقَابَنَا وَ جَعَلْتَنَا مَعْشَرَ الشِّیعَةِ عَبِیداً مَا بَقِیَ مَعَكَ رَجُلٌ فَقَالَ وَ مِمَّ ذَاكَ قَالَ قُلْتُ بِتَسْلِیمِكَ الْأَمْرَ لِهَذَا الطَّاغِیَةِ قَالَ وَ اللَّهِ مَا سَلَّمْتُ الْأَمْرَ إِلَیْهِ إِلَّا أَنِّی لَمْ أَجِدْ أَنْصَاراً وَ لَوْ وَجَدْتُ أَنْصَاراً لَقَاتَلْتُهُ لَیْلِی وَ نَهَارِی حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ وَ لَكِنِّی
عَرَفْتُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ بَلَوْتُهُمْ وَ لَا یَصْلُحُ لِی مِنْهُمْ مَا كَانَ فَاسِداً إِنَّهُمْ لَا وَفَاءَ لَهُمْ وَ لَا ذِمَّةَ فِی قَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ إِنَّهُمْ لَمُخْتَلِفُونَ وَ یَقُولُونَ لَنَا إِنَّ قُلُوبَهُمْ مَعَنَا وَ إِنَّ سُیُوفَهُمْ لَمَشْهُورَةٌ عَلَیْنَا قَالَ وَ هُوَ یُكَلِّمُنِی إذا [إِذْ] تَنَخَّعَ الدَّمَ فَدَعَا بِطَسْتٍ فَحُمِلَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ مَلْئَانُ مِمَّا خَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ مِنَ الدَّمِ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَاكَ وَجِعاً قَالَ أَجَلْ دَسَّ إِلَیَّ هَذَا الطَّاغِیَةُ مَنْ سَقَانِی سَمّاً فَقَدْ وَقَعَ عَلَی كَبِدِی فَهُوَ یَخْرُجُ قِطَعاً كَمَا تَرَی قُلْتُ أَ فَلَا تَتَدَاوَی قَالَ قَدْ سَقَانِی مَرَّتَیْنِ وَ هَذِهِ الثَّالِثَةُ لَا أَجِدُ لَهَا دَوَاءً وَ لَقَدْ رُقِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَی مَلِكِ الرُّومِ یَسْأَلُهُ أَنْ یُوَجِّهَ إِلَیْهِ مِنَ السَّمِّ الْقَتَّالِ شَرْبَةً فَكَتَبَ إِلَیْهِ مَلِكُ الرُّومِ أَنَّهُ لَا یَصْلُحُ لَنَا فِی دِینِنَا أَنْ نُعِینَ عَلَی قِتَالِ مَنْ لَا یُقَاتِلُنَا فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَنَّ هَذَا ابْنُ الرَّجُلِ الَّذِی خَرَجَ بِأَرْضِ تِهَامَةَ قَدْ خَرَجَ یَطْلُبُ مُلْكَ أَبِیهِ وَ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أَدُسَّ إِلَیْهِ مَنْ یَسْقِیهِ ذَلِكَ فَأُرِیحَ الْعِبَادَ وَ الْبِلَادَ مِنْهُ وَ وَجَّهَ إِلَیْهِ بِهَدَایَا وَ أَلْطَافٍ فَوَجَّهَ إِلَیْهِ مَلِكُ الرُّومِ بِهَذِهِ الشَّرْبَةِ الَّتِی دَسَّ بِهَا فَسُقِیتُهَا وَ اشْتَرَطَ عَلَیْهِ فِی ذَلِكَ شُرُوطاً وَ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ دَفَعَ السَّمَّ إِلَی امْرَأَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام جَعْدَةَ بِنْتِ الْأَشْعَثِ-
ص: 147
وَ قَالَ لَهَا اسْقِیهِ فَإِذَا مَاتَ هُوَ زَوَّجْتُكِ ابْنِی یَزِیدَ فَلَمَّا سَقَتْهُ السَّمَّ وَ مَاتَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ جَاءَتِ الْمَلْعُونَةُ إِلَی مُعَاوِیَةَ الْمَلْعُونِ فَقَالَتْ زَوِّجْنِی یَزِیدَ فَقَالَ اذْهَبِی فَإِنَّ امْرَأَةً لَا تَصْلُحُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام لَا تَصْلُحُ لِابْنِی یَزِیدَ(1).
«15»- مُرُوجُ الذَّهَبِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: دَخَلَ الْحُسَیْنُ عَلَی عَمِّی الْحَسَنِ حِدْثَانَ مَا سُقِیَ السَّمَّ فَقَامَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ سُقِیتُ السَّمَّ عِدَّةَ مَرَّاتٍ وَ مَا سُقِیتُ مِثْلَ هَذِهِ لَقَدْ لَفَظْتُ طَائِفَةً مِنْ كَبِدِی وَ رَأَیْتُنِی أَقْلِبُهُ بِعُودٍ فِی یَدِی فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَا أَخِی وَ مَنْ سَقَاكَ قَالَ وَ مَا تُرِیدُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الَّذِی أَظُنُّهُ فَاللَّهُ حَسِیبُهُ وَ إِنْ كَانَ غَیْرَهُ فَمَا أُحِبُّ أَنْ یُؤْخَذَ بِی بَرِی ءٌ فَلَمْ یَلْبَثْ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا ثَلَاثاً حَتَّی تُوُفِّیَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ (2).
«16»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ مُوسَی عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله كَانَ جَالِساً ذَاتَ یَوْمٍ إِذْ أَقْبَلَ الْحَسَنُ علیه السلام فَلَمَّا رَآهُ بَكَی ثُمَّ قَالَ إِلَیَّ إِلَیَّ یَا بُنَیَّ فَمَا زَالَ یُدْنِیهِ حَتَّی أَجْلَسَهُ عَلَی فَخِذِهِ الْیُمْنَی وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ:
قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الْحَسَنُ فَإِنَّهُ ابْنِی وَ وَلَدِی وَ مِنِّی وَ قُرَّةُ عَیْنِی وَ ضِیَاءُ قَلْبِی وَ ثَمَرَةُ فُؤَادِی وَ هُوَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی الْأُمَّةِ أَمْرُهُ أَمْرِی وَ قَوْلُهُ قَوْلِی مَنْ تَبِعَهُ فَإِنَّهُ مِنِّی وَ مَنْ عَصَاهُ فَلَیْسَ مِنِّی وَ إِنِّی لَمَّا نَظَرْتُ إِلَیْهِ تَذَكَّرْتُ مَا یَجْرِی عَلَیْهِ مِنَ الذُّلِّ بَعْدِی فَلَا یَزَالُ الْأَمْرُ بِهِ حَتَّی یُقْتَلَ بِالسَّمِّ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فَعِنْدَ ذَلِكَ تَبْكِی الْمَلَائِكَةُ وَ السَّبْعُ الشِّدَادُ لِمَوْتِهِ وَ یَبْكِیهِ كُلُّ شَیْ ءٍ حَتَّی الطَّیْرُ فِی جَوِّ السَّمَاءِ وَ الْحِیتَانُ فِی جَوْفِ الْمَاءِ
ص: 148
فَمَنْ بَكَاهُ لَمْ تَعْمَ عَیْنُهُ یَوْمَ تَعْمَی الْعُیُونُ وَ مَنْ حَزِنَ عَلَیْهِ لَمْ یَحْزَنْ قَلْبُهُ یَوْمَ تَحْزَنُ الْقُلُوبُ وَ مَنْ زَارَهُ فِی بَقِیعِهِ ثَبَتَتْ قَدَمُهُ عَلَی الصِّرَاطِ یَوْمَ تَزِلُّ فِیهِ الْأَقْدَامُ (1).
«17»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا أَنَا وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إذا [إِذِ] الْتَفَتَ إِلَیْنَا فَبَكَی فَقُلْتُ مَا یُبْكِیكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَبْكِی مِمَّا یُصْنَعُ بِكُمْ بَعْدِی فَقُلْتُ وَ مَا ذَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبْكِی مِنْ ضَرْبَتِكَ عَلَی الْقَرْنِ وَ لَطْمِ فَاطِمَةَ خَدِّهَا وَ طَعْنَةِ الْحَسَنِ فِی الْفَخِذِ وَ السَّمِّ الَّذِی یُسْقَی وَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ قَالَ فَبَكَی أَهْلُ الْبَیْتِ جَمِیعاً فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَلَقَنَا رَبُّنَا إِلَّا لِلْبَلَاءِ قَالَ أَبْشِرْ یَا عَلِیُّ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ أَنَّهُ لَا یُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ (2).
«18»- د، [العدد القویة] فِی تَارِیخِ الْمُفِیدِ: لِلَیْلَتَیْنِ بَقِیَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ وَفَاةُ مَوْلَانَا وَ سَیِّدِنَا أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ.
وَ مِنْ كِتَابِ الْإِسْتِیعَابِ: اخْتُلِفَ فِی وَقْتِ وَفَاتِهِ فَقِیلَ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ قِیلَ بَلْ مَاتَ فِی رَبِیعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسِینَ- بَعْدَ مَا مَضَی مِنْ خِلَافَةِ مُعَاوِیَةَ عَشْرُ سِنِینَ وَ قِیلَ بَلْ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَی وَ خَمْسِینَ وَ دُفِنَ بِدَارِ أَبِیهِ بِبَقِیعِ الْغَرْقَدِ وَ صَلَّی عَلَیْهِ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ أَمِیرُ الْمَدِینَةِ قَدَّمَهُ أَخُوهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ قَالَ لَوْ لَا أَنَّهَا سُنَّةٌ مَا قَدَّمْتُكَ سَمَّتْهُ امْرَأَتُهُ جَعْدَةُ ابْنَةُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ وَ قِیلَ جَوْنُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ قَدْ ضَمِنَ لَهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ أَنْ یُزَوِّجَهَا ابْنَهُ یَزِیدَ إِذَا قَتَلَهُ فَلَمَّا فَعَلَتْ ذَلِكَ لَمْ یَفِ لَهَا بِمَا ضَمِنَ (3).
ص: 149
فِی الدُّرِّ: عُمُرُهُ خَمْسٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ قِیلَ تِسْعَةٌ وَ أَرْبَعُونَ وَ أَرْبَعُ شُهُورٍ وَ تِسْعَةَ عَشَرَ یَوْماً وَ قِیلَ كَانَ مُقَامُهُ مَعَ جَدِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعَ سِنِینَ وَ مَعَ أَبِیهِ علیه السلام ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ عَاشَ بَعْدَهُ عَشْرَ سِنِینَ فَكَانَ جَمِیعُ عُمُرِهِ خَمْسِینَ سَنَةً.
«19»- لی، [الأمالی] للصدوق ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام الْوَفَاةُ بَكَی فَقِیلَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَتَبْكِی وَ مَكَانُكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَانُكَ الَّذِی أَنْتَ بِهِ وَ قَدْ قَالَ فِیكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله مَا قَالَ وَ قَدْ حَجَجْتَ عِشْرِینَ حَجَّةً مَاشِیاً وَ قَدْ قَاسَمْتَ رَبَّكَ مَالَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَتَّی النَّعْلَ وَ النَّعْلَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّمَا أَبْكِی لِخَصْلَتَیْنِ لِهَوْلِ الْمُطَّلَعِ وَ فِرَاقِ الْأَحِبَّةِ(1).
«20»- ع، [علل الشرائع] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام أَرَادَ أَنْ یَدْفَنَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَمَعَ جَمْعاً فَقَالَ رَجُلٌ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام یَقُولُ قُولُوا لِلْحُسَیْنِ أَنْ لَا یُهْرِقَ فِیَّ دَماً لَوْ لَا ذَلِكَ مَا انْتَهَی الْحُسَیْنُ علیه السلام حَتَّی یَدْفِنَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَوَّلُ امْرَأَةٍ رَكِبَتِ الْبَغْلَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَائِشَةُ جَاءَتْ إِلَی الْمَسْجِدِ فَمَنَعَتْ أَنْ یُدْفَنَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (2).
«21»- ب، [قرب الإسناد] أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام كَانَ یَزُورُ قَبْرَ الْحَسَنِ علیه السلام فِی كُلِّ عَشِیَّةِ جُمُعَةٍ.
ص: 150
«22»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا الْغَلَابِیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْهِلَالِیِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْغَلَابِیُّ وَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ یُونُسَ عَنِ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَ حَدَّثَنَا عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الطَّائِیُّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الْكُوفِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ قَالا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ یُونُسَ الْیَمَامِیُّ عَنِ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام عَلَی أَخِیهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی مَرَضِهِ الَّذِی تُوُفِّیَ فِیهِ فَقَالَ لَهُ كَیْفَ تَجِدُكَ یَا أَخِی قَالَ أَجِدُنِی فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنْ أَیَّامِ الْآخِرَةِ وَ آخِرِ یَوْمٍ مِنْ أَیَّامِ الدُّنْیَا وَ اعْلَمْ أَنِّی لَا أَسْبِقُ أَجَلِی وَ إِنِّی وَارِدٌ عَلَی أَبِی وَ جَدِّیعلیهما السلام عَلَی كُرْهٍ مِنِّی لِفِرَاقِكَ وَ فِرَاقِ إِخْوَتِكَ وَ فِرَاقِ الْأَحِبَّةِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ مَقَالَتِی هَذِهِ وَ أَتُوبُ إِلَیْهِ بَلْ عَلَی مَحَبَّةٍ مِنِّی لِلِقَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أُمِّی فَاطِمَةَ وَ حَمْزَةَ وَ جَعْفَرٍ وَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَفٌ مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَ عَزَاءٌ مِنْ كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ دَرَكٌ مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ رَأَیْتُ یَا أَخِی كَبِدِی فِی الطَّشْتِ وَ لَقَدْ عَرَفْتُ مَنْ دَهَا بِی وَ مِنْ أَیْنَ أُتِیتُ فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ بِهِ یَا أَخِی فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَقْتُلُهُ وَ اللَّهِ قَالَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِهِ أَبَداً حَتَّی نَلْقَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ لَكِنِ اكْتُبْ یَا أَخِی هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ إِلَی أَخِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ أَوْصَی أَنَّهُ یَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّهُ یَعْبُدُهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ لَا شَرِیكَ لَهُ فِی الْمُلْكِ وَ لَا وَلِیَّ لَهُ مِنَ الذُّلِّ وَ أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَیْ ءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِیراً وَ أَنَّهُ أَوْلَی مَنْ عُبِدَ وَ أَحَقُّ مَنْ حُمِدَ مَنْ أَطَاعَهُ رَشَدَ وَ مَنْ عَصَاهُ غَوَی وَ مَنْ تَابَ إِلَیْهِ اهْتَدَی فَإِنِّی أُوصِیكَ یَا حُسَیْنُ بِمَنْ خَلَّفْتُ مِنْ أَهْلِی وَ وُلْدِی وَ أَهْلِ بَیْتِكَ أَنْ تَصْفَحَ عَنْ
ص: 151
مُسِیئِهِمْ وَ تَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَ تَكُونَ لَهُمْ خَلَفاً وَ وَالِداً وَ إِنْ تَدْفِنِّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنِّی أَحَقُّ بِهِ وَ بِبَیْتِهِ مِمَّنْ أُدْخِلَ بَیْتَهُ بِغَیْرِ إِذْنِهِ وَ لَا كِتَابَ جَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ اللَّهُ فِیمَا أَنْزَلَهُ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی كِتَابِهِ- یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا أَنْ یُؤْذَنَ لَكُمْ (1) فَوَ اللَّهِ مَا أَذِنَ لَهُمْ فِی الدُّخُولِ عَلَیْهِ فِی حَیَاتِهِ بِغَیْرِ إِذْنِهِ وَ لَا جَاءَهُمُ الْإِذْنُ فِی ذَلِكَ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ وَ نَحْنُ مَأْذُونٌ لَنَا فِی التَّصَرُّفِ فِیمَا وَرِثْنَاهُ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنْ أَبَتْ عَلَیْكَ الِامْرَأَةُ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ بِالْقَرَابَةِ الَّتِی قَرُبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْكَ وَ الرَّحِمِ الْمَاسَّةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تُهَرِیقَ فِیَّ مِحْجَمَةً مِنْ دَمٍ حَتَّی نَلْقَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَنَخْتَصِمَ إِلَیْهِ وَ نُخْبِرَهُ بِمَا كَانَ مِنَ النَّاسِ إِلَیْنَا بَعْدَهُ ثُمَّ قُبِضَ علیه السلام قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَدَعَانِی الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَ عَلِیَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ اغْسِلُوا ابْنَ عَمِّكُمْ فَغَسَّلْنَاهُ وَ حَنَّطْنَاهُ وَ أَلْبَسْنَاهُ أَكْفَانَهُ ثُمَّ خَرَجْنَا بِهِ حَتَّی صَلَّیْنَا عَلَیْهِ فِی الْمَسْجِدِ وَ إِنَّ الْحُسَیْنَ أَمَرَ أَنْ یُفْتَحَ الْبَیْتُ فَحَالَ دُونَ ذَلِكَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ آلُ أَبِی سُفْیَانَ وَ مَنْ حَضَرَ هُنَاكَ مِنْ وُلْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ قَالُوا یُدْفَنُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ الشَّهِیدُ الْقَتِیلُ ظُلْماً بِالْبَقِیعِ بِشَرِّ مَكَانٍ وَ یُدْفَنُ الْحَسَنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- لَا یَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً حَتَّی تُكْسَرَ السُّیُوفُ بَیْنَنَا وَ تَنْقَصِفَ الرِّمَاحُ وَ یَنْفَدَ النَّبْلُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَمَا وَ اللَّهِ الَّذِی حَرَّمَ مَكَّةَ- لَلْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ ابْنُ فَاطِمَةَ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِبَیْتِهِ مِمَّنْ أُدْخِلَ بَیْتَهُ بِغَیْرِ إِذْنِهِ وَ هُوَ وَ اللَّهِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ حَمَّالِ الْخَطَایَا مُسَیِّرِ أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَاعِلِ بِعَمَّارٍ مَا فَعَلَ وَ بِعَبْدِ اللَّهِ مَا صَنَعَ الْحَامِی الْحِمَی الْمُؤْوِی لِطَرِیدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَكِنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَهُ الْأُمَرَاءَ وَ تَابَعَكُمْ عَلَی ذَلِكَ الْأَعْدَاءُ وَ أَبْنَاءُ الْأَعْدَاءِ قَالَ فَحَمَلْنَاهُ فَأَتَیْنَا بِهِ قَبْرَ أُمِّهِ فَاطِمَةَ علیها السلام فَدَفَنَّاهُ إِلَی جَنْبِهَا رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ أَرْضَاهُ
ص: 152
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ كُنْتُ أَوَّلَ مَنِ انْصَرَفَ فَسَمِعْتُ اللَّغَطَ(1)
وَ خِفْتُ أَنْ یُعَجِّلَ الْحُسَیْنُ عَلَی مَنْ قَدْ أَقْبَلَ وَ رَأَیْتُ شَخْصاً عَلِمْتُ الشَّرَّ فِیهِ فَأَقْبَلْتُ مُبَادِراً فَإِذَا أَنَا بِعَائِشَةَ فِی أَرْبَعِینَ رَاكِباً عَلَی بَغْلٍ مُرَحَّلٍ تُقَدِّمُهُمْ وَ تَأْمُرُهُمْ بِالْقِتَالِ فَلَمَّا رَأَتْنِی قَالَتْ إِلَیَّ إِلَیَّ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَقَدِ اجْتَرَأْتُمْ عَلَیَّ فِی الدُّنْیَا تُؤْذُونَنِی مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی تُرِیدُونَ أَنْ تُدْخِلُوا بَیْتِی مَنْ لَا أَهْوَی وَ لَا أُحِبُّ فَقُلْتُ وَا سَوْأَتَاهْ یَوْمٌ عَلَی بَغْلٍ وَ یَوْمٌ عَلَی جَمَلٍ تُرِیدِینَ أَنْ تُطْفِئِی نُورَ اللَّهِ وَ تُقَاتِلِی أَوْلِیَاءَ اللَّهِ وَ تَحُولِی بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَیْنَ حَبِیبِهِ أَنْ یُدْفَنَ مَعَهُ ارْجِعِی فَقَدْ كَفَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْمَئُونَةَ وَ دُفِنَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی جَنْبِ أُمِّهِ فَلَمْ یَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی إِلَّا قُرْباً وَ مَا ازْدَدْتُمْ مِنْهُ وَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً یَا سَوْأَتَاهْ انْصَرِفِی فَقَدْ رَأَیْتِ مَا سَرَّكِ قَالَ فَقَطَبَتْ فِی وَجْهِی وَ نَادَتْ بِأَعْلَی صَوْتِهَا أَ وَ مَا نَسِیتُمُ الْجَمَلَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّكُمْ لَذَوُو أَحْقَادٍ فَقُلْتُ أَمَ وَ اللَّهِ مَا نَسِیَتْهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَكَیْفَ تَنْسَاهُ أَهْلُ الْأَرْضِ فَانْصَرَفَتْ وَ هِیَ تَقُولُ:
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَ اسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَی*** كَمَا قَرَّ عَیْناً بِالْإِیَابِ الْمُسَافِرُ(2)
بیان: الرحل للبعیر كالسرج للفرس و لعل المراد بالمرحل هنا المسرج و یحتمل أن یكون من الرحالة ككتابة و هی السرج و النوی الوجه الذی ینویه المسافر من قرب أو بعد و یقال استقرّت نواهم أی أقاموا.
«23»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ الْحَسَنَ علیه السلام قَالَ لِأَهْلِ بَیْتِهِ إِنِّی أَمُوتُ بِالسَّمِّ كَمَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قَالُوا وَ مَنْ یَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ امْرَأَتِی جَعْدَةُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ فَإِنَّ مُعَاوِیَةَ یَدُسُّ إِلَیْهَا وَ یَأْمُرُهَا بِذَلِكَ قَالُوا أَخْرِجْهَا مِنْ مَنْزِلِكَ وَ بَاعِدْهَا مِنْ نَفْسِكَ قَالَ كَیْفَ أُخْرِجُهَا وَ لَمْ تَفْعَلْ بَعْدُ شَیْئاً
ص: 153
وَ لَوْ أَخْرَجْتُهَا مَا قَتَلَنِی غَیْرُهَا وَ كَانَ لَهَا عُذْرٌ عِنْدَ النَّاسِ.
فَمَا ذَهَبَتِ الْأَیَّامُ حَتَّی بَعَثَ إِلَیْهَا مُعَاوِیَةُ مَالًا جَسِیماً وَ جَعَلَ یُمَنِّیهَا بِأَنْ یُعْطِیَهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَیْضاً وَ یُزَوِّجَهَا مِنْ یَزِیدَ وَ حَمَلَ إِلَیْهَا شَرْبَةَ سَمٍّ لِتَسْقِیَهَا الْحَسَنَ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَانْصَرَفَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ هُوَ صَائِمٌ فَأَخْرَجَتْ وَقْتَ الْإِفْطَارِ وَ كَانَ یَوْماً حَارّاً شَرْبَةَ لَبَنٍ وَ قَدْ أَلْقَتْ فِیهَا ذَلِكَ السَّمَّ فَشَرِبَهَا وَ قَالَ عَدُوَّةَ اللَّهِ قَتَلْتِینِی قَتَلَكِ اللَّهُ وَ اللَّهِ لَا تُصِیبِینَ مِنِّی خَلَفاً وَ لَقَدْ غَرَّكِ وَ سَخِرَ مِنْكِ وَ اللَّهُ یُخْزِیكِ وَ یُخْزِیهِ.
فَمَكَثَ علیه السلام یَوْمَانِ ثُمَّ مَضَی فَغَدَرَ بِهَا مُعَاوِیَةُ وَ لَمْ یَفِ لَهَا بِمَا عَاهَدَ عَلَیْهِ.
«24»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ أَنَّ الصَّادِقَ علیه السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام الْوَفَاةُ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً وَ قَالَ إِنِّی أَقْدَمُ عَلَی أَمْرٍ عَظِیمٍ وَ هَوْلٍ لَمْ أَقْدَمْ عَلَی مِثْلِهِ قَطُّ ثُمَّ أَوْصَی أَنْ یَدْفِنُوهُ بِالْبَقِیعِ فَقَالَ یَا أَخِی احْمِلْنِی عَلَی سَرِیرِی إِلَی قَبْرِ جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْدِی ثُمَّ رُدَّنِی إِلَی قَبْرِ جَدَّتِی فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ فَادْفِنِّی فَسَتَعْلَمُ یَا ابْنَ أُمِّ أَنَّ الْقَوْمَ یَظُنُّونَ أَنَّكُمْ تُرِیدُونَ دَفْنِی عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَیَجْلِبُونَ فِی مَنْعِكُمْ وَ بِاللَّهِ أُقْسِمُ عَلَیْكَ أَنْ تُهْرِقَ فِی أَمْرِی مِحْجَمَةَ دَمٍ.
فَلَمَّا غَسَّلَهُ وَ كَفَّنَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ حَمَلَهُ عَلَی سَرِیرِهِ وَ تَوَجَّهَ إِلَی قَبْرِ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً أَتَی مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ فَقَالَ أَ یُدْفَنُ عُثْمَانُ فِی أَقْصَی الْمَدِینَةِ وَ یُدْفَنُ الْحَسَنُ مَعَ النَّبِیِّ- لَا یَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً وَ لَحِقَتْ عَائِشَةُ عَلَی بَغْلٍ وَ هِیَ تَقُولُ مَا لِی وَ لَكُمْ تُرِیدُونَ أَنْ تُدْخِلُوا بَیْتِی مَنْ لَا أُحِبُّ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ- لَا نُرِیدُ دَفْنَ صَاحِبِنَا فَإِنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بِحُرْمَةِ- قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَنْ یَطْرُقَ عَلَیْهِ هَجْماً كَمَا طَرَقَ ذَلِكَ غَیْرُهُ وَ دَخَلَ بَیْتَهُ بِغَیْرِ إِذْنِهِ انْصَرِفْ فَنَحْنُ نَدْفِنُهُ بِالْبَقِیعِ كَمَا وَصَّی ثُمَّ قَالَ لِعَائِشَةَ وَا سَوْأَتَاهْ یَوْماً عَلَی بَغْلٍ وَ یَوْماً عَلَی جَمَلٍ وَ فِی رِوَایَةٍ یَوْماً تَجَمَّلْتِ وَ یَوْماً تَبَغَّلْتِ وَ إِنْ عِشْتِ تَفَیَّلْتِ فَأَخَذَهُ ابْنُ الْحَجَّاجِ الشَّاعِرُ الْبَغْدَادِیُّ فَقَالَ:
ص: 154
یَا بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ*** لَا كَانَ وَ لَا كُنْتِ
لَكِ التُّسْعُ مِنَ الثُّمْنِ*** وَ بِالْكُلِّ تَمَلَّكْتِ
تَجَمَّلْتِ تَبَغَّلْتِ*** وَ إِنْ عِشْتِ تَفَیَّلْتِ
بیان: قوله لك التسع من الثمن إنما كان فی مناظرة فضال بن الحسن بن فضال الكوفی مع أبی حنیفة فقال له الفضال قول اللّٰه تعالی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا أَنْ یُؤْذَنَ لَكُمْ (1) منسوخ أو غیر منسوخ قال هذه الآیة غیر منسوخة قال ما تقول فی خیر الناس بعد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أبو بكر و عمر أم علی بن أبی طالب علیه السلام فقال أ ما علمت أنهما ضجیعا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی قبره فأی حجة ترید فی فضلهما أفضل من هذه فقال له الفضال لقد ظلما إذ أوصیا بدفنهما فی موضع لیس لهما فیه حق و إن كان الموضع لهما فوهباه ل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لقد أساءا إذا رجعا فی هبتهما و نكثا عهدهما و قد أقررت أن قوله تعالی لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا أَنْ یُؤْذَنَ لَكُمْ غیر منسوخة.
فأطرق أبو حنیفة ثم قال لم یكن له و لا لهما خاصة و لكنهما نظرا فی حق عائشة و حفصة فاستحقا الدفن فی ذلك الموضع لحقوق ابنتیهما فقال له فضال أنت تعلم أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله مات عن تسع حشایا و كان لهن الثمن لمكان ولده فاطمة فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن ثم نظرنا فی تسع الثمن فإذا هو شبر و الحجرة كذا و كذا طولا و عرضا فكیف یستحق الرجلان أكثر من ذلك.
و بعد فما بال عائشة و حفصة یرثان رسول اللّٰه و فاطمة بنته منعت المیراث فالمناقضة فی ذلك ظاهرة من وجوه كثیرة.
فقال أبو حنیفة نحّوه عنّی فإنه و اللّٰه رافضیّ خبیث.
توضیح: الحشایا الفرش كنّی بها عن الزوجات.
«25»- شا، [الإرشاد] مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِی جَاءَتْ بِسَبَبِ وَفَاةِ الْحَسَنِ علیه السلام مَا رَوَاهُ عِیسَی بْنُ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ مُغِیرَةَ قَالَ: أَرْسَلَ مُعَاوِیَةُ إِلَی جَعْدَةَ بِنْتِ الْأَشْعَثِ أَنِّی مُزَوِّجُكِ ابْنِی یَزِیدَ عَلَی أَنْ تَسُمِّی الْحَسَنَ وَ بَعَثَ
ص: 155
إِلَیْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَتْ وَ سَمَّتِ الْحَسَنَ فَسَوَّغَهَا الْمَالَ وَ لَمْ یُزَوِّجْهَا مِنْ یَزِیدَ فَخَلَفَ عَلَیْهَا رَجُلٌ مِنْ آلِ طَلْحَةَ فَأَوْلَدَهَا وَ كَانَ إِذَا وَقَعَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ بُطُونِ قُرَیْشٍ كَلَامٌ عَیَّرُوهُمْ وَ قَالُوا یَا بَنِی مُسِمَّةِ الْأَزْوَاجِ.
وَ رَوَی عِیسَی بْنُ مِهْرَانَ قَالَ حَدَّثَنِی عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی الدَّارِ فَدَخَلَ الْحَسَنُ علیه السلام الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لَقَدْ سُقِیتُ السَّمَّ مِرَاراً مَا سُقِیتُهُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ لَقَدْ لَفَظْتُ قِطْعَةً مِنْ كَبِدِی فَجَعَلْتُ أَقْلِبُهَا بِعُودٍ مَعِی.
فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ مَنْ سَقَاكَهُ قَالَ وَ مَا تُرِیدُ مِنْهُ أَ تُرِیدُ قَتْلَهُ إِنْ یَكُنْ هُوَ هُوَ فَاللَّهُ أَشَدُّ نَقِمَةً مِنْكَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ هُوَ فَمَا أُحِبُّ أَنْ یُؤْخَذَ بِی بَرِی ءٌ.
وَ رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ زِیَادٍ الْمُخَارِقِیِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ علیه السلام الْوَفَاةُ اسْتَدْعَی الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ قَالَ یَا أَخِی إِنِّی مُفَارِقُكَ وَ لَاحِقٌ بِرَبِّی وَ قَدْ سُقِیتُ السَّمَّ وَ رَمَیْتُ بِكَبِدِی فِی الطَّسْتِ وَ إِنِّی لَعَارِفٌ بِمَنْ سَقَانِی السَّمَّ وَ مِنْ أَیْنَ دُهِیتُ وَ أَنَا أُخَاصِمُهُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَبِحَقِّی عَلَیْكَ أَنْ تَكَلَّمْتَ فِی ذَلِكَ بِشَیْ ءٍ وَ انْتَظِرْ مَا یُحْدِثُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیَّ.
فَإِذَا قَضَیْتُ نَحْبِی فَغَمِّضْنِی وَ غَسِّلْنِی وَ كَفِّنِّی وَ أَدْخِلْنِی عَلَی سَرِیرِی إِلَی قَبْرِ جَدِّی- رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً ثُمَّ رُدَّنِی إِلَی قَبْرِ جَدَّتِی فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا فَادْفِنِّی هُنَاكَ وَ سَتَعْلَمُ یَا ابْنَ أُمِّ أَنَّ الْقَوْمَ یَظُنُّونَ أَنَّكُمْ تُرِیدُونَ دَفْنِی عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَیُجْلِبُونَ فِی ذَلِكَ وَ یَمْنَعُونَكُمْ مِنْهُ بِاللَّهِ أُقْسِمُ عَلَیْكَ أَنْ تُهْرِقَ فِی أَمْرِی مِحْجَمَةَ دَمٍ ثُمَّ وَصَّی إِلَیْهِ بِأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ تَرِكَاتِهِ وَ مَا كَانَ وَصَّی إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ اسْتَخْلَفَهُ وَ أَهَّلَهُ بِمَقَامِهِ وَ دَلَّ شِیعَتَهُ عَلَی اسْتِخْلَافِهِ وَ نَصَبَهُ لَهُمْ عَلَماً مِنْ بَعْدِهِ فَلَمَّا مَضَی لِسَبِیلِهِ غَسَّلَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ كَفَّنَهُ وَ حَمَلَهُ عَلَی سَرِیرِهِ وَ لَمْ یَشُكَّ مَرْوَانُ وَ مَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ أَنَّهُمْ سَیَدْفِنُونَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَجَمَّعُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ فَلَمَّا تَوَجَّهَ بِهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی قَبْرِ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِیُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً
ص: 156
أَقْبَلُوا إِلَیْهِ فِی جَمْعِهِمْ وَ لَحِقَتْهُمْ عَائِشَةُ عَلَی بَغْلٍ وَ هِیَ تَقُولُ مَا لِی وَ لَكُمْ تُرِیدُونَ أَنْ تُدْخِلُوا بَیْتِی مَنْ لَا أُحِبُّ وَ جَعَلَ مَرْوَانُ یَقُولُ یَا رُبَّ هَیْجَا هِیَ خَیْرٌ مِنْ دَعَهْ أَ یُدْفَنُ عُثْمَانُ فِی أَقْصَی الْمَدِینَةِ وَ یُدْفَنُ الْحَسَنُ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً وَ أَنَا أَحْمِلُ السَّیْفَ وَ كَادَتِ الْفِتْنَةُ أَنْ تَقَعَ بَیْنَ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَیْنَ بَنِی أُمَیَّةَ فَبَادَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَی مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ یَا مَرْوَانُ مِنْ حَیْثُ جِئْتَ فَإِنَّا مَا نُرِیدُ دَفْنَ صَاحِبِنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَكِنَّا نُرِیدُ أَنْ نُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً بِزِیَارَتِهِ ثُمَّ نَرُدَّهُ إِلَی جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ فَنَدْفَنَهُ عِنْدَهَا بِوَصِیَّتِهِ بِذَلِكَ وَ لَوْ كَانَ أَوْصَی بِدَفْنِهِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَلِمْتَ أَنَّكَ أَقْصَرُ بَاعاً مِنْ رَدِّنَا عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ بِحُرْمَةِ قَبْرِهِ مِنْ أَنْ یَطْرُقَ عَلَیْهِ هَدْماً كَمَا طَرَقَ ذَلِكَ غَیْرُهُ وَ دَخَلَ بَیْتَهُ بِغَیْرِ إِذْنِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی عَائِشَةَ وَ قَالَ لَهَا وَا سَوْأَتَاهْ یَوْماً عَلَی بَغْلٍ وَ یَوْماً عَلَی جَمَلٍ تُرِیدِینَ أَنْ تُطْفِئِی نُورَ اللَّهِ وَ تُقَاتِلِی أَوْلِیَاءَ اللَّهِ ارْجِعِی فَقَدْ كُفِیتِ الَّذِی تَخَافِینَ وَ بَلَغْتِ مَا تُحِبِّینَ وَ اللَّهُ مُنْتَصِرٌ لِأَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ وَ لَوْ بَعْدَ حِینٍ وَ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ اللَّهِ لَوْ لَا عَهْدُ الْحَسَنِ إِلَیَّ بِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَ أَنْ لَا أُهَرِیقَ فِی أَمْرِهِ مِحْجَمَةَ دَمٍ لَعَلِمْتُمْ كَیْفَ تَأْخُذُ سُیُوفُ اللَّهِ مِنْكُمْ مَأْخَذَهَا وَ قَدْ نَقَضْتُمُ الْعَهْدَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ وَ أَبْطَلْتُمْ مَا اشْتَرَطْنَا عَلَیْكُمْ لِأَنْفُسِنَا وَ مَضَوْا بِالْحَسَنِ علیه السلام فَدَفَنُوهُ بِالْبَقِیعِ عِنْدَ جَدَّتِهِ- فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا.
قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: مِثْلَهُ مَعَ اخْتِصَارٍ وَ زَادَ فِیهِ وَ رَمَوْا بِالنِّبَالِ جَنَازَتَهُ حَتَّی سُلَّ مِنْهَا سَبْعُونَ نَبْلًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ كَلَامٍ جَمَّلْتِ وَ بَغَّلْتِ وَ لَوْ عِشْتِ لَفَیَّلْتِ (1).
«26»- شا، [الإرشاد]: لَمَّا اسْتَقَرَّ الصُّلْحُ بَیْنَ الْحَسَنِ علیه السلام وَ مُعَاوِیَةَ خَرَجَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَقَامَ بِهَا كَاظِماً غَیْظَهُ لَازِماً مَنْزِلَهُ مُنْتَظِراً لِأَمْرِ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی أَنْ تَمَّ لِمُعَاوِیَةَ عَشْرُ سِنِینَ مِنْ إِمَارَتِهِ وَ عَزَمَ عَلَی الْبَیْعَةِ لِابْنِهِ یَزِیدَ فَدَسَّ إِلَی جَعْدَةَ بِنْتِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ وَ كَانَتْ زَوْجَةَ الْحَسَنِ علیه السلام مَنْ حَمَلَهَا عَلَی سَمِّهِ وَ ضَمِنَ لَهَا أَنْ یُزَوِّجَهَا بِابْنِهِ یَزِیدَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَسَقَتْهُ جَعْدَةُ السَّمَّ فَبَقِیَ
ص: 157
أَرْبَعِینَ یَوْماً مَرِیضاً وَ مَضَی لِسَبِیلِهِ فِی شَهْرِ صَفَرٍ خَمْسِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ لَهُ یَوْمَئِذٍ ثَمَانِیَ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ كَانَتْ خِلَافَتُهُ عَشْرَ سِنِینَ وَ تَوَلَّی أَخُوهُ وَ وَصِیُّهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام غُسْلَهُ وَ تَكْفِینَهُ وَ دَفْنَهُ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا بِالْبَقِیعِ (1).
«27»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّیُّ فِی قُوتِ الْقُلُوبِ: إِنَّ الْحَسَنَ علیه السلام تَزَوَّجَ مِائَتَیْنِ وَ خَمْسِینَ امْرَأَةً وَ قَدْ قِیلَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ كَانَ عَلِیٌّ یَضْجَرُ مِنْ ذَلِكَ فَكَانَ یَقُولُ فِی خُطْبَتِهِ إِنَّ الْحَسَنَ مِطْلَاقٌ فَلَا تُنْكِحُوهُ.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَدِّثُ فِی رامش أفزای: أَنَّ هَذِهِ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ خَرَجْنَ فِی خَلْفِ جَنَازَتِهِ حَافِیَاتٍ (2).
«28»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب كِتَابُ الْأَنْوَارِ، أَنَّهُ قَالَ علیه السلام: سُقِیتُ السَّمَّ مَرَّتَیْنِ وَ هَذِهِ الثَّالِثَةَ وَ قِیلَ إِنَّهُ سُقِیَ بُرَادَةَ الذَّهَبِ.
رَوْضَةُ الْوَاعِظِینَ، فِی حَدِیثِ عُمَیْرِ بْنِ إِسْحَاقَ إِنَّ الْحَسَنَ علیه السلام قَالَ: لَقَدْ سُقِیتُ السَّمَّ مِرَاراً مَا سُقِیتُهُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ لَقَدْ تَقَطَّعْتُ قِطْعَةً قِطْعَةً مِنْ كَبِدِی أَقْلِبُهَا بِعُودٍ مَعِی.
وَ فِی رِوَایَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُخَارِقِیِ (3) أَنَّهُ قَالَ: یَا أَخِی إِنِّی مُفَارِقُكَ وَ لَاحِقٌ بِرَبِّی وَ قَدْ سُقِیتُ السَّمَّ وَ رَمَیْتُ بِكَبِدِی فِی الطَّسْتِ وَ إِنَّنِی لَعَارِفٌ بِمَنْ سَقَانِی وَ مِنْ أَیْنَ دُهِیتُ وَ أَنَا أُخَاصِمُهُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ مَنْ سَقَاكَهُ قَالَ مَا تُرِیدُ بِهِ أَ تُرِیدُ أَنْ تَقْتُلَهُ إِنْ یَكُنْ هُوَ هُوَ فَاللَّهُ أَشَدُّ نَقِمَةً مِنْكَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ هُوَ فَمَا
ص: 158
أُحِبُّ أَنْ یُؤْخَذَ بِی بَرِی ءٌ وَ فِی خَبَرٍ فَبِحَقِّی عَلَیْكَ أَنْ تَكَلَّمْتَ فِی ذَلِكَ بِشَیْ ءٍ وَ انْتَظِرْ مَا یُحْدِثُ اللَّهُ فِیَّ وَ فِی خَبَرٍ وَ بِاللَّهِ أُقْسِمُ عَلَیْكَ أَنْ تُهَرِیقَ فِی أَمْرِی مِحْجَمَةً مِنْ دَمٍ.
رَبِیعُ الْأَبْرَارِ عَنِ الزَّمَخْشَرِیِّ وَ الْعِقْدُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ (1): أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ مُعَاوِیَةَ مَوْتُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام سَجَدَ وَ سَجَدَ مَنْ حَوْلَهُ وَ كَبَّرَ وَ كَبَّرُوا مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَیْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَ مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ نَعَمْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ بَلَغَنِی تَكْبِیرُكَ وَ سُجُودُكَ أَمَا وَاللَّهِ مَا یَسُدُّ جُثْمَانُهُ حُفْرَتَكَ وَ لَا یَزِیدُ انْقِضَاءُ أَجَلِهِ فِی عُمُرِكَ قَالَ حَسِبْتُهُ تَرَكَ صِبْیَةً صِغَاراً وَ لَمْ یَتْرُكْ عَلَیْهِمْ كَثِیرَ مَعَاشٍ فَقَالَ إِنَّ الَّذِی وَكَلَهُمْ إِلَیْهِ غَیْرُكَ وَ فِی رِوَایَةٍ كُنَّا صِغَاراً فَكَبِرْنَا قَالَ فَأَنْتَ تَكُونُ سَیِّدَ الْقَوْمِ قَالَ أَمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بَاقٍ.
لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ:
أَصْبَحَ الْیَوْمَ ابْنُ هِنْدٍ آمِناً*** ظَاهِرَ النَّخْوَةِ إِذْ مَاتَ الْحَسَنُ
رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنَّمَا*** طَالَمَا أَشْجَی ابْنَ هِنْدٍ وَ أَرِنَ
اسْتَرَاحَ الْیَوْمَ مِنْهُ بَعْدَهُ*** إِذْ ثَوَی رَهْناً لِأَحْدَاثِ الزَّمَنِ
فَارْتَعِ الْیَوْمَ ابْنَ هِنْدٍ آمِناً*** إِنَّمَا یَقْمُصُ بِالْعِیرِ السِّمَنُ (2)
بیان: أشجاه أحزنه و الأرن بالتحریك النشاط یقال أرن كفرح و الأنسب هنا الفتح و كونه بتشدید النون بأن یكون من الرنین بمعنی الصیاح و فاعله ابن هند بعید و العیر الحمار الوحشی و الأهلی أیضا و یقال قمص الفرس و غیره یقمُص و یقمِص و هو أن یرفع یدیه و یطرحها معا و یعجن برجلیه و قمص به أی وثب و طرحه و الحاصل أن السمن آفة للعیر یصرعه و یقتله.
ص: 159
«29»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ حُكِیَ أَنَّ الْحَسَنَ علیه السلام لَمَّا أَشْرَفَ عَلَی الْمَوْتِ قَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ أُرِیدُ أَنْ أَعْلَمَ حَالَكَ یَا أَخِی فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ: لَا یُفَارِقُ الْعَقْلُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ مَا دَامَ الرُّوحُ فِینَا فَضَعْ یَدَكَ فِی یَدِیِ حَتَّی إِذَا عَایَنْتُ مَلَكَ الْمَوْتِ أَغْمِزُ یَدَكَ فَوَضَعَ یَدَهُ فِی یَدِهِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ غَمَزَ یَدَهُ غَمْزاً خَفِیفاً فَقَرَّبَ الْحُسَیْنُ أُذُنَهُ إِلَی فَمِهِ فَقَالَ قَالَ لِی مَلَكُ الْمَوْتِ أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ عَنْكَ رَاضٍ وَ جَدُّكَ شَافِعٌ وَ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَمَّا وُضِعَ الْحَسَنُ فِی لَحْدِهِ (1)
أَ أَدْهُنُ رَأْسِی أَمْ تَطِیبُ مَجَالِسِی*** وَ رَأْسُكَ مَعْفُورٌ وَ أَنْتَ سَلِیبٌ
أَوْ أَسْتَمْتِعُ الدُّنْیَا لِشَیْ ءٍ أُحِبُّهُ*** إِلَی (ألا) كُلِّ مَا أَدْنَا إِلَیْكَ حَبِیبٌ
فَلَا زِلْتُ أَبْكِی مَا تَغَنَّتْ حَمَامَةٌ*** عَلَیْكَ وَ مَا هَبَّتْ صَباً وَ جَنُوبٌ
وَ مَا هَمَلَتْ عَیْنِی مِنَ الدَّمْعِ قَطْرَةً*** وَ مَا اخْضَرَّ فِی دَوْحِ الْحِجَازِ قَضِیبٌ
بُكَائِی طَوِیلٌ وَ الدُّمُوعُ غَزِیرَةٌ*** وَ أَنْتَ بَعِیدٌ وَ الْمَزَارُ قَرِیبٌ
غَرِیبٌ وَ أَطْرَافُ الْبُیُوتِ تَحُوطُهُ*** أَلَا كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ غَرِیبٌ
وَ لَا یَفْرَحُ الْبَاقِی خِلَافَ الَّذِی مَضَی*** وَ كُلُّ فَتًی لِلْمَوْتِ فِیهِ نَصِیبٌ
فَلَیْسَ حَرِیبٌ مَنْ أُصِیبَ بِمَالِهِ*** وَ لَكِنَّ مَنْ وَارَی أَخَاهُ حَرِیبٌ
نَسِیبُكَ مَنْ أَمْسَی یُنَاجِیكَ طَیْفُهُ*** وَ لَیْسَ لِمَنْ تَحْتَ التُّرَابِ نَسِیبٌ (2)
ص: 160
بیان: قوله إلی كلّ ما أدنی الظاهر «ألا»(1) و یمكن أن یكون إلی مشدّدا فخففت لضرورة الشعر قوله خلاف الذی مضی أی خلفه و بعده قوله علیه السلام نسیبك أی مناسبك و قرابتك من یراك فی الطیف.
و الحاصل أن بعد الموت لم یبق من الأسباب و القرابات الظاهرة إلا الرؤیة فی المنام و فی بعض النسخ طرفه أی من لا یراك فكأنه لیس نسیبك.
«30»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب وَ لَهُ علیه السلام:
إِنْ لَمْ أَمُتْ أَسَفاً عَلَیْكَ فَقَدْ***أَصْبَحْتُ مُشْتَاقاً إِلَی الْمَوْتِ
سُلَیْمَانُ بْنُ قِبَةَ:
یَا كَذَّبَ اللَّهَ مَنْ نَعَی حَسَنا*** لَیْسَ لِتَكْذِیبِ نَعْیِهِ حَسَنٌ
كُنْتَ خَلِیلِی وَ كُنْتَ خَالِصَتِی*** لِكُلِّ حَیٍّ مِنْ أَهْلِهِ سَكَنٌ
أَجُولُ فِی الدَّارِ لَا أَرَاكَ وَ فِی*** الدَّارِ أُنَاسٌ جِوَارُهُمْ غَبْنٌ
بَدَّلْتُهُمْ مِنْكَ لَیْتَ إِنَّهُمُ*** أَضْحَوْا وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ عَدَنٌ
الصَّادِقُ علیه السلام: بَیْنَا الْحَسَنُ علیه السلام یَوْماً فِی حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ یَا أَبَهْ مَا لِمَنْ زَارَكَ بَعْدَ مَوْتِكَ قَالَ یَا بُنَیَّ مَنْ أَتَانِی زَائِراً بَعْدَ مَوْتِی فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَتَی أَبَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَتَاكَ زَائِراً بَعْدَ مَوْتِكَ فَلَهُ الْجَنَّةُ(2).
«31»- كشف، [كشف الغمة] قَالَ كَمَالُ الدِّینِ بْنُ طَلْحَةَ: تُوُفِّیَ علیه السلام لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ فِی سَنَةِ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ لِلْهِجْرَةِ وَ قِیلَ خَمْسِینَ وَ كَانَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً.
وَ قَالَ الْحَافِظُ الْجَنَابِذِیُّ: وُلِدَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ كَانَ قَدْ سُقِیَ السَّمَّ مِرَاراً وَ كَانَ مَرَضُهُ أَرْبَعِینَ یَوْماً.
ص: 161
وَ قَالَ الدُّولَابِیُّ صَاحِبُ كِتَابِ الذُّرِّیَّةِ الطَّاهِرَةِ: تَزَوَّجَ عَلِیٌّ فَاطِمَةَ علیها السلام فَوَلَدَتْ لَهُ حَسَناً بَعْدَ أُحُدٍ بِسَنَتَیْنِ وَ كَانَ بَیْنَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَ مَقْدَمِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدِینَةَ سَنَتَانِ وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَ نِصْفٌ فَوَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِینَ وَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ التَّارِیخِ وَ رُوِیَ أَیْضاً أَنَّهُ وُلِدَ فِی رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَ تُوُفِّیَ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ وَلِیَ غُسْلَهُ الْحُسَیْنُ وَ مُحَمَّدٌ وَ الْعَبَّاسُ إِخْوَتُهُ وَ صَلَّی عَلَیْهِ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ كَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ.
وَ قَالَ الْكُلَیْنِیُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ: وُلِدَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ بَدْرٍ سَنَةَ اثْنَتَیْنِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَ رُوِیَ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ مَضَی فِی صَفَرٍ فِی آخِرِهِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ وَ أَشْهُرٍ.
وَ قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ رِوَایَةً عَنِ الصَّادِقِ وَ الْبَاقِرِعلیهما السلام قَالا: مَضَی أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَخِیهِ الْحُسَیْنِ مُدَّةُ الْحَمْلِ وَ كَانَ حَمْلُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ لَمْ یُولَدْ مَوْلُودٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَعَاشَ غَیْرُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیه السلام فَأَقَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعَ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعَ سِنِینَ وَ أَقَامَ مَعَ أَبِیهِ بَعْدَ وَفَاةِ جَدِّهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ أَقَامَ بَعْدَ وَفَاةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَشْرَ سِنِینَ فَكَانَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَهَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِی عُمُرِهِ (1).
ص: 162
«1»- شا، [الإرشاد]: أَوْلَادُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَداً ذَكَراً وَ أُنْثَی- زَیْدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ أُخْتَاهُ أُمُّ الْحَسَنِ وَ أُمُّ الْحُسَیْنِ أُمُّهُمْ أُمُّ بَشِیرٍ بِنْتُ أَبِی مَسْعُودِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِیَّةِ وَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ أُمُّهُ خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورٍ الْفَزَارِیَّةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَسَنِ وَ أَخَوَاهُ الْقَاسِمُ وَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنَا الْحَسَنِ أُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُلَقَّبُ بِالْأَثْرَمِ وَ أَخُوهُ طَلْحَةُ بْنُ الْحَسَنِ وَ أُخْتُهُمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ أُمُّهُمْ أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ التَّیْمِیِّ وَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ وَ فَاطِمَةُ وَ أُمُّ سَلَمَةَ وَ رُقَیَّةُ بَنَاتُ الْحَسَنِ علیه السلام لِأُمَّهَاتٍ شَتَّی (1).
عم، [إعلام الوری]: لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ سِتَّةَ عَشَرَ وَ زَادَ فِیهِمْ أَبَا بَكْرٍ وَ قَالَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام.
«2»- شا، [الإرشاد]: وَ أَمَّا زَیْدُ بْنُ الْحَسَنِ علیه السلام فَكَانَ یَلِی صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسَنَّ وَ كَانَ جَلِیلَ الْقَدْرِ كَرِیمَ الطَّبْعِ ظَرِیفَ النَّفْسِ كَثِیرَ الْبِرِّ وَ مَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ وَ قَصَدَهُ النَّاسُ مِنَ الْآفَاقِ لِطَلَبِ فَضْلِهِ وَ ذَكَرَ أَصْحَابُ السِّیرَةِ أَنَّ زَیْدَ بْنَ الْحَسَنِ كَانَ یَلِی صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا وَلِیَ سُلَیْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَی عَامِلِهِ بِالْمَدِینَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِی هَذَا فَاعْزِلْ زَیْداً عَنْ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ادْفَعْهَا إِلَی فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ رجلا [رَجُلٍ] مِنْ قَوْمِهِ وَ أَعِنْهُ عَلَی مَا اسْتَعَانَكَ عَلَیْهِ وَ السَّلَامُ
ص: 163
فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ إِذَا كِتَابٌ جَاءَ مِنْهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ زَیْدَ بْنَ الْحَسَنِ شَرِیفُ بَنِی هَاشِمٍ وَ ذُو سِنِّهِمْ فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِی هَذَا فَارْدُدْ عَلَیْهِ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَعِنْهُ عَلَی مَا اسْتَعَانَكَ عَلَیْهِ وَ السَّلَامُ.
وَ فِی زَیْدِ بْنِ الْحَسَنِ یَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِیرٍ الْخَارِجِیُ :
إِذَا نَزَلَ ابْنُ الْمُصْطَفَی بَطْنَ تَلْعَةَ*** نَفَی جَدْبُهَا وَ اخْضَرَّ بِالنَّبْتِ عُودُهَا
وَ زَیْدٌ رَبِیعُ النَّاسِ فِی كُلِّ شَتْوَةٍ*** إِذَا أَخْلَفَتْ أَنْوَاؤُهَا وَ رُعُودُهَا
حَمُولٌ لِأَشْنَاقِ الدِّیَاتِ كَأَنَّهُ*** سِرَاجُ الدُّجَی إِذْ قَارَنَتْهُ سُعُودُهَا
وَ مَاتَ زَیْدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ لَهُ تِسْعُونَ سَنَةً فَرَثَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ وَ ذَكَرُوا مَآثِرَهُ وَ تَلَوْا فَضْلَهُ فَمِمَّنْ رَثَاهُ قُدَامَةُ بْنُ مُوسَی الْجُمَحِیُّ فَقَالَ:
فَإِنْ یَكُ زَیْدٌ غَالَتِ الْأَرْضُ شَخْصَهُ*** فَقَدْ بَانَ مَعْرُوفٌ هُنَاكَ وَ جُودٌ
وَ إِنْ یَكُ أَمْسَی رَهْنَ رَمْسٍ فَقَدْ ثَوَی*** بِهِ وَ هُوَ مَحْمُودُ الْفِعَالِ فَقِیدٌ
سَمِیعٌ إِلَی الْمُعْتَرِّ یَعْلَمُ أَنَّهُ*** سَیَطْلُبُهُ الْمَعْرُوفَ ثُمَّ یَعُودُ
وَ لَیْسَ بِقَوَّالٍ وَ قَدْ حَطَّ رَحْلَهُ*** لِمُلْتَمِسِ الْمَعْرُوفِ أَیْنَ تُرِیدُ
إِذَا قَصَّرَ الْوَغْدُ الدَّنِیُّ نَمَی بِهِ*** إِلَی الْمَجْدِ آبَاءٌ لَهُ وَ جُدُودٌ
مَبَاذِیلُ لِلْمَوْلَی مَحَاشِیدُ لِلْقِرَی*** وَ فِی الرَّوْعِ عِنْدَ النَّائِبَاتِ أُسُودٌ
إِذَا انْتُحِلَ الْعِزُّ الطَّرِیفُ فَإِنَّهُمْ*** لَهُمْ إِرْثُ مَجْدٍ مَا یُرَامُ تَلِیدُ
إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَیِّدٌ قَامَ سَیِّدٌ*** كَرِیمٌ یَبْنِی بَعْدَهُ وَ یَشِیدُ
وَ فِی أَمْثَالِ هَذَا یَطُولُ مِنْهَا الْكِتَابُ (1).
بیان: قوله و اخضرّ بالنبت النبت إما مصدر أو الباء بمعنی مع أو مبالغة فی كثرة النبات حتی أنه نبت فی ساق الشجر و یمكن أن یقرأ العود بالفتح و هو الطریق القدیم و إنما قید كونه ربیعا بالشتوة لأنها آخر السنة و هی مظنّة الغلاء و فقد النبات و قید أیضا بشتاء أخلفت أنواؤها التی تنسب العرب الأمطار إلیها الوعد بالمطر و كذا الرعود.
ص: 164
و قال الجوهری الشنق ما دون الدیة و ذلك أن یسوق ذو الحمالة الدیة كاملة فإذا كانت معها دیات جراحات فتلك هی الأشناق كأنها متعلقة بالدیة العظمی و غاله الشی ء أی أخذه من حیث لم یدر و المعترّ الذی یتعرّض للمسألة و لا یسأل و المراد هنا السائل و الضمیر فی یعلم راجع إلی المعترّ و یمكن إرجاعه إلی زید بتكلف.
قوله لیس بقوّال أی أنه لا یقول لمن یحط رحله بفنائه ملتمسا معروفه أین ترید لأنه معلوم أن الناس لا یطلبون المعروف إلا منه و الوغد الرجل الدنیّ الذی یخدم بطعام بطنه و حاصل البیت أن الأدانی إذا قصروا عن المعالی و المفاخر فهو لیس كذلك بل هو منتسب إلی المجد بسبب آباء و جدود قوله إذا انتحل علی البناء للمجهول قوله ما یرام أی لا یقصد بسوء و التلید القدیم ضدّ الطریف.
«3»- شا، [الإرشاد]: وَ خَرَجَ زَیْدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ مِنَ الدُّنْیَا وَ لَمْ یَدَّعِ الْإِمَامَةَ وَ لَا ادَّعَاهُ لَهُ مُدَّعٍ مِنَ الشِّیعَةِ وَ لَا غَیْرِهِمْ وَ ذَلِكَ أَنَّ الشِّیعَةَ رَجُلَانِ إِمَامِیٌّ وَ زَیْدِیٌّ- فَالْإِمَامِیُّ یَعْتَمِدُ فِی الْإِمَامَةِ عَلَی النُّصُوصِ وَ هِیَ مَعْدُومَةٌ فِی وُلْدِ الْحَسَنِ علیه السلام بِاتِّفَاقٍ وَ لَمْ یَدَّعِ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ فَیَقَعَ فِیهِ ارْتِیَابٌ وَ الزَّیْدِیُّ یُرَاعِی فِی الْإِمَامَةِ بَعْدَ عَلِیٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام الدَّعْوَةَ وَ الْجِهَادَ وَ زَیْدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ كَانَ مُسَالِماً لِبَنِی أُمَیَّةَ وَ مُتَقَلِّداً مِنْ قِبَلِهِمُ الْأَعْمَالَ وَ كَانَ رَأْیُهُ التَّقِیَّةَ لِأَعْدَائِهِ وَ التَّأَلُّفَ لَهُمْ وَ الْمُدَارَاةَ وَ هَذَا یُضَادُّ عِنْدَ الزَّیْدِیَّةِ عَلَامَاتِ الْإِمَامَةِ كَمَا حَكَیْنَاهُ وَ أَمَّا الْحَشْوِیَّةُ فَإِنَّهَا تَدِینُ بِإِمَامَةِ بَنِی أُمَیَّةَ وَ لَا تَرَی لِوُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِمَامَةً عَلَی حَالٍ وَ الْمُعْتَزِلَةُ لَا تَرَی الْإِمَامَةَ إِلَّا فِیمَنْ كَانَ عَلَی رَأْیِهَا فِی الِاعْتِزَالِ وَ مَنْ تَوَلَّوْهُمُ الْعَقْدَ بِالشُّورَی وَ الِاخْتِیَارِ وَ زَیْدٌ عَلَی مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ خَارِجٌ عَنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَ الْخَوَارِجُ لَا تَرَی إِمَامَةَ مَنْ تَوَلَّی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ زَیْدٌ كَانَ مُتَوَالِیاً أَبَاهُ وَ جَدَّهُ بِلَا خِلَافٍ.
ص: 165
وَ أَمَّا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ علیه السلام فَكَانَ جَلِیلًا رَئِیساً فَاضِلًا وَرِعاً وَ كَانَ یَلِی صَدَقَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی وَقْتِهِ وَ كَانَ لَهُ مَعَ الْحَجَّاجِ بْنِ یُوسُفَ خَبَرٌ رَوَاهُ الزُّبَیْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ وَالِیاً صَدَقَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی عَصْرِهِ فَسَارَ یَوْماً الْحَجَّاجُ بْنُ یُوسُفَ فِی مَوْكِبِهِ وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ أَمِیرُ الْمَدِینَةِ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ أَدْخِلْ عُمَرَ بْنَ عَلِیٍّ مَعَكَ فِی صَدَقَةِ أَبِیهِ فَإِنَّهُ عَمُّكَ وَ بَقِیَّةُ أَهْلِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ- لَا أُغَیِّرُ شَرْطَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَا أُدْخِلُ فِیهِ مَنْ لَمْ یُدْخِلْ فَقَالَ الْحَجَّاجُ إِذاً أُدْخِلَهُ مَعَكَ.
فَنَكَصَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ علیه السلام عَنْهُ حِینَ غَفَلَ الْحَجَّاجُ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ حَتَّی قَدِمَ عَلَیْهِ فَوَقَفَ بِبَابِهِ یَطْلُبُ الْإِذْنَ فَمَرَّ بِهِ یَحْیَی ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ فَلَمَّا رَآهُ یَحْیَی عَدَلَ إِلَیْهِ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ وَ سَأَلَهُ عَنْ مَقْدَمِهِ وَ خَبَرِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ سَأَنْفَعُكَ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ یَعْنِی عَبْدَ الْمَلِكِ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَی عَبْدِ الْمَلِكِ رَحَّبَ بِهِ وَ أَحْسَنَ مُسَاءَلَتَهُ وَ كَانَ الْحَسَنُ قَدْ أَسْرَعَ إِلَیْهِ الشَّیْبُ وَ یَحْیَی ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ فِی الْمَجْلِسِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَقَدْ أَسْرَعَ إِلَیْكَ الشَّیْبُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَقَالَ لَهُ یَحْیَی وَ مَا یَمْنَعُهُ لِأَبِی مُحَمَّدٍ شَیَّبَهُ أَمَانِیُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَفِدُ عَلَیْهِ الرَّكْبُ یُمَنُّونَهُ الْخِلَافَةَ فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ وَ قَالَ لَهُ بِئْسَ وَ اللَّهِ الرِّفْدُ رَفَدْتَ لَیْسَ كَمَا قُلْتَ وَ لَكِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ یُسْرِعُ إِلَیْنَا الشَّیْبُ وَ عَبْدُ الْمَلِكِ یَسْمَعُ فَأَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَقَالَ هَلُمَّ بِمَا قَدِمْتَ لَهُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ الْحَجَّاجِ فَقَالَ لَیْسَ ذَلِكَ لَهُ أَكْتُبُ كِتَاباً إِلَیْهِ لَا یُجَاوِزُهُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ وَ وَصَلَ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ وَ أَحْسَنَ صِلَتَهُ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِیَهُ یَحْیَی ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ فَعَاتَبَهُ الْحَسَنُ عَلَی سُوءِ مَحْضَرِهِ وَ قَالَ لَهُ مَا هَذَا الَّذِی وَعَدْتَنِی فَقَالَ لَهُ یَحْیَی إِیهاً عَنْكَ فَوَ اللَّهِ لَا یَزَالُ یَهَابُكَ وَ لَوْ لَا هَیْبَتُكَ مَا قَضَی لَكَ حَاجَةً وَ مَا أَلَوْتُكَ رِفْداً-.
ص: 166
وَ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ حَضَرَ مَعَ عَمِّهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَوْمَ الطَّفِّ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ أُسِرَ الْبَاقُونَ مِنْ أَهْلِهِ جَاءَهُ أَسْمَاءُ بنت [بْنُ] خَارِجَةَ فَانْتَزَعَهُ مِنْ بَیْنِ الْأُسَارَی وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَا یُوصَلُ إِلَی ابْنِ خَوْلَةَ أَبَداً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ دَعُوا لِأَبِی حَسَّانَ ابْنِ أُخْتِهِ وَ یُقَالُ إِنَّهُ أُسِرَ وَ كَانَ بِهِ جِرَاحٌ قَدْ أُشْفِیَ مِنْهُ.
وَ رُوِیَ: أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ علیه السلام خَطَبَ إِلَی عَمِّهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِحْدَی ابْنَتَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام اخْتَرْ یَا بُنَیَّ أَحَبَّهُمَا إِلَیْكَ فَاسْتَحْیَا الْحَسَنُ وَ لَمْ یُحِرْ جَوَاباً فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَإِنِّی قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ ابْنَتِی فَاطِمَةَ فَهِیَ أَكْثَرُهُمَا شَبَهاً بِفَاطِمَةَ أُمِّی بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ قُبِضَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ وَ لَهُ خَمْسٌ وَ ثَلَاثُونَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ وَ أَخُوهُ زَیْدُ بْنُ الْحَسَنِ حَیٌّ وَ وَصَّی إِلَی أَخِیهِ مِنْ أُمِّهِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَ لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ ضَرَبَتْ زَوْجَتُهُ- فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام عَلَی قَبْرِهِ فُسْطَاطاً وَ كَانَتْ تَقُومُ اللَّیْلَ وَ تَصُومُ النَّهَارَ وَ كَانَتْ تُشَبَّهُ بِالْحُورِ الْعِینِ لِجَمَالِهَا فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ قَالَتْ لِمَوَالِیهَا إِذَا أَظْلَمَ اللَّیْلُ فَقَوِّضُوا هَذَا الْفُسْطَاطَ فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّیْلُ سَمِعَتْ صَوْتاً یَقُولُ : هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا فَأَجَابَهُ آخَرُ یَقُولُ: بَلْ یَئِسُوا فَانْقَلَبُوا
وَ مَضَی الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ وَ لَمْ یَدَّعِ الْإِمَامَةَ وَ لَا ادَّعَاهَا لَهُ مُدَّعٍ كَمَا وَصَفْنَاهُ مِنْ حَالِ أَخِیهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَ أَمَّا عَمْرٌو وَ الْقَاسِمُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بَنُو الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَإِنَّهُمْ اسْتَشْهَدُوا بَیْنَ یَدَیْ عَمِّهِمُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام بِالطَّفِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ أَرْضَاهُمْ وَ أَحْسَنَ عَنِ الدِّینِ وَ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ جَزَاءَهُمْ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ مَعَ عَمِّهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی الْحَجِّ فَتُوُفِّیَ بِالْأَبْوَاءِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَعْرُوفُ بِالْأَثْرَمِ كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِی ذَلِكَ وَ طَلْحَةُ بْنُ الْحَسَنِ كَانَ جَوَاداً.
بیان: قوله و ما یمنعه أی المشیب (1) قوله ما ألوتك رفدا أی
ص: 167
ما قصرت فی رفدك قوله قد أشفی منه أی أشرف علی الهلاك و قوضت البناء نقضته (1).
«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: أَوْلَادُهُ علیهم السلام ثَلَاثَةَ عَشَرَ ذَكَراً وَ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ عَبْدُ اللَّهِ وَ عُمَرُ وَ الْقَاسِمُ أُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ وَ الْحُسَیْنُ الْأَثْرَمُ وَ الْحَسَنُ أُمُّهُمَا خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورٍ الْفَزَارِیَّةُ وَ الْعَقِیلُ وَ الْحَسَنُ أُمُّهُمَا أُمُّ بَشِیرٍ بِنْتُ أَبِی مَسْعُودٍ الْخَزْرَجِیَّةُ وَ زَیْدٌ وَ عُمَرُ مِنَ الثَّقَفِیَّةِ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ وَ طَلْحَةُ وَ أَبُو بَكْرٍ أُمُّهُمَا أُمُّ إِسْحَاقَ بِنْتُ طَلْحَةَ التَّیْمِیِّ وَ أَحْمَدُ وَ إِسْمَاعِیلُ وَ الْحَسَنُ الْأَصْغَرُ ابْنَتُهُ أُمُّ
الْحَسَنِ فَقَطْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ وَ یُقَالُ وَ أُمُّ الْحُسَیْنِ وَ كَانَتَا مِنْ أُمِّ بَشِیرٍ الْخُزَاعِیَّةِ وَ فَاطِمَةُ مِنْ أُمِّ إِسْحَاقَ بِنْتِ طَلْحَةَ وَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ وَ أُمُّ سَلَمَةَ وَ رُقَیَّةُ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ(2)
ص: 168
وَ قُتِلَ مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام مِنْ أَوْلَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَ الْقَاسِمُ وَ أَبُو بَكْرٍ وَ الْمُعْقِبُونَ مِنْ أَوْلَادِهِ اثْنَانِ- زَیْدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ.
أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّیُّ فِی قُوتِ الْقُلُوبِ: أَنَّهُ علیه السلام تَزَوَّجَ مِائَتَیْنِ وَ خَمْسِینَ امْرَأَةً وَ قَدْ قِیلَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَضْجَرُ مِنْ ذَلِكَ فَكَانَ یَقُولُ فِی خُطْبَتِهِ إِنَّ الْحَسَنَ مِطْلَاقٌ فَلَا تُنْكِحُوهُ.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَدِّثُ فِی رامش أفزای: أَنَّ هَذِهِ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ خَرَجْنَ فِی خَلْفِ جَنَازَتِهِ حَافِیَاتٍ (1)
ص: 169
الْبُخَارِیُّ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَی قَبْرِهِ سَنَةً ثُمَّ رَفَعَتْ فَسَمِعُوا صَائِحاً یَقُولُ: هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا
فَأَجَابَهُ آخَرُ بَلْ یَئِسُوا فَانْقَلَبُوا وَ فِی رِوَایَةٍ غَیْرِهَا أَنَّهَا أَنْشَدَتْ بَیْتَ لَبِیدٍ:
ص: 170
إِلَی الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَیْكُمَا*** وَ مَنْ یَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرَ(1).
«5»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب فِی الْإِحْیَاءِ: أَنَّهُ خَطَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام إِلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بِنْتَهُ فَأَطْرَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ مَنْ یَمْشِی عَلَیْهَا أَعَزَّ عَلَیَّ مِنْكَ وَ لَكِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ ابْنَتِی بَضْعَةٌ مِنِّی وَ أَنْتَ مِطْلَاقٌ فَأَخَافُ أَنْ تُطَلِّقَهَا وَ إِنْ فَعَلْتَ خَشِیتُ أَنْ یَتَغَیَّرَ قَلْبِی عَلَیْكَ لِأَنَّكَ بَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ شَرَطْتَ أَنْ لَا تُطَلِّقَهَا زَوَّجْتُكَ فَسَكَتَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ قَامَ وَ خَرَجَ فَسُمِعَ مِنْهُ یَقُولُ مَا أَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَّا أَنْ یَجْعَلَ ابْنَتَهُ طَوْقاً فِی عُنُقِی.
وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ سِیرِینَ: أَنَّهُ خَطَبَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام إِلَی مَنْظُورِ بْنِ رَیَّانَ ابْنَتَهُ خَوْلَةَ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأُنْكِحُكَ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّكَ غَلِقٌ طَلِقٌ مَلِقٌ غَیْرَ أَنَّكَ أَكْرَمُ الْعَرَبِ بَیْتاً وَ أَكْرَمُهُمْ نَفْساً فَوُلِدَ مِنْهَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ.
وَ رَأَی یَزِیدُ امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ- أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ أَبِی جَنْدَلٍ فَهَامَ بِهَا وَ شَكَا ذَلِكَ إِلَی أَبِیهِ فَلَمَّا حَضَرَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ قَالَ لَهُ لَقَدْ عَقَدْتُ لَكَ عَلَیَّ وِلَایَةَ الْبَصْرَةِ وَ لَوْ لَا أَنَّ لَكَ زَوْجَةً لَزَوَّجْتُكَ رَمْلَةَ فَمَضَی عَبْدُ اللَّهِ وَ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَمَعاً فِی رَمْلَةَ فَأَرْسَلَ مُعَاوِیَةُ أَبَا هُرَیْرَةَ لِیَخْطُبَ أُمَّ خَالِدٍ لِیَزِیدَ ابْنِهِ وَ بَذَلَ لَهَا مَا أَرَادَتْ مِنَ الصَّدَاقِ فَاطَّلَعَ عَلَیْهَا الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍعلیهم السلام فَاخْتَارَتِ
ص: 171
الْحَسَنَ فَتَزَوَّجَهَا(1).
توضیح: رجل غَلِقٌ بكسر اللام سیّئ الخلق و رجل مَلِقٌ بكسر اللام یعطی بلسانه ما لیس فی قلبه و قال الجزریّ فی حدیث الحسن إنك رجل طَلِق أی كثیر طلاق النساء.
«6»- كا، [الكافی] حُمَیْدُ بْنُ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ- لَا تُزَوِّجُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَقَالَ بَلَی وَ اللَّهِ لَنُزَوِّجَنَّهُ وَ هُوَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ابْنُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ (2).
«7»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام طَلَّقَ خَمْسِینَ امْرَأَةً فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْكُوفَةِ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْكُوفَةِ- لَا تُنْكِحُوا الْحَسَنَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِطْلَاقٌ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ بَلَی وَ اللَّهِ لَنُنْكِحَنَّهُ إِنَّهُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ابْنُ فَاطِمَةَ علیهما السلام فَإِنْ أَعْجَبَهُ أَمْسَكَ وَ إِنْ كَرِهَ طَلَّقَ (3).
«8»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ یُونُسَ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: تُوُفِّیَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ بِالْأَبْوَاءِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ وَ مَعَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ عُبَیْدُ اللَّهِ ابْنَا الْعَبَّاسِ فَكَفَّنُوهُ وَ خَمَّرُوا وَجْهَهُ وَ رَأْسَهُ وَ لَمْ یُحَنِّطُوهُ وَ قَالَ هَكَذَا فِی كِتَابِ عَلِیٍ (4).
ص: 172
«9»- أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِیبٍ: كَانَ الْحَسَنُ علیه السلام إِذَا أَرَادَ أَنْ یُطَلِّقَ امْرَأَةً جَلَسَ إِلَیْهَا فَقَالَ أَ یَسُرُّكِ أَنْ أَهَبَ لَكِ كَذَا وَ كَذَا فَتَقُولُ لَهُ مَا شِئْتَ أَوْ نَعَمْ فَیَقُولُ هُوَ لَكِ فَإِذَا قَامَ أَرْسَلَ إِلَیْهَا بِالطَّلَاقِ وَ بِمَا سَمَّی لَهَا.
وَ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ قَالَ: تَزَوَّجَ الْحَسَنُ علیه السلام هِنْداً بِنْتَ سُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو وَ كَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِیزٍ فَطَلَّقَهَا فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَبِی هُرَیْرَةَ أَنْ یَخْطُبَهَا عَلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ قَالَ الْحَسَنُ علیه السلام فَاذْكُرْنِی لَهَا فَأَتَاهَا أَبُو هُرَیْرَةَ فَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ فَقَالَتِ اخْتَرْ لِی فَقَالَ أَخْتَارُ لَكِ الْحَسَنَ فَزَوَّجَتْهُ.
وَ رُوِیَ أَیْضاً: أَنَّهُ علیه السلام تَزَوَّجَ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ كَانَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَیْرِ یَهْوَاهَا فَأُبْلِغَ الْحَسَنُ عَنْهَا شَیْئاً فَطَلَّقَهَا فَخَطَبَهَا الْمُنْذِرُ فَأَبَتْ أَنْ تُزَوِّجَهُ وَ قَالَتْ شَهَّرَنِی.
وَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ: كَانَ الْحَسَنُ علیه السلام كَثِیرَ التَّزْوِیجِ تَزَوَّجَ خَوْلَةَ بِنْتَ مَنْظُورِ بْنِ زِیَادٍ الْفَزَارِیَّةَ فَوَلَدَتْ لَهُ الْحَسَنَ بْنَ الْحَسَنِ وَ أُمَّ إِسْحَاقَ بِنْتَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ فَوَلَدَتْ لَهُ ابْناً سَمَّاهُ طَلْحَةَ وَ أُمَّ بِشْرٍ بِنْتَ أَبِی مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِیِّ فَوَلَدَتْ لَهُ زَیْداً وَ جَعْدَةَ بِنْتَ الْأَشْعَثِ وَ هِیَ الَّتِی سَمَّتْهُ وَ هِنْداً بِنْتَ سُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو وَ حَفْصَةَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ وَ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ
عَمْرِو بْنِ الْأَهْیَمِ الْمِنْقَرِیِّ وَ امْرَأَةً مِنْ ثَقِیفٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عُمَرَ وَ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَلْقَمَةَ بْنِ زُرَارَةَ وَ امْرَأَةً مِنْ بَنِی شَیْبَانَ مِنْ آلِ هَمَّامِ بْنِ مُرَّةَ فَقِیلَ لَهُ إِنَّهَا تَرَی رَأْیَ الْخَوَارِجِ فَطَلَّقَهَا وَ قَالَ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَضُمَّ إِلَی نَحْرِی جَمْرَةً مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ.
قَالَ الْمَدَائِنِیُّ: وَ خَطَبَ إِلَی رَجُلٍ فَزَوَّجَهُ وَ قَالَ لَهُ إِنِّی مُزَوِّجُكَ وَ أَعْلَمُ أَنَّكَ مَلِقٌ طَلِقٌ غَلِقٌ وَ لَكِنَّكَ خَیْرُ النَّاسِ نَسَباً وَ أَرْفَعُهُمْ جَدّاً وَ أَباً وَ قَالَ أُحْصِیَ زَوْجَاتُ الْحَسَنِ علیه السلام فَكُنَّ سَبْعِینَ امْرَأَةً.
«10»- د، [العدد القویة]: تَزَوَّجَ علیه السلام سَبْعِینَ حُرَّةً وَ مَلِكَ مِائَةً وَ سِتِّینَ أَمَةً فِی سَائِرِ عُمُرِهِ وَ كَانَ أَوْلَادُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ.
ص: 173
«1»- عم، [إعلام الوری] الْكُلَیْنِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الدَّیْلَمِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام یَقُولُ: لَمَّا احْتُضِرَ الْحَسَنُ علیه السلام قَالَ لِلْحُسَیْنِ یَا أَخِی إِنِّی أُوصِیكَ بِوَصِیَّةٍ إِذَا أَنَا مِتُّ فَهَیِّئْنِی وَ وَجِّهْنِی إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُحْدِثَ بِهِ عَهْداً ثُمَّ اصْرِفْنِی إِلَی أُمِّی فَاطِمَةَ علیها السلام ثُمَّ رُدَّنِی فَادْفِنِّی بِالْبَقِیعِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(1).
«2»- عم، [إعلام الوری] الْكُلَیْنِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ الْوَفَاةُ قَالَ یَا قَنْبَرُ انْظُرْ هَلْ تَرَی وَرَاءَ بَابِكَ مُؤْمِناً مِنْ غَیْرِ آلِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ابْنُ رَسُولِهِ أَعْلَمُ قَالَ امْضِ فَادْعُ لِی مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ قَالَ فَأَتَیْتُهُ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَیْهِ قَالَ هَلْ حَدَثَ إِلَّا خَیْرٌ قُلْتُ أَجِبْ أَبَا مُحَمَّدٍ فَعَجِلَ عَنْ شِسْعِ نَعْلِهِ فَلَمْ یُسَوِّهِ فَخَرَجَ مَعِی یَعْدُو
ص: 174
فَلَمَّا قَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ اجْلِسْ فَلَیْسَ یَغِیبُ مِثْلُكَ عَنْ سَمَاعِ كَلَامٍ یَحْیَا بِهِ الْأَمْوَاتُ وَ یَمُوتُ بِهِ الْأَحْیَاءُ كُونُوا أَوْعِیَةَ الْعِلْمِ وَ مَصَابِیحَ الدُّجَی فَإِنَّ ضَوْءَ النَّهَارِ بَعْضُهُ أَضْوَأُ مِنْ بَعْضٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ وُلْدَ إِبْرَاهِیمَ أَئِمَّةً وَ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ آتَی دَاوُدَ زَبُوراً وَ قَدْ عَلِمْتَ بِمَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله یَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ إِنِّی لَا أَخَافُ عَلَیْكَ الْحَسَدَ وَ إِنَّمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ الْكَافِرِینَ فَقَالَ- كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمُ الْحَقُ (1) وَ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لِلشَّیْطَانِ عَلَیْكَ سُلْطَاناً یَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ أَبِیكَ علیه السلام فِیكَ قَالَ بَلَی قَالَ سَمِعْتُ أَبَاكَ یَقُولُ یَوْمَ الْبَصْرَةِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَبَرَّنِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَلْیَبَرَّ مُحَمَّداً یَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَكَ وَ أَنْتَ نُطْفَةٌ فِی ظَهْرِ أَبِیكَ لَأَخْبَرْتُكَ یَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ بَعْدَ وَفَاةِ نَفْسِی وَ مُفَارَقَةِ رُوحِی جِسْمِی إِمَامٌ مِنْ بَعْدِی وَ عِنْدَ اللَّهِ فِی الْكِتَابِ الْمَاضِی وِرَاثَةَ النَّبِیِّ أَصَابَهَا فِی وِرَاثَةِ أَبِیهِ وَ أُمِّهِ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ خَیْرُ خَلْقِهِ فَاصْطَفَی مِنْكُمْ مُحَمَّداً وَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَلِیّاً وَ اخْتَارَنِی عَلِیٌّ لِلْإِمَامَةِ وَ اخْتَرْتُ أَنَا الْحُسَیْنَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ أَنْتَ إِمَامِی وَ سَیِّدِی (2) وَ أَنْتَ وَسِیلَتِی إِلَی مُحَمَّدٍ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِی ذَهَبَتْ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ هَذَا الْكَلَامَ أَلَا وَ إِنَّ فِی رَأْسِی كَلَاماً لَا تَنْزِفُهُ الدِّلَاءُ وَ لَا تُغَیِّرُهُ بُعْدُ الرِّیَاحِ (3) كَالْكِتَابِ الْمُعْجَمِ فِی الرَّقِّ الْمُنَمْنَمِ أَهُمُّ بِإِبْدَائِهِ فَأَجِدُنِی سُبِقْتُ إِلَیْهِ سَبْقَ الْكِتَابِ الْمُنْزَلِ وَ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَ إِنَّهُ لَكَلَامٌ یَكِلُّ بِهِ لِسَانُ النَّاطِقِ وَ یَدُ الْكَاتِبِ (4) وَ لَا یَبْلُغُ فَضْلَكَ وَ كَذَلِكَ یَجْزِی اللَّهُ الْمُحْسِنِینَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
ص: 175
الْحُسَیْنُ أَعْلَمُنَا عِلْماً وَ أَثْقَلُنَا حِلْماً وَ أَقْرَبُنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ رَحِماً كَانَ إِمَاماً قَبْلَ أَنْ یُخْلَقَ وَ قَرَأَ الْوَحْیَ قَبْلَ أَنْ یَنْطِقَ وَ لَوْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ أَحَداً خَیْرٌ مِنَّا(1)
مَا اصْطَفَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا اخْتَارَ مُحَمَّداً وَ اخْتَارَ مُحَمَّدٌ عَلِیّاً إِمَاماً وَ اخْتَارَكَ عَلِیٌّ بَعْدَهُ وَ اخْتَرْتَ الْحُسَیْنَ بَعْدَكَ سَلَّمْنَا وَ رَضِینَا بِمَنْ هُوَ الرِّضَا وَ بِمَنْ نَسْلَمُ بِهِ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ (2).
بیان: قوله فقال اللّٰه أی لا تحتاج إلی أن أذهب و أری فإنك بعلومك الربانیة أعلم بما أخبرك بعد النظر و یحتمل أن یكون المراد بالنظر النظر بالقلب بما علموه من ذلك فإنه كان من أصحاب الأسرار فلذا قال أنت أعلم به منی من هذه الجهة و لعل السؤال لأنه كان یرید أولا أن یبعث غیر قنبر لطلب ابن الحنفیة فلما لم یجد غیره بعثه.
و یحتمل أن یكون أراد بقوله مؤمنا ملك الموت علیه السلام فإنه كان یقف و یستأذن للدخول علیهم فلعله أتاه بصورة بشر فسأل قنبرا عن ذلك لیعلم أنه یراه أم لا فجوابه حینئذ إنی لا أری أحدا و أنت أعلم بما تقول و تری ما لا أری فلما علم أنه الملك بعث إلی أخیه.
فعجل عن شسع نعله أی صار تعجیله مانعا عن عقد شسع النعل قوله عن سماع كلام أی النص علی الخلیفة فإن السامع إذا أقر فهو حی بعد وفاته و إذا أنكر فهو میت فی حیاته أو المعنی أنه سبب لحیاة الأموات بالجهل و الضلالة بحیاة العلم و الإیمان و سبب لموت الأحیاء بالحیاة الظاهریة أو بالحیاة المعنویة إن لم یقبلوه و قیل یموت به الأحیاء أی بالموت الإرادی عن لذات هذه النشأة الذی هو حیاة أخرویة فی دار الدنیا و هو بعید.
كونوا أوعیة العلم تحریص علی استماع الوصیة و قبولها و نشرها أو
ص: 176
علی متابعة الإمام و التعلم منه و تعلیم الغیر قوله علیه السلام فإن ضوء النهار أی لا تستنكفوا عن التعلم و إن كنتم علماء فإن فوق كُلِّ ذِی عِلْمٍ عَلِیمٌ أو عن تفضیل بعض الإخوة علی بعض.
و الحاصل أنه قد استقر فی نفوس الجهلة بسبب الحسد أن المتشعبین من أصل واحد فی الفضل سواء و لذا یستنكف بعض الإخوة و الأقارب عن متابعة بعضهم و كان الكفار یقولون للأنبیاء ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا(1) فأزال علیه السلام تلك الشبهة بالتشبیه بضوء النهار فی ساعاته المختلفة فإن كله من الشمس لكن بعضه أضوأ من بعض كأول الفجر و بعد طلوع الشمس و بعد الزوال و هكذا فباختلاف الاستعدادات و القابلیات تختلف إفاضة الأنوار علی المواد.
و قوله أ ما علمت أن اللّٰه تمثیل لما ذكر سابقا و تأكید له و قوله فجعل ولد إبراهیم أئمة إشارة إلی قوله تعالی وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِینَ- وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا(2) و قوله و فضل إلخ إشارة إلی قوله سبحانه وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِیِّینَ عَلی بَعْضٍ وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً(3).
و قد علمت بما استأثر أی علمت بأی جهة استأثر اللّٰه محمدا أی فضله إنما كان لوفور علمه و مكارم أخلاقه لا بنسبه و حسبه و أنت تعلم أن الحسین أفضل منك بجمیع هذه الجهات و یحتمل أن تكون ما مصدریة و الباء لتقویة التعدیة أی علمت استیثار اللّٰه إیاه قوله إنی لا أخاف فیما عندنا من نسخ الكافی إنی أخاف و لعل ما هنا أظهر.
قوله علیه السلام و لم یجعل اللّٰه الظاهر أن المراد قطع عذره فی ترك ذلك أی لیس للشیطان علیك سلطان یجبرك علی الإنكار و لا ینافی ذلك قوله تعالی إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَی الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ (4) لأن ذلك بجعل أنفسهم لا بجعل اللّٰه أو السلطان فی الآیة محمول علی ما لا یتحقق معه الجبر أو المعنی أنك من عباد اللّٰه الصالحین
ص: 177
و قد قال تعالی إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَكَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ (1) و یحتمل أن تكون جملة دعائیة.
قوله علیه السلام و عند اللّٰه فی الكافی و عند اللّٰه جل اسمه فی الكتاب وراثة من النبی صلی اللّٰه علیه و آله أضافها اللّٰه عز و جل له فی وراثة أبیه و أمه صلی اللّٰه علیهما فعلم اللّٰه أی كونه إماما مثبت عند اللّٰه فی اللوح أو فی القرآن و قد ذكر اللّٰه وراثته مع وراثة أبیه و أمه كما سبق فی وصیة النبی صلی اللّٰه علیه و آله فیكون فی بمعنی إلی أو مع و یحتمل أن تكون فی سببیة كما أن الظاهر مما فی الكتاب أن یكون كذلك.
قوله رحمه اللّٰه ألا و إن فی رأسی كلاما أی فی فضائلك و مناقبك لا تنزفه الدلاء أی لا تفنیه كثرة البیان من قولك نزفت ماء البئر إذا نزحت كله و لا تغیره بعد الریاح كنایة عن عذوبته و عدم تكدره بقلة ذكره فإن ما لم تهب علیه الریاح تتغیر و فی الكافی نغمة الریاح و إن ذلك أیضا قد یصیر سببا للتغیر أی لا یتكرر و لا یتكدر بكثرة الذكر و مرور الأزمان أو كنی بالریاح عن الشبهات التی تخرج من أفواه المخالفین الطاعنین فی الحق كما قال تعالی یُرِیدُونَ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ (2).
قوله كالكتاب المعجم من الإعجام بمعنی الإغلاق یقال أعجمت الكتاب خلاف أعربته و باب معجم كمكرم مقفل كنایة عن أنه من الرموز و الأسرار أو من التعجیم أو الإعجام بمعنی إزالة العجمة بالنقط و الإعراب أشار به إلی إبانته عن المكنونات و الرقّ و یكسر جلد رقیق یكتب فیه و الصحیفة البیضاء و یقال نمنمه أی زخرفه و رقّشه و النبت المنمنم الملتفّ المجتمع و فی بعض نسخ الكافی المنهم من النهمة بلوغ الهمّة فی الشی ء كنایة عن كونه ممتلئا أو من قولهم انهمّ البرد و الشحم أی ذابا كنایة عن إغلاقه كأنه قد ذاب و محی.
قوله فأجدنی أی كلما أهم أن أذكر من فضائلك شیئا أجده مذكورا فی كتاب اللّٰه و كتب الأنبیاء و قیل أی سبقتنی إلیه أنت و أخوك لذكره فی القرآن
ص: 178
و كتب الأنبیاء و علمها عندكما و الظاهر أن سبق مصدر و یحتمل أن یكون فعلا ماضیا علی الاستئناف و علی التقدیرین سبقت علی صیغة المجهول و إنه أی ما فی رأسی.
و فی بعض نسخ الكافی بعد قوله و ید الكاتب حتی لا یجد قلما و یؤتی بالقرطاس حمما و ضمیر یجد للكاتب و كذا ضمیر یؤتی أی یكتب حتی تفنی الأقلام و تسود جمیع القراطیس و الحمم بضم الحاء و فتح المیم جمع الحممة كذلك أی الفحمة یشبه بها الشی ء الكثیر السواد و ضمیر یبلغ للكاتب.
أعلمنا علما علما تمیز للنسبة علی المبالغة و التأكید كان إماما و فی الكافی كان فقیها قبل أن یخلق أی بدنه الشریف كما مر أن أرواحهم المقدسة قبل تعلقها بأجسادهم المطهرة كانت عالمة بالعلوم اللدنیة و معلمة للملائكة قبل أن ینطق أی بین الناس كما ورد أنه علیه السلام أبطأ عن الكلام أو مطلقا إشارة إلی علمه فی عالم الأرواح و فی الرحم.
و فی الكافی فی آخر الخبر من بغیره یرضی و من كنا نسلم به من مشكلات أمرنا فقوله من بغیره یرضی الاستفهام للإنكار و الظرف متعلق بما بعده و ضمیر یرضی راجع إلی من و فی بعض النسخ بالنون و هو لا یستقیم إلا بتقدیر الباء فی أول الكلام أی
بمن بغیره نرضی و فی بعضها من بعزه نرضی أی هو من بعزه و غلبته نرضی أو الموصول مفعول رضینا و من كنا نسلم به أیضا إما استفهام إنكار بتقدیر غیره و نسلم إما بالتشدید فكلمة من تعلیلیة أو بالتخفیف أی نصیر به سالما من الابتلاء بالمشكلات و علی الاحتمال الأخیر فی الفقرة السابقة معطوف علی الخبر أو علی المفعول و یؤید الأخیر فیهما ما هنا.
ص: 179
«1»- یر، [بصائر الدرجات] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ مِیثَمٍ الْأَسَدِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ عَبَایَةُ بْنُ رِبْعِیٍّ عَلَی امْرَأَةٍ فِی بَنِی وَالِبَةَ قَدِ احْتَرَقَ وَجْهُهَا مِنَ السُّجُودِ فَقَالَ لَهَا عَبَایَةُ یَا حَبَابَةُ هَذَا ابْنُ أَخِیكِ قَالَتْ وَ أَیُّ أَخٍ قَالَ صَالِحُ بْنُ مِیثَمٍ قَالَتْ ابْنُ أَخِی وَ اللَّهِ حَقّاً یَا ابْنَ أَخِی أَ لَا أُحَدِّثُكَ حَدِیثاً سَمِعْتُهُ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ قَالَ قُلْتُ بَلَی یَا عَمَّةِ قَالَتْ كُنْتُ زَوَّارَةَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَتْ فَحَدَثَ بَیْنَ عَیْنِی وَضَحٌ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیَّ وَ احْتَبَسْتُ عَلَیْهِ أَیَّاماً فَسَأَلَ عَنِّی مَا فَعَلَتْ حَبَابَةُ الْوَالِبِیَّةُ فَقَالُوا إِنَّهَا حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ بَیْنَ عَیْنَیْهَا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا إِلَیْهَا فَجَاءَ مَعَ أَصْحَابِهِ حَتَّی دَخَلَ عَلَیَّ وَ أَنَا فِی مَسْجِدِی هَذَا فَقَالَ یَا حَبَابَةُ مَا أَبْطَأَ بِكِ عَلَیَّ قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ حَدَثَ هَذَا بِی قَالَتْ فَكَشَفْتُ الْقِنَاعَ فَتَفَلَ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ یَا حَبَابَةُ أَحْدِثِی لِلَّهِ شُكْراً فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ دَرَأَهُ عَنْكِ قَالَتْ فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً قَالَتْ فَقَالَ یَا حَبَابَةُ ارْفَعِی رَأْسَكِ وَ انْظُرِی فِی مِرْآتِكِ قَالَتْ فَرَفَعْتُ رَأْسِی فَلَمْ أُحِسَّ مِنْهُ شَیْئاً قَالَتْ فَحَمِدْتُ اللَّهَ.
«2»- دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِیِّ قَالَ رَوَی ابْنُ بَابَوَیْهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ مِیثَمٍ وَ ذَكَرَ: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ فَنَظَرَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا حَبَابَةُ نَحْنُ وَ شِیعَتُنَا عَلَی الْفِطْرَةِ وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْهَا بِرَاءٌ.
«3»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ عَنْ یَحْیَی ابْنِ أُمِّ الطَّوِیلِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ شَابٌّ یَبْكِی فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ مَا یُبْكِیكَ قَالَ إِنَّ وَالِدَتِی تُوُفِّیَتْ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ وَ لَمْ تُوصِ وَ لَهَا مَالٌ وَ كَانَتْ قَدْ أَمَرَتْنِی أَنْ لَا
ص: 180
أُحْدِثَ فِی أَمْرِهَا شَیْئاً حَتَّی أُعْلِمَكَ خَبَرَهَا فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام قُومُوا حَتَّی نَصِیرَ إِلَی هَذِهِ الْحُرَّةِ فَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی بَابِ الْبَیْتِ الَّذِی تُوُفِّیَتْ فِیهِ الْمَرْأَةُ مُسَجَّاةً فَأَشْرَفَ عَلَی الْبَیْتِ وَ دَعَا اللَّهَ لِیُحْیِیَهَا حَتَّی تُوصِیَ بِمَا تُحِبُّ مِنْ وَصِیَّتِهَا فَأَحْیَاهَا اللَّهُ وَ إِذَا الْمَرْأَةُ جَلَسَتْ وَ هِیَ تَتَشَهَّدُ ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَتِ ادْخُلِ الْبَیْتَ یَا مَوْلَایَ وَ مُرْنِی بِأَمْرِكَ فَدَخَلَ وَ جَلَسَ عَلَی مِخَدَّةٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا وَصِّی یَرْحَمُكِ اللَّهُ فَقَالَتْ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لِی مِنَ الْمَالِ كَذَا وَ كَذَا فِی مَكَانِ كَذَا وَ كَذَا فَقَدْ جَعَلْتُ ثُلُثَهُ إِلَیْكَ لِتَضَعَهُ حَیْثُ شِئْتَ مِنْ أَوْلِیَائِكَ وَ الثُّلُثَانِ لِابْنِی هَذَا إِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ مِنْ مَوَالِیكَ وَ أَوْلِیَائِكَ وَ إِنْ كَانَ مُخَالِفاً فَخُذْهُ إِلَیْكَ فَلَا حَقَّ فِی الْمُخَالِفِینَ فِی أَمْوَالِ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ سَأَلَتْهُ أَنْ یُصَلِّیَ عَلَیْهَا وَ أَنْ یَتَوَلَّی أَمْرَهَا ثُمَّ صَارَتِ الْمَرْأَةُ مَیِّتَةً كَمَا كَانَتْ.
«4»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ علیه السلام قَالَ: أَقْبَلَ أَعْرَابِیٌّ إِلَی الْمَدِینَةِ لِیَخْتَبِرَ الْحُسَیْنَ علیه السلام لِمَا ذُكِرَ لَهُ مِنْ دَلَائِلِهِ فَلَمَّا صَارَ بِقُرْبِ الْمَدِینَةِ خَضْخَضَ وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ فَدَخَلَ عَلَی الْحُسَیْنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَ مَا تَسْتَحْیِی
یَا أَعْرَابِیُّ أَنْ تَدْخُلَ إِلَی إِمَامِكَ وَ أَنْتَ جُنُبٌ فَقَالَ أَنْتُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ إِذَا دخلتم [خَلَوْتُمْ] خَضْخَضْتُمْ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ قَدْ بَلَغْتُ حَاجَتِی مِمَّا جِئْتُ فِیهِ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَاغْتَسَلَ وَ رَجَعَ إِلَیْهِ فَسَأَلَهُ عَمَّا كَانَ فِی قَلْبِهِ.
بیان: قال الجزری الخضخضة الاستمناء و هو استنزال المنی فی غیر الفرج و أصل الخضخضة التحریك.
«5»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ مَنْدَلِ بْنِ هَارُونَ بْنِ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: إِذَا أَرَادَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَنْ یُنْفِذَ غِلْمَانَهُ فِی بَعْضِ أُمُورِهِ قَالَ لَهُمْ- لَا تَخْرُجُوا یَوْمَ كَذَا اخْرُجُوا یَوْمَ كَذَا فَإِنَّكُمْ إِنْ خَالَفْتُمُونِی قُطِعَ عَلَیْكُمْ فَخَالَفُوهُ مَرَّةً وَ خَرَجُوا فَقَتَلَهُمُ اللُّصُوصُ وَ أَخَذُوا مَا مَعَهُمْ وَ اتَّصَلَ الْخَبَرُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ لَقَدْ حَذَّرْتُهُمْ فَلَمْ یَقْبَلُوا مِنِّی.
ص: 181
ثُمَّ قَامَ مِنْ سَاعَتِهِ وَ دَخَلَ عَلَی الْوَالِی فَقَالَ الْوَالِی بَلَغَنِی قَتْلُ غِلْمَانِكَ فَآجَرَكَ اللَّهُ فِیهِمْ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَإِنِّی أَدُلُّكَ عَلَی مَنْ قَتَلَهُمْ فَاشْدُدْ یَدَكَ بِهِمْ قَالَ أَ وَ تَعْرِفُهُمْ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ كَمَا أَعْرِفُكَ وَ هَذَا مِنْهُمْ فَأَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی رَجُلٍ وَاقِفٍ بَیْنَ یَدَیِ الْوَالِی فَقَالَ الرَّجُلُ وَ مِنْ أَیْنَ قَصَدْتَنِی بِهَذَا وَ مِنْ أَیْنَ تَعْرِفُ أَنِّی مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِنْ أَنَا صَدَقْتُكَ تُصَدِّقُنِی قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ لَأُصَدِّقَنَّكَ فَقَالَ خَرَجْتَ وَ مَعَكَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ ذَكَرَهُمْ كُلَّهُمْ فَمِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ مِنْ مَوَالِی الْمَدِینَةِ وَ الْبَاقُونَ مِنْ جیشان [حُبْشَانِ] الْمَدِینَةِ فَقَالَ الْوَالِی وَ رَبِّ الْقَبْرِ وَ الْمِنْبَرِ لَتَصْدُقَنِّی أَوْ لَأُهْرِقَنَّ لَحْمَكَ بِالسِّیَاطِ فَقَالَ الرَّجُلُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبَ الْحُسَیْنُ وَ لَصَدَقَ وَ كَأَنَّهُ كَانَ مَعَنَا فَجَمَعَهُمُ الْوَالِی جَمِیعاً فَأَقَرُّوا جَمِیعاً فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ.
«6»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ رَجُلًا صَارَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ جِئْتُكَ أَسْتَشِیرُكَ فِی تَزْوِیجِی فُلَانَةَ فَقَالَ- لَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَ كَانَتْ كَثِیرَةَ الْمَالِ وَ كَانَ الرَّجُلُ أَیْضاً مُكْثِراً فَخَالَفَ الْحُسَیْنَ فَتَزَوَّجَ بِهَا فَلَمْ یَلْبَثِ الرَّجُلُ حَتَّی افْتَقَرَ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام قَدْ أَشَرْتُ إِلَیْكَ فَخَلِّ سَبِیلَهَا فَإِنَّ اللَّهَ یُعَوِّضُكَ خَیْراً مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَ عَلَیْكَ بِفُلَانَةَ فَتَزَوَّجْهَا فَمَا مَضَتْ سَنَةٌ حَتَّی كَثُرَ مَالُهُ وَ وَلَدَتْ لَهُ ذَكَراً وَ أُنْثَی وَ رَأَی مِنْهَا مَا أَحَبَّ.
«7»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی جَبْرَئِیلَ أَنْ یَهْبِطَ فِی مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَیُهَنِّئَ مُحَمَّداً فَهَبَطَ فَمَرَّ بِجَزِیرَةٍ فِیهَا مَلَكٌ یُقَالُ لَهُ فُطْرُسُ بَعَثَهُ اللَّهُ فِی شَیْ ءٍ فَأَبْطَأَ فَكَسَرَ جَنَاحَهُ فَأَلْقَاهُ فِی تِلْكَ الْجَزِیرَةِ فَعَبَدَ اللَّهَ سَبْعَمِائَةِ عَامٍ فَقَالَ فُطْرُسُ لِجَبْرَئِیلَ إِلَی أَیْنَ فَقَالَ إِلَی مُحَمَّدٍ قَالَ احْمِلْنِی مَعَكَ لَعَلَّهُ یَدْعُو لِی فَلَمَّا دَخَلَ جَبْرَئِیلُ وَ أَخْبَرَ مُحَمَّداً بِحَالِ فُطْرُسَ قَالَ لَهُ النَّبِیُّ قُلْ یَتَمَسَّحُ بِهَذَا الْمَوْلُودِ فَتَمَسَّحَ فُطْرُسُ بِمَهْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَأَعَادَ اللَّهُ عَلَیْهِ فِی الْحَالِ جَنَاحَهُ ثُمَّ ارْتَفَعَ مَعَ جَبْرَئِیلَ إِلَی السَّمَاءِ.
ص: 182
«8»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب زُرَارَةُ بْنُ أَعْیَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُحَدِّثُ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ مَرِیضاً شَدِیدَ الْحُمَّی عَادَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَلَمَّا دَخَلَ مِنْ بَابِ الدَّارِ طَارَتِ الْحُمَّی عَنِ الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ رَضِیتُ بِمَا أُوتِیتُمْ بِهِ حَقّاً حَقّاً وَ الْحُمَّی تَهْرُبُ عَنْكُمْ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ شَیْئاً إِلَّا وَ قَدْ أَمَرَهُ بِالطَّاعَةِ لَنَا قَالَ فَإِذَا نَحْنُ نَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ لَا نَرَی الشَّخْصَ یَقُولُ لَبَّیْكَ قَالَ أَ
لَیْسَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَمَرَكِ أَنْ لَا تَقْرَبِی إِلَّا عَدُوّاً أَوْ مُذْنِباً لِكَیْ تَكُونِی كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ فَمَا بَالُ هَذَا فَكَانَ الْمَرِیضُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّیْثِیَ (1).
«9»- كش، [رجال الكشی] وَجَدْتُ فِی كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ نُعَیْمٍ بِخَطِّهِ رَوَی عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْیَنَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یُحَدِّثُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام: أَنَّ رَجُلًا كَانَ مِنْ شِیعَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَرِیضاً شَدِیدَ الْحُمَّی فَعَادَهُ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(2).
«10»- یب، [تهذیب الأحكام] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَطُوفُ وَ خَلْفَهَا رَجُلٌ فَأَخْرَجَتْ ذِرَاعَهَا فَقَالَ بِیَدِهِ حَتَّی وَضَعَهَا عَلَی ذِرَاعِهَا فَأَثَبْتَ اللَّهُ یَدَ الرَّجُلِ فِی ذِرَاعِهَا حَتَّی قَطَعَ الطَّوَافَ وَ أُرْسِلَ إِلَی الْأَمِیرِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ وَ أَرْسَلَ إِلَی الْفُقَهَاءِ فَجَعَلُوا یَقُولُونَ اقْطَعْ یَدَهُ فَهُوَ الَّذِی جَنَی الْجِنَایَةَ فَقَالَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ وُلْدِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا نَعَمْ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام قَدِمَ اللَّیْلَةَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ انْظُرْ مَا لَقِیَ ذَانِ فَاسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ فَمَكَثَ طَوِیلًا یَدْعُو ثُمَّ جَاءَ إِلَیْهِمَا حَتَّی خَلَّصَ یَدَهُ مِنْ یَدِهَا فَقَالَ الْأَمِیرُ أَ لَا تُعَاقِبُهُ بِمَا صَنَعَ قَالَ لَا(3).
«11»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب رَوَی عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ كَثِیرٍ: أَنَّ قَوْماً أَتَوْا إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ قَالُوا حَدِّثْنَا بِفَضَائِلِكُمْ قَالَ لَا تُطِیقُونَ وَ انْحَازُوا عَنِّی لِأُشِیرَ إِلَی بَعْضِكُمْ فَإِنْ أَطَاقَ
ص: 183
سَأُحَدِّثُكُمْ فَتَبَاعَدُوا عَنْهُ فَكَانَ یَتَكَلَّمُ مَعَ أَحَدِهِمْ حَتَّی دَهِشَ وَ وَلَهَ وَ جَعَلَ یَهِیمُ وَ لَا یُجِیبُ أَحَداً وَ انْصَرَفُوا عَنْهُ.
صَفْوَانُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ علیه السلام یَقُولُ: رَجُلَانِ اخْتَصَمَا فِی زَمَنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی امْرَأَةٍ وَ وَلَدِهَا فَقَالَ هَذَا لِی وَ قَالَ هَذَا لِی فَمَرَّ بِهِمَا الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَالَ لَهُمَا فِیمَا تَمْرُجَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنَّ الِامْرَأَةَ لِی وَ قَالَ الْآخَرُ إِنَّ الْوَلَدَ لِی فَقَالَ لِلْمُدَّعِی الْأَوَّلِ اقْعُدْ فَقَعَدَ وَ كَانَ الْغُلَامُ رَضِیعاً فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَا هَذِهِ اصْدُقِی مِنْ قَبْلِ أَنْ یَهْتِكَ اللَّهُ سِتْرَكِ فَقَالَتْ هَذَا زَوْجِی وَ الْوَلَدُ لَهُ وَ لَا أَعْرِفُ هَذَا فَقَالَ علیه السلام یَا غُلَامُ مَا تَقُولُ هَذِهِ انْطِقْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ لَهُ مَا أَنَا لِهَذَا وَ لَا لِهَذَا وَ مَا أَبِی إِلَّا رَاعِیَ لِآلِ فُلَانٍ فَأَمَرَ علیه السلام بِرَجْمِهَا قَالَ جَعْفَرٌ علیه السلام فَلَمْ یَسْمَعْ أَحَدٌ نُطْقَ ذَلِكَ الْغُلَامِ بَعْدَهَا.
الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ قَالَ: سَأَلْتُ الْحُسَیْنَ علیه السلام فَقُلْتُ سَیِّدِی أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ أَنَا بِهِ مُوقِنٌ وَ إِنَّهُ مِنْ سِرِّ اللَّهِ وَ أَنْتَ الْمَسْرُورُ إِلَیْهِ ذَلِكَ السِّرَّ فَقَالَ یَا أَصْبَغُ أَ تُرِیدُ أَنْ تَرَی مُخَاطَبَةَ رَسُولِ اللَّهِ- لِأَبِی دُونٍ یَوْمَ مَسْجِدِ قُبَا قَالَ هَذَا الَّذِی أَرَدْتُ قَالَ قُمْ فَإِذَا أَنَا وَ هُوَ بِالْكُوفَةِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا الْمَسْجِدُ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیَّ بَصَرِی فَتَبَسَّمَ فِی وَجْهِی ثُمَّ قَالَ یَا أَصْبَغُ إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ أُعْطِیَ الرِّیحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَ رَواحُها شَهْرٌ وَ أَنَا قَدْ أُعْطِیتُ أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِیَ سُلَیْمَانُ فَقُلْتُ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ نَحْنُ الَّذِینَ عِنْدَنَا عِلْمُ الْكِتَابِ وَ بَیَانُ مَا فِیهِ وَ لَیْسَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مَا عِنْدَنَا لِأَنَّا أَهْلُ سِرِّ اللَّهِ فَتَبَسَّمَ فِی وَجْهِی ثُمَّ قَالَ نَحْنُ آلُ اللَّهِ وَ وَرَثَةُ رَسُولِهِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی ذَلِكَ قَالَ لِی ادْخُلْ فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُحْتَبِئٌ فِی الْمِحْرَابِ بِرِدَائِهِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَابِضٌ عَلَی تَلَابِیبِ الْأَعْسَرِ فَرَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ یَعَضُّ عَلَی الْأَنَامِلِ وَ هُوَ یَقُولُ بِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفْتَنِی أَنْتَ
ص: 184
وَ أَصْحَابُكَ عَلَیْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ لَعْنَتِی الْخَبَرَ(1).
بیان: لأبی دون أی لأبی بكر عبّر به عنه تقیة و الدون الخسیس و الأعسر الشدید أو الشؤم و المراد به إما أبو بكر أو عمر.
«12»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب كِتَابُ الْإِبَانَةِ قَالَ بِشْرُ بْنُ عَاصِمٍ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَیْرِ یَقُولُ: قُلْتُ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام إِنَّكَ تَذْهَبُ إِلَی قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَ خَذَلُوا أَخَاكَ فَقَالَ لَأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَ كَذَا أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ یُسْتَحَلَّ بِی مَكَّةُ عَرَّضَ بِهِ.
كِتَابُ التَّخْرِیجِ، عَنِ الْعَامِرِیِّ بِالْإِسْنَادِ عَنْ هُبَیْرَةَ ابْنِ مَرْیَمَ (2)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَیْتُ الْحُسَیْنَ علیه السلام قَبْلَ أَنْ یَتَوَجَّهَ إِلَی الْعِرَاقِ عَلَی بَابِ الْكَعْبَةِ وَ كَفُّ جَبْرَئِیلَ فِی كَفِّهِ وَ جَبْرَئِیلُ یُنَادِی هَلُمُّوا إِلَی بَیْعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عُنِّفَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَی تَرْكِهِ الْحُسَیْنَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَ الْحُسَیْنِ لَمْ یَنْقُصُوا رَجُلًا وَ لَمْ یَزِیدُوا رَجُلًا نَعْرِفُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ شُهُودِهِمْ وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ إِنَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَنَا لَمَكْتُوبُونَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ (3).
«13»- نجم، كتاب النجوم مِنْ كِتَابِ الدَّلَائِلِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ إِلَی مَكَّةَ سَنَةً مَاشِیاً فَوَرِمَتْ قَدَمَاهُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَوَالِیهِ لَوْ رَكِبْتَ لِیَسْكُنَ عَنْكَ هَذَا الْوَرَمُ فَقَالَ كَلَّا إِذَا أَتَیْنَا هَذَا الْمَنْزِلَ فَإِنَّهُ یَسْتَقْبِلُكَ أَسْوَدُ وَ مَعَهُ دُهْنٌ فَاشْتَرِهِ مِنْهُ وَ لَا تُمَاسِكْهُ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا قُدَّامَنَا مَنْزِلٌ فِیهِ أَحَدٌ یَبِیعُ هَذَا الدَّوَاءَ فَقَالَ بَلَی أَمَامَكَ دُونَ الْمَنْزِلِ فَسَارَ مِیلًا فَإِذَا هُوَ بِالْأَسْوَدِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ لِمَوْلَاهُ دُونَكَ الرَّجُلَ فَخُذْ مِنْهُ الدُّهْنَ فَأَخَذَ مِنْهُ الدُّهْنَ وَ أَعْطَاهُ الثَّمَنَ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ لِمَنْ أَرَدْتَ هَذَا الدُّهْنَ
ص: 185
فَقَالَ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ انْطَلِقْ بِهِ إِلَیْهِ فَصَارَ الْأَسْوَدُ نَحْوَهُ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی مَوْلَاكَ لَا آخُذُ لَهُ ثَمَناً وَ لَكِنِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَنِی وَلَداً ذَكَراً سَوِیّاً یُحِبُّكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَإِنِّی خَلَّفْتُ امْرَأَتِی تَمْخَضُ فَقَالَ انْطَلِقْ إِلَی مَنْزِلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَهَبَ لَكَ وَلَداً ذَكَراً سَوِیّاً فَوَلَدَتْ غُلَاماً سَوِیّاً ثُمَّ رَجَعَ الْأَسْوَدُ إِلَی الْحُسَیْنِ وَ دَعَا لَهُ بِالْخَیْرِ بِوِلَادَةِ الْغُلَامِ لَهُ وَ إِنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام قَدْ مَسَحَ رِجْلَیْهِ فَمَا قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ حَتَّی زَالَ ذَلِكَ الْوَرَمُ (1).
بیان: قد مر هذا فی معجزات الحسن علیه السلام و فی الكافی أیضا كذلك و صدوره عنهما و اتفاق القصتین من جمیع الوجوه لا یخلو من بعد و الظاهر أن ما هنا من تصحیف النساخ.
«14»- نجم، [كتاب النجوم] رُوِّینَا بِإِسْنَادِنَا إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ فِی كِتَابِ دَلَائِلِ الْإِمَامَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام یَقُولُ وَ اللَّهِ لَیَجْتَمِعَنَّ عَلَی قَتْلِی طُغَاةُ بَنِی أُمَیَّةَ وَ یَقْدُمُهُمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَ ذَلِكَ فِی حَیَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ لَهُ أَنْبَأَكَ بِهَذَا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَا فَقَالَ فَأَتَیْتُ النَّبِیَّ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ عِلْمِی عِلْمُهُ وَ عِلْمُهُ عِلْمِی لِأَنَّا نَعْلَمُ بِالْكَائِنِ قَبْلَ كَیْنُونَتِهِ.
«15»- كش، [رجال الكشی] حَمْدَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَیْدٍ الْفَرَّاءِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ مِیثَمٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَ عَبَایَةُ الْأَسَدِیُّ عَلَی حَبَابَةَ الْوَالِبِیَّةِ فَقَالَ لَهَا هَذَا ابْنُ أَخِیكِ مِیثَمٌ قَالَتْ ابْنُ أَخِی وَ اللَّهِ حَقّاً أَ لَا أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِیثٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقُلْتُ بَلَی قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَیْهِ وَ سَلَّمْتُ فَرَدَّ السَّلَامَ وَ رَحَّبَ ثُمَّ قَالَ مَا بَطَّأَ بِكِ عَنْ زِیَارَتِنَا وَ التَّسْلِیمِ عَلَیْنَا یَا حَبَابَةُ قُلْتُ مَا بَطَّأَنِی عَنْكَ إِلَّا عِلَّةٌ عَرَضَتْ قَالَ وَ مَا هِیَ قَالَتْ فَكَشَفْتُ خِمَارِی عَنْ بَرَصٍ قَالَتْ فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی الْبَرَصِ وَ دَعَا فَلَمْ یَزَلْ یَدْعُو حَتَّی رَفَعَ یَدَهُ وَ قَدْ كَشَفَ اللَّهُ ذَلِكَ الْبَرَصَ
ص: 186
ثُمَّ قَالَ یَا حَبَابَةُ إِنَّهُ لَیْسَ أَحَدٌ عَلَی مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ غَیْرُنَا وَ غَیْرُ شِیعَتِنَا وَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْهَا بِرَاءٌ.
«16»- عُیُونُ الْمُعْجِزَاتِ، لِلْمُرْتَضَی رَحِمَهُ اللَّهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَشَكَوْا إِلَیْهِ إِمْسَاكَ الْمَطَرِ وَ قَالُوا لَهُ اسْتَسْقِ لَنَا فَقَالَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام قُمْ وَ اسْتَسْقِ فَقَامَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ قَالَ اللَّهُمَّ مُعْطِیَ الْخَیْرَاتِ وَ مُنْزِلَ الْبَرَكَاتِ أَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَیْنَا مِدْرَاراً وَ اسْقِنَا غَیْثاً مِغْزَاراً وَاسِعاً غَدَقاً مُجَلِّلًا سَحّاً سَفُوحاً فِجَاجاً(1) تُنَفِّسُ بِهِ الضَّعْفَ مِنْ عِبَادِكَ وَ تُحْیِی بِهِ الْمَیِّتَ مِنْ بِلَادِكَ آمِینَ رَبَّ الْعَالَمِینَ فَمَا فَرَغَ علیه السلام مِنْ دُعَائِهِ حَتَّی غَاثَ اللَّهُ تَعَالَی غَیْثاً بَغْتَةً وَ أَقْبَلَ أَعْرَابِیٌّ مِنْ بَعْضِ نَوَاحِی الْكُوفَةِ فَقَالَ تَرَكْتُ الْأَوْدِیَةَ وَ الْآكَامَ یَمُوجُ بَعْضُهَا فِی بَعْضٍ.
حَدَّثَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَخِیهِ قَالَ: شَهِدْتُ یَوْمَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ تَیْمٍ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُوَیْرَةَ فَقَالَ یَا حُسَیْنُ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَا تَشَاءُ فَقَالَ أَبْشِرْ بِالنَّارِ فَقَالَ علیه السلام كَلَّا إِنِّی أَقْدَمُ عَلَی رَبٍّ غَفُورٍ وَ شَفِیعٍ مُطَاعٍ وَ أَنَا مِنْ خَیْرٍ إِلَی خَیْرٍ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ابْنُ جُوَیْرَةَ فَرَفَعَ یَدَهُ الْحُسَیْنُ حَتَّی رَأَیْنَا بَیَاضَ إِبْطَیْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ جُرَّهُ إِلَی النَّارِ فَغَضِبَ ابْنُ جُوَیْرَةَ فَحَمَلَ عَلَیْهِ فَاضْطَرَبَ بِهِ فَرَسُهُ فِی جَدْوَلٍ وَ تَعَلَّقَ رِجْلُهُ بِالرِّكَابِ وَ وَقَعَ رَأْسُهُ فِی الْأَرْضِ وَ نَفَرَ الْفَرَسُ فَأَخَذَ یَعْدُو بِهِ وَ یَضْرِبُ رَأْسَهُ بِكُلِّ حَجَرٍ وَ شَجَرٍ وَ انْقَطَعَتْ قَدَمُهُ وَ سَاقُهُ وَ فَخِذُهُ وَ بَقِیَ جَانِبُهُ الْآخَرُ مُتَعَلِّقاً فِی الرِّكَابِ فَصَارَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَی نَارِ الْجَحِیمِ.
أَقُولُ رُوِیَ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ عَنِ الطَّبَرِیِّ عَنْ طَاوُسٍ الْیَمَانِیِّ: أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام كَانَ إِذَا جَلَسَ فِی الْمَكَانِ الْمُظْلِمِ یَهْتَدِی إِلَیْهِ النَّاسُ بِبَیَاضِ
ص: 187
جَبِینِهِ وَ نَحْرِهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله كَانَ كَثِیراً مَا یُقَبِّلُ جَبِینَهُ وَ نَحْرَهُ وَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام نَزَلَ یَوْماً فَوَجَدَ الزَّهْرَاءَ علیها السلام نَائِمَةً وَ الْحُسَیْنَ فِی مَهْدِهِ یَبْكِی فَجَعَلَ یُنَاغِیهِ وَ یُسَلِّیهِ حَتَّی اسْتَیْقَظَتْ فَسَمِعَتْ صَوْتَ مَنْ یُنَاغِیهِ فَالْتَفَتَتْ فَلَمْ تَرَ أَحَداً فَأَخْبَرَهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ كَانَ جَبْرَئِیلَ علیه السلام.
وَ قَدْ مَضَی بَعْضُ مُعْجِزَاتِهِ فِی الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ وَ سَیَأْتِی كَثِیرٌ مِنْهَا فِی الْأَبْوَابِ الْآتِیَةِ- لَا سِیَّمَا بَابِ شَهَادَتِهِ وَ بَابِ مَا وَقَعَ بَعْدَ شَهَادَتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ.
ص: 188
«1»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مَسْعَدَةَ قَالَ: مَرَّ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام بِمَسَاكِینَ قَدْ بَسَطُوا كِسَاءً لَهُمْ وَ أَلْقَوْا عَلَیْهِ كِسَراً فَقَالُوا هَلُمَّ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَثَنَی وَرِكَهُ فَأَكَلَ مَعَهُمْ ثُمَّ تَلَا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِینَ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَجَبْتُكُمْ فَأَجِیبُونِی قَالُوا نَعَمْ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَامُوا مَعَهُ حَتَّی أَتَوْا مَنْزِلَهُ فَقَالَ لِلْجَارِیَةِ أَخْرِجِی مَا كُنْتِ تَدَّخِرِینَ (1).
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عَمْرُو بْنُ دِینَارٍ قَالَ: دَخَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَلَی أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ وَ هُوَ مَرِیضٌ وَ هُوَ یَقُولُ وَا غَمَّاهْ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ مَا غَمُّكَ یَا أَخِی قَالَ دَیْنِی وَ هُوَ سِتُّونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْحُسَیْنُ هُوَ عَلَیَّ قَالَ إِنِّی أَخْشَی أَنْ أَمُوتَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ لَنْ تَمُوتَ حَتَّی أَقْضِیَهَا عَنْكَ قَالَ فَقَضَاهَا قَبْلَ مَوْتِهِ.
وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ: شَرُّ خِصَالِ الْمُلُوكِ الْجُبْنُ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَ الْقَسْوَةُ عَلَی الضُّعَفَاءِ وَ الْبُخْلُ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ.
وَ فِی كِتَابِ أُنْسِ الْمَجَالِسِ: أَنَّ الْفَرَزْدَقَ أَتَی الْحُسَیْنَ علیه السلام لَمَّا أَخْرَجَهُ مَرْوَانُ مِنَ الْمَدِینَةِ فَأَعْطَاهُ علیه السلام أَرْبَعَمِائَةِ دِینَارٍ فَقِیلَ لَهُ إِنَّهُ شَاعِرٌ فَاسِقٌ مُنْتَهِرٌ(2) فَقَالَ علیه السلام إِنَّ خَیْرَ مَالِكَ مَا وَقَیْتَ بِهِ عِرْضَكَ وَ قَدْ أَثَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله كَعْبَ بْنَ زُهَیْرٍ وَ قَالَ
ص: 189
فِی عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ اقْطَعُوا لِسَانَهُ عَنِّی.
وَفَدَ أَعْرَابِیٌّ الْمَدِینَةَ فَسَأَلَ عَنْ أَكْرَمِ النَّاسِ بِهَا فَدُلَّ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُ مُصَلِّیاً فَوَقَفَ بِإِزَائِهِ وَ أَنْشَأَ:
لَمْ یَخِبِ الْآنَ مَنْ رَجَاكَ وَ مَنْ***حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الْحَلْقَهْ
أَنْتَ جَوَادٌ وَ أَنْتَ مُعْتَمَدٌ*** أَبُوكَ قَدْ كَانَ قَاتِلَ الْفَسَقَهْ
لَوْ لَا الَّذِی كَانَ مِنْ أَوَائِلِكُمْ***كَانَتْ عَلَیْنَا الْجَحِیمُ مُنْطَبِقَهْ
قَالَ فَسَلَّمَ الْحُسَیْنُ وَ قَالَ یَا قَنْبَرُ هَلْ بَقِیَ مِنْ مَالِ الْحِجَازِ شَیْ ءٌ قَالَ نَعَمْ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِینَارٍ فَقَالَ هَاتِهَا قَدْ جَاءَ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنَّا- ثُمَّ نَزَعَ بُرْدَیْهِ وَ لَفَّ الدَّنَانِیرَ فِیهَا وَ أَخْرَجَ یَدَهُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ حَیَاءً مِنَ الْأَعْرَابِیِّ وَ أَنْشَأَ:
خُذْهَا فَإِنِّی إِلَیْكَ مُعْتَذِرٌ*** وَ اعْلَمْ بِأَنِّی عَلَیْكَ ذُو شَفَقَهْ
لَوْ كَانَ فِی سَیْرِنَا الْغَدَاةَ عَصًا*** أَمْسَتْ سَمَانَا عَلَیْكَ مُنْدَفِقَهْ
لَكِنَّ رَیْبَ الزَّمَانِ ذُو غِیَرٍ*** وَ الْكَفُّ مِنِّی قَلِیلَةُ النَّفَقَهْ
قَالَ فَأَخَذَهَا الْأَعْرَابِیُّ وَ بَكَی فَقَالَ لَهُ لَعَلَّكَ اسْتَقْلَلْتَ مَا أَعْطَیْنَاكَ قَالَ لَا وَ لَكِنْ كَیْفَ یَأْكُلُ التُّرَابُ جُودَكَ- وَ هُوَ الْمَرْوِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام:(1).
قوله عصا لعل العصا كنایة عن الإمارة و الحكم قال الجوهری قولهم لا ترفع عصاك عن أهلك یراد به الأدب و إنه لضعیف العصا أی الترعیة و یقال أیضا إنه للیّن العصا أی رفیق حسن السیاسة لما ولی انتهی أی لو كان لنا فی سیرنا فی هذه الغداة ولایة و حكم أو قوة لأمستْ ید عطائنا علیك صابّة و السماء كنایة عن ید الجود و العطاء و الاندفاق الانصباب و ریب الزمان حوادثه و غیر الدهر كعنب أحداثه أی حوادث الزمان تغیّر الأمور قوله كیف یأكل التراب جودك أی كیف تموت و تبیت تحت التراب فتمحی و تذهب جودك.
«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب شُعَیْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِیُّ قَالَ: وُجِدَ عَلَی ظَهْرِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ یَوْمَ الطَّفِّ أَثَرٌ فَسَأَلُوا زَیْنَ الْعَابِدِینَ علیه السلام عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا مِمَّا كَانَ یَنْقُلُ
ص: 190
الْجِرَابَ عَلَی ظَهْرِهِ إِلَی مَنَازِلِ الْأَرَامِلِ وَ الْیَتَامَی وَ الْمَسَاكِینِ.
وَ قِیلَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ السُّلَمِیَّ عَلَّمَ وَلَدَ الْحُسَیْنِ علیه السلام الْحَمْدَ فَلَمَّا قَرَأَهَا عَلَی أَبِیهِ أَعْطَاهُ أَلْفَ دِینَارٍ وَ أَلْفَ حُلَّةٍ وَ حَشَا فَاهُ دُرّاً فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ وَ أَیْنَ یَقَعُ هَذَا مِنْ عَطَائِهِ یَعْنِی تَعْلِیمَهُ وَ أَنْشَدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام:
إِذَا جَادَتِ الدُّنْیَا عَلَیْكَ فَجُدْ بِهَا*** عَلَی النَّاسِ طُرّاً قَبْلَ أَنْ تَتَفَلَّتْ
فَلَا الْجُودُ یُفْنِیهَا إِذَا هِیَ أَقْبَلَتْ*** وَ لَا الْبُخْلُ یُبْقِیهَا إِذَا مَا تَوَلَّتْ
وَ مِنْ تَوَاضُعِهِ علیه السلام: أَنَّهُ مَرَّ بِمَسَاكِینَ وَ هُمْ یَأْكُلُونَ كِسَراً لَهُمْ عَلَی كِسَاءٍ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ فَدَعَوْهُ إِلَی طَعَامِهِمْ فَجَلَسَ مَعَهُمْ وَ قَالَ لَوْ لَا أَنَّهُ صَدَقَةٌ لَأَكَلْتُ مَعَكُمْ ثُمَّ قَالَ قُومُوا إِلَی مَنْزِلِی فَأَطْعَمَهُمْ وَ كَسَاهُمْ وَ أَمَرَ لَهُمْ بِدَرَاهِمَ.
وَ حَدَّثَ الصَّوْلِیُّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی خَبَرٍ: أَنَّهُ جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ كَلَامٌ فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ یَا أَخِی فَإِنَّ أَبِی وَ أَبَاكَ عَلِیٌّ- لَا تَفْضُلُنِی فِیهِ وَ لَا أَفْضُلُكَ وَ أُمُّكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَوْ كَانَ مِلْ ءَ الْأَرْضِ ذَهَباً مِلْكُ أُمِّی مَا وَفَتْ بِأُمِّكَ فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِی هَذَا فَصِرْ إِلَیَّ حَتَّی تَتَرَضَّانِی فَإِنَّكَ أَحَقُّ بِالْفَضْلِ مِنِّی وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَفَعَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام ذَلِكَ فَلَمْ یَجْرِ بَعْدَ ذَلِكَ بَیْنَهُمَا شَیْ ءٌ(1).
بیان: بأمّك أی بفضلها.
«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وَ مِنْ شَجَاعَتِهِ علیه السلام أَنَّهُ كَانَ بَیْنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ بَیْنَ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ مُنَازَعَةٌ فِی ضَیْعَةٍ فَتَنَاوَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عِمَامَةَ الْوَلِیدِ عَنْ رَأْسِهِ وَ شَدَّهَا فِی عُنُقِهِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ وَالٍ عَلَی الْمَدِینَةِ فَقَالَ مَرْوَانُ بِاللَّهِ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ جُرْأَةَ رَجُلٍ عَلَی أَمِیرِهِ فَقَالَ الْوَلِیدُ وَ اللَّهِ مَا قُلْتَ هَذَا غَضَباً لِی وَ لَكِنَّكَ حَسَدْتَنِی عَلَی حِلْمِی عَنْهُ وَ إِنَّمَا كَانَتِ الضَّیْعَةُ لَهُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ الضَّیْعَةُ لَكَ یَا وَلِیدُ وَ قَامَ.
وَ قِیلَ لَهُ یَوْمَ الطَّفِّ انْزِلْ عَلَی حُكْمِ بَنِی عَمِّكَ قَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا أُعْطِیكُمْ بِیَدِی إِعْطَاءَ الذَّلِیلِ وَ لَا أَفِرُّ فِرَارَ الْعَبِیدِ ثُمَّ نَادَی یَا عِبَادَ اللَّهِ- إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی
ص: 191
وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسابِ.
وَ قَالَ علیه السلام: مَوْتٌ فِی عِزٍّ خَیْرٌ مِنْ حَیَاةٍ فِی ذُلٍّ. وَ أَنْشَأَ علیه السلام یَوْمَ قُتِلَ:
الْمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ*** وَ الْعَارُ أَوْلَی مِنْ دُخُولِ النَّارِ
وَ اللَّهِ مَا هَذَا وَ هَذَا جَارِی
ابْنُ نُبَاتَةَ:
الْحُسَیْنُ الَّذِی رَأَی الْقَتْلَ فِی الْعِزِّ*** حَیَاةً وَ الْعَیْشَ فِی الذُّلِّ قَتْلًا.
الْحِلْیَةُ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْقَوْمُ بِالْحُسَیْنِ وَ أَیْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ قَدْ نَزَلَ مَا تَرَوْنَ مِنَ الْأَمْرِ وَ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ تَغَیَّرَتْ وَ تَنَكَّرَتْ وَ أَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا وَ اسْتَمَرَّتْ (1) حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِنْهَا إِلَّا كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ وَ إِلَّا خَسِیسُ عَیْشٍ كَالْمَرْعَی الْوَبِیلِ أَ لَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا یُعْمَلُ بِهِ وَ الْبَاطِلَ لَا یُتَنَاهَی عَنْهُ لِیَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِی لِقَاءِ اللَّهِ وَ إِنِّی لَا أَرَی الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَ الْحَیَاةَ مَعَ الظَّالِمِینَ إِلَّا بَرَماً. وَ أَنْشَأَ مُتَمَثِّلًا لَمَّا قَصَدَ الطَّفَّ:
سَأَمْضِی فَمَا بِالْمَوْتِ عَارٌ عَلَی الْفَتَی*** إِذَا مَا نَوَی خَیْراً وَ جَاهَدَ مُسْلِماً
وَ وَاسَی الرِّجَالَ الصَّالِحِینَ بِنَفْسِهِ*** وَ فَارَقَ مَذْمُوماً وَ خَالَفَ مُجْرِماً
أُقَدِّمُ نَفْسِی لَا أُرِیدُ بَقَاءَهَا*** لِنَلْقَی خَمِیساً فِی الْهِیَاجِ عَرَمْرَماً
فَإِنْ عِشْتُ لَمْ أُذْمَمْ وَ إِنْ مِتُّ لَمْ أُلَمْ***كَفَی بِكَ ذُلًّا أَنْ تَعِیشَ فَتُرْغَمَا(2)
توضیح: الصبابة بالضم البقیة من الماء فی الإناء و الوبلة بالتحریك الثقل و الوخامة و قد وبل المرتع بالضم وبلا وبالا فهو وبیل أی وخیم ذكره الجوهری و البرم بالتحریك السأمة و الملال و الخمیس الجیش لأنهم خمس فرق المقدّمة و القلب و المیمنة و المیسرة و الساق و یوم الهیاج یوم القتال و العرمرم الجیش الكثیر و عرام الجیش كثرته.
«5»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب وَ مِنْ زُهْدِهِ علیه السلام: أَنَّهُ قِیلَ لَهُ مَا أَعْظَمَ خَوْفَكَ مِنْ رَبِّكَ قَالَ لَا یَأْمَنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا مَنْ خَافَ اللَّهَ فِی الدُّنْیَا.
ص: 192
إِبَانَةُ ابْنِ بَطَّةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَیْدٍ أَبُو عُمَیْرٍ: لَقَدْ حَجَّ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام خَمْساً وَ عِشْرِینَ حَجَّةً مَاشِیاً وَ إِنَّ النَّجَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ عُیُونُ الْمَحَاسِنِ إِنَّهُ سَایَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَأَتَی قَبْرَ خَدِیجَةَ فَبَكَی ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ عَنِّی قَالَ أَنَسٌ فَاسْتَخْفَیْتُ عَنْهُ فَلَمَّا طَالَ وُقُوفُهُ فِی الصَّلَاةِ سَمِعْتُهُ قَائِلًا:
یَا رَبِّ یَا رَبِّ أَنْتَ مَوْلَاهُ*** فَارْحَمْ عَبِیداً إِلَیْكَ مَلْجَاهُ
یَا ذَا الْمَعَالِی عَلَیْكَ مُعْتَمَدِی*** طُوبَی لِمَنْ كُنْتَ أَنْتَ مَوْلَاهُ
طُوبَی لِمَنْ كَانَ خَادِماً أَرِقاً*** یَشْكُو إِلَی ذِی الْجَلَالِ بَلْوَاهُ
وَ مَا بِهِ عِلَّةٌ وَ لَا سَقَمٌ*** أَكْثَرَ مِنْ حُبِّهِ لِمَوْلَاهُ
إِذَا اشْتَكَی بَثَّهُ وَ غُصَّتَهُ*** أَجَابَهُ اللَّهُ ثُمَّ لَبَّاهُ
إِذَا ابْتَلَا بِالظَّلَامِ مُبْتَهِلًا***أَكْرَمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَدْنَاهُ
فَنُودِیَ:
لَبَّیْكَ عَبْدِی وَ أَنْتَ فِی كَنَفِی*** وَ كُلَّمَا قُلْتَ قَدْ عَلِمْنَاهُ
صَوْتُكَ تَشْتَاقُهُ مَلَائِكَتِی*** فَحَسْبُكَ الصَّوْتُ قَدْ سَمِعْنَاهُ
دُعَاكَ عِنْدِی یَجُولُ فِی حُجُبٍ*** فَحَسْبُكَ السِّتْرُ قَدْ سَفَرْنَاهُ
لَوْ هَبَّتِ الرِّیحُ مِنْ جَوَانِبِهِ*** خَرَّ صَرِیعاً لِمَا تَغَشَّاهُ
سَلْنِی بِلَا رَغْبَةٍ وَ لَا رَهَبٍ*** وَ لَا حِسَابٍ إِنِّی أَنَا اللَّهُ (1)
بیان: الأرق بكسر الراء من یسهر باللیل قوله قد سفرناه أی حسبك إنا كشفنا الستر عنك قوله لو هبّت الریح من جوانبه الضمیر إما راجع إلی الدعاء كنایة عن أنه یجول فی مقام لو كان مكانه رجل لغشی علیه مما یغشاه من أنوار الجلال و یحتمل إرجاعه إلیه علیه السلام علی سبیل الالتفات لبیان غایة خضوعه و ولهه فی العبادة بحیث لو تحركت ریح لأسقطته.
«6»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب وَ لَهُ علیه السلام:
یَا أَهْلَ لَذَّةِ دُنْیَا لَا بَقَاءَ لَهَا*** إِنَّ اغْتِرَاراً بِظِلٍّ زَائِلٍ حُمُقٌ.
ص: 193
وَ یُرْوَی لِلْحُسَیْنِ علیه السلام:
سَبَقْتُ الْعَالَمِینَ إِلَی الْمَعَالِی*** بِحُسْنِ خَلِیقَةٍ وَ عُلُوِّ هِمَّةٍ
وَ لَاحَ بِحِكْمَتِی نُورُ الْهُدَی فِی*** لَیَالٍ فِی الضَّلَالَةِ مُدْلَهِمَّةٌ
یُرِیدُ الْجَاحِدُونَ لِیُطْفِئُوهُ*** وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّهُ (1).
«7»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب حَفْصُ بْنُ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله كَانَ فِی الصَّلَاةِ وَ إِلَی جَانِبِهِ الْحُسَیْنُ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَلَمْ یُحِرِ الْحُسَیْنُ التَّكْبِیرَ ثُمَّ كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ یُحِرِ الْحُسَیْنُ التَّكْبِیرَ وَ لَمْ یَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یُكَبِّرُ وَ یُعَالِجُ الْحُسَیْنُ التَّكْبِیرَ فَلَمْ یُحِرْ حَتَّی أَكْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله سَبْعَ تَكْبِیرَاتٍ فَأَحَارَ الْحُسَیْنُ علیه السلام التَّكْبِیرَ فِی السَّابِعَةِ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَصَارَتْ سُنَّةً.
وَ رُوِیَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: صَحَّ عِنْدِی قَوْلُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الصَّلَاةِ إِدْخَالُ السُّرُورِ فِی قَلْبِ الْمُؤْمِنِ بِمَا لَا إِثْمَ فِیهِ فَإِنِّی رَأَیْتُ غُلَاماً یُؤَاكِلُ كَلْباً فَقُلْتُ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی مَغْمُومٌ أَطْلُبُ سُرُوراً بِسُرُورِهِ لِأَنَّ صَاحِبِی یَهُودِیٌّ أُرِیدُ أُفَارِقُهُ فَأَتَی الْحُسَیْنُ إِلَی صَاحِبِهِ بِمِائَتَیْ دِینَارٍ ثَمَناً لَهُ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ الْغُلَامُ فِدَاءٌ لِخُطَاكَ وَ هَذَا الْبُسْتَانُ لَهُ وَ رَدَدْتُ عَلَیْكَ الْمَالَ فَقَالَ علیه السلام وَ أَنَا قَدْ وَهَبْتُ لَكَ الْمَالَ قَالَ قَبِلْتُ الْمَالَ وَ وَهَبْتُهُ لِلْغُلَامِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَعْتَقْتُ الْغُلَامَ وَ وَهَبْتُهُ لَهُ جَمِیعاً فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ قَدْ أَسْلَمْتُ وَ وَهَبْتُ زَوْجِی مَهْرِی فَقَالَ الْیَهُودِیُّ وَ أَنَا أَیْضاً أَسْلَمْتُ وَ أَعْطَیْتُهَا هَذِهِ الدَّارَ.
التِّرْمِذِیُّ فِی الْجَامِعِ: كَانَ ابْنُ زِیَادٍ یُدْخِلُ قَضِیباً فِی أَنْفِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ یَقُولُ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ هَذَا الرَّأْسِ حُسْناً فَقَالَ أَنَسٌ إِنَّهُ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
وَ رُوِیَ: أَنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام كَانَ یَقْعُدُ فِی الْمَكَانِ الْمُظْلِمِ فَیُهْتَدَی إِلَیْهِ بِبَیَاضِ جَبِینِهِ وَ نَحْرِهِ (2).
ص: 194
«8»- كشف، [كشف الغمة] قَالَ أَنَسٌ: كُنْتُ عِنْدَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَدَخَلَتْ عَلَیْهِ جَارِیَةٌ فَحَیَّتْهُ بِطَاقَةِ رَیْحَانٍ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ فَقُلْتُ تَجِیئُكَ بِطَاقَةِ رَیْحَانٍ لَا خَطَرَ لَهَا فَتُعْتِقُهَا قَالَ كَذَا أَدَّبَنَا اللَّهُ قَالَ اللَّهُ- وَ إِذا حُیِّیتُمْ بِتَحِیَّةٍ فَحَیُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها(1) وَ كَانَ أَحْسَنَ مِنْهَا عِتْقُهَا.
وَ قَالَ یَوْماً لِأَخِیهِ علیه السلام یَا حَسَنُ وَدِدْتُ أَنَّ لِسَانَكَ لِی وَ قَلْبِی لَكَ.
وَ كَتَبَ إِلَیْهِ الْحَسَنُ علیه السلام یَلُومُهُ عَلَی إِعْطَاءِ الشُّعَرَاءِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّی بِأَنَّ خَیْرَ الْمَالِ مَا وَقَی الْعِرْضَ (2).
بیان: لعل لومه علیه السلام لیظهر عذره للناس.
«9»- كشف، [كشف الغمة]: وَ دَعَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا وَ لَمْ یَأْكُلِ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقِیلَ لَهُ أَ لَا تَأْكُلُ قَالَ إِنِّی صَائِمٌ وَ لَكِنْ تُحْفَةَ الصَّائِمِ قِیلَ وَ مَا هِیَ قَالَ الدُّهْنُ وَ الْمِجْمَرُ.
وَ جَنَی غُلَامٌ لَهُ جِنَایَةً تُوجِبُ الْعِقَابَ عَلَیْهِ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ یُضْرَبَ فَقَالَ یَا مَوْلَایَ- وَ الْكاظِمِینَ الْغَیْظَ قَالَ خَلُّوا عَنْهُ فَقَالَ یَا مَوْلَایَ وَ الْعافِینَ عَنِ النَّاسِ قَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ قَالَ یَا مَوْلَایَ وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ (3) قَالَ أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ وَ لَكَ ضِعْفُ مَا كُنْتُ أُعْطِیكَ.
وَ قَالَ الْفَرَزْدَقُ: لَقِیَنِی الْحُسَیْنُ علیه السلام فِی مُنْصَرَفِی مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ مَا وَرَاكَ یَا بَا فِرَاسٍ قُلْتُ أَصْدُقُكَ قَالَ الصِّدْقَ أُرِیدُ قُلْتُ أَمَّا الْقُلُوبُ فَمَعَكَ وَ أَمَّا السُّیُوفُ فَمَعَ بَنِی أُمَیَّةَ وَ النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ مَا أَرَاكَ إِلَّا صَدَقْتَ النَّاسُ عَبِیدُ الْمَالِ وَ الدِّینُ لَغْوٌ(4) عَلَی أَلْسِنَتِهِمْ یَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ بِهِ مَعَایِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا لِلِابْتِلَاءِ قَلَّ الدَّیَّانُونَ.
وَ قَالَ علیه السلام: مَنْ أَتَانَا لَمْ یَعْدَمْ خَصْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ آیَةً مُحْكَمَةً وَ قَضِیَّةً عَادِلَةً وَ أَخاً مُسْتَفَاداً وَ مُجَالَسَةَ الْعُلَمَاءِ.
ص: 195
وَ كَانَ علیه السلام یَرْتَجِزُ یَوْمَ قُتِلَ علیه السلام وَ یَقُولُ:
الْمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ رُكُوبِ الْعَارِ*** وَ الْعَارُ خَیْرٌ مِنْ دُخُولِ النَّارِ
وَ اللَّهَ مِنْ هَذَا وَ هَذَا جَارِی.
وَ قَالَ علیه السلام: صَاحِبُ الْحَاجَةِ لَمْ یُكْرِمْ وَجْهَهُ عَنْ سُؤَالِكَ فَأَكْرِمْ وَجْهَكَ عَنْ رَدِّهِ (1).
«10»- تم، [فلاح السائل] ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فِی كِتَابِ الْعُقَدِ: أَنَّهُ قِیلَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام مَا أَقَلَّ وُلْدَ أَبِیكَ فَقَالَ الْعَجَبُ كَیْفَ وُلِدْتُ كَانَ یُصَلِّی فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ أَلْفَ رَكْعَةٍ.
«11»- جع، [جامع الأخبار] فِی أَسَانِیدِ أَخْطَبِ خُوارَزْمَ أَوْرَدَهُ فِی كِتَابٍ لَهُ فِی مَقْتَلِ آلِ الرَّسُولِ: أَنَّ أَعْرَابِیّاً جَاءَ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ ضَمِنْتُ دِیَةً كَامِلَةً وَ عَجَزْتُ عَنْ أَدَائِهِ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی أَسْأَلُ أَكْرَمَ النَّاسِ وَ مَا رَأَیْتُ أَكْرَمَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الْحُسَیْنُ یَا أَخَا الْعَرَبِ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ فَإِنْ أَجَبْتَ عَنْ وَاحِدَةٍ أَعْطَیْتُكَ ثُلُثَ الْمَالِ وَ إِنْ أَجَبْتَ عَنِ اثْنَتَیْنِ أَعْطَیْتُكَ ثُلُثَیِ الْمَالِ وَ إِنْ أَجَبْتَ عَنِ الْكُلِّ أَعْطَیْتُكَ الْكُلَّ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَ مِثْلُكَ یَسْأَلُ عَنْ مِثْلِی وَ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَ الشَّرَفِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بَلَی سَمِعْتُ جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ الْمَعْرُوفُ بِقَدْرِ الْمَعْرِفَةِ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَإِنْ أَجَبْتُ وَ إِلَّا تَعَلَّمْتُ مِنْكَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَیُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ الْإِیمَانُ بِاللَّهِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَمَا النَّجَاةُ مِنَ الْمَهْلَكَةِ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ الثِّقَةُ بِاللَّهِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَمَا یُزَیِّنُ الرَّجُلَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ عِلْمٌ مَعَهُ حِلْمٌ فَقَالَ فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَالٌ مَعَهُ مُرُوءَةٌ فَقَالَ فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِكَ فَقَالَ فَقْرٌ مَعَهُ صَبْرٌ فَقَالَ
ص: 196
الْحُسَیْنُ علیه السلام فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِكَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ فَصَاعِقَةٌ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ تُحْرِقُهُ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لِذَلِكَ.
فَضَحِكَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ رَمَی بِصُرَّةٍ إِلَیْهِ فِیهِ أَلْفُ دِینَارٍ وَ أَعْطَاهُ خَاتَمَهُ وَ فِیهِ فَصٌّ قِیمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَ قَالَ یَا أَعْرَابِیٌّ أَعْطِ الذَّهَبَ إِلَی غُرَمَائِكَ وَ اصْرِفِ الْخَاتَمَ فِی نَفَقَتِكَ فَأَخَذَ الْأَعْرَابِیُّ وَ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ الْآیَةَ(1).
«12»- أَقُولُ رُوِیَ فِی بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی سَلَمَةَ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلَمَّا صِرْنَا بِالْأَبْطَحِ فَإِذَا بِأَعْرَابِیٍّ قَدْ أَقْبَلَ عَلَیْنَا فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی خَرَجْتُ وَ أَنَا حَاجٌّ مُحْرِمٌ فَأَصَبْتُ بَیْضَ النَّعَامِ فَاجْتَنَیْتُ وَ شَوَیْتُ وَ أَكَلْتُ فَمَا یَجِبُ عَلَیَّ قَالَ مَا یَحْضُرُنِی فِی ذَلِكَ شَیْ ءٌ فَاجْلِسْ لَعَلَّ اللَّهَ یُفَرِّجُ عَنْكَ بِبَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله.
فَإِذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ أَقْبَلَ وَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَتْلُوهُ فَقَالَ عُمَرُ یَا أَعْرَابِیُّ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَدُونَكَ وَ مَسْأَلَتَكَ فَقَامَ الْأَعْرَابِیُّ وَ سَأَلَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا أَعْرَابِیُّ سَلْ هَذَا الْغُلَامَ عِنْدَكَ یَعْنِی الْحُسَیْنَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ إِنَّمَا یُحِیلُنِی كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَی الْآخَرِ فَأَشَارَ النَّاسُ إِلَیْهِ وَیْحَكَ هَذَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ فَاسْأَلْهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی خَرَجْتُ مِنْ بَیْتِی حَاجّاً وَ قَصَّ عَلَیْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ أَ لَكَ إِبِلٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ خُذْ بِعَدَدِ الْبَیْضِ الَّذِی أَصَبْتَ نُوقاً فَاضْرِبْهَا بِالْفُحُولَةِ فَمَا فُصِلَتْ فَاهْدِهَا إِلَی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَقَالَ عُمَرُ یَا حُسَیْنُ النُّوقُ یُزْلِقْنَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ یَا عُمَرُ إِنَّ الْبَیْضَ یَمْرَقْنَ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ بَرِرْتَ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ ضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ وَ قَالَ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (2).
ص: 197
«13»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِی الْأَزْهَرِ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام إِنَّ فِیكَ كِبْراً فَقَالَ كُلُّ الْكِبْرِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَ لَا یَكُونُ فِی غَیْرِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ (1).
«14»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الزَّیَّاتِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یَرْضَعِ الْحُسَیْنُ مِنْ فَاطِمَةَ علیها السلام وَ لَا مِنْ أُنْثَی كَانَ یُؤْتَی بِهِ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَیَضَعُ إِبْهَامَهُ فِی فِیهِ فَیَمَصُّ مِنْهَا مَا یَكْفِیهِ الْیَوْمَیْنِ وَ الثَّلَاثَ فَنَبَتَ لَحْماً لِلْحُسَیْنِ علیه السلام (2)
مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ وَ دَمِهِ وَ لَمْ یُولَدْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام.
وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام: أَنَّ النَّبِیَّ كَانَ یُؤْتَی بِهِ الْحُسَیْنُ فَیُلْقِمُهُ لِسَانَهُ فَیَمَصُّهُ فَیَجْتَزِئُ بِهِ وَ لَمْ یَرْضَعْ مِنْ أُنْثَی.
«15»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: وُلِدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَامَ الْخَنْدَقِ بِالْمَدِینَةِ یَوْمَ الْخَمِیسِ أَوْ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ أَخِیهِ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَ عِشْرِینَ یَوْماً وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَخِیهِ إِلَّا الْحَمْلُ وَ الْحَمْلُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَاشَ مَعَ جَدِّهِ سِتَّةَ سِنِینَ وَ أَشْهُراً وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهُ خَمْسِینَ وَ یُقَالُ كَانَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَ یُقَالُ سِتٌّ وَ خَمْسُونَ سَنَةً وَ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ وَ یُقَالُ ثَمَانٌ وَ خَمْسُونَ وَ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ خَمْسُ سِنِینَ وَ أَشْهُرٌ فِی آخِرِ مُلْكِ مُعَاوِیَةَ وَ أَوَّلِ مُلْكِ یَزِیدَ قَتَلَهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ خَوَلِیُّ بْنُ یَزِیدَ الْأَصْبَحِیُّ وَ اجْتَزَّ رَأْسَهُ سِنَانُ بْنُ أَنَسٍ النَّخَعِیُّ وَ شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ وَ سَلَبَ جَمِیعَ مَا كَانَ عَلَیْهِ إِسْحَاقُ بْنُ حَیْوَةَ الْحَضْرَمِیُّ وَ أَمِیرُ الْجَیْشِ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ وَجَّهَ بِهِ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ وَ مَضَی قَتِیلًا یَوْمَ عَاشُورَاءَ وَ هُوَ یَوْمُ السَّبْتِ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ قَبْلَ الزَّوَالِ
ص: 198
وَ یُقَالُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَ قِیلَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ بِطَفِّ كَرْبَلَاءَ بَیْنَ نَیْنَوَی وَ الْغَاضِرِیَّةِ مِنْ قُرَی النَّهْرَیْنِ بِالْعِرَاقِ- سَنَةَ سِتِّینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ یُقَالُ سَنَةَ إِحْدَی وَ سِتِّینَ وَ دُفِنَ بِكَرْبَلَاءَ مِنْ غَرْبِیِّ الْفُرَاتِ.
قَالَ الشَّیْخُ الْمُفِیدُ: فَأَمَّا أَصْحَابُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنَّهُمْ مَدْفُونُونَ حَوْلَهُ وَ لَسْنَا نُحَصِّلُ لَهُمْ أَجْدَاثاً وَ الْحَائِرُ مُحِیطٌ بِهِمْ.
وَ ذَكَرَ الْمُرْتَضَی فِی بَعْضِ مَسَائِلِهِ: أَنَّ رَأْسَ الْحُسَیْنِ علیه السلام رُدَّ إِلَی بَدَنِهِ بِكَرْبَلَاءَ مِنَ الشَّامِ وَ ضُمَّ إِلَیْهِ وَ قَالَ الطُّوسِیُّ وَ مِنْهُ زِیَارَةُ الْأَرْبَعِینَ.
وَ رَوَی الْكُلَیْنِیُ (1): فِی ذَلِكَ رِوَایَتَیْنِ إِحْدَاهُمَا عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ مَدْفُونٌ بِجَنْبِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْأُخْرَی عَنْ یَزِیدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ طَلْحَةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ مَدْفُونٌ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ دُونَ قَبْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (2).
وَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ یَقْطُرَ رَضِیعُهُ وَ كَانَ رَسُولَهُ رُمِیَ بِهِ مِنْ فَوْقِ الْقَصْرِ بِالْكُوفَةِ وَ أَنَسُ بْنُ الْحَارِثِ الْكَاهِلِیُّ وَ أَسْعَدُ الشَّامِیُّ- عَمْرُو بْنُ ضُبَیْعَةَ رُمَیْثُ بْنُ عَمْرٍو زَیْدُ بْنُ مَعْقِلٍ- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْخَزْرَجِیُّ سَیْفُ بْنُ مَالِكٍ- شَبِیبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْشَلِیُّ ضِرْغَامَةُ بْنُ مَالِكٍ- عُقْبَةُ بْنُ سِمْعَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ- الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسَدِیُّ الْحَجَّاجُ بْنُ مَالِكٍ- بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِیُ (3).
«16»- أَقُولُ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِی الْمَقَاتِلِ: كَانَ مَوْلِدُهُ علیه السلام لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ قُتِلَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَی وَ سِتِّینَ وَ لَهُ سِتٌّ وَ خَمْسُونَ سَنَةً وَ شُهُورٌ وَ قِیلَ قُتِلَ یَوْمَ السَّبْتِ رُوِیَ ذَلِكَ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ.
وَ الَّذِی ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا أَصَحُّ فَأَمَّا مَا تَقُولُهُ الْعَامَّةُ مِنْ أَنَّهُ قُتِلَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ فَبَاطِلٌ هُوَ شَیْ ءٌ قَالُوهُ بِلَا رِوَایَةٍ وَ كَانَ أَوَّلُ الْمُحَرَّمِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ أَخْرَجَنَا ذَلِكَ بِالْحِسَابِ الْهِنْدِیِّ مِنْ
ص: 199
سَائِرِ الزِّیجَاتِ وَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَیْسَ یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ الْیَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَ هَذَا دَلِیلٌ صَحِیحٌ وَاضِحٌ تَنْضَافُ إِلَیْهِ الرِّوَایَةُ.
وَ رَوَی سُفْیَانُ الثَّوْرِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام قُتِلَ وَ لَهُ ثَمَانٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً(1).
«17»- ختص، [الإختصاص]: أَصْحَابُ الْحُسَیْنِ علیه السلام جَمِیعُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ وَ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَبِیبُ بْنُ مُظَهَّرٍ- مِیثَمٌ التَّمَّارُ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ- سُلَیْمُ بْنُ قَیْسٍ الْهِلَالِیُّ أَبُو صَادِقٍ أَبُو سَعِیدٍ عَقِیصَا(2).
«18»- عم، [إعلام الوری]: وُلِدَ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ وَ قِیلَ یَوْمَ الْخَمِیسِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ وَ قِیلَ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ قِیلَ وُلِدَ آخِرَ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ عَاشَ سَبْعاً وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعَ سِنِینَ وَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَبْعاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ مَعَ أَخِیهِ الْحَسَنِ علیه السلام سَبْعاً وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ كَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ عَشْرَ سِنِینَ وَ أَشْهُراً.
«19»- كشف، [كشف الغمة] قَالَ كَمَالُ الدِّینِ بْنُ طَلْحَةَ: وُلِدَ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ- لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ عَلِقَتِ الْبَتُولُ علیها السلام بِهِ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ أَخَاهُ الْحَسَنَ علیه السلام بِخَمْسِینَ لَیْلَةً وَ كَذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ الْجَنَابِذِیُ (3) وَ قَالَ كَمَالُ الدِّینِ كَانَ انْتِقَالُهُ إِلَی دَارِ الْآخِرَةِ فِی سَنَةِ إِحْدَی وَ سِتِّینَ مِنَ الْهِجْرَةِ فَتَكُونُ مُدَّةُ عُمُرِهِ سِتّاً وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ أَشْهُراً كَانَ مِنْهَا مَعَ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سِتَّ سِنِینَ وَ شُهُوراً وَ كَانَ مَعَ أَبِیهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ثَلَاثِینَ سَنَةً بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ مَعَ أَخِیهِ الْحَسَنِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِیهِ علیه السلام عَشْرَ سِنِینَ وَ بَقِیَ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِیهِ الْحَسَنِ علیه السلام إِلَی وَقْتِ مَقْتَلِهِ عَشْرَ سِنِینَ.
ص: 200
وَ قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: مَضَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ وَ هُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَ خَمْسِینَ سَنَةً فِی عَامِ السِّتِّینَ مِنَ الْهِجْرَةِ فِی یَوْمِ عَاشُورَاءَ كَانَ مُقَامُهُ مَعَ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعَ سِنِینَ إِلَّا مَا كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَبِی مُحَمَّدٍ وَ هُوَ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَ عَشَرَةُ أَیَّامٍ وَ أَقَامَ مَعَ أَبِیهِ علیه السلام ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ أَقَامَ مَعَ أَبِی مُحَمَّدٍ عَشْرَ سِنِینَ وَ أَقَامَ بَعْدَ مُضِیِّ أَخِیهِ الْحَسَنِ علیه السلام عَشْرَ سِنِینَ فَكَانَ عُمُرُهُ سَبْعاً وَ خَمْسِینَ سَنَةً إِلَّا مَا كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَخِیهِ مِنَ الْحَمْلِ وَ قُبِضَ فِی یَوْمِ عَاشُورَاءَ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ فِی سَنَةِ إِحْدَی وَ سِتِّینَ وَ یُقَالُ فِی یَوْمِ عَاشُورَاءَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ وَ كَانَ بَقَاؤُهُ بَعْدَ أَخِیهِ الْحَسَنِ علیه السلام إِحْدَی عَشْرَةَ سَنَةً.
وَ قَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَزِیزِ:- الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أُمُّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وُلِدَ فِی لَیَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ قُتِلَ بِالطَّفِّ یَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ إِحْدَی وَ سِتِّینَ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ(1).
أقول: الأشهر فی ولادته صلوات اللّٰه علیه أنه ولد لثلاث خلون من شعبان لما رواه الشیخ فی المصباح: أنه خرج إلی القاسم بن العلا الهمدانی وكیل أبی محمد علیه السلام أن مولانا الحسین علیه السلام ولد یوم الخمیس لثلاث خلون من شعبان فصم و ادع فیه بهذا الدعاء و ذكر الدعاء.
ثم قال رحمه اللّٰه بعد الدعاء الثانی المروی عن الحسین قَالَ ابْنُ عَیَّاشٍ سَمِعْتُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیِّ بْنِ سُفْیَانَ الْبَزَوْفَرِیَّ یَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَدْعُو بِهِ فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ قَالَ هُوَ مِنْ أَدْعِیَةِ الْیَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَعْبَانَ وَ هُوَ مَوْلِدُ الْحُسَیْنِ علیه السلام.
و قیل إنه علیه السلام ولد لخمس لیال خلون من شعبان لما رواه الشیخ أیضا فِی الْمِصْبَاحِ، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام أَنَّهُ قَالَ: وُلِدَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لِخَمْسِ لَیَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنَ الْهِجْرَةِ.
و
ص: 201
قال رحمه اللّٰه فی التهذیب: ولد علیه السلام آخر شهر ربیع الأول سنة ثلاث من الهجرة.
و قال الكلینی قدس اللّٰه روحه: ولد علیه السلام سنة ثلاث.
و قال الشهید رحمه اللّٰه فی الدروس: ولد علیه السلام بالمدینة آخر شهر ربیع الأول سنة ثلاث من الهجرة و قیل یوم الخمیس ثالث عشر شهر رمضان.
و قال المفید: لخمس خلون من شعبان سنة أربع.
و قال الشیخ ابن نما فی مثیر الأحزان: ولد علیه السلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة و قیل الثالث منه و قیل أواخر شهر ربیع الأول سنة ثلاث و قیل لخمس خلون من جمادی الأولی سنة أربع من الهجرة و كانت مدة حمله ستة أشهر و لم یولد لستة سواه و عیسی و قیل یحیی علیه السلام.
و أقول إنما اختار الشیخ رحمه اللّٰه كون ولادته علیه السلام فی آخر شهر ربیع الأول مع مخالفته لما رواه من الروایتین السالفتین اللتین تدلان علی الثالث و الروایة الأخری التی تدل علی الخامس من شعبان لیوافق ما ثبت عنده و اشتهر بین الفریقین من كون ولادة الحسن علیه السلام فی منتصف شهر رمضان و ما مر فی الروایة الصحیحة فی باب ولادتهماعلیهما السلام من أن بین ولادتیهما لم یكن إلا ستة أشهر و عشرا لكن مع ورود هذه الأخبار یمكن عدم القول بكون ولادة الحسن علیه السلام فی شهر رمضان لعدم استناده إلی خبر علی ما عثرنا علیه و اللّٰه یعلم.
«20»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ عِیسَی عَنْ عَامِرِ بْنِ السِّمْطِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِینَ مَاتَ فَخَرَجَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَمْشِی مَعَهُ فَلَقِیَهُ مَوْلًی لَهُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ أَیْنَ تَذْهَبُ یَا فُلَانُ قَالَ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ أَفِرُّ مِنْ جِنَازَةِ هَذَا الْمُنَافِقِ أَنْ أُصَلِّیَ عَلَیْهَا فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام انْظُرْ أَنْ تَقُومَ عَلَی یَمِینِی فَمَا تَسْمَعُنِی أَقُولُ فَقُلْ مِثْلَهُ فَلَمَّا أَنْ كَبَّرَ عَلَیْهِ وَلِیُّهُ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَاناً عَبْدَكَ أَلْفَ لَعْنَةٍ مُؤْتَلِفَةٍ غَیْرِ مُخْتَلِفَةٍ اللَّهُمَّ اخْزِ عَبْدَكَ فِی عِبَادِكَ وَ بِلَادِكَ وَ أَصْلِهِ
ص: 202
حَرَّ نَارِكَ وَ أَذِقْهُ أَشَدَّ عَذَابِكَ فَإِنَّهُ كَانَ یَتَوَلَّی أَعْدَاءَكَ وَ یُعَادِی أَوْلِیَاءَكَ وَ یُبْغِضُ أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّكَ (1).
«21»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ مُثَنًّی الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام جَالِساً فَمَرَّتْ عَلَیْهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ النَّاسُ حِینَ طَلَعَتِ الْجَنَازَةُ(2)
فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَرَّتْ جَنَازَةُ یَهُودِیٍّ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله عَلَی طَرِیقِهَا جَالِساً فَكَرِهَ أَنْ تَعْلُوَ رَأْسَهُ جَنَازَةُ یَهُودِیٍّ فَقَامَ لِذَلِكَ (3).
«22»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ صَفْوَانَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ خَرَجَ مُعْتَمِراً فَمَرِضَ فِی الطَّرِیقِ فَبَلَغَ عَلِیّاً علیه السلام ذَلِكَ وَ هُوَ فِی الْمَدِینَةِ فَخَرَجَ فِی طَلَبِهِ فَأَدْرَكَهُ بِالسُّقْیَا(4) وَ هُوَ مَرِیضٌ بِهَا فَقَالَ یَا بُنَیَّ مَا تَشْتَكِی فَقَالَ أَشْتَكِی رَأْسِی فَدَعَا عَلِیٌّ علیه السلام بِبَدَنَةٍ فَنَحَرَهَا وَ حَلَقَ رَأْسَهُ وَ رَدَّهُ إِلَی الْمَدِینَةِ فَلَمَّا بَرَأَ مِنْ وَجَعِهِ اعْتَمَرَ(5).
«23»- كا، [الكافی] أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَبِی شَیْبَةَ الْأَسَدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَضَبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بِالْحِنَّاءِ وَ الْكَتَمِ (6).
ص: 203
«24»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ هُوَ مُخْتَضِبٌ بِالْوَسِمَةِ.
و عنه عن أبیه عن یونس عن الحضرمی عنه علیه السلام: مثله (1).
ص: 204
«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب ج، [الإحتجاج] عَنْ مُوسَی بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ قِیلَ لِمُعَاوِیَةَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ رَمَوْا أَبْصَارَهُمْ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَلَوْ قَدْ أَمَرْتَهُ یَصْعَدُ الْمِنْبَرَ فَیَخْطُبُ فَإِنَّ فِیهِ حَصَراً وَ فِی لِسَانِهِ كَلَالَةً فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِیَةُ قَدْ ظَنَنَّا ذَلِكَ بِالْحَسَنِ فَلَمْ یَزَلْ حَتَّی عَظُمَ فِی أَعْیُنِ النَّاسِ وَ فُضِحْنَا فَلَمْ یَزَالُوا بِهِ حَتَّی قَالَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام یَا بَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبْتَ فَصَعِدَ الْحُسَیْنُ علیه السلام الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَمِعَ رَجُلًا یَقُولُ مَنْ هَذَا الَّذِی یَخْطُبُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام.
نَحْنُ حِزْبُ اللَّهِ الْغَالِبُونَ وَ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ الْأَقْرَبُونَ وَ أَهْلُ بَیْتِهِ الطَّیِّبُونَ وَ أَحَدُ الثَّقَلَیْنِ الَّذَیْنِ جَعَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ ثَانِیَ كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی الَّذِی فِیهِ تَفْصِیلُ كُلِّ شَیْ ءٍ- لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ وَ الْمُعَوَّلُ عَلَیْنَا فِی تَفْسِیرِهِ وَ لَا یُبْطِئُنَا تَأْوِیلُهُ بَلْ نَتَّبِعُ حَقَائِقَهُ فَأَطِیعُونَا فَإِنَّ طَاعَتَنَا مَفْرُوضَةٌ إِذْ كَانَتْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَقْرُونَةً قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَی اللَّهِ وَ الرَّسُولِ (1) وَ قَالَ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّیْطانَ إِلَّا قَلِیلًا(2) وَ أُحَذِّرُكُمُ الْإِصْغَاءَ إِلَی هُتُوفِ الشَّیْطَانِ بِكُمْ فَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ فَتَكُونُوا كَأَوْلِیَائِهِ الَّذِینَ قَالَ لَهُمْ لا غالِبَ لَكُمُ الْیَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّی جارٌ لَكُمْ
ص: 205
فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلی عَقِبَیْهِ وَ قالَ إِنِّی بَرِی ءٌ مِنْكُمْ (1) فَتُلْقَوْنَ لِلسُّیُوفِ ضَرَباً وَ لِلرِّمَاحِ وَرَداً وَ لِلْعُمُدِ حَطْماً وَ لِلسِّهَامِ غَرَضاً ثُمَّ لَا یُقْبَلُ مِنْ نَفْسٍ إِیمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً قَالَ مُعَاوِیَةُ حَسْبُكَ یَا بَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَدْ أَبْلَغْتَ (2).
بیان: الضرب بالتحریك المضروب و الورد بالتحریك أی ما ترد علیه الرماح و قد مر مثله فی خطبة الحسن علیه السلام.
«2»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب ج، [الإحتجاج] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ یَوْماً لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام لَوْ لَا فَخْرُكُمْ بِفَاطِمَةَ بِمَا كُنْتُمْ تَفْتَخِرُونَ عَلَیْنَا فَوَثَبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ كَانَ علیه السلام شَدِیدَ الْقَبْضَةِ فَقَبَضَ عَلَی حَلْقِهِ فَعَصَرَهُ وَ لَوَی عِمَامَتَهُ عَلَی عُنُقِهِ حَتَّی غُشِیَ عَلَیْهِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ أَقْبَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَلَی جَمَاعَةٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ إِلَّا صَدَّقْتُمُونِی إِنْ صَدَقْتُ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ فِی الْأَرْضِ حَبِیبَیْنِ كَانَا أَحَبَّ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ مِنِّی وَ مِنْ أَخِی أَوْ عَلَی ظَهْرِ الْأَرْضِ ابْنَ بِنْتِ نَبِیٍّ غَیْرِی وَ غَیْرَ أَخِی قَالُوا لَا قَالَ وَ إِنِّی لَا أَعْلَمُ أَنَّ فِی الْأَرْضِ مَلْعُونَ بْنَ مَلْعُونٍ غَیْرَ هَذَا وَ أَبِیهِ طَرِیدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ مَا بَیْنَ جَابَرَسَ وَ جَابَلَقَ أَحَدُهُمَا بِبَابِ الْمَشْرِقِ وَ الْآخَرُ بِبَابِ الْمَغْرِبِ رَجُلَانِ مِمَّنْ یَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ أَعْدَی لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَهْلِ بَیْتِهِ مِنْكَ وَ مِنْ أَبِیكَ إِذْ كَانَ وَ عَلَامَةُ قَوْلِی فِیكَ أَنَّكَ إِذَا غَضِبْتَ سَقَطَ رِدَاؤُكَ عَنْ مَنْكِبِكَ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا قَامَ مَرْوَانُ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّی غَضِبَ فَانْتَقَضَ وَ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ عَاتِقِهِ (3).
«3»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَدِینَةَ قَالَ فَاسْتَلْقَی عَلَی السَّرِیرِ وَ ثَمَّ مَوْلًی لِلْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِینَ قَالَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ لِمَوْلَاهُ:
ص: 206
مَا ذَا قَالَ هَذَا حِینَ دَخَلَ قَالَ اسْتَلْقَی عَلَی السَّرِیرِ فَقَرَأَ رُدُّوا إِلَی اللَّهِ مَوْلاهُمُ إِلَی قَوْلِهِ الْحاسِبِینَ.
قَالَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام نَعَمْ وَ اللَّهِ رُدِدْتُ أَنَا وَ أَصْحَابِی إِلَی الْجَنَّةِ وَ رُدَّ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ إِلَی النَّارِ(1).
«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَیْرٍ وَ الْحَاكِمُ وَ الْعَبَّاسُ قَالُوا: خَطَبَ الْحَسَنُ علیه السلام عَائِشَةَ بِنْتَ عُثْمَانَ فَقَالَ مَرْوَانُ أُزَوِّجُهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ.
ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَی مَرْوَانَ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْحِجَازِ یَأْمُرُهُ أَنْ یَخْطُبَ- أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ لِابْنِهِ یَزِیدَ فَأَتَی عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَمْرَهَا لَیْسَ إِلَیَّ إِنَّمَا هُوَ إِلَی سَیِّدِنَا الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هُوَ خَالُهَا فَأَخْبَرَ الْحُسَیْنَ بِذَلِكَ فَقَالَ أَسْتَخِیرُ اللَّهَ تَعَالَی اللَّهُمَّ وَفِّقْ لِهَذِهِ الْجَارِیَةِ رِضَاكَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَقْبَلَ مَرْوَانُ حَتَّی جَلَسَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ عِنْدَهُ مِنَ الْجِلَّةِ وَ قَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَمَرَنِی بِذَلِكَ وَ أَنْ أَجْعَلَ مَهْرَهَا حُكْمَ أَبِیهَا بَالِغاً مَا بَلَغَ مَعَ صُلْحِ مَا بَیْنَ هَذَیْنِ الْحَیَّیْنِ مَعَ قَضَاءِ دَیْنِهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ یَغْبِطُكُمْ بِیَزِیدَ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَغْبِطُهُ بِكُمْ وَ الْعَجَبُ كَیْفَ یُسْتَمْهَرُ یَزِیدُ وَ هُوَ كُفْوُ مَنْ لَا كُفْوَ لَهُ وَ بِوَجْهِهِ یُسْتَسْقَی الْغَمَامُ فَرُدَّ خَیْراً یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی اخْتَارَنَا لِنَفْسِهِ وَ ارْتَضَانَا لِدِینِهِ وَ اصْطَفَانَا عَلَی خَلْقِهِ إِلَی آخِرِ كَلَامِهِ ثُمَّ قَالَ یَا مَرْوَانُ قَدْ قُلْتَ فَسَمِعْنَا أَمَّا قَوْلُكَ مَهْرُهَا حُكْمُ أَبِیهَا بَالِغاً مَا بَلَغَ فَلَعَمْرِی لَوْ أَرَدْنَا ذَلِكَ مَا عَدَوْنَا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَنَاتِهِ وَ نِسَائِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ هُوَ ثِنْتَا عَشْرَةَ أُوقِیَّةً یَكُونُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَ ثَمَانِینَ دِرْهَماً وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَعَ قَضَاءِ دَیْنِ أَبِیهَا فَمَتَی كُنَّ نِسَاؤُنَا یَقْضِینَ عَنَّا دُیُونَنَا وَ أَمَّا صُلْحُ مَا بَیْنَ هَذَیْنِ الْحَیَّیْنِ فَإِنَّا قَوْمٌ عَادَیْنَاكُمْ فِی اللَّهِ وَ لَمْ نَكُنْ نُصَالِحُكُمْ لِلدُّنْیَا فَلَعَمْرِی فَلَقَدْ أَعْیَا النَّسَبُ فَكَیْفَ السَّبَبُ
ص: 207
وَ أَمَّا قَوْلُكَ الْعَجَبُ لِیَزِیدَ كَیْفَ یُسْتَمْهَرُ فَقَدِ اسْتُمْهِرَ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْ یَزِیدَ وَ مِنْ أَبِی یَزِیدَ وَ مِنْ جَدِّ یَزِیدَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ یَزِیدَ كُفْوُ مَنْ لَا كُفْوَ لَهُ فَمَنْ كَانَ كُفُوهُ قَبْلَ الْیَوْمِ فَهُوَ كُفُوهُ الْیَوْمَ مَا زَادَتْهُ إِمَارَتُهُ فِی الْكَفَاءَةِ شَیْئاً وَ أَمَّا قَوْلُكَ بِوَجْهِهِ یُسْتَسْقَی الْغَمَامُ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا قَوْلُكَ مَنْ یَغْبِطُنَا بِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ یَغْبِطُهُ بِنَا فَإِنَّمَا یَغْبِطُنَا بِهِ أَهْلُ الْجَهْلِ وَ یَغْبِطُهُ بِنَا أَهْلُ الْعَقْلِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ فَاشْهَدُوا جَمِیعاً أَنِّی قَدْ زَوَّجْتُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ مِنِ ابْنِ عَمِّهَا الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَلَی أَرْبَعِمِائَةٍ وَ ثَمَانِینَ دِرْهَماً وَ قَدْ نَحَلْتُهَا ضَیْعَتِی بِالْمَدِینَةِ أَوْ قَالَ أَرْضِی بِالْعَقِیقِ وَ إِنَّ غَلَّتَهَا فِی السَّنَةِ ثَمَانِیَةُ آلَافِ دِینَارٍ فَفِیهَا لَهُمَا غِنًی إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَتَغَیَّرَ وَجْهُ مَرْوَانَ وَ قَالَ غَدْراً یَا بَنِی هَاشِمٍ تَأْبَوْنَ إِلَّا الْعَدَاوَةَ فَذَكَّرَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام خِطْبَةَ الْحَسَنِ عَائِشَةَ وَ فِعْلَهُ ثُمَّ قَالَ فَأَیْنَ مَوْضِعُ الْغَدْرِ یَا مَرْوَانُ فَقَالَ مَرْوَانُ:
أَرَدْنَا صِهْرَكُمْ لِنَجِدَّ وُدّاً*** قَدْ أَخْلَقَهُ بِهِ حَدَثُ الزَّمَانِ
فَلَمَّا جِئْتُكُمْ فَجَبَهْتُمُونِی*** وَ بُحْتُمْ بِالضَّمِیرِ مِنَ الشَّنَآنِ
فَأَجَابَهُ ذَكْوَانُ مَوْلَی بَنِی هَاشِمٍ:
أَمَاطَ اللَّهُ مِنْهُمْ كُلَّ رِجْسٍ***وَ طَهَّرَهُمْ بِذَلِكَ فِی الْمَثَانِی
فَمَا لَهُمُ سِوَاهُمْ مِنْ نَظِیرٍ*** وَ لَا كُفْوٌ هُنَاكَ وَ لَا مَدَانِی
أَ تَجْعَلُ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ*** إِلَی الْأَخْیَارِ مِنْ أَهْلِ الْجِنَانِ
ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ الْحُسَیْنُ علیه السلام تَزَوَّجَ بِعَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ (1).
بیان: قال الجوهری مشیخة جلّة أی مسانّ و قال باح بسرِّه أظهره و الشنآن بفتح النون و سكونها العداوة.
ص: 208
«5»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب مَحَاسِنُ الْبَرْقِیِّ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام مَا بَالُ أَوْلَادِنَا أَكْثَرُ مِنْ أَوْلَادِكُمْ فَقَالَ علیه السلام:
بُغَاثُ الطَّیْرِ أَكْثَرُهَا فِرَاخاً*** وَ أُمُّ الصَّقْرِ مِقْلَاتٌ نَزُورٌ(1)
فَقَالَ مَا بَالُ الشَّیْبِ إِلَی شَوَارِبِنَا أَسْرَعُ مِنْهُ إِلَی شَوَارِبِكُمْ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ نِسَاءَكُمْ نِسَاءٌ بَخِرَةٌ فَإِذَا دَنَا أَحَدُكُمْ مِنِ امْرَأَتِهِ نَهَكْنَهُ فِی وَجْهِهِ فَشَابَ مِنْهُ شَارِبُهُ فَقَالَ مَا بَالُ لِحَائِكُمْ أَوْفَرُ مِنْ لِحَائِنَا فَقَالَ علیه السلام وَ الْبَلَدُ الطَّیِّبُ یَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِی خَبُثَ لا یَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً(2) فَقَالَ مُعَاوِیَةُ بِحَقِّی عَلَیْكَ إِلَّا سَكَتَّ فَإِنَّهُ ابْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ علیه السلام:
إِنْ عَادَتِ الْعَقْرَبُ عُدْنَا لَهَا*** وَ كَانَتِ النَّعْلُ لَهَا حَاضِرَةً
قَدْ عَلِمَ الْعَقْرَبُ وَ اسْتَیْقَنَتْ*** أَنْ لَا لَهَا دُنْیَا وَ لَا آخِرَةٌ(3)
إیضاح: قال الجوهری ابن السكیت البغاث طائر أبغث إلی الغبرة دوین الرخمة بطی ء الطیران و قال الفراء بغاث الطیر شرارها و ما لا یصید منها و بغاث و بغاث و بغاث ثلاث لغات.
قوله مقلات لعله من القلی (4) بمعنی البغض أی لا تحب الولد و لا تحب زوجها لتكثر الولد أو من قولهم قلا العیر أتنه یقلوها قلوا إذا طردها و الصواب أنه من قلت قال الجوهری المقلات من النوق التی تضع واحدا ثم لا تحمل بعدها و المقلات من النساء التی لا یعیش لها ولد.
و قال النزور المرأة القلیلة الولد ثم استشهد بهذا الشعر.
و یقال نهكته الحمی إذا جهدته و أضنته و نهكه أی بالغ فی عقوبته و الأصوب نكهته قال الجوهری استنكهت الرجل فنكه فی وجهی ینكه و ینكه نكها إذا
ص: 209
أمرته بأن ینكه لتعلم أ شارب هو أم غیر شارب.
«6»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب یُقَالُ: دَخَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ عِنْدَهُ أَعْرَابِیٌّ یَسْأَلُهُ حَاجَةً فَأَمْسَكَ وَ تَشَاغَلَ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ لِبَعْضِ مَنْ حَضَرَ مَنْ هَذَا الَّذِی دَخَلَ قَالُوا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام أَسْأَلُكَ یَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ لَمَّا كَلَّمْتَهُ فِی حَاجَتِی فَكَلَّمَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام فِی ذَلِكَ فَقَضَی حَاجَتَهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ:
أَتَیْتُ الْعَبْشَمِیَّ فَلَمْ یَجُدْ لِی*** إِلَی أَنْ هَزَّهُ ابْنُ الرَّسُولِ
هُوَ ابْنُ الْمُصْطَفَی كَرَماً وَ جُوداً*** وَ مِنْ بَطْنِ الْمُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ
وَ إِنَّ لِهَاشِمٍ فَضْلًا عَلَیْكُمْ*** كَمَا فَضَلَ الرَّبِیعُ عَلَی الْمُحُولِ
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا أَعْرَابِیُّ أُعْطِیكَ وَ تَمْدَحُهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ یَا مُعَاوِیَةُ أَعْطَیْتَنِی مِنْ حَقِّهِ وَ قَضَیْتَ حَاجَتِی بِقَوْلِهِ.
الْعُقَدُ عَنِ الْأَنْدُلُسِیِّ: دَعَا مُعَاوِیَةُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَقَالَ لَهُ أَشِرْ عَلَیَّ فِی الْحُسَیْنِ فَقَالَ أَرَی أَنْ تُخْرِجَهُ مَعَكَ إِلَی الشَّامِ وَ تَقْطَعَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ تَقْطَعَهُمْ عَنْهُ فَقَالَ أَرَدْتَ وَ اللَّهِ أَنْ تَسْتَرِیحَ مِنْهُ وَ تَبْتَلِیَنِی بِهِ فَإِنْ صَبَرْتُ عَلَیْهِ صَبَرْتُ عَلَی مَا أَكْرَهُ وَ إِنْ أَسَأْتُ إِلَیْهِ قَطَعْتُ رَحِمَهُ فَأَقَامَهُ وَ بَعَثَ إِلَی سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا عُثْمَانَ أَشِرْ عَلَیَّ فِی الْحُسَیْنِ فَقَالَ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا تَخَافُ الْحُسَیْنَ إِلَّا عَلَی مَنْ بَعْدَكَ وَ إِنَّكَ لَتُخْلِفُ لَهُ قَرْناً إِنْ صَارَعَهُ لَیَصْرَعَنَّهُ وَ إِنْ سَابَقَهُ لَیَسْبِقَنَّهُ فَذَرِ الْحُسَیْنَ بِمَنْبِتِ النَّخْلَةِ یَشْرَبُ الْمَاءَ وَ یَصْعَدُ فِی الْهَوَاءِ وَ لَا یَبْلُغُ إِلَی السَّمَاءِ(1).
بیان: قوله یشرب الماء الظاهر أنه صفة النخلة أی كما أن النخلة فی تلك البلاد تشرب الماء و تصعد فی الهواء و كلما صعدت لا تبلغ السماء فكذلك هو كلما تمنی و طلب الرفعة لا یصل إلی شی ء و یحتمل أن یكون الضمائر راجعة إلیه صلوات اللّٰه علیه.
«7»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] عَلِیُّ بْنُ حُمْدُونٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی الْجَارِیَةِ وَ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ الْحَنْظَلِیِ
ص: 210
قَالا: لَمَّا كَانَ مَرْوَانُ عَلَی الْمَدِینَةِ خَطَبَ النَّاسَ فَوَقَعَ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ أَتَی الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقِیلَ لَهُ إِنَّ مَرْوَانَ قَدْ وَقَعَ فِی عَلِیٍّ قَالَ فَمَا كَانَ فِی الْمَسْجِدِ الْحَسَنُ قَالُوا بَلَی قَالَ فَمَا قَالَ لَهُ شَیْئاً قَالُوا لَا قَالَ فَقَامَ الْحُسَیْنُ مُغْضَباً حَتَّی دَخَلَ عَلَی مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ وَ یَا ابْنَ آكِلَةِ الْقُمَّلِ أَنْتَ الْوَاقِعُ فِی عَلِیٍّ قَالَ لَهُ مَرْوَانُ
إِنَّكَ صَبِیٌّ لَا عَقْلَ لَكَ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ أَ لَا أُخْبِرُكَ بِمَا فِیكَ وَ فِی أَصْحَابِكَ وَ فِی عَلِیٍّ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ- إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَیَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا(1) فَذَلِكَ لِعَلِیٍّ وَ شِیعَتِهِ- فَإِنَّما یَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِینَ (2) فَبَشَّرَ بِذَلِكَ النَّبِیُّ الْعَرَبِیُّ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ.
«8»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَرْزَمِیِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ مُعَاوِیَةُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ عَلَی الْمَدِینَةِ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَفْرِضَ لِشَبَابِ قُرَیْشٍ فَفَرَضَ لَهُمْ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَأَتَیْتُهُ فَقَالَ مَا اسْمُكَ فَقُلْتُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَقَالَ مَا اسْمُ أَخِیكَ فَقُلْتُ عَلِیٌّ فَقَالَ عَلِیٌّ وَ عَلِیٌّ مَا یُرِیدُ أَبُوكَ أَنْ یَدَعَ أَحَداً مِنْ وُلْدِهِ إِلَّا سَمَّاهُ عَلِیّاً ثُمَّ فَرَضَ لِی فَرَجَعْتُ إِلَی أَبِی علیه السلام فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ وَیْلِی عَلَی ابْنِ الزَّرْقَاءِ دَبَّاغَةِ الْأُدُمِ لَوْ وُلِدَ لِی مِائَةٌ لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أُسَمِّیَ أَحَداً مِنْهُمْ إِلَّا عَلِیّاً(3).
بیان: ویلی علی ابن الزرقاء أی ویل و عذاب و شدة منی علیه قال الجوهری ویل كلمة مثل ویح إلا أنها كلمة عذاب یقال ویله و ویلك و ویلی و فی الندبة ویلاه قال الأعشی.
ویلی علیك و ویلی منك یا رجل (4)
ص: 211
«9»- كش، [رجال الكشی] رُوِیَ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْمَدِینَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ ذَكَرَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ وُجُوهَ أَهْلِ الْحِجَازِ یَخْتَلِفُونَ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا یَأْمَنُ وُثُوبَهُ وَ قَدْ بَحَثْتُ عَنْ ذَلِكَ فَبَلَغَنِی أَنَّهُ لَا یُرِیدُ الْخِلَافَ یَوْمَهُ هَذَا وَ لَسْتُ آمَنُ أَنْ یَكُونَ هَذَا أَیْضاً لِمَا بَعْدَهُ فَاكْتُبْ إِلَیَّ بِرَأْیِكَ فِی هَذَا وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی وَ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِیهِ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ فَإِیَّاكَ أَنْ تَعْرِضَ لِلْحُسَیْنِ فِی شَیْ ءٍ وَ اتْرُكْ حُسَیْناً مَا تَرَكَكَ فَإِنَّا لَا نُرِیدُ أَنْ نَعْرِضَ لَهُ فِی شَیْ ءٍ مَا وَفَی بَیْعَتَنَا وَ لَمْ یُنَازِعْنَا سُلْطَانَنَا فَاكْمُنْ عَنْهُ مَا لَمْ یُبْدِ لَكَ صَفْحَتَهُ وَ السَّلَامُ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ انْتَهَتْ إِلَیَّ أُمُورٌ عَنْكَ إِنْ كَانَتْ حَقّاً فَقَدْ أَظُنُّكَ تَرَكْتَهَا رَغْبَةً فَدَعْهَا وَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّ مَنْ أَعْطَی اللَّهَ عَهْدَهُ وَ مِیثَاقَهُ لَجَدِیرٌ بِالْوَفَاءِ فَإِنْ كَانَ الَّذِی بَلَغَنِی بَاطِلًا فَإِنَّكَ أَنْتَ أَعْزَلُ النَّاسِ لِذَلِكَ وَ عِظْ نَفْسَكَ فَاذْكُرْ وَ بِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفِ فَإِنَّكَ مَتَی مَا تُنْكِرْنِی أُنْكِرْكَ وَ مَتَی مَا تَكِدْنِی أَكِدْكَ فَاتَّقِ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْ یَرُدَّهُمُ اللَّهُ عَلَی یَدَیْكَ فِی فِتْنَةٍ فَقَدْ عَرَفْتَ النَّاسَ وَ بَلَوْتَهُمْ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ لِدِینِكَ وَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ- وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ السُّفَهَاءُ وَ الَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَی الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ كَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَكَ عَنِّی أُمُورٌ أَنْتَ لِی عَنْهَا رَاغِبٌ وَ أَنَا بِغَیْرِهَا عِنْدَكَ جَدِیرٌ فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ لَا یَهْدِی لَهَا وَ لَا یُسَدِّدُ إِلَیْهَا إِلَّا اللَّهُ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّهُ انْتَهَی إِلَیْكَ عَنِّی فَإِنَّهُ إِنَّمَا رَقَاهُ إِلَیْكَ الْمَلَّاقُونَ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِیمِ وَ مَا أُرِیدُ لَكَ حَرْباً وَ لَا عَلَیْكَ خِلَافاً وَ ایْمُ اللَّهِ إِنِّی لَخَائِفٌ لِلَّهِ فِی تَرْكِ ذَلِكَ وَ مَا أَظُنُّ اللَّهَ رَاضِیاً بِتَرْكِ ذَلِكَ وَ لَا عَاذِراً بِدُونِ الْإِعْذَارِ فِیهِ
إِلَیْكَ وَ فِی أُولَئِكَ الْقَاسِطِینَ الْمُلْحِدِینَ حِزْبُ الظَّلَمَةِ وَ أَوْلِیَاءُ الشَّیَاطِینِ أَ لَسْتَ الْقَاتِلَ حُجْراً أَخَا كِنْدَةَ وَ الْمُصَلِّینَ الْعَابِدِینَ الَّذِینَ كَانُوا یُنْكِرُونَ الظُّلْمَ
ص: 212
وَ یَسْتَعْظِمُونَ الْبِدَعَ وَ لا یَخافُونَ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ ثُمَّ قَتَلْتَهُمْ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً مِنْ بَعْدِ مَا كُنْتَ أَعْطَیْتَهُمُ الْأَیْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ وَ الْمَوَاثِیقَ الْمُؤَكَّدَةَ وَ لَا تَأْخُذُهُمْ بِحَدَثٍ كَانَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ وَ لَا بِإِحْنَةٍ تَجِدُهَا فِی نَفْسِكَ.
أَ وَ لَسْتَ قَاتِلَ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْعَبْدِ الصَّالِحِ الَّذِی أَبْلَتْهُ الْعِبَادَةُ فَنَحَلَ جِسْمُهُ وَ صَفَّرَتْ لَوْنَهُ بَعْدَ مَا أَمَّنْتَهُ وَ أَعْطَیْتَهُ مِنْ عُهُودِ اللَّهِ وَ مَوَاثِیقِهِ مَا لَوْ أَعْطَیْتَهُ طَائِراً لَنَزَلَ إِلَیْكَ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ ثُمَّ قَتَلْتَهُ جُرْأَةً عَلَی رَبِّكَ وَ اسْتِخْفَافاً بِذَلِكَ الْعَهْدِ أَ وَ لَسْتَ الْمُدَّعِی زِیَادَ ابْنَ سُمَیَّةَ الْمَوْلُودَ عَلَی فِرَاشِ عُبَیْدِ ثَقِیفٍ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ابْنُ أَبِیكَ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَتَرَكْتَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ تَعَمُّداً وَ تَبِعْتَ هَوَاكَ بِغَیْرِ هُدًی مِنَ اللَّهِ ثُمَّ سَلَّطْتَهُ عَلَی الْعِرَاقَیْنِ یَقْطَعُ أَیْدِیَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَرْجُلَهُمْ وَ یَسْمُلُ أَعْیُنَهُمْ وَ یَصْلِبُهُمْ عَلَی جُذُوعِ النَّخْلِ كَأَنَّكَ لَسْتَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَیْسُوا مِنْكَ أَ وَ لَسْتَ صَاحِبَ الْحَضْرَمِیِّینَ الَّذِینَ كَتَبَ فِیهِمُ ابْنُ سُمَیَّةَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَی دِینِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَكَتَبْتَ إِلَیْهِ أَنِ اقْتُلْ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَی دِینِ عَلِیٍّ فَقَتَلَهُمْ وَ مَثَّلَ بِهِمْ بِأَمْرِكَ وَ دِینُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ اللَّهِ الَّذِی كَانَ یَضْرِبُ عَلَیْهِ أَبَاكَ وَ یَضْرِبُكَ وَ بِهِ جَلَسْتَ مَجْلِسَكَ الَّذِی جَلَسْتَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَكَانَ شَرَفُكَ وَ شَرَفُ أَبِیكَ الرِّحْلَتَیْنِ (1)
وَ قُلْتَ فِیمَا قُلْتَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ لِدِینِكَ وَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ اتَّقِ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَی فِتْنَةٍ وَ إِنِّی لَا أَعْلَمُ فِتْنَةً أَعْظَمَ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ وَلَایَتِكَ عَلَیْهَا وَ لَا أَعْلَمُ نَظَراً لِنَفْسِی وَ لِدِینِی وَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیْنَا أَفْضَلَ مِنْ أَنْ أُجَاهِدَكَ فَإِنْ فَعَلْتُ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ إِلَی اللَّهِ وَ إِنْ تَرَكْتُهُ فَإِنِّی أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِذَنْبِی وَ أَسْأَلُهُ تَوْفِیقَهُ لِإِرْشَادِ أَمْرِی وَ قُلْتَ فِیمَا قُلْتَ إِنِّی إِنْ أَنْكَرْتُكَ تُنْكِرْنِی وَ إِنْ أَكِدْكَ تَكِدْنِی فَكِدْنِی مَا بَدَا لَكَ فَإِنِّی أَرْجُو أَنْ لَا یَضُرَّنِی كَیْدُكَ فِیَّ وَ أَنْ لَا یَكُونَ عَلَی أَحَدٍ أَضَرَّ مِنْهُ
ص: 213
عَلَی نَفْسِكَ لِأَنَّكَ قَدْ رَكِبْتَ جَهْلَكَ وَ تَحَرَّصْتَ عَلَی نَقْضِ عَهْدِكَ وَ لَعَمْرِی مَا وَفَیْتَ بِشَرْطٍ وَ لَقَدْ نَقَضْتَ عَهْدَكَ بِقَتْلِكَ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِینَ قَتَلْتَهُمْ بَعْدَ الصُّلْحِ وَ الْأَیْمَانِ وَ الْعُهُودِ وَ الْمَوَاثِیقِ فَقَتَلْتَهُمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونُوا قَاتَلُوا وَ قَتَلُوا وَ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بِهِمْ إِلَّا لِذِكْرِهِمْ فَضْلَنَا وَ تَعْظِیمِهِمْ حَقَّنَا فَقَتَلْتَهُمْ مَخَافَةَ أَمْرٍ لَعَلَّكَ لَوْ لَمْ تَقْتُلْهُمْ مِتَّ قَبْلَ أَنْ یَفْعَلُوا أَوْ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ یُدْرَكُوا فَأَبْشِرْ یَا مُعَاوِیَةُ بِالْقِصَاصِ وَ اسْتَیْقِنْ بِالْحِسَابِ وَ اعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَی كِتَاباً- لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا كَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها وَ لَیْسَ اللَّهُ بِنَاسٍ لِأَخْذِكَ بِالظِّنَّةِ وَ قَتْلِكَ أَوْلِیَاءَهُ عَلَی التُّهَمِ وَ نَفْیِكَ أَوْلِیَاءَهُ مِنْ دُورِهِمْ إِلَی دَارِ الْغُرْبَةِ وَ أَخْذِكَ النَّاسَ بِبَیْعَةِ ابْنِكَ غُلَامٍ حَدَثٍ یَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ یَلْعَبُ بِالْكِلَابِ لَا أَعْلَمُكَ إِلَّا وَ قَدْ خَسَّرْتَ نَفْسَكَ وَ بَتَرْتَ دِینَكَ وَ غَشَشْتَ رَعِیَّتَكَ وَ أَخْزَیْتَ أَمَانَتَكَ وَ سَمِعْتَ مَقَالَةَ السَّفِیهِ الْجَاهِلِ وَ أَخَفْتَ الْوَرِعَ التَّقِیَّ لِأَجْلِهِمْ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِیَةُ الْكِتَابَ قَالَ لَقَدْ كَانَ فِی نَفْسِهِ ضَبٌّ مَا أَشْعُرُ بِهِ فَقَالَ یَزِیدُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَجِبْهُ جَوَاباً یُصَغِّرُ إِلَیْهِ نَفْسَهُ وَ تَذْكُرُ فِیهِ أَبَاهُ بِشَرِّ فِعْلِهِ قَالَ وَ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ أَ مَا رَأَیْتَ مَا كَتَبَ بِهِ الْحُسَیْنُ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ فَقَالَ وَ مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تُجِیبَهُ بِمَا یُصَغِّرُ إِلَیْهِ نَفْسَهُ وَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِی هَوَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ
یَزِیدُ كَیْفَ رَأَیْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ رَأْیِی فَضَحِكَ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ أَمَّا یَزِیدُ فَقَدْ أَشَارَ عَلَیَّ بِمِثْلِ رَأْیِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَدْ أَصَابَ یَزِیدُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَخْطَأْتُمَا أَ رَأَیْتُمَا لَوْ أَنِّی ذَهَبْتُ لِعَیْبِ عَلِیٍ (1) مُحِقّاً مَا عَسَیْتُ أَنْ أَقُولَ فِیهِ وَ مِثْلِی لَا یُحْسِنُ أَنْ یَعِیبَ بِالْبَاطِلِ وَ مَا لَا یَعْرِفُ وَ مَتَی مَا عِبْتُ رَجُلًا بِمَا لَا یَعْرِفُهُ النَّاسُ لَمْ یَحْفِلْ بِصَاحِبِهِ وَ لَا یَرَاهُ النَّاسُ شَیْئاً وَ كَذَّبُوهُ وَ مَا عَسَیْتُ أَنْ أَعِیبَ حُسَیْناً وَ وَ اللَّهِ مَا أَرَی لِلْعَیْبِ فِیهِ مَوْضِعاً وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَیْهِ أَتَوَعَّدُهُ وَ أَتَهَدَّدُهُ ثُمَّ رَأَیْتُ أَنْ لَا أَفْعَلَ وَ لَا أُمْحِكَهُ.
ص: 214
«10»- ج، [الإحتجاج]: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَكَ عَنِّی أُمُورٌ أَنَّ بِی عَنْهَا غِنًی وَ زَعَمْتَ أَنِّی رَاغِبٌ فِیهَا وَ أَنَا بِغَیْرِهَا عَنْكَ جَدِیرٌ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ وَ مَا أَرَی فِیهِ لِلْعَیْبِ مَوْضِعاً إِلَّا أَنِّی قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَیْهِ وَ أَتَوَعَّدَهُ وَ أَتَهَدَّدَهُ وَ أُسَفِّهَهُ وَ أُجَهِّلَهُ ثُمَّ رَأَیْتُ أَنْ لَا أَفْعَلَ قَالَ فَمَا كَتَبَ إِلَیْهِ بِشَیْ ءٍ یَسُوؤُهُ وَ لَا قَطَعَ عَنْهُ شَیْئاً كَانَ یَصِلُهُ بِهِ كَانَ یَبْعَثُ إِلَیْهِ فِی كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ سِوَی عُرُوضٍ وَ هَدَایَا مِنْ كُلِّ ضَرْبٍ.
بیان: قوله فقد أظنك تركتها أی الظن بك أن تتركها رغبة فی ثواب اللّٰه أو فی بقاء المودة أو أظنك تركتها لرغبتی عن فعلك ذلك و عدم رضائی بذلك شفقة علیك و یمكن أن یكون تركبها بالباء الموحدة أی أظنك ركبت هذه الأمور للرغبة فی الدنیا و ملكها و رئاستها و یؤید الأخیر ما فی نسخة الإحتجاج فی جواب ذلك و یؤید الوسط ما فی روایة الكشی أنت لی عنها راغب.
و شقّ العصا كنایة عن تفریق الجمع قوله علیه السلام و ما أظن اللّٰه راضیا بترك ذلك أی بعد حصول شرائطه و الإحنة بالكسر الحقد و العداوة.
قوله علیه السلام الرحلتین أی رحلة الشتاء و الصیف و فی الإحتجاج و لو لا ذلك لكان أفضل شرفك و شرف أبیك تجشم الرحلتین اللتین بنا من اللّٰه علیكم فوضعهما عنكم و فیه بعد قوله و إن أكدك تكدنی و هل رأیك إلا كید الصالحین منذ خلقت فكدنی ما بدا لك إن شئت فإنی أرجو أن لا یضرنی كیدك و أن لا یكون علی أحد أضر منه علی نفسك علی أنك تكید فتوقظ عدوك و توبق نفسك كفعلك بهؤلاء الذین قتلتهم و مثلت بهم بعد الصلح و العهد و المیثاق و فیه غلام من الغلمان یشرب الشراب و یلعب بالكعاب.
قوله لعنه اللّٰه لقد كان فی نفسه ضب فی أكثر النسخ بالصاد المهملة و لعله بالضم قال الجزری (1)
و فیه لتعودن فیها أساود صبا الأساود الحیات
ص: 215
و الصب جمع صبوب علی أن أصله صبب كرسول و رسل ثم خفف كرسل فأدغم و هو غریب من حیث الإدغام قال النضر إن الأسود إذا أراد أن ینهش ارتفع ثم انصب علی الملدوغ انتهی.
أقول: الأظهر أنه بالضاد المعجمة قال الجوهری الضب الحقد تقول أضب فلان علی غل فی قلبه أی أضمره انتهی و یقال لم یحفل بكذا أی لم یبال به و فی الإحتجاج لم یحفل به صاحبه و لعله أظهر قوله و لا أمحكه من المحك اللجاج و المماحكة الملاجة و فی بعض النسخ باللام و لعله من المحل بمعنی الكید و الأول أظهر.
ص: 216
«1»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ إِدْرِیسَ مَوْلًی لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی تَفْسِیرِ هَذِهِ الْآیَةِ- أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ مَعَ الْحَسَنِ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ مَعَ الْحُسَیْنِ- قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ إِلَی خُرُوجِ الْقَائِمِ علیه السلام فَإِنَّ مَعَهُ النَّصْرَ وَ الظَّفَرَ قَالَ اللَّهُ قُلْ مَتاعُ الدُّنْیا قَلِیلٌ وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِمَنِ اتَّقی الْآیَةَ(1).
«2»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: وَ اللَّهِ الَّذِی صَنَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام كَانَ خَیْراً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ وَ اللَّهِ لَفِیهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ- أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ إِنَّمَا هِیَ طَاعَةُ الْإِمَامِ فَطَلَبُوا الْقِتَالَ- فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ مَعَ الْحُسَیْنِ- قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَیْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ وَ قَوْلُهُ- رَبَّنا أَخِّرْنا إِلی أَجَلٍ قَرِیبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَرَادُوا تَأْخِیرَ ذَلِكَ إِلَی الْقَائِمِ علیه السلام (2).
«3»- شی، [تفسیر العیاشی] الْحَلَبِیُّ عَنْهُ علیه السلام: كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ قَالَ یَعْنِی أَلْسِنَتَكُمْ. وَ فِی رِوَایَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ الْعَطَّارِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ قَالَ نَزَلَتْ فِی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْكَفِّ قَالَ قُلْتُ (3) فَلَمَّا
ص: 217
كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ قَالَ نَزَلَتْ فِی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ كَتَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ یُقَاتِلُوا مَعَهُ (1).
«4»- شی، [تفسیر العیاشی] عَلِیُّ بْنُ أَسْبَاطٍ یَرْفَعُهُ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَوْ قَاتَلَ مَعَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ لَقُتِلُوا كُلُّهُمْ.
«5»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ فَقَدْ قَتَلُوا الْحُسَیْنَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ (2).
«6»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِی الْحُسَیْنِ- وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ قَاتِلِ الْحُسَیْنِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام (3).
«7»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ سَلَّامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً قَالَ هُوَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام قُتِلَ مَظْلُوماً وَ نَحْنُ أَوْلِیَاؤُهُ وَ الْقَائِمُ مِنَّا إِذَا قَامَ طَلَبَ بِثَأْرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَیَقْتُلُ حَتَّی یُقَالَ قَدْ أَسْرَفَ فِی الْقَتْلِ وَ قَالَ الْمَقْتُولُ الْحُسَیْنُ وَ وَلِیُّهُ الْقَائِمُ وَ الْإِسْرَافُ فِی الْقَتْلِ أَنْ یَقْتُلَ غَیْرَ قَاتِلِهِ- إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً فَإِنَّهُ لَا یَذْهَبُ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یُنْتَصَرَ بِرَجُلٍ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَیْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ یَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً.
«8»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَنْدَلٍ عَنْ دَارِمِ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام اقْرَؤُا سُورَةَ الْفَجْرِ فِی فَرَائِضِكُمْ وَ نَوَافِلِكُمْ فَإِنَّهَا سُورَةُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ ارْغَبُوا فِیهَا رَحِمَكُمُ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ لَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَ كَانَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ وَ كَیْفَ صَارَتْ هَذِهِ السُّورَةُ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام خَاصَّةً
ص: 218
فَقَالَ أَ لَا تَسْمَعُ إِلَی قَوْلِهِ تَعَالَی یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ الْآیَةَ إِنَّمَا یَعْنِی الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَهُوَ ذُو النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ الرَّاضِیَةِ الْمَرْضِیَّةِ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله هُمُ الرَّاضُونَ عَنِ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ هُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ وَ هَذِهِ السُّورَةُ فِی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ شِیعَتِهِ وَ شِیعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً مَنْ أَدْمَنَ قِرَاءَةَ وَ الْفَجْرِ كَانَ مَعَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی دَرَجَتِهِ فِی الْجَنَّةِ- إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ.
«9»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَیْدٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ- الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ بِغَیْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ یَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ قَالَ نَزَلَ فِی عَلِیٍّ وَ جَعْفَرٍ وَ حَمْزَةَ وَ جَرَتْ فِی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ التَّحِیَّةُ وَ الْإِكْرَامُ (1).
«10»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ قَالَ نَزَلَتْ فِی الْحُسَیْنِ علیه السلام لَوْ قُتِلَ أَهْلُ الْأَرْضِ بِهِ مَا كَانَ سَرَفاً(2).
بیان: فیه إیماء إلی أنه كان فی قراءتهم علیهم السلام فَلا یُسْرِفْ بالضم و یحتمل أن یكون المعنی أن السرف لیس من جهة الكثرة فلو شرك جمیع أهل الأرض فی دمه أو رضوا به لم یكن قتلهم سرفا و إنما السرف أن یقتل من لم یكن كذلك و إنما نهی عن ذلك.
«11»- فس، [تفسیر القمی] جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنِ ابْنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِهِ- یا أَیَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِی إِلی رَبِّكِ راضِیَةً مَرْضِیَّةً- فَادْخُلِی فِی عِبادِی وَ ادْخُلِی جَنَّتِی (3) یَعْنِی الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام.
ص: 219
«12»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- فَنَظَرَ نَظْرَةً فِی النُّجُومِ فَقالَ إِنِّی سَقِیمٌ قَالَ حَسَبَ فَرَأَی مَا یَحُلُّ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ إِنِّی سَقِیمٌ لِمَا یَحُلُّ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام (1).
«13»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ وَ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَیِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ قَالَ نَزَلَتْ فِی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام.
«14»- كِتَابُ النَّوَادِرِ، لِعَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ الْعَطَّارِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ قِیلَ لَهُمْ كُفُّوا أَیْدِیَكُمْ وَ أَقِیمُوا الصَّلاةَ(2) قَالَ نَزَلَتْ فِی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْكَفِّ قَالَ قُلْتُ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ قَالَ نَزَلَتْ فِی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام كَتَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ یُقَاتِلُوا مَعَهُ.
قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَسْبَاطٍ وَ رَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ قَالَ: لَوْ قَاتَلَ مَعَهُ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ لَقُتِلُوا كُلُّهُمْ.
أقول: سیأتی الأخبار المناسبة للباب فی باب علة تأخیر العذاب عن قتلته علیه السلام.
ص: 220
«1»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ حَشِیشٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْقِرْمِیسِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الصُّهْبَانِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ كَرَّامِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ وَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍعلیهما السلام یَقُولَانِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی عَوَّضَ الْحُسَیْنَ علیه السلام مِنْ قَتْلِهِ أَنْ جَعَلَ الْإِمَامَةَ فِی ذُرِّیَّتِهِ وَ الشِّفَاءَ فِی تُرْبَتِهِ وَ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ قَبْرِهِ وَ لَا تُعَدَّ أَیَّامُ زَائِرِیهِ جَائِیاً وَ رَاجِعاً مِنْ عُمُرِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ لِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَذِهِ الْخِلَالُ تُنَالُ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام فَمَا لَهُ فِی نَفْسِهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَلْحَقَهُ بِالنَّبِیِّ فَكَانَ مَعَهُ فِی دَرَجَتِهِ وَ مَنْزِلَتِهِ ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّیَّتُهُمْ بِإِیمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ الْآیَةَ(1).
«2»- ك، [إكمال الدین] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ غَیْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِی نُصَیْرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَیْنَ علیه السلام أَخْبَرَهَا أَبُوهَا ص أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَقْتُلُهُ مِنْ بَعْدِهِ قَالَتْ فَلَا حَاجَةَ لِی فِیهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ یَجْعَلُ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ قَالَتْ قَدْ رَضِیتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ (2).
«3»- ك، [إكمال الدین] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَمَّا أَنْ عَلِقَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ
ص: 221
لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَهَبَ لَكِ غُلَاماً اسْمُهُ الْحُسَیْنُ یَقْتُلُهُ أُمَّتِی قَالَتْ لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ وَعَدَنِی فِیهِ عِدَةً قَالَتْ وَ مَا وَعَدَكَ قَالَ وَعَدَنِی أَنْ یَجْعَلَ الْإِمَامَةَ مِنْ بَعْدِهِ فِی وُلْدِهِ فَقَالَتْ رَضِیتُ (1).
أقول: الأخبار فی ذلك موردة فی غیر هذا الباب لا سیما باب ولادته علیه الصلاة و السلام (2).
ص: 222
«1»- ج، [الإحتجاج] سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَائِمَ علیه السلام عَنْ تَأْوِیلِ كهیعص قَالَ علیه السلام هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَیْبِ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَیْهَا عَبْدَهُ زَكَرِیَّا ثُمَّ قَصَّهَا عَلَی مُحَمَّدٍ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ وَ ذَلِكَ أَنَّ زَكَرِیَّا سَأَلَ اللَّهَ رَبَّهُ أَنْ یُعَلِّمَهُ أَسْمَاءَ الْخَمْسَةِ فَأَهْبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَعَلَّمَهُ إِیَّاهَا فَكَانَ زَكَرِیَّا إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّداً وَ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ علیه السلام سُرِّیَ عَنْهُ هَمُّهُ وَ انْجَلَی كَرْبُهُ وَ إِذَا ذَكَرَ اسْمَ الْحُسَیْنِ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَ وَقَعَتْ عَلَیْهِ الْبُهْرَةُ فَقَالَ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ إِلَهِی مَا بَالِی إِذَا ذَكَرْتُ أَرْبَعَةً مِنْهُمْ تَسَلَّیْتُ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِی وَ إِذَا ذَكَرْتُ الْحُسَیْنَ تَدْمَعُ عَیْنِی وَ تَثُورُ زَفْرَتِی فَأَنْبَأَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَنْ قِصَّتِهِ فَقَالَ كهیعص فَالْكَافُ اسْمُ كَرْبَلَاءَ وَ الْهَاءُ هَلَاكُ الْعِتْرَةِ الطَّاهِرَةِ وَ الْیَاءُ یَزِیدُ وَ هُوَ ظَالِمُ الْحُسَیْنِ وَ الْعَیْنُ عَطَشُهُ وَ الصَّادُ صَبْرُهُ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ زَكَرِیَّا لَمْ یُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ مَنَعَ فِیهِنَّ النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَیْهِ وَ أَقْبَلَ عَلَی الْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ كَانَ یُرْثِیهِ إِلَهِی أَ تُفَجِّعُ خَیْرَ جَمِیعِ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ إِلَهِی أَ تُنْزِلُ بَلْوَی هَذِهِ الرَّزِیَّةِ بِفِنَائِهِ إِلَهِی أَ تُلْبِسُ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ ثِیَابَ هَذِهِ الْمُصِیبَةِ إِلَهِی أَ تُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْمُصِیبَةِ بِسَاحَتِهِمَا ثُمَّ كَانَ یَقُولُ إِلَهِی ارْزُقْنِی وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَیْنِی عَلَی الْكِبَرِ فَإِذَا رَزَقْتَنِیهِ فَافْتِنِّی بِحُبِّهِ ثُمَّ أَفْجِعْنِی بِهِ كَمَا تُفْجِعُ مُحَمَّداً حَبِیبَكَ بِوَلَدِهِ فَرَزَقَهُ اللَّهُ یَحْیَی وَ فَجَّعَهُ بِهِ وَ كَانَ حَمْلُ یَحْیَی سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ حَمْلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام كَذَلِكَ الْخَبَرَ(1).
بیان: سری عنه همه بضم السین و كسر الراء المشددة انكشف و البهرة بالضم تتابع النفس و زفر أخرج نفسه بعد مده إیاه و الزفرة و یضم
ص: 223
التنفس كذلك.
«2»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی جَعْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ یَقُولُ: إِنَّ فِی كِتَابِنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ وُلْدِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ یُقْتَلُ وَ لَا یَجِفُّ عَرَقُ دَوَابِّ أَصْحَابِهِ حَتَّی یَدْخُلُوا الْجَنَّةَ فَیُعَانِقُوا الْحُورَ الْعِینَ فَمَرَّ بِنَا الْحَسَنُ علیه السلام فَقُلْنَا هُوَ هَذَا قَالَ لَا فَمَرَّ بِنَا الْحُسَیْنُ فَقُلْنَا هُوَ هَذَا قَالَ نَعَمْ (1).
«3»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی شُعَیْبٍ التَّغْلِبِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَمَانٍ عَنْ إِمَامٍ لِبَنِی سُلَیْمٍ عَنْ أَشْیَاخٍ لَهُمْ قَالُوا: غَزَوْنَا بِلَادَ الرُّومِ فَدَخَلْنَا كَنِیسَةً مِنْ كَنَائِسِهِمْ فَوَجَدْنَا فِیهَا مَكْتُوباً:
أَ یَرْجُو مَعْشَرٌ قَتَلُوا حُسَیْناً*** شَفَاعَةَ جَدِّهِ یَوْمَ الْحِسَابِ
قَالُوا فَسَأَلْنَا مُنْذُ كَمْ هَذَا فِی كَنِیسَتِكُمْ قَالُوا قَبْلَ أَنْ یُبْعَثَ نَبِیُّكُمْ بِثَلَاثِمِائَةِ عَامٍ (2).
«4»- أَقُولُ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ نَمَا فِی مُثِیرِ الْأَحْزَانِ رَوَی النَّطَنْزِیُّ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْأَعْمَشِ قَالَ: بَیْنَا أَنَا فِی الطَّوَافِ أَیَّامَ الْمَوْسِمِ إِذَا رَجُلٌ یَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِی وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَغْفِرُ فَسَأَلْتُهُ عَنِ السَّبَبِ فَقَالَ كُنْتُ أَحَدَ الْأَرْبَعِینَ الَّذِینَ حَمَلُوا رَأْسَ الْحُسَیْنِ إِلَی یَزِیدَ عَلَی طَرِیقِ الشَّامِ فَنَزَلْنَا أَوَّلَ مَرْحَلَةٍ رَحَلْنَا مِنْ كَرْبَلَاءَ عَلَی دَیْرٍ لِلنَّصَارَی وَ الرَّأْسُ مَرْكُوزٌ عَلَی رُمْحٍ فَوَضَعْنَا الطَّعَامَ وَ نَحْنُ نَأْكُلُ إِذَا بِكَفٍّ عَلَی حَائِطِ الدَّیْرِ یَكْتُبُ عَلَیْهِ بِقَلَمِ حَدِیدٍ سَطْراً بِدَمٍ:
أَ تَرْجُو أُمَّةً قَتَلَتْ حُسَیْناً*** شَفَاعَةَ جَدِّهِ یَوْمَ الْحِسَابِ
فَجَزِعْنَا جَزَعاً شَدِیداً وَ أَهْوَی بَعْضُنَا إِلَی الْكَفِّ لِیَأْخُذَهُ فَغَابَتْ فَعَادَ أَصْحَابِی.
وَ حَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ قَالَ: غَزَوْنَا بِلَادَ الرُّومِ فَأَتَیْنَا كَنِیسَةً مِنْ كَنَائِسِهِمْ قَرِیبَةً مِنَ الْقُسْطَنْطِینِیَّةِ وَ عَلَیْهَا شَیْ ءٌ مَكْتُوبٌ فَسَأَلْنَا أُنَاساً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ یَقْرَءُونَ بِالرُّومِیَّةِ فَإِذَا هُوَ مَكْتُوبٌ هَذَا الْبَیْتُ.
ص: 224
وَ ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ فِی كِتَابِ الْیَاقُوتِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّفَّارِ صَاحِبُ أَبِی حَمْزَةَ الصُّوفِیِّ: غَزَوْنَا غَزَاةً وَ سَبَیْنَا سَبْیاً وَ كَانَ فِیهِمْ شَیْخٌ مِنْ عُقَلَاءِ النَّصَارَی فَأَكْرَمْنَاهُ وَ أَحْسَنَّا إِلَیْهِ فَقَالَ لَنَا أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ آبَائِهِ أَنَّهُمْ حَفَرُوا فِی بِلَادِ الرُّومِ حَفْراً قَبْلَ أَنْ یُبْعَثَ مُحَمَّدٌ الْعَرَبِیُّ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ فَأَصَابُوا حَجَراً عَلَیْهِ مَكْتُوبٌ بِالْمُسْنَدِ هَذَا الْبَیْتُ:
أَ تَرْجُو عُصْبَةً قَتَلَتْ حُسَیْناً*** شَفَاعَةَ جَدِّهِ یَوْمَ الْحِسَابِ
وَ الْمُسْنَدُ كَلَامُ أَوْلَادِ شِیثٍ علیه السلام.
«5»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنْ حَبِیبِ بْنِ الْحُسَیْنِ التَّغْلِبِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام (1)
قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ لَهَا- لَا یَدْخُلْ عَلَیَّ أَحَدٌ فَجَاءَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ هُوَ طِفْلٌ فَمَا مَلَكَتْ مَعَهُ شَیْئاً حَتَّی دَخَلَ عَلَی النَّبِیِّ فَدَخَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَلَی أَثَرِهِ فَإِذَا الْحُسَیْنُ عَلَی صَدْرِهِ وَ إِذَا النَّبِیُّ یَبْكِی وَ إِذَا فِی یَدِهِ شَیْ ءٌ یُقَلِّبُهُ فَقَالَ النَّبِیُّ یَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّ هَذَا جَبْرَئِیلُ یُخْبِرُنِی أَنَّ هَذَا مَقْتُولٌ وَ هَذِهِ التُّرْبَةُ الَّتِی یُقْتَلُ عَلَیْهَا فَضَعِیهِ عِنْدَكِ فَإِذَا صَارَتْ دَماً فَقَدْ قُتِلَ حَبِیبِی فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ یَا رَسُولَ اللَّهِ سَلِ اللَّهَ أَنْ یَدْفَعَ ذَلِكَ عَنْهُ قَالَ قَدْ فَعَلْتُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیَّ أَنَّ لَهُ دَرَجَةً لَا یَنَالُهَا أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِینَ وَ أَنَّ لَهُ شِیعَةً یَشْفَعُونَ فَیُشَفَّعُونَ وَ أَنَّ الْمَهْدِیَّ مِنْ وُلْدِهِ فَطُوبَی لِمَنْ كَانَ مِنْ أَوْلِیَاءِ الْحُسَیْنِ وَ شِیعَتُهُ هُمْ وَ اللَّهِ الْفَائِزُونَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(2).
«6»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام أَنْ یَذْبَحَ مَكَانَ ابْنِهِ إِسْمَاعِیلَ الْكَبْشَ الَّذِی أَنْزَلَهُ عَلَیْهِ تَمَنَّی إِبْرَاهِیمُ أَنْ یَكُونَ قَدْ ذَبَحَ ابْنَهُ إِسْمَاعِیلَ بِیَدِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ یُؤْمَرْ بِذَبْحِ الْكَبْشِ مَكَانَهُ لِیَرْجِعَ إِلَی قَلْبِهِ مَا یَرْجِعُ إِلَی قَلْبِ الْوَالِدِ الَّذِی یَذْبَحُ أَعَزَّ وُلْدِهِ عَلَیْهِ بِیَدِهِ فَیَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ أَهْلِ الثَّوَابِ عَلَی الْمَصَائِبِ
ص: 225
فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا إِبْرَاهِیمُ مَنْ أَحَبُّ خَلْقِی إِلَیْكَ فَقَالَ یَا رَبِّ مَا خَلَقْتَ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ حَبِیبِكَ مُحَمَّدٍ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ أَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَیْكَ أَمْ نَفْسُكَ قَالَ بَلْ هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ نَفْسِی قَالَ فَوَلَدُهُ أَحَبُّ إِلَیْكَ أَمْ وَلَدُكَ قَالَ بَلْ وَلَدُهُ قَالَ فَذَبْحُ وَلَدِهِ ظُلْماً عَلَی أَیْدِی أَعْدَائِهِ أَوْجَعُ لِقَلْبِكَ أَوْ ذَبْحُ وَلَدِكَ بِیَدِكَ فِی طَاعَتِی قَالَ یَا رَبِّ بَلْ ذَبْحُهُ عَلَی أَیْدِی أَعْدَائِهِ أَوْجَعُ لِقَلْبِی قَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ فَإِنَّ طَائِفَةً تَزْعُمُ أَنَّهَا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ سَتَقْتُلُ الْحُسَیْنَ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً كَمَا یُذْبَحُ الْكَبْشُ وَ یَسْتَوْجِبُونَ بِذَلِكَ سَخَطِی فَجَزِعَ إِبْرَاهِیمُ لِذَلِكَ وَ تَوَجَّعَ قَلْبُهُ وَ أَقْبَلَ یَبْكِی فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَا إِبْرَاهِیمُ قَدْ فَدَیْتُ جَزَعَكَ عَلَی ابْنِكَ إِسْمَاعِیلَ لَوْ ذَبَحْتَهُ بِیَدِكَ بِجَزَعِكَ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ قَتْلِهِ وَ أَوْجَبْتُ لَكَ أَرْفَعَ دَرَجَاتِ أَهْلِ الثَّوَابِ عَلَی الْمَصَائِبِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ فَدَیْناهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ (1).
بیان: أقول قد أورد علی هذا الخبر إعضال و هو أنه إذا كان المراد بالذبح العظیم قتل الحسین علیه السلام لا یكون المفدّی عنه أجل رتبة من المفدّی به فإن أئمتنا صلوات اللّٰه علیهم أشرف من أولی العزم علیهم السلام فكیف من غیرهم مع أن الظاهر من استعمال لفظ الفداء التعویض عن الشی ء بما دونه فی الخطر و الشرف.
و أجیب بأن الحسین علیه السلام لما كان من أولاد إسماعیل فلو كان ذبح إسماعیل لم یوجد نبینا و كذا سائر الأئمة و سائر الأنبیاء علیهم السلام من ولد إسماعیل علیه السلام فإذا عوض من ذبح إسماعیل بذبح واحد من أسباطه و أولاده و هو الحسین علیه السلام فكأنه عوض عن ذبح الكل و عدم وجودهم بالكلیة بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه و لا شك فی أن مرتبة كل السلسلة أعظم و أجل من مرتبة الجزء بخصوصه.
و أقول لیس فی الخبر أنه فدی إسماعیل بالحسین بل فیه أنه فدی جزع إبراهیم علی إسماعیل بجزعه علی الحسین علیه السلام و ظاهر أن الفداء علی
ص: 226
هذا لیس علی معناه بل المراد التعویض و لما كان أسفه علی ما فات منه من ثواب الجزع علی ابنه عوضه اللّٰه بما هو أجل و أشرف و أكثر ثوابا و هو الجزع علی الحسین علیه السلام.
و الحاصل أن شهادة الحسین علیه السلام كان أمرا مقررا و لم یكن لرفع قتل إسماعیل حتی یرد الإشكال و علی ما ذكرنا فالآیة تحتمل وجهین الأول أن یقدر مضاف أی فدیناه بجزع مذبوح عظیم الشأن و الثانی أن یكون الباء سببیة أی فدیناه بسبب مذبوح عظیم بأن جزع علیه و علی التقدیرین لا بد من تقدیر مضاف أو تجوز فی إسناد فی قوله فَدَیْناهُ و اللّٰه یعلم.
«7»- ع، [علل الشرائع] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِیلَ الَّذِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ- وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا(1) لَمْ یَكُنْ إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ بَلْ كَانَ نَبِیّاً مِنَ الْأَنْبِیَاءِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَی قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ فَسَلَخُوا فَرْوَةَ رَأْسِهِ وَ وَجْهِهِ فَأَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ بَعَثَنِی إِلَیْكَ فَمُرْنِی بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لِی أُسْوَةٌ بِمَا یُصْنَعُ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام.
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن عیسی و ابن أبی الخطاب و ابن یزید جمیعا عن محمد بن سنان: مثله.
«8»- ع، [علل الشرائع] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ إِسْمَاعِیلَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا سُلِّطَ عَلَیْهِ قَوْمُهُ فَقَشَرُوا جِلْدَةَ وَجْهِهِ وَ فَرْوَةَ رَأْسِهِ فَأَتَاهُ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ لَهُ رَبُّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ قَدْ رَأَیْتُ مَا صُنِعَ بِكَ وَ قَدْ أَمَرَنِی بِطَاعَتِكَ فَمُرْنِی بِمَا شِئْتَ فَقَالَ یَكُونُ لِی بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ أُسْوَةٌ(2).
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن عیسی و ابن أبی الخطاب و ابن یزید جمیعا عن
ص: 227
محمد بن سنان: مثله.
مل، [كامل الزیارات] محمد بن الحسن عن أبیه عن جده عن علی بن مهزیار عن محمد بن سنان عمن ذكره عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله.
«9»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ حَشِیشٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: بَیْنَا الْحُسَیْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَ تُحِبُّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ فَحَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ لِذَلِكَ حُزْناً شَدِیداً فَقَالَ جَبْرَئِیلُ أَ یَسُرُّكَ أَنْ أُرِیَكَ التُّرْبَةَ الَّتِی یُقْتَلُ فِیهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَخَسَفَ جَبْرَئِیلُ مَا بَیْنَ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی كَرْبَلَاءَ حَتَّی الْتَقَتِ الْقِطْعَتَانِ هَكَذَا وَ جَمَعَ بَیْنَ السَّبَّابَتَیْنِ فَتَنَاوَلَ بِجَنَاحَیْهِ مِنَ التُّرْبَةِ فَنَاوَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله ثُمَّ دُحِیَتِ الْأَرْضُ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفِ الْعَیْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ طُوبَی لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ وَ طُوبَی لِمَنْ یُقْتَلُ فِیكِ.
مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر الرزاز عن محمد بن الحسین عن محمد بن سنان: مثله (1)
بیان: أقول قد بینت معنی التقاء القطعتین فی باب أحوال بلقیس فی كتاب النبوة(2).
«10»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّحْوِیِ
ص: 228
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ یُونُسَ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ عَظِیماً مِنْ عُظَمَاءِ الْمَلَائِكَةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی زِیَارَةِ النَّبِیِّ فَأَذِنَ لَهُ فَبَیْنَمَا هُوَ عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ فَقَبَّلَهُ النَّبِیُّ وَ أَجْلَسَهُ فِی حَجْرِهِ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ أَ تُحِبُّهُ قَالَ أَجَلْ أَشَدَّ الْحُبِّ إِنَّهُ ابْنِی قَالَ لَهُ إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ قَالَ أُمَّتِی تَقْتُلُ وَلَدِی قَالَ نَعَمْ وَ إِنْ شِئْتَ أَرَیْتُكَ مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِی یُقْتَلُ عَلَیْهَا قَالَ نَعَمْ فَأَرَاهُ تُرْبَةً حَمْرَاءَ طَیِّبَةَ الرِّیحِ فَقَالَ إِذَا صَارَتْ هَذِهِ التُّرْبَةُ دَماً عَبِیطاً فَهُوَ عَلَامَةُ قَتْلِ ابْنِكَ هَذَا قَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِی الْجَعْدِ أُخْبِرْتُ أَنَّ الْمَلَكَ كَانَ مِیكَائِیلَ علیه السلام.
«11»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ هَاشِمِ بْنِ نَقِیَّةَ الْمَوْصِلِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ زِیَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُكَارِی عَنْ لَیْثِ بْنِ أَبِی سُلَیْمٍ عَنْ حُدَیْرٍ أَوْ حِدْمِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِنِیِّ عَنْ زَیْدٍ مَوْلَی زَیْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ یَوْمٍ عِنْدِی نَائِماً فَجَاءَ الْحُسَیْنُ فَجَعَلْتُ أُعَلِّلُهُ مَخَافَةَ أَنْ یُوقِظَ النَّبِیَّ فَغَفَلْتُ عَنْهُ فَدَخَلَ وَ اتَّبَعْتُهُ فَوَجَدْتُهُ وَ قَدْ قَعَدَ عَلَی بَطْنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَضَعَ زبیته [زُبَیْبَتَهُ] فِی سُرَّةِ النَّبِیِّ فَجَعَلَ یَبُولُ عَلَیْهِ فَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَهُ عَنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ دَعِی ابْنِی یَا زَیْنَبُ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ بَوْلِهِ فَلَمَّا فَرَغَ تَوَضَّأَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَامَ یُصَلِّی فَلَمَّا سَجَدَ ارْتَحَلَهُ الْحُسَیْنُ فَلَبِثَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی نَزَلَ فَلَمَّا قَامَ عَادَ الْحُسَیْنُ فَحَمَلَهُ حَتَّی فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَبَسَطَ النَّبِیُّ یَدَهُ وَ جَعَلَ یَقُولُ أَرِنِی أَرِنِی یَا جَبْرَئِیلُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُكَ الْیَوْمَ صَنَعْتَ شَیْئاً مَا رَأَیْتُكَ صَنَعْتَهُ قَطُّ قَالَ نَعَمْ جَاءَنِی جَبْرَئِیلُ فَعَزَّانِی فِی ابْنِی الْحُسَیْنِ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّ أُمَّتِی تَقْتُلُهُ وَ أَتَانِی بِتُرْبَةٍ حَمْرَاءَ.
قَالَ زِیَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا شَكَكْتُ فِی اسْمِ الشَّیْخِ حُدَیْرٍ أَوْ حِدْمِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1) وَ قَدْ أَثْنَی عَلَیْهِ لَیْثٌ خَیْراً وَ ذَكَرَ مِنْ فَضْلِهِ.
ص: 229
«12»- یج، [الخرائج و الجرائح] مِنْ تَارِیخِ مُحَمَّدٍ النَّجَّارِ شَیْخِ الْمُحَدِّثِینَ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُسْتَنْصِرِیَّةِ بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ إِلَی أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُهْلِكَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْحَی إِلَیْهِ أَنْ شُقَّ أَلْوَاحَ السَّاجِ فَلَمَّا شَقَّهَا لَمْ یَدْرِ مَا یَصْنَعُ بِهَا فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ فَأَرَاهُ هَیْئَةَ السَّفِینَةِ وَ مَعَهُ تَابُوتٌ بِهَا مِائَةُ أَلْفِ مِسْمَارٍ وَ تِسْعَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ مِسْمَارٍ فَسَمَّرَ بِالْمَسَامِیرِ كُلِّهَا السَّفِینَةَ إِلَی أَنْ بَقِیَتْ خَمْسَةُ مَسَامِیرَ فَضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی مِسْمَارٍ فَأَشْرَقَ بِیَدِهِ وَ أَضَاءَ كَمَا یُضِی ءُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّیُّ فِی أُفُقِ السَّمَاءِ فَتَحَیَّرَ نُوحٌ فَأَنْطَقَ اللَّهُ الْمِسْمَارَ بِلِسَانٍ طَلْقٍ ذَلْقٍ أَنَا عَلَی اسْمِ خَیْرِ الْأَنْبِیَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ لَهُ یَا جَبْرَئِیلُ مَا هَذَا الْمِسْمَارُ الَّذِی مَا رَأَیْتُ مِثْلَهُ فَقَالَ هَذَا بِاسْمِ سَیِّدِ الْأَنْبِیَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اسْمِرْهُ عَلَی أَوَّلِهَا عَلَی جَانِبِ السَّفِینَةِ الْأَیْمَنِ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی مِسْمَارٍ ثَانٍ فَأَشْرَقَ وَ أَنَارَ فَقَالَ نُوحٌ وَ مَا هَذَا الْمِسْمَارُ فَقَالَ هَذَا مِسْمَارُ أَخِیهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ سَیِّدِ الْأَوْصِیَاءِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَاسْمِرْهُ عَلَی جَانِبِ السَّفِینَةِ الْأَیْسَرِ فِی أَوَّلِهَا ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی مِسْمَارٍ ثَالِثٍ فَزَهَرَ وَ أَشْرَقَ وَ أَنَارَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذَا مِسْمَارُ فَاطِمَةَ فَاسْمِرْهُ إِلَی جَانِبِ مِسْمَارِ أَبِیهَا ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی مِسْمَارٍ رَابِعٍ فَزَهَرَ وَ أَنَارَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذَا مِسْمَارُ الْحَسَنِ فَاسْمِرْهُ إِلَی جَانِبِ مِسْمَارِ أَبِیهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی مِسْمَارٍ خَامِسٍ فَزَهَرَ وَ أَنَارَ وَ أَظْهَرَ النَّدَاوَةَ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ هَذَا مِسْمَارُ الْحُسَیْنِ فَاسْمِرْهُ إِلَی جَانِبِ مِسْمَارِ أَبِیهِ فَقَالَ نُوحٌ یَا جَبْرَئِیلُ مَا هَذِهِ النَّدَاوَةُ فَقَالَ هَذَا الدَّمُ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ مَا تَعْمَلُ الْأُمَّةُ بِهِ فَلَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ وَ ظَالِمَهُ وَ خَاذِلَهُ.
«13»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ خَلِیلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عِیسَی الْكُوفِیِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَرِیَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ التَّیْمِیِّ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله أَجْلَسَ حُسَیْناً عَلَی فَخِذِهِ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ أَ تُحِبُّ ابْنَكَ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ بَعْدَكَ فَدَمَعَتْ عَیْنَا رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ إِنْ شِئْتَ أَرَیْتُكَ مِنْ تُرْبَتِهِ الَّتِی یُقْتَلُ عَلَیْهَا قَالَ نَعَمْ فَأَرَاهُ جَبْرَئِیلُ تُرَاباً مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ الَّتِی یُقْتَلُ عَلَیْهَا
ص: 230
وَ قَالَ تُدْعَی الطَّفَّ.
«14»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی عَنْهُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَلِیلِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَهْلٍ عَنْ مُؤَمِّلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَاذَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ مَلَكَ الْمَطَرِ اسْتَأْذَنَ أَنْ یَأْتِیَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُمِّ سَلَمَةَ امْلِكِی عَلَیْنَا الْبَابَ لَا یَدْخُلُ عَلَیْنَا أَحَدٌ فَجَاءَ الْحُسَیْنُ لِیَدْخُلَ فَمَنَعَتْهُ فَوَثَبَ حَتَّی دَخَلَ فَجَعَلَ یَثِبُ عَلَی مَنْكِبَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَقْعُدُ عَلَیْهِمَا فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ أَ تُحِبُّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ وَ إِنْ شِئْتَ أَرَیْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِی یُقْتَلُ فِیهِ فَمَدَّ یَدَهُ فَإِذَا طِینَةٌ حَمْرَاءُ فَأَخَذَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ فَصَیَّرَتْهَا إِلَی طَرَفِ خِمَارِهَا قَالَ ثَابِتٌ فَبَلَغَنَا أَنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِی قُتِلَ بِهِ بِكَرْبَلَاءَ.
«15»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ سَعِیدِ بْنِ یَسَارٍ أَوْ غَیْرِهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَمَّا أَنْ هَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ أَخَذَ بِیَدِ عَلِیٍّ فَخَلَا بِهِ مَلِیّاً مِنَ النَّهَارِ فَغَلَبَتْهُمَا عَبْرَةٌ فَلَمْ یَتَفَرَّقَا حَتَّی هَبَطَ عَلَیْهِمَا جَبْرَئِیلُ أَوْ قَالَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالَ لَهُمَا رَبُّكُمَا یُقْرِئُكُمَا السَّلَامَ وَ یَقُولُ قَدْ عَزَمْتُ عَلَیْكُمَا لَمَّا صَبَرْتُمَا قَالَ فَصَبَرَا(1).
مل، [كامل الزیارات] ابن الولید عن الصفار عن ابن عیسی عن محمد بن سنان عن سعید: مثله- مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن یزید عن ابن سنان عن سعید: مثله.
«16»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ بِالْحُسَیْنِ علیه السلام جَاءَ جَبْرَئِیلُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ وَلَداً تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَلَمَّا حَمَلَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَیْنَ كَرِهَتْ حَمْلَهُ وَ حِینَ وَضَعَتْهُ كَرِهَتْ وَضْعَهُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَلْ رَأَیْتُمْ فِی الدُّنْیَا أُمّاً تَلِدُ غُلَاماً فَتَكْرَهُهُ وَ لَكِنَّهَا كَرِهَتْهُ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ أَنَّهُ سَیُقْتَلُ قَالَ وَ فِیهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ- وَ وَصَّیْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَیْهِ حُسْناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ
ص: 231
وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً(1).
بیان: قوله علیه السلام لما حملت لعل المعنی قرب حملها أو المراد بقوله جاء جبرئیل مجیئه قبل ذلك أو بقوله حملت ثانیا شعرت به و لعله علی هذا التأویل الباء فی قوله بوالدیه للسببیة و حسنا مفعول وصینا و فی بعض القراءات حسنا بالتحریك فهو صفة لمصدر محذوف أی إیصاء حسنا فعلی هذا یحتمل أن یكون المراد بقوله وَصَّیْنَا جعلناه وصیا قال فی مجمع البیان قرأ أهل الكوفة إِحْساناً و الباقون حسنا و روی عن علی علیه السلام و أبی عبد الرحمن السلمی حسنا بفتح الحاء و السین انتهی و الوالدان رسول اللّٰه و أمیر المؤمنین كما فی سائر الأخبار و یحتمل الظاهر أیضا.
«17»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَنَّ جَبْرَئِیلَ نَزَلَ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ یُبَشِّرُكَ بِمَوْلُودٍ یُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ علیها السلام تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ یَا جَبْرَئِیلُ وَ عَلَی رَبِّیَ السَّلَامُ- لَا حَاجَةَ لِی فِی مَوْلُودٍ یُولَدُ مِنْ فَاطِمَةَ تَقْتُلُهُ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی قَالَ فَعَرَجَ جَبْرَئِیلُ ثُمَّ هَبَطَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ یَا جَبْرَئِیلُ وَ عَلَی رَبِّیَ السَّلَامُ- لَا حَاجَةَ لِی فِی مَوْلُودٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی فَعَرَجَ جَبْرَئِیلُ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ هَبَطَ فَقَالَ لَهُ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یُبَشِّرُكَ أَنَّهُ جَاعِلٌ فِی ذُرِّیَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَایَةَ وَ الْوَصِیَّةَ فَقَالَ قَدْ رَضِیتُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَی فَاطِمَةَ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُنِی بِمَوْلُودٍ یُولَدُ مِنْكِ تَقْتُلُهُ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی- فَأَرْسَلَتْ إِلَیْهِ أَنْ لَا حَاجَةَ لِی فِی مَوْلُودٍ یُولَدُ مِنِّی تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهَا أَنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِی ذُرِّیَّتِهِ الْإِمَامَةَ وَ الْوَلَایَةَ وَ الْوَصِیَّةَ فَأَرْسَلَتْ إِلَیْهِ أَنِّی قَدْ رَضِیتُ فَحَمَلَتْهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّی إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلی والِدَیَ
ص: 232
وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی (1) فَلَوْ أَنَّهُ قَالَ أَصْلِحْ لِی ذُرِّیَّتِی لَكَانَتْ ذُرِّیَّتُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةً وَ لَمْ یَرْضَعِ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ فَاطِمَةَ وَ لَا مِنْ أُنْثَی وَ لَكِنَّهُ كَانَ یُؤْتَی بِهِ النَّبِیَّ فَیَضَعُ إِبْهَامَهُ فِی فِیهِ فَیَمَصُّ مِنْهَا مَا یَكْفِیهِ الْیَوْمَیْنِ وَ الثَّلَاثَةَ فَیَنْبُتُ لَحْمُ الْحُسَیْنِ مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ وَ دَمِهِ وَ لَمْ یُولَدْ مَوْلُودٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إِلَّا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهم السلام.
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن علی بن إسماعیل بن عیسی عن محمد بن عمرو بن سعید بإسناده: مثله.
«18»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَخِیهِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: أَتَی جَبْرَئِیلُ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا مُحَمَّدُ أَ لَا أُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ قَالَ فَانْقَضَّ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ عَادَ إِلَیْهِ الثَّانِیَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ- لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ فَانْعَرَجَ إِلَی السَّمَاءِ ثُمَّ انْقَضَّ عَلَیْهِ الثَّالِثَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ- لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ (2) فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ جَاعِلُ الْوَصِیَّةِ فِی عَقِبِهِ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَلَ عَلَی فَاطِمَةَ فَقَالَ لَهَا إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَانِی فَبَشَّرَنِی بِغُلَامٍ تَقْتُلُهُ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی فَقَالَتْ لَا حَاجَةَ لِی فِیهِ فَقَالَ لَهَا إِنَّ رَبِّی جَاعِلُ الْوَصِیَّةِ فِی عَقِبِهِ فَقَالَتْ نَعَمْ إِذَنْ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عِنْدَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآیَةَ فِیهِ- حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً لِمَوْضِعِ إِعْلَامِ جَبْرَئِیلَ إِیَّاهَا بِقَتْلِهِ فَحَمَلَتْهُ كُرْهاً بِأَنَّهُ مَقْتُولٌ وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ.
«19»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَی
ص: 233
رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَیْنَاهُ تَدْمَعُ فَسَأَلَتْهُ مَا لَكَ فَقَالَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَخْبَرَنِی أَنَّ أُمَّتِی تَقْتُلُ حُسَیْناً فَجَزِعَتْ وَ شَقَّ عَلَیْهَا فَأَخْبَرَهَا بِمَنْ یَمْلِكُ مِنْ وُلْدِهَا فَطَابَتْ نَفْسُهَا وَ سَكَنَتْ.
«20»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ قَدْ أَهْدَتْ لَنَا أُمُّ أَیْمَنَ لَبَناً وَ زَبَداً وَ تَمْراً فَقَدَّمْنَا مِنْهُ فَأَكَلَ ثُمَّ قَامَ إِلَی زَاوِیَةِ الْبَیْتِ فَصَلَّی رَكَعَاتٍ فَلَمَّا كَانَ فِی آخِرِ سُجُودِهِ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً فَلَمْ یَسْأَلْهُ أَحَدٌ مِنَّا إِجْلَالًا وَ إِعْظَاماً لَهُ فَقَامَ الْحُسَیْنُ فِی حِجْرِهِ وَ قَالَ لَهُ یَا أَبَهْ لَقَدْ دَخَلْتَ بَیْتَنَا فَمَا سُرِرْنَا بِشَیْ ءٍ كَسُرُورِنَا بِدُخُولِكَ ثُمَّ بَكَیْتَ بُكَاءً غَمَّنَا فَمَا أَبْكَاكَ فَقَالَ یَا بُنَیَّ أَتَانِی جَبْرَئِیلُ علیه السلام آنِفاً فَأَخْبَرَنِی أَنَّكُمْ قَتْلَی وَ أَنَّ مَصَارِعَكُمْ شَتَّی فَقَالَ یَا أَبَهْ فَمَا لِمَنْ یَزُورُ قُبُورَنَا عَلَی تَشَتُّتِهَا فَقَالَ یَا بُنَیَّ أُولَئِكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِی یَزُورُونَكُمْ فَیَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ وَ حَقِیقٌ عَلَیَّ أَنْ آتِیَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حَتَّی أُخَلِّصَهُمْ مِنْ أَهْوَالِ السَّاعَةِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ یُسْكِنُهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ(1).
ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الحسین بن إبراهیم القزوینی عن محمد بن وهبان عن علی بن حبیش عن العباس بن محمد بن الحسین عن أبیه عن صفوان: مثله.
«21»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْقُرَشِیِّ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ یَحْیَی الثَّوْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ یَوْمٍ فَقَدَّمْنَا إِلَیْهِ طَعَاماً وَ أَهْدَتْ إِلَیْنَا أُمُّ أَیْمَنَ صَحْفَةً مِنْ تَمْرٍ وَ قَعْباً مِنْ لَبَنٍ وَ زَبَدٍ فَقَدَّمْنَا إِلَیْهِ فَأَكَلَ مِنْهُ فَلَمَّا فَرَغَ قُمْتُ فَسَكَبْتُ عَلَی یَدَیْهِ مَاءً فَلَمَّا غَسَلَ یَدَهُ مَسَحَ وَجْهَهُ وَ لِحْیَتَهُ بِبِلَّةِ یَدَیْهِ ثُمَّ قَامَ إِلَی مَسْجِدٍ فِی جَانِبِ الْبَیْتِ فَخَرَّ سَاجِداً فَبَكَی فَأَطَالَ الْبُكَاءَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ
ص: 234
فَمَا اجْتَرَأَ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ أَحَدٌ یَسْأَلُهُ عَنْ شَیْ ءٍ فَقَامَ الْحُسَیْنُ یَدْرُجُ حَتَّی یَصْعَدَ عَلَی فَخِذَیْ رَسُولِ اللَّهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِهِ إِلَی صَدْرِهِ وَ وَضَعَ ذَقَنَهُ عَلَی رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ یَا أَبَهْ مَا یُبْكِیكَ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنِّی نَظَرْتُ إِلَیْكُمُ الْیَوْمَ فَسُرِرْتُ بِكُمْ سُرُوراً لَمْ أُسَرَّ بِكُمْ مِثْلَهُ قَطُّ فَهَبَطَ إِلَیَّ جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَنِی أَنَّكُمْ قَتْلَی وَ أَنَّ مَصَارِعَكُمْ شَتَّی فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَی ذَلِكَ وَ سَأَلْتُهُ لَكُمُ الْخِیَرَةَ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَهْ فَمَنْ یَزُورُ قُبُورَنَا وَ یَتَعَاهَدُهَا عَلَی تَشَتُّتِهَا قَالَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِی یُرِیدُونَ بِذَلِكَ بِرِّی وَ صِلَتِی أَتَعَاهَدُهُمْ فِی الْمَوْقِفِ وَ آخُذُ بِأَعْضَادِهِمْ فَأُنْجِیهِمْ مِنْ أَهْوَالِهِ وَ شَدَائِدِهِ (1).
«22»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَی رَسُولَ اللَّهِ وَ الْحُسَیْنُ یَلْعَبُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَقْتُلُهُ قَالَ فَجَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فَقَالَ أَ لَا أُرِیكَ التُّرْبَةَ الَّتِی یُقْتَلُ فِیهَا قَالَ فَخَسَفَ مَا بَیْنَ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ حَتَّی الْتَقَتِ الْقِطْعَتَانِ فَأَخَذَ مِنْهَا وَ دُحِیَتْ فِی أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَیْنِ فَخَرَجَ (2)
وَ هُوَ یَقُولُ طُوبَی لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ وَ طُوبَی لِمَنْ یُقْتَلُ حَوْلَكِ قَالَ وَ كَذَلِكَ صَنَعَ صَاحِبُ سُلَیْمَانَ تَكَلَّمَ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فَخَسَفَ مَا بَیْنَ سَرِیرِ سُلَیْمَانَ وَ بَیْنَ الْعَرْشِ مِنْ سُهُولَةِ الْأَرْضِ وَ حُزُونَتِهَا حَتَّی الْتَقَتِ الْقِطْعَتَانِ فَاجْتَرَّ الْعَرْشُ قَالَ سُلَیْمَانُ یُخَیَّلُ إِلَیَّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ سَرِیرِی قَالَ وَ دُحِیَتْ فِی أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَیْنِ (3).
ص: 235
«23»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَعَی جَبْرَئِیلُ علیه السلام الْحُسَیْنَ علیه السلام إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ وَ جَبْرَئِیلُ عِنْدَهُ فَقَالَ إِنَّ هَذَا تَقْتُلُهُ أُمَّتُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَرِنِی مِنَ التُّرْبَةِ الَّتِی یُسْفَكُ فِیهَا دَمُهُ فَتَنَاوَلَ جَبْرَئِیلُ قَبْضَةً مِنْ تِلْكَ التُّرْبَةِ فَإِذَا هِیَ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ.
«24»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ وَ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ وَ ابْنِ هَاشِمٍ جَمِیعاً عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِیهِ فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ حَتَّی مَاتَتْ رَحِمَهَا اللَّهُ.
«25»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِیدِ الْخَزَّازِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ فِی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ عِنْدَهُ جَبْرَئِیلُ فَدَخَلَ عَلَیْهِ الْحُسَیْنُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ إِنَّ أُمَّتَكَ تَقْتُلُ ابْنَكَ هَذَا أَ لَا أُرِیكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِی یُقْتَلُ فِیهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ نَعَمْ فَأَهْوَی جَبْرَئِیلُ بِیَدِهِ وَ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْهَا فَأَرَاهَا النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله.
«26»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِی خَدِیجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَیْنَ جَاءَ جَبْرَئِیلُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ أُمَّتَكَ تَقْتُلُ الْحُسَیْنَ مِنْ بَعْدِكَ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُرِیكَ مِنْ تُرْبَتِهَا فَضَرَبَ بِجَنَاحِهِ فَأَخْرَجَ مِنْ تُرْبَةِ كَرْبَلَاءَ فَأَرَاهَا إِیَّاهُ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ التُّرْبَةُ الَّتِی یُقْتَلُ عَلَیْهَا.
«27»- مل، [كامل الزیارات] أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَنَوِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ قَالَ: وَ هَلْ بَقِیَ فِی السَّمَاوَاتِ مَلَكٌ لَمْ یَنْزِلْ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ یُعَزِّیهِ فِی وَلَدِهِ الْحُسَیْنِ وَ یُخْبِرُهُ بِثَوَابِ اللَّهِ إِیَّاهُ وَ یَحْمِلُ إِلَیْهِ تُرْبَتَهُ مَصْرُوعاً عَلَیْهَا مَذْبُوحاً مَقْتُولًا طَرِیحاً مَخْذُولًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَ اقْتُلْ مَنْ قَتَلَهُ وَ اذْبَحْ مَنْ ذَبَحَهُ وَ لَا تُمَتِّعْهُ بِمَا طَلَبَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عُوجِلَ الْمَلْعُونُ یَزِیدُ وَ لَمْ یَتَمَتَّعْ بَعْدَ قَتْلِهِ
ص: 236
وَ لَقَدْ أُخِذَ مُغَافَصَةً بَاتَ سَكْرَانَ وَ أَصْبَحَ مَیِّتاً مُتَغَیِّراً كَأَنَّهُ مَطْلِیٌّ بِقَارٍ أُخِذَ عَلَی أَسَفٍ وَ مَا بَقِیَ أَحَدٌ مِمَّنْ تَابَعَهُ عَلَی قَتْلِهِ أَوْ كَانَ فِی مُحَارَبَتِهِ إِلَّا أَصَابَهُ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ وَ صَارَ ذَلِكَ وِرَاثَةً فِی نَسْلِهِمْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ.
مل، [كامل الزیارات] عبید اللّٰه بن الفضل عن جعفر بن سلیمان: مثله.
«28»- مل، [كامل الزیارات] الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَلَكُ الَّذِی جَاءَ إِلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یُخْبِرُهُ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ كَانَ جَبْرَئِیلَ الرُّوحَ الْأَمِینَ مَنْشُورَ الْأَجْنِحَةِ بَاكِیاً صَارِخاً قَدْ حَمَلَ مِنْ تُرْبَتِهِ وَ هُوَ یَفُوحُ كَالْمِسْكِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَ تُفْلِحُ أُمَّةٌ تَقْتُلُ فَرْخِی أَوْ قَالَ فَرْخَ ابْنَتِی قَالَ جَبْرَئِیلُ یَضْرِبُهَا اللَّهُ بِالاخْتِلَافِ فَیَخْتَلِفُ قُلُوبُهُمْ.
مل، [كامل الزیارات] عبید اللّٰه بن الفضل بن هلال عن محمد بن عمرة الأسلمی عن عمر بن عبد اللّٰه بن عنبسة: مثله.
«28»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ وَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ بُرَیْدٍ الْعِجْلِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنْ إِسْمَاعِیلَ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ حَیْثُ یَقُولُ- وَ اذْكُرْ فِی الْكِتابِ إِسْماعِیلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَ كانَ رَسُولًا نَبِیًّا(1) أَ كَانَ إِسْمَاعِیلَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ علیهما السلام فَإِنَّ النَّاسَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِسْمَاعِیلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ إِسْمَاعِیلَ مَاتَ قَبْلَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِنَّ إِبْرَاهِیمَ كَانَ حُجَّةً لِلَّهِ قَائِداً صَاحِبَ شَرِیعَةٍ فَإِلَی مَنْ أُرْسِلَ إِسْمَاعِیلُ إِذَنْ قُلْتُ فَمَنْ كَانَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ حِزْقِیلَ النَّبِیِّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَی قَوْمِهِ فَكَذَّبُوهُ وَ قَتَلُوهُ وَ سَلَخُوا وَجْهَهُ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ لَهُ فَوَجَّهَ إِلَیْهِ سَطَاطَائِیلَ مَلَكَ الْعَذَابِ فَقَالَ لَهُ یَا إِسْمَاعِیلُ أَنَا سَطَاطَائِیلُ مَلَكُ الْعَذَابِ وَجَّهَنِی رَبُّ الْعِزَّةِ إِلَیْكَ لِأُعَذِّبَ قَوْمَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ إِنْ شِئْتَ فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِیلُ- لَا حَاجَةَ لِی فِی ذَلِكَ یَا سَطَاطَائِیلُ.
ص: 237
فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ فَمَا حَاجَتُكَ یَا إِسْمَاعِیلُ فَقَالَ إِسْمَاعِیلُ یَا رَبِّ إِنَّكَ أَخَذْتَ الْمِیثَاقَ لِنَفْسِكَ بِالرُّبُوبِیَّةِ وَ لِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ وَ لِأَوْصِیَائِهِ بِالْوَلَایَةِ وَ أَخْبَرْتَ خَلْقَكَ بِمَا تَفْعَلُ أُمَّتُهُ- بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام مِنْ بَعْدِ نَبِیِّهَا وَ إِنَّكَ وَعَدْتَ الْحُسَیْنَ أَنْ تَكُرَّهُ إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی یَنْتَقِمَ بِنَفْسِهِ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ فَحَاجَتِی إِلَیْكَ یَا رَبِّ أَنْ تَكُرَّنِی إِلَی الدُّنْیَا حَتَّی أَنْتَقِمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِی مَا فَعَلَ كَمَا تَكُرُّ الْحُسَیْنَ فَوَعَدَ اللَّهُ إِسْمَاعِیلَ بْنَ حِزْقِیلَ ذَلِكَ فَهُوَ یَكُرُّ مَعَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام (1).
«29»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْقَمَّاطِ عَنِ ابْنِ أَبِی یَعْفُورٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فِی مَنْزِلِ فَاطِمَةَ وَ الْحُسَیْنُ فِی حَجْرِهِ إِذْ بَكَی وَ خَرَّ سَاجِداً ثُمَّ قَالَ یَا فَاطِمَةُ یَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ إِنَّ الْعَلِیَّ الْأَعْلَی تَرَاءَی لِی فِی بَیْتِكَ هَذَا سَاعَتِی هَذِهِ فِی أَحْسَنِ صُورَةٍ وَ أَهْیَإِ هَیْئَةٍ وَ قَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ أَ تُحِبُّ الْحُسَیْنَ فَقُلْتُ نَعَمْ قُرَّةُ عَیْنِی وَ رَیْحَانَتِی وَ ثَمَرَةُ فُؤَادِی وَ جِلْدَةُ مَا بَیْنَ عَیْنَیَّ فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ بُورِكَ مِنْ مَوْلُودٍ عَلَیْهِ بَرَكَاتِی وَ صَلَوَاتِی وَ رَحْمَتِی وَ رِضْوَانِی وَ لَعْنَتِی وَ سَخَطِی وَ عَذَابِی وَ خِزْیِی وَ نَكَالِی عَلَی مَنْ قَتَلَهُ وَ نَاصَبَهُ وَ نَاوَاهُ وَ نَازَعَهُ أَمَا إِنَّهُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ سَیِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ وَ أَبُوهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَ خَیْرٌ
فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ وَ بَشِّرْهُ بِأَنَّهُ رَایَةُ الْهُدَی وَ مَنَارُ أَوْلِیَائِی وَ حَفِیظِی وَ شَهِیدِی عَلَی خَلْقِی وَ خَازِنُ عِلْمِی وَ حُجَّتِی عَلَی أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ أَهْلِ الْأَرَضِینَ وَ الثَّقَلَیْنِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ (2).
بیان: إن العلیّ الأعلی أی رسوله جبرئیل أو یكون الترائی كنایة عن غایة الظهور العلمی و حسن الصورة كنایة عن ظهور صفات كماله تعالی له و وضع الید كنایة عن إفاضة الرحمة.
«30»- شا، [الإرشاد] رَوَی الْأَوْزَاعِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ: أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَیْتُ اللَّیْلَةَ حُلُماً مُنْكَراً
ص: 238
قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَتْ إِنَّهُ شَدِیدٌ قَالَ وَ مَا هُوَ قَالَتْ رَأَیْتُ كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِكَ قَدْ قُطِعَتْ وَ وُضِعَتْ فِی حَجْرِی فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ خَیْراً رَأَیْتِ تَلِدُ فَاطِمَةُ غُلَاماً فَیَكُونُ فِی حَجْرِكِ.
فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام الْحُسَیْنَ علیه السلام قَالَتْ وَ كَانَ فِی حَجْرِی كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَلْتُ بِهِ یَوْماً عَلَی النَّبِیِّ فَوَضَعْتُهُ فِی حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ حَانَتْ مِنِّی الْتِفَاتَةٌ فَإِذَا عَیْنَا رَسُولِ اللَّهِ تُهْرِقَانِ بِالدُّمُوعِ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ قَالَ أَتَانِی جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَنِی أَنَّ أُمَّتِی یَقْتُلُ ابْنِی هَذَا وَ أَتَانِی بِتُرْبَةٍ حَمْرَاءَ مِنْ تُرْبَتِهِ (1).
«31»- شا، [الإرشاد] رَوَی سِمَاكٌ عَنِ ابْنِ الْمُخَارِقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: بَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ یَوْمٍ جَالِساً وَ الْحُسَیْنُ جَالِسٌ فِی حَجْرِهِ إِذْ هَمَلَتْ عَیْنَاهُ بِالدُّمُوعِ فَقُلْتُ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِی أَرَاكَ تَبْكِی جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ جَاءَنِی جَبْرَئِیلُ فَعَزَّانِی بِابْنِیَ الْحُسَیْنِ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أُمَّتِی تَقْتُلُهُ- لَا أَنَالَهَا اللَّهُ شَفَاعَتِی.
وَ رُوِیَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِنَا ذَاتَ لَیْلَةٍ فَغَابَ عَنَّا طَوِیلًا ثُمَّ جَاءَنَا وَ هُوَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَ یَدُهُ مَضْمُومَةٌ فَقُلْتُ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِی أَرَاكَ شَعِثاً مُغْبَرّاً فَقَالَ أُسْرِیَ بِی فِی هَذَا الْوَقْتِ إِلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْعِرَاقِ یُقَالُ لَهُ كَرْبَلَاءُ فَأُرِیتُ فِیهِ مَصْرَعَ الْحُسَیْنِ ابْنِی وَ جَمَاعَةٍ مِنْ وُلْدِی وَ أَهْلِ بَیْتِی فَلَمْ أَزَلْ أَلْقُطُ دِمَاءَهُمْ فَهَا هُوَ فِی یَدِی وَ بَسَطَهَا إِلَیَّ فَقَالَ خُذِیهَا فَاحْفَظِی بِهَا فَأَخَذْتُهَا فَإِذَا هِیَ شِبْهُ تُرَابٍ أَحْمَرَ فَوَضَعْتُهُ فِی قَارُورَةٍ وَ شَدَدْتُ رَأْسَهَا وَ احْتَفَظْتُ بِهَا فَلَمَّا خَرَجَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْعِرَاقِ كُنْتُ أُخْرِجُ تِلْكَ الْقَارُورَةَ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ وَ أَشَمُّهَا وَ أَنْظُرُ إِلَیْهَا ثُمَّ أَبْكِی لِمُصَابِهِ فَلَمَّا كَانَ فِی الْیَوْمِ الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ علیه السلام أَخْرَجْتُهَا فِی أَوَّلِ النَّهَارِ وَ هِیَ بِحَالِهَا ثُمَّ عُدْتُ إِلَیْهَا آخِرَ النَّهَارِ فَإِذَا هِیَ دَمٌ عَبِیطٌ فَصِحْتُ فِی بَیْتِی وَ بَكَیْتُ وَ كَظَمْتُ
ص: 239
غَیْظِی مَخَافَةَ أَنْ یَسْمَعَ أَعْدَاؤُهُمْ بِالْمَدِینَةِ فَیَتَسَرَّعُوا بِالشَّمَاتَةِ فَلَمْ أَزَلْ حَافِظَةً لِلْوَقْتِ وَ الْیَوْمِ حَتَّی جَاءَ النَّاعِی یَنْعَاهُ فَحُقِّقَ مَا رَأَیْتُ (1).
«32»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ: إِنَّ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِیَادِیَ (2)
قَالَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِیِّ:
تَخَلَّفَ الْمِقْدَارُ مِنْهُمْ عُصْبَةً*** ثَارُوا بِصِفِّینَ وَ فِی یَوْمِ الْجَمَلِ
وَ الْتَزَمَ الثَّارُ الْحُسَیْنَ بَعْدَهُ*** وَ احْتَشَدُوا عَلَی ابْنِهِ حَتَّی قُتِلَ (3).
بیان: تخلّف المقدار أی جازوا قدرهم و تعدوا طورهم أو كثروا حتی لا یحیط بهم مقدار و عدد قوله ثاروا من الثوران أو من الثأر من قولهم ثأرت القتیل أی قتلت قاتله فإنهم كانوا یدّعون طلب دم عثمان و من قتل منهم فی غزوات الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و یؤیده قوله و التزم الثأر أی طلبوا الثأر بعد ذلك من الحسین علیه السلام لأجل من قتل منهم فی الجمل و صفین و غیر ذلك أو المعنی أنهم قتلوه حتی لزم ثأره.
«33»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُذَیْفَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا أُسْرِیَ بِی أَخَذَ جَبْرَئِیلُ بِیَدِی فَأَدْخَلَنِی الْجَنَّةَ وَ أَنَا مَسْرُورٌ فَإِذَا أَنَا بِشَجَرَةٍ مِنْ نُورٍ مُكَلَّلَةٍ بِالنُّورِ فِی أَصْلِهَا
ص: 240
مَلَكَانِ یَطْوِیَانِ الْحُلِیَّ وَ الْحُلَلَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامِی فَإِذَا أَنَا بِتُفَّاحٍ لَمْ أَرَ تُفَّاحاً هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ فَأَخَذْتُ وَاحِدَةً فَفَلَقْتُهَا فَخَرَجَتْ عَلَیَّ مِنْهَا حَوْرَاءُ كَأَنَّ أَجْفَانَهَا مَقَادِیمُ أَجْنِحَةِ النُّسُورِ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتِ فَبَكَتْ وَ قَالَ لِابْنِكَ الْمَقْتُولِ ظُلْماً الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامِی فَإِذَا أَنَا بِرُطَبٍ أَلْیَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ فَأَخَذْتُ رُطَبَةً فَأَكَلْتُهَا وَ أَنَا أَشْتَهِیهَا فَتَحَوَّلَتِ
الرُّطَبَةُ نُطْفَةً فِی صُلْبِی فَلَمَّا هَبَطْتُ إِلَی الْأَرْضِ وَاقَعْتُ خَدِیجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ فَفَاطِمَةُ حَوْرَاءُ إِنْسِیَّةٌ فَإِذَا اشْتَقْتُ إِلَی رَائِحَةِ الْجَنَّةِ شَمِمْتُ رَائِحَةَ ابْنَتِی فَاطِمَةَ(1).
أقول: قد مضی كثیر من الأخبار فی ذلك فی باب ولادته صلوات اللّٰه علیه (2).
«34»- وَ رُوِیَ فِی بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْمُعْتَبَرَةِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْحَدَّادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَاتِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَ جَبْرَئِیلُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ تَقْتُلُهُ یَعْنِی الْحُسَیْنَ بَعْدَكَ ثُمَّ قَالَ أَ لَا أُرِیكَ مِنْ تُرْبَتِهِ قَالَتْ فَجَاءَ بِحَصَیَاتٍ فَجَعَلَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ فِی قَارُورَةٍ فَلَمَّا كَانَ لَیْلَةُ قَتْلِ الْحُسَیْنِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ سَمِعْتُ قَائِلًا یَقُولُ:
أَیُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَیْناً*** أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِیلِ
قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَی لِسَانِ دَاوُدَ*** وَ مُوسَی وَ صَاحِبِ الْإِنْجِیلِ
قَالَتْ فَبَكَیْتُ فَفَتَحْتُ الْقَارُورَةَ فَإِذَا قَدْ حَدَثَ فِیهَا دَمٌ.
«35»- وَ رُوِیَ فِی مُؤَلَّفَاتِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ذَاتَ یَوْمٍ وَ دَخَلَ فِی أَثَرِهِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ جَلَسَا إِلَی جَانِبَیْهِ فَأَخَذَ الْحَسَنَ عَلَی رُكْبَتِهِ الْیُمْنَی وَ الْحُسَیْنَ عَلَی رُكْبَتِهِ الْیُسْرَی وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ هَذَا تَارَةً وَ هَذَا أُخْرَی
ص: 241
وَ إِذَا بِجَبْرَئِیلَ قَدْ نَزَلَ وَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُحِبُّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ فَقَالَ وَ كَیْفَ لَا أُحِبُّهُمَا وَ هُمَا رَیْحَانَتَایَ مِنَ الدُّنْیَا وَ قُرَّتَا عَیْنِی فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ عَلَیْهِمَا بِأَمْرٍ فَاصْبِرْ لَهُ فَقَالَ وَ مَا هُوَ یَا أَخِی فَقَالَ قَدْ حَكَمَ عَلَی هَذَا الْحَسَنِ أَنْ یَمُوتَ مَسْمُوماً وَ عَلَی هَذَا الْحُسَیْنِ أَنْ یَمُوتَ مَذْبُوحاً وَ إِنَّ لِكُلِّ نَبِیٍّ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً فَإِنْ شِئْتَ كَانَتْ دَعْوَتُكَ لِوَلَدَیْكَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ یُسَلِّمَهُمَا مِنَ السَّمِّ وَ الْقَتْلِ وَ إِنْ شِئْتَ كَانَتْ مُصِیبَتُهُمَا ذَخِیرَةً فِی شَفَاعَتِكَ لِلْعُصَاةِ مِنْ أُمَّتِكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ أَنَا رَاضٍ بِحُكْمِ رَبِّی لَا أُرِیدُ إِلَّا مَا یُرِیدُهُ وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ دَعْوَتِی ذَخِیرَةً لِشَفَاعَتِی فِی الْعُصَاةِ مِنْ أُمَّتِی وَ یَقْضِیَ اللَّهُ فِی وَلَدَیَّ مَا یَشَاءُ.
«36»- وَ رُوِیَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ یَوْماً مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مَارّاً فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ وَ إِذَا هُمْ بِصِبْیَانٍ یَلْعَبُونَ فِی ذَلِكَ الطَّرِیقِ فَجَلَسَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَ صَبِیٍّ مِنْهُمْ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ یُلَاطِفُهُ ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَی حَجْرِهِ وَ كَانَ یُكْثِرُ تَقْبِیلَهُ فَسُئِلَ عَنْ عِلَّةِ ذَلِكَ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی رَأَیْتُ هَذَا الصَّبِیَّ یَوْماً یَلْعَبُ مَعَ الْحُسَیْنِ وَ رَأَیْتُهُ یَرْفَعُ التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَیْهِ وَ یَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ وَ عَیْنَیْهِ فَأَنَا أُحِبُّهُ لِحُبِّهِ لِوَلَدِیَ الْحُسَیْنِ وَ لَقَدْ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ أَنَّهُ یَكُونُ مِنْ أَنْصَارِهِ فِی وَقْعَةِ كَرْبَلَاءَ.
«37»- وَ رُوِیَ مُرْسَلًا: أَنَّ آدَمَ لَمَّا هَبَطَ إِلَی الْأَرْضِ لَمْ یَرَ حَوَّاءَ فَصَارَ یَطُوفُ الْأَرْضَ فِی طَلَبِهَا فَمَرَّ بِكَرْبَلَاءَ فَاغْتَمَّ وَ ضَاقَ صَدْرُهُ مِنْ غَیْرِ سَبَبٍ وَ عَثَرَ فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ الْحُسَیْنُ حَتَّی سَالَ الدَّمُ مِنْ رِجْلِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ إِلَهِی هَلْ حَدَثَ مِنِّی ذَنْبٌ آخَرُ فَعَاقَبْتَنِی بِهِ فَإِنِّی طُفْتُ جَمِیعَ الْأَرْضِ وَ مَا أَصَابَنِی سُوءٌ مِثْلُ مَا أَصَابَنِی فِی هَذِهِ الْأَرْضِ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَیْهِ یَا آدَمُ مَا حَدَثَ مِنْكَ ذَنْبٌ وَ لَكِنْ یُقْتَلُ فِی هَذِهِ الْأَرْضِ وَلَدُكَ الْحُسَیْنُ ظُلْماً فَسَالَ دَمُكَ مُوَافَقَةً لِدَمِهِ فَقَالَ آدَمُ یَا رَبِّ أَ یَكُونُ الْحُسَیْنُ نَبِیّاً قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ سِبْطُ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ فَقَالَ وَ مَنِ الْقَاتِلُ لَهُ قَالَ قَاتِلُهُ یَزِیدُ لَعِینُ
ص: 242
أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَقَالَ آدَمُ فَأَیُّ شَیْ ءٍ أَصْنَعُ یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ الْعَنْهُ یَا آدَمُ فَلَعَنَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَ مَشَی خُطُوَاتٍ إِلَی جَبَلِ عَرَفَاتٍ فَوَجَدَ حَوَّاءَ هُنَاكَ.
«38»- وَ رُوِیَ: أَنَّ نُوحاً لَمَّا رَكِبَ فِی السَّفِینَةِ طَافَتْ بِهِ جَمِیعَ الدُّنْیَا فَلَمَّا مَرَّتْ بِكَرْبَلَاءَ أَخَذَتْهُ الْأَرْضُ وَ خَافَ نُوحٌ الْغَرَقَ فَدَعَا رَبَّهُ وَ قَالَ إِلَهِی طُفْتُ جَمِیعَ الدُّنْیَا وَ مَا أَصَابَنِی فَزَعٌ مِثْلُ مَا أَصَابَنِی فِی هَذِهِ الْأَرْضِ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ یَا نُوحُ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ یُقْتَلُ الْحُسَیْنُ سِبْطُ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْأَنْبِیَاءِ وَ ابْنِ خَاتَمِ الْأَوْصِیَاءِ فَقَالَ وَ مَنِ الْقَاتِلُ لَهُ یَا جَبْرَئِیلُ قَالَ قَاتِلُهُ لَعِینُ أَهْلِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَ سَبْعِ أَرَضِینَ فَلَعَنَهُ نُوحٌ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَسَارَتِ السَّفِینَةُ حَتَّی بَلَغَتِ الْجُودِیَّ وَ اسْتَقَرَّتْ عَلَیْهِ.
«39»- وَ رُوِیَ: أَنَّ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام مَرَّ فِی أَرْضِ كَرْبَلَاءَ وَ هُوَ رَاكِبٌ فَرَساً فَعَثَرَتْ بِهِ وَ سَقَطَ إِبْرَاهِیمُ وَ شُجَّ رَأْسُهُ وَ سَالَ دَمُهُ فَأَخَذَ فِی الِاسْتِغْفَارِ وَ قَالَ إِلَهِی أَیُّ شَیْ ءٍ حَدَثَ مِنِّی فَنَزَلَ إِلَیْهِ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ مَا حَدَثَ مِنْكَ ذَنْبٌ وَ لَكِنْ هُنَا یُقْتَلُ سِبْطُ خَاتَمِ الْأَنْبِیَاءِ وَ ابْنُ خَاتَمِ الْأَوْصِیَاءِ فَسَالَ دَمُكَ مُوَافَقَةً لِدَمِهِ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ وَ مَنْ یَكُونُ قَاتِلُهُ قَالَ لَعِینُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ وَ الْقَلَمُ جَرَی عَلَی اللَّوْحِ بِلَعْنِهِ بِغَیْرِ إِذْنِ رَبِّهِ فَأَوْحَی اللَّهُ تَعَالَی إِلَی الْقَلَمِ أَنَّكَ اسْتَحْقَقْتَ الثَّنَاءَ بِهَذَا اللَّعْنِ فَرَفَعَ إِبْرَاهِیمُ علیه السلام یَدَیْهِ وَ لَعَنَ یَزِیدَ لَعْناً كَثِیراً وَ أَمَّنَ فَرَسُهُ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ فَقَالَ إِبْرَاهِیمُ لِفَرَسِهِ أَیَّ شَیْ ءٍ عَرَفْتَ حَتَّی تُؤَمِّنُ عَلَی دُعَائِی فَقَالَ یَا إِبْرَاهِیمُ أَنَا أَفْتَخِرُ بِرُكُوبِكَ عَلَیَّ فَلَمَّا عَثَرْتُ وَ سَقَطْتَ عَنْ ظَهْرِی عَظُمَتْ خَجْلَتِی وَ كَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مِنْ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَی.
«40»- وَ رُوِیَ: أَنَّ إِسْمَاعِیلَ كَانَتْ أَغْنَامُهُ تَرْعَی بِشَطِّ الْفُرَاتِ فَأَخْبَرَهُ الرَّاعِی أَنَّهَا لَا تَشْرَبُ الْمَاءَ مِنْ هَذِهِ الْمَشْرَعَةِ مُنْذُ كَذَا یَوْماً فَسَأَلَ رَبَّهُ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ یَا إِسْمَاعِیلُ سَلْ غَنَمَكَ فَإِنَّهَا تُجِیبُكَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا لِمَ لَا تَشْرَبِینَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَقَالَتْ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ وَلَدَكَ الْحُسَیْنَ علیه السلام سِبْطَ مُحَمَّدٍ یُقْتَلُ هُنَا عَطْشَاناً فَنَحْنُ لَا نَشْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْمَشْرَعَةِ حَزَناً عَلَیْهِ فَسَأَلَهَا عَنْ قَاتِلِهِ
ص: 243
فَقَالَتْ یَقْتُلُهُ لَعِینُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ وَ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِینَ فَقَالَ إِسْمَاعِیلُ اللَّهُمَّ الْعَنْ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام.
«41»- وَ رُوِیَ: أَنَّ مُوسَی كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ سَائِراً وَ مَعَهُ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَلَمَّا جَاءَ إِلَی أَرْضِ كَرْبَلَاءَ انْخَرَقَ نَعْلُهُ وَ انْقَطَعَ شِرَاكُهُ وَ دَخَلَ الْخَسَكُ فِی رِجْلَیْهِ وَ سَالَ دَمُهُ فَقَالَ إِلَهِی أَیُّ شَیْ ءٍ حَدَثَ مِنِّی فَأَوْحَی إِلَیْهِ أَنَّ هُنَا یُقْتَلُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ هُنَا یُسْفَكُ دَمُهُ فَسَالَ دَمُكَ مُوَافَقَةً لِدَمِهِ فَقَالَ رَبِّ وَ مَنْ یَكُونُ الْحُسَیْنُ فَقِیلَ لَهُ هُوَ سِبْطُ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی وَ ابْنُ عَلِیٍّ الْمُرْتَضَی فَقَالَ وَ مَنْ یَكُونُ قَاتِلُهُ فَقِیلَ هُوَ لَعِینُ السَّمَكِ فِی الْبِحَارِ وَ الْوُحُوشِ فِی الْقِفَارِ وَ الطَّیْرِ فِی الْهَوَاءِ فَرَفَعَ مُوسَی یَدَیْهِ وَ لَعَنَ یَزِیدَ وَ دَعَا عَلَیْهِ وَ أَمَّنَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ عَلَی دُعَائِهِ وَ مَضَی لِشَأْنِهِ.
«42»- وَ رُوِیَ: أَنَّ سُلَیْمَانَ كَانَ یَجْلِسُ عَلَی بِسَاطِهِ وَ یَسِیرُ فِی الْهَوَاءِ فَمَرَّ ذَاتَ یَوْمٍ وَ هُوَ سَائِرٌ فِی أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فَأَدَارَتِ الرِّیحُ بِسَاطَهُ ثَلَاثَ دَوْرَاتٍ حَتَّی خَافَ السُّقُوطَ فَسَكَنَتِ الرِّیحُ وَ نَزَلَ الْبِسَاطُ فِی أَرْضِ كَرْبَلَاءَ فَقَالَ سُلَیْمَانُ لِلرِّیحِ لِمَ سَكَنْتِی فَقَالَتْ إِنَّ هُنَا یُقْتَلُ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَالَ وَ مَنْ یَكُونُ الْحُسَیْنُ فَقَالَتْ هُوَ سِبْطُ مُحَمَّدٍ الْمُخْتَارِ وَ ابْنُ عَلِیٍّ الْكَرَّارِ فَقَالَ وَ مَنْ قَاتِلُهُ قَالَتْ لَعِینُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ یَزِیدُ فَرَفَعَ سُلَیْمَانُ یَدَیْهِ وَ لَعَنَهُ وَ دَعَا عَلَیْهِ وَ أَمَّنَ عَلَی دُعَائِهِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ فَهَبَّتِ الرِّیحُ وَ سَارَ الْبِسَاطُ.
«43»- وَ رُوِیَ: أَنَّ عِیسَی كَانَ سَائِحاً فِی الْبَرَارِی وَ مَعَهُ الْحَوَارِیُّونَ فَمَرُّوا بِكَرْبَلَاءَ فَرَأَوْا أَسَداً كَاسِراً(1) قَدْ أَخَذَ الطَّرِیقَ فَتَقَدَّمَ عِیسَی إِلَی الْأَسَدِ فَقَالَ لَهُ لِمَ جَلَسْتَ فِی هَذَا الطَّرِیقِ وَ قَالَ لَا تَدَعُنَا نَمُرُّ فِیهِ فَقَالَ الْأَسَدُ بِلِسَانٍ فَصِیحٍ إِنِّی لَمْ أَدَعْ لَكُمُ الطَّرِیقَ حَتَّی تَلْعَنُوا یَزِیدَ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ عِیسَی علیه السلام وَ مَنْ یَكُونُ الْحُسَیْنُ قَالَ هُوَ سِبْطُ مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ وَ ابْنُ عَلِیٍّ الْوَلِیِّ قَالَ وَ مَنْ قَاتِلُهُ قَالَ قَاتِلُهُ لَعِینُ الْوُحُوشِ وَ الذُّبَابِ وَ السِّبَاعِ أَجْمَعَ خُصُوصاً أَیَّامَ عَاشُورَاءَ فَرَفَعَ عِیسَی یَدَیْهِ وَ لَعَنَ یَزِیدَ وَ دَعَا عَلَیْهِ وَ أَمَّنَ الْحَوَارِیُّونَ عَلَی دُعَائِهِ فَتَنَحَّی الْأَسَدُ
ص: 244
عَنْ طَرِیقِهِمْ وَ مَضَوْا لِشَأْنِهِمْ.
«44»- وَ رَوَی صَاحِبُ الدُّرِّ الثَّمِینِ: فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی- فَتَلَقَّی آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ (1) أَنَّهُ رَأَی سَاقَ الْعَرْشِ وَ أَسْمَاءَ النَّبِیِّ وَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام فَلَقَّنَهُ جَبْرَئِیلُ قُلْ یَا حَمِیدُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ یَا عَالِی بِحَقِّ عَلِیٍّ یَا فَاطِرُ بِحَقِّ فَاطِمَةَ یَا مُحْسِنُ بِحَقِّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ مِنْكَ الْإِحْسَانُ فَلَمَّا ذَكَرَ الْحُسَیْنَ سَالَتْ دُمُوعُهُ وَ انْخَشَعَ قَلْبُهُ وَ قَالَ یَا أَخِی جَبْرَئِیلُ فِی ذِكْرِ الْخَامِسِ یَنْكَسِرُ قَلْبِی وَ تَسِیلُ عَبْرَتِی قَالَ جَبْرَئِیلُ وَلَدُكَ هَذَا یُصَابُ بِمُصِیبَةٍ تَصْغُرُ عِنْدَهَا الْمَصَائِبُ فَقَالَ یَا أَخِی وَ مَا هِیَ قَالَ یُقْتَلُ عَطْشَاناً غَرِیباً وَحِیداً فَرِیداً لَیْسَ لَهُ نَاصِرٌ وَ لَا مُعِینٌ وَ لَوْ تَرَاهُ یَا آدَمُ وَ هُوَ یَقُولُ وَا عَطَشَاهْ وَا قِلَّةَ نَاصِرَاهْ حَتَّی یَحُولَ الْعَطَشُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ السَّمَاءِ كَالدُّخَانِ فَلَمْ یُجِبْهُ أَحَدٌ إِلَّا بِالسُّیُوفِ وَ شُرْبِ الْحُتُوفِ فَیُذْبَحُ ذَبْحَ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهُ وَ یَنْهَبُ رَحْلَهُ أَعْدَاؤُهُ وَ تُشْهَرُ رُءُوسُهُمْ هُوَ وَ أَنْصَارُهُ فِی الْبُلْدَانِ وَ مَعَهُمُ النِّسْوَانُ كَذَلِكَ سَبَقَ فِی عِلْمِ الْوَاحِدِ الْمَنَّانِ فَبَكَی آدَمُ وَ جَبْرَئِیلُ بُكَاءَ الثَّكْلَی.
«45»- وَ رُوِیَ عَنْ بَعْضِ الثِّقَاتِ الْأَخْیَارِ: أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام دَخَلَا یَوْمَ عِیدٍ إِلَی حُجْرَةِ جَدِّهِمَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالا یَا جَدَّاهْ الْیَوْمُ یَوْمُ الْعِیدِ وَ قَدْ تَزَیَّنَ أَوْلَادُ الْعَرَبِ بِأَلْوَانِ اللِّبَاسِ وَ لَبِسُوا جَدِیدَ الثِّیَابِ وَ لَیْسَ لَنَا ثَوْبٌ جَدِیدٌ وَ قَدْ تَوَجَّهْنَا لِذَلِكَ إِلَیْكَ فَتَأَمَّلَ النَّبِیُّ حَالَهُمَا وَ بَكَی وَ لَمْ یَكُنْ عِنْدَهُ فِی الْبَیْتِ ثِیَابٌ یَلِیقُ بِهِمَا وَ لَا رَأَی أَنْ یَمْنَعَهُمَا فَیَكْسِرَ خَاطِرَهُمَا فَدَعَا رَبَّهُ وَ قَالَ إِلَهِی اجْبُرْ قَلْبَهُمَا وَ قَلْبَ أُمِّهِمَا فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ وَ مَعَهُ حُلَّتَانِ بَیْضَاوَانِ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ فَسُرَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لَهُمَا یَا سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خُذَا أَثْوَاباً خَاطَهَا خَیَّاطُ الْقُدْرَةِ عَلَی قَدْرِ طُولِكُمَا فَلَمَّا رَأَیَا الْخِلَعَ بِیضاً قَالا یَا جَدَّاهْ كَیْفَ هَذَا وَ جَمِیعُ صِبْیَانِ الْعَرَبِ لَابِسُونَ أَلْوَانَ الثِّیَابِ فَأَطْرَقَ النَّبِیُّ سَاعَةً مُتَفَكِّراً فِی أَمْرِهِمَا
ص: 245
فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا مُحَمَّدُ طِبْ نَفْساً وَ قَرَّ عَیْناً إِنَّ صَابِغَ صِبْغَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْضِی لَهُمَا هَذَا الْأَمْرَ وَ یُفَرِّحُ قُلُوبَهُمَا بِأَیِّ لَوْنٍ شَاءَا فَأْمُرْ یَا مُحَمَّدُ بِإِحْضَارِ الطَّسْتِ وَ الْإِبْرِیقِ فَأُحْضِرَا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَصُبُّ الْمَاءَ عَلَی هَذِهِ الْخِلَعِ وَ أَنْتَ تَفْرُكُهُمَا بِیَدِكَ فَتُصْبَغُ لَهُمَا بِأَیِّ لَوْنٍ شَاءَا فَوَضَعَ النَّبِیُّ حُلَّةَ الْحَسَنِ فِی الطَّسْتِ فَأَخَذَ جَبْرَئِیلُ یَصُبُّ الْمَاءَ ثُمَّ أَقْبَلَ النَّبِیُّ عَلَی الْحَسَنِ وَ قَالَ لَهُ یَا قُرَّةَ عَیْنِی بِأَیِّ لَوْنٍ تُرِیدُ حُلَّتَكَ فَقَالَ أُرِیدُهَا خَضْرَاءَ فَفَرَكَهَا النَّبِیُّ بِیَدِهِ فِی ذَلِكَ الْمَاءِ فَأَخَذَتْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ لَوْناً أَخْضَرَ فَائِقاً كَالزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ فَأَخْرَجَهَا النَّبِیُّ وَ أَعْطَاهَا الْحَسَنَ فَلَبِسَهَا ثُمَّ وَضَعَ حُلَّةَ الْحُسَیْنِ فِی الطَّسْتِ وَ أَخَذَ جَبْرَئِیلُ یَصُبُّ الْمَاءَ فَالْتَفَتَ النَّبِیُّ إِلَی نَحْوِ الْحُسَیْنِ وَ كَانَ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ خَمْسُ سِنِینَ وَ قَالَ لَهُ یَا قُرَّةَ عَیْنِی أَیَّ لَوْنٍ تُرِیدُ حُلَّتَكَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ یَا جَدُّ أُرِیدُهَا حَمْرَاءَ فَفَرَكَهَا النَّبِیُّ بِیَدِهِ فِی ذَلِكَ الْمَاءِ فَصَارَتْ حَمْرَاءَ كَالْیَاقُوتِ الْأَحْمَرِ فَلَبِسَهَا الْحُسَیْنُ فَسُرَّ النَّبِیُّ بِذَلِكَ وَ تَوَجَّهَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ إِلَی أُمِّهِمَا فَرِحَیْنِ مَسْرُورَیْنِ فَبَكَی جَبْرَئِیلُ علیه السلام لَمَّا شَاهَدَ تِلْكَ الْحَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ یَا أَخِی جَبْرَئِیلُ فِی مِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ الَّذِی فَرِحَ فِیهِ وَلَدَایَ تَبْكِی وَ تَحْزَنُ فَبِاللَّهِ عَلَیْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِی فَقَالَ جَبْرَئِیلُ اعْلَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّ اخْتِیَارَ ابْنَیْكَ عَلَی اخْتِلَافِ اللَّوْنِ فَلَا بُدَّ لِلْحَسَنِ أَنْ یَسْقُوهُ السَّمَّ وَ یَخْضَرَّ لَوْنُ جَسَدِهِ مِنْ عِظَمِ السَّمِّ وَ لَا بُدَّ لِلْحُسَیْنِ أَنْ یَقْتُلُوهُ وَ یَذْبَحُوهُ وَ یُخْضَبَ بَدَنُهُ مِنْ دَمِهِ فَبَكَی النَّبِیُّ وَ زَادَ حُزْنُهُ لِذَلِكَ.
«46»- أَقُولُ وَ رَوَی الشَّیْخُ جَعْفَرُ بْنُ نَمَا فِی مُثِیرِ الْأَحْزَانِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَوْجَةِ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ هِیَ أُمُّ الْفَضْلِ لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ قَالَتْ: رَأَیْتُ فِی النَّوْمِ قَبْلَ مَوْلِدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ قُطِعَتْ وَ وُضِعَتْ فِی حَجْرِی فَقَصَصْتُ الرُّؤْیَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْیَاكِ فَإِنَّ فَاطِمَةَ سَتَلِدُ غُلَاماً وَ أَدْفَعُهُ إِلَیْكِ لِتُرْضِعِیهِ فَجَرَی الْأَمْرُ عَلَی ذَلِكَ فَجِئْتُ بِهِ یَوْماً فَوَضَعْتُهُ فِی حَجْرِی فَبَالَ فَقَطَرَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ عَلَی ثَوْبِهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَرَصْتُهُ فَبَكَی.
ص: 246
فَقَالَ كَالْمُغْضَبِ مَهْلًا یَا أُمَّ الْفَضْلِ فَهَذَا ثَوْبِی یُغْسَلُ وَ قَدْ أَوْجَعْتِ ابْنِی قَالَتْ فَتَرَكْتُهُ وَ مَضَیْتُ لآَتِیَهُ بِمَاءٍ فَجِئْتُ فَوَجَدْتُهُ صلی اللّٰه علیه و آله یَبْكِی فَقُلْتُ مِمَّ بُكَاؤُكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ جَبْرَئِیلَ أَتَانِی وَ أَخْبَرَنِی أَنَّ أُمَّتِی تَقْتُلُ وَلَدِی هَذَا(1)
قَالَ وَ قَالَ أَصْحَابُ الْحَدِیثِ فَلَمَّا أَتَتْ عَلَی الْحُسَیْنِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ هَبَطَ عَلَی النَّبِیِّ اثْنَا عَشَرَ مَلَكاً عَلَی صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ أَحَدُهُمْ عَلَی صُورَةِ بَنِی آدَمَ یُعَزُّونَهُ وَ یَقُولُونَ إِنَّهُ سَیَنْزِلُ بِوَلَدِكَ الْحُسَیْنِ بْنِ فَاطِمَةَ مَا نَزَلَ بِهَابِیلَ مِنْ قَابِیلَ وَ سَیُعْطَی مِثْلَ أَجْرِ هَابِیلَ وَ یُحْمَلُ عَلَی قَاتِلِهِ مِثْلُ وِزْرِ قَابِیلَ وَ لَمْ یَبْقَ مَلَكٌ إِلَّا نَزَلَ إِلَی النَّبِیِّ یُعَزُّونَهُ وَ النَّبِیُّ یَقُولُ اللَّهُمَّ اخْذُلْ خَاذِلَهُ وَ اقْتُلْ قَاتِلَهُ وَ لَا تُمَتِّعْهُ بِمَا طَلَبَهَ.
وَ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِی سُحَیْمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ: إِنَّ ابْنِی هَذَا یُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْیَنْصُرْهُ فَحَضَرَ أَنَسٌ مَعَ الْحُسَیْنِ كَرْبَلَاءَ وَ قُتِلَ مَعَهُ.
وَ رُوِّیتُ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الْجَیْشِ عَنْ شَیْخِهِ أَبِی الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْجَوْزِیِّ عَنْ رِجَالِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ الْحُسَیْنُ عَلَی النَّبِیِّ وَ هُوَ غُلَامٌ یَدْرُجُ فَقَالَ أَیْ عَائِشَةُ أَ لَا أُعَجِّبُكِ لَقَدْ دَخَلَ عَلَیَّ آنِفاً مَلَكٌ مَا دَخَلَ عَلَیَّ قَطُّ فَقَالَ إِنَّ ابْنَكَ هَذَا مَقْتُولٌ وَ إِنْ شِئْتَ أَرَیْتُكَ مِنْ تُرْبَتِهِ الَّتِی یُقْتَلُ بِهَا فَتَنَاوَلَ تُرَاباً أَحْمَرَ فَأَخَذَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَخَزَنَتْهُ فِی قَارُورَةٍ فَأَخْرَجَتْهُ یَوْمَ قُتِلَ وَ هُوَ دَمٌ.
وَ رُوِیَ مِثْلُ هَذَا عَنْ زَیْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ.
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ عَلِیٍّ إِلَی صِفِّینَ فَلَمَّا حَاذَی نَیْنَوَی نَادَی صَبْراً یَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ دَخَلْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ وَ عَیْنَاهُ تَفِیضَانِ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِعَیْنَیْكَ تَفِیضَانِ أَغْضَبَكَ أَحَدٌ قَالَ لَا بَلْ كَانَ عِنْدِی جَبْرَئِیلُ فَأَخْبَرَنِی أَنَّ الْحُسَیْنَ یُقْتَلُ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قَالَ هَلْ لَكَ أَنْ أُشِمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ قُلْتُ نَعَمْ فَمَدَّ یَدَهُ فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِیهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَیْنِی أَنْ
ص: 247
فَاضَتَا وَ اسْمُ الْأَرْضِ كَرْبَلَاءُ.
فَلَمَّا أَتَتْ عَلَیْهِ سَنَتَانِ خَرَجَ النَّبِیُّ إِلَی سَفَرٍ فَوَقَفَ فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ وَ اسْتَرْجَعَ وَ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا جَبْرَئِیلُ یُخْبِرُنِی عَنْ أَرْضٍ بِشَطِّ الْفُرَاتِ یُقَالُ لَهَا كَرْبَلَاءُ یُقْتَلُ فِیهَا وَلَدِیَ الْحُسَیْنُ وَ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ إِلَی مَصْرَعِهِ وَ مَدْفَنِهِ بِهَا وَ كَأَنِّی أَنْظُرُ عَلَی السَّبَایَا عَلَی أَقْتَابِ الْمَطَایَا وَ قَدْ أُهْدِیَ رَأْسُ وَلَدِیَ الْحُسَیْنِ إِلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَوَ اللَّهِ مَا یَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ وَ یَفْرَحُ إِلَّا خَالَفَ اللَّهُ بَیْنَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ عَذَّبَهُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِیماً.
ثُمَّ رَجَعَ النَّبِیُّ مِنْ سَفَرِهِ مَغْمُوماً مَهْمُوماً كَئِیباً حَزِیناً فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ أَصْعَدَ مَعَهُ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ خَطَبَ وَ وَعَظَ النَّاسَ- فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَضَعَ یَدَهُ الْیُمْنَی عَلَی رَأْسِ الْحَسَنِ وَ یَدَهُ الْیُسْرَی عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ وَ هَذَانِ أَطَایِبُ عِتْرَتِی وَ خِیَارُ أَرُومَتِی وَ أَفْضَلُ ذُرِّیَّتِی وَ مَنْ أُخَلِّفُهُمَا فِی أُمَّتِی وَ قَدْ أَخْبَرَنِی جَبْرَئِیلُ أَنَّ وَلَدِی هَذَا مَقْتُولٌ بِالسَّمِّ وَ الْآخَرُ شَهِیدٌ مُضَرَّجٌ بِالدَّمِ اللَّهُمَّ فَبَارِكْ لَهُ فِی قَتْلِهِ وَ اجْعَلْهُ مِنْ سَادَاتِ الشُّهَدَاءِ اللَّهُمَّ وَ لَا تُبَارِكْ فِی قَاتِلِهِ وَ خَاذِلِهِ وَ أَصْلِهِ حَرَّ نَارِكَ وَ احْشُرْهُ فِی أَسْفَلِ دَرْكِ الْجَحِیمِ قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ الْعَوِیلِ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِیُّ أَیُّهَا الِنَّاسُ أَ تَبْكُونَهُ وَ لَا تَنْصُرُونَهُ اللَّهُمَّ فَكُنْ أَنْتَ لَهُ وَلِیّاً وَ نَاصِراً ثُمَّ قَالَ یَا قَوْمِ إِنِّی مُخَلِّفٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ- كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی وَ أَرُومَتِی وَ مِزَاجَ مَائِی وَ ثَمَرَةَ فُؤَادِی وَ مُهْجَتِی لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ أَلَا وَ إِنِّی لَا أَسْأَلُكُمْ فِی ذَلِكَ إِلَّا مَا أَمَرَنِی رَبِّی أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْهُ أَسْأَلُكُمْ عَنِ الْمَوَدَّةِ فِی الْقُرْبَی وَ احْذَرُوا أَنْ تَلْقَوْنِی غَداً عَلَی الْحَوْضِ وَ قَدْ آذَیْتُمْ عِتْرَتِی وَ قَتَلْتُمْ أَهْلَ بَیْتِی وَ ظَلَمْتُمُوهُمْ أَلَا إِنَّهُ سَیَرِدُ عَلَیَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثَلَاثُ رَایَاتٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ- الْأُولَی رَایَةٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ قَدْ فَزِعَتْ مِنْهَا الْمَلَائِكَةُ فَتَقِفُ عَلَیَّ فَأَقُولُ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ فَیَنْسَوْنَ ذِكْرِی وَ یَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ التَّوْحِیدِ مِنَ الْعَرَبِ فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا أَحْمَدُ نَبِیُّ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فَیَقُولُونَ:
ص: 248
نَحْنُ مِنْ أُمَّتِكَ فَأَقُولُ كَیْفَ خَلَفْتُمُونِی مِنْ بَعْدِی فِی أَهْلِ بَیْتِی وَ عِتْرَتِی وَ كِتَابِ رَبِّی فَیَقُولُونَ أَمَّا الْكِتَابُ فَضَیَّعْنَاهُ وَ أَمَّا الْعِتْرَةُ فَحَرَصْنَا أَنْ نُبِیدَهُمْ عَنْ جَدِیدِ الْأَرْضِ فَلَمَّا أَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أُعْرِضُ عَنْهُمْ وَجْهِی فَیَصْدِرُونَ عِطَاشاً مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ ثُمَّ تَرِدُ عَلَیَّ رَایَةٌ أُخْرَی أَشَدُّ سَوَاداً مِنَ الْأُولَی فَأَقُولُ لَهُمْ كَیْفَ خَلَفْتُمُونِی مِنْ بَعْدِی فِی الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی فَیَقُولُونَ أَمَّا الْأَكْبَرُ فَخَالَفْنَاهُ وَ أَمَّا الْأَصْغَرُ فَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ فَأَقُولُ إِلَیْكُمْ عَنِّی فَیَصْدِرُونَ عِطَاشاً مُسْوَدَّةً وُجُوهُهُمْ ثُمَّ تَرِدُ عَلَیَّ رَایَةٌ تَلْمَعُ وُجُوهُهُمْ نُوراً فَأَقُولُ لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ فَیَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ كَلِمَةِ التَّوْحِیدِ وَ التَّقْوَی مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی وَ نَحْنُ بَقِیَّةُ أَهْلِ الْحَقِّ حَمَلْنَا كِتَابَ رَبِّنَا وَ حَلَّلْنَا حَلَالَهُ وَ حَرَّمْنَا حَرَامَهُ وَ أَحْبَبْنَا ذُرِّیَّةَ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ وَ نَصَرْنَاهُمْ مِنْ كُلِّ مَا نَصَرْنَا بِهِ أَنْفُسَنَا وَ قَاتَلْنَا مَعَهُمْ مَنْ نَاوَاهُمْ فَأَقُولُ لَهُمْ أَبْشِرُوا فَأَنَا نَبِیُّكُمْ مُحَمَّدٌ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ فِی الدُّنْیَا كَمَا قُلْتُمْ ثُمَّ أُسْقِیهِمْ مِنْ حَوْضِی فَیَصْدِرُونَ مَرْوِیِّینَ مُسْتَبْشِرِینَ ثُمَّ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ خَالِدِینَ فِیهَا أَبَدَ الْآبِدِینَ.
ص: 249
«1»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام قَالَ حَدَّثَنِی أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ الْخَثْعَمِیَّةُ قَالَتْ: قَبِلْتُ (1) جَدَّتَكَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ قَالَتْ فَلَمَّا وَلَدَتِ الْحَسَنَ جَاءَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا أَسْمَاءُ هَاتِی ابْنِی قَالَتْ فَدَفَعْتُهُ إِلَیْهِ فِی خِرْقَةٍ صَفْرَاءَ فَرَمَی بِهَا وَ قَالَ أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْكُمْ أَنْ لَا تَلُفُّوا الْمَوْلُودَ فِی خِرْقَةٍ صَفْرَاءَ وَ دَعَا بِخِرْقَةٍ بَیْضَاءَ فَلَفَّهُ بِهَا ثُمَّ أَذَّنَ فِی أُذُنِهِ الْیُمْنَی وَ أَقَامَ فِی أُذُنِهِ الْیُسْرَی وَ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام بِمَا سَمَّیْتَ ابْنِی هَذَا قَالَ مَا كُنْتُ لِأَسْبِقَكَ بِاسْمِهِ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَ أَنَا مَا كُنْتُ لِأَسْبِقَ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ فَهَبَطَ جَبْرَئِیلُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ یَا مُحَمَّدُ عَلِیٌّ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدَكَ فَسَمِّ ابْنَكَ بِاسْمِ ابْنِ هَارُونَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا اسْمُ ابْنِ هَارُونَ قَالَ جَبْرَئِیلُ شَبَّرُ قَالَ وَ مَا شَبَّرُ قَالَ الْحَسَنُ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَسَمَّاهُ الْحَسَنَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَلَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَیْنَ علیه السلام نَفِسْتُهَا بِهِ فَجَاءَنِی النَّبِیُّ فَقَالَ هلم [هَلُمِّی] ابْنِی یَا أَسْمَاءُ فَدَفَعْتُهُ إِلَیْهِ فِی خِرْقَةٍ بَیْضَاءَ فَفَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِالْحَسَنِ قَالَتْ وَ بَكَی رَسُولُ اللَّهِ
ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ سَیَكُونُ لَكِ حَدِیثٌ اللَّهُمَّ الْعَنْ قَاتِلَهُ لَا تُعْلِمِی فَاطِمَةَ بِذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ فَلَمَّا كَانَ فِی یَوْمِ سَابِعِهِ جَاءَنِی النَّبِیُّ فَقَالَ هَلُمِّی ابْنِی فَأَتَیْتُهُ
ص: 250
بِهِ فَفَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِالْحَسَنِ وَ عَقَّ عَنْهُ كَمَا عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ كَبْشاً أَمْلَحَ (1) وَ أَعْطَی الْقَابِلَةَ الْوَرِكَ وَ رِجْلًا وَ حَلَقَ رَأْسَهُ وَ تَصَدَّقَ بِوَزْنِ الشَّعْرِ وَرِقاً وَ خَلَّقَ رَأْسَهُ بِالْخَلُوقِ وَ قَالَ إِنَّ الدَّمَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِیَّةِ(2) قَالَتْ ثُمَّ وَضَعَهُ فِی حَجْرِهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَزِیزٌ عَلَیَّ ثُمَّ بَكَی فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی فَعَلْتَ فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ فِی الْیَوْمِ الْأَوَّلِ فَمَا هُوَ قَالَ أَبْكِی عَلَی ابْنِی هَذَا تَقْتُلُهُ فِئَةٌ بَاغِیَةٌ كَافِرَةٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِی یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَقْتُلُهُ رَجُلٌ یَثْلِمُ الدِّینَ وَ یَكْفُرُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ فِیهِمَا مَا سَأَلَكَ إِبْرَاهِیمُ فِی ذُرِّیَّتِهِ اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا وَ أَحِبَّ مَنْ یُحِبُّهُمَا وَ الْعَنْ مَنْ یُبْغِضُهُمَا مِلْ ءَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ (3).
ص: 251
بیان: نفستها به لعل المعنی كنت قابلتها و إن لم یرد بهذا المعنی فیما عندنا من اللغة و یحتمل أن یكون من نفس به بالكسر بمعنی ضن أی ضننت به و أخذته منها و خلقه تخلیقا طیبة.
قوله صلی اللّٰه علیه و آله عزیز علی أی قتلك قال الجزری عز علی یعز أن أراك بحال سیئة أی یشتدّ و یشق علی.
«2»- لی، [الأمالی] للصدوق السِّنَانِیُّ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنِ ابْنِ بُهْلُولٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ الْحُصَیْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی خَرْجَتِهِ إِلَی صِفِّینَ فَلَمَّا نَزَلَ بِنَیْنَوَی وَ هُوَ بِشَطِّ الْفُرَاتِ قَالَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَ تَعْرِفُ هَذَا الْمَوْضِعَ قُلْتُ لَهُ مَا أَعْرِفُهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام لَوْ عَرَفْتَهُ كَمَعْرِفَتِی لَمْ تَكُنْ تَجُوزُهُ حَتَّی تَبْكِیَ كَبُكَائِی قَالَ فَبَكَی طَوِیلًا حَتَّی اخْضَلَّتْ لِحْیَتُهُ وَ سَالَتِ الدُّمُوعُ عَلَی صَدْرِهِ وَ بَكَیْنَا مَعاً وَ هُوَ یَقُولُ أَوْهِ أَوْهِ مَا لِی وَ لِآلِ أَبِی سُفْیَانَ مَا لِی وَ لآِلِ حَرْبٍ حِزْبِ الشَّیْطَانِ وَ أَوْلِیَاءِ الْكُفْرِ صَبْراً یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَدْ لَقِیَ أَبُوكَ مِثْلَ الَّذِی تَلْقَی مِنْهُمْ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ فَصَلَّی مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یُصَلِّیَ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنَّهُ نَعَسَ عِنْدَ انْقِضَاءِ صَلَاتِهِ وَ كَلَامِهِ سَاعَةً ثُمَّ انْتَبَهَ فَقَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ هَا أَنَا ذَا فَقَالَ أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِمَا رَأَیْتُ فِی مَنَامِی آنِفاً عِنْدَ رَقْدَتِی فَقُلْتُ نَامَتْ عَیْنَاكَ وَ رَأَیْتَ خَیْراً یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ رَأَیْتُ كَأَنِّی بِرِجَالٍ قَدْ نَزَلُوا مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُمْ أَعْلَامٌ بِیضٌ قَدْ تَقَلَّدُوا سُیُوفَهُمْ وَ هِیَ بِیضٌ تَلْمَعُ وَ قَدْ خَطُّوا حَوْلَ هَذِهِ الْأَرْضِ خَطَّةً ثُمَّ رَأَیْتُ كَأَنَّ هَذِهِ النَّخِیلَ قَدْ ضَرَبَتْ بِأَغْصَانِهَا الْأَرْضَ تَضْطَرِبُ بِدَمٍ عَبِیطٍ وَ كَأَنِّی بِالْحُسَیْنِ سَخْلِی وَ فَرْخِی وَ مُضْغَتِی وَ مُخِّی قَدْ غَرِقَ فِیهِ یَسْتَغِیثُ فِیهِ فَلَا یُغَاثُ وَ كَأَنَّ الرِّجَالَ الْبِیضَ قَدْ نَزَلُوا مِنَ السَّمَاءِ یُنَادُونَهُ وَ یَقُولُونَ صَبْراً آلَ الرَّسُولِ فَإِنَّكُمْ تُقْتَلُونَ عَلَی أَیْدِی شِرَارِ النَّاسِ وَ هَذِهِ الْجَنَّةُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِلَیْكَ مُشْتَاقَةٌ ثُمَّ یُعَزُّونَنِی وَ یَقُولُونَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَبْشِرْ فَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ بِهِ عَیْنَكَ یَوْمَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ
ص: 252
ثُمَّ انْتَبَهْتُ هَكَذَا وَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَقَدْ حَدَّثَنِی الصَّادِقُ الْمُصَدَّقُ أَبُو الْقَاسِمِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِّی سَأَرَاهَا فِی خُرُوجِی إِلَی أَهْلِ الْبَغْیِ عَلَیْنَا وَ هَذِهِ أَرْضُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ یُدْفَنُ فِیهَا الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ وُلْدِی وَ وُلْدِ فَاطِمَةَ وَ إِنَّهَا لَفِی السَّمَاوَاتِ مَعْرُوفَةٌ تُذْكَرُ أَرْضُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ كَمَا تُذْكَرُ بُقْعَةُ الْحَرَمَیْنِ وَ بُقْعَةُ بَیْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ قَالَ لِی یَا ابْنَ عَبَّاسٍ اطْلُبْ فِی حَوْلِهَا بَعْرَ الظِّبَاءِ فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ هِیَ مُصْفَرَّةٌ لَوْنُهَا لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَطَلَبْتُهَا فَوَجَدْتُهَا مُجْتَمِعَةً فَنَادَیْتُهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ أَصَبْتُهَا عَلَی الصِّفَةِ الَّتِی وَصَفْتَهَا لِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ثُمَّ قَامَ علیه السلام یُهَرْوِلُ إِلَیْهَا فَحَمَلَهَا وَ شَمَّهَا وَ قَالَ هِیَ هِیَ بِعَیْنِهَا أَ تَعْلَمُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا هَذِهِ الْأَبْعَارُ هَذِهِ قَدْ شَمَّهَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِهَا وَ مَعَهُ الْحَوَارِیُّونَ فَرَأَی هَاهُنَا الظِّبَاءَ مُجْتَمِعَةً وَ هِیَ تَبْكِی فَجَلَسَ عِیسَی وَ جَلَسَ الْحَوَارِیُّونَ مَعَهُ فَبَكَی وَ بَكَی الْحَوَارِیُّونَ وَ هُمْ لَا یَدْرُونَ لِمَ جَلَسَ وَ لِمَ بَكَی فَقَالُوا یَا رُوحَ اللَّهِ وَ كَلِمَتَهُ مَا یُبْكِیكَ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَیُّ أَرْضٍ هَذِهِ قَالُوا لَا- قَالَ هَذِهِ أَرْضٌ یُقْتَلُ فِیهَا فَرْخُ الرَّسُولِ أَحْمَدَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَرْخُ الْحُرَّةِ الطَّاهِرَةِ الْبَتُولِ شَبِیهَةِ أُمِّی وَ یُلْحَدُ فِیهَا طِینَةٌ أَطْیَبُ مِنَ الْمِسْكِ لِأَنَّهَا طِینَةُ الْفَرْخِ الْمُسْتَشْهَدِ وَ هَكَذَا یَكُونُ طِینَةُ الْأَنْبِیَاءِ وَ أَوْلَادِ الْأَنْبِیَاءِ فَهَذِهِ الظِّبَاءُ تُكَلِّمُنِی وَ تَقُولُ إِنَّهَا تَرْعَی فِی هَذِهِ الْأَرْضِ شَوْقاً إِلَی تُرْبَةِ الْفَرْخِ الْمُبَارَكِ وَ زَعَمَتْ أَنَّهَا آمِنَةٌ فِی هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی هَذِهِ الصِّیرَانِ (1) فَشَمَّهَا وَ قَالَ هَذِهِ بَعْرُ الظِّبَاءِ عَلَی هَذِهِ الطِّیبِ لِمَكَانِ حَشِیشِهَا اللَّهُمَّ فَأَبْقِهَا أَبَداً حَتَّی یَشَمَّهَا أَبُوهُ فَیَكُونَ لَهُ عَزَاءً وَ سَلْوَةً
ص: 253
قَالَ فَبَقِیَتْ إِلَی یَوْمِ النَّاسِ هَذَا وَ قَدِ اصْفَرَّتْ لِطُولِ زَمَنِهَا وَ هَذِهِ أَرْضُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ ثُمَّ قَالَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا رَبَّ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ- لَا تُبَارِكْ فِی قَتَلَتِهِ وَ الْمُعِینِ عَلَیْهِ وَ الْخَاذِلِ لَهُ ثُمَّ بَكَی بُكَاءً طَوِیلًا وَ بَكَیْنَا مَعَهُ حَتَّی سَقَطَ لِوَجْهِهِ وَ غُشِیَ عَلَیْهِ طَوِیلًا ثُمَّ أَفَاقَ فَأَخَذَ الْبَعْرَ فَصَرَّهُ فِی رِدَائِهِ وَ أَمَرَنِی أَنْ أَصُرَّهَا كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِذَا رَأَیْتَهَا تَنْفَجِرُ دَماً عَبِیطاً وَ یَسِیلُ مِنْهَا دَمٌ عَبِیطٌ فَاعْلَمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ قُتِلَ بِهَا وَ دُفِنَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَحْفَظُهَا أَشَدَّ مِنْ حِفْظِی لِبَعْضِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیَّ وَ أَنَا لَا أَحُلُّهَا مِنْ طَرَفِ كُمِّی فَبَیْنَمَا أَنَا نَائِمٌ فِی الْبَیْتِ إِذَا انْتَبَهْتُ فَإِذَا هِیَ تَسِیلُ دَماً عَبِیطاً وَ كَانَ كُمِّی قَدِ امْتَلَأَ دَماً عَبِیطاً فَجَلَسْتُ وَ أَنَا بَاكٍ وَ قُلْتُ قَدْ قُتِلَ وَ اللَّهِ الْحُسَیْنُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبَنِی عَلِیٌّ قَطُّ فِی حَدِیثٍ حَدَّثَنِی وَ لَا أَخْبَرَنِی بِشَیْ ءٍ قَطُّ أَنَّهُ یَكُونُ إِلَّا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ یُخْبِرُهُ بِأَشْیَاءَ لَا یُخْبِرُ بِهَا غَیْرَهُ فَفَزِعْتُ وَ خَرَجْتُ وَ ذَلِكَ عِنْدَ الْفَجْرِ فَرَأَیْتُ وَ اللَّهِ الْمَدِینَةَ كَأَنَّهَا ضَبَابٌ لَا یَسْتَبِینُ مِنْهَا أَثَرُ عَیْنٍ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَ رَأَیْتُ كَأَنَّهَا مُنْكَسِفَةٌ وَ رَأَیْتُ كَأَنَّ حِیطَانَ الْمَدِینَةِ عَلَیْهَا دَمٌ عَبِیطٌ فَجَلَسْتُ وَ أَنَا بَاكٍ فَقُلْتُ قَدْ قُتِلَ وَ اللَّهِ الْحُسَیْنُ وَ سَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ نَاحِیَةِ الْبَیْتِ وَ هُوَ یَقُولُ:
اصْبِرُوا آلَ الرَّسُولِ*** قُتِلَ الْفَرْخُ النُّحُولُ (1)
نَزَلَ الرُّوحُ الْأَمِینُ*** بِبُكَاءٍ وَ عَوِیلٍ
ثُمَّ بَكَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ وَ بَكَیْتُ فَأَثْبَتُّ عِنْدِی تِلْكَ السَّاعَةَ وَ كَانَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ یَوْمَ عَاشُورَاءَ لِعَشْرٍ مَضَیْنَ مِنْهُ فَوَجَدْتُهُ قُتِلَ یَوْمَ وَرَدَ عَلَیْنَا خَبَرُهُ وَ تَارِیخُهُ كَذَلِكَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِیثَ أُولَئِكَ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ
ص: 254
وَ نَحْنُ فِی الْمَعْرَكَةِ وَ لَا نَدْرِی مَا هُوَ فَكُنَّا نَرَی أَنَّهُ الْخَضِرُ علیه السلام (1).
«3»- ك، [إكمال الدین] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ وَ كَانَ شَیْخاً لِأَصْحَابِ الْحَدِیثِ بِبَلَدِ الرَّیِّ یُعْرَفُ بِأَبِی عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ: مِثْلَهُ سَوَاءً(2)
بیان: قال الجوهری قولهم عند الشكایة أوه من كذا ساكنة الواو إنما هو توجع و ربما قلبوا الواو ألفا فقالوا آه من كذا و ربما شددوا الواو و كسروها و سكنوا الهاء فقالوا أوه من كذا و قال المضغة قطعة لحم و قلب الإنسان مضغة من جسده.
قوله علیه السلام و لا كذبت علی بناء المجهول من قولهم كذب الرجل أی أخبر بالكذب أی ما أخبرنی رسول اللّٰه بكذب قط و یحتمل أن یكون علی بناء التفعیل أی ما أظهر أحد كذبی و الأول أظهر و الضباب بالفتح ندی كالغیم أو صحاب رقیق كالدخان قوله أثر عین أی من الأعیان الموجودة فی الخارج و النحول من النحل بالضم (3) بمعنی الهزال.
«4»- لی، [الأمالی] للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنْ قَیْسِ بْنِ حَفْصٍ الدَّارِمِیِّ عَنْ حُسَیْنٍ الْأَشْقَرِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِی حَسَّانَ التَّیْمِیِّ عَنْ نَشِیطِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَنْ جَرْدَاءَ بِنْتِ سَمِینٍ عَنْ زَوْجِهَا هَرْثَمَةَ بْنِ أَبِی مُسْلِمٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام صِفِّینَ فَلَمَّا انْصَرَفْنَا نَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ فَصَلَّی بِهَا الْغَدَاةَ ثُمَّ رَفَعَ إِلَیْهِ مِنْ تُرْبَتِهَا فَشَمَّهَا ثُمَّ قَالَ وَاهاً لَكِ أَیَّتُهَا التُّرْبَةُ
ص: 255
لَیُحْشَرَنَّ مِنْكِ أَقْوَامٌ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ.
فَرَجَعَ هَرْثَمَةُ إِلَی زَوْجَتِهِ وَ كَانَتْ شِیعَةً لِعَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَ لَا أُحَدِّثُكَ عَنْ وَلِیِّكَ أَبِی الْحَسَنِ نَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ فَصَلَّی ثُمَّ رَفَعَ إِلَیْهِ مِنْ تُرْبَتِهَا فَقَالَ وَاهاً لَكِ أَیَّتُهَا التُّرْبَةُ لَیُحْشَرَنَّ مِنْكِ أَقْوَامٌ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ قَالَتْ أَیُّهَا الرَّجُلُ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمْ یَقُلْ إِلَّا حَقّاً.
فَلَمَّا قَدِمَ الْحُسَیْنُ علیه السلام قَالَ هَرْثَمَةُ كُنْتُ فِی الْبَعْثِ الَّذِینَ بَعَثَهُمْ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَلَمَّا رَأَیْتُ الْمَنْزِلَ وَ الشَّجَرَ ذَكَرْتُ الْحَدِیثَ فَجَلَسْتُ عَلَی بَعِیرِی ثُمَّ صِرْتُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ أَخْبَرْتُهُ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ أَبِیهِ فِی ذَلِكَ الْمَنْزِلِ الَّذِی نَزَلَ بِهِ الْحُسَیْنُ فَقَالَ مَعَنَا أَنْتَ أَمْ عَلَیْنَا فَقُلْتُ لَا مَعَكَ وَ لَا عَلَیْكَ خَلَّفْتُ صِبْیَةً أَخَافُ عَلَیْهِمْ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ قَالَ فَامْضِ حَیْثُ لَا تَرَی لَنَا مَقْتَلًا وَ لَا تَسْمَعُ لَنَا صَوْتاً فَوَ الَّذِی نَفْسُ حُسَیْنٍ بِیَدِهِ لَا یَسْمَعُ الْیَوْمَ وَاعِیَتَنَا أَحَدٌ فَلَا یُعِینُنَا إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ فِی نَارِ جَهَنَّمَ (1).
بیان: قال الجوهری إذا تعجبت من طیب الشی ء قلت واها له ما أطیبه.
أقول: لعل المراد أن مع سماع الواعیة و ترك النصرة العذاب أشدّ و إلا فالظاهر وجوب نصرتهم علی أی حال.
«5»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنِ الْكُمَیْدَانِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ عُبَیْدٍ السَّمِینِ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَخْطُبُ النَّاسَ وَ هُوَ یَقُولُ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُونِّی عَنْ شَیْ ءٍ مَضَی وَ لَا عَنْ شَیْ ءٍ یَكُونُ إِلَّا نَبَّأْتُكُمْ بِهِ فَقَامَ إِلَیْهِ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی كَمْ فِی رَأْسِی وَ لِحْیَتِی مِنْ شَعْرَةٍ فَقَالَ لَهُ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَنِی عَنْ مَسْأَلَةٍ حَدَّثَنِی خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله أَنَّكَ سَتَسْأَلُنِی عَنْهَا وَ مَا فِی رَأْسِكَ وَ لِحْیَتِكَ مِنْ شَعْرَةٍ إِلَّا وَ فِی أَصْلِهَا شَیْطَانٌ جَالِسٌ وَ إِنَّ فِی
ص: 256
بَیْتِكَ لَسَخْلًا یَقْتُلُ الْحُسَیْنَ ابْنِی وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ یَوْمَئِذٍ یَدْرُجُ بَیْنَ یَدَیْهِ (1).
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن محمد بن عبد الجبار عن ابن أبی نجران عن جعفر بن محمد بن حكیم عن عبید السمین یرفعه إلی أمیر المؤمنین علیه السلام قال: كان أمیر المؤمنین علیه السلام یخطب الناس و ذكر مثله (2).
«6»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله : مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَحْیَا حَیَاتِی وَ یَمُوتَ مِیتَتِی وَ یَدْخُلَ جَنَّةَ عَدْنٍ مَنْزِلِی وَ یُمْسِكَ قَضِیباً غَرَسَهُ رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَكَانَ فَلْیَتَوَلَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ لْیَأْتَمَّ بِالْأَوْصِیَاءِ مِنْ وُلْدِهِ فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِی خُلِقُوا مِنْ طِینَتِی إِلَی اللَّهِ أَشْكُو أَعْدَاءَهُمْ مِنْ أُمَّتِیَ الْمُنْكِرِینَ لِفَضْلِهِمُ الْقَاطِعِینَ فِیهِمْ صِلَتِی وَ ایْمُ اللَّهِ لَیَقْتُلُنَّ ابْنِی بَعْدِی الْحُسَیْنَ
ص: 257
لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِی (1).
«7»- شا، [الإرشاد] ج، [الإحتجاج]: جَاءَ فِی الْآثَارِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ یَخْطُبُ فَقَالَ فِی خُطْبَتِهِ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُونِّی عَنْ فِئَةٍ تُضِلُّ مِائَةً وَ تَهْدِی مِائَةً إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ سَائِقِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ أَخْبِرْنِی كَمْ فِی رَأْسِی وَ لِحْیَتِی مِنْ طَاقَةِ شَعْرٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِی خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله بِمَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَ إِنَّ عَلَی كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ فِی رَأْسِكَ مَلَكٌ یَلْعَنُكَ وَ عَلَی كُلِّ طَاقَةِ شَعْرٍ فِی لِحْیَتِكَ شَیْطَانٌ یَسْتَفِزُّكَ وَ إِنَّ فِی بَیْتِكَ لَسَخْلًا یَقْتُلُ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ آیَةُ ذَلِكَ مِصْدَاقُ مَا خَبَّرْتُكَ بِهِ وَ لَوْ لَا أَنَّ الَّذِی سَأَلْتَ عَنْهُ یَعْسُرُ بُرْهَانُهُ لَأَخْبَرْتُكَ بِهِ وَ لَكِنْ آیَةُ ذَلِكَ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ مِنْ لَعْنَتِكَ وَ سَخْلِكَ الْمَلْعُونِ وَ كَانَ ابْنُهُ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ صَبِیّاً صَغِیراً یَحْبُو فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحُسَیْنِ مَا كَانَ تَوَلَّی قَتْلَهُ كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (2).
بیان: استنفزه [استفزه] أی استخفه و أزعجه.
«8»- ب، [قرب الإسناد] مُحَمَّدُ بْنُ عِیسَی عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: مَرَّ عَلِیٌّ بِكَرْبَلَاءَ فِی اثْنَیْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ فَلَمَّا مَرَّ بِهَا تَرَقْرَقَتْ عَیْنَاهُ لِلْبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَ هَذَا مُلْقَی رِحَالِهِمْ وَ هَاهُنَا تُهَرَاقُ دِمَاؤُهُمْ طُوبَی لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَیْكِ تُهَرَاقُ دِمَاءُ الْأَحِبَّةِ(3).
«9»- یر، [بصائر الدرجات] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ یَزِیدَ شَعِرٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَحْیَا حَیَاتِی وَ یَمُوتَ مِیتَتِی وَ یَدْخُلَ جَنَّةَ رَبِّیَ الَّتِی وَعَدَنِی جَنَّةَ عَدْنٍ مَنْزِلِی قَضِیبٌ مِنْ قُضْبَانِهِ غَرَسَهُ رَبِّی تَبَارَكَ وَ تَعَالَی بِیَدِهِ فَقَالَ لَهُ كُنْ فَكَانَ فَلْیَتَوَلَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ الْأَوْصِیَاءَ مِنْ
ص: 258
ذُرِّیَّتِهِ إِنَّهُمُ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِی هُمْ عِتْرَتِی مِنْ لَحْمِی وَ دَمِی رَزَقَهُمُ اللَّهُ فَضْلِی وَ عِلْمِی وَ وَیْلٌ لِلْمُنْكِرِینَ فَضْلَهُمْ مِنْ أُمَّتِیَ الْقَاطِعِینَ صِلَتِی وَ اللَّهِ لَیَقْتُلُنَّ ابْنِی لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِی.
مل، [كامل الزیارات] ابن الولید عن الصفار عن الیقطینی عن زكریا المؤمن عن أیوب بن عبد الرحمن و زید أبی الحسن و عباد جمیعا عن سعد الإسكاف عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله (1)
بیان: قوله قضیب أی فیها قضیب.
«10»- یر، [بصائر الدرجات] سَلَّامُ بْنُ أَبِی عَمْرَةَ الْخُرَاسَانِیُّ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِعلیهما السلام أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: مَنْ أَرَادَ أَنْ یَحْیَا حَیَاتِی وَ یَمُوتَ مِیتَتِی وَ یَدْخُلَ جَنَّةَ رَبِّی جَنَّةَ عَدْنٍ غَرَسَهُ رَبِّی فَلْیَتَوَلَّ عَلِیّاً وَ لْیُعَادِ عَدُوَّهُ وَ لْیَأْتَمَّ بِالْأَوْصِیَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْهُدَی مِنْ بَعْدِی أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فَهْمِی وَ عِلْمِی وَ هُمْ عِتْرَتِی مِنْ لَحْمِی وَ دَمِی إِلَی اللَّهِ أَشْكُو مِنْ أُمَّتِیَ الْمُنْكِرِینَ لِفَضْلِهِمُ الْقَاطِعِینَ فِیهِمْ صِلَتِی وَ ایْمُ اللَّهِ لَیَقْتُلُنَّ ابْنِی یَعْنِی الْحُسَیْنَ- لَا أَنَالَهُمُ اللَّهُ شَفَاعَتِی.
«11»- یر، [بصائر الدرجات] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَنَا عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ جِئْتُكَ مِنْ وَادِی الْقُرَی وَ قَدْ مَاتَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ لَمْ یَمُتْ فَأَعَادَهَا عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَمْ یَمُتْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا یَمُوتُ فَأَعَادَهَا عَلَیْهِ الثَّالِثَةَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ مَاتَ وَ تَقُولُ لَمْ یَمُتْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَمْ یَمُتْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَقُودَ جَیْشَ ضَلَالَةٍ یَحْمِلُ رَایَتَهُ حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ(2)
قَالَ فَسَمِعَ بِذَلِكَ حَبِیبٌ فَأَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ أُنَاشِدُكَ فِیَّ وَ إِنِّی لَكَ شِیعَةٌ وَ قَدْ ذَكَرْتَنِی بِأَمْرٍ لَا وَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ مِنْ نَفْسِی فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ كُنْتَ حَبِیبَ بْنَ جَمَّازٍ فَتَحْمِلَنَّهَا فَوَلَّی حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ وَ قَالَ إِنْ كُنْتَ حَبِیبَ
ص: 259
بْنَ جَمَّازٍ لَتَحْمِلَنَّهَا(1)
قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَوَ اللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّی بَعَثَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ جَعَلَ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ حَبِیبٌ صَاحِبُ رَایَتِهِ (2).
«12»- شا، [الإرشاد] الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ ثَابِتٍ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنْهُ علیه السلام مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ: وَ سَارَ بِهَا حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ الْفِیلِ (3).
«12»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ صَفْوَانَ وَ جَعْفَرِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی غُنْدَرٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ ذَاتَ یَوْمٍ فِی حَجْرِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یُلَاعِبُهُ وَ یُضَاحِكُهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ إِعْجَابَكَ بِهَذَا الصَّبِیِّ فَقَالَ لَهَا وَیْلَكِ وَ كَیْفَ لَا أُحِبُّهُ وَ لَا أُعْجِبُ بِهِ وَ هُوَ ثَمَرَةُ فُؤَادِی وَ قُرَّةُ عَیْنِی أَمَا إِنَّ أُمَّتِی سَتَقْتُلُهُ فَمَنْ زَارَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَجَّةً مِنْ حِجَجِی قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ حَجَّةً مِنْ حِجَجِكَ قَالَ نَعَمْ وَ حَجَّتَیْنِ مِنْ حِجَجِی قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ حَجَّتَیْنِ مِنْ حِجَجِكَ قَالَ نَعَمْ وَ أَرْبَعَةً قَالَ فَلَمْ تَزَلْ تزاده [تُرَادُّهُ] وَ یَزِیدُ وَ یُضَعِّفُ حَتَّی بَلَغَ تِسْعِینَ حَجَّةً مِنْ حِجَجِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَعْمَارِهَا(4).
ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الحسین بن إبراهیم القزوینی عن محمد بن وهبان عن علی بن حبیش عن العباس بن محمد بن الحسین عن أبیه عن صفوان عن الحسین: مثله (5).
«13»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ
ص: 260
الْكُوفِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُوسَی الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَحْیَا حَیَاتِی وَ یَمُوتَ مَمَاتِی وَ یَدْخُلَ جَنَّتِی جَنَّةَ عَدْنٍ غَرَسَهَا رَبِّی بِیَدِهِ فَلْیَتَوَلَّ عَلِیّاً وَ یَعْرِفُ فَضْلَهُ وَ الْأَوْصِیَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَ یَتَبَرَّأُ مِنْ عَدُوِّی أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فَهْمِی وَ عِلْمِی هُمْ عِتْرَتِی مِنْ لَحْمِی وَ دَمِی أَشْكُو إِلَیْكَ رَبِّی عَدُوُّهُمْ مِنْ أُمَّتِی الْمُنْكِرِینَ لِفَضْلِهِمُ الْقَاطِعِینَ فِیهِمْ صِلَتِی وَ اللَّهِ لَیَقْتُلُنَّ ابْنِی ثُمَّ لَا تَنَالُهُمْ شَفَاعَتِی (1).
«14»- مل، [كامل الزیارات] الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ شَجَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله إِذَا دَخَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اجْتَذَبَهُ إِلَیْهِ ثُمَّ یَقُولُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمْسِكْهُ ثُمَّ یَقَعُ عَلَیْهِ فَیُقَبِّلُهُ وَ یَبْكِی فَیَقُولُ یَا أَبَهْ لِمَ تَبْكِی فَیَقُولُ یَا بُنَیَّ أُقَبِّلُ مَوْضِعَ السُّیُوفِ مِنْكَ وَ أَبْكِی قَالَ یَا أَبَهْ وَ أُقْتَلُ قَالَ إِی وَ اللَّهِ وَ أَبُوكَ وَ أَخُوكَ وَ أَنْتَ قَالَ یَا أَبَهْ فَمَصَارِعُنَا شَتَّی قَالَ نَعَمْ یَا بُنَیَّ قَالَ فَمَنْ یَزُورُنَا مِنْ أُمَّتِكَ قَالَ لَا یَزُورُنِی وَ یَزُورُ أَبَاكَ وَ أَخَاكَ وَ أَنْتَ إِلَّا الصِّدِّیقُونَ مِنْ أُمَّتِی (2).
«15»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ خَالِهِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَیَابَةَ عَنْ أَبِی دَاوُدَ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الْحُسَیْنُ إِلَی جَنْبِهِ فَضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی كَتِفِ الْحُسَیْنِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا یُقْتَلُ وَ لَا یَنْصُرُهُ أَحَدٌ قَالَ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ إِنَّ تِلْكَ لَحَیَاةُ سَوْءٍ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ (3).
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد و الحمیری و محمد العطار جمیعا عن ابن أبی الخطاب: مثله.
ص: 261
«16»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ خَالِهِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ 000 عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ یَزِیدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَیُقْتَلُ الْحُسَیْنُ قَتْلًا وَ إِنِّی لَأَعْرِفُ تُرْبَةَ الْأَرْضِ الَّتِی یُقْتَلُ عَلَیْهَا قَرِیباً مِنَ النَّهْرَیْنِ.
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن أبی الخطاب: مثله.
«17»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ خَالِهِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ وَ حَدَّثَنِی أَبِی وَ جَمَاعَةٌ عَنْ سَعْدٍ وَ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ مَعاً عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ لِلْحُسَیْنِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أُسْوَةٌ أَنْتَ قِدْماً فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا حَالِی قَالَ عَلِمْتَ مَا جَهِلُوا وَ سَیَنْتَفِعُ عَالِمٌ بِمَا عَلِمَ یَا بُنَیَّ اسْمَعْ وَ أَبْصِرْ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَكَ فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَیَسْفِكَنَّ بَنُو أُمَیَّةَ دَمَكَ ثُمَّ لَا یُرِیدُونَكَ عَنْ دِینِكَ وَ لَا یُنْسُونَكَ ذِكْرَ رَبِّكَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ حَسْبِی وَ أَقْرَرْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ أُصَدِّقُ نَبِیَّ اللَّهِ وَ لَا أُكَذِّبُ قَوْلَ أَبِی.
بیان: الإسوة و یضمّ القدوة و ما یأتسی به الحزین أی ثبت قدیما أنك أسوة الخلق یقتدون بك أو یأتسی بذكر مصیبتك كل حزین.
قوله علیه السلام لا یریدونك أی لا یریدون صرفك عن دینك و الأصوب لا یردّونك (1).
«18»- شا، [الإرشاد] رَوَی إِسْمَاعِیلُ بْنُ صَبِیحٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُسَافِرِ الْعَابِدِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ زِیَادٍ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ذَاتَ یَوْمٍ یَا بَرَاءُ یُقْتَلُ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ وَ أَنْتَ حَیٌّ لَا تَنْصُرُهُ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام كَانَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ یَقُولُ صَدَقَ وَ اللَّهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ لَمْ أَنْصُرْهُ ثُمَّ یُظْهِرُ عَلَی ذَلِكَ الْحَسْرَةَ وَ النَّدَمَ (2).
ص: 262
«19»- كشف، [كشف الغمة] شا، [الإرشاد] رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِیكٍ الْعَامِرِیُّ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابَ عَلِیٍّ إِذَا دَخَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ یَقُولُونَ هَذَا قَاتِلُ الْحُسَیْنِ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یُقْتَلَ بِزَمَانٍ طَوِیلٍ (1).
«20»- كشف، [كشف الغمة] شا، [الإرشاد] رَوَی سَالِمُ بْنُ أَبِی حَفْصَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ قِبَلَنَا نَاساً سُفَهَاءَ یَزْعُمُونَ أَنِّی أَقْتُلُكَ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ إِنَّهُمْ لَیْسُوا سُفَهَاءَ وَ لَكِنَّهُمْ حُلَمَاءُ أَمَا إِنَّهُ یَقَرُّ عَیْنِی أَنْ لَا تَأْكُلَ بُرَّ الْعِرَاقِ بَعْدِی إِلَّا قَلِیلًا(2).
«21»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَتْ هِنْدٌ عَائِشَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِیَّ تَعْبِیرَ رُؤْیَا فَقَالَ قُولِی لَهَا فَلْتَقْصُصْ رُؤْیَاهَا فَقَالَتْ رَأَیْتُ كَأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ مِنْ فَوْقِی وَ الْقَمَرَ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِی وَ كَأَنَّ كَوْكَباً خَرَجَ مِنَ الْقَمَرِ أَسْوَدَ فَشُدَّ عَلَی شَمْسٍ خَرَجَتْ مِنَ الشَّمْسِ أَصْغَرَ مِنَ الشَّمْسِ فَابْتَلَعَهَا فَاسْوَدَّ الْأُفُقُ لِابْتِلَاعِهَا ثُمَّ رَأَیْتُ كَوَاكِبَ بَدَتْ مِنَ السَّمَاءِ وَ كَوَاكِبَ مُسْوَدَّةً فِی الْأَرْضِ إِلَّا أَنَّ الْمُسْوَدَّةَ أَحَاطَتْ بِأُفُقِ الْأَرْضِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَاكْتَحَلَتْ عَیْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِدُمُوعِهِ ثُمَّ قَالَ هِیَ هِنْدٌ اخْرُجِی یَا عَدُوَّةَ اللَّهِ مَرَّتَیْنِ فَقَدْ جَدَّدْتِ عَلَیَّ أَحْزَانِی وَ نَعَیْتِ إِلَیَّ أَحْبَابِی فَلَمَّا خَرَجَتْ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْهَا وَ الْعَنْ نَسْلَهَا فَسُئِلَ عَنْ تَفْسِیرِهَا فَقَالَ علیه السلام أَمَّا الشَّمْسُ الَّتِی طَلَعَتْ عَلَیْهَا فَعَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ الْكَوْكَبُ الَّذِی خَرَجَ كَالْقَمَرِ أَسْوَدَ فَهُوَ مُعَاوِیَةُ مَفْتُونٌ فَاسِقٌ جَاحِدٌ لِلَّهِ وَ تِلْكَ الظُّلْمَةُ الَّتِی زَعَمَتْ وَ رَأَتْ كَوْكَباً یَخْرُجُ مِنَ الْقَمَرِ أَسْوَدَ فَشُدَّ عَلَی شَمْسٍ خَرَجَتْ مِنَ الشَّمْسِ أَصْغَرَ مِنَ الشَّمْسِ فَابْتَلَعَهَا فَاسْوَدَّتْ فَذَلِكَ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَقْتُلُهُ ابْنُ مُعَاوِیَةَ فَتَسْوَدُّ الشَّمْسُ وَ یَظْلِمُ الْأُفُقُ وَ أَمَّا الْكَوَاكِبُ السُّودُ فِی الْأَرْضِ أَحَاطَتْ بِالْأَرْضِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَتِلْكَ بَنُو أُمَیَّةَ(3).
ص: 263
«22»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ الْحُسَیْنُ مَعَ أُمِّهِ تَحْمِلُهُ فَأَخَذَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ سَالِبَكَ وَ أَهْلَكَ اللَّهُ الْمُتَوَازِرِینَ عَلَیْكَ وَ حَكَمَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَ مَنْ أَعَانَ عَلَیْكَ قَالَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ یَا أَبَتِ أَیَّ شَیْ ءٍ تَقُولُ قَالَ یَا بِنْتَاهْ ذَكَرْتُ مَا یُصِیبُهُ بَعْدِی وَ بَعْدَكِ مِنَ الْأَذَی وَ الظُّلْمِ وَ الْغَدْرِ وَ الْبَغْیِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ فِی عُصْبَةٍ كَأَنَّهُمْ نُجُومُ السَّمَاءِ یَتَهَادَوْنَ إِلَی الْقَتْلِ وَ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی مُعَسْكَرِهِمْ وَ إِلَی مَوْضِعِ رِحَالِهِمْ وَ تُرْبَتِهِمْ قَالَتْ یَا أَبَهْ وَ أَیْنَ هَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِی تَصِفُ قَالَ مَوْضِعٌ یُقَالُ لَهُ كَرْبَلَاءُ وَ هِیَ دَارُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ عَلَیْنَا وَ عَلَی الْأُمَّةِ(1) یَخْرُجُ عَلَیْهِمْ شِرَارُ أُمَّتِی لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ شَفَعَ لَهُ مَنْ فِی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ مَا شُفِّعُوا فِیهِ وَ هُمُ الْمُخَلَّدُونَ فِی النَّارِ قَالَتْ یَا أَبَهْ فَیُقْتَلُ قَالَ نَعَمْ یَا بِنْتَاهْ وَ مَا قُتِلَ قَتْلَتَهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ وَ یَبْكِیهِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ وَ الْمَلَائِكَةُ وَ الْوَحْشُ وَ النَّبَاتَاتُ وَ الْبِحَارُ وَ الْجِبَالُ وَ لَوْ یُؤْذَنُ لَهَا مَا بَقِیَ عَلَی الْأَرْضِ مُتَنَفِّسٌ وَ یَأْتِیهِ قَوْمٌ مِنْ مُحِبِّینَا لَیْسَ فِی الْأَرْضِ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَ لَا أَقْوَمُ بِحَقِّنَا مِنْهُمْ وَ لَیْسَ عَلَی ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ یَلْتَفِتُ إِلَیْهِ غَیْرُهُمْ أُولَئِكَ مَصَابِیحُ فِی ظُلُمَاتِ الْجَوْرِ وَ هُمُ الشُّفَعَاءُ وَ هُمْ وَارِدُونَ حَوْضِی غَداً أَعْرِفُهُمْ إِذَا وَرَدُوا عَلَیَّ بِسِیمَاهُمْ وَ كُلُّ أَهْلِ دِینٍ یَطْلُبُونَ أَئِمَّتَهُمْ وَ هُمْ یَطْلُبُونَنَا لَا یَطْلُبُونَ غَیْرَنَا وَ هُمْ قِوَامُ الْأَرْضِ وَ بِهِمْ یَنْزِلُ الْغَیْثُ.
فَقَالَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ علیها السلام یَا أَبَهْ إِنَّا لِلَّهِ وَ بَكَتْ فَقَالَ لَهَا یَا بِنْتَاهْ إِنَّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْجِنَانِ هُمُ الشُّهَدَاءُ فِی الدُّنْیَا بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَیَقْتُلُونَ وَ یُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقًّا فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ مِنَ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا قَتْلَةٌ أَهْوَنُ مِنْ مِیتَةٍ وَ مَنْ كُتِبَ عَلَیْهِ الْقَتْلُ خَرَجَ إِلَی مَضْجَعِهِ وَ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ فَسَوْفَ یَمُوتُ.
یَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ أَ مَا تُحِبِّینَ أَنْ تَأْمُرِینَ غَداً بِأَمْرٍ فَتُطَاعِینَ فِی هَذَا الْخَلْقِ عِنْدَ
ص: 264
الْحِسَابِ أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ یَكُونَ ابْنُكِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ یَكُونَ أَبُوكِ یَأْتُونَهُ یَسْأَلُونَهُ الشَّفَاعَةَ أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ یَكُونَ بَعْلُكِ یَذُودُ الْخَلْقَ یَوْمَ الْعَطَشِ عَنِ الْحَوْضِ فَیَسْقِیَ مِنْهُ أَوْلِیَاءَهُ وَ یَذُودَ عَنْهُ أَعْدَاءَهُ أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ یَكُونَ بَعْلُكِ قَسِیمَ- النَّارِ یَأْمُرُ النَّارَ فَتُطِیعُهُ یُخْرِجُ مِنْهَا مَنْ یَشَاءُ وَ یَتْرُكُ مَنْ یَشَاءُ أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ تَنْظُرِینَ إِلَی الْمَلَائِكَةِ عَلَی أَرْجَاءِ السَّمَاءِ یَنْظُرُونَ إِلَیْكِ وَ إِلَی مَا تَأْمُرِینَ بِهِ وَ یَنْظُرُونَ إِلَی بَعْلِكِ قَدْ حَضَرَ الْخَلَائِقُ وَ هُوَ یُخَاصِمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فَمَا تَرَیْنَ اللَّهَ صَانِعٌ بِقَاتِلِ وُلْدِكِ وَ قَاتِلِیكِ وَ قَاتِلِ بَعْلِكِ إِذَا أُفْلِجَتْ حُجَّتُهُ عَلَی الْخَلَائِقِ وَ أُمِرَتِ النَّارُ أَنْ تُطِیعَهُ أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ یَكُونَ الْمَلَائِكَةُ تَبْكِی لِابْنِكِ وَ تَأْسَفُ عَلَیْهِ كُلُّ شَیْ ءٍ أَ مَا تَرْضَیْنَ أَنْ یَكُونَ مَنْ أَتَاهُ زَائِراً فِی ضَمَانِ اللَّهِ وَ یَكُونَ مَنْ أَتَاهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَجَّ إِلَی بَیْتِ اللَّهِ وَ اعْتَمَرَ وَ لَمْ یَخْلُ مِنَ الرَّحْمَةِ طَرْفَةَ عَیْنٍ وَ إِذَا مَاتَ مَاتَ شَهِیداً وَ إِنْ بَقِیَ لَمْ تَزَلِ الْحَفَظَةُ تَدْعُو لَهُ مَا بَقِیَ وَ لَمْ یَزَلْ فِی حِفْظِ اللَّهِ وَ أَمْنِهِ حَتَّی یُفَارِقَ الدُّنْیَا قَالَتْ
یَا أَبَهْ سَلَّمْتُ وَ رَضِیتُ وَ تَوَكَّلْتُ عَلَی اللَّهِ فَمَسَحَ عَلَی قَلْبِهَا وَ مَسَحَ عَیْنَیْهَا وَ قَالَ إِنِّی وَ بَعْلَكِ وَ أَنْتِ وَ ابْنَیْكِ فِی مَكَانٍ تَقَرُّ عَیْنَاكِ وَ یَفْرَحُ قَلْبُكِ (1).
مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ بِهِمْ یَنْزِلُ الْغَیْثُ ثُمَّ قَالَ وَ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِیثَ بِطُولِهِ (2).
بیان: قوله یتهادون إلی القتل إما من الهدیة كأنه یهدی بعضهم بعضا إلی القتل أو من قولهم تهادت المرأة تمایلت فی مشیتها أو من قولهم هداه أی تقدمه أی یتسابقون و علی التقدیرات كنایة عن فرحهم و سرورهم بذلك و الذود الطرد و الدفع.
ص: 265
أقول: قد مر بعض الأخبار فی باب الولادة.
«23»- وَ رُوِیَ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ عَنْ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَنْ غَزَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی صِفِّینَ وَ قَدْ أَخَذَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَعْوَرُ السُّلَمِیُ (1) الْمَاءَ وَ حَرَزَهُ عَنِ النَّاسِ فَشَكَا الْمُسْلِمُونَ الْعَطَشَ فَأَرْسَلَ فَوَارِسَ عَلَی كَشْفِهِ فَانْحَرَفُوا خَائِبِینَ فَضَاقَ صَدْرُهُ فَقَالَ لَهُ وَلَدُهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَمْضِی إِلَیْهِ یَا أَبَتَاهْ فَقَالَ امْضِ یَا وَلَدِی فَمَضَی مَعَ فَوَارِسَ فَهَزَمَ أَبَا أَیُّوبَ عَنِ الْمَاءِ وَ بَنَی خَیْمَتَهُ وَ حَطَّ فَوَارِسَهُ وَ أَتَی إِلَی أَبِیهِ وَ أَخْبَرَهُ فَبَكَی عَلِیٌّ علیه السلام فَقِیلَ لَهُ مَا یُبْكِیكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ هَذَا أَوَّلُ فَتْحٍ بِبَرَكَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ ذَكَرْتُ أَنَّهُ سَیُقْتَلُ عَطْشَاناً بِطَفِّ كَرْبَلَاءَ حَتَّی یَنْفِرَ فَرَسُهُ وَ یُحَمْحِمَ وَ یَقُولَ الظَّلِیمَةَ الظَّلِیمَةَ لِأُمَّةٍ قَتَلَتِ ابْنَ بِنْتِ نَبِیِّهَا.
«24»- وَ رَوَی ابْنُ نَمَا رحمه اللّٰه فِی مُثِیرِ الْأَحْزَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَضُهُ الَّذِی مَاتَ فِیهِ ضَمَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام إِلَی صَدْرِهِ یَسِیلُ مِنْ عَرَقِهِ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَجُودُ بِنَفْسِهِ وَ یَقُولُ مَا لِی وَ لِیَزِیدَ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِیهِ اللَّهُمَّ الْعَنْ یَزِیدَ ثُمَّ غُشِیَ عَلَیْهِ طَوِیلًا وَ أَفَاقَ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ الْحُسَیْنَ وَ عَیْنَاهُ تَذْرِفَانِ وَ یَقُولُ أَمَا إِنَّ لِی وَ لِقَاتِلِكَ مُقَاماً بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
«25»- فِی الدِّیوَانِ الْمَنْسُوبِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:
حُسَیْنُ إِذَا كُنْتَ فِی بَلْدَةٍ*** غَرِیباً فَعَاشِرْ بِآدَابِهَا
فَلَا تَفْخَرَنْ فِیهِمُ بِالنُّهَی*** فَكُلُّ قَبِیلٍ بِأَلْبَابِهَا
ص: 266
وَ لَوْ عَمِلَ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ*** بِهَذَا الْأُمُورِ كَأَسْبَابِهَا
وَ لَكِنَّهُ اعْتَامَ أَمْرَ الْإِلَهِ*** فَأُحْرِقَ فِیهِمْ بِأَنْیَابِهَا
عَذِیرَكَ مِنْ ثِقَةٍ بِالَّذِی*** یُنِیلُكَ دُنْیَاكَ مِنْ طَابِهَا
فَلَا تَمْرَحَنَّ لِأَوْزَارِهَا*** وَ لَا تَضْجَرَنَّ لِأَوْصَابِهَا
قِسِ الْغَدَ بِالْأَمْسِ كَیْ تَسْتَرِیحَ*** فَلَا تَبْتَغِیَ سَعْیَ رُغَّابِهَا
كَأَنِّی بِنَفْسِی وَ أَعْقَابِهَا*** وَ بِالْكَرْبَلَاءِ وَ مِحْرَابِهَا
فَتُخْضَبُ مِنَّا اللِّحَی بِالدِّمَاءِ*** خِضَابَ الْعَرُوسِ بِأَثْوَابِهَا
أَرَاهَا وَ لَمْ یَكُ رَأْیَ الْعِیَانِ*** وَ أُوتِیتُ مِفْتَاحَ أَبْوَابِهَا
مَصَائِبُ تَأْبَاكَ مِنْ أَنْ تُرَدَّ*** فَأَعْدِدْ لَهَا قَبْلَ مُنْتَابِهَا
سَقَی اللَّهُ قَائِمَنَا صَاحِبَ*** الْقِیَامَةِ وَ النَّاسُ فِی دَأْبِهَا
هُوَ الْمُدْرِكُ الثَّأْرِ لِی یَا حُسَیْنُ*** بَلْ لَكَ فَاصْبِرْ لِأَتْعَابِهَا
لِكُلِّ دَمٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَ مَا*** یُقَصِّرُ فِی قَتْلِ أَحْزَابِهَا
هُنَالِكَ لَا یَنْفَعُ الظَّالِمِینَ*** قَوْلٌ بِعُذْرٍ وَ إِعْتَابِهَا
حُسَیْنُ فَلَا تَضْجَرَنْ لِلْفِرَاقِ*** فدیناك [فَدُنْیَاكَ] أَضْحَتْ لِتَخْرَابِهَا
سَلِ الدُّورَ تُخْبَرْ وَ أَفْصِحْ بِهَا*** بِأَنْ لَا بَقَاءَ لِأَرْبَابِهَا
أَنَا الدِّینُ لَا شَكَّ لِلْمُؤْمِنِینَ*** بِآیَاتِ وَحْیٍ وَ إِیجَابِهَا
لَنَا سِمَةُ الْفَخْرِ فِی حُكْمِهَا*** فَصَلَّتْ عَلَیْنَا بِإِعْرَابِهَا
فَصَلِّ عَلَی جَدِّكَ الْمُصْطَفَی*** وَ سَلِّمْ عَلَیْهِ لِطُلَّابِهَا.
بیان: و لو عمل لو للتمنی و قال الجوهری العیمة بالكسر خیار المال و اعتام الرجل إذا أخذ العیمة و قال حرقت الشی ء حرقا بردته و حككت بعضه ببعض و منه قولهم حرق نابه یحرقه و یحرقه أی سحقه حتی سمع له صریف.
و قال عذیرك من فلان أی هلم من یعذرك منه بل یلومه و لا یلومك.
و قال الرضی معنی من فلان من أجل الإساءة إلیه و إیذائه أی أنت ذو عذر
ص: 267
فیما تعامله به من المكروه و إضافة الدنیا إلی المخاطب للإشعار بأن لا علاقة بینه علیه السلام و بین الدنیا.
و قال الجوهری الطاب الطیب و قال المرح شدة الفرح و قال الوصب المرض.
و قوله سعی إما مفعول به لقوله لا تبتغی أو مفعول مطلق من غیر اللفظ و المحراب محل الحرب و العروس نعت یستوی فیه الرجل و المرأة و المنتاب مصدر میمی من قولهم انتاب فلان القوم أی أتاهم مرة بعد أخری.
و وصف القائم علیه السلام بصاحب القیامة لاتصال زمانه بها أو لرجعة بعض الأموات فی زمانه و الدأب مصدر دأب فی عمله أی جد و تعب أو العادة و الشأن و الأتعاب بالفتح جمع التعب و الإعتاب الإرضاء و التخراب بالفتح مبالغة فی الخراب و تخبر علی بناء الفاعل أو المفعول و أفصح بها للتعجب و الحمل فی أنا الدین للمبالغة و إشارة إلی قوله تعالی الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِینَكُمْ (1) و إلی أن الإسلام لا یتم إلا بولایته لقوله تعالی إِنَّ الدِّینَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ (2).
و قوله علیه السلام للمؤمنین متعلق بالنسبة بین أنا و الدین أو خبر لا و بآیات متعلق بالنسبة أو بالمؤمنین قوله و إیجابها أی إیجاب الآیات طاعتی و ولایتی علی الناس و المصراع بعده إشارة إلی ما نزل فی شأن أهل البیت علیهم السلام عموما و إسناد الصلاة إلی الآیات مجاز و الإعراب الإظهار و البیان.
و قال شارح الدیوان المصراع الذی بعده إشارة إلی قراءة نافع و ابن عامر و یعقوب آل یاسین بالإضافة و إلی ما روی أن یس اسم محمد صلی اللّٰه علیه و آله أو إلی قوله تعالی وَ سَلامٌ عَلی عِبادِهِ الَّذِینَ اصْطَفی و لطف إعرابها علی التوجیه الأول غیر خفی انتهی.
أقول: لا وجه للتخصیص غیر التعصب بل ربع القرآن نازل فیهم علیهم السلام كما عرفت و ستعرفه.
ص: 268
«1»- ع، [علل الشرائع] مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ بَشَّارٍ الْقَزْوِینِیُّ عَنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنْ سَهْلٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ: قُلْتُ لِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَیْفَ صَارَ یَوْمُ عَاشُورَاءَ یَوْمَ مُصِیبَةٍ وَ غَمٍّ وَ جَزَعٍ وَ بُكَاءٍ دُونَ الْیَوْمِ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ الْیَوْمِ الَّذِی مَاتَتْ فِیهِ فَاطِمَةُ علیها السلام؟ وَ الْیَوْمِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الْیَوْمِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ الْحَسَنُ علیه السلام بِالسَّمِّ فَقَالَ إِنَّ یَوْمَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام أَعْظَمُ مُصِیبَةً مِنْ جَمِیعِ سَائِرِ الْأَیَّامِ وَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكِسَاءِ الَّذِینَ كَانُوا أَكْرَمَ الْخَلْقِ عَلَی اللَّهِ كَانُوا خَمْسَةً فَلَمَّا مَضَی عَنْهُمُ النَّبِیُّ بَقِیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهم السلام فَكَانَ فِیهِمْ لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام كَانَ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهم السلام لِلنَّاسِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَی مِنْهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ كَانَ لِلنَّاسِ فِی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا مَضَی الْحَسَنُ علیه السلام كَانَ لِلنَّاسِ فِی الْحُسَیْنِ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ لَمْ یَكُنْ بَقِیَ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ أَحَدٌ لِلنَّاسِ فِیهِ بَعْدَهُ عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ فَكَانَ ذَهَابُهُ كَذَهَابِ جَمِیعِهِمْ كَمَا كَانَ بَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ جَمِیعِهِمْ فَلِذَلِكَ صَارَ یَوْمُهُ أَعْظَمَ الْأَیَّامِ مُصِیبَةً قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیُّ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَلِمَ لَمْ یَكُنْ لِلنَّاسِ فِی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَزَاءٌ وَ سَلْوَةٌ مِثْلُ مَا كَانَ لَهُمْ فِی آبَائِهِ علیهم السلام فَقَالَ بَلَی
ص: 269
إِنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ كَانَ سَیِّدَ الْعَابِدِینَ وَ إِمَاماً وَ حُجَّةً عَلَی الْخَلْقِ بَعْدَ آبَائِهِ الْمَاضِینَ وَ لَكِنَّهُ لَمْ یَلْقَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ لَمْ یَسْمَعْ مِنْهُ وَ كَانَ عِلْمُهُ وِرَاثَةً عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیه السلام قَدْ شَاهَدَهُمُ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَحْوَالٍ تَتَوَالَی فَكَانُوا مَتَی نَظَرُوا إِلَی أَحَدٍ مِنْهُمْ تَذَكَّرُوا حَالَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَهُ وَ فِیهِ فَلَمَّا مَضَوْا فَقَدَ النَّاسُ مُشَاهَدَةَ الْأَكْرَمِینَ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یَكُنْ فِی أَحَدٍ مِنْهُمْ فَقْدُ جَمِیعِهِمْ إِلَّا فِی فَقْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام لِأَنَّهُ مَضَی فِی آخِرِهِمْ فَلِذَلِكَ صَارَ یَوْمُهُ أَعْظَمَ الْأَیَّامِ مُصِیبَةً قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیُّ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَكَیْفَ سَمَّتِ الْعَامَّةُ یَوْمَ عَاشُورَاءَ یَوْمَ بَرَكَةٍ فَبَكَی علیه السلام ثُمَّ قَالَ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام تَقَرَّبَ النَّاسُ بِالشَّامِ إِلَی یَزِیدَ فَوَضَعُوا لَهُ الْأَخْبَارَ وَ أَخَذُوا عَلَیْهَا الْجَوَائِزَ مِنَ الْأَمْوَالِ فَكَانَ مِمَّا وَضَعُوا لَهُ أَمْرُ هَذَا الْیَوْمِ وَ أَنَّهُ یَوْمُ بَرَكَةٍ لِیَعْدِلَ النَّاسَ فِیهِ مِنَ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ وَ الْمُصِیبَةِ وَ الْحُزْنِ إِلَی الْفَرَحِ وَ السُّرُورِ وَ التَّبَرُّكِ وَ الِاسْتِعْدَادِ فِیهِ حَكَمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ قَالَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام یَا ابْنَ عَمِّ وَ إِنَّ ذَلِكَ لَأَقَلُّ ضَرَراً عَلَی الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ مِمَّا وَضَعَهُ قَوْمٌ انْتَحَلُوا مَوَدَّتَنَا وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ یَدِینُونَ بِمُوَالاتِنَا وَ یَقُولُونَ بِإِمَامَتِنَا زَعَمُوا أَنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام لَمْ یُقْتَلْ وَ أَنَّهُ شُبِّهَ لِلنَّاسِ أَمْرُهُ كَعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَلَا لَائِمَةَ إِذاً عَلَی بَنِی أُمَیَّةَ وَ لَا عَتْبَ عَلَی زَعْمِهِمْ یَا ابْنَ عَمِّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحُسَیْنَ لَمْ یُقْتَلْ فَقَدْ كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ وَ عَلِیّاً وَ كَذَّبَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام فِی إِخْبَارِهِمْ بِقَتْلِهِ وَ مَنْ كَذَّبَهُمْ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ وَ دَمُهُ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا تَقُولُ فِی قَوْمٍ مِنْ شِیعَتِكَ یَقُولُونَ بِهِ فَقَالَ علیه السلام مَا هَؤُلَاءِ مِنْ شِیعَتِی وَ أَنَا بَرِی ءٌ مِنْهُمْ قَالَ فَقُلْتُ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا
ص: 270
قِرَدَةً خاسِئِینَ (1) قَالَ إِنَّ أُولَئِكَ مُسِخُوا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ مَاتُوا وَ لَمْ یَتَنَاسَلُوا وَ إِنَّ الْقِرَدَةَ الْیَوْمَ مِثْلُ أُولَئِكَ وَ كَذَلِكَ الْخِنْزِیرُ وَ سَائِرُ الْمُسُوخِ مَا وُجِدَ مِنْهَا الْیَوْمَ مِنْ شَیْ ءٍ فَهُوَ مِثْلُهُ لَا یَحِلُّ أَنْ یُؤْكَلَ لَحْمُهُ.
ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَعَنَ اللَّهُ الْغُلَاةَ وَ الْمُفَوِّضَةَ فَإِنَّهُمْ صَغَّرُوا عِصْیَانَ اللَّهِ وَ كَفَرُوا بِهِ وَ أَشْرَكُوا وَ ضَلُّوا وَ أَضَلُّوا فِرَاراً مِنْ إِقَامَةِ الْفَرَائِضِ وَ أَدَاءِ الْحُقُوقِ (2).
«2»- ل، [الخصال] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَلَوِیُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی مَالِكٍ الْجُهَنِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ بِشْرٍ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی إِسْحَاقَ مَتَی ذَلَّ النَّاسُ قَالَ حِینَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ ادُّعِیَ زِیَادٌ وَ قُتِلَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ.
«3»- ج، [الإحتجاج] الْكُلَیْنِیُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَعْقُوبَ قَالَ وَرَدَ التَّوْقِیعُ بِخَطِّ مَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ علیه السلام عَلَیَّ عَلَی یَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَمْرِیِّ بِخَطِّهِ علیه السلام: أَمَّا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحُسَیْنَ لَمْ یُقْتَلْ فَكُفْرٌ وَ تَكْذِیبٌ وَ ضَلَالٌ (3).
«4»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] تَمِیمٌ الْقُرَشِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْأَنْصَارِیِّ عَنِ الْهَرَوِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام إِنَّ فِی سَوَادِ الْكُوفَةِ قَوْماً یَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِیَّ لَمْ یَقَعْ عَلَیْهِ سَهْوٌ فِی صَلَاتِهِ فَقَالَ كَذَبُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ إِنَّ الَّذِی لَا یَسْهُو هُوَ اللَّهُ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ قَالَ قُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ فِیهِمْ قَوْمٌ یَزْعُمُونَ أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ لَمْ یُقْتَلْ وَ أَنَّهُ أُلْقِیَ شِبْهُهُ عَلَی حَنْظَلَةَ بْنِ أَسْعَدَ الشَّامِیِّ وَ أَنَّهُ رُفِعَ إِلَی السَّمَاءِ كَمَا رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَعلیهما السلام وَ یَحْتَجُّونَ بِهَذِهِ الْآیَةِ- وَ لَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلًا(4) فَقَالَ كَذَبُوا عَلَیْهِمْ غَضَبُ اللَّهِ وَ لَعْنَتُهُ وَ كَفَرُوا بِتَكْذِیبِهِمْ لِنَبِیِّ اللَّهِ فِی إِخْبَارِهِ بِأَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام سَیُقْتَلُ وَ اللَّهِ لَقَدْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ قُتِلَ مَنْ كَانَ خَیْراً مِنَ
ص: 271
الْحُسَیْنِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ مَا مِنَّا إِلَّا مَقْتُولٌ وَ أَنَا وَ اللَّهِ لَمَقْتُولٌ بِالسَّمِّ بِاغْتِیَالِ مَنْ یَغْتَالُنِی أَعْرِفُ ذَلِكَ بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَیَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ بِهِ جَبْرَئِیلُ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِینَ.
وَ أَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلًا فَإِنَّهُ یَقُولُ وَ لَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ لِكَافِرٍ عَلَی مُؤْمِنٍ حُجَّةً وَ لَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ كُفَّارٍ قَتَلُوا النَّبِیِّینَ بِغَیْرِ الْحَقِ وَ مَعَ قَتْلِهِمْ إِیَّاهُمْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ عَلَی أَنْبِیَائِهِ سَبِیلًا مِنْ طَرِیقِ الْحُجَّةِ(1).
أقول: قد مضی كلام من الصدوق رحمه اللّٰه فی باب علامات الإمام فی ذلك لا نعیده.
ص: 272
«1»- ك، [إكمال الدین] ج، [الإحتجاج] ع، [علل الشرائع] مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الطَّالَقَانِیُّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الشَّیْخِ أَبِی الْقَاسِمِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَوْحٍ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ مَعَ جَمَاعَةٍ فِیهِمْ عَلِیُّ بْنُ عِیسَی الْقَصْرِیُّ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَیْ ءٍ فَقَالَ لَهُ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَ هُوَ وَلِیُّ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَاتِلِهِ أَ هُوَ عَدُوُّ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ الرَّجُلُ فَهَلْ یَجُوزُ أَنْ یُسَلِّطَ اللَّهُ عَدُوَّهُ عَلَی وَلِیِّهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْقَاسِمِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ افْهَمْ عَنِّی مَا أَقُولُ لَكَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ- لَا یُخَاطِبُ النَّاسَ بِشَهَادَةِ الْعِیَانِ وَ لَا یُشَافِهُهُمْ بِالْكَلَامِ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَسُولًا مِنْ أَجْنَاسِهِمْ وَ أَصْنَافِهِمْ بَشَراً مِثْلَهُمْ فَلَوْ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رُسُلًا مِنْ غَیْرِ صِنْفِهِمْ وَ صُوَرِهِمْ لَنَفَرُوا عَنْهُمْ وَ لَمْ یَقْبَلُوا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاءُوهُمْ وَ كَانُوا مِنْ جِنْسِهِمْ یَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَ یَمْشُونَ فِی الْأَسْواقِ قَالُوا لَهُمْ أَنْتُمْ مِثْلُنَا فَلَا نَقْبَلُ مِنْكُمْ حَتَّی تَأْتُونَّا بِشَیْ ءٍ نَعْجِزُ أَنْ نَأْتِیَ بِمِثْلِهِ فَنَعْلَمَ أَنَّكُمْ مَخْصُوصُونَ دُونَنَا بِمَا لَا نَقْدِرُ عَلَیْهِ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُمُ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِی یَعْجِزُ الْخَلْقُ عَنْهَا- فَمِنْهُمْ مَنْ جَاءَ بِالطُّوفَانِ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَ الْإِعْذَارِ فَغَرِقَ جَمِیعُ مَنْ طَغَی وَ تَمَرَّدَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أُلْقِیَ فِی النَّارِ فَكَانَتْ عَلَیْهِ بَرْداً وَ سَلاماً وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخْرَجَ مِنَ الْحَجَرِ الصَّلْدِ نَاقَةً وَ أَجْرَی فِی ضَرْعِهَا لَبَناً وَ مِنْهُمْ مَنْ فُلِقَ لَهُ الْبَحْرُ وَ فُجِّرَ لَهُ مِنَ الْحَجَرِ الْعُیُونُ وَ جُعِلَ لَهُ الْعَصَا الْیَابِسَةُ ثُعْبَاناً فَ تَلْقَفُ ما یَأْفِكُونَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ* وَ أَحْیَا الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْبَأَهُمْ
ص: 273
بِمَا یَأْكُلُونَ وَ مَا یَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِهِمْ وَ مِنْهُمْ مَنِ انْشَقَّ لَهُ الْقَمَرُ وَ كَلَّمَهُ الْبَهَائِمُ مِثْلُ الْبَعِیرِ وَ الذِّئْبِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ فَلَمَّا أَتَوْا بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ وَ عَجَزَ الْخَلْقُ مِنْ أُمَمِهِمْ عَنْ أَنْ یَأْتُوا بِمِثْلِهِ كَانَ مِنْ تَقْدِیرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لُطْفِهِ بِعِبَادِهِ وَ حِكْمَتِهِ أَنْ جَعَلَ أَنْبِیَاءَهُ مَعَ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ فِی حَالٍ غَالِبِینَ وَ فِی أُخْرَی مَغْلُوبِینَ وَ فِی حَالٍ قَاهِرِینَ وَ فِی حَالٍ مَقْهُورِینَ وَ لَوْ جَعَلَهُمْ عَزَّ وَ جَلَّ فِی جَمِیعِ أَحْوَالِهِمْ غَالِبِینَ وَ قَاهِرِینَ وَ لَمْ یَبْتَلِهِمْ وَ لَمْ یَمْتَحِنْهُمْ لَاتَّخَذَهُمُ النَّاسُ آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمَا عُرِفَ فَضْلُ صَبْرِهِمْ عَلَی الْبَلَاءِ وَ الْمِحَنِ وَ الِاخْتِبَارِ وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ أَحْوَالَهُمْ فِی ذَلِكَ كَأَحْوَالِ غَیْرِهِمْ لِیَكُونُوا فِی حَالِ الْمِحْنَةِ وَ الْبَلْوَی صَابِرِینَ وَ فِی حَالِ الْعَافِیَةِ وَ الظُّهُورِ عَلَی الْأَعْدَاءِ شَاكِرِینَ وَ یَكُونُوا فِی جَمِیعِ أَحْوَالِهِمْ مُتَوَاضِعِینَ غَیْرَ شَامِخِینَ وَ لَا مُتَجَبِّرِینَ وَ لِیَعْلَمَ الْعِبَادُ أَنَّ لَهُمْ علیهم السلام إِلَهاً هُوَ خَالِقُهُمْ وَ مُدَبِّرُهُمْ فَیَعْبُدُوهُ وَ یُطِیعُوا رُسُلَهُ وَ تَكُونَ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَی ثَابِتَةً عَلَی مَنْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِیهِمْ وَ ادَّعَی لَهُمُ الرُّبُوبِیَّةَ أَوْ عَانَدَ وَ خَالَفَ وَ عَصَی وَ جَحَدَ بِمَا أَتَتْ بِهِ الْأَنْبِیَاءُ وَ الرُّسُلُ وَ لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ فَعُدْتُ إِلَی الشَّیْخِ أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَوْحٍ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ مِنَ الْغَدِ وَ أَنَا أَقُولُ فِی نَفْسِی أَ تَرَاهُ ذَكَرَ مَا ذَكَرَ لَنَا یَوْمَ أَمْسِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَابْتَدَأَنِی فَقَالَ لِی یَا مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفَنِی الطَّیْرُ أَوْ تَهْوِی بِیَ الرِّیحُ فِی مَكانٍ سَحِیقٍ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ فِی دِینِ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ بِرَأْیِی وَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِی بَلْ ذَلِكَ عَنِ الْأَصْلِ وَ مَسْمُوعٌ عَنِ الْحُجَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ (1).
بیان: فتخطفنی أی تأخذنی بسرعة و السحیق البعید.
ص: 274
«2»- ب، [قرب الإسناد] مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ (1) قَالَ فَقَالَ هُوَ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ مَا أَصَابَ عَلِیّاً وَ أَشْبَاهَهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله كَانَ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كُلَّ یَوْمٍ سَبْعِینَ مَرَّةً مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ (2).
«3»- ل، [الخصال] الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: إِنَّ أَیُّوبَ علیه السلام ابْتُلِیَ سَبْعَ سِنِینَ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ وَ إِنَّ الْأَنْبِیَاءَ لَا یُذْنِبُونَ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ- لَا یُذْنِبُونَ وَ لَا یَزِیغُونَ وَ لَا یَرْتَكِبُونَ ذَنْباً صَغِیراً وَ لَا كَبِیراً وَ قَالَ علیه السلام إِنَّ أَیُّوبَ علیه السلام مِنْ جَمِیعِ مَا ابْتُلِیَ بِهِ لَمْ تُنْتِنْ لَهُ رَائِحَةٌ وَ لَا قَبُحَتْ لَهُ صُورَةٌ وَ لَا خَرَجَتْ مِنْهُ مِدَّةٌ مِنْ دَمٍ وَ لَا قَیْحٌ وَ لَا اسْتَقْذَرَهُ أَحَدٌ رَآهُ وَ لَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ أَحَدٌ شَاهَدَهُ وَ لَا تَدَوَّدَ(3) شَیْ ءٌ مِنْ جَسَدِهِ وَ هَكَذَا یَصْنَعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِجَمِیعِ مَنْ یَبْتَلِیهِ مِنْ أَنْبِیَائِهِ وَ أَوْلِیَائِهِ الْمُكَرَّمِینَ عَلَیْهِ وَ إِنَّمَا اجْتَنَبَهُ النَّاسُ لِفَقْرِهِ وَ ضَعْفِهِ فِی ظَاهِرِ أَمْرِهِ بِجَهْلِهِمْ بِمَا لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ مِنَ التَّأْیِیدِ وَ الْفَرَجِ وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَعْظَمُ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِیَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ وَ إِنَّمَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْبَلَاءِ الْعَظِیمِ الَّذِی یَهُونُ مَعَهُ عَلَی جَمِیعِ النَّاسِ لِئَلَّا یَدَّعُوا لَهُ الرُّبُوبِیَّةَ إِذَا شَاهَدُوا مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُوصِلَهُ إِلَیْهِ مِنْ عَظَائِمِ نِعَمِهِ تَعَالَی مَتَی شَاهَدُوهُ لِیَسْتَدِلُّوا بِذَلِكَ عَلَی أَنَّ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ عَلَی ضَرْبَیْنِ اسْتِحْقَاقٌ وَ اخْتِصَاصٌ وَ لِئَلَّا یَحْتَقِرُوا ضَعِیفاً لِضَعْفِهِ وَ لَا فَقِیراً لِفَقْرِهِ وَ لَا مَرِیضاً لِمَرَضِهِ وَ لِیَعْلَمُوا أَنَّهُ یُسْقِمُ مَنْ یَشَاءُ وَ یَشْفِی مَنْ یَشَاءُ مَتَی شَاءَ كَیْفَ شَاءَ بِأَیِّ سَبَبٍ شَاءَ وَ یَجْعَلُ ذَلِكَ عِبْرَةً لِمَنْ شَاءَ وَ شَقَاوَةً لِمَنْ شَاءَ وَ سَعَادَةً لِمَنْ شَاءَ وَ هُوَ
ص: 275
عَزَّ وَ جَلَّ فِی جَمِیعِ ذَلِكَ عَدْلٌ فِی قَضَائِهِ وَ حَكِیمٌ فِی أَفْعَالِهِ لَا یَفْعَلُ بِعِبَادِهِ إِلَّا الْأَصْلَحَ لَهُمْ وَ لَا قُوَّةَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ.
«4»- مع، [معانی الأخبار] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَیْدِیكُمْ وَ یَعْفُوا عَنْ كَثِیرٍ أَ رَأَیْتَ مَا أَصَابَ عَلِیّاً وَ أَهْلَ بَیْتِهِ هُوَ بِمَا كَسَبَتْ أَیْدِیهِمْ وَ هُمْ أَهْلُ بَیْتِ طَهَارَةٍ مَعْصُومُونَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله كَانَ یَتُوبُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَسْتَغْفِرُهُ فِی كُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَخُصُّ أَوْلِیَاءَهُ بِالْمَصَائِبِ لِیَأْجُرَهُمْ عَلَیْهَا مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ (1).
بیان: أی كما أن الاستغفار یكون فی غالب الناس لحطّ الذنوب و فی الأنبیاء لرفع الدرجات فكذلك المصائب.
«5»- یر، [بصائر الدرجات] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ ضُرَیْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ وَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ وَ أَعْجَبُ مِنْ قَوْمٍ یَتَوَلَّوْنَنَا وَ یَجْعَلُونَنَا أَئِمَّةً وَ یَصِفُونَ بِأَنَّ طَاعَتَنَا عَلَیْهِمْ مُفْتَرَضَةٌ كَطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ یَكْسِرُونَ حُجَّتَهُمْ وَ یَخْصِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِضَعْفِ قُلُوبِهِمْ فَیَنْقُصُونَ حَقَّنَا وَ یَعِیبُونَ بِذَلِكَ عَلَیْنَا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ بُرْهَانَ حَقِّ مَعْرِفَتِنَا وَ التَّسْلِیمَ لِأَمْرِنَا أَ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی افْتَرَضَ طَاعَةَ أَوْلِیَائِهِ عَلَی عِبَادِهِ ثُمَّ یُخْفِی عَنْهُمْ أَخْبَارَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ یَقْطَعُ عَنْهُمْ مَوَادَّ الْعِلْمِ فِیمَا یَرِدُ عَلَیْهِمْ مِمَّا فِیهِ قِوَامُ دِینِهِمْ فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ جُعِلْتُ فِدَاكَ یَا أَبَا جَعْفَرٍ أَ رَأَیْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ قِیَامِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ خُرُوجِهِمْ وَ قِیَامِهِمْ بِدِینِ اللَّهِ وَ مَا أُصِیبُوا بِهِ مِنْ قَتْلِ الطَّوَاغِیتِ إِیَّاهُمْ وَ الظَّفَرِ بِهِمْ حَتَّی قُتِلُوا أَوْ غُلِبُوا فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَا حُمْرَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ كَانَ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَ قَضَاهُ وَ أَمْضَاهُ وَ حَتَمَهُ ثُمَّ أَجْرَاهُ فَبِتَقَدُّمِ عِلْمٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَیْهِمْ فِی ذَلِكَ قَامَ عَلِیٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ بِعِلْمٍ صَمَتَ مَنْ صَمَتَ مِنَّا.
ص: 276
وَ لَوْ أَنَّهُمْ یَا حُمْرَانُ حَیْثُ نَزَلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ إِظْهَارِ الطَّوَاغِیتِ عَلَیْهِمْ سَأَلُوا اللَّهَ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَ أَلَحُّوا عَلَیْهِ فِی طَلَبِ إِزَالَةِ مُلْكِ الطَّوَاغِیتِ إِذاً لَأَجَابَهُمْ وَ دَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ثُمَّ كَانَ انْقِضَاءُ مُدَّةِ الطَّوَاغِیتِ وَ ذَهَابُ مُلْكِهِمْ أَسْرَعَ مِنْ سِلْكٍ مَنْظُومٍ انْقَطَعَ فَتَبَدَّدَ وَ مَا كَانَ الَّذِی أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ یَا حُمْرَانُ لِذَنْبٍ اقْتَرَفُوهُ وَ لَا لِعُقُوبَةِ مَعْصِیَةٍ خَالَفُوا اللَّهَ فِیهَا وَ لَكِنْ لِمَنَازِلَ وَ كَرَامَةٍ مِنَ اللَّهِ أَرَادَ أَنْ یَبْلُغُوهَا فَلَا تَذْهَبَنَّ [بِكَ] فِیهِمُ الْمَذَاهِبُ.
ص: 277
«1»- لی، [الأمالی] للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام: مَنْ تَذَكَّرَ مُصَابَنَا وَ بَكَی لِمَا ارْتُكِبَ مِنَّا كَانَ مَعَنَا فِی دَرَجَتِنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ ذُكِّرَ بِمُصَابِنَا فَبَكَی وَ أَبْكَی لَمْ تَبْكِ عَیْنُهُ یَوْمَ تَبْكِی الْعُیُونُ وَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً یُحْیَا فِیهِ أَمْرُنَا لَمْ یَمُتْ قَلْبُهُ یَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ (1).
«2»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] الْقَطَّانُ وَ النَّقَّاشُ وَ الطَّالَقَانِیُّ جَمِیعاً عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام: مَنْ تَذَكَّرَ مُصَابَنَا فَبَكَی وَ أَبْكَی لَمْ تَبْكِ إِلَی آخِرِ الْخَبَرِ(2).
«3»- فس، [تفسیر القمی] أَبِی عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَیْنِهِ دَمْعٌ مِثْلُ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ(3).
«4»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ مُسْلِمٍ الْكِنْدِیِّ عَنِ ابْنِ غَزْوَانَ عَنْ عِیسَی بْنِ أَبِی مَنْصُورٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَفَسُ الْمَهْمُومِ لِظُلْمِنَا تَسْبِیحٌ وَ هَمُّهُ لَنَا عِبَادَةٌ وَ كِتْمَانُ سِرِّنَا جِهَادٌ فِی سَبِیلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ یَجِبُ أَنْ یُكْتَبَ هَذَا الْحَدِیثُ بِالذَّهَبِ.
ص: 278
«5»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الْخَزَّازِ عَنِ ابْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ فَذَكَرْنَا الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عَلَی قَاتِلِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ فَبَكَی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ بَكَیْنَا قَالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَا قَتِیلُ الْعَبْرَةِ لَا یَذْكُرُنِی مُؤْمِنٌ إِلَّا بَكَی وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ (1).
«6»- مل، [كامل الزیارات] السَّعْدَآبَادِیُّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ ابْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ: أَنَا قَتِیلُ الْعَبْرَةِ قُتِلْتُ مَكْرُوباً وَ حَقِیقٌ عَلَی اللَّهِ أَنْ لَا یَأْتِیَنِی مَكْرُوبٌ قَطُّ إِلَّا رَدَّهُ اللَّهُ أَوْ أَقْلَبَهُ إِلَی أَهْلِهِ مَسْرُوراً(2).
مل، [كامل الزیارات] حكیم بن داود عن سلمة عن محمد بن عمرو عن ابن خارجة: مثله بیان قوله أنا قتیل العبرة أی قتیل منسوب إلی العبرة و البكاء و سبب لها أو أقتل مع العبرة و الحزن و شدة الحال و الأول أظهر.
«7»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ الْأَشْقَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی عُمَارَةَ الْكُوفِیِّ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍعلیهما السلام یَقُولُ: مَنْ دَمَعَتْ عَیْنُهُ فِینَا دَمْعَةً لِدَمٍ سُفِكَ لَنَا أَوْ حَقٍّ لَنَا نُقِصْنَاهُ أَوْ عِرْضٍ انْتُهِكَ لَنَا أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ شِیعَتِنَا بَوَّأَهُ اللَّهُ تَعَالَی بِهَا فِی الْجَنَّةِ حُقُباً(3).
جا، [المجالس] للمفید الجعابی: مثله.
«8»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ أَبِی عَمْرٍو عُثْمَانَ الدَّقَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الْأَوْدِیِّ عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ قَطَرَتْ عَیْنَاهُ فِینَا قَطْرَةً أَوْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فِینَا دَمْعَةً إِلَّا بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِی الْجَنَّةِ حُقُباً
ص: 279
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ یَحْیَی الْأَوْدِیُّ فَرَأَیْتُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی الْمَنَامِ فَقُلْتُ حَدَّثَنِی مُخَوَّلُ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِیهِ عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ مَا مِنْ عَبْدٍ قَطَرَتْ عَیْنَاهُ فِینَا قَطْرَةً أَوْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فِینَا دَمْعَةً إِلَّا بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِی الْجَنَّةِ حُقُباً قَالَ نَعَمْ قُلْتُ سَقَطَ الْإِسْنَادُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ (1).
بیان: الحقب كنایة عن الدوام قال الفیروزآبادی الحقبة بالكسر من الدهر مدة لا وقت لها و السنة و الجمع كعنب و حبوب و الحقب بالضم و بضمتین ثمانون سنة أو أكثر و الدهر و السنة و السنون و الجمع أحقاب و أحقب.
«9»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ سِوَی الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام.
«10»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ ابْنُ الْوَلِیدِ جَمِیعاً عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ سَعِیدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ أَبِی یَحْیَی الْحَذَّاءِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: نَظَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ یَا عَبْرَةَ كُلِّ مُؤْمِنٍ فَقَالَ أَنَا یَا أَبَتَاهْ فَقَالَ نَعَمْ یَا بُنَیَ (2).
«11»- مل، [كامل الزیارات] جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عُمَارَةَ الْمُنْشِدِ قَالَ: مَا ذُكِرَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ فِی یَوْمٍ قَطُّ فَرُئِیَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مُتَبَسِّماً فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ إِلَی اللَّیْلِ وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ الْحُسَیْنُ عَبْرَةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ.
مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی عُمَارَةَ: مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ اللَّیْلِ.
«12»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْخَشَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام: أَنَا قَتِیلُ الْعَبْرَةِ.
ص: 280
«13»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّحْوِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَازِنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ بَكْرِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُ: إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ عِنْدَ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَنْظُرُ إِلَی مُعَسْكَرِهِ وَ مَنْ حَلَّهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ مَعَهُ وَ یَنْظُرُ إِلَی زُوَّارِهِ وَ هُوَ أَعْرَفُ بِهِمْ وَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ بِدَرَجَاتِهِمْ وَ مَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَحَدِكُمْ بِوَلَدِهِ وَ إِنَّهُ لَیَرَی مَنْ یَبْكِیهِ فَیَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ یَسْأَلُ آبَاءَهُ علیهم السلام أَنْ یَسْتَغْفِرُوا لَهُ وَ یَقُولُ لَوْ یَعْلَمُ زَائِرِی مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ لَكَانَ فَرَحُهُ أَكْثَرَ مِنْ جَزَعِهِ وَ إِنَّ زَائِرَهُ لَیَنْقَلِبُ وَ مَا عَلَیْهِ مِنْ ذَنْبٍ (1).
«14»- فس، [تفسیر القمی] أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: أَیُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ دَمْعَةً حَتَّی تَسِیلَ عَلَی خَدِّهِ بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِی الْجَنَّةِ غُرَفاً یَسْكُنُهَا أَحْقَاباً وَ أَیُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ دَمْعاً حَتَّی یَسِیلَ عَلَی خَدِّهِ لِأَذًی مَسَّنَا مِنْ عَدُوِّنَا فِی الدُّنْیَا بَوَّأَهُ اللَّهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ فِی الْجَنَّةِ وَ أَیُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًی فِینَا فَدَمَعَتْ عَیْنَاهُ حَتَّی یَسِیلَ دَمْعُهُ عَلَی خَدَّیْهِ مِنْ مَضَاضَةِ مَا أُوذِیَ فِینَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ الْأَذَی وَ آمَنَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَ النَّارِ(2).
مل، [كامل الزیارات] الحسن بن عبد اللّٰه بن محمد بن عیسی عن أبیه عن ابن محبوب: مثله (3)
ثو، [ثواب الأعمال] ابن المتوكل عن الحمیری عن أحمد و عبد اللّٰه ابنی محمد بن عیسی عن ابن محبوب: مثله (4)
أَقُولُ رَوَی السَّیِّدُ بْنُ طَاوُسٍ هَذَا الْخَبَرَ مُرْسَلًا: وَ فِیهِ مَكَانَ دَمَعَتْ أَوَّلًا ذَرَفَتْ وَ فِیهِ أَیُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًی فِینَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ الْأَذَی وَ آمَنَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مِنْ سَخَطِ النَّارِ(5).
ص: 281
بیان: المضاضة بالفتح وجع المصیبة و ذرفت عینه سال دمعها.
«15»- ب، [قرب الإسناد] ابْنُ سَعْدٍ عَنِ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِفُضَیْلٍ تَجْلِسُونَ وَ تُحَدِّثُونَ قَالَ نَعَمْ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ إِنَّ تِلْكَ الْمَجَالِسَ أُحِبُّهَا فَأَحْیُوا أَمْرَنَا یَا فُضَیْلُ فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَحْیَا أَمْرَنَا یَا فُضَیْلُ مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَیْنِهِ مِثْلُ جَنَاحِ الذُّبَابِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ(1).
«16»- لی، [الأمالی] للصدوق الْعَطَّارُ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ اللُّؤْلُؤِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنْ أَبِی عُمَارَةَ الْمُنْشِدِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ لِی یَا أَبَا عُمَارَةَ أَنْشِدْنِی فِی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ قَالَ فَأَنْشَدْتُهُ فَبَكَی ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ فَبَكَی قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا زِلْتُ أُنْشِدُهُ وَ یَبْكِی حَتَّی سَمِعْتُ الْبُكَاءَ مِنَ الدَّارِ قَالَ فَقَالَ یَا بَا عُمَارَةَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ شِعْراً فَأَبْكَی خَمْسِینَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَأَبْكَی ثَلَاثِینَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَأَبْكَی عِشْرِینَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَأَبْكَی عَشَرَةً فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَأَبْكَی وَاحِداً فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَبَكَی فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَتَبَاكَی فَلَهُ الْجَنَّةُ(2).
ثو، [ثواب الأعمال] ماجیلویه عن محمد العطار عن الأشعری: مثله (3)
مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسین عن ابن أبی عثمان: مثله (4).
«17»- كش، [رجال الكشی] نَصْرُ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ یَحْیَی بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ نَحْنُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكُوفِیِّینَ فَدَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ عَفَّانَ (5)
عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَرَّبَهُ وَ أَدْنَاهُ ثُمَّ قَالَ یَا جَعْفَرُ
ص: 282
قَالَ لَبَّیْكَ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَقُولُ الشِّعْرَ فِی الْحُسَیْنِ وَ تُجِیدُ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ قُلْ فَأَنْشَدَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ فَبَكَی وَ مَنْ حَوْلَهُ حَتَّی صَارَتِ الدُّمُوعُ عَلَی وَجْهِهِ وَ لِحْیَتِهِ ثُمَّ قَالَ یَا جَعْفَرُ وَ اللَّهِ لَقَدْ شَهِدَتْ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ هَاهُنَا یَسْمَعُونَ قَوْلَكَ فِی الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ لَقَدْ بَكَوْا كَمَا بَكَیْنَا وَ أَكْثَرَ وَ لَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَی لَكَ یَا جَعْفَرُ فِی سَاعَتِهِ (1) الْجَنَّةَ بِأَسْرِهَا وَ غَفَرَاللَّهُ لَكَ فَقَالَ یَا جَعْفَرُ أَ لَا أَزِیدُكَ قَالَ نَعَمْ یَا سَیِّدِی قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ قَالَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَبَكَی وَ أَبْكَی بِهِ إِلَّا أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ وَ غَفَرَ لَهُ (2).
«18»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ مَسْرُورٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی مَحْمُودٍ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام: إِنَّ الْمُحَرَّمَ شَهْرٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِیَّةِ یُحَرِّمُونَ فِیهِ الْقِتَالَ فَاسْتُحِلَّتْ فِیهِ دِمَاؤُنَا وَ هُتِكَتْ فِیهِ حُرْمَتُنَا وَ سُبِیَ فِیهِ ذَرَارِیُّنَا وَ نِسَاؤُنَا وَ أُضْرِمَتِ النِّیرَانُ فِی مَضَارِبِنَا وَ انْتُهِبَ مَا فِیهَا مِنْ ثِقْلِنَا وَ لَمْ تُرْعَ لِرَسُولِ اللَّهِ حُرْمَةٌ فِی أَمْرِنَا
ص: 283
إِنَّ یَوْمَ الْحُسَیْنِ أَقْرَحَ جُفُونَنَا وَ أَسْبَلَ دُمُوعَنَا وَ أَذَلَّ عَزِیزَنَا بِأَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ أَوْرَثَتْنَا الْكَرْبَ وَ الْبَلَاءَ إِلَی یَوْمِ الِانْقِضَاءِ فَعَلَی مِثْلِ الْحُسَیْنِ فَلْیَبْكِ الْبَاكُونَ فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَیْهِ یَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ.
ثُمَّ قَالَ علیه السلام كَانَ أَبِی إِذَا دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَا یُرَی ضَاحِكاً وَ كَانَتِ الْكَآبَةُ تَغْلِبُ عَلَیْهِ حَتَّی یَمْضِیَ مِنْهُ عَشَرَةُ أَیَّامٍ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْیَوْمُ یَوْمَ مُصِیبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ وَ یَقُولُ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ الْحُسَیْنُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ (1).
«18»- لی، [الأمالی] للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: مَنْ تَرَكَ السَّعْیَ فِی حَوَائِجِهِ یَوْمَ عَاشُورَاءَ قَضَی اللَّهُ لَهُ حَوَائِجَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ مَنْ كَانَ یَوْمُ عَاشُورَاءَ یَوْمَ مُصِیبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَوْمَ فَرَحِهِ وَ سُرُورِهِ وَ قَرَّتْ بِنَا فِی الْجِنَانِ عَیْنُهُ وَ مَنْ سَمَّی یَوْمَ عَاشُورَاءَ یَوْمَ بَرَكَةٍ وَ ادَّخَرَ فِیهِ لِمَنْزِلِهِ شَیْئاً لَمْ یُبَارَكْ لَهُ فِیمَا ادَّخَرَ وَ حُشِرَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ یَزِیدَ وَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُمُ اللَّهُ إِلَی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنَ النَّارِ.
«19»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام: أَنَا قَتِیلُ الْعَبْرَةِ لَا یَذْكُرُنِی مُؤْمِنٌ إِلَّا اسْتَعْبَرَ(2).
مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسین عن الحكم بن مسكین: مثله (3)
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن الخشاب عن إسماعیل بن مهران عن علی بن أبی حمزة عن أبی بصیر: مثله (4).
«20»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ
ص: 284
بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ فُضَیْلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَفَاضَتْ عَیْنَاهُ وَ لَوْ مِثْلَ جَنَاحِ الذُّبَابِ غُفِرَ لَهُ ذُنُوبُهُ وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ(1).
مل، [كامل الزیارات] محمد بن عبد اللّٰه عن أبیه عن البرقی عن أبیه عن بكر بن محمد عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله.
«21»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: أَیُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ دَمْعَةً حَتَّی تَسِیلَ عَلَی خَدِّهِ بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِی الْجَنَّةِ غُرَفاً یَسْكُنُهَا أَحْقَاباً(2).
«22»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَیْفٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَفَاضَتْ عَیْنَاهُ حَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَلَی النَّارِ(3).
«23»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی] للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرَّیَّانِ بْنِ شَبِیبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الرِّضَا علیه السلام فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ لِی یَا ابْنَ شَبِیبٍ أَ صَائِمٌ أَنْتَ فَقُلْتُ لَا فَقَالَ إِنَّ هَذَا الْیَوْمَ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی دَعَا فِیهِ زَكَرِیَّا رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ- رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّیَّةً طَیِّبَةً إِنَّكَ سَمِیعُ الدُّعاءِ(4) فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ وَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَنَادَتْ زَكَرِیَّا- وَ هُوَ قائِمٌ یُصَلِّی فِی الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحْیی فَمَنْ صَامَ هَذَا الْیَوْمَ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ كَمَا اسْتَجَابَ لِزَكَرِیَّا علیه السلام ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الشَّهْرُ الَّذِی كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِیَّةِ فِیمَا مَضَی یُحَرِّمُونَ فِیهِ الظُّلْمَ وَ الْقِتَالَ لِحُرْمَتِهِ فَمَا عَرَفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ حُرْمَةَ شَهْرِهَا وَ لَا حُرْمَةَ نَبِیِّهَا لَقَدْ قَتَلُوا فِی هَذَا الشَّهْرِ ذُرِّیَّتَهُ وَ سَبَوْا نِسَاءَهُ وَ انْتَهَبُوا ثَقَلَهُ فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ أَبَداً.
ص: 285
یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ كُنْتَ بَاكِیاً لِشَیْ ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا یُذْبَحُ الْكَبْشُ وَ قُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَا لَهُمْ فِی الْأَرْضِ شَبِیهُونَ وَ لَقَدْ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ وَ لَقَدْ نَزَلَ إِلَی الْأَرْضِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ لِنَصْرِهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ إِلَی أَنْ یَقُومَ الْقَائِمُ فَیَكُونُونَ مِنْ أَنْصَارِهِ وَ شِعَارُهُمْ یَا لَثَارَاتِ الْحُسَیْنِ یَا ابْنَ شَبِیبٍ لَقَدْ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ جَدِّیَ الْحُسَیْنُ أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ تُرَاباً أَحْمَرَ یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ بَكَیْتَ عَلَی الْحُسَیْنِ حَتَّی تَصِیرَ دُمُوعُكَ عَلَی خَدَّیْكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ صَغِیراً كَانَ أَوْ كَبِیراً قَلِیلًا كَانَ أَوْ كَثِیراً یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَیْكَ فَزُرِ الْحُسَیْنَ علیه السلام یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِیَّةَ فِی الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ یَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلَ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَیْنِ فَقُلْ مَتَی مَا ذَكَرْتَهُ- یا لَیْتَنِی كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِیماً یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا فِی الدَّرَجَاتِ الْعُلَی مِنَ الْجِنَانِ فَاحْزَنْ لِحُزْنِنَا وَ افْرَحْ لِفَرَحِنَا وَ عَلَیْكَ بِوَلَایَتِنَا فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَوَلَّی حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(1).
«24»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ ابْنِ أَبِی شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَنْشَدْتُهُ مَرْثِیَةَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی هَذَا الْمَوْضِعِ:
لَبَلِیَّةٌ تَسْقُوا حُسَیْناً*** بِمِسْقَاةِ الثَّرَی غَیْرِ التُّرَابِ
صَاحَتْ بَاكِیَةً مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ یَا أَبَتَاهْ (2).
ص: 286
«25»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْمَكْفُوفِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِی أَنْشِدْنِی فَأَنْشَدْتُهُ فَقَالَ لَا كَمَا تُنْشِدُونَ وَ كَمَا تُرْثِیهِ عِنْدَ قَبْرِهِ فَأَنْشَدْتُهُ
امْرُرْ عَلَی جَدَثِ الْحُسَیْنِ فَقُلْ لِأَعْظُمِهِ الزَّكِیَّةِ
قَالَ فَلَمَّا بَكَی أَمْسَكْتُ أَنَا فَقَالَ مُرَّ فَمَرَرْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ زِدْنِی زِدْنِی قَالَ فَأَنْشَدْتُهُ:
یَا مَرْیَمُ قُومِی وَ انْدُبِی مَوْلَاكِ*** وَ عَلَی الْحُسَیْنِ فَأَسْعِدِی بِبُكَاكِ
قَالَ فَبَكَی وَ تَهَایَجَ النِّسَاءُ قَالَ فَلَمَّا أَنْ سَكَتْنَ قَالَ لِی یَا بَا هَارُونَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ فَأَبْكَی عَشَرَةً فَلَهُ الْجَنَّةُ ثُمَّ جَعَلَ یَنْتَقِصُ وَاحِداً وَاحِداً حَتَّی بَلَغَ الْوَاحِدَ فَقَالَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ فَأَبْكَی وَاحِداً فَلَهُ الْجَنَّةُ ثُمَّ قَالَ مَنْ ذَكَرَهُ فَبَكَی فَلَهُ الْجَنَّةُ.
وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لِكُلِّ سِرٍّ ثَوَابٌ إِلَّا الدَّمْعَةَ فِینَا(1).
بیان: لعل المعنی أن أسرار كل مصیبة و الصبر علیها موجب للثواب إلا البكاء علیهم و یحتمل أن یكون تصحیف شی ء(2) أی لكل شی ء من الطاعة ثواب مقدر إلا الدمعة فیهم فإنه لا تقدیر لثوابها.
«26»- ل، [الخصال] الْأَرْبَعُمِائَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی اطَّلَعَ إِلَی الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِیعَةً یَنْصُرُونَنَا وَ یَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ یَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَ یَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ فِینَا أُولَئِكَ مِنَّا وَ إِلَیْنَا.
«27»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَیْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنِ ابْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُحِبُّ عَقِیلًا قَالَ إِی وَ اللَّهِ إِنِّی لَأُحِبُّهُ حُبَّیْنِ
ص: 287
حُبّاً لَهُ وَ حُبّاً لِحُبِّ أَبِی طَالِبٍ لَهُ وَ إِنَّ وَلَدَهُ لَمَقْتُولٌ فِی مَحَبَّةِ وَلَدِكَ فَتَدْمَعُ عَلَیْهِ عُیُونُ الْمُؤْمِنِینَ وَ تُصَلِّی عَلَیْهِ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ثُمَّ بَكَی رَسُولُ اللَّهِ حَتَّی جَرَتْ دُمُوعُهُ عَلَی صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَ إِلَی اللَّهِ أَشْكُو مَا تَلْقَی عِتْرَتِی مِنْ بَعْدِی (1).
قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ رُوِیَ عَنْ آلِ الرَّسُولِ علیهم السلام أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ بَكَی وَ أَبْكَی فِینَا مِائَةً فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ بَكَی وَ أَبْكَی خَمْسِینَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ بَكَی وَ أَبْكَی ثَلَاثِینَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ بَكَی وَ أَبْكَی عِشْرِینَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ بَكَی وَ أَبْكَی عَشَرَةً فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ بَكَی وَ أَبْكَی وَاحِداً فَلَهُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ تَبَاكَی فَلَهُ الْجَنَّةُ(2).
«28»- ثو، [ثواب الأعمال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْمَكْفُوفِ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا بَا هَارُونَ أَنْشِدْنِی فِی الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ فَأَنْشَدْتُهُ قَالَ فَقَالَ لِی أَنْشِدْنِی كَمَا تُنْشِدُونَ یَعْنِی بِالرَّقَّةِ قَالَ فَأَنْشَدْتُهُ:
شِعْرَ:
امْرُرْ عَلَی جَدَثِ الْحُسَیْنِ فَقُلْ لِأَعْظُمِهِ الزَّكِیَّةِ
قَالَ فَبَكَی ثُمَّ قَالَ زِدْنِی فَأَنْشَدْتُهُ الْقَصِیدَةَ الْأُخْرَی قَالَ فَبَكَی وَ سَمِعْتُ الْبُكَاءَ مِنْ خَلْفِ السِّتْرِ قَالَ فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ یَا بَا هَارُونَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَبَكَی وَ أَبْكَی عَشَرَةً كُتِبَتْ لَهُمُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَبَكَی وَ أَبْكَی خَمْسَةً كُتِبَتْ لَهُمُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ شِعْراً فَبَكَی وَ أَبْكَی وَاحِداً كُتِبَتْ لَهُمَا الْجَنَّةُ وَ مَنْ ذُكِرَ الْحُسَیْنُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَیْنَیْهِ مِنَ الدَّمْعِ مِقْدَارُ جَنَاحِ ذُبَابٍ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ(3).
مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن ابن أبی الخطاب: مثله
ص: 288
بیان: الرقة بالفتح بلدة علی الفرات واسطة دیار ربیعة و آخر غربی بغداد و قریة أسفل منها بفرسخ ذكره الفیروزآبادی (1).
«29»- ثو، [ثواب الأعمال] ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ بَیْتاً مِنْ شِعْرٍ فَبَكَی وَ أَبْكَی عَشَرَةً فَلَهُ وَ لَهُمُ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ بَیْتاً فَبَكَی وَ أَبْكَی تِسْعَةً فَلَهُ وَ لَهُمُ الْجَنَّةُ فَلَمْ یَزَلْ حَتَّی قَالَ وَ مَنْ أَنْشَدَ فِی الْحُسَیْنِ بَیْتاً فَبَكَی وَ أَظُنُّهُ قَالَ أَوْ تَبَاكَی فَلَهُ الْجَنَّةُ(2).
مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسین عن محمد بن إسماعیل: مثله- مل، [كامل الزیارات] محمد بن أحمد بن الحسین العسكری عن الحسن بن علی بن مهزیار عن أبیه عن محمد بن سنان عن محمد بن إسماعیل: مثله.
«30»- سن، [المحاسن] ابْنُ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ فَفَاضَتْ عَیْنَاهُ وَ لَوْ مِثْلَ جَنَاحِ الذُّبَابِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ(3).
«31»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصَمِّ عَنْ مِسْمَعٍ كِرْدِینٍ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ یَا مِسْمَعُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَ مَا تَأْتِی قَبْرَ الْحُسَیْنِ قُلْتُ لَا أَنَا رَجُلٌ مَشْهُورٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ عِنْدَنَا مَنْ یَتْبَعُ هَوَی هَذَا الْخَلِیفَةِ وَ أَعْدَاؤُنَا كَثِیرَةٌ مِنْ أَهْلِ القَبَائِلِ مِنَ النُّصَّابِ وَ غَیْرِهِمْ وَ لَسْتُ آمَنُهُمْ أَنْ یَرْفَعُوا عَلَیَّ حَالِی عِنْدَ وُلْدِ سُلَیْمَانَ فَیُمَثِّلُونَ عَلَیَ (4)
قَالَ لِی أَ فَمَا تَذْكُرُ مَا صُنِعَ بِهِ قُلْتُ بَلَی قَالَ فَتَجْزَعُ قُلْتُ إِی وَ اللَّهِ وَ أَسْتَعْبِرُ لِذَلِكَ حَتَّی یَرَی أَهْلِی أَثَرَ ذَلِكَ عَلَیَّ فَأَمْتَنِعُ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّی
ص: 289
یَسْتَبِینَ ذَلِكَ فِی وَجْهِی.
قَالَ رَحِمَ اللَّهُ دَمْعَتَكَ أَمَا إِنَّكَ مِنَ الَّذِینَ یُعَدُّونَ فِی أَهْلِ الْجَزَعِ لَنَا وَ الَّذِینَ یَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ یَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَ یَخَافُونَ لِخَوْفِنَا وَ یَأْمَنُونَ إِذَا أَمِنَّا أَمَا إِنَّكَ سَتَرَی عِنْدَ مَوْتِكَ وَ حُضُورِ آبَائِی لَكَ وَ وَصِیَّتِهِمْ مَلَكَ الْمَوْتِ بِكَ وَ مَا یَلْقَوْنَكَ بِهِ مِنَ الْبِشَارَةِ مَا تَقَرُّ بِهِ عَیْنَكَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَمَلَكُ الْمَوْتِ أَرَقُّ عَلَیْكَ وَ أَشَدُّ رَحْمَةً لَكَ مِنَ الْأُمِّ الشَّفِیقَةِ عَلَی وَلَدِهَا.
قَالَ ثُمَّ اسْتَعْبَرَ وَ اسْتَعْبَرْتُ مَعَهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنَا عَلَی خَلْقِهِ بِالرَّحْمَةِ وَ خَصَّنَا أَهْلَ الْبَیْتِ بِالرَّحْمَةِ یَا مِسْمَعُ إِنَّ الْأَرْضَ وَ السَّمَاءَ لَتَبْكِی مُنْذُ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ رَحْمَةً لَنَا وَ مَا بَكَی لَنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَكْثَرُ وَ مَا رَقَأَتْ دُمُوعُ الْمَلَائِكَةِ مُنْذُ قُتِلْنَا وَ مَا بَكَی أَحَدٌ رَحْمَةً لَنَا وَ لِمَا لَقِینَا إِلَّا رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الدَّمْعَةُ مِنْ عَیْنِهِ فَإِذَا سَالَ دُمُوعُهُ عَلَی خَدِّهِ فَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ دُمُوعِهِ سَقَطَتْ فِی جَهَنَّمَ لَأَطْفَأَتْ حَرَّهَا حَتَّی لَا یُوجَدَ لَهَا حَرٌّ وَ إِنَّ الْمُوجَعَ قَلْبُهُ لَنَا لَیَفْرَحُ یَوْمَ یَرَانَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَرْحَةً- لَا تَزَالُ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِی قَلْبِهِ حَتَّی یَرِدَ عَلَیْنَا الْحَوْضَ وَ إِنَّ الْكَوْثَرَ لَیَفْرَحُ بِمُحِبِّنَا إِذَا وَرَدَ عَلَیْهِ حَتَّی إِنَّهُ لَیُذِیقُهُ مِنْ ضُرُوبِ الطَّعَامِ مَا لَا یَشْتَهِی أَنْ یَصْدُرَ عَنْهُ یَا مِسْمَعُ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ یَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً وَ لَمْ یَشْقَ بَعْدَهَا أَبَداً وَ هُوَ فِی بَرْدِ الْكَافُورِ وَ رِیحِ الْمِسْكِ وَ طَعْمِ الزَّنْجَبِیلِ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ وَ أَلْیَنُ مِنَ الزُّبْدِ وَ أَصْفَی مِنَ الدَّمْعِ وَ أَذْكَی مِنَ الْعَنْبَرِ یَخْرُجُ مِنْ تَسْنِیمٍ وَ یَمُرُّ بِأَنْهَارِ الْجِنَانِ تَجْرِی عَلَی رَضْرَاضِ الدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ فِیهِ مِنَ الْقِدْحَانِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ یُوجَدُ رِیحُهُ مِنْ مَسِیرَةِ أَلْفِ عَامٍ قِدْحَانُهُ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ أَلْوَانِ الْجَوْهَرِ یَفُوحُ فِی وَجْهِ الشَّارِبِ مِنْهُ كُلَّ فَائِحَةٍ یَقُولُ الشَّارِبُ مِنْهُ لَیْتَنِی تُرِكْتُ هَاهُنَا لَا أَبْغِی بِهَذَا بَدَلًا وَ لَا عَنْهُ تَحْوِیلًا.
أَمَا إِنَّكَ یَا كِرْدِینُ مِمَّنْ تَرْوَی مِنْهُ وَ مَا مِنْ عَیْنٍ بَكَتْ لَنَا إِلَّا نُعِّمَتْ بِالنَّظَرِ إِلَی الْكَوْثَرِ وَ سُقِیَتْ مِنْهُ مَنْ أَحَبَّنَا فَإِنَّ الشَّارِبَ (1) مِنْهُ لَیُعْطَی مِنَ اللَّذَّةِ وَ
ص: 290
الطَّعْمِ وَ الشَّهْوَةِ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا یُعْطَاهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِی حُبِّنَا.
وَ إِنَّ عَلَی الْكَوْثَرِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ فِی یَدِهِ عَصًا مِنْ عَوْسَجٍ یَحْطِمُ بِهَا أَعْدَاءَنَا فَیَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِنِّی أَشْهَدُ الشَّهَادَتَیْنِ فَیَقُولُ انْطَلِقْ إِلَی إِمَامِكَ فُلَانٍ فَاسْأَلْهُ أَنْ یَشْفَعَ لَكَ فَیَقُولُ یَتَبَرَّأُ مِنِّی إِمَامِیَ الَّذِی تَذْكُرُهُ فَیَقُولُ ارْجِعْ وَرَاءَكَ فَقُلْ لِلَّذِی كُنْتَ تَتَوَلَّاهُ وَ تُقَدِّمُهُ عَلَی الْخَلْقِ فَاسْأَلْهُ إِذْ كَانَ عِنْدَكَ خَیْرُ الْخَلْقِ أَنْ یَشْفَعَ لَكَ فَإِنَّ خَیْرَ الْخَلْقِ حَقِیقٌ أَنْ لَا یُرَدَّ إِذَا شَفَعَ فَیَقُولُ إِنِّی أَهْلِكُ عَطَشاً فَیَقُولُ زَادَكَ اللَّهُ ظَمَأً وَ زَادَكَ اللَّهُ عَطَشاً قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ كَیْفَ یَقْدِرُ عَلَی الدُّنُوِّ مِنَ الْحَوْضِ وَ لَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ غَیْرُهُ قَالَ وَرِعَ عَنْ أَشْیَاءَ قَبِیحَةٍ وَ كَفَّ عَنْ شَتْمِنَا إِذَا ذَكَرَنَا وَ تَرَكَ أَشْیَاءَ اجْتَرَأَ عَلَیْهَا غَیْرُهُ وَ لَیْسَ ذَلِكَ لِحُبِّنَا وَ لَا لِهَوًی مِنْهُ وَ لَكِنْ ذَلِكَ لِشِدَّةِ اجْتِهَادِهِ فِی عِبَادَتِهِ وَ تَدَیُّنِهِ وَ لِمَا قَدْ شَغَلَ بِهِ نَفْسَهُ عَنْ ذِكْرِ النَّاسِ فَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُنَافِقٌ وَ دِینُهُ النَّصْبُ بِاتِّبَاعِ أَهْلِ النَّصْبِ وَ وَلَایَةِ الْمَاضِینَ وَ تَقَدُّمِهِ لَهُمَا عَلَی كُلِّ أَحَدٍ(1).
بیان: الرضراض الحصا أو صغارها قوله علیه السلام و سقیت إسناد السقی إلیها مجازی لسببیتها لذلك.
«32»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: إِنَّ الْبُكَاءَ وَ الْجَزَعَ مَكْرُوهٌ لِلْعَبْدِ فِی كُلِّ مَا جَزِعَ مَا خَلَا الْبُكَاءَ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَإِنَّهُ فِیهِ مَأْجُورٌ(2).
«33»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ عَنْ خَالِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ الزَّیَّاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْمَكْفُوفِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ: وَ مَنْ ذُكِرَ الْحُسَیْنُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ مِنْ عَیْنَیْهِ مِنَ الدُّمُوعِ مِقْدَارُ جَنَاحِ ذُبَابٍ كَانَ ثَوَابُهُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَمْ یَرْضَ لَهُ بِدُونِ الْجَنَّةِ(3).
ص: 291
مل، [كامل الزیارات] أبی و جماعة مشایخنا عن سعد بن عبد اللّٰه عن أحمد بن محمد عن حمزة بن علی الأشعری عن الحسن بن معاویة بن وهب عمن حدثه عن أبی جعفر علیه السلام قال كان علی بن الحسین علیهما السلام یقول: و ذكر مثله.
«34»- مل، [كامل الزیارات] حَكِیمُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ بَكَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَسَّامِ وَ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَقُولُ: مَنْ قَطَرَتْ عَیْنَاهُ فِینَا قَطْرَةً وَ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فِینَا دَمْعَةً بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِی الْجَنَّةِ حُقُباً(1).
«35»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَوْ نُبِشَ قَبْرُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام هَلْ كَانَ یُصَابُ فِی قَبْرِهِ شَیْ ءٌ فَقَالَ یَا ابْنَ بُكَیْرٍ مَا أَعْظَمَ مَسَائِلَكَ إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام مَعَ أَبِیهِ وَ أُمِّهِ وَ أَخِیهِ فِی مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَعَهُ یُرْزَقُونَ وَ یُحْبَرُونَ وَ إِنَّهُ لَعَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ یَقُولُ یَا رَبِّ أَنْجِزْ لِی مَا وَعَدْتَنِی وَ إِنَّهُ لَیَنْظُرُ إِلَی زُوَّارِهِ فَهُوَ أَعْرَفُ بِهِمْ وَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ مَا فِی رِحَالِهِمْ مِنْ أَحَدِهِمْ بِوُلْدِهِ وَ إِنَّهُ لَیَنْظُرُ إِلَی مَنْ یَبْكِیهِ فَیَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ یَسْأَلُ أَبَاهُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ وَ یَقُولُ أَیُّهَا الْبَاكِی لَوْ عَلِمْتَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ لَفَرِحْتَ أَكْثَرَ مِمَّا حَزِنْتَ وَ إِنَّهُ لَیَسْتَغْفِرُ لَهُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَ خَطِیئَةٍ(2).
«36»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنِ ابْنِ أَبَانٍ عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ الْأَصَمِّ: مِثْلَهُ.
«37»- أَقُولُ رَأَیْتُ فِی بَعْضِ تَأْلِیفَاتِ بَعْضِ الثِّقَاتِ مِنَ الْمُعَاصِرِینَ: رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ بِقَتْلِ وَلَدِهَا الْحُسَیْنِ وَ مَا یَجْرِی عَلَیْهِ مِنَ الْمِحَنِ
ص: 292
بَكَتْ فَاطِمَةُ بُكَاءً شَدِیداً وَ قَالَتْ یَا أَبَهْ مَتَی یَكُونُ ذَلِكَ قَالَ فِی زَمَانٍ خَالٍ مِنِّی وَ مِنْكِ وَ مِنْ عَلِیٍّ فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهَا وَ قَالَتْ یَا أَبَهْ فَمَنْ یَبْكِی عَلَیْهِ وَ مَنْ یَلْتَزِمُ بِإِقَامَةِ الْعَزَاءِ لَهُ فَقَالَ النَّبِیُّ یَا فَاطِمَةُ إِنَّ نِسَاءَ أُمَّتِی یَبْكُونَ عَلَی نِسَاءِ أَهْلِ بَیْتِی وَ رِجَالَهُمْ یَبْكُونَ عَلَی رِجَالِ أَهْلِ بَیْتِی وَ یُجَدِّدُونَ الْعَزَاءَ جِیلًا بَعْدَ جِیلٍ فِی كُلِّ سَنَةٍ فَإِذَا كَانَ الْقِیَامَةُ تَشْفَعِینَ أَنْتِ لِلنِّسَاءِ وَ أَنَا أَشْفَعُ لِلرِّجَالِ وَ كُلُّ مَنْ بَكَی مِنْهُمْ عَلَی مُصَابِ الْحُسَیْنِ أَخَذْنَا بِیَدِهِ وَ أَدْخَلْنَاهُ الْجَنَّةَ یَا فَاطِمَةُ كُلُّ عَیْنٍ بَاكِیَةٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِلَّا عَیْنٌ بَكَتْ عَلَی مُصَابِ الْحُسَیْنِ فَإِنَّهَا ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ بِنَعِیمِ الْجَنَّةِ.
أقول: سیأتی بعض الأخبار فی ذلك فی باب بكاء السماء و الأرض علیه علیه السلام.
«38»- وَ رَأَیْتُ فِی بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ حُكِیَ عَنِ السَّیِّدِ عَلِیٍّ الْحُسَیْنِیِّ قَالَ: كُنْتُ مُجَاوِراً فِی مَشْهَدِ مَوْلَایَ- عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا علیهما السلام مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ شَهْرِ عَاشُورَاءَ ابْتَدَأَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا یَقْرَأُ مَقْتَلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَوَرَدَتْ رِوَایَةٌ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ مَنْ ذَرَفَتْ عَیْنَاهُ عَلَی مُصَابِ الْحُسَیْنِ وَ لَوْ مِثْلَ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ وَ كَانَ فِی الْمَجْلِسِ مَعَنَا جَاهِلٌ مُرَكَّبٌ یَدَّعِی الْعِلْمَ وَ لَا یَعْرِفُهُ فَقَالَ لَیْسَ هَذَا بِصَحِیحٍ وَ الْعَقْلُ لَا یَعْتَقِدُهُ (1)
وَ كَثُرَ الْبَحْثُ بَیْنَنَا وَ افْتَرَقْنَا عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَ هُوَ
ص: 293
مُصِرٌّ عَلَی الْعِنَادِ فِی تَكْذِیبِ الْحَدِیثِ- فَنَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تِلْكَ اللَّیْلَةَ فَرَأَی فِی مَنَامِهِ كَأَنَّ الْقِیَامَةَ قَدْ قَامَتْ وَ حُشِرَ النَّاسُ فِی صَعِیدٍ صَفْصَفٍ لا تَری فِیها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً وَ قَدْ نُصِبَتِ الْمَوَازِینُ وَ امْتَدَّ الصِّرَاطُ وَ وُضِعَ الْحِسَابُ وَ نُشِرَتِ الْكُتُبُ وَ أُسْعِرَتِ النِّیرَانُ وَ زُخْرِفَتِ الْجِنَانُ وَ اشْتَدَّ الْحَرُّ عَلَیْهِ وَ إِذَا هُوَ قَدْ عَطَشَ عَطَشاً شَدِیداً وَ بَقِیَ یَطْلُبُ الْمَاءَ فَلَا یَجِدُهُ.
ص: 294
فَالْتَفَتَ یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ إِذَا هُوَ بِحَوْضٍ عَظِیمِ الطُّولِ وَ الْعَرْضِ قَالَ قُلْتُ فِی نَفْسِی هَذَا هُوَ الْكَوْثَرُ فَإِذَا فِیهِ مَاءٌ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَحْلَی مِنَ الْعَذْبِ وَ إِذَا عِنْدَ الْحَوْضِ رَجُلَانِ وَ امْرَأَةٌ أَنْوَارُهُمْ تُشْرِقُ عَلَی الْخَلَائِقِ وَ مَعَ ذَلِكَ لُبْسُهُمُ السَّوَادُ وَ هُمْ بَاكُونَ مَحْزُونُونَ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ فَقِیلَ لِی هَذَا مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَی وَ هَذَا الْإِمَامُ عَلِیٌّ الْمُرْتَضَی وَ هَذِهِ الطَّاهِرَةُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ فَقُلْتُ مَا لِی أَرَاهُمْ لَابِسِینَ السَّوَادَ وَ بَاكِینَ وَ مَحْزُونِینَ فَقِیلَ لِی أَ لَیْسَ هَذَا یَوْمَ عَاشُورَاءَ یَوْمَ مَقْتَلِ الْحُسَیْنِ فَهُمْ مَحْزُونُونَ لِأَجْلِ ذَلِكَ
ص: 295
قَالَ فَدَنَوْتُ إِلَی سَیِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ وَ قُلْتُ لَهَا یَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّی عَطْشَانُ فَنَظَرَتْ إِلَیَّ شَزْراً وَ قَالَتْ لِی أَنْتَ الَّذِی تُنْكِرُ فَضْلَ الْبُكَاءِ عَلَی مُصَابِ وَلَدِیَ الْحُسَیْنِ وَ مُهْجَةِ قَلْبِی وَ قُرَّةِ عَیْنِیَ الشَّهِیدِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلِیهِ وَ ظَالِمِیهِ وَ مَانِعِیهِ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ قَالَ الرَّجُلُ فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِی فَزِعاً مَرْعُوباً وَ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ كَثِیراً وَ نَدِمْتُ عَلَی مَا كَانَ مِنِّی وَ أَتَیْتُ إِلَی أَصْحَابِیَ الَّذِینَ كُنْتُ مَعَهُمْ وَ خَبَّرْتُ بِرُؤْیَایَ وَ تُبْتُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
ص: 296
«1»- ع، [علل الشرائع] الطَّالَقَانِیُّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنِ الْجَوْهَرِیِّ عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَخْبِرْنِی عَنْ أَصْحَابِ الْحُسَیْنِ وَ إِقْدَامِهِمْ عَلَی الْمَوْتِ فَقَالَ إِنَّهُمْ كُشِفَ لَهُمُ الْغِطَاءُ حَتَّی رَأَوْا مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ یُقْدِمُ عَلَی الْقَتْلِ لِیُبَادِرَ إِلَی حَوْرَاءَ یُعَانِقُهَا وَ إِلَی مَكَانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ(1).
«2»- مع، [معانی الأخبار] الْمُفَسِّرُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ النَّاصِریِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: لَمَّا اشْتَدَّ الْأَمْرُ بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ نَظَرَ إِلَیْهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِهِمْ لِأَنَّهُمْ كُلَّمَا اشْتَدَّ الْأَمْرُ تَغَیَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ وَ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَانَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ بَعْضُ مَنْ مَعَهُ مِنْ خَصَائِصِهِ تُشْرِقُ أَلْوَانُهُمْ وَ تَهْدَأُ جَوَارِحُهُمْ وَ تَسْكُنُ نُفُوسُهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا لَا یُبَالِی بِالْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ الْحُسَیْنُ علیه السلام صَبْراً بَنِی الْكِرَامِ فَمَا الْمَوْتُ إِلَّا قَنْطَرَةٌ تَعْبُرُ بِكُمْ عَنِ الْبُؤْسِ وَ الضَّرَّاءِ إِلَی الْجِنَانِ الْوَاسِعَةِ وَ النَّعِیمِ الدَّائِمَةِ فَأَیُّكُمْ یَكْرَهُ أَنْ یَنْتَقِلَ مِنْ سِجْنٍ إِلَی قَصْرٍ وَ مَا هُوَ لِأَعْدَائِكُمْ إِلَّا كَمَنْ یَنْتَقِلُ مِنْ قَصْرٍ إِلَی سِجْنٍ وَ عَذَابٍ إِنَّ أَبِی حَدَّثَنِی عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الدُّنْیَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ الْكَافِرِ وَ الْمَوْتُ جِسْرُ هَؤُلَاءِ إِلَی جِنَانِهِمْ وَ جِسْرُ هَؤُلَاءِ إِلَی جَحِیمِهِمْ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ (2).
ص: 297
«3»- یج، [الخرائج و الجرائح] سَعْدٌ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنِ النَّضْرِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: كُنْتُ مَعَ أَبِی فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی قُتِلَ فِی صَبِیحَتِهَا فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ هَذَا اللَّیْلُ فَاتَّخِذُوهُ جُنَّةً فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا یُرِیدُونَنِی وَ لَوْ قَتَلُونِی لَمْ یَلْتَفِتُوا إِلَیْكُمْ وَ أَنْتُمْ فِی حِلٍّ وَ سَعَةٍ فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ هَذَا أَبَداً فَقَالَ إِنَّكُمْ تُقْتَلُونَ غَداً كُلُّكُمْ وَ لَا یُفْلِتُ مِنْكُمْ رَجُلٌ قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی شَرَّفَنَا بِالْقَتْلِ مَعَكَ ثُمَّ دَعَا فَقَالَ لَهُمُ ارْفَعُوا رُءُوسَكُمْ وَ انْظُرُوا فَجَعَلُوا یَنْظُرُونَ إِلَی مَوَاضِعِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَ هُوَ یَقُولُ لَهُمْ هَذَا مَنْزِلُكَ یَا فُلَانُ فَكَانَ الرَّجُلُ یَسْتَقْبِلُ الرِّمَّاحَ وَ السُّیُوفَ بِصَدْرِهِ وَ وَجْهِهِ لِیَصِلَ إِلَی مَنْزِلَتِهِ مِنَ الْجَنَّةِ.
«4»- ل، [الخصال] لی، [الأمالی] للصدوق الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ یُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَبِی صَفِیَّةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: نَظَرَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ سَیِّدُ الْعَابِدِینَ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَاسْتَعْبَرَ ثُمَّ قَالَ مَا مِنْ یَوْمٍ أَشَدَّ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ یَوْمِ أُحُدٍ قُتِلَ فِیهِ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَ أَسَدُ رَسُولِهِ وَ بَعْدَهُ یَوْمَ مُؤْتَةَ قُتِلَ فِیهِ ابْنُ عَمِّهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَ لَا یَوْمَ كَیَوْمِ الْحُسَیْنِ ازْدَلَفَ إِلَیْهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلٌّ یَتَقَرَّبُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِدَمِهِ وَ هُوَ بِاللَّهِ یُذَكِّرُهُمْ فَلَا یَتَّعِظُونَ حَتَّی قَتَلُوهُ بَغْیاً وَ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً.
ثُمَّ قَالَ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ الْعَبَّاسَ فَلَقَدْ آثَرَ وَ أَبْلَی وَ فَدَی أَخَاهُ بِنَفْسِهِ حَتَّی قُطِعَتْ یَدَاهُ فَأَبْدَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِمَا جَنَاحَیْنِ یَطِیرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِی الْجَنَّةِ كَمَا جَعَلَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ إِنَّ لِلْعَبَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَنْزِلَةً یَغْبِطُهُ بِهَا جَمِیعُ الشُّهَدَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ(1).
«5»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَمَّنْ
ص: 298
حَدَّثَهُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَمْزَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ وَ أَبِی الْمَغْرَاءِ وَ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ جَمِیعاً عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَا مِنْ شَهِیدٍ إِلَّا وَ هُوَ یُحِبُّ لَوْ أَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام حَیٌّ حَتَّی یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مَعَهُ (1).
«1»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی] للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرَّیَّانِ بْنِ شَبِیبٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَسْكُنَ الْغُرَفَ الْمَبْنِیَّةَ فِی الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِیِّ وَ آلِهِ فَالْعَنْ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام یَا ابْنَ شَبِیبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ یَكُونَ لَكَ مِنَ الثَّوَابِ مِثْلُ مَا لِمَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقُلْ مَتَی مَا ذَكَرْتَهُ یا لَیْتَنِی كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِیماً الْخَبَرَ(2).
«2»- أَقُولُ، قَدْ أَوْرَدْنَا فِی بَابِ مَا وَقَعَ فِی الشَّامِ عَنِ ابْنِ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: مَنْ نَظَرَ إِلَی الْفُقَّاعِ أَوْ إِلَی الشِّطْرَنْجِ فَلْیَذْكُرِ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ لْیَلْعَنْ یَزِیدَ وَ آلَ زِیَادٍ یَمْحُو اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِذَلِكَ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ كَعَدَدِ النُّجُومِ (3).
ص: 299
«3»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِالْأَسَانِیدِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ عَلَیْهِ نِصْفُ عَذَابِ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ قَدْ شُدَّ یَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ بِسَلَاسِلَ مِنْ نَارٍ مُنَكَّسٌ فِی النَّارِ حَتَّی یَقَعَ فِی قَعْرِ جَهَنَّمَ وَ لَهُ رِیحٌ یَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ إِلَی رَبِّهِمْ مِنْ شِدَّةِ نَتْنِهِ وَ هُوَ فِیهَا خَالِدٌ ذَائِقُ الْعَذَابِ الْأَلِیمِ مَعَ جَمِیعِ مَنْ شَایَعَ عَلَی قَتْلِهِ- كُلَّما
نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهِمُ الْجُلُودَ غَیْرَهَا حَتَّی یَذُوقُوا الْعَذَابَ الْأَلِیمَ لا یُفَتَّرُ عَنْهُمْ سَاعَةً وَ یُسْقَوْنَ مِنْ حَمِیمِ جَهَنَّمَ فَالْوَیْلُ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ(1).
صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عنه علیه السلام: مثله.
«4»- ن بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ علیه السلام سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنَّ أَخِی هَارُونَ مَاتَ فَاغْفِرْ لَهُ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَیْهِ یَا مُوسَی لَوْ سَأَلْتَنِی فِی الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ لَأَجَبْتُكَ مَا خَلَا قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَإِنِّی أَنْتَقِمُ لَهُ مِنْ قَاتِلِهِ (2).
صح، [صحیفة الرضا علیه السلام] عنه علیه السلام: مثله.
«5»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: یَقْتُلُ الْحُسَیْنَ شَرُّ الْأُمَّةِ وَ یَتَبَرَّأُ مِنْ وُلْدِهِ مَنْ یَكْفُرُ بِی.
«6»- ل، [الخصال] حَمْزَةُ الْعَلَوِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:سِتَّةٌ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ كُلُّ نَبِیٍّ مُجَابٍ الزَّائِدُ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ الْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ وَ التَّارِكُ لِسُنَّتِی وَ الْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِی مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ الْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِیُذِلَّ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ وَ یُعِزَّ مَنْ أَذَلَّهُ اللَّهُ وَ الْمُسْتَأْثِرُ بِفَیْ ءِ الْمُسْلِمِینَ الْمُسْتَحِلُّ لَهُ.
أقول: قد مضی مثل هذا الخبر بأسانید متعددة فی باب القضاء و القدر(3).
ص: 300
«7»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی فَاخِتَةَ قَالَ: قُلْتُ لِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنِّی أَذْكُرُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَأَیَّ شَیْ ءٍ أَقُولُ إِذَا ذَكَرْتُهُ فَقَالَ قُلْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تُكَرِّرُهَا ثَلَاثاً الْخَبَرَ.
«8»- ثو، [ثواب الأعمال] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ زِیَادٍ الْقَنْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عِیصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ كُنْتُ أَشْتَهِی أَنْ یَنْتَقِمَ اللَّهُ مِنْهُ فِی الدُّنْیَا فَقَالَ كَأَنَّكَ تَسْتَقِلُّ لَهُ عَذَابَ اللَّهِ وَ مَا عِنْدَ اللَّهِ أَشَدُّ عَذَاباً وَ أَشَدُّ نَكَالًا.
«9»- ثو، [ثواب الأعمال] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:إِنَّ فِی النَّارِ مَنْزِلَةً لَمْ یَكُنْ یَسْتَحِقُّهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا علیهم السلام.
مل، [كامل الزیارات] أبی عن سعد عن ابن هاشم: مثله (1).
«10»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیٍّ النَّاقِدُ عَنْ أَبِی هَارُونَ الْعَبْسِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ حَیَّانَ عَنْ خَالِدٍ الرَّبَعِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی مَنْ سَمِعَ كَعْباً یَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ لَعَنَ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُ الرَّحْمَنِ وَ أَمَرَ وُلْدَهُ بِذَلِكَ وَ أَخَذَ عَلَیْهِمُ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ ثُمَّ لَعَنَهُ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ وَ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ لَعَنَهُ دَاوُدُ وَ أَمَرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ بِذَلِكَ ثُمَّ لَعَنَهُ عِیسَی وَ أَكْثَرَ أَنْ قَالَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ الْعَنُوا قَاتِلَهُ وَ إِنْ أَدْرَكْتُمْ أَیَّامَهُ فَلَا تَجْلِسُوا عَنْهُ فَإِنَّ الشَّهِیدَ مَعَهُ كَالشَّهِیدِ مَعَ الْأَنْبِیَاءِ مُقْبِلٍ غَیْرِ مُدْبِرٍ وَ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی بُقْعَتِهِ وَ مَا مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا وَ قَدْ زَارَ كَرْبَلَاءَ وَ وَقَفَ عَلَیْهَا وَ قَالَ إِنَّكِ لَبُقْعَةٌ كَثِیرَةُ الْخَیْرِ فِیكِ یُدْفَنُ الْقَمَرُ الْأَزْهَرُ(2).
ص: 301
بیان: قوله مقبل الأصوب مقبلا أی كشهید استشهد معهم حالكونه مقبلا علی القتال غیر مدبر و علی ما فی النسخ صفة لقوله كالشهید لأنه فی قوة النكرة.
«11»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدٌ الْحِمْیَرِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ عَنِ الْعَوَّامِ مَوْلَی قُرَیْشٍ قَالَ سَمِعْتُ مَوْلَایَ عُمَرَ بْنَ هُبَیْرَةَ قَالَ: رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ فِی حَجْرِهِ یُقَبِّلُ هَذَا مَرَّةً وَ یُقَبِّلُ هَذَا مَرَّةً وَ یَقُولُ لِلْحُسَیْنِ الْوَیْلُ لِمَنْ یَقْتُلُكَ (1).
«12»- مل، [كامل الزیارات] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ زَكَرِیَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ زَیْدٍ أَبِی الْحَسَنِ وَ عَبَّادٍ جَمِیعاً عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:مَنْ سَرَّهُ أَنْ یَحْیَا حَیَاتِی وَ یَمُوتَ مَمَاتِی وَ یَدْخُلَ جَنَّةَ عَدْنٍ قَضِیبٍ غَرَسَهُ رَبِّی بِیَدِهِ فَلْیَتَوَلَّ عَلِیّاً وَ الْأَوْصِیَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَ لْیُسَلِّمْ لِفَضْلِهِمْ فَإِنَّهُمُ الْهُدَاةُ الْمَرْضِیُّونَ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فَهْمِی وَ عِلْمِی وَ هُمْ عِتْرَتِی مِنْ لَحْمِی وَ دَمِی إِلَی اللَّهِ أَشْكُو عَدُوَّهُمْ مِنْ أُمَّتِیَ الْمُنْكِرِینَ لِفَضْلِهِمُ الْقَاطِعِینَ فِیهِمْ صِلَتِی وَ اللَّهِ لَیَقْتُلُنَّ ابْنِی لَا نَالَتْهُمْ شَفَاعَتِی (2).
«13»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ جَمَاعَةُ مَشَایِخِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ كُلَیْبِ بْنِ مُعَاوِیَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَاتِلُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَلَدَ زِنًا وَ كَانَ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَلَدَ زِنًا وَ لَمْ تَبْكِ السَّمَاءُ إِلَّا عَلَیْهِمَا(3).
مل، [كامل الزیارات] ابن الولید و محمد بن أحمد بن الحسین معا عن الحسن بن علی بن مهزیار عن أبیه عن الحسن عن فضالة عن كلیب بن معاویة: مثله- مل، [كامل الزیارات] ابن الولید عن الصفار عن ابن عیسی عن ابن فضال عن مروان
ص: 302
بن مسلم عن إسماعیل بن كثیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله.
«14»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی وَ ابْنُ الْوَلِیدِ مَعاً عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ قَاتِلُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَلَدَ زِنًا وَ قَاتِلُ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا وَلَدَ زِنًا.
مل، [كامل الزیارات] محمد بن جعفر عن محمد بن الحسین عن صفوان عن داود بن فرقد عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام: مثله.
«15»- مل، [كامل الزیارات] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَاتِلُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام وَلَدُ زِنًا.
«16»- مل، [كامل الزیارات] مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنِ الْخَشَّابِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِذَا اسْتَسْقَی الْمَاءَ فَلَمَّا شَرِبَهُ رَأَیْتُهُ قَدِ اسْتَعْبَرَ وَ اغْرَوْرَقَتْ عَیْنَاهُ بِدُمُوعِهِ ثُمَّ قَالَ لِی یَا دَاوُدُ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَمَا مِنْ عَبْدٍ شَرِبَ الْمَاءَ فَذَكَرَ الْحُسَیْنَ وَ لَعَنَ قَاتِلَهُ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَ حَطَّ عَنْهُ مِائَةَ أَلْفِ سَیِّئَةٍ وَ رَفَعَ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَ كَأَنَّمَا أَعْتَقَ مِائَةَ أَلْفِ نَسَمَةٍ وَ حَشَرَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثَلِجَ الْفُؤَادِ(1).
مل، [كامل الزیارات] الكلینی عن علی بن محمد عن سهل عن جعفر بن إبراهیم عن سعد بن سعد: مثله (2).
ص: 303
«17»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام]: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله لَمَّا نَزَلَتْ- وَ إِذْ أَخَذْنا مِیثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ الْآیَةَ(1) فِی الْیَهُودِ أَیِ الَّذِینَ نَقَضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَ كَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ وَ قَتَلُوا أَوْلِیَاءَ اللَّهِ أَ فَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَنْ یُضَاهِیهِمْ مِنْ یَهُودِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالُوا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِی یَنْتَحِلُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِی یَقْتُلُونَ أَفَاضِلَ ذُرِّیَّتِی وَ أَطَایِبَ أَرُومَتِی وَ یُبَدِّلُونَ شَرِیعَتِی وَ سُنَّتِی وَ یَقْتُلُونَ وَلَدَیَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ كَمَا قَتَلَ أَسْلَافُ الْیَهُودِ زَكَرِیَّا وَ یَحْیَی أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ یَلْعَنُهُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ وَ یَبْعَثُ عَلَی بَقَایَا ذَرَارِیِّهِمْ قَبْلَ یَوْمِ الْقِیَامَةِ هَادِیاً مَهْدِیّاً مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ الْمَظْلُومِ یُحْرِقُهُمْ بِسُیُوفِ أَوْلِیَائِهِ إِلَی نَارِ جَهَنَّمَ أَلَا وَ لَعَنَ اللَّهُ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ مُحِبِّیهِمْ وَ نَاصِرِیهِمْ وَ السَّاكِتِینَ عَنْ لَعْنِهِمْ مِنْ غَیْرِ تَقِیَّةٍ یُسْكِتُهُمْ أَلَا وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی الْبَاكِینَ عَلَی الْحُسَیْنِ رَحْمَةً وَ شَفَقَةً وَ اللَّاعِنِینَ لِأَعْدَائِهِمْ وَ الْمُمْتَلِئِینَ عَلَیْهِمْ غَیْظاً وَ حَنَقاً أَلَا وَ إِنَّ الرَّاضِینَ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ شُرَكَاءُ قَتَلَتِهِ أَلَا وَ إِنَّ قَتَلَتَهُ وَ أَعْوَانَهُمْ وَ أَشْیَاعَهُمْ وَ الْمُقْتَدِینَ بِهِمْ بِرَاءٌ مِنْ دِینِ اللَّهِ
ص: 304
إِنَّ اللَّهَ لَیَأْمُرُ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِینَ أَنْ یَتَلَقَّوْا دُمُوعَهُمُ الْمَصْبُوبَةَ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ إِلَی الْخُزَّانِ فِی الْجِنَانِ فَیَمْزُجُوهَا بِمَاءِ الْحَیَوَانِ فَتَزِیدُ عُذُوبَتُهَا وَ طِیبُهَا أَلْفَ ضِعْفِهَا وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَیَتَلَقَّوْنَ دُمُوعَ الْفَرِحِینَ الضَّاحِكِینَ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ یَتَلَقَّوْنَهَا فِی الْهَاوِیَةِ وَ یَمْزُجُونَهَا بِحَمِیمِهَا وَ صَدِیدِهَا وَ غَسَّاقِهَا وَ غِسْلِینِهَا فَیَزِیدُ فِی شِدَّةِ حَرَارَتِهَا وَ عَظِیمِ عَذَابِهَا أَلْفَ ضِعْفِهَا یُشَدِّدُ بِهَا عَلَی الْمَنْقُولِینَ إِلَیْهَا مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَذَابَهُمْ.
«18»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْجَامُورَانِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ صَنْدَلٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً فِی بَیْتِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَنَظَرْتُ إِلَی حَمَامٍ رَاعِبِیٍّ یُقَرْقِرُ فَنَظَرَ إِلَیَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ یَا دَاوُدُ أَ تَدْرِی مَا یَقُولُ هَذَا الطَّیْرُ قُلْتُ لَا وَ اللَّهِ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ یَدْعُو عَلَی قَتَلَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَاتَّخِذُوا فِی مَنَازِلِكُمْ (1).
«19»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ النَّوْفَلِیِّ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الرَّاعِبِیَّةَ فِی بُیُوتِكُمْ فَإِنَّهَا تَلْعَنُ قَتَلَةَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَهُ (2).
أقول: وجدت فی بعض مؤلفات المعاصرین: أنه لما جمع ابن زیاد لعنه اللّٰه قومه لحرب الحسین علیه السلام كانوا سبعین ألف فارس فقال ابن زیاد أیها الناس من
ص: 305
منكم یتولی قتل الحسین و له ولایة أی بلد شاء فلم یجبه أحد منهم فاستدعی بعمر بن سعد لعنه اللّٰه و قال له یا عمر أرید أن تتولی حرب الحسین بنفسك فقال له اعفنی من ذلك فقال ابن زیاد قد أعفیتك یا عمر فاردد علینا عهدنا الذی كتبنا إلیك بولایة الری فقال عمر أمهلنا اللیلة فقال له قد أمهلتك.
فانصرف عمر بن سعد إلی منزله و جعل یستشیر قومه و إخوانه و من یثق به من أصحابه فلم یشر علیه أحد بذلك و كان عند عمر بن سعد رجل من أهل الخیر یقال له كامل و كان صدیقا لأبیه من قبله فقال له یا عمر ما لی أراك بهیئة و حركة فما الذی أنت عازم علیه و كان كامل كاسمه ذا رأی و عقل و دین كامل.
فقال له ابن سعد لعنه اللّٰه إنی قد ولیت أمر هذا الجیش فی حرب الحسین و إنما قتله عندی و أهل بیته كأكلة آكل أو كشربة ماء و إذا قتلته خرجت إلی ملك الری فقال له كامل أف لك یا عمر بن سعد ترید أن تقتل الحسین ابن بنت رسول اللّٰه أف لك و لدینك یا عمر أ سفهت الحق و ضللت الهدی أ ما تعلم إلی حرب من تخرج و لمن تقاتل إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ و اللّٰه لو أعطیت الدنیا و ما فیها علی قتل رجل واحد من أمة محمد لما فعلت فكیف ترید تقتل الحسین بن بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ما الذی تقول غدا لرسول اللّٰه إذا وردت علیه و قد قتلت ولده و قرة عینه و ثمرة فؤاده و ابن سیدة نساء العالمین و ابن سید الوصیین و هو سید شباب أهل الجنة من الخلق أجمعین و إنه فی زماننا هذا بمنزلة جده فی زمانه و طاعته فرض علینا كطاعته و إنه باب الجنة و النار فاختر لنفسك ما أنت مختار و إنی أشهد باللّٰه إن حاربته أو قتلته أو أعنت علیه أو علی قتله لا تلبث فی الدنیا بعده إلا قلیلا.
فقال له عمر بن سعد فبالموت تخوفنی و إنی إذا فرغت من قتله أكون أمیرا علی سبعین ألف فارس و أتولی ملك الری فقال له كامل إنی أحدثك بحدیث صحیح أرجو لك فیه النجاة إن وفقت لقبوله.
ص: 306
اعلم أنی سافرت مع أبیك سعد إلی الشام فانقطعت بی مطیتی عن أصحابی و تهت و عطشت فلاح لی دیر راهب فملت إلیه و نزلت عن فرسی و أتیت إلی باب الدیر لأشرب ماء فأشرف علی راهب من ذلك الدیر و قال ما ترید فقلت له إنی عطشان فقال لی أنت من أمة هذا النبی الذین یقتل بعضهم بعضا علی حب الدنیا مكالبة و یتنافسون فیها علی حطامها فقلت له أنا من الأمة المرحومة أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله.
فقال إنكم أشر أمة فالویل لكم یوم القیامة و قد غدوتم إلی عترة نبیكم و تسبون نساءه و تنهبون أمواله فقلت له یا راهب نحن نفعل ذلك قال نعم و إنكم إذا فعلتم ذلك عجت السماوات و الأرضون و البحار و الجبال و البراری و القفار و الوحوش و الأطیار باللعنة علی قاتله ثم لا یلبث قاتله فی الدنیا إلا قلیلا ثم یظهر رجل یطلب بثأره فلا یدع أحدا شرك فی دمه إلا قتله و عجل اللّٰه بروحه إلی النار.
ثم قال الراهب إنی لأری لك قرابة من قاتل هذا الابن الطیب و اللّٰه إنی لو أدركت أیامه لوقیته بنفسی من حر السیوف فقلت یا راهب إنی أعیذ نفسی أن أكون ممن یقاتل ابن بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فقال إن لم تكن أنت فرجل قریب منك و إن قاتله علیه نصف عذاب أهل النار و إن عذابه أشد من عذاب فرعون و هامان ثم ردم الباب فی وجهی و دخل یعبد اللّٰه تعالی و أبی أن یسقینی الماء.
قال كامل فركبت فرسی و لحقت أصحابی فقال لی أبوك سعد ما بطأك عنا یا كامل فحدثته بما سمعته من الراهب فقال لی صدقت.
ثم إن سعدا أخبرنی أنه نزل بدیر هذا الراهب مرة من قبلی فأخبره أنه هو الرجل الذی یقتل ابن بنت رسول اللّٰه فخاف أبوك سعد من ذلك و خشی أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك فاحذر یا عمر أن تخرج علیه یكون علیك نصف عذاب أهل النار قال فبلغ الخبر ابن زیاد لعنه اللّٰه فاستدعی بكامل و قطع لسانه
ص: 307
فعاش یوما أو بعض یوم و مات رحمه اللّٰه.
قَالَ وَ حُكِیَ: أَنَّ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ رَآهُ إِسْرَائِیلِیٌّ مُسْتَعْجِلًا وَ قَدْ كَسَتْهُ الصُّفْرَةُ وَ اعْتَرَی بَدَنَهُ الضَّعْفُ وَ حَكَمَ بِفَرَائِصِهِ الرَّجْفُ وَ قَدِ اقْشَعَرَّ جِسْمُهُ وَ غَارَتْ عَیْنَاهُ وَ نَحِفَ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا دَعَاهُ رَبُّهُ لِلْمُنَاجَاةِ یَصِیرُ عَلَیْهِ ذَلِكَ مِنْ خِیفَةِ اللَّهِ تَعَالَی فَعَرَفَهُ الْإِسْرَائِیلِیُّ وَ هُوَ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ فَقَالَ لَهُ یَا نَبِیَّ اللَّهِ أَذْنَبْتُ ذَنْباً عَظِیماً فَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ یَعْفُوَ عَنِّی فَأَنْعَمَ وَ سَارَ.
فَلَمَّا نَاجَی رَبَّهُ قَالَ لَهُ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ أَسْأَلُكَ وَ أَنْتَ الْعَالِمُ قَبْلَ نُطْقِی بِهِ فَقَالَ تَعَالَی یَا مُوسَی مَا تَسْأَلُنِی أُعْطِیكَ وَ مَا تُرِیدُ أُبَلِّغُكَ قَالَ رَبِّ إِنَّ فُلَاناً عَبْدَكَ الْإِسْرَائِیلِیَّ أَذْنَبَ ذَنْباً وَ یَسْأَلُكَ الْعَفْوَ قَالَ یَا مُوسَی أَعْفُو عَمَّنِ اسْتَغْفَرَنِی إِلَّا قَاتِلَ الْحُسَیْنِ.
قَالَ مُوسَی یَا رَبِّ وَ مَنِ الْحُسَیْنُ قَالَ لَهُ الَّذِی مَرَّ ذِكْرُهُ عَلَیْكَ بِجَانِبِ الطُّورِ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَنْ یَقْتُلُهُ قَالَ یَقْتُلُهُ أُمَّةُ جَدِّهِ الْبَاغِیَةُ الطَّاغِیَةُ فِی أَرْضِ كَرْبَلَاءَ وَ تَنْفِرُ فَرَسُهُ وَ تُحَمْحِمُ وَ تَصْهِلُ وَ تَقُولُ فِی صَهِیلِهَا الظَّلِیمَةَ الظَّلِیمَةَ مِنْ أُمَّةٍ قَتَلَتْ ابْنَ بِنْتِ نَبِیِّهَا فَیَبْقَی مُلْقًی عَلَی الرِّمَالِ مِنْ غَیْرِ غُسْلٍ وَ لَا كَفَنٍ وَ یُنْهَبُ رَحْلُهُ وَ یُسْبَی نِسَاؤُهُ فِی الْبُلْدَانِ وَ یُقْتَلُ نَاصِرُهُ وَ تُشْهَرُ رُءُوسُهُمْ مَعَ رَأْسِهِ عَلَی أَطْرَافِ الرِّمَاحِ یَا مُوسَی صَغِیرُهُمْ یُمِیتُهُ الْعَطَشُ وَ كَبِیرُهُمْ جِلْدُهُ مُنْكَمِشٌ یَسْتَغِیثُونَ وَ لَا نَاصِرَ وَ یَسْتَجِیرُونَ وَ لَا خَافِرَ(1).
قَالَ فَبَكَی مُوسَی علیه السلام وَ قَالَ یَا رَبِّ وَ مَا لِقَاتِلِیهِ مِنَ الْعَذَابِ قَالَ یَا مُوسَی عَذَابٌ یَسْتَغِیثُ مِنْهُ أَهْلُ النَّارِ بِالنَّارِ لَا تَنَالُهُمْ رَحْمَتِی وَ لَا شَفَاعَةُ جَدِّهِ وَ لَوْ لَمْ تَكُنْ كَرَامَةٌ لَهُ لَخَسَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ.
قَالَ مُوسَی بَرِئْتُ إِلَیْكَ اللَّهُمَّ مِنْهُمْ وَ مِمَّنْ رَضِیَ بِفِعَالِهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ یَا مُوسَی كَتَبْتُ رَحْمَةً لِتَابِعِیهِ مِن عِبَادِی وَ اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ بَكَی عَلَیْهِ أَوْ أَبْكَی أَوْ تَبَاكَی حَرَّمْتُ جَسَدَهُ عَلَی النَّارِ.
ص: 308
تذنیب: قال مؤلف كتاب إلزام النواصب و غیره إن میسون بنت بجدل الكلبیة أمكنت عبد أبیها عن نفسها فحملت یزید لعنه اللّٰه و إلی هذا أشار النسابة الكلبی بقوله:
فإن یكن الزمان أتی علینا*** بقتل الترك و الموت الوحی
فقد قتل الدعی و عبد كلب*** بأرض الطف أولاد النبی.
أراد بالدعی عبید اللّٰه بن زیاد لعنه اللّٰه فإن أباه زیاد ابن سمیة كانت أمه سمیة مشهورة بالزنا و ولد علی فراش أبی عبید عبد بنی علاج من ثقیف فادعی معاویة أن أبا سفیان زنی بأم زیاد فأولدها زیادا و إنه أخوه فصار اسمه الدعی و كانت عائشة تسمیه زیاد بن أبیه لأنه لیس له أب معروف و مراده بعبد كلب یزید بن معاویة لأنه من عبد بجدل الكلبی.
و أما عمر بن سعد لعنه اللّٰه فقد نسبوا أباه سعدا إلی غیر أبیه و إنه من رجل من بنی عذرة كان خدنا لأمه و یشهد بذلك قول معاویة لعنه اللّٰه حین قال سعد لمعاویة أنا أحق بهذا الأمر منك فقال له معاویة یأبی علیك ذلك بنو عذرة و ضرط له روی ذلك النوفلی بن سلیمان من علماء السنة و یدل علی ذلك قول السید الحمیری:
قدما تداعوا زنیما ثم سادهم*** لو لا خمول بنی سعد لما سادوا.
ص: 309
أقول: بدأت أولا فی إیراد تلك القصص الهائلة بإیراد روایة أوردها الصدوق رحمه اللّٰه ثم جمعت فی إیراد تمام القصة بین روایة المفید رحمه اللّٰه فی الإرشاد و روایة السید بن طاوس رحمه اللّٰه فی كتاب الملهوف و روایة الشیخ جعفر بن محمد بن نما فی كتاب مثیر الأحزان و روایة أبی الفرج الأصفهانی فی كتاب مقاتل الطالبیین و روایة السید العالم محمد بن أبی طالب بن أحمد الحسینی الحائری من كتاب كبیر جمعه فی مقتله علیه السلام و روایة صاحب كتاب المناقب الذی ألفه بعض القدماء من الكتب المعتبرة و ذكر أسانیده إلیها و مؤلفه إما من الإمامیة أو من الزیدیة و عندی منه نسخة قدیمة مصحّحة و روایة المسعودی فی كتاب مروج الذهب و هو من علمائنا الإمامیة و روایة ابن شهرآشوب فی المناقب و روایة صاحب كشف الغمة و غیر ذلك مما قد نصرّح باسم من ننقل عنه ثم نختم الباب بإیراد الأخبار المتفرقة.
«1»- لی، [الأمالی] للصدوق مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْبَغْدَادِیُّ الْحَافِظُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ زِیَادٍ التُّسْتَرِیِّ مِنْ كِتَابِهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی بْنِ یُونُسَ بْنِ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ قَاضِی بَلْخٍ قَالَ حَدَّثَتْنِی مُرَیْسَةُ بِنْتُ مُوسَی بْنِ یُونُسَ بْنِ أَبِی إِسْحَاقَ وَ كَانَتْ عَمَّتِی قَالَتْ حَدَّثَتْنِی صَفِیَّةُ بِنْتُ یُونُسَ بْنِ أَبِی إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِیَّةُ وَ كَانَتْ عَمَّتِی قَالَتْ حَدَّثَتْنِی بَهْجَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّغْلِبِیِّ عَنْ خَالِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ وَ كَانَ رَضِیعاً لِبَعْضِ وُلْدِ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ قَالَ سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِ
ص: 310
بْنِ الْحُسَیْنِ فَقُلْتُ حَدِّثْنِی عَنْ مَقْتَلِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاوِیَةَ الْوَفَاةُ دَعَا ابْنَهُ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَجْلَسَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ إِنِّی قَدْ ذَلَّلْتُ لَكَ الرِّقَابَ الصِّعَابَ وَ وَطَدْتُ لَكَ الْبِلَادَ وَ جَعَلْتُ الْمُلْكَ وَ مَا فِیهِ لَكَ طُعْمَةً وَ إِنِّی أَخْشَی عَلَیْكَ مِنْ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ یُخَالِفُونَ عَلَیْكَ بِجَهْدِهِمْ وَ هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍ (1) فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَهُوَ مَعَكَ فَالْزَمْهُ وَ لَا تَدَعْهُ وَ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَقَطِّعْهُ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِ إِرْباً إِرْباً فَإِنَّهُ یَجْثُو لَكَ
كَمَا یَجْثُو الْأَسَدُ لِفَرِیسَتِهِ وَ یُؤَارِبُكَ مُؤَارَبَةَ الثَّعْلَبِ لِلْكَلْبِ (2)
وَ أَمَّا الْحُسَیْنُ فَقَدْ عَرَفْتَ حَظَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ هُوَ مِنْ لَحْمِ رَسُولِ اللَّهِ وَ دَمِهِ وَ قَدْ عَلِمْتُ لَا مَحَالَةَ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ سَیُخْرِجُونَهُ إِلَیْهِمْ ثُمَّ یَخْذُلُونَهُ وَ یُضَیِّعُونَهُ فَإِنْ ظَفِرْتَ
ص: 311
بِهِ فَاعْرِفْ حَقَّهُ وَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ لَا تُؤَاخِذْهُ بِفِعْلِهِ وَ مَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَنَا بِهِ خِلْطَةً وَ رَحِماً(1) وَ إِیَّاكَ أَنْ تَنَالَهُ بِسُوءٍ أَوْ یَرَی مِنْكَ مَكْرُوهاً قَالَ فَلَمَّا هَلَكَ مُعَاوِیَةُ وَ تَوَلَّی الْأَمْرَ بَعْدَهُ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ بَعَثَ عَامِلَهُ عَلَی مَدِینَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ عَمُّهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَقَدِمَ الْمَدِینَةَ وَ عَلَیْهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ كَانَ عَامِلَ مُعَاوِیَةَ فَأَقَامَهُ عُتْبَةُ مِنْ مَكَانِهِ وَ جَلَسَ فِیهِ لِیُنْفِذَ فِیهِ أَمْرَ یَزِیدَ فَهَرَبَ مَرْوَانُ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ (2) وَ بَعَثَ عُتْبَةُ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَمَرَكَ أَنْ تُبَایِعَ لَهُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَا عُتْبَةُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا أَهْلُ بَیْتِ الْكَرَامَةِ وَ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَ أَعْلَامُ الْحَقِّ الَّذِینَ أَوْدَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلُوبَنَا وَ أَنْطَقَ بِهِ أَلْسِنَتَنَا فَنَطَقَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُ إِنَّ الْخِلَافَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَی وُلْدِ أَبِی سُفْیَانَ وَ كَیْفَ أُبَایِعُ أَهْلَ بَیْتٍ قَدْ قَالَ فِیهِمْ رَسُولُ اللَّهِ هَذَا فَلَمَّا سَمِعَ عُتْبَةُ ذَلِكَ دَعَا الْكَاتِبَ وَ كَتَبَ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ یَزِیدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ لَیْسَ یَرَی لَكَ خِلَافَةً وَ لَا بَیْعَةً فَرَأْیُكَ فِی أَمْرِهِ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ كَتَبَ الْجَوَابَ إِلَی عُتْبَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِی هَذَا فَعَجِّلْ عَلَیَّ بِجَوَابِهِ وَ بَیِّنْ لِی فِی كِتَابِكَ كُلَّ مَنْ فِی طَاعَتِی أَوْ خَرَجَ عَنْهَا وَ لْیَكُنْ مَعَ الْجَوَابِ رَأْسُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَبَلَغَ ذَلِكَ الْحُسَیْنَ علیه السلام فَهَمَّ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ إِلَی أَرْضِ الْعِرَاقِ فَلَمَّا أَقْبَلَ اللَّیْلُ رَاحَ إِلَی مَسْجِدِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِیُوَدِّعَ الْقَبْرَ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَی الْقَبْرِ سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِنَ الْقَبْرِ فَعَادَ إِلَی مَوْضِعِهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الثَّانِیَةُ رَاحَ لِیُوَدِّعَ
ص: 312
الْقَبْرَ فَقَامَ یُصَلِّی فَأَطَالَ فَنَعَسَ وَ هُوَ سَاجِدٌ.
فَجَاءَهُ النَّبِیُّ وَ هُوَ فِی مَنَامِهِ فَأَخَذَ الْحُسَیْنَ وَ ضَمَّهُ إِلَی صَدْرِهِ وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ یَقُولُ بِأَبِی أَنْتَ كَأَنِّی أَرَاكَ مُرَمَّلًا بِدَمِكَ بَیْنَ عِصَابَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ یَرْجُونَ شَفَاعَتِی مَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلَاقٍ یَا بُنَیَّ إِنَّكَ قَادِمٌ عَلَی أَبِیكَ وَ أُمِّكَ وَ أَخِیكَ وَ هُمْ مُشْتَاقُونَ إِلَیْكَ وَ إِنَّ لَكَ فِی الْجَنَّةِ دَرَجَاتٍ لَا تَنَالُهَا إِلَّا بِالشَّهَادَةِ فَانْتَبَهَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ نَوْمِهِ بَاكِیاً فَأَتَی أَهْلَ بَیْتِهِ فَأَخْبَرَهُمْ بِالرُّؤْیَا وَ وَدَّعَهُمْ وَ حَمَلَ أَخَوَاتِهِ عَلَی الْمَحَامِلِ وَ ابْنَتَهُ وَ ابْنَ أَخِیهِ الْقَاسِمَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام ثُمَّ سَارَ فِی أَحَدٍ وَ عِشْرِینَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِیٍّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ عُثْمَانُ بْنُ عَلِیٍّ وَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِیٍّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ الْأَكْبَرُ وَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ الْأَصْغَرُ وَ سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِخُرُوجِهِ فَقَدَّمَ رَاحِلَتَهُ وَ خَرَجَ خَلْفَهُ مُسْرِعاً فَأَدْرَكَهُ فِی بَعْضِ الْمَنَازِلِ فَقَالَ أَیْنَ تُرِیدُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ الْعِرَاقَ قَالَ مَهْلًا ارْجِعْ إِلَی حَرَمِ جَدِّكَ فَأَبَی الْحُسَیْنُ عَلَیْهِ فَلَمَّا رَأَی ابْنُ عُمَرَ إِبَاءَهُ قَالَ یَا بَا عَبْدِ اللَّهِ اكْشِفْ لِی عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِی كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یُقَبِّلُهُ مِنْكَ فَكَشَفَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَنْ سُرَّتِهِ فَقَبَّلَهَا ابْنُ عُمَرَ ثَلَاثاً وَ بَكَی وَ قَالَ أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ یَا بَا عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فِی وَجْهِكَ هَذَا فَسَارَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ فَلَمَّا نَزَلُوا ثَعْلَبِیَّةَ وَرَدَ عَلَیْهِ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- یَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ (1) قَالَ إِمَامٌ دَعَا إِلَی هُدًی فَأَجَابُوهُ إِلَیْهِ وَ إِمَامٌ دَعَا إِلَی ضَلَالَةٍ فَأَجَابُوهُ إِلَیْهَا هَؤُلَاءِ فِی الْجَنَّةِ وَ هَؤُلَاءِ فِی النَّارِ وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ(2) ثُمَّ سَارَ حَتَّی نَزَلَ الْعُذَیْبَ فَقَالَ فِیهَا(3) قَائِلَةَ الظَّهِیرَةِ ثُمَّ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ
ص: 313
بَاكِیاً فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مَا یُبْكِیكَ یَا أَبَهْ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّهَا سَاعَةٌ لَا تَكْذِبُ الرُّؤْیَا فِیهَا وَ إِنَّهُ عَرَضَ لِی فِی مَنَامٍ عَارِضٌ فَقَالَ تُسْرِعُونَ السَّیْرَ وَ الْمَنَایَا تَسِیرُ بِكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ ثُمَّ سَارَ حَتَّی نَزَلَ الرُّهَیْمَةَ(1) فَوَرَدَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ یُكَنَّی أَبَا هَرِمٍ فَقَالَ یَا ابْنَ النَّبِیِّ مَا الَّذِی أَخْرَجَكَ مِنَ الْمَدِینَةِ فَقَالَ وَیْحَكَ یَا بَا هَرِمٍ شَتَمُوا عِرْضِی فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا مَالِی فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا دَمِی فَهَرَبْتُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَیَقْتُلُنِی ثُمَّ لَیُلْبِسَنَّهُمُ اللَّهُ ذُلًّا شَامِلًا وَ سَیْفاً قَاطِعاً وَ لَیُسَلِّطَنَّ عَلَیْهِمْ مَنْ یُذِلُّهُمْ قَالَ وَ بَلَغَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ الْخَبَرُ وَ أَنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام قَدْ نَزَلَ الرُّهَیْمَةَ فَأَسْرَی إِلَیْهِ حُرَّ بْنَ یَزِیدَ فِی أَلْفِ فَارِسٍ قَالَ الْحُرُّ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِی مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْحُسَیْنِ علیه السلام نُودِیتُ ثَلَاثاً یَا حُرُّ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَداً فَقُلْتُ ثَكِلَتِ الْحُرَّ أُمُّهُ یَخْرُجُ إِلَی قِتَالِ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُبَشَّرُ بِالْجَنَّةِ فَرَهِقَهُ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَأَمَرَ الْحُسَیْنُ علیه السلام ابْنَهُ فَأَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ قَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَصَلَّی بِالْفَرِیقَیْنِ فَلَمَّا سَلَّمَ وَثَبَ الْحُرُّ بْنُ یَزِیدَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا الْحُرُّ بْنُ یَزِیدَ فَقَالَ یَا حُرُّ أَ عَلَیْنَا أَمْ لَنَا فَقَالَ الْحُرُّ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَقَدْ بُعِثْتُ لِقِتَالِكَ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُحْشَرَ مِنْ قَبْرِی وَ نَاصِیَتِی مَشْدُودَةٌ إِلَیَّ وَ یَدَیَّ مَغْلُولَةٌ إِلَی عُنُقِی وَ أُكَبَّ عَلَی حُرِّ وَجْهِی فِی النَّارِ- یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَیْنَ تَذْهَبُ ارْجِعْ إِلَی حَرَمِ جَدِّكَ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ.
فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام:
سَأَمْضِی فَمَا بِالْمَوْتِ عَارٌ عَلَی الْفَتَی*** إِذَا مَا نَوَی حَقّاً وَ جَاهَدَ مُسْلِماً
وَ وَاسَی الرِّجَالَ الصَّالِحِینَ بِنَفْسِهِ*** وَ فَارَقَ مَثْبُوراً وَ خَالَفَ مُجْرِماً(2)
فَإِنْ مِتُّ لَمْ أَنْدَمْ وَ إِنْ عِشْتُ لَمْ أُلَمْ*** كَفَی بِكَ ذُلًّا أَنْ تَمُوتَ وَ تُرْغَمَا
ص: 314
ثُمَّ سَارَ الْحُسَیْنُ حَتَّی نَزَلَ الْقُطْقُطَانَةَ(1)
فَنَظَرَ إِلَی فُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا الْفُسْطَاطُ فَقِیلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ الْحَنَفِیِّ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَالَ أَیُّهَا الرَّجُلُ إِنَّكَ مُذْنِبٌ خَاطِئٌ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ آخِذُكَ بِمَا أَنْتَ صَانِعٌ إِنْ لَمْ تَتُبْ إِلَی اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی سَاعَتِكَ هَذِهِ فَتَنْصُرَنِی وَ یَكُونُ جَدِّی شَفِیعَكَ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَوْ نَصَرْتُكَ لَكُنْتُ أَوَّلَ مَقْتُولٍ بَیْنَ یَدَیْكَ وَ لَكِنْ هَذَا فَرَسِی خُذْهُ إِلَیْكَ فَوَ اللَّهِ مَا رَكِبْتُهُ قَطُّ وَ أَنَا أَرُومُ شَیْئاً إِلَّا بَلَغْتُهُ وَ لَا أَرَادَنِی أَحَدٌ إِلَّا نَجَوْتُ عَلَیْهِ فَدُونَكَ فَخُذْهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام بِوَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِیكَ وَ لَا فِی فَرَسِكَ- وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً وَ لَكِنْ فِرَّ فَلَا لَنَا وَ لَا عَلَیْنَا فَإِنَّهُ مَنْ سَمِعَ وَاعِیَتَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ ثُمَّ لَمْ یُجِبْنَا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَی وَجْهِهِ فِی نَارِ جَهَنَّمَ.
ثُمَّ سَارَ حَتَّی نَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ أَیُّ مَوْضِعٍ هَذَا فَقِیلَ هَذَا كَرْبَلَاءُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ علیه السلام هَذَا وَ اللَّهِ یَوْمُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ وَ هَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِی یُهَرَاقُ فِیهِ دِمَاؤُنَا وَ یُبَاحُ فِیهِ حَرِیمُنَا فَأَقْبَلَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ بِعَسْكَرِهِ حَتَّی عَسْكَرَ بِالنُّخَیْلَةِ وَ بَعَثَ إِلَی الْحُسَیْنِ رَجُلًا یُقَالُ لَهُ- عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَائِدُهُ فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَ أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَیْنِ التَّمِیمِیُّ فِی أَلْفِ فَارِسٍ یَتْبَعُهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِیٍّ فِی أَلْفِ فَارِسٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ الْكِنْدِیُّ أَیْضاً فِی أَلْفِ فَارِسٍ وَ كَتَبَ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَلَی النَّاسِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَسْمَعُوا لَهُ وَ یُطِیعُوهُ فَبَلَغَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ یُسَامِرُ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ یُحَدِّثُهُ وَ یَكْرَهُ قِتَالَهُ فَوَجَّهُ إِلَیْهِ شِمْرَ بْنَ ذِی الْجَوْشَنِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَ كَتَبَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِذَا أَتَاكَ كِتَابِی هَذَا فَلَا تُمْهِلَنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ وَ خُذْ بِكَظَمِهِ وَ حُلْ بَیْنَ الْمَاءِ وَ بَیْنَهُ كَمَا حِیلَ بَیْنَ عُثْمَانَ وَ بَیْنَ الْمَاءِ یَوْمَ الدَّارِ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی إِنَّا قَدْ أَجَّلْنَا حُسَیْناً وَ أَصْحَابَهُ یَوْمَهُمُ وَ لَیْلَتَهُمْ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَامَ الْحُسَیْنُ فِی أَصْحَابِهِ خَطِیباً فَقَالَ:
ص: 315
اللَّهُمَّ إِنِّی لَا أَعْرِفُ أَهْلَ بَیْتٍ أَبَرَّ وَ لَا أَزْكَی وَ لَا أَطْهَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی وَ لَا أَصْحَاباً هُمْ خَیْرٌ مِنْ أَصْحَابِی وَ قَدْ نَزَلَ بِی مَا قَدْ تَرَوْنَ وَ أَنْتُمْ فِی حِلٍّ مِنْ بَیْعَتِی لَیْسَتْ لِی فِی أَعْنَاقِكُمْ بَیْعَةٌ وَ لَا لِی عَلَیْكُمْ ذِمَّةٌ وَ هَذَا اللَّیْلُ قَدْ غَشِیَكُمْ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلًا(1) وَ تَفَرَّقُوا فِی سَوَادِهِ فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا یَطْلُبُونِّی وَ لَوْ ظَفِرُوا بِی لَذَهَلُوا عَنْ طَلَبِ غَیْرِی فَقَامَ عَلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا ذَا یَقُولُ لَنَا النَّاسُ إِنْ نَحْنُ خَذَلْنَا شَیْخَنَا وَ كَبِیرَنَا وَ سَیِّدَنَا وَ ابْنَ سَیِّدِ الْأَعْمَامِ وَ ابْنَ نَبِیِّنَا سَیِّدِ الْأَنْبِیَاءِ لَمْ نَضْرِبْ مَعَهُ بِسَیْفٍ وَ لَمْ نُقَاتِلْ مَعَهُ بِرُمْحٍ لَا وَ اللَّهِ أَوْ نَرِدَ مَوْرِدَكَ وَ نَجْعَلَ أَنْفُسَنَا دُونَ نَفْسِكَ وَ دِمَاءَنَا دُونَ دَمِكَ فَإِذَا نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَقَدْ قَضَیْنَا مَا عَلَیْنَا وَ خَرَجْنَا مِمَّا لَزِمَنَا وَ قَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ زُهَیْرُ بْنُ الْقَیْنِ الْبَجَلِیُّ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَدِدْتُ أَنِّی قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ فِیكَ وَ فِی الَّذِینَ مَعَكَ مِائَةَ قَتْلَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ دَفَعَ بِی عَنْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَقَالَ لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ جُزِیتُمْ خَیْراً.
ثُمَّ إِنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام أَمَرَ بِحَفِیرَةٍ فَحُفِرَتْ حَوْلَ عَسْكَرِهِ شِبْهَ الْخَنْدَقِ وَ أَمَرَ فَحُشِیَتْ حَطَباً وَ أَرْسَلَ عَلِیّاً ابْنَهُ علیه السلام فِی ثَلَاثِینَ فَارِساً وَ عِشْرِینَ رَاجِلًا لِیَسْتَقُوا الْمَاءَ وَ هُمْ عَلَی وَجَلٍ شَدِیدٍ وَ أَنْشَأَ الْحُسَیْنُ یَقُولُ:
یَا دَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِیلٍ*** كَمْ لَكَ فِی الْإِشْرَاقِ وَ الْأَصِیلِ
مِنْ طَالِبٍ وَ صَاحِبٍ قَتِیلٍ*** وَ الدَّهْرُ لَا یَقْنَعُ بِالْبَدِیلِ
وَ إِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَی الْجَلِیلِ*** وَ كُلُّ حَیٍّ سَالِكٌ سَبِیلِی
ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَاشْرَبُوا مِنَ الْمَاءِ یَكُنْ آخِرَ زَادِكُمْ وَ تَوَضَّئُوا
ص: 316
وَ اغْتَسِلُوا وَ اغْسِلُوا ثِیَابَكُمْ لِتَكُونَ أَكْفَانَكُمْ ثُمَّ صَلَّی بِهِمُ الْفَجْرَ وَ عَبَّأَهُمْ تَعْبِئَةَ الْحَرْبِ- وَ أَمَرَ بِحَفِیرَتِهِ الَّتِی حَوْلَ عَسْكَرِهِ فَأُضْرِمَتْ بِالنَّارِ لِیُقَاتِلَ الْقَوْمَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ.
وَ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَلَی فَرَسٍ لَهُ یُقَالُ لَهُ- ابْنُ أَبِی جُوَیْرِیَةَ الْمُزَنِیُّ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی النَّارِ تَتَّقِدُ صَفَقَ بِیَدِهِ وَ نَادَی یَا حُسَیْنُ وَ أَصْحَابَ حُسَیْنٍ أَبْشِرُوا بِالنَّارِ فَقَدْ تَعَجَّلْتُمُوهَا فِی الدُّنْیَا فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَنِ الرَّجُلُ فَقِیلَ ابْنُ أَبِی جُوَیْرِیَةَ الْمُزَنِیُّ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهُمَّ أَذِقْهُ عَذَابَ النَّارِ فِی الدُّنْیَا فَنَفَرَ بِهِ فَرَسُهُ وَ أَلْقَاهُ فِی تِلْكَ النَّارِ فَاحْتَرَقَ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ رَجُلٌ آخَرُ یُقَالُ لَهُ تَمِیمُ بْنُ حُصَیْنٍ الْفَزَارِیُّ فَنَادَی یَا حُسَیْنُ وَ یَا أَصْحَابَ حُسَیْنٍ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَی مَاءِ الْفُرَاتِ یَلُوحُ كَأَنَّهُ بُطُونُ الْحَیَّاتِ (1) وَ اللَّهِ لَا ذُقْتُمْ مِنْهُ قَطْرَةً حَتَّی تَذُوقُوا الْمَوْتَ جَزَعاً فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَنِ الرَّجُلُ فَقِیلَ تَمِیمُ بْنُ حُصَیْنٍ فَقَالَ الْحُسَیْنُ هَذَا وَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ اللَّهُمَّ اقْتُلْ هَذَا عَطَشاً فِی هَذَا الْیَوْمِ قَالَ فَخَنَقَهُ الْعَطَشُ حَتَّی سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ فَوَطِئَتْهُ الْخَیْلُ بِسَنَابِكِهَا فَمَاتَ ثُمَّ أَقْبَلَ آخَرُ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ یُقَالُ لَهُ- مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ بْنِ قَیْسٍ الْكِنْدِیُّ فَقَالَ یَا حُسَیْنَ بْنَ فَاطِمَةَ أَیَّةُ حُرْمَةٍ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَیْسَتْ لِغَیْرِكَ فَتَلَا الْحُسَیْنُ هَذِهِ الْآیَةَ- إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ ذُرِّیَّةً الْآیَةَ(2)
ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ مُحَمَّداً لَمِنْ آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِنَّ الْعِتْرَةَ الْهَادِیَةَ لَمِنْ آلِ مُحَمَّدٍ مَنِ الرَّجُلُ فَقِیلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَشْعَثَ بْنِ قَیْسٍ الْكِنْدِیُّ فَرَفَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَرِ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ ذُلًّا فِی هَذَا الْیَوْمِ- لَا تُعِزُّهُ بَعْدَ هَذَا الْیَوْمِ أَبَداً فَعَرَضَ لَهُ عَارِضٌ فَخَرَجَ مِنَ الْعَسْكَرِ یَتَبَرَّزُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِ عَقْرَباً فَلَدَغَتْهُ فَمَاتَ بَادِیَ الْعَوْرَةِ.
ص: 317
فَبَلَغَ الْعَطَشُ مِنَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِهِ یُقَالُ لَهُ- یَزِیدُ بْنُ الْحُصَیْنِ الْهَمْدَانِیُّ قَالَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَاوِی الْحَدِیثِ هُوَ خَالُ أَبِی إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِیِّ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَأْذَنُ لِی فَأَخْرُجُ إِلَیْهِمْ فَأُكَلِّمُهُمْ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ مُحَمَّداً- بِالْحَقِّ بَشِیراً وَ نَذِیراً- وَ داعِیاً إِلَی اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِیراً وَ هَذَا مَاءُ الْفُرَاتِ تَقَعُ فِیهِ خَنَازِیرُ السَّوَادِ وَ كِلَابُهَا وَ قَدْ حِیلَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ ابْنِهِ فَقَالُوا یَا یَزِیدُ فَقَدْ أَكْثَرْتَ الْكَلَامَ فَاكْفُفْ فَوَ اللَّهِ لَیَعْطَشَنَّ الْحُسَیْنُ كَمَا عَطَشَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اقْعُدْ یَا یَزِیدُ.
ثُمَّ وَثَبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مُتَوَكِّئاً عَلَی سَیْفِهِ فَنَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْرِفُونِّی قَالُوا نَعَمْ أَنْتَ ابْنُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سِبْطُهُ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أُمِّی فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَبِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَدَّتِی خَدِیجَةُ بِنْتُ خُوَیْلِدٍ أَوَّلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِسْلَاماً قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سَیِّدَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةَ عَمُّ أَبِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَعْفَرَ الطَّیَّارِ فِی الْجَنَّةِ عَمِّی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا سَیْفُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَنَا مُتَقَلِّدُهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ عِمَامَةُ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا لَابِسُهَا قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِیّاً كَانَ أَوَّلَهُمْ إِسْلَاماً وَ أَعْلَمَهُمْ عِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَنَّهُ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَبِمَ تَسْتَحِلُّونَ دَمِی وَ أَبِی الذَّائِدُ عَنِ الْحَوْضِ غَداً یَذُودُ عَنْهُ رِجَالًا كَمَا یُذَادُ الْبَعِیرُ الصَّادِرُ عَنِ الْمَاءِ وَ لِوَاءُ الْحَمْدِ فِی یَدَیْ جَدِّی یَوْمَ الْقِیَامَةِ- قَالُوا قَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ وَ نَحْنُ غَیْرُ تَارِكِیكَ حَتَّی تَذُوقَ الْمَوْتَ عَطَشاً.
ص: 318
فَأَخَذَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بِطَرَفِ لِحْیَتِهِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ ابْنُ سَبْعٍ وَ خَمْسِینَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی الْیَهُودِ حِینَ قَالُوا- عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی النَّصَارَی حِینَ قَالُوا- الْمَسِیحُ ابْنُ اللَّهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی الْمَجُوسِ حِینَ عَبَدُوا النَّارَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی قَوْمٍ قَتَلُوا نَبِیَّهُمْ وَ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی هَذِهِ الْعِصَابَةِ الَّذِینَ یُرِیدُونَ قَتْلِی ابْنِ نَبِیِّهِمْ (1) قَالَ فَضَرَبَ الْحُرُّ بْنُ یَزِیدَ فَرَسَهُ وَ جَازَ عَسْكَرَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِلَی عَسْكَرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَاضِعاً یَدَهُ عَلَی رَأْسِهِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَیْكَ أُنِیبُ فَتُبْ عَلَیَّ فَقَدْ أَرْعَبْتُ قُلُوبَ أَوْلِیَائِكَ وَ أَوْلَادَ نَبِیِّكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ لِی مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ نَعَمْ تَابَ اللَّهُ عَلَیْكَ قَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ائْذَنْ لِی فَأُقَاتِلَ عَنْكَ فَأَذِنَ لَهُ فَبَرَزَ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَضْرِبُ فِی أَعْنَاقِكُمْ بِالسَّیْفِ*** عَنْ خَیْرِ مَنْ حَلَّ بِلَادَ الْخَیْفِ
فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ فَأَتَاهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ دَمُهُ یَشْخُبُ فَقَالَ بَخْ بَخْ یَا حُرُّ أَنْتَ حُرٌّ كَمَا سُمِّیتَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ أَنْشَأَ الْحُسَیْنُ یَقُولُ:
لَنِعْمَ الْحُرُّ حُرُّ بَنِی رِیَاحٍ*** وَ نِعْمَ الْحُرُّ مُخْتَلَفَ الرِّمَاحِ (2)
وَ نِعْمَ الْحُرُّ إِذْ نَادَی حُسَیْناً*** فَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ
ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ زُهَیْرُ بْنُ الْقَیْنِ الْبَجَلِیُّ وَ هُوَ یَقُولُ مُخَاطِباً لِلْحُسَیْنِ علیه السلام:
الْیَوْمَ نَلْقَی جَدَّكَ النَّبِیَّا*** وَ حَسَناً وَ الْمُرْتَضَی عَلِیّاً
فَقَتَلَ مِنْهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ صُرِعَ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا زُهَیْرٌ وَ أَنَا ابْنُ الْقَیْنِ*** أَذُبُّكُمْ بِالسَّیْفِ عَنْ حُسَیْنٍ
ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ حَبِیبُ بْنُ مُظَهَّرٍ الْأَسَدِیُّ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا حَبِیبٌ وَ أَبِی مُطَهَّرٌ(3)*** لَنَحْنُ أَزْكَی مِنْكُمُ وَ أَطْهَرُ
نَنْصُرُ خَیْرَ النَّاسِ حِینَ یُذْكَرُ
ص: 319
فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَحَداً وَ ثَلَاثِینَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی عُرْوَةَ الْغِفَارِیُّ وَ هُوَ یَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ حَقّاً بَنُو غِفَارٍ*** أَنِّی أَذُبُّ فِی طِلَابِ الثَّارِ
بِالْمَشْرَفِیِّ وَ الْقَنَا الْخَطَّارِ
فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِینَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ بُدَیْرُ بْنُ حَفِیرٍ الْهَمْدَانِیُّ وَ كَانَ أَقْرَأَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا بُدَیْرٌ وَ أَبِی حَفِیرٌ*** لَا خَیْرَ فِیمَنْ لَیْسَ فِیهِ خَیْرٌ
فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثِینَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الْكَاهِلِیُّ وَ هُوَ یَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ كَاهِلُهَا وَ دُودَانُ*** وَ الْخِنْدِفِیُّونَ وَ قَیْسُ عَیْلَانَ
بِأَنَّ قَوْمِی قُصَمُ الْأَقْرَانِ (1)*** یَا قَوْمِ كُونُوا كَأُسُودِ الْجَانِ
آلُ عَلِیٍّ شِیعَةُ الرَّحْمَنِ*** وَ آلُ حَرْبٍ شِیعَةُ الشَّیْطَانِ
فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ زِیَادُ بْنُ مُهَاصِرٍ الْكِنْدِیُّ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:
أَنَا زِیَادٌ وَ أَبِی مُهَاصِرٌ*** أَشْجَعُ مِنْ لَیْثِ الْعَرِینِ الْخَادِرِ
یَا رَبِّ إِنِّی لِلْحُسَیْنِ نَاصِرٌ*** وَ لِابْنِ سَعْدٍ تَارِكٌ مُهَاجِرٌ
فَقَتَلَ مِنْهُمْ تِسْعَةً ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ وَهْبُ بْنُ وَهْبٍ وَ كَانَ نَصْرَانِیّاً أَسْلَمَ عَلَی یَدَیِ الْحُسَیْنِ هُوَ وَ أُمُّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَی كَرْبَلَاءَ فَرَكِبَ فَرَساً وَ تَنَاوَلَ بِیَدِهِ عُودَ الْفُسْطَاطِ فَقَاتَلَ وَ قَتَلَ مِنَ الْقَوْمِ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِیَةً ثُمَّ اسْتُوسِرَ فَأُتِیَ بِهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ رُمِیَ بِهِ إِلَی عَسْكَرِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَخَذَتْ أُمُّهُ سَیْفَهُ وَ بَرَزَتْ فَقَالَ لَهَا الْحُسَیْنُ:
ص: 320
یَا أُمَّ وَهْبٍ اجْلِسِی فَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ الْجِهَادَ عَنِ النِّسَاءِ إِنَّكِ وَ ابْنَكِ مَعَ جَدِّی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْجَنَّةِ.
ثُمَّ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ هِلَالُ بْنُ حَجَّاجٍ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَرْمِی بِهَا مُعْلَمَةً أَفْوَاقُهَا(1)*** وَ النَّفْسُ لَا یَنْفَعُهَا إِشْفَاقُهَا
فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:
أَقْسَمْتُ لَا أُقْتَلُ إِلَّا حُرّاً*** وَ قَدْ وَجَدْتُ الْمَوْتَ شَیْئاً مُرّاً
أَكْرَهُ أَنْ أُدْعَی جَبَاناً فَرّاً*** إِنَّ الْجَبَانَ مَنْ عَصَی وَ فَرَّا
فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَلَمَّا بَرَزَ إِلَیْهِمْ دَمَعَتْ عَیْنُ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ اللَّهُمَّ كُنْ أَنْتَ الشَّهِیدُ عَلَیْهِمْ فَقَدْ بَرَزَ إِلَیْهِمُ ابْنُ رَسُولِكَ وَ أَشْبَهُ النَّاسِ وَجْهاً وَ سَمْتاً بِهِ فَجَعَلَ یَرْتَجِزُ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ*** نَحْنُ وَ بَیْتِ اللَّهِ أَوْلَی بِالنَّبِیِّ
أَ مَا تَرَوْنَ كَیْفَ أَحْمِی عَنْ أَبِی
فَقَتَلَ مِنْهُمْ عَشَرَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی أَبِیهِ فَقَالَ یَا أَبَهْ الْعَطَشُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام صَبْراً یَا بُنَیَّ یَسْقِیكَ جَدُّكَ بِالْكَأْسِ الْأَوْفَی فَرَجَعَ فَقَاتَلَ حَتَّی قَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةً وَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا ثُمَّ قُتِلَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ بَرَزَ مِنْ بَعْدِهِ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ:
لَا تَجْزَعِی نَفْسِی فَكُلٌّ فَانٍ*** الْیَوْمَ تَلْقَیْنَ ذُرَی الْجِنَانِ
فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً ثُمَّ رُمِیَ عَنْ فَرَسِهِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ- وَ نَظَرَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ لَا یَرَی أَحَداً فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَی مَا یُصْنَعُ بِوَلَدِ نَبِیِّكَ وَ حَالَ بَنُو كِلَابٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ وَ رُمِیَ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِی نَحْرِهِ وَ خَرَّ عَنْ فَرَسِهِ فَأَخَذَ السَّهْمَ فَرَمَی بِهِ فَجَعَلَ یَتَلَقَّی الدَّمَ
ص: 321
بِكَفِّهِ فَلَمَّا امْتَلَأَتْ لَطَخَ بِهَا رَأْسَهُ وَ لِحْیَتَهُ وَ یَقُولُ أَلْقَی اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَا مَظْلُومٌ مُتَلَطِّخٌ بِدَمِی ثُمَّ خَرَّ عَلَی خَدِّهِ الْأَیْسَرِ صَرِیعاً.
وَ أَقْبَلَ عَدُوُّ اللَّهِ سِنَانٌ الْإِیَادِیُّ وَ شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ الْعَامِرِیُّ لَعَنَهُمَا اللَّهُ فِی رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّی وَقَفُوا عَلَی رَأْسِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَنْتَظِرُونَ أَرِیحُوا الرَّجُلَ فَنَزَلَ سِنَانُ بْنُ الْأَنَسِ الْإِیَادِیُّ وَ أَخَذَ بِلِحْیَةِ الْحُسَیْنِ وَ جَعَلَ یَضْرِبُ بِالسَّیْفِ فِی حَلْقِهِ وَ هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَجْتَزُّ رَأْسَكَ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَیْرُ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً وَ أَقْبَلَ فَرَسُ الْحُسَیْنِ حَتَّی لَطَخَ عُرْفَهُ وَ نَاصِیَتَهُ بِدَمِ الْحُسَیْنِ وَ جَعَلَ یَرْكُضُ وَ یَصْهِلُ فَسَمِعَتْ بَنَاتُ النَّبِیِّ صَهِیلَهُ فَخَرَجْنَ فَإِذَا الْفَرَسُ بِلَا رَاكِبٍ فَعَرَفْنَ أَنَّ حُسَیْناً قَدْ قُتِلَ وَ خَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ الْحُسَیْنِ وَاضِعاً یَدَهَا عَلَی رَأْسِهَا تَنْدُبُ وَ تَقُولُ وَا مُحَمَّدَاهْ هَذَا الْحُسَیْنُ بِالْعَرَاءِ قَدْ سُلِبَ الْعِمَامَةَ وَ الرِّدَاءَ وَ أَقْبَلَ سِنَانٌ حَتَّی أَدْخَلَ رَأْسَ حُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ هُوَ یَقُولُ (1)
امْلَأْ رِكَابِی فِضَّةً وَ ذَهَباً*** أَنَا قَتَلْتُ الْمَلِكَ الْمُحَجَّبَا
قَتَلْتُ خَیْرَ النَّاسِ أُمّاً وَ أَباً*** وَ خَیْرَهُمْ إِذْ یُنْسَبُونَ نَسَباً
فَقَالَ لَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ وَیْحَكَ فَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّهُ خَیْرُ النَّاسِ أَباً وَ أُمّاً لِمَ قَتَلْتَهُ إِذاً فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَی النَّارِ وَ أَرْسَلَ ابْنُ زِیَادٍ قَاصِداً إِلَی أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ لَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی قَتَلَ رِجَالَكُمُ فَكَیْفَ تَرَوْنَ مَا فُعِلَ بِكُمْ فَقَالَتْ یَا ابْنَ زِیَادٍ لَئِنْ قَرَّتْ عَیْنُكَ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ فَطَالَمَا قَرَّتْ عَیْنُ جَدِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِهِ وَ كَانَ یُقَبِّلُهُ وَ یَلْثِمُ شَفَتَیْهِ وَ یَضَعُهُ عَلَی عَاتِقِهِ یَا ابْنَ زِیَادٍ أَعِدَّ لِجَدِّهِ جَوَاباً فَإِنَّهُ خَصْمُكَ غَداً(2).
ص: 322
بیان: وطدت الشی ء أطده وطدا أی أثبته و ثقلته و التوطید مثله و الإرب بالكسر العضو و جثا كدعا و رمی جثوّا و جثیّا بضمهما جلس علی ركبتیه أو قام علی أطراف أصابعه و رمّله بالدم فترمّل و ارتمل أی تلطّخ و الخلاق النصیب و الظهیرة شدّة الحرّ نصف النهار و الإسراء السیر باللیل و یقال طلبت فلانا حتی رهقته أی حتی دنوت منه فربما أخذه و ربما لم یأخذه و حر الوجه ما بدا من الوجنة و الثبور الهلاك و الخسران و الواعیة الصراخ و الصوت و المسامرة الحدیث باللیل و یقال أخذت بكظمه بالتحریك أی بمخرج نفسه.
و قال الجزری یقال للرجل إذا أسری لیله جمعاء أو أحیاها بالصلاة أو غیرها من العبادات اتخذ اللیل جملا كأنه ركبه و لم ینم فیه انتهی و شرقت الشمس أی طلعت و أشرقت أی أضاءت و الأصیل بعد العصر إلی المغرب و البدیل البدل و سنبك الدابة هو طرف حافرها و البراز بالفتح الفضاء الواسع و تبرز الرجل أی خرج إلی البراز للحاجة و الذود الطرد و الدفع.
و قال الجوهری المشرفیة سیوف قال أبو عبید نسبت إلی مشارف و هی قری من أرض العرب تدنو من الریف یقال سیف مشرفی و القنا بالكسر جمع قناة و هی الرمح و رمح خطار ذو اهتزاز و یقال خطران الرمح ارتفاعه و انخفاضه للطعن و الكاهل أبو قبیلة من أسد و كذا دودان أبو قبیلة منهم و خندف فی الأصل لقب لیلی بنت عمران سمیت به القبیلة(1) و قیس أبو قبیلة من مضر و هو قیس عیلان و العرین مأوی الأسد الذی یألفه و فی بعض النسخ العریز و كأنه من المعارزة بمعنی المعاندة و الخدر الستر و أسد خادر أی داخل الخدر و رجل فر أی فرار و یقال ملك محجب أی محتجب عن الناس.
ص: 323
«2»- أَقُولُ قَالَ الشَّیْخُ الْمُفِیدُ فِی الْإِرْشَادِ رَوَی الْكَلْبِیُّ وَ الْمَدَائِنِیُّ وَ غَیْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ السِّیرَةِ قَالُوا: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ علیه السلام تَحَرَّكَتِ الشِّیعَةُ بِالْعِرَاقِ وَ كَتَبُوا إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی خَلْعِ مُعَاوِیَةَ وَ الْبَیْعَةِ لَهُ فَامْتَنَعَ عَلَیْهِمْ وَ ذَكَرَ أَنَّ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ عَهْداً وَ عَقْداً لَا یَجُوزُ لَهُ نَقْضُهُ حَتَّی تَمْضِیَ الْمُدَّةُ فَإِذَا مَاتَ مُعَاوِیَةُ نَظَرَ فِی ذَلِكَ.
فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِیَةُ وَ ذَلِكَ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّینَ مِنَ الْهِجْرَةِ كَتَبَ یَزِیدُ إِلَی الْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ وَ كَانَ عَلَی الْمَدِینَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِیَةَ أَنْ یَأْخُذَ الْحُسَیْنَ علیه السلام بِالْبَیْعَةِ لَهُ وَ لَا یُرَخِّصَ لَهُ فِی التَّأْخِیرِ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْفَذَ الْوَلِیدُ إِلَی الْحُسَیْنِ فِی اللَّیْلِ فَاسْتَدْعَاهُ فَعَرَفَ الْحُسَیْنُ علیه السلام الَّذِی أَرَادَ فَدَعَا جَمَاعَةً مِنْ مَوَالِیهِ وَ أَمَرَهُمْ بِحَمْلِ السِّلَاحِ وَ قَالَ لَهُمْ إِنَّ الْوَلِیدَ قَدِ اسْتَدْعَانِی فِی هَذَا الْوَقْتِ وَ لَسْتُ آمَنُ أَنْ یُكَلِّفَنِی فِیهِ أَمْراً لَا أُجِیبُهُ إِلَیْهِ وَ هُوَ غَیْرُ مَأْمُونٍ فَكُونُوا مَعِی فَإِذَا دَخَلْتُ إِلَیْه فَاجْلِسُوا عَلَی الْبَابِ فَإِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتِی قَدْ عَلَا فَادْخُلُوا عَلَیْهِ لِتَمْنَعُوهُ عَنِّی.
فَصَارَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی الْوَلِیدِ بْنِ عُتْبَةَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَنَعَی إِلَیْهِ الْوَلِیدُ مُعَاوِیَةَ فَاسْتَرْجَعَ الْحُسَیْنُ ثُمَّ قَرَأَ عَلَیْهِ كِتَابَ یَزِیدَ وَ مَا أَمَرَهُ فِیهِ مِنْ أَخْذِ الْبَیْعَةِ مِنْهُ لَهُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِنِّی لَا أَرَاكَ تَقْنَعُ بِبَیْعَتِی لِیَزِیدَ سِرّاً حَتَّی أُبَایِعَهُ جَهْراً فَیَعْرِفَ ذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ لَهُ الْوَلِیدُ أَجَلْ فَقَالَ الْحُسَیْنُ فَتُصْبِحُ وَ تَرَی رَأْیَكَ فِی ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْوَلِیدُ انْصَرِفْ عَلَی اسْمِ اللَّهِ تَعَالَی حَتَّی تَأْتِیَنَا مَعَ جَمَاعَةِ النَّاسِ.
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَ اللَّهِ لَئِنْ فَارَقَكَ الْحُسَیْنُ السَّاعَةَ وَ لَمْ یُبَایِعْ لَا قَدَرْتَ مِنْهُ عَلَی مِثْلِهَا أَبَداً حَتَّی تَكْثُرَ الْقَتْلَی بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُ احْبِسِ الرَّجُلَ وَ لَا یَخْرُجْ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّی یُبَایِعَ أَوْ تَضْرِبَ عُنُقَهُ فَوَثَبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عِنْدَ ذَلِكَ وَ قَالَ أَنْتَ یَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ تَقْتُلُنِی أَمْ هُوَ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ أَثِمْتَ وَ خَرَجَ یَمْشِی وَ مَعَهُ مَوَالِیهِ حَتَّی أَتَی مَنْزِلَهُ (1).
قَالَ السَّیِّدُ كَتَبَ یَزِیدُ إِلَی الْوَلِیدِ یَأْمُرُهُ بِأَخْذِ الْبَیْعَةِ عَلَی أَهْلِهَا(2) وَ خَاصَّةً عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ یَقُولُ إِنْ أَبَی عَلَیْكَ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ ابْعَثْ إِلَیَّ بِرَأْسِهِ فَأَحْضَرَ
ص: 324
الْوَلِیدُ مَرْوَانَ وَ اسْتَشَارَهُ فِی أَمْرِ الْحُسَیْنِ فَقَالَ إِنَّهُ لَا یَقْبَلُ وَ لَوْ كُنْتُ مَكَانَكَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ فَقَالَ الْوَلِیدُ لَیْتَنِی لَمْ أَكُ شَیْئاً مَذْكُوراً.
ثُمَّ بَعَثَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَجَاءَهُ فِی ثَلَاثِینَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ مَوَالِیهِ وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی أَنْ قَالَ فَغَضِبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَیْلِی عَلَیْكَ یَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ أَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِ عُنُقِی كَذَبْتَ وَ اللَّهِ وَ أَثِمْتَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی الْوَلِیدِ فَقَالَ أَیُّهَا الْأَمِیرُ إِنَّا أَهْلُ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَ بِنَا فَتَحَ اللَّهُ وَ بِنَا خَتَمَ اللَّهُ وَ یَزِیدُ رَجُلٌ فَاسِقٌ شَارِبُ الْخَمْرِ قَاتِلُ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ مُعْلِنٌ بِالْفِسْقِ وَ مِثْلِی لَا یُبَایِعُ مِثْلَهُ وَ لَكِنْ نُصْبِحُ وَ تُصْبِحُونَ وَ نَنْظُرُ وَ تَنْظُرُونَ أَیُّنَا أَحَقُّ بِالْبَیْعَةِ وَ الْخِلَافَةِ ثُمَّ خَرَجَ علیه السلام (1).
و قال ابن شهرآشوب كتب إلی الولید بأخذ البیعة من الحسین علیه السلام و عبد اللّٰه بن عمر و عبد اللّٰه بن الزبیر و عبد الرحمن بن أبی بكر أخذا عنیفا لیست فیه رخصة فمن یأبی علیك منهم فاضرب عنقه و ابعث إلی برأسه فشاور فی ذلك مروان فقال الرأی أن تحضرهم و تأخذ منهم البیعة قبل أن یعلموا.
فوجه فی طلبهم و كانوا عند التربة فقال عبد الرحمن و عبد اللّٰه ندخل دورنا و نغلق أبوابنا و قال ابن الزبیر و اللّٰه ما أبایع یزید أبدا و قال الحسین أنا لا بد لی من الدخول علی الولید و ذكر قریبا مما مر(2).
قال المفید فقال مروان للولید عصیتنی لا و اللّٰه لا یمكنك مثلها من نفسه أبدا فقال الولید ویح غیرك یا مروان إنك اخترت لی التی فیها هلاك دینی و دنیای و اللّٰه ما أحب أن لی ما طلعت علیه الشمس و غربت عنه من مال الدنیا و ملكها و إنی قتلت حسینا سبحان اللّٰه أقتل حسینا أن قال لا أبایع و اللّٰه إنی لأظن أن
ص: 325
امرأ یحاسب بدم الحسین خفیف المیزان عند اللّٰه یوم القیامة.
فقال له مروان فإذا كان هذا رأیك فقد أصبت فیما صنعت یقول هذا و هو غیر الحامد له علی رأیه (1).
قَالَ السَّیِّدُ فَلَمَّا أَصْبَحَ الْحُسَیْنُ علیه السلام خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ یَسْتَمِعُ الْأَخْبَارَ فَلَقِیَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّی لَكَ نَاصِحٌ فَأَطِعْنِی تُرْشَدْ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ مَا ذَاكَ قُلْ حَتَّی أَسْمَعَ فَقَالَ مَرْوَانُ إِنِّی آمُرُكَ بِبَیْعَةِ یَزِیدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُ خَیْرٌ لَكَ فِی دِینِكَ وَ دُنْیَاكَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ عَلَی الْإِسْلَامِ السَّلَامُ إِذْ قَدْ بُلِیَتِ الْأُمَّةُ بِرَاعٍ مِثْلِ یَزِیدَ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ جَدِّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله یَقُولُ الْخِلَافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَی آلِ أَبِی سُفْیَانَ وَ طَالَ الْحَدِیثُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَرْوَانَ حَتَّی انْصَرَفَ مَرْوَانُ وَ هُوَ غَضْبَانُ.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدَاةُ تَوَجَّهَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی مَكَّةَ لِثَلَاثٍ مَضَیْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتِّینَ فَأَقَامَ بِهَا بَاقِیَ شَعْبَانَ وَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَ شَوَّالًا وَ ذَا الْقَعْدَةِ(2).
قال المفید رحمه اللّٰه فقام الحسین فی منزله تلك اللیلة و هی لیلة السبت لثلاث بقین من رجب سنة ستین من الهجرة و اشتغل الولید بن عتبة بمراسلة ابن الزبیر فی البیعة لیزید و امتناعه علیهم و خرج ابن الزبیر من لیلته عن المدینة متوجها إلی مكة فلما أصبح الولید سرح فی أثره الرجال فبعث راكبا من موالی بنی أمیة فی ثمانین راكبا فطلبوه فلم یدركوه فرجعوا.
فلما كان آخر نهار السبت بعث الرجال إلی الحسین علیه السلام لیحضر فیبایع الولید لیزید بن معاویة فقال لهم الحسین أصبحوا ثم ترون و نری فكفوا تلك اللیلة عنه و لم یلحوا علیه فخرج علیه السلام [من تحت لیلة] و هی لیلة الأحد لیومین بقیا من رجب متوجها نحو مكة و معه بنوه و بنو أخیه و إخوته و جل أهل بیته إلا محمد بن الحنفیة رحمه اللّٰه فإنه لما علم عزمه علی الخروج عن المدینة
ص: 326
لم یدر أین یتوجه فقال له یا أخی أنت أحب الناس إلی و أعزهم علی و لست أدخر النصیحة لأحد من الخلق إلا لك و أنت أحق بها تنح ببیعتك عن یزید بن معاویة و عن الأمصار ما استطعت ثم ابعث رسلك إلی الناس ثم ادعهم إلی نفسك فإن بایعك الناس و بایعوا لك حمدت اللّٰه علی ذلك و إن اجتمع الناس علی غیرك لم ینقص اللّٰه بذلك دینك و لا عقلك و لا تذهب به مروءتك و لا فضلك إنی أخاف علیك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فیختلف الناس بینهم فمنهم طائفة معك و أخری علیك فیقتتلون فتكون إذا لأول الأسنة غرضا فإذا خیر هذه الأمة كلها نفسا و أبا و أما أضیعها دما و أذلها أهلا.
فقال له الحسین علیه السلام فأین أنزل یا أخی قال انزل مكة فإن اطمأنت بك الدار بها فستنل ذلك و إن نبت بك (1)
لحقت بالرمال و شعف الجبال و خرجت من بلد إلی بلد حتی تنظر إلی ما یصیر أمر الناس فإنك أصوب ما تكون رأیا حین تستقبل الأمر استقبالا.
فقال علیه السلام یا أخی قد نصحت و أشفقت و أرجو أن یكون رأیك سدیدا موفقا(2).
وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الْمُوسَوِیُّ لَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَی الْوَلِیدِ بِقَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام عَظُمَ ذَلِكَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَا یَرَانِی اللَّهُ أَقْتُلُ ابْنَ نَبِیِّهِ وَ لَوْ جَعَلَ یَزِیدُ لِیَ الدُّنْیَا بِمَا فِیهَا.
قَالَ وَ خَرَجَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ مَنْزِلِهِ ذَاتَ لَیْلَةٍ وَ أَقْبَلَ إِلَی قَبْرِ جَدِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهُ أَنَا الْحُسَیْنُ بْنُ فَاطِمَةَ فَرْخُكَ وَ ابْنُ فَرْخَتِكَ وَ سِبْطُكَ الذَّیِ خَلَّفْتَنِی فِی أُمَّتِكَ فَاشْهَدْ عَلَیْهِمْ یَا نَبِیَّ اللَّهِ إِنَّهُمْ قَدْ خَذَلُونِی وَ ضَیَّعُونِی وَ لَمْ یَحْفَظُونِی وَ هَذِهِ شَكْوَایَ إِلَیْكَ حَتَّی أَلْقَاكَ قَالَ ثُمَّ قَامَ فَصَفَّ قَدَمَیْهِ فَلَمْ یَزَلْ رَاكِعاً سَاجِداً.
ص: 327
قال و أرسل الولید إلی منزل الحسین علیه السلام لینظر أ خرج من المدینة أم لا فلم یصبه فی منزله فقال الحمد لله الذی خرج و لم یبتلنی بدمه قال و رجع الحسین إلی منزله عند الصبح.
فلما كانت اللیلة الثانیة خرج إلی القبر أیضا و صلی ركعات فلما فرغ من صلاته جعل یقول اللّٰهم هذا قبر نبیك محمد و أنا ابن بنت نبیك و قد حضرنی من الأمر ما قد علمت اللّٰهم إنی أحب المعروف و أنكر المنكر و أنا أسألك یا ذا الجلال و الإكرام بحق القبر و من فیه إلا اخترت لی ما هو لك رضی و لرسولك رضی.
قال ثم جعل یبكی عند القبر حتی إذا كان قریبا من الصبح وضع رأسه علی القبر فأغفی فإذا هو برسول اللّٰه قد أقبل فی كتیبة من الملائكة عن یمینه و عن شماله و بین یدیه حتی ضم الحسین إلی صدره و قبل بین عینیه و قال حبیبی یا حسین كأنی أراك عن قریب مرملا بدمائك مذبوحا بأرض كرب و بلاء من عصابة من أمتی و أنت مع ذلك عطشان لا تسقی و ظمآن لا تروی و هم مع ذلك یرجون شفاعتی لا أنالهم اللّٰه شفاعتی یوم القیامة حبیبی یا حسین إن أباك و أمك و أخاك قدموا علی و هم مشتاقون إلیك و إن لك فی الجنان لدرجات لن تنالها إلا بالشهادة.
قال فجعل الحسین علیه السلام فی منامه ینظر إلی جده و یقول یا جداه لا حاجة لی فی الرجوع إلی الدنیا فخذنی إلیك و أدخلنی معك فی قبرك فقال له رسول اللّٰه لا بد لك من الرجوع إلی الدنیا حتی ترزق الشهادة و ما قد كتب اللّٰه لك فیها من الثواب العظیم فإنك و أباك و أخاك و عمك و عم أبیك تحشرون یوم القیامة فی زمرة واحدة حتی تدخلوا الجنة.
قال فانتبه الحسین علیه السلام من نومه فزعا مرعوبا فقص رؤیاه علی أهل بیته و بنی عبد المطلب فلم یكن فی ذلك الیوم فی مشرق و لا مغرب قوم أشد غما من أهل بیت رسول اللّٰه و لا أكثر باك و لا باكیة منهم.
ص: 328
قَالَ وَ تَهَیَّأَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لِلْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ مَضَی فِی جَوْفِ اللَّیْلِ إِلَی قَبْرِ أُمِّهِ فَوَدَّعَهَا ثُمَّ مَضَی إِلَی قَبْرِ أَخِیهِ الْحَسَنِ فَفَعَلَ كَذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ وَقْتَ الصُّبْحِ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ قَالَ یَا أَخِی أَنْتَ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَیَّ وَ أَعَزُّهُمْ عَلَیَّ وَ لَسْتُ وَ اللَّهِ أَدَّخِرُ النَّصِیحَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ وَ لَیْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَا مِنْكَ لِأَنَّكَ مِزَاجُ مَائِی وَ نَفْسِی وَ رُوحِی وَ بَصَرِی وَ كَبِیرُ أَهْلِ بَیْتِی وَ مَن وَجَبَ طَاعَتُهُ فِی عُنُقِی لِأَنَّ اللَّهَ قَد شَرَّفَكَ عَلَیَّ وَ جَعَلَكَ مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ الجَنَّةِ.
وَ سَاقَ الْحَدِیثَ كَمَا مَرَّ إلَی أَنْ قَالَ تَخْرُجُ إلَی مَكَّةَ فَإِنِ اطْمَأَنَّتْ بِكَ الدَّارُ بِهَا فَذَاكَ وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَی خَرَجْتَ إلَی بِلَادِ الْیَمَنِ فَإِنَّهُمْ أَنْصَارُ جَدِّكَ وَ أَبِیكَ وَ هُمْ أَرْأَفُ النَّاسِ وَ أَرَقُّهُمْ قُلُوباً وَ أَوْسَعُ النَّاسِ بِلَاداً فَإِنِ اطْمَأَنَّتْ بِكَ الدَّارُ وَ إِلَّا لَحِقْتَ بِالرِّمَالِ وَ شُعُوبِ الْجِبَالِ وَ جُزْتَ مِنْ بَلَدٍ إِلَی بَلَدٍ حَتَّی تَنْظُرَ مَا یَئُولُ إِلَیْهِ أَمْرُ النَّاسِ وَ یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِینَ.
قَالَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَا أَخِی وَ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَكُنْ مَلْجَأٌ وَ لَا مَأْوًی لَمَا بَایَعْتُ یَزِیدَ بْنَ مُعَاوِیَةَ فَقَطَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ الْكَلَامَ وَ بَكَی فَبَكَی الْحُسَیْنُ علیه السلام مَعَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ یَا أَخِی جَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً فَقَدْ نَصَحْتَ وَ أَشَرْتَ بِالصَّوَابِ وَ أَنَا عَازِمٌ عَلَی الْخُرُوجِ إِلَی مَكَّةَ وَ قَدْ تَهَیَّأْتُ لِذَلِكَ أَنَا وَ إِخْوَتِی وَ بَنُو أَخِی وَ شِیعَتِی وَ أَمْرُهُمْ أَمْرِی وَ رَأْیُهُمْ رَأْیِی وَ أَمَّا أَنْتَ یَا أَخِی فَلَا عَلَیْكَ أَنْ تُقِیمَ بِالْمَدِینَةِ فَتَكُونَ لِی عَیْناً لَا تُخْفِی عَنِّی شَیْئاً مِنْ أُمُورِهِمْ.
ثُمَّ دَعَا الْحُسَیْنُ علیه السلام بِدَوَاةٍ وَ بَیَاضٍ وَ كَتَبَ هَذِهِ الْوَصِیَّةَ لِأَخِیهِ مُحَمَّدٍ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی أَخِیهِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْحَنَفِیَّةِ أَنَّ الْحُسَیْنَ یَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ حَقٌ وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لا رَیْبَ فِیها وَ أَنَّ اللَّهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ وَ أَنِّی لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَ لَا بَطِراً وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً وَ إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِی أُمَّةِ جَدِّی صلی اللّٰه علیه و آله أُرِیدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أَسِیرَ بِسِیرَةِ جَدِّی وَ أَبِی عَلِیِّ
ص: 329
بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَمَنْ قَبِلَنِی بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَی بِالْحَقِّ وَ مَنْ رَدَّ عَلَیَّ هَذَا أَصْبِرُ حَتَّی یَقْضِیَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِ وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ وَ هَذِهِ وَصِیَّتِی یَا أَخِی إِلَیْكَ وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ قَالَ ثُمَّ طَوَی الْحُسَیْنُ الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ وَ دَفَعَهُ إِلَی أَخِیهِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ وَدَّعَهُ وَ خَرَجَ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ.
وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ یَعْقُوبَ الْكُلَیْنِیُّ فِی كِتَابِ الرَّسَائِلِ (1)
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ تَخَلُّفَ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا حَمْزَةُ إِنِّی سَأُخْبِرُكَ بِحَدِیثٍ لَا تَسْأَلُ عَنْهُ بَعْدَ مَجْلِسِكَ هَذَا إِنَّ الْحُسَیْنَ لَمَّا فَصَلَ (2)
مُتَوَجِّهاً دَعَا بِقِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی بَنِی هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَحِقَ بِی مِنْكُمْ اسْتُشْهِدَ وَ مَنْ تَخَلَّفَ لَمْ یَبْلُغْ مَبْلَغَ الْفَتْحِ وَ السَّلَامُ قال و قَالَ شَیْخُنَا الْمُفِیدُ بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ لَمَّا سَارَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الْمَدِینَةِ لَقِیَهُ أَفْوَاجٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُسَوَّمَةِ فِی أَیْدِیهِمُ الْحِرَابُ عَلَی نُجُبٍ مِنْ نُجُبِ الْجَنَّةِ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ وَ قَالُوا یَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ بَعْدَ جَدِّهِ وَ أَبِیهِ وَ أَخِیهِ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَدَّ جَدَّكَ بِنَا فِی مَواطِنَ كَثِیرَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكَ بِنَا فَقَالَ لَهُمُ الْمَوْعِدُ حُفْرَتِی وَ بُقْعَتِیَ الَّتِی أُسْتَشْهَدُ فِیهَا وَ هِیَ كَرْبَلَاءُ فَإِذَا وَرَدْتُهَا فَأْتُونِی فَقَالُوا یَا حُجَّةَ اللَّهِ مُرْنَا نَسْمَعْ وَ نُطِعْ فَهَلْ تَخْشَی مِنْ عَدُوٍّ یَلْقَاكَ فَنَكُونَ مَعَكَ فَقَالَ لَا سَبِیلَ لَهُمْ عَلَیَّ وَ لَا یَلْقَوْنِی بِكَرِیهَةٍ أَوْ أَصِلَ إِلَی بُقْعَتِی.
وَ أَتَتْهُ أَفْوَاجُ مُسْلِمِی الْجِنِّ فَقَالُوا یَا سَیِّدَنَا نَحْنُ شِیعَتُكَ وَ أَنْصَارُكَ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ وَ مَا تَشَاءُ فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِقَتْلِ كُلِّ عَدُوٍّ لَكَ وَ أَنْتَ بِمَكَانِكَ لَكَفَیْنَاكَ ذَلِكَ فَجَزَاهُمُ
ص: 330
الْحُسَیْنُ خَیْراً وَ قَالَ لَهُمْ أَ وَ مَا قَرَأْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ الْمُنْزَلَ عَلَی جَدِّی رَسُولِ اللَّهِ أَیْنَما تَكُونُوا یُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِی بُرُوجٍ مُشَیَّدَةٍ(1) وَ قَالَ سُبْحَانَهُ لَبَرَزَ الَّذِینَ كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقَتْلُ إِلی مَضاجِعِهِمْ (2) وَ إِذَا أَقَمْتُ بِمَكَانِی فَبِمَا ذَا یُبْتَلَی هَذَا الْخَلْقُ الْمَتْعُوسُ وَ بِمَا ذَا یُخْتَبَرُونَ وَ مَنْ ذَا یَكُونُ سَاكِنَ حُفْرَتِی بِكَرْبَلَاءَ وَ قَدِ اخْتَارَهَا اللَّهُ یَوْمَ دَحَا الْأَرْضَ وَ جَعَلَهَا مَعْقِلًا لِشِیعَتِنَا وَ یَكُونُ لَهُمْ أَمَاناً فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ لَكِنْ تَحْضُرُونَ یَوْمَ السَّبْتِ وَ هُوَ یَوْمُ عَاشُورَاءَ الَّذِی فِی آخِرِهِ أُقْتَلُ وَ لَا یَبْقَی بَعْدِی مَطْلُوبٌ مِنْ أَهْلِی وَ نَسَبِی وَ إِخْوَتِی وَ أَهْلِ بَیْتِی وَ یُسَارُ بِرَأْسِی إِلَی یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ.
فَقَالَتِ الْجِنُّ نَحْنُ وَ اللَّهِ یَا حَبِیبَ اللَّهِ وَ ابْنَ حَبِیبِهِ لَوْ لَا أَنَّ أَمْرَكَ طَاعَةٌ وَ أَنَّهُ لَا یَجُوزُ لَنَا مُخَالَفَتُكَ قَتَلْنَا جَمِیعَ أَعْدَائِكَ قَبْلَ أَنْ یَصِلُوا إِلَیْكَ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَهُمْ نَحْنُ وَ اللَّهِ أَقْدَرُ عَلَیْهِمْ مِنْكُمْ وَ لَكِنْ لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ انتهی ما نقلناه من كتاب محمد بن أبی طالب.
وَ وَجَدْتُ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا عَزَمَ عَلَی الْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِینَةِ أَتَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ یَا بُنَیَّ لَا تَحْزَنِی بِخُرُوجِكَ إِلَی الْعِرَاقِ فَإِنِّی سَمِعْتُ جَدَّكَ یَقُولُ یُقْتَلُ وَلَدِیَ الْحُسَیْنُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ فِی أَرْضٍ یُقَالُ لَهَا كَرْبَلَاءُ فَقَالَ لَهَا یَا أُمَّاهْ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَعْلَمُ ذَلِكَ وَ إِنِّی مَقْتُولٌ لَا مَحَالَةَ وَ لَیْسَ لِی مِنْ هَذَا بُدٌّ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَأَعْرِفُ الْیَوْمَ الَّذِی أُقْتَلُ فِیهِ وَ أَعْرِفُ مَنْ یَقْتُلُنِی وَ أَعْرِفُ الْبُقْعَةَ الَّتِی أُدْفَنُ فِیهَا وَ إِنِّی أَعْرِفُ مَنْ یُقْتَلُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی وَ قَرَابَتِی وَ شِیعَتِی وَ إِنْ أَرَدْتِ یَا أُمَّاهْ أُرِیكِ حُفْرَتِی وَ مَضْجَعِی.
ثُمَّ أَشَارَ علیه السلام إِلَی جِهَةِ كَرْبَلَاءِ فَانْخَفَضَتِ الْأَرْضُ حَتَّی أَرَاهَا مَضْجَعَهُ وَ مَدْفَنَهُ وَ مَوْضِعَ عَسْكَرِهِ وَ مَوْقِفَهُ وَ مَشْهَدَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بُكَاءً شَدِیداً وَ سَلَّمَتْ أَمْرَهُ إِلَی اللَّهِ فَقَالَ لَهَا یَا أُمَّاهْ قَدْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَرَانِی مَقْتُولًا مَذْبُوحاً ظُلْماً وَ عُدْوَاناً وَ قَدْ شَاءَ أَنْ یَرَی حَرَمِی وَ رَهْطِی وَ نِسَائِی مُشَرَّدِینَ وَ أَطْفَالِی
ص: 331
مَذْبُوحِینَ مَظْلُومِینَ مَأْسُورِینَ مُقَیَّدِینَ وَ هُمْ یَسْتَغِیثُونَ فَلَا یَجِدُونَ نَاصِراً وَ لَا مُعِیناً وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ عِنْدِی تُرْبَةٌ دَفَعَهَا إِلَیَّ جَدُّكَ فِی قَارُورَةٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی مَقْتُولٌ كَذَلِكَ وَ إِنْ لَمْ أَخْرُجْ إِلَی الْعِرَاقِ یَقْتُلُونِّی أَیْضاً ثُمَّ أَخَذَ تُرْبَةً فَجَعَلَهَا فِی قَارُورَةٍ وَ أَعْطَاهَا إِیَّاهَا وَ قَالَ اجْعَلْهَا مَعَ قَارُورَةِ جَدِّی فَإِذَا فَاضَتَا دَماً فَاعْلَمِی أَنِّی قَدْ قُتِلْتُ.
ثُمَّ قَالَ الْمُفِیدُ فَسَارَ الْحُسَیْنُ إِلَی مَكَّةَ وَ هُوَ یَقْرَأُ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً یَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (1) وَ لَزِمَ الطَّرِیقَ الْأَعْظَمَ فَقَالَ لَهُ أَهْلُ بَیْتِهِ لَوْ تَنَكَّبْتَ عَنِ الطَّرِیقِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الزُّبَیْرِ كَیْلَا یَلْحَقَكَ الطَّلَبُ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا أُفَارِقُهُ حَتَّی یَقْضِیَ اللَّهُ مَا هُوَ قَاضٍ وَ لَمَّا دَخَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَكَّةَ كَانَ دُخُولُهُ إِیَّاهَا یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَلَاثٍ مَضَیْنَ مِنْ شَعْبَانَ دَخَلَهَا وَ هُوَ یَقْرَأُ وَ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْیَنَ قالَ عَسی رَبِّی أَنْ یَهْدِیَنِی سَواءَ السَّبِیلِ (2).
ثم نزلها و أقبل أهلها یختلفون إلیه و من كان بها من المعتمرین و أهل الآفاق و ابن الزبیر بها قد لزم جانب الكعبة و هو قائم یصلی عندها و یطوف و یأتی الحسین علیه السلام فیمن یأتیه فیأتیه الیومین المتوالیین و یأتیه بین كل یومین مرة و هو علیه السلام أثقل خلق اللّٰه علی ابن الزبیر لأنه قد عرف أن أهل الحجاز لا یبایعونه ما دام الحسین فی البلد و إن الحسین أطوع فی الناس منه و أجل.
و بلغ أهل الكوفة هلاك معاویة فأرجفوا بیزید و عرفوا خبر الحسین و امتناعه من بیعته و ما كان من أمر ابن الزبیر فی ذلك و خروجهما إلی مكة فاجتمعت الشیعة بالكوفة فی منزل سلیمان بن صرد الخزاعی فذكروا هلاك معاویة فحمدوا اللّٰه و أثنوا علیه فقال سلیمان إن معاویة قد هلك و إن حسینا قد نقض (3)
علی القوم
ص: 332
ببیعته و قد خرج إلی مكة و أنتم شیعته و شیعة أبیه فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه و مجاهدو عدوه فاكتبوا إلیه فإن خفتم الفشل و الوهن فلا تغروا الرجل فی نفسه قالوا لا بل نقاتل عدوه و نقتل أنفسنا دونه فاكتبوا إلیه. فكتبوا إلیه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ للحسین بن علی من سلیمان بن صرد و المسیب بن نجبة(1) و رفاعة بن شداد البجلی و حبیب بن مظاهر(2) و شیعته المؤمنین و المسلمین من أهل الكوفة سلام علیك فإنا نحمد إلیك اللّٰه الذی لا إله إلا هو أما بعد فالحمد اللّٰه الذی قصم عدوك الجبار العنید الذی انتزی علی هذه الأمة فابتزها أمرها و غصبها فیئها و تأمر علیها بغیر رضی منها ثم قتل خیارها و استبقی شرارها و جعل مال اللّٰه دولة بین جبابرتها و أغنیائها فبعدا له كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ إنه لیس علینا إمام فأقبل لعل اللّٰه أن یجمعنا بك علی الحق و النعمان بن بشیر فی قصر الإمارة لسنا نجتمع معه فی جمعة و لا نخرج معه إلی عید و لو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلینا أخرجناه حتی نلحقه بالشام إن شاء اللّٰه.
ثم سرحوا بالكتاب مع عبد اللّٰه بن مسمع الهمدانی و عبد اللّٰه بن وأل و أمروهما بالنجا فخرجا مسرعین حتی قدما علی الحسین بمكة لعشر مضین من شهر رمضان.
ثم لبث أهل الكوفة یومین بعد تسریحهم بالكتاب و أنفذوا قیس بن مسهر الصیداوی و عبد اللّٰه و عبد الرحمن ابنی عبد اللّٰه بن زیاد الأرحبی (3) و عمارة بن عبد اللّٰه السلولی إلی الحسین علیه السلام و معهم نحو مائة و خمسین صحیفة من الرجل
ص: 333
و الاثنین و الأربعة.
و قال السید و هو مع ذلك یتأبی و لا یجیبهم فورد علیه فی یوم واحد ستمائة كتاب و تواترت الكتب حتی اجتمع عنده فی نوب متفرقة اثنا عشر ألف كتاب.
و قَالَ الْمُفِیدُ ثُمَّ لَبِثُوا یَوْمَیْنِ آخَرَیْنِ وَ سَرَّحُوا إِلَیْهِ هَانِئَ بْنَ هَانِئٍ السَّبِیعِیَّ وَ سَعِیدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِیَّ وَ كَتَبُوا إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ إِلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ مِنْ شِیعَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ أَمَّا بَعْدُ فَحَیَّهَلَا فَإِنَّ النَّاسَ یَنْتَظِرُونَكَ لَا رَأْیَ لَهُمْ غَیْرُكَ فَالْعَجَلَ الْعَجَلَ ثُمَّ الْعَجَلَ الْعَجَلَ وَ السَّلَامُ.
ثُمَّ كَتَبَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِیٍّ وَ حَجَّارُ بْنُ أَبْجَرَ وَ یَزِیدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رُوَیْمٍ وَ عُرْوَةُ بْنُ قَیْسٍ وَ عمر [عَمْرُو] بْنُ حَجَّاجٍ الزُّبَیْدِیُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو التَّیْمِیُّ أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ اخْضَرَّ الْجَنَّاتُ وَ أَیْنَعَتِ الثِّمَارُ وَ أَعْشَبَتِ الْأَرْضُ وَ أَوْرَقَتِ الْأَشْجَارُ فَإِذَا شِئْتَ فَأَقْبِلْ عَلَی جُنْدٍ لَكَ مُجَنَّدَةٍ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ عَلَی أَبِیكَ مِنْ قَبْلِكَ.
وَ تَلَاقَتِ الرُّسُلُ كُلُّهَا عِنْدَهُ فَقَرَأَ الْكُتُبَ وَ سَأَلَ الرُّسُلَ عَنِ النَّاسِ ثُمَّ كَتَبَ مَعَ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ وَ سَعِیدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ كَانَا آخِرَ الرُّسُلِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی الْمَلَإِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَانِئاً وَ سَعِیداً قَدَّمَا عَلَیَّ بِكُتُبِكُمْ وَ كَانَا آخِرَ مَنْ قَدِمَ عَلَیَّ مِنْ رُسُلِكُمْ وَ قَدْ فَهِمْتُ كُلَّ الَّذِی اقْتَصَصْتُمْ وَ ذَكَرْتُمْ وَ مَقَالَةُ جُلِّكُمْ أَنَّهُ لَیْسَ عَلَیْنَا إِمَامٌ فَأَقْبِلْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَجْمَعَنَا بِكَ عَلَی الْحَقِّ وَ الْهُدَی وَ أَنَا بَاعِثٌ إِلَیْكُمْ أَخِی وَ ابْنَ عَمِّی وَ ثِقَتِی مِنْ أَهْلِ بَیْتِی مُسْلِمَ بْنَ عَقِیلٍ فَإِنْ كَتَبَ إِلَیَّ بِأَنَّهُ قَدِ
اجْتَمَعَ رَأْیُ مَلَئِكُمْ وَ ذَوِی الْحِجَی وَ الْفَضْلِ مِنْكُمْ عَلَی مِثْلِ مَا قَدَّمَتْ بِهِ رُسُلُكُمْ وَ قَرَأْتُ فِی كُتُبِكُمْ فَإِنِّی أَقْدَمُ إِلَیْكُمْ وَشِیكاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَعَمْرِی مَا الْإِمَامُ إِلَّا الْحَاكِمُ بِالْكِتَابِ
ص: 334
الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ الدَّائِنُ بِدِینِ الْحَقِّ الْحَابِسُ نَفْسَهُ عَلَی ذَلِكَ لِلَّهِ وَ السَّلَامُ.
وَ دَعَا الْحُسَیْنُ علیه السلام مُسْلِمَ بْنَ عَقِیلٍ فَسَرَّحَهُ مَعَ قَیْسِ بْنِ مُسْهِرٍ الصَّیْدَاوِیِّ وَ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلُولِیِّ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِیِّ وَ أَمَرَهُ بِالتَّقْوَی وَ كِتْمَانِ أَمْرِهِ وَ اللُّطْفِ فَإِنْ رَأَی النَّاسَ مُجْتَمِعِینَ مُسْتَوْسِقِینَ (1) عَجَّلَ إِلَیْهِ بِذَلِكَ.
فَأَقْبَلَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّی أَتَی الْمَدِینَةَ فَصَلَّی فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَدَّعَ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِهِ وَ اسْتَأْجَرَ دَلِیلَیْنِ مِنْ قَیْسٍ فَأَقْبَلَا بِهِ یَتَنَكَّبَانِ الطَّرِیقَ فَضَلَّا عَنِ الطَّرِیقِ وَ أَصَابَهُمَا عَطَشٌ شَدِیدٌ فَعَجَزَا عَنِ السَّیْرِ فَأَوْمَئَا لَهُ إِلَی سَنَنِ الطَّرِیقِ بَعْدَ أَنْ لَاحَ لهم [لَهُمَا] ذَلِكَ فَسَلَكَ مُسْلِمٌ ذَلِكَ السَّنَنَ وَ مَاتَ الدَّلِیلَانِ عَطَشاً فَكَتَبَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِیلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَضِیقِ مَعَ قَیْسِ بْنِ مُسْهِرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَقْبَلْتُ مِنَ الْمَدِینَةِ مَعَ دَلِیلَیْنِ لِی فَحَازَا عَنِ الطَّرِیقِ فَضَلَّا وَ اشْتَدَّ عَلَیْنَا الْعَطَشُ فَلَمْ یَلْبَثَا أَنْ مَاتَا وَ أَقْبَلْنَا حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی الْمَاءِ فَلَمْ نَنْجُ إِلَّا بِحُشَاشَةِ أَنْفُسِنَا وَ ذَلِكَ الْمَاءُ بِمَكَانٍ یُدْعَی الْمَضِیقُ مِنْ بَطْنِ الْخَبْتِ وَ قَدْ تَطَیَّرْتُ مِنْ تَوَجُّهِی هَذَا فَإِنْ رَأَیْتَ أَعْفَیْتَنِی عَنْهُ وَ بَعَثْتَ غَیْرِی وَ السَّلَامُ.
فَكَتَبَ إِلَیْهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ حَسِبْتُ (2) أَنْ لَا یَكُونَ حَمَلَكَ عَلَی الْكِتَابِ إِلَیَّ فِی الِاسْتِعْفَاءِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِی وَجَّهْتُكَ لَهُ إِلَّا الْجُبْنُ فَامْضِ لِوَجْهِكَ الَّذِی وَجَّهْتُكَ فِیهِ وَ السَّلَامُ.
فَلَمَّا قَرَأَ مُسْلِمٌ الْكِتَابَ قَالَ أَمَّا هَذَا فَلَسْتُ أَتَخَوَّفُهُ عَلَی نَفْسِی فَأَقْبَلَ حَتَّی مَرَّ بِمَاءٍ لِطَیِّئٍ فَنَزَلَ بِهِ ثُمَّ ارْتَحَلَ عَنْهُ فَإِذَا رَجُلٌ یَرْمِی الصَّیْدَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ قَدْ رَمَی ظَبْیاً حِینَ أَشْرَفَ لَهُ فَصَرَعَهُ فَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِیلٍ نَقْتُلُ عَدُوَّنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّی دَخَلَ الْكُوفَةَ فَنَزَلَ فِی دَارِ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِی عُبَیْدَةَ وَ هِیَ الَّتِی تُدْعَی الْیَوْمَ دَارُ مُسْلِمِ بْنِ الْمُسَیَّبِ وَ أَقْبَلَتِ الشِّیعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَیْهِ فَكُلَّمَا اجْتَمَعَ إِلَیْهِ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ قَرَأَ عَلَیْهِمْ كِتَابَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ هُمْ یَبْكُونَ وَ بَایَعَهُ النَّاسُ حَتَّی بَایَعَهُ
ص: 335
مِنْهُمْ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ أَلْفاً فَكَتَبَ مُسْلِمٌ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام یُخْبِرُهُ بِبَیْعَةِ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ أَلْفاً وَ یَأْمُرُهُ بِالْقُدُومِ وَ جَعَلَتِ الشِّیعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَی مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَتَّی عُلِمَ بِمَكَانِهِ.
فَبَلَغَ النُّعْمَانَ [بْنَ] بَشِیرٍ ذَلِكَ وَ كَانَ وَالِیاً عَلَی الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِیَةَ فَأَقَرَّهُ یَزِیدُ عَلَیْهَا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ لَا تُسَارِعُوا إِلَی الْفِتْنَةِ وَ الْفُرْقَةِ فَإِنَّ فِیهَا تَهْلِكُ الرِّجَالُ وَ تُسْفَكُ الدِّمَاءُ وَ تُغْصَبُ الْأَمْوَالُ إِنِّی لَا أُقَاتِلُ مَنْ لَا یُقَاتِلُنِی وَ لَا آتِی عَلَی مَنْ لَمْ یَأْتِ عَلَیَّ وَ لَا أُنَبِّهُ نَائِمَكُمْ وَ لَا أَتَحَرَّشُ بِكُمْ وَ لَا آخُذُ بِالْقَرَفِ وَ لَا الظِّنَّةِ وَ لَا التُّهَمَةِ وَ لَكِنَّكُمْ إِنْ أَبْدَیْتُمْ صَفْحَتَكُمْ لِی وَ نَكَثْتُمْ بَیْعَتَكُمْ وَ خَالَفْتُمْ إِمَامَكُمْ فَوَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ غَیْرُهُ لَأَضْرِبَنَّكُمْ بِسَیْفِی مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِی یَدِی وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ لِی مِنْكُمْ نَاصِرٌ أَمَا إِنِّی أَرْجُو أَنْ یَكُونَ مَنْ یَعْرِفُ الْحَقَّ مِنْكُمْ أَكْثَرَ مِمَّنْ یُرْدِیهِ الْبَاطِلُ.
فَقَامَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ رَبِیعَةَ الْحَضْرَمِیُّ حَلِیفُ بَنِی أُمَیَّةَ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ لَا یُصْلِحُ مَا تَرَی إِلَّا الْغَشْمُ وَ هَذَا الَّذِی أَنْتَ عَلَیْهِ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَدُوِّكَ رَأْیُ الْمُسْتَضْعَفِینَ فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِینَ فِی طَاعَةِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْأَعَزِّینَ فِی مَعْصِیَةِ اللَّهِ ثُمَّ نَزَلَ.
وَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ وَ كَتَبَ إِلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ كِتَاباً أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مُسْلِمَ بْنَ عَقِیلٍ قَدْ قَدِمَ الْكُوفَةَ وَ بَایَعَهُ الشِّیعَةُ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَإِنْ یَكُنْ لَكَ فِی الْكُوفَةِ حَاجَةٌ فَابْعَثْ إِلَیْهَا رَجُلًا قَوِیّاً یُنْفِذُ أَمْرَكَ وَ یَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِكَ فِی عَدُوِّكَ فَإِنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِیرٍ رَجُلٌ ضَعِیفٌ أَوْ هُوَ یَتَضَعَّفُ.
ثُمَّ كَتَبَ إِلَیْهِ عُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ بِنَحْوٍ مِنْ كِتَابِهِ (1) ثُمَّ كَتَبَ إِلَیْهِ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا وَصَلَتِ الْكُتُبُ إِلَی یَزِیدَ دَعَا سِرْحُونَ مَوْلَی
ص: 336
مُعَاوِیَةَ فَقَالَ مَا رَأْیُكَ إِنَّ الْحُسَیْنَ قَدْ نَفَّذَ إِلَی الْكُوفَةِ مُسْلِمَ بْنَ عَقِیلٍ یُبَایَعُ لَهُ وَ قَدْ بَلَغَنِی عَنِ النُّعْمَانِ ضَعْفٌ وَ قَوْلٌ سَیِّئٌ فَمَنْ تَرَی أَنْ أَسْتَعْمِلَ عَلَی الْكُوفَةِ وَ كَانَ یَزِیدُ عَاتِباً عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَقَالَ لَهُ سِرْحُونُ أَ رَأَیْتَ لَوْ نَشَرَ لَكَ مُعَاوِیَةُ حَیّاً مَا كُنْتَ آخِذاً بِرَأْیِهِ قَالَ بَلَی قَالَ فَأَخْرَجَ سِرْحُونُ عَهْدَ عُبَیْدِ اللَّهِ عَلَی الْكُوفَةِ وَ قَالَ هَذَا رَأْیُ مُعَاوِیَةَ مَاتَ وَ قَدْ أَمَرَ بِهَذَا الْكِتَابِ فَضُمَّ الْمِصْرَیْنِ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ یَزِیدُ أَفْعَلُ ابْعَثْ بِعَهْدِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ إِلَیْهِ.
ثُمَّ دَعَا مُسْلِمَ بْنَ عَمْرٍو الْبَاهِلِیَّ وَ كَتَبَ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ مَعَهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَیَّ شِیعَتِی مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ یُخْبِرُونَنِی أَنَّ ابْنَ عَقِیلٍ فِیهَا یَجْمَعُ الْجُمُوعَ لِیَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِینَ فَسِرْ حِینَ تَقْرَأُ كِتَابِی هَذَا حَتَّی تَأْتِیَ الْكُوفَةَ فَتَطْلُبَ ابْنَ عَقِیلٍ طَلَبَ الْخُرْزَةِ حَتَّی تَثْقَفَهُ فَتُوثِقَهُ أَوْ تَقْتُلَهُ أَوْ تَنْفِیَهُ وَ السَّلَامُ وَ سَلَّمَ إِلَیْهِ عَهْدَهُ عَلَی الْكُوفَةِ فَخَرَجَ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو حَتَّی قَدِمَ عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ الْبَصْرَةَ وَ أَوْصَلَ
إِلَیْهِ الْعَهْدَ وَ الْكِتَابَ فَأَمَرَ عُبَیْدُ اللَّهِ بِالْجِهَازِ مِنْ وَقْتِهِ وَ الْمَسِیرِ وَ التَّهَیُّؤِ إِلَی الْكُوفَةِ مِنَ الْغَدِ ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَصْرَةِ فَاسْتَخْلَفَ أَخَاهُ عُثْمَانَ (1).
و قال ابن نما رحمه اللّٰه رویت إلی حصین بن عبد الرحمن أن أهل الكوفة كتبوا إلیه أنا معك مائة ألف و عن داود بن أبی هند عن الشعبی قال بایع الحسین علیه السلام أربعون ألفا من أهل الكوفة علی أن یحاربوا من حارب و یسالموا من سالم فعند ذلك رد جواب كتبهم یمنیهم بالقبول و یعدهم بسرعة الوصول و بعث مسلم بن عقیل.
و قال السید رحمه اللّٰه بعد ذلك و كان الحسین علیه السلام قد كتب إلی جماعة من أشراف البصرة كتابا مع مولی له اسمه سلیمان و یكنی أبا رزین یدعوهم إلی نصرته و لزوم طاعته منهم یزید بن مسعود النهشلی و المنذر بن الجارود العبدی فجمع یزید بن مسعود بنی تمیم و بنی حنظلة و بنی سعد فلما حضروا قال یا بنی تمیم كیف ترون موضعی فیكم و حسبی منكم فقالوا بخ بخ أنت و اللّٰه فقرة الظهر و رأس الفخر
ص: 337
حللت فی الشرف وسطا و تقدمت فیه فرطا قال فإنی قد جمعتكم لأمر أرید أن أشاوركم فیه و أستعین بكم علیه فقالوا إنما و اللّٰه نمنحك النصیحة و نحمد لك الرأی فقل نسمع.
فقال إن معاویة مات فأهون به و اللّٰه هالكا و مفقودا ألا و إنه قد انكسر باب الجور و الإثم و تضعضعت أركان الظلم و قد كان أحدث بیعة عقد بها أمرا ظن أن قد أحكمه و هیهات و الذی أراد اجتهد و اللّٰه ففشل و شاور فخذل و قد قام یزید شارب الخمور و رأس الفجور یدعی الخلافة علی المسلمین و یتأمر علیهم مع قصر حلم و قلة علم لا یعرف من الحق موطأ قدمه.
فأقسم باللّٰه قسما مبرورا لجهاده علی الدین أفضل من جهاد المشركین و هذا الحسین بن علی ابن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذو الشرف الأصیل و الرأی الأثیل له فضل لا یوصف و علم لا ینزف و هو أولی بهذا الأمر لسابقته و سنه و قدمته و قرابته یعطف علی الصغیر و یحنو علی الكبیر فأكرم به راعی رعیة و إمام قوم وجبت لله به الحجة و بلغت به الموعظة و لا تعشوا عن نور الحق و لا تسكعوا فی وهدة الباطل فقد كان صخر بن قیس انخذل بكم یوم الجمل فاغسلوها بخروجكم إلی ابن رسول اللّٰه و نصرته و اللّٰه یقصر أحد عن نصرته إلا أورثه اللّٰه الذل فی ولده و القلة فی عشیرته و ها أنا قد لبست للحرب لأمتها و ادرعت لها بدرعها من لم یقتل یمت و من یهرب لم یفت فأحسنوا رحمكم اللّٰه رد الجواب.
فتكلمت بنو حنظلة فقالوا أبا خالد نحن نبل كنانتك و فرسان عشیرتك إن رمیت بنا أصبت و إن غزوت بنا فتحت لا تخوض و اللّٰه غمرة إلا خضناها و لا تلقی و اللّٰه شدة إلا لقیناها ننصرك بأسیافنا و نقیك بأبداننا إذا شئت.
و تكلمت بنو سعد بن زید فقالوا أبا خالد إن أبغض الأشیاء إلینا خلافك و الخروج من رأیك و قد كان صخر بن قیس أمرنا بترك القتال فحمدنا أمرنا و بقی عزنا فینا فأمهلنا نراجع المشورة و یأتیك رأینا.
و تكلمت بنو عامر بن تمیم فقالوا یا أبا خالد نحن بنو أبیك و حلفاؤك لا نرضی
ص: 338
إن غضبت و لا نقطن إن ظعنت و الأمر إلیك فادعنا نجبك و مرنا نطعك و الأمر لك إذا شئت.
فقال و اللّٰه یا بنی سعد لئن فعلتموها لا رفع اللّٰه السیف عنكم أبدا و لا زال سیفكم فیكم.
ثم كتب إلی الحسین صلوات اللّٰه علیه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أما بعد فقد وصل إلی كتابك و فهمت ما ندبتنی إلیه و دعوتنی له من الأخذ بحظی من طاعتك و الفوز بنصیبی من نصرتك و إن اللّٰه لم یخل الأرض قط من عامل علیها بخیر أو دلیل علی سبیل نجاة و أنتم حجة اللّٰه علی خلقه و ودیعته فی أرضه تفرعتم من زیتونة أحمدیة هو أصلها و أنتم فرعها فأقدم سعدت بأسعد طائر فقد ذللت لك أعناق بنی تمیم و تركتهم أشد تتابعا فی طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء یوم خمسها(1) و قد ذللت لك رقاب بنی سعد و غسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حین استحل برقها فلمع.
فلما قرأ الحسین الكتاب قال ما لك آمنك اللّٰه یوم الخوف و أعزك و أرواك یوم العطش.
فلما تجهز المشار إلیه للخروج إلی الحسین علیه السلام بلغه قتله قبل أن یسیر فجزع من انقطاعه عنه.
و أما المنذر بن جارود فإنه جاء بالكتاب و الرسول إلی عبید اللّٰه بن زیاد لأن المنذر خاف أن یكون الكتاب دسیسا من عبید اللّٰه و كانت بحریة بنت المنذر بن جارود تحت عبید اللّٰه بن زیاد فأخذ عبید اللّٰه الرسول فصلبه ثم صعد المنبر فخطب و توعد أهل البصرة علی الخلاف و إثارة الإرجاف ثم بات تلك اللیلة فلما أصبح استناب علیهم أخاه عثمان بن زیاد و أسرع هو إلی قصد الكوفة(2).
وَ قَالَ ابْنُ نَمَا كَتَبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام كِتَاباً إِلَی وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْهُمُ
ص: 339
الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ قَیْسُ بْنُ الْهَیْثَمِ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ وَ یَزِیدُ بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْشَلِیُّ وَ بَعَثَ الْكِتَابَ مَعَ زَرَّاعٍ السَّدُوسِیِّ وَ قِیلَ مَعَ سُلَیْمَانَ الْمُكَنَّی بِأَبِی رَزِینٍ فِیهِ إِنِّی أَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی نَبِیِّهِ فَإِنَّ السُّنَّةَ قَدْ أُمِیتَتْ فَإِنْ تُجِیبُوا دَعْوَتِی وَ تُطِیعُوا أَمْرِی أَهْدِكُمْ سَبِیلَ الرَّشادِ فَكَتَبَ الْأَحْنَفُ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ ثم ذكر أمر الرجلین مثل ما ذكره السید رحمهما اللّٰه إلی أن قال.
فلما أشرف علی الكوفة نزل حتی أمسی لیلا فظن أهلها أنه الحسین علیه السلام و دخلها مما یلی النجف فقالت امرأة اللّٰه أكبر ابن رسول اللّٰه و رب الكعبة فتصایح الناس قالوا إنا معك أكثر من أربعین ألفا و ازدحموا علیه حتی أخذوا بذنب دابته و ظنهم أنه الحسین فحسر اللثام و قال أنا عبید اللّٰه فتساقط القوم و وطئ بعضهم بعضا و دخل دار الإمارة و علیه عمامة سوداء.
فلما أصبح قام خاطبا و علیهم عاتبا و لرؤسائهم مؤنبا و وعدهم بالإحسان علی لزوم طاعته و بالإساءة علی معصیته و الخروج عن حوزته ثم قال یا أهل الكوفة إن أمیر المؤمنین یزید ولانی بلدكم و استعملنی علی مصركم و أمرنی بقسمة فیئكم بینكم و إنصاف مظلومكم من ظالمكم و أخذ الحق لضعیفكم من قویكم و الإحسان للسامع المطیع و التشدید علی المریب فأبلغوا هذا الرجل الهاشمی مقالتی لیتقی غضبی و نزل یعنی بالهاشمی مسلم بن عقیل رضی اللّٰه عنه.
و قال المفید و أقبل ابن زیاد إلی الكوفة و معه مسلم بن عمرو الباهلی و شریك بن الأعور الحارثی و حشمه و أهل بیته حتی دخل الكوفة و علیه عمامة سوداء و هو متلثم و الناس قد بلغهم إقبال الحسین علیه السلام إلیهم فهم ینتظرون قدومه فظنوا حین رأوا عبید اللّٰه أنه الحسین علیه السلام فأخذ لا یمر علی جماعة من الناس إلا سلموا علیه و قالوا مرحبا بك یا ابن رسول اللّٰه قدمت خیر مقدم فرأی من تباشرهم بالحسین ما ساءه فقال مسلم بن عمرو لما أكثروا تأخروا هذا الأمیر عبید اللّٰه بن زیاد.
ص: 340
و سار حتی وافی القصر باللیل و معه جماعة قد التفوا به لا یشكون أنه الحسین علیه السلام فأغلق النعمان بن بشیر علیه و علی خاصته فناداه بعض من كان معه لیفتح لهم الباب فاطلع علیه النعمان و هو یظنه الحسین فقال أنشدك اللّٰه إلا تنحیت و اللّٰه ما أنا بمسلم إلیك أمانتی و ما لی فی قتالك من إرب فجعل لا یكلمه ثم إنه دنا و تدلی النعمان من شرف القصر فجعل یكلمه فقال افتح لا فتحت فقد طال لیلك و سمعها إنسان خلفه فنكص إلی القوم الذین اتبعوه من أهل الكوفة علی أنه الحسین علیه السلام فقال یا قوم ابن مرجانة و الذی لا إله غیره ففتح له النعمان فدخل و ضربوا الباب فی وجوه الناس و انفضوا.
و أصبح فنادی فی الناس الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إلیهم فحمد اللّٰه و أثنی علیه ثم قال أما بعد فإن أمیر المؤمنین یزید ولانی مصركم و ثغركم و فیئكم و أمرنی بإنصاف مظلومكم و إعطاء محرومكم و الإحسان إلی سامعكم و مطیعكم كالوالد البر و سوطی و سیفی علی من ترك أمری و خالف عهدی فلیتق امرؤ علی نفسه الصدق ینبئ عنك لا الوعید(1) ثم نزل.
و أخذ العرفاء بالناس أخذا شدیدا فقال اكتبوا إلی العرفاء و من فیكم من طلبة أمیر المؤمنین و من فیكم من أهل الحروریة و أهل الریب الذین شأنهم الخلاف و النفاق و الشقاق فمن یجی ء لنا بهم فبرئ و من لم یكتب لنا أحدا فلیضمن لنا من فی عرافته أن لا یخالفنا منهم مخالف و لا یبغی علینا باغ فمن لم یفعل برئت منه الذمة و حلال لنا دمه و ماله و أیما عریف وجد فی عرافته من بغیة أمیر المؤمنین أحد لم یرفعه إلینا صلب علی باب داره و ألغیت تلك العرافة من العطاء.
و لما سمع مسلم بن عقیل رحمه اللّٰه مجی ء عبید اللّٰه إلی الكوفة و مقالته التی قالها و ما أخذ به العرفاء و الناس خرج من دار المختار حتی انتهی إلی دار هانئ
ص: 341
بن عروة فدخلها فأخذت الشیعة تختلف إلیه فی دار هانئ علی تستر و استخفاء من عبید اللّٰه و تواصوا بالكتمان فدعا ابن زیاد مولی له یقال له معقل فقال خذ ثلاثة آلاف درهم و اطلب مسلم بن عقیل و التمس أصحابه فإذا ظفرت بواحد منهم أو جماعة فأعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم و قل لهم استعینوا بها علی حرب عدوكم و أعلمهم أنك منهم فإنك لو قد أعطیتهم إیاها لقد اطمأنوا إلیك و وثقوا بك و لم یكتموك شیئا من أمورهم و أخبارهم ثم اغد علیهم و رح حتی تعرف مستقر مسلم بن عقیل و تدخل علیه.
ففعل ذلك و جاء حتی جلس إلی مسلم بن عوسجة الأسدی فی المسجد الأعظم و هو یصلی فسمع قوما یقولون هذا یبایع للحسین فجاء و جلس إلی جنبه حتی فرغ من صلاته ثم قال یا عبد اللّٰه إنی امرؤ من أهل الشام أنعم اللّٰه علی بحب أهل البیت و حب من أحبهم و تباكی له و قال معی ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغنی أنه قدم الكوفة یبایع لابن بنت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فكنت أرید لقاءه فلم أجد أحدا یدلنی علیه و لا أعرف مكانه فإنی لجالس فی المسجد الآن إذ سمعت نفرا من المؤمنین یقولون هذا رجل له علم بأهل هذا البیت و إنی أتیتك لتقبض منی هذا المال و تدخلنی علی صاحبك فإنی أخ من إخوانك و ثقة علیك و إن شئت أخذت بیعتی له قبل لقائه.
فقال له ابن عوسجة أحمد اللّٰه علی لقائك إیای فقد سرنی ذلك لتنال الذی تحب و لینصرن اللّٰه بك أهل بیت نبیه علیه و علیهم السلام و لقد ساءنی معرفة الناس إیای بهذا الأمر قبل أن یتم مخافة هذه الطاغیة و سطوته فقال له معقل لا یكون إلا خیرا خذ البیعة علی فأخذ بیعته و أخذ علیه المواثیق المغلظة لیناصحن و لیكتمن فأعطاه من ذلك ما رضی به ثم قال له اختلف إلی أیاما فی منزلی فإنی طالب لك الإذن علی صاحبك و أخذ یختلف مع الناس فطلب له الإذن فأذن له و أخذ مسلم بن عقیل بیعته و أمر أبا ثمامة الصائدی بقبض المال منه و هو الذی كان یقبض أموالهم و ما یعین به بعضهم بعضا و یشتری لهم به السلاح و كان بصیرا
ص: 342
و فارسا من فرسان العرب و وجوه الشیعة و أقبل ذلك الرجل یختلف إلیهم فهو أول داخل و آخر خارج حتی فهم ما احتاج إلیه ابن زیاد من أمرهم فكان یخبره به وقتا فوقتا(1).
وَ قَالَ ابْنُ شَهْرَآشُوبَ لَمَّا دَخَلَ مُسْلِمٌ الْكُوفَةَ سَكَنَ فِی دَارِ سَالِمِ بْنِ الْمُسَیَّبِ فَبَایَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ فَلَمَّا دَخَلَ ابْنُ زِیَادٍ انْتَقَلَ مِنْ دَارِ سَالِمٍ إِلَی دَارِ هَانِئٍ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ وَ دَخَلَ فِی أَمَانِهِ وَ كَانَ یُبَایِعُهُ النَّاسُ حَتَّی بَایَعَهُ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ رَجُلٍ فَعَزَمَ عَلَی الْخُرُوجِ فَقَالَ هَانِئٌ لَا تَعْجَلْ وَ كَانَ شَرِیكُ بْنُ الْأَعْوَرِ الْهَمْدَانِیُّ جَاءَ مِنَ الْبَصْرَةِ مَعَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَمَرِضَ فَنَزَلَ دَارَ هَانِئٍ أَیَّاماً ثُمَّ قَالَ لِمُسْلِمٍ إِنَّ عُبَیْدَ اللَّهِ یَعُودُنِی وَ إِنِّی مُطَاوِلُهُ الْحَدِیثَ فَاخْرُجْ إِلَیْهِ بِسَیْفِكَ فَاقْتُلْهُ وَ عَلَامَتُكَ أَنْ أَقُولَ اسْقُونِی مَاءً وَ نَهَاهُ هَانِئٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا دَخَلَ عُبَیْدُ اللَّهِ عَلَی شَرِیكٍ وَ سَأَلَهُ عَنْ وَجَعِهِ وَ طَالَ سُؤَالُهُ وَ رَأَی أَنَّ أَحَداً لَا یَخْرُجُ فَخَشِیَ أَنْ یَفُوتَهُ فَأَخَذَ یَقُولُ:
شِعْرَ :
مَا الِانْتِظَارُ بِسَلْمَی أَنْ تُحَیِّیَهَا(2)*** كَأْسَ الْمَنِیَّةِ بِالتَّعْجِیلِ اسْقُوهَا.
فَتَوَهَّمَ ابْنُ زِیَادٍ وَ خَرَجَ فَلَمَّا دَخَلَ الْقَصْرَ أَتَاهُ مَالِكُ بْنُ یَرْبُوعٍ التَّمِیمِیُّ بِكِتَابٍ أَخَذَهُ مِنْ یَدَیْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَقْطُرَ فَإِذَا فِیهِ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكَ أَنَّهُ قَدْ بَایَعَكَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَذَا فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِی هَذَا فَالْعَجَلَ الْعَجَلَ فَإِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مَعَكَ وَ لَیْسَ لَهُمْ فِی یَزِیدَ رَأْیٌ وَ لَا هَوًی فَأَمَرَ ابْنُ زِیَادٍ بِقَتْلِهِ (3).
وَ قَالَ ابْنُ نَمَا فَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ زِیَادٍ دَخَلَ مُسْلِمٌ وَ السَّیْفُ فِی كَفِّهِ قَالَ لَهُ
ص: 343
شَرِیكٌ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْأَمْرِ قَالَ مُسْلِمٌ هَمَمْتُ بِالْخُرُوجِ فَتَعَلَّقَتْ بِیَ امْرَأَةٌ وَ قَالَتْ نَشَدْتُكَ اللَّهَ إِنْ قَتَلْتَ ابْنَ زِیَادٍ فِی دَارِنَا وَ بَكَتْ فِی وَجْهِی فَرَمَیْتُ السَّیْفَ وَ جَلَسْتُ قَالَ هَانِئٌ یَا وَیْلَهَا قَتَلَتْنِی وَ قَتَلَتْ نَفْسَهَا وَ الَّذِی فَرَرْتُ مِنْهُ وَقَعْتُ فِیهِ.
وَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِی الْمَقَاتِلِ قَالَ هَانِئٌ لِمُسْلِمٍ إِنِّی لَا أُحِبُّ أَنْ یُقْتَلَ فِی دَارِی قَالَ فَلَمَّا خَرَجَ مُسْلِمٌ قَالَ لَهُ شَرِیكٌ مَا مَنَعَكَ مِنْ قَتْلِهِ قَالَ خَصْلَتَانِ أَمَّا إِحْدَاهُمَا فَكَرَاهِیَةُ هَانِئٍ أَنْ یُقْتَلَ فِی دَارِهِ وَ أَمَّا الْأُخْرَی فَحَدِیثٌ حَدَّثَنِیهِ النَّاسُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ الْإِیمَانَ قَیَّدَ الْفَتْكَ فَلَا یَفْتِكُ مُؤْمِنٌ فَقَالَ لَهُ هَانِئٌ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ قَتَلْتَهُ لَقَتَلْتَ فَاسِقاً فَاجِراً كَافِراً(1).
ثم قال المفید و خاف هانئ بن عروة عبید اللّٰه علی نفسه فانقطع عن حضور مجلسه و تمارض فقال ابن زیاد لجلسائه ما لی لا أری هانئا فقالوا هو شاك فقال لو علمت بمرضه لعدته و دعا محمد بن الأشعث و أسماء بن خارجة و عمرو بن الحجاج الزبیدی و كانت رویحة بنت عمرو تحت هانئ بن عروة و هی أم یحیی بن هانئ فقال لهم ما یمنع هانئ بن عروة من إتیاننا فقالوا ما ندری و قد قیل إنه یشتكی قال قد بلغنی أنه قد برئ و هو یجلس علی باب داره فألقوه و مروه أن لا یدع ما علیه من حقنا فإنی لا أحب أن یفسد عندی مثله من أشراف العرب.
فأتوه حتی وقفوا علیه عشیة و هو جالس علی بابه و قالوا له ما یمنعك من لقاء الأمیر فإنه قد ذكرك و قال لو أعلم أنه شاك لعدته فقال لهم الشكوی تمنعنی فقالوا قد بلغه أنك تجلس كل عشیة علی باب دارك و قد استبطأك و الإبطاء و الجفاء لا یحتمل السلطان أقسمنا علیك لما ركبت معنا فدعا بثیابه فلبسها ثم دعا ببغلته فركبها حتی إذا دنا من القصر كأن نفسه أحست ببعض
ص: 344
الذی كان فقال لحسان بن أسماء بن خارجة یا ابن الأخ إنی و اللّٰه لهذا الرجل لخائف فما تری فقال یا عم و اللّٰه ما أتخوف علیك شیئا و لم تجعل علی نفسك سبیلا و لم یكن حسان یعلم فی أی شی ء بعث إلیه عبید اللّٰه.
فجاء هانئ حتی دخل علی عبید اللّٰه بن زیاد و عنده القوم فلما طلع قال عبید اللّٰه أتتك بحائن رجلاه (1).
فلما دنا من ابن زیاد و عنده شریح القاضی التفت نحوه فقال:
أرید حباءه و یرید قتلی*** عذیرك من خلیلك من مراد
و قد كان أول ما قدم مكرما له ملطفا فقال له هانئ و ما ذاك أیها الأمیر قال إیه یا هانئ بن عروة ما هذه الأمور التی تربص فی دارك لأمیر المؤمنین و عامة المسلمین جئت بمسلم بن عقیل فأدخلته دارك و جمعت له الجموع و السلاح و الرجال فی الدور حولك و ظننت أن ذلك یخفی علی قال ما فعلت ذلك و ما مسلم عندی قال بلی قد فعلت فلما كثر بینهما و أبی هانئ إلا مجاحدته و مناكرته دعا ابن زیاد معقلا ذلك العین فجاء حتی وفق بین یدیه و قال أ تعرف هذا قال نعم و علم هانئ عند ذلك أنه كان عینا علیهم و أنه قد أتاه بأخبارهم فأسقط فی
ص: 345
یده ساعة(1).
ثم راجعته نفسه فقال اسمع منی و صدق مقاتلی فو اللّٰه ما كذبت و اللّٰه ما دعوته إلی منزلی و لا علمت بشی ء من أمره حتی جاءنی یسألنی النزول فاستحییت من رده و داخلنی من ذلك ذمام فضیفته و آویته و قد كان من أمره ما بلغك فإن شئت أن أعطیك الآن موثقا مغلظا أن لا أبغیك سوءا و لا غائلة و لآتینك حتی أضع یدی فی یدك و إن شئت أعطیتك رهینة تكون فی یدك حتی آتیك و أنطلق إلیه فآمره أن یخرج من داری إلی حیث شاء من الأرض فأخرج من ذمامه و جواره.
فقال له ابن زیاد و اللّٰه لا تفارقنی أبدا حتی تأتینی به قال لا و اللّٰه لا أجیئك به أبدا أجیئك بضیفی تقتله قال و اللّٰه لتأتینی به قال و اللّٰه لا آتیك به فلما كثر الكلام بینهما قام مسلم بن عمرو الباهلی و لیس بالكوفة شامی و لا بصری غیره فقال أصلح اللّٰه الأمیر خلنی و إیاه حتی أكلمه فقام فخلا به ناحیة من ابن زیاد و هما منه بحیث یراهما فإذا رفعا أصواتهما سمع ما یقولان.
فقال له مسلم یا هانئ أنشدك اللّٰه أن تقتل نفسك و أن تدخل البلاء فی عشیرتك فو اللّٰه إنی لأنفس بك عن القتل إن هذا ابن عم القوم و لیسوا قاتلیه و لا ضائریه فادفعه إلیهم فإنه لیس علیك بذلك مخزاة و لا منقصة إنما تدفعه إلی السلطان فقال هانئ و اللّٰه إن علی فی ذلك الخزی و العار أن أدفع جاری و ضیفی و أنا حی صحیح أسمع و أری شدید الساعد كثیر الأعوان و اللّٰه لو لم یكن لی إلا واحد لیس لی ناصر لم أدفعه حتی أموت دونه فأخذ یناشده و هو یقول و اللّٰه لا أدفعه إلیه أبدا.
فسمع ابن زیاد لعنه اللّٰه ذلك فقال ادنوه منی فأدنوه منه فقال و اللّٰه لتأتینی به أو لأضربن عنقك فقال هانئ إذا و اللّٰه تكثر البارقة حول دارك فقال ابن زیاد وا لهفاه علیك أ بالبارقة تخوفنی و هو یظن أن عشیرته سیمنعونه
ص: 346
ثم قال ادنوه منی فأدنی منه فاستعرض وجهه بالقضیب فلم یزل یضرب به أنفه و جبینه و خده حتی كسر أنفه و سال الدماء علی وجهه و لحیته و نثر لحم جبینه و خده علی لحیته حتی كسر القضیب و ضرب هانئ یده علی قائم سیف شرطی و جاذبه الرجل و منعه.
فقال عبید اللّٰه أ حروریّ سائر الیوم (1)
قد حل دمك جروه فجروه فألقوه فی بیت من بیوت الدار و أغلقوا علیه بابه فقال اجعلوا علیه حرسا ففعل ذلك به فقام إلیه حسان بن أسماء فقال أرسل غدر سائر الیوم (2)
أمرتنا أن نجیئك بالرجل حتی إذا جئناك به هشمت أنفه و وجهه و سیلت دماءه علی لحیته و زعمت أنك تقتله فقال له عبید اللّٰه و إنك لهاهنا فأمر به فلهز و تعتع و أجلس ناحیة فقال محمد بن الأشعث قد رضینا بما رأی الأمیر لنا كان أم علینا إنما الأمیر مؤدب.
و بلغ عمرو بن الحجاج أن هانئا قد قتل فأقبل فی مذحج حتی أحاط بالقصر و معه جمع عظیم و قال أنا عمرو بن الحجاج و هذه فرسان مذحج و وجوهها لم نخلع و لم نفارق جماعة و قد بلغهم أن صاحبهم قد قتل فأعظموا ذلك فقیل لعبید اللّٰه بن زیاد و هذه فرسان مذحج بالباب فقال لشریح القاضی ادخل علی
ص: 347
صاحبهم فانظر إلیه ثم أخرج فأعلمهم أنه حی لم یقتل فدخل شریح فنظر إلیه فقال هانئ لما رأی شریحا یا لله یا للمسلمین أهلكت عشیرتی أین أهل الدین أین أهل المصر و الدماء تسیل علی لحیته إذ سمع الضجة علی باب القصر فقال إنی لأظنها أصوات مذحج و شیعتی من المسلمین إنه إن دخل علی عشرة نفر أنقذونی.
فلما سمع كلامه شریح خرج إلیهم فقال لهم إن الأمیر لما بلغه كلامكم و مقالتكم فی صاحبكم أمرنی بالدخول إلیه فأتیته فنظرت إلیه فأمرنی أن ألقاكم و أعرفكم أنه حی و أن الذی بلغكم من قتله باطل فقال له عمرو بن الحجاج و أصحابه أما إذ لم یقتل فالحمد لله ثم انصرفوا.
فخرج عبید اللّٰه بن زیاد فصعد المنبر و معه أشراف الناس و شرطه و حشمه فقال أما بعد أیها الناس فاعتصموا بطاعة اللّٰه و طاعة أئمتكم و لا تفرقوا فتهلكوا و تذلوا و تقتلوا و تجفوا و تحرموا إن أخاك من صدقك و قد أعذر من أنذر و السلام ثم ذهب لینزل فما نزل عن المنبر حتی دخلت النظارة المسجد من قبل باب التمارین یشتدون و یقولون قد جاء ابن عقیل فدخل عبید اللّٰه القصر
مسرعا و أغلق أبوابه فقال عبد اللّٰه بن حازم أنا و اللّٰه رسول ابن عقیل إلی القصر لأنظر ما فعل هانئ فلما ضرب و حبس ركبت فرسی فكنت أول داخل الدار علی مسلم بن عقیل بالخبر و إذا نسوة لمراد مجتمعات ینادین یا عبرتاه یا ثكلاه فدخلت علی مسلم فأخبرته الخبر فأمرنی أن أنادی فی أصحابه و قد ملأ بهم الدور حوله كانوا فیها أربعة آلاف رجل فقال (1)
ناد یا منصور أمت فنادیت فتنادی أهل الكوفة و اجتمعوا علیه.
فعقد مسلم رحمه اللّٰه لرءوس الأرباع كندة و مذحج و تمیم و أسد و مضر و همدان و تداعی الناس و اجتمعوا فما لبثنا إلا قلیلا حتی امتلأ المسجد من الناس و السوق و ما زالوا یتوثبون حتی المساء فضاق بعبید اللّٰه أمره و كان أكثر عمله أن یمسك باب القصر و لیس معه إلا ثلاثون رجلا من الشرط و عشرون رجلا من أشراف الناس
ص: 348
و أهل بیته و خاصته و أقبل من نأی عنه من أشراف الناس یأتونه من قبل الباب الذی یلی الدار الرومیین و جعل من فی القصر مع ابن زیاد یشرفون علیهم فینظرون إلیهم و هم یرمونهم بالحجارة و یشتمونهم و یفترون علی عبید اللّٰه و علی أمه.
فدعا ابن زیاد كثیر بن شهاب و أمره أن یخرج فیمن أطاعه فی مذحج فیسیر فی الكوفة و یخذل الناس عن ابن عقیل و یخوفهم الحرب و یحذرهم عقوبة السلطان و أمر محمد بن الأشعث أن یخرج فیمن أطاعه من كندة و حضرموت فیرفع رایة أمان لمن جاءه من الناس و قال مثل ذلك للقعقاع الذهلی و شبث بن ربعی التمیمی و حجار بن أبجر السلمی و شمر بن ذی الجوشن العامری و حبس باقی وجوه الناس عنده استیحاشا إلیهم لقلة عدد من معه من الناس.
فخرج كثیر بن شهاب یخذل الناس عن مسلم و خرج محمد بن الأشعث حتی وقف عند دور بنی عمارة فبعث ابن عقیل إلی محمد بن الأشعث عبد الرحمن بن شریح الشیبانی فلما رأی ابن الأشعث كثرة من أتاه تأخر عن مكانه و جعل محمد بن الأشعث و كثیر بن شهاب و القعقاع بن ثور الذهلی و شبث بن ربعی یردون الناس عن اللحوق بمسلم و یخوفونهم السلطان حتی اجتمع إلیهم عدد كثیر من قومهم و غیرهم فصاروا إلی ابن زیاد من قبل دار الرومیین و دخل القوم معهم.
فقال كثیر بن شهاب أصلح اللّٰه الأمیر معك فی القصر ناس كثیر من أشراف الناس و من شرطك و أهل بیتك و موالیك فأخرج بنا إلیهم فأبی عبید اللّٰه و عقد لشبث بن ربعی لواء و أخرجه و أقام الناس مع ابن عقیل یكثرون حتی المساء و أمرهم شدید فبعث عبید اللّٰه إلی الأشراف فجمعهم ثم أشرفوا علی الناس فمنوا أهل الطاعة الزیادة و الكرامة و خوفوا أهل المعصیة الحرمان و العقوبة و أعلموهم وصول الجند من الشام إلیهم.
و تكلم كثیر بن شهاب حتی كادت الشمس أن تجب فقال أیها الناس الحقوا بأهالیكم و لا تعجلوا الشر و لا تعرضوا أنفسكم للقتل فإن هذه جنود أمیر المؤمنین یزید قد أقبلت و قد أعطی اللّٰه الأمیر عهدا لئن تممتم علی حربه و لم تنصرفوا
ص: 349
من عشیتكم أن یحرم ذریتكم العطاء و یفرق مقاتلیكم فی مفازی الشام و أن یأخذ البری ء منكم بالسقیم و الشاهد بالغائب حتی لا یبقی له بقیة من أهل المعصیة إلا أذاقها وبال ما جنت أیدیها و تكلم الأشراف بنحو من ذلك.
فلما سمع الناس مقالتهم أخذوا یتفرقون و كانت المرأة تأتی ابنها أو أخاها فتقول انصرف الناس یكفونك و یجی ء الرجل إلی ابنه أو أخیه و یقول غدا تأتیك أهل الشام فما تصنع بالحرب و الشر انصرف فیذهب به فینصرف فما زالوا یتفرقون حتی أمسی ابن عقیل و صلی المغرب و ما معه إلا ثلاثون نفسا فی المسجد.
فلما رأی أنه قد أمسی و لیس معه إلا أولئك النفر خرج متوجها إلی أبواب كندة فلم یبلغ الأبواب إلا و معه منهم عشرة ثم خرج من الباب و إذا لیس معه إنسان یدله فالتفت فإذا هو لا یحس أحدا یدله علی الطریق و لا یدله علی منزله و لا یواسیه بنفسه إن عرض له عدو فمضی علی وجهه متلددا فی أزقة الكوفة لا یدری أین یذهب حتی خرج إلی دور بنی جبلة من كندة فمضی حتی أتی إلی باب امرأة یقال لها طوعة أم ولد كانت للأشعث بن قیس و أعتقها و تزوجها أسید الحضرمی فولدت له بلالا و كان بلال قد خرج مع الناس و أمه قائمة تنتظره.
فسلم علیها ابن عقیل فردّت علیه السلام فقال لها یا أمة اللّٰه اسقینی ماء فسقته و جلس و دخلت ثم خرجت فقالت یا عبد اللّٰه أ لم تشرب قال بلی قالت فاذهب إلی أهلك فسكت ثم أعادت مثل ذلك فسكت ثم قالت فی الثالثة سبحان اللّٰه یا عبد اللّٰه قم عافاك اللّٰه إلی أهلك فإنه لا یصلح لك الجلوس علی بابی و لا أحله لك فقام و قال یا أمة اللّٰه ما لی فی هذا المصر أهل و لا عشیرة فهل لك فی أجر و معروف و لعلی مكافیك بعد هذا الیوم قالت یا عبد اللّٰه و ما ذاك قال أنا مسلم بن عقیل كذبنی هؤلاء القوم و غرونی و أخرجونی قالت أنت مسلم قال نعم قالت ادخل.
فدخل إلی بیت دارها غیر البیت الذی تكون فیه و فرشت له و عرضت علیه العشاء فلم یتعش و لم یكن بأسرع من أن جاء ابنها فرآها تكثر الدخول فی
ص: 350
البیت و الخروج منه فقال لها و اللّٰه إنه لیریبنی كثرة دخولك إلی هذا البیت و خروجك منه منذ اللیلة إن لك لشأنا قالت له یا بنی اله عن هذا قال و اللّٰه لتخبرینی قالت له أقبل علی شأنك و لا تسألنی عن شی ء فألح علیها فقالت یا بنی لا تخبرن أحدا من الناس بشی ء مما أخبرك به قال نعم فأخذت علیه الأیمان فحلف لها فأخبرته فاضطجع و سكت.
و لما تفرق الناس عن مسلم بن عقیل رحمه اللّٰه طال علی ابن زیاد و جعل لا یسمع لأصحاب ابن عقیل صوتا كما كان یسمع قبل ذلك فقال لأصحابه أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحدا فأشرفوا فلم یجدوا أحدا قال فانظروهم لعلهم تحت الظلال قد كمنوا
لكم فنزعوا تخاتج المسجد و جعلوا یخفضون بشعل النار فی أیدیهم و ینظرون و كانت أحیانا تضی ء لهم و تارة لا تضی ء لهم كما یریدون فدلوا القنادیل و أطنان القصب تشد بالحبال ثم یجعل فیها النیران ثم تدلی حتی ینتهی إلی الأرض ففعلوا ذلك فی أقصی الظلال و أدناها و أوسطها حتی فعل ذلك بالظلة التی فیها المنبر فلما لم یروا شیئا أعلموا ابن زیاد بتفرق القوم.
ففتح باب السدة التی فی المسجد ثم خرج فصعد المنبر و خرج أصحابه معه و أمرهم فجلسوا قبیل العتمة و أمر عمر بن نافع فنادی ألا برئت الذمة من رجل من الشرط أو العرفاء و المناكب أو المقاتلة صلی العتمة إلا فی المسجد فلم یكن إلا ساعة حتی امتلأ المسجد من الناس ثم أمر منادیه فأقام الصلاة و أقام الحرس خلفه و أمرهم بحراسته من أن یدخل إلیه من یغتاله و صلی بالناس.
ثم صعد المنبر فحمد اللّٰه و أثنی علیه ثم قال أما بعد فإن ابن عقیل السفیه الجاهل قد أتی ما رأیتم من الخلاف و الشقاق فبرئت ذمة اللّٰه من رجل وجدناه فی داره و من جاء به فله دیته اتقوا اللّٰه عباد اللّٰه و الزموا الطاعة و بیعتكم و لا تجعلوا علی أنفسكم سبیلا.
یا حصین بن نمیر ثكلتك أمك إن ضاع باب سكة من سكك الكوفة و خرج هذا الرجل و لم تأتنی به و قد سلطتك علی دور أهل الكوفة فابعث مراصد علی
ص: 351
أهل الكوفة و دورهم و أصبح غدا و استبرئ الدور و جس خلالها حتی تأتینی بهذا الرجل و كان الحصین بن نمیر علی شرطه و هو من بنی تمیم ثم دخل ابن زیاد القصر و قد عقد لعمرو بن حریث رایة و أمره علی الناس. فلما أصبح جلس مجلسه و أذن للناس فدخلوا علیه و أقبل محمد بن الأشعث فقال مرحبا بمن لا یستغش و لا یتهم ثم أقعده إلی جنبه و أصبح ابن تلك العجوز فغدا إلی عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأخبره بمكان مسلم بن عقیل عند أمه فأقبل عبد الرحمن حتی أتی أباه و هو عند ابن زیاد فساره فعرف ابن زیاد سراره فقال له ابن زیاد بالقضیب فی جنبه (1) قم فأتنی به الساعة فقام و بعث معه قومه لأنه قد علم أن كل قوم یكرهون أن یصاب فیهم مثل مسلم بن عقیل.
فبعث معه عبید اللّٰه بن عباس السلمی فی سبعین رجلا من قیس حتی أتوا الدار التی فیها مسلم بن عقیل رحمه اللّٰه فلما سمع وقع حوافر الخیل و أصوات الرجال علم أنه قد أتی فخرج إلیهم بسیفه و اقتحموا علیه الدار فشد علیهم یضربهم بسیفه حتی أخرجهم من الدار ثم عادوا إلیه فشد علیهم كذلك فاختلف هو و بكر بن حمران الأحمری ضربتین فضرب بكر فم مسلم فقطع شفته العلیا و أسرع السیف فی السفلی و فصلت له ثنیتاه و ضرب مسلم فی رأسه ضربة منكرة و ثناه بأخری علی حبل العاتق كادت تطلع إلی جوفه.
فلما رأوا ذلك أشرفوا علیه من فوق البیت و أخذوا یرمونه بالحجارة و یلهبون النار فی أطنان القصب ثم یرمونها علیه من فوق البیت فلما رأی ذلك خرج علیهم مصلتا بسیفه فی السكة فقال محمد بن الأشعث لك الأمان لا تقتل نفسك و هو یقاتلهم و یقول:
أقسمت لا أقتل إلا حرا*** و إن رأیت الموت شیئا نكرا
و یخلط البارد سخنا مرا*** رد شعاع الشمس فاستقرا
كل امرئ یوما ملاق شرا*** أخاف أن أكذب أو أغرا.
ص: 352
فقال له محمد بن الأشعث إنك لا تكذب و لا تغر و لا تخدع إن القوم بنو عمك و لیسوا بقاتلیك و لا ضائریك و كان قد أثخن بالحجارة و عجز عن القتال فانتهز(1)
و استند ظهره إلی جنب تلك الدار فأعاد ابن الأشعث علیه القول لك الأمان فقال آمن أنا قال نعم فقال للقوم الذین معه إلی الأمان قال القوم له نعم إلا عبید اللّٰه بن العباس السلمی فإنه قال لا ناقة لی فی هذا و لا جمل (2) ثم تنحی.
فقال مسلم أما لو لم تأمنونی ما وضعت یدی فی أیدیكم فأتی ببغلة فحمل علیها و اجتمعوا حوله و نزعوا سیفه و كأنه عند ذلك یئس من نفسه فدمعت عیناه ثم قال هذا أول الغدر فقال له محمد بن الأشعث أرجو أن لا یكون علیك بأس قال و ما هو إلا الرجاء أین أمانكم إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ و بكی فقال له عبید اللّٰه بن العباس إن من یطلب مثل الذی طلبت إذا ینزل به مثل ما نزل بك لم یبك قال و اللّٰه إنی ما لنفسی بكیت و لا لها من القتل أرثی و إن كنت لم أحب لها طرفة عین تلفا و لكنی أبكی لأهلی المقبلین إنی أبكی للحسین و آل الحسین علیه السلام.
ثم أقبل علی محمد بن الأشعث فقال یا عبد اللّٰه إنی أراك و اللّٰه ستعجز عن أمانی فهل عندك خیر تستطیع أن تبعث من عندك رجلا علی لسانی أن یبلغ حسینا فإنی لا أراه إلا و قد خرج الیوم أو خارج غدا و أهل بیته و یقول له إن ابن عقیل بعثنی إلیك و هو أسیر فی ید القوم لا یری أنه یمسی حتی یقتل و هو یقول لك:
ص: 353
ارجع فداك أبی و أمی بأهل بیتك و لا یغررك أهل الكوفة فإنهم أصحاب أبیك الذی كان یتمنی فراقهم بالموت أو القتل إن أهل الكوفة قد كذبوك و لیس لمكذوب رأی فقال ابن الأشعث و اللّٰه لأفعلن و لأعلمن ابن زیاد أنی قد أمنتك (1).
و قال محمد بن شهرآشوب أنفذ عبید اللّٰه عمرو بن حریث المخزومی و محمد بن الأشعث فی سبعین رجلا حتی أطافوا بالدار فحمل مسلم علیهم و هو یقول:
هو الموت فاصنع و یك ما أنت صانع*** فأنت لكأس الموت لا شك جارع
فصبر لأمر اللّٰه جل جلاله*** فحكم قضاء اللّٰه فی الخلق ذائع.
فقتل منهم أحدا و أربعین رجلا(2).
و قال محمد بن أبی طالب لما قتل مسلم منهم جماعة كثیرة و بلغ ذلك ابن زیاد أرسل إلی محمد بن الأشعث یقول بعثناك إلی رجل واحد لتأتینا به فثلم فی أصحابك ثلمة عظیمة فكیف إذا أرسلناك إلی غیره فأرسل ابن الأشعث أیها الأمیر أ تظن أنك بعثتنی إلی بقال من بقالی الكوفة أو إلی جرمقانی من جرامقة الحیرة أ و لم تعلم أیها الأمیر أنك بعثتنی إلی أسد ضرغام و سیف حسام فی كف بطل همام من آل خیر الأنام فأرسل إلیه ابن زیاد أن أعطه الأمان فإنك لا تقدر علیه إلا به.
أقول: روی فی بعض كتب المناقب عن علی بن أحمد العاصمی عن إسماعیل بن أحمد البیهقی عن والده عن أبی الحسین بن بشران عن أبی عمرو بن السماك عن حنبل بن إسحاق عن الحمیدی عن سفیان بن عیینة عن عمرو بن دینار قال: أرسل الحسین علیه السلام مسلم بن عقیل إلی الكوفة و كان مثل الأسد قال عمرو و غیره لقد كان من قوته أنه یأخذ الرجل بیده فیرمی به فوق البیت.
رجعنا إلی كلام المفید رحمه اللّٰه قال و أقبل ابن الأشعث بابن عقیل إلی
ص: 354
باب القصر و استأذن فأذن له فدخل علی عبید اللّٰه بن زیاد فأخبره خبر ابن عقیل و ضرب بكر إیاه و ما كان من أمانه له فقال له عبید اللّٰه و ما أنت و الأمان كأنا أرسلناك لتؤمنه إنما أرسلناك لتأتینا به فسكت ابن الأشعث و انتهی بابن عقیل إلی باب القصر و قد اشتد به العطش و علی باب القصر ناس جلوس ینتظرون الإذن فیهم عمارة بن عقبة بن أبی معیط و عمرو بن حریث و مسلم بن عمرو و كثیر بن شهاب و إذا قلة باردة موضوعة علی الباب.
فقال مسلم اسقونی من هذا الماء فقال له مسلم بن عمرو أ تراها ما أبردها لا و اللّٰه لا تذوق منها قطرة أبدا حتی تذوق الحمیم فی نار جهنم فقال له ابن عقیل ویحك من أنت فقال أنا الذی عرف الحق إذ أنكرته و نصح لإمامه إذ غششته و أطاعه إذ خالفته أنا مسلم بن عمرو الباهلی فقال له ابن عقیل لأمك الثكل ما أجفاك و أقطعك و أقسی قلبك أنت یا ابن باهلة أولی بالحمیم و الخلود فی نار جهنم منی.
ثم جلس فتساند إلی حائط و بعث غلاما له فأتاه بقلة علیها مندیل و قدح فصب فیه ماء فقال له اشرب فأخذ كلما شرب امتلأ القدح دما من فمه و لا یقدر أن یشرب ففعل ذلك مرتین فلما ذهب فی الثالثة لیشرب سقطت ثنایاه فی القدح فقال الحمد لله لو كان لی من الرزق المقسوم لشربته و خرج رسول ابن زیاد فأمر بإدخاله إلیه.
فلما دخل لم یسلم علیه بالإمرة فقال له الحرسی أ لا تسلم علی الأمیر فقال إن كان یرید قتلی فما سلامی علیه و إن كان لا یرید قتلی فلیكثرن سلامی علیه فقال له ابن زیاد لعمری لتقتلن قال كذلك قال نعم قال فدعنی أوصی إلی بعض قومی قال افعل فنظر مسلم إلی جلساء عبید اللّٰه بن زیاد و فیهم عمر بن سعد بن أبی وقاص فقال یا عمر إن بینی و بینك قرابة و لی إلیك حاجة و قد یجب لی علیك نجح حاجتی و هی سر فامتنع عمر أن یسمع منه فقال له عبید اللّٰه بن زیاد لم تمتنع أن تنظر فی حاجة ابن عمك فقام معه فجلس حیث
ص: 355
ینظر إلیهما ابن زیاد فقال له إن علی بالكوفة دینا استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمائة درهم فبع سیفی و درعی فاقضها عنی و إذا قتلت فاستوهب جثتی من ابن زیاد فوارها و ابعث إلی الحسین علیه السلام من یرده فإنی قد كتبت إلیه أعلمه أن الناس معه و لا أراه إلا مقبلا.
فقال عمر لابن زیاد أ تدری أیها الأمیر ما قال لی إنه ذكر كذا و كذا فقال ابن زیاد إنه لا یخونك الأمین و لكن قد یؤتمن الخائن أما ماله فهو له و لسنا نمنعك أن تصنع به ما أحب و أما جثته فإنا لا نبالی إذا قتلناه ما صنع بها و أما حسین فإنه إن لم یردنا لم نرده.
ثم قال ابن زیاد إیه ابن عقیل أتیت الناس و هم جمع فشتت بینهم و فرقت كلمتهم و حملت بعضهم علی بعض قال كلا لست لذلك أتیت و لكن أهل المصر زعموا أن أباك قتل خیارهم و سفك دماءهم و عمل فیهم أعمال كسری و قیصر فأتیناهم لنأمر بالعدل و ندعو إلی الكتاب فقال له ابن زیاد و ما أنت و ذاك یا فاسق لم لم تعمل فیهم بذلك إذ أنت بالمدینة تشرب الخمر قال مسلم أنا أشرب الخمر أما و اللّٰه إن اللّٰه لیعلم أنك غیر صادق و أنك قد قلت بغیر علم و إنی لست كما ذكرت و إنك أحق بشرب الخمر منی و أولی بها من یلغ فی دماء المسلمین ولغا فیقتل النفس التی حرم اللّٰه قتلها و یسفك الدم الذی حرم اللّٰه علی الغصب و العداوة و سوء الظن و هو یلهو و یلعب كأن لم یصنع شیئا.
فقال له ابن زیاد یا فاسق إن نفسك منتك ما حال اللّٰه دونه و لم یرك اللّٰه له أهلا فقال مسلم فمن أهله إذا لم نكن نحن أهله فقال ابن زیاد أمیر المؤمنین یزید فقال مسلم الحمد لله علی كل حال رضینا باللّٰه حكما بیننا و بینكم فقال له ابن زیاد قتلنی اللّٰه إن لم أقتلك قتلة لم یقتلها أحد فی الإسلام من الناس فقال له مسلم أما إنك أحق من أحدث فی الإسلام ما لم یكن و إنك لا تدع سوء القتلة و قبح المثلة و خبث السیرة و لؤم الغلبة لا أحد أولی بها منك فأقبل ابن زیاد یشتمه و یشتم الحسین و علیا و عقیلا و أخذ مسلم لا یكلمه.
ص: 356
ثم قال ابن زیاد اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ثم اتبعوه جسده فقال مسلم رحمه اللّٰه و اللّٰه لو كان بینی و بینك قرابة ما قتلتنی فقال ابن زیاد أین هذا الذی ضرب ابن عقیل رأسه بالسیف فدعا بكر بن حمران الأحمری فقال له اصعد فلیكن أنت الذی تضرب عنقه فصعد به و هو یكبر و یستغفر اللّٰه و یصلی علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و یقول اللّٰهم احكم بیننا و بین قوم غرونا و كذبونا و خذلونا.
و أشرفوا به علی موضع الحذاءین الیوم فضرب عنقه و أتبع رأسه جثته (1).
و قال السید و لما قتل مسلم منهم جماعة نادی إلیه محمد بن الأشعث یا مسلم لك الأمان فقال مسلم و أی أمان للغدرة الفجرة ثم أقبل یقاتلهم و یرتجز بأبیات حمران بن مالك الخثعمی یوم القرن أقسمت لا أقتل إلا حرا إلی آخر الأبیات فنادی إلیه أنك لا تكذب و لا تغر فلم یلتفت إلی ذلك و تكاثروا علیه بعد أن أثخن بالجراح فطعنه رجل من خلفه فخر إلی الأرض فأخذ أسیرا فلما دخل علی عبید اللّٰه لم یسلم علیه فقال له الحرسی سلم علی الأمیر فقال له.
اسكت یا ویحك و اللّٰه ما هو لی بأمیر فقال ابن زیاد لا علیك سلمت أم لم تسلم فإنك مقتول فقال له مسلم إن قتلتنی فلقد قتل من هو شر منك من هو خیر منی ثم قال ابن زیاد یا عاق و یا شاق خرجت علی إمامك و شققت عصا المسلمین و ألقحت الفتنة فقال مسلم كذبت یا ابن زیاد إنما شق عصا المسلمین معاویة و ابنه یزید و أما الفتنة فإنما ألقحها أنت و أبوك زیاد بن عبید عبد بنی علاج من ثقیف و أنا أرجو أن یرزقنی اللّٰه الشهادة علی یدی شر بریته.
ثم قال السید بعد ما ذكر بعض ما مر فضرب عنقه و نزل مذعورا فقال له ابن زیاد ما شأنك فقال أیها الأمیر رأیت ساعة قتلته رجلا أسود سیئ الوجه حذائی عاضا علی إصبعه أو قال شفتیه ففزعت فزعا لم أفزعه قط فقال ابن زیاد لعلك دهشت (2).
ص: 357
و قال المسعودی دعا ابن زیاد بكیر بن حمران الذی قتل مسلما فقال أ قتلته قال نعم قال فما كان یقول و أنتم تصعدون به لتقتلوه قال كان یكبر و یسبح و یهلل و یستغفر اللّٰه فلما أدنیناه لنضرب عنقه قال اللّٰهم احكم بیننا و بین قوم غرونا و كذبونا ثم خذلونا و قتلونا فقلت له الحمد لله الذی أقادنی منك و ضربته ضربة لم تعمل شیئا فقال لی أ و ما یكفیك فی خدش منی وفاء بدمك أیها العبد قال ابن زیاد و فخرا عند الموت قال و ضربته الثانیة فقتلته.
و قال المفید فقام محمد بن الأشعث إلی عبید اللّٰه بن زیاد فكلمه فی هانئ بن عروة فقال إنك قد عرفت موضع هانئ من المصر و بیته فی العشیرة و قد علم قومه أنی و صاحبی سقناه إلیك و أنشدك اللّٰه لما وهبته لی فإنی أكره عداوة المصر و أهله فوعده أن یفعل ثم بدا له و أمر بهانئ فی الحال فقال أخرجوه إلی السوق فاضربوا عنقه فأخرج هانئ حتی أتی به إلی مكان من السوق كان یباع فیه الغنم و هو مكتوف فجعل یقول وا مذحجاه و لا مذحج لی الیوم یا مذحجاه یا مذحجاه أین مذحج.
فلما رأی أن أحدا لا ینصره جذب یده فنزعها من الكتاف ثم قال أ ما من عصا أو سكین أو حجارة أو عظم یحاجز به رجل عن نفسه و وثبوا إلیه فشدوه وثاقا ثم قیل له امدد عنقك فقال ما أنا بها بسخی و ما أنا بمعینكم علی نفسی فضربه مولی لعبید اللّٰه بن زیاد تركی یقال له رشید بالسیف فلم یصنع شیئا فقال له هانئ إلی اللّٰه المعاد اللّٰهم إلی رحمتك و رضوانك ثم ضربه أخری فقتله.
و فی مسلم بن عقیل و هانئ بن عروة رحمهما اللّٰه یقول عبد اللّٰه بن الزبیر الأسدی (1):
فإن كنت لا تدرین ما الموت فانظری*** إلی هانئ فی السوق و ابن عقیل
إلی بطل قد هشم السیف وجهه*** و آخر یهوی من طمار قتیل.
ص: 358
أصابهما أمر اللعین فأصبحا*** أحادیث من یسری بكل سبیل
تری جسدا قد غیرت الموت لونه*** و نضح دم قد سال كل مسیل
فتی كان أحیا من فتاة حییة ***و أقطع من ذی شفرتین صقیل
أ یركب أسماء الهمالیج آمنا*** و قد طالبته مذحج بذحول
تطیف حوالیه مراد و كلهم*** علی رقبة من سائل و مسئول
فإن أنتم لم تثأروا بأخیكم*** فكونوا بغایا أرضیت بقلیل.
و لما قتل مسلم بن عقیل و هانئ بن عروة رحمة اللّٰه علیهما بعث ابن زیاد برأسیهما مع هانئ بن أبی حیة الوادعی و الزبیر بن الأروح التمیمی إلی یزید بن معاویة و أمر كاتبه أن یكتب إلی یزید بما كان من أمر مسلم و هانئ فكتب الكاتب و هو عمرو بن نافع فأطال فیه و كان أول من أطال فی الكتب فلما نظر فیه عبید اللّٰه كرهه و قال ما هذا التطویل و هذه الفضول اكتب.
أما بعد فالحمد اللّٰه الذی أخذ لأمیر المؤمنین بحقه و كفاه مئونة عدوه أخبر أمیر المؤمنین أن مسلم بن عقیل لجأ إلی دار هانئ بن عروة المرادی و إنی جعلت علیهما المراصد و العیون و دسست إلیهما الرجال و كدتهما حتی أخرجتهما و أمكن اللّٰه منهما فقدمتهما و ضربت أعناقهما و قد بعثت إلیك برأسیهما مع هانئ بن أبی حیة الوادعی و الزبیر بن الأروح التمیمی و هما من أهل السمع و الطاعة و النصیحة فلیسا لهما أمیر المؤمنین عما أحب من أمرهما فإن عندهما علما و ورعا و صدقا و السلام.
فكتب إلیه یزید أما بعد فإنك لم تعد أن كنت كما أحب عملت عمل الحازم و صلت صولة الشجاع الرابط الجأش و قد أغنیت و كفیت و صدقت ظنی بك و رأیی فیك و قد دعوت رسولیك و سألتهما و ناجیتهما فوجدتهما فی رأیهما و فضلهما كما ذكرت فاستوص بهما خیرا و إنه قد بلغنی أن حسینا قد توجه نحو العراق فضع المناظر و المسالح و احترس و احبس علی الظنة و اقتل علی التهمة و اكتب إلی فی كل یوم ما یحدث من خبر إن شاء اللّٰه (1).
ص: 359
و قال ابن نما كتب یزید إلی ابن زیاد قد بلغنی أن حسینا قد سار إلی الكوفة و قد ابتلی به زمانك من بین الأزمان و بلدك من بین البلدان و ابتلیت به من بین العمال و عندها تعتق أو تعود عبدا كما تعبد العبید.
إیضاح: قوله ویح غیرك قال هذا تعظیما له أی لا أقول لك ویحك بل أقول لغیرك و السلام بالكسر الحجر ذكره الجوهری و قال نبا بفلان منزله إذا لم یوافقه و قال الشعفة بالتحریك رأس الجبل و الجمع شعف و شعوف و شعاف و شعفات و هی رءوس الجبال.
قوله علیه السلام و من تخلف لم یبلغ مبلغ الفتح أی لا یتیسر له فتح و فلاح فی الدنیا أو فی الآخرة أو الأعم و هذا إما تعلیل بأن ابن الحنفیة إنما لم یلحق لأنه علم أنه یقتل إن ذهب بإخباره علیه السلام أو بیان لحرمانه عن تلك السعادة أو لأنه لا عذر له فی ذلك لأنه علیه السلام أعلمه و أمثاله بذلك.
قوله نحمد إلیك اللّٰه أی نحمد اللّٰه منهیا إلیك و التنزی و الانتزاء التوثب و التسرع و ابتززت الشی ء استلبته و النجاء الإسراع و قال الجوهری یقال حیهلا الثرید فتحت یاؤه لاجتماع الساكنین و بنیت حی مع هل اسما واحدا مثل خمسة عشر و سمی به الفعل و إذا وقفت علیه قلت حیهلا و قال الجناب بالفتح الفناء و ما قرب من محلة القوم یقال أخصب جناب القوم و الحشاشة بالضم بقیة الروح فی المریض قال الجزری فیه فانفلتت البقرة بحشاشة نفسها أی برمق بقیة الحیاة و الروح و التحریش و الإغراء بین القوم و القرف التهمة و الغشم الظلم.
طلب الخرزة كأنه كنایة عن شدة الطلب فإن من یطلب الخرزة یفتشها فی كل مكان و ثقبة و ثقفه صادفه قوله فرطا أی تقدما كثیرا من قولهم فرطت القوم أی سبقتهم أو هو حال فإن الفرط بالتحریك من یتقدم الواردة إلی الماء و الكلاء لیهیئ لهم ما یحتاجون إلیه.
قوله فأهون به صیغة تعجب أی ما أهونه و الأثیل الأصیل و التسكع
ص: 360
التمادی فی الباطل و قطن بالمكان كنصر أقام و ظعن أی سار.
قوله لئن فعلتموها أی المخالفة و الخمس بالكسر من إظماء الإبل أن ترعی ثلاثة أیام و ترد الیوم الرابع و المزنة السحابة البیضاء و الجمع المزن ذكره الجوهری و قال الفیروزآبادی المزن بالضم السحاب أو أبیضه أو ذو الماء.
قوله لا فتحت دعاء علیه أی لا فتحت علی نفسك بابا من الخیر فقد طال لیلك أی كثر و امتد همك أو انتظارك و فی مروج الذهب فقد طال نومك أی غفلتك و ضربوا الباب أی أغلقوه.
قوله فإن الصدق ینبی عنك قال الزمخشری فی المستقصی الصدق ینبی عنك لا الوعید غیر مهموز من أنباه إذا جعله نابیا أی إنما یبعد عنك العدو و یرده أن تصدقه القتال لا التهدد یضرب للجبان یتوعد ثم لا یفعل و قال الجوهری فی المثل الصدق ینبی عنك لا الوعید أی إن الصدق یدفع عنك الغائلة فی الحرب دون التهدید قال أبو عبید هو ینبی غیر مهموز و یقال أصله الهمز من الإنباء أی إن الفعل یخبر عن حقیقتك لا القول انتهی.
و فی بعض النسخ علیك أی عند ما یتحقق ما أقول تطلع علی فوائد ما أقول لك و تندم علی ما فات لا مجرد وعیدی یقال نبأت علی القوم طلعت علیهم و الظاهر أنه تصحیف و العریف النقیب و هو دون الرئیس.
قوله و لم تجعل علی نفسك الجملة حالیة و قال الجزری: فی حدیث علی علیه السلام: قال و هو ینظر إلی ابن ملجم عذیرك من خلیلك من مراد.
یقال عذیرك من فلان بالنصب أی هات من یعذرك فیه فعیل بمعنی فاعل قوله إیه أی اسكت و الشائع فیه أیها.
و قال الفیروزآبادی ربص بفلان ربصا انتظر به خیرا أو شرا یحل به كتربص و یقال سقط فی یدیه أی ندم و جوز أسقط فی یدیه و الذمام الحق و الحرمة و أذم فلانا أجاره و یقال أخذتنی منه مذمة أی رقة و عار من ترك
ص: 361
حرمته و الغائلة الداهیة و نفس به بالكسر أی ضن به و البارقة السیوف و الحروری الخارجی أی أنت كنت أو تكون خارجیا فی جمیع الأیام أو فی بقیة الیوم.
و قال الجوهری و من أمثالهم فی الیأس عن الحاجة أ سائر الیوم و قد زال الظهر(1) أی أ تطمع فیما بعد و قد تبین لك الیأس لأن من كان حاجته الیوم بأسره و قد زال الظهر وجب أن ییأس منه بغروب الشمس انتهی و الظاهر أن هذا المعنی لا یناسب المقام.
و اللّٰهز الضرب بجمع الید فی الصدور و لهزه بالرمح طعنه فی صدره و تعتعه حركه بعنف و أقلقه قوله استیحاشا إلیهم یقال استوحش أی وجد الوحشة و فیه تضمین معنی الانضمام و المتلدد المتحیر الذی یلتفت یمینا و شمالا و التخاتج لعله جمع تختج معرب تخته أی نزعوا الأخشاب من سقف المسجد لینظروا هل فیه أحد منهم و إن لم یرد بهذا المعنی فی اللغة و المنكب هو رأس العرفاء و الاستبراء الاختبار و الاستعلام.
قوله و جس خلالها من قولهم فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ أی تخللوها فطلبوا ما فیها قوله فانتهز أی اغتنم الأمان قوله لا ناقة لی فی هذا قال الزمخشری فی مستقصی الأمثال أی لا خیر لی فیه و لا شر و أصله أن الصدوف بنت حلیس كانت تحت زید بن الأخنس و له بنت من غیرها تسمی الفارعة كانت تسكن بمعزل منها فی خباء آخر فغاب زید غیبة فلهج بالفارعة رجل عدوی یدعی شبثا و طاوعته فكانت تركب علی عشیة جملا لأبیها و تنطلق معه إلی متیهة یبیتان فیها و رجع زید عن وجهه فعرج علی كاهنة اسمها طریفة فأخبرته بریبة فی أهله فأقبل سائرا لا یلوی علی أحد و إنما تخوف علی امرأته حتی دخل علیها فلما رأته عرفت الشر فی وجهه فقالت لا تعجل واقف الأثر لا ناقة لی فی ذا و لا جمل یضرب فی التبری عن الشی ء قال الراعی:
و ما هجرتك حتی قلت معلنة*** لا ناقة لی فی هذا و لا جمل
ص: 362
و قال الفیروزآبادی الجرامقة قوم من العجم صاروا بالموصل فی أوائل الإسلام الواحد جرمقانی و الضرغام بالكسر الأسد و الهمام كغراب الملك العظیم الهمة و السید الشجاع قوله علیه السلام من یلغ من ولوغ الكلب و قال الجوهری طمار المكان المرتفع و قال الأصمعی انصب علیه من طمار مثل قطام قال الشاعر فإن كنت إلی آخر البیتین و كان ابن زیاد أمر برمی مسلم بن عقیل من سطح انتهی.
قوله أحادیث من یسری أی صارا بحیث یذكر قصتهما كل من یسیر باللیل فی السبل و شفرة السیف حده أی من سلاح مصقول یقطع من الجانبین و الصقیل السیف أیضا و الهمالیج جمع الهملاج و هو نوع من البراذین و أسماء هو أحد الثلاثة الذین ذهبوا بهانئ إلی ابن زیاد و الرقبة بالفتح الارتقاب و الانتظار و بالكسر التحفظ قوله فكونوا بغایا أی زوانی و فی بعض النسخ أیامی.
قال المفید ره: فصل و كان خروج مسلم بن عقیل رحمه اللّٰه بالكوفة یوم الثلاثاء لثمان مضین من ذی الحجة سنة ستین و قتله رحمه اللّٰه یوم الأربعاء لتسع خلون منه یوم عرفة و كان توجه الحسین علیه السلام من مكة إلی العراق فی یوم خروج مسلم بالكوفة و هو یوم الترویة بعد مقامه بمكة بقیة شعبان و شهر رمضان و شوالا و ذا القعدة و ثمان لیال خلون من ذی الحجة سنة ستین و كان قد اجتمع إلی الحسین علیه السلام مدة مقامه بمكة نفر من أهل الحجاز و نفر من أهل البصرة انضافوا إلی أهل بیته و موالیه.
و لما أراد الحسین التوجه إلی العراق طاف بالبیت و سعی بین الصفا و المروة و أحل من إحرامه و جعلها عمرة لأنه لم یتمكن من تمام الحج مخافة أن یقبض علیه بمكة فینفذ إلی یزید بن معاویة فخرج علیه السلام مبادرا بأهله و ولده و من انضم إلیه من شیعته و لم یكن خبر مسلم بلغه بخروجه یوم خروجه علی ما ذكرناه (1).
ص: 363
وَ قَالَ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَی أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِیُّ عَنِ الْوَاقِدِیِّ وَ زُرَارَةَ بْنِ صَالِحٍ قَالا: لَقِینَا الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَی الْعِرَاقِ بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ فَأَخْبَرْنَاهُ بِهَوَی النَّاسِ بِالْكُوفَةِ وَ أَنَّ قُلُوبَهُمْ مَعَهُ وَ سُیُوفَهُمْ عَلَیْهِ فَأَوْمَأَ بِیَدِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ فَفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ عَدَداً لَا یُحْصِیهِمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ علیه السلام لَوْ لَا تَقَارُبُ الْأَشْیَاءِ وَ حُبُوطُ الْأَجْرِ لَقَاتَلْتُهُمْ بِهَؤُلَاءِ وَ لَكِنْ أَعْلَمُ یَقِیناً أَنَّ هُنَاكَ مَصْرَعِی وَ مَصْرَعَ أَصْحَابِی وَ لَا یَنْجُو مِنْهُمْ إِلَّا وَلَدِی عَلِیٌّ.
وَ رُوِیتُ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی أَرَادَ الْحُسَیْنُ الْخُرُوجَ فِی صَبِیحَتِهَا عَنْ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ یَا أَخِی إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ عَرَفْتَ غَدْرَهُمْ بِأَبِیكَ وَ أَخِیكَ وَ قَدْ خِفْتُ أَنْ یَكُونَ حَالُكَ كَحَالِ مَنْ مَضَی فَإِنْ رَأَیْتَ أَنْ تُقِیمَ فَإِنَّكَ أَعَزُّ مَنْ بِالْحَرَمِ وَ أَمْنَعُهُ فَقَالَ یَا أَخِی قَدْ خِفْتُ أَنْ یَغْتَالَنِی یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ بِالْحَرَمِ فَأَكُونَ الَّذِی یُسْتَبَاحُ بِهِ حُرْمَةُ هَذَا الْبَیْتِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ فَإِنْ خِفْتَ ذَلِكَ فَصِرْ إِلَی الْیَمَنِ أَوْ بَعْضِ نَوَاحِی الْبَرِّ فَإِنَّكَ أَمْنَعُ النَّاسِ بِهِ وَ لَا یَقْدِرُ عَلَیْكَ أَحَدٌ فَقَالَ أَنْظُرُ فِیمَا قُلْتَ فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ ارْتَحَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ فَأَتَاهُ فَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ وَ قَدْ رَكِبَهَا فَقَالَ یَا أَخِی أَ لَمْ تَعِدْنِی النَّظَرَ فِیمَا سَأَلْتُكَ قَالَ بَلَی قَالَ فَمَا حَدَاكَ عَلَی الْخُرُوجِ عَاجِلًا قَالَ أَتَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله بَعْدَ مَا فَارَقْتُكَ فَقَالَ یَا حُسَیْنُ اخْرُجْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ أَنْ یَرَاكَ قَتِیلًا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَمَا مَعْنَی حَمْلِكَ هَؤُلَاءِ النِّسَاءَ مَعَكَ وَ أَنْتَ تَخْرُجُ عَلَی مِثْلِ هَذَا الْحَالِ قَالَ فَقَالَ لِی صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ أَنْ یَرَاهُنَّ سَبَایَا فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ مَضَی (1).
قَالَ وَ جَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَأَشَارَا عَلَیْهِ بِالْإِمْسَاكِ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَمَرَنِی بِأَمْرٍ وَ أَنَا مَاضٍ فِیهِ قَالَ فَخَرَجَ ابْنُ الْعَبَّاسِ وَ هُوَ یَقُولُ:
ص: 364
وَا حُسَیْنَاهْ ثُمَّ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَأَشَارَ عَلَیْهِ بِصُلْحِ أَهْلِ الضَّلَالِ وَ حَذَّرَهُ مِنَ الْقَتْلِ وَ الْقِتَالِ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مِنْ هَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ تَعَالَی أَنَّ رَأْسَ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا أُهْدِیَ إِلَی بَغِیٍّ مِنْ بَغَایَا بَنِی إِسْرَائِیلَ أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ كَانُوا یَقْتُلُونَ مَا بَیْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ سَبْعِینَ نَبِیّاً ثُمَّ یَجْلِسُونَ فِی أَسْوَاقِهِمْ یَبِیعُونَ وَ یَشْتَرُونَ كَأَنْ لَمْ یَصْنَعُوا شَیْئاً فَلَمْ یُعَجِّلِ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بَلْ أَخَذَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذَ عَزِیزٍ ذِی انْتِقَامٍ اتَّقِ اللَّهَ یَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ لَا تَدَعْ نُصْرَتِی (1).
ثم قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ رُوِیَ عَنِ الْفَرَزْدَقِ أَنَّهُ قَالَ حَجَجْتُ بِأُمِّی فِی سَنَةِ سِتِّینَ فَبَیْنَمَا أَنَا أَسُوقُ بَعِیرَهَا حَتَّی دَخَلْتُ الْحَرَمَ إِذْ لَقِیتُ الْحُسَیْنَ علیه السلام خَارِجاً مِنْ مَكَّةَ مَعَهُ أَسْیَافُهُ وَ تُرَاسُهُ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقِطَارُ فَقِیلَ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَأَتَیْتُهُ وَ سَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ قُلْتُ لَهُ أَعْطَاكَ اللَّهُ سُؤْلَكَ وَ أَمَلَكَ فِیمَا تُحِبُّ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَعْجَلَكَ عَنِ الْحَجِّ قَالَ لَوْ لَمْ أُعَجِّلْ لَأُخِذْتُ ثُمَّ قَالَ لِی مَنْ أَنْتَ قُلْتُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا فَتَّشَنِی عَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ لِی أَخْبِرْنِی عَنِ النَّاسِ خَلْفَكَ فَقُلْتُ الْخَبِیرَ سَأَلْتَ قُلُوبُ النَّاسِ مَعَكَ وَ أَسْیَافُهُمْ عَلَیْكَ وَ الْقَضَاءُ یَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ اللَّهُ یَفْعَلُ ما یَشاءُ قَالَ صَدَقْتَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ وَ كُلَّ یَوْمٍ رَبُّنَا هُوَ فِی شَأْنٍ إِنْ نَزَلَ الْقَضَاءُ بِمَا نُحِبُّ فَنَحْمَدُ اللَّهَ عَلَی نَعْمَائِهِ وَ هُوَ الْمُسْتَعَانُ عَلَی أَدَاءِ الشُّكْرِ وَ إِنْ حَالَ الْقَضَاءُ دُونَ الرَّجَاءِ فَلَمْ یَبْعُدْ مَنْ كَانَ الْحَقَّ نِیَّتُهُ وَ التَّقْوَی سِیرَتُهُ فَقُلْتُ لَهُ أَجَلْ بَلَغَكَ اللَّهُ مَا تُحِبُّ وَ كَفَاكَ مَا تَحْذَرُ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ أَشْیَاءَ مِنْ نُذُورٍ وَ مَنَاسِكَ فَأَخْبَرَنِی بِهَا وَ حَرَّكَ رَاحِلَتَهُ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ ثُمَّ افْتَرَقْنَا.
وَ كَانَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ اعْتَرَضَهُ یَحْیَی بْنُ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ أَرْسَلَهُمْ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ سَعِیدٍ فَقَالُوا لَهُ انْصَرِفْ أَیْنَ تَذْهَبُ فَأَبَی عَلَیْهِمْ وَ مَضَی وَ تَدَافَعَ الْفَرِیقَانِ وَ اضْطَرَبُوا بِالسِّیَاطِ فَامْتَنَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ مِنْهُمْ امْتِنَاعاً قَوِیّاً وَ سَارَ حَتَّی أَتَی التَّنْعِیمَ فَلَقِیَ عِیراً قَدْ أَقْبَلَتْ مِنَ الْیَمَنِ
ص: 365
فَاسْتَأْجَرَ مِنْ أَهْلِهَا جِمَالًا لِرَحْلِهِ وَ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهَا مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَنْطَلِقَ مَعَنَا إِلَی الْعِرَاقِ وَفَیْنَاهُ كِرَاهُ وَ أَحْسَنَّا صُحْبَتَهُ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یُفَارِقَنَا فِی بَعْضِ الطَّرِیقِ أَعْطَیْنَاهُ كِرَاهُ عَلَی قَدْرِ مَا قَطَعَ مِنَ الطَّرِیقِ فَمَضَی مَعَهُ قَوْمٌ وَ امْتَنَعَ آخَرُونَ.
وَ أَلْحَقَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِابْنَیْهِ عَوْنٍ وَ مُحَمَّدٍ وَ كَتَبَ عَلَی أَیْدِیهِمَا كِتَاباً یَقُولُ فِیهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ لَمَّا انْصَرَفْتَ حِینَ تَنْظُرُ فِی كِتَابِی هَذَا فَإِنِّی مُشْفِقٌ عَلَیْكَ مِنْ هَذَا التَّوَجُّهِ الَّذِی تَوَجَّهْتَ لَهُ أَنْ یَكُونَ فِیهِ هَلَاكُكَ وَ اسْتِئْصَالُ أَهْلِ بَیْتِكَ إِنْ هَلَكْتَ الْیَوْمَ طَفِئَ نُورُ الْأَرْضِ فَإِنَّكَ عَلَمُ الْمُهْتَدِینَ وَ رَجَاءُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا تَعْجَلْ بِالسَّیْرِ فَإِنِّی فِی أَثَرِ كِتَابِی وَ السَّلَامُ.
وَ صَارَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَی عَمْرِو بْنِ سَعِیدٍ وَ سَأَلَهُ أَنْ یَكْتُبَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام أَمَاناً وَ یُمَنِّیَهُ لِیَرْجِعَ عَنْ وَجْهِهِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ سَعِیدٍ كِتَاباً یُمَنِّیهِ فِیهِ الصِّلَةَ وَ یُؤَمِّنُهُ عَلَی نَفْسِهِ وَ أَنْفَذَهُ مَعَ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ فَلَحِقَهُ یَحْیَی وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَعْدَ نُفُوذِ ابْنَیْهِ وَ دَفَعَا إِلَیْهِ الْكِتَابَ وَ جَهَدَا بِهِ فِی الرُّجُوعِ فَقَالَ إِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله فِی الْمَنَامِ وَ أَمَرَنِی بِمَا أَنَا مَاضٍ لَهُ فَقَالُوا لَهُ مَا تِلْكَ الرُّؤْیَا فَقَالَ مَا حَدَّثْتُ أَحَداً بِهَا وَ لَا أَنَا مُحَدِّثٌ بِهَا أَحَداً حَتَّی أَلْقَی رَبِّی عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا یَئِسَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَمَرَ ابْنَیْهِ عَوْناً وَ مُحَمَّداً بِلُزُومِهِ وَ الْمَسِیرِ مَعَهُ وَ الْجِهَادِ دُونَهُ وَ رَجَعَ مَعَ یَحْیَی بْنِ سَعِیدٍ إِلَی مَكَّةَ.
وَ تَوَجَّهَ الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَی الْعِرَاقِ مُغِذّاً لَا یَلْوِی إِلَی شَیْ ءٍ حَتَّی نَزَلَ ذَاتَ عِرْقٍ (1) وَ قَالَ السَّیِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَوَجَّهَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ مَكَّةَ لِثَلَاثٍ مَضَیْنَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتِّینَ قَبْلَ أَنْ یَعْلَمَ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ علیه السلام خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ مُسْلِمٌ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ.
وَ رُوِیَ أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمَّا عَزَمَ عَلَی الْخُرُوجِ إِلَی الْعِرَاقِ قَامَ خَطِیباً فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ وَ سَلَّمَ خُطَّ الْمَوْتُ عَلَی وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلَادَةِ عَلَی جِیدِ الْفَتَاةِ وَ مَا أَوْلَهَنِی إِلَی أَسْلَافِی
ص: 366
اشْتِیَاقَ یَعْقُوبَ إِلَی یُوسُفَ وَ خُیِّرَ لِی مَصْرَعٌ أَنَا لَاقِیهِ كَأَنِّی بِأَوْصَالِی یَتَقَطَّعُهَا عَسَلَانُ الْفَلَوَاتِ بَیْنَ النَّوَاوِیسِ وَ كَرْبَلَاءَ فَیَمْلَأْنَ مِنِّی أَكْرَاشاً جُوفاً وَ أَجْرِبَةً سُغْباً لَا مَحِیصَ عَنْ یَوْمٍ خُطَّ بِالْقَلَمِ رِضَی اللَّهِ رِضَانَا أَهْلَ الْبَیْتِ نَصْبِرُ عَلَی بَلَائِهِ وَ یُوَفِّینَا أُجُورَ الصَّابِرِینَ لَنْ تَشُذَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ لَحْمَتُهُ وَ هِیَ مَجْمُوعَةٌ لَهُ فِی حَظِیرَةِ الْقُدْسِ تَقَرُّ بِهِمْ عَیْنُهُ وَ تَنَجَّزُ لَهُمْ وَعْدُهُ مَنْ كَانَ فِینَا بَاذِلًا مُهْجَتَهُ مُوَطِّناً عَلَی لِقَاءِ اللَّهِ نَفْسَهُ فَلْیَرْحَلْ مَعَنَا فَإِنِّی رَاحِلٌ مُصْبِحاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ (1)
أقول: روی هذه الخطبة فی كشف الغمة عن كمال الدین بن طلحة(2).
قَالَ السَّیِّدُ وَ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ ثُمَّ سَارَ حَتَّی مَرَّ بِالتَّنْعِیمِ فَلَقِیَ هُنَاكَ عِیراً تَحْمِلُ هَدِیَّةً قَدْ بَعَثَ بِهَا بُحَیْرُ بْنُ رَیْسَانَ الْحِمْیَرِیُّ عَامِلُ الْیَمَنِ إِلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ وَ كَانَ عَامِلَهُ عَلَی الْیَمَنِ وَ عَلَیْهَا الْوَرْسُ وَ الْحُلَلُ فَأَخَذَهَا علیه السلام لِأَنَّ حُكْمَ أُمُورِ الْمُسْلِمِینَ إِلَیْهِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِ الْإِبِلِ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ یَنْطَلِقَ مَعَنَا إِلَی الْعِرَاقِ وَفَیْنَاهُ كِرَاهُ وَ أَحْسَنَّا صُحْبَتَهُ وَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یُفَارِقَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا أَعْطَیْنَاهُ مِنَ الْكِرَی بِقَدْرِ مَا قَطَعَ مِنَ الطَّرِیقِ فَمَضَی قَوْمٌ وَ امْتَنَعَ آخَرُونَ.
ثُمَّ سَارَ علیه السلام حَتَّی بَلَغَ ذَاتَ عِرْقٍ فَلَقِیَ بِشْرَ بْنَ غَالِبٍ وَارِداً مِنَ الْعِرَاقِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَهْلِهَا فَقَالَ خَلَّفْتُ الْقُلُوبَ مَعَكَ وَ السُّیُوفَ مَعَ بَنِی أُمَیَّةَ فَقَالَ صَدَقَ أَخُو بَنِی أَسَدٍ إِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یَشاءُ وَ یَحْكُمُ ما یُرِیدُ قَالَ ثُمَّ سَارَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حَتَّی نَزَلَ الثَّعْلَبِیَّةَ وَقْتَ الظَّهِیرَةِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَرَقَدَ ثُمَّ اسْتَیْقَظَ فَقَالَ قَدْ رَأَیْتُ هَاتِفاً یَقُولُ أَنْتُمْ تُسْرِعُونَ وَ الْمَنَایَا تُسْرِعُ بِكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ عَلِیٌّ یَا أَبَهْ أَ فَلَسْنَا عَلَی الْحَقِّ فَقَالَ بَلَی یَا بُنَیَّ وَ الَّذِی إِلَیْهِ مَرْجِعُ الْعِبَادِ فَقَالَ یَا أَبَهْ إِذَنْ لَا نُبَالِی بِالْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام جَزَاكَ اللَّهُ یَا بُنَیَّ خَیْرَ مَا جَزَی وَلَداً عَنْ وَالِدٍ ثُمَّ بَاتَ علیه السلام فِی الْمَوْضِعِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ إِذاً بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ یُكَنَّی أَبَا هِرَّةَ الْأَزْدِیَّ قَدْ أَتَاهُ
ص: 367
فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا الَّذِی أَخْرَجَكَ عَنْ حَرَمِ اللَّهِ وَ حَرَمِ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَیْحَكَ أَبَا هِرَّةَ إِنَّ بَنِی أُمَیَّةَ أَخَذُوا مَالِی فَصَبَرْتُ وَ شَتَمُوا عِرْضِی فَصَبَرْتُ وَ طَلَبُوا دَمِی فَهَرَبْتُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَقْتُلُنِی الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ لَیُلْبِسَنَّهُمُ اللَّهُ ذُلًّا شَامِلًا وَ سَیْفاً قَاطِعاً وَ لَیُسَلِّطَنَّ عَلَیْهِمْ مَنْ یُذِلُّهُمْ حَتَّی یَكُونُوا أَذَلَّ مِنْ قَوْمِ سَبَإٍ إِذْ مَلَكَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ فَحَكَمَتْ فِی أَمْوَالِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ (1).
و قال محمد بن أبی طالب و اتصل الخبر بالولید بن عتبة أمیر المدینة بأن الحسین علیه السلام توجه إلی العراق فكتب إلی ابن زیاد أما بعد فإن الحسین قد توجه إلی العراق و هو ابن فاطمة و فاطمة بنت رسول اللّٰه فاحذر یا ابن زیاد أن تأتی إلیه بسوء فتهیج علی نفسك و قومك أمرا فی هذه الدنیا لا یصده شی ء و لا تنساه الخاصة و العامة أبدا ما دامت الدنیا قال فلم یلتفت ابن زیاد إلی كتاب الولید.
وَ فِی كِتَابِ تَارِیخٍ عَنِ الرِّیَاشِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَاوِی حَدِیثِهِ: قَالَ حَجَجْتُ فَتَرَكْتُ أَصْحَابِی وَ انْطَلَقْتُ أَتَعَسَّفُ الطَّرِیقَ وَحْدِی فَبَیْنَمَا أَنَا أَسِیرُ إِذْ رَفَعْتُ طَرْفِی إِلَی أَخْبِیَةٍ وَ فَسَاطِیطَ فَانْطَلَقْتُ نَحْوَهَا حَتَّی أَتَیْتُ أَدْنَاهَا فَقُلْتُ لِمَنْ هَذِهِ الْأَبْنِیَةُ فَقَالُوا لِلْحُسَیْنِ علیه السلام قُلْتُ ابْنُ عَلِیٍّ وَ ابْنُ فَاطِمَةَ علیهم السلام قَالُوا نَعَمْ قُلْتُ فِی أَیِّهَا هُوَ قَالُوا فِی ذَلِكَ الْفُسْطَاطِ فَانْطَلَقْتُ نَحْوَهُ فَإِذَا الْحُسَیْنُ علیه السلام مُتَّكٍ عَلَی بَابِ الْفُسْطَاطِ یَقْرَأُ كِتَاباً بَیْنَ یَدَیْهِ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَیَّ فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی مَا أَنْزَلَكَ فِی هَذِهِ الْأَرْضِ الْقَفْرَاءِ الَّتِی لَیْسَ فِیهَا رِیفٌ وَ لَا مَنَعَةٌ(2)
قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَخَافُونِی وَ هَذِهِ كُتُبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ هُمْ قَاتِلِی فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَ لَمْ یَدَعُوا لِلَّهِ مُحَرَّماً إِلَّا انْتَهَكُوهُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَیْهِمْ مَنْ یَقْتُلُهُمْ حَتَّی یَكُونُوا أَذَلَّ مِنْ قَوْمِ الْأَمَةِ.
وَ قَالَ ابْنُ نَمَا حَدَّثَ عُقْبَةُ بْنُ سِمْعَانَ قَالَ خَرَجَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ مَكَّةَ فَاعْتَرَضَتْهُ رُسُلُ عَمْرِو بْنِ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَیْهِمْ یَحْیَی بْنُ سَعِیدٍ لِیَرُدُّوهُ فَأَبَی عَلَیْهِمْ وَ تَضَارَبُوا بِالسِّیَاطِ وَ مَضَی علیه السلام عَلَی وَجْهِهِ فَبَادَرُوهُ وَ قَالُوا یَا حُسَیْنُ أَ لَا تَتَّقِی
ص: 368
اللَّهَ تَخْرُجُ مِنَ الْجَمَاعَةِ وَ تُفَرِّقُ بَیْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَ لِی عَمَلِی وَ لَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِیئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِی ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ وَ رُوِیَتْ أَنَّ الطِّرِمَّاحَ بْنَ حَكَمٍ قَالَ لَقِیتُ حُسَیْناً وَ قَدِ امْتَرْتُ لِأَهْلِی مِیرَةً فَقُلْتُ أُذَكِّرُكَ فِی نَفْسِكَ لَا یَغُرَّنَّكَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ دَخَلْتَهَا لَتُقْتَلَنَّ وَ إِنِّی لَأَخَافُ أَنْ لَا تَصِلَ إِلَیْهَا فَإِنْ كُنْتَ مُجْمِعاً عَلَی الْحَرْبِ فَانْزِلْ أَجَأً(1)
فَإِنَّهُ جَبَلٌ مَنِیعٌ وَ اللَّهِ مَا نَالَنَا فِیهِ ذُلٌّ قَطُّ وَ عَشِیرَتِی یَرَوْنَ جَمِیعاً نَصْرَكَ فَهُمْ یَمْنَعُونَكَ مَا أَقَمْتَ فِیهِمْ فَقَالَ إِنَّ بَیْنِی وَ بَیْنَ الْقَوْمِ مَوْعِداً أَكْرَهُ أَنْ أُخْلِفَهُمْ فَإِنْ یَدْفَعِ اللَّهُ عَنَّا فَقَدِیماً مَا أَنْعَمَ عَلَیْنَا وَ كَفَی وَ إِنْ یَكُنْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَفَوْزٌ وَ شَهَادَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ حَمَلْتُ الْمِیرَةَ إِلَی أَهْلِی وَ أَوْصَیْتُهُمْ بِأُمُورِهِمْ وَ خَرَجْتُ أُرِیدُ الْحُسَیْنَ علیه السلام فَلَقِیَنِی سَمَاعَةُ بْنُ زَیْدٍ النَّبْهَانِیُّ فَأَخْبَرَنِی بِقَتْلِهِ فَرَجَعْتُ.
وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ لَمَّا بَلَغَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ إِقْبَالُ الْحُسَیْنِ علیه السلام مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْكُوفَةِ بَعَثَ الْحُصَیْنَ بْنَ نُمَیْرٍ صَاحِبَ شُرَطِهِ حَتَّی نَزَلَ الْقَادِسِیَّةَ وَ نَظَمَ الْخَیْلَ مَا بَیْنَ الْقَادِسِیَّةِ إِلَی خَفَّانَ (2) وَ مَا بَیْنَ الْقَادِسِیَّةِ إِلَی الْقُطْقُطَانَةِ وَ قَالَ لِلنَّاسِ هَذَا الْحُسَیْنُ یُرِیدُ الْعِرَاقَ وَ لَمَّا بَلَغَ الْحُسَیْنُ الْحَاجِزَ مِنْ بَطْنِ الرُّمَّةِ بَعَثَ قَیْسَ بْنَ مُسْهِرٍ الصَّیْدَاوِیَّ وَ یُقَالُ إِنَّهُ بَعَثَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ یَقْطُرَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ لَمْ یَكُنْ علیه السلام عَلِمَ بِخَبَرِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ كَتَبَ مَعَهُ إِلَیْهِمْ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی إِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ كِتَابَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ جَاءَنِی یُخْبِرُنِی فِیهِ بِحُسْنِ رَأْیِكُمْ وَ اجْتِمَاعِ مَلَئِكُمْ عَلَی نَصْرِنَا وَ الطَّلَبِ بِحَقِّنَا فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یُحْسِنَ لَنَا الصَّنِیعَ وَ أَنْ یُثِیبَكُمْ عَلَی ذَلِكَ أَعْظَمَ الْأَجْرِ وَ قَدْ شَخَصْتُ إِلَیْكُمْ مِنْ مَكَّةَ یَوْمَ الثَّلَاثَاءِ لِثَمَانٍ مَضَیْنَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ یَوْمَ التَّرْوِیَةِ فَإِذَا قَدِمَ عَلَیْكُمْ رَسُولِی فَانْكَمِشُوا فِی أَمْرِكُمْ وَ جِدُّوا فَإِنِّی قَادِمٌ عَلَیْكُمْ فِی
ص: 369
أَیَّامِی هَذِهِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
وَ كَانَ مُسْلِمٌ كَتَبَ إِلَیْهِ قَبْلَ أَنْ یُقْتَلَ بِسَبْعٍ وَ عِشْرِینَ لَیْلَةً وَ كَتَبَ إِلَیْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَنَّ لَكَ هَاهُنَا مِائَةَ أَلْفِ سَیْفٍ وَ لَا تَتَأَخَّرْ.
فَأَقْبَلَ قَیْسُ بْنُ مُسْهِرٍ بِكِتَابِ الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی إِذَا انْتَهَی الْقَادِسِیَّةَ أَخَذَهُ الْحُصَیْنُ بْنُ نُمَیْرٍ فَبَعَثَ بِهِ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ إِلَی الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ اصْعَدْ فَسُبَّ الْكَذَّابَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍ (1). وَ قَالَ السَّیِّدُ فَلَمَّا قَارَبَ دُخُولَ الْكُوفَةِ اعْتَرَضَهُ الْحُصَیْنُ بْنُ نُمَیْرٍ لِیُفَتِّشَهُ فَأَخْرَجَ قَیْسٌ الْكِتَابَ وَ مَزَّقَهُ فَحَمَلَهُ الْحُصَیْنُ إِلَی ابْنِ زِیَادٍ فَلَمَّا مَثُلَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ شِیعَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ ابْنِهِ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ فَلِمَا ذَا خَرَقْتَ الْكِتَابَ قَالَ لِئَلَّا تَعْلَمَ مَا فِیهِ قَالَ وَ مِمَّنِ الْكِتَابُ وَ إِلَی مَنْ قَالَ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ فَغَضِبَ ابْنُ زِیَادٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَا تُفَارِقُنِی حَتَّی تُخْبِرَنِی بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَوْ تَصْعَدَ الْمِنْبَرَ وَ تَلْعَنَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ وَ أَبَاهُ وَ أَخَاهُ وَ إِلَّا قَطَّعْتُكَ إِرْباً إِرْباً فَقَالَ قَیْسٌ أَمَّا الْقَوْمُ فَلَا أُخْبِرُكَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَمَّا لَعْنَةُ الْحُسَیْنِ وَ أَبِیهِ وَ أَخِیهِ فَأَفْعَلُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ أَكْثَرَ مِنَ التَّرَحُّمِ عَلَی عَلِیٍّ وَ وُلْدِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ ثُمَّ لَعَنَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ زِیَادٍ وَ أَبَاهُ وَ لَعَنَ عُتَاةَ بَنِی أُمَیَّةَ عَنْ آخِرِهِمْ ثُمَّ قَالَ أَنَا رَسُولُ الْحُسَیْنِ إِلَیْكُمْ وَ قَدْ خَلَّفْتُهُ بِمَوْضِعِ كَذَا فَأَجِیبُوهُ (2).
ثُمَّ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَمَرَ بِهِ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ أَنْ یُرْمَی مِنْ فَوْقِ الْقَصْرِ فَرُمِیَ بِهِ فَتَقَطَّعَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ وَقَعَ إِلَی الْأَرْضِ مَكْتُوفاً فَتَكَسَّرَتْ عِظَامُهُ وَ بَقِیَ بِهِ رَمَقٌ فَأَتَاهُ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَیْرٍ اللَّخْمِیُّ فَذَبَحَهُ فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِكَ وَ عِیبَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ أُرِیحَهُ.
ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَیْنُ مِنَ الْحَاجِزِ یَسِیرُ نَحْوَ الْعِرَاقِ (3) فَانْتَهَی إِلَی مَاءٍ مِنْ مِیَاهِ
ص: 370
الْعَرَبِ فَإِذَا عَلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِیعٍ الْعَدَوِیُّ وَ هُوَ نَازِلٌ بِهِ فَلَمَّا رَآهُ الْحُسَیْنُ قَامَ إِلَیْهِ فَقَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَقْدَمَكَ وَ احْتَمَلَهُ وَ أَنْزَلَهُ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام كَانَ مِنْ مَوْتِ مُعَاوِیَةَ مَا قَدْ بَلَغَكَ وَ كَتَبَ إِلَیَّ أَهْلُ الْعِرَاقِ یَدْعُونَنِی إِلَی أَنْفُسِهِمْ.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِیعٍ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ حُرْمَةَ الْإِسْلَامِ أَنْ تَنْهَتِكَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِی حُرْمَةِ قُرَیْشٍ أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِی حُرْمَةِ الْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ طَلَبْتَ مَا فِی أَیْدِی بَنِی أُمَیَّةَ لَیَقْتُلُنَّكَ وَ لَئِنْ قَتَلُوكَ لَا یَهَابُوا بَعْدَكَ أَحَداً أَبَداً وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَحُرْمَةُ الْإِسْلَامِ تَنْهَتِكُ وَ حُرْمَةُ قُرَیْشٍ وَ حُرْمَةُ الْعَرَبِ فَلَا تَفْعَلْ وَ لَا تَأْتِ الْكُوفَةَ وَ لَا تُعَرِّضْ نَفْسَكَ لِبَنِی أُمَیَّةَ فَأَبَی الْحُسَیْنُ علیه السلام إِلَّا أَنْ یَمْضِیَ.
وَ كَانَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ أَمَرَ فَأُخِذَ مَا بَیْنَ وَاقِصَةَ إِلَی طَرِیقِ الشَّامِ وَ إِلَی طَرِیقِ الْبَصْرَةِ فَلَا یَدَعُونَ أَحَداً یَلِجُ وَ لَا أَحَداً یَخْرُجُ فَأَقْبَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لَا یَشْعُرُ بِشَیْ ءٍ حَتَّی لَقِیَ الْأَعْرَابَ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لَا وَ اللَّهِ مَا نَدْرِی غَیْرَ أَنَّا لَا نَسْتَطِیعُ أَنْ نَلِجَ وَ لَا نَخْرُجَ فَسَارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ علیه السلام.
وَ حَدَّثَ جَمَاعَةٌ مِنْ فَزَارَةَ وَ مِنْ بَجِیلَةَ قَالُوا كُنَّا مَعَ زُهَیْرِ بْنِ الْقَیْنِ الْبَجَلِیِّ حِینَ أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ وَ كُنَّا نُسَایِرُ الْحُسَیْنَ علیه السلام فَلَمْ یَكُنْ شَیْ ءٌ أَبْغَضَ عَلَیْنَا مِنْ أَنْ نُنَازِلَهُ فِی مَنْزِلٍ وَ إِذَا سَارَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَنَزَلَ فِی مَنْزِلٍ لَمْ نَجِدْ بُدّاً مِنْ أَنْ نُنَازِلَهُ فَنَزَلَ الْحُسَیْنُ فِی جَانِبٍ وَ نَزَلْنَا فِی جَانِبٍ فَبَیْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ نَتَغَذَّی مِنْ طَعَامٍ لَنَا إِذْ أَقْبَلَ رَسُولُ الْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی سَلَّمَ ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ یَا زُهَیْرَ بْنَ الْقَیْنِ إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنَ بَعَثَنِی إِلَیْكَ لِتَأْتِیَهُ فَطَرَحَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا مَا فِی یَدِهِ حَتَّی كَأَنَّمَا عَلَی رُءُوسِنَا الطَّیْرُ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ قَالَ السَّیِّدُ وَ هِیَ دَیْلَمُ بِنْتُ عَمْرٍو سُبْحَانَ اللَّهِ أَ یَبْعَثُ إِلَیْكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ لَا تَأْتِیهِ لَوْ أَتَیْتَهُ فَسَمِعْتَ كَلَامَهُ ثُمَّ انْصَرَفْتَ.
فَأَتَاهُ زُهَیْرُ بْنُ الْقَیْنِ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ مُسْتَبْشِراً قَدْ أَشْرَقَ وَجْهُهُ فَأَمَرَ بِفُسْطَاطِهِ وَ ثَقَلِهِ وَ مَتَاعِهِ فَقُوِّضَ وَ حُمِلَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْحَقِی بِأَهْلِكِ فَإِنِّی لَا أُحِبُّ أَنْ یُصِیبَكَ بِسَبَبِی إِلَّا خَیْرٌ.
ص: 371
وَ زَادَ السَّیِّدُ وَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَی صُحْبَةِ الْحُسَیْنِ علیه السلام لِأُفْدِیَهُ بِرُوحِی وَ أَقِیَهُ بِنَفْسِی ثُمَّ أَعْطَاهَا مَالَهَا وَ سَلَّمَهَا إِلَی بَعْضِ بَنِی عَمِّهَا لِیُوصِلَهَا إِلَی أَهْلِهَا فَقَامَتْ إِلَیْهِ وَ بَكَتْ وَ وَدَّعَتْهُ وَ قَالَتْ خَارَ اللَّهُ لَكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَذْكُرَنِی فِی الْقِیَامَةِ عِنْدَ جَدِّ الْحُسَیْنِ علیه السلام (1).
وَ قَالَ الْمُفِیدُ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ یَتْبَعَنِی وَ إِلَّا فَهُوَ آخِرُ الْعَهْدِ إِنِّی سَأُحَدِّثُكُمْ حَدِیثاً إِنَّا غَزَوْنَا الْبَحْرَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَ أَصَبْنَا غَنَائِمَ فَقَالَ لَنَا سَلْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَ فَرِحْتُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ وَ أَصَبْتُمْ مِنَ الْغَنَائِمِ فَقُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ إِذَا أَدْرَكْتُمْ سَیِّدَ شَبَابِ آلِ مُحَمَّدٍ فَكُونُوا أَشَدَّ فَرَحاً بِقِتَالِكُمْ مَعَهُ مِمَّا أَصَبْتُمُ الْیَوْمَ مِنَ الْغَنَائِمِ فَأَمَّا أَنَا فَأَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ قَالُوا ثُمَّ وَ اللَّهِ مَا زَالَ فِی الْقَوْمِ مَعَ الْحُسَیْنِ حَتَّی قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ (2).
وَ فِی الْمَنَاقِبِ وَ لَمَّا نَزَلَ علیه السلام الْخُزَیْمِیَّةَ(3) أَقَامَ بِهَا یَوْماً وَ لَیْلَةً فَلَمَّا أَصْبَحَ أَقْبَلَتْ إِلَیْهِ أُخْتُهُ زَیْنَبُ فَقَالَتْ یَا أَخِی أَ لَا أُخْبِرُكَ بِشَیْ ءٍ سَمِعْتُهُ الْبَارِحَةَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ مَا ذَاكِ فَقَالَتْ خَرَجْتُ فِی بَعْضِ اللَّیْلِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ فَسَمِعْتُ هَاتِفاً یَهْتِفُ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَلَا یَا عَیْنُ فَاحْتَفِلِی بِجَهْدٍ*** وَ مَنْ یَبْكِی عَلَی الشُّهَدَاءِ بَعْدِی
عَلَی قَوْمٍ تَسُوقُهُمُ الْمَنَایَا*** بِمِقْدَارٍ إِلَی إِنْجَازِ وَعْدٍ.
فَقَالَ لَهَا الْحُسَیْنُ علیه السلام یَا أُخْتَاهْ كُلُّ الَّذِی قُضِیَ فَهُوَ كَائِنٌ (4).
وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ وَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْمُشْمَعِلِّ الْأَسَدِیَّانِ قَالا لَمَّا قَضَیْنَا حَجَّتَنَا لَمْ تَكُنْ لَنَا هِمَّةٌ إِلَّا الْإِلْحَاقَ بِالْحُسَیْنِ فِی الطَّرِیقِ لِنَنْظُرَ مَا یَكُونُ مِنْ أَمْرِهِ فَأَقْبَلْنَا تُرْقِلُ بِنَا نَاقَتَانَا مُسْرِعَیْنِ حَتَّی لَحِقْنَاهُ بِزَرُودَ
ص: 372
فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُ إِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَدْ عَدَلَ عَنِ الطَّرِیقِ حَتَّی رَأَی الْحُسَیْنَ علیه السلام فَوَقَفَ الْحُسَیْنُ علیه السلام كَأَنَّهُ یُرِیدُهُ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ مَضَی وَ مَضَیْنَا نَحْوَهُ فَقَالَ أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إِلَی هَذَا لِنَسْأَلَهُ فَإِنَّ عِنْدَهُ خَبَرَ الْكُوفَةِ فَمَضَیْنَا حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَیْهِ فَقُلْنَا السَّلَامُ عَلَیْكَ فَقَالَ وَ عَلَیْكُمَا السَّلَامُ قُلْنَا مِمَّنِ الرَّجُلُ قَالَ أَسَدِیٌّ قُلْنَا لَهُ وَ نَحْنُ أَسَدِیَّانِ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا بَكْرُ بْنُ فُلَانٍ فَانْتَسَبْنَا لَهُ ثُمَّ قُلْنَا لَهُ أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ وَرَاءَكَ قَالَ نَعَمْ لَمْ أَخْرُجْ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّی قُتِلَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِیلٍ وَ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ وَ رَأَیْتُهُمَا یُجَرَّانِ بِأَرْجُلِهِمَا فِی السُّوقِ.
فَأَقْبَلْنَا حَتَّی لَحِقْنَا بِالْحُسَیْنِ فَسَایَرْنَاهُ حَتَّی نَزَلَ الثَّعْلَبِیَّةَ مُمْسِیاً فَجِئْنَاهُ حِینَ نَزَلَ فَسَلَّمْنَا عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْنَا السَّلَامَ فَقُلْنَا لَهُ یَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنَّ عِنْدَنَا خَبَراً إِنْ شِئْتَ حَدَّثْنَاكَ بِهِ عَلَانِیَةً وَ إِنْ شِئْتَ سِرّاً فَنَظَرَ إِلَیْنَا وَ إِلَی أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ مَا دُونَ هَؤُلَاءِ سِرٌّ فَقُلْنَا لَهُ رَأَیْتَ الرَّاكِبَ الَّذِی اسْتَقْبَلْتَهُ عَشِیَّ أَمْسِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ أَرَدْتُ مَسْأَلَتَهُ فَقُلْنَا قَدْ وَ اللَّهِ اسْتَبْرَأْنَا لَكَ خَبَرَهُ وَ كَفَیْنَاكَ مَسْأَلَتَهُ وَ هُوَ امْرُؤٌ مِنَّا ذُو رَأْیٍ وَ صِدْقٍ وَ عَقْلٍ وَ إِنَّهُ حَدَّثَنَا أَنَّهُ لَمْ یَخْرُجْ مِنَ الْكُوفَةِ حَتَّی قُتِلَ مُسْلِمٌ وَ هَانِئٌ وَ رَآهُمَا یُجَرَّانِ فِی السُّوقِ بِأَرْجُلِهِمَا فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا یُرَدِّدُ ذَلِكَ مِرَاراً.
فَقُلْنَا لَهُ نَنْشُدُكَ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ إِلَّا انْصَرَفْتَ مِنْ مَكَانِكَ هَذَا وَ إِنَّهُ لَیْسَ لَكَ بِالْكُوفَةِ نَاصِرٌ وَ لَا شِیعَةٌ بَلْ نَتَخَوَّفُ أَنْ یَكُونُوا عَلَیْكَ فَنَظَرَ إِلَی بَنِی عَقِیلٍ فَقَالَ مَا تَرَوْنَ فَقَدْ قُتِلَ مُسْلِمٌ فَقَالُوا وَ اللَّهِ مَا نَرْجِعُ حَتَّی نُصِیبَ ثَأْرَنَا أَوْ نَذُوقَ مَا ذَاقَ فَأَقْبَلَ عَلَیْنَا الْحُسَیْنُ علیه السلام فَقَالَ لَا خَیْرَ فِی الْعَیْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ عَزَمَ رَأْیَهُ عَلَی الْمَسِیرِ فَقُلْنَا لَهُ خَارَ اللَّهُ لَكَ فَقَالَ یَرْحَمُكُمُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ مِثْلَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ وَ لَوْ قَدِمْتَ الْكُوفَةَ لَكَانَ أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَیْكَ فَسَكَتَ (1).
ص: 373
وَ قَالَ السَّیِّدُ أَتَاهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ فِی زُبَالَةَ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَ فَلَقِیَهُ الْفَرَزْدَقُ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَیْفَ تَرْكَنُ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ هُمُ الَّذِینَ قَتَلُوا ابْنَ عَمِّكَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِیلٍ وَ شِیعَتَهُ قَالَ فَاسْتَعْبَرَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بَاكِیاً ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مُسْلِماً فَلَقَدْ صَارَ إِلَی رَوْحِ اللَّهِ وَ رَیْحَانِهِ وَ تَحِیَّتِهِ وَ رِضْوَانِهِ أَمَا إِنَّهُ قَدْ قَضَی مَا عَلَیْهِ وَ بَقِیَ مَا عَلَیْنَا ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:
فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْیَا تُعَدُّ نَفِیسَةً*** فَدَارُ ثَوَابِ اللَّهِ أَعْلَی وَ أَنْبَلُ
وَ إِنْ تَكُنِ الْأَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ*** فَقَتْلُ امْرِئٍ بِالسَّیْفِ فِی اللَّهِ أَفْضَلُ
وَ إِنْ تَكُنِ الْأَرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّراً*** فَقِلَّةُ حِرْصِ الْمَرْءِ فِی الرِّزْقِ أَجْمَلُ
وَ إِنْ تَكُنِ الْأَمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَا*** فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْحُرُّ یَبْخَلُ (1).
وَ قَالَ الْمُفِیدُ ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّی إِذَا كَانَ السَّحَرُ فَقَالَ لِفِتْیَانِهِ وَ غِلْمَانِهِ أَكْثِرُوا مِنَ الْمَاءِ فَاسْتَقَوْا وَ أَكْثَرُوا ثُمَّ ارْتَحَلُوا فَسَارَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی زُبَالَةَ فَأَتَاهُ خَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَقْطُرَ.
وَ قَالَ السَّیِّدُ فَاسْتَعْبَرَ بَاكِیاً ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا وَ لِشِیعَتِنَا مَنْزِلًا كَرِیماً وَ اجْمَعْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ فِی مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِكَ إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(2).
وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهِ فَأَخْرَجَ لِلنَّاسِ كِتَاباً فَقَرَأَ عَلَیْهِمْ فَإِذَا فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَانَا خَبَرٌ فَظِیعٌ قَتْلُ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ وَ هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَقْطُرَ وَ قَدْ خَذَلَنَا شِیعَتُنَا فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمُ الِانْصِرَافَ فَلْیَنْصَرِفْ فِی غَیْرِ حَرَجٍ لَیْسَ عَلَیْهِ ذِمَامٌ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ وَ أَخَذُوا یَمِیناً وَ شِمَالًا حَتَّی بَقِیَ فِی أَصْحَابِهِ الَّذِینَ جَاءُوا مَعَهُ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ نَفَرٍ یَسِیرٍ مِمَّنِ انْضَمُّوا إِلَیْهِ وَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ علیه السلام عَلِمَ أَنَّ الْأَعْرَابَ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُ إِنَّمَا اتَّبَعُوهُ وَ هُمْ یَظُنُّونَ أَنَّهُ یَأْتِی بَلَداً قَدِ اسْتَقَامَتْ لَهُ طَاعَةُ أَهْلِهَا فَكَرِهَ أَنْ یَسِیرُوا مَعَهُ إِلَّا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ عَلَی مَا یُقْدِمُونَ.
ص: 374
فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَاسْتَقَوْا مَاءً وَ أَكْثَرُوا ثُمَّ سَارَ حَتَّی مَرَّ بِبَطْنِ الْعَقَبَةِ فَنَزَلَ عَلَیْهَا فَلَقِیَهُ شَیْخٌ مِنْ بَنِی عِكْرِمَةَ یُقَالُ لَهُ عُمَرُ بْنُ لَوْذَانَ قَالَ لَهُ أَیْنَ تُرِیدُ قَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ الْكُوفَةَ فَقَالَ لَهُ الشَّیْخُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَّا انْصَرَفْتَ فَوَ اللَّهِ مَا تَقْدَمُ إِلَّا عَلَی الْأَسِنَّةِ وَ حَدِّ السُّیُوفِ وَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ بَعَثُوا إِلَیْكَ لَوْ كَانُوا كَفَوْكَ مَئُونَةَ الْقِتَالِ وَ وَطَّئُوا لَكَ الْأَشْیَاءَ فَقَدِمْتَ عَلَیْهِمْ كَانَ ذَلِكَ رَأْیاً فَأَمَّا عَلَی هَذِهِ الْحَالِ الَّتِی تَذْكُرُ فَإِنِّی لَا أَرَی لَكَ أَنْ تَفْعَلَ فَقَالَ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ لَیْسَ یَخْفَی عَلَیَّ الرَّأْیُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَا یُغْلَبُ عَلَی أَمْرِهِ.
ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ لَا یَدَعُونَنِی حَتَّی یَسْتَخْرِجُوا هَذِهِ الْعَلَقَةَ مِنْ جَوْفِی فَإِذَا فَعَلُوا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مَنْ یُذِلُّهُمْ حَتَّی یَكُونُوا أَذَلَّ فِرَقِ الْأُمَمِ ثُمَّ سَارَ علیه السلام مِنْ بَطْنِ الْعَقَبَةِ حَتَّی نَزَلَ شَرَافَ (1)
فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ أَمَرَ فِتْیَانَهُ فَاسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ وَ أَكْثَرُوا ثُمَّ سَارَ حَتَّی انْتَصَفَ النَّهَارُ فَبَیْنَمَا هُوَ یَسِیرُ إِذْ كَبَّرَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ لِمَ كَبَّرْتَ فَقَالَ رَأَیْتُ النَّخْلَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ صَحِبَهُ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الْمَكَانَ مَا رَأَیْنَا فِیهِ نَخْلَةً قَطُّ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَمَا تَرَوْنَهُ قَالُوا وَ اللَّهِ نَرَاهُ أَسِنَّةَ الرِّمَاحِ وَ آذَانَ الْخَیْلِ فَقَالَ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَرَی ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ علیه السلام مَا لَنَا مَلْجَأٌ نَلْجَأُ إِلَیْهِ وَ نَجْعَلُهُ فِی ظُهُورِنَا وَ نَسْتَقْبِلُ الْقَوْمَ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ فَقُلْنَا لَهُ بَلَی هَذَا ذُو جَشَمٍ (2)
إِلَی جَنْبِكَ فَمِلْ إِلَیْهِ عَنْ یَسَارِكَ فَإِنْ سَبَقْتَ إِلَیْهِ فَهُوَ كَمَا تُرِیدُ فَأَخَذَ إِلَیْهِ ذَاتَ الْیَسَارِ وَ مِلْنَا مَعَهُ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ طَلَعَتْ عَلَیْنَا هَوَادِی الْخَیْلِ فَتَبَیَّنَّاهَا وَ عَدَلْنَا فَلَمَّا رَأَوْنَا عَدَلْنَا عَنِ الطَّرِیقِ عَدَلُوا إِلَیْنَا كَأَنَّ أَسِنَّتَهُمُ الْیَعَاسِیبُ وَ كَأَنَّ رَایَاتِهِمْ أَجْنِحَةُ الطَّیْرِ فَاسْتَبَقْنَا إِلَی ذِی جَشَمٍ فَسَبَقْنَاهُمْ إِلَیْهِ وَ أَمَرَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بِأَبْنِیَتِهِ فَضُرِبَتْ وَ جَاءَ الْقَوْمُ زُهَاءَ أَلْفِ فَارِسٍ مَعَ الْحُرِّ بْنِ یَزِیدَ التَّمِیمِیِّ حَتَّی وَقَفَ هُوَ وَ خَیْلُهُ مُقَابِلَ الْحُسَیْنِ فِی حَرِّ الظَّهِیرَةِ وَ الْحُسَیْنُ وَ أَصْحَابُهُ مُعْتَمُّونَ مُتَقَلِّدُونَ أَسْیَافَهُمْ.
ص: 375
فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لِفِتْیَانِهِ اسْقُوا الْقَوْمَ وَ أَرْوُوهُمْ مِنَ الْمَاءِ وَ رَشِّفُوا الْخَیْلَ تَرْشِیفاً فَفَعَلُوا وَ أَقْبَلُوا یَمْلَئُونَ الْقِصَاعَ وَ الطِّسَاسَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ یُدنُونَهَا مِنَ الْفَرَسِ فَإِذَا عَبَّ فِیهَا ثَلَاثاً أَوْ أَرْبَعاً أَوْ خَمْساً عُزِلَتْ عَنْهُ وَ سُقِیَ آخَرُ حَتَّی سَقَوْهَا عَنْ آخِرِهَا.
فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الطَّعَّانِ الْمُحَارِبِیُّ كُنْتُ مَعَ الْحُرِّ یَوْمَئِذٍ فَجِئْتُ فِی آخِرِ مَنْ جَاءَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا رَأَی الْحُسَیْنُ علیه السلام مَا بِی وَ بِفَرَسِی مِنَ الْعَطَشِ قَالَ أَنِخِ الرَّاوِیَةَ وَ الرَّاوِیَةُ عِنْدِی السِّقَاءُ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ الْأَخِ أَنِخِ الْجَمَلَ فَأَنَخْتُهُ فَقَالَ اشْرَبْ فَجَعَلْتُ كُلَّمَا شَرِبْتُ سَالَ الْمَاءُ مِنَ السِّقَاءِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ اخْنِثِ السِّقَاءَ أَیْ اعْطِفْهُ فَلَمْ أَدْرِ كَیْفَ أَفْعَلُ فَقَامَ فَخَنَثَهُ فَشَرِبْتُ وَ سَقَیْتُ فَرَسِی.
وَ كَانَ مَجِی ءُ الْحُرِّ بْنِ یَزِیدَ مِنَ الْقَادِسِیَّةِ وَ كَانَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ بَعَثَ الْحُصَیْنَ بْنَ نُمَیْرٍ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَنْزِلَ الْقَادِسِیَّةَ وَ تَقَدَّمَ الْحُرُّ بَیْنَ یَدَیْهِ فِی أَلْفِ فَارِسٍ یَسْتَقْبِلُ بِهِمُ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَلَمْ یَزَلِ الْحُرُّ مُوَافِقاً لِلْحُسَیْنِ علیه السلام حَتَّی حَضَرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ فَأَمَرَ الْحُسَیْنُ علیه السلام الْحَجَّاجَ بْنَ مَسْرُوقٍ أَنْ یُؤَذِّنَ.
فَلَمَّا حَضَرَتِ الْإِقَامَةُ خَرَجَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فِی إِزَارٍ وَ رِدَاءٍ وَ نَعْلَیْنِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی لَمْ آتِكُمْ حَتَّی أَتَتْنِی كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَیَّ رُسُلُكُمْ أَنِ اقْدَمْ عَلَیْنَا فَلَیْسَ لَنَا إِمَامٌ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَجْمَعَنَا وَ إِیَّاكُمْ عَلَی الْهُدَی وَ الْحَقِّ فَإِنْ كُنْتُمْ عَلَی ذَلِكَ فَقَدْ جِئْتُكُمْ فَأَعْطُونِی مَا أَطْمَئِنُّ إِلَیْهِ مِنْ عُهُودِكُمْ وَ مَوَاثِیقِكُمْ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ كُنْتُمْ لِمَقْدَمِی كَارِهِینَ انْصَرَفْتُ عَنْكُمْ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی جِئْتُ مِنْهُ إِلَیْكُمْ.
فَسَكَتُوا عَنْهُ وَ لَمْ یَتَكَلَّمُوا كَلِمَةً فَقَالَ لِلْمُؤَذِّنِ أَقِمْ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَقَالَ لِلْحُرِّ أَ تُرِیدُ أَنْ تُصَلِّیَ بِأَصْحَابِكَ فَقَالَ الْحُرُّ لَا بَلْ تُصَلِّی أَنْتَ وَ نُصَلِّی بِصَلَاتِكَ فَصَلَّی بِهِمُ الْحُسَیْنُ علیه السلام ثُمَّ دَخَلَ فَاجْتَمَعَ عَلَیْهِ أَصْحَابُهُ وَ انْصَرَفَ الْحُرُّ إِلَی مَكَانِهِ الَّذِی كَانَ فِیهِ فَدَخَلَ خَیْمَةً قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ عَادَ
ص: 376
الْبَاقُونَ إِلَی صَفِّهِمُ الَّذِی كَانُوا فِیهِ (1) ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعِنَانِ فَرَسِهِ وَ جَلَسَ فِی ظِلِّهَا.
فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ أَمَرَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَنْ یَتَهَیَّئُوا لِلرَّحِیلِ فَفَعَلُوا ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی بِالْعَصْرِ وَ أَقَامَ فَاسْتَقْدَمَ الْحُسَیْنُ وَ قَامَ فَصَلَّی بِالْقَوْمِ ثُمَّ سَلَّمَ وَ انْصَرَفَ إِلَیْهِمْ بِوَجْهِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَیُّهَا النَّاسُ فَإِنَّكُمْ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ وَ تَعْرِفُوا الْحَقَّ لِأَهْلِهِ یَكُنْ أَرْضَی لِلَّهِ عَنْكُمْ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ مُحَمَّدٍ أَوْلَی بِوَلَایَةِ هَذَا الْأَمْرِ عَلَیْكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُدَّعِینَ مَا لَیْسَ لَهُمْ وَ السَّائِرِینَ فِیكُمْ بِالْجَوْرِ وَ الْعُدْوَانِ فَإِنْ أَبَیْتُمْ إِلَّا الْكَرَاهَةَ لَنَا وَ الْجَهْلَ بِحَقِّنَا وَ كَانَ رَأْیُكُمُ الْآنَ غَیْرَ مَا أَتَتْنِی بِهِ كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَیَّ بِهِ رُسُلُكُمْ انْصَرَفْتُ عَنْكُمْ.
فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ أَنَا وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی مَا هَذِهِ الْكُتُبُ وَ الرُّسُلُ الَّتِی تَذْكُرُ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ یَا عُقْبَةَ بْنَ سِمْعَانَ أَخْرِجِ الْخُرْجَیْنِ اللَّذَیْنِ فِیهِمَا كُتُبُهُمْ إِلَیَّ فَأَخْرَجَ خُرْجَیْنِ مَمْلُوءَیْنِ صُحُفاً فَنُثِرَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ لَسْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ كَتَبُوا إِلَیْكَ وَ قَدْ أُمِرْنَا أَنَّا إِذَا لَقِینَاكَ لَا نُفَارِقُكَ حَتَّی نُقَدِّمَكَ الْكُوفَةَ عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ.
فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام الْمَوْتُ أَدْنَی إِلَیْكَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ فَقُومُوا فَارْكَبُوا فَرَكِبُوا وَ انْتَظَرَ حَتَّی رَكِبَتْ نِسَاؤُهُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ انْصَرِفُوا فَلَمَّا ذَهَبُوا لِیَنْصَرِفُوا حَالَ الْقَوْمُ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الِانْصِرَافِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام لِلْحُرِّ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مَا تُرِیدُ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ أَمَّا لَوْ غَیْرُكَ مِنَ الْعَرَبِ یَقُولُهَا لِی وَ هُوَ عَلَی مِثْلِ الْحَالِ الَّتِی أَنْتَ عَلَیْهَا مَا تَرَكْتُ ذِكْرَ أُمِّهِ بِالثُّكْلِ كَائِناً مَنْ كَانَ وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا لِی مِنْ ذِكْرِ أُمِّكَ مِنْ سَبِیلٍ إِلَّا بِأَحْسَنِ مَا نَقْدِرُ عَلَیْهِ.
فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَمَا تُرِیدُ قَالَ أُرِیدُ أَنْ أَنْطَلِقَ بِكَ إِلَی الْأَمِیرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَقَالَ إِذاً وَ اللَّهِ لَا أَتَّبِعُكَ فَقَالَ إِذاً وَ اللَّهِ لَا أَدَعُكَ فَتَرَادَّا الْقَوْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا كَثُرَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمَا قَالَ لَهُ الْحُرُّ إِنِّی لَمْ أُؤْمَرْ بِقِتَالِكَ إِنَّمَا
ص: 377
أُمِرْتُ أَنْ لَا أُفَارِقَكَ حَتَّی أُقَدِّمَكَ الْكُوفَةَ فَإِذْ أَبَیْتَ فَخُذْ طَرِیقاً لَا یُدْخِلُكَ الْكُوفَةَ وَ لَا یَرُدُّكَ إِلَی الْمَدِینَةِ یَكُونُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ نَصَفاً حَتَّی أَكْتُبَ إِلَی الْأَمِیرِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَنِی الْعَافِیَةَ مِنْ أَنْ أَبْتَلِیَ بِشَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِكَ فَخُذْ هَاهُنَا.
فَتَیَاسَرَ عَنْ طَرِیقِ الْعُذَیْبِ وَ الْقَادِسِیَّةِ وَ سَارَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ سَارَ الْحُرُّ فِی أَصْحَابِهِ یُسَایِرُهُ وَ هُوَ یَقُولُ لَهُ یَا حُسَیْنُ إِنِّی أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ فَإِنِّی أَشْهَدُ لَئِنْ قَاتَلْتَ لَتُقْتَلَنَّ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَ فَبِالْمَوْتِ تُخَوِّفُنِی وَ هَلْ یَعْدُو بِكُمُ الْخَطْبُ أَنْ تَقْتُلُونِی وَ سَأَقُولُ كَمَا قَالَ أَخُو الْأَوْسِ لِابْنِ عَمِّهِ وَ هُوَ یُرِیدُ نُصْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَوَّفَهُ ابْنُ عَمِّهِ وَ قَالَ أَیْنَ تَذْهَبُ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فَقَالَ:
سَأَمْضِی وَ مَا بِالْمَوْتِ عَارٌ عَلَی الْفَتَی*** إِذَا مَا نَوَی حَقّاً وَ جَاهَدَ مُسْلِماً
وَ آسَی الرِّجَالَ الصَّالِحِینَ بِنَفْسِهِ*** وَ فَارَقَ مَثْبُوراً وَ وَدَّعَ مُجْرِماً
فَإِنْ عِشْتُ لَمْ أَنْدَمْ وَ إِنْ مِتُّ لَمْ أُلَمْ*** كَفَی بِكَ ذُلًّا أَنْ تَعِیشَ وَ تُرْغَمَا(1).
أقول: و زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَبْلَ الْبَیْتِ الْأَخِیرِ هَذَا الْبَیْتَ:
أُقَدِّمُ نَفْسِی لَا أُرِیدُ بَقَاءَهَا*** لِتَلْقَی خَمِیساً فِی الْوَغَی وَ عَرَمْرَماً.
ثُمَّ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام عَلَی أَصْحَابِهِ وَ قَالَ هَلْ فِیكُمْ أَحَدٌ یَعْرِفُ الطَّرِیقَ عَلَی غَیْرِ الْجَادَّةِ فَقَالَ الطِّرِمَّاحُ نَعَمْ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنَا أَخْبُرُ الطَّرِیقَ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام سِرْ بَیْنَ أَیْدِینَا فَسَارَ الطِّرِمَّاحُ وَ اتَّبَعَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ أَصْحَابُهُ وَ جَعَلَ الطِّرِمَّاحُ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ:
یَا نَاقَتِی لَا تُذْعَرِی مِنْ زَجْرِی*** وَ امْضِی بِنَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ
بِخَیْرِ فِتْیَانٍ وَ خَیْرِ سَفْرٍ*** آلُ رَسُولِ اللَّهِ آلُ الْفَخْرِ
السَّادَةُ الْبِیضُ الْوُجُوهِ الزُّهْرِ*** الطَّاعِنِینَ بِالرِّمَاحِ السُّمْرِ
الضَّارِبِینَ بِالسُّیُوفِ الْبُتْرِ*** حَتَّی تَحَلَّی بِكَرِیمِ الْفَخْرِ
الْمَاجِدُ الْجَدِّ رَحِیبُ الصَّدْرِ*** أَثَابَهُ اللَّهُ لِخَیْرِ أَمْرٍ
عَمَّرَهُ اللَّهُ بَقَاءَ الدَّهْرِ.
ص: 378
یَا مَالِكَ النَّفْعِ مَعاً وَ النَّصْرِ***أَیِّدْ حُسَیْناً سَیِّدِی بِالنَّصْرِ
عَلَی الطُّغَاةِ مِنْ بَقَایَا الْكُفْرِ*** عَلَی اللَّعِینَیْنِ سَلِیلَیْ صَخْرٍ
یَزِیدَ لَا زَالَ حَلِیفَ الْخَمْرِ*** وَ ابْنِ زِیَادٍ عَهِرِ بْنِ الْعَهِرِ.
وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمَّا سَمِعَ الْحُرُّ ذَلِكَ تَنَحَّی عَنْهُ وَ كَانَ یَسِیرُ بِأَصْحَابِهِ نَاحِیَةً وَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فِی نَاحِیَةٍ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی عُذَیْبِ الْهِجَانَاتِ ثُمَّ مَضَی الْحُسَیْنُ عَلَیْهِ السَّلَامُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی قَصْرِ بَنِی مُقَاتِلٍ فَنَزَلَ بِهِ وَ إِذَا هُوَ بِفُسْطَاطٍ مَضْرُوبٍ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا فَقِیلَ
لِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ الْجُعْفِیِّ قَالَ ادْعُوهُ إِلَیَّ فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ قَالَ لَهُ هَذَا الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَدْعُوكَ فَقَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ اللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَّا كَرَاهِیَةَ أَنْ یَدْخُلَهَا الْحُسَیْنُ وَ أَنَا فِیهَا وَ اللَّهِ مَا أُرِیدُ أَنْ أَرَاهُ وَ لَا یَرَانِی.
فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ فَقَامَ إِلَیْهِ الْحُسَیْنُ فَجَاءَ حَتَّی دَخَلَ عَلَیْهِ وَ سَلَّمَ وَ جَلَسَ ثُمَّ دَعَاهُ إِلَی الْخُرُوجِ مَعَهُ فَأَعَادَ عَلَیْهِ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُرِّ تِلْكَ الْمَقَالَةَ وَ اسْتَقَالَهُ مِمَّا دَعَاهُ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَنْصُرُنَا فَاتَّقِ اللَّهَ أَنْ لَا تَكُونَ مِمَّنْ یُقَاتِلُنَا فَوَ اللَّهِ لَا یَسْمَعُ وَاعِیَتَنَا أَحَدٌ ثُمَّ لَا یَنْصُرُنَا إِلَّا هَلَكَ فَقَالَ لَهُ أَمَّا هَذَا فَلَا یَكُونُ أَبَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ قَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مِنْ عِنْدِهِ حَتَّی دَخَلَ رَحْلَهُ وَ لَمَّا كَانَ فِی آخِرِ اللَّیْلَةِ أَمَرَ فِتْیَانَهُ بِالاسْتِقَاءِ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ أَمَرَ بِالرَّحِیلِ فَارْتَحَلَ مِنْ قَصْرِ بَنِی مُقَاتِلٍ.
فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ سِمْعَانَ فَسِرْنَا مَعَهُ سَاعَةً فَخَفَقَ علیه السلام وَ هُوَ عَلَی ظَهْرِ فَرَسِهِ خَفْقَةً ثُمَّ انْتَبَهَ وَ هُوَ یَقُولُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ ابْنُهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ فَقَالَ مِمَّ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ اسْتَرْجَعْتَ قَالَ یَا بُنَیَّ إِنِّی خَفَقْتُ خَفْقَةً فَعَنَّ لِی فَارِسٌ عَلَی فَرَسٍ وَ هُوَ یَقُولُ الْقَوْمُ یَسِیرُونَ وَ الْمَنَایَا تَسِیرُ إِلَیْهِمْ فَعَلِمْتُ أَنَّهَا أَنْفُسُنَا نُعِیَتْ إِلَیْنَا فَقَالَ لَهُ یَا أَبَتِ لَا أَرَاكَ اللَّهُ سُوءاً أَ لَسْنَا عَلَی الْحَقِّ قَالَ بَلَی وَ اللَّهِ الَّذِی مَرْجِعُ الْعِبَادِ إِلَیْهِ فَقَالَ فَإِنَّنَا إِذاً مَا نُبَالِی أَنْ نَمُوتَ مُحِقِّینَ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ
ص: 379
خَیْرَ مَا جَزَی وَلَداً عَنْ وَالِدِهِ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ نَزَلَ وَ صَلَّی بِهِمُ الْغَدَاةَ ثُمَّ عَجَّلَ الرُّكُوبَ وَ أَخَذَ یَتَیَاسَرُ بِأَصْحَابِهِ یُرِیدُ أَنْ یُفَرِّقَهُمْ فَیَأْتِیهِ الْحُرُّ بْنُ یَزِیدَ فَیَرُدُّهُ وَ أَصْحَابَهُ فَجَعَلَ إِذَا رَدَّهُمْ نَحْوَ الْكُوفَةِ رَدّاً شَدِیداً امْتَنَعُوا عَلَیْهِ فَارْتَفَعُوا فَلَمْ یَزَالُوا یَتَسَایَرُونَ كَذَلِكَ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی نَیْنَوَی بِالْمَكَانِ الَّذِی نَزَلَ بِهِ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَإِذَا رَاكِبٌ عَلَی نَجِیبٍ لَهُ عَلَیْهِ سِلَاحٌ مُتَنَكِّباً قَوْساً مُقْبِلًا مِنَ الْكُوفَةِ فَوَقَفُوا جَمِیعاً یَنْتَظِرُونَهُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِمْ سَلَّمَ عَلَی الْحُرِّ وَ أَصْحَابِهِ وَ لَمْ یُسَلِّمْ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ دَفَعَ إِلَی الْحُرِّ كِتَاباً مِنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَإِذَا فِیهِ أَمَّا بَعْدُ فَجَعْجِعْ بِالْحُسَیْنِ حِینَ بَلَغَكَ كِتَابِی هَذَا وَ یَقْدَمُ عَلَیْكَ رَسُولِی وَ لَا تُنْزِلْهُ إِلَّا بِالْعَرَاءِ فِی غَیْرِ خُضْرٍ وَ عَلَی غَیْرِ مَاءٍ وَ قَدْ أَمَرْتُ رَسُولِی أَنْ یَلْزَمَكَ وَ لَا یُفَارِقَكَ حَتَّی یَأْتِیَنِی بِإِنْفَاذِكَ أَمْرِی وَ السَّلَامُ.
فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ لَهُمُ الْحُرُّ هَذَا كِتَابُ الْأَمِیرِ عُبَیْدِ اللَّهِ یَأْمُرُنِی أَنْ أُجَعْجِعَ بِكُمْ فِی الْمَكَانِ الَّذِی یَأْتِینِی كِتَابُهُ وَ هَذَا رَسُولُهُ وَ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ لَا یُفَارِقَنِی حَتَّی أُنْفِذَهُ أَمْرَهُ فِیكُمْ فَنَظَرَ یَزِیدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْكِنْدِیُّ وَ كَانَ مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام إِلَی رَسُولِ ابْنِ زِیَادٍ فَعَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مَا ذَا جِئْتَ فِیهِ قَالَ أَطَعْتُ إِمَامِی وَ وَفَیْتُ بِبَیْعَتِی فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُهَاجِرِ بَلْ عَصَیْتَ رَبَّكَ وَ أَطَعْتَ إِمَامَكَ فِی هَلَاكِ نَفْسِكَ وَ كُسِیتَ الْعَارَ وَ النَّارَ وَ بِئْسَ الْإِمَامُ إِمَامُكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَی النَّارِ وَ یَوْمَ الْقِیامَةِ لا یُنْصَرُونَ (1) فَإِمَامُكَ مِنْهُمْ وَ أَخَذَهُمُ الْحُرُّ بِالنُّزُولِ فِی ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَی غَیْرِ مَاءٍ وَ لَا فِی قَرْیَةٍ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام دَعْنَا وَیْحَكَ نَنْزِلْ هَذِهِ الْقَرْیَةَ
أَوْ هَذِهِ یَعْنِی نَیْنَوَی وَ الْغَاضِرِیَّةَ أَوْ هَذِهِ یَعْنِی شُفَیَّةَ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَسْتَطِیعُ ذَلِكَ هَذَا رَجُلٌ قَدْ بَعَثَ إِلَیَّ عَیْناً عَلَیَّ فَقَالَ لَهُ زُهَیْرُ بْنُ الْقَیْنِ إِنِّی وَ اللَّهِ لَا أَرَی أَنْ یَكُونَ بَعْدَ الَّذِی تَرَوْنَ إِلَّا أَشَدَّ مِمَّا تَرَوْنَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ قِتَالَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ السَّاعَةَ أَهْوَنُ عَلَیْنَا مِنْ قِتَالِ مَنْ یَأْتِینَا مِنْ بَعْدِهِمْ فَلَعَمْرِی لَیَأْتِینَا مِنْ بَعْدِهِمْ مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَا كُنْتُ لِأَبْدَأَهُمْ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نَزَلَ وَ ذَلِكَ
ص: 380
الْیَوْمُ یَوْمُ الْخَمِیسِ وَ هُوَ الْیَوْمُ الثَّانِی مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَی وَ سِتِّینَ (1).
وَ قَالَ السَّیِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام خَطِیباً فِی أَصْحَابِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ تَرَوْنَ وَ إِنَّ الدُّنْیَا تَغَیَّرَتْ وَ تَنَكَّرَتْ وَ أَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا وَ لَمْ یَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ وَ خَسِیسُ عَیْشٍ كَالْمَرْعَی الْوَبِیلِ أَ لَا تَرَوْنَ إِلَی الْحَقِّ لَا یُعْمَلُ بِهِ وَ إِلَی الْبَاطِلِ لَا یُتَنَاهَی عَنْهُ لِیَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِی لِقَاءِ رَبِّهِ حَقّاً حَقّاً فَإِنِّی لَا أَرَی الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَ الْحَیَاةَ مَعَ الظَّالِمِینَ إِلَّا بَرَماً.
فَقَامَ زُهَیْرُ بْنُ الْقَیْنِ فَقَالَ قَدْ سَمِعْنَا هَدَاكَ اللَّهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَقَالَتَكَ وَ لَوْ كَانَتِ الدُّنْیَا لَنَا بَاقِیَةً وَ كُنَّا فِیهَا مُخَلَّدِینَ لَآثَرْنَا النُّهُوضَ مَعَكَ عَلَی الْإِقَامَةِ فِیهَا.
قَالَ وَ وَثَبَ هِلَالُ بْنُ نَافِعٍ الْبَجَلِیُّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا كَرِهْنَا لِقَاءَ رَبِّنَا وَ إِنَّا عَلَی نِیَّاتِنَا وَ بَصَائِرِنَا نُوَالِی مَنْ وَالاكَ وَ نُعَادِی مَنْ عَادَاكَ. قَالَ وَ قَامَ بُرَیْرُ بْنُ خُضَیْرٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ بِكَ عَلَیْنَا أَنْ نُقَاتِلَ بَیْنَ یَدَیْكَ فَیُقَطَّعَ فِیكَ أَعْضَاؤُنَا ثُمَّ یَكُونَ جَدُّكَ شَفِیعَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ.
قَالَ ثُمَّ إِنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام رَكِبَ وَ سَارَ كُلَّمَا أَرَادَ الْمَسِیرَ یَمْنَعُونَهُ تَارَةً وَ یُسَایِرُونَهُ أُخْرَی حَتَّی بَلَغَ كَرْبَلَاءَ وَ كَانَ ذَلِكَ فِی الْیَوْمِ الثَّامِنِ مِنَ الْمُحَرَّمِ (2).
وَ فِی الْمَنَاقِبِ فَقَالَ لَهُ زُهَیْرٌ فَسِرْ بِنَا حَتَّی نَنْزِلَ بِكَرْبَلَاءَ فَإِنَّهَا عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَنَكُونَ هُنَالِكَ فَإِنْ قَاتَلُونَا قَاتَلْنَاهُمْ وَ اسْتَعَنَّا اللَّهَ عَلَیْهِمْ قَالَ فَدَمَعَتْ عَیْنَا الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَ الْبَلَاءِ وَ نَزَلَ الْحُسَیْنُ فِی مَوْضِعِهِ ذَلِكَ وَ نَزَلَ الْحُرُّ بْنُ یَزِیدَ حِذَاءَهُ فِی أَلْفِ فَارِسٍ وَ دَعَا الْحُسَیْنُ بِدَوَاةٍ وَ بَیْضَاءَ وَ كَتَبَ إِلَی أَشْرَافِ الْكُوفَةِ مِمَّنْ كَانَ یَظُنُّ أَنَّهُ عَلَی رَأْیِهِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی سُلَیْمَانَ بْنِ صُرَدَ وَ الْمُسَیَّبِ بْنِ نَجَبَةَ وَ رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَالٍ وَ جَمَاعَةِ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 381
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه وآله قَدْ قَالَ فِی حَیَاتِهِ مَنْ رَأَی سُلْطَاناً جَائِراً مُسْتَحِلًّا لِحُرُمِ اللَّهِ نَاكِثاً لِعَهْدِ اللَّهِ مُخَالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ یَعْمَلُ فِی عِبَادِ اللَّهِ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ ثُمَّ لَمْ یُغَیِّرْ بِقَوْلٍ وَ لَا فِعْلٍ كَانَ حَقِیقاً عَلَی اللَّهِ أَنْ یُدْخِلَهُ مَدْخَلَهُ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ لَزِمُوا طَاعَةَ الشَّیْطَانِ وَ تَوَلَّوْا عَنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ وَ أَظْهَرُوا الْفَسَادَ وَ عَطَّلُوا الْحُدُودَ وَ اسْتَأْثَرُوا بِالْفَیْ ءِ وَ أَحَلُّوا حَرَامَ اللَّهِ وَ حَرَّمُوا حَلَالَهُ وَ إِنِّی أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ لِقَرَابَتِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ أَتَتْنِی كُتُبُكُمْ وَ قَدِمَتْ عَلَیَّ رُسُلُكُمْ بِبَیْعَتِكُمْ أَنَّكُمْ لَا تُسَلِّمُونِّی وَ لَا تَخْذُلُونِّی فَإِنْ وَفَیْتُمْ لِی بِبَیْعَتِكُمْ فَقَدْ أُصِبْتُمْ حَظَّكُمْ وَ رُشْدَكُمْ وَ نَفْسِی مَعَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَهْلِی وَ وُلْدِی مَعَ أَهَالِیكُمْ وَ أَوْلَادِكُمْ فَلَكُمْ بِی أُسْوَةٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ نَقَضْتُمْ عُهُودَكُمْ وَ خَلَعْتُمْ بَیْعَتَكُمْ فَلَعَمْرِی مَا هِیَ مِنْكُمْ بِنُكْرٍ لَقَدْ فَعَلْتُمُوهَا بِأَبِی وَ أَخِی وَ ابْنِ عَمِّی وَ الْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِكُمْ فَحَظَّكُمْ أَخْطَأْتُمْ وَ نَصِیبَكُمْ ضَیَّعْتُمْ- فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ سَیُغْنِی اللَّهُ عَنْكُمْ وَ السَّلَامُ.
ثُمَّ طَوَی الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ وَ دَفَعَهُ إِلَی قَیْسِ بْنِ مُسْهِرٍ الصَّیْدَاوِیِّ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ كَمَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ وَ لَمَّا بَلَغَ الْحُسَیْنَ قَتْلُ قَیْسٍ اسْتَعْبَرَ بَاكِیاً ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا وَ لِشِیعَتِنَا عِنْدَكَ مَنْزِلًا كَرِیماً وَ اجْمَعْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ فِی مُسْتَقَرٍّ مِنْ رَحْمَتِكَ إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ قَالَ فَوَثَبَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِهِ یُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ نَافِعٍ الْبَجَلِیُّ فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ جَدَّكَ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ یَقْدِرْ أَنْ یُشْرِبَ النَّاسَ مَحَبَّتَهُ وَ لَا أَنْ یَرْجِعُوا إِلَی أَمْرِهِ مَا أَحَبَّ وَ قَدْ كَانَ مِنْهُمْ مُنَافِقُونَ یَعِدُونَهُ بِالنَّصْرِ وَ یُضْمِرُونَ لَهُ الْغَدْرَ یَلْقَوْنَهُ بِأَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ وَ یَخْلُفُونَهُ بِأَمَرَّ مِنَ الْحَنْظَلِ حَتَّی قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ أَنَّ أَبَاكَ عَلِیّاً رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَدْ كَانَ فِی مِثْلِ ذَلِكَ فَقَوْمٌ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَی نَصْرِهِ وَ قَاتَلُوا مَعَهُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ حَتَّی أَتَاهُ أَجَلُهُ فَمَضَی إِلَی رَحْمَةِ اللَّهِ وَ رِضْوَانِهِ وَ أَنْتَ الْیَوْمَ عِنْدَنَا فِی مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ فَمَنْ نَكَثَ عَهْدَهُ وَ خَلَعَ بَیْعَتَهُ فَلَنْ یَضُرَّ إِلَّا نَفْسَهُ وَ اللَّهُ مُغْنٍ عَنْهُ فَسِرْ بِنَا رَاشِداً مُعَافًی مُشَرِّقاً إِنْ شِئْتَ وَ إِنْ
ص: 382
شِئْتَ مُغَرِّباً فَوَ اللَّهِ مَا أَشْفَقْنَا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ وَ لَا كَرِهْنَا لِقَاءَ رَبِّنَا وَ إِنَّا عَلَی نِیَّاتِنَا وَ بَصَائِرِنَا نُوَالِی مَنْ وَالاكَ وَ نُعَادِی مَنْ عَادَاكَ.
ثُمَّ وَثَبَ إِلَیْهِ بُرَیْرُ بْنُ خُضَیْرٍ الْهَمْدَانِیُّ فَقَالَ وَ اللَّهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ بِكَ عَلَیْنَا أَنْ نُقَاتِلَ بَیْنَ یَدَیْكَ تُقَطَّعُ فِیهِ أَعْضَاؤُنَا ثُمَّ یَكُونُ جَدُّكَ شَفِیعَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ بَیْنَ أَیْدِینَا لَا أَفْلَحَ قَوْمٌ ضَیَّعُوا ابْنَ بِنْتِ نَبِیِّهِمْ أُفٍّ لَهُمْ غَداً مَا ذَا یُلَاقُونَ یُنَادُونَ بِالْوَیْلِ وَ الثُّبُورِ فِی نَارِ جَهَنَّمَ.
قَالَ فَجَمَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وُلْدَهُ وَ إِخْوَتَهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَیْهِمْ فَبَكَی سَاعَةً ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا عِتْرَةُ نَبِیِّكَ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ أُخْرِجْنَا وَ طُرِدْنَا وَ أُزْعِجْنَا عَنْ حَرَمِ جَدِّنَا وَ تَعَدَّتْ بَنُو أُمَیَّةَ عَلَیْنَا اللَّهُمَّ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَ انْصُرْنَا عَلَی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ.
قَالَ فَرَحَلَ مِنْ مَوْضِعِهِ حَتَّی نَزَلَ فِی یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَوْ یَوْمِ الْخَمِیسِ بِكَرْبَلَاءَ وَ ذَلِكَ فِی الثَّانِی مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إِحْدَی وَ سِتِّینَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ النَّاسُ عَبِیدُ الدُّنْیَا وَ الدِّینُ لَعِقٌ عَلَی أَلْسِنَتِهِمْ یَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَایِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّیَّانُونَ.
ثُمَّ قَالَ أَ هَذِهِ كَرْبَلَاءُ فَقَالُوا نَعَمْ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ هَاهُنَا مُنَاخُ رِكَابِنَا وَ مَحَطُّ رِحَالِنَا وَ مَقْتَلُ رِجَالِنَا وَ مَسْفَكُ دِمَائِنَا قَالَ فَنَزَلَ الْقَوْمُ وَ أَقْبَلَ الْحُرُّ حَتَّی نَزَلَ حِذَاءَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی أَلْفِ فَارِسٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی ابْنِ زِیَادٍ یُخْبِرُهُ بِنُزُولِ الْحُسَیْنِ بِكَرْبَلَاءَ.
وَ كَتَبَ ابْنُ زِیَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَی الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ یَا حُسَیْنُ فَقَدْ بَلَغَنِی نُزُولُكَ بِكَرْبَلَاءَ وَ قَدْ كَتَبَ إِلَیَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَزِیدُ أَنْ لَا أَتَوَسَّدَ الْوَثِیرَ وَ لَا أَشْبَعَ مِنَ الْخَمِیرِ أَوْ أُلْحِقَكَ بِاللَّطِیفِ الْخَبِیرِ أَوْ تَرْجِعَ إِلَی حُكْمِی وَ حُكْمِ یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ وَ السَّلَامُ.
فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُهُ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ قَرَأَهُ رَمَاهُ مِنْ یَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَا أَفْلَحَ قَوْمٌ اشْتَرَوْا مَرْضَاةَ الْمَخْلُوقِ بِسَخَطِ الْخَالِقِ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ جَوَابُ الْكِتَابِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ مَا لَهُ عِنْدِی جَوَابٌ لِأَنَّهُ قَدْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ فَرَجَعَ الرَّسُولُ
ص: 383
إِلَیْهِ فَخَبَّرَهُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْغَضَبِ وَ الْتَفَتَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْحُسَیْنِ وَ قَدْ كَانَ وَلَّاهُ الرَّیَّ قَبْلَ ذَلِكَ فَاسْتَعْفَی عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ فَارْدُدْ إِلَیْنَا عَهْدَنَا فَاسْتَمْهَلَهُ ثُمَّ قَبِلَ بَعْدَ یَوْمٍ خَوْفاً عَنْ أَنْ یُعْزَلَ عَنْ وِلَایَةِ الرَّیِّ.
وَ قَالَ الْمُفِیدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَدِمَ عَلَیْهِمْ عُمَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ مِنَ الْكُوفَةِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ فَنَزَلَ بِنَیْنَوَی فَبَعَثَ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام عُرْوَةَ بْنَ قَیْسٍ الْأَحْمَسِیَّ فَقَالَ لَهُ ائْتِهِ فَسَلْهُ مَا الَّذِی جَاءَ بِكَ وَ مَا تُرِیدُ وَ كَانَ عُرْوَةُ مِمَّنْ كَتَبَ إِلَی الْحُسَیْنِ فَاسْتَحْیَا مِنْهُ أَنْ یَأْتِیَهُ فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَی الرُّؤَسَاءِ الَّذِینَ كَاتَبُوهُ وَ كُلُّهُمْ أَبَی ذَلِكَ وَ كَرِهَهُ.
فَقَامَ إِلَیْهِ كَثِیرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّعْبِیُّ وَ كَانَ فَارِساً شُجَاعاً لَا یَرُدُّ وَجْهَهُ شَیْ ءٌ فَقَالَ لَهُ أَنَا أَذْهَبُ إِلَیْهِ وَ وَ اللَّهِ لَئِنْ شِئْتَ لَأَفْتِكَنَّ بِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ مَا أُرِیدُ أَنْ تَفْتِكَ بِهِ وَ لَكِنِ ائْتِهِ فَسَلْهُ مَا الَّذِی جَاءَ بِهِ فَأَقْبَلَ كَثِیرٌ إِلَیْهِ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو ثُمَامَةَ الصَّیْدَاوِیُّ قَالَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام أَصْلَحَكَ اللَّهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ جَاءَكَ شَرُّ أَهْلِ الْأَرْضِ وَ أَجْرَؤُهُ عَلَی دَمٍ وَ أَفْتَكُهُمْ وَ قَامَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ ضَعْ سَیْفَكَ قَالَ لَا وَ اللَّهِ وَ لَا كَرَامَةَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولٌ إِنْ سَمِعْتُمْ كَلَامِی بَلَّغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ إِلَیْكُمْ وَ إِنْ أَبَیْتُمُ انْصَرَفْتُ عَنْكُمْ قَالَ فَإِنِّی آخِذٌ بِقَائِمِ سَیْفِكَ ثُمَّ تَكَلَّمْ بِحَاجَتِكَ قَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا تَمَسُّهُ فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِی بِمَا جِئْتَ بِهِ وَ أَنَا أُبَلِّغُهُ عَنْكَ وَ لَا أَدَعُكَ تَدْنُو مِنْهُ فَإِنَّكَ فَاجِرٌ فَاسْتَبَّا وَ انْصَرَفَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ.
فَدَعَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قُرَّةَ بْنَ قَیْسٍ الْحَنْظَلِیَّ فَقَالَ لَهُ وَیْحَكَ الْقَ حُسَیْناً فَسَلْهُ مَا جَاءَ بِهِ وَ مَا ذَا یُرِیدُ فَأَتَاهُ قُرَّةُ فَلَمَّا رَآهُ الْحُسَیْنُ مُقْبِلًا قَالَ أَ تَعْرِفُونَ هَذَا فَقَالَ حَبِیبُ بْنُ مُظَاهِرٍ هَذَا رَجُلٌ مِنْ حَنْظَلَةِ تَمِیمٍ وَ هُوَ ابْنُ أُخْتِنَا وَ قَدْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ بِحُسْنِ الرَّأْیِ وَ مَا كُنْتُ أَرَاهُ یَشْهَدُ هَذَا الْمَشْهَدَ فَجَاءَ حَتَّی سَلَّمَ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ أَبْلَغَهُ رِسَالَةَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام كَتَبَ إِلَیَّ أَهْلُ مِصْرِكُمْ هَذَا أَنْ أَقْدَمَ فَأَمَّا إِذَا كَرِهْتُمُونِی فَأَنَا أَنْصَرِفُ عَنْكُمْ فَقَالَ حَبِیبُ بْنُ مُظَاهِرٍ وَیْحَكَ
ص: 384
یَا قُرَّةُ أَیْنَ تَذْهَبُ إِلَی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ انْصُرْ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِی بِآبَائِهِ أَیَّدَكَ اللَّهُ بِالْكَرَامَةِ فَقَالَ لَهُ قُرَّةُ أَرْجِعُ إِلَی صَاحِبِی بِجَوَابِ رِسَالَتِهِ وَ أَرَی رَأْیِی فَانْصَرَفَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ أَرْجُو أَنْ یُعَافِیَنِی اللَّهُ مِنْ حَرْبِهِ وَ قِتَالِهِ.
وَ كَتَبَ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی حَیْثُ نَزَلْتُ بِالْحُسَیْنِ بَعَثْتُ إِلَیْهِ رَسُولِی فَسَأَلْتُهُ عَمَّا أَقْدَمَهُ وَ مَا ذَا یَطْلُبُ فَقَالَ كَتَبَ إِلَیَّ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ وَ أَتَتْنِی رُسُلُهُمْ یَسْأَلُونِّی الْقُدُومَ إِلَیْهِمْ فَفَعَلْتُ فَأَمَّا إِذَا كَرِهْتُمُونِی وَ بَدَا لَهُمْ غَیْرُ مَا أَتَتْنِی بِهِ رُسُلُهُمْ فَأَنَا مُنْصَرِفٌ عَنْهُمْ.
قَالَ حَسَّانُ بْنُ قَائِدٍ الْعَبْسِیُّ وَ كُنْتُ عِنْدَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ حِینَ أَتَاهُ هَذَا الْكِتَابُ فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ:
الْآنَ إِذْ عَلِقَتْ مَخَالِبُنَا بِهِ*** یَرْجُو النَّجَاةَ وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ.
وَ كَتَبَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ وَ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فَاعْرِضْ عَلَی الْحُسَیْنِ أَنْ یُبَایِعَ لِیَزِیدَ هُوَ وَ جَمِیعُ أَصْحَابِهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ رَأَیْنَا رَأْیَنَا وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَرَدَ الْجَوَابُ عَلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَدْ خَشِیتُ أَنْ لَا یَقْبَلَ ابْنُ زِیَادٍ الْعَافِیَةَ(1).
وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَلَمْ یَعْرِضْ ابْنُ سَعْدٍ عَلَی الْحُسَیْنِ مَا أَرْسَلَ بِهِ ابْنُ زِیَادٍ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْحُسَیْنَ لَا یُبَایِعُ یَزِیدَ أَبَداً قَالَ ثُمَّ جَمَعَ ابْنُ زِیَادٍ النَّاسَ فِی جَامِعِ الْكُوفَةِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ بَلَوْتُمْ آلَ أَبِی سُفْیَانَ فَوَجَدْتُمُوهُمْ كَمَا تُحِبُّونَ وَ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَزِیدُ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ حَسَنَ السِّیرَةِ مَحْمُودَ الطَّرِیقَةِ مُحْسِناً إِلَی الرَّعِیَّةِ یُعْطِی الْعَطَاءَ فِی حَقِّهِ قَدْ أَمِنَتِ السُّبُلُ عَلَی عَهْدِهِ وَ كَذَلِكَ كَانَ أَبُوهُ مُعَاوِیَةُ فِی عَصْرِهِ وَ هَذَا ابْنُهُ یَزِیدُ مِنْ بَعْدِهِ یُكْرِمُ الْعِبَادَ وَ یُغْنِیهِمْ بِالْأَمْوَالِ وَ یُكْرِمُهُمْ وَ قَدْ زَادَكُمْ فِی أَرْزَاقِكُمْ مِائَةً مِائَةً وَ أَمَرَنِی أَنْ أُوَفِّرَهَا عَلَیْكُمْ وَ أُخْرِجَكُمْ إِلَی حَرْبِ عَدُوِّهِ الْحُسَیْنِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِیعُوا.
ص: 385
ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ وَفَّرَ النَّاسَ الْعَطَاءَ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یَخْرُجُوا إِلَی حَرْبِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ یَكُونُوا عَوْناً لِابْنِ سَعْدٍ عَلَی حَرْبِهِ فَأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَصَارَ ابْنُ سَعْدٍ فِی تِسْعَةِ آلَافٍ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِیَزِیدَ بْنِ رَكَّابٍ الْكَلْبِیِّ فِی أَلْفَیْنِ وَ الْحُصَیْنِ بْنِ نُمَیْرٍ السَّكُونِیِّ فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ وَ فلانا [فُلَانٍ] الْمَازِنِیِّ فِی ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَ نَصْرِ بْنِ فُلَانٍ فِی أَلْفَیْنِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ أَلْفاً.
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَی شَبَثِ بْنِ رِبْعِیٍّ أَنْ أَقْبِلْ إِلَیْنَا وَ إِنَّا نُرِیدُ أَنْ نُوَجِّهَ بِكَ إِلَی حَرْبِ الْحُسَیْنِ فَتَمَارَضَ شَبَثٌ وَ أَرَادَ أَنْ یُعْفِیَهُ ابْنُ زِیَادٍ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رَسُولِی أَخْبَرَنِی بِتَمَارُضِكَ وَ أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الَّذِینَ إِذا لَقُوا الَّذِینَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلی شَیاطِینِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ إِنْ كُنْتَ فِی طَاعَتِنَا فَأَقْبِلْ إِلَیْنَا مُسْرِعاً.
فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ شَبَثٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِئَلَّا یَنْظُرَ إِلَی وَجْهِهِ فَلَا یَرَی عَلَیْهِ أَثَرَ الْعِلَّةِ فَلَمَّا دَخَلَ رَحَّبَ بِهِ وَ قَرَّبَ مَجْلِسَهُ وَ قَالَ أُحِبُّ أَنْ تَشْخَصَ إِلَی قِتَالِ هَذَا الرَّجُلِ عَوْناً لِابْنِ سَعْدٍ عَلَیْهِ فَقَالَ أَفْعَلُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ فَمَا زَالَ یُرْسِلُ إِلَیْهِ بِالْعَسَاكِرِ حَتَّی تَكَامَلَ عِنْدَهُ ثَلَاثُونَ أَلْفاً مَا بَیْنَ فَارِسٍ وَ رَاجِلٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَیْهِ ابْنُ زِیَادٍ إِنِّی لَمْ أَجْعَلْ لَكَ عِلَّةً فِی كَثْرَةِ الْخَیْلِ وَ الرِّجَالِ فَانْظُرْ لَا أُصْبِحُ وَ لَا أُمْسِی إِلَّا وَ خَبَرُكَ عِنْدِی غُدْوَةً وَ عَشِیَّةً وَ كَانَ ابْنُ زِیَادٍ یَسْتَحِثُّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ لِسِتَّةِ أَیَّامٍ مَضَیْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ. وَ أَقْبَلَ حَبِیبُ بْنُ مُظَاهِرٍ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام
فَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَاهُنَا حَیٌّ مِنْ بَنِی أَسَدٍ بِالْقُرْبِ مِنَّا أَ تَأْذَنُ لِی فِی الْمَصِیرِ إِلَیْهِمْ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَی نُصْرَتِكَ فَعَسَی اللَّهُ أَنْ یَدْفَعَ بِهِمْ عَنْكَ قَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكَ فَخَرَجَ حَبِیبٌ إِلَیْهِمْ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ مُتَنَكِّراً حَتَّی أَتَی إِلَیْهِمْ فَعَرَفُوهُ أَنَّهُ مِنْ بَنِی أَسَدٍ فَقَالُوا مَا حَاجَتُكَ فَقَالَ إِنِّی قَدْ أَتَیْتُكُمْ بِخَیْرِ مَا أَتَی بِهِ وَافِدٌ إِلَی قَوْمٍ أَتَیْتُكُمْ أَدْعُوكُمْ إِلَی نَصْرِ ابْنِ بِنْتِ نَبِیِّكُمْ فَإِنَّهُ فِی عِصَابَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ لَنْ یَخْذُلُوهُ وَ لَنْ یُسَلِّمُوهُ أَبَداً وَ هَذَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ قَدْ أَحَاطَ بِهِ وَ أَنْتُمْ قَوْمِی وَ عَشِیرَتِی وَ قَدْ أَتَیْتُكُمْ بِهَذِهِ النَّصِیحَةِ
ص: 386
فَأَطِیعُونِی الْیَوْمَ فِی نُصْرَتِهِ تَنَالُوا بِهَا شَرَفَ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَإِنِّی أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا یُقْتَلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ مَعَ ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَابِراً مُحْتَسِباً إِلَّا كَانَ رَفِیقاً لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عِلِّیِّینَ قَالَ فَوَثَبَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أَسَدٍ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ یُجِیبُ إِلَی هَذِهِ الدَّعْوَةِ ثُمَّ جَعَلَ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ:
قَدْ عَلِمَ الْقَوْمُ إِذَا تَوَاكَلُوا*** وَ أَحْجَمَ الْفُرْسَانُ إِذْ تَنَاقَلُوا(1)
أَنِّی شُجَاعٌ بَطَلٌ مُقَاتِلٌ*** كَأَنَّنِی لَیْثٌ عَرِینٌ بَاسِلٌ.
ثُمَّ تَبَادَرَ رِجَالُ الْحَیِّ حَتَّی الْتَأَمَ مِنْهُمْ تِسْعُونَ رَجُلًا فَأَقْبَلُوا یُرِیدُونَ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ خَرَجَ رَجُلٌ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الْحَیِّ حَتَّی صَارَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَأَخْبَرَهُ بِالْحَالِ فَدَعَا ابْنُ سَعْدٍ بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ یُقَالُ لَهُ الْأَزْرَقُ فَضَمَّ إِلَیْهِ أَرْبَعَمِائَةِ فَارِسٍ وَ وَجَّهَ نَحْوَ حَیِّ بَنِی أَسَدٍ فَبَیْنَمَا أُولَئِكَ الْقَوْمُ قَدْ أَقْبَلُوا یُرِیدُونَ عَسْكَرَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فِی جَوْفِ اللَّیْلِ إِذَا اسْتَقْبَلَهُمْ خَیْلُ ابْنِ سَعْدٍ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ عَسْكَرِ الْحُسَیْنِ الْیَسِیرُ فَنَاوَشَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً وَ صَاحَ حَبِیبُ بْنُ مُظَاهِرٍ بِالْأَزْرَقِ وَیْلَكَ مَا لَكَ وَ مَا لَنَا انْصَرِفْ عَنَّا وَ دَعْنَا یَشْقَی بِنَا غَیْرُكَ فَأَبَی الْأَزْرَقُ أَنْ یَرْجِعَ وَ عَلِمَتْ بَنُو أَسَدٍ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِالْقَوْمِ فَانْهَزَمُوا رَاجِعِینَ إِلَی حَیِّهِمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ ارْتَحَلُوا فِی جَوْفِ اللَّیْلِ خَوْفاً مِنِ ابْنِ سَعْدٍ أَنْ یُبَیِّتَهُمْ وَ رَجَعَ حَبِیبُ بْنُ مُظَاهِرٍ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَخَبَّرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ علیه السلام لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
قَالَ وَ رَجَعَتْ خَیْلُ ابْنِ سَعْدٍ حَتَّی نَزَلُوا عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَحَالُوا بَیْنَ الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَیْنَ الْمَاءِ وَ أَضَرَّ الْعَطَشُ بِالْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ فَأَخَذَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَأْساً(2)
وَ جَاءَ إِلَی وَرَاءِ خَیْمَةِ النِّسَاءِ فَخَطَا فِی الْأَرْضِ تِسْعَ عَشْرَةَ خُطْوَةً نَحْوَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ حَفَرَ هُنَاكَ فَنَبَعَتْ لَهُ عَیْنٌ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ فَشَرِبَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ شَرِبَ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ وَ مَلَئُوا أَسْقِیَتَهُمْ ثُمَّ غَارَتِ الْعَیْنُ فَلَمْ یُرَ لَهَا أَثَرٌ وَ بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ زِیَادٍ
ص: 387
فَأَرْسَلَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بَلَغَنِی أَنَّ الْحُسَیْنَ یَحْفِرُ الْآبَارَ وَ یُصِیبُ الْمَاءَ فَیَشْرَبُ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَانْظُرْ إِذَا وَرَدَ عَلَیْكَ كِتَابِی فَامْنَعْهُمْ مِنْ حَفْرِ الْآبَارِ مَا اسْتَطَعْتَ وَ ضَیِّقْ عَلَیْهِمْ وَ لَا تَدَعْهُمْ یَذُوقُوا الْمَاءَ وَ افْعَلْ بِهِمْ كَمَا فَعَلُوا بِالزَّكِیِّ عُثْمَانَ فَعِنْدَهَا ضَیَّقَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَیْهِمْ غَایَةَ التَّضْیِیقِ.
فَلَمَّا اشْتَدَّ الْعَطَشُ بِالْحُسَیْنِ دَعَا بِأَخِیهِ الْعَبَّاسِ فَضَمَّ إِلَیْهِ ثَلَاثِینَ فَارِساً وَ عِشْرِینَ رَاكِباً وَ بَعَثَ مَعَهُ عِشْرِینَ قِرْبَةً فَأَقْبَلُوا فِی جَوْفِ اللَّیْلِ حَتَّی دَنَوْا مِنَ الْفُرَاتِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ مَنْ أَنْتُمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَیْنِ علیه السلام یُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ نَافِعٍ الْبَجَلِیُّ ابْنُ عَمٍّ لَكَ جِئْتُ أَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فَقَالَ عَمْرٌو اشْرَبْ هَنِیئاً فَقَالَ هِلَالٌ وَیْحَكَ تَأْمُرُنِی أَنْ أَشْرَبَ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ وَ مَنْ مَعَهُ یَمُوتُونَ عَطَشاً فَقَالَ عَمْرٌو صَدَقْتَ وَ لَكِنْ أُمِرْنَا بِأَمْرٍ لَا بُدَّ أَنْ نَنْتَهِیَ إِلَیْهِ فَصَاحَ هِلَالٌ بِأَصْحَابِهِ فَدَخَلُوا الْفُرَاتَ وَ صَاحَ عَمْرٌو بِالنَّاسِ وَ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً فَكَانَ قَوْمٌ یُقَاتِلُونَ وَ قَوْمٌ یَمْلَئُونَ حَتَّی مَلَئُوهَا وَ لَمْ یُقْتَلْ مِنْ أَصْحَابِ الْحُسَیْنِ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ الْقَوْمُ إِلَی مُعَسْكَرِهِمْ فَشَرِبَ الْحُسَیْنُ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ وَ لِذَلِكَ سُمِّیَ الْعَبَّاسُ علیه السلام السَّقَّاءَ.
ثُمَّ أَرْسَلَ الْحُسَیْنُ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَنِّی أُرِیدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ فَالْقَنِی اللَّیْلَةَ بَیْنَ عَسْكَرِی وَ عَسْكَرِكَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ ابْنُ سَعْدٍ فِی عِشْرِینَ وَ خَرَجَ إِلَیْهِ الْحُسَیْنُ فِی مِثْلِ ذَلِكَ فَلَمَّا الْتَقَیَا أَمَرَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَصْحَابَهُ فَتَنَحَّوْا عَنْهُ وَ بَقِیَ مَعَهُ أَخُوهُ الْعَبَّاسُ وَ ابْنُهُ عَلِیٌّ الْأَكْبَرُ وَ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ أَصْحَابَهُ فَتَنَحَّوْا عَنْهُ وَ بَقِیَ مَعَهُ ابْنُهُ حَفْصٌ وَ غُلَامٌ لَهُ.
فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَیْلَكَ یَا ابْنَ سَعْدٍ أَ مَا تَتَّقِی اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ مَعَادُكَ أَ تُقَاتِلُنِی وَ أَنَا ابْنُ مَنْ عَلِمْتَ ذَرْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَ كُنْ مَعِی فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لَكَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ أَخَافُ أَنْ یُهْدَمَ دَارِی فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَنَا أَبْنِیهَا لَكَ فَقَالَ أَخَافُ أَنْ تُؤْخَذَ ضَیْعَتِی فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَنَا أُخْلِفُ عَلَیْكَ خَیْراً مِنْهَا مِنْ مَالِی بِالْحِجَازِ فَقَالَ لِی عِیَالٌ وَ أَخَافُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ سَكَتَ وَ لَمْ یُجِبْهُ إِلَی شَیْ ءٍ
ص: 388
فَانْصَرَفَ عَنْهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ مَا لَكَ ذَبَحَكَ اللَّهُ عَلَی فِرَاشِكَ عَاجِلًا وَ لَا غَفَرَ لَكَ یَوْمَ حَشْرِكَ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ لَا تَأْكُلَ مِنْ بُرِّ الْعِرَاقِ إِلَّا یَسِیراً فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِی الشَّعِیرِ كِفَایَةٌ عَنِ الْبُرِّ مُسْتَهْزِئاً بِذَلِكَ الْقَوْلِ.
رَجَعْنَا إِلَی سِیَاقَةِ حَدِیثِ الْمُفِیدِ قَالَ وَ وَرَدَ كِتَابُ ابْنِ زِیَادٍ فِی الْأَثَرِ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنْ حُلْ بَیْنَ الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَیْنَ الْمَاءِ وَ لَا یَذُوقُوا مِنْهُ قَطْرَةً كَمَا صُنِعَ بِالتَّقِیِّ الزَّكِیِّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِی الْوَقْتِ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ فِی خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ فَنَزَلُوا عَلَی الشَّرِیعَةِ وَ حَالُوا بَیْنَ الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَیْنَ الْمَاءِ وَ مَنَعُوهُمْ أَنْ یُسْقَوْا مِنْهُ قَطْرَةً وَ ذَلِكَ قَبْلَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ.
وَ نَادَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُصَیْنٍ الْأَزْدِیُّ وَ كَانَ عِدَادُهُ فِی بَجِیلَةَ قَالَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا حُسَیْنُ أَ لَا تَنْظُرُونَ إِلَی الْمَاءِ كَأَنَّهُ كَبِدُ السَّمَاءِ وَ اللَّهِ لَا تَذُوقُونَ مِنْهُ قَطْرَةً وَاحِدَةً حَتَّی تَمُوتُوا عَطَشاً فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشاً وَ لَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَداً قَالَ حُمَیْدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَ اللَّهِ
لَعُدْتُهُ فِی مَرَضِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ غَیْرُهُ لَقَدْ رَأَیْتُهُ یَشْرَبُ الْمَاءَ حَتَّی یَبْغَرَ(1) ثُمَّ یَقِیئُهُ وَ یَصِیحُ الْعَطَشَ الْعَطَشَ ثُمَّ یَعُودُ وَ یَشْرَبُ حَتَّی یَبْغَرُ ثُمَّ یَقِیئُهُ وَ یَتَلَظَّی عَطَشاً فَمَا زَالَ ذَلِكَ دَأْبُهُ حَتَّی لَفَظَ نَفْسَهُ.
وَ لَمَّا رَأَی الْحُسَیْنُ علیه السلام نُزُولَ الْعَسَاكِرِ مَعَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بِنَیْنَوَی وَ مَدَدَهُمْ لِقِتَالِهِ أَنْفَذَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّنِی أُرِیدُ أَنْ أَلْقَاكَ فَاجْتَمَعَا لَیْلًا فَتَنَاجَیَا طَوِیلًا ثُمَّ رَجَعَ عُمَرُ إِلَی مَكَانِهِ وَ كَتَبَ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْفَأَ النَّائِرَةَ وَ جَمَعَ الْكَلِمَةَ وَ أَصْلَحَ أَمْرَ الْأُمَّةِ هَذَا حُسَیْنٌ قَدْ أَعْطَانِی أَنْ یَرْجِعَ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی مِنْهُ أَتَی أَوْ أَنْ یَسِیرَ إِلَی ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ فَیَكُونَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَهُ مَا لَهُمْ وَ عَلَیْهِ مَا عَلَیْهِمْ أَوْ أَنْ یَأْتِیَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَزِیدَ فَیَضَعَ یَدَهُ فِی یَدِهِ (2)
ص: 389
فَیَرَی فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ رَأْیَهُ وَ فِی هَذَا لَكَ رِضًی وَ لِلْأُمَّةِ صَلَاحٌ.
فَلَمَّا قَرَأَ عُبَیْدُ اللَّهِ الْكِتَابَ قَالَ هَذَا كِتَابُ نَاصِحٍ مُشْفِقٍ عَلَی قَوْمِهِ فَقَامَ إِلَیْهِ شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ فَقَالَ أَ تَقْبَلُ هَذَا مِنْهُ وَ قَدْ نَزَلَ بِأَرْضِكَ وَ أَتَی جَنْبَكَ وَ اللَّهِ لَئِنْ رَحَلَ بِلَادَكَ وَ لَمْ یَضَعْ یَدَهُ فِی یَدِكَ لَیَكُونَنَّ أَوْلَی بِالْقُوَّةِ وَ لَتَكُونَنَّ أَوْلَی بِالضَّعْفِ وَ الْعَجْزِ فَلَا تُعْطِهِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فَإِنَّهَا مِنَ الْوَهْنِ وَ لَكِنْ لِیَنْزِلْ عَلَی حُكْمِكَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ فَإِنْ عَاقَبْتَ فَأَنْتَ أَوْلَی بِالْعُقُوبَةِ وَ إِنْ عَفَوْتَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ.
فَقَالَ ابْنُ زِیَادٍ نِعْمَ مَا رَأَیْتَ الرَّأْیُ رَأْیُكَ اخْرُجْ بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَلْیَعْرِضْ عَلَی الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ النُّزُولَ عَلَی حُكْمِی فَإِنْ فَعَلُوا فَلْیَبْعَثْ بِهِمْ إِلَیَّ سِلْماً وَ إِنْ هُمْ أَبَوْا فَلْیُقَاتِلْهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فَاسْمَعْ لَهُ وَ أَطِعْ وَ إِنْ أَبَی أَنْ یُقَاتِلَهُمْ فَأَنْتَ أَمِیرُ الْجَیْشِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ ابْعَثْ إِلَیَّ بِرَأْسِهِ.
وَ كَتَبَ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَمْ أَبْعَثْكَ إِلَی الْحُسَیْنِ لِتَكُفَّ عَنْهُ وَ لَا لِتُطَاوِلَهُ وَ لَا لِتُمَنِّیَهُ السَّلَامَةَ وَ الْبَقَاءَ وَ لَا لِتَعْتَذِرَ عَنْهُ وَ لَا لِتَكُونَ لَهُ عِنْدِی شَفِیعاً انْظُرْ فَإِنْ نَزَلَ حُسَیْنٌ وَ أَصْحَابُهُ عَلَی حُكْمِی وَ اسْتَسْلَمُوا فَابْعَثْ بِهِمْ إِلَیَّ سِلْماً وَ إِنْ أَبَوْا فَازْحَفْ إِلَیْهِمْ حَتَّی تَقْتُلَهُمْ وَ تُمَثِّلَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لِذَلِكَ مُسْتَحِقُّونَ فَإِنْ قَتَلْتَ حُسَیْناً فَأَوْطِئِ الْخَیْلَ صَدْرَهُ وَ ظَهْرَهُ فَإِنَّهُ عَاتٍ ظَلُومٌ وَ لَسْتُ أَرَی أَنَّ هَذَا یَضُرُّ بَعْدَ الْمَوْتِ شَیْئاً وَ لَكِنْ عَلَیَّ قَوْلٌ قَدْ قُلْتُهُ لَوْ قَدْ قَتَلْتُهُ لَفَعَلْتُهُ هَذَا بِهِ فَإِنْ أَنْتَ مَضَیْتَ لِأَمْرِنَا فِیهِ جَزَیْنَاكَ جَزَاءَ السَّامِعِ الْمُطِیعِ وَ إِنْ أَبَیْتَ فَاعْتَزِلْ عَمَلَنَا وَ جُنْدَنَا وَ خَلِّ بَیْنَ شِمْرِ بْنِ ذِی الْجَوْشَنِ وَ بَیْنَ الْعَسْكَرِ فَإِنَّا قَدْ أَمَرْنَاهُ بِأَمْرِنَا وَ السَّلَامُ.
فَأَقْبَلَ شِمْرُ بْنُ ذِی الْجَوْشَنِ بِكِتَابِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ إِلَی عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَیْهِ وَ قَرَأَهُ قَالَ لَهُ عُمَرُ مَا لَكَ وَیْلَكَ لَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ وَ قَبَّحَ اللَّهُ مَا قَدِمْتَ بِهِ عَلَیَّ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّكَ نَهَیْتَهُ عَمَّا كَتَبْتُ بِهِ إِلَیْهِ وَ أَفْسَدْتَ عَلَیْنَا أَمْراً قَدْ كُنَّا رَجَوْنَا أَنْ یَصْلُحَ لَا یَسْتَسْلِمْ وَ اللَّهِ حُسَیْنٌ إِنَّ نَفْسَ أَبِیهِ لَبَیْنَ جَنْبَیْهِ فَقَالَ لَهُ شِمْرٌ:
ص: 390
أَخْبِرْنِی مَا أَنْتَ صَانِعٌ أَ تَمْضِی لِأَمْرِ أَمِیرِكَ وَ تُقَاتِلُ عَدُوَّهُ وَ إِلَّا فَخَلِّ بَیْنِی وَ بَیْنَ الْجُنْدِ وَ الْعَسْكَرِ قَالَ لَا وَ لَا كَرَامَةَ لَكَ وَ لَكِنْ أَنَا أَتَوَلَّی ذَلِكَ فَدُونَكَ فَكُنْ أَنْتَ عَلَی الرَّجَّالَةِ.
وَ نَهَضَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام عَشِیَّةَ الْخَمِیسِ لِتِسْعٍ مَضَیْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَ جَاءَ شِمْرٌ حَتَّی وَقَفَ عَلَی أَصْحَابِ الْحُسَیْنِ وَ قَالَ أَیْنَ بَنُو أُخْتِنَا(1) فَخَرَجَ إِلَیْهِ جَعْفَرٌ وَ الْعَبَّاسُ وَ عَبْدُ اللَّهِ وَ عُثْمَانُ بَنُو عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالُوا مَا تُرِیدُ فَقَالَ أَنْتُمْ یَا بَنِی أُخْتِی آمِنُونَ فَقَالَ لَهُ الْفِئَةُ لَعَنَكَ اللَّهُ وَ لَعَنَ أَمَانَكَ أَ تُؤْمِنُنَا وَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ لَا أَمَانَ لَهُ.
ثُمَّ نَادَی عُمَرُ یَا خَیْلَ اللَّهِ ارْكَبِی وَ بِالْجَنَّةِ أَبْشِرِی فَرَكِبَ النَّاسُ ثُمَّ زَحَفَ نَحْوَهُمْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَ الْحُسَیْنُ علیه السلام جَالِسٌ أَمَامَ بَیْتِهِ مُحْتَبِئٌ بِسَیْفِهِ إِذْ خَفَقَ بِرَأْسِهِ عَلَی رُكْبَتَیْهِ وَ سَمِعَتْ أُخْتُهُ الصَّیْحَةَ فَدَنَتْ مِنْ أَخِیهَا وَ قَالَتْ یَا أَخِی أَ مَا تَسْمَعُ هَذِهِ الْأَصْوَاتَ قَدِ اقْتَرَبَتْ فَرَفَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام رَأْسَهُ فَقَالَ إِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ السَّاعَةَ فِی الْمَنَامِ وَ هُوَ یَقُولُ لِی إِنَّكَ تَرُوحُ إِلَیْنَا فَلَطَمَتْ أُخْتُهُ وَجْهَهَا وَ نَادَتْ بِالْوَیْلِ فَقَالَ لَهَا الْحُسَیْنُ لَیْسَ لَكَ الْوَیْلُ یَا أُخْتَهْ (2)
اسْكُتِی رَحِمَكِ اللَّهُ وَ فِی رِوَایَةِ السَّیِّدِ قَالَ یَا أُخْتَاهْ إِنِّی رَأَیْتُ السَّاعَةَ جَدِّی مُحَمَّداً وَ أَبِی عَلِیّاً وَ أُمِّی فَاطِمَةَ وَ أَخِی الْحَسَنَ وَ هُمْ یَقُولُونَ یَا حُسَیْنُ إِنَّكَ رَائِحٌ إِلَیْنَا عَنْ قَرِیبٍ وَ فِی بَعْضِ الرِّوَایَاتِ غَداً قَالَ.
فَلَطَمَتْ زَیْنَبُ علیها السلام عَلَی وَجْهِهَا وَ صَاحَتْ فَقَالَ لَهَا الْحُسَیْنُ علیه السلام مَهْلًا لَا تُشْمِتِی الْقَوْمَ بِنَا(3).
قَالَ الْمُفِیدُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام یَا أَخِی أَتَاكَ الْقَوْمُ فَنَهَضَ ثُمَّ قَالَ ارْكَبْ أَنْتَ یَا أَخِی حَتَّی تَلْقَاهُمْ وَ تَقُولَ لَهُمْ مَا لَكُمْ وَ مَا بَدَا لَكُمْ وَ تَسْأَلَهُمْ عَمَّا
ص: 391
جَاءَ بِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَبَّاسُ فِی نَحْوٍ مِنْ عِشْرِینَ فَارِساً فِیهِمْ زُهَیْرُ بْنُ الْقَیْنِ وَ حَبِیبُ بْنُ مُظَاهِرٍ فَقَالَ لَهُمُ الْعَبَّاسُ مَا بَدَا لَكُمْ وَ مَا تُرِیدُونَ قَالُوا قَدْ جَاءَ أَمْرُ الْأَمِیرِ أَنْ نَعْرِضَ عَلَیْكُمْ أَنْ تَنْزِلُوا عَلَی حُكْمِهِ أَوْ نُنَاجِزَكُمْ قَالَ فَلَا تَعْجَلُوا حَتَّی أَرْجِعَ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ فَأَعْرِضَ عَلَیْهِ مَا ذَكَرْتُمْ فَوَقَفُوا فَقَالُوا الْقَهُ وَ أَعْلِمْهُ ثُمَّ الْقَنَا بِمَا یَقُولُ لَكَ فَانْصَرَفَ الْعَبَّاسُ رَاجِعاً یَرْكُضُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام یُخْبِرُهُ الْخَبَرَ وَ وَقَفَ أَصْحَابُهُ یُخَاطِبُونَ الْقَوْمَ وَ یَعِظُونَهُمْ وَ یَكُفُّونَهُمْ عَنْ قِتَالِ الْحُسَیْنِ.
فَجَاءَ الْعَبَّاسُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْقَوْمُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُؤَخِّرَهُمْ إِلَی غَدٍ وَ تَدْفَعَهُمْ عَنَّا الْعَشِیَّةَ لَعَلَّنَا نُصَلِّی لِرَبِّنَا اللَّیْلَةَ وَ نَدْعُوهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ فَهُوَ یَعْلَمُ أَنِّی كُنْتُ قَدْ أُحِبُّ الصَّلَاةَ لَهُ وَ تِلَاوَةَ كِتَابِهِ وَ كَثْرَةَ الدُّعَاءِ وَ الِاسْتِغْفَارِ.
فَمَضَی الْعَبَّاسُ إِلَی الْقَوْمِ وَ رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِمْ وَ مَعَهُ رَسُولٌ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ یَقُولُ إِنَّا قَدْ أَجَّلْنَاكُمْ إِلَی غَدٍ فَإِنِ اسْتَسْلَمْتُمْ سَرَحْنَا بِكُمْ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ فَلَسْنَا بِتَارِكِیكُمْ فَانْصَرَفَ وَ جَمَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَصْحَابَهُ عِنْدَ قُرْبِ الْمَسَاءِ(1).
قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ زَیْنُ الْعَابِدِینَ علیهما السلام فَدَنَوْتُ مِنْهُ لِأَسْمَعَ مَا یَقُولُ لَهُمْ وَ أَنَا إِذْ ذَاكَ مَرِیضٌ فَسَمِعْتُ أَبِی یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ أُثْنِی عَلَی اللَّهِ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ وَ أَحْمَدُهُ عَلَی السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ اللَّهُمَّ إِنِّی أَحْمَدُكَ عَلَی أَنْ أَكْرَمْتَنَا بِالنُّبُوَّةِ وَ عَلَّمْتَنَا الْقُرْآنَ وَ فَقَّهْتَنَا فِی الدِّینِ (2) وَ جَعَلْتَ لَنَا أَسْمَاعاً وَ أَبْصَاراً وَ أَفْئِدَةً فَاجْعَلْنَا مِنَ الشَّاكِرِینَ.
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی لَا أَعْلَمُ أَصْحَاباً أَوْفَی وَ لَا خَیْراً مِنْ أَصْحَابِی وَ لَا أَهْلَ بَیْتٍ أَبَرَّ
ص: 392
وَ أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی فَجَزَاكُمُ اللَّهُ عَنِّی خَیْراً أَلَا وَ إِنِّی لَأَظُنُ (1)
یَوْماً لَنَا مِنْ هَؤُلَاءِ أَلَا وَ إِنِّی قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَانْطَلِقُوا جَمِیعاً فِی حِلٍّ لَیْسَ عَلَیْكُمْ حَرَجٌ مِنِّی وَ لَا ذِمَامٌ هَذَا اللَّیْلُ قَدْ غَشِیَكُمُ فَاتَّخِذُوهُ جَمَلًا(2).
فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ وَ أَبْنَاؤُهُ وَ بَنُو أَخِیهِ وَ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ لِمَ نَفْعَلُ ذَلِكَ لِنَبْقَی بَعْدَكَ لَا أَرَانَا اللَّهُ ذَلِكَ أَبَداً بَدَأَهُمْ بِهَذَا الْقَوْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِیٍّ وَ اتَّبَعَتْهُ الْجَمَاعَةُ عَلَیْهِ فَتَكَلَّمُوا بِمِثْلِهِ وَ نَحْوِهِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام یَا بَنِی عَقِیلٍ حَسْبُكُمْ مِنَ الْقَتْلِ بِمُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ فَاذْهَبُوا أَنْتُمْ فَقَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فَقَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا یَقُولُ النَّاسُ نَقُولُ إِنَّا تَرَكْنَا شَیْخَنَا وَ سَیِّدَنَا وَ بَنِی عُمُومَتِنَا خَیْرَ الْأَعْمَامِ وَ لَمْ نَرْمِ مَعَهُمْ بِسَهْمٍ وَ لَمْ نَطْعَنْ مَعَهُمْ بِرُمْحٍ وَ لَمْ نَضْرِبْ مَعَهُمْ بِسَیْفٍ وَ لَا نَدْرِی مَا صَنَعُوا لَا وَ اللَّهِ مَا نَفْعَلُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ نَفْدِیكَ بِأَنْفُسِنَا وَ أَمْوَالِنَا وَ أَهْلِنَا وَ نُقَاتِلُ مَعَكَ حَتَّی نَرِدَ مَوْرِدَكَ فَقَبَّحَ اللَّهُ الْعَیْشَ بَعْدَكَ.
وَ قَامَ إِلَیْهِ مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ فَقَالَ أَ نَحْنُ نُخَلِّی عَنْكَ وَ بِمَا نَعْتَذِرُ إِلَی اللَّهِ فِی أَدَاءِ حَقِّكَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی أَطْعَنَ فِی صُدُورِهِمْ بِرُمْحِی وَ أَضْرِبَهُمْ بِسَیْفِی مَا ثَبَتَ قَائِمُهُ فِی یَدِی وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ مَعِی سِلَاحٌ أُقَاتِلُهُمْ بِهِ لَقَذَفْتُهُمْ بِالْحِجَارَةِ وَ اللَّهِ لَا نُخَلِّیكَ حَتَّی یَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّا قَدْ حَفِظْنَا غَیْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ فِیكَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنِّی أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْیَا ثُمَّ أُحْرَقُ ثُمَّ أُحْیَا ثُمَّ أُذْرَی یُفْعَلُ ذَلِكَ بِی سَبْعِینَ مَرَّةً مَا فَارَقْتُكَ حَتَّی أَلْقَی حِمَامِی دُونَكَ فَكَیْفَ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا هِیَ قَتْلَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ هِیَ الْكَرَامَةُ الَّتِی لَا انْقِضَاءَ لَهَا أَبَداً.
وَ قَامَ زُهَیْرُ بْنُ الْقَیْنِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّی قُتِلْتُ ثُمَّ نُشِرْتُ ثُمَّ قُتِلْتُ حَتَّی أُقْتَلَ هَكَذَا أَلْفَ مَرَّةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ یَدْفَعُ بِذَلِكَ الْقَتْلَ عَنْ نَفْسِكَ وَ عَنْ أَنْفُسِ هَؤُلَاءِ الْفِتْیَانِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِكَ.
ص: 393
وَ تَكَلَّمَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ بِكَلَامٍ یُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً فِی وَجْهٍ وَاحِدٍ فَجَزَاهُمُ الْحُسَیْنُ خَیْراً وَ انْصَرَفَ إِلَی مِضْرَبِهِ (1).
وَ قَالَ السَّیِّدُ وَ قِیلَ لِمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْحَضْرَمِیِّ فِی تِلْكَ الْحَالِ قَدْ أُسِرَ ابْنُكَ بِثَغْرِ الرَّیِّ فَقَالَ عِنْدَ اللَّهِ أَحْتَسِبُهُ وَ نَفْسِی مَا أُحِبُّ أَنْ یُؤْسَرَ وَ أَنَا أَبْقَی بَعْدَهُ فَسَمِعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام قَوْلَهُ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنْتَ فِی حِلٍّ مِنْ بَیْعَتِی فَاعْمَلْ فِی فَكَاكِ ابْنِكَ فَقَالَ أَكَلَتْنِی السِّبَاعُ حَیّاً إِنْ فَارَقْتُكَ قَالَ فَأَعْطِ ابْنَكَ هَذِهِ الْأَثْوَابَ الْبُرُودَ یَسْتَعِینُ بِهَا فِی فِدَاءِ أَخِیهِ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ قِیمَتُهَا أَلْفُ دِینَارٍ.
قَالَ وَ بَاتَ الْحُسَیْنُ وَ أَصْحَابُهُ تِلْكَ اللَّیْلَةَ وَ لَهُمْ دَوِیٌّ كَدَوِیِّ النَّحْلِ مَا بَیْنَ رَاكِعٍ وَ سَاجِدٍ وَ قَائِمٍ وَ قَاعِدٍ فَعَبَرَ إِلَیْهِمْ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ مِنْ عَسْكَرِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ اثْنَانِ وَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا.
إلی هنا انتهی الجزء الثانی من المجلد العاشر و یلیه الجزء الثالث و أوله فلما كان الغداة أمر الحسین علیه السلام بفسطاطه ....
ابتداء المقتل من یوم عاشورا.
ص: 394
بسم اللّٰه الرحمن الرحیم
الحمد للّٰه. و الصلاة و السلام علی رسول اللّٰه و علی آله الأطیبین أمناء اللّٰه.
و بعد: فهذا هو الجزء الثانیّ من المجلّد العاشر من كتاب بحار الأنوار حسب تجزئة المصنّف رضوان اللّٰه علیه و الجزء الرابع و الأربعون حسب تجزئتنا وفّقنا اللّٰه العزیز لإتمامه بفضله و منّه.
نسخة الأصل:
و منن اللّٰه علینا أن أظفرنا بنسخة المؤلّف قدسّ سرّه بخطّ یده و هی مضبوطة فی خزانة مكتبة المسجد الأعظم لا زالت دائرة بقم لمؤسّسه و بانیه فقیه الأمّة و فقید أسرتها آیة اللّٰه المرحوم الحاجّ آقا حسین الطباطبائیّ البروجردیّ رضوان اللّٰه علیه فقابلنا طبعتنا هذه علی تلك النسخة و راجعنا المصادر و النسخ المطبوعة الأخر التی أوعزنا إلیها فی الذیل فجاء بحمد اللّٰه أحسن النسخ طباعة و أتقنا و أصحّها تحقیقا
و سنعرّف هذه النسخة الثمینة مع صورتها الفتوغرافیّة فی المجلّد الآتی آخر أجزاء العاشر بحول اللّٰه و قوتّه.
و لا یسعنا دون أن نشكر فضیلة نجله الزاكی و خلفه الصدق حجة الإسلام و المسلمین الحاجّ السیّد محمّد حسن الطباطبائی دام إفضاله حیث تفضّل علینا بهذه النسخة الكریمة حتّی قابلناها مع نسختنا من البدو إلی الختم فله الشكر الجزیل و الثناء الحسن جزاء اللّٰه عن الإسلام و المسلمین خیر الجزاء.
محمد باقر البهبودی
صفر الظفر 1385
ص: 395
الموضوع/ الصفحه
«18»- باب العلّة التی من أجلها صالح الحسن بن علی صلوات اللّٰه علیه معاویة بن أبی سفیان علیه اللعنة و داهنه و لم یجاهده و فیه رسالة محمّد بن بحر الشیبانیّ رحمه اللّٰه 32- 1
«19»- باب كیفیّة مصالحة الحسن بن علیّ صلوات اللّٰه علیهما معاویة علیه اللعنة و ما جری بینهما قبل ذلك 69- 33
«20»- باب سائر ما جری بینه صلوات اللّٰه علیه و بین معاویة لعنه اللّٰه و أصحابه 109- 70
«21»- باب أحوال أهل زمانه و عشائره و أصحابه و ما جری بینه و بینهم و ما جری بینهم و بین معاویة و أصحابه لعنهم اللّٰه 133- 110
«22»- باب جمل تواریخه و أحواله و حلیته و مبلغ عمره و شهادته و دفنه و فضل البكاء علیه صلوات اللّٰه علیه 162- 134
«23»- باب ذكر أولاده صلوات اللّٰه علیه و أزواجه و عددهم و أسمائهم و طرف من أخبارهم 173- 163
أبواب ما یختصّ بتاریخ الحسین بن علی صلوات اللّٰه علیهما
«24»- باب النصّ علیه بخصوصه و وصیّة الحسن إلیه صلوات اللّٰه علیهما 179- 174
«25»- باب معجزاته صلوات اللّٰه علیه 188- 180
ص: 396
«26»- باب مكارم أخلاقه و جمل أحواله و تاریخه و أحوال أصحابه صلوات اللّٰه علیه 204- 189
«27»- باب احتجاجاته صلوات اللّٰه علیه علی معاویة و أولیائه لعنهم اللّٰه و ما جری بینه و بینهم 216- 205
«28»- باب الآیات المأوّلة لشهادته صلوات اللّٰه علیه و أنه یطلب اللّٰه بثأره 220- 217
«29»- باب ما عوّضه اللّٰه صلوات اللّٰه علیه بشهادته 222- 221
«30»- باب إخبار اللّٰه تعالی أنبیاءه و نبینا صّلی الّله علیه و آله بشهادته 249- 223
«31»- باب ما أخبر به الرسول و أمیر المؤمنین و الحسین صلوات اللّٰه علیهم بشهادته صلوات اللّٰه علیه 267- 250
«32»- باب أنّ مصیبته صلوات اللّٰه علیه كان أعظم المصائب و ذلّ الناس بقتله و ردّ قول من قال إنّه لم یقتل وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ 272- 269
«33»- باب العلّة التی من أجلها لم یكفّ اللّٰه قتلة الأئمّة علیهم السلام و من ظلمهم عن قتلهم و ظلمهم و علّة ابتلائهم صلوات اللّٰه علیهم أجمعین 277- 273
«34»- باب ثواب البكاء علی مصیبته و مصائب سائر الأئمّة علیهم السلام و فیه أدب المأتم یوم عاشوراء 296- 278
«35»- باب فضل الشهداء معه و علّة عدم مبالاتهم بالقتل و بیان أنّه صلوات اللّٰه علیه كان فرحاً لا یبالی بما یجری علیه 299- 297
«36»- باب كفر قتلته علیه السلام و ثواب اللعن علیهم و شدّة عذابهم و ما ینبغی أن یقال عند ذكره صلوات اللّٰه علیه 309- 299
«37»- باب ما جری علیه بعد بیعة الناس لیزید بن معاویة إلی شهادته صلوات اللّٰه علیه و لعنة اللّٰه علی ظالمیه و قاتلیه و الراضین بقتله و المؤازرین علیه 394- 310
ص: 397
ص: 398
ب: لقرب الإسناد.
بشا: لبشارة المصطفی.
تم: لفلاح السائل.
ثو: لثواب الأعمال.
ج: للإحتجاج.
جا: لمجالس المفید.
جش: لفهرست النجاشیّ.
جع: لجامع الأخبار.
جم: لجمال الأسبوع.
جُنة: للجُنة.
حة: لفرحة الغریّ.
ختص: لكتاب الإختصاص.
خص: لمنتخب البصائر.
د: للعَدَد.
سر: للسرائر.
سن: للمحاسن.
شا: للإرشاد.
شف: لكشف الیقین.
شی: لتفسیر العیاشیّ
ص: لقصص الأنبیاء.
صا: للإستبصار.
صبا: لمصباح الزائر.
صح: لصحیفة الرضا علیه السلام
ضا: لفقه الرضا علیه السلام
ضوء: لضوء الشهاب.
ضه: لروضة الواعظین.
ط: للصراط المستقیم.
طا: لأمان الأخطار.
طب: لطبّ الأئمة.
ع: لعلل الشرائع.
عا: لدعائم الإسلام.
عد: للعقائد.
عدة: للعُدة.
عم: لإعلام الوری.
عین: للعیون و المحاسن.
غر: للغرر و الدرر.
غط: لغیبة الشیخ.
غو: لغوالی اللئالی.
ف: لتحف العقول.
فتح: لفتح الأبواب.
فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.
فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.
فض: لكتاب الروضة.
ق: للكتاب العتیق الغرویّ
قب: لمناقب ابن شهر آشوب.
قبس: لقبس المصباح.
قضا: لقضاء الحقوق.
قل: لإقبال الأعمال.
قیة: للدُروع.
ك: لإكمال الدین.
كا: للكافی.
كش: لرجال الكشیّ.
كشف: لكشف الغمّة.
كف: لمصباح الكفعمیّ.
كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.
ل: للخصال.
لد: للبلد الأمین.
لی: لأمالی الصدوق.
م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام
ما: لأمالی الطوسیّ.
محص: للتمحیص.
مد: للعُمدة.
مص: لمصباح الشریعة.
مصبا: للمصباحین.
مع: لمعانی الأخبار.
مكا: لمكارم الأخلاق.
مل: لكامل الزیارة.
منها: للمنهاج.
مهج: لمهج الدعوات.
ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام
نبه: لتنبیه الخاطر.
نجم: لكتاب النجوم.
نص: للكفایة.
نهج: لنهج البلاغة.
نی: لغیبة النعمانیّ.
هد: للهدایة.
یب: للتهذیب.
یج: للخرائج.
ید: للتوحید.
یر: لبصائر الدرجات.
یف: للطرائف.
یل: للفضائل.
ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.
یه: لمن لا یحضره الفقیه.
ص: 399