بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار المجلد 42

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 42: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب تاریخ أمیر المؤمنین علیه السلام

تتمة أبواب معجزاته صلوات اللّٰه و سلامه علیه

باب 115 ما ظهر فی المنامات من كراماته و مقاماته و درجاته صلوات اللّٰه علیه و فیه بعض النوادر

«1»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْهَاشِمِیِّ قَالَ: كَانَتِ الْفِتْنَةُ قَائِمَةً بَیْنَ الْعَبَّاسِیِّینَ وَ الطَّالِبِیِّینَ بِالْكُوفَةِ حَتَّی قُتِلَ سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا عَبَّاسِیّاً وَ غَضِبَ الْخَلِیفَةُ الْقَادِرُ وَ اسْتَنْهَضَ الْمَلِكَ شَرَفَ الدَّوْلَةِ أَبَا عَلِیٍّ حَتَّی یَسِیرَ إِلَی الْكُوفَةِ وَ یَسْتَأْصِلَ بِهَا(1) مِنَ الطَّالِبِیِّینَ وَ یَفْعَلَ كَذَا وَ كَذَا بِهِمْ وَ بِنِسَائِهِمْ وَ بَنَاتِهِمْ وَ كَتَبَ مِنْ بَغْدَادَ هَذَا الْخَبَرَ عَلَی طُیُورٍ إِلَیْهِمْ وَ عَرَّفُوهُمْ مَا قَالَ الْقَادِرُ فَفَزِعُوا وَ تَعَلَّقُوا بِبَنِی خَفَاجَةَ فَرَأَتِ امْرَأَةٌ عَبَّاسِیَّةٌ فِی مَنَامِهَا كَأَنَّ فَارِساً عَلَی فَرَسٍ أَشْهَبَ وَ بِیَدِهِ رُمْحٌ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَسَأَلَتْ عَنْهُ فَقِیلَ لَهَا هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یُرِیدُ أَنْ یَقْتُلَ مَنْ عَزَمَ عَلَی قَتْلِ الطَّالِبِیِّینَ فَأَخْبَرَتِ النَّاسَ فَشَاعَ مَنَامُهَا فِی الْبَلَدِ وَ سَقَطَ الطَّائِرُ بِكِتَابٍ مِنْ بَغْدَادَ بِأَنَّ الْمَلِكَ شَرَفَ الدَّوْلَةِ بَاتَ عَازِماً عَلَی الْمَسِیرِ إِلَی الْكُوفَةِ- فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّیْلُ مَاتَ فَجْأَةً وَ تَفَرَّقَتِ الْعَسَاكِرُ وَ فَزِعَ الْقَادِرُ(2).

«2»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّالِحُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ هَارُونَ الْمُنَجِّمُ: أَنَّ الْخَلِیفَةَ الرَّاضِیَ كَانَ یُجَادِلُنِی كَثِیراً عَلَی خَطَإِ عَلِیٍّ فِیمَا دَبَّرَ فِی أَمْرِهِ مَعَ مُعَاوِیَةَ قَالَ فَأَوْضَحْتُ لَهُ الْحُجَّةَ أَنَّ هَذَا لَا یَجُوزُ عَلَی عَلِیٍّ وَ أَنَّهُ علیه السلام لَمْ یَعْمَلْ إِلَّا الصَّوَابَ فَلَمْ یَقْبَلْ مِنِّی هَذَا الْقَوْلَ وَ خَرَجَ إِلَیْنَا فِی بَعْضِ الْأَیَّامِ یَنْهَانَا عَنِ الْخَوْضِ فِی مِثْلِ ذَلِكَ وَ حَدَّثَنَا أَنَّهُ رَأَی فِی مَنَامِهِ كَأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ دَارِهِ یُرِیدُ بَعْضَ مُتَنَزَّهَاتِهِ فَرُفِعَ


1- 1. من بها. ظ( ب).
2- 2. لم نجد هذه الروایة و اللتین بعدها فی الخرائج المطبوع.

إِلَیْهِ رَجُلٌ قَصِیرٌ رَأْسُهُ رَأْسُ كَلْبٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِیلَ لَهُ هَذَا الرَّجُلُ كَانَ یُخَطِّئُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ فَعَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِبْرَةً لِی وَ لِأَمْثَالِی فَتُبْتُ إِلَی اللَّهِ.

«3»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی الشَّیْخُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بَابَوَیْهِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّجِسْتِیِ (1) قَالَ: خَرَجْتُ فِی طَلَبِ الْعِلْمِ فَدَخَلْتُ الْبَصْرَةَ فَصِرْتُ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ صَاحِبِ عَبَّادَانَ فَقُلْتُ إِنِّی رَجُلٌ غَرِیبٌ أَتَیْتُكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِیدٍ لِأَقْتَبِسَ مِنْ عِلْمِكَ شَیْئاً قَالَ مَنْ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ سِجِسْتَانَ قَالَ مِنْ بَلَدِ الْخَوَارِجِ قُلْتُ لَوْ كُنْتُ خَارِجِیّاً مَا طَلَبْتُ عِلْمَكَ قَالَ أَ فَلَا أُخْبِرُكَ بِحَدِیثٍ حَسَنٍ إِذَا أَتَیْتَ بِلَادَكَ تُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ قُلْتُ بَلَی قَالَ كَانَ لِی جَارٌ مِنَ الْمُتَعَبِّدِینَ فَرَأَی فِی مَنَامِهِ كَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ وَ كُفِّنَ وَ دُفِنَ قَالَ مَرَرْتُ بِحَوْضِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَی شَفِیرِ الْحَوْضِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام یَسْقِیَانِ الْأُمَّةَ الْمَاءَ فَاسْتَسْقَیْتُهُمَا فَأَبَیَا أَنْ یَسْقِیَانِی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی مِنْ أُمَّتِكَ قَالَ وَ إِنْ قَصَدْتَ عَلِیّاً لَا یَسْقِیكَ فَبَكَیْتُ وَ قُلْتُ أَنَا مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ قَالَ لَكَ جَارٌ یَلْعَنُ عَلِیّاً وَ لَمْ تَنْهَهُ قُلْتُ إِنِّی ضَعِیفٌ لَیْسَ لِی قُوَّةٌ وَ هُوَ مِنْ حَاشِیَةِ السُّلْطَانِ قَالَ فَأَخْرَجَ النَّبِیُّ سِكِّیناً وَ قَالَ امْضِ وَ اذْبَحْهُ فَأَخَذْتُ السِّكِّینَ وَ صِرْتُ إِلَی دَارِهِ فَوَجَدْتُ الْبَابَ مَفْتُوحاً فَدَخَلْتُ فَأَصَبْتُهُ نَائِماً فَذَبَحْتُهُ وَ انْصَرَفْتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قُلْتُ قَدْ ذَبَحْتُهُ وَ هَذِهِ السِّكِّینُ مُلَطَّخَةٌ بِدَمِهِ قَالَ هَاتِهَا ثُمَّ قَالَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام اسْقِهِ مَاءً فَلَمَّا أَضَاءَ الصُّبْحُ سَمِعْتُ صُرَاخاً فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِیلَ إِنَّ فُلَاناً وُجِدَ عَلَی فِرَاشِهِ مَذْبُوحاً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ قَبَضَ أَمِیرُ الْبَلَدِ عَلَی جِیرَانِهِ فَدَخَلْتُ عَلَیْهِ وَ قُلْتُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ اتَّقِ اللَّهَ إِنَّ الْقَوْمَ بُرَءَاءُ وَ قَصَصْتُ عَلَیْهِ الرُّؤْیَا فَخَلَّی عَنْهُمْ.

ص: 2


1- 1. فی( خ) و( م): السّجزی.(*) أقول:« السجز» بالكسر ثمّ السكون معرب« سگز» الفارسیة علم لطائفة معروفة تسكن« سجستان»( مخفف: سجزستان) معرب« سگستان»( مخفف: سگزستان) و قد خفف عند الفارسیین فی ألسنة العامّة حتّی صارت« سیستان» فالسجزی نسبة إلی الطائفة و السجستی و السجستانیّ نسبة إلی المحل و كلها بكسر السین و سكون الجیم لا غیر( ب).

«4»- أَقُولُ: وَ أَخْبَرَنِی بِهَذَا الْخَبَرِ شَیْخِی وَ وَالِدِیَ الْعَلَّامَةُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ عَنِ السَّیِّدِ حُسَیْنِ بْنِ حَیْدَرٍ الْحُسَیْنِیِّ الْكَرَكِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِی الشَّیْخُ الْجَلِیلُ بَهَاءُ الْمِلَّةِ وَ الدِّینِ الْعَامِلِیُّ فِی أَصْفَهَانَ ثَانِیَ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ تِسْعِینَ وَ تِسْعِمِائَةٍ وَ أَخْبَرَنِی أَیْضاً فِی السَّابِعِ وَ الْعِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ أَلْفٍ وَ ثَلَاثٍ فِی النَّجَفِ الْأَشْرَفِ تُجَاهَ الضَّرِیحِ الْمُقَدَّسِ قِرَاءَةً وَ إِجَازَةً قَالَ أَخْبَرَنِی وَالِدِی الشَّیْخُ حُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ فِی یَوْمِ الثَّلَاثَاءِ ثَانِیَ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَی وَ تِسْعِینَ وَ تِسْعِمِائَةٍ بِدَارِنَا فِی الْمَشْهَدِ الْمُقَدَّسِ الرَّضَوِیِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی مُشَرِّفِهِ عَنِ الشَّیْخَیْنِ الْجَلِیلَیْنِ السَّیِّدِ حَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكَرَكِیِّ وَ الشَّیْخِ زَیْنِ الْمِلَّةِ وَ الدِّینِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُمَا عَنِ الشَّیْخِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَالِی الْمَیْسِیِّ عَنِ الشَّیْخِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَذِّنِ الْجِزِّینِیِّ عَنِ الشَّیْخِ ضِیَاءِ الدِّینِ عَلِیٍّ عَنْ وَالِدِهِ الشَّهِیدِ السَّعِیدِ مُحَمَّدِ بْنِ مَكِّیٍّ عَنِ السَّیِّدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْرَجِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ جَدِّهِ عَلِیٍّ عَنْ شَیْخِهِ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ السَّیِّدِ فَخَارِ بْنِ مَعَدٍّ بْنِ فَخَارٍ الْمُوسَوِیِّ عَنْ یُوسُفَ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ نَاصِرٍ الْبُسْتُقِیِّ عَنِ الْقَاضِی أَبِی مُحَمَّدٍ السَّمَنْدِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّمَّانِ السُّكَّرِیِ (1) قَالَ: خَرَجْتُ إِلَی أَرْضِ الْعِرَاقِ فِی طَلَبِ الْحَدِیثِ فَوَصَلْتُ عَبَّادَانَ فَدَخَلْتُ عَلَی شَیْخِهَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ شَیْخِ عَبَّادَانَ وَ رَأْسِ الْمُطَّوِّعَةِ فَقُلْتُ لَهُ یَا شَیْخُ أَنَا رَجُلٌ غَرِیبٌ أَتَیْتُ مِنْ بَلَدٍ بَعِیدٍ أَلْتَمِسُ مِنْ عِلْمِكَ فَقَالَ مِنْ أَیْنَ أَتَیْتَ فَقُلْتُ مِنْ جِهِسْتَانَ (2) فَقَالَ مِنْ بَلَدِ الْخَوَارِجِ لَعَلَّكَ خَارِجِیٌّ فَقُلْتُ لَوْ كُنْتُ خَارِجاً لَمْ أَشْتَرِ عِلْمَكَ بِدَانِقٍ فَقَالَ أَ لَا أُحَدِّثُكَ حَدِیثاً طَرِیفاً إِذَا مَضَیْتَ إِلَی بِلَادِكَ تَحَدَّثْتَ بِهِ فَقُلْتُ بَلَی یَا شَیْخُ فَقَالَ كَانَ لِی جَارٌ مِنَ الْمُتَزَهِّدِینَ الْمُتَنَسِّكِینَ فَرَأَی فِی مَنَامِهِ كَأَنَّهُ مَاتَ وَ نُشِرَ وَ حُوسِبَ وَ جُوِّزَ الصِّرَاطَ وَ أَتَی حَوْضَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ ع

یَسْقِیَانِ قَالَ فَاسْتَقَیْتُ الْحَسَنَ فَلَمْ یَسْقِنِی وَ اسْتَقَیْتُ الْحُسَیْنَ فَلَمْ یَسْقِنِی فَقَرُبْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ وَ قَدِ اسْتَقَیْتُ الْحَسَنَ فَلَمْ یَسْقِنِی وَ اسْتَقَیْتُ الْحُسَیْنَ فَلَمْ یَسْقِنِی فَصَاحَ

ص: 3


1- 1. مصحف السكزی( ب).
2- 2. مصحف سجستان( ب).

الرَّسُولُ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَعْلَی صَوْتِهِ لَا تَسْقِیَاهُ لَا تَسْقِیَاهُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ مَا بَدَّلْتُ وَ لَا غَیَّرْتُ قَالَ بَلَی لَكَ جَارٌ یَلْعَنُ عَلِیّاً وَ یَسْتَنْقِصُهُ لَمْ تَنْهَهُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ رَجُلٌ یَغْتَرُّ بِالدُّنْیَا وَ أَنَا رَجُلٌ فَقِیرٌ لَا طَاقَةَ لِی بِهِ قَالَ فَأَخْرَجَ الرَّسُولُ صلی اللّٰه علیه و آله سِكِّیناً مَسْلُولَةً وَ قَالَ اذْهَبْ فَاذْبَحْهُ بِهَا فَأَتَیْتُ بَابَ الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ مَفْتُوحاً فَصَعِدْتُ الدَّرَجَةَ(1) فَوَجَدْتُهُ مُلْقًی عَلَی سَرِیرِهِ فَذَبَحْتُهُ وَ أَتَیْتُ بِالسِّكِّینِ مُلَطَّخَةً بِالدَّمِ فَأَعْطَیْتُهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخَذَهَا وَ قَالَ اسْقِیَاهُ فَتَنَاوَلْتُ الْكَأْسَ فَلَا أَدْرِی أَ شَرِبْتُهَا أَمْ لَا وَ انْتَبَهْتُ فَزِعاً مَرْعُوباً فَفَزِعْتُ (2)

إِلَی الْوُضُوءِ وَ صَلَّیْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ وَضَعْتُ رَأْسِی وَ نِمْتُ وَ سَمِعْتُ (3) الصِّیَاحَ فِی جِوَارِی فَسَأَلْتُ عَنِ الْحَالِ فَقِیلَ إِنَّ فُلَاناً وُجِدَ عَلَی سَرِیرِهِ مَذْبُوحاً فَمَا مَكَثْتُ حَتَّی أَتَی الْأَمِیرُ وَ الْحَرَسُ فَأَخَذُوا الْجِیرَانَ فَقُلْتُ أَنَا ذَبَحْتُ الرَّجُلَ وَ لَا یَسَعُنِی أَنْ أَكْتُمَ فَمَضَیْتُ إِلَی الْأَمِیرِ فَقُلْتُ أَنَا ذَبَحْتُ الرَّجُلَ فقَالَ لَسْتَ مُتَّهَماً عَلَی مِثْلِ هَذَا فَقَصَصْتُ الرُّؤْیَا عَلَیْهِ وَ قُلْتُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ إِنْ صَحَّحَهَا اللَّهُ فَمَا ذَنْبِی وَ مَا ذَنْبُ هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْأَمِیرُ أَحْسَنَ اللَّهُ جَزَاكَ أَنْتَ بَرِی ءٌ وَ الْقَوْمُ بُرَآءُ قَالَ الشَّیْخُ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَّانُ فَلَمْ أَسْمَعْ بِالْعِرَاقِ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْحَدِیثِ.

ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ذكر الفضل بن شاذان فی كتابه الذی نقض به علی ابن كرّام قال روی عثمان بن عفّان عن محمد بن عباد البصری: و ذكر نحوه (4).

«5»- أَقُولُ (5) ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحِلِّیُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی إِجَازَتِهِ الْكَبِیرَةِ عَنْ تَاجِ

ص: 4


1- 1. الدرجة- بالفتحات-: السلم و المرقاة.
2- 2. بتقدیم المعجمة علی المهملة أی لجأت إلی الوضوء. و یمكن أن یكون بالعكس أی قصدت.
3- 3. فی( خ) و( م): فسمعت.
4- 4. لم نجده فی الأمالی المطبوع. و لا یخفی ان النسخ المطبوعة منه ناقصة. و توجد نسخة مخطوطة كاملة فی مكتبة شیخ الإسلام الزنجانی طاب ثراه كما أشار إلیه فی الذریعة 2: 313 و 314.
5- 5. أقول: و قد سمعت بعض الفضلاء أنّه سافر و رای تلك النسخة و سیرها فلم یجد فیها شیئا زائدا علی ما هو المطبوع و علی ای حال قد نقل تلك القصة فی ناسخ التواریخ عن الخرائج و الجرائح راجع الجزء الخامس من المجلد الثالث فی أحوال مولانا علیّ بن أبی طالب علیه السلام من الطبعة الحدیثة صلی اللّٰه علیه و آله 45( ب).

الدِّینِ الْحَسَنِ بْنِ الدَّرْبِیِّ عَنْ أَبِی الْفَائِزِ بْنِ سَالِمِ بْنِ مُعَارَوَیْهِ فِی سَنَةِ إِحْدَی وَ تِسْعِینَ وَ خَمْسِمِائَةٍ عَنْ أَبِی الْبَقَاءِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ نَمَا عَنْ أَبِی الْبَقَاءِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ نَاصِرِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَسْعَدِ عَنِ الرَّئِیسِ أَبِی الْبَقَاءِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْمُزَرِّعِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ قَالَ: عَزَمْتُ الْحَجَّ فَأَتَیْتُ الْأَمِیرَ حُسَامَ الدَّوْلَةِ الْمُقَلَّدَ بْنَ الْمُسَیَّبِ- وَ هُوَ أَمِیرُنَا یَوْمَئِذٍ فَوَدَّعْتُهُ وَ عَرَضْتُ الْحَاجَةَ عَلَیْهِ فَاسْتَخْلَی بِی وَ أَحْضَرَ لِی مُصْحَفاً فَحَلَّفَنِی بِهِ إِلَّا بَلَّغْتُ رِسَالَتَهُ وَ حَلَفَ بِهِ لَوْ ظَهَرَ هَذَا الْخَبَرُ لَأَقْتُلَنَّكَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ إِذَا أَتَیْتَ الْمَدِینَةَ فَقِفْ عِنْدَ قَبْرِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قُلْ یَا مُحَمَّدُ قُلْتَ وَ صَنَعْتَ وَ مَوَّهْتَ عَلَی النَّاسِ (1) فِی حَیَاتِكَ لِمَ أَمَرْتَهُمْ بِزِیَارَتِكَ بَعْدَ مَمَاتِكَ وَ كَلَامٌ نَحْوُ هَذَا فَسُقِطَ فِی یَدِی (2) لِمَ أَتَیْتُهُ وَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ یَرَی رَأْیَ الْكُفَّارِ فَحَجَجْتُ وَ عُدْتُ حَتَّی أَتَیْتُ الْمَدِینَةَ وَ زُرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِبْتُهُ (3) أَنْ أَقُولَ مَا قَالَ لِی وَ بَقِیتُ أَیَّاماً حَتَّی إِذَا كَانَ لَیْلَةُ مَسِیرِنَا فَذَكَرْتُ یَمِینِی بِالْمُصْحَفِ فَوَقَفْتُ أَمَامَ الْقَبْرِ وَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ حَاكِی الْكُفْرِ لَیْسَ بِكَافِرٍ قَالَ لِی الْمُقَلَّدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ اسْتَعْظَمْتُ ذَلِكَ وَ فَزِعْتُ عَنْهُ فَأَتَیْتُ رَحْلِی وَ رُفَاقَتِی وَ رَمَیْتُ بِنَفْسِی وَ تَدَبَّرْتُ (4) وَ حِرْتُ كَالْمَجْهُودِ فَلَمَّا أَنْ تَهَوَّرَ اللَّیْلُ رَأَیْتُ فِی مَنَامِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیّاً- وَ بِیَدِ عَلِیٍّ سَیْفٌ وَ بَیْنَهُمَا رَجُلٌ نَائِمٌ عَلَیْهِ إِزَارٌ رَقِیقٌ أَبْیَضُ بِطِرَازٍ أَحْمَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا فُلَانُ اكْشِفْ عَنْ وَجْهِهِ فَكَشَفْتُهُ فَقَالَ تَعْرِفُهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ مَنْ هُوَ قُلْتُ الْمُقَلَّدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ قَالَ یَا عَلِیُّ اذْبَحْهُ فَأَمَرَّ السَّیْفَ عَلَی نَحْرِهِ وَ ذَبَحَهُ وَ رَفَعَهُ فَمَسَحَهُ بِالْإِزَارِ الَّذِی عَلَی صَدْرِهِ مَسْحَتَیْنِ فَأَثَّرَ الدَّمُ فِیهِ خَطَّیْنِ فَانْتَبَهْتُ مَرْعُوباً وَ لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُ أَحَداً فَتَدَاخَلَنِی أَمْرٌ عَظِیمٌ حَتَّی أَخْبَرْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِی وَ كَتَبْتُ شَرْحَ الْمَنَامِ وَ أَرَّخْتُ اللَّیْلَةَ وَ لَمْ نُعْلِمْ بِهِ ثَالِثاً حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی الْكُوفَةِ سَمِعْنَا الْخَبَرَ أَنَّ الْأَمِیرَ قَدْ قُتِلَ وَ أَصْبَحَ مَذْبُوحاً فِی فِرَاشِهِ فَسَأَلْنَا لَمَّا وَصَلْنَا إِلَی الْمَوْصِلِ عَنْ خَبَرِهِ

ص: 5


1- 1. موه علیه الامر أو الخبر: زوره علیه و زخرفه و لبسه أو بلغه خلاف ما هو.
2- 2. أی ندمت.
3- 3. من هاب یهاب أی خفت.
4- 4. و تدثرت ظ.( ب).

فَلَمْ یَزِدْ أَحَدٌ غَیْرَ أَنَّهُ أَصْبَحَ مَذْبُوحاً فَسَأَلْنَا عَنِ اللَّیْلَةِ الَّتِی ذُبِحَ فِیهَا فَإِذَا هِیَ اللَّیْلَةُ الَّتِی أَرَّخْنَاهَا بِالْمَدِینَةِ مَعَ صَاحِبِی فَكَانَ مُوَافِقاً ثُمَّ قُلْنَا قَدْ بَقِیَ شَیْ ءٌ وَاحِدٌ وَ هُوَ الْإِزَارُ وَ الدَّمُ عَلَیْهِ فَسَأَلْنَا عَمَّنْ غَسَّلَهُ فَأُرْشِدْنَا إِلَیْهِ فَسَأَلْنَاهُ فَأَخْرَجَ لَنَا مَا أَخَذَ مِنْ ثِیَابِهِ حِینَ غَسَّلَهُ وَ الْإِزَارَ الْأَبْیَضَ الْمُطَرَّزَ بِالْأَحْمَرِ وَ فِیهِ الْخَطَّانِ بِالدَّمِ (1).

بیان: تهوّر اللیل ذهب أو ولّی أكثره.

«6»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَافِظِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ یَحْیَی بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ أُمِّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَائِبٍ عَنْ أَبِیهَا قَالَ: جَمَعَ زِیَادُ بْنُ أَبِیهِ شُیُوخَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ أَشْرَافَهُمْ فِی مَسْجِدِ الرَّحْبَةِ لِسَبِّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَ كُنْتُ فِیهِمْ وَ كَانَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فِی أَمْرٍ عَظِیمٍ فَغَلَبَتْنِی عَیْنَایَ فَنِمْتُ فَرَأَیْتُ فِی النَّوْمِ شَیْئاً طَوِیلًا طَوِیلَ الْعُنُقِ أَهْدَلَ أَهْدَبَ (2) فَقُلْتُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا النَّقَّادُ ذُو الرَّقَبَةِ قُلْتُ وَ مَا النَّقَّادُ قَالَ طَاعُونٌ بُعِثْتُ إِلَی صَاحِبِ هَذَا الْقَصْرِ لِأَجْتَثَّهُ (3) مِنْ جَدِیدِ الْأَرْضِ كَمَا عَتَا(4) وَ حَاوَلَ مَا لَیْسَ لَهُ بِحَقٍّ قَالَ فَانْتَبَهْتُ فَزِعاً وَ أَنَا فِی جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِی فَقُلْتُ هَلْ رَأَیْتُمْ مَا رَأَیْتُ فِی الْمَنَامِ فَقَالَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ رَأَیْنَا كَیْتَ وَ كَیْتَ بِالصِّفَةِ وَ قَالَ الْبَاقُونَ مَا رَأَیْنَا شَیْئاً فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ خَرَجَ خَارِجٌ مِنْ دَارِ زِیَادٍ فَقَالَ یَا هَؤُلَاءِ انْصَرِفُوا فَإِنَّ الْأَمِیرَ عَنْكُمْ مَشْغُولٌ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ خَبَرِهِ فَخَبَّرَنَا أَنَّهُ طُعِنَ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ فَمَا تَفَرَّقْنَا حَتَّی سَمِعْنَا الْوَاعِیَةَ عَلَیْهِ فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ فِی ذَلِكَ

ص: 6


1- 1. راجع بحار الأنوار المجلد الخامس و العشرین ص 26 و بین النسختین اختلافات كأبی العامر بدل أبی الفائز و أبی الغنائم أحمد بدل أبی البقاء أحمد و غیر ذلك. و قال فی آخره: قال أبو البقاء ابن ناصر: و رأیت أنا بعد نسخی هذا الحدیث أن ذلك كان فی سنة تسعین و ثلاثمائة.
2- 2. الاهدل: المسترخی المشفر أو الشفة. الاهدب: الذی طال هدب عینیه و كثرت اشفارهما.
3- 3. اجتثه: قلعه من أصله. و فی هامش( ك): لاجشه أی أدقه و أكسره.
4- 4. عنا یعتو عتوا: استكبر و جاوز الحد.

قَدْ جَشَّمَ النَّاسَ أَمْراً ضَاقَ ذَرْعُهُمْ (1)***بِحَمْلِهِ حِینَ نَادَاهُمْ إِلَی الرَّحَبَةِ

یَدْعُو عَلَی نَاصِرِ الْإِسْلَامِ حِینَ یَرَی***لَهُ عَلَی الْمُشْرِكِینَ الطُّولَ وَ الْغَلَبَةَ

مَا كَانَ مُنْتَهِیاً عَمَّا أَرَادَ بِنَا***حَتَّی تَنَاوَلَهُ النَّقَّادُ ذُو الرَّقَبَةِ

فَأَسْقَطَ الشَّقَّ مِنْهُ ضَرْبَةً عَجَباً***كَمَا تَنَاوَلَ ظُلْماً صَاحِبَ الرَّحَبَةِ(2).

«7»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: كَانَ بِالْمَدِینَةِ رَجُلٌ نَاصِبِیٌّ ثُمَّ تَشَیَّعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَسُئِلَ عَنِ السَّبَبِ فِی ذَلِكَ فَقَالَ رَأَیْتُ فِی مَنَامِی عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ لِی لَوْ حَضَرْتَ صِفِّینَ مَعَ مَنْ كُنْتَ تُقَاتِلُ قَالَ فَأَطْرَقْتُ أُفَكِّرُ فَقَالَ علیه السلام یَا خَسِیسُ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ تَحْتَاجُ إِلَی هَذَا الْفِكْرِ الْعَظِیمِ أَعْطُوا قَفَاهُ فَصُفِقْتُ (3) حَتَّی انْتَبَهْتُ وَ قَدْ وَرِمَ قَفَایَ فَرَجَعْتُ عَمَّا كُنْتُ عَلَیْهِ (4).

«8»- فض، [كتاب الروضة] یل، [الفضائل] لابن شاذان عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُلٌ یُكَنَّی بِأَبِی جَعْفَرٍ وَ كَانَ حَسَنَ الْمُعَامَلَةِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَی وَ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْعَلَوِیِّینَ یَطْلُبُ مِنْهُ شَیْئاً أَعْطَاهُ وَ یَقُولُ لِغُلَامِهِ یَا هَذَا اكْتُبْ هَذَا مَا أَخَذَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- وَ بَقِیَ عَلَی ذَلِكَ زَمَاناً ثُمَّ قَعَدَ بِهِ الْوَقْتُ وَ افْتَقَرَ فَنَظَرَ یَوْماً فِی حِسَابِهِ فَجَعَلَ كُلَّ مَا هُوَ عَلَیْهِ اسْمَ حَیٍّ مِنْ غُرَمَائِهِ بَعَثَ إِلَیْهِ یُطَالِبُهُ وَ مَنْ مَاتَ ضَرَبَ عَلَی اسْمِهِ فَبَیْنَا هُوَ جَالِسٌ عَلَی بَابِ دَارِهِ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ مَا فَعَلَ بِمَالِكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمّاً شَدِیداً وَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّیْلُ رَأَی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام یَمْشِیَانِ أَمَامَهُ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا فَعَلَ أَبُوكُمَا فَأَجَابَهُ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ وَرَائِهِ هَا أَنَا ذَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ لِمَ لَا تَدْفَعُ إِلَی هَذَا الرَّجُلِ حَقَّهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا حَقُّهُ قَدْ جِئْتُ بِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ادْفَعْهُ إِلَیْهِ فَأَعْطَاهُ كِیساً مِنْ صُوفٍ أَبْیَضَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا حَقُّكَ فَخُذْهُ فَلَا تَمْنَعْ مَنْ جَاءَكَ مِنْ وُلْدِی یَطْلُبُ شَیْئاً فَإِنَّهُ لَا فَقْرَ عَلَیْكَ بَعْدَ هَذَا قَالَ الرَّجُلُ فَانْتَبَهْتُ وَ الْكِیسُ فِی

ص: 7


1- 1. جشم الامر: تكلفه علی مشقه.
2- 2. لم نجده فی الأمالی المطبوع.
3- 3. فی المصدر« فصفقت» علی المجهول ای ضرب بقفای.
4- 4. مناقب آل أبی طالب 1: 479.

یَدِی فَنَادَیْتُ زَوْجَتِی وَ قُلْتُ لَهَا هَاكِ فَنَاوَلْتُهَا الْكِیسَ فَإِذَا فِیهِ أَلْفُ دِینَارٍ فَقَالَتْ لِی یَا ذَا الرَّجُلُ اتَّقِ اللَّهَ تَعَالَی وَ لَا یَحْمِلُكَ الْفَقْرُ عَلَی أَخْذِ مَا لَا تَسْتَحِقُّهُ وَ إِنْ كُنْتَ خَدَعْتَ بَعْضَ التُّجَّارِ عَلَی مَالِهِ فَارْدُدْهُ إِلَیْهِ فَحَدَّثْتُهَا بِالْحَدِیثِ فَقَالَتْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَأَرِنِی حِسَابَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَحْضَرَ الدُّسْتُورَ وَ فَتَحَهُ فَلَمْ یَجِدْ فِیهِ شَیْئاً مِنَ الْكِتَابَةِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَی (1).

أقول: روی فی كتاب صفوة الأخبار عن جابر بن عبد اللّٰه الأنصاری: مثله (2).

«9»- فض، [كتاب الروضة] مِنَ الْمَسْمُوعَاتِ بِوَاسِطَ فِی سَنَةِ اثْنَیْنِ وَ خَمْسِینَ وَ سِتِّ مِائَةٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ: أَنَّ ابْنَ سَلَامَةَ الْقَزَّازَ حَیْثُ ذَهَبَتْ عَیْنُهُ الْیُمْنَی وَ كَانَ عَلَیْهِ دَیْنٌ لِشَخْصٍ یُعْرَفُ بِابْنِ حَنْظَلَةَ الْفَزَارِیِّ- فَأَلَحَّ عَلَیْهِ بِالْمُطَالَبَةِ وَ هُوَ مُعْسِرٌ فَشَكَا حَالَهُ إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی وَ اسْتَجَارَ بِمَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا كَانَ فِی بَعْضِ اللَّیَالِی رَأَی فِی مَنَامِهِ عِزَّ الدِّینِ أَبَا الْمَعَالِی ابْنَ طَبِیبِیٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ مَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَدَنَا مِنْهُ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ وَ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ هَذَا مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ وَ قَالَ لَهُ یَا مَوْلَایَ هَذِهِ عَیْنِیَ الْیُمْنَی قَدْ ذَهَبَتْ فَقَالَ لَهُ یَرُدُّهَا اللَّهُ عَلَیْكَ وَ مَدَّ یَدَهُ الْكَرِیمَةَ إِلَیْهَا وَ قَالَ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ فَرَجَعَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَی وَ قَدْ شَاهَدَ ذَلِكَ كُلُّ مَنْ فِی وَاسِطَ وَ الرَّجُلُ مَوْجُودٌ بِهَا(3).

«10»- یل، [الفضائل] لابن شاذان فض، [كتاب الروضة] رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَی بَنِی تَمِیمٍ عَنْ شَیْخٍ الْقَارُونِیِّ مِنْ قُرَیْشٍ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ: رَأَیْتُ رَجُلًا بِالشَّامِ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ وَ هُوَ یُغَطِّیهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ قَدْ جَعَلْتُ عَلَیَّ لِلَّهِ أَنْ لَا یَسْأَلَنِی أَحَدٌ عَنْ ذَلِكَ الْأَذَی إِلَّا أَجَبْتُهُ وَ أَخْبَرْتُهُ إِنِّی كُنْتُ شَدِیدَ الْوَقِیعَةِ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام كَثِیرَ السَّبِّ لَهُ فَبَیْنَمَا أَنَا ذَاتَ لَیْلَةٍ مِنَ اللَّیَالِی نَائِمٌ إِذْ أَتَانِی آتٍ فِی مَنَامِی فَقَالَ أَنْتَ صَاحِبُ الْوَقِیعَةِ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- قُلْتُ بَلَی فَضَرَبَ

ص: 8


1- 1. الروضة: 2. الفضائل: 99 و 100.
2- 2. مخطوط و لم نظفر بنسخته.
3- 3. الروضة: 8 و 9.

وَجْهِی وَ قَالَ سَوَّدَ اللَّهُ فَاسْوَدَّ كَمَا تَرَی (1).

«11»- مِنْ كِتَابِ صَفْوَةِ الْأَخْبَارِ رَوَی الْأَعْمَشُ قَالَ: رَأَیْتُ جَارِیَةً سَوْدَاءَ تَسْقِی الْمَاءَ وَ هِیَ تَقُولُ اشْرَبُوا حُبّاً لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ كَانَتْ عَمْیَاءَ قَالَ ثُمَّ أَتَیْتُهَا بِمَكَّةَ بَصِیرَةً تَسْقِی الْمَاءَ وَ هِیَ تَقُولُ اشْرَبُوا حُبّاً لِمَنْ رَدَّ اللَّهُ عَلَیَّ بَصَرِی بِهِ فَقُلْتُ یَا جَارِیَةُ رَأَیْتُكِ فِی الْمَدِینَةِ ضَرِیرَةً تَقُولِینَ اشْرَبُوا حُبّاً لِمَوْلَایَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَنْتِ الْیَوْمَ بَصِیرَةٌ فَمَا شَأْنُكِ قَالَتْ بِأَبِی أَنْتَ إِنِّی رَأَیْتُ رَجُلًا قَالَ یَا جَارِیَةُ أَنْتِ مَوْلَاةٌ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ مُحِبَّتُهُ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَرُدَّ عَلَیْهَا بَصَرَهَا فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَیَّ بَصَرِی فَقُلْتُ مَنْ أَنْتِ قَالَ أَنَا الْخَضِرُ وَ أَنَا مِنْ شِیعَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام(2).

«12»- مِنْ كِتَابِ كَشْفِ الْیَقِینِ لِلْعَلَّامَةِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ مِنْ كِتَابِ الْأَرْبَعِینِ عَنِ الْأَرْبَعِینِ قَالَ: إِنَّ الشَّاعِرَ الْبَبَّغَاءَ(3)

وَفَدَ عَلَی بَعْضِ الْمُلُوكِ وَ كَانَ یَفِدُ عَلَیْهِ فِی كُلِّ سَنَةٍ فَوَجَدَهُ فِی الصَّیْدِ فَكَتَبَ وَزِیرُ الْمَلِكِ یُخْبِرُ بِقُدُومِهِ فَأَمَرَهُ بِأَنْ یُسْكِنَهُ فِی بَعْضِ دُورِهِ وَ كَانَ عَلَی تِلْكَ الدَّارِ غُرْفَةٌ كَانَ الْبَبَّغَاءُ یَبِیتُ كُلَّ لَیْلَةٍ فِیهَا وَ لَهَا مَطْلَعٌ إِلَی الدَّرْبِ وَ كَانَ كُلَّ لَیْلَةٍ یَخْرُجُ الْحَارِسُ (4)

بَعْدَ نِصْفِ اللَّیْلِ فَیَصِیحُ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا غَافِلِینَ اذْكُرُوا اللَّهَ ثُمَّ یَسُبُّ عَلِیّاً وَ كَانَ الشَّاعِرُ الْبَبَّغَاءُ یَنْزَعِجُ لِصَوْتِهِ فَاتَّفَقَ فِی بَعْضِ اللَّیَالِی أَنَّ الشَّاعِرَ رَأَی فِی مَنَامِهِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ جَاءَ هُوَ وَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی ذَلِكَ الدَّرْبِ وَ وَجَدَ الْحَارِسَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام اصْفِقْهُ (5)

فَلَهُ الْیَوْمَ أَرْبَعُونَ سَنَةً یَسُبُّكَ فَضَرَبَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَیْنَ كَتِفَیْهِ فَانْتَبَهَ الشَّاعِرُ مُنْزَعِجاً مِنَ الْمَنَامِ ثُمَّ انْتَظَرَ الصَّوْتَ الَّذِی كَانَ مِنَ الْحَارِسِ كُلَّ وَقْتٍ فَلَمْ یَسْمَعْهُ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَی صِیَاحاً وَ رِجَالًا قَدْ أَقْبَلُوا إِلَی دَارِ الْحَارِثِ فَسَأَلَهُمُ الْخَبَرَ فَقَالُوا

ص: 9


1- 1. الروضة: 10. و لم نجده فی الفضائل المطبوع.
2- 2. مخطوط.
3- 3. الببغاء- بفتح الموحدتین و تشدید ثانیهما، أو تخفیفه، و بالفتح فالسكون-: أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمّد المخزومی من أهل نصیبین، كان أدیبا شاعرا لقب به لحسن فصاحته، خدم سیف الدولة ابن حمدان، توفّی سنة 398.( الكنی و الألقاب 2: 57).
4- 4. و فی( ت) الحارس فی كل المواضع.
5- 5. فی المصدر: اصفعه.

لَهُ : إِنَّ الْحَارِسَ حَصَلَ لَهُ بَیْنَ كَتِفَیْهِ ضَرْبَةٌ بِقَدْرِ الْكَفِّ وَ هِیَ تَنْشَقُّ وَ تَمْنَعُهُ الْقَرَارَ فَلَمْ یَكُنْ وَقْتَ الصَّبَاحِ إِلَّا وَ قَدْ مَاتَ وَ شَاهَدَهُ بِهَذِهِ الْحَالِ أَرْبَعُونَ نَفْساً(1)

وَ كَانَ بِبَلَدِ الْمَوْصِلِ شَخْصٌ یُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ حُمْدُونِ (2) بْنِ الْحَارِثِ الْعَدَوِیُّ- كَانَ شَدِیدَ الْعِنَادِ كَثِیرَ الْبُغْضِ لِمَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَرَادَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَوْصِلِ الْحَجَّ فَجَاءَ إِلَیْهِ یُوَدِّعُهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّی قَدْ عَزَمْتُ (3)

عَلَی الْخُرُوجِ إِلَی الْحَجِّ فَإِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ تُعَرِّفُنِی حَتَّی أَقْضِیَهَا لَكَ فَقَالَ إِنَّ لِی حَاجَةً مُهِمَّةً وَ هِیَ سَهْلَةٌ عَلَیْكَ فَقَالَ لَهُ مُرْنِی بِهَا حَتَّی أَفْعَلَهَا فَقَالَ إِذَا قَضَیْتَ الْحَجَّ وَ وَرَدْتَ الْمَدِینَةَ وَ زُرْتَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فَخَاطِبْهُ عَنِّی وَ قُلْ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْجَبَكَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- حَتَّی تَزَوَّجْتَهُ (4) بِابْنَتِكَ عِظَمُ بَطْنِهِ أَوْ دِقَّةُ سَاقِهِ أَوْ صَلَعَةُ رَأْسِهِ وَ حَلَّفَهُ وَ عَزَمَ عَلَیْهِ أَنْ یُبْلِغَهُ هَذَا الْكَلَامَ فَلَمَّا وَرَدَ الْمَدِینَةَ وَ قَضَی حَوَائِجَهُ أُنْسِیَ تِلْكَ الْوَصِیَّةَ فَرَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ أَ لَا تُبْلِغُ وَصِیَّةَ فُلَانٍ إِلَیْكَ فَانْتَبَهَ وَ مَشَی لِوَقْتِهِ إِلَی الْقَبْرِ الْمُقَدَّسِ وَ خَاطَبَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا أَمَرَهُ (5) ذَلِكَ الرَّجُلُ بِهِ ثُمَّ نَامَ فَرَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخَذَهُ وَ مَشَی هُوَ وَ إِیَّاهُ إِلَی مَنْزِلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَ فَتَحَ الْأَبْوَابَ وَ أَخَذَ مُدْیَةً(6)

فَذَبَحَهُ علیه السلام بِهَا ثُمَّ مَسَحَ الْمُدْیَةَ بِمِلْحَفَةٍ كَانَتْ عَلَیْهِ ثُمَّ أَتَی سَقْفَ بَابِ الدَّارِ(7) فَرَفَعَهُ بِیَدِهِ وَ وَضَعَ الْمُدْیَةَ تَحْتَهُ وَ خَرَجَ فَانْتَبَهَ الْحَاجُّ مُنْزَعِجاً مِنْ ذَلِكَ وَ كَتَبَ صُورَةَ الْمَنَامِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ وَ انْتَبَهَ سُلْطَانُ الْمَوْصِلِ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ وَ أَخَذَ الْجِیرَانَ وَ الْمُشْتَبِهِینَ وَ رَمَاهُمْ فِی السِّجْنِ وَ تَعَجَّبَ أَهْلُ الْمَوْصِلِ مِنْ قَتْلِهِ حَیْثُ لَا یَجِدُوا(8) نَقْباً وَ لَا تَسْلِیقاً عَلَی حَائِطٍ وَ لَا بَاباً مَفْتُوحاً وَ لَا قُفْلًا وَ بَقِیَ السُّلْطَانُ مُتَحَیِّراً فِی أَمْرِهِ مَا

ص: 10


1- 1. فی المصدر: بهذا الحال أربعون نقیبا.
2- 2. فی المصدر: حمدویه.
3- 3. فی المصدر: و یقول له: اننی قد آذنت.
4- 4. فی المصدر: زوجته.
5- 5. فی المصدر: كما أمره.
6- 6. المدیة- مثلثة المیم-: الشفرة الكبیرة.
7- 7. فی المصدر: ثم جاء إلی باب سقف الدار.
8- 8. فی المصدر: لم یجدوا.

یَدْرِی مَا یَصْنَعُ فِی قَضِیَّتِهِ فَإِنَّ وُرُودَ وَاحِدٍ مِنَ الْخَارِجِ مُتَعَذِّرٌ مَعَ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ وَ لَمْ یُسْرَقْ مِنَ الدَّارِ شَیْ ءٌ الْبَتَّةَ وَ لَمْ تَزَلِ الْجِیرَانُ وَ غَیْرُهُمْ فِی السِّجْنِ إِلَی وُرُودِ الْحَاجِ (1)

مِنْ مَكَّةَ فَلَقِیَ الْجِیرَانَ فِی السِّجْنِ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِیلَ إِنَّ فِی اللَّیْلَةِ الْفُلَانِیَّةِ وَجَدُوا فُلَاناً مَذْبُوحاً فِی دَارِهِ وَ لَمْ یُعْرَفْ قَاتِلُهُ فَفَكَّرَ(2) وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَخْرِجُوا صُورَةَ الْمَنَامِ فَإِذَا هِیَ لَیْلَةُ الْقَتْلِ ثُمَّ مَشَی هُوَ وَ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ إِلَی دَارِ الْمَقْتُولِ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْمِلْحَفَةِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِالدَّمِ فِیهَا فَوَجَدُوهَا كَمَا قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِرَفْعِ الْمُرَدَّمِ (3) فَرُفِعَ فَوَجَدَ السِّكِّینَ تَحْتَهُ فَعَرَفُوا صِدْقَ مَنَامِهِ وَ أُفْرِجَ عَنِ الْمَحْبُوسِینَ وَ رَجَعَ أَهْلُهُ إِلَی الْإِیمَانِ وَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَلْطَافِ اللَّهِ تَعَالَی فِی حَقِّ بَرِیَّتِهِ وَ كَانَ فِی الْحِلَّةِ شَخْصٌ مِنْ أَهْلِ الدِّینِ وَ الصَّلَاحِ مُلَازِمٌ لِتِلَاوَةِ الْكِتَابِ الْعَزِیزِ فَرَجَمَهُ الْجِنُّ فَكَانَ تَأْتِی الْحِجَارَةُ مِنَ الْخَزَائِنِ وَ الرَّوَازِنِ الْمَسْدُودَةِ وَ أَلَحُّوا عَلَیْهِ بِالرَّجْمِ وَ أَضْجَرُوهُ وَ شَاهَدْتُ أَنَا الْمَوْضِعَ الَّتِی (4) كَانَ یَأْتِی الرَّجْمُ مِنْهَا وَ لَمْ یُقَصِّرْ فِی طَلَبِ الْعَزَائِمِ وَ التَّعَاوِیذِ وَ وَضْعِهَا فِی مَنْزِلِهِ وَ قِرَاءَتِهَا فِیهِ وَ لَمْ یَنْقَطِعْ عَنْهُ الرَّجْمُ مُدَّةً فَخَطَرَ بِبَالِهِ أَنَّهُ دَخَلَ وَ وَقَفَ عَلَی بَابِ الْبَیْتِ الَّذِی كَانَ یَأْتِی الرَّجْمُ مِنْهُ فَخَاطَبَهُمْ وَ هُوَ لَا یَرَاهُمْ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا عَنِّی لَأَشْكُوَنَّكُمْ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَانْقَطَعَ عَنْهُ الرَّجْمُ فِی الْحَالِ وَ لَمْ یَعُدْ إِلَیْهِ.

وَ نَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِیِّ وَ كَانَ حَنْبَلِیَّ الْمَذْهَبِ فِی كِتَابِ تَذْكِرَةِ الْخَوَاصِّ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ یَحُجُّ سَنَةً وَ یَغْزُو(5) سَنَةً وَ دَاوَمَ عَلَیْهِ عَلَی ذَلِكَ خَمْسِینَ سَنَةً فَخَرَجَ فِی بَعْضِ سِنِی الْحَجِّ وَ أَخَذَ مَعَهُ خَمْسَمِائَةِ دِینَارٍ إِلَی مَوْقِفِ الْجِمَالِ بِالْكُوفَةِ لِیَشْتَرِیَ

ص: 11


1- 1. فی المصدر: الی ان ورد الحاجّ.
2- 2. فی المصدر فكبر.
3- 3. ثوب مردم- بتشدید الدال-: خلق مرقع.
4- 4. فی المصدر: المواضع التی و فی( خ) و( م): الموضع الذی.
5- 5. فی المصدر: و یعمر.

جِمَالًا لِلْحَجِّ فَرَأَی امْرَأَةً عَلَوِیَّةً عَلَی بَعْضِ الْمَزَابِلِ تَنْتِفُ رِیشَ بَطَّةٍ مَیْتَةٍ قَالَ فَتَقَدَّمْتُ إِلَیْهَا فَقُلْتُ وَ لِمَ تَفْعَلِینَ هَذَا فَقَالَتْ یَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْأَلْ عَمَّا لَا یَعْنِیكَ قَالَ فَوَقَعَ فِی خَاطِرِی مِنْ كَلَامِهَا شَیْ ءٌ فَأَلْحَحْتُ عَلَیْهَا فَقَالَتْ یَا عَبْدَ اللَّهِ قَدْ أَلْجَأْتَنِی إِلَی كَشْفِ سِرِّی إِلَیْكَ أَنَا امْرَأَةٌ عَلَوِیَّةٌ وَ لِی أَرْبَعُ بَنَاتٍ یَتَامَی مَاتَ أَبُوهُنَّ مِنْ قَرِیبٍ وَ هَذَا الْیَوْمُ الرَّابِعُ مَا أَكَلْنَا شَیْئاً وَ قَدْ حَلَّتْ لَنَا الْمَیْتَةُ فَأَخَذْتُ هَذِهِ الْبَطَّةَ أُصْلِحُهَا وَ أَحْمِلُهَا إِلَی بَنَاتِی یَأْكُلْنَهَا قَالَ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی وَیْحَكَ یَا ابْنَ الْمُبَارَكِ أَیْنَ أَنْتَ عَنْ هَذِهِ فَقُلْتُ افْتَحِی حَجْرَكِ فَفَتَحَتْ فَصَبَبْتُ الدَّنَانِیرَ فِی طَرَفِ إِزَارِهَا وَ هِیَ مُطْرِقَةٌ لَا تَلْتَفِتُ قَالَ وَ مَضَیْتُ إِلَی الْمَنْزِلِ وَ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِی شَهْوَةَ الْحَجِّ فِی ذَلِكَ الْعَامِ ثُمَّ تَجَهَّزْتُ إِلَی بِلَادِی فَأَقَمْتُ حَتَّی حَجَّ النَّاسُ وَ عَادُوا فَخَرَجْتُ أَتَلَقَّی جِیرَانِی وَ أَصْحَابِی فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ أَقُولُ لَهُ قَبِلَ اللَّهُ حَجَّكَ وَ شَكَرَ سَعْیَكَ یَقُولُ لِی وَ أَنْتَ قَبِلَ اللَّهُ حَجَّكَ وَ شَكَرَ سَعْیَكَ إِنَّا قَدِ اجْتَمَعْنَا بِكَ فِی مَكَانِ كَذَا وَ كَذَا وَ أَكْثَرَ النَّاسُ عَلَیَّ فِی الْقَوْلِ فَبِتُّ مُتَفَكِّراً فَرَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَنَامِ وَ هُوَ یَقُولُ لِی یَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَعْجَبْ فَإِنَّكَ أَغَثْتَ مَلْهُوفَةً مِنْ وُلْدِی فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَخْلُقَ عَلَی صُورَتِكَ مَلَكاً یَحُجُّ عَنْكَ كُلَّ عَامٍ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ- فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَحُجَّ وَ إِنْ شِئْتَ لَا تَحُجُّ.

وَ نَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِیِ (1) فِی كِتَابِهِ قَالَ قَرَأْتُ فِی الْمُلْتَقَطِ وَ هُوَ كِتَابٌ لِجَدِّهِ أَبِی الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِیِّ قَالَ: كَانَ بِبَلْخَ رَجُلٌ مِنَ الْعَلَوِیِّینَ نَازِلًا بِهَا وَ لَهُ زَوْجَةٌ وَ بَنَاتٌ فَتُوُفِّیَ قَالَتِ الْمَرْأَةُ فَخَرَجْتُ بِالْبَنَاتِ إِلَی سَمَرْقَنْدَ خَوْفاً مِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَ اتَّفَقَ وُصُولِی فِی شِدَّةِ الْبَرْدِ فَأَدْخَلْتُ الْبَنَاتِ مَسْجِداً فَمَضَیْتُ لِأَحْتَالَ فِی الْقُوتِ فَرَأَیْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِینَ عَلَی شَیْخٍ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقَالُوا هَذَا شَیْخُ الْبَلَدِ فَشَرَحْتُ لَهُ حَالِی فَقَالَ أَقِیمِی عِنْدِی الْبَیِّنَةَ أَنَّكِ عَلَوِیَّةٌ وَ لَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیَّ فَیَئِسْتُ مِنْهُ وَ عُدْتُ إِلَی الْمَسْجِدِ فَرَأَیْتُ فِی طَرِیقِی شَیْخاً(2) جَالِساً عَلَی دَكَّةٍ وَ حَوْلَهُ جَمَاعَةٌ فَقُلْتُ:

ص: 12


1- 1. یعنی سبط ابن الجوزی مؤلف تذكرة الخواص و من هنا یعرف أنهم قد یطلقون« ابن الجوزی» علی سبطه بتلك القرینة.
2- 2. فی المصدر: شخصا.

مَنْ هَذَا فَقَالُوا ضَامِنُ الْبَلَدِ وَ هُوَ مَجُوسِیٌّ فَقُلْتُ عَسَی أَنْ یَكُونَ عِنْدَهُ فَرَجٌ فَحَدَّثْتُهُ حَدِیثِی وَ مَا جَرَی لِی مَعَ الشَّیْخِ (1) فَصَاحَ بِخَادِمٍ لَهُ فَخَرَجَ فَقَالَ قُلْ لِسَیِّدَتِكَ تَلْبَسْ ثِیَابَهَا فَدَخَلَ فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ وَ مَعَهَا جَوَارٍ فَقَالَ لَهَا اذْهَبِی مَعَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْفُلَانِیِّ وَ احْمِلِی بَنَاتِهَا إِلَی الدَّارِ فَجَاءَتْ مَعِی وَ حَمَلَتِ الْبَنَاتِ وَ قَدْ أَفْرَدَ لَنَا دَاراً فِی دَارِهِ وَ أَدْخَلَنَا الْحَمَّامَ وَ كَسَانَا ثِیَاباً فَاخِرَةً وَ جَاءَنَا بِأَلْوَانِ الْأَطْعِمَةِ وَ بِتْنَا بِأَطْیَبِ لَیْلَةٍ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّیْلِ رَأَی شَیْخُ الْبَلَدِ الْمُسْلِمُ فِی مَنَامِهِ كَانَ الْقِیَامَةُ قَدْ قَامَتْ وَ اللِّوَاءُ عَلَی رَأْسِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِذَا قَصْرٌ مِنَ الزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا فَقِیلَ لَهُ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مُوَحِّدٍ فَتَقَدَّمَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ تُعْرِضُ (2) عَنِّی وَ أَنَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَقَالَ لَهُ أَقِمِ الْبَیِّنَةَ عِنْدِی أَنَّكَ مُسْلِمٌ فَتَحَیَّرَ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَسِیتَ مَا قُلْتَ لِلْعَلَوِیَّةِ وَ هَذَا الْقَصْرُ لِلشَّیْخِ الَّذِی هِیَ فِی دَارِهِ فَانْتَبَهَ الرَّجُلُ وَ هُوَ یَلْطِمُ وَ یَبْكِی وَ بَعَثَ غِلْمَانَهُ فِی الْبَلَدِ وَ خَرَجَ بِنَفْسِهِ یَدُورُ عَلَی الْعَلَوِیَّةِ فَأُخْبِرَ أَنَّهَا فِی دَارِ الْمَجُوسِیِّ فَجَاءَ إِلَیْهِ فَقَالَ أَیْنَ الْعَلَوِیَّةُ قَالَ عِنْدِی قَالَ أُرِیدُهَا قَالَ مَا إِلَی (3) هَذَا سَبِیلٌ قَالَ هَذِهِ أَلْفُ دِینَارٍ وَ سَلِّمْهُنَّ إِلَیَّ قَالَ لَا وَ اللَّهِ وَ لَا مِائَةَ أَلْفِ دِینَارٍ فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَیْهِ قَالَ الْمَنَامُ الَّذِی رَأَیْتَهُ أَنْتَ رَأَیْتُهُ أَنَا أَیْضاً وَ الْقَصْرُ الَّذِی رَأَیْتَهُ لِی خُلِقَ (4) وَ أَنْتَ تَدَلُّ عَلَیَّ بِإِسْلَامِكَ وَ اللَّهِ مَا نِمْتُ وَ لَا أَحَدٌ فِی دَارِی إِلَّا وَ قَدْ أَسْلَمْنَا كُلُّنَا عَلَی یَدِ الْعَلَوِیَّةِ وَ عَادَ مِنْ بَرَكَاتِهَا عَلَیْنَا وَ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لِی الْقَصْرُ لَكَ وَ لِأَهْلِكَ بِمَا فَعَلْتَ مَعَ الْعَلَوِیَّةِ وَ أَنْتُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَلَقَكُمُ اللَّهُ مُؤْمِنِینَ فِی العدم (5)

[الْقِدَمِ].

ص: 13


1- 1. فی المصدر: و ما جری معی و مع الشیخ.
2- 2. فی المصدر: لم تعرض؟.
3- 3. فی المصدر و فی غیر( ك) من النسخ: ما لی إلی هذا.
4- 4. فی المصدر: و القصر الذی رأیته انت رأیته لی خلق.
5- 5. فی المصدر: فی القدم.

وَ نَقَلَ أَیْضاً فِی كِتَابِهِ عَنْ أَبِی الدُّنْیَا: أَنَّ رَجُلًا رَأَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِهِ وَ هُوَ یَقُولُ امْضِ إِلَی فُلَانٍ الْمَجُوسِیِّ وَ قُلْ لَهُ قَدْ أُجِیبَتِ الدَّعْوَةُ فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ لِئَلَّا یَظُنَّ الْمَجُوسِیُّ أَنَّهُ یَتَعَرَّضُ لَهُ وَ كَانَ الرَّجُلُ فِی الدُّنْیَا وَاسِعَةً فَرَأَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَانِیاً وَ ثَالِثاً فَأَصْبَحَ فَأَتَی الْمَجُوسِیَّ وَ قَالَ لَهُ فِی خَلْوَةٍ مِنَ النَّاسِ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَیْكَ وَ هُوَ یَقُولُ لَكَ قَدْ أَجَبْتُ (1) الدَّعْوَةَ فَقَالَ لَهُ أَ تَعْرِفُنِی فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ إِنِّی أُنْكِرُ دِینَ الْإِسْلَامِ وَ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَنَا أَعْرِفُ هَذَا وَ هُوَ الَّذِی أَرْسَلَنِی إِلَیْكَ مَرَّةً وَ مَرَّةً وَ مَرَّةً فَقَالَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَعَا أَهْلَهُ وَ أَصْحَابَهُ وَ قَالَ لَهُمْ كُنْتُ عَلَی ضَلَالٍ وَ قَدْ رَجَعْتُ إِلَی الْحَقِّ فَأَسْلِمُوا فَمَنْ أَسْلَمَ فَمَا فِی یَدِهِ لَهُ وَ مَنْ أَبَی فَلْیَنْزِعْ عَمَّا لِی عِنْدَهُ فَأَسْلَمَ الْقَوْمُ وَ أَهْلُهُ وَ كَانَتِ ابْنَتُهُ مُزَوَّجَةً مِنِ ابْنِهِ فَفَرَّقَ بَیْنَهُمَا ثُمَّ قَالَ لِی أَ تَدْرِی مَا الدَّعْوَةُ(2) فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ وَ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهَا السَّاعَةَ فَقَالَ لَمَّا زَوَّجْتُ ابْنَتِی صَنَعْتُ طَعَاماً وَ دَعَوْتُ النَّاسَ فَأَجَابُوا وَ كَانَ إِلَی جَانِبِنَا قَوْمٌ أَشْرَافٌ فُقَرَاءُ لَا مَالَ لَهُمْ فَأَمَرْتُ غِلْمَانِی أَنْ یَبْسُطُوا لِی حَصِیراً فِی وَسَطِ الدَّارِ فَسَمِعْتُ صَبِیَّةً تَقُولُ لِأُمِّهَا یَا أُمَّاهْ قَدْ آذَانَا هَذَا الْمَجُوسِیُّ بِرَائِحَةِ طَعَامِهِ فَأَرْسَلْتُ إِلَیْهِنَّ بِطَعَامٍ كَثِیرٍ وَ كِسْوَةٍ وَ دَنَانِیرَ لِلْجَمِیعِ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی ذَلِكَ قَالَتِ الصَّبِیَّةُ لِلْبَاقِیَاتِ وَ اللَّهِ مَا نَأْكُلُ حَتَّی نَدْعُوَ لَهُ فَرَفَعْنَ أَیْدِیَهُنَّ وَ قُلْنَ حَشَرَكَ اللَّهُ مَعَ جَدِّنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّنَ بَعْضُهُنَّ فَتِلْكَ الدَّعْوَةُ الَّتِی أُجِیبَتْ.

وَ نَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِیِّ أَیْضاً فِی كِتَابِهِ عَنْ جَدِّهِ أَبِی الْفَرَجِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ الْخَضِیبِ قَالَ: كُنْتُ كَاتِباً لِلسَّیِّدَةِ أُمِّ الْمُتَوَكِّلِ- فَبَیْنَا أَنَا فِی الدِّیوَانِ إِذَا بِخَادِمٍ صَغِیرٍ قَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَ مَعَهُ كِیسٌ فِیهِ أَلْفُ دِینَارٍ فَقَالَ السَّیِّدَةُ تَقُولُ لَكَ فَرِّقْ هَذَا فِی أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ فَهُوَ مِنْ أَطْیَبِ مَالِی وَ اكْتُبْ أَسْمَاءَ الَّذِینَ تُفَرِّقُهُ فِیهِمْ حَتَّی إِذَا جَاءَنِی

ص: 14


1- 1. فی المصدر: قد اجیبت.
2- 2. أی الدعوة التی بشر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله بانها قد اجیبت.

مِنْ هَذَا الْوَجْهِ شَیْ ءٌ صَرَفْتُهُ إِلَیْهِمْ قَالَ فَمَضَیْتُ إِلَی مَنْزِلِی وَ جَمَعْتُ أَصْحَابِی وَ سَأَلْتُهُمْ عَنِ الْمُسْتَحِقِّینَ فَسَمَّوْا لِی أَشْخَاصاً فَفَرَّقْتُ فِیهِمْ ثَلَاثَمِائَةِ دِینَارٍ وَ بَقِیَ الْبَاقِی بَیْنَ یَدَیَّ إِلَی نِصْفِ اللَّیْلِ وَ إِذَا بِطَارِقٍ یَطْرُقُ الْبَابَ فَسَأَلْتُهُ مَنْ هُوَ فَقَالَ فُلَانٌ الْعَلَوِیُّ وَ كَانَ جَارِی فَأَذِنْتُ لَهُ فَدَخَلَ فَقُلْتُ لَهُ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ إِنِّی جَائِعٌ فَأَعْطَیْتُهُ مِنْ ذَلِكَ دِینَاراً فَدَخَلْتُ إِلَی زَوْجَتِی فَقَالَتْ مَا الَّذِی عَنَاكَ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ فَقُلْتُ طَرَقَنِی فِی هَذِهِ السَّاعَةِ طَارِقٌ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یَكُنْ عِنْدِی مَا أُطْعِمُهُ فَأَعْطَیْتُهُ دِینَاراً فَأَخَذَهُ وَ شَكَرَ لِی وَ انْصَرَفَ فَخَرَجَتْ زَوْجَتِی وَ هِیَ تَبْكِی وَ تَقُولُ أَ مَا تَسْتَحْیِی یَقْصِدُكَ مِثْلُ هَذَا الرَّجُلِ وَ تُعْطِیهِ دِینَاراً وَ قَدْ عَرَفْتَ اسْتِحْقَاقَهُ أَعْطِهِ الْجَمِیعَ فَوَقَعَ كَلَامُهَا فِی قَلْبِی وَ قُمْتُ خَلْفَهُ فَنَاوَلْتُهُ الْكِیسَ فَأَخَذَهُ وَ انْصَرَفَ فَلَمَّا عُدْتُ إِلَی الدَّارِ نَدِمْتُ وَ قُلْتُ السَّاعَةَ یَصِلُ الْخَبَرُ إِلَی الْمُتَوَكِّلِ وَ هُوَ یَمْقُتُ الْعَلَوِیِّینَ- فَیَقْتُلُنِی فَقَالَ لِی زَوْجَتِی لَا تَخَفْ وَ اتَّكِلْ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی جَدِّهِمْ فَبَیْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ طُرِقَ الْبَابُ وَ الْمَشَاعِلُ فِی أَیْدِی الْخَدَمِ وَ هُمْ یَقُولُونَ أَجِبِ السَّیِّدَةَ فَقُمْتُ مَرْعُوباً وَ كُلَّمَا مَشَیْتُ قَلِیلًا تَوَاتَرَتِ الرُّسُلُ فَوَقَفْتُ عَلَی سِتْرِ السَّیِّدَةِ فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ یَا أَحْمَدُ جَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً وَ جَزَی زَوْجَتَكَ كُنْتُ السَّاعَةَ نَائِمَةً فَجَاءَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ جَزَاكِ اللَّهُ خَیْراً وَ جَزَی زَوْجَةَ ابْنِ الْخَضِیبِ خَیْراً فَمَا مَعْنَی هَذَا فَحَدَّثْتُهَا الْحَدِیثَ وَ هِیَ تَبْكِی فَأَخْرَجَتْ دَنَانِیرَ وَ كِسْوَةً وَ قَالَتْ هَذَا لِلْعَلَوِیِّ وَ هَذَا لِزَوْجَتِكَ وَ هَذَا لَكَ وَ كَانَ ذَلِكَ یُسَاوِی مِائَةَ(1)

أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَخَذْتُ الْمَالَ وَ جَعَلْتُ طَرِیقِی عَلَی بَیْتِ الْعَلَوِیِّ فَطَرَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ مِنْ دَاخِلِ الْمَنْزِلِ هَاتِ مَا مَعَكَ یَا أَحْمَدُ وَ خَرَجَ وَ هُوَ یَبْكِی فَسَأَلْتُهُ عَنْ بُكَائِهِ فَقَالَ لَمَّا دَخَلْتُ مَنْزِلِی قَالَتْ لِی زَوْجَتِی مَا هَذَا الَّذِی مَعَكَ فَعَرَّفْتُهَا فَقَالَتْ لِی قُمْ بِنَا حَتَّی نُصَلِّیَ وَ نَدْعُوَ لِلسَّیِّدَةِ وَ لِأَحْمَدَ وَ زَوْجَتِهِ فَصَلَّیْنَا وَ دَعَوْنَا ثُمَّ نِمْتُ فَرَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْمَنَامِ وَ هُوَ یَقُولُ قَدْ شَكَرْتُمْ عَلَی مَا فَعَلُوا مَعَكَ فَالسَّاعَةَ یَأْتُونَكَ بِشَیْ ءٍ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ انْتَهَی مَا أَخْرَجْتُهُ مِنْ كِتَابِ كَشْفِ الْیَقِینِ (2).

ص: 15


1- 1. فی المصدر: مائتی.
2- 2. كشف الیقین فی فضائل أمیر المؤمنین: 164- 172.

«13»- كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ اللُّغَوِیُّ بِمَیَّافَارِقِینَ (1) فِی سَنَةِ تِسْعٍ وَ تِسْعِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ عَلِیٍّ السَّلْمَاسِیِّ-(2) فِی مَرْضَتِهِ الَّتِی تُوُفِّیَ فِیهَا فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ لَحِقَتْنِی غَشْیَةٌ أُغْمِیَ عَلَیَّ فِیهَا فَرَأَیْتُ مَوْلَایَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ- قَدْ أَخَذَ بِیَدِی وَ أَنْشَأَ یَقُولُ

فَإِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ فِی الْأَرْضِ غَرَّقَ جَهْلَهَا(3)***وَ سَفِینَتُهُمْ حَمَلَ الَّذِی طَلَبَ النَّجَاةَ وَ أَهْلَهَا

فَاقْبِضْ بِكَفِّكَ عُرْوَةً لَا تَخْشَ مِنْهَا فَصْلَهَا

وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّبَرِیَّ یَقُولُ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِیِّ قَالَ: رَأَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فِی الْمَنَامِ فَقَالَ لِی یَا هَنَّادُ قُلْتُ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ أَنْشِدْنِی قَوْلَ الْكُمَیْتِ:

وَ یَوْمَ الدَّوْحِ دَوْحِ غَدِیرِ خُمٍّ***أَبَانَ لَنَا الْوَلَایَةَ لَوْ أُطِیعَا

وَ لَكِنَّ الرِّجَالَ تَبَایَعُوهَا***فَلَمْ أَرَ مِثْلَهَا أَمْراً شَنِیعاً

قَالَ فَأَنْشَدْتُهُ فَقَالَ لِی خُذْ إِلَیْكَ یَا هَنَّادُ فَقُلْتُ هَاتِ یَا سَیِّدِی فَقَالَ علیه السلام

وَ لَمْ أَرَمِثْلَ ذَاكَ الْیَوْمِ یَوْماً***وَ لَمْ أَرَمِثْلَهُ حَقّاً أُضِیعَا

(4)

ص: 16


1- 1. بفتح اوله و تشدید ثانیه أشهر مدینة بدیار بكر.
2- 2. فی المصدر: علی بن السلماسی.
3- 3. فی المصدر: طوفان آل محمد. و لم نفهم المراد.
4- 4. كنز الكراجكیّ: 154. و الروایتان توجدان فی( ك) فقط.

باب 116 جوامع معجزاته صلوات اللّٰه علیه و نوادرها

«1»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ رُمَیْلَةَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام مَرَّ بِرَجُلٍ یَخْبِطُ هُوَ هُوَ فَقَالَ یَا شَابُّ لَوْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ لَكَانَ خَیْراً لَكَ فَقَالَ إِنِّی لَا أُحْسِنُهُ وَ لَوَدِدْتُ أَنْ أُحْسِنَ مِنْهُ شَیْئاً فَقَالَ ادْنُ مِنِّی فَدَنَا مِنْهُ فَتَكَلَّمَ فِی أُذُنِهِ بِشَیْ ءٍ خَفِیٍّ فَصَوَّرَ اللَّهُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِی قَلْبِهِ فَحَفِظَ كُلَّهُ (1).

«2»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُرِئَ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها إِلَی أَنْ بَلَغَ قَوْلَهُ وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها-(2)

قَالَ أَنَا الْإِنْسَانُ وَ إِیَّایَ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- وَ عَلَی الْأَعْرافِ رِجالٌ یَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِیماهُمْ (3) قَالَ نَحْنُ الْأَعْرَافُ نَعْرِفُ أَنْصَارَنَا بِسِیمَاهُمْ وَ نَحْنُ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ نُوقَفُ بَیْنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَنَا وَ عَرَفْنَاهُ وَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَنَا وَ أَنْكَرْنَاهُ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُخَاطِبُهُ بِوَیْحِكَ وَ كَانَ یَتَشَیَّعُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ النَّهْرَوَانِ قَاتَلَ عَلِیّاً علیه السلام ابْنُ الْكَوَّاءِ- وَ جَاءَهُ علیه السلام رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّی أُحِبُّكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَذَبْتَ فَقَالَ الرَّجُلُ سُبْحَانَ اللَّهِ كَأَنَّكَ تَعْلَمُ مَا فِی قَلْبِی وَ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ إِنِّی أُحِبُّكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ كَانَ فِیهِ لِینٌ فَأَثْنَی عَلَیْهِ عِنْدَهُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَذَبْتُمْ لَا

ص: 17


1- 1. لم نجد هذه الروایة و اللتین بعدها فی الخرائج المطبوع.
2- 2. سورة الزلزال: 1- 4.
3- 3. سورة الأعراف: 46.

یُحِبُّنَا مُخَنَّثٌ وَ لَا دَیُّوثٌ وَ لَا وَلَدُ زِنًا وَ لَا مَنْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ فِی حَیْضِهَا فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ قُتِلَ مَعَ مُعَاوِیَةَ.

«3»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّهُ صَعُبَ عَلَی الْمُسْلِمِینَ قَلْعَةٌ فِیهَا كُفَّارٌ وَ یَئِسُوا مِنْ فَتْحِهَا فَقَعَدَ فِی الْمَنْجَنِیقِ وَ رَمَاهُ النَّاسُ إِلَیْهَا وَ فِی یَدِهِ ذُو الْفَقَارِ فَنَزَلَ عَلَیْهِمْ وَ فَتَحَ الْقَلْعَةَ.

«4»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی الصَّادِقِ علیه السلام فَقَالَ لِی مَنْ بِالْبَابِ قُلْتُ رَجُلٌ مِنَ الصِّینِ قَالَ فَأَدْخِلْهُ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام هَلْ تَعْرِفُونَّا بِالصِّینِ قَالَ نَعَمْ یَا سَیِّدِی قَالَ وَ بِمَا ذَا تَعْرِفُونَنَا قَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ عِنْدَنَا شَجَرَةً تَحْمِلُ كُلَّ سَنَةٍ وَرْداً یَتَلَوَّنُ كُلَّ یَوْمٍ مَرَّتَیْنِ فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ النَّهَارِ نَجِدُ مَكْتُوباً عَلَیْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ إِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ فَإِنَّا نَجِدُ مَكْتُوباً عَلَیْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلِیٌّ خَلِیفَةُ رَسُولِ اللَّهِ (1).

«5»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ- وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام صَبِیّاً رَأَیْتُهُ یَكْسِرُ الْأَصْنَامَ فَخِفْتُ أَنْ یَعْلَمَ كِبَارُ قُرَیْشٍ فَقَالَتْ یَا عَجَباً أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا إِنِّی اجْتَزْتُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِی كَانَتْ أَصْنَامُهُمْ فِیهِ مَنْصُوبَةً وَ عَلِیٌّ فِی بَطْنِی فَوَضَعَ رِجْلَیْهِ فِی جَوْفِی شَدِیداً لَا یَتْرُكُنِی أَنْ أَقْرُبَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِی فِیهِ وَ إِنَّمَا كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَیْتِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ لَا لِلْأَصْنَامِ (2).

«6»- شا،(3)

[الإرشاد]: وَ مِنْ آیَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ- وَ بَیِّنَاتِهِ الَّتِی انْفَرَدَ بِهَا مِمَّنْ عَدَاهُ ظُهُورُ مَنَاقِبِهِ فِی الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ وَ تَسْخِیرُ الْجُمْهُورِ لِنَقْلِ فَضَائِلِهِ وَ مَا خَصَّهُ اللَّهُ (4) مِنْ كَرَائِمِهِ وَ تَسْلِیمُ الْعَدُوِّ مِنْ ذَلِكَ بِمَا فِیهِ الْحُجَّةُ عَلَیْهِ هَذَا مَعَ كَثْرَةِ الْمُنْحَرِفِینَ عَنْهُ وَ الْأَعْدَاءِ لَهُ وَ تَوَافُرِ أَسْبَابِ دَوَاعِیهِمْ إِلَی كِتْمَانِ فَضْلِهِ وَ جَحْدِ حَقِّهِ وَ كَوْنِ الدُّنْیَا فِی یَدِ خُصُومِهِ وَ انْحِرَافِهَا عَنْ أَوْلِیَائِهِ وَ مَا اتَّفَقَ لِأَضْدَادِهِ مِنْ

ص: 18


1- 1. الخرائج و الجرائح: 87.
2- 2. لم نجده فی الخرائج المطبوع.
3- 3. فی( ك) و( ت):« یج» لكنه سهو من النسّاخ.
4- 4. فی المصدر: و ما خصه اللّٰه به اه.

سُلْطَانِ الدُّنْیَا وَ حَمْلِ الْجُمْهُورِ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِهِ وَ دَحْضِ أَمْرِهِ فَخَرَقَ اللَّهُ الْعَادَةَ بِنَشْرِ فَضَائِلِهِ وَ ظُهُورِ مَنَاقِبِهِ وَ تَسْخِیرِ الْكُلِّ لِلِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ وَ الْإِقْرَارِ بِصِحَّتِهِ وَ انْدِحَاضِ مَا احْتَالَ بِهِ أَعْدَاؤُهُ فِی كِتْمَانِ مَنَاقِبِهِ وَ جَحْدِ حُقُوقِهِ حَتَّی تَمَّتِ الْحُجَّةُ لَهُ وَ ظَهَرَ الْبُرْهَانُ بِحَقِّهِ وَ لَمَّا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِیَةً بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِیمَنِ اتَّفَقَ لَهُ مِنْ أَسْبَابِ خُمُولِ أَمْرِهِ مَا اتَّفَقَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَانْخَرَقَتِ الْعَادَةُ فِیهِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَی بَیْنُونَتِهِ مِنَ الْكَافَّةِ بِبَاهِرِ الْآیَةِ عَلَی مَا وَصَفْنَاهُ وَ قَدْ شَاعَ الْخَبَرُ وَ اسْتَفَاضَ عَنِ الشَّعْبِیِّ أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ لَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ خُطَبَاءَ بَنِی أُمَیَّةَ یَسُبُّونَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَلَی مَنَابِرِهِمْ وَ كَأَنَّمَا یُشَالُ بِضَبْعِهِ (1)

إِلَی السَّمَاءِ وَ كُنْتُ أَسْمَعُهُمْ یَمْدَحُونَ أَسْلَافَهُمْ عَلَی مَنَابِرِهِمْ وَ كَأَنَّهُمْ یَكْشِفُونَ عَنْ جِیفَةٍ وَ قَالَ الْوَلِیدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لِبَنِیهِ یَوْماً یَا بَنِیَّ عَلَیْكُمْ بِالدِّینِ فَإِنِّی لَمْ أَرَ الدِّینَ بَنَی شَیْئاً فَهَدَمَتْهُ الدُّنْیَا وَ رَأَیْتُ الدُّنْیَا قَدْ بَنَتْ بُنْیَاناً فَهَدَمَتْهُ الدِّینُ مَا زَالَتْ (2)

أَصْحَابُنَا وَ أَهْلُنَا یَسُبُّونَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ یَدْفِنُونَ فَضَائِلَهُ وَ یَحْمِلُونَ النَّاسَ عَلَی شَنَئَانِهِ وَ لَا یَزِیدُهُ ذَلِكَ مِنَ الْقُلُوبِ إِلَّا قُرْباً وَ یَجْهَدُونَ (3)

فِی تَقْرِیبِهِمْ مِنْ نُفُوسِ الْخَلْقِ وَ لَا یَزِیدُهُمْ ذَلِكَ إِلَّا بُعْداً-(4) وَ فِیمَا انْتَهَی إِلَیْهِ الْأَمْرُ مِنْ دَفْنِ فَضَائِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- وَ الْحَیْلُولَةِ بَیْنَ الْعُلَمَاءِ وَ نَشْرِهَا مَا لَا شُبْهَةَ فِیهِ عَلَی عَاقِلٍ حَتَّی كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَرْوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رِوَایَةً لَنْ یَسْتَطِیعَ (5) أَنْ یَصِفَهَا بِذِكْرِ اسْمِهِ وَ نَسَبِهِ وَ یَدْعُوهُ الضَّرُورَةُ إِلَی أَنْ یَقُولَ حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- وَ یَقُولُ (6)

حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَقُولُ حَدَّثَنِی أَبُو زَیْنَبَ- وَ رَوَی عِكْرِمَةُ عَنْ

ص: 19


1- 1. شاله: رفعه. و الضبع- بسكون الباء-: العضد.
2- 2. فی المصدر: ما زلت اسمع أصحابنا.
3- 3. فی المصدر: و یجتهدون.
4- 4. فی المصدر: فلا یزیدهم ذلك من القلوب الا بعدا.
5- 5. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ« لم یستطع». و فی المصدر: لم یستطع أن یضیفها إلیه.
6- 6. فی المصدر: أو یقول.

عَائِشَةَ فِی حَدِیثِهَا لَهُ بِمَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَفَاتِهِ فَقَالَتْ فِی جُمْلَةِ ذَلِكَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُتَوَكِّئاً عَلَی رَجُلَیْنِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ أَحَدُهُمَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ فَلَمَّا حُكِیَ عَنْهَا ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ لَهُ أَ تَعْرِفُ الرَّجُلَ الْآخَرَ قَالَ لَا لَمْ تُسَمِّهِ لِی قَالَ ذَلِكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- وَ مَا كَانَتْ أُمُّنَا تَذْكُرُهُ بِخَیْرٍ وَ هِیَ تَسْتَطِیعُ وَ كَانَتِ الْوُلَاةُ الْجَوَرَةُ تَضْرِبُ بِالسِّیَاطِ مَنْ ذَكَرَهُ بِخَیْرٍ بَلْ تَضْرِبُ الرِّقَابَ عَلَی ذَلِكَ وَ تَعْرِضُ لِلنَّاسِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَ الْعَادَةُ جَارِیَةٌ فِیمَنِ اتَّفَقَ لَهُ ذَلِكَ أَنْ لَا یَذْكُرَ عَلَی وَجْهٍ بِخَیْرٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ یَذْكُرَ لَهُ فَضَائِلَ أَوْ یَرْوِیَ (1) لَهُ مَنَاقِبَ أَوْ یُثْبِتَ لَهُ حُجَّةً لِحَقٍّ-(2) وَ إِذَا كَانَ ظُهُورُ فَضَائِلِهِ علیه السلام وَ انْتِشَارُ مَنَاقِبِهِ عَلَی مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ شِیَاعِ ذَلِكَ فِی الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ وَ تَسْخِیرِ الْعَدُوِّ وَ الْوَلِیِّ لِنَقْلِهِ ثَبَتَ خَرْقُ الْعَادَةِ فِیهِ وَ بَانَ وَجْهُ الْبُرْهَانِ فِیهِ (3) بِالْآیَةِ الْبَاهِرَةِ عَلَی مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَ مِنْ آیَاتِ اللَّهِ تَعَالَی فِیهِ علیه السلام أَنَّهُ لَمْ یُمْنَ أَحَدٌ فِی وُلْدِهِ وَ ذُرِّیَّتِهِ بِمَا مُنِیَ علیه السلام(4) فِی ذُرِّیَّتِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ یُعْرَفْ خَوْفٌ شَمِلَ جَمَاعَةً مِنْ وُلْدِ نَبِیٍّ وَ لَا إِمَامٍ وَ لَا مَلِكِ زَمَانٍ وَ لَا بَرٍّ وَ لَا فَاجِرٍ كَالْخَوْفِ الَّذِی شَمِلَ ذُرِّیَّةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ لَا لَحِقَ أَحَداً مِنَ الْقَتْلِ وَ الطَّرْدِ عَنِ الدِّیَارِ وَ الْأَوْطَانِ وَ الْإِخَافَةِ وَ الْإِرْهَابِ مَا لَحِقَ ذُرِّیَّةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ وُلْدَهُ وَ لَمْ یَجْرِ عَلَی طَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ صُرُوفِ (5) النَّكَالِ مَا جَرَی عَلَیْهِمْ مِنْ ذَلِكَ فَقُتِلُوا بِالْفَتْكِ وَ الْغِیلَةِ وَ الِاحْتِیَالِ وَ بُنِیَ عَلَی كَثِیرٍ مِنْهُمْ وَ هُمْ أَحْیَاءٌ الْبُنْیَانُ وَ عُذِّبُوا بِالْجُوعِ وَ الْعَطَشِ حَتَّی ذَهَبَتْ أَنْفُسُهُمْ عَلَی الْهَلَاكِ وَ أَحْوَجَهُمْ ذَلِكَ إِلَی التَّمَزُّقِ فِی ذَلِكَ-(6) وَ مُفَارَقَةِ الدِّیَارِ وَ الْأَهْلِ وَ الْأَوْطَانِ وَ كِتْمَانِ نَسَبِهِمْ

ص: 20


1- 1. فی المصدر: أو تروی.
2- 2. فی المصدر: أو تثبت له حجة بحق.
3- 3. فی المصدر: فی معناه.
4- 4. فی المصدر: بمثل ما منی. یقال: منی اللّٰه الخیر لفلان: قدره له. منی لكذا: وفق له.
5- 5. فی المصدر: من ضروب.
6- 6. فی المصدر: و أحوجهم ذلك إلی التمزق فی البلاد. و التمزق: التفرق.

عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ وَ بَلَغَ بِهِمُ الْخَوْفُ إِلَی الِاسْتِخْفَاءِ عَنْ أَحِبَّائِهِمْ فَضْلًا عَنِ الْأَعْدَاءِ وَ بَلَغَ هَرَبُهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ (1) إِلَی أَقْصَی الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ وَ الْمَوَاضِعِ النَّائِیَةِ عَنِ الْعِمَارَةِ وَ زَهِدَ فِی مَعْرِفَتِهِمْ أَكْثَرُ النَّاسِ وَ رَغِبُوا عَنْ تَقْرِیبِهِمْ وَ الِاخْتِلَاطِ بِهِمْ مَخَافَةً عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ ذَرَارِیِّهِمْ مِنْ جَبَابِرَةِ الزَّمَانِ وَ هَذِهِ كُلُّهَا أَسْبَابٌ یَقْتَضِی (2) انْقِطَاعَ نِظَامِهِمْ وَ اجْتِثَاثَ أُصُولِهِمْ وَ قِلَّةَ عَدَدِهِمْ وَ هُمْ مَعَ مَا وَصَفْنَاهُ أَكْثَرُ ذُرِّیَّةِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ الْأَوْلِیَاءِ بَلْ أَكْثَرُ مِنْ ذَرَارِیِّ أَحَدٍ(3) مِنَ النَّاسِ قَدْ طَبَّقُوا [الْأَرْضَ](4) بِكَثْرَتِهِمُ الْبِلَادَ وَ غَلَبُوا فِی الْكَثْرَةِ عَلَی ذَرَارِیِّ أَكْثَرِ الْعِبَادِ هَذَا مَعَ اخْتِصَاصِ مَنَاكِحِهِمْ فِی أَنْفُسِهِمْ دُونَ الْبُعَدَاءِ وَ حَصْرِهَا فِی ذَوِی أَنْسَابِهِمْ دِنْیَةً مِنَ الْأَقْرِبَاءِ وَ فِی ذَلِكَ خَرْقُ الْعَادَةِ عَلَی مَا بَیَّنَّاهُ وَ هُوَ دَلِیلُ الْآیَةِ الْبَاهِرَةِ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَمَا وَصَفْنَاهُ وَ بَیَّنَّاهُ وَ هَذَا مَا لَا شُبْهَةَ فِیهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ (5).

«7»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا أَظْهَرَ لِلْیَهُودِ وَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِینَ الْمُعْجِزَاتِ فَقَابَلُوهَا بِالْكُفْرِ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُمْ بِأَنَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ خَتَمَ عَلَی قُلُوبِهِمْ وَ عَلَی سَمْعِهِمْ خَتْماً یَكُونُ عَلَامَةً لِمَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِینَ الْقُرَّاءِ لِمَا فِی اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ أَخْبَارِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِینَ الْمَذْكُورِینَ فِیهِ أَحْوَالُهُمْ حَتَّی إِذَا نَظَرُوا إِلَی أَحْوَالِهِمْ وَ قُلُوبِهِمْ وَ أَسْمَاعِهِمْ وَ أَبْصَارِهِمْ وَ شَاهَدُوا مَا هُنَاكَ مِنْ خَتْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْهَا ازْدَادُوا بِاللَّهِ مَعْرِفَةً وَ بِعِلْمِهِ بِمَا یَكُونُ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ یَقِیناً حَتَّی إِذَا شَاهَدُوا هَؤُلَاءِ الْمَخْتُومَ عَلَیْهِمْ وَ عَلَی جَوَارِحِهِمْ یُخْبِرُونَ عَلَی مَا قَرَءُوا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَ شَاهَدُوهُ فِی قُلُوبِهِمْ وَ أَسْمَاعِهِمْ وَ أَبْصَارِهِمْ ازْدَادُوا بِعِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْغَائِبَاتِ یَقِیناً قَالَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ فِی عِبَادِ اللَّهِ مَنْ یُشَاهِدُ هَذَا الْخَتْمَ كَمَا تُشَاهِدُهُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَ رَسُولُ

ص: 21


1- 1. فی المصدر: من أوطانهم.
2- 2. فی المصدر: تقتضی.
3- 3. فی المصدر: من ذراری كل احد.
4- 4. لیست كلمة« الأرض» فی المصدر.
5- 5. الإرشاد: 147 و 148.

اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَلَی مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ شَاهَدَهُ بِإِشْهَادِ اللَّهِ تَعَالَی لَهُ وَ یُشَاهِدُهُ مِنْ أُمَّتِهِ أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَشَدُّهُمْ جِدّاً فِی طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَفْضَلُهُمْ فِی دِینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالُوا بَیِّنْهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كُلٌّ مِنْهُمْ یَتَمَنَّی أَنْ یَكُونَ هُوَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعُوهُ یَكُنْ مِمَّنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَیْسَ الْجَلَالَةُ فِی الْمَرَاتِبِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالتَّمَنِّی وَ لَا بِالتَّظَنِّی وَ لَا بِالاقْتِرَاحِ وَ لَكِنَّهُ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مَنْ یَشَاءُ یُوَفِّقُهُ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ یُكْرِمُهُ بِهَا فَیُبَلِّغُهُ أَفْضَلَ الدَّرَجَاتِ وَ أَفْضَلَ الْمَرَاتِبِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی سَیُكْرِمُ بِذَلِكَ مَنْ یُرِیكُمُوهُ فِی غَدٍ فَجِدُّوا فِی الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِمَا یُوجِبُ عَظِیمَ كَرَامَتِهِ عَلَیْهِ فَلِلَّهِ عَلَیْهِ فِی ذَلِكَ الْفَضْلُ الْعَظِیمُ قَالَ علیه السلام فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ غَصَّ مَجْلِسُهُ بِأَهْلِهِ وَ قَدْ جَدَّ بِالْأَمْسِ كُلٌّ مِنْ خِیَارِهِمْ فِی خِیَارِ عَمَلِهِ وَ إِحْسَانِهِ إِلَی رَبِّهِ قَدَّمَهُ یَرْجُو أَنْ یَكُونَ هُوَ ذَلِكَ الْخَیْرَ الْأَفْضَلَ فَقَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هَذَا عَرِّفْنَاهُ بِصِفَتِهِ إِنْ لَمْ تَنُصَّ لَنَا عَلَی اسْمِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا الْجَامِعُ لِلْمَكَارِمِ الْحَاوِی لِلْفَضَائِلِ الْمُشْتَمِلُ عَلَی الْجَمِیلِ قَاضٍ عَنْ أَخِیهِ دَیْناً مُجْحِفاً إِلَی غَرِیمٍ سَغِبٍ (1)

غَاضِبٌ لِلَّهِ تَعَالَی قَاتِلٌ لِغَضَبِهِ ذَاكَ عَدُوَّ اللَّهِ مُسْتَحْیٍ مِنْ مُؤْمِنٍ مُعْرِضاً عَنْهُ بِخَجْلَةٍ مُكَایِداً(2)

فِی ذَلِكَ الشَّیْطَانَ الرَّجِیمَ حَتَّی أَخْزَاهُ اللَّهُ عَنْهُ وَ وَقَی بِنَفْسِهِ نَفْسَ عَبْدٍ اللّٰه [لِلَّهِ] مُؤْمِنٍ حَتَّی أَنْقَذَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّكُمْ قَضَی الْبَارِحَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ فَحَدِّثْ إِخْوَانَكَ الْمُؤْمِنِینَ كَیْفَ كَانَتْ قِصَّتُهُ أُصَدِّقْكَ لِتَصْدِیقِ اللَّهِ إِیَّاكَ فَهَذَا الرُّوحُ الْأَمِینُ أَخْبَرَنِی عَنِ اللَّهِ تَعَالَی أَنَّهُ قَدْ هَذَّبَكَ عَنِ الْقَبِیحِ كُلِّهِ وَ نَزَّهَكَ عَنِ الْمَسَاوِی بِأَجْمَعِهَا وَ خَصَّكَ بِالْفَضَائِلِ مِنْ أَشْرَفِهَا(3) وَ أَفْضَلِهَا لَا یَتَّهِمُكَ إِلَّا مَنْ كَفَرَ بِهِ وَ أَخْطَأَ حَظَّ نَفْسِهِ

ص: 22


1- 1. أجحف به: استأصله. و سغب سغبا: جاع. و فی المصدر و هامش( خ): متعنت خ ل.
2- 2. فی( خ): مكابدا. و كابده أی قاساه و تحمل المشاق فی فعله.
3- 3. فی المصدر: من الفضائل بأشرفها.

فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَرَرْتُ الْبَارِحَةَ بِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُؤْمِنِ فَوَجَدْتُ فُلَاناً وَ أَنَا أَتَّهِمُهُ بِالنِّفَاقِ وَ قَدْ لَازَمَهُ وَ ضَیَّقَ عَلَیْهِ فَنَادَانِیَ الْمُؤْمِنُ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ وَ كَشَّافَ الْكُرَبِ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَامِعَ أَعْدَائِهِ عَنْ حَبِیبِهِ أَغِثْنِی وَ اكْشِفْ كُرْبَتِی وَ نَجِّنِی مِنْ غَمِّی سَلْ غَرِیمِی هَذَا لَعَلَّهُ یُجِیبُكَ وَ یُؤَجِّلُنِی فَإِنِّی مُعْسِرٌ فَقُلْتُ لَهُ اللَّهَ إِنَّكَ لَمُعْسِرٌ فَقَالَ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَئِنْ كُنْتُ أَسْتَحِلُّ الْكَذِبَ فَلَا تَأْمَنَنِّی عَلَی یَمِینِی أَیْضاً فَإِنِّی مُعْسِرٌ وَ فِی قَوْلِی هَذَا صَادِقٌ وَ أُوَقِّرُ اللَّهَ وَ أُجِلُّهُ أَنْ أَحْلِفَ بِهِ صَادِقاً أَوْ كَاذِباً فَأَقْبَلْتُ عَلَی الرَّجُلِ فَقُلْتُ إِنِّی لَأُجِلُّ نَفْسِی عَنْ أَنْ یَكُونَ لِهَذَا عَلَیَّ یَدٌ وَ أُجِلُّكَ أَیْضاً عَنْ أَنْ یَكُونَ لَهُ عَلَیْكَ یَدٌ أَوْ مِنَّةٌ وَ أَسْأَلُ مَالِكَ الْمُلْكِ (1) الَّذِی لَا یَأْنَفُ مِنْ سُؤَالِهِ وَ لَا یَسْتَحْیِی مِنَ التَّعَرُّضِ لِثَوَابِهِ ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ لَمَّا قَضَیْتَ عَنْ عَبْدِكَ هَذَا هَذَا الدَّیْنَ فَرَأَیْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُنَادِی أَمْلَاكُهَا یَا أَبَا الْحَسَنِ مُرْ هَذَا الْعَبْدَ یَضْرِبُ بِیَدِهِ إِلَی مَا شَاءَ مِمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنْ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ حَصَاةٍ وَ تُرَابٍ یَسْتَحِیلُ فِی یَدِهِ ذَهَباً ثُمَّ یَقْضِی مِنْهُ دَیْنَهُ وَ یَجْعَلُ مَا یَبْقَی نَفَقَتَهُ وَ بِضَاعَتَهُ الَّتِی یَسُدُّ بِهَا فَاقَتَهُ وَ یَمُونُ (2) بِهَا عِیَالَهُ فَقُلْتُ یَا عَبْدَ اللَّهِ قَدْ أَذِنَ اللَّهُ بِقَضَاءِ دَیْنِكَ وَ إِیْسَارِكَ بَعْدَ فَقْرِكَ اضْرِبْ بِیَدِكَ إِلَی مَا تَشَاءُ مِمَّا أَمَامَكَ فَتَنَاوَلْهُ فَإِنَّ اللَّهَ یُحَوِّلُهُ فِی یَدِكَ ذَهَباً إِبْرِیزاً فَتَنَاوَلَ أَحْجَاراً ثُمَّ مَدَراً فَانْقَلَبَتْ لَهُ ذَهَباً أَحْمَرَ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ افْصِلْ لَهُ مِنْهَا قَدْرَ دَیْنِهِ فَأَعْطِهِ فَفَعَلَ قُلْتُ فَالْبَاقِی لَكَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ تَعَالَی إِلَیْكَ فَكَانَ الَّذِی قَضَاهُ مِنْ دَیْنِهِ أَلْفاً وَ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ كَانَ الَّذِی بَقِیَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ مِنْ أَیْسَرِ أَهْلِ الْمَدِینَةِ.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ مِنَ الْحِسَابِ مَا لَا یَبْلُغُهُ عُقُولُ الْخَلْقِ إِنَّهُ یَضْرِبُ أَلْفاً وَ سَبْعَمِائَةٍ فِی أَلْفٍ وَ سَبْعِمِائَةٍ ثُمَّ مَا ارْتَفَعَ مِنْ ذَلِكَ فِی مِثْلِهِ إِلَی أَنْ یَفْعَلَ ذَلِكَ أَلْفَ مَرَّةٍ ثُمَّ آخِرُ مَا یَرْتَفِعُ مِنْ ذَلِكَ عَدَدُ مَا یَهَبُهُ اللَّهُ لَكَ فِی الْجَنَّةِ مِنَ الْقُصُورِ قَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ قَصْرٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَ قَصْرٍ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَ قَصْرٍ مِنْ

ص: 23


1- 1. ملك الملوك خ ل.
2- 2. مانه: احتمل مئونته و قام بكفایته.

جَوْهَرٍ وَ قَصْرٍ مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ وَ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنَ الْعَبِیدِ وَ الْخَدَمِ وَ الْخَیْلِ وَ النُّجُبِ تَطِیرُ بَیْنَ سَمَاءِ الْجَنَّةِ وَ أَرْضِهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام حَمْداً لِرَبِّی وَ شُكْراً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَذَا الْعَدَدُ فَهُوَ عَدَدُ مَنْ یُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ وَ یَرْضَی عَنْهُمْ لِمَحَبَّتِهِمْ لَكَ وَ أَضْعَافُ هَذَا الْعَدَدِ مَنْ یُدْخِلُهُمُ النَّارَ مِنَ الشَّیَاطِینِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ بِبُغْضِهِمْ لَكَ وَ وَقِیعَتِهِمْ فِیكَ وَ تَنْقِیصِهِمْ إِیَّاكَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّكُمْ قَتَلَ الْبَارِحَةَ رَجُلًا غَضَباً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَا وَ سَیَأْتِیكُمُ الْخُصُومُ الْآنَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَدِّثْ إِخْوَانَكَ الْمُؤْمِنِینَ الْقِصَّةَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كُنْتُ فِی مَنْزِلِی إِذْ سَمِعْتُ رَجُلَیْنِ خَارِجَ دَارِی یَتَدَارَءَانِ-(1) فَدَخَلَا إِلَیَّ فَإِذَا فُلَانٌ الْیَهُودِیُّ وَ فُلَانٌ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ فِی الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْیَهُودِیُّ یَا أَبَا الْحَسَنِ- اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ بَدَتْ لِی مَعَ هَذَا حُكُومَةٌ فَاحْتَكَمْنَا إِلَی مُحَمَّدٍ صَاحِبِكُمْ فَقَضَی لِی عَلَیْهِ فَهُوَ یَقُولُ لَسْتُ أَرْضَی بِقَضَائِهِ فَقَدْ حَافَ (2) وَ مَالَ وَ لِیَكُنْ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ فَأَبَیْتُ عَلَیْهِ فَقَالَ أَ فَتَرْضَی بِعَلِیٍّ فَقُلْتُ نَعَمْ فَهَا هُوَ قَدْ جَاءَ بِی إِلَیْكَ فَقُلْتُ لِصَاحِبِهِ أَ كَمَا یَقُولُ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قُلْتُ أَعِدْ عَلَیَّ الْحَدِیثَ فَأَعَادَ كَمَا قَالَ الْیَهُودِیُّ ثُمَّ قَالَ لِی یَا عَلِیُّ فَاقْضِ بَیْنَنَا بِالْحَقِّ فَقُمْتُ أَدْخُلُ مَنْزِلِی فَقَالَ الرَّجُلُ إِلَی أَیْنَ قُلْتُ أَدْخُلُ آتِیَكَ بِمَا بِهِ أَحْكُمُ بِالْحُكْمِ الْعَدْلِ فَدَخَلْتُ وَ اشْتَمَلْتُ عَلَی سَیْفِی وَ ضَرَبْتُهُ عَلَی حَبْلِ عَاتِقِهِ فَلَوْ كَانَ جَبَلَا لَقَدَدْتُهُ فَوَقَعَ رَأْسُهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَلَمَّا فَرَغَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ حَدِیثِهِ جَاءَ أَهْلُ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالرَّجُلِ الْمَقْتُولِ وَ قَالُوا هَذَا ابْنُ عَمِّكَ قَتَلَ صَاحِبَنَا فَاقْتَصَّ مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا قِصَاصَ فَقَالُوا أَوْ دِیَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَا دِیَةَ لَكُمْ هَذَا وَ اللَّهِ قَتِیلُ اللَّهِ لَا یُؤدَی إِنَّ عَلِیّاً قَدْ شَهِدَ عَلَی صَاحِبِكُمْ بِشَهَادَةٍ وَ اللَّهُ یَلْعَنُهُ بِشَهَادَةِ عَلِیٍّ وَ لَوْ شَهِدَ عَلِیٌّ عَلَی الثَّقَلَیْنِ لَقَبِلَ اللَّهُ شَهَادَتَهُ عَلَیْهِمْ إِنَّهُ الصَّادِقُ الْأَمِینُ ارْفَعُوا صَاحِبَكُمْ هَذَا وَ ادْفِنُوهُ مَعَ الْیَهُودِ

ص: 24


1- 1. تداره القوم: تدافعوا فی الخصومة.
2- 2. حاف علیه: جار علیه و ظلمه و فی المصدر: خاف.

فَقَدْ كَانَ مِنْهُمْ فَرُفِعَ وَ إِذَا أَوْدَاجُهُ تَشْخُبُ دَماً وَ بَدَنُهُ قَدْ كُسِیَ شَعْراً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أُشْبِهُهُ إِلَّا بِالْخِنْزِیرِ فِی شَعْرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَ وَ لَیْسَ لَوْ جِئْتَ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْهُ عَدَدَ رِمَالِ الدُّنْیَا حَسَنَاتٍ لَكَانَ كَثِیراً قَالَ بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ هَذَا الْقَتْلَ الَّذِی قَتَلْتَ بِهِ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَكَ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ كَأَنَّمَا أَعْتَقْتَ رِقَاباً بِعَدَدِ رَمْلِ عَالِجِ الدُّنْیَا وَ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ عَلَی هَذَا الْمُنَافِقِ وَ إِنَّ أَقَلَّ مَا یُعْطِی اللَّهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ لِمَنْ یَهَبُ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ تِلْكَ الرَّقَبَةِ أَلْفُ حَسَنَةٍ وَ یَمْحُو عَنْهُ أَلْفَ سَیِّئَةٍ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ فَلِأَبِیهِ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ لِأَبِیهِ فَلِأُمِّهِ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ لَهَا فَلِأَخِیهِ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ لَهُ فَلِذَوَیْهِ وَ جِیرَانِهِ وَ قَرَابَاتِهِ.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیُّكُمُ اسْتَحْیَا الْبَارِحَةَ مِنْ أَخٍ لَهُ فِی اللَّهِ لَمَّا رَأَی بِهِ خَلَّةً ثُمَّ كَایَدَ(1) الشَّیْطَانَ فِی ذَلِكَ الْأَخِ وَ لَمْ یَزَلْ بِهِ حَتَّی غَلَبَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَدِّثْ بِهِ یَا عَلِیُّ إِخْوَانَكَ الْمُؤْمِنِینَ لِیَتَأَسَّوْا بِحُسْنِ صَنِیعِكَ فِیمَا یُمْكِنُهُمْ وَ إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ یَلْحَقْ شَأْنَكَ وَ لَمْ یَسْبِقْ عِبَادَتَكَ وَ لَا یَرْمُقُكَ فِی سَابِقَةٍ لَكَ إِلَی الْفَضَائِلِ إِلَّا كَمَا یَرْمُقُ الشَّمْسُ إِلَی الْأَرْضِ وَ أَقْصَی الْمَشْرِقِ مِنْ أَقْصَی الْمَغْرِبِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَرَرْتُ بِمَزْبَلَةِ بَنِی فُلَانٍ فَرَأَیْتُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مُؤْمِناً قَدْ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْمَزْبَلَةِ قُشُورَ الْبِطِّیخِ وَ الْقِثَّاءِ وَ التِّینِ فَهُوَ یَأْكُلُهَا مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ فَلَمَّا رَأَیْتُهُ اسْتَحْیَیْتُ مِنْ أَنْ یَرَانِیَ فَیَخْجَلَ وَ أَعْرَضْتُ عَنْهُ وَ مَرَرْتُ إِلَی مَنْزِلِی وَ كُنْتُ أَعْدَدْتُ لِفُطُورِی وَ سُحُورِی قُرْصَیْنِ مِنْ شَعِیرٍ فَجِئْتُ بِهِمَا إِلَی الرَّجُلِ فَنَاوَلْتُهُ إِیَّاهُمَا وَ قُلْتُ أَصِبْ مِنْ هَذَا كُلَّمَا جُعْتَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَجْعَلُ الْبَرَكَةَ فِیهِمَا فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أَمْتَحِنَ هَذِهِ الْبَرَكَةَ لِعِلْمِی بِصِدْقِكَ فِی قِیلِكَ إِنِّی أَشْتَهِی لَحْمَ فِرَاخٍ وَ اشْتَهَاهُ عَلَیَّ أَهْلُ مَنْزِلِی فَقُلْتُ اكْسِرْ مِنْهُ لُقَماً بِعَدَدِ مَا تُرِیدُهُ مِنْ فِرَاخٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقْلِبُهَا فِرَاخاً بِمَسْأَلَتِی إِیَّاهُ بِجَاهِ

ص: 25


1- 1. فی( خ): كابد.

مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ فَأَخْطَرَ الشَّیْطَانُ بِبَالِی فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ تَفْعَلُ هَذَا بِهِ وَ لَعَلَّهُ مُنَافِقٌ فَرَدَدْتُ عَلَیْهِ وَ قُلْتُ إِنْ یَكُنْ مُؤْمِناً فَهُوَ أَهْلٌ لِمَا أَفْعَلُ مَعَهُ وَ إِنْ یَكُنْ مُنَافِقاً فَأَنَا لِلْإِحْسَانِ أَهْلٌ فَلَیْسَ كُلُّ مَعْرُوفٍ یَلْحَقُ مُسْتَحِقَّهُ وَ قُلْتُ أَنَا أَدْعُو اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ لِیُوَفِّقَهُ لِلْإِخْلَاصِ وَ النُّزُوعِ عَنِ الْكُفْرِ إِنْ كَانَ مُنَافِقاً فَإِنَّ تَصَدُّقِی عَلَیْهِ بِهَذَا أَفْضَلُ مِنْ تَصَدَّقِی عَلَیْهِ بِالطَّعَامِ الشَّرِیفِ الْمُوجِبِ لِلثَّرْوَةِ وَ الْغَنَاءِ وَ كَابَدْتُ الشَّیْطَانَ وَ دَعَوْتُ اللَّهَ سِرّاً مِنَ الرَّجُلِ بِالْإِخْلَاصِ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّیِّبِینَ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ الرَّجُلِ وَ سَقَطَ لِوَجْهِهِ فَأَقَمْتُهُ وَ قُلْتُ مَا ذَا شَأْنُكَ قَالَ كُنْتُ مُنَافِقاً شَاكّاً فِیمَا یَقُولُهُ مُحَمَّدٌ وَ فِیمَا تَقُولُهُ أَنْتَ فَكَشَفَ لِیَ اللَّهُ عَنِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ-(1) فَأَبْصَرْتُ كُلَّ مَا تُوَاعِدَانِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فَذَلِكَ حِینَ وَقَرَ الْإِیمَانُ فِی قَلْبِی وَ أَخْلَصَ بِهِ جَنَانِی وَ زَالَ عَنِّی الشَّكُّ الَّذِی كَانَ یَعْتَوِرُنِی فَأَخَذَ الرَّجُلُ الْقُرْصَیْنِ وَ قُلْتُ لَهُ كُلَّ شَیْ ءٍ تَشْتَهِیهِ فَاكْسِرْ مِنَ الْقُرْصِ قَلِیلًا فَإِنَّ اللَّهَ یُحَوِّلُهُ مَا تَشْتَهِیهِ وَ تَتَمَنَّاهُ وَ تُرِیدُهُ فَمَا زَالَ ذَلِكَ یَتَقَلَّبُ شَحْماً وَ لَحْماً وَ حُلْواً وَ رَطْباً وَ بِطِّیخاً وَ فَوَاكِهَ الشِّتَاءِ وَ فَوَاكِهَ الصَّیْفِ حَتَّی أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی مِنَ الرَّغِیفَیْنِ عَجَباً وَ صَارَ الرَّجُلُ مِنْ عُتَقَاءِ اللَّهِ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ عَبِیدِهِ الْمُصْطَفَیْنَ الْأَخْیَارِ فَذَلِكَ حِینَ رَأَیْتُ جَبْرَئِیلَ وَ مِیكَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ وَ مَلَكَ الْمَوْتِ قَدْ قَصَدَ الشَّیْطَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِثْلِ جَبَلِ أَبِی قُبَیْسٍ فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ عَلَیْهِ یَبْنِیهَا(2) بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ فَیَهْشِمُ وَ جَعَلَ إِبْلِیسُ یَقُولُ یَا رَبِّ وَعْدَكَ وَعْدَكَ أَ لَمْ تُنْظِرْنِی إِلَی یَوْمِ یُبْعَثُونَ فَإِذَا نِدَاءُ بَعْضِ الْمَلَائِكَةِ أَنْظَرْتُكَ لِئَلَّا تَمُوتَ مَا أَنْظَرْتُكَ لِئَلَّا تُهْشَمَ وَ تُرَضَّضَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا الْحَسَنِ كَمَا عَانَدْتَ (3) الشَّیْطَانَ فَأَعْطَیْتَ فِی اللَّهِ حِینَ نَهَاكَ عَنْهُ وَ غَلَبْتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ یُخْزِی عَنْكَ الشَّیْطَانَ وَ عَنْ مُحِبِّیكَ وَ یُعْطِیكَ فِی الْآخِرَةِ بِعَدَدِ كُلِّ حَبَّةٍ مِمَّا أَعْطَیْتَ صَاحِبَكَ وَ فِیمَا تَتَمَنَّاهُ اللَّهُ مِنْهُ دَرَجَةً فِی الْجَنَّةِ أَكْبَرَ مِنَ الدُّنْیَا مِنَ الْأَرْضِ إِلَی السَّمَاءِ وَ بِعَدَدِ كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا جَبَلًا مِنْ فِضَّةٍ كَذَلِكَ وَ

ص: 26


1- 1. و الحجب خ ل.
2- 2. و یثنیها خ ل. و لم نفهم المراد.
3- 3. فی المصدر: كما كایدت.

جَبَلًا مِنْ لُؤْلُؤٍ وَ جَبَلًا مِنْ یَاقُوتٍ وَ جَبَلًا مِنْ جَوْهَرٍ وَ جَبَلًا مِنْ نُورِ رَبِّ الْعِزَّةِ(1) كَذَلِكَ وَ جَبَلًا مِنْ زُمُرُّدٍ وَ جَبَلًا مِنْ زَبَرْجَدٍ كَذَلِكَ وَ جَبَلًا مِنْ مِسْكٍ وَ جَبَلًا مِنْ عَنْبَرٍ كَذَلِكَ وَ إِنَّ عَدَدَ خَدَمِكَ فِی الْجَنَّةِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ قَطْرِ الْمَطَرِ وَ النَّبَاتِ وَ شُعُورِ الْحَیَوَانَاتِ بِكَ یُتِمُّ اللَّهُ الْخَیْرَاتِ وَ یَمْحُو عَنْ مُحِبِّیكَ السَّیِّئَاتِ وَ بِكَ یُمَیِّزُ اللَّهُ الْمُؤْمِنِینَ مِنَ الْكَافِرِینَ وَ الْمُخْلَصِینَ مِنَ الْمُنَافِقِینَ وَ أَوْلَادَ الرُّشْدِ مِنْ أَوْلَادِ الْغَیِّ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَیُّكُمْ وَقَی بِنَفْسِهِ نَفْسَ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ الْبَارِحَةَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَیْتُ بِنَفْسِی نَفْسَ ثَابِتِ بْنِ قَیْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِیِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَدِّثْ بِالْقِصَّةِ إِخْوَانَكَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا تَكْشِفْ عَنِ اسْمِ الْمُنَافِقِینَ الْمُكَایِدِینَ لَنَا فَقَدْ كَفَاكُمَا اللَّهُ شَرَّهُمْ وَ أَخَّرَهُمْ لِلتَّوْبَةِ لَعَلَّهُمْ یَتَذَكَّرُونَ أَوْ یَخْشَوْنَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنِّی بَیْنَا أَسِیرُ فِی بَنِی فُلَانٍ بِظَاهِرِ الْمَدِینَةِ وَ بَیْنَ یَدَیَّ بَعِیداً مِنِّی ثَابِتُ بْنُ قَیْسٍ إِذْ بَلَغَ بِئْراً عَادِیَةً عَمِیقَةً بَعِیدَةَ الْقَعْرِ وَ هُنَاكَ رِجَالٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ فَدَفَعُوهُ لِیَرْمُوهُ فِی الْبِئْرِ فَتَمَاسَكَ ثَابِتٌ ثُمَّ عَادَ فَدَفَعَهُ وَ الرَّجُلُ لَا یَشْعُرُ بِی حَتَّی وَصَلْتُ إِلَیْهِ وَ قَدِ انْدَفَعَ ثَابِتٌ فِی الْبِئْرِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَشْغَلَ بِطَلَبِ الْمُنَافِقِینَ خَوْفاً عَلَی ثَابِتٍ فَوَقَعْتُ فِی الْبِئْرِ لَعَلِّی آخُذُهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا سَبَقْتُهُ إِلَی قَعْرِ الْبِئْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَیْفَ لَا تَسْبِقُهُ وَ أَنْتَ أَرْزَنُ مِنْهُ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ مِنْ رَزَانَتِكَ إِلَّا مَا فِی جَوْفِكَ مِنْ عِلْمِ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ الَّذِی أَوْدَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ وَ أَوْدَعَكَ رَسُولُهُ لَكَانَ مِنْ حَقِّكَ أَنْ تَكُونَ أَرْزَنَ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ فَكَیْفَ كَانَ حَالُكَ وَ حَالُ ثَابِتٍ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صِرْتُ إِلَی قَرَارِ الْبِئْرِ وَ اسْتَقْرَرْتُ قَائِماً وَ كَانَ ذَلِكَ أَسْهَلَ عَلَیَّ وَ أَخَفَّ عَلَی رِجْلَیَّ مِنْ خُطَایَ الَّتِی كُنْتُ أَخْطُوهَا رُوَیْداً رُوَیْداً ثُمَّ جَاءَ ثَابِتٌ فَانْحَدَرَ فَوَقَعَ عَلَی

یَدِی وَ قَدْ بَسَطْتُهَا لَهُ فَخَشِیتُ أَنْ یَضُرَّنِی سُقُوطُهُ عَلَیَّ أَوْ یَضُرَّهُ فَمَا كَانَ إِلَّا كَبَاقَةِ رَیْحَانٍ تَنَاوَلْتُهَا بِیَدِی ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا ذَاكَ الْمُنَافِقُ وَ مَعَهُ آخَرَانِ عَلَی شَفِیرِ الْبِئْرِ وَ هُوَ یَقُولُ أَرَدْنَا وَاحِداً فَصَارَ اثْنَیْنِ فَجَاءُوا بِصَخْرَةٍ فِیهَا مِائَتَا مَنٍ (2) فَأَرْسَلُوهَا عَلَیْنَا

ص: 27


1- 1. العالمین خ ل.
2- 2. فی المصدر و( خ): فیها مقدار مائتی من.

فَخَشِیتُ أَنْ تُصِیبَ ثَابِتاً فَاحْتَضَنْتُهُ وَ جَعَلْتُ رَأْسَهُ إِلَی صَدْرِی وَ انْحَنَیْتُ عَلَیْهِ فَوَقَعَتِ الصَّخْرَةُ عَلَی مُؤَخَّرِ رَأْسِی فَمَا كَانَتْ إِلَّا كَتَرْوِیحَةٍ بِمِرْوَحَةٍ(1) رُوِّحْتُ بِهَا فِی حَمَارَّةِ الْقَیْظِ ثُمَّ جَاءُوا بِصَخْرَةٍ أُخْرَی فِیهَا قَدْرُ ثَلَاثِمِائَةِ مَنٍّ فَأَرْسَلُوهَا عَلَیْنَا فَانْحَنَیْتُ عَلَی ثَابِتٍ فَأَصَابَتْ مُؤَخَّرَ رَأْسِی فَكَانَتْ كَمَاءٍ صَبَبْتُ عَلَی رَأْسِی وَ بَدَنِی فِی یَوْمٍ شَدِیدِ الْحَرِّ ثُمَّ جَاءُوا بِصَخْرَةٍ ثَالِثَةٍ فِیهَا قَدْرُ خَمْسِمِائَةِ مَنٍّ یُدِیرُونَهَا عَلَی الْأَرْضِ لَا یُمْكِنُهُمْ أَنْ یَقْلِبُوهَا فَأَرْسَلُوهَا عَلَیْنَا فَانْحَنَیْتُ عَلَی ثَابِتٍ فَأَصَابَتْ مُؤَخَّرَ رَأْسِی وَ ظَهْرِی فَكَانَتْ كَثَوْبٍ نَاعِمٍ صَبَبْتُهُ (2) عَلَی بَدَنِی وَ لَبِسْتُهُ وَ تَنَعَّمْتُ بِهِ ثُمَّ سَمِعْتُهُمْ یَقُولُونَ لَوْ أَنَّ لِابْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ ابْنِ قَیْسٍ مِائَةَ أَلْفِ رُوحٍ مَا نَجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا مِنْ بَلَاءِ هَذِهِ الصُّخُورِ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ قَدْ دَفَعَ اللَّهُ عَنَّا شَرَّهُمْ فَأَذِنَ اللَّهُ لِشَفِیرِ الْبِئْرِ فَانْحَطَّ وَ لِقَرَارِ الْبِئْرِ فَارْتَفَعَ فَاسْتَوَی الْقَرَارُ وَ الشَّفِیرُ بَعْدُ بِالْأَرْضِ فَخَطَوْنَا وَ خَرَجْنَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا الْحَسَنِ- إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَوْجَبَ لَكَ بِذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ وَ الثَّوَابِ مَا لَا یَعْرِفُهُ غَیْرُهُ یُنَادِی مُنَادٍ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَیْنَ مُحِبُّو عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- فَیَقُومُ قَوْمٌ مِنَ الصَّالِحِینَ فَیُقَالُ لَهُمْ خُذُوا بِأَیْدِی مَنْ شِئْتُمْ مِنْ عَرَصَاتِ الْقِیَامَةِ فَأَدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ فَأَقَلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ یَنْجُو بِشَفَاعَتِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْعَرَصَاتِ أَلْفُ أَلْفِ رَجُلٍ ثُمَّ یُنَادِی مُنَادٍ أَیْنَ الْبَقِیَّةُ مِنْ مُحِبِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- فَیَقُومُونَ مُقْتَصِدُونَ فَیُقَالُ لَهُمْ تَمَنَّوْا عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا شِئْتُمْ فَیَتَمَنَّوْنَ فَیُفْعَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا تَمَنَّی ثُمَّ یَضْعُفُ لَهُ مِائَةُ أَلْفِ ضِعْفٍ ثُمَّ یُنَادِی مُنَادٍ أَیْنَ الْبَقِیَّةُ مِنْ مُحِبِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- فَیَقُومُ قَوْمٌ ظَالِمُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مُعْتَدُونَ عَلَیْهَا فَیُقَالُ أَیْنَ الْمُبْغِضُونَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- فَیُؤْتَی بِهِمْ جَمٌّ غَفِیرٌ وَ عَدَدٌ عَظِیمٌ كَثِیرٌ فَیُقَالُ أَلَا نَجْعَلُ كُلَّ أَلْفٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِدَاءً لِوَاحِدٍ مِنْ مُحِبِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لِیَدْخُلُوا

ص: 28


1- 1. روح علیه بالمروحة: حرك یده بها یستجلب له الریح. و المروحة آلة تحرك بها الریح عند اشتداد الحر.
2- 2. أی لبسته.

الْجَنَّةَ فَیُنَجِّی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحِبِّیكَ وَ یَجْعَلُ أَعْدَاءَهُمْ فِدَاءَهُمْ.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا الْأَفْضَلُ الْأَكْرَمُ مُحِبُّهُ مُحِبُّ اللَّهِ وَ مُحِبُّ رَسُولِهِ وَ مُبْغِضُهُ مُبْغِضُ اللَّهِ وَ مُبْغِضُ رَسُولِهِ هُمْ خِیَارُ خَلْقِ اللَّهِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام انْظُرْ فَنَظَرَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ وَ إِلَی سَبْعَةِ نَفَرٍ مِنَ الْیَهُودِ فَقَالَ قَدْ شَاهَدْتُ خَتْمَ اللَّهِ عَلَی قُلُوبِهِمْ وَ عَلَی سَمْعِهِمْ وَ عَلَی أَبْصَارِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ یَا عَلِیُّ أَفْضَلُ شُهَدَاءِ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ خَتَمَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَ عَلی سَمْعِهِمْ وَ عَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ(1) تُبْصِرُهَا الْمَلَائِكَةُ فَیَعْرِفُونَهُمْ بِهَا وَ یُبْصِرُهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُبْصِرُهَا خَیْرُ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ (2) فِی الْآخِرَةِ بِمَا كَانَ مِنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَ كُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(3).

بیان: قد مضی تمام الخبر فی باب هدایة اللّٰه و إضلاله و باب نوادر معجزات الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و الذهب الإبریز بالكسر الخالص و الباقة الحزمة(4) من بقل و الحمارة بتخفیف و تشدید الراء شدة الحر.

«8»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام: لَمَّا رَجَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ صِفِّینَ وَ سُقِیَ الْقَوْمُ مِنَ الْمَاءِ الَّتِی تَحْتَ الصَّخْرَةِ الَّتِی قَلَبَهَا لِیَقْعُدَ(5) لِحَاجَتِهِ فَقَالَ بَعْضُ مُنَافِقِی عَسْكَرِهِ سَوْفَ أَنْظُرُ إِلَی سَوْأَتِهِ وَ إِلَی مَا یَخْرُجُ مِنْهُ فَإِنَّهُ یَدَّعِی مَرْتَبَةَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُخْبِرَ أَصْحَابِی بِكَذِبِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِقَنْبَرٍ یَا قَنْبَرُ اذْهَبْ إِلَی تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَ إِلَی الَّتِی تُقَابِلُهَا وَ قَدْ كَانَ بَیْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخٍ فَنَادِهِمَا إِنَّ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ یَأْمُرُكُمَا أَنْ تَتَلَاصَقَا فَقَالَ قَنْبَرٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ وَ یَبْلُغُهُمَا صَوْتِی قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ الَّذِی یُبَلِّغُ بَصَرَ عَیْنِكَ السَّمَاءَ وَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهَا مَسِیرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ سَیُبَلِّغُهُمَا صَوْتَكَ فَذَهَبَ قَنْبَرٌ فَنَادَی فَسَعَتْ

ص: 29


1- 1. سورة البقرة: 7.
2- 2. سورة البقرة: 7.
3- 3. تفسیر الإمام: 36- 41.
4- 4. بتقدیم المهملة علی المعجمة أی ما شد.
5- 5. فی المصدر: ذهب لیقعد اه.

إِحْدَاهُمَا إِلَی الْأُخْرَی سَعْیَ الْمُتَحَابَّیْنِ طَالَتْ غَیْبَةُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ وَ اشْتَدَّ شَوْقُهُ وَ انْضَمَّا فَقَالَ قَوْمٌ مِنْ مُنَافِقِی الْعَسْكَرِ إِنَّ عَلِیّاً یُضَاهِی فِی سِحْرِهِ رَسُولَ اللَّهِ ابْنَ عَمِّهِ مَا ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَا هَذَا إِمَامٌ وَ إِنَّمَا هُمَا سَاحِرَانِ لَكِنَّا سَنَدُورُ مِنْ خَلْفِهِ فَنَنْظُرُ إِلَی عَوْرَتِهِ وَ مَا یَخْرُجُ مِنْهُ فَأَوْصَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ إِلَی أُذُنِ عَلِیٍّ مِنْ قِبَلِهِمْ فَقَالَ جَهْراً یَا قَنْبَرُ إِنَّ الْمُنَافِقِینَ أَرَادُوا مُكَایَدَةَ وَصِیِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ظَنُّوا أَنَّهُ لَا یُمْتَنَعُ مِنْهُمْ إِلَّا بِالشَّجَرَتَیْنِ فَارْجِعْ إِلَیْهِمَا یَعْنِی الشَّجَرَتَیْنِ فَقُلْ لَهُمَا إِنَّ وَصِیَّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْمُرُكُمَا أَنْ تَعُودَا إِلَی مَكَانِكُمَا فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَانْقَلَعَتَا وَ عَدَتْ (1) كُلُّ وَاحِدَةٍ تُفَارِقُ الْأُخْرَی كَهَزِیمَةِ الْجَبَانِ مِنَ الشُّجَاعِ الْبَطَلِ ثُمَّ ذَهَبَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ رَفَعَ ثَوْبَهُ لِیَقْعُدَ وَ قَدْ مَضَی مِنَ الْمُنَافِقِینَ جَمَاعَةٌ لِیَنْظُرُوا إِلَیْهِ فَلَمَّا رَفَعَ ثَوْبَهُ أَعْمَی اللَّهُ تَعَالَی أَبْصَارَهُمْ فَلَمْ یُبْصِرُوا شَیْئاً فَوَلَّوْا عَنْهُ وُجُوهَهُمْ فَأَبْصَرُوا كَمَا كَانُوا یُبْصِرُونَ فَنَظَرُوا إِلَی جِهَتِهِ فَعَمُوا فَمَا زَالُوا یَنْظُرُونَ إِلَی جِهَتِهِ وَ یَعْمَوْنَ وَ یَصْرِفُونَ عَنْهُ وُجُوهَهُمْ وَ یُبْصِرُونَ إِلَی أَنْ فَرَغَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَامَ وَ رَجَعَ وَ ذَلِكَ ثَمَانُونَ مَرَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثُمَّ ذَهَبُوا یَنْظُرُونَ مَا خَرَجَ عَنْهُ فَاعْتُقِلُوا فِی مَوَاضِعِهِمْ فَلَمْ یَقْدِرُوا أَنْ یَرَوْهَا فَإِذَا انْصَرَفُوا أَمْكَنَهُمُ الِانْصِرَافُ أَصَابَهُمْ ذَلِكَ مِائَةَ مَرَّةٍ حَتَّی نُودِیَ فِیهِمْ بِالرَّحِیلِ فَرَحَلُوا وَ مَا وَصَلُوا إِلَی مَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ وَ لَمْ یَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا عُتُوّاً وَ طُغْیَاناً وَ تَمَادِیاً فِی كُفْرِهِمْ وَ عِنَادِهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا إِلَی هَذَا الْعَجَبِ، مَنْ هَذِهِ آیَاتُهُ وَ مُعْجِزَاتُهُ وَ یَعْجِزُ(2)

عَنْ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرٍو وَ یَزِیدَ فَنَظَرُوا فَأَوْصَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِهِمْ إِلَی أُذُنِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا مَلَائِكَةُ-(3)

ایتُونِی بِمُعَاوِیَةَ وَ عَمْرٍو وَ یَزِیدَ فَنَظَرُوا فِی الْهَوَاءِ فَإِذَا مَلَائِكَةٌ كَأَنَّهُمُ السُّودَانُ قَدْ عَلِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِوَاحِدٍ فَأَنْزَلُوهُمْ إِلَی حَضْرَتِهِ فَإِذَا أَحَدُهُمْ مُعَاوِیَةُ وَ الْآخَرُ عَمْرٌو وَ الْآخَرُ یَزِیدُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام تَعَالَوْا فَانْظُرُوا

ص: 30


1- 1. فی المصدر: و عادت.
2- 2. فی المصدر: یعجز.
3- 3. فی المصدر: یا ملائكة ربی.

إِلَیْهِمْ أَمَا لَوْ شِئْتُ لَقَتَلْتُهُمْ وَ لَكِنِّی أُنْظِرُهُمْ كَمَا أَنْظَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِبْلِیسَ إِلَی الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ إِنَّ الَّذِی تَرَوْنَهُ بِصَاحِبِكُمْ لَیْسَ لِعَجْزٍ وَ لَا ذُلٍّ وَ لَكِنَّهُ مِحْنَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ وَ لَئِنْ طَعَنْتُمْ عَلَی عَلِیٍّ فَلَقَدْ طَعَنَ الْكَافِرُونَ وَ الْمُنَافِقُونَ قَبْلَكُمْ عَلَی رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ فَقَالُوا إِنَّ مَنْ طَافَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ الْجِنَانَ فِی لَیْلَةٍ وَ رَجَعَ كَیْفَ یَحْتَاجُ إِلَی أَنْ یَهْرُبَ وَ یَدْخُلَ الْغَارَ وَ یَأْتِیَ إِلَی الْمَدِینَةِ مِنْ مَكَّةَ فِی أَحَدَ عَشَرَ یَوْماً وَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ اللَّهِ إِذَا شَاءَ أَرَاكُمُ الْقُدْرَةَ لِتَعْرِفُوا صِدْقَ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ إِذَا شَاءَ امْتَحَنَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ لِیَنْظُرَ كَیْفَ تَعْمَلُونَ وَ لِیُظْهِرَ حُجَّتَهُ عَلَیْكُمْ (1).

«9»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: كَانَ جَدُّ بْنُ قَیْسٍ تَالِیَ عَبْدِ اللَّهِ فِی النِّفَاقِ كَمَا أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ تَالِیَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الْكَمَالِ وَ الْجَلَالِ وَ الْجَمَالِ وَ تَفَرَّدَ جَدٌّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ بَعْدَ مَا سَمَّ الرَّسُولَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یُؤَثِّرْ فِیهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله مَاهِرٌ فِی السِّحْرِ وَ لَیْسَ عَلِیٌّ كَمِثْلِهِ فَاتَّخِذْ أَنْتَ یَا جَدُّ لِعَلِیٍّ دَعْوَةً بَعْدَ أَنْ تَتَقَدَّمَ فِی تَنْبِیشِ أَصْلِ حَائِطِ بُسْتَانِكَ ثُمَّ تُوقِفُ رِجَالًا خَلْفَ الْحَائِطِ بِخَشَبٍ یَعْتَمِدُونَ بِهَا عَلَی الْحَائِطِ وَ یَدْفَعُونَهُ عَلَی عَلِیٍّ وَ مَنْ مَعَهُ لِیَمُوتُوا تَحْتَهُ فَجَلَسَ عَلِیٌّ علیه السلام تَحْتَ الْحَائِطِ فَتَلَقَّاهُ بِیَسَارِهِ وَ أَوْقَفَهُ وَ كَانَ الطَّعَامُ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ فَقَالَ علیه السلام كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ وَ جَعَلَ یَأْكُلُ مَعَهُمْ حَتَّی أَكَلُوا وَ فَرَغُوا وَ هُوَ یُمْسِكُ الْحَائِطَ بِشِمَالِهِ وَ الْحَائِطُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعاً طُولُهُ فِی خَمْسَ عَشَرَةَ سَمْكَةً-(2) فِی ذِرَاعَیْنِ غِلْظَةً فَجَعَلَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام یَأْكُلُونَ وَ هُمْ یَقُولُونَ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ فَتُحَامِی هَذَا وَ أَنْتَ تَأْكُلُ فَإِنَّكَ تَتْعَبُ فِی حَبْسِكَ هَذَا الْحَائِطَ عَنَّا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنِّی لَسْتُ أَجِدُ لَهُ مِنَ الْمَسِّ بِیَسَارِی إِلَّا أَقَلَّ مِمَّا أَجِدُ مِنْ ثِقْلِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ بِیَمِینِی وَ هَرَبَ جَدُّ بْنُ قَیْسٍ وَ خَشِیَ أَنْ یَكُونَ عَلِیٌّ قَدْ مَاتَ وَ صَحْبُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً یَطْلُبُهُ لِیَنْتَقِمَ مِنْهُ وَ اخْتَفَی عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَیٍّ- فَبَلَغَهُمْ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَدْ أَمْسَكَ الْحَائِطَ بِیَسَارِهِ وَ هُوَ یَأْكُلُ بِیَمِینِهِ وَ أَصْحَابُهُ تَحْتَ الْحَائِطِ لَمْ یَمُوتُوا فَقَالَ أَبُو الشُّرُورِ وَ أَبُو الدَّوَاهِی اللَّذَانِ [كَانَا] أَصْلَ التَّدْبِیرِ فِی ذَلِكَ إِنَّ عَلِیّاً قَدْ مَهَرَ بِسِحْرِ مُحَمَّدٍ فَلَا سَبِیلَ لَنَا عَلَیْهِ فَلَمَّا فَرَغَ الْقَوْمُ أَقَامَ

ص: 31


1- 1. تفسیر الإمام: 64- 66.
2- 2. السمك- بسكون المیم-: القامة من كل شی ء ثخن صاعد.

عَلِیٌّ علیه السلام الْحَائِطَ بِیَسَارِهِ فَأَقَامَهُ وَ سَوَّاهُ وَ أَرْأَبَ صَدْعَهُ وَ أَلَمَّ شَعْبَهُ-(1) وَ خَرَجَ هُوَ وَ الْقَوْمُ مِنْ تَحْتِهِ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ- ضَاهَیْتَ الْیَوْمَ أَخِیَ الْخَضِرَ لَمَّا أَقَامَ الْجِدَارَ وَ مَا سَهَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ لَهُ إِلَّا بِدُعَائِهِ بِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ (2).

«10»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب صَالِحُ بْنُ كَیْسَانَ وَ ابْنُ رُومَانَ رَفَعَاهُ إِلَی جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: جَاءَ الْعَبَّاسُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام یُطَالِبُهُ بِمِیرَاثِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَیْ ءٌ یُورَثُ إِلَّا بَغْلَتُهُ دُلْدُلٌ وَ سَیْفُهُ ذُو الْفَقَارِ وَ دِرْعُهُ وَ عِمَامَتُهُ السَّحَابُ وَ أَنَا أَرْبَأُ بِكَ (3) أَنْ تُطَالِبَ بِمَا لَیْسَ لَكَ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ وَ أَنَا أَحَقُّ عَمُّهُ وَ وَارِثُهُ دُونَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَنَهَضَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مَعَهُ النَّاسُ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ أَمَرَ بِإِحْضَارِ الدِّرْعِ وَ الْعِمَامَةِ وَ السَّیْفِ وَ الْبَغْلَةِ فَأُحْضِرَ فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ یَا عَمِّ إِنْ أَطَقْتَ النُّهُوضَ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا فَجَمِیعُهُ لَكَ فَإِنَّ مِیرَاثَ الْأَنْبِیَاءِ لِأَوْصِیَائِهِمْ دُونَ الْعَالَمِ وَ لِأَوْلَادِهِمْ فَإِنْ لَمْ تُطِقِ النُّهُوضَ فَلَا حَقَّ لَكَ فِیهِ قَالَ نَعَمْ فَأَلْبَسَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الدِّرْعَ بِیَدِهِ وَ أَلْقَی عَلَیْهِ الْعِمَامَةَ وَ السَّیْفَ ثُمَّ قَالَ انْهَضْ بِالسَّیْفِ وَ الْعِمَامَةِ یَا عَمِّ فَلَمْ یُطِقِ النُّهُوضَ فَأَخَذَ السَّیْفَ مِنْهُ وَ قَالَ لَهُ انْهَضْ بِالْعِمَامَةِ فَإِنَّهَا آیَةٌ مِنْ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَأَرَادَ النُّهُوضَ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَی ذَلِكَ وَ بَقِیَ مُتَحَیِّراً ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا عَمِّ وَ هَذِهِ الْبَغْلَةُ بِالْبَابِ لِی خَاصَّةً وَ لِوُلْدِی فَإِنْ أَطَقْتَ رُكُوبَهَا فَارْكَبْهَا فَخَرَجَ وَ مَعَهُ عَدَوِیٌّ فَقَالَ لَهُ یَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ خَدَعَكَ عَلِیٌّ فِیمَا كُنْتَ فِیهِ فَلَا تَخْدَعْ نَفْسَكَ فِی الْبَغْلَةِ إِذَا وَضَعْتَ رِجْلَكَ فِی الرِّكَابِ فَاذْكُرِ اللَّهَ وَ سَمِّ وَ اقْرَأْ إِنَّ اللَّهَ یُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا قَالَ فَلَمَّا نَظَرَتِ الْبَغْلَةُ إِلَیْهِ مُقْبِلًا مَعَ الْعَبَّاسِ نَفَرَتْ وَ صَاحَتْ صِیَاحاً مَا سَمِعْنَاهُ مِنْهَا قَطُّ فَوَقَعَ الْعَبَّاسُ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ وَ أَمَرَ بِإِمْسَاكِهَا فَلَمْ یُقْدَرْ عَلَیْهَا ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام دَعَا الْبَغْلَةَ بِاسْمٍ مَا سَمِعْنَاهُ فَجَاءَتْ خَاضِعَةً ذَلِیلَةً فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِی الرِّكَابِ وَ وَثَبَ عَلَیْهَا فَاسْتَوَی عَلَیْهَا رَاكِباً فَاسْتَدْعَا أَنْ یَرْكَبَ الْحَسَنُ

ص: 32


1- 1. أرأب صدعه أی أصلح شقه. و ألم شعبه أی جمع ما انفرج من الحائط و ضمة.
2- 2. تفسیر الإمام: 76 و 77.
3- 3. یقال« انی أربأ بك عن ذلك» أی لا ارضاء لك.

وَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَأَمَرَهُمَا بِذَلِكَ ثُمَّ لَبِسَ عَلِیٌّ الدِّرْعَ وَ الْعِمَامَةَ وَ السَّیْفَ وَ رَكِبَهَا وَ سَارَ عَلَیْهَا إِلَی مَنْزِلِهِ وَ هُوَ یَقُولُ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْكُرُ أَنَا وَ هُمَا أَمْ تَكْفُرُ أَنْتَ یَا فُلَانُ (1).

«11»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: مِنْ عَجَائِبِهِ علیه السلام طُولُ مَا لَقِیَ مِنَ الْحُرُوبِ لَمْ یَنْهَزِمْ قَطُّ وَ لَمْ یَنَلْهُ فِیهَا شَیْنٌ وَ لَا جِرَاحٌ سَوْءٌ وَ لَمْ یُبَارِزْ أَحَدٌ إِلَّا ظَفِرَ بِهِ وَ لَا نَجَا مِنْ ضَرْبَتِهِ أَحَدٌ فَصَلُحَ مِنْهَا وَ لَمْ یُفْلِتْ مِنْهُ قِرْنٌ وَ لَمْ یَخْرُجْ فِی حُرُوبِهِ إِلَّا وَ هُوَ مَاشٍ یُهَرْوِلُ طُولَ الدَّهْرِ بِغَیْرِ جُنْدٍ إِلَی الْعَدُوِّ وَ مَا قُدِّمَتْ رَایَةٌ قُوتِلَ تَحْتَهَا عَلِیٌّ إِلَّا انْقَلَبُوا صَاغِرِینَ وَ یُرْوَی وَثْبَتُهُ (2)

أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً إِلَی عَمْرٍو وَ رُجُوعُهُ إِلَی خَلْفٍ عِشْرُونَ ذِرَاعاً وَ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْعَادَةِ وَ رُوِیَ ضَرَبْتُهُ (3)

عَلَی رِجْلَیْهِ وَ قَطْعُهُمَا بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ مَا كَانَ عَلَیْهِ مِنَ الثِّیَابِ وَ السِّلَاحِ وَ رُوِیَ أَنَّهُ ضَرَبَ مَرْحَبَ الْكَافِرَ یَوْمَ خَیْبَرَ عَلَی رَأْسِهِ فَقَطَعَ الْعِمَامَةَ وَ الْخُوذَةَ وَ الرَّأْسَ وَ الْحَلْقَ وَ مَا عَلَیْهِ مِنَ الْجَوْشَنِ مِنْ قُدَّامٍ وَ خَلْفٍ إِلَی أَنْ قَدَّهُ بِنِصْفَیْنِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَی سَبْعِینَ فَارِسٍ فَبَدَّدَهُمْ وَ تَحَیَّرَ الْفَرِیقَانِ مِنْ فِعْلِهِ فَانْهَزَمُوا إِلَی الْحِصْنِ وَ أَصْلُ مَشْهَدِ الْبُوقِ عِنْدَ رَحْبَةِ الشَّامِ أَنَّهُ علیه السلام أَخْبَرَ أَنَّ السَّاعَةَ خَرَجَ مُعَاوِیَةُ فِی خَیْلِهِ مِنْ دِمَشْقَ وَ ضَرَبَ الْبُوقَ وَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ مَسِیرَةِ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ یَوْماً وَ هُوَ خَرْقُ الْعَادَةِ وَ مِنْهُ الدَّكَّةُ الْمَشْهُورَةُ فِی الْكُوفَةِ الَّتِی یُقَالُ إِنَّهُ رَأَی مِنْهَا مَكَّةَ وَ سَلَّمَ عَلَیْهَا وَ ذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِكُمْ یَا سَارِیَةُ الْجَبَلَ-(4)

وَ مَسْجِدُ الْمِجْذَافِ فِی الرَّقَّةِ وَ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الزَّوَارِیقَ لِحَمْلِ الشُّهَدَاءِ قَالُوا الزَّوَارِیقُ تَرْعَی فَقَالَ علیه السلام كَلَامُكُمْ غَثٌّ وَ قُمْصَانُكُمْ رَثٌّ-(5)

لَا شَدَّ اللَّهُ

ص: 33


1- 1. مناقب آل أبی طالب 1: 465 و 466.
2- 2. علی صیغة المصدر.
3- 3. علی صیغة المصدر.
4- 4. فی المصدر: یا سایرة الخیل.
5- 5. الغث من الكلام: ردیئه. و قمصان جمع القمیص. و الرمث: البالی.

بِكُمْ صَفّاً(1)

وَ لَا أَشْبَعَكُمْ إِلَّا عَلَی قَتَبٍ وَ عَمِلَ جَائِزَةً عَظِیمَةً بِمَنْزِلَةِ الْمِجْذَافِ-(2) وَ حَمَلَ الشُّهَدَاءَ عَلَیْهَا فَخَرِبَتِ الرَّقَّةُ وَ عُمِرَتِ الرَّافِقَةُ-(3)

وَ لَا یَزَالُونَ فِی ضَنْكِ الْعَیْشِ وَ رَوَتِ الْغُلَاةُ أَنَّهُ علیه السلام صَعِدَ إِلَی السَّمَاءِ عَلَی فَرَسٍ وَ یَنْظُرُ إِلَیْهِ أَصْحَابُهُ وَ قَالَ لَوْ أَرَدْتَ لَحَمَلْتُ إِلَیْكُمْ ابْنَ أَبِی سُفْیَانَ وَ ذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِ وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِیًّا-(4) وَ خَرَجَ عَنْ أَبِی زُهْرَةَ وَ قَطَعَ مَسِیرَةَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ بِلَیْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَ أَصْبَحَ عِنْدَ الْكُفَّارِ وَ فَتَحَ عَلَیْهِ فَنَزَلَ وَ الْعادِیاتِ ضَبْحاً وَ رُوِیَ أَنَّهُ رُمِیَ إِلَی حِصْنِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فِی الْمَنْجَنِیقِ وَ نَزَلَ عَلَی حَائِطِ الْحِصْنِ وَ كَانَ الْحِصْنُ قَدْ شُدَّ عَلَی حِیطَانِهِ سَلَاسِلُ فِیهَا غَرَائِرُ(5)

مِنْ تِبْنٍ أَوْ قُطْنٍ حَتَّی لَا یَعْمَلَ فِیهَا الْمَنْجَنِیقَ إِذَا رُمِیَ الْحَجَرُ فَقَالَتِ الْغُلَاةُ فَمَرَّ فِی الْهَوَاءِ وَ التُّرْسُ تَحْتَ قَدَمَیْهِ وَ نَزَلَ عَلَی الْحَائِطِ وَ ضَرَبَ السَّلَاسِلَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَقَطَعَهَا وَ سَقَطَتِ الْغَرَائِرُ وَ فَتَحَ الْحِصْنَ وَ رَوَتِ الْغُلَاةُ أَنَّهُ نَزَلَتْ فِیهِ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَیْثُ لَمْ یَحْتَسِبُوا-(6)

وَ ذَلِكَ إِنْ صَحَّ مِثْلُ صُعُودِ الْمَلَائِكَةِ وَ نُزُولِهِمْ وَ إِسْرَاءِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله(7).

تَفْسِیرُ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِیِّ علیه السلام: أَنَّهُ أَرَادَتِ الْفَجَرَةُ لَیْلَةَ الْعَقَبَةِ قَتْلَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنْ بَقِیَ فِی الْمَدِینَةِ قَتْلَ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا تَبِعَهُ وَ قَصَّ عَلَیْهِ بَغْضَاءَهُمْ فَقَالَ أَ مَا تَرْضَی

ص: 34


1- 1. فی المصدر: صنعا.
2- 2. القتب- بالكسر فالسكون- یقال: قتبه أی أطعمه الاقتاب و هی الامعاء المشویة. و الجائزة: الخشبة المعترضة بین الحائطین فارسیته« تیر». و المجذاف- بالذال المعجمة و المهملة-: خشبة طویلة مبسوطة أحد الطرفین تسیر بها القوارب و السفن الصغیرة.
3- 3. الرقة- بالفتح- مدینة مشهورة علی الفرات من جانبها الشرقی. و الرافعة بلد متصل البناء بالرقة بینهما مقدار ثلاثمائة ذراع( المراصد 2: 595).
4- 4. سورة مریم: 57.
5- 5. جمع الغرارة- بالكسر-: الجوالق.
6- 6. سورة الحشر: 2.
7- 7. مناقب آل أبی طالب 1: 446.

أَنْ تَكُونَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی الْخَبَرَ فَحَفَرُوا لَهُ حَفِیرَةً طَوِیلَةً وَ غَطَّوْهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ وَ بَلَغَهَا أَنْطَقَ اللَّهُ فَرَسَهُ فَقَالَ سِرْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَطَفَرَتْ ثُمَّ أَمَرَ بِكَشْفِهِ فَرَآهُ عَجِیباً(1).

مُسْنَدُ أَحْمَدَ وَ فَضَائِلُهُ وَ سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی لَیْلَی: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَلْبَسُ فِی الْبَرْدِ الشَّدِیدِ الثَّوْبَ الرَّقِیقَ وَ فِی الْحَرِّ الشَّدِیدِ الْقَبَاءَ وَ الثَّوْبَ الثَّقِیلَ وَ كَانَ لَا یَجِدُ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ فَكَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا لَهُ یَوْمَ خَیْبَرَ فَقَالَ كَفَاكَ اللَّهُ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ وَ فِی رِوَایَةٍ اللَّهُمَّ قِهِ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ- وَ فِی رِوَایَةٍ اللَّهُمَّ اكْفِهِ الْحَرَّ وَ الْبَرْدَ(2).

سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فِی حَدِیثِهِ: أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مُعَاوِیَةُ مَوْرِدَ الْفُرَاتِ أَمَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِمَالِكٍ الْأَشْتَرِ أَنْ یَقُولَ لِمَنْ عَلَی جَانِبِ الْفُرَاتِ یَقُولُ لَكُمْ عَلِیٌّ اعْدِلُوا عَنِ الْمَاءِ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عَدَلُوا عَنْهُ فَوَرَدَ قَوْمُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ الْمَاءَ وَ أَخَذُوا مِنْهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ فَأَحْضَرَهُمْ وَ قَالَ لَهُمْ فِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ جَاءَ وَ قَالَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ یَأْمُرُكُمْ أَنْ تُفْرِجُوا عَنِ الْمَاءِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لِعَمْرٍو إِنَّكَ لَتَأْتِی أَمْراً ثُمَّ تَقُولُ مَا فَعَلْتُهُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ وَكَّلَ مُعَاوِیَةُ حَجَلَ بْنَ الْعَتَّابِ النَّخَعِیَّ فِی خَمْسَةِ آلَافٍ فَأَنْفَذَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَالِكاً فَنَادَی مِثْلَ الْأَوَّلِ فَمَالَ حَجَلٌ عَنِ الشَّرِیعَةِ فَوَرَدَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَخَذُوا مِنْهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ فَأَحْضَرَ حَجَلًا وَ قَالَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ ابْنَكَ یَزِیدَ أَتَانِی فَقَالَ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالتَّنَحِّی عَنْهُ فَقَالَ لِیَزِیدَ فِی ذَلِكَ فَأَنْكَرَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ فَإِذَا كَانَ غَداً فَلَا تَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ وَ لَوْ أَتَیْتُكَ حَتَّی تَأْخُذَ خَاتَمِی فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ أَمَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِمَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ فَرَأَی حَجَلٌ مُعَاوِیَةَ وَ أَخَذَ مِنْهُ خَاتَمَهُ وَ انْصَرَفَ عَنِ الْمَاءِ وَ بَلَغَ مُعَاوِیَةَ فَدَعَاهُ وَ قَالَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَأَرَاهُ خَاتَمَهُ فَضَرَبَ مُعَاوِیَةُ یَدَهُ عَلَی یَدِهِ فَقَالَ نَعَمْ وَ إِنَّ هَذَا مِنْ دَوَاهِی عَلِیٍّ.

ص: 35


1- 1. فی المصدر: فرأی عجبا.
2- 2. مناقب آل أبی طالب 1: 448.

وَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدٌ الشَّوْهَانِیُّ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّهُ قَدِمَ أَبُو الصَّمْصَامِ الْعَبْسِیُ (1) إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ مَتَی یَجِی ءُ الْمَطَرُ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ فِی بَطْنِ نَاقَتِی هَذِهِ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ یَكُونُ غَداً وَ مَتَی أَمُوتُ فَنَزَلَ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ(2) الْآیَاتِ فَأَسْلَمَ الرَّجُلُ وَ وَعَدَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَأْتِی بِأَهْلِهِ فَقَالَ اكْتُبْ یَا أَبَا الْحَسَنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَقَرَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ- وَ أَشْهَدَ عَلَی نَفْسِهِ فِی صِحَّةِ عَقْلِهِ وَ بَدَنِهِ وَ جَوَازِ أَمْرِهِ أَنَّ لِأَبِی الصَّمْصَامِ الْعَبْسِیِّ عَلَیْهِ وَ عِنْدَهُ وَ فِی ذِمَّتِهِ ثَمَانِینَ نَاقَةً حُمْرَ الظُّهُورِ بِیضَ الْعُیُونِ سُودَ الْحَدَقِ عَلَیْهَا مِنْ طَرَائِفِ الْیَمَنِ وَ نُقَطِ الْحِجَازِ وَ خَرَجَ أَبُو الصَّمْصَامِ ثُمَّ جَاءَ فِی قَوْمِهِ بَنِی عَبْسٍ كُلِّهِمْ مُسْلِمِینَ وَ سَأَلَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا قُبِضَ قَالَ فَمَنِ الْخَلِیفَةُ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالُوا أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ أَبُو الصَّمْصَامِ الْمَسْجِدَ وَ قَالَ یَا خَلِیفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ لِی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَمَانِینَ نَاقَةً حُمْرَ الظُّهُورِ بِیضَ الْعُیُونِ سُودَ الْحَدَقِ عَلَیْهَا مِنْ طَرَائِفِ الْیَمَنِ وَ نُقَطِ الْحِجَازِ فَقَالَ یَا أَخَا الْعَرَبِ سَأَلْتَ مَا فَوْقَ الْعَقْلِ وَ اللَّهِ مَا خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بَغْلَتَهُ الدُّلْدُلَ وَ حِمَارَهُ الْیَعْفُورَ وَ سَیْفَهُ ذَا الْفَقَارِ وَ دِرْعَهُ الْفَاضِلَ أَخَذَهَا كُلَّهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ خَلَّفَ فِینَا فَدَكَ فَأَخَذْنَاهَا بِحَقٍّ وَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُورَثُ فَصَاحَ سَلْمَانُ كردی و نكردی وَ حقّ از أمیر ببردی رُدُّوا الْعَمَلَ إِلَی أَهْلِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی أَبِی الصَّمْصَامِ فَأَقَامَهُ إِلَی مَنْزِلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَرَعَ الْبَابَ فَنَادَی عَلِیٌّ ادْخُلْ یَا سَلْمَانُ- ادْخُلْ أَنْتَ وَ أَبُو الصَّمْصَامِ- فَقَالَ أَبُو الصَّمْصَامِ هَذِهِ أُعْجُوبَةٌ مَنْ هَذَا الَّذِی سَمَّانِی بِاسْمِی وَ لَمْ یَعْرِفْنِی فَعَدَّ سَلْمَانُ فَضَائِلَ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا دَخَلَ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ قَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ لِی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَمَانِینَ نَاقَةً وَ وَصَفَهَا فَقَالَ عَلِیٌّ أَ مَعَكَ حُجَّةٌ فَدَفَعَ إِلَیْهِ الْوَثِیقَةَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا سَلْمَانُ نَادِ فِی النَّاسِ أَلَا مَنْ أَرَادَ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی دَیْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلْیَخْرُجْ غَداً إِلَی خَارِجِ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ خَرَجَ النَّاسُ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَسَرَّ إِلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ سِرّاً وَ قَالَ امْضِ یَا أَبَا الصَّمْصَامِ مَعَ ابْنِیَ

ص: 36


1- 1. فی المصدر:« ابو الضمضام» فی المواضع.
2- 2. سورة لقمان: 34.

الْحَسَنِ إِلَی الْكَثِیبِ مِنَ الرَّمْلِ فَمَضَی علیه السلام وَ مَعَهُ أَبُو الصَّمْصَامِ فَصَلَّی الْحَسَنُ علیه السلام رَكْعَتَیْنِ عِنْدَ الْكَثِیبِ وَ كَلَّمَ الْأَرْضَ بِكَلِمَاتٍ لَا نَدْرِی مَا هِیَ وَ ضَرَبَ الْكَثِیبَ بِقَضِیبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَانْفَجَرَ الْكَثِیبُ عَنْ صَخْرَةٍ مُلَمْلَمَةٍ-(1) مَكْتُوبٍ عَلَیْهَا سَطْرَانِ مِنْ نُورٍ السَّطْرُ الْأَوَّلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ الثَّانِی لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَضَرَبَ الْحَسَنُ علیه السلام الصَّخْرَةَ بِالْقَضِیبِ فَانْفَجَرَتْ عَنْ خِطَامِ نَاقَةٍ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام اقْتَدِ یَا أَبَا الصَّمْصَامِ فَاقْتَادَ أَبُو الصَّمْصَامِ ثَمَانِینَ نَاقَةً حُمْرَ الظُّهُورِ بِیضَ الْعُیُونِ سُودَ الْحَدَقِ عَلَیْهَا مِنْ طَرَائِفِ الْیَمَنِ وَ نُقَطِ الْحِجَازِ وَ رَجَعَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ علیه السلام اسْتَوْفَیْتَ یَا أَبَا الصَّمْصَامِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَسَلِّمِ الْوَثِیقَةَ فَسَلَّمَهَا إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَخَذَهَا وَ خَرَقَهَا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا أَخْبَرَنِی أَخِی وَ ابْنُ عَمِّی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ هَذِهِ النُّوقَ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ قَبْلَ أَنْ یَخْلُقَ نَاقَةَ صَالِحٍ بِأَلْفَیْ عَامٍ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ هَذَا مِنْ سِحْرِ عَلِیٍّ قَلِیلٌ (2).

بیان: قوله نقط الحجاز أقول الظاهر أنه تصحیف لقط باللام قال الفیروزآبادی اللقط محركة ما یلتقط من السنابل و قطع ذهب توجد فی المعدن.

«12»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: مِنْ مُعْجِزَاتِهِ علیه السلام تَسْخِیرُهُ الْجَمَاعَةَ اضْطِرَاراً لِنَقْلِ فَضَائِلِهِ مَعَ مَا فِیهَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَیْهِمْ حَتَّی إِنْ أَنْكَرَهُ وَاحِدٌ رَدَّ عَلَیْهِ صَاحِبُهُ وَ قَالَ هَذَا فِی التَّوَارِیخِ وَ الصِّحَاحِ وَ السُّنَنِ وَ الْجَوَامِعِ وَ السِّیَرِ وَ التَّفَاسِیرِ مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَی صِحَّتِهِ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ فِی وَاحِدٍ یَكُنْ فِی آخَرَ وَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ مَا أَجْمَعُوا عَلَیْهِ وَ رَوَی مَنَاقِبَهُ خَلْقٌ كَثِیرٌ مِنْهُمْ حَتَّی صَارَ عِلْماً ضَرُورِیّاً كَمَا صَنَّفَ ابْنُ جَرِیرٍ الطَّبَرِیُّ كِتَابَ الْغَدِیرِ وَ ابْنُ الشَّاهِینِ كِتَابَ الْمَنَاقِبِ وَ كِتَابَ فَضَائِلِ فَاطِمَةَ علیها السلاموَ یَعْقُوبُ بْنُ شَیْبَةَ تَفْضِیلَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ مُسْنَدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَخْبَارَهُ وَ فَضَائِلَهُ- وَ الْجَاحِظُ كِتَابَ الْعَلَوِیَّةِ- وَ كِتَابَ فَضْلِ بَنِی هَاشِمٍ عَلَی بَنِی أُمَیَّةَ- وَ أَبُو نُعَیْمٍ الْأَصْفَهَانِیُّ مَنْقَبَةَ الْمُطَهَّرِینَ فِی فَضَائِلِ

ص: 37


1- 1. لملم الحجر: جعله مستدیرا كالكرة.
2- 2. مناقب آل أبی طالب 1: 470 و 471.

أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَبُو الْمَحَاسِنِ الرُّویَانِیُّ الْجَعْفَرِیَّاتِ وَ الْمُوَفَّقُ الْمَكِّیُّ كِتَابَ قَضَایَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كِتَابَ رَدِّ الشَّمْسِ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُؤْمِنٍ الشِّیرَازِیُّ- كِتَابَ نُزُولِ الْقُرْآنِ فِی شَأْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمُؤَذِّنُ- كِتَابَ الْأَرْبَعِینِ فِی فَضَائِلِ الزَّهْرَاءِ علیها السلام وَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مُسْنَدَ أَهْلِ الْبَیْتِ وَ فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ- وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّطَنْزِیُّ- الْخَصَائِصَ الْعَلَوِیَّةَ عَلَی سَائِرِ الْبَرِّیَّةِ- وَ ابْنُ الْمَغَازِلِیِّ كِتَابَ الْمَنَاقِبِ- وَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبُسْتِیُّ كِتَابَ الدَّرَجَاتِ- وَ الْخَطِیبُ أَبُو تُرَابٍ كِتَابَ الْحَدَائِقِ مَعَ الْكِتْمَانِ وَ الْمَیْلِ وَ ذَلِكَ خَرْقُ الْعَادَةِ شَهِدَ بِفَضَائِلِهِ مُعَادُوهُ وَ أَقَرَّ بِمَنَاقِبِهِ جَاحِدُوهُ وَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ كَثْرَةُ مَنَاقِبِهِ مَعَ مَا كَانُوا یَدْفِنُونَهَا وَ یَتَوَعَّدُونَ عَلَی رِوَایَتِهَا رَوَی مُسْلِمٌ وَ الْبُخَارِیُّ وَ ابْنُ بَطَّةَ وَ النَّطَنْزِیُّ- عَنْ عَائِشَةَ فِی حَدِیثِهَا بِمَرَضِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ فِی جُمْلَةِ ذَلِكَ فَخَرَجَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ رَجُلَیْنِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ أَحَدُهُمَا الْفَضْلُ وَ رَجُلٌ آخَرُ یَخُطُّ قَدَمَاهُ عَاصِباً رَأْسَهُ یَعْنِی عَلِیّاً علیه السلام.

وَ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ- إِنَّا كَتَبْنَا فِی الْآفَاقِ نَنْهَی عَنْ ذِكْرِ مَنَاقِبِ عَلِیٍّ علیه السلام فَكُفَّ لِسَانَكَ قَالَ أَ فَتَنْهَانَا عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَ لَا قَالَ أَ فَتَنْهَانَا عَنْ تَأْوِیلِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ فَنَقْرَؤُهُ وَ لَا نَسْأَلُ قَالَ سَلْ عَنْ غَیْرِ أَهْلِ بَیْتِكَ قَالَ إِنَّهُ مُنْزَلٌ عَلَیْنَا أَ فَنَسْأَلُ غَیْرَنَا أَ تَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ فَإِذاً تَهْلِكَ الْأُمَّةُ قَالَ اقْرَءُوا وَ لَا تَرْوُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكُمْ یُرِیدُونَ لِیُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ-(1) ثُمَّ نَادَی مُعَاوِیَةُ أَنْ (2) بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ رَوَی حَدِیثاً مِنْ مَنَاقِبِ عَلِیٍّ- حَتَّی قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ اللَّیْثِیُّ- وَدِدْتُ أَنِّی أُتْرَكُ أَنْ أُحَدِّثَ بِفَضَائِلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَوْماً إِلَی اللَّیْلِ وَ إِنَّ عُنُقِی ضُرِبَتْ فَكَانَ الْمُحَدِّثُ یُحَدِّثُ بِحَدِیثٍ فِی الْفِقْهِ أَوْ یَأْتِی بِحَدِیثِ الْمُبَارَزَةِ فَیَقُولُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ- وَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی لَیْلَی یَقُولُ حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ یَقُولُ قَالَ أَبُو زَیْنَبَ.

ص: 38


1- 1. سورة الصف: 8.
2- 2. فی المصدر: انی.

وَ سُئِلَ ابْنُ جُبَیْرٍ عَنْ حَامِلِ اللِّوَاءِ فَقَالَ كَأَنَّكَ رَخِیُّ الْبَالِ وَ رَأَی رَجُلٌ أَعْرَابِیَّةً فِی مَسْجِدٍ تَقُولُ یَا مَشْهُوراً فِی السَّمَاوَاتِ وَ یَا مَشْهُوراً فِی الْأَرَضِینَ وَ یَا مَشْهُوراً فِی الدُّنْیَا وَ یَا مَشْهُوراً فِی الْآخِرَةِ جَهَدَتِ الْجَبَابِرَةُ وَ الْمُلُوكُ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِكَ وَ إِخْمَادِ ذِكْرِكَ فَأَبَی اللَّهُ لِذِكْرِكَ إِلَّا عُلُوّاً وَ لِنُورِكَ إِلَّا ضِیَاءً وَ نَمَاءً وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فَقِیلَ لِمَنْ تَصِفِینَ قَالَتْ ذَاكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَالْتَفَتَ فَلَمْ یَرَ أَحَداً وَ مِنْ ذَلِكَ مَا طُبِّقَتِ الْأَرْضُ بِالْمَشَاهِدِ لِأَوْلَادِهِ وَ فَشَتِ الْمَنَامَاتُ مِنْ مَنَاقِبِهِ فَیُبْرِئُ الزَّمْنَی وَ یُفَرِّجُ الْمُبْتَلَی وَ مَا سُمِعَ هَذَا لِغَیْرِهِ علیه السلام(1).

«13»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ الْإِمَامُ علیه السلام: إِنَّ رَجُلًا مِنْ مُحِبِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام كَتَبَ إِلَیْهِ مِنَ الشَّامِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا بِعِیَالِی مُثْقَلٌ وَ عَلَیْهِمْ إِنْ خَرَجْتُ خَائِفٌ وَ بِأَمْوَالِیَ الَّتِی أُخَلِّفُهَا إِنْ خَرَجْتُ ظَنِینٌ وَ أُخِّرَ اللَّحَاقُ (2) بِكَ وَ الْكَوْنُ فِی جُمْلَتِكَ وَ الْخُفُوقُ فِی خِدْمَتِكَ فَجُدْ لِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- فَبَعَثَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام اجْمَعْ أَهْلَكَ وَ عِیَالَكَ وَ حَصِّلْ عِنْدَهُمْ مَالَكَ وَ صَلِّ عَلَی ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ هَذِهِ كُلُّهَا وَدَائِعِی عِنْدَكَ بِأَمْرِ عَبْدِكَ وَ وَلِیِّكَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- ثُمَّ قُمْ وَ انْهَضْ إِلَیَّ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَ أُخْبِرَ مُعَاوِیَةُ بِهَرَبِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَمَرَ مُعَاوِیَةُ أَنْ تُسْبَی عِیَالُهُ وَ یُسْتَرَقُّوا وَ أَنْ تُنْهَبَ أَمْوَالُهُ فَذَهَبُوا فَأَلْقَی اللَّهُ عَلَیْهِمْ شِبْهَ عِیَالِ مُعَاوِیَةَ وَ حَاشِیَتِهِ وَ أَخَصِّ حَاشِیَتِهِ كَیَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ یَقُولُونَ نَحْنُ أَخَذْنَا هَذَا الْمَالَ وَ هُوَ لَنَا وَ أَمَّا عِیَالُهُ فَقَدِ اسْتَرْقَقْنَاهُمْ وَ بَعَثْنَاهُمْ إِلَی السُّوقِ فَكَفُّوا لَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ وَ عَرَّفَ اللَّهُ عِیَالَهُ أَنَّهُ قَدْ أَلْقَی عَلَیْهِمْ شِبْهَ عِیَالِ مُعَاوِیَةَ وَ عِیَالِ خَاصَّةِ یَزِیدَ فَأَشْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَنْ تَسْرِقَهَا اللُّصُوصُ فَمُسِخَ الْمَالُ عَقَارِبَ وَ حَیَّاتٍ كُلَّمَا قَصَدَ اللُّصُوصُ لِیَأْخُذُوا مِنْهُ لُذِعُوا وَ لُسِعُوا فَمَاتَ مِنْهُمْ قَوْمٌ وَ ضَنِیَ آخَرُونَ وَ دَفَعَ اللَّهُ عَنْ مَالِهِ بِذَلِكَ إِلَی أَنْ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْماً لِلرَّجُلِ أَ تُحِبُّ أَنْ یَأْتِیَكَ عِیَالُكَ وَ مَالُكَ قَالَ بَلَی قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ایتِ بِهِمْ فَإِذَا هُمْ بِحَضْرَةِ الرَّجُلِ لَا یَفْقِدُ مِنْ عِیَالِهِ وَ مَالِهِ شَیْئاً فَأَخْبَرُوهُ

ص: 39


1- 1. مناقب آل أبی طالب 1: 484 و 485.
2- 2. فی المصدر: ضنین، و أحبّ اللحاق.

بِمَا أَلْقَی اللَّهُ تَعَالَی مِنْ شِبْهِ عِیَالِ مُعَاوِیَةَ وَ خَاصَّتِهِ وَ حَاشِیَةِ یَزِیدَ عَلَیْهِمْ وَ بِمَا مَسَخَهُ مِنْ أَمْوَالِهِ عَقَارِبَ وَ حَیَّاتٍ تَلْسَعُ اللِّصَّ الَّذِی یُرِیدُ أَخْذَ شَیْ ءٍ مِنْهُ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی رُبَّمَا أَظْهَرَ آیَةً لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِینَ لِیَزِیدَ فِی بَصِیرَتِهِ وَ لِبَعْضِ الْكَافِرِینَ لِیُبَالِغَ فِی الْإِعْذَارِ إِلَیْهِ (1).

بیان: الخفوق التحرك و الاضطراب و فی بعض النسخ بالفاءین بمعنی الإحاطة و ضنی كرضی مرض مرضا مخامرا كلما ظن برؤه نكس.

«14»- م، [تفسیر الإمام علیه السلام]: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا نَصَّ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْفَضِیلَةِ وَ الْإِمَامَةِ وَ سَكَنَ إِلَی ذَلِكَ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ عَانَدَ فِیهِ أَصْنَافُ الْجَاحِدِینَ مِنَ الْمُعَانِدِینَ وَ شَكَّ فِی ذَلِكَ ضُعَفَاءُ مِنَ الشَّاكِّینَ وَ غَاضَ (2) فِی صُدُورِ الْمُنَافِقِینَ الْعَدَاوَةُ وَ الْبَغْضَاءُ وَ الْحَسَدُ وَ الشَّحْنَاءُ حَتَّی قَالَ قَائِلٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ لَقَدْ أَسْرَفَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَدْحِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَسْرَفَ فِی مَدْحِ أَخِیهِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ لَكِنَّهُ فِی ذَلِكَ مِنَ الْمَقْبُولِینَ-(3)

یُرِیدُ أَنْ یُثْبِتَ لِنَفْسِهِ الرِّئَاسَةَ عَلَیْنَا وَ لِعَلِیٍّ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یَا مُحَمَّدُ قُلْ لَهُمْ وَ أَیَّ شَیْ ءٍ أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ هُوَ عَظِیمٌ كَرِیمٌ حَكِیمٌ ارْتَضَی عِبَاداً مِنْ عِبَادِهِ وَ اخْتَصَّهُمْ بِكَرَامَاتٍ-(4) لَمَّا عَلِمَ مِنْ حُسْنِ طَاعَتِهِمْ وَ انْقِیَادِهِمْ لِأَمْرِهِ فَفَوَّضَ إِلَیْهِمْ أُمُورَ عِبَادِهِ وَ جَعَلَ عَلَیْهِمْ سِیَاسَةَ خَلْقِهِ بِالتَّدْبِیرِ الْحَكِیمِ الَّذِی وَفَّقَهُمْ لَهُ أَوَ لَا تَرَوْنَ مُلُوكَ الْأَرْضِ إِذَا ارْتَضَی أَحَدُهُمْ خِدْمَةَ بَعْضِ عَبِیدِهِ وَ وَثِقَ بِحُسْنِ إِطَاعَتِهِ فِیمَا یَنْدُبُهُ لَهُ (5) مِنْ أُمُورِ مَمَالِكِهِ جَعَلَ مَا وَرَاءَ بَابِهِ إِلَیْهِ وَ اعْتَمَدَ فِی سِیَاسَةِ جُیُوشِهِ وَ رَعَایَاهُ عَلَیْهِ كَذَلِكَ مُحَمَّدٌ فِی التَّدْبِیرِ الَّذِی رَفَعَهُ لَهُ رَبُّهُ وَ عَلِیٌّ مِنْ بَعْدِهِ الَّذِی جَعَلَهُ وَصِیَّهُ وَ خَلِیفَتَهُ فِی أَهْلِهِ وَ قَاضِیَ دَیْنِهِ وَ مُنْجِزَ عِدَاتِهِ وَ الْمُؤَازِرَ لِأَوْلِیَائِهِ وَ الْمُنَاصِبَ لِأَعْدَائِهِ فَلَمْ یَقْنَعُوا بِذَلِكَ وَ لَمْ یُسَلِّمُوا وَ قَالُوا لَیْسَ الَّذِی یُسْنِدُهُ إِلَی ابْنِ أَبِی طَالِبٍ بِأَمْرٍ صَغِیرٍ إِنَّمَا هُوَ دِمَاءُ الْخَلْقِ وَ نِسَاؤُهُمْ

ص: 40


1- 1. تفسیر الإمام: 170.
2- 2. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ و كذا المصدر: فاض.
3- 3. فی هامش المصدر: من المتقولین.
4- 4. فی( خ)، بكراماته.
5- 5. فی المصدر: بحسن اصطناعه فیما یندب له.

وَ أَوْلَادُهُمْ وَ أَمْوَالُهُمْ وَ حُقُوقُهُمْ وَ أَنْسَابُهُمْ وَ دُنْیَاهُمْ وَ آخِرَتُهُمْ فَلْیَأْتِنَا بِآیَةٍ یَلِیقُ بِجَلَالَةِ هَذِهِ الْوَلَایَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا كَفَاكُمْ نُورُ عَلِیٍّ- الْمُشْرِقُ فِی الظُّلُمَاتِ الَّذِی رَأَیْتُمُوهُ لَیْلَةَ خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی مَنْزِلِهِ أَ مَا كَفَاكُمْ أَنَّ عَلِیّاً جَازَ وَ الْحِیطَانُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَفُتِحَتْ لَهُ وَ طُرِّقَتْ ثُمَّ عَادَتْ وَ الْتَأَمَتْ أَ مَا كَفَاكُمْ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ أَنَّ عَلِیّاً لَمَّا أَقَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ- رَأَیْتُمْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ مُفَتَّحَةً وَ الْمَلَائِكَةَ مِنْهَا مُطَّلِعِینَ تُنَادِیكُمْ هَذَا وَلِیُّ اللَّهِ فَاتَّبِعُوهُ وَ إِلَّا حَلَّ بِكُمْ عَذَابُ اللَّهِ فَاحْذَرُوهُ أَ مَا كَفَاكُمْ رُؤْیَتُكُمْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ یَمْشِی وَ الْجِبَالُ یَسِیرُ بَیْنَ یَدَیْهِ لِئَلَّا یَحْتَاجَ إِلَی الِانْحِرَافِ عَنْهَا فَلَمَّا جَازَ رَجَعَتِ الْجِبَالُ إِلَی أَمَاكِنِهَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ زِدْهُمْ آیَاتٍ فَإِنَّهَا عَلَیْكَ سَهْلَاتٌ یَسِیرَاتٌ لِتَزِیدَ حُجَّتُكَ عَلَیْهِمْ تَأْكِیداً قَالَ فَرَجَعَ الْقَوْمُ إِلَی بُیُوتِهِمْ فَأَرَادُوا دُخُولَهَا فَاعْتَقَلَتْهُمُ الْأَرْضُ وَ مَنَعَتْهُمْ وَ نَادَتْهُمْ حَرَامٌ عَلَیْكُمْ دُخُولُهَا حَتَّی تُؤْمِنُوا بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالُوا آمَنَّا وَ دَخَلُوا ثُمَّ ذَهَبُوا یَنْزِعُونَ ثِیَابَهُمْ لِیَلْبَسُوا غَیْرَهَا فَثَقُلَتْ عَلَیْهِمْ وَ لَمْ یُقِلُّوهَا(1) وَ نَادَتْهُمْ حَرَامٌ عَلَیْكُمْ سُهُولَةُ نَزْعِهَا(2) حَتَّی تُقِرُّوا بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَأَقَرُّوا وَ نَزَعُوهَا ثُمَّ ذَهَبُوا لِیَلْبَسُوا ثِیَابَ اللَّیْلِ فَثَقُلَتْ عَلَیْهِمْ وَ نَادَتْهُمْ حَرَامٌ عَلَیْكُمْ لُبْسُنَا حَتَّی تَعْتَرِفُوا بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَاعْتَرَفُوا فَذَهَبُوا یَأْكُلُونَ فَثَقُلَتْ عَلَیْهِمُ اللَّقْمُ وَ مَا لَمْ یَثْقُلْ مِنْهَا اسْتَحْجَرَ فِی أَفْوَاهِهِمْ وَ نَادَتْهُمْ حَرَامٌ عَلَیْكُمْ أَكْلُنَا حَتَّی تَعْتَرِفُوا بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَاعْتَرَفُوا ثُمَّ ذَهَبُوا یَبُولُونَ وَ یَتَغَوَّطُونَ فَتَعَذَّرَ عَلَیْهِمْ وَ نَادَتْهُمْ بُطُونُهُمْ وَ مَذَاكِیرُهُمْ حَرَامٌ عَلَیْكُمُ السَّلَامَةُ مِنَّا حَتَّی تَعْتَرِفُوا بِوَلَایَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَاعْتَرَفُوا ثُمَّ ضَجِرَ بَعْضُهُمْ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَیْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِیمٍ (3) قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ فَإِنَّ عَذَابَ الِاصْطِلَامِ (4) الْعَامِّ إِذَا نَزَلَ نَزَلَ بَعْدَ خُرُوجِ

ص: 41


1- 1. أی لم یرفعوها.
2- 2. فی المصدر: نزعنا.
3- 3. سورة الأنفال: 32. و ما بعدها ذیلها.
4- 4. اصطلمه: استأصله.

النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَیْنِ أَظْهُرِهِمْ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ یَسْتَغْفِرُونَ یُظْهِرُونَ التَّوْبَةَ وَ الْإِنَابَةَ فَإِنَّ مِنْ حُكْمِهِ فِی الدُّنْیَا أَنْ یَأْمُرَكَ بِقَبُولِ الظَّاهِرِ وَ تَرْكِ التَّفْتِیشِ عَنِ الْبَاطِنِ لِأَنَّ الدُّنْیَا دَارُ إمْهَاٍل وَ إِنْظَارٍ وَ الْآخِرَةَ دَارُ الْجَزَاءِ بِلَا بُعْدٍ قَالَ وَ ما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ فِیهِمْ مَنْ یَسْتَغْفِرُ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ لَا أَنَّ فِیهِمْ (1) مَنْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ سَیُؤْمِنُ أَوْ أَنَّهُ سَیَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ ذُرِّیَّةٌ طَیِّبَةٌ یَجُودُ رَبُّكَ عَلَی هَؤُلَاءِ بِالْإِیمَانِ وَ ثَوَابِهِ وَ لَا یَقْتَطِعُهُمْ بِاخْتِرَامِ (2) آبَائِهِمُ الْكُفَّارِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَأَهْلَكَهُمْ فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ- كَذَلِكَ اقْتَرَحَ النَّاصِبُونَ آیَاتٍ فِی عَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی اقْتَرَحُوا مَا لَا یَجُوزُ فِی حِكْمَتِهِ جَهْلًا بِأَحْكَامِ اللَّهِ وَ اقْتِرَاحاً لِلْأَبَاطِیلِ عَلَی اللَّهِ (3).

«15»- یل، [الفضائل] لابن شاذان رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمْرٌ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ سَلْمَانَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَالَ قُلْ لَهُ قَدْ بَلَغَنِی عَنْكَ كَیْتَ وَ كَیْتَ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَعْتَبَ عَلَیْكَ فِی وَجْهِكَ فَیَنْبَغِی أَنْ لَا یُقَالَ فِیَّ إِلَّا الْحَقُّ فَقَدْ غُصِبْتُ حَقِّی عَلَی الْقَذَی وَ صَبَرْتُ حَتَّی تَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَنَهَضَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ بَلَّغَهُ ذَلِكَ وَ عَاتَبَهُ وَ ذَكَرَ مَنَاقِبَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذَكَرَ فَضَائِلَهُ وَ بَرَاهِینَهُ فَقَالَ عُمَرُ عِنْدِی الْكَثِیرُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَسْتُ بِمُنْكِرٍ فَضْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ یَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ وَ یُظْهِرُ الْبَغْضَاءَ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ حَدِّثْنِی بِشَیْ ءٍ مِمَّا رَأَیْتَهُ مِنْهُ فَقَالَ عُمَرُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ نَعَمْ خَلَوْتُ بِهِ ذَاتَ یَوْمٍ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَیْشِ فَقَطَعَ حَدِیثِی وَ قَامَ مِنْ عِنْدِی وَ قَالَ مَكَانَكَ حَتَّی أَعُودَ إِلَیْكَ فَقَدْ عَرَضَتْ لِی حَاجَةٌ فَمَا كَانَ أَسْرَعَ أَنْ رَجَعَ عَلِیٌّ ثَانِیَةً وَ عَلَی ثِیَابِهِ وَ عِمَامَتِهِ غُبَارٌ كَثِیرٌ فَقُلْتُ لَهُ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ فِیهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُرِیدُونَ مَدِینَةً بِالْمَشْرِقِ یُرِیدُونَ مَدِینَةَ جَیْحُونَ فَخَرَجْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَیْهِ وَ هَذِهِ الْغَبْرَةُ رَكِبَتْنِی مِنْ سُرْعَةِ الْمَشْیِ فَقَالَ عُمَرُ فَضَحِكْتُ مُتَعَجِّباً حَتَّی اسْتَلْقَیْتُ عَلَی قَفَائِی وَ قُلْتُ لَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ مَاتَ

ص: 42


1- 1. فی المصدر: لو أن فیهم.
2- 2. اخترمه: أهلكه و استأصله.
3- 3. تفسیر الإمام: 265 و 266.

وَ بَلِیَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَقِیتَهُ السَّاعَةَ وَ سَلَّمْتَ عَلَیْهِ فَهَذَا مِنَ الْعَجَائِبِ وَ مِمَّا لَا یَكُونُ فَغَضِبَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ نَظَرَ إِلَیَّ وَ قَالَ تُكَذِّبُنِی یَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ لَا تَغْضَبْ وَ عُدْ إِلَی مَا كُنَّا فِیهِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لَا یَكُونُ أَبَداً قَالَ فَإِنْ أَنْتَ رَأَیْتَهُ حَتَّی لَا تُنْكِرَ مِنْهُ شَیْئاً اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ مِمَّا قُلْتَ وَ أَضْمَرْتَ وَ أَحْدَثْتَ تَوْبَةً مِمَّا أَنْتَ فِیهِ وَ تَرَكْتَ حَقّاً لِی فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ قُمْ فَقُمْتُ مَعَهُ فَخَرَجْنَا إِلَی طَرَفِ الْمَدِینَةِ وَ قَالَ لِی غَمِّضْ عَیْنَیْكَ فَغَمَّضْتُهُمَا فَقَالَ افْتَحْهُمَا فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَلَمَّا أَطَلْتُ النَّظَرَ قَالَ لِی هَلْ رَأَیْتَهُ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ غَمِّضْ عَیْنَیْكَ فَغَمَّضْتُهُمَا ثُمَّ قَالَ افْتَحْهُمَا فَإِذَا لَا عَیْنٌ وَ لَا أَثَرٌ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ رَأَیْتَ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام غَیْرَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ إِنَّهُ اسْتَقْبَلَنِی یَوْماً وَ أَخَذَ بِیَدِی وَ مَضَی بِی إِلَی الْجَبَّانَةِ وَ كُنَّا نَتَحَدَّثُ فِی الطَّرِیقِ وَ كَانَ بِیَدِهِ قَوْسٌ فَلَمَّا صِرْنَا فِی الْجَبَّانَةِ رَمَی بِقَوْسِهِ مِنْ یَدِهِ فَصَارَ ثُعْبَاناً عَظِیماً مِثْلَ ثُعْبَانِ مُوسَی علیه السلام وَ فَتَحَ فَاهُ وَ أَقْبَلَ لِیَبْتَلِعَنِی فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ طَارَ قَلْبِی مِنَ الْخَوْفِ وَ تَنَحَّیْتُ وَ ضَحِكْتُ فِی وَجْهِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ قُلْتُ الْأَمَانَ یَا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ- وَ أَذْكُرُ مَا بَیْنِی وَ بَیْنَكَ مِنَ الْجَمِیلِ فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا الْقَوْلَ افْتَرَّ(1) ضَاحِكاً وَ قَالَ لَطُفْتَ فِی الْكَلَامِ وَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ نَشْكُرُ الْقَلِیلَ فَضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی الثُّعْبَانِ وَ أَخَذَهُ بِیَدِهِ فَإِذَا هُوَ قَوْسُهُ الَّذِی كَانَ بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ یَا سَلْمَانُ إِنِّی كَتَمْتُ ذَلِكَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَ أَخْبَرْتُكَ بِهِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ بَیْتٍ یَتَوَارَثُونَ هَذِهِ الْأُعْجُوبَةَ كَابِرٌ عَنْ كَابِرٍ وَ لَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِیمُ یَأْتِی بِمِثْلِ ذَلِكَ وَ كَانَ أَبُو طَالِبٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ یَأْتِیَانِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ أَنَا لَا أُنْكِرُ فَضْلَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ سَابِقَتَهُ وَ نَجْدَتَهُ وَ كَثْرَةَ عِلْمِهِ فَارْجِعْ إِلَیْهِ وَ اعْتَذِرْ عَنِّی إِلَیْهِ وَ أَثْنِ عَنِّی عَلَیْهِ بِالْجَمِیلِ (2).

«16»- یل، [الفضائل] لابن شاذان رَوَی عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 43


1- 1. افتر الرجل: ضحك ضحكا حسنا.
2- 2. الفضائل: 65 و 66.

جَالِساً فِی دَكَّةِ الْقَضَاءِ إِذْ نَهَضَ إِلَیْهِ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ صَفْوَانُ الْأَكْحَلُ وَ قَالَ لَهُ أَنَا رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِكَ وَ عَلَیَّ ذُنُوبٌ فَأُرِیدُ أَنْ تُطَهِّرَنِی مِنْهَا فِی الدُّنْیَا لِأَصِلَ إِلَی الْآخِرَةِ وَ مَا مَعِی ذَنْبٌ فَقَامَ الْإِمَامُ علیه السلام مَا أَعْظَمَ ذُنُوبَكَ وَ مَا هِیَ فَقَالَ أَنَا أَلُوطُ الصِّبْیَانَ فَقَالَ علیه السلام أَیُّمَا أَحَبُّ إِلَیْكَ ضَرْبَةٌ بِذِی الْفَقَارِ أَوْ أُقَلِّبُ عَلَیْكَ جِدَاراً أَوْ أَرْمِی عَلَیْكَ نَاراً فَإِنَّ ذَلِكَ جَزَاءُ مَنِ ارْتَكَبَ تِلْكَ الْمَعْصِیَةَ فَقَالَ یَا مَوْلَایَ أَحْرِقْنِی بِالنَّارِ لِأَنْجُوَ مِنْ نَارِ الْآخِرَةِ فَقَالَ علیه السلام یَا عَمَّارُ اجْمَعْ أَلْفَ حُزْمَةِ(1) قَصَبٍ لِنُضْرِمَهُ غَدَاةَ غَدٍ بِالنَّارِ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ انْهَضْ وَ أَوْصِ بِمَا لَكَ وَ بِمَا عَلَیْكَ قَالَ فَنَهَضَ الرَّجُلُ وَ أَوْصَی بِمَا لَهُ وَ مَا عَلَیْهِ وَ قَسَّمَ أَمْوَالَهُ عَلَی أَوْلَادِهِ وَ أَعْطَی كُلَّ ذِی حَقٍّ حَقَّهُ ثُمَّ بَاتَ عَلَی حُجْرَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی بَیْتِ نُوحٍ شَرْقِیِّ جَامِعِ الْكُوفَةِ فَلَمَّا صَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ یَا عَمَّارُ نَادِ بِالْكُوفَةِ- اخْرُجُوا وَ انْظُرُوا حُكْمَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ كَیْفَ یُحْرِقُ رَجُلًا مِنْ شِیعَتِهِ وَ مُحِبِّیهِ وَ هُوَ السَّاعَةَ یُرِیدُ یُحْرِقُهُ بِالنَّارِ فَبَطَلَتْ إِمَامَتُهُ فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ عَمَّارٌ فَأَخَذَ الْإِمَامُ الرَّجُلَ وَ رَمَی عَلَیْهِ أَلْفَ حُزْمَةٍ مِنَ الْقَصَبِ فَأَعْطَاهُ مِقْدَحَةً وَ كِبْرِیتاً وَ قَالَ اقْدَحْ وَ أَحْرِقْ نَفْسَكَ فَإِنْ كُنْتَ مِنْ شِیعَتِی وَ مُحِبِّیَّ وَ عَارِفِیَّ فَإِنَّكَ لَا تَحْتَرِقُ بِالنَّارِ وَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُخَالِفِینَ الْمُكَذِّبِینَ فَالنَّارُ تَأْكُلُ لَحْمَكَ وَ تَكْسِرُ عَظْمَكَ فَأَوْقَدَ الرَّجُلُ عَلَی نَفْسِهِ وَ احْتَرَقَ الْقَصَبُ وَ كَانَ عَلَی الرَّجُلِ ثِیَابٌ بِیضٌ فَلَمْ تَعْلَقْ بِهَا النَّارُ وَ لَمْ تَقْرَبْهَا الدُّخَانُ فَاسْتَفْتَحَ الْإِمَامُ علیه السلام وَ قَالَ كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللَّهِ وَ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِیداً ثُمَّ قَالَ إِنَّ شِیعَتَنَا مِنَّا وَ أَنَا قَسِیمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ أَشْهَدَ لِی بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَوَاطِنَ كَثِیرَةٍ(2).

«17»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْجُعْفِیُّ مُعَنْعَناً عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً إِلَی مَكَّةَ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ بُعَیْداً رَأَیْتُ عَمْیَاءَ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ تَقُولُ بِحَقِ (3)

مُحَمَّدٍ

ص: 44


1- 1. بالمهملة ثمّ المعجمة ما حزم و شد من الحطب و غیره.
2- 2. الفضائل: 77 و 78.
3- 3. فی المصدر: اللّٰهمّ إنّی اسألك بحق اه.

وَ آلِهِ رُدَّ عَلَیَّ بَصَرِی قَالَ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ قَوْلِهَا وَ قُلْتُ لَهَا أَیُّ حَقٍّ لِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ عَلَی اللَّهِ إِنَّمَا الْحَقُّ لَهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَتْ مَهْ یَا لُكَعُ وَ اللَّهِ مَا ارْتَضَی هُوَ حَتَّی حَلَفَ بِحَقِّهِمْ فَلَوْ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ عَلَیْهِ حَقّاً مَا حَلَفَ بِهِ قَالَ قُلْتُ وَ أَیَّ مَوْضِعٍ حَلَفَ قَالَتْ قَوْلُهُ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِی سَكْرَتِهِمْ یَعْمَهُونَ-(1) وَ الْعَمْرُ فِی كَلَامِ الْعَرَبِ الْحَیَاةُ قَالَ فَقَضَیْتُ حَجَّتِی ثُمَّ رَجَعْتُ فَإِذَا بِهَا مُبْصِرَةً فِی مَوْضِعِهَا وَ هِیَ تَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ أَحِبُّوا عَلِیّاً فَحُبُّهُ یُنْجِیكُمْ مِنَ النَّارِ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهَا وَ قُلْتُ أَ لَسْتِ الْعَمْیَاءَ بِالْأَمْسِ تَقُولِینَ بِحَقِ (2) مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ رُدَّ عَلَیَّ بَصَرِی قَالَتْ بَلَی قُلْتُ حَدِّثِینِی بِقِصَّتِكِ قَالَتْ وَ اللَّهِ مَا جُزْتَنِی حَتَّی وَقَفَ عَلَیَّ رَجُلٌ فَقَالَ لِی إِنْ رَأَیْتِ مُحَمَّداً وَ آلَهُ تَعْرِفِینَهُ قُلْتُ لَا وَ لَكِنْ بِالدَّلَالَةِ(3) الَّتِی جَاءَتْنَا قَالَتْ فَبَیْنَا هُوَ یُخَاطِبُنِی إِذْ أَتَانِی رَجُلٌ آخَرُ مُتَوَكِّئاً عَلَی رَجُلَیْنِ فَقَالَ مَا قِیَامُكَ مَعَهَا قَالَ إِنَّهَا تَسْأَلُ رَبَّهَا بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ- أَنْ یَرُدَّ عَلَیْهَا بَصَرَهَا فَادْعُ اللَّهَ لَهَا قَالَ فَدَعَا رَبَّهُ وَ مَسَحَ عَلَی عَیْنَیَّ بِیَدِهِ فَأَبْصَرْتُ فَقُلْتُ مَنْ أَنْتُمْ فَقَالَ أَنَا مُحَمَّدٌ وَ هَذَا عَلِیٌّ قَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَیْكِ بَصَرَكِ اقْعُدِی فِی مَوْضِعِكِ هَذَا حَتَّی یَرْجِعَ النَّاسُ وَ أَعْلِمِیهِمْ أَنَّ حُبَّ عَلِیٍّ یُنْجِیهِمْ مِنَ النَّارِ(4).

«18»- ج، [الإحتجاج] م، [تفسیر الإمام علیه السلام] قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَاعِداً ذَاتَ یَوْمٍ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنَ الْیُونَانِیِّینَ الْمُدَّعِینَ لِلْفَلْسَفَةِ وَ الطِّبِّ فَقَالَ یَا بَا حَسَنٍ (5) بَلَغَنِی خَبَرُ صَاحِبِكَ وَ أَنَّ بِهِ جُنُوناً وَ جِئْتُ لِأُعَالِجَهُ فَلَحِقْتُهُ قَدْ مَضَی لِسَبِیلِهِ وَ فَاتَنِی مَا أَرَدْتُ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدْ قِیلَ لِی إِنَّكَ ابْنُ عَمِّهِ وَ صِهْرُهُ وَ أَرَی (6) صُفَاراً قَدْ عَلَاكَ وَ سَاقَیْنِ دَقِیقَتَیْنِ مَا أَرَاهُمَا تُقِلَّانِكَ-(7) فَأَمَّا الصُّفَارُ فَعِنْدِی دَوَاؤُهُ وَ أَمَّا

ص: 45


1- 1. سورة الحجر: 72.
2- 2. فی المصدر: اللّٰهمّ إنّی اسألك بحق اه.
3- 3. فی المصدر: بالولاء.
4- 4. تفسیر فرات: 99- 100.
5- 5. فی المصدرین: فقال له: یا ابا الحسن.
6- 6. فی المصدرین: واری بك اه.
7- 7.«: تقلانك.

السَّاقَانِ الدَّقِیقَانِ فَلَا حِیلَةَ(1) لِتَغْلِیظِهِمَا وَ الْوَجْهُ أَنْ تَرْفُقَ بِنَفْسِكَ فِی الْمَشْیِ تُقَلِّلُهُ وَ لَا تُكَثِّرُهُ وَ فِیمَا تَحْمِلُهُ عَلَی ظَهْرِكَ وَ تَحْضُنُهُ (2) بِصَدْرِكَ أَنْ تُقَلِّلَهُمَا وَ لَا تُكَثِّرَهُمَا فَإِنَّ سَاقَیْكَ دَقِیقَانِ لَا یُؤْمَنُ عِنْدَ حَمْلِ ثَقِیلٍ انْقِصَافُهُمَا-(3) وَ أَمَّا الصُّفَارُ فَدَوَاؤُكَ (4)

عِنْدِی وَ هُوَ هَذَا وَ أَخْرَجَ دَوَاءً وَ قَالَ هَذَا لَا یُؤْذِیكَ وَ لَا یُخَیِّسُكَ-(5) وَ لَكِنَّهُ یَلْزَمُكَ حِمْیَةٌ مِنَ اللَّحْمِ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً ثُمَّ یُزِیلُ صُفَارَكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام(6) قَدْ ذَكَرْتَ نَفْعَ هَذَا الدَّوَاءِ الصُّفَارِیِّ فَهَلْ تَعْرِفُ شَیْئاً یَزِیدُ فِیهِ وَ یَضُرُّهُ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلَی حَبَّةٌ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی دَوَاءٍ مَعَهُ وَ قَالَ إِنْ تَنَاوَلَهُ الْإِنْسَانُ وَ بِهِ صُفَارٌ أَمَاتَهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ إِنْ كَانَ لَا صُفَارَ بِهِ صَارَ بِهِ صُفَارٌ حَتَّی یَمُوتَ فِی یَوْمِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَرِنِی هَذَا الضَّارَّ فَأَعْطَاهُ فَقَالَ (7) كَمْ قَدْرُ هَذَا فَقَالَ قَدْرُ مِثْقَالَیْنِ سَمٌّ نَاقِعٌ وَ قَدْرُ كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهُ یَقْتُلُ رَجُلًا فَتَنَاوَلَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَمَحَهُ (8) وَ عَرِقَ عَرَقاً خَفِیفاً وَ جَعَلَ الرَّجُلُ یَرْتَعِدُ وَ یَقُولُ فِی نَفْسِهِ الْآنَ أُوخَذُ بِابْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ یُقَالُ قَتَلْتَهُ وَ لَا یُقْبَلُ مِنِّی قَوْلِی إِنَّهُ لَهْوٌ أَلْجَأَنِی عَلَی نَفْسِی فَتَبَسَّمَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ أَصَحُّ مَا كُنْتُ بَدَناً الْآنَ لَمْ یَضُرَّنِی مَا زَعَمْتَ أَنَّهُ سَمٌّ فَغَمِّضْ عَیْنَیْكَ فَغَمَّضَ ثُمَّ قَالَ افْتَحْ عَیْنَیْكَ فَفَتَحَ فَنَظَرَ إِلَی وَجْهِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِذَا هُوَ أَبْیَضُ أَحْمَرُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً فَارْتَعَدَ الرَّجُلُ مِمَّا رَآهُ وَ تَبَسَّمَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ أَیْنَ الصُّفَارُ الَّذِی زَعَمْتَ أَنَّهُ بِی فَقَالَ وَ اللَّهِ لَكَأَنَّكَ لَسْتَ مَنْ رَأَیْتُ قَبْلُ كُنْتَ مُصْفَارّاً فَأَنْتَ الْآنَ مُوَرَّدٌ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَزَالَ عَنِّی الصُّفَارُ بِسَمِّكَ الَّذِی زَعَمْتَ أَنَّهُ قَاتِلِی وَ أَمَّا سَاقَایَ

ص: 46


1- 1. فی المصدرین: فلا حیلة لی اه.
2- 2.«: تحتضنه.
3- 3. انقصف: انكسر.
4- 4. فی المصدرین: فدواؤه.
5- 5. خاص اللحم: فسدت رائحته.
6- 6. فی المصدرین: فقال له علیّ بن أبی طالب علیه السلام.
7- 7.«: فأعطاه ایاه، فقال له.
8- 8. قمح السویق: استفه و الشراب: اخذه فی راحته فلطعه.

هَاتَانِ وَ مَدَّ رِجْلَیْهِ وَ كَشَفَ عَنْ سَاقَیْهِ فَإِنَّكَ زَعَمْتَ أَنِّی أَحْتَاجُ أَنْ أَرْفُقَ (1)

بِبَدَنِی فِی حَمْلِ مَا أَحْمِلُ عَلَیْهِ لِئَلَّا یَنْقَصِفَ السَّاقَانِ وَ أَنَا أَدُلُّكَ أَنَّ طِبَّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خِلَافُ طِبِّكَ وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی أُسْطُوَانَةِ خَشَبٍ غَلِیظَةٍ-(2)

عَلَی رَأْسِهَا سَطْحُ مَجْلِسِهِ الَّذِی هُوَ فِیهِ وَ فِی فَوْقِهِ حُجْرَتَانِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ وَ حَرَّكَهَا أَوِ احْتَمَلَهَا(3)

فَارْتَفَعَ السَّطْحُ وَ الْحِیطَانُ وَ فَوْقَهُمَا الْغُرْفَتَانِ فَغُشِیَ عَلَی الْیُونَانِیِّ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صُبُّوا عَلَیْهِ مَاءً-(4)

فَأَفَاقَ وَ هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ عَجَباً فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام هَذِهِ قُوَّةُ السَّاقَیْنِ الدَّقِیقَیْنِ وَ احْتِمَالُهُمَا فِی طِبِّكَ هَذَا یَا یُونَانِیُّ فَقَالَ الْیُونَانِیُّ أَ مِثْلَكَ كَانَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَهَلْ عِلْمِی إِلَّا مِنْ عِلْمِهِ وَ عَقْلِی إِلَّا مِنْ عَقْلِهِ وَ قُوَّتِی إِلَّا مِنْ قُوَّتِهِ لَقَدْ أَتَاهُ ثَقَفِیٌّ كَانَ أَطَبَّ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ إِنْ كَانَ بِكَ جُنُونٌ دَاوَیْتُكَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَ تُحِبُّ أَنْ أُرِیَكَ آیَةً تَعْلَمُ بِهَا غِنَایَ عَنْ طِبِّكَ وَ حَاجَتَكَ إِلَی طِبِّی قَالَ نَعَمْ قَالَ أَیَّ آیَةٍ تُرِیدُ قَالَ تَدْعُو ذَلِكَ الْعِذْقَ وَ أَشَارَ إِلَی نَخْلَةٍ سَحُوقٍ فَدَعَاهَا فَانْقَلَعَ أَصْلُهَا مِنَ الْأَرْضِ وَ هِیَ تَخُدُّ فِی الْأَرْضِ خَدّاً(5)

حَتَّی وَقَفَتْ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهُ أَ كَفَاكَ قَالَ لَا قَالَ فَتُرِیدُ مَا ذَا قَالَ تَأْمُرُهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَی حَیْثُ جَاءَتْ-(6)

وَ تَسْتَقِرَّ فِی مَقَرِّهَا الَّذِی انْقَلَعَتْ مِنْهُ فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ وَ اسْتَقَرَّتْ فِی مَقَرِّهَا.

فَقَالَ الْیُونَانِیُّ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذَا الَّذِی تَذْكُرُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله غَائِبٍ عَنِّی وَ أَنَا أَقْتَصِرُ مِنْكَ عَلَی أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَنَا أَتَبَاعَدُ عَنْكَ فَادْعُنِی وَ أَنَا لَا أَخْتَارُ الْإِجَابَةَ فَإِنْ جِئْتَ بِی إِلَیْكَ فَهِیَ آیَةٌ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذَا إِنَّمَا یَكُونُ

ص: 47


1- 1. فی المصدرین: احتاج الی أن ارفق.
2- 2.«: عظیمة.
3- 3.«: و احتملها.
4- 4. فی المصدرین بعد ذلك: فصبوا علیه ماء.
5- 5. خد الأرض: شقها و أثر فیها.
6- 6. فی المصدرین: حیث جاءت منه.

آیَةً لَكَ وَحْدَكَ لِأَنَّكَ تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ لَمْ تُرِدْ وَ أَنِّی أَزَلْتُ اخْتِیَارَكَ مِنْ غَیْرِ أَنْ بَاشَرْتَ مِنِّی شَیْئاً أَوْ مِمَّنْ أَمَرْتُهُ بِأَنْ یُبَاشِرَكَ أَوْ مِمَّنْ قَصَدَ إِلَی ذَلِكَ وَ إِنْ (1) لَمْ آمُرْهُ إِلَّا مَا یَكُونُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ الْقَاهِرِ وَ أَنْتَ یُونَانِیٌ (2) یُمْكِنُكَ أَنْ تَدَّعِیَ وَ یُمْكِنُ غَیْرَكَ أَنْ یَقُولَ إِنِّی قَدْ وَاطَأْتُكَ عَلَی ذَلِكَ فَاقْتَرِحْ إِنْ كُنْتَ مُقْتَرِحاً مَا هُوَ آیَةٌ لِجَمِیعِ الْعَالَمِینَ قَالَ لَهُ الْیُونَانِیُّ إِذَا جَعَلْتَ الِاقْتِرَاحَ إِلَیَّ فَأَنَا أَقْتَرِحُ أَنْ تَفْصِلَ أَجْزَاءَ تِلْكَ النَّخْلَةِ وَ تُفَرِّقَهَا وَ تُبَاعِدَ مَا بَیْنَهَا ثُمَّ تَجْمَعَهَا وَ تُعِیدَهَا كَمَا كَانَتْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَذِهِ آیَةٌ وَ أَنْتَ رَسُولِی إِلَیْهَا یَعْنِی إِلَی النَّخْلَةِ فَقُلْ لَهَا إِنَّ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْمُرُ أَجْزَاءَكِ أَنْ تَتَفَرَّقَ وَ تَتَبَاعَدَ فَذَهَبَ فَقَالَ لَهَا فَتَفَاصَلَتْ وَ تَهَافَتَتْ وَ تَبَتَّرَتْ (3) وَ تَصَاغَرَتْ أَجْزَاؤُهَا حَتَّی لَمْ تَرَ عَیْنٌ وَ لَا أَثَرٌ حَتَّی كَأَنْ لَمْ یَكُنْ هُنَاكَ نَخْلَةٌ قَطُّ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ الْیُونَانِیِّ وَ قَالَ یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ قَدْ أَعْطَیْتَنِی اقْتِرَاحِیَ الْأَوَّلَ فَأَعْطِنِی الْآخَرَ فَأْمُرْهَا أَنْ تَجْتَمِعَ وَ تَعُودَ كَمَا كَانَتْ فَقَالَ أَنْتَ رَسُولِی إِلَیْهَا بَعْدُ-(4) فَقُلْ لَهَا یَا أَجْزَاءَ النَّخْلَةِ إِنَّ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِی وَ كَمَا كُنْتِ تَعُودِی فَنَادَی الْیُونَانِیُّ فَقَالَ ذَلِكَ فَارْتَفَعَتْ فِی الْهَوَاءِ كَهَیْئَةِ الْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ ثُمَّ جَعَلَتْ تَجْتَمِعُ جُزْءٌ جُزْءٌ مِنْهَا حَتَّی تَصَوَّرَ لَهَا الْقُضْبَانُ وَ الْأَوْرَاقُ وَ الْأُصُولُ وَ السَّعَفُ وَ الشَّمَارِیخُ وَ الْأَعْذَاقُ (5) ثُمَّ تَأَلَّفَتْ وَ تَجَمَّعَتْ وَ اسْتَطَالَتْ وَ عَرَضَتْ وَ اسْتَقَلَّ أَصْلُهَا فِی مَقَرِّهَا وَ تَمَكَّنَ عَلَیْهَا سَاقُهَا وَ تَرَكَّبَ عَلَی السَّاقِ قُضْبَانُهَا وَ عَلَی الْقُضْبَانِ أَوْرَاقُهَا وَ فِی أَمْكِنَتِهَا أَعْذَاقُهَا-(6) وَ قَدْ كَانَتْ فِی الِابْتِدَاءِ شَمَارِیخُهَا مُتَجَرِّدَةً-(7) لِبُعْدِهَا

ص: 48


1- 1. فی تفسیر الإمام: و انی.
2- 2. فی المصدرین: یا یونانی.
3- 3. أی تقطعت. و فی الاحتجاج: و تنثرت.
4- 4. فی المصدرین: فعد.
5- 5. السعف: جرید النخل. الشمروخ: العذق علیه بسر أو عنب. و عذق النخل كالعنقود من العنب.
6- 6. فی المصدرین: و استقر.
7- 7. فی الاحتجاج: متفردة. و فی التفسیر: مجردة.

مِنْ أَوَانِ الرُّطَبِ وَ الْبُسْرِ وَ الْخَلَالِ (1) فَقَالَ الْیُونَانِیُّ وَ أُخْرَی أُحِبُّهَا(2) أَنْ تُخْرِجَ شَمَارِیخُهَا خَلَالَهَا وَ تَقْلِبَهَا مِنْ خُضْرَةٍ إِلَی صُفْرَةٍ وَ حُمْرَةٍ وَ تَرْطِیبٍ وَ بُلُوغِ إِنَاهُ (3) لِیُؤْكَلَ وَ تُطْعِمَنِی وَ مَنْ حَضَرَ مِنْهَا فَقَالَ علیه السلام(4) أَنْتَ رَسُولِی إِلَیْهَا بِذَلِكَ فَمُرْهَا بِهِ فَقَالَ لَهُ الْیُونَانِیُّ مَا أَمَرَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخَلَّتْ وَ أَبْسَرَتْ وَ اصْفَرَّتْ وَ احْمَرَّتْ وَ تَرَطَّبَتْ وَ ثَقُلَتْ أَعْذَاقُهَا بِرُطَبِهَا فَقَالَ الْیُونَانِیُّ وَ أُخْرَی أُحِبُّهَا یَقْرُبُ مِنْ یَدِی أَعْذَاقُهَا أَوْ تَطُولُ یَدِی لِتَنَالَهَا وَ أَحَبُّ شَیْ ءٍ إِلَیَّ أَنْ تُنْزِلَ إِلَیَّ أَحَدَهَا وَ تُطَوِّلَ یَدِی إِلَی الْأُخْرَی الَّتِی هِیَ أُخْتُهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُدَّ الْیَدَ الَّتِی تُرِیدُ أَنْ تَنَالَهَا وَ قُلْ یَا مُقَرِّبَ الْبَعِیدِ قَرِّبْ یَدِی مِنْهَا وَ اقْبِضِ الْأُخْرَی الَّتِی تُرِیدُ أَنْ یُتْرَكَ (5)

إِلَیْكَ الْعِذْقُ مِنْهَا وَ قُلْ یَا مُسَهِّلَ الْعَسِیرِ سَهِّلْ لِی تَنَاوُلَ مَا یَبْعُدُ عَنِّی مِنْهَا فَفَعَلَ ذَلِكَ وَ قَالَهُ فَطَالَتْ یُمْنَاهُ فَوَصَلَتْ إِلَی الْعِذْقِ وَ انْحَطَّتِ الْأَعْذَاقُ الْأُخَرُ فَسَقَطَتْ عَلَی الْأَرْضِ وَ قَدْ طَالَتْ عَرَاجِینُهَا-(6) ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّكَ إِنْ أَكَلْتَ مِنْهَا ثُمَّ لَمْ تُؤْمِنْ بِمَنْ أَظْهَرَ لَكَ عَجَائِبَهَا عَجَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْعُقُوبَةِ الَّتِی یَبْتَلِیكَ بِهَا مَا یَعْتَبِرُ بِهِ عُقَلَاءُ خَلْقِهِ وَ جُهَّالُهُمْ فَقَالَ الْیُونَانِیُّ إِنِّی إِنْ كَفَرْتُ بَعْدَ مَا رَأَیْتُ فَقَدْ بَالَغْتُ فِی الْعِنَادِ وَ تَنَاهَیْتُ فِی التَّعَرُّضِ لِلْهَلَاكِ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ خَاصَّةِ اللَّهِ صَادِقٌ فِی جَمِیعِ أَقَاوِیلِكَ عَنِ اللَّهِ فَأْمُرْنِی بِمَا تَشَاءُ أُطِعْكَ (7).

أقول: تمام الخبر فی أبواب احتجاجاته علیه السلام و قد مضی كثیر من معجزاته و مناقبه صلوات اللّٰه علیه فی أبواب معجزات الرسول صلی اللّٰه علیه و آله.

ص: 49


1- 1. بضم الخاء: الرطب.
2- 2. فی المصدرین: احب.
3- 3. الاناء: حلول الوقت. النضج.
4- 4. فی المصدرین: و من حضرك منها فقال علیّ علیه السلام.
5- 5. فی المصدرین: ان تنزل.
6- 6. جمع العرجون: اصل العذق الذی یعوج و یبقی علی النخل یابسا بعد أن تقطع عنه الشماریخ.
7- 7. الاحتجاج: 122- 124. تفسیر الإمام: 67- 69.

«19»- ختص، [الإختصاص] مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: یَا أَبَانُ كَیْفَ تُنْكِرُ(1) النَّاسُ قَوْلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا قَالَ لَوْ شِئْتُ لَرَفَعْتُ رِجْلِی هَذِهِ فَضَرَبْتُ بِهَا صَدْرَ ابْنِ أَبِی سُفْیَانَ بِالشَّامِ فَنَكَسْتُهُ عَنْ سَرِیرِهِ وَ لَا یُنْكِرُونَ تَنَاوُلَ آصَفَ وَصِیِّ سُلَیْمَانَ عَرْشَ بِلْقِیسَ وَ إِتْیَانَهُ سُلَیْمَانَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْهِ طَرْفُهُ أَ لَیْسَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله أَفْضَلَ الْأَنْبِیَاءِ وَ وَصِیُّهُ أَفْضَلَ الْأَوْصِیَاءِ أَ فَلَا جَعَلُوهُ كَوَصِیِّ سُلَیْمَانَ حَكَمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّنَا وَ أَنْكَرَ فَضْلَنَا. (2)

باب 117 ما ورد من غرائب معجزاته علیه السلام بالأسانید الغریبة

«1»- وَجَدْتُ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِیَّا العلائی [الْغَلَابِیُ] قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْمُعَافَا عَنْ وَكِیعٍ عَنْ زَاذَانَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أُحِبُّ أَنْ أَرَی مِنْ مُعْجِزَاتِكَ شَیْئاً قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ قَامَ وَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَ خَرَجَ إِلَیَّ وَ تَحْتَهُ فَرَسٌ أَدْهَمُ وَ عَلَیْهِ قَبَاءٌ أَبْیَضُ وَ قَلَنْسُوَةٌ بَیْضَاءُ ثُمَّ نَادَی یَا قَنْبَرُ أَخْرِجْ إِلَیَّ ذَلِكَ الْفَرَسَ فَأَخْرَجَ فَرَساً آخَرَ أَدْهَمَ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ارْكَبْ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ- قَالَ سَلْمَانُ فَرَكِبْتُهُ فَإِذَا لَهُ جَنَاحَانِ مُلْتَصِقَانِ إِلَی جَنْبِهِ قَالَ فَصَاحَ بِهِ الْإِمَامُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَتَعَلَّقَ فِی الْهَوَاءِ وَ كُنْتُ أَسْمَعُ حَفِیفَ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ وَ تَسْبِیحَهَا تَحْتَ الْعَرْشِ ثُمَّ خَطَوْنَا عَلَی سَاحِلِ بَحْرٍ عُجَاجٍ مُغْطَمِطِ الْأَمْوَاجِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ الْإِمَامُ شَزْراً(3) فَسَكَنَ الْبَحْرُ مِنْ غَلَیَانِهِ فَقُلْتُ

ص: 50


1- 1. فی المصدر: ینكر.
2- 2. الاختصاص: 212 و 213.
3- 3. شزر إلیه: نظر إلیه بجانب عینه مع اعراض أو غضب.

لَهُ : یَا مَوْلَایَ سَكَنَ الْبَحْرُ مِنْ غَلَیَانِهِ مِنْ نَظَرِكَ إِلَیْهِ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا سَلْمَانُ خَشِیَ أَنْ آمُرَ فِیهِ بِأَمْرٍ ثُمَّ قَبَضَ عَلَی یَدِی وَ سَارَ عَلَی وَجْهِ الْمَاءِ وَ الْفَرَسَانِ تَتْبَعَانِنَا لَا یَقُودُهُمَا أَحَدٌ فَوَ اللَّهِ مَا ابْتَلَّتْ أَقْدَامُنَا وَ لَا حَوَافِرُ الْخَیْلِ.

قَالَ سَلْمَانُ فَعَبَرْنَا ذَلِكَ الْبَحْرَ وَ رَفَعْنَا(1) إِلَی جَزِیرَةٍ كَثِیرَةِ الْأَشْجَارِ وَ الْأَثْمَارِ وَ الْأَطْیَارِ وَ الْأَنْهَارِ وَ إِذَا شَجَرَةٌ عَظِیمَةٌ بِلَا صَدْعٍ وَ لَا زَهْرٍ-(2) فَهَزَّهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِقَضِیبٍ كَانَ فِی یَدِهِ فَانْشَقَّتْ وَ خَرَجَ مِنْهَا نَاقَةٌ طُولُهَا ثَمَانُونَ ذِرَاعاً وَ عَرْضُهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً وَ خَلْفَهَا قَلُوصٌ-(3) فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ ادْنُ مِنْهَا وَ اشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا قَالَ سَلْمَانُ فَدَنَوْتُ مِنْهَا وَ شَرِبْتُ حَتَّی رَوِیتُ وَ كَانَ لَبَنُهَا أَعْذَبَ مِنَ الشَّهْدِ وَ أَلْیَنَ مِنَ الزَّبَدِ وَ قَدِ اكْتَفَیْتُ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ هَذَا حَسَنٌ یَا سَلْمَانُ فَقُلْتُ مَوْلَایَ حَسَنٌ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ تُرِیدُ أَنْ أَرَاكَ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ فَقُلْتُ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- قَالَ سَلْمَانُ فَنَادَی مَوْلَایَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ- اخْرُجِی یَا حَسْنَاءُ قَالَ فَخَرَجَتْ نَاقَةٌ طُولُهَا عِشْرُونَ وَ مِائَةُ ذِرَاعٍ وَ عَرْضُهَا سِتُّونَ ذِرَاعاً وَ رَأْسُهَا مِنَ الْیَاقُوتِ الْأَحْمَرِ وَ صَدْرُهَا مِنَ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ وَ قَوَائِمُهَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ وَ زِمَامُهَا مِنَ الْیَاقُوتِ الْأَصْفَرِ وَ جَنْبُهَا الْأَیْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ وَ جَنْبُهَا الْأَیْسَرُ مِنَ الْفِضَّةِ وَ عَرْضُهَا مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا سَلْمَانُ اشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا قَالَ سَلْمَانُ فَالْتَقَمْتُ الضَّرْعَ فَإِذَا هِیَ تَحْلُبُ عَسَلًا صَافِیاً مُخْلَصاً-(4) فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی هَذِهِ لِمَنْ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ هَذِهِ لَكَ وَ لِسَائِرِ الشِّیعَةِ مِنْ أَوْلِیَائِی ثُمَّ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ سَلَامُهُ لَهَا ارْجِعِی إِلَی الصَّخْرَةِ وَ رَجَعَتْ مِنَ الْوَقْتِ وَ سَارَ بِی فِی تِلْكَ الْجَزِیرَةِ حَتَّی وَرَدَ بِی إِلَی شَجَرَةٍ عَظِیمَةٍ عَلَیْهَا طَعَامٌ یَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ فَإِذَا بِطَائِرٍ فِی صُورَةِ النَّسْرِ الْعَظِیمِ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَثَبَ ذَلِكَ

ص: 51


1- 1. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ: و دفعنا.
2- 2. الصدع: الشق فی شی ء صلب. الزهر: نور النبات.
3- 3. القلوص من الإبل: أول ما یركب من اناثها.
4- 4. فی( خ): محضا خ ل.

الطَّائِرُ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ رَجَعَ إِلَی مَوْضِعِهِ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا هَذِهِ الْمَائِدَةُ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ هَذِهِ مَنْصُوبَةٌ فِی هَذَا الْمَكَانِ لِلشِّیعَةِ مِنْ مَوَالِیَّ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ الطَّائِرُ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقُلْتُ وَحْدَهُ یَا سَیِّدِی فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَجْتَازُ بِهِ الْخَضِرُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ مَرَّةً ثُمَّ قَبَضَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَلَی یَدِی وَ سَارَ إِلَی بَحْرٍ ثَانٍ فَعَبَرْنَا وَ إِذَا جَزِیرَةٌ عَظِیمَةٌ فِیهَا قَصْرٌ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ بَیْضَاءَ وَ شُرَفُهَا مِنْ عَقِیقٍ أَصْفَرَ وَ عَلَی كُلِّ رُكْنٍ مِنَ الْقَصْرِ سَبْعُونَ صَفّاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَأَتَوْا وَ سَلَّمُوا ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَی مَوَاضِعِهِمْ قَالَ سَلْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَی ثُمَّ دَخَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْقَصْرَ فَإِذَنْ أَشْجَارٌ وَ أَثْمَارٌ وَ أَنْهَارٌ وَ أَطْیَارٌ وَ أَلْوَانُ النَّبَاتِ فَجَعَلَ الْإِمَامُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَمْشِی فِیهِ حَتَّی وَصَلَ إِلَی آخِرِهِ فَوَقَفَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَلَی بِرْكَةٍ كَانَتْ فِی الْبُسْتَانِ ثُمَّ صَعِدَ عَلَی قَصْرٍ(1) فَإِذَنْ كُرْسِیٌّ مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ فَجَلَسَ عَلَیْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ أَشْرَفْنَا عَلَی الْقَصْرِ فَإِذَا بَحْرٌ أَسْوَدُ یُغَطْمِطُ أَمْوَاجُهُ كَالْجِبَالِ الرَّاسِیَاتِ فَنَظَرَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ شَزْراً فَسَكَنَ مِنْ غَلَیَانِهِ حَتَّی كَانَ كَالْمُذْنِبِ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی سَكَنَ الْبَحْرُ مِنْ غَلَیَانِهِ إِلَی نَظَرِهِ إِلَیْهِ-(2) فَقَالَ علیه السلام خَشِیَ أَنْ آمُرَ فِیهِ بِأَمْرٍ أَ تَدْرِی یَا سَلْمَانُ أَیُّ بَحْرٍ هَذَا فَقُلْتُ لَا یَا سَیِّدِی فَقَالَ هَذَا الَّذِی غَرِقَ فِیهِ فِرْعَوْنُ وَ مَلَؤُهُ الْمُذْنِبَةُ حَمَلَهَا جَنَاحُ جَبْرَئِیلَ علیه السلام ثُمَّ زَجَّهَا فِی هَذَا الْبَحْرِ فَهُوَ یَهْوِی لَا یَبْلُغُ قَرَارَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَلْ سِرْنَا فَرْسَخَیْنِ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا سَلْمَانُ لَقَدْ سِرْتُ خَمْسِینَ أَلْفَ فَرْسَخٍ وَ دُرْتُ حَوْلَ الدُّنْیَا عَشْرَ مَرَّاتٍ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی كَیْفَ هَذَا قَالَ علیه السلام إِذَا كَانَ ذُو الْقَرْنَیْنِ طَافَ شَرْقَهَا وَ غَرْبَهَا وَ بَلَغَ إِلَی سَدِّ یَأْجُوجَ

ص: 52


1- 1. كذا فی( ك) و فی غیره من النسخ: إلی قصر.
2- 2. كذا. و الظاهر أن تكون العبارة هكذا: فسكن من غلیانه من نظره إلیه حتّی كان كالمذنب، فقلت، یا سیدی سكن البحر من غلیانه، فقال اه.

وَ مَأْجُوجَ فَأَنَّی یَتَعَذَّرُ عَلَیَّ وَ أَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ- وَ خَلِیفَةُ رَبِّ الْعَالَمِینَ یَا سَلْمَانُ أَ مَا قَرَأْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَیْثُ یَقُولُ عالِمُ الْغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلی غَیْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ-(1) فَقُلْتُ بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام أَنَا ذَلِكَ الْمُرْتَضَی مِنَ الرَّسُولِ الَّذِی أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی غَیْبِهِ أَنَا الْعَالِمُ الرَّبَّانِیُّ أَنَا الَّذِی هَوَّنَ اللَّهُ عَلَیَّ الشَّدَائِدَ فَطَوَی لَهُ الْبَعِیدَ قَالَ سَلْمَانُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَمِعْتُ صَائِحاً یَصِیحُ فِی السَّمَاءِ أَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ لَا أَرَی الشَّخْصَ وَ هُوَ یَقُولُ صَدَقْتَ (2) أَنْتَ الصَّادِقُ الْمُصَدَّقُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْكَ قَالَ ثُمَّ نَهَضَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَرَكِبَ الْفَرَسَ وَ رَكِبْتُ مَعَهُ وَ صَاحَ بِهِمَا فَطَارَا فِی الْهَوَاءِ ثُمَّ خَطَوْنَا عَلَی بَابِ الْكُوفَةِ هَذَا كُلُّهُ وَ قَدْ مَضَی مِنَ اللَّیْلِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ فَقَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لِی یَا سَلْمَانُ الْوَیْلُ كُلُّ الْوَیْلِ لِمَنْ لَا یَعْرِفُنَا حَقَّ مَعْرِفَتِنَا وَ أَنْكَرَ وَلَایَتَنَا أَیُّمَا أَفْضَلُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله أَمْ سُلَیْمَانُ علیه السلام قُلْتُ بَلْ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَهَذَا آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا قَدَرَ أَنْ یَحْمِلَ عَرْشَ بِلْقِیسَ مِنْ فَارِسَ بِطَرْفَةِ عَیْنٍ وَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ-(3) وَ لَا أَفْعَلُ أَنَا ذَلِكَ وَ عِنْدِی مِائَةُ كِتَابٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ كِتَاباً أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی شِیثِ بْنِ آدَمَ علیهما السلام خَمْسِینَ صَحِیفَةً وَ عَلَی إِدْرِیسَ النَّبِیِّ علیه السلام ثَلَاثِینَ صَحِیفَةً وَ عَلَی نُوحٍ علیه السلام عِشْرِینَ صَحِیفَةً وَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عِشْرِینَ صَحِیفَةً وَ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ فَقُلْتُ صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَكَذَا یَكُونُ الْإِمَامُ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ الشَّاكَّ فِی أُمُورِنَا وَ عُلُومِنَا كَالْمُمْتَرِی فِی مَعْرِفَتِنَا وَ حُقُوقِنَا قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ فِی غَیْرِ مَوْضِعٍ وَ بَیَّنَ فِیهِ مَا وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَ هُوَ غَیْرُ مَكْشُوفٍ.

بیان: الغطمطة اضطراب موج البحر.

وَ مِنْهُ أَیْضاً رَوَی الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنْتُ یَوْماً مَعَ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 53


1- 1. سورة الجن: 26 و 27.
2- 2. فی( خ) و( م): صدقت صدقت.
3- 3. الصحیح كما فی القرآن المجید و( خ): علم من الكتاب.

إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ- وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ- وَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ- وَ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ وَ غَیْرُهُمْ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَرِنَا شَیْئاً مِنْ مُعْجِزَاتِكَ الَّتِی خَصَّكَ اللَّهُ بِهَا فَقَالَ علیه السلام مَا أَنْتُمْ ذَلِكَ وَ مَا سُؤَالُكُمْ عَمَّا لَا تَرْضَوْنَ بِهِ وَ اللَّهُ تَعَالَی یَقُولُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِی إِنِّی لَا أُعَذِّبُ أَحَداً مِنْ خَلْقِی إِلَّا بِحُجَّةٍ وَ بُرْهَانٍ وَ عِلْمٍ وَ بَیَانٍ لِأَنَّ رَحْمَتِی سَبَقَتْ غَضَبِی وَ كَتَبْتُ الرَّحْمَةَ عَلَیَّ فَأَنَا الرَّاحِمُ الرَّحِیمُ وَ أَنَا الْوَدُودُ الْعَلِیُّ وَ أَنَا الْمَنَّانُ الْعَظِیمُ وَ أَنَا الْعَزِیزُ الْكَرِیمُ فَإِذَا أَرْسَلْتُ رَسُولًا أَعْطَیْتُهُ بُرْهَاناً وَ أَنْزَلْتُ عَلَیْهِ كِتَاباً فَمَنْ آمَنَ بِی وَ بِرَسُولِی فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الْفَائِزُونَ وَ مَنْ كَفَرَ بِی وَ بِرَسُولِی فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ الَّذِینَ اسْتَحَقُّوا عَذَابِی فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَحْنُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ تَوَكَّلْنَا عَلَیْهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَی مَا یَقُولُونَ وَ أَنَا الْعَلِیمُ الْخَبِیرُ بِمَا یَفْعَلُونَ.

ثُمَّ قَالَ علیه السلام قُومُوا عَلَی اسْمِ اللَّهِ وَ بَرَكَاتِهِ قَالَ فَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّی أَتَی بِالْجَبَّانَةِ وَ لَمْ یَكُنْ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَاءٌ قَالَ فَنَظَرْنَا فَإِذَا رَوْضَةٌ خَضْرَاءُ ذَاتُ مَاءٍ وَ إِذَا فِی الرَّوْضَةِ غُدْرَانٌ (1) وَ فِی الْغُدْرَانِ حِیتَانٌ فَقُلْنَا وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَدَلَالَةُ الْإِمَامَةِ فَأَرِنَا غَیْرَهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِلَّا قَدْ أَدْرَكْنَا بَعْضَ مَا أَرَدْنَا فَقَالَ علیه السلام حَسْبِیَ اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ ثُمَّ أَشَارَ بِیَدِهِ الْعُلْیَا نَحْوَ الْجَبَّانَةِ فَإِذَا قُصُورٌ كَثِیرَةٌ مُكَلَّلَةٌ بِالدُّرِّ وَ الْیَاقُوتِ وَ الْجَوَاهِرِ وَ أَبْوَابُهَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ وَ إِذَا فِی الْقُصُورِ حُورٌ وَ غِلْمَانٌ وَ أَنْهَارٌ وَ أَشْجَارٌ وَ طُیُورٌ وَ نَبَاتٌ كَثِیرَةٌ فَبَقِینَا مُتَحَیِّرِینَ مُتَعَجِّبِینَ وَ إِذَا وَصَائِفُ وَ جَوَارٍ وَ وِلْدَانٌ وَ غِلْمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدِ اشْتَدَّ شَوْقُنَا إِلَیْكَ وَ إِلَی شِیعَتِكَ وَ أَوْلِیَائِكَ فَأَوْمَأَ إِلَیْهِمْ بِالسُّكُوتِ ثُمَّ رَكَضَ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ فَانْفَلَقَتِ الْأَرْضُ عَنْ عَنْبَرٍ مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ فَارْتَقَی إِلَیْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ غَمِّضُوا أَعْیُنَكُمْ فَغَمَّضْنَا أَعْیُنَنَا فَسَمِعْنَا حَفِیفَ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ بِالتَّسْبِیحِ وَ التَّهْلِیلِ

ص: 54


1- 1. بالضم جمع الغدیر: النهر: قطعة من الماء یتركها السیل.

وَ التَّحْمِیدِ وَ التَّعْظِیمِ وَ التَّقْدِیسِ ثُمَّ قَامُوا بَیْنَ یَدَیْهِ قَالُوا مُرْنَا بِأَمْرِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ خَلِیفَةَ رَبِّ الْعَالَمِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْكَ فَقَالَ علیه السلام یَا مَلَائِكَةَ رَبِّی ایتُونِی السَّاعَةَ بِإِبْلِیسِ الْأَبَالِسَةِ وَ فِرْعَوْنِ الْفَرَاعِنَةِ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَیْنٍ حَتَّی أَحْضَرُوهُ عِنْدَهُ فَقَالَ علیه السلام ارْفَعُوا أَعْیُنَكُمْ قَالَ فَرَفَعْنَا أَعْیُنَنَا وَ نَحْنُ لَا نَسْتَطِیعُ أَنْ نَنْظُرَ إِلَیْهِ مِنْ شُعَاعِ نُورِ الْمَلَائِكَةِ فَقُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اللَّهَ اللَّهَ فِی أَبْصَارِنَا فَمَا نَنْظُرُ شَیْئاً الْبَتَةَ وَ سَمِعْنَا صَلْصَلَةَ(1) السَّلَاسِلِ وَ اصْطِكَاكَ الْأَغْلَالِ وَ هَبَّتْ رِیحٌ عَظِیمَةٌ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ یَا خَلِیفَةَ اللَّهِ زِدِ الْمَلْعُونَ لَعْنَةً وَ ضَاعِفْ عَلَیْهِ الْعَذَابَ فَقُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اللَّهَ اللَّهَ فِی أَبْصَارِنَا وَ مَسَامِعِنَا فَوَ اللَّهِ مَا نَقْدِرُ عَلَی احْتِمَالِ هَذَا السِّرِّ وَ الْقَدْرِ قَالَ فَلَمَّا جَرُّوهُ بَیْنَ یَدَیْهِ قَامَ وَ قَالَ وَا وَیْلَاهْ مِنْ ظُلْمِ آلِ مُحَمَّدٍ وَا وَیْلَاهْ مِنِ اجْتِرَائِی عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ یَا سَیِّدِی ارْحَمْنِی فَإِنِّی لَا أَحْتَمِلُ هَذَا الْعَذَابَ فَقَالَ علیه السلام لَا رَحِمَكَ اللَّهُ وَ لَا غَفَرَ لَكَ أَیُّهَا الرِّجْسُ النِّجْسُ الْخَبِیثُ الْمُخْبِثُ الشَّیْطَانُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْنَا وَ قَالَ علیه السلام أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ هَذَا بِاسْمِهِ وَ جِسْمِهِ قُلْنَا نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام سَلُوهُ حَتَّی یُخْبِرَكُمْ مَنْ هُوَ فَقَالُوا مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا إِبْلِیسُ الْأَبَالِسَةِ وَ فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَا الَّذِی جَحَدْتُ سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ خَلِیفَةَ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ أَنْكَرْتُ آیَاتِهِ وَ مُعْجِزَاتِهِ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا قَوْمِ غَمِّضُوا أَعْیُنَكُمْ فَغَمَّضْنَا أَعْیُنَنَا فَتَكَلَّمَ علیه السلام بِكَلَامٍ أَخْفَی فَإِذَا نَحْنُ فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی كُنَّا فِیهِ لَا قُصُورَ وَ لَا مَاءَ وَ لَا غُدْرَانَ وَ لَا أَشْجَارَ.

قَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ الَّذِی أَكْرَمَنِی بِمَا رَأَیْتُ مِنْ تِلْكَ الدَّلَائِلِ وَ الْمُعْجِزَاتِ مَا تَفَرَّقَ الْقَوْمُ حَتَّی ارْتَابُوا وَ شَكُّوا وَ قَالَ بَعْضُهُمْ سِحْرٌ وَ كِهَانَةٌ وَ إِفْكٌ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَمْ یُعَاقَبُوا وَ لَمْ یُمْسَخُوا إِلَّا بَعْدَ مَا سَأَلُوا الْآیَاتِ وَ الدَّلَالاتِ فَقَدْ حَلَّتْ عُقُوبَةُ اللَّهِ بِهِمْ وَ الْآنَ حَلَّتْ لَعْنَةُ اللَّهِ فِیكُمْ وَ عُقُوبَتُهُ عَلَیْكُمْ قَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّی أَیْقَنْتُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ حَلَّتْ بِتَكْذِیبِهِمُ الدَّلَالاتِ وَ الْمُعْجِزَاتِ.

ص: 55


1- 1. الصلصلة: الصوت.

عَنْ عَمَّارِ(1)

بْنِ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ جَالِساً بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ لَمْ یَكُنْ سِوَایَ أَحَدٌ فِیهِ وَ إِذَا هُوَ یَقُولُ صَدِّقِیهِ صَدِّقِیهِ فَالْتَفَتُّ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَلَمْ أَرَ أَحَداً فَبَقِیتُ مُتَعَجِّباً فَقَالَ لِی یَا عَمَّارُ كَأَنِّی بِكَ تَقُولُ لِمَنْ یُكَلِّمُ عَلَیَّ فَقُلْتُ هُوَ كَذَلِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِی وَ إِذَا أَنَا بِحَمَامَتَیْنِ یَتَجَاوَبَانِ فَقَالَ لِی یَا عَمَّارُ أَ تَدْرِی مَا تَقُولُ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَی فَقُلْتُ لَا وَ عَیْشِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ تَقُولُ الْأُنْثَی لِلذَّكَرِ أَنْتَ اسْتَبْدَلْتَ بِی غَیْرِی وَ هَجَرْتَنِی وَ أَخَذْتَ سِوَایَ وَ هُوَ یَحْلِفُ لَهَا وَ یَقُولُ مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَ هِیَ تَقُولُ مَا أُصَدِّقُكَ فَقَالَ لَهَا وَ حَقِّ هَذَا الْقَاعِدِ فِی هَذَا الْجَامِعِ مَا اسْتَبْدَلْتُ بِكِ سِوَاكِ وَ لَا أَخَذْتُ غَیْرَكِ فَهَمَّتْ أَنْ تُكَذِّبَهُ فَقُلْتُ لَهَا صَدِّقِیهِ صَدِّقِیهِ قَالَ عَمَّارٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا عَلِمْتُ أَحَداً یَعْلَمُ مَنْطِقَ الطَّیْرِ إِلَّا سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا عَمَّارُ وَ اللَّهِ إِنَّ سُلَیْمَانَ بْنَ دَاوُدَ علیه السلام سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَی بِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ حَتَّی عُلِّمَ مَنْطِقَ الطَّیْرِ.

ص: 56


1- 1. فی( خ): نقل من كتاب صفوة الاخبار عن الأئمّة الاطهار اه.

أبواب ما یتعلق به و من ینتسب إلیه

باب 118 أسلحته و ملابسه و مراكبه و لوائه و سائر ما یتعلق به صلوات اللّٰه علیه من أشباه ذلك

«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب تَفْسِیرُ السُّدِّیِّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ(1) قَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ مَعَهُ ذُو الْفَقَارِ خَلَقَ مِنْ وَرَقِ آسِ (2) الْجَنَّةِ ثُمَّ قَالَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ فَكَانَ بِهِ یُحَارِبُ آدَمُ أَعْدَاءَهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الشَّیَاطِینِ وَ كَانَ عَلَیْهِ مَكْتُوباً لَا یَزَالُ أَنْبِیَائِی یُحَارِبُونَ بِهِ نَبِیٌّ بَعْدَ نَبِیٍّ وَ صِدِّیقٌ بَعْدَ صِدِّیقٍ حَتَّی یَرِثَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَیُحَارِبَ بِهِ عَنِ النَّبِیِّ الْأُمِّیِ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٍ إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزٌ مَنِیعٌ مِنَ النَّقِمَةِ بِالْكُفَّارِ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام. وَ قَدْ رَوَی كَافَّةُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآیَةِ ذُو الْفَقَارِ أُنْزِلَ (3)

مِنَ السَّمَاءِ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَعْطَاهُ عَلِیّاً- وَ سُئِلَ الرِّضَا علیه السلام مِنْ أَیْنَ هُوَ فَقَالَ هَبَطَ بِهِ جَبْرَئِیلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ كَانَ حُلِیُّهُ مِنْ فِضَّةٍ وَ هُوَ عِنْدِی وَ قِیلَ أُمِرَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام أَنْ یَتَّخِذَ مِنْ صَنَمٍ حَدِیدٍ فِی الْیَمَنِ فَذَهَبَ عَلِیٌّ وَ كَسَرَهُ فَاتُّخِذَ مِنْهُ سَیْفَانِ مِخْدَمٌ وَ ذُو الْفَقَارِ وَ طَبَعَهُمَا(4) عُمَیْرٌ الصَّیْقَلُ وَ قِیلَ صَارَ إِلَیْهِ یَوْمَ بَدْرٍ

ص: 57


1- 1. سورة الحدید: 25.
2- 2. الاس: شجر یعرف بالریحان.
3- 3. فی المصدر: انزل به.
4- 4. طبع السیف: عمله و صاغه.

أَخَذَهُ مِنَ الْعَاصِ بْنِ مُنَبِّهٍ السَّهْمِیِّ وَ قَدْ قَتَلَهُ وَ قِیلَ كَانَ مِنْ هَدَایَا بِلْقِیسَ إِلَی سُلَیْمَانَ وَ قِیلَ أَخَذَهُ مِنْ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ السَّهْمِیِّ- فِی غَزَاةِ بَنِی الْمُصْطَلِقِ بَعْدَ أَنْ قَتَلَهُ وَ قِیلَ كَانَ سَعَفَ نَخْلٍ نَفَثَ فِیهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَارَ سَیْفاً وَ قِیلَ صَارَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ فَأَعْطَاهُ عَلِیّاً- ثُمَّ كَانَ مَعَ الْحَسَنِ ثُمَّ مَعَ الْحُسَیْنِ إِلَی أَنْ بَلَغَ الْمَهْدِیَّ علیه السلام.

سُئِلَ الصَّادِقُ علیه السلام لِمَ سُمِّیَ ذُو الْفَقَارِ: فَقَالَ إِنَّمَا سُمِّیَ ذُو الْفَقَارِ لِأَنَّهُ مَا ضَرَبَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَحَداً إِلَّا افْتَقَرَ فِی الدُّنْیَا مِنَ الْحَیَاةِ وَ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ.

عَلَّانٌ الْكُلَیْنِیُّ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّمَا سُمِّیَ سَیْفُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذُو الْفَقَارِ- لِأَنَّهُ كَانَ فِی وَسَطِهِ خَطَّةٌ فِی طُولِهِ مُشَبَّهَةٌ بِفَقَارِ الظَّهْرِ وَ زَعَمَ الْأَصْمَعِیُّ أَنَّهُ كَانَ فِیهِ ثَمَانِیَ عَشْرَةَ فَقَارَةً.

تَارِیخُ أَبِی یَعْقُوبَ: كَانَ طُولُهُ سَبْعَةَ أَشْبَارٍ وَ عَرْضُهُ شِبْرٌ فِی وَسَطِهِ كَالْفَقَارِ.

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی جَبْرَئِیلَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ عَلَی كُرْسِیٍّ مِنْ ذَهَبٍ وَ هُوَ یَقُولُ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ.

الْقَاضِی أَبُو بَكْرٍ الْجِعَابِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: نَادَی مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ یَوْمَ أُحُدٍ یُقَالُ لَهُ رِضْوَانُ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ.

وَ مِثْلُهُ فِی إِرْشَادِ الْمُفِیدِ وَ أَمَالِی الطُّوسِیِّ عَنْ عِكْرِمَةَ وَ أَبِی رَافِعٍ وَ قَدْ رَوَاهُ السَّمْعَانِیُّ فِی فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَ ابْنُ بَطَّةَ فِی الْإِبَانَةِ: إِلَّا أَنَّهُمَا قَالا یَوْمَ بَدْرٍ-.

دِرْعُهُ علیه السلام رَآهُ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ الْهَمْدَانِیُّ: فِی الْحَرْبِ وَ عَلَیْهِ ثَوْبَانِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ نَعَمْ یَا قَیْسُ إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَ لَهُ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَ وَاقِیَةٌ مَلَكَانِ یَحْفَظَانِهِ مِنْ أَنْ یَسْقُطَ مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ أَوْ یَقَعَ فِی بِئْرٍ فَإِذَا نَزَلَ الْقَضَاءُ خَلَّیَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ كُلِّ شَیْ ءٍ وَ كَانَ مَكْتُوباً عَلَی دِرْعِهِ علیه السلام

أَیَّ یَوْمَیَّ مِنَ الْمَوْتِ أَفِرُّ***یَوْمَ لَا یُقَدَّرُ أَمْ یَوْمَ قُدِّرَ

یَوْمَ لَا یُقَدَّرُ لَا أَخْشَی الْوَغَی***یَوْمَ قَدْ قُدِّرَ لَا یُغْنِی الْحَذَرُ

وَ رُوِیَ أَنَّ دِرْعَهُ علیه السلام كَانَتْ لَا قَبَّ لَهَا أَیْ لَا ظَهْرَ لَهَا فَقِیلَ فِی ذَلِكَ فَقَالَ :

ص: 58

إِنْ وَلَّیْتُ فَلَا وَأَلْتُ أَیْ نَجَوْتُ.

وَ كَانَ لَهُ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ سَائِلٌ*** عَلَی ظَهْرِهِ فِی الدِّرْعِ كَالسَّطْرِ إِذَا سُطِرَ(1)

مَرْكُوبُهُ علیه السلام بَغْلَةٌ بَیْضَاءٌ یُقَالُ لَهَا دُلْدُلٌ أَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّمَا سُمِّیَتْ دُلْدُلٌ لِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ یَوْمَ حُنَیْنٍ قَالَ دُلْدُلْ فَوَضَعَتْ بَطْنَهَا عَلَی الْأَرْضِ فَأَخَذَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَی بِهَا فِی وُجُوهِهِمْ ثُمَّ أَعْطَاهَا عَلِیّاً علیه السلام وَ ذَلِكَ دُونَ الْفَرَسِ وَ قِیلَ لَهُ لِمَ لَا تَرْكَبُ الْخَیْلَ وَ طِلَابُكَ كَثِیرٌ فَقَالَ الْخَیْلُ لِلطَّلَبِ وَ الْهَرَبِ وَ لَسْتُ أَطْلُبُ مُدْبِراً وَ لَا أَنْصَرِفُ عَنْ مُقْبِلٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أَكِرُّ عَلَی مَنْ فَرَّ وَ لَا أَفِرُّ مِمَّنْ كَرَّ وَ الْبَغْلَةُ تُزْجِینِی أَیْ تَكْفِینِی.

فصل فی لوائه و خاتمه علیه السلام

محمد الكسائی فی المبتدإ إن أول حرب كانت بین بنی آدم ما كان بین شیث و قابیل و ذلك أن اللّٰه تعالی أهدی إلیه حلة بیضاء و رفعت الملائكة له رایة بیضاء فسلسلت الملائكة لقابیل و حملوه إلی عین الشمس و مات فیها و صارت ذریته عبید الشیث و فی الخبر أول من اتخذ الرایات إبراهیم الخلیل علیه السلام.

ابن أبی البختری و سائر أهل السیر أنه كانت رایة قریش و لواؤها جمیعا بیدی قصی بن كلاب ثم لم تزل الرایة فی یدی عبد المطلب فلما بعث النبی صلی اللّٰه علیه و آله أقرها فی بنی هاشم و دفعها إلی علی علیه السلام فی أول غزاة حمل فیها و هی ودان فلم تزل معه و كان اللواء یومئذ فی عبد الدار فأعطاه النبی صلی اللّٰه علیه و آله مصعب بن عمیر فاستشهد یوم أحد فأخذها النبی صلی اللّٰه علیه و آله و دفعها إلی علی علیه السلام فجمع یومئذ له الرایة و اللواء و هما أبیضان و ذكره الطبری فی تاریخه و القشیری فی تفسیره.

تنبیه المذكرین: زید بن علی عن آبائه علیهم السلام: كسرت زند علی علیه السلام یوم أحد و فی یده لواء رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فسقط اللواء من یده فتحاماه المسلمون أن یأخذوه فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فضعوه فی یده الشمال فإنه صاحب لوائی فی الدنیا و الآخرة.

ص: 59


1- 1. فی المصدر: اذ سطر. و لم نفهم المراد من التشبیه.

وَ فِی رِوَایَةِ غَیْرِهِ فَرَفَعَهُ وَ أَعْطَاهُ عَلِیّاً علیه السلام وَ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنْتَ صَاحِبُ رَایَتِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.

المواعظ و الزواجر عن العسكری: أن مالك بن دینار سأل سعید بن جبیر من كان صاحب لواء النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال علی بن أبی طالب.

عبد اللّٰه بن حنبل أنه لما سأل مالك بن دینار سعید بن جبیر عن ذلك قال فنظر إلی فقال كأنك رخی البال فغضبت و شكوت إلی القراء فقالوا إنك سألته و هو خائف من الحجاج و قد لاذ بالبیت فاسأله الآن فسألته فقال كان حاملها علی كان حاملها علی كذا سمعته من عبد اللّٰه بن عباس.

تاریخ الطبری و البلاذری و صحیحی المسلم و البخاری: أنه لما أراد النبی صلی اللّٰه علیه و آله أن یخرج إلی بدر اختار كل قوم رایة فاختار حمزة حمراء و بنو أمیة خضراء و علی بن أبی طالب علیه السلام صفراء و كانت رایة النبی صلی اللّٰه علیه و آله بیضاء فأعطاها علیا یوم خیبر لما قال لأعطین الرایة غدا رجلا الخبر و كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله عقد لحمزة و لعبیدة بن الحارث و لسعد بن أبی وقاص ألویة بیضاء.

و كان مكتوبا علی علم أمیر المؤمنین علیه السلام:

الحرب إن باشرتها فلا یكن منك الفشل***و اصبر علی أهوالها لا موت إلا بالأجل.

و علی رایته علیه السلام:

هذا علی و الهدی یقوده***من خیر فتیان قریش عوده

و حدثنی ابن كادش فی تكذیب العصابة العلویة فی ادعائهم الإمامة النبویة: أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله رأی العباس فی ثوبین أبیضین فقال إنه لأبیض الثوبین و هذا جبرئیل یخبرنی أن ولده یلبسون السواد.

عبد اللّٰه بن أحمد بن حنبل فی كتاب صفین أنه نشر عمرو بن العاص فی یوم صفین رایة سوداء الخبر.

وَ فِی أَخْبَارِ دِمَشْقَ عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِیِّ قَالَ ثَوْبَانُ: قَالَ

ص: 60

النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: یَكُونُ لِبَنِی الْعَبَّاسِ رَایَتَانِ مَرْكَزُهُمَا كُفْرٌ وَ أَعْلَاهُمَا ضَلَالَةٌ إِنْ أَدْرَكْتَهَا یَا ثَوْبَانُ فَلَا تَسْتَظِلَّ بِظِلِّهِمَا(1).

أبی بن كعب أول الرایات السود نصر و أوسطها غدر و آخرها كفر فمن أعانهم كان كمن أعان فرعون علی موسی.

تَارِیخُ بَغْدَادَ قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: إِذَا أَقْبَلَتِ الرَّایَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَإِنَّ أَوَّلَهَا فِتْنَةٌ وَ أَوْسَطَهَا هَرْجٌ وَ آخِرَهَا ضَلَالَةٌ.

أخبار الدمشق عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أبو أمامة فی خبر أولها منشور و آخرها مثبور(2).

تاریخ الطبری إن إبراهیم الإمام أنفذ إلی أبی مسلم لواء النصرة و ظل السحاب و كان أبیض طوله أربعة عشر ذراعا مكتوب علیها بالحبر أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ(3) فأمر أبو مسلم غلامه أرقم أن یتحول بكل لون من الثیاب فلما لبس السواد قال معه هیبة فاختاره خلافا لبنی أمیة و هیبة للناظر و كانوا یقولون هذا السواد حداد(4) آل محمد صلوات اللّٰه علیهم و شهداء كربلاء و زید و یحیی خاتمه علیه السلام

سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: یَا عَلِیُّ تَخَتَّمْ بِالْعَقِیقِ تَكُنْ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْمُقَرَّبُونَ قَالَ جَبْرَائِیلُ وَ مِیكَائِیلُ قَالَ فَبِمَ أَتَخَتَّمُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِالْعَقِیقِ الْأَحْمَرِ.

ابْنُ عَبَّاسٍ وَ صَعْصَعَةُ وَ عَائِشَةُ: أَنَّهُ هَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ رَبِّی یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ الْبَسْ خَاتَمَكَ بِیَمِینِكَ وَ اجْعَلْ فَصَّهُ عَقِیقاً وَ قُلْ لِابْنِ عَمِّكَ یَلْبَسْ خَاتَمَهُ بِیَمِینِهِ وَ یَجْعَلْ فَصَّهُ عَقِیقاً فَقَالَ عَلِیٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْعَقِیقُ قَالَ الْعَقِیقُ جَبَلٌ فِی الْیَمَنِ وَ الْخَبَرُ مَذْكُورٌ فِی فَضْلِ الْمِیثَاقِ.

ص: 61


1- 1. فی المصدر: بظلها.
2- 2. أی ملعون و مطرود.
3- 3. سورة الحجّ: 39.
4- 4. الحداد- بالكسر-: ثیاب المأتم السود.

زِیَادٌ الْقَنْدِیُّ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَی بْنَ عِمْرَانَ عَلَی جَبَلِ طُورِ سَیْنَاءَ اطَّلَعَ عَلَی الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَخَلَقَ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ الْعَقِیقَ وَ قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَی نَفْسِی أَنْ لَا أُعَذِّبَ كَفَّ لَابِسِكَ إِذَا تَوَلَّی عَلِیّاً علیه السلام بِالنَّارِ.

ابن عباس و السدی: كان لأمیر المؤمنین علیه السلام أربعة خواتیم یاقوت لنبله (1) فیروزج لنصره حدید صینی لقوته عقیق لحرزه.

صَحِیحُ الْبُخَارِیِّ وَ شَمَائِلُ التِّرْمِذِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَ جَامِعُ الْبَیْهَقِیِّ عَنْ جَابِرٍ وَ عَنْ أَنَسٍ وَ تَخَتُّمُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِیِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَیَّبِ عَنْ زَیْنِ الْعَابِدِینَ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام وَ تَخَتُّمُ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی بْنِ الْمُحْتَسِبِ عَنْ هَاشِمِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَائِشَةَ وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ وَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَنَسٍ وَ عَنْ جَابِرٍ كُلِّهِمْ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله: أَنَّهُ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَخَتَّمُ فِی یَمِینِهِ وَ زَادَ بَعْضُهُمْ فِی الرِّوَایَةِ وَ قُبِضَ وَ الْخَاتَمُ فِی یَمِینِهِ.

و قال أبو أمامة: كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله یجعل خاتمه فی یمینه.

عكرمة و الضحاك عن ابن عباس: أنه كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله یتختم فی الید الیمنی.

شمائل الترمذی و سنن السجستانی و تختم المحتسب: أنه كان علی علیه السلام یتختم فی یمینه.

جامع البیهقی كان ابن عباس و عبد اللّٰه بن جعفر یتختمان فی یمینهما.

الراغب فی محاضراته كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه یتختمون فی أیمانهم و أول من تختم فی یساره معاویة.

نتف أبی عبد اللّٰه السلامی أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله كان یتختم فی یمینه و الخلفاء الأربعة بعده فنقلها معاویة إلی الیسار و أخذ الناس بذلك فبقی كذلك أیام المروانیة فنقلها السفاح إلی الیمین فبقی إلی أیام الرشید

ص: 62


1- 1. النبل- بضم النون-: الذكاء و النجابة و الفضل و الشوكة.

فنقلها إلی الیسار و أخذ الناس بذلك و اشتهر أن عمرو بن العاص عند التحكیم سلها من یده الیمنی و قال خلعت الخلافة من علی كخلعی خاتمی هذا من یمینی و جعلتها فی معاویة كما جعلت هذا فی یساری.

نقوش الخواتیم عن الجاحظ أنه كان آدم و إدریس و إبراهیم و إسماعیل و إسحاق و إلیاس و یعقوب و داود و سلیمان و یوسف و دانیال و یوشع و ذو القرنین و یونس و لوط و هود و شعیب و زكریا و یحیی و صالح و عزیر و أیوب و لقمان و عیسی و محمد علیهم السلام یتختمون فی أیمانهم الصَّعْقَبُ (1) بْنُ زُهَیْرٍ: أَنَّهُ سُئِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنِ التَّخَتُّمِ فِی الْیَمِینِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا(2) الْآیَةَ قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنْ نَبِیٍّ إِلَّا وَ أَنَا بَشِیرُهُ وَ نَذِیرُهُ فَمَا افْتَخَرْتُ بِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَّا بِكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا جَبْرَئِیلُ أَنْتَ مِنَّا فَقَالَ جَبْرَئِیلُ أَنَا مِنْكُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ مِنَّا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ بَیِّنْ لِی لِیَكُونَ لِی فَرَجٌ لِأُمَّتِكَ فَأَخَذَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خَاتَمَهُ بِشِمَالِهِ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَوَّلُكُمْ وَ ثَانِیكُمْ عَلِیٌّ- وَ ثَالِثُكُمْ فَاطِمَةُ وَ رَابِعُكُمُ الْحَسَنُ وَ خَامِسُكُمُ الْحُسَیْنُ- وَ سَادِسُكُمْ جَبْرَئِیلُ وَ جَعَلَ خَاتَمَهُ فِی إِصْبَعِهِ الْیُمْنَی فَقَالَ أَنْتَ سَادِسُنَا یَا جَبْرَئِیلُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ تَخَتَّمَ فِی یَمِینِهِ (3) وَ أَرَادَ بِذَلِكَ سُنَّتَكَ وَ رَأَیْتُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مُتَحَیِّراً إِلَّا أَخَذْتُ بِیَدِهِ وَ أَوْصَلْتُهُ إِلَیْكَ وَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام. (4)

«2»- یف، [الطرائف] ابْنُ الْمَغَازِلِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمُنَادِیَ نَادَی

ص: 63


1- 1. فی المصدر« الصقعب». و فی هامشه: بتقدیم القاف علی العین المهملة- و زان جعفر- ابن زهیر بن عبد اللّٰه بن زهیر الأزدیّ الكوفیّ. قال ابن حجر فی التقریب: ثقة من السادسة.
2- 2. سورة آل عمران: 61.
3- 3. فی المصدر: بیمینه.
4- 4. مناقب آل أبی طالب 2: 69- 75.

یَوْمَ أُحُدٍ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ. وَ رَوَی أَیْضاً: أَنَّ الْمُنَادِیَ كَانَ قَدْ نَادَی بِذَلِكَ یَوْمَ الْبَدْرِ. وَ رَوَی أَیْضاً بِإِسْنَادِهِ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ علیهما السلام قَالَ: نَادَی مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ یَوْمَ بَدْرٍ وَ یُقَالُ لَهُ رِضْوَانُ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌ (1).

«3»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: كَانَ لَهُ علیه السلام بَغْلَةٌ یُقَالُ لَهُ الشَّهْبَاءُ وَ دُلْدُلٌ أَهْدَاهَا إِلَیْهِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله(2).

«4»- كا، [الكافی] حُمَیْدٌ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنِ الطَّاطَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: عَلِیٌّ علیه السلام شَدَّ عَلَی بَطْنِهِ یَوْمَ الْجَمَلِ بِعِقَالٍ أَبْرَقَ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِیلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَشُدُّ بِهِ عَلَی بَطْنِهِ إِذَا لَبِسَ الدِّرْعَ (3).

«5»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] هَانِئُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْعَبْدِیُّ عَنْ أَبِیهِ رَفَعَهُ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ علیهما السلام: فِیمَا نَاظَرَ بِهِ الرَّشِیدُ فِی تَفْضِیلِ الْعِتْرَةِ-(4)

قَالَ علیه السلام إِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَی أَنَّ جَبْرَئِیلَ قَالَ یَوْمَ أُحُدٍ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذِهِ لَهِیَ الْمُوَاسَاةُ مِنْ عَلِیٍّ: قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ قَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ أَنَا مِنْكُمَا یَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ فَكَانَ كَمَا مَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ خَلِیلَهُ علیه السلام إِذْ یَقُولُ فَتًی یَذْكُرُهُمْ یُقالُ لَهُ إِبْراهِیمُ إِنَّا مَعْشَرَ بَنِی عَمِّكَ نَفْتَخِرُ بِقَوْلِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام إِنَّهُ مِنَّا(5).

«6»- لی، [الأمالی] للصدوق مع، [معانی الأخبار] ابْنُ إِدْرِیسَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ وَ ابْنِ یَزِیدَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الصُّهْبَانِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: إِنَّ أَعْرَابِیّاً أَتَی رَسُولَ اللَّهِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ فِی رِدَاءٍ مُمَشَّقٍ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ لَقَدْ خَرَجْتَ إِلَیَّ كَأَنَّكَ فَتًی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله نَعَمْ یَا أَعْرَابِیُّ أَنَا الْفَتَی ابْنُ الْفَتَی أَخُو الْفَتَی فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَمَّا الْفَتَی فَنَعَمْ فَكَیْفَ ابْنُ الْفَتَی وَ أَخُو الْفَتَی فَقَالَ أَ مَا

ص: 64


1- 1. الطرائف: 22.
2- 2. مناقب آل أبی طالب 2: 77.
3- 3. روضة الكافی.
4- 4. العترة ظ.( ب).
5- 5. عیون الأخبار: 49 و الطبعة الحدیثة ج 1: 85.

سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ قالُوا سَمِعْنا فَتًی یَذْكُرُهُمْ یُقالُ لَهُ إِبْراهِیمُ-(1) فَأَنَا ابْنُ إِبْرَاهِیمَ وَ أَمَّا أَخُو الْفَتَی فَإِنَّ مُنَادِیاً نَادَی مِنَ السَّمَاءِ(2) یَوْمَ أُحُدٍ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ- فَعَلِیٌّ أَخِی وَ أَنَا أَخُوهُ (3).

قب، [المناقب] لابن شهرآشوب مرسلا: مثله (4).

«7»- ع، [علل الشرائع] مع، [معانی الأخبار] ابْنُ عِصَامٍ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنْ عَلَّانٍ رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّیَ سَیْفُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَا الْفَقَارِ لِأَنَّهُ كَانَ فِی وَسَطِهِ خَطَّةٌ فِی طُولِهِ فَشُبِّهَ (5) بِفَقَارِ الظَّهْرِ فَسُمِّیَ ذَا الْفَقَارِ لِذَلِكَ وَ كَانَ سَیْفاً نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام مِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ حَلْقَتُهُ فِضَّةً وَ هُوَ الَّذِی نَادَی بِهِ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌ (6).

أقول: قد مضی بعض أخبار الباب فی باب غزوة أحد.

«8»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْیَقْطِینِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا علیه السلام عَنْ ذِی الْفَقَارِ سَیْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَیْنَ هُوَ فَقَالَ هَبَطَ بِهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام مِنَ السَّمَاءِ وَ كَانَ حِلْیَتُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَ هُوَ عِنْدِی (7).

یر، [بصائر الدرجات] عبد اللّٰه بن جعفر عن محمد بن عیسی عن أحمد بن عبد اللّٰه: مثله (8).

«9»- ع، [علل الشرائع] الْهَمْدَانِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ وَ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ مَعاً عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ

ص: 65


1- 1. سورة الأنبیاء: 60.
2- 2. فی المعانی: فی السماء.
3- 3. أمالی الصدوق: 120 و 121. معانی الأخبار: 119.
4- 4. لم نظفر به فی المناقب.
5- 5. فی المعانی: تشبه.
6- 6. علل الشرائع: 64. معانی الأخبار: 63.
7- 7. عیون الأخبار: 214. أمالی الصدوق: 174.
8- 8. بصائر الدرجات: 48.

رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی لَمْ یَبْقَ مَعَهُ إِلَّا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَبُو دُجَانَةَ-(1) وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام كُلَّمَا حَمَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَقْبَلَهُمْ وَ رَدَّهُمْ حَتَّی أَكْثَرَ فِیهِمُ الْقَتْلَ وَ الْجِرَاحَاتِ حَتَّی انْكَسَرَ سَیْفُهُ فَجَاءَ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ یُقَاتِلُ بِسِلَاحِهِ وَ قَدِ انْكَسَرَ سَیْفِی فَأَعْطَاهُ علیه السلام سَیْفَهُ ذَا الْفَقَارِ فَمَا زَالَ یَدْفَعُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أُثِّرَ وَ أُنْكِرَ-(2) فَنَزَلَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذِهِ لَهِیَ الْمُوَاسَاةُ مِنْ عَلِیٍّ لَكَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَئِیلُ علیه السلام وَ أَنَا مِنْكُمَا وَ سَمِعُوا دَوِیّاً مِنَ السَّمَاءِ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌ (3).

«10»- ع، [علل الشرائع] الدَّقَّاقُ وَ ابْنُ عِصَامٍ مَعاً عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ الْفَزَارِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَ سُمِّیَ سَیْفُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَا الْفَقَارِ فَقَالَ علیه السلام لِأَنَّهُ مَا ضُرِبَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا أَفْقَرَهُ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا(4)

مِنْ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ أَفْقَرَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الْجَنَّةِ(5).

أقول: قد مر الأخبار فی باب علامات الإمام أنه عند الأئمة علیهم السلام.

«11»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ بِشْرِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مَشِیخَتِهِ قَالَ: سَمِعَ یَوْمَ أُحُدٍ وَ قَدْ هَاجَتْ رِیحٌ عَاصِفٌ كَلَامُ هَاتِفٍ یَهْتِفُ وَ هُوَ یَقُولُ:

ص: 66


1- 1. فی المصدر: و أبو دجانة سماك بن خرشة، فقال له النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله: یا با دجانة أ ما تری قومك؟ قال: بلی، قال: الحق بقومك، قال: ما علی هذا بایعت اللّٰه و رسوله قال: أنت فی حل، قال: و اللّٰه لا تتحدث قریش بأنی خذلتك و فررت حتّی أذوق ما تذوق، فجزاء النبیّ خیرا اه.
2- 2. كذا فی النسخ. و فی المصدر: و انكسر.
3- 3. علل الشرائع: 14.
4- 4. فی المصدر: من هذه الدنیا.
5- 5. علل الشرائع: 64.

لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ***وَ إِذَا نَدَبْتُمْ هَالِكاً فَابْكُوا الْوَفِیَ أَخَا الْوَفِیِّ.(1)

«12»- یر، [بصائر الدرجات] عَبَّادُ بْنُ سُلَیْمَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ یَحْیَی عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ قَالَ: أَتَی أَبِی بِسِلَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ دَخَلَ عُمُومَتِی مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَلِمَةً فَقَالَ صَفْوَانُ وَ ذَكَرْنَا سَیْفَ رَسُولِ اللَّهِ- فَقَالَ أَتَانِی إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ فَعَظُمَ عَلَیَّ وَ سَأَلَنِی لَهُ بِالْحَقِّ وَ الْحُرْمَةِ السَّیْفُ الَّذِی أَخَذَهُ هُوَ سَیْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَقُلْتُ لَا كَیْفَ یَكُونُ هَذَا وَ قَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام مَثَلُ السِّلَاحِ فِینَا مَثَلُ التَّابُوتِ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ حَیْثُ مَا دَارَ دَارَ الْأَمْرُ قَالَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذِی الْفَقَارِ سَیْفِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِیلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ كَانَتْ حِلْیَتُهُ فِضَّةً وَ هُوَ عِنْدِی (2).

بیان: فقال كلمة أی فقال علیه السلام بعد ذلك كلمة نسیتها أو لا أری المصلحة فی ذكرها و الحاصل أنه علیه السلام قال إن أبی أعطانی سلاح رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و دخل عمومتی من ذلك حسد علی ثم ذكر علیه السلام أن إسحاق عمه أتاه و أقسم علیه بالحق و الحرمة أن السیف الذی أخذه المأمون منه علیه السلام هل هو سیف رسول اللّٰه فأجاب علیه السلام بأنه لم یكن سیف رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لأن سیفه لا یكون إلا عند الإمام.

«13»- شف، [كشف الیقین] مُحَمَّدُ بْنُ جَرِیرٍ الطَّبَرِیُّ قَالَ فِی كِتَابِهِ مَا لَفْظُهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَوْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی الْأَحْوَصِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَعْطَانِی ذَا الْفَقَارِ قَالَ یَا مُحَمَّدُ خُذْهُ وَ أَعْطِهِ خَیْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ فَقُلْتُ مَنْ ذَلِكَ یَا رَبِّ فَقَالَ خَلِیفَتِی فِی الْأَرْضِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ إِنَّ ذَا الْفَقَارِ كَانَ یَنْطِقُ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ یُحَدِّثُهُ حَتَّی إِنَّهُ هَمَّ یَوْماً یَكْسِرُهُ-(3) فَقَالَ مَهْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی مَأْمُورٌ وَ قَدْ بَقِیَ فِی أَجَلِ الْمُشْرِكِ تأخیرا [تَأْخِیرٌ].

أقول: إنما یمكن أن یكون قد سقط بعد

ص: 67


1- 1. أمالی الشیخ: 88 و 89.
2- 2. بصائر الدرجات: 51.
3- 3. فی المصدر: بكسره.

قوله هم یوم یكسره و قد ضرب به مشركا فلم یقتله (1).

«14»- ب، [قرب الإسناد] هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام: أَنَّ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ وَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عَلِیٍّ علیه السلام اللَّهُ الْمَلِكُ وَ كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ وَالِدِی رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ الْعِزَّةُ لِلَّهِ (2).

«15»- ب، [قرب الإسناد] أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عَلِیٍّ علیه السلام الْمُلْكُ لِلَّهِ (3).

«16»- لی، [الأمالی] للصدوق ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِی الْعُقْبَةِ الصَّیْرَفِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْمُلْكُ لِلَّه تَمَامَ الْخَبَرِ(4).

«17»- ع، [علل الشرائع] ل، [الخصال] مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ السُّدِّیِّ عَنْ عَبْدِ خَیْرٍ قَالَ: كَانَ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَرْبَعَةُ خَوَاتِیمَ یَتَخَتَّمُ بِهَا یَاقُوتٌ لِنُبْلِهِ وَ فَیْرُوزَجٌ لِنُصْرَتِهِ-(5) وَ الْحَدِیدُ الصِّینِیُّ لِقُوَّتِهِ وَ عَقِیقٌ لِحِرْزِهِ وَ كَانَ نَقْشُ الْیَاقُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّلهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِینُ وَ نَقْشُ الْفَیْرُوزَجِ اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ-(6) وَ نَقْشُ الْحَدِیدِ الصِّینِیِّ الْعِزَّةُ لِلَّهِ جَمِیعاً وَ نَقْشُ الْعَقِیقِ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ (7).

«18»- ع، [علل الشرائع] ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام أَخْبِرْنِی عَنْ تَخَتُّمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِیَمِینِهِ

ص: 68


1- 1. الیقین فی إمرة أمیر المؤمنین: 48.
2- 2. قرب الإسناد: 31.
3- 3.«: 72.
4- 4. أمالی الصدوق: 274 عیون الأخبار: 218.
5- 5. فی العلل: لبصره.
6- 6.«: اللّٰه الملك الحق المبین.
7- 7. علل الشرائع: 63 و 64 الخصال 1: 93.

لِأَیِّ شَیْ ءٍ كَانَ؟ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ یَتَخَتَّمُ بِیَمِینِهِ لِأَنَّهُ إِمَامُ أَصْحَابِ الْیَمِینِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ مَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَصْحَابَ الْیَمِینِ وَ ذَمَّ أَصْحَابَ الشِّمَالِ وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَتَخَتَّمُ بِیَمِینِهِ وَ هُوَ عَلَامَةٌ لِشِیعَتِنَا- یُعْرَفُونَ بِهِ وَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَی أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ مُوَاسَاةِ الْإِخْوَانِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ(1).

قب، [المناقب] لابن شهرآشوب عن ابن أبی عمیر: مثله.

«19»- ع، [علل الشرائع] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِیُّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ سَعِیدٍ الْكِنْدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَازِمٍ الْخُزَاعِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُوسَی الْجُهَنِیِّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ یَا عَلِیُّ تَخَتَّمْ بِالْیَمِینِ تَكُنْ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْمُقَرَّبُونَ قَالَ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ قَالَ بِمَا أَتَخَتَّمُ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِالْعَقِیقِ الْأَحْمَرِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْوَحْدَانِیَّةِ وَ لِی بِالنُّبُوَّةِ وَ لَكَ یَا عَلِیُّ بِالْوَصِیَّةِ وَ لِوُلْدِكَ بِالْإِمَامَةِ وَ لِمُحِبِّیكَ بِالْجَنَّةِ وَ لِشِیعَةِ وُلْدِكَ بِالْفِرْدَوْسِ (2).

«20»- ثو، [ثواب الأعمال] أَبِی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ یُوسُفَ بْنِ السُّخْتِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ مَهْزِیَارَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام فَرَأَیْتُ فِی یَدِهِ خَاتَماً فَصُّهُ فَیْرُوزَجٌ نَقْشُهُ اللَّهُ الْمَلِكُ فَقَالَ هَذَا(3) حَجَرٌ أَهْدَاهُ جَبْرَئِیلُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْجَنَّةِ فَوَهَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام الْخَبَرَ(4).

«21»- كا، [الكافی] عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ (5) بْنِ عَلِیٍّ الْعُقَیْلِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عَلِیٍّ اللَّهَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: عَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً علیه السلام بِیَدِهِ فَسَدَلَهَا مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ قَصَّرَهَا مِنْ خَلْفِهِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ ثُمَّ قَالَ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ (6) هَكَذَا تِیجَانُ

ص: 69


1- 1. علل الشرائع: 64.
2- 2. علل الشرائع: 64.
3- 3. فی المصدر: فأدمت النظر إلیه فقال: مالك تنظر فیه؟ هذا حجر اه.
4- 4. ثواب الأعمال: 169 و 170.
5- 5. فی المصدر: الحسن.
6- 6. فی المصدر: ثم قال.

الْمَلَائِكَةِ(1).

«22»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام وَ فِی إِصْبَعِهِ خَاتَمٌ فَصُّهُ فَیْرُوزَجٌ نَقْشُهُ اللَّهُ الْمَلِكُ فَأَدَمْتُ النَّظَرَ إِلَیْهِ فَقَالَ لِی مَا لَكَ تُدِیمُ النَّظَرَ إِلَیْهِ فَقُلْتُ بَلَغَنِی أَنَّهُ كَانَ لِعَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَاتَمٌ فَصُّهُ فَیْرُوزَجٌ نَقْشُهُ اللَّهُ الْمَلِكُ فَقَالَ أَ تَعْرِفُهُ فَقُلْتُ لَا قَالَ هَذَا هُوَ تَدْرِی مَا سَبَبُهُ قُلْتُ لَا قَالَ هَذَا حَجَرٌ أَهْدَاهُ جَبْرَئِیلُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَهَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَدْرِی مَا اسْمُهُ قُلْتُ فَیْرُوزَجٌ قَالَ هَذَا بِالْفَارِسِیَّةِ فَمَا اسْمُهُ بِالْعَرَبِیَّةِ قُلْتُ لَا أَدْرِی قَالَ اسْمُهُ الظَّفَرُ(2).

«23»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَتَخَتَّمُ فِی یَمِینِهِ (3).

«24»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهُ الْمَلِكُ (4).

«25»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنِ ابْنِ ظَبْیَانَ وَ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی خَاتَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهُ الْمَلِكُ (5).

كا، [الكافی] العدة عن سهل عن محمد بن عیسی عن الحسین بن خالد عن الرضا علیه السلام: مثله (6).

ص: 70


1- 1. فروع الكافی( الجزء السادس من الطبعة الحدیثة): 461.
2- 2.««: 472.
3- 3.««: 470.
4- 4.««: 473. و فیه و فی( خ): الملك للّٰه.
5- 5.««: 473.
6- 6.««: 474.

«26»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِی الصَّبَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُحَلِّی وُلْدَهُ وَ نِسَاءَهُ بِالذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ.(1)

باب 119 صدقاته و موالیه علیه السلام

«1»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ أَوْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَوْصَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ إِنَّ أَبَا نَیْزَرَ وَ رَبَاحاً وَ جُبَیْراً عَتَقُوا عَلَی أَنْ یَعْمَلُوا فِی الْمَالِ خَمْسَ سِنِینَ (2).

«2»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنْ أَیُّوبَ بْنِ عَطِیَّةَ الْحَذَّاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: قَسَّمَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله الْفَیْ ءَ فَأَصَابَ عَلِیٌّ علیه السلام أَرْضاً-(3) فَاحْتَفَرَ فِیهَا عَیْناً فَخَرَجَ مَاءٌ یَنْبُعُ فِی السَّمَاءِ كَهَیْئَةِ عُنُقِ الْبَعِیرِ فَسَمَّاهَا یَنْبُعَ فَجَاءَ الْبَشِیرُ فَقَالَ علیه السلام بَشِّرِ الْوَارِثَ هِیَ صَدَقَةٌ بَتَّةً بَتْلًا فِی حَجِیجِ بَیْتِ اللَّهِ وَ عَابِرِ(4) سَبِیلِ اللَّهِ لَا تُبَاعُ وَ لَا تُوهَبُ وَ لَا تُورَثُ فَمَنْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَعَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ لَا یَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا(5).

«3»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: بَعَثَ إِلَیَ

ص: 71


1- 1. فروع الكافی( الجزء السادس من الطبعة الحدیثة): 475.
2- 2.««: 179.
3- 3. فی المصدر: فاصاب علیا ارضا.
4- 4. فی المصدر: و عابری.
5- 5. فروع الكافی( الجزء السابع من الطبعة الحدیثة): 54 و 55. و قد أوردها بعینها فی باب سخائه علیه السلام راجع ج 41 ص 39 و 40.

أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام بِوَصِیَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هِیَ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ وَ قَضَی بِهِ فِی مَالِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ- ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ لِیُولِجَنِی بِهِ الْجَنَّةَ وَ یَصْرِفَنِی بِهِ عَنِ النَّارِ وَ یَصْرِفَ النَّارَ عَنِّی یَوْمَ تَبْیَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ إِنَّ مَا كَانَ لِی مِنْ یَنْبُعَ (1) مَالٌ یُعْرَفُ لِی فِیهَا وَ مَا حَوْلَهَا صَدَقَةٌ وَ رَقِیقُهَا غَیْرَ أَنَّ رَبَاحاً وَ أَبَا نَیْزَرَ وَ جُبَیْراً عُتَقَاءُ لَیْسَ لِأَحَدٍ فِیهِمْ سَبِیلٌ فَهُمْ مَوَالِیَّ یَعْمَلُونَ فِی الْمَالِ خَمْسَ حِجَجٍ وَ فِیهِ نَفَقَتُهُمْ وَ رِزْقُهُمْ وَ أَرْزَاقُ أَهَالِیهِمْ وَ مَعَ ذَلِكَ مَا كَانَ لِی بِوَادِی الْقُرَی مِنْ مَالِ بَنِی فَاطِمَةَ(2) وَ رَقِیقِهَا صَدَقَةٌ وَ مَا كَانَ لِی بِدَیْمَةَ وَ أَهْلِهَا صَدَقَةٌ غَیْرَ أَنَّ زُرَیْقاً لَهُ مِثْلُ مَا كَتَبْتُ لِأَصْحَابِهِ وَ مَا كَانَ لِی بِأُدَیْنَةَ وَ أَهْلِهَا وَ الْعَفْرَتَیْنِ-(3)

كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ صَدَقَةٌ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ إِنَّ الَّذِی كَتَبْتُ مِنْ أَمْوَالِی هَذِهِ صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ بَتْلَةٌ حَیّاً أَنَا أَوْ مَیِّتاً یُنْفَقُ فِی كُلِّ نَفَقَةٍ یُبْتَغَی بِهَا وَجْهُ اللَّهِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ وَجْهِهِ وَ ذَوِی الرَّحِمِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی الْمُطَّلِبِ وَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ فَإِنَّهُ یَقُومُ عَلَی ذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ یَأْكُلُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یُنْفِقُهُ حَیْثُ یَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی حِلٍّ مُحَلَّلٍ لَا حَرَجَ عَلَیْهِ فِیهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ یَبِیعَ نَصِیباً مِنَ الْمَالِ فَیَقْضِیَ بِهِ الدَّیْنَ فَلْیَفْعَلْ إِنْ شَاءَ لَا حَرَجَ عَلَیْهِ فِیهِ وَ إِنْ شَاءَ جَعَلَهُ سَرِیَّ الْمِلْكِ وَ إِنَّ وُلْدَ عَلِیٍّ وَ مَوَالِیَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ إِنْ كَانَتْ دَارُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ غَیْرَ دَارِ الصَّدَقَةِ فَبَدَا لَهُ أَنْ یَبِیعَهَا فَلْیَبِعْ إِنْ شَاءَ لَا حَرَجَ عَلَیْهِ فِیهِ وَ إِنْ بَاعَ فَإِنَّهُ یَقْسِمُ ثَمَنَهَا ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ فَیَجْعَلُ ثُلُثَهَا فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ یَجْعَلُ ثُلُثاً(4) فِی بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی الْمُطَّلِبِ وَ یَجْعَلُ الثُّلُثَ فِی آلِ أَبِی طَالِبٍ وَ أَنَّهُ یَضَعُهُ فِیهِمْ حَیْثُ یَرَاهُ اللَّهُ وَ إِنْ حَدَثَ بِحَسَنٍ

ص: 72


1- 1. فی المصدر: من مال ینبع.
2- 2. فی المصدر: بوادی القری كله من مال لبنی فاطمة.
3- 3. كذا فی النسخ و فی المصدر: و ما كان لی بأذینة و أهلها صدقة، و الفقیرین اه. قال فی المراصد( 3: 1039): الفقیر الحفیرة للنخلة تغرس فیها، و هو ركی بعینه. و فقیر- بالتصغیر موضع قرب خیبر.
4- 4. فی المصدر: ثلثا.

حَدَثٌ وَ حُسَیْنٌ حَیٌّ فَإِنَّهُ إِلَی حُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ إِنَّ حُسَیْناً یَفْعَلُ فِیهِ مِثْلَ الَّذِی أَمَرْتُ بِهِ حَسَناً لَهُ مِثْلُ الَّذِی كَتَبْتُ لِلْحَسَنِ وَ عَلَیْهِ مِثْلُ الَّذِی عَلَی حَسَنٍ وَ إِنَّ الَّذِی لِبَنِی ابْنَیْ فَاطِمَةَ(1) مِنْ صَدَقَةِ عَلِیٍّ مِثْلُ الَّذِی لِبَنِی عَلِیٍّ وَ إِنِّی إِنَّمَا جَعَلْتُ الَّذِی جَعَلْتُ لِابْنَیْ فَاطِمَةَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَكْرِیمَ حُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَعْظِیمَهَا وَ تَشْرِیفَهَا(2) وَ رِضَاهُمَا وَ إِنْ حَدَثَ بِحَسَنٍ وَ حُسَیْنٍ حَدَثٌ فَإِنَّ الْآخَرَ مِنْهُمَا یَنْظُرُ فِی بَنِی عَلِیٍّ فَإِنْ وَجَدَ فِیهِمْ مَنْ یَرْضَی بِهَدْیِهِ (3) وَ إِسْلَامِهِ وَ أَمَانَتِهِ فَإِنَّهُ یَجْعَلُ إِلَیْهِ إِنْ شَاءَ فَإِنْ لَمْ یَرَ فِیهِمْ بَعْضَ الَّذِی یُرِیدُهُ فَإِنَّهُ یَجْعَلُهُ إِلَی رَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِی طَالِبٍ یَرْضَی بِهِ فَإِنْ وَجَدَ آلَ أَبِی طَالِبٍ قَدْ ذَهَبَ كُبَرَاؤُهُمْ وَ ذَوُو آرَائِهِمْ فَإِنَّهُ یَجْعَلُهُ إِلَی رَجُلٍ یَرْضَاهُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ إِنَّهُ یَشْتَرِطُ عَلَی الَّذِی یَجْعَلُهُ إِلَیْهِ أَنْ یَتْرُكَ الْمَالَ عَلَی أُصُولِهِ وَ یُنْفِقَ ثَمَرَهُ حَیْثُ أَمَرْتُهُ بِهِ مِنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ وَجْهِهِ وَ ذَوِی الرَّحِمِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ بَنِی الْمُطَّلِبِ وَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ لَا یُبَاعُ مِنْهُ شَیْ ءٌ وَ لَا یُوهَبُ وَ لَا یُورَثُ وَ إِنَّ مَالَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَی نَاحِیَتِهِ وَ هُوَ إِلَی ابْنَیْ فَاطِمَةَ وَ إِنَّ رَقِیقِیَ الَّذِینَ فِی صَحِیفَةٍ صَغِیرَةٍ الَّتِی كَتَبْتُ لِی عُتَقَاءُ.

هَذَا مَا قَضَی بِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فِی أَمْوَالِهِ هَذِهِ الْغَدَ مِنْ یَوْمَ قَدِمَ مَسْكِنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ لَا یَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ أَنْ یُغَیِّرَ شَیْئاً مِمَّا أَوْصَیْتُ بِهِ فِی مَالِی (4) وَ لَا یُخَالِفَ فِیهِ أَمْرِی مِنْ قَرِیبٍ وَ لَا بَعِیدٍ.

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ وَلَائِدِیَ اللَّاتِی أَطُوفُ عَلَیْهِنَّ السَّبْعَةَ عَشَرَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ مَعَهُنَّ أَوْلَادُهُنَّ وَ مِنْهُنَّ حَبَالَی وَ مِنْهُنَّ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ فَقَضَائِی فِیهِنَّ إِنْ حَدَثَ بِی

ص: 73


1- 1. فی المصدر: لبنی فاطمة.
2- 2.«: و تعظیمهما و تشریفهما.
3- 3. الهدی: الطریقة و السیرة. و فی المصدر و( م) و( خ): بهداء.
4- 4. كذا فی( ك) و فی غیره من النسخ و كذا المصدر: أن یقول فی شی ء قضیته من مالی و لا یخالف اه.

حَدَثٌ أَنَّ مَنْ كَانَتْ (1) مِنْهُنَّ لَیْسَ لَهَا وَلَدٌ وَ لَیْسَتْ بِحُبْلَی فَهِیَ عَتِیقٌ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَیْهِنَّ سَبِیلٌ وَ مَنْ كَانَتْ مِنْهُنَّ لَهَا وَلَدٌ أَوْ حُبْلَی فَتُمْسِكُ عَلَی وَلَدِهَا وَ هِیَ مِنْ حَظِّهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا وَ هِیَ حَیَّةٌ فَهِیَ عَتِیقٌ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَیْهَا سَبِیلٌ هَذَا مَا قَضَی بِهِ عَلِیٌّ فِی مَالِهِ الْغَدَ مِنْ یَوْمَ قَدِمَ مَسْكِنَ شَهِدَ أَبُو سمر [شِمْرِ] بْنُ أَبْرَهَةَ وَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ وَ یَزِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ هَیَّاجُ بْنُ أَبِی هَیَّاجٍ وَ كَتَبَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بِیَدِهِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَی الْأُولَی سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ وَ كَانَتِ الْوَصِیَّةُ الْأُخْرَی مَعَ الْأُولَی. (2)

باب 120 أحوال أولاده و أزواجه و أمهات أولاده صلوات اللّٰه علیه و فیه بعض الرد علی الكیسانیة

«1»- د، [العدد القویة]: كَانَ لَهُ علیه السلام سَبْعَةٌ وَ عِشْرُونَ ذَكَراً وَ أُنْثَی الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ زَیْنَبُ الْكُبْرَی وَ زَیْنَبُ الصُّغْرَی الْمُكَنَّاةُ بِأُمِّ كُلْثُومٍ مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدٌ أُمُّهُ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ- وَ عُمَرُ وَ رُقَیَّةُ كَانَا تَوْأَمَیْنِ أُمُّهُمَا الصَّهْبَاءُ وَ یُقَالُ أُمُّ حَبِیبٍ التَّغْلَبِیَّةُ وَ الْعَبَّاسُ وَ جَعْفَرٌ وَ عُثْمَانُ وَ عَبْدُ اللَّهِ الشُّهَدَاءُ بِكَرْبَلَاءَ أُمُّهُمْ أُمُّ الْبَنِینَ بِنْتُ حِزَامِ بْنِ خَالِدِ بْنِ رَبِیعَةَ الْكِلَابِیَّةُ- وَ لَهُ مِنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ الْخَثْعَمِیَّةِ یَحْیَی وَ عَوْنٌ- وَ كَانَ لَهُ مِنْ لَیْلَی ابْنَةِ مَسْعُودٍ الدَّارِمِیَّةِ- مُحَمَّدٌ الْأَصْغَرُ الْمُكَنَّی أَبَا بَكْرٍ وَ عُبَیْدُ اللَّهِ وَ كَانَ لَهُ خَدِیجَةُ وَ أُمُّ هَانِئٍ وَ مَیْمُونَةُ وَ فَاطِمَةُ لِأُمِّ وَلَدٍ وَ كَانَ لَهُ مِنْ أُمِّ شُعَیْبٍ الدَّارِمِیَّةِ وَ قِیلَ أُمُّ مَسْعُودٍ الْمَخْزُومِیَّةُ أُمُّ الْحَسَنِ وَ رَمْلَةُ

ص: 74


1- 1. فی المصدر: انه من كان.
2- 2. فروع الكافی( الجزء السابع من الطبعة الحدیثة): 49- 51، و قد أوردها المصنّف بعینها فی باب سخائه علیه السلام مع بیان فی ذیلها، راجع ج 41 ص 40- 42.

وَ أَعْقَبَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنَ الْبَنِینَ خَمْسَةٌ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ مُحَمَّدٌ وَ الْعَبَّاسُ وَ عُمَرُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ (1).

«2»- مِنْ كِتَابِ تَذْكِرَةِ الْخَوَاصِّ، لِابْنِ الْجَوْزِیِّ: النَّسْلُ مِنْ وُلْدِ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِخَمْسَةٍ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ عُمَرَ الْأَكْبَرِ وَ الْعَبَّاسِ- وَ أَمَّا عُمَرُ الْأَكْبَرُ فَعَاشَ خَمْساً وَ ثَمَانِینَ سَنَةً حَتَّی حَازَ نِصْفَ مِیرَاثِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَوَی الْحَدِیثَ وَ كَانَ فَاضِلًا وَ تَزَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَأَوْلَدَهَا مُحَمَّداً وَ أُمَّ مُوسَی وَ أُمَّ حَبِیبٍ- وَ أَمَّا الْعَبَّاسُ فَأَوَّلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام قَالَ الزُّبَیْرُ بْنُ بَكَّارٍ كَانَ لِلْعَبَّاسِ وَلَدٌ اسْمُهُ عُبَیْدُ اللَّهِ- كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَمِنْ وُلْدِهِ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كَانَ عَالِماً فَاضِلًا جَوَاداً طَافَ الدُّنْیَا وَ جَمَعَ كُتُباً تُسَمَّی الْجَعْفَرِیَّةَ فِیهَا فِقْهُ أَهْلِ الْبَیْتِ علیهم السلام قَدِمَ بَغْدَادَ فَأَقَامَ بِهَا وَ حَدَّثَ ثُمَّ سَافَرَ إِلَی مِصْرَ فَتُوُفِّیَ بِهَا سَنَةَ اثْنَیْ عَشَرَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ- وَ مِنْ نَسْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ ذَكَرُهُ الْخَطِیبُ فِی تَارِیخِ بَغْدَادَ فَقَالَ قَدِمَ إِلَیْهَا فِی أَیَّامِ الرَّشِیدِ وَ صَحِبَهُ وَ كَانَ یُكْرِمُهُ ثُمَّ صَحِبَ الْمَأْمُونَ بَعْدَهُ وَ كَانَ فَاضِلًا شَاعِراً فَصِیحاً وَ تَزْعُمُ الْعَلَوِیَّةُ أَنَّهُ أَشْعَرُ وُلْدِ أَبِی طَالِبٍ (2).

«3»- ع، [علل الشرائع] الْمُفَسِّرُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَزِیدَ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ عُیَیْنَةَ قَالَ: قِیلَ لِلزُّهْرِیِّ مَنْ أَزْهَدُ النَّاسِ فِی الدُّنْیَا قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام حَیْثُ كَانَ وَ قَدْ قِیلَ لَهُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ مِنَ الْمُنَازَعَةِ فِی صَدَقَاتِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَوْ رَكِبْتَ إِلَی الْوَلِیدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ رَكْبَةً لَكَشَفَ عَنْكَ مِنْ غَرَرِ(3) شَرِّهِ وَ مَیْلِهِ عَلَیْكَ بِمُحَمَّدٍ- فَإِنَّ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ خُلَّةً قَالَ

ص: 75


1- 1. كتاب العدد القویة لدفع المخاوف الیومیة من مؤلفات الشیخ رضیّ الدین علیّ بن سدید الدین یوسف بن علیّ بن مطهر الحلی مخطوط لم نظفر بنسخته قال المصنّف فی الفصل الثانی من مقدمة الكتاب و قد اتفق لنا منه نصفه.
2- 2. وجدناها صلی اللّٰه علیه و آله 32 من طبعته الحجریة مع تقدیم و تأخیر و اختلاف كثیر و الكتاب كما عرفت إنّما هو للشیخ جمال الدین یوسف ابن أبی الفرج عبد الرحمن بن الجوزی.
3- 3. الغرر: التعریض للهلاك.

وَ كَانَ هُوَ بِمَكَّةَ وَ الْوَلِیدُ- بِهَا فَقَالَ وَیْحَكَ أَ فِی حَرَمِ اللَّهِ أَسْأَلُ غَیْرَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنِّی آنَفُ إِذْ أَسْأَلُ الدُّنْیَا خَالِقَهَا(1) فَكَیْفَ أَسْأَلُ مَخْلُوقاً مِثْلِی وَ قَالَ الزُّهْرِیُّ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَلْقَی هَیْبَتَهُ فِی قَلْبِ الْوَلِیدِ حَتَّی حَكَمَ لَهُ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ(2).

«4»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحِیمِ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: لَمَّا سَیَّرَ ابْنُ الزُّبَیْرِ ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَی الطَّائِفِ كَتَبَ إِلَیْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّ ابْنَ الْجَاهِلِیَّةِ سَیَّرَكَ إِلَی الطَّائِفِ- فَرَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ اسْمَهُ بِذَلِكَ لَكَ ذِكْراً وَ عَظَّمَ (3)

لَكَ أَجْراً وَ حَطَّ بِهِ عَنْكَ وِزْراً یَا ابْنَ عَمِّ إِنَّمَا یُبْتَلَی الصَّالِحُونَ وَ إِنَّمَا تُهْدَی (4) الْكَرَامَةُ لِلْأَبْرَارِ وَ لَوْ لَمْ تُؤْجَرْ إِلَّا فِیمَا تُحِبُّ إِذاً قَلَّ أَجْرُكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ عَسی أَنْ تَكْرَهُوا شَیْئاً وَ هُوَ خَیْرٌ لَكُمْ (5) وَ هَذَا مَا لَسْتُ أَشُكُّ أَنَّهُ خَیْرٌ لَكَ عِنْدَ بَارِئِكَ عَزَمَ اللَّهُ لَكَ عَلَی الصَّبْرِ فِی الْبَلْوَی (6) وَ الشُّكْرِ فِی النَّعْمَاءِ إِنَّهُ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَنْهُ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ تُعَزِّینِی فِیهِ عَلَی تَسْیِیرِی وَ تَسْأَلُ رَبَّكَ جَلَّ اسْمُهُ أَنْ یَرْفَعَ لِی بِهِ ذِكْراً وَ هُوَ تَعَالَی قَادِرٌ عَلَی تَضْعِیفِ الْأَجْرِ وَ الْعَائِدَةِ بِالْفَضْلِ وَ الزِّیَادَةِ مِنَ الْإِحْسَانِ أَمَا أُحِبُّ أَنَّ الَّذِی رَكِبَ مِنِّی ابْنُ الزُّبَیْرِ كَانَ رَكِبَهُ مِنِّی أَعْدَاءُ خَلْقِ اللَّهِ لِی احْتِسَاباً وَ ذَلِكَ فِی حَسَنَاتِی وَ لِمَا أَرْجُو أَنْ أَنَالَ بِهِ رِضْوَانَ رَبِّی یَا أَخِی الدُّنْیَا قَدْ وَلَّتْ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَظَلَّتْ فَاعْمَلْ صَالِحاً جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ مِمَّنْ یَخَافُهُ بِالْغَیْبِ وَ یَعْمَلُ لِرِضْوَانِهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ إِنَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ(7).

ص: 76


1- 1. أی انی اكره السؤال من اللّٰه تعالی فی النعم الفانیة الدنیاویة و هو خالقها اه.
2- 2. علل الشرائع: 87 و 88.
3- 3. فی أمالی الطوسیّ: و أعظم.
4- 4.«: تهتدی.
5- 5. سورة البقرة: 216.
6- 6. فی أمالی المفید: عظم اللّٰه لك الصبر علی البلوی.
7- 7. أمالی المفید: 205 و 206. أمالی الطوسیّ: 74 و 75.

«5»- یر، [بصائر الدرجات] مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ نَضْرِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَادٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: أَتَی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ أَعْطِنِی مِیرَاثِی مِنْ أَبِی فَقَالَ (1) لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَا تَرَكَ أَبُوكَ إِلَّا سَبْعَ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَایَاهُ قَالَ فَإِنَّ النَّاسَ یَزْعُمُونَ فَیَأْتُونَ فَیَسْأَلُونِّی فَلَا أَجِدُ بُدّاً مِنْ أَنْ أُجِیبَهُمْ قَالَ فَأَعْطِنِی مِنْ عِلْمِ أَبِی فَقَالَ فَدَعَا الْحُسَیْنُ علیه السلام قَالَ فَذَهَبَ فَجَاءَ بِصَحِیفَةٍ تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ أَوْ أَكْبَرَ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ قَالَ فَمُلِئْتُ شَجَرَةً وَ نَحْوَهُ عِلْماً(2).

«6»- خص، [منتخب البصائر] سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ وَ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَیْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ وَ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام أَرْسَلَ مُحَمَّدُ ابْنُ حَنَفِیَّةَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَخَلَا بِهِ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ أَخِی قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَتِ الْوَصِیَّةُ مِنْهُ وَ الْإِمَامَةُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- ثُمَّ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ ثُمَّ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ قَدْ قُتِلَ أَبُوكَ وَ لَمْ یُوصِ وَ أَنَا عَمُّكَ وَ صِنْوُ أَبِیكَ وَ وِلَادَتِی مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام فِی سِنِّی وَ قِدْمَتِی وَ أَنَا أَحَقُّ بِهَا مِنْكَ فِی حَدَاثَتِكَ لَا تُنَازِعْنِی فِی الْوَصِیَّةِ وَ الْإِمَامَةِ وَ لَا تُجَانِبْنِی فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَا عَمِّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَدَّعِ مَا لَیْسَ لَكَ بِحَقٍّ إِنِّی أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِینَ إِنَّ أَبِی علیه السلام یَا عَمِّ أَوْصَی إِلَیَّ فِی ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یَتَوَجَّهَ إِلَی الْعِرَاقِ وَ عَهِدَ إِلَیَّ فِی ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یُسْتَشْهَدَ بِسَاعَةٍ وَ هَذَا سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدِی فَلَا تَتَعَرَّضْ لِهَذَا فَإِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ نَقْصَ الْعُمُرِ وَ تَشَتُّتَ الْحَالِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِمَا صَنَعَ الْحَسَنُ مَعَ مُعَاوِیَةَ-(3) أَبَی أَنْ یَجْعَلَ الْوَصِیَّةَ وَ الْإِمَامَةَ إِلَّا فِی عَقِبِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَإِنْ رَأَیْتَ أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَی الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّی نَتَحَاكَمَ إِلَیْهِ وَ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ كَانَ الْكَلَامُ بَیْنَهُمَا بِمَكَّةَ

ص: 77


1- 1. فی المصدر: قال.
2- 2. بصائر الدرجات: 42 و 43.
3- 3. فی المصدر بعد ذلك: ما صنع.

فَانْطَلَقَا حَتَّی أَتَیَا الْحَجَرَ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ آتِهِ یَا عَمِّ وَ ابْتَهِلْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی أَنْ یُنْطِقَ لَكَ الْحَجَرَ ثُمَّ سَلْهُ عَمَّا ادَّعَیْتَ فَابْتَهَلَ فِی الدُّعَاءِ وَ سَأَلَ اللَّهَ ثُمَّ دَعَا الْحَجَرَ فَلَمْ یُجِبْهُ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَمَا إِنَّكَ یَا عَمِّ لَوْ كُنْتَ وَصِیّاً وَ إِمَاماً لَأَجَابَكَ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ فَادْعُ أَنْتَ یَا ابْنَ أَخِی فَاسْأَلْهُ فَدَعَا اللَّهَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام بِمَا أَرَادَهُ ثُمَّ قَالَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِی جَعَلَ فِیكَ مِیثَاقَ الْأَنْبِیَاءِ وَ الْأَوْصِیَاءِ وَ مِیثَاقَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ لَمَّا أَخْبَرْتَنَا مَنِ الْإِمَامُ وَ الْوَصِیُّ بَعْدَ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَتَحَرَّكَ الْحَجَرُ حَتَّی كَادَ أَنْ یَزُولَ عَنْ مَوْضِعِهِ ثُمَّ أَنْطَقَهُ اللَّهُ بِلِسَانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ الْوَصِیَّةَ وَ الْإِمَامَةَ بَعْدَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ- ابْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَانْصَرَفَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ هُوَ یَقُولُ (1)

عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ (2).

«7»- أَقُولُ: ذَكَرَ الصَّدُوقُ فِی كِتَابِ إِكْمَالِ الدِّینِ فِی بَیَانِ خَطَاءِ الْكِیسَانِیَّةِ أَنَّ السَّیِّدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیَّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ اعْتَقَدَ ذَلِكَ وَ قَالَ فِیهِ:

أَلَا إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَیْشٍ***وُلَاةُ الْأَمْرِ أَرْبَعَةٌ سَوَاءٌ

عَلِیٌّ وَ الثَّلَاثَةُ مِنْ بَنِیهِ***هُمْ أَسْبَاطُنَا وَ الْأَوْصِیَاءُ

فَسِبْطٌ سِبْطُ إِیمَانٍ وَ بِرٍّ***وَ سِبْطٌ قَدْ حَوَتْهُ كَرْبَلَاءُ

وَ سِبْطٌ لَایَذُوقُ الْمَوْتَ حَتَّی***یَقُودَ الْجَیْشَ یَقْدُمُهُ اللِّوَاءُ

یَغِیبُ فَلَا یَرَی عَنَّا زَمَاناً***بِرَضْوَی عِنْدَهُ عَسَلٌ وَ مَاءٌ

وَ قَالَ فِیهِ السَّیِّدُ أَیْضاً:

أَیَا شِعْبَ رَضْوَی مَا لِمَنْ بِكَ لَا یُرَی***فَحَتَّی مَتَی تَخْفَی وَ أَنْتَ قَرِیبٌ

فَلَوْ غَابَ عَنَّا عُمْرَ نُوحٍ لَأَیْقَنَتْ***مِنَّا النُّفُوسُ بِأَنَّهُ سَیَئَوُبُ

وَ قَالَ فِیهِ السَّیِّدُ أَیْضاً :

أَلَا حَیَّ الْمُقِیمِ بِشِعْبِ رَضْوَی***وَ أَهْدِ لَهُ بِمَنْزِلِهِ سَلَاماً

ص: 78


1- 1. أی یقول: الإمام علیّ بن الحسین. و فی المصدر: و هو یتولی.
2- 2. مختصر البصائر: 14 و 15.

وَ قُلْ یَا ابْنَ الْوَصِیِّ فَدَتْكَ نَفْسِی***أَطَلْتَ بِذَلِكَ الْجَبَلَ الْمُقَامَا

أَضَرَّ بِمَعْشَرٍ وَالُوكَ مِنَّا(1) ***وَسَمَّوْكَ الْخَلِیفَةَ وَ الْإِمَامَا

فَمَا ذَاقَ ابْنُ خَوْلَةَ طَعْمَ مَوْتٍ***وَ لَا وَارَتْ لَهُ أَرْضٌ عِظَاماً

فَلَمْ یَزَلِ السَّیِّدُ ضَالًّا فِی أَمْرِ الْغَیْبَةِ یَعْتَقِدُهَا فِی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ- حَتَّی لَقِیَ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ رَأَی مِنْهُ عَلَامَاتِ الْإِمَامَةِ وَ شَاهَدَ مِنْهُ دَلَالاتِ الْوَصِیَّةِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْغَیْبَةِ وَ ذَكَرَ لَهُ أَنَّهَا حَقٌّ وَ أَنَّهَا(2) تَقَعُ بِالثَّانِی عَشَرَ مِنَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ أَخْبَرَهُ بِمَوْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ أَنَّ أَبَاهُ شَاهَدَ دَفْنَهُ فَرَجَعَ السَّیِّدُ عَنْ مَقَالَتِهِ وَ اسْتَغْفَرَ مِنِ اعْتِقَادِهِ وَ رَجَعَ إِلَی الْحَقِّ عِنْدَ اتِّضَاحِهِ وَ دَانَ بِالْإِمَامَةِ(3).

«8»- حَدَّثَنَا ابْنُ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَیْبَةَ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَوْحٍ (4)

عَنْ حَیَّانَ السَّرَّاجِ قَالَ سَمِعْتُ السَّیِّدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیَّ یَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ بِالْغُلُوِّ وَ أَعْتَقِدُ غَیْبَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ ظَلِلْتُ فِی ذَلِكَ زَمَاناً فَمَنَّ اللَّهُ عَلَیَّ بِالصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ أَنْقَذَنِی بِهِ مِنَ النَّارِ وَ هَدَانِی إِلَی سَوَاءِ الصِّرَاطِ فَسَأَلْتُهُ بَعْدَ مَا صَحَّ عِنْدِی بِالدَّلَائِلِ الَّتِی شَاهَدْتُهَا مِنْهُ أَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَیَّ وَ عَلَی جَمِیعِ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ أَنَّهُ الْإِمَامُ الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ وَ أَوْجَبَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ رُوِیَ لَنَا أَخْبَارٌ عَنْ آبَائِكَ علیهم السلام فِی الْغَیْبَةِ وَ صِحَّةِ كَوْنِهَا فَأَخْبِرْنِی بِمَنْ یَقَعُ-(5) فَقَالَ علیه السلام سَتَقَعُ (6) بِالسَّادِسِ مِنْ وُلْدِی وَ هُوَ الثَّانِی عَشَرَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْهُدَاةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- وَ آخِرُهُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ بَقِیَّةُ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ وَ صَاحِبُ الزَّمَانِ وَ اللَّهِ لَوْ بَقِیَ فِی غَیْبَتِهِ مَا بَقِیَ نُوحٌ فِی قَوْمِهِ لَمْ یَخْرُجْ مِنَ الدُّنْیَا حَتَّی یَظْهَرَ فَیَمْلَأَ الْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلًا كَمَا

ص: 79


1- 1. فی المصدر: فمر بمعشر.
2- 2. فی المصدر: فذكر له انها حقّ و لكنها.
3- 3. اكمال الدین: 20.
4- 4. فی المصدر: بزیع.
5- 5.«: تقع.
6- 6.«: ان الغیبة ستقع.

مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً-(1) قَالَ السَّیِّدُ فَلَمَّا سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ مَوْلَایَ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام تُبْتُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی ذِكْرُهُ عَلَی یَدَیْهِ (2).

«9»- أَقُولُ أُورِدُ قَصِیدَةً عَنِ السَّیِّدِ فِی ذَلِكَ وَ قَدْ أَوْرَدْنَاهَا فِی بَابِ أَحْوَالِ مَدَاحِی الصَّادِقِ علیه السلام ثُمَّ قَالَ وَ كَانَ حَیَّانُ السَّرَّاجُ الرَّاوِی لِهَذَا الْحَدِیثِ مِنَ الْكِیسَانِیَّةِ وَ مَتَی صَحَّ مَوْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ بَطَلَ أَنْ تَكُونَ الْغَیْبَةُ الَّتِی رُوِیَتْ فِی الْأَخْبَارِ وَاقِعَةً بِهِ فَمِمَّا رُوِیَ فِی وَفَاةِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامٍ عَنِ الْكُلَیْنِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیٍّ الْقَزْوِینِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُخْتَارٍ قَالَ: دَخَلَ حَیَّانُ السَّرَّاجُ عَلَی الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ یَا حَیَّانُ مَا یَقُولُ أَصْحَابُكَ فِی مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ قَالَ یَقُولُونَ حَیٌ (3) یُرْزَقُ فَقَالَ الصَّادِقُ حَدَّثَنِی أَبِی علیه السلام أَنَّهُ كَانَ فِیمَنْ عَادَهُ فِی مَرَضِهِ وَ فِیمَنْ غَمَّضَهُ وَ أَدْخَلَهُ حُفْرَتَهُ وَ زَوَّجَ نِسَاءَهُ وَ قَسَّمَ مِیرَاثَهُ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّمَا مَثَلُ مُحَمَّدٍ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ شُبِّهَ أَمْرُهُ لِلنَّاسِ فَقَالَ الصَّادِقُ علیه السلام شُبِّهَ أَمْرُهُ عَلَی أَوْلِیَائِهِ أَوْ عَلَی أَعْدَائِهِ قَالَ بَلْ عَلَی أَعْدَائِهِ قَالَ أَ تَزْعُمُ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ الْبَاقِرَ- عَدُوُّ عَمِّهِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ فَقَالَ لَا ثُمَّ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یَا حَیَّانُ إِنَّكُمْ صَدَفْتُمْ عَنْ آیَاتِ اللَّهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی سَنَجْزِی الَّذِینَ یَصْدِفُونَ عَنْ آیاتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا یَصْدِفُونَ (4).

«10»- كش، [رجال الكشی] الْحُسَیْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی قَالَ وَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ إِسْمَاعِیلَ وَ یَعْقُوبُ بْنُ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ الْقَلَانِسِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ قَالَ: دَخَلَ حَیَّانُ السَّرَّاجُ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ

ص: 80


1- 1. فی المصدر: و( م) و( خ): جورا و ظلما.
2- 2. اكمال الدین: 20 و 21.
3- 3. فی المصدر: انه حی.
4- 4. اكمال الدین: 21 و 22. و الآیة فی سورة الأنعام: 157.

وَ زَادَ فِی آخِرِهِ قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ- فَتُبْتُ إِلَی اللَّهِ مِنْ كَلَامِ حَیَّانَ ثَلَاثِینَ یَوْماً(1).

«11»- ك، [إكمال الدین] وَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام: مَا مَاتَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ حَتَّی أَقَرَّتْ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ كَانَتْ وَفَاةُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ ثَمَانِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ(2).

«12»- یر، [بصائر الدرجات] أَیُّوبُ بْنُ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: ذَكَرْنَا خُرُوجَ الْحُسَیْنِ وَ تَخَلُّفَ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَا حَمْزَةُ إِنِّی سَأُحَدِّثُكَ فِی هَذَا الْحَدِیثِ وَ لَا تَسْأَلْ عَنْهُ بَعْدَ مَجْلِسِنَا هَذَا إِنَّ الْحُسَیْنَ لَمَّا فَصَلَ (3)

مُتَوَجِّهاً دَعَا بِقِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِلَی بَنِی هَاشِمٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَحِقَ بِی مِنْكُمْ اسْتُشْهِدَ مَعِی وَ مَنْ تَخَلَّفَ لَمْ یَبْلُغِ الْفَتْحَ وَ السَّلَامُ (4).

قب، [المناقب] لابن شهرآشوب حمزة بن حمران: مثله (5)

بیان: قوله علیه السلام لم یبلغ الفتح أی لم یبلغ ما یتمناه من فتوح الدنیا و التمتع بها و ظاهر هذا الجواب ذمه و یحتمل أن یكون المعنی أنه علیه السلام خیرهم فی ذلك فلا إثم علی من تخلف و سیأتی بعض الكلام فی ذلك فی أحوال الحسین علیه السلام و سنعید بعض أحواله عند ذكر أحوال المختار.

«13»- غط، [الغیبة] للشیخ الطوسی: أَمَّا الَّذِی یَدُلُّ عَلَی فَسَادِ قَوْلِ الْكِیسَانِیَّةِ الْقَائِلِینَ بِإِمَامَةِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ فَأَشْیَاءُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ إِمَاماً مَقْطُوعاً عَلَی عِصْمَتِهِ لَوَجَبَ أَنْ یَكُونَ مَنْصُوصاً عَلَیْهِ نَصّاً صَرِیحاً لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِالنَّصِّ وَ هُمْ لَا یَدَّعُونَ نَصّاً صَرِیحاً وَ إِنَّمَا یَتَعَلَّقُونَ بِأُمُورٍ ضَعِیفَةٍ دَخَلَتْ عَلَیْهِمْ فِیهَا شُبْهَةٌ لَا یَدُلُ (6) عَلَی النَّصِّ نَحْوُ

ص: 81


1- 1. معرفة اخبار الرجال: 203.
2- 2. اكمال الدین: 22.
3- 3. فی هامش( ك): رحل خ ل.
4- 4. بصائر الدرجات: 141.
5- 5. مناقب آل أبی طالب 2: 199.
6- 6. فی المصدر: لا تدل.

إِعْطَاءِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِیَّاهُ الرَّایَةَ یَوْمَ الْبَصْرَةِ وَ قَوْلُهُ أَنْتَ ابْنِی حَقّاً مَعَ كَوْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام ابْنَیْهِ وَ لَیْسَ فِی ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَی إِمَامَتِهِ عَلَی وَجْهٍ وَ إِنَّمَا یَدُلُّ عَلَی فَضْلِهِ وَ مَنْزِلَتِهِ عَلَی أَنَّ الشِّیعَةَ تَرْوِی أَنَّهُ جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام كَلَامٌ فِی اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ فَتَحَاكَمَا إِلَی الْحَجَرِ فَشَهِدَ الْحَجَرُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام بِالْإِمَامَةِ فَكَانَ ذَلِكَ مُعْجِزاً لَهُ فَسَلَّمَ لَهُ الْأَمْرَ وَ قَالَ بِإِمَامَتِهِ وَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْإِمَامِیَّةِ لِأَنَّهُمْ رَوَوْا أَنَّ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ نَازَعَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی الْإِمَامَةِ وَ ادَّعَی أَنَّ الْأَمْرَ أُفْضِیَ إِلَیْهِ بَعْدَ أَخِیهِ الْحُسَیْنِ فَنَاظَرَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ احْتَجَّ عَلَیْهِ بِآیٍ مِنَ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ (1) وَ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ جَرَتْ فِی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ وُلْدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أُحَاجُّكَ إِلَی الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَالَ لَهُ كَیْفَ تُحَاجُّنِی إِلَی حَجَرٍ لَا یَسْمَعُ وَ لَا یُجِیبُ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ یَحْكُمُ بَیْنَهُمَا فَمَضَیَا حَتَّی انْتَهَیَا إِلَی الْحَجَرِ فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ تَقَدَّمْ وَ كَلِّمْهُ فَتَقَدَّمَ إِلَیْهِ فَوَقَفَ حِیَالَهُ وَ تَكَلَّمَ ثُمَّ أَمْسَكَ ثُمَّ تَقَدَّمَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِی سُرَادِقِ الْعَظَمَةِ ثُمَّ دَعَا بَعْدَ ذَلِكَ وَ قَالَ لَمَّا أَنْطَقْتَ ذَلِكَ الْحَجَرَ(2) ثُمَّ قَالَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِی جَعَلَ فِیكَ مَوَاثِیقَ الْعِبَادِ وَ الشَّهَادَةَ لِمَنْ وَافَاكَ لَمَّا أَخْبَرْتَ لِمَنِ الْإِمَامَةُ وَ الْوَصِیَّةُ فَزَعْزَعَ الْحَجَرُ ثُمَّ كَادَ(3) أَنْ یَزُولَ ثُمَّ أَنْطَقَهُ اللَّهُ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ سَلِّمِ الْإِمَامَةَ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَرَجَعَ مُحَمَّدٌ عَنْ مُنَازَعَتِهِ وَ سَلَّمَهَا إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ مِنْهَا تَوَاتُرُ الشِّیعَةِ الْإِمَامِیَّةِ بِالنَّصِّ عَلَیْهِ مِنْ أَبِیهِ وَ جَدِّهِ وَ هِیَ مَوْجُودَةٌ فِی كُتُبِهِمْ فِی الْأَخْبَارِ لَا نَطُولُ بِذِكْرِهِ الْكِتَابَ وَ مِنْهَا الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ جِهَةِ الْخَاصَّةِ وَ الْعَامَّةِ عَلَی مَا سَنَذْكُرُهُ

ص: 82


1- 1. سورة الأنفال: 75. سورة الأحزاب: 6.
2- 2. فی المصدر و فی غیر( ك) من النسخ: هذا الحجر.
3- 3. فی المصدر: فتزعزع الحجر حتّی كاد.

فِیمَا بَعْدُ بِالنَّصِّ عَلَی إِمَامَةِ الِاثْنَیْ عَشَرَ وَ كُلُّ مَنْ قَالَ بِإِمَامَتِهِمْ قَطَعَ عَلَی وَفَاةِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ سِیَاقَةِ الْإِمَامَةِ إِلَی صَاحِبِ الزَّمَانِ علیه السلام.

وَ مِنْهَا انْقِرَاضُ هَذِهِ الْفُرْقَةِ فَإِنَّهُ لَمْ یَبْقَ فِی الدُّنْیَا فِی وَقْتِنَا وَ لَا قَبْلَهُ بِزَمَانٍ طَوِیلٍ قَائِلٌ یَقُولُ بِهِ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ حَقّاً لَمَا جَازَ انْقِرَاضُهُ فَإِنْ قِیلَ كَیْفَ یُعْلَمُ انْقِرَاضُهُمْ وَ هَلَّا جَازَ أَنْ یَكُونَ فِی بَعْضِ الْبِلَادِ الْبَعِیدَةِ وَ جَزَائِرِ الْبَحْرِ وَ أَطْرَافِ الْأَرْضِ أَقْوَامٌ یَقُولُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ كَمَا یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ مَنْ یَقُولُ بِمَذْهَبِ الْحَسَنِ فِی أَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِیرَةِ مُنَافِقٌ فَلَا یُمْكِنُ ادِّعَاءُ انْقِرَاضِ هَذِهِ الْفِرْقَةِ وَ إِنَّمَا كَانَ یُمْكِنُ الْعِلْمُ (1) لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِیهِمْ قِلَّةً وَ الْعُلَمَاءُ مَحْصُورِینَ فَأَمَّا الْآنَ وَ قَدِ انْتَشَرَ الْإِسْلَامُ وَ كَثُرَ الْعُلَمَاءُ فَمِنْ أَیْنَ یُعْلَمُ ذَلِكَ قَوْلُنَا هَذَا یُؤَدِّی إِلَی أَنْ لَا یُمْكِنَ الْعِلْمُ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَی قَوْلٍ وَ لَا مَذْهَبٍ بِأَنْ یُقَالَ لَعَلَّ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ مَنْ یُخَالِفُ ذَلِكَ وَ یَلْزَمُ أَنْ یَجُوزَ أَنْ یَكُونَ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ مَنْ یَقُولُ إِنَّ الْبَرَدَ لَا یَنْقُضُ الصَّوْمَ وَ أَنَّهُ یَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ یَأْكُلَ إِلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مَذْهَبَ أَبِی طَلْحَةَ الْأَنْصَارِیِّ وَ الثَّانِی مَذْهَبُ الْحُذَیْفَةِ وَ الْأَعْمَشِ وَ كَذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِیرَةٌ مِنَ الْفِقْهِ كَانَ الْخُلْفُ فِیهَا وَاقِعاً بَیْنَ الصَّحَابَةِ وَ التَّابِعِینَ ثُمَّ زَالَ الْخُلْفُ فِیمَا بَعْدُ وَ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْأَعْصَارِ عَلَی خِلَافِهِ فَیَنْبَغِی أَنْ یُشَكَّ فِی ذَلِكَ وَ لَا نَثِقَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَی مَسْأَلَةٍ سَبَقَ الْخِلَافُ فِیهَا وَ هَذَا طَعْنُ مَنْ یَقُولُ إِنَّ الْإِجْمَاعَ لَا یُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَ لَا التَّوَصُّلُ إِلَیْهِ وَ الْكَلَامُ فِی ذَلِكَ لَا یَخْتَصُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَلَا وَجْهَ لِإِیرَادِهِ هَاهُنَا ثُمَّ إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْأَنْصَارَ طَلَبَتِ الْإِمْرَةَ وَ دَفَعَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ عَنْهَا ثُمَّ رَجَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَی قَوْلِ الْمُهَاجِرِینَ عَلَی قَوْلِ الْمُخَالِفِ فَلَوْ أَنَّ قَائِلًا قَالَ یَجُوزُ عَقْدُ الْإِمَامَةِ لِمَنْ كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ لِأَنَّ الْخِلَافَ سَبَقَ فِیهِ وَ لَعَلَّ فِی أَطْرَافِ الْأَرْضِ مَنْ یَقُولُ بِهِ فَمَا كَانَ یَكُونُ جَوَابَهُمْ فِیهِ فَأَیُّ شَیْ ءٍ قَالُوهُ فَهُوَ جَوَابُنَا بِعَیْنِهِ فَلَا نَطُولُ بِذِكْرِهِ.

فَإِنْ قِیلَ إِذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ عِنْدَكُمْ إِنَّمَا یَكُونُ حُجَّةً لِكَوْنِ الْمَعْصُومِ فِیهِ فَمِنْ

ص: 83


1- 1. فی المصدر: یمكن العلم بذلك.

أَیْنَ تَعْلَمُونَ دُخُولَ قَوْلِهِ فِی جُمْلَةِ أَقْوَالِ الْأُمَّةِ وَ هَلَّا جَازَ أَنْ یَكُونَ قَوْلُهُ مُنْفَرِداً عَنْهُمْ فَلَا تَتَیَقَّنُوَن (1) بِالْإِجْمَاعِ قُلْنَا الْمَعْصُومُ إِذَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ یَكُونَ قَوْلُهُ مَوْجُوداً فِی جُمْلَةِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ لَا یَجُوزُ أَنْ یَكُونَ قَوْلُهُ مُنْفَرِداً مُظْهِراً لِلْكُفْرِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا یَجُوزُ عَلَیْهِ فَإِذاً لَا بُدَّ أَنْ یَكُونَ قَوْلُهُ فِی جُمْلَةِ الْأَقْوَالِ وَ إِنْ شَكَكْنَا فِی أَنَّهُ الْإِمَامُ فَإِذَا اعْتَبَرْنَا أَقْوَالَ الْأُمَّةِ وَ وَجَدْنَا بَعْضَ الْعُلَمَاءِ یُخَالِفُ فِیهِ فَإِنْ كُنَّا نَعْرِفُهُ وَ نَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَ مَنْشَأَهُ لَمْ نَعْتَدَّ بِقَوْلِهِ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ لَیْسَ بِإِمَامٍ وَ إِنْ شَكَكْنَا فِی نَسَبِهِ لَمْ یَكُنِ الْمَسْأَلَةُ إِجْمَاعِیّاً فَعَلَی هَذَا أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْأُمَّةِ اعْتَبَرْنَاهَا فَلَمْ نَجِدْ فِیهِمْ قَائِلًا بِهَذَا الْمَذْهَبِ الَّذِی هُوَ مَذْهَبُ الْكِیسَانِیَّةِ أَوِ الْوَاقِفِیَّةِ وَ إِنْ وَجَدْنَا فَرْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَیْنِ فَإِنَّا نَعْلَمُ مَنْشَأَهُ وَ مَوْلِدَهُ فَلَا یُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ وَ اعْتَبَرْنَا أَقْوَالَ الْبَاقِینَ الَّذِینَ نَقْطَعُ عَلَی كَوْنِ الْمَعْصُومِ فِیهِمْ فَسَقَطَتْ هَذِهِ الشُّبْهَةُ عَلَی هَذَا التَّحْرِیرِ وَ بَانَ وَهْنُهَا(2).

«14»- یج، [الخرائج و الجرائح] عَنْ دِعْبِلٍ الْخُزَاعِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیهم السلام قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِیَ الْبَاقِرِ علیه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَیْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الشِّیعَةِ وَ فِیهِمْ جَابِرُ بْنُ یَزِیدَ فَقَالُوا هَلْ رَضِیَ أَبُوكَ عَلِیٌ (3) بِإِمَامَةِ الْأَوَّلِ وَ الثَّانِی قَالَ اللَّهُمَّ لَا قَالُوا فَلِمَ نَكَحَ مِنْ سَبْیِهِمْ خَوْلَةَ الْحَنَفِیَّةَ إِذَا لَمْ یَرْضَ بِإِمَامَتِهِمْ فَقَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام امْضِ یَا جَابِرَ بْنَ یَزِیدَ- إِلَی مَنْزِلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ فَقُلْ لَهُ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ یَدْعُوكَ قَالَ جَابِرُ بْنُ یَزِیدَ فَأَتَیْتُ مَنْزِلَهُ وَ طَرَقْتُ عَلَیْهِ الْبَابَ فَنَادَانِی جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ اصْبِرْ یَا جَابِرَ بْنَ یَزِیدَ- فَقُلْتُ فِی نَفْسِی أَیْنَ (4) عِلْمُ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ أَنِّی جَابِرُ بْنُ یَزِیدَ وَ لَا یَعْرِفُ الدَّلَائِلَ إِلَّا الْأَئِمَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ علیهم السلام وَ اللَّهِ لَأَسْأَلَنَّهُ إِذَا خَرَجَ إِلَیَّ فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ لَهُ مِنْ أَیْنَ عَلِمْتَ أَنِّی

ص: 84


1- 1. فی المصدر و( م) و( خ): فلا تثقون.
2- 2. الغیبة للشیخ الطوسیّ: 17- 20.
3- 3. فی المصدر: علی بن أبی طالب.
4- 4.«: قال جابر بن یزید قلت فی نفسی من أین اه.

جَابِرٌ(1) وَ أَنَا عَلَی الْبَابِ وَ أَنْتَ دَاخِلُ الدَّارِ قَالَ خَبَّرَنِی (2) مَوْلَایَ الْبَاقِرُ علیه السلام الْبَارِحَةَ أَنَّكَ تَسْأَلُهُ (3) عَنِ الْحَنَفِیَّةِ فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ أَنَا أَبْعَثُهُ إِلَیْكَ یَا جَابِرُ بُكْرَةَ غَدٍ وَ أَدْعُوكَ فَقُلْتُ صَدَقْتَ قَالَ سِرْ بِنَا فَسِرْنَا جَمِیعاً حَتَّی أَتَیْنَا الْمَسْجِدَ فَلَمَّا بَصُرَ مَوْلَایَ الْبَاقِرُ علیه السلام بِنَا وَ نَظَرَ إِلَیْنَا قَالَ لِلْجَمَاعَةِ قُومُوا إِلَی الشَّیْخِ فَاسْأَلُوهُ حَتَّی یُنَبِّئَكُمْ بِمَا سَمِعَ وَ رَأَی فَقَالُوا یَا جَابِرُ هَلْ رَاضٍ إِمَامُكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بِإِمَامَةِ مَنْ تَقَدَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ لَا قَالُوا فَلِمَ نَكَحَ مِنْ سَبْیِهِمْ (4) إِذْ لَمْ یَرْضَ بِإِمَامَتِهِمْ قَالَ جَابِرٌ آهِ آهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنِّی أَمُوتُ وَ لَا أُسْأَلُ عَنْ هَذَا إِذْ سَأَلْتُمُونِی (5) فَاسْمَعُوا وَ عُوا حَضَرْتُ السَّبْیَ وَ قَدْ أُدْخِلَتِ الْحَنَفِیَّةُ فِیمَنْ أُدْخِلَ فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَی جَمِیعِ النَّاسِ عَدَلَتْ إِلَی تُرْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَنَّتْ وَ زَفَرَتْ زَفْرَةً وَ أَعْلَنَتْ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ ثُمَّ نَادَتِ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِكَ مِنْ بَعْدِكَ هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ سبینا [سَبَتْنَا](6) سَبْیَ النُّوبِ (7)

وَ الدَّیْلَمِ وَ اللَّهِ مَا كَانَ لَنَا إِلَیْهِمْ مِنْ ذَنْبٍ إِلَّا الْمَیْلُ إِلَی أَهْلِ بَیْتِكَ- فَجَعَلَتِ (8) الْحَسَنَةَ سَیِّئَةً وَ السَّیِّئَةَ حَسَنَةً فسبینا [فَسَبَتْنَا] ثُمَّ انْعَطَفَتْ (9) إِلَی النَّاسِ وَ قَالَتْ لِمَ سَبَیْتُمُونَا وَ قَدْ أَقْرَرْنَا بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا(10) مَنَعْتُمُونَا الزَّكَاةَ قَالَتْ هَبِ الرِّجَالَ مَنَعُوكُمْ فَمَا بَالُ النِّسْوَانِ فَسَكَتَ الْمُتَكَلِّمُ كَأَنَّمَا أُلْقِمَ حَجَراً ثُمَّ ذَهَبَ إِلَیْهَا طَلْحَةُ وَ خَالِدٌ یَرْمِیَانِ فِی التَّزْوِیجِ إِلَیْهَا

ص: 85


1- 1. فی المصدر: جابر بن یزید.
2- 2.«: أخبرنی.
3- 3.«: تسأل.
4- 4.«: فلم نكح من سبیهم خولة الحنفیة اه.
5- 5.«: فالآن إذ سألتمونی.
6- 6.«: سبتنا.
7- 7. النوب- بالضم-: جیل من السودان.
8- 8. فی المصدر: فحولت.
9- 9.«: التفتت.
10- 10.«: قال أبو بكر.

ثَوْبَیْنِ (1) فَقَالَتْ لَسْتُ بِعُرْیَانَةٍ فَتَكْسُونِی (2) قِیلَ إِنَّهُمَا یُرِیدَانِ أَنْ یَتَزَایَدَا عَلَیْكِ فَأَیُّهُمَا زَادَ عَلَی صَاحِبِهِ أَخَذَكِ مِنَ السَّبْیِ قَالَتْ هَیْهَاتَ وَ اللَّهِ لَا یَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً وَ لَا یَمْلِكُنِی وَ لَا یَكُونُ لِی بِبَعْلٍ إِلَّا مَنْ یُخْبِرُنِی بِالْكَلَامِ الَّذِی قُلْتُهُ سَاعَةَ خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّی فَسَكَتَ النَّاسُ یَنْظُرُ(3) بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ وَ وَرَدَ عَلَیْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ مَا أَبْهَرَ عُقُولَهُمْ وَ أَخْرَسَ أَلْسِنَتَهُمْ وَ بَقِیَ الْقَوْمُ فِی دَهَشَةٍ مِنْ أَمْرِهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا لَكُمْ یَنْظُرُ بَعْضُكُمْ إِلَی بَعْضٍ قَالَ الزُّبَیْرُ لِقَوْلِهَا الَّذِی سَمِعْتَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا هَذَا الْأَمْرُ(4) الَّذِی أَحْصَرَ أَفْهَامَكُمْ إِنَّهَا جَارِیَةٌ مِنْ سَادَاتِ قَوْمِهَا وَ لَمْ یَكُنْ (5) لَهَا عَادَةٌ بِمَا لَقِیَتْ وَ رَأَتْ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا دَاخَلَهَا الْفَزَعُ وَ تَقُولُ مَا لَا تَحْصِیلَ لَهُ فَقَالَتْ رَمَیْتَ بِكَلَامِكَ غَیْرَ مَرْمِیٍّ وَ اللَّهِ مَا دَاخَلَنِی فَزَعٌ وَ لَا جَزَعٌ وَ وَ اللَّهِ مَا قُلْتُ إِلَّا حَقّاً وَ لَا نَطَقْتُ إِلَّا فَصْلًا وَ لَا بُدَّ أَنْ یَكُونَ كَذَلِكَ وَ حَقِّ صَاحِبِ هَذَا الْبَنِیَّةِ مَا كَذَبْتُ ثُمَّ سَكَتَتْ وَ أَخَذَ طَلْحَةُ وَ خَالِدٌ ثَوْبَیْهِمَا وَ هِیَ قَدْ جَلَسَتْ نَاحِیَةً مِنَ الْقَوْمِ فَدَخَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَذَكَرُوا لَهُ حَالَهَا فَقَالَ علیه السلام هِیَ صَادِقَةٌ فِیمَا قَالَتْ وَ كَانَ حَالَتُهَا(6) وَ قِصَّتُهَا كَیْتَ وَ كَیْتَ فِی حَالِ وِلَادَتِهَا وَ قَالَ إِنَّ كُلَّ مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ فِی حَالِ خُرُوجِهَا مِنْ بِطْنِ أُمِّهَا هُوَ كَذَا وَ كَذَا وَ كُلُّ ذَلِكَ مَكْتُوبٌ عَلَی لَوْحٍ مَعَهَا فَرَمَتْ بِاللَّوْحِ إِلَیْهِمْ لَمَّا سَمِعَتْ كَلَامَهُ علیه السلام فَقَرَءُوهَا(7) عَلَی مَا حَكَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام لَا یَزِیدُ حَرْفاً وَ لَا یَنْقُصُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ خُذْهَا یَا أَبَا الْحَسَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِیهَا.

فَوَثَبَ سَلْمَانُ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا لِأَحَدٍ هَاهُنَا مِنَّةٌ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- بَلْ لِلَّهِ الْمِنَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- وَ اللَّهِ مَا أَخَذَهَا إِلَّا بِمُعْجِزِهِ الْبَاهِرِ وَ عِلْمِهِ الْقَاهِرِ وَ فَضْلِهِ

ص: 86


1- 1. فی المصدر: و رمیا علیها ثوبیهما.
2- 2.«: فتكسوننی.
3- 3.«: و نظر.
4- 4.«: الكلام.
5- 5.«: و لم تكن.
6- 6.«: من حالتها.
7- 7.«: فقرءوا ذلك.

الَّذِی یَعْجِزُ عَنْهُ كُلُّ ذِی فَضْلٍ (1) ثُمَّ قَالَ الْمِقْدَادُ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَدْ أَوْضَحَ اللَّهُ لَهُمُ الطَّرِیقَ لِلْهِدَایَةِ فَتَرَكُوهُ وَ أَخَذُوا طَرِیقَ الْعَمَی وَ مَا مِنْ قَوْمٍ إِلَّا وَ تَبَیَّنَ لَهُمْ فِیهِ دَلَائِلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَا عَجَبَا لِمَنْ یُعَانِدُ الْحَقَّ وَ مَا مِنْ وَقْتٍ إِلَّا وَ یَنْظُرُ إِلَی بَیَانِهِ أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ تَبَیَّنَ لَكُمْ (2) فَضْلُ أَهْلِ الْفَضْلِ ثُمَّ قَالَ یَا فُلَانُ أَ تَمُنُّ عَلَی أَهْلِ الْحَقِّ بِحَقِّهِمْ (3) وَ هُمْ بِمَا فِی یَدَیْكَ أَحَقُّ وَ أَوْلَی وَ قَالَ عَمَّارٌ أُنَاشِدُكُمْ بِاللَّهِ أَ مَا سَلَّمْنَا عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- هَذَا عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَزَجَرَهُ عُمَرُ عَنِ الْكَلَامِ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَبَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام خَوْلَةَ إِلَی بَیْتِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ- قَالَ لَهَا خُذِی هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَ أَكْرِمِی مَثْوَاهَا فَلَمْ تَزَلْ خَوْلَةُ عِنْدَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ إِلَی أَنْ قَدِمَ أَخُوهَا فَتَزَوَّجَهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَكَانَ الدَّلِیلَ عَلَی عِلْمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ فَسَادَ مَا یُورِدُهُ الْقَوْمُ مِنْ سَبْیِهِمْ (4) وَ أَنَّهُ علیه السلام تَزَوَّجَهَا نِكَاحاً فَقَالَتِ الْجَمَاعَةُ یَا جَابِرُ أَنْقَذَكَ اللَّهُ مِنْ حَرِّ النَّارِ كَمَا أَنْقَذْتَنَا مِنْ حَرَارَةِ الشَّكِ (5).

«15»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَمَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَنِیهِ وَ هُمْ اثْنَا عَشَرَ ذَكَراً فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ أَحَبَّ أَنْ یَجْعَلَ فِیَّ سُنَّةً مِنْ یَعْقُوبَ إِذْ جَمَعَ بَنِیهِ وَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ ذَكَراً فَقَالَ لَهُمْ إِنِّی أُوصِی إِلَی یُوسُفَ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِیعُوا وَ أَنَا أُوصِی إِلَی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَاسْمَعُوا لَهُمَا وَ أَطِیعُوا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ دُونَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ یَعْنِی مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ- فَقَالَ لَهُ أَ جُرْأَةً عَلَیَّ فِی حَیَاتِی كَأَنِّی بِكَ قَدْ وُجِدْتَ مَذْبُوحاً فِی فُسْطَاطِكَ لَا یُدْرَی مَنْ قَتَلَكَ فَلَمَّا كَانَ فِی زَمَانِ الْمُخْتَارِ أَتَاهُ فَقَالَ لَسْتَ هُنَاكَ فَغَضِبَ فَذَهَبَ إِلَی مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَیْرِ وَ هُوَ بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ وَلِّنِی قِتَالَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَانَ عَلَی مُقَدِّمَةِ مُصْعَبٍ فَالْتَقَوْا بِحَرُورَاءَ فَلَمَّا

ص: 87


1- 1. فی المصدر: فضل كل ذی فضل.
2- 2.«: ان اللّٰه قد بین لكم.
3- 3.«: بحقوقهم.
4- 4. كذا فی النسخ. و فی المصدر: من شبههم.
5- 5. الخرائج و الجرائح: 90- 92.

حَجَزَ اللَّیْلُ بَیْنَهُمْ أَصْبَحُوا وَ قَدْ وَجَدُوهُ مَذْبُوحاً فِی فُسْطَاطِهِ لَا یُدْرَی مَنْ قَتَلَهُ (1).

بیان: أتاه أی أتی عبد اللّٰه المختار لیبایع المختار له بالإمامة فقال المختار له لست هناك أی لا تستحق الإمامة.

«16»- یج، [الخرائج و الجرائح] الصَّفَّارُ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ جُذْعَانَ بْنِ نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعَدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّوَیْهِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الرَّبِیبِیِ (2) عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَیْنَةَ قَالَ: قِیلَ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ یَحْتَجُّونَ عَلَیْنَا وَ یَقُولُونَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام زَوَّجَ فُلَاناً ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ وَ كَانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ وَ قَالَ أَ یَقُولُونَ ذَلِكَ إِنَّ قَوْماً یَزْعُمُونَ ذَلِكَ لَا یَهْتَدُونَ إِلَی سَوَاءِ السَّبِیلِ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كَانَ یَقْدِرُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ یَحُولَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهَا فَیُنْقِذَهَا كَذَبُوا وَ لَمْ یَكُنْ مَا قَالُوا إِنَّ فُلَاناً خَطَبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِنْتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ فَأَبَی عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُزَوِّجْنِی لَأَنْتَزِعَنَّ مِنْكَ السِّقَایَةَ وَ زَمْزَمَ فَأَتَی الْعَبَّاسُ عَلِیّاً فَكَلَّمَهُ فَأَبَی عَلَیْهِ فَأَلَحَّ الْعَبَّاسُ فَلَمَّا رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَشَقَّةَ كَلَامِ الرَّجُلِ عَلَی الْعَبَّاسِ وَ أَنَّهُ سَیَفْعَلُ بِالسِّقَایَةِ مَا قَالَ أَرْسَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی جِنِّیَّةٍ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ یَهُودِیَّةٍ یُقَالُ لَهَا سَحِیفَةُ(3)بِنْتُ جُرَیْرِیَةَ فَأَمَرَهَا فَتَمَثَّلَتْ فِی مِثَالِ أُمِّ كُلْثُومٍ- وَ حُجِبَتِ الْأَبْصَارُ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ وَ بَعَثَ بِهَا إِلَی الرَّجُلِ فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّی إِنَّهُ اسْتَرَابَ (4) بِهَا یَوْماً فَقَالَ مَا فِی الْأَرْضِ أَهْلُ بَیْتٍ أَسْحَرُ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ- ثُمَّ أَرَادَ أَنْ یُظْهِرَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ فَقُتِلَ وَ حَوَتِ الْمِیرَاثَ وَ انْصَرَفَتْ إِلَی نَجْرَانَ وَ أَظْهَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أُمَّ كُلْثُومٍ (5).

«17»- سر، [السرائر] عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام أَتَی مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ الْأَكْبَرَ قَالَ

ص: 88


1- 1. لم نجده فی المصدر المطبوع.
2- 2. فی( خ): الزبیبی.
3- 3. فی( خ) و( م): سحیقة.
4- 4. أی وقع فی الریبة.
5- 5. لم نجده فی المصدر المطبوع.

إِنَّ هَذَا الْكَذَّابَ أَرَاهُ یَكْذِبُ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ وَ عَلَیْنَا أَهْلَ الْبَیْتِ- وَ ذَكَرَ أَنَّهُ یَأْتِیهِ جَبْرَئِیلُ وَ مِیكَائِیلُ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ یَا ابْنَ أَخِی أَتَاكَ بِهَذَا مَنْ یَصْدُقُ قَالَ نَعَمْ قَالَ اذْهَبْ فَارْوِ عَنِّی لَا أَقُولُ هَذَا وَ إِنِّی أَبْرَأُ مِمَّنْ قَالَ بِهِ (1) فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ دَخَلَ عَلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ امْرَأَتُهُ وَ سُرِّیَّتُهُ فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا أَتَاكَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بِهَذَا أَنَّهُ حَسَدَكَ لِمَا یُبْعَثُ بِهِ إِلَیْكَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ لَا تَرْوِ عَلَیَّ شَیْئاً فَإِنَّكَ إِنْ رَوَیْتَ عَنِّی (2) شَیْئاً قُلْتُ لَمْ أَقُلْهُ (3).

بیان: المراد بالكذاب المختار قوله و ذكر أنه أی ذكر المختار للناس أن محمد بن الحنفیة یأتیه جبرئیل و میكائیل فلما خرج علیه السلام دخل علی ابن الحنفیة ابنه و امرأته و سریته لیصرفوه عن رد المختار و تكذیبه لئلا ینقطع عنهم ما یأتیهم من قبله من الأموال فلم یقبل منهم و بعث إلی المختار لا ترو عنی الأكاذیب بعد ذلك فإنك إن رویت عنی قلت للناس إنی لم أقله و إنه كاذب هذا تأویل للكلام یناسب حال محمد بن الحنفیة و إلا فظاهر الكلام أنه قبل منه ذلك و بعث إلی علی بن الحسین علیهما السلام أن لا تقل ما أمرتك بروایته عنی من تكذیب المختار و براءتی منه و إلا فأنا أكذبك فی ذلك عند الناس.

«18»- شا، [الإرشاد]: أَوْلَادُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَبْعَةٌ وَ عِشْرُونَ وَلَداً ذَكَراً وَ أُنْثَی الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ زَیْنَبُ الْكُبْرَی وَ زَیْنَبُ الصُّغْرَی الْمُكَنَّاةُ بِأُمِّ كُلْثُومٍ- أُمُّهُمْ فَاطِمَةُ الْبَتُولُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ بِنْتُ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُحَمَّدٍ الْمُكَنَّی بِأَبِی الْقَاسِمِ أُمُّهُ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرِ بْنِ قَیْسٍ الْحَنَفِیَّةُ وَ عُمَرُ وَ رُقَیَّةُ كانوا [كَانَا] تَوْأَمَیْنِ وَ أُمُّهُمَا أُمُّ حَبِیبٍ بِنْتُ رَبِیعَةَ وَ الْعَبَّاسُ وَ جَعْفَرٌ وَ عُثْمَانُ وَ عَبْدُ اللَّهِ (4) الشُّهَدَاءُ مَعَ أَخِیهِمُ الْحُسَیْنِ علیهم السلام بِطَفِّ كَرْبَلَاءَ- أُمُّهُمْ أُمُّ الْبَنِینَ بِنْتُ حِزَامِ بْنِ خَالِدِ بْنِ دَارِمٍ- وَ مُحَمَّدٌ

ص: 89


1- 1. فی المصدر: ممن قاله.
2- 2. فی المصدر: علی.
3- 3. مستطرفات السرائر ما أورده أبان بن تغلب عن الصادقین علیهما السلام.
4- 4. فی المصدر: و عبید اللّٰه.

الْأَصْغَرُ الْمُكَنَّی بِأَبِی بَكْرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ-(1) الشَّهِیدَانِ مَعَ أَخِیهِمَا الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام بِالطَّفِّ أُمُّهُمَا لَیْلَی بِنْتُ مَسْعُودٍ الدَّارِمِیَّةُ- وَ یَحْیَی أُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ الْخَثْعَمِیَّةُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا وَ أُمُّ الْحَسَنِ وَ رَمْلَةُ أُمُّهُمَا أُمُّ سَعِیدٍ بِنْتُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیِّ وَ نَفِیسَةُ وَ زَیْنَبُ الصُّغْرَی وَ رُقَیَّةُ الصُّغْرَی وَ أُمُّ هَانِئٍ وَ أُمُّ الْكَرَّامِ وَ جُمَانَةُ الْمُكَنَّاةُ أُمُّ جَعْفَرٍ وَ أُمَامَةُ وَ أُمُّ سَلَمَةَ وَ مَیْمُونَةُ وَ خَدِیجَةُ وَ فَاطِمَةُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِنَّ لِأُمَّهَاتٍ شَتَّی وَ فِی الشِّیعَةِ مَنْ یَذْكُرُ أَنَّ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهَا- أَسْقَطَتْ بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَكَراً كَانَ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ حَمْلٌ مُحَسِّناً فَعَلَی قَوْلِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ أَوْلَادُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثَمَانِیَةٌ وَ عِشْرُونَ وَلَداً وَ اللَّهُ أَعْلَمُ (2).

أقول: قال ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة أما الحسن و الحسین و أم كلثوم الكبری و زینب الكبری (3)

فأمهم فاطمة بنت سیدنا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أما محمد فأمه خولة بنت إیاس بن جعفر من بنی حنیفة(4) و أما أبو بكر و عبد اللّٰه فأمهما لیلی بنت مسعود النهشلیة من تمیم و أما عمر و رقیة فأمهما سبیة(5) من بنی تغلب یقال لها الصهباء سبیت فی خلافة أبی بكر و إمارة خالد بن الولید بعین التمر و أما یحیی و عون فأمهما أسماء بنت عمیس الخثعمیة و أما جعفر و العباس و عبد اللّٰه و عبد الرحمن فأمهم أم البنین بنت حزام بن خالد بن ربیعة بن الوحید من بنی كلاب و أما رملة و أم الحسن فأمهما أم سعید بنت عروة بن مسعود الثقفی و أما أم كلثوم الصغری و زینب الصغری و جمانة و میمونة و خدیجة و فاطمة و أم الكرام و نفیسة و أم سلمة و أم أبیها و أمامة بنت علی علیه السلام فهن

ص: 90


1- 1. فی( ت): و عبید اللّٰه.
2- 2. الإرشاد للمفید: 167 و 168.
3- 3. فی المصدر: و زینب الكبری و أم كلثوم الكبری.
4- 4.«: من بنی حنفیة.
5- 5.«: مسبیة.

لأمهات أولاد شتی (1).

«19»- شا، [الإرشاد] هَارُونُ بْنُ مُوسَی عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ قَالَ: لَمَّا وُلِّیَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْخِلَافَةَ رَدَّ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ- وَ صَدَقَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كَانَتَا مَضْمُومَتَیْنِ فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ عَلِیٍّ إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ یَتَظَلَّمُ إِلَیْهِ مِنِ ابْنِ أَخِیهِ (2)فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِی الْحُقَیْقِ:

إِنَّا إِذَا مَالَتْ دَوَاعِی الْهَوَی***وَ أَنْصَتَ السَّامِعُ لِلْقَائِلِ

وَ اصْطَرَعَ الْقَوْمُ بِأَلْبَابِهِمْ (3) ***نَقْضِی بِحُكْمٍ عَادِلٍ فَاصِلٍ

لَا نَجْعَلُ الْبَاطِلَ حَقّاً وَ لَا***نَلُطُّ دُونَ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ (4)

نَخَافُ أَنْ تَسْفَهَ أَحْلَامُنَا(5) ***فَنَخْمُلَ الدَّهْرَ مَعَ الْخَامِلِ(6).

«20»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب قَالَ الشَّیْخُ الْمُفِیدُ فِی الْإِرْشَادِ: أَوْلَادُهُ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ وَ رُبَّمَا یَزِیدُونَ عَلَی ذَلِكَ إِلَی خَمْسَةٍ وَ ثَلَاثِینَ ذَكَرَهُ النَّسَّابَةُ الْعُمَرِیُّ فِی الشَّافِی وَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ الْبَنُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَ الْبَنَاتُ ثَمَانِیَ عَشَرَةَ فَوُلِدَ مِنْ فَاطِمَةَ علیها السلام الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ- وَ الْمُحَسِّنُ سِقْطٌ وَ زَیْنَبُ الْكُبْرَی وَ أُمُّ كُلْثُومٍ الْكُبْرَی تَزَوَّجَهَا عُمَرُ وَ ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ النَّوْبَخْتِیُّ فِی كِتَابِ الْإِمَامَةِ- أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ كَانَتْ صَغِیرَةً وَ مَاتَ عُمَرُ قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ بِهَا وَ أَنَّهُ خَلَفَ عَلَی أُمِّ كُلْثُومٍ بَعْدَ عُمَرَ عَوْنُ بْنُ جَعْفَرٍ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ- وَ مِنْ خَوْلَةَ بِنْتِ جَعْفَرِ بْنِ قَیْسٍ الْحَنَفِیَّةِ مُحَمَّداً وَ مِنْ أُمِّ الْبَنِینَ ابْنَةِ حِزَامِ بْنِ خَالِدٍ الْكِلَابِیَّةِ- عَبْدُ اللَّهِ وَ جَعْفَرٌ الْأَكْبَرُ وَ الْعَبَّاسُ وَ عُثْمَانُ- وَ مِنْ أُمِّ حَبِیبٍ بِنْتِ رَبِیعَةَ التَّغْلَبِیَّةِ- عُمَرُ وَ رُقَیَّةُ تَوْأَمَانِ فِی بَطْنٍ وَ مِنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ الْخَثْعَمِیَّةِ

ص: 91


1- 1. شرح النهج 2: 718.
2- 2. فی المصدر: یتظلم إلیه من نفسه.
3- 3. فی المصدرین: و اصطرع الناس.
4- 4. لط الرجل حقه و عن حقه: جحده ایاه.
5- 5. فی المصدر: نسفه.
6- 6. الإرشاد للمفید: 242. و فی( م) و( خ): فیخمل.

یَحْیَی وَ مُحَمَّدٌ الْأَصْغَرُ- وَ قِیلَ بَلْ وَلَدَتْ لَهُ عَوْناً وَ مُحَمَّدٌ الْأَصْغَرُ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ وَ مِنْ أُمِّ سَعِیدٍ بِنْتِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیَّةِ نَفِیسَةُ- وَ زَیْنَبُ الصُّغْرَی وَ رُقَیَّةُ الصُّغْرَی- وَ مِنْ أُمِّ شُعَیْبٍ الْمَخْزُومِیَّةِ أُمُّ الْحَسَنِ وَ رَمْلَةُ- وَ مِنَ الْهَمْلَاءِ بِنْتِ مَسْرُوقٍ النَّهْشَلِیَّةِ أَبُو بَكْرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ- وَ مِنْ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِی الْعَاصِ بْنِ الرَّبِیعِ- وَ أُمُّهَا زَیْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُحَمَّدٌ الْأَوْسَطُ وَ مِنْ مُحَیَّاةَ بِنْتِ إِمْرِئِ الْقَیْسِ الْكَلْبِیَّةِ جَارِیَةٌ هَلَكَتْ وَ هِیَ صَغِیرَةٌ وَ كَانَتْ لَهُ خَدِیجَةُ وَ أُمُّ هَانِئٍ وَ تَمِیمَةُ وَ مَیْمُونَةُ وَ فَاطِمَةُ- لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ شَتَّی وَ تُوُفِّیَ قَبْلَهُ یَحْیَی وَ أُمُّ كُلْثُومٍ الصُّغْرَی وَ زَیْنَبُ الصُّغْرَی وَ أُمُّ الْكَرَّامِ وَ جُمَانَةُ- وَ كُنْیَتُهَا أُمُّ جَعْفَرٍ وَ أُمَامَةُ وَ أُمُّ سَلَمَةَ وَ رَمْلَةُ الصُّغْرَی.

وَ زَوَّجَ ثَمَانِیَ بَنَاتٍ زَیْنَبَ الْكُبْرَی مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ- وَ مَیْمُونَةَ مِنْ عَقِیلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَقِیلٍ- وَ أُمَّ كُلْثُومٍ الصُّغْرَی مِنْ كَثِیرِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- وَ رَمْلَةَ مِنْ أَبِی الْهَیَّاجِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- وَ رَمْلَةَ مِنَ الصَّلْتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ- وَ فَاطِمَةَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِیلٍ. وَ فِی الْأَحْكَامِ الشَّرْعِیَّةِ عَنِ الْخَزَّازِ الْقُمِّیِّ: أَنَّهُ نَظَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَوْلَادِ عَلِیٍّ وَ جَعْفَرٍ- فَقَالَ بَنَاتُنَا لِبَنِینَا وَ بَنُونَا لِبَنَاتِنَا وَ أَعْقَبَ لَهُ مِنْ خَمْسَةٍ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ- وَ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ الْعَبَّاسِ الْأَكْبَرِ وَ عُمَرَ- وَ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَتَمَتَّعْ بِحُرَّةٍ وَ لَا أَمَةٍ فِی حَیَاةِ خَدِیجَةَ وَ كَذَلِكَ كَانَ عَلِیٌّ مَعَ فَاطِمَةَ علیها السلام.

وَ فِی قُوتِ الْقُلُوبِ: أَنَّهُ تَزَوَّجَ بَعْدَ وَفَاتِهَا بِتِسْعِ لَیَالٍ وَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِعَشَرَةِ نِسْوَةٍ وَ تُوُفِّیَ عَنْ أَرْبَعَةٍ أُمَامَةَ وَ أُمُّهَا زَیْنَبُ بِنْتُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ وَ لَیْلَی التَّمِیمِیَّةِ وَ أُمِّ الْبَنِینَ الْكِلَابِیَّةِ وَ لَمْ یَتَزَوَّجْنَ بَعْدَهُ وَ خَطَبَ الْمُغِیرَةُ بْنُ نَوْفَلٍ أُمَامَةَ ثُمَّ أَبُو الْهَیَّاجِ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ بْنِ الْحَارِثِ- فَرَوَتْ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ لَا یَجُوزُ لِأَزْوَاجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْوَصِیِّ أَنْ یَتَزَوَّجْنَ بِغَیْرِهِ بَعْدَهُ فَلَمْ یَتَزَوَّجْ امْرَأَةٌ وَ لَا أُمُّ وَلَدٍ بِهَذِهِ الرِّوَایَةِ وَ تُوُفِّیَ عَنْ ثَمَانِیَ عَشَرَةَ أُمِّ وَلَدٍ فَقَالَ علیه السلام جَمِیعُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِی الْآنَ مَحْسُوبَاتٌ عَلَی أَوْلَادِهِنَّ بِمَا ابْتَعْتُهُنَّ بِهِ مِنْ أَثْمَانِهِنَّ فَقَالَ وَ مَنْ

ص: 92

كَانَ مِنْ إِمَائِهِ غَیْرُ ذَوَاتِ أَوْلَادٍ فَهُنَّ حَرَائِرُ مِنْ ثُلُثِهِ (1).

وَ یُرْوَی: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَلِیٍّ خَاصَمَ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِلَی عَبْدِ الْمَلِكِ فِی صَدَقَاتِ النَّبِیِّ وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا ابْنُ الْمُصَّدِّقِ وَ هَذَا ابْنُ ابْنٍ فَأَنَا أَوْلَی بِهَا مِنْهُ فَتَمَثَّلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِقَوْلِ أَبِی الْحُقَیْقِ:

لَا تَجْعَلِ الْبَاطِلَ حَقّاً وَ لَا***تَلُطَّ دُونَ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ

قُمْ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ فَقَدْ وَلَّیْتُكَهَا فَقَامَا فَلَمَّا خَرَجَا تَنَاوَلَهُ عُمَرُ وَ آذَاهُ فَسَكَتَ علیه السلام عَنْهُ وَ لَمْ یَرُدَّ عَلَیْهِ شَیْئاً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ أَكَبَّ عَلَیْهِ یُقَبِّلُهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا ابْنَ عَمِّ لَا تَمْنَعُنِی قَطِیعَةُ أَبِیكَ أَنْ أَصِلَ رَحِمَكَ فَقَدْ زَوَّجْتُكَ ابْنَتِی خَدِیجَةَ ابْنَةَ(2) عَلِیٍّ.

«21»- عم، [إعلام الوری]: أَمَّا زَیْنَبُ الْكُبْرَی بِنْتُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- وَ وُلِدَ لَهُ مِنْهَا عَلِیٌّ وَ جَعْفَرٌ وَ عَوْنٌ الْأَكْبَرُ وَ أُمُّ كُلْثُومٍ- أَوْلَادُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَ قَدْ رَوَتْ زَیْنَبُ عَنْ أُمِّهَا فَاطِمَةَ علیها السلامأَخْبَاراً وَ أَمَّا أُمُّ كُلْثُومٍ فَهِیَ الَّتِی تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- وَ قَالَ أَصْحَابُنَا إِنَّهُ علیه السلام إِنَّمَا زَوَّجَهَا مِنْهُ بَعْدَ مُدَافَعَةٍ كَثِیرَةٍ وَ امْتِنَاعٍ شَدِیدٍ وَ اعْتِلَالٍ عَلَیْهِ بِشَیْ ءٍ بَعْدَ شَیْ ءٍ حَتَّی أَلْجَأَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَی أَنْ رَدَّ أَمْرَهَا إِلَی الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- فَزَوَّجَهَا إِیَّاهُ وَ أَمَّا رُقَیَّةُ بِنْتُ عَلِیٍّ فَكَانَتْ عِنْدَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ- فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ- قُتِلَ بِالطَّفِّ وَ عَلِیّاً وَ مُحَمَّداً ابْنَیْ مُسْلِمٍ- وَ أَمَّا زَیْنَبُ الصُّغْرَی فَكَانَتْ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِیلٍ- فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ وَ فِیهِ الْعَقِبُ مِنْ وُلْدِ عَقِیلٍ وَ أَمَّا أُمُّ هَانِئٍ فَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ ابْنِ عَقِیلِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّداً قُتِلَ بِالطَّفِّ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ- وَ أَمَّا مَیْمُونَةُ بِنْتُ عَلِیٍّ فَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ ابْنِ عَقِیلٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عَقِیلًا وَ أَمَّا نَفِیسَةُ فَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ ابْنِ عَقِیلٍ- فَوَلَدَتْ لَهُ أُمَّ عَقِیلٍ وَ أَمَّا زَیْنَبُ الصُّغْرَی فَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَقِیلٍ فَوَلَدَتْ

ص: 93


1- 1. مناقب آل أبی طالب 2: 76 و 77.
2- 2.« 2: 267 و 268.

لَهُ سَعْداً(1) وَ عَقِیلًا وَ أَمَّا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَكَانَتْ عِنْدَ أَبِی سَعِیدِ بْنِ عَقِیلٍ- فَوَلَدَتْ لَهُ حَمِیدَةَ وَ أَمَّا أُمَامَةُ بِنْتُ عَلِیٍّ- فَكَانَتْ عِنْدَ الصَّلْتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ- فَوَلَدَتْ لَهُ نَفِیسَةَ(2) وَ تُوُفِّیَتْ عِنْدَهُ (3).

«22»- یف،(4) [الطرائف] ابْنُ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا خَطَبَ عُمَرُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لَهُ إِنَّهَا صَبِیَّةٌ قَالَ فَأَتَی الْعَبَّاسَ فَقَالَ مَا لِی أَ بِی بَأْسٌ فَقَالَ لَهُ وَ مَا ذَاكَ قَالَ خَطَبْتُ إِلَی ابْنِ أَخِیكَ فَرَدَّنِی أَمَا وَ اللَّهِ لَأُعَوِّرَنَ (5) زَمْزَمَ وَ لَا أَدَعُ لَكُمْ مَكْرُمَةً إِلَّا هَدَمْتُهَا وَ لَأُقِیمَنَّ عَلَیْهِ شَاهِدَیْنِ أَنَّهُ سَرَقَ وَ لَأَقْطَعَنَّ یَمِینَهُ فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ فَأَخْبَرَهُ وَ سَأَلَهُ أَنْ یَجْعَلَ الْأَمْرَ إِلَیْهِ فَجَعَلَهُ إِلَیْهِ (6).

كا، [الكافی] علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر: مثله (7).

«23»- كش، [رجال الكشی] وَجَدْتُ بِخَطِّ جَبْرَئِیلَ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَیَّاطِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ: كَانَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِیُّ یَخْدُمُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ دَهْراً وَ مَا كَانَ یَشُكُّ فِی أَنَّهُ إِمَامٌ حَتَّی أَتَاهُ ذَاتَ یَوْمٍ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ لِی حُرْمَةً وَ مَوَدَّةً وَ انْقِطَاعاً فَأَسْأَلُكَ بِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَّا أَخْبَرْتَنِی أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَی خَلْقِهِ قَالَ فَقَالَ یَا أَبَا خَالِدٍ حَلَفْتَنِی بِالْعَظِیمِ الْإِمَامُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَلَیَّ وَ عَلَیْكَ وَ

ص: 94


1- 1. فی المصدر: سعیدا.
2- 2.«: نقیة.
3- 3. إعلام الوری: 204.
4- 4. فی( م) و( خ): ین.
5- 5. أعار عین الماء أو الركیة: دفنها و كبسها بالتراب.
6- 6. لم نجده فی الطرائف المطبوع. و سیاق الروایة لا یناسبه.
7- 7. فروع الكافی( الجزء الخامس من الطبعة الحدیثة): 346.

عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ فَأَقْبَلَ أَبُو خَالِدٍ لَمَّا أَنْ سَمِعَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ جَاءَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عَلَیْهِ فَأُخْبِرَ أَنَّ أَبَا خَالِدٍ بِالْبَابِ أَذِنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ دَنَا مِنْهُ قَالَ مَرْحَباً بِكَ یَا كَنْكَرُ مَا كُنْتَ لَنَا بِزَائِرٍ مَا بَدَا لَكَ فِینَا فَخَرَّ أَبُو خَالِدٍ سَاجِداً شُكْراً(1) لِلَّهِ تَعَالَی مِمَّا سَمِعَ مِنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یُمِتْنِی حَتَّی عَرَفْتُ إِمَامِی فَقَالَ لَهُ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ كَیْفَ عَرَفْتَ إِمَامَكَ یَا أَبَا خَالِدٍ- قَالَ إِنَّكَ دَعَوْتَنِی بِاسْمِیَ الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی الَّتِی وَلَدَتْنِی وَ قَدْ كُنْتُ فِی عَمْیَاءَ مِنْ أَمْرِی وَ لَقَدْ خَدَمْتُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ عُمُراً(2) مِنْ عُمُرِی وَ لَا أَشُكُّ إِلَّا وَ أَنَّهُ إِمَامٌ حَتَّی إِذَا كَانَ قَرِیباً سَأَلْتُهُ بِحُرْمَةِ اللَّهِ وَ بِحُرْمَةِ رَسُولِهِ وَ بِحُرْمَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- فَأَرْشِدْنِی إِلَیْكَ وَ قَالَ هُوَ الْإِمَامُ عَلَیَّ وَ عَلَیْكَ وَ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِ اللَّهِ كُلِّهِمْ ثُمَّ أَذِنْتَ لِی فَجِئْتُ فَدَنَوْتُ مِنْكَ وَ سَمَّیْتَنِی بِاسْمِیَ الَّذِی سَمَّتْنِی أُمِّی فَعَلِمْتُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ عَلَیَّ وَ عَلَی كُلِّ مُسْلِمٍ (3).

«24»- یج، [الخرائج و الجرائح] عَنْ أَبِی خَالِدٍ مِثْلَهُ: إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِی آخِرِهِ وَلَدَتْنِی أُمِّی فَسَمَّتْنِی وَرْدَانَ فَدَخَلَ عَلَیْهَا وَالِدِی فَقَالَ سَمِیِّهِ كَنْكَرَ وَ اللَّهِ مَا سَمَّانِی بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَی یَوْمِی هَذَا غَیْرُكَ فَأَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامُ مَنْ فِی الْأَرْضِ وَ مَنْ فِی السَّمَاءِ(4).

«25»- كش، [رجال الكشی] حَمْدَوَیْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَصْبَغَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ بُرَیْدٍ الْعِجْلِیِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ لِی لَوْ كُنْتُ سَبَقْتُ قَلِیلًا لَأَدْرَكْتُ حَیَّانَ السَّرَّاجَ قَالَ وَ أَشَارَ إِلَی مَوْضِعٍ فِی الْبَیْتِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ وَ كَانَ هَاهُنَا جَالِساً فَذَكَرَ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ وَ ذَكَرَ حَیَاتَهُ وَ جَعَلَ یُطْرِیهِ وَ یُقَرِّظُهُ فَقُلْتُ لَهُ یَا حَیَّانُ أَ لَیْسَ تَزْعُمُ وَ یَزْعُمُونَ وَ تَرْوِی وَ یَرْوُونَ لَمْ یَكُنْ فِی بَنِی إِسْرَائِیلَ شَیْ ءٌ إِلَّا وَ هُوَ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلُهُ قَالَ بَلَی قَالَ فَقُلْتُ فَهَلْ رَأَیْنَا

ص: 95


1- 1. فی المصدر: شاكرا.
2- 2. فی المصدر: دهرا.
3- 3. معرفة اخبار الرجال، 79 و 80. و رواه فی المناقب 2: 249.
4- 4. لم نجده فی الخرائج المطبوع.

وَ رَأَیْتُمْ وَ سَمِعْنَا وَ سَمِعْتُمْ بِعَالِمٍ مَاتَ عَلَی أَعْیُنِ النَّاسِ فَنُكِحَ نِسَاؤُهُ وَ قُسِمَتْ أَمْوَالُهُ وَ هُوَ حَیٌّ لَا یَمُوتُ فَقَامَ وَ لَمْ یَرُدَّ عَلَیَّ شَیْئاً(1).

بیان: أطراه أحسن الثناء علیه و التقریظ مدح الإنسان و هو حی بحق أو باطل.

«26»- كش، [رجال الكشی] حَمْدَوَیْهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَی قَالَ رَوَی أَصْحَابُنَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: أَتَانِی ابْنُ عَمٍّ لِی یَسْأَلُنِی أَنْ آذَنَ لِحَیَّانَ السَّرَّاجِ فَأَذِنْتُ لَهُ فَقَالَ لِی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَیْ ءٍ أَنَا بِهِ عَالِمٌ إِلَّا أَنِّی أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ أَخْبِرْنِی عَنْ عَمِّكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ مَاتَ قَالَ فَقُلْتُ أَخْبَرَنِی أَبِی أَنَّهُ كَانَ فِی ضَیْعَةٍ لَهُ فَأُتِیَ فَقِیلَ لَهُ أَدْرِكْ عَمَّكَ قَالَ فَأَتَیْتُ (2) وَ قَدْ كَانَتْ أَصَابَتْهُ غَشْیَةٌ فَأَفَاقَ فَقَالَ لِیَ ارْجِعْ إِلَی ضَیْعَتِكَ قَالَ فَأَبَیْتُ فَقَالَ لَتَرْجِعَنَّ قَالَ فَانْصَرَفْتُ فَمَا بَلَغْتُ الضَّیْعَةَ حَتَّی أَتَوْنِی فَقَالُوا أَدْرِكْهُ فَأَتَیْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدِ اعْتُقِلَ لِسَانُهُ فَأَتَوْا بِطَشْتٍ وَ جَعَلَ یَكْتُبُ وَصِیَّتَهُ فَمَا بَرِحْتُ حَتَّی غَمَّضْتُهُ وَ كَفَّنْتُهُ وَ غَسَّلْتُهُ وَ صَلَّیْتُ عَلَیْهِ وَ دَفَنْتُهُ فَإِنْ كَانَ هَذَا مَوْتاً فَقَدْ وَ اللَّهِ مَاتَ قَالَ فَقَالَ لِی رَحِمَكَ اللَّهُ شُبِّهَ عَلَی أَبِیكَ قَالَ فَقُلْتُ یَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَنْتَ تَصْدِفُ عَلَی قَلْبِكَ قَالَ فَقَالَ لِی وَ مَا الصَّدْفُ عَلَی الْقَلْبِ قَالَ قُلْتُ الْكَذِبُ (3).

بیان: صدف عنه أعرض و علی بمعنی عن أو ضمن معنی الافتراء و نحوه أی تعرض عن الحق مفتریا علی قلبك حیث تدعی ما لا یصدقه قلبك.

«27»- كشف، [كشف الغمة]: قِیلَ لِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَبُوكَ یَسْمَحُ بِكَ فِی الْحَرْبِ وَ یَشُحُّ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ هُمَا عَیْنَاهُ وَ أَنَا یَدُهُ وَ الْإِنْسَانُ یَقِی عَیْنَیْهِ بِیَدِهِ وَ قَالَ مَرَّةً أُخْرَی وَ قَدْ قِیلَ لَهُ ذَلِكَ أَنَا وَلَدُهُ وَ هُمَا وَلَدَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(4).

ص: 96


1- 1. معرفة اخبار الرجال: 202.
2- 2. فی المصدر: فأتیته.
3- 3. معرفة اخبار الرجال: 202 و 203.
4- 4. كشف الغمّة: 183.

«28»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَیْسٍ نَفِسَتْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ أَرَادَتِ الْإِحْرَامَ مِنْ ذِی الْحُلَیْفَةِ أَنْ تَحْتَشِیَ بِالْكُرْسُفِ وَ الْخِرَقِ وَ تُهِلَّ بِالْحَجِّ الْخَبَرَ(1).

«29»- یف، [الطرائف] أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِی مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْمُسْتَظِلِ (2)

قَالَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام أُمَّ كُلْثُومٍ فَاعْتَلَّ بِصِغَرِهَا فَقَالَ لَهُ لَمْ أَكُنْ أُرِیدُ الْبَاهَ وَ لَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ كُلُّ حَسَبٍ وَ نَسَبٍ مُنْقَطِعٌ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَا خَلَا حَسَبِی وَ نَسَبِی وَ كُلُّ قَوْمٍ فَإِنَّ عَصَبَتَهُمْ لِأَبِیهِمْ مَا خَلَا وُلْدَ فَاطِمَةَ فَإِنِّی أَنَا أَبُوهُمْ وَ عَصَبَتُهُمْ (3).

كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، عَنِ الْقَاضِی السُّلَمِیِّ أَسَدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ الْعَتَكِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْكُدَیْمِیِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ شَرِیكِ بْنِ شَبِیبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمُسْتَطِیلِ بْنِ حُصَیْنٍ: مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّ فِیهِ فَاعْتَلَّ بِصِغَرِهَا وَ قَالَ إِنِّی أَعْدَدْتُهَا لِابْنِ أَخِی جَعْفَرٍ وَ مَكَانَ كُلِّ قَوْمٍ كُلُّ بَنِی أُنْثَی (4).

«30»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِیثَمٍ أَوْ صَالِحِ بْنِ مِیثَمٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ مُجِحٌّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَتْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی زَنَیْتُ فَطَهِّرْنِی وَ سَاقَ الْحَدِیثَ الطَّوِیلَ إِلَی أَنْ قَالَ فَأَخْرَجَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الظَّهْرِ بِالْكُوفَةِ فَأَمَرَ أَنْ یُحْفَرَ لَهَا حَفِیرَةٌ ثُمَ

ص: 97


1- 1. فروع الكافی( الجزء الرابع من الطبعة الحدیثة): 449.
2- 2. كذا و الظاهر: المستطیل.
3- 3. الطرائف: 19.
4- 4. كنز الكراجكیّ: 166 و 167.

دَفَنَهَا(1) فِیهِ ثُمَّ رَكِبَ بَغْلَتَهُ وَ نَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ (2) یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی عَهِدَ إِلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهْداً عَهِدَهُ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیَّ بِأَنْ (3) لَا یُقِیمَ الْحَدَّ مَنْ لِلَّهِ عَلَیْهِ حَدٌّ فَمَنْ كَانَ لِلَّهِ عَلَیْهِ حَدٌّ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَیْهَا(4) فَلَا یُقِیمُ عَلَیْهَا الْحَدَّ قَالَ فَانْصَرَفَ النَّاسُ یَوْمَئِذٍ كُلُّهُمْ مَا خَلَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ- فَأَقَامَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ عَلَیْهَا الْحَدَّ یَوْمَئِذٍ وَ مَا مَعَهُمْ غَیْرُهُمْ قَالَ وَ انْصَرَفَ فِیمَنِ انْصَرَفَ یَوْمَئِذٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ (5).

«31»- كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ مُغِیرَةَ الضَّبِّیِّ قَالَ: لَمَّا نَكَحَ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْلَی بِنْتَ مَسْعُودٍ النَّهْشَلِیِّ قَالَتْ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ أَنْ یَكُونَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ سَبَبٌ مُنْذُ رَأَیْتُهُ فَأَقَامَ مَقَاماً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَذَكَرَ أَنَّهُ وَلَدَتْ لَهُ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِیٍّ- فَبَایَعَ مُصْعَباً یَوْمَ الْمُخْتَارِ.

أقول: قال ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة دفع أمیر المؤمنین علیه السلام یوم الجمل رایته إلی محمد ابنه و قد استوت الصفوف و قال له احمل فتوقف قلیلا فقال یا أمیر المؤمنین (6) أ ما تری السماء كأنها شآبیب (7) المطر فدفع فی صدره و قال أدركك عرق من أمك ثم أخذ الرایة بیده فهزها ثم قال:

ص: 98


1- 1. فی المصدر: فیها.
2- 2.«: ثم ركب بغلته و اثبت رجلیه فی غرز الركاب ثمّ وضع اصبعیه السبابتین فی أذنیه ثمّ نادی بأعلی صوته اه.
3- 3. فی المصدر: بأنه.
4- 4.«: مثل ما علیها.
5- 5. فروع الكافی( الجزء السابع من الطبعة الحدیثة): 185- 187. و قد مر فی باب قضایاه علیه السلام تحت رقم 65 راجع ج 40 ص 290- 292.
6- 6. فی المصدر: فقال له: أحمل یا أمیر المؤمنین اه؟.
7- 7. جمع الشؤبوب: الدفعة من المطر.

اطعن بها طعن أبیك تحمد***لا خیر فی الحرب إذا لم توقد

بالمشرفی و القنا المسدد.

ثم حمل و حمل الناس خلفه فطحن عسكر البصرة قیل لمحمد لم یغرر بك أبوك فی الحرب و لا یغرر بالحسن و الحسین فقال إنهما عیناه و أنا یمینه فهو یدفع عن عینیه بیمینه كان علی علیه السلام یقذف بمحمد فی مهالك الحرب و یكف حسنا و حسینا عنها و من كلامه فی یوم صفین أملكوا عنی هذین الفتیین أخاف أن ینقطع بهما نسل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

أم محمد خولة بنت جعفر بن قیس بن مسلمة(1) بن عبید بن ثعلبة بن یربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنیفة بن لجیم بن صعب بن علی بن بكر بن وائل و اختلف فی أمرها فقال قوم إنها سبیة من سبایا الردة قوتل أهلها علی ید خالد بن الولید فی أیام أبی بكر لما منع كثیر من العرب الزكاة و ارتدت بنو حنیفة و ادعت نبوة مسیلمة و أن أبا بكر دفعها إلی علی علیه السلام من سهمه فی المغنم و قال قوم منهم أبو الحسن علی بن محمد بن سیف المدائنی هی سبیة فی أیام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قالوا بعث رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله علیا علیه السلام إلی الیمن فأصاب خولة فی بنی زبیة(2) و قد ارتدوا مع عمرو بن معدیكرب و كانت زبیة سبتها من بنی حنیفة فی غارة لهم علیهم فصارت فی سهم علی علیه السلام فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إن ولدت منك غلاما فسمه باسمی و كنه بكنیتی فولدت له بعد موت فاطمة علیها السلام محمدا فكناه أبا القاسم و قال قوم و هم المحققون و قولهم الأظهر أن بنی أسد أغارت علی بنی حنیفة فی خلافة أبی بكر فسبوا خولة بنت جعفر و قدموا بها المدینة فباعوها من علی علیه السلام و بلغ قومها خبرها فقدموا المدینة علی علی فعرفوها و أخبروه بموضعها منهم فأعتقها و مهرها و تزوجها فولدت له محمدا فكناه أبا القاسم و هذا القول هو اختیار أحمد

ص: 99


1- 1. فی( ك): سلمة.
2- 2. فی المصدر: فی بنی زبید و كذا فیما یأتی.

بن یحیی البلاذری فی كتابه المعروف بتاریخ الأشراف.

لما تعامس (1) محمد یوم الجمل عن الحملة و حمل علی علیه السلام بالرایة فضعضع (2)

أركان عسكر الجمل دفع إلیه الرایة و قال امح الأولی بالأخری و هذه الأنصار معك و ضم إلیه خزیمة بن ثابت ذا الشهادتین فی جمع من الأنصار كثیر منهم أهل بدر حمل حملات كثیرة أزال بها القوم عن مواقفهم و أبلی بلاء حسنا فقال خزیمة بن ثابت لعلی علیه السلام أما إنه لو كان غیر محمد الیوم لافتضح و لئن كنت خفت علیه الجبن و هو بینك و بین حمزة و جعفر لما خفنا علیه و إن كنت أردت أن تعلمه الطعان فطال ما علمته الرجال و قالت الأنصار یا أمیر المؤمنین لو لا ما جعل اللّٰه تعالی لحسن و الحسین (3) لما قدمنا علی محمد أحدا من العرب فقال علیه السلام أین النجم من الشمس و القمر أما إنه قد أغنی و أبلی و له فضل و لا ینقص فضل صاحبه (4) علیه و حسب صاحبكم ما انتهت به نعمة اللّٰه تعالی إلیه فقالوا یا أمیر المؤمنین إنا و اللّٰه ما نجعله كالحسن و الحسین و لا نظلمهما و لا نظلمه لفضلهما علیه حقه فقال علی علیه السلام أین یقع ابنی من ابنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله(5) فقال خزیمة بن ثابت فیه :

محمد ما فی عودك الیوم وصمة***و لا كنت فی الحرب الضروس معردا(6)

أبوك الذی لم یركب الخیل مثله***علی و سماك النبی محمدا

فلو كان حقا من أبیك خلیفة***لكنت و لكن ذاك مالا یری بدا

و أنت بحمد اللّٰه أطول غالب***لسانا و أنداها بما ملكت یدا

و أقربها من كل خیر تریده***قریش و أوفاها بماقال موعدا.

ص: 100


1- 1. أی تغافل. و فی المصدر« تقاعس» أی تأخر.
2- 2. ضعضعه: هدمه حتّی الأرض.
3- 3. فی المصدر: للحسن و الحسین.
4- 4.«: صاحبیه.
5- 5.«: من ابنی بنت رسول اللّٰه.
6- 6. الحرب الضروس: الشدیدة المهلكة. عرد: هرب و فر.

و أطعنهم صدر الكمی برمحه***و أكساهم للهام عضبا مهندا(1)

سوی أخویك السیدین كلاهما***إماما الوری و الداعیان إلی الهدی

أبی اللّٰه أن یعطی عدوك مقعدا***من الأرض أو فی اللوح مرقی و مصعدا(2).

و قال فی موضع آخر روی عمرو بن أبی شیبة عن سعید بن جبیر قال خطب عبد اللّٰه بن الزبیر فنال من علی علیه السلام فبلغ ذلك محمد بن الحنفیة فجاء إلیه و هو یخطب فوضع له كرسی فقطع علیه خطبته و قال یا معشر العرب شاهت الوجوه أ ینتقص علی و أنتم حضور إن علیا كان ید اللّٰه علی أعدائه و صاعقة من أمر اللّٰه (3) أرسله علی الكافرین به و الجاحدین لحقه فقتلهم بكفرهم فشنئوه و أبغضوه و ضمروا(4)

له السیف و الحسد و ابن عمه علیه السلام حی بعد لم یمت فلما نقله اللّٰه إلی جواره و أحب له ما عنده أظهرت له رجال أحقادها و شفت أضغانها فمنهم من ابتزه حقه و منهم من أسمر به (5) لیقتله و منهم من شتمه و قذفه بالأباطیل فإن یكن لذریته و ناصری دعوته دولة ینشر عظامهم و یحفر علی أجسادهم و الأبدان (6) یومئذ بالیة بعد أن یقتل الأحیاء منهم و یذل رقابهم و یكون اللّٰه عز اسمه قد عذبهم بأیدینا و أخزاهم و نصرنا علیهم و شفی صدورنا منهم إنه و اللّٰه ما یشتم علیا إلا كافر یسر شتم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و یخاف أن یبوح به فیلقی شتم علی عنه (7) أما إنه قد یخطب المنیة(8) منكم من امتد عمره و سمع قول رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فیه لا

ص: 101


1- 1. الكمی- بالفتح فالكسر-: الشجاع أو لابس السلاح. العضب: السیف القاطع. و المهند السیف المطبوع من حدید الهند.
2- 2. شرح النهج 1: 118- 120.( ك ل م) و فیه: أو فی اللوح.
3- 3. فی المصدر: من امره.
4- 4.«: و أضمروا.
5- 5. ابتز منه الشی ء: استلبه قهرا. سمر: لم ینم و تحدث لیلا.
6- 6. فی المصدر: و الأبدان منهم اه.
7- 7.«: فیكنی بشتم علی عنه.
8- 8.«: قد تخطت المنیة.

یحبك إلا مؤمن و لا یبغضك إلا منافق وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ فعاد ابن الزبیر إلی خطبته و قال عذرت بنی الفواطم یتكلمون فما بال ابن أم حنفیة فقال محمد یا ابن أم فتیلة(1) و ما لی لا أتكلم و هل فاتنی من الفواطم إلا واحدة و لم یفتنی فخرها لأنها أم أخوی أنا ابن فاطمة بنت عمران بن عائذ بن مخزوم جده رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم كافلة رسول اللّٰه و القائمة مقام أمه أما و اللّٰه لو لا خدیجة بنت خویلد ما تركت فی أسد(2) بن عبد العزی عظما إلا هشمته ثم قام فانصرف (3).

و قال ابن أبی الحدید فی موضع آخر قال أبو العباس المبرد قد جاءت الروایة: أن أمیر المؤمنین علیا علیه السلام لما ولد لعبد اللّٰه بن العباس مولود ففقده (4)

وقت صلاة الظهر فقال ما بال ابن العباس لم یحضر قالوا ولد له ولد ذكر یا أمیر المؤمنین قال فامضوا بنا إلیه فأتاه فقال له شكرت الواهب و بورك لك فی الموهوب ما سمیته فقال یا أمیر المؤمنین أو یجوز لی أن أسمیه حتی تسمیه فقال أخرجه إلی و أخرجه فأخذه فحنكه و دعا له ثم رده إلیه و قال خذ إلیك أبا الأملاك قد سمیته علیا و كنیته أبا الحسن قال فلما قدم معاویة خلیفة قال لعبد اللّٰه بن العباس لا أجمع لك بین الاسم و الكنیة قد كنیته أبا محمد فجرت علیه.

قلت سألت النقیب أبا جعفر یحیی بن محمد بن أبی زید فقلت له من أی طریق عرف بنو أمیة أن الأمر سینتقل عنهم و أنه سیلیه بنو هاشم و أول من یلی منهم یكون اسمه عبد اللّٰه و لم منعوهم عن مناكحة بنی الحارث بن كعب لعلمهم

ص: 102


1- 1. فی المصدر: یا ابن أم رومان.
2- 2.«: فی بنی اسد.
3- 3. شرح النهج 1: 466 و 467.
4- 4. فی المصدر: فقده.

أن أول من یلی الأمر من بنی هاشم یكون (1) أمه حارثیة و بأی طریق عرف بنو هاشم أن الأمر سیصیر إلیهم و یملكه عبید أولادهم حتی عرفوا أولادهم صاحب الأمر منهم كما قد جاء فی هذا الخبر فقال أصل هذا كله محمد ابن الحنفیة ثم ابنه عبد اللّٰه المكنی أبا هاشم قلت له أ فكان محمد ابن الحنفیة مخصوصا من أمیر المؤمنین بعلم یستأثر به علی أخویه حسن و حسین علیهما السلام قال لا و لكنهما كتما و أذاع ثم قال قد صحت الروایة عندنا عن أسلافنا و عن غیرهم من أرباب الحدیث أن علیا علیه السلام لما قبض أتی محمد ابنه أخویه حسنا و حسینا فقال لهما أعطیانی میراثی من أبی فقالا له قد علمت أن أباك لم یترك صفراء و لا بیضاء فقال قد علمت ذلك و لیس میراث المال أطلب إنما أطلب میراث العلم أبو جعفر(2) فروی أبان بن عثمان عمن روی له ذلك عن جعفر بن محمد علیهما السلام قال فدفعا إلیه صحیفة لو أطلعاه علی أكثر منها لهلك فیها ذكر دولة بنی العباس.

قال أبو جعفر و قد روی أبو الحسن علی بن محمد النوفلی قال حدثنی عیسی بن علی بن عبد اللّٰه بن العباس قال لما أردنا الهرب من مروان بن محمد لما قبض علی إبراهیم الإمام جعلنا نسخة الصحیفة التی دفعها أبو هاشم بن محمد ابن الحنفیة إلی محمد بن علی بن عبد اللّٰه بن العباس و هی التی كان آباؤنا یسمونها صحیفة الدولة فی صندوق من نحاس صغیر ثم دفناه تحت زیتونات بالشراة(3) لم یكن بالشراة من الزیتون غیرهن فلما أفضی السلطان إلینا و ملكنا الأمر أرسلنا إلی ذلك الموضع فبحث و حفر فلم یوجد شی ء فأمرنا بحفر جریب من الأرض فی ذلك الموضع حتی بلغ الحفر الماء و لم نجد شیئا.

ص: 103


1- 1. فی المصدر: تكون.
2- 2. كذا فی النسخ. و الصحیح كما فی المصدر: قال أبو جعفر.
3- 3. الشراة صقع بالشام بین دمشق و مدینة الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله، من بعض نواحیه القریة المعروفة بالحمیمة التی كان یسكنها ولد علیّ بن عبد اللّٰه بن عبّاس فی أیّام بنی مروان.

قال أبو جعفر و قد كان محمد بن الحنفیة صرح بالأمر لعبد اللّٰه بن العباس و عرفه تفصیله و لم یكن أمیر المؤمنین علیه السلام قد فصل لعبد اللّٰه بن العباس الأمر و إنما أخبره به مجملا كقوله فی هذا الخبر خذ إلیك أبا الأملاك و نحو ذلك مما كان یعرض له به و لكن الذی كشف القناع و أبرز المستور هو محمد ابن الحنفیة و كذلك أیضا ما وصل إلی بنی أمیة من علم هذا الأمر فإنه وصل من جهة محمد ابن الحنفیة و أطلعهم علی السر الذی علمه و لكن لم یكشف لهم كشفه لبنی العباس كان أكمل (1).

قال أبو جعفر فأما أبو هاشم فإنه قد كان أفضی بالأمر إلی محمد بن علی بن عبد اللّٰه بن العباس و أطلعه علیه و أوضحه له فلما حضرته الوفاة عقیب انصرافه من عند الولید بن عبد الملك مر بالشراة و هو مریض و محمد بن علی بها فدفع إلیه كتبه و جعله وصیه و أمر الشیعة بالاختلاف إلیه قال أبو جعفر و حضر وفاة أبی هاشم ثلاثة نفر من بنی هاشم محمد بن علی هذا و معاویة بن عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب و عبد اللّٰه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فلما مات خرج محمد بن علی و معاویة بن عبد اللّٰه بن جعفر من عنده و كل واحد منهما یدعی وصایته فأما عبد اللّٰه بن الحارث فلم یقل شیئا.

قال أبو جعفر و صدق محمد بن علی إلیه أوصی أبو هاشم و إلیه دفع الكتاب الدولة و كذب معاویة بن عبد اللّٰه بن جعفر لكنه قرأ الكتاب فوجد لهم فیه ذكرا یسیرا فادعی الوصیة بذلك فمات و خرج ابنه عبد اللّٰه بن معاویة یدعی وصایة أبیه إلیه و یدعی لأبیه وصایة أبی هاشم و یظهر الإنكار علی بنی أمیة و كان له فی ذلك شیعة یقولون بإمامته سرا حتی قتل انتهی (2).

ص: 104


1- 1. كذا فی النسخ. و فی العبارة سقط. و الصحیح كما فی المصدر: فان كشفه الامر لبنی العباس كان اكمل.
2- 2. شرح النهج 2: 308- 310.

أقول: رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ مِنْ صَحِیحِ التِّرْمِذِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ رَأَیْتَ إِنْ وُلِدَ لِی بَعْدَكَ وَلَدٌ أُسَمِّیهِ بِاسْمِكَ وَ أُكَنِّیهِ بِكُنْیَتِكَ قَالَ نَعَمْ.

و قال ابن أبی الحدید أسماء بنت عمیس هی أخت میمونة زوج النبی صلی اللّٰه علیه و آله(1) و كانت من المهاجرات إلی أرض الحبشة و هی إذ ذاك تحت جعفر بن أبی طالب فولدت له هناك محمد بن جعفر و عبد اللّٰه و عونا ثم هاجرت معه إلی المدینة فلما قتل جعفر تزوجها أبو بكر فولدت له محمد بن أبی بكر ثم مات عنها فتزوجها علی بن أبی طالب علیه السلام فولدت له یحیی بن علی لا خلاف فی ذلك.

و قال ابن عبد البر فی الاستیعاب ذكر ابن الكلبی أن عون بن علی أمه أسماء بنت عمیس و لم یقل ذلك أحد غیره و قد روی أن أسماء كانت تحت حمزة بن عبد المطلب فولدت له بنتا تسمی أمة اللّٰه و قیل أمامة(2).

أقول: روی فی بعض مؤلفات أصحابنا عن ابن عباس قال لما كنا فی حرب صفین دعا علی علیه السلام ابنه محمد بن الحنفیة و قال له یا بنی شد علی عسكر معاویة فحمل علی المیمنة حتی كشفهم ثم رجع إلی أبیه مجروحا فقال یا أبتاه العطش العطش فسقاه جرعة من الماء ثم صب الباقی بین درعه و جلده فو اللّٰه لقد رأیت علق الدم یخرج من حلق درعه فأمهله ساعة ثم قال له یا بنی شد علی المیسرة فحمل علی میسرة عسكر معاویة فكشفهم ثم رجع و به جراحات و هو یقول الماء الماء یا أباه فسقاه جرعة من الماء و صب باقیه بین درعه و جلده ثم قال یا بنی شد علی القلب فحمل علیهم و قتل منهم فرسانا ثم رجع إلی أبیه و هو یبكی و قد أثقلته الجراح فقام إلیه أبوه و قبل ما بین عینیه (3) و قال له فداك أبوك فقد

ص: 105


1- 1. فی المصدر بعد ذلك: و اخت لبابة أم الفضل و عبد اللّٰه زوج العباس بن عبد المطلب.
2- 2. شرح النهج 4: 74.
3- 3. فی( م) و( خ): مما بین عینیه.

سررتنی و اللّٰه یا بنی بجهادك هذا بین یدی فما یبكیك أ فرحا أم جزعا فقال یا أبت كیف لا أبكی و قد عرضتنی للموت ثلاث مرات فسلمنی اللّٰه و ها أنا مجروح كما تری و كلما رجعت إلیك لتمهلنی عن الحرب ساعة ما أمهلتنی و هذان أخوای الحسن و الحسین ما تأمرهما بشی ء من الحرب فقام إلیه أمیر المؤمنین و قبل وجهه و قال له یا بنی أنت ابنی و هذان ابنا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أ فلا أصونهما عن القتل فقال بلی یا أبتاه جعلنی اللّٰه فداك و فداهما من كل سوء.

«32»- ب، [قرب الإسناد] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْأَسْبَاطِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شَجَرَةَ عَنْ عَنْبَسَةَ الْعَابِدِ قَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَلِیٍّ مُدَّ لَهَا فِی الْعُمُرِ حَتَّی رَآهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام(1).

«33»- ید، [التوحید] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ بَشِیرٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ قَالَ أَبِی علیه السلام: إِنَّ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ(2) كَانَ رَجُلًا رَابِطَ الْجَأْشِ (3)

وَ أَشَارَ بِیَدِهِ وَ كَانَ یَطُوفُ بِالْبَیْتِ فَاسْتَقْبَلَهُ الْحَجَّاجُ فَقَالَ قَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضْرِبَ الَّذِی فِیهِ عَیْنَاكَ قَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ كَلَّا إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ فِی خَلْقِهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةِ لَحْظَةٍ أَوْ لَمْحَةٍ فَلَعَلَّ إِحْدَاهُنَّ تَكُفُّكَ عَنِّی (4).

«34»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وَ حَمَّادٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: فِی تَزْوِیجِ أُمِّ كُلْثُومٍ- فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ فَرْجٌ غُصِبْنَاهُ (5).

بیان: هذه الأخبار لا ینافی ما مر من قصة الجنیة لأنها قصة مخفیة

ص: 106


1- 1. قرب الإسناد: 76.
2- 2. فی المصدر: ان محمّد بن علی ابن الحنفیة.
3- 3. الجأش: القلب و الصدر. یقال:« رابط الجأش» أی شجاع.
4- 4. التوحید: 117.
5- 5. فروع الكافی( الجزء الخامس من الطبعة الحدیثة): 346.

أطلعوا علیها خواصهم و لم یكن یتم به الاحتجاج علی المخالفین بل ربما كانوا یحترزون عن إظهار أمثال تلك الأمور لأكثر الشیعة أیضا لئلا تقبله عقولهم و لئلا یغلو فیهم فالمعنی غصبناه ظاهرا و بزعم الناس إن صحت تلك القصة.

و قال الشیخ المفید قدس اللّٰه روحه فی جواب المسائل السرویة إن الخبر الوارد بتزویج أمیر المؤمنین علیه السلام ابنته من عمر لم یثبت و طریقته من الزبیر بن بكار و لم یكن موثوقا به فی النقل و كان متهما فیما یذكره من بغضه لأمیر المؤمنین علیه السلام و غیر مأمون و الحدیث نفسه مختلف فتارة یروی أن أمیر المؤمنین تولی العقد له علی ابنته و تارة یروی عن العباس أنه تولی ذلك عنه و تارة یروی أنه لم یقع العقد إلا بعد وعید عن عمر و تهدید لبنی هاشم و تارة یروی أنه كان عن اختیار و إیثار ثم بعض الرواة یذكر أن عمر أولدها ولدا سماه زیدا و بعضهم یقول إن لزید بن عمر عقبا و منهم من یقول إنه قتل و لا عقب له و منهم من یقول إنه و أمه قتلا و منهم من یقول إن أمه بقیت بعده و منهم من یقول إن عمر أمهر أم كلثوم أربعین ألف درهم و منهم من یقول مهرها أربعة آلاف درهم و منهم من یقول كان مهرها خمسمائة درهم و هذا الاختلاف مما یبطل الحدیث.

ثم إنه لو صح لكان له وجهان لا ینافیان مذهب الشیعة فی ضلال المتقدمین علی أمیر المؤمنین علیه السلام أحدهما أن النكاح أنما هو علی ظاهر الإسلام الذی هو الشهادتان و الصلاة إلی الكعبة و الإقرار بجملة الشریعة و إن كان الأفضل مناكحة من یعتقد الإیمان و یكره مناكحة من ضم إلی ظاهر الإسلام ضلالا یخرجه عن الإیمان إلا أن الضرورة متی قادت إلی مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الإسلام زالت الكراهة من ذلك و أمیر المؤمنین علیه السلام كان مضطرا إلی مناكحة الرجل لأنه تهدده و تواعده فلم یأمنه علی نفسه و شیعته فأجابه إلی ذلك ضرورة كما أن الضرورة یشرع إظهار كلمة الكفر و لیس ذلك بأعجب من قول لوط هؤُلاءِ بَناتِی هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ (1) فدعاهم إلی العقد علیهم لبناته و هم كفار ضلال قد أذن اللّٰه

ص: 107


1- 1. سورة هود: 78.

تعالی فی هلاكهم و قد زوج رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ابنتیه قبل البعثة كافرین كانا یعبدان الأصنام أحدهما عتبة بن أبی لهب و الآخر أبو العاص بن الربیع فلما بعث صلی اللّٰه علیه و آله فرق بینهما و بین ابنتیه (1).

و قال السید المرتضی رضی اللّٰه عنه فی كتاب الشافی فأما الحنفیة فلم تكن سبیة علی الحقیقة و لم یستبحها علیه السلام بالسبی لأنها بالإسلام قد صارت حرة مالكة أمرها فأخرجها من ید من استرقها ثم عقد علیها النكاح (2) و فی أصحابنا من یذهب إلی أن الظالمین متی غلبوا علی الدار و قهروا و لم یتمكن المؤمن من الخروج من أحكامهم جاز له أن یطأ سبیهم و یجری أحكامهم مع الغلبة و القهر مجری أحكام المحقین فیما یرجع إلی المحكوم علیه و إن كان فیما یرجع إلی الحاكم معاقبا آثما و أما تزویجه بنته فلم یكن ذلك عن اختیار ثم ذكر رحمه اللّٰه الأخبار السابقة الدالة علی الاضطرار ثم قال علی أنه لو لم یجر ما ذكرناه لم یمتنع أن یجوزه علیه السلام لأنه كان علی ظاهر الإسلام و التمسك بشرائعه و إظهار الإسلام و هذا حكم یرجع إلی الشرع فیه و لیس مما یخاطره (3) العقول و قد كان یجوز فی العقول أن یبیحنا اللّٰه تعالی مناكحة المرتدین علی اختلاف ردتهم و كان یجوز أیضا أن یبیحنا أن ننكح الیهود و النصاری كما أباحنا عند أكثر المسلمین أن ننكح فیهم و هذا إذا كان فی العقول سائغا فالمرجع فی تحلیله و تحریمه إلی الشریعة و فعل أمیر المؤمنین علیه السلام حجة عندنا فی الشرع فلنا أن نجعل ما فعله أصلا فی جواز مناكحة من ذكروه و لیس لهم أن یلزموا علی ذلك مناكحة الیهود و النصاری و عباد الأوثان لأنهم إن سألوا عن جوازه فی العقل فهو جائز(4)

و إن سألوا عنه فی الشرع فالإجماع یحظره

ص: 108


1- 1. وسائل الشیخ المفید: 61- 63.
2- 2. فی المصدر بعد ذلك: فمن این انه استباحها بالسبی دون عقد النكاح.
3- 3.«: یحظره.
4- 4.«: فهو جار.

و یمنع منه انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه (1).

أقول: بعد إنكار عمر النص الجلی و ظهور نصبه و عداوته لأهل البیت علیهم السلام یشكل القول بجواز مناكحته من غیر ضرورة و لا تقیة إلا أن یقال بجواز مناكحة كل مرتد عن الإسلام و لم یقل به أحد من أصحابنا و لعل الفاضلین إنما ذكرا ذلك استظهارا علی الخصم و كذا إنكار المفید رحمه اللّٰه أصل الواقعة إنما هو لبیان أنه لم یثبت ذلك من طرقهم و إلا فبعد ورود ما مر من الأخبار إنكار ذلك عجیب.

وَ قَدْ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً لَمَّا تُوُفِّیَ عُمَرُ أَتَی أُمَّ كُلْثُومٍ فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَی بَیْتِهِ. وَ رُوِیَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی وَ غَیْرِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام:(2). و الأصل فی الجواب هو أن ذلك وقع علی سبیل التقیة و الاضطرار و لا استبعاد فی ذلك فإن كثیرا من المحرمات تنقلب عند الضرورة و تصیر من الواجبات علی أنه ثبت بالأخبار الصحیحة أن أمیر المؤمنین و سائر الأئمة علیهم السلام كانوا قد أخبرهم النبی صلی اللّٰه علیه و آله بما یجری علیهم من الظلم و بما یجب علیهم فعله عند ذلك فقد أباح اللّٰه تعالی له خصوص ذلك بنص الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و هذا مما یسكن استبعاد الأوهام و اللّٰه یعلم حقائق أحكامه و حججه علیهم السلام.

أقول: قد أثبتنا فی غزوة الخوارج بعض أحوال محمد ابن الحنفیة و كذا فی باب معجزات علی بن الحسین علیهما السلام منازعته له ظاهرا فی الإمامة و فی أبواب أحوال الحسین علیه السلام و ما جری بعد شهادته ثم اعلم أنه سأل السید مهنا بن سنان عن العلامة الحلی قدس اللّٰه روحهما فیما كتب إلیه من المسائل ما یقول سیدنا فی

ص: 109


1- 1. الشافی: 215 و 216.
2- 2. راجع فروع الكافی( الجزء السادس من الطبعة الحدیثة): 115 و 116.

محمد ابن الحنفیة هل كان یقول بإمامة زین العابدین علیه السلام و كیف تخلف عن الحسین علیه السلام و كذلك عبد اللّٰه بن جعفر فأجاب العلامة رحمه اللّٰه قد ثبت فی أصل الإمامة أن أركان الإیمان التوحید و العدل و النبوة و الإمامة و السید محمد بن الحنفیة و عبد اللّٰه بن جعفر و أمثالهم أجل قدرا و أعظم شأنا من اعتقادهم خلاف الحق و خروجهم عن الإیمان الذی یحصل به اكتساب الثواب الدائم و الخلاص من العقاب و أما تخلفه عن نصرة الحسین علیه السلام فقد نقل أنه كان مریضا و یحتمل فی غیره عدم العلم بما وقع علی مولانا الحسین علیه السلام من القتل و غیره و بنوا علی ما وصل من كتب الغدرة إلیه و توهموا نصرتهم له.

باب 121 أحوال إخوانه و عشائره صلوات اللّٰه علیه

«1»- ل، [الخصال] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَلَوِیُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ رُسْتُمَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ السَّكُونِیِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ (1) قَالَ: كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَقِیلٍ إِنِّی لَأُحِبُّكَ یَا عَقِیلُ حُبَّیْنِ حُبّاً لَكَ وَ حُبّاً لِحُبِّ أَبِی طَالِبٍ لَكَ (2).

«2»- د، [العدد القویة] ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِی كِتَابِ الْإِسْتِیعَابِ: أَنَّ مَوْلَانَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ أَصْغَرَ وُلْدِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام كَانَ أَصْغَرَ مِنْ جَعْفَرٍ بِعَشْرِ سِنِینَ (3) وَ جَعْفَرٌ أَصْغَرَ مِنْ عَقِیلٍ بِعَشْرِ سِنِینَ وَ عَقِیلٌ أَصْغَرَ مِنْ طَالِبٍ بِعَشْرِ سِنِینَ.

ص: 110


1- 1. فی المصدر و( م) و( خ): سابط.
2- 2. الخصال 1: 38.
3- 3. مخطوط. و توجد فی الاستیعاب 3: 26 و 27.

«3»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَكْفَانِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ أَبِی مُعَاذٍ زِیَادِ بْنِ رُسْتُمَ بَیَّاعِ الْأُدْمِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: قُلْتُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَدِّثْنَا حَدِیثَ عَقِیلٍ قَالَ نَعَمْ جَاءَ عَقِیلٌ إِلَیْكُمْ بِالْكُوفَةِ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام جَالِساً فِی صَحْنِ الْمَسْجِدِ وَ عَلَیْهِ قَمِیصٌ سُنْبُلَانِیٌّ قَالَ فَسَأَلَهُ قَالَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَی یَنْبُعَ قَالَ لَیْسَ غَیْرَ هَذَا قَالَ لَا فَبَیْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام(1) فَقَالَ اشْتَرِ لِعَمِّكَ ثَوْبَیْنِ فَاشْتَرَی لَهُ قَالَ یَا ابْنَ أَخِی مَا هَذَا قَالَ هَذِهِ كِسْوَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَجَلَسَ فَجَعَلَ یَضْرِبُ یَدَهُ عَلَی الثَّوْبَیْنِ وَ جَعَلَ یَقُولُ مَا أَلْیَنَ هَذَا الثَّوْبَ یَا أَبَا یَزِیدَ قَالَ یَا حَسَنُ أَخْدِ عَمَّكَ قَالَ قَالَ مَا أَمْلِكُ صَفْرَاءَ وَ لَا بَیْضَاءَ قَالَ فَمُرْ لَهُ بِبَعْضِ ثِیَابِكَ قَالَ فَكَسَاهُ بَعْضَ ثِیَابِهِ قَالَ ثُمَّ قَالَ یَا مُحَمَّدُ أَخْدِ عَمَّكَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَمْلِكُ دِرْهَماً وَ لَا دِینَاراً قَالَ اكْسُهُ بَعْضَ ثِیَابَكَ.

قَالَ عَقِیلٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ائْذَنْ لِی إِلَی مُعَاوِیَةَ قَالَ فِی حِلٍّ مُحَلَّلٍ فَانْطَلَقَ نَحْوَهُ وَ بَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ ارْكَبُوا أَفْرَهَ دَوَابِّكُمْ وَ الْبَسُوا مِنْ أَحْسَنِ ثِیَابِكُمْ فَإِنَّ عَقِیلًا قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكُمْ وَ أَبْرَزَ مُعَاوِیَةُ سَرِیرَهُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِ عَقِیلٌ قَالَ مُعَاوِیَةُ مَرْحَباً بِكَ یَا أَبَا یَزِیدَ مَا نَزَعَ بِكَ قَالَ طَلَبُ الدُّنْیَا مِنْ مَظَانِّهَا قَالَ وَقَفْتَ وَ أَصَبْتَ قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِمِائَةِ أَلْفٍ فَأَعْطَاهُ الْمِائَةَ الْأَلْفِ ثُمَّ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ الْعَسْكَرَیْنِ اللَّذَیْنِ مَرَرْتَ بِهِمَا عَسْكَرِی وَ عَسْكَرِ عَلِیٍّ قَالَ فِی الْجَمَاعَةِ أُخْبِرُكَ أَوْ فِی الْوَحْدَةِ قَالَ لَا بَلْ فِی الْجَمَاعَةِ قَالَ مَرَرْتُ عَلَی عَسْكَرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِذَا لَیْلٌ كَلِیلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَهَارٌ كَنَهَارِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ فِیهِمْ وَ مَرَرْتُ عَلَی عَسْكَرِكَ فَإِذَا أَوَّلُ مَنِ اسْتَقْبَلَنِی أَبُو الْأَعْوَرِ وَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ وَ الْمُنَفِّرِینَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ لَیْسَ فِیهِمْ فَكَفَّ عَنْهُ حَتَّی إِذَا ذَهَبَ النَّاسُ قَالَ لَهُ یَا أَبَا یَزِیدَ أَیْشٍ صَنَعْتَ بِی قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ فِی الْجَمَاعَةِ أَوْ فِی الْوَحْدَةِ فَأَبَیْتَ عَلَیَّ قَالَ أَمَّا

ص: 111


1- 1. فی المصدر: الحسن علیه السلام.

الْآنَ فَاشْفِنِی مِنْ عَدُوِّی قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الرَّحِیلِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ شَدَّ غَرَائِرَهُ وَ رَوَاحِلَهُ وَ أَقْبَلَ نَحْوَ مُعَاوِیَةَ وَ قَدْ جَمَعَ مُعَاوِیَةُ حَوْلَهُ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ مَنْ ذَا عَنْ یَمِینِكَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَتَضَاحَكَ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَیْشٌ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ أَحْصَی لِتُیُوسِهَا(1)

مِنْ أَبِیهِ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا أَبُو مُوسَی فَتَضَاحَكَ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَیْشٌ بِالْمَدِینَةِ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ بِهَا امْرَأَةٌ أَطْیَبَ رِیحاً مِنْ قِبِّ أُمِّهِ قَالَ (2)

أَخْبِرْنِی عَنْ نَفْسِی یَا أَبَا یَزِیدَ قَالَ تَعْرِفُ حَمَامَةَ ثُمَّ سَارَ فَأَلْقَی فِی خَلَدِ(3) مُعَاوِیَةَ قَالَ أُمٌّ مِنْ أُمَّهَاتِی لَسْتُ أَعْرِفُهَا فَدَعَا بِنَسَّابَیْنِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَخْبِرَانِّی أَوْ لَأَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَكُمَا لَكُمَا الْأَمَانُ قَالا فَإِنَّ حَمَامَةَ جَدَّةُ أَبِی سُفْیَانَ السَّابِعَةُ وَ كَانَتْ بَغِیّاً وَ كَانَ لَهَا بَیْتٌ توفی [تُؤْتَی] فِیهِ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام وَ كَانَ عَقِیلٌ مِنَ أَنْسَبِ النَّاسِ (4).

بیان: یقال أخدیته أی أعطیته و القب بالكسر العظم الناتئ بین الألیتین.

أقول: قال عبد الحمید بن أبی الحدید رووا: أن عقیلا رحمه اللّٰه قدم علی أمیر المؤمنین علیه السلام فوجده جالسا فی صحن المسجد بالكوفة(5) فقال السلام علیك یا أمیر المؤمنین قال و علیك السلام یا أبا یزید ثم التفت إلی الحسن ابنه (6) علیه السلام فقال قم فأنزل عمك فقام فأنزله ثم عاد إلیه فقال اذهب فاشتر لعمك قمیصا جدیدا و رداء جدیدا و إزارا جدیدا و نعلا جدیدا فذهب فاشتری له فغدا عقیل علی أمیر المؤمنین علیه السلام فی الثیاب فقال السلام علیك یا أمیر المؤمنین فقال و

ص: 112


1- 1. جمع التیس: الذكر من المعز. و الضمیر راجع الی قریش.
2- 2. فی المصدر: ثم قال.
3- 3. الخلد- بفتحتین-: البال و القلب.
4- 4. أمالی ابن الشیخ: 89 و 90.
5- 5. فی المصدر: فی صحن مسجد الكوفة.
6- 6.«: الی ابنه الحسن.

علیك السلام یا أبا یزید(1) یخرج عطائی فأدفعه إلیك فلما ارتحل عن أمیر المؤمنین علیه السلام إلی معاویة(2) فنصب له كراسیه و أجلس جلساءه حوله فلما ورد علیه أمر له بمائة ألف فقبضها ثم غدا علیه یوما بعد ذلك و جلساء معاویة حوله فقال یا أبا یزید أخبرنی عن عسكری و عسكر أخیك فقد وردت علیهما قال أخبرك مررت و اللّٰه بعسكر أخی فإذا لیل كلیل رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و نهار كنهار رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلا أن رسول اللّٰه لیس فی القوم ما رأیت إلا مصلیا و لا سمعت إلا قارئا و مررت بعسكرك فاستقبلنی قوم من المنافقین ممن نفر ناقة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله(3) لیلة العقبة ثم قال من هذا عن یمینك یا معاویة قال هذا عمرو بن العاص قال هذا الذی اختصم فیه ستة نفر فغلب علیه جزار قریش فمن الآخر قال الضحاك بن قیس الفهری قال أما و اللّٰه لقد كان أبوه جید الأخذ لعسب التیوس (4) فمن هذا الآخر قال أبو موسی الأشعری قال هذا ابن السراقة فلما رأی معاویة أنه قد أغضب جلساءه علم أنه إن استخبره عن نفسه قال فیه سوءا فأحب أن یسأله لیقول فیه ما یعلمه من السوء فیذهب بذلك غضب جلسائه قال یا أبا یزید فما تقول فی قال دعنی من هذا قال لتقولن قال أ تعرف حمامة قال و من حمامة یا أبا یزید قال قد أخبرتك ثم قال (5) فمضی فأرسل معاویة إلی النسابة فدعاه قال من حمامة قال و لی الأمان قال نعم قال حمامة جدتك أم أبی سفیان كانت بغیا فی الجاهلیة صاحبة رایة قال معاویة لجلسائه قد ساویتكم و

ص: 113


1- 1. فی المصدر بعد ذلك: قال یا أمیر المؤمنین ما اراك اصبت من الدنیا شیئا و انی لا ترضی نفسی من خلافتك بما رضیت به لنفسك، فقال: یا ابا یزید اه.
2- 2. فی المصدر: أتی معاویة.
3- 3. فی المصدر و( م) و( خ): ممن نفر برسول اللّٰه.
4- 4. العسب: النسل.
5- 5. كذا فی النسخ، و الصحیح كما فی المصدر، قام.

زدت علیكم فلا تغضبوا(1).

و قال فی موضع آخر من المفارقین لعلی علیه السلام أخوه عقیل بن أبی طالب قدم علی أمیر المؤمنین علیه السلام الكوفة(2)

یسترفده فعرض علیه عطاءه فقال إنما أرید من بیت المال فقال تقیم لی (3) یوم الجمعة فلما صلی علی الجمعة قال له ما تقول فیمن خان هؤلاء أجمعین قال بئس الرجل قال فإنك أمرتنی أن أخونهم و أعطیك فلما خرج من عنده شخص إلی معاویة فأمر له یوم قدومه بمائة ألف درهم و قال له یا أبا یزید أنا خیر لك أم علی قال وجدت علیا أنظر لنفسه منك و وجدتك أنظر لی منك لنفسك و قال معاویة لعقیل إن فیكم یا بنی هاشم لینا قال أجل إن فینا للینا من غیر ضعف و عزا من غیر عنف و إن لینكم یا معاویة غدر و سلمكم كفر و قال معاویة و لا كل هذا یا أبا یزید و قال الولید بن عقبة لعقیل فی مجلس معاویة غلبك أخوك یا أبا یزید علی الثروة قال نعم و سبقنی و إیاك إلی الجنة قال أما و اللّٰه (4) لو أن أهل الأرض اشتركوا فی قتله لأرهقوا صعودا و إن أخاك لأشد هذه الأمة عذابا فقال صه و اللّٰه إنا لنرغب بعبد من عبیده عن صحبة أبیك عقبة بن أبی معیط.

و قال معاویة یوما و عنده عمرو بن العاص و قد أقبل عقیل لأضحكنك من عقیل فلما سلم قال معاویة مرحبا برجل عمه أبو لهب فقال عقیل و أهلا بمن (5) عمته حمالة الحطب فِی جِیدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ لأن امرأة أبی لهب أم جمیل بنت حرب

ص: 114


1- 1. شرح النهج 1: 184 و 185.
2- 2. فی المصدر: بالكوفة.
3- 3.«: إلی.
4- 4. فی المصدر بعد ذلك: ان شدقیه لمضمومان من دم عثمان، فقال: و ما أنت و قریش و اللّٰه ما انت فینا الا كنطیح التیس، فغضب الولید و قال: و اللّٰه اه.
5- 5. فی المصدر: برجل.

بن أمیة قال معاویة یا أبا یزید ما ظنك بعمك أبی لهب قال إذا دخلت النار فخذ علی یسارك تجده مفترشا عمتك حمالة الحطب أ فناكح فی النار خیر أم منكوح قال كلاهما شر و اللّٰه (1).

و قال فی موضع آخر عقیل بن أبی طالب هو أخو أمیر المؤمنین علیه السلام لأبیه و أمه و كانوا بنو أبی طالب أربعة طالب و هو أسن من عقیل بعشر سنین و عقیل و هو أسن من جعفر بعشر سنین و جعفر و هو أسن من علی بعشر سنین و علی علیه السلام و هو أصغرهم سنا و أعظمهم قدرا بل و أعظم الناس بعد ابن عمه قدرا و كان أبو طالب یحب عقیلا أكثر من حبه سائر بنیه فلذلك قال للنبی صلی اللّٰه علیه و آله و للعباس حین أتیاه لیقسما بنیه عام المحل (2) فیخففا عنه ثقلهم دعوا لی عقیلا و خذوا من شئتم فأخذ العباس جعفرا و أخذ محمد علیا و كان عقیل یكنی أبا یزید قال له رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یا أبا یزید إنی أحبك حبین حبا لقرابتك منی و حبا لما كنت أعلم من حب عمی إیاك أخرج عقیل إلی بدر مكرها كما أخرج العباس فأسر و فدی و عاد إلی مكة ثم أقبل مسلما مهاجرا قبل الحدیبیة و شهد غزاة مؤتة مع أخیه جعفر و توفی فی خلافة معاویة فی سنة خمسین و كان عمره ست و تسعون سنة و له دار بالمدینة معروفة و خرج إلی مكة(3) ثم إلی الشام ثم عاد إلی المدینة و لم یشهد مع أخیه أمیر المؤمنین علیه السلام شیئا من حروبه أیام خلافته و عرض نفسه و ولده علیه فأعفاه و لم یكلفه حضور الحرب و كان أنسب قریش و أعلمهم بأیامها و كان مبغضا إلیهم لأنه كان یعد مساویهم و كانت له طنفسة(4) تطرح فی مسجد رسول اللّٰه فیصلی علیها و یجتمع إلیه الناس فی علم النسب و أیام العرب و كان حینئذ قد ذهب بصره و كان أسرع الناس جوابا و أشدهم عارضة

ص: 115


1- 1. شرح النهج 1: 481.
2- 2. بالفتح فالسكون: انقطاع المطر و یبس الأرض.
3- 3. فی المصدر: إلی العراق.
4- 4. الطنفسة- مثلثة الطاء و الفاء-: البساط. الحصیر.

و كان یقال إن فی قریش أربعة یتحاكم إلیهم فی علم النسب و أیام قریش و یرجع إلی قولهم عقیل بن أبی طالب و مخرمة بن نوفل الزهری و أبو الجهم بن حذیفة العدوی و حویطب بن عبد العزی العامری و اختلف الناس فیه هل التحق بمعاویة و أمیر المؤمنین علیه السلام حی فقال قوم (1)

و رووا أن معاویة قال یوما و عقیل عنده هذا أبو یزید لو لا علمه أنی خیر له من أخیه لما أقام عندنا و تركه فقال عقیل أخی خیر لی فی دینی و أنت خیر لی فی دنیای و قد آثرت دنیا و أسأل اللّٰه خاتمة خیر و قال قوم إنه لم یفد إلی معاویة إلا بعد وفاة أمیر المؤمنین علیه السلام و استدلوا علی ذلك بالكتاب الذی كتبه إلیه فی آخر خلافته و الجواب الذی أجابه علیه السلام به و قد ذكرناه فیما تقدم و سیأتی ذكره أیضا فی باب كتبه علیه السلام و هذا القول هو الأظهر عندی.

و روی المدائنی قال قال معاویة یوما لعقیل بن أبی طالب هل من حاجة فأقضیها لك قال نعم جاریة عرضت علی و أبی أصحابها أن یبیعوها إلا بأربعین ألفا فأحب معاویة أن یمازحه قال و ما تصنع بجاریة قیمتها أربعون ألفا و أنت أعمی تجتزئ بجاریة قیمتها خمسون درهما قال أرجو أن أطأها فتلد لی غلاما إذا أغضبته یضرب عنقك فضحك معاویة و قال مازحناك یا أبا یزید و أمر فابتیعت له الجاریة التی أولد منها مسلما رحمه اللّٰه فلما أتت علی مسلم ثمانی عشرة سنة و قد مات عقیل أبوه قال لمعاویة یا أمیر المؤمنین إن لی أرضا بمكان كذا من المدینة و إنی أعطیت بها مائة ألف و قد أحببت أن أبیعك إیاها فادفع إلی ثمنها فأمر معاویة بقبض الأرض و دفع الثمن إلیه فبلغ ذلك الحسین علیه السلام فكتب إلی معاویة أما بعد فإنك اغتررت (2) غلاما من بنی هاشم فابتعت منه أرضا لا یملكها فاقبض من الغلام ما دفعته إلیه و اردد علینا أرضنا فبعث معاویة إلی مسلم فأخبره ذلك و أقرأه

ص: 116


1- 1. أی اعتقد قوم ذلك. و فی المصدر: فقال قوم: نعم.
2- 2. فی المصدر: غررت.

كتاب الحسین علیه السلام و قال اردد علینا مالنا و خذ أرضك فإنك بعت ما لا تملك فقال مسلم أما دون أن أضرب رأسك بالسیف فلا فاستلقی معاویة ضاحكا یضرب برجلیه و قال یا بنی هذا و اللّٰه كلام قاله لی أبوك حین ابتعت له أمك ثم كتب إلی الحسین علیه السلام أنی قد رددت علیكم الأرض و سوغت مسلما ما أخذه فقال الحسین علیه السلام أبیتم یا آل أبی سفیان إلا كرما.

فقال معاویة لعقیل یا أبا یزید أین یكون عمك أبو لهب الیوم قال إذا دخلت جهنم فاطلبه تجده مضاجعا عمتك أم جمیل بنت حرب بن أمیة و قالت له زوجته ابنة عتبة بن ربیعة یا بنی هاشم لا یحبكم قلبی أبدا أین أبی أین عمی أین أخی كأن أعناقهم أباریق الفضة ترد أنفهم الماء قبل شفاههم قال إذا دخلت جهنم فخذی علی شمالك تجدینهم.

سأل معاویة عقیلا رحمه اللّٰه عن قصة الحدیدة المحماة المذكورة فبكی و قال: أنا أحدثك یا معاویة عنه (1) ثم أحدثك عما سألت نزل بالحسین ابنه ضیف فاستسلف (2) درهما اشتری به خبزا و احتاج إلی الإدام فطلب من قنبر خادمهم أن یفتح له زقا من زقاق عسل جاءتهم من الیمن فأخذ منه رطلا فلما طلبها لیقسمها قال یا قنبر أظن أنه حدث فی هذا الزق حدث قال نعم یا أمیر المؤمنین و أخبره فغضب و قال علی بحسین و رفع الدرة(3) فقال بحق عمی جعفر و كان إذا سئل بحق جعفر سكن فقال له ما حملك إذ أخذت منه قبل القسمة قال إن لنا فیه حقا فإذا أعطیناه رددناه قال فداك أبوك و إن كان لك فیه حق فلیس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ینتفع المسلمون بحقوقهم أما لو لا أنی رأیت رسول اللّٰه یقبل ثنیتیك لأوجعتك ضربا ثم دفع إلی قنبر درهما كان مصرورا فی ردائه و قال اشتر به خیر عسل تقدر علیه قال عقیل و اللّٰه لكأنی أنظر

ص: 117


1- 1. أی عن أمیر المؤمنین علیه السلام.
2- 2. أی اقترض.
3- 3. فی المصدر: فرفع علیه الدرة.

إلی یدی علی و هی علی فم الزق و قنبر یقلب العسل فیه ثم شده و جعل یبكی و یقول اللّٰهم اغفر للحسین فإنه لم یعلم.

فقال معاویة ذكرت من لا ینكر فضله رحم اللّٰه أبا حسن فلقد سبق من كان قبله و أعجز من یأتی بعده هلم حدیث الحدیدة: قال نعم أقویت (1) و أصابتنی مخمصة شدیدة فسألته فلم تند صفاته (2) فجمعت صبیانی و جئته بهم و البؤس و الضر ظاهران علیهم فقال ائتنی عشیة لأدفع إلیك شیئا فجئته یقودنی أحد ولدی فأمره بالتنحی ثم قال ألا فدونك فأهویت حریصا قد غلبنی الجشع (3) أظنها صرة فوضعت یدی علی حدید تلتهب نارا فلما قبضتها نبذتها و خرت كما یخور(4) الثور تحت جازره فقال لی ثكلتك أمك هذا من حدیدة أوقدت لها نار الدنیا فكیف بك و بی غدا إن سلكنا فی سلاسل جهنم ثم قرأ إِذِ الْأَغْلالُ فِی أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ یُسْحَبُونَ (5) ثم قال لیس لك عندی فوق حقك الذی فرضه اللّٰه لك إلا ما تری فانصرف إلی أهلك فجعل معاویة یتعجب و یقول هیهات عقمت النساء أن تلد بمثله (6).

أقول: روی فی بعض مؤلفات أصحابنا عن قتادة أن أروی بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت علی معاویة بن أبی سفیان و قد قدم المدینة و هی عجوز كبیرة فلما رآها معاویة قال مرحبا بك یا خالة كیف كنت بعدی قالت كیف أنت یا ابن أختی لقد كفرت النعمة و أسأت لابن عمك الصحبة و تسمیت بغیر اسمك

ص: 118


1- 1. أی افتقرت.
2- 2. الصفاة: الحجر الصلد الضخم. یقال« فلان لا تندی صفاته» أی انه بخیل. و الجملة كنایة عن امساكه علیه السلام عن بذل بیت المال لأخیه عقیل.
3- 3. الجشع: اشد الحرص.
4- 4. خار البقرة: صاح.
5- 5. سورة المؤمن: 71.
6- 6. شرح النهج 3: 120- 122. و فیه: هیهات هیهات عقمت النساء أن یلدن بمثله.

و أخذت غیر حقك بلا بلاء كان منك و لا من آبائك فی دیننا و لا سابقة كانت لكم بل كفرتم بما جاء به محمد صلی اللّٰه علیه و آله فأتعس اللّٰه منكم الجدود و أصعر منكم الخدود و رد الحق إلی أهله فكانت كلمتنا هی العلیا و نبینا هو المنصور علی من ناواه فوثبت قریش علینا من بعده حسدا لنا و بغیا فكنا بحمد اللّٰه و نعمته أهل بیت فیكم بمنزلة بنی إسرائیل فی آل فرعون و كان سیدنا فیكم بعد نبینا بمنزلة هارون من موسی و غایتنا الجنة و غایتكم النار فقال لها عمرو بن العاص كفی أیتها العجوز الضالة و اقصری من قولك مع ذهاب عقلك إذ لا تجوز شهادتك وحدك فقالت و أنت یا ابن الباغیة تتكلم و أمك أشهر بغی بمكة و أقلهم أجرة و

ادعاك خمسة من قریش فسئلت أمك عن ذلك فقالت كل أتاها فانظروا أشبههم به فألحقوه به فغلب شبه العاص بن وائل جزار قریش ألأمهم مكرا و أمهنهم خیرا فما ألومك ببغضنا قال مروان بن الحكم كفی أیتها العجوز و اقصدی لما جئت له فقالت و أنت یا ابن الزرقاء تتكلم و اللّٰه و أنت ببشیر مولی ابن كلدة أشبه منك بالحكم بن العاص و قد رأیت الحكم سبط الشعر مدید القامة و ما بینكما قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرف فاسأل عما أخبرتك به أمك فإنها ستخبرك بذلك ثم التفتت إلی معاویة فقالت و اللّٰه ما جرأ هؤلاء غیرك و إن أمك القائلة فی قتل حمزة:

نحن جزیناكم بیوم بدر***و الحرب بعد الحرب ذات السعر.

إلی آخر الأبیات فأجابتها ابنة عمی :

خزیت فی بدر و غیر بدر *** یا بنت وقاع عظیم الكفر.

إلی آخر الأبیات فالتفت معاویة إلی مروان و عمرو و قال و اللّٰه ما جرأها علی غیركما و لا أسمعنی هذا الكلام سواكما ثم قال یا خالة اقصدی لحاجتك و دعی أساطیر النساء عنك قالت تعطینی ألفی دینار و ألفی دینار و ألفی دینار قال ما تصنعین بألفی دینار قالت أزوج بها فقراء بنی الحارث بن عبد المطلب قال

ص: 119

هی كذلك فما تصنعین بألفی دینار قالت أستعین بها علی شدة الزمان و زیارة بیت اللّٰه الحرام قال قد أمرت بها لك فما تصنعین بألفی دینار قالت أشتری بها عینا خرارة فی أرض حوارة تكون لفقراء بنی الحارث بن عبد المطلب قال هی لك یا خالة أما و اللّٰه لو كان ابن عمك علی ما أمر بها لك قالت تذكر علیا فض اللّٰه فاك و أجهد بلاك؟!! ثم علا نحیبها و بكاؤها و جعلت تقول:

ألا یا عین ویحك فاسعدینا***ألا فابكی أمیر المؤمنینا

رزئنا خیر من ركب المطایا***و جال بها و من ركب السفینا

و من لبس النعال و من حذاها***و من قرأ المثانی و المئینا

إذا استقبلت وجه أبی حسین***رأیت البدر راق الناظرینا

ألا فأبلغ معاویة بن حرب***فلا قرت عیون الشامتینا

أ فی الشهر الحرام فجعتمونا***بخیر الخلق طرا أجمعینا

مضی بعد النبی فدته نفسی***أبو حسن و خیر الصالحینا

كأن الناس إذ فقدوا علیا***نعام جال فی بلد سنینا

فلا و اللّٰه لا أنسی علیا***و حسن صلاته فی الراكعینا

لقد علمت قریش حیث كانت***بأنك خیرها حسبا و دینا

فلا یفرح معاویة بن حرب***فإن بقیة الخلفاء فینا.

قال فبكی معاویة ثم قال یا خالة لقد كان كما قلت و أفضل.

بیان: الخریر صوت الماء أی عینا یكون لمائها صوت لكثرته و الحوارة لعلها من الحور بمعنی الرجوع أی ترجع كل سنة إلی إعطاء الغلة و فی أكثر النسخ بالخاء المعجمة و الخوار الصوت و الضعف و الانكسار و لا یستقیم إلا بتكلف.

«4»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: إِخْوَتُهُ علیه السلام طَالِبٌ وَ عَقِیلٌ وَ جَعْفَرٌ وَ عَلِیٌّ أَصْغَرُهُمْ وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكْبَرُ مِنْ أَخِیهِ بِعَشْرِ سِنِینَ بِهَذَا التَّرْتِیبِ وَ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ وَ أَعْقَبُوا إِلَّا طَالِبٌ

ص: 120

فَإِنَّهُ أَسْلَمَ وَ لَمْ یُعْقِبْ أُخْتُهُ أُمُّ هَانِئٍ وَ اسْمُهَا فَاخِتَةُ وَ جُمَانَةُ وَ خَالُهُ حُنَیْنُ بْنُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ وَ خَالَتُهُ خَالِدَةُ بِنْتُ أَسَدٍ وَ رَبِیبَةُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ- وَ ابْنُ أُخْتِهِ جَعْدَةُ بْنُ هُبَیْرَةَ(1).

«5»- ل، [الخصال] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیُّ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی السَّرِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّائِبِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ بَیْنَ طَالِبٍ وَ عَقِیلٍ عَشْرُ سِنِینَ وَ بَیْنَ عَقِیلٍ وَ جَعْفَرٍ عَشْرُ سِنِینَ وَ بَیْنَ جَعْفَرٍ وَ عَلِیٍّ علیهما السلام عَشْرُ سِنِینَ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام أَصْغَرَهُمْ (2).

أقول: قد مضی كثیر من أحوال عقیل فی باب جوامع مكارمه علیه السلام و أحوال جعفر علیه السلام و بعض عشائره فی أبواب أحوال عشائر الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و أصحابه علیه السلام و سیأتی أحوال عبد اللّٰه بن جعفر و عبد اللّٰه بن عباس فی باب أحوال أصحابه علیه السلام و أبواب أحوال الحسین علیه السلام.

باب 122 أحوال رشید الهجری و میثم التمار و قنبر رضی اللّٰه عنهم أجمعین

«1»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ وُهَیْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِی حَسَّانَ الْعِجْلِیِّ قَالَ: لَقِیتُ أَمَةَ اللَّهِ بِنْتَ رَاشِدٍ الْهَجَرِیِّ فَقُلْتُ لَهَا أَخْبِرِینِی بِمَا سَمِعْتِ مِنْ أَبِیكِ قَالَتْ سَمِعْتُهُ یَقُولُ قَالَ لِی حَبِیبِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا رَاشِدُ كَیْفَ صَبْرُكَ إِذَا أَرْسَلَ إِلَیْكَ دَعِیُّ بَنِی أُمَیَّةَ فَقَطَعَ یَدَیْكَ وَ رِجْلَیْكَ وَ لِسَانَكَ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ یَكُونُ آخِرُ ذَلِكَ إِلَی الْجَنَّةِ؟

ص: 121


1- 1. مناقب آل أبی طالب 2: 75.
2- 2. الخصال 1: 85.

قَالَ نَعَمْ یَا رَاشِدُ وَ أَنْتَ مَعِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَالَتْ فَوَ اللَّهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَیَّامُ حَتَّی أَرْسَلَ إِلَیْهِ الدَّعِیُّ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ فَدَعَاهُ إِلَی الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِیَادٍ فَبِأَیِّ مِیتَةٍ قَالَ لَكَ صَاحِبُكَ تَمُوتُ قَالَ خَبَّرَنِی خَلِیلِی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّكَ تَدْعُونِی إِلَی الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَلَا أَتَبَرَّأُ فَتُقَدِّمُنِی فَتَقْطَعُ یَدَیَّ وَ رِجْلَیَّ وَ لِسَانِی فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأُكَذِّبَنَّ صَاحِبَكَ قَدِّمُوهُ وَ اقْطَعُوا یَدَهُ وَ رِجْلَهُ وَ اتْرُكُوا لِسَانَهُ فَقَطَعُوهُ ثُمَّ حَمَلُوهُ إِلَی مَنْزِلِنَا فَقُلْتُ لَهُ یَا أَبَتِ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَلْ تَجِدُ لِمَا أَصَابَكَ أَلَماً قَالَ لَا وَ اللَّهِ یَا بُنَیَّةِ إِلَّا كَالزِّحَامِ بَیْنَ النَّاسِ ثُمَّ دَخَلَ عَلَیْهِ جِیرَانُهُ وَ مَعَارِفُهُ یَتَوَجَّعُونَ لَهُ فَقَالَ آتُونِی (1) بِصَحِیفَةٍ وَ دَوَاةٍ أَذْكُرْ لَكُمْ مَا یَكُونُ مِمَّا أَعْلَمَنِیهِ مَوْلَایَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَتَوْهُ بِصَحِیفَةٍ وَ دَوَاةٍ فَجَعَلَ یَذْكُرُ وَ یُمْلِی عَلَیْهِمْ أَخْبَارَ الْمَلَاحِمِ وَ الْكَائِنَاتِ وَ یُسْنِدُهَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ زِیَادٍ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ الْحَجَّامَ حَتَّی قَطَعَ لِسَانَهُ فَمَاتَ مِنْ لَیْلَتِهِ تِلْكَ وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُسَمِّیهِ رَاشِدَ الْمُبْتَلَی وَ كَانَ قَدْ أَلْقَی إِلَیْهِ عِلْمَ الْبَلَایَا وَ الْمَنَایَا فَكَانَ یَلْقَی الرَّجُلَ وَ یَقُولُ لَهُ یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ تَمُوتُ مِیتَةَ كَذَا وَ أَنْتَ یَا فُلَانُ تُقْتَلُ قِتْلَةَ كَذَا فَیَكُونُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ رَاشِدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ (2).

«2»- ید، [التوحید] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنِ الْعَرْزَمِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ لِعَلِیٍّ علیه السلام غُلَامٌ اسْمُهُ قَنْبَرٌ وَ كَانَ یُحِبُّ عَلِیّاً حُبّاً شَدِیداً فَإِذَا خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام خَرَجَ عَلَی أَثَرِهِ بِالسَّیْفِ فَرَآهُ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَقَالَ یَا قَنْبَرُ مَا لَكَ قَالَ جِئْتُ لِأَمْشِیَ خَلْفَكَ فَإِنَّ النَّاسَ كَمَا تَرَاهُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَخِفْتُ عَلَیْكَ قَالَ وَیْحَكَ أَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ تَحْرُسُنِی أَمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ لَا بَلْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْأَرْضِ لَا یَسْتَطِیعُونَ بِی شَیْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ السَّمَاءِ فَارْجِعْ فَرَجَعَ (3).

ص: 122


1- 1. فی المصدر: ایتونی.
2- 2. أمالی الشیخ: 103 و 104.
3- 3. التوحید: 350.

«3»- ختص، [الإختصاص] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ:

إِذَا رَأَیْتُ مِنْهُمْ أَمْراً مُنْكَراً***أَوْقَدْتُ نَارِی وَ دَعَوْتُ قَنْبَراً(1).

«4»- یر، [بصائر الدرجات] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُعَلًّی عَنِ ابْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام یَنْعَی إِلَی رَجُلٍ نَفْسَهُ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی وَ إِنَّهُ لَیَعْلَمُ مَتَی یَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْ شِیعَتِهِ فَقَالَ شِبْهَ الْمُغْضَبِ یَا إِسْحَاقُ قَدْ كَانَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ یَعْلَمُ عِلْمَ الْمَنَایَا وَ الْبَلَایَا فَالْإِمَامُ أَوْلَی بِذَلِكَ (2).

«5»- یر، [بصائر الدرجات] الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مُعَاوِیَةَ(3) عَنْ إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی الْحَسَنِ علیه السلام وَ دَخَلَ عَلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام یَا فُلَانُ إِنَّكَ أَنْتَ تَمُوتُ إِلَی شَهْرٍ قَالَ فَأَضْمَرْتُ فِی نَفْسِی كَأَنَّهُ یَعْلَمُ آجَالَ شِیعَتِهِ قَالَ فَقَالَ یَا إِسْحَاقُ وَ مَا تُنْكِرُونَ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدْ كَانَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ مُسْتَضْعَفاً وَ كَانَ یَعْلَمُ عِلْمَ الْمَنَایَا وَ الْبَلَایَا فَالْإِمَامُ أَوْلَی بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ یَا إِسْحَاقُ تَمُوتُ إِلَی سَنَتَیْنِ وَ یَتَشَتَّتُ أَهْلُكَ وَ وُلْدُكَ وَ عِیَالُكَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ وَ یُفْلِسُونَ إِفْلَاساً شَدِیداً(4).

بیان: مستضعفا أی مظلوما أی یعده الناس ضعیفا لا یعتنون بشأنه أو كانوا یحسبونه ضعیف العقل.

«6»- سن، [المحاسن] عُثْمَانُ بْنُ عِیسَی عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ قنو [قِنْوَةَ](5) ابْنَةِ رُشَیْدٍ الْهَجَرِیِّ قَالَتْ: قُلْتُ لِأَبِی مَا أَشَدَّ اجْتِهَادَكَ فَقَالَ یَا بُنَیَّةِ سَیَجِی ءُ قَوْمٌ بَعْدَنَا بَصَائِرُهُمْ فِی دِینِهِمْ أَفْضَلُ مِنِ اجْتِهَادِ أَوَّلِیهِمْ (6).

ص: 123


1- 1. الاختصاص: 73. و فیه: أو قدت نارا.
2- 2. بصائر الدرجات: 73.
3- 3. كذا فی النسخ. و الصحیح كما فی المصدر: الحسن بن علیّ بن فضال، عن معاویة، عن إسحاق.
4- 4. بصائر الدرجات: 73.
5- 5. فی المصدر: قنوة.
6- 6. المحاسن: 251.

«7»- شا، [الإرشاد]: مِنْ مُعْجِزَاتِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّ مِیثَمَ التَّمَّارِ كَانَ عَبْداً لِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِی أَسَدٍ فَاشْتَرَاهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْهَا فَأَعْتَقَهُ فَقَالَ مَا اسْمُكَ فَقَالَ سَالِمٌ فَقَالَ أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ اسْمَكَ الَّذِی سَمَّاكَ بِهِ أَبُوكَ فِی الْعَجَمِ مِیثَمٌ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ (1) وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَاسْمِی قَالَ فَارْجِعْ إِلَی اسْمِكَ الَّذِی سَمَّاكَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَعْ سَالِماً فَرَجَعَ إِلَی مِیثَمٍ وَ اكْتَنَی بِأَبِی سَالِمٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ذَاتَ یَوْمٍ إِنَّكَ تُؤْخَذُ بَعْدِی فَتُصْلَبُ وَ تُطْعَنُ بِحَرْبَةٍ فَإِذَا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ ابْتَدَرَ مَنْخِرَاكَ وَ فَمُكَ دَماً فَتُخْضَبُ لِحْیَتُكَ فَانْتَظِرْ ذَلِكَ الْخِضَابَ فَتُصْلَبُ عَلَی بَابِ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ عَاشِرَ عَشَرَةٍ أَنْتَ أَقْصَرُهُمْ خَشَبَةً وَ أَقْرَبُهُمْ مِنَ الْمَطْهَرَةِ وَ امْضِ حَتَّی أُرِیَكَ النَّخْلَةَ الَّتِی تُصْلَبُ عَلَی جِذْعِهَا فَأَرَاهُ إِیَّاهَا وَ كَانَ مِیثَمٌ یَأْتِیهَا فَیُصَلِّی عِنْدَهَا وَ یَقُولُ بُورِكْتِ مِنْ نَخْلَةٍ لَكِ خُلِقْتُ وَ لِی غُذِّیتِ وَ لَمْ یَزَلْ مُعَاهِدَهَا(2) حَتَّی قُطِعَتْ وَ حَتَّی عُرِفَ الْمَوْضِعُ الَّذِی یُصْلَبُ عَلَیْهَا بِالْكُوفَةِ قَالَ وَ كَانَ یَلْقَی عَمْرَو بْنَ حُرَیْثٍ فَیَقُولُ إِنِّی مُجَاوِرُكَ فَأَحْسِنْ جِوَارِی فَیَقُولُ لَهُ عَمْرٌو أَ تُرِیدُ أَنْ تَشْتَرِیَ دَارَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ دَارَ ابْنِ حَكِیمٍ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ مَا یُرِیدُ وَ حَجَّ فِی السَّنَةِ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا فَدَخَلَ عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مِیثَمٌ قَالَتْ وَ اللَّهِ لَرُبَّمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَذْكُرُكَ وَ یُوصِی بِكَ عَلِیّاً فِی جَوْفِ اللَّیْلِ فَسَأَلَهَا عَنِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَتْ هُوَ فِی حَائِطٍ لَهُ قَالَ أَخْبِرِیهِ

أَنَّنِی قَدْ أَحْبَبْتُ السَّلَامَ عَلَیْهِ وَ نَحْنُ مُلْتَقُونَ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِینَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَدَعَتْ بِطِیبٍ وَ طَیَّبَتْ لِحْیَتَهُ وَ قَالَتْ أَمَا إِنَّهَا سَتُخْضَبُ بِدَمٍ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَأَخَذَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ فَأُدْخِلَ عَلَیْهِ فَقِیلَ لَهُ هَذَا كَانَ مِنْ آثَرِ النَّاسِ عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ وَیْحَكُمْ هَذَا الْأَعْجَمِیُّ قِیلَ لَهُ نَعَمْ قَالَ لَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ أَیْنَ رَبُّكَ قَالَ بِالْمِرْصَادِ

ص: 124


1- 1. فی المصدر: و صدقت یا أمیر المؤمنین.
2- 2.«: یتعاهدها.

لِكُلِّ ظَالِمٍ وَ أَنْتَ أَحَدُ الظَّلَمَةِ قَالَ إِنَّكَ عَلَی عُجْمَتِكَ لَتُبْلِغُ الَّذِی تُرِیدُ قَالَ أَخْبِرْنِی مَا أَخْبَرَكَ صَاحِبُكَ أَنِّی فَاعِلٌ بِكَ قَالَ أَخْبَرَنِی أَنَّكَ تَصْلِبُنِی عَاشِرَ عَشَرَةٍ أَنَا أَقْصَرُهُمْ خَشَبَةً وَ أَقْرَبُهُمْ إِلَی الْمَطْهَرَةِ قَالَ لَنُخَالِفَنَّهُ قَالَ كَیْفَ تُخَالِفُهُ فَوَ اللَّهِ مَا أَخْبَرَ(1) إِلَّا عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ جَبْرَئِیلَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَی فَكَیْفَ تُخَالِفُ هَؤُلَاءِ وَ لَقَدْ عَرَفْتُ الْمَوْضِعَ الَّذِی أُصْلَبُ فِیهِ وَ أَیْنَ هُوَ مِنَ الْكُوفَةِ وَ أَنَا أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ أُلْجَمُ فِی الْإِسْلَامِ فَحَبَسَهُ وَ حَبَسَ مَعَهُ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِی عُبَیْدَةَ قَالَ لَهُ مِیثَمٌ إِنَّكَ تُفْلِتُ وَ تَخْرُجُ ثَائِراً بِدَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَتَقْتُلُ هَذَا الَّذِی یَقْتُلُنَا فَلَمَّا دَعَا عُبَیْدُ اللَّهِ بِالْمُخْتَارِ لِیَقْتُلَهُ طَلَعَ بَرِیدٌ بِكِتَابِ یَزِیدَ إِلَی عُبَیْدِ اللَّهِ یَأْمُرُهُ بِتَخْلِیَةِ سَبِیلِهِ فَخَلَّاهُ وَ أَمَرَ بِمِیثَمٍ أَنْ یُصْلَبَ فَأُخْرِجَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ لَقِیَهُ مَا كَانَ أَغْنَاكَ عَنْ هَذَا فَتَبَسَّمَ وَ قَالَ وَ هُوَ یُومِئُ إِلَی النَّخْلَةِ لَهَا خُلِقْتُ وَ لِی غُذِّیَتْ فَلَمَّا رُفِعَ عَلَی الْخَشَبَةِ اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ عَلَی بَابِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ قَالَ عَمْرٌو قَدْ كَانَ وَ اللَّهِ یَقُولُ إِنِّی مُجَاوِرُكَ فَلَمَّا صُلِبَ أَمَرَ جَارِیَتَهُ بِكَنْسِ تَحْتِ خَشَبَتِهِ وَ رَشِّهِ وَ تَجْمِیرِهِ فَجَعَلَ مِیثَمٌ یُحَدِّثُ بِفَضَائِلِ بَنِی هَاشِمٍ فَقِیلَ لِابْنِ زِیَادٍ قَدْ فَضَحَكُمْ هَذَا الْعَبْدُ فَقَالَ أَلْجِمُوهُ وَ كَانَ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ أُلْجِمَ فِی الْإِسْلَامِ وَ كَانَ قَتْلُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ قُدُومِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام الْعِرَاقَ بِعَشَرَةِ أَیَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ صَلْبِهِ طُعِنَ مِیثَمٌ بِالْحَرْبَةِ فَكَبَّرَ ثُمَّ انْبَعَثَ فِی آخِرِ النَّهَارِ فَمُهُ وَ أَنْفُهُ دَماً وَ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَخْبَارِ عَنِ الْغُیُوبِ الْمَحْفُوظَةِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ذِكْرُهُ شَائِعٌ وَ الرِّوَایَةُ بِهِ بَیْنَ الْعُلَمَاءِ مُسْتَفِیضَةٌ.

وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَیَّاشٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ زِیَادِ بْنِ النَّصْرِ الْحَارِثِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ زِیَادٍ إِذْ أُتِیَ بِرُشَیْدٍ الْهَجَرِیِّ قَالَ لَهُ زِیَادٌ مَا قَالَ لَكَ صَاحِبُكَ یَعْنِی عَلِیّاً علیه السلام إِنَّا فَاعِلُونَ بِكَ قَالَ تَقْطَعُونَ یَدَیَّ وَ رِجْلَیَّ وَ تَصْلِبُونَنِی فَقَالَ زِیَادٌ أَمَ وَ اللَّهِ لَأُكَذِّبَنَّ حَدِیثَهُ خَلُّوا سَبِیلَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یَخْرُجَ قَالَ زِیَادٌ وَ اللَّهِ

ص: 125


1- 1. فی المصدر: ما أخبرنی.

مَا نَجِدُ(1) شَیْئاً شَرّاً مِمَّا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ اقْطَعُوا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ اصْلِبُوهُ فَقَالَ رُشَیْدٌ هَیْهَاتَ قَدْ بَقِیَ لِی عِنْدَكُمْ شَیْ ءٌ أَخْبَرَنِی بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ زِیَادٌ اقْطَعُوا لِسَانَهُ فَقَالَ رُشَیْدٌ الْآنَ وَ اللَّهِ جَاءَ التَّصْدِیقُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هَذَا الْخَبَرُ أَیْضاً قَدْ نَقَلَهُ الْمُؤَالِفُ وَ الْمُخَالِفُ عَنْ ثِقَاتِهِمْ عَمَّنْ سَمَّیْنَاهُ وَ اشْتَهَرَ أَمْرُهُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْجَمِیعِ وَ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ وَ الْأَخْبَارِ عَنِ الْغُیُوبِ.

وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ السِّیرَةِ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ: أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ یُوسُفَ الثَّقَفِیَّ قَالَ ذَاتَ یَوْمٍ أُحِبُّ أَنْ أُصِیبَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ أَبِی تُرَابٍ فَأَتَقَرَّبُ إِلَی اللَّهِ بِدَمِهِ فَقِیلَ لَهُ مَا نَعْلَمُ أَحَداً كَانَ أَطْوَلَ صُحْبَةً لِأَبِی تُرَابٍ مِنْ قَنْبَرٍ مَوْلَاهُ فَبَعَثَ فِی طَلَبِهِ فَأُتِیَ بِهِ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ قَنْبَرٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُو هَمْدَانَ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَوْلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- قَالَ اللَّهُ مَوْلَایَ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ وَلِیُّ نِعْمَتِی قَالَ ابْرَأْ مِنْ دِینِهِ قَالَ فَإِذَا بَرِئْتُ مِنْ دِینِهِ تَدُلُّنِی عَلَی دِینِ غَیْرِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ قَالَ إِنِّی قَاتِلُكَ فَاخْتَرْ أَیَّ قِتْلَةٍ أَحَبُّ إِلَیْكَ قَالَ قَدْ صَیَّرْتُ ذَلِكَ إِلَیْكَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّكَ لَا تَقْتُلُنِی قِتْلَةً إِلَّا قَتَلْتُكَ مِثْلَهَا وَ قَدْ أَخْبَرَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّ مِیتَتِی تَكُونُ ذَبْحاً ظُلْماً بِغَیْرِ حَقٍّ قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَذُبِحَ (2).

«8»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: مَا مُنِعَ مِیثَمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ التَّقِیَّةِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِی عَمَّارٍ وَ أَصْحَابِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ (3).

كا،(4) [الكافی] علی عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن جمیل عن محمد بن مروان: مثله (5)

ص: 126


1- 1. فی المصدر: ما نجد له.
2- 2. الإرشاد للمفید: 152- 155.
3- 3. تفسیر العیّاشیّ 2: 271. و الآیة فی سورة النحل: 106.
4- 4. من هنا إلی الروایة الآتیة من مختصات نسخة( ك).
5- 5. أصول الكافی( الجزء الثانی من الطبعة الحدیثة): 320.

بیان: لعل وجه الجمع بین أخبار التقیة و عدمها فی التبری الحمل علی التخییر فیكون هذا الكلام منه علیه السلام علی وجه الإشفاق بأنه كان یمكنه حفظ النفس بالتقیة فلم تركها علی وجه إلا الذم و الاعتراض (1) و فی أكثر نسخ الكتابین میثم بالرفع فالظاهر قراءة منع علی بناء المجهول فیحتمل ما ذكرنا أی لم یكن ممنوعا عن التقیة شرعا فلم لم یتق و یحتمل أن یكون مدحا أی وطن نفسه علی القتل لحب أمیر المؤمنین علیه السلام مع أنه لم یكن ممنوعا من التقیة و یحتمل أن یكون المعنی لم یمنع من التقیة و لم یتركها و لكن لم تنفعه أو المعنی أنه إنما تركها لعلمه بعدم الانتفاع بها و عدم تحقق شرط التقیة فیه و یمكن أن یقرأ منع علی بناء المعلوم أی لیس فعله مانعا للغیر عن التقیة لأنه اختار أحد الفردین المخیر فیهما أو لاختصاصه به لعدم تحقق شرطها فیه أو فعله و لم ینفعه و بالجملة یبعد عن مثل میثم و رشید و قنبر رضی اللّٰه عنهم بعد إخبار أمیر المؤمنین علیه السلام إیاهم بما یجری علیهم أمرهم بالتقیة تركهم أمره علیه السلام و عدم بیانه علیه السلام لهم ما یجب علیهم فعله فی هذا الوقت أبعد و اللّٰه یعلم.

«9»- كش، [رجال الكشی] حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمُ مَعاً عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ ثَابِتٍ الثَّقَفِیِّ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ بِمِیثَمٍ لِیُصْلَبَ قَالَ رَجُلٌ یَا مِیثَمُ لَقَدْ كُنْتَ عَنْ هَذَا غَنِیّاً قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ مِیثَمٌ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا نَبَتَتْ هَذِهِ النَّخْلَةُ إِلَّا لِی وَ لَا اغْتَذَیْتُ إِلَّا لَهَا(2).

«10»- مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّهْدِیِّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ مِیثَمٍ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبُو خَالِدٍ التَّمَّارُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مِیثَمٍ التَّمَّارِ بِالْفُرَاتِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهَبَّتْ رِیحٌ وَ هُوَ فِی سَفِینَةٍ مِنْ سُفُنِ الرُّمَّانِ قَالَ فَخَرَجَ فَنَظَرَ إِلَی الرِّیحِ فَقَالَ شُدُّوا بِرَأْسِ سَفِینَتِكُمْ إِنَّ هَذَا رِیحٌ عَاصِفٌ مَاتَ مُعَاوِیَةُ السَّاعَةَ قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ

ص: 127


1- 1. علی وجه الذم و الاعتراض، ظ.
2- 2. معرفة أخبار الرجال: 53.

الْجُمُعَةُ الْمُقْبِلَةُ قَدِمَ بَرِیدٌ مِنَ الشَّامِ فَلَقِیتُهُ فَاسْتَخْبَرْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا الْخَبَرُ قَالَ النَّاسُ عَلَی أَحْسَنِ حَالٍ تُوُفِّیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ بَایَعَ النَّاسُ یَزِیدَ قَالَ قُلْتُ أَیَّ یَوْمٍ تُوُفِّیَ قَالَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ(1).

«11»- مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّیَالِسِیِّ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خِرَاشٍ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ فُضَیْلٍ الرَّسَّانِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مِیثَمٍ قَالَ خَرَجَ أَبِی إِلَی الْعُمْرَةِ فَحَدَّثَنِی قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهَا فَضَرَبَتْ بَیْنِی وَ بَیْنَهَا خِدْراً فَقَالَتْ لِی أَنْتَ مِیثَمٌ فَقُلْتُ أَنَا مِیثَمٌ فَقَالَتْ كَثِیراً مَا رَأَیْتُ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ ابْنَ فَاطِمَةَ یَذْكُرُكَ قُلْتُ فَأَیْنَ هُوَ قَالَتْ خَرَجَ فِی غَنَمٍ لَهُ آنِفاً قُلْتُ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أُكْثِرُ ذِكْرَهُ فَأَقْرِئِیهِ (2) فَإِنِّی مُبَادِرٌ فَقَالَتْ یَا جَارِیَةُ اخْرُجِی فَادْهُنِیهِ فَخَرَجَتْ فَدَهَنَتْ لِحْیَتِی بِبَانٍ (3) فَقُلْتُ أَنَا أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ دَهَنَتْهَا(4) لَتُخْضَبَنَّ فِیكُمْ بِالدِّمَاءِ فَخَرَجْنَا فَإِذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا جَالِسٌ فَقُلْتُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ سَلْنِی مَا شِئْتَ مِنْ تَفْسِیرِ الْقُرْآنِ فَإِنِّی قَرَأْتُ تَنْزِیلَهُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عَلَّمَنِی تَأْوِیلَهُ فَقَالَ یَا جَارِیَةُ الدَّوَاةَ وَ الْقِرْطَاسَ فَأَقْبَلَ یَكْتُبُ فَقُلْتُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَیْفَ بِكَ إِذَا رَأَیْتَنِی مَصْلُوباً تَاسِعَ تِسْعَةٍ أَقْصَرَهُمْ خَشَبَةً وَ أَقْرَبَهُمْ بِالْمَطْهَرَةِ فَقَالَ لِی وَ تَكَهَّنُ أَیْضاً وَ خَرَقَ الْكِتَابَ فَقُلْتُ مَهْ احْفَظْ(5) بِمَا سَمِعْتَ مِنِّی فَإِنْ یَكُنْ مَا أَقُولُ لَكَ حَقّاً أَمْسَكْتَهُ وَ إِنْ یَكُ بَاطِلًا خَرَقْتَهُ قَالَ هُوَ ذَلِكَ فَقَدِمَ أَبِی عَلَیْنَا فَمَا لَبِثَ یَوْمَیْنِ حَتَّی أَرْسَلَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ فَصَلَبَهُ تَاسِعَ تِسْعَةٍ أَقْصَرَهُمْ خَشَبَةً وَ أَقْرَبَهُمْ إِلَی الْمَطْهَرَةِ فَرَأَیْتُ الرَّجُلَ الَّذِی جَاءَ إِلَیْهِ لِیَقْتُلَهُ وَ قَدْ أَشَارَ إِلَیْهِ بِالْحَرْبَةِ وَ هُوَ یَقُولُ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا قَوَّاماً ثُمَّ طَعَنَهُ فِی خَاصِرَتِهِ

ص: 128


1- 1. معرفة اخبار الرجال: 53.
2- 2. كذا فی النسخ: و فی المصدر: فاقرأنیه السلام.
3- 3. البان: شجر معتدل القوام لین ورقه كورق الصفصاف یؤخذ من حبّه دهن طیب.
4- 4. فی( م) و( خ): دهنتیها.
5- 5. فی المصدر: احتفظ.

فَأَجَافَهُ فَاحْتُقِنَ الدَّمُ (1) فَمَكَثَ یَوْمَیْنِ ثُمَّ إِنَّهُ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ بَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ انْبَعَثَ مَنْخِرَاهُ دَماً فَخُضِبَتْ لِحْیَتُهُ بِالدِّمَاءِ.

قال أبو نصر محمد بن مسعود و حدثنی أیضا بهذا الحدیث علی بن الحسن بن فضال عن أحمد بن محمد الأقرع عن داود بن مهزیار عن علی بن إسماعیل عن فضیل عن عمران بن میثم قال علی بن الحسن هو حمزة بن میثم (2)

خطاء و قال علی أخبرنی به الوشاء بإسناده: مثله سواء غیر أنه ذكر عمران بن میثم.

«12»- حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمُ قَالا حَدَّثَنَا أَیُّوبُ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ لِی مِیثَمٌ التَّمَّارُ ذَاتَ یَوْمٍ یَا أَبَا حُكَیْمٍ إِنِّی أُخْبِرُكَ بِحَدِیثٍ وَ هُوَ حَقٌّ قَالَ فَقُلْتُ یَا أَبَا صَالِحٍ بِأَیِّ شَیْ ءٍ تُحَدِّثُنِی قَالَ إِنِّی أَخْرُجُ الْعَامَ إِلَی مَكَّةَ فَإِذَا قَدِمْتُ الْقَادِسِیَّةَ رَاجِعاً أَرْسَلَ إِلَیَّ هَذَا الدَّعِیُّ ابْنُ زِیَادٍ رَجُلًا فِی مِائَةِ فَارِسٍ حَتَّی یَجِی ءَ بِی إِلَیْه فَیَقُولُ لِی أَنْتَ مِنْ هَذِهِ السَّبَّابِیَّةِ الْخَبِیثَةِ الْمُحْتَرِقَةِ الَّتِی قَدْ یَبِسَتْ عَلَیْهَا جُلُودُهَا وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُقَطِّعَنَّ یَدَكَ وَ رِجْلَكَ فَأَقُولُ لَا رَحِمَكَ اللَّهُ فَوَ اللَّهِ لَعَلِیٌّ علیه السلام كَانَ أَعْرَفَ بِكَ مِنْ حَسَنٍ علیه السلام حِینَ ضَرَبَ رَأْسَكَ بِالدِّرَّةِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ- یَا أَبَتِ لَا تَضْرِبْهُ فَإِنَّهُ یُحِبُّنَا وَ یُبْغِضُ عَدُوَّنَا فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام مُجِیباً لَهُ اسْكُتْ یَا بُنَیَّ فَوَ اللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَوَلِیٌّ لِعَدُوِّكَ وَ عَدُوٌّ لِوَلِیِّكَ قَالَ فَیَأْمُرُ بِی عِنْدَ ذَلِكَ فَأُصْلَبُ فَأَكُونُ أَوَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُلْجَمُ بِالشَّرِیطِ فِی الْإِسْلَامِ فَإِذَا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ فَقُلْتُ غَابَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَغِبْ ابْتَدَرَ مَنْخِرَایَ دَماً عَلَی صَدْرِی وَ لِحْیَتِی قَالَ فَرَصَدْنَاهُ فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّالِثُ فَقُلْتُ غَابَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَغِبْ ابْتَدَرَ مَنْخِرَاهُ عَلَی صَدْرِهِ وَ لِحْیَتِهِ دَماً قَالَ فَاجْتَمَعْنَا سَبْعَةً مِنَ التَّمَّارِینَ فَاتَّعَدْنَا بِحَمْلِهِ فَجِئْنَا إِلَیْهِ لَیْلًا وَ الْحُرَّاسُ یَحْرُسُونَهُ وَ قَدْ أَوْقَدُوا النَّارَ فَحَالَتِ النَّارُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ فَاحْتَمَلْنَاهُ بِخَشَبَةٍ حَتَّی انْتَهَیَا بِهِ إِلَی فَیْضٍ مِنْ مَاءٍ

ص: 129


1- 1. اجافه بالطعنة: بلغ بها جوفه. احتقن الدم: اجتمع فی الجوف من طعنة جائفة.
2- 2. معرفة اخبار الرجال: 53 و 54.

فِی مُرَادٍ فَدَفَنَّاهُ فِیهِ وَ رَمَیْنَا الْخَشَبَةَ فِی مُرَادٍ فِی الْخَرَابِ وَ أَصْبَحَ فَبَعَثَ الْخَیْلَ فَلَمْ تَجِدْ شَیْئاً قَالَ وَ قَالَ یَوْماً یَا أَبَا حُكَیْمٍ تَرَی هَذَا الْمَكَانَ لَیْسَ یُؤَدَّی فِیهِ طَسْقٌ وَ الطَّسْقُ أَدَاءُ الْأَجْرِ وَ لَئِنْ طَالَتْ بِكَ الْحَیَاةُ لَتُؤَدِّیَنَّ طَسْقَ هَذَا الْمَكَانِ إِلَی رَجُلٍ فِی دَارِ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ اسْمُهُ زُرَارَةُ- قَالَ سَدِیرٌ فَأَدَّیْتُهُ عَلَی خِزْیٍ إِلَی رَجُلٍ فِی دَارِ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ یُقَالُ لَهُ زُرَارَةُ(1).

«13»- جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ یُوسُفَ بْنِ عِمْرَانَ الْمِیثَمِیِّ قَالَ سَمِعْتُ مِیثَماً(2)

النَّهْرَوَانِیَّ یَقُولُ: دَعَانِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ قَالَ كَیْفَ أَنْتَ یَا مِیثَمُ إِذَا دَعَاكَ دَعِیُّ بَنِی أُمَیَّةَ(3) عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ إِلَی الْبَرَاءَةِ مِنِّی فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا وَ اللَّهِ لَا أَبْرَأُ مِنْكَ قَالَ إِذَنْ وَ اللَّهِ یَقْتُلَكَ وَ یَصْلِبَكَ قُلْتُ أَصْبِرُ فَذَاكَ فِی اللَّهِ قَلِیلٌ فَقَالَ یَا مِیثَمُ إِذاً تَكُونَ مَعِی فِی دَرَجَتِی قَالَ وَ كَانَ مِیثَمٌ یَمُرُّ بِعَرِیفِ قَوْمِهِ (4) وَ یَقُولُ یَا فُلَانُ كَأَنِّی بِكَ وَ قَدْ دَعَاكَ دَعِیُّ بَنِی أُمَیَّةَ ابْنُ دَعِیِّهَا فَیَطْلُبُنِی مِنْكَ أَیَّاماً فَإِذَا قَدِمْتُ عَلَیْكَ ذَهَبْتَ بِی إِلَیْهِ حَتَّی یَقْتُلَنِی عَلَی بَابِ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الرَّابِعِ ابْتَدَرَ مَنْخِرَایَ دَماً عَبِیطاً وَ كَانَ مِیثَمٌ یَمُرُّ بِنَخْلَةٍ فِی سَبِخَةٍ فَیَضْرِبُ بِیَدِهِ عَلَیْهَا وَ یَقُولُ یَا نَخْلَةُ مَا غُذِّیتِ إِلَّا لِی وَ مَا غُذِّیتُ إِلَّا لَكِ وَ كَانَ یَمُرُّ بِعَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ وَ یَقُولُ یَا عَمْرُو إِذَا جَاوَرْتُكَ فَأَحْسِنْ جِوَارِی فَكَانَ عَمْرٌو یَرَی أَنَّهُ یَشْتَرِی دَاراً أَوْ ضَیْعَةً لَزِیقَ (5) ضَیْعَتِهِ فَكَانَ یَقُولُ لَهُ عَمْرٌو لَیْتَكَ قَدْ فَعَلْتَ ثُمَّ خَرَجَ مِیثَمٌ النَّهْرَوَانِیُّ إِلَی مَكَّةَ فَأَرْسَلَ الطَّاغِیَةُ عَدُوُّ اللَّهِ ابْنُ زِیَادٍ- إِلَی عَرِیفِ مِیثَمٍ فَطَلَبَهُ مِنْهُ فَأَخْبَرَهُ

ص: 130


1- 1. معرفة اخبار الرجال: 54 و 55.
2- 2. فی المصدر: میثم.
3- 3. فی المصدر بعد ذلك: ابن دعیها.
4- 4. العریف من یعرف أصحابه. القیم بأمر القوم و النقیب.
5- 5. اللزیق: اللصیق.

أَنَّهُ بِمَكَّةَ فَقَالَ لَهُ لَئِنْ لَمْ تَأْتِنِی بِهِ لَأَقْتُلَنَّكَ فَأَجَّلَهُ أَجَلًا وَ خَرَجَ الْعَرِیفُ إِلَی الْقَادِسِیَّةِ یَنْتَظِرُ مِیثَماً فَلَمَّا قَدِمَ مِیثَمٌ قَالَ أَنْتَ مِیثَمٌ قَالَ نَعَمْ أَنَا مِیثَمٌ قَالَ تَبَرَّأْ مِنْ أَبِی تُرَابٍ (1) دقَالَ لَا أَعْرِفُ أَبَا تُرَابٍ قَالَ تَبَرَّأْ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- فَقَالَ لَهُ فَإِنْ أَنَا لَمْ أَفْعَلْ قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ لَأَقْتُلُكَ (2) قَالَ أَمَا لَقَدْ كَانَ یَقُولُ لِی إِنَّكَ سَتَقْتُلُنِی وَ تَصْلِبُنِی عَلَی بَابِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الرَّابِعِ ابْتَدَرَ مَنْخِرَایَ دَماً عَبِیطاً فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ عَلَی بَابِ عَمْرِو بْنِ حُرَیْثٍ- فَقَالَ لِلنَّاسِ سَلُونِی وَ هُوَ مَصْلُوبٌ قَبْلَ أَنْ أُقْتَلَ فَوَ اللَّهِ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِعِلْمِ مَا یَكُونُ إِلَی أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ وَ مَا یَكُونُ مِنَ الْفِتَنِ فَلَمَّا سَأَلَهُ النَّاسُ حَدَّثَهُمْ حَدِیثاً وَاحِداً إِذْ أَتَاهُ رَسُولٌ مِنْ قِبَلِ ابْنِ زِیَادٍ فَأَلْجَمَهُ بِلِجَامٍ مِنْ شَرِیطٍ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ وَ هُوَ مَصْلُوبٌ (3).

یج، [الخرائج و الجرائح] عن عمران عن أبیه میثم: مثله (4)

بیان: الشریط حبل یفتل من خوص.

«14»- كش، [رجال الكشی] وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِیهِ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ: أَتَی مِیثَمٌ التَّمَّارُ دَارَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقِیلَ لَهُ إِنَّهُ نَائِمٌ فَنَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ انْتَبِهْ أَیُّهَا النَّائِمُ فَوَ اللَّهِ لَتُخْضَبَنَّ لِحْیَتُكَ مِنْ رَأْسِكَ فَانْتَبَهَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ أَدْخِلُوا مِیثَماً فَقَالَ (5) أَیُّهَا النَّائِمُ وَ اللَّهِ لَتُخْضَبَنَّ لِحْیَتُكَ مِنْ رَأْسِكَ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ لَیُقْطَعَنَّ یَدَاكَ وَ رِجْلَاكَ وَ لِسَانُكَ وَ لَتُقْطَعَنَّ النَّخْلَةُ الَّتِی فِی الْكُنَاسَةِ فَتُشَقُّ أَرْبَعَ قِطَعٍ فَتُصْلَبُ أَنْتَ عَلَی رُبُعِهَا وَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ عَلَی رُبُعِهَا وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَكْتَمَ عَلَی رُبُعِهَا وَ خَالِدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَی رُبُعِهَا قَالَ مِیثَمٌ فَشَكَكْتُ فِی نَفْسِی وَ قُلْتُ إِنَّ

ص: 131


1- 1. كأن فی العبارة سقطا، و الظاهر أن یكون هكذا: فجاء به العریف إلی ابن زیاد، فقال ابن زیاد: تبرأ من ابی تراب.
2- 2. فی المصدر: لاقتلنك.
3- 3. معرفة اخبار الرجال: 55 و 56.
4- 4. الخرائج و الجرائح: 20.
5- 5. فی المصدر: فقال له.

عَلِیّاً لَیُخْبِرُنَا بِالْغَیْبِ فَقُلْتُ لَهُ أَ وَ كَائِنٌ ذَاكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- فَقَالَ إِی وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ كَذَا عَهِدَهُ إِلَیَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَقُلْتُ لِمَ (1) یُفْعَلُ ذَلِكَ بِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَیَأْخُذَنَّكَ الْعُتُلُّ الزَّنِیمُ ابْنُ الْأَمَةِ الْفَاجِرَةِ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ- قَالَ وَ كَانَ یَخْرُجُ إِلَی الْجَبَّانَةِ وَ أَنَا مَعَهُ فَیَمُرُّ بِالنَّخْلَةِ فَیَقُولُ لِی یَا مِیثَمُ إِنَّ لَكَ وَ لَهَا شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ قَالَ فَلَمَّا وَلِیَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ الْكُوفَةَ وَ دَخَلَهَا تَعَلَّقَ عَلَمُهُ بِالنَّخْلَةِ الَّتِی بِالْكُنَاسَةِ فَتَخَرَّقَ فَتَطَیَّرَ مِنْ ذَلِكَ فَأَمَرَ بِقَطْعِهَا فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنَ النَّجَّارِینَ فَشَقَّهَا أَرْبَعَ قِطَعٍ قَالَ مِیثَمٌ فَقُلْتُ لِصَالِحٍ ابْنِی فَخُذْ مِسْمَاراً مِنْ حَدِیدٍ فَانْقُشْ عَلَیْهِ اسْمِی وَ اسْمَ أَبِی وَ دُقَّهُ فِی بَعْضِ تِلْكَ الْأَجْذَاعِ.

قَالَ فَلَمَّا مَضَی بَعْدَ ذَلِكَ أَیَّامٌ أَتَوْنِی قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ فَقَالُوا یَا مِیثَمُ انْهَضْ مَعَنَا إِلَی الْأَمِیرِ نَشْتَكِی (2) إِلَیْهِ عَامِلَ السُّوقِ فَنَسْأَلَهُ أَنْ یَعْزِلَهُ عَنَّا وَ یُوَلِّیَ عَلَیْنَا غَیْرَهُ قَالَ وَ كُنْتُ خَطِیبَ الْقَوْمِ فَنَصَتَ لِی وَ أَعْجَبَهُ مَنْطِقِی فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ تَعْرِفُ هَذَا الْمُتَكَلِّمَ قَالَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ مِیثَمٌ التَّمَّارُ الْكَذَّابُ مَوْلَی الْكَذَّابِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ فَاسْتَوَی جَالِساً فَقَالَ لِی مَا تَقُولُ فَقُلْتُ كَذَبَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ بَلْ أَنَا الصَّادِقُ مَوْلَی الصَّادِقِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً فَقَالَ لِی لَتَبْرَأَنَّ مِنْ عَلِیٍّ وَ لَتَذْكُرَنَّ مَسَاوِیَهُ وَ تَتَوَلَّی عُثْمَانَ وَ تَذْكُرُ مَحَاسِنَهُ أَوْ لَأُقَطِّعَنَّ یَدَیْكَ وَ رِجْلَیْكَ وَ لَأُصَلِّبَنَّكَ فَبَكَیْتُ فَقَالَ لِی بَكَیْتَ مِنَ الْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ مَا بَكَیْتُ مِنَ الْقَوْلِ وَ لَا مِنَ الْفِعْلِ وَ لَكِنِّی بَكَیْتُ مِنْ شَكٍّ كَانَ دَخَلَنِی یَوْمَ أَخْبَرَنِی سَیِّدِی وَ مَوْلَایَ فَقَالَ لِی وَ مَا قَالَ لَكَ قَالَ فَقُلْتُ أَتَیْتُهُ الْبَابَ فَقِیلَ لِی إِنَّهُ نَائِمٌ فَنَادَیْتُ انْتَبِهْ أَیُّهَا النَّائِمُ فَوَ اللَّهِ لَتُخْضَبَنَّ لِحْیَتُكَ مِنْ رَأْسِكَ فَقَالَ صَدَقْتَ وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ لَیُقْطَعَنَّ یَدَاكَ وَ رِجْلَاكَ وَ لِسَانُكَ وَ لَتُصْلَبَنَّ فَقُلْتُ وَ مَنْ یَفْعَلُ ذَلِكَ بِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَأْخُذُكَ الْعُتُلُّ الزَّنِیمُ ابْنُ الْأَمَةِ الْفَاجِرَةِ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ- قَالَ فَامْتَلَأَ غَیْظاً ثُمَّ قَالَ لِی وَ اللَّهِ لَأُقَطِّعَنَّ یَدَیْكَ وَ رِجْلَیْكَ وَ لَأَدَعَنَّ لِسَانَكَ حَتَّی أُكَذِّبَكَ وَ

ص: 132


1- 1. و من یفعل ظ.
2- 2. فی المصدر: نشكو.

أُكَذِّبَ مَوْلَاكَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ یَدَاهُ وَ رِجْلَاهُ ثُمَّ أُخْرِجَ وَ أَمَرَ بِهِ أَنْ یُصْلَبَ فَنَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ أَرَادَ أَنْ یَسْمَعَ الْحَدِیثَ الْمَكْنُونَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- قَالَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَ أَقْبَلَ یُحَدِّثُهُمْ بِالْعَجَائِبِ قَالَ وَ خَرَجَ عَمرُو بْنُ حُرَیْثٍ وَ هُوَ یُرِیدُ مَنْزِلَهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ قَالَ مِیثَمٌ التَّمَّارُ یُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ فَانْصَرَفَ مُسْرِعاً فَقَالَ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ بَادِرْ فَابْعَثْ إِلَی هَذَا مَنْ یَقْطَعُ لِسَانَهُ فَإِنِّی لَسْتُ آمَنُ أَنْ یَتَغَیَّرَ قُلُوبَ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَیَخْرُجُوا عَلَیْكَ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَی حَرَسِیٍّ فَوْقَ رَأْسِهِ فَقَالَ اذْهَبْ فَاقْطَعْ لِسَانَهُ قَالَ فَأَتَاهُ الْحَرَسِیُّ وَ قَالَ لَهُ یَا مِیثَمُ قَالَ مَا تَشَاءُ قَالَ أَخْرِجْ لِسَانَكَ فَقَدْ أَمَرَنِی الْأَمِیرُ بِقَطْعِهِ قَالَ مِیثَمٌ أَلَا زَعَمَ ابْنُ الْأَمَةِ الْفَاجِرَةِ أَنَّهُ یُكَذِّبُنِی وَ یُكَذِّبُ مَوْلَایَ هَاكَ لِسَانِی قَالَ فَقَطَعَ لِسَانَهُ وَ تَشَحَّطَ سَاعَةً فِی دَمِهِ ثُمَّ مَاتَ وَ أَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ قَالَ صَالِحٌ فَمَضَیْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أیام [بِأَیَّامٍ]-(1)

فَإِذَا هُوَ قَدْ صُلِبَ عَلَی الرُّبُعِ الَّذِی كَتَبْتُ وَ دَقَقْتُ فِیهِ الْمِسْمَارَ(2).

«15»- ختص، [الإختصاص] كش، [رجال الكشی] إِبْرَاهِیمُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْحُسَیْنِیُّ الْعَقِیقِیُّ رَفَعَهُ قَالَ: سُئِلَ (3)

قَنْبَرٌ مَوْلَی مَنْ أَنْتَ فَقَالَ مَوْلَایَ (4) مَنْ ضَرَبَ بِسَیْفَیْنِ وَ طَعَنَ بِرُمْحَیْنِ وَ صَلَّی الْقِبْلَتَیْنِ وَ بَایَعَ الْبَیْعَتَیْنِ وَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَیْنِ وَ لَمْ یَكْفُرْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ أَنَا مَوْلَی صَالِحِ الْمُؤْمِنِینَ وَ وَارِثِ النَّبِیِّینَ وَ خَیْرِ الْوَصِیِّینَ وَ أَكْبَرِ الْمُسْلِمِینَ وَ یَعْسُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ نُورِ الْمُجَاهِدِینَ وَ رَئِیسِ الْبَكَّاءِینَ وَ زَیْنِ الْعَابِدِینَ وَ سِرَاجِ الْمَاضِینَ وَ ضَوْءِ الْقَائِمِینَ وَ أَفْضَلِ الْقَانِتِینَ وَ لِسَانِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ أَوَّلِ الْمُؤْمِنِینَ (5) مِنْ آلِ یس الْمُؤَیَّدِ بِجَبْرَئِیلَ الْأَمِینِ وَ الْمَنْصُورِ بِمِیكَائِیلَ الْمَتِینِ وَ الْمَحْمُودِ عِنْدَ أَهْلِ السَّمَاءِ أَجْمَعِینَ سَیِّدِ الْمُسْلِمِینَ

ص: 133


1- 1. كذا فی النسخ: و فی المصدر: بأیام.
2- 2. معرفة اخبار الرجال: 56- 58.
3- 3. فی الاختصاص: و فی روایة العامّة سئل اه.
4- 4. كذا فی( ك): و فی( م) و( خ): مولی. و فی المصدرین: انا مولی.
5- 5. فی الاختصاص: و اول الوصیین.

وَ السَّابِقِینَ وَ قَاتِلِ النَّاكِثِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمُحَامِی عَنْ حَرَمِ الْمُسْلِمِینَ وَ مُجَاهِدِ أَعْدَائِهِ النَّاصِبِینَ وَ مُطْفِئِ نَارِ(1) الْمُوقِدِینَ وَ أَفْخَرِ مَنْ مَشَی مِنْ قُرَیْشٍ أَجْمَعِینَ وَ أَوَّلِ مَنْ أَجَابَ (2) وَ اسْتَجَابَ لِلَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ وَصِیِّ نَبِیِّهِ فِی الْعَالَمِینَ وَ أَمِینِهِ عَلَی الْمَخْلُوقِینَ وَ خَلِیفَةِ مَنْ بُعِثَ إِلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ سَیِّدِ الْمُسْلِمِینَ وَ السَّابِقِینَ وَ مُبِیدِ الْمُشْرِكِینَ وَ سَهْمٍ مِنْ مَرَامِی اللَّهِ عَلَی الْمُنَافِقِینَ وَ لِسَانِ كَلِمَةِ الْعَابِدِینَ نَاصِرِ دِینِ اللَّهِ وَ وَلِیِّ اللَّهِ وَ لِسَانِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَ نَاصِرِهِ فِی أَرْضِهِ وَ عَیْبَةِ عِلْمِهِ وَ كَهْفِ دِینِهِ إِمَامِ أَهْلِ الْأَبْرَارِ-(3) مَنْ رَضِیَ عَنْهُ الْعَلِیُّ الْجَبَّارُ-(4) سَمِحٌ سَخِیٌّ حَیِیٌّ بُهْلُولٌ سَنَحْنَحِیٌّ زَكِیٌّ مُطَهَّرٌ أَبْطَحِیٌّ جَرِیٌّ هُمَامٌ صَابِرٌ صَوَّامٌ مَهْدِیٌّ مِقْدَامٌ قَاطِعُ الْأَصْلَابِ مُفَرِّقُ الْأَحْزَابِ عَالِی الرِّقَابِ أَرْبَطُهُمْ عِنَاناً وَ أَثْبَتُهُمْ جَنَاناً وَ أَشَدُّهُمْ شَكِیمَةً بَازِلٌ بَاسِلٌ صِنْدِیدٌ هِزَبْرٌ ضِرْغَامٌ حَازِمٌ عَزَّامٌ حَصِیفٌ خَطِیبٌ مِحْجَاجٌ كَرِیمُ الْأَصْلِ شَرِیفُ الْفَصْلِ فَاضِلُ الْقَبِیلَةِ نَقِیُّ الْعَشِیرَةِ(5) زَكِیُّ الرَّكَانَةِ مُؤَدِّی الْأَمَانَةِ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ ابْنُ عَمِّ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِمَا الْإِمَامُ الْمَهْدِیُّ الرَّشَادِ مُجَانِبُ الْفَسَادِ الْأَشْعَثُ الْحَاتِمُ الْبَطَلُ الْجُمَاجِمُ وَ اللَّیْثُ الْمُزَاحِمُ بَدْرِیٌّ مَكِّیٌّ حَنَفِیٌّ رُوحَانِیٌّ شَعْشَعَانِیٌّ مِنَ الْجِبَالِ شَوَاهِقُهَا وَ مِنْ ذِی الْهِضَابِ (6) رُءُوسُهَا وَ مِنَ الْعَرَبِ سَیِّدُهَا وَ مِنَ الْوَغَی لَیْثُهَا الْبَطَلُ الْهُمَامُ وَ اللَّیْثُ الْمِقْدَامُ وَ الْبَدْرُ التَّمَامُ مِحَكُّ الْمُؤْمِنِینَ وَ وَارِثُ الْمَشْعَرَیْنِ وَ أَبُو السِّبْطَیْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ حَقّاً حَقّاً عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ الصَّلَوَاتُ الزَّكِیَّةُ وَ الْبَرَكَاتُ السَّنِیَّةُ(7).

ص: 134


1- 1. فی الاختصاص: نیران.
2- 2. فی الاختصاص: و اول من حارب و استجلب.
3- 3. فی المصدرین: امام الابرار.
4- 4. فی الاختصاص: مرضی عند العلی الجبار.
5- 5. فی الاختصاص: العترة.
6- 6. الهضبة: الجبل المنبسط علی وجه الأرض و فی( كش): ذی الهضبات.
7- 7. الاختصاص: 73 و 74. معرفة اخبار الرجال: 49 و 50.

توضیح: البهلول بالضم الضحاك و السید الجامع لكل خیر و رجل سنحنح لا ینام اللیل و الیاء للمبالغة كالأحمری و الهمام (1) الملك العظیم الهمة و السید الشجاع السخی قوله عالی الرقاب أی یعلوها و یسلط علیها و ربط العنان كنایة عن التقید بقوانین الشریعة أو حمل الناس علیها و الشكیمة الطبع و اللجام الحدیدة المعترضة فی فم الفرس و البازل الرجل الكامل فی تجربته و الباسل الأسد و الشجاع و الصندید السید الشجاع و الهزبر بكسر الهاء و فتح الزاء و سكون الباء الأسد و الشدید الصلت و الضرغام بالكسر الأسد و الحصیف من استكمل عقله و المحجاج بالكسر الجدل الكامل فی الحجاج و الفصل القضاء بین الحق و الباطل و یحتمل أن یكون المراد هنا المحل الذی انفصل منه من الوالدین و الأجداد و الركانة الوقار و فی بعض النسخ بالزای المعجمة أی الحدس و الفطانة و الأشعث المغبر الرأس و فی بعض النسخ الأسغب بالغین المعجمة و الباء الموحدة أی الجائع و الحاتم بالكسر القاضی و بالفتح الجواد و الجماجم السادات و العظماء و لعل الألف و اللام فی البطل زید من النساخ قوله محك المؤمنین أی بولایته و متابعته یعرف المؤمنون و درجاتهم و فی بعض النسخ مجلی المؤمنین من التجلیة أی مصفیهم و منورهم.

«16»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ قَیْسٍ القومشی [الْقُومِسِیِ] عَنْ أَحْلَمَ بْنِ یَسَارٍ(2) عَنْ أَبِی الْحَسَنِ صَاحِبِ الْعَسْكَرِ علیه السلام: أَنَّ قَنْبَراً مَوْلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دَخَلَ عَلَی الْحَجَّاجِ بْنِ یُوسُفَ- فَقَالَ لَهُ مَا الَّذِی كُنْتَ تَلِی مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ- فَقَالَ كُنْتُ أُوَضِّیهِ فَقَالَ لَهُ مَا كَانَ یَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ فَقَالَ كَانَ یَتْلُو هَذِهِ الْآیَةَ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَیْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَیْ ءٍ حَتَّی إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ

ص: 135


1- 1. بالضم.
2- 2. كذا فی النسخ. و فی المصدر: احكم بن یسار و فی جامع الرواة: احكم بن بشار.

رَبِّ الْعالَمِینَ-(1) فَقَالَ الْحَجَّاجُ أَظُنُّهُ كَانَ یَتَأَوَّلُهَا عَلَیْنَا قَالَ نَعَمْ فَقَالَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا ضَرَبْتُ عِلَاوَتَكَ-(2) قَالَ إِذَنْ أَسْعَدَ وَ تَشْقَی فَأَمَرَ بِهِ (3).

شی، [تفسیر العیاشی] مرسلا عنه علیه السلام: مثله (4).

«17»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ وُهَیْبِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَّاطِ عَنْ وَهْبِ بْنِ حَفْصٍ الْجَرِیرِیِّ عَنْ أَبِی حَیَّانَ الْبَجَلِیِّ عَنْ قِنْوَا بِنْتِ الرُّشَیْدِ الْهَجَرِیِّ قَالَ: قُلْتُ لَهَا أَخْبِرِینِی مَا سَمِعْتِ مِنْ أَبِیكِ قَالَتْ سَمِعْتُ أَبِی یَقُولُ أَخْبَرَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا رُشَیْدُ كَیْفَ صَبْرُكَ مَتَی أَرْسَلَ إِلَیْكَ دَعِیُّ بَنِی أُمَیَّةَ فَقَطَعَ یَدَیْكَ وَ رِجْلَیْكَ وَ لِسَانَكَ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ آخِرُ ذَلِكَ إِلَی الْجَنَّةِ فَقَالَ یَا رُشَیْدُ أَنْتَ مَعِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَالَتْ فَوَ اللَّهِ مَا ذَهَبَتِ الْأَیَّامُ حَتَّی أَرْسَلَ إِلَیْهِ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ الدَّعِیُّ فَدَعَاهُ إِلَی الْبَرَاءَةِ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَبَی أَنْ یَبْرَأَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الدَّعِیُّ فَبِأَیِّ مِیتَةٍ قَالَ لَكَ تَمُوتُ فَقَالَ لَهُ أَخْبَرَنِی خَلِیلِی أَنَّكَ تَدْعُونِی إِلَی الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَلَا أَبْرَأُ فَتُقَدِّمُنِی فَتَقْطَعُ یَدَیَّ وَ رِجْلَیَّ وَ لِسَانِی فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأُكَذِّبَنَّ قَوْلَهُ قَالَ فَقَدَّمُوهُ فَقَطَعُوا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ تَرَكُوا لِسَانَهُ فَحَمَلْتُ أَطْرَافَ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ فَقُلْتُ یَا أَبَتِ هَلْ تَجِدُ أَلَماً لِمَا(5) أَصَابَكَ فَقَالَ لَا یَا بِنْتِی (6) إِلَّا كَالزِّحَامِ بَیْنَ النَّاسِ فَلَمَّا احْتَمَلْنَاهُ وَ أَخْرَجْنَاهُ مِنَ الْقَصْرِ اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ فَقَالَ آتُونِی (7) بِصَحِیفَةٍ وَ دَوَاةٍ أَكْتُبْ لَكُمْ مَا یَكُونُ إِلَی یَوْمِ السَّاعَةِ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ الْحَجَّامَ یَقْطَعُ لِسَانَهُ فَمَاتَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی لَیْلَتِهِ قَالَ وَ كَانَ أَمِیرُ

ص: 136


1- 3. سورة الأنعام: 44- 45.
2- 1. العلاوة- بالكسر-: أعلی الرأس أو العنق.
3- 2. معرفة اخبار الرجال: 50.
4- 3. تفسیر العیّاشیّ: ج 1 ص 359.
5- 4. فی المصدر: مما.
6- 5. فی المصدر و( م) و( خ): یا بنیة.
7- 6. فی المصدر و( م) و( خ): ایتونی.

الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُسَمِّیهِ رُشَیْدَ الْبَلَایَا وَ قَدْ كَانَ أُلْقِیَ إِلَیْهِ عِلْمُ الْبَلَایَا وَ الْمَنَایَا فَكَانَ فِی حَیَاتِهِ إِذَا لَقِیَ الرَّجُلَ قَالَ لَهُ أَنْتَ تَمُوتُ بِمِیتَةِ كَذَا وَ تُقْتَلُ أَنْتَ یَا فُلَانُ بِقِتْلَةِ كَذَا وَ كَذَا فَیَكُونُ كَمَا یَقُولُ الرُّشَیْدُ وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ أَنْتَ رُشَیْدُ الْبَلَایَا أَوْ تُقْتَلَ (1)

بِهَذِهِ الْقِتْلَةِ فَكَانَ كَمَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام(2).

ختص، [الإختصاص] جعفر بن الحسین عن محمد بن الحسن عن محمد بن أبی القاسم عن محمد بن علی الصیرفی: مثله (3)

یج، [الخرائج و الجرائح] عن قنوا: مثله (4).

«18»- كش، [رجال الكشی] جَبْرَئِیلُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ الْأَسَدِیِّ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ زُبَیْرٍ قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَوْماً إِلَی بُسْتَانِ الْبَرْنِیِّ وَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ فَجَلَسَ تَحْتَ نَخْلَةٍ ثُمَّ أَمَرَ بِنَخْلَةٍ فَلُقِطَتْ فَأُنْزِلَ مِنْهَا رُطَبٌ فَوُضِعَ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ قَالُوا فَقَالَ رُشَیْدٌ الْهَجَرِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَطْیَبَ هَذَا الرُّطَبَ فَقَالَ یَا رُشَیْدُ أَمَا إِنَّكَ تُصْلَبُ عَلَی جِذْعِهَا قَالَ رُشَیْدٌ فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَیْهَا طَرْفَیِ النَّهَارِ أَسْقِیهَا وَ مَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ- قَالَ فَجِئْتُهَا یَوْماً وَ قَدْ قُطِعَ سَعَفُهَا قُلْتُ اقْتَرَبَ أَجَلِی ثُمَّ جِئْتُ یَوْماً فَجَاءَ الْعَرِیفُ فَقَالَ أَجِبِ الْأَمِیرَ فَأَتَیْتُهُ فَلَمَّا دَخَلْتُ الْقَصْرَ إِذَا خَشَبٌ مُلْقًی ثُمَّ جِئْتُ یَوْماً آخَرَ فَإِذَا النِّصْفُ الْآخَرُ قَدْ جُعِلَ زُرْنُوقاً یُسْتَقَی عَلَیْهِ الْمَاءُ فَقُلْتُ مَا كَذَبَنِی خَلِیلِی فَأَتَانِیَ الْعَرِیفُ فَقَالَ أَجِبِ الْأَمِیرَ فَأَتَیْتُهُ فَلَمَّا دَخَلْتُ الْقَصْرَ إِذَا الْخَشَبُ مُلْقًی فَإِذَا فِیهِ الزُّرْنُوقُ فَجِئْتُ حَتَّی ضَرَبْتُ الزُّرْنُوقَ بِرِجْلِی ثُمَّ قُلْتُ لَكَ غُذِّیتُ وَ لِی نَبَتَّ-(5) ثُمَّ أُدْخِلْتُ عَلَی عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ فَقَالَ هَاتِ مِنْ كَذِبِ صَاحِبِكَ قُلْتُ وَ اللَّهِ مَا أَنَا بِكَذَّابٍ وَ لَا هُوَ

ص: 137


1- 1. فی المصدر و( م) و( خ): ای تقتل و فی( ت): تقتل.
2- 2. معرفة اخبار الرجال 50 و 51.
3- 3. الاختصاص: 77 و 78.
4- 4. لم نجده فی الخرائج المطبوع.
5- 5. فی المصدر و( م) و( خ): انبتت.

وَ لَقَدْ أَخْبَرَنِی أَنَّكَ تَقْطَعُ یَدَیَّ وَ رِجْلَیَّ وَ لِسَانِی قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ نُكَذِّبُهُ اقْطَعُوا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ أَخْرِجُوهُ فَلَمَّا حُمِلَ إِلَی أَهْلِهِ أَقْبَلَ یُحَدِّثُ النَّاسَ بِالْعَظَائِمِ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ سَلُونِی وَ إِنَّ لِلْقَوْمِ عِنْدِی طَلِبَةً لَمْ یَقْضُوهَا فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَی ابْنِ زِیَادٍ فَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْتَ قَطَعْتَ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ هُوَ یُحَدِّثُ النَّاسَ بِالْعَظَائِمِ قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ رُدُّوهُ وَ قَدِ انْتَهَی إِلَی بَابِهِ فَرَدُّوهُ فَأَمَرَ بِقَطْعِ یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ لِسَانِهِ وَ أَمَرَ بِصَلْبِهِ (1).

بیان: الزرنوقان بالضم و یفتح منارتان تبنیان علی جانبی رأس البئر.

«19»- فض، [كتاب الروضة]: قِیلَ كَانَ مَوْلَانَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَخْرُجُ مِنَ الْجَامِعِ بِالْكُوفَةِ فَیَجْلِسُ عِنْدَ مِیثَمٍ التَّمَّارِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَیُحَادِثُهُ فَیُقَالُ إِنَّهُ قَالَ لَهُ ذَاتَ یَوْمٍ أَ لَا أُبَشِّرُكَ یَا مِیثَمُ- فَقَالَ بِمَا ذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- قَالَ بِأَنَّكَ تَمُوتُ مَصْلُوباً فَقَالَ یَا مَوْلَایَ وَ أَنَا عَلَی فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ لَهُ یَا مِیثَمُ تُرِیدُ أُرِیكَ الْمَوْضِعَ الَّذِی تُصْلَبُ فِیهِ وَ النَّخْلَةَ الَّتِی تُعَلَّقُ عَلَیْهَا وَ عَلَی جِذْعَتِهَا قَالَ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- فَجَاءَ بِهِ إِلَی رَحْبَةِ الصَّیَارِفِ (2) وَ قَالَ لَهُ هَاهُنَا ثُمَّ أَرَاهُ نَخْلَةً قَالَ لَهُ عَلَی جِذْعِ هَذِهِ فَمَا زَالَ مِیثَمٌ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَتَعَاهَدُ تِلْكَ النَّخْلَةَ حَتَّی قُطِعَتْ وَ شُقَّتْ نِصْفَیْنِ فَسُقِّفَ بِالنِّصْفِ مِنْهَا وَ بَقِیَ النِّصْفُ الْآخَرُ فَمَا زَالَ یَتَعَاهَدُ النِّصْفَ وَ یُصَلِّی فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَ یَقُولُ لِبَعْضِ جِیرَانِ الْمَوْضِعِ یَا فُلَانُ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُجَاوِرَكَ عَنْ قَرِیبٍ فَأَحْسِنْ جِوَارِی فَیَقُولُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فِی نَفْسِهِ یُرِیدُ مِیثَمٌ أَنْ یَشْتَرِیَ دَاراً فِی جِوَارِی وَ لَا یَعْلَمُ مَا یُرِیدُ بِقَوْلِهِ حَتَّی قُبِضَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ظَفَرَ مُعَاوِیَةُ وَ أَصْحَابُهُ وَ أُخِذَ مِیثَمٌ فِیمَنْ أُخِذَ وَ أَمَرَ مُعَاوِیَةُ بِصَلْبِهِ فَصُلِبَ عَلَی ذَلِكَ الْجِذْعِ فِی ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ الرَّجُلُ أَنَّ مِیثَماً قَدْ صُلِبَ فِی جِوَارِهِ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاسَ بِقِصَّةِ مِیثَمٍ وَ مَا قَالَهُ فِی حَیَاتِهِ وَ مَا زَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ یَتَعَاهَدُهُ

ص: 138


1- 1. معرفة اخبار الرجال: 51 و 52.
2- 2. فی المصدر: الصیارفة.

وَ یَكْنُسُ تَحْتَ الْجِذْعِ وَ یُبَخِّرُهُ وَ یُصَلِّی عِنْدَهُ وَ یُكَرِّرُ الرَّحْمَةَ عَلَیْهِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ (1).

«20»- كشف، [كشف الغمة] مِنْ دَلَائِلِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ یَنْعَی إِلَی رَجُلٍ نَفْسَهُ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی وَ إِنَّهُ لَیَعْلَمُ مَتَی یَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْ شِیعَتِهِ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ شِبْهَ الْمُغْضَبِ فَقَالَ یَا إِسْحَاقُ قَدْ كَانَ الرُّشَیْدُ الْهَجَرِیُّ- وَ كَانَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِینَ یَعْلَمُ عِلْمَ الْمَنَایَا وَ الْبَلَایَا وَ الْإِمَامُ (2) أَوْلَی بِذَلِكَ یَا إِسْحَاقُ اصْنَعْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فَعُمُرُكَ قَدْ فَنِیَ وَ أَنْتَ تَمُوتُ إِلَی سَنَتَیْنِ وَ إِخْوَتُكَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ لَا یَلْبَثُونَ مِنْ بَعْدِكَ إِلَّا یَسِیراً حَتَّی تَفْتَرِقَ كَلِمَتُهُمْ وَ یَخُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ یَصِیرُونَ لِإِخْوَانِهِمْ وَ مَنْ یَعْرِفُهُمْ رَحْمَةً حَتَّی یَشْمَتَ بِهِمْ عَدُوُّهُمْ قَالَ إِسْحَاقُ فَإِنِّی أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا عَرَضَ فِی صَدْرِی فَلَمْ یَلْبَثْ إِسْحَاقُ بَعْدَ هَذَا الْمَجْلِسِ إِلَّا سَنَتَیْنِ حَتَّی مَاتَ ثُمَّ مَا ذَهَبَتِ الْأَیَّامُ حَتَّی قَامَ بَنُو عَمَّارٍ بِأَمْوَالِ النَّاسِ وَ أَفْلَسُوا أَقْبَحَ إِفْلَاسٍ رَآهُ النَّاسُ فَجَاءَ مَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام فِیهِمْ مَا غَادَرَ قَلِیلًا وَ لَا كَثِیراً(3).

«21»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا مُنِعَ مِیثَمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ التَّقِیَّةِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِی عَمَّارٍ وَ أَصْحَابِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ (4).

أقول: قد مر كثیر من أخبارهم فی باب إخبار أمیر المؤمنین علیه السلام بالكائنات.

«22»- ختص، [الإختصاص] جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی الْجَارُودِ قَالَ: سَمِعْتُ الْقِنْوَا بِنْتَ الرُّشَیْدِ الْهَجَرِیِّ تَقُولُ قَالَ أَبِی یَا بُنَیَّةِ أَمِیتِی الْحَدِیثَ بِالْكِتْمَانِ وَ اجْعَلِی الْقَلْبَ مَسْكَنَ الْأَمَانَةِ وَ عَنْ قِنْوَا قَالَتْ قُلْتُ لِأَبِی مَا أَشَدَّ اجْتِهَادَكَ قَالَ یَا بُنَیَّةِ یَأْتِی قَوْمٌ بَعْدَنَا بَصَائِرُهُمْ

ص: 139


1- 1. الروضة: 5.
2- 2. فی المصدر: فالامام.
3- 3. كشف الغمّة: 251.
4- 4. أصول الكافی( الجزء الثانی من الطبعة الحدیثة): 220، و الآیة فی سورة النحل: 106.

فِی دِینِهِمْ أَفْضَلُ مِنِ اجْتِهَادِنَا(1).

«23»- ختص، [الإختصاص] جَعْفَرٌ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ یَرْفَعُهُ إِلَی رُشَیْدٍ الْهَجَرِیِّ قَالَ: لَمَّا طَلَبَ زِیَادٌ أَبُو عُبَیْدِ اللَّهِ رُشَیْدَ الْهَجَرِیِّ اخْتَفَی رُشَیْدٌ فَجَاءَ ذَاتَ یَوْمٍ إِلَی أَبِی أَرَاكَةَ وَ هُوَ جَالِسٌ عَلَی بَابِهِ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ مَنْزِلَ أَبِی أَرَاكَةَ فَفَزِعَ لِذَلِكَ أَبُو أَرَاكَةَ وَ خَافَ فَقَامَ فَدَخَلَ فِی أَثَرِهِ فَقَالَ وَیْحَكَ قَتَلْتَنِی وَ أَیْتَمْتَ وُلْدِی وَ أَهْلَكْتَهُمْ قَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالَ أَنْتَ مَطْلُوبٌ وَ جِئْتَ حَتَّی دَخَلْتَ دَارِی وَ قَدْ رَآكَ مَنْ كَانَ عِنْدِی فَقَالَ مَا رَآنِی أَحَدٌ مِنْهُمْ قَالَ وَ تَسْخَرُ بِی أَیْضاً فَأَخَذَهُ وَ شَدَّهُ كِتَافاً ثُمَّ أَدْخَلَهُ بَیْتاً وَ أَغْلَقَ عَلَیْهِ بَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ خُیِّلَ إِلَیَّ أَنَّ رَجُلًا شَیْخاً قَدْ دَخَلَ دَارِی آنِفاً قَالُوا مَا رَأَیْنَا أَحَداً فَكَرَّرَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُونَ مَا رَأَیْنَا أَحَداً فَسَكَتَ عَنْهُمْ ثُمَّ إِنَّهُ تَخَوَّفَ أَنْ یَكُونَ قَدْ رَآهُ غَیْرُهُمْ فَذَهَبَ إِلَی مَجْلِسِ زِیَادٍ لِیَتَجَسَّسَ هَلْ یَذْكُرُونَهُ فَإِنْ هُمْ أَحَسُّوا بِذَلِكَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَ دَفَعَهُ إِلَیْهِمْ فَسَلَّمَ عَلَی زِیَادٍ وَ قَعَدَ عِنْدَهُ وَ كَانَ الَّذِی بَیْنَهُمَا لَطِیفٌ قَالَ فَبَیْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ الرُّشَیْدُ عَلَی بَغْلَةِ أَبِی أَرَاكَةَ مُقْبِلًا نَحْوَ مَجْلِسِ زِیَادٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ أَبُو أَرَاكَةَ تَغَیَّرَ وَجْهُهُ وَ أُسْقِطَ فِی یَدِهِ وَ أَیْقَنَ بِالْهَلَاكِ فَنَزَلَ رُشَیْدٌ عَنِ الْبَغْلَةِ وَ أَقْبَلَ إِلَی زِیَادٍ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَامَ إِلَیْهِ زِیَادٌ فَاعْتَنَقَهُ فَقَبَّلَهُ ثُمَّ أَخَذَ یُسَائِلُهُ كَیْفَ قَدِمْتَ وَ كَیْفَ مَنْ خَلَّفْتَ وَ كَیْفَ كُنْتَ فِی مَسِیرِكَ وَ أَخَذَ لِحْیَتَهُ ثُمَّ مَكَثَ هُنَیْهَةً ثُمَّ قَامَ فَذَهَبَ فَقَالَ أَبُو أَرَاكَةَ لِزِیَادٍ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِیرَ مَنْ هَذَا الشَّیْخُ قَالَ هَذَا أَخٌ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَدِمَ عَلَیْنَا زَائِراً فَانْصَرَفَ أَبُو أَرَاكَةَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَإِذَا رُشَیْدٌ بِالْبَیْتِ كَمَا تَرَكَهُ فَقَالَ لَهُ أَبُو أَرَاكَةَ أَمَّا إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ كُلُّ مَا أَرَی فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ وَ ادْخُلْ عَلَیْنَا كَیْفَ شِئْتَ.

(2)

ص: 140


1- 1. الاختصاص: 78.
2- 2. الاختصاص: 78 و 79.

باب 123 حال الحسن البصری

«1»- ج، [الإحتجاج] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ وَ هُوَ یَتَوَضَّأُ فَقَالَ یَا حَسَنُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ قَتَلْتَ (1) بِالْأَمْسِ أُنَاساً یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ یُصَلُّونَ الْخَمْسَ وَ یُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ كَانَ مَا رَأَیْتَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُعِینَ عَلَیْنَا عَدُوَّنَا فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- لَقَدْ خَرَجْتُ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ فَاغْتَسَلْتُ وَ تَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَیَّ سِلَاحِی وَ أَنَا لَا أَشُكُّ فِی أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَیْبَةِ(2) نَادَی مُنَادٍ یَا حَسَنُ إِلَی أَیْنَ ارْجِعْ فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِی النَّارِ فَرَجَعْتُ ذُعْراً وَ جَلَسْتُ فِی بَیْتِی فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی لَمْ أَشُكَّ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَتَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَیَّ سِلَاحِی وَ خَرَجْتُ إِلَی الْقِتَالِ-(3) حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَیْبَةِ فَنَادَانِی مُنَادٍ مِنْ خَلْفِی یَا حَسَنُ إِلَی أَیْنَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِی النَّارِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام صَدَقْتَ أَ فَتَدْرِی مَنْ ذَلِكَ الْمُنَادِی قَالَ لَا قَالَ علیه السلام ذَاكَ أَخُوكَ إِبْلِیسُ وَ صَدَقَكَ أَنَّ الْقَاتِلَ مِنْهُمْ وَ الْمَقْتُولَ فِی النَّارِ فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ الْآنَ عَرَفْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ الْقَوْمَ هَلْكَی (4).

«2»- ج، [الإحتجاج] عَنْ أَبِی یَحْیَی الْوَاسِطِیِّ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْبَصْرَةَ

ص: 141


1- 1. فی( ك): فنیت.
2- 2. الخریبة مصغرا موضع بالبصرة عندها كانت وقعة الجمل.
3- 3. فی المصدر: أرید القتال.
4- 4. الاحتجاج: 92.

اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَیْهِ وَ فِیهِمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ وَ مَعَهُ أَلْوَاحٌ فَكَانَ كُلَّمَا لَفَظَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِكَلِمَةٍ كَتَبَهَا فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِأَعْلَی صَوْتِهِ مَا تَصْنَعُ قَالَ نَكْتُبُ آثَارَكُمْ لِنُحَدِّثَ بِهَا بَعْدَكُمْ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَا إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ سَامِرِیّاً وَ هَذَا سَامِرِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا أَنَّهُ لَا یَقُولُ لا مِساسَ وَ لَكِنَّهُ یَقُولُ لَا قِتَالَ (1).

«3»- ج، [الإحتجاج] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ- یُقَالُ لَهُ عُثْمَانُ الْأَعْمَی إِنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ یَزْعُمُ أَنَّ الَّذِینَ یَكْتُمُونَ الْعِلْمَ تُؤْذِی رِیحُ بُطُونِهِمْ مَنْ یَدْخُلُ النَّارَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَهَلَكَ إِذاً مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ وَ اللَّهُ مَدَحَهُ بِذَلِكَ وَ مَا زَالَ الْعِلْمُ مَكْتُوماً مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ نُوحاً فَلْیَذْهَبِ الْحَسَنُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَوَ اللَّهِ مَا یُوجَدُ الْعِلْمُ إِلَّا هَاهُنَا(2).

كا، [الكافی] الحسین بن محمد عن المعلی عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن عبد اللّٰه: مثله (3).

«4»- لی، [الأمالی للصدوق] أَبِی عَنِ الْمُؤَدِّبِ عَنْ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ قُتَیْبَةَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِی مُسْلِمٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ وَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَتَّی أَتَیْنَا بَابَ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَعَدَ أَنَسٌ عَلَی الْبَابِ وَ دَخَلْتُ مَعَ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ فَسَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ وَ هُوَ یَقُولُ السَّلَامُ عَلَیْكِ یَا أُمَّاهْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَتْ لَهُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ مَنْ أَنْتَ یَا بُنَیَّ فَقَالَ أَنَا الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ فَقَالَتْ فِیمَا جِئْتَ یَا حَسَنُ فَقَالَ لَهَا جِئْتُ لِتُحَدِّثِینِی بِحَدِیثٍ سَمِعْتِیهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ اللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِیثٍ سَمِعَتْهُ أُذُنَایَ-(4) مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَّا فَصَمَّتَا وَ رَأَتْهُ عَیْنَایَ وَ إِلَّا فَعَمِیَتَا وَ وَعَاهُ قَلْبِی وَ إِلَّا فَطَبَعَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَخْرَسَ لِسَانِی إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَلِیِّ

ص: 142


1- 1. الاحتجاج: 92.
2- 2. الاحتجاج: 180.
3- 3. أصول الكافی( الجزء الأول من الطبعة الحدیثة): 51.
4- 4. فی( ك): سمعته اذناك.

بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَا عَلِیُّ مَا مِنْ عَبْدٍ لَقِیَ اللَّهَ یَوْمَ یَلْقَاهُ جَاحِداً لِوَلَایَتِكَ إِلَّا لَقِیَ اللَّهَ بِعِبَادَةِ صَنَمٍ أَوْ وَثَنٍ قَالَ فَسَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیّاً مَوْلَایَ وَ مَوْلَی الْمُؤْمِنِینَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَا لِی أَرَاكَ تُكَبِّرُ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّنَا أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُحَدِّثَنِی بِحَدِیثٍ سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَلِیٍّ فَقَالَتْ لِی كَذَا وَ كَذَا فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیّاً مَوْلَایَ وَ مَوْلَی كُلِّ مُؤْمِنٍ قَالَ فَسَمِعْتُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَ هُوَ یَقُولُ أَشْهَدُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (1).

«5»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَتَی الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ یَتَوَضَّأُ فِی سَاقِیَةٍ فَقَالَ أَسْبِغْ طُهُورَكَ یَا كَفْتِیُّ قَالَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ رِجَالًا كَانُوا یُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ قَالَ وَ إِنَّكَ لَحَزِینٌ عَلَیْهِمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَطَالَ اللَّهُ حُزْنَكَ قَالَ أَیُّوبُ السِّجِسْتَانِیُّ فَمَا رَأَیْنَا الْحَسَنَ قَطُّ إِلَّا حَزِیناً كَأَنَّهُ یَرْجِعُ عَنْ دَفْنِ حَمِیمٍ أَوْ خَرْبَنْدَجٌ ضَلَّ حِمَارُهُ فَقُلْتُ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ عَمِلَ فِیَّ دَعْوَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَ كَفْتِیٌّ بِالنَّبَطِیَّةِ الشَّیْطَانُ وَ كَانَتْ أُمُّهُ سَمَّتْهُ بِذَلِكَ وَ دَعَتْهُ فِی صِغَرِهِ فَلَمْ یَعْرِفْ ذَلِكَ أَحَدٌ حَتَّی دَعَاهُ بِهِ عَلِیٌّ علیه السلام(2).

«6»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ سَدِیرٍ الصَّیْرَفِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام حَدِیثٌ بَلَغَنِی عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ قَالَ وَ مَا هُوَ قُلْتُ بَلَغَنِی أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ كَانَ یَقُولُ لَوْ غَلَی دِمَاغُهُ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ مَا اسْتَظَلَّ بِحَائِطِ صَیْرَفِیٍّ وَ لَوْ تَفَرَّثَ (3) كَبِدُهُ عَطَشاً لَمْ یَسْتَسْقِ مِنْ دَارِ صَیْرَفِیٍّ مَاءً وَ هُوَ عَمَلِی وَ تِجَارَتِی وَ فِیهِ نَبَتَ لَحْمِی وَ دَمِی وَ مِنْهُ حَجِّی وَ عُمْرَتِی فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ كَذَبَ الْحَسَنُ خُذْ سَوَاءً وَ أَعْطِ سَوَاءً فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَدَعْ مَا بِیَدِكَ وَ انْهَضْ إِلَی الصَّلَاةِ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا صَیَارِفَةً(4).

ص: 143


1- 1. أمالی الصدوق: 190.
2- 2. لم نجده فی الخرائج المطبوع.
3- 3. أی تشقق و انتثر.
4- 4. فروع الكافی( الجزء الخامس من الطبعة الحدیثة): 113 و 114.

أَقُولُ: قَالَ السَّیِّدُ الْمُرْتَضَی فِی كِتَابِ الْغُرَرِ وَ الدُّرَرِ رَوَی أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِیُّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلْحَسَنِ یَا أَبَا سَعِیدٍ إِنَّ الشِّیعَةَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تُبْغِضُ عَلِیّاً علیه السلام فَأَكَبَّ یَبْكِی طَوِیلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ لَقَدْ فَارَقَكُمْ بِالْأَمْسِ رَجُلٌ كَانَ سَهْماً مِنْ مَرَامِی اللَّهِ (1) عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی عَدُوِّهِ رَبَّانِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ ذُو شَرَفِهَا وَ فَضْلِهَا ذُو قَرَابَةٍ مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله(2) قَرِیبَةٍ لَمْ یَكُنْ بِالنَّئُومَةِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ لَا بِالْغَافِلِ عَنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَی وَ لَا السَّرُوقَةِ(3) مِنْ مَالِ اللَّهِ أَعْطَی الْقُرْآنَ عَزَائِمَهُ فِی مَا لَهُ وَ عَلَیْهِ فَأَشْرَفَ مِنْهَا عَلَی رِیَاضٍ مُونِقَةٍ وَ أَعْلَامٍ بَیِّنَةٍ ذَاكَ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَا لُكَعُ وَ كَانَ الْحَسَنُ إِذَا أَرَادَ أَنْ یُحَدِّثَ فِی زَمَنِ بَنِی أُمَیَّةَ- عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو زَیْنَبَ- وَ أَتَی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ علیهما السلام یَوْماً الْحَسَنَ الْبَصْرِیَّ وَ هُوَ یَقُصُّ عِنْدَ الْحِجْرِ فَقَالَ أَ تَرْضَی یَا حَسَنُ نَفْسَكَ لِلْمَوْتِ قَالَ لَا فَعَمَلَكَ لِلْحِسَابِ قَالَ لَا قَالَ فَثَمَّ دَارٌ لِلْعَمَلِ غَیْرُ هَذِهِ (4) قَالَ لَا قَالَ فَلِلَّهِ فِی الْأَرْضِ (5) مَعَاذٌ غَیْرُ هَذَا الْبَیْتِ قَالَ لَا قَالَ فَلِمَ تَشْغَلُ النَّاسَ عَنِ الطَّوَافِ (6).

أقول: سیأتی احتجاج الحسن بن علی و احتجاج علی بن الحسین علیهما السلام علیه و كذا احتجاج الباقر علیه السلام علیه و قد مضی فی باب ما جری من فضائل أهل البیت علیهم السلام علی لسان أعدائهم و باب جوامع مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام و فی باب كتمان العلم بعض أحواله.

ص: 144


1- 1. فی المصدر: من مرامی ربّنا.
2- 2.«: و ذو قرابة من رسول اللّٰه.
3- 3.«: و لا بالسروقة.
4- 4.«: غیر هذه الدار.
5- 5.«: فی ارضه.
6- 6. الغرر و الدرر 1: 162. و فیه و( خ)، عن التطواف.

باب 124 أحوال سائر أصحابه علیه السلام و فیه أحوال عبد اللّٰه بن العباس

«1»- ل، [الخصال] الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الْعَلَوِیُّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ دَاوُدَ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی مَالِكٍ الْجُهَنِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ بَشِیرٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی إِسْحَاقَ مَتَی ذَلَّ النَّاسُ قَالَ حِینَ قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ ادُّعِیَ زِیَادٌ وَ قُتِلَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍ (1).

«2»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْبَزَنْطِیِّ قَالَ قَالَ الرِّضَا علیه السلام: یَا أَحْمَدُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَتَی صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ- یَعُودُهُ فِی مَرَضِهِ فَافْتَخَرَ عَلَی النَّاسِ بِذَلِكَ فَلَا تَذْهَبَنَّ نَفْسُكَ إِلَی الْفَخْرِ وَ تَذَلَّلْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ. و سیأتی الخبر بتمامه فی باب معجزات الرضا علیه السلام(2).

«3»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُبَارَكٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ مَالِكٍ الْأَحْمَسِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنْتُ أَرْكَعُ عِنْدَ بَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَنَا أَدْعُو اللَّهَ إِذْ خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَصْبَغُ قُلْتُ لَبَّیْكَ قَالَ أَیَّ شَیْ ءٍ كُنْتَ تَصْنَعُ قُلْتُ رَكَعْتُ وَ أَنَا أَدْعُو-(3) قَالَ أَ فَلَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتُ بَلَی قَالَ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا كَانَ

ص: 145


1- 1. الخصال 1: 85.
2- 2. عیون الأخبار: 333.
3- 3. فی( ك): و أنا أدعو اللّٰه.

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ الْیُمْنَی عَلَی مَنْكِبِیَ الْأَیْسَرِ وَ قَالَ یَا أَصْبَغُ لَئِنْ ثَبَتَتْ قَدَمُكَ وَ تَمَّتْ وَلَایَتُكَ وَ انْبَسَطَتْ یَدُكَ فَاللَّهُ أَرْحَمُ بِكَ مِنْ نَفْسِكَ (1).

«4»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّیَّاتِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ عُیَیْنَةَ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَیْلِ یَقُولُ: جَاءَ الْمُسَیَّبُ بْنُ نجیة [نَجَبَةَ] إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مُتَلَبِّباً(2) بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَإٍ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا شَأْنُكَ فَقَالَ یَكْذِبُ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ- فَقَالَ مَا یَقُولُ قَالَ (3) فَلَمْ أَسْمَعْ مَقَالَةَ الْمُسَیَّبِ- وَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ الْغَضَبُ وَ لَكِنْ یَأْتِیكُمْ رَاكِبُ الدغیلة [الذِّعْلِبَةِ] یَشُدُّ حَقْوَهَا بِوَضِینِهَا لَمْ یَقْضِ تَفَثاً مِنْ حَجٍّ وَ لَا عُمْرَةٍ فَیَقْتُلُوهُ یُرِیدُ بِذَلِكَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیه السلام(4).

«5»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ قَالَ: عَادَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَرَضٍ ثُمَّ قَالَ انْظُرْ فَلَا تَجْعَلَنَّ عِیَادَتِی إِیَّاكَ فَخْراً عَلَی قَوْمِكَ الْخَبَرَ(5).

ب، [قرب الإسناد] ابن عیسی و ابن أبی الخطاب عن البزنطی عن الرضا علیه السلام: مثله (6).

«6»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنِ الْكُمَیْدَانِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیِّ عَنْ عُبَیْدٍ السَّمِینِ (7)

عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَخْطُبُ النَّاسَ وَ هُوَ یَقُولُ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی فَوَ اللَّهِ لَا تَسْأَلُونِّی عَنْ شَیْ ءٍ مَضَی وَ لَا عَنْ شَیْ ءٍ یَكُونُ إِلَّا نَبَّأْتُكُمْ بِهِ فَقَامَ إِلَیْهِ سَعْدُ بْنُ أَبِی

ص: 146


1- 1. أمالی الشیخ: 108 و 109.
2- 2. تلبب للقتال: تشمر و تحزم.
3- 3. أی قال أبو الطفیل.
4- 4. أمالی الشیخ: 144. و قد أوردها المصنّف فی باب معجزات كلامه علیه السلام عن المناقب مع توضیحه، راجع ج 41 ص 314.
5- 5. أمالی الشیخ: 221.
6- 6. قرب الإسناد: 167.
7- 7. فی المصدر: عبید اللّٰه السمین.

وَقَّاصٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی كَمْ فِی رَأْسِی وَ لِحْیَتِی مِنْ شَعْرَةٍ فَقَالَ لَهُ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَنِی عَنْ مَسْأَلَةٍ حَدَّثَنِی خَلِیلِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّكَ سَتَسْأَلُنِی عَنْهَا وَ مَا فِی رَأْسِكَ وَ لِحْیَتِكَ مِنْ شَعْرَةٍ إِلَّا وَ فِی أَصْلِهَا شَیْطَانٌ جَالِسٌ وَ إِنَّ فِی بَیْتِكَ لَسَخْلًا یَقْتُلُ الْحُسَیْنَ ابْنِی وَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ یَوْمَئِذٍ یَدْرُجُ بَیْنَ یَدَیْهِ (1).

«7»- شا، [الإرشاد] یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ بِذِی قَارٍ وَ هُوَ جَالِسٌ لِأَخْذِ الْبَیْعَةِ یَأْتِیكُمْ مِنْ قِبَلِ الْكُوفَةِ أَلْفُ رَجُلٍ لَا یَزِیدُونَ رَجُلًا وَ لَا یَنْقُصُونَ رَجُلًا یُبَایِعُونِّی عَلَی الْمَوْتِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَزِعْتُ لِذَلِكَ وَ خِفْتُ أَنْ یَنْقُصَ الْقَوْمُ مِنَ الْعَدَدِ أَوْ یَزِیدُوا عَلَیْهِ فَیَفْسُدَ الْأَمْرُ عَلَیْنَا وَ إِنِّی أُحْصِی الْقَوْمَ فَاسْتَوْفَیْتُ (2) عَدَدَهُمْ تِسْعَمِائَةِ رَجُلٍ وَ تِسْعَةً وَ تِسْعِینَ رَجُلًا ثُمَّ انْقَطَعَ مَجِی ءُ الْقَوْمِ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ مَا ذَا حَمَلَهُ عَلَی مَا قَالَ فَبَیْنَمَا أَنَا مُفَكِّرٌ فِی ذَلِكَ إِذْ رَأَیْتُ شَخْصاً قَدْ أَقْبَلَ حَتَّی دَنَا وَ هُوَ رَجُلٌ عَلَیْهِ قَبَاءٌ صُوفٌ وَ مَعَهُ سَیْفٌ وَ تُرْسٌ وَ إِدَاوَةٌ فَقَرُبَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ امْدُدْ یَدَیْكَ لِأُبَایِعَكَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ عَلَی مَا تُبَایِعُنِی قَالَ عَلَی السَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ الْقِتَالِ بَیْنَ یَدَیْكَ حَتَّی أَمُوتَ أَوْ یَفْتَحَ اللَّهُ عَلَیْكَ فَقَالَ مَا اسْمُكَ فَقَالَ أُوَیْسٌ قَالَ أَنْتَ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِی حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنِّی أُدْرِكُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِهِ یُقَالُ لَهُ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ یَكُونُ مِنْ حِزْبِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ یَمُوتُ عَلَی الشَّهَادَةِ یَدْخُلُ فِی شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسُرِّیَ عَنَّا(3).

«8»- یج، [الخرائج و الجرائح]: مِنْ مُعْجِزَاتِهِ علیه السلام أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ مَا صَنَعَ بِشْرُ بْنُ أَرْطَاةَ بِالْیَمَنِ قَالَ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنَّ بِشْراً بَاعَ دِینَهُ بِالدُّنْیَا فَاسْلُبْهُ عَقْلَهُ فَبَقِیَ بِشْرٌ حَتَّی اخْتَلَطَ فَاتُّخِذَ لَهُ سَیْفٌ مِنْ خَشَبٍ یَلْعَبُ بِهِ حَتَّی مَاتَ وَ مِنْهَا قَوْلُهُ علیه السلام لِجُوَیْرِیَةَ بْنِ مُسْهِرٍ لَتُعْتَلَنَ

ص: 147


1- 1. أمالی الصدوق: 81. و درج الصبی: مشی.
2- 2. فی الإرشاد: فیفسد الامر علینا، و لم أزل مهموما دأبی احصاء القوم حتّی ورد أوائلهم فجعلت احصیهم فاستوفیت اه.
3- 3. الإرشاد: 149 و لم نجده و الروایات الثلاثة المنقولة بعده عن الخرائج فی المطبوع منه.

إِلَی الْعُتُلِّ الزَّنِیمِ وَ لَیُقَطِّعَنَّ یَدَكَ وَ رِجْلَكَ ثُمَّ لَیَصْلُبَنَّكَ ثُمَّ مَضَی دَهْرٌ حَتَّی وُلِّیَ زِیَادٌ فِی أَیَّامِ مُعَاوِیَةَ فَقَطَعَ یَدَهُ وَ رَجْلَهُ ثُمَّ صَلَبَهُ.

«9»- یج، [الخرائج و الجرائح] رَوَی طَلْحَةُ بْنُ عَمِیرَةَ قَالَ: نَشَدَ عَلِیٌّ علیه السلام النَّاسَ فِی قَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ فَشَهِدَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ حَاضِرٌ لَمْ یَشْهَدْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا أَنَسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَشْهَدَ وَ قَدْ سَمِعْتَ مَا سَمِعُوا قَالَ كَبِرْتُ وَ نَسِیتُ فَقَالَ لَهُ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَاضْرِبْهُ بِبَیَاضٍ أَوْ بِوَضَحٍ لَا تُوَارِیهِ الْعِمَامَةُ قَالَ أَبُو عَمِیرَةَ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُهُ (1)

بَیْضَاءَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ.

«10»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: نَشَدَ عَلِیٌّ علیه السلام النَّاسَ فِی الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَنْشُدُ رَجُلًا سَمِعَ مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ بَدْرِیّاً سِتَّةٌ مِنَ الْجَانِبِ الْأَیْمَنِ وَ سِتَّةٌ مِنَ الْجَانِبِ الْأَیْسَرِ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ قَالَ زَیْدٌ وَ كُنْتُ فِیمَنْ سَمِعَ ذَلِكَ فَكَتَمْتُهُ فَذَهَبَ اللَّهُ بِبَصَرِی وَ كَانَ یَتَنَدَّمُ عَلَی مَا فَاتَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَ یَسْتَغْفِرُ.

«11»- شا، [الإرشاد] رَوَی الْعُلَمَاءُ: أَنَّ جُوَیْرِیَةَ بْنَ مُسْهِرٍ وَقَفَ عَلَی بَابِ الْقَصْرِ فَقَالَ أَیْنَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَقِیلَ لَهُ نَائِمٌ فَنَادَی أَیُّهَا النَّائِمُ اسْتَیْقِظْ فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتُضْرَبَنَّ ضَرْبَةً عَلَی رَأْسِكَ تُخْضَبُ مِنْهَا لِحْیَتُكَ كَمَا أَخْبَرْتَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَبْلُ فَسَمِعَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَنَادَی أَقْبِلْ یَا جُوَیْرِیَةُ حَتَّی أُحَدِّثَكَ بِحَدِیثِكَ فَأَقْبَلَ فَقَالَ أَنْتَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتَعْتَلَنَّ إِلَی الْعُتُلِّ الزَّنِیمِ وَ لَیُقَطِّعَنَّ یَدَكَ وَ رِجْلَكَ ثُمَّ لَتُصْلَبَنَّ تَحْتَ جِذْعِ كَافِرٍ فَمَضَی عَلَی ذَلِكَ الدَّهْرُ حَتَّی وُلِّیَ زِیَادٌ فِی أَیَّامِ مُعَاوِیَةَ فَقَطَعَ یَدَهُ وَ رِجْلَهُ ثُمَّ صَلَبَهُ إِلَی جِذْعِ ابْنِ مُعَكْبِرٍ وَ كَانَ جِذْعاً طَوِیلًا فَكَانَ تَحْتَهُ (2).

«12»- شا، [الإرشاد] رَوَی جَرِیرٌ عَنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ: لَمَّا وُلِّیَ الْحَجَّاجُ طَلَبَ كُمَیْلَ بْنَ زِیَادٍ فَهَرَبَ مِنْهُ فَحَرَمَ قَوْمَهُ عَطَاهُمْ فَلَمَّا رَأَی كُمَیْلٌ ذَلِكَ قَالَ أَنَا شَیْخٌ كَبِیرٌ وَ

ص: 148


1- 1. فی( م) و( خ): رأیتها.
2- 2. الإرشاد: 152 و فیه ابن مكعبر.

قَدْ نَفِدَ عُمُرِی لَا یَنْبَغِی أَنْ أَحْرِمَ قَوْمِی (1) عَطَاهُمْ فَخَرَجَ فَدَفَعَ بِیَدِهِ إِلَی الْحَجَّاجِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَجِدَ عَلَیْكَ سَبِیلًا فَقَالَ لَهُ كُمَیْلٌ لَا تَصْرِفْ عَلَیَّ أَنْیَابَكَ وَ لَا تَهَدَّمْ عَلَیَّ فَوَ اللَّهِ مَا بَقِیَ مِنْ عُمُرِی إِلَّا مِثْلُ كَوَاهِلِ الْغُبَارِ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ فَإِنَّ الْمَوْعِدَ لِلَّهِ وَ بَعْدَ الْقَتْلِ الْحِسَابُ وَ لَقَدْ خَبَّرَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّكَ قَاتِلِی فَقَالَ (2) لَهُ حَجَّاجٌ الْحُجَّةُ عَلَیْكَ إِذاً فَقَالَ لَهُ كُمَیْلٌ ذَاكَ إِذَا كَانَ الْقَضَاءُ إِلَیْكَ قَالَ بَلَی قَدْ كُنْتَ فِیمَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ اضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ (3).

بیان: الصریف صوت ناب البعیر و تهدّم علیه غضبا توعّده و كواهل الغبار أوائله شبه عمره فی سرعة انقضائه بالغبار و بقیته بأوائله فإن مقدم الغبار یحدث بعد مؤخره و یسكن بعده أو شبه بقیة العمر فی سرعة انقضائه بأول ما یحدث من الغبار فإنه یسكن قبل ما یحدث آخرا و الأول أبلغ و أكمل.

«13»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَ الْأَشْعَثُ الْكِنْدِیُّ وَ جَرِیرٌ الْبَجَلِیُّ حَتَّی إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ كُوفَةَ بِالْفَرَسِ مَرَّ بِنَا ضَبٌّ فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ جَرِیرٌ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ خِلَافاً عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَلَمَّا خَرَجَ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام دَعْهُمَا فَهُوَ إِمَامُهُمَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَ مَا تَسْمَعُ إِلَی اللَّهِ وَ هُوَ یَقُولُ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّی (4).

«14»- شی، [تفسیر العیاشی] عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی أَبِی فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَزْعُمُ أَنَّهُ یَعْلَمُ كُلَّ آیَةٍ نَزَلَتْ فِی الْقُرْآنِ فِی أَیِّ یَوْمٍ نَزَلَتْ وَ فِیمَنْ نَزَلَتْ قَالَ فَسَلْهُ فِیمَنْ نَزَلَتْ وَ مَنْ كانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی

ص: 149


1- 1. أی اسبب حرمانهم. و فی( ك): قوما.
2- 2. فی المصدر: قال: فقال.
3- 3. الإرشاد: 154 و 155.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ: ج 1 ص 275، و الآیة فی سورة النساء: 114.

الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا-(1) وَ فِیمَنْ نَزَلَتْ وَ لا یَنْفَعُكُمْ نُصْحِی إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ یُرِیدُ أَنْ یُغْوِیَكُمْ-(2) وَ فِیمَنْ نَزَلَتْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا-(3) فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فَغَضِبَ وَ قَالَ وَدِدْتُ أَنَّ الَّذِی أَمَرَ بِهَذَا وَاجَهَنِی فَأُسَائِلَهُ وَ لَكِنْ سَلْهُ مَا الْعَرْشُ وَ مَتَی خُلِقَ وَ كَیْفَ هُوَ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَی أَبِی فَقَالَ مَا قَالَ فَقَالَ وَ هَلْ أَجَابَكَ فِی الْآیَاتِ قَالَ لَا قَالَ لَكِنِّی أُجِیبُكَ فِیهَا بِنُورٍ وَ عِلْمِ غَیْرِ الْمُدَّعَی وَ لَا الْمُنْتَحَلِ أَمَّا الْأُولَیَانِ فَنَزَلَتَا فِیهِ وَ فِی أَبِیهِ وَ أَمَّا الْأُخْرَی فَنَزَلَتْ فِی أَبِی وَ فِینَا وَ لَمْ یَكُنِ الرِّبَاطُ الَّذِی أُمِرْنَا بِهِ بَعْدُ وَ سَیَكُونُ مِنْ نَسْلِنَا الْمُرَابِطُ وَ مِنْ نَسْلِهِ الْمُرَابِطُ(4).

«15»- كش، [رجال الكشی] جَعْفَرُ بْنُ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ الْیَمَانِیِّ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام: مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ بَعْدَ الْجَوَابِ عَنْ سُؤَالِ الْعَرْشِ عَلَی مَا سَیَأْتِی أَمَا إِنَّ فِی صُلْبِهِ وَدِیعَةً لَقَدْ ذُرِئَتْ لِنَارِ جَهَنَّمَ سَیُخْرِجُونَ أَقْوَاماً مِنْ دِینِ اللَّهِ أَفْوَاجاً كَمَا دَخَلُوا فِیهِ وَ سَتُصْبَغُ الْأَرْضُ مِنْ دِمَاءِ(5) الْفِرَاخِ مِنْ فِرَاخِ آلِ مُحَمَّدٍ صلوات اللّٰه علیهم تَنْهَضُ تِلْكَ الْفِرَاخُ فِی غَیْرِ وَقْتٍ وَ تَطْلُبُ غَیْرَ مَا تُدْرَكُ وَ یُرَابِطُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ یَصْبِرُونَ لِمَا یَرَوْنَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ (6).

«16»- كش، [رجال الكشی] نَصْرُ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْأَهْوَازِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ بَزِیعٍ عَنْ أَبِی الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لِلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ مَا كَانَ مَنْزِلَةُ هَذَا الرَّجُلِ فِیكُمْ قَالَ مَا أَدْرِی مَا تَقُولُ إِلَّا أَنَّ سُیُوفَنَا كَانَتْ عَلَی عَوَاتِقِنَا فَمَنْ أَوْمَأَ إِلَیْنَا

ص: 150


1- 1. سورة بنی إسرائیل: 72.
2- 2.« هود: 34.
3- 3.« آل عمران: 200.
4- 4. تفسیر العیّاشیّ: ج 2 ص 305.
5- 5. فی المصدر: بدماء.
6- 6. معرفة اخبار الرجال: 36 و 37.

ضَرَبْنَاهُ بِهَا وَ كَانَ یَقُولُ لَنَا تَشَرَّطُوا-(1) فَوَ اللَّهِ مَا اشْتِرَاطُكُمْ لِذَهَبٍ وَ لَا فِضَّةٍ وَ مَا اشْتِرَاطُكُمْ إِلَّا لِلْمَوْتِ إِنَّ قَوْماً مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ تَشَارَطُوا بَیْنَهُمْ فَمَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّی كَانَ نَبِیَّ قَوْمِهِ أَوْ نَبِیَّ قَرْیَتِهِ أَوْ نَبِیَّ نَفْسِهِ وَ إِنَّكُمْ لَبِمَنْزِلَتِهِمْ غَیْرَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ بِأَنْبِیَاءَ(2).

بیان: قال الجزری شرط السلطان نخبة أصحابه الذین یقدمهم علی غیرهم من جنده و فی حدیث ابن مسعود و تشرط شرطة للموت لا یرجعون إلا غالبین الشرطة أول طائفة من الجیش تشهد الوقعة(3) و قال الفیروزآبادی الشرطة بالضم هم أول كتیبة تشهد الحرب و تتهیأ للموت و طائفة من أعوان الولاة سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات یعرفون بها(4).

«17»- كش، [رجال الكشی] مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْعَیَّاشِیُّ وَ أَبُو عَمْرٍو ابْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُصَیْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْغَزَّالِیِ (5) عَنْ غِیَاثٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَمْرٍو الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: مَرَّ بِنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ الْبَثُوا فِی هَذِهِ الشُّرْطَةِ فَوَ اللَّهِ لَا تَلِی بَعْدَهُمْ إِلَّا شُرْطَةُ النَّارِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ (6).

«18»- كش، [رجال الكشی] رُوِیَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی الْحَضْرَمِیِّ یَوْمَ الْجَمَلِ أَبْشِرْ ابْنَ یَحْیَی فَإِنَّكَ وَ أَبُوكَ مِنْ شُرْطَةِ الْخَمِیسِ حَقّاً لَقَدْ أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِاسْمِكَ وَ اسْمِ أَبِیكَ فِی شُرْطَةِ الْخَمِیسِ وَ اللَّهُ سَمَّاكُمْ شُرْطَةَ الْخَمِیسِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَكَرَ أَنَّ شُرْطَةَ الْخَمِیسِ كَانُوا سِتَّةَ آلَافِ رَجُلٍ أَوْ خَمْسَةَ آلَافٍ (7).

ص: 151


1- 1. فی المصدر و( خ): تشرطوا تشرطوا.
2- 2. معرفة اخبار الرجال: 3 و 4.
3- 3. النهایة 2: 213.
4- 4. القاموس 2: 368.
5- 5. فی المصدر: العرنیّ.
6- 6. معرفة اخبار الرجال: 4.
7- 7. معرفة اخبار الرجال: 4.

بیان: الخمیس الجیش سمی به لأنه مقسوم بخمسة أقسام المقدمة و الساقة و المیمنة و المیسرة و القلب.

«19»- كش، [رجال الكشی] ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ أَبِی خَالِدٍ الْكَابُلِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عِنْدَكُمْ بِالْعِرَاقِ یُقَاتِلُ عَدُوَّهُ وَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ وَ مَا كَانَ فِیهِمْ خَمْسُونَ رَجُلًا یَعْرِفُونَهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَ حَقَّ مَعْرِفَةِ إِمَامَتِهِ (1).

«20»- كش، [رجال الكشی] حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمُ مَعاً عَنْ أَیُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ سَلَّامِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ یَالِیلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ قَالَ: أَتَیْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا نَعُودُهُ فِی مَرَضِهِ الَّذِی مَاتَ فِیهِ قَالَ فَأُغْمِیَ عَلَیْهِ فِی الْبَیْتِ فَأُخْرِجَ إِلَی صَحْنِ الدَّارِ قَالَ فَأَفَاقَ فَقَالَ إِنَّ خَلِیلِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنِّی سَأَهْجُرُ هِجْرَتَیْنِ وَ إِنِّی سَأَخْرُجُ مِنْ هِجْرَتِی فَهَاجَرْتُ هِجْرَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِجْرَةً مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ إِنِّی سَأَعْمَی فَعَمِیتُ وَ إِنِّی سَأُغْرَقُ فَأَصَابَنِی حَكَّةٌ-(2) فَطَرَحَنِی أَهْلِی فِی الْبَحْرِ فَغَفَلُوا عَنِّی فَغَرِقْتُ ثُمَّ اسْتَخْرَجُونِی بَعْدُ وَ أَمَرَنِی أَنْ أَبْرَأَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ النَّاكِثِینَ وَ هُمْ أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَ مِنَ الْقَاسِطِینَ وَ هُمْ أَصْحَابُ الشَّامِ وَ مِنَ الْخَوَارِجِ وَ هُمْ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَ مِنَ الْقَدَرِیَّةِ وَ هُمُ الَّذِینَ ضَاهَوُا النَّصَارَی فِی دِینِهِمْ فَقَالُوا لَا قَدَرَ وَ مِنَ الْمُرْجِئَةِ الَّذِینَ ضَاهَوُا الْیَهُودَ فِی دِینِهِمْ فَقَالُوا اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَحْیَا عَلَی مَا حَیَّ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَمُوتُ عَلَی مَا مَاتَ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ ثُمَّ مَاتَ فَغُسِّلَ وَ كُفِّنَ ثُمَّ صُلِّیَ عَلَی سَرِیرِهِ قَالَ فَجَاءَ طَائِرَانِ أَبْیَضَانِ فَدَخَلَا فِی كَفَنِهِ فَرَأَی النَّاسُ أَنَّمَا هُوَ فِقْهُهُ فَدُفِنَ (3).

«21»- كش، [رجال الكشی] عَلِیُّ بْنُ زِیَادٍ الصائع [الصَّائِغُ] عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ خَلَفٍ الْمَخْزُومِیِّ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ یَقُولُ: اسْتَعْمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام

ص: 152


1- 1. معرفة أخبار الرجال: 4 و فیه: حق معرفته امامته.
2- 2. الحكة- بالكسر-: علة توجب الحكاك كالجرب.
3- 3. معرفة اخبار الرجال: 38.

عَلَی الْبَصْرَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَحَمَلَ كُلَّ مَالٍ فِی بَیْتِ الْمَالِ بِالْبَصْرَةِ وَ لَحِقَ بِمَكَّةَ وَ تَرَكَ عَلِیّاً وَ كَانَ مَبْلَغُهُ أَلْفَیْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَصَعِدَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمِنْبَرَ حِینَ بَلَغَهُ ذَلِكَ فَبَكَی فَقَالَ هَذَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی عَمَلِهِ وَ قَدْرِهِ یَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا فَكَیْفَ یُؤْمَنُ مَنْ كَانَ دُونَهُ اللَّهُمَّ إِنِّی قَدْ مَلِلْتُهُمْ فَأَرِحْنِی مِنْهُمْ وَ اقْبِضْنِی إِلَیْكَ غَیْرَ عَاجِزٍ وَ لَا مَلُولٍ.

قَالَ الْكَشِّیُّ شَیْخٌ (1) مِنَ الْیَمَامَةِ یَذْكُرُ عَنْ مُعَلَّی بْنِ هِلَالٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: لَمَّا احْتَمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بَیْتَ مَالِ الْبَصْرَةِ وَ ذَهَبَ بِهِ إِلَی الْحِجَازِ كَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ- أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِی أَمَانَتِی وَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی فِی نَفْسِی أَوْثَقَ مِنْكَ لِمُوَاسَاتِی وَ مُؤَازَرَتِی وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَیَّ فَلَمَّا رَأَیْتَ الزَّمَانَ عَلَی ابْنِ عَمِّكَ قَدْ كَلِبَ وَ الْعَدُوَّ عَلَیْهِ قَدْ حَرِبَ وَ أَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ عَزَّتْ-(2) وَ هَذِهِ الْأُمُورَ قَدْ فَشَتْ قَلَبْتَ لِابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ-(3) وَ فَارَقْتَهُ مَعَ الْمُفَارِقِینَ وَ خَذَلْتَهُ أَسْوَأَ خِذْلَانِ الْخَاذِلِینَ فَكَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ تُرِیدُ اللَّهَ بِجِهَادِكَ وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ كَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِیدُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی دُنْیَاهُمْ وَ تَنْوِی غِرَّتَهُمْ فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِی خِیَانَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَسْرَعْتَ الْوَثْبَةَ وَ عَجَّلْتَ الْعَدْوَةَ فَاخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الْأَزِلِ دَامِیَةَ الْمِعْزَی الْكَسِیرَةِ-(4) كَأَنَّكَ لَا أَبَا لَكَ إِنَّمَا جَرَرْتَ إِلَی أَهْلِكَ تُرَاثَكَ مِنْ أَبِیكَ وَ أُمِّكَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ أَ وَ مَا تَخَافُ مِنْ سُوءِ الْحِسَابِ أَ وَ مَا یَكْبُرُ عَلَیْكَ أَنْ تَشْتَرِیَ الْإِمَاءَ وَ تَنْكِحَ

ص: 153


1- 1. فی المصدر: قال شیخ.
2- 2. عز الشی ء: قل فكاد لا یوجد. و فی النهج: قد خزیت.
3- 3. المجن: الترس. و سیأتی توضیح الجملة فیما ینقله عن النهج.
4- 4. الذئب الازل: السریع الخفیف الوركین و ذلك أشد لعدوه و اسرع لو ثبته. و الدامیة: شجة تدمی و المعزی: المعز. أی اختطفت علی بیت المال كاختطاف الذئب السریع علی المعزی المجروحة و المكسورة الرجل بحیث لا تقدر علی الدفاع و الهرب.

النِّسَاءَ بِأَمْوَالِ الْأَرَامِلِ وَ الْمُهَاجِرِینَ الَّذِینَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ هَذِهِ الْبِلَادَ ارْدُدْ إِلَی الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِیَ اللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ اللَّهَ فِیكَ وَ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ حَسَناً وَ حُسَیْناً فَعَلَا مِثْلَ الَّذِی فَعَلْتَ لَمَا كَانَ لَهُمَا عِنْدِی فِی ذَلِكَ هَوَادَةٌ-(1) وَ لَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدِی فِیهِ رُخْصَةٌ حَتَّی آخُذَ الْحَقَّ وَ أُزِیحَ الْجَوْرَ عَنْ مَظْلُومِهَا وَ السَّلَامُ-(2) قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ تُعْظِمُ عَلَیَّ إِصَابَةَ الْمَالِ الَّذِی أَخَذْتُهُ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْبَصْرَةِ وَ لَعَمْرِی إِنَّ لِی فِی بَیْتِ مَالِ اللَّهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذْتُ وَ السَّلَامُ

قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ تَزْیِینِ نَفْسِكَ أَنَّ لَكَ فِی بَیْتِ مَالِ اللَّهِ أَكْثَرَ مِنْ مَالِ (3) رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَدْ أَفْلَحْتَ إِنْ كَانَ تَمَنِّیكَ الْبَاطِلَ وَ ادِّعَاؤُكَ مَا لَا یَكُونُ یُنْجِیكَ مِنَ الْإِثْمِ وَ یُحِلُّ لَكَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْكَ عَمَّرَكَ اللَّهُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْعَبْدُ الْمُهْتَدِی إِذَنْ فَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّكَ اتَّخَذْتَ مَكَّةَ وَطَناً وَ ضَرَبْتَ بِهَا عَطَناً تَشْتَرِی مُوَلَّدَاتِ مَكَّةَ وَ الطَّائِفِ تَخْتَارُهُنَّ عَلَی عَیْنَیْكَ وَ تُعْطِی فِیهِنَّ مَالَ غَیْرِكَ وَ إِنِّی لَأُقْسِمُ بِاللَّهِ رَبِّی وَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ مَا یَسُرُّنِی أَنَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِی حَلَالٌ أَدَعُهُ لِعَقِبِی مِیرَاثاً فَلَا غُرُورَ(4) أَشَدُّ بِاغْتِبَاطِكَ تَأْكُلُهُ (5) رُوَیْداً رُوَیْداً فَكَأَنْ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَی-(6) وَ عُرِضْتَ عَلَی رَبِّكَ الْمَحَلَّ الَّذِی یَتَمَنَّی الرَّجْعَةَ الْمُضَیِّعُ لِلتَّوْبَةِ لِذَلِكَ-(7) وَ مَا ذَلِكَ وَ لَاتَ حِینَ مَنَاصٍ وَ السَّلَامُ.

قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَكْثَرْتَ عَلَیَّ فَوَ اللَّهِ لَأَنْ

ص: 154


1- 1. الهوادة: اللین و الرفق.
2- 2. فی( ك): مظلومهما.
3- 3. فی المصدر: أكثر ممّا اخذت و أكثر من مال اه.
4- 4.«: فلا غرو.
5- 5. فی( ك): بأكله.
6- 6. المدی: الغایة و المنتهی.
7- 7. فی المصدر: كذلك.

أَلْقَی اللَّهَ بِجَمِیعِ مَا فِی الْأَرْضِ مِنْ ذَهَبِهَا وَ عِقْیَانِهَا أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلْقَی اللَّهَ بِدَمِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ (1).

«22»- یل، [الفضائل] لابن شاذان فض، [كتاب الروضة] رُوِیَ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ تَفُوحُ رَوَائِحُ الْجَنَّةِ مِنْ قِبَلِ قَرَنٍ وَا شَوْقَاهْ إِلَیْكَ یَا أُوَیْسُ الْقَرَنِیُّ-(2) أَلَا وَ مَنْ لَقِیَهُ فَلْیُقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ فَقِیلَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله إِنْ غَابَ عَنْكُمْ لَمْ تَفْتَقِدُوهُ وَ إِنْ ظَهَرَ لَكُمْ لَمْ تَكْتَرِثُوا بِهِ یَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِی شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ یُؤْمِنُ بِی وَ لَا یَرَانِی وَ یُقْتَلُ بَیْنَ یَدَیْ خَلِیفَتِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی صِفِّینَ (3).

«23»- یل، [الفضائل] لابن شاذان فض، [كتاب الروضة] بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَقِیتُ سَعْدَ بْنَ أَبِی وَقَّاصٍ فَقُلْتُ إِنِّی سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ اتَّقُوا فِتْنَةَ الْأَخْنَسِ اتَّقُوا فِتْنَةَ سَعْدٍ فَإِنَّهُ یَدْعُو إِلَی خِذْلَانِ الْحَقِّ وَ أَهْلِهِ فَقَالَ سَعْدٌ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُبْغِضَ عَلِیّاً أَوْ یُبْغِضَنِی أَوْ أُقَاتِلَ عَلِیّاً أَوْ یُقَاتِلَنِی أَوْ أُعَادِیَ عَلِیّاً أَوْ یُعَادِیَنِی إِنَّ عَلِیّاً كَانَ لَهُ خِصَالٌ لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِثْلُهَا إِنَّهُ صَاحِبُ بَرَاءَةَ حَتَّی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَبْلُغُ عَنِّی إِلَّا رَجُلٌ مِنِّی وَ قَالَ لَهُ یَوْمَ تَبُوكَ أَنْتَ وَصِیِّی أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ النُّبُوَّةِ وَ یَوْمَ أَمَرَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ لَمْ یَبْقَ غَیْرُ بَابِهِ فَسَأَلَ عُمَرُ أَنْ یَجْعَلَ لَهُ رَوْزَنَةً صَغِیرَةً قَدْرَ عَیْنَیْهِ فَأَبَی رَسُولُ اللَّهِ قَالَ (4) فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ سَدَدْتُ أَبْوَابَنَا وَ تَرَكْتَ بَابَ عَلِیٍّ- فَقَالَ مَا سَدَدْتُهَا لَكُمْ أَنَا وَ لَا فَتَحْتُ بَابَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سَدَّهَا وَ فَتَحَ بَابَهُ وَ یَوْمَ آخَی رَسُولُ اللَّهِ بَیْنَ الصَّحَابَةِ كُلِّ رَجُلٍ مَعَ صَاحِبِهِ وَ بَقِیَ هُوَ فَآخَاهُ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ أَخِی وَ أَنَا

ص: 155


1- 1. معرفة اخبار الرجال: 40- 42، و أورد السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه الرسالة الأولی و قال فی اوله« و من كتاب له علیه السلام إلی بعض عماله». و ذكر عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح النهج جوابه إلی أمیر المؤمنین علیه السلام و الرسالة الثانیة و جوابها أیضا مع اختلافات لما فی« كش»، و قال: قد اختلف الناس فی المكتوب إلیه هذا الكتاب فقال الاكثرون: انه عبد اللّٰه ابن عبّاس و قال آخرون و هم الاقلون: هو عبید اللّٰه بن عبّاس. و سیأتی نقله بعید هذا.
2- 2. فی( ك): یا أویس القرن.
3- 3. الفضائل: 111 و 112. الروضة: 6.
4- 4. لیست هذه الكلمة فی الروضة.

أَخُوكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ یَوْمَ خَیْبَرَ حِینَ انْهَزَمَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ مَا بَالُ قَوْمٍ یَلْقَوْنَ الْمُشْرِكِینَ ثُمَّ یَفِرُّونَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّارٌ غَیْرُ فَرَّارٍ یَفْتَحُ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیَّ بِعَلِیٍّ فَجَاءَهُ أَرْمَدَ الْعَیْنِ فَوَضَعَ كَرِیمَهُ (1) فِی حَجْرِهِ وَ تَفَلَ فِی عَیْنَیْهِ وَ عَقَدَ لَهُ رَایَةً وَ دَعَا لَهُ فَمَا انْثَنَی حَتَّی فَتَحَ خَیْبَراً وَ أَتَاهُ بِصَفِیَّةَ بِنْتِ حُیَیِّ بْنِ أَخْطَبَ- فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَ جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ یَوْمُ غَدِیرِ خُمٍّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِهِ وَ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ أَلَا فَلْیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ وَ الْحُرُّ الْعَبْدَ(2).

«24»- ضه، [روضة الواعظین]: قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ذَاتَ یَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ أَبْشِرُوا بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِی یُقَالُ لَهُ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ فَإِنَّهُ یَشْفَعُ بِمِثْلِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ یَا عُمَرُ إِنْ أَدْرَكْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ فَبَلَغَ عُمَرَ مَكَانُهُ بِالْكُوفَةِ فَجَعَلَ یَطْلُبُهُ فِی الْمَوْسِمِ لَعَلَّهُ أَنْ یَحُجَّ حَتَّی وَقَعَ إِلَیْهِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ وَ هُوَ مِنْ أَحْسَنِهِمْ (3) هَیْئَةً وَ أَرَثِّهِمْ حَالًا فَلَمَّا سَأَلَ عَنْهُ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ لَا یَسْأَلُ عَنْهُ مِثْلُكَ قَالَ فَلِمَ قَالُوا لِأَنَّهُ عِنْدَنَا مَغْمُورٌ فِی عَقْلِهِ وَ رُبَّمَا عَبِثَ بِهِ الصِّبْیَانُ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَیَّ ثُمَّ وَقَفَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا أُوَیْسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْدَعَنِی إِلَیْكَ رِسَالَةً وَ هُوَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ وَ قَدْ أَخْبَرَنِی أَنَّكَ تَشْفَعُ بِمِثْلِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ فَخَرَّ أُوَیْسٌ سَاجِداً وَ مَكَثَ طَوِیلًا مَا تَرَقَّی لَهُ دَمْعُهُ (4) حَتَّی ظَنُّوا أَنَّهُ مَاتَ وَ نَادَوْهُ یَا أُوَیْسُ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ فَاعِلٌ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ یَا أُوَیْسُ فَأَدْخِلْنِی فِی شَفَاعَتِكَ فَأَخَذَ النَّاسُ فِی طَلَبِهِ وَ التَّمَسُّحِ بِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ شَهَرْتَنِی وَ أَهْلَكْتَنِی وَ كَانَ یَقُولُ كَثِیراً مَا لَقِیتُ مِنْ عُمَرَ ثُمَّ قُتِلَ

ص: 156


1- 1. فی( ك): كریمیه، و الظاهر: كریمته. و المراد رأسه.
2- 2. الروضة: 23 و 24. و لم نجده فی الفضائل المطبوع.
3- 3. أخشنهم: ظ.
4- 4. فی المصدر: دعوة خ ل.

بِصِفِّینَ فِی الرَّجَّالَةِ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام(1).

«25»- نبه، [تنبیه الخاطر] حُكِیَ: أَنَّ مَالِكَ بْنَ الْأَشْتَرِ(2) رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مُجْتَازاً بِسُوقٍ وَ عَلَیْهِ قَمِیصُ خَامٍ وَ عِمَامَةٌ مِنْهُ فَرَآهُ بَعْضُ السُّوقَةِ فَأَزْرَی (3) بِزِیِّهِ فَرَمَاهُ بِبَابِهِ (4) تَهَاوُناً بِهِ فَمَضَی وَ لَمْ یَلْتَفِتْ فَقِیلَ لَهُ وَیْلَكَ تَعْرِفُ لِمَنْ رَمَیْتَ (5) فَقَالَ لَا فَقِیلَ لَهُ هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَارْتَعَدَ الرَّجُلُ وَ مَضَی لِیَعْتَذِرَ إِلَیْهِ-(6) وَ قَدْ دَخَلَ مَسْجِداً وَ هُوَ قَائِمٌ یُصَلِّی فَلَمَّا انْفَتَلَ انْكَبَّ الرَّجُلُ عَلَی قَدَمَیْهِ یُقَبِّلُهُمَا فَقَالَ مَا هَذَا الْأَمْرُ فَقَالَ أَعْتَذِرُ إِلَیْكَ مِمَّا صَنَعْتُ فَقَالَ لَا بَأْسَ عَلَیْكَ فَوَ اللَّهِ مَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ إِلَّا لِأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ (7).

«26»- نبه، [تنبیه الخاطر] الْأَحْنَفُ:(8) شَكَوْتُ إِلَی عَمِّی صَعْصَعَةَ وَجَعاً فِی بَطْنِی فَنَهَرَنِی ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ أَخِی إِذَا نَزَلَ بِكَ شَیْ ءٌ فَلَا تَشْكُهُ إِلَی أَحَدٍ فَإِنَ (9) النَّاسَ رَجُلَانِ صَدِیقٌ تَسُوؤُهُ وَ عَدُوٌّ تَسُرُّهُ وَ الَّذِی بِكَ لَا تَشْكُهُ إِلَی مَخْلُوقٍ مِثْلِكَ لَا یَقْدِرُ عَلَی دَفْعِ مِثْلِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَ لَكِنْ إِلَی مَنِ ابْتَلَاكَ بِهِ فَهُوَ قَادِرٌ أَنْ یُفَرِّجَ عَنْكَ یَا ابْنَ أَخِی إِحْدَی عَیْنَیَّ هَاتَیْنِ مَا أُبْصِرُ بِهَا سَهْلًا وَ لَا جَبَلًا مُنْذُ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ مَا اطَّلَعَ عَلَی ذَلِكَ امْرَأَتِی وَ لَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِی (10).

ص: 157


1- 1. روضة الواعظین: 248.
2- 2. فی المصدر: مالكا الأشتر.
3- 3. أی عابه و فی المصدر« ازدری» أی تهاون.
4- 4. كذا فی النسخ، و فی المصدر« ببندقة» و البندق: كل ما یرمی به من رصاص كروی و سواه.
5- 5. فی المصدر: أ تدری بمن رمیت.
6- 6.« و مضی إلیه لیعتذر منه.
7- 7. تنبیه الخواطر و نزهة النواظر 1: 2.
8- 8. فی المصدر: عن الأحنف.
9- 9.«: الی أحد مثلك، فانما اه.
10- 10. تنبیه الخواطر و نزهة النواظر 1: 57.

«27»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ (1) عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الثَّانِی علیه السلام قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: بَیْنَا أَبِی جَالِسٌ علیه السلام وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ إِذَا اسْتَضْحَكَ حَتَّی اغْرَوْرَقَتْ عَیْنَاهُ دُمُوعاً ثُمَّ قَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا أَضْحَكَنِی قَالَ فَقَالُوا لَا قَالَ زَعَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مِنَ الَّذِینَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَقُلْتُ هَلْ رَأَیْتَ الْمَلَائِكَةَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ تُخْبِرُكَ بِوَلَایَتِهَا لَكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مَعَ الْأَمْنِ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْحُزْنِ قَالَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ(2) وَ قَدْ دَخَلَ فِی هَذَا جَمِیعُ الْأُمَّةِ فَاسْتَضْحَكْتُ ثُمَّ قُلْتُ صَدَقْتَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ فِی حُكْمِ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ اخْتِلَافٌ قَالَ فَقَالَ لَا فَقُلْتُ مَا تَرَی فِی رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا أَصَابِعَهُ بِالسَّیْفِ حَتَّی سَقَطَتْ ثُمَّ ذَهَبَ وَ أَتَی رَجُلٌ آخَرُ فَأَطَارَ كَفَّهُ فَأُتِیَ بِهِ إِلَیْكَ وَ أَنْتَ قَاضٍ كَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ بِهِ قَالَ أَقُولُ لِهَذَا الْقَاطِعِ أَعْطِهِ دِیَةَ كَفِّهِ وَ أَقُولُ لِهَذَا الْمَقْطُوعِ صَالِحْهُ عَلَی مَا شِئْتَ وَ أَبْعَثُ بِهِ إِلَی ذَوَیْ عَدْلٍ قُلْتُ جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِی حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ نَقَضْتَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَبَی اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنْ یُحْدِثَ فِی خَلْقِهِ شَیْئاً مِنَ الْحُدُودِ فَلَیْسَ (3) تَفْسِیرُهُ فِی الْأَرْضِ اقْطَعْ قَاطِعَ الْكَفِّ أَصْلًا ثُمَّ أَعْطِهِ دِیَةَ الْأَصَابِعِ هَكَذَا حُكْمُ اللَّهِ لَیْلَةَ

ص: 158


1- 1. الحسن بن العباس بن الحریش الرازیّ ضعیف جدا عنونه العلامة فی القسم الثانی من الخلاصة و النجاشیّ فی رجاله و قال:« ضعیف جدا، له كتاب انا انزلناه فی لیلة القدر و هو كتاب روی الحدیث مضطرب الألفاظ» و فی جامع الرواة 1: 205« قال ابن الغضائری: هو أبو محمّد ضعیف روی عن ابی جعفر الثانی علیه السلام فضل انا انزلناه كتابا مصنفا فاسد الألفاظ تشهد مخایله علی انه موضوع، و هذا الرجل لا یلتفت إلیه و لا یكتب حدیثه.» اقول: قد افرد الكلینی رحمه اللّٰه لما نقله الرجل فی شأن انا انزلناه بابا فی كتابه الكافی راجع ج 1: 242 و 253 لكن امارات الوضع و الخطاء تلوح من الاضطرابات الواقعة فی طیات روایاته، و لاجل ذلك لم نتعمق فی بیان هذه الروایة و ان كان بعض جملاتها آبیا عن البیان و التوضیح لكثرة اضطرابها.
2- 2. سورة الحجرات: 10.
3- 3. فی المصدر: و لیس.

یَنْزِلُ فِیهَا أَمْرُهُ إِنْ جَحَدْتَهَا بَعْدَ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَدْخَلَكَ اللَّهُ النَّارَ كَمَا أَعْمَی بَصَرَكَ یَوْمَ جَحَدْتَهَا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ فَلِذَلِكَ عَمِیَ بَصَرِی؟ قَالَ وَ مَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ فَوَ اللَّهِ إِنْ عَمِیَ بَصَرِی إِلَّا مِنْ صَفْقَةِ جَنَاحِ الْمَلَكِ قَالَ فَاسْتَضْحَكْتُ ثُمَّ تَرَكْتُهُ یَوْمَهُ ذَلِكَ لِسَخَافَةِ عَقْلِهِ ثُمَّ لَقِیتُهُ فَقُلْتُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا تَكَلَّمْتَ بِصِدْقٍ مِثْلَ أَمْسِ قَالَ لَكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام إِنَّ لَیْلَةَ الْقَدْرِ فِی كُلِّ سَنَةٍ وَ إِنَّهُ یُنْزَلُ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ أَمْرُ تِلْكَ السَّنَةِ وَ إِنَّ لِذَلِكَ الْأَمْرِ وُلَاةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتَ مَنْ هُمْ فَقَالَ أَنَا وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ صُلْبِی أَئِمَّةٌ مُحَدَّثُونَ فَقُلْتَ لَا أَرَاهَا كَانَتْ إِلَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَتَبَدَّی لَكَ الْمَلَكُ الَّذِی یُحَدِّثُهُ فَقَالَ كَذَبْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ رَأَتْ عَیْنَایَ الَّذِی حَدَّثَكَ بِهِ عَلِیٌّ وَ لَمْ تَرَهُ عَیْنَاهُ وَ لَكِنْ وَعَی قَلْبُهُ وَ وَقَرَ فِی سَمْعِهِ ثُمَّ صَفَقَكَ بِجَنَاحَیْهِ فَعَمِیتَ قَالَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا اخْتَلَفْنَا فِی شَیْ ءٍ فَحُكْمُهُ إِلَی اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ فَهَلْ حَكَمَ اللَّهُ فِی حُكْمٍ مِنْ حُكْمِهِ بِأَمْرَیْنِ قَالَ لَا فَقُلْتُ هَاهُنَا هَلَكْتَ وَ أَهْلَكْتَ (1).

«28»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی حَمْزَةَ سَبْعِینَ تَكْبِیرَةً وَ كَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام عِنْدَكُمْ عَلَی سَهْلِ بْنِ حُنَیْفٍ خَمْساً(2) وَ عِشْرِینَ تَكْبِیرَةً قَالَ كَبَّرَ خَمْساً خَمْساً كُلَّمَا أَدْرَكَهُ النَّاسُ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ نُدْرِكِ الصَّلَاةَ عَلَی سَهْلٍ فَیَضَعُهُ فَیُكَبِّرُ عَلَیْهِ خَمْساً حَتَّی انْتَهَی إِلَی قَبْرِهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ (3).

«29»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی حَمَّادٍ رَفَعَهُ قَالَ: جَاءَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ- یُعَزِّیهِ بِأَخٍ لَهُ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ جَزِعْتَ فَحَقَّ الرَّحِمِ أَتَیْتَ وَ إِنْ صَبَرْتَ فَحَقَّ اللَّهِ أَدَّیْتَ عَلَی أَنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ جَرَی

ص: 159


1- 1. أصول الكافی( الجزء الأول من الطبعة الحدیثة): 247 و 248.
2- 2. فی المصدر: خمسة.
3- 3. فروع الكافی( الجزء الثالث من الطبعة الحدیثة): 186.

عَلَیْكَ الْقَضَاءُ وَ أَنْتَ مَمْدُوحٌ-(1) وَ إِنْ جَزِعْتَ جَرَی عَلَیْكَ الْقَضَاءُ وَ أَنْتَ مَذْمُومٌ فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَدْرِی مَا تَأْوِیلُهَا فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ أَنْتَ غَایَةُ الْعِلْمِ وَ مُنْتَهَاهُ فَقَالَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّهِ فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْمُلْكِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْهَلَاكِ (2).

«30»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَدِیدٍ عَنْ مُرَازِمِ بْنِ حَكِیمٍ عَمَّنْ رَفَعَهُ إِلَیْهِ قَالَ: إِنَّ حَارِثَ (3) الْأَعْوَرِ أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أُحِبُّ أَنْ تُكْرِمَنِی بِأَنْ تَأْكُلَ عِنْدِی فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی أَنْ لَا تَتَكَلَّفَ لِی شَیْئاً وَ دَخَلَ فَأَتَاهُ الْحَارِثُ بِكِسْرَةٍ فَجَعَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَأْكُلُ فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ إِنَّ مَعِی دَرَاهِمَ وَ أَظْهَرَهَا وَ إِذَا هِیَ فِی كُمِّهِ فَإِنْ أَذِنْتَ لِی اشْتَرَیْتُ لَكَ-(4) فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذِهِ مِمَّا فِی بَیْتِكَ (5).

«31»- كا، [الكافی] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَاصِمِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ شَرِیفِ بْنِ سَابِقٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِی قُرَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَتَتِ الْمَوَالِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالُوا نَشْكُو إِلَیْكَ هَؤُلَاءِ الْعَرَبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ یُعْطِینَا مَعَهُمُ الْعَطَایَا بِالسَّوِیَّةِ وَ زَوَّجَ سَلْمَانَ وَ بلال [بِلَالًا] وَ صهیب [صُهَیْباً]-(6) وَ أَبَوْا عَلَیْنَا هَؤُلَاءِ وَ قَالُوا لَا نَفْعَلُ فَذَهَبَ إِلَیْهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَلَّمَهُمْ فِیهِمْ فَصَاحَ الْأَعَارِیبُ أَبَیْنَا ذَلِكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَبَیْنَا ذَلِكَ فَخَرَجَ وَ هُوَ مُغْضَبٌ یَجُرُّ رِدَاءَهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ الْمَوَالِی إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ صَیَّرُوكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْیَهُودِ وَ النَّصَارَی یَتَزَوَّجُونَ إِلَیْكُمْ وَ لَا یُزَوِّجُونَكُمْ وَ لَا یُعْطُونَكُمْ مِثْلَ مَا یَأْخُذُونَ فَاتَّجِرُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 160


1- 1. فی المصدر و( خ): محمود.
2- 2. فروع الكافی( الجزء الثالث من الطبعة الحدیثة) 261.
3- 3. فی المصدر: ان حارثا الأعور.
4- 4. فی المصدر: اشتریت لك شیئا غیرها.
5- 5. فروع الكافی( الجزء السادس من الطبعة الحدیثة): 276.
6- 6. فی المصدر: و زوج سلمان و بلالا و صهیبا.

یَقُولُ الرِّزْقُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ فِی التِّجَارَةِ وَ وَاحِدٌ فِی غَیْرِهَا(1).

«32»- كا، [الكافی] مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أَتَی قَوْمٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا رَبَّنَا فَاسْتَتَابَهُمْ فَلَمْ یَتُوبُوا فَحَفَرَ لَهُمْ حَفِیرَةً وَ أَوْقَدَ فِیهَا نَاراً وَ حَفَرَ حَفِیرَةً إِلَی جَانِبِهَا أُخْرَی (2) وَ أَفْضَی بَیْنَهُمَا فَلَمَّا لَمْ یَتُوبُوا أَلْقَاهُمْ فِی الْحَفِیرَةِ وَ أَوْقَدَ فِی الْحَفِیرَةِ الْأُخْرَی حَتَّی مَاتُوا(3).

«33»- ختص، [الإختصاص] أَحْمَدُ وَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنَا مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی وَ ابْنُ أَبِی الْخَطَّابِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: كُنْتُ أَنَا عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ جِئْتُكَ مِنْ وَادِی الْقُرَی وَ قَدْ مَاتَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمْ یَمُتْ-(4) فَأَعَادَ عَلَیْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ لَمْ یَمُتْ وَ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ فَأَعَادَ عَلَیْهِ الثَّالِثَةَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ وَ تَقُولُ لَمْ یَمُتْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا یَمُوتُ حَتَّی یَقُودَ جَیْشَ ضَلَالَةٍ یَحْمِلُ رَایَتَهُ حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ قَالَ فَسَمِعَ حَبِیبٌ (5) فَأَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِیَّ فَإِنِّی لَكَ شِیعَةٌ وَ قَدْ ذَكَرْتَنِی بِأَمْرٍ لَا وَ اللَّهِ لَا أَعْرِفُهُ مِنْ نَفْسِی فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا حَبِیبُ بْنُ جَمَّازٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِنْ كُنْتَ حَبِیبَ بْنَ جَمَّازٍ فَلَا یَحْمِلُهَا غَیْرُكَ أَوْ فَلَتَحْمِلَنَّهَا فَوَلَّی عَنْهُ حَبِیبٌ- وَ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقُولُ إِنْ كُنْتَ حَبِیباً لَتَحْمِلَنَّهَا قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَوَ اللَّهِ مَا مَاتَ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ حَتَّی بُعِثَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ جَعَلَ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ حَبِیبَ بْنَ جَمَّازٍ صَاحِبَ رَایَتِهِ (6).

ص: 161


1- 1. فروع الكافی( الجزء الخامس من الطبعة الحدیثة): 318 و 319.
2- 2. فی المصدر: و حفر حفیرة اخری إلی جانبها.
3- 3. فروع الكافی( الجزء السابع من الطبعة الحدیثة) 257.
4- 4. فی المصدر: انه لم یمت.
5- 5.«: فسمع ذلك حبیب بن جماز.
6- 6. الاختصاص: 280.

قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ رَوَی أَنَسُ بْنُ عِیَاضٍ الْمَدَنِیُّ قَالَ حَدَّثَنِی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَوْماً یَؤُمُّ النَّاسَ وَ هُوَ یَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فَجَهَرَ ابْنُ الْكَوَّاءِ مِنْ خَلْفِهِ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ-(1)

فَلَمَّا جَهَرَ ابْنُ الْكَوَّاءِ مِنْ خَلْفِهِ بِهَا سَكَتَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمَّا أَنْهَاهَا ابْنُ الْكَوَّاءِ عَادَ عَلِیٌّ علیه السلام لِیُتِمَّ قِرَاءَتَهُ فَلَمَّا شَرَعَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی الْقِرَاءَةِ أَعَادَ ابْنُ الْكَوَّاءِ الْجَهْرَ بِتِلْكَ (2) فَسَكَتَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمْ یَزَالا كَذَلِكَ یَسْكُتُ هَذَا وَ یَقْرَأُ ذَاكَ مِرَاراً حَتَّی قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ-(3) فَسَكَتَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ عَادَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی قِرَاءَتِهِ (4).

و قال فی موضع آخر: أم محمد بن أبی بكر أسماء بنت عمیس كانت تحت جعفر بن أبی طالب و هاجرت معه إلی الحبشة فولدت له هناك عبد اللّٰه بن جعفر الجواد ثم قتل عنها یوم مؤتة فخلف علیها أبو بكر فأولدها محمدا ثم مات عنها فخلف علیها علی بن أبی طالب علیه السلام و كان محمد ربیبه و خریجه و جاریا عنده مجری أولاده و رضیع الولاء و التشیع مذ زمن الصبا فنشأ علیه فلم یمكن یعرف أبا غیر علی علیه السلام و لا یعتقد لأحد فضیلة غیره حتی قال علیه السلام محمد ابنی من صلب أبی بكر و كان یكنی أبا القاسم فی قول ابن قتیبة و قال غیره بل كان یكنی أبا عبد الرحمن. و كان من نساك قریش و كان ممن أعان فی یوم الدار(5) و اختلف هل باشر قتل عثمان أو لا و من ولد محمد القاسم بن محمد بن أبی بكر فقیه أهل الحجاز(6) و فاضلها و من

ص: 162


1- 1. سورة الزمر: 65.
2- 2. فی المصدر: بتلك الآیة.
3- 3. سورة الروم: 60.
4- 4. شرح النهج 1: 264.
5- 5. فی المصدر: اعان علی عثمان فی یوم الدار.
6- 6.«: فقیه الحجاز.

ولد القاسم عبد الرحمن من فضلاء قریش و یكنی أبا محمد و من ولد القاسم أیضا أم فروة تزوجها الباقر أبو جعفر محمد بن علی صلوات اللّٰه علیهما(1).

أقول: قد أوردت قصة شهادته و فضائله فی كتاب الفتن.

و قال ابن عبد البر فی كتاب الإستیعاب ولد محمد بن أبی بكر فی عام حجة الوداع فسمته عائشة محمدا و كنته بعد ذلك أبا القاسم لما ولد له ولد سماه القاسم و لم تكن الصحابة تری بذلك بأسا ثم كان فی حجر علی علیه السلام و قتل بمصر و كان علی علیه السلام یثنی علیه و یقرظه و یفضله و كان لمحمد رحمه اللّٰه عبادة و اجتهاد و كان ممن حصر عثمان و دخل علیه فقال له لو رآك أبوك لم یسره هذا المقام منك فخرج و تركه فدخل علیه بعده من قتله قال و یقال أنه أشار إلی من كان معه فقتلوه (2).

و قال ابن أبی الحدید فی وصف كمیل هو كمیل بن زیاد بن نهیك بن هیثم بن سعد بن مالك بن حرب من صحابة علی علیه السلام و شیعته و خاصته و قتله الحجاج علی المذهب فیمن قتل من الشیعة و كان كمیل عامل علی علیه السلام علی هیت (3) و كان ضعیفا یمر علیه سرایا معاویة ینهب أطراف العراق فلا یردها و یحاول أن یجبر ما عنده من الضعف بأن یغیر علی أطراف أعمال معاویة مثل قرقیسیاء(4) و ما یجری مجراها من القری التی علی الفرات فأنكر أمیر المؤمنین علیه السلام ذلك من فعله و قال إن من العجز الحاضر أن یهمل العامل ما ولیه و یتكلف ما لیس من تكلیفه (5).

و قال: روی المدائنی قال بینا معاویة یوما جالسا و عنده عمرو بن العاص

ص: 163


1- 1. شرح النهج 2: 32.
2- 2. الاستیعاب 3: 328 و 329.
3- 3. هیت بلدة علی الفرات فوق الانبار، ذات نخل كثیر و خیرات واسعة علی جهة البریة فی غربی الفرات، و بها قبر عبد اللّٰه بن المبارك.
4- 4. قرقیسیاء بلد علی الخابور عند مصبه، و هی علی الفرات فوق رحبة مالك بن طوق.
5- 5. شرح النهج 4: 227.

إذ قال الآذن قد جاء عبد اللّٰه بن جعفر بن أبی طالب فقال عمرو و اللّٰه لأسوءنه الیوم فقال معاویة لا تفعل یا با عبد اللّٰه فإنك لا تنصف (1) منه و لعلك أن تظهر لنا من مغبته (2) ما هو خفی عنا و ما لا یجب (3) أن نعلمه منه و غشیهم (4) عبد اللّٰه بن جعفر فأدناه معاویة و قربه فمال عمرو إلی بعض جلساء معاویة فنال من علی علیه السلام جهارا غیر ساتر له و ثلبه ثلبا(5) قبیحا فالتمع لون عبد اللّٰه بن جعفر و اعتراه أفكل (6) حتی أرعدت خصائله ثم نزل عن السریر كالفنیق فقال له عمرو مه یا با جعفر فقال له عبد اللّٰه مه لا أم لك ثم قال:

أظن الحلم ذل علی قومی***و قد یتجهل الرجل الحلیم.

ثم حسر عن ذراعیه و قال یا معاویة حتام نتجرع غیظك و إلی كم الصبر علی مكروه قولك و سیئ أدبك و ذمیم أخلاقك هبلتك الهبول و أ ما یزجرك ذمام (7) المجالسة عن القدع لجلیسك إذا لم یكن له حرمة من دینك ینهاك (8) عما لا یجوز لك أما و اللّٰه لو عطفتك أواصر الأحلام أو حامیت علی سهمك من الإسلام ما أرعیت بنی الإماء المتك و العبید السك أعراض قومك و ما یجهل موضع الصفوة إلا أهل الجزة و إنك لتعرف فی رشاء قریش صفوة غرائرها فلا یدعونك تصویب ما فرط من خطائك فی سفك دماء المسلمین و محاربة أمیر المؤمنین علیه السلام إلی التمادی فیما قد وضح لك الصواب فی خلافه فاقصد لمنهج (9) الحق فقد طال عماك (10) عن

ص: 164


1- 1. فی المصدر: لا تنتصف.
2- 2.«: من منقبته.
3- 3.«: و ما لا نحب.
4- 4. أی أتاهم.
5- 5. ثلبه ثلبا: عابه و لامه.
6- 6. الافكل: الرعدة. یقال« اخذه افكل» إذا ارتعد من خوف أو غضب. و یأتی توضیح بعض اللغات فی البیان، و نحن نوضح ما لم یوضحه المصنّف.
7- 7. كذا فی النسخ و المصدر، و فی( ك): زمام.
8- 8. فی المصدر: إذا لم تكن لك حرمة من دینك تنهاك.
9- 9.«: المنهج الحق.
10- 10.«: عمهك.

سبیل الرشد و خبطك فی بحور(1) ظلمة الغی فإن أبیت أن لا تتابعا(2) فی قبح اختیارك لنفسك فاعفنا عن سوء القالة فینا إذا ضمنا و إیاك الندی و شأنك و ما ترید إذا خلوت و اللّٰه حسیبك فو اللّٰه لو لا ما جعل اللّٰه لنا فی یدیك لما آتیناك ثم قال إنك إن كلفتنی ما لم أطق ساءك ما سرك منی خلق (3).

فقال معاویة أبا جعفر(4) لغیر الخطاء أقسمت علیك لتجلس لعن اللّٰه من أخرج ضب صدرك من وجاره (5)

محمول لك ما قلت و لك عندنا ما أملت فلو لم یكن مجدك و منصبك لكان خلقك و خلقك شافعین لك إلینا و أنت ابن ذی الجناحین و سید بنی هاشم فقال عبد اللّٰه كلا بل سید بنی هاشم حسن و حسین لا ینازعهما فی ذلك أحد فقال أبا جعفر أقسمت علیك ما ذكرت حاجة لك إلا قضیتها كائنة ما كانت و لو ذهب (6)

بجمیع ما أملك فقال أما فی هذا المجلس فلا ثم انصرف فأتبعه معاویة بصرة و قال و اللّٰه لكأنه رسول اللّٰه مشیه و خلقه و خلقه و إنه لمن مشكاته و لوددت أنه أخی بنفیس ما أملك ثم التفت إلی عمرو فقال أبا عبد اللّٰه ما تراه منعه من الكلام معك قال ما لا خفاء به عنك قال أظنك تقول إنه هاب جوابك لا و اللّٰه و لكنه ازدراك و استحقرك و لم یرك للكلام أهلا ما رأیت إقباله علی دونك ذاهبا نفسه عنك فقال عمرو فهل لك أن تسمع ما أعددته لجوابه قال معاویة اذهب إلیك أبا عبد اللّٰه فلا حین جواب سائر الیوم (7) و نهض معاویة و تفرق الناس.

و روی المدائنی أیضا قال وفد عبد اللّٰه بن عباس علی معاویة مرة فقال معاویة لابنه یزید و لزیاد ابن سمیة و عتبة بن أبی سفیان و مروان بن الحكم و عمرو

ص: 165


1- 1. فی المصدر: دیجور.
2- 2.«: أن لا تتابعنا.
3- 3.«: من خلق.
4- 4.«: یا أبا جعفر.
5- 5. الضب: الحقد الخفی. الوجار: الحجر.
6- 6. فی المصدر: و لو ذهبت.
7- 7.«: فلات حین جواب، فبما یری الیوم.

بن العاص و المغیرة بن شعبة و سعید بن العاص و عبد الرحمن ابن أم الحكم إنه قد طال العهد لعبد اللّٰه بن عباس و ما كان شجر بیننا و بینه و بین ابن عمه و لقد كان نصبه للتحكیم فدفع عنه فحركوه علی الكلام لنبلغ حقیقة صفته و نقف علی كنه معرفته و نعرف ما صرف عنا من شبا حده و زوی (1) عنا من دهاء رأیه فربما وصف المرء بغیر ما هو فیه و أعطی من النعت و الاسم ما لا یستحقه ثم أرسل إلی عبد اللّٰه بن عباس فلما دخل و استقر به المجلس ابتدأه ابن أبی سفیان فقال یا ابن عباس ما منع علیا أن یوجه بك حكما فقال أما و اللّٰه لو فعل لقرن عمرا بصعبة من الإبل یوجع كتفیه مراسها(2) و لأذهلت عقله و أجرضته بریقه و قدحت فی سویداء قلبه فلم یبرم أمرا و لم ینقض رأیا(3) إلا كنت منه بمرأی و مسمع فإن نكبة أدمت قواه (4) و إن أدمة قصمت عراه بعضب (5) مصقول لا یفل حده و أصالة رأی كمناخ الأجل لا ورز منه (6) أصدع به أدیمه و أفل (7) به شبا حده و أستجد به عزائم المتقین (8) و أزیح به شبه الشاكین (9).

فقال عمرو بن العاص هذا و اللّٰه یا أمیر المؤمنین نجوم أول الشر و أفول آخر الخیر و فی حسمه قطع مادته فبادره بالجملة(10) و انتهز منه الفرصة و اردع

ص: 166


1- 1. الشبا جمع الشباة: طرف الشی ء و حده. و فی المصدر: و وری عنا.
2- 2. المراس: الشدة و القوّة، یقال« هو صعب المراس» أی ذو الشدة و القوّة.
3- 3. فی المصدر: و لم ینفض ترابا.
4- 4. سیأتی معناه عن المصنّف. و فی المصدر: فان نكته أرمت قواه و ان أرمه فصمت عراه بغرب مقول لا یفل حده.
5- 5. العضب. السیف القاطع.
6- 6. كذا فی النسخ. و فی المصدر: كمتاح الأجل لا وزر منه.
7- 7. فی( ك) و( ت): أقل.
8- 8. كذا فی النسخ. و فی المصدر: و أشحذ به عزائم المتقین. و الصحیح المتیقنین.
9- 9. فی( ك) الناكثین خ ل.
10- 10. فی المصدر: بالحملة.

بالتنكیل به غیره و شرد به من خلفه فقال ابن عباس یا ابن النابغة ضل و اللّٰه عقلك و سفه حلمك و نطق الشیطان علی لسانك هلا تولیت ذلك بنفسك یوم صفین حین دعیت إلی النزال و تكافح الأبطال (1) و كثرت الجراح و تقصفت الرماح و برزت إلی أمیر المؤمنین مصاولا فانكفأ(2) نحوك بالسیف حاملا فلما رأیت الكر آثر من الفر و قد أعددت حیلة السلامة قبل لقائه و الانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحت (3) رجاء النجاة عورتك و كشفت له خوف بأسه سوأتك حذر أن (4) یصطلمك بسطوته أو یلتهمك بحملته ثم أشرت إلی معاویة(5) كالناصح له بمبارزته و حسنت له التعریض (6) لمكافحته رجاء أن تكفی (7) مئونته و تعدم صولته (8) فعلم غل صدرك و ما ألحت علیه من النفاق أصلعك (9) و عرف مقر سهمك فی غرضك فاكفف عضب لسانك (10) و اقمع عوراء لفظك فإنك لمن أسد خادر و بحر زاخر إن برزت (11) للأسد افترسك و إن عمت فی البحر قمسك (12).

فقال مروان بن الحكم یا ابن عباس إنك لتصرف بنابك و توری نارك كأنك ترجو الغلبة و تؤمل العافیة و لو لا حلم أمیر المؤمنین عنكم لناولكم (13)

ص: 167


1- 1. كفح العدو، واجهه و استقبله.
2- 2. أی مال.
3- 3. فی المصدر: فمنحته.
4- 4.«: حذرا ان یصطلمك.
5- 5. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ و كذا المصدر: علی معاویة.
6- 6. فی المصدر: التعرض.
7- 7.«: أن تكتفی.
8- 8.«: صورته.
9- 9.«: و ما انحنت علیه من النفاق أضلعك.
10- 10.«: غرب لسانك. و الغرب: الحدة.
11- 11.«: تبرزت.
12- 12. عام فی الماء: سبح. و القمس بمعنی الغمس.
13- 13. فی المصدر: لتناولكم.

بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعیدا صدره و لعمری لئن سطا بكم لیأخذن بعض حقه منكم و لئن عفا عن جرائركم فقدیما ما نسب إلی ذلك فقال ابن عباس و إنك لتقول ذلك یا عدو اللّٰه و طرید رسول اللّٰه و المباح دمه و الداخل بین عثمان و رعیته بما حملهم علی قطع أوداجه و ركوب أنتاجه (1) أما و اللّٰه لو طلب معاویة ثاره لأخذك به و لو نظر فی أمر عثمان لوجدك أوله و آخره و أما قولك لی إنك لتصرف بنابك و توری نارك فسل معاویة و عمرا یخبراك لیلة الهریر كیف ثباتنا للمثلات و استخفافنا بالمعضلات و صدق جلادنا عند المصاولة و صبرنا علی اللأواء و المطاولة(2) و مصافحتنا بجباهنا السیوف المرهفة و مباشرتنا بنحورنا حد الأسنة هل خمنا(3) عن كرائم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتالف و لیس لك إذ ذاك فیها مقام محمود و لا یوم مشهود و لا أثر معدود و إنهما شهدا ما لو شهدت لأقلقك فاربع علی ظلعك و لا تعرض (4) لما لیس لك فإنك كالمغرور فی صفقة(5) لا یهبط برجل و لا یرقی بید.

فقال زیاد یا ابن عباس إنی لأعلم ما منع حسنا و حسینا من الوفود معك علی أمیر المؤمنین إلا ما سولت لهما أنفسهما و غرهما به من هو عند البأساء سلمهما(6) و ایم اللّٰه لو ولیتهما لأدأبا فی الرحلة إلی أمیر المؤمنین أنفسهما و یقل (7) بمكانهما لبثهما فقال ابن عباس إذا و اللّٰه یقصر دونهما باعك و یضیق بهما ذراعك و لو

ص: 168


1- 1. فی المصدر: أثباجه. و الشیخ ما بین الكاهل إلی الظهر.
2- 2. اللأواء: الشدة و المحنة.
3- 3. خام یخیم عنه: جبن و نكص. و فی نسخ الكتاب« حمنا» بالمهملة و لكنه سهو.
4- 4. فی المصدر: و لا تتعرض.
5- 5.«: كالمغروز فی صفد. أی المشدود فی قید.
6- 6.«: یسلمهما.
7- 7.«: و لقل.

رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا(1) صبرا علی البلاء لا یخیمون (2) عن اللقاء فلعركوك (3) بكلاكلهم و وطئوك بمناسمهم و أوجروك مشق رماحهم و شفار سیوفهم و وخز أسنتهم حتی تشهد بسوء ما آتیت و تتبین ضیاع الحزم فیما جنیت فحذار حذار من سوء النیة فتكافأ برد الأمنیة(4) و تكون سببا لفساد هذین الحیین بعد صلاحهما و ساعیا فی اختلافهما بعد ائتلافهما حیث لا یضرهما التباسك (5) و لا یغنی عنهما إیناسك.

فقال عبد الرحمن ابن أم الحكم لله در ابن ملجم فقد بلغ الأجل (6) و أمن الوجل و أحد الشفرة و ألان المهرة و أدرك الثار و نفی العار و فاز بالمنزلة العلیا و رقا الدرجة القصوی فقال ابن عباس أما و اللّٰه لقد كرع (7) كأس حتفه بیده و عجل اللّٰه إلی النار بروحه و لو أبدی لأمیر المؤمنین صفحته لخالطه الفحل القطم و السیف الخذم و لألعقه صابا(8) و سقاه سماما و ألحقه بالولید و عتبة و حنظلة فكلهم كان أشد منه شكیمة و أمضی عزیمة ففری بالسیف هامهم و رملهم بدمائهم و فری الذئاب أشلاءهم (9) و فرق بینهم و بین أحبائهم أولئك حصب جهنم هم لها واردون ف هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً و لا غرو و إن ختل و لا وصمة إن قتل فإنا لكما قال درید بن الصمة شعر:

ص: 169


1- 1. الصدق- بضم الصاد و الدال أو سكونها-: جمع الصدوق. و الصبر- بضم الصاد و الباء-: جمع الصبور.
2- 2. أی لا یجبنون. و فی نسخ الكتاب« لا یحتمون» و لكنه سهو.
3- 3. عركه: دلكه.
4- 4. فی المصدر: فانها ترد الامنیة.
5- 5.«: ابساسك.
6- 6.«: الامل.
7- 7. كرع فی الماء او الاناء: مد عنقه و تناول الماء بفیه من موضعه.
8- 8. أبدی له صفحته أی كاشفه. القطم- بالفتح فالكسر: الغضبان. الخذم: القاطع بالسرعة. و فی النسخ« الجزم» و كلاهما سهو. و الصاب: عصیر شجر مر.
9- 9. جمع الشلو: العضو.

فإنا للحم السیف غیر مكره***و نلحمه طورا و لیس بذی مكر(1)

یغار علینا واترین فیشتفی***بنا إن أصبنا أو نغیر علی وتر.

فقال المغیرة بن شعبة أما و اللّٰه لقد أشرت علی علی بالنصیحة فآثر رأیه و مضی علی غلوائه (2) فكانت العاقبة علیه لا له و إنی لأحسب أن خلقه یعتدون لمنهجه و قال (3) ابن عباس كان و اللّٰه أمیر المؤمنین أعلم بوجوه الرأی و معاقد الحزم و تصریف الأمور من أن یقبل مشورتك فیما نهی اللّٰه عنه و عنف علیه قال سبحانه لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ (4) إلی آخر الآیة و لقد وقفك علی ذكر متین (5) و آیة متلوة قوله تعالی وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً(6) و هل كان یسوغ له أن یحكم فی دماء المسلمین و فی المؤمنین من لیس بمأمون عنده و لا موثوق به فی نفسه هیهات هیهات هو أعلم بفرض اللّٰه و سنة رسوله أن یبطن خلاف ما یظهر إلا للتقیة و لات حین تقیة مع وضوح الحق و ثبوت الجنان و كثرة الأنصار یمضی كالسیف المصلت فی أمر اللّٰه مؤثرا لطاعة ربه و التقوی علی آراء أهل الدنیا.

فقال یزید بن معاویة یا ابن عباس إنك لتنطق بلسان طلق تنبئ عن مكنون قلب حرق فاطو ما أنت علیه كشحا فقد محا ضوء حقنا ظلمة باطلكم فقال ابن عباس مهلا یزید فو اللّٰه ما صفت القلوب لكم منذ تكدرت علیكم (7) و لا دنت بالمحبة

ص: 170


1- 1. كذا فی النسخ و المصدر. و الصحیح كما فی شرح دیوان الحماسة ص 825 كذا: فانا للحم السیف غیر نكیرة***و نلحمه حینا و لیس بذكری نكر و درید بن الصمة شاعر شجاع فارس من ذوی الرأی فی الجاهلیة، و شهد یوم حنین مع هوازن و هو شیخ كبیر و قتل یومئذ فیمن قتل من المشركین.
2- 2. الغلواء- بضم الغین و سكون اللام او فتحها- الغلو.
3- 3. فی المصدر: یقتدون بمنهجه. فقال اه.
4- 4. سورة المجادلة: 22.
5- 5. فی المصدر: مبین.
6- 6. سورة الكهف: 51.
7- 7. فی المصدر: منذ تكدرت بالعداوة علیكم.

لكم مذ بات (1) بالبغضاء عنكم و لا رضیت الیوم منكم ما سخطت الأمس من أفعالكم و إن بذل الأیام یستقضی ما صد عنا و یسترجع (2) ما ابتز منا كیلا بكیل و وزنا بوزن و إن تكن الأخری فكفی باللّٰه ولیا لنا و وكیلا علی المعتدین علینا.

فقال معاویة إن فی نفسی منكم لحرارات (3)

بنی هاشم و إن الخلیق إن (4) أدرك فیكم الثأر و أنفی العار فإن دماءنا قبلكم و ظلامتنا فیكم فقال ابن عباس و اللّٰه إن رمت ذلك یا معاویة لتثیرن علیك أسدا مخدرة و أفاعی مطرقة لا یفثؤها(5) كثرة السلاح و لا یقصها(6) نكایة الجراح یضعون أسیافهم علی عواتقهم یضربون قدما قدما من ناواهم یهون علیهم نباح الكلاب و عواء الذئاب لا یفاقون بوتر و لا یسبقون إلی كر ثم ذكر(7) قد وطنوا علی الموت أنفسهم و سمت بهم إلی العلیاء هممهم كما قالت الأزدیة:

قوم إذا شهدوا الهیاج فلا***ضرب ینهنههم و لازجر(8)

وكأنهم آساد غینة غرست (9)*** و بلّ متونها القطر.

فلتكونن منهم بحیث أعددت لیلة الهریر للهرب فرسك و كان أكبر همك سلامة حشاشة نفسك و لو لا طغام من أهل الشام وقوك بأنفسهم و بذلوا دونك مهجهم حتی إذا ذاقوا و خز الشفار و أیقنوا بحلول الدمار(10) رفعوا المصاحف مستجیرین

ص: 171


1- 1. فی المصدر: إلیكم مذ نأت اه.
2- 2.«: و ان تدلّ الأیّام نستقض ما شذ عنا و نسترجع اه.
3- 3.«: لحزازات. و هی الوجع فی القلب من غیظ و نحوه.
4- 4.«: و انی لخلیق.
5- 5. فثأ الغضب: سكن حدته و فثا الشی ء عنه: كفه و حبسه.
6- 6. فی المصدر: و لا تعضها.
7- 7.«: و لا یسبقون إلی كریم ذكر.
8- 8. نهنهه عن الشی ء: كفه عنه و زجره.
9- 9. كذا فی النسخ. و فی المصدر: غرثت. أی جاعث. و الغینة: الاشجار الملتفة بلا ماء.
10- 10. الدمار: الهلاك.

بها و عائذین بعصمتها لكنت شلوا مطروحا بالعراء تسفی علیك ریاحها و یعتورك ذئابها(1) و ما أقول هذا أرید صرفك عن عزیمتك و لا أزالتك عن معقود نیتك لكن الرحم التی تعطف علیك و الأوامر التی توجب صرف النصیحة إلیك فقال معاویة لله درك یا ابن عباس ما یكشف (2) الأیام منك إلا عن سیف صقیل و رأی أصیل و باللّٰه لو لم یلد هاشم غیرك لما نقص عددهم و لو لم یكن لأهلك سواك لكان اللّٰه قد كثرهم ثم نهض فقام ابن عباس و انصرف (3).

توضیح: قال الفیروزآبادی الخصیلة القطعة من اللحم أو لحم الفخذین و العضدین و الذراعین أو كل عصبة فیها لحم غلیظ و الجمع خصیل و خصائل (4) و الفنیق الفحل المكرم لا یؤذی لكرامته علی أهله و لا یركب و قدعه كمنعه كفه و فرسه كبحه و الفحل ضرب أنفه بالرمح (5) و الأواصر جمع الأوصر و هو المرتفع من الأرض و یحتمل أن یكون تصحیف الأقاصر جمع الأقصر أی الأحلام القصیرة فكیف طوالها و المتك بالضم جمع المتكاء و هی المفضاة أو الطویلة ما بین إسكتی فرجها(6) و السك لعله من قولهم سكه إذا اصطلم أذنیه و فی بعض النسخ المسك یقال رجل مسكة كهمزة(7) أی بخیل أو هو الذی لا یعلق بشی ء فیتخلص منه و الجمع مسك بضم المیم و فتح السین و لعل المراد بأهل الجزة الذین یجزون أصواف الحیوانات و هم أدانی الناس و الرشاء الحبل و الغرائر جمع الغرارة التی تكون للتبن.

ص: 172


1- 1. اعتور القوم الشی ء: تعاطوه و تداولوه: و فی المصدر: الذباب.
2- 2. فی المصدر: ما تكشف.
3- 3. شرح النهج 2: 169- 173.
4- 4. القاموس 3: 368.
5- 5. فی هامش( ك): و ذلك إذا كان غیر كریم.
6- 6. الاسكتان- بفتح الكاف و كسرها- شفر الرحم أو جانباه ممّا یلی شفریه أو قذتاه.
7- 7. بضم الأول و فتح الثانی.

و یقال جرض بریقه أی ابتلعه علی هم و حزن و نكب الإناء أماله و كبه و أدم بینهما أصلح و ألف و التهمه ابتلعه و أسد خادر أی داخل الخدر و هو الستر و الكلاكل الصدور و الجماعات و من الفرس ما بین محزمه إلی ما مس الأرض منه و المناسم أخفاف البعیر و المشق سرعة فی الطعن و الضرب و الطول مع الرقة و الوخز الطعن بالرمح و المهرة بالضم واحد المهر كصرد و هی مفاصل متلاحكة فی الصدر أو غراضیف الضلوع (1)

و اللحم القطع.

«34»- نهج، [نهج البلاغة]: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی ذِكْرِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ یَرْحَمُ اللَّهُ خَبَّاباً فَلَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً وَ هَاجَرَ طَائِعاً وَ عَاشَ مُجَاهِداً-(2)

وَ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ جَاءَهُ نَعْیُ الْأَشْتَرِ- مَالِكٌ وَ مَا مَالِكٌ لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنْداً لَا یَرْتَقِیهِ الْحَافِرُ وَ لَا یَرْقَی عَلَیْهِ الطَّائِرُ. قوله علیه السلام الفند هو المنفرد من الجبال (3).

بیان: قال الجزری الفند من الجبل أنفه الخارج منه (4).

أَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ الَّذِی رَوَیْتُهُ عَنِ الشُّیُوخِ وَ رَأَیْتُهُ بِخَطِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْخَشَّابِ: أَنَّ الرَّبِیعَ بْنَ زِیَادٍ الْحَارِثِیَّ أَصَابَتْهُ نُشَّابَةٌ فِی جَبِینِهِ فَكَانَتْ تَتَنَقَّضُ عَیْنَیْهِ (5) فِی كُلِّ عَامٍ فَأَتَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَائِداً فَقَالَ كَیْفَ تَجِدُكَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَجِدُنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ كَانَ لَا یَذْهَبُ مَا بِی إِلَّا بِذَهَابِ بَصَرِی لَتَمَنَّیْتُ ذَهَابَهُ فَقَالَ وَ مَا قِیمَةُ بَصَرِكَ عِنْدَكَ قَالَ لَوْ كَانَتْ لِیَ الدُّنْیَا لَفَدَیْتُهُ بِهَا قَالَ لَا جَرَمَ لَیُعْطِیَنَّكَ اللَّهُ عَلَی قَدْرِ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُعْطِی عَلَی قَدْرِ الْأَلَمِ وَ الْمُصِیبَةِ وَ عِنْدَهُ تَضْعِیفٌ كَثِیرٌ قَالَ الرَّبِیعُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ لَا أَشْكُو إِلَیْكَ عَاصِمَ بْنَ زِیَادٍ

ص: 173


1- 1. متلاحكة ای متلاصقة متداخلة. و الغرضوف و الغضروف كل عظم رخص یؤكل.
2- 2. نهج البلاغة( عبده ط مصر) 2: 154. و فیه: یرحم اللّٰه خباب بن الارت فلقد اسلم راغبا و هاجر طائعا و قنع بالكفاف و رضی عن اللّٰه و عاش مجاهدا.
3- 3. نهج البلاغة( عبده ط مصر) 2: 249.
4- 4. النهایة 3: 216 و الفند بكسر الفاء و سكون النون.
5- 5. كذا فی النسخ، و فی المصدر و هامش( خ) علیه و تنقض الجرح: سال دمه.

أَخِی قَالَ مَا لَهُ قَالَ لَبِسَ الْعَبَاءَ وَ تَرَكَ الْمُلَاءَ وَ غَمَّ أَهْلَهُ وَ حَزَنَ وُلْدَهُ فَقَالَ علیه السلام ادْعُوا لِی عَاصِماً فَلَمَّا أَتَاهُ عَبَسَ فِی وَجْهِهِ وَ قَالَ وَیْحَكَ یَا عَاصِمُ أَ تَرَی اللَّهَ أَبَاحَ لَكَ اللَّذَّاتِ وَ هُوَ یَكْرَهُ مَا أَخَذْتَ مِنْهَا لَأَنْتَ أَهْوَنُ عَلَی اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَ وَ مَا سَمِعْتَهُ یَقُولُ مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ یَلْتَقِیانِ-(1) ثُمَّ قَالَ یَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ-(2) وَ قَالَ وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِیًّا وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْیَةً تَلْبَسُونَها-(3) أَمَا وَ اللَّهِ ابْتِذَالُ نِعَمِ اللَّهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ وَ قَدْ سَمِعْتُمُ اللَّهَ یَقُولُ وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ-(4) وَ قَوْلُهُ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ-(5) إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِینَ بِمَا خَاطَبَ بِهِ الْمُرْسَلِینَ فَقَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ-(6) وَ قَالَ یا أَیُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّیِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً-(7) وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِبَعْضِ نِسَائِهِ مَا لِی أَرَاكِ شَعْثَاءَ مَرْهَاءَ سَلْتَاءَ-(8)

قَالَ عَاصِمٌ فَلِمَ اقْتَصَرْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی لُبْسِ الْخَشِنِ وَ أَكْلِ الْجَشِبِ-(9) قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی افْتَرَضَ عَلَی أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ یُقَدِّرُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِالْقَوَامِ كَیْلَا یَتَبَیَّغَ (10) بِالْفَقِیرِ فَقْرُهُ فَمَا قَامَ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی نَزَعَ عَاصِمٌ الْعَبَاءَ وَ لَبِسَ مُلَاءَةً(11).

ص: 174


1- 1. سورة الرحمن: 19 و 22.
2- 2. سورة الرحمن: 19 و 22.
3- 3. سورة فاطر: 12.
4- 4. سورة الضحی: 11.
5- 5. سورة الأعراف: 32.
6- 6. سورة البقرة: 172.
7- 7. سورة المؤمنون: 51.
8- 8. الشعثاء: التی كان شعرها مغبرا متلبدا. و المرهاء: التی فسدت و ابیضت بواطن اجفانها و السلتاء: التی قطع انفها.
9- 9. الجشب: الطعام الغلیظ.
10- 10. تبیغ: هاج.
11- 11. بضم المیم ثوب یلبس علی الفخذین.

و كتب زیاد ابن أبیه إلی الربیع بن زیاد و هو علی قطعة من خراسان أن أمیر المؤمنین معاویة كتب إلی یأمرك أن تحرز الصفراء و البیضاء و تقسم الخرثی (1) و ما أشبهه علی أهل الحروب فقال له الربیع إنی وجدت كتاب اللّٰه قبل كتاب أمیر المؤمنین ثم نادی فی الناس أن اغدوا علی غنائمكم فأخذ الخمس و قسم الباقی علی المسلمین ثم دعا اللّٰه أن یمیته فما جمع حتی مات (2) و قال فی أحوال شریح القاضی هو شریح بن الحارث بن المنتجع الكندی و قیل اسم أبیه معاویة و قیل هانی و قیل شراحیل و یكنی أبا أمیة استعمله عمر بن الخطاب علی القضاء بالكوفة فلم یزل قاضیا ستین سنة لم یتعطل فیها إلا ثلاث سنین فی فتنة ابن الزبیر امتنع (3) من القضاء ثم استعفی الحجاج من العمل فأعفاه فلزم منزله إلی أن مات و عمر عمرا طویلا قیل إنه عاش مائة و ثمان سنین و قیل مائة سنة و توفی سنة سبع و ثمانین و كان خفیف الروح مزاحا فقدم إلیه رجلان فأقر أحدهما بما ادعی به خصمه و هو لا یعلم فقضی علیه فقال لشریح من شهد عندك بهذا قال ابن أخت خالك و قیل إنه جاءته امرأة تبكی و تتظلم علی خصمها فما رق لها حتی قال له إنسان كان بحضرته أ لا تنظر أیها القاضی إلی بكائها فقال إن إخوة یوسف جاءوا أباهم عشاء یبكون و أقر علی علیه السلام شریحا علی القضاء مع مخالفته له فی مسائل كثیرة من الفقه مذكورة فی كتب الفقهاء و سخط علی علیه السلام مرة علیه فطرده عن الكوفة و لم یعزله عن القضاء و أمره بالمقام ببانقیا و كانت قریة قریبة من الكوفة أكثر ساكنیها الیهود فأقام بها مدة حتی رضی عنه و أعاده إلی الكوفة و قال أبو عمر بن عبد البر فی كتاب الإستیعاب أدرك شریح الجاهلیة و لا یعد من الصحابة بل من التابعین

ص: 175


1- 1. بضم الخاء و سكون الراء: أردا المتاع و سقطه.
2- 2. شرح النهج 3: 19 و 20. جمع المسلم: شهد الجمعة.
3- 3. فی المصدر: امتنع فیها.

و كان شاعرا محسنا و كان سناطا لا شعر فی وجهه (1).

«35»- نهج، [نهج البلاغة]: مِنْ كِتَابٍ لَهُ إِلَی أَمِیرَیْنِ مِنْ أُمَرَاءِ جَیْشِهِ وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَیْكُمَا وَ عَلَی مَنْ فِی حَیِّزِكُمَا مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِیعَا وَ اجْعَلَاهُ دِرْعاً وَ مِجَنّاً فَإِنَّهُ مِمَّنْ لَا یُخَافُ وَهْنُهُ وَ لَا سَقْطَتُهُ وَ لَا بُطْؤُهُ عَمَّا الْإِسْرَاعُ إِلَیْهِ أَحْزَمُ وَ لَا إِسْرَاعُهُ إِلَی مَا الْبُطْوءُ عَنْهُ أَمْثَلُ (2).

قال ابن أبی الحدید فی شرح هذا الكلام هو مالك بن الحارث بن عبد یغوث بن سلمة بن ربیعة بن حذیمة(3)

بن سعد بن مالك بن النخع بن عمرو بن غلة(4) بن خالد بن مالك بن داود و كان حارسا(5) شجاعا رئیسا من أكابر الشیعة و عظمائها شدید التحقق بولاء أمیر المؤمنین علیه السلام و نصره و قال فیه بعد موته یرحم (6) اللّٰه مالكا فلقد كان لی كما كنت لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لما قنت علی علیه السلام علی خمسة و لعنهم و هم معاویة و عمرو بن العاص و أبو الأعور السلمی و حبیب بن مسلمة و بسر بن أرطاة قنت معاویة علی خمسة و هم علی و الحسن و الحسین و عبد اللّٰه بن العباس و الأشتر و لعنهم.

وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا وَلَّی عَلِیٌّ علیه السلام بَنِی الْعَبَّاسِ عَلَی الْحِجَازِ وَ الْیَمَنِ وَ الْعِرَاقِ فَلِمَا ذَا قَتَلْنَا الشَّیْخَ بِالْأَمْسِ وَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا بَلَغَتْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَحْضَرَهُ وَ لَاطَفَهُ وَ اعْتَذَرَ إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهُ فَهَلْ وَلَّیْتُ حَسَناً أَوْ حُسَیْناً أَوْ أَحَداً مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ أَخِی أَوْ عَقِیلًا أَوْ أَحَداً مِنْ وُلْدِهِ وَ إِنَّمَا وَلَّیْتُ وُلْدَ عَمِّیَ الْعَبَّاسِ لِأَنِّی سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ یَطْلُبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْإِمَارَةَ مِرَاراً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَمِّ إِنَّ الْإِمَارَةَ إِنْ طَلَبْتَهَا وُكِّلْتَ إِلَیْهَا وَ إِنْ طَلَبَتْكَ أُعِنْتَ عَلَیْهَا وَ رَأَیْتُ بَنِیهِ فِی أَیَّامِ

ص: 176


1- 1. شرح النهج 3: 445 و 446.
2- 2. نهج البلاغة( عبده ط مصر) 2: 14 و 15.
3- 3. فی المصدر: ربیعة بن الحارث بن خزیمة.
4- 4.«: علة.
5- 5.«: ادد و كان فارسا.
6- 6.«: رحم اللّٰه.

عُمَرَ وَ عُثْمَانَ یَجِدُونَ فِی أَنْفُسِهِمْ إِنْ وُلِّیَ غَیْرُهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ لَمْ یُوَلَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصِلَ رَحِمَهُمْ وَ أُزِیلَ مَا كَانَ فِی أَنْفُسِهِمْ وَ بَعْدُ فَإِنْ عَلِمْتَ أَحَداً هُوَ خَیْرٌ مِنْهُمْ فَأْتِنِی بِهِ فَخَرَجَ الْأَشْتَرُ وَ قَدْ زَالَ مَا فِی نَفْسِهِ.

وَ قَدْ رَوَی الْمُحَدِّثُونَ حَدِیثاً یَدُلُّ عَلَی فَضِیلَةٍ عَظِیمَةٍ لِلْأَشْتَرِ وَ هِیَ شَهَادَةٌ قَاطِعَةٌ مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ (1). رَوَی هَذَا الْحَدِیثَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِی كِتَابِ الْإِسْتِیعَابِ فِی حَرْفِ الْجِیمِ فِی بَابِ جُنْدَبٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ الْوَفَاةُ وَ هُوَ بِالرَّبَذَةِ- بَكَتْ زَوْجَتُهُ أُمُّ ذَرٍّ قَالَتْ فَقَالَ لِی (2) مَا یُبْكِیكِ فَقَالَتْ مَا لِی لَا أَبْكِی وَ أَنْتَ تَمُوتُ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَ لَیْسَ عِنْدِی ثَوْبٌ یَسَعُكَ كَفَناً وَ لَا بُدَّ لِی مِنَ الْقِیَامِ بِجِهَازِكَ فَقَالَ أَبْشِرِی وَ لَا تَبْكِی فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَا یَمُوتُ بَیْنَ امْرَءَیْنِ مُسْلِمَیْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثٌ فَیَصْبِرَانِ وَ یَحْتَسِبَانِ فَیَرَیَانِ النَّارَ أَبَداً وَ قَدْ مَاتَ لَنَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ وَ سَمِعْتُ أَیْضاً رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِیهِمْ لَیَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ یَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَیْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ مَاتَ فِی قَرْیَةٍ وَ جَمَاعَةٍ فَأَنَا لَا أَشُكُّ أَنِّی ذَلِكَ الرَّجُلُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ فَانْظُرِی الطَّرِیقَ قَالَتْ أُمُّ ذَرٍّ فَقُلْتُ أَنَّی وَ قَدْ ذَهَبَ الْحَاجُّ وَ تَقَطَّعَتِ الطُّرُقُ فَقَالَ اذْهَبِی فَتَبَصَّرِی قَالَتْ فَكُنْتُ أَشْتَدُّ إِلَی الْكَثِیبِ فَأَصْعَدُ فَأَنْظُرُ ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَیْهِ فَأُمَرِّضُهُ فَبَیْنَا أَنَا وَ هُوَ عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ إِذَا أَنَا بِرِجَالٍ عَلَی رِكَابِهِمْ كَأَنَّهُمُ الرَّخَمُ (3) تَخُبُّ بِهِمْ رَوَاحِلُهُمْ فَأَسْرَعُوا إِلَیَّ حَتَّی وَقَفُوا عَلَیَّ وَ قَالُوا یَا أَمَةَ اللَّهِ مَا لَكِ فَقُلْتُ امْرُؤٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یَمُوتُ تُكَفِّنُونَهُ قَالُوا وَ مَنْ هُوَ قُلْتُ أَبُو ذَرٍّ قَالُوا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتُ نَعَمْ فَفَدَوْهُ بِآبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ وَ أَسْرَعُوا إِلَیْهِ حَتَّی دَخَلُوا عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُمْ أَبْشِرُوا فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِنَفَرٍ أَنَا فِیهِمْ لَیَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ

ص: 177


1- 1. فی المصدر: مؤمن.
2- 2.«: فقال لها.
3- 3. الرخم: طائر من الجوارح الكبیرة الجثة الوحشیة الطباع. خب الفرس فی عدوه: راوح بین یدیه و رجلیه أی قام علی إحداهما مرة و علی الأخری مرة.

لَیْسَ مِنَ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ هَلَكَ فِی قَرْیَةٍ وَ جَمَاعَةٍ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُمْ (1) وَ لَا كُذِبْتُمْ وَ لَوْ كَانَ عِنْدِی ثَوْبٌ یَسَعُنِی كَفَناً لِی أَوْ لِامْرَأَتِی لَمْ أُكَفَّنْ إِلَّا فِی ثَوْبٍ لِی أَوْ لَهَا وَ إِنِّی أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَنْ لَا یُكَفِّنَنِی رَجُلٌ مِنْكُمْ كَانَ أَمِیراً أَوْ عَرِیفاً أَوْ بَرِیداً أَوْ نَقِیباً قَالَتْ وَ لَیْسَ فِی أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ قَارَفَ بَعْضَ مَا قَالَ إِلَّا فَتًی مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ لَهُ أَنَا أُكَفِّنُكَ یَا عَمِّ فِی رِدَائِی هَذَا وَ فِی ثَوْبَیْنِ مَعِی فِی عَیْبَتِی مِنْ غَزْلِ أُمِّی فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ أَنْتَ تُكَفِّنُنِی فَمَاتَ فَكَفَّنَهُ الْأَنْصَارِیُّ وَ غَسَّلَهُ فِی النَّفَرِ الَّذِینَ (2) حَضَرُوهُ وَ قَامُوا عَلَیْهِ وَ دَفَنُوهُ فِی نَفَرٍ كُلُّهُمْ یَمَانٍ.

قال أبو عمر بن عبد البر قبل أن یروی هذا الحدیث فی أول باب جندب كان النفر الذین حضروا موت أبی ذر بالربذة مصادفة جماعة منهم حجر بن الأبرد(3) هو حجر بن عدی الذی قتله معاویة و هو من أعلام الشیعة و عظمائها و أما الأشتر فهو أشهر فی الشیعة من أبی الهذیل فی المعتزلة و قرئ كتاب الإستیعاب علی شیخنا عبد الوهاب بن سكینة المحدث و أنا حاضر فلما انتهی القارئ إلی هذا الخبر قال أستاذی عمر بن عبد اللّٰه الدباس و كان یحضر(4) معه سماع الحدیث لتقل الشیعة بعد هذا ما شاءت فما قال المرتضی و المفید إلا بعض ما كان حجر و الأشتر یعتقدانه فی عثمان و من تقدمه فأشار الشیخ إلیه بالسكوت فسكت.

و قد ذكرنا آثار الأشتر و مقاماته بصفین فیما سبق و الأشتر هو الذی عانق عبد اللّٰه بن الزبیر یوم الجمل فاصطرعا علی ظهر فرسیهما حتی وقعا علی الأرض (5) فجعل عبد اللّٰه یصرخ من تحته اقتلونی و مالكا فلم یعلم من الذی یعنیه لشدة

ص: 178


1- 1. فی المصدر: ما كذبت و لا كذبت.
2- 2.«: و غسله النفر الذین اه.
3- 3. فی الاستیعاب: منهم حجر بن الادبر و مالك بن الحارث الأشتر قلت: حجر بن الادبر اه.
4- 4. فی المصدر: و كنت أحضر.
5- 5.«: فی الأرض.

الاختلاط و ثوران النقع (1) فلو قال اقتلونی و الأشتر لقتلا جمیعا فلما افترقا قال الأشتر:

أ عائش لو لا أننی كنت طاویا(2)*** ثلاثا لألفیت ابن أختك هالكا

غداة ینادی و الرماح تنوشه***كوقع الصیاصی اقتلونی و مالكا(3)

فنجاه منی شبعه و شبابه***و إنی شیخ لم أكن متماسكا.

و یقال إن عائشة فقدت عبد اللّٰه فسألت عنه فقیل لها عهدنا به و هو معانق للأشتر فقالت وا ثكل أسماء و مات الأشتر فی سنة تسع و ثلاثین متوجها إلی مصر والیا علیها لعلی علیه السلام قیل سقی سما و قیل إنه لم یصح ذلك و إنما مات حتف أنفه فأما ثناء أمیر المؤمنین علیه السلام فی هذا الفصل فقد بلغ فیه مع اختصاره ما لا یبلغ بالكلام الطویل و لعمری لقد كان الأشتر أهلا لذلك كان شدید البأس جوادا رئیسا حلیما فصیحا شاعرا و كان یجمع بین اللین و العنف فیسطو فی موضع السطوة و یرفق فی موضع الرفق (4).

أقول: و قال ابن أبی الحدید فی شرح وصایا أوصی أمیر المؤمنین علیه السلام إلی الحارث الهمدانی هو الحارث بن عبد اللّٰه بن كعب بن أسد بن مخلد بن حارث بن سبیع بن معاویة الهمدانی كان أحد الفقهاء(5) و صاحب علی علیه السلام و إلیه تنسب الشیعة الخطاب الذی خاطب به فی قوله علیه السلام:

یَا حَارِ هَمْدَانَ مَنْ یَمُتْ یَرَنِی***مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ قُبُلًا(6).

أقول: رأیت فی بعض مؤلفات أصحابنا روی أنه دخل أبو أمامة الباهلی علی

ص: 179


1- 1. النقع: الغبار.
2- 2. أی جائعا.
3- 3. ناش الشی ء بالشی ء: تعلق به. و الصیاصی جمع الصیصیة: الوتد یقلع به التمر.
4- 4. شرح النهج 3: 625- 627.
5- 5. فی المصدر بعد ذلك: له قول فی الفتیا و كان اه.
6- 6. شرح النهج 4: 309.

معاویة فقربه و أدناه ثم دعا بالطعام فجعل یطعم أبا أمامة بیده ثم أوسع رأسه و لحیته طیبا بیده و أمر له ببدرة من دنانیر فدفعها إلیه ثم قال یا أبا أمامة باللّٰه أنا خیر أم علی بن أبی طالب فقال أبو أمامة نعم و لا كذب و لو بغیر اللّٰه سألتنی لصدقت علی و اللّٰه خیر منك و أكرم و أقدم إسلاما و أقرب إلی رسول اللّٰه قرابة و أشد فی المشركین نكایة و أعظم عند الأمة غناء أ تدری من علی یا معاویة ابن عم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و زوج ابنته سیدة نساء العالمین و أبو الحسن و الحسین سیدی شباب أهل الجنة و ابن أخی حمزة سید الشهداء و أخو جعفر ذی الجناحین فأین تقع أنت من هذا یا معاویة أ ظننت أنی ساخیرك علی علی بألطافك و طعامك و عطائك فأدخل إلیك مؤمنا و أخرج منك كافرا بئس ما سولت لك نفسك یا معاویة ثم نهض و خرج من عنده فأتبعه بالمال فقال لا و اللّٰه لا أقبل منك دینارا واحدا.

«36»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: كُتَّابُهُ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ وَ سَعِیدُ بْنُ نَمِرَانَ (1) الْهَمْدَانِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَ كَانَ بَوَّابُهُ سَلْمَانَ وَ مُؤَذِّنُهُ جُوَیْرِیَةَ بْنَ مُسْهِرٍ الْعَبْدِیَّ- وَ ابْنَ النَّبَّاحِ وَ هَمْدَانَ الَّذِی قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ وَ خُدَّامُهُ أَبُو نَیْرَزَ مِنْ أَبْنَاءِ مُلُوكِ الْعَجَمِ رَغِبَ فِی الْإِسْلَامِ وَ هُوَ صَغِیرٌ فَأَتَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَسْلَمَ وَ كَانَ مَعَهُ فَلَمَّا تُوُفِّیَ صلی اللّٰه علیه و آله صَارَ مَعَ فَاطِمَةَ وَ وَلَدَیْهَا علیها السلاموَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِی سَبْیِ فَزَارَةَ فَوَهَبَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِفَاطِمَةَ علیها السلامفَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ مُعَاوِیَةَ وَ كَانَ لَهُ أَلْفُ نَسَمَةٍ مِنْهُمْ قَنْبَرُ وَ مِیثَمٌ قَتَلَهُمَا الْحَجَّاجُ وَ سَعْدٌ وَ نَصْرٌ قُتِلَا مَعَ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَحْمَرُ قُتِلَ فِی صِفِّینَ وَ مِنْهُمْ غَزْوَانُ وَ ثُبَیْتٌ وَ مَیْمُونٌ وَ خَادِمَتُهُ فِضَّةُ وَ زَبْرَاءُ وَ سُلَافَةُ(2).

«37»- ختص، [الإختصاص] ابْنُ قُولُوَیْهِ عَنِ الْعَیَّاشِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مَرْوَكِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْأَصْبَغِ قَالَ: قُلْتُ

ص: 180


1- 1. غزوان خ ل.
2- 2. مناقب آل أبی طالب 2: 77.

لَهُ كَیْفَ سَمَّیْتَهُمْ شُرْطَةَ الْخَمِیسِ یَا أَصْبَغُ- فَقَالَ إِنَّا ضَمِنَّا لَهُ الذَّبْحَ وَ ضَمِنَ لَنَا الْفَتْحَ (1).

«38»- ختص، [الإختصاص] جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْمُؤْمِنُ وَ أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَامِیُّ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَایِخِنَا عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عِیسَی عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِیرَةِ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَیَّ شَیْ ءٍ تَقُولُونَ أَنْتُمْ فَقَالَ نَقُولُ هَلَكَ النَّاسُ إِلَّا ثَلَاثَةً فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَأَیْنَ ابْنُ لَیْلَی وَ شُتَیْرٌ فَسَأَلْتُ حَمَّادَ بْنَ عِیسَی عَنْهُمَا قَالَ كَانَا مَوْلَیَیْنِ أَسْوَدَیْنِ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام(2).

«39»- ختص، [الإختصاص] جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی عَنْ ذَرِیحٍ الْمُحَارِبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ عَنِ ابْنِ جَرِیحٍ وَ غَیْرِهِ مِنْ ثَقِیفٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا مَاتَ وَ أُخْرِجَ بِهِ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ كَفَنِهِ طَیْرٌ أَبْیَضُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ یَطِیرُ نَحْوَ السَّمَاءِ حَتَّی غَابَ عَنْهُمْ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ أَبِی یُحِبُّهُ حُبّاً شَدِیداً وَ كَانَ أَبِی علیه السلام وَ هُوَ غُلَامٌ یُلْبِسُهُ أُمُّهُ ثِیَابَهُ فَیَنْطَلِقُ فِی غِلْمَانِ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ بَعْدَ مَا أُصِیبَ بَصَرُهُ فَقَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ فَقَالَ حَسْبُكَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْكَ فَلَا عَرَفَكَ (3).

«40»- نهج، [نهج البلاغة]: وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِی أَمَانَتِی وَ جَعَلْتُكَ شِعَارِی وَ بِطَانَتِی وَ لَمْ یَكُنْ فِی أَهْلِی رَجُلٌ أَوْثَقَ مِنْكَ فِی نَفْسِی لِمُوَاسَاتِی وَ مُؤَازَرَتِی وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَیَّ فَلَمَّا رَأَیْتَ الزَّمَانَ عَلَی ابْنِ عَمِّكَ قَدْ كَلِبَ وَ الْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ وَ أَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِیَتْ وَ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ فَتَكَتْ وَ شَغَرَتْ قَلَبْتَ لِابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ فَفَارَقْتَهُ مَعَ الْمُفَارِقِینَ وَ خَذَلْتَهُ مَعَ الْخَاذِلِینَ وَ خُنْتَهُ مَعَ الْخَائِنِینَ فَلَا ابْنَ عَمِّكَ آسَیْتَ (4) وَ لَا الْأَمَانَةَ أَدَّیْتَ وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنِ اللَّهَ تُرِیدُ

ص: 181


1- 1. الاختصاص: 65.
2- 2.«: 70 و 71.
3- 3.«: 71.
4- 4. آسی الرجل فی ماله: جعله اسوته فیه.

بِجِهَادِكَ وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ كَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِیدُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَنْ دُنْیَاهُمْ وَ تَنْوِی غِرَّتَهُمْ عَنْ فَیْئِهِمْ فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِی خِیَانَةِ الْأُمَّةِ أَسْرَعْتَ الْكَرَّةَ وَ عَاجَلْتَ الْوَثْبَةَ وَ اخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الْمَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِمْ وَ أَیْتَامِهِمْ اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الْأَزِلِ دَامِیَةَ الْمِعْزَی الْكَسِیرَةَ فَحَمَلْتَهُ إِلَی الْحِجَازِ رَحِیبَ الصَّدْرِ بِحَمْلِهِ غَیْرَ مُتَأَثِّمٍ مِنْ أَخْذِهِ كَأَنَّكَ لَا أَبَا لِغَیْرِكَ حَدَرْتَ عَلَی (1) أَهْلِكَ تُرَاثَكَ مِنْ أَبِیكَ وَ أُمِّكَ فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ أَ وَ مَا تَخَافُ نِقَاشَ الْحِسَابِ أَیُّهَا الْمَعْدُودُ كَانَ عِنْدَنَا مِنْ ذَوِی الْأَلْبَابِ كَیْفَ تُسِیغُ شَرَاباً وَ طَعَاماً وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً وَ تَشْرَبُ حَرَاماً وَ تَبْتَاعُ الْإِمَاءَ وَ تَنْكِحُ النِّسَاءَ مِنْ مَالِ الْیَتَامَی وَ الْمَسَاكِینِ وَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُجَاهِدِینَ الَّذِینَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ وَ أَحْرَزَ بِهِمْ هَذِهِ الْبِلَادَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ ارْدُدْ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِیَ اللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ إِلَی اللَّهِ فِیكَ وَ لَأَضْرِبَنَّكَ بِسَیْفِیَ الَّذِی مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلَّا دَخَلَ النَّارَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام فَعَلَا مِثْلَ الَّذِی فَعَلْتَ مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِی هَوَادَةٌ وَ لَا ظَفِرَا مِنِّی بِإِرَادَةٍ حَتَّی آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا وَ أُزِیحَ الْبَاطِلَ مِنْ مَظْلَمَتِهَا(2) وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ مَا یَسُرُّنِی أَنَّ مَا أَخَذْتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلَالٌ لِی أَتْرُكُهُ مِیرَاثاً لِمَنْ بَعْدِی فَضَحِّ رُوَیْداً فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَی وَ دُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَی وَ عُرِضَتْ عَلَیْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِی یُنَادِی الظَّالِمُ فِیهِ بِالْحَسْرَةِ وَ یَتَمَنَّی الْمُضَیِّعُ الرَّجْعَةَ وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ وَ السَّلَامُ (3).

توضیح: قوله علیه السلام و كنت أشركتك فی أمانتی أی فی الخلافة التی ائتمننی اللّٰه علیها حیث جعلتك والیا و بطانة الرجل صاحب سره الذی یشاوره فی أحواله و المواساة المشاركة و المساهمة قوله قد كلب بكسر اللام

ص: 182


1- 1. فی المصدر: إلی.
2- 2.«: عن مظلمتهما.
3- 3. نهج البلاغة( عبده ط مصر) 2: 67- 69. و قد مضی عن معرفة اخبار الرجال تحت الرقم 20.

أی اشتد یقال كلب الدهر علی أهله إذا ألح علیهم و اشتد قاله الجزری (1) و قال قد حرب أی غضب (2) و الفتك أن یأتی الرجل صاحبه و هو غار غافل حتی یشد علیه فیقتله قوله علیه السلام و شغرت أی خلت من الخیر قال الجوهری شغر البلد أی خلا من الناس (3).

قوله علیه السلام قلبت لابن عمك أی كنت معه فصرت علیه و أصل ذلك أن الجیش إذا لقوا العدو كانت ظهور مجانهم إلی وجه العدو و بطونها إلی عسكرهم فإذا فارقوا رئیسهم عكسوا قوله علیه السلام فلما أمكنتك الشدة من قولهم شد علیه فی الحرب إذا حمل.

و قال الجزری الأزل فی الأصل الصغیر العجز و هو فی صفات الذئب الخفیف و قیل هو من قولهم زل زلیلا إذا عدا و خص الدامیة لأن من طبع الذئب محبة الدم حتی أنه یری ذئبا دامیا فیثب علیه لیأكله (4).

و تأثم أی تحرج عنه و كف قوله علیه السلام لا أبا لغیرك استعمل ذلك فی مقام لا أبا لك تكرمة له و شفقة علیه و ما قیل من أن لا أبا لك لما كان یستعمل كثیرا فی معرض المدح أی لا كافی لك غیر نفسك فیحتمل أن یكون ذما له بمدح غیره فلا یخفی بعده و یقال حدرت السفینة إذا أرسلتها إلی أسفل.

و قال الجزری فیه من نوقش فی الحساب عذب أی من استقصی فی محاسبته و حوقق و منه حدیث علی لنقاش الحساب (5) و هو مصدر منه و أصل المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه (6).

قوله علیه السلام أیها المعدود كان عندنا أدخل علیه السلام لفظة كان تنبیها

ص: 183


1- 1. النهایة 3: 30 و 31.
2- 2.« 1: 212.
3- 3. الصحاح: 700.
4- 4. النهایة 2: 130.
5- 5. اصل الحدیث: یوم یجمع اللّٰه فیه الاولین و الآخرین لنقاش الحساب.
6- 6. النهایة 4: 170.

علی أنه لم یبق كذلك قیل و لعله عدل عن أن یقول یا من كان عندنا من ذوی الألباب إشعارا بأنه معدود فی الحال أیضا عند الناس منهم و أعذر أبدی عذرا و الهوادة الرخصة و السكون و المحاباة قوله بإرادة أی بمراد و الإزاحة الإزالة و الإبعاد و قال الجزری إن العرب كان یسیرون فی ظعنهم فإذا مروا ببقعة من الأرض فیه كلأ و عشب قال قائلهم ألا ضحوا رویدا أی ارفقوا بالإبل حتی تتضحی أی تنال من هذا المرعی و منه كتاب علی علیه السلام إلی ابن عباس ألا ضح رویدا فقد بلغت المدی أی اصبر قلیلا(1).

و قال البیضاوی فی قوله تعالی وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ أی لیس الحین حین مناص و لا هی المشبهة بلیس زیدت علیه تاء التأنیث للتأكید كما زیدت علی رب و ثم و خصت بلزوم الأحیان و حذف أحد المعمولین و قیل هی النافیة للجنس أی و لا حین مناص لهم و قیل للفعل و النصب بإضماره أی و لا أری حین مناص إلی آخر ما حقق فی ذلك (2) و المناص المنجی.

أَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِی الْمَكْتُوبِ إِلَیْهِ هَذَا الْكِتَابُ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ كَمَا تَدُلُّ عَلَیْهِ عِبَارَاتُ الْكِتَابِ وَ قَدْ رَوَی أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ كَتَبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام جَوَاباً عَنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالُوا وَ كَانَ جَوَابُهُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ تُعْظِمُ عَلَیَّ مَا أَصَبْتُ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْبَصْرَةِ وَ لَعَمْرِی إِنَّ حَقِّی فِی بَیْتِ الْمَالِ لَأَكْثَرُ مِمَّا أَخَذْتُ وَ السَّلَامُ قَالُوا فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام.

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مِنَ الْعَجَبِ أَنْ تُزَیِّنَ لَكَ نَفْسُكَ أَنَّ لَكَ فِی بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ مِنَ الْحَقِّ أَكْثَرَ مِمَّا لِرَجُلٍ (3) مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَدْ أَفْلَحْتَ لَقَدْ كَانَ (4) تَمَنِّیكَ الْبَاطِلَ وَ ادِّعَاؤُكَ مَا لَا یَكُونُ یُنْجِیكَ عَنِ الْمَأْثَمِ وَ یُحِلُّ

ص: 184


1- 1. النهایة 3: 13 و 14.
2- 2. تفسیر البیضاوی 2: 137.
3- 3. فی المصدر: لرجل واحد اه.
4- 4.«: إن كان.

لَكَ الْمُحَرَّمَ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْمُهْتَدِی السَّعِیدُ إِذاً وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّكَ اتَّخَذْتَ مَكَّةَ وَطَناً وَ ضَرَبْتَ بِهَا عَطَناً تَشْتَرِی بِهَا مُوَلَّدَاتِ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ الطَّائِفِ تَخْتَارُهُنَّ عَلَی عَیْنِكَ وَ تُعْطِی فِیهِنَّ مَالَ غَیْرِكَ فَارْجِعْ هَدَاكَ اللَّهُ إِلَی رُشْدِكَ وَ تُبْ إِلَی اللَّهِ رَبِّكَ وَ اخْرُجْ إِلَی الْمُسْلِمِینَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَعَمَّا قَلِیلٍ تُفَارِقُ مَنْ أَلِفْتَ وَ تَتْرُكُ مَا جَمَعْتَ وَ تَغِیبُ فِی صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ غَیْرَ مُوَسَّدٍ وَ لَا مُمَهَّدٍ قَدْ فَارَقْتَ الْأَحْبَابَ وَ سَكَنْتَ التُّرَابَ وَ وَاجَهْتَ الْحِسَابَ غَنِیّاً عَمَّا خَلَّفْتَ فَقِیراً إِلَی مَا قَدَّمْتَ وَ السَّلَامُ (1) قَالُوا فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَیَّ وَ وَ اللَّهِ لَأَنْ أَلْقَی اللَّهَ قَدِ احْتَوَیْتُ عَلَی كُنُوزِ الْأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ ذَهَبِهَا وَ عِقْیَانِهَا وَ لُجَیْنِهَا أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ بِدَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ السَّلَامُ.

أقول: قد أثبتنا فی باب علة قعوده و قیامه علیه السلام من كتاب الفتن كفر الأشعث بن قیس و فی باب سلونی كفر ابن الكواء و غیره و فی باب احتجاجات الحسن علیه السلام علی معاویة و أصحابه حال جماعة و كذا فی باب احتجاج الحسین علیه السلام علی معاویة مدح حجر بن عدی و عمرو بن الحمق و فی باب احتجاجات الباقر علیه السلام و أبواب أحوال الخوارج ذم نافع و غیره و فی باب أحوال الصحابة و باب أحوال السلمان و باب فضائله مدح جماعة من أصحابه علیه السلام و ذم جماعة و فی باب عبادته علیه السلام مدح أبی الدرداء و فی جواب أسئلة الیهودی المشتمل علی خصال الأوصیاء حال جماعة و فی باب إخباره بالمغیبات و باب علمه علیه السلام كفر عمرو بن حریث و كذا فی باب أنهم المتوسمون و فی باب حبهم علیهم السلام مدح الحارث الأعور و كذا فی باب ما ینفع حبهم فیه من المواطن و فی باب غصب الخلافة ذم ابن عباس و أیضا فی باب الإخبار بالمغیبات كفر الأشعث و كذا فی باب جوامع مكارمه علیه السلام و فی باب أحوال أولاده علیه السلام مكاتبة ابن الحنفیة و ابن عباس و فی باب إخباره بالمغیبات أحوال كثیر منهم و قد أوردنا بابا آخر فی كتاب الفتن و یتضمن أحوال أصحابه صلوات اللّٰه علیه مفصلا.

ص: 185


1- 1. شرح النهج 4: 88.

باب 125 النوادر

«1»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرَّیَّانِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَجُلًا مِنْ شِیعَتِهِ بَعْدَ عَهْدٍ طَوِیلٍ وَ قَدْ أَثَّرَ السِّنُّ فِیهِ وَ كَانَ یَتَجَلَّدُ فِی مَشْیِهِ فَقَالَ علیه السلام كَبِرَ سِنُّكَ یَا رَجُلُ قَالَ فِی طَاعَتِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- فَقَالَ علیه السلام إِنَّكَ لَتَتَجَلَّدُ قَالَ عَلَی أَعْدَائِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام أَجِدُ فِیكَ بَقِیَّةً قَالَ هِیَ لَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ (1).

«2»- لی، [الأمالی] للصدوق ابْنُ مُوسَی عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ الْفَزَارِیِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِی نُوَیْرَةَ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنْ قَرَنٍ أَبِی سُلَیْمَانَ الضَّبِّیِّ قَالَ: أَرْسَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی لَبِیدٍ الْعُطَارِدِیِّ بَعْضَ شُرَطِهِ فَمَرُّوا بِهِ عَلَی مَسْجِدِ سَمَّاكٍ فَقَامَ إِلَیْهِ نُعَیْمُ بْنُ دَجَاجَةَ الْأَسَدِیُّ فَحَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهُ فَأَرْسَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی نُعَیْمٍ فَجِی ءَ بِهِ قَالَ فَرَفَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام شَیْئاً لِیَضْرِبَهُ فَقَالَ نُعَیْمٌ وَ اللَّهِ إِنَّ صُحْبَتَكَ لَذُلٌّ وَ إِنَّ خِلَافَكَ لَكُفْرٌ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ تَعْلَمُ ذَاكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ خَلُّوهُ (2).

«3»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُوسَی بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ هَمَّامٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنِی فِی الْأَمْرِ فَأَكُونُ (3) فِیهَا كَالسِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ أَمِ الشَّاهِدَ یَرَی مَا لَا یَرَی الْغَائِبُ قَالَ بَلِ الشَّاهِدَ یَرَی مَا لَا یَرَی الْغَائِبُ (4).

ص: 186


1- 1. عیون الأخبار: 167 و 168. أمالی الصدوق: 107.
2- 2. أمالی الصدوق: 219.
3- 3. فی المصدر: أ فأكون.
4- 4. أمالی الشیخ: 215.

«4»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی بْنِ الْعَوَّادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السَّدُوسِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَوْنِ بْنِ أَبِی حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِیهِ أَبِی الْأَسْوَدِ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَنْ سُؤَالٍ فَبَادَرَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَیْنَ السَّائِلُ فَقَالَ الرَّجُلُ هَا أَنَا(1) یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ مَا مَسْأَلَتُكَ قَالَ كَیْتَ وَ كَیْتَ فَأَجَابَهُ عَنْ سُؤَالِهِ فَقِیلَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كُنَّا عَهِدْنَاكَ إِذَا سُئِلْتَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ كُنْتَ فِیهَا كَالسِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ جَوَاباً فَمَا بَالُكَ أَبْطَأْتَ الْیَوْمَ عَنْ جَوَابِ هَذَا الرَّجُلِ حَتَّی دَخَلْتَ الْحُجْرَةَ ثُمَّ خَرَجْتَ فَأَجَبْتَهُ فَقَالَ كُنْتُ حَاقِناً وَ لَا رَأْیَ لِثَلَاثَةٍ لَا رَأْیَ لِحَاقِنٍ وَ لَا حَاذٍق ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:

إِذَا الْمُشْكِلَاتُ تَصَدَّیْنَ لِی***كَشَفْتُ حَقَائِقَهَا بِالنَّظَرِ

وَ إِنْ بَرِقَتْ فِی مَخِیلِ الصَّوَابِ***عَمْیَاءَ لَا یَجْتَلِیهَا الْبَصَرُ

تَتَبَّعْتُهُ بِعُیُونِ الْأُمُورِ***وَضَعْتُ عَلَیْهَا صَحِیحَ النَّظَرِ(2)

لِسَاناً كَشَفْتُ بِهِ الْأَرْحَبِیَ***أَوْ كَالْحُسَامِ الْبَتَارِ الذَّكَرِ

وَ قَلْباً إِذَا اسْتَنْطَقَتْهُ الْهُمُومُ***أُرَبَّی عَلَیْهَا بِوَاهِی الدُّرَرِ

وَ لَسْتُ بِإِمَّعَةٍ فِی الرِّجَالِ***أُسَائِلُ هَذَا وَ ذَا مَا الْخَبَرُ

وَ لَكِنَّنِی مُذْرَبُ الْأَصْغَرَیْنِ***أُبِینُ مَعَ مَا مَضَی مَا غَبَرَ (3).

بیان: قد مر شرحه فی كتاب العلم (4).

«5»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ أَعْرَابِیّاً أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ فِی الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَظْلُومٌ قَالَ ادْنُ مِنِّی فَدَنَا حَتَّی وَضَعَ یَدَیْهِ عَلَی رُكْبَتَیْهِ قَالَ مَا ظُلَامَتُكَ فَشَكَا ظُلَامَتَهُ فَقَالَ یَا أَعْرَابِیُّ أَنَا أَعْظَمُ ظُلَامَةً مِنْكَ ظَلَمَنِی الْمَدَرُ وَ الْوَبَرُ وَ لَمْ

ص: 187


1- 1. فی المصدر: ها أنا ذا.
2- 2. فی المصدر: تتبعتها بعیون الأمور***وضعت علیها صحیح الفكر.
3- 3. أمالی الشیخ: 327 و 328.
4- 4. راجع الجزء الثانی من الطبعة الحدیثة ص 60- 62.

یَبْقَ بَیْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا وَ قَدْ دَخَلَتْ مَظْلِمَتِی عَلَیْهِمْ وَ مَا زِلْتُ مَظْلُوماً حَتَّی قَعَدْتُ مَقْعَدِی هَذَا إِنْ كَانَ عَقِیلُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ یَوْمَهُ لَیَرْمَدُ فَمَا یَدَعَهُمْ یَذُرُّونَهُ (1) حَتَّی یَأْتُونِّی فَأُذَرَّ وَ مَا بِعَیْنِی رَمَدٌ ثُمَّ كَتَبَ لَهُ بِظُلَامَتِهِ وَ رَحَلَ فَهَاجَ النَّاسُ وَ قَالُوا قَدْ طَعَنَ عَلَی الرَّجُلَیْنِ فَدَخَلَ عَلَیْهِ الْحَسَنُ علیه السلام فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ مَا شَرِبَ قُلُوبُ النَّاسِ مِنْ حُبِّ هَذَیْنِ فَخَرَجَ فَقَالَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ فَإِذَا سَمِعْتُمُونِی أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ كَذِبَةً وَ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ غَیْرَ ذَلِكَ فَقَامَ رَجُلٌ یُسَاوِی بِرَأْسِهِ رُمَّانَةَ الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنَّا بِرَاءٌ مِنَ الِاثْنَیْنِ وَ الثَّلَاثَةِ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ بَقَرْتَ الْعِلْمَ فِی غَیْرِ إِبَّانِهِ لَتُبْقَرَنَّ كَمَا بَقَرْتَهُ فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ سُمَیَّةَ أَخَذَهُ فَشَقَّ بَطْنَهُ وَ حَشَا فَوْقَهُ حِجَارَةً وَ صَلَبَهُ (2).

«6»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ كَئِیبٍ حَزِینٍ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا لَكَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أُصِبْتُ بِأَبِی وَ أَخِی وَ أَخْشَی أَنْ أَكُونَ قَدْ وَجِلْتُ (3) فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَیْكَ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الصَّبْرِ تَقْدَمُ عَلَیْهِ غَداً وَ الصَّبْرُ فِی الْأُمُورِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ فَإِذَا فَارَقَ الرَّأْسُ الْجَسَدَ فَسَدَ الْجَسَدُ وَ إِذَا فَارَقَ الصَّبْرُ الْأُمُورَ فَسَدَتِ الْأُمُورُ(4).

«7»- كا، [الكافی] الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّی عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: اجْتَمَعَ عِیدَانِ عَلَی عَهْدِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ هَذَا یَوْمٌ اجْتَمَعَ فِیهِ عِیدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ یُجَمِّعَ مَعَنَا فَلْیَفْعَلْ وَ مَنْ

ص: 188


1- 1. أی یصبون فی عینه الدواء.
2- 2. لم نجده فی المصدر المطبوع.
3- 3. أی انی اخاف أن ینشق مرارتی لاجل المصیبة الواردة علی.
4- 4. أصول الكافی( الجزء الثانی من الطبعة الحدیثة): 90.

لَمْ یَفْعَلْ فَإِنَّ لَهُ رُخْصَةً(1).

«8»- ختص، [الإختصاص] رُوِیَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ قَاعِداً فِی الْمَسْجِدِ وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ حَدِّثْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- فَقَالَ لَهُمْ وَیْحَكُمْ إِنَّ كَلَامِی صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا یَعْقِلُهُ إِلَّا الْعَالِمُونَ قَالُوا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُحَدِّثَنَا قَالَ قُومُوا بِنَا فَدَخَلَ الدَّارَ فَقَالَ أَنَا الَّذِی عَلَوْتُ فَقَهَرْتُ أَنَا الَّذِی أُحْیِی وَ أُمِیتُ أَنَا الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ فَغَضِبُوا وَ قَالُوا كَفَرَ وَ قَامُوا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِلْبَابِ یَا بَابُ اسْتَمْسِكْ عَلَیْهِمْ فَاسْتَمْسَكَ عَلَیْهِمُ الْبَابُ فَقَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّ كَلَامِی صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا یَعْقِلُهُ إِلَّا الْعَالِمُونَ تَعَالَوْا أُفَسِّرْ لَكُمْ أَمَّا قَوْلِی أَنَا الَّذِی عَلَوْتُ فَقَهَرْتُ فَأَنَا الَّذِی عَلَوْتُكُمْ بِهَذَا السَّیْفِ فَقَهَرْتُكُمْ حَتَّی آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَمَّا قَوْلِی أَنَا أُحْیِی وَ أُمِیتُ فَأَنَا أُحْیِی السُّنَّةَ وَ أُمِیتُ الْبِدْعَةَ وَ أَمَّا قَوْلِی أَنَا الْأَوَّلُ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ أَسْلَمَ وَ أَمَّا قَوْلِی أَنَا الْآخِرُ فَأَنَا آخِرُ مَنْ سَجَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثَوْبَهُ وَ دَفَنَهُ وَ أَمَّا قَوْلِی أَنَا الظَّاهِرُ وَ الْبَاطِنُ فَأَنَا عِنْدِی عِلْمُ الظَّاهِرِ وَ الْبَاطِنِ قَالُوا فَرَّجْتَ عَنَّا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ. (2)

ص: 189


1- 1. فروع الكافی( الجزء الثالث من الطبعة الحدیثة): 461.
2- 2. الاختصاص: 163.

أبواب وفاته صلوات اللّٰه علیه

باب 126 إخبار الرسول صلی اللّٰه علیه و آله بشهادته و إخباره صلوات اللّٰه علیه بشهادة نفسه

أقول: قد مضی فی خطبته علیه السلام: عند وصول خبر الأنبار إلیه أما و اللّٰه لوددت أن ربی قد أخرجنی من بین أظهركم إلی رضوانه و إن المنیة لترصدنی فما یمنع أشقاها أن یخضبها و ترك یده علی رأسه و لحیته عهدا عهده إلی النبی الأمی وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری و نجا من اتقی وَ صَدَّقَ بِالْحُسْنی.

«1»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] لی، [الأمالی] للصدوق الطَّالَقَانِیُّ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضَّالِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: فِی خُطْبَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ علیه السلام فَقُمْتُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِی هَذَا الشَّهْرِ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِی هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ بَكَی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا یُبْكِیكَ فَقَالَ یَا عَلِیُّ أَبْكِی لِمَا یُسْتَحَلُّ مِنْكَ فِی هَذَا الشَّهْرِ كَأَنِّی بِكَ وَ أَنْتَ تُصَلِّی لِرَبِّكَ وَ قَدِ انْبَعَثَ أَشْقَی الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ شَقِیقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ فَضَرَبَكَ ضَرْبَةً عَلَی قَرْنِكَ فَخَضَبَ مِنْهَا لِحْیَتَكَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ ذَلِكَ فِی سَلَامَةٍ مِنْ دِینِی فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَلَامَةٍ مِنْ دِینِكَ ثُمَّ قَالَ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ مَنْ قَتَلَكَ فَقَدْ قَتَلَنِی وَ مَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ مَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِی لِأَنَّكَ مِنِّی كَنَفْسِی رُوحُكَ مِنْ رُوحِی وَ طِینَتُكَ مِنْ طِینَتِی إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی خَلَقَنِی وَ إِیَّاكَ وَ اصْطَفَانِی وَ إِیَّاكَ وَ اخْتَارَنِی لِلنُّبُوَّةِ وَ اخْتَارَكَ

ص: 190

لِلْإِمَامَةِ فَمَنْ أَنْكَرَ إِمَامَتَكَ فَقَدْ أَنْكَرَ نُبُوَّتِی یَا عَلِیُّ أَنْتَ وَصِیِّی وَ أَبُو وُلْدِی وَ زَوْجُ ابْنَتِی وَ خَلِیفَتِی عَلَی أُمَّتِی فِی حَیَاتِی وَ بَعْدَ مَوْتِی أَمْرُكَ أَمْرِی وَ نَهْیُكَ نَهْیِی أُقْسِمُ بِالَّذِی بَعَثَنِی بِالنُّبُوَّةِ وَ جَعَلَنِی خَیْرَ الْبَرِیَّةِ إِنَّكَ لَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ أَمِینُهُ عَلَی سِرِّهِ وَ خَلِیفَتُهُ عَلَی عِبَادِهِ (1).

«2»- ن، [عیون أخبار الرضا علیه السلام] أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِینٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام(2) قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْیَهُودِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْیَاءَ إِلَی أَنْ قَالَ كَمْ یَعِیشُ وَصِیُّ نَبِیِّكُمْ بَعْدَهُ قَالَ ثَلَاثِینَ سَنَةً قَالَ ثُمَّ مَهْ یَمُوتُ أَوْ یُقْتَلُ قَالَ یُقْتَلُ یُضْرَبُ (3) عَلَی قَرْنِهِ فَتُخْضَبُ لِحْیَتُهُ قَالَ صَدَقْتَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَبِخَطِّ هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَی علیه السلام الْخَبَرَ(4).

«3»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: خَطَبَ النَّاسَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ فَقَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ الْحَقَّ قَدْ غَلَبَهُ الْبَاطِلُ وَ لَیُغْلَبَنَّ الْبَاطِلُ عَمَّا قَلِیلٍ أَیْنَ أَشْقَاكُمْ أَوْ قَالَ شَقِیُّكُمْ شَكَّ أَبِی هَذَا فَوَ اللَّهِ لَیَضْرِبَنَّ هَذِهِ فَلَیَخْضِبَنَّهَا مِنْ هَذِهِ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی هَامَتِهِ وَ لِحْیَتِهِ (5).

«4»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی أَبُو عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ (6) عَنْ هُبَیْرَةَ ابْنِ مَرْیَمَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَقُولُ وَ مَسَحَ لِحْیَتَهُ مَا یَحْبِسُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَهَا عَنْ أَعْلَاهَا بِدَمٍ (7).

«5»- ل، [الخصال]: فِی خَبَرِ الْیَهُودِیِّ الَّذِی سَأَلَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَمَّا فِیهِ مِنْ خِصَالِ الْأَوْصِیَاءِ قَالَ علیه السلام قَدْ وَفَیْتُ سَبْعاً وَ سَبْعاً یَا أَخَا الْیَهُودِ وَ بَقِیَتِ الْأُخْرَی وَ أُوشِكُ

ص: 191


1- 1. عیون الأخبار: 163- 165. أمالی الصدوق: 57 و 58.
2- 2. فی المصدر: عن جعفر بن محمّد.
3- 3.«: و یضرب.
4- 4. عیون الأخبار: 31 و 32.
5- 5. أمالی الشیخ: 232.
6- 6. فی المصدر: ابن إسحاق.
7- 7. أمالی الشیخ: 167.

بِهَا فَكَأَنْ قَدْ فَبَكَی أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ بَكَی رَأْسُ الْیَهُودِ وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنَا بِالْأُخْرَی فَقَالَ الْأُخْرَی أَنْ تُخْضَبَ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی لِحْیَتِهِ مِنْ هَذِهِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی هَامَتِهِ قَالَ وَ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ النَّاسِ فِی الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالضَّجَّةِ وَ الْبُكَاءِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ بِالْكُوفَةِ دَارٌ إِلَّا خَرَجَ أَهْلُهَا فُزَّعاً وَ أَسْلَمَ رَأْسُ الْیَهُودِ عَلَی یَدَیْ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ سَاعَتِهِ وَ لَمْ یَزَلْ مُقِیماً حَتَّی قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أُخِذَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَأَقْبَلَ رَأْسُ الْیَهُودِ حَتَّی وَقَفَ عَلَی الْحَسَنِ علیه السلام وَ النَّاسُ حَوْلَهُ وَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ اقْتُلْهُ قَتَلَهُ اللَّهُ فَإِنِّی رَأَیْتُ فِی الْكُتُبِ الَّتِی أُنْزِلَتْ عَلَی مُوسَی علیه السلام أَنَّ هَذَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُرْماً مِنِ ابْنِ آدَمَ قَاتِلِ أَخِیهِ وَ مِنَ الْغَدَّارِ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ(1).

«6»- شا، [الإرشاد] عَلِیُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الطَّرِیقِیُّ عَنْ أَبِی الْفَضْلِ الْعَبْدِیِّ عَنْ مَطَرٍ(2) عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قَالَ: جَمَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام النَّاسَ لِلْبَیْعَةِ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیُّ لَعَنَهُ اللَّهُ فَرَدَّهُ مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً ثُمَّ بَایَعَهُ فَقَالَ عِنْدَ بَیْعَتِهِ لَهُ مَا یَحْبِسُ أَشْقَاهَا فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی لِحْیَتِهِ وَ رَأْسِهِ فَلَمَّا أَدْبَرَ ابْنُ مُلْجَمٍ مُنْصَرِفاً عَنْهُ قَالَ علیه السلام مُتَمَثِّلًا

اشْدُدْ حَیَازِیمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَاقِیكَ***وَ لَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ إِذَا حَلَّ بِوَادِیكَ

كَمَا أَضْحَكَكَ الدَّهْرُ كَذَاكَ الدَّهْرُ یُبْكِیكَ(3).

«7»- شا، [الإرشاد] ابْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: أَتَی ابْنُ مُلْجَمٍ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَبَایَعَهُ فِیمَنْ بَایَعَ ثُمَّ أَدْبَرَ عَنْهُ فَدَعَاهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَتَوَثَّقَ مِنْهُ وَ تَوَكَّدَ عَلَیْهِ أَنْ لَا یَغْدِرَ وَ لَا یَنْكُثَ فَفَعَلَ ثُمَّ أَدْبَرَ عَنْهُ فَدَعَاهُ الثَّانِیَةَ فَتَوَثَّقَ مِنْهُ وَ تَوَكَّدَ عَلَیْهِ أَنْ لَا یَغْدِرَ وَ لَا یَنْكُثَ فَفَعَلَ ثُمَّ أَدْبَرَ عَنْهُ فَدَعَاهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ الثَّالِثَةَ فَتَوَثَّقَ مِنْهُ وَ تَوَكَّدَ عَلَیْهِ أَنْ لَا یَغْدِرَ وَ لَا یَنْكُثَ فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ اللَّهِ

ص: 192


1- 1. الخصال 2: 24 و 25.
2- 2. فی المصدر: عن فطر.
3- 3. الإرشاد: 6.

یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا رَأَیْتُكَ فَعَلْتَ هَذَا بِأَحَدٍ غَیْرِی فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:

أُرِیدُ حِبَاءَهُ وَ یُرِیدُ قَتْلِی***عَذِیرَكَ مِنْ خَلِیلِكَ مِنْ مُرَادٍ(1)

امْضِ یَا ابْنَ مُلْجَمٍ فَوَ اللَّهِ مَا أَرَی أَنْ تَفِیَ بِمَا قُلْتَ (2).

«8»- شا، [الإرشاد] رَوَی أَبُو زَیْدٍ الْأَحْوَلُ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ أَشْیَاخِ كِنْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِینَ مَرَّةً یَقُولُونَ سَمِعْنَا عَلِیّاً علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ یَقُولُ مَا یَمْنَعُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَهَا مِنْ فَوْقِهَا بِدَمٍ وَ یَضَعُ یَدَهُ عَلَی لِحْیَتِهِ (3).

«9»- شا، [الإرشاد] رَوَی عَلِیُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: خَطَبَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الشَّهْرِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ فَقَالَ أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ هُوَ سَیِّدُ الشُّهُورِ وَ أَوَّلُ السَّنَةِ وَ فِیهِ تَدُورُ رَحَی السُّلْطَانِ (4) أَلَا وَ إِنَّكُمْ حَاجُّوا الْعَامِ صَفّاً وَاحِداً وَ آیَةُ ذَلِكَ أَنِّی لَسْتُ فِیكُمْ قَالَ فَهُوَ یَنْعَی نَفْسَهُ وَ نَحْنُ لَا نَدْرِی (5).

«10»- كشف، [كشف الغمة] وَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوارِزْمِیِّ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی سِنَانٍ الدُّؤَلِیِّ: أَنَّهُ عَادَ عَلِیّاً فِی شَكْوَی اشْتَكَاهَا قَالَ فَقُلْتُ لَهُ تُخَوِّفُنَا عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی شَكْوَاكَ هَذِهِ فَقَالَ لَكِنِّی وَ اللَّهِ مَا تَخَوَّفْتُ عَلَی نَفْسِی لِأَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الصَّادِقَ الْمُصَدَّقَ یَقُولُ إِنَّكَ سَتُضْرَبُ ضَرْبَةً هَاهُنَا وَ أَشَارَ إِلَی صُدْغَیْهِ فَیَسِیلُ دَمُهَا حَتَّی یَخْضِبَ لِحْیَتَكَ وَ یَكُونُ صَاحِبُهَا أَشْقَاهَا كَمَا كَانَ عَاقِرُ النَّاقَةِ أَشْقَی ثَمُودَ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: إِنِّی لَشَاهِدٌ لِعَلِیٍّ وَ قَدْ أَتَاهُ الْمُرَادِیُّ یَسْتَحْمِلُهُ فَحَمَلَهُ ثُمَّ قَالَ شِعْرٌ :

عَذِیرِی مِنْ خَلِیلِی مِنْ مُرَادٍ***أُرِیدُ حِبَاءَهُ وَ یُرِیدُ قَتْلِی

ص: 193


1- 1. قال الزمخشریّ فی اساس البلاغة ص 295 بعد نقل البیت و نسبته إلی عمرو بن معدی كرب: معناه هلم من یعذرك منه إن اوقعت به یعنی أنّه أهل للایقاع به فان أوقعت به كنت معذورا.
2- 2. الإرشاد: 6.
3- 3. الإرشاد: 7.
4- 4. فی المصدر: الشیطان خ ل.
5- 5. الإرشاد: 7.

كَذَا أَوْرَدَهُ فَخْرُ خُوارِزْمَ وَ الَّذِی نَعْرِفُهُ أُرِیدُ حِبَاءَهُ وَ یُرِیدُ قَتْلِی عَذِیرِی الْبَیْتَ.

ثُمَّ قَالَ هَذَا وَ اللَّهِ قَاتِلِی قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ فَلَا تَقْتُلُهُ قَالَ لَا فَمَنْ یَقْتُلُنِی إِذاً ثُمَّ قَالَ شِعْرٌ:

اشْدُدْ حَیَازِیمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَاقِیكَ***وَ لَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ إِذَا حَلَّ بِنَادِیكَ (1).

بیان: قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام أنه قال و هو ینظر إلی ابن ملجم عذیرك من خلیلك من مراد یقال عذیرك من فلان بالنصب أی هات من یعذرك فیه فعیل بمعنی فاعل (2) و قال فی حدیث علی علیه السلام اشدد حیازیمك للموت فإن الموت لاقیك الحیازیم جمع الحیزوم و هو الصدر و قیل وسطه و هذا الكلام كنایة عن التشمر للأمر و الاستعداد له (3).

«11»- كنز، [كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة] أَبُو طَاهِرٍ الْمُقَلَّدُ بْنُ غَالِبٍ عَنْ رِجَالِهِ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَّصِلِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام: وَ هُوَ سَاجِدٌ یَبْكِی حَتَّی عَلَا نَحِیبُهُ وَ ارْتَفَعَ صَوْتُهُ بِالْبُكَاءِ فَقُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ أَمْرَضَنَا بُكَاؤُكَ وَ أَمَضَّنَا وَ شَجَانَا(4) وَ مَا رَأَیْنَاكَ قَدْ فَعَلْتَ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ قَطُّ فَقَالَ كُنْتُ سَاجِداً أَدْعُو رَبِّی بِدُعَاءِ الْخَیْرَاتِ فِی سَجْدَتِی فَغَلَبَنِی عَیْنِی فَرَأَیْتُ رُؤْیَا هَالَتْنِی وَ فَظَعَتْنِی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَائِماً وَ هُوَ یَقُولُ یَا أَبَا الْحَسَنِ طَالَتْ غَیْبَتُكَ فَقَدِ اشْتَقْتُ إِلَی رُؤْیَاكَ وَ قَدْ أَنْجَزَ لِی رَبِّی مَا وَعَدَنِی فِیكَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الَّذِی أَنْجَزَ لَكَ فِیَّ قَالَ أَنْجَزَ لِی فِیكَ وَ فِی زَوْجَتِكَ وَ ابْنَیْكَ وَ ذُرِّیَّتِكَ فِی الدَّرَجَاتِ الْعُلَی فِی عِلِّیِّینَ قُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ فَشِیعَتُنَا قَالَ

ص: 194


1- 1. كشف الغمّة: 128- 130.
2- 2. النهایة 3: 76.
3- 3.« 1: 274. و فیه: التشمیر.
4- 4. أمضه الامر: أحرقه و شق علیه. شجا الرجل: أحرقه.

شِیعَتُنَا مَعَنَا وَ قُصُورُهُمْ بِحِذَاءِ قُصُورِنَا وَ مَنَازِلُهُمْ مُقَابِلُ مَنَازِلِنَا قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا لِشِیعَتِنَا فِی الدُّنْیَا قَالَ الْأَمْنُ وَ الْعَافِیَةُ قُلْتُ فَمَا لَهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ یُحَكَّمُ الرَّجُلُ فِی نَفْسِهِ وَ یُؤْمَرُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِطَاعَتِهِ قُلْتُ فَمَا لِذَلِكَ حَدٌّ یُعْرَفُ قَالَ بَلَی إِنَّ أَشَدَّ شِیعَتِنَا لَنَا حُبّاً یَكُونُ خُرُوجُ نَفْسِهِ كَشَرَابِ أَحَدِكُمْ فِی یَوْمِ الصَّیْفِ الْمَاءَ الْبَارِدَ الَّذِی یَنْتَقِعُ (1) بِهِ الْقُلُوبُ وَ إِنَّ سَائِرَهُمْ لَیَمُوتُ كَمَا یُغْبَطُ أَحَدُكُمْ عَلَی فِرَاشِهِ كَأَقَرِّ مَا كَانَتْ عَیْنُهُ بِمَوْتِهِ (2).

«12»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب رُوِیَ: أَنَّهُ جَرَحَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ رَأْسَ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ الْخَنْدَقِ- فَجَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَشَدَّهُ وَ نَفَثَ فِیهِ فَبَرَأَ وَ قَالَ أَیْنَ أَكُونُ إِذَا خُضِبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ (3).

«13»- د، [العدد القویة] فِی كِتَابِ تَذْكِرَةِ الْخَوَاصِّ لِیُوسُفَ الْجَوْزِیِّ قَالَ أَحْمَدُ فِی الْفَضَائِلِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا عَلِیُّ أَ تَدْرِی مَنْ أَشْقَی الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مَنْ یَخْضِبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ یَعْنِی لِحْیَتَهُ مِنْ هَامَتِهِ.

قَالَ الزُّهْرِیُّ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَسْتَبْطِئُ الْقَاتِلَ فَیَقُولُ مَتَی یُبْعَثُ أَشْقَاهَا وَ قَالَ قَدِمَ وَفْدٌ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِیهِمْ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ الْجَعْدُ بْنُ نَعْجَةَ فَقَالَ لَهُ یَا عَلِیُّ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ فَقَالَ لَهُ بَلْ أَنَا مَقْتُولٌ بِضَرْبَةٍ عَلَی هَذَا فَتُخْضَبُ هَذِهِ یَعْنِی لِحْیَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ عَهْدٌ مَعْهُودٌ وَ قَضَاءٌ مَقْضِیٌ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری.

وَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَبِی فَضَالَةَ الْأَنْصَارِیِّ وَ كَانَ أَبُو فَضَالَةَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قُتِلَ بِصِفِّینَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ فَضَالَةُ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِی فَضَالَةَ عَائِداً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ مَرَضٍ أَصَابَهُ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ أَبِی مَا یُقِیمُكَ هَاهُنَا بَیْنَ أَعْرَابِ جُهَیْنَةَ تُحْمَلُ إِلَی الْمَدِینَةِ فَإِنْ أَصَابَكَ أَجَلُكَ وَلِیَكَ أَصْحَابُكَ وَ صَلُّوا

ص: 195


1- 1. ینتفع خ ل.
2- 2. مخطوط. و فی( ك): كما قرت عینه ما كانت عنه بموته. لكنه مصحف.
3- 3. لم نظفر به فی المصدر.

عَلَیْكَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهِدَ إِلَیَّ أَنْ لَا أَمُوتَ حَتَّی تُخْضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ أَیْ لِحْیَتُهُ مِنْ هَامَتِهِ.

وَ ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ فِی الطَّبَقَاتِ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا جَاءَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ طَلَبَ مِنْهُ الْبَیْعَةَ طَلَبَ مِنْهُ فَرَساً أَشْقَرَ فَحَمَلَهُ عَلَیْهِ فَرَكِبَهُ فَأَنْشَدَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أُرِیدُ حِبَاءَهُ الْبَیْتَ.

وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام: مَا یَحْبِسُ أَشْقَاكُمْ أَنْ یَجِی ءَ فَیَقْتُلَنِی اللَّهُمَّ إِنِّی قَدْ سَئِمْتُهُمْ وَ سَئِمُونِی فَأَرِحْهُمْ مِنِّی وَ أَرِحْنِی مِنْهُمْ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- أَخْبِرْنَا بِالَّذِی یَخْضِبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ نُبِیدُ عَشِیرَتَهُ فَقَالَ إِذاً وَ اللَّهِ تَقْتُلُونَ بِی غَیْرَ قَاتِلِی (1).

«14»- یر، [بصائر الدرجات] أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَی عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مَهْزِیَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی وَفْدِ مِصْرَ الَّذِی أَوْفَدَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ مَعَهُ كِتَابُ الْوَفْدِ قَالَ فَلَمَّا مَرَّ بِاسْمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ قَالَ أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَعَنَ اللَّهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ- أَمَا وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی لَأُحِبُّكَ قَالَ كَذَبْتَ وَ اللَّهِ مَا تُحِبُّنِی ثَلَاثاً قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَحْلِفُ ثَلَاثَةَ أَیْمَانٍ أَنِّی أُحِبُّكَ وَ تَحْلِفُ ثَلَاثَةَ أَیْمَانٍ أَنِّی لَا أُحِبُّكَ قَالَ وَیْلَكَ أَوْ وَیْحَكَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ(2) بِأَلْفَیْ عَامٍ فَأَسْكَنَهَا الْهَوَاءَ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا هُنَالِكَ ائْتَلَفَ فِی الدُّنْیَا وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا هُنَاكَ اخْتَلَفَ فِی الدُّنْیَا وَ إِنَّ رُوحِی لَا تَعْرِفُ رُوحَكَ قَالَ فَلَمَّا وَلَّی قَالَ إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَی قَاتِلِی فَانْظُرُوا إِلَی هَذَا قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَ وَ لَا تَقْتُلُهُ أَوْ قَالَ نَقْتُلُهُ فَقَالَ مَا أَعْجَبُ مِنْ هَذَا تَأْمُرُونِّی أَنْ أَقْتُلَ قَاتِلِی لَعَنَهُ اللَّهُ (3).

ص: 196


1- 1. تذكرة الخواص: 100 و 101.
2- 2. فی المصدر: قبل الأبدان.
3- 3. بصائر الدرجات: 24.

بیان: أقتل قاتلی أی من لم یقتلنی و سیقتلنی و الحاصل أن القصاص لا یجوز قبل الفعل أو المعنی أنه إذا كان فی علم اللّٰه أنه قاتلی فكیف أقدر علی قتله و إن كان من أسباب عدم القدرة عدم مشروعیة القصاص قبل الفعل و عدم صدور ما یخالف الشرع عنه علیه السلام و یرد علیه إشكالات لیس المقام موضع حلها.

«15»- یر، [بصائر الدرجات] أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ یَرْفَعُهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ: دَخَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْحَمَّامَ فَسَمِعَ صَوْتَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَدْ عَلَا فَقَالَ لَهُمَا مَا لَكُمَا فَدَاكُمَا أَبِی وَ أُمِّی فَقَالا اتَّبَعَكَ هَذَا الْفَاجِرُ فَظَنَنَّا أَنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَضُرَّكَ قَالَ دَعَاهُ وَ اللَّهِ مَا أُطْلَقُ إِلَّا لَهُ (1).

«16»- حة، [فرحة الغری] رَأَیْتُ فِی كِتَابٍ عَنْ حَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ طَحَّالٍ الْمِقْدَادِیِّ قَالَ رَوَی الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَضَ مَوَدَّتَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ- عَلَی السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ فَأَوَّلُ مَنْ أَجَابَ مِنْهَا السَّمَاءُ السَّابِعَةُ فَزَیَّنَهَا بِالْعَرْشِ وَ الْكُرْسِیِّ ثُمَّ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ فَزَیَّنَهَا بِالْبَیْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ السَّمَاءُ الدُّنْیَا فَزَیَّنَهَا بِالنُّجُومِ ثُمَّ أَرْضُ الْحِجَازِ فَشَرَّفَهَا بِالْبَیْتِ الْحَرَامِ ثُمَّ أَرْضُ الشَّامِ فَزَیَّنَهَا(2) بِبَیْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ أَرْضُ طَیْبَةَ فَشَرَّفَهَا بِقَبْرِی ثُمَّ أَرْضُ كُوفَانَ فَشَرَّفَهَا بِقَبْرِكَ یَا عَلِیُّ- فَقَالَ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أُقْبَرُ بِكُوفَانِ الْعِرَاقِ فَقَالَ نَعَمْ یَا عَلِیُّ تُقْبَرُ بِظَاهِرِهَا قَتْلًا بَیْنَ الْغَرِیَّیْنِ وَ الذَّكَوَاتِ الْبِیضِ یَقْتُلُكَ شَقِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَوَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً مَا عَاقِرُ نَاقَةِ صَالِحٍ عِنْدَ اللَّهِ بِأَعْظَمَ عِقَاباً مِنْهُ یَا عَلِیُّ یَنْصُرُكَ مِنَ الْعِرَاقِ مِائَةُ أَلْفِ سَیْفٍ (3).

«17»- یج، [الخرائج و الجرائح] مِنْ مُعْجِزَاتِهِ علیه السلام مَا رُوِیَ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَیْنَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ قَوْمٌ مِنْ مُرَادٍ وَ مَعَهُمُ ابْنُ مُلْجَمٍ قَالُوا:

ص: 197


1- 1. بصائر الدرجات: 140.
2- 2. فشرفها خ ل.
3- 3. فرحة الغریّ: 18 و 19.

یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ طَرَأَ عَلَیْنَا وَ لَا وَ اللَّهِ مَا جَاءَنَا زَائِراً وَ لَا مُنْتَجِعاً(1) وَ إِنَّا لَنَخَافُهُ عَلَیْكَ فَاشْدُدْ یَدَكَ بِهِ (2) فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام اجْلِسْ فَنَظَرَ فِی وَجْهِهِ طَوِیلًا ثُمَّ قَالَ أَ رَأَیْتَكَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَیْ ءٍ وَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ هَلْ أَنْتَ مُخْبِرِی عَنْهُ قَالَ نَعَمْ وَ حَلَّفَهُ عَلَیْهِ فَقَالَ أَ كُنْتَ تُرَاضِعُ الْغِلْمَانَ وَ تَقُومُ عَلَیْهِمْ فَكُنْتَ إِذَا جِئْتَ فَرَأَوْكَ مِنْ بَعِیدٍ قَالُوا قَدْ جَاءَنَا ابْنُ رَاعِیَةِ الْكِلَابِ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ مَرَرْتَ بِرَجُلٍ وَ قَدْ أَیْفَعْتَ فَنَظَرَ إِلَیْكَ وَ أَحَدَّ النَّظَرَ فَقَالَ أَشْقَی مِنْ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ قَالَ نَعَمْ قَالَ قَدْ أَخْبَرَتْكَ أُمُّكَ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِكَ فِی بَعْضِ حَیْضِهَا فَتَعْتَعَ هُنَیْهَةً ثُمَّ قَالَ نَعَمْ قَدْ حَدَّثَتْنِی بِذَلِكَ وَ لَوْ كُنْتُ كَاتِماً شَیْئاً لَكَتَمْتُكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام قُمْ فَقَامَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ قَاتِلَكَ شِبْهُ الْیَهُودِیِّ بَلْ هُوَ یَهُودِیٌّ.

وَ مِنْهَا مَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَایَاتُ مِنْ نَعْیِهِ نَفْسَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ أَنَّهُ یَخْرُجُ مِنَ الدُّنْیَا شَهِیداً مِنْ قَوْلِهِ: وَ اللَّهِ لَیَخْضِبَنَّهَا مِنْ فَوْقِهَا یُومِئُ إِلَی شَیْبَتِهِ مَا یَحْبِسُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَهَا بِدَمٍ وَ قَوْلُهُ أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ وَ فِیهِ تَدُورُ رَحَی السُّلْطَانِ أَلَا وَ إِنَّكُمْ حَاجُّوا الْعَامِ صَفّاً وَاحِداً وَ آیَةُ ذَلِكَ أَنِّی لَسْتُ فِیكُمْ وَ كَانَ یُفْطِرُ فِی هَذَا الشَّهْرِ لَیْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ وَ لَیْلَةً عِنْدَ الْحُسَیْنِ وَ لَیْلَةً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ زَوْجِ زَیْنَبَ بِنْتِهِ لِأَجْلِهَا لَا یَزِیدُ عَلَی ثَلَاثِ لُقَمٍ فَقِیلَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ یَأْتِینِی أَمْرُ اللَّهِ وَ أَنَا خَمِیصٌ إِنَّمَا هِیَ لَیْلَةٌ أَوْ لَیْلَتَانِ فَأُصِیبَ مِنَ اللَّیْلِ وَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَی الْمَسْجِدِ فِی لَیْلَةٍ ضَرَبَهُ الشَّقِیُّ فِی آخِرِهَا فَصَاحَ الْإِوَزُّ فِی وَجْهِهِ وَ طَرَدَهُنَّ النَّاسُ فَقَالَ دَعُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نَوَائِحُ (3).

بیان: تراضع الغلمان لعله من قولهم فلان یرضع الناس أی یسألهم و فی بعض النسخ تواضع بالواو من المواضعة بمعنی الموافقة فی الأمر و یقال:

ص: 198


1- 1. انتجع فلانا: أتاه طالبا معروفه.
2- 2. أی خذ البیعة منه.
3- 3. لم نجد الروایتین فی المصدر المطبوع.

تعتع فی الكلام أی تردد من حصر أو عی قوله و فیه تدور رحی السلطان لعل المراد انقضاء الدوران كنایة عن ذهاب ملكه علیه السلام أو هو كنایة عن تغیر الدولة و انقلاب أحوال الزمان و لا یبعد أن یكون فی الأصل الشیطان مكان السلطان و خمص البطن خلا.

و فی الدیوان المنسوب إلیه علیه السلام مخاطبا لابن ملجم لعنه اللّٰه.

ألا أیها المغرورفی القول و الوعد***و من حال عن رشد المسالك و القصد(1).

أقول: قد أثبتنا بعض الأخبار فی كتاب الفتن فی باب إخبار النبی صلی اللّٰه علیه و آله بمظلومیتهم علیهم السلام.

باب 127 كیفیة شهادته علیه السلام و وصیته و غسله و الصلاة علیه و دفنه

«1»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب: قُبِضَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَتِیلًا فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَقْتَ التَّنْوِیرِ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ لَیْلَةً مَضَیْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ- عَلَی یَدَیْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیِّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَدْ عَاوَنَهُ وَرْدَانُ بْنُ مُجَالِدٍ مِنْ تَیْمِ الرِّبَابِ وَ شَبِیبُ بْنُ بَجَرَةَ وَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ وَ قَطَامِ بِنْتُ الْأَخْضَرِ فَضَرَبَهُ سَیْفاً عَلَی رَأْسِهِ مَسْمُوماً فَبَقِیَ یَوْمَیْنِ إِلَی نَحْوِ الثُّلُثِ مِنَ اللَّیْلِ وَ لَهُ یَوْمَئِذٍ خَمْسٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً فِی قَوْلِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ قَالَتِ الْعَامَّةُ ثَلَاثٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً عَاشَ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ بِالْمَدِینَةِ عَشْرَ سِنِینَ وَ قَدْ كَانَ هَاجَرَ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَ عِشْرِینَ سَنَةً وَ ضَرَبَ بِالسَّیْفِ بَیْنَ یَدَیِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَ قَتَلَ الْأَبْطَالَ وَ هُوَ ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ قَلَعَ بَابَ خَیْبَرَ وَ لَهُ ثَمَانٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً وَ كَانَتْ مُدَّةَ إِمَامَتِهِ ثَلَاثُونَ سَنَةً

ص: 199


1- 1. الدیوان: 38. و لا یوجد هذه الفقرة فی غیر( ك) من النسخ.

مِنْهَا أَیَّامُ أَبِی بَكْرٍ سَنَتَانِ وَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ أَیَّامُ عُمَرَ تِسْعُ سِنِینَ وَ أَشْهُرٌ وَ أَیَّامٌ وَ عَنِ الْفِرْیَانِیِّ عَشْرُ سِنِینَ وَ ثَمَانِیَةُ أَشْهُرٍ وَ أَیَّامُ عُثْمَانَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ آتَاهُ اللَّهُ الْحَقَّ خَمْسَ سِنِینَ وَ أَشْهُراً وَ كَانَ علیه السلام أَمَرَ بِأَنْ یُخْفَی قَبْرُهُ لِمَا عَرَفَ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ عَدَاوَتِهِمْ فِیهِ إِلَی أَنْ أَظْهَرَهُ الصَّادِقُ علیه السلام ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ زَیْدٍ الْحَسَنِیَّ أَمَرَ بِعِمَارَةِ الْحَائِرِ بِكَرْبَلَاءَ وَ الْبِنَاءِ عَلَیْهِمَا وَ بَعْدَ ذَلِكَ زِیدَ فِیهِ وَ بَلَغَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ الْغَایَةَ فِی تَعْظِیمِهَا وَ الْأَوْقَافِ عَلَیْهِمَا(1).

«2»- د، [العدد القویة] فِی كِتَابِ الذَّخِیرَةِ: جُرِحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِتِسْعَ عَشْرَةَ لَیْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِینَ- وَ تُوُفِّیَ فِی لَیْلَةِ الثَّانِی وَ الْعِشْرِینَ مِنْهُ وَ فِی كِتَابٍ عَتِیقٍ لَیْلَةَ الْأَحَدِ لِسَبْعٍ بَقِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِینَ فِی مَوَالِیدِ الْأَئِمَّةِ لَیْلَةَ الْأَحَدِ لِتِسْعٍ بَقِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِی كِتَابِ أَسْمَاءِ حُجَجِ اللَّهِ قُبِضَ فِی إِحْدَی وَ عِشْرِینَ لَیْلَةً مِنْ رَمَضَانَ فِی عَامِ الْأَرْبَعِینَ وَ فِی تَارِیخِ الْمُفِیدِ فِی لَیْلَةِ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَفَاةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قِیلَ یَوْمَ الْإِثْنَیْنِ لِتِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ إِحْدَی وَ أَرْبَعِینَ- دُفِنَ بِالْغَرِیِّ وَ عُمُرُهُ ثَلَاثٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً كَانَ مُقَامُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ الْبِعْثَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مُشَارِكاً لَهُ فِی مِحَنِهِ كُلِّهَا مُحْتَمِلًا عَنْهُ أَثْقَالَهُ وَ عَشْرَ سِنِینَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِالْمَدِینَةِ یُكَافِحُ (2) عَنْهُ الْمُشْرِكِینَ وَ یُجَاهِدُ دُونَهُ الْكَافِرِینَ وَ یَقِیهِ بِنَفْسِهِ فَمَضَی صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ثَلَاثٌ وَ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَ كَانَتْ إِمَامَتَهُ علیه السلام ثَلَاثُونَ سَنَةً مِنْهَا أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ لِلتَّقِیَّةِ وَ الْمُدَارَاةِ وَ مِنْهَا خَمْسُ سِنِینَ وَ أَشْهُرٌ مُمْتَحَناً بِجِهَادِ الْمُنَافِقِینَ وَ قِیلَ مُدَّةُ وَلَایَتِهِ أَرْبَعُ سِنِینَ وَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَ قِیلَ عُمُرُهُ أَرْبَعٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً وَ أَرْبَعَةُ شُهُورٍ وَ عِشْرُونَ یَوْماً وَ قِیلَ قُتِلَ علیه السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ لِتِسْعٍ مَضَیْنَ مِنْهُ وَ قِیلَ لِتِسْعٍ بَقِینَ مِنْهُ لَیْلَةَ الْأَحَدِ سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ(3).

ص: 200


1- 1. مناقب آل أبی طالب 2: 78.
2- 2. أی یدافع.
3- 3. مخطوط.

«3»- كا، [الكافی]: قُتِلَ علیه السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ لِتِسْعٍ بَقِینَ مِنْهُ لَیْلَةَ الْأَحَدِ سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَ سِتِّینَ سَنَةً بَقِیَ بَعْدَ قَبْضِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثِینَ سَنَةً(1).

«4»- د، [العدد القویة]: اخْتُلِفَ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی اسْتُشْهِدَ فِیهَا أَحَدُهَا آخِرُ اللَّیْلَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صَبِیحَةَ الْجُمُعَةِ بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ- الثَّانِی لَیْلَةُ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ رَمَضَانَ فَبَقِیَ الْجُمُعَةَ ثُمَّ یَوْمَ السَّبْتِ وَ تُوُفِّیَ لَیْلَةَ الْأَحَدِ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَ الثَّالِثُ أَنَّهُ قُتِلَ فِی اللَّیْلَةِ السَّابِعَةِ وَ الْعِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ وَ هِیَ لَیْلَةُ الْقَدْرِ وَ فِیهَا عُرِجَ بِعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ علیهما السلام وَ فِیهَا تُوُفِّیَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ هَذَا أَشْهَرُ(2).

«5»- یب، [تهذیب الأحكام] الشَّیْخُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: الْغُسْلُ فِی سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْطِناً وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی أَنْ قَالَ وَ لَیْلَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ- وَ هِیَ اللَّیْلَةُ الَّتِی أُصِیبَ فِیهَا سَیِّدُ أَوْصِیَاءِ الْأَنْبِیَاءِ وَ فِیهَا رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ قُبِضَ مُوسَی علیه السلام الْخَبَرَ(3).

«6»- لی، [الأمالی] للصدوق أَبِی عَنِ السَّعْدَآبَادِیِّ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ حَبِیبِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَرَضِهِ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ فَحَلَّ عَنْ جِرَاحَتِهِ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا جَرَحَكَ هَذَا بِشَیْ ءٍ وَ مَا بِكَ مِنْ بَأْسٍ فَقَالَ لِی یَا حَبِیبُ أَنَا وَ اللَّهِ مُفَارِقُكُمْ السَّاعَةَ قَالَ فَبَكَیْتُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ بَكَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَ كَانَتْ قَاعِدَةً عِنْدَهُ فَقَالَ لَهَا مَا یُبْكِیكِ یَا بُنَیَّةِ فَقَالَتْ ذَكَرْتَ یَا أَبَتِ إِنَّكَ تُفَارِقُنَا السَّاعَةَ فَبَكَیْتُ فَقَالَ لَهَا یَا بُنَیَّةِ لَا تَبْكِیِنَّ فَوَ اللَّهِ لَوْ تَرَیْنَ مَا یَرَی أَبُوكِ مَا بَكَیْتِ

ص: 201


1- 1. أصول الكافی( الجزء الأول من الطبعة الحدیثة): 452.
2- 2. مخطوط.
3- 3. التهذیب 1: 32.

قَالَ حَبِیبٌ فَقُلْتُ لَهُ وَ مَا الَّذِی تَرَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَا حَبِیبُ أَرَی مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ وَ النَّبِیِّینَ بَعْضَهُمْ فِی أَثَرِ بَعْضٍ وُقُوفاً إِلَی أَنْ یَتَلَقَّوْنِی وَ هَذَا أَخِی مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَالِسٌ عِنْدِی یَقُولُ اقْدَمْ فَإِنَّ أَمَامَكَ خَیْرٌ لَكَ مِمَّا أَنْتَ فِیهِ قَالَ فَمَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّی تُوُفِّیَ علیه السلام فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَ أَصْبَحَ الْحَسَنُ علیه السلام قَامَ خَطِیباً عَلَی الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ قُتِلَ یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ مَاتَ أَبِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اللَّهِ لَا یَسْبِقُ أَبِی أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَوْصِیَاءِ إِلَی الْجَنَّةِ وَ لَا مَنْ یَكُونُ بَعْدَهُ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیَبْعَثُهُ فِی السَّرِیَّةِ فَیُقَاتِلُ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِهِ وَ مَا تَرَكَ صَفْرَاءَ وَ لَا بَیْضَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ كَانَ یَجْمَعُهَا لِیَشْتَرِیَ بِهَا خَادِماً لِأَهْلِهِ (1).

«7»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ الْإِسْكَافِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلَامَةَ الْغَنَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَامِرِیِّ عَنْ مَعْمَرٍ(2) عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنِ الْفُجَیْعِ الْعُقَیْلِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ وَالِدِیَ الْوَفَاةُ أَقْبَلَ یُوصِی فَقَالَ:

هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- أَخُو مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ صَاحِبُهُ أَوَّلُ وَصِیَّتِی أَنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُهُ وَ خِیَرَتُهُ اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ وَ ارْتَضَاهُ لِخِیَرَتِهِ وَ إِنَّ اللَّهَ بَاعِثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ وَ سَائِلُ النَّاسِ عَنْ أَعْمَالِهِمْ عَالِمٌ بِمَا فِی الصُّدُورِ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ یَا حَسَنُ وَ كَفَی بِكَ وَصِیّاً بِمَا أَوْصَانِی بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ یَا بُنَیَّ الْزَمْ بَیْتَكَ وَ ابْكِ عَلَی خَطِیئَتِكَ وَ لَا تَكُنِ الدُّنْیَا أَكْبَرَ هَمِّكَ وَ أُوصِیكَ یَا بُنَیَّ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ وَقْتِهَا وَ الزَّكَاةِ فِی أَهْلِهَا عِنْدَ مَحَلِّهَا وَ الصَّمْتِ

ص: 202


1- 1. أمالی الصدوق: 192.
2- 2. فی المصدرین: حدّثنا أبو معمر.

عِنْدَ الشُّبْهَةِ وَ الِاقْتِصَادِ وَ الْعَدْلِ فِی الرِّضَا وَ الْغَضَبِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ وَ إِكْرَامِ الضَّیْفِ وَ رَحْمَةِ الْمَجْهُودِ وَ أَصْحَابِ الْبَلَاءِ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ حُبِّ الْمَسَاكِینِ وَ مُجَالَسَتِهِمْ وَ التَّوَاضُعِ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ وَ قَصِّرِ الْأَمَلَ وَ اذْكُرِ الْمَوْتَ وَ ازْهَدْ فِی الدُّنْیَا فَإِنَّكَ رَهِینُ مَوْتٍ وَ غَرَضُ بَلَاءٍ وَ طَرِیحُ (1) سُقْمٍ وَ أُوصِیكَ بِخَشْیَةِ اللَّهِ فِی سِرِّ أَمْرِكَ وَ عَلَانِیَتِكَ وَ أَنْهَاكَ عَنِ التَّسَرُّعِ بِالْقَوْلِ وَ الْفِعْلِ وَ إِذَا عَرَضَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَابْدَأْ بِهِ وَ إِذَا عَرَضَ شَیْ ءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا فَتَأَنَّهُ حَتَّی تُصِیبَ رُشْدَكَ فِیهِ وَ إِیَّاكَ وَ مَوَاطِنَ التُّهَمَةِ وَ الْمَجْلِسَ الْمَظْنُونَ بِهِ السُّوءُ فَإِنَّ قَرِینَ السُّوءِ یَغُرُّ(2) جَلِیسَهُ وَ كُنْ لِلَّهِ یَا بُنَیَّ عَامِلًا وَ عَنِ الْخَنَی زَجُوراً وَ بِالْمَعْرُوفِ آمِراً وَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِیاً وَ وَاخِ الْإِخْوَانَ فِی اللَّهِ وَ أَحِبَّ الصَّالِحَ لِصَلَاحِهِ وَ دَارِ الْفَاسِقَ عَنْ دِینِكَ وَ أَبْغِضْهُ بِقَلْبِكَ وَ زَایِلْهُ بِأَعْمَالِكَ لِئَلَّا(3) تَكُونَ مِثْلَهُ وَ إِیَّاكَ وَ الْجُلُوسَ فِی الطُّرُقَاتِ وَ دَعِ الْمُمَارَاةَ وَ مُجَارَاةَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ لَا عِلْمَ وَ اقْتَصِدْ یَا بُنَیَّ فِی مَعِیشَتِكَ وَ اقْتَصِدْ فِی عِبَادَتِكَ وَ عَلَیْكَ فِیهَا بِالْأَمْرِ الدَّائِمِ الَّذِی تُطِیقُهُ وَ الْزَمِ الصَّمْتَ تَسْلَمْ وَ قَدِّمْ لِنَفْسِكَ تَغْنَمْ وَ تَعَلَّمِ الْخَیْرَ تَعْلَمْ وَ كُنْ لِلَّهِ ذَاكِراً عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ ارْحَمْ مِنْ أَهْلِكَ الصَّغِیرَ وَ وَقِّرِ مِنْهُمُ الْكَبِیرَ وَ لَا تَأْكُلَنَّ طَعَاماً حَتَّی تَصَدَّقَ مِنْهُ قَبْلَ أَكْلِهِ وَ عَلَیْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ زَكَاةُ الْبَدَنِ وَ جُنَّةٌ لِأَهْلِهِ وَ جَاهِدْ نَفْسَكَ وَ احْذَرْ جَلِیسَكَ وَ اجْتَنِبْ عَدُوَّكَ وَ عَلَیْكَ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَ أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنِّی لَمْ آلُكَ یَا بُنَیَّ نُصْحاً وَ هَذَا فِرَاقُ بَیْنِی وَ بَیْنِكَ وَ أُوصِیكَ بِأَخِیكَ مُحَمَّدٍ خَیْراً فَإِنَّهُ شَقِیقُكَ وَ ابْنُ أَبِیكَ وَ قَدْ تَعْلَمُ حُبِّی لَهُ وَ أَمَّا أَخُوكَ الْحُسَیْنُ فَهُوَ ابْنُ أُمِّكَ وَ لَا أُرِیدُ(4) الْوَصَاةَ بِذَلِكَ وَ اللَّهُ الْخَلِیفَةُ عَلَیْكُمْ وَ إِیَّاهُ أَسْأَلُ أَنْ یُصْلِحَكُمْ وَ أَنْ یَكُفَّ الطُّغَاةَ الْبُغَاةَ عَنْكُمْ

ص: 203


1- 1. فی« ما» و( خ): صریع.
2- 2. فی« ما» یغیر. و فی« جا» یعیر.
3- 3. فی« ما»: كیلا.
4- 4. فی« ما»: و لا ازید.

وَ الصَّبْرَ الصَّبْرَ حَتَّی یُنْزِلَ اللَّهُ الْأَمْرَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (1).

بیان: و ارتضاه لخیرته أی لأن یكون مختاره من بین الخلق.

«8»- جا، [المجالس] للمفید ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُوسَی بْنِ یُوسُفَ الْقَطَّانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ الْمُقْرِی عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَلِیٍّ النَّوْفَلِیِّ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَدَوْنَا(2) نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَا وَ الْحَارِثُ وَ سُوَیْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَ جَمَاعَةٌ مَعَنَا فَقَعَدْنَا عَلَی الْبَابِ فَسَمِعْنَا الْبُكَاءَ فَبَكَیْنَا فَخَرَجَ إِلَیْنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ یَقُولُ لَكُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام انْصَرِفُوا إِلَی مَنَازِلِكُمْ فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ غَیْرِی فَاشْتَدَّ الْبُكَاءُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَبَكَیْتُ وَ خَرَجَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ انْصَرِفُوا فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُتَابِعُنِی (3) نَفْسِی وَ لَا یَحْمِلُنِی رِجْلِی أَنْصَرِفُ (4) حَتَّی أَرَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ فَبَكَیْتُ وَ دَخَلَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ فَقَالَ لِی ادْخُلْ فَدَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَإِذَا هُوَ مُسْتَنِدٌ مَعْصُوبُ الرَّأْسِ بِعِمَامَةٍ صَفْرَاءَ قَدْ نُزِفَ وَ اصْفَرَّ وَجْهُهُ مَا أَدْرِی وَجْهُهُ أَصْفَرُ أَوِ الْعِمَامَةُ فَأَكْبَبْتُ عَلَیْهِ فَقَبَّلْتُهُ وَ بَكَیْتُ فَقَالَ لِی لَا تَبْكِ یَا أَصْبَغُ فَإِنَّهَا وَ اللَّهِ الْجَنَّةُ فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّی أَعْلَمُ وَ اللَّهِ أَنَّكَ تَصِیرُ إِلَی الْجَنَّةِ وَ إِنَّمَا أَبْكِی لِفِقْدَانِی إِیَّاكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِّثْنِی بِحَدِیثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنِّی أَرَاكَ لَا أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِیثاً بَعْدَ یَوْمِی هَذَا أَبَداً قَالَ نَعَمْ یَا أَصْبَغُ دَعَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً فَقَالَ لِی یَا عَلِیُّ انْطَلِقْ حَتَّی تَأْتِیَ مَسْجِدِی ثُمَّ تَصْعَدَ مِنْبَرِی ثُمَّ تَدْعُوَ النَّاسَ إِلَیْكَ فَتَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ تُثْنِیَ عَلَیْهِ وَ تُصَلِّیَ عَلَیَّ صَلَاةً كَثِیرَةً ثُمَّ تَقُولَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَیْكُمْ وَ هُوَ یَقُولُ لَكُمْ إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ لَعْنَةَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِینَ

ص: 204


1- 1. أمالی المفید: 129 و 130. أمالی الشیخ: 4 و 5. و فیه: و لا حول و لا قوة اه.
2- 2. فی« ما»: غدونا علیه اه.
3- 3. فی المصدرین: لا یتابعنی.
4- 4.«: أن أنصرف.

وَ أَنْبِیَائِهِ الْمُرْسَلِینَ وَ لَعْنَتِی عَلَی مَنِ انْتَمَی إِلَی غَیْرِ أَبِیهِ أَوِ ادَّعَی إِلَی غَیْرِ مَوَالِیهِ أَوْ ظَلَمَ أَجِیراً أَجْرَهُ فَأَتَیْتُ مَسْجِدَهُ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صَعِدْتُ مِنْبَرَهُ فَلَمَّا رَأَتْنِی قُرَیْشٌ وَ مَنْ كَانَ فِی الْمَسْجِدِ أَقْبَلُوا نَحْوِی فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَ أَثْنَیْتُ عَلَیْهِ وَ صَلَّیْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله صَلَاةً كَثِیرَةً ثُمَّ قُلْتُ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَیْكُمْ وَ هُوَ یَقُولُ لَكُمْ أَلَا إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ لَعْنَةَ مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِینَ وَ أَنْبِیَائِهِ الْمُرْسَلِینَ وَ لَعْنَتِی إِلَی (1) مَنِ انْتَمَی إِلَی غَیْرِ أَبِیهِ أَوِ ادَّعَی إِلَی غَیْرِ مَوَالِیهِ أَوْ ظَلَمَ أَجِیراً أَجْرَهُ قَالَ فَلَمْ یَتَكَلَّمْ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَإِنَّهُ قَالَ قَدْ أَبْلَغْتَ یَا أَبَا الْحَسَنِ وَ لَكِنَّكَ جِئْتَ بِكَلَامٍ غَیْرِ مُفَسَّرٍ فَقُلْتُ أُبْلِغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ فَرَجَعْتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَی مَسْجِدِی حَتَّی تَصْعَدَ مِنْبَرِی فَاحْمَدِ اللَّهَ وَ أَثْنِ عَلَیْهِ وَ صَلِّ عَلَیَّ ثُمَّ قُلْ أَیُّهَا النَّاسُ مَا كُنَّا لِنَجِیئَكُمْ بِشَیْ ءٍ إِلَّا وَ عِنْدَنَا تَأْوِیلُهُ وَ تَفْسِیرُهُ أَلَا وَ إِنِّی أَنَا أَبُوكُمْ أَلَا وَ إِنِّی أَنَا مَوْلَاكُمْ أَلَا وَ إِنِّی أَنَا أَجِیرُكُمْ (2).

توضیح: نزف فلان دمه كعنی سال حتی یفرط فهو منزوف و نزیف قوله علیه السلام ألا و إنی أنا أبوكم یعنی أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه و إنما وصفه بكونه أجیرا لأن النبی و الإمام علیهما السلام لما وجب لهما بإزاء تبلیغهما رسالات ربهما إطاعتهما و مودتهما فكأنهما أجیران كما قال تعالی قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی (3) و یحتمل أن یكون المعنی من یستحق الأجر من اللّٰه بسببكم.

«9»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام كَانَ مَعَهُ آخَرُ فَوَقَعَتْ ضَرْبَتُهُ عَلَی الْحَائِطِ وَ أَمَّا ابْنُ مُلْجَمٍ فَضَرَبَهُ فَوَقَعَتِ الضَّرْبَةُ وَ هُوَ سَاجِدٌ عَلَی

ص: 205


1- 1. فی المصدرین: علی.
2- 2. أمالی المفید: 208 و 209. أمالی الشیخ: 76 و 77.
3- 3. سورة الشوری: 23.

رَأْسِهِ عَلَی الضَّرْبَةِ الَّتِی كَانَتْ فَخَرَجَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ أَخَذَا ابْنَ مُلْجَمٍ وَ أَوْثَقَاهُ وَ احْتُمِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأُدْخِلَ دَارَهُ فَقَعَدَتْ لُبَابَةُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ جَلَسَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ عِنْدَ رِجْلَیْهِ فَفَتَحَ عَیْنَیْهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِمَا فَقَالَ الرَّفِیقُ الْأَعْلَی خَیْرٌ مُسْتَقَرّاً وَ أَحْسَنُ مَقِیلًا ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ أَوِ الْعَفْوَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ ثُمَّ عَرِقَ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَأْمُرُنِی بِالرَّوَاحِ إِلَیْهِ عِشَاءً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (1).

بیان: لعل العرق كنایة عن الفتور و الضعف و الغشی فإنها تلزمه غالبا و فی بعض النسخ بالغین المعجمة فیكون المراد الإغماء أو النوم مجازا و قد یقال غرق فی السكر إذا بلغ النهایة فیه.

«10»- ب، [قرب الإسناد] أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام: أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام خَرَجَ یُوقِظُ النَّاسَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَضَرَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ بِالسَّیْفِ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ فَوَقَعَ عَلَی رُكْبَتَیْهِ وَ أَخَذَهُ فَالْتَزَمَهُ حَتَّی أَخَذَهُ النَّاسُ وَ حُمِلَ عَلِیٌّ حَتَّی أَفَاقَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام احْبِسُوا هَذَا الْأَسِیرَ وَ أَطْعِمُوهُ وَ اسْقُوهُ وَ أَحْسِنُوا إِسَارَهُ فَإِنْ عِشْتُ فَأَنَا أَوْلَی بِمَا صَنَعَ فِیَّ إِنْ شِئْتُ اسْتَقَدْتُ (2) وَ إِنْ شِئْتُ صَالَحْتُ وَ إِنْ مِتُّ فَذَلِكَ إِلَیْكُمْ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ (3).

«11»- كا، [الكافی] الْحُسَیْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَسَنِیُّ رَفَعَهُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَفَّ بِهِ الْعُوَّادُ وَ قِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَوْصِ فَقَالَ اثْنُوا لِی وِسَادَةً ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَقَّ قَدْرِهِ مُتَّبِعِینَ أَمْرَهُ أَحْمَدُهُ كَمَا أَحَبَّ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ كَمَا انْتَسَبَ أَیُّهَا النَّاسُ كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ فِی فِرَارِهِ مَا مِنْهُ یَفِرُّ وَ الْأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ إِلَیْهِ وَ الْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ كَمْ أَطْرَدْتُ الْأَیَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الْأَمْرِ فَأَبَی اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ إِلَّا إِخْفَاءَهُ هَیْهَاتَ عِلْمٌ مَكْنُونٌ أَمَّا وَصِیَّتِی فَأَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ

ص: 206


1- 1. أمالی الشیخ: 232.
2- 2. أی اخذت منه القود و هو القصاص. و فی المصدر: استنقذت.
3- 3. قرب الإسناد: 67.

شَیْئاً وَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَلَا تُضَیِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِیمُوا هَذَیْنِ الْعَمُودَیْنِ وَ أَوْقِدُوا هَذَیْنِ الْمِصْبَاحَیْنِ وَ خَلَاكُمْ ذَمٌّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا حُمِّلَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَهُ وَ خُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ رَبٌّ رَحِیمٌ وَ إِمَامٌ عَلِیمٌ وَ دِینٌ قَوِیمٌ أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ وَ الْیَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ فِی هَذِهِ الْمَزَلَّةِ فَذَاكَ الْمُرَادُ وَ إِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ فَإِنَّا كُنَّا فِی أَفْیَاءِ أَغْصَانٍ وَ ذَرَی رِیَاحٍ وَ تَحْتِ ظِلِّ غَمَامَةٍ اضْمَحَلَّ فِی الْجَوِّ مُتَلَفَّقُهَا وَ عَفَا فِی الْأَرْضِ مَخَطُّهَا وَ إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِی أَیَّاماً وَ سَتُعْقَبُونَ مِنِّی جُثَّةً خَلَاءً سَاكِنَةً بَعْدَ حَرَكَةٍ وَ كَاظِمَةً بَعْدَ نُطْقٍ لِیَعِظَكُمْ هُدُوِّی وَ خُفُوتُ إِطْرَاقِی وَ سُكُونُ أَطْرَافِی فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لَكُمْ مِنَ النَّاطِقِ الْبَلِیغِ وَدَّعْتُكُمْ وَدَاعَ مُرْصِدٍ لِلتَّلَاقِی غَداً تَرَوْنَ أَیَّامِی وَ یَكْشِفُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ سَرَائِرِی وَ تَعْرِفُونِّی بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِی وَ قِیَامِ غَیْرِی مَقَامِی إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِیُّ دَمِی وَ إِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِیعَادِی وَ إِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِی قُرْبَةٌ وَ لَكُمْ حَسَنَةٌ فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ فَیَا لَهَا حَسْرَةً عَلَی كُلِّ ذِی غَفْلَةٍ أَنْ یَكُونَ عُمُرُهُ عَلَیْهِ حُجَّةً أَوْ یُؤَدِّیَهُ (1) أَیَّامُهُ إِلَی شِقْوَةٍ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِمَّنْ لَا یَقْصُرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ رَغْبَةٌ أَوْ تَحُلُّ بِهِ (2) بَعْدَ الْمَوْتِ نَقِمَةٌ فَإِنَّمَا نَحْنُ لَهُ وَ بِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ یَا بُنَیَّ ضَرْبَةً مَكَانَ ضَرْبَةٍ وَ لَا تَأْثَمْ (3).

بیان: قوله اثنوا لی وسادة یقال ثنی الشی ء كسمع (4) [كسعی] رد بعضه علی بعض و ثنیها إما للجلوس علیها لیرتفع و یظهر للسامعین أو للاتكاء علیها لعدم قدرته علی الجلوس قوله علیه السلام قدره أی حمدا یكون حسب قدره و كما هو أهله و قوله متبعین حال عن فاعل الحمد لأنه فی قوة نحمد اللّٰه قوله كما انتسب أی كما نسب نفسه فی سورة التوحید قوله علیه السلام كل امرئ لاق فی

ص: 207


1- 1. فی المصدر: تؤدیه.
2- 2. فی( ك): علیه.
3- 3. أصول الكافی( الجزء الأول من الطبعة الحدیثة): 299 و 300.
4- 4. هذا وهم و الصواب« كرمی» فان العین فی ثنی مفتوح و فی مضارعه مكسور بخلاف سمع.

فراره أی من الأمور المقدرة الحتمیة كالموت. قال اللّٰه تعالی قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِیكُمْ (1) و إنما قال علیه السلام فی فراره لأن كل أحد یفر دائما من الموت و إن كان تبعدا و المساق مصدر میمی و لیست فی نهج البلاغة كلمة إلیه فیحتمل أن یكون المراد بالأجل منتهی العمر و المساق ما یساق إلیه و أن یكون المراد به المدة فالمساق زمان السوق. و قوله علیه السلام و الهرب منه موافاته من حمل اللازم علی الملزوم فإن الإنسان ما دام یهرب من موته بحركات و تصرفات یفنی عمره فیها فكأن الهرب منه موافاته و المعنی أنه إذا قدر زوال عمر أو دولة فكل ما یدبره الإنسان لرفع ما یهرب منه یصیر سببا لحصوله إذ تأثیر الأدویة و الأسباب بإذنه تعالی مع أنه عند حلول الأجل یصیر أحذق الأطباء أجهلهم و یغفل عما ینفع المریض و هكذا فی سائر الأمور.

و قال الفیروزآبادی الطرد الإبعاد و ضم الإبل من نواحیها و طردتهم أتیتهم و جزتهم و اطرده أمر بطرده أو بإخراجه عن البلد و اطرد الأمر تبع بعضه بعضا و جری انتهی (2) و یحتمل أن یكون الإطراد بمعنی الطرد و الجمع أو الأمر به مجازا و یمكن أن یقرأ اطردت علی صیغة الغائب بتشدید الطاء فالأیام فاعله قال أكثر شراح النهج كأنه علیه السلام جعل الأیام أشخاصا یأمر بإخراجهم و إبعادهم عنه أی ما زلت أبحث عن كیفیة قتلی و أی وقت یكون بعینه و فی أی أرض یكون یوما یوما فإذا لم أجده فی یوم طردته و استقبلت یوما آخر و هكذا حتی وقع المقدر قالوا و هذا الكلام یدل علی أنه علیه السلام لم یكن یعرف حال قتله مفصلة من جمیع الوجوه و إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أعلمه بذلك مجملا. و مكنون هذا الأمر أی المستور من خصوصیات هذا الأمر أو المستور هو هذا الأمر فالمشار إلیه شی ء متعلق بوفاته و هیهات أی بعد الاطلاع علیه فإنه علم مكنون مخزون و من خواص المخزون ستره و المنع من أن یناله أحد

ص: 208


1- 1. سورة الجمعة: 8.
2- 2. القاموس 1: 310.

و الأظهر عندی أن المراد أنی جمعت مرارا حوادث الأیام و غرائبها التی وقعت علی فی ذهنی و بحثت عن السر الخفی فی خفاء الحق و ظهور الباطل و غلبة أهله و قیل أی السر فی قتله علیه السلام فظهر لی فأبی اللّٰه إلا إخفاءه عنكم لضعف عقولكم عن فهمه إذ هی من غوامض مسائل القضاء و القدر.

قوله و محمدا عطف علی أن لا تشركوا و یمكن أن یقدر فیه فعل أی أذكركم محمدا أو هو نصب علی الإغراء و فی بعض النسخ بالرفع و فی النهج و أما وصیتی فاللّٰه لا تشركوا به شیئا و محمدا صلی اللّٰه علیه و آله فلا تضیعوا سنته و العمودان التوحید و النبوة و إقامتهما كنایة عن إحقاق حقوقهما و قیل المراد بهما الحسنان و قیل هما المراد بالمصباحین و یقال خلاك ذم أی أعذرت و سقط عنك الذم.

قوله علیه السلام ما لم تشردوا أی تتفرقوا فی الدین قوله حمل علی التفعیل مجهولا أو معلوما و خفف أیضا إما علی بناء المعلوم أو المجهول فیقدر مبتدأ لقوله رب رحیم أی ربكم أو خبر أی لكم و علی الأول (1) فی إسناد الحمل و التخفیف إلی الدین و الإمام تجوز و المراد إمام كل زمان و ثبوت الوطأة كنایة عن البرء من المرض و الذری اسم لما ذرته الریاح شبه ما فیه الإنسان فی الدنیا من الأمتعة بما ذرته الریاح فی عدم الثبات و قلة الانتفاع بها و قیل المراد محال ذروها كما أن فی النهج و مهب ریاح.

قوله متلفقها بكسر الفاء أی ما انضم و اجتمع من متفرقات الغمام و مخطها ما یحدث فی الأرض من الخط الفاصل بین الظل و النور و فی بعض النسخ بالحاء المهملة أی محط ظلها فاعله (2) و الحاصل أنی إن مت فلا عجب فإنی كنت فی أمور فانیة شبیهة بتلك الأمور أو لا أبالی فإنی كنت فی الدنیا غیر

ص: 209


1- 1. أی علی كون خفف معلوما.
2- 2. كذا.

متعلق بها كمن كان فی تلك الأمور و كنت دائما مترصدا للانتقال و قیل استعار الأغصان للعناصر الأربعة و الأفیاء لتركبها المعرض للزوال و الریاح للأرواح و ذراها للأبدان الفائزة هی علیها بالجود الإلهی و الغمامة للأسباب القویة من الحركات السماویة و التأثیرات الفلكیة و الأرزاق المفاضة علی الإنسان فی هذا العالم و كنی باضمحلال متلفقها عن تفرق تلك الأسباب و زوالها و بعفاء مخطها فی الأرض عن فناء آثارها فی الأبدان.

جاوركم بدنی إنما خص المجاورة بالبدن لأنها من خواص الأجسام أو لأن روحه علیه السلام كانت معلقة بالملإ الأعلی و هو بعد فی هذه الدنیا كَمَا قَالَ علیه السلام: فِی وَصْفِ إِخْوَانِهِ كَانُوا فِی الدُّنْیَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَی. و ستعقبون علی بناء المفعول من الإعقاب و هو إعطاء شی ء و جثة الإنسان بالضم شخصه و جسده خلاء أی خالیة من الروح و الخواص و فی القاموس كظم غیظه رده و حبسه و الباب أغلقه و كظم كعنی كظوما سكت و قوم كظم كركع ساكتون (1).

و فی النهج و صامتة بعد نطوق لیعظكم بكسر اللام و النصب كما هو المضبوط فی النهج و یحتمل الجزم لكونه أمرا و فتح اللام و الرفع أیضا و الهدوء بالهمزة و قد یخفف و یشدد السكون و خفت الصوت خفوتا سكن و لهذا قیل للمیت خفت إذا انقطع كلامه و سكت و إطراقی إما بكسر الهمزة كما هو المضبوط فی النهج من أطرق إطراقا أی أرخی عینیه إلی الأرض كنایة عن عدم تحریك الأجفان أو بفتحها جمع طرق بالكسر بمعنی القوة أو جمع طرق بالفتح و هو الضرب بالمطرقة و الأطراق بالتحریك (2) هی الأعضاء كالبدن و الرجلین و وداع بالفتح اسم من قولهم ودعته تودیعا و أما بالكسر فهو الاسم من قولك أودعته موادعة أی صالحته و تقول رصدته إذا قعدت له علی طریقه

ص: 210


1- 1. القاموس 4: 172.
2- 2. كذا.

تترقبه و أرصدت له العقوبة أی أعدتها له و مرصد فی بعض نسخ النهج بالفتح فالفاعل هو اللّٰه تعالی أو نفسه علیه السلام كأنه أعد نفسه بالتوطین للتلاقی و فی بعضها بالكسر فالمفعول نفسه أو ما ینبغی إعداده و تهیئته و یوم التلاقی یوم القیامة و یحتمل شموله للرجعة أیضا و قوله غدا ظرف الأفعال الآتیة و یحتمل تلك الفقرات وجوها من التأویل.

الأول أن یكون المعنی بعد أن أفارقكم یتولی بنو أمیة و غیرهم أمركم ترون و تعرفون فضل أیام خلافتی و أنی كنت علی الحق و یكشف اللّٰه لكم عن سرائری أی أنی ما أردت فی حروبی و سائر ما أمرتكم به إلا اللّٰه تعالی أو ینكشف بعض حسناتی المرویة إلیكم و كنت أسترها عنكم و عن غیركم و تعرفون عدلی و قدری بعد قیام غیری مقامی بالخلافة.

الثانی أن یكون المراد بقوله غدا أیام الرجعة و القیامة فإن فیهما تظهر شوكته و رفعته و نفاذ حكمه فی عالم الملك و الملكوت فهو علیه السلام فی الرجعة ولی الانتقام من المنافقین و الكفار و ممكن المتقین و الأخیار فی الأصقاع و الأقطار و فی القیامة إلی الحساب و قسیم الجنة و النار فالمراد بخلو مكانه خلو قبره عن جسده بحسب ما یظنه الناس فی الرجعة و نزوله عن منبر الوسیلة و قیامه علی شفیر جهنم یقول للنار خذی هذا و اتركی هذا فی القیامة.

ثم اعلم أن فی أكثر نسخ الكافی و قیامی غیر مقامی و هو أنسب بهذا المعنی و علی الأول یحتاج إلی تكلف كأن یكون المراد قیامه عند اللّٰه تعالی فی السماوات و تحت العرش و فی الجنان فی الغرفات و فی دار السلام كما دلت علیه الروایات و فی نسخ النهج و بعض نسخ الكافی و قیام غیری مقامی فهو بالأول أنسب و علی الأخیر لا یستقیم إلا بتكلف كأن یكون المراد بالغیر القائم علیه السلام فإنه إمام زمان فی الرجعة و قیام الرسول صلی اللّٰه علیه و آله مقامه للمخاصمة فی القیامة كذا خطر بالبال و إن ذكر مجملا منه بعض المعاصرین فی مؤلفاتهم.

ص: 211

الثالث ما خطر بالبال أیضا و هو الجمع بین المعنیین بأن یكون ترون أیامی و یكشف اللّٰه عن سرائری فی الرجعة و القیامة لاتصاله بقوله وداع مرصد للتلاقی و قوله و تعرفونی إلی آخره إشارة إلی المعنی الأول غیر متعلقة بالفقرتین الأولیین و هو أسد و أفید و أظهر لا سیما علی النسخة الأخیرة إن أبق الشر(1) فی لا تنافی العلم بعدم وقوع المقدم و فی تنزیل العالم منزلة الشاك نوع من المصلحة و فی بعض النسخ العفو لی قربة و یحتمل أن یكون استحلالا من القوم علی سبیل التواضع كما هو الشائع عند الموادعة و فی أكثر النسخ و إن أعف فالعفو لی قربة أی إن أعف عن قاتلی فقوله علیه السلام و لكم حسنة أی فیما یجوز العفو فیه لا فی تلك الواقعة أو عفوی عن قاتلی لكم حسنة لصبركم علی ما یشق علیكم فی ذلك فیا لها حسرة النداء للتعجب و المنادی محذوف و ضمیر لها مبهم و حسرة تمییز للضمیر المبهم نحو ربه رجلا أن یكون أی لأن یكون أو هو خبر مبتدإ محذوف و الشقوة بالكسر سوء العاقبة قوله ممن لا یقصر به الباء للتعدیة و رغبة فاعل لم تقصر و ضمیر به راجع إلی الموصول أی لا یجعله رغبة من رغبات النفس قاصرا عن طاعة اللّٰه و ضمیر له و به راجعان إلی اللّٰه أو إلی الموت قوله علیه السلام و لا تأثم أی فی الزیادة فالمراد بالإثم ترك الأولی مجازا و یمكن أن یقرأ علی باب التفعل أی لا تزد فتكون عند الناس منسوبا إلی الإثم (2).

«12»- غط، [الغیبة] للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ عُبْدُونٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: هَذِهِ وَصِیَّةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام وَ هِیَ

ص: 212


1- 1. كذا.
2- 2. البیان المذكور موافق لنسخة( ك) و یزید علی سائر النسخ و یختلف ایاها بكثیر أثبتناه كما وجدناه.

نُسْخَةُ كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ دَفَعَهَا إِلَی أَبَانٍ وَ قَرَأَهَا عَلَیْهِ قَالَ أَبَانٌ وَ قَرَأْتُهَا عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ صَدَقَ سُلَیْمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ سُلَیْمٌ فَشَهِدْتُ وَصِیَّةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ أَوْصَی إِلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ علیه السلام وَ أَشْهَدَ عَلَی وَصِیَّتِهِ الْحُسَیْنَ وَ مُحَمَّداً وَ جَمِیعَ وُلْدِهِ وَ رُؤَسَاءَ شِیعَتِهِ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ وَ قَالَ یَا بُنَیَّ أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ أُوصِیَ إِلَیْكَ وَ أَنْ أَدْفَعَ إِلَیْكَ كُتُبِی وَ سِلَاحِی ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ أَنْتَ وَلِیُّ الْأَمْرِ وَ وَلِیُّ الدَّمِ فَإِنْ عَفَوْتَ فَلَكَ وَ إِنْ قَتَلْتَ فَضَرْبَةً مَكَانَ ضَرْبَةٍ وَ لَا تَأْثَمْ ثُمَّ ذَكَرَ الْوَصِیَّةَ إِلَی آخِرِهَا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ وَصِیَّتِهِ قَالَ حَفِظَكُمُ اللَّهُ وَ حَفِظَ فِیكُمْ نَبِیَّكُمْ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَیْكُمُ السَّلَامَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّی قُبِضَ لَیْلَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ- وَ كَانَ ضُرِبَ لَیْلَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (1).

«13»- غط، [الغیبة] للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ یَحْیَی قَالَ: بَعَثَ إِلَیَّ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی بْنُ جَعْفَرٍ علیهما السلام بِهَذِهِ الْوَصِیَّةِ مَعَ الْأُخْرَی. وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی: أَنَّهُ قُبِضَ لَیْلَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ- وَ ضُرِبَ لَیْلَةَ تِسْعَ عَشَرَةَ وَ هِیَ الْأَظْهَرُ(2).

«14»- حة، [فرحة الغری] مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بدرج (3) [بُزُرْجَ] الْجَاحِظِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْیَسَعِ قَالَ: جَاءَنِی سَعْدٌ الْإِسْكَافُ فَقَالَ یَا بُنَیَّ تَحْمِلُ الْحَدِیثَ قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ حَدَّثَنِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ لَمَّا أُصِیبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام غَسِّلَانِی وَ كَفِّنَانِی وَ حَنِّطَانِی وَ احْمِلَانِی عَلَی سَرِیرِی وَ احْمِلَا مُؤَخَّرَهُ تُكْفَیَانِ مُقَدَّمَهُ وَ فِی رِوَایَةِ الْكُلَیْنِیِ (4) عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ

ص: 213


1- 1. الغیبة للشیخ الطوسیّ: 127. و الجملة الأخیرة من قوله« و فی روایة اخری» قد ذكرت فی المصدر عقیب الروایة الأولی.
2- 2. الغیبة للشیخ الطوسیّ: 127. و الجملة الأخیرة من قوله« و فی روایة اخری» قد ذكرت فی المصدر عقیب الروایة الأولی.
3- 3. فی المصدر: عن علیّ بن بذرج الحافظ.
4- 4. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ« الكلبی». و فی المصدر: المهلبی.

أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا غُسِّلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نُودُوا مِنْ جَانِبِ الْبَیْتِ إِنْ أَخَذْتُمْ مُقَدَّمَ السَّرِیرِ كُفِیتُمْ مُؤَخَّرَهُ وَ إِنْ أَخَذْتُمْ مُؤَخَّرَهُ كُفِیتُمْ مُقَدَّمَهُ رَجَعْنَا إِلَی تَمَامِ الْحَدِیثِ فَإِنَّكُمَا تَنْتَهِیَانِ إِلَی قَبْرٍ مَحْفُورٍ وَ لَحْدٍ مَلْحُودٍ وَ لَبِنٍ مَحْفُوظٍ(1) فَأَلْحِدَانِی وَ أَشْرِجَا(2) عَلَیَّ اللَّبِنَ وَ ارْفَعَا لَبِنَةً مِمَّا عِنْدَ رَأْسِی فَانْظُرَا مَا تَسْمَعَانِ فَأَخَذَا اللَّبِنَةَ مِنْ عِنْدِ الرَّأْسِ بَعْدَ مَا أَشْرَجَا عَلَیْهِ اللَّبِنَ فَإِذاً لَیْسَ بِالْقَبْرِ(3) شَیْ ءٌ وَ إِذَا هَاتِفٌ یَهْتِفُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام(4) كَانَ عَبْداً صَالِحاً فَأَلْحَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَذَلِكَ یَفْعَلُ بِالْأَوْصِیَاءِ بَعْدَ الْأَنْبِیَاءِ حَتَّی لَوْ أَنَّ نَبِیّاً مَاتَ فِی الشَّرْقِ وَ مَاتَ وَصِیُّهُ فِی الْغَرْبِ أَلْحَقَ اللَّهُ الْوَصِیَّ بِالنَّبِیِ (5).

«15»- حة، [فرحة الغری] ذَكَرَ الْفَقِیهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَعَدٍّ الْمُوسَوِیُّ قَالَ رَأَیْتُ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ الْحَدِیثِیَّةِ الْقَدِیمَةِ مَا صُورَتُهُ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الدَّهَّانِ (6) قَالَ حَدَّثَنَا عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْبَارِیُّ قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِیسَی ابْنُ أَخِی الْحَسَنِ بْنِ یَحْیَی قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَعْفَرِیُّ قَالَ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ أَبِی وَ حَدَّثَتْنِی أُمِّی عَنْ أُمِّهَا أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهَا: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَرَ ابْنَهُ الْحَسَنَ علیه السلام أَنْ یَحْفِرَ لَهُ أَرْبَعَ (7) قُبُورٍ فِی أَرْبَعِ مَوَاضِعَ فِی الْمَسْجِدِ وَ فِی الرَّحْبَةِ وَ فِی الْغَرِیِّ وَ فِی دَارِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَیْرَةَ- وَ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا أَنْ لَا یَعْلَمَ أَحَدٌ مِنْ أَعْدَائِهِ مَوْضِعَ قَبْرِهِ (8).

ص: 214


1- 1. فی المصدر: موضوع.
2- 2. شرح الحجارة و اللبن: نضدها و ضم بعضها علی بعض.
3- 3. فی المصدر: فی القبر.
4- 4.«: ان أمیر المؤمنین.
5- 5. فرحة الغریّ: 21 و 22.
6- 6. فی المصدر: الدهقان.
7- 7.«:« أربعة» فی الموضعین.
8- 8. فرحة الغریّ: 22 و 23.

«16»- حة، [فرحة الغری] ذَكَرَ جَعْفَرُ بْنُ مُبَشِّرٍ فِی كِتَابِهِ فِی نُسْخَةٍ عَتِیقَةٍ عِنْدِی مَا صُورَتُهُ قَالَ قَالَ الْمَدَائِنِیُّ عَنْ أَبِی زَكَرِیَّا عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ- وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْیَمَانِیِّ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ صلوات اللّٰه علیهما وَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَیْدٍ عَنِ الْمُعَافَی بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِیِ (1) قَالَ: اسْتَنْفَرَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام النَّاسَ فِی قِتَالِ مُعَاوِیَةَ فِی الصَّیْفِ وَ ذَكَرَ الْحَدِیثَ مُطَوَّلًا وَ قَالَ فِی آخِرِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِیُّ- وَ قَدْ حَضَرَهُ علیه السلام وَ هُوَ یُوصِی الْحَسَنَ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنِّی مَیِّتٌ مِنْ لَیْلَتِی هَذِهِ فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلْنِی (2)

وَ كَفِّنِّی وَ حَنِّطْنِی بِحَنُوطِ جَدِّكَ وَ ضَعْنِی عَلَی سَرِیرِی وَ لَا یَقْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ مُقَدَّمَ السَّرِیرِ فَإِنَّكُمْ تُكْفَوْنَهُ فَإِذَا حُمِلَ الْمُقَدَّمُ فَاحْمِلُوا الْمُؤَخَّرَ وَ لْیَتْبَعِ الْمُؤَخَّرُ الْمُقَدَّمَ حَیْثُ ذَهَبَ (3) فَإِذَا وُضِعَ الْمُقَدَّمُ فَضَعُوا الْمُؤَخَّرَ ثُمَّ تَقَدَّمْ أَیْ بُنَیَّ فَصَلِّ عَلَیَّ فَكَبِّرْ(4) سَبْعاً فَإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِلَّا لِرَجُلٍ مِنْ وُلْدِی یَخْرُجُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ یُقِیمُ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ فَإِذَا صَلَّیْتَ فَخُطَّ حَوْلَ سَرِیرِی ثُمَّ احْفِرْ لِی قَبْراً فِی مَوْضِعِهِ إِلَی مُنْتَهَی كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ شُقَّ لَحْداً فَإِنَّكَ تَقَعُ عَلَی سَاجَةٍ مَنْقُورَةٍ ادَّخَرَهَا(5) لِی أَبِی نُوحٌ وَ ضَعْنِی فِی السَّاجَةِ ثُمَّ ضَعْ عَلَیَّ سَبْعَ لَبِنٍ (6) كِبَارٍ ثُمَّ ارْقُبْ هُنَیْهَةً ثُمَّ انْظُرْ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَانِی فِی لَحْدِی (7).

ص: 215


1- 1. فی المصدر: قالوا.
2- 2.«: فغسلنی.
3- 3.«: فاذا المقدم ذهب فاذهبوا حیث ذهب.
4- 4.«: و كبر.
5- 5. فی( ك): أذخرها.
6- 6. فی المصدر: لبنات.
7- 7. فرحة الغریّ: 23 و 24.

«17»- حة، [فرحة الغری] الصَّدُوقُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ فُرَاتِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ حَامِدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ نَاصِحٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَرْمَنِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ سِنَانٍ الْجُرْجَانِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْمُقْرِی عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَتْ: آخِرُ عَهْدِ أَبِی إِلَی أَخَوَیَّ علیهما السلام أَنْ قَالَ یَا بُنَیَّ إِذَا(1) أَنَا مِتُّ فَغَسِّلَانِی ثُمَّ نَشِّفَانِی بِالْبُرْدَةِ الَّتِی نَشَّفْتُمْ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَاطِمَةَ علیها السلام ثُمَّ حَنِّطَانِی وَ سَجِّیَانِی عَلَی سَرِیرِی ثُمَّ انْظُرَا(2) حَتَّی إِذَا ارْتَفَعَ لَكُمَا مُقَدَّمُ السَّرِیرِ فَاحْمِلَا مُؤَخَّرَهُ قَالَ فَخَرَجْتُ أُشَیِّعُ جِنَازَةَ أَبِی حَتَّی إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْغَرِیِّ- رَكَنَ (3) الْمُقَدَّمُ فَوَضَعْنَا الْمُؤَخَّرَ ثُمَّ بَرَزَ الْحَسَنُ علیه السلام بِالْبُرْدَةِ الَّتِی نُشِّفَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَاطِمَةُ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیهما السلام (4) ثُمَّ أَخَذَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَانْشَقَّ الْقَبْرُ عَنْ ضَرِیحٍ فَإِذَا هُوَ بِسَاجَةٍ(5) مَكْتُوبٍ عَلَیْهَا سَطْرَانِ بِالسُّرْیَانِیَّةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا قَبْرٌ قَبَرَهُ (6) نُوحٌ النَّبِیُّ لِعَلِیٍّ وَصِیِّ مُحَمَّدٍ قَبْلَ الطُّوفَانِ بِسَبْعِمِائَةِ عَامٍ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَانْشَقَّ الْقَبْرُ فَلَا أَدْرِی أَ نُبِشَ (7) سَیِّدِی فِی الْأَرْضِ أَمْ أُسْرِیَ بِهِ إِلَی السَّمَاءِ إِذْ سَمِعْتُ نَاطِقاً لَنَا بِالتَّعْزِیَةِ أَحْسَنَ اللَّهُ لَكُمُ الْعَزَاءَ فِی سَیِّدِكُمْ وَ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ (8).

بیان: ثم برز الحسن علیه السلام بالبردة أی مرتدیا بها.

«18»- حة، [فرحة الغری] مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ سَلَامَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبِ عَنْ

ص: 216


1- 1. فی المصدر: إن.
2- 2.«: ثم انتظروا.
3- 3. ركن إلیه: مال و سكن. و فی المصدر: ركز.
4- 4. فی المصدر: فنشف بها أمیر المؤمنین علیه السلام.
5- 5. الساجة: اللوح، و الخشبة من شجر الساج التی لا تكاد تبلیها الأرض.
6- 6. فی المصدر: ادخره.
7- 7.«: غار.
8- 8. فرحة الغریّ: 24 و 25.

مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ زَیْدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حُبَابٍ قَالَ: نَظَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی ظَهْرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ مَا أَحْسَنَ مَنْظَرَكِ (1) وَ أَطْیَبَ [رِیحَكِ] قَعْرَكِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَبْرِی بِهَا(2).

«19»- حة، [فرحة الغری] عَمِّی عَلِیُّ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِیِّ عَنِ الْقُطْبِ الرَّاوَنْدِیِّ عَنْ ذِی الْفَقَارِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْمُفِیدِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ رَوَاهُ (3) عَبَّادُ بْنُ یَعْقُوبَ الرَّوَاجِنِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَلِیٍّ الْقَسْرِیُ (4) قَالَ حَدَّثَنَا مَوْلًی لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْوَفَاةُ قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْمِلَانِی عَلَی سَرِیرٍ ثُمَّ أَخْرِجَانِی وَ احْمِلَا مُؤَخَّرَ السَّرِیرِ فَإِنَّكُمَا تُكْفَیَانِ مُقَدَّمَهُ ثُمَّ ائْتِیَا بِیَ الْغَرِیَّیْنِ فَإِنَّكُمَا سَتَرَیَانِ صَخْرَةً بَیْضَاءَ فَاحْتَفِرَا فِیهَا فَإِنَّكُمَا سَتَجِدَانِ فِیهَا سَاجَةً فَادْفِنَانِی فِیهَا قَالَ فَلَمَّا مَاتَ أَخْرَجْنَاهُ وَ جَعَلْنَا نَحْمِلُ مُؤَخَّرَ السَّرِیرِ وَ نُكْفَی مُقَدَّمَهُ وَ جَعَلْنَا نَسْمَعُ دَوِیّاً وَ حَفِیفاً حَتَّی أَتَیْنَا الْغَرِیَّیْنِ فَإِذَا صَخْرَةٌ بَیْضَاءُ تَلْمَعُ نُوراً فَاحْتَفَرْنَا فَإِذَا سَاجَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَیْهَا مَا ادَّخَرَ(5) نُوحٌ علیه السلام لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَدَفَنَّاهُ فِیهَا وَ انْصَرَفْنَا وَ نَحْنُ مَسْرُورُونَ بِإِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَی لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَحِقَنَا قَوْمٌ مِنَ الشِّیعَةِ لَمْ یَشْهَدُوا الصَّلَاةَ عَلَیْهِ فَأَخْبَرْنَاهُمْ بِمَا جَرَی وَ بِإِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالُوا نُحِبُّ أَنْ نُعَایِنَ مِنْ أَمْرِهِ مَا عَایَنْتُمْ فَقُلْنَا لَهُمْ إِنَّ الْمَوْضِعَ قَدْ عُفِیَ أَثَرُهُ بِوَصِیَّةٍ مِنْهُ علیه السلام فَمَضَوْا وَ عَادُوا إِلَیْنَا فَقَالُوا إِنَّهُمُ احْتَفَرُوا فَلَمْ یَرَوْا شَیْئاً(6).

ص: 217


1- 1. فی المصدر: ما أحسن ظهرك.
2- 2. فرحة الغریّ: 22.
3- 3. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ و كذا المصدر: قال ما رواه اه.
4- 4. فی الإرشاد: حیان بن علی العنزی.
5- 5. فی المصدر و( خ): هذا ما ادخر.
6- 6. فرحة الغریّ: 26 و 27.

شا، [الإرشاد] عباد بن یعقوب الرواجنی: مثله (1).

«20»- حة، [فرحة الغری] خَاتَمُ الْعُلَمَاءِ نَصِیرُ الدِّینِ عَنْ وَالِدِهِ عَنِ السَّیِّدِ فَضْلِ اللَّهِ الْحَسَنِیِّ الرَّاوَنْدِیِّ عَنْ ذِی الْفَقَارِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الطُّوسِیِّ وَ مِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ(2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ النَّحَّاسِ عَنْ جَعْفَرٍ الرُّمَّانِیِّ عَنْ یَحْیَی الْحِمَّانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدٍ الطَّیَالِسِیِّ عَنْ مُخْتَارٍ التَّمَّارِ عَنْ أَبِی مَطَرٍ قَالَ: لَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ الْفَاسِقُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام أَقْتُلُهُ قَالَ لَا وَ لَكِنِ احْبِسْهُ فَإِذَا مِتُّ فَاقْتُلُوهُ فَإِذَا مِتُّ فَادْفِنُونِی فِی هَذَا الظَّهْرِ فِی قَبْرِ أَخَوَیَّ هُودٍ وَ صَالِحٍ (3).

«21»- حة، [فرحة الغری] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ الْجُرْجَانِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ:(4) سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام أَیْنَ دَفَنْتُمْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ عَلَی شَفِیرِ الْجُرُفِ وَ مَرَرْنَا بِهِ لَیْلًا عَلَی مَسْجِدِ الْأَشْعَثِ وَ قَالَ ادْفِنُونِی فِی قَبْرِ أَخِی هُودٍ(5).

«22»- حة، [فرحة الغری] وَالِدِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ عَرَبِیِّ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ إِلْیَاسَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِی عَلِیٍّ عَنِ الطُّوسِیِّ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَبْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِیهِ قَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ دُفِنَ مَعَ أَبِیهِ نُوحٍ فِی قَبْرِهِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَنْ تَوَلَّی دَفْنَهُ

ص: 218


1- 1. الإرشاد للمفید: 11 و 12.
2- 2. فی المصدر: عن أحمد بن محمّد بن داود.
3- 3. فرحة الغریّ: 27 و 28.
4- 4. أی قال الجرجانی. و فی المصدر و( م) و( خ): عن الحسن بن علیّ بن أبی طالب عن جده أبی طالب قال اه. و فیه تصحیف واضح.
5- 5. فرحة الغریّ: 28.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ الْكِرَامِ الْكَاتِبِینَ بِالرَّوْحِ وَ الرَّیْحَانِ (1).

«23»- حة، [فرحة الغری] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ الْقَصِیرِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَبْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَدْفُونٌ فِی قَبْرِ نُوحٍ قَالَ قُلْتُ وَ مَنْ نُوحٌ قَالَ نُوحٌ النَّبِیُّ علیه السلام قُلْتُ كَیْفَ صَارَ هَكَذَا فَقَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صِدِّیقٌ هَیَّأَ اللَّهُ لَهُ مَضْجَعَهُ فِی مَضْجَعِ صِدِّیقٍ یَا عَبْدَ الرَّحِیمِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَنَا بِمَوْتِهِ وَ بِمَوْضِعٍ دُفِنَ فِیهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ (2) حَنُوطاً مِنْ عِنْدِهِ مَعَ حَنُوطِ أَخِیهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْشُرُ لَهُ قَبْرَهُ (3) فَلَمَّا قُبِضَ علیه السلام كَانَ فِیمَا أَوْصَی بِهِ ابْنَیْهِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام إِذْ قَالَ لَهُمَا إِذَا مِتُّ فَغَسِّلَانِی وَ حَنِّطَانِی وَ احْمِلَانِی بِاللَّیْلَةِ(4) سِرّاً وَ احْمِلَا یَا ابْنَیَّ مُؤَخَّرَ السَّرِیرِ وَ اتَّبِعَا مُقَدَّمَهُ (5) فَإِذَا وُضِعَ فَضَعَا وَ ادْفِنَانِی فِی الْقَبْرِ الَّذِی یُوضَعُ السَّرِیرُ عَلَیْهِ وَ ادْفِنَانِی مَعَ مَنْ یُعِینُكُمَا عَلَی دَفْنِی فِی اللَّیْلِ وَ سَوِّیَا(6).

«24»- حة، [فرحة الغری] بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِیثَمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحِیمِ الْقَصِیرِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام عَنْ قَبْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِیهِ فَقَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دُفِنَ مَعَ أَبِیهِ نُوحٍ علیه السلام(7).

«25»- حة، [فرحة الغری] نَجِیبُ الدِّینِ یَحْیَی بْنُ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ

ص: 219


1- 1. فرحة الغریّ: 37 و 38.
2- 2. فی المصدر: و بالموضع الذی دفن فیه و أنزل اللّٰه عزّ و جلّ له اه.
3- 3.«: تنزله قبره. و فی هامش( خ) و( ت): تنبش له قبره.
4- 4.«: باللیل.
5- 5.«: و اتبعاه.
6- 6. فرحة الغریّ: 38. و فیه: و سویاه.
7- 7.«: 38 و 39.

مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیِّ عَنِ الْقُطْبِ الرَّاوَنْدِیِّ عَنْ ذِی الْفَقَارِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ الْمُفِیدِ(1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنَانٍ (2) عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: كَانَ فِی وَصِیَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ- أَنْ أَخْرِجُونِی إِلَی الظَّهْرِ فَإِذَا تَصَوَّبَتْ أَقْدَامُكُمْ فَاسْتَقْبَلَتْكُمْ رِیحٌ فَادْفِنُونِی وَ هُوَ أَوَّلُ طُورِ سَیْنَاءَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ (3).

توضیح: تصوبت أی نزلت و رسبت فی الأرض و فی بعض السنخ تضببت بالضاد المعجمة أی لصقت.

«26»- حة، [فرحة الغری] أَبُو الْقَاسِمِ جَعْفَرُ بْنُ سَعِیدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الدَّرْبِیِّ عَنْ شَاذَانَ بْنِ جَبْرَئِیلَ عَنْ جَعْفَرٍ الدُّورْیَسْتِیِّ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الْمُفِیدِ قَالَ وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ قَالَ سَمِعْتُ (4) أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام: أَیْنَ دُفِنَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ دُفِنَ بِنَاحِیَةِ الْغَرِیَّیْنِ وَ دُفِنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَ دَخَلَ قَبْرَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ مُحَمَّدٌ بَنُو عَلِیٍّ علیهم السلام وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ (5).

شا، [الإرشاد] محمد بن عمارة: مثله (6).

«27»- حة، [فرحة الغری] وَقَفْتُ فِی كِتَابٍ مَا صُورَتُهُ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی مَرْوَانَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام كَمْ كَانَتْ سِنُّ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام یَوْمَ قُتِلَ قَالَ ثَلَاثاً وَ سِتِّینَ سَنَةً قُلْتُ مَا كَانَتْ صِفَتُهُ قَالَ كَانَ رَجُلًا آدَمَ شَدِیدَ الْأُدْمَةِ(7)

ص: 220


1- 1. فی المصدر و( خ) بعد ذلك: عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن أحمد بن زكریا اه.
2- 2. فی المصدر: حسان.
3- 3. فرحة الغریّ: 39.
4- 4. كذا فی النسخ و فی المصدر: سألت و كذا فی الإرشاد.
5- 5. فرحة الغریّ: 39 و 40.
6- 6. الإرشاد للمفید: 12.
7- 7. الادم: الاسمر. و الادمة: السمرة.

ثَقِیلَ الْعَیْنَیْنِ عَظِیمَهُمَا ذَا بَطْنٍ أَصْلَعَ فَقُلْتُ طَوِیلًا أَوْ قَصِیراً قَالَ هُوَ إِلَی الْقَصْرِ أَقْرَبُ قُلْتُ مَا كَانَتْ كُنْیَتُهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قُلْتُ أَیْنَ دُفِنَ قَالَ بِالْكُوفَةِ لَیْلًا وَ قَدْ عُمِّیَ قَبْرُهُ (1).

«28»- حة، [فرحة الغری] وَالِدِی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی غَالِبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعَدٍّ الْمُوسَوِیِّ وَ أَخْبَرَنِی عَمِّی عَلِیُّ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَعَدٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِی الْمُظَفَّرِ وَ أَخْبَرَنِی عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِیِّ وَ عَبْدِ الْكَرِیمِ بْنِ عَلِیٍّ السُّدِّیِ (2) وَ أَخْبَرَنِی عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ فَخَّارٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ الْغَزْنَوِیِّ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْخَشَّابِ (3) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خَیْرُونَ (4)

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَتْحٍ عَنْ حَرْبِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حَبِیبٍ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالا: مَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَ سِتِّینَ سَنَةً سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ نَزَلَ الْوَحْیُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً فَكَانَ عُمُرُهُ بِمَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اثنتا [اثْنَیْ] عَشْرَةَ سَنَةً وَ أَقَامَ بِهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ هَاجَرَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَأَقَامَ بِهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَشْرَ سِنِینَ ثُمَّ أَقَامَ بَعْدَ مَا تُوُفِّیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ كَانَ عُمُرُهُ خَمْساً وَ سِتِّینَ سَنَةً قُبِضَ فِی لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ وَ قَبْرُهُ بِالْغَرِیِّ- وَ هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ

ص: 221


1- 1. فرحة الغریّ: 40.
2- 2. فی المصدر و( خ): السندی.
3- 3. فی المصدر و( م): عن عبد اللّٰه بن أحمد بن الخشاب.
4- 4.« و( م) و( خ): حیزون.

عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَیِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ- الْغَرَضَ مِنَ الْحَدِیثِ (1).

«29»- حة، [فرحة الغری] عَمِّی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الدَّرْبِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ شَهْرَآشُوبَ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الطُّوسِیِّ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَیْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ سَمِعَهُ یَقُولُ: لَمَّا قُبِضَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَخْرَجَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ رَجُلَانِ آخَرَانِ حَتَّی إِذَا خَرَجُوا مِنَ الْكُوفَةِ تَرَكُوهَا عَنْ أَیْمَانِهِمْ ثُمَّ أَخَذُوا فِی الْجَبَّانَةِ حَتَّی مَرُّوا بِهِ إِلَی الْغَرِیِّ وَ دَفَنُوهُ وَ سَوَّوْا قَبْرَهُ وَ انْصَرَفُوا(2).

«30»- حة، [فرحة الغری] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرْبِیُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ الْأَخْضَرِ عَنْ أَبِی الْفَضْلِ بْنِ نَاصِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَیْمُونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ الْقَسْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ التَّمِیمِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ شَاذَانَ عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی السَّرِیِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِیِّ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ: سَأَلْتُ أَبَا حُصَیْنٍ وَ عَاصِمَ بْنَ بَهْدَلَةَ وَ الْأَعْمَشَ وَ غَیْرَهُمْ فَقُلْتُ أَخْبَرَكُمْ أَحَدٌ أَنَّهُ مَنْ صَلَّی عَلَی عَلِیٍّ وَ شَهِدَ دَفْنَهُ فَقَالُوا لِی قَدْ سَأَلْنَا أَبَاكَ مُحَمَّدَ بْنَ سَائِبٍ الْكَلْبِیَّ فَقَالَ أُخْرِجَ بِهِ لَیْلًا خَرَجَ بِهِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِی عِدَّةٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ دُفِنَ لَیْلًا فِی ذَلِكَ الظَّهْرِ ظَهْرِ الْكُوفَةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِیكَ لِمَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ قَالَ مَخَافَةَ الْخَوَارِجِ وَ غَیْرِهِمْ (3).

«31»- د، [العدد القویة] عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُصَلِّی فِی الْمَسْجِدِ فَقَالَ احْتَرِسْ فَإِنَّ أُنَاساً مِنْ مُرَادٍ یُرِیدُونَ قَتْلَكَ فَقَالَ إِنَّ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مَلَكَیْنِ یَحْفَظَانِهِ مَا لَمْ یُقَدَّرْ فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّیَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ وَ إِنَّ الْأَجَلَ

ص: 222


1- 1. فرحة الغریّ: 41- 43.
2- 2.«: 74.
3- 3.«: 106 و 107.

جُنَّةٌ حَصِینَةٌ وَ قَالَ الشَّعْبِیُّ أَنْشَدَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَبْلَ أَنْ یُسْتَشْهَدَ بِأَیَّامٍ:

تِلْكُمْ قُرَیْشٌ تَمَنَّانِی لِتَقْتُلَنِی***فَلَا وَ رَبِّكَ مَا فَازُوا وَ لَا ظَفِرُوا

فَإِنْ بَقِیتُ فَرَهْنٌ ذِمَّتِی لَهُمْ***وَ إِنْ عُدِمْتُ فَلَا یَبْقَی لَهَا أَثَرٌ

وَ سَوْفَ یُورِثُهُمْ فَقْدِی عَلَی وَجَلٍ***ذُلَّ الْحَیَاةِ بِمَا خَانُوا وَ مَا غَدَرُوا(1).

«32»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام حِینَ ضُرِبَ ضَرْبَةً بِالْكُوفَةِ فَقُلْتُ لَیْسَ عَلَیْكَ بَأْسٌ إِنَّمَا هُوَ خَدْشٌ قَالَ لَعَمْرِی إِنِّی لَمُفَارِقُكُمْ ثُمَّ قَالَ إِلَی السَّبْعِینَ بَلَاءٌ قَالَهَا ثَلَاثاً قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ الْبَلَاءِ رَخَاءٌ فَلَمْ یُجِبْنِی وَ أُغْمِیَ عَلَیْهِ فَبَكَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لَا تُؤْذِینِی یَا أُمَّ كُلْثُومٍ فَإِنَّكِ لَوْ تَرَیْنَ مَا أَرَی لَمْ تَبْكِی إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ وَ النَّبِیُّونَ یَقُولُونَ انْطَلِقْ یَا عَلِیُّ- فَمَا أَمَامَكَ خَیْرٌ لَكَ مِمَّا أَنْتَ فِیهِ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّكَ قُلْتَ إِلَی السَّبْعِینَ بَلَاءٌ فَهَلْ بَعْدَ السَّبْعِینَ رَخَاءٌ قَالَ نَعَمْ وَ إِنَّ بَعْدَ الْبَلَاءِ رَخَاءً یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ قُلْتُ لِأَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام إِنَّ عَلِیّاً قَالَ إِلَی السَّبْعِینَ بَلَاءٌ وَ كَانَ یَقُولُ بَعْدَ السَّبْعِینَ رَخَاءٌ وَ قَدْ مَضَتِ السَّبْعُونَ وَ لَمْ نَرَ رَخَاءً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام یَا ثَابِتُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ وَقَّتَ هَذَا الْأَمْرَ فِی السَّبْعِینَ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَیْنُ علیه السلام غَضِبَ اللَّهُ عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَخَّرَهُ اللَّهُ إِلَی الْأَرْبَعِینَ وَ مِائَةِ سَنَةٍ فَحَدَّثْنَاكُمْ فَأَذَعْتُمُ الْحَدِیثَ وَ كَشَفْتُمُ الْقِنَاعَ قِنَاعَ السِّرِّ فَأَخَّرَهُ اللَّهُ وَ لَمْ یَجْعَلْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ قَدْ قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام ذَلِكَ فَقَالَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ (2).

«33»- یج، [الخرائج و الجرائح]: مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله(3)

ص: 223


1- 1. مخطوط.
2- 2. الخرائج و الجرائح: 18.
3- 3. فی المصدر: رأیت رسول اللّٰه فی منامی.

وَ هُوَ یَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِی وَ هُوَ یَقُولُ یَا عَلِیُّ لَا عَلَیْكَ لَا عَلَیْكَ قَدْ قَضَیْتَ مَا عَلَیْكَ فَمَا مَكَثَ إِلَّا ثَلَاثاً حَتَّی ضُرِبَ (1) وَ قَالَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِذَا مِتُّ فَاحْمِلَانِی إِلَی الْغَرِیِّ مِنْ نَجَفِ الْكُوفَةِ وَ احْمِلَا آخِرَ سَرِیرِی فَالْمَلَائِكَةُ یَحْمِلُونَ أَوَّلَهُ وَ أَمَرَهُمَا أَنْ یَدْفِنَاهُ هُنَاكَ وَ یُعَفِّیَا قَبْرَهُ لِمَا یَعْلَمُهُ مِنْ دَوْلَةِ بَنِی أُمَیَّةَ بَعْدَهُ وَ قَالَ سَتَرَیَانِ صَخْرَةً بَیْضَاءَ تَلْمَعُ نُوراً فَاحْتَفَرَا فَوَجَدَا سَاجَةً مَكْتُوباً عَلَیْهَا مِمَّا ادَّخَرَهَا نُوحٌ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَدَفَنَاهُ فِیهِ وَ عَفَیَا أَثَرَهُ وَ لَمْ یَزَلْ قَبْرُهُ مَخْفِیّاً حَتَّی دَلَّ عَلَیْهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِی أَیَّامِ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِیَّةِ وَ قَدْ خَرَجَ هَارُونُ الرَّشِیدُ یَوْماً یَصِیدُ وَ أَرْسَلَ الصُّقُورَ وَ الْكِلَابَ عَلَی الظِّبَاءِ بِجَانِبِ الْغَرِیَّیْنِ فَجَادَلَتْهَا(2) سَاعَةً ثُمَّ لَجَأَتِ الظِّبَاءُ إِلَی الْأَكَمَةِ فَرَجَعَ الْكِلَابُ وَ الصُّقُورُ عَنْهَا فَسَقَطَتْ فِی نَاحِیَةٍ ثُمَّ هَبَطَتِ الظِّبَاءُ مِنَ الْأَكَمَةِ فَهَبَطَتِ الصُّقُورُ وَ الْكِلَابُ تَرْجِعُ إِلَیْهَا فَتَرَاجَعَتِ الظِّبَاءُ إِلَی الْأَكَمَةِ فَانْصَرَفَتْ عَنْهَا الصُّقُورُ وَ الْكِلَابُ فَفَعَلْنَ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَتَعَجَّبَ هَارُونُ وَ سَأَلَ شَیْخاً مِنْ بَنِی أَسَدٍ مَا هَذِهِ الْأَكَمَةُ فَقَالَ لِیَ الْأَمَانُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فِیهَا قَبْرُ الْإِمَامِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَتَوَضَّأَ هَارُونُ وَ صَلَّی وَ دَعَا ثُمَّ أَظْهَرَ الصَّادِقُ علیه السلام مَوْضِعَ قَبْرِهِ بِتِلْكَ الْأَكَمَةِ(3).

«34»- شا، [الإرشاد] رَوَی الْفَضْلُ بْنُ دُكَیْنٍ عَنْ حَیَّانَ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُغِیرَةَ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَتَعَشَّی لَیْلَةً عِنْدَ الْحَسَنِ وَ لَیْلَةً عِنْدَ الْحُسَیْنِ وَ لَیْلَةً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ كَانَ لَا یَزِیدُ عَلَی ثَلَاثِ لُقَمٍ فَقِیلَ لَهُ لَیْلَةً مِنْ تِلْكَ اللَّیَالِی فِی ذَلِكَ فَقَالَ یَأْتِینِی أَمْرُ اللَّهِ وَ أَنَا خَمِیصٌ إِنَّمَا هِیَ لَیْلَةٌ أَوْ لَیْلَتَانِ فَأُصِیبُ علیه السلام آخِرَ اللَّیْلِ (4).

ص: 224


1- 1. فی المصدر بعد ذلك: ثم قال: رأیت رسول اللّٰه أیضا فی منامی فشكوت إلیه: ما لقیت من بنی أمیّة من الاود و اللدد و بكیت: فقال: لا تبك: فالتفت فإذا رجلان مصفدان و إذا جلامید ترضح بها رءوسهما اه. و سیأتی عن الإرشاد تحت الرقم 36.
2- 2. فی المصدر: فجاولتها.
3- 3. الخرائج و الجرائح: 21.
4- 4. الإرشاد للمفید: 7.

«35»- شا، [الإرشاد] رَوَی إِسْمَاعِیلُ بْنُ زِیَادٍ قَالَ حَدَّثَتْنِی أُمُّ مُوسَی خَادِمَةُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ هِیَ حَاضِنَةُ فَاطِمَةَ ابْنَتِهِ علیه السلام قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ لِابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ یَا بُنَیَّةِ إِنِّی أَرَانِی قَلَّ مَا أَصْحَبُكُمْ قَالَتْ وَ كَیْفَ ذَلِكَ یَا أَبَتَاهْ قَالَ إِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِی وَ هُوَ یَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِی وَ یَقُولُ یَا عَلِیُّ لَا عَلَیْكَ قَضَیْتَ (1) مَا عَلَیْكَ قَالَ فَمَا مَكَثْنَا(2) إِلَّا ثَلَاثاً حَتَّی ضُرِبَ تِلْكَ الضَّرْبَةَ فَصَاحَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَقَالَ یَا بُنَیَّةِ لَا تَفْعَلِی فَإِنِّی أَرَی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُشِیرُ إِلَیَّ بِكَفِّهِ وَ یَقُولُ یَا عَلِیُّ هَلُمَّ إِلَیْنَا فَإِنَّ مَا عِنْدَنَا هُوَ خَیْرٌ لَكَ (3).

كشف، [كشف الغمة] من مناقب الخوارزمی: مثله (4).

«36»- شا، [الإرشاد] رَوَی عَمَّارٌ الدُّهْنِیُّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ الْحَنَفِیِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ: رَأَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِی فَشَكَوْتُ إِلَیْهِ مَا لَقِیتُ مِنْ أُمَّتِهِ (5) مِنَ الْأَوَدِ وَ اللَّدَدِ(6) وَ بَكَیْتُ فَقَالَ لَا تَبْكِ یَا عَلِیُّ وَ الْتَفِتْ فَالْتَفَتُ (7)

وَ إِذَا رَجُلَانِ مُصَفَّدَانِ وَ إِذَا جَلَامِیدُ تُرْضَحُ (8) بِهَا رُءُوسُهُمَا قَالَ أَبُو صَالِحٍ فَغَدَوْتُ إِلَیْهِ مِنَ الْغَدِ كَمَا كُنْتُ أَغْدُو إِلَیْهِ كُلَّ یَوْمٍ حَتَّی إِذَا كُنْتُ فِی الْجَزَّارِینَ لَقِیتُ النَّاسَ یَقُولُونَ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ (9).

ص: 225


1- 1. فی المصدر: قد قضیت.
2- 2.«: فما مكث. و فی غیر( ك) من النسخ: فما مكثا. و الفاعل فی قوله« قال» إسماعیل بن زیاد.
3- 3. الإرشاد للمفید: 7.
4- 4. كشف الغمّة: 130.
5- 5. فی المصدر: عن امته.
6- 6. الاود: الكد و التعب اللدد: الخصومة الشدیدة.
7- 7. فالتفت و التفت.
8- 8. المصفد: المقید بالحدید. الجلامید جمع الجلمود: الصخر. و رضح رأسه بالحجر بالمعجمة و المهملة كما فی النسخ أو بالمعجمتین كما فی المصدر-: رضه.
9- 9. الإرشاد للمفید: 7 و 8. و فیه: قتل أمیر المؤمنین قتل أمیر المؤمنین.

«37»- نهج، [نهج البلاغة]: قَالَ علیه السلام فِی سُحْرَةِ(1) الْیَوْمِ الَّذِی ضُرِبَ فِیهِ مَلَكَتْنِی عَیْنِی وَ أَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِی (2) رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَا لَقِیتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْأَوَدِ وَ اللَّدَدِ فَقَالَ ادْعُ عَلَیْهِمْ فَقُلْتُ أَبْدَلَنِیَ اللَّهُ بِهِمْ خَیْراً مِنْهُمْ وَ أَبْدَلَهُمْ بِی شَرّاً مِنِّی. قال الرضی رضی اللّٰه عنه یعنی بالأود الاعوجاج و باللدد الخصام و هذا من أفصح الكلام (3).

«38»- شا، [الإرشاد] رَوَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ دِینَارٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: سَهِرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی قُتِلَ فِی صَبِیحَتِهَا وَ لَمْ یَخْرُجْ إِلَی الْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ اللَّیْلِ عَلَی عَادَتِهِ فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ أُمُّ كُلْثُومٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهَا مَا هَذَا الَّذِی قَدْ أَسْهَرَكَ فَقَالَ إِنِّی مَقْتُولٌ لَوْ قَدْ أَصْبَحْتُ فَأَتَاهُ ابْنُ النَّبَّاحِ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ فَمَشَی غَیْرَ بَعِیدٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ كُلْثُومٍ مُرْ جَعْدَةَ فَلْیُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَ نَعَمْ مُرُوا جَعْدَةَ فَلْیُصَلِّ ثُمَّ قَالَ لَا مَفَرَّ مِنَ الْأَجَلِ فَخَرَجَ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ إِذَا هُوَ بِالرَّجُلِ قَدْ سَهِرَ لَیْلَتَهُ كُلَّهَا یَرْصُدُهُ فَلَمَّا بَرَدَ السَّحَرُ نَامَ فَحَرَّكَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِرِجْلِهِ فَقَالَ لَهُ الصَّلَاةَ فَقَامَ إِلَیْهِ فَضَرَبَهُ.

وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ سَهِرَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ فَأَكْثَرَ الْخُرُوجَ وَ النَّظَرَ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ إِنَّهَا اللَّیْلَةُ الَّتِی وُعِدْتُ فِیهَا ثُمَّ عَاوَدَ(4)

مَضْجَعَهُ فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ شَدَّ إِزَارَهُ وَ خَرَجَ وَ هُوَ یَقُولُ:

اشْدُدْ حَیَازِیمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَاقِیكَ***وَ لَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ إِذَا حَلَّ بِوَادِیكَ

فَلَمَّا خَرَجَ إِلَی صَحْنِ دَارِهِ اسْتَقْبَلَتْهُ الْإِوَزُّ فَصِحْنَ فِی وَجْهِهِ فَجَعَلُوا یَطْرُدُونَهُنَ

ص: 226


1- 1. السحرة بالضم: السحر الأعلی من آخر اللیل.
2- 2. أی مربی كما تسنح الظباء و الطیر.
3- 3. نهج البلاغة( عبده ط مصر) 1: 128.
4- 4. فی المصدر: وعدت بها ثمّ یعاود.

فَقَالَ دَعُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نَوَائِحُ ثُمَّ خَرَجَ فَأُصِیبَ (1).

«39»- شا، [الإرشاد]: كَانَتْ إِمَامَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثِینَ سَنَةً مِنْهَا أَرْبَعٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً وَ أَشْهُرٌ(2) مَمْنُوعاً مِنَ التَّصَرُّفِ فِی أَحْكَامِهَا مُسْتَعْمِلًا لِلتَّقِیَّةِ وَ الْمُدَارَاةِ وَ مِنْهَا خَمْسُ سِنِینَ وَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مُمْتَحَناً بِجِهَادِ الْمُنَافِقِینَ مِنَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ مُضْطَهَداً بِفِتَنِ الضَّالِّینَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ نُبُوَّتِهِ مَمْنُوعاً مِنْ أَحْكَامِهَا خَائِفاً وَ مَحْبُوساً وَ هَارِباً وَ مَطْرُوداً لَا یَتَمَكَّنُ مِنْ جِهَادِ الْكَافِرِینَ وَ لَا یَسْتَطِیعُ دَفْعاً عَنِ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ هَاجَرَ وَ أَقَامَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَشْرَ سِنِینَ مُجَاهِداً لِلْمُشْرِكِینَ مُمْتَحَناً بِالْمُنَافِقِینَ إِلَی أَنْ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ وَ أَسْكَنَهُ جَنَّاتِ النَّعِیمِ وَ كَانَ وَفَاةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَبْلَ الْفَجْرِ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ لَیْلَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ قَتِیلًا بِالسَّیْفِ قَتَلَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیُّ لَعَنَهُ اللَّهُ فِی مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ قَدْ خَرَجَ علیه السلام یُوقِظُ النَّاسَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ لَیْلَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ قَدْ كَانَ ارْتَصَدَهُ مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ لِذَلِكَ فَلَمَّا مَرَّ بِهِ فِی الْمَسْجِدِ وَ هُوَ مُسْتَخِفٌّ بِأَمْرِهِ مُمَاكِرٌ بِإِظْهَارِ النَّوْمِ فِی جُمْلَةِ النِّیَامِ قَامَ إِلَیْهِ (3) فَضَرَبَهُ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ بِالسَّیْفِ وَ كَانَ مَسْمُوماً فَمَكَثَ یَوْمَ تِسْعَةَ عَشَرَ وَ لَیْلَةَ عِشْرِینَ وَ یَوْمَهَا وَ لَیْلَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ إِلَی نَحْوِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّیْلِ ثُمَّ قَضَی نَحْبَهُ علیه السلام شَهِیداً وَ لَقِیَ رَبَّهُ تَعَالَی مَظْلُوماً وَ قَدْ كَانَ یَعْلَمُ ذَلِكَ قَبْلَ أَوَانِهِ وَ یُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ قَبْلَ زَمَانِهِ وَ تَوَلَّی غُسْلَهُ وَ تَكْفِینَهُ وَ دَفْنَهُ ابْنَاهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام بِأَمْرِهِ وَ حَمَلَاهُ إِلَی الْغَرِیِّ مِنْ نَجَفِ الْكُوفَةِ فَدَفَنَاهُ هُنَاكَ وَ عَفَیَا مَوْضِعَ قَبْرِهِ بِوَصِیَّةٍ كَانَتْ مِنْهُ إِلَیْهِمَا فِی ذَلِكَ لِمَا كَانَ یَعْلَمُهُ علیه السلام مِنْ دَوْلَةِ بَنِی أُمَیَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وَ اعْتِقَادِهِمْ فِی عَدَاوَتِهِ وَ مَا یَنْتَهُونَ إِلَیْهِ مِنْ سُوءِ النِّیَّاتِ فِیهِ مِنْ قُبْحِ الْفِعَالِ (4) وَ الْمَقَالِ بِمَا تَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ یَزَلْ قَبْرُهُ علیه السلام مَخْفِیّاً حَتَّی

ص: 227


1- 1. الإرشاد للمفید: 8.
2- 2. فی المصدر: و ستة أشهر.
3- 3.«: ثار إلیه.
4- 4.«: بسوء النیات فیه من قبیح الفعال.

دَلَّ عَلَیْهِ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ علیهما السلام فِی الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِیَّةِ وَ زَارَهُ عِنْدَ وُرُودِهِ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ وَ هُوَ بِالْحِیرَةِ فَعَرَفَتْهُ الشِّیعَةُ وَ اسْتَأْنَفُوا إِذْ ذَاكَ زِیَارَتَهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَی ذُرِّیَّتِهِ الطَّاهِرِینَ وَ كَانَتْ سِنُّهُ یَوْمَ وَفَاتِهِ ثَلَاثاً وَ سِتِّینَ سَنَةً(1).

«40»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ أَوْ غَیْرِهِ عَنْ سُلَیْمَانَ كَاتِبِ عَلِیِّ بْنِ یَقْطِینٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ شَرِكَ فِی دَمِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ ابْنَتُهُ جَعْدَةُ سَمَّتِ الْحَسَنَ علیه السلام وَ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ شَرِكَ فِی دَمِ الْحُسَیْنِ علیه السلام(2).

«41»- شا، [الإرشاد] من الأخبار الواردة بسبب قتله علیه السلام و كیف جری الأمر فی ذلك ما رواه جماعة من أهل السیر منهم أبو مخنف و إسماعیل بن راشد أبو هاشم (3) الرفاعی و أبو عمرو الثقفی و غیرهم: أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا الأمراء فعابوهم و عابوا أعمالهم (4) و ذكروا أهل النهروان و ترحموا علیهم فقال بعضهم لبعض لو أنا شرینا أنفسنا لله فأتینا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم و أرحنا منهم العباد و البلاد و ثأرنا(5) بإخواننا الشهداء بالنهروان فتعاهدوا عند انقضاء الحج علی ذلك فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّٰه أنا أكفیكم علیا و قال البرك بن عبید اللّٰه التمیمی أنا أكفیكم معاویة و قال عمرو بن بكر التمیمی أنا أكفیكم عمرو بن العاص و تعاقدوا(6) علی ذلك و توافقوا(7) علی الوفاء و اتعدوا شهر رمضان فی لیلة تسع عشرة منه ثم تفرقوا(8) فأقبل ابن ملجم لعنه اللّٰه و كان

ص: 228


1- 1. الإرشاد للمفید: 5 و 6.
2- 2. لم نظفر به فی المصدر.
3- 3. فی المصدر: و أبو هاشم.
4- 4. فی المصدر: و عابوا علیهم اعمالهم.
5- 5. ثار بالقتیل: طلب دمه. و فی المصدر: و ارحنا منهم العباد و البلاد للّٰه و ثارنا.
6- 6. تعاهدوا خ ل.
7- 7. فی المصدر: و تواثقوا.
8- 8.«: ثم تفرقوا علی ذلك.

عداده فی كندة حتی قدم الكوفة فلقی بها أصحابه فكتمهم أمره مخافة أن ینتشر منه شی ء فهو فی ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات یوم من تیم الرباب فصادف عنده قطام بنت الأخضر التیمیة و كان أمیر المؤمنین علیه السلام قتل أباها و أخاها بالنهروان و كانت من أجمل نساء أهل زمانها فلما رآها ابن ملجم شغف بها و اشتد إعجابه بها و سأل فی نكاحها و خطبها فقالت له ما الذی تسمی لی من الصداق فقال لها احتكمی ما بدا لك فقالت له أنا محتكمة علیك ثلاثة آلاف درهم و وصیفا و خادما و قتل علی بن أبی طالب فقال لها لك جمیع ما سألت فأما قتل علی بن أبی طالب علیه السلام فأنی لی بذلك فقالت تلتمس غرته فإن أنت قتلته شفیت نفسی و هنأك العیش معی و إن أنت قتلت فما عند اللّٰه خیر لك من الدنیا فقال أما و اللّٰه ما أقدمنی هذا المصر و قد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله (1) إلا ما سألتنی من قتل علی بن أبی طالب فلك ما سألت قالت فأنا طالبة لك بعض من یساعدك علی ذلك و یقویك ثم بعثت إلی وردان بن مجالد من تیم الرباب فخبرته الخبر و سألته معونة ابن ملجم لعنه اللّٰه فتحمل ذلك لها و خرج ابن ملجم فأتی رجلا من أشجع یقال له شبیب بن بجرة فقال (2) یا شبیب هل لك فی شرف الدنیا و الآخرة قال و ما ذاك قال تساعدنی علی قتل علی بن أبی طالب و كان شبیب علی رأی الخوارج فقال له یا ابن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شیئا إدا و كیف تقدر علی ذلك فقال له ابن ملجم نكمن له فی المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به فإن نحن قتلناه شفینا أنفسنا و أدركنا ثارنا فلم یزل به حتی أجابه فأقبل معه حتی دخلا المسجد الأعظم علی قطام و هی معتكفة فی المسجد الأعظم قد ضربت علیها قبة فقالا لها قد اجتمع رأینا علی قتل هذا الرجل فقالت لهما إذا أردتما ذلك فأتیانی فی هذا

ص: 229


1- 1. فی( ك): مع اهلی.
2- 2. فی المصدر: فقال له.

الموضع فانصرفا من عندها فلبثا أیاما ثم أتیاها و معهما الآخر لیلة الأربعاء لتسع عشرة لیلة خلت من شهر رمضان سنة أربعین من الهجرة فدعت لهم بحریر فعصبت به صدورهم و تقلدوا أسیافهم و مضوا و جلسوا مقابل السدة التی كان یخرج منها أمیر المؤمنین علیه السلام إلی الصلاة و قد كانوا قبل ذلك ألقوا إلی الأشعث بن قیس ما فی نفوسهم من العزیمة علی قتل أمیر المؤمنین علیه السلام و واطأهم علی ذلك و حضر الأشعث بن قیس فی تلك اللیلة لمعونتهم علی ما اجتمعوا علیه و كان حجر بن عدی فی تلك اللیلة بائتا فی المسجد فسمع الأشعث یقول یا ابن ملجم (1) النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح (2) فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له قتلته یا أعور و خرج مبادرا لیمضی إلی أمیر المؤمنین علیه السلام لیخبره الخبر و یحذره من القوم و خالفه أمیر المؤمنین علیه السلام من الطریق فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسیف و أقبل حجر و الناس یقولون قتل أمیر المؤمنین علیه السلام.

و ذكر عبد اللّٰه بن محمد الأزدی قال إنی لأصلی فی تلك اللیلة فی المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا یصلون فی ذلك الشهر من أوله إلی آخره إذ نظرت إلی رجال یصلون قریبا من السدة و خرج علی بن أبی طالب علیه السلام لصلاة الفجر فأقبل ینادی الصلاة الصلاة فما أدری أ نادی أم رأیت بریق السیوف و سمعت قائلا یقول لله الحكم لا لك یا علی و لا لأصحابك (3) و سمعت علیا یقول لا یفوتنكم الرجل فإذا علیه السلام مضروب و قد ضربه شبیب بن بجرة فأخطأه و وقعت ضربته فی الطاق و هرب القوم نحو أبواب المسجد و تبادر الناس لأخذهم فأما شبیب بن بجرة فأخذه رجل فصرعه و جلس علی صدره و أخذ السیف لیقتله (4)

به

ص: 230


1- 1. فی المصدر: یقول لابن ملجم.
2- 2.« فقد فضح الصبح. أی طلع.
3- 3.«: للّٰه الحكم یا علی لا لك و لا لاصحابك.
4- 4.«: و أخذ السیف من یده لیقتله اه.

فرأی الناس یقصدون نحوه فخشی أن یعجلوا علیه و لم یسمعوا(1) منه فوثب عن صدره و خلاه و طرح السیف من یده و مضی شبیب هاربا حتی دخل منزله و دخل علیه ابن عم له فرآه یحل الحریر عن صدره فقال له ما هذا لعلك قتلت أمیر المؤمنین فأراد أن یقول لا قال نعم فمضی ابن عمه و اشتمل علی سیفه ثم دخل علیه فضربه به حتی قتله و أما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه فطرح علیه قطیفة كانت فی یده ثم صرعه و أخذ السیف من یده و جاء به إلی أمیر المؤمنین علیه السلام و أفلت الثالث و انسل (2) بین الناس.

فلما دخل (3) ابن ملجم علی أمیر المؤمنین علیه السلام نظر إلیه ثم قال النفس بالنفس فإن أنا مت فاقتلوه كما قتلنی و إن أنا عشت رأیت فیه رأیی فقال ابن ملجم و اللّٰه لقد ابتعته بألف و سممته بألف فإن خاننی فأبعده اللّٰه قال و نادته أم كلثوم یا عدو اللّٰه قتلت أمیر المؤمنین قال إنما قتلت أباك قالت یا عدو اللّٰه إنی لأرجو أن لا یكون علیه بأس قال لها فأراك أنما تبكین علی إذا لقد و اللّٰه ضربته ضربة لو قسمت علی أهل الأرض (4) لأهلكتهم فأخرج من بین یدیه علیه السلام و إن الناس ینهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع و هم یقولون یا عدو اللّٰه ما فعلت (5) أهلكت أمة محمد صلی اللّٰه علیه و آله و قتلت خیر الناس و إنه لصامت لم ینطق فذهب به إلی الحبس و جاء الناس إلی أمیر المؤمنین علیه السلام فقالوا له یا أمیر المؤمنین مرنا بأمرك فی عدو اللّٰه و اللّٰه لقد أهلك الأمة و أفسد الملة فقال لهم أمیر المؤمنین علیه السلام إن عشت رأیت فیه رأیی و إن أهلكت فاصنعوا به كما یصنع بقاتل النبی اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار.

ص: 231


1- 1. فی المصدر: و لا یسمعوا.
2- 2. انسل من الزحام: انطلق فی استخفاء.
3- 3. فی المصدر: ادخل.
4- 4.«: بین أهل الأرض.
5- 5.«: ما ذا فعلت.

قال فلما قضی أمیر المؤمنین علیه السلام نحبه و فرغ أهله من دفنه جلس الحسن علیه السلام و أمر أن یؤتی بابن ملجم فجی ء به فلما وقف بین یدیه قال له یا عدو اللّٰه قتلت أمیر المؤمنین و أعظمت الفساد فی الدین ثم أمر فضربت عنقه و استوهبت أم الهیثم بنت الأسود النخعیة جثته منه لتتولی إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار و فی أمر قطام و قتل أمیر المؤمنین علیه السلام یقول (1):

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة***كمهر قطام من فصیح و أعجمی (2)

ثلاثة آلاف و عبد و قینة***و ضرب علی بالحسام المسمم

و لا مهر أغلی من علی و إن غلا***و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم.

و أما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم فی العقد علی قتل معاویة و عمرو بن العاص فإن أحدهما ضرب معاویة و هو راكع فوقعت ضربته فی ألیته و نجا منها و أخذ و قتل من وقته و أما الآخر فإنه وافی عمرا فی تلك اللیلة و قد وجد علة فاستخلف رجلا یصلی بالناس یقال له خارجة بن أبی حبیبة العامری فضربه بسیفه و هو یظن أنه عمرو فأخذ و أتی به عمرو فقتله و مات خارجة فی الیوم الثانی (3).

كشف، [كشف الغمة]: من مناقب الخوارزمی مرفوعا إلی إسماعیل بن راشد مثله (4).

بیان: قال الجزری لأمك هبل أی ثكل و منه حدیث علی علیه السلام: هبلتهم الهبول. أی ثكلتهم الثكول و هی بفتح الهاء من النساء التی لا یبقی لها ولد انتهی (5) و الإد بالكسر العجب و الأمر الفظیع و الداهیة و المنكر.

أقول: قال ابن أبی الحدید قال أبو الفرج قال أبو مخنف قال أبو زهیر العبسی فأما صاحب معاویة فإنه قصده فلما وقعت عینه علیه ضربه فوقعت

ص: 232


1- 1. فی المصدر: یقول الشاعر.
2- 2.«: من غنی و معدم.
3- 3. الإرشاد للمفید: 8- 11.
4- 4. كشف الغمّة: 128 و 129.
5- 5. النهایة 4: 227.

ضربته علی ألیته فجاء الطبیب إلیه فنظر إلی الضربة فقال إن السیف مسموم فاختر إما أن أحمی لك حدیدة فأجعلها فی الضربة و إما أن أسقیك دواء فتبرأ و ینقطع نسلك فقال أما النار فلا أطیقها و أما النسل ففی یزید و عبد اللّٰه ما یقر عینی و حسبی بهما فسقاه الدواء فعوفی (1) و لم یولد له بعد ذلك و قال البرك بن عبد اللّٰه إن لك عندی بشارة قال و ما هی فأخبره خبر صاحبه و قال إن علیا قتل فی هذه اللیلة فاحتبسنی عندك فإن قتل فأنت ولی ما تراه فی أمری و إن لم یقتل أعطیتك العهود و المواثیق أن أمضی (2) فأقتله ثم أعود إلیك فأضع یدی فی یدك حتی تحكم فی بما تری فحبسه عنده فلما أتی الخبر أن علیا قتل فی تلك اللیلة خلی سبیله هذه روایة إسماعیل بن راشد و قال غیره بل قتله من وقته.

و أما صاحب عمرو بن العاص فإنه وافاه فی تلك اللیلة و قد وجد علة فاستخلف رجلا یصلی بالناس یقال له خارجة بن أبی حنیفة(3) فخرج للصلاة فشد عمرو بن بكر فضربه بالسیف فأثبته فأخذ الرجل فأتی به عمرو بن العاص فقتله و دخل من غد إلی خارجة و هو یجود بنفسه فقال أما و اللّٰه یا أبا عبد اللّٰه ما أراد غیرك قال عمرو و لكن اللّٰه أراد خارجة(4).

وَ قَالَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ بِإِسْنَادٍ: ذَكَرَهُ أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ لَعَنَهُ اللَّهُ دَخَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَكَلَّمَهُ فَأَغْلَظَ عَلِیٌّ لَهُ فَعَرَضَ الْأَشْعَثُ أَنَّهُ سَیُفْتَكُ بِهِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ بِالْمَوْتِ تُخَوِّفُنِی أَوْ تُهَدِّدُنِی فَوَ اللَّهِ مَا أُبَالِی وَقَعْتُ عَلَی الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیَّ.

ص: 233


1- 1. فی المصدر بعد ذلك: و عالج جرحه حتّی التأم اه.
2- 2.«: أن امضی إلیه اه.
3- 3.«: خارجة بن حذافة أحد بنی عامر بن لؤی.
4- 4. شرح النهج 2: 65.

قَالَ وَ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْفَهَانِیُّ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ: أَنَّ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ اسْتَأْذَنَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَدْ أَتَاهُ عَائِداً لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ فَلَمْ یَكُنْ عَلَیْهِ إِذْنٌ فَقَالَ صَعْصَعَةُ لِلْآذِنِ قُلْ لَهُ یَرْحَمُكَ اللَّهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَیّاً وَ مَیِّتاً فَلَقَدْ كَانَ اللَّهُ فِی صَدْرِكَ عَظِیماً وَ لَقَدْ كُنْتَ بِذَاتِ اللَّهِ عَلِیماً فَأَبْلَغَهُ الْآذِنُ إِلَیْهِ (1) فَقَالَ قُلْ لَهُ وَ أَنْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَقَدْ كُنْتَ خَفِیفَ الْمَئُونَةِ كَثِیرَ الْمَعُونَةِ قَالَ أَبُو الْفَرَجِ ثُمَّ جُمِعَ لَهُ أَطِبَّاءُ الْكُوفَةِ فَلَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ أَعْلَمُ بِجُرْحِهِ مِنْ أَثِیرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هَانِی السَّلُولِیِّ وَ كَانَ مُطَبِّباً صَاحِبَ الْكُرْسِیِّ یُعَالِجُ الْجِرَاحَاتِ وَ كَانَ مِنَ الْأَرْبَعِینَ غُلَاماً الَّذِینَ كَانَ ابْنُ الْوَلِیدِ أَصَابَهُمْ فِی عَیْنِ التَّمْرِ فَسَبَاهُمْ فَلَمَّا نَظَرَ أَثِیرٌ إِلَی جُرْحِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دَعَا بِرِیَةِ شَاةٍ حَارَّةٍ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا عِرْقاً ثُمَّ نَفَخَهُ (2) ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ وَ إِذَا عَلَیْهِ بَیَاضُ الدِّمَاغِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اعْهَدْ عَهْدَكَ فَإِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ قَدْ وَصَلَتْ ضَرْبَتُهُ إِلَی أُمِّ رَأْسِكَ (3).

«42»- شا، [الإرشاد] ابْنُ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: قِیلَ لِلْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَیْنَ دَفَنْتُمْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ خَرَجْنَا بِهِ لَیْلًا عَلَی مَسْجِدِ الْأَشْعَثِ حَتَّی خَرَجْنَا بِهِ إِلَی الظَّهْرِ بِجَنْبِ الْغَرِیَّیْنِ فَدَفَنَّاهُ هُنَاكَ (4).

«43»- یج، [الخرائج و الجرائح] رُوِیَ: أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام دَخَلَ الْحَمَّامَ فَسَمِعَ صَوْتَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَخَرَجَ إِلَیْهِمَا فَقَالَ مَا لَكُمَا فَقَالا اتَّبَعَكَ هَذَا الْفَاجِرُ ابْنُ مُلْجَمٍ- فَظَنَنَّا أَنَّهُ یَغْتَالُكَ فَقَالَ لَهُمَا دَعَاهُ لَا بَأْسَ (5).

«44»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَبُو بَكْرٍ الشِّیرَازِیُّ فِی كِتَابِهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: أَوْصَی عَلِیٌّ علیه السلام عِنْدَ مَوْتِهِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ قَالَ لَهُمَا إِنْ أَنَا مِتُّ فَإِنَّكُمَا سَتَجِدَانِ عِنْدَ رَأْسِی حَنُوطاً مِنَ الْجَنَّةِ وَ ثَلَاثَةَ أَكْفَانٍ مِنْ إِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ فَغَسِّلُونِی وَ

ص: 234


1- 1. فی المصدر: فأبلغه الاذن مقالته.
2- 2.«: و أدخله فی الجرح ثمّ نفخه.
3- 3. شرح النهج: 67 و 68.
4- 4. الإرشاد للمفید: 12.
5- 5. لم نجده فی المصدر المطبوع.

حَنِّطُونِی بِالْحَنُوطِ وَ كَفِّنُونِی قَالَ الْحَسَنُ علیه السلام فَوَجَدْنَا عِنْدَ رَأْسِهِ طَبَقاً مِنَ الذَّهَبِ عَلَیْهِ خَمْسُ شَمَّامَاتٍ (1) مِنْ كَافُورِ الْجَنَّةِ وَ سِدْراً مِنْ سِدْرِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ غُسْلِهِ وَ تَكْفِینِهِ أَتَی الْبَعِیرُ فَحَمَلُوهُ عَلَی الْبَعِیرِ بِوَصِیَّةٍ مِنْهُ وَ كَانَ قَالَ فَسَیَأْتِی الْبَعِیرُ إِلَی قَبْرِی فَیُقِیمُ (2) عِنْدَهُ فَأَتَی الْبَعِیرُ حَتَّی وَقَفَ عَلَی شَفِیرِ الْقَبْرِ فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمَ أَحَدٌ مَنْ حَفَرَهُ فَأُلْحِدَ فِیهِ بَعْدَ مَا صُلِّیَ عَلَیْهِ وَ أَظَلَّتِ النَّاسَ غَمَامَةٌ بَیْضَاءُ وَ طُیُورٌ بِیضٌ فَلَمَّا دُفِنَ ذَهَبَتِ الْغَمَامَةُ وَ الطُّیُورُ.

وَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی خَبَرٍ طَوِیلٍ یَذْكُرُ فِیهِ: أُوصِیكُمَا وَصِیَّةً فَلَا تُظْهِرَا عَلَی أَمْرِی أَحَداً فَأَمَرَهُمَا أَنْ یَسْتَخْرِجَا مِنَ الزَّاوِیَةِ الْیُمْنَی لَوْحاً وَ أَنْ یُكَفِّنَاهُ فِیمَا یَجِدَانِ فَإِذَا غَسَّلَاهُ وَضَعَاهُ عَلَی ذَلِكَ اللَّوْحِ وَ إِذَا وَجَدَا السَّرِیرَ یُشَالُ (3) مُقَدَّمُهُ یُشِیلَانِ مُؤَخَّرَهُ وَ أَنْ یُصَلِّیَ الْحَسَنُ مَرَّةً وَ الْحُسَیْنُ مَرَّةً صَلَاةَ إِمَامٍ فَفَعَلَا كَمَا رَسَمَ فَوَجَدَا اللَّوْحَ وَ عَلَیْهِ مَكْتُوبٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا ذَخَرَهُ نُوحٌ النَّبِیُّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ أَصَابَا الْكَفَنَ فِی دِهْلِیزِ الدَّارِ مَوْضُوعاً فِیهِ حَنُوطٌ قَدْ أَضَاءَ نُورُهُ النَّهَارَ.

وَ رُوِیَ: أَنَّهُ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَقْتَ الْغُسْلِ أَ مَا تَرَی إِلَی خِفَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ- فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ مَعَنَا قَوْماً یُعِینُونَنَا فَلَمَّا قَضَیْنَا صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِذاً قَدْ شِیلَ مُقَدَّمُ السَّرِیرِ وَ لَمْ یَزَلْ (4)

نَتَّبِعُهُ إِلَی أَنْ وَرَدْنَا إِلَی الْغَرِیِّ فَأَتَیْنَا إِلَی قَبْرٍ عَلَی مَا وَصَفَ (5) أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَحْنُ نَسْمَعُ خَفْقَ أَجْنِحَةٍ كَثِیرَةٍ وَ ضَجَّةً وَ جَلَبَةً فَوَضَعْنَا السَّرِیرَ وَ صَلَّیْنَا عَلَی أَمِیرِ

ص: 235


1- 1. الشمام: كل ما یشم من الروائح الطیبة.
2- 2. فی المصدر: فیقف.
3- 3. شال الشی ء: ارتفع.
4- 4. فی المصدر: و لم نزل.
5- 5. فی( ك): علی ما وصفنا.

الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَمَا وَصَفَ لَنَا وَ نَزَلْنَا قَبْرَهُ فَأَضْجَعْنَاهُ فِی لَحْدِهِ وَ نَضَّدْنَا عَلَیْهِ اللَّبِنَ.

وَ فِی الْخَبَرِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام: فَأَخَذَا اللَّبِنَةَ مِنْ عِنْدِ الرَّأْسِ بَعْدَ مَا أَشْرَجَا عَلَیْهِ اللَّبِنَ فَإِذَا لَیْسَ فِی الْقَبْرِ شَیْ ءٌ فَإِذَا هَاتِفٌ یَهْتِفُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ عَبْداً صَالِحاً فَأَلْحَقَهُ اللَّهُ بِنَبِیِّهِ- وَ كَذَلِكَ یَفْعَلُ بِالْأَوْصِیَاءِ بَعْدَ الْأَنْبِیَاءِ حَتَّی لَوْ أَنَّ نَبِیّاً مَاتَ بِالْمَشْرِقِ وَ مَاتَ وَصِیُّهُ بِالْمَغْرِبِ لَأَلْحَقَ النَّبِیَّ بِالْوَصِیِ (1).

وَ فِی خَبَرٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِیٍّ علیه السلام: فَانْشَقَّ الْقَبْرُ عَنْ ضَرِیحٍ فَإِذَا هُوَ بِسَاجَةٍ مَكْتُوبٍ عَلَیْهَا بِالسُّرْیَانِیَّةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا قَبْرٌ حَفَرَهُ نُوحٌ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَصِیِّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلَ الطُّوفَانِ بِسَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ فَانْشَقَّ الْقَبْرُ فَلَا نَدْرِی (2)

وَ سَأَلَ ابْنُ مُسْكَانَ الصَّادِقَ علیه السلام عَنِ الْقَائِمِ الْمَائِلِ فِی طَرِیقِ الْغَرِیِّ فَقَالَ نَعَمْ إِنَّهُمْ لَمَّا جَاءُوا بِسَرِیرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام انْحَنَی أَسَفاً وَ حُزْناً عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام. وَ قَالَ الْغَزَّالِیُّ: ذَهَبَ النَّاسُ إِلَی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام دُفِنَ عَلَی النَّجَفِ وَ أَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَی النَّاقَةِ فَسَارَتْ حَتَّی انْتَهَتْ إِلَی مَوْضِعِ قَبْرِهِ فَبَرَكَتْ فَجَهَدُوا أَنْ تَنْهَضَ فَلَمْ تَنْهَضْ فَدَفَنُوهُ فِیهِ (3).

«45»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب تَفْسِیرُ وَكِیعٍ وَ السُّدِّیِّ وَ السُّفْیَانِ وَ أَبِی صَالِحٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَی أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا نَأْتِی الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها(4) یَوْمَ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ لَقَدْ كُنْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الطَّرَفَ الْأَكْبَرَ فِی الْعِلْمِ الْیَوْمَ نَقَصَ عِلْمُ الْإِسْلَامِ وَ مَضَی رُكْنُ الْإِیمَانِ.

الزَّعْفَرَانِیُّ عَنِ الْمُزَنِیِّ عَنِ الشَّافِعِیِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَیٍّ عَنْ أَبِی

ص: 236


1- 1. فی المصدر: لالحق الوصی بالنبی.
2- 2. كذا فی النسخ و المصدر.
3- 3. مناقب آل أبی طالب 1: 482 و 483.
4- 4. سورة الرعد: 41.

صَالِحٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْیَوْمَ (1)

نَقَصَ الْفِقْهُ وَ الْعِلْمُ مِنْ أَرْضِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نُقْصَانَ الْأَرْضِ نُقْصَانُ عُلَمَائِهَا وَ خِیَارِ أَهْلِهَا إِنَّ اللَّهَ لَا یَقْبِضُ هَذَا الْعِلْمَ انْتِزَاعاً یَنْتَزِعُهُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ وَ لَكِنَّهُ یَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّی إِذَا لَمْ یَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَیَسْأَلُوا فَیُفْتُوا بِغَیْرِ عِلْمٍ فَیَضِلُّوا وَ أَضَلُّوا.

سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِی قَوْلِهِ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ لِوالِدَیَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَیْتِیَ مُؤْمِناً وَ قَدْ كَانَ قَبْرُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مَعَ نُوحٍ فِی السَّفِینَةِ فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِینَةِ تَرَكَ قَبْرَهُ خَارِجَ الْكُوفَةِ فَسَأَلَ نُوحٌ رَبَّهُ الْمَغْفِرَةَ لِعَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ علیهما السلام قَوْلُهُ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ قَالَ وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِینَ یَعْنِی الظَّلَمَةَ لِأَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا تَباراً(2).

وَ رُوِیَ: أَنَّهُ نَزَلَ فِیهِ وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ (3).

أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَیْهِ فِی فَضَائِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَبُو بَكْرٍ الشِّیرَازِیُّ فِی نُزُولِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَالَ سَعِیدُ بْنُ الْمُسَیَّبِ: كَانَ عَلِیٌّ یَقْرَأُ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها(4) قَالَ فَوَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی لِحْیَتِهِ وَ رَأْسِهِ. وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ وَ الْوَاحِدِیُّ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ عَمَّارٍ وَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صُهَیْبٍ وَ عَنِ الضَّحَّاكِ وَ رَوَی ابْنُ مَرْدَوَیْهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَ عَنْ صُهَیْبٍ وَ عَنْ عَمَّارٍ وَ عَنِ ابْنِ عَدِیٍّ وَ عَنِ الضَّحَّاكِ وَ الْخَطِیبُ فِی التَّارِیخِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَ رَوَی الطَّبَرِیُّ وَ الْمَوْصِلِیُّ عَنْ عَمَّارٍ وَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله: یَا عَلِیُّ أَشْقَی الْأَوَّلِینَ عَاقِرُ النَّاقَةِ وَ أَشْقَی الْآخِرِینَ قَاتِلُكَ وَ فِی رِوَایَةٍ مَنْ یَخْضِبُ هَذِهِ مِنْ هَذَا. و كان عبد الرحمن بن ملجم عداده من مراد قال ابن عباس كان من ولد قدار عاقر ناقة صالح و قصتهما

ص: 237


1- 1. فی المصدر: هذا یوم.
2- 2. سورة نوح: 28.
3- 3. سورة الشعراء: 227.
4- 4. سورة الشمس: 12.

واحدة لأن قدار عشق امرأة یقال لها رباب كما عشق ابن ملجم لقطام.

سمع ابن ملجم و هو یقول لأضربن علیا بسیفی هذا فذهبوا به إلیه فقال ما اسمك قال عبد الرحمن بن ملجم قال نشدتك باللّٰه عن شی ء تخبرنی قال نعم قال هل مر علیك شیخ یتوكأ علی عصاه و أنت فی الباب فمشقك (1) بعصاه ثم قال بؤسا لك أشقی من عاقر ناقة ثمود قال نعم قال هل كان الصبیان یسمونك ابن راعیة الكلاب و أنت تلعب معهم قال نعم قال هل أخبرتك أمك أنها حملت بك و هی طامث قال نعم قال فبایع فبایع ثم قال خلوا سبیله.

الحسن البصری: أنه علیه السلام سهر فی تلك اللیلة و لم یخرج لصلاة اللیل علی عادته فقالت أم كلثوم ما هذا السهر قال إنی مقتول لو قد أصبحت فقالت مر جعدة فلیصل بالناس قال نعم مروا جعدة لیصل ثم مر و قال لا مفر من الأجل و خرج قائلا:

خلوا سبیل الجاهد المجاهد***فی اللّٰه ذی الكتب و ذی المجاهد(2)

فی اللّٰه لا یعبد غیر الواحد***و یوقظ الناس إلی المساجد

و روی أنه علیه السلام: سهر فی تلك اللیلة فأكثر الخروج و النظر إلی السماء و هو یقول و اللّٰه ما كذبت و إنها اللیلة التی وعدت بها ثم یعاود مضجعه فلما طلع الفجر أتاه ابن النباح (3) و نادی الصلاة فقام فاستقبله الإوز فصحن فی وجهه فقال دعوهن فإنهن صوائح تتبعها نوائح و تعلقت حدیدة علی الباب فی مئزره فشد إزاره و هو یقول :

اشدد حیازیمك للموت فإن الموت لاقیك***و لا تجزع من الموت إذا حل بوادیك.

ص: 238


1- 1. أی ضربك.
2- 2. فی المصدر: و ذی المشاهد.
3- 3.«: ابن التیاح.

فقد أعرف أقواما و إن كانوا صعالیك***مساریع إلی الخیر و للشر منادیك

(1).

أبو مخنف الأزدی و ابن راشد و الرفاعی و الثقفی جمیعا أنه اجتمع نفر من الخوارج بمكة فقالوا إنا شرینا أنفسنا لله و ساق الحدیث نحوا مما مر إلی قوله و استعان ابن ملجم بشبیب بن بجرة و أعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص بخط فیه مائة ألف درهم فجعله مهرها فأطعمت لهما اللوزینج و الجوزیبق و سقتهما الخمر العكبری فنام شبیب و تمتع ابن ملجم معها ثم قامت فأیقظتهما و عصبت صدورهم (2) بحریر و تقلدوا أسیافهم و كمنوا له مقابل السدة.

وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِیُّ: أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُنَادِی الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فَإِذَا هُوَ مَضْرُوبٌ وَ سَمِعْتُ قَائِلًا یَقُولُ الْحُكْمُ لِلَّهِ یَا عَلِیُّ لَا لَكَ وَ لَا لِأَصْحَابِكَ وَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ فُزْتُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَا یَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ ثُمَّ سَاقَ الْقِصَّةَ إِلَی قَوْلِهِ وَ إِنْ هَلَكْتُ فَاصْنَعُوا بِهِ مَا یُصْنَعُ بِقَاتِلِ النَّبِیِّ- فَسُئِلَ عَنْ مَعْنَاهُ فَقَالَ اقْتُلُوهُ ثُمَّ حَرِّقُوهُ بِالنَّارِ فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَقَدِ ابْتَعْتُهُ بِأَلْفٍ وَ سَمَمْتُهُ بِأَلْفٍ فَإِنْ خَانَنِی فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَ لَقَدْ ضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَیْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَهْلَكَتْهُمْ.

وَ فِی مَحَاسِنِ الْجَوَابَاتِ عَنِ الدِّینَوَرِیِّ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَقْتُلَ بِهِ شَرَّ خَلْقِهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَدْ أَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ یَا حَسَنُ إِذَا مِتُّ فَاقْتُلْهُ بِسَیْفِهِ. وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام قَالَ: أَطْعِمُوهُ وَ اسْقُوهُ وَ أَحْسِنُوا إِسَارَهُ فَإِنْ أَصِحَّ فَأَنَا وَلِیُّ دَمِی إِنْ شِئْتُ أَعْفُو وَ إِنْ شِئْتُ اسْتَقَدْتُ (3) وَ إِنْ هَلَكْتُ فَاقْتُلُوهُ ثُمَّ أَوْصَی فَقَالَ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُلْفِیَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِینَ خَوْضاً تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَلَا لَا یُقْتَلَنَّ بِی إِلَّا قَاتِلِی وَ نَهَی عَنِ الْمُثْلَةِ. وَ رَوَی أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِنِیُّ أَنَّهُ قَالَ علیه السلام:

ص: 239


1- 1. فی المصدر و( خ): متاریك.
2- 2.«: صدورهما.
3- 3.«: استنفذت.

تِلْكُمْ قُرَیْشٌ تَمَنَّانِی لِتَقْتُلَنِی***فَلَا وَ رَبِّكَ مَا فَازُوا وَ مَا ظَفِرُوا

فَإِنْ بَقِیتُ فَرَهْنٌ ذِمَّتِی لَهُمْ***بِذَاتِ وَدْقَیْنِ لَا یَعْفُو لَهَا أَثَرٌ

وَ إِنْ هَلَكْتُ فَإِنِّی سَوْفَ أُوتِرُهُمْ***ذُلَّ الْمَمَاتِ فَقَدْ خَانُوا وَ قَدْ غَدَرُوا

وَ أَمَرَ الْحَسَنَ علیه السلام أَنْ یُصَلِّیَ الْغَدَاةَ بِالنَّاسِ وَ رُوِیَ أَنَّهُ دَفَعَ فِی ظُهْرِهِ جَعْدَةَ فَصَلَّی بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ.

الْأَصْبَغُ فِی خَبَرٍ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: لَقَدْ ضُرِبْتُ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی قُبِضَ فِیهَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ لَأُقْبَضُ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی رُفِعَ فِیهَا عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ.

الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام فِی خَبَرٍ: وَ لَقَدْ صُعِدَ بِرُوحِهِ فِی اللَّیْلَةِ الَّتِی صُعِدَ فِیهَا بِرُوحِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا(1).

توضیح: قال الجزری فی قوله علیه السلام بذات ودقین أی حرب شدیدة و هو من الودق و الوداق الحرص علی طلب الفحل لأن الحرب توصف باللقاح و قیل من الودق المطر یقال للحرب الشدیدة ذات ودقین تشبیها بسحاب ذات مطرتین شدیدتین (2).

أَقُولُ: فِی الدِّیوَانِ: أَنَّهُ علیه السلام قَالَ حِینَ خَرَجَ إِلَی الْمَسْجِدِ:

خَلُّوا سَبِیلَ الْمُؤْمِنِ الْمُجَاهِدِ***فِی اللَّهِ لَایَعْبُدُ غَیْرَ الْوَاحِدِ

وَ یُوقِظُ النَّاسَ إِلَی الْمَسَاجِدِ(3)

وَ فِیهِ أَنَّهُ علیه السلام قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ إِذَا حَلَّ بِوَادِیكَا :

فَإِنَّ الدِّرْعَ وَ الْبَیْضَةَ***یَوْمَ الرَّوْعِ یَكْفِیكَا

كَمَا أَضْحَكَكَ الدَّهْرُ***كَذَاكَ الدَّهْرُ یُبْكِیكَا

إِلَی قَوْلِهِ :

مَسَارِیعُ إِلَی النَّجْدَةِ ***لِلْغَیِّ مُتَارِیكَا(4).

ص: 240


1- 1. مناقب آل أبی طالب 2: 78- 82.
2- 2. النهایة 4: 202.
3- 3. الدیوان: 48.
4- 4.«: 90.

الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام:

أَیْنَ مَنْ كَانَ لِعِلْمِ الْمُصْطَفَی فِی النَّاسِ بَاباً***أَیْنَ مَنْ كَانَ إِذَا مَا قُحِطَ النَّاسُ سَحَاباً

أَیْنَ مَنْ كَانَ إِذَا نُودِیَ لِلْحَرْبِ (1) أَجَابَا ***أَیْنَ مَنْ كَانَ دُعَاهُ مُسْتَجَاباً وَ مُجَاباً.

وَ لَهُ علیه السلام:

خَلِّ الْعُیُونَ وَ مَا أَرَدْنَ***مِنَ الْبُكَاءِ عَلَی عَلِیٍ

لَا تَقْبَلَنَّ مِنَ الْخَلِیِ***فَلَیْسَ قَلْبُكَ بِالْخَلِیِ

لِلَّهِ أَنْتَ إِذَا الرِّجَالُ***تَضَعْضَعَتْ وَسْطَ النَّدِیِ

فَرَّجْتَ غُمَّتَهُ وَ لَمْ***تَرْكَنْ إِلَی فَشَلٍ وَ عِیٍّ.

وَ لَهُ علیه السلام:

خَذَلَ اللَّهُ خَاذِلِیهِ وَ لَا أَغْ-***مَدَعَنْ قَاتِلِیهِ سَیْفَ الْفَنَاءِ.

زَیْدُ بْنُ عَلِیٍّ قَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام: لَمَّا قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَمِعْتُ جِنِّیَّةً تَرْثِیهِ بِهَذِهِ الْأَبْیَاتِ :

لَقَدْ هَدَّ رُكْنِی أَبُو شَبَّرَ***فَمَا ذَاقَتِ الْعَیْنُ طِیبَ الْوَسَنِ (2)

وَ لَا ذَاقَتِ الْعَیْنُ طِیبَ الْكَرَی (3)***وَ أُلْقِیتُ دَهْرِی رَهِینَ الْحَزَنِ

وَ أَقْلَقَنِی طُولُ تَذْكَارِهِ***حَرَارَةَ ثُكْلِ الرَّقُوبِ الشَّثَنِ.

أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَ سَمِعْتُ (4) صَوْتَ هَاتِفٍ مِنَ الْجِنِ :

یَا مَنْ یَؤُمُّ إِلَی الْمَدِینَةِ قَاصِداً***أَدِّ الرِّسَالَةَ غَیْرَ مَا مُتَوَانٍ

قَتَلَتْ شِرَارُ بَنِی أُمَیَّةَ سَیِّداً***خَیْرَ الْبَرِّیَّةِ مَاجِداً ذَا شَأْنٍ

ص: 241


1- 1. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ و كذا المصدر: فی الحرب.
2- 2. الوسن: فنور یتقدم النوم.
3- 3. الكری: النعاس.
4- 4. فی المصدر: و سمع.

رَبِّ الْمُفَضَّلِ فِی السَّمَاءِ وَ أَرْضِهَا***سَیْفِ النَّبِیِّ وَ هَادِمِ الْأَوْثَانِ

بَكَتِ الْمَشَاعِرُ وَ الْمَسَاجِدُ بَعْدَ مَا***بَكَتِ الْأَنَامُ لَهُ بِكُلِّ مَكَانٍ.

وَ فِی شَرَفِ النُّبُوَّةِ أَنَّهُ سُمِعَ مِنْهُمْ:

لَقَدْ مَاتَ خَیْرُ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ***وَ أَكْرَمُهُمْ فَضْلًا وَ أَوْفَاهُمْ عَهْداً

وَ أَضْرَبُهُمْ بِالسَّیْفِ فِی مُهَجِ الْعِدَی***وَ أَصْدَقُهُمْ قِیلًا وَ أَنْجَزُهُمْ وَعْداً.

صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ:

إِلَی مَنْ لِی بِأُنْسِكَ یَا أُخَیَّا***وَ مَنْ لِی أَنْ أَبُثَّكَ مَا لَدَیَّا

طَوَتْكَ خُطُوبُ دَهْرٍ قَدْ تَوَالَی***لِذَاكَ خُطُوبُهُ نَشْراً وَ طَیّاً

فَلَوْ نَشَرَتْ قُوَاكَ لِیَ الْمَنَایَا***شَكَوْتُ إِلَیْكَ مَا صَنَعَتْ إِلَیَّا

بَكَیْتُكَ یَاعَلِیُّ لِدُرِّ عَیْنِی***فَلَمْ یُغْنِ الْبُكَاءُ عَلَیْكَ شَیَّا

كَفَی حُزْناً بِدَفْنِكَ ثُمَّ إِنِّی***نَفَضْتُ تُرَابَ قَبْرِكَ مِنْ یَدَیَّا

وَ كَانَتْ فِی حَیَاتِكَ لِی عِظَاتٌ***وَ أَنْتَ الْیَوْمَ أَوْعَظُ مِنْكَ حَیّاً

فَیَا أَسَفِی عَلَیْكَ وَ طُولَ شَوْقِی***إِلَی لَوْ أَنَّ ذَلِكَ رَدَّ شَیَّا(1)

وَ لَهُ :

هَلْ خَبَرَ الْقَبْرُ سَائِلِیهِ***أَمْ قَرَّ عَیْناً بِزَائِرِیهِ

أَمْ هَلْ تَرَاهُ أَحَاطَ عِلْماً***بِالْجَسَدِ الْمُسْتَكِنِّ فِیهِ

لَوْ عَلِمَ الْقَبْرُ مَنْ یُوَارِی***تَاهَ عَلَی كُلِّ مَنْ یَلِیهِ

یَا مَوْتُ مَا ذَا أَرَدْتَ مِنِّی***حَقَّقْتَ مَا كُنْتُ أَتَّقِیهِ

یَا مَوْتُ لَوْ تَقْبَلُ افْتِدَاءً***لَكُنْتُ بِالرُّوحِ أَفْتَدِیهِ

دَهْرٌ رَمَانِی بِفَقْدِ إلْفِی***أَذُمُّ دَهْرِی وَ أَشْتَكِیهِ.

أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیُّ:

أَلَا یَا عَیْنُ وَیْحَكِ فَاسْعَدِینَا***أَلَا أَبْكِی أَمِیرَالْمُؤْمِنِینَا

رُزِئْنَا خَیْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَایَا***وَ حَثْحَثَهَا وَ مَنْ رَكِبَ السَّفِینَا

ص: 242


1- 1. هكذا فی النسخ و المصدر و الظاهر: الیك اه.

وَ مَنْ لَبِسَ النِّعَالَ وَ مَنْ حَذَاهَا***وَ مَنْ قَرَأَ الْمَثَانِیَ وَ الْمِئِینَا(1)

إِذَا اسْتَقْبَلْتَ وَجْهَ أَبِی حُسَیْنٍ***رَأَیْتَ الْبَدْرَ رَاقَ النَّاظِرِینَا

یُقِیمُ الْحَدَّ لَا یَرْتَابُ فِیهِ***وَ یَقْضِی بِالْفَرَائِضِ مُسْتَبِیناً

أَلَا أَبْلِغْ مُعَاوِیَةَ بْنَ حَرْبٍ***فَلَا قَرَّتْ عُیُونُ الشَّامِتِینَا

أَ فِی الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَجَعْتُمُونَا***بِخَیْرِ النَّاسِ طُرّاً أَجْمَعِینَا

وَ مِنْ بَعْدِ النَّبِیِّ فَخَیْرُ نَفْسٍ***أَبُو حَسَنٍ وَ خَیْرُ الصَّالِحِینَا

كَأَنَّ النَّاسَ إِذْ فَقَدُوا عَلِیّاً***نَعَامٌ جَالَ فِی بَلَدٍ سِنِیناً

وَ كُنَّا قَبْلَ مَهْلِكِهِ بِخَیْرٍ***تَرَی فِینَا وَصِیَّ الْمُسْلِمِینَا

فَلَا وَ اللَّهِ لَا أَنْسَی عَلِیّاً***وَ حُسْنَ صَلَاتِهِ فِی الرَّاكِعِینَا

لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَیْشٌ حَیْثُ كَانَتْ (2)***بِأَنَّكَ خَیْرُهُمْ حَسَباً وَ دِیناً

فَلَا تُشْمِتْ مُعَاوِیَةَ بْنَ حَرْبٍ***فَإِنَّ بَقِیَّةَ الْخُلَفَاءِ فِینَا.

لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ:

دَعَوْتُكَ یَا عَلِیُّ فَلَمْ تُجِبْنِی***وَ رَدَّتْ دَعْوَتِی بَأْساً عَلِیّاً

بِمَوْتِكَ مَاتَتِ اللَّذَّاتُ عَنِّی***وَ كَانَتْ حَیَّةً إِذْ كَانَ (3) حَیّاً

فَیَا أَسَفاً عَلَیْكَ وَ طُولَ شَوْقِی***إِلَیْكَ لَوْ أَنَّ ذَلِكَ رُدَّ لِیَّا(4).

بیان: قوله علیه السلام و لا تقبلن من الخلی أی لا تقبل ترك البكاء من الخلی الذی ینصحك فی ذلك فإنك لست مثله و الندی علی فعیل القوم المجتمعون و الخطاب فی هذا البیت لأمیر المؤمنین علیه السلام و قال الجوهری الرقوب المرأة التی لا یعیش لها ولد(5) و یقال شثنت كفه أی غلظت و لعله تصحیف الشنن من شن الماء أی فرقه كنایة عن كثرة البكاء قوله رب المفضل لعله بمعنی

ص: 243


1- 1. فی المصدر: و المبینا.
2- 2.«: حین كانت.
3- 3. إذ كنت ظ( ب).
4- 4. مناقب آل أبی طالب 2: 82 و 83. و قوله« ردّ لیا» أی ردّ إلی.
5- 5. الصحاح: 138.

المربوب و الظاهر أن فیه تصحیفا و حثحث حرك و السفین جمع السفینة.

«46»- كشف، [كشف الغمة] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: قَدْ صَحَّ النَّقْلُ أَنَّهُ ضَرَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ لَكِنْ قِیلَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَیْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَ قِیلَ لِتِسْعَ عَشْرَةَ لَیْلَةً وَ قَدْ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَ قِیلَ لَیْلَةَ الْحَادِی وَ الْعِشْرِینَ مِنْ رَمَضَانَ وَ قِیلَ لَیْلَةَ الثَّالِثِ وَ الْعِشْرِینَ مِنْهُ وَ مَاتَ لَیْلَةَ الْأَحَدِ ثَالِثَ لَیْلَةٍ ضُرِبَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِینَ لِلْهِجْرَةِ فَیَكُونُ عُمُرُهُ خَمْساً وَ سِتِّینَ سَنَةً وَ قِیلَ بَلْ كَانَ ثَلَاثاً وَ سِتِّینَ وَ قِیلَ بَلْ ثَمَانَ وَ خَمْسِینَ وَ قِیلَ بَلْ كَانَ سَبْعاً وَ خَمْسِینَ سَنَةً وَ أَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ عَضَدَهُ (1) مَا نُقِلَ عَنْ مَعْرُوفٍ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا سَلَامُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا یَقُولُ قُتِلَ عَلِیٌ (2) وَ لَهُ خَمْسٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً فَهَذِهِ مُدَّةُ عُمُرِهِ فَلَمَّا مَاتَ علیه السلام غَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ مُحَمَّدٌ یَصُبُّ الْمَاءَ ثُمَّ كُفِّنَ وَ حُنِّطَ وَ حُمِلَ وَ دُفِنَ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ بِالْغَرِیِّ وَ قِیلَ بَیْنَ مَنْزِلِهِ وَ الْجَامِعِ الْأَعْظَمِ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ وَ إِذَا كَانَتْ مُدَّةُ عُمُرِهِ علیه السلام خَمْساً وَ سِتِّینَ سَنَةً عَلَی مَا ظَهَرَ فَاعْلَمْ مَنَحَكَ اللَّهُ أَلْطَافَ تَأْیِیدِهِ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ بِمَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَوَّلِ عُمُرِهِ خَمْساً وَ عِشْرِینَ سَنَةً(3) فَمِنْهَا بَعْدَ الْبَعْثِ وَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ قَبْلَهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ هَاجَرَ وَ أَقَامَ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْمَدِینَةِ إِلَی أَنْ تُوُفِّیَ عَشْرَ سِنِینَ ثُمَّ بَقِیَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَی أَنْ قُتِلَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَذَلِكَ خَمْسٌ وَ سِتُّونَ سَنَةً.

وَ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوارِزْمِیِّ قَالَ: لَمَّا ضُرِبَ عَلِیٌّ علیه السلام تَحَامَلَ وَ صَلَّی بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ وَ قَالَ عَلَیَّ بِالرَّجُلِ فَأُدْخِلَ عَلَیْهِ فَقَالَ أَیْ عَدُوَّ اللَّهِ أَ لَمْ أُحْسِنْ إِلَیْكَ قَالَ بَلَی قَالَ فَمَا حَمَلَكَ عَلَی هَذَا قَالَ شَحَذْتُهُ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَقْتُلَ بِهِ شَرَّ خَلْقِهِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَا أَرَاكَ إِلَّا مَقْتُولًا بِهِ وَ مَا أَرَاكَ إِلَّا مِنْ شَرِّ

ص: 244


1- 1. فی المصدر: یعضده.
2- 2.«: قتل علیّ بن أبی طالب.
3- 3. كشف الغمّة: 131.

خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ قَالَ وَ دَعَا عَلِیٌّ حَسَناً وَ حُسَیْناً فَقَالَ:

أُوصِیكُمَا بِتَقْوَی اللَّهِ وَ لَا تَبْغِیَا الدُّنْیَا وَ إِنْ بَغَتْكُمَا وَ لَا تَبْكِیَا عَلَی شَیْ ءٍ زُوِیَ عَنْكُمَا قُولَا(1) بِالْحَقِّ وَ ارْحَمَا الْیَتِیمَ وَ أَعِینَا الضَّائِعَ وَ اصْنَعَا لِلْأُخْرَی وَ كُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً وَ لِلْمَظْلُومِ نَاصِراً اعْمَلَا بِمَا فِی الْكِتَابِ (2) وَ لَا تَأْخُذْكُمَا فِی اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ.

ثُمَّ نَظَرَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ فَقَالَ هَلْ حَفِظْتَ مَا أَوْصَیْتُ بِهِ أَخَوَیْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّی أُوصِیكَ بِمِثْلِهِ وَ أُوصِیكَ بِتَوْقِیرِ أَخَوَیْكَ لِعَظِیمِ (3) حَقِّهِمَا عَلَیْكَ فَلَا تُوثِقْ أَمْراً دُونَهُمَا ثُمَّ قَالَ أُوصِیكُمَا بِهِ فَإِنَّهُ شَقِیقُكُمَا وَ ابْنُ أَبِیكُمَا وَ قَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ أَبَاكُمَا كَانَ یُحِبُّهُ وَ قَالَ لِلْحَسَنِ أُوصِیكَ یَا بُنَیَّ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَحِلِّهَا فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ وَ لَا یُقْبَلُ (4) الصَّلَاةُ مِمَّنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ وَ أُوصِیكَ بِعَفْوِ الذَّنْبِ وَ كَظْمِ الْغَیْظِ وَ صِلَةِ الرَّحِمِ وَ الْحِلْمِ عَنِ الْجَاهِلِ وَ التَّفَقُّهِ فِی الدِّینِ وَ التَّثَبُّتِ فِی الْأَمْرِ(5) وَ التَّعَاهُدِ لِلْقُرْآنِ وَ حُسْنِ الْجِوَارِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَی وَ كَانَتْ وَصِیَّتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَوْصَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام(6).

أَقُولُ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فِی رِوَایَةِ الْكُلَیْنِیِّ ثُمَّ قَالَ: وَ لَمْ یَنْطِقْ إِلَّا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّی قُبِضَ علیه السلام فِی شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِینَ وَ غَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ كُفِّنَ فِی ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَیْسَ فِیهَا

ص: 245


1- 1. فی المصدر: و قولا.
2- 2.«: فی كتاب اللّٰه.
3- 3.«: لعظم.
4- 4.«: و لا تقبل.
5- 5.«: الأمور خ ل.
6- 6. كشف الغمّة: 129.

وَ كَبَّرَ عَلَیْهِ الْحَسَنُ تِسْعَ تَكْبِیرَاتٍ وَ كَانَ علیه السلام نَهَی عَنِ الْمُثْلَةِ(1) فَقَالَ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُلْفِیَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِینَ (2) تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَلَا لَا یُقْتَلُ (3) بِی إِلَّا قَاتِلِی انْظُرْ یَا حَسَنُ إِنْ أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِی هَذِهِ فَاضْرِبْهُ ضَرْبَةً وَ لَا تُمَثِّلْ بِالرَّجُلِ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِیَّاكُمْ وَ الْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ فَلَمَّا قُبِضَ علیه السلام بَعَثَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی ابْنِ مُلْجَمٍ فَقَتَلَهُ وَ لَفَّهُ النَّاسُ فِی الْبَوَارِیِّ وَ أَحْرَقُوهُ وَ كَانَ أَنْفَذَ إِلَی الْحَسَنِ علیه السلام یَقُولُ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا أَعْطَیْتُ اللَّهَ عَهْداً إِلَّا وَفَیْتُ بِهِ إِنِّی عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ أَقْتُلَ عَلِیّاً وَ مُعَاوِیَةَ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُمَا فَإِنْ شِئْتَ خَلَّیْتَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ وَ لَكَ اللَّهَ عَلَی أَنْ أَقْتُلَهُ وَ إِنْ قَتَلْتُهُ وَ بَقِیتُ لَآتِیَنَّكَ حَتَّی أَضَعَ یَدِی فِی یَدِكَ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی تُعَایِنَ النَّارَ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَقَتَلَهُ (4).

«47»- كا، [الكافی] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا علیه السلام إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ عَرَفَ قَاتِلَهُ وَ اللَّیْلَةَ الَّتِی یُقْتَلُ فِیهَا وَ الْمَوْضِعَ الَّذِی یُقْتَلُ فِیهِ وَ قَوْلُهُ لَمَّا سَمِعَ صِیَاحَ الْإِوَزِّ فِی الدَّارِ صَوَائِحُ تَتْبَعُهَا نَوَائِحُ وَ قَوْلُ أُمِّ كُلْثُومٍ لَوْ صَلَّیْتَ اللَّیْلَةَ دَاخِلَ الدَّارِ وَ أَمَرْتَ غَیْرَكَ یُصَلِّی بِالنَّاسِ فَأَبَی عَلَیْهَا وَ كَثُرَ دُخُولُهُ وَ خُرُوجُهُ تِلْكَ اللَّیْلَةَ بِلَا سِلَاحٍ وَ قَدْ عَرَفَ علیه السلام أَنَّ ابْنَ مُلْجَمٍ قَاتِلُهُ بِالسَّیْفِ كَانَ هَذَا مِمَّا لَمْ یَجُزْ تَعَرُّضُهُ فَقَالَ ذَلِكَ كَانَ وَ لَكِنَّهُ خُیِّرَ تِلْكَ (5) اللَّیْلَةَ لِتَمْضِیَ مَقَادِیرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ (6).

بیان: فی بعض النسخ خیر بالخاء أی خیر بین البقاء و اللقاء

ص: 246


1- 1. فی المصدر: نهی الحسن عن المثلة.
2- 2.«: تخوضون فی دماء المسلمین خوضا اه.
3- 3.«: لا یقتلن.
4- 4. كشف الغمّة: 130.
5- 5. فی المصدر: فی تلك.
6- 6. أصول الكافی( الجزء الأول من الطبعة الحدیثة): 259.

فاختار اللقاء و فی بعضها بالحاء المهملة أی أنسی ذلك الوقت و فی بعضها بالحاء المهملة و النون (1) أی كان موقتا معلوما متیقنا عنده فكان لا ینفعه الفرار و فی بعض الاحتمالات اللام لام العاقبة فی قوله لتمضی.

«48»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِیدِ الْجُعْفِیِّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا أُصِیبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَعَی الْحَسَنُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ هُوَ بِالْمَدَائِنِ- فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ یَا لَهَا مِنْ مُصِیبَةٍ مَا أَعْظَمَهَا مَعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَنْ أُصِیبَ مِنْكُمْ بِمُصِیبَةٍ فَلْیَذْكُرْ مُصَابَهُ بِی (2) فَإِنَّهُ لَنْ یُصَابَ بِمُصِیبَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا وَ صَدَقَ صلی اللّٰه علیه و آله(3).

«49»- كا، [الكافی] الْعِدَّةُ عَنِ الْبَرْقِیِّ عَنِ السِّنْدِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: صَلَّی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْفَجْرَ ثُمَّ لَمْ یَزَلْ فِی مَوْضِعِهِ حَتَّی صَارَتِ الشَّمْسُ عَلَی قِیدِ(4) رُمْحٍ وَ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَاماً یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِیَاماً یُخَالِفُونَ بَیْنَ جِبَاهِهِمْ وَ رُكَبِهِمْ كَأَنَّ زَفِیرَ النَّارِ فِی آذَانِهِمْ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَهُمْ مَادُوا كَمَا یَمِیدُ الشَّجَرُ كَأَنَّمَا الْقَوْمُ مَا بَاتُوا غَافِلِینَ قَالَ ثُمَّ قَامَ فَمَا رُئِیَ ضَاحِكاً حَتَّی قُبِضَ علیه السلام(5).

«50»- ما، [الأمالی] للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنِ ابْنِ نَهِیكٍ عَنِ ابْنِ جَبَلَةَ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ شُعَیْبٍ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَمَعَ بَنِیهِ حَسَناً وَ حُسَیْناً وَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ وَ الْأَصَاغِرَ مِنْ وُلْدِهِ فَوَصَّاهُمْ وَ كَانَ فِی آخِرِ وَصِیَّتِهِ یَا بَنِیَّ عَاشِرُوا النَّاسَ عِشْرَةً إِنْ غِبْتُمْ حَنُّوا إِلَیْكُمْ وَ إِنْ فُقِدْتُمْ بَكَوْا عَلَیْكُمْ یَا بَنِیَّ إِنَّ الْقُلُوبَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ

ص: 247


1- 1. یعنی عوض الراء ای« حین»( ب).
2- 2. فی( ك): مصائبی.
3- 3. فروع الكافی( الجزء الثالث من الطبعة الحدیثة): 220 و 221.
4- 4. فی( ك): قدر.
5- 5. أصول الكافی( الجزء الثانی من الطبعة الحدیثة): 236.

تَتَلَاحَظُ بِالْمَوَدَّةِ وَ تَتَنَاجَی بِهَا وَ كَذَلِكَ هِیَ فِی الْبُغْضِ فَإِذَا أَحْبَبْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَیْرِ خَیْرٍ سَبَقَ مِنْهُ إِلَیْكُمْ فَارْجُوهُ وَ إِذَا أَبْغَضْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ سَبَقَ مِنْهُ إِلَیْكُمْ فَاحْذَرُوهُ (1).

«51»- كا، [الكافی] أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: بَعَثَ إِلَیَّ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَی علیه السلام بِوَصِیَّةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام (2) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- أَوْصَی أَنَّهُ یَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ثُمَ إِنَّ صَلاتِی وَ نُسُكِی وَ مَحْیایَ وَ مَماتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لا شَرِیكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ یَا حَسَنُ- وَ جَمِیعَ أَهْلِ بَیْتِی وَ وُلْدِی وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِی بِتَقْوَی اللَّهِ رَبِّكُمْ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِیعاً وَ لا تَفَرَّقُوا فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَیْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ وَ إِنَّ الْمُبِیرَةَ الْحَالِقَةَ لِلدِّینِ فَسَادُ ذَاتِ الْبَیْنِ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ انْظُرُوا ذَوِی أَرْحَامِكُمْ فَصِلُوهُمْ یُهَوِّنِ اللَّهُ عَلَیْكُمُ الْحِسَابَ.

اللَّهَ اللَّهَ فِی الْأَیْتَامِ فَلَا تُغَیِّرُوا(3)أَفْوَاهَهُمْ وَ لَا تضیعوا [یَضِیعُوا] بِحَضْرَتِكُمْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ عَالَ یَتِیماً حَتَّی یَسْتَغْنِیَ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَهُ بِذَلِكَ الْجَنَّةَ كَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ لِآكِلِ مَالِ الْیَتِیمِ النَّارَ

ص: 248


1- 1. أمالی ابن الشیخ: 27.
2- 2. الوصیة المذكورة فی المتن هی الوصیة الثانیة له علیه السلام كما فی المصدر و لم یذكر الأولی لانه ذكرها فی باب صدقاته و موالیه علیه السلام تحت الرقم 4 و كذا فی باب سخائه علیه السلام ج 41 ص 39 و 40.
3- 3. فی المصدر: فلا تغبوا افواههم و لا یضیعوا.

اللَّهَ اللَّهَ فِی الْقُرْآنِ فَلَا یَسْبِقْكُمْ إِلَی الْعَمَلِ بِهِ أَحَدٌ غَیْرُكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی جِیرَانِكُمْ فَإِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْصَی بِهِمْ وَ مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُوصِی بِهِمْ حَتَّی ظَنَنَّا أَنَّهُ سَیُوَرِّثُهُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی بَیْتِ رَبِّكُمْ فَلَا یَخْلُو مِنْكُمْ مَا بَقِیتُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا وَ أَدْنَی مَا یَرْجِعُ بِهِ مَنْ أَمَّهُ أَنْ یُغْفَرَ لَهُ مَا سَلَفَ اللَّهَ اللَّهَ فِی الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا خَیْرُ الْعَمَلِ وَ إِنَّهَا عَمُودُ دِینِكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ رَبِّكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّ صِیَامَهُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْفُقَرَاءِ وَ الْمَسَاكِینِ فَشَارِكُوهُمْ فِی مَعَایِشِكُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ فَإِنَّمَا یُجَاهِدُ رَجُلَانِ إِمَامٌ هُدًی أَوْ مُطِیعٌ لَهُ مُقْتَدٍ بِهُدَاهُ اللَّهَ اللَّهَ فِی ذُرِّیَّةِ نَبِیِّكُمْ فَلَا یُظْلَمُنَّ بِحَضْرَتِكُمْ وَ بَیْنَ ظَهْرَانَیْكُمْ وَ أَنْتُمْ تَقْدِرُونَ عَلَی الدَّفْعِ عَنْهُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی أَصْحَابِ نَبِیِّكُمُ الَّذِینَ لَمْ یُحْدِثُوا حَدَثاً وَ لَمْ یُؤْوُوا مُحْدِثاً فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْصَی بِهِمْ وَ لَعَنَ الْمُحْدِثَ مِنْهُمْ وَ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ الْمُؤْوِیَ لِلْمُحْدِثِ اللَّهَ اللَّهَ فِی النِّسَاءِ وَ فِیمَا مَا مَلَكَتْ أَیْمَانُكُمْ فَإِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ نَبِیُّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ قَالَ أُوصِیكُمْ بِالضَّعِیفَیْنِ النِّسَاءِ وَ مَا مَلَكَتْ أَیْمَانُكُمْ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ لَا تَخَافُوا فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ یَكْفِیكُمُ (1)

اللَّهُ مَنْ آذَاكُمْ وَ مَنْ بَغَی عَلَیْكُمْ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ النُّكْرِ فَیُوَلِّیَ اللَّهُ أَمْرَكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا یُسْتَجَابُ لَكُمْ عَلَیْهِمْ وَ عَلَیْكُمْ یَا بَنِیَّ بِالتَّوَاصُلِ وَ التَّبَاذُلِ وَ التَّبَارِّ وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّقَاطُعَ وَ التَّدَابُرَ وَ التَّفَرُّقَ وَ تَعاوَنُوا(2) عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ

ص: 249


1- 1. فی المصدر: یكفكم.
2- 2.«:« تعانوا» فی الموضعین.

وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ حَفِظَكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ وَ حَفِظَ فِیكُمْ نَبِیَّكُمْ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَیْكُمُ السَّلَامَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ (1) ثُمَّ لَمْ یَزَلْ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّی قُبِضَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ رَحْمَتُهُ فِی ثَلَاثِ لَیَالٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ لَیْلَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ أَرْبَعِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ كَانَ ضُرِبَ لَیْلَةَ إِحْدَی وَ عِشْرِینَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (2).

«52»- یه، [من لا یحضر الفقیه] رُوِیَ عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ قَالَ: شَهِدْتُ وَصِیَّةَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام حِینَ أَوْصَی إِلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ علیه السلام وَ أَشْهَدَ عَلَی وَصِیَّتِهِ الْحُسَیْنَ علیه السلام وَ مُحَمَّداً وَ جَمِیعَ وُلْدِهِ وَ جَمِیعَ رُؤَسَاءَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ شِیعَتِهِ علیه السلام ثُمَّ دَفَعَ إِلَیْهِ الْكِتَابَ وَ السِّلَاحَ ثُمَّ قَالَ علیه السلام یَا بُنَیَّ أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ أُوصِیَ إِلَیْكَ وَ أَنْ أَدْفَعَ إِلَیْكَ كُتُبِی وَ سِلَاحِی كَمَا أَوْصَی إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَفَعَ إِلَیَّ كُتُبَهُ وَ سِلَاحَهُ وَ أَمَرَنِی أَنْ آمُرَكَ إِذَا حَضَرَكَ الْمَوْتُ أَنْ تَدْفَعَهُ إِلَی أَخِیكَ الْحُسَیْنِ علیه السلام ثُمَّ أَقْبَلَ (3) عَلَی ابْنِهِ الْحُسَیْنِ علیه السلام فَقَالَ وَ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَدْفَعَهُ إِلَی ابْنِكَ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی (4) عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ وَ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَدْفَعَ وَصِیَّتَكَ إِلَی ابْنِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ- فَأَقْرِئْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِنِّی السَّلَامَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ علیه السلام فَقَالَ یَا بُنَیَّ أَنْتَ وَلِیُّ الْأَمْرِ بَعْدِی وَ وَلِیُّ الدَّمِ فَإِنْ عَفَوْتَ فَلَكَ وَ إِنْ قَتَلْتَ فَضَرْبَةً مَكَانَ ضَرْبَةٍ وَ لَا تَأْثَمْ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا أَوْصَی بِهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ثُمَّ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی آخِرِ مَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُ (5).

ص: 250


1- 1. فی المصدر: و رحمة اللّٰه و بركاته.
2- 2. فروع الكافی( الجزء السابع من الطبعة الحدیثة): 51 و 52. و السند مذكور فی صفحة 49.
3- 3. فی المصدر: قال ثمّ اقبل.
4- 4.«: قال ثمّ اقبل علی ابنه اه.
5- 5. من لا یحضره الفقیه: 523 و 524.

إیضاح: قال الفیروزآبادی الحالقة الخصلة التی من شأنها أن تحلق أی تهلك و تستأصل الدین كما یستأصل الموسی الشعر(1).

و قال ابن أبی الحدید بعد إیراد تلك الوصیة فی شرح نهج البلاغة قوله فلا تغیروا أفواههم یحتمل تفسیرین أحدهما لا تجیعوهم فإن الجائع فمه تتغیر نكهته (2) و الثانی لا تحوجوهم إلی تكرار الطلب و السؤال فإن السائل ینضب ریقه و تنشف لهواته و تتغیر ریح فمه انتهی (3).

قوله علیه السلام لم تناظروا أی لم تمهلوا بل ینزل علیكم العذاب من غیر مهلة و قال الجزری فی حدیث المدینة من أحدث فیها حدثا أو آوی محدثا الحدث الأمر الحادث المنكر الذی لیس بمعتاد و لا معروف فی السنة و المحدث یروی بكسر الدال و فتحها علی الفاعل و المفعول فمعنی الكسر من نصر جانیا و آواه و أجاره من خصمه و حال بینه و بین أن یقتص منه و بالفتح هو الأمر المبتدع نفسه و یكون معنی الإیواء فیه الرضی به و الصبر علیه فإنه إذا رضی بالبدعة و أقر فاعلها علیها و لم ینكرها فقد آواها انتهی (4).

قوله علیه السلام و حفظ فیكم نبیكم أی جعل الناس بحیث یرعون فیكم حرمته صلی اللّٰه علیه و آله أو حفظ سننه و أطواره صلی اللّٰه علیه و آله فیكم أو یحفظكم لانتسابكم إلیه صلی اللّٰه علیه و آله و الأول أظهر.

«53»- كا، [الكافی] عَلِیٌّ بْنُ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام: لَمَّا غُسِّلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نُودُوا مِنْ جَانِبِ الْبَیْتِ إِنْ أَخَذْتُمْ مُقَدَّمَ السَّرِیرِ كُفِیتُمْ مُؤَخَّرَهُ وَ إِنْ أَخَذْتُمْ

ص: 251


1- 1. هذا المعنی غیر مذكور فی القاموس و ذكره فی النهایة 1: 251.
2- 2. فی المصدر: یخلف فمه و یتغیر نكهته.
3- 3. شرح النهج 2: 69.
4- 4. النهایة 1: 207 و فیه: و اقر فاعلها و لم ینكر علیه فقد آواه.

مُؤَخَّرَهُ كُفِیتُمْ مُقَدَّمَهُ (1).

«54»- نبه، [تنبیه الخاطر] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقُضْبَانِیُ (2)

عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَلْحٍ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ شَرِیكٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الْیَشْكُرِیِّ عَنْ قُدَامَةَ الْأَوْدِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّلَعِیِّ وَ كَانَ (3) لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ بَیْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَوَّفْتُ عَلَی نَفْسِی الْفِتْنَةَ فَاعْتَزَمْتُ عَلَی اعْتِزَالِ النَّاسِ فَتَنَحَّیْتُ إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَقَمْتُ فِیهِ حِیناً لَا أَدْرِی مَا فِیهِ النَّاسُ (4) فَخَرَجْتُ مِنْ بَیْتِی لِبَعْضِ حَوَائِجِی وَ قَدْ هَدَأَ اللَّیْلُ وَ نَامَ النَّاسُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ یُنَاجِی رَبَّهُ وَ یَتَضَرَّعُ إِلَیْهِ بِصَوْتٍ أَشَجَ (5) وَ قَلْبٍ حَزِینٍ فَأَنِسْتُ (6) إِلَیْهِ مِنْ حَیْثُ لَا یَرَانِی فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ یَا حَسَنَ الصُّحْبَةِ یَا خَلِیفَةَ النَّبِیِّینَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ الْبَدِی ءُ الْبَدِیعُ الَّذِی لَیْسَ مِثْلَكَ (7) شَیْ ءٌ وَ الدَّائِمُ غَیْرُ الْغَافِلِ وَ الْحَیُّ الَّذِی لَا یَمُوتُ أَنْتَ كُلَّ یَوْمٍ فِی شَأْنٍ أَنْتَ خَلِیفَةُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَاصِرُ مُحَمَّدٍ وَ مُفَضِّلُ مُحَمَّدٍ أَسْأَلُكَ (8) أَنْ تَنْصُرَ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ وَ خَلِیفَةَ مُحَمَّدٍ وَ الْقَائِمَ بِالْقِسْطِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ اعْطِفْ عَلَیْهِ بِنَصْرٍ أَوْ تَوَفَّهُ بِرَحْمَةٍ

ص: 252


1- 1. أصول الكافی( الجزء الأول من الطبعة الحدیثة) 1: 457.
2- 2. فی المصدر و( ت): القصبانی.
3- 3. فی المصدر: و كانت.
4- 4. فی المصدر بعد ذلك: معتزلا لاهل الهجر و الارجاف اه.
5- 5. كذا فی( ك): و فی غیره من النسخ« شج». و الصحیح كما فی المصدر: شجا. ای حزین.
6- 6. كذا فی( ك): و فی غیره من النسخ« فأنصت». و فی المصدر: فنضت إلیه و أصغیت إلیه.
7- 7. فی هامش( ك): كمثله خ ل.
8- 8. فی المصدر: أنت الذی أسألك اه.

قَالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ جَلَسَ بِقَدْرِ التَّشَهُّدِ(1) ثُمَّ إِنَّهُ سَلَّمَ فِیمَا أَحْسَبُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَی فَمَشَی عَلَی الْمَاءِ فَنَادَیْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ كَلِّمْنِی یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمْ یَلْتَفِتْ وَ قَالَ الْهَادِی خَلْفَكَ فَاسْأَلْهُ عَنْ أَمْرِ دِینِكَ قَالَ قُلْتُ مَنْ هُوَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَعْدِهِ فَخَرَجْتُ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْكُوفَةِ فَأَمْسَیْتُ دُونَهَا فَبِتُّ قَرِیباً مِنَ الْحِیرَةِ فَلَمَّا جُنَّ لِیَ (2) اللَّیْلُ إِذْ أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ حَتَّی اسْتَتَرَ بِرَابِیَةٍ(3) ثُمَّ صَفَّ قَدَمَیْهِ فَأَطَالَ الْمُنَاجَاةَ فَكَانَ فِیمَا قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی سِرْتُ فِیهِمْ بِمَا أَمَرَنِی رَسُولُكَ وَ صَفِیُّكَ فَظَلَمُونِی وَ قَتَلْتُ الْمُنَافِقِینَ كَمَا أَمَرْتَنِی فَجَهِلُونِی وَ قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِی وَ أَبْغَضْتُهُمْ وَ أَبْغَضُونِی وَ لَمْ تَبْقَ خَلَّةٌ أَنْتَظِرُهَا إِلَّا الْمُرَادِیَّ اللَّهُمَّ فَعَجِّلِ لَهُ الشَّقَاءَ(4) وَ تَغَمَّدْنِی بِالسَّعَادَةِ اللَّهُمَّ قَدْ وَعَدَنِی نَبِیُّكَ أَنْ تَتَوَفَّانِی إِلَیْكَ إِذَا سَأَلْتُكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ رَغِبْتُ إِلَیْكَ فِی ذَلِكَ ثُمَّ مَضَی فَتَبِعْتُهُ (5) فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ فَلَمْ أَلْبَثْ إِذْ نَادَی الْمُنَادِی بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَ وَ تَبِعْتُهُ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَعَمَّهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بِالسَّیْفِ (6).

«55»- نبه، [تنبیه الخاطر]: لَمَّا احْتُضِرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَمَعَ بَنِیهِ حَسَناً وَ حُسَیْناً وَ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ وَ الْأَصَاغِرَ مِنْ وُلْدِهِ فَوَصَّاهُمْ (7)

وَ كَانَ فِی آخِرِ وَصِیَّتِهِ یَا بَنِیَّ عَاشِرُوا النَّاسَ عِشْرَةً إِنْ غِبْتُمْ حَنُّوا إِلَیْكُمْ وَ إِنْ فُقِدْتُمْ بَكَوْا عَلَیْكُمْ یَا بَنِیَّ إِنَّ الْقُلُوبَ جُنْدٌ(8) مُجَنَّدَةٌ تَتَلَاحَظُ بِالْمَوَدَّةِ وَ تَتَنَاجَی بِهَا وَ كَذَلِكَ هِیَ فِی الْبُغْضِ فَإِذَا أَحْسَسْتُمْ مِنْ

ص: 253


1- 1. فی المصدر: و قعد مقدار التشهد.
2- 2. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ« جننی». و فی المصدر: اجننی.
3- 3. الرابیة: ما ارتفع من الأرض.
4- 4. فی المصدر: الشقاوة.
5- 5.«: فقفوته.
6- 6. تنبیه الخواطر و نزهة النواظر 2: 2 و 3.
7- 7. فی المصدر: فوصی لهم.
8- 8.«: جنود.

أَحَدٍ فِی قَلْبِكُمْ شَیْئاً فَاحْذَرُوهُ (1).

«56»- د، [العدد القویة] قَالَ الْوَاقِدِیُّ: آخِرُ كَلِمَةٍ قَالَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا بُنَیَّ إِذَا مِتُّ فَأَلْحِقُوا بِی ابْنَ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ أُخَاصِمْهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِینَ ثُمَّ قَرَأَ فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَهُ (2) وَ لَمَّا تُوُفِّیَ علیه السلام غَسَّلَهُ ابْنَاهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ قِیلَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ وَ قِیلَ إِنَّهُ لَمْ یُغَسَّلْ لِأَنَّهُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ قِیلَ كُفِّنَ فِی ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِیضٍ لَیْسَ فِیهَا قَمِیصٌ وَ لَا عِمَامَةٌ وَ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ بَقَایَا حَنُوطِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَنَّطُوهُ بِهَا وَ صَلَّی عَلَیْهِ وَلَدُهُ الْحَسَنُ علیه السلام وَ كَبَّرَ عَلَیْهِ خَمْساً وَ قِیلَ سِتّاً وَ قِیلَ سَبْعاً(3).

«57»- نهج، [نهج البلاغة]: مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قُبَیْلَ مَوْتِهِ عَلَی سَبِیلِ الْوَصِیَّةِ وَصِیَّتِی لَكُمْ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَیْئاً وَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَا تُضَیِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِیمُوا هَذَیْنِ الْعَمُودَیْنِ وَ خَلَاكُمْ ذَمٌّ أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ وَ الْیَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِیُّ دَمِی وَ إِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِیعَادِی وَ إِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِی قُرْبَةٌ وَ هُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ فَاعْفُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَ اللَّهِ مَا فَجَأَنِی مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ وَ لَا طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ وَ مَا كُنْتُ إِلَّا كَقَارِبٍ وَرَدَ وَ طَالِبٍ وَجَدَ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرارِ.

و قد مضی بعض هذا الكلام فیما تقدم من الخطب إلا أن فیه هاهنا زیادة أوجبت تكراره.

وَ مِنْ وَصِیَّةٍ لَهُ علیه السلام بِمَا یُعْمَلُ فِی أَمْوَالِهِ كَتَبَهَا بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفِّینَ: هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ- فِی مَالِهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ لِیُولِجَنِی بِهِ الْجَنَّةَ وَ یُعْطِیَنِی الْأَمَنَةَ مِنْهَا وَ إِنَّهُ یَقُومُ بِذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ یَأْكُلُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یُنْفِقُ مِنْهُ فِی الْمَعْرُوفِ فَإِنْ حَدَثَ بِحَسَنٍ حَدَثٌ وَ حُسَیْنٌ حَیٌ

ص: 254


1- 1. تنبیه الخواطر و نزهة النواظر 2: 75. و فیه فإذا احببتم الرجل من غیر خیر سبق منه الیكم فارجوه فإذا ابغضتم الرجل من غیر سوء سبق منه الیكم فاحذروه.
2- 2. سورة الزلزال: 7 و 8.
3- 3. مخطوط.

قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَهُ وَ أَصَدَرَ مَصْدَرَهُ وَ إِنَّ لِابْنَیْ فَاطِمَةَ مِنْ صَدَقَةِ عَلِیٍّ مِثْلَ الَّذِی لِبَنِی عَلِیٍّ وَ إِنِّی إِنَّمَا جَعَلْتُ الْقِیَامَ بِذَلِكَ إِلَی ابْنَیْ فَاطِمَةَ(1) ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَ قُرْبَةً إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ تَكْرِیماً لِحُرْمَتِهِ وَ تَشْرِیفاً لِوُصْلَتِهِ وَ یَشْتَرِطُ عَلَی الَّذِی یَجْعَلُهُ إِلَیْهِ أَنْ یَتْرُكَ الْمَالَ عَلَی أُصُولِهِ وَ یُنْفِقَ مِنْ ثَمَرِهِ حَیْثُ أُمِرَ بِهِ وَ هُدِیَ لَهُ وَ أَنْ لَا یَبِیعَ مِنْ أَوْلَادِ نَخِیلِ هَذِهِ الْقُرَی وَدِیَّةً حَتَّی تُشْكِلَ أَرْضُهَا غِرَاساً وَ مَنْ كَانَ مِنْ إِمَائِیَ اللَّاتِی أَطُوفُ عَلَیْهِنَّ لَهَا وَلَدٌ أَوْ هِیَ حَامِلٌ فَتُمْسِكُ عَلَی وَلَدِهَا وَ هِیَ حَظُّهُ فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا وَ هِیَ حَیَّةٌ فَهِیَ عَتِیقَةٌ قَدْ أَفْرَجَ عَنْهَا الرِّقُّ وَ حَرَّرَهَا(2) الْعِتْقُ.

قوله علیه السلام فی هذه الوصیة و أن لا یبیع من نخلها ودیة الودیة الفسیلة و جمعها ودی.

و قوله علیه السلام حتی تشكل أرضها غراسا هو من أفصح الكلام و المراد به أن الأرض یكثر فیها غرائس النخل حتی یراها الناظر علی غیر تلك الصفة التی عرفها بها فیشكل علیه أمرها و یحسبها غیرها(3).

بیان: قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام خلاكم ذم ما لم تشردوا یقال افعل ذلك و خلاك ذم أی أعذرت و سقط عنك الذم (4).

قال ابن أبی الحدید لقائل أن یقول إذا أوصاهم بالتوحید و اتباع سنة النبی صلی اللّٰه علیه و آله فقد دخل فیهما جمیع ما یجب أن یفعل ففی أی شی ء یقول و خلاكم ذم و الجواب أن كثیرا من الصحابة و التابعین كانوا قد كلفوا أنفسهم أمورا شاقة جدا فمنهم من كان یقوم اللیل كله و منهم من كان یصوم الدهر كله و منهم تارك النكاح و منهم تارك المطاعم و الملابس و كانوا یتفاخرون بذلك و یتنافسون فأراد علیه السلام أن المهم الأعظم القیام بالتوحید و السنن المؤكدة المعلومة من دین محمد

ص: 255


1- 1. فی المصدر: لبنی فاطمة.
2- 2. فی( ك): و حضرها.
3- 3. نهج البلاغة( عبده ط مصر) 2: 21- 23.
4- 4. النهایة 1: 319.

صلی اللّٰه علیه و آله و لا علیكم بالإخلال بما عدا ذلك (1).

و قال الخلیل القارب طالب الماء لیلا قوله علیه السلام بالمعروف أی من غیر إسراف و تقتیر قوله فی المعروف أی فی وجوه البر و الضمیر فی قوله مصدره إما راجع إلی الأمر أو إلی الحسن علیه السلام قوله علیه السلام أن یترك المال علی أصوله كنایة عن عدم إخراجه ببیع أو هبة أو غیرهما من وجوه الإملاك و الودیة النخلة الصغیرة.

«58»- نهج، [نهج البلاغة]: مِنْ وَصِیَّتِهِ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ أَخْزَاهُ.

أُوصِیكُمَا بِتَقْوَی اللَّهِ وَ أَنْ لَا تَبْغِیَا الدُّنْیَا وَ إِنْ بَغَتْكُمَا وَ لَا تَأْسَفَا عَلَی شَیْ ءٍ مِنْهَا زُوِیَ عَنْكُمَا وَ قُولَا بِالْحَقِّ وَ اعْمَلَا لِلْآخِرَةِ(2)

وَ كُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً وَ لِلْمَظْلُومِ عَوْناً أُوصِیكُمَا وَ جَمِیعَ وُلْدِی وَ أَهْلِی وَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِی بِتَقْوَی اللَّهِ وَ نَظْمِ أَمْرِكُمْ وَ صَلَاحِ ذَاتِ بَیْنِكُمْ فَإِنِّی سَمِعْتُ جَدَّكُمَا صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَیْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْأَیْتَامِ فَلَا تُغِبُّوا أَفْوَاهَهُمْ وَ لَا یَضِیعُوا بِحَضْرَتِكُمْ وَ اللَّهَ اللَّهَ فِی جِیرَانِكُمْ فَإِنَّهُ وَصِیَّةُ نَبِیِّكُمْ مَا زَالَ یُوصِی بِهِمْ حَتَّی ظَنَنَّا أَنَّهُ سَیُوَرِّثُهُمْ وَ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْقُرْآنِ لَا یَسْبِقُكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَیْرُكُمْ وَ اللَّهَ اللَّهَ فِی الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِینِكُمْ وَ اللَّهَ اللَّهَ فِی بَیْتِ رَبِّكُمْ لَا تُخْلُوهُ مَا بَقِیتُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تُنَاظَرُوا وَ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْجِهَادِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ أَلْسِنَتِكُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ عَلَیْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَ التَّبَاذُلِ وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّدَابُرَ وَ التَّقَاطُعَ لَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَیُوَلَّی عَلَیْكُمْ أَشْرَارُكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا یُسْتَجَابُ لَكُمْ ثُمَّ قَالَ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُلْفِیَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِینَ خَوْضاً تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَلَا لَا یُقْتَلَنَ (3)

بِی إِلَّا قَاتِلِی انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هَذِهِ

ص: 256


1- 5. شرح النهج 3: 647 و 648. و قد نقله ملخصا.
2- 1. فی المصدر: للاجر.
3- 2. فی المصدر: لا تقتلن.

فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ وَ لَا یُمَثَّلْ بِالرَّجُلِ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِیَّاكُمْ وَ الْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ(1).

بیان: بغاه طلبه و زواه عنه قبضه و صرفه قوله علیه السلام اللّٰه اللّٰه أی اتقوا اللّٰه و اذكروا اللّٰه قوله علیه السلام فلا تغبوا أفواههم أی لا تجیعوهم بأن تطعموهم یوما و تتركوهم یوما و روی فلا تغیروا أفواههم و المعنی واحد فإن الجائع یتغیر فمه قوله علیه السلام فإنه وصیة نبیكم الحمل للمبالغة أی أوصاكم فیهم و ألفاه وجده.

و قال الجزری یقال مثلت بالحیوان إذا قطعت أطرافه و شوهت به و مثلت بالقتیل إذا جدعت أنفه و أذنه و مذاكیره أو شیئا من أطرافه فأما مثل بالتشدید للمبالغة(2).

تذنیب: سئل الشیخ المفید قدس اللّٰه روحه فی المسائل العكبریة الإمام عندنا مجمع علی أنه یعلم ما یكون فما بال أمیر المؤمنین علیه السلام خرج إلی المسجد و هو یعلم أنه مقتول و قد عرف قاتله و الوقت و الزمان و ما بال الحسین بن علی علیهما السلام سار إلی الكوفة و قد علم أنهم یخذلونه و لا ینصرونه و أنه مقتول فی سفرته تیك و لم لما حصروا و عرف أن الماء قد منع منه و أنه إن حفر أذرعا قریبة نبع الماء و لم یحفر و أعان علی نفسه حتی تلف عطشا و الحسن علیه السلام وادع معاویة و هادنه و هو یعلم أنه ینكث و لا یفی شیعة أبیه علیه السلام فأجاب الشیخ رحمه اللّٰه عنها بقوله:

و أما الجواب عن قوله إن الإمام یعلم ما یكون فإجماعنا أن الأمر علی خلاف ما قال و ما أجمعت الشیعة علی هذا القول و إنما إجماعهم ثابت علی أن الإمام یعلم الحكم فی كل ما یكون دون أن یكون عالما بأعیان ما یحدث و یكون علی التفصیل و التمییز و هذا یسقط الأصل الذی بنی علیه الأسولة بأجمعها و لسنا

ص: 257


1- 1. نهج البلاغة 2: 78- 80.
2- 2. النهایة 4: 77.

نمنع أن یعلم الإمام أعیان ما یحدث و یكون (1) بإعلام اللّٰه تعالی له ذلك فأما القول بأنه یعلم كل ما یكون فلسنا نطلقه و لا نصوب قائله لدعواه فیه من غیر حجة و لا بیان و القول بأن أمیر المؤمنین علیه السلام كان یعلم قاتله و الوقت الذی كان یقتل فیه فقد جاء الخبر متظاهرا أنه كان یعلم فی الجملة أنه مقتول و جاء أیضا بأنه یعلم قاتله علی التفصیل فأما علمه بوقت قتله فلم یأت علیه أثر علی التحصیل و لو جاء به أثر لم یلزم فیه ما یظنه المعترضون إذ كان لا یمتنع أن یتعبده اللّٰه تعالی بالصبر علی الشهادة و الاستسلام للقتل لیبلغه بذلك علو الدرجات ما لا یبلغه إلا به و لعلمه بأنه یطیعه فی ذلك طاعة لو كلفها سواه لم یردها و لا یكون بذلك أمیر المؤمنین علیه السلام ملقیا بیده إلی التهلكة و لا معینا علی نفسه معونة تستقبح فی العقول.

و أما علم الحسین علیه السلام بأن أهل الكوفة خاذلوه فلسنا نقطع علی ذلك إذ لا حجة علیه من عقل و لا سمع و لو كان عالما بذلك لكان الجواب عنه ما قدمناه فی الجواب عن علم أمیر المؤمنین علیه السلام بوقت قتله و معرفة قاتله كما ذكرناه و أما دعواه علینا أنا نقول إن الحسین علیه السلام كان عالما بموضع الماء قادرا علیه فلسنا نقول ذلك و لا جاء به خبر علی أن طلب الماء و الاجتهاد فیه یقضی بخلاف ذلك و لو ثبت أنه كان عالما بموضع الماء لم یمتنع فی العقول أن یكون متعبدا بترك السعی فی طلب الماء من حیث كان ممنوعا منه حسب ما ذكرناه فی أمیر المؤمنین علیه السلام غیر أن ظاهر الحال بخلاف ذلك علی ما قدمناه.

و الكلام فی علم الحسن علیه السلام بعاقبة موادعته معاویة بخلاف ما تقدم و قد جاء الخبر بعلمه بذلك و كان شاهد الحال له یقضی به غیر أنه دفع به عن تعجیل قتله و تسلیم أصحابه له إلی معاویة و كان فی ذلك لطف فی بقائه إلی حال مضیه و لطف لبقاء كثیر من شیعته و أهله و ولده و دفع فساد فی الدین هو أعظم من الفساد الذی حصل عند هدنته و كان علیه السلام أعلم بما صنع لما ذكرناه و بینا الوجوه فیه

ص: 258


1- 1. أی یكون علمه.

انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.

أقول: و سأل السید مهنا بن سنان العلامة الحلی نور اللّٰه ضریحه عن مثل ذلك فی أمیر المؤمنین علیه السلام فأجاب بأنه یحتمل أن یكون علیه السلام أخبر بوقوع القتل فی تلك اللیلة و لم یعلم فی أی وقت من تلك اللیلة أو أی مكان یقتل و إن تكلیفه علیه السلام مغایر لتكلیفنا فجاز أن یكون بذل مهجته الشریفة فی ذات اللّٰه تعالی كما یجب علی المجاهد الثبات و إن كان ثباته یفضی إلی القتل.

تذییل: رَأَیْنَا فِی بَعْضِ الْكُتُبِ الْقَدِیمَةِ رِوَایَةً فِی كَیْفِیَّةِ شَهَادَتِهِ علیه السلام أَوْرَدْنَا مِنْهُ شَیْئاً مِمَّا یُنَاسِبُ كِتَابَنَا هَذَا عَلَی وَجْهِ الِاخْتِصَارِ قَالَ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِیُّ عَنْ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَشْیَاخِهِ وَ أَسْلَافِهِ قَالُوا: لَمَّا تُوُفِّیَ عُثْمَانُ وَ بَایَعَ النَّاسُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ حَبِیبُ بْنُ الْمُنْتَجَبِ وَالِیاً عَلَی بَعْضِ أَطْرَافِ الْیَمَنِ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ فَأَقَرَّهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی عَمَلِهِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ كِتَاباً یَقُولُ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی حَبِیبِ بْنِ الْمُنْتَجَبِ سَلَامٌ عَلَیْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ أُصَلِّی عَلَی مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَ رَسُولِهِ وَ بَعْدُ فَإِنِّی وَلَّیْتُكَ مَا كُنْتَ عَلَیْهِ لِمَنْ كَانَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْسِكْ (1) عَلَی عَمَلِكَ وَ إِنِّی أُوصِیكَ بِالْعَدْلِ فِی رَعِیَّتِكَ وَ الْإِحْسَانِ إِلَی أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ وُلِّیَ عَلَی رِقَابِ عَشَرَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَمْ یَعْدِلْ بَیْنَهُمْ حَشَرَهُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ یَدَاهُ مَغْلُولَتَانِ إِلَی عُنُقِهِ لَا یَفُكُّهَا إِلَّا عَدْلُهُ فِی دَارِ الدُّنْیَا فَإِذَا وَرَدَ عَلَیْكَ كِتَابِی هَذَا فَاقْرَأْهُ عَلَی مَنْ قِبَلَكَ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ وَ خُذْ لِیَ الْبَیْعَةَ عَلَی مَنْ حَضَرَكَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَإِذَا بَایَعَ الْقَوْمُ مِثْلَ بَیْعَةِ الرِّضْوَانِ فَامْكُثْ فِی عَمَلِكَ وَ أَنْفِذْ إِلَیَّ مِنْهُمْ عَشَرَةً یَكُونُونَ مِنْ عُقَلَائِهِمْ وَ فُصَحَائِهِمْ وَ ثِقَاتِهِمْ مِمَّنْ یَكُونُ أَشَدَّهُمْ عَوْناً مِنْ أَهْلِ الْفَهْمِ وَ الشَّجَاعَةِ

ص: 259


1- 1. فی( خ) و( م): فامكث.

عَارِفِینَ بِاللَّهِ عَالِمِینَ بِأَدْیَانِهِمْ وَ مَا لَهُمْ وَ مَا عَلَیْهِمْ وَ أَجْوَدَهُمْ رَأْیاً وَ عَلَیْكَ وَ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَ طَوَی الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ وَ أَرْسَلَهُ مَعَ أَعْرَابِیٍّ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِ قَبَّلَهُ وَ وَضَعَهُ عَلَی عَیْنَیْهِ وَ رَأْسِهِ فَلَمَّا قَرَأَهُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قَضَی نَحْبَهُ وَ قَدْ بَایَعَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ الْعَبْدَ الصَّالِحَ وَ الْإِمَامَ النَّاصِحَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَلِیفَتَهُ وَ هُوَ أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ وَ هُوَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ كَاشِفُ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ وَ وَصِیُّهُ وَ أَبُو سِبْطَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَمَا تَقُولُونَ فِی بَیْعَتِهِ وَ الدُّخُولِ فِی طَاعَتِهِ قَالَ فَضَجَّ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ قَالُوا سَمْعاً وَ طَاعَةً وَ حُبّاً وَ كَرَامَةً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَخِی رَسُولِهِ فَأَخَذَ لَهُ الْبَیْعَةَ عَلَیْهِمْ عَامَّةً فَلَمَّا بَایَعُوا قَالَ لَهُمْ أُرِیدُ مِنْكُمْ عَشَرَةً مِنْ رُؤَسَائِكُمْ وَ شُجْعَانِكُمْ أُنْفِذُهُمْ إِلَیْهِ كَمَا أَمَرَنِی بِهِ فَقَالُوا سَمْعاً وَ طَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ مِائَةً ثُمَّ مِنَ الْمِائَةِ سَبْعِینَ ثُمَّ مِنَ السَّبْعِینَ ثَلَاثِینَ ثُمَّ مِنَ الثَّلَاثِینَ عَشَرَةً فِیهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیُّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ خَرَجُوا مِنْ سَاعَتِهِمْ فَلَمَّا أَتَوْهُ علیه السلام سَلَّمُوا عَلَیْهِ وَ هَنَّئُوهُ بِالْخِلَافَةِ فَرَدَّ عَلَیْهِمُ السَّلَامَ وَ رَحَّبَ بِهِمْ فَتَقَدَّمَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ قَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ أَیُّهَا الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَ الْبَدْرُ التَّمَامُ وَ اللَّیْثُ الْهُمَامُ وَ الْبَطَلُ الضِّرْغَامُ وَ الْفَارِسُ الْقَمْقَامُ وَ مَنْ فَضَّلَهُ اللَّهُ عَلَی سَائِرِ الْأَنَامِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْكَ وَ عَلَی آلِكَ الْكِرَامِ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صِدْقاً وَ حَقّاً وَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْخَلِیفَةُ مِنْ بَعْدِهِ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَحَدَ حَقَّكَ وَ مَقَامَكَ أَصْبَحْتَ أَمِیرَهَا وَ عَمِیدَهَا لَقَدِ اشْتَهَرَ بَیْنَ الْبَرِیَّةِ عَدْلُكَ وَ هَطَلَتْ شَآبِیبُ (1) فَضْلِكَ وَ سَحَائِبُ رَحْمَتِكَ وَ رَأْفَتِكَ عَلَیْهِمْ وَ لَقَدْ أَنْهَضَنَا الْأَمِیرُ إِلَیْكَ فَسُرِرْنَا بِالْقُدُومِ عَلَیْكَ فَبُورِكْتَ بِهَذِهِ الطَّلْعَةِ الْمَرْضِیَّةِ وَ هُنِّئْتَ بِالْخِلَافَةِ فِی الرَّعِیَّةِ.

فَفَتَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَیْنَیْهِ فِی وَجْهِهِ وَ نَظَرَ إِلَی الْوَفْدِ فَقَرَّبَهُمْ وَ أَدْنَاهُمْ

ص: 260


1- 1. هطل أی نزل متتابعا. و الشآبیب جمع الشؤبوب: الدفعة من المطر و اول ما یظهر من الحسن.

فَلَمَّا جَلَسُوا دَفَعُوا إِلَیْهِ الْكِتَابَ فَفَضَّهُ وَ قَرَأَهُ وَ سُرَّ بِمَا فِیهِ فَأَمَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحُلَّةٍ یَمَانِیَّةٍ وَ رِدَاءٍ عَدَنَیَّةٍ وَ فَرَسٍ عَرَبِیَّةٍ وَ أَمَرَ أَنْ یُفْتَقَدُوا وَ یُكْرِمُوا فَلَمَّا نَهَضُوا قَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ وَقَفَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أَنْشَدَ:

أَنْتَ الْمُهَیْمِنُ وَ الْمُهَذَّبُ ذُو النَّدَی***وَ ابْنُ الضَّرَاغِمِ فِی الطِّرَازِ الْأَوَّلِ

اللَّهُ خَصَّكَ یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ***وَ حَبَاكَ فَضْلًا فِی الْكِتَابِ الْمُنْزَلِ

وَ حَبَاكَ بِالزَّهْرَاءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ***حُورِیَّةٍ بِنْتِ النَّبِیِّ الْمُرْسَلِ.

ثُمَّ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ارْمِ بِنَا حَیْثُ شِئْتَ لِتَرَی مِنَّا مَا یَسُرُّكَ فَوَ اللَّهِ مَا فِینَا إِلَّا كُلُّ بَطَلٍ أَهْیَسَ وَ حَازِمٍ أَكْیَسَ وَ شُجَاعٍ أَشْوَسَ (1) وَرِثْنَا ذَلِكَ عَنِ الْآبَاءِ وَ الْأَجْدَادِ وَ كَذَلِكَ نُورِثُهُ صَالِحَ الْأَوْلَادِ قَالَ فَاسْتَحْسَنَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَلَامَهُ مِنْ بَیْنِ الْوَفْدِ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ یَا غُلَامُ قَالَ اسْمِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیِّ قَالَ لَهُ أَ مُرَادِیٌّ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ قَالَ وَ جَعَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُكَرِّرُ النَّظَرَ إِلَیْهِ وَ یَضْرِبُ إِحْدَی یَدَیْهِ عَلَی الْأُخْرَی وَ یَسْتَرْجِعُ ثُمَّ قَالَ وَیْحَكَ أَ مُرَادِیٌّ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَعِنْدَهَا تَمَثَّلَ علیه السلام یَقُولُ :

أَنَا أَنْصَحُكَ مِنِّی بِالْوَدَادِ***مُكَاشَفَةً وَ أَنْتَ مِنَ الْأَعَادِی

أُرِیدُ حَیَاتَهُ وَ یُرِیدُ قَتْلِی***عَذِیرَكَ مِنْ خَلِیلِكَ مِنْ مُرَادٍ.

قَالَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ لَمَّا دَخَلَ الْوَفْدُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَایَعُوهُ وَ بَایَعَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ فَلَمَّا أَدْبَرَ عَنْهُ دَعَاهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثَانِیاً فَتَوَثَّقَ مِنْهُ بِالْعُهُودِ وَ الْمَوَاثِیقِ أَنْ لَا یَغْدِرَ وَ لَا یَنْكُثَ فَفَعَلَ ثُمَّ سَارَ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ ثَالِثاً ثُمَّ تَوَثَّقَ مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا رَأَیْتُكَ فَعَلْتَ هَذَا بِأَحَدٍ غَیْرِی فَقَالَ امْضِ لِشَأْنِكَ فَمَا أَرَاكَ تَفِی بِمَا بَایَعْتَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ كَأَنَّكَ تَكْرَهُ وُفُودِی عَلَیْكَ لَمَّا سَمِعْتَهُ مِنِ اسْمِی وَ إِنِّی وَ اللَّهِ لَأُحِبُّ الْإِقَامَةَ مَعَكَ وَ الْجِهَادَ بَیْنَ یَدَیْكَ وَ

ص: 261


1- 1. الاهیس: الشجاع. الاشوس: الشدید الجری ء فی القتال.

إِنَّ قَلْبِی مُحِبٌّ لَكَ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ أُوَالِی وَلِیَّكَ وَ أُعَادِی عَدُوَّكَ قَالَ فَتَبَسَّمَ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ بِاللَّهِ یَا أَخَا مُرَادٍ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَیْ ءٍ تَصْدُقُنِی فِیهِ قَالَ إِی وَ عَیْشِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لَهُ هَلْ كَانَ لَكَ دَایَةٌ یَهُودِیَّةٌ فَكَانَتْ إِذَا بَكَیْتَ تَضْرِبُكَ وَ تَلْطِمُ جَبِینَكَ وَ تَقُولُ لَكَ اسْكُتْ فَإِنَّكَ أَشْقَی مِنْ عَاقِرِ نَاقَةِ صَالِحٍ وَ إِنَّكَ سَتَجْنِی فِی كِبَرِكَ جِنَایَةً عَظِیمَةً یَغْضَبُ اللَّهُ بِهَا عَلَیْكَ وَ یَكُونُ مَصِیرُكَ إِلَی النَّارِ فَقَالَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَ لَكِنَّكَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ لَقَدْ نَطَقْتُ حَقّاً وَ قُلْتُ صِدْقاً وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ قَاتِلِی لَا مَحَالَةَ وَ سَتَخْضِبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَ أَشَارَ إِلَی لِحْیَتِهِ وَ رَأْسِهِ وَ لَقَدْ قَرُبَ وَقْتُكَ وَ حَانَ زَمَانُكَ فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ كُلِّ مَا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ وَ لَكِنْ إِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ مِنِّی فَسَیِّرْنِی إِلَی مَكَانٍ تَكُونُ دِیَارُكَ مِنْ دِیَارِی بَعِیدَةً فَقَالَ علیه السلام كُنْ مَعَ أَصْحَابِكَ حَتَّی آذَنَ لَكُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَی بِلَادِكُمْ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالنُّزُولِ فِی بَنِی تَمِیمٍ فَأَقَامُوا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَی الْیَمَنِ فَلَمَّا عَزَمُوا عَلَی الْخُرُوجِ مَرِضَ ابْنُ مُلْجَمٍ مَرَضاً شَدِیداً فَذَهَبُوا وَ تَرَكُوهُ فَلَمَّا بَرَأَ أَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كَانَ لَا یُفَارِقُهُ لَیْلًا وَ لَا نَهَاراً وَ یُسَارِعُ فِی قَضَاءِ حَوَائِجِهِ وَ كَانَ علیه السلام یُكْرِمُهُ وَ یَدْعُوهُ إِلَی مَنْزِلِهِ وَ یُقَرِّبُهُ وَ كَانَ مَعَ ذَلِكَ یَقُولُ لَهُ أَنْتَ قَاتِلِی وَ یُكَرِّرُ عَلَیْهِ الشِّعْرَ:

أُرِیدُ حَیَاتَهُ وَ یُرِیدُ قَتْلِی***عَذِیرَكَ مِنْ خَلِیلِكَ مِنْ مُرَادٍ.

فَیَقُولُ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ مِنِّی فَاقْتُلْنِی فَیَقُولُ إِنَّهُ لَا یَحِلُّ ذَلِكَ أَنْ أَقْتُلَ رَجُلًا قَبْلَ أَنْ یَفْعَلَ بِی شَیْئاً وَ فِی خَبَرٍ آخَرَ قَالَ إِذَا قَتَلْتُكَ فَمَنْ یَقْتُلُنِی قَالَ فَسَمِعَتِ الشِّیعَةُ ذَلِكَ فَوَثَبَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ وَ الْحَارِثُ بْنُ الْأَعْوَرِ وَ غَیْرُهُمَا مِنَ الشِّیعَةِ فَجَرَّدُوا سُیُوفَهُمْ وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَنْ هَذَا الْكَلْبُ الَّذِی تُخَاطِبُهُ بِمِثْلِ هَذَا الْخِطَابِ مِرَاراً وَ أَنْتَ إِمَامُنَا وَ وَلِیُّنَا وَ ابْنُ عَمِّ نَبِیِّنَا فَمُرْنَا بِقَتْلِهِ فَقَالَ لَهُمُ اغْمِدُوا سُیُوفَكُمْ بَارَكَ اللَّهُ فِیكُمْ وَ لَا تَشُقُّوا عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ أَ تَرَوْنَ أَنِّی أَقْتُلُ

ص: 262

رَجُلًا لَمْ یَصْنَعْ بِی شَیْئاً؟

فَلَمَّا انْصَرَفَ علیه السلام إِلَی مَنْزِلِهِ اجْتَمَعَتِ الشِّیعَةُ وَ أَخْبَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمَا سَمِعُوا وَ قَالُوا إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُغَلِّسُ إِلَی الْجَامِعِ وَ(1) قَدْ سَمِعْتُمْ خِطَابَهُ لِهَذَا الْمُرَادِیِّ وَ هُوَ مَا یَقُولُ إِلَّا حَقّاً وَ قَدْ عَلِمْتُمْ عَدْلَهُ وَ إِشْفَاقَهُ عَلَیْنَا وَ نَخَافُ أَنْ یَغْتَالَهُ هَذَا الْمُرَادِیُّ فَتَعَالَوْا نَفْتَرِعْ عَلَی أَنْ تَحُوطَهُ كُلَّ لَیْلَةٍ مِنَّا قَبِیلَةٌ فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ فِی اللَّیْلَةِ الْأُولَی وَ الثَّانِیَةِ وَ الثَّالِثَةِ عَلَی أَهْلِ الْكِنَاسِ فَتَقَلَّدُوا سُیُوفَهُمْ وَ أَقْبَلُوا فِی لَیْلَتِهِمْ إِلَی الْجَامِعِ فَلَمَّا خَرَجَ علیه السلام رَآهُمْ عَلَی تِلْكَ الْحَالَةِ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ فَأَخْبَرُوهُ فَدَعَا لَهُمْ وَ تَبَسَّمَ ضَاحِكاً وَ قَالَ جِئْتُمْ تَحْفَظُونِی مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ أَمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالُوا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ قَالَ مَا یَكُونُ شَیْ ءٌ فِی السَّمَاءِ إِلَّا هُوَ فِی الْأَرْضِ وَ مَا یَكُونُ شَیْ ءٌ فِی الْأَرْضِ إِلَّا هُوَ فِی السَّمَاءِ ثُمَّ تَلَا قُلْ لَنْ یُصِیبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا(2) ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ یَأْتُوا مَنَازِلَهُمْ وَ لَا یَعُودُوا لِمِثْلِهَا ثُمَّ إِنَّهُ صَعِدَ الْمِأْذَنَةَ وَ كَانَ إِذَا تَنَحْنَحَ یَقُولُ السَّامِعُ مَا أَشْبَهَهُ بِصَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَأَهَّبَ النَّاسُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَ كَانَ إِذَا أَذَّنَ یَصِلُ صَوْتُهُ إِلَی نَوَاحِی الْكُوفَةِ كُلِّهَا ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّی وَ كَانَتْ هَذِهِ عَادَتَهُ.

قَالَ وَ أَقَامَ ابْنُ مُلْجَمٍ بِالْكُوفَةِ إِلَی أَنْ خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی غَزَاةِ النَّهْرَوَانِ فَخَرَجَ ابْنُ مُلْجَمٍ مَعَهُ وَ قَاتَلَ بَیْنَ یَدَیْهِ قِتَالًا شَدِیداً فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی الْكُوفَةِ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تَأْذَنُ لِی أَنْ أَتَقَدَّمَكَ إِلَی الْمِصْرِ لِأُبَشِّرَ أَهْلَهُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْكَ مِنَ النَّصْرِ فَقَالَ لَهُ مَا تَرْجُو بِذَلِكَ قَالَ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ وَ الشُّكْرَ مِنَ النَّاسِ وَ أَفْرَحُ الْأَوْلِیَاءَ وَ أُكْمِدُ الْأَعْدَاءَ فَقَالَ لَهُ شَأْنَكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِخَلْعَةٍ سَنِیَّةٍ وَ عِمَامَتَیْنِ وَ فَرَسَیْنِ وَ سَیْفَیْنِ وَ رُمْحَیْنِ فَسَارَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ دَخَلَ الْكُوفَةَ وَ جَعَلَ یَخْتَرِقُ أَزِقَّتَهَا وَ شَوَارِعَهَا وَ هُوَ یُبَشِّرُ النَّاسَ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ دَخَلَهُ (3) الْعُجْبُ فِی نَفْسِهِ فَانْتَهَی بِهِ الطَّرِیقُ إِلَی

ص: 263


1- 1. الغلس: ظلمة آخر اللیل: أی یذهب إلی الجامع آخر اللیل للعبادة و التهجد.
2- 2. سورة التوبة: 51.
3- 3. فی( م) و( خ): و قد دخل.

مَحَلَّةِ بَنِی تَمِیمٍ فَمَرَّ عَلَی دَارٍ تُعْرَفُ بِالْقَبِیلَةِ وَ هِیَ أَعْلَی دَارٍ بِهَا وَ كَانَتْ لِقَطَامِ بِنْتِ سُخَیْنَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ تَیْمٍ اللَّاتِ وَ كَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَ الْجَمَالِ وَ الْبَهَاءِ وَ الْكَمَالِ فَلَمَّا سَمِعَتْ كَلَامَهُ بَعَثَتْ إِلَیْهِ وَ سَأَلَتْهُ النُّزُولَ عِنْدَهَا سَاعَةً لِتَسْأَلَهُ عَنْ أَهْلِهَا فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ مَنْزِلِهَا وَ أَرَادَ النُّزُولَ عَنْ فَرَسِهِ خَرَجَتْ إِلَیْهِ ثُمَّ كَشَفَتْ لَهُ عَنْ وَجْهِهَا وَ أَظْهَرَتْ لَهُ مَحَاسِنَهَا فَلَمَّا رَآهَا أَعْجَبَتْهُ وَ هَوَاهَا مِنْ وَقْتِهِ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ دَخَلَ إِلَیْهَا وَ جَلَسَ فِی دِهْلِیزِ الدَّارِ وَ قَدْ أَخَذَتْ بِمَجَامِعِ قَلْبِهِ فَبَسَطَتْ لَهُ بِسَاطاً وَ وَضَعَتْ لَهُ مُتَّكَأً وَ أَمَرَتْ خَادِمَهَا أَنْ تَنْزِعَ أَخْفَافَهُ وَ أَمَرَتْ لَهُ بِمَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَ یَدَیْهِ وَ قَدَّمَتْ إِلَیْهِ طَعَاماً فَأَكَلَ وَ شَرِبَ وَ أَقْبَلَتْ عَلَیْهِ تُرَوِّحُهُ مِنَ الْحَرِّ فَجَعَلَ لَا یَمَلُّ مِنَ النَّظَرِ إِلَیْهَا وَ هِیَ مَعَ ذَلِكَ مُتَبَسِّمَةٌ فِی وَجْهِهِ سَافِرَةٌ لَهُ عَنْ نِقَابِهَا بَارِزَةٌ لَهُ عَنْ جَمِیعِ مَحَاسِنِهَا مَا ظَهَرَ مِنْهُ وَ مَا بَطَنَ فَقَالَ لَهَا أَیَّتُهَا الْكَرِیمَةُ لَقَدْ فَعَلْتِ الْیَوْمَ بِی مَا وَجَبَ بِهِ بَلْ بِبَعْضِهِ عَلَی مَدْحِكِ وَ شُكْرِكِ دَهْرِی كُلَّهُ فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ أَتَشَرَّفُ بِهَا وَ أَسْعَی فِی قَضَائِهَا قَالَ فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْحَرْبِ وَ مَنْ قُتِلَ فِیهِ فَجَعَلَ یُخْبِرُهَا وَ یَقُولُ فُلَانٌ قَتَلَهُ الْحَسَنُ وَ فُلَانٌ قَتَلَهُ الْحُسَیْنُ إِلَی أَنْ بَلَغَ قَوْمَهَا وَ عَشِیرَتَهَا وَ كَانَتْ قَطَامِ لَعَنَهَا اللَّهُ عَلَی رَأْیِ الْخَوَارِجِ وَ قَدْ قَتَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی هَذَا الْحَرْبِ مِنْ قَوْمِهَا جَمَاعَةً كَثِیرَةً مِنْهُمْ أَبُوهَا وَ أَخُوهَا وَ عَمُّهَا فَلَمَّا سَمِعَتْ مِنْهُ ذَلِكَ صَرَخَتْ بَاكِیَةً ثُمَّ لَطَمَتْ خَدَّهَا وَ قَامَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَ دَخَلَتِ الْبَیْتَ وَ هِیَ تَنْدُبُهُمْ طَوِیلًا قَالَ فَنَدِمَ ابْنُ مُلْجَمٍ فَلَمَّا خَرَجَتْ إِلَیْهِ قَالَتْ یَعِزُّ عَلَیَّ فِرَاقُهُمْ مَنْ لِی بَعْدَهُمْ أَ فَلَا نَاصِرٌ یَنْصُرُنِی وَ یَأْخُذُ لِی بِثَأْرِی وَ یَكْشِفُ عَنْ عَارِی فَكُنْتُ أَهَبُ لَهُ نَفْسِی وَ أُمَكِّنُهُ مِنْهَا وَ مِنْ مَالِی وَ جَمَالِی فَرَقَّ لَهَا ابْنُ مُلْجَمٍ وَ قَالَ لَهَا غَضِّی صَوْتَكِ وَ ارْفُقِی بِنَفْسِكِ فَإِنَّكِ تُعْطَیْنَ مُرَادَكِ قَالَ فَسَكَتَتْ مِنْ بُكَائِهَا وَ طَمِعَتْ فِی قَوْلِهِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَیْهِ بِكَلَامِهَا وَ هِیَ كَاشِفَةٌ عَنْ صَدْرِهَا وَ مُسْبِلَةٌ شَعْرَهَا فَلَمَّا تَمَكَّنَ هَوَاهَا مِنْ قَلْبِهِ مَالَ إِلَیْهَا بِكُلِّیَّتِهِ ثُمَّ جَذَبَهَا إِلَیْهِ وَ قَالَ لَهَا كَانَ أَبُوكِ صَدِیقاً لِی وَ قَدْ خَطَبْتُكِ مِنْهُ فَأَنْعَمَ لِی بِذَلِكِ فَسَبَقَ إِلَیْهِ الْمَوْتُ فَزَوِّجِینِی نَفْسَكِ لآِخُذَ لَكِ بِثَأْرِكِ قَالَ فَفَرِحَتْ بِكَلَامِهِ وَ قَالَتْ قَدْ خَطَبَنِی الْأَشْرَافُ

ص: 264

مِنْ قَوْمِی وَ سَادَاتُ عَشِیرَتِی فَمَا أَنْعَمْتُ إِلَّا لِمَنْ یَأْخُذُ لِی بِثَأْرِی وَ لَمَّا سَمِعْتُ عَنْكَ أَنَّكَ تُقَاوِمُ الْأَقْرَانَ وَ تَقْتُلُ الشُّجْعَانَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ لِی بَعْلًا وَ أَكُونَ لَكَ أَهْلًا فَقَالَ لَهَا فَأَنَا وَ اللَّهِ كُفْوٌ كَرِیمٌ فَاقْتَرِحِی عَلَیَّ مَا شِئْتِ مِنْ مَالٍ وَ فِعَالٍ فَقَالَتْ لَهُ إِنْ قَدَّمْتَ عَلَیَّ الْعَطِیَّةَ وَ الشَّرْطَ فَهَا أَنَا بَیْنَ یَدَیْكَ فَتَحْكُمُ كَیْفَ شِئْتَ فَقَالَ لَهَا وَ مَا الْعَطِیَّةُ وَ الشَّرْطُ فَقَالَتْ لَهُ أَمَّا الْعَطِیَّةُ فَثَلَاثَةُ آلَافِ دِینَارٍ وَ عَبْدٌ وَ قَیْنَةٌ(1) فَقَالَ هَذَا أَنَا مَلِیٌّ بِهِ فَمَا الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ قَالَتْ نَمْ عَلَی فِرَاشَكَ حَتَّی أَعُودَ إِلَیْكَ.

ثُمَّ إِنَّهَا دَخَلَتْ خِدْرَهَا فَلَبِسَتْ أَفْخَرَ ثِیَابِهَا وَ لَبِسَتْ قَمِیصاً رَقِیقاً یُرِی صَدْرَهَا وَ حُلِیَّهَا وَ زَادَتْ فِی الْحُلِیِّ وَ الطِّیبِ وَ خَرَجَتْ فِی مُعَصْفَرِهَا فَجَعَلَتْ تُبَاشِرُهُ بِمَحَاسِنِهَا لِیَرَی حُسْنَهَا وَ جَمَالَهَا وَ أَرْخَتْ عَشَرَةَ ذَوَائِبَ مِنْ شَعْرِهَا مَنْظُومَةٍ بِالدُّرِّ وَ الْجَوْهَرِ فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَیْهِ أَرْخَتْ لِثَامَهَا عَنْ وَجْهِهَا وَ رَفَعَتْ مُعَصْفَرَهَا وَ كَشَفَتْ عَنْ صَدْرِهَا(2)

وَ أَعْكَانِهَا وَ قَالَتْ إِنْ قَدَّمْتَ عَلَیَّ الشَّرْطَ الْمَشْرُوطَ ظَفِرْتَ بِهَا جَمِیعِهَا(3) وَ أَنْتَ مَسْرُورٌ مَغْبُوطٌ قَالَ فَمَدَّ ابْنُ مُلْجَمٍ عَیْنَیْهِ إِلَیْهَا فَحَارَ عَقْلُهُ وَ هَوَی لِحِینِهِ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ سَاعَةً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ یَا مُنْیَةَ النَّفْسِ مَا شَرْطُكِ فَاذْكُرِیهِ لِی فَإِنِّی سَأَفْعَلُهُ وَ لَوْ كَانَ دُونَهُ قَطْعُ الْقِفَارِ وَ خَوْضُ الْبِحَارِ وَ قَطْعُ الرُّءُوسِ وَ اخْتِلَاسُ النُّفُوسِ قَالَتْ لَهُ الْمَلْعُونَةُ شَرْطِی عَلَیْكَ أَنْ تَقْتُلَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِهَذَا السَّیْفِ فِی مَفْرَقِ رَأْسِهِ یَأْخُذُ مِنْهُ مَا یَأْخُذُ وَ یَبْقَی مَا یَبْقَی فَلَمَّا سَمِعَ ابْنُ مُلْجَمٍ كَلَامَهَا اسْتَرْجَعَ وَ رَجَعَ إِلَی عَقْلِهِ وَ أَغَاظَهُ وَ أَقْلَقَهُ ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ وَیْحَكِ مَا هَذَا الَّذِی وَاجَهْتِنِی بِهِ بِئْسَ مَا حَدَّثَتْكِ بِهِ نَفْسُكِ مِنَ الْمُحَالِ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ یَسِیلُ عَرَقاً وَ هُوَ مُتَفَكِّرٌ(4) فِی أَمْرِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَیْهَا وَ قَالَ لَهَا وَیْلَكِ مَنْ یَقْدِرُ عَلَی قَتْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ الْمُجَابِ الدُّعَاءِ الْمَنْصُورِ مِنَ السَّمَاءِ

ص: 265


1- 1. القینة: الأمة المغنیة الماشطة.
2- 2. الاعكان جمع العكنة: ما انطوی و تثنی من لحم البطن.
3- 3. فی( م) و( خ): بهذا جمیعه.
4- 4.«: مفتكر.

وَ الْأَرْضُ تَرْجُفُ مِنْ هَیْبَتِهِ وَ الْمَلَائِكَةُ تُسْرِعُ إِلَی خِدْمَتِهِ یَا وَیْلَكِ وَ مَنْ یَقْدِرُ عَلَی قَتْلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ مُؤَیَّدٌ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْمَلَائِكَةُ تَحُوطُهُ بُكْرَةً وَ عَشِیَّةً وَ لَقَدْ كَانَ فِی أَیَّامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا قَاتَلَ یَكُونُ جَبْرَئِیلُ عَنْ یَمِینِهِ وَ مِیكَائِیلُ عَنْ یَسَارِهِ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ بَیْنَ یَدَیْهِ فَمَنْ هُوَ هَكَذَا لَا طَاقَةَ لِأَحَدٍ بِقَتْلِهِ وَ لَا سَبِیلَ لِمَخْلُوقٍ عَلَی اغْتِیَالِهِ وَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَعَزَّنِی وَ أَكْرَمَنِی وَ أَحَبَّنِی وَ رَفَعَنِی وَ آثَرَنِی عَلَی غَیْرِی فَلَا یَكُونُ ذَلِكَ جَزَاؤُهُ مِنِّی أَبَداً فَإِنْ كَانَ غَیْرَهُ قَتَلْتُهُ لَكِ شَرَّ قِتْلَةٍ وَ لَوْ كَانَ أَفْرَسَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ أَمَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَلَا سَبِیلَ لِی عَلَیْهِ.

قَالَ فَصَبَرَتْ عَنْهُ حَتَّی سَكَنَ غَیْظُهُ وَ دَخَلَتْ مَعَهُ فِی الْمُلَاعَبَةِ(1) وَ الْمُلَاطَفَةِ وَ عَلِمَتْ أَنَّهُ قَدْ نَسِیَ ذَلِكَ الْقَوْلَ ثُمَّ قَالَتْ یَا هَذَا مَا یَمْنَعُكَ مِنْ قَتْلِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ تَرْغَبُ فِی هَذَا الْمَالِ وَ تَتَنَعَّمُ بِهَذَا الْجَمَالِ وَ مَا أَنْتَ بِأَعَفَّ وَ أَزْهَدَ مِنَ الَّذِینَ قَاتَلُوهُ وَ قَتَلَهُمْ وَ كَانُوا مِنَ الصَّوَّامِینَ وَ الْقَوَّامِینَ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَیْهِ وَ قَدْ قَتَلَ الْمُسْلِمِینَ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً اعْتَزَلُوهُ وَ حَارَبُوهُ وَ مَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ قَتَلَ الْمُسْلِمِینَ وَ حَكَمَ بِغَیْرِ حُكْمِ اللَّهِ وَ خَلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْخِلَافَةِ وَ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَوْمِی عَلَی ذَلِكَ اعْتَزَلُوهُ فَقَتَلَهُمْ بِغَیْرِ حُجَّةٍ لَهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ لَهَا ابْنُ مُلْجَمٍ یَا هَذِهِ كُفِّی عَنِّی فَقَدْ أَفْسَدْتِ عَلَیَّ دِینِی وَ أَدْخَلْتِ الشَّكَّ فِی قَلْبِی وَ مَا أَدْرِی مَا أَقُولُ لَكِ وَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَی رَأْیٍ ثُمَّ أَنْشَدَ :

ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَ عَبْدٌ وَ قَیْنَةٌ***وَ ضَرْبُ عَلِیٍّ بِالْحُسَامِ الْمُصَمِّمِ

فَلَا مَهْرَ أَغْلَی مِنْ عَلِیٍّ وَ إِنْ غَلَا***وَ لَا فَتْكَ إِلَّا دُونَ فَتْكِ ابْنِ مُلْجَمٍ

فَأَقْسَمْتُ بِالْبَیْتِ الْحَرَامِ وَ مَنْ أَتَی***إِلَیْهِ جِهَاراً مِنْ مُحِلٍّ وَ مُحْرِمٍ

لَقَدْ أَفْسَدَتْ عَقْلِی قَطَامِ وَ إِنَّنِی***لَمِنْهَا عَلَی شَكٍّ عَظِیمٍ مُذَمَّمٍ

لِقَتْلِ عَلِیٍّ خَیْرِ مَنْ وَطِئَ الثَّرَی***أَخِی الْعِلْمِ الْهَادِی النَّبِیِّ الْمُكَرَّمِ.

ثُمَّ أَمْسَكَ سَاعَةً وَ قَالَ :

ص: 266


1- 1. كذا فی( ك). و فی غیره من النسخ: المداعبة.

فَلَمْ أَرَ مَهْراً سَاقَهُ ذُو سَمَاحَةٍ***كَمَهْرِ قَطَامِ مِنْ فَصِیحٍ وَ أَعْجَمَ

ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَ عَبْدٌ وَ قَیْنَةٌ***وَ ضَرْبُ عَلِیٍّ بِالْحُسَامِ الْمُصَمِّمِ

فَلَا مَهْرَ أَغْلَی مِنْ عَلِیٍّ وَ إِنْ غَلَا***وَ لَا فَتْكَ إِلَّا دُونَ فَتْكِ ابْنِ مُلْجَمٍ

فَأَقْسَمَ بِالْبَیْتِ الْحَرَامِ وَ مَنْ أَتَی***إِلَیْهِ جِهَاراً مِنْ مُحِلٍّ وَ مُحْرِمٍ

لَقَدْ خَابَ مَنْ یَسْعَی بِقَتْلِ إِمَامِهِ***وَ وَیْلٌ لَهُ مِنْ حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ.

إِلَی آخِرِ مَا أَنْشَدَ مِنَ الْأَبْیَاتِ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَجِّلِینِی لَیْلَتِی هَذِهِ حَتَّی أَنْظُرَ فِی أَمْرِی وَ آتِیكِ غَداً بِمَا یَقْوَی عَلَیْهِ عَزْمِی فَلَمَّا هَمَّ بِالْخُرُوجِ أَقْبَلَتْ عَلَیْهِ وَ ضَمَّتْهُ إِلَی صَدْرِهَا وَ قَبَّلَتْ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ أَمَرَتْهُ بِالاسْتِعْجَالِ فِی أَمْرِهَا وَ سَایَرَتْهُ إِلَی بَابِ الدَّارِ وَ هِیَ تُشَجِّعُهُ وَ أَنْشَدَتْ لَهُ أَبْیَاتاً فَخَرَجَ الْمَلْعُونُ مِنْ عِنْدِهَا وَ قَدْ سَلَبَتْ فُؤَادَهُ وَ أَذْهَبَتْ رُقَادَهُ وَ رَشَادَهُ فَبَاتَ لَیْلَتَهُ قَلَقاً مُتَفَكِّراً فَمَرَّةً یُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَ مَرَّةً یُفَكِّرُ فِی دُنْیَاهُ وَ آخِرَتِهِ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ أَتَاهُ طَارِقٌ فَطَرَقَ الْبَابَ فَلَمَّا فَتَحَهُ إِذَا بِرَجُلٍ مِنْ بَنِی عَمِّهِ عَلَی نَجِیبٍ وَ إِذَا هُوَ رَسُولٌ مِنْ إِخْوَتِهِ إِلَیْهِ یُعَزُّونَهُ فِی أَبِیهِ وَ عَمِّهِ وَ یُعَرِّفُونَهُ أَنَّهُ خَلَفَ مَالًا جَزِیلًا وَ أَنَّهُمْ دَعَوْهُ سَرِیعاً لِیَحُوزَ ذَلِكَ الْمَالَ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَقِیَ مُتَحَیِّراً فِی أَمْرِهِ إِذْ جَاءَهُ مَا یَشْغَلُهُ عَمَّا عَظُمَ عَلَیْهِ مِنْ أَمْرِ قَطَامِ فَلَمْ یَزَلْ مُفَكِّراً فِی أَمْرِهِ حَتَّی عَزَمَ عَلَی الْخُرُوجِ و كان له أخوان لأبیه و أمه و أمه كانت من زبید یقال لها عدنیة و هی ابنة أبی علی بن ماشوج و كان أبوه مرادیا و كانوا یسكنون عجران صنعاء فلما وصل إلی النجف ذكر قطام و منزلتها فی قلبه و رجع إلیها فلما طرق الباب اطلعت علیه و قالت من الطارق فعرفته علی حالة السفر فنزلت إلیه و سلمت علیه و سألته عن حاله فأخبرها بخبره و وعدها بقضاء حاجتها إذا رجع من سفره و تملكها جمیع ما یجی ء به من المال فعدلت عنه مغضبة فدنا منها و قبلها و ودعها و حلف لها أنه یبلغها مأمولها فی جمیع ما سألته فخرج و جاء إلی أمیر المؤمنین علیه السلام و أخبره بما جاءوا إلیه لأجله و سأله أن یكتب إلی ابن المنتجب كتابا لیعینه علی استخلاص حقه فأمر كاتبه فكتب له ما أراد ثم

ص: 267

أعطاه فرسا من جیاد خیله فخرج و سار سیرا حثیثا حتی وصل إلی بعض أودیة الیمن فأظلم علیه اللیل فبات فی بعضها فلما مضی من اللیل نصفه و إذا هو بزعقة عظیمة من صدر الوادی و دخان یفور و نار مضرمة فانزعج لذلك و تغیر لونه و نظر إلی صدر الوادی و إذا بالدخان قد أقبل كالجبل العظیم و هو واقع علیه و النار تخرج من جوانبه فخر مغشیا علیه فلما أفاق و إذا بهاتف یسمع صوته و لا یری شخصه و هو یقول:

اسمع و ع القول یاابن ملجم***إنك فی أمر مهول معظم

تضمر قتل الفارس المكرم***أكرم من طاف و لبی و أحرم

ذاك علی ذو التقاء الأقدم***فارجع إلی اللّٰه لكیلا تندم.

فلما سمع توهم أنه من طوارق الجن و إذا بالهاتف یقول:

یا شقی بن الشقی أما ما أضمرت من قتل الزاهد العابد العادل الراكع الساجد إمام الهدی و علم التقی و العروة الوثقی فإنا علمنا بما ترید أن تفعله بأمیر المؤمنین و نحن من الجن الذین أسلمنا علی یدیه و نحن نازلون بهذا الوادی فإنا لا ندعك تبیت فیه فإنك میشوم علی نفسك ثم جعلوا یرمونه بقطع الجنادل فصعد فوق شاهق فبات بقیة لیله فلما أصبح سار لیلا و نهارا حتی وصل الیمن و أقام عندهم شهرین و قلبه علی حر الجمر من أجل قطام ثم إنه أخذ الذی أصابه من المال و المتاع و الأثاث و الجواهر و خرج فبینا هو فی بعض الطریق إذ خرجت علیه حرامیة فسایرهم و سایروه فلما قربوا من الكوفة حاربوه و أخذوا جمیع ما كان معه و نجا بنفسه و فرسه و قلیل من الذهب علی وسطه و ما كان تحته فهرب علی وجهه حتی كاد أن یهلك عطشا و أقبل سائرا فی الفلاة مهموما جائعا عطشانا فلاح له شبح فقصده فإذا بیوت من أبیات الحرب فقصد منها بیتا فنزل عندهم و استسقاهم شربة ماء فسقوه و طلب لبنا فأتوه به فنام ساعة فلما استیقظ أتاه رجلان و قدما إلیه طعاما فأكل و أكلا معه و جعلا یسألانه عن الطریق فأخبرهما ثم قالا له ممن الرجل قال من بنی مراد قالا أین تقصد قال الكوفة

ص: 268

فقالا له كأنك من أصحاب أبی تراب قال نعم فاحمرت أعینهما غیظا و عزما علی قتله لیلا و أسرا ذلك و نهضا فتبین له ما عزما علیه و ندم علی كلامه فبینما هو متحیر إذ أقبل كلبهم و نام قریبا منهم فأقبل اللعین یمسح بیده علی الكلب و یشفق علیه و یقول مرحبا بكلب قوم أكرمونی فاستحسنا ذلك و سألاه ما اسمك قال عبد الرحمن بن ملجم فقالا له ما أردت بصنعك هذا فی كلبنا فقال أكرمته لأجلكم حیث أكرمتمونی فوجب علی شكركم و كان هذا منه خدیعة و مكرا فقالا اللّٰه أكبر الآن و اللّٰه وجب حقك علینا و نحن نكشف لك عما فی ضمائرنا نحن قوم نری رأی الخوارج و قد قتل أعمامنا و أخوالنا و أهالینا كما علمت فلما أخبرتنا أنك من أصحابه عزمنا علی قتلك فی هذه اللیلة فلما رأینا صنعك هذا بكلبنا صفحنا عنك و نحن الآن نطلعك علی ما قد عزمنا علیه فسألهما عن أسمائهما فقال أحدهما أنا البرك بن عبد اللّٰه التمیمی و هذا عبد اللّٰه بن عثمان العنبری صهری و قد نظرنا إلی ما نحن علیه فی مذهبنا(1) فرأینا أن فساد الأرض و الأمة كلها من ثلاثة نفر أبو تراب و معاویة و عمرو بن العاص فأما أبو تراب فإنه قتل رجالنا كما رأیت و افتكرنا أیضا فی الرجلین معاویة و ابن العاص و قد ولیا علینا هذا الظالم الغشوم بشر بن أرطاة یطرقنا فی كل وقت و یأخذ أموالنا و قد عزمنا علی قتل هؤلاء الثلاثة فإذا قتلناهم توطأت الأرض و أقعد الناس لهم إماما یرضونه فلما سمع ابن ملجم كلامهما صفق بإحدی یدیه علی الأخری و قال و الذی فلق الحبة و برأ النسمة و تردی بالعظمة إنی لثالثكما و إنی مرافقكما علی رأیكما و إنی (2) أكفیكما أمر علی بن أبی طالب فنظرا إلیه متعجبین من كلامه قال و اللّٰه ما أقول لكما إلا حقا ثم ذكر لهما قصته فلما سمعا كلامه عرفا صحته و قالا إن قطام من قومنا و أهلها كانوا من عشیرتنا فنحن نحمد اللّٰه علی اتفاقنا فهذا لا یتم إلا المغلظة

ص: 269


1- 1. فی( م) و( خ): من مذهبنا.
2- 2. فی( م) و( خ): و أنا.

بالأیمان فنركب الآن مطایانا و نأتی الكعبة و نتعاقد عندها علی الوفاء فلما أصبحوا و ركبوا حضر عندهم بعض قومهم فأشاروا علیهم و قالوا لا تفعلوا ذلك فما منكم أحد إلا و یندم ندامة عظیمة فلم یقبلوا و ساروا جمیعا حتی أتوا البیت و تعاهدوا عنده فقال البرك أنا لعمرو بن العاص و قال العنبری أنا لمعاویة و قال ابن ملجم لعنه اللّٰه أنا لعلی فتحالفوا علی ذلك (1) بالأیمان المغلظة و دخلوا المدینة و حلفوا عند قبر النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی ذلك ثم افترقوا و قد عینوا یوما معلوما یقتلون فیه الجمیع ثم سار كل منهم علی طریقه فأما البرك فأتی مصر و دخل الجامع و أقام فیه أیاما فخرج عمرو بن العاص ذات یوم إلی الجامع و جلس فیه بعد صلاته فجاء البرك إلیه و سلم علیه ثم حادثة فی فنون الأخبار و طرف الكلام و الأشعار فشعف به عمرو بن العاص و قربه و أدناه و صار یأكل معه علی مائدة واحدة فأقام إلی اللیلة التی تواعدوا فیها فخرج إلی نیل مصر و جلس مفكرا فلما غربت الشمس أتی الجامع و جلس فیه فلما كان وقت الإفطار افتقده عمرو بن العاص فلم یره فقال لولده ما فعل صاحبنا و أین مضی فإنی لا أراه فبعثه إلیه یدعوه فقال قل له إن هذه اللیلة لیس كاللیالی و قد أحببت أن أقیم لیلتی هذه فی الجامع رغبة فیما عند اللّٰه و أحب أن أشرك الأمیر فی ذلك فلما رجع إلیه و أخبره بذلك سره سرورا عظیما و بعث إلیه مائدة فأكل و بات لیلته ینتظر قدوم عمرو و كان هو الذی یصلی بهم فلما كان عند طلوع الفجر أقبل المؤذن إلی باب عمرو و أذن و قال الصلاة یرحمك اللّٰه الصلاة فانتبه فأتی بالماء و توضأ و تطیب و ذهب لیخرج إلی الصلاة فزلق (2) فوقع علی جنبه فاعتوره عرق النسا فأشغلته عن الخروج فقال قدموا خارجة بن تمیم القاضی یصلی بالناس فأتی القاضی و دخل المحراب فی غلس فجاء البرك فوقف خلفه و سیفه تحت ثیابه و هو لا یشك أنه عمرو فأمهله حتی سجد و جلس

ص: 270


1- 1. فی( ك): فی ذلك.
2- 2. زلقت القدم: زلت و لم تثبت.

من سجوده فسل سیفه و نادی لا حكم إلا لله و لا طاعة لمن عصی اللّٰه ثم ضربه بالسیف علی أم رأسه فقضی نحبه لوقته فبادر الناس و قبضوا علیه و أخذوا سیفه من یده و أوجعوه ضربا شدیدا و قالوا له یا عدو اللّٰه قتلت رجلا مسلما ساجدا فی محرابه فقال یا حمیر أهل مصر إنه یستحق القتل قالوا بما ذا ویلك قال لسعیه فی الفتنة لأنه الداهیة الدهماء الذی أثار الفتنة و نبذها و قواها و زین لمعاویة محاربة علی فقالوا له یا ویلك من تعنی قال الطاغی الباغی الكافر الزندیق عمرو بن العاص الذی شق عصا المسلمین و هتك حرمة الدین قالوا لقد خاب ظنك و طاش سهمك إن الذی قتلته ما هو إنما هو خارجة فقال یا قوم المعذرة إلی اللّٰه و إلیكم فو اللّٰه ما أردت خارجة و إنما أردت قتل عمرو فأوثقوه كتافا و أتوا به إلی عمرو فلما رآه قال أ لیس هذا هو صاحبنا الحجازی قالوا له نعم قال ما باله قالوا إنه قد قتل خارجة فدهش عمرو لذلك و قال إنا لله و إنا إلیه راجعون و لا حول و لا قوة إلا باللّٰه العلی العظیم ثم التفت إلیه و قال یا هذا لم فعلت ذلك فقال له و اللّٰه یا فاسق ما طلبت غیرك و لا أردت سواك قال و لم ذلك قال إنا ثلاثة تعاهدنا بمكة علی قتلك و قتل علی بن أبی طالب و معاویة فی هذه اللیلة فإن صدقا صاحبای فقد قتل علی بالكوفة و معاویة بالشام و أما أنت فقد سلمت فقال عمرو یا غلام احبسه حتی نكتب إلی معاویة فحبسه حتی أمره معاویة بقتله فقتله.

و أما عبد اللّٰه العنبری فقصد دمشق و استخبر عن معاویة فأرشد إلیه فجعل یتردد إلی داره فلا یتمكن من الدخول إلیه إلی أن أذن معاویة یوما للناس إذنا عاما فدخل إلیه مع الناس و سلم علیه و حادثة ساعة و ذكر له ملوك بنی قحطان و من له كلام مصیب حتی ذكر له بنی عمه و هم أول ملوك قحطان و شیئا من أخبارهم فلما تفرقوا بقی عنده مع خواصه و كان فصیحا خبیرا بأنساب العرب و أشعارهم فأحبه معاویة حبا شدیدا فقال قد أذنت لك فی كل وقت نجلس

ص: 271

فیه أن تدخل علینا من غیر مانع و لا دافع فكان یتردد إلیه إلی لیلة تسع عشرة و كان قد عرف المكان الذی یصلی فیه معاویة فلما أذن المؤذن للفجر و أتی معاویة المسجد و دخل محرابه ثار إلیه بالسیف و ضربه فراغ عنه فأراد ضرب عنقه فانصاع عنه (1) فوقع السیف فی ألیته و كانت ضربته ضربة جبان فقال معاویة لا یفوتنكم الرجل فاستخلف بعض أصحابه للصلاة و نهض إلی داره و أما العنبری فأخذه الناس و أوثقوه و أتوا به إلی معاویة و كان مغشیا علیه فلما أفاق قال له ویلك یا لكع لقد خاب ظنی فیك ما الذی حملك علی هذا فقال له دعنی من كلامك اعلم أنا ثلاثة تحالفنا علی قتلك و قتل عمرو بن العاص و علی بن أبی طالب فإن صدق صاحبای فقد قتل علی و عمرو و أما أنت فقد روغ أجلك كروغك الثعلب (2) فقال له معاویة علی رغم أنفك فأمر به إلی الحبس فأتاه الساعدی و كان طبیبا فلما نظر إلیه قال له اختر إحدی الخصلتین إما أن أحمی حدیدة فأضعها موضع السیف و إما أن أسقیك شربة تقطع منك الولد و تبرأ منها لأن ضربتك مسمومة فقال معاویة أما النار فلا صبر لی علیها و أما انقطاع الولد فإن فی یزید و عبد اللّٰه ما تقر به عینی فسقاه الشربة فبرأ و لم یولد له بعدها.

وَ أَمَّا ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ سَارَ حَتَّی دَخَلَ الْكُوفَةَ وَ اجْتَازَ عَلَی الْجَامِعِ وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَالِساً عَلَی بَابِ كِنْدَةَ فَلَمْ یَدْخُلْهُ وَ لَمْ یُسَلِّمْ عَلَیْهِ وَ كَانَ إِلَی جَانِبِهِ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَی ابْنِ مُلْجَمٍ وَ عُبُورِهِ قَالُوا أَ لَا تَرَی إِلَی ابْنِ مُلْجَمٍ عَبَرَ وَ لَمْ یُسَلِّمْ عَلَیْكَ قَالَ دَعُوهُ فَإِنَّ لَهُ شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ وَ اللَّهِ لَیَخْضِبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَ أَشَارَ إِلَی لِحْیَتِهِ وَ هَامَتِهِ ثُمَّ قَالَ:

مَا مِنَ الْمَوْتِ لِإِنْسَانٍ نَجَاءٌ***كُلُّ امْرِئٍ لَا بُدَّ یَأْتِیهِ الْفَنَاءُ

تَبَارَكَ اللَّهُ وَ سُبْحَانَهُ***لِكُلِّ شَیْ ءٍ مُدَّةٌ وَ انْتِهَاءٌ.

ص: 272


1- 1. أی رجع مسرعا.
2- 2. راغ الصید: ذهب هاهنا و هاهنا. راغ عن الطریق: حاد عنه.

یَقْدِرُ الْإِنْسَانُ فِی نَفْسِهِ***أَمْراً وَ یَأْتِیهِ عَلَیْهِ الْقَضَاءُ

لَا تَأْمَنَنَّ الدَّهْرُ فِی أَهْلِهِ *** لِكُلِّ عَیْشٍ آخِرٌ وَ انْقِضَاءٌ

بَیْنَا تَرَی الْإِنْسَانَ فِی غِبْطَةٍ***یُمْسِی وَ قَدْ حَلَّ عَلَیْهِ الْقَضَاءُ.

ثُمَّ جَعَلَ یُطِیلُ النَّظَرَ إِلَیْهِ حَتَّی غَابَ عَنْ عَیْنِهِ وَ أَطْرَقَ إِلَی الْأَرْضِ یَقُولُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ.

قَالَ وَ سَارَ ابْنُ مُلْجَمٍ حَتَّی وَصَلَ إِلَی دَارِ قَطَامِ وَ كَانَ قَدْ أَیِسَتْ مِنْ رُجُوعِهِ إِلَیْهَا وَ عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَی بَنِی عَمِّهَا وَ عَشِیرَتِهَا وَ شَرَطَتْ عَلَیْهِمْ قَتْلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمْ یُقْدِمْ أَحَدٌ عَلَی ذَلِكَ فَلَمَّا طَرَقَ الْبَابَ قَالَتْ مَنِ الطَّارِقُ قَالَ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَفَرِحَتْ قَطَامِ بِهِ وَ خَرَجَتْ إِلَیْهِ وَ اعْتَنَقَتْهُ وَ أَدْخَلَتْهُ دَارَهَا وَ فَرَشَتْ لَهُ فُرُشَ الدِّیبَاجِ وَ أَحْضَرَتْ لَهُ الطَّعَامَ وَ الْمُدَامَ فَأَكَلَ وَ شَرِبَ حَتَّی سَكِرَ وَ سَأَلَتْهُ عَنْ حَالِهِ فَحَدَّثَهَا بِجَمِیعِ مَا جَرَی لَهُ فِی طَرِیقِهِ ثُمَّ أَمَرَتْهُ بِالاغْتِسَالِ وَ تَغْیِیرِ ثِیَابِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَ أَمَرَتْ جَارِیَةً لَهَا فَفَرَشَتِ الدَّارَ بِأَنْوَاعِ الْفُرُشِ وَ أَحْضَرَتْ لَهُ شَرَاباً وَ جَوَارِیَ فَشَرِبَ مَعَ الجوار [الْجَوَارِی] وَ هُنَّ یَلْعَبْنَ بِالْعِیدَانِ وَ الْمَزَامِیرِ وَ الْمَعَازِفِ وَ الدُّفُوفِ فَلَمَّا أَخَذَ الشَّرَابُ مِنْهُ أَقْبَلَ عَلَیْهَا وَ قَالَ مَا بَالُكِ لَا تُجَالِسِینِی وَ لَا تُحَادِثِینِی یَا قُرَّةَ عَیْنِی وَ لَا تُمَازِحِینِی فَقَالَتْ لَهُ بَلَی سَمْعاً وَ طَاعَةً ثُمَّ إِنَّهَا نَهَضَتْ وَ دَخَلَتْ إِلَی خِدْرِهَا وَ لَبِسَتْ أَفْخَرَ ثِیَابِهَا وَ تَزَیَّنَتْ وَ تَطَیَّبَتْ وَ خَرَجَتْ إِلَیْهِ وَ قَدْ كَشَفَتْ لَهُ عَنْ رَأْسِهَا وَ صَدْرِهَا وَ نُهُودِهَا(1) وَ أَبْرَزَتْ لَهُ عَنْ فَخِذَیْهَا وَ هِیَ فِی طَاقٍ غِلَالَةٍ(2) رُومِیٍّ یَبِینُ لَهُ مِنْهَا جَمِیعُ جَسَدِهَا وَ هِیَ تَتَبَخْتَرُ فِی مِشْیَتِهَا وَ الجوار [الْجَوَارِی] حَوْلَهَا یَلْعَبْنَ فَقَامَ الْمَلْعُونُ وَ اعْتَنَقَهَا وَ تَرَشَّفَهَا وَ حَمَلَهَا حَتَّی أَجْلَسَهَا مَجْلِسَهَا وَ قَدْ بُهِتَ وَ تَحَیَّرَ وَ اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِ الشَّیْطَانُ فَضَرَبَتْ بِیَدِهَا عَلَی زِرِّ قَمِیصِهَا فَحَلَّتْهُ وَ كَانَ فِی حِلَقِهَا عِقْدُ جَوْهَرٍ لَیْسَتْ لَهُ قِیمَةٌ فَلَمَّا أَرَادَ مُجَامَعَتَهَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِمَ تُمَانِعِینِّی عَنْ نَفْسِكِ وَ أَنَا وَ أَنْتِ عَلَی الْعَهْدِ الَّذِی

ص: 273


1- 1. جمع النهد: الثدی.
2- 2. الطاق: ضرب من الثیاب. و الغلالة- بالكسر-: شعار یلبس تحت الثوب.

عَاهَدْتُكِ عَلَیْهِ مِنْ قَتْلِ عَلِیٍّ وَ لَوْ أَحْبَبْتِ لَقَتَلْتُ مَعَهُ شِبْلَیْهِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ ثُمَّ ضَرَبَ یَدَهُ عَلَی هِمْیَانِهِ فَحَلَّهُ مِنْ وَسَطِهِ وَ رَمَاهُ إِلَیْهَا وَ قَالَ خُذِیهِ فَإِنَّ فِیهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ دِینَارٍ وَ عَبْدٍ وَ قَیْنَةٍ فَقَالَتْ لَهُ وَ اللَّهِ لَا أُمَكِّنُكَ مِنْ نَفْسِی حَتَّی تَحْلِفَ لِی بِالْأَیْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ أَنَّكَ تَقْتُلُهُ فَحَمَلَتْهُ الْقَسَاوَةُ عَلَی ذَلِكَ وَ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْیَاهُ وَ تَحَكَّمَ الشَّیْطَانُ فِیهِ بِالْأَیْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ أَنَّهُ یَقْتُلُهُ وَ لَوْ قَطَعُوهُ إِرْباً إِرْباً فَمَالَتْ إِلَیْهِ عِنْدَ ذَلِكَ وَ قَبَّلَتْهُ وَ قَبَّلَهَا فَأَرَادَ وَطْأَهَا فَمَانَعَتْهُ وَ بَاتَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّیْلَةَ مِنْ غَیْرِ نِكَاحٍ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ تَزَوَّجَ بِهَا سِرّاً وَ طَابَ قَلْبُهُ فَلَمَّا أَفَاقَ مِنْ سَكْرَتِهِ نَدِمَ عَلَی مَا كَانَ مِنْهُ وَ عَاتَبَ نَفْسَهُ وَ لَعَنَهَا فَلَمْ تَزَلْ تُرَاوِغُهُ (1) فِی كُلِّ لَیْلَةٍ وَ تَعِدُهُ بِوِصَالِهَا فَلَمَّا دَنَتِ اللَّیْلَةُ الْمَوْعُودَةُ مَدَّ یَدَهُ إِلَیْهَا لِیُضَاجِعَهَا وَ یُجَامِعَهَا فَأَبَتْ عَلَیْهِ وَ قَالَتْ مَا یَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَفِیَ بِوَعْدِكَ وَ كَانَ الْمَلْعُونُ اعْتَلَّ عِلَّةً شَدِیدَةً فَبَرَأَ مِنْهَا وَ كَانَتِ الْمَلْعُونَةُ لَا تُمَكِّنُهُ مِنْ نَفْسِهَا مَخَافَةَ أَنْ تَبْرُدَ نَارُهُ فَیُخِلَّ بِقَضَاءِ حَاجَتِهَا فَقَالَ لَهَا یَا قَطَامِ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ أَقْتُلُ لَكِ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَخَذَ سَیْفَهُ وَ مَضَی بِهِ إِلَی الصَّیْقَلِ فَأَجَادَ صِقَالَهُ وَ جَاءَ بِهِ إِلَیْهَا فَقَالَتْ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُعْمِلَ فِیهِ سَمّاً قَالَ وَ مَا تَصْنَعُ بِالسَّمِّ لَوْ وَقَعَ عَلَی جَبَلٍ لَهَدَّهُ فَقَالَتْ دَعْنِی أُعْمِلُ فِیهِ السَّمَّ فَإِنَّكَ لَوْ رَأَیْتَ عَلِیّاً لَطَاشَ عَقْلُكَ وَ ارْتَعَشَتْ یَدَاكَ وَ رُبَّمَا ضَرَبْتَهُ ضَرْبَةً لَا تَعْمَلُ فِیهِ شَیْئاً فَإِذَا كَانَ مَسْمُوماً فَإِنْ لَمْ تَعْمَلِ الضَّرْبَةُ عَمِلَ السَّمُّ فَقَالَ لَهَا یَا وَیْلَكِ أَ تُخَوِّفِینِی مِنْ عَلِیٍّ فَوَ اللَّهِ لَا أَرْهَبُ عَلِیّاً وَ لَا غَیْرَهُ فَقَالَتْ لَهُ دَعْنِی مِنْ قَوْلِكَ هَذَا وَ إِنَّ عَلِیّاً لَیْسَ كَمَنْ لَاقَیْتَ مِنَ الشُّجْعَانِ فَأَطْرَتْ (2) فِی مَدْحِهِ وَ ذَكَرَتْ شَجَاعَتَهُ وَ كَانَ غَرَضُهَا أَنْ یَحْمِلَ الْمَلْعُونَ عَلَی الْغَضَبِ وَ یُحَرِّضَهُ عَلَی الْأَمْرِ فَأَخَذَتِ السَّیْفَ وَ أَنْفَذَتْهُ إِلَی الصَّیْقَلِ فَسَقَاهُ السَّمَّ وَ رَدَّهُ إِلَی غِمْدِهِ وَ كَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ قَدْ خَرَجَ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ یَمْشِی فِی أَزِقَّةِ الْكُوفَةِ فَلَقِیَهُ صَدِیقٌ لَهُ وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ الْحَارِثِیُّ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ هَنَّأَهُ بِزِوَاجِ قَطَامِ ثُمَّ تَحَادَثَا سَاعَةً فَحَدَّثَهُ

ص: 274


1- 1. أی تخادعه.
2- 2. اطراه: احس الثناء علیه و بالغ فی مدحه.

بِحَدِیثِهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَی آخِرِهِ فَسُّرَ بِذَلِكَ سُرُوراً عَظِیماً فَقَالَ لَهُ أَنَا أُعَاوِنُكَ فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ دَعْنِی مِنْ هَذَا الْحَدِیثِ فَإِنَّ عَلِیّاً أَرْوَغُ مِنَ الثَّعْلَبِ وَ أَشَدُّ مِنَ الْأَسَدِ.

ثُمَّ مَضَی ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ یَدُورُ فِی شَوَارِعِ الْكُوفَةِ فَاجْتَازَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ مِیثَمٍ التَّمَّارِ فَخَطَفَ عَنْهُ كَیْلَا یَرَاهُ فَفَطَنَ بِهِ فَبَعَثَ خَلْفَهُ رَسُولًا فَلَمَّا أَتَاهُ وَقَفَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ وَ تَضَرَّعَ لَدَیْهِ فَقَالَ علیه السلام لَهُ مَا تَعْمَلُ هَاهُنَا قَالَ أَطُوفُ فِی أَسْوَاقِ الْكُوفَةِ وَ أَنْظُرُ إِلَیْهَا فَقَالَ علیه السلام عَلَیْكَ بِالْمَسَاجِدِ فَإِنَّهَا خَیْرٌ لَكَ مِنَ الْبِقَاعِ كُلِّهَا وَ شَرُّهَا الْأَسْوَاقُ مَا لَمْ یُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ فِیهَا ثُمَّ حَادَثَهُ سَاعَةً وَ انْصَرَفَ فَلَمَّا وَلَّی جَعَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُطِیلُ النَّظَرَ إِلَیْهِ وَ یَقُولُ یَا لَكَ مِنْ عَدُوٍّ لِی مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ قَالَ علیه السلام:

أُرِیدُ حَیَاتَهُ وَ یُرِیدُ قَتْلِی***وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یَشَاءَ.

ثُمَّ قَالَ علیه السلام یَا مِیثَمُ هَذَا وَ اللَّهِ قَاتِلِی لَا مَحَالَةَ أَخْبَرَنِی بِهِ حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ مِیثَمٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَلِمَ لَا تَقْتُلُهُ أَنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ یَا مِیثَمُ لَا یَحِلُّ الْقِصَاصُ قَبْلَ الْفِعْلِ فَقَالَ مِیثَمٌ یَا مَوْلَایَ إِذَا لَمْ تَقْتُلْهُ فَاطْرُدْهُ فَقَالَ یَا مِیثَمُ لَوْ لَا آیَةٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (1) وَ أَیْضاً أَنَّهُ بَعْدَ مَا جَنَی جِنَایَةً فَیُؤْخَذُ بِهَا وَ لَا یَجُوزُ أَنْ یُعَاقَبَ قَبْلَ الْفِعْلِ فَقَالَ مِیثَمٌ جَعَلَ اللَّهُ یَوْمَنَا قَبْلَ یَوْمِكَ وَ لَا أَرَانَا اللَّهُ فِیكَ سُوءاً أَبَداً وَ مَتَی یَكُونُ ذَلِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ تَفَرَّدَ بِخَمْسَةِ أَشْیَاءَ لَا یَطَّلِعُ عَلَیْهَا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ(2) الْآیَةَ یَا مِیثَمُ هَذِهِ خَمْسَةٌ لَا یَطَّلِعُ عَلَیْهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی وَ مَا اطَّلَعَ عَلَیْهَا نَبِیٌّ وَ لَا وَصِیٌّ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ یَا مِیثَمُ لَا حَذَرَ مِنْ قَدَرٍ یَا مِیثَمُ إِذَا جَاءَ الْقَضَاءُ فَلَا مَفَرَّ فَرَجَعَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ دَخَلَ عَلَی

ص: 275


1- 1. سورة الرعد: 39.
2- 2. سورة لقمان: 34.

قَطَامِ لَعَنَهُمَا اللَّهُ وَ كَانَتْ تِلْكَ اللَّیْلَةُ لَیْلَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمَّا كَانَتْ لَیْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَدَّمَتْ إِلَیْهِ عِنْدَ إِفْطَارِهِ طَبَقاً فِیهِ قُرْصَانِ مِنْ خُبْزِ الشَّعِیرِ وَ قَصْعَةٌ فِیهَا لَبَنٌ وَ مِلْحٌ جَرِیشٌ (1) فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَقْبَلَ عَلَی فَطُورِهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ وَ تَأَمَّلَهُ حَرَّكَ رَأْسَهُ وَ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً عَالِیاً وَ قَالَ یَا بُنَیَّةِ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ بِنْتاً تَسُوءُ أَبَاهَا كَمَا قَدْ أَسَأْتِ أَنْتِ إِلَیَّ قَالَتْ وَ مَا ذَا یَا أَبَاهْ قَالَ یَا بُنَیَّةِ أَ تُقَدِّمِینَ إِلَی أَبِیكِ إِدَامَیْنِ فِی فَرْدِ طَبَقٍ وَاحِدٍ أَ تُرِیدِینَ أَنْ یَطُولَ وُقُوفِی غَداً بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَنَا أُرِیدُ أَنْ أَتْبَعَ أَخِی وَ ابْنَ عَمِّی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قُدِّمَ إِلَیْهِ إِدَامَانِ فِی طَبَقٍ وَاحِدٍ إِلَی أَنْ قَبَضَهُ اللَّهُ یَا بُنَیَّةِ مَا مِنْ رَجُلٍ طَابَ مَطْعَمُهُ وَ مَشْرَبُهُ وَ مَلْبَسُهُ إِلَّا طَالَ وُقُوفُهُ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ یَا بُنَیَّةِ إِنَّ الدُّنْیَا فِی حَلَالِهَا حِسَابٌ وَ فِی حَرَامِهَا عِقَابٌ وَ قَدْ أَخْبَرَنِی حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام نَزَلَ إِلَیْهِ وَ مَعَهُ مَفَاتِیحُ كُنُوزِ الْأَرْضِ وَ قَالَ یَا مُحَمَّدُ السَّلَامُ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ إِنْ شِئْتَ صَیَّرْتَ مَعَكَ جِبَالَ تِهَامَةَ ذَهَباً وَ فِضَّةً وَ خُذْ هَذِهِ مَفَاتِیحَ كُنُوزِ الْأَرْضِ وَ لَا یَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ حَظِّكَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ قَالَ یَا جَبْرَئِیلُ وَ مَا یَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْمَوْتُ فَقَالَ إِذاً لَا حَاجَةَ لِی فِی الدُّنْیَا دَعْنِی أَجُوعُ یَوْماً وَ أَشْبَعُ یَوْماً فَالْیَوْمَ الَّذِی أَجُوعُ فِیهِ أَتَضَرَّعُ إِلَی رَبِّی وَ أَسْأَلُهُ وَ الْیَوْمَ الَّذِی أَشْبَعُ فِیهِ أَشْكُرُ رَبِّی وَ أَحْمَدُهُ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِیلُ وُفِّقْتَ لِكُلِّ خَیْرٍ یَا مُحَمَّدُ.

ثُمَّ قَالَ علیه السلام یَا بُنَیَّةِ الدُّنْیَا دَارُ غُرُورٍ وَ دَارُ هَوَانٍ فَمَنْ قَدَّمَ شَیْئاً وَجَدَهُ یَا بُنَیَّةِ وَ اللَّهِ لَا آكُلُ شَیْئاً حَتَّی تَرْفَعِینَ أَحَدَ الْإِدَامَیْنِ فَلَمَّا رَفَعَتْهُ تَقَدَّمَ إِلَی الطَّعَامِ فَأَكَلَ قُرْصاً وَاحِداً بِالْمِلْحِ الْجَرِیشِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَامَ إِلَی صَلَاتِهِ فَصَلَّی وَ لَمْ یَزَلْ رَاكِعاً وَ سَاجِداً وَ مُبْتَهِلًا وَ مُتَضَرِّعاً إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ یُكْثِرُ الدُّخُولَ وَ الْخُرُوجَ وَ هُوَ یَنْظُرُ إِلَی السَّمَاءِ وَ هُوَ قَلَقٌ یَتَمَلْمَلُ ثُمَّ قَرَأَ سُورَةَ یس حَتَّی خَتَمَهَا

ص: 276


1- 1. الجریش: ما طحنته غیر ناعم.

ثُمَّ رَقَدَ هُنَیْهَةً وَ انْتَبَهَ مَرْعُوباً وَ جَعَلَ یَمْسَحُ وَجْهَهُ بِثَوْبِهِ وَ نَهَضَ قَائِماً عَلَی قَدَمَیْهِ وَ هُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِی لِقَائِكَ وَ یُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ ثُمَّ صَلَّی حَتَّی ذَهَبَ بَعْضُ اللَّیْلِ ثُمَّ جَلَسَ لِلتَّعْقِیبِ ثُمَّ نَامَتْ عَیْنَاهُ وَ هُوَ جَالِسٌ ثُمَّ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمَتِهِ مَرْعُوباً.

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ كَأَنِّی بِهِ وَ قَدْ جَمَعَ أَوْلَادَهُ وَ أَهْلَهُ وَ قَالَ لَهُمْ فِی هَذَا الشَّهْرِ تَفْقِدُونِی إِنِّی رَأَیْتُ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ رُؤْیَا هَالَتْنِی وَ أُرِیدُ أَنْ أَقُصَّهَا عَلَیْكُمْ قَالُوا وَ مَا هِیَ قَالَ إِنِّی رَأَیْتُ السَّاعَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَنَامِی وَ هُوَ یَقُولُ لِی یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّكَ قَادِمٌ إِلَیْنَا عَنْ قَرِیبٍ یَجِی ءُ إِلَیْكَ أَشْقَاهَا فَیَخْضِبُ شَیْبَتَكَ مِنْ دَمِ رَأْسِكَ وَ أَنَا وَ اللَّهِ مُشْتَاقٌ إِلَیْكَ وَ إِنَّكَ عِنْدَنَا فِی الْعَشْرِ الْآخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهَلُمَّ إِلَیْنَا فَمَا عِنْدَنَا خَیْرٌ لَكَ وَ أَبْقَی قَالَ فَلَمَّا سَمِعُوا كَلَامَهُ ضَجُّوا بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ وَ أَبْدَوُا الْعَوِیلَ فَأَقْسَمَ عَلَیْهِمْ بِالسُّكُوتِ فَسَكَتُوا ثُمَّ أَقْبَلَ یُوصِیهِمْ وَ یَأْمُرُهُمْ بِالْخَیْرِ وَ یَنْهَاهُمْ عَنِ الشَّرِّ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَ لَمْ یَزَلْ تِلْكَ اللَّیْلَةَ قَائِماً وَ قَاعِداً وَ رَاكِعاً وَ سَاجِداً ثُمَّ یَخْرُجُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ یَقْلِبُ طَرْفَهُ فِی السَّمَاءِ وَ یَنْظُرُ فِی الْكَوَاكِبِ وَ هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ إِنَّهَا اللَّیْلَةُ الَّتِی وُعِدْتُ بِهَا ثُمَّ یَعُودُ إِلَی مُصَلَّاهُ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِی فِی الْمَوْتِ وَ یُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَ یُصَلِّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ وَ یَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كَثِیراً.

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَلَمَّا رَأَیْتُهُ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ قَلَقاً مُتَمَلْمِلًا كَثِیرَ الذِّكْرِ وَ الِاسْتِغْفَارِ أَرِقْتُ مَعَهُ لَیْلَتِی وَ قُلْتُ یَا أَبَتَاهْ مَا لِی أَرَاكَ هَذِهِ اللَّیْلَةَ لَا تَذُوقُ طَعْمَ الرُّقَادِ قَالَ یَا بُنَیَّةِ إِنَّ أَبَاكِ قَتَلَ الْأَبْطَالَ وَ خَاضَ الْأَهْوَالَ وَ مَا دَخَلَ الْخَوْفُ لَهُ جوف (1) [جَوْفاً] وَ مَا دَخَلَ فِی قَلْبِی رُعْبٌ أَكْثَرُ مِمَّا دَخَلَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَقُلْتُ یَا أَبَاهْ مَا لَكَ تَنْعَی نَفْسَكَ مُنْذُ اللَّیْلَةِ قَالَ یَا بُنَیَّةِ قَدْ قَرُبَ الْأَجَلُ وَ انْقَطَعَ الْأَمَلُ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَبَكَیْتُ فَقَالَ لِی یَا بُنَیَّةِ لَا تَبْكِیِنَّ فَإِنِّی لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ إِلَّا

ص: 277


1- 1. الظاهر كما فی« ت و هامش ك»: و ما دخل له خوف.

بِمَا عَهِدَ إِلَیَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ إِنَّهُ نَعَسَ وَ طَوَی سَاعَةً ثُمَّ اسْتَیْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَ قَالَ یَا بُنَیَّةِ إِذَا قَرُبَ وَقْتُ الْأَذَانِ فَأَعْلِمِینِی ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَا كَانَ عَلَیْهِ أَوَّلَ اللَّیْلِ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الدُّعَاءِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَی قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَجَعَلْتُ أَرْقُبُ وَقْتَ الْأَذَانِ فَلَمَّا لَاحَ الْوَقْتُ أَتَیْتُهُ وَ مَعِی إِنَاءٌ فِیهِ مَاءٌ ثُمَّ أَیْقَظْتُهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَ قَامَ وَ لَبِسَ ثِیَابَهُ وَ فَتَحَ بَابَهُ ثُمَّ نَزَلَ إِلَی الدَّارِ وَ كَانَ فِی الدَّارِ إِوَزٌّ قَدْ أُهْدِیَ إِلَی أَخِی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَلَمَّا نَزَلَ خَرَجْنَ وَرَاءَهُ وَ رَفْرَفْنَ وَ صِحْنَ فِی وَجْهِهِ وَ كَانَ قَبْلَ تِلْكَ اللَّیْلَةِ لَمْ یَصِحْنَ فَقَالَ علیه السلام لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ صَوَارِخُ تَتْبَعُهَا نَوَائِحُ وَ فِی غَدَاةِ غَدٍ یَظْهَرُ الْقَضَاءُ فَقُلْتُ لَهُ یَا أَبَاهْ هَكَذَا تَتَطَیَّرُ فَقَالَ یَا بُنَیَّةِ مَا مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ مَنْ یَتَطَیَّرُ وَ لَا یُتَطَیَّرُ بِهِ وَ لَكِنْ قَوْلٌ جَرَی عَلَی لِسَانِی ثُمَّ قَالَ یَا بُنَیَّةِ بِحَقِّی عَلَیْكِ إِلَّا مَا أَطْلَقْتِیهِ فَقَدْ حَبَسْتِ مَا لَیْسَ لَهُ لِسَانٌ وَ لَا یَقْدِرُ عَلَی الْكَلَامِ إِذَا جَاعَ أَوْ عَطِشَ فَأَطْعِمِیهِ وَ اسْقِیهِ وَ إِلَّا خَلِّی سَبِیلَهُ یَأْكُلْ مِنْ حَشَائِشِ الْأَرْضِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَی الْبَابِ فَعَالَجَهُ لِیَفْتَحَهُ فَتَعَلَّقَ الْبَابُ بِمِئْزَرِهِ فَانْحَلَّ مِئْزَرُهُ حَتَّی سَقَطَ فَأَخَذَهُ وَ شَدَّهُ وَ هُوَ یَقُولُ:

اشْدُدْ حَیَازِیمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَاقِیكَا***وَ لَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ إِذَا حَلَّ بِنَادِیكَا

وَ لَا تَغْتَرَّ بِالدَّهْرِ وَ إِنْ كَانَ یُؤَاتِیكَا***كَمَا أَضْحَكَكَ الدَّهْرُ كَذَاكَ الدَّهْرُ یُبْكِیكَا.

ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِی الْمَوْتِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِی فِی لِقَائِكَ قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَ كُنْتُ أَمْشِی خَلْفَهُ فَلَمَّا سَمِعْتُهُ یَقُولُ ذَلِكَ قُلْتُ وَا غَوْثَاهْ یَا أَبَتَاهْ أَرَاكِ تَنْعَی نَفْسَكَ مُنْذُ اللَّیْلَةِ قَالَ یَا بُنَیَّةِ مَا هُوَ بِنَعَاءٍ وَ لَكِنَّهَا دَلَالاتٌ وَ عَلَامَاتٌ لِلْمَوْتِ تَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَأَمْسِكِی عَنِ الْجَوَابِ ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ وَ خَرَجَ.

قَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ فَجِئْتُ إِلَی أَخِی الْحَسَنِ علیه السلام فَقُلْتُ یَا أَخِی قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ أَبِیكِ اللَّیْلَةَ كَذَا وَ كَذَا وَ هُوَ قَدْ خَرَجَ فِی هَذَا اللَّیْلِ الْغَلَسَ فَالْحَقْهُ فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ تَبِعَهُ فَلَحِقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَدْخُلَ الْجَامِعَ فَقَالَ یَا أَبَاهْ مَا أَخْرَجَكَ فِی

ص: 278

هَذِهِ السَّاعَةِ وَ قَدْ بَقِیَ مِنَ اللَّیْلِ ثُلُثُهُ فَقَالَ یَا حَبِیبِی وَ یَا قُرَّةَ عَیْنِی خَرَجَتْ لِرُؤْیَا رَأَیْتُهَا فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ أَهَالَتْنِی وَ أَزْعَجَتْنِی وَ أَقْلَقَتْنِی فَقَالَ لَهُ خَیْراً رَأَیْتَ وَ خَیْراً یَكُونُ فَقَصَّهَا عَلَیَّ فَقَالَ علیه السلام یَا بُنَیَّ رَأَیْتُ كَأَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام قَدْ نَزَلَ عَنِ السَّمَاءِ عَلَی جَبَلِ أَبِی قُبَیْسٍ فَتَنَاوَلَ مِنْهُ حَجَرَیْنِ وَ مَضَی بِهِمَا إِلَی الْكَعْبَةِ وَ تَرَكَهُمَا عَلَی ظَهْرِهَا وَ ضَرَبَ أَحَدَهُمَا عَلَی الْآخَرِ فَصَارَتْ كَالرَّمِیمِ ثُمَّ ذَرَّهُمَا فِی الرِّیحِ فَمَا بَقِیَ بِمَكَّةَ وَ لَا بِالْمَدِینَةِ بَیْتٌ إِلَّا وَ دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّمَادِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَتِ وَ مَا تَأْوِیلُهَا فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْیَایَ فَإِنَّ أَبَاكَ مَقْتُولٌ وَ لَا یَبْقَی بِمَكَّةَ حِینَئِذٍ وَ لَا بِالْمَدِینَةِ بَیْتٌ إِلَّا وَ یَدْخُلُهُ مِنْ ذَلِكَ غَمٌّ وَ مُصِیبَةٌ مِنْ أَجْلِی فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ هَلْ تَدْرِی مَتَی یَكُونُ ذَلِكَ یَا أَبَتِ قَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ بِأَیِّ أَرْضٍ تَمُوتُ (1) وَ لَكِنْ عَهِدَ إِلَیَّ حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ یَكُونُ فِی الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ یَقْتُلُنِی ابْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیُّ فَقُلْتُ لَهُ یَا أَبَتَاهْ إِذَا عَلِمْتَ مِنْهُ ذَلِكَ فَاقْتُلْهُ قَالَ یَا بُنَیَّ لَا یَجُوزُ الْقِصَاصُ إِلَّا بَعْدَ الْجِنَایَةِ وَ الْجِنَایَةُ لَمْ تَحْصُلْ مِنْهُ یَا بُنَیَّ لَوِ اجْتَمَعَ الثَّقَلَانِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَی أَنْ یَدْفَعُوا ذَلِكَ لَمَّا قَدَرُوا یَا بُنَیَّ ارْجِعْ إِلَی فِرَاشِكَ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام یَا أَبَتَاهْ أُرِیدُ أَمْضِی مَعَكَ إِلَی مَوْضِعِ صَلَاتِكَ فَقَالَ لَهُ أَقْسَمْتُ بِحَقِّی عَلَیْكَ إِلَّا مَا رَجَعْتَ إِلَی فِرَاشِكَ لِئَلَّا یَتَنَغَّصَ عَلَیْكَ نَوْمُكَ وَ لَا تَعْصِنِی فِی ذَلِكَ قَالَ فَرَجَعَ الْحَسَنُ علیه السلام فَوَجَدَ أُخْتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ قَائِمَةً خَلْفَ الْبَابِ تَنْتَظِرُهُ فَدَخَلَ فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ وَ جَلَسَا یَتَحَادَثَانِ وَ هُمَا مَحْزُونَانِ حَتَّی غَلَبَ عَلَیْهِمَا النُّعَاسُ فَقَامَا وَ دَخَلَا إِلَی فِرَاشِهِمَا وَ نَامَا.

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ غَیْرُهُ وَ سَارَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ الْقَنَادِیلُ قَدْ خَمَدَ ضَوْؤُهَا فَصَلَّی فِی الْمَسْجِدِ وِرْدَهُ وَ عَقَّبَ سَاعَةً ثُمَّ إِنَّهُ قَامَ وَ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ عَلَا الْمِئْذَنَةَ وَ وَضَعَ سَبَّابَتَیْهِ فِی أُذُنَیْهِ وَ تَنَحْنَحَ ثُمَّ أَذَّنَ وَ كَانَ علیه السلام إِذَا أَذَّنَ لَمْ یَبْقَ فِی بَلْدَةِ الْكُوفَةِ بَیْتٌ إِلَّا اخْتَرَقَهُ صَوْتُهُ.

ص: 279


1- 1. سورة لقمان: 34.

قَالَ الرَّاوِی وَ أَمَّا ابْنُ مُلْجَمٍ فَبَاتَ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ یُفَكِّرُ فِی نَفْسِهِ وَ لَا یَدْرِی مَا یَصْنَعُ فَتَارَةً یُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَ یُوَبِّخُهَا وَ یَخَافُ مِنْ عُقْبَی فِعْلِهِ فِیهِمْ أَنْ یَرْجِعَ عَنْ ذَلِكَ وَ تَارَةً یَذْكُرُ قَطَامِ لَعَنَهَا اللَّهُ وَ حُسْنَهَا وَ جَمَالَهَا وَ كَثْرَةَ مَالِهَا فَتَمِیلُ نَفْسُهُ إِلَیْهَا فَبَقِیَ عَامَّةَ لَیْلِهِ یَتَقَلَّبُ عَلَی فِرَاشِهِ وَ هُوَ یَتَرَنَّمُ بِشِعْرِهِ ذَلِكَ إِذَا أَتَتْهُ الْمَلْعُونَةُ وَ نَامَتْ مَعَهُ فِی فِرَاشِهِ وَ قَالَتْ لَهُ یَا هَذَا مَنْ یَكُونُ عَلَی هَذَا الْعَزْمِ یَرْقُدُ فَقَالَ لَهَا وَ اللَّهِ إِنِّی أَقْتُلُهُ لَكِ السَّاعَةَ فَقَالَتِ اقْتُلْهُ وَ ارْجِعْ إِلَیَّ قَرِیرَ الْعَیْنِ مَسْرُوراً وَ افْعَلْ مَا تُرِیدُ فَإِنِّی مُنْتَظِرَةٌ لَكَ فَقَالَ لَهَا بَلْ أَقْتُلُهُ وَ أَرْجِعُ إِلَیْكِ سَخِینَ الْعَیْنِ مَحْزُوناً مَنْحُوساً مَحْسُوراً فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ تَطَیُّرِكَ الْوَحْشَ قَالَ فَوَثَبَ الْمَلْعُونُ كَأَنَّهُ الْفَحْلُ مِنَ الْإِبِلِ قَالَ هَلُمِّی إِلَیَّ بِالسَّیْفِ ثُمَّ إِنَّهُ اتَّزَرَ بِمِئْزَرٍ وَ اتَّشَحَ بِإِزَارٍ وَ جَعَلَ السَّیْفَ تَحْتَ الْإِزَارِ مَعَ بَطْنِهِ وَ قَالَ افْتَحِی لِی الْبَابَ فَفِی هَذِهِ السَّاعَةَ أَقْتُلُ لَكِ عَلِیّاً فَقَامَتْ فَرْحَةً مَسْرُورَةً وَ قَبَّلَتْ صَدْرَهُ وَ بَقِیَ یُقَبِّلُهَا وَ یَتَرَشَّفُهَا سَاعَةً ثُمَّ رَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَقَالَتْ لَهُ هَذَا عَلِیٌّ أَقْبَلَ إِلَی الْجَامِعِ وَ أَذَّنَ فَقُمْ إِلَیْهِ فَاقْتُلْهُ ثُمَّ عُدْ إِلَیَّ فَهَا أَنَا مُنْتَظِرَةٌ رُجُوعَكَ فَخَرَجَ مِنَ الْبَابِ وَ هِیَ خَلْفَهُ تُحَرِّضُهُ بِهَذِهِ الْأَبْیَاتِ أَقُولُ:

إِذَا مَا حَیَّةٌ أَعْیَتِ الرُّقَّا***وَ كَانَ ذُعَافُ الْمَوْتِ مِنْهُ شَرَابُهَا(1)

رَسَسْنَا إِلَیْهَا فِی الظَّلَامِ ابْنَ مُلْجَمٍ (2)***هُمَامٌ إِذَا مَا الْحَرْبُ شَبَّ لَهَا بِهَا

فَخُذْهَا عَلِیُّ فَوْقَ رَأْسِكَ ضَرْبَةً***بِكَفٍّ سَعِیدٍ سَوْفَ یَلْقَی ثَوَابَهَا.

قَالَ الرَّاوِی فَالْتَفَتَ إِلَیْهَا وَ قَالَ لَهَا أَفْسَدْتِ وَ اللَّهِ الشِّعْرَ فِی هَذَا الْبَیْتِ الْآخِرِ قَالَتْ وَ لِمَ ذَاكَ قَالَ لَهَا هَلَّا قُلْتُ: بِكَفٍّ شَقِیٍّ سَوْفَ یَلْقَی عِقَابَهَا.

قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ قَدَّسَ رُوحَهُ هَذَا الْخَبَرُ غَیْرُ صَحِیحٍ بَلْ إِنَّا كَتَبْنَاهُ كَمَا وَجَدْنَاهُ وَ الرِّوَایَةُ الصَّحِیحَةُ أَنَّهُ بَاتَ فِی الْمَسْجِدِ وَ مَعَهُ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا

ص: 280


1- 1. الذعاف: السم الذی یقتل من ساعته.
2- 2. فی( م) و( خ): دسسنا.

شَبِیبُ بْنُ بحیرة(1) [بَجَرَةَ] وَ الْآخَرُ وَرْدَانُ بْنُ مُجَالِدٍ یُسَاعِدَانِهِ عَلَی قَتْلِ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا أَذَّنَ علیه السلام وَ نَزَلَ مِنَ الْمِئْذَنَةِ وَ جَعَلَ یُسَبِّحُ اللَّهَ وَ یُقَدِّسُهُ وَ یُكَبِّرُهُ وَ یُكْثِرُ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ الرَّاوِی وَ كَانَ مِنْ كَرَمِ أَخْلَاقِهِ علیه السلام أَنَّهُ یَتَفَقَّدُ النَّائِمِینَ فِی الْمَسْجِدِ وَ یَقُولُ لِلنَّائِمِ الصَّلَاةَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ الصَّلَاةَ قُمْ إِلَی الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَیْكَ ثُمَّ یَتْلُو علیه السلام إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ(2) فَفَعَلَ ذَلِكَ كَمَا كَانَ یَفْعَلُهُ عَلَی مَجَارِی عَادَتِهِ مَعَ النَّائِمِینَ فِی الْمَسْجِدِ حَتَّی إِذَا بَلَغَ إِلَی الْمَلْعُونِ فَرَآهُ نَائِماً عَلَی وَجْهِهِ قَالَ لَهُ یَا هَذَا قُمْ مِنْ نَوْمِكَ هَذَا فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ یَمْقُتُهَا اللَّهُ وَ هِیَ نَوْمَةُ الشَّیْطَانِ وَ نَوْمَةُ أَهْلِ النَّارِ بَلْ نَمْ عَلَی یَمِینِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْعُلَمَاءِ أَوْ عَلَی یَسَارِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْحُكَمَاءِ وَ لَا تَنَمْ عَلَی ظَهْرِكَ فَإِنَّهَا نَوْمَةُ الْأَنْبِیَاءِ.

قَالَ فَتَحَرَّكَ الْمَلْعُونُ كَأَنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَقُومَ وَ هُوَ مِنْ مَكَانِهِ لَا یَبْرَحْ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَقَدْ هَمَمْتَ بِشَیْ ءٍ تَكادُ السَّماواتُ یَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا وَ لَوْ شِئْتَ لَأَنْبَأْتُكَ بِمَا تَحْتَ ثِیَابِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ عَدَلَ عَنْهُ إِلَی مِحْرَابِهِ وَ قَامَ قَائِماً یُصَلِّی وَ كَانَ علیه السلام یُطِیلُ الرُّكُوعَ وَ السُّجُودَ فِی الصَّلَاةِ كَعَادَتِهِ فِی الْفَرَائِضِ وَ النَّوَافِلِ حَاضِراً قَلْبُهُ فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ فَنَهَضَ الْمَلْعُونُ مُسْرِعاً وَ أَقْبَلَ یَمْشِی حَتَّی وَقَفَ بِإِزَاءِ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِی كَانَ الْإِمَامُ علیه السلام یُصَلِّی عَلَیْهَا فَأَمْهَلَهُ حَتَّی صَلَّی الرَّكْعَةَ الْأُولَی وَ رَكَعَ وَ سَجَدَ السَّجْدَةَ الْأُولَی مِنْهَا وَ رَفَعَ رَأْسَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ السَّیْفَ وَ هَزَّهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ عَلَی رَأْسِهِ الْمُكَرَّمِ الشَّرِیفِ فَوَقَعَتِ الضَّرْبَةُ عَلَی الضَّرْبَةِ الَّتِی ضَرَبَهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدَ وُدٍّ الْعَامِرِیُّ ثُمَّ أَخَذَتِ الضَّرْبَةُ إِلَی مَفْرَقِ رَأْسِهِ إِلَی مَوْضِعِ السُّجُودِ فَلَمَّا أَحَسَّ الْإِمَامُ بِالضَّرْبِ لَمْ یَتَأَوَّهْ وَ صَبَرَ وَ احْتَسَبَ وَ وَقَعَ عَلَی وَجْهِهِ وَ لَیْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ وَ عَلَی مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ صَاحَ وَ قَالَ قَتَلَنِی ابْنُ مُلْجَمٍ قَتَلَنِی اللَّعِینُ ابْنُ الْیَهُودِیَّةِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ أَیُّهَا النَّاسُ لَا یَفُوتَنَّكُمْ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ سَارَ

ص: 281


1- 1. فی( ت): بجرة.
2- 2. سورة العنكبوت: 45.

السَّمُّ فِی رَأْسِهِ وَ بَدَنِهِ وَ ثَارَ جَمِیعُ مَنْ فِی الْمَسْجِدِ فِی طَلَبِ الْمَلْعُونِ وَ مَاجُوا بِالسِّلَاحِ فَمَا كُنْتُ أَرَی إِلَّا صَفْقَ الْأَیْدِی عَلَی الْهَامَاتِ وَ عُلُوِّ الصَّرْخَاتِ وَ كَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً خَائِفاً مَرْعُوباً ثُمَّ وَلَّی هَارِباً وَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَ أَحَاطَ النَّاسُ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ فِی مِحْرَابِهِ یَشُدُّ الضَّرْبَةَ وَ یَأْخُذُ التُّرَابَ وَ یَضَعُهُ عَلَیْهَا ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَی مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِیها نُعِیدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْری (1) ثُمَّ قَالَ علیه السلام جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا ضَرَبَهُ الْمَلْعُونُ ارْتَجَّتِ الْأَرْضُ وَ مَاجَتِ الْبِحَارُ وَ السَّمَاوَاتِ وَ اصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ قَالَ وَ ضَرَبَهُ اللَّعِینُ شَبِیبُ بْنِ بُجْرَةَ فَأَخْطَأَهُ وَ وَقَعَتِ الضَّرْبَةُ فِی الطَّاقِ.

قَالَ الرَّاوِی فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ الضَّجَّةَ ثَارَ إِلَیْهِ كُلُّ مَنْ كَانَ فِی الْمَسْجِدِ وَ صَارُوا یَدُورُونَ وَ لَا یَدْرُونَ أَیْنَ یَذْهَبُونَ مِنْ شِدَّةِ الصَّدْمَةِ وَ الدَّهْشَةِ ثُمَّ أَحَاطُوا بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَشُدُّ رَأْسَهُ بِمِئْزَرِهِ وَ الدَّمُ یَجْرِی عَلَی وَجْهِهِ وَ لِحْیَتِهِ وَ قَدْ خُضِبَتْ بِدِمَائِهِ وَ هُوَ یَقُولُ هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ الرَّاوِی فَاصْطَفَقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ وَ ضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ فِی السَّمَاءِ بِالدُّعَاءِ وَ هَبَّتْ رِیحٌ عَاصِفٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ وَ نَادَی جَبْرَئِیلُ علیه السلام بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ بِصَوْتٍ یَسْمَعُهُ كُلُّ مُسْتَیْقِظٍ تَهَدَّمَتْ وَ اللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَی وَ انْطَمَسَتْ وَ اللَّهِ نُجُومُ السَّمَاءِ وَ أَعْلَامُ التُّقَی وَ انْفَصَمَتْ وَ اللَّهِ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَی قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی قُتِلَ الْوَصِیُّ الْمُجْتَبَی قُتِلَ عَلِیٌّ الْمُرْتَضَی قُتِلَ وَ اللَّهِ سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ قَتَلَهُ أَشْقَی الْأَشْقِیَاءِ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ نَعْیَ جَبْرَئِیلَ فَلَطَمَتْ عَلَی وَجْهِهَا وَ خَدِّهَا وَ شَقَّتْ جَیْبَهَا وَ صَاحَتْ وَا أَبَتَاهْ وَا عَلِیَّاهْ وَا مُحَمَّدَاهْ وَا سَیِّدَاهْ ثُمَّ أَقْبَلَتْ إِلَی أَخَوَیْهَا الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَأَیْقَظَتْهُمَا وَ قَالَتْ لَهُمَا لَقَدْ قُتِلَ أَبُوكُمَا فَقَامَا یَبْكِیَانِ فَقَالَ لَهَا الْحَسَنُ علیه السلام یَا أُخْتَاهْ كُفِّی عَنِ الْبُكَاءِ حَتَّی نَعْرِفَ صِحَّةَ الْخَبَرِ كَیْلَا تُشْمِتَ الْأَعْدَاءُ فَخَرَجَا فَإِذَا النَّاسُ یَنُوحُونَ وَ یُنَادُونَ وَا إِمَامَاهْ وَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَاهْ قُتِلَ وَ اللَّهِ إِمَامٌ عَابِدٌ مُجَاهِدٌ

ص: 282


1- 1. سورة طه: 55.

لَمْ یَسْجُدْ لِصَنَمٍ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا سَمِعَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ علیهما السلام صَرْخَاتِ النَّاسِ نَادَیَا وَا أَبَتَاهْ وَا عَلِیَّاهْ لَیْتَ الْمَوْتَ أَعْدَمَنَا الْحَیَاةَ فَلَمَّا وَصَلَا الْجَامِعَ وَ دَخَلَا وَجَدَا أَبَا جَعْدَةَ بْنَ هُبَیْرَةَ وَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ وَ هُمْ یَجْتَهِدُونَ أَنْ یُقِیمُوا الْإِمَامَ فِی الْمِحْرَابِ لِیُصَلِّیَ بِالنَّاسِ فَلَمْ یُطِقْ عَلَی النُّهُوضِ وَ تَأَخَّرَ عَنِ الصَّفِّ وَ تَقَدَّمَ الْحَسَنُ علیه السلام فَصَلَّی بِالنَّاسِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُصَلِّی إِیمَاءً مِنْ جُلُوسٍ وَ هُوَ یَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَ كَرِیمُهُ الشَّرِیفُ یَمِیلُ تَارَةً وَ یَسْكُنُ أُخْرَی وَ الْحَسَنُ علیه السلام یُنَادِی وَا انْقِطَاعَ ظَهْرَاهُ یَعِزُّ وَ اللَّهِ عَلَیَّ أَنْ أَرَاكَ هَكَذَا فَفَتَحَ عَیْنَهُ وَ قَالَ یَا بُنَیَّ لَا جَزَعَ عَلَی أَبِیكَ بَعْدَ الْیَوْمِ هَذَا جَدُّكَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَی وَ جَدَّتُكَ خَدِیجَةُ الْكُبْرَی وَ أُمُّكَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَ الْحُورُ الْعِینُ مُحْدِقُونَ مُنْتَظِرُونَ قُدُومَ أَبِیكَ فَطِبْ نَفْساً وَ قَرَّ عَیْناً وَ كُفَّ عَنِ الْبُكَاءِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ.

قَالَ ثُمَّ إِنَّ الْخَبَرَ شَاعَ فِی جَوَانِبِ الْكُوفَةِ وَ انْحَشَرَ النَّاسُ حَتَّی الْمُخَدَّرَاتُ خَرَجْنَ مِنْ خِدْرِهِنَّ إِلَی الْجَامِعِ یَنْظُرْنَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَدَخَلَ النَّاسُ الْجَامِعَ فَوَجَدُوا الْحَسَنَ وَ رَأْسُ أَبِیهِ فِی حَجْرِهِ وَ قَدْ غَسَلَ الدَّمَ عَنْهُ وَ شَدَّ الضَّرْبَةَ وَ هِیَ بَعْدَهَا تَشْخُبُ دَماً وَ وَجْهُهُ قَدْ زَادَ بَیَاضاً بِصُفْرَةٍ وَ هُوَ یَرْمُقُ السَّمَاءَ بِطَرْفِهِ وَ لِسَانُهُ یُسَبِّحُ اللَّهَ وَ یُوَحِّدُهُ وَ هُوَ یَقُولُ أَسْأَلُكَ یَا رَبِّ الرَّفِیعَ الْأَعْلَی فَأَخَذَ الْحَسَنُ علیه السلام رَأْسَهُ فِی حَجْرِهِ فَوَجَدَهُ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَعِنْدَهَا بَكَی بُكَاءً شَدِیداً وَ جَعَلَ یُقَبِّلُ وَجْهَ أَبِیهِ وَ مَا بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ فَسَقَطَ مِنْ دُمُوعِهِ قَطَرَاتٌ عَلَی وَجْهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَفَتَحَ عَیْنَیْهِ فَرَآهُ بَاكِیاً فَقَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ یَا حَسَنُ مَا هَذَا الْبُكَاءُ یَا بُنَیَّ لَا رَوْعَ عَلَی أَبِیكَ بَعْدَ الْیَوْمِ هَذَا جَدُّكَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَی وَ خَدِیجَةُ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحُورُ الْعِینُ مُحْدِقُونَ مُنْتَظِرُونَ قُدُومَ أَبِیكَ فَطِبْ نَفْساً وَ قَرَّ عَیْناً وَ اكْفُفْ عَنِ الْبُكَاءِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ إِلَی السَّمَاءِ یَا بُنَیَّ أَ تَجْزَعُ عَلَی أَبِیكَ وَ غَداً تُقْتَلُ بَعْدِی مَسْمُوماً مَظْلُوماً وَ یُقْتَلُ أَخُوكَ بِالسَّیْفِ هَكَذَا وَ تَلْحَقَانِ بِجَدِّكُمَا وَ أَبِیكُمَا وَ أُمِّكُمَا فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام یَا أَبَتَاهْ مَا تُعَرِّفُنَا مَنْ قَتَلَكَ وَ مَنْ فَعَلَ بِكَ هَذَا؟

ص: 283

قَالَ قَتَلَنِی ابْنُ الْیَهُودِیَّةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیُّ فَقَالَ یَا أَبَاهْ مِنْ أَیِّ طَرِیقٍ مَضَی قَالَ لَا یَمْضِی أَحَدٌ فِی طَلَبِهِ فَإِنَّهُ سَیَطْلُعُ عَلَیْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ الشَّرِیفَةِ إِلَی بَابِ كِنْدَةَ قَالَ وَ لَمْ یَزَلِ السَّمُّ یَسْرِی فِی رَأْسِهِ وَ بَدَنِهِ ثُمَّ أُغْمِیَ عَلَیْهِ سَاعَةً وَ النَّاسُ یَنْتَظِرُونَ قُدُومَ الْمَلْعُونِ مِنْ بَابِ كِنْدَةَ فَاشْتَغَلَ النَّاسُ بِالنَّظَرِ إِلَی الْبَابِ وَ یَرْتَقِبُونَ قُدُومَ الْمَلْعُونِ وَ قَدْ غَصَّ الْمَسْجِدُ بِالْعَالَمِ مَا بَیْنَ بَاكٍ وَ مَحْزُونٍ فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً وَ إِذَا بِالصَّیْحَةِ قَدِ ارْتَفَعَتْ وَ زُمْرَةٍ مِنَ النَّاسِ وَ قَدْ جَاءُوا بِعَدُوِّ اللَّهِ ابْنِ مُلْجَمٍ مَكْتُوفاً وَ هَذَا یَلْعَنُهُ وَ هَذَا یَضْرِبُهُ قَالَ فَوَقَعَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ فَأَقْبَلُوا بِاللَّعِینِ مَكْتُوفاً وَ هَذَا یَلْعَنُهُ وَ هَذَا یَضْرِبُهُ وَ هُمْ یَنْهَشُونَ لَحْمَهُ بِأَسْنَانِهِمْ وَ یَقُولُونَ لَهُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا فَعَلْتَ أَهْلَكْتَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَ قَتَلْتَ خَیْرَ النَّاسِ وَ إِنَّهُ لَصَامِتٌ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ حُذَیْفَةُ النَّخَعِیُّ بِیَدِهِ سَیْفٌ مَشْهُورٌ وَ هُوَ یَرُدُّ النَّاسَ عَنْ قَتْلِهِ وَ هُوَ یَقُولُ هَذَا قَاتِلُ الْإِمَامِ عَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی أَدْخَلُوهُ الْمَسْجِدَ.

قَالَ الشَّعْبِیُّ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ عَیْنَاهُ قَدْ طَارَتَا فِی أُمِّ رَأْسِهِ كَأَنَّهُمَا قِطْعَتَا عَلَقٍ وَ قَدْ وَقَعَتْ فِی وَجْهِهِ ضَرْبَةٌ قَدْ هُشِمَتْ وَجْهُهُ وَ أَنْفُهُ وَ الدَّمُ یَسِیلُ عَلَی لِحْیَتِهِ وَ عَلَی صَدْرِهِ وَ هُوَ یَنْظُرُ یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ عَیْنَاهُ قَدْ طَارَتَا فِی أُمِّ رَأْسِهِ وَ هُوَ أَسْمَرُ اللَّوْنِ حَسَنُ الْوَجْهِ وَ فِی وَجْهِهِ أَثَرُ السُّجُودِ وَ كَانَ عَلَی رَأْسِهِ شَعْرٌ أَسْوَدُ مَنْشُوراً عَلَی وَجْهِهِ كَأَنَّهُ الشَّیْطَانُ الرَّجِیمُ فَلَمَّا حَاذَانِی سَمِعْتُهُ یَتَرَنَّمُ بِهَذِهِ الْأَبْیَاتِ:

أَقُولُ لِنَفْسِی بَعْدَ مَا كُنْتُ أَنْهَاهَا***وَ قَدْ كُنْتُ أَسْنَاهَا وَ كُنْتُ أَكِیدُهَا

أَیَا نَفْسُ كُفِّی عَنْ طِلَابِكِ وَ اصْبِرِی***وَ لَا تَطْلُبِی هَمّاً عَلَیْكِ یَبِیدُهَا

فَمَا قَبِلْتِ نُصْحِی وَ قَدْ كُنْتُ نَاصِحاً***كَنُصْحِ وَلُودٍ غَابَ عَنْهَا وَلِیدُهَا

فَمَا طَلَبْتِ إِلَّا عَنَائِی وَ شِقْوَتِی***فَیَا طُولَ مُكْثِی فِی الْجَحِیمِ بَعِیدُهَا.

فَلَمَّا جَاءُوا بِهِ أَوْقَفُوهُ بَیْنَ یَدَیْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ الْحَسَنُ علیه السلام

ص: 284

قَالَ لَهُ یَا وَیْلَكَ یَا لَعِینُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ أَنْتَ قَاتِلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ مُثْكِلُنَا إِمَامَ الْمُسْلِمِینَ هَذَا جَزَاؤُهُ مِنْكَ حَیْثُ آوَاكَ وَ قَرَّبَكَ وَ أَدْنَاكَ وَ آثَرَكَ عَلَی غَیْرِكَ وَ هَلْ كَانَ بِئْسَ الْإِمَامُ لَكَ حَتَّی جَازَیْتَهُ هَذَا الْجَزَاءَ یَا شَقِیُّ قَالَ فَلَمْ یَتَكَلَّمْ بَلْ دَمَعَتْ عَیْنَاهُ فَانْكَبَّ الْحَسَنُ علیه السلام عَلَی أَبِیهِ یُقَبِّلُهُ وَ قَالَ لَهُ هَذَا قَاتِلُكَ یَا أَبَاهْ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ فَلَمْ یُجِبْهُ وَ كَانَ نَائِماً فَكَرِهَ أَنْ یُوقِظَهُ مِنْ نَوْمِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی ابْنِ مُلْجَمٍ وَ قَالَ لَهُ یَا عَدُوَّ اللَّهِ هَذَا كَانَ جَزَاؤُهُ مِنْكَ بَوَّأَكَ وَ أَدْنَاكَ وَ قَرَّبَكَ وَ حَبَاكَ وَ فَضَّلَكَ عَلَی غَیْرِكَ هَلْ كَانَ بِئْسَ الْإِمَامُ لَكَ حَتَّی جَازَیْتَهُ بِهَذَا الْجَزَاءِ یَا شَقِیَّ الْأَشْقِیَاءِ فَقَالَ لَهُ الْمَلْعُونُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِی النَّارِ فَعِنْدَ ذَلِكَ ضَجَّتِ النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَ النَّحِیبِ فَأَمَرَهُمُ الْحَسَنُ علیه السلام بِالسُّكُوتِ ثُمَّ الْتَفَتَ الْحَسَنُ علیه السلام إِلَی الَّذِی جَاءَ بِهِ حُذَیْفَةُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ كَیْفَ ظَفِرْتَ بِعَدُوِّ اللَّهِ وَ أَیْنَ لَقِیتَهُ فَقَالَ یَا مَوْلَایَ إِنَّ حَدِیثِی مَعَهُ لَعَجِیبٌ وَ ذَلِكَ أَنِّی كُنْتُ الْبَارِحَةَ نَائِماً فِی دَارِی وَ زَوْجَتِی إِلَی جَانِبِی وَ هِیَ مِنْ غَطَفَانَ وَ أَنَا رَاقِدٌ وَ هِیَ مُسْتَیْقِظَةٌ إِذْ سَمِعَتْ هِیَ الزَّعَقَةَ وَ نَاعِیاً یَنْعَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ تَهَدَّمَتْ وَ اللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَی وَ انْطَمَسَتْ وَ اللَّهِ أَعْلَامُ التُّقَی قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی قُتِلَ عَلِیٌّ الْمُرْتَضَی قَتَلَهُ أَشْقَی الْأَشْقِیَاءِ فَأَیْقَظَتْنِی وَ قَالَتْ لِی أَنْتَ نَائِمٌ وَ قَدْ قُتِلَ إِمَامُكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَانْتَبَهْتُ مِنْ كَلَامِهَا فَزِعاً مَرْعُوباً وَ قُلْتُ لَهَا یَا وَیْلَكِ مَا هَذَا الْكَلَامُ رَضَّ اللَّهُ (1) فَاكِ لَعَلَّ الشَّیْطَانَ قَدْ أَلْقَی فِی سَمْعِكِ هَذَا أَوْ حُلُمٌ أُلْقِیَ عَلَیْكِ یَا وَیْلَكِ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَی قِبَلَهُ تَبِعَةٌ وَ لَا ظُلَامَةٌ وَ إِنَّهُ لِلْیَتِیمِ كَالْأَبِ الرَّحِیمِ وَ لِلْأَرْمَلَةِ كَالزَّوْجِ الْعَطُوفِ وَ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَنْ ذَا الَّذِی یَقْدِرُ عَلَی قَتْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ هُوَ الْأَسَدُ الضِّرْغَامُ وَ الْبَطَلُ الْهُمَامُ وَ الْفَارِسُ الْقَمْقَامُ فَأَكْثَرَتْ عَلَیَّ وَ قَالَتْ إِنِّی سَمِعْتُ

ص: 285


1- 1. فی( خ) فض اللّٰه.

مَا لَمْ تَسْمَعْ وَ عَلِمْتُ مَا لَمْ تَعْلَمْ فَقُلْتُ لَهَا وَ مَا سَمِعْتِ فَأَخْبَرْتِنِی بِالصَّوْتِ فَقَالَتْ لِی سَمِعْتُ نَاعِیاً یُنَادِی بِأَعْلَی صَوْتِهِ تَهَدَّمَتْ وَ اللَّهِ أَرْكَانُ الْهُدَی وَ انْطَمَسَتْ وَ اللَّهِ أَعْلَامُ التُّقَی قُتِلَ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی قُتِلَ عَلِیٌّ الْمُرْتَضَی قَتَلَهُ أَشْقَی الْأَشْقِیَاءِ ثُمَّ قَالَتْ مَا أَظُنُّ بَیْتاً فِی الْكُوفَةِ إِلَّا وَ قَدْ دَخَلَهُ هَذَا الصَّوْتُ قَالَ فَبَیْنَمَا أَنَا وَ هِیَ فِی مُرَاجَعَةِ الْكَلَامِ وَ إِذَا بِصَیْحَةٍ عَظِیمَةٍ وَ جَلَبَةٍ وَ ضَجَّةٍ عَظِیمَةٍ وَ قَائِلٌ یَقُولُ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَحَسَّ قَلْبِی بِالشَّرِّ فَمَدَدْتُ یَدِی إِلَی سَیْفِی وَ سَلَلْتُهُ مِنْ غِمْدِهِ وَ أَخَذْتُهُ وَ نَزَلْتُ مُسْرِعاً وَ فَتَحْتُ بَابَ دَارِی وَ خَرَجْتُ فَلَمَّا صِرْتُ فِی وَسَطِ الْجَادَّةِ فَنَظَرْتُ یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ إِذَا بِعَدُوِّ اللَّهِ یَجُولُ فِیهَا یَطْلُبُ مَهْرَباً فَلَمْ یَجِدْ وَ إِذَا قَدِ انْسَدَّتِ الطُّرُقَاتُ فِی وَجْهِهِ فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَیْهِ وَ هُوَ كَذَلِكَ رَابَنِی أَمْرُهُ فَنَادَیْتُهُ یَا وَیْلَكَ مَنْ أَنْتَ وَ مَا تُرِیدُ لَا أُمَّ لَكَ فِی وَسَطِ هَذَا الدَّرْبِ تَمُرُّ وَ تَجِی ءُ فَتَسَمَّی بِغَیْرِ اسْمِهِ وَ انْتَمَی إِلَی غَیْرِ كُنْیَتِهِ فَقُلْتُ لَهُ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ مَنْزِلِی قُلْتُ وَ إِلَی أَیْنَ تُرِیدُ تَمْضِی فِی هَذَا الْوَقْتِ قَالَ إِلَی الْحِیرَةِ فَقُلْتُ وَ لِمَ لَا تَقْعُدُ حَتَّی تُصَلِّیَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَ تَمْضِیَ فِی حَاجَتِكَ فَقَالَ أَخْشَی أَنْ أَقْعُدَ لِلصَّلَاةِ فَتَفُوتَنِی حَاجَتِی فَقُلْتُ یَا وَیْلَكَ إِنِّی سَمِعْتُ صَیْحَةً وَ قَائِلًا یَقُولُ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ ذَلِكَ خَبَرٌ قَالَ لَا عِلْمَ لِی بِذَلِكَ فَقُلْتُ لَهُ وَ لِمَ لَا تَمْضِی مَعِی حَتَّی تُحَقِّقَ الْخَبَرَ وَ تَمْضِیَ فِی حَاجَتِكَ فَقَالَ أَنَا مَاضٍ فِی حَاجَتِی وَ هِیَ أَهُمُّ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا قَالَ لِی مِثْلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ قُلْتُ یَا لُكَعَ الرِّجَالِ حَاجَتُكَ أَحَبُّ إِلَیْكَ مِنَ التَّجَسُّسِ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ إِمَامِ الْمُسْلِمِینَ وَ إِذَا وَ اللَّهِ یَا لُكَعُ مَا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَلَاقٍ وَ حَمَلْتُ عَلَیْهِ بِسَیْفِی وَ هَمَمْتُ أَنْ أَعْلُوَ بِهِ فَرَاغَ عَنِّی فَبَیْنَمَا أَنَا أُخَاطِبُهُ وَ هُوَ یُخَاطِبُنِی إِذْ هَبَّتْ رِیحٌ فَكَشَفَتْ إِزَارَهُ وَ إِذَا بِسَیْفِهِ یَلْمَعُ تَحْتَ الْإِزَارِ كَأَنَّهُ مِرْآةٌ مَصْقُولَةٌ فَلَمَّا رَأَیْتُ بَرِیقَهُ تَحْتَ ثِیَابِهِ قُلْتُ یَا وَیْلَكَ مَا هَذَا السَّیْفُ الْمَشْهُورُ تَحْتَ ثِیَابِكَ؟

ص: 286

لَعَلَّكَ أَنْتَ قَاتِلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَأَرَادَ أَنْ یَقُولَ لَا فَأَنْطَقَ اللَّهُ لِسَانَهُ بِالْحَقِّ فَقَالَ نَعَمْ فَرَفَعْتُ سَیْفِی وَ ضَرَبْتُهُ فَرَفَعَ هُوَ سَیْفَهُ وَ هَمَّ أَنْ یَعْلُوَنِی بِهِ فَانْحَرَفْتُ عَنْهُ فَضَرَبْتُهُ عَلَی سَاقَیْهِ فَأَوْقَفْتُهُ وَ وَقَعَ لِحِینِهِ وَ وَقَعْتُ عَلَیْهِ وَ صَرَخْتُ صَرْخَةً شَدِیدَةً وَ أَرَدْتُ آخُذُ سَیْفَهُ فَمَانَعَنِی عَنْهُ فَخَرَجَ أَهْلُ الْحِیرَةِ فَأَعَانُونِی عَلَیْهِ حَتَّی أَوْثَقْتُهُ كِتَافاً وَ جِئْتُكَ بِهِ فَهَا هُوَ بَیْنَ یَدَیْكَ جَعَلَنِیَ اللَّهُ فِدَاكَ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ.

فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَصَرَ وَلِیَّهُ وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ ثُمَّ انْكَبَّ الْحَسَنُ علیه السلام عَلَی أَبِیهِ یُقَبِّلُهُ وَ قَالَ لَهُ یَا أَبَاهْ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ وَ عَدُوُّكَ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ فَلَمْ یُجِبْهُ وَ كَانَ نَائِماً فَكَرِهَ أَنْ یُوقِظَهُ مِنْ نَوْمِهِ فَرَقَدَ سَاعَةً ثُمَّ فَتَحَ علیه السلام عَیْنَیْهِ وَ هُوَ یَقُولُ ارْفُقُوا بِی یَا مَلَائِكَةَ رَبِّی فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ وَ عَدُوُّكَ ابْنُ مُلْجَمٍ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ وَ قَدْ حَضَرَ بَیْنَ یَدَیْكَ قَالَ فَفَتَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَیْنَیْهِ وَ نَظَرَ إِلَیْهِ وَ هُوَ مَكْتُوفٌ وَ سَیْفُهُ مُعَلَّقٌ فِی عُنُقِهِ فَقَالَ لَهُ بِضَعْفٍ وَ انْكِسَارِ صَوْتٍ وَ رَأْفَةٍ وَ رَحْمَةٍ یَا هَذَا لَقَدْ جِئْتَ عَظِیماً وَ ارْتَكَبْتَ أَمْراً عَظِیماً وَ خَطْباً جَسِیماً أَ بِئْسَ الْإِمَامُ كُنْتُ لَكَ حَتَّی جَازَیْتَنِی بِهَذَا الْجَزَاءِ أَ لَمْ أَكُنْ شَفِیقاً عَلَیْكَ وَ آثَرْتُكَ عَلَی غَیْرِكَ وَ أَحْسَنْتُ إِلَیْكَ وَ زِدْتُ فِی إِعْطَائِكَ أَ لَمْ یَكُنْ یُقَالُ لِی فِیكَ كَذَا وَ كَذَا فَخَلَّیْتُ لَكَ السَّبِیلَ وَ مَنَحْتُكَ عَطَائِی وَ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ قَاتِلِی لَا مَحَالَةَ وَ لَكِنْ رَجَوْتُ بِذَلِكَ الِاسْتِظْهَارَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی عَلَیْكَ یَا لُكَعُ وَ عَلَّ أَنْ تَرْجِعَ عَنْ غَیِّكَ فَغَلَبَتْ عَلَیْكَ الشَّقَاوَةُ فَقَتَلْتَنِی یَا شَقِیَّ الْأَشْقِیَاءِ قَالَ فَدَمَعَتْ عَیْنَا ابْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِی النَّارِ قَالَ لَهُ صَدَقْتَ ثُمَّ الْتَفَتَ علیه السلام إِلَی وَلَدِهِ الْحَسَنِ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ ارْفُقْ یَا وَلَدِی بِأَسِیرِكَ وَ ارْحَمْهُ وَ أَحْسِنْ إِلَیْهِ وَ أَشْفِقْ عَلَیْهِ أَ لَا تَرَی إِلَی عَیْنَیْهِ قَدْ طَارَتَا فِی أُمِّ رَأْسِهِ وَ قَلْبُهُ یَرْجُفُ خَوْفاً وَ رُعْباً وَ فَزَعاً فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام یَا أَبَاهْ قَدْ قَتَلَكَ هَذَا اللَّعِینُ الْفَاجِرُ وَ أَفْجَعَنَا فِیكَ وَ أَنْتَ تَأْمُرُنَا بِالرِّفْقِ بِهِ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ یَا بُنَیَّ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ لَا نَزْدَادُ عَلَی الْمُذْنِبِ إِلَیْنَا إِلَّا كَرَماً وَ عَفْواً وَ الرَّحْمَةُ

ص: 287

وَ الشَّفَقَةُ مِنْ شِیمَتِنَا لَا مِنْ شِیمَتِهِ بِحَقِّی عَلَیْكَ فَأَطْعِمْهُ یَا بُنَیَّ مِمَّا تَأْكُلُهُ وَ اسْقِهِ مِمَّا تَشْرَبُ وَ لَا تُقَیِّدْ لَهُ قَدَماً وَ لَا تَغُلَّ لَهُ یَداً فَإِنْ أَنَا مِتُّ فَاقْتَصَّ مِنْهُ بِأَنْ تَقْتُلَهُ وَ تَضْرِبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَ تُحْرِقَهُ بِالنَّارِ وَ لَا تُمَثِّلَ بِالرَّجُلِ فَإِنِّی سَمِعْتُ جَدَّكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِیَّاكُمْ وَ الْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَ إِنْ أَنَا عِشْتُ فَأَنَا أَوْلَی بِالْعَفْوِ عَنْهُ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَفْعَلُ بِهِ فَإِنْ عَفَوْتُ فَنَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ لَا نَزْدَادُ عَلَی الْمُذْنِبِ إِلَیْنَا إِلَّا عَفْواً وَ كَرَماً.

قال مخنف بن حنیف إنی و اللّٰه لیلة تسع عشرة فی الجامع فی رجال نصلی قریبا من السدة التی یدخل منها أمیر المؤمنین علیه السلام فبینا نحن نصلی إذ دخل أمیر المؤمنین علیه السلام من السدة و هو ینادی الصلاة ثم صعد المئذنة فأذن ثم نزل فعبر علی قوم نیام فی المسجد فناداهم الصلاة ثم قصد المحراب فما أدری دخل فی الصلاة أم لا إذ سمعت قائلا یقول الحكم لله لا لك یا علی قال فسمعت عند ذلك أمیر المؤمنین علیه السلام یقول لا یفوتنكم الرجل قال فشد الناس علیه و أنا معهم و إذا هو وردان بن مجالد و أما ابن ملجم لعنه اللّٰه فإنه هرب من ساعته و دخل الكوفة و رأینا أمیر المؤمنین علیه السلام مجروحا فی رأسه.

قال محمد ابن الحنفیة ثم إن أبی علیه السلام قال احملونی إلی موضع مصلای فی منزلی قال فحملناه إلیه و هو مدنف و الناس حوله و هم فی أمر عظیم باكین محزونین قد أشرفوا علی الهلاك من شدة البكاء و النحیب ثم التفت إلیه الحسین علیه السلام و هو یبكی فقال له یا أبتاه من لنا بعدك لا كیومك إلا یوم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من أجلك تعلمت البكاء یعز و اللّٰه علی أن أراك هكذا فناداه علیه السلام فقال یا حسین یا أبا عبد اللّٰه ادن منی فدنا منه و قد قرحت أجفان عینیه من البكاء فمسح الدموع من عینیه و وضع یده علی قلبه و قال له یا بنی ربط اللّٰه قلبك بالصبر و أجزل لك و لإخوتك عظیم الأجر فسكن روعتك و اهدأ من بكائك فإن اللّٰه قد آجرك

ص: 288

علی عظیم مصابك ثم أدخل علیه السلام إلی حجرته و جلس فی محرابه.

قال الراوی و أقبلت زینب و أم كلثوم حتی جلستا معه علی فراشه و أقبلتا تندبانه و تقولان یا أبتاه من للصغیر حتی یكبر و من للكبیر بین الملأ یا أبتاه حزننا علیك طویل و عبرتنا لا ترقأ(1)

قال فضج الناس من وراء الحجرة بالبكاء و النحیب و فاضت دموع أمیر المؤمنین علیه السلام عند ذلك و جعل یقلب طرفه و ینظر إلی أهل بیته و أولاده ثم دعا الحسن و الحسین علیهما السلام و جعل یحضنهما و یقبلهما ثم أغمی علیه ساعة طویلة و أفاق و كذلك كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یغمی علیه ساعة طویلة و یفیق أخری لأنه علیه السلام كان مسموما فلما أفاق ناوله الحسن علیه السلام قعبا من لبن فشرب منه قلیلا ثم نحاه عن فیه و قال احملوه إلی أسیركم ثم قال للحسن علیه السلام بحقی علیك یا بنی إلا ما طیبتم مطعمه و مشربه و ارفقوا به إلی حین موتی و تطعمه مما تأكل و تسقیه مما تشرب حتی تكون أكرم منه فعند ذلك حملوا إلیه اللبن و أخبروه بما قال أمیر المؤمنین علیه السلام فی حقه فأخذ اللعین و شربه. قال و لما حمل أمیر المؤمنین علیه السلام إلی منزله جاءوا باللعین مكتوفا إلی بیت من بیوت القصر فحبسوه فیه فقالت له أم كلثوم و هی تبكی یا ویلك أما أبی فإنه لا بأس علیه و إن اللّٰه مخزیك فی الدنیا و الآخرة و إن مصیرك إلی النار خالدا فیها فقال لها ابن ملجم لعنه اللّٰه ابكی إن كنت باكیة فو اللّٰه لقد اشتریت سیفی هذا بألف و سممته بألف و لو كانت ضربتی هذه لجمیع أهل الكوفة ما نجا منهم أحد و فی ذلك یقول الفرزدق:

شعر:

فلا غرو للأشراف إن ظفرت بها(2)*** ذئاب الأعادی من فصیح و أعجمی.

ص: 289


1- 1. زقا الدمع: جف و انقطع.
2- 2. كذا فی النسخ و الظاهر: فلا عزّ للاشراف.

فحربة وحشی سقت حمزة الردی***و حتف علی من حسام ابن ملجم

قال محمد ابن الحنفیة رضی اللّٰه عنه و بتنا لیلة عشرین من شهر رمضان مع أبی و قد نزل السم إلی قدمیه و كان یصلی تلك اللیلة من جلوس و لم یزل یوصینا بوصایاه و یعزینا عن نفسه و یخبرنا بأمره و تبیانه إلی حین طلوع الفجر فلما أصبح استأذن الناس علیه فأذن لهم بالدخول فدخلوا علیه و أقبلوا یسلمون علیه و هو یرد علیهم السلام ثم قال أیها الناس اسألونی قبل أن تفقدونی و خففوا سؤالكم لمصیبة إمامكم قال فبكی الناس عند ذلك بكاء شدیدا و أشفقوا أن یسألوه تخفیفا عنه فقام إلیه حجر بن عدی الطائی و قال:

فیا أسفی علی المولی التقی***أبو الأطهار حیدرة الزكی

قتله كافر حنث زنیم***لعین فاسق نغل شقی (1)

فیلعن ربنا من حاد عنكم***و یبرأ منكم لعنا وبی

لأنكم بیوم الحشر ذخری***و أنتم عترة الهادی النبی.

فلما بصر به و سمع شعره قال له كیف لی بك إذا دعیت إلی البراءة منی فما عساك أن تقول فقال و اللّٰه یا أمیر المؤمنین لو قطعت بالسیف إربا إربا و أضرم لی النار و ألقیت فیها لأثرت ذلك علی البراءة منك فقال وفقت لكل خیر یا حجر جزاك اللّٰه خیرا عن أهل بیت نبیك ثم قال هل من شربة من لبن فأتوه بلبن فی قعب فأخذه و شربه كله فذكر الملعون ابن ملجم و أنه لم یخلف له شیئا فقال علیه السلام وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً اعلموا أنی شربت الجمیع و لم أبق لأسیركم شیئا من هذا ألا و إنه آخر رزقی من الدنیا فباللّٰه علیك یا بنی إلا ما أسقیته مثل ما شربت فحمل إلیه ذلك فشربه.

قال محمد بن الحنفیة رضی اللّٰه عنه لما كانت لیلة إحدی و عشرین و أظلم اللیل و هی اللیلة الثانیة من الكائنة جمع أبی أولاده و أهل بیته و ودعهم ثم قال

ص: 290


1- 1. النغل: المفسد فی الأرض.

لهم اللّٰه خلیفتی علیكم و هو حسبی وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ و أوصاهم الجمیع منهم بلزوم الإیمان و الأدیان و الأحكام التی أوصاه بها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فمن ذلك ما نقل عنه علیه السلام أنه أوصی به الحسن و الحسین علیهما السلام لما ضربه الملعون ابن ملجم و هی هذه أوصیكما بتقوی اللّٰه و ساقها إلی آخر ما مر بروایة السید الرضی قال ثم تزاید ولوج السم فی جسده الشریف حتی نظرنا إلی قدمیه و قد احمرتا جمیعا فكبر ذلك علینا و أیسنا منه ثم أصبح ثقیلا فدخل الناس علیه فأمرهم و نهاهم و أوصاهم ثم عرضنا علیه المأكول و المشروب فأبی أن یشرب فنظرنا إلی شفتیه و هما یختلجان بذكر اللّٰه تعالی و جعل جبینه یرشح عرقا و هو یمسحه بیده قلت یا أبت أراك تمسح جبینك فقال یا بنی إنی سمعت جدك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقول إن المؤمن إذا نزل به الموت و دنت وفاته عرق جبینه و صار كاللؤلؤ الرطب و سكن أنینه ثم قال یا أبا عبد اللّٰه و یا عون ثم نادی أولاده كلهم بأسمائهم صغیرا و كبیرا واحدا بعد واحد و جعل یودعهم و یقول اللّٰه خلیفتی علیكم أستودعكم اللّٰه و هم یبكون فقال له الحسن علیه السلام یا أبة ما دعاك إلی هذا فقال له یا بنی إنی رأیت جدك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی منامی قبل هذه الكائنة بلیلة فشكوت إلیه ما أنا فیه من التذلل و الأذی من هذه الأمة فقال لی ادع علیهم فقلت اللّٰهم أبدلهم بی شرا منی و أبدلنی بهم خیرا منهم فقال لی قد استجاب اللّٰه دعاك سینقلك إلینا بعد ثلاث و قد مضت الثلاث یا أبا محمد أوصیك و یا أبا عبد اللّٰه خیرا فأنتما منی و أنا منكما ثم التفت إلی أولاده الذین من غیر فاطمة علیها السلامو أوصاهم أن لا یخالفوا أولاد فاطمة یعنی الحسن و الحسین علیهما السلام. ثم قال أحسن اللّٰه لكم العزاء ألا و إنی منصرف عنكم و راحل فی لیلتی هذه و لاحق بحبیبی محمد صلی اللّٰه علیه و آله كما وعدنی فإذا أنا مت یا أبا محمد فغسلنی و كفنی و حنطنی ببقیة حنوط جدك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فإنه من كافور الجنة جاء به جبرئیل علیه السلام إلیه ثم ضعنی علی سریری و لا یتقدم أحد منكم مقدم السریر و احملوا مؤخره و اتبعوا مقدمه فأی موضع وضع المقدم فضعوا المؤخر فحیث

ص: 291

قام سریری فهو موضع قبری ثم تقدم یا أبا محمد و صل علی یا بنی یا حسن و كبر علی سبعا و اعلم أنه لا یحل ذلك علی أحد غیری إلا علی رجل یخرج فی آخر الزمان اسمه القائم المهدی و من ولد أخیك الحسین یقیم اعوجاج الحق فإذا أنت صلیت علی یا حسن فنح السریر عن موضعه ثم اكشف التراب عنه فتری قبرا محفورا و لحدا مثقوبا و ساجة منقوبة فأضجعنی فیها فإذا أردت الخروج من قبری فافتقدنی فإنك لا تجدنی و إنی لاحق بجدك رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و اعلم یا بنی ما من نبی یموت و إن كان مدفونا بالمشرق و یموت وصیه بالمغرب إلا و یجمع اللّٰه عز و جل بین روحیهما و جسدیهما ثم یفترقان فیرجع كل واحد منهما إلی موضع قبره و إلی موضعه الذی حط فیه ثم أشرج (1) اللحد باللبن و أهل التراب علی ثم غیب قبری و كان غرضه علیه السلام بذلك لئلا یعلم بموضع قبره أحد من بنی أمیة فإنهم لو علموا بموضع قبره لحفروه و أخرجوه و أحرقوه كما فعلوا بزید بن علی بن الحسین علیهما السلام ثم یا بنی بعد ذلك إذا أصبح الصباح أخرجوا تابوتا إلی ظهر الكوفة(2)

علی ناقة و أمر بمن یسیرها بما علیها كأنها ترید المدینة بحیث یخفی علی العامة موضع قبری الذی تضعنی فیه و كأنی بكم و قد خرجت علیكم الفتن من هاهنا و هاهنا فعلیكم بالصبر فهو محمود العاقبة. ثم قال یا أبا محمد و یا أبا عبد اللّٰه كأنی بكما و قد خرجت علیكما من بعدی الفتن من هاهنا فاصبرا حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ ثم قال یا أبا عبد اللّٰه أنت شهید هذه الأمة فعلیك بتقوی اللّٰه و الصبر علی بلائه ثم أغمی علیه ساعة و أفاق و قال هذا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و عمی حمزة و أخی جعفر و أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كلهم یقولون عجل قدومك علینا فإنا إلیك مشتاقون ثم أدار عینیه فی أهل بیته كلهم و قال أستودعكم اللّٰه جمیعا سددكم اللّٰه جمیعا حفظكم

ص: 292


1- 1. شرح الحجارة: نضدها و ضم بعضها الی بعض.
2- 2. فی( خ) و( ت): ظاهر الكوفة.

اللّٰه جمیعا خلیفتی علیكم اللّٰه و كفی باللّٰه خلیفة ثم قال و علیكم السلام یا رسل ربی ثم قال لِمِثْلِ هذا فَلْیَعْمَلِ الْعامِلُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ الَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ و عرق جبینه و هو یذكر اللّٰه كثیرا و ما زال یذكر اللّٰه كثیرا و یتشهد الشهادتین ثم استقبل القبلة و غمض عینیه و مد رجلیه و یدیه و قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شریك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم قضی نحبه علیه السلام و كانت وفاته فی لیلة إحدی و عشرین من شهر رمضان و كانت لیلة الجمعة سنة أربعین من الهجرة.

قال فعند ذلك صرخت زینب بنت علی علیهما السلام و أم كلثوم و جمیع نسائه و قد شقوا الجیوب و لطموا الخدود و ارتفعت الصیحة فی القصر فعلم أهل الكوفة أن أمیر المؤمنین علیه السلام قد قبض فأقبل النساء و الرجال یهرعون أفواجا أفواجا و صاحوا صیحة عظیمة فارتجت الكوفة بأهلها و كثر البكاء و النحیب و كثر الضجیج بالكوفة و قبائلها و دورها و جمیع أقطارها فكان ذلك كیوم مات فیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فلما أظلم اللیل تغیر أفق السماء و ارتجت الأرض و جمیع من علیها بكوه و كنا نسمع جلبة و تسبیحا فی الهواء فعلمنا أنها من أصوات الملائكة فلم یزل كذلك إلی أن طلع الفجر ثم ارتفعت الأصوات و سمعنا هاتفا بصوت یسمعه الحاضرون و لا یرون شخصه یقول:

بنفسی و مالی ثم أهلی و أسرتی***فداء لمن أضحی قتیل ابن ملجم

علی رقی فوق الخلائق فی الوغی***فهدت به أركان بیت المحرم

علی أمیر المؤمنین و من بكت***لمقتله البطحاء و أكناف زمزم

یكاد الصفا و المشعران كلاهما***یهدا و بان النقص فی ماء زمزم

و أصبحت الشمس المنیر ضیاؤها***لقتل علی لونها لون دلهم.(1)

ص: 293


1- 1. الدلهم: المظلم.

و ظل له أفق السماء كآبة***كشقة ثوب لونها لون عندم (1)

و ناحت علیه الجن إذ فجعت به***حنینا كثكلی نوحها بترنم

و أضحی إلیها الجود و النبل مقتما(2)*** و كان التقی فی قبره المتهدم

و أضحی التقی و الخیر و الحلم و النهی***و بات العلی فی قبره المتهدم

یكاد الصفا و المستجار كلاهما***یهدا و بان النقص فی ماء زمزم

لفقد علی خیر من وطئ الحصی***أخا العالم الهادی النبی المعظم.

فالمعنی عند ذلك أن السماوات و الأرض و الملائكة و الجن و الإنس قد بكت و رثته فی تلك اللیلة و سمعنا فی الهواء جلبة عظیمة و تسبیحا و تقدیسا فعلمنا أنها أصوات الملائكة فلم تزل كذلك حتی بدا الصباح فارتفعت الأصوات فخرجنا و إذا بصائح فی الهواء و هو یقول:

یا للرجال لعظم هول مصیبة***قدحت فلیس مصابها بالهازل

و الشمس كاسفة لفقد إمامنا***خیر الخلائق و الإمام العادل

یا خیر من ركب المطی و من مشی***فوق الثری من حافی أو ناعل

یا سیدی و لقدهددت قواءنا***و الحق أصبح خاضعا للباطل.

قال محمد بن الحنفیة ثم أخذنا فی جهازه لیلا و كان الحسن علیه السلام یغسله و الحسین علیه السلام یصب الماء علیه و كان علیه السلام لا یحتاج إلی من یقلبه بل كان یتقلب كما یرید الغاسل یمینا و شمالا و كانت رائحته أطیب من رائحة المسك و العنبر ثم نادی الحسن علیه السلام بأخته زینب و أم كلثوم و قال یا أختاه هلمی بحنوط جدی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فبادرت زینب مسرعة حتی أتته به قال الراوی فلما فتحته فاحت الدار و جمیع الكوفة و شوارعها لشدة رائحة ذلك الطیب ثم لفوه بخمسة أثواب كما أمر علیه السلام ثم وضعوه علی السریر و تقدم الحسن و الحسین علیهما السلام

ص: 294


1- 1. العندم: خشب نبات یصبغ به.
2- 2. قتم وجهه: تغیر و اسود.

إلی السریر من مؤخره و إذا مقدمه قد ارتفع و لا یری حامله و كان حاملاه من مقدمه جبرئیل و میكائیل فما مر بشی ء علی وجه الأرض إلا انحنی له ساجدا و خرج السریر من مایل باب كندة فحملا مؤخره و سارا یتبعان مقدمه.

قال ابن الحنفیة رضی اللّٰه عنه و اللّٰه لقد نظرت إلی السریر و إنه لیمر بالحیطان و النخل فتنحنی له خشوعا و مضی مستقیما إلی النجف إلی موضع قبره الآن قال و ضجت الكوفة بالبكاء و النحیب و خرجن النساء یتبعنه لاطمات حاسرات فمنعهم الحسن علیه السلام و نهاهم عن البكاء و العویل و ردهن إلی أماكنهن و الحسین علیه السلام یقول لا حول و لا قوة إلا باللّٰه العلی العظیم إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ یا أباه وا انقطاع ظهراه من أجلك تعلمت البكاء إلی اللّٰه المشتكی.

فلما انتهیا إلی قبره و إذا مقدم السریر قد وضع فوضع الحسن علیه السلام مؤخره ثم قام الحسن علیه السلام و صلی علیه و الجماعة خلفه فكبر سبعا كما أمره به أبوه علیه السلام ثم زحزحنا سریره و كشفنا التراب و إذا نحن بقبر محفور و لحد مشقوق و ساجة منقورة مكتوب علیها هذا ما ادخره له جده نوح النبی للعبد الصالح الطاهر المطهر فلما أرادوا نزوله سمعوا هاتفا یقول أنزلوه إلی التربة الطاهرة فقد اشتاق الحبیب إلی الحبیب فدهش الناس عند ذلك و تحیروا و ألحد أمیر المؤمنین علیه السلام قبل طلوع الفجر.

قال الراوی لما ألحد أمیر المؤمنین علیه السلام وقف صعصعة بن صوحان العبدی رضی اللّٰه عنه علی القبر و وضع إحدی یدیه علی فؤاده و الأخری قد أخذ بها التراب و یضرب به رأسه ثم قال بأبی أنت و أمی یا أمیر المؤمنین ثم قال هنیئا لك یا أبا الحسن فلقد طاب مولدك و قوی صبرك و عظم جهادك و ظفرت برأیك و ربحت تجارتك و قدمت علی خالقك فتلقاك اللّٰه ببشارته و حفتك ملائكته و استقررت فی جوار المصطفی فأكرمك اللّٰه بجواره و لحقت بدرجة أخیك المصطفی و شربت بكأسه الأوفی فأسأل اللّٰه أن یمن علینا باقتفائنا أثرك و العمل بسیرتك و الموالاة لأولیائك و المعاداة لأعدائك و أن یحشرنا فی زمرة

ص: 295

أولیائك فقد نلت ما لم ینله أحد و أدركت ما لم یدركه أحد و جاهدت فی سبیل ربك بین یدی أخیك المصطفی حق جهاده و قمت بدین اللّٰه حق القیام حتی أقمت السنن و أبرت الفتن (1) و استقام الإسلام و انتظم الإیمان فعلیك منی أفضل الصلاة و السلام بك اشتد ظهر المؤمنین و اتضحت أعلام السبل و أقیمت السنن و ما جمع لأحد مناقبك و خصالك سبقت إلی إجابة النبی صلی اللّٰه علیه و آله مقدما مؤثرا و سارعت إلی نصرته و وقیته بنفسك و رمیت سیفك ذا الفقار فی مواطن الخوف و الحذر قصم اللّٰه بك كل جبار عنید و ذل بك كل ذی بأس شدید و هدم بك حصون أهل الشرك و الكفر و العدوان و الردی و قتل بك أهل الضلال من العدی فهنیئا لك یا أمیر المؤمنین كنت أقرب الناس من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قربا و أولهم سلما و أكثرهم علما و فهما فهنیئا لك یا أبا الحسن لقد شرف اللّٰه مقامك و كنت أقرب الناس إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نسبا و أولهم إسلاما و أوفاهم یقینا و أشدهم قلبا و أبذلهم لنفسه مجاهدا و أعظمهم فی الخیر نصیبا فلا حرمنا اللّٰه أجرك و لا أذلنا بعدك فو اللّٰه لقد كانت حیاتك مفاتح للخیر و مغالق للشر و إن یومك هذا مفتاح كل شر و مغلاق كل خیر و لو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم و لكنهم آثروا الدنیا علی الآخرة.

ثم بكی بكاء شدیدا و أبكی كل من كان معه و عدلوا إلی الحسن و الحسین و محمد و جعفر و العباس و یحیی و عون و عبد اللّٰه علیه السلام فعزوهم فی أبیهم صلوات اللّٰه علیه و انصرف الناس و رجع أولاد أمیر المؤمنین علیه السلام و شیعتهم إلی الكوفة و لم یشعر بهم أحد من الناس فلما طلع الصباح و بزغت الشمس أخرجوا تابوتا من دار أمیر المؤمنین علیه السلام و أتوا به إلی المصلی بظاهر الكوفة ثم تقدم الحسن علیه السلام و صلی علیه و رفعه علی ناقة و سیرها مع بعض العبید.

قال الراوی فلما كان الغداة اجتمعوا لأجل قتل الملعون قال أبو مخنف

ص: 296


1- 1. أبره: أصلحه.

فلما رجع الحسن علیه السلام دخلت علیه أم كلثوم و أقسمت علیه أن لا یترك الملعون فی الحیاة ساعة واحدة و كان قد عزم علی تأخیره ثلاثة أیام فأجابها إلی ذلك و خرج لوقته و ساعته و جمع أهل بیته و أهل البصائر من أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام الذین كانوا علی عهد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله كصعصعة و الأحنف و ما أشبههما رضی اللّٰه عنهم و تشاوروا فی قتل ابن ملجم لعنه اللّٰه تعالی فكل أشار بقتله فی ذلك الیوم و اجتمع رأیهم علی قتله فی المكان الذی ضرب فیه الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام.

قال الراوی ثم إنه لما رجع أولاد أمیر المؤمنین علیه السلام و أصحابه إلی الكوفة و اجتمعوا لقتل اللعین عدو اللّٰه ابن ملجم فقال عبد اللّٰه بن جعفر اقطعوا یدیه و رجلیه و لسانه و اقتلوه بعد ذلك و قال ابن الحنفیة رضی اللّٰه عنه اجعلوه غرضا للنشاب و أحرقوه بالنار و قال آخر اصلبوه حیا حتی یموت فقال الحسن علیه السلام أنا ممتثل فیه ما أمرنی به أمیر المؤمنین علیه السلام أضربه ضربة بالسیف حتی یموت فیها و أحرقه بالنار بعد ذلك قال فأمر الحسن علیه السلام أن یأتوه به فجاءوا به مكتوفا حتی أدخلوه إلی الموضع الذی ضرب فیه الإمام علی بن أبی طالب علیه السلام و الناس یلعنونه و یوبخونه و هو ساكت لا یتكلم فقال الحسن علیه السلام یا عدو اللّٰه قتلت أمیر المؤمنین علیه السلام و إمام المسلمین و أعظمت الفساد فی الدین فقال لهما یا حسن و یا حسین علیكما السلام ما تریدان تصنعان بی قالا له نرید قتلك كما قتلت سیدنا و مولانا فقال لهما اصنعا ما شئتما أن تصنعا و لا تعنفا من استزله الشیطان فصده عن السبیل و لقد زجرت نفسی فلم تنزجر و نهیتها فلم تنته فدعها تذوق وبال أمرها و لها عذاب شدید ثم بكی فقال له یا ویلك ما هذه الرقة أین كانت حین وضعت قدمك و ركبت خطیئتك فقال ابن ملجم لعنه اللّٰه اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمُ الشَّیْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّیْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّیْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ و لقد انقضی التوبیخ و المعایرة و إنما قتلت أباك و حصلت

ص: 297

بین یدیك فاصنع ما شئت و خذ بحقك منی كیف شئت ثم برك علی ركبتیه و قال یا ابن رسول اللّٰه الحمد لله الذی أجری قتلی علی یدیك فرق له الحسن علیه السلام لأن قلبه كان رحیما صلی اللّٰه علیه فقام الحسن علیه السلام و أخذ السیف بیده و جرده من غمده فهز به (1) حتی لاح الموت فی حده ثم ضربه ضربة أدار بها عنقه فاشتد زحام الناس علیه و علت أصواتهم فلم یتمكن من فتح باعه فارتفع السیف إلی باعه فأبرأه فانقلب عدو اللّٰه علی قفاه یحور فی دمه فقام الحسین علیه السلام إلی أخیه و قال یا أخی أ لیس الأب واحدا و الأم واحدة و لی نصیب فی هذه الضربة و لی فی قتله حق فدعنی أضربه ضربة أشفی بها بعض ما أجده فناوله الحسن علیه السلام السیف فأخذه و هزه و ضربه علی الضربة التی ضربه الحسن علیه السلام فبلغ إلی طرف أنفه و قطع جانبه الآخر و ابتدره الناس بعد ذلك بأسیافهم فقطعوه إربا إربا و عجل اللّٰه بروحه إلی النار و بئس القرار ثم جمعوا جثته و أخرجوه من المسجد و جمعوا له حطبا و أحرقوه بالنار و قیل طرحوه فی حفرة و طموه بالتراب و هو یعوی كعوی الكلاب فی حفرته إلی یوم القیامة و أقبلوا إلی قطام الملعونة الفاسقة الفاجرة فقطعوها بالسیف إربا إربا و نهبوا دارها ثم أخذوها و أخرجوها إلی ظاهر الكوفة فأحرقوها بالنار و عجل اللّٰه بروحها إلی النار و غضب الجبار و أما الرجلان اللذان تحالفا معه فأحدهما قتله معاویة بن أبی سفیان بالشام و الآخر قتله عمرو بن العاص بمصر لا رضی اللّٰه عنهما و أما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم بالجامع یساعدانه علی قتل علی علیه السلام فقتلا من لیلتهما لعنهما اللّٰه و حشرهما محشر المنافقین الظالمین فی جهنم خالدین مع السالفین.

قال أبو مخنف فلما فرغوا من إهلاكهم و قتلهم أقبل الحسن و الحسین علیهما السلام إلی المنزل فالتفت بهم أم كلثوم و أنشدت تقول هذه الأبیات لما سمعت بقتله

ص: 298


1- 1. أی حركه. و فی( م) و( خ): و ندبه.

و قیل إنها لأم الهیثم بنت العربان الخثعمیة و قیل للأسود الدؤلی شعرا یقول :

ألا یا عین جودی و أسعدینا***ألا فابكی أمیر المؤمنینا

و تبكی أم كلثوم علیه***بعبرتها و قد رأت الیقینا

ألا قل للخوارج حیث كانوا***فلا قرت عیون الحاسدینا

و أبكی خیر من ركب المطایا***و حث بها و أقری الظاعنینا

و أبكی خیر من ركب المطایا***و فارسها و من ركب السفینا

و من لبس النعال و من حفاها***و من قرأ المثانی و المئینا

و من صام الهجیر و قام لیلا***و ناجی اللّٰه خیر الخالقینا

إمام صادق بر تقی ***فقیه قد حوی علماو دینا

شجاع أشوس بطل همام***و مقدام الأساود فی العرینا(1)

كمی باسل قرم هزبر***حمی أروع لیث بطینا(2)

فعمرو قاده فی الأسر لما***طغا و سقی ابن ود منه حینا(3)

و مرحب قده بالسیف قدا***و عفر ذا الخمارعلی الجبینا

و بات علی الفراش یقی أخاه***و لم یعبأ بكید الكافرینا

و یدعو للجماعة من عصاه***و یقضی بالفرائض مستبینا

و كل مناقب الخیرات فیه***و حب رسول رب العالمینا

مضی بعد النبی فدته نفسی***أبو حسن و خیر الصالحینا

إذا استقبلت وجه أبی حسین***رأیت البدر فاق الناظرینا

و كنا قبل مقتله بخیر***نری مولی رسول اللّٰه فینا.

ص: 299


1- 1. العرینة: مأوی الأسد.
2- 2. الكمی و الباسل: الشجاع. القرم- بالفتح-: السیّد العظیم. الهزبر: الأسد. الحمی من لا یحتمل الضیم. الاروع: من یعجبك بحسنه أو شجاعته.
3- 3. قوله« فعمر و قاده فی الاسر» اشارة إلی ما جری بینه علیه السلام و بین عمرو بن معد یكرب و قوله« و سقی ابن ود» اشارة إلی قتل عمرو بن عبد ود بیده.

یقیم الحق لا یرتاب فیه*** و ینهك قطع أیدی السارقینا(1)

و لیس بكاتم علما لدیه***و لم یخلق من المتجبرینا

أ فی الشهر الحرام فجعتمونا***بخیر الخلق طرا أجمعینا

و من بعد النبی فخیر نفس***أبو حسن و خیر الصالحینا

فلو أنا سئلنا المال فیه***بذلنا المال فیه و البنینا

كأن الناس إذ فقدوا علیا***نعام جال فی بلد سنینا

فلا و اللّٰه لا أنسی علیا***و حسن صلاته فی الراكعینا

لقد علمت قریش حیث كانت***بأنك خیرها حسبا و دینا

ألا فابلغ معاویة بن حرب***فلا قرت عیون الشامتینا

و قل للشامتین بنا رویدا***سیلقی الشامتون كما لقینا

قتلتم خیر من ركب المطایا***و ذللها و من ركب السفینا

ألا فابلغ معاویة بن حرب***بأن بقیة الخلفاء فینا.

قال فلم یبق أحد فی المسجد إلا انتحب و بكی لبكائها و كل من كان حاضرا من عدو و صدیق و لم أر باكیة و لا باكیا أكثر من ذلك الیوم.

أقول: روی البرسی فی مشارق الأنوار عن محدثی أهل الكوفة أن أمیر المؤمنین علیه السلام لما حمله الحسن و الحسین علیهما السلام علی سریره إلی مكان البئر المختلف فیه إلی نجف الكوفة وجدوا فارسا یتضوع منه رائحة المسك فسلم علیهما ثم قال للحسن علیه السلام أنت الحسن بن علی رضیع الوحی و التنزیل و فطیم العلم و الشرف الجلیل خلیفة أمیر المؤمنین و سید الوصیین قال نعم قال و هذا الحسین بن أمیر المؤمنین و سید الوصیین سبط الرحمة و رضیع العصمة و ربیب الحكمة و والد الأئمة قال نعم قال سلماه إلی و امضیا فی دعة اللّٰه فقال له الحسن علیه السلام إنه أوصی إلینا أن لا نسلم إلا إلی أحد رجلین جبرئیل أو الخضر فمن أنت منهما فكشف النقاب

ص: 300


1- 1. نهكه: بالغ فی عقوبته.

فإذا هو أمیر المؤمنین علیه السلام ثم قال للحسن علیه السلام یا أبا محمد إنه لا تموت نفس إلا و یشهدها أ فما یشهد جسده.

قال و روی عن الحسن بن علی علیهما السلام أن أمیر المؤمنین قال للحسن و الحسین علیهما السلام إذا وضعتمانی فی الضریح فصلیا ركعتین قبل أن تهیلا علی التراب و انظرا ما یكون فلما وضعاه فی الضریح المقدس فعلا ما أمرا به و نظرا و إذا الضریح مغطی بثوب من سندس فكشف الحسن علیه السلام مما یلی وجه أمیر المؤمنین فوجد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و آدم و إبراهیم یتحدثون مع أمیر المؤمنین علیه السلام و كشف الحسین مما یلی رجلیه فوجد الزهراء و حواء و مریم و آسیة علیهن السلام ینحن علی أمیر المؤمنین علیه السلام و یندبنه (1).

بیان: لم أر هذین الخبرین إلا من طریق البرسی و لا أعتمد علی ما یتفرد بنقله و لا أردهما لورود الأخبار الكثیرة الدالة علی ظهورهم بعد موتهم فی أجسادهم المثالیة و قد مرت فی كتاب المعاد و كتاب الإمامة.

ص: 301


1- 1. لم نجدهما فی المصدر المطبوع.

باب 128 ما وقع بعد شهادته علیه السلام و أحوال قاتله لعنه اللّٰه

«1»- ب، [قرب الإسناد] أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی: أَنَّ الْحَسَنَ علیه السلام قَدَّمَ ابْنَ مُلْجَمٍ فَأَرَادَ أَنْ یَضْرِبَ عُنُقَهُ (1) بِیَدِهِ فَقَالَ قَدْ عَهِدْتُ اللَّهَ عَهْداً أَنْ أَقْتُلَ أَبَاكَ فَقَدْ وَفَیْتُ فَإِنْ شِئْتَ فَاقْتُلْ وَ إِنْ شِئْتَ فَاعْفُ فَإِنْ عَفَوْتَ ذَهَبْتُ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَتَلْتُهُ وَ أَرَحْتُكَ مِنْهُ ثُمَّ جِئْتُكَ فَقَالَ لَا حَتَّی أُعَجِّلَكَ إِلَی النَّارِ فَقَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ (2).

«2»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] بِالْإِسْنَادِ إِلَی الصَّدُوقِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ إِبْرَاهِیمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ یَحْیَی بْنِ بَشِیرٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبِی علیه السلام فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّیْلَةِ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام بِمَا اسْتَدَلَّ النَّائِی (3) عَنِ الْمِصْرِ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ عَلِیٌّ وَ مَا كَانَتِ الْعَلَامَةُ فِیهِ لِلنَّاسِ وَ أَخْبِرْنِی هَلْ كَانَتْ لِغَیْرِهِ فِی قَتْلِهِ عِبْرَةٌ فَقَالَ لَهُ أَبِی إِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمْ یُرْفَعْ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ حَتَّی طَلَعَ الْفَجْرُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی فُقِدَ فِیهَا هَارُونُ أَخُو مُوسَی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا یُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اللَّیْلَةُ الَّتِی رُفِعَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ كَذَلِكَ اللَّیْلَةُ الَّتِی قُتِلَ فِیهَا الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ (4).

ص: 302


1- 1. فی المصدر: قدمه لیضرب عنقه.
2- 2. قرب الإسناد: 67.
3- 3. النائی: البعید.
4- 4. مخطوط.

أقول: أوردناه بإسناد آخر فی باب ما وقع بعد شهادة الحسین علیه السلام.

«3»- ص، [قصص الأنبیاء علیهم السلام] عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَاقِرَ نَاقَةِ صَالِحٍ كَانَ أَزْرَقَ ابْنَ بَغِیٍّ وَ إِنَّ قَاتِلَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ ابْنُ بَغِیٍّ وَ كَانَتْ مُرَادٌ تَقُولُ مَا نَعْرِفُ لَهُ فِینَا أَباً وَ لَا نَسَباً وَ إِنَّ قَاتِلَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ ابْنُ بَغِیٍّ وَ إِنَّهُ لَمْ یَقْتُلِ الْأَنْبِیَاءَ وَ لَا أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ إِلَّا أَوْلَادُ الْبَغَایَا(1).

«4»- ك، [إكمال الدین] أَبِی عَنْ سَعْدٍ وَ الْحِمْیَرِیِّ مَعاً عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الزَّیْدِ النَّیْسَابُورِیِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ الْهَاشِمِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَیْرٍ عَنْ أُسَیْدِ بْنِ صَفْوَانَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ارْتَجَّتِ الْمَوْضِعُ بِالْبُكَاءِ وَ دَهِشَ النَّاسُ كَیَوْمَ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ جَاءَ رَجُلٌ بَاكٍ وَ هُوَ مُتَسَرِّعٌ (2) مُسْتَرْجِعٌ وَ هُوَ یَقُولُ الْیَوْمَ انْقَطَعَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ حَتَّی وَقَفَ عَلَی بَابِ الْبَیْتِ الَّذِی فِیهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ كُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَاماً وَ أَخْلَصَهُمْ إِیمَاناً وَ أَشَدَّهُمْ یَقِیناً وَ أَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ (3) عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَعْظَمَهُمْ عَنَاءً وَ أَحْوَطَهُمْ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ آمَنَهُمْ عَلَی أَصْحَابِهِ وَ أَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ وَ أَكْرَمَهُمْ سَوَابِقَ وَ أَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً وَ أَقْرَبَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَشْبَهَهُمْ بِهِ هَدْیاً وَ نُطْقاً(4) وَ سَمْتاً وَ فِعْلًا وَ أَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَ أَكْرَمَهُمْ عَلَیْهِ (5) فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَنِ الْمُسْلِمِینَ خَیْراً قَوِیتَ حِینَ ضَعُفَ أَصْحَابُهُ وَ بَرَزْتَ حِینَ اسْتَكَانُوا وَ نَهَضْتَ حِینَ وَهَنُوا وَ لَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ هَمَّ أَصْحَابُهُ وَ كُنْتَ خَلِیفَتَهُ حَقّاً لَمْ تُنَازَعْ وَ لَمْ تَضَرَّعْ بِزَعْمِ الْمُنَافِقِینَ وَ غَیْظِ الْكَافِرِینَ وَ كُرْهِ الْحَاسِدِینَ وَ ضَغَنِ الْفَاسِقِینَ فَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِینَ فَشِلُوا وَ نَطَقْتَ حِینَ تَتَعْتَعُوا

ص: 303


1- 1. مخطوط.
2- 2. فی المصدر: مسرع.
3- 3.«: من اللّٰه.
4- 4.«: و خلقا.
5- 5.«: و أكرمهم علیه قدرا.

وَ مَضَیْتَ بِنُورِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حِینَ وَقَفُوا وَ لَوِ اتَّبَعُوكَ لَهُدُوا وَ كُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً وَ أَعْلَاهُمْ فَوْتاً(1) وَ أَقَلَّهُمْ كَلَاماً وَ أَصْوَبَهُمْ مَنْطِقاً وَ أَكْثَرَهُمْ رَأْیاً وَ أَشْجَعَهُمْ قَلْباً وَ أَشَدَّهُمْ یَقِیناً وَ أَحْسَنَهُمْ عَمَلًا وَ أَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ كُنْتَ وَ اللَّهِ لِلدِّینِ یَعْسُوباً وَ كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِینَ (2)

أَباً رَحِیماً إِذْ صَارُوا عَلَیْكَ عِیَالًا فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا وَ حَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا وَ رَعَیْتَ مَا أَهْمَلُوا(3)

وَ عَلَوْتَ إِذْ هَلِعُوا وَ صَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا وَ أَدْرَكْتَ إِذْ تَخَلَّفُوا وَ نَالُوا بِكَ مَا لَمْ یَحْتَسِبُوا وَ كُنْتَ عَلَی الْكَافِرِینَ عَذَاباً صَبّاً وَ لِلْمُؤْمِنِینَ غَیْثاً وَ خِصْباً فَطِرْتَ وَ اللَّهِ بِعِنَانِهَا وَ فُزْتَ بِجِنَانِهَا وَ أَحْرَزْتَ سَوَابِقَهَا وَ ذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا لَمْ یَفْلُلْ حَدَّكَ (4) وَ لَمْ یَزِغْ قَلْبُكَ وَ لَمْ تَضْعُفْ بَصِیرَتُكَ وَ لَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ وَ لَمْ تَخُنْ كُنْتَ كَالْجَبَلِ لَا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ وَ لَا تُزِیلُهُ الْقَوَاصِفُ وَ كُنْتَ كَمَا قَالَ النَّبِیُّ ضَعِیفاً فِی بَدَنِكَ قَوِیّاً فِی أَمْرِ اللَّهِ مُتَوَاضِعاً فِی نَفْسِكَ عَظِیماً عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَبِیراً فِی الْأَرْضِ جَلِیلًا عِنْدَ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَكُنْ لِأَحَدٍ فِیكَ مَهْمَزٌ وَ لَا لِقَائِلٍ فِیكَ مَغْمَزٌ(5) وَ لَا لِأَحَدٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ الْقَوِیُ (6) الْعَزِیزُ عِنْدَكَ ضَعِیفٌ ذَلِیلٌ حَتَّی تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ وَ الْبَعِیدُ وَ الْقَرِیبُ (7) عِنْدَكَ فِی ذَلِكَ سَوَاءٌ شَأْنُكَ الْحَقُّ وَ الرِّفْقُ وَ الصِّدْقُ (8) وَ قَوْلُكَ حُكْمٌ وَ حَتْمٌ وَ أَمْرُكَ حِلْمٌ وَ حَزْمٌ وَ رَأْیُكَ عِلْمٌ وَ عَزْمٌ فَأَقْلَعْتَ (9) وَ قَدْ نَهَجَ السَّبِیلُ وَ سَهُلَ

ص: 304


1- 1. فی الكافی: و اعلاهم قنوتا.
2- 2.«: كنت و اللّٰه للدین یعسوبا أولا حین تفرقت الناس و آخرا حین فشلوا، كنت بالمؤمنین اه.
3- 3. فی المصدر و الكافی بعد ذلك: و شمرت إذا اجتمعوا.
4- 4. فی المصدر و الكافی: لم تفلل حجتك.
5- 5. فی المصدر و الكافی بعد ذلك: و لا لاحد فیك مطمع.
6- 6. فی المصدر و الكافی: الضعیف الذلیل عندك قوی عزیز حتّی تأخذ له بحقه و القوی اه.
7- 7.«: و القریب و البعید.
8- 8.«: و الصدق و الرفق.
9- 9.«: فیما فعلت.

الْعَسِیرُ وَ أُطْفِئَتِ النَّارُ(1) وَ اعْتَدَلَ بِكَ الدِّینُ وَ قَوِیَ (2) بِكَ الْإِیمَانُ وَ ثَبَتَ بِكَ الْإِسْلَامُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَبَقْتَ سَبْقاً بَعِیداً وَ أَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ تَعَباً شَدِیداً فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ وَ عَظُمَتْ رَزِیَّتُكَ فِی السَّمَاءِ وَ هَدَّتْ مُصِیبَتُكَ الْأَنَامَ فَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ رَضِینَا عَنِ اللَّهِ قَضَاءَهُ وَ سَلَّمْنَا لِلَّهِ أَمْرَهُ فَوَ اللَّهِ لَنْ یُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بِمِثْلِكَ أَبَداً كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِینَ كَهْفاً وَ حِصْناً(3)

وَ عَلَی الْكَافِرِینَ غِلْظَةً وَ غَیْظاً فَأَلْحَقَكَ اللَّهُ بِنَبِیِّهِ وَ لَا حَرَمَنَا أَجْرَكَ وَ لَا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ وَ سَكَتَ الْقَوْمُ حَتَّی انْقَضَی كَلَامُهُ وَ بَكَی وَ أَبْكَی أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ طَلَبُوهُ فَلَمْ یُصَادِفُوهُ (4).

كا، [الكافی] عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عیسی عن البرقی عن أحمد بن زید: مثله (5)

بیان: الارتجاج الاضطراب و الاسترجاع قول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ قوله انقطعت خلافة النبوة أی استیلاء خلفاء الحق و حاطه یحوطه حفظه و صانه و ذب عنه و الهدی السیرة و الهیئة و الطریقة و السمت الهیئة الحسنة و الاستكانة الخضوع و المراد هنا الضعف و الجبن و العجز قوله علیه السلام و نهضت أی قمت بأمر الجهاد و إعانة الرسول قوله علیه السلام إذ هم أصحابه أی قصدوا ما قصدوا من البدع و الارتداد عن الدین قوله علیه السلام لم تنازع أی ما كان ینبغی النزاع فیك لظهور الأمر و یقال ضرع إلیه بتثلیث الراء أی خضع و ذل و استكان و ككرم ضعف و الفشل الكسل و الجبن و التعتعة التردد فی الكلام من

ص: 305


1- 1. فی المصدر و الكافی: النیران.
2- 2. فی المصدر: و اعتدل بك بناء الدین و ظهر امر اللّٰه و لو كره الكافرون و قوی اه.
3- 3. فی الكافی و هامش المصدر بعد ذلك« و قنة راسیا» أی جبلا ثابتا.
4- 4. كمال الدین 218 و 219.
5- 5. أصول الكافی( الجزء الأول من الطبعة الحدیثة): 454- 456.

حصر أو عی و الفوت السبق إلی الشی ء و الهلع أفحش الجزع قوله علیه السلام فطرت و اللّٰه بعنانها أی فی میدان المسابقة طرت آخذا بعنان فرس الفضیلة حتی سبقتهم فالضمائر فی قوله بعنانها و نظائره راجعة إلی الأمة أو إلی الكمالات و فی النهج و فزت برهانها و فی الكافی فطرت و اللّٰه بنعمائها و فزت بحبائها فیمكن أن یكون المراد الطیران إلی الآخرة و الهوادة السكون و الرخصة و المحاباة قوله فأقلعت أی ذهبت عنا و تركتنا و نهج الطریق كمنع وضح و أوضح قوله علیه السلام فجللت عن البكاء أی أنت أجل من أن یقضی حق مصیبتك البكاء و الظاهر أن القائل كان هو الخضر علیه السلام.

«5»- حة، [فرحة الغری] قَالَ الثَّقَفِیُّ فِی كِتَابِ مَقْتَلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَقَلْتُهُ مِنْ نُسْخَةٍ عَتِیقَةٍ تَارِیخُهَا سَنَةُ خَمْسٍ وَ خَمْسِینَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ ذَلِكَ عَلَی أَحَدِ الْقَوْلَیْنِ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ الطَّیَّارَ قَالَ: دَعُونِی أَشْفِی بَعْضَ مَا فِی نَفْسِی عَلَیْهِ یَعْنِی ابْنَ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَدُفِعَ إِلَیْهِ فَأَمَرَ بِمِسْمَارٍ فَحَمِیَ بِالنَّارِ ثُمَّ كَحَلَهُ فَجَعَلَ ابْنُ مُلْجَمٍ یَقُولُ تَبَارَكَ اللَّهُ الْخَالِقُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَلَقٍ یَا ابْنَ أَخِ إِنَّكَ لَتُكْحَلَنَّ بِمُلْمُولٍ مَضٍّ ثُمَّ أُمِرَ بِقَطْعِ یَدِهِ وَ رِجْلِهِ فَقُطِعَ وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ ثُمَّ أُمِرَ بِقَطْعِ لِسَانِهِ فَجَزِعَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ یَا عَدُوَّ اللَّهِ كُحِلَتْ عَیْنُكَ (1)

بِالنَّارِ وَ قُطِعَتْ یَدَاكَ وَ رِجْلَاكَ فَلَمْ تَجْزَعْ وَ جَزِعْتَ مِنْ قَطْعِ لِسَانِكَ فَقَالَ لَهُمْ یَا جُهَّالُ أَنَا وَ اللَّهِ (2)

مَا جَزِعْتُ لِقَطْعِ لِسَانِی وَ لَكِنِّی أَكْرَهُ أَنْ أَعِیشَ فِی الدُّنْیَا فُوَاقاً لَا أَذْكُرُ اللَّهَ فِیهِ فَلَمَّا قُطِعَ لِسَانُهُ أُحْرِقَ بِالنَّارِ(3).

بیان: قال الجوهری الملمول المیل الذی یكتحل به (4)

و قال كحله بملمول مض أی حار(5).

ص: 306


1- 1. فی المصدر: عیناك.
2- 2.«: اما و اللّٰه.
3- 3. فرحة الغریّ: 10.
4- 4. الصحاح: 1821.
5- 5. الصحاح: 1107.

«6»- حة، [فرحة الغری] عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی الْفَرَجِ الْجَوْزِیِّ قَالَ قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِی الْوَفَاءِ بْنِ عَقِیلٍ قَالَ: لَمَّا جِی ءَ بِابْنِ مُلْجَمٍ إِلَی الْحَسَنِ- قَالَ لَهُ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أُسَارَّكَ بِكَلِمَةٍ فَأَبَی الْحَسَنُ علیه السلام وَ قَالَ إِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَعَضَّ أُذُنِی فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ اللَّهِ لَوْ أَمْكَنَنِی مِنْهَا لَأَخَذْتُهَا مِنْ صُمَاخِهِ (1).

«7»- یج، [الخرائج و الجرائح] أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ شَهْرَدَارُ بْنُ شِیرَوَیْهِ الدَّیْلَمِیُّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ الْمَیْدَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَمْرِو بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الرَّفَّاءِ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ: كُنْتُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَأَیْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِینَ حَوْلَ مَقَامِ إِبْرَاهِیمَ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا رَاهِبٌ أَسْلَمَ فَأَشْرَفْتُ عَلَیْهِ وَ إِذَا بِشَیْخٍ كَبِیرٍ عَلَیْهِ جُبَّةُ صُوفٍ وَ قَلَنْسُوَةُ صُوفٍ عَظِیمِ الْخِلْقَةِ وَ هُوَ قَاعِدٌ بِحِذَاءِ مَقَامِ إِبْرَاهِیمَ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ كُنْتُ قَاعِداً فِی صَوْمَعَةٍ فَأَشْرَفْتُ مِنْهَا وَ إِذَا بِطَائِرٍ كَالنَّسْرِ قَدْ سَقَطَ عَلَی صَخْرَةٍ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ فَتَقَیَّأَ فَرَمَی بِرُبُعِ إِنْسَانٍ ثُمَّ طَارَ فَتَفَقَّدْتُهُ فَعَادَ فَتَقَیَّأَ فَرَمَی بِرُبُعِ إِنْسَانٍ ثُمَّ طَارَ فَجَاءَ فَتَقَیَّأَ بِرُبُعِ إِنْسَانٍ ثُمَّ طَارَ فَجَاءَ فَتَقَیَّأَ بِرُبُعِ إِنْسَانٍ ثُمَّ طَارَ فَدَنَتِ الْأَرْبَاعُ فَقَامَ رَجُلًا وَ هُوَ قَائِمٌ وَ أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْهُ ثُمَّ انْحَدَرَ الطَّیْرُ فَضَرَبَهُ وَ أَخَذَ رُبُعَهُ فَطَارَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَ رُبُعَهُ فَطَارَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَ رُبُعَهُ فَطَارَ ثُمَّ انْحَدَرَ الطَّیْرُ فَأَخَذَ الرُّبُعَ الْآخَرَ فَطَارَ فَبَقِیتُ أَتَفَكَّرُ وَ تَحَسَّرْتُ أَلَّا أَكُونَ لَحِقْتُهُ وَ سَأَلْتُهُ مَنْ هُوَ فَبَقِیتُ أَتَفَقَّدُ الصَّخْرَةَ حَتَّی رَأَیْتُ الطَّیْرَ قَدْ أَقْبَلَ فَتَقَیَّأَ بِرُبُعِ إِنْسَانٍ فَنَزَلْتُ فَقُمْتُ بِإِزَائِهِ فَلَمْ أَزَلْ حَتَّی تَقَیَّأَ بِالرُّبُعِ الرَّابِعِ ثُمَّ طَارَ فَالْتَأَمَ رَجُلًا فَقَامَ قَائِماً فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَأَلْتُ فَقُلْتُ مَنْ أَنْتَ فَسَكَتَ عَنِّی فَقُلْتُ بِحَقِّ مَنْ خَلَقَكَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ابْنُ مُلْجَمٍ قُلْتُ لَهُ وَ أَیْشٍ عَمِلْتَ قَالَ قَتَلْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَوُكِّلَ بِی هَذَا الطَّیْرُ یَقْتُلُنِی كُلَّ یَوْمٍ قَتْلَةً فَهُوَ یُخْبِرُنِی إِذِ انْقَضَّ الطَّائِرُ فَأَخَذَ رُبُعَهُ وَ طَارَ فَسَأَلْتُ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ هُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَسْلَمْتُ (2).

ص: 307


1- 1. فرحة الغریّ: 10- 11.
2- 2. الخرائج و الجرائح: 18- 19.

كشف، [كشف الغمة] من مناقب الخوارزمی عن الرفاء: مثله (1).

«8»- شا، [الإرشاد] رَوَی جَعْفَرُ بْنُ سُلَیْمَانَ الضَّبِیعِیُّ عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ زِیَادٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَسْتَحْمِلُهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ احْمِلْنِی فَنَظَرَ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْمُرَادِیُّ- قَالَ (2) یَا غَزْوَانُ احْمِلْهُ عَلَی الْأَشْقَرِ فَجَاءَ بِفَرَسٍ أَشْقَرَ فَرَكِبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ وَ أَخَذَ بِعِنَانِهِ فَلَمَّا وَلَّی قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:

أُرِیدُ حِبَاءَهُ وَ یُرِیدُ قَتْلِی***عَذِیرَكَ مِنْ خَلِیلِكَ مِنْ مُرَادٍ

قَالَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ وَ ضَرَبَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قُبِضَ عَلَیْهِ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَجِی ءَ بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَصْنَعُ بِكَ مَا أَصْنَعُ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ قَاتِلِی وَ لَكِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِكَ لِأَسْتَظْهِرَ بِاللَّهِ عَلَیْكَ (3).

«9»- قب، [المناقب] لابن شهرآشوب أَحَادِیثُ عَلِیِّ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله: إِنَّ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ لَتَبْكِی عَلَی الْمُؤْمِنِ إِذَا مَاتَ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً وَ إِنَّهَا لَتَبْكِی عَلَی الْعَالِمِ إِذَا مَاتَ أَرْبَعِینَ شَهْراً وَ إِنَّ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ لَیَبْكِیَانِ عَلَی الرَّسُولِ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ إِنَّ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ لَیَبْكِیَانِ عَلَیْكَ یَا عَلِیُّ إِذَا قُتِلْتَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَقَدْ قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی الْأَرْضِ بِالْكُوفَةِ فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ دَماً.

أَبُو حَمْزَةَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام وَ قَدْ رُوِیَ أَیْضاً عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیَّبِ: أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ

ص: 308


1- 1. كشف الغمّة: 130.
2- 2. فی المصدر: قال: نعم ثمّ قال: انت عبد الرحمن بن ملجم المرادی؟ قال: نعم قال: یا غزوان اه.
3- 3. الإرشاد للمفید: 6- 7.

أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمْ یُرْفَعْ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِیطٌ.

أَرْبَعِینُ الْخَطِیبِ وَ تَارِیخُ النَّسَوِیِّ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الزُّهْرِیَّ مَا كَانَتْ عَلَامَةَ یَوْمَ قُتِلَ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ مَا رُفِعَ حَصَاةٌ مِنْ بَیْتِ الْمَقْدِسِ إِلَّا كَانَ تَحْتَهَا دَمٌ عَبِیطٌ وَ لَمَّا ضُرِبَ علیه السلام فِی الْمَسْجِدِ سُمِعَ صَوْتٌ لِلَّهِ الْحُكْمُ لَا لَكَ یَا عَلِیُّ وَ لَا لِأَصْحَابِكَ فَلَمَّا تُوُفِّیَ سُمِعَ فِی دَارِهِ أَ فَمَنْ یُلْقی فِی النَّارِ خَیْرٌ أَمْ مَنْ یَأْتِی آمِناً یَوْمَ الْقِیامَةِ الْآیَةَ(1) ثُمَّ هَتَفَتْ آخَرُ(2) مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَاتَ أَبُوكُمْ.

وَ فِی أَخْبَارِ الطَّالِبِیِّینَ: أَنَّ الرُّومَ أَسَرُوا قَوْماً مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَأُتِیَ بِهِمْ إِلَی الْمَلِكِ فَعَرَضَ عَلَیْهِمُ الْكُفْرَ فَأَبَوْا فَأَمَرَ بِإِلْقَائِهِمْ فِی الزَّیْتِ الْمَغْلِیِّ وَ أَطْلَقَ مِنْهُمْ رَجُلًا یُخْبِرُ بِحَالِهِمْ فَبَیْنَمَا هُوَ یَسِیرُ إِذْ سَمِعَ وَقْعَ حَوَافِرِ الْخَیْلِ فَوَقَفَ فَنَظَرَ إِلَی أَصْحَابِهِ الَّذِینَ أُلْقُوا فِی الزَّیْتِ فَقَالَ لَهُمْ فِی ذَلِكَ فَقَالُوا قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَنَادَی مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ فِی شُهَدَاءِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَدِ اسْتُشْهِدَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ فَصَلُّوا عَلَیْهِ فَصَلَّیْنَا عَلَیْهِ وَ نَحْنُ رَاجِعُونَ إِلَی مَصَارِعِنَا.

أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَعْجَبِ مَا رَآهُ قَالَ: تَرَی هَذِهِ الصَّخْرَةَ فِی وَسَطِ الْبَحْرِ یَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ كُلَّ یَوْمٍ طَائِرٌ مِثْلُ النَّعَامَةِ فَیَقَعُ عَلَیْهَا فَإِذَا اسْتَوَی وَاقِفاً تَقَیَّأَ رَأْساً ثُمَّ تَقَیَّأَ یَداً وَ هَكَذَا عُضْواً عُضْواً ثُمَّ تَلْتَئِمُ الْأَعْضَاءُ بَعْضُهَا إِلَی بَعْضٍ حَتَّی یَسْتَوِیَ إِنْسَاناً قَاعِداً ثُمَّ یَهُمُّ لِلْقِیَامِ فَإِذَا هَمَّ لِلْقِیَامِ نَقَرَهُ نَقْرَةً فَأَخَذَ رَأْسَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ عُضْواً عُضْواً كَمَا قَاءَهُ قَالَ فَلَمَّا طَالَ عَلَیَّ ذَلِكَ نَادَیْتُهُ یَوْماً وَیْلَكَ مَنْ أَنْتَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ وَ قَالَ (3) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ قَاتِلُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الطَّیْرَ فَهُوَ یُعَذِّبُهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ زَعَمَ أَنَّهُمْ یَسْمَعُونَ الْعُوَاءَ مِنْ قَبْرِهِ (4).

ص: 309


1- 1. سورة فصلت: 40.
2- 2. فی المصدر: ثم هتف هاتف آخر.
3- 3.«: و قال هاتف.
4- 4. مناقب آل أبی طالب 1: 481 و 482.

«10»- فر، [تفسیر فرات بن إبراهیم] عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْجُعْفِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ یَسَارٍ قَالَ: رَأَیْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا تُوُفِّیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ وَ قَدْ قَعَدَ عَلَی الْمَسْجِدِ مُحْتَبِیاً(1) وَ وَضَعَ فَرْقَهُ عَلَی رُكْبَتَیْهِ وَ أَسْنَدَ یَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَائِلٌ فَاسْمَعُوا فَمَنْ شاءَ فَلْیُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْیَكْفُرْ سَمِعْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ یَقُولُ إِذَا مَاتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- وَ أُخْرِجَ مِنَ الدُّنْیَا ظَهَرَتْ فِی الدُّنْیَا خِصَالٌ لَا خَیْرَ فِیهَا فَقُلْتُ وَ مَا هِیَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ تَقِلُّ الْأَمَانَةُ وَ تَكْثُرُ الْخِیَانَةُ حَتَّی یَرْكَبَ الرَّجُلُ الْفَاحِشَةَ وَ أَصْحَابُهُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَ اللَّهِ لَتَضَایَقُ الدُّنْیَا بَعْدَهُ بِنَكْبَةٍ أَلَا وَ إِنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَخْلُ (2) مِنِّی مَا دَامَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ حَیّاً فِی الدُّنْیَا بَقِیَّةٌ مِنْ بَعْدِی عَلِیٌّ فِی الدُّنْیَا عِوَضٌ مِنِّی بَعْدِی (3)

عَلِیٌّ كَجِلْدِی عَلِیٌّ لَحْمِی عَلِیٌّ عَظْمِی عَلِیٌّ كَدَمِی عَلِیٌّ عُرُوقِی عَلِیٌّ أَخِی وَ وَصِیِّی فِی أَهْلِی وَ خَلِیفَتِی فِی قَوْمِی وَ مُنْجِزُ عِدَاتِی وَ قَاضِی دَیْنِی قَدْ صَحِبَنِی عَلِیٌّ فِی مُلِمَّاتِ أَمْرِی وَ قَاتَلَ مَعِی أَحْزَابَ الْكُفَّارِ وَ شَاهَدَنِی فِی الْوَحْیِ وَ أَكَلَ مَعِی طَعَامَ الْأَبْرَارِ وَ صَافَحَهُ جَبْرَئِیلُ علیه السلام مِرَاراً نَهَاراً جِهَاراً(4) وَ شَهِدَ جَبْرَئِیلُ وَ أَشْهَدَنِی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام مِنَ الطَّیِّبِینَ الْأَخْیَارِ وَ أَنَا أُشْهِدُكُمْ مَعَاشِرَ النَّاسِ لَا یَتَسَاءَلُونَ (5) مِنْ عِلْمِ آمِرِكُمْ مَا دَامَ عَلِیٌّ فِیكُمْ فَإِذَا فَقَدْتُمُوهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُومُ الْآیَةُ لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ نَبِیُّ اللَّهِ (6).

ص: 310


1- 1. احتبی بالثوب: اشتمل به. جمع بین ظهره و ساقیه بعمامة و نحوها و فی المصدر: و قد قعد فی المسجد.
2- 2. فی المصدر: لا تخل.
3- 3.«: عوض من بعدی.
4- 4. فی المصدر بعد ذلك: و قبل جبرئیل خد علی الیسار اه.
5- 5. فی المصدر: لا نتساءلون.
6- 6. تفسیر فرات: 51.

الْبُرْسِیُّ فِی الْمَشَارِقِ مِنْ كِتَابِ الْوَاحِدَةِ: أَنَّ الْحَسَنَ علیه السلام لَمَّا قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اجْتَمَعَ إِلَیْهِ أَكَابِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ یُرِیَهُمْ مِنَ الْعَجَائِبِ مِثْلَ مَا كَانَ یُرِیهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَجَاءَ بِهِمْ إِلَی الدَّارِ ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ وَ كَشَفَ السِّتْرَ وَ قَالَ انْظُرُوا فَنَظَرُوا فَإِذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَالِساً هُنَاكَ فَقَالَ الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ أَشْهَدُ(1) أَنَّكَ خَلِیفَةُ اللَّهِ وَ هَذِهِ وَ اللَّهِ أَسْرَارُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الَّتِی كُنَّا نَرَاهَا مِنْهُ. (2)

باب 129 ما ظهر عند الضریح المقدس من المعجزات و الكرامات

«1»- فَرْحَةُ الْغَرِیِّ، أَخْبَرَنِی عَمِّیَ السَّعِیدُ عَلِیُّ بْنُ مُوسَی بْنِ طَاوُسٍ وَ الْفَقِیهُ نَجْمُ الدِّینِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ سَعِیدٍ وَ الْفَقِیهُ الْمُقْتَدَی بَقِیَّةُ الْمَشِیخَةِ نَجِیبُ الدِّینِ یَحْیَی بْنُ سَعِیدٍ أَدَامَ اللَّهُ بَرَكَاتِهِمْ كُلُّهُمْ عَنِ الْفَقِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُهْرَةَ الْحُسَیْنِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَوِیِّ الْحُسَیْنِیِّ السَّاكِنِ بِمَشْهَدِ الْكَاظِمِ علیه السلام عَنِ الْقُطْبِ الرَّاوَنْدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِیِّ عَنِ الطُّوسِیِّ وَ نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ حَرْفاً حَرْفاً عَنِ الْمُفِیدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ أَبِی الْحُسَیْنِ مُحَمَّدِ بْنِ تَمَّامٍ الْكُوفِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ مِنْ حِفْظِهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوساً فِی مَجْلِسِ ابْنِ عَمِّی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَجَّاجِ- وَ فِیهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنَ الْمَشَایِخِ وَ فِیمَنْ حَضَرَ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَبَّاسِیُّ وَ كَانُوا قَدْ حَضَرُوا عِنْدَ ابْنِ عَمِّی یُهَنِّئُونَهُ بِالسَّلَامَةِ لِأَنَّهُ حَضَرَ وَقْتَ سُقُوطِ سَقِیفَةِ سَیِّدِی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ

ص: 311


1- 1. كذا فی النسخ و فی المصدر: نشهد.
2- 2. مشارق الأنوار: 110 و 111.

الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی ذِی الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَ سَبْعِینَ وَ مِائَتَیْنِ- فَبَیْنَا هُمْ قُعُودٌ یَتَحَدَّثُونَ إِذْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ عِیسَی الْعَبَّاسِیُّ- فَلَمَّا نَظَرَتِ الْجَمَاعَةُ إِلَیْهِ أَحْجَمَتْ (1) عَمَّا كَانَتْ فِیهِ وَ أَطَالَ إِسْمَاعِیلُ الْجُلُوسَ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمْ قَالَ لَهُمْ یَا أَصْحَابَنَا أَعَزَّكُمُ اللَّهُ لَعَلِّی قَطَعْتُ حَدِیثَكُمْ بِمَجِیئِی قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ یَحْیَی السُّلَیْمَانِیُّ وَ كَانَ شَیْخَ الْجَمَاعَةِ وَ مُقَدَّماً فِیهِمْ لَا وَ اللَّهِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَعَزَّكَ اللَّهُ مَا أَمْسَكْنَا بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ فَقَالَ لَهُمْ یَا أَصْحَابَنَا اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مُسَائِلِی عَمَّا أَقُولُ لَكُمْ وَ مَا أَعْتَقِدُهُ الْمَذْهَبَ (2) حَتَّی حَلَفَ بِعِتْقِ جَوَارِیهِ وَ مَمَالِیكِهِ وَ حَبْسِ دَوَابِّهِ أَنَّهُ لَا یَعْتَقِدُ إِلَّا وَلَایَةَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ السَّادَةِ مِنَ الْأَئِمَّةِ علیهم السلام وَ عَدَّهُمْ وَاحِداً وَاحِداً وَ سَاقَ الْحَدِیثَ فَأَبْسَطَ(3) إِلَیْهِ أَصْحَابُنَا وَ سَأَلَهُمْ وَ سَأَلُوهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَجَعْنَا یَوْمَ جُمُعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مَعَ عَمِّی دَاوُدَ فَلَمَّا كَانَ قِبَلَ مَنَازِلِنَا(4) وَ قِبَلَ مَنْزِلِهِ وَ قَدْ خَلَا الطَّرِیقُ قَالَ لَنَا أَیْنَمَا كُنْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَصِیرُوا إِلَیَّ وَ لَا یَكُونُ (5) أَحَدٌ مِنْكُمْ عَلَی حَالٍ فَیَتَخَلَّفُ لِأَنَّهُ (6) كَانَ جَمْرَةَ بَنِی هَاشِمٍ فَصِرْنَا إِلَیْهِ آخِرَ النَّهَارِ وَ هُوَ جَالِسٌ یَنْتَظِرُنَا فَقَالَ صِیحُوا بِفُلَانٍ وَ فُلَانٍ مِنَ الْفَعَلَةِ فَجَاءَهُ رَجُلَانِ مَعَهُمَا آلَتُهُمَا وَ الْتَفَتَ إِلَیْنَا فَقَالَ اجْتَمِعُوا كُلُّكُمْ فَارْكَبُوا فِی وَقْتِكُمْ هَذَا وَ خُذُوا مَعَكُمُ الْجَمَلَ غُلَاماً(7) كَانَ لَهُ

ص: 312


1- 1. أحجم عنه: كف أو نكص هیبة.
2- 2. فی المصدر: من المذهب.
3- 3.«: فانبسط.
4- 4.«: منزلنا.
5- 5.«: و لا یكونن.
6- 6.«: و كان مطاعا لانه اه.
7- 7.«: یعنی غلاما.

أَسْوَدَ یُعْرَفُ بِالْجَمَلِ وَ كَانَ لَوْ حَمَلَ هَذَا الْغُلَامُ عَلَی سِكْرِ دِجْلَةَ لَكَسَرَهَا(1) مِنْ شِدَّتِهِ وَ بَأْسِهِ وَ امْضُوا إِلَی هَذَا الْقَبْرِ الَّذِی قَدِ افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ وَ یَقُولُونَ إِنَّهُ قَبْرُ عَلِیٍّ حَتَّی تَنْبُشُوهُ وَ تَجِیئُونِی بِأَقْصَی مَا فِیهِ فَمَضَیْنَا إِلَی الْمَوْضِعِ فَقُلْنَا دُونَكُمْ وَ مَا أَمَرَ بِهِ فَحَضَرَ الْحَفَّارُونَ وَ هُمْ یَقُولُونَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فِی أَنْفُسِهِمْ وَ نَحْنُ فِی نَاحِیَةٍ حَتَّی نَزَلُوا خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَلَمَّا بَلَغُوا إِلَی الصَّلَابَةِ قَالَ الْحَفَّارُونَ قَدْ بَلَغْنَا إِلَی مَوْضِعٍ صُلْبٍ وَ لَیْسَ نَقْوَی بِنَقْرِهِ فَأَنْزَلُوا الْحَبَشِیَّ فَأَخَذَ الْمِنْقَارَ فَضَرَبَ ضَرْبَةً سَمِعْنَا لَهَا طَنِیناً(2) شَدِیداً فِی الْبَرِّ ثُمَّ ضَرَبَ ثَانِیَةً فَسَمِعْنَا طَنِیناً أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَسَمِعْنَا أَشَدَّ(3) مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ صَاحَ الْغُلَامُ صَیْحَةً فَقُمْنَا فَأَشْرَفْنَا عَلَیْهِ وَ قُلْنَا لِلَّذِینَ كَانُوا مَعَهُ اسْأَلُوهُ مَا بَالُهُ فَلَمْ یُجِبْهُمْ وَ هُوَ یَسْتَغِیثُ فَشَدُّوهُ وَ أَخْرَجُوهُ بِالْحَبْلِ فَإِذَا عَلَی یَدِهِ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ إِلَی مِرْفَقِهِ دَمٌ وَ هُوَ یَسْتَغِیثُ لَا یُكَلِّمُنَا وَ لَا یُحِیرُ جَوَاباً فَحَمَلْنَاهُ عَلَی الْبَغْلِ وَ رَجَعْنَا طَائِرِینَ وَ لَمْ یَزَلْ لَحْمُ الْغُلَامِ یُنْثَرُ مِنْ عَضُدِهِ وَ جَنْبَیْهِ (4) وَ سَائِرِ شِقِّهِ الْأَیْمَنِ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی عَمِّی فَقَالَ أَیْشٍ وَرَاءَكُمْ فَقُلْنَا مَا تَرَی وَ حَدَّثْنَاهُ بِالصُّورَةِ فَالْتَفَتَ إِلَی الْقِبْلَةِ وَ تَابَ عَمَّا هُوَ عَلَیْهِ وَ رَجَعَ عَنِ الْمَذْهَبِ وَ تَوَلَّی وَ تَبَرَّأَ وَ رَكِبَ بَعْدَ ذَلِكَ فِی اللَّیْلِ عَلَی مُصْعَبِ بْنِ جَابِرٍ(5) فَسَأَلَهُ أَنْ یَعْمَلَ عَلَی الْقَبْرِ صُنْدُوقاً وَ لَمْ یُخْبِرْهُ بِشَیْ ءٍ مِمَّا جَرَی وَ وَجَّهَ مِنْ طَمِّ الْمَوْضِعِ وَ عَمَرَ الصُّنْدُوقَ عَلَیْهِ وَ مَاتَ الْغُلَامُ الْأَسْوَدُ مِنْ وَقْتِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْحَجَّاجِ رَأَیْنَا هَذَا الصُّنْدُوقَ الَّذِی هَذَا حَدِیثُهُ لَطِیفاً وَ ذَلِكَ مِنْ

ص: 313


1- 1. سكره: سده.
2- 2. فی المصدر: فسمعناه طنینا.
3- 3.«: فسمعنا طنینا اشد.
4- 4.«: ینتشر من عضده و جسمه.
5- 5.«: إلی علیّ بن مصعب بن جابر.

قَبْلِ أَنْ یُبْنَی عَلَیْهِ الْحَائِطُ الَّذِی بَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ زَیْدٍ- هَذَا آخِرُ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الطُّوسِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ.

أَقُولُ وَ قَدْ ذَكَرَ هُنَا الشَّرِیفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّجَرِیُّ بِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ إِلَیْهِ حَدَّثَنِی أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَوَالِیقِیُّ لَفْظاً قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ (1) إِجَازَةً وَ كَتَبْتُهُ مِنْ خَطِّ یَدِهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحَجَّاجِ إِمْلَاءً مِنْ حِفْظِهِ قَالَ: كُنَّا فِی مَجْلِسِ عَمِّی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَجَّاجِ- وَ تَمَّمَ الْحَدِیثَ عَلَی نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَ لَمْ یَقُلْ ابْنُ عَمِّی وَ فِیهِ تَغْیِیرٌ لَا یَضُرُّ طَائِلًا وَ قَالَ فِی آخِرِهِ الْحَسَنُ بْنُ زَیْدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَیْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام الْمَعْرُوفُ بِالدَّاعِی الْخَارِجُ بِطَبَرِسْتَانَ.

أقول: هذا الحسن بن زید صاحب الدعوة بالری قتله مرداویج ملك بلادا كثیرة قال الفقیه صفی الدین محمد بن معد و قد رأیت هذا الحدیث بخط أبی یعلی محمد بن حمزة الجعفری صهر الشیخ المفید و الجالس بعد وفاته مجلسه.

أقول: و قد رأیته بخط أبی یعلی الجعفری أیضا فی كتابه كما ذكر صفی الدین أیضا و رأیته أنا فی خط أبی یعلی و رأیت هذا فی مزار ابن داود القمی عندی (2) فی نسخة عتیقة مقابلة بنسخة علیها مكتوب ما صورته قد أجزت هذا الكتاب و هو أول كتاب الزیارات من تصنیفی و جمیع مصنفاتی و روایاتی ما لم یقع فیها تدلیس (3) لمحمد بن عبد اللّٰه بن عبد الرحمن بن سمیع أعزه اللّٰه فلیرو ذلك عنی

ص: 314


1- 1. فی المصدر: محمّد بن محمّد بن الحسین بن هارون.
2- 2.«: و هو عندی.
3- 3.«: سهو و لا تدلیس.

إذا أحب لا حرج علیه فیه أن یقول أخبرنا أو حدثنا و كتب محمد بن أحمد بن داود القمی فی شهر ربیع الآخر سنة ستین و ثلاثمائة حامدا لله شاكرا و علی نبیه مصلیا و مسلما و هذه الروایة مطابقة لما أورده الطوسی بخطه.

«2»- وَ أَخْبَرَنِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَرْبِیُّ الْحَنْبَلِیُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ الْأَخْضَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ السَّلَامِیِّ عَنْ أَبِی الْغَنَائِمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مَیْمُونٍ الْبُرْسِیِّ قَالَ أَخْبَرَنِی الشَّرِیفُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِیُّ الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (1) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَوَالِیقِیُّ بِقِرَاءَتِهِ عَلَیَّ لَفْظاً وَ كَتَبَهُ لِی بِخَطِّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبِی قَالَ أَخْبَرَنَا جَدِّی أَبُو أُمِّی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ دُحَیْمٍ الشَّنَانِیُ (2) قَالَ: مَضَیْتُ أَنَا وَ وَالِدِی عَلِیُّ بْنُ دُحَیْمٍ (3) وَ عَمِّی حُسَیْنُ بْنُ دُحَیْمٍ وَ أَنَا صَبِیٌّ صَغِیرٌ فِی سَنَةِ نَیِّفٍ وَ سِتِّینَ وَ مِائَتَیْنِ بِاللَّیْلِ وَ مَعَنَا جَمَاعَةٌ مُخْتَفِینَ (4) إِلَی الْغَرِیِّ لِزِیَارَةِ قَبْرِ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا جِئْنَا إِلَی الْقَبْرِ وَ كَانَ یَوْمَئِذٍ حَوْلَ قَبْرِهِ حِجَارَةٌ سُودٌ وَ لَا بِنَاءَ حَوْلَهُ عِنْدَهُ (5) وَ لَیْسَ فِی طَرِیقِهِ غَیْرُ قَائِمِ الْغَرِیِّ فَبَیْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ وَ بَعْضُنَا یَقْرَأُ وَ بَعْضُنَا یُصَلِّی وَ بَعْضُنَا یَزُورُ إِذَا نَحْنُ بِأَسَدٍ مُقْبِلٍ نَحْوَنا فَلَمَّا قَرُبَ مِنَّا مِقْدَارَ رُمْحٍ قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ أَبْعِدُوا عَنِ الْقَبْرِ حَتَّی نَنْظُرَ مَا یُرِیدُ فَأَبْعَدْنَا فَجَاءَ الْأَسَدُ إِلَی الْقَبْرِ فَجَعَلَ یُمَرِّغُ ذِرَاعَهُ عَلَی الْقَبْرِ فَمَضَی رَجُلٌ مِنَّا فَشَاهَدَهُ وَ عَادَ فَأَعْلَمَنَا فَزَالَ الرُّعْبُ عَنَّا وَ جِئْنَا بِأَجْمَعِنَا حَتَّی شَاهَدْنَاهُ یُمَرِّغُ ذِرَاعَهُ عَلَی الْقَبْرِ وَ فِیهِ جِرَاحٌ فَلَمْ یَزَلْ

ص: 315


1- 1. فی المصدر: الحسین.
2- 2.«: رحیم الشیبانی.
3- 3.«:« رحیم» فی الموضعین.
4- 4. فی المصدر و( م) و( خ): متخفین.
5- 5.«: و كان یومئذ قبر حوله حجارة سندة و لا بناء عنده.

یُمَرِّغُهُ سَاعَةً ثُمَّ انْزَاحَ عَنِ الْقَبْرِ وَ مَضَی وَ عُدْنَا إِلَی مَا كُنَّا عَلَیْهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَ الصَّلَاةِ وَ الزِّیَارَةِ وَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

«3»- وَ مِنْ مَحَاسِنِ الْقِصَصِ مَا قَرَأْتُهُ بِخَطِّ وَالِدِی قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ عَلَی ظَهْرِ كِتَابٍ بِالْمَشْهَدِ الْكَاظِمِیِّ عَلَی مُشَرِّفِهَا السَّلَامُ مَا صُورَتُهُ قَالَ سَمِعْتُ مِنْ شِهَابِ الدِّینِ بُنْدَارَ بْنِ مُلْكَدَارَ الْقُمِّیِّ یَقُولُ حَدَّثَنِی كَمَالُ الدِّینِ شَرَفُ الْمَعَالِی بْنُ غِیَاثٍ الْقُمِّیُّ قَالَ: دَخَلْتُ إِلَی حَضْرَةِ مَوْلَانَا أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَزُرْتُهُ وَ تَحَوَّلْتُ إِلَی مَوْضِعِ الْمَسْأَلَةِ وَ دَعَوْتُ وَ تَوَسَّلْتُ فَتَعَلَّقَ مِسْمَارٌ مِنَ الضَّرِیحِ الْمُقَدَّسِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ (1) فِی قَبَائِی فَمَزَّقَهُ فَقُلْتُ مُخَاطِباً لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا أَعْرِفُ عِوَضَ هَذَا إِلَّا مِنْكَ وَ كَانَ إِلَی جَانِبِی رَجُلٌ رَأْیُهُ غَیْرُ رَأْیِی فَقَالَ لِی مُسْتَهْزِئاً مَا یُعْطِیكَ عِوَضَهُ إِلَّا قَبَاءً وَرْدِیّاً فَانْفَصَلْنَا مِنَ الزِّیَارَةِ وَ جِئْنَا إِلَی الْحُلَّةِ وَ كَانَ جَمَالُ الدِّینِ قشتمر النَّاصِریُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ هَیَّأَ لِشَخْصٍ یُرِیدُ أَنْ یُنْفِذَهُ إِلَی بَغْدَادَ یُقَالُ لَهُ ابْنُ مایست (2) قَبَاءً وَ قَلَنْسُوَةً فَخَرَجَ الْخَادِمُ عَلَی لِسَانِ قشتمر وَ قَالَ هَاتُوا كَمَالَ الدِّینِ الْقُمِّیَّ الْمَذْكُورَ فَأَخَذَ بِیَدِی وَ دَخَلَ إِلَی الْخِزَانَةِ وَ خَلَعَ عَلَیَّ قَبَاءً مَلِكِیّاً وَرْدِیّاً فَخَرَجْتُ وَ دَخَلْتُ حَتَّی أَسْلَمَ عَلَیَّ قشتمر وَ أَقْبَلَ كَفَّهُ فَنَظَرَ إِلَیَّ نَظَراً عَرَفْتُ الْكَرَاهَةَ فِی وَجْهِهِ وَ الْتَفَتَ إِلَی الْخَادِمِ كَالْمُغْضَبِ وَ قَالَ طَلَبْتُ فُلَاناً یَعْنِی ابْنَ مایست- فَقَالَ الْخَادِمُ إِنَّمَا قُلْتَ كَمَالَ الدِّینِ الْقُمِّیَّ- وَ شَهِدَ الْجَمَاعَةُ الَّذِینَ كَانُوا جُلَسَاءَ الْأَمِیرِ أَنَّهُ أَمَرَ بِحُضُورِ كَمَالِ الدِّینِ الْقُمِّیِّ الْمَذْكُورِ فَقُلْتُ أَیُّهَا الْأَمِیرُ مَا خَلَعْتَ عَلَیَّ أَنْتَ هَذِهِ الْخِلْعَةَ بَلْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ خَلَعَهَا عَلَیَّ فَالْتَمَسَ مِنِّی الْحِكَایَةَ فَحَكَیْتُ لَهُ فَخَرَّ سَاجِداً وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَیْفَ كَانَتِ الْخِلْعَةُ عَلَی یَدِی

ص: 316


1- 1. كذا فی النسخ. و فی المصدر: صلوات اللّٰه علی مشرفه.
2- 2. ما تشت خ ل.

ثُمَّ شَكَرَهُ وَ قَالَ تَسْتَحِقُّ. هذا آخر ما حدث به شهاب الدین و كتب أحمد بن طاوس هذا آخر ما وجدت (1) بخطه فنقلته.

«4»- وَ رَوَی ذَلِكَ السَّیِّدُ مُحَمَّدُ بْنُ شَرَفْشَاهَ الْحُسَیْنِیُّ عَنْ شِهَابِ الدِّینِ بُنْدَارَ أَیْضاً وَجَدْتُ مَا صُورَتُهُ عَنِ الْعَمِّ السَّعِیدِ رَضِیِّ الدِّینِ عَلِیِّ بْنِ طَاوُسٍ عَنِ الشَّیْخِ حُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِیمِ الْغَرَوِیِّ وَ إِنْ كَانَ اللَّفْظُ یَزِیدُ أَوْ یَنْقُصُ عَمَّا وَجَدْتُهُ مَسْطُوراً قَالَ: كَانَ قَدْ وَفَدَ إِلَی الْمَشْهَدِ الشَّرِیفِ الْغَرَوِیِّ عَلَی سَاكِنِهِ السَّلَامُ رَجُلٌ أَعْمَی مِنْ أَهْلِ تَكْرِیتَ (2) وَ كَانَ قَدْ عَمِیَ عَلَی كِبَرٍ وَ كَانَتْ عَیْنَاهُ نَاتِئَتَیْنِ عَلَی خَدِّهِ (3) وَ كَانَ كَثِیراً مَا یَقْعُدُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ وَ یُخَاطِبُ الْجَنَابَ الْأَشْرَفَ الْمُقَدَّسَ بِخِطَابٍ غَیْرِ حَسَنٍ وَ كَانَتْ تَارَةً(4) أَهَمَّ بِالْإِنْكَارِ عَلَیْهِ وَ تَارَةً یُرَاجِعُنِی الْفِكْرُ فِی الصَّفْحِ عَنْهُ فَمَضَی عَلَی ذَلِكَ مُدَّةٌ فَإِذَا أَنَا فِی بَعْضِ الْأَیَّامِ قَدْ فَتَحْتُ الْخِزَانَةَ إِذْ سَمِعْتُ ضَجَّةً عَظِیمَةً فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ لِلْعَلَوِیِّینَ بِرٌّ مِنْ بَغْدَادَ أَوْ قُتِلَ فِی الْمَشْهَدِ قَتِیلٌ فَخَرَجْتُ أَلْتَمِسُ الْخَبَرَ فَقِیلَ لِی هَاهُنَا أَعْمَی قَدْ رُدَّ بَصَرُهُ فَرَجَوْتُ أَنْ یَكُونَ ذَلِكَ الْأَعْمَی فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَی الْحَضْرَةِ الشَّرِیفَةِ وَجَدْتُهُ ذَلِكَ الْأَعْمَی بِعَیْنِهِ وَ عَیْنَاهُ كَأَحْسَنِ مَا یَكُونُ فَشَكَرْتُ اللَّهَ تَعَالَی عَلَی ذَلِكَ وَ زَادَ وَالِدِی عَلَی هَذِهِ الرِّوَایَةِ أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ لَهُ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ كَخِطَابِ الْأَحْیَاءِ(5) وَ كَیْفَ یَلِیقُ أَجِی ءُ وَ أُمْسِی یَشْتَفِی مَنْ لَا یَجِبُ (6) وَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ

ص: 317


1- 1. فی المصدر: وجدته.
2- 2. بفتح التاء بلد مشهور بین بغداد و الموصل و بینها و بین بغداد ثلاثون فرسخا فی غربی دجلة.
3- 3. نتأ الشی ء: خرج من موضعه من غیر أنّ ینفصل.
4- 4. فی المصدر: بخطاب خشن و كنت تارة.
5- 5.« و( م) و( خ): الاحباء.
6- 6.«: أن أجی ء و أمشی فیشتفی من لا یحب.

سَمِعْتُ وَالِدِی قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ یَحْكِی.

«5»-: وَ سَمِعْتُ وَالِدِی قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ غَیْرَ مَرَّةٍ یَحْكِی عَنِ الشَّیْخِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِیمِ الْغَرَوِیِّ هَذِهِ الْحِكَایَةَ الْآتِیَ ذِكْرُهَا وَ إِنْ لَمْ أُحَقِّقْ لَفْظَهُ وَ لَكِنَّ الْمَعْنَی مِنْهَا أَرْوِیهِ عَنْهُ وَ اللَّفْظُ وَجَدْتُهُ مَرْوِیّاً عَنِ الْعَمِّ السَّعِیدِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إیلغازی أَمِیراً بِالْحُلَّةِ وَ كَانَ قَدِ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَنْفَذَ سَرِیَّةً إِلَی الْعَرَبِ فَلَمَّا رَجَعَتِ السَّرِیَّةُ نَزَلُوا حَوْلَ سُورِ الْمَشْهَدِ الْأَشْرَفِ الْمُقَدَّسِ الْغَرَوِیِّ عَلَی الْحَالِّ بِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ السَّلَامِ قَالَ الشَّیْخُ الْحُسَیْنُ فَخَرَجْتُ بَعْدَ رَحِیلِهِمْ إِلَی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِی كَانُوا فِیهِ نُزُولًا لِأَمْرٍ عُرِضَ فَوَجَدْتُ كُلَّابَیْ سربوش (1) مُلْقَاةً فِی الرَّمْلِ فَمَدَدْتُ یَدِی أَخَذْتُهُمَا فَلَمَّا صَارَا فِی یَدِی نَدِمْتُ نَدَامَةً عَظِیمَةً وَ قُلْتُ أَخَذْتُهُمَا وَ تَعَلَّقَتْ ذِمَّتِی بِمَا لَیْسَ فِیهِ رَاحَةٌ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ زَمَانِیَّةٍ اتَّفَقَ أَنَّهُ مَاتَتْ عِنْدَنَا بِالْمَشْهَدِ الْمُقَدَّسِ امْرَأَةٌ عَلَوِیَّةٌ فَصَلَّیْنَا عَلَیْهَا فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ إِلَی الْمَقْبَرَةِ وَ إِذَا بِرَجُلٍ تُرْكِیٍّ قَائِمٍ یُفَتِّشُ مَوْضِعاً لَقِیتُ الْكُلَّابَیْنِ (2)

فَقُلْتُ لِأَصْحَابِی اعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ التُّرْكِیَّ یُفَتِّشُ عَلَی كُلَّابَیْ سربوش وَ هُمَا مَعِی فِی جَیْبِی وَ كُنْتُ لَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَی الصَّلَاةِ عَلَی الْمَیِّتَةِ لَاحَ لِی الْكُلَّابَانِ فِی دَارِی فَأَخَذْتُهُمَا ثُمَّ جِئْتُ أَنَا وَ أَصْحَابِی فَسَلَّمْتُ عَلَی التُّرْكِیِّ وَ قُلْتُ لَهُ عَلَی مَا تُفَتِّشُ قَالَ أُفَتِّشُ عَلَی كُلَّابَیْ سربوش ضَاعَتْ مِنِّی مُنْذُ سَنَةٍ فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ تَضِیعُ مِنْكَ مُنْذُ سَنَةٍ تَطْلُبُهُ الْیَوْمَ قَالَ نَعَمْ اعْلَمْ أَنَّنِی لَمَّا دَخَلْتُ السَّرِیَّةَ وَ كُنْتُ مَعَهُمْ فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَی خَنْدَقِ الْكُوفَةِ ذَكَرْنَا(3) الْكُلَّابَیْنِ فَقُلْتُ یَا عَلِیُّ هُمَا فِی ضَمَانِكَ لِأَنَّهُمَا فِی حَرَمِكَ وَ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُمَا لَا یُصِیبُهُمَا شَیْ ءٌ فَقُلْتُ

ص: 318


1- 1. كذا و لم نفهم المراد.
2- 2. فی المصدر: لقیت الكلابین فیه.
3- 3. كذا فی النسخ. و فی المصدر: ذكرت.

لَهُ الْآنَ مَا حَفِظَ اللَّهُ عَلَیْكَ شَیْئاً غَیْرَهُمَا ثُمَّ نَاوَلْتُهُ إِیَّاهُمَا وَ أَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُدَّةَ كَانَتْ سَنَةً.

«6»- وَقَفْتُ فِی كِتَابٍ قَدْ نَقَلَ عَنِ الشَّیْخِ حَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الطَّحَّالِ الْمِقْدَادِیِّ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ مَلِیحُ الْوَجْهِ نَقِیُّ الْأَثْوَابِ دَفَعَ إِلَیْهِ دِینَارَیْنِ وَ قَالَ لَهُ أَغْلِقْ عَلَیَّ الْقُبَّةَ وَ ذَرْنِی فَأَخَذَهَا(1) مِنْهُ وَ أَغْلَقَ الْبَابَ فَنَامَ فَرَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِهِ وَ هُوَ یَقُولُ اقْعُدْ أَخْرِجْهُ عَنِّی فَإِنَّهُ نَصْرَانِیٌّ فَنَهَضَ عَلِیُّ بْنُ طَحَّالٍ وَ أَخَذَ حَبْلًا فَوَضَعَهُ فِی عُنُقِ الرَّجُلِ وَ قَالَ لَهُ اخْرُجْ تَخْدَعُنِی بِالدِّینَارَیْنِ (2) وَ أَنْتَ نَصْرَانِیٌّ فَقَالَ لَهُ لَسْتُ بِنَصْرَانِیٍّ قَالَ بَلَی إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَتَانِی فِی الْمَنَامِ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّكَ نَصْرَانِیٌّ وَ قَالَ أَخْرِجْهُ عَنِّی فَقَالَ امْدُدْ یَدَكَ فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ عَلِیّاً وَلِیُّ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا عَلِمَ أَحَدٌ بِخُرُوجِی مِنَ الشَّامِ وَ لَا عَرَفَنِی أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ (3) ثُمَّ حَسُنَ إِسْلَامُهُ.

«7»- وَ حَكَی أَیْضاً: أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ شَاهِینٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَصَی عَلَی عَضُدِ الدَّوْلَةِ فَطَلَبَهُ طَلَباً حَثِیثاً فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَی الْمَشْهَدِ مُتَخَفِّیاً فَرَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِهِ وَ هُوَ یَقُولُ لَهُ یَا عِمْرَانُ فِی غَدٍ یَأْتِی فَنَّاخُسْرُو إِلَی هَاهُنَا فَیَخْرُجُونَ مَنْ بِهَذَا الْمَكَانِ (4) فَتَقِفُ أَنْتَ هَاهُنَا وَ أَشَارَ إِلَی زَاوِیَةٍ مِنْ زَوَایَا الْقُبَّةِ فَإِنَّهُمْ لَا یَرَوْنَكَ فَسَیَدْخُلُ وَ یَزُورُ وَ یُصَلِّی وَ یَبْتَهِلُ فِی الدُّعَاءِ وَ الْقَسَمِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَنْ یُظْفِرَهُ بِكَ فَادْنُ مِنْهُ وَ قُلْ لَهُ

ص: 319


1- 1. فی المصدر: فأخذهما.
2- 2. كذا فی النسخ: و فی المصدر: بدینارین.
3- 3. فی المصدر: من امراء العراق.
4- 4.«: من كان فی هذا المقام.

أَیُّهَا الْمَلِكُ مَنْ هَذَا الَّذِی قَدْ أَلْحَحْتَ بِالْقَسَمِ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَنْ یُظْفِرَكَ بِهِ (1) فَسَیَقُولُ رَجُلٌ شَقَّ عَصَایَ وَ نَازَعَنِی فِی مُلْكِی وَ سُلْطَانِی فَقُلْ مَا لِمَنْ یُظْفِرُكَ بِهِ فَیَقُولُ إِنْ حُتِمَ عَلَیَّ بِالْعَفْوِ عَنْهُ عَفَوْتُ عَنْهُ فَأَعْلِمْهُ بِنَفْسِكَ فَإِنَّكَ تَجِدُ مِنْهُ مَا تُرِیدُ فَكَانَ كَمَا قَالَ لَهُ فَقَالَ أَنَا عِمْرَانُ بْنُ شَاهِینٍ قَالَ مَنْ أَوْقَفَكَ هَاهُنَا قَالَ لَهُ هَذَا مَوْلَانَا قَالَ فِی مَنَامِی غَداً یَحْضُرُ فَنَّاخُسْرُو إِلَی هَاهُنَا وَ أَعَادَ عَلَیْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ لَهُ بِحَقِّهِ قَالَ لَكَ فَنَّاخُسْرُو قُلْتُ إیْ وَ حَقِّهِ فَقَالَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مَا عَرَفَ أَحَدٌ أَنَّ اسْمِی فَنَّاخُسْرُو إِلَّا أُمِّی وَ الْقَابِلَةُ وَ أَنَا ثُمَّ خَلَعَ عَلَیْهِ خِلْعَةَ الْوِزَارَةِ وَ طَلَعَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ إِلَی الْكُوفَةِ وَ كَانَ عِمْرَانُ بْنُ شَاهِینٍ قَدْ نَذَرَ عَلَیْهِ أَنَّهُ مَتَی عَفَا عَنْهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَتَی إِلَی زِیَارَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَافِیاً حَاسِراً فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّیْلُ خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ وَحْدَهُ فَرَأَی جَدِّی عَلِیُّ بْنُ طَحَّالٍ مَوْلَانَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِهِ وَ هُوَ یَقُولُ لَهُ اقْعُدْ افْتَحْ لِوَلِیِّی عِمْرَانَ بْنِ شَاهِینٍ الْبَابَ فَقَعَدَ وَ فَتَحَ الْبَابَ وَ إِذَا بِالشَّیْخِ قَدْ أَقْبَلَ فَلَمَّا وَصَلَ قَالَ لَهُ بِسْمِ اللَّهِ یَا مَوْلَانَا فَقَالَ وَ مَنْ أَنَا فَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ شَاهِینٍ قَالَ لَسْتُ بِعِمْرَانَ بْنِ شَاهِینٍ فَقَالَ بَلَی إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَتَانِی فِی مَنَامِی وَ قَالَ لِی اقْعُدْ افْتَحْ لِوَلِیِّی عِمْرَانَ بْنِ شَاهِینٍ قَالَ لَهُ بِحَقِّهِ هُوَ قَالَ لَكَ قَالَ إیْ وَ حَقِّهِ هُوَ قَالَ لِی فَوَقَعَ عَلَی الْعَتَبَةَ یُقَبِّلُهَا وَ أَحَالَهُ عَلَی ضَامِنِ السَّمَكِ بِسِتِّینَ دِینَاراً وَ كَانَ (2) لَهُ زَوَارِقُ تَعْمَلُ فِی الْمَاءِ فِی صَیْدِ السَّمَكِ أَقُولُ وَ بَنَی الرِّوَاقَ الْمَعْرُوفَ بِرِوَاقِ عِمْرَانَ فِی الْمَشْهَدَیْنِ الشَّرِیفَیْنِ الْغَرَوِیِّ وَ الْحَائِرِیِّ عَلَی مُشَرِّفِهِمَا السَّلَامُ.

ص: 320


1- 1. فی المصدر: أن یظفرك اللّٰه به.
2- 2.«: و كانت.

قصة أبی البقاء قیم مشهد مولانا أمیر المؤمنین علیه السلام

«8»-: وَ فِی سَنَةِ إِحْدَی وَ خَمْسَمِائَةِ بِیعَ الْخُبُزُ بِالْمَشْهَدِ الشَّرِیفِ الْغَرَوِیِّ كُلُّ رِطْلٍ بِقِیرَاطٍ بَقِیَ أَرْبَعِینَ یَوْماً فَمَضَی الْقُوَّامُ مِنَ الضُّرِّ عَلَی وُجُوهِهِمْ إِلَی الْقُرَی وَ كَانَ مِنَ الْقُوَّامِ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ أَبُو الْبَقَاءِ بْنُ سُوَیْقَةَ وَ كَانَ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ مِائَةٌ وَ عَشْرُ سِنِینَ فَلَمْ یَبْقَ مِنَ الْقُوَّامِ سِوَاهُ فَأَضَرَّ بِهِ الْحَالُ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَ بَنَاتُهُ هَلَكْنَا امْضِ كَمَا مَضَی الْقُوَّامُ فَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَی یَفْتَحُ شَیْئاً(1) نَعِیشُ بِهِ فَعَزَمَ عَلَی الْمُضِیِّ فَدَخَلَ إِلَی الْقُبَّةِ الشَّرِیفَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی صَاحِبِهَا وَ زَارَ وَ صَلَّی وَ جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ الشَّرِیفِ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ

لِی فِی خِدْمَتِكَ مِائَةُ سَنَةٍ مَا فَارَقْتُكَ مَا رَأَیْتُ الْحُلَّةَ وَ مَا رَأَیْتُ السَّكُونَ (2)

وَ قَدْ أَضَرَّ بِی وَ بِأَطْفَالِیَ الْجُوعُ وَ هَا أَنَا مُفَارِقُكَ وَ یَعَزُّ عَلَیَّ فِرَاقُكَ أَسْتَوْدِعُكَ (3)

هَذَا فِرَاقُ بَیْنِی وَ بَیْنِكَ ثُمَّ خَرَجَ وَ مَا مَضَی مَعَ الْمُكَارِیَةِ حَتَّی یَعْبُرَ إِلَی الْوَقْفِ وَ سُورَاءَ(4)

وَ فِی صُحْبَتِهِ وَهْبَانُ السُّلَمِیُّ وَ أَبُو كُرْدَانَ (5)

وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُكَارِیَةِ طَلَعُوا مِنَ الْمَشْهَدِ بِلَیْلٍ وَ أَقْبَلُوا(6) إِلَی أَبِی هُبَیْشٍ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَذَا وَقْتٌ كَثِیرٌ فَنَزَلُوا وَ نَزَلَ أَبُو الْبَقَاءِ مَعَهُمْ فَنَامَ فَرَأَی فِی مَنَامِهِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ لَهُ یَا أَبَا الْبَقَاءِ فَارَقْتَنِی بَعْدَ طُولِ هَذِهِ الْمُدَّةِ عُدْ إِلَی حَیْثُ كُنْتَ فَانْتَبَهَ بَاكِیاً فَقِیلَ لَهُ مَا یُبْكِیكَ فَقَصَّ عَلَیْهِمُ الْمَنَامَ وَ رَجَعَ فَحَیْثُ رَأَیْنَهُ بَنَاتُهُ

ص: 321


1- 1. فی المصدر: بشی ء.
2- 2. فی المراصد: سكن- بالفتح ثمّ الكسر- موضع بأرض الكوفة فی المصدر: ما رایت الحلّة و لا السكون.
3- 3. فی المصدر: استودعك اللّٰه.
4- 4. قال فی المراصد: الوقف موضع تحت سوراء من بلاد الحلّة المزیدیة. و سوراء مدینة قرب الحلّة لها نهر ینسب إلیها.
5- 5. فی المصدر: ابو كردی.
6- 6.«: فلما اقبلوا.

صَرَخْنَ فِی وَجْهِهِ فَقَصَّ عَلَیْهِنَّ الْقِصَّةَ وَ طَلَعَ وَ أَخَذَ مِفْتَاحَ الْقُبَّةِ مِنَ الْخَازِنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَهْرِیَارَ الْقُمِّیِّ وَ قَعَدَ عَلَی عَادَتِهِ بَقِیَ ثَلَاثَةَ أَیَّامِ فَفِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ أَقْبَلَ رَجُلٌ وَ بَیْنَ كَتِفَیْهِ مِخْلَاةٌ كَهَیْئَةِ الْمُشَاةِ إِلَی طَرِیقِ مَكَّةَ فَحَلَّهَا وَ أَخْرَجَ مِنْهَا ثِیَاباً لَبِسَهَا وَ دَخَلَ إِلَی الْقُبَّةِ الشَّرِیفَةِ وَ زَارَ وَ صَلَّی وَ دَفَعَ (1) إِلَیَّ دِینَاراً وَ قَالَ ائْتِ بِطَعَامٍ نَتَغَدَّی (2) فَمَضَی الْقَیِّمُ أَبُو الْبَقَاءِ وَ أَتَی بِخُبُزٍ وَ لَبَنٍ وَ تَمْرٍ فَقَالَ لَهُ مَا یُوَافِقُ لِی (3) هَذَا وَ لَكِنْ امْضِ بِهِ إِلَی أَوْلَادِكَ یَأْكُلُونَهُ وَ خُذْ هَذَا الدِّینَارَ الْآخَرَ وَ اشْتَرِ لَنَا بِهِ دَجَاجاً وَ خُبُزاً فَأَخَذْتُ لَهُ بِذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ صَلَّی الظُّهْرَیْنِ وَ أَتَی إِلَی دَارِهِ وَ الرَّجُلُ مَعَهُ فَأَحْضَرَ الطَّعَامَ وَ أَكَلَا وَ غَسَلَ الرَّجُلُ یَدَیْهِ وَ قَالَ لِی ائْتِنِی بِأَوْزَانِ الذَّهَبِ فَطَلَعَ الْقَیِّمُ أَبُو الْبَقَاءِ إِلَی زَیْدِ بْنِ وَاقِصَةَ وَ هُوَ صَائِغٌ عَلَی بَابِ دَارِ التَّقِیِّ بْنِ أُسَامَةَ الْعَلَوِیِّ النَّسَّابَةِ فَأَخَذَ مِنْهُ الصِّینِیَّةَ وَ فِیهَا أَوْزَانُ الذَّهَبِ وَ أَوْزَانُ الْفِضَّةِ فَجَمَعَ الرَّجُلُ جَمِیعَ الْأَوْزَانِ فَوَضَعَهَا فِی الْكِفَّةِ حَتَّی الشَّعِیرَ وَ الْأَرُزَّ وَ حَبَّةَ الشَّبَهِ وَ أَخْرَجَ كِیساً مَمْلُوءاً ذَهَباً وَ تَرَكَ مِنْهُ بِحِذَاءِ الْأَوْزَانِ وَ صَبَّهُ فِی حَجْرِ الْقَیِّمِ وَ نَهَضَ وَ شَدَّ مَا تَخَلَّفَ مَعَهُ وَ مَدَّ مَدَاسَهُ (4) فَقَالَ لَهُ الْقَیِّمُ یَا سَیِّدِی مَا أَصْنَعُ بِهَذَا قَالَ لَهُ هُوَ لَكَ الَّذِی (5) قَالَ لَكَ ارْجِعْ إِلَی حَیْثُ كُنْتَ قَالَ لِی أَعْطِهِ حِذَاءَ الْأَوْزَانِ وَ لَوْ جِئْتَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْأَوْزَانِ لَأَعْطَیْتُكَ فَوَقَعَ الْقَیِّمُ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ وَ مَضَی الرَّجُلُ فَزَوَّجَ الْقَیِّمُ بَنَاتِهِ وَ عَمَرَ دَارَهُ وَ حَسُنَتْ حَالُهُ.

ص: 322


1- 1. فی المصدر: قال: و دفع.
2- 2.«: نتغذی.
3- 3.«: ما یؤكل.
4- 4. سیأتی معناه فی البیان. و فی المصدر: و شد ما تخلف عنه و بدل لباسه.
5- 5. فی المصدر: قال: ممن؟ قال: من الذی اه.

قصة البدوی مع شحنة الكوفة

«9»-: وَ فِی سَنَةِ خَمْسٍ وَ سَبْعِینَ وَ خَمْمسِمِائَةٍ- كَانَ الْأَمِیرُ مُجَاهِدُ الدِّینِ سُنْقُرُ الْأَمْنِ (1) یَقْطَعُ الْكُوفَةَ وَ قَدْ وَقَعَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ بَنِی خَفَاجَةَ(2) فَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ یَأْتِی إِلَی الْمَشْهَدِ وَ لَا غَیْرِهِ إِلَّا وَ لَهُ طَلِیعَةٌ فَأَتَی فَارِسَانِ فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا وَ بَقِیَ الْآخَرُ طَلِیعَةً فَخَرَجَ سُنْقُرُ مِنْ مَطْلَعِ الرُّهَیْمِیِّ وَ أَتَی مَعَ السُّورِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ الْفَارِسُ نَادَی بِصَاحِبِهِ جَاءَتِ الْعَجَمُ وَ تَحْتَهُ سَابِقٌ مِنَ الْخَیْلِ فَأَفْلَتَ وَ مَنَعُوا الْآخَرَ أَنْ یَخْرُجَ مِنَ الْبَابِ وَ اقْتَحَمُوا وَرَاءَهُ فَدَخَلَ رَاكِباً ثُمَّ نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ قُدَّامَ بَابِ السَّلَامِ الْكَبِیرِ الْبَرَّانِی فَمَضَتِ الْفَرَسُ فَدَخَلَتْ فِی بَابِ ابْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ(3) النَّقِیبِ بْنِ أُسَامَةَ وَ دَخَلَ الْبَدَوِیُّ وَ وَقَفَ عَلَی الضَّرِیحِ الشَّرِیفِ فَقَالَ سُنْقُرُ ایتُونِی بِهِ فَجَاءَتِ الْمَمَالِیكُ یَجْذِبُونَهُ مِنَ الضَّرِیحِ الشَّرِیفِ (4) وَ قَدْ لَزِمَ الْبَدَوِیُّ بِرُمَّانَةِ الضَّرِیحِ وَ قَالَ یَا 1 أَبَا الْحَسَنِ أَنَا عَرَبِیٌّ وَ أَنْتَ عَرَبِیٌّ وَ عَادَةُ الْعَرَبِ الدُّخُولُ وَ قَدْ دَخَلْتُ عَلَیْكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ دَخِیلُكَ دَخِیلُكَ وَ هُمْ یَفُكُّونَ أَصَابِعَهُ عَنِ الرُّمَّانَةِ الْفِضَّةِ(5) وَ هُوَ یُنَادِی وَ یَقُولُ لَا تَخْفِرْ(6) ذِمَامَكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ- فَأَخَذُوهُ وَ مَضَوْا بِهِ فَأَرَادَ أَنْ یَقْتُلَهُ فَقَطَعَ عَلَی نَفْسِهِ مِائَتَیْ دِینَارٍ وَ حِصَانٍ (7) مِنَ الْخَیْلِ الذُّكُورِ فَكَفَلَهُ ابْنُ بَطْنِ الْحَقِّ عَلَی ذَلِكَ وَ مَضَی ابْنُ بَطْنِ الْحَقِّ یَأْتِی بِالْفَرَسِ وَ الْمَالِ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ (8) وَ أَنَا نَائِمٌ مَعَ

ص: 323


1- 1. فی( ت): امر بقطع الكوفة. و فی المصدر: سنقر الاس مقطع الكوفة.
2- 2. فی المصدر: و بین خفاجة شی ء.
3- 3.«: فی باب عبد الحمید.
4- 4. فی المصدر و( خ): من علی الضریح الشریف.
5- 5.«: من علی الرمانة الفضة.
6- 6. خفر فلانا: نقض عهده.
7- 7. فی المصدر: و حصانا.
8- 8.«: قال ابن طحال: فلما كان اللیل.

وَالِدِی مُحَمَّدِ بْنِ طَحَّالٍ بِالْحَضْرَةِ الشَّرِیفَةِ وَ إِذَا بِالْبَابِ تُطْرَقُ فَنَهَضَ وَالِدِی وَ فَتَحَ الْبَابَ وَ إِذَا أَبُو الْبَقَاءِ بْنُ الشَّیْرَجِیِّ السُّورَاوِیِّ مَعَهُ الْبَدَوِیُّ وَ عَلَیْهِ جُبَّةٌ حَمْرَاءُ وَ عِمَامَةٌ زَرْقَاءُ وَ مَمْلُوكٌ عَلَی رَأْسِهِ مِنْشَفَةٌ مُكَوَّرَةٌ یَحْمِلُهَا فَدَخَلُوا الْقُبَّةَ الشَّرِیفَةَ حِینَ فُتِحَتْ وَ وَقَفُوا قُدَّامَ الشُّبَّاكِ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَبْدُكَ سُنْقُرُ یُسَلِّمُ عَلَیْكَ وَ یَقُولُ لَكَ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكَ الْمَعْذِرَةُ وَ التَّوْبَةُ وَ هَذَا دَخِیلُكَ وَ هَذَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْتُ فَقَالَ لَهُ وَالِدِی مَا سَبَبُ هَذَا قَالَ إِنَّهُ رَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِهِ وَ بِیَدِهِ حَرْبَةٌ وَ هُوَ یَقُولُ لَهُ وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُخْلِ سَبِیلَ دَخِیلِی لَأَنْتَزِعَنَّ نَفْسَكَ عَلَی هَذِهِ الْحَرْبَةِ وَ قَدْ خَلَعَ عَلَیْهِ وَ أَرْسَلَهُ وَ مَعَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ رِطْلًا فِضَّةً بِعَیْنِی رَأَیْتُهَا وَ هِیَ سُرُوجٌ وَ كِیزَانٌ وَ رُءُوسُ أَعْلَامٍ وَ صَفَائِحُ فِضَّةٍ فَعَمِلْتُ ثَلَاثَ طَاسَاتٍ عَلَی الضَّرِیحِ الشَّرِیفِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی مُشَرِّفِهِ وَ مَا زَالَتْ إِلَی أَنْ سُكَّتْ (1) فِی هَذِهِ الْحِلْیَةِ الَّتِی عَلَیْهِ الْآنَ وَ أَمَّا الْبَدَوِیُ (2) ابْنُ بَطْنِ الْحَقِّ فَرَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِهِ فِی الْبَرِّیَّةِ وَ هُوَ یَقُولُ لَهُ: ارْجِعْ إِلَی سُنْقُرَ فَقَدْ خَلَّی سَبِیلَ الْبَدَوِیِّ الَّذِی كَانَ قَدْ أَخَذَهُ فَرَجَعَ إِلَی الْمَشْهَدِ وَ اجْتَمَعَ بِالْأَسِیرِ الْمُطْلَقِ هَذَا رَأَیْتُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَ سَبْعِینَ وَ خَمْسِمِائَةٍ.

قصة سیف سرق من الحضرة الشریفة و ظهر فیما بعد

«10»-: قَالَ وَ فِی سَنَةِ أَرْبَعٍ وَ ثَمَانِینَ وَ خَمْسِمِائَةٍ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ كَانُوا یَأْتُونَ مَشَایِخُ زَیْدِیَّةٌ(3) مِنَ الْكُوفَةِ كُلَّ لَیْلَةٍ یَزُورُونَ الْإِمَامَ علیه السلام وَ كَانَ فِیهِمْ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ عَبَّاسٌ الْأَمْعَصُ قَالَ ابْنُ طَحَّالٍ وَ كَانَتْ نَوْبَةُ الْخِدْمَةِ تِلْكَ اللَّیْلَةَ عَلَیَّ فَجَاءُوا عَلَی الْعَادَةِ وَ طَرَقُوا الْبَابَ فَفَتَحْتُهُ لَهُمْ وَ فَتَحْتُ بَابَ الْقُبَّةِ الشَّرِیفَةِ وَ بِیَدِ عَبَّاسٍ سَیْفٌ فَقَالَ لِی أَیْنَ أَطْرَحُ هَذَا السَّیْفَ فَقُلْتُ اطْرَحْهُ فِی

ص: 324


1- 1. سیأتی معناه فی البیان. و فی المصدر: سبكت.
2- 2. فی المصدر: و أمّا ابن بطن الحق.
3- 3.«: مشایخ الزیدیة.

هَذِهِ الزَّاوِیَةِ وَ كَانَ شَرِیكِی فِی الْخِدْمَةِ شَیْخٌ كَبِیرٌ یُقَالُ لَهُ بَقَاءُ بْنُ عُنْقُودٍ فَوَضَعَهُ وَ دَخَلْتُ فَأَشْعَلْتُ لَهُمْ شَمْعَةً وَ حَرَّكْتُ الْقَنَادِیلَ وَ زَارُوا وَ صَلَّوْا وَ طَلَعُوا وَ طَلَبَ الْعَبَّاسُ السَّیْفَ فَلَمْ یَجِدْهُ فَسَأَلَنِی عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ مَكَانَهُ فَقَالَ مَا هُوَ هَاهُنَا فَطَلَبَهُ فَمَا وَجَدَهُ (1) وَ عَادَتُنَا أَنْ لَا نُخَلِّیَ أَحَداً یَنَامُ بِالْحَضْرَةِ سِوَی أَصْحَابِ النَّوْبَةِ فَلَمَّا یَئِسَ مِنْهُ دَخَلَ وَ قَعَدَ عِنْدَ الرَّأْسِ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَا وَلِیُّكَ عَبَّاسٌ وَ الْیَوْمَ لِی خَمْسُونَ سَنَةً أَزُورُكَ فِی كُلِّ لَیْلَةٍ فِی رَجَبٍ وَ شَعْبَانَ وَ رَمَضَانَ- وَ السَّیْفُ الَّذِی مَعِی عَارِیَّةٌ وَ حَقِّكَ إِنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَیَّ مَا رَجَعْتُ زُرْتُكَ أَبَداً وَ هَذَا فِرَاقُ بَیْنِی وَ بَیْنِكَ وَ مَضَی فَأَصْبَحْتُ فَأَخْبَرْتُ السَّیِّدَ النَّقِیبَ السَّعِیدَ شَمْسَ الدِّینِ عَلِیَّ بْنَ الْمُخْتَارِ- فَضَجِرَ عَلَیَّ وَ قَالَ أَ لَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ یَنَامَ أَحَدٌ بِالْمَشْهَدِ سِوَاكُمْ فَأَحْضَرْتُ الْمُخَتَّمَةَ الشَّرِیفَةَ وَ أَقْسَمْتُ بِهَا أَنَّنِی فَتَّشْتُ الْمَوَاضِعَ وَ قَلَبْتُ الْحُصُرَ وَ مَا تَرَكْتُ أَحَداً عِنْدَنَا فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ أَمْراً عَظِیماً وَ صَعُبَ عَلَیْهِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ إِذَا أَصْوَاتُهُمْ بِالتَّكْبِیرِ وَ التَّهْلِیلِ فَقُمْتُ فَفَتَحْتُ لَهُمْ عَلَی جَارِی عَادَتِی وَ إِذَا الْعَبَّاسُ الْأَمْعَصُ وَ السَّیْفُ مَعَهُ فَقَالَ یَا حَسَنُ هَذَا السَّیْفَ فَالْزَمْهُ فَقُلْتُ أَخْبِرْنِی خَبَرَهُ قَالَ رَأَیْتُ مَوْلَانَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِی وَ قَدْ أَتَی إِلَیَّ وَ قَالَ یَا عَبَّاسُ لَا تَغْضَبْ امْضِ إِلَی دَارِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ اصْعَدِ الْغُرْفَةَ الَّتِی فِیهَا التِّبْنُ وَ بِحَیَاتِی عَلَیْكَ لَا تَفْضَحْهُ وَ لَا تُعْلِمْ بِهِ أَحَداً فَمَضَیْتُ إِلَی النَّقِیبِ شَمْسِ الدِّینِ فَأَعْلَمْتُهُ بِذَلِكَ فَطَلَعَ فِی السَّحَرِ إِلَی الْحَضْرَةِ وَ أَخَذَ السَّیْفَ مِنْهُ وَ حَلَّی لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أُعْطِیكَ السَّیْفَ حَتَّی تُعْلِمَنِی مَنْ كَانَ أَخَذَهُ فَقَالَ لَهُ عَبَّاسٌ یَا سَیِّدِی یَقُولُ لِی جَدُّكَ بِحَیَاتِی عَلَیْكَ لَا تَفْضَحْهُ وَ لَا تُعْلِمْ بِهِ أَحَداً وَ أُخْبِرُكَ وَ لَمْ یُعْلِمْهُ وَ مَاتَ وَ لَمْ یُعْلِمْ أَحَداً مَنِ الْآخِذُ السَّیْفَ وَ هَذِهِ الْحِكَایَةُ أَخْبَرَنَا بِمَعْنَاهَا الْمَذْكُورِ الْقَاضِی الْعَالِمُ الْفَاضِلُ الْمُدَرِّسُ عَفِیفُ الدِّینِ رَبِیعُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیُّ- عَنِ الْقَاضِی الزَّاهِدِ

ص: 325


1- 1. فی المصدر: قد طلبته فما وجدته.

عَلِیِّ بْنِ بُدَّا(1) الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ یَوْمَ الثُّلَاثَاءِ خَامِسَ عَشَرَ رَبِیعٍ الْآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ ثَمَانِینَ وَ سِتِّمِائَةٍ.

قصة لطیفة

«11»- قَالَ: وَ فِی سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَمَانِینَ وَ خَمْسِمِائَةٍ كَانَتْ نَوْبَتِی أَنَا وَ شَیْخٌ یُقَالُ لَهُ أَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ كَدُونَا(2) وَ قَدْ أُغْلِقَتِ الْحَضْرَةُ الشَّرِیفَةُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی صَاحِبِهَا فَإِذَا وَقَعَ (3) فِی مَسَامِعِی صَوْتُ أَحَدِ أَبْوَابِ الْقُبَّةِ فَارْتَعْتُ لِذَلِكَ وَ قُمْتُ فَفَتَحْتُ الْبَابَ الْأُولَی (4) وَ دَخَلْتُ إِلَی بَابِ الْوَدَاعِ فَلَمَسْتُ الْأَقْفَالَ فَوَجَدْتُهَا عَلَی مَا هِیَ عَلَیْهِ وَ الْإِغْلَاقَ (5) وَ مَشَیْتُ إِلَی الْأَبْوَابِ أَجْمَعَ فَوَجَدْتُهَا بِحَالِهَا وَ كُنْتُ أَقُولُ وَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ أَحَداً لَلَزِمْتُهُ فَلَمَّا رَجَعْتُ طَالِعاً وَصَلْتُ إِلَی الشُّبَّاكِ الشَّرِیفِ وَ إِذَا بِرَجُلٍ عَلَی ظَهْرِ الضَّرِیحِ أُحَقِّقُهُ فِی ضَوْءِ الْقَنَادِیلِ فَحِینَ رَأَیْتُهُ أَخَذَتْنِی الْقَعْقَعَةُ وَ الرِّعْدَةُ الْعَظِیمَةُ وَ رَبَا لِسَانِی فِی فَمِی إِلَی أَنْ صَعِدَ إِلَی سَقْفِ حَلْقِی فَلَزِمْتُ بِكِلْتَا یَدَیَّ عَمُودَ الشُّبَّاكِ وَ أَلْصَقْتُ مَنْكِبِیَ الْأَیْمَنَ فِی رُكْنِهِ وَ غَابَ وَجْدِی (6) عَنِّی سَاعَةً وَ إِذَا هَمْهَمَةُ الرَّجُلِ وَ مَشْیُهُ (7) عَلَی فَرْشِ الصَّحْنِ بِالْقُبَّةِ وَ تَحْرِیكُ الْخَتْمَةِ الشَّرِیفَةِ بِالزَّاوِیَةِ مِنَ الْقُبَّةِ وَ بَعْدَ سَاعَةٍ رُدَّ رُوعِی وَ سَكَنَ مَا عِنْدِی فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَهُ (8) فَرَجَعْتُ حَتَّی أَطْلَعَ

ص: 326


1- 1. فی المصدر: بدار.
2- 2. فی المصدر: یقال له صباح بن حوبا فمضی إلی داره و بقیت وحدی و عندی رجل یقال له أبو الغنائم بن كدونا.
3- 3. فی المصدر: فبینما انا كذلك اذ وقع.
4- 4.«: الأول.
5- 5.«: من الاغلاق.
6- 6.«: رشدی.
7- 7.«: و مشیته.
8- 8.«: فلم أر أحدا.

وَجَدْتُ الْبَابَ الْمُقَابِلَ بَابَ الْحَضْرَةِ لِلنِّسَاءِ قَدْ فُتِحَ مِنْهُ مِقْدَارُ شِبْرٍ فَرَجَعْتُ إِلَی بَابِ الْوَدَاعِ فَفَتَحْتُ الْأَقْفَالَ وَ الْأَغْلَاقَ وَ دَخَلْتُ أَغْلَقْتُهُ مِنْ دَاخِلٍ (1) فَهَذَا مَا رَأَیْتُهُ وَ شَاهَدْتُهُ.

قصة أخری

«12»- وَ قَالَ أَیْضاً: إِنَّ رَجُلًا یُقَالُ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْكَنَاتِینِیُ (2) سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ یَدْفَعَ إِلَیْهِ بِضَاعَةً فَلَمَّا أَلَحَّ عَلَیْهِ أَخْرَجَ سِتِّینَ دِینَاراً وَ قَالَ لَهُ أَشْهِدْ لِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِذَلِكَ فَأَشْهَدَهُ عَلَیْهِ بِالْقَبْضِ وَ التَّسْلِیمِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَلَمَّا قَبَضَ الْمَبْلَغَ بَقِیَ ثَلَاثَ سِنِینَ مَا أَعْطَاهُ شَیْئاً وَ كَانَ بِالْمَشْهَدِ رَجُلٌ ذُو صَلَاحٍ یُقَالُ لَهُ مُفَرِّجٌ- فَرَأَی فِی الْمَنَامِ كَأَنَّ الَّذِی (3) قَبَضَ الْمَالَ قَدْ مَاتَ وَ قَدْ جَاءُوا بِهِ عَلَی الْعَادَةِ لِیُدْخِلُوهُ الْحَضْرَةَ الشَّرِیفَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَی صَاحِبِهَا فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَی الْبَابِ طَلَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْعَتَبَةِ وَ قَالَ لَا یُدْخَلْ هَذَا الْبِنَاءَ(4) وَ لَا یُصَلِّی أَحَدٌ عَلَیْهِ فَتَقَدَّمَ وَلَدٌ لَهُ یُقَالُ لَهُ یَحْیَی (5) فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَلِیُّكَ قَالَ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ أَشْهَدَنِی عَلَیْهِ لِأَبِی جَعْفَرٍ الْكَنَاتِینِیِّ بِمَالٍ مَا أَوْصَلَهُ إِلَیْهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ مُفَرِّجٌ فَأَخْبَرَنَا بِذَلِكَ (6) فَدَعَوْنَا أَبَا جَعْفَرٍ وَ قُلْنَا لَهُ أَیُّ شَیْ ءٍ لَكَ عِنْدَ فُلَانٍ قَالَ مَا لِیَ عِنْدَهُ شَیْ ءٌ فَقُلْنَا لَهُ وَیْحَكَ شَاهِدُكَ إِمَامٌ قَالَ وَ مَنْ شَاهِدِی فَقُلْنَا لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَوَقَعَ عَلَی وَجْهِهِ یَبْكِی فَأَرْسَلْنَا إِلَی الرَّجُلِ الَّذِی قَبَضَ الْمَالَ فَقُلْنَا لَهُ أَنْتَ هُنَالِكَ (7) فَأَخْبَرْنَاهُ بِالْمَنَامِ فَبَكَی وَ مَضَی

ص: 327


1- 1. فی المصدر: و اغلقته من داخله.
2- 2.«:« الكتاتیبی» و كذا فیما یأتی.
3- 3.«: كان الرجل الذی.
4- 4.«: لا یدخل هذا الینا.
5- 5.«: اسمه یحیی.
6- 6.«: فأصبح مفرج و اخبرنا بذلك.
7- 7.«: انت هالك.

فَأَحْضَرَ أَرْبَعِینَ دِینَاراً فَسَلَّمَهَا إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَعْطَاهُ الْبَاقِیَ.

قصة أخری

«13»- وَ حَكَی عَلِیُّ بْنُ مُظَفَّرٍ النَّجَّارُ قَالَ: كَانَ لِی حِصَّةٌ فِی ضَیْعَةٍ فَقُبِضَتْ غَصْباً فَدَخَلْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام شَاكِیاً وَ قُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ رُدَّ هَذِهِ الْحِصَّةُ عَلَیَّ عَمِلْتُ هَذَا الْمَجْلِسَ مِنْ مَالِی فَرُدَّتِ الْحِصَّةُ عَلَیْهِ فَغَفَلَ مُدَّةً فَرَأَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مَنَامِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ فِی زَاوِیَةِ الْقُبَّةِ وَ قَدْ قَبَضَ عَلَی یَدِهِ وَ طَلَعَ حَتَّی وَقَفَ عَلَی بَابِ الْوَدَاعِ الْبَرَّانِیِّ وَ أَشَارَ إِلَی الْمَجْلِسِ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ-(1) یُوفُونَ بِالنَّذْرِ فَقَالَ لَهُ حُبّاً وَ كَرَامَةً یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَصْبَحَ اشْتَغَلَ فِی عَمَلِهِ.

قصة أخری

«14»- سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أَثِقُ بِهِ یَحْكِی بَعْضَ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْقَاضِی ابْنِ بُدَّا(2) الْهَمْدَانِیِّ وَ كَانَ زَیْدِیّاً صَالِحاً مُتَعَبِّداً(3) تُوُفِّیَ فِی رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ سِتِّینَ وَ سِتِّمِائَةٍ وَ دُفِنَ بِالسَّهْلَةِ قَالَ: كُنْتُ فِی الْجَامِعِ بِالْكُوفَةِ وَ كَانَتْ لَیْلَةٌ مَطِیرَةٌ(4) فَدَقَّ بَابَ مُسْلِمٍ جَمَاعَةٌ

فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعَهُمْ جِنَازَةً فَأَدْخَلُوهَا وَ جَعَلُوهَا عَلَی الصُّفَّةِ الَّتِی تُجَاهَ بَابِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِیلٍ ثُمَّ إِنَّ أَحَدَهُمْ نَعَسَ (5) فَرَأَی فِی مَنَامِهِ كَأَنَّ قَائِلًا یَقُولُ لِآخَرَ مَا نُبْصِرُهُ حَتَّی نَبْصُرَ هَلْ لَنَا مَعَهُ حِسَابٌ أَمْ لَا فَكَشَفُوا عَنْ وَجْهِهِ وَ قَالَ بَلَی لَنَا مَعَهُ حِسَابٌ وَ یَنْبَغِی أَنْ نَأْخُذَهُ مِنْهُ مُعَجَّلًا قَبْلَ أَنْ یَتَعَدَّی الرُّصَافَةَ فَمَا یَبْقَی

ص: 328


1- 1. أی قال أمیر المؤمنین علیه السلام: یا علیّ بن مظفر النجار.
2- 2. فی المصدر: یحكی لبعض الفقهاء عن القاضی ابن بدر الهمدانیّ.
3- 3.«: سعیدا.
4- 4.«: مظلمة.
5- 5.«: نعس فنام.

لَنَا مَعَهُ طَرِیقٌ فَانْتَبَهْتُ وَ حَكَیْتُ لَهُمُ الْمَنَامَ وَ قُلْتُ لَهُمْ خُذُوهُ مُعَجَّلًا فَأَخَذُوهُ وَ مَضَوْا فِی الْحَالِ (1).

بیان: قال الفیروزآبادی المداس كسحاب الذی یلبس فی الرجل (2) و قال السك تضبیب الباب بالحدید(3) و قال القعقعة صریف الأسنان لشدة وقعها(4) قوله و ربا لسانی أی ارتفع.

«15»- حة، [فرحة الغری] إِسْمَاعِیلُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ عَتَّابِ بْنِ كَرِیمٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ قَالَ: حَضَرَ صَاحِبُ شُرْطَةِ الْحَجَّاجِ حَفِیرَةً فِی الرَّحْبَةِ فَاسْتَخْرَجَ شَیْخاً أَبْیَضَ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ فَكَتَبَ إِلَی الْحَجَّاجِ أَنِّی حَفَرْتُ وَ اسْتَخْرَجْتُ شَیْخاً أَبْیَضَ الرَّأْسِ وَ اللِّحْیَةِ وَ هُوَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَكَتَبَ إِلَیْهِ الْحَجَّاجُ كَذَبْتَ أَعِدِ الرَّجُلَ مِنْ حَیْثُ اسْتَخْرَجْتَ (5) فَإِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ حَمَلَ أَبَاهُ مِنْ حَیْثُ خَرَجَ إِلَی الْمَدِینَةِ(6).

«16»- حة، [فرحة الغری] نَجِیبُ الدِّینِ یَحْیَی بْنُ سَعِیدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُهْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ شَهْرَآشُوبَ عَنْ جَدِّهِ عَنِ الشَّیْخِ عَنِ الْمُفِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: خَرَجْنَا یَوْماً مَعَ الرَّشِیدِ مِنَ الْكُوفَةِ نَتَصَیَّدُ فَصِرْنَا إِلَی نَاحِیَةِ الْغَرِیَّیْنِ وَ الثُّوَیَّةِ(7) فَرَأَیْنَا ظِبَاءً فَأَرْسَلْنَا عَلَیْهَا الصُّقُورَةَ وَ الْكِلَابَ فَحَاوَلَتْهَا سَاعَةً ثُمَّ لَجَأَتِ الظِّبَاءُ إِلَی أَكَمَةٍ فَسَقَطَتْ عَلَیْهَا فَسَقَطَتِ

ص: 329


1- 1. فرحة الغریّ: 177- 137.
2- 2. القاموس 2: 217.
3- 3.« 3: 306. و التضبیب: التشدید.
4- 4.« 3: 72.
5- 5. فی المصدر: استخرجته.
6- 6. فرحة الغریّ: 12.
7- 7. الثویة- بالفتح ثمّ الكسر و یاء مشددة و یقال بلفظ التصغیر ایضا-: موضع قریب من الكوفة.

الصُّقُورَةُ نَاحِیَةً وَ رَجَعَتِ الْكِلَابُ فَتَعَجَّبَ الرَّشِیدُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ إِنَّ الظِّبَاءَ هَبَطَتْ مِنَ الْأَكَمَةِ فَسَقَطَ الصُّقُورَةُ وَ الْكِلَابُ فَرَجَعَتِ الظِّبَاءُ إِلَی الْأَكَمَةِ فَتَرَاجَعَتْ عَنْهَا الْكِلَابُ وَ الصُّقُورَةُ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ ثَلَاثاً فَقَالَ هَارُونُ ارْكُضُوا فَمَنْ لَقِیتُمُوهُ ائْتُونِی بِهِ فَأَتَیْنَاهُ بِشَیْخٍ مِنْ بَنِی أَسَدٍ فَقَالَ هَارُونُ مَا هَذِهِ الْأَكَمَةُ قَالَ إِنْ جَعَلْتَ لِیَ الْأَمَانَ أَخْبَرْتُكَ قَالَ لَكَ عَهْدُ اللَّهِ وَ مِیثَاقُهُ أَنْ لَا أُهَیِّجَكَ وَ لَا أُوذِیَكَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُمْ كَانُوا یَقُولُونَ هَذِهِ الْأَكَمَةُ قَبْرُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام جَعَلَهُ اللَّهُ حَرَماً لَا یَأْوِی إِلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا أَمِنَ فَنَزَلَ هَارُونُ وَ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَ صَلَّی عِنْدَ الْأَكَمَةِ وَ تَمَرَّغَ عَلَیْهَا وَ جَعَلَ یَبْكِی (1)

فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَائِشَةَ فَكَانَ قَلْبِی لَمْ یَقْبَلْ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ حَجَجْتُ إِلَی مَكَّةَ فَرَأَیْتُ فِیهَا یاسر [یَاسِراً] جَمَّالَ الرَّشِیدِ وَ كَانَ یَجْلِسُ مَعَنَا إِذَا طُفْنَا فَجَرَی الْحَدِیثُ إِلَی أَنْ قَالَ قَالَ لِیَ الرَّشِیدُ لَیْلَةً مِنَ اللَّیَالِی وَ قَدْ قَدِمْنَا مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلَ الْكُوفَةَ فَقَالَ یَا یَاسِرُ قُلْ لِعِیسَی بْنِ جَعْفَرٍ فَلْیَرْكَبْ فَرَكِبَا جَمِیعاً وَ رَكِبْتُ مَعَهُمَا حَتَّی إِذَا صِرْنَا إِلَی الْغَرِیَّیْنِ فَأَمَّا عِیسَی فَاطَّرَحَ (2)

نَفْسَهُ فَنَامَ وَ أَمَّا الرَّشِیدُ فَجَاءَ إِلَی أَكَمَةٍ فَصَلَّی عِنْدَهَا فَلَمَّا صَلَّی رَكْعَتَیْنِ دَعَا وَ بَكَی وَ تَمَرَّغَ عَلَی الْأَكَمَةِ ثُمَّ یَقُولُ (3) یَا ابْنَ عَمِّ أَنَا وَ اللَّهِ أَعْرِفُ فَضْلَكَ وَ سَابِقَتَكَ وَ بِكَ وَ اللَّهِ جَلَسْتُ مَجْلِسِیَ الَّذِی أَنَا بِهِ وَ أَنْتَ وَ أَنْتَ (4) وَ لَكِنْ وُلْدُكَ یُؤْذُونَنِی وَ یَخْرُجُونَ عَلَیَّ ثُمَّ یَقُومُ فَیُصَلِّی ثُمَّ یُعِیدُ(5) هَذَا الْكَلَامَ وَ یَدْعُو وَ یَبْكِی حَتَّی إِذَا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ قَالَ یَا یَاسِرُ أَقِمْ عِیسَی فَأَقَمْتُهُ

ص: 330


1- 1. فی المصدر: فجعل یبكی ثمّ انصرفنا.
2- 2.«: فطرح.
3- 3.«: ثم جعل یقول.
4- 4.«: و انت انت.
5- 5.«: و یعید.

فَقَالَ یَا عِیسَی قُمْ صَلِّ قَبْرَ(1) ابْنِ عَمِّكَ قَالَ لَهُ أَیُّ عُمُومَتِی هَذَا قَالَ هَذَا قَبْرُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَتَوَضَّأَ عِیسَی وَ قَامَ یُصَلِّی فَلَمْ یَزَالا كَذَلِكَ حَتَّی الْفَجْرِ فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَدْرَكَكَ الصُّبْحُ فَرَكِبْنَا وَ رَجَعْنَا إِلَی الْكُوفَةِ(2).

شا، [الإرشاد] محمد بن زكریا: مثله (3).

«17»- حة، [فرحة الغری] أَقُولُ وَ ذَكَرَ صَفِیُّ الدِّینِ مُحَمَّدُ بْنُ مَعَدٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ نَحْوَ هَذَا الْمَتْنِ فِی رِوَایَةٍ رَآهَا فِی بَعْضِ الْكُتُبِ الْحَدِیثِیَّةِ الْقَدِیمَةِ وَ أَسْنَدَهُ بِمَا صُورَتُهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ یَحْیَی قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِینَارٍ الْعُتْبِیُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَازِمِ بْنِ خُزَیْمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ الرَّشِیدِ مِنَ الْكُوفَةِ نَتَصَیَّدُ فَصِرْنَا إِلَی نَاحِیَةِ الْغَرِیَّیْنِ وَ الثُّوَیَّةِ وَ ذَكَرَ نَحْوَ الْمَتْنِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَی آخِرِهِ زَادَ فِیهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَ رَجَعْنَا إِلَی الْكُوفَةِ ثُمَّ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ خَرَجَ إِلَی الرِّقَّةِ وَ أَنَا مَعَهُ فَقَالَ لِی ذَاتَ لَیْلَةٍ وَ نَحْنُ بِالرَّقَّةِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ سَنَةٍ فَقَالَ لِی یَا یَاسِرُ تَذْكُرُ لَیْلَةَ الْغَرِیَّیْنِ قُلْتُ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ أَ تَدْرِی قَبْرُ مَنْ ذَاكَ قُلْتُ لَا قَالَ قَبْرُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَفْعَلُ هَذَا بِقَبْرِهِ وَ تَحْبِسُ أَوْلَادَهُ فَقَالَ وَیْلَكَ إِنَّهُمْ یُؤْذُونَنِی وَ یُحْوِجُونَنِی إِلَی مَا أَفْعَلُ بِهِمْ انْظُرْ إِلَی مَنْ فِی الْحَبْسِ مِنْهُمْ فَأَحْصَیْنَا مَنْ فِی الْحَبْسِ مِنْهُمْ بِبَغْدَادَ وَ الرَّقَّةِ فَكَانُوا مِقْدَارَ خَمْسِینَ رَجُلًا فَقَالَ ادْفَعْ إِلَی كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ وَ أَطْلِقْ جَمِیعَ مَنْ فِی الْحَبْسِ (4) مِنْهُمْ قَالَ یَاسِرٌ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَمَا لِی

ص: 331


1- 1. فی المصدر: صل عند قبر ابن عمك.
2- 2. فرحة الغریّ: 101 و 102.
3- 3. الإرشاد للمفید: 12 و 13.
4- 4. الحبس خ ل.

عِنْدَ اللَّهِ حَسَنَةٌ أَكْثَرُ مِنْهَا فَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ فَصَدَّقَ عِنْدِی حَدِیثَ یَاسِرٍ مَا حَدَّثَنِی بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَازِمٍ (1).

«18»- حة، [فرحة الغری] ذَكَرَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرُوسٍ الدِّینَوَرِیُّ فِی كِتَابِ نِهَایَةِ الطَّلَبِ وَ غَایَةِ السُّؤَالِ فِی مَنَاقِبِ آلِ الرَّسُولِ: وَ قَدِ اخْتَلَفَ الرِّوَایَاتُ فِی قَبْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الصَّحِیحُ أَنَّهُ مَدْفُونٌ فِی الْمَوْضِعِ الشَّرِیفِ الَّذِی عَلَی النَّجَفِ الْآنَ وَ یُقْصَدُ وَ یُزَارُ وَ مَا ظَهَرَ لِذَلِكَ مِنَ الْآیَاتِ وَ الْآثَارِ وَ الْكَرَامَاتِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَی وَ قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَیْهِ عَلَی اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ وَ تَبَایُنِ أَقْوَالِهِمْ وَ لَقَدْ كُنْتُ فِی النَّجَفِ لَیْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ عَشَرَ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ تِسْعِینَ وَ خَمْسِمِائَةٍ- وَ نَحْنُ مُتَوَجِّهُونَ نَحْوَ الْكُوفَةِ بَعْدَ أَنْ فَارَقْنَا الْحَاجَّ بِأَرْضِ النَّجَفِ وَ كَانَتْ لَیْلَةً مُصْحِیَةً كَالنَّهَارِ وَ كَانَ مِنَ الْوَقْتِ (2) ثُلُثُ اللَّیْلِ فَظَهَرَ نُورٌ دَخَلَ الْقَبْرَ فِی ضِمْنِهِ وَ لَمْ یَبْقَ لَهُ الْأَثَرُ(3) وَ كَانَ یَسِیرُ إِلَی جَانِبِی بَعْضُ الْأَجْنَادِ وَ شَاهَدَ ذَلِكَ أَیْضاً فَتَأَمَّلْتُ سَبَبَ ذَلِكَ وَ إِذَا عَلَی قَبْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام عَمُودٌ مِنْ نُورٍ یَكُونُ عَرْضُهُ فِی رَأْیِ الْعَیْنِ نَحْوَ الذِّرَاعِ وَ طُولُهُ حُدُودَ عِشْرِینَ ذِرَاعاً وَ قَدْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَ بَقِیَ عَلَی ذَلِكَ حُدُودَ سَاعَتَیْنِ مَا زَالَ یَتَلَاشَی عَلَی الْقُبَّةِ حَتَّی اخْتَفَی عَنِّی وَ عَادَ نُورُ الْقَمَرِ عَلَی مَا كَانَ عَلَیْهِ وَ كَلَّمْتُ الْجُنْدِیَّ الَّذِی كَانَ إِلَی جَانِبِی فَوَجَدْتُهُ قَدْ ثَقُلَ لِسَانُهُ وَ ارْتَعَشَ فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّی عَادَ لِمَا كَانَ عَلَیْهِ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ شَاهَدَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ جَامِعُ الْكِتَابِ أَدَامَ اللَّهُ أَیَّامَهُ هَذَا بَابٌ مُتَّسَعٌ لَوْ ذَهَبْنَا إِلَی جَمِیعِ مَا قِیلَ فِیهِ لَضَاقَ عَنْهُ الْوَقْتُ وَ لَظَهَرَ الْعَجْزُ عَنِ الْحَصْرِ فَلَیْسَ ذَلِكَ بِمَوْقُوفٍ عَلَی أَحَدٍ دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْیَاءَ الْخَارِقَةَ لَمْ تَزَلْ تَظْهَرُ هُنَالِكَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ وَ مَنْ

ص: 332


1- 1. فرحة الغریّ: 102 و 103.
2- 2. فی المصدر: و كان مضی من الوقت.
3- 3. كذا فی النسخ. و الصحیح كما فی المصدر: و دخل القمر فی ضمنه و لم یبق له اثر.

تَدَبَّرَ ذَلِكَ وَجَدَهُ مُشَاهَدَةً وَ أَخْبَاراً وَ مَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ علیه السلام وَ أَوْلَی وَ هُوَ الَّذِی اشْتَرَی الْآخِرَةَ بِطَلَاقِ الْأُولَی (1) وَ فِیمَا أَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ خَصَائِصِهِ كِفَایَةٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ نَظَرٌ وَ دِرَایَةٌ وَ اللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ وَ أَرَادَ الْهِدَایَةَ آخِرَ كَلَامِهِ حَرْفاً(2)

حَرْفاً.

«19»- یَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَتَائِقِیِّ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَ أَنَا كُنْتُ جَالِساً فِی حُسْنِ الْأَدَبِ مُقَابِلَ بَابِ الْحَضْرَةِ الْمُقَدَّسَةِ فَجَاءَ رَجُلَانِ یُرِیدُ أَحَدُهُمَا یُحَلِّفُ الْآخَرَ بَابَ الْحَضْرَةِ الشَّرِیفَةِ فَقَالَ لَهُ وَ السَّاعَةَ لَا بُدَّ لَكَ أَنْ تُحَلِّفَنِی وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّی مَظْلُومٌ وَ أَنَّكَ لَیْسَ لَكَ قِبَلِی شَیْ ءٌ وَ أَنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِی عِنَاداً قَالَ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُمَّ بِحَقِّ صَاحِبِ هَذَا الضَّرِیحِ مَنْ كَانَ الْمُعْتَدِیَ عَلَی الْآخَرِ مِنَّا یُغْمَی وَ یَمُوتُ فِی الْحَالِ وَ حَلَّفَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْیَمِینِ غُشِیَ عَلَی الَّذِی حَلَّفَهُ فَحُمِلَ إِلَی بَیْتِهِ فَمَاتَ فِی الْحَالِ.

«20»- مِنْ كَشْفِ الْیَقِینِ لِلْعَلَّامَةِ: كَانَ بِالْحُلَّةِ أَمِیرٌ فَخَرَجَ یَوْماً إِلَی الصَّحْرَاءِ فَوَجَدَ عَلَی قُبَّةِ مَشْهَدِ الشَّمْسِ طَیْراً فَأَرْسَلَ عَلَیْهِ صَقْراً یَصْطَادُهُ فَانْهَزَمَ الطَّیْرُ عَنْهُ فَتَبِعَهُ حَتَّی وَقَعَ فِی دَارِ الْفَقِیهِ ابْنِ نَمَا وَ الصَّقْرُ یَتْبَعُهُ حَتَّی وَقَعَ عَلَیْهِ فَتَشَجَّتْ (3) رِجْلَاهُ وَ جَنَاحَاهُ وَ عَطَلَ فَجَاءَ بَعْضُ أَتْبَاعِ الْأَمِیرِ فَوَجَدَ الصَّقْرَ عَلَی تِلْكَ الْحَالِ فَأَخَذَهُ وَ أَخْبَرَ مَوْلَاهُ بِذَلِكَ فَاسْتَعْظَمَ هَذِهِ الْحَالَ وَ عَرَفَ عُلُوَّ مَنْزِلَةِ الْمَشْهَدِ وَ شَرَعَ فِی عِمَارَتِهِ (4).

«21»- أَقُولُ وَجَدْتُ فِی بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ ذَاتَ یَوْمٍ

ص: 333


1- 1. فی المصدر: الدنیا.
2- 2. فرحة الغریّ: 110 و 111.
3- 3. كذا فی النسخ و فی المصدر: فانسحب ای انجر علی وجه الأرض.
4- 4. كشف الیقین: 168.

یُصَلِّی بِالْغَرِیِّ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلَانِ مَعَهُمَا تَابُوتٌ عَلَی نَاقَةٍ فَحَطَّا التَّابُوتَ (1) وَ أَقْبَلَا إِلَیْهِ فَسَلَّمَا عَلَیْهِ فَقَالَ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتُمَا قَالا مِنَ الْیَمَنِ قَالَ وَ مَا هَذِهِ الْجِنَازَةُ قَالا كَانَ لَنَا أَبٌ شَیْخٌ كَبِیرٌ فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَی إِلَیْنَا أَنْ نَحْمِلَهُ وَ نَدْفِنَهُ فِی الْغَرِیِّ فَقُلْنَا یَا أَبَانَا إِنَّهُ مَوْضِعٌ شَاسِعٌ بَعِیدٌ عَنْ بَلَدِنَا وَ مَا الَّذِی تُرِیدُ بِذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهُ سَیُدْفَنُ هُنَاكَ رَجُلٌ یَدْخُلُ فِی شَفَاعَتِهِ مِثْلُ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ- فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَنَا وَ اللَّهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّی عَلَیْهِ وَ دَفَنَاهُ وَ مَضَیَا مِنْ حَیْثُ أَقْبَلَا.

«22»- وَ قَالَ حُكِیَ عَنْ زَیْدٍ النَّسَّاجِ: قَالَ كَانَ لِی جَارٌ وَ هُوَ شَیْخٌ كَبِیرٌ عَلَیْهِ آثَارُ النُّسُكِ وَ الصَّلَاحِ وَ كَانَ یَدْخُلُ إِلَی بَیْتِهِ وَ یَعْتَزِلُ عَنِ النَّاسِ وَ لَا یَخْرُجُ إِلَّا یَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ زَیْدٌ النَّسَّاجُ فَمَضَیْتُ یَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَی زِیَارَةِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ فَدَخَلْتُ إِلَی مَشْهَدِهِ وَ إِذَا أَنَا بِالشَّیْخِ الَّذِی هُوَ جَارِی قَدْ أَخَذَ مِنَ الْبِئْرِ مَاءً وَ هُوَ یُرِیدُ أَنْ یَغْتَسِلَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَ الزِّیَارَةِ فَلَمَّا نَزَعَ ثِیَابَهُ وَ إِذَا فِی ظَهْرِهِ ضَرْبَةٌ عَظِیمَةٌ فَتْحَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ شِبْرٍ وَ هِیَ تَسِیلُ قَیْحاً وَ مِدَّةً فَاشْمَأزَّ قَلْبِی مِنْهَا فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ فَرَآنِی فَخَجِلَ فَقَالَ لِی أَنْتَ زَیْدٌ النَّسَّاجُ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ لِی یَا بُنَیَّ عَاوِنِّی عَلَی غُسْلِی فَقُلْتُ لَا وَ اللَّهِ لَا أُعَاوِنُكَ حَتَّی تُخْبِرَنِی بِقِصَّةِ هَذِهِ الضَّرْبَةِ الَّتِی بَیْنَ كَتِفَیْكَ وَ مِنْ كَفِّ مَنْ خَرَجَتْ وَ أَیُّ شَیْ ءٍ كَانَ سَبَبَهَا فَقَالَ لِی یَا زَیْدُ أُخْبِرُكَ بِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تُحَدِّثَ بِهَا أَحَداً مِنَ النَّاسِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِی فَقُلْتُ لَكَ ذَلِكَ فَقَالَ عَاوِنِّی عَلَی غُسْلِی فَإِذَا لَبِسْتُ أَطْمَارِی (2) حَدَّثْتُكَ بِقِصَّتِی قَالَ زَیْدٌ فَسَاعَدْتُهُ فَاغْتَسَلَ وَ لَبِسَ ثِیَابَهُ وَ جَلَسَ فِی الشَّمْسِ وَ جَلَسْتُ إِلَی جَانِبِهِ وَ قُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِی یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ لِی

ص: 334


1- 1. أی وضعاه و تركاه.
2- 2. جمع الطمر- بالكسر-: الثوب البالی.

اعْلَمْ أَنَّا كُنَّا عَشَرَةَ أَنْفُسٍ قَدْ تَوَاخَیْنَا عَلَی الْبَاطِلِ وَ تَوَافَقْنَا عَلَی قَطْعِ الطَّرِیقِ وَ ارْتِكَابِ الْآثَامِ وَ كَانَتْ بَیْنَنَا نَوْبَةٌ نُدِیرُهَا فِی كُلِّ لَیْلَةٍ عَلَی وَاحِدٍ مِنَّا لِیَصْنَعَ لَنَا طَعَاماً نَفِیساً وَ خَمْراً عَتِیقاً وَ غَیْرَ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّیْلَةُ التَّاسِعَةُ وَ كُنَّا قَدْ تَعَشَّیْنَا عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَ شَرِبْنَا الْخَمْرَ ثُمَّ تَفَرَّقْنَا وَ جِئْتُ إِلَی مَنْزِلِی وَ نِمْتُ أَیْقَظَتْنِی زَوْجَتِی وَ قَالَتْ لِی إِنَّ اللَّیْلَةَ الْآتِیَةَ نَوْبَتُهَا عَلَیْكَ وَ لَا عِنْدَنَا فِی الْبَیْتِ حَبَّةٌ مِنَ الْحِنْطَةِ قَالَ فَانْتَبَهْتُ وَ قَدْ طَارَ السُّكْرُ مِنْ رَأْسِی وَ قُلْتُ كَیْفَ أَعْمَلُ وَ مَا الْحِیلَةُ وَ إِلَی أَیْنَ أَتَوَجَّهُ فَقَالَتْ لِی زَوْجَتِی اللَّیْلَةُ لَیْلَةُ الْجُمُعَةِ وَ لَا یَخْلُو مَشْهَدُ مَوْلَانَا عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام مِنْ زُوَّارٍ یَأْتُونَ إِلَیْهِ یَزُورُونَهُ فَقُمْ وَ امْضِ وَ اكْمُنْ عَلَی الطَّرِیقِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَرَی أَحَداً فَتَأْخُذَ ثِیَابَهُ فَتَبِیعَهَا وَ تَشْتَرِیَ شَیْئاً مِنَ الطَّعَامِ لِتَتِمَّ مُرُوءَتُكَ عِنْدَ أَصْحَابِكَ وَ تُكَافِئَهُمْ عَلَی صَنِیعِهِمْ قَالَ فَقُمْتُ وَ أَخَذْتُ سَیْفِی وَ حَجَفَتِی (1) وَ مَضَیْتُ مُبَادِراً وَ كَمَنْتُ فِی الْخَنْدَقِ الَّذِی فِی ظَهْرِ الْكُوفَةِ وَ كَانَتْ لَیْلَةً مُظْلِمَةً ذَاتَ رَعْدٍ وَ بَرْقٍ فَأَبْرَقَتْ بَرْقَةٌ فَإِذَا أَنَا بِشَخْصَیْنِ مُقْبِلَیْنِ مِنْ نَاحِیَةِ الْكُوفَةِ فَلَمَّا قَرُبَا مِنِّی بَرَقَتْ بَرْقَةٌ أُخْرَی فَإِذَا هُمَا امْرَأَتَانِ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی فِی مِثْلِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَتَانِی امْرَأَتَانِ فَفَرِحْتُ وَ وَثَبْتُ إِلَیْهِمَا وَ قُلْتُ لَهُمَا انْزِعَا الْحُلِیَّ الَّذِی عَلَیْكُمَا سَرِیعاً فَطَرَحَاهُ فَأَبْرَقَتِ السَّمَاءُ بَرْقَةً أُخْرَی فَإِذَا إِحْدَاهُمَا عَجُوزٌ وَ الْأُخْرَی شَابَّةٌ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ وَجْهاً كَأَنَّهَا ظَبْیَةُ قَنَّاصٍ أَوْ دُرَّةُ غَوَّاصٍ فَوَسْوَسَ لِیَ الشَّیْطَانُ عَلَی أَنْ أَفْعَلَ بِهَا الْقَبِیحَ وَ قُلْتُ فِی نَفْسِی مِثْلُ هَذِهِ الشَّابَّةِ الَّتِی لَا یُوجَدُ مِثْلُهَا حَصَلَتْ عِنْدِی فِی هَذَا الْمَوْضِعِ وَ أُخَلِّیهَا فَرَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَقَالَتِ الْعَجُوزُ یَا هَذَا أَنْتَ فِی حِلٍّ مِمَّا أَخَذْتَهُ مِنَّا مِنَ الثِّیَابِ وَ الْحُلِیِّ فَخَلِّنَا نَمْضِی إِلَی أَهْلِنَا فَوَ اللَّهِ إِنَّهَا بِنْتٌ یَتِیمَةٌ مِنْ أُمِّهَا وَ أَبِیهَا وَ أَنَا خَالَتُهَا وَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ الْقَابِلَةِ تُزَفُّ إِلَی بَعْلِهَا وَ إِنَّهَا

ص: 335


1- 1. بتقدیم المهملة المفتوحة علی المعجمة المفتوحة: الترس.

قَالَتْ لِی یَا خَالَةُ إِنَّ اللَّیْلَةَ الْقَابِلَةَ أُزَفُّ إِلَی ابْنِ عَمِّی وَ أَنَا وَ اللَّهِ رَاغِبَةٌ فِی زِیَارَةِ سَیِّدِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام وَ إِنِّی إِذَا مَضَیْتُ عِنْدَ بِعْلِی رُبَّمَا لَا یَأْذَنُ لِی بِزِیَارَتِهِ فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ اللَّیْلَةُ الْجُمُعَةَ خَرَجْتُ بِهَا لِأُزَوِّرَهَا مَوْلَاهَا وَ سَیِّدَهَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَبِاللَّهِ عَلَیْكَ لَا تَهْتِكْ سِتْرَهَا وَ لَا تَفُضَّ خَتْمَهَا وَ لَا تَفْضَحْهَا بَیْنَ قَوْمِهَا فَقُلْتُ لَهَا إِلَیْكِ عَنِّی وَ ضَرَبْتُهَا وَ جَعَلْتُ أَدُورُ حَوْلَ الصَّبِیَّةِ وَ هِیَ تَلُوذُ بِالْعَجُوزِ وَ هِیَ عُرْیَانَةٌ مَا عَلَیْهَا غَیْرُ السِّرْوَالِ وَ هِیَ فِی تِلْكَ الْحَالِ تَعْقِدُ تِكَّتَهَا وَ تُوثِقُهَا عَقْداً فَدَفَعْتُ الْعَجُوزَ عَنِ الْجَارِیَةِ وَ

صَرَعْتُهَا إِلَی الْأَرْضِ (1) وَ جَلَسْتُ عَلَی صَدْرِهَا وَ مَسَكْتُ یَدَیْهَا بِیَدٍ وَاحِدَةٍ وَ جَعَلْتُ أُحِلَّ عَقْدَ التِّكَّةِ بِالْیَدِ الْأُخْرَی وَ هِیَ تَضْطَرِبُ تَحْتِی كَالسَّمَكَةِ فِی یَدِ الصَّیَّادِ وَ هِیَ تَقُولُ الْمُسْتَغَاثُ بِكَ یَا اللَّهُ الْمُسْتَغَاثُ بِكَ یَا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ- خَلِّصْنِی مِنْ یَدِ هَذَا الظَّالِمِ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَتَمَّ كَلَامَهَا إِلَّا وَ حَسِسْتُ حَافِرَ فَرَسٍ خَلْفِی فَقُلْتُ فِی نَفْسِی هَذَا فَارِسٌ وَاحِدٌ وَ أَنَا أَقْوَی مِنْهُ وَ كَانَتْ لِی قُوَّةٌ زَائِدَةٌ وَ كُنْتُ لَا أَهَابُ الرِّجَالَ قَلِیلًا أَوْ كَثِیراً فَلَمَّا دَنَا مِنِّی فَإِذَا عَلَیْهِ ثِیَابٌ بِیضٌ وَ تَحْتَهُ فَرَسٌ أَشْهَبُ تَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْمِسْكِ فَقَالَ لِی یَا وَیْلَكَ خَلِّ الْمَرْأَةَ فَقُلْتُ لَهُ اذْهَبْ لِشَأْنِكَ فَأَنْتَ نَجَوْتَ (2)

وَ تُرِیدُ تُنْجِی غَیْرَكَ قَالَ فَغَضِبَ مِنْ قَوْلِی وَ نَقَفَنِی بِذُبَالِ سَیْفِهِ بِشَیْ ءٍ قَلِیلٍ فَوَقَعْتُ مَغْشِیّاً عَلَیَّ لَا أَدْرِی أَنَا فِی الْأَرْضِ أَوْ فِی غَیْرِهَا وَ انْعَقَدَ لِسَانِی وَ ذَهَبَتْ قُوَّتِی لَكِنِّی أَسْمَعُ الصَّوْتَ وَ أَعِی الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُمَا قُومَا الْبَسَا ثِیَابَكُمَا وَ خُذَا حُلِیَّكُمَا وَ انْصَرِفَا لِشَأْنِكُمَا فَقَالَتِ الْعَجُوزُ فَمَنْ أَنْتَ یَرْحَمُكَ اللَّهُ وَ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْنَا بِكَ وَ إِنِّی أُرِیدُ مِنْكَ أَنْ تُوصِلَنَا إِلَی زِیَارَةِ سَیِّدِنَا وَ مَوْلَانَا عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام قَالَ فَتَبَسَّمَ فِی وُجُوهِهِمَا وَ قَالَ لَهُمَا أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ- ارْجِعَا إِلَی أَهْلِكُمَا فَقَدْ قَبِلْتُ زِیَارَتَكُمَا.

ص: 336


1- 1. علی الأرض خ ل.
2- 2. فانك نجوت بنفسك.

قَالَ فَقَامَتِ الْعَجُوزُ وَ الصَّبِیَّةُ وَ قَبَّلَتَا یَدَیْهِ وَ رِجْلَیْهِ وَ انْصَرَفَتَا فِی سُرُورٍ وَ عَافِیَةٍ قَالَ الرَّجُلُ فَأَفَقْتُ مِنْ غَشْوَتِی وَ انْطَلَقَ لِسَانِی فَقُلْتُ لَهُ یَا سَیِّدِی أَنَا تَائِبٌ إِلَی اللَّهِ عَلَی یَدِكَ وَ إِنِّی لَا عُدْتُ أَدْخُلُ فِی مَعْصِیَتِهِ أَبَداً فَقَالَ إِنْ تُبْتَ تَابَ اللَّهُ عَلَیْكَ فَقُلْتُ لَهُ تُبْتُ وَ اللَّهُ عَلَی مَا أَقُولُ شَهِیدٌ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ یَا سَیِّدِی إِنْ تَرَكْتَنِی وَ فِیَّ هَذِهِ الضَّرْبَةُ هَلَكْتُ بِلَا شَكٍّ قَالَ فَرَجَعَ إِلَیَّ وَ أَخَذَ بِیَدِهِ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَی الضَّرْبَةِ وَ مَسَحَ بِیَدِهِ الشَّرِیفَةِ عَلَیْهَا فَالْتَحَمَتْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ زَیْدٌ النَّسَّاجُ فَقُلْتُ لَهُ كَیْفَ الْتَحَمَتْ وَ هَذِهِ حَالُهَا فَقَالَ لِی وَ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ ضَرْبَةً مَهُولَةً أَعْظَمَ مِمَّا تَرَاهَا الْآنَ وَ لَكِنَّهَا بَقِیَتْ مَوْعِظَةً لِمَنْ یَسْمَعُ وَ یَرَی.

توضیح: القناص الصیاد و قال الفیروزآبادی النقف كسر الهامة عن الدماغ أو ضربها أشد ضرب أو برمح أو عصا انتهی (1).

أقول: استعماله فی الظهر علی التوسع و المجاز و لعل المراد بذبال السیف الموضع الذابل أی الدقیق منه و هو رأسه و فی بعض النسخ بالمثناة و هو أیضا كنایة عن رأسه.

تذنیب: اعلم أنه كان فی بعض الأزمان بین المخالفین اختلاف فی موضع قبره الشریف علیه السلام فذهب جماعة من المخالفین إلی أنه دفن فی رحبة مسجد الكوفة و قیل إنه دفن فی قصر الإمارة و قیل إنه أخرجه معه (2) الحسن علیه السلام و حمله معه إلی المدینة و دفنه بالبقیع و كان بعض جهلة الشیعة یزورونه بمشهد فی الكرخ و قد اجتمعت الشیعة علی أنه علیه السلام مدفون بالغری فی الموضع المعروف عند الخاص و العام و هو عندهم من المتواترات رووه خلفا عن سلف إلی أئمة الدین صلوات

ص: 337


1- 1. القاموس 3: 202.
2- 2. ابنه ظ.

اللّٰه علیهم أجمعین و كان السبب فی هذا الاختلاف إخفاء قبره علیه السلام خوفا من الخوارج و المنافقین و كان من لا یعرف ذلك إلا خاص الخاص من الشیعة إلی أن ورد الصادق علیه السلام الحیرة فی زمن السفاح فأظهره لشیعته و من هذا الیوم إلی الآن یزوره كافة الشیعة فی هذا المكان و قد كتب السید عبد الكریم بن أحمد بن طاوس كتابا فی تعیین موضع قبره علیه السلام و رد أقوال المخالفین و سماه فرحة الغری و ذكر فیه أخبارا متواترة فرقناها علی الأبواب.

و قال عبد الحمید بن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة قال أبو الفرج الأصفهانی حدثنی أحمد بن عیسی عن الحسین بن نصر عن زید بن المعدل عن یحیی بن شعیب عن أبی مخنف عن فضل بن جریح عن الأسود الكندی و الأجلح قالا: توفی علی علیه السلام و هو ابن أربع و ستین سنة فی عام أربعین من الهجرة لیلة الأحد لإحدی و عشرین لیلة مضت فی شهر رمضان و ولی غسله ابنه الحسن علیه السلام و عبد اللّٰه بن العباس و كفن فی ثلاثة أثواب لیس فیها قمیص و صلی علیه ابنه الحسن فكبر علیه خمس تكبیرات و دفن فی الرحبة مما یلی أبواب كندة عند صلاة الصبح هذه روایة أبی مخنف قال أبو الفرج و حدثنی أحمد بن سعید عن یحیی بن الحسن العلوی عن یعقوب بن یزید عن ابن أبی عمیر عن الحسن بن علی الحلال عن جده قال قلت للحسین بن علی علیهما السلام أین دفنتم أمیر المؤمنین علیه السلام قال خرجنا به لیلا من منزله حتی مررنا به علی منزل الأشعث حتی خرجنا به (1) إلی الظهر بجنب الغری. قلت و هذه الروایة هی الحق و علیها العمل و قد قلنا فیما تقدم إن أبناء الناس أعرف بقبور آبائهم من غیرهم من الأجانب و هذا القبر الذی بالغری هو الذی كان بنو علی یزورونه قدیما و حدیثا

ص: 338


1- 1. فی المصدر: حتی مررنا علی منزل الاشعث بن قیس ثمّ خرجنا اه.

و یقولون هذا قبر أبینا لا یشك أحد فی ذلك من الشیعة و لا من غیرهم أعنی بنی علی من ظهر الحسن و الحسین و غیرهما من سلالته المتقدمین منهم و المتأخرین ما زاروا و لا وقفوا إلا علی هذا القبر بعینه.

و قد روی أبو الفرج علی بن عبد الرحمن الجوزی (1) عن أبی الغنائم قال: مات بالكوفة ثلاثمائة صحابی لیس قبر أحد منهم معروفا إلا قبر أمیر المؤمنین علیه السلام و هو القبر الذی تزوره (2) الناس الآن جاء جعفر بن محمد و أبوه محمد بن علی بن الحسین علیهم السلام فزاراه و لم یكن إذ ذاك قبر ظاهر و إنما كان به شیوخ أیضا حتی جاء محمد بن زید الداعی صاحب الدیلم فأظهر القبة انتهی كلامه (3). و سیأتی تمام القول فی ذلك فی كتاب المزار.

هذا آخر المجلد التاسع من كتاب بحار الأنوار ختم علی یدی مؤلفه ختم اللّٰه له بالحسنی و حشره مع موالیه أئمة الهدی فی سادس شهر ربیع الثانی من شهور سنة تسع و سبعین بعد الألف من الهجرة المقدسة النبویة علیه و آله ألف ألف ألف صلاة و تحیة.

ص: 339


1- 1. كذا فی النسخ: و الصحیح كما فی المصدر: أبو الفرج عبد الرحمن بن علی الجوزی.
2- 2. فی المصدر: یزوره.
3- 3. شرح النهج: 69 و 70.

مراجع التصحیح و التخریج و التعلیق

بسم اللّٰه الرحمن الرحیم

الحمد للّٰه ربّ العالمین و الصلاة و السلام علی سیّدنا محمّد و آله الطاهرین و لعنة اللّٰه علی أعدائهم أجمعین.

و بعد: فإنّ اللّٰه المنّان قد وفّقنا لتصحیح هذا الجزء و هو الجزء الثامن آخر أجزاء المجلّد التاسع من الأصل و الجزء الثانی و الأربعون حسب تجزءتنا- من كتاب بحار الأنوار و تخریج أحادیثه و مقابلتها علی ما بأیدینا من المصادر و بذلنا فی ذلك غایة جهدنا علی ما یراه المطالع البصیر و قد راجعنا فی تصحیح الكتاب و تحقیقه و مقابلته نسخاً مطبوعة و مخطوطة إلیك تفصیلها:

«1»- النسخة المطبوعة بطهران فی سنة 1307 بأمر الواصل إلی رحمة اللّٰه و غفرانه الحاجّ محمّد حسن الشهیر ب «كمپانیّ» و رمزنا إلی هذه النسخة ب (ك) و هی تزید علی جمیع النسخ التی عندنا كما أشار إلیه العلّامة الفقید الحاجّ میرزا محمّد القمیّ قدّس سرّه المتصدّی لتصحیحها فی خاتمة الكتاب، فجعلنا الزیادات التی وقفنا علیها بین معقوفین هكذا [...] و ربّما أشرنا إلیها فی ذیل الصفحات.

«2»- النسخة المطبوعة بتبریز فی سنة 1297 بأمر الفقید السعید الحاجّ إبراهیم التبریزیّ و رمزنا إلیها ب (ت).

«3»- نسخة مخطوطة نفیسة ناقصة من أولها تاریخ كتابتها 1091 و هذه النسخة تفضل بارسالها الحاج السید جعفر الموسوی الخوانساری ابن سماحة آیة اللّٰه الحاج السید أحمد الخوانساری دامت بركاته و رمزنا إلیها ب (خ).

«4»- نسخة كاملة مخطوطة بخطّ النسخ الجیّد علی قطع كبیر تاریخ كتابتها 1280 و رمزنا إلیها ب (م).

و هذه النسخة المخطوطة لمكتبة العالم البارع الأستاذ السیّد جلال الدین

ص: 340

الأرمویّ الشهیر بالمحدّث لا زال موفّقاً لمرضاة اللّٰه.

و قد اعتمدنا فی تخریج أحادیث الكتاب و ما نقلناه المصنّف فی بیاناته أو ما علّقناه و ذیّلناه فی فهم غرائب ألفاظه و مشكلاته علی كتب أوعزنا إلیها فی المجلّد الحادی و الأربعین لا نطیل الكلام بذكرها هنا فمن أرادها فلیرجع هناك.

فنسأل اللّٰه التوفیق لإنجاز هذا المشروع و نرجو من فضله أن یجعله ذخرا لنا لیوم تشخص فیه الأبصار. رمضان المبارك 1383

یحیی العابدیّ الزنجانیّ

توضیح و اعتذار

قد طبع فی صفحة- ح من مقدّمة الأجزاء 39 و 41 تحت رقم 72 أنّ فروع الكافی الذی كان مرجعنا عند التخریج هو طبعة القدیمة 1312 ه و لیس كذلك و إنّما اعتمدنا علی طبعته القدیمة حین طبع الأجزاء 35- 38 لأنّ طبعته الحدیثة لم تكمل أجزاؤها بعد، و أمّا بعد أن كمل أجزاؤها و كان ذلك باشراف شقیقنا الفاضل علیّ أكبر الغفاریّ صار مرجعنا فی الجزء 39 إلی آخر الكتاب طبعته الحدیثة كما صرّحنا بذلك فی ذیل الكتاب عند تعیین صفحاتها فتذكّر.

ص: 341

كلمة المصحّح

بسمه تعالی و له الحمد

انتهی الجزء الثانی و الأربعون من كتاب «بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار» من هذه الطبعة النفیسة و به تمّ أجزاء المجلّد التاسع فی تاریخ أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه حسب تجزءة المصنّف أعلی اللّٰه مقامه.

و لقد بذلنا الجهد عند الطبع فی التصحیح و المقابلة طبقا للنسخة التی صحّحها الفاضل المكرّم الشیخ یحیی العابدیّ بما فیها من التعلیق و التنمیق و اللّٰه ولیّ التوفیق.

محمد باقر البهبودی.

ص: 342

فهرس ما فی هذا الجزء من الأبواب

الموضوع/ الصفحه

الباب 115 ما ظهر فی المنامات من كراماته و مقاماته و درجاته صلوات اللّٰه علیه و فیه بعض النوادر 16- 1

الباب 116 جوامع معجزاته صلوات اللّٰه علیه و نوادرها 50- 17

الباب 117 ما ورد من غرائب معجزاته علیه السلام بالأسانید الغریبة 56- 50

أبواب ما یتعلق به و من ینتسب إلیه

الباب 118 أسلحته و ملابسه و مراكبه و لواؤه و سائر ما یتعلق به صلوات اللّٰه علیه من أشباه ذلك 71- 57

الباب 119 صدقاته و موالیه علیه السلام 74- 71

الباب 120 أحوال أولاده و أزواجه و أمّهات أولاده صلوات اللّٰه علیه و فیه بعض الردّ علی الكیسانیّة 110- 74

الباب 121 أحوال إخوانه و عشائره صلوات اللّٰه علیه 121- 110

الباب 122 أحوال رشید الهجریّ و میثم التمّار و قنبر رضی اللّٰه عنهم أجمعین 140- 121

الباب 123 حال الحسن البصریّ 144- 141

الباب 124 أحوال سائر أصحابه علیه السلام و فیه أحوال عبد اللّٰه بن العباس 185- 145

الباب 125 النوادر 189- 186

ص: 343

أبواب وفاته صلوات اللّٰه علیه

الباب 126 إخبار الرسول صّلی الّله علیه و آله بشهادته و إخباره صلوات اللّٰه علیه بشهادة نفسه 199- 190

الباب 127 كیفیّة شهادته علیه السلام و وصیّته و غسله و الصلاة علیه و دفنه 301- 199

الباب 128 ما وقع بعد شهادته علیه السلام و أحوال قاتله لعنه اللّٰه 311- 302

الباب 129 ما ظهر عند الضریح المقدس من المعجزات و الكرامات 339- 311

ص: 344

رموز الكتاب

ب: لقرب الإسناد.

بشا: لبشارة المصطفی.

تم: لفلاح السائل.

ثو: لثواب الأعمال.

ج: للإحتجاج.

جا: لمجالس المفید.

جش: لفهرست النجاشیّ.

جع: لجامع الأخبار.

جم: لجمال الأسبوع.

جُنة: للجُنة.

حة: لفرحة الغریّ.

ختص: لكتاب الإختصاص.

خص: لمنتخب البصائر.

د: للعَدَد.

سر: للسرائر.

سن: للمحاسن.

شا: للإرشاد.

شف: لكشف الیقین.

شی: لتفسیر العیاشیّ

ص: لقصص الأنبیاء.

صا: للإستبصار.

صبا: لمصباح الزائر.

صح: لصحیفة الرضا علیه السلام

ضا: لفقه الرضا علیه السلام

ضوء: لضوء الشهاب.

ضه: لروضة الواعظین.

ط: للصراط المستقیم.

طا: لأمان الأخطار.

طب: لطبّ الأئمة.

ع: لعلل الشرائع.

عا: لدعائم الإسلام.

عد: للعقائد.

عدة: للعُدة.

عم: لإعلام الوری.

عین: للعیون و المحاسن.

غر: للغرر و الدرر.

غط: لغیبة الشیخ.

غو: لغوالی اللئالی.

ف: لتحف العقول.

فتح: لفتح الأبواب.

فر: لتفسیر فرات بن إبراهیم.

فس: لتفسیر علیّ بن إبراهیم.

فض: لكتاب الروضة.

ق: للكتاب العتیق الغرویّ

قب: لمناقب ابن شهر آشوب.

قبس: لقبس المصباح.

قضا: لقضاء الحقوق.

قل: لإقبال الأعمال.

قیة: للدُروع.

ك: لإكمال الدین.

كا: للكافی.

كش: لرجال الكشیّ.

كشف: لكشف الغمّة.

كف: لمصباح الكفعمیّ.

كنز: لكنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة معا.

ل: للخصال.

لد: للبلد الأمین.

لی: لأمالی الصدوق.

م: لتفسیر الإمام العسكریّ علیه السلام

ما: لأمالی الطوسیّ.

محص: للتمحیص.

مد: للعُمدة.

مص: لمصباح الشریعة.

مصبا: للمصباحین.

مع: لمعانی الأخبار.

مكا: لمكارم الأخلاق.

مل: لكامل الزیارة.

منها: للمنهاج.

مهج: لمهج الدعوات.

ن: لعیون أخبار الرضا علیه السلام

نبه: لتنبیه الخاطر.

نجم: لكتاب النجوم.

نص: للكفایة.

نهج: لنهج البلاغة.

نی: لغیبة النعمانیّ.

هد: للهدایة.

یب: للتهذیب.

یج: للخرائج.

ید: للتوحید.

یر: لبصائر الدرجات.

یف: للطرائف.

یل: للفضائل.

ین: لكتابی الحسین بن سعید او لكتابه و النوادر.

یه: لمن لا یحضره الفقیه.

ص: 345

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.