بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 33

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 33: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب الفتن و المحن

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

الفهرس

الموضوع/ الصفحه

الباب الثالث عشر باب شهادة عمار رضی اللّٰه عنه و ظهور بغی الفئة الباغیة بعد ما كان أبین من الشمس الضاحیة و شهادة غیره من أتباع الأئمة الهادیة 7

الباب الرابع عشر باب ما ظهر من إعجازه علیه السلام فی بلاد صفّین و سائر ما وقع فیها من النوادر 39

الباب الخامس عشر باب ما جری بین معاویة و عمرو بن العاص فی [التحامل علی] علیّ علیه السلام 49

الباب السادس عشر باب كتبه علیه السلام إلی معاویة و احتجاجاته علیه و مراسلاته إلیه و إلی أصحابه 57

الباب السابع عشر باب ما ورد فی معاویة و عمرو بن العاص و أولیائهما و قد مضی بعضها فی باب مثالب بنی أمیّة 161

الباب الثامن عشر باب ما جری بینه علیه السلام و بین عمرو بن العاص لعنه اللّٰه و بعض أحواله 221

الباب التاسع عشر باب نادر 233

الباب العشرون باب نوادر الاحتجاج علی معاویة 241

الباب الواحد و العشرون باب بدو قصّةالتحكیم و الحكمین و حكمهما بالجور رأی العین 297

الباب الثانی و العشرون باب إخبار النبیّ صّلی الّله علیه و آله بقتال الخوارج و كفرهم 325

الباب الثالث و العشرون باب قتال الخوارج و احتجاجاته صلوات اللّٰه علیه 343

الباب الرابع و العشرون باب سائر ما جری بینه و بین الخوارج سوی وقعة النهروان 405

الباب الخامس و العشرون باب إبطال مذهب الخوارج و احتجاجات الأئمة علیهم السلام و أصحابهم علیهم 421

ص: 5

الباب السادس و العشرون باب ما جری بینه صلوات اللّٰه علیه و بین ابن الكواء و أضرابه لعنهم اللّٰه و حكم قتال الخوارج بعده علیه السلام 429

الباب السابع و العشرون باب ما ظهر من معجزاته بعد رجوعه صلوات اللّٰه علیه من قتال الخوارج 437

الباب الثامن و العشرون باب سیرة أمیر المؤمنین علیه السلام فی حروبه 441

الباب التاسع و العشرون باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام و وصایاه إلی عمّاله و أمراء أجناده 465

أبواب الأمور و الفتن الحادثة بعد الرجوع عن قتال الخوارج

الباب الثلاثون باب الفتن الحادثة بمصر و شهادة محمد بن أبی بكر و مالك الأشتر رضی اللّٰه عنهما و بعض فضائلهما و أحوالهما و عهود أمیر المؤمنین علیه السلام إلیها 533

ص: 6

تتمة أبواب ما جری بعد قتل عثمان من الفتن و الوقائع و الحروب و غیرها

باب 13 باب شهادة عمار رضی اللّٰه عنه و ظهور بغی الفئة الباغیة بعد ما كان أبین من الشمس الضاحیة و شهادة غیره من أتباع الأئمة الهادیة

«364»-(1)ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُ خَلْقٍ كَثِیرٍ وَ قَالُوا قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَمَّارٌ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ هَاجَ النَّاسُ وَ اضْطَرَبُوا قَالَ لِمَا ذَا قَالَ قُتِلَ عَمَّارٌ قَالَ فَمَا ذَا قَالَ أَ لَیْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ دُحِضْتَ فِی قَوْلِكَ أَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ لَمَّا أَلْقَاهُ بَیْنَ رِمَاحِنَا فَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ فَإِذًا رَسُولُ اللَّهِ

ص: 7


1- 364- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی آخر عنوان: «احتجاجه [أی] أمیر المؤمنین علیه السلام علی معاویة ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 181.

صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ الَّذِی قَتَلَ حَمْزَةَ وَ أَلْقَاهُ بَیْنَ رِمَاحِ الْمُشْرِكِینَ.

«365»-(1)لی، الأمالی للصدوق ابْنُ مُوسَی عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ النَّخَعِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ مَسْعُودٍ الْمُلَائِیِّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: أَبْصَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَجُلَیْنِ یَخْتَصِمَانِ فِی رَأْسِ عَمَّارٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَقُولُ هَذَا أَنَا قَتَلْتُهُ وَ یَقُولُ هَذَا أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ ابْنُ عَمْرٍو یَخْتَصِمَانِ أَیُّهُمَا یَدْخُلُ النَّارَ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ قَاتِلُهُ وَ سَالِبُهُ فِی النَّارِ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ مَا نَحْنُ قَتَلْنَاهُ وَ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ یَلْزَمُهُ عَلَی هَذَا أَنْ یَكُونَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَاتِلَ حَمْزَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَاتِلَ الشُّهَدَاءِ مَعَهُ لِأَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ الَّذِی جَاءَ بِهِمْ.

«366»-(2)لی، الأمالی للصدوق وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ بِلَالِ بْنِ یَحْیَی الْعَبْسِیِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ (3)

ص: 8


1- 365- رواهما الشیخ الصدوق قدس اللّٰه نفسه فی الحدیث: 7 و 8 من المجلس: 63 من أمالیه ص 330.
2- 366- رواهما الشیخ الصدوق قدس اللّٰه نفسه فی الحدیث: 7 و 8 من المجلس: 63 من أمالیه ص 330.
3- هذا هو الصواب، و هاهنا وقع التصحیف فی مطبوعة الأمالی و ط الكمبانیّ من البحار، فصحف لفظ «عثمان» ب «عمار». و الدلیل علی التصحیف أن حذیفة رفع اللّٰه مقامه توفی قبل شهادة عمّار قدس اللّٰه نفسه نحوا من سنة فإنّه كان مریضا حینما بایع الناس أمیر المؤمنین علیه السلام بعد مهلك عثمان، و لما بلغه كتاب أمیر المؤمنین علیه السلام أمر فحمل إلی المسجد فخطب الناس و أخذ بیعة الامام منهم و أكد علیهم اللحوق به و نصرته و بقی إلی أیام خروج طلحة و الزبیر إلی البصرة و توفی بعده بقلیل، و ممّا یدلّ علی ذلك ما: رواه ابن عساكر فی ترجمة عمّار رضوان اللّٰه علیه من تاریخ دمشق: ج 11 ص 81 قال: أخبرنا أبو القاسم السمرقندی أنبأنا أبو القاسم بن البسری و أبو طاهر القصاری و أبو محمّد و أبو الغنائم ابنا علی و أبو الحسین العاصمی و أبو عبد اللّٰه النعالی قالوا: أنبأنا أبو عمر، أنبأنا أبو بكر، أنبأنا جدی أنبأنا الفضل بن دكین، أنبأنا عیسی- یعنی ابن عبد الرحمن السلمی- حدّثنی سیار أبو الحكم عن رجل قد سماه قال: قال بنو عبس لحذیفة: إن أمیر المؤمنین عثمان قد قتل فما تأمرنا؟ قال: الزموا عمارا. قالوا إن عمارا لا یفارق علیا!! قال: إن الحسد هو أهلك الحسد؛ و إنّما ینفركم من عمّار قربه من علی؟! فو اللّٰه لعلی أفضل من عمّار أبعد ما التراب و السحاب و إن عمارا لمن الأخیار. و رواه أیضا الهیثمی فی كتاب مجمع الزوائد: ج 7 ص 243 و قال: رواه الطبرانی و رجاله ثقات. و رواه أیضا الحافظ ابن عساكر فی الحدیث: 1196 من ترجمة أمیر المؤمنین من تاریخ دمشق: ج 3 ص 177، ط 2 و ذكرنا له فی تعلیقه شواهد.

أَتَوْا حُذَیْفَةَ فَقَالُوا یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُتِلَ هَذَا الرَّجُلُ وَ قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فَمَا تَقُولُ قَالَ أَمَّا إِذَا أَتَیْتُمْ فَأَجْلِسُونِی قَالَ فَأَسْنَدُوهُ إِلَی صَدْرِ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَبُو الْیَقْظَانِ عَلَی الْفِطْرَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَنْ یَدَعَهَا حَتَّی یَمُوتَ.

«367»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمُقْرِی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ عَنْ مُوسَی بْنِ قَیْسٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ یَقُولُ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَی صِفِّینَ اللَّهُمَّ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَی لَكَ أَنْ أَرْمِیَ بِنَفْسِی مِنْ فَوْقِ هَذَا الْجَبَلِ لَرَمَیْتُ بِهَا وَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَی لَكَ أَنْ أُوقِدَ لِنَفْسِی نَاراً فَأُوقَعَ فِیهَا لَفَعَلْتُ وَ إِنِّی لَا أُقَاتِلُ الشَّامَ إِلَّا وَ أَنَا أُرِیدُ بِذَلِكَ وَجْهَكَ وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ لَا تُخَیِّبَنِی وَ أَنَا

ص: 9


1- 367- رواه شیخ الطائفة فی الحدیث: 48 من الجزء 6 من أمالیه ص 180. و رواه أیضا أبو مخنف قال: حدّثنی عبد الملك بن أبی حرة الحنفیّ أن عمّار بن یاسر خرج إلی الناس فقال: اللّٰهمّ إنك تعلم أنی لو أعلم أن رضاك فی أن أقذف بنفسی فی هذا البحر لفعلته. اللّٰهمّ إنك تعلم أنی لو أعلم أن رضاك فی أن أضع ظبة سیفی فی صدری ثمّ انحنی علیه حتّی تخرج من ظهری لفعلت، و إنّی لا أعلم الیوم عملا هو أرضی لك من جهاد هؤلاء الفاسقین، و لو أعلم أن عملا من الاعمال هو أرضی لك منه لفعلته. هكذا رواه عنه الطبریّ فی عنوان: «مقتل عمار ...» من تاریخ الأمم و الملوك: ج 1، ص 3317، و فی ط ج 4 ص 26 و فی ط: ج 5 ص 38. و رواه أیضا محمّد بن عبد اللّٰه الاسكافی المعتزلی المتوفی 240 فی كتاب المعیار و الموازنة ص 136.

أُرِیدُ وَجْهَكَ الْكَرِیمَ.

«368»-(1)ص، قصص الأنبیاء علیهم السلام الصَّدُوقُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی حَاتِمٍ عَنْ عُمَرَ الْأَوْدِیِّ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَوْمَ صِفِّینَ ائْتُونِی بِشَرْبَةِ لَبَنٍ فَأُتِیَ فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ آخِرَ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْیَا شَرْبَةُ لَبَنٍ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقُتِلَ فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ بِسَیْفِهِ فَقَاتَلَ وَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَقْتُلُ عَمَّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ قَاتِلُهُ فِی النَّارِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ.

«369»-(2)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ عَمَّارٌ یَنْقُلُ اللَّبِنَ بِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ صَدْرِهِ وَ یَقُولُ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

«370»-(3)قب، المناقب لابن شهرآشوب: كثر أصحاب الحدیث علی شریك و طالبوه بأنه یحدثهم بقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله تقتلك الفئة الباغیة فغضب و قال أ تدرون أن لا فخر لعلی أن یقتل معه عمار إنما الفخر لعمار أن یقتل مع علی علیه السلام.

«371»-(4)كش، رجال الكشی ابْنُ قُتَیْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ مَا تَقُولُ فِی عَمَّارٍ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ عَمَّاراً كَرَّرَ هَذَا ثَلَاثاً قَاتَلَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قُتِلَ

ص: 10


1- 368- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی كتاب قصص الأنبیاء، و لكن الكتاب لم یصل إلینا بعد.
2- 369- رواه القطب الراوندیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الخرائج.
3- 370- رواه ابن شهر أشوب فی مناقب آل أبی طالب.
4- 371- رواه الكشّیّ رحمه اللّٰه فی ترجمة عمّار تحت الرقم: 3 من تلخیص رجاله ص 31.

شَهِیداً قَالَ قُلْتُ فِی نَفْسِی مَا تَكُونُ مَنْزِلَةٌ أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ لَعَلَّكَ تَقُولُ مِثْلُ الثَّلَاثَةِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ قَالَ قُلْتُ وَ مَا عِلْمُهُ أَنَّهُ یُقْتَلُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا رَأَی الْحَرْبَ لَا یَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً وَ الْقَتْلَ لَا یَزْدَادُ إِلَّا كَثْرَةً تَرَكَ الصَّفَّ وَ جَاءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هُوَ هُوَ قَالَ ارْجِعْ إِلَی صَفِّكَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ لَهُ ارْجِعْ إِلَی صَفِّكَ فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِی الثَّالِثَةِ قَالَ لَهُ نَعَمْ فَرَجَعَ إِلَی صَفِّهِ وَ هُوَ یَقُولُ

الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ***مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ

بیان:

الثلاثة سلمان و أبو ذر و مقداد رضی اللّٰه عنهم قوله هو هو أی هذا وقت الوعد الذی وعدت من الشهادة.

«372»- كش، رجال الكشی خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ قَیْسَ بْنَ أَبِی حَازِمٍ قَالَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ ادْفِنُونِی فِی ثِیَابِی فَإِنِّی مُخَاصِمٌ.

توضیح:

أی إنی أرید أن أخاصم قاتلی عند اللّٰه فلا تسلبونی ثیابی لتكون لی شاهدا و حجة أو هو كنایة عن الشهادة بالحق فإنه یلزمه المخاصمة أی إنی شهید حقیقة و حكمه أن یدفن بثیابه.

«373»- كش، رجال الكشی خَلَفٌ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ حَبِیبٍ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: أُتِیَ عَمَّارٌ یَوْمَئِذٍ بِلَبَنٍ فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آخِرُ شَرَابٍ تَشْرَبُهُ مِنَ الدُّنْیَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ حَتَّی تَمُوتَ فِی خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدُّنْیَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ.

ص: 11

توضیح:

المذقة بالفتح و الضم اللبن الممذوق أی المخلوط بالماء قال فی النهایة المذق المزج و الخلط یقال مذقت اللبن فهو مذیق إذا خلطته بالماء و المذقة الشربة من اللبن الممذوق و الضیاح بالفتح أیضا اللبن الرقیق الممزوج بالماء.

«374»-(1)كش، رجال الكشی خَلَفٌ عَنِ الْفَتْحِ بْنِ عَمْرٍو الْوَرَّاقِ عَنْ یَزِیدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ مَسْعَدَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَیْلِدٍ قَالَ: إِنِّی لَجَالِسٌ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلَانِ یَخْتَصِمَانِ فِی رَأْسِ عَمَّارٍ یَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لِیَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمْ نَفْساً لِصَاحِبِهِ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَا تُغْنِی عَنَّا بِجُنُونِكَ یَا ابْنَ عَمْرٍو فَمَا بَالُكَ مَعَنَا قَالَ إِنِّی مَعَكُمْ وَ لَسْتُ أُقَاتِلُ إِنَّ أَبِی شَكَانِی إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَیّاً وَ لَا تَعْصِهِ فَإِنِّی مَعَكُمْ وَ لَسْتُ أُقَاتِلُ.

بیان:

قال فی النهایة یقال أغن عنی شرك أی اصرفه و كفه.

«375»-(2)كشف، كشف الغمة فِی هَذَا الْحَرْبِ قُتِلَ أَبُو الْیَقْظَانِ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَدْ تَظَاهَرَتِ الرِّوَایَاتُ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ جِلْدَةُ بَیْنِ عَیْنَیَّ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

وَ فِی صَحِیحِ مُسْلِمٍ (3)عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ

ص: 12


1- 374- نفس الهامش رقم 371.
2- 375- رواه الاربلی رحمه اللّٰه فی أواخر ما ذكره فی حرب صفّین من كتاب كشف الغمّة: ج 1، ص 258- 261 ط بیروت.
3- 3 رواه مسلم بأسانید فی الباب. 18 من كتاب الفتن و أشراط الساعة تحت الرقم: 2915 و ما بعده من صحیحه: ج 4 ص 2235. و رواه أیضا بأسانید النسائی فی الحدیث: 157 و ما بعده من كتاب خصائص أمیر المؤمنین علیه السلام و علقنا علیه أیضا عن مصادر كثیرة.

لِعَمَّارٍ یَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ وَ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِی أَنْ أَقْذِفَ بِنَفْسِی فِی هَذَا الْبَحْرِ لَفَعَلْتُهُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَوْ أَنِّی أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِی أَنْ أَضَعَ ظُبَةَ سَیْفِی فِی بَطْنِی ثُمَّ أَنْحَنِیَ عَلَیْهَا حَتَّی تَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِی لَفَعَلْتُ وَ إِنِّی لَا أَعْلَمُ الْیَوْمَ عَمَلًا أَرْضَی لَكَ مِنْ جِهَادِ هَؤُلَاءِ الْفَاسِقِینَ وَ لَوْ أَعْلَمُ عَمَلًا هُوَ أَرْضَی لَكَ مِنْهُ لَفَعَلْتُهُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَی قَوْماً لَیَضْرِبُنَّكُمْ ضَرْباً یَرْتَابُ مِنْهُ الْمُبْطِلُونَ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی بَلَّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ (1)ثُمَّ قَالَ مَنْ یَبْتَغِی رِضْوَانَ رَبِّهِ فلا [لَا] یَرْجِعُ إِلَی مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ فَأَتَاهُ عِصَابَةٌ فَقَالَ اقْصِدُوا بِنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِینَ یَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ اللَّهِ مَا أَرَادُوا الطَّلَبَ بِدَمِهِ وَ لَكِنَّهُمْ ذَاقُوا الدُّنْیَا وَ اسْتَحْقَبُوهَا وَ عَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ إِذَا لَزِمَهُمْ حَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَا یَتَمَرَّغُونَ فِیهِ مِنْهَا وَ لَمْ یَكُنْ لَهُمْ سَابِقَةٌ یَسْتَحِقُّونَ بِهَا طَاعَةَ النَّاسِ وَ الْوَلَایَةَ عَلَیْهِمْ فَخَدَعُوا أَتْبَاعَهُمْ بِأَنْ قَالُوا إِمَامُنَا قُتِلَ مَظْلُوماً لِیَكُونُوا بِذَلِكَ جَبَابِرَةً وَ مُلُوكاً فَبَلَغُوا مَا تَرَوْنَ وَ لَوْ لَا هَذِهِ الشُّبْهَةُ مَا تَبِعَهُمْ رَجُلَانِ مِنَ النَّاسِ اللَّهُمَّ إِنْ تَنْصُرْنَا فَطَالَ مَا نَصَرْتَ وَ إِنْ تَجْعَلْ لَهُمُ الْأَمْرَ فَادَّخِرْ لَهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا فِی عِبَادِكَ الْعَذَابَ الْأَلِیمَ ثُمَّ مَضَی وَ مَعَهُ الْعِصَابَةُ فَكَانَ لَا یَمُرُّ بِوَادٍ مِنْ أَوْدِیَةِ صِفِّینَ إِلَّا تَبِعَهُ مَنْ كَانَ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ جَاءَ إِلَی هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی الْوَقَّاصِ وَ هُوَ الْمِرْقَالُ وَ كَانَ صَاحِبَ رَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا هَاشِمُ أَ عَوَراً وَ جُبْناً لَا خَیْرَ فِی أَعْوَرَ لَا یَغْشَی

ص: 13


1- 1 و رواه أیضا محمّد بن عبد اللّٰه الاسكافی المتوفی عام: 240 فی كتاب المعیار و الموازنة ص 136، ط 1.

النَّاسَ ارْكَبْ یَا هَاشِمُ فَرَكِبَ وَ مَضَی مَعَهُ وَ هُوَ یَقُولُ:

أَعْوَرُ یَبْغِی أَهْلَهُ مَحَلًّا***قَدْ عَالَجَ الْحَیَاةَ حَتَّی مَلَّا

وَ عَمَّارٌ یَقُولُ: تَقَدَّمْ یَا هَاشِمُ الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّیُوفِ وَ الْمَوْتُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْأَسَلِ وَ قَدْ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ زُیِّنَتِ الْحُورُ الْعِینُ

الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ***مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ

وَ تَقَدَّمَ حَتَّی دَنَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ یَا عَمْرُو بِعْتَ دِینَكَ بِمِصْرَ تَبّاً لَكَ تَبّاً لَكَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ قَالَ لَهُ هَیْهَاتَ أَشْهَدُ عَلَی عِلْمِی فِیكَ أَنَّكَ لَا تَطْلُبُ بِشَیْ ءٍ مِنْ فِعْلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَی وَ إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُقْتَلِ الْیَوْمَ تَمُتْ غَداً فَانْظُرْ إِذَا أُعْطِیَ النَّاسُ عَلَی قَدْرِ نِیَّاتِهِمْ مَا نِیَّتُكَ لِغَدٍ فَإِنَّكَ صَاحِبُ هَذِهِ الرَّایَةِ ثَلَاثاً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ مَا هِیَ بِأَبَرَّ وَ لَا أَتْقَی ثُمَّ قَاتَلَ عَمَّارٌ وَ لَمْ یَرْجِعْ وَ قُتِلَ قَالَ حَبَّةُ بْنُ جُوَیْنٍ الْعُرَنِیُّ قُلْتُ لِحُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ حَدِّثْنَا فَإِنَّا نَخَافُ الْفِتَنَ فَقَالَ عَلَیْكُمْ بِالْفِئَةِ الَّتِی فِیهَا ابْنُ سُمَیَّةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ النَّاكِبَةُ عَنِ الطَّرِیقِ وَ إِنَّ آخِرَ رِزْقِهِ ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ قَالَ حَبَّةُ فَشَهِدْتُهُ یَوْمَ قُتِلَ یَقُولُ ائْتُونِی بِآخِرِ رِزْقٍ لِی مِنَ الدُّنْیَا فَأُتِیَ بِضَیَاحٍ مِنْ لَبَنٍ فِی قَدَحٍ أُرْوِحَ بِحَلْقَةٍ حَمْرَاءَ فَمَا أَخْطَأَ حُذَیْفَةُ مِقْیَاسَ شَعْرَةٍ فَقَالَ:

الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ***مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ

وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی بَلَّغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْتُ أَنَّنَا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ ثُمَّ قُتِلَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قِیلَ قَتَلَهُ أَبُو الْعَادِیَةِ وَ اجْتَزَّ رَأْسَهُ ابْنُ جوی السَّكْسَكِیُّ وَ كَانَ ذُو الْكَلَاعِ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ آخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ.

ص: 14

وَ نُقِلْتُ مِنْ مَنَاقِبِ الْخُوارَزْمِیِّ (1)قَالَ: شَهِدَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِیُّ الْجَمَلَ وَ هُوَ لَا یَسُلُّ سَیْفاً وَ صِفِّینَ وَ قَالَ لَا أُصَلِّی أَبَداً خَلْفَ إِمَامٍ حَتَّی یُقْتَلَ عَمَّارٌ فَأَنْظُرَ مَنْ یَقْتُلُهُ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ قَالَ فَلَمَّا قُتِلَ عَمَّارٌ قَالَ خُزَیْمَةُ قَدْ حَانَتْ لِیَ الصَّلَاةُ ثُمَّ اقْتَرَبَ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ وَ كَانَ الَّذِی قَتَلَ عَمَّاراً أَبُو عَادِیَةَ الْمُرِّیُّ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ فَسَقَطَ وَ كَانَ یَوْمَئِذٍ یُقَاتِلُ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَ تِسْعِینَ سَنَةً فَلَمَّا وَقَعَ أَكَبَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ فَاجْتَزَّ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَا یَخْتَصِمَانِ كِلَاهُمَا یَقُولُ أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ اللَّهِ إِنْ یَخْتَصِمَانِ إِلَّا فِی النَّارِ فَسَمِعَهَا مُعَاوِیَةُ فَقَالَ لِعَمْرٍو وَ مَا رَأَیْتُ مِثْلَ مَا صَنَعْتَ قَوْمٌ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ دُونَنَا تَقُولُ لَهُمَا إِنَّكُمَا تَخْتَصِمَانِ فِی النَّارِ فَقَالَ عَمْرٌو هُوَ وَ اللَّهِ ذَلِكَ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُهُ وَ لَوَدِدْتُ أَنِّی مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِینَ سَنَةً.

وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: كُنَّا نُعَمِّرُ الْمَسْجِدَ وَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَ عَمَّارٌ لَبِنَتَیْنِ لَبِنَتَیْنِ فَرَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِ عَمَّارٍ وَ یَقُولُ یَا عَمَّارُ أَ لَا تَحْمِلُ كَمَا یَحْمِلُ أَصْحَابُكَ قَالَ إِنِّی أُرِیدُ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَی قَالَ فَجَعَلَ یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَ یَقُولُ وَیْحَكَ تَقْتُلُكَ

ص: 15


1- 1 رواه الخوارزمی بسنده عن البیهقیّ عن الحاكم فی الحدیث: 6 من الفصل 3 من الفصل 16 من كتاب مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام ص 123. و رواه الحاكم فی مناقب عمار، و بسند آخر فی مناقب خزیمة بن ثابت ذی الشهادتین من كتاب مناقب الصحابة من المستدرك: ج 3 ص 385 و 397 و لم یصرح بصحة الحدیثین. و سند الحدیث ضعیف، و لا یظن بمثل خزیمة أن لا یبصر نور شمس الحق و الحقیقة علیّ بن أبی طالب، و یستدل علیه و یهتدی به بواسطة نور عمّار قدس اللّٰه نفسه، و لا تنافی بین عرفانه الحق أولا و بین جدیته فی محاربة المردة بعد شهادة عمّار إذ هذه شأن كل مؤمن و لا یختص به.

الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ تَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَكَ إِلَی النَّارِ وَ قَالَ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ أَظُنُّهُ قَالَ مِنَ الْفِتَنِ.

قال أحمد بن الحسین البیهقی و هذا صحیح علی شرط البخاری.

وَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِأَبِیهِ عَمْرٍو حِینَ قُتِلَ عَمَّارٌ أَ قَتَلْتُمْ عَمَّاراً وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِیَةَ أَ تَسْمَعُ مَا یَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ وَ سَمِعَهُ أَهْلُ الشَّامِ فَقَالُوا إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ فَبَلَغَتْ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ إِذاً یَكُونُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله قَاتِلَ حَمْزَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ جَاءَ بِهِ.

وَ نُقِلْتُ عَنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ (1)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِنِّی لَأَسِیرُ مَعَ مُعَاوِیَةَ فِی مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفِّینَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو یَا أَبَتِ أَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَمَّارٍ وَیْحَكَ یَا ابْنَ سُمَیَّةَ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِیَةَ أَ لَا تَسْمَعُ مَا یَقُولُ هَذَا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا یَزَالُ یَأْتِینَا بِهَنَةٍ أَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ الَّذِینَ جَاءُوا بِهِ.

وَ مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَیْضاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَیْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: مَا زَالَ جَدِّی كَافَأَ سِلَاحَهُ یَوْمَ الْجَمَلِ حَتَّی قُتِلَ عَمَّارٌ بِصِفِّینَ فَسَلَّ سَیْفَهُ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَقْتُلُ عَمَّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

وَ مِنَ الْمُسْنَدِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ عَمَّاراً اسْتَأْذَنَ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ الطَّیِّبُ الْمُطَیَّبُ ائْذَنْ لَهُ.

وَ مِنَ الْمَنَاقِبِ (2)عَنْ عَلْقَمَةَ وَ الْأَسْوَدِ قَالا أَتَیْنَا أَبَا أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیَّ فَقُلْنَا

ص: 16


1- 1 و انظر مسند خزیمة بن ثابت من مسند أحمد: ج 5 ص 213، و باب مناقب عمّار من المستدرك: ج 3 ص 385.
2- 2 رواه الخوارزمی فی ح 9 من الفصل المتقدم الذكر من المناقب ص 124.

یَا أَبَا أَیُّوبَ إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَكَ بِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذْ أَوْحَی إِلَی رَاحِلَتِهِ فَبَرَكَتْ عَلَی بَابِكَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ضَیْفاً لَكَ فَضِیلَةٌ فَضَّلَكَ اللَّهُ بِهَا أَخْبِرْنَا عَنْ مَخْرَجِكَ مَعَ عَلِیٍّ قَالَ فَإِنِّی أُقْسِمُ لَكُمَا أَنَّهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ فِی هَذَا الْبَیْتِ الَّذِی أَنْتُمَا فِیهِ وَ لَیْسَ فِی الْبَیْتِ غَیْرُ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلِیٌّ جَالِسٌ عَنْ یَمِینِهِ وَ أَنَا عَنْ یَسَارِهِ وَ أَنَسٌ قَائِمٌ بَیْنَ یَدَیْهِ إِذْ تَحَرَّكَ الْبَابُ فَقَالَ علیه السلام انْظُرْ مَنْ بِالْبَابِ فَخَرَجَ أَنَسٌ وَ قَالَ هَذَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ افْتَحْ لِعَمَّارٍ الطَّیِّبِ الْمُطَیَّبِ فَفَتَحَ أَنَسٌ وَ دَخَلَ عَمَّارٌ فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَحَّبَ بِهِ وَ قَالَ إِنَّهُ سَتَكُونُ بَعْدِی فِی أُمَّتِی هَنَاتٌ حَتَّی یَخْتَلِفَ السَّیْفُ فِیمَا بَیْنَهُمْ وَ حَتَّی یَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ حَتَّی یَبْرَأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَیْتَ ذَلِكَ فَعَلَیْكَ بِهَذَا الْأَصْلَعِ عَنْ یَمِینِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ إِنْ سَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَادِیاً وَ سَلَكَ عَلِیٌّ وَادِیاً فَاسْلُكْ وَادِیَ عَلِیٍّ وَ خَلِّ عَنِ النَّاسِ إِنَّ عَلِیّاً لَا یَرُدُّكَ عَنْ هُدًی وَ لَا یَدُلُّكَ عَلَی رَدًی یَا عَمَّارُ طَاعَةُ عَلِیٍّ طَاعَتِی وَ طَاعَتِی طَاعَةُ اللَّهِ.

توضیح:

قوله علیه السلام جلدة بین عینی و فی بعض الروایات جلدة ما بین عینی و أنفی و علی التقدیرین كنایة عن غایة الاختصاص و شدة الاتصال.

و قال فی النهایة فی حدیث عمار لو ضربونا حتی یبلغوا بنا سعفات هجر السعفات جمع سعفة بالتحریك و هی أغصان النخیل و قیل إذا یبست سمیت سعفة فإذا كانت رطبة فهی شطبة و إنما خص هجر للمباعدة فی المسافة و لأنها موصوفة بكثرة النخل و هجر اسم بلد معروف بالبحرین.

و فی القاموس احتقبه و استحقبه ادخره و فی الصحاح احتقبه و استحقبه بمعنی أی احتمله و منه قیل احتقب فلان الإثم كأنه جمعه و احتقبه من خلفه.

و فی النهایة العوار بالفتح و قد یضم العیب و قیل إنهم یقولون للردی ء من كل شی ء من الأمور و الأخلاق أعور و كل عیب و خلل فی شی ء فهو عورة و الأسل محركة الرماح قوله أظنه أی قال الخدری أظن أن عمارا قال

ص: 17

أعوذ بالرحمن من الفتن.

و فی النهایة فیه ستكون هنات و هنات أی شرور و فساد یقال فی فلان هنات أی خصال شر و لا یقال فی الخیر و واحدها هنت و قد یجمع علی هنوات و قیل واحدها هنة تأنیث هن و هو كنایة عن كل اسم جنس.

«376»-(1)نص، كفایة الأثر أَبُو الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَمَّارٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَ قَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام أَصْحَابَ الْأَلْوِیَةِ وَ فَرَّقَ جَمْعَهُمْ وَ قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِیَّ وَ قَتَلَ شَیْبَةَ بْنَ نَافِعٍ أَتَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلِیّاً قَدْ جَاهَدَ فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ فَقَالَ لِأَنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ وَارِثُ عِلْمِی وَ قَاضِی دَیْنِی وَ مُنْجِزُ وَعْدِی وَ الْخَلِیفَةُ بَعْدِی وَ لَوْلَاهُ لَمْ یُعْرَفِ الْمُؤْمِنُ الْمَحْضُ بَعْدِی حَرْبُهُ حَرْبِی وَ حَرْبِی حَرْبُ اللَّهِ وَ سِلْمُهُ سِلْمِی وَ سِلْمِی سِلْمُ اللَّهِ أَلَا إِنَّهُ أَبُو سِبْطَیَّ وَ الْأَئِمَّةِ بَعْدِی مِنْ صُلْبِهِ یُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَی الْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِینَ وَ مِنْهُمْ مَهْدِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا الْمَهْدِیُّ قَالَ یَا عَمَّارُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی عَهِدَ إِلَیَّ أَنَّهُ یُخْرِجُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَیْنِ أَئِمَّةً تِسْعَةً وَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِهِ یَغِیبُ عَنْهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ یَأْتِیكُمْ بِماءٍ مَعِینٍ یَكُونُ لَهُ غَیْبَةٌ طَوِیلَةٌ یَرْجِعُ عَنْهَا قَوْمٌ وَ یُثْبِتُ عَلَیْهَا آخَرُونَ فَإِذَا كَانَ فِی آخِرِ الزَّمَانِ یَخْرُجُ فَیَمْلَأُ الدُّنْیَا قِسْطاً وَ عَدْلًا وَ یُقَاتِلُ عَلَی التَّأْوِیلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی التَّنْزِیلِ وَ هُوَ سَمِیِّی وَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِی یَا عَمَّارُ سَیَكُونُ بَعْدِی فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِیّاً وَ حِزْبَهُ فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ

ص: 18


1- 376- رواه الخزاز رحمه اللّٰه فیما جاء عن عمّار فی الباب: 17 من كتاب كفایة الاثر، ص 120، ط 2.

یَا عَمَّارُ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِی مَعَ عَلِیٍّ صِنْفَیْنِ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ ثُمَّ یَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَیْسَ ذَلِكَ عَلَی رِضَا اللَّهِ وَ رِضَاكَ قَالَ نَعَمْ عَلَی رِضَا اللَّهِ وَ رِضَایَ وَ یَكُونُ آخِرُ زَادِكَ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ تَشْرَبُهُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ أَ تَأْذَنُ لِی فِی الْقِتَالِ قَالَ مَهْلًا رَحِمَكَ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ أَعَادَ عَلَیْهِ الْكَلَامَ فَأَجَابَهُ بِمِثْلِهِ فَأَعَادَهُ ثَالِثاً فَبَكَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَنَظَرَ إِلَیْهِ عَمَّارٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ الْیَوْمُ الَّذِی وَصَفَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَنْ بَغْلَتِهِ وَ عَانَقَ عَمَّاراً وَ وَدَّعَهُ ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ جَزَاكَ اللَّهُ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ نَبِیِّكَ خَیْراً فَنِعْمَ الْأَخُ كُنْتَ وَ نِعْمَ الصَّاحِبُ كُنْتَ ثُمَّ بَكَی علیه السلام وَ بَكَی عَمَّارٌ ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا تَبِعْتُكَ إِلَّا بِبَصِیرَةٍ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَوْمَ حُنَیْنٍ یَا عَمَّارُ سَتَكُونُ بَعْدِی فِتْنَةٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِیّاً وَ حِزْبَهُ فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ وَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِیَ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ فَجَزَاكَ اللَّهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ فَلَقَدْ أَدَّیْتَ وَ بَلَّغْتَ وَ نَصَحْتَ ثُمَّ رَكِبَ وَ رَكِبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ بَرَزَ إِلَی الْقِتَالِ ثُمَّ دَعَا بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ فَقِیلَ مَا مَعَنَا مَاءٌ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَسْقَاهُ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَكُونَ آخِرُ زَادِی مِنَ الدُّنْیَا شَرْبَةً مِنَ اللَّبَنِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَی الْقَوْمِ فَقَتَلَ ثَمَانِیَةَ عَشَرَ نَفْساً فَخَرَجَ إِلَیْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَطَعَنَاهُ فَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ طَافَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فِی الْقَتْلَی فَوَجَدَ عَمَّاراً مُلْقًی فَجَعَلَ رَأْسَهُ عَلَی فَخِذِهِ ثُمَّ بَكَی علیه السلام وَ أَنْشَأَ یَقُولُ:

أَیَا مَوْتُ كَمْ هَذَا التَّفَرُّقُ عَنْوَةً***فَلَسْتَ تُبَقِّی لِی خَلِیلَ خَلِیلٍ

أَرَاكَ بَصِیراً بِالَّذِینَ أُحِبُّهُمْ***كَأَنَّكَ تَمْضِی نَحْوَهُمْ بِدَلِیلٍ

ص: 19

بیان:

الشعر فی الدیوان هكذا:

أَلَا أَیُّهَا الْمَوْتُ الَّذِی لَیْسَ تَارِكِی***أَرِحْنِی فَقَدْ أَفْنَیْتَ كُلَّ خَلِیلٍ

أَرَاكَ مُضِرّاً بِالَّذِینَ أُحِبُّهُمْ***كَأَنَّكَ تَنْحُو نَحْوَهُمْ بِدَلِیلٍ

وَ رَوَی الشَّارِحُ عَنِ ابْنِ أَعْثَمَ أَنَّ عَمَّاراً رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا بَرَزَ یَوْمَ صِفِّینَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ هَلْ مِنْ رَائِحٍ إِلَی اللَّهِ تَطْلُبُ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ الْأَسِنَّةِ

الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ

فَطَعَنَهُ ابْنُ جَوْنٍ فِی صَدْرِهِ فَرَجَعَ وَ قَالَ اسْقُونِی شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ فَأَتَاهُ رَاشِدٌ مَوْلَاهُ بِلَبَنٍ فَلَمَّا رَآهُ كَبَّرَ وَ قَالَ هَذَا مَا أَخْبَرَنِی بِهِ حَبِیبِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِأَنَّ آخِرَ زَادِی مِنَ الدُّنْیَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ فَلَمَّا شَرِبَ خَرَجَ مِنْ مَكَانِ الْجُرْحِ وَ سَقَطَ وَ تُوُفِّیَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِنَّ امْرَأً لَمْ یَدْخُلْ عَلَیْهِ مُصِیبَةٌ مِنْ قَتْلِ عَمَّارٍ فَمَا هُوَ فِی الْإِسْلَامِ مِنْ شَیْ ءٍ ثُمَّ صَلَّی عَلَیْهِ وَ قَرَأَ هَاتَیْنِ الْبَیْتَیْنِ.

«377»-(1)ختص، الإختصاص عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ حَدَّثَنِی شَیْخٌ مِنْ أَسْلَمَ شَهِدَ صِفِّینَ مَعَ الْقَوْمِ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ عَلَی سَكَنَاتِهِمْ فَمَا رَاعَنَا إِلَّا صَوْتُ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ حِینَ اعْتَدَلَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ تَعْتَدِلُ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ رَائِحٌ إِلَی الْجَنَّةِ كَالظَّمْآنِ یَرَی الْمَاءَ مَا الْجَنَّةُ إِلَّا تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالِی

الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ

یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ اصْدُقُوا اللَّهَ فِیهِمْ فَإِنَّهُمْ وَ اللَّهِ أَبْنَاءُ الْأَحْزَابِ دَخَلُوا فِی هَذَا الدِّینِ كَارِهِینَ حِینَ أَذَلَّتْهُمْ حَدُّ السُّیُوفِ وَ خَرَجُوا مِنْهُ طَائِعِینَ حَتَّی أَمْكَنَتْهُمُ الْفُرْصَةُ

ص: 20


1- 377- رواه یحیی بن الحسن بن البطریق رحمه اللّٰه فی الحدیث: 540 و توالیه فی أواسط الفصل: 36 من كتاب العمدة ص 168. و قد رواه مسلم بأسانید كثیرة فی الباب: 18 من كتاب الفتن و أشراط الساعة تحت الرقم: 2915 و ما بعده من صحیحه: ج 4 ص 2235 من الطبعة المرقمة. و قد رواه أیضا بأسانید كثیرة الحافظ النسائی تحت الرقم: 157 و ما بعده من كتاب خصائص أمیر المؤمنین علیه السلام ص 289 بیروت. و قد رواه الحافظ ابن عساكر علی وجه بدیع بأسانید كثیرة فی ترجمة عمّار من كتاب تاریخ دمشق: ج 11/ الورق ... من مخطوطة المكتبة الظاهریة.

وَ كَانَ یَوْمَئِذٍ ابْنَ تِسْعِینَ سَنَةً قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا الْإِلْجَامُ وَ الْإِسْرَاجُ وَ قَالَ عَمَّارٌ حِینَ نَظَرَ إِلَی رَایَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِنَّ هَذِهِ الرَّایَةَ قَدْ قَاتَلَتْنَا ثَلَاثَ عَرَكَاتٍ وَ مَا هِیَ بِأَرْشَدِهِنَّ ثُمَّ حَمَلَ وَ هُوَ یَقُولُ:

نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَی تَنْزِیلِهِ*** فَالْیَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَی تَأْوِیلِهِ

ضَرْباً یُزِیلُ الْهَامَ عَنْ مَقِیلِهِ***وَ یُذْهِلُ الْخَلِیلَ عَنْ خَلِیلِهِ

أَوْ یَرْجِعَ الْحَقُّ إِلَی سَبِیلِهِ***یَا رَبِّ إِنِّی مُؤْمِنٌ بِقِیلِهِ

ثُمَّ اسْتَسْقَی عَمَّارٌ وَ اشْتَدَّ ظَمَاؤُهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ طَوِیلَةُ الْیَدَیْنِ مَا أَدْرِی أَ عُسٌّ مَعَهَا أَمْ إِدَاوَةٌ فِیهَا ضَیَاحٌ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ وَ قَالَ الْجَنَّةُ تَحْتَ الْأَسِنَّةِ

الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ

وَ اللَّهِ لَوْ هَزَمُونَا حَتَّی یَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ ثُمَّ حَمَلَ وَ حَمَلَ عَلَیْهِ ابْنُ جُوَیْنٍ السَّكْسَكِیُّ وَ أَبُو الْعَادِیَةِ الْفَزَارِیُّ فَأَمَّا أَبُو الْعَادِیَةِ فَطَعَنَهُ وَ أَمَّا ابْنُ جُوَیْنٍ اجْتَزَّ رَأْسَهُ لَعَنَهُمَا اللَّهُ.

إیضاح:

العالیة أعلی الرمح و الجمع العوالی و فی الصحاح لقیته عركة بالتسكین أی مرة و لقیته عركات أی مرات.

«378»-(1) مد، العمدة مِنْ صَحِیحِ مُسْلِمٍ بِأَسَانِیدَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ:

ص: 21


1- 378- رواه یحیی بن الحسن بن البطریق رحمه اللّٰه فی الحدیث: 540 و توالیه فی أواسط الفصل: 36 من كتاب العمدة ص 168. و قد رواه مسلم بأسانید كثیرة فی الباب: 18 من كتاب الفتن و أشراط الساعة تحت الرقم: 2915 و ما بعده من صحیحه: ج 4 ص 2235 من الطبعة المرقمة. و قد رواه أیضا بأسانید كثیرة الحافظ النسائی تحت الرقم: 157 و ما بعده من كتاب خصائص أمیر المؤمنین علیه السلام ص 289 بیروت. و قد رواه الحافظ ابن عساكر علی وجه بدیع بأسانید كثیرة فی ترجمة عمّار من كتاب تاریخ دمشق: ج 11/ الورق ... من مخطوطة المكتبة الظاهریة.

أَخْبَرَنِی مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَمَّارٍ حِینَ جَعَلَ یَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَ جَعَلَ یَمْسَحُ رَأْسَهُ وَ یَقُولُ أَبْشِرْ ابْنَ سُمَیَّةَ یَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِیَةٌ.

وَ بِأَسَانِیدَ أَیْضاً عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِعَمَّارٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

وَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْتُلُ عَمَّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

وَ مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ لِلْحُمَیْدِیِّ الْحَدِیثُ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ إِفْرَادِ الْبُخَارِیِّ مِنَ الصَّحِیحِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ لِیَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ لِابْنِهِ عَلِیٍّ انْطَلِقَا إِلَی أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ اسْمَعَا مِنْ حَدِیثِهِ فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا هُوَ فِی حَائِطٍ لَهُ یُصْلِحُهُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَ احْتَبَی ثُمَّ أَنْشَأَ یُحَدِّثُنَا حَتَّی أَتَی عَلَی ذِكْرِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَ عَمَّارٌ اثْنَتَیْنِ اثْنَتَیْنِ فَرَآهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَعَلَ یَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ وَ یَقُولُ وَیْحَ عَمَّارٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ وَ كَانَ یَقُولُ عَمَّارٌ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْخَبَرَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ مِثْلَهُ ثم قال قال الحمیدی: و فی هذا الحدیث زیادة مشهورة لم یذكرها البخاری أصلا فی طریق هذا الحدیث و لعلها لم تقع إلیه أو وقعت فحذفها لغرض قصده (1)

وَ أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِیُّ وَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِیلِیُّ قَبْلَهُ وَ فِی هَذَا الْحَدِیثِ عِنْدَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: وَیْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ

ص: 22


1- 1 قصد البخاری علی ما هو المستفاد من مواضع عدیدة من كتبه هو إخفاء معالی أولیاء اللّٰه و فضائح الفئة الباغیة و إمامه معاویة!!! و الحدیث رواه مع بعض تلك الزیادة الحاكم النیسابوریّ و صححه و الذهبی فی كتاب قتال أهل البغی من المستدرك: ج 2 ص 14.

وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ.

قال أبو مسعود الدمشقی فی كتابه: لم یذكر البخاری هذه الزیادة و هی فی حدیث عبد اللّٰه بن المختار و خالد بن عبد اللّٰه الواسطی و یزید بن زریع و محبوب بن الحسن و شعبة كلهم عن خالد الحذاء و روی إسحاق عن عبد الوهاب هكذا قال و أما حدیث عبد الوهاب الذی أخرجه البخاری من دون تلك الزیادة فلم یقع إلینا من غیر حدیث البخاری هذا آخر معنی ما قاله أبو مسعود أقول قال ابن الأثیر فی مادة ویح ویس (1)من كتاب النهایة فیه

قَالَ لِعَمَّارٍ وَیْحَ ابْنِ سُمَیَّةَ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

ویح كلمة ترحم و توجع تقال لمن وقع فی هلكة لا یستحقها و قد یقال بمعنی المدح و التعجب و هی منصوبة علی المصدر و قد ترفع و تضاف و لا تضاف یقال ویح زید و ویحا له و ویح له.

ثم قال و فیه قال لعمار ویس ابن سمیة و فی روایة یا ویس ابن سمیة ویس كلمة تقال لمن یرحم و یرفق به مثل ویح و حكمها حكمها.

«379»-(2)كش، رجال الكشی جَعْفَرُ بْنُ مَعْرُوفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَقْوَاماً یَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمْ یَكُنْ إِمَاماً حَتَّی أَشْهَرَ سَیْفَهُ قَالَ خَابَ إِذَنْ عَمَّارٌ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَ صَاحِبُكَ أَبُو عَمْرَةَ وَ قَدْ خَرَجَ یَوْمَئِذٍ صَائِماً بَیْنَ الْفِئَتَیْنِ بِأَسْهُمٍ فَرَمَی بِهَا قُرْبَی یَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَی اللَّهِ حَتَّی قُتِلَ یَعْنِی عَمَّاراً.

بیان: لعل المعنی أنهم ما كانوا یعتقدون إمامته علیه السلام قبل أن

ص: 23


1- 1 و أیضا ذكر الحدیث فی مادة «بغی» من كتاب النهایة و فسره.
2- 379- الحدیث رواه الكشّیّ بزیادة فی أوله غیر مرتبطة بالمقام- فی أواسط ترجمة عمّار من رجاله ص 35 ط النجف.

یشهر سیفه فیكونوا من الخائبین بتلك العقیدة و لعل التخصیص لأنهم كانوا أعرف بهذا الوصف عند السائل من غیرهم و الظاهر أن الزاعمین هم الزیدیة المشترطون فی الإمامة الخروج بالسیف.

قوله علیه السلام صائما یمكن أن یكون صائما ابتداء ثم اضطر إلی شرب اللبن أو شربه تصدیقا لقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله.

و قال السید الداماد قدس سره صائما أی قائما واقفا ثابتا للقتال من الصوم بمعنی القیام و الوقوف یقال صام الفرس صوما أی قام علی غیر اعتلاف و صام النهار صوما إذا قام قائم الظهیرة و اعتدل و الصوم ركود الریح و مصام الفرس و مصامته موقفه و الصوم أیضا الثبات و الدوام و السكون و ما صائم و دائم و قائم و ساكن بمعنی.

و الباء فی بأسهم للملابسة و المصاحبة أو خرج بین الفئتین و كان صائما بالصیام الشرعی و الباء أیضا للملابسة أو من الصوم بمعنی البیعة أی خرج مبایعا علی بذل المهجة فی سبیل اللّٰه أو خرج بین صفی الفئتین دامیا بأسهم من قولهم صام النعام أی رمی بذرقه و هو صومه فالباء للصلة أو الدعامة فقد جاء الصوم بهذه المعانی كلها فی الصحاح و أساس البلاغة و المعرب و المغرب و القاموس و النهایة انتهی.

أقول: قد مضی كثیر من أخبار هذا الباب فی باب فضائل عمار و فی باب مطاعن عثمان.

«380»-(1)كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ وَ قَیْسِ بْنِ

ص: 24


1- 380- رواه نصر بن مزاحم فی أواسط الجزء 6 من كتاب صفّین ص 323- 359 ط مصر. و الحدیث الأول منه رواه ابن ماجة القزوینی فی باب فضل عمّار تحت الرقم: 146 فی مقدّمة سننه ج 1، ص 44، قال: حدّثنا عثمان بن أبی شیبة و علیّ بن محمّد؛ قالا: حدّثنا وكیع، حدّثنا سفیان، عن أبی إسحاق، عن هانئ بن هانئ ... ثمّ روی بسند آخر قریبا منه عن علیّ علیه السلام أنّه دخل علیه عمّار فقال: مرحبا بالطیب المطیب سمعت رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلم یقول: ملی ء عمارا إیمانا إلی مشاشه.

الرَّبِیعِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: جَاءَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ یَسْتَأْذِنُ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ مَرْحَباً بِالطَّیِّبِ الْمُطَیَّبِ.

وَ عَنْ سُفْیَانَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ رَآهُمْ یَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ حِجَارَةَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا لَهُمْ وَ لِعَمَّارٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ وَ ذَاكَ دَأْبُ الْأَشْقِیَاءِ الْفُجَّارِ.

وَ عَنْ سُفْیَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی عَمَّارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِیلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَقَدْ مُلِئَ عَمَّارٌ إِیمَاناً إِلَی مُشَاشِهِ.

وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِی رَبِیعَةَ الْإِیَادِیِّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ الْجَنَّةَ لَتَشْتَاقُ إِلَی ثَلَاثَةٍ عَلِیٍّ وَ عَمَّارٍ وَ سَلْمَانَ.

وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا بُنِیَ الْمَسْجِدُ جَعَلَ عَمَّارٌ یَحْمِلُ حَجَرَیْنِ حَجَرَیْنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَبَا الْیَقْظَانِ لَا تَشُقَّ عَلَی نَفْسِكَ قَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَعْمَلَ فِی هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

وَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَزْرَقِ الْبُرْجُمِیِّ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی مَلِیكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِأَبِیهِ لَوْ لَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ بِطَوَاعِیَتِكَ مَا سِرْتُ هَذَا الْمَسِیرَ أَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَمَّارٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ.

وَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عِمْرَانَ الْبُرْجُمِیِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِی الْبَخْتَرِیِّ قَالَ: أُصِیبَ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ مَعَ عَلِیٍّ بِصِفِّینَ.

ص: 25

وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ الْجُهَنِیِّ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ نَادَی یَوْمَئِذٍ أَیْنَ مَنْ یَبْغِی رِضْوَانَ رَبِّهِ وَ لَا یَئُوبُ إِلَی مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ قَالَ فَأَتَتْهُ عِصَابَةٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ اقْصِدُوا بِنَا نَحْوَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِینَ یَبْغُونَ دَمَ عُثْمَانَ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ إِلَّا ظَالِماً لِنَفْسِهِ الْحَاكِمَ بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ دَفَعَ عَلِیٌّ الرَّایَةَ إِلَی هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ وَ كَانَ عَلَیْهِ دِرْعَانِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام كَهَیْئَةِ الْمَازِحِ أَیَا هَاشِمُ أَ مَا تَخْشَی عَلَی نَفْسِكَ أَنْ تَكُونَ أَعْوَرَ جَبَاناً قَالَ سَتَعْلَمُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ لَأَلُفَّنَّ بَیْنَ جَمَاجِمِ الْقَوْمِ لَفَّ رَجُلٍ یَنْوِی الْآخِرَةَ فَأَخَذَ رُمْحاً فَهَزَّهُ فَانْكَسَرَ ثُمَّ أَخَذَ آخَرَ فَوَجَدَهُ جَاسِیاً فَأَلْقَاهُ ثُمَّ دَعَا بِرُمْحٍ لَیِّنٍ فَشَدَّ بِهِ لِوَاءَهُ وَ لَمَّا دَفَعَ عَلِیٌّ علیه السلام الرَّایَةَ إِلَی هَاشِمٍ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ مِنْ أَصْحَابِ هَاشِمٍ اقْدَمْ مَا لَكَ یَا هَاشِمُ قَدِ انْتَفَخَ سَحْرُكَ عَوْراً وَ جُبْناً قَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا فُلَانٌ قَالَ أَهْلُهَا وَ خَیْرٌ مِنْهَا إِذَا رَأَیْتَنِی صُرِعْتُ فَخُذْهَا ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ شُدُّوا شُسُوعَ نِعَالِكُمْ وَ شُدُّوا أُزُرَكُمْ فَإِذَا رَأَیْتُمُونِی قَدْ هَزَزْتُ الرَّایَةَ ثَلَاثاً فَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَداً مِنْكُمْ لَا یَسْبِقُنِی إِلَیْهَا ثُمَّ نَظَرَ هَاشِمٌ إِلَی عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ فَرَأَی جَمْعاً عَظِیماً فَقَالَ مَنْ أُولَئِكَ قَالُوا أَصْحَابُ ذِی الْكَلَاعِ ثُمَّ نَظَرَ فَرَأَی جُنْداً آخَرَ فَقَالَ مَنْ أُولَئِكَ قَالُوا جُنْدُ أَهْلِ الْمَدِینَةِ قُرَیْشٍ قَالَ قَوْمِی لَا حَاجَةَ لِی فِی قِتَالِهِمْ قَالَ مَنْ عِنْدَ هَذِهِ الْقُبَّةِ الْبَیْضَاءِ قِیلَ مُعَاوِیَةُ وَ جُنْدُهُ فَحَمَلَ حِینَئِذٍ یُرْقِلُ إِرْقَالًا.

وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ صِفِّینَ وَ الرَّایَةُ مَعَ هَاشِمٍ بْنِ عُتْبَةَ جَعَلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ یَتَنَاوَلُهُ بِالرُّمْحِ وَ یَقُولُ اقْدَمْ یَا أَعْوَرُ لَا خَیْرَ فِی أَعْوَرَ لَا یَأْتِی الْفَزَعَ قَالَ فَجَعَلَ یَسْتَحْیِی مِنْ عَمَّارٍ وَ كَانَ عَالِماً بِالْحَرْبِ فَیَتَقَدَّمُ فَیَرْكُزُ الرَّایَةَ إِذَا

ص: 26

سَامَتْ إِلَیْهِ الصُّفُوفُ قَالَ عَمَّارٌ أَقْدِمْ یَا أَعْوَرُ لَا خَیْرَ فِی أَعْوَرَ لَا یَأْتِی الْفَزَعَ فَجَعَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یَقُولُ إِنِّی لَأَرَی لِصَاحِبِ الرَّایَةِ السَّوْدَاءِ عَمَلًا لَئِنْ دَامَ عَلَی هَذَا لَتَفْنَیَنَّ الْعَرَبُ الْیَوْمَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً وَ جَعَلَ عَمَّارٌ یَقُولُ صَبْراً عِبَادَ اللَّهِ الْجَنَّةُ فِی ظِلَالِ الْبِیضِ قَالَ وَ كَانَتْ عَلَامَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِصِفِّینَ الصُّوفَ الْأَبْیَضَ قَدْ جَعَلُوهُ فِی رُءُوسِهِمْ وَ عَلَی أَكْتَافِهِمْ وَ شِعَارُهُمْ یَا اللَّهُ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا رَحِیمُ وَ كَانَتْ عَلَامَةُ أَهْلِ الشَّامِ خِرَقاً بِیضاً قَدْ جَعَلُوهَا عَلَی رُءُوسِهِمْ وَ أَكْتَافِهِمْ وَ كَانَ شِعَارُهُمْ نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ حَقّاً یَا لَثَارَاتِ عُثْمَانَ قَالَ فَاجْتَلَدُوا بِالسُّیُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِیدِ فَمَا تَحَاجَزْنَا حَتَّی حَجَزَ بینا [بَیْنَنَا] سَوَادُ اللَّیْلِ وَ مَا یری [نَرَی] رَجُلًا مِنَّا وَ لَا مِنْهُمْ مُوَلِّیاً فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ ذَلِكَ الْیَوْمُ الثَّلَاثَاءُ خَرَجَ النَّاسُ إِلَی مَصَافِّهِمْ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ فَكُنْتُ فِی خَیْلِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ یَقُولُ مَنْ یَدُلُّنِی عَلَی الْحِمْیَرِیِّ أَبِی نُوحٍ قَالَ قُلْتُ فَقَدْ وَجَدْتَهُ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا ذُو الْكَلَاعِ سِرْ إِلَیَّ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَسِیرَ إِلَیْكَ إِلَّا فِی كَتِیبَةٍ قَالَ ذُو الْكَلَاعِ سِرْ فَلَكَ ذِمَّةُ اللَّهِ وَ ذِمَّةُ رَسُولِهِ وَ ذِمَّةُ ذِی الْكَلَاعِ حَتَّی تَرْجِعَ إِلَی خَیْلِكَ فَإِنَّمَا أُرِیدُ بِذَلِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَمْرٍ فِیكُمْ تَمَارَیْنَا فِیهِ فَسَارَا حَتَّی الْتَقَیَا فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ إِنَّمَا دَعَوْتُكَ أُحَدِّثُكَ حَدِیثاً حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِی إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ أَبُو نُوحٍ وَ مَا هُوَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَلْتَقِی أَهْلُ الشَّامِ وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَ فِی إِحْدَی الْكَتِیبَتَیْنِ الْحَقُّ وَ إِمَامُ الْهُدَی وَ مَعَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَالَ أَبُو نُوحٍ لِعَمْرٍو [وَ] اللَّهِ إِنَّهُ لَفِینَا قَالَ أَ جَادٌّ هُوَ عَلَی قِتَالِنَا قَالَ أَبُو نُوحٍ نَعَمْ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ لَهُوَ أَشَدُّ عَلَی قِتَالِكُمْ مِنِّی فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ هَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَأْتِیَ مَعِی صَفَّ أَهْلِ الشَّامِ فَأَنَا لَكَ جَارٍ مِنْهُمْ حَتَّی تَلْقَی عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَتُخْبِرَهُ عَنْ عَمَّارٍ وَ جِدِّهِ فِی قِتَالِنَا لَعَلَّهُ

ص: 27

یَكُونُ صُلْحاً بَیْنَ هَذَیْنِ الْجُنْدَیْنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوحٍ إِنَّكَ رَجُلٌ غَادِرٌ وَ أَنْتَ فِی قَوْمٍ غَدُورٍ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تُرِیدُ الْغَدْرَ أَغْدَرُوكَ وَ إِنِّی أَنْ أَمُوتَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَدْخُلَ مَعَ مُعَاوِیَةَ وَ أَدْخُلَ فِی دِینِهِ وَ أَمْرِهِ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ أَنَا جَارٍ لَكَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا تُقْتَلَ وَ لَا تُسْلَبَ وَ لَا تُكْرَهَ عَلَی بَیْعَةٍ وَ لَا تُحْبَسَ عَنْ جُنْدِكَ وَ إِنَّمَا هِیَ كَلِمَةٌ تُبْلِغُهَا عَمْراً لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ بَیْنَ هَذَیْنِ الْجُنْدَیْنِ وَ یَضَعَ عَنْهُمُ الْحَرْبَ وَ السِّلَاحَ فَسَارَ مَعَهُ حَتَّی أَتَی عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ هُوَ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ وَ حَوْلَهُ النَّاسُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو یُحَرِّضُ النَّاسَ فَلَمَّا وَقَفَا عَلَی الْقَوْمِ قَالَ ذُو الْكَلَاعِ لِعَمْرٍو یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِی رَجُلٍ نَاصِحٍ لَبِیبٍ شَفِیقٍ یُخْبِرُكَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ لَا یَكْذِبُكَ قَالَ عَمْرٌو مَنْ هَذَا مَعَكَ قَالَ هَذَا ابْنُ عَمِّی وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو إِنِّی لَأَرَی عَلَیْكَ سِیمَاءَ أَبِی تُرَابٍ قَالَ أَبُو نُوحٍ عَلَیَّ سِیمَاءُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَصْحَابِهِ وَ عَلَیْكَ سِیمَاءُ أَبِی جَهْلٍ وَ سِیمَاءُ فِرْعَوْنَ فَقَامَ أَبُو الْأَعْوَرِ فَسَلَّ سَیْفَهُ ثُمَّ قَالَ لَا أَرَی هَذَا الْكَذَّابَ یُشَاتِمُنَا بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ عَلَیْهِ سِیمَاءُ أَبِی تُرَابٍ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ بَسَطْتَ یَدَكَ إِلَیْهِ لَأَحْطِمَنَّ أَنْفَكَ بِالسَّیْفِ ابْنُ عَمِّی وَ جَارِی عَقَدْتُ لَهُ ذِمَّتِی وَ جِئْتُ بِهِ إِلَیْكُمْ لِیُخْبِرَكُمْ عَمَّا تَمَارَیْتُمْ فِیهِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو أُذَكِّرُكَ بِاللَّهِ یَا أَبَا نُوحٍ إِلَّا مَا صَدَقْتَ أَ فِیكُمْ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو نُوحٍ مَا أَنَا بِمُخْبِرِكَ عَنْهُ حَتَّی تُخْبِرَنِی لِمَ تَسْأَلُ عَنْهُ فَإِنَّ مَعَنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرَهُ وَ كُلُّهُمْ جَادٍّ عَلَی قِتَالِكُمْ قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ عَمَّاراً تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ وَ إِنَّهُ لَیْسَ یَنْبَغِی لِعَمَّارٍ أَنْ یُفَارِقَ الْحَقَّ وَ لَنْ تَأْكُلَ النَّارُ مِنْهُ شَیْئاً فَقَالَ أَبُو نُوحٍ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَفِینَا جَادٍّ عَلَی قِتَالِكُمْ فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَجَادٌّ عَلَی قِتَالِنَا قَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ حَدَّثَنِی یَوْمَ الْجَمَلِ أَنَّا سَنَظْهَرُ عَلَیْهِمْ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِی أَمْسِ أَنْ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی

ص: 28

یَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی بَاطِلٍ وَ لَكَانَتْ قَتْلَانَا فِی الْجَنَّةِ وَ قَتْلَاهُمْ فِی النَّارِ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو هَلْ تَسْتَطِیعُ أَنْ تَجْمَعَ بَیْنَهُ وَ بَیْنِی قَالَ نَعَمْ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ یُبْلِغَهُ أَصْحَابَهُ رَكِبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ ابْنَاهُ وَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ ذُو الْكَلَاعِ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ وَ حَوْشَبٌ وَ الْوَلِیدُ بْنُ أَبِی مُعَیْطٍ فَانْطَلَقُوا حَتَّی أَتَوْا خُیُولَهُمْ وَ سَارَ أَبُو نُوحٍ وَ مَعَهُ شُرَحْبِیلُ بْنُ ذِی الْكَلَاعِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَصْحَابِهِ فَذَهَبَ أَبُو نُوحٍ إِلَی عَمَّارٍ فَوَجَدَهُ قَاعِداً مَعَ أَصْحَابِهِ مَعَ ابْنَیْ بُدَیْلٍ وَ هَاشِمٍ وَ الْأَشْتَرِ وَ جَارِیَةِ بْنِ الْمُثَنَّی وَ خَالِدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَجْلٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ إِنَّهُ دَعَانِی ذُو الْكَلَاعِ وَ هُوَ ذُو رَحِمٍ فَذَكَرَ مَا جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ وَ قَالَ أَخْبَرَنِی عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَمَّارٌ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَقَالَ عَمَّارٌ صَدَقَ وَ لَیَضُرُّ بِهِ مَا سَمِعَ وَ لَا یَنْفَعُهُ فَقَالَ أَبُو نُوحٍ إِنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَلْقَاكَ فَقَالَ عَمَّارٌ لِأَصْحَابِهِ ارْكَبُوا قَالَ وَ نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا بِعَمَّارٍ (1)فَسِرْنَا حَتَّی لَقِینَاهُمْ ثُمَّ بَعَثْنَا إِلَیْهِمْ فَارِساً مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ یُسَمَّی عَوْفَ بْنَ بِشْرٍ فَذَهَبَ حَتَّی كَانَ قَرِیباً مِنَ الْقَوْمِ ثُمَّ نَادَی أَیْنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالُوا هَاهُنَا فَأَخْبَرَهُ بِمَكَانِ عَمَّارٍ وَ خَیْلِهِ فَقَالَ عَمْرٌو فَلْیَسِرْ إِلَیْنَا فَقَالَ عَوْفٌ إِنِّی أَخَافُ غَدَرَاتِكَ ثُمَّ جَرَی بَیْنَهُمَا كَلِمَاتٌ تَرَكْتُهَا إِلَی أَنْ قَالَ أَقْبَلَ عَمَّارٌ مَعَ أَصْحَابِهِ فَتَوَاقَفَا فَقَالَ عَمْرٌو یَا أَبَا الْیَقْظَانِ أُذَكِّرُكَ اللَّهَ إِلَّا كَفَفْتَ سِلَاحَ أَهْلِ هَذَا الْعَسْكَرِ وَ حَقَنْتَ دِمَاءَهُمْ فَعَلَامَ تُقَاتِلُنَا أَ وَ لَسْنَا نَعْبُدُ إِلَهاً وَاحِداً وَ نُصَلِّی [إِلَی] قِبْلَتِكُمْ وَ نَدْعُو دَعَوْتَكُمْ وَ نَقْرَأُ كِتَابَكُمْ وَ نُؤْمِنُ بِرَسُولِكُمْ قَالَ الْحَمْدُ

ص: 29


1- 1 كذا فی ط الكمبانیّ من أصلی و فیه اختلال، فیحتمل أن یكون من خطأ الكتاب أو المطبعة، أو من جهة تلخیص المصنّف العلامة و إلیك نص كتاب صفّین ط مصر: ثمّ قال أبو نوح لعمار- و نحن اثنا عشر رجلا-: فإنه یرید أن یلقاك. فقال عمار لأصحابه: اركبوا. فركبوا و ساروا ثمّ بعثنا إلیهم فارسا من عبد القیس یسمی عوف بن بشر ..

لِلَّهِ الَّذِی أَخْرَجَهَا مِنْ فِیكَ أَنَّهَا لِی وَ لِأَصْحَابِی الْقِبْلَةُ وَ الدِّینُ وَ عِبَادَةُ الرَّحْمَنِ وَ النَّبِیُّ وَ الْكِتَابُ مِنْ دُونِكَ وَ دُونِ أَصْحَابِكَ وَ جَعَلَكَ ضَالًّا مُضِلًّا لَا تَعْلَمُ هَادٍ أَنْتَ أَمْ ضَالٌّ وَ جَعَلَكَ أَعْمَی وَ سَأُخْبِرُكَ عَلَی مَا قَاتَلْتُكَ عَلَیْهِ أَنْتَ وَ أَصْحَابَكَ أَمَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ أُقَاتِلَ النَّاكِثِینَ فَفَعَلْتُ وَ أَمَرَنِی أَنْ أُقَاتِلَ الْقَاسِطِینَ فَأَنْتُمْ هُمْ وَ أَمَّا الْمَارِقُونَ فَمَا أَدْرِی أُدْرِكُهُمْ أَمْ لَا أَیُّهَا الْأَبْتَرُ أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیٍّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ أَنَا مَوْلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ عَلِیٍّ بَعْدَهُ وَ لَیْسَ لَكَ مَوْلًی فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو فَمَا تَرَی فِی قَتْلِ عُثْمَانَ قَالَ فَتَحَ لَكُمْ بَابَ كُلِّ سُوءٍ قَالَ عَمْرٌو فَعَلِیٌّ قَتَلَهُ قَالَ عَمَّارٌ بَلِ اللَّهُ رَبُّ عَلِیٍّ قَتَلَهُ وَ عَلِیٌّ مَعَهُ قَالَ عَمْرٌو أَ كُنْتَ فِیمَنْ قَتَلَهُ قَالَ أَنَا مَعَ مَنْ قَتَلَهُ وَ أَنَا الْیَوْمَ أُقَاتِلُ مَعَهُ قَالَ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ قَالَ أَرَادَ أَنْ یُغَیِّرَ دِینَنَا فَقَتَلْنَاهُ قَالَ عَمْرٌو أَ لَا تَسْتَمِعُونَ قَدِ اعْتَرَفَ بِقَتْلِ إِمَامِكُمْ قَالَ عَمَّارٌ وَ قَدْ قَالَهَا فِرْعَوْنُ قَبْلَكَ أَ لا تَسْتَمِعُونَ فَقَامَ أَهْلُ الشَّامِ وَ لَهُمْ زَجَلٌ فَرَكِبُوا خُیُولَهُمْ وَ رَجَعُوا فَبَلَغَ مُعَاوِیَةَ مَا كَانَ بَیْنَهُمْ فَقَالَ لَهُ هَلَكَتِ الْعَرَبُ إِنْ أَخَذَتْهُمْ خِفَّةُ الْعَبْدِ الْأَسْوَدِ یَعْنِی عَمَّاراً وَ خَرَجَ عَمَّارٌ إِلَی الْقِتَالِ وَ صَفَّتِ الْخُیُولُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَ زَحَفَ النَّاسُ وَ عَلَی عَمَّارٍ دِرْعٌ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ الرَّوَاحُ إِلَی الْجَنَّةِ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِیداً لَمْ یَسْمَعِ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَی حَتَّی إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَیَشُدُّ طُنُبَ فُسْطَاطِهِ بِیَدِ الرَّجُلِ أَوْ بِرِجْلِهِ فَقَالَ الْأَشْعَثُ لَقَدْ رَأَیْتُ أَخْبِیَةَ صِفِّینَ وَ أَرْوِقَتَهُمْ وَ مَا مِنْهَا خِبَاءٌ وَ لَا رِوَاقٌ وَ لَا بِنَاءٌ وَ لَا فُسْطَاطٌ إِلَّا مَرْبُوطاً بِیَدِ رَجُلٍ أَوْ رِجْلِهِ وَ جَعَلَ أَبُو سَمَّاكٍ الْأَسَدِیُّ یَأْخُذُ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَ شَفْرَةَ حَدِیدٍ فَیَطُوفُ فِی الْقَتْلَی فَإِذَا رَأَی رَجُلًا جَرِیحاً وَ بِهِ رَمَقٌ أَقْعَدَهُ وَ سَأَلَهُ مَنْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 30

فَإِنْ قَالَ عَلِیٌّ غَسَلَ عَنْهُ الدَّمَ وَ سَقَاهُ مِنَ الْمَاءِ وَ إِنْ سَكَتَ وَجَأَهُ بِسِكِّینٍ حَتَّی یَمُوتَ قَالَ فَكَانَ یُسَمَّی الْمُخَضْخِضَ.

وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّی إِلَی جَانِبِ عَمَّارٍ فَتَقَدَّمْنَا حَتَّی إِذَا دَنَوْنَا مِنْ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ لَهُ عَمَّارٌ احْمِلْ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی وَ نَظَرَ عَمَّارٌ إِلَی رِقَّةٍ فِی الْمَیْمَنَةِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا عَمَّارُ إِنَّكَ رَجُلٌ تَأْخُذُكَ خِفَّةٌ فِی الْحَرْبِ وَ إِنِّی إِنَّمَا أَزْحَفُ بِاللِّوَاءِ زَحْفاً وَ أَرْجُو أَنْ أَنَالَ بِذَلِكَ حَاجَتِی وَ إِنِّی إِنْ خَفَفْتُ لَمْ آمَنِ الْهَلَكَةَ وَ قَدْ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِعَمْرٍو وَیْحَكَ یَا عَمْرُو إِنَّ اللِّوَاءَ مَعَ هَاشِمٍ كَأَنَّهُ یُرْقِلُ بِهِ إِرْقَالًا وَ إِنْ زَحَفَ بِهِ زَحْفاً إِنَّهُ لَلْیَوْمُ الْأَطْوَلُ لِأَهْلِ الشَّامِ (1)فَلَمْ یَزَلْ بِهِ عَمَّارٌ حَتَّی حَمَلَ فَبَصُرَ بِهِ مُعَاوِیَةُ فَوَجَّهَ إِلَیْهِ جُمْلَةَ أَصْحَابِهِ وَ مَنْ بَرَزَ بِالنَّاسِ مِنْهُمْ فِی نَاحِیَتِهِ وَ كَانَ فِی ذَلِكَ الْجَمْعِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَ مَعَهُ سَیْفَانِ قَدْ تَقَلَّدَ بِوَاحِدٍ وَ هُوَ یَضْرِبُ بِالْآخَرِ وَ أَطَافَتْ بِهِ خَیْلُ عَلِیٍّ فَقَالَ عَمْرٌو یَا اللَّهُ یَا رَحْمَانُ ابْنِی ابْنِی وَ كَانَ یَقُولُ مُعَاوِیَةُ اصْبِرْ اصْبِرْ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَیْهِ قَالَ عَمْرٌو لَوْ كَانَ یَزِیدُ إِذاً لَصَبَرْتَ وَ لَمْ یَزَلْ حُمَاةُ أَهْلِ الشَّامِ یَذُبُّونَ عَنْهُ حَتَّی نَجَا هَارِباً عَلَی فَرَسِهِ وَ مَنْ مَعَهُ وَ أُصِیبَ هَاشِمٌ فِی الْمَعْرِكَةِ قَالَ وَ قَالَ عَمَّارٌ حِینَ نَظَرَ إِلَی رَایَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الرَّایَةَ قَدْ قَاتَلْتُهَا ثَلَاثَ عَرَكَاتٍ وَ مَا هَذِهِ بِأَرْشَدِهِنَّ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْوَ رِوَایَةِ الْإِخْتِصَاصِ إِلَی قَوْلِهِ فَأَمَّا أَبُو الْعَادِیَةِ فَطَعَنَهُ وَ أَمَّا ابْنُ جُوَیْنٍ فَإِنَّهُ اجْتَزَّ رَأْسَهُ فَقَالَ ذُو الْكَلَاعِ لِعَمْرٍو وَیْحَكَ مَا هَذَا قَالَ عَمْرٌو إِنَّهُ سَیَرْجِعُ إِلَیْنَا وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ یُصَابَ عَمَّارٌ فَأُصِیبَ عَمَّارٌ مَعَ عَلِیٍّ وَ أُصِیبَ ذُو الْكَلَاعِ مَعَ مُعَاوِیَةَ

ص: 31


1- 1 هذا هو الظاهر، و فی أصلی كان لفظ: «ان» فی قوله: «إن زحف به» مشطوبا، و كان فیه أیضا: للیوم أطول لأهل الشام». و فی كتاب صفّین ص 340: «و قد كان قال معاویة لعمرو: ویحك إن اللواء الیوم مع هاشم بن عتبة و قد كان من قبل یرقل به ...».

فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ مَا أَدْرِی بِقَتْلِ أَیِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ فَرَحاً وَ اللَّهِ لَوْ بَقِیَ ذُو الْكَلَاعِ حَتَّی یُقْتَلَ عَمَّارٌ لَمَالَ بِعَامَّةِ قَوْمِهِ وَ لَأَفْسَدَ عَلَیْنَا جُنْدَنَا قَالَ فَكَانَ لَا یَزَالُ رَجُلٌ یَجِی ءُ فَیَقُولُ أَنَا قَتَلْتُ عَمَّاراً فَیَقُولُ لَهُ عَمْرٌو فَمَا سَمِعْتُمُوهُ یَقُولُ فَیَخْلِطُونَ حَتَّی أَقْبَلَ ابْنُ جُوَیْنٍ فَقَالَ أَنَا قَتَلْتُ عَمَّاراً فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو فَمَا كَانَ آخِرَ مَنْطِقِهِ قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ

الْیَوْمَ أَلْقَی الْأَحِبَّةَ مُحَمَّداً وَ حِزْبَهُ

فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو صَدَقْتَ أَنْتَ صَاحِبُهُ أَمَا وَ اللَّهِ مَا ظَفِرْتَ بِذَلِكَ وَ لَكِنْ أَسْخَطْتَ رَبَّكَ (1)

وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ السُّدِّیِّ عَنْ عَبْدِ خَیْرٍ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَی عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ رُمِیَ رَمْیَةً فَأُغْمِیَ عَلَیْهِ وَ لَمْ یُصَلِّ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ لَا الْمَغْرِبَ وَ لَا الْعِشَاءَ وَ لَا الْفَجْرَ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَضَاهُنَّ جَمِیعاً یَبْدَأُ بِأَوَّلِ شَیْ ءٍ فَاتَهُ ثُمَّ الَّتِی تَلِیهَا.

وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنِ ابْنِ حُرَیْثٍ قَالَ: أَقْبَلَ غُلَامٌ لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ اسْمُهُ رَاشِدٌ یَحْمِلُ شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَقَالَ عَمَّارٌ أَمَا إِنِّی سَمِعْتُ خَلِیلِی رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْیَا شَرْبَةُ لَبَنٍ.

وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ الْأَوْسَطِ قَالَ: احْتَجَّ رَجُلَانِ بِصِفِّینَ فِی سَلْبِ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ فِی قَتْلِهِ فَأَتَیَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُمَا وَیْحَكُمَا اخْرُجَا عَنِّی فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ وَلِعَتْ قُرَیْشٌ بِعَمَّارٍ مَا لَهُمْ وَ لِعَمَّارٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَهُ إِلَی النَّارِ قَاتِلُهُ وَ سَالِبُهُ فِی النَّارِ قَالَ فَبَلَغَنِی أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَالَ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ أَخْرَجَهُ یَخْدَعُ بِذَلِكَ طَغَامَ أَهْلِ الشَّامِ.

وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ ابْنَ سُمَیَّةَ لَمْ یُخَیَّرْ بَیْنَ أَمْرَیْنِ قَطُّ إِلَّا اخْتَارَ

ص: 32


1- 1 كذا فی الأصل المطبوع، و فی كتاب صفّین ط مصر، ص 342: «أما و اللّٰه ما ظفرت یداك ...».

أَشَدَّهُمَا (1)

وَ فِی حَدِیثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَمَلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ هُوَ یَقُولُ:

كَلَّا وَ رَبِّ الْبَیْتِ لَا أَبْرَحُ أَجِی*** حَتَّی أَمُوتَ أَوْ أَرَی مَا أَشْتَهِی

أَنَا مَعَ الْحَقِّ أُقَاتِلُ مَعَ عَلِیٍّ***صِهْرِ النَّبِیِّ ذِی الْأَمَانَاتِ الْوَفِیِّ

إِلَی آخِرِ الْأَبْیَاتِ قَالَ فَضَرَبُوا أَهْلَ الشَّامِ حَتَّی اضْطَرُّوهُمْ إِلَی الْفُرَاتِ قَالَ وَ مَشَی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَیْدٍ سَیِّدُ جُرَشَ إِلَی ذِی الْكَلَاعِ فَقَالَ لَهُ لِمَ جَمَعْتَ بَیْنَ الرَّجُلَیْنِ قَالَ لِحَدِیثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعَبْسِیُّ وَ كَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ زَمَانِهِ لَیْلًا فَأَصْبَحَ فِی عَسْكَرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَحَدَّثَ النَّاسَ بِقَوْلِ عَمْرٍو فِی عَمَّارٍ فَلَمَّا سَمِعَ مُعَاوِیَةُ هَذَا الْقَوْلَ بَعَثَ إِلَی عَمْرٍو فَقَالَ أَفْسَدْتَ عَلَیَّ أَهْلَ الشَّامِ أَ كُلَّ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَقُولُهُ فَقَالَ عَمْرٌو قُلْتُهَا وَ لَسْتُ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ الْغَیْبَ وَ لَا أَدْرِی أَنَّ صِفِّینَ تَكُونُ وَ عَمَّارٌ خَصْمُنَا (2)وَ قَدْ رَوَیْتَ أَنْتَ فِیهِ مِثْلَ الَّذِی رَوَیْتُ فِیهِ فَاسْأَلْ أَهْلَ الشَّامِ فَغَضِبَ مُعَاوِیَةُ وَ تَنَمَّرَ لِعَمْرٍو وَ مَنَعَهُ خَیْرَهُ فَقَالَ عَمْرٌو لَا خَیْرَ لِی فِی جِوَارِ مُعَاوِیَةَ إِنْ تَجَلَّتْ هَذِهِ الْحَرْبُ عَنَّا وَ كَانَ عَمْرٌو حَمِیَّ الْأَنْفِ فَقَالَ فِی ذَلِكَ

ص: 33


1- 1 هذا هو الطاهر المذكور فی كتاب صفّین، و فی ط الكمبانیّ من كتاب البحار: «إلا اختار أشدهما».
2- 2 هذا هو الظاهر لمقتضی الحال و سیاق الكلام، و فی كتاب صفّین ط مصر، و شرح المختار: 124 من نهج البلاغة من ابن أبی الحدید: ج 2 ص 812 ط بیروت نقلا عن نصر بن مزاحم: «قلتها و لست أعلم الغیب و لا أدری أن صفّین تكون، قلتها و عمّار یومئذ لك ولی، و قد رویت أنت فیه مثل ...».

تُعَاتِبُنِی أَنْ قُلْتُ شَیْئاً سَمِعْتُهُ***وَ قَدْ قُلْتَ لَوْ أَنْصَفْتَنِی مِثْلَهُ قَبْلِی

وَ مَا كَانَ لِی عِلْمٌ بِصِفِّینَ أَنَّهَا***تَكُونُ وَ عَمَّارٌ یَحُثُّ عَلَی قَتْلِی

فَلَوْ كَانَ لِی بِالْغَیْبِ عِلْمٌ كَتَمْتُهَا***وَ كَابَدْتُ أَقْوَاماً مَرَاجِلُهُمْ تَغْلِی

إِلَی آخِرِ الْأَبْیَاتِ ثُمَّ أَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ بِأَبْیَاتٍ تَشْتَمِلُ عَلَی الِاعْتِذَارِ فَأَتَاهُ عَمْرٌو وَ أَعْتَبَهُ وَ صَارَ أَمْرُهُمَا وَاحِداً ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام دَعَا هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ وَ مَعَهُ لِوَاؤُهُ وَ كَانَ أَعْوَرَ وَ قَالَ حَتَّی مَتَی تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَ تَشْرَبُ الْمَاءَ فَقَالَ هَاشِمٌ لَأُجَهَّزَنَّ أَنْ لَا أَرْجِعَ إِلَیْكَ أَبَداً (1)قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ بِإِزَائِكَ ذَا الْكَلَاعِ وَ عِنْدَهُ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ فَتَقَدَّمَ هَاشِمٌ وَ تَعَرَّضَ لَهُ صَاحِبُ لِوَاءِ ذِی الْكَلَاعِ فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَیْنِ فَطَعَنَهُ هَاشِمٌ فَقَتَلَهُ وَ كَثُرَتِ الْقَتْلَی فَحَمَلَ ذُو الْكَلَاعِ فَاجْتَلَدَ النَّاسُ فَقُتِلَا جَمِیعاً وَ أَخَذَ ابْنُ هَاشِمٍ اللِّوَاءَ فَأُسِرَ أَسْراً فَأُتِیَ بِمُعَاوِیَةَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ وَ عِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا الْمُخْتَالُ بْنُ الْمِرْقَالِ فَدُونَكَ الضَّبَّ اللَّاحِظَ (2)فَإِنَّ الْعَصَا مِنَ الْعُصَیَّةِ وَ إِنَّمَا تَلِدُ الْحَیَّةُ حَیَّةً وَ جَزَاءُ السَّیِّئَةِ سَیِّئَةٌ فَقَالَ لَهُ ابْنُ هَاشِمٍ مَا أَنَا بِأَوَّلِ رَجُلٍ خَذَلَهُ قَوْمُهُ وَ أَدْرَكَهُ یَوْمُهُ قَالَ مُعَاوِیَةُ تِلْكَ ضَغَائِنُ صِفِّینَ وَ مَا جَنَی عَلَیْكَ أَبُوكَ فَقَالَ عَمْرٌو یَا أَمِیرَ

ص: 34


1- 1 كذا فی أصلی و فی كتاب صفّین و شرح ابن أبی الحدید: «لاجهدن ...» و هو أظهر.
2- 2 كذا فی أصلی من طبع الكمبانیّ من كتاب بحار الأنوار، و هذا إیجاز و اختصار مخل، و إلیك لفظ نصر بن مزاحم فی آخر الجزء الخامس من كتاب صفّین ص 348 ط مصر: قال نصر: حدّثنا عمرو بن شمر قال: لما انقضی أمر صفّین و سلم الامر الحسن علیه السلام إلی معاویة [و] وفدت علیه الوفود، أشخص عبد اللّٰه بن هاشم إلیه أسیرا، فلما أدخل علیه مثل بین یدیه و عنده عمرو بن العاص فقال: یا أمیر المؤمنین هذا المختال ابن المرقال، فدونك الضب المضب المغتر المفتون؛ فإن العصی من العصیة ... و الضب: اللصوق بالأرض، و المضب: الذی یلزم الشی ء لا یفارقه.

الْمُؤْمِنِینَ أَمْكِنِّی مِنْهُ فَأَشْخَبَ أَوْدَاجَهُ عَلَی أَثْبَاجِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ هَاشِمٍ أَ فَلَا كَانَ هَذَا یَا ابْنَ الْعَاصِ حِینَ أَدْعُوكَ إِلَی الْبِرَازِ وَ قَدِ ابْتَلَّتْ أَقْدَامُ الرِّجَالِ مِنْ نَقْعِ الْجِرْیَالِ (1)إِذْ تَضَایَقَتْ بِكَ الْمَسَالِكُ وَ أَشْرَفْتَ فِیهَا عَلَی الْمَهَالِكِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَكَانُكَ مِنْهُ لَنَشَبَتْ لَكَ مِنِّی خَافِیَةٌ أَرْمِیكَ مِنْ خِلَالِهَا بِأَحَدَّ مِنْ وَقْعِ الْأَثَافِیِّ (2)فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ تُكْثِرُ فِی دَهْشِكَ وَ تَخْبِطُ فِی مَرْسِكَ تَخَبُّطَ الْعَشْوَاءِ فِی اللَّیْلَةِ الْحَنْدَسِ الظَّلْمَاءِ قَالَ فَأَعْجَبَ مُعَاوِیَةَ مَا سَمِعَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ هَاشِمٍ فَأَمَرَ بِهِ إِلَی السِّجْنِ وَ كَفَّ عَنْ قَتْلِهِ.

وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنِ السُّدِّیِّ عَنْ عَبْدِ خَیْرٍ قَالَ: لَمَّا صُرِعَ هَاشِمٌ مَرَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ وَ هُوَ صَرِیعٌ بَیْنَ الْقَتْلَی فَقَالَ لَهُ أَقْرِئْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ السَّلَامَ وَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَ قُلْ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَّا أَصْبَحْتَ وَ قَدْ رَبَطْتَ مَقَاوِدَ خَیْلِكَ بِأَرْجُلِ الْقَتْلَی فَإِنَّ الدَّبْرَةَ تُصْبِحُ غَداً لِمَنْ غَلَبَ عَلَی الْقَتْلَی (3)فَأَخْبَرَ الرَّجُلُ عَلِیّاً بِذَلِكَ فَسَارَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی بَعْضِ اللَّیْلِ حَتَّی جَعَلَ الْقَتْلَی خَلْفَ ظَهْرِهِ وَ كَانَتِ الدَّبْرَةُ لَهُ عَلَیْهِمْ.

وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ (4)عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ أَنَّ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ دَعَا فِی

ص: 35


1- 1 فی كتاب صفّین: من نقیع الجریال. و فی تاج العروس: «الجریال» بالكسر، صبغ أحمر و كما سیأتی عند بیان المصنّف.
2- 2 كذا فی أصلی و سیأتی قریبا عند بیان المصنّف تفسیره، و فی شرح ابن أبی الحدید: ج 2 ص 814: «الاشافی» قیل: هی جمع «إشفی» و هو مخصف الاسكاف. هذا هو الظاهر المذكور فی شرح المختار: 83 من نهج البلاغة من شرح ابن أبی الحدید: ج 2 ص 278، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 2 ص 815.
3- 3 كذا فی أصلی، و فی كتاب صفّین ص 353: «نصر، عن عمرو بن شمر، عن رجل عن أبی سلمة ...».
4- 4 و فی شرح المختار: 124 من نهج البلاغة من شرح ابن أبی الحدید: ج 2 ص 817: «قال نصر: و حدّثنا عمر بن سعد عن الشعبی عن أبی سلمة ...». و القصة ذكرها أیضا الطبریّ فی تاریخه: ج 4 ص 30 و فی ط بیروت: ج 5 ص 42 قال: قال أبو مخنف: و حدّثنی أبو سلمة أن هاشم بن عتبة ...».

النَّاسِ عِنْدَ الْمَسَاءِ أَلَا مَنْ كَانَ یُرِیدُ اللَّهَ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ فَلْیُقْبِلْ إِلَیَّ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ نَاسٌ فَشَدَّ فِی عِصَابَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ مِرَاراً فَلَیْسَ مِنْ وَجْهٍ یَحْمِلُ عَلَیْهِ إِلَّا صَبَرُوا لَهُ وَ قُوتِلَ فِیهِ قِتَالًا شَدِیداً فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا یَهُولَنَّكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنْ صَبْرِهِمْ فَوَ اللَّهِ مَا تَرَوْنَ مِنْهُمْ إِلَّا حَمِیَّةَ الْعَرَبِ وَ صَبْرَهَا تَحْتَ رَایَاتِهَا وَ عِنْدَ مَرَاكِزِهَا وَ إِنَّهُمْ لَعَلَی الضَّلَالِ وَ إِنَّكُمْ لَعَلَی الْحَقِّ یَا قَوْمِ اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ اجْتَمِعُوا وَ اصْبِرُوا وَ امْشُوا بِنَا إِلَی عَدُوِّنَا عَلَی تُؤَدَةٍ رُوَیْداً وَ اذْكُرُوا اللَّهَ وَ لَا یُسَلِّمَنَّ رَجُلٌ أَخَاهُ وَ لَا تُكْثِرُوا الِالْتِفَاتَ وَ اصْمِدُوا صَمْدَهُمْ وَ جَالِدُوهُمْ مُحْتَسِبِینَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَمَضَی فِی عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِیداً هُوَ وَ أَصْحَابُهُ حَتَّی رَأَی بَعْضَ مَا یُسَرُّونَ بِهِ إِذْ خَرَجَ عَلَیْهِمْ فَتًی شَابٌّ وَ شَدَّ یَضْرِبُ بِسَیْفِهِ وَ یَلْعَنُ وَ یَشْتِمُ وَ یُكْثِرُ الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَهُ الْخِصَامُ وَ إِنَّ هَذَا الْقِتَالَ بَعْدَهُ الْحِسَابُ فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَی رَبِّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ هَذَا الْمَوْقِفِ وَ مَا أَرَدْتَ بِهِ قَالَ فَإِنِّی أُقَاتِلُكُمْ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ لَا یُصَلِّی كَمَا ذُكِرَ لِی وَ أَنَّكُمْ لَا تُصَلُّونَ وَ أُقَاتِلُكُمْ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ قَتَلَ خَلِیفَتَنَا وَ أَنْتُمْ وَازَرْتُمُوهُ عَلَی قَتْلِهِ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَ مَا أَنْتَ وَ ابْنَ عَفَّانَ إِنَّمَا قَتَلَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ وَ قُرَّاءُ النَّاسِ حِینَ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَ خَالَفَ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ هُمْ أَصْحَابُ الدِّینِ وَ أَوْلَی بِالنَّظَرِ فِی أُمُورِ الْمُسْلِمِینَ وَ مَا أَظُنُّ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا أَمْرَ هَذَا الدِّینِ عَنَاكَ طَرْفَةَ عَیْنٍ قَطُّ قَالَ الْفَتَی أَجَلْ وَ اللَّهِ لَا أَكْذِبُ فَإِنَّ الْكَذِبَ یَضُرُّ وَ لَا یَنْفَعُ وَ یَشِینُ وَ لَا یَزِینُ فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ فَخَلِّهِ وَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ قَالَ أَظُنُّكَ وَ اللَّهِ قَدْ نَصَحْتَنِی فَقَالَ لَهُ هَاشِمٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ فَإِنَّ صَاحِبَنَا لَا یُصَلِّی فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّی لِلَّهِ مَعَ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَفْقَهُهُ فِی دِینِ اللَّهِ وَ أَوْلَاهُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَ أَمَّا مَنْ تَرَی مَعَهُ فَكُلُّهُمْ قَارِئُ الْكِتَابِ لَا یَنَامُ اللَّیْلَ تَهَجُّداً فَلَا یَغْرُرْكَ عَنْ دِینِكَ الْأَشْقِیَاءُ الْمَغْرُورُونَ قَالَ الْفَتَی یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّكَ امْرَأً صَالِحاً أَخْبِرْنِی هَلْ تَجِدُ لِی مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ نَعَمْ تُبْ إِلَی اللَّهِ یَتُبْ عَلَیْكَ قَالَ فَذَهَبَ الْفَتَی رَاجِعاً فَقَالَ رَجُلٌ

ص: 36

مِنْ أَهْلِ الشَّامِ خَدَعَكَ الْعِرَاقِیُّ قَالَ لَا وَ لَكِنْ نَصَحَنِی وَ قَاتَلَ هَاشِمٌ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ قِتَالًا شَدِیداً حَتَّی قَتَلَ تِسْعَةَ نَفَرٍ أَوْ عَشَرَةً وَ حَمَلَ عَلَیْهِ الْحَارِثُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَطَعَنَهُ فَسَقَطَ وَ بَعَثَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ قَدِّمْ لِوَاءَكَ فَقَالَ لِلرَّسُولِ انْظُرْ إِلَی بَطْنِی فَإِذَا هُوَ قَدِ انْشَقَّ فَأَخَذَ الرَّایَةَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَ رَفَعَ هَاشِمٌ رَأْسَهُ فَإِذَا هُوَ بِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتِیلًا إِلَی جَانِبِهِ فَجَثَا حَتَّی دَنَا مِنْهُ فَعَضَّ عَلَی ثَدْیِهِ حَتَّی تَبَیَّنَتْ فِیهِ أَنْیَابُهُ ثُمَّ مَاتَ هَاشِمٌ وَ هُوَ عَلَی صَدْرِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ ضُرِبَ الْبَكْرِیُّ فَوَقَعَ فَأَبْصَرَ عُبَیْدَ اللَّهِ فَعَضَّ عَلَی ثَدْیِهِ الْآخَرِ وَ مَاتَ أَیْضاً فَوُجِدَا جَمِیعاً مَاتَا عَلَی صَدْرِ عُبَیْدِ اللَّهِ وَ لَمَّا قُتِلَ هَاشِمٌ جَزِعَ النَّاسُ عَلَیْهِ جَزَعاً شَدِیداً وَ أُصِیبَ مَعَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنَ الْقُرَّاءِ فَمَرَّ عَلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُمْ قَتْلَی حَوْلَهُ فَقَالَ:

جَزَی اللَّهُ خَیْراً عُصْبَةً أَسْلَمِیَّةً *** صَبَاحَ الْوُجُوهِ صُرِعُوا حَوْلَ هَاشِمٍ

یَزِیدُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بِشْرٌ وَ مَعْبَدٌ *** وَ سُفْیَانُ وَ ابْنَا هَاشِمٍ ذِی الْمَكَارِمِ

وَ عُرْوَةُ لَا یَبْعُدُ ثَنَاهُ وَ ذِكْرُهُ *** إِذَا اخْتَرَطَ الْبِیضُ الْخِفَافُ الصَّوَارِمُ

ثُمَّ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ وَ أَخَذَ الرَّایَةَ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهِ فَأَمَرَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْغُدُوِّ إِلَی الْقَوْمِ فَغَادَاهُمْ إِلَی الْقِتَالِ فَانْهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ وَ قَدْ غَلَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَی قَتْلَی أَهْلِ حِمْصٍ وَ غَلَبَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَی قَتْلَی أَهْلِ الْعَالِیَةِ وَ انْهَزَمَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ حَتَّی أَتَی الشَّامَ ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی فِی النَّاسِ أَنِ اخْرُجُوا إِلَی مَصَافِّكُمْ فَخَرَجَ النَّاسُ إِلَی مَصَافِّهِمْ وَ اقْتَتَلَ النَّاسُ إِلَی قَرِیبٍ مِنْ ثُلُثِ اللَّیْلِ.

بیان:

قال الجوهری الإرقال ضرب من الجنب و ناقة مرقل و مرقال إذا كانت كثیرة الإرقال و المرقال لقب هاشم بن عتبة الزهری لأن علیا علیه السلام دفع إلیه الرایة یوم صفین فكان یرقل بها إرقالا قوله سامت إلیه الصفوف فی

ص: 37

أكثر النسخ بالسین المهملة من قولهم سامت الإبل و الریح إذا مرت و استمرت أو من قولهم سامت الطیر علی الشی ء أی حامت و دامت و فی بعضها بالمعجمة من شاممته أی قاربته قوله فدونك الضب شبهه بالضب لبیان كثرة حقده و شدة عداوته قال الجوهری فی المثل أعق من ضب لأنه ربما أكل حسوله و الضب الحقد تقول أضب فلان علی غل فی قلبه أی أضمره و رجل خب ضب أی جربز مراوغ و قال فی المثل العصا من العصیة أی بعض الأمر من بعض و قال الزمخشری فی المستقصی العصا من العصیة هی فرس جزیمة و العصیة أمها یضرب فی مناسبة الشی ء سنخه و كانتا كریمتین و یروی العصا من العصیة و الأفعی بنت حیة و المعنی أن العود الكبیر ینشأ من الصغیر الذی غرس أولا یضرب للشی ء الجلیل الذی یكون فی بدئه حقیرا انتهی.

و الثبج بالتحریك ما بین الكاهل إلی الظهر و قال الجوهری النقع محبس الماء و كذلك ما اجتمع فی البئر منه و المنقع الموضع یستنقع فیه الماء و استنقع الماء فی الغدیر أی اجتمع و ثبت و استنقع الشی ء فی الماء علی ما لم یسم فاعله و قال الجریال صبغ أحمر عن الأصمعی و جریال الذهب حمرته و الجریال الخمر و جربال الخمر لونها و هنا كنایة عن الدم قوله بأحد من وقع الأثافی لعل المراد بالأثافی هنا السمة التی تكوی بها قال الجوهری المثفاة سمة كالأثافی و فی الأثافی مثل آخر مشهور قال فی المستقصی فی الأمثال رماه اللّٰه بثالثة الأثافی یعمد إلی قطعة من الجبل فیضم إلیها حجران ثم ینصب علیها القدر و المراد بثالثتها تلك القطعة و هی مثل لأكبر الشر و أفظعه و قیل معناه أنه رماه بالأثافی أثفیة بعد أثفیة حتی رماه اللّٰه بالثالثة فلم یبق غایة و المراد أنه رماه بالشر كله قوله تكثر فی دهشك أی تكثر الكلام فی تحیرك و خوفك و فی بعض النسخ بالسین المهملة و هو النبت لم یبق علیه لون الخضرة و المكان السهل لیس برمل و لا تراب و المرسة الحبل و الجمع مرس و فی بعض الروایات تكثر فی هوسك و تخبط فی دهسك و تنشب فی مرسك و الهوس شدة الأكل و السوق اللین و المشی الذی یعتمد فیه صاحبه علی الأرض و الإفساد و الدوران أو بالتحریك طرف من الجنون.

ص: 38

باب 14 باب ما ظهر من إعجازه علیه السلام فی بلاد صفین و سائر ما وقع فیها من النوادر

«381»-(1)لی، الأمالی للصدوق مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُوسُفَ الْفِرْیَابِیِّ عَنْ سُفْیَانَ عَنِ الْأَوْزَاعِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی كَثِیرٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ بِنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی بِلَادِ صِفِّینَ نَزَلَ بِقَرْیَةٍ یُقَالُ لَهَا صَنْدَوْدَاءُ ثُمَّ أَمَرَنَا فَعَبَرْنَا عَنْهَا ثُمَّ عَرَّسَ بِنَا فِی أَرْضٍ بَلْقَعٍ فَقَامَ إِلَیْهِ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُنْزِلُ النَّاسَ عَلَی غَیْرِ مَاءٍ فَقَالَ یَا مَالِكُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَیَسْقِینَا فِی هَذَا الْمَكَانِ مَاءً أَعْذَبَ مِنَ الشَّهْدِ وَ أَلْیَنَ مِنَ الزُّبْدِ الزُّلَالِ وَ أَبْرَدَ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَصْفَی مِنَ الْیَاقُوتِ فَتَعَجَّبْنَا وَ لَا عَجَبَ مِنْ قَوْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ أَقْبَلَ یَجُرُّ رِدَاءَهُ وَ بِیَدِهِ سَیْفُهُ حَتَّی وَقَفَ عَلَی أَرْضٍ بَلْقَعٍ فَقَالَ یَا مَالِكُ احْتَفِرْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ مَالِكٌ فَاحْتَفَرْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِصَخْرَةٍ سَوْدَاءَ عَظِیمَةٍ فِیهَا حَلْقَةٌ تَبْرُقُ كَاللُّجَیْنِ فَقَالَ لَنَا رُومُوهَا فَرُمْنَاهَا بِأَجْمَعِنَا وَ نَحْنُ مِائَةُ رَجُلٍ فَلَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُزِیلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَدَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَافِعاً یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ یَدْعُو وَ هُوَ یَقُولُ:

ص: 39


1- 381- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 14 من المجلس: 34 من أمالیه ص 155.

طاب طاب مربا بما لم طبیوثا بوثه شتمیا كوبا جاحا نوثا تودیثا برحوثا (1)آمِینَ آمِینَ رَبَّ الْعَالَمِینَ رَبَّ مُوسَی وَ هَارُونَ ثُمَّ اجْتَذَبَهَا فَرَمَاهَا عَنِ الْعَیْنِ أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً قَالَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ فَظَهَرَ لَنَا مَاءٌ أَعْذَبُ مِنَ الشَّهْدِ وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَصْفَی مِنَ الْیَاقُوتِ فَشَرِبْنَا وَ سُقِینَا ثُمَّ رَدَّ الصَّخْرَةَ وَ أَمَرَنَا أَنْ نَحْثُوَ عَلَیْهَا التُّرَابَ ثُمَّ ارْتَحَلَ وَ سِرْنَا فَمَا سِرْنَا إِلَّا غَیْرَ بَعِیدٍ قَالَ مَنْ مِنْكُمْ یَعْرِفُ مَوْضِعَ الْعَیْنِ فَقُلْنَا كُلُّنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَرَجَعْنَا فَطَلَبْنَا الْعَیْنَ فَخَفِیَ مَكَانُهَا عَلَیْنَا أَشَدَّ خَفَاءٍ فَظَنَنَّا أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ رَهِقَهُ الْعَطَشُ فَأَوْمَأْنَا بِأَطْرَافِنَا فَإِذَا نَحْنُ بِصَوْمَعَةِ رَاهِبٍ فَدَنَوْنَا مِنْهَا فَإِذَا نَحْنُ بِرَاهِبٍ قَدْ سَقَطَتْ حَاجِبَاهُ عَلَی عَیْنَیْهِ مِنَ الْكِبَرِ فَقُلْنَا یَا رَاهِبُ أَ عِنْدَكَ مَاءٌ نَسْقِی مِنْهُ صَاحِبَنَا قَالَ عِنْدِی مَاءٌ قَدِ اسْتَعْذَبْتُهُ مُنْذُ یَوْمَیْنِ فَأَنْزَلَ إِلَیْنَا مَاءً مُرّاً خَشِناً فَقُلْنَا هَذَا قَدِ اسْتَعْذَبْتَهُ مُنْذُ یَوْمَیْنِ فَكَیْفَ وَ لَوْ شَرِبْتَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِی سَقَانَا مِنْهُ صَاحِبُنَا وَ حَدَّثْنَاهُ بِالْأَمْرِ فَقَالَ صَاحِبُكُمْ هَذَا نَبِیٌّ قُلْنَا لَا وَ لَكِنَّهُ وَصِیُّ نَبِیٍّ فَنَزَلَ إِلَیْنَا بَعْدَ وَحْشَتِهِ مِنَّا وَ قَالَ انْطَلِقُوا بِی إِلَی صَاحِبِكُمْ فَانْطَلَقْنَا بِهِ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ شَمْعُونُ قَالَ الرَّاهِبُ نَعَمْ شَمْعُونُ هَذَا اسْمٌ سَمَّتْنِی بِهِ أُمِّی مَا اطَّلَعَ عَلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ثُمَّ أَنْتَ فَكَیْفَ عَرَفْتَهُ فَأَتِمَّ حَتَّی أُتِمَّهُ لَكَ قَالَ وَ مَا تَشَاءُ یَا شَمْعُونُ قَالَ هَذَا الْعَیْنَ وَ اسْمَهُ قَالَ هَذَا الْعَیْنُ رَاحُومَا وَ هُوَ مِنَ الْجَنَّةِ شَرِبَ مِنْهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَصِیّاً وَ أَنَا آخِرُ الْوَصِیِّینَ شَرِبْتُ مِنْهُ قَالَ الرَّاهِبُ هَكَذَا وَجَدْتُ فِی جَمِیعِ كُتُبِ الْإِنْجِیلِ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ رَحَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ الرَّاهِبُ یَقْدُمُهُ حَتَّی نَزَلَ بِصِفِّینَ وَ نَزَلَ مَعَهُ بِعَابِدَیْنِ وَ الْتَقَی الصَّفَّانِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أَصَابَتْهُ الشَّهَادَةُ الرَّاهِبَ فَنَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ عَیْنَاهُ تَهْمِلَانِ وَ هُوَ یَقُولُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ الرَّاهِبُ مَعَنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ رَفِیقِی فِی الْجَنَّةِ.

بیان:

البلقع و البلقعة الأرض القفر التی لا ماء بها.

ص: 40


1- 1 كذا.

«382»-(1)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ زَاذَانَ وَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالُوا كُنَّا مَعَهُ بِصِفِّینَ فَلَمَّا أَنْ صَافَّ مُعَاوِیَةُ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ مَیْمَنَتِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مَیْمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَی مُقَامِكَ فَرَجَعَ ثُمَّ أَقْبَلَ ثَانِیَةً فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مَیْمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَی مُقَامِكَ فَرَجَعَ ثُمَّ أَتَاهُ ثَالِثَةً كَأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَحْمِلُهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی مَیْمَنَتِكَ خَلَلٌ فَقَالَ علیه السلام قِفْ فَوَقَفَ فَقَالَ علیه السلام عَلَیَّ بِمَالِكٍ الْأَشْتَرِ فَأَتَاهُ مَالِكٌ فَقَالَ علیه السلام یَا مَالِكُ قَالَ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ تَرَی مَیْسَرَةَ مُعَاوِیَةَ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَرَی صَاحِبَ الْفَرَسِ الْمُعَلَّمِ قَالَ نَعَمْ قَالَ الَّذِی عَلَیْهِ الْقَبَاءُ الْأَحْمَرُ قَالَ نَعَمْ قَالَ انْطَلِقْ فَأْتِنِی بِرَأْسِهِ فَخَرَجَ مَالِكٌ فَدَنَا مِنْهُ وَ ضَرَبَهُ فَسَقَطَ رَأْسُهُ ثُمَّ تَنَاوَلَهُ فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَأَلْقَاهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الرَّجُلِ فَقَالَ نَشَدْتُكَ اللَّهَ هَلْ كُنْتَ إِذْ نَظَرْتَ إِلَی هَذَا فَرَأَیْتَهُ وَ حُلِیَّهُ وَ هُوَ مَلَأَ قَلْبَكَ فَرَأَیْتَ الْخَلَلَ فِی أَصْحَابِكَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ عَلَیْنَا وَ نَحْنُ حَوْلَهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِی بِهَذَا وَ اللَّهِ رَسُولُ اللَّهِ أَ فَتَرَوْنَهُ بَقِیَ بَعْدَ هَذَا شَیْ ءٌ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ ارْجِعْ إِلَی مُقَامِكَ.

«383»-(2)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَقِیصَا قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام نُرِیدُ صِفِّینَ فَمَرَرْنَا بِكَرْبَلَاءَ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ أَصْحَابِهِ ثُمَّ سِرْنَا حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی رَاهِبٍ فِی صَوْمَعَتِهِ وَ تَقَطَّعَ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ وَ شَكَوْا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام ذَلِكَ وَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ بِهِمْ طَرِیقاً لَا مَاءَ فِیهِ مِنَ الْبَرِّ

ص: 41


1- 382- و رواه الراوندیّ فی الخرائج ص 170. و ربما یشیر إلی هذا الحدیث ما رواه الطبریّ قبل عنوان: «خبر هاشم بن عتبة ...» من تاریخه: ج 4 ص 29، و فی ط: ج 5 ص 42.
2- 383- و رواه الراوندیّ فی الخرائج ص 199؛ أما التالیین فغیر موجودین فیه. و قریبا منه رواه نصر بن مزاحم «عن عبد العزیز بن سیاه، عن حبیب بن أبی ثابت، عن أبی سعید التیمی [دینار] المعروف بعقیصا ...» كما فی أوائل الجزء الثالث من كتاب صفّین، ص 145، ط مصر. و قریبا منه رواه بسند آخر فی ص 147. و رواه أیضا الاسكافی المتوفی عام: 240 فی كتاب المغیار و الموازنة، ص 134، ط 1. و رواه أیضا الخوارزمی فی الفصل: 3 من الفصل 16 من مناقبه، ص 167، ط النجف.

وَ تَرَكَ طَرِیقَ الْفُرَاتِ فَدَنَا مِنَ الرَّاهِبِ فَهَتَفَ بِهِ وَ أَشْرَفَ إِلَیْهِ قَالَ أَ قُرْبَ صَوْمَعَتِكَ مَاءٌ قَالَ لَا فَثَنَّی رَأْسَ بَغْلَتِهِ فَنَزَلَ فِی مَوْضِعٍ فِیهِ رَمْلٌ وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یَحْفِرُوا الرَّمْلَ فَحَفَرُوا فَأَصَابُوا تَحْتَهُ صَخْرَةً بَیْضَاءَ فَاجْتَمَعَ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ فَلَمْ یُحَرِّكُوهَا فَقَالَ علیه السلام تَنَحَّوْا فَإِنِّی صَاحِبُهَا ثُمَّ أَدْخَلَ یَدَهُ الْیُمْنَی تَحْتَ الصَّخْرَةِ فَقَلَعَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا حَتَّی رَآهَا النَّاسُ عَلَی كَفِّهِ فَوَضَعَهَا نَاحِیَةً فَإِذَا تَحْتَهَا عَیْنُ مَاءٍ أَرَقُّ مِنَ الزُّلَالِ وَ أَعْذَبُ مِنَ الْفُرَاتِ فَشَرِبَ النَّاسُ وَ اسْتَقَوْا وَ تَزَوَّدُوا ثُمَّ رَدَّ الصَّخْرَةَ إِلَی مَوْضِعِهَا وَ جَعَلَ الرَّمْلَ كَمَا كَانَ وَ جَاءَ الرَّاهِبُ فَأَسْلَمَ وَ قَالَ إِنَّ أَبِی أَخْبَرَنِی عَنْ جَدِّهِ وَ كَانَ مِنْ حَوَارِیِّ عِیسَی أَنَّ تَحْتَ هَذَا الرَّمْلِ عَیْنُ مَاءٍ وَ أَنَّهُ لَا یَسْتَنْبِطُهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ وَ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَ تَأْذَنُ لِی أَنْ أَصْحَبَكَ فِی وَجْهِكَ هَذَا قَالَ علیه السلام الْزَمْنِی وَ دَعَا لَهُ فَفَعَلَ فَلَمَّا كَانَ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ قُتِلَ الرَّاهِبُ فَدَفَنَهُ بِیَدِهِ وَ قَالَ علیه السلام لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ إِلَی مَنْزِلِهِ فِی الْجَنَّةِ وَ دَرَجَتِهِ الَّتِی أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا.

«384»- یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا طَالَ الْمُقَامُ بِصِفِّینَ شَكَوْا إِلَیْهِ نَفَادَ الزَّادِ وَ الْعَلَفِ بِحَیْثُ لَمْ یَجِدْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ شَیْئاً یُؤْكَلُ فَقَالَ علیه السلام طِیبُوا نَفْساً فَإِنَّ غَداً یَصِلُ إِلَیْكُمْ مَا یَكْفِیكُمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَ تَقَاضَوْهُ صَعِدَ علیه السلام عَلَی تَلٍّ كَانَ هُنَاكَ وَ دَعَا بِدُعَاءٍ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ یُطْعِمَهُمْ وَ یَعْلِفَ دَوَابَّهُمْ ثُمَّ نَزَلَ وَ رَجَعَ إِلَی مَكَانِهِ فَمَا اسْتَقَرَّ إِلَّا وَ قَدْ أَقْبَلَتِ الْعِیرُ بَعْدَ الْعِیرِ عَلَیْهَا اللُّحْمَانُ وَ التَّمْرُ وَ الدَّقِیقُ وَ الْمِیَرُ بِحَیْثُ امْتَلَأَتْ بِهَا الْبَرَارِی وَ فَرَّغَ أَصْحَابُ الْجِمَالِ جَمِیعَ الْأَحْمَالِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَ جَمِیعَ مَا مَعَهُمْ مِنْ عَلَفِ الدَّوَابِّ وَ غَیْرِهَا مِنَ الثِّیَابِ وَ جِلَالِ الدَّوَابِّ وَ جَمِیعَ مَا یَحْتَاجُونَ إِلَیْهِ حَتَّی الْخَیْطَ وَ الْمِخْیَطَ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ لَمْ یَدْرِ أَحَدٌ مِنْ أَیِّ الْبِقَاعِ وَرَدُوا مِنَ الْإِنْسِ أَمْ مِنَ الْجِنِّ وَ تَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ.

«385»- یج، الخرائج و الجرائح رَوَی عَلِیُّ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُرِیدُ صِفِّینَ فَلَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ وَ قَرُبَ مِنَ الْجَبَلِ وَ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَمْعَنَ بَعِیداً ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَذَّنَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْأَذَانِ انْفَلَقَ الْجَبَلُ عَنْ هَامَةٍ بَیْضَاءَ وَ لِحْیَةٍ وَ وَجْهٍ أَبْیَضَ فَقَالَ

ص: 42

السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ مَرْحَباً بِوَصِیِّ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَ قَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ سَیِّدِ الْوَصِیِّینَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَخِی شَمْعُونَ بْنَ حَمُّونَ الصَّفَا وَصِیَّ رُوحِ الْقُدُسِ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ كَیْفَ حَالُكَ قَالَ بِخَیْرٍ یَرْحَمُكَ اللَّهُ أَنَا مُنْتَظِرٌ نُزُولَ رُوحِ الْقُدُسِ فَاصْبِرْ یَا أَخِی عَلَی مَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الْأَذَی فَاصْبِرْ یَا أَخِی حَتَّی تَلْقَی الْحَبِیبَ غَداً فَلَمْ أَعْلَمْ أَحَداً أَحْسَنَ بَلَاءً فِی اللَّهِ مِنْكُمْ وَ لَا أَعْظَمَ ثَوَاباً وَ لَا أَرْفَعَ مَكَاناً وَ قَدْ رَأَیْتُ مَا لَقِیَ أَصْحَابُكَ بِالْأَمْسِ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَإِنَّهُمْ نُشِرُوا بِالْمَنَاشِیرِ وَ صُلِبُوا عَلَی الْخُشُبِ فَلَوْ تَعْلَمُ تِلْكَ الْوُجُوهُ الْمَارِقَةُ الْمُفَارِقَةُ لَكَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهَا مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَ السَّخَطِ وَ النَّكَالِ لَأَقْصَرَتْ وَ لَوْ تَعْلَمُ هَذِهِ الْوُجُوهُ الْمُتَمَنِّیَةُ بِكَ مَا لَهَا مِنَ الثَّوَابِ فِی طَاعَتِكَ لَتَمَنَّتْ أَنْ تُقْرَضَ بِالْمَقَارِیضِ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ وَ الْتَأَمَ عَلَیْهِ الْجَبَلُ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْقِتَالِ فَسَأَلَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ وَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِیُّ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِیُّ وَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ الرَّجُلِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ الصَّفَا وَ كَانُوا قَدْ سَمِعُوا كَلَامَهُمَا فَازْدَادُوا بَصِیرَةً فِی الْمُجَاهَدَةِ مَعَهُ وَ قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَ أَبُو أَیُّوبَ بِأُمَّهَاتِنَا وَ آبَائِنَا نَفْدِیكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَوَ اللَّهِ لَنَنْصُرَنَّكَ كَمَا نَصَرْنَا أَخَاكَ رَسُولَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا تَأَخَّرَ عَنْكَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِلَّا شَقِیٌّ فَدَعَا لَهُمَا بِالْخَیْرِ.

«386»-(1)جا، المجالس للمفید عَلِیُّ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ [بْنِ] یَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِلْحٍ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِی صَادِقٍ عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ شُعَیْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ قَیْسٍ مَوْلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِثْلَهُ.

«387»-(2)شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ النَّاسُ مَعَ أَمِیرِ

ص: 43


1- ٣٨٦ - رواه الشیخ المفید قدس سره فی المجلس: (١٢) من أمالیه ص ١٠٥.
2- 387- رواه العیّاشیّ رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة: 91 من سورة التوبة من تفسیره: ج 2 ص 103. و رواه عنه السیّد البحرانیّ فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیر البرهان: ج 2 ص 150، ط 2. و رواه أیضا الطبریّ عن أبی مخنف عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبیه فی أواخر حوادث سنة 37 من تاریخه: ج 1، ص 3345، و فی ط: ج 4 ص 43، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 5 ص 60. و تقدم أیضا بسند آخر عن كتاب صفّین فی أواسط الباب: 12 تحت الرقم: 334 ص 506 ط الكمبانیّ. و بعض كلام أمیر المؤمنین المذكور فیه رواه السیّد الرضیّ فی المختار: 42 و ما بعده من قصار نهج البلاغة. و رواه أیضا الشیخ الطوسیّ بسند آخر فی الحدیث 2 من المجلس 9 من الجزء الثانی من أمالیه.

الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ أَقْبَلْنَا مَعَهُ فَأَخَذَ طَرِیقاً غَیْرَ طَرِیقِنَا الَّذِی أَقْبَلْنَا فِیهِ حَتَّی إِذَا جُزْنَا النُّخَیْلَةَ وَ رَأَیْنَا أَبْیَاتَ الْكُوفَةِ إِذَا شَیْخٌ جَالِسٌ فِی ظِلِّ بَیْتٍ عَلَی وَجْهِهِ أَثَرُ الْمَرَضِ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ نَحْنُ مَعَهُ حَتَّی سَلَّمَ عَلَیْهِ وَ سَلَّمْنَا مَعَهُ فَرَدَّ رَدّاً حَسَناً فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ عَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا لِی أَرَی وَجْهَكَ مُنْكَسِراً مُصْفَارّاً فَمِمَّ ذَاكَ أَ مِنْ مَرَضٍ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَعَلَّكَ كَرِهْتَهُ فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّهُ یَعْتَرِینِی وَ لَكِنْ أَحْتَسِبُ الْخَیْرَ فِیمَا أَصَابَنِی (1)قَالَ فَأَبْشِرْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ غُفْرَانِ ذَنْبِكَ فَمَنْ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أَنَا صَالِحُ بْنُ سُلَیْمٍ قَالَ مِمَّنْ قَالَ أَمَّا الْأَصْلُ فَمِنْ سَلَامَانِ بْنِ طَیٍّ وَ أَمَّا الْجِوَارُ وَ الدَّعْوَةُ فَمِنْ بَنِی سُلَیْمِ بْنِ مَنْصُورٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا أَحْسَنَ اسْمَكَ وَ اسْمَ أَبِیكَ وَ اسْمَ أَجْدَادِكَ وَ اسْمَ مَنِ اعْتَزَیْتَ إِلَیْهِ فَهَلْ شَهِدْتَ مَعَنَا غَزَاتَنَا هَذِهِ فَقَالَ لَا وَ لَقَدْ أَرَدْتُهَا وَ لَكِنْ مَا تَرَی فِیَّ مِنْ لَجَبِ الْحُمَّی خَذَلَنِی عَنْهَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ عَلَی الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَی

ص: 44


1- 1 كذا فی أصلی، و فی تاریخ الطبریّ: «قال ما أحبّ أنّه بغیری. قال: أ لیس احتسابا للخیر فیما أصابك منه؟ قال: بلی. قال: فابشر برحمة ربك ...». و قریبا منه رواه الاسكافی المتوفی عام: 240 فی كتاب المعیار ص 192، ط 1.

الْمَرْضی وَ لا عَلَی الَّذِینَ لا یَجِدُونَ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ مِنْ سُورَةِ الْبَرَاءَةِ ثُمَّ قَالَ فَخَبِّرْنِی مَا قَوْلُ النَّاسِ فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ مِنْهُمُ الْمَسْرُورُ وَ الْمَحْبُورُ فِیمَا كَانَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ وَ هُمْ أَغَشُّ النَّاسِ لَكَ فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ قَالَ وَ مِنْهُمُ الْكَاسِفُ الْآسِفُ (1)لِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ وَ أُولَئِكَ نُصَحَاءُ النَّاسِ لَكَ فَقَالَ لَهُ صَدَقْتَ جَعَلَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَیِّئَاتِكَ فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِیهِ وَ لَكِنْ لَا یَدَعُ عَلَی الْعَبْدِ ذَنْباً إِلَّا حَطَّهُ وَ إِنَّمَا الْأَجْرُ فِی الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ الْعَمَلِ بِالْیَدِ وَ الرِّجْلِ وَ إِنَّ اللَّهَ لَیُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّیَّةِ وَ السَّرِیرَةِ الصَّالِحَةِ عَالَماً جَمّاً مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةَ.

بیان: قال الجوهری حبرنی هذا الأمر أی سرنی و قال رجل كاسف البال أی سیئ الحال و كاسف الوجه أی عابس و الجم الكثیر.

«388»-(2)یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا سَارَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی صِفِّینَ وَقَفَ بِالْفُرَاتِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ أَیْنَ الْمَخَاضُ فَقَالُوا أَنْتَ أَعْلَمُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ امْضِ إِلَی هَذَا التَّلِّ وَ نَادِ یَا جلند [جُلَنْدَی] أَیْنَ الْمَخَاضُ قَالَ فَصَارَ حَتَّی وصلت تل [وَصَلَ إِلَی التَّلِ] وَ نَادَی یَا جلند [جُلَنْدَی] فَأَجَابَهُ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ خَلْقٌ كَثِیرٌ قَالَ فَبُهِتَ وَ لَمْ یَعْلَمْ مَا یَصْنَعُ فَأَتَی إِلَی الْإِمَامِ وَ قَالَ یَا مَوْلَایَ جَاوَبَنِی خَلْقٌ كَثِیرٌ فَقَالَ یَا قَنْبَرُ امْضِ وَ قُلْ یَا جلند [جُلَنْدَی] بْنَ كِرْكِرَ أَیْنَ الْمَخَاضُ قَالَ فَكَلَّمَهُ وَاحِدٌ وَ قَالَ وَیْلَكُمْ مَنْ عَرَفَ اسْمِی وَ اسْمَ أَبِی وَ أَنَا فِی هَذَا الْمَكَانِ وَ قَدْ بَقِیَ قِحْفُ رَأْسِی عَظْمَ نَخِرٍ رَمِیمٍ وَ لِی ثَلَاثُ آلَافِ سَنَةٍ مَا یَعْلَمُ الْمَخَاضَ هُوَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ مِنِّی یَا وَیْلَكُمْ مَا أَعْمَی قُلُوبَكُمْ وَ أَضْعَفَ نُفُوسَكُمْ وَیْلَكُمْ امْضُوا إِلَیْهِ وَ اتَّبِعُوهُ فَأَیْنَ خَاضَ خُوضُوا مَعَهُ فَإِنَّهُ أَشْرَفُ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

ص: 45


1- 1 هذا هو الصواب المذكور فی تفسیر البرهان، و فی ط الكمبانیّ من البحار: «العاصف ...».
2- 388- الفضائل لشاذان بن جبرائیل ط النجف ص 14. مع مغایرات غیر یسیرة فی اللفظ، هذا و مؤلّفه مجهول الهویة.

بیان: مخاض الماء الموضع الذی یجوز الناس فیه مشاة و ركبانا.

«389»-(1)یل، الفضائل لابن شاذان فض، كتاب الروضة بِالْإِسْنَادِ یَرْفَعُهُ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنْ صِفِّینَ فَعَطِشَ الْجَیْشُ وَ لَمْ یَكُنْ بِتِلْكَ الْأَرْضِ مَاءٌ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَی وَارِثِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فَجَعَلَ یَدُورُ فِی تِلْكَ الْأَرْضِ إِلَی أَنِ اسْتَبْطَنَ الْبَرَّ فَرَأَی صَخْرَةً عَظِیمَةً فَوَقَفَ عَلَیْهَا وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكِ أَیَّتُهَا الصَّخْرَةُ فَقَالَتِ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا وَارِثَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ فَقَالَ لَهَا أَیْنَ الْمَاءُ قَالَ تَحْتِی یَا وَصِیَّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَأَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا قَالَتِ الصَّخْرَةُ لَهُ قَالَ فَانْكَبُّوا إِلَیْهَا بِمِائَةِ نَفَرٍ فَعَجَزُوا أَنْ یُحَرِّكُوهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ علیه السلام إِلَیْكُمْ عَنْهَا ثُمَّ إِنَّهُ علیه السلام وَقَفَ عَلَیْهَا وَ حَرَّكَ شَفَتَیْهِ وَ دَفَعَهَا بِیَدِهِ فَانْقَلَبَتْ كَلَمْحِ الْبَصَرِ وَ إِذَا تَحْتَهَا عَیْنُ مَاءٍ أَحْلَی مِنَ الْعَسَلِ وَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ فَسَقَوُا الْمُسْلِمِینَ وَ سَقَوْا خُیُولَهُمْ وَ أَكْثَرُوا مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ إِنَّهُ علیه السلام أَقْبَلَ إِلَی الصَّخْرَةِ وَ قَالَ لَهَا عُودِی إِلَی مَوْضِعِكِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَعَلَتْ تَدُورُ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ كَالْكُرَةِ فِی الْمَیْدَانِ حَتَّی أَطْبَقَتْ عَلَی الْعَیْنِ ثُمَّ رَجَعُوا وَ رَحَلُوا عَنْهَا.

«390»-(2)یج، الخرائج و الجرائح عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا فَرَغَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ وَقَفَ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ قَالَ أَیُّهَا الْوَادِی مَنْ أَنَا فَاضْطَرَبَ وَ تَشَقَّقَتْ أَمْوَاجُهُ وَ قَدْ نَظَرَ النَّاسُ فَسَمِعُوا مِنَ الْفُرَاتِ صَوْتاً أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ.

«391»-(3)یج، الخرائج و الجرائح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّكْسَكِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا قَدِمَ مِنْ صِفِّینَ وَقَفَ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ ثُمَّ انْتَزَعَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهَا قَضِیباً أَصْفَرَ فَضَرَبَ بِهِ الْفُرَاتَ وَ قَالَ

ص: 46


1- 389- لم أجد فی الفضائل روایة بهذا النصّ إلّا أنّه فی ص 107 ذكر ما یقرب منه.
2- 390- رواه القطب الدین الراوندیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الخرائج.
3- 391- رواهما قطب الدین الراوندیّ فی كتاب الخرائج. و رواه مسندا الشیخ منتجب الدین رحمه اللّٰه فی الحكایة الأولی من خاتمة أربعینه ص 75.

انْفَجِرِی فَانْفَجَرَتْ اثْنَتا عَشْرَةَ عَیْناً كُلُّ عَیْنٍ كَالطَّوْدِ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ یَفْهَمُوهُ فَأَقْبَلَتِ الْحِیتَانُ رَافِعَةً رُءُوسَهَا بِالتَّهْلِیلِ وَ التَّكْبِیرِ وَ قَالَتِ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا حُجَّةَ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ فِی أَرْضِهِ وَ یَا عَیْنَ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ خَذَلَكَ قَوْمُكَ بِصِفِّینَ كَمَا خَذَلَ هَارُونَ بْنَ عِمْرَانَ قَوْمُهُ فَقَالَ لَهُمْ أَ سَمِعْتُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَهَذِهِ آیَةٌ لِی عَلَیْكُمْ وَ قَدْ أَشْهَدْتُكُمْ عَلَیْهِ.

«392»-(1)یج، الخرائج و الجرائح عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَیْدٍ قَالَ: كُنْتُ حَاجّاً إِلَی بَیْتِ اللَّهِ فَبَیْنَا أَنَا فِی الطَّوَافِ إِذْ رَأَیْتُ جَارِیَتَیْنِ عِنْدَ الرُّكْنِ الْیَمَانِیِّ تَقُولُ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَی لَا وَ حَقِّ الْمُنْتَجَبِ لِلْوَصِیَّةِ وَ الْقَاسِمِ بِالسَّوِیَّةِ وَ الْعَادِلِ فِی الْقَضِیَّةِ بَعْلِ فَاطِمَةَ الزَّكِیَّةِ الرَّضِیَّةِ الْمَرْضِیَّةِ مَا كَانَ كَذَا فَقُلْتُ مَنْ هَذَا الْمَنْعُوتُ فَقَالَتْ هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَمُ الْأَعْلَامِ وَ بَابُ الْأَحْكَامِ قَسِیمُ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ رَبَّانِیُّ الْأُمَّةِ قُلْتُ مِنْ أَیْنَ تَعْرِفِینَهُ قَالَتْ كَیْفَ لَا أَعْرِفُهُ وَ قَدْ قُتِلَ أَبِی بَیْنَ یَدَیْهِ بِصِفِّینَ وَ لَقَدْ دَخَلَ عَلَی أُمِّی لَمَّا رَجَعَ فَقَالَ یَا أُمَّ الْأَیْتَامِ كَیْفَ أَصْبَحْتِ قَالَتْ بِخَیْرٍ ثُمَّ أَخْرَجَتْنِی وَ أُخْتِی هَذِهِ إِلَیْهِ وَ كَانَ قَدْ رَكِبَتْنِی مِنَ الْجُدَرِیِّ مَا ذَهَبَ بِهِ بَصَرِی فَلَمَّا نَظَرَ علیه السلام إِلَیَّ تَأَوَّهَ وَ قَالَ:

مَا إِنْ تَأَوَّهْتُ مِنْ شَیْ ءٍ رُزِئْتُ بِهِ***كَمَا تَأَوَّهْتُ لِلْأَطْفَالِ فِی الصِّغَرِ

قَدْ مَاتَ وَالِدُهُمْ مَنْ كَانَ یَكْفُلُهُمْ***فِی النَّائِبَاتِ وَ فِی الْأَسْفَارِ وَ الْحَضَرِ

ثُمَّ أَمَرَّ یَدَهُ الْمُبَارَكَةَ عَلَی وَجْهِی فَانْفَتَحَتْ عَیْنِی لِوَقْتِی وَ سَاعَتِی فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی الْجَمَلِ الشَّارِدِ فِی اللَّیْلَةِ الْمُظْلِمَةِ بِبَرَكَتِهِ علیه السلام.

ص: 47


1- 392- رواهما قطب الدین الراوندیّ فی كتاب الخرائج. و رواه مسندا الشیخ منتجب الدین رحمه اللّٰه فی الحكایة الأولی من خاتمة أربعینه ص 75.

ص: 48

باب 15 باب ما جری بین معاویة و عمرو بن العاص فی [التحامل علی] علی علیه السلام

«393»-(1)لی، الأمالی للصدوق الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ عَدِیٍّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ یُونُسَ بْنِ أَبِی إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الصَّقْرِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ أَرْطَاةَ قَالَ: قَالَ مُعَاوِیَةُ یَوْماً لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَیُّنَا أَدْهَی قَالَ عَمْرٌو أَنَا لِلْبَدِیهَةِ وَ أَنْتَ لِلرَّوِیَّةِ قَالَ مُعَاوِیَةُ قَضَیْتَ لِی عَلَی نَفْسِكَ وَ أَنَا أَدْهَی مِنْكَ فِی الْبَدِیهَةِ قَالَ عَمْرٌو فَأَیْنَ كَانَ دَهَاؤُكَ یَوْمَ رَفَعْتُ الْمَصَاحِفَ قَالَ بِهَا غَلَبْتَنِی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ فَلَا أَسْأَلُكَ عَنْ شَیْ ءٍ تَصْدُقُنِی فِیهِ قَالَ وَ اللَّهِ إِنَّ الْكَذِبَ لَقَبِیحٌ فَاسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ أَصْدُقْكَ فَقَالَ هَلْ غَشَشْتَنِی مُنْذُ نَصَحْتَنِی قَالَ لَا قَالَ بَلَی وَ اللَّهِ لَقَدْ غَشَشْتَنِی أَمَا إِنِّی لَا أَقُولُ فِی كُلِّ الْمَوَاطِنِ وَ لَكِنْ فِی مَوْطِنٍ وَاحِدٍ قَالَ وَ أَیُّ مَوْطِنٍ قَالَ یَوْمَ دَعَانِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ لِلْمُبَارَزَةِ فَاسْتَشَرْتُكَ فَقُلْتُ مَا تَرَی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتَ كُفْوٌ كَرِیمٌ فَأَشَرْتَ عَلَیَّ بِمُبَارَزَتِهِ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَنْ هُوَ فَعَلِمْتُ أَنَّكَ غَشَشْتَنِی قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ دَعَاكَ رَجُلٌ إِلَی مُبَارَزَةٍ عَظِیمُ الشَّرَفِ جَلِیلُ الْخَطَرِ وَ كُنْتَ مِنْ مُبَارَزَتِهِ

ص: 49


1- 393- رواه الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی الحدیث: 5 من المجلس: 17 من أمالیه ص 69.

عَلَی إِحْدَی الحسنین [الْحُسْنَیَیْنِ] إِمَّا أَنْ تَقْتُلَهُ فَتَكُونَ قَدْ قَتَلْتَ قِتَالَ الْأَقْرَانِ وَ تَزْدَادُ بِهِ شَرَفاً إِلَی شَرَفِكَ وَ تَخْلُو بِمُلْكِكَ وَ إِمَّا أَنْ تَعْجَلَ إِلَی مُرَافَقَةِ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِیقاً قَالَ مُعَاوِیَةُ هَذِهِ شَرٌّ مِنَ الْأُولَی وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنِّی لَوْ قَتَلْتُهُ دَخَلْتُ النَّارَ وَ لَوْ قَتَلَنِی دَخَلْتُ النَّارَ قَالَ لَهُ عَمْرٌو فَمَا حَمَلَكَ عَلَی قِتَالِهِ قَالَ الْمُلْكُ عَقِیمٌ وَ لَنْ یَسْمَعَهَا مِنِّی أَحَدٌ بَعْدَكَ.

«394»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ اسْتَضْحَكَ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو مَا أَضْحَكَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَدَامَ اللَّهُ سُرُورَكَ قَالَ ذَكَرْتُ ابْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدْ غَشِیَكَ بِسَیْفِهِ فَاتَّقَیْتَهُ وَ وَلَّیْتَ فَقَالَ أَ تَشْمَتُ بِی یَا مُعَاوِیَةُ فَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا یَوْمٌ دَعَاكَ إِلَی الْبِرَازِ فَالْتَمَعَ لَوْنُكَ وَ أَطَّتْ أَضْلَاعُكَ وَ انْتَفَخَ سَحْرُكَ وَ اللَّهِ لَوْ بَارَزْتَهُ لَأَوْجَعَ قَذَالَكَ وَ أَیْتَمَ عِیَالَكَ وَ بَزَّكَ سُلْطَانَكَ وَ أَنْشَأَ عَمْرٌو یَقُولُ:

مُعَاوِیَ لَا تُشْمِتْ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ***لَقِیَ فَارِساً لَا تَعْتَلِیهِ الْفَوَارِسُ

مُعَاوِیَ لَوْ أَبْصَرْتَ فِی الْحَرْبِ مُقْبِلًا***أَبَا حَسَنٍ تَهْوِی عَلَیْكَ الْوَسَاوِسُ

وَ أَیْقَنْتَ أَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ أَنَّهُ*** لِنَفْسِكَ إِنْ لَمْ تُمْعِنِ الرَّكْضَ خَالِسٌ

دَعَاكَ فَصُمَّتْ دُونَهُ الْأُذُنُ إِذْ دَعَا***وَ نَفْسُكَ قَدْ ضَاقَتْ عَلَیْهَا الْأَمَالِسُ

أَ تُشْمِتُ بِی أَنْ نَالَنِی حَدُّ رُمْحِهِ***وَ عَضَّضَنِی نَابٌ مِنَ الْحَرْبِ نَاهِسٌ

فَأَیُّ امْرِئٍ لَاقَاهُ لَمْ یَلْقَ شِلْوَهُ***بِمُعْتَرَكٍ تُسْفَی عَلَیْهِ الرَّوَامِسُ

أَبَی اللَّهُ إِلَّا أَنَّهُ لَیْثُ غَابَةٍ***أَبُو أَشْبُلٍ تُهْدَی إِلَیْهِ الْفَرَائِسُ

فَإِنْ كُنْتَ فِی شَكٍّ فَأَرْهِجْ عَجَاجَةً***وَ إِلَّا فَتِلْكَ التُّرَّهَاتُ الْبَسَابِسُ

فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَهْلًا یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ لَا كُلَّ هَذَا قَالَ أَنْتَ اسْتَدْعَیْتَهُ.

بیان: استضحك لعله مبالغة فی الضحك أو أراد أن یضحك عمرا

ص: 50


1- 394- رواه شیخ الطائفة فی الحدیث: 30 من الجزء 5 من أمالیه: ج 1 ص 134.

و التمع لونه ذهب و تغیر و أط الرجل و نحوه یئط أطیطا صوت و یقال للجبان انتفخ سحرك أی رئتك و بزه سلبه.

و قال الجوهری البهمة بالضم الفارس الذی لا یدری من أین یؤتی من شدة بأسه و یقال أیضا للجیش بهمة و منه قولهم فلان فارس بهمة و لیث غابة.

و فی القاموس الإملیس و بهاء الفلاة لیس بها نبات و الجمع أمالیس و أمالس شاذ و قال نهس اللحم كمنع و سمع أخذ بمقدم أسنانه و نتفه و قال الشلو بالكسر العضو و الجسد من كل شی ء كالشلا و كل مسلوح أكل منه شی ء و بقیت منه بقیة و قال الروامس الریاح الدوافن للآبار و قال أرهج أثار الغبار و قال العجاج الغبار و قال الترهة كقبرة الباطل و قال الترهات البسابس و بالإضافة الباطل.

«395»-(1)كشف، كشف الغمة: لَمَّا عَزَمَ مُعَاوِیَةُ عَلَی قِتَالِ عَلِیٍّ علیه السلام شَاوَرَ فِیهِ ثِقَاتِهِ وَ أَهْلَ وُدِّهِ فَقَالُوا هَذَا أَمْرٌ عَظِیمٌ لَا یَتِمُّ إِلَّا بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّهُ قَرِیعُ زَمَانِهِ فِی الدَّهَاءِ وَ الْمَكْرِ وَ قُلُوبُ أَهْلِ الشَّامِ مَائِلَةٌ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَخْدَعُ وَ لَا یُخْدَعُ فَقَالَ صَدَقْتُمْ وَ لَكِنَّهُ یُحِبُّ عَلِیّاً فَأَخَافُ أَنْ یَمْتَنِعَ فَقَالُوا رَغِّبْهُ بِالْمَالِ وَ أَعْطِهِ مِصْرَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ خَلِیفَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ إِمَامِ الْمُسْلِمِینَ وَ خَلِیفَةِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ ذِی النُّورَیْنِ خَتَنِ الْمُصْطَفَی عَلَی ابْنَتَیْهِ وَ صَاحِبِ جَیْشِ الْعُسْرَةِ وَ بِئْرِ رُومَةَ الْمَعْدُومِ النَّاصِرِ الْكَثِیرِ الْخَاذِلِ الْمَحْصُورِ فِی مَنْزِلِهِ الْمَقْتُولِ عَطَشاً وَ ظُلْماً فِی مِحْرَابِهِ الْمُعَذَّبِ بِأَسْیَافِ الْفَسَقَةِ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ثِقَتِهِ وَ أَمِیرِ عَسْكَرِهِ بِذَاتِ السَّلَاسِلِ الْمُعَظَّمِ رَأْیُهُ الْمُفَخَّمِ تَدْبِیرُهُ أَمَّا بَعْدُ فَلَنْ یَخْفَی عَلَیْكَ احْتِرَاقُ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَجْعَتُهُمْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ مَا ارْتَكَبَهُ جَارُهُ بَغْیاً وَ حَسَداً وَ امْتِنَاعُهُ عَنْ نُصْرَتِهِ وَ خِذْلَانُهُ إِیَّاهُ حَتَّی قُتِلَ فِی مِحْرَابِهِ فَیَا لَهَا

ص: 51


1- 395- ذكره الاربلی رحمه اللّٰه فیما ساقه من قضایا صفّین فی أواسط قضایاها من كتاب كشف الغمّة: ج 1، ص 254.

مُصِیبَةً عَمَّتِ النَّاسَ وَ فَرَضَتْ عَلَیْهِمْ طَلَبَ دَمِهِ مِنْ قَتَلَتِهِ وَ أَنَا أَدْعُوكَ إِلَی الْحَظِّ الْأَجْزَلِ مِنَ الثَّوَابِ وَ النَّصِیبِ الْأَوْفَرِ مِنْ حُسْنِ الْمَآبِ بِقِتَالِ مَنْ آوَی قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ كِتَابُكَ فَقَرَأْتُهُ وَ فَهِمْتُهُ فَأَمَّا مَا دَعَوْتَنِی إِلَیْهِ مِنْ قِتَالِ عَلِیٍّ فَقَدْ دَعَوْتَنِی وَ اللَّهِ إِلَی خَلْعِ رِبْقَةِ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِی وَ التَّهَوُّرِ فِی الضَّلَالَةِ مَعَكَ وَ إِعَانَتِی إِیَّاكَ عَلَی الْبَاطِلِ وَ اخْتَرَاطِ السَّیْفِ فِی وَجْهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیُّهُ وَ وَارِثُهُ وَ قَاضِی دَیْنِهِ وَ مُنْجِزُ وَعْدِهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ أَبُو السِّبْطَیْنِ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّكَ خَلِیفَةُ عُثْمَانَ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ تَبَیَّنَ الْیَوْمَ عَزْلُكَ مِنْ خِلَافَتِهِ وَ قَدْ بُویِعَ لِغَیْرِهِ فَزَالَتْ خِلَافَتُكَ وَ أَمَّا مَا عَظَّمْتَنِی بِهِ وَ نَسَبْتَنِی إِلَیْهِ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنِّی صَاحِبُ جَیْشِهِ فَلَا أَغْتَرُّ بِالتَّزْكِیَةِ وَ لَا أَمِیلُ بِهَا عَنِ الْمِلَّةِ وَ أَمَّا مَا نَسَبْتَ أَبَا الْحَسَنِ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیَّهُ إِلَی الْبَغْیِ وَ الْحَسَدِ لِعُثْمَانَ وَ سَمَّیْتَ الصَّحَابَةَ فَسَقَةً وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ أَشْلَاهُمْ عَلَی قَتْلِهِ فَهَذَا كَذِبٌ وَ غَوَایَةٌ وَیْحَكَ یَا مُعَاوِیَةُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بَذَلَ نَفْسَهُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَاتَ عَلَی فِرَاشِهِ وَ هُوَ صَاحِبُ السَّبْقِ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ الْهِجْرَةِ وَ قَالَ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هُوَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ وَ هُوَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ الْغَدِیرِ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ خَیْبَرَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً رَجُلًا یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ

ص: 52

وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ الطَّیْرِ اللَّهُمَّ ائْتِنِی بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَیْكَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ وَ إِلَیَّ وَ إِلَیَّ وَ قَالَ فِیهِ یَوْمَ النَّضِیرِ عَلِیٌّ إِمَامُ الْبَرَرَةِ وَ قَاتِلُ الْفَجَرَةِ مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ وَ قَالَ فِیهِ عَلِیٌّ وَلِیُّكُمْ بَعْدِی وَ أَكَّدَ الْقَوْلَ عَلَیَّ وَ عَلَیْكَ وَ عَلَی جَمِیعِ الْمُسْلِمِینَ وَ قَالَ إِنِّی مُخْلِفٌ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی وَ قَالَ أَنَا مَدِینَةُ الْعِلْمِ وَ عَلِیٌّ بَابُهَا وَ قَدْ عَلِمْتَ یَا مُعَاوِیَةُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْآیَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ فِی فَضَائِلِهِ الَّتِی لَا یَشْرَكُهُ فِیهَا أَحَدٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَی یُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ كَقَوْلِهِ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ كَقَوْلِهِ أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ یَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ كَقَوْلِهِ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ وَ كَقَوْلِهِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرْضَی أَنْ یَكُونَ سِلْمُكَ سِلْمِی وَ حَرْبُكَ حَرْبِی وَ تَكُونَ أَخِی وَ وَلِیِّی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ یَا أَبَا الْحَسَنِ مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ مَنْ أَحَبَّكَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَ مَنْ أَبْغَضَكَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ وَ كِتَابُكَ یَا مُعَاوِیَةُ الَّذِی هَذَا جَوَابُهُ لَیْسَ مِمَّا یَنْخَدِعُ بِهِ مَنْ لَهُ عَقْلٌ وَ دِینٌ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ یُعْرِضُ عَلَیْهِ الْأَمْوَالَ وَ الْوِلَایَاتِ وَ كَتَبَ فِی آخِرِ كِتَابِهِ

جَهِلْتَ وَ لَمْ تَعْلَمْ مَحَلَّكَ عِنْدَنَا***فَأَرْسَلْتَ شَیْئاً مِنْ خِطَابٍ وَ مَا تَدْرِی

فَثِقْ بِالَّذِی عِنْدِی لَكَ الْیَوْمَ آنِفاً***مِنَ الْعِزِّ وَ الْإِكْرَامِ وَ الْجَاهِ وَ النَّصْرِ

فَأَكْتُبُ عَهْداً تَرْتَضِیهِ مُؤَكَّداً***وَ أَشْفَعُهُ بِالْبَذْلِ مِنِّی وَ بِالْبِرِّ

فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَمْرٌو بِأَبْیَاتٍ لَیْسَ بِالشِّعْرِ الْجَیِّدِ یَطْلُبُ فِیهَا مِصْرَ (1)وَ أَوَّلُهَا:

ص: 53


1- 1 هذا كان مؤخرا فی أصلی فقدمناه لكونه أوفق، و القصة ذكرها الخوارزمی حرفیة فی الفصل الثالث من الفصل 16 من مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام ص 129.

أَبَی الْقَلْبُ مِنِّی أَنْ أُخَادَعَ بِالْمَكْرِ*** بِقَتْلِ ابْنِ عَفَّانَ أُجَرُّ إِلَی الْكُفْرِ

فَكَتَبَ لَهُ مُعَاوِیَةُ بِذَلِكَ وَ أَنْفَذَهُ إِلَیْهِ فَفَكَّرَ عَمْرٌو وَ لَمْ یَدْرِ مَا یَصْنَعُ وَ ذَهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَقَالَ:

تَطَاوَلَ لَیْلِی بِالْهُمُومِ الطَّوَارِقِ***وَ صَافَحْتُ مِنْ دَهْرِی وُجُوهَ الْبَوَائِقِ

أَ أَخْدَعُهُ وَ الْخَدْعُ مِنِّی سَجِیَّةٌ***أَمْ أُعْطِیهِ مِنْ نَفْسِی نَصِیحَةَ وَامِقٍ

أَمْ أَقْعُدُ فِی بَیْتِی وَ فِی ذَاكَ رَاحَةٌ*** لِشَیْخٍ یَخَافُ الْمَوْتَ فِی كُلِّ شَارِقٍ

فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا مَوْلَاهُ وَرْدَانَ وَ كَانَ عَاقِلًا فَشَاوَرَهُ فِی ذَلِكَ فَقَالَ وَرْدَانُ إِنَّ مَعَ عَلِیٍّ آخِرَةً وَ لَا دُنْیَا مَعَهُ وَ هِیَ الَّتِی تَبْقَی لَكَ وَ تَبْقَی فِیهَا وَ إِنَّ مَعَ مُعَاوِیَةَ دُنْیَا وَ لَا آخِرَةَ مَعَهُ وَ هِیَ الَّتِی لَا تَبْقَی عَلَی أَحَدٍ فَاخْتَرْ مَا شِئْتَ فَتَبَسَّمَ عَمْرٌو وَ قَالَ:

یَا قَاتَلَ اللَّهُ وَرْدَاناً وَ فِطْنَتَهُ***لَقَدْ أَصَابَ الَّذِی فِی الْقَلْبِ وَرْدَانُ

لَمَّا تَعَرَّضَتِ الدُّنْیَا عَرَضْتُ لَهَا***بِحِرْصِ نَفْسِی وَ فِی الْأَطْبَاعِ إِدْهَانٌ

نَفْسٌ تَعُفُّ وَ أُخْرَی الْحِرْصُ یَغْلِبُهَا***وَ الْمَرْءُ یَأْكُلُ نَتْناً وَ هُوَ غَرْثَانٌ

أَمَّا عَلِیٌّ فَدِینٌ لَیْسَ یَشْرَكُهُ***دُنْیَا وَ ذَاكَ لَهُ دُنْیَا وَ سُلْطَانٌ

فَاخْتَرْتُ مِنْ طَمَعِی دُنْیَا عَلَی بَصَرِی***وَ مَا مَعِی بِالَّذِی أَخْتَارُ بُرْهَانٌ

إِنِّی لَأَعْرِفُ مَا فِیهَا وَ أُبْصِرُهُ***وَ فِیَّ أَیْضاً لِمَا أَهْوَاهُ أَلْوَانٌ

لَكِنَّ نَفْسِی تُحِبُّ الْعَیْشَ فِی شَرَفٍ***وَ لَیْسَ یَرْضَی بِذُلِّ الْعَیْشِ إِنْسَانٌ

ثُمَّ إِنَّ عَمْراً رَحَلَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَمَنَعَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَ وَرْدَانُ فَلَمْ یَمْتَنِعْ فَلَمَّا بَلَغَ مَفْرِقَ الطَّرِیقَیْنِ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ وَرْدَانُ طَرِیقُ الْعِرَاقِ طَرِیقُ الْآخِرَةِ وَ طَرِیقُ الشَّامِ طَرِیقُ الدُّنْیَا فَأَیَّهُمَا تَسْلُكُ قَالَ طَرِیقَ الشَّامِ.

تَوْضِیحٌ: قَالَ الْجَوْهَرِیُّ الْقَرِیعُ الْفَحْلُ وَ السَّیِّدُ یُقَالُ فُلَانٌ قَرِیعُ دَهْرِهِ وَ قَرِیعُكَ الَّذِی یُقَارِعُكَ.

ص: 54

وَ قَالَ فِی النِّهَایَةِ فِیهِ ذِكْرُ بِئْرِ رُومَةَ هِیَ بِضَمِّ الرَّاءِ اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِینَةِ اشْتَرَاهَا عُثْمَانُ وَ سَبَّلَهَا وَ فِی الْقَامُوسِ أَشْلَی دَابَّتَهُ أَرَاهَا الْمِخْلَاةَ لِتَأْتِیَهُ وَ النَّاقَةَ دَعَاهَا لِلْحَلْبِ وَ الْوَامِقُ الْمُحِبُّ وَ الشَّارِقُ الشَّمْسُ وَ شَرِقَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ وَ الْغَرْثَانُ الْجَائِعُ.

«396»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ لَمْ یُبَایِعْ حَتَّی شَرَطَ أَنْ یُؤْتِیَهُ عَلَی الْبَیْعَةِ ثَمَناً فَلَا ظَفِرَتْ یَدُ الْمُبَایِعِ وَ خَزِیَتْ أَمَانَةُ الْمُبْتَاعِ فَخُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا وَ أَعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا وَ عَلَا سَنَاهَا وَ اسْتَشْعِرُوا الصَّبْرَ فَإِنَّهُ أَدْعَی إِلَی النَّصْرِ.

بیان:

قوله علیه السلام و لم یبایع قال الشارحون إشارة إلی ما اشتهر من أن أمیر المؤمنین علیه السلام لما نزل بالكوفة بعد فراغه من البصرة كتب إلی معاویة كتابا یدعوه إلی البیعة فدعا قوما من أهل الشام إلی الطلب بدم عثمان فأجابوه و أشار إلیه أخوه بالاستعانة بعمرو بن العاص فلما قدم علیه و عرف حاجته إلیه تباعد عنه و جعل یمدح علیا علیه السلام فی وجهه حتی رضی معاویة أن یعطیه المصر فبایعه فذلك معنی قوله علیه السلام أن یؤتیه علی البیعة ثمنا ثم أردف ذلك بالدعاء علی البائع لدینه و هو عمرو بعدم الظفر فی الحرب أو بالثمن أو بشی ء مما یأمله و ألحقه بالتوبیخ للمبتاع و هو معاویة بذكر هوان أمانته علیه و هی بلاد المسلمین و أموالهم.

و یحتمل أن یكون إسناد الخزی إلی الأمانة إسنادا مجازیا.

و ذهب بعض الشارحین إلی أن المراد بالبائع معاویة و بالمبتاع عمرو و هو ضعیف لأن الثمن إذا كان مصرا فالمبتاع هو معاویة كذا ذكره ابن میثم.

و قال ابن أبی الحدید فی أكثر النسخ فلا ظفرت ید المبایع بمیم المفاعلة و الظاهر ما رویناه.

ص: 55


1- 396- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی ذیل المختار: 26 من نهج البلاغة.

قوله علیه السلام فقد شب لظاها أی أوقدت نارها و أثیرت و روی بالبناء للفاعل أی ارتفع لهبها و السنا بالقصر الضوء.

أقول: قال ابن أبی الحدید روی ابن قتیبة فی كتاب عیون الأخبار(1)قال رأی عمرو بن العاص معاویة یوما فضحك فقال مم تضحك یا أمیر المؤمنین أضحك اللّٰه سنك قال أضحك من حضور ذهنك حین إبدائك سوأتك یوم ابن أبی طالب علیهما السلام و اللّٰه لقد وجدته منانا و لو شاء أن یقتلك لقتلك فقال عمرو یا أمیر المؤمنین أما و اللّٰه إنی لعن یمینك حین دعاك إلی البراز فاحولت عیناك و انتفخ سحرك و بدا منك ما أكره ذكره فمن نفسك أضحك أو فدع

ص: 56


1- 1- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 68 من نهج البلاغة فی عنوان: «أخبار الجبناء و نوادرهم» من شرحه: ج 2 ص 333. و الحدیث ذكره ابن قتیبة فی أواسط كتاب الحرب من كتاب عیون الأخبار: ج 1، ص 169، ط بیروت.

باب 16 باب كتبه علیه السلام إلی معاویة و احتجاجاته علیه و مراسلاته إلیه و إلی أصحابه

«397»-(1)نهج، نهج البلاغة ج، الإحتجاج احْتِجَاجُهُ علیه السلام عَلَی مُعَاوِیَةَ فِی جَوَابِ كِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَیْهِ وَ فِی غَیْرِهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ وَ هُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْحِجَاجِ وَ أَصْوَبِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی (2)كِتَابُكَ تَذْكُرُ اصْطِفَاءَ اللَّهِ تَعَالَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لِدِینِهِ وَ تَأْیِیدَهُ إِیَّاهُ بِمَنْ أَیَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلَاءِ اللَّهِ عِنْدَنَا وَ نِعْمَتِهِ عَلَیْنَا فِی نَبِیِّنَا فَكُنْتَ فِی ذَلِكَ كَنَاقِلِ التَّمْرِ إِلَی هَجَرَ أَوْ دَاعِی مُسَدِّدِهِ إِلَی النِّضَالِ

ص: 57


1- 397- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 28 من باب الكتب من نهج البلاغة. و رواه الطبرسیّ رضی اللّٰه عنه فی عنوان «احتجاجه علی معاویة ...» من كتاب الاحتجاج ص 176.
2- 2 كذا فی طبع الكمبانیّ من البحار و بهامشه و فی النهج و الاحتجاج: فقد أتانی. و فیهما: تذكر فیه.

وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِی الْإِسْلَامِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ یَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَاضِلَ وَ الْمَفْضُولَ وَ السَّائِسَ وَ الْمَسُوسَ وَ مَا لِلطُّلَقَاءِ وَ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ التَّمْیِیزَ بَیْنَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ وَ تَرْتِیبَ دَرَجَاتِهِمْ وَ تَعْرِیفَ طَبَقَاتِهِمْ هَیْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَیْسَ مِنْهَا فَطَفِقَ یَحْكُمُ فِیهَا مَنْ عَلَیْهِ الْحُكْمُ لَهَا أَ لَا تَرْبَعُ أَیُّهَا الْإِنْسَانُ عَلَی ظَلْعِكَ وَ تَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ وَ تَتَأَخَّرُ حَیْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ فَمَا عَلَیْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ وَ لَا لَكَ ظَفَرُ الظَّافِرِ وَ إِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِی التِّیهِ رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ أَ لَا تَرَی غَیْرَ مُخْبِرٍ لَكَ وَ لَكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ أُحَدِّثُ أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّی إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهِیدُنَا قِیلَ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ خَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِسَبْعِینَ تَكْبِیرَةً عِنْدَ صَلَاتِهِ عَلَیْهِ أَ وَ لَا تَرَی أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَیْدِیهِمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّی إِذَا فُعِلَ بِوَاحِدِنَا كَمَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قِیلَ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ وَ ذُو الْجَنَاحَیْنِ وَ لَوْ لَا مَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِیَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِینَ فَدَعْ عَنْكَ مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِیَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا لَمْ یَمْنَعْنَا قَدِیمُ عِزِّنَا وَ عَادِیُّ طَوْلِنَا عَلَی قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بِأَنْفُسِنَا فَنَكَحْنَا وَ أَنْكَحْنَا فِعْلَ الْأَكْفَاءِ وَ لَسْتُمْ هُنَاكَ وَ أَنَّی یَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَ مِنَّا النَّبِیُّ وَ مِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ مِنْكُمْ أَسَدُ الْأَحْلَافِ وَ مِنَّا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنْكُمْ صِبْیَةُ النَّارِ وَ مِنَّا خَیْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ مِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ فِی كَثِیرٍ مِمَّا لَنَا وَ عَلَیْكُمْ فَإِسْلَامُنَا مَا قَدْ سُمِعَ وَ جَاهِلِیَّتُكُمْ مَا لَا تُدْفَعُ (1)وَ كِتَابُ اللَّهِ یَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ

ص: 58


1- 1 و فی النهج: و جاهلیتنا. و فی النهج و الاحتجاج: لا تدفع.

وَ قَوْلُهُ تَعَالَی إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَی بِالْقَرَابَةِ وَ تَارَةً أَوْلَی بِالطَّاعَةِ وَ لَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَی الْأَنْصَارِ یَوْمَ السَّقِیفَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَجُوا عَلَیْهِمْ فَإِنْ یَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ وَ إِنْ یَكُنْ بِغَیْرِهِ فَالْأَنْصَارُ عَلَی دَعْوَاهُمْ وَ زَعَمْتَ أَنِّی لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ وَ عَلَی كُلِّهِمْ بَغَیْتُ فَإِنْ یَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَیْسَ الْجِنَایَةُ عَلَیْكَ فَیَكُونَ الْعُذْرُ إِلَیْكَ

وَ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا

وَ قُلْتَ إِنِّی كُنْتُ أُقَادُ كَمَا یُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّی أُبَایِعَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ وَ أَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ وَ مَا عَلَی الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَةٍ فِی أَنْ یَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ یَكُنْ شَاكّاً فِی دِینِهِ وَ لَا مُرْتَاباً بِیَقِینِهِ وَ هَذِهِ حُجَّتِی إِلَی غَیْرِكَ قَصْدُهَا وَ لَكِنِّی أَطْلَقْتُ لَكَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِكْرِهَا ثُمَّ ذَكَرْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِی وَ أَمْرِ عُثْمَانَ فَلَكَ أَنْ تُجَابَ عَنْ هَذِهِ لِرَحِمِكَ مِنْهُ فَأَیُّنَا كَانَ أَعْدَی لَهُ وَ أَهْدَی إِلَی مَقَاتِلِهِ أَ مَنْ بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَ اسْتَكَفَّهُ أَمْ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخَی عَنْهُ وَ بَثَّ الْمَنُونَ إِلَیْهِ حَتَّی أَتَی قَدَرُهُ عَلَیْهِ كَلَّا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ الْمُعَوِّقِینَ مِنْكُمْ وَ الْقائِلِینَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَیْنا وَ لا یَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِیلًا (1)وَ مَا كُنْتُ لِأَعْتَذِرَ مِنْ أَنِّی كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَیْهِ أَحْدَاثاً فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ إِلَیْهِ إِرْشَادِی وَ هِدَایَتِی لَهُ فَرُبَّ مَلُومٍ لَا ذَنْبَ لَهُ

وَ قَدْ یَسْتَفِیدُ الظِّنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ

وَ مَا أَرَدْتُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ

ص: 59


1- 1 اقتباس من الآیة 18 من سورة الأحزاب 33، و فیها: «قَدْ یَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِینَ». و ما یأتی بعد سطرین اقتباس من الآیة 88/ هود.

وَ ذَكَرْتَ أَنَّهُ لَیْسَ لِی وَ لِأَصْحَابِی عِنْدَكَ إِلَّا السَّیْفُ فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ مَتَی أَلْفَیْتَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الْأَعْدَاءِ نَاكِلِینَ وَ بِالسُّیُوفِ مُخَوَّفِینَ

فَالْبَثْ قَلِیلًا یَلْحَقِ الْهَیْجَا حَمَلٌ

فَسَیَطْلُبُكَ مَنْ تَطْلُبُ وَ یَقْرُبُ مِنْكَ مَا تَسْتَبْعِدُ وَ أَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَكَ فِی جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ التَّابِعِینَ بِإِحْسَانٍ شَدِیدٍ زِحَامُهُمْ سَاطِعٍ قَتَامُهُمْ مُتَسَرْبِلِینَ سَرَابِیلَ الْمَوْتِ أَحَبُّ اللِّقَاءِ إِلَیْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ قَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّیَّةٌ بَدْرِیَّةٌ وَ سُیُوفٌ هَاشِمِیَّةٌ قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا فِی أَخِیكَ وَ خَالِكَ وَ جَدِّكَ وَ أَهْلِكَ وَ ما هِیَ مِنَ الظَّالِمِینَ بِبَعِیدٍ.

بیان:

قال ابن أبی الحدید (1)بعد إیراد هذا الكتاب سألت النقیب أبا جعفر یحیی بن أبی زید قلت أری هذا الجواب منطبقا علی كتاب معاویة الذی بعثه مع أبی مسلم الخولانی إلی علی علیه السلام فإن كان هذا هو الجواب فالجواب الذی ذكره أرباب السیرة و أورده نصر بن مزاحم فی كتاب صفین إذن غیر صحیح و إن كان ذاك الجواب فهذا الجواب إذن غیر صحیح و لا ثابت.

فقال لی بل كلاهما ثابت مروی و كلاهما كلام أمیر المؤمنین علیه السلام و ألفاظه ثم أمرنی أن أكتب ما یملیه علی فكتبته.

قال رحمه اللّٰه كان معاویة یتسقط علیا علیه السلام و یبغی علیه ما عساه أن یذكره من حال أبی بكر و عمر و أنهما غصباه حقه و لا یزال یكیده بالكتاب یكتبه و الرسالة یبعثها یطلب غرته لینفث بما فی صدره من حال أبی بكر و عمر إما مكاتبة أو مراسلة فیجعل ذلك حجة علیه عند أهل الشام و یضیفه إلی ما قدره فی أنفسهم من ذنوبه كما زعم فكان غمصه عندهم بأنه قتل عثمان أو مالأ علی قتله و أنه قتل طلحة و الزبیر و أسر عائشة و أراق دماء أهل البصرة

ص: 60


1- 1 ذكره ابن أبی الحدید فی شرح الكتاب و هو المختار: 28 من باب الكتب من نهج البلاغة.

و بقیت خصلة واحدة و هو أن یثبت عندهم أنه یبرأ من أبی بكر و عمر و ینسبهما إلی الظلم و مخالفة الرسول فی أمر الخلافة و أنهما وثبا علیها غلبة و غصباه إیاها فكانت هذه تكون الطامة الكبری و لیست مقتصرة علی إفساد أهل الشام علیه بل و أهل العراق الذین هم جنده و بطانته و أنصاره لأنهم كانوا یعتقدون إمامة الشیخین إلا القلیل الشاذ من خواص الشیعة.

فلما كتب ذلك الكتاب مع أبی مسلم الخولانی قصد أن یغضب علیا و یحرجه و یحوجه إذا قرأ ذكر أبی بكر و أنه أفضل المسلمین إلی أن یرهن خطه فی الجواب بكلمة تقتضی طعنا فی أبی بكر فكان الجواب مجمجما (1)غیر بین لیس فیه تصریح بالتظلیم لهما و لا التصریح ببراءتهما و تارة یترحم علیهما و تارة یقول أخذا حقی و قد تركته لهما.

فأشار عمرو بن العاص علی معاویة أن یكتب كتابا ثانیا مناسبا للكتاب الأول لیستفزا فیه علیا علیه السلام و یستخفاه و یحمله الغضب منه أن یكتب كلاما یتعلقان به فی تقبیح حاله و تهجین مذهبه و قال له عمرو إن علیا علیه السلام رجل نزق تیاه ما استطعمت (2)منه الكلام بمثل تقریظ أبی بكر و عمر فاكتب إلیه ثانیا فكتب كتابا أنفذه إلیه مع أبی أمامة الباهلی و هو من الصحابة بعد أن عزم علی بعثه مع أبی الدرداء و نسخة الكتاب.

من عبد اللّٰه معاویة بن أبی سفیان إلی علی بن أبی طالب أما بعد فإن اللّٰه تعالی جده اصطفی محمدا صلی اللّٰه علیه و آله لرسالته و اختصه بوحیه و تأدیة شریعته فأنقذ به من العمایة و هدی به من الغوایة ثم قبضه إلیه رشیدا حمیدا قد

ص: 61


1- 1 قال الفیروزآبادی: «الجمجمة» أن لا یبین كلامه و إخفاء الشی ء فی الصدر. منه رحمه اللّٰه- و جمجم عن الامر: لم یقدم علیه.
2- 2 النزق: الخفة فی كل أمر. العجلة فی جهل و حمق. و التیاه: كثیر التیه و هو الكبر. و قال المجلسیّ علی ما فی هامش بحار الأنوار ط الكمبانیّ: «الاستطعام» هنا استخراج الكلام. قال الجوهریّ: «استطعمه» سأله أن یطعمه، و فی الحدیث: إن استطعمكم الامام فأطعموه. انتهی. و فی بعض النسخ بتقدیم المیم علی العین و لعله تصحیف.

بلغ الشرع و محق الشرك و أخمد نار الإفك فأحسن اللّٰه جزاءه و ضاعف علیه نعمه و آلاءه.

ثم إن اللّٰه سبحانه اختص محمدا صلی اللّٰه علیه و آله بأصحاب أیدوه و آزروه و نصروه و كانوا كما قال اللّٰه سبحانه لهم أَشِدَّاءُ عَلَی الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَیْنَهُمْ فكان أفضلهم مرتبة و أعلاهم عند اللّٰه و المسلمین منزلة الخلیفة الأول الذی جمع الكلمة و لم الدعوة و قاتل أهل الردة ثم الخلیفة الثانی الذی فتح الفتوح و مصر الأمصار و أذل رقاب المشركین ثم الخلیفة الثالث المظلوم الذی نشر الملة و طبق الآفاق بالكلمة الحنیفیة.

فلما استوثق الإسلام و ضرب بجرانه عدوت علیه فبغیته الغوائل و نصبت له المكاید و ضربت له بطن الأمر و ظهره و دسست علیه و أغریت به و قعدت حیث استنصرك عن نصرته و سألك أن تدركه قبل أن یمزق فما أدركته.

و ما یوم المسلمین منك بواحد لقد حسدت أبا بكر و التویت علیه و رمت إفساد أمره و قعدت فی بیتك عنه و استغویت عصابة من الناس حتی تأخروا عن بیعته.

ثم كرهت خلافة عمر و حسدته و استطلت مدته و سررت بقتله و أظهرت الشماتة بمصابه حتی إنك حاولت قتل ولده لأنه قتل قاتل أبیه.

ثم لم تكن أشد حسدا منك لابن عمك عثمان نشرت مقابحه و طویت محاسنه و طعنت فی فقهه ثم فی دینه ثم فی سیرته ثم فی عقله و أغریت به السفهاء من أصحابك و شیعتك حتی قتلوه بمحضر منك لا تدفع عنه بلسان و لا ید.

و ما من هؤلاء إلا من بغیت علیه و تلكأت فی بیعته حتی حملت إلیه قهرا تساق بخزائم الاقتسار (1)كما یساق الفحل المخشوش ثم نهضت الآن

ص: 62


1- 1 و «الخزائم» جمع «الخزیمة» و خزمت البعیر بالخزامة و هی حلقة من شعر تجعل فی وتر أنفه یشد بها الزمام. و «الاقتسار» الاكراه علی الامر. منه رحمه اللّٰه.

تطلب الخلافة و قتلة عثمان خلصاؤك و سجراؤك (1)و المحدقون بك و تلك من أمانی النفوس و ضلالات الأهواء.

فدع اللجاج و العنت جانبا و ادفع إلینا قتلة عثمان و أعد الأمر شوری بین المسلمین لیتفقوا علی من هو لله رضا فلا بیعة لك فی أعناقها و لا طاعة لك علینا و لا عتبی لك عندنا و لیس لك و لأصحابك عندی إلا السیف و الذی لا إله إلا هو لأطلبن قتلة عثمان أین كانوا و حیث كانوا حتی أقتلهم أو تلحق روحی باللّٰه.

فأما ما لا تزال تمت به من سابقتك و جهادك (2)فإنی وجدت اللّٰه سبحانه یقول یَمُنُّونَ عَلَیْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَیَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ یَمُنُّ عَلَیْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِیمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ و لو نظرت فی حال نفسك لوجدتها أشد الأنفس امتنانا علی اللّٰه بعملها و إذا كان الامتنان علی السائل یبطل أجر الصدقة فالامتنان علی اللّٰه یبطل أجر الجهاد و یجعله ك صَفْوانٍ عَلَیْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا یَقْدِرُونَ عَلی شَیْ ءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْكافِرِینَ قال النقیب أبو جعفر فلما وصل هذا الكتاب إلی علی علیه السلام مع أبی أمامة الباهلی كلم أبا أمامة بنحو مما كلم به أبا مسلم الخولانی و كتب معه هذا الجواب.

قال النقیب و فی كتاب معاویة هذا ذكر لفظة الجمل المخشوش أو الفحل المخشوش لا فی الكتاب الواصل مع أبی مسلم و لیس فی ذلك هذه اللفظة و إنما فیه حسدت الخلفاء و بغیت علیهم عرفنا ذلك من نظرك الشزر و قولك

ص: 63


1- 1 و السجیر الخلیل و الصفی، ج: سجراء، ذكره الفیروزآبادی و فی بعض النسخ: «سمراؤك» جمع «السمیر» و هو المحدث باللیل. منه رحمه اللّٰه.
2- 2 قال الجوهریّ: «المت» المد و التوسل بقرابة، و «الماتة» الحرمة و الوسیلة، تقول: فلان یمت بالملك بقرابة. انتهی. و فی بعض النسخ: تمن بالنون. منه رحمه اللّٰه. أقول: و فی المطبوع من شرح النهج: «تمن» كما هو المتناسب مع الآیة.

الهجر و تنفسك الصعداء و إبطاؤك عن الخلفاء قال و إنما كثیر من الناس لا یعرفون الكتابین و المشهور عندهم كتاب أبی مسلم فیجعلون هذه اللفظة فیه و الصحیح أنها فی كتاب أبی أمامة أ لا تراها عادت فی الجواب و لو كانت فی كتاب أبی مسلم لعادت فی جوابه.

انتهی كلام النقیب أبی جعفر أقول إنما أوردت هذا الكتاب علی كاتبه و مملیه أشد العذاب لیتضح الجواب و لیظهر لكل عاقل كفر هذا المنافق المرتاب.

قوله علیه السلام فلقد خبأ لنا الدهر قال فی النهایة خبأت الشی ء خبئا إذا أخفیته و الخب ء كل شی ء غائب مستور و لعل المعنی أن الدهر أخفی لنا من أحوالك شیئا عجبا لم نكن نظن ذلك حتی ظهر منك.

و یحتمل أن یكون علی سبیل التجرید أی أنت أعجب الأشیاء فی الدهر كنت مخفیا فظهرت من قبیل لقینی منه أسد: قال ابن میثم و وجه العجب أنه أخبر أهل بیت النبی صلی اللّٰه علیه و آله بحاله و ما أنعم اللّٰه به علیه مع علمهم البالغ بحاله و كونهم أولی بالإخبار عنها و ضرب له فی ذلك مثلین و أصل المثل الأول أن رجلا قدم من هجر إلی البصرة بمال اشتری به شیئا للربح فلم یجد فیها أكسد من التمر فاشتری بماله تمرا و حمله إلی هجر و ادخره فی البیوت ینتظر به السعر فلم یزدد إلا رخصا حتی فسد جمیعه و تلف ما له فضرب مثلا لمن یحمل الشی ء إلی معدنه لینتفع به فیه و هجر معروفة بكثرة التمر حتی أنه ربما یبلغ سعر خمسین جلة بدینار و وزن الجلة مائة رطل فذلك خمسة آلاف رطل و لم یسمع ذلك فی غیرها من البلاد.

و الثانی أنه شبهه بداعی مسدده و أستاده فی الرمی إلی المراماة و مسدده أولی بأن یدعوه إلی ذلك.

قوله علیه السلام إن تم اعتزلك كله أی تباعد عنك و المعنی ذكرت أمرا إن تم لم ینفعك و إن نقص لم یضرك بل لا تعلق له بك أصلا و الثلمة

ص: 64

الخلل فی الحائط و غیره و السیاسة القیام علی الشی ء بما یصلحه و لیس فی هذا الكلام شهادة منه علیه السلام علی فضل الخلفاء لما عرفت من المصلحة فی هذا الإجمال.

و قال فی النهایة أصل الحنین ترجیع الناقة صوتها أثر ولدها و منه كتاب علی علیه السلام إلی معاویة و أما قولك كیت و كیت فقد حن قدح لیس منها هو مثل یضرب لرجل ینتمی إلی نسب لیس منه أو یدعی ما لیس منه فی شی ء و القدح بالكسر أحد سهام المیسر فإذا كان من غیر جوهر أخواته ثم حركها المفیض بها خرج له صوت یخالف أصواتها یعرف به.

قال الزمخشری فی المستقصی القداح التی یضرب بها تكون من نبع فربما ضاع منها قدح فنحیت علی مثاله من غرب أو غیره آخر بالعجلة فإذا احتك معها صوت صوتا لا یشابه أصواتها فیقال ذلك ثم ضربه عمر لعقبة بن أبی معیط حین أمر النبی صلی اللّٰه علیه و آله بضرب عنقه یوم بدر فقال اقتل من بین قریش أراد عمر أنك لست من قریش.

و قیل فی بنی الحنان و هم بطن من بلحرث إن جدهم ألقی قدحا فی قداح قوم یضربون بالمسیر و كان یضرب لهم رجل أعمی فلما وقع قدحه فی یده قال حن قدح لیس منها فلقب الحنان لذلك یضرب لمنتحل نسبا أو فضلا انتهی.

قوله علیه السلام یحكم فیها أی فی هذه القصة أو القضیة من كان الحكم لها علیه لا له.

و یجوز إرجاع الضمیر إلی الطبقات.

و قال ابن میثم یضرب لمن یحكم علی قوم و فیهم و هو من أراد لهم و لیس للحكم بأهل بل هم أولی منه به.

و قال الجوهری یقال اربع علی نفسك و اربع علی ظلعك أی ارفق بنفسك و كف یقال ظلعت الأرض بأهلها أی ضاقت بهم من كثرتهم و یقال

ص: 65

ارق علی ظلعك أی اربع علی نفسك و لا تحمل علیها أكثر مما تطیق.

و قال فی النهایة فیه أنه لا یربع علی ظلعك الظلع بالسكون العرج و المعنی لا یقیم علیك فی حال ضعفك و ربع فی المكان إذا أقام به.

و فی الصحاح أصل الذراع هو بسط الید و یقال ضقت بالأمر ذرعا إذا لم تطقه و لم تقو علیه.

و قال ابن میثم قوله علیه السلام حیث أخره القدر إشارة إلی مرتبته النازلة التی جری القدر بها أن تكون نازلة عن مراتب السابقین و قد أمره بالتأخر فیها و الوقوف عندها.

قوله علیه السلام فی التیه أی فی الضلال و التحیر أو فی التكبر.

قال فی النهایة تاه یتیه تیها إذا تحیر و ضل و إذا تكبر و الرواغ المیال.

و القصد المعتدل الذی لا یمیل إلی طرفی الإفراط و التفریط.

قوله علیه السلام غیر مخبر أی أتكلم بكلامی هذا لا لإخباری إیاك بل للتحدث بنعمته سبحانه إما لأن معاویة غیر قابل للخطاب و الإخبار بهذا الكلام و المقام مقام تحقیره أو لأنه كان عالما به أو لأنه یتراءی من مثل هذا الكلام و إخبار الخصم به المفاخرة بذكر تلك الفضائل فدفع ذلك التوهم بقوله لكن بنعمة اللّٰه أحدث و ما بعد لكن بهذا الاحتمال أنسب و إن كان قوله علیه السلام لك بالأول ألصق.

قوله علیه السلام قیل سید الشهداء قال ابن أبی الحدید أی فی حیاة النبی صلی اللّٰه علیه و آله لأن علیا علیه السلام مات شهیدا و لا خلاف فی أنه أفضل من حمزة و جعفر و غیرهما بل هو سید المسلمین (1)

ص: 66


1- 1 هذا تلخیص كلام ابن أبی الحدید، و إلیك نص كلامه حرفیا فی شرح الكلام فی ج 4 ص 608 ط الحدیث ببیروت قال: المراد هاهنا [من قوله: ] «سید الشهداء» حمزة رضی اللّٰه عنه. و ینبغی أن یحمل قول النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله فیه: «إنّه سید الشهداء» علی أنّه سید الشهداء فی حیاة النبیّ [لا عموم الشهداء] لأن علیّا علیه السلام مات شهیدا، و لا یجوز أن یقال: حمزة سیده، بل هو سیّد المسلمین كلهم و لا خلاف بین أصحابنا أنّه أفضل من حمزة و جعفر رضی اللّٰه عنهما ...

قوله بسبعین تكبیرة قال ابن میثم أی فی أربع عشرة صلاة و ذلك أنه كلما كبر علیه خمسا حضرت جماعة أخری من الملائكة فصلی بهم علیه أیضا و ذلك من خصائص حمزة رضی اللّٰه عنه.

قوله علیه السلام لذكر ذاكر یعنی نفسه و إنما نكره و لم یأت بالألف و اللام و لم ینسبه إلی نفسه لئلا یصرح بتزكیة نفسه و استعار لفظ المج لكراهیة النفس لبعض ما یكرر سماعه و إعراضها عنه فإنها تصیر كالقاذف له من الأذن كما یقذف الماج الماء من فیه كذا قیل و الظاهر أنه كنایة عن أنها لوضوحها لا یمكن لأحد إنكارها فغیر المؤمنین و إن ثقل علیهم سماعها فلا یمكنهم إنكارها.

قوله علیه السلام فدع عنك إلخ الرمیة الصید یرمی یقال بئس الرمیة الأرنب أی بئس الشی ء مما یرمی الأرنب و المعنی دع ذكر من مال إلی الدنیا و أمالته إلیها و أمالته عن الطریق المستقیم فإن شأن الصید الخروج عن الطریق و هی إشارة إلی الخلفاء و الكلام فی بیان التفاضل سابقا و لاحقا.

و قال ابن أبی الحدید هذه إشارة إلی عثمان لا إلی أبی بكر و عمر و هذا مما لا یُسْمِنُ وَ لا یُغْنِی مِنْ جُوعٍ مع أن المذكور فی كتاب معاویة لم یكن عثمان وحده كما عرفت.

و قال ابن میثم رحمه اللّٰه أی فدع عنك أصحاب الأغراض الفاسدة و لا تلتفت إلی ما یقولون فی حقنا كعمرو بن العاص و یحتمل أن یكون الإشارة إلی نفسه علی طریقة قولهم إیاك أعنی و اسمعی یا جارة.

و استعار لفظ الرمیة و كنی بها عن الأمور التی تقصدها النفوس و ترمیها بقصودها انتهی.

و لا یخفی بعده و أبعد منه ما ذكره الكیدری حیث قال أراد أنه مطعون فی نسبه و حسبه و أنه أزاله عن مقام التفاخر و التنافر مطاعن شهرت فیه انتهی.

ص: 67

و كأنه حمل الرمیة علی السهام المرمیة.

قوله علیه السلام فإنا صنائع ربنا هذا كلام مشتمل علی أسرار عجیبة من غرائب شأنهم التی تعجز عنها العقول و لنتكلم علی ما یمكننا إظهاره و الخوض فیه فنقول صنیعة الملك من یصطنعه و یرفع قدره و منه قوله تعالی وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِی أی اخترتك و أخذتك صنیعتی لتنصرف عن إرادتی و محبتی فالمعنی أنه لیس لأحد من البشر علینا نعمة بل اللّٰه تعالی أنعم علینا فلیس بیننا و بینه واسطة و الناس بأسرهم صنائعنا فنحن الوسائط بینهم و بین اللّٰه سبحانه.

و یحتمل أن یرید بالناس بعض الناس أی المختار من الناس نصطنعه و نرفع قدره.

و قال ابن أبی الحدید هذا مقام جلیل ظاهره ما سمعت و باطنه أنهم عبید اللّٰه و الناس عبیدهم.

و قال ابن میثم لفظ الصنائع فی الموضعین مجاز من قبیل إطلاق اسم المقبول علی القابل و الحال علی المحل یقال فلان صنیعة فلان إذا اختصه لموضع نعمته و النعمة الجزیلة التی اختصهم اللّٰه بها هی نعمة الرسالة و ما یستلزمه من الشرف و الفضل حتی كان الناس عیالاتهم فیها.

قوله علیه السلام و عادی طولنا قال الجوهری عاد قبیلة و هم قوم هود علیه السلام و شی ء عادی أی قدیم كأنه منسوب إلی عاد.

و قال ابن أبی الحدید الطول الفضل و قال الأفعال الجمیلة كما تكون عادیة بطول المدة تكون عادیة بكثرة المناقب و المآثر و المفاخر و إن كانت المدة قصیرة و لا یراد بالقدیم قدیم الزمان بل من قولهم لفلان قدیم أثر أی سابقة حسنة و إنما جعلنا اللفظ مجازا لأن بنی هاشم و بنی أمیة لم یفترقا فی الشرف إلا منذ نشأ هاشم بن عبد مناف ثم لم تكن المدة بین نشإ هاشم و إظهار محمد صلی اللّٰه علیه و آله الدعوة إلا نحو تسعین سنة انتهی.

ص: 68

و أقول: قد ظهر لك مما سبق أن بنی أمیة لم یكن لهم نسب صحیح لیشاركوا فی الحسب آباءه مع أن قدیم عزهم لم ینحصر فی النسب بل أنوارهم علیهم السلام أول المخلوقات و من بدء خلق أنوارهم إلی خلق أجسادهم و ظهور آثارهم كانوا معروفین بالعز و الشرف و الكمالات فی الأرضین و السماوات (1)یخبر بفضلهم كل سلف خلفا و رفع اللّٰه ذكرهم فی كل أمة عزا و شرفا.

و قوله علیه السلام فعل الأكفاء منصوب علی المصدر بفعل مقدر المكذب أبو سفیان و قیل أبو جهل و أسد اللّٰه حمزة رضی اللّٰه عنه و أرضاه و أسد الأحلاف هو أسد بن عبد العزی و قال فی القاموس الحلف بالكسر العهد بین القوم و الصداقة و الصدیق یحلف لصاحبه أن لا یغدر به و الجمع أحلاف. و الأحلاف فی قول زهیر أسد و غطفان لأنهم تحالفوا علی

ص: 69


1- 1 و ینبغی لنا هاهنا أن نشیر إلی نموذج ممّا أشار إلیه المصنّف العلامة من طریق أهل السنة فنقول: روی أحمد فی الحدیث: 251 من باب فضائل أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب الفضائل ص 178، ط 1، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا أحمد بن المقدام العجلیّ قال: حدّثنا الفضیل بن عیاض، قال: حدّثنا ثور بن یزید، عن خالد بن معدان، عن زاذان: عن سلمان قال: سمعت حبیبی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلم یقول: كنت أنا و علی نورا بین یدی اللّٰه عزّ و جلّ قبل أن یخلق اللّٰه آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق اللّٰه آدم قسم ذلك النور جزءین فجزء أنا و جزء علی. و للحدیث مصادر كثیرة یقف علیها الباحث فی تعلیق الحدیث، و فی الحدیث: 186 و تعلیقه من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ دمشق: ج 1، ص 151، ط 2. و رواه أیضا ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 154 من نهج البلاغة من شرحه: ج 9 ص 171، ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 3 ص 252 قال: رواه أحمد فی مسند سلمان من كتاب المسند [ج 5 ص 437] و ذكره [أیضا] صاحب الفردوس و زاد فیه: ثم انتقلنا حتّی صرنا فی عبد المطلب فكان لی النبوّة و لعلی الوصیة.

التناصر و الأحلاف قوم من ثقیف و فی قریش ست قبائل عبد الدار و كعب و جمح و سهم و مخزوم و عدی لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما فی أیدی عبد الدار من الحجابة و السقایة و أبت عبد الدار عقد كل قوم علی أمرهم حلفا مؤكدا علی أن لا یتخاذلوا فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طیبا فوضعتها لأحلافهم و هم أسد و زهرة و تیم عند الكعبة فغمسوا أیدیهم فیها و تعاهدوا و تعاقدت بنو عبد الدار و حلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف انتهی و نحوه قال فی النهایة إلا أنه قال بعد قوله فغمسوا أیدیهم فیها و تعاقدوا فسموا المطیبین.

و صبیة النار إشارة إلی الكلمة التی قالها النبی صلی اللّٰه علیه و آله لعقبة بن أبی معیط حین قتله صبرا یوم بدر و قال كالمستعطف له صلی اللّٰه علیه و آله من للصبیة یا محمد قال النار.

و حَمَّالَةَ الْحَطَبِ هی أم جمیل بنت حرب بن أمیة امرأة أبی لهب.

و قوله علیه السلام فی كثیر متعلق بمحذوف أی هذا الذی ذكرنا داخل فی كثیر مما یتضمن ما ینفعنا و یضركم.

قوله علیه السلام و جاهلیتنا أی شرفنا و فضلنا فی الجاهلیة لا یدفعه أحد و فی بعض النسخ و جاهلیتكم و لعله أظهر.

و وجه الاستدلال بالآیة الأولی ظاهر لأنه علیه السلام كان أولی الأرحام برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أقربهم إلیه و كذا الثانیة لأنه كان أقرب الخلق إلی اتباع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أول من آمن به و صدقه.

و قال الجوهری الفلج الظفر و الفوز و قد فلج الرجل علی خصمه یفلج فلجا و الاسم الفلج بالضم.

قوله علیه السلام و تلك شكاة قال الجوهری یقال هذا أمر ظاهر عنك عاره أی زائل قال الشاعر:

و عیرها الواشون إنی أحبها***و تلك شكاة ظاهر عنك عارها

ص: 70

و قال شكوت فلانا شكاة إذا أخبرت بسوء فعله.

و قال ابن میثم البیت لأبی ذویب و هو مثل یضرب لمن ینكر أمرا لیس منه فی شی ء و لا یلزمه دفعه.

و الخشاش بالكسر الذی یدخل فی عظم أنف البعیر و خششت البعیر إذا جعلت فی أنفه الخشاش و الغضاضة بالفتح المذلة و المنقصة.

قوله علیه السلام و هذه حجتی إلی غیرك لعل المعنی لست أنت المقصود بها لحقارتك كقوله علیه السلام غیر مخبر لك أو لعلمی بأنك لا تقبل حججی و لا تؤمن بها أو لأنك عالم بها و لا فائدة فی إخبار العالم بل قصدی بذكرها إلی غیرك من السامعین لعله یؤمن بها من أنكرها و یطمئن بها قلب من آمن بها.

و قال ابن میثم أی لست أنت المقصود بها إذ لست من هذا الأمر فی شی ء بل القصد منها غیرك أی الذین ظلموا و إنما ذكرت منها بقدر ما دعت الحاجة إلیه و سنح لی أن أذكره فی جوابك.

قوله علیه السلام فلك أن تجاب أی هذه لیست مثل السابقة التی لم یكن لك السؤال فیها لأنك من بنی أمیة و بینك و بینه رحم.

و قوله علیه السلام فأینا ابتداء تقریر الجواب: و الأعدی من العداوة أو من العدوان و الأول أصوب و أهدی إلی مقاتله أی لوجوه قتله و مواضعه من الآراء و الحیل أم من بذل أراد به نفسه المقدسة فإنه لما اشتد الحصار علی عثمان بعث علیه السلام إلیه و عرض علیه نصرته فقال عثمان لا أحتاج إلی نصرتك و لكن اقعد و كف شرك و ذلك لأن عثمان كان متهما له علیه السلام بالدخول فی أمره و أراد علیه السلام بقوله من استنصره معاویة و ذلك أنه بعث عثمان حال حصاره إلی الشام مستصرخا بمعاویة فلم یزل یتراخی عنه و یؤخر الخروج إلی أن قتل لطمعه فی الأمر و ذكر القدر و نسبة القتل إلیه هاهنا مناسب لتبریه من دمه و البث

ص: 71

النشر و المنون الدهر و المنیة أی نشر إلیه نوائب الدهر و أسباب المنیة و قوله علیه السلام و اللّٰه لقد علم اللّٰه اقتباس من قوله تعالی قَدْ یَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِینَ مِنْكُمْ قال الطبرسی رحمه اللّٰه هم الذین كانوا یعوقون غیرهم عن الجهاد مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و التعویق التثبیط وَ الْقائِلِینَ لِإِخْوانِهِمْ یعنی الیهود قالوا لإخوانهم المنافقین هَلُمَّ إِلَیْنا أی تعالوا و أقبلوا إلینا و دعوا محمدا صلی اللّٰه علیه و آله و قیل القائلون هم المنافقون قالوا لإخوانهم من ضعفة المسلمین لا تحاربوا و خلوا محمدا صلی اللّٰه علیه و آله فإنا نخاف علیكم الهلاك وَ لا یَأْتُونَ الْبَأْسَ أی لا یحضرون القتال و البأس الحرب و أصله الشدة إِلَّا قَلِیلًا إلا كارهین یكون قلوبهم مع المشركین.

و لعل الغرض من الاقتباس أنه سبحانه عاب المعوقین و القائلین فالمتراخی مقصر علی تقدیر وجوب الحضور كما زعمته.

و یحتمل أن یكون غرضه واقعا تعویقه عن نصره علیه السلام و إن أوهم ظاهره نصر عثمان.

و قال الجوهری نقمت علی الرجل أنقم بالكسر إذا عتبت علیه.

و قال ابن میثم

فی قوله علیه السلام فرب ملوم لا ذنب له.

و أنا ذلك الملوم و هو مثل لأكثم بن صیفی یضرب لمن قد ظهر للناس منه أمر أنكروه علیه و هم لا یعرفون حجته و عذره فیه و قوله و قد یستفید إلخ یضرب مثلا لمن یبالغ فی النصیحة حتی یتهم أنه غاش و صدر البیت

و كم سقت فی آثاركم من نصیحة

و قال فی الصحاح و القاموس المتنصح من تشبه بالنصحاء و هذا المعنی و إن كان محتملا فی كلامه علیه السلام علی وجه بعید لكن الظاهر أنه لیس غرضا للشاعر و الظاهر ما ذكره الخلیل فی العین حیث قال التنصح كثرة النصیحة قال أكثم بن صیفی إیاكم و كثرة التنصح فإنه یورث التهمة انتهی و الظنة التهمة.

ص: 72

قوله علیه السلام فلقد أضحكت بعد استعبار قال الجوهری عبرت عینه و استعبرت أی دمعت و العبران الباكی.

و قال ابن میثم أی أتیت بشی ء عجیب بالغ فی الغرابة فإن الضحك بعد البكاء إنما یكون لتعجب بالغ و ذلك كالمثل فی معرض الاستهزاء به.

و قیل معناه لقد أضحكت من سمع منك هذا تعجبا بعد بكائه علی الدین لتصرفك فیه و ألفیت الشی ء وجدته قوله علیه السلام فالبث قلیلا قال ابن میثم مثل یضرب للوعید بالحرب و أصله أن حمل بن بدر رجل من قشیر أغیر علی إبل له فی الجاهلیة فی حرب داحس و الغبراء فاستنقذها و قال:

لبث قلیلا یلحق الهیجاء حمل***ما أحسن الموت إذ الموت نزل

و قیل أصله أن مالك بن زهیر توعد حمل بن بدر فقال حمل لبث قلیلا البیت فأرسل مثلا ثم أتی و قتل مالكا فظفر أخوه قیس بن زهیر به و بأخیه حذیفة فقتلهما و قال:

شفیت النفس من حمل بن بدر***و سیفی من حذیفة قد شفانی

و قال الزمخشری فی المستقصی تمام البیت:

ما أحسن الموت إذا حان الأجل

و قال قالوا فی حمل هو اسم رجل شجاع یستظهر به فی الحرب و لا یبعد أن یراد به حمل بن بدر صاحب الغبراء یضربه من ناصره وراءه انتهی.

ثم اعلم أن حملا فی بعض النسخ بالحاء المهملة و فی بعضها بالجیم.

و قال الفیروزآبادی أرقل أسرع و الإرقال ضرب من الخبب و الجحفل بتقدیم الجیم علی الحاء الجیش و القتام الغبار و سطع الغبار و الرائحة و الصبح ارتفع و السربال القمیص و سرابیل الموت إنما كنایة عن الدروع و الأحوال و الهیئات التی وطنوا نفوسهم علی القتل فیها فكأنها أكفانهم

ص: 73

و قوله علیه السلام ذریة بدریة أی أولاد البدریین.

و قد مر أن أخاه أی معاویة حنظلة و خاله الولید و جده عتبة أبو أمه.

«398»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ جَبْرِ بْنِ نَوْفٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الشَّامِ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ وُجُوهُ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَوْ كَتَبْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابِهِ قَبْلَ مَسِیرِنَا إِلَیْهِمْ كِتَاباً تَدْعُوهُمْ إِلَی الْحَقِّ وَ تَأْمُرُهُمْ بِمَا لَهُمْ فِیهِ مِنَ الْحَظِّ كَانَتِ الْحُجَّةُ تَزْدَادُ عَلَیْهِمْ قُوَّةً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبِهِ اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنَ النَّاسِ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً آمَنُوا بِالتَّنْزِیلِ وَ عَرَفُوا التَّأْوِیلَ وَ فَقُهُوا فِی الدِّینِ وَ بَیَّنَ اللَّهُ فَضْلَهُمْ فِی الْقُرْآنِ الْحَكِیمِ وَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ أَبُوكَ وَ أَهْلُكَ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ أَعْدَاءُ الرَّسُولِ مُكَذِّبُونَ بِالْكِتَابِ مُجْتَمِعُونَ عَلَی حَرْبِ الْمُسْلِمِینَ مَنْ لَقِیتَهُمْ مِنْهُمْ حَبَسْتُمُوهُ أَوْ عَذَّبْتُمُوهُ أَوْ قَتَلْتُمُوهُ حَتَّی إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی إِعْزَازَ دِینِهِ وَ إِظْهَارَ رَسُولِهِ دَخَلَتِ الْعَرَبُ فِی دِینِهِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً فَكُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِی هَذَا الدِّینِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً فَلَیْسَ یَنْبَغِی لَكُمْ أَنْ تُنَازِعُوا أَهْلَ السَّبْقِ وَ مَنْ فَازَ بِالْفَضْلِ فَإِنَّهُ مَنْ نَازَعَهُ مِنْكُمْ فَبِحَوْبٍ وَ ظُلْمٍ فَلَا یَنْبَغِی لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَنْ یَجْهَلَ قَدْرَهُ وَ لَا یَعْدُوَ طَوْرَهُ وَ لَا یَشْفِیَ نَفْسَهُ بِالْتِمَاسِ مَا لَیْسَ لَهُ

ص: 74


1- 398- رواهما الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 10 و الحدیث: 37 من الجزء 7 و 8 من أمالیه ص 115 و 135. و الحدیث الأول قد تقدم عن كتاب صفّین فی أواخر الباب: 11 ص 481 ط الكمبانیّ. و لیلاحظ المختار: 78 و ما حوله من باب الكتب من كتاب نهج السعادة: ج 4 ص 216 ط 1.

إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ قَدِیماً وَ حَدِیثاً أَقْرَبُهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَعْلَمُهُمْ بِالْكِتَابِ وَ أَقْدَمُهُمْ فِی الدِّینِ وَ أَفْضَلُهُمْ جِهَاداً وَ أَوَّلُهُمْ إِیمَاناً وَ أَشَدُّهُمْ اطِّلَاعاً بِمَا تَجْهَلُهُ الرَّعِیَّةُ عَنْ أَمْرِهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ لِتُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَ اعْلَمُوا أَنَّ خِیَارَ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ بِمَا یَعْلَمُونَ وَ أَنَّ شَرَّهُمُ الْجُهَلَاءُ الَّذِینَ یُنَازِعُونَ بِالْجَهْلِ أَهْلَ الْعِلْمِ أَلَا وَ إِنِّی أَدْعُوكُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَقْنِ دِمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنْ قَبِلْتُمْ أَصَبْتُمْ رُشْدَكُمْ وَ هُدِیتُمْ لَحْظَكُمْ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ إِلَّا الْفُرْقَةَ وَ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ لَمْ تَزْدَادُوا مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً وَ لَمْ یَزْدَدْ عَلَیْكُمْ إِلَّا سَخَطاً وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ:

لَیْسَ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَمْرٍو عِتَابٌ***غَیْرَ طَعْنِ الْكُلَی وَ حَزِّ الرِّقَابِ

فَلَمَّا وَقَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی جَوَابِهِ بِذَلِكَ قَالَ إِنَّكَ لا تَهْدِی مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ.

بیان: الحز بالحاء المهملة و بالجیم المعجمة القطع.

«399»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ یَزِیدَ الْحِمَّانِیِّ قَالَ: كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ إِلَیْنَا كِتَابَهُ وَ لَمْ یَدَعْنَا فِی شُبْهَةٍ وَ لَا عُذْرَ لِمَنْ رَكِبَ ذَنْباً بِجَهَالَةٍ وَ التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری وَ أَنْتَ مِمَّنْ شَرَعَ الْخِلَافَ مُتَمَادِیاً فِی غَمْرَةِ الْأَمَلِ مُخْتَلِفَ السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ رَغْبَةً فِی الْعَاجِلِ وَ تَكْذِیباً بَعْدُ فِی الْآجِلِ وَ كَأَنَّكَ قَدْ تَذَكَّرْتَ مَا مَضَی مِنْكَ فَلَمْ تَجِدْ إِلَی الرُّجُوعِ سَبِیلًا وَ كَتَبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِی أَعْجَبَكَ مِمَّا بَارَیْتَ مِنَ الدُّنْیَا وَ وَثِقْتَ بِهِ مِنْهَا مُنْقَلَبٌ عَنْكَ فَلَا تَطْمَئِنَّ إِلَی الدُّنْیَا

ص: 75


1- 399- رواهما الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 10 و الحدیث: 37 من الجزء 7 و 8 من أمالیه ص 115 و 135. و الحدیث الأول قد تقدم عن كتاب صفّین فی أواخر الباب: 11 ص 481 ط الكمبانیّ. و لیلاحظ المختار: 78 و ما حوله من باب الكتب من كتاب نهج السعادة: ج 4 ص 216 ط 1.

فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَی حَذَرْتَ مَا بَقِیَ وَ انْتَفَعْتَ مِنْهَا بِمَا وُعِظْتَ بِهِ وَ لَكِنَّكَ تَبِعْتَ هَوَاكَ وَ آثَرْتَهُ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ تُؤْثِرْ عَلَی مَا دَعَوْنَاكَ إِلَیْهِ غَیْرَهُ لِأَنَّا أَعْظَمُ رَجَاءً وَ أَوْلَی بِالْحُجَّةِ وَ السَّلَامُ وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ إِلَی أَصْحَابِ الْمَسَالِحِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ حَقّاً عَلَی الْوَالِی أَنْ لَا یُغَیِّرَهُ عَنْ رَعِیَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ وَ لَا مَرْتَبَةٌ اخْتَصَّ بِهَا وَ أَنْ یَزِیدَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَ عَطْفاً عَلَیْهِمْ أَلَا وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِی أَنْ لَا أَحْجُبَنَّ دُونَكُمْ سِرّاً إِلَّا فِی حَرْبٍ وَ لَا أَطْوِیَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلَّا فِی حُكْمٍ وَ لَا أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ وَ أَنْ تَكُونُوا عِنْدِی فِی الْحَقِّ سَوَاءً فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِی عَلَیْكُمُ الْبَیْعَةُ وَ لَزِمَتْكُمُ الطَّاعَةُ وَ أَنْ لَا تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَةٍ وَ لَا تُفَرِّطُوا فِی صَلَاحٍ وَ أَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْمَعُوا لِی عَلَی ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَیَّ مِمَّنْ خَالَفَنِی فِیهِ ثُمَّ أُحِلُّ لَكُمْ فِیهِ عُقُوبَتَهُ وَ لَا تَجِدُوا عِنْدِی فِیهَا رُخْصَةً فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَ أَعْطُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَذَا یَصْلُحْ أَمْرُكُمْ وَ السَّلَامُ.

بیان:

قال الجوهری فلان یباری فلانا أی یعارضه و یفعل مثل فعله و فلان یباری الریح سخاء أی یعارضها خیرا و بركة.

أقول: و سیأتی الكتاب الأخیر بروایة النهج بتغییر ما.

«400»-(1)نهج، نهج البلاغة: وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ- أَنَّهُ بَایَعَنِی الْقَوْمُ الَّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عَلَی مَا بَایَعُوهُمْ عَلَیْهِ فَلَمْ یَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ یَخْتَارَ وَ لَا لِلْغَائِبِ أَنْ یَرُدَّ وَ إِنَّمَا الشُّورَی لِلْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَی

ص: 76


1- 400- رواه السیّد الرضیّ قدس اللّٰه نفسه فی المختار: 6 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

رَجُلٍ وَ سَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًی فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَی مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَی قَاتَلُوهُ عَلَی اتِّبَاعِهِ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ وَ وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّی وَ لَعَمْرِی یَا مُعَاوِیَةُ لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدُنِی أَبْرَأَ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ لَتَعْلَمَنَّ أَنِّی كُنْتُ فِی عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَجَنَّی فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ وَ السَّلَامُ.

تنبیه:

لعل هذا منه علیه السلام إلزام لمعاویة بالإجماع الذی أثبتوا به خلافة أبی بكر و عمر و عثمان و عدم تمسكه علیه السلام بالنص لعدم التفاتهم إلیه فی أول العهد مع عدم تطاول الأیام فكیف مع بعد العهد و قوله علیه السلام إنما الشوری إلخ أی الشوری الذی تعتقدونه و تحتجون به و لا حاجة إلی حمل الكلام علی التقیة كما نقله ابن أبی الحدید من أصحابنا الإمامیة قوله علیه السلام كان ذلك لله رضا أی بزعمهم و العزلة الاسم من الاعتزال و التجنی أن یدعی علیك ذنب لم تفعله.

و قال ابن میثم رحمه اللّٰه هذا الفصل من كتاب كتبه إلی معاویة مع جریر بن عبد اللّٰه البجلی حین نزعه من همدان و صدره أما بعد فإن بیعتی یا معاویة لزمتك و أنت بالشام لأنه بایعنی القوم.

ثم یتلو قوله و ولاه اللّٰه ما تولی تمام الآیة.

و یتصل بها أن قال و إن طلحة و الزبیر بایعانی ثم نقضا بیعتی و كان نقضهما كردتهما فجاهدتهما علی ذلك حَتَّی جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ فادخل یا معاویة فیما دخل فیه المسلمون فإن أحب الأمور إلی فیك العافیة إلا أن تتعرض للبلاء فإن تعرضت له قاتلتك و استعنت باللّٰه علیك.

و قد أكثرت فی قتلة عثمان فادخل فیما دخل فیه الناس ثم حاكم القوم إلی أحملك و إیاهم علی كتاب اللّٰه.

و أما هاتیك التی تریدها فهی خدعة الصبی عن اللبن.

ص: 77

ثم یتصل به قوله و لعمری إلی قوله ما بدا لك ثم یتصل به و اعلم أنك من الطلقاء الذین لا تحل لهم الخلافة و لا یعرض فیهم الشوری و قد أرسلت إلیك و إلی من قبلك جریر بن عبد اللّٰه و هو من أهل الإیمان و الهجرة فبایع و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

وَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَلَوْ كُنْتَ عَلَی مَا كَانَ عَلَیْهِ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ إِذَنْ مَا قَاتَلْتُكَ وَ لَا اسْتَحْلَلْتُ ذَلِكَ وَ لَكِنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَیْكَ بَیْعَتِی خَطِیئَتُكَ فِی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ الْحِجَازِ الْحُكَّامَ عَلَی النَّاسِ حِینَ كَانَ الْحَقُّ فِیهِمْ فَلَمَّا تَرَكُوهُ صَارَ أَهْلُ الشَّامِ الْحُكَّامَ عَلَی أَهْلِ الْحِجَازِ وَ غَیْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ وَ لَعَمْرِی مَا حُجَّتُكَ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ كَحُجَّتِكَ عَلَی أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ لَا حُجَّتُكَ عَلَیَّ كَحُجَّتِكَ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَدْ كَانُوا بَایَعُوكَ وَ لَمْ یُبَایِعْكَ أَهْلُ الشَّامِ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَایَعَاكَ وَ لَمْ أُبَایِعْكَ وَ أَمَّا فَضْلُكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتُكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَوْضِعُكَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَلَسْتُ أَدْفَعُهُ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ علیه السلام فِی جَوَابِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ صَخْرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ أَتَانِی كِتَابُكَ كِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدِیهِ وَ لَا قَائِدٌ یُرْشِدُهُ قَدْ دَعَاهُ الْهَوَی فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضَّلَالُ فَاتَّبَعَهُ فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلَّ خَابِطاً زَعَمْتَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَیَّ بَیْعَتَكَ خَطِیئَتِی فِی عُثْمَانَ وَ لَعَمْرِی مَا كُنْتُ إِلَّا رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أَوْرَدْتُ كَمَا أَوْرَدُوا وَ أَصْدَرْتُ كَمَا أَصْدَرُوا وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْعَلَهُمْ عَلَی ضَلَالٍ وَ لَا یَضْرِبَهُمْ بِعَمًی وَ أَمَّا مَا زَعَمْتَ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ الْحُكَّامُ عَلَی أَهْلِ الْحِجَازِ فَهَاتِ رَجُلَیْنِ مِنْ قُرَیْشِ الشَّامِ یُقْبَلَانِ فِی الشُّورَی أَوْ تَحِلُّ لَهُمَا الْخِلَافَةُ فَإِنْ زَعَمْتَ ذَلِكَ كَذَّبَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ إِلَّا فَأَنَا آتِیكَ بِهِمَا مِنْ قُرَیْشِ الْحِجَازِ وَ أَمَّا مَا مَیَّزْتَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَلَعَمْرِی مَا الْأَمْرُ فِی ذَلِكَ إِلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّهَا بَیْعَةٌ عَامَّةٌ وَاحِدَةٌ لَا یُثَنَّی فِیهَا النَّظَرُ وَ لَا

ص: 78

یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ وَ الْمُرَوِّی فِیهَا مُدَاهِنٌ وَ أَمَّا فَضْلِی فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتِی مِنَ الرَّسُولِ وَ شَرَفِی فِی بَنِی هَاشِمٍ فَلَوِ اسْتَطَعْتَ دَفْعَهُ لَفَعَلْتَ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَصَلَ هَذَا الْكِتَابُ إِلَی مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا عَلِیُّ وَ دَعِ الْحَسَدَ فَإِنَّهُ طَالَ مَا لَمْ یَنْتَفِعْ بِهِ أَهْلُهُ وَ لَا تُفْسِدْ سَابِقَةَ قَدِیمِكَ بِشَرٍّ مِنْ حَدِیثِكَ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِخَوَاتِیمِهَا وَ لَا تُلْحِدَنَّ بِبَاطِلٍ فِی حَقِّ مَنْ لَا حَقَّ لَكَ فِی حَقِّهِ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ ذَلِكَ لَا تُضْلِلْ إِلَّا نَفْسَكَ وَ لَا تَمْحَقْ إِلَّا عَمَلَكَ وَ لَعَمْرِی إِنَّ مَا مَضَی لَكَ مِنَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ لَحَقِیقَةٌ أَنْ تَرُدَّكَ وَ تَرْدَعَكَ عَمَّا اجْتَرَأْتَ عَلَیْهِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ إِجْلَاءِ أَهْلِ الْحَقِّ عَنِ الْحِلِّ وَ الْحَرَامِ فَاقْرَأْ سُورَةَ الْفَلَقِ وَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَ مِنْ شَرِّ نَفْسِكَ الْحَاسِدِ إِذا حَسَدَ قَفَلَ اللَّهُ بِقَلْبِكَ وَ أَخَذَ بِنَاصِیَتِكَ وَ عَجَّلَ تَوْفِیقَكَ فَإِنِّی أَسْعَدُ النَّاسِ بِذَلِكَ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَتْنِی مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ نَمَّقْتَهَا بِضَلَالِكَ وَ أَمْضَیْتَهَا بِسُوءِ رَأْیِكَ وَ كِتَابٌ لَیْسَ بِبَعِیدِ الشَّبَهِ مِنْكَ حَمَلَكَ عَلَی الْوُثُوبِ عَلَی مَا لَیْسَ لَكَ فِیهِ حَقٌّ وَ لَوْ لَا عِلْمِی بِكَ وَ مَا قَدْ سَبَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیكَ مِمَّا لَا مَرَدَّ لَهُ دُونَ إِنْفَاذِهِ إِذَنْ لَوَعَظْتُكَ وَ لَكِنْ عِظَتِی لَا تَنْفَعُ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ وَ لَمْ یَخَفِ الْعِقَابَ وَ لَا یَرْجُو لِلَّهِ وَقاراً وَ لَمْ یَخَفْ لَهُ حِذَاراً فَشَأْنَكَ وَ مَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ الْحَیْرَةِ وَ الْجَهَالَةِ تَجِدِ اللَّهَ فِی ذَلِكَ بِالْمِرْصَادِ مِنْ دُنْیَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ وَ تَمَنِّیكَ الْأَبَاطِیلَ وَ قَدْ عَلِمْتَ مَا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِیكَ وَ فِی أُمِّكَ وَ أَبِیكَ وَ السَّلَامُ (1)

بیان: أقول: قد روی السید رضی اللّٰه عنه فی النهج بعض الكتابین

ص: 79


1- 1 رواه ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرحه علی المختار: 7 من باب كتب أمیر المؤمنین من نهج البلاغة: ج 4 ص 356 ط الحدیث بطهران. و لیلاحظ المختار: 45 و 99 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 4 ص 94 و 266 ط 1.

الذین أوردهما ابن میثم و خلطهما (1)

قوله علیه السلام فهجر أی هذی و اللغط بالتحریك الصوت و الجلبة ذكره الجوهری و قال خبط البعیر فهو خابط إذا مشی ضالا فخبط بیدیه كل ما یلقاه و لا یتوقی شیئا و خبطه ضربه بالید و منه قیل خبط عشواء أی الناقة التی فی بصرها ضعف.

قوله علیه السلام طاعن قال ابن میثم أی فی صحتها فهو طاعن فی دین اللّٰه فیجب قتاله حتی یرجع إلیها و رویت فی الأمر نظرت فیه و فكرت أی الشاك فیها مداهن و المداهنة نوع من النفاق.

قوله علیه السلام موصلة قال ابن أبی الحدید أی مجموعة الألفاظ من هاهنا و هاهنا و ذلك عیب فی الكتابة و الخطابة و قال حبرت الشی ء تحبیرا حسنته و زینته أی المزینة الألفاظ یشیر علیه السلام إلی أنه قد كان یظهر علیها أثر التكلف و التصنع.

و قال الجوهری نمق الكتاب ینمقه بالضم أی كتبه و نمقه تنمیقا زینه بالكتابة.

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ (2)كَتَبَ مُعَاوِیَةُ فِی أَثْنَاءِ حَرْبِ صِفِّینَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی مُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ وَ إِنِّی أُحَذِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُحْبِطَ عَمَلَكَ وَ سَابِقَتَكَ بِشَقِّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ تَفْرِیقِ جَمَاعَتِهَا فَاتَّقِ اللَّهَ وَ اذْكُرْ مَوْقِفَ الْقِیَامَةِ وَ اقْلَعْ عَمَّا أَسْرَفْتَ فِیهِ مِنَ

ص: 80


1- 1 قد روی السیّد الرضیّ قریبا ممّا رواه عنه ابن میثم ثانیا، فی المختار: 7 من الباب الثانی من نهج البلاغة.
2- 2 فی شرح المختار 7 من باب الكتب، ج 14، ص 42، ط مصر، قال: و هذا الكتاب كتبه علی علیه السلام جوابا عن كتاب كتبه معاویة إلیه فی أثناء حرب صفّین بل فی أواخرها.

الْخَوْضِ فِی دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ وَ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَوْ تَمَالَأَ أَهْلُ صَنْعَاءَ وَ عَدَنٍ عَلَی قَتْلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ فِی النَّارِ فَكَیْفَ یَكُونُ حَالُ مَنْ قَتَلَ أَعْلَامَ الْمُسْلِمِینَ وَ سَادَاتِ الْمُهَاجِرِینَ بَلْهَ مَا طَحَنَتْ رَحَی حَرْبِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَ ذَوِی الْعِبَادَةِ وَ الْإِیمَانِ مِنْ شَیْخٍ كَبِیرٍ وَ شَابٍّ غَرِیرٍ كُلُّهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَی مُؤْمِنٌ وَ لَهُ مُخْلِصٌ وَ بِرَسُولِهِ مُقِرٌّ عَارِفٌ فَإِنْ كُنْتَ أَبَا حَسَنٍ إِنَّمَا تُحَارِبُ عَلَی الْإِمْرَةِ وَ الْخِلَافَةِ فَلَعَمْرِی لَوْ صَحَّتْ خِلَافَتُكَ لَكُنْتَ قَرِیباً مِنْ أَنْ تُعْذَرَ فِی حَرْبِ الْمُسْلِمِینَ وَ لَكِنَّهَا لَمْ تَصِحَّ لَكَ وَ أَنَّی بِصِحَّتِهَا وَ أَهْلُ الشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فِیهَا وَ لَمْ یَرْتَضُوا بِهَا فَخِفِ اللَّهَ وَ سَطَوَاتِهِ وَ اتَّقِ بَأْسَ اللَّهِ وَ نَكَالَهُ وَ اغْمِدْ سَیْفَكَ عَنِ النَّاسِ فَقَدْ وَ اللَّهِ أَكَلَتْهُمُ الْحَرْبُ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا كَالثَّمَدِ فِی قَرَارَةِ الْغَدِیرِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ فَكَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِ جَوَاباً عَنْ كِتَابِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَتْنِی مِنْكَ مَوْعِظَةٌ مُوَصَّلَةٌ وَ رِسَالَةٌ مُحَبَّرَةٌ نَمَّقْتَهَا بِضَلَالِكَ وَ أَمْضَیْتَهَا بِسُوءِ رَأْیِكَ وَ كِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدِیهِ وَ لَا قَائِدٌ یُرْشِدُهُ دَعَاهُ الْهَوَی فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضَّلَالُ فَاتَّبَعَهُ فَهَجَرَ لَاغِطاً وَ ضَلَّ خَابِطاً فَأَمَّا أَمْرُكَ لِی بِالتَّقْوَی فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَ أَسْتَعِیذُ بِاللَّهِ مِنْ أَنْ أَكُونَ مِنَ الَّذِینَ إِذَا أُمِرُوا بِهَا أَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ وَ أَمَّا تَحْذِیرُكَ إِیَّایَ أَنْ یَحْبَطَ عَمَلِی وَ سَابِقَتِی فِی الْإِسْلَامِ فَلَعَمْرِی لَوْ كُنْتُ الْبَاغِیَ عَلَیْكَ لَكَانَ لَكَ أَنْ تُحَذِّرَنِی ذَلِكَ وَ لَكِنِّی وَجَدْتُ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ فَنَظَرْنَا إِلَی الْفِئَتَیْنِ فَأَمَّا الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَوَجَدْنَاهَا الْفِئَةَ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا لِأَنَّ بَیْعَتِی بِالْمَدِینَةِ لَزِمَتْكَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ كَمَا لَزِمَتْكَ بَیْعَةُ عُثْمَانَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنْتَ أَمِیرٌ لِعُمَرَ عَلَی الشَّامِ وَ كَمَا لَزِمَتْ یَزِیدَ أَخَاكَ بَیْعَةُ عُمَرَ بِالْمَدِینَةِ وَ هُوَ أَمِیرٌ لِأَبِی بَكْرٍ عَلَی الشَّامِ وَ أَمَّا شَقُّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَنَا أَحَقُّ أَنْ أَنْهَاكَ عَنْهُ

ص: 81

فَأَمَّا تَخْوِیفُكَ لِی مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْبَغْیِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَنِی بِقِتَالِهِمْ وَ قَتْلِهِمْ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ فِیكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ وَ أَشَارَ إِلَیَّ وَ أَنَا أَوْلَی مَنِ اتَّبَعَ أَمْرَهُ (1)وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ بَیْعَتِی لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمْ یَدْخُلُوا فِیهَا فَإِنَّمَا هِیَ بَیْعَةٌ وَاحِدَةٌ تَلْزَمُ الْحَاضِرَ وَ الْغَائِبَ لَا یُسْتَثْنَی فِیهَا النَّظَرُ وَ لَا یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا طَاعِنٌ وَ الْمُرَوِّی فِیهَا مُدَاهِنٌ فَارْبَعْ عَلَی ظَلْعِكَ وَ انْزِعْ سِرْبَالَ غَیِّكَ وَ اتْرُكْ مَا لَا جَدْوَی لَهُ عَلَیْكَ فَإِنَّهُ لَیْسَ لَكَ عِنْدِی إِلَّا السَّیْفُ حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ صَاغِراً وَ تَدْخُلَ فِی الْبَیْعَةِ رَاغِماً وَ السَّلَامُ.

بیان:

قال الجوهری بله كلمة مبنیة علی الفتح مثل كیف و معناها دع و یقال معناها سوی و فی الحدیث أعددت لعبادی الصالحین ما لا عین رأت و لا أذن سمعت و لا خطر علی قلب بشر بله ما اطلعتهم علیه.

(2)وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ مُشَاغَبَتِی وَ تَسْتَقْبِحُ مُوَارَبَتِی وَ تَزْعُمُنِی مُتَجَبِّراً وَ عَنْ حَقِّ اللَّهِ مُقَصِّراً فَسُبْحَانَ اللَّهِ كَیْفَ تَسْتَجِیزُ الْغِیبَةَ وَ تَسْتَحْسِنُ الْعَضِیهَةَ إِنِّی لَمْ أُشَاغِبْ إِلَّا فِی أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْیٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَ لَمْ أَتَجَبَّرْ إِلَّا عَلَی بَاغٍ مَارِقٍ أَوْ مُلْحِدٍ مُنَافِقٍ وَ لَمْ آخُذْ فِی ذَلِكَ إِلَّا بِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ وَ أَمَّا التَّقْصِیرُ فِی حَقِّ اللَّهِ فَمَعَاذَ اللَّهِ وَ إِنَّمَا الْمُقَصِّرُ فِی حَقِّ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ

ص: 82


1- 1 و الحدیث متواتر معنی أو مستفیض مقطوع الصدور و قد رواه جمع كثیر من حفاظ أهل السنة منهم النسائی فی الحدیث 154 من كتاب خصائص علیّ علیه السلام بتحقیقنا و قد علقناه علیه عن مصادر كثیرة. و رواه ابن عساكر بأسانید جمة تحت الرقم 1178 و توالیه من ترجمة أمیر المؤمنین من تاریخ دمشق ج 3، ص 163، ط 2 من تحقیقنا.
2- 2 ....

عَطَّلَ الْحُقُوقَ الْمُؤَكَّدَةَ وَ رَكِنَ إِلَی الْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ وَ أَخْلَدَ إِلَی الضَّلَالَةِ الْمُحَیِّرَةِ وَ مِنَ الْعَجَبِ أَنْ تَصِفَ یَا مُعَاوِیَةُ الْإِحْسَانَ وَ تُخَالِفَ الْبُرْهَانَ وَ تَنْكُثَ الْوَثَائِقَ الَّتِی هِیَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ طَلِبَةٌ وَ عَلَی عِبَادِهِ حُجَّةٌ مَعَ نَبْذِ الْإِسْلَامِ وَ تَضْیِیعِ الْأَحْكَامِ وَ طَمْسِ الْأَعْلَامِ وَ الْجَرْیِ فِی الْهَوَی وَ التَّهَوُّسِ فِی الرَّدَی فَاتَّقِ اللَّهَ فِیمَا لَدَیْكَ وَ انْظُرْ فِی حَقِّهِ عَلَیْكَ وَ ارْجِعْ إِلَی مَعْرِفَةِ مَا لَا تُعْذَرُ بِجَهَالَتِهِ فَإِنَّ لِلطَّاعَةِ أَعْلَاماً وَاضِحَةً وَ سُبُلًا نَیِّرَةً وَ مَحَجَّةً نَهْجَةً وَ غَایَةً مُطَّلَبَةً یَرِدُهَا الْأَكْیَاسُ وَ تُخَالِفُهَا الْأَنْكَاسُ مَنْ نَكَبَ عَنْهَا جَارَ عَنِ الْحَقِّ وَ خَبَطَ فِی التِّیهِ وَ غَیَّرَ اللَّهُ نِعْمَتَهُ وَ أَحَلَّ بِهِ نَقِمَتَهُ فَنَفْسَكَ نَفْسَكَ فَقَدْ بَیَّنَ اللَّهُ لَكَ سَبِیلَكَ وَ حَیْثُ تَنَاهَتْ بِكَ أُمُورُكَ فَقَدْ أَجْرَیْتَ إِلَی غَایَةِ خُسْرٍ وَ مَحَلَّةِ كُفْرٍ وَ إِنَّ نَفْسَكَ قَدْ أَوْحَلَتْكَ شَرّاً وَ أَقْحَمَتْكَ غَیّاً وَ أَوْرَدَتْكَ الْمَهَالِكَ وَ أَوْعَرَتْ عَلَیْكَ الْمَسَالِكَ وَ مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابُ وَ إِنَّ لِلنَّاسِ جَمَاعَةً یَدُ اللَّهِ عَلَیْهَا وَ غَضَبُ اللَّهِ عَلَی مَنْ خَالَفَهَا فَنَفْسَكَ نَفْسَكَ قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِكَ فَإِنَّكَ إِلَی اللَّهِ رَاجِعٌ وَ إِلَی حَشْرِهِ مُهْطِعٌ وَ سَیَبْهَظُكَ كَرْبُهُ وَ یَحُلُّ بِكَ غَمُّهُ فِی یَوْمِ لَا یُغْنِی النَّادِمَ نَدَمُهُ وَ لَا یُقْبَلُ مِنَ الْمُعْتَذِرِ عُذْرُهُ یَوْمَ لا یُغْنِی مَوْلًی عَنْ مَوْلًی شَیْئاً وَ لا هُمْ یُنْصَرُونَ.

- 399(1)

نهج، نهج البلاغة فَاتَّقِ اللَّهَ فِیمَا لَدَیْكَ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَوْعَرَتْ عَلَیْكَ الْمَسَالِكُ.

توضیح:

قال الفیروزآبادی الشغب تهییج الشر كالتشغیب و شغبهم و بهم و علیهم كمنع و فرح هیج الشر علیهم و شاغبه شاره و قال المواربة المداهاة و المخاتلة و فی أكثر النسخ موازرتی أی موازرتی علیك و العضیهة الإفك و البهتان و ركن إلیه كعلم مال و أخلدت إلی فلان أی ركنت إلیه و أخلد بالمكان أقام و الطمس إخفاء الأثر.

و قال الجوهری الهوس الطوفان باللیل و الهوس شدة الأكل و الهوس السوق اللین یقال هست الإبل فهاست أی ترعی و تسیر و الهوس

ص: 83


1- 399- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 30 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

بالتحریك طرف من الجنون.

قوله علیه السلام فیما لدیك أی من مال المسلمین و فیئهم أو فی نعمة علیك و معرفة ما لا یعذر بجهالته معرفة الإمام و طاعته و الأعلام الأئمة أو الأدلة و النهج الطریق الواضح.

و المطلبة النسخ المصححة متفقة علی تشدید الطاء قال الجوهری طلبت الشی ء طلبا و كذا اطلبته علی افتعلته و التطلب الطلب مرة بعد أخری انتهی و المعنی غایة من شأنها أن تطلب و یطلبها العقلاء و یكشف عنه قوله علیه السلام یردها الأكیاس.

و قرأ ابن أبی الحدید بتخفیف الطاء و قال أی مساعفة لطالبها یقال طلب فلان منی كذا فاطلبته أی أسعفته به.

و الأنكاس جمع نكس بالكسر و هو الرجل الضعیف ذكره الجوهری و الجزری و قال ابن أبی الحدید و ابن میثم الدنی من الرجال و نكب عن الطریق عدل و الخبط المشی علی غیر استقامة قوله علیه السلام تناهت بك یقال تناهی أی بلغ و الباء للتعدیة أی بین اللّٰه لك سبیلك و غایتك التی توصلك إلیها أعمالك أو المعنی قف حیث تناهت بك أمورك كقولهم حیث أنت و قولهم مكانك فلا یكون معطوفا و لا متصلا بقوله فقد بین اللّٰه لك سبیلك.

قوله علیه السلام فقد أجریت هو من إجراء الخیل للمسابقة و قال فی الصحاح وحل الرجل وقع فی الوحل و أوحله غیره و الاقتحام الدخول فی الأمر بشدة و یقال جبل وعر و مطلب وعر أی صعب حزن و الرمس بالفتح القبر و المهطع المسرع و بهظه الأمر أثقله.

«400»-(1)وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ وَ ابْنُ مِیثَمٍ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَتَبَ إِلَی

ص: 84


1- 400- رواه ابن أبی الحدید و ابن میثم فی شرحیهما علی المختار: 32 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا دَارُ تِجَارَةٍ رِبْحُهَا أَوْ خُسْرُهَا الْآخِرَةُ فَالسَّعِیدُ مَنْ كَانَتْ بِضَاعَتُهُ فِیهَا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَ مَنْ رَأَی الدُّنْیَا بِعَیْنِهَا وَ قَدَّرَهَا بِقَدْرِهَا وَ إِنِّی لَأَعِظُكَ مَعَ عِلْمِی بِسَابِقِ الْعِلْمِ فِیكَ مِمَّا لَا مَرَدَّ لَهُ دُونَ نَفَاذِهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَخَذَ عَلَی الْعُلَمَاءِ أَنْ یُؤَدُّوا الْأَمَانَةَ وَ أَنْ یَنْصِحُوا الْغَوِیَّ وَ الرَّشِیدَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ لَا تَكُنْ مِمَّنْ لَا یَرْجُو لِلَّهِ وَقاراً وَ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ فَإِنَّ اللَّهَ بِالْمِرْصَادِ وَ إِنَّ دُنْیَاكَ سَتُدْبِرُ عَنْكَ وَ سَتَعُودُ حَسْرَةً عَلَیْكَ فَانْتَبِهْ مِنَ الْغَیِّ وَ الضَّلَالِ عَلَی كِبَرِ سِنِّكَ وَ فَنَاءِ عُمُرِكَ فَإِنَّ حَالَكَ الْیَوْمَ كَحَالِ الثَّوْبِ الْمَهِیلِ الَّذِی لَا یَصْلُحُ مِنْ جَانِبٍ إِلَّا فَسُدَ مِنْ آخَرَ وَ قَدْ أَرْدَیْتَ جِیلًا مِنَ النَّاسِ كَثِیراً خَدَعْتَهُمْ بِغَیِّكَ وَ أَلْقَیْتَهُمْ فِی مَوْجِ بَحْرِكَ تَغْشَاهُمُ الظُّلُمَاتُ وَ تَتَلَاطَمُ بِهِمُ الشُّبُهَاتُ فَجَارُوا عَنْ وِجْهَتِهِمْ وَ نَكَصُوا عَلَی أَعْقَابِهِمْ وَ تَوَلَّوْا عَلَی أَدْبَارِهِمْ وَ عَوَّلُوا عَلَی أَحْسَابِهِمْ إِلَّا مَنْ فَاءَ مِنْ أَهْلِ الْبَصَائِرِ فَإِنَّهُمْ فَارَقُوكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِكَ وَ هَرَبُوا إِلَی اللَّهِ مِنْ مُوَازَرَتِكَ إِذْ حَمَلْتَهُمْ عَلَی الصَّعْبِ وَ عَدَلْتَ بِهِمْ عَنِ الْقَصْدِ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا مُعَاوِیَةُ فِی نَفْسِكَ وَ جَاذِبِ الشَّیْطَانَ قِیَادَكَ فَإِنَّ الدُّنْیَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْكَ وَ الْآخِرَةَ قَرِیبٌ مِنْكَ وَ السَّلَامُ

«401»-(1)قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِیُّ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَقَفْتُ عَلَی كِتَابِكَ وَ قَدْ أَبَیْتَ عَلَی الْغَیِّ إِلَّا تَمَادِیاً (2)وَ إِنِّی لَعَالِمٌ أَنَّ الَّذِی یَدْعُوكَ إِلَی ذَاكَ مَصْرَعُكَ الَّذِی لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ وَ إِنْ كُنْتَ مُوَائِلًا فَازْدَدْ غَیّاً إِلَی غَیِّكَ فَطَالَ مَا خَفَّ عَقْلُكَ وَ مَنَّیْتَ نَفْسَكَ مَا لَیْسَ لَكَ وَ الْتَوَیْتَ عَلَی مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْكَ ثُمَّ كَانَتِ الْعَافِیَةُ لِغَیْرِكَ وَ احْتَمَلْتَ الْوِزْرَ بِمَا أَحَاطَ بِكَ مِنْ خَطِیئَتِكَ وَ السَّلَامُ

ص: 85


1- 401- رواه ابن أبی الحدید- مع التوالی- فی شرحه علی المختار: 32 من باب كتب نهج البلاغة: ج 16، ص 133، ط الحدیث بمصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 4 ص 768.
2- 2 هذا هو الظاهر من السیاق و فی شرح نهج البلاغة ط مصر: علی الفتن. و فی ط الكمبانیّ: علی الغین.

قَالَ فَكَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَا أَتَیْتَ بِهِ مِنْ ضَلَالِكَ لَیْسَ بِبَعِیدِ الشَّبَهِ مِمَّا أَتَی بِهِ أَهْلُكَ وَ قَوْمُكَ الَّذِینَ حَمَلَهُمُ الْكُفْرُ وَ تَمَنِّی الْأَبَاطِیلِ عَلَی حَسَدِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی صُرِعُوا مَصَارِعَهُمْ حَیْثُ عَلِمْتَ لَمْ یَمْنَعُوا حَرِیماً وَ لَمْ یَدْفَعُوا عَظِیماً وَ أَنَا صَاحِبُهُمْ فِی تِلْكَ الْمَوَاطِنِ الصَّالِی بِحَرْبِهِمْ وَ الْفَالُّ لِحَدِّهِمْ وَ الْقَاتِلُ لِرُءُوسِهِمْ وَ رُءُوسِ الضَّلَالَةِ وَ الْمُتْبِعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَفَهُمْ بِسَلَفِهِمْ فَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ اتَّبَعَ سَلَفاً وَ مَحَلُّهُ مَحَطَّةُ النَّارِ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ طَالَ فِی الْغَیِّ مَا اسْتَمْرَرْتَ إِدْرَاجَكَ كَمَا طَالَ مَا تَمَادَی عَنِ الْحَرْبِ نُكُوصُكَ وَ إِبْطَاؤُكَ تَتَوَعَّدُ وَعِیدَ الْأَسَدِ وَ تَرُوغُ رَوَغَانَ الثَّعْلَبِ فَحَتَّامَ تَحِیدُ عَنِ اللِّقَاءِ وَ مُبَاشَرَةِ اللُّیُوثِ الضَّارِیَةِ وَ الْأَفَاعِی الْمُقَاتِلَةِ فَلَا تَسْتَبْعِدَنَّهَا فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِیبٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَمَا أَعْجَبَ مَا یَأْتِینِی مِنْكَ وَ مَا أَعْلَمَنِی بِمَا أَنْتَ صَائِرٌ إِلَیْهِ وَ لَیْسَ إِبْطَائِی عَنْكَ إِلَّا تَرَقُّباً لِمَا أَنْتَ لَهُ مُكَذِّبٌ وَ أَنَا لَهُ مُصَدِّقُ وَ كَأَنِّی بِكَ غَداً تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ ضَجِیجَ الْجِمَالِ مِنَ الْأَثْقَالِ وَ سَتَدْعُونِی أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ إِلَی كِتَابٍ تُعَظِّمُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَجْحَدُونَهُ بِقُلُوبِكُمْ وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَدَعْنِی مِنْ أَسَاطِیرِكَ وَ اكْفُفْ عَنِّی مِنْ أَحَادِیثِكَ وَ أَقْصِرْ عَنْ تَقَوُّلِكَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ وَ افْتِرَائِكَ مِنَ الْكَذِبِ مَا لَمْ یَقُلْ وَ غُرُورِ مَنْ مَعَكَ وَ الْخِدَاعِ لَهُمْ فَقَدِ اسْتَغْوَیْتَهُمْ وَ یُوشِكُ أَمْرُكَ أَنْ یَنْكَشِفَ لَهُمْ فَیَعْتَزِلُوكَ وَ یَعْلَمُوا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ بَاطِلٌ مُضْمَحِلٌّ وَ السَّلَامُ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَطَالَ مَا دَعَوْتَ أَنْتَ وَ أَوْلِیَاؤُكَ أَوْلِیَاءُ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ الْحَقَّ أَسَاطِیرَ الْأَوَّلِینَ وَ نَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ جَهَدْتُمْ فِی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ بِأَیْدِیكُمْ وَ أَفْوَاهِكُمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ

ص: 86

وَ لَعَمْرِی لَیُتِمَّنَّ النُّورَ عَلَی كُرْهِكَ وَ لَیُنْفِذَنَّ الْعِلْمَ بِصَغَارِكَ وَ لَتُجَازَیَنَّ بِعَمَلِكَ فَعِثْ فِی دُنْیَاكَ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْكَ مَا طَابَ لَكَ فَكَأَنَّكَ بِأَجَلِكَ قَدِ انْقَضَی وَ عَمَلِكَ قَدْ هَوَی ثُمَّ تَصِیرُ إِلَی لَظَی لَمْ یَظْلِمْكَ اللَّهُ شَیْئاً وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَمَا أَعْظَمَ الرَّیْنَ عَلَی قَلْبِكَ وَ الْغِطَاءَ عَلَی بَصَرِكَ الشَّرُّ مِنْ شِیمَتِكَ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ بِرِوَایَةٍ أُخْرَی قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَسَاوِیَكَ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ فِیكَ حَالَتْ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ أَنْ یَصْلُحَ أَمْرُكَ أَوْ أَنْ یَرْعَوِیَ قَلْبُكَ یَا ابْنَ الصَّخْرِ اللَّعِینِ زَعَمْتَ أَنْ یَزِنَ الْجِبَالُ حِلْمَكَ وَ یَفْصِلَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّكِّ عِلْمُكَ وَ أَنْتَ الْجِلْفُ الْمُنَافِقُ الْأَغْلَفُ الْقَلْبِ الْقَلِیلُ الْعَقْلِ الْجَبَانُ الرَّذْلُ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِیمَا تَسْطُرُ وَ یُعِینُكَ عَلَیْهِ أَخُو بَنِی سَهْمٍ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَ ابْرُزْ لِمَا دَعَوْتَنِی إِلَیْهِ مِنَ الْحَرْبِ وَ الصَّبْرِ عَلَی الضَّرْبِ وَ أَعْفِ الْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْقِتَالِ لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْمَرِینُ عَلَی قَلْبِهِ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ قَاتِلُ جَدِّكَ وَ أَخِیكَ وَ خَالِكَ وَ مَا أَنْتَ مِنْهُمْ بِبَعِیدٍ وَ السَّلَامُ.

إیضاح:

أقول: روی السید رضی اللّٰه عنه فی النهج الكتاب الأول من قوله علیه السلام و أردیت جیلا إلی آخر هذا الكتاب. (1)قوله علیه السلام و من رأی عطف علی من كانت أی السعید من یری الدنیا بعینها أی یعرفها بحقیقتها أو یراها بالعین التی بها تعرف و هی عین البصیرة و یعلم ما هی علیه من التغیر و الزوال و إنها خلقت لغیرها لیقدرها بمقدارها و یجعلها فی نظره لما خلقت له.

قوله علیه السلام ممن لا یرجو لِلَّهِ وَقاراً أی لا یتوقع لله عظمة فیعبده

ص: 87


1- 1 أی الكتاب الأول الذی مر هاهنا تحت الرقم: 400 الذی رواه المصنّف عن ابن أبی الحدید و ابن میثم رواه الرضی تحت الرقم: 32 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

و یطیعه و الوقار الاسم من التوقیر و هو التعظیم.

و قیل الرجاء هاهنا بمعنی الخوف و المهیل المتداعی فی التمزق و منه رمل مهیل أی ینهال و یسیل و أردیت أی أهلكت و الجیل الصنف و روی بالباء الموحدة و هو الخلق و تغشاهم أی تأتیهم و تحیط بهم و حاروا عدلوا و تحیروا و نكصوا أی رجعوا و عولوا علی أحسابهم أی اعتمدوا علی نخوة الجاهلیة و تعصبهم و رجعوا عن الدین إلا من فاء أی رجع و الموازرة المعاونة و الصعب مقابله الذلول كنایة عن الباطل لاقتحامه بصاحبه فی المهالك و القیاد بالكسر حبل یقاد به الدابة و وائل منه علی فاعل طلب النجاة ذكره الجوهری و قال صلیت اللحم و غیره أصلیه صلیا إذا شویته و یقال أیضا صلیت الرجل نارا إذا أدخلته النار و جعلته یصلاها و صلی فلان النار بالكسر احترق و صلی بالأمر قاسی حره و شدته و قال فللت الجیش هزمته و یقال فله فانفل أی كسره فانكسر.

قوله علیه السلام و محله محطه الضمیر الأول راجع إلی الخلف و الثانی إلی السلف و النار بدل أو عطف بیان لقوله محطه و لعل الأصوب محله و محطه فالضمیران للسلف و درج الرجل مشی و أدرجت الكتاب طویته و قولهم خل درج الضب أی طریقه و الجمع الأدراج و راغ مال قوله علیه السلام لما أنت به مكذب أی ما أخبرنی به النبی صلی اللّٰه علیه و آله من وقت الحرب و شرائطه أو إتمام الحجة و اتباع أمره تعالی فی ذلك و نزول الملائكة للنصرة و بكل ذلك كان لعنه اللّٰه مكذبا قوله علیه السلام فعث من عاث یعیث إذا أفسد و فی بعض النسخ فعش.

أقول: قال ابن أبی الحدید بعد إیراد تلك الكتب قلت و أعجب و أطرف ما جاء به الدهر و إن كانت عجائبه و بدائعه جمة أن یفضی الأمر بعلی علیه السلام إلی أن یصیر معاویة ندا له و نظیرا مماثلا یتعارضان الكتاب و الجواب و یتساویان فیما یواجه به أحدهما صاحبه و لا یقول له علی علیه السلام كلمة إلا قال له مثلها و أخشن منها فلیت محمدا صلی اللّٰه علیه و آله كان

ص: 88

مشاهد ذلك لیری عیانا لا خبرا أن الدعوة التی قام بها و قاسی أعظم المشاق فی تحملها و كابد الأهوال فی الذب عنها و ضرب بالسیوف علیها لما مهد دولتها و شید أركانها و ملأ الآفاق بها خلصت صفوا عفوا لأعدائه الذین كذبوه لما دعا إلیها و أخرجوه عن أوطانه لما حض علیها و أدموا وجهه و قتلوا عمه و أهله فكأنه كان یسعی لهم و یدأب لراحتهم كما قال أبو سفیان فی أیام عثمان و قد مر بقبر حمزة فضربه برجله و قال یا أبا عمارة إن الأمر الذی اجتلدنا علیه بالسیف أمس فی ید غلماننا الیوم یتلعبون به ثم آل الأمر إلی أن یفاخر معاویة علیا كما یتفاخر الأكفاء و النظراء.

(1)وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ (2)كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَیْهِ علیه السلام مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ لَمْ نَزَلْ نَنْزِعُ مِنْ قَلِیبٍ وَاحِدٍ وَ نَجْرِی فِی حَلْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَ لَیْسَ لِبَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ فَضْلٌ وَ لَا لِقَائِمِنَا عَلَی قَاعِدِنَا فَخْرٌ كَلِمَتُنَا مُؤْتَلِفَةٌ وَ أُلْفَتُنَا جَامِعَةٌ وَ دَارُنَا وَاحِدَةٌ وَ یَجْمَعُنَا كَرَمُ الْعِرْقِ وَ یَحْوِینَا شَرَفُ الْفَخَارِ وَ یَحْنُو قَوِیُّنَا عَلَی ضَعِیفِنَا وَ یُوَاسِی غَنِیُّنَا فَقِیرَنَا قَدْ خَلَصَتْ قُلُوبُنَا مِنْ دَغَلِ الْحَسَدِ وَ طَهُرَتْ أَنْفُسُنَا مِنْ خُبْثِ السَّجِیَّةِ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّی كَانَ مِنْكَ مِنَ الْإِدْهَانِ فِی أَمْرِ ابْنِ عَمِّكَ وَ الْحَسَدِ لَهُ وَ تَضْرِیبِ النَّاسِ عَلَیْهِ حَتَّی قُتِلَ بِمَشْهَدٍ مِنْكَ لَا تَدْفَعُ عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لَا یَدٍ فَلَیْتَكَ أَظْهَرْتَ نَصْرَهُ حَیْثُ أَشْهَرْتَ خَتْرَهُ فَكُنْتَ كَالْمُتَعَلِّقِ بَیْنَ النَّاسِ بِعُذْرٍ وَ إِنْ ضَعُفَ وَ الْمُتَبَرِّئِ مِنْ دَمِهِ بِدَفْعٍ وَ إِنْ وَهَنَ وَ لَكِنَّكَ جَلَسْتَ فِی دَارِكَ تَدُسُّ إِلَیْهِ الدَّوَاهِیَ وَ تُرْسِلُ عَلَیْهِ الْأَفَاعِیَ حَتَّی إِذَا قَضَیْتَ وَطْرَكَ مِنْهُ أَظْهَرْتَ شَمَاتَةً وَ أَبْدَیْتَ طَلَاقَةً وَ حَسَرْتَ

ص: 89


1- 1 و قد ذكر ابن أبی الحدید بعده أبیاتا حسنة یعجبنی أن أذكر منها و هی: إذا عیر الطائی بالبخل مادر***و قرع قسا بالفهاهة باقل و قال السهی للشمس: أنت خفیة***و قال الدجی: یا صبح لونك حائل و فاخرت الأرض السماء سفاهة***و كاثرت الشهب الحصا و الجنادل فیا موت زر إن الحیاة ذمیمة***و یا نفس جدی إن دهرك هازل
2- .2 ذكره ابن أبی الحدید فی شرح المختار 64 من باب كتب نهج البلاغة: ج 5 ص 178، ط الحدیث ببیروت.

لِلْأَمْرِ عَنْ سَاعِدِكَ وَ شَمَّرْتَ عَنْ سَاقِكَ وَ دَعَوْتَ إِلَی نَفْسِكَ وَ أَكْرَهْتَ أَعْیَانَ الْمُسْلِمِینَ عَلَی بَیْعَتِكَ ثُمَّ كَانَ مِنْكَ بَعْدَ مَا كَانَ مِنْ قَتْلِكَ شَیْخَیِ الْمُسْلِمِینَ أَبِی مُحَمَّدٍ طَلْحَةَ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَیْرَ وَ هُمَا مِنَ الْمَوْعُودِینَ بِالْجَنَّةِ وَ الْمُبَشَّرُ قَاتِلُ أَحَدِهِمَا بِنَارِ الْآخِرَةِ هَذَا إِلَی تَشْرِیدِكَ بِأُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ وَ إِحْلَالِهَا مَحَلَّ الْهَوَانِ مُبْتَذِلَةً بَیْنَ أَیْدِی الْأَعْرَابِ وَ فَسَقَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَمِنْ بَیْنِ مُنْتَهِرٍ لَهَا وَ بَیْنَ شَامِتٍ بِهَا وَ بَیْنَ سَاخِرٍ مِنْهَا أَ تَرَی ابْنَ عَمِّكَ كَانَ بِهَذَا لَوْ رَآهُ رَاضِیاً أَمْ كَانَ یَكُونُ عَلَیْكَ سَاخِطاً وَ لَكَ عَنْهُ زَاجِراً أَنْ تُؤْذِیَ فِی أَهْلِهِ وَ تُشَرِّدَ بِحَلِیلَتِهِ وَ تَسْفِكَ دِمَاءَ أَهْلِ مِلَّتِهِ ثُمَّ تَرْكُكَ دَارَ الْهِجْرَةِ الَّتِی قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْهَا إِنَّ الْمَدِینَةَ لَتَنْفِی خَبَثَهَا كَمَا یَنْفِی الْكِیرُ خَبَثَ الْحَدِیدِ فَلَعَمْرِی لَقَدْ صَحَّ وَعْدُهُ وَ صَدَقَ قَوْلُهُ وَ لَقَدْ نَفَتْ خَبَثَهَا وَ طَرَدَتْ مِنْهَا مَنْ لَیْسَ بِأَهْلٍ أَنْ یَسْتَوْطِنَهَا فَأَقَمْتَ بَیْنَ الْمِصْرَیْنِ وَ بَعُدْتَ عَنْ بَرَكَةِ الْحَرَمَیْنِ وَ رَضِیتَ بِالْكُوفَةِ بَدَلًا مِنَ الْمَدِینَةِ وَ بِمُجَاوَرَةِ الْخَوَرْنَقِ وَ الْحَیْرَةِ عِوَضاً عَنْ مُجَاوَرَةِ قَبْرِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ مَا عَنَیْتَ خَلِیفَتَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیَّامَ حَیَاتِهِمَا فَقَعَدْتَ عَنْهُمَا وَ الْتَوَیْتَ عَلَیْهِمَا وَ امْتَنَعْتَ مِنْ بَیْعَتِهِمَا وَ رُمْتَ أَمْراً لَمْ یَرَكَ اللَّهُ تَعَالَی لَهُ أَهْلًا وَ رَقِیتَ سُلَّماً وَعْراً وَ حَاوَلْتَ مَقَاماً دَحْضاً وَ ادَّعَیْتَ مَا لَمْ تَجِدْ عَلَیْهِ نَاصِراً وَ لَعَمْرِی لَوْ وُلِّیتَهَا حِینَئِذٍ لَمَا ازْدَدْتَ إِلَّا فَسَاداً وَ اضْطِرَاباً وَ لَا أَعْقَبَتْ وَلَایَتُكَهَا إِلَّا انْتِشَاراً وَ ارْتِدَاداً لِأَنَّكَ الشَّامِخُ بِأَنْفِهِ الذَّاهِبُ بِنَفْسِهِ الْمُسْتَطِیلُ عَلَی النَّاسِ بِلِسَانِهِ وَ یَدِهِ وَ هَا أَنَا السَّائِرُ إِلَیْكَ فِی جَمْعٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ تَحُفُّهُمْ سُیُوفٌ شَامِیَّةٌ وَ رِمَاحٌ قَحْطَانِیَّةٌ حَتَّی یُحَاكِمُوكَ إِلَی اللَّهِ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ ادْفَعْ إِلَیَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَإِنَّهُمْ خَاصَّتُكَ وَ خُلَصَاؤُكَ وَ الْمُحْدِقُونَ بِكَ فَإِنْ أَبَیْتَ إِلَّا سُلُوكَ سَبِیلِ اللَّجَاجِ وَ الْإِصْرَارَ عَلَی الْغَیِّ وَ الضَّلَالِ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِیكَ وَ فِی أَهْلِ الْعِرَاقِ مَعَكَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْیَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً یَأْتِیها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا یَصْنَعُونَ: فَأَجَابَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَهُ بِمَا رَوَاهُ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی النَّهْجِ

ص: 90

وَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی الْإِحْتِجَاجِ (1)وَ اللَّفْظُ لِلسَّیِّدِ قَالَ وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ جَوَاباً عَنْ كِتَابٍ مِنْهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا كُنَّا نَحْنُ وَ أَنْتُمْ عَلَی مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْأُلْفَةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَفَرَّقَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ أَمْسِ أَنَّا آمَنَّا وَ كَفَرْتُمْ وَ الْیَوْمَ أَنَّا اسْتَقَمْنَا وَ فُتِنْتُمْ وَ مَا أَسْلَمَ مُسْلِمُكُمْ إِلَّا كَرْهاً وَ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَنْفُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِزْباً وَ ذَكَرْتَ أَنِّی قَتَلْتُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ شَرَّدْتُ بِعَائِشَةَ وَ نَزَلْتُ بَیْنَ الْمِصْرَیْنِ وَ ذَلِكَ أَمْرٌ غِبْتَ عَنْهُ فَلَا الْجِنَایَةُ عَلَیْكَ وَ لَا الْعُذْرُ فِیهِ إِلَیْكَ وَ ذَكَرْتَ أَنَّكَ زَائِرِی فِی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ قَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ یَوْمَ أُسِرَ أَخُوكَ فَإِنْ كَانَ فِیكَ عَجَلٌ فَاسْتَرْفِهْ فَإِنِّی إِنْ أَزُرْكَ فَذَلِكَ جَدِیرٌ أَنْ یَكُونَ اللَّهُ إِنَّمَا بَعَثَنِی لِلنَّقِمَةِ مِنْكَ وَ إِنْ تَزُرْنِی فَكَمَا قَالَ أَخُو بَنِی أَسَدٍ:

مُسْتَقْبِلِینَ رِیَاحَ الصَّیْفِ تَضْرِبُهُمْ*** بِحَاصِبٍ بَیْنَ أَغْوَارٍ وَ جُلْمُودٍ

وَ عِنْدِیَ السَّیْفُ الَّذِی أَعْضَضْتُهُ بِجَدِّكَ وَ خَالِكَ وَ أَخِیكَ فِی مَقَامٍ وَاحِدٍ وَ إِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ الْأَغْلَفُ الْقَلْبِ الْمُقَارِبُ الْعَقْلِ وَ الْأَوْلَی أَنْ یُقَالَ لَكَ إِنَّكَ رَقِیتَ سُلَّماً أَطْلَعَكَ مَطْلِعَ سَوْءٍ عَلَیْكَ لَا لَكَ لِأَنَّكَ نَشَدْتَ غَیْرَ ضَالَّتِكَ وَ رَعَیْتَ غَیْرَ سَائِمَتِكَ وَ طَلَبْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ لَا فِی مَعْدِنِهِ فَمَا أَبْعَدَ قَوْلَكَ مِنْ فِعْلِكَ وَ قَرِیبٌ مَا أَشْبَهْتَ مِنْ أَعْمَامٍ وَ أَخْوَالٍ حَمَلَتْهُمُ الشَّقَاوَةُ وَ تَمَنِّی الْبَاطِلِ عَلَی الْجُحُودِ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَصُرِعُوا مَصَارِعَهُمْ حَیْثُ عَلِمْتَ لَمْ یَدْفَعُوا عَظِیماً وَ لَمْ یَمْنَعُوا حَرِیماً بِوَقْعِ سُیُوفٍ مَا خَلَا مِنْهَا الْوَغَی وَ لَمْ تُمَاشِهَا الْهُوَیْنَا وَ قَدْ أَكْثَرْتَ فِی قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ أَحْمِلْكَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ أَمَّا تِلْكَ الَّتِی تُرِیدُ فَإِنَّهَا خُدْعَةُ الصَّبِیِّ عَنِ

ص: 91


1- 1 رواه السیّد رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 64 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة. و رواه الطبرسیّ قدّس سرّه فی الكتاب الثانی ممّا أورده فی عنوان: «احتجاج علی علیه السلام علی معاویة ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1 ص 179، ط بیروت.

اللَّبَنِ فِی أَوَّلِ الْفِصَالِ وَ السَّلَامُ لِأَهْلِهِ.

تبیین:

قوله علیه السلام كنا نحن و أنتم أی قبل البعثة أنا استقمنا أی علی منهاج الحق و بعد أن كان أنف الإسلام كله لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله حزبا فی أكثر النسخ بالزاء بعد الحاء المهملة المكسورة و فی بعضها بالراء المهملة بعد الحاء المفتوحة و كذلك كان فی نسخة ابن أبی الحدید قال أی بعد أن كان أنف الإسلام محاربا لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أنف كل شی ء أوله و كان أبو سفیان و أهله من بنی عبد شمس من أشد الناس علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی أول الهجرة إلی فتح مكة انتهی.

و الأظهر ما فی أكثر النسخ كما كان فی نسخة ابن میثم قال أی بعد أن اشتد الإسلام و صار للرسول صلی اللّٰه علیه و آله حزب قوی من الأشراف و استعار لفظ الأنف لهم باعتبار كونهم أعزاء أهله انتهی أو باعتبار أنهم مقدمون علی غیرهم فإنهم السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ فیكون هذا الكلام كالدلیل علی كون إسلامهم عن كره و إجبار فلا علیك فی الاحتجاج فلا الجنایة علیك و هو أظهر.

و قال ابن أبی الحدید أجمل علیه السلام فی الجواب و الجواب المفصل أن طلحة و الزبیر قتلا أنفسهما ببیعتهما و نكثهما و لو استقاما علی الطریقة لسلما و من قتله الحق فدمه هدر.

و أما الوعد لهما بالجنة فمشروط بسلامة العاقبة و الكلام فی سلامتها.

و أما قوله بشر قاتل ابن صفیة بالنار فقد اختلف فیه فقال قوم من علماء الحدیث و أرباب السیرة هو كلام علی غیر مرفوع و قوم منهم جعلوه مرفوعا و علی كل حال فهو حق لأن ابن جرموز قتله مولیا خارجا من الصف و قاتل من هذه حاله فاسق مستحق للنار.

و أما عائشة فأی ذنب لأمیر المؤمنین علیه السلام فی ذلك و لو أقامت فی

ص: 92

منزلها لم تبتذل بین الأعراب و أهل الكوفة.

علی أن علیا علیه السلام أكرمها و صانها و عظم من شأنها و لو كانت فعلت بعمر ما فعلت به ثم ظفر بها لقتلها و مزقها إربا إربا و لكن علیا علیه السلام كان حلیما كریما.

و أما قوله لو عاش رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إلی آخره فلعلی علیه السلام أن یقلب الكلام علیه و یقول أ فتراه لو عاش أ كان رضی لحلیلته أن تؤذی أخاه و وصیه.

و أیضا أ تراه لو عاش أ كان رضی لك یا ابن أبی سفیان أن تنازع علیا الخلافة و تفرق جماعة هذه الأمة.

و أیضا أ تراه لو عاش أ كان رضی لطلحة و الزبیر أن یبایعا ثم ینكثا لا بسبب بل قالوا جئنا نطلب الدراهم فقد قیل لنا إن بالبصرة مالا كثیرا.

فأما قوله ثم تركك دار الهجرة فلا عیب علیه إذا انتقضت علیه أطراف الإسلام بالبغی و الفساد أن یخرج من المدینة إلیها و یهذب أهلها و لیس كل من خرج من المدینة كان خبیثا فقد خرج عنها عمر مرارا إلی الشام.

ثم لعلی علیه السلام أن یقول و أنت یا معاویة قد نفتك المدینة أیضا فأنت إذن خبیث و كذلك طلحة و الزبیر و عائشة الذین تتعصب لهم و تحتج علی الناس بهم.

و قد خرج عن المدینة الصالحون كابن مسعود و أبی ذر و غیرهما و ماتوا فی بلاد نائیة عنها.

و أما قوله بعدت عن بركة الحرمین فكلام إقناعی ضعیف و الواجب علی الإمام أن یقدم الأهم فالأهم من مصالح الإسلام و تقدیم قتال أهل البغی علی المقام فی الحرمین أولی.

و أما ما ذكره من خذلان عثمان و شماتته به و إكراه الناس علی البیعة فكله

ص: 93

دعوی و الأمر بخلافها.

و أما قوله التویت علی أبی بكر و عمر و قعدت عنهما و حاولت الخلافة فإن علیا علیه السلام لم یكن یجحد ذلك و لا ینكره و لا ریب أنه كان یدعی الأمر بعد وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لنفسه علی الجملة إما للنص كما تقوله الشیعة أو لأمر آخر كما یقوله أصحابنا.

فأما قوله لو ولیتها حینئذ لفسد الأمر و اضطرب الإسلام فهذا علم غیب لا یعلمه إلا اللّٰه و لعله لو ولیها حینئذ لاستقام الأمر فإنه ما وقع الاضطراب عند ولایته بعد عثمان إلا لأن أمره هان عندهم بتأخره عن الخلافة و تقدیم غیره علیه فصغر شأنه فی النفوس و قرر من تقدمه فی قلوب الناس أنه لا یصلح لها كل الصلوح و لو كان ولیها ابتداء و هو علی تلك الجلالة التی كان علیها أیام حیاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و تلك المنزلة الرفیعة و الاختصاص الذی كان له لكان الأمر غیر الذی رأیناه.

و أما قوله لأنك الشامخ (1)فقد أسرف فی وصفه بما وصفه به و لا شك أنه علیه السلام كان عنده زهو و لكن لا هكذا و كان علیه السلام مع زهوه ألطف الناس خلقا انتهی كلامه.

و أقول علی أصولنا لا یستحق الملعون الجواب بما قد ظهر من كفره و نفاقه من كل باب و هو علیه السلام كان أعلم بما یأتی به من الحق و الصواب و لا ریب أن الحق یئوب معه حیث آب.

قوله و قد انقطعت الهجرة قال ابن میثم لما أوهم كلامه أنه من المهاجرین أكذبه بقوله و قد انقطعت الهجرة یوم أسر أبوك أی حین الفتح و ذلك أن معاویة و أباه و جماعة من أهله إنما أظهروا الإسلام بعد الفتح و

قد قال صلی اللّٰه علیه و آله لا هجرة بعد الفتح.

و سمی علیه السلام أخذ العباس لأبی سفیان إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله غیر مختار و عرضه علی القتل أسرا.

و روی یوم أسر أخوك و قد كان أسر أخوه عمرو بن أبی سفیان یوم

ص: 94


1- 1 هذا هو الصواب المذكور فی شرح ابن أبی الحدید. و فی ط الكمبانیّ من البحار: لافك التابة.

بدر فعلی هذه الروایة یكون الكلام فی معرض التذكرة له بأن من شأنه و شأن أهله أن یؤسروا و لا یسلموا فكیف یدعون مع ذلك الهجرة فإن الهجرة بهذا الاعتبار منقطعة عنهم و لا یكون یوم أسر ظرفا لانقطاع الهجرة لأن الهجرة إنما انقطعت بعد الفتح انتهی و لا یخفی ما فیه من التكلف و البعد.

و قال ابن أبی الحدید یوم أسر أخوك یعنی یزید بن أبی سفیان أسر یوم الفتح فی باب الخندمة و كان خرج فی نفر من قریش یحاربون و یمنعون من دخول مكة فقتل منهم قوم و أسر یزید بن أبی سفیان أسره خالد بن الولید فخلصه أبو سفیان منه و أدخله داره فآمن

لأن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قال من دخل دار أبی سفیان فهو آمن.

قوله فاسترفه أی اطلب الرفاهیة علی نفسك فی ذلك فإنك إنما تستعجل إلی ما یضرك أو لا ترهق نفسك بالعجل فإنی أزورك إن لم تزرنی فكما قال أخو بنی أسد.

قال ابن أبی الحدید كنت أسمع قدیما أن هذا البیت من شعر بشر بن أبی خازم الأسدی و الآن فقد تصفحت شعره فلم أجده و لا وقفت بعد علی قائله.

و ریح حاصب تحمل الحصباء و هی صغار الحصا و إذا كانت بین أغوار و هی ما سفل من الأرض و كانت مع ذاك ریح صیف كانت أعظم مشقة و أشد ضررا علی من تلاقیه.

فأما قوله و جلمود یمكن أن یكون عطفا علی حاصب و أن یكون عطفا علی أغوار أی بین أغوار من الأرض و حرة و ذلك أشد لأذاها لما تكتسبه الحرة من لفح السموم و وهجها و الوجه الأول ألیق انتهی.

و قال الجوهری الجلمد و الجلمود الصخر و قال أعضضته بسیفی أی ضربته به و عض الرجل بصاحبه یعض عضیضا أی لزمه.

و قال ابن أبی الحدید أعضضته أی جعلته معضوضا برءوس أهلك به و أكثر ما یأتی أفعلت أن تجعله فاعلا و هنا من المقلوب أی عضضت رءوس أهلك به.

ص: 95

و قال ابن میثم قوله عضضته یروی بالضاد المعجمة أی جعلته عاضا لهم و ألزمته بهم و یروی أغصصته بالغین المعجمة و الصادین المهملتین تقول أغصصت السیف بفلان أی جعلته یغص به المضروب هو الذی یغص بالسیف أی لا یكاد یسیغه.

و قد مر مرارا أن مراده علیه السلام من قوله الجد جد معاویة عتبة بن ربیعة و الخال الولید و الأخ حنظلة قتلهم علیه السلام یوم بدر.

قوله علیه السلام ما علمت كلمة ما موصولة و هی بصلتها خبر أن و الأغلف بیان للموصول.

و یحتمل أن یكون المعنی ما دمت علمتك و اطلعت علیك وجدتك كذلك.

و قیل ما مصدریة و الأغلف القلب من لا بصیرة له كان قلبه فی غلاف و المقارب العقل فی أكثر النسخ بصیغة الفاعل و كذا صححه الشارحان.

و قال الجوهری شی ء مقارب بكسر الراء بین الجید و الردی ء و لا نقل مقارب بفتح الراء.

و فی بعض النسخ المصححة بالفتح فیحتمل أن یكون بالمعنی المذكور أیضا.

و قال فی القاموس شی ء مقارب بكسر الراء بین الجید و الردی ء أو دین مقارب بالكسر و متاع مقارب بالفتح انتهی.

أو أرید به العقل الذی قاربه الشیطان و مسه أی أنت الذی تخبطه الشَّیْطانُ مِنَ الْمَسِّ قوله و الأولی أن یقال لك جواب لقوله و رقیت سلما و فی القاموس طلع الجبل علاه كطلع بالكسر علیك لا لك أی هذا المطلع أو الارتقاء وبال علیك غیر نافع لك ما أبعد قولك أی دعواك أنك أمیر المؤمنین و خلیفة المسلمین من فعلك و هو الخروج باغیا علی الإمام المفترض الطاعة و شق عصا المسلمین مع ما ترتكبه من المنكرات و الفسوق كلبس الحریر و المنسوج بالذهب و غیر ذلك كما ذكره ابن أبی الحدید و قریب ما أشبهت ما مصدریة أی قریب شبهك بأعمامك و أخوالك من بنی أمیة

ص: 96

الذین حاربوا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله بوقع سیوف متعلق بصرعوا و ما خلا صفة لسیوف و الوغی بالتحریك الجلبة و الأصوات و منه قیل للحرب وغی لما فیها من الصوت و الجلبة و لم تماشها الهوینا أی لم یلحق ضربنا و وقعها هون و لا سهولة و لم یجر معها و روی و لم یتماسها بالسین المهملة أی لم یخالطها شی ء من ذلك و الهوینا موصوفها محذوفة كالضربة و الحالة و نحوها.

و أما تلك التی ترید أی طلبك قتلة عثمان.

«403»-(1)وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ وَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا حُلْوَةٌ خُضْرَةٌ ذَاتُ زِینَةٍ وَ بَهْجَةٍ لَمْ یُصَبْ إِلَیْهَا أَحَدٌ إِلَّا وَ شَغَلَتْهُ بِزِینَتِهَا عَمَّا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا وَ بِالْآخِرَةِ أُمِرْنَا وَ عَلَیْهَا حُثِثْنَا فَدَعْ یَا مُعَاوِیَةُ مَا یَفْنَی وَ اعْمَلْ لِمَا یَبْقَی وَ احْذَرِ الْمَوْتَ الَّذِی إِلَیْهِ مَصِیرُكَ وَ الْحِسَابَ الَّذِی إِلَیْهِ عَاقِبَتُكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً حَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَا یَكْرَهُ وَ وَفَّقَهُ لِطَاعَتِهِ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَغْرَاهُ بِالدُّنْیَا وَ أَنْسَاهُ الْآخِرَةَ وَ بَسَطَ لَهُ أَمَلَهُ وَ عَاقَهُ عَمَّا فِیهِ صَلَاحُهُ وَ قَدْ وَصَلَنِی كِتَابُكَ فَوَجَدْتُكَ تَرْمِی غَیْرَ غَرَضِكَ وَ تُنْشِدُ غَیْرَ ضَالَّتِكَ وَ تَخْبِطُ فِی عَمَایَةٍ وَ تَتِیهُ فِی ضَلَالَةٍ وَ تَعْتَصِمُ بِغَیْرِ حُجَّةٍ وَ تَلُوذُ بِأَضْعَفِ شُبْهَةٍ فَأَمَّا سُؤَالُكَ إِلَیَّ الْمُتَارَكَةَ وَ الْإِقْرَارَ لَكَ عَلَی الشَّامِ فَلَوْ كُنْتُ فَاعِلًا ذَلِكَ الْیَوْمَ لَفَعَلْتُهُ أَمْسِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عُمَرَ وَلَّاكَهَا فَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ مَنْ كَانَ وَلَّاهُ صَاحِبُهُ وَ عَزَلَ عُثْمَانُ مَنْ كَانَ عُمَرُ وَلَّاهُ وَ لَمْ یُنْصَبْ لِلنَّاسِ إِمَامٌ إِلَّا لِیَرَی مِنْ صَلَاحِ الْأُمَّةِ مَا قَدْ كَانَ ظَهَرَ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ خَفِیَ عَنْهُمْ غَیُّهُ وَ الْأَمْرُ یَحْدُثُ بَعْدَ الْأَمْرِ وَ لِكُلِ

ص: 97


1- 403- رویاه فی شرح المختار: 37 من الباب الثانی من نهج البلاغة من شرحیهما.

وَالٍ رَأْیٌ وَ اجْتِهَادٌ فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ وَ الْحَیْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ مَعَ تَضْیِیعِ الْحَقَائِقِ وَ اطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ الَّتِی هِیَ لِلَّهِ طَلِبَةٌ وَ عَلَی عِبَادِهِ حُجَّةٌ فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ فِی عُثْمَانَ وَ قَتَلَتِهِ فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ وَ خَذَلْتَهُ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ وَ السَّلَامُ.

«404»-(1)

ج، الإحتجاج مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام فَسُبْحَانَ اللَّهِ إِلَی قَوْلِهِ وَ السَّلَامُ.

بیان:

الحقائق هی ما یحق للرجل أن یحمیه كما یقال حامی الحقیقة و قیل هی الأمور التی ینبغی أن یعتقدها من خلافته علیه السلام و وجوب طاعته و وثائق اللّٰه عهوده المطلوبة له و هی علی عباده حجة یوم القیامة.

و قال ابن أبی الحدید (2)و أما قوله علیه السلام إنما نصرت عثمان إلخ فقد روی البلاذری أنه لما أرسل عثمان إلی معاویة یستمده بعث یزید بن أسد القسری جد خالد بن عبد اللّٰه أمیر العراق و قال إذا أتیت ذا خشب فأقم بها و لا تتجاوزها و لا تقل الشاهد یری ما لا یری الغائب فإنی أنا الشاهد و أنت الغائب.

قال فأقام القسری بذی خشب حتی قتل عثمان فاستقدمه حینئذ معاویة فعاد إلی الشام بالجیش الذی كان أرسل معه و إنما صنع ذلك معاویة لیقتل عثمان فیدعو إلی نفسه.

ص: 98


1- 404- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی أواخر عنوان: «احتجاجه علیه السلام علی معاویة فی جواب كتبه إلیه ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 180. و الظاهر أنّه سقط من نسخة الكمبانیّ من بحار الأنوار لفظة «نهج» إذ من البعید أنه خفی علی المصنّف كون الكلام مذكورا تحت الرقم: 37 من باب الكتب من نهج البلاغة.
2- 2 ذكره فی شرح المختار: 37 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 785 ط الحدیث ببیروت.

و كتب معاویة إلی ابن عباس عند صلح الحسن علیه السلام كتابا یدعوه فیه إلی بیعته و یقول له فیه و لعمری لو قتلتك بعثمان رجوت أن یكون ذلك لله رضا و أن یكون رأیا صوابا فإنك من الساعین علیه و الخاذلین له و السافكین دمه و ما جری بینی و بینك صلح فیمنعك منی و لا بیدك أمان.

فكتب إلیه ابن عباس جوابا طویلا یقول فیه و أما قولك إنی من الساعین علی عثمان و الخاذلین له و السافكین دمه فأقسم باللّٰه لأنت المتربص بعثمان و المحب لهلاكه و الحابس الناس قبلك عنه علی بصیرة من أمره و لقد أتاك كتابه و صریخه یستغیث بك و یستصرخ فما حفلت حتی بعثت به معذرا بأخرة و أنت تعلم أنهم لن یدركوه حتی یقتل فقتل كما كنت أردت ثم علمت بعد ذلك أن الناس لن یعدلوا بیننا و بینك فطفقت تنعی عثمان و تلزمنا دمه و تقول قتل عثمان مظلوما فإن یك قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمین ثم لم تزل مصوبا و مصعدا و جاثما و رابضا تستغوی الجهال و تنازعنا حقنا بالسفهاء حتی أدركت ما طلبت وَ إِنْ أَدْرِی لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ (1)

بیان:

بعثت به أی بالجیش أو الصریخ معذرا بالتشدید و هو المقصر و من یبدی عذرا و لیس بمحق بأخرة أی بتأخیر و تسویف أو آخرا حیث لا ینفع قال الجوهری بعته بأخرة بكسر الخاء و قصر الألف أی بنسئة و جاء فلان بأخرة بفتح الخاء أی أخیرا.

و فی النهایة فیه فصعد فی النظر و صوبه أی نظر إلی أعلای و أسفلی یتأملنی انتهی.

و جثم الطائر تلبد بالأرض و ربوض الغنم و الكلب مثل بروك الإبل و جثوم الطیر فتارة شبهه بالطیور الخاطفة و تارة بالكلاب الضاریة الصائدة.

«405»-(2)وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَنَّهُ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ

ص: 99


1- 1 اقتباس من الآیة: 111 من سورة الأنبیاء.
2- 405- رواه ابن أبی الحدید تاما- و ابن میثم ناقصا- فی شرح المختار: 10 من الباب الثانی من نهج البلاغة من شرحیهما: ج 4 ص 528 ط الحدیث ببیروت، و فی شرح كمال الدین ابن میثم: ج 4 ص 371. و رواه نصر بن مزاحم رحمه اللّٰه فی أواسط الجزء الثانی من كتاب صفّین ص 108، ط مصر. و رویناه عنه و عن مصدر آخر تحت الرقم: 91- 92 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 4 ص 246.

علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ سَلَامٌ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ رَأَیْتَ مُرُورَ الدُّنْیَا وَ انْقِضَاءَهَا وَ تَصَرُّمَهَا وَ تَصَرُّفَهَا بِأَهْلِهَا فِیمَا مَضَی مِنْهَا وَ خَیْرُ مَا اكْتَسَبْتَ مِمَّا بَقِیَ مِنَ الدُّنْیَا مَا أَصَابَ الْعِبَادُ الصَّالِحُونَ فِیمَا مَضَی مِنْهَا مِنَ التَّقْوَی وَ مَنْ یَقِسِ الدُّنْیَا بِالْآخِرَةِ یَجِدْ بَیْنَهُمَا بَوْناً بَعِیداً وَ اعْلَمْ یَا مُعَاوِیَةُ أَنَّكَ قَدِ ادَّعَیْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ لَا فِی الْقَدِیمِ وَ لَا فِی الْحَدِیثِ وَ لَا فِی الْبَقِیَّةِ وَ لَسْتَ تَقُولُ فِیهِ بِأَمْرٍ بَیِّنٍ یُعْرَفُ لَهُ أَثَرٌ وَ لَا عَلَیْكَ مِنْهُ شَاهِدٌ وَ لَسْتَ مُتَعَلِّقاً بِآیَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا عَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَكَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا تَقَشَّعَتْ عَنْكَ غَیَابَةُ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ دُنْیَا قَدْ فُتِنْتَ بِزِینَتِهَا وَ رَكَنْتَ إِلَی لَذَّتِهَا وَ خَلَّا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَدُوِّكَ فِیهَا عَدُوٌّ كَلِبٌ مُضِلٌّ جَاهِدٌ مَلِیحٌ مُلِحٌّ مَعَ مَا قَدْ ثَبَتَ فِی نَفْسِكَ مِنْ حُبِّهَا دَعَتْكَ فَأَجَبْتَهَا وَ قَادَتْكَ فَاتَّبَعْتَهَا وَ أَمَرَتْكَ فَأَطَعْتَهَا فَاقْعَسْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ خُذْ أُهْبَةَ الْحِسَابِ فَإِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَی مَا لَا یَجُنُّكَ بِهِ مِجَنٌّ وَ مَتَی كُنْتُمْ یَا مُعَاوِیَةُ سَاسَةَ الرَّعِیَّةِ أَوْ وُلَاةً لِأَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِلَا قَدَمٍ حَسَنٍ وَ لَا شَرَفٍ تَلِیدٍ عَلَی قَوْمِكُمْ فَاسْتَیْقِظْ مِنْ سِنَتِكَ وَ ارْجِعْ إِلَی خَالِقِكَ وَ شَمِّرْ لِمَا سَیَنْزِلُ بِكَ وَ لَا تُمَكِّنْ عَدُوَّكَ الشَّیْطَانَ مِنْ بُغْیَتِهِ فِیكَ مَعَ أَنِّی أَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ صَادِقَانِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لُزُومِ سَابِقِ الشَّقَاءِ وَ إِنْ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّی أُعْلِمُكَ مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِكَ إِنَّكَ مُتْرَفٌ قَدْ أَخَذَ مِنْكَ الشَّیْطَانُ مَأْخَذَهُ فَجَرَی مِنْكَ مَجْرَی الدَّمِ فِی الْعُرُوقِ وَ لَسْتَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا مِنْ رُعَاتِهَا وَ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَوْ كَانَ إِلَی النَّاسِ أَوْ بِأَیْدِیهِمْ لَحَسَدُونَاهُ وَ لَامْتَنُّوا عَلَیْنَا بِهِ

ص: 100

وَ لَكِنَّهُ قَضَاءٌ مِمَّنْ مَنَحَنَاهُ وَ اخْتَصَّنَا بِهِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ الصَّادِقِ الْمُصَدَّقِ لَا أَفْلَحَ مَنْ شَكَّ بَعْدَ الْعِرْفَانِ وَ الْبَیِّنَةِ رَبِّ احْكُمْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ عَدُوِّنَا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْحَاكِمِینَ قَالَ نَصْرٌ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ بِالْجَوَابِ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَدَعِ الْحَسَدَ فَإِنَّكَ طَالَ مَا لَمْ تَنْتَفِعْ بِهِ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ بِرِوَایَةِ ابْنِ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.

أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ صِفِّینَ لِنَصْرٍ مِثْلَهُ (1)وَ رَوَی ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كِتَابَهُ علیه السلام نَحْواً مِمَّا مَرَّ (2)

«406»-(3)وَ ذَكَرَ السَّیِّدُ الرَّضِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فِی النَّهْجِ بَعْضَهُ فَلْنَذْكُرْهُ لِلِاخْتِلَافِ الْكَثِیرِ بَیْنَهُمَا قَالَ وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَیْهِ أَیْضاً وَ كَیْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا تَكَشَّفَتْ عَنْكَ جَلَابِیبُ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ دُنْیَا قَدْ تَبَهَّجَتْ بِزِینَتِهَا وَ خَدَعَتْ بِلَذَّتِهَا دَعَتْكَ فَأَجَبْتَهَا وَ قَادَتْكَ فَاتَّبَعْتَهَا وَ أَمَرَتْكَ فَأَطَعْتَهَا وَ إِنَّهُ یُوشِكُ أَنْ یَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَی مَا لَا یُنْجِیكَ مِنْهُ مِجَنٌّ فَاقْعَسْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ خُذْ أُهْبَةَ الْحِسَابِ وَ شَمِّرْ لِمَا قَدْ نَزَلَ بِكَ وَ لَا تُمَكِّنِ الْغُوَاةَ مِنْ سَمْعِكَ وَ إِنْ لَا تَفْعَلْ أُعْلِمْكَ مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّكَ مُتْرَفٌ قَدْ أَخَذَ الشَّیْطَانُ مِنْكَ مَأْخَذَهُ وَ بَلَغَ فِیكَ أَمَلَهُ وَ جَرَی مِنْكَ مَجْرَی الرُّوحِ وَ الدَّمِ وَ مَتَی كُنْتُمْ یَا مُعَاوِیَةُ سَاسَةَ الرَّعِیَّةِ وَ وُلَاةَ أَمْرِ الْأُمَّةِ بِغَیْرِ قَدَمٍ سَابِقٍ وَ لَا شَرَفٍ بَاسِقٍ وَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ لَوَازِمِ سَابِقِ الشَّقَاءِ وَ أُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مُتَمَادِیاً فِی غِرَّةِ الْأُمْنِیِّةِ مُخْتَلِفَ الْعَلَانِیَةِ وَ السَّرِیرَةِ وَ قَدْ دَعَوْتَ إِلَی الْحَرْبِ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَ اخْرُجْ إِلَیَّ وَ أَعْفِ الْفَرِیقَیْنِ عَنِ الْقِتَالِ لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْمَرِینُ عَلَی قَلْبِهِ وَ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ قَاتِلُ جَدِّكَ

ص: 101


1- 1 تقدم أن نصر بن مزاحم رحمه اللّٰه رواه فی أواسط الجزء الثانی من كتاب صفّین ص 108 ط مصر.
2- 2 تقدم أن كمال الدین ابن میثم رواه فی شرح المختار: 10 من الباب الثانی من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 371.
3- 406- رواه السیّد رحمه اللّٰه فی المختار: 10 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

وَ خَالِكَ وَ أَخِیكَ شَدْخاً یَوْمَ بَدْرٍ وَ ذَلِكَ السَّیْفُ مَعِی وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی مَا اسْتَبْدَلْتُ دِیناً وَ لَا اسْتَحْدَثْتُ نَبِیّاً وَ إِنِّی لَعَلَی الْمِنْهَاجِ الَّذِی تَرَكْتُمُوهُ طَائِعِینَ وَ دَخَلْتُمْ فِیهِ مُكْرَهِینَ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ جِئْتَ ثَائِراً بِعُثْمَانَ وَ لَقَدْ عَلِمْتَ حَیْثُ وَقَعَ دَمُ عُثْمَانَ فَاطْلُبْهُ مِنْ هُنَاكَ إِنْ كُنْتَ طَالِباً فَكَأَنِّی قَدْ رَأَیْتُكَ تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ إِذَا عَضَّتْكَ ضَجِیجَ الْجِمَالِ بِالْأَثْقَالِ وَ كَأَنِّی بِجَمَاعَتِكَ تَدْعُونِی جَزَعاً مِنَ الضَّرْبِ الْمُتَتَابِعِ وَ الْقَضَاءِ الْوَاقِعِ وَ مَصَارِعَ بَعْدَ مَصَارِعَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ هِیَ كَافِرَةٌ جَاحِدَةٌ أَوْ مُبَایِعَةٌ حَائِدَةٌ.

بیان:

و إنی أحمد إلیك اللّٰه أی أحمد اللّٰه منهیا إلیك قال فی النهایة فی كتابه علیه الصلاة و السلام أما بعد فإنی أحمد إلیك اللّٰه أی أحمده معك فأقام إلی مقام مع و قیل معناه أحمد إلیك نعمة اللّٰه بتحدیثك إیاها.

و قال الجوهری قشعت الریح السحاب أی كشفته فانقشع و تقشع و أقشع أیضا.

و فی القاموس غیابة كل شی ء سترك منه و منه غیابات الجب و غیبان الشجر.

و الجلابیب جمع جلباب و هی الملحفة فی الأصل فاستعیر لغیرها من الثیاب.

قوله علیه السلام قد تبهجت أی صار ذات بهجة و حسن أو تكلفت البهجة.

و قال الجوهری ألاح بسیفه لمع به و ألاحه أهلكه.

قوله أن یقفك واقف وقف جاء لازما و متعدیا و استعمل هنا متعدیا و یقال أیضا وقفه علی ذنبه أی أطلعه علیه و الواقف هو الرب تعالی عند الحساب أو هو علیه السلام فی الدنیا أو عند مخاصمة القیامة و قیل أی الموت و المجن بكسر المیم و فتح الجیم الترس و التلید القدیم و قعس عن الأمر تأخر عنه و الأهبة بالضم الاستعداد لما قد نزل بك أی الابتلاء بسوء العاقبة أو الحرب أو الموت أو القتل و ما بعده تنزیلا لما لا بد من وقوعه منزلة الواقع و تقول أغفلت الشی ء إذا

ص: 102

تركته علی ذكر منك و تغافلت عنه و مفعول أغفلت ضمیر ما و من نفسك بیان ذلك الضمیر و تفسیر له.

كذا ذكره ابن میثم و قیل الظرف متعلق بالإغفال علی تضمین معنی الصرف و الإبعاد.

و الأظهر عندی أن من للتبعیض و هو حال عن الضمیر أی من صفات نفسك و أحوالها و أترفته النعمة أطغته.

قوله علیه السلام مأخذه أی تناولك تناوله الكامل المعروف أو أخذ منك الموضع الذی یمكنه و ینفعه أخذه و یروی بالجمع.

و قال الفیروزآبادی فی مادة سوس من كتاب القاموس سست الرعیة سیاسة أمرتها و نهیتها.

و سابق الشقاء ما سبق فی القضاء و التمادی تفاعل من المدی و هو الغایة و الغرة الغفلة و الأمنیة طمع النفس.

و قال الجوهری الرین الطبع و الدنس یقال ران علی قلبه ذنبه غلب و الشدخ كسر الشی ء الأجوف.

قوله علیه السلام و لقد علمت حیث وقع أی إن كنت تطلب ثارك عند من أجلب و حاصر فالذی فعل ذلك طلحة و الزبیر فاطلب ثارك من بنی تیم و بنی أسد بن عبد العزی و إن كنت تطلبه ممن خذل فاطلبه من نفسك فإنك خذلته و كنت قادرا علی أن تمده بالرجال فخذلته و قعدت عنه بعد أن استغاث بك.

كذا ذكره ابن أبی الحدید و الضجیج الصیاح عند المكروه و المشقة و الجزع أی كأنی شاهد لجزعك من الحرب إذا عضتك الحرب و أصل العض اللزوم و منه العض بالأسنان أی إذا لزمتك و أثرت فیك شدتها تضج كما یضج الجمل بثقل حمله و مصارع بعد مصارع أی من سقوط علی الأرض بعد سقوط و هی كافرة أی جماعتك و الكافرة الجاحدة أصحابه الذین لم یبایعوا و المبایعة الحائدة هم الذین بایعوه ثم عدلوا إلیه من قولهم حاد

ص: 103

عن الشی ء إذا عدل و مال و هذا من إخباره علیه السلام بالغائبات و هو من المعجزات الباهرات.

«407»-(1)وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ اسْتَشَارَ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِی أَنْ یَكْتُبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام كِتَاباً یَسْأَلُهُ فِیهِ لِصُلْحٍ فَضَحِكَ عَمْرٌو وَ قَالَ أَیْنَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ مِنْ خُدْعَةِ عَلِیٍّ قَالَ أَ لَسْنَا بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ بَلَی وَ لَكِنْ لَهُمُ النُّبُوَّةُ دُونَكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكْتُبَ فَاكْتُبْ فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَیْهِ مَعَ رَجُلٍ مِنَ السَّكَاسِكِ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَظُنُّكَ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ وَ عَلِمْنَا لَمْ یَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنَّا وَ إِنْ كُنَّا قَدْ غُلِبْنَا عَلَی عُقُولِنَا فَقَدْ بَقِیَ لَنَا مِنْهَا مَا نَنْدَمُ بِهِ عَلَی مَا مَضَی وَ نُصْلِحُ مَا بَقِیَ وَ قَدْ كُنْتُ سَأَلْتُكَ الشَّامَ عَلَی أَنْ لَا یَلْزَمَنِی لَكَ طَاعَةٌ وَ لَا بَیْعَةٌ فَأَبَیْتَ ذَلِكَ عَلَیَّ فَأَعْطَانِی اللَّهُ مَا مَنَعْتَ وَ أَنَا أَدْعُوكَ الْیَوْمَ إِلَی مَا دَعَوْتُكَ إِلَیْهِ أَمْسِ فَإِنَّكَ لَا تَرْجُو مِنَ الْبَقَاءِ إِلَّا مَا أَرْجُو وَ لَا أَخَافُ مِنَ الْقَتْلِ إِلَّا مَا تَخَافُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ رَقَّتِ الْأَجْنَادُ وَ ذَهَبَتِ الرِّجَالُ وَ أَكَلَتِ الْحَرْبُ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَاتِ أَنْفُسٍ بَقِیَتْ وَ إِنَّا فِی الْحَرْبِ وَ الرِّجَالَ سَوَاءٌ وَ نَحْنُ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَ لَیْسَ لِبَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ فَضْلٌ إِلَّا فَضْلٌ لَا یُسْتَذَلُّ بِهِ عَزِیزٌ وَ لَا یُسْتَرَقُّ بِهِ حُرٌّ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَهُ تَعَجَّبَ مِنْهُ وَ مِنْ كِتَابِهِ ثُمَّ دَعَا عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبَهُ وَ قَالَ لَهُ اكْتُبْ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ لَوْ عَلِمْتَ وَ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ لَمْ یَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنَّا وَ إِیَّاكَ فِی غَایَةٍ لَمْ نَبْلُغْهَا بَعْدُ وَ إِنِّی لَوْ قُتِلْتُ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ حَیِیتُ ثُمَّ قُتِلْتُ ثُمَّ حَیِیتُ سَبْعِینَ مَرَّةً لَمْ أَرْجِعْ عَنِ الشِّدَّةِ فِی ذَاتِ اللَّهِ وَ الْجِهَادِ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ

ص: 104


1- 407- رواه كمال الدین ابن میثم و ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 17 من نهج البلاغة من شرحیهما: ج 4 ص 389 و 556 ط بیروت. و قد تقدم عن المصنّف العلامة فی أواخر الباب: 12 ص 520 من طبع الكمبانیّ نقل الكتاب عن مصدر آخر.

وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ قَدْ بَقِیَ مِنْ عُقُولِنَا مَا نَنْدَمُ بِهِ عَلَی مَا مَضَی فَإِنِّی مَا نَقَضْتُ عَقْلِی وَ لَا نَدِمْتُ عَلَی فِعْلِی وَ أَمَّا طَلَبُكَ إِلَیَّ الشَّامَ فَإِنِّی لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِیَكَ الْیَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَةَ أَنْفُسٍ بَقِیَتْ أَلَا وَ مَنْ أَكَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَی الْجَنَّةِ وَ مَنْ أَكَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَی النَّارِ وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِی الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَلَسْتَ بِأَمْضَی عَلَی الشَّكِّ مِنِّی عَلَی الْیَقِینِ وَ لَیْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَی الدُّنْیَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لَیْسَ لِبَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ فَضْلٌ فَلَعَمْرِی إِنَّا بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ وَ لَكِنْ لَیْسَ أُمَیَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَا حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفْیَانَ كَأَبِی طَالِبٍ وَ لَا الْمُهَاجِرُ كَالطَّلِیقِ وَ لَا الصَّرِیحُ كَاللَّصِیقِ وَ لَا الْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَ لَا الْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ وَ لَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ یَتْبَعُ سَلَفاً هَوَی فِی نَارِ جَهَنَّمَ وَ فِی أَیْدِینَا بَعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِی أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِیزَ وَ نَعَشْنَا بِهَا الذَّلِیلَ وَ لَمَّا أَدْخَلَ اللَّهُ الْعَرَبَ فِی دِینِهِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ لَهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِی الدِّینِ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً عَلَی حِینَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَ ذَهَبَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ فَلَا تَجْعَلَنَّ لِلشَّیْطَانِ فِیكَ نَصِیباً وَ لَا عَلَی نَفْسِكَ سَبِیلًا وَ السَّلَامُ.

توضیح:

أقول: روی الكتاب و الجواب ابن أبی الحدید و بعض الجواب السید رضی اللّٰه عنه فی النهج (1)و أنا جمعت بین الروایات.

قال ابن أبی الحدید یقال طلب إلی فلان كذا و التقدیر طلب كذا راغبا

ص: 105


1- 1 رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 17 من باب كتب أمیر المؤمنین من نهج البلاغة. و قد تقدم عن المصنّف العلامة نقل الكتابین عن كتاب صفّین ص 471 ط مصر. و قد ذكرناه عن مصادر فی المختار: 101 من باب كتب نهج السعادة: ج 4 ص 268 ط 1.

إلی فلان و الحشاشات جمع حشاشة و هی بقیة الروح فی المریض.

قوله علیه السلام فلست بأمضی قال ابن میثم أی بل أنا أمضی لأنی علی بصیرة و یقین و حینئذ تبطل المساواة التی ادعاها معاویة انتهی.

و أقول: لعله لما كان غرضه لعنه اللّٰه تخویفه علیه السلام ببقیة الجنود و الرجال لكی یرتدع علیه السلام عن الحرب أجابه علیه السلام بأنك إذا لم تنزع عن الحرب مع شكك فی حصول ما تطلبه من الدنیا فكیف أترك أنا الحرب مع یقینی بما أطلبه من الآخرة.

و فی النهج و أما قولك إنا بنو عبد مناف فكذلك نحن و لكن لیس أمیة كهاشم و قال ابن أبی الحدید الترتیب یقتضی أن یجعل هاشما بإزاء عبد شمس لأنه أخوه فی قعدد (1)و كلاهما ولد عبد مناف لصلبه و أن یكون أمیة بإزاء عبد المطلب و أن یكون حرب بإزاء أبی طالب و أبو سفیان بإزاء أمیر المؤمنین علیه السلام و لما كان فی صفین بإزاء معاویة جعل هاشما بإزاء أمیة بن عبد شمس.

و لم یقل و لا أنا كأنت لأنه قبیح أن یقال ذلك كما لا یقال السیف أمضی من العصا بل قبیح به أن یقولها مع أحد من المسلمین كافة نعم قد یقولها لا تصریحا بل تعریضا لأنه یرفع نفسه عن أن یقیسها بأحد و هاهنا قد عرض بذلك فی قوله و لا المهاجر كالطلیق لأن معاویة كان من الطلقاء لأن كل من دخل علیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی فتح مكة عنوة بالسیف فملكه ثم من علیه عن إسلام أو عن غیر إسلام فهو من الطلقاء فممن لم یسلم كصفوان بن أمیة و من أسلم ظاهرا كمعاویة بن أبی سفیان و كذلك كل من أسر فی الحرب ثم أطلق بفداء أو بغیر فداء فهو طلیق.

و أما قوله و لا الصریح كاللصیق أی الصریح فی الإسلام الذی أسلم

ص: 106


1- 1 كذا فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، و فسر بقریب الآباء من الجد الأكبر و فی ط الكمبانیّ من البحار: «فی تعدّده».

اعتقادا و إخلاصا لیس كاللصیق الذی أسلم خوفا من السیف أو رغبة فی الدنیا انتهی ملخص كلامه.

و الظاهر أن قوله كاللصیق إشارة إلی ما هو المشهور فی نسب معاویة كما سیأتی و قد بسط الكلام فی ذلك فی موضع آخر من هذا الشرح و تجاهل هنا حفظا لناموس معاویة.

و قد ذكر بعض علمائنا فی رسالة فی الإمامة أن أمیة لم یكن من صلب عبد شمس و إنما هو عبد من الروم فاستلحقه عبد شمس و نسبه إلی نفسه و كانت العرب فی الجاهلیة إذا كان لأحدهم عبد و أراد أن ینسبه إلی نفسه أعتقه و زوجه كریمة من العرب فیلحق بنسبه قال و بمثل ذلك نسب الْعَوَّامُ أبو الزبیر إلی خویلد فبنو أمیة قاطبة لیسوا من قریش و إنما لحقوا و لصقوا بهم قال و یصدق ذلك قول أمیر المؤمنین علیه السلام جوابا عن كتابه و ادعائه إنا بنو عبد مناف لیس المهاجر كالطلیق و لا الصریح كاللصیق و لم یستطع معاویة إنكار ذلك انتهی.

و قال فی النهایة المدغل أی المنافق من أدغلت فی هذا الأمر إذا أدخلت فیه ما یفسده و قال هوی یهوی هویا إذا هبط و قال نعشه اللّٰه ینعشه نعشا إذا رفعه.

قوله علیه السلام علی حین قال ابن أبی الحدید قال قوم من النحاة حین هنا مبنی علی الفتح و قال قوم منصوب لإضافته إلی الفعل.

قوله علیه السلام لا تجعلن أی لا تستمر علی تلك الحال و إلا فقد كان للشیطان فیك أوفر نصیب.

و قال ابن أبی الحدید ذكر نصر بن مزاحم فی كتاب صفین (1)أن هذا الكتاب كتبه علی علیه السلام إلی معاویة قبل لیلة الهریر بیومین أو ثلاثة ثم قال فلما أتی معاویة كتاب علی علیه السلام كتمه عمرو بن العاص أیاما ثم

ص: 107


1- 1 ذكره ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 17 من الباب الثانی من نهج البلاغة. و ذكره نصر فی أواخر الجزء 7 من كتاب صفّین ص 471.

دعاه فأقرأه إیاه فشمت به عمرو و لم یكن أحد من قریش أشد إعظاما لعلی من عمرو بن العاص منذ یوم لقیه و صفح عنه.

«408»-(1)وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِی كِتَابِ صِفِّینَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی رَوْقٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِیُّ فِی نَاسٍ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الشَّامِ إِلَی مُعَاوِیَةَ قَبْلَ مَسِیرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی صِفِّینَ فَقَالُوا لَهُ یَا مُعَاوِیَةُ عَلَامَ تُقَاتِلُ عَلِیّاً علیه السلام وَ لَیْسَ لَكَ مِثْلُ صُحْبَتِهِ وَ لَا مِثْلُ هِجْرَتِهِ وَ لَا قَرَابَتِهِ وَ لَا سَابِقَتِهِ فَقَالَ إِنِّی لَا أَدَّعِی أَنَّ لِی فِی الْإِسْلَامِ مِثْلَ صُحْبَتِهِ وَ لَا مِثْلَ هِجْرَتِهِ وَ لَا قَرَابَتِهِ وَ لَكِنْ خَبِّرُونِی عَنْكُمْ أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالُوا بَلَی قَالَ فَلْیَدْفَعْ إِلَیْنَا قَتَلَتَهُ لِنَقْتُلَهُمْ بِهِ وَ لَا قِتَالَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ قَالُوا فَاكْتُبْ إِلَیْهِ كِتَاباً یَأْتِهِ بِهِ بَعْضُنَا فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ مَعَ أَبِی مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِیِّ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَی مُحَمَّداً بِعِلْمِهِ وَ جَعَلَهُ الْأَمِینَ عَلَی وَحْیِهِ وَ الرَّسُولَ إِلَی خَلْقِهِ وَ اجْتَبَی لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَعْوَاناً أَیَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فَكَانُوا فِی مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ عَلَی قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِی الْإِسْلَامِ فَكَانَ أَفْضَلُهُمْ فِی الْإِسْلَامِ وَ أَنْصَحُهُمْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ الْخَلِیفَةَ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ خَلِیفَةَ خَلِیفَتِهِ مِنْ بَعْدِ خَلِیفَتِهِ ثُمَّ الثَّالِثَ الْخَلِیفَةَ الْمَظْلُومَ عُثْمَانَ فَكُلَّهُمْ حَسَدْتَ وَ عَلَی كُلِّهِمْ بَغَیْتَ عَرَفْنَا ذَلِكَ فِی نَظَرِكَ الشَّزْرِ وَ قَوْلِكَ الْهَجْرِ فِی تَنَفُّسِكَ الصُّعَدَاءِ وَ فِی إِبْطَائِكَ عَنِ الْخُلَفَاءِ تُقَادُ إِلَی كُلٍّ مِنْهُمْ كَمَا یُقَادُ الْفَحْلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّی تُبَایِعَ وَ أَنْتَ كَارِهٌ

ص: 108


1- 408- رواه نصر بن مزاحم بن بشار فی آخر الجزء الثانی من أصل عبد الوهاب من كتاب صفین ص 85 ط مصر. و رواه عنه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 9 من الباب الثانی من نهج البلاغة من شرحه: ج 15، ص 73 ط مصر، و فی ط بیروت: ج 4 ص 519. و للكلام شواهد و مصادر یجد الباحث كثیرا منها فی المختار: 70 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج السعادة: ج 4 ص 170، ط 1.

ثُمَّ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِأَعْظَمَ حَسَداً مِنْكَ لِابْنِ عَمِّكَ عُثْمَانَ وَ كَانَ أَحَقَّهُمْ أَنْ لَا تَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ فِی قَرَابَتِهِ وَ صِهْرِهِ فَقَطَعْتَ رَحِمَهُ وَ قَبَّحْتَ مَحَاسِنَهُ وَ أَلَّبْتَ النَّاسَ عَلَیْهِ وَ بَطَنْتَ وَ ظَهَرْتَ حَتَّی ضَرَبْتَ إِلَیْهِ آبَاطَ الْإِبِلِ وَ قَیَّدْتَ إِلَیْهِ الْخَیْلَ الْعِرَابَ وَ حُمِلَ عَلَیْهِ السِّلَاحُ فِی حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُتِلَ مَعَكَ فِی الْمَحَلَّةِ وَ أَنْتَ تَسْمَعُ فِی دَارِهِ الْهَائِعَةَ لَا تَرْدَعُ الظَّنَّ وَ التُّهَمَةَ عَنْ نَفْسِكَ فِیهِ بِقَوْلٍ وَ لَا عَمَلٍ وَ أُقْسِمُ قَسَماً صَادِقاً لَوْ قُمْتَ فِیمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَقَاماً وَاحِداً تُنَهْنِهُ النَّاسَ عَنْهُ مَا عَدَلَ بِكَ مَنْ قِبَلَنَا مِنَ النَّاسِ أَحَداً وَ لَمُحِیَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مَا كَانُوا یَعْرِفُونَكَ بِهِ مِنَ الْمُجَانَبَةِ لِعُثْمَانَ وَ الْبَغْیِ عَلَیْهِ وَ أُخْرَی أَنْتَ بِهَا عِنْدَ أَنْصَارِ عُثْمَانَ ظَنِینٌ إِیوَاؤُكَ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَهُمْ عَضُدُكَ وَ أَنْصَارُكَ وَ یَدُكَ وَ بِطَانَتُكَ وَ قَدْ ذُكِرَ لِی أَنَّكَ تَتَنَصَّلُ مِنْ دَمِهِ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً أَمْكِنَّا مِنْ قَتَلَتِهِ لِنَقْتُلَهُمْ بِهِ وَ نَحْنُ مِنْ أَسْرَعِ النَّاسِ إِلَیْكَ وَ إِلَّا فَإِنَّهُ لَیْسَ لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ إِلَّا السَّیْفُ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَنَطْلُبَنَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فِی الْجِبَالِ وَ الرِّمَالِ وَ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ حَتَّی یَقْتُلَهُمُ اللَّهُ أَوْ لتحلفن [لَتَلْحَقَنَ] أَرْوَاحُنَا بِاللَّهِ وَ السَّلَامُ قَالَ نَصْرٌ فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِهَذَا الْكِتَابِ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ قُمْتَ بِأَمْرٍ وُلِّیتَهُ وَ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّهُ لِغَیْرِكَ إِنْ أَعْطَیْتَ الْحَقَّ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مُسْلِماً مُحَرَّماً مَظْلُوماً فَادْفَعْ إِلَیْنَا قَتَلَتَهُ وَ أَنْتَ أَمِیرُنَا فَإِنْ خَالَفَكَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ كَانَتْ أَیْدِینَا لَكَ نَاصِرَةً وَ أَلْسِنَتُنَا لَكَ شَاهِدَةً وَ كُنْتَ ذَا عُذْرٍ وَ حُجَّةٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام اغْدُ عَلَیَّ غَداً فَخُذْ جَوَابَ كِتَابِكَ فَانْصَرَفَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ غَدٍ لِیَأْخُذَ كِتَابَهُ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ بَلَغَهُمُ الَّذِی جَاءَ فِیهِ فَلَبِسَتِ الشِّیعَةُ أَسْلِحَتَهَا ثُمَّ غَدَوْا فَمَلَئُوا الْمَسْجِدَ فَنَادَوْا كُلُّنَا قَتَلَ عُثْمَانَ وَ أَكْثَرُوا مِنَ النِّدَاءِ بِذَلِكَ وَ أَذِنَ لِأَبِی مُسْلِمٍ فَدَخَلَ فَدَفَعَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام جَوَابَ كِتَابِ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ لَقَدْ رَأَیْتُ قَوْماً مَا لَكَ مَعَهُمْ أَمْرٌ قَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالَ بَلَغَ الْقَوْمَ أَنَّكَ تُرِیدُ أَنْ تَدْفَعَ إِلَیْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَضَجُّوا وَ اجْتَمَعُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْفَعَهُمْ

ص: 109

إِلَیْكُمْ طَرْفَةَ عَیْنٍ قَطُّ لَقَدْ ضَرَبْتُ هَذَا الْأَمْرَ أَنْفَهُ وَ عَیْنَهُ فَمَا رَأَیْتُهُ یَنْبَغِی لِی أَنْ أَدْفَعَهُمْ إِلَیْكَ وَ لَا إِلَی غَیْرِكَ فَخَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ بِالْكِتَابِ وَ هُوَ یَقُولُ الْآنَ طَابَ الضِّرَابُ وَ كَانَ جَوَابُ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَخَا خَوْلَانَ قَدِمَ عَلَیَّ بِكِتَابٍ مِنْكَ تَذْكُرُ فِیهِ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَیْهِ مِنَ الْهُدَی وَ الْوَحْیِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی صَدَقَ الْوَعْدَ وَ أَیَّدَهُ بِالنَّصْرِ وَ مَكَّنَ لَهُ فِی الْبِلَادِ وَ أَظْهَرَ عَلَی أَهْلِ الْعَدَاوَةِ وَ الشَّنَآنِ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِینَ وَثَبُوا عَلَیْهِ وَ شَنَفُوا لَهُ وَ أَظْهَرُوا تَكْذِیبَهُ وَ بَارَزُوهُ بِالْعَدَاوَةِ وَ ظَاهَرُوا عَلَی إِخْرَاجِهِ وَ عَلَی إِخْرَاجِ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِهِ وَ أَلَّبُوا عَلَیْهِ الْعَرَبَ وَ جَامَعُوهُمْ عَلَی حَرْبِهِ وَ جَهَدُوا فِی أَمْرِهِ كُلَّ الْجَهْدِ وَ قَلَّبُوا لَهُ الْأُمُورَ حَتَّی جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ فَكَانَ أَشَدُّ النَّاسِ عَلَیْهِ تَأْلِیباً وَ تَحْرِیضاً أُسْرَتَهُ وَ الْأَدْنَی فَالْأَدْنَی مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ یَا ابْنَ هِنْدٍ فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً وَ لَقَدْ قَدِمْتَ فَأَفْحَشْتَ إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا عَنْ بَلَاءِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی فِی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِینَا فَكُنْتَ فِی ذَلِكَ كَجَالِبِ التَّمْرِ إِلَی هَجَرَ أَوْ كَدَاعِی مُسَدِّدِهِ إِلَی النِّضَالِ وَ ذَكَرْتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی اجْتَبَی لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَعْوَاناً أَیَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فَكَانُوا فِی مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ عَلَی قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِی الْإِسْلَامِ فَكَانَ أَفْضَلُهُمْ كَمَا زَعَمْتَ فِی الْإِسْلَامِ وَ أَنْصَحُهُمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ الْخَلِیفَةَ الصِّدِّیقَ وَ خَلِیفَةَ الْخَلِیفَةِ الْفَارُوقَ وَ لَعَمْرِی ذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ یَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ (1)وَ مَا أَنْتَ وَ الصِّدِّیقَ فَالصِّدِّیقُ مَنْ صَدَّقَ بِحَقِّنَا وَ أَبْطَلَ بَاطِلَ عَدُوِّنَا وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَارُوقَ فَالْفَارُوقُ مَنْ فَرَّقَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ أَعْدَائِنَا (2)

ص: 110


1- 1 الثلم: النقص و الخلال.
2- 2 كذا فی طبع الكمبانیّ من أصلی، و من عدم وجود الكلام علی هذا النسق فی جمیع المصادر فی رسالة معاویة، و عدم وجود هذه القطعة بهذه الخصوصیة فی مصدری المصنّف- كتاب صفّین و شرح ابن أبی الحدید- و غیرهما یتبین جلیا أن هاهنا زید فی جواب أمیر المؤمنین علیه السلام ما لیس منه؛ و لأجل التوضیح نسوق حرفیا لفظی كتاب صفّین و شرح ابن أبی الحدید، و هذا نصهما: و ذكرت أن اللّٰه تعالی اجتبی له من المسلمین أعوانا أیده اللّٰه بهم فكانوا فی منازلهم عنده علی قدر فضائلهم فی الإسلام فكان أفضلهم- زعمت- فی الإسلام و أنصحهم للّٰه و لرسوله الخلیفة و خلیفة الخلیفة ... و لفظتا «تعالی» و اللام فی قوله «و لرسوله» من شرح النهج فقط. و فی بدایة حرب صفّین تحت الرقم 359 من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب أنساب الاشراف: ج 1 ص 366 من المخطوطة، و فی ط 1: ج 2 ص 279 ما هذا لفظه: و ذكرت أن اللّٰه جل ثناؤه و تباركت أسماؤه، اختار له من المؤمنین أعوانا أیده بهم فكانوا فی منازلهم عنده علی قدم [قدر «خ»] فضائلهم فی الإسلام فكان أفضلهم خلیفته و خلیفة خلیفته من بعده، و لعمری إن مكانهما ...». و فی كتاب العسجدة فی الخلفاء تحت الرقم 11 منه من العقد الفرید: ج 3 ص 107، ط 2 ما هذا نصه: و ذكرت أن اللّٰه اختار [له] من المسلمین أعوانا أیده بهم فكانوا فی منازلهم عنده علی قدر فضائلهم فی الإسلام فكان أفضلهم- بزعمك- فی الإسلام و أنصحهم للّٰه و لرسوله الخلیفة و خلیفة الخلیفة ... فظهر ممّا ذكرناه أن ما ذكرها هنا فی أصلی المطبوع غیر موجود فی مصدره المأخوذ منه و لا فی غیره من المصادر القدیمة فلا اعتبار له. و علی فرض ثبوت مصدر معتبر له أیضا لا یدلّ علی مدح لأنّه حكایة كلام لمعاویة مقرونة بالرد.

وَ ذَكَرْتَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ فِی الْفَضْلِ تَالِیَا فَإِنْ یَكُنْ عُثْمَانُ مُحْسِناً فَسَیَجْزِیهِ اللَّهُ بِإِحْسَانِهِ وَ إِنْ یَكُنْ مُسِیئاً فَسَیَلْقَی رَبّاً غَفُوراً لَا یَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ یَغْفِرَهُ وَ لَعَمْرِی إِنِّی لَأَرْجُو إِذَا أَعْطَی اللَّهُ النَّاسَ عَلَی قَدْرِ فَضَائِلِهِمْ فِی الْإِسْلَامِ وَ نَصِیحَتِهِمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ أَنْ یَكُونَ نَصِیبُنَا فِی ذَلِكَ الْأَوْفَرَ إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا دَعَا إِلَی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّوْحِیدِ لَهُ كُنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ فِیمَا جَاءَ بِهِ فَلَبِثْنَا أَحْوَالًا كَامِلَةً مُجَرَّمَةً تَامَّةً وَ مَا یَعْبُدُ اللَّهَ فِی رَبْعٍ سَاكِنٍ مِنَ الْعَرَبِ غَیْرُنَا فَأَرَادَ قَوْمُنَا قَتْلَ نَبِیِّنَا وَ اجْتِیَاحَ أَصْلِنَا وَ هَمُّوا بِنَا الْهُمُومَ وَ فَعَلُوا بِنَا الْأَفَاعِیلَ

ص: 111

وَ مَنَعُونَا الْمِیرَةَ وَ أَمْسَكُوا عَنَّا الْعَذْبَ وَ أَحْلَسُونَا الْخَوْفَ وَ جَعَلُوا عَلَیْنَا الْإِرْصَادَ وَ الْعُیُونَ وَ اضْطَرُّونَا إِلَی جَبَلٍ وَعِرٍ وَ أَوْقَدُوا لَنَا نَارَ الْحَرْبِ وَ كَتَبُوا عَلَیْنَا بَیْنَهُمْ كِتَاباً لَا یُؤَاكِلُونَنَا وَ لَا یُشَارِبُونَنَا وَ لَا یُنَاكِحُونَنَا وَ لَا یُبَایِعُونَنَا وَ لَا نَأْمَنُ فِیهِمْ حَتَّی نَدْفَعَ إِلَیْهِمْ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَیَقْتُلُوهُ وَ یُمَثِّلُوا بِهِ فَلَمْ نَكُنْ نَأْمَنُ فِیهِمْ إِلَّا مِنْ مَوْسِمٍ إِلَی مَوْسِمٍ فَعَزَمَ اللَّهُ لَنَا عَلَی مَنْعِهِ وَ الذَّبَّ عَنْ حَوْزَتِهِ وَ الرَّمْیَاءَ مِنْ وَرَاءِ جَمْرَتِهِ (1)وَ الْقِیَامَ بِأَسْیَافِنَا دُونَهُ فِی سَاعَاتِ الْخَوْفِ بِاللَّیْلِ وَ النَّهَارِ فَمُؤْمِنُنَا یَرْجُو بِذَلِكَ الثَّوَابَ وَ كَافِرُنَا یُحَامِی بِهِ عَنِ الْأَصْلِ وَ أَمَّا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قُرَیْشٍ بَعْدُ فَإِنَّهُمْ مِمَّا نَحْنُ فِیهِ أَخْلِیَاءُ فَمِنْهُمُ الْحَلِیفُ الْمَمْنُوعُ وَ مِنْهُمْ ذُو الْعَشِیرَةِ الَّتِی تُدَافِعُ عَنْهُ فَلَا یَبْغِیهِ أَحَدٌ مِثْلَ مَا بَغَانَا بِهِ قَوْمُنَا مِنَ التَّلَفِ فَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ بِمَكَانِ نَجْوَةٍ وَ أَمْنٍ فَكَانَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ یَكُونَ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی رَسُولَهُ بِالْهِجْرَةِ وَ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِی قِتَالِ الْمُشْرِكِینَ فَكَانَ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَ دُعِیَتْ نَزَالِ أَقَامَ أَهْلَ بَیْتِهِ فَاسْتَقْدَمُوا فَوَقَی أَصْحَابَهُ بِهِمْ حَدَّ الْأَسِنَّةِ وَ السُّیُوفِ فَقُتِلَ عُبَیْدَةُ یَوْمَ بَدْرٍ وَ حَمْزَةُ یَوْمَ أُحُدٍ وَ جَعْفَرٌ وَ زَیْدٌ یَوْمَ مُؤْتَةَ وَ أَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِی أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرَ مَرَّةٍ إِلَّا أَنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ وَ مَنِیَّتَهُ أُخِّرَتْ وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْإِحْسَانِ إِلَیْهِمْ وَ الْمِنَّةُ عَلَیْهِمْ بِمَا قَدْ أَسْلَفُوا مِنَ الصَّالِحَاتِ فَمَا سَمِعْتُ بِأَحَدٍ وَ لَا رَأَیْتُهُ هُوَ أَنْصَحُ لِلَّهِ فِی طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ لَا أَطْوَعُ لِنَبِیِّهِ فِی طَاعَةِ رَبِّهِ وَ لَا أَصْبَرُ عَلَی اللَّأْوَاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِینَ الْبَأْسِ وَ مَوَاطِنَ الْمَكْرُوهِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِینَ سَمَّیْتُ لَكَ وَ فِی الْمُهَاجِرِینَ خَیْرٌ كَثِیرٌ تَعْرِفُهُ جَزَاهُمُ اللَّهُ خَیْراً بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ وَ ذَكَرْتَ حَسَدِیَ الْخُلَفَاءَ وَ إِبْطَائِی عَنْهُمْ وَ بَغْیِی عَلَیْهِمْ فَأَمَّا الْبَغْیُ عَلَیْهِمْ فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ یَكُونَ

ص: 112


1- 1 كذا فی أصلی، و فی كتاب صفّین ط مصر، و شرح المختار 9 من كتب نهج البلاغة لابن أبی الحدید: «و الرمی من وراء حرمته ...» و لكن قال عند الشرح: و یروی: و الرمیاء.

وَ أَمَّا الْإِبْطَاءُ عَنْهُمْ وَ الْكَرَاهِیَةُ لِأَمْرِهِمْ فَلَسْتُ أَعْتَذِرُ إِلَی النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ قُرَیْشٌ مِنَّا أَمِیرٌ وَ قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِیرٌ فَقَالَتْ قُرَیْشٌ مِنَّا مُحَمَّدٌ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ فَعَرَفَتْ ذَلِكَ الْأَنْصَارُ فَسَلَّمَتْ لَهُمُ الْوِلَایَةَ وَ السُّلْطَانَ فَإِذَا اسْتَحَقُّوهَا بِمُحَمَّدٍ دُونَ الْأَنْصَارِ فَإِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ وَ إِلَّا فَإِنَّ الْأَنْصَارَ أَعْظَمُ الْعَرَبِ فِیهَا نَصِیباً فَلَا أَدْرِی أَصْحَابِی سَلِمُوا مِنْ أَنْ یَكُونُوا حَقِّی أَخَذُوا أَوِ الْأَنْصَارُ ظُلِمُوا بَلْ عَرَفْتَ أَنَّ حَقِّی هُوَ الْمَأْخُوذُ وَ قَدْ تَرَكْتُهُ لَهُمْ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ وَ قَطِیعَتِی رَحِمَهُ وَ تَأْلِیبِی عَلَیْهِ فَإِنَّ عُثْمَانَ عَمِلَ مَا قَدْ بَلَغَكَ فَصَنَعَ النَّاسُ بِهِ مَا رَأَیْتَ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّی قَدْ كُنْتُ فِی عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَتَجَنَّی فَتَجَنَّ مَا بَدَا لَكَ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَإِنِّی نَظَرْتُ فِی هَذَا الْأَمْرِ وَ ضَرَبْتُ أَنْفَهُ وَ عَیْنَهُ فَلَمْ أَرَ دَفْعَهُمْ إِلَیْكَ وَ لَا إِلَی غَیْرِكَ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ لَمْ تَنْزِعْ عَنْ غَیِّكَ وَ شِقَاقِكَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِیلٍ یَطْلُبُونَكَ لَا یُكَلِّفُونَكَ أَنْ تَطْلُبَهُمْ فِی بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ وَ لَا سَهْلٍ وَ لَا جَبَلٍ وَ قَدْ كَانَ أَبُوكَ قَدْ أَتَانِی حِینَ وَلَّی النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ أَنَا زَعِیمٌ لَكَ بِذَلِكَ عَلَی مَنْ خَالَفَ عَلَیْكَ ابْسُطْ یَدَكَ أُبَایِعْكَ فَلَمْ أَفْعَلْ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ قَدْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ وَ أَرَادَهُ حَتَّی كُنْتُ أَنَا الَّذِی أَبَیْتُ عَلَیْهِ لِقُرْبِ عَهْدِ النَّاسِ بِالْكُفْرِ وَ مَخَافَةِ الْفُرْقَةِ بَیْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَأَبُوكَ كَانَ أَعْرَفَ بِحَقِّی مِنْكَ فَإِنْ تَعْرِفْ مِنْ حَقِّی مَا كَانَ أَبُوكَ یَعْرِفُ تُصِبْ رُشْدَكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَسَیُغْنِی اللَّهُ عَنْكَ وَ السَّلَامُ.

توضیح:

وجدت الكتاب و الجواب فی أصل كتاب نصر (1)

ص: 113


1- 1 تقدم أنّه رواه نصر بن مزاحم فی أواسط الجزء الثانی- أواخر الجزء الثانی من أصل عبد الوهاب- من كتاب صفّین ص 85 و فی ط: ص 112.

و قال فی القاموس شزره و إلیه یشزره نظر منه فی أحد شقیه أو هو نظر فیه إعراض أو نظر الغضبان بمؤخر العین أو النظر عن یمین و شمال.

و قال فی النهایة الخشاش عوید یجعل فی أنف البعیر یشد به الزمام لیكون أسرع لانقیاده و منه حدیث جابر فانقادت معه الشجرة كالبعیر المخشوش هو الذی جعل فی أنفه الخشاش انتهی.

و ضرب آباط الإبل كنایة عن ركوبها و السیر علیها و إیجافها و الهائعة الصوت تفزع منه و تخافه من عدو و نهنهه عن الأمر زجره و تنصل إلیه من الجنایة خرج و تبرأ.

و فی النهایة شنفوا له أی أبغضوه و قال الجوهری ألبت الجیش جمعته و تألبوا تجمعوا و التألیب التحریض و هو الحث علی القتال و قال هجر اسم بلد و فی المثل كمبضع التمر إلی هجر و قال فی بضع أبضعت الشی ء و استبضعته أی جعلته بضاعة و فی المثل كمستبضع تمر إلی هجر و ذلك أن هجر معدن التمر.

قوله علیه السلام أو كداعی مسدده أی كمن یدعو من یعلمه الرمی إلی المناضلة أی المراماة قال الجوهری التسدید التوفیق للسداد و هو الصواب و القصد من القول و العمل إلی أن قال و قد استد الشی ء أی استقام و قال:

أعلمه الرمایة كل یوم***فلما استد ساعده رمانی

و قال حول مجرم و سنة مجرمة أی تامة انتهی و الاجتیاح الاستیصال.

قوله علیه السلام و منعونا المیرة و أمسكوا عنا العذب و فی النهج و منعونا العذب و قال ابن أبی الحدید العذب هنا العیش العذب لا الماء العذب علی أنه قد نقل أنهم منعوا أیام الحصار فی شعب بنی هاشم من الماء العذب.

قوله علیه السلام و أحلسونا الخوف أی ألزموناه و الحلس كساء رقیق

ص: 114

یكون تحت برذعة البعیر و أحلاس البیوت ما یبسط تحت حر الثیاب و لما كان حلس البعیر و حلس البیت ملازما لهما قال و أحلسونا الخوف.

قوله علیه السلام إلی جبل وعر أی غلیظ حزن یصعب الصعود إلیه و هذا مثل ضربه لصعوبة مقامهم و یحتمل الحقیقة لأن الشعب الذی حصروا فیه مضیق بین جبلین.

و فی النهج فعزم اللّٰه لنا عن الذب عن حوزته و الرمی من وراء حرمته مؤمننا یبغی بذلك الأجر قوله علیه السلام فعزم اللّٰه لنا أی وفقنا لذلك و جعلنا عازمین و قیل أراد لنا الإرادة اللازمة منه و اختار لنا أن نذب عن حوزة الإسلام و حوزة الملك بیضته و الذب المنع و الدفع و الحرمة ما لا یحل انتهاكه و الرمی من وراء الحرمة كنایة عن المحافظة و المحاماة.

و الوراء إما بمعنی الأمام أو كنایة عن الحمایة الخفیة أو لأن الوراء مظنة أن یؤتی منه غفلة و الضمیران فی حوزته و حرمته راجعان إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله أو إلی اللّٰه تعالی فإن حرمته حرمة اللّٰه و رمیا بكسر الراء و المیم المشددة و تشدید الیاء مبالغة فی الرمی قال الجوهری و كانت بینهم رمیا ثم صاروا إلی حجیزی و قال الجمرة كل قبیل انضموا فصاروا یدا واحدة و لم یخالفوا غیرهم فهی جمرة قوله علیه السلام یحامی عن الأصل أی یدافع عن محمد صلی اللّٰه علیه و آله حمیة و محافظة علی النسب.

و فی النهج بعد ذلك و من أسلم من قریش خلو مما نحن فیه بحلف یمنعه أو عشیرة تقوم دونه فهو من القتل بمكان أمن و كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إذا احمر البأس و أحجم الناس قدم أهل بیته فوقی بهم أصحابه حر السیوف و الأسنة فقتل عبیدة بن الحرث یوم بدر و قتل حمزة یوم أحد و قتل جعفر یوم مؤتة و أراد من لو شئت ذكرت اسمه مثل الذی أرادوا من الشهادة و لكن آجالهم عجلت و منیته أخرت.

و قال ابن میثم الواو فی قوله و من أسلم للحال أی و الحال أن من أسلم من قریش عدا بنی هاشم و بنی عبد المطلب خالین مما نحن فیه من

ص: 115

البلاء آمنین من الخوف أو القتل فمنهم من كان له حلف و عهد مع المشركین یمنعه و منهم من كان له عشیرة تحفظه.

قوله علیه السلام إذا احمر البأس قال السید الرضی (1)فی النهج هذا كنایة عن اشتداد الأمر و قد قیل فی ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمی الحرب بالنار التی تجمع الحرارة و الحمرة بفعلها و لونها.

و مما یؤید ذلك قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله الآن حمی الوطیس و الوطیس مستوقد النار.

و أحجم الناس أی نكصوا و تأخروا و أراد بقوله من لو شئت ذكرت اسمه نفسه علیه السلام.

أقول: ذكر الرضی رضی اللّٰه عنه هكذا المكتوب بإسقاط كثیر و زاد فی آخره بعض الفقرات من مكتوب آخر سیأتی فی محله و رواه ابن میثم أیضا نحوا مما روینا عن ابن أبی الحدید و وجدناه فی مواضع أخر فجمعنا بین الروایات.

«409»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الدُّنْیَا لِمَا بَعْدَهَا وَ ابْتَلَی فِیهَا أَهْلَهَا لِیَعْلَمَ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَ لَسْنَا لِلدُّنْیَا خُلِقْنَا وَ لَا بِالسَّعْیِ فِیهَا أُمِرْنَا وَ إِنَّمَا وُضِعْنَا فِیهَا لِنُبْتَلَی بِهَا وَ قَدِ ابْتَلَانِی بِكَ وَ ابْتَلَاكَ بِی فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجَّةً عَلَی الْآخَرِ فَعَدَوْتَ عَلَی طَلَبِ الدُّنْیَا بِتَأْوِیلِ الْقُرْآنِ فَطَلَبْتَنِی بِمَا لَمْ تَجْنِ یَدِی وَ لَا لِسَانِی وَ عَصَبْتَهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ الشَّامِ بِی وَ أَلَّبَ عَالِمُكُمْ جَاهِلَكُمْ وَ قَائِمُكُمْ قَاعِدَكُمْ فَاتَّقِ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ

ص: 116


1- 1 ذكره رحمه اللّٰه فی ذیل المختار الأخیر من غریب كلام أمیر المؤمنین علیه السلام قبل المختار: 261 من الباب الثالث من نهج البلاغة، و ما نقله المصنّف هنا معنی كلام السیّد و لیس بنص كلامه فی جمیع الفقرات.
2- 409- رواه السیّد الرضیّ رضی اللّٰه عنه فی المختار: 55 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام فی نهج البلاغة.

وَ نَازِعِ الشَّیْطَانَ قِیَادَكَ وَ اصْرِفْ إِلَی الْآخِرَةِ وَجْهَكَ فَهِیَ طَرِیقُنَا وَ طَرِیقُكَ وَ احْذَرْ أَنْ یُصِیبَكَ اللَّهُ مِنْهُ بِعَاجِلِ قَارِعَةٍ تَمَسُّ الْأَصْلَ وَ تَقْطَعُ الدَّابِرَ فَإِنِّی أُولِی بِاللَّهِ أَلِیَّةً غَیْرَ فَاجِرَةٍ لَئِنْ جَمَعَتْنِی وَ إِیَّاكَ جَوَامِعُ الْأَقْدَارِ لَا أَزَالُ بِبَاحَتِكَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ.

توضیح:

قوله علیه السلام بالسعی فیها أی لها و فی تحصیلها و قیل أی ما أمرنا بالسعی فیها لها و قد ابتلانی بك أی بأن أمرنی بنهیك عن المنكر و الجهاد معك و ابتلاك بی بأن فرض علیك طاعتی فجعل أحدنا أی نفسه علیه السلام و فی الإجمال أنواع البلاغة كما لا یخفی فعدوت علی طلب الدنیا أی وثبت علیها و اختلستها و قیل علی هاهنا متعلقة بمحذوف دل علیه الكلام أی تعدیت و ظلمت مصرا علی طلب الدنیا و تأویل القرآن ما كان یموه به معاویة علی أهل الشام و یقول لهم أنا ولی عثمان و قال تعالی مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً ثم یعدهم الظفر و الدولة علی أهل العراق بقوله تعالی فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً و عصبته أی ألزمتنیه كما تلزم العصابة و قال الفیروزآبادی العصب الشد و ألب عالمكم التألیب التحریض.

و قال ابن میثم أی عالمكم بحالی و قائمكم بجهادی و منازعتی (1)

قوله علیه السلام فی نفسك أی فی أمرها أو بینك و بین اللّٰه.

و القیاد ما یقاد به الدابة و منازعته جذبه و عدم الانقیاد له.

و احذر أن یصیبك اللّٰه منه قال ابن أبی الحدید الضمیر فی منه راجع إلی اللّٰه تعالی و من لابتداء الغایة.

ص: 117


1- 1 فی الكلام اختلال، و فی شرح نهج البلاغة لابن میثم رحمه اللّٰه: «و أراد [علیه السلام] ألب علیكم عالمكم بحالی جاهلكم به، و قائمكم فی حربی قاعدكم عنه».

و قال القطب الراوندی أی من البهتان الذی أتیته و من للتعلیل أی من أجله و هو بعید و قال الفیروزآبادی القارعة الشدیدة من شدائد الدهر و هی الداهیة یقال قرعتهم قوارع الدهر.

تمس الأصل قال ابن أبی الحدید أی تقطعه و منه ماء ممسوس أی یقطع الغلة انتهی.

و فیه نظر إذ المس بمعنی القطع لم یذكره أحد من أهل اللغة و أما الماء الممسوس فهو الماء بین العذب و المالح كما ذكره الجوهری أو الذی نالته الأیدی كما ذكره الخلیل فی العین و الفیروزآبادی أو الماء الذی یمس الغلة فیشفیها و كل ما شفی الغلیل و العذب الصافی كما ذكره هو.

و الظاهر أنه من المس بالمعنی المعروف أی احذر داهیة تصیب أصلك كما یقال أصابه داء أو بلاء فیكون أصابه الأصل كنایة عن الاستیصال كالفقرة التالیة و الدابر العقب و النسل و التابع و آخر كل شی ء فإنی أولی أی أحلف و الاسم منه الألیة جوامع الأقدار قال ابن أبی الحدید من إضافة الصفة إلی الموصوف للتأكید و قال باحة الدار وسطها حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنا أی بالظفر و النصر.

«410»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِاللَّمْحِ الْبَاصِرِ مِنْ عِیَانِ الْأُمُورِ فَقَدْ سَلَكْتَ مَدَارِجَ أَسْلَافِكَ بِادِّعَائِكَ الْأَبَاطِیلَ وَ اقْتِحَامِكَ غُرُورَ الْمَیْنِ وَ الْأَكَاذِیبِ وَ بِانْتِحَالِكَ مَا قَدْ عَلَا عَنْكَ وَ ابْتِزَازِكَ لِمَا اخْتُزِنَ دُونَكَ فِرَاراً مِنَ الْحَقِّ وَ جُحُوداً لِمَا هُوَ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ لَحْمِكَ وَ دَمِكَ مِمَّا قَدْ وَعَاهُ سَمْعُكَ وَ مُلِئَ بِهِ صَدْرُكَ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ وَ بَعْدَ الْبَیَانِ إِلَّا اللَّبْسُ فَاحْذَرِ الشُّبْهَةَ وَ اشْتِمَالَهَا عَلَی لُبْسَتِهَا فَإِنَّ الْفِتْنَةَ طَالَ مَا أَغْدَفَتْ جَلَابِیبَهَا

ص: 118


1- 410- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 65 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

وَ أَغْشَتِ الْأَبْصَارَ ظُلْمَتُهَا وَ قَدْ أَتَانِی كِتَابٌ مِنْكَ ذُو أَفَانِینَ مِنَ الْقَوْلِ ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْمِ وَ أَسَاطِیرَ لَمْ یَحُكْهَا مِنْكَ عِلْمٌ وَ لَا حِلْمٌ أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائِضِ فِی الدَّهَاسِ وَ الْخَابِطِ فِی الدِّیمَاسِ وَ تَرَقَّیْتَ إِلَی مَرْقَبَةٍ بَعِیدَةِ الْمَرَامِ نَازِحَةِ الْأَعْلَامِ یَقْصُرُ دُونَهَا الْأَنُوقُ وَ یُحَاذَی بِهَا الْعَیُّوقُ وَ حَاشَ لِلَّهِ أَنْ تَلِیَ لِلْمُسْلِمِینَ بَعْدِی صَدَراً أَوْ وِرْداً أَوْ أُجْرِیَ لَكَ عَلَی أَحَدٍ مِنْهُمْ عَقْداً أَوْ عَهْداً فَمِنَ الْآنَ فَتَدَارَكْ نَفْسَكَ وَ انْظُرْ لَهَا فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ حَتَّی یَنْهَدَ إِلَیْكَ عِبَادُ اللَّهِ أُرْتِجَتْ عَلَیْكَ الْأُمُورُ وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ مِنْكَ الْیَوْمَ مَقْبُولٌ وَ السَّلَامُ.

بیان:

قال ابن أبی الحدید هذا الكتاب هو جواب كتاب وصل من معاویة إلیه بعد قتل علی علیه السلام الخوارج و فیه تلویح بما كان یقوله من قبل أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله وعدنی بقتال طائفة أخری غیر أصحاب الجمل و صفین و إنه سماهم المارقین فلما واقفهم فی النهروان و قتلهم فی یوم واحد و هم عشرة آلاف فارس أحب أن یذكر معاویة بما كان یقوله من قبل و یعد به أصحابه و خواصه فقال له قد آن لك أی قرب و حان أن تنتفع بما عاینت و شاهدت معاینة من صدق القول الذی كنت أقوله للناس و یبلغك و تستهزئ به و قال یقال قد رأیته لمحا باصرا أی نظرا بتحدیق شدید و مخرجه مخرج رجل لابن و تامر أی ذو لبن و تمر فمعنی باصر أی ذو بصر و عیان الأمور معاینتها أی قرب أن تنتفع بما تعلمه یقینا من استحقاقی للخلافة و براءتی من كل شبهة.

و قال ابن میثم وصف اللمح بالباصر مبالغة فی الإبصار كقولهم لیل ألیل و المدرج المسلك و قال ابن أبی الحدید الأباطیل جمع باطل علی غیر القیاس و إقحامك أی إلقائك نفسك بلا رویة فی غرور المین و هو الكذب و بانتحالك أی ادعائك كذبا ما قد علا عنك أی لم تبلغه و لست أهلا له

ص: 119

و ابتزازك أی استلابك لما اختزن دونك أی منعك اللّٰه منه من إمرة المسلمین و بیت مالهم من قولهم اختزن المال أی أحرزه فرارا أی فعلت ذلك كله فرارا من الحق لما هو ألزم لك یعنی من فرض طاعتی علیك.

قال ابن میثم لأنهما دائما فی التغیر و التبدل بخلاف وجوب الطاعة فإنه أمر لازم انتهی.

و یمكن أن یقال لأنك تفارقهما و لا تفارقه و الظاهر أن ذلك مجاز عن شدة اللزوم مما قد وعاه سمعك أی من النص و كلمة ما فی ما ذا استفهامیة أو نافیة علی لبستها فی بعض النسخ بالضم و فی بعضها بالكسر قال فی النهایة اللبسة بالكسر الهیئة و الحالة و قال ابن أبی الحدید اللبسة بالضم یقال فی الأمر لبسة أی اشتباه و لیس بواضح و یجوز أن یكون اشتمالها مصدرا مضافا إلی معاویة أی اشتمالك إیاها علی اللبسة أی ادراعك إیاها و تقمصك بها علی ما فیها من الإبهام و الاشتباه و یجوز أن یكون مصدرا مضافا إلی ضمیر الشبهة فقط أی احذر الشبهة و احتوائها علی اللبسة التی فیها.

و قال أغدفت المرأة قناعها أی أرسلته علی وجهها و أغشت الأبصار أی جعلتها غشاء و سترا للأبصار و فی بعض النسخ بالعین المهملة و هو سوء البصر باللیل أو العمی فالظلمة مرفوعة بالفاعلیة.

ذو أفانین أی أسالیب مختلفة لا یناسب بعضها بعضا.

ضعفت قواها عن السلم قال ابن میثم أی لیس لها قوة أن یوجب صلحا.

و قال ابن أبی الحدید أی عن الإسلام أی لم تصدر تلك الأفانین المختلفة عن مسلم و كان كتب إلیه أن یفرده بالشام و أن یولیه العهد من بعده و أن لا یكلفه الحضور عنده و قرأ أبو عمرو ادْخُلُوا فِی السِّلْمِ كَافَّةً و قال لیس المعنی بهذا الصلح بل الإسلام و الإیمان لا غیر.

و قال الأساطیر الأباطیل واحدها أسطورة و إسطارة بالكسر و حوك الكلام صنعته و نظمه و الحلم العقل أو الأناة.

ص: 120

و قال ابن میثم لأن الكتاب كان فیه خشونة و تهور و ذلك ینافی الحلم و ینافی غرضه من الصلح.

و قال الجوهری الدهس و الدهاس مثل اللبث و اللباث المكان السهل اللین لا یبلغ أن یكون رملا و لیس هو بتراب و لا طین و لونه الدهسة.

و قال الدیماس السرب المظلم تحت الأرض و السرب البیت فی الأرض تقول السرب الوحشی فی سربه و الغرض عدم استقامة القول و المرقبة الموضع العالی أی دعوی الخلافة و المرام المقصد و بعده كنایة عن الرفعة و نزوح الأعلام كنایة عن صعوبة الوصول إلیها و فی الصحاح نزحت الدار نزوحا بعدت و قال الأنوق علی فعول طائر و هو الرحمة و فی المثل أغر من بیض الأنوق لأنها تحرزه فلا تكاد یظفر بها لأن أوكارها فی رءوس الجبال و الأماكن البعیدة و هی تحمق مع ذلك انتهی.

قوله علیه السلام و حاش لله أصله حاشا لله أی معاذ اللّٰه و هو فعل ماض علی صیغة المفاعلة مأخوذ من الحشی أی الناحیة و فاعله أن تلی و قال الزجاج حاش لله براءة لله.

و الصدر بالتحریك رجوع الشاربة عن الماء كالورد بالكسر الإشراف علی الماء.

قوله علیه السلام فتدارك نفسك أی تدبر آخر أمرك و قوله علیه السلام حتی أی ینهض قوله علیه السلام أرتجت علیك أی أغلقت.

«411»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابِهِ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی عَلَی التَّرَدُّدِ فِی جَوَابِكَ وَ الِاسْتِمَاعِ إِلَی كِتَابِكَ لَمُوَهِّنٌ رَأْیِی وَ مُخَطِّئٌ فِرَاسَتِی وَ إِنَّكَ إِذْ تُحَاوِلُنِی الْأُمُورَ وَ تُرَاجِعُنِی السُّطُورَ كَالْمُسْتَثْقِلِ النَّائِمِ تَكْذِبُهُ أَحْلَامُهُ أَوِ الْمُتَحَیِّرِ الْقَائِمِ بَهَظَهُ مَقَامُهُ (2)لَا یَدْرِی أَ لَهُ مَا یَأْتِی أَمْ عَلَیْهِ

ص: 121


1- 411- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 72 من باب كتب نهج البلاغة ..
2- 2 كذا فی النسخة المطبوعة من ط الكمبانیّ من البحار، و فیما عندی من نسخ المطبوعة من نهج البلاغة: «یبهظه».

وَ لَسْتَ بِهِ غَیْرَ أَنَّهُ بِكَ شَبِیهٌ وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَوْ لَا بَعْضُ الِاسْتِبْقَاءِ لَوَصَلَتْ إِلَیْكَ مِنِّی نَوَازِعُ تَقْرَعُ الْعَظْمَ وَ تَهْلِسُ اللَّحْمَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ ثَبَّطَكَ عَنْ أَنْ تُرَاجِعَ أَحْسَنَ أُمُورِكَ وَ تَأْذَنَ لِمَقَالِ نَصِیحَتِكَ وَ السَّلَامُ.

بیان:

قوله علیه السلام فإنی علی التردد قال ابن أبی الحدید لیس معناه التوقف بل التردد و التكرار أی أنا لائم نفسی علی أنی أكرر تارة بعد تارة أجوبتك عما تكتبه و أجعلك نظیرا لی أكتب و تجیبنی و تكتب و أجیبك و إنما كان ینبغی أن یكون جواب مثلك السكوت.

قوله علیه السلام لموهن رأیی أی أعده واهنا ضعیفا و الغرض المبالغة فی عدم استحقاقه للجواب و إلا فلم یكن فعله علیه السلام إلا حقا و صوابا.

قوله علیه السلام و إنك إذ تحاولنی الأمور الظاهر من كلام الشارحین أنهما حملا المحاولة علی معنی القصد و الإرادة و حینئذ یحتاج إلی تقدیر حرف الجر.

و یحتمل أن یكون مفاعلة من حال بمعنی حجز و منع أی تمانعنی الأمور و تراجعنی السطور أی بالسطور كالمستثقل النائم قال ابن أبی الحدید أی كالنائم یری أحلاما كاذبة أو كمن قام بین یدی سلطان أو بین قوم عقلاء لیعتذر عن أمر أو لیخطب لأمر فی نفسه قد بهظه مقامه ذلك أی أثقله فهو لا یدری هل ینطق بكلام هو له أم علیه فیتحیر انتهی.

و فی قوله علیه السلام إنه بك شبیه إیذان بأن معاویة أقوی فی ذلك و یقال استبقیت من الشی ء أی تركت بعضه و استبقاه أی استحیاه و یحتمل أن یكون من أبقیت علیه أی رحمته نوازع تقرع العظم قال ابن أبی الحدید روی نوازع جمع نازعة أی جاذبة قالعة و یروی قوارع بالقاف و الراء و یروی تهلس اللحم تلهس بتقدیم اللام فأما تهلس بكسر اللام فالمعنی تذیبه حتی یصیر كبدن به الهلاس و هو السل و أما تلهس فهو بمعنی تلحس

ص: 122

أبدلت الحاء هاء و هو من لحست كذا بلسانی بالكسر ألحسته أی تأتی علی اللحم حتی تلحسه لحسا لأن الشی ء إنما یلحس إذا ذهب و بقی أثره.

و یروی و تنهس بالنون و السین المهملة و النهس و النهش بالمهملة و المعجمة هو أخذ اللحم بمقدم الأسنان.

و أما بعض الاستبقاء الذی أشار إلیه فقال ابن میثم لو لا بعض المصالح لوصلت إلیك منی قوارع و أراد شدائد الحرب.

و قال ابن أبی الحدید الإمامیة تقول إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله فوض إلیه أمر نسائه بعد موته و جعل إلیه أن یقطع عصمة أیتهن شاء إذا رأی ذلك و له من الصحابة جماعة یشهدون له بذلك فقد كان قادرا علی أن یقطع عصمة أم حبیبة و یبیح نكاحها للرجال عقوبة لها و لمعاویة فإنها كانت تبغض علیا علیه السلام كما یبغضه أخوها و لو فعل ذلك لانتهس لحمه و قد رووا عن رجالهم أنه تهدد عائشة بضرب من ذلك قال و أما أصحابنا فیقولون قد كان معه من الصحابة قوم كثیرون

سمعوا من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یلعن معاویة بعد إسلامه و یقول إنه منافق كافر و إنه من أهل النار.

و الأخبار فی ذلك مشهورة فلو شاء أن یحمل إلی أهل الشام خطوطهم و شهاداتهم بذلك و أسمعهم قوله مشافهة لفعل و لكن رأی العدول عن ذلك مصلحة لأمر یعلمه هو علیه السلام.

و قال أبو زید البصری إنما أبقی علیه لأنه خاف أن یفعل معاویة كفعله علیه السلام فیقول لعمرو بن العاص و حبیب بن مسلمة و بسر بن أرطاة و أمثالهم ارووا أنتم عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه كان یقول فی علی علیه السلام أمثال ذلك انتهی.

و قال الجوهری ثبطه عن الأمر تثبیطا شغله عنه و قال أذن له إذنا استمع.

«412»-(1)وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ مِنْ كِتَابِ أَبِی الْعَبَّاسِ یَعْقُوبَ بْنِ أَبِی أَحْمَدَ

ص: 123


1- 412- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 10 من باب كتاب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة: ج 4 ص 525 ط الحدیث ببیروت.

الصَّیْمَرِیِّ أَنَّ مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ الْمَطْبُوعُ عَلَی قَلْبِكَ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِكَ الشَّرُّ مِنْ شِیمَتِكَ وَ الْعُتُوُّ مِنْ خَلِیقَتِكَ فَشَمِّرْ لِلْحَرْبِ وَ اصْبِرْ لِلضَّرْبِ فَوَ اللَّهِ لَیَرْجِعَنَّ الْأَمْرُ إِلَی مَا عَلِمْتَ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ أَخْطَأَكَ مَا تَمَنَّی وَ هَوَی قَلْبُكَ فِیمَا هَوَی فَارْبَعْ عَلَی ظَلْعِكَ وَ قِسْ شِبْرَكَ بِفَتْرِكَ تَعْلَمْ أَیْنَ حَالُكَ مِنْ حَالِ مَنْ یَزِنُ الْجِبَالَ حِلْمُهُ وَ یَفْصِلُ بَیْنَ أَهْلِ الشَّكِّ عِلْمُهُ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ یَا ابْنَ الصَّخْرِ یَا ابْنَ اللَّعِینِ یَزِنُ الْجِبَالَ فِیمَا زَعَمْتَ حِلْمُكَ وَ یَفْصِلُ بَیْنَ أَهْلِ الْجَهْلِ عِلْمُكَ وَ أَنْتَ الْجَاهِلُ الْقَلِیلُ الْفِقْهِ الْمُتَفَاوِتُ الْعَقْلِ الشَّارِدُ عَنِ الدِّینِ وَ قُلْتَ فَشَمِّرْ لِلْحَرْبِ وَ اصْبِرْ لِلضَّرْبِ فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِیمَا تَزْعُمُ وَ یُعِینُكَ عَلَیْهِ ابْنُ النَّابِغَةِ فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَ أَعْفِ الْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْقِتَالِ وَ ابْرُزْ إِلَیَّ لِتَعْلَمَ أَیُّنَا الْمَرِینُ عَلَی قَلْبِهِ الْمُغَطَّی عَلَی بَصَرِهِ فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ حَقّاً قَاتِلُ أَخِیكَ وَ خَالِكَ وَ جَدِّكَ شَدْخاً یَوْمَ بَدْرٍ وَ ذَلِكَ السَّیْفُ بِیَدِی وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی.

ثم قال الشدخ كسر الشی ء الأجوف یقال شدخت رأسه فانشدخ.

و هؤلاء الثلاثة حنظلة بن أبی سفیان و الولید بن عتبة و أبوه عتبة بن ربیعة فحنظلة أخوه و الولید خاله و عتبة جده و قد قتلوا فی غزاة بدر.

«413»-(1)أَمَّا بَعْدُ فَمَا أَعْجَبَ مَا یَأْتِینِی مِنْكَ وَ مَا أَعْلَمَنِی بِمَنْزِلَتِكَ الَّتِی أَنْتَ إِلَیْهَا صَائِرٌ وَ نَحْوَهَا سَائِرٌ وَ لَیْسَ إِبْطَائِی عَنْكَ إِلَّا لِوَقْتٍ أَنَا بِهِ مُصَدِّقٌ وَ أَنْتَ بِهِ مُكَذِّبٌ فَكَأَنِّی أَرَاكَ وَ أَنْتَ تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ وَ إِخْوَانُكَ یَدْعُونَنِی خَوْفاً مِنَ السَّیْفِ

ص: 124


1- 413- رواه أیضا فی شرح المختار المتقدم الذكر، قال: و قد رأیت له [علیه السلام] ذكر هذا المعنی فی كتاب غیر هذا، و هو: «أما بعد فما أعجب ما یأتینی منك».

إِلَی كِتَابٍ هُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَ لَهُ جَاحِدُونَ ثُمَّ قَالَ وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ.

«414»-(1)قَالَ: وَ كَتَبَ أَیْضاً علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَطَالَ مَا دَعَوْتَ أَنْتَ وَ أَوْلِیَاؤُكَ أَوْلِیَاءُ الشَّیْطَانِ الْحَقَّ أَسَاطِیرَ وَ نَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَ حَاوَلْتُمْ إِطْفَاءَهُ بِأَفْوَاهِكُمْ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وَ لَعَمْرِی لَیُنْفِذَنَّ الْعِلْمَ فِیكَ وَ لَیُتِمَّنَّ النُّورَ بِصِغَرِكَ وَ قَمْأَتِكَ وَ لَتُخْسَأَنَّ طَرِیداً مَدْحُوراً أَوْ قَتِیلًا مَثْبُوراً وَ لَتُجْزَیَنَّ بِعَمَلِكَ حَیْثُ لَا نَاصِرَ لَكَ وَ لَا مصرح [مُصْرِخَ] عِنْدَكَ وَ قَدْ أَسْهَبْتَ فِی ذِكْرِ عُثْمَانَ وَ لَعَمْرِی مَا قَتَلَهُ غَیْرُكَ وَ لَا خَذَلَهُ سِوَاكَ وَ لَقَدْ تَرَبَّصْتَ بِهِ الدَّوَائِرَ وَ تَمَنَّیْتَ لَهُ الْأَمَانِیَّ طَمَعاً فِیمَا ظَهَرَ مِنْكَ وَ دَلَّ عَلَیْهِ فِعْلُكَ وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ أَلْحَقَكَ بِهِ عَلَی أَعْظَمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ أَكْبَرَ مِنْ خَطِیئَتِهِ فَأَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ صَاحِبُ السَّیْفِ وَ إِنَّ قَائِمَهُ لَفِی یَدِی وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ قَتَلْتُ بِهِ مِنْ صَنَادِیدِ بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ وَ فَرَاعِنَةِ بَنِی سَهْمٍ وَ جُمَحَ وَ مَخْزُومٍ وَ أَیْتَمْتُ أَبْنَاءَهُمْ وَ أَیَّمْتُ نِسَاءَهُمْ وَ أُذَكِّرُكَ مَا لَسْتَ لَهُ نَاسِیاً یَوْمَ قَتَلْتُ أَخَاكَ حَنْظَلَةَ وَ جَرَرْتُ بِرِجْلِهِ إِلَی الْقَلِیبِ وَ أَسَرْتُ أَخَاكَ عَمْراً فَجَعَلْتُ عُنُقَهُ بَیْنَ سَاقَیْهِ رِبَاطاً وَ طَلَبْتُكَ فَفَرَرْتَ وَ لَكَ حُصَاصٌ فَلَوْ لَا أَنِّی لَا أُتْبِعُ فَارّاً لَجَعَلْتُكَ ثَالِثَهُمَا وَ أَنَا أُولِی لَكَ بِاللَّهِ أَلِیَّةَ بَرَّةٍ غَیْرِ فَاجِرَةٍ لَئِنْ جَمَعَتْنِی وَ إِیَّاكَ جَوَامِعُ الْأَقْدَارِ لَأَتْرُكَنَّكَ مَثَلًا یَتَمَثَّلُ بِهِ النَّاسُ أَبَداً وَ لَأُجَعْجِعَنَّ بِكَ فِی مَنَاخِكَ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ هُوَ خَیْرُ الْحاكِمِینَ وَ لَئِنْ أَنْسَأَ اللَّهُ فِی أَجَلِی قَلِیلًا لَأُغْزِیَنَّكَ سَرَاةَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَأَنْهَدَنَّ إِلَیْكَ فِی جَحْفَلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ لَا أَقْبَلُ لَكَ مَعْذِرَةً وَ لَا شَفَاعَةً وَ لَا أُجِیبُكَ

ص: 125


1- 414- ذكره فی شرح المختار السالف الذكر قال: و وقفت له علیه السلام علی كتاب آخر إلی معاویة یذكر فیه هذا المعنی أوله: «أما بعد فطالما دعوت أنت و أولیاؤك ...».

إِلَی طَلَبٍ وَ سُؤَالٍ وَ لَتَرْجِعَنَّ إِلَی تَحَیُّرِكَ وَ تَرَدُّدِكَ وَ تَلَدُّدِكَ فَقَدْ شَاهَدْتَ وَ أَبْصَرْتَ وَ رَأَیْتَ سُحُبَ الْمَوْتِ كَیْفَ هَطَلَتْ عَلَیْكَ بِصَیِّبِهَا حَتَّی اعْتَصَمْتَ بِكِتَابٍ أَنْتَ وَ أَبُوكَ أَوَّلُ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَ كَذَّبَ بِنُزُولِهِ وَ لَقَدْ كُنْتُ تَفَرَّسْتُهَا وَ آذَنْتُكَ أَنْتَ فَاعِلُهَا وَ قَدْ مَضَی مِنْهَا مَا مَضَی وَ انْقَضَی مِنْ كَیْدِكَ فِیهَا مَا انْقَضَی وَ أَنَا سَائِرٌ نَحْوَكَ عَلَی أَثَرِ هَذَا الْكِتَابِ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ وَ انْظُرْ لَهَا وَ تَدَارَكْهَا فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ وَ اسْتَمْرَرْتَ عَلَی غَیِّكَ وَ غُلَوَائِكَ حَتَّی یَنْهَدَ إِلَیْكَ عِبَادُ اللَّهِ أُرْتِجَتْ عَلَیْكَ الْأُمُورُ وَ مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ الْیَوْمَ مِنْكَ مَقْبُولٌ یَا ابْنَ حَرْبٍ إِنَّ لَجَاجَكَ فِی مُنَازَعَةِ الْأَمْرِ أَهْلَهُ مِنْ سِفَاهِ الرَّأْیِ فَلَا یَطْمَعَنَّكَ أَهْلُ الضَّلَالِ وَ لَا یُوبِقَنَّكَ سَفَهُ رَأْیِ الْجُهَّالِ فَوَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَئِنْ بَرَقَتْ فِی وَجْهِكَ بَارِقَةٌ مِنْ ذِی الْفَقَارِ لَتَصْعَقَنَّ صَعْقَةً لَا تُفِیقُ مِنْهَا حَتَّی یُنْفَخَ فِی الصُّورِ النَّفْخَةَ الَّتِی یَئِسْتَ مِنْهَا كَما یَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ.

توضیح:

قال ابن الأثیر فی النهایة فی حدیث أبی هریرة إذا سمع الشیطان الأذان ولی و له حصاص الحصاص شدة العدو و حدته و قیل هو أن یمصع بذنبه و یصر بأذنیه و یعدو و قیل هو الضراط و قال جعجع القوم إذا أناخوا بالجعجاع و هی الأرض الجعجاع أیضا الموضع الضیق الخشن و منه كتاب عبید اللّٰه بن زیاد و جعجع بحسین و أصحابه أی ضیق علیهم المكان.

و قال فی القاموس الجعجاع الأرض عامة و الحرب و مناخ سوء لا یقر فیه صاحبه و الفحل الشدید الرغاء و الجعجعة صوت الرحی و نحر الجزور و أصوات الجمال إذا اجتمعت و بروك البعیر و تبریكه و الحبس و القعود علی غیر طمأنینة و تجعجع ضرب بنفسه الأرض من وجع.

و فی النهایة السری النفیس الشریف و قیل السخی ذو المروءة و الجمع سراة بالفتح علی غیر قیاس و تضم السین.

و فی قوله علیه السلام لأغزینك كأنه علی الحذف و الإیصال و فی

ص: 126

بعض النسخ بالزای من أغزاه إذا حمله علی الغزو.

و فی القاموس الجحفل كجعفر الجیش الكثیر.

قوله علیه السلام فقد شاهدت یدل علی أنه كان الكتاب بعد الرجوع عن صفین عند إرادة العود إلیه و الغلواء بضم الغین و فتح اللام و قد تسكن الغلو و شرة الشباب و أوله.

و قال الجوهری أرتجت الباب أغلقته و أرتج علی القارئ علی ما لم یسم فاعله إذا لم یقدر علی القراءة كأنه أطبق علیه كما یرتج الباب و لا تقل ارتج علیه بالتشدید.

«415»-(1)كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِیِّ، نُسْخَةُ كِتَابِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْهَوَی یُضِلُّ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ الْحِرْصَ یُتْعِبُ الطَّالِبَ الْمَحْرُومَ وَ أَحْمَدُ الْعَاقِبَتَیْنِ مَا هُدِیَ إِلَی سَبِیلٍ وَ مِنَ الْعَجَبِ الْعَجِیبِ ذَامٌّ مَادِحٌ أَوْ زَاهِدٌ رَاغِبٌ وَ مُتَوَكِّلٌ حَرِیصٌ كَلَاماً ضَرَبْتُهُ لَكَ مَثَلًا لِتَدَبَّرَ حِكْمَتَهُ بِجَمْعِ الْفَهْمِ وَ مُبَایَنَةِ الْهَوَی وَ مُنَاصَحَةِ النَّفْسِ فَلَعَمْرِی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ لَوْ لَا الرَّحِمُ الَّتِی عَطَفَتْنِی عَلَیْكَ وَ السَّابِقَةُ الَّتِی سَلَفَتْ لَكَ لَقَدْ كَانَ اخْتَطَفَكَ بَعْضُ عُقْبَانِ أَهْلِ الشَّامِ فَصَعِدَ بِكَ فِی الْهَوَاءِ ثُمَّ قَذَفَكَ عَلَی دَكَادِكِ شَوَامِخِ الْأَبْصَارِ فَأُلْفِیتَ كَسَحِیقِ الْفِهْرِ عَلَی مِسَنِّ الصَّلَابَةِ لَا یَجِدُ الذَّرُّ فِیكَ مُرْتَقًی وَ لَقَدْ عَزَمْتُ عَزْمَةَ مَنْ لَا تَعْطِفُهُ رِقَّةٌ إِنْ لَا تَذَرْ وَ لَا تُبَایِنْ مَا قَرَّبْتَ بِهِ أَمَلَكَ وَ طَالَ لَهُ طَلَبُكَ لَأُورِدَنَّكَ مَوْرِداً تَسْتَمِرُّ مَدَاقُّهُ إِنْ فَسُحَ لَكَ فِی الْحَیَاةِ بَلْ نَظُنُّكَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْهَالِكِینَ وَ بِئْسَ الرَّأْیُ رَأْیٌ یُورِدُ أَهْلَهُ الْمَهَالِكَ وَ یُمَنِّیهِمُ الْعَطَبَ إِلَی حِینَ لَاتَ مَنَاصٍ وَ قَدْ قُذِفَ بِالْحَقِّ عَلَی الْبَاطِلِ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ

ص: 127


1- 415- رواه- و ما بعده- العلامة الكراجكیّ رحمه اللّٰه فی الفصل الثالث من الرسالة من الثالثة كتاب كنز الفوائد: ج 2 ص 201 ط 1. و رویناه عنه فی المختار: 157 من باب الكتب من نهج السعادة: ج 5 ص 290.

كارِهُونَ وَ لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ وَ الْمِنَّةُ الظَّاهِرَةُ وَ السَّلَامُ جَوَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَیْهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ بِتَنْوِیقِ الْمَقَالِ وَ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَ انْتِحَالِ الْأَعْمَالِ تَصِفُ الْحِكْمَةَ وَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا وَ تَذْكُرُ التَّقْوَی وَ أَنْتَ عَلَی ضِدِّهَا قَدِ اتَّبَعْتَ هَوَاكَ فَحَادَ بِكَ عَنِ الْمَحَجَّةِ وَ لَحِجَ بِكَ عَنْ سَوَاءِ السَّبِیلِ فَأَنْتَ تَسْحَبُ أَذْیَالَ لَذَّاتِ الْفِتَنِ وَ تَخْبِطُ فِی زَهْرَةِ الدُّنْیَا كَأَنَّكَ لَسْتَ تُوقِنُ بِأَوْبَةِ الْبَعْثِ وَ لَا بِرَجْعَةِ الْمُنْقَلَبِ قَدْ عَقَدْتَ التَّاجَ وَ لَبِسْتَ الْخَزَّ وَ افْتَرَشْتَ الدِّیبَاجَ سُنَّةً هِرَقْلِیَّةً وَ مُلْكاً فَارِسِیّاً ثُمَّ لَمْ یَقْنَعْكَ ذَلِكَ حَتَّی یَبْلُغُنِی أَنَّكَ تَعْقِدُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِكَ لِغَیْرِكَ فَیَمْلِكُ دُونَكَ وَ تُحَاسِبُ دُونَهُ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَمَا وَرِثَتِ الضَّلَالَةُ عَنْ كَلَالَةٍ وَ إِنَّكَ لَابْنُ مَنْ كَانَ یَبْغِی عَلَی أَهْلِ الدِّینِ وَ یَحْسُدُ الْمُسْلِمِینَ وَ ذَكَرْتَ رَحِماً عَطَفَتْكَ عَلَیَّ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ أَنْ لَوْ نَازَعَكَ هَذَا الْأَمْرَ فِی حَیَاتِكَ مَنْ أَنْتَ تَمْهَدُهُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِكَ لَقَطَعْتَ حَبْلَهُ وَ لَبَتَتَّ أَسْبَابَهُ وَ أَمَّا تَهْدِیدُكَ لِی بِالْمَشَارِبِ الْوَبِیئَةِ وَ الْمَوَارِدِ الْمُهْلِكَةِ فَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَبْرِزْ إِلَیَّ صَفْحَتَكَ كَلَّا وَ رَبِّ الْبَیْتِ مَا أَنْتَ أَبِی عُذْرٍ عِنْدَ الْقِتَالِ وَ لَا عِنْدَ مُنَافَحَةِ الْأَبْطَالِ وَ كَأَنِّی بِكَ لَوْ شَهِدْتَ الْحَرْبَ وَ قَدْ قَامَتْ عَلَی سَاقٍ وَ كَشَرَتْ عَنْ مَنْظَرٍ كَرِیهٍ وَ الْأَرْوَاحُ تُخْتَطَفُ اخْتِطَافَ الْبَازِیِّ زَغَبَ الْقَطَا لَصِرْتَ كَالْمُولَهَةِ الْحَیْرَانَةِ تَضْرِبُهَا الْعَبْرَةُ بِالصَّدَمَةِ لَا تَعْرِفُ أَعْلَی الْوَادِی عَنْ أَسْفَلِهِ فَدَعْ عَنْكَ مَا لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنَّ وَقْعَ الْحُسَامِ غَیْرُ تَشْقِیقِ الْكَلَامِ فَكَمْ عَسْكَرٍ قَدْ شَهِدْتُهُ وَ قَرْنٍ نَازَلْتُهُ وَ رَأَیْتُ اصْطِكَاكَ قُرَیْشٍ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا أَنْتَ وَ أَبُوكَ وَ مَنْ هُوَ أَعْلَی مِنْكُمَا لِی تَبَعٌ وَ أَنْتَ الْیَوْمَ تُهَدِّدُنِی

ص: 128

فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ أَنْ لَوْ تُبْدِی الْأَیَّامُ عَنْ صَفْحَتِكَ لَنَشَبَ فِیكَ مِخْلَبُ لَیْثٍ هَصُورٍ لَا یَفُوتُهُ فَرِیسَتُهُ بِالْمُرَاوَغَةِ كَیْفَ وَ أَنَّی لَكَ بِذَلِكَ وَ أَنْتَ قَعِیدَةُ بِنْتِ الْبِكْرِ الْمُخَدَّرَةِ یَفْزَعُهَا صَوْتُ الرَّعْدِ وَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الَّذِی لَا أُهَدَّدُ بِالْقِتَالِ وَ لَا أُخَوَّفُ بِالنَّزَالِ فَإِنْ شِئْتَ یَا مُعَاوِیَةُ فَابْرُزْ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَصَلَ هَذَا الْجَوَابُ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ جَمَعَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَ فِیهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَرَأَهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو قَدْ أَنْصَفَكَ الرَّجُلُ كَمْ رَجُلٍ أَحْسَنَ فِی اللَّهِ قَدْ قُتِلَ بَیْنَكُمَا ابْرُزْ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْطَأَتْ اسْتُكَ الْحُفْرَةَ أَنَا أَبْرُزُ إِلَیْهِ مَعَ عِلْمِی أَنَّهُ مَا بَرَزَ إِلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَتَلَهُ لَا وَ اللَّهِ وَ لَكِنِّی سَأُبْرِزُكَ إِلَیْهِ.

«416»-(1)نُسْخَةُ كِتَابٍ آخَرَ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا لَوْ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ لَمْ یَجُنَّهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنْ كُنَّا قَدْ غُلِبْنَا عَلَی عُقُولِنَا فَقَدْ بَقِیَ لَنَا مِنْهَا مَا نَرُمُّ بِهِ مَا مَضَی وَ نُصْلِحُ مَا بَقِیَ وَ قَدْ كُنْتُ سَأَلْتُكَ الشَّامَ عَلَی أَنْ لَا تَلْزَمَنِی لَكَ طَاعَةٌ فَأَبَیْتَ ذَلِكَ عَلَیَّ وَ أَنَا أَدْعُوكَ الْیَوْمَ إِلَی مَا دَعَوْتُكَ إِلَیْهِ أَمْسِ فَإِنَّكَ لَا تَرْجُو مِنَ الْبَقَاءِ إِلَّا مَا أَرْجُو وَ لَا تَخَافُ مِنَ الْفَنَاءِ إِلَّا مَا أَخَافُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ رَقَّتِ الْأَجْنَادُ وَ ذَهَبَتِ الرِّجَالُ وَ نَحْنُ جَمِیعاً بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لَیْسَ لِبَعْضِنَا فَضْلٌ عَلَی بَعْضٍ یُسْتَذَلُّ بِهِ عَزِیزٌ وَ لَا یُسْتَرَقُّ بِهِ حُرٌّ جَوَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ

ص: 129


1- 416- الكتابان رواهما العلامة الكراجكیّ رفع اللّٰه مقامه فی الفصل الثالث من الرسالة الثالثة من كتاب كنز الفوائد: ج 2 ص 201 ط 1. و قد تقدم عن المصنّف نقل الكتابین عن مصدر آخر فی أواخر الباب: 12 من هذا الكتاب ص 520 ط 1. و أیضا تقدم عن المصنّف روایة الكتابین عن مصادر أخر فی أواسط هذا الباب ص 546 ط الكمبانیّ. و للكتابین مصادر أخر كثیرة یجد الباحث كثیرا منها فی ذیل المختار: 101 من باب كتب أمیر المؤمنین من نهج السعادة: ج 4 ص 272 ط 2.

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَ فِی كِتَابِكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ لَمْ یَجُنَّهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنَّا وَ إِیَّاكَ نَلْتَمِسُ غَایَةً مِنْهَا لَمْ نَبْلُغْهَا بَعْدُ وَ أَمَّا طَلَبُكَ إِلَیَّ الشَّامَ فَإِنِّی لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِیَكَ الْیَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِی الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَلَسْتَ بِأَمْضَی عَلَی الشَّكِّ مِنِّی عَلَی الْیَقِینِ وَ لَا أَهْلُ الشَّامِ عَلَی الدُّنْیَا بِأَحْرَصَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَ لَكِنْ لَیْسَ أُمَیَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَا حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفْیَانَ كَأَبِی طَالِبٍ وَ لَا الطَّلِیقُ كَالْمُهَاجِرِ وَ لَا الْمُبْطِلُ كَالْمُحِقِّ وَ فِی أَیْدِینَا فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِی قَتَلْنَا بِهَا الْعَزِیزَ وَ بِعْنَا بِهَا الْحُرَّ وَ السَّلَامُ.

توضیح:

الدكادك جمع الدكداك و هو من الرمل ما التبد منه بالأرض و لم یرتفع و الأبصار كأنه جمع البصر بالضم و هو الجانب و حرف كل شی ء.

قوله كسحیق الفهر أی كالشی ء الذی سحقه الفهر.

و فی القاموس الفهر بالكسر الحجر قد رما یدق به الجوز أو ما یملأ الكف و قال الصلایة مدق الطیب انتهی.

و لعل المراد بمسنها وسطها كمسان الطریق و المسن بالكسر حجر یحد علیه السكین.

و فی القاموس المنوق كمعظم المذلل من الجمال و من النخل الملقح و النواق رائض الأمور و مصلحها و النوقة الحذاقة فی كل شی ء و تنوق فی مطعمه و ملبسه تجود و بالغ و قال لحج السیف كفرح نشب فی الغمد و مكان لحج ككتف ضیق و الملحج الملجأ و لحجه كمنعه ضربه و إلیه لجأ.

فما ورثت الضلالة أی لم تأخذ هذه الضلالة من بعید فی النسب بل أخذت من أبیك.

قال الجوهری الكلالة الذی لا ولد له و والد و العرب تقول لم یرثه

ص: 130

كلالة أی لم یرثه عن عرض بل عن قرب و استحقاق قال الفرزدق:

ورثتم قناة الملك غیر كلالة***عن ابنی مناف عبد شمس و هاشم

و الوبیئة فعیلة من الوباء و هو الطاعون أو المرض العام یقال أرض وبیئة أی كثیرة الوباء و قد یخفف فیشدد ما أنت بأبی عذر أی لابتدائی بالقتال یقال فلان أبو عذرها إذا كان هو الذی افترعها و افتضها و قولهم ما أنت بذی عذر هذا الكلام أی لست بأول من افتضه.

و لا یبعد أن یكون بالغین المعجمة و الدال المهملة قال الجوهری رجل ثبت الغدر أی ثابت فی قتال و كلام و المنافحة المدافعة و المضاربة و قرب كل من القرنین إلی الآخر بحیث یصل إلیه نفحه أی ریحه و نفسه.

و قال الجوهری كشر البعیر عن نابه أی كشف عنه و الكشر التبسم و قال الزغب الشعیرات الصفر علی ریش الفرخ و الفراخ زغب و قال یقال شقق الكلام إذا أخرجه أحسن مخرج و الهصر بالكسر و الهصور الأسد و راغ الرجل و الثعلب روغا و روغانا مال و حاد عن الشی ء و قعیدة الرجل امرأته و الخدر ستر یمد للجاریة فی ناحیة البیت و بالفتح إلزام البنت الخدر كالإخدار و التخدیر و هی مخدورة و مخدرة و مخدرة.

«417»-(1)كَنْزُ الْفَوَائِدِ، كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام افْتِخَاراً فَقَالَ علیه السلام أَ عَلَیَّ یَفْتَخِرُ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ ثُمَّ قَالَ لِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ اكْتُبْ:

مُحَمَّدٌ النَّبِیُّ أَخِی وَ صِنْوِی***وَ حَمْزَةُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّی

وَ جَعْفَرٌ الَّذِی یُضْحِی وَ یُمْسِی***یَطِیرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ ابْنُ أُمِّی

وَ بِنْتُ مُحَمَّدٍ سَكَنِی وَ عِرْسِی***مُسَاطٌ لَحْمُهَا (2)بِدَمِی وَ لَحْمِی

ص: 131


1- 417- رواه العلامة الكراجكیّ رحمه اللّٰه فی الفصل: 3 من الرسالة 3 من كتاب كنز الفوائد: ج 1 ص 123، و فی ج 2 ص 233.
2- 2 و كتب فی هامش ط الكمبانیّ من البحار أن فی نسخة من كنز الفوائد: «مسوط لحمها بدمی و لحمی».

وَ سِبْطَا أَحْمَدَ ابْنَایَ مِنْهَا***فَأَیُّكُمْ لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِی

سَبَقْتُكُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ طُرّاً***غُلَاماً مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلْمِی

وَ أَوْجَبَ لِی الْوَلَاءَ مَعاً عَلَیْكُمْ***خَلِیلِی یَوْمَ دَوْحِ غَدِیرِ خُمِّی

أَقُولُ ذَكَرَهَا فِی الدِّیوَانِ مَعَ زِیَادَةٍ وَ تَغْیِیرٍ هَكَذَا:

وَ أَوْجَبَ لِی وَلَایَتَهُ عَلَیْكُمْ***رَسُولُ اللَّهِ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ

وَ أَوْصَانِی النَّبِیُّ عَلَی اخْتِیَارٍ*** لِأُمَّتِهِ رِضًی مِنْكُمْ بِحُكْمِی

أَلَا مَنْ شَاءَ فَلْیُؤْمِنْ بِهَذَا***وَ إِلَّا فَلْیَمُتْ كَمَداً بِغَمٍّ

أَنَا الْبَطَلُ الَّذِی لَمْ تُنْكِرُوهُ*** لِیَوْمِ كَرِیهَةٍ وَ لِیَوْمِ سِلْمِی

بیان:

السكن بالتحریك كل ما سكنت إلیه و العرس بالكسر امرأة الرجل و السوط خلط الشی ء بعضه ببعض و سوطه أی خلطه و الدوح جمع الدوحة و هی الشجرة العظیمة و الكمد بالتحریك الحزن المكتوم.

«418»-(1)ج، الإحتجاج رَوَی أَبُو عُبَیْدَةَ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّ لِی فَضَائِلَ كَثِیرَةً كَانَ أَبِی سَیِّداً فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ صِرْتُ مَلِكاً فِی الْإِسْلَامِ وَ أَنَا صِهْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَالُ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَاتِبُ الْوَحْیِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ بِالْفَضَائِلِ یَبْغِی عَلَیَّ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ اكْتُبْ إِلَیْهِ یَا غُلَامُ

مُحَمَّدٌ النَّبِیُّ أَخِی وَ صِهْرِی

وَ سَاقَ الْأَبْیَاتَ إِلَی قَوْلِهِ:

سَبَقْتُكُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ طُرّاً***مُقِرّاً بِالنَّبِیِّ فِی بَطْنِ أُمِّی

وَ صَلَّیْتُ الصَّلَاةَ وَ كُنْتُ طِفْلًا***صَغِیراً مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حُلْمِی

ص: 132


1- 418- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی أواخر عنوان: «احتجاجه علیه السلام علی معاویة فی جواب كتبه إلیه» من كتاب الاحتجاج: ج 1 ص 265. و للأبیات مصادر كثیرة یقف الباحث علی عدة منها فی كتاب الغدیر: ج 2 ص 25 ط 2. و قد رویناها أیضا عن مصادر كثیرة فی المختار: 66 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج السعادة: ج 4 ص 163، ط 1.

وَ سَاقَ الْأَبْیَاتَ إِلَی قَوْلِهِ:

فَوَیْلٌ ثُمَّ وَیْلٌ ثُمَّ وَیْلٌ*** لِمَنْ یَلْقَی الْإِلَهَ غَداً بِظُلْمِی

فَقَالَ مُعَاوِیَةُ اخْفُوا هَذَا الْكِتَابَ لَا یَقْرَؤُهُ أَهْلُ الشَّامِ فَیَمِیلُوا إِلَی ابْنِ أَبِی طَالِبٍ.

«419»-(1)كِتَابُ صِفِّینَ لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ:

أَصْبَحْتَ مِنِّی یَا ابْنَ حَرْبٍ جَاهِلًا***إِنْ لَمْ نُرَامِ مِنْكُمُ الْكَوَاهِلَا

بِالْحَقِّ وَ الْحَقُّ یُزِیلُ الْبَاطِلَا***هَذَا لَكَ الْعَامَ وَ عَاماً قَابِلًا

«420»-(2)كِتَابُ الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ، قَالَ رُوِیَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ خَلَقَ الْخَلْقَ وَ اخْتَارَ خِیَرَةً مِنْ خَلْقِهِ وَ اصْطَفَی صَفْوَةً مِنْ عِبَادِهِ یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ یَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالی عَمَّا یُشْرِكُونَ (3)فَأَمَرَ الْأَمْرَ وَ شَرَعَ الدِّینَ وَ قَسَمَ الْقَسْمَ عَلَی ذَلِكَ وَ هُوَ فَاعِلُهُ وَ جَاعِلُهُ وَ هُوَ الْخَالِقُ وَ هُوَ الْمُصْطَفِی وَ هُوَ الْمُشَرِّعُ وَ هُوَ الْقَاسِمُ وَ هُوَ الْفَاعِلُ لِمَا یَشَاءَ لَهُ الْخَلْقُ وَ لَهُ الْأَمْرُ وَ لَهُ الْخِیَرَةُ وَ الْمَشِیئَةُ وَ الْإِرَادَةُ وَ الْقُدْرَةُ وَ الْمُلْكُ وَ السُّلْطَانُ أَرْسَلَ رَسُولَهُ خِیَرَتَهُ وَ صَفْوَتَهُ بِالْهُدَی وَ دِینِ الْحَقِّ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ كِتَابَهُ فِیهِ تِبْیَانُ كُلِّ شَیْ ءٍ مِنْ شَرَائِعِ دِینِهِ فَبَیَّنَهُ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ وَ فِیهِ فَرَضَ الْفَرَائِضَ وَ قَسَّمَ فِیهِ سِهَاماً أَحَلَّ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ وَ حَرَّمَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ بَیِّنْهَا یَا مُعَاوِیَةُ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ الْحُجَّةَ وَ ضَرَبَ أَمْثَالًا لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ فَأَنَا سَائِلُكَ عَنْهَا أَوْ بَعْضِهَا إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ وَ اتَّخَذَ الْحُجَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَشْیَاءَ عَلَی الْعَالَمِینَ فَمَا هِیَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ لِمَنْ هِیَ وَ اعْلَمْ أَنَّهُنَّ حُجَّةٌ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ عَلَی مَنْ

ص: 133


1- 419- رواه نصر فی أوائل الجزء الثالث من كتاب صفّین ص 137، ط 2 بمصر.
2- 420- الحدیث و ما بعده موجود تحت الرقم: 100 من تلخیص كتاب الغارات ص 195- 203 ط 1.
3- 3 ما بین القوسین المزدوجین اقتباس من الآیة: 68 من سورة القصص: 28.

خَالَفَنَا وَ نَازَعَنَا وَ فَارَقَنَا وَ بَغَی عَلَیْنَا وَ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ عَلَیْهِ فَلْیَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَ كَانَ جُمْلَةُ تَبْلِیغِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ فِیمَا أَمَرَهُ وَ شَرَعَ وَ فَرَضَ وَ قَسَمَ جُمْلَةُ الدِّینِ یَقُولُ اللَّهُ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ هِیَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ لَیْسَتْ لَكُمْ ثُمَّ نَهَی عَنِ الْمُنَازَعَةِ وَ الْفُرْقَةِ وَ أَمَرَ بِالتَّسْلِیمِ وَ الْجَمَاعَةِ فَكُنْتُمْ أَنْتُمُ الْقَوْمَ الَّذِینَ أَقْرَرْتُمْ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَبَدَا لَكُمْ (1)فَأَخْبَرَكُمُ اللَّهُ أَنَّ مُحَمَّداً لَمْ یَكُ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ (2)وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ فَأَنْتَ وَ شُرَكَاؤُكَ یَا مُعَاوِیَةُ الْقَوْمُ الَّذِینَ انْقَلَبُوا عَلَی أَعْقَابِهِمْ وَ ارْتَدُّوا وَ نَقَضُوا الْأَمْرَ وَ الْعَهْدَ فِیمَا عَاهَدُوا اللَّهَ وَ نَكَثُوا الْبَیْعَةَ وَ لَمْ یَضُرُّوا اللَّهَ شَیْئاً أَ لَمْ تَعْلَمْ یَا مُعَاوِیَةُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنَّا لَیْسَتْ مِنْكُمْ وَ قَدْ أَخْبَرَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أُولِی الْأَمْرِ هُمُ الْمُسْتَنْبِطُو الْعِلْمِ (3)وَ أَخْبَرَكُمْ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِی تَخْتَلِفُونَ فِیهِ یُرَدُّ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلَی أُولِی الْأَمْرِ الْمُسْتَنْبِطِی الْعِلْمِ فَمَنْ أَوْفَی بِمَا عَاهَدَ اللَّهُ عَلَیْهِ یَجِدِ اللَّهَ مُوفِیاً بِعَهْدِهِ یَقُولُ اللَّهُ أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً وَ قَالَ لِلنَّاسِ بَعْدَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ فَتَبَوَّأْ مَقْعَدَكَ مِنْ جَهَنَّمَ وَ كَفی بِجَهَنَّمَ سَعِیراً وَ نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ الْمَحْسُودُونَ وَ أَنْتَ الْحَاسِدُ لَنَا

ص: 134


1- 1 هذا هو الظاهر، و فی ط الكمبانیّ من البحار: «و بذلك».
2- 2 مقتبس من الآیة: 40 من سورة الأحزاب: 33 «ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ ...».
3- 3 الظاهر أن هذا هو الصواب، و فی أصلی من ط الكمبانیّ: «أن أولی الامر المستنبطو العلم».

خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِیَدِهِ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ الْمَلَائِكَةَ وَ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَ اصْطَفَاهُ عَلَی الْعَالَمِینَ فَحَسَدَهُ الشَّیْطَانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ وَ نُوحاً حَسَدَهُ قَوْمُهُ إِذْ قَالُوا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یُرِیدُ أَنْ یَتَفَضَّلَ عَلَیْكُمْ ذَلِكَ حَسَدٌ مِنْهُمْ لِنُوحٍ أَنْ یُقِرُّوا لَهُ بِالْفَضْلِ وَ هُوَ بَشَرٌ وَ مِنْ بَعْدِهِ حَسَدُوا هُوداً إِذْ یَقُولُ قَوْمُهُ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ قَالُوا ذَلِكَ حَسَداً أَنْ یُفَضِّلَ اللَّهُ مَنْ یَشَاءُ وَ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ ابْنُ آدَمَ قَابِیلُ قَتَلَ هَابِیلَ حَسَداً فَكَانَ مِنَ الْخَاسِرِینَ وَ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ إِذْ قالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ طَالُوتَ مَلِكاً حَسَدُوهُ وَ قالُوا أَنَّی یَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنا (1)وَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ كُلَّ ذَلِكَ نَقُصُّ عَلَیْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَ عِنْدَنَا تَفْسِیرُهُ وَ عِنْدَنَا تَأْوِیلُهُ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری وَ نَعْرِفُ فِیكُمْ شِبْهَهُ وَ أَمْثَالَهُ وَ ما تُغْنِی الْآیاتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا یُؤْمِنُونَ فَكَانَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ (2)حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ أَنْ یُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (3)حَسَداً مِنَ الْقَوْمِ عَلَی تَفْضِیلِ بَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ أَلَا وَ نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ آلُ إِبْرَاهِیمَ الْمَحْسُودُونَ حُسِدْنَا كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلِنَا سُنَّةً وَ مَثَلًا وَ قَالَ اللَّهُ وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ لُوطٍ وَ آلَ عِمْرانَ وَ آلِ یَعْقُوبَ وَ

ص: 135


1- 1 اقتباس من الآیة: 246 من سورة البقرة.
2- 2 اقتباس من الآیة: 89 من سورة البقرة: 2.
3- 3 اقتباس من الآیة: 90 من سورة البقرة، و أولها: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ یَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْیاً أَنْ یُنَزِّلَ اللَّهُ ... و الآیة 109 من سورة البقرة.

آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ وَ آلَ داوُدَ (1)فَنَحْنُ آلُ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَمْ تَعْلَمْ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ نَحْنُ أُولُو الْأَرْحَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتٍ اخْتَارَنَا اللَّهُ وَ اصْطَفَانَا وَ جَعَلَ النُّبُوَّةَ فِینَا وَ الْكِتَابَ لَنَا وَ الْحِكْمَةَ وَ الْعِلْمَ وَ الْإِیمَانَ وَ بَیْتَ اللَّهِ وَ مَسْكَنَ إِسْمَاعِیلَ وَ مَقَامَ إِبْرَاهِیمَ فَالْمُلْكُ لَنَا وَیْلَكَ یَا مُعَاوِیَةُ

ص: 136


1- 1 كذا فی أصلی المطبوع، و الظاهر أن راوی الرسالة نقل لفظ الامام بالمعنی و لم یتحفظ علی ألفاظه علیه السلام، و الكلام إشارة إلی آیات من القرآن الكریم منها قوله تعالی فی الآیة: 33 من سورة آل عمران: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ و منها قوله عزّ و جلّ فی الآیة: 54 من سورة النساء: أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ؟ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً و منها قوله تعالی فی الآیة 248 من سورة البقرة: إِنَّ آیَةَ مُلْكِهِ أَنْ یَأْتِیَكُمُ التَّابُوتُ فِیهِ سَكِینَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ و منها قوله عزّ شأنه فی الآیة: 84 من سورة الأنعام: وَ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَیْمانَ وَ أَیُّوبَ وَ یُوسُفَ وَ مُوسی وَ هارُونَ و منها قوله جل و علا فی الآیة: 6 من سورة یوسف: وَ یُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَیْكَ وَ عَلی آلِ یَعْقُوبَ و منها قوله عزّ شأنه فی الآیة: 59 من سورة الحجر: إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِینَ و منها قوله تعالی فی الآیة: 13 من سورة «سبأ»: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ إلی غیر ذلك ممّا أشاد القرآن الكریم فی مدح المصطفین من آل الرسل و الأنبیاء. و عسی أن یمن اللّٰه علینا بالظفر علی كلام الامام فی مصدر وثیق ذكر فیه الكلام حرفیا مسندا فیغنینا عن كثیر ممّا تكلفنا فی كونه مشارا إلیه من كلام الامام.

وَ نَحْنُ أَوْلَی بِإِبْرَاهِیمَ وَ نَحْنُ آلُهُ وَ آلُ عِمْرَانَ وَ أَوْلَی بِعِمْرَانَ وَ آلُ لُوطٍ وَ نَحْنُ أَوْلَی بِلُوطٍ وَ آلُ یَعْقُوبَ وَ نَحْنُ أَوْلَی بِیَعْقُوبَ وَ آلُ مُوسَی وَ آلُ هَارُونَ وَ آلُ دَاوُدَ وَ أَوْلَی بِهِمْ وَ آلُ مُحَمَّدٍ أَوْلَی بِهِ وَ نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً (1)وَ لِكُلِّ نَبِیٍّ دَعْوَةٌ فِی خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ أَهْلِهِ وَ لِكُلِّ نَبِیٍّ وَصِیَّةٌ فِی آلِهِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ إِبْرَاهِیمَ أَوْصَی بابنه [ابْنَهُ] یَعْقُوبَ وَ یَعْقُوبَ أَوْصَی بَنِیهِ إِذْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً أَوْصَی إِلَی آلِهِ سُنَّةَ إِبْرَاهِیمَ وَ النَّبِیِّینَ اقْتِدَاءً بِهِمْ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ لَیْسَ لَكَ مِنْهُمْ وَ لَا مِنْهُ سُنَّةٌ فِی النَّبِیِّینَ وَ فِی هَذِهِ الذُّرِّیَّةِ الَّتِی بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ قَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ (2)وَ هُمَا یَرْفَعَانِ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَیْتِ رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَیْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ فَنَحْنُ الْأُمَّةُ الْمُسْلِمَةُ وَ قَالا رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِكَ فَنَحْنُ أَهْلُ هَذِهِ الدَّعْوَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُ بَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ وَ بَعْضُنَا أَوْلَی بِبَعْضٍ فِی الْوَلَایَةِ وَ الْمِیرَاثِ ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (3)وَ عَلَیْنَا نَزَلَ الْكِتَابُ وَ فِینَا بُعِثَ الرَّسُولُ وَ عَلَیْنَا تُلِیَتِ الْآیَاتُ وَ نَحْنُ الْمُنْتَحِلُونَ لِلْكِتَابِ وَ الشُّهَدَاءُ عَلَیْهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَیْهِ وَ الْقُوَّامُ بِهِ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَهُ یُؤْمِنُونَ (4)أَ فَغَیْرَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ تَبْغِی رَبّاً أَمْ غَیْرَ كِتَابِهِ كِتَاباً أَمْ غَیْرَ الْكَعْبَةِ بَیْتِ اللَّهِ وَ مَسْكَنِ إِسْمَاعِیلَ وَ مَقَامِ أَبِینَا إِبْرَاهِیمَ تَبْغِی قِبْلَةً أَمْ غَیْرَ مِلَّتِهِ تَبْغِی

ص: 137


1- 1 قطعة من الآیة: 33 من سورة الأحزاب، و الاخبار من طریق أهل السنة متواترة علی أن الآیة الكریمة نزلت فی علی و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام و لیلاحظ ما رواه الحافظ الحسكانی فی تفسیر الآیة الكریمة من كتاب شواهد التنزیل: ج 2 ص 10- 93 ط 1.
2- 2 كذا فی أصلی فإن صح فاللام فی قوله: «لإبراهیم» بمعنی «عن» أی قال اللّٰه تعالی حاكیا عن إبراهیم و إسماعیل ...
3- 3 اقتباس من الآیة: 31 من سورة آل عمران: 3.
4- 4 اقتباس من الآیة: 185 من سورة الأعراف: 7.

دِیناً أَمْ غَیْرَ اللَّهِ تَبْغِی مَلِكاً: فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِینَا فَقَدْ أَبْدَیْتَ عَدَاوَتَكَ لَنَا وَ حَسَدَكَ وَ بُغْضَكَ وَ نَقْضَكَ عَهْدَ اللَّهِ وَ تَحْرِیفَكَ آیَاتِ اللَّهِ وَ تَبْدِیلَكَ قَوْلَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِیمَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی لَكُمُ الدِّینَ أَ فَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّتِهِ وَ قَدِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا وَ هُوَ فِی الْآخِرَةِ مِنَ الصَّالِحِینَ أَمْ غَیْرَ الْحُكْمِ تَبْغِی حُكْماً أَمْ غَیْرَ الْمُسْتَحْفَظِ مِنَّا تَبْغِی إِمَاماً الْإِمَامَةُ لِإِبْرَاهِیمَ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ الْمُؤْمِنُونَ تَبَعٌ لَهُمْ لَا یَرْغَبُونَ عَنْ مِلَّتِهِ قَالَ فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی أَدْعُوكَ یَا مُعَاوِیَةُ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ كِتَابِهِ وَ وَلِیِّ أَمْرِهِ الْحَكِیمِ مِنْ آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ إِلَی الَّذِی أَقْرَرْتَ بِهِ زَعَمْتَ إِلَی اللَّهِ وَ الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَ مِیثاقَهُ الَّذِی واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا (1)وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ (2)وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَیْمانَكُمْ دَخَلًا بَیْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِیَ أَرْبی مِنْ أُمَّةٍ فَنَحْنُ الْأُمَّةُ الْأَرْبَی فَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ قالُوا سَمِعْنا وَ هُمْ لا یَسْمَعُونَ (3)اتَّبِعْنَا وَ اقْتَدِ بِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَنَا آلَ إِبْرَاهِیمَ عَلَی الْعَالَمِینَ مُفْتَرَضٌ فَإِنَّ الْأَفْئِدَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ تَهْوِی إِلَیْنَا وَ ذَلِكَ دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ (4)فَهَلْ

ص: 138


1- 1 اقتباس من الآیة 7 من سورة المائدة: 5.
2- 2 كذا فی أصلی المطبوع، و الظاهر أن راوی كلام الامام قد اختلط علیه الامر و لم یضبط الكلام حرفیا، لعل الامام هاهنا اقتبس من آیتین من القرآن الكریم: أولاهما الآیة: 105 من سورة آل عمران و هذا نصها: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَیِّناتُ ... و ثانیهما الآیة: 14 من سورة الشوری: 42: وَ ما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ ...
3- 3 اقتباس من الآیة: 21 من سورة الأنفال: 8، و فیها: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ قالُوا: سَمِعْنا وَ هُمْ لا یَسْمَعُونَ
4- 4 و هو إبراهیم الخلیل علی نبیّنا و آله علیه السلام و الكلام إشارة إلی قوله تعالی فی الآیة: 35 و ما بعده من سورة إبراهیم حكایة عنه. وَ إِذْ قالَ إِبْراهِیمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِی وَ بَنِیَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ ... رَبَّنا إِنِّی أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِ؛ رَبَّنا لِیُقِیمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَشْكُرُونَ

تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنْزِلَ إِلَیْنَا (1)وَ اقْتَدَیْنَا وَ اتَّبَعْنَا مِلَّةَ إِبْرَاهِیمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَدِ انْتَهَی إِلَیَّ كِتَابُكَ فَأَكْثَرْتَ فِیهِ ذِكْرَ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ آدَمَ وَ نُوحٍ وَ النَّبِیِّینَ وَ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ وَ قَرَابَتَكُمْ مِنْهُ وَ مَنْزِلَتَكُمْ وَ حَقَّكَ وَ لَمْ تَرْضَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ مُحَمَّدٍ حَتَّی انْتَسَبْتَ إِلَی جَمِیعِ النَّبِیِّینَ أَلَا وَ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ رَسُولًا مِنَ الرُّسُلِ إِلَی النَّاسِ كَافَّةً فَبَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ لَا یَمْلِكُ شَیْئاً غَیْرَهُ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ قَوْماً جَعَلُوا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ قَدْ خِفْتُ عَلَیْكَ أَنْ تُضَارِعَهُمْ أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِی كِتَابِهِ أَنَّهُ لَمْ یَكُ یَتَّخِذُ وَلَداً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ شَرِیكٌ فِی الْمُلْكِ وَ لَا وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ فَأَخْبِرْنَا مَا فَضْلُ قَرَابَتِكَ وَ مَا فَضْلُ حَقِّكَ وَ أَیْنَ وَجَدْتَ اسْمَكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ مُلْكَكَ وَ إِمَامَتَكَ وَ فَضْلَكَ أَلَا وَ إِنَّمَا نَقْتَدِی بِمَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَ الْخُلَفَاءِ الَّذِینَ اقْتَدَیْتَ بِهِمْ فَكُنْتَ كَمَنِ اخْتَارَ وَ رَضِیَ وَ لَسْنَا مِنْكُمْ قُتِلَ خَلِیفَتُنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَ قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَنَحْنُ أَوْلَی بِعُثْمَانَ وَ ذُرِّیَّتِهِ وَ أَنْتُمْ أَخَذْتُمُوهُ عَلَی رِضًی مِنْ أَنْفُسِكُمْ جَعَلْتُمُوهُ خَلِیفَةً وَ سَمِعْتُمْ لَهُ وَ أَطَعْتُمْ فَأَجَابَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا الَّذِی عَیَّرْتَنِی بِهِ یَا مُعَاوِیَةُ مِنْ كِتَابِی وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ آبَائِی إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ النَّبِیِّینَ فَإِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ آبَاءَهُ أَكْثَرَ ذِكْرَهُمْ فَذِكْرُهُمْ حُبُّ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنَا أُعَیِّرُكَ بِبُغْضِهِمْ فَإِنَّ بُغْضَهُمْ بُغْضُ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أُعَیِّرُكَ بِحُبِّكَ آبَاءَكَ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِهِمْ فَإِنَّ حُبَّهُمْ كُفْرٌ

ص: 139


1- 1 اقتباس من الآیة: 59 من سورة المائدة: 5 و هذا نصها: قُلْ یا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَ أَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ

وَ أَمَّا الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ نَسَبِی مِنْ إِبْرَاهِیمَ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ قَرَابَتِی مِنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَضْلِی وَ حَقِّی وَ مُلْكِی وَ إِمَامَتِی فَإِنَّكَ لَمْ تَزَلْ مُنْكِراً لِذَلِكَ لَمْ یُؤْمِنْ بِهِ قَلْبُكَ أَلَا وَ إِنَّا أَهْلَ الْبَیْتَ كَذَلِكَ لَا یُحِبُّنَا كَافِرٌ وَ لَا یُبْغِضُنَا مُؤْمِنٌ وَ الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً فَأَنْكَرْتَ أَنْ تَكُونَ فِینَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ وَ نَحْنُ أَوْلَی بِهِ وَ الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ إِمَامَةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا وَ لَمْ یَكُنْ إِمَاماً فَإِنَّ إِنْكَارَكَ عَلَی جَمِیعِ النَّبِیِّینَ الْأَئِمَّةِ وَ لَكِنَّا نَشْهَدُ أَنَّهُ كَانَ رَسُولًا نَبِیّاً إِمَاماً صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِسَانُكَ دَلِیلٌ عَلَی مَا فِی قَلْبِكَ وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ یُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ وَ لَوْ نَشاءُ لَأَرَیْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِیماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِی لَحْنِ الْقَوْلِ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ أَلَا وَ قَدْ عَرَفْنَاكَ قَبْلَ الْیَوْمِ وَ عَدَاوَتَكَ وَ حَسَدَكَ وَ مَا فِی قَلْبِكَ مِنَ الْمَرَضِ الَّذِی أَخْرَجَهُ اللَّهُ وَ الَّذِی أَنْكَرْتَ مِنْ قَرَابَتِی وَ حَقِّی فَإِنَّ سَهْمَنَا وَ حَقَّنَا فِی كِتَابِ اللَّهِ قِسْمَةٌ لَنَا مَعَ نَبِیِّنَا فَقَالَ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی وَ قَالَ فَآتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَ لَیْسَ وَجَدْتَ سَهْمَنَا مَعَ سَهْمِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ سَهْمَكَ مَعَ الْأَبْعَدِینَ لَا سَهْمَ لَكَ إِنْ فَارَقْتَهُ فَقَدْ أَثْبَتَ اللَّهُ سَهْمَنَا وَ أَسْقَطَ سَهْمَكَ بِفِرَاقِكَ وَ أَنْكَرْتَ إِمَامَتِی وَ مُلْكِی فَهَلْ تَجِدُ فِی كِتَابِ اللَّهِ قَوْلَهُ لِآلِ إِبْرَاهِیمَ وَ اصْطَفَاهُمْ عَلَی الْعَالَمِینَ فَهُوَ فَضَّلَنَا عَلَی الْعَالَمِینَ وَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَسْتَ مِنَ الْعَالَمِینَ أَوْ تَزْعُمُ أَنَّا لَسْنَا مِنْ آلِ إِبْرَاهِیمَ فَإِنْ أَنْكَرْتَ ذَلِكَ لَنَا فَقَدْ أَنْكَرْتَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَهُوَ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُفَرِّقَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ إِبْرَاهِیمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ إِسْمَاعِیلَ وَ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَافْعَلْ.

ص: 140

بیان:

قوله علیه السلام جملة الدین كان یحتمل الجیم و الحاء المهملة فعلی الأول لعله بدل أو عطف بیان أو تأكید لقوله جملة تبلیغه و قوله یقول اللّٰه بتأویل المصدر خبر و یمكن أن یقرأ بقول اللّٰه بالباء الموحدة و علی الثانی جملة الدین خبر.

قوله علیه السلام إن أولی الأمر إشارة إلی قوله سبحانه وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ قوله علیه السلام دعوة المرء المسلم لعل المراد به إبراهیم علیه السلام حیث قال رَبَّنا إِنِّی أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوادٍ غَیْرِ ذِی زَرْعٍ عِنْدَ بَیْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِیُقِیمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ و إنما عبر هكذا للإشارة إلی أن قائله أحد الذین مر ذكرهما حیث قالا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَیْنِ لَكَ الآیة.

قوله علیه السلام و اصطفاهم إشارة إلی قوله سبحانه إِنَّ اللَّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ

«421»-(1)كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، مِنْ عَیْنِهِ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْهُ قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَیْضاً عُمَرُ بْنُ أَبِی سَلَمَةَ وَ زَعَمَ أَبُو هُرَیْرَةَ الْعَبْدِیُّ أَنَّهُ سَمِعَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ قَالَ: إِنَّ مُعَاوِیَةَ دَعَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَ نَحْنُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِصِفِّینَ وَ دَعَا أَبَا هُرَیْرَةَ فَقَالَ لَهُمَا انْطَلِقَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَقْرِئَاهُ مِنِّی السَّلَامَ وَ قُولَا لَهُ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّكَ أَوْلَی النَّاسِ بِالْخِلَافَةِ وَ أَحَقُّ بِهَا مِنِّی لِأَنَّكَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ وَ أَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ وَ لَیْسَ لِی مِثْلُ سَابِقَتِكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عِلْمِكَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ وَ لَقَدْ بَایَعَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ بَعْدَ مَا تَشَاوَرُوا قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ ثُمَ

ص: 141


1- 421- الحدیث مذكور فی كتاب سلیم بن قیس الهلالی المطبوع بالنجف الأشرف ص 160.

أَتَوْكَ فَبَایَعُوكَ طَائِعِینَ غَیْرَ مُكْرَهِینَ وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَكَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ ثُمَّ نَكَثَا بَیْعَتَكَ ظُلْماً وَ طَلَبَا مَا لَیْسَ لَهُمَا وَ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَعْتَذِرُ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ وَ تَتَبَرَّأُ مِنْ دَمِهِ وَ تَزْعُمُ أَنَّهُ قُتِلَ وَ أَنْتَ قَاعِدٌ فِی بَیْتِكَ وَ أَنَّكَ قَدْ قُلْتَ حِینَ قُتِلَ اللَّهُمَّ لَمْ أَرْضَ وَ لَمْ أُمَالِئْ وَ قُلْتَ لَهُ یَوْمَ الْجَمَلِ حِینَ نَادَوْا یَا لَثَارَاتِ عُثْمَانَ قُلْتَ كُبَّتْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ الْیَوْمَ لِوَجْهِهِمْ إِلَی النَّارِ أَ نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ هُمَا وَ صَاحِبَتُهُمَا وَ أَمَرُوا بِقَتْلِهِ وَ أَنَا قَاعِدٌ فِی بَیْتِی وَ أَنَا ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ وَ الْمُطَالِبُ بِدَمِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتَ فَأَمْكِنَّا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَ ادْفَعْهُمْ إِلَیْنَا نَقْتُلْهُمْ بِابْنِ عَمِّنَا وَ نُبَایِعْكَ وَ نُسَلِّمْ إِلَیْكَ الْأَمْرَ هَذِهِ وَاحِدَةٌ وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَقَدْ أَنْبَأَتْنِی عُیُونِی وَ أَتَتْنِی الْكُتُبُ عَنْ أَوْلِیَاءِ عُثْمَانَ مِمَّنْ هُوَ مَعَكَ یُقَاتِلُ وَ تَحْسَبُ أَنَّهُ عَلَی رَأْیِكَ وَ رَاضٍ بِأَمْرِكَ وَ هَوَاهُ مَعَنَا وَ قَلْبُهُ عِنْدَنَا وَ جَسَدُهُ مَعَكَ و أَنَّكَ تُظْهِرُ وَلَایَةَ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ تَتَرَحَّمُ عَلَیْهِمَا وَ تَكُفُّ عَنْ عُثْمَانَ وَ لَا تَذْكُرُهُ وَ لَا تَتَرَحَّمُ عَلَیْهِ وَ لَا تَلْعَنُهُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ لَا تَسُبُّهُ وَ لَا تَتَبَرَّأُ مِنْهُ وَ بَلَغَنِی أَنَّكَ إِذَا خَلَوْتَ بِبِطَانَتِكَ الْخَبِیثَةِ وَ شِیعَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ الضَّالَّةِ الْمُغِیرَةِ الْكَاذِبَةِ تَبَرَّأْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ لَعَنْتَهُمْ وَ ادَّعَیْتَ أَنَّكَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ فِی أُمَّتِهِ وَ خَلِیفَتُهُ فِیهِمْ وَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَلَّ اسْمُهُ فَرَضَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ طَاعَتَكَ وَ أَمَرَ بِوَلَایَتِكَ فِی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّهُ أَمَرَ مُحَمَّداً أَنْ یَقُومَ بِذَلِكَ فِی أُمَّتِهِ وَ أَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَیْهِ یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ یَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فَجَمَعَ قُرَیْشاً وَ الْأَنْصَارَ وَ بَنِی أُمَیَّةَ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَجَمَعَ أُمَّتَهُ بِغَدِیرِ خُمٍّ فَبَلَّغَ مَا أُمِرَ بِهِ فِیكَ عَنِ اللَّهِ وَ أَمَرَ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّكَ أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَنَّكَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ بَلَغَنِی أَنَّكَ لَا تَخْطُبُ خُطْبَةً إِلَّا قُلْتَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَنْ مِنْبَرِكَ وَ اللَّهِ إِنِّی

ص: 142

لَأَوْلَی بِالنَّاسِ وَ مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِی عَنْكَ حَقّاً فَلَظُلْمُ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ إِیَّاكَ أَعْظَمُ مِنْ ظُلْمِ عُثْمَانَ لِأَنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَقُولُ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ وَ نَحْنُ شُهُودٌ فَانْطَلَقَ عُمَرُ وَ بَایَعَ أَبَا بَكْرٍ وَ مَا اسْتَأْمَرَكَ وَ لَا شَاوَرَكَ وَ لَقَدْ خَاصَمَ الرَّجُلَانِ الْأَنْصَارَ بِحَقِّكَ وَ حُجَّتِكَ وَ قَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَوْ سَلَّمَا لَكَ الْأَمْرَ وَ بَایَعَاكَ كَانَ عُثْمَانُ أَسْرَعَ النَّاسِ إِلَی ذَلِكَ لِقَرَابَتِكَ مِنْهُ وَ حَقِّكَ عَلَیْهِ لِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّكَ وَ ابْنُ عَمَّتِكَ ثُمَّ عَمَدَ أَبُو بَكْرٍ فَرَدَّهَا إِلَی عُمَرَ عِنْدَ مَوْتِهِ مَا شَاوَرَكَ وَ لَا اسْتَأْمَرَكَ حِینَ اسْتَخْلَفَهُ وَ بَایَعَ لَهُ ثُمَّ جَعَلَكَ عُمَرُ فِی الشُّورَی بَیْنَ سِتَّةٍ مِنْكُمْ وَ أَخْرَجَ مِنْهَا جَمِیعَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ غَیْرَهُمْ فَوَلَّیْتُمُ ابْنَ عَوْفٍ أَمْرَكُمْ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ حِینَ رَأَیْتُمُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا وَ اخْتَرَطُوا سُیُوفَهُمْ وَ حَلَفُوا بِاللَّهِ لَئِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ وَ لَمْ تَخْتَارُوا أَحَدَكُمْ لَنَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَكُمْ وَ لَنُنْفِذُ فِیكُمْ أَمْرَ عُمَرَ وَ وَصِیَّتَهُ فَوَلَّیْتُمْ أَمْرَكُمْ ابْنَ عَوْفٍ فَبَایَعَ عُثْمَانَ وَ بَایَعْتُمُوهُ ثُمَّ حُصِرَ عُثْمَانُ فَاسْتَنْصَرَكُمْ فَلَمْ تَنْصُرُوهُ وَ دَعَاكُمْ فَلَمْ تُجِیبُوهُ وَ بَیْعَتُهُ فِی أَعْنَاقِكُمْ وَ أَنْتُمْ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ حُضُورٌ شُهُودٌ فَخَلَّیْتُمْ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَهْلِ مِصْرَ فَخَلَّیْتُمْ حَتَّی قَتَلُوهُ وَ أَعَانَهُمْ طَوَائِفُ مِنْكُمْ عَلَی قَتْلِهِ وَ خَذَلَهُ عَامَّتُكُمْ فَصِرْتُمْ فِی أَمْرِهِ بَیْنَ قَاتِلٍ وَ آمِرٍ وَ خَاذِلٍ ثُمَّ بَایَعَكَ النَّاسُ وَ أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا مِنِّی فَأَمْكِنِّی مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ حَتَّی أَقْتُلَهُمْ وَ أُسَلِّمَ الْأَمْرَ لَكَ وَ أُبَایِعَكَ أَنَا وَ جَمِیعُ مَنْ قِبَلِی مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَلَمَّا قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَ مُعَاوِیَةَ وَ بَلَّغَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ رِسَالَتَهُ وَ مَقَالَتَهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَبِی الدَّرْدَاءِ قَدْ أَبْلَغْتُمَانِی مَا أَرْسَلَكُمَا بِهِ مُعَاوِیَةُ فَاسْمَعَا مِنِّی ثُمَّ أَبْلِغَاهُ عَنِّی وَ قُولَا لَهُ إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ لَا یَعْدُو أَنْ یَكُونَ أَحَدَ رَجُلَیْنِ إِمَّا إِمَامَ هُدًی حَرَامَ

ص: 143

الدَّمِ وَاجِبَ النُّصْرَةِ لَا تَحِلُّ مَعْصِیَتُهُ وَ لَا یَسَعُ الْأُمَّةَ خِذْلَانُهُ أَوْ إِمَامَ ضَلَالَةٍ حَلَالَ الدَّمِ لَا تَحِلُّ وَلَایَتُهُ وَ لَا نُصْرَتُهُ فَلَا یَخْلُو مِنْ إِحْدَی الْخَصْلَتَیْنِ وَ الْوَاجِبُ فِی حُكْمِ اللَّهِ وَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَی الْمُسْلِمِینَ بَعْدَ مَا یَمُوتُ إِمَامُهُمْ أَوْ یُقْتَلُ ضَالًّا كَانَ أَوْ مُهْتَدِیاً مَظْلُوماً كَانَ أَوْ ظَالِماً حَلَالَ الدَّمِ أَوْ حَرَامَ الدَّمِ أَنْ لَا یَعْمَلُوا عَمَلًا وَ لَا یُحْدِثُوا حَدَثاً وَ لَا یُقَدِّمُوا یَداً وَ لَا رِجْلًا وَ لَا یَبْدَءُوا بِشَیْ ءٍ قَبْلَ أَنْ یَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ إِمَاماً یَجْمَعُ أَمْرَهُمْ عَفِیفاً عَالِماً وَرِعاً عَارِفاً بِالْقَضَاءِ وَ السُّنَّةِ یَجْمَعُ أَمْرَهُمْ وَ یَحْكُمُ بَیْنَهُمْ وَ یَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ وَ یَحْفَظُ أَطْرَافَهُمْ وَ یَجْبِی فَیْئَهُمْ وَ یُقِیمُ حِجَّتَهُمْ وَ جُمْعَتَهُمْ وَ یَجْبِی صَدَقَاتِهِمْ ثُمَّ یَحْتَكِمُونَ إِلَیْهِ فِی إِمَامِهِمُ الْمَقْتُولِ ظُلْماً لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَإِنْ كَانَ إِمَامُهُمْ قُتِلَ مَظْلُوماً حَكَمَ لِأَوْلِیَائِهِ بِدَمِهِ وَ إِنْ كَانَ قُتِلَ ظَالِماً أُنْظِرَ كَیْفَ كَانَ الْحُكْمُ فِی هَذَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَا یَنْبَغِی لِلْمُسْلِمِینَ أَنْ یَفْعَلُوهُ أَنْ یَخْتَارُوا إِمَاماً یَجْمَعُ أَمْرَهُمْ إِنْ كَانَتِ الْخِیَرَةُ لَهُمْ وَ یُتَابِعُوهُ وَ یُطِیعُوهُ وَ إِنْ كَانَتِ الْخِیَرَةُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِلَی رَسُولِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَاهُمُ النَّظَرَ فِی ذَلِكَ وَ الِاخْتِیَارَ وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ رَضِیَ لَهُمْ إِمَاماً وَ أَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِهِ وَ قَدْ بَایَعَنِی النَّاسُ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ وَ بَایَعَنِی الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ بَعْدَ مَا تَشَاوَرُوا بِی ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ هُمُ الَّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ عَقَدُوا إِمَامَتَهُمْ وَلِیَ بِذَلِكَ أَهْلُ بَدْرٍ وَ السَّابِقَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ غَیْرَ أَنَّهُمْ بَایَعُوهُمْ قَبْلُ عَلَی غَیْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْعَامَّةِ وَ إِنَّ بَیْعَتِی كَانَتْ بِمَشُورَةٍ مِنَ الْعَامَّةِ فَإِنْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ جَعَلَ الِاخْتِیَارَ إِلَی الْأُمَّةِ وَ هُمُ الَّذِینَ یَخْتَارُونَ وَ یَنْظُرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَ اخْتِیَارُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَ نَظَرُهُمْ لَهَا خَیْرٌ لَهُمْ مِنِ اخْتِیَارِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لَهُمْ وَ كَانَ مَنِ اخْتَارُوهُ وَ بَایَعُوهُ بَیْعَتُهُ بَیْعَةُ هُدًی وَ كَانَ إِمَاماً وَاجِباً عَلَی النَّاسِ طَاعَتُهُ وَ نُصْرَتُهُ فَقَدْ تَشَاوَرُوا فِیَّ وَ اخْتَارُونِی بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمْ وَ إِنْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ هُوَ الَّذِی یَخْتَارُ وَ لَهُ الْخِیَرَةُ فَقَدِ اخْتَارَنِی لِلْأُمَّةِ وَ اسْتَخْلَفَنِی عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَهُمْ بِطَاعَتِی وَ نُصْرَتِی فِی كِتَابِهِ الْمُنْزَلِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَذَلِكَ أَقْوَی بِحُجَّتِی وَ أَوْجَبُ بِحَقِّی

ص: 144

وَ لَوْ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ عَلَی عَهْدِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ أَ كَانَ لِمُعَاوِیَةَ قِتَالُهُمَا وَ الْخُرُوجُ عَلَیْهِمَا لِلطَّلَبِ قَالَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَكَذَلِكَ أَنَا فَإِنْ قَالَ مُعَاوِیَةُ نَعَمْ فَقُولَا لَهُ إِذاً یَجُوزَ لِكُلِّ مَنْ ظُلِمَ بِمَظْلِمَةٍ أَوْ قُتِلَ لَهُ قتیلا [قَتِیلٌ] أَنْ یَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِینَ وَ یُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ وَ یَدْعُوَ إِلَی نَفْسِهِ مَعَ أَنَّ وُلْدَ عُثْمَانَ أَوْلَی بِطَلَبِ دَمِ أَبِیهِمْ مِنْ مُعَاوِیَةَ قَالَ فَسَكَتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ قَالا قَدْ أَنْصَفْتَ مِنْ نَفْسِكَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ لَعَمْرِی لَقَدْ أَنْصَفَنِی مُعَاوِیَةُ إِنْ تَمَّ عَلَیَّ قَوْلُهُ وَ صَدَقَ مَا أَعْطَانِی فَهَؤُلَاءِ بَنُو عُثْمَانَ رِجَالٌ قَدْ أَدْرَكُوا لَیْسُوا بِأَطْفَالٍ وَ لَا مُوَلَّی عَلَیْهِمْ فَلْیَأْتُوا أَجْمَعْ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ قَتَلَةِ أَبِیهِمْ فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ حُجَّتِهِمْ فَلْیَشْهَدُوا لِمُعَاوِیَةَ بِأَنَّهُ وَلِیُّهُمْ وَ وَكِیلُهُمْ فِی خُصُومَتِهِمْ وَ لْیَقْعُدُوا هُمْ وَ خُصَمَاؤُهُمْ بَیْنَ یَدَیَّ مَقْعَدَ الْخُصُومِ إِلَی الْإِمَامِ وَ الْوَالِی الَّذِینَ یُقِرُّونَ بِحُكْمِهِ وَ یُنْفِذُونَ قَضَاءَهُ فَأَنْظُرُ فِی حُجَّتِهِمْ وَ حُجَّةِ خُصَمَائِهِمْ فَإِنْ كَانَ أَبُوهُمْ قُتِلَ ظَالِماً وَ كَانَ حَلَالَ الدَّمِ أَبْطَلْتُ دَمَهُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی أَهْدَرْتُ دَمَهُ وَ إِنْ كَانَ أَبُوهُمْ قُتِلَ مَظْلُوماً حَرَامَ الدَّمِ أَقَدْتُهُمْ مِنْ قَاتِلِ أَبِیهِمْ فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَ إِنْ شَاءُوا عَفَوْا وَ إِنْ شَاءُوا قَبِلُوا الدِّیَةَ وَ هَؤُلَاءِ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فِی عَسْكَرِی یُقِرُّونَ بِقَتْلِهِ وَ یَرْضَوْنَ بِحُكْمِی عَلَیْهِمْ فَلْیَأْتِنِی وُلْدُ عُثْمَانَ وَ مُعَاوِیَةُ إِنْ كَانَ وَلِیَّهُمْ وَ وَكِیلَهُمْ فَلْیُخَاصِمُوا قَتَلَتَهُ وَ لْیُحَاكِمُوهُمْ حَتَّی أَحْكُمَ بَیْنَهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ كَانَ مُعَاوِیَةُ إِنَّمَا یَتَجَنَّی وَ یَطْلُبُ الْأَعَالِیلَ وَ الْأَبَاطِیلَ فَلْیَتَجَنَّ مَا بَدَا لَهُ فَسَوْفَ یُعِینُ اللَّهُ عَلَیْهِ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ قَدْ وَ اللَّهِ أَنْصَفْتَ مِنْ نَفْسِكَ وَ زِدْتَ عَلَی النَّصَفَةِ وَ أَزَحْتَ عِلَّتَهُ وَ قَطَعْتَ حُجَّتَهُ وَ جِئْتَ بِحُجَّةٍ قَوِیَّةٍ صَادِقَةٍ مَا عَلَیْهَا لَوْنٌ ثُمَّ خَرَجَ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَإِذَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِینَ أَلْفَ رَجُلٍ مُقَنَّعِینَ فِی الْحَدِیدِ فَقَالُوا نَحْنُ قَتَلَةُ عُثْمَانَ مُقِرُّونَ رَاضُونَ بِحُكْمِ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَیْنَا وَ لَنَا فَلْیَأْتِنَا أَوْلِیَاءُ عُثْمَانَ فَلْیُحَاكِمُونَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی دَمِ أَبِیهِمْ وَ إِنْ وَجَبَ عَلَیْنَا الْقَوَدُ أَوِ الدِّیَةُ اصْطَبَرْنَا لِحُكْمِهِ وَ سَلَّمْنَا فَقَالا قَدْ

ص: 145

أَنْصَفْتُمْ وَ لَا یَحِلُّ لِعَلِیٍّ علیه السلام دَفْعُكُمْ وَ لَا قَتْلُكُمْ حَتَّی یُحَاكِمُوكُمْ إِلَیْهِ فَیَحْكُمَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ أَصْحَابِكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ انْطَلَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ حَتَّی قَدِمَا عَلَی مُعَاوِیَةَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَا قَالَ قَتَلَةُ عُثْمَانَ وَ مَا قَالَ أَبُو النُّعْمَانِ بْنُ صمان (1)فَقَالَ مُعَاوِیَةُ فَمَا رَدَّ عَلَیْكُمَا فِی تَرَحُّمِهِ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ كَفِّهِ عَنِ التَّرَحُّمِ عَلَی عُثْمَانَ وَ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ فِی السِّرِّ وَ مَا یَدَّعِی مِنِ اسْتِخْلَافِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّاهُ وَ أَنَّهُ لَمْ یَزَلْ مَظْلُوماً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالا بَلَی قَدْ تَرَحَّمَ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عِنْدَنَا وَ نَحْنُ نَسْمَعُ ثُمَّ قَالَ لَنَا فَمَا یَقُولُ إِنْ كَانَ اللَّهُ جَعَلَ الْخِیَارَ إِلَی الْأُمَّةِ فَكَانُوا هُمُ الَّذِینَ یَخْتَارُونَ وَ یَنْظُرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَ كَانَ اخْتِیَارُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَ نَظَرُهُمْ لَهَا خَیْراً لَهُمْ وَ أَرْشَدَ مِنِ اخْتِیَارِ اللَّهِ وَ اخْتِیَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدِ اخْتَارُونِی وَ بَایَعُونِی فَبَیْعَتِی بَیْعَةُ هُدًی وَ أَنَا إِمَامٌ وَاجِبٌ عَلَی النَّاسِ نُصْرَتِی لِأَنَّهُمْ قَدْ تَشَاوَرُوا فِیَّ وَ اخْتَارُونِی وَ إِنْ كَانَ اخْتِیَارُ اللَّهِ وَ اخْتِیَارُ رَسُولِهِ خَیْراً لَهُمْ وَ أَرْشَدَ مِنِ اخْتِیَارِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَ نَظَرِهِمْ لَهَا فَقَدِ اخْتَارَنِی اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لِلْأُمَّةِ وَ اسْتَخْلَفَانِی عَلَیْهِمْ وَ أَمَرَاهُمْ بِنُصْرَتِی وَ طَاعَتِی فِی كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ الْمُرْسَلِ وَ ذَلِكَ أَقْوَی بِحُجَّتِی وَ أَوْجَبُ لِحَقِّی ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِی عَسْكَرِهِ وَ جَمَعَ النَّاسَ وَ مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِنَ النَّوَاحِی وَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارَ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ مَنَاقِبِی أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَی وَ بَعْدَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنِّی سَأُنَبِّئُكُمْ عَنْ خِصَالٍ سَبْعَةٍ قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ أَكْتَفِی بِهَا مِنْ جَمِیعِ مَنَاقِبِی وَ فَضْلِی أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ فَضَّلَ فِی كِتَابِهِ النَّاطِقِ السَّابِقَ إِلَی الْإِسْلَامِ فِی غَیْرِ آیَةٍ مِنْ كِتَابِهِ عَلَی الْمَسْبُوقِ وَ أَنَّهُ لَمْ یَسْبِقْنِی إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ

ص: 146


1- 1 كذا.

قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْزَلَهَا اللَّهُ فِی الْأَنْبِیَاءِ وَ أَوْصِیَائِهِمْ وَ أَنَا أَفْضَلُ أَنْبِیَاءِ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ وَصِیِّی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَفْضَلُ الْأَوْصِیَاءِ فَقَامَ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِینَ بَدْرِیّاً جُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ بَقِیَّتُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ مِنْهُمْ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ خَالِدُ بْنُ زَیْدٍ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ فِی الْمُهَاجِرِینَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ ذَلِكَ قَالَ فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ فِی قَوْلِ اللَّهِ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ وَ قَوْلِهِ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ الْآیَةَ (1)ثُمَّ قَالَ وَ لَمْ یَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِینَ وَلِیجَةً (2)فَقَالَ النَّاسُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ خَاصٌّ لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِینَ أَمْ عَامٌّ لِجَمِیعِهِمْ فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رَسُولَهُ أَنْ یُعَلِّمَهُمْ وَ أَنْ یُفَسِّرَ لَهُمْ مِنَ الْوَلَایَةِ مَا فَسَّرَ لَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَ صِیَامِهِمْ وَ زَكَاتِهِمْ وَ حَجِّهِمْ فَنَصَبَنِی لِلنَّاسِ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِی بِرِسَالَةٍ ضَاقَ بِهَا صَدْرِی وَ ظَنَنْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِی بِهَا فَأَوْعَدَنِی لَأُبَلِّغَنَّهَا أَوْ یُعَذِّبَنِی قُمْ یَا عَلِیُّ ثُمَّ نَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ بِلَالًا أَنْ یُنَادِیَ بِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَصَلَّی بِهِمُ الظُّهْرَ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ مَوْلَایَ وَ أَنَا مَوْلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ أَنَا أَوْلَی بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ

ص: 147


1- 1 و هی الآیة: 55 من سورة المائدة، و لیراجع ما رواه أبو نعیم الحافظ فی شأن نزول الآیة الكریمة من كتاب النور المشتعل ص 61- 85 و ما رواه الحافظ الحسكانی فی كتاب شواهد التنزیل: ج 1، ص 161- 184، ط 1.
2- 2 و هی الآیة: 16 من سورة التوبة و إلیك تمام الآیة الكریمة: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا یَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِینَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ یَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لَا الْمُؤْمِنِینَ وَلِیجَةً، وَ اللَّهُ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ

مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ فَقَامَ إِلَیْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَاؤُهُ فِیمَا ذَا فَقَالَ وَلَاؤُهُ كَوَلَایَتِی مَنْ كُنْتُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ الْیَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِینَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْكُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِیناً فَقَالَ سَلْمَانُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَاتُ فِی عَلِیٍّ خَاصَّةً فَقَالَ فِیهِ وَ فِی أَوْصِیَائِی إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَالَ سَلْمَانُ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیِّنْهُمْ لَنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَصِیِّی وَ صِنْوِی وَ وَارِثِی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی وَ أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ وُلْدِهِ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَیْنُ علیهما السلام ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ الْقُرْآنُ مَعَهُمْ وَ هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ لَا یُفَارِقُونَهُ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْبَدْرِیِّینَ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَمَا قُلْتَ سَوَاءً لَمْ تَزِدْ حَرْفاً وَ لَمْ تَنْقُصْ حَرْفاً وَ قَالَ بَقِیَّةُ السَّبْعِینَ قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ وَ لَمْ نَحْفَظْهُ كُلَّهُ وَ هَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ خِیَارُنَا وَ أَفْضَلُنَا فَقَالَ صَدَقْتُمْ لَیْسَ كُلُّ النَّاسِ یَحْفَظُ بَعْضُهُمْ أَحْفَظُ مِنْ بَعْضٍ فَقَامَ مِنَ الِاثْنَیْ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ أَبُو أَیُّوبَ وَ عَمَّارٌ وَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ سَمِعْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَفِظْنَا أَنَّهُ قَالَ یَوْمَئِذٍ وَ هُوَ قَائِمٌ وَ عَلِیٌّ علیه السلام قَائِمٌ إِلَی جَانِبِهِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أَنْصِبَ لَكُمْ إِمَاماً یَكُونُ وَصِیِّی فِیكُمْ وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ فِی أَهْلِ بَیْتِی مِنْ بَعْدِی وَ الَّذِی فَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ فِی كِتَابِهِ طَاعَتَهُ وَ أَمَرَكُمْ فِیهِ بِوَلَایَتِهِ فَرَاجَعْتُ رَبِّی خَشْیَةَ طَعْنِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَ تَكْذِیبِهِمْ فَأَوْعَدَنِی لَأُبَلِّغُهَا أَوْ لَیُعَذِّبَنِّی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ فِی كِتَابِهِ بِالصَّلَاةِ وَ قَدْ بَیَّنْتُهَا لَكُمْ وَ سَنَنْتُهَا وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ فَبَیَّنْتُهَا وَ فَسَّرْتُهَا لَكُمْ وَ أَمَرَكُمْ فِی كِتَابِهِ بِالْوَلَایَةِ وَ إِنِّی أُشْهِدُكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ أَنَّهَا خَاصَّةٌ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ الْأَوْصِیَاءِ مِنْ وُلْدِی وَ وُلْدِ أَخِی وَ وَصِیِّی عَلِیٌّ أَوَّلُهُمْ ثُمَّ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَیْنُ ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ علیه السلام

ص: 148

لَا یُفَارِقُونَ الْكِتَابَ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ أَعْلَمْتُكُمْ مَفْزَعَكُمْ وَ إِمَامَكُمْ بَعْدِی وَ دَلِیلَكُمْ وَ هَادِیَكُمْ وَ هُوَ أَخِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ فِیكُمْ بِمَنْزِلَتِی فَقَلِّدُوهُ دِینَكُمْ وَ أَطِیعُوهُ فِی جَمِیعِ أُمُورِكُمْ فَإِنَّ عِنْدَهُ جَمِیعَ مَا عَلَّمَنِی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَرَنِی اللَّهُ أَنْ أُعَلِّمَهُ إِیَّاكُمْ وَ أُعَلِّمَكُمْ أَنَّهُ عِنْدَهُ فَاسْأَلُوهُ وَ تَعَلَّمُوا مِنْهُ وَ مِنْ أَوْصِیَائِهِ بَعْدَهُ وَ لَا تُعَلِّمُوهُمْ وَ لَا تَتَقَدَّمُوهُمْ وَ لَا تَتَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُمْ لَا یُزَایِلُونَهُ وَ لَا یُزَایِلُهُمْ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَبِی الدَّرْدَاءِ وَ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ مَنْ حَوْلَهُ یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَنْزَلَ فِی كِتَابِهِ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً فَجَمَعَنِی رَسُولُ [اللَّهِ] صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ فِی كِسَاءٍ وَ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ [أَحِبَّتِی وَ عِتْرَتِی وَ حَامَّتِی وَ أَهْلُ بَیْتِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ أَنَا فَقَالَ إِنَّكِ إِلَی خَیْرٍ وَ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِیَّ وَ فِی أَخِی عَلِیٍّ وَ ابْنَتِی فَاطِمَةَ وَ ابْنَیَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ خَاصَّةً لَیْسَ مَعَنَا غَیْرُنَا وَ فِی تِسْعَةٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ مِنْ بَعْدِی فَقَامَ كُلُّهُمْ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْنَا بِذَلِكَ فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَدَّثَنَا بِهِ كَمَا حَدَّثَتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ ثُمَّ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ أَنْزَلَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ فَقَالَ سَلْمَانُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ عَامَّةٌ أَمْ خَاصَّةٌ فَقَالَ أَمَّا الْمَأْمُورُونَ فَعَامَّةٌ لِأَنَّ جَمَاعَةَ الْمُؤْمِنِینَ أُمِرُوا بِذَلِكَ وَ أَمَّا الصَّادِقُونَ فَخَاصَّةٌ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ أَوْصِیَائِی مِنْ بَعْدِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ خَلَّفْتَنِی فَقَالَ إِنَّ الْمَدِینَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِی أَوْ بِكَ وَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا النُّبُوَّةَ فَإِنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی

ص: 149

فَقَامَ رِجَالٌ مِمَّنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِی سُورَةِ الْحَجِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ إِلَی آخِرِ السُّورَةِ (1)فَقَامَ سَلْمَانُ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ أَنْتَ عَلَیْهِمْ شَهِیدٌ وَ هُمْ شُهَدَاءُ عَلَی النَّاسِ الَّذِینَ اجْتَبَاهُمُ اللَّهُ وَ مَا جَعَلَ عَلَیْهِمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِیهِمْ إِبْرَاهِیمَ قَالَ عَنَی بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِنْسَاناً أَنَا وَ أَخِی وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَامَ خَطِیباً وَ لَمْ یَخْطُبْ بَعْدَهَا وَ قَالَ إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ أَمْرَیْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی فَإِنَّهُ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ أَنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ شَهِدْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فَقَالَ حَسْبِیَ اللَّهُ فَقَامَ الِاثْنَا عَشَرَ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ خَطَبَ فِی الْیَوْمِ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ شِبْهَ الْمُغْضَبِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ كُلُّ أَهْلِ بَیْتِكَ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَوْصِیَائِی مِنْهُمْ عَلِیٌّ أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَارِثِی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی هَذَا أَوَّلُهُمْ وَ آخِرُهُمْ ثُمَّ وَصِیِّی ابْنِی هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی الْحَسَنِ ثُمَّ وَصِیُّهُ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی الْحُسَیْنِ ثُمَّ وَصِیِّی ابْنِی وَ سَمِیُّ أَخِی ثُمَّ وَصِیُّهُ سَمِیِّی ثُمَّ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّی یَرِدُوا عَلَیَّ الْحَوْضَ شُهَدَاءَ لِلَّهِ فِی أَرْضِهِ وَ حُجَجَهُ عَلَی خَلْقِهِ مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُمْ عَصَی اللَّهَ فَقَامَ السَّبْعُونَ الْبَدْرِیُّونَ وَ نَحْوُهُمْ مِنَ الْآخَرِینَ فَقَالُوا أَدْرَكْنَا وَ مَا كُنَّا نَسِینَا نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 150


1- 1 الآیة: 77- 78 من سورة الحجّ: 22.

فَلَمْ یَدَعْ علیه السلام شَیْئاً إِلَّا نَاشَدَهُمْ فِیهِ حَتَّی أَتَی عَلَی آخِرِ مَنَاقِبِهِ وَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ كُلَّ ذَلِكَ یُصَدِّقُونَهُ وَ یَشْهَدُونَ أَنَّهُ حَقٌّ فَلَمَّا حَدَّثَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ مُعَاوِیَةَ بِكُلِّ ذَلِكَ وَ بِمَا رَدَّ عَلَیْهِ النَّاسُ وَجَمَ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالَ یَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَ یَا أَبَا هُرَیْرَةَ لَئِنْ كَانَ مَا تُحَدِّثَانِّی عَنْهُ حَقّاً لَقَدْ هَلَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ غَیْرَهُ وَ غَیْرَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ شِیعَتِهِ ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَئِنْ كَانَ مَا قُلْتَ وَ ادَّعَیْتَ وَ اسْتَشْهَدْتَ عَلَیْهِ أَصْحَابَكَ حَقّاً لَقَدْ هَلَكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ جَمِیعُ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ غَیْرَكَ وَ غَیْرَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ شِیعَتِكَ وَ قَدْ بَلَغَنِی تَرَحُّمُكَ عَلَیْهِمْ وَ اسْتِغْفَارُكَ لَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَعَلَی وَجْهَیْنِ مَا لَهَا ثَالِثٌ إِمَّا تَقِیَّةٌ إِنْ أَنْتَ تَبَرَّأْتَ مِنْهُمْ خِفْتَ أَنْ یَتَفَرَّقَ عَنْكَ أَهْلُ عَسْكَرِكَ الَّذِینَ تُقَاتِلُنِی بِهِمْ وَ إِنْ كَانَ الَّذِی ادَّعَیْتَ بَاطِلًا وَ كَذِباً فَقَدْ جَاءَنِی بَعْضُ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ خَاصَّتِكَ بِأَنَّكَ تَقُولُ لِشِیعَتِكَ وَ بِطَانَتِكَ بِطَانَةِ السَّوْءِ إِنِّی قَدْ سَمَّیْتُ ثَلَاثَةً مِنْ بَنِیَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ فَإِذَا سَمِعْتُمُونِی أَتَرَحَّمُ عَلَی أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ فَإِنَّمَا أَعْنِی بِذَلِكَ بَنِیَّ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَلَی صِدْقِ مَا أَتَوْنِی بِهِ وَ رَقَّوْهُ إِلَیَّ أَنْ قَدْ رَأَیْنَاكَ بِأَعْیُنِنَا فَلَا نَحْتَاجُ أَنْ نَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ غَیْرَنَا وَ إِلَّا فَلِمَ حَمَلْتَ امْرَأَتَكَ فَاطِمَةَ عَلَی حِمَارٍ وَ أَخَذْتَ بِیَدِ ابْنَیْكَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِذْ بُویِعَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَدَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ السَّابِقَةِ إِلَّا وَ قَدْ دَعَوْتَهُمْ وَ اسْتَنْفَرْتَهُمْ عَلَیْهِ فَلَمْ تَجِدْ مِنْهُمْ إِنْسَاناً غَیْرَ أَرْبَعَةٍ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ الزُّبَیْرُ لَعَمْرِی لَوْ كُنْتَ مُحِقّاً لَأَجَابُوكَ وَ سَاعَدُوكَ وَ نَصَرُوكَ وَ لَكِنِ ادَّعَیْتَ بَاطِلًا وَ مَا لَا یُقِرُّونَ بِهِ وَ سَمِعَتْكَ أُذُنَایَ وَ أَنْتَ تَقُولُ لِأَبِی سُفْیَانَ حِینَ قَالَ لَكَ غَلَبَكَ عَلَیْهِ أَذَلُّ أَحْیَاءِ قُرَیْشٍ تَیْمٌ وَ عَدِیٌّ وَ دَعَاكَ إِلَی أَنْ یَنْصُرَكَ فَقُلْتَ لَوْ وَجَدْتُ أَعْوَاناً أَرْبَعِینَ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ السَّابِقَةِ لَنَاهَضْتُ الرَّجُلَ فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ غَیْرَ أَرْبَعَةِ رَهْطٍ بَایَعْتُ مُكْرَهاً قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ فَكَثُرَ مَا یُعْجِبُنِی مِمَّا خَطَّتْ فِیهِ یَدُكَ وَ أَطْنَبْتَ

ص: 151

فِیهِ مِنْ كَلَامِكَ وَ مِنَ الْبَلَاءِ الْعَظِیمِ وَ الْخَطْبِ الْجَلِیلِ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ یَكُونَ مِثْلُكَ یَتَكَلَّمُ أَوْ یَنْظُرُ فِی عَامَّةِ أَمْرِهِمْ أَوْ خَاصَّتِهِ وَ أَنْتَ مَنْ تَعْلَمُ وَ ابْنُ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ وَ أَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ وَ ابْنُ مَنْ تَعْلَمُ وَ سَأُجِیبُكَ فِیمَا قَدْ كَتَبْتَ بِجَوَابٍ لَا أَظُنُّكَ تَعْقِلُهُ أَنْتَ وَ لَا وَزِیرُكَ ابْنُ النَّابِغَةِ عَمْرٌو الْمُوَافِقُ لَكَ كَمَا وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِی أَمَرَكَ بِهَذَا الْكِتَابِ وَ زَیَّنَهُ لَكَ أَوْ حَضَرَكُمَا فِیهِ إِبْلِیسُ وَ مَرَدَةُ أَصْحَابِهِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ مَرَدَةُ أَبَالِسَتِهِ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ كَانَ خَبَّرَنِی أَنَّهُ رَأَی عَلَی مِنْبَرِهِ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا أَئِمَّةَ ضَلَالَةٍ مِنْ قُرَیْشٍ یَصْعَدُونَ عَلَی مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَنْزِلُونَ عَلَی صُورَةِ الْقُرُودِ یَرُدُّونَ أُمَّتَهُ عَلَی أَدْبَارِهِمْ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِیمِ اللَّهُمَّ وَ قَدْ خَبَّرَنِی بِأَسْمَائِهِمْ رَجُلًا رَجُلًا وَ كَمْ یَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ رَجُلَیْنِ مِنْ حَیَّیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ مِنْ قُرَیْشٍ عَلَیْهِمَا مِثْلُ أَوْزَارِ الْأُمَّةِ جَمِیعاً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مِثْلُ جَمِیعِ عَذَابِهِمْ فَلَیْسَ دَمٌ یُهَرَاقُ فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ لَا فَرْجٌ یُغْشَی وَ لَا حُكْمٌ بِغَیْرِ حَقٍّ إِلَّا كَانَ عَلَیْهِمَا وِزْرُهُ (1)وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ بَنِی أَبِی الْعَاصِ إِذَا بَلَغُوا ثَلَاثِینَ رَجُلًا جَعَلُوا كِتَابَ اللَّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَ مَالَ اللَّهِ دُوَلًا (2)وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَخِی إِنَّكَ لَسْتَ كَمِثْلِی إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أَصْدَعَ بِالْحَقِّ وَ أَخْبَرَنِی أَنَّهُ یَعْصِمُنِی

ص: 152


1- 1 و هذا من فروع مسألة و قاعدة: «من سن سنة سیئة فله وزرها و وزر من عمل بها إلی یوم القیامة» و القاعدة متواترة عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم و قد رواها مسلم بأسانید كثیرة فی باب الحث علی الصدقة و هو الباب: 20 من كتاب الزكاة 12 تحت الرقم: 1017 و فی باب: «من سن سنة حسنة أو سیئة ...» و هو الباب 6 من كتاب العلم: 47 من صحیحه: ج 2 ص 704 و ج 4 ص 2059 ط دار الاحیاء للتراث. و رواها أیضا الطبرانی فی ترجمة جریر أو جابر من كتاب المعجم الكبیر.
2- 2 و لهذه القطعة من الكلام أیضا شواهد فی كتب أهل السنة و لها مصادر، و قد رواها الحافظ ابن عساكر بأسانید فی ترجمة معاویة و مروان من تاریخ دمشق، و بعض طرقها ینتهی إلی معاویة نفسه.

مِنَ النَّاسِ فَأَمَرَنِی أَنْ أُجَاهِدَ وَ لَوْ بِنَفْسِی فَقَالَ فَقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَ قَالَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْقِتالِ (1)وَ قَدْ مَكَثْتُ بِمَكَّةَ مَا مَكَثْتُ لَمْ أُومَرْ بِقِتَالٍ ثُمَّ أَمَرَنِی بِالْقِتَالِ لِأَنَّهُ لَا یُعْرَفُ الدِّینُ إِلَّا بِی وَ لَا الشَّرَائِعُ وَ لَا السُّنَنُ وَ الْأَحْكَامُ وَ الْحُدُودُ وَ الْحَلَالُ وَ الْحَرَامُ وَ إِنَّ النَّاسَ یَدَعُونَ بَعْدِی مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَ مَا أَمَرَهُمْ فِیكَ مِنْ وَلَایَتِكَ وَ مَا أَظْهَرْتُ مِنْ مَحَبَّتِكَ مُتَعَمِّدِینَ غَیْرَ جَاهِلِینَ مُخَالِفَةً لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكَ فَإِنْ وَجَدْتَ أَعْوَاناً عَلَیْهِمْ فَجَاهِدْهُمْ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاكْفُفْ یَدَكَ وَ احْقُنْ دَمَكَ فَإِنَّكَ إِنْ نَابَذْتَهُمْ قَتَلُوكَ وَ إِنْ تَابَعُوكَ وَ أَطَاعُوكَ فَاحْمِلْهُمْ عَلَی الْحَقِّ وَ إِلَّا فَادْعُ النَّاسَ فَإِنِ اسْتَجَابُوا لَكَ وَ وَازَرُوكَ فَنَابِذْهُمْ وَ جَاهِدْهُمْ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاكْفُفْ یَدَكَ وَ احْقُنْ دَمَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ دَعَوْتَهُمْ لَمْ یَسْتَجِیبُوا لَكَ فَلَا تَدَعَنَّ عَنْ أَنْ تَجْعَلَ الْحُجَّةَ عَلَیْهِمْ إِنَّكَ یَا أَخِی لَسْتَ مِثْلِی إِنِّی قَدْ أَقَمْتُ حُجَّتَكَ وَ أَظْهَرْتُ لَهُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكَ وَ إِنَّهُ لَمْ یُعْلَمْ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّ حَقِّی وَ طَاعَتِی وَاجِبَانِ حَتَّی أَظْهَرْتُ ذَلِكَ وَ أَمَّا أَنْتَ فَإِنِّی كُنْتُ قَدْ أَظْهَرْتُ حُجَّتَكَ وَ قُمْتُ بِأَمْرِكَ فَإِنْ سَكَتَّ عَنْهُمْ لَمْ تَأْثَمْ غَیْرَ أَنَّهُ أُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَهُمْ وَ إِنْ لَمْ یَسْتَجِیبُوا لَكَ وَ لَمْ یَقْبَلُوا مِنْكَ وَ تَظَاهَرَتْ عَلَیْكَ ظَلَمَةُ قُرَیْشٍ فَدَعْهُمْ فَإِنِّی أَخَافُ عَلَیْكَ إِنْ نَاهَضْتَ الْقَوْمَ وَ نَابَذْتَهُمْ وَ جَاهَدْتَهُمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَكُونَ مَعَكَ فِئَةٌ تَقْوَی بِهِمْ أَنْ یَقْتُلُوكَ وَ التَّقِیَّةُ مِنْ دِینِ اللَّهِ وَ لَا دِینَ لِمَنْ لَا تَقِیَّةَ لَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ قَضَی الِاخْتِلَافَ وَ الْفُرْقَةَ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَوْ شَاءَ لَجَمَعَهُمْ عَلَی الْهُدی وَ لَمْ یَخْتَلِفْ اثْنَانِ مِنْهَا وَ لَا مِنْ خَلْقِهِ وَ لَمْ یُتَنَازَعْ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ لَمْ یَجْحَدِ الْمَفْضُولُ ذَا الْفَضْلِ فَضْلَهُ وَ لَوْ شَاءَ عَجَّلَ مِنْهُ النَّقِمَةَ وَ كَانَ مِنْهُ التَّغْیِیرُ حِینَ یُكَذِّبُ الظَّالِمُ وَ یَعْلَمُ الْحَقَّ أَیْنَ مَصِیرُهُ وَ اللَّهُ جَعَلَ الدُّنْیَا دَارَ الْأَعْمَالِ وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی فَقُلْتُ شُكْراً لِلَّهِ عَلَی نَعْمَائِهِ وَ صَبْراً عَلَی بَلَائِهِ وَ تَسْلِیماً وَ رِضًی بِقَضَائِهِ ثُمَّ قَالَ یَا أَخِی أَبْشِرْ فَإِنَّ حَیَاتَكَ وَ مَوْتَكَ مَعِی (2)وَ أَنْتَ أَخِی وَ أَنْتَ

ص: 153


1- 1 الآیة 48 و 65/ الأنفال. و كان فی الأصل: جاهد فی سبیل اللّٰه.
2- 2 و لهذه القطعة من الحدیث أسانید و مصادر، و قد رواها أهل السنة بأسانیدهم التی تنتهی إلی الشهید الفقیه المجاهد قتیل الظلمة و الطغاة و المنافقین حجر بن عدی الكندی رفع اللّٰه درجاته. و لیراجع الحدیث: 946 و ما بعده و تعلیقاتها من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ دمشق ج 2 ص 434- 436 ط 2.

وَصِیِّی وَ أَنْتَ وَزِیرِی وَ أَنْتَ وَارِثِی وَ أَنْتَ تُقَاتِلُ عَلَی سُنَّتِی وَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ لَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إِذِ اسْتَضْعَفَهُ أَهْلُهُ وَ تَظَاهَرُوا عَلَیْهِ وَ كَادُوا یَقْتُلُونَهُ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَیْشٍ إِیَّاكَ وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَیْكَ فَإِنَّهَا ضَغَائِنُ فِی صُدُورِ قَوْمٍ لَهُمْ أَحْقَادُ بَدْرٍ وَ تُرَاثُ أُحُدٍ وَ إِنَّ مُوسَی أَمَرَ هَارُونَ حِینَ اسْتَخْلَفَهُ فِی قَوْمِهِ إِنْ ضَلُّوا فَوَجَدَ أَعْوَاناً أَنْ یُجَاهِدَهُمْ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ یَجِدْ أَعْوَاناً أَنْ یَكُفَّ یَدَهُ وَ یَحْقُنَ دَمَهُ وَ لَا یُفَرِّقَ بَیْنَهُمْ فَافْعَلْ أَنْتَ كَذَلِكَ إِنْ وَجَدْتَ عَلَیْهِمْ أَعْوَاناً فَجَاهِدْهُمْ وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَاكْفُفْ یَدَكَ وَ احْقُنْ دَمَكَ فَإِنَّكَ إِنْ نَابَذْتَهُمْ قَتَلُوكَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُفَّ یَدَكَ وَ تَحْقُنْ دَمَكَ إِذَنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً تَخَوَّفْتُ عَلَیْكَ أَنْ یَرْجِعَ النَّاسُ إِلَی عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَ الْجُحُودِ بِأَنِّی رَسُولُ اللَّهِ فَاسْتَظْهِرْ بِالْحُجَّةِ عَلَیْهِمْ وَ دَعْهُمْ لِیَهْلِكَ النَّاصِبُونَ لَكَ وَ الْبَاغُونَ عَلَیْكَ وَ یَسْلَمَ الْعَامَّةُ وَ الْخَاصَّةُ فَإِذَا وَجَدْتَ یَوْماً أَعْوَاناً عَلَی إِقَامَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَ السُّنَّةِ فَقَاتِلْ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتَ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَإِنَّمَا یَهْلِكُ مِنَ الْأُمَّةِ مَنْ نَصَبَ لَكَ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْصِیَائِكَ وَ عَادَی وَ جَحَدَ وَ دَانَ بِخِلَافِ مَا أَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ لَعَمْرِی یَا مُعَاوِیَةُ لَوْ تَرَحَّمْتُ عَلَیْكَ وَ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ كَانَ تَرَحُّمِی عَلَیْكُمْ وَ اسْتِغْفَارِی لَكُمْ لَعْنَةً عَلَیْكُمْ وَ عَذَاباً وَ مَا أَنْتَ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ بِأَعْظَمَ جُرْماً وَ لَا أَصْغَرَ ذَنْباً وَ لَا أَهْوَنَ بِدْعَةً وَ ضَلَالَةً مِنَ الذین [اللَّذَیْنِ] أَسَّسَا لَكَ وَ لِصَاحِبِكَ الَّذِی تَطْلُبُ بِدَمِهِ وَ وَطَّئَا لَكُمَا ظُلْمَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ حَمَلَاكُمْ عَلَی رِقَابِنَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ یَقُولُونَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدی مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا سَبِیلًا أُولئِكَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ یَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِیراً أَمْ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا یُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِیراً أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَنَحْنُ النَّاسُ وَ نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ آتَیْنا

ص: 154

آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً فَالْمُلْكُ الْعَظِیمُ أَنْ جَعَلَ مِنْهُمْ أَئِمَّةً مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُمْ عَصَی اللَّهَ وَ الْكِتَابُ وَ الْحِكْمَةُ و النُّبُوَّةُ فَلِمَ یُقِرُّونَ بِذَلِكَ فِی آلِ إِبْرَاهِیمَ وَ یُنْكِرُونَهُ فِی آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله یَا مُعَاوِیَةُ فَإِنْ تَكْفُرْ بِهَا أَنْتَ وَ صَاحِبُكَ وَ مَنْ قِبَلَكَ مِنْ طَغَامِ أَهْلِ الشَّامِ وَ الْیَمَنِ وَ الْأَعْرَابِ أَعْرَابِ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ جُفَاةِ الْأُمَّةِ فَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِها قَوْماً لَیْسُوا بِها بِكافِرِینَ (1)یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ وَ نُورٌ وَ هُدًی وَ رَحْمَةٌ وَ شِفَاءٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ فِی آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَیْهِمْ عَمًی (2)یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَدَعْ صِنْفاً مِنْ أَصْنَافِ الضَّلَالَةِ وَ الدُّعَاةِ إِلَی النَّارِ إِلَّا وَ قَدْ رَدَّ عَلَیْهِمْ وَ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ فِی الْقُرْآنِ وَ نَهَی عَنِ اتِّبَاعِهِمْ وَ أَنْزَلَ فِیهِمْ قُرْآناً نَاطِقاً عِلْمُهُ مِنْ عِلْمِهِ وَ جَهْلُهُ مِنْ جَهْلِهِ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَیْسَ مِنَ الْقُرْآنِ آیَةٌ إِلَّا وَ لَهَا ظَهْرٌ وَ بَطْنٌ وَ مَا مِنْ حَرْفٍ إِلَّا وَ لَهُ تَأْوِیلٌ وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ مَا مِنْهُ حَرْفٌ إِلَّا وَ لَهُ حَدُّ مُطَّلِعٌ عَلَی ظَهْرِ الْقُرْآنِ وَ بَطْنِهِ وَ تَأْوِیلِهِ وَ ما یَعْلَمُ تَأْوِیلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ نَحْنُ آلَ مُحَمَّدٍ وَ أَمَرَ اللَّهُ سَائِرَ الْأُمَّةِ أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما یَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ وَ أَنْ یُسَلِّمُوا إِلَیْنَا وَ یَرُدُّوا الْأَمْرَ إِلَیْنَا وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَ إِلی أُولِی الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ هُمُ الَّذِینَ یُسْأَلُونَ عَنْهُ وَ یُطْلَبُونَهُ

ص: 155


1- 1 اقتباس من الآیة: 89 من سورة الأنعام و هذا نصها: فَإِنْ یَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَیْسُوا بِها بِكافِرِینَ
2- 2 إشارة إلی الآیة: 44 من سورة «فصلت»: قُلْ هُوَ لِلَّذِینَ آمَنُوا هُدیً وَ شِفاءٌ، وَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ فِی آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَیْهِمْ عَمًی ...

وَ لَعَمْرِی لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِینَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَلَّمُوا لَنَا وَ اتَّبَعُونَا وَ قَلَّدُونَا أُمُورَهُمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ لَمَا طَمِعْتَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ فَمَا فَاتَهُمْ مِنَّا أَكْثَرُ مِمَّا فَاتَنَا مِنْهُمْ وَ لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِیَّ وَ فِیكَ آیَاتٍ مِنْ سُورَةٍ خَاصَّةٍ الْأُمَّةُ یُؤَوِّلُونَهَا عَلَی الظَّاهِرِ وَ لَا یَعْلَمُونَ مَا الْبَاطِنُ وَ هِیَ فِی سُورَةِ الْحَاقَّةِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ یُدْعَی بِكُلِّ إِمَامِ ضَلَالَةٍ وَ إِمَامِ هُدًی وَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ الَّذِینَ بَایَعُوهُ فَیُدْعَی بِی وَ بِكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ أَنْتَ صَاحِبُ السِّلْسِلَةِ الَّذِی یَقُولُ یا لَیْتَنِی لَمْ أُوتَ كِتابِیَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِیَهْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ كُلُّ إِمَامِ ضَلَالَةٍ كَانَ قَبْلَكَ أَوْ یَكُونُ بَعْدَكَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ خِزْیِ اللَّهِ وَ عَذَابِهِ وَ نَزَلَ فِیكُمْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ (1)وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَأَی اثْنَیْ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ عَلَی مِنْبَرِهِ یَرُدُّونَ النَّاسَ عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی رَجُلَانِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ عَشَرَةٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ صَاحِبُكَ الَّذِی تَطْلُبُ بِدَمِهِ وَ أَنْتَ وَ ابْنُكَ وَ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ أَوَّلُهُمْ مَرْوَانُ (2)وَ قَدْ لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ طَرَدَهُ وَ مَا وَلَدَ حِینَ أُسْمِعَ

ص: 156


1- 1 و هی الآیة: 60 من سورة الإسراء: 17. و قد روی الحافظ الكبیر ابن عساكر بأسانید نزول الآیة الكریمة فی بنی أبی العاص بن الربیع فی ترجمة مروان من تاریخ دمشق. و رواه أیضا العلامة الامینی رحمه اللّٰه عن مصادر كثیرة جدا فی عنوان: «الحكم [بن] أبی العاص فی القرآن» من كتاب الغدیر: ج 8 ص 247- 250.
2- 2 فی النسخ هنا تصحیف و اشتباه فخلفاء بنی أمیّة علی المشهور أربعة عشر عثمان و معاویة و یزید و مروان بن الحكم و ابنه عبد الملك و سلیمان بن عبد الملك و هشام بن عبد الملك و الولید بن یزید بن عبد الملك و یزید بن ولید الناقص و إبراهیم بن الولید و مروان بن محمّد و علی بعض النسخ لعله أسقط بعضهم لقلة ملكهم و عدم استقرار أمرهم كما یظهر من التواریخ منه رحمه اللّٰه.

نَبِیُّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَی الدُّنْیَا وَ لَمْ یَرْضَ لَنَا الدُّنْیَا ثَوَاباً وَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ وَ وَزِیرُكَ وَ صُوَیْحِبُكَ یَقُولُ إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِی الْعَاصِ ثَلَاثِینَ رَجُلًا اتَّخَذُوا كِتَابَ اللَّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَ مَالَ اللَّهِ دُوَلًا یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ نَبِیَّ اللَّهِ زَكَرِیَّا نُشِرَ بِالْمِنْشَارِ وَ یَحْیَی ذُبِحَ وَ قَتَلَهُ قَوْمُهُ وَ هُوَ یَدْعُوهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ذَلِكَ لِهَوَانِ الدُّنْیَا عَلَی اللَّهِ إِنَّ أَوْلِیَاءَ الشَّیْطَانِ قَدْ حَارَبُوا أَوْلِیَاءَ الرَّحْمَنِ قَالَ اللَّهُ إِنَّ الَّذِینَ یَكْفُرُونَ بِآیاتِ اللَّهِ وَ یَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ یَقْتُلُونَ الَّذِینَ یَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَخْبَرَنِی أَنَّ أُمَّتَهُ سَیَخْضِبُونَ لِحْیَتِی مِنْ دَمِ رَأْسِی وَ أَنِّی مُسْتَشْهَدٌ وَ سَتَلِی الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِی وَ أَنَّكَ سَتَقْتُلُ ابْنِیَ الْحَسَنَ غَدْراً بِالسَّمِّ وَ أَنَّ ابْنَكَ یَزِیدَ لَعَنَهُ اللَّهُ سَیَقْتُلُ ابْنِیَ الْحُسَیْنَ یَلِی ذَلِكَ مِنْهُ ابْنُ زَانِیَةٍ وَ أَنَّ الْأُمَّةَ سَیَلِیهَا مِنْ بَعْدِكَ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ أَبِی الْعَاصِ وَ وُلْدِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَ خَمْسَةٌ مِنْ وُلْدِهِ تكلمه [تُكْمِلُهُ] اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً قَدْ رَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ یَتَوَاثَبُونَ عَلَی مِنْبَرِهِ تَوَاثُبَ الْقِرَدَةِ یَرُدُّونَ أُمَّتَهُ عَنْ دِینِ اللَّهِ عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی وَ أَنَّهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَنَّ اللَّهَ سَیُخْرِجُ الْخِلَافَةَ مِنْهُمْ بِرَایَاتٍ سُودٍ تُقْبِلُ مِنَ الْمَشْرِقِ یُذِلُّهُمُ اللَّهُ بِهِمْ وَ یَقْتُلُهُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ وَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ وُلْدِكَ مَیْشُومٌ وَ مَلْعُونٌ جِلْفٌ جَافٍ مَنْكُوسُ الْقَلْبِ فَظٌّ غَلِیظٌ قَاسٍ قَدْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ الرَّأْفَةَ وَ الرَّحْمَةَ أَخْوَالُهُ مِنْ كَلْبٍ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ لَوْ شِئْتُ لَسَمَّیْتُهُ وَ وَصَفْتُهُ وَ ابْنُ كَمْ هُوَ فَیَبْعَثُ جَیْشاً إِلَی الْمَدِینَةِ فَیَدْخُلُونَهَا فَیُسْرِفُونَ فِیهَا فِی الْقَتْلِ وَ الْفَوَاحِشِ وَ یَهْرُبُ مِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِی زَكِیٌّ تَقِیٌّ الَّذِی یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً وَ إِنِّی لَأَعْرِفُ اسْمَهُ وَ ابْنَ كَمْ هُوَ یَوْمَئِذٍ وَ عَلَامَتَهُ وَ هُوَ مِنْ وُلْدِ ابْنِیَ الْحُسَیْنِ علیه السلام الَّذِی یَقْتُلُهُ ابْنُكَ یَزِیدُ وَ هُوَ الثَّائِرُ بِدَمِ أَبِیهِ فَیَهْرُبُ إِلَی مَكَّةَ وَ یَقْتُلُ صَاحِبُ ذَلِكَ الْجَیْشِ رَجُلًا مِنْ وُلْدِی زَكِیّاً بَرِیئاً عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّیْتِ ثُمَّ یَصِیرُ ذَلِكَ الْجَیْشُ إِلَی مَكَّةَ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ اسْمَ أَمِیرِهِمْ وَ عِدَّتَهُمْ وَ أَسْمَاءَهُمْ وَ سِمَاتِ

ص: 157

خُیُولِهِمْ فَإِذَا دَخَلُوا الْبَیْدَاءَ وَ اسْتَوَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ خُسِفَ بِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَوْ تَری إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِیبٍ قَالَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ فَلَا یَبْقَی مِنْ ذَلِكَ الْجَیْشِ أَحَدٌ غَیْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ یُقَلِّبُ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ وَ یَبْعَثُ اللَّهُ لِلْمَهْدِیِّ أَقْوَاماً یُجْمَعُونَ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ قَزَعٌ كَقَزَعِ الْخَرِیفِ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَ اسْمَ أَمِیرِهِمْ وَ مُنَاخَ رِكَابِهِمْ فَیَدْخُلُ الْمَهْدِیُّ الْكَعْبَةَ وَ یَبْكِی وَ یَتَضَرَّعُ قَالَ جَلَّ وَ عَزَّ أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ یَكْشِفُ السُّوءَ وَ یَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ هَذَا لَنَا خَاصَّةً أَهْلَ الْبَیْتَ أَمَا وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ لَقَدْ كَتَبْتُ إِلَیْكَ هَذَا الْكِتَابَ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَنْتَفِعُ بِهِ وَ أَنَّكَ سَتَفْرَحُ إِذَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ سَتَلِی الْأَمْرَ وَ ابْنُكَ بَعْدَكَ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَیْسَتْ مِنْ بَالِكَ وَ إِنَّكَ بِالْآخِرَةِ لَمِنَ الْكَافِرِینَ وَ سَتَنْدَمُ كَمَا نَدِمَ مَنْ أَسَّسَ هَذَا الْأَمْرَ لَكَ وَ حَمَلَكَ عَلَی رِقَابِنَا حِینَ لَمْ تَنْفَعْهُ النَّدَامَةُ وَ مِمَّا دَعَانِی إِلَی الْكِتَابِ بِمَا كَتَبْتُ بِهِ أَنِّی أَمَرْتُ كَاتِبِی أَنْ یَنْسَخَ ذَلِكَ لِشِیعَتِی وَ أَصْحَابِی لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَنْفَعَهُمْ بِذَلِكَ أَوْ یَقْرَأَهُ وَاحِدٌ مِنْ قِبَلِكَ فَخَرَجَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَی الْهُدَی وَ مِنْ ظُلْمِكَ وَ ظُلْمِ أَصْحَابِكَ وَ فِتْنَتِكُمْ وَ أَحْبَبْتُ أَنْ أَحْتَجَّ عَلَیْكَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ هَنِیئاً لَكَ یَا أَبَا الْحَسَنِ تَمَلُّكُ الْآخِرَةِ وَ هَنِیئاً لَنَا تَمَلُّكُ الدُّنْیَا.

بیان: قال الجوهری مالأته علی الأمر ممالاة ساعدته علیه و شایعته و فی الحدیث ما قتلت عثمان و لا مالأت علی قتله و قال القود القصاص و أقدت القاتل بالقتیل أی قتلته به یقال أقاده السلطان من أخیه و استقدت الحاكم أی سألته أن یقید القاتل بالقتیل و قال زاح الشی ء بعد و ذهب ما علیها لون اللون الدقل و هو أردأ التمر أی ما ذكرت فی حجتك كلها قویة لیس فیها كلام شعیف تشبیها بهذا النوع من التمر و قال الجوهری قولهم وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ (1)قال ابن السكیت هو شن بن أفصی بن عبد القیس و طبق

ص: 158


1- 1 و شن حی بن عبد القیس و هو شن بن أقصی بن عبد القیس بن أفصی بن دعمة بن جدیلة بن أسد بن ربیعة بن نزار منهم الأعور الشنی و فی المثل وافق شن طبقه . كذا فی هامش هذا المقام من البحار ط الكمبانیّ.

حی من إیاد و كانت شن لا یقام لها فواقعتها طبق فانتصفت منها فقیل وافق شن طبقة وافقه فاعتنقه انتهی.

و سیأتی الكلام فیه و فی أجزاء الخبر.

«422»-(1)نی، الغیبة للنعمانی ابْنُ عُقْدَةَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَ عَبْدُ الْعَزِیزِ وَ عَبْدُ الْوَاحِدِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یُونُسَ عَنْ رِجَالِهِمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ وَ أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ غَیْرِ هَذِهِ الطُّرُقِ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُعَلَّی الْهَمْدَانِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَامِعِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ شَیْخٍ لَنَا كُوفِیٍّ ثِقَةٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْ سُلَیْمٍ وَ ذَكَرَ أَبَانٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ أَیْضاً عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ قَالَ مَعْمَرٌ وَ ذَكَرَ إِبْرَاهِیمُ الْعَبْدِیُّ أَنَّهُ أَیْضاً سَمِعَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ سُلَیْمٍ أَنَّ مُعَاوِیَةَ لَمَّا دَعَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَ أَبَا هُرَیْرَةَ وَ نَحْنُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی صِفِّینَ فَحَمَّلَهُمَا الرِّسَالَةَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَدَّیَاهَا إِلَیْهِ قَالَ قَدْ بَلَّغْتُمَانِی مَا أَرْسَلَكُمَا بِهِ مُعَاوِیَةُ فَاسْتَمِعَا مِنِّی وَ أَبْلِغَاهُ عَنِّی كَمَا بَلَّغْتُمَانِی قَالا نَعَمْ فَأَجَابَهُ عَلِیٌّ علیه السلام الْجَوَابَ بِطُولِهِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی ذِكْرِ نَصْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِیَّاهُ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْواً مِمَّا رَوَیْنَا مِنْ كِتَابِ سُلَیْمٍ إِلَی قَوْلِهِ فَانْطَلَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ فَحَدَّثَا مُعَاوِیَةَ بِكُلِّ مَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اسْتَشْهَدَ عَلَیْهِ وَ مَا رَدَّ عَلَیْهِ النَّاسُ وَ شَهِدُوا بِهِ.

ص: 159


1- 422- رواه النعمانیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث: 8 من الباب: 4 من كتاب الغیبة ص 45 ط 2.

ص: 160

باب 17 باب ما ورد فی معاویة و عمرو بن العاص و أولیائهما و قد مضی بعضها فی باب مثالب بنی أمیة

«423»-(1)فس، تفسیر القمی وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِیانَةً فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلی سَواءٍ نَزَلَتْ فِی مُعَاوِیَةَ لَمَّا خَانَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام.

بیان: لعل المراد أن أمیر المؤمنین عمل بهذا الحكم فی معاویة قال البیضاوی و وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ معاهدین خیانة نقض عهد تلوح لك فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ فاطرح إلیهم عهدهم عَلی سَواءٍ علی عدل أو طریق قصد فی العداوة و لا تناجزهم الحرب فإنه یكون خیانة منك أو علی سواء فی الخوف أو العلم بنقض العهد.

«424»-(2)قب، المناقب لابن شهرآشوب المحاضرات عَنِ الرَّاغِبِ أَنَّهُ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا یَمُوتُ ابْنُ هِنْدٍ حَتَّی یُعَلِّقَ الصَّلِیبَ فِی عُنُقِهِ- وَ قَدْ رَوَاهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِیُّ وَ الْأَعْثَمُ الْكُوفِیُّ وَ أَبُو حَیَّانَ التَّوْحِیدِیُّ وَ أَبُو الثَّلَّاجِ فِی جَمَاعَةٍ

ص: 161


1- 423- رواه علیّ بن إبراهیم فی تفسیر الآیة: 58 من سورة الأنفال: 8. و رواه عنه البحرانیّ فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیر البرهان: ج 2 ص 90 ط 3.
2- 424- المناقب لابن شهرآشوب، فصل «فی إخباره بالغیب»، ج 2 ص 259، ط ایران.

فَكَانَ كَمَا قَالَ علیه السلام.

«425»-(1)فس، تفسیر القمی وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فِی وَلَایَةِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها أَبَداً قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَنْتَ قَسِیمُ النَّارِ تَقُولُ هَذَا لِی وَ هَذَا لَكَ قَالُوا فَمَتَی یَكُونُ مَتَی مَا تَعِدُنَا یَا مُحَمَّدُ مِنْ أَمْرِ عَلِیٍّ وَ النَّارِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی حَتَّی إِذا رَأَوْا ما یُوعَدُونَ یَعْنِی الْمَوْتَ وَ الْقِیَامَةَ فَسَیَعْلَمُونَ یَعْنِی فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَصْحَابَ الضَّغَائِنِ مِنْ قُرَیْشٍ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (2)

«426»-(3)فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ زِیَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَیْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ فِی قَوْلِهِ وَ أَنَّا لا نَدْرِی أَ شَرٌّ أُرِیدَ بِمَنْ فِی الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فَقَالَ لَا بَلْ وَ اللَّهِ شَرٌّ أُرِیدَ بِهِمْ حِینَ بَایَعُوا مُعَاوِیَةَ وَ تَرَكُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا.

«427»-(4)ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا علیه السلام عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ: لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 162


1- 425- رواه علیّ بن إبراهیم فی تفسیر الآیة الكریمة و هی الآیة: 23 من سورة الجن: 72 من تفسیره. و رواه أیضا عنه السیّد هاشم البحرانیّ رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة الكریمة من سورة الجن من تفسیر البرهان: ج 4 ص 393.
2- 2 هذا هو الظاهر، و فی أصلی: «فَسَیَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً» یعنی فلانا و فلانا و فلانا و معاویة و عمرو بن العاص و أصحاب الضغائن من قریش «مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً».
3- 426- رواه علیّ بن إبراهیم رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة: 10 من سورة الجن من تفسیره.
4- 427- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی أواخر الباب: 31 تحت الرقم: 275 منه من كتاب عیون أخبار الرضا علیه السلام: ج 2 ص 63، و فی ط بیروت ص 69.

أَنَّ أَهْلَ صِفِّینَ قَدْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری

«428»-(1)فس، تفسیر القمی فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّی فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا إِلَی بَیْعَةِ عَلِیٍّ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ فَلَمَّا بَلَّغَ النَّاسَ وَ أَخْبَرَهُمْ فِی عَلِیٍّ مَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُخْبِرَهُمْ بِهِ رَجَعُوا النَّاسُ فَاتَّكَأَ مُعَاوِیَةُ عَلَی الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ ثُمَّ أَقْبَلَ یَتَمَطَّی نَحْوَ أَهْلِهِ وَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا نُقِرُّ لِعَلِیٍّ بِالْوَلَایَةِ أَبَداً وَ لَا نُصَدِّقُ مُحَمَّداً مَقَالَتَهُ فِیهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّی وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّی ثُمَّ ذَهَبَ إِلی أَهْلِهِ یَتَمَطَّی أَوْلی لَكَ فَأَوْلی وَعِیداً لِلْفَاسِقِ فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ الْمِنْبَرَ وَ هُوَ یُرِیدُ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَمْ یُسَمِّهِ.

بیان:

فَلا صَدَّقَ من الصدق أو التصدیق یَتَمَطَّی أی یتبختر افتخارا بذلك أَوْلی لَكَ ویل لك.

«429»-(2)فس، تفسیر القمی دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْمَسْجِدَ وَ فِیهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ الْحَكَمُ بْنُ

ص: 163


1- 428- رواه علیّ بن إبراهیم رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیره: ج 2 ص 397، ط 2. و رواه البحرانیّ عنه و عن ابن شهر أشوب فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیر البرهان: ج 4 ص 406. و رواه بأسانید فرات بن إبراهیم الكوفیّ رحمه اللّٰه فی تفسیر السورة المباركة من تفسیره ص 195 ط 1.
2- 429- رواه علیّ بن إبراهیم رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیره. و رواه عنه السیّد هاشم البحرانیّ رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیر البرهان: ج 4 ص 515. و كلمتا «عمرو بن» مقحمتان فی الحدیث، أو أن لفظة «أبو» سقطت من الحدیث أی و [كان] فیه أبو عمرو بن العاص و الحكم ...

أَبِی الْعَاصِ فَقَالَ عَمْرٌو یَا أَبَا الْأَبْتَرِ وَ كَانَ الرَّجُلُ فِی الْجَاهِلِیَّةِ إِذَا لَمْ یَكُنْ لَهُ وَلَدٌ یُسَمَّی أَبْتَرَ ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو وَ إِنِّی لَأَشْنَأُ مُحَمَّداً أَیْ أُبْغِضُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ شانِئَكَ أَیْ مُبْغِضَكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ هُوَ الْأَبْتَرُ یَعْنِی لَا دِینَ لَهُ وَ لَا نَسَبَ.

«430»-(1)یب، تهذیب الأحكام ابْنُ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَهَی أَهْلَ مَكَّةَ أَنْ یُؤَاجِرُوا دُورَهُمْ وَ أَنْ یُغْلِقُوا عَلَیْهَا أَبْوَاباً وَ قَالَ سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ وَ الْبادِ قَالَ وَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی كَانَ فِی زَمَنِ مُعَاوِیَةَ.

«431»-(2)مع، معانی الأخبار الْمُكَتِّبُ عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: أَقْبَلَ أَبُو سُفْیَانَ وَ مُعَاوِیَةُ یَتْبَعُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ الْعَنِ التَّابِعَ وَ الْمَتْبُوعَ اللَّهُمَّ عَلَیْكَ بِالْأُقَیْعِسِ قَالَ ابْنُ الْبَرَاءِ لِأَبِیهِ مَنِ الْأُقَیْعِسُ قَالَ مُعَاوِیَةُ.

«432»-(3)كِتَابُ صِفِّینَ، مِثْلَهُ.

ص: 164


1- 430- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی كتاب الحجّ من كتاب تهذیب الأحكام. و قریبا منه رواه الشیخ رحمه اللّٰه فی الحدیث: 104 من باب الزیادات من كتاب التهذیب: ج 5 ص 388 ط النجف. و قریبا منه رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی ذیل المختار: 67 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة. و فی تفسیر الآیة: 24 و ما بعدها من سورة الحجّ فی تفسیر البرهان: ج 3 ص 83- 84 ط 3 شواهد.
2- 431- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الباب: معنی الاقیعس من كتاب معانی الأخبار: ج 2 ص 327 ط النجف.
3- 432- رواه نصر بن مزاحم المنقریّ فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 216 ط مصر. و رواه العلامة الامینی مع أحادیث أخر فی معناه عن مصادر كثیرة فی عنوان: «المغالات فی معاویة» من كتاب الغدیر: ج 10، ص 139- 177. و لاحظ ما رواه ابن أبی الحدید فی آخر شرحه علی المختار: 54 من نهج البلاغة: ج 1، ص 760.

قال الصدوق رضی اللّٰه عنه الأقیعس تصغیر الأقعس و هو الملتوی العنق و القعاس التواء یأخذ فی العنق من ریح كأنما یكسره إلی ما وراءه و الأقعس العزیز الممتنع و یقال عز أقعس و القوعس الغلیظ العنق الشدید الظهر من كل شی ء و القعوس الشیخ الكبیر و القعس نقیض الحدب و الفعل قعس یقعس قعسا و الجمع قعساوات و قعس و القعساء من النملة الرافعة صدرها و ذنبها و الاقعنساس شدة و التقاعس هو من تقاعس فلان إذا لم ینفذ و لم یمض لما كلف و مقاعس حی من تمیم.

«433»-(1)مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ وَ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ مَعاً عَنِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ السَّیَّارِیِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ سَالِمٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّا وَ آلَ أَبِی سُفْیَانَ أَهْلُ بَیْتَیْنِ تَعَادَیْنَا فِی اللَّهِ قُلْنَا صَدَقَ اللَّهُ وَ قَالُوا كَذَبَ اللَّهُ قَاتَلَ أَبُو سُفْیَانَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَاتَلَ مُعَاوِیَةُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ قَاتَلَ یَزِیدُ بْنُ مُعَاوِیَةَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ السُّفْیَانِیُّ یُقَاتِلُ الْقَائِمَ علیه السلام.

«434»-(2)قب، المناقب لابن شهرآشوب كِتَابُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَذِّنِ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ الصَّرِیرِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سُمَیٍّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ فِی تَفْسِیرِ ابْنِ جُرَیْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِی قَوْلِهِ أَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِینَ وَ قَدْ

ص: 165


1- 433- رواه الصدوق رحمه اللّٰه فی الباب: «معنی قول الصادق علیه السلام: إنا و آل أبی سفیان أهل بیتین تعادینا فی اللّٰه عزّ و جلّ من كتاب معانی الأخبار: ج 2 ص 328 ط النجف. و فی أواسط شرحه علی المختار 56 ج 1، ص 794، ط بیروت.
2- 434- رواه ابن شهرآشوب رحمه اللّٰه فی عنوان: «فصل فی طاعة علی و عصیانه» من مناقب آل أبی طالب: ج 3 ص 7 ط النجف. و رواه عنه البحرانیّ فی تفسیر الآیة الأخیرة من سورة «التین: 95» من تفسیر البرهان: ج 4 ص 477 ط 3.

دَخَلَتِ الرِّوَایَاتُ بَعْضُهَا فِی بَعْضٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ فِی بَیْتِ أُمِّ هَانِئٍ فَزِعاً فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ یَا أُمَّ هَانِئٍ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَرَضَ عَلَیَّ فِی مَنَامِی الْقِیَامَةَ وَ أَهْوَالَهَا وَ الْجَنَّةَ وَ نَعِیمَهَا وَ النَّارَ وَ مَا فِیهَا وَ عَذَابَهَا فَأَطْلَعْتُ فِی النَّارِ فَإِذَا أَنَا بِمُعَاوِیَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَائِمَیْنِ فِی حَرِّ جَهَنَّمَ تَرْضَخُ رُءُوسَهُمَا الزَّبَانِیَةُ بِحِجَارَةٍ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ یَقُولُونَ لَهُمَا هَلْ آمَنْتُمَا بِوَلَایَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَیَخْرُجُ عَلِیٌّ مِنْ حِجَابِ الْعَظَمَةِ ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً وَ یُنَادِی حُكِمَ لِی وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ أَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِینَ فَیُبْعَثُ الْخَبِیثُ إِلَی النَّارِ وَ یَقُومُ عَلِیٌّ فِی الْمَوْقِفِ یَشْفَعُ فِی أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ شِیعَتِهِ.

«435»-(1)مع، معانی الأخبار ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُعَاوِیَةُ یَكْتُبُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ أَهْوَی بِیَدِهِ إِلَی خَاصِرَتِهِ بِالسَّیْفِ مَنْ أَدْرَكَ هَذَا یَوْماً أَمِیراً فَلْیَبْقُرْ خَاصِرَتَهُ بِالسَّیْفِ فَرَآهُ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْماً وَ هُوَ یَخْطُبُ بِالشَّامِ عَلَی النَّاسِ فَاخْتَرَطَ سَیْفَهُ ثُمَّ مَشَی إِلَیْهِ فَحَالَ النَّاسُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ فَقَالُوا یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا لَكَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ أَدْرَكَ هَذَا یَوْماً أَمِیراً فَلْیَبْقُرْ خَاصِرَتَهُ بِالسَّیْفِ قَالَ فَقَالُوا أَ تَدْرِی مَنِ اسْتَعْمَلَهُ قَالَ لَا قَالُوا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عُمَرُ فَقَالَ الرَّجُلُ سمع [سَمْعاً] وَ طَاعَةً لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ.

بیان: بقره كمنعه شقه و وسعه.

«436»-(2)ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الصَّوْلِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ

ص: 166


1- 435- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الباب: معنی استعانة النبیّ بمعاویة فی كتابة الوحی من كتاب معانی الأخبار: ج 2 ص 328 ط النجف. و فیه: سمعا و طاعة.
2- 436- رواه الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی آخر الباب: 32 من كتاب عیون أخبار الرضا- علیه السلام-: ج 2 ص 86 ط النجف.

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: حَلَفَ رَجُلٌ بِخُرَاسَانَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ لَیْسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَیَّامَ كَانَ الرِّضَا علیه السلام بِهَا فَأَفْتَی الْفُقَهَاءُ بِطَلَاقِهَا فَسُئِلَ الرِّضَا علیه السلام فَأَفْتَی أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ فَكَتَبَ الْفُقَهَاءُ رُقْعَةً أَنْفَذُوهَا إِلَیْهِ وَ قَالُوا لَهُ مِنْ أَیْنَ قُلْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهَا لَمْ تُطَلَّقْ فَوَقَّعَ علیه السلام فِی رُقْعَتِهِمْ قُلْتُ هَذَا مِنْ رِوَایَتِكُمْ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِمُسْلِمَةِ الْفَتْحِ وَ قَدْ كَثُرُوا عَلَیْهِ أَنْتُمْ خَیْرٌ وَ أَصْحَابِی خَیْرٌ وَ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ فَأَبْطَلَ الْهِجْرَةَ وَ لَمْ یَجْعَلْ هَؤُلَاءِ أَصْحَاباً لَهُ فَرَجَعُوا إِلَی قَوْلِهِ.

«437»-(1)ل، الخصال ابْنُ مُوسَی عَنِ ابْنِ زَكَرِیَّا عَنِ ابْنِ حَبِیبٍ عَنْ نُصَیْرِ بْنِ عُبَیْدٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنْ یَحْیَی بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ عَنْ أَبِی حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ خَمْسَةٌ إِبْلِیسُ وَ ابْنُ آدَمَ الَّذِی قَتَلَ أَخَاهُ وَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ وَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ رَدَّهُمْ عَنْ دِینِهِمْ وَ رَجُلٌ مِنْ هذا [هَذِهِ] الْأُمَّةِ یُبَایَعُ عَلَی كُفْرٍ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ قَالَ ثُمَّ قَالَ إِنِّی لَمَّا رَأَیْتُ مُعَاوِیَةَ یُبَایَعُ عِنْدَ لُدٍّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَحِقْتُ بِعَلِیٍّ فَكُنْتُ مَعَهُ.

«438»-(2)كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی مِثْلَهُ بیان قال الفیروزآبادی لد بالضم قریة بفلسطین یقتل عیسی علیه السلام الدجال عند بابها.

«439»-(3)یر، بصائر الدرجات الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ بَشِیرٍ النَّبَّالِ

ص: 167


1- 437- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الأخیر من باب الخمسة من الخصال ج 1، ص 319 ط 3.
2- 438- رواه نصر بن مزاحم المنقریّ رحمه اللّٰه فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 217 ط مصر.
3- 439- رواه الصفار كتاب بصائر الدرجات فی باب أن الأئمّة یعرضون علیهم أعدائهم ح 1، ص 284، ط قم.

عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ أَبِی وَ هُوَ عَلَی بَغْلَتِهِ فَنَفَرَتْ بَغْلَتُهُ فَإِذَا رَجُلٌ شَیْخٌ فِی عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ وَ رَجُلٌ یَتْبَعُهُ فَقَالَ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ اسْقِنِی اسْقِنِی فَقَالَ الرَّجُلُ لَا تَسْقِهِ لَا سَقَاهُ اللَّهُ قَالَ وَ كَانَ الشَّیْخُ مُعَاوِیَةَ.

«440»-(1)ختص، الإختصاص أَیُّوبُ بْنُ نُوحٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ الْعَبَّاسِ مِثْلَهُ.

«441»-(2)یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنْ مُوسَی بْنِ سَعْدَانَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أُمِّ الطَّوِیلِ قَالَ: صَحِبْتُ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فِی الْمَدِینَةِ إِلَی مَكَّةَ وَ هُوَ عَلَی بَغْلَتِهِ وَ أَنَا عَلَی رَاحِلَةٍ فَجُزْنَا وَادِیَ ضَجْنَانَ فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ أَسْوَدَ فِی رَقَبَتِهِ سِلْسِلَةٌ قَالَ وَ هُوَ یَقُولُ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ اسْقِنِی سَقَاكَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ عَلِیٌّ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَی صَدْرِهِ ثُمَّ حَرَّكَ دَابَّتَهُ قَالَ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَجُلٌ یَجْذِبُهُ وَ هُوَ یَقُولُ لَا تَسْقِهِ لَا سَقَاهُ اللَّهُ قَالَ فَحَرَّكْتُ رَاحِلَتِی فَلَحِقْتُ بِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ فَقَالَ لِی أَیَّ شَیْ ءٍ رَأَیْتَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ذَاكَ مُعَاوِیَةُ.

«442»-(3)حة، فرحة الغری مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الذَّیَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَوْهُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاضِی عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ نَصْرِ بْنِ

ص: 168


1- 440- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه- مع أحادیث أخر بأسانید أخر فی معناه- فی أواسط كتاب الاختصاص ص 269 ط النجف.
2- 441- رواه الصفار فی كتاب بصائر الدرجات. فی باب أن الأئمّة علیهم السلام یعرضون علیهم أعدائهم، ص 286.
3- 442- رواه ابن طاوس رحمه اللّٰه فی كتاب فرحة الغریّ ص 24، ط النجف. و قصة لعن معاویة علیّا علیه السلام و السبطین و حواریه مذكورة فی أواخر الجزء 8 و هو الجزء الأخیر من كتاب صفّین ص 553 ط مصر. و وراها أیضا الطبریّ فی ختام عنوان: «اجتماع الحكمین بدومة الجندل» من حوادث سنة: 37 من تاریخه: ج 5 ص 71 ط بیروت.

مُزَاحِمٍ التَّمِیمِیِّ فِی كِتَابِ صِفِّینَ قَالَ: كَانَ مُعَاوِیَةُ إِذَا قَنَتَ لَعَنَ عَلِیّاً علیه السلام وَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام وَ لَمْ یُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَیْهِ إِمَّا خَوْفاً مِنْ مُؤْمِنٍ أَوِ اعْتِقَاداً مِنْ جَاهِلٍ وَ كَانَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَزِیدَ بْنِ أَسَدِ بْنِ كَرِیزِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَمْعَمَةَ بْنِ حَرِیزِ بْنِ شَقِّ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ یَشْكُرَ بْنِ دَهْمِ بْنِ أَفْرَكِ بْنِ بَدِیرِ بْنِ قَسْرٍ الْقَسْرِیُّ یَقُولُ عَلَی الْمِنْبَرِ الْعَنُوا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فَإِنَّهُ لُصُّ بْنُ لُصٍّ بِضَمِّ اللَّامِ فَقَامَ إِلَیْهِ أَعْرَابِیٌّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَعْلَمُ مِنْ أَیِّ شَیْ ءٍ أَعْجَبُ مِنْ سَبِّكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ أَمْ مِنْ مَعْرِفَتِكَ بِالْعَرَبِیَّةِ.

«443»-(1)كشف، كشف الغمة مِنْ كِتَابِ الْمُوَفَّقِیَّاتِ لِلزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ الزُّبَیْرِیِّ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَفَدْتُ مَعَ أَبِی الْمُغِیرَةِ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ كَانَ أَبِی یَأْتِیهِ فَیَتَحَدَّثُ مَعَهُ ثُمَّ یَنْصَرِفُ إِلَیَّ فَیَذْكُرُ مُعَاوِیَةَ وَ یَذْكُرُ عَقْلَهُ وَ یُعْجَبُ بِمَا یَرَی مِنْهُ إِذْ جَاءَ ذَاتَ لَیْلَةٍ فَأَمْسَكَ عَنِ الْعَشَاءِ وَ رَأَیْتُهُ مُغْتَمّاً فَانْتَظَرْتُهُ سَاعَةً وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ لِشَیْ ءٍ حَدَثَ فِینَا وَ فِی عَمَلِنَا فَقُلْتُ مَا لِی أَرَاكَ مُغْتَمّاً مُنْذُ اللَّیْلَةِ فَقَالَ یَا بُنَیَّ جِئْتُ مِنْ عِنْدِ أَخْبَثِ النَّاسِ قُلْتُ وَ مَا ذَاكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ وَ خَلَوْتُ بِهِ إِنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً فَلَوْ أَظْهَرْتَ عَدْلًا وَ بَسَطْتَ خَیْراً فَإِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ وَ لَوْ نَظَرْتَ إِلَی إِخْوَتِكَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ فَوَصَلْتَ أَرْحَامَهُمْ فَوَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُمُ الْیَوْمَ شَیْ ءٌ تَخَافُهُ فَقَالَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ مَلِكَ أَخُو تَیْمٍ فَعَدَلَ وَ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَوَ اللَّهِ مَا عَدَا أَنْ هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكْرُهُ إِلَّا أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ مَلِكَ أَخُو بَنِی عَدِیٍّ فَاجْتَهَدَ وَ شَمَّرَ عَشْرَ سِنِینَ فَوَ اللَّهِ مَا عَدَا أَنْ هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكْرُهُ إِلَّا أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ عُمَرُ ثُمَّ مَلِكَ عُثْمَانُ فَهَلَكَ رَجُلٌ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ فِی مِثْلِ نَسَبِهِ وَ فَعَلَ مَا فَعَلَ وَ عُمِلَ بِهِ مَا عُمِلَ فَوَ اللَّهِ مَا عَدَا أَنْ هَلَكَ فَهَلَكَ ذِكْرُهُ وَ ذِكْرُ مَا فُعِلَ بِهِ وَ إِنَّ أَخَا بَنِی

ص: 169


1- 443- رواه علیّ بن عیسی الاربلی رحمه اللّٰه فی أواخر عنوان: «فی ذكر مناقب شتّی ...» و قبیل عنوان: «ذكر قتله و مدة خلافته ...» من كتاب كشف الغمّة: ج 2 ص 44 ط بیروت.

هَاشِمٍ یُصَاحُ بِهِ فِی كُلِّ یَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَأَیُّ عَمَلٍ یَبْقَی بَعْدَ هَذَا لَا أُمَّ لَكَ لَا وَ اللَّهِ إِلَّا دَفْناً دَفْناً.

بیان: أی أقتلهم و أدفنهم دفنا أو أدفن و أخفی ذكرهم و فضائلهم و هو أظهر.

«444»-(1)كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْحَاقَّةِ فِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ فِی مُعَاوِیَةَ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ جَزَاءُ مَا عَمِلَهُ.

«445»-(2)وَ یُؤَیِّدُهُ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْحَلَبِیِّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِیَمِینِهِ إِلَی آخِرِ الْآیَاتِ فَهُوَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِیَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَالشَّامِیُّ.

«446»-(3)وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ صَاحِبُ السِّلْسِلَةِ وَ هُوَ فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

«447»-(4)كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِیسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رَفَعَهُ إِلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ مَا الْعَقْلُ قَالَ مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمَنُ وَ اكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ قَالَ قُلْتُ فَالَّذِی كَانَ فِی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ تِلْكَ النَّكْرَاءُ تِلْكَ الشَّیْطَنَةُ وَ هِیَ شَبِیهَةٌ بِالْعَقْلِ.

«448»-(5)كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَبِی

ص: 170


1- 444- رواه العلامة الكراجكیّ رحمه اللّٰه فی كتاب كنز الفوائد.
2- 445- رواه العلامة الكراجكیّ رحمه اللّٰه فی كتاب كنز الفوائد.
3- 446- رواه العلامة الكراجكیّ رحمه اللّٰه فی كتاب كنز الفوائد.
4- 447- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الثالث من كتاب العقل و الجهل من الكافی: ج 1، ص 11.
5- 448- رواهما ثقة الإسلام الكلینی فی باب قوله عزّ و جلّ: «سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ وَ الْبادِ» من كتاب الحجّ من كتاب الكافی: ج 4 ص 242 ط الآخوندی. و رواهما عنه السیّد البحرانیّ فی تفسیر الآیة: 25 من سورة الحجّ من تفسیر البرهان: ج 3 ص 83 ط 3. و فیهما بقطرانهم؛ و سیأتی فی كتاب الحجّ باب فضل مكّة بعض الروایات المرتبطة بالمقام.

الْعَلَاءِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ مُعَاوِیَةَ أَوَّلُ مَنْ عَلَّقَ عَلَی بَابِهِ مِصْرَاعَیْنِ بِمَكَّةَ فَمَنَعَ حَاجَّ بَیْتِ اللَّهِ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ وَ الْبادِ وَ كَانَ النَّاسُ إِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ نَزَلَ الْبَادِی عَلَی الْحَاضِرِ حَتَّی یَقْضِیَ حَجَّهُ وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ صَاحِبَ السِّلْسِلَةِ الَّتِی قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِیمِ وَ كَانَ فِرْعَوْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ.

«449»-(1)كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: لَمْ یَكُنْ لِدُورِ مَكَّةَ أَبْوَابٌ وَ كَانَ أَهْلُ الْبُلْدَانِ یَأْتُونَ بِقُطْوَانِهِمْ فَیَدْخُلُونَ فَیَضْرِبُونَ بِهَا وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَوَّبَهَا مُعَاوِیَةَ.

أقول: سیأتی أخبار كثیرة فی كتاب الحج فی أن أول من ابتدع ذلك معاویة.

«450»-(2)یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَبَ وَ هُوَ جَالِسٌ مُعَاوِیَةُ وَ اسْتَأْذَنَ النَّاسَ فِی ذَلِكَ مِنْ وَجَعٍ كَانَ فِی رُكْبَتَیْهِ وَ كَانَ یَخْطُبُ خُطْبَةً وَ هُوَ جَالِسٌ وَ خُطْبَةً وَ هُوَ قَائِمٌ ثُمَّ یَجْلِسُ بَیْنَهُمَا.

«451»-(3)د، العدد القویة كَانَ مُعَاوِیَةُ یَكْتُبُ فِیمَا یَنْزِلُ بِهِ یَسْأَلُ لَهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ

ص: 171


1- 449- رواهما ثقة الإسلام الكلینی فی باب قوله عزّ و جلّ: «سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ وَ الْبادِ» من كتاب الحجّ من كتاب الكافی: ج 4 ص 242 ط الآخوندی. و رواهما عنه السیّد البحرانیّ فی تفسیر الآیة: 25 من سورة الحجّ من تفسیر البرهان: ج 3 ص 83 ط 3. و فیهما بقطرانهم؛ و سیأتی فی كتاب الحجّ باب فضل مكّة بعض الروایات المرتبطة بالمقام.
2- 450- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 74 من عنوان: «باب العمل فی لیلة الجمعة و یومها» من كتاب الصلاة من كتاب التهذیب: ج 3 ص 20 ط النجف.
3- 451- رواه علیّ بن یوسف بن علیّ بن المطهّر الحلّیّ- أخو العلّامة الحلّیّ- المولود عام: 635 فی كتاب العدد القویة لدفع المخاوف الیومیة، و الكتاب إلی الآن لم ینشر. و الحدیث رواه حرفیا أبو عمر بن عبد البر فی أواسط ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب الاستیعاب بهامش الإصابة: ج 3 ص 44. و بعض محتویات الحدیث رواه ابن أبی الدنیا فی آخر مقتل أمیر المؤمنین علیه السلام الموجود- بنقص فی أوله- فی المجموعة: 95 من المكتبة الظاهریة الورق 232 منه. و رواه ابن عساكر بأسانید عن ابن أبی الدنیا و غیره فی الحدیث: 1505 و ما بعده من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ دمشق: ج 3 ص 405- 409 ط 2.

علیهما السلام عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُهُ قَالَ ذَهَبَ الْفِقْهُ وَ الْعِلْمُ بِمَوْتِ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ عُتْبَةُ لَا یَسْمَعُ هَذَا أَهْلُ الشَّامِ فَقَالَ دَعْنِی عَنْكَ.

«452»-(1)ختص، الإختصاص هَلَكَ مُعَاوِیَةُ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانِیَ وَ سَبْعِینَ سَنَةً وَ وَلِیَ الْأَمْرَ عِشْرِینَ سَنَةً.

«453»-(2) ختص، الإختصاص ابْنُ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ أَبِی الْبِلَادِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی الْمُغِیرَةِ قَالَ: نَزَلَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام بِضَجْنَانَ فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ قَالَ أَ تَدْرُونَ لِمَنْ قُلْتُ أَوْ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ مَرَّ بِی مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ یَجُرُّ سِلْسِلَةً قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ یَسْأَلُنِی أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ یُقَالُ إِنَّهُ وَادٍ مِنْ أَوْدِیَةِ جَهَنَّمَ.

أقول: قد أوردنا مثله بأسانید فی باب أحوال البرزخ و باب معجزات الباقر علیه السلام.

«454»-(3)كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لَمَّا كَانَ سَنَةُ إِحْدَی وَ أَرْبَعِینَ أَرَادَ مُعَاوِیَةُ الْحَجَّ فَأَرْسَلَ نَجَّاراً وَ أَرْسَلَ بِالْآلَةِ وَ كَتَبَ إِلَی صَاحِبِ الْمَدِینَةِ أَنْ یَقْلَعَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یَجْعَلُوهُ عَلَی قَدْرِ مِنْبَرِهِ بِالشَّامِ فَلَمَّا نَهَضُوا لِیَقْلَعُوهُ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَ زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فَكَفُّوا

ص: 172


1- 452- رواه الشیخ المفید فی كتاب الاختصاص ص 131، ط طهران.
2- 453- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی أواسط كتاب الاختصاص ص 270 ط النجف.
3- 454- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی عنوان: «المنبر و الروضة و مقام النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله» من أبواب الزیارات فی آخر كتاب الحجّ من الكافی: ج 4 ص 554 ط الآخوندی.

وَ كَتَبُوا بِذَلِكَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَكَتَبَ إِلَیْهِمْ یَعْزِمُ عَلَیْهِمْ لِمَا فَعَلُوهُ فَفَعَلُوا فَمِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَدْخَلُ الَّذِی رَأَیْتَ.

«455»-(1)تَقْرِیبٌ، قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ أَرَادَ مُعَاوِیَةُ فِی سَنَةِ خَمْسِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ أَنْ یَنْقُلَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الشَّامِ وَ قَالَ لَا نَتْرُكُ مِنْبَرَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَصَاهُ فِی الْمَدِینَةِ وَ هُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ وَ طَلَبَ الْعَصَا وَ هِیَ عِنْدَ سَعْدٍ الْقُرَظِیِّ فَحَرَّكَ الْمِنْبَرَ فَكَسَفَتِ الشَّمْسُ حَتَّی رُئِیَتِ النُّجُومُ بَادِیَةً فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَتَرَكَهُ وَ قِیلَ أَتَاهُ جَابِرٌ وَ أَبُو هُرَیْرَةَ فَقَالا لَا یَصْلُحُ أَنْ یُخْرَجَ مِنْبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَوْضِعٍ وَضَعَهُ فِیهِ وَ تَنَقَّلَ عَصَاهُ إِلَی الشَّامِ فَتَرَكَهُ وَ زَادَ فِیهِ سِتَّ دَرَجَاتِ وَ اعْتَذَرَ مِمَّا صَنَعَ.

أقول: یظهر من الخبر أن هذا اعتذار من القوم له.

«456»-(2)كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ سُلَیْمٍ وَ عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ قَالا قَدِمَ مُعَاوِیَةُ حَاجّاً فِی خِلَافَتِهِ الْمَدِینَةَ بَعْدَ مَا قُتِلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ

ص: 173


1- 455- ذكره عزّ الدین محمّد بن محمّد بن عبد الكریم المعروف بابن الأثیر فی أوائل حوادث سنة خمسین من كتاب الكامل: ج 3 ص 229 ط بیروت. و رواه الطبریّ بأسانید فی أواسط حوادث سنة 50 من تاریخ الأمم و الملوك: ج 5 ص 238، و فی ط 1: ج 2 ص 92. و رواه عنه ابن كثیر فی أول حوادث سنة 50 من تاریخ الأمم و الملوك: ج 5 ص 238، و فی ط 1: ج 2 ص 92. و رواه عنه ابن كثیر فی أول حوادث سنة: 50 من كتاب البدایة و النهایة: ج 8 ص 45 ط بیروت. و رواه أیضا المسعودیّ فی أوائل عنوان: «ذكر لمع من أخبار معاویة ...» من كتاب مروج الذهب: ج 3 ص 35 ط مصر.
2- 456- رواه سلیم بن قیس الهلالی فی كتابه، ص 199، ط بیروت. و رواه عنه السیّد علیخان المدنیّ و العلامة الامینی فی ترجمة قیس بن عبادة من كتاب الدرجات الرفیعة ص 439 و الغدیر: ج 2 ص 106، ط بیروت.

عَلَیْهِ وَ صَالَحَ الْحَسَنُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی بَعْدَ مَا مَاتَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ اسْتَقْبَلَهُ أَهْلُ الْمَدِینَةِ فَنَظَرَ فَإِذَا الَّذِی اسْتَقْبَلَهُ مِنْ قُرَیْشٍ أَكْثَرُ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِیلَ إِنَّهُمْ یَحْتَاجُونَ لَیْسَتْ لَهُمْ دَوَابُّ فَالْتَفَتَ مُعَاوِیَةُ إِلَی قَیْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا لَكُمْ لَا تَسْتَقْبِلُونِّی مَعَ إِخْوَانِكُمْ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالَ قَیْسٌ وَ كَانَ سَیِّدَ الْأَنْصَارِ وَ ابْنَ سَیِّدِهِمْ أَقْعَدَنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ لَمْ یَكُنْ لَنَا دَوَابُّ قَالَ مُعَاوِیَةُ فَأَیْنَ النَّوَاضِحُ فَقَالَ قَیْسٌ أَفْنَیْنَاهَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ یَوْمَ أُحُدٍ وَ مَا بَعْدَهُمَا فِی مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ حِینَ ضَرَبْنَاكَ وَ أَبَاكَ عَلَی الْإِسْلَامِ حَتَّی ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ كَارِهُونَ قَالَ مُعَاوِیَةُ اللَّهُمَّ غَفْراً قَالَ قَیْسٌ أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ سَتَرَوْنَ بَعْدِی أَثَرَةً ثُمَّ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ تُعَیِّرُنَا بِنَوَاضِحِنَا وَ اللَّهِ لَقَدْ لَقِینَاكُمْ عَلَیْهَا یَوْمَ بَدْرٍ وَ أَنْتُمْ جَاهِدُونَ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ أَنْ یَكُونَ كَلِمَةُ الشَّیْطَانِ هِیَ الْعُلْیَا ثُمَّ دَخَلْتَ أَنْتَ وَ أَبُوكَ كَرْهاً فِی الْإِسْلَامِ الَّذِی ضَرَبْنَاكُمْ عَلَیْهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ كَأَنَّكَ تَمُنُّ عَلَیْنَا بِنُصْرَتِكُمْ إِیَّانَا فَلِلَّهِ وَ لِقُرَیْشٍ بِذَلِكَ الْمَنُّ وَ الطَّوْلُ أَ لَسْتُمْ تَمُنُّونَ عَلَیْنَا یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ بِنُصْرَتِكُمْ رَسُولَ اللَّهِ وَ هُوَ مِنْ قُرَیْشٍ وَ هُوَ ابْنُ عَمِّنَا وَ مِنَّا فَلَنَا الْمَنُّ وَ الطَّوْلُ أَنْ جَعَلَكُمُ اللَّهُ أَنْصَارَنَا وَ أَتْبَاعَنَا فَهَدَاكُمْ بِنَا فَقَالَ قَیْسٌ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ فَبَعَثَهُ إِلَی النَّاسِ كَافَّةً وَ إِلَی الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ وَ الْأَبْیَضِ اخْتَارَهُ لِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ وَ آمَنَ بِهِ ابْنَ عَمِّهِ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَبُو طَالِبٍ یَذُبُّ عَنْهُ وَ یَمْنَعُهُ وَ یَحُولُ بَیْنَ كُفَّارِ قُرَیْشٍ وَ بَیْنَ أَنْ یَرْدَعُوهُ وَ یُؤْذُوهُ وَ أَمَرَ أَنْ یُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَلَمْ یَزَلْ مَمْنُوعاً مِنَ الضَّیْمِ وَ الْأَذَی حَتَّی مَاتَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَ أَمَرَ ابْنَهُ بِمُوَازَرَتِهِ فَوَازَرَهُ وَ نَصَرَهُ وَ جَعَلَ نَفْسَهُ دُونَهُ فِی كُلِّ شَدِیدَةٍ وَ كُلِّ ضِیقٍ وَ كُلِّ خَوْفٍ وَ اخْتَصَّ اللَّهُ بِذَلِكَ عَلِیّاً علیه السلام مِنْ بَیْنِ قُرَیْشٍ وَ أَكْرَمَهُ مِنْ بَیْنِ جَمِیعِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فَجَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَمِیعَ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِیهِمْ أَبُو طَالِبٍ وَ أَبُو لَهَبٍ وَ هُمْ یَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ خَادِمُهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 174

فِی حَجْرِ عَمِّهِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ أَیُّكُمْ یَنْتَدِبُ أَنْ یَكُونَ أَخِی وَ وَزِیرِی وَ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی فِی أُمَّتِی وَ وَلِیَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِی فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ حَتَّی أَعَادَهَا ثَلَاثاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِی حَجْرِهِ وَ تَفَلَ فِی فِیهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ امْلَأْ جَوْفَهُ عِلْماً وَ فَهْماً وَ حُكْماً ثُمَّ قَالَ لِأَبِی طَالِبٍ یَا أَبَا طَالِبٍ اسْمَعِ الْآنَ لِابْنِكَ وَ أَطِعْ فَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ نَبِیِّهِ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ آخَی صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ عَلِیٍّ وَ بَیْنَ نَفْسِهِ فَلَمْ یَدَعْ قَیْسٌ شَیْئاً مِنْ مَنَاقِبِهِ إِلَّا ذَكَرَهَا وَ احْتَجَّ بِهَا وَ قَالَ مِنْهُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الطَّیَّارُ فِی الْجَنَّةِ بِجَنَاحَیْنِ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِذَلِكَ مِنْ بَیْنِ النَّاسِ وَ مِنْهُمْ حَمْزَةُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ مِنْهُمْ فَاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا وَضَعْتَ مِنْ قُرَیْشٍ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَهْلَ بَیْتِهِ وَ عِتْرَتَهُ الطَّیِّبِینَ فَنَحْنُ وَ اللَّهِ خَیْرٌ مِنْكُمْ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ وَ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِلَی أَهْلِ بَیْتِهِ مِنْكُمْ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَی أَبِی ثُمَّ قَالُوا نُبَایِعُ سَعْداً فَجَاءَتْ قُرَیْشٌ فَخَاصَمُونَا بِحَقِّهِ وَ قَرَابَتِهِ فَمَا یَعْدُو قُرَیْشٌ أَنْ یَكُونُوا ظَلَمُوا الْأَنْصَارَ أَوْ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ وَ لَعَمْرِی مَا لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ لَا لِقُرَیْشٍ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ فِی الْخِلَافَةِ حَقٌّ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَغَضِبَ مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ یَا ابْنَ سَعْدٍ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا وَ عَمَّنْ رَوَیْتَهُ وَ عَمَّنْ سَمِعْتَهُ أَبُوكَ أَخْبَرَكَ بِذَلِكَ وَ عَنْهُ أَخَذْتَهُ فَقَالَ قَیْسٌ سَمِعْتُهُ وَ أَخَذْتُهُ مِمَّنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْ أَبِی وَ أَعْظَمُ عَلَیَّ حَقّاً مِنْ أَبِی قَالَ مَنْ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَالِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ صِدِّیقُهَا الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ قُلْ كَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ فَلَمْ یَدَعْ قَیْسٌ آیَةً نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام إِلَّا ذَكَرَهَا قَالَ مُعَاوِیَةُ فَإِنَّ صِدِّیقَهَا أَبُو بَكْرٍ وَ فَارُوقَهَا عُمَرُ وَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ قَیْسٌ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ أَوْلَی بِهَا الَّذِی أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ أَ فَمَنْ كانَ عَلی بَیِّنَةٍ مِنْ

ص: 175

رَبِّهِ وَ یَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَ الَّذِی نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِغَدِیرِ خُمٍّ فَقَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ قَالَ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ یَوْمَئِذٍ بِالْمَدِینَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ نَادَی مُنَادِیَهُ وَ كَتَبَ بِذَلِكَ نُسْخَةً إِلَی عُمَّالِهِ أَلَا بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ رَوَی حَدِیثاً فِی مَنَاقِبِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ قَامَتِ الْخُطْبَةُ فِی كُلِّ مَكَانٍ عَلَی الْمَنَابِرِ بِلَعْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ (1)وَ الْوَقِیعَةِ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ اللَّعْنَةِ لَهُمْ بِمَا لَیْسَ فِیهِمْ علیهم السلام

ص: 176


1- 1 و القصة متواترة و لها شواهد كثیرة جدا یمكن أن یفرد لها تألیف مستقل ضخم، ثمّ إن كثیرا من محتویات هذه الروایة رواه حرفیا أبو الحسن المدائنی فی كتاب الاحداث، و ابن عرفة المعروف بنفطویه فی تاریخه كما رواه عنهما ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 203/ أو 210 من نهج البلاغة من شرحه: ج 3 ص 595 ط الحدیث ببیروت. و بعض شواهدها مذكورة فی الحدیث: 32 من باب مناقب علیّ علیه السلام من صحیح مسلم: ج 7 ص 119، و فی ط: ج 4 ص 187. و رواه أیضا الترمذی فی الحدیث: 14 من باب مناقب علیّ علیه السلام من كتاب المناقب من سننه: ج 5 ص 638. و أیضا یجد الباحث شواهد أخر فی الحدیث: 271 و توالیه و تعلیقاتها من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ دمشق: ج 1، ص 226- 234، ط 2. و أیضا للموضوع شواهد أخر فی الحدیث: 91- 92 من كتاب خصائص أمیر المؤمنین علیه السلام للنسائی ص 169. و أیضا للقصة شواهد فی الحدیث: 667 و ما بعده و تعلیقاتها من ترجمة أمیر المؤمنین من تاریخ دمشق: ج 2 ص 182، ط 2. و أیضا ذكر ابن أبی الحدید شواهد كثیرة فی شرح المختار: 56 من نهج البلاغة: ج 1، ص 356، و فی ط الحدیث ببیروت ج 1، ص 778. و روی الیاقوت الحموی فی عنوان: «سجستان» من كتاب معجم البلدان: ج 5 ص 38 قال: لعن علیّ بن أبی طالب رضی اللّٰه عنه علی منابر الشرق و الغرب و لم یلعن علی منبر سجستان إلّا مرة، و امتنعوا علی بنی أمیّة حتّی زادوا فی عهدهم: و أن لا یلعن علی منبرهم أحد. ثمّ قال الیاقوت: و أی شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم علی منبرهم و هو یلعن علی منابر الحرمین مكّة و المدینة. أقول: و قریبا منه جدا ذكره صاحب تاریخ روضة الصفا عن أهل الجبل و ذكر أبیاتا فی مدحهم. و أیضا روی السیّد مرتضی الداعی الحسینی أن أهل شیراز امتنعوا عن اللعن أربعین شهرا و دفعوا فی ذلك إلی عمال بنی أمیّة جعلا بخلاف جهال و نواصب اصبهان فانهم دفعوا الجعل كی یلعنوه!! هكذا ذكره فی كتاب تبصرة العوام. و روی ابن عبد ربّه فی عنوان: أخبار معاویة من كتاب العسجدة الثانیة فی الخلفاء و تواریخهم من العقد الفرید، ج 2، ص 30 و فی ط 2، ج 3، ص 127، قال: لما مات الحسن بن علیّ علیهما السلام حج معاویة فدخل المدینة و أراد. أن یلعن علیا علی منبر رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فقیل له: إن هاهنا سعد بن أبی وقاص و لا نراه یرضی بهذا فابعث إلیه و خذ رأیه. فأرسل إلیه [معاویة] و ذكر له ذلك؟! فقال: إن فعلت لاخرجن من المسجد ثمّ لا أعود إلیه، فأمسك معاویة عن لعنه حتّی مات سعد، فلما مات لعنه علی المنبر و كتب إلی عماله: أن یلعنوه علی المنابر. ففعلوا. فكتبت أم سلمة زوج النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله إلی معاویة: إنكم تلعنون اللّٰه و رسوله علی منابركم!! و ذلك إنكم تلعنون علیّ بن أبی طالب و من أحبه و أنا أشهد أن اللّٰه أحبه و رسوله. فلم یلتفت [معاویة] إلی كلامها. و قال الجاحظ: إن معاویة كان یقول فی آخر خطبة الجمعة: اللّٰهمّ إن أبا تراب ألحد فی دینك و صد عن سبیلك فالعنه لعنا وبیلا و عذبه عذابا ألیما. و كتب بذلك إلی الآفاق فكانت هذه الكلمات یشاد بها علی المنابر إلی أیّام عمر بن عبد العزیز. و إن قوما من بنی أمیّة قالوا لمعاویة: یا أمیر المؤمنین إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن هذا الرجل. فقال: لا و اللّٰه حتّی یربو علیه الصغیر، و یهرم علیه الكبیر و لا یذكر له ذاكر فضلا. رواه عنه ابن أبی الحدید فی شرحه- علی المختار: 56 من نهج البلاغة-: ج 1، ص 356، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 778. و رواه مع ما تقدم العلامة الامینی فی ترجمة قیس بن سعد من كتاب الغدیر: ج 2 ص 102، ط بیروت ثمّ قال: قال الزمخشریّ فی ربیع الابرار- علی ما یعلق بالخاطر- و الحافظ السیوطی: إنّه كان فی أیّام بنی أمیّة أكثر من سبعین ألف منبر یلعن علیها علیّ بن أبی طالب بما سنه لهم معاویة من ذلك. و فی ذلك یقول الشیخ أحمد الحفظی الشافعی فی أرجوزته: و قد حكی الشیخ السیوطی إنّه***قد كان فیما جعلوه سنة سبعون ألف منبر و عشرة***من فوقهن یلعنون حیدرة و هذه فی جنبها العظائم***تصغر بل توجه اللوائم فهل تری من سنها یعادی؟***أم لا و هل یستر أو یهادی أو عالم یقول: عنه نسكت***أجب فإنی للجواب منصف أ لیس ذا یؤذیه أم لا فاسمعن***إن الذی یؤذیه من و من و من عاون أخا العرفان بالجواب***و عاد من عادی أبا تراب و لیت شعری هل یقال: اجتهدا*** كقولهم فی بغیه أم ألحد! بل جاء فی حدیث أم سلمة***هل فیكم اللّٰه یسب مه لمه؟ و أیضا روی ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 56 من نهج البلاغة: ج 1 ص 782 ط الحدیث ببیروت قال: و ذكر شیخنا أبو جعفر الاسكافی أن معاویة وضع قوما من الصحابة و قوما من التابعین علی روایة أخبار قبیحة فی علیّ علیه السلام تقتضی الطعن فیه و البراءة منه و جعل لهم علی ذلك جعلا یرغب فی مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هریرة و عمرو بن العاص و المغیرة بن شعبة، و من التابعین عروة بن الزبیر. أقول: ثم ذكر نموذجا من تلك الأحادیث المختلقة فراجعه البتة فإنّه یوضح لك وزن روایات أهل السنة. و لیلاحظ البتة ما أورده العلامة الامینی عن مصادر كثیرة فی الغدیر: ج 10، ص 260- 266.

ص: 177

ثُمَّ إِنَّ مُعَاوِیَةَ مَرَّ بِحَلْقَةٍ مِنْ قُرَیْشٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَیْهِ غَیْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا مَنَعَكَ مِنَ الْقِیَامِ كَمَا قَامَ أَصْحَابُكَ إِلَّا لِمَوْجِدَةٍ عَلَیَّ بِقِتَالِی إِیَّاكُمْ یَوْمَ صِفِّینَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّ ابْنَ عَمِّی عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ قُتِلَ أَیْضاً مَظْلُوماً قَالَ فَتُسَلِّمُ

ص: 178

الْأَمْرَ إِلَی وُلْدِهِ وَ هَذَا ابْنُهُ قَالَ إِنَّ عُمَرَ قَتَلَهُ مُشْرِكٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ قَالَ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ فَذَلِكَ أَدْحَضُ لِحُجَّتِكَ وَ أَحَلُّ لِدَمِهِ إِنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَتَلُوهُ وَ خَذَلُوهُ فَلَیْسَ إِلَّا بِحَقٍّ قَالَ فَإِنَّا قَدْ كَتَبْنَا فِی الْآفَاقِ نَنْهَی عَنْ ذِكْرِ مَنَاقِبِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَكُفَّ لِسَانَكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَ ارْبَعْ عَلَی نَفْسِكَ قَالَ فَتَنْهَانَا عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَ لَا قَالَ فَتَنْهَانَا عَنْ تَأْوِیلِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَقْرَؤُهُ وَ لَا نَسْأَلُ عَنْ مَا عَنَی اللَّهُ بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَیُّمَا أَوْجَبُ عَلَیْنَا قِرَاءَتُهُ أَوِ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ فَكَیْفَ نَعْمَلُ بِهِ حَتَّی نَعْلَمَ مَا عَنَی اللَّهُ بِمَا أَنْزَلَ عَلَیْنَا قَالَ یُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ مَنْ یَتَأَوَّلُهُ عَلَی غَیْرِ مَا تَتَأَوَّلُهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَیْتِكَ قَالَ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَی أَهْلِ بَیْتِی فَأَسْأَلُ عَنْهُ آلَ أَبِی سُفْیَانَ وَ آلَ أَبِی مُعَیْطٍ وَ الْیَهُودَ وَ النَّصَارَی وَ الْمَجُوسَ قَالَ فَقَدْ عَدَلْتَنِی بِهَؤُلَاءِ قَالَ لَعَمْرِی مَا أَعْدِلُكَ بِهِمْ إِلَّا إِذَا نَهَیْتَ الْأُمَّةَ أَنْ یَعْبُدُوا اللَّهَ بِالْقُرْآنِ وَ بِمَا فِیهِ مِنْ أَمْرٍ أَوْ نَهْیٍ أَوْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ نَاسِخٍ أَوْ مَنْسُوخٍ أَوْ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ أَوْ مُحْكَمٍ أَوْ مُتَشَابِهٍ وَ إِنْ لَمْ تَسْأَلِ الْأُمَّةُ عَنْ ذَلِكَ هَلَكُوا وَ اخْتَلَفُوا وَ تَاهُوا قَالَ مُعَاوِیَةُ فَاقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَ لَا تَرْوُوا شَیْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیكُمْ وَ مِمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَ ارْوُوا مَا سِوَی ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فِی الْقُرْآنِ یُرِیدُونَ أَنْ یُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ اكْفِنِی نَفْسَكَ وَ كُفَّ عَنِّی لِسَانَكَ وَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْیَكُنْ سِرّاً فَلَا تُسْمِعْهُ أَحَداً عَلَانِیَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَنْزِلِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ بِخَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بِالْأَمْصَارِ كُلِّهَا عَلَی شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ بَلِیَّةً أَهْلُ الْكُوفَةِ لِكَثْرَةِ مَنْ بِهَا مِنَ الشِّیعَةِ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَیْهَا زِیَاداً ضَمَّهَا إِلَیْهِ مَعَ الْبَصْرَةِ وَ جَمَعَ لَهُ الْعِرَاقَیْنِ وَ كَانَ یُتْبِعُ الشِّیعَةَ وَ هُوَ بِهِمْ عَالِمٌ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ قَدْ عَرَفَهُمْ وَ سَمِعَ كَلَامَهُمْ أَوَّلَ شَیْ ءٍ فَقَتَلَهُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ وَ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ وَ مَدَرٍ وَ أَخَافَهُمْ وَ قَطَعَ الْأَیْدِیَ وَ الْأَرْجُلَ مِنْهُمْ وَ صَلَبَهُمْ عَلَی جُذُوعِ النَّخْلِ وَ سَمَلَ أَعْیُنَهُمْ وَ طَرَدَهُمْ وَ شَرَّدَهُمْ حَتَّی انْتَزَحُوا عَنِ الْعِرَاقِ فَلَمْ یَبْقَ بِهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا مَقْتُولٌ أَوْ مَصْلُوبٌ أَوْ طَرِیدٌ أَوْ هَارِبٌ

ص: 179

وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عُمَّالِهِ وَ وُلَاتِهِ فِی جَمِیعِ الْأَرَضِینَ وَ الْأَمْصَارِ أَنْ لَا یُجِیزُوا لِأَحَدٍ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ لَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَا مِنْ أَهْلِ وَلَایَتِهِ الَّذِینَ یَرْوُونَ فَضْلَهُ وَ یَتَحَدَّثُونَ بِمَنَاقِبِهِ شَهَادَةً وَ كَتَبَ إِلَی عُمَّالِهِ انْظُرُوا مَنْ قِبَلَكُمْ مِنْ شِیعَةِ عُثْمَانَ وَ مُحِبِّیهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ أَهْلِ وَلَایَتِهِ الَّذِینَ یَرْوُونَ فَضْلَهُ وَ یَتَحَدَّثُونَ بِمَنَاقِبِهِ فَادْنُوا مَجَالِسَهُمْ وَ أَكْرِمُوهُمْ وَ قَرِّبُوهُمْ وَ شَرِّفُوهُمْ وَ اكْتُبُوا إِلَیَّ بِمَا یَرْوِی كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِیهِ بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِیهِ وَ مِمَّنْ هُوَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ حَتَّی أَكْثَرُوا فِی عُثْمَانَ الْحَدِیثَ وَ بَعَثَ إِلَیْهِمْ بِالصِّلَاتِ وَ الْكِسَی وَ أَكْثَرَ لَهُمُ الْقَطَائِعَ مِنَ الْعَرَبِ وَ الْمَوَالِی فَكَثُرُوا فِی كُلِّ مِصْرٍ وَ تَنَافَسُوا فِی الْمَنَازِلِ وَ الضِّیَاعِ وَ اتَّسَعَتْ عَلَیْهِمُ الدُّنْیَا فَلَمْ یَكُنْ أَحَدٌ یَأْتِی عَامِلَ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ وَ لَا قَرْیَةٍ فَیَرْوِی فِی عُثْمَانَ مَنْقَبَةً أَوْ یَذْكُرُ لَهُ فَضِیلَةً إِلَّا كُتِبَ اسْمُهُ وَ قُرِّبَ وَ شُفِّعَ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی عُمَّالِهِ أَنَّ الْحَدِیثَ قَدْ كَثُرَ فِی عُثْمَانَ وَ فَشَا فِی كُلِّ مِصْرٍ وَ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِی هَذَا فَادْعُوهُمْ إِلَی الرِّوَایَةِ فِی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَإِنَّ فَضْلَهُمَا وَ سَوَابِقَهُمَا أَحَبُّ إِلَیَّ وَ أَقَرُّ لِعَیْنِی وَ أَدْحَضُ لِحُجَّةِ أَهْلِ هَذَا الْبَیْتِ وَ أَشَدُّ عَلَیْهِمْ مِنْ مَنَاقِبِ عُثْمَانَ وَ فَضْلِهِ فَقَرَأَ كُلُّ قَاضٍ وَ أَمِیرٍ مِنْ وُلَاتِهِ كِتَابَهُ عَلَی النَّاسِ وَ أَخَذَ النَّاسُ فِی الرِّوَایَاتِ فِیهِمْ وَ فِی مَنَاقِبِهِمْ ثُمَّ كَتَبَ نُسْخَةً جَمَعَ فِیهَا جَمِیعَ مَا رُوِیَ فِیهِمْ مِنَ الْمَنَاقِبِ وَ الْفَضَائِلِ وَ أَنْفَذَهُمَا إِلَی عُمَّالِهِ وَ أَمَرَهُمْ بِقِرَاءَتِهَا عَلَی الْمَنَابِرِ فِی كُلِّ كُورَةٍ وَ فِی كُلِّ مَسْجِدٍ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یُنْفِذُوا إِلَی مُعَلِّمِی الْكَتَاتِیبِ أَنْ یُعَلِّمُوهَا صِبْیَانَهُمْ حَتَّی یَرْوُوهَا وَ یَتَعَلَّمُوهَا كَمَا یَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ حَتَّی عَلَّمُوهَا بَنَاتِهِمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ خَدَمَهُمْ وَ حَشَمَهُمْ فَلَبِثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی عمال [عُمَّالِهِ] نُسْخَةً وَاحِدَةً إِلَی جَمِیعِ الْبُلْدَانِ انْظُرُوا مَنْ قَامَتْ عَلَیْهِ الْبَیِّنَةُ أَنَّهُ یُحِبُّ عَلِیّاً وَ أَهْلَ بَیْتِهِ فَامْحُوهُ مِنَ الدِّیوَانِ وَ لَا تُجِیزُوا لَهُ شَهَادَةً ثُمَّ كَتَبَ كِتَاباً آخَرَ مَنِ اتَّهَمْتُمُوهُ وَ لَمْ تُقَمْ عَلَیْهِ بَیِّنَةٌ فَاقْتُلُوهُ فَقَتَلُوهُمْ عَلَی التُّهَمِ وَ الظَّنِّ وَ الشُّبَهِ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ حَتَّی لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ یَسْقُطُ بِالْكَلِمَةِ فَیُضْرَبُ عُنُقُهُ وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ الْبَلَاءُ فِی بَلَدٍ أَكْبَرَ وَ لَا أَشَدَّ مِنْهُ بِالْعِرَاقِ وَ لَا سِیَّمَا

ص: 180

بِالْكُوفَةِ حَتَّی إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ وَ مِمَّنْ بَقِیَ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْمَدِینَةِ وَ غَیْرِهَا لَیَأْتِیهِ مَنْ یَثِقُ بِهِ فَیَدْخُلُ بَیْتَهُ ثُمَّ یُلْقَی عَلَیْهِ سِتْرٌ فَیَخَافُ مِنْ خَادِمِهِ وَ مَمْلُوكِهِ فَلَا یُحَدِّثُهُ حَتَّی یَأْخُذَ عَلَیْهِ الْأَیْمَانَ الْمُغَلَّظَةَ لَیَكْتُمَنَّ عَلَیْهِ وَ جُعِلَ الْأَمْرُ لَا یَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً وَ كَثُرَ عِنْدَهُمْ عَدُوُّهُمْ وَ أَظْهَرُوا أَحَادِیثَهُمُ الْكَاذِبَةَ فِی أَصْحَابِهِمْ مِنَ الزُّورِ وَ الْبُهْتَانِ فَیَنْشَأُ النَّاسُ عَلَی ذَلِكَ وَ لَا یَتَعَلَّمُونَ إِلَّا مِنْهُمْ وَ مَضَی عَلَی ذَلِكَ قُضَاتُهُمْ وَ وُلَاتُهُمْ وَ فُقَهَاؤُهُمْ وَ كَانَ أَعْظَمَ النَّاسِ فِی ذَلِكَ بَلَاءً وَ فِتْنَةً الْقُرَّاءُ الْمُرَاءُونَ الْمُتَصَنِّعُونَ الَّذِینَ یُظْهِرُونَ لَهُمُ الْحُزْنَ وَ الْخُشُوعَ وَ النُّسُكَ وَ یَكْذِبُونَ وَ یُعَلِّمُونَ الْأَحَادِیثَ لِیَحْظَوْا بِذَلِكَ عِنْدَ وُلَاتِهِمْ وَ یَدْنُوْا لِذَلِكَ مَجَالِسَهُمْ وَ یُصِیبُوا بِذَلِكَ الْأَمْوَالَ وَ الْقَطَائِعَ وَ الْمَنَازِلَ حَتَّی صَارَتْ أَحَادِیثُهُمْ تِلْكَ وَ رِوَایَاتُهُمْ فِی أَیْدِی مَنْ یَحْسَبُ أَنَّهَا حَقٌّ وَ أَنَّهَا صِدْقٌ فَرَوَوْهَا وَ قَبِلُوهَا وَ تَعَلَّمُوهَا وَ عَلَّمُوهَا وَ أَحَبُّوا عَلَیْهَا وَ أَبْغَضُوا وَ صَارَتْ بِأَیْدِی النَّاسِ الْمُتَدَیِّنِینَ الَّذِینَ لَا یَسْتَحِلُّونَ الْكَذِبَ وَ یُبْغِضُونَ عَلَیْهِ أَهْلَهُ فَقَبِلُوهَا وَ هُمْ یَرَوْنَ أَنَّهَا حَقٌّ وَ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهَا بَاطِلٌ لَمْ یَرْوُوهَا وَ لَمْ یَتَدَیَّنُوا بِهَا فَصَارَ الْحَقُّ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ بَاطِلًا وَ الْبَاطِلُ حَقّاً وَ الصِّدْقُ كَذِباً وَ الْكَذِبُ صِدْقاً وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَتَشْمَلَنَّكُمْ فِتْنَةٌ یَرْبُوا فِیهَا الْوَلِیدُ وَ یَنْشَأُ فِیهَا الْكَبِیرُ تَجْرِی النَّاسُ عَلَیْهَا وَ یَتَّخِذُونَهَا سُنَّةً فَإِذَا غُیِّرَ مِنْهَا شَیْ ءٌ قَالُوا أَتَی النَّاسُ مُنْكَراً غُیِّرَتِ السُّنَّةُ فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام لَمْ یَزَلِ الْفِتْنَةُ وَ الْبَلَاءُ یَعْظُمَانِ وَ یَشْتَدَّانِ فَلَمْ یَبْقَ وَلِیٌّ لِلَّهِ إِلَّا خَائِفاً عَلَی دَمِهِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی إِلَّا خَائِفاً عَلَی دَمِهِ أَنَّهُ مَقْتُولٌ وَ إِلَّا طَرِیداً وَ لَمْ یَبْقَ عَدُوٌّ لِلَّهِ إِلَّا مُظْهِراً الْحُجَّةَ غَیْرَ مُسْتَتِرٍ بِبِدْعَتِهِ وَ ضَلَالَتِهِ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَوْتِ مُعَاوِیَةَ بِسَنَةٍ حَجَّ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَجَمَعَ الْحُسَیْنُ علیه السلام بَنِی هَاشِمٍ رِجَالَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ مَوَالِیَهُمْ وَ مَنْ حَجَّ مِنْهُمْ وَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ یَعْرِفُهُ الْحُسَیْنُ وَ أَهْلُ

ص: 181

بَیْتِهِ ثُمَّ أَرْسَلَ رُسُلًا لَا تَدَعُوا أَحَداً مِمَّنْ حَجَّ الْعَامَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْمَعْرُوفِینَ بِالصَّلَاحِ وَ النُّسُكِ إِلَّا اجْمَعُوهُمْ لِی فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ بِمِنًی أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ وَ هُمْ فِی سُرَادِقِهِ عَامَّتُهُمْ مِنَ التَّابِعِینَ وَ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَیْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَامَ فِیهِمْ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَذَا الطَّاغِیَةَ قَدْ فَعَلَ بِنَا وَ بِشِیعَتِنَا مَا قَدْ رَأَیْتُمْ وَ عَلِمْتُمْ وَ شَهِدْتُمْ وَ إِنِّی أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ عَنْ شَیْ ءٍ فَإِنْ صَدَقْتُ فَصَدِّقُونِی وَ إِنْ كَذَبْتُ فَكَذِّبُونِی وَ أَسْأَلُكُمْ بِحَقِّ اللَّهِ عَلَیْكُمْ وَ حَقِّ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَرَابَتِی مِنْ نَبِیِّكُمْ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ لَمَّا سَتَرْتُمْ مَقَامِی هَذَا وَ وَصَفْتُمْ مَقَالَتِی وَ دَعَوْتُمْ أَجْمَعِینَ فِی أَمْصَارِكُمْ مِنْ قَبَائِلِكُمْ مَنْ أَمِنْتُمْ مِنَ النَّاسِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی بَعْدَ قَوْلِهِ فَكَذِّبُونِی اسْمَعُوا مَقَالَتِی وَ اكْتُبُوا قَوْلِی ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَی أَمْصَارِكُمْ وَ قَبَائِلِكُمْ فَمَنْ أَمِنْتُمْ مِنَ النَّاسِ وَ وَثِقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُمْ إِلَی مَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَقِّنَا فَإِنِّی أَتَخَوَّفُ أَنْ یَدْرُسَ هَذَا الْأَمْرُ وَ یَذْهَبَ الْحَقُّ وَ یُغْلَبَ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ وَ مَا تَرَكَ شَیْئاً مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا تَلَاهُ وَ فَسَّرَهُ وَ لَا شَیْئاً مِمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَبِیهِ وَ أَخِیهِ وَ أُمِّهِ وَ فِی نَفْسِهِ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ إِلَّا رَوَاهُ وَ كُلَّ ذَلِكَ یَقُولُ أَصْحَابُهُ اللَّهُمَّ نَعَمْ وَ قَدْ سَمِعْنَاهُ وَ شَهِدْنَاهُ وَ یَقُولُ التَّابِعُ اللَّهُمَّ قَدْ حَدَّثَنِی بِهِ مَنْ أُصَدِّقُهُ وَ أَئْتَمِنُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ إِلَّا حَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونَ بِهِ وَ بِدِینِهِ قَالَ سُلَیْمٌ فَكَانَ فِیمَا نَاشَدَهُمُ الْحُسَیْنُ علیه السلام وَ ذَكَّرَهُمْ أَنْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام كَانَ أَخَا رَسُولِ اللَّهِ حِینَ آخَی بَیْنَ أَصْحَابِهِ فَآخَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ نَفْسِهِ وَ قَالَ أَنْتَ أَخِی وَ أَنَا أَخُوكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اشْتَرَی مَوْضِعَ

ص: 182

مَسْجِدِهِ وَ مَنَازِلِهِ فَابْتَنَاهُ ثُمَّ ابْتَنَی فِیهِ عَشَرَةَ مَنَازِلَ تِسْعَةً لَهُ وَ جَعَلَ عَاشِرَهَا فِی وَسَطِهَا لِأَبِی ثُمَّ سَدَّ كُلَّ بَابٍ شَارِعٍ إِلَی الْمَسْجِدِ غَیْرَ بَابِهِ فَتَكَلَّمَ فِی ذَلِكَ مَنْ تَكَلَّمَ فَقَالَ مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَ فَتَحْتُ بَابَهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی بِسَدِّ أَبْوَابِكُمْ وَ فَتْحِ بَابِهِ ثُمَّ نَهَی النَّاسَ أَنْ یَنَامُوا فِی الْمَسْجِدِ غَیْرَهُ وَ كَانَ یُجْنِبُ فِی الْمَسْجِدِ وَ مَنْزِلُهُ فِی مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوُلِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ أَوْلَادٌ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَرَصَ عَلَی كُوَّةٍ قَدْرَ عَیْنِهِ یَدَعُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَی الْمَسْجِدِ فَأَبَی عَلَیْهِ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِی أَنْ أَبْنِیَ مَسْجِداً طَاهِراً لَا یَسْكُنُهُ غَیْرِی وَ غَیْرُ أَخِی وَ ابْنَیْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَصَبَهُ یَوْمَ غَدِیرِ خُمٍّ فَنَادَی لَهُ بِالْوَلَایَةِ وَ قَالَ لِیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ فِی غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ أَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ دَعَا النَّصَارَی مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ إِلَی الْمُبَاهَلَةِ لَمْ یَأْتِ إِلَّا بِهِ وَ بِصَاحِبَتِهِ وَ ابْنَیْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ دَفَعَ إِلَیْهِ اللِّوَاءَ یَوْمَ خَیْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَأَدْفَعُهَا إِلَی رَجُلٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ كَرَّارٍ غَیْرِ فَرَّارٍ یَفْتَحُهَا اللَّهُ عَلَی یَدَیْهِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَهُ بِبَرَاءَةَ وَ قَالَ لَا یُبَلِّغُ عَنِّی إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنِّی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَنْزِلْ بِهِ شَدِیدَةٌ قَطُّ إِلَّا قَدَّمَهُ لَهَا ثِقَةً بِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ یَدْعُهُ بِاسْمِهِ قَطُّ إِلَّا یَقُولُ یَا أَخِی وَ ادْعُوا إِلَیَّ أَخِی

ص: 183

قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَضَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ جَعْفَرٍ وَ زَیْدٍ فَقَالَ یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْكَ وَ أَنْتَ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلَّ یَوْمٍ خَلْوَةٌ وَ كُلَّ لَیْلَةٍ دَخْلَةٌ إِذَا سَأَلَهُ أَعْطَاهُ وَ إِذَا سَكَتَ ابْتَدَأَهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَضَّلَهُ عَلَی جَعْفَرٍ وَ حَمْزَةَ حِینَ قَالَ لِفَاطِمَةَ زَوَّجْتُكِ خَیْرَ أَهْلِ بَیْتِی أَقْدَمَهُمْ سِلْماً وَ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً وَ أَكْبَرَهُمْ عِلْماً قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَنَا سَیِّدُ وُلْدِ آدَمَ وَ أَخِی عَلِیٌّ سَیِّدُ الْعَرَبِ وَ فَاطِمَةُ سَیِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ ابْنَایَ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَهُ بِغُسْلِهِ وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَبْرَئِیلَ علیه السلام یُعِینُهُ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فِی آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ فِیكُمُ الثَّقَلَیْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ أَهْلَ بَیْتِی فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ فَلَمْ یَدَعْ شَیْئاً أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام خَاصَّةً وَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ لَا عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا نَاشَدَهُمْ فِیهِ فَیَقُولُ الصَّحَابَةُ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا وَ یَقُولُ التَّابِعُ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ حَدَّثَنِیهِ مَنْ أَثِقُ بِهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ثُمَّ قَدْ نَاشَدَهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوهُ یَقُولُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ عَلِیّاً فَقَدْ كَذَبَ لَیْسَ یُحِبُّنِی وَ یُبْغِضُ عَلِیّاً فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَیْفَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّهُ مِنِّی وَ أَنَا مِنْهُ مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِی وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِی وَ مَنْ أَبْغَضَنِی فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ فَقَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَا

ص: 184

وَ تَفَرَّقُوا عَلَی ذَلِكَ.

بیان: قوله اللّٰهم غفرا أی اللّٰهم اغفر لی غفرا أو اللّٰهم افتتاح للكلام و الخطاب لقیس أی اغفر ما وقع منی أو استر معایبی.

و قال ابن الأثیر فی النهایة فیه

قال للأنصار إنكم ستلقون بعدی أثرة فاصبروا.

الأثرة بفتح الهمزة و الثاء الاسم من آثر یؤثر إیثارا إذا أعطی أراد أنه یستأثر علیكم فیفضل غیركم فی نصیبه من الفی ء و الاستیثار الانفراد بالشی ء.

و قال الجوهری سمل العین فقأها یقال سملت عینه تسمل إذا فقأت بحدیدة محماة و قال نزحت الدار بعدت و بلد نازح و قوم منازیح و قد نزح بفلان إذا بعد عن دیاره غیبة بعیدة و تقول أنت بمنتزح من كذا أی بعید منه.

قوله علیه السلام فولد لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أی ولد له أولاد من فاطمة كانوا أولادا لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

«457»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابْنُ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبَّادٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَابِسٍ عَنْ حُصَیْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَنَتَ فِی الصُّبْحِ فَلَعَنَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَبَا مُوسَی وَ أَبَا الْأَعْوَرِ وَ أَصْحَابَهُمْ.

«458»-(2)كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ

ص: 185


1- 457- رواه الشیخ الطوسیّ فی الحدیث الأخیر من المجلس 25 من أمالیه، ج 2، ص 733، ط بیروت.
2- 458- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.

یُونُسَ بْنِ الْأَرْقَمِ عَنْ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی رَایَاتِ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً رَجَعُوا إِلَی عَدَاوَتِهِمْ مِنَّا إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ یَدَعُوا الصَّلَاةَ.

«459»-(1)وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ صِفِّینَ قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّارٍ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ أَ لَمْ یَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ قَاتِلُوا النَّاسَ حَتَّی یُسْلِمُوا فَإِذَا أَسْلَمُوا عَصَمُوا مِنِّی دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ قَالَ بَلَی وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ حَتَّی وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً.

«460»-(2)وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ حَبِیبٍ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِیِّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ لَمَّا أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَعْلَی الْوَادِی وَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَ مَلَئُوا الْأَوْدِیَةَ كَتَائِبَ یَعْنِی یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اسْتَسْلَمُوا حَتَّی وَجَدُوا أَعْوَاناً (3)

«461»-(4)وَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَیْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْحَسَنِ وَ أَیْضاً عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِی النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِی فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ قَالَ الْحَسَنُ فَمَا فَعَلُوا وَ لَا أَفْلَحُوا.

«462»-(5)وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِی فَاقْتُلُوهُ (6)

ص: 186


1- 459- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
2- 460- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
3- 3 هذا هو الظاهر الموافق لما رواه عن نصر بن مزاحم ابن أبی الحدید فی آخر شرحه علی المختار: 54 من نهج البلاغة: ج 1، ص 760. و فی ط الكمبانیّ من البحار: «عن منذر العلوی قال: قال محمّد بن الحنفیة: لما أتاهم العدو من أعلی الوادی و من أسفله و ملئوا الاودیة كتائب استسلموا حتّی وجدوا أعوانا».
4- 461- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
5- 462- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
6- و قریبا منه رواه أیضا ابن عدی بأسانید كثیرة فی تضاعیف تراجم جماعة ممن ذكره و ترجم له، فرواه فی ترجمة الحكم بن ظهیر من كتاب الكامل: ج 2 ص 626 ط 1، قال: أخبرنا علیّ بن العباس، حدّثنا عباد بن یعقوب، حدّثنا الحكم بن ظهیر، عن عاصم، عن زر [بن] حبیش عن عبد اللّٰه [بن مسعود قال: ] ان رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلم قال: إذ رأیتم معاویة علی منبری فاقتلوه. و رواه أیضا فی ترجمة عمرو بن عبید فی ج 5 ص 1751 و 1754 و 1756. و أیضا رواه بأسانید فی ترجمة علیّ بن زید بن جدعان فی ج 5 ص 1844. و أیضا رواه بأسانید فی ترجمة عبد الرزاق فی ج 5 ص 1951. و رواه أیضا فی آخر ترجمة مؤلف كتاب مغازی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله محمّد بن إسحاق فی ج 5 ص 1125. و رواه أیضا فی ترجمة مجالد بن سعید فی ج 6 ص 2416. و رواه أیضا فی ترجمة الولید بن القاسم فی ج 7 ص 2544. و رواه أیضا البلاذری فی ترجمة معاویة من كتاب أنساب الأشراف: ح 2/ الورق 75/ ب/.

قَالَ فَحَدَّثَنِی بَعْضُهُمْ قَالَ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ: فَلَمْ نَفْعَلْ وَ لَمْ نُفْلِحْ (1)

«463»-(2)وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ خَیْثَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ فِی تَابُوتٍ فِی الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَوْ لَا كَلِمَةُ فِرْعَوْنَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی مَا كَانَ أَحَدٌ أَسْفَلَ مِنْ مُعَاوِیَةَ.

«464»-(3)وَ عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ لَیْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمُوتُ مُعَاوِیَةُ عَلَی غَیْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ.

«465»-(4)وَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ لَیْثٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَمُوتُ مُعَاوِیَةُ عَلَی غَیْرِ مِلَّتِی.

«466»-(5)وَ عَنْ قَیْسِ بْنِ الرَّبِیعِ وَ سُلَیْمَانَ بْنِ قَرْمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ التَّیْمِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: رَأَیْتُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 187


1- 1 هذا هو الظاهر الموافق لما رواه ابن أبی الحدید عن نصر فی آخر شرحه علی المختار: 54 من نهج البلاغة: ج 1، ص 760، ط بیروت، و فیه أیضا: «فقال الحسن: فو اللّٰه ما فعلوا و لا أفلحوا».
2- 463- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
3- 464- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
4- 465- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
5- 466- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.

فِی النَّوْمِ فَشَكَوْتُ إِلَیْهِ مَا لَقِیتُ مِنْ أُمَّتِهِ مِنَ الْأَوَدِ وَ اللَّدَدِ فَقَالَ انْظُرْ فَإِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مُعَاوِیَةُ مُعَلَّقَیْنِ مُنَكَّسَیْنِ تُشْدَخُ رُءُوسُهُمَا بِالصَّخْرِ (1)

«467»-(2)وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِیِّ عَنْ أَبِی الْمُثَنَّی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا بَیْنَ تَابُوتِ مُعَاوِیَةَ وَ تَابُوتِ فِرْعَوْنَ إِلَّا دَرَجَةٌ وَ مَا انْخَفَضَتْ تِلْكَ الدَّرَجَةُ إِلَّا لِأَنَّهُ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی

«468»-(3)وَ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ یَزِیدَ الْقُرَشِیِّ (4)عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام قَالَ: دَخَلَ زَیْدُ بْنُ أَرْقَمَ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَإِذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ جَالِسٌ مَعَهُ عَلَی السَّرِیرِ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ زَیْدٌ جَاءَ حَتَّی رَمَی بِنَفْسِهِ بَیْنَهُمَا فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَ مَا وَجَدْتَ لَكَ مَجْلِساً إِلَّا أَنْ تَقْطَعَ بَیْنِی وَ بَیْنَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ زَیْدٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله غَزَا غَزْوَةً وَ أَنْتُمَا مَعَهُ فَرَآكُمَا مُجْتَمِعَیْنِ فَنَظَرَ إِلَیْكُمَا نَظَراً شَدِیداً ثُمَّ رَآكُمَا الْیَوْمَ الثَّانِیَ وَ الْیَوْمَ الثَّالِثَ كُلَّ ذَلِكَ یُدِیمُ النَّظَرَ إِلَیْكُمَا فَقَالَ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ مُجْتَمِعَیْنِ فَفَرِّقُوا بَیْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا لَنْ یَجْتَمِعَا عَلَی خَیْرٍ.

«469»-(5)وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَیْلٍ عَنْ یَزِیدَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ (6)عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ

ص: 188


1- 1 و قریبا منه جدا رواه ابن أبی الحدید بسندین فی شرح المختار: 56 من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 814 ط بیروت.
2- 467- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
3- 468- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
4- 4 كذا فی ط مصر من كتاب صفّین، و فی ط الكمبانیّ من البحار: «عن العلاء بن یزید القرشیّ ...» و ذكره الشیخ فی رجاله فی أصحاب الصادق علیه السلام. و قریبا من هذا الحدیث روی عن عبادة بن صامت الصحابیّ كما رواه عنه ابن عبد ربه فی عنوان: «خبر عمرو بن العاص مع معاویة» من كتاب العقد الفرید: ج 3 ص 114. و رواه أیضا الباعونی فی الباب: 64 من كتاب جواهر المطالب الورق 82/. و قد رویناه عن مصدر آخر؛ عن شداد بن أوس فی تعلیق المختار: 172 من نهج السعادة ج 2 ص 85.
5- 469- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
6- هو من رجال الصحاح الست مترجم فی تهذیب التهذیب 11/ 329. و الحدیث رواه أیضا أبو یعلی و البزاز فی مسندیهما. و رواه أحمد فی المسند، ج 4، ص 421 فی مسند أبی برزة. و رواه الذهبی فی میزان الاعتدال فی ترجمة یزید بن أبی زیاد. و رواه ابن قیم الجوزیة فی المنار المنیف فی الفصل 37، ص 118. و رواه الطبرانی فی المعجم الكبیر كما فی الغدیر من طریق ابن عبّاس. و رواه السیوطی فی اللئالی المصنوعة 1/ 427. و رواه محمّد بن سلیمان الكوفیّ بسنده عن أبی برزة تحت الرقم 786 فی أواسط الجزء الخامس من مناقب علیّ علیه السلام الورق 169/ أو فی ط 1، ج 2، ص 280. و رواه نصر فی وقعة صفّین، ص 219 و رواه عنه ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة كما تقدمت الإشارة إلیه. قال الامینی: لما لم یجد القوم غمزا فی إسناد هذا الحدیث و كان ذلك عزیزا علی من یتولی معاویة فحذف أحمد [فی المسند] الاسمین و جعل مكانهما فلان و فلان و اختلق آخرون تجاهه ما أخرجه ابن قانع فی معجمه [بسند ضعیف] ... عن صالح شقران قال: بینما نحن لیلة فی سفر إذ سمع النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله صوتا فذهبت انظر فإذا معاویة بن أبی رافع و عمرو بن رفاعة ... الحدیث. ثمّ ذكر الامینی بعده كلاما جیدا فراجع البتة ج 10، ص 140. هذا و فی صفّین: یزال حواری ... یحس. أ ما یزال و لا یزال فلكل منهما وجه و المعنی واحد.

الْأَحْوَصِ قَالَ أَخْبَرَنِی أَبُو هِلَالٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِیَّ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَمِعُوا غِنَاءً فَتَشَرَّفُوا لَهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَمَعَ لَهُ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ فَأَتَاهُمْ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هُمَا مُعَاوِیَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یُجِیبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَ هُوَ یَقُولُ:

لَا یَزَالُ حَوَارِیَّ تَلُوحُ عِظَامُهُ***زَوَی الْحَرْبُ عَنْهُ أَنْ یُجَنَّ فَیُقْبَرَا

فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ یَدَیْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْكُسْهُمْ فِی الْفِتْنَةِ رَكْساً اللَّهُمَّ دُعَّهُمْ إِلَی النَّارِ دَعّاً.

«470»-(1)وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَیْلٍ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ تَابُوتَ مُعَاوِیَةَ فِی النَّارِ فَوْقَ تَابُوتِ فِرْعَوْنَ وَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِرْعَوْنَ قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلی

«471»-(2)وَ عَنْ شَرِیكٍ عَنْ لَیْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَیْتُ النَّبِیَ

ص: 189


1- 470- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
2- 471- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.

صلی اللّٰه علیه و آله فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ یَطْلُعُ عَلَیْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ یَمُوتُ حِینَ یَمُوتُ وَ هُوَ عَلَی غَیْرِ سُنَّتِی فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیَّ وَ تَرَكْتُ أَبِی یَلْبَسُ ثِیَابَهُ وَ یَجِی ءُ فَطَلَعَ مُعَاوِیَةُ.

«472»-(1)وَ عَنْ تَلِیدِ (2)بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْأَقْمَرِ قَالَ: وَفَدْنَا عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَضَیْنَا حَوَائِجَنَا ثُمَّ قُلْنَا لَوْ مَرَرْنَا بِرَجُلٍ قَدْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَایَنَهُ فَأَتَیْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَقُلْنَا یَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ حَدِّثْنَا مَا شَهِدْتَ وَ رَأَیْتَ قَالَ إِنَّ هَذَا أَرْسَلَ إِلَیَّ یَعْنِی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَئِنْ بَلَغَنِی أَنَّكَ تُحَدِّثُ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَجَثَوْتُ عَلَی رُكْبَتَیَّ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ قُلْتُ وَدِدْتُ أَنَّ أَحَدَّ سَیْفٍ فِی جُنْدِكَ عَلَی عُنُقِی (3)فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأُقَاتِلَكَ وَ لَا أَقْتُلَكَ وَ ایْمُ اللَّهِ مَا یَمْنَعُنِی أَنْ أُحَدِّثَكُمْ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فِیهِ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْسَلَ إِلَیْهِ یَدْعُوهُ وَ كَانَ یَكْتُبُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَجَاءَ الرَّسُولُ فَقَالَ هُوَ یَأْكُلُ فَأَعَادَ عَلَیْهِ الرَّسُولَ الثَّالِثَةَ (4)فَقَالَ هُوَ یَأْكُلُ فَقَالَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ فَهَلْ تَرَوْنَهُ یَشْبَعُ.

«473»-(5)قَالَ: وَ خَرَجَ مُعَاوِیَةُ مِنْ فَجٍّ قَالَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ وَ هُوَ رَاكِبٌ وَ مُعَاوِیَةُ وَ أَخُوهُ أَحَدُهُمَا قَائِدٌ وَ الْآخَرُ سَائِقٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنِ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ وَ الرَّاكِبَ قُلْنَا أَنْتَ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ وَ إِلَّا فَصَمَّتَا أُذُنَایَ كَمَا عَمِیَتَا عَیْنَایَ (6)

ص: 190


1- 472- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
2- 2 له ترجمة فی التهذیب و غیره و فی الأصل: بلید.
3- 3 هذا هو الظاهر، و فی ط الكمبانیّ من البحار: «إن أحد سیف فی جسدك ...».
4- 4 كذا فی أصلی غیر أن ما بین المعقوفین قد سقط منه و أخذناه من كتاب صفّین ص 220 ط مصر.
5- 473- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
6- 6 و قریبا منه رواه العلامة الامینی رحمه اللّٰه عن مصادر أخر فی عنوان: «المغالات فی معاویة» من الغدیر: ج 10، ص 120. و روی ابن أبی الحدید فی أواسط شرح المختار: 56 من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 793، ط بیروت قال: و روی شیخنا أبو عبد اللّٰه البصری المتكلم عن نصر بن عاصم اللیثی عن أبیه قال: أتیت مسجد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و الناس یقولون: نعوذ باللّٰه من غضب اللّٰه و غضب رسوله. فقلت: ما هذا؟ قالوا: معاویة قام الساعة فأخذ بید أبی سفیان فخرجا من المسجد فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله: لعن اللّٰه التابع و المتبوع ربّ یوم لامتی من معاویة ذی الاستاه. قالوا: یعنی الكبیر العجز. و قال: روی العلاء بن حریز القشیری أن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم قال لمعاویة لتتخذن یا معاویة البدعة سنة و القبیح حسنا أكلك كثیر و ظلمك عظیم. قال: و روی الحارث بن حصیرة، عن أبی صادق، عن ربیعة بن ناجذ قال: قال علیّ علیه السلام: نحن و آل أبی سفیان قوم تعادوا فی الامر و الامر یعود كما بدا.

«474»-(1)وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ عَلَی مِنْبَرِی یَخْطُبُ فَاقْتُلُوهُ.

«475»-(2)أَقُولُ قَالَ عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ، رَوَی أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی سَیْفٍ الْمَدَائِنِیُّ فِی كِتَابِ الْأَحْدَاثِ قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِیَةُ نُسْخَةً وَاحِدَةً إِلَی عُمَّالِهِ بَعْدَ عَامِ الْجَمَاعَةِ أَنْ بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ رَوَی شَیْئاً مِنْ فَضْلِ أَبِی تُرَابٍ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَقَامَتِ الْخُطَبَاءُ فِی كُلِّ كُورَةٍ وَ عَلَی كُلِّ مِنْبَرٍ یَلْعَنُونَ عَلِیّاً وَ یَبْرَءُونَ مِنْهُ وَ یَقَعُونَ فِیهِ وَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ سَاقَ الْخَبَرَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَی أَنْ (3)قَالَ

ص: 191


1- 474- هذه الأحادیث كلها- ما عدا الحدیث الأول- موجودة فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 215 و ما بعدها من ط مصر. و أمّا الحدیث الأول فقد رواه ابن أبی الحدید أیضا عن كتاب صفّین فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة من شرحه: ج 4 ص 31 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 760. و ما وضعناه بین المعقوفین قد سقط عن ط الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة. و هذا الحدیث ما وجدته فی مظانه من كتاب صفّین ط مصر، و الظاهر أنّه قد سقط عنها كما سقط عنه أحادیث أخر.
2- 475- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 203/ أو 210 من نهج البلاغة: ج 3 ص 595 ط الحدیث ببیروت.
3- 3 كان ینبغی علی المصنّف أن یذكر الكلام حرفیا و لا یحیل علی الغائب الذی أكثر الناس عن الوصول إلیه قاصرون أو لمدلول أمثاله مستنكرون، و كیف كان فنحن نذكر الكلام حرفیا أخذا من شرح المختار، 203/ أو 201 من نهج البلاغة لابن أبی الحدید: ج 3 ص 595 قال: و روی أبو الحسن علیّ بن محمّد بن أبی سیف المدائنی فی كتاب الاحداث قال: كتب معاویة نسخة واحدة إلی عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمّة ممن روی شیئا من فضل أبی تراب و أهل بیته. فقامت الخطباء فی كل كورة و علی كل منبر یلعنون علیا و یبرءون منه و یقعون فیه و فی أهل بیته، و كان أشدّ الناس بلاء حینئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شیعة علی علیه السلام، فاستعمل علیهم [معاویة] زیاد بن سمیة و ضم إلیه البصرة، فكان یتتبع الشیعة و هم بهم عارف لانه كان منهم أیّام علیّ علیه السلام فقتلهم تحت كل حجر و مدر، و أخفاهم و قطع الأیدی و الارجل و سمل العیون و صلبهم علی جذوع النخل، و طردهم و شردهم عن العراق، فلم یبق بها معروف منهم. و كتب معاویة إلی عماله فی جمیع الآفاق: أن لا یجیزوا لاحد من شیعة علی و أهل بیته شهادة. و كتب إلیهم: أن انظروا من قبلكم من شیعة عثمان و محبیه و أهل ولایته و الذین یروون فضائله و مناقبه فادنوا مجالسهم و قربوهم و أكرموهم و اكتبوا إلی بكل ما یروی كل رجل منهم و اسمه و اسم أبیه و عشریته. ففعلوا ذلك حتّی أكثروا فی فضائل عثمان و مناقبه، لما كان یبعثه إلیهم معاویة من الصلات و الكساء و الجباء و القطائع، و یفیضه فی العرب منهم و الموالی. فكثر ذلك فی كل مصر، و تنافسوا فی المنازل و الدنیا، فلیس یجی ء أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاویة فیروی فی عثمان فضیلة أو منقبة ألا كتب اسمه و قربه شفعه. فلبثوا بذلك حینا. ثمّ كتب [معاویة] إلی عماله أن الحدیث فی عثمان قد كثر و فشا فی كل مصر و فی كل وجه و ناحیة، فإذا جاءكم كتابی هذا فادعوا الناس إلی الروایة فی فضائل الصحابة و الخلفاء الاولین؛ و لا تتركوا خبرا یرویه أحد من المسلمین فی أبی تراب إلّا و تأتونی بمناقض له فی الصحابة؛ فإن هذا أحبّ إلی و أقر لعینی و أدحض لحجة أبی تراب و شیعته و أشدّ إلیهم من مناقب عثمان و فضله. فقرئت كتبه علی الناس فرویت أخبار كثیرة فی مناقب الصحابة مفتعلة لا حقیقة لها، وجد الناس فی روایة ما یرجی هذا المجری حتّی أشادوا بذكر ذلك علی المنابر و ألقی إلی معلمی الكتاتیب فعلموا صبیانهم و غلمانهم من ذلك الكثیر الواسع حتّی رووه و تعلموه كما یتعلمون القرآن، و حتّی علموه بناتهم و نساءهم و خدمهم و حشمهم فلبثوا بذلك ما شاء اللّٰه. ثمّ كتب [معاویة] إلی عماله نسخة واحدة إلی جمیع البلدان: انظروا من قامت علیه البینة أنّه یحب علیا و أهل بیته فامحوه من الدیوان و أسقطوا عطاءه و رزقه. و شفع ذلك بنسخة أخری: من اتهمتموه بموالات هؤلاء القوم فنكلوا به و أهدموا داره. فلم یكن البلاء أشدّ و لا أكثر منه بالعراق، و لا سیما بالكوفة حتّی أن الرجل من شیعة علیّ علیه السلام لیأتیه من یثق به فیدخل بیته فیلقی إلیه سره و یخاف من خادمه و مملوكه، و لا یحدثه حتّی یأخذ علیه الایمان الغلیظة لیكتمن علیه. فظهر حدیث كثیر موضوع و بهتان منتشر، و مضی علی ذلك الفقهاء و القضاة و الولاة. و كان أعظم الناس فی ذلك بلیة القراء المراءون، و المستضعفون الذین یظهرون الخشوع و النسك فیفتعلون الأحادیث لیحظوا بذلك عند ولاتهم و یقربوا مجالسهم و یصیبوا به الأموال و الضیاع و المنازل حتّی انتقلت تلك الاخبار و الأحادیث إلی أیدی الدیانین الذین لا یستحلون الكذب و البهتان فقبلوها و رووها و هم یظنون أنّها حق؛ و لو علموا أنّها باطلة لما رووها و لا تدینوا بها. فلم یزل الامر كذلك حتّی مات الحسن بن علیّ علیه السلام فازداد البلاء و الفتنة فلم یبق أحد من هذا القبیل إلّا و هو خائف علی دمه أو طرید فی الأرض. أقول: ثمّ ساق الحدیث كما رواه المصنّف فی المتن. و أیضا روی ابن أبی الحدید قبل الحدیث المذكور حدیثا آخر عن الإمام الباقر علیه السلام یشترك فی كثیر من المعانی مع الحدیث المذكور فعلی طلاب الحق أن یراجعوه و یتعمقوا فیه.

ص: 192

فَلَمْ یَزَلِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حَتَّی مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَازْدَادَ الْبَلَاءُ وَ الْفِتْنَةُ فَلَمْ یَبْقَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْقَبِیلِ إِلَّا خَائِفٌ عَلَی دَمِهِ أَوْ طَرِیدٌ فِی الْأَرْضِ ثُمَّ تَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَیْنِ علیه السلام وَ وَلِیَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَلَی الشِّیعَةِ وَ وَلَّی عَلَیْهِمُ الْحَجَّاجَ بْنَ یُوسُفَ فَتَقَرَّبَ إِلَیْهِ أَهْلُ النُّسُكِ وَ الصَّلَاحِ وَ الدِّینِ بِبُغْضِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مُوَالاةِ أَعْدَائِهِ وَ مُوَالاةِ مَنْ یَدَّعِی مِنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ أَیْضاً أَعْدَاؤُهُ فَأَكْثَرُوا فِی الرِّوَایَةِ فِی فَضْلِهِمْ وَ سَوَابِقِهِمْ وَ مَنَاقِبِهِمْ وَ أَكْثَرُوا مِنَ النَّقْصِ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ عَیْبِهِ وَ الطَّعْنِ فِیهِ وَ الشَّنَآنِ لَهُ حَتَّی إِنَّ إِنْسَاناً وَقَفَ لِلْحَجَّاجِ وَ یُقَالُ إِنَّهُ جَدُّ الْأَصْمَعِیِّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَرِیبٍ فَصَاحَ بِهِ أَیُّهَا الْأَمِیرُ إِنَّ أَهْلِی عَقُّونِی وَ سَمَّوْنِی عَلِیّاً وَ إِنِّی فَقِیرٌ بَائِسٌ وَ أَنَا إِلَی صِلَةِ الْأَمِیرِ مُحْتَاجٌ فَتَضَاحَكَ لَهُ الْحَجَّاجُ وَ قَالَ لِلُطْفِ مَا تَوَسَّلْتَ بِهِ قَدْ

ص: 193

وَلَّیْتُكَ مَوْضِعَ كَذَا.

و قد روی ابن عرفة المعروف بنفطویه و هو من أكابر المحدثین و أعلامهم فی تاریخه ما یناسب هذا الخبر و قال: إن أكثر الأحادیث الموضوعة فی فضائل الصحابة افتعلت فی أیام بنی أمیة تقربا إلیهم بما یظنون أنهم یرغمون به أنف بنی هاشم.

«476»-(1)مد، العمدة مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ لِرَزِینٍ الْعَبْدَرِیِّ مِنْ صَحِیحِ النَّسَائِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَی أَبِی ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الْأَرْضِ قَالَ كُنَّا بِالشَّامِ فَقَرَأْتُ وَ الَّذِینَ یَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ الْآیَةَ قَالَ مُعَاوِیَةُ مَا هَذِهِ فِینَا مَا هَذِهِ إِلَّا فِی أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُلْتُ إِنَّهَا فِینَا وَ فِیهِمْ فَكَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فِی هَذَا الْكَلَامِ

ص: 194


1- 476- رواهما یحیی بن الحسن ابن البطریق رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 34- 35 من الفصل الأخیر- و هو «فصل فی [ذكر] شی ء من الاحداث بعد رسول اللّٰه، و ذكر أعداء أمیر المؤمنین ...»- من كتاب العمدة ص 237- 238. و الحدیث الثانی الذی رواه الحمیدی مذكور فی آخر الباب: 25- و هو باب من لعنه النبیّ أو سبه أو دعا علیه- من كتاب البر و الصلة تحت الرقم: 2604 من صحیح مسلم: ج 4 ص 2010 قال: حدّثنا محمّد بن المثنی العنزی ح [كذا] و حدّثنا ابن بشار- و اللفظ لابن المثنی قالا: حدّثنا أمیّة بن خالد حدّثنا شعبة، عن أبی حمزة القصاب: عن ابن عبّاس قال: كنت ألعب مع الصبیان فجاء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم فتواریت خلف باب قال: فجاء فحطأنی حطأة [أی] ضرب بین كتفی بكفه مبسوطة] و قال: اذهب و ادع لی معاویة. قال: فجئت فقلت هو یأكل. قال: ثم قال لی: اذهب فادع لی معاویة. قال: فجئت فقلت: هو یأكل. فقال: لا أشبع اللّٰه بطنه. قال: ابن المثنی: قلت لامیة: ما [معنی] حطأنی؟ قال: فقدنی فقدة. حدّثنی إسحاق بن منصور، أخبرنا النضر بن شمیل، حدّثنا شعبة، أخبرنا أبو حمزة [قال: ] سمعت ابن عبّاس یقول: كنت ألعب مع الصبیان فجاء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم فاختبأت منه. فذكر بمثله.

فَوَصَلَ ذَلِكَ إِلَی عُثْمَانَ فَكَتَبَ إِلَیَّ إِنْ شِئْتَ تَنَحَّیْتَ عَنْهُ فَذَلِكَ الَّذِی أَنْزَلَنِی هُنَا.

«477»-(1)وَ مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ لِلْحُمَیْدِیِّ مِنْ إِفْرَادِ مُسْلِمٍ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْیَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَوَارَیْتُ خَلْفَ بَابٍ فَجَاءَ فَحَطَأَنِی حَطْأَةً وَ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِی مُعَاوِیَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ یَأْكُلُ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَادْعُ لِی مُعَاوِیَةَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ یَأْكُلُ فَقَالَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ.

«478»-(2)أَقُولُ رَوَاهُ فِی الْإِسْتِیعَابِ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

«479»-(3)و روی العلامة قدس سره فی كشف الحق نقلا عن صحیح مسلم مثله ثم قال قال الحسن بن مثنی قلت ما معنی حطأنی قال وقذنی وقذة و أقول قال فی مادة حطا من النهایة

فی حدیث ابن عباس قال أخذ النبی بقفای فحطانی حطوة.

قال الهروی هكذا جاء به الراوی غیر مهموز و قال قال ابن الأعرابی الحطو تحریك الشی ء مزعزعا و قال رواه شمر بالهمزة یقال حطأه یحطؤه حطأ إذا دفعه بكفه و قیل لا یكون الحطأة إلا ضربة

ص: 195


1- 477- رواهما یحیی بن الحسن ابن البطریق رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 34- 35 من الفصل الأخیر- و هو «فصل فی [ذكر] شی ء من الاحداث بعد رسول اللّٰه، و ذكر أعداء أمیر المؤمنین ...»- من كتاب العمدة ص 237- 238. و الحدیث الثانی الذی رواه الحمیدی مذكور فی آخر الباب: 25- و هو باب من لعنه النبیّ أو سبه أو دعا علیه- من كتاب البر و الصلة تحت الرقم: 2604 من صحیح مسلم: ج 4 ص 2010 قال: حدّثنا محمّد بن المثنی العنزی ح [كذا] و حدّثنا ابن بشار- و اللفظ لابن المثنی قالا: حدّثنا أمیّة بن خالد حدّثنا شعبة، عن أبی حمزة القصاب: عن ابن عبّاس قال: كنت ألعب مع الصبیان فجاء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم فتواریت خلف باب قال: فجاء فحطأنی حطأة [أی] ضرب بین كتفی بكفه مبسوطة] و قال: اذهب و ادع لی معاویة. قال: فجئت فقلت هو یأكل. قال: ثم قال لی: اذهب فادع لی معاویة. قال: فجئت فقلت: هو یأكل. فقال: لا أشبع اللّٰه بطنه. قال: ابن المثنی: قلت لامیة: ما [معنی] حطأنی؟ قال: فقدنی فقدة. حدّثنی إسحاق بن منصور، أخبرنا النضر بن شمیل، حدّثنا شعبة، أخبرنا أبو حمزة [قال: ] سمعت ابن عبّاس یقول: كنت ألعب مع الصبیان فجاء رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم فاختبأت منه. فذكر بمثله.
2- 478- رواه أبو عمر ابن عبد البر فی ترجمة معاویة من كتاب الاستیعاب بهامش الإصابة: ج 3 ص 401 قال: و روی أبو داود الطیالسی قال: حدّثنا هشیم و أبو عوانة عن أبی حمزة عن ابن عباس [قال: ] إن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم بعث إلی معاویة یكتب له فقیل: إنّه یأكل. ثم بعث إلیه فقیل: إنّه یأكل. فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه [و آله] و سلم: لا أشبع اللّٰه بطنه. و قد أشار إلیه أیضا ابن حجر فی ترجمة معاویة من كتاب الإصابة: ج 3 ص 434 و لكنه راوغ و لم یسرد الحدیث حرفیا قال: و فی مسند أحمد- و أصله فی مسلم- عن ابن عبّاس قال: قال لی النبیّ صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: ادع لی معاویة و كان كاتبه!!!.
3- 479- رواه العلامة رحمه اللّٰه فی المطلب الرابع من كتاب نهج الحق و كشف الصدق ص 380 ط بیروت و انظر دلائل الصدق: ج 3 ص 220 ط 1.

بالكف بین الكتفین انتهی.

«480»-(1)وَ رُوِیَ فِی الْمُسْتَدْرَكِ مِنَ الْفِرْدَوْسِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوَّلُ مَنْ یَخْتَصِمُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَیْنَ یَدَیِ الرَّبِّ عَزَّ وَ جَلَّ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مُعَاوِیَةُ.

«481»-(2)كِتَابُ عَبَّادٍ الْعُصْفُرِیِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی الْعَبْسِیِّ عَنْ بِلَالِ بْنِ یَحْیَی عَنْ حُذَیْفَةَ بْنِ الْیَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ عَلَی الْمِنْبَرِ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّیْفِ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ وَ لَوْ تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاقْتُلُوهُ الْخَبَرَ.

«482»-(3)كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَیْحٍ عَنْ ذَرِیحٍ الْمُحَارِبِیِ

ص: 196


1- 480- لم یتبین لی أن كتاب المستدرك هذا لمن و لكن الحدیث مؤید بما رواه جماعة ممّا هو فی معناه. و قد رواه أبو بكر ابن أبی شیبة فی عنوان: «أول ما یقضی بین الناس» من كتاب الدیات من المصنّف: ج 11/ الورق 49/ أ/ قال: حدّثنا مروان بن معاویة، عن التیمی عن أبی مجلز، عن قیس بن عباد، قال: قال علی: أنا أول من یجثو للخصوم بین یدی اللّٰه یوم القیامة. حدّثنا وكیع قال: حدّثنا فضیل بن مرزوق، عن عطیة بن سعد العوفی، عن عبد الرحمن بن جندب: عن علی [علیه السلام] أنه سئل عن قتلاه و قتلی معاویة؟ فقال: أجی ء أنا و معاویة فنختصم عند ذی العرش فأینا فلج فلج أصحابه. أقول: و علی هذا یحمل إطلاق الحدیث الأول و ما رواه المصنّف فی المتن و أمثالهما فالاولیة إضافیة. و الحدیث الثانی رواه حرفیا ابن دیزیل كما فی شرح المختار: 35 من نهج البلاغة من شرح ابن أبی الحدید: ج 1، ص 454. و للحدیث الأول أیضا مصادر و أسانید أخر بعضها مذكور فی الحدیث: 227 و تعلیقه من ترجمة أمیر المؤمنین من تاریخ دمشق: ج 3 ص 224.
2- 481- لا یحضرنی كتاب عباد العصفری.
3- 482- لم أطلع بعد علی كتاب محمّد بن المثنی هذا، و لكن الحدیث مؤید بشواهد قطعیة و قد ذكر العلامة الامینی قصة لعن أمیر المؤمنین علیه السلام معاویة و عتاته عن مصادر جمة من كتب أهل السنة فی ترجمة عمرو بن العاص من كتاب الغدیر: ج 2 ص 132، ط بیروت.

قَالَ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِیرَةِ النَّضْرِیُّ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ أَبَا مَعْقِلٍ الْمُزَنِیَّ حَدَّثَنِی عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ صَلَّی بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ فَقَنَتَ فِی الرَّكْعَةِ الثَّانِیَةِ وَ لَعَنَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَّ وَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِیَّ قَالَ الشَّیْخُ علیه السلام صَدَقَ فَالْعَنْهُمْ.

«483»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا مُعَاوِیَةُ بِأَدْهَی مِنِّی وَ لَكِنَّهُ یَغْدِرُ وَ یَفْجُرُ وَ لَوْ لَا كَرَاهِیَةُ الْغَدْرِ كُنْتُ مِنْ أَدْهَی النَّاسِ وَ لَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وَ كُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ وَ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ یُعْرَفُ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ اللَّهِ مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِیدَةِ وَ لَا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِیدَةِ.

بیان: قوله بأدهی منی الدهاء بالفتح الفطنة و جودة الرأی و یقال رجل داهیة و هو الذی لم یغلب علیه أحد فی تدابیر أمور الدنیا.

و قال ابن أبی الحدید الغدرة بضم الفاء و فتح العین الكثیر الغدر و الكفرة و الفجرة الكثیر الكفر و الفجور و كل ما كان علی هذا البناء فهو الفاعل فإن سكنت العین فهو المفعول تقول رجل ضحكة أی یضحك و ضحكة أی یضحك منه و یروی غدرة و فجرة و كفرة علی فعلة للمرة الواحدة.

و قال ابن میثم قال بعض الشارحین وجه لزوم الكفر هنالك أن الغدر علی وجه استباحة ذلك و استحلاله كما هو المشهور من حال ابن العاص و معاویة فی استباحة ما علم تحریمه ضرورة و جحده هو الكفر و یحتمل أن یرید كفر نعم اللّٰه و سترها بإظهار معصیته كما هو المفهوم منه لغة.

أقول: إطلاق الكفر علی ارتكاب الكبائر و اجتناب الفرائض شائع فی الأخبار.

قوله علیه السلام ما أستغفل أی لا یمكن للخصم أن یجعلنی غافلا بكیده بل

ص: 197


1- 483- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 198/ أو 200 من نهج البلاغة.

أعلم مقصوده لكنی قد أعرض عنه للمصلحة و أحكم بظاهر الأمر رعایة للشریعة أو لا تجوز المكیدة علی كما تجوز علی ذوی الغفلة و لا أستغمز الغمز العصر بالید و الكبس أی لا ألین بالخطب الشدید بل أصبر علیه و یروی بالراء المهملة أی لا أستجهل بشدائد المكاره.

«484»-(1)كشف الحق، للعلامة قدس اللّٰه روحه قال روی صاحب كتاب الهاویة أن معاویة قتل أربعین ألفا من المهاجرین و الأنصار و أولادهم.

«485»-(2)

أقول: قال مؤلف إلزام النواصب و العلامة رحمه اللّٰه فی كشف الحق، روی أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبی فی كتاب المثالب كان معاویة لعمارة بن الولید المخزومی و لمسافر بن أبی عمرو و لأبی سفیان و لرجل آخر سماه و كانت هند أمه من المغلمات و كان أحب الرجال إلیها السودان و كانت إذا ولدت أسود دفنته و كانت حمامة إحدی جدات معاویة لها رایة فی ذی المجاز.

قالا و ذكر أبو سعید إسماعیل بن علی السمعانی الحنفی من علماء أهل السنة فی مثالب بنی أمیة و الشیخ أبو الفتوح جعفر بن محمد الهمدانی من علمائهم فی كتاب بهجة المستفید أن مسافر بن عمرو بن أمیة بن عبد شمس كان ذا جمال و سخاء فعشق هندا و جامعها سفاحا و اشتهر ذلك فی قریش فلما حملت و ظهر السفاح هرب مسافر من أبیها إلی الحیرة و كان سلطان العرب عمرو بن هند و طلب أبوها عتبة أبا سفیان و وعده بمال جزیل و زوجه هندا فوضعت بعد ثلاثة أشهر معاویة ثم ورد أبو سفیان علی عمرو بن هند فسأله مسافر عن حال هند فقال إنی تزوجتها فمرض و مات.

«486»-(3)و قال العلامة رحمه اللّٰه فی كشف الحق، ادعی معاویة أخوة زیاد

ص: 198


1- 484- رواه العلامة قدّس سرّه فی أواخر المطلب الرابع من كتاب كشف الحق و نهج الصدق ص 312، ط بیروت و انظر دلائل الصدق: ج 3 ص 235 ط 1.
2- 485- رواه العلامة فی آخر المطلب الرابع من كتاب كشف الحق و نهج الصدق، ص 307، ط بیروت و لیلاحظ كتاب دلائل الصدق: ج 3 ص 236 ط 1، أو إحقاق الحقّ.
3- 486- ذكره العلامة رفع اللّٰه مقامه فی أوائل المطلب الرابع من كتاب كشف الحق و نهج الصدق ص 307 ط بیروت.

و كان له مدّع یقال له أبو عبیدة عبد بنی علاج من ثقیف فأقدم معاویة علی تكذیب ذلك الرجل مع أن زیادا ولد علی فراشه و ادعی معاویة أن أبا سفیان زنی بوالدة زیاد و هی عند زوجها المذكور و إن زیادا من أبی سفیان انتهی.

«487»-(1)و قال العلامة الشیرازی فی نزهة القلوب،: أولاد الزنا نجب لأن الرجل یزنی بشهوته و نشاطه فیخرج الولد كاملا و ما یكون من الحلال فمن تصنع الرجل إلی المرأة و لهذا كان عمرو بن العاص و معاویة بن أبی سفیان من دهاة الناس ثم ساق الكلام فی بیان نسبهما علی ما سیأتی من كتاب ربیع الأبرار ثم زاد علی ذلك و قال و منهم زیاد ابن أبیه و فیه یقول الشاعر:

ألا أبلغ معاویة بن حرب***مغلغلة من الرجل الیمانی

أ تغضب أن یقال أبوك عف***و ترضی أن یكون أبوك زان

«488»-(2)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ یُوسُفَ بْنِ كُلَیْبٍ الْمَسْعُودِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ الطَّائِیِّ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ الْبَارِقِیِّ قَالَ: قَدِمَ عَقِیلٌ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ جَالِسٌ فِی صَحْنِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَبَا یَزِیدَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ قُمْ وَ أَنْزِلْ عَمَّكَ فَذَهَبَ بِهِ وَ أَنْزَلَهُ وَ عَادَ إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ اشْتَرِ لَهُ قَمِیصاً جَدِیداً وَ رِدَاءً جَدِیداً وَ إِزَاراً جَدِیداً وَ نَعْلًا جَدِیداً فَغَدَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی الثِّیَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ یَا أَبَا یَزِیدَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَرَاكَ أَصَبْتَ مِنَ الدُّنْیَا شَیْئاً إِلَّا هَذِهِ الْحَصْبَاءَ قَالَ یَا أَبَا یَزِیدَ یَخْرُجُ عَطَائِی فَأُعْطِیكَاهُ فَارْتَحَلَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ مُعَاوِیَةُ نَصَبَ

ص: 199


1- 487- لم أظفر بكتاب نزهة القلوب بعد.
2- 488- الحدیث مذكور تحت الرقم: 32 من تلخیص كتاب الغارات ص 65 ط 1. و رواه عنه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 29 من نهج البلاغة: ج 1، ص 157.

كَرَاسِیَّهُ وَ أَجْلَسَ جُلَسَاءَهُ فَوَرَدَ عَلَیْهِ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَهَا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ أَخْبِرْنِی عَنِ الْعَسْكَرَیْنِ قَالَ مَرَرْتُ بِعَسْكَرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَإِذَا لَیْلٌ كَلَیْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَهَارٌ كَنَهَارِ النَّبِیِّ إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْسَ فِی الْقَوْمِ وَ مَرَرْتُ بِعَسْكَرِكَ فَاسْتَقْبَلَنِی قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِینَ مِمَّنْ نَفَرَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةَ الْعَقَبَةِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِی عَنْ یَمِینِكَ یَا مُعَاوِیَةُ قَالَ هَذَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ هَذَا الَّذِی اخْتَصَمَ فِیهِ سِتَّةُ نَفَرٍ فَغَلَبَ عَلَیْهِ جَزَّارُهَا فَمَنِ الْآخَرُ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَیْسٍ الْفِهْرِیُّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ أَبُوهُ جَیِّدَ الْأَخْذِ خَسِیسَ النَّفْسِ فَمَنْ هَذَا الْآخَرُ قَالَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ قَالَ هَذَا ابْنُ الْمَرَاقَةِ فَلَمَّا رَأَی مُعَاوِیَةُ أَنَّهُ قَدْ أَغْضَبَ جُلَسَاءَهُ قَالَ یَا أَبَا یَزِیدَ مَا تَقُولُ فِیَّ قَالَ دَعْ عَنْكَ قَالَ لَتَقُولَنَّ قَالَ أَ تَعْرِفُ حَمَامَةَ قَالَ وَ مَنْ حَمَامَةُ قَالَ أَخْبَرْتُكَ وَ مَضَی عَقِیلٌ فَأَرْسَلَ مُعَاوِیَةُ إِلَی النَّسَّابَةِ فَقَالَ أَخْبِرْنِی مَنْ حَمَامَةُ قَالَ أَعْطِنِی الْأَمَانَ عَلَی نَفْسِی وَ أَهْلِی فَأَعْطَاهُ قَالَ حَمَامَةُ جَدَّتُكَ وَ كَانَتْ بَغِیَّةً فِی الْجَاهِلِیَّةِ لَهَا رَایَةٌ تُؤْتَی.

قال الشیخ: قال أبو بكر بن زبین (1)هی أم أم أبی سفیان.

«489»-(2)و قال ابن أبی الحدید فی شرح نهج البلاغة: معاویة هو أبو عبد الرحمن معاویة بن أبی سفیان صخر بن حرب بن أمیة بن عبد شمس بن عبد مناف و أمه هند بنت عتبة بن ربیعة بن عبد شمس بن عبد مناف و أبو سفیان هو الذی قاد قریشا فی حروبها إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و كانت هند

ص: 200


1- 1 كذا فی الأصل و لعلّ الصواب: الزبیر بن أبی بكر.
2- 489- رواه ابن أبی الحدید فی شرحه علی المختار: 25 من نهج البلاغة: ج 1، ص 270 ط الحدیث ببیروت. و ما رواه عن كتاب ربیع الابرار موجود فیه فی «باب القرابات و الأنساب» منه فی ج 3 و رواه عنه العلامة الامینی فی الغدیر: ج 1، ص 170.

تذكر فی مكة بفجور و عهر.

و قال الزمخشری فی كتاب ربیع الأبرار،: كان معاویة یعزی إلی أربعة إلی مسافر بن أبی عمرو و إلی عمارة بن الولید بن المغیرة و إلی العباس بن عبد المطلب و إلی الصباح مغن كان لعمارة بن الولید قال و كان أبو سفیان دمیما قصیرا و كان الصباح عسیفا لأبی سفیان شابا وسیما فدعته هند إلی نفسها فغشیها و قالوا إن عتبة بن أبی سفیان من الصباح أیضا و قالوا إنها كرهت أن تضعه فی منزلها فخرجت إلی أجیاد فوضعته هناك و فی هذا المعنی یقول حسان أیام المهاجاة بین المسلمین و المشركین فی حیاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله قبل عام الفتح:

لمن الصبی بجانب البطحاء***فی الترب ملقی غیر ذی مهد

نجلت به بیضاء آنسه***من عبد شمس صلته الخد:

قال ابن أبی الحدید: و ولی معاویة اثنتین و أربعین سنة منها اثنتان و عشرون سنة ولی فیها إمارة الشام مذ مات أخوه یزید بن أبی سفیان بعد خمس سنین من خلافة عمر إلی أن قتل أمیر المؤمنین علیه السلام فی سنة أربعین و منها عشرون سنة خلیفة إلی أن مات فی سنة ستین و كان أحد كُتَّاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و اختلف فی كتابته له كیف كانت فالذی علیه المحققون من أهل السیرة أن الوحی كان یكتبه علی علیه السلام و زید بن ثابت و زید بن أرقم و إن حنظلة بن الربیع و معاویة بن أبی سفیان كانا یكتبان له إلی الملوك و إلی رؤساء القبائل و یكتبان حوائجه بین یدیه و یكتبان ما یجبی من أموال الصدقات ما یقسم له فی أربابها و كان معاویة علی أس الدهر مبغضا لعلی علیه السلام شدید الانحراف عنه و كیف لا یبغضه و قد قتل أخاه حنظلة یوم بدر و خاله الولید بن عتبة و شرك عمه حمزة فی جده و هو عتبة أو فی عمه و هو شیبة علی اختلاف الروایة و قتل من بنی عمه من بنی عبد شمس نفرا كثیرا من أعیانهم و أماثلهم ثم

ص: 201

جاءت الطامة الكبری واقعة عثمان فنسبها كلها إلیه بشبهة إمساكه عنه و انضواء كثیر من قتلته إلیه فتأكدت البغضة و ثارت الأحقاد و تذكرت تلك التراث الأولی حتی أفضی الأمر إلی ما أفضی إلیه و قد كان معاویة مع عظم قدر علی علیه السلام فی النفوس و اعتراف العرب بشجاعته و أنه البطل الذی لا یقام له یتهدده و عثمان بعد حی بالحرب و المنابذة و یراسله من الشام رسائل خشنة ثم قال و معاویة مطعون فی دینه عند شیوخنا یرمی بالزندقة و قد ذكرنا فی نقض السفیانیة علی شیخنا أبی عثمان الجاحظ ما رواه أصحابنا فی كتبهم الكلامیة عنه من الإلحاد و التعرض لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و ما تظاهر به من الجبر و الإرجاء و لو لم یكن شی ء من ذلك لكان فی محاربته الإمام ما یكفی فی فساد حاله لا سیما علی قواعد أصحابنا و كونهم بالكبیرة الواحدة یقطعون علی المصیر إلی النار و الخلود فیها إن لم یكفرها التوبة و قال فی موضع آخر معاویة عند أصحابنا مطعون فی دینه منسوب إلی الإلحاد قد طعن فیه شیخنا أبو عبد اللّٰه البصری فی كتاب نقض السفیانیة علی الجاحظ و روی عنه أخبارا تدل علی ذلك.

«490»-(1)رَوَی ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِی طَاهِرٍ فِی كِتَابِ أَخْبَارِ الْمُلُوكِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَهَا فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لِلَّهِ أَبُوكَ یَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتَ عَالِی الْهِمَّةِ مَا رَضِیتَ لِنَفْسِكَ إِلَّا أَنْ تَقْرِنَ اسْمَكَ بِاسْمِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

«491»-(2)قَالَ وَ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَیْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ عَنِ

ص: 202


1- 490- ما وصلنی بعد خبر عن كتاب أخبار الملوك.
2- 491- الحدیث موجود فی أوائل الجزء الرابع من كتاب صفّین ص 216 ط الحدیث بمصر. و تقدم تحت الرقم: 461 ص 565 ط 1، نقل المصنّف الحدیث مباشرة عن كتاب صفّین.

الْحَسَنِ قَالَ وَ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ أَیْضاً عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِی النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ یَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِی فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ فَوَ اللَّهِ مَا فَعَلُوا وَ لَا أَفْلَحُوا.

«492»-(1)وَ رَوَی أَیْضاً فِی مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ تَارِیخِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ أَنَّهُ قَالَ: فِی هَذِهِ السَّنَةِ [284] عَزَمَ الْمُعْتَضِدُ عَلَی لَعْنِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ عَلَی الْمَنَابِرِ وَ أَمَرَ بِإِنْشَاءِ كِتَابٍ یُقْرَأُ عَلَی النَّاسِ فَخَوَّفَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَیْمَانَ اضْطِرَابَ الْعَامَّةِ وَ أَنَّهُ لَا یَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَلَمْ یَلْتَفِتْ إِلَیْهِ فَكَانَ أَوَّلُ شَیْ ءٍ بَدَأَ بِهِ الْمُعْتَضِدُ مِنْ ذَلِكَ التَّقْدِیمَ إِلَی الْعَامَّةِ بِلُزُومِ أَعْمَالِهِمْ وَ تَرْكِ الِاجْتِمَاعِ وَ الْعَصَبِیَّةِ وَ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ السُّلْطَانِ إِلَّا أَنْ یُسْأَلُوا (2)وَ مَنَعَ الْقُصَّاصَ عَنِ الْقُعُودِ عَلَی الطُّرُقَاتِ وَ أُنْشِئَ هَذَا الْكِتَابُ وَ عُمِلَتْ مِنْهُ نُسَخٌ قُرِئَتْ بِالْجَانِبَیْنِ مِنْ مَدِینَةِ السَّلَامِ فِی الْأَرْبَاعِ وَ الْمَحَالِّ وَ الْأَسْوَاقِ فِی یَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِسِتٍّ بَقِینَ مِنْهَا وَ مُنِعَ الْقُصَّاصُ مِنَ الْقُعُودِ فِی الْجَانِبَیْنِ وَ مُنِعَ أَهْلُ الْحِلَقِ فِی الْفُتْیَا أَوْ غَیْرُهُمْ مِنَ الْقُعُودِ فِی الْمَسْجِدَیْنِ

ص: 203


1- 492- رواه الطبریّ فی حوادث: سنة: 284 من تاریخ الأمم و الملوك: ج 10، ص 55 ط الحدیث ببیروت. و رواه عنه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 27 من باب الكتب من نهج البلاغة: ج 4 ص 593 ط الحدیث ببیروت. و بما أن الكتاب كان فی قدح معاویة خاصّة و بنی أمیّة عامة لم یسقه ابن كثیر حرفیا بل اكتفی بالإشارة إلیه فی حوادث سنة: 284 من كتاب البدایة و النهایة: ج 6 ص 76 ط بیروت.
2- 2 و مثله فی شرح ابن أبی الحدید؛ و فی تاریخ الطبریّ: «و ترك الاجتماع و القضیة و الشهادات عند السلطان ...». و ما وضعناه بین المعقوفین مأخوذ منه و من شرح ابن أبی الحدید، غیر أن ما ساقه المصنّف هنا أكثریا بحسب اللفظ أقرب إلی ما فی شرح نهج البلاغة منه إلی ما فی تاریخ الطبریّ.

وَ نُودِیَ فِی الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِنَهْیِ النَّاسِ عَنِ الِاجْتِمَاعِ عَلَی قَاصٍّ أَوْ غَیْرِهِ وَ مُنِعَ الْقُصَّاصُ وَ أَهْلُ الْحِلَقِ مِنَ الْقُعُودِ وَ نُودِیَ إِنَّ الذِّمَّةَ قَدْ بَرِئَتْ مِمَّنِ اجْتَمَعَ مِنَ النَّاسِ فِی مُنَاظَرَةٍ وَ جَدَلٍ وَ تَقَدَّمَ إِلَی الشُّرَّابِ الَّذِینَ یُسْقَوْنَ الْمَاءَ فِی الْجَامِعَیْنِ أَنْ لَا یَتَرَحَّمُوا عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ لَا یَذْكُرُوهُ بِخَیْرٍ وَ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جَارِیَةً بِالتَّرَحُّمِ وَ تَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِی قَدْ أَمَرَ الْمُعْتَضِدُ بِإِنْشَائِهِ بِلَعْنِ مُعَاوِیَةَ یُقْرَأُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَی الْمِنْبَرِ فَلَمَّا صَلَّی النَّاسُ الْجُمُعَةَ بَادَرُوا إِلَی الْمَقْصُورَةِ لِیَسْمَعُوا قِرَاءَةَ الْكِتَابِ فَلَمْ یُقْرَأْ وَ قِیلَ (1)إِنَّ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ سُلَیْمَانَ صَرَفَهُ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَ إِنَّهُ أَحْضَرَ یُوسُفَ بْنَ

ص: 204


1- 1 من قوله: «و قیل: إن عبید اللّٰه بن سلیمان صرفه عن قراءته- إلی قوله: - فأمسك المعتضد فلم یرد إلیه جوابا و لم یأمر بعد ذلك فی الكتاب بشی ء» ذكره الطبریّ فی خاتمة الكتاب، و أمّا ابن أبی الحدید فذكره مثل ما ذكره المصنّف هاهنا. ثمّ إن الطبریّ ذكر قبل الكتاب بعد قوله: «فلما صلی الناس الجمعة بادروا إلی المقصورة لیسمعوا قراءة الكتاب فلم یقرأ» ما نصه: فذكر أن المعتضد أمر بإخراج الكتاب الذی كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاویة؛ فأخرج له من الدیوان فأخذ من جوامعه نسخة هذا الكتاب، و ذكر أنّها نسخة الكتاب الذی أنشئ للمعتضد باللّٰه: بسم اللّٰه الرحمن الرحیم، الحمد لله العلی العظیم، الحلیم الحكیم، العزیز الرحیم، المتفرد بالوحدانیة، الباهر بقدرته الخالق بمشیئته و حكمته، الذی یعلم سوابق [أسرار «خ»] الصدور؛ و ضمائر القلوب، لا یخفی علیه خافیة و لا یعزب عنه مثقال ذرة فی السماوات العلی و لا فی الأرضین السفلی قد أحاط بكل شی ء علما و أحصی كل شی ء عددا، و ضرب [و جعل «خ»] لكل شی ء أمدا، و هو العلیم الخبیر. و الحمد لله الذی برأ خلقه لعبادته، و خلق عباده لمعرفته، علی سابق علمه فی طاعة مطیعهم و ماضی أمره فی عصیان عاصیهم، فبین لهم ما یأتون و ما یتقون، و نهج لهم سبل النجاة؛ و حذرهم مسالك الهلكة، و ظاهر علیهم الحجة و قدم إلیهم المعذرة، و اختار لهم دینه الذی ارتضی لهم و أكرمهم به، و جعل المعتصمین بحبله و المتمسكین بعروته أولیاءه و أهل طاعته، و المعاندین عنه و المخالفین له أعداءه و أهل معصیته، لیهلك من هلك عن بینة و یحیی من حی عن بینة و إن اللّٰه لسمیع علیم. و الحمد لله الذی اصطفی محمّدا رسوله من جمیع بریته و اختاره لرسالته و ابتعثه بالهدی و الدین المرتضی إلی عباده أجمعین، و أنزل علیه الكتاب المبین المستبین، و تأذن له بالنصر و التمكین، و أیده بالعز و البرهان المتین فاهتدی به من اهتدی، و استنقذ به من استجاب له من العمی و أضل من أدبر و تولی حتّی أظهر اللّٰه أمره و أعز نصره و قهر من خالفه، و أنجز له ما وعده، و ختم به رسله [رسالته «خ»] و قبضه مؤدیا لأمره مبلغا لرسالته ناصحا لامته، مرضیا مهتدیا إلی أكرم مآب المنقلبین و أعلی منازل أنبیائه المرسلین و عباده الفائزین، فصلّی اللّٰه علیه أفضل صلاة و أتمها و أجلها و أعظمها و أزكاها و أطهرها و علی آله الطیبین. و الحمد لله الذی جعل أمیر المؤمنین و سلفه الراشدین المهتدین ورثة خاتم النبیین و سیّد المرسلین و القائمین و المقومین لعباده المؤمنین و المستحفظین ودائع الحكمة و مواریث النبوّة، و المستخلفین فی الأمة، و المنصورین بالعز و المنعة و التأیید و الغلبة حتّی یظهر اللّٰه دینه علی الدین كله و لو كره المشركون. و قد انتهی إلی أمیر المؤمنین ما علیه جماعة من العامّة من شبهة قد دخلتهم فی أدیانهم و فساد قد لحقهم فی معتقدهم .. أقول: جمیع ما ذكره المعتضد فی مقدّمة كتابه حقّ غیر هذا الذیل الذی ذكره حول سلفه فإن كله باطل و بعض سلفه كالمنصور و الرشید و المتوكل لم یكونوا أقل ضلالة من معاویة بل بعضهم كان أعتی و أطغی منه، و من أراد أن یعرف شیئا یسیرا من تورط هؤلاء فی الطغیان فعلیه بكتاب أنساب الأشراف.

یَعْقُوبَ الْقَاضِیَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَعْمَلَ الْحِیلَةَ فِی إِبْطَالِ مَا عَزَمَ الْمُعْتَضِدُ عَلَیْهِ فَمَضَی یُوسُفُ فَكَلَّمَ الْمُعْتَضِدَ فِی ذَلِكَ وَ قَالَ لَهُ إِنِّی أَخَافُ أَنْ تَضْطَرِبَ الْعَامَّةُ وَ یَكُونَ مِنْهَا عِنْدَ سَمَاعِهَا هَذَا الْكِتَابَ حَرَكَةٌ فَقَالَ إِنْ تَحَرَّكَتِ الْعَامَّةُ أَوْ نَطَقَتْ وَضَعْتُ السَّیْفَ فِیهَا فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمَا تَصْنَعُ بِالطَّالِبِیِّینَ الَّذِینَ یَخْرُجُونَ فِی كُلِّ نَاحِیَةٍ وَ یَمِیلُ إِلَیْهِمْ خَلْقٌ كَثِیرٌ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا فِی هَذَا الْكِتَابِ مِنْ إِطْرَائِهِمْ أَوْ كَمَا قَالَ وَ إِذَا سَمِعَ النَّاسُ هَذَا كَانُوا إِلَیْهِمْ أَمْیَلَ وَ كَانُوا هُمْ أَبْسَطَ أَلْسِنَةً وَ أَثْبَتَ حُجَّةً مِنْهُمُ الْیَوْمَ فَأَمْسَكَ الْمُعْتَضِدُ فَلَمْ یَرُدَّ عَلَیْهِ جَوَاباً وَ لَمْ یَأْمُرْ بَعْدَ ذَلِكَ فِی الْكِتَابِ بِشَیْ ءٍ وَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ حَمْدَ اللَّهِ وَ الثَّنَاءَ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةَ عَلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ انْتَهَی إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مَا عَلَیْهِ جَمَاعَةُ الْعَامَّةِ مِنْ شُبْهَةٍ قَدْ دَخَلَتْهُمْ فِی أَدْیَانِهِمْ وَ فَسَادٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فِی مُعْتَقَدِهِمْ وَ عَصَبِیَّةٍ قَدْ غَلَبَتْ عَلَیْهَا أَهْوَاؤُهُمْ وَ نَطَقَتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ عَلَی غَیْرِ مَعْرِفَةٍ وَ لَا رَوِیَّةٍ قَدْ قَلَّدُوا فِیهَا قَادَةَ الضَّلَالَةِ بِلَا بَیِّنَةٍ وَ لَا بَصِیرَةٍ وَ خَالَفُوا السُّنَنَ الْمُتَّبَعَةَ إِلَی الْأَهْوَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَیْرِ هُدیً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ خُرُوجاً عَنِ الْجَمَاعَةِ وَ مُسَارَعَةً

ص: 205

إِلَی الْفِتْنَةِ وَ إِیثَاراً لِلْفُرْقَةِ وَ تَشْتِیتاً لِلْكَلِمَةِ وَ إِظْهَاراً لِمُوَالاةِ مَنْ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُوَالاةَ وَ بَتَرَ مِنْهُ الْعِصْمَةَ وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الْمِلَّةِ وَ أَوْجَبَ عَلَیْهِ اللَّعْنَةَ وَ تَعْظِیماً لِمَنْ صَغَّرَ اللَّهُ حَقَّهُ وَ أَوْهَنَ أَمْرَهُ وَ أَضْعَفَ رُكْنَهُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ وَ مُخَالَفَةً لِمَنِ اسْتَنْقَذَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ وَ أَسْبَغَ عَلَیْهِمْ بِهِ النِّعْمَةَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ الْبَرَكَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ فَأَعْظَمَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا انْتَهَی إِلَیْهِ مِنْ ذَلِكَ وَ رَأَی تَرْكَ إِنْكَارِهِ حَرَجاً عَلَیْهِ فِی الدِّینِ وَ فَسَاداً لِمَنْ قَلَّدَهُ اللَّهُ أَمْرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ إِهْمَالًا لِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ تَقْوِیمِ الْمُخَالِفِینَ وَ تَبْصِیرِ الْجَاهِلِینَ وَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَی الشَّاكِّینَ وَ بَسْطِ الْیَدِ عَنِ الْمُعَانِدِینَ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یُخْبِرُكُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا ابْتَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِدِینِهِ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَصْدَعَ بِأَمْرِهِ بَدَأَ بِأَهْلِهِ وَ عَشِیرَتِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَی رَبِّهِ وَ أَنْذَرَهُمْ وَ بَشَّرَهُمْ وَ نَصَحَ لَهُمْ وَ أَرْشَدَهُمْ وَ كَانَ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَ صَدَّقَ قَوْلَهُ وَ اتَّبَعَ أَمْرَهُ نَفَرٌ یَسِیرٌ مِنْ بَنِی أَبِیهِ (1)مِنْ بَیْنِ مُؤْمِنٍ بِمَا أَتَی بِهِ مِنْ رَبِّهِ وَ نَاصِرٍ لِكَلِمَتِهِ وَ إِنْ لَمْ یَتَّبِعْ دِینَهُ إِعْزَازاً لَهُ وَ إِشْفَاقاً عَلَیْهِ فَمُؤْمِنُهُمْ مُجَاهِدٌ بِبَصِیرَتِهِ وَ كَافِرُهُمْ مُجَاهِدٌ بِنُصْرَتِهِ وَ حَمِیَّتِهِ یَدْفَعُونَ مَنْ نَابَذَهُ وَ یَقْهَرُونَ مَنْ عَابَهُ وَ عَانَدَهُ وَ یَتَوَثَّقُونَ لَهُ مِمَّنْ كَانَفَهُ وَ عَاضَدَهُ وَ یُبَایِعُونَ لَهُ مَنْ سَمِحَ لَهُ بِنُصْرَتِهِ وَ یَتَجَسَّسُونَ أَخْبَارَ أَعْدَائِهِ وَ یَكِیدُونَ لَهُ بِظَهْرِ الْغَیْبِ كَمَا یَكِیدُونَ لَهُ بِرَأْیِ الْعَیْنِ حَتَّی بَلَغَ الْمَدَی وَ حَانَ وَقْتُ الِاهْتِدَاءِ فَدَخَلُوا فِی دِینِ اللَّهِ وَ طَاعَتِهِ وَ تَصْدِیقِ رَسُولِهِ وَ الْإِیمَانِ بِهِ بِأَثْبَتِ بَصِیرَةٍ وَ أَحْسَنِ هُدًی وَ رَغْبَةٍ فَجَعَلَهُمُ اللَّهُ أَهْلَ بَیْتِ الرَّحْمَةِ أَهْلَ بَیْتِهِ الَّذِینَ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً مَعْدِنَ الْحِكْمَةِ وَ وَرَثَةَ النُّبُوَّةِ وَ مَوْضِعَ الْخِلَافَةِ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُمُ الْفَضِیلَةَ وَ أَلْزَمَ الْعِبَادَ لَهُمُ الطَّاعَةَ (2)

ص: 206


1- 1 كذا فی تاریخ الطبریّ طبع الحدیث ببیروت، و فی ط الحدیث ببیروت من شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید: «نفیر یسیر ...» و فی ط الكمبانیّ من البحار: «امرؤ یسیر ...».
2- هذا هو الصواب، و فی أصولی: «فجعلهم اللّٰه أهل بیت الرحمة و أهل بیت الدین [الذین «خ»] أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهیرا و معدن الحكمة ...». و معلوم أن بنی عبّاس من جدهم إلی المعتضد كاتب هذه الرسالة لم یكونوا علی هذه الأوصاف و كان جدهم العباس و ابنه حبر الأمة عبد اللّٰه لم یریا أنفسهم أهلا للخلافة و لا رآهم الناس أهلا لها، و لهذا قال العباس بعد وفاة النبیّ لعلی: هلم أبایعك ... و أیضا لم یر أبو بكر و عمر و عثمان للعباس و بنیه سهما فی الخلافة. و أمّا أحفاد العباس بل و كثیر من أبنائه فكانوا أهل لهو و تورط فی الشهوات و معدن الرجس و القسوة و التوغل فی ملاذ الدنیا و الركون إلیها و قد بلغوا أقصی حدّ الظلم و العدوان، و سیر إجمالی فی سیرة المنصور و الرشید و المتوكل یوضح ما أشرنا إلیه كالشمس فی رائعة النهار!! أ هؤلاء أهل بیت الرحمة؟ فمن أهل بیت القسوة و الجفوة؟ أ هؤلاء أذهب اللّٰه عنهم الرجس؟ أ هؤلاء معدن الحكمة؟ فمن معدن الجهالة و السفاهة؟ أ هؤلاء ورثة النبوّة و موضع الخلافة؟ فمن ورثة الطغیان و الالحاد؟ و أی فضیلة كانت فیهم غیر النسب، و نسب عمه أبی لهب كان أقرب من نسبهم و لم یفده شیئا، و كیف ألزم اللّٰه طاعتهم علی العباد و كانوا طغی العباد، و أظلم الظالمین و اللّٰه تعالی یقول: «لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ».

وَ كَانَ مِمَّنْ عَانَدَهُ وَ كَذَّبَهُ وَ حَارَبَهُ مِنْ عَشِیرَتِهِ الْعَدَدُ الْكَثِیرُ وَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ یَتَلَقَّوْنَهُ بِالضَّرَرِ وَ التَّثْرِیبِ وَ یَقْصِدُونَهُ بِالْأَذَی وَ التَّخْوِیفِ وَ یُنَابِذُونَهُ بِالْعَدَاوَةِ وَ یَنْصِبُونَ لَهُ الْمُحَارَبَةَ وَ یَصُدُّونَ عَنْ قَصْدِهِ وَ یَنَالُونَ بِالتَّعْذِیبِ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ كَانَ أَشَدُّهُمْ فِی ذَلِكَ عَدَاوَةً وَ أَعْظَمُهُمْ لَهُ مُخَالَفَةً أَوَّلَهُمْ فِی كُلِّ حَرْبٍ وَ مُنَاصَبَةٍ وَ رَأْسَهُمْ فِی كُلِّ إِجْلَابٍ وَ فِتْنَةٍ لَا تُرْفَعُ عَنِ الْإِسْلَامِ رَایَةٌ إِلَّا كَانَ صَاحِبُهَا وَ قَائِدُهَا وَ رَئِیسُهَا أَبَا سُفْیَانَ بْنَ حَرْبٍ صَاحِبَ أُحُدٍ وَ الْخَنْدَقِ وَ غَیْرِهِمَا وَ أَشْیَاعَهُ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ الْمَلْعُونِینَ فِی كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ الْمَلْعُونِینَ عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی مَوَاطِنَ عِدَّةٍ لِسَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ فِیهِمْ وَ مَاضِی حُكْمِهِ فِی أَمْرِهِمْ وَ كُفْرِهِمْ وَ نِفَاقِهِمْ فَلَمْ یَزَلْ لَعَنَهُ اللَّهُ یُحَارِبُ مُجَاهِداً وَ یُدَافِعُ مُكَایِداً وَ یَجْلِبُ مُنَابِذاً حَتَّی قَهَرَهُ السَّیْفُ وَ عَلَا أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ فَتَعَوَّذَ بِالْإِسْلَامِ غَیْرَ مَنْطُوٍّ عَلَیْهِ وَ أَسَرَّ الْكُفْرَ غَیْرَ مُقْلِعٍ عَنْهُ فَقَبِلَهُ وَ قَبِلَ وُلْدُهُ عَلَی عِلْمٍ مِنْهُ بِحَالِهِ وَ حَالِهِمْ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی كِتَاباً فِیمَا أَنْزَلَهُ عَلَی رَسُولِهِ یَذْكُرُ فِیهِ شَأْنَهُمْ (1)وَ هُوَ

ص: 207


1- 1 هذا هو الظاهر المذكور فی شرح ابن أبی الحدید، و فی أصلی من طبع الكمبانیّ من البحار: «ثم أنزل اللّٰه تعالی كتابا فیما أنزل اللّٰه علی رسوله فیهم شأنهم» و فی تاریخ الطبریّ: فمما لعنهم اللّٰه به علی لسان نبیه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم و أنزل به كتابا قوله: «وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً كَبِیراً» [60/ الاسراء: 17] و لا اختلاف بین أحد انه أراد بها بنی أمیة. و منه قول الرسول علیه السلام: و قد رآه مقبلا علی حمار و معاویة یقود به و یزید ابنه یسوق به: لعن اللّٰه القائد و الراكب.

قَوْلُهُ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ لَا خِلَافَ بَیْنَ أَحَدٍ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَرَادَ بِهَا بَنِی أُمَیَّةَ وَ مِمَّا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فِی السُّنَّةِ وَ رَوَاهُ ثِقَاتُ الْأُمَّةِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ وَ قَدْ رَآهُ مُقْبِلًا عَلَی حِمَارٍ وَ مُعَاوِیَةُ یَقُودُهُ وَ یَزِیدُ یَسُوقُهُ لَعَنَ اللَّهُ الرَّاكِبَ وَ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ وَ مِنْهُ مَا رَوَتْهُ الرُّوَاةُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ یَوْمَ بَیْعَةِ عُثْمَانَ تَلَقَّفُوهَا یَا بَنِی عَبْدِ شَمْسٍ تَلَقُّفَ الْكُرَةِ فَوَ اللَّهِ مَا مِنْ جَنَّةٍ وَ لَا نَارٍ وَ هَذَا كُفْرٌ صِرَاحٌ یَلْحَقُهُ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ كَمَا لَحِقَتِ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ وَ مِنْهُ مَا یُرْوَی مِنْ وُقُوفِهِ عَلَی ثَنِیَّةِ أُحُدٍ بَعْدَ ذَهَابِ بَصَرِهِ وَ قَوْلِهِ لِقَائِدِهِ هُنَالِكَ دَمَیْنَا مُحَمَّداً وَ قَتَلْنَا أَصْحَابَهُ (1)وَ مِنْهَا الْكَلِمَةُ الَّتِی قَالَهَا لِلْعَبَّاسِ قَبْلَ الْفَتْحِ وَ قَدْ عُرِضَتْ عَلَیْهِ الْجُنُودُ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِیكَ عَظِیماً فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ وَیْحَكَ إِنَّهُ لَیْسَ بِمُلْكٍ إِنَّهَا النُّبُوَّةُ وَ مِنْهُ قَوْلُهُ یَوْمَ الْفَتْحِ وَ قَدْ رَأَی بِلَالًا عَلَی ظَهْرِ الْكَعْبَةِ یُؤَذِّنُ وَ یَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ أَسْعَدَ اللَّهُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِیعَةَ إِذْ لَمْ یَشْهَدْ هَذَا الْمَشْهَدَ

ص: 208


1- 1 كذا فی أصلی، و فی ط الحدیث ببیروت من شرح ابن أبی الحدید: «هاهنا رمینا محمّدا ...» و فی ط بیروت من تاریخ الطبریّ: «هاهنا ذببنا محمّدا و أصحابه ...».

وَ مِنْهَا الرُّؤْیَا الَّتِی رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَوَجَمَ لَهَا قَالُوا فَمَا رُئِیَ بَعْدَهَا ضَاحِكاً رَأَی نَفَراً مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ یَنْزُونَ عَلَی مِنْبَرِهِ نَزْوَ الْقِرَدَةِ (1)وَ مِنْهَا طَرْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْحَكَمَ بْنَ أَبِی الْعَاصِ لِمُحَاكَاتِهِ إِیَّاهُ فِی مِشْیَتِهِ وَ أَلْحَقَهُ اللَّهُ بِدَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله آفَةً بَاقِیَةً حِینَ الْتَفَتَ إِلَیْهِ فَرَآهُ یَتَخَلَّجُ یَحْكِیهِ فَقَالَ كُنْ كَمَا أَنْتَ فَبَقِیَ عَلَی ذَلِكَ سَائِرَ عُمُرِهِ هَذَا إِلَی مَا كَانَ مِنْ مَرْوَانَ ابْنِهِ وَ افْتِتَاحِهِ أَوَّلَ فِتْنَةٍ كَانَتْ فِی الْإِسْلَامِ وَ احْتِقَابِهِ كُلَّ دَمٍ حَرَامٍ سُفِكَ فِیهَا أَوْ أُرِیقَ بَعْدَهَا (2)وَ مِنْهَا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قَالُوا مُلْكُ بَنِی أُمَیَّةَ (3)وَ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله دَعَا مُعَاوِیَةَ لِیَكْتُبَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَدَافَعَ بِأَمْرِهِ وَ اعْتَلَّ بِطَعَامِهِ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ فَبَقِیَ لَا یَشْبَعُ وَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا أَتْرُكُ الطَّعَامَ شِبَعاً وَ لَكِنْ إِعْیَاءً وَ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَطْلُعُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِی یَحْشُرُ عَلَی غَیْرِ مِلَّتِی فَطَلَعَ مُعَاوِیَةُ وَ مِنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِذَا رَأَیْتُمْ مُعَاوِیَةَ عَلَی مِنْبَرِی فَاقْتُلُوهُ

ص: 209


1- 1 و مثله فی شرح ابن أبی الحدید: و ینزون- علی زنة یدعون-: یثبون و یعلون علیه. و فی تاریخ الطبریّ: و منه الرؤیا التی رآها النبیّ صلّی اللّٰه علیه و سلم فوجم لها فما رئی ضاحكا بعدها فأنزل اللّٰه: وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ [وَ ]الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ [60/ الاسراء: 17].
2- 2 هذا هو الصواب كما فی تاریخ الطبریّ و شرح ابن أبی الحدید. و الاحتقاب: الارتكاب. و فی ط الكمبانیّ من البحار: «احتقانه».
3- 3 و مثله فی شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة، و فی تاریخ الطبریّ: «و منه ما أنزل اللّٰه علی نبیه فی سورة القدر: «لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» من ملك بنی أمیّة.

وَ مِنْهَا الْحَدِیثُ الْمَشْهُورُ الْمَرْفُوعُ أَنَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ فِی تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ یُنَادِی یَا حَنَّانُ یَا مَنَّانُ فَیُقَالُ لَهُ آلْآنَ وَ قَدْ عَصَیْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِینَ وَ مِنْهَا انْتِزَاؤُهُ بِالْمُحَارَبَةِ لِأَفْضَلِ الْمُسْلِمِینَ فِی الْإِسْلَامِ مَكَاناً وَ أَقْدَمِهِمْ إِلَیْهِ سَبْقاً وَ أَحْسَنِهِمْ فِیهِ أَثَراً وَ ذِكْراً عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یُنَازِعُهُ حَقَّهُ بِبَاطِلِهِ وَ یُجَاهِدُ أَنْصَارَهُ بِضُلَّالِهِ وَ أَعْوَانِهِ وَ یُحَاوِلُ مَا لَمْ یَزَلْ هُوَ وَ أَبُوهُ یُحَاوِلَانِهِ مِنْ إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ جُحُودِ دِینِهِ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (1)یَسْتَهْوِی أَهْلَ الْجَهَالَةِ وَ یُمَوِّهُ لِأَهْلِ الْغَبَاوَةِ بِمَكْرِهِ وَ بَغْیِهِ الذین [اللَّذَیْنِ] قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْخَبَرَ عَنْهُمَا فَقَالَ لِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ تَدْعُوهُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ یَدْعُونَكَ إِلَی النَّارِ مُؤْثِراً لِلْعَاجِلَةِ كَافِراً بِالْآجِلَةِ خَارِجاً مِنْ طَرِیقَةِ الْإِسْلَامِ (2)مُسْتَحِلًّا لِلدَّمِ الْحَرَامِ حَتَّی سُفِكَ فِی فِتْنَتِهِ وَ عَلَی سَبِیلِ غَوَایَتِهِ وَ ضَلَالَتِهِ دِمَاءٌ مَا لَا یُحْصَی عَدَدُهُ مِنْ خِیَارِ الْمُسْلِمِینَ الذَّابِّینَ عَنْ دِینِ اللَّهِ وَ النَّاصِرِینَ لِحَقِّهِ مُجَاهِداً فِی عَدَاوَةِ اللَّهِ مُجْتَهِداً فِی أَنْ یُعْصَی اللَّهُ فَلَا یُطَاعَ وَ تَبْطُلَ أَحْكَامُهُ فَلَا تُقَامَ وَ یُخَالَفَ دِینُهُ فَلَا یُدَانَ وَ أَنْ تَعْلُوَ كَلِمَةُ الضَّلَالِ وَ تَرْتَفِعَ دَعْوَةُ الْبَاطِلِ وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِیَ الْعُلْیا وَ دِینُهُ الْمَنْصُورُ وَ حُكْمُهُ النَّافِذُ وَ أَمْرُهُ الْغَالِبُ وَ كَیْدُ مَنْ عَادَاهُ وَ حَادَّهُ الْمَغْلُوبُ الدَّاحِضُ حَتَّی احْتَمَلَ أَوْزَارَ تِلْكَ الْحُرُوبِ وَ مَا اتَّبَعَهَا وَ تَطَوَّقَ تِلْكَ الدِّمَاءَ وَ مَا سُفِكَ بَعْدَهَا وَ سَنَّ سُنَنَ الْفَسَادِ الَّتِی عَلَیْهِ إِثْمُهَا وَ إِثْمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَ أَبَاحَ الْمَحَارِمَ لِمَنِ ارْتَكَبَهَا وَ مَنَعَ الْحُقُوقَ أَهْلَهَا وَ غَرَّتْهُ الْآمَالُ وَ اسْتَدْرَجَهُ الْإِمْهَالُ وَ كَانَ مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِهِ اللَّعْنَةَ قَتْلُهُ مَنْ قَتَلَ صَبْراً (3)مِنْ خِیَارِ

ص: 210


1- 1 هذا هو الصواب المذكور فی شرح ابن أبی الحدید، و هی الآیة: 32 من سورة التوبة: 9 و فی ط الكمبانیّ من البحار و تاریخ الطبریّ: «وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».
2- 2 كذا فی طبع الكمبانیّ من كتاب البحار، و فی تاریخ الطبریّ و شرح ابن أبی الحدید «خارجا من ربقة الإسلام ...».
3- 3 و مثله فی شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة، و فی تاریخ الطبریّ: «ثم ممّا أوجب اللّٰه له به اللعنة قتله من قتل صبرا من خیار الصحابة و التابعین و أهل الفضل و الدیانة، مثل عمرو بن الحمق و حجر بن عدی فیمن قتل [من] أمثالهم فی أن تكون له العزة و الملك و الغلبة، و لله العزة و الملك و القدرة، و اللّٰه عزّ و جلّ یقول: وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِیماً [93/ النساء: 4].

الصَّحَابَةِ وَ التَّابِعِینَ وَ أَهْلِ الْفَضْلِ وَ الدِّینِ مِثْلِ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِیِّ وَ حُجْرِ بْنِ عَدِیٍّ الْكِنْدِیِّ فِیمَنْ قَتَلَ مِنْ أَمْثَالِهِمْ عَلَی أَنْ یَكُونَ لَهُ الْعِزَّةُ وَ الْمُلْكُ وَ الْغَلَبَةُ ثُمَّ ادَّعَاؤُهُ زِیَادَ بْنَ سُمَیَّةَ أَخاً وَ نِسْبَتُهُ إِیَّاهُ إِلَی أَبِیهِ وَ اللَّهُ تَعَالَی یَقُولُ ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَ رَسُولُهُ یَقُولُ مَلْعُونٌ مَنِ ادَّعَی إِلَی غَیْرِ أَبِیهِ أَوِ انْتَمَی إِلَی غَیْرِ مَوَالِیهِ (1)وَ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ لِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ فَخَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَی وَ رَسُولِهِ جِهَاراً وَ جَعَلَ الْوَلَدَ لِغَیْرِ الْفِرَاشِ وَ الْحَجَرَ لِغَیْرِ الْعَاهِرِ فَأَحَلَّ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فِی أُمِّ حَبِیبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ وَ فِی غَیْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ مِنْ شُعُورٍ وَ وُجُوهٍ قَدْ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَ أَثْبَتَ بِهَا مِنْ قُرْبِیٍّ قَدْ أَبْعَدَهَا اللَّهُ مَا لَمْ یَدْخُلِ الدِّینَ خَلَلٌ مِثْلُهُ وَ لَمْ یَنَلِ الْإِسْلَامُ تَبْدِیلًا یُشْبِهُهُ وَ مِنْ ذَلِكَ إِیثَارُهُ لِخِلَافَةِ اللَّهِ عَلَی عِبَادِهِ ابْنَهُ یَزِیدَ السِّكِّیرَ الْخِمِّیرَ صَاحِبَ الدِّیَكَةِ وَ الْفُهُودِ وَ الْقِرَدَةِ وَ أَخْذُ الْبَیْعَةِ لَهُ عَلَی خِیَارِ الْمُسْلِمِینَ بِالْقَهْرِ وَ السَّطْوَةِ وَ التَّوَعُّدِ وَ الْإِخَافَةِ وَ التَّهْدِیدِ وَ الرَّهْبَةِ وَ هُوَ یَعْلَمُ سَفَهَهُ وَ یَطَّلِعُ عَلَی رَهْقِهِ وَ خُبْثِهِ وَ یُعَایِنُ سَكَرَاتِهِ وَ فَعَلَاتِهِ وَ فُجُورَهُ وَ كُفْرَهُ فَلَمَّا تَمَكَّنَ قَاتَلَهُ اللَّهُ فِیمَا تَمَكَّنَ مِنْهُ طَلَبَ بِثَأْرَاتِ الْمُشْرِكِینَ وَ طَوَائِلِهِمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِینَ فَأَوْقَعَ بِأَهْلِ الْمَدِینَةِ فِی وَقْعَةِ الْحَرَّةِ

ص: 211


1- و مثله فی شرح ابن أبی الحدید، غیر أن فیه «و رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله یقول ...» و فی تاریخ الطبریّ: و ممّا استحق به اللعنة من اللّٰه و رسوله ادعاؤه زیاد بن سمیة، جرأة علی اللّٰه، و اللّٰه یقول: «ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ...» [5/ الأحزاب: 33] و رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم یقول: ملعون من ادعی إلی غیر أبیه أو انتمی إلی غیر موالیه.

الْوَقْعَةَ الَّتِی لَمْ یَكُنْ فِی الْإِسْلَامِ أَشْنَعُ مِنْهَا وَ لَا أَفْحَشُ فَشَفَی عِنْدَ نَفْسِهِ غَلِیلَهُ وَ ظَنَّ أَنَّهُ قَدِ انْتَقَمَ مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ بَلَغَ الثَّأْرَ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ فَقَالَ مُجَاهِراً بِكُفْرِهِ وَ مُظْهِراً لِشِرْكِهِ:

لَیْتَ أَشْیَاخِی بِبَدْرٍ شَهِدُوا***جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ

قَوْلَ مَنْ لَا یَرْجِعُ إِلَی اللَّهِ وَ لَا إِلَی دِینِهِ وَ لَا إِلَی كِتَابِهِ وَ لَا إِلَی رَسُولِهِ وَ لَا یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ مِنْ أَغْلَظِ مَا انْتَهَكَ وَ أَعْظَمِ مَا اجْتَرَمَ سَفْكُهُ دَمَ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا مَعَ مَوقِعِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَكَانِهِ وَ مَنْزِلَتِهِ مِنَ الدِّینِ وَ الْفَضْلِ وَ الشَّهَادَةِ لَهُ وَ لِأَخِیهِ بِسِیَادَةِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اجْتِرَاءً عَلَی اللَّهِ وَ كُفْراً بِدِینِهِ وَ عَدَاوَةً لِرَسُولِهِ وَ مُجَاهَرَةً لِعِتْرَتِهِ وَ اسْتِهَانَةً لِحُرْمَتِهِ كَأَنَّمَا یَقْتُلُ لَعَنَهُ اللَّهُ قَوْماً مِنْ كَفَرَةِ التُّرْكِ وَ الدَّیْلَمِ لَا یَخَافُ مِنَ اللَّهِ نَقِمَةً وَ لَا یُرَاقِبُ مِنْهُ سَطْوَةً فَبَتَرَ اللَّهُ عُمُرَهُ وَ اجْتَثَّ أَصْلَهُ وَ فَرْعَهُ وَ سَلَبَهُ مَا تَحْتَ یَدِهِ وَ أَعَدَّ لَهُ مِنْ عَذَابِهِ وَ عُقُوبَتِهِ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنَ اللَّهِ بِمَعْصِیَتِهِ هَذَا إِلَی مَا كَانَ مِنْ بَنِی مَرْوَانَ مِنْ تَبْدِیلِ كِتَابِ اللَّهِ وَ تَعْطِیلِ أَحْكَامِ اللَّهِ وَ اتِّخَاذِ مَالِ اللَّهِ بَیْنَهُمْ دُوَلًا وَ هَدْمِ بَیْتِ اللَّهِ وَ اسْتِحْلَالِ حَرَامِهِ وَ نَصْبِهِمُ الْمَجَانِیقَ عَلَیْهِ وَ رَمْیِهِمْ بِالنِّیرَانِ إِلَیْهِ لَا یَأْلُونَ إِحْرَاقاً وَ إِخْرَاباً وَ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنْهُ اسْتِبَاحَةً وَ انْتِهَاكاً وَ لِمَنْ لَجَأَ إِلَیْهِ قَتْلًا وَ تَنْكِیلًا وَ لِمَنْ آمَنَهُ اللَّهُ بِهِ إِخَافَةً وَ تَشْرِیداً حَتَّی إِذَا حَقَّتْ عَلَیْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ وَ اسْتَحَقُّوا مِنَ اللَّهِ الِانْتِقَامَ وَ مَلَئُوا الْأَرْضَ بِالْجَوْرِ وَ الْعُدْوَانِ وَ عَمُّوا عِبَادَ اللَّهِ بِالظُّلْمِ وَ الِاقْتِسَارِ وَ حَلَّتْ عَلَیْهِمُ السَّخَطُ وَ نَزَلَتْ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ السَّطْوَةُ أَتَاحَ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ عِتْرَةِ نَبِیِّهِ وَ أَهْلِ وِرَاثَتِهِ وَ مَنِ اسْتَخْلَصَهُ مِنْهُمْ لِخِلَافَتِهِ مِثْلَ مَا أَتَاحَ مِنْ أَسْلَافِهِمُ الْمُؤْمِنِینَ وَ آبَائِهِمُ الْمُجَاهِدِینَ لِأَوَائِلِهِمُ الْكَافِرِینَ فَسَفَكَ اللَّهُ دِمَاءَهُمْ مُرْتَدِّینَ كَمَا سَفَكَ بِآبَائِهِمْ دِمَاءَ آبَائِهِمْ مُشْرِكِینَ وَ قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَ الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَمَرَ لِیُطَاعَ وَ مَثَّلَ لِیُتَمَثَّلَ وَ حَكَمَ لِیُفْعَلَ قَالَ سُبْحَانَهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِینَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِیراً وَ قَالَ

ص: 212

أُولئِكَ یَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ یَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ فَالْعَنُوا أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ فَارِقُوا مَنْ لَا تَنَالُونَ الْقُرْبَةَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بِمُفَارَقَتِهِ اللَّهُمَّ الْعَنْ أَبَا سُفْیَانَ بْنَ أُمَیَّةَ وَ مُعَاوِیَةَ ابْنَهُ وَ یَزِیدَ بْنَ مُعَاوِیَةَ وَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ وُلْدِهِ اللَّهُمَّ الْعَنْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ وَ قَادَةَ الضَّلَالِ وَ أَعْدَاءَ الدِّینِ وَ مُجَاهِدِی الرَّسُولِ وَ مُعَطِّلِی الْأَحْكَامِ وَ مُبَدِّلِی الْكِتَابِ وَ مُنْتَهِكِی الدَّمِ الْحَرَامِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَبْرَأُ إِلَیْكَ مِنْ مُوَالاةِ أَعْدَائِكَ وَ مِنَ الْإِغْمَاضِ لِأَهْلِ مَعْصِیَتِكَ كَمَا قُلْتَ لا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَیُّهَا النَّاسُ اعْرِفُوا الْحَقَّ تَعْرِفُوا أَهْلَهُ وَ تَأَمَّلُوا سُبُلَ الضَّلَالَةِ تَعْرِفُوا سَابِلَهَا فَقِفُوا عِنْدَ مَا وَقَّفَكُمُ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ أَنْفِذُوا لِمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَسْتَعْصِمُ بِاللَّهِ لَكُمْ وَ یَسْأَلُهُ تَوْفِیقَكُمْ وَ یَرْغَبُ إِلَیْهِ فِی هِدَایَتِكُمْ وَ اللَّهُ حَسْبُهُ وَ عَلَیْهِ تَوَكُّلُهُ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (1)

ص: 213


1- 1 و مثله فی شرح ابن أبی الحدید علی نهج البلاغة، و لكن فی ط الحدیث ببیروت من تاریخ الطبریّ بعده زیادة هكذا نصها: یا ایها الناس اعرفوا الحق تعرفوا أهله، و تأملوا سبل الضلالة تعرفوا سابلها، فإنه إنّما یبین عن الناس أعمالهم، و یلحقهم بالضلال و الصلاح آباؤهم فلا یأخذكم فی اللّٰه لومة لائم، و لا یمیلن بكم عن دین اللّٰه استهواء من یستهویكم و كید من یكیدكم و طاعة من تخرجكم طاعته إلی معصیة ربكم. أیها الناس بنا هداكم اللّٰه و نحن المستحفظون فیكم أمر اللّٰه، و نحن ورثة رسول اللّٰه و القائمون بدین اللّٰه، فقفوا عند ما نقفكم علیه، و انفذوا لما نأمركم به، فإنكم ما أطعتم خلفاء اللّٰه و أئمة الهدی علی سبیل الایمان و التقوی و أمیر المؤمنین یستعصم اللّٰه لكم و یسأله توفیقكم و یرغب إلی اللّٰه فی هدایتكم لرشدكم و فی حفظ دینه علیكم حتّی تلقوه به مستحقین طاعته، مستحقبین لرحمته، و اللّٰه حسب أمیر المؤمنین فیكم و علیه توكله، و باللّٰه علی ما قلده من أموركم استعانته و لا حول لأمیر المؤمنین و لا قوة إلا باللّٰه، و السلام علیكم. و كتب أبو القاسم عبید اللّٰه بن سلیمان فی سنة أربع و ثمانین و مائتین.

وَ قَالَ فِی مَوْضِعٍ آخَرَ (1)إِنَّ مُعَاوِیَةَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْعِرَاقِ وَ الشَّامِ وَ غَیْرِهِمَا بِسَبِّ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَ خَطَبَ بِذَلِكَ عَلَی مَنَابِرِ الْإِسْلَامِ وَ صَارَ ذَلِكَ سُنَّةً فِی أَیَّامِ بَنِی أُمَیَّةَ إِلَی أَنْ قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ فَأَزَالَهُ.

وَ قَالَ الْجَاحِظُ: إِنَّ مُعَاوِیَةَ كَانَ یَقُولُ فِی آخِرِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ اللَّهُمَّ إِنَّ أَبَا تُرَابٍ أَلْحَدَ فِی دِینِكَ وَ صَدَّ عَنْ سَبِیلِكَ فَالْعَنْهُ لَعْناً وَبِیلًا وَ عَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِیماً وَ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَی الْآفَاقِ فَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ یُنَادَی بِهَا عَلَی الْمَنَابِرِ إِلَی خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ.

وَ ذَكَر الْمُبَرَّدُ فِی الْكَامِلِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِیَّ لَمَّا كَانَ أَمِیرَ الْعِرَاقِ فِی خِلَافَةِ هِشَامٍ كَانَ یَلْعَنُ عَلِیّاً علیه السلام عَلَی الْمِنْبَرِ.

وَ ذَكَرَ الْجَاحِظُ أَنَّ قَوْماً مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ قَالُوا لِمُعَاوِیَةَ إِنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ مَا أَمَّلْتَ فَلَوْ كَفَفْتَ عَنْ لَعْنِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی یَرْبُوَ عَلَیْهِ الصَّغِیرُ وَ یَهْرَمَ عَلَیْهِ الْكَبِیرُ وَ لَا یَذْكُرَ لَهُ ذَاكِرٌ فَضْلًا وَ أَرَادَ زِیَادٌ أَنْ یَعْرِضَ عَلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَلِیٍّ وَ لَعْنَهُ وَ أَنْ یَقْتُلَ كُلَّ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَ یُخَرِّبَ مَنْزِلَهُ فَضَرَبَهُ اللَّهُ ذَلِكَ الْیَوْمَ بِالطَّاعُونِ فَمَاتَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ وَ ذَلِكَ فِی أَیَّامِ مُعَاوِیَةَ.

ص: 214


1- 1 الظاهر من سیاق الكلام جلیا أن الضمیر فی قوله: «و قال فی موضع آخر» راجع إلی أحمد بن أبی طاهر المتقدم فی بدایة الحدیث 490 فی ص 567، أی و قال أحمد بن أبی طاهر فی موضع آخر من كتاب أخبار الملوك. و كتاب أخبار الملوك ما اطلعت علیه بعد، و لكن هذه الأخبار لها مصادر أخر، و جمیعها مع أخبار أخر فی معناها ذكرها بأوضح ممّا ذكره صاحب كتاب أخبار الملوك- ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 56 من نهج البلاغة: ج 1، ص 778- 815 ط الحدیث ببیروت.

قَالَ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بَذَلَ لِسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ حَتَّی یَرْوِیَ أَنَّ هَذِهِ الْآیَةَ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ یُشْهِدُ اللَّهَ عَلی ما فِی قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَ إِذا تَوَلَّی سَعی فِی الْأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیها وَ یُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْفَسادَ وَ أَنَّ الْآیَةَ الثَّانِیَةَ نَزَلَتْ فِی ابْنِ مُلْجَمٍ وَ هِیَ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْرِی نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَلَمْ یَقْبَلْ فَبَذَلَ لَهُ مِائَتَیْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ یَقْبَلْ فَبَذَلَ لَهُ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ فَلَمْ یَقْبَلْ فَبَذَلَ أَرْبَعَمِائَةٍ فَقَبِلَ وَ رَوَی ذَلِكَ.

وَ قَالَ: إِنَّ مُعَاوِیَةَ وَضَعَ قَوْماً مِنَ الصَّحَابَةِ وَ قَوْماً مِنَ التَّابِعِینَ عَلَی رِوَایَةِ أَخْبَارٍ قَبِیحَةٍ فِی عَلِیٍّ علیه السلام فَاخْتَلَفُوا مَا أَرْضَاهُ مِنْهُمْ أَبُو هُرَیْرَةَ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ مِنَ التَّابِعِینَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَیْرِ.

قَالَ وَ قَدْ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَكْذَبُ النَّاسِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبُو هُرَیْرَةَ الدَّوْسِیُّ.

قَالَ وَ قَدْ رَوَی الْوَاقِدِیُّ أَنَّ مُعَاوِیَةَ لَمَّا عَادَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَی الشَّامِ خَطَبَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّكَ سَتَلِی الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِی فَاخْتَرِ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَإِنَّ فِیهَا الْأَبْدَالَ وَ قَدِ اخْتَرْتُكُمْ فَالْعَنُوا أَبَا تُرَابٍ فَلَعَنُوهُ.

قَالَ وَ رَوَی شَیْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِیُّ الْمُتَكَلِّمُ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّیْثِیِّ (1)عَنْ أَبِیهِ قَالَ: أَتَیْنَا مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ النَّاسُ

ص: 215


1- 1 هذا هو الصواب، و فی ط الكمبانیّ من كتاب البحار: «عن نصر، عن عاصم اللیثی ...». و نصر هذا من رجال صحاح أهل السنة مترجم فی كتاب تهذیب التهذیب: ج 10 ص 427. و أمّا أبو عاصم بن عمرو بن خالد اللیثی فهو من الصحابة و الصحابة كلهم عدول عند أهل السنة. قال ابن عبد البر فی حرف العین من كتاب الاستیعاب بهامش الإصابة: ج 3 ص 135. عاصم بن عمرو بن خالد اللیثی والد نصر بن عاصم روی عنه ابنه نصر بن عاصم: حدّثنا عبد الوارث بن سفیان، حدّثنا قاسم، حدّثنا أحمد بن زهیر، حدّثنا موسی بن إسماعیل، حدّثنا غسان بن مضر، حدّثنا أبو سلمة سعید بن یزید: عن نصر بن عاصم اللیثی عن أبیه قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم: ویل لهذه الأمة من ذی الاستاه. و قال مرة أخری: ویل لأمتی من فلان ذی الاستاه. و قال أحمد [بن زهیر]: لا أدری سمع هذا عاصم عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم أم لا؟. انظروا إلی هذا الأعور!! الصحابیّ العادل عنده یقول: «قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و سلم: ویل لهذه الأمة من ذی الاستاه» ثم هو یبدی هواه و حبّه لإمامه الذی أصمه عن الحق و یقول: لا أدری أسمع عاصم هذا عن رسول اللّٰه أم لا؟!!. و ذكره أیضا الحافظ ابن حجر فی ترجمة عاصم تحت الرقم: 4355 من كتاب الإصابة: ج 2 ص 246 قال: ذكره ابن أبی خیثمة و غیره فی الصحابة. و روی البغوی من طریق نصر بن عاصم اللیثی عن أبیه قال: قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: ویل لهذه الأمة من فلان ذی الاستاه. قال البغوی: لا أدری له صحبة أم لا؟. قال ابن حجر: قلت: [الحدیث] قد أخرجه الطبرانی من الوجه الذی أخرجه منه البغوی فزاد فی أوله ما یدلّ علی صحبته و هو قوله: دخلت المسجد- مسجد المدینة- و أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم یقولون: نعوذ باللّٰه من غضب اللّٰه و غضب رسوله. قلت: مم ذاك؟ قالوا: كان یخطب آنفا فقام رجل فأخذ بید ابنه ثمّ خرجا!! فقال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: لعن اللّٰه القائد و المقود به، ویل لهذه الأمة من فلان ذی الاستاه. و لیراجع مسند عاصم بن عمرو بن خالد أو ابنه نصر من المعجم الكبیر للطبرانی.

یَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَ غَضَبِ رَسُولِهِ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا مُعَاوِیَةُ قَامَ السَّاعَةَ فَأَخَذَ بِیَدِ أَبِی سُفْیَانَ فَخَرَجَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَعَنَ اللَّهُ التَّابِعَ وَ الْمَتْبُوعَ رُبَّ یَوْمٍ لِأُمَّتِی مِنْ مُعَاوِیَةَ ذِی الْأَسْتَاهِ قَالُوا یَعْنِی كَبِیرَ الْعَجُزِ.

ص: 216

قَالَ وَ رَوَی الْعَلَاءُ بْنُ جَرِیرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِمُعَاوِیَةَ لَتَتَّخِذَنَّ یَا مُعَاوِیَةُ الْبِدْعَةَ سُنَّةً وَ الْقَبِیحَ حَسَناً أَكْلُكَ كَثِیرٌ وَ ظُلْمُكَ عَظِیمٌ.

قَالَ وَ رَوَی الْحَارِثُ بْنُ حَصِیرَةَ عَنْ أَبِی صَادِقٍ عَنْ رَبِیعَةَ بْنِ نَاجِذٍ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام نَحْنُ وَ آلُ أَبِی سُفْیَانَ قَوْمٌ تَعَادَوْا فِی اللَّهِ وَ الْأَمْرُ یَعُودُ كَمَا بَدَأَ.

قَالَ وَ رُوِیَ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: رَأَیْتُ اللَّیْلَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَشَكَوْتُ إِلَیْهِ فَقَالَ هَذِهِ جَهَنَّمُ فَانْظُرْ مَنْ فِیهَا فَإِذَا مُعَاوِیَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُعَلَّقَیْنِ بِأَرْجُلِهِمْ مُنَكَّسَیْنِ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمَا بِالْحِجَارَةِ أَوْ قَالَ تُشْدَخُ.

قَالَ وَ رَوَی صَاحِبُ كِتَابِ الْغَارَاتِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُ سَیَظْهَرُ عَلَی النَّاسِ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِی عَظِیمُ السُّرَّةِ وَاسِعُ الْبُلْعُومِ یَأْكُلُ وَ لَا یَشْبَعُ یَحْمِلُ وِزْرَ الثَّقَلَیْنِ یَطْلُبُ الْإِمَارَةَ یَوْماً فَإِذَا أَدْرَكْتُمُوهُ فَابْقُرُوا بَطْنَهُ قَالَ وَ كَانَ فِی یَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَضِیبٌ قَدْ وَضَعَ طَرَفَهُ فِی بَطْنِ مُعَاوِیَةَ.

توضیح:

الواجم الذی اشتد حزنه و أمسك عن الكلام و تخلج المفلوج فی مشیته بالخاء المعجمة ثم الجیم أی تفكك و تمایل و السابلة أبناء السبیل.

قوله علیه السلام الأمر و یعود كما بدا أی یقع الحرب بینی و بینهم كما وقع بین النبی و بینهم أو یعودون إلی الكفر أو إشارة إلی السفیانی و قال الجوهری السرم یعنی بالضم مخرج الثفل و هو طرف المعی المستقیم كلمة مولدة.

«507»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ

ص: 217


1- 507- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الأخیر من المجلس: 8 من المجلد الثانی من أمالیه ص 609.

جَرِیرِ بْنِ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی الْمُغِیرَةِ (1)عَنْ سَعِیدِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ وَ قَدْ نَزَلَ بِذِی طُوًی فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا أَهْلَ الشَّامِ هَذَا سَعْدٌ وَ هُوَ صَدِیقٌ لِعَلِیٍّ قَالَ فَطَأْطَأَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ وَ سَبُّوا عَلِیّاً علیه السلام فَبَكَی سَعْدٌ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ مَا الَّذِی أَبْكَاكَ قَالَ وَ لِمَ لَا أَبْكِی لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُسَبُّ عِنْدَكَ وَ لَا أَسْتَطِیعُ أَنْ أُغَیِّرَ وَ قَدْ كَانَ فِی عَلِیٍّ خِصَالٌ لَأَنْ تَكُونَ فِیَّ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنَ الدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا أَحَدُهَا أَنَّ رَجُلًا كَانَ بِالْیَمَنِ فَجَفَاهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَأَشْكُوَنَّكَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَدِمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام فَثَنَّی عَلَیْهِ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِی أَنْزَلَ عَلَیَّ الْكِتَابَ وَ اخْتَصَّنِی بِالرِّسَالَةِ أَ عَنْ سَخَطٍ تَقُولُ مَا تَقُولُ فِی عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ نَعَمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَ لَا تَعْلَمُ أَنِّی أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قَالَ بَلَی قَالَ فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ وَ الثَّانِیَةُ أَنَّهُ بَعَثَ یَوْمَ خَیْبَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَی الْقِتَالِ فَهُزِمَ وَ أَصْحَابُهُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ غَداً إِنْسَاناً یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَغَدَا الْمُسْلِمُونَ وَ عَلِیٌّ أَرْمَدُ فَدَعَاهُ فَقَالَ خُذِ الرَّایَةَ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَیْنِی كَمَا تَرَی فَتَفَلَ فِیهَا فَقَامَ فَأَخَذَ الرَّایَةَ ثُمَّ مَضَی بِهَا حَتَّی فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ خَلَّفَهُ فِی بَعْضِ مَغَازِیهِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا رَسُولَ اللَّهُ خَلَّفْتَنِی مَعَ النِّسَاءِ وَ الصِّبْیَانِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَرْضَی أَنْ تَكُونَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی

ص: 218


1- 1 هذا هو الصواب، و فی ط الكمبانیّ من البحار: «عن ابن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبی المائرة». و الرجلان قمیان موثقان عند حفاظ أهل السنة، و ذكرهما ابن حجر و لكن ذكر الأول بعنوان التمییز، و الثانی بعنوان كونه من رجال الصحاح فی كتاب تهذیب التهذیب: ج 1، ص 350 و ج 2 ص 108.

وَ الرَّابِعَةُ سَدَّ الْأَبْوَابَ فِی الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ عَلِیٍّ وَ الْخَامِسَةُ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً فَدَعَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً وَ حَسَناً وَ حُسَیْناً وَ فَاطِمَةَ علیهم السلام فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِی فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِیراً.

بیان: الثناء بتقدیم المثلثة یطلق علی المدح و الذم و فی الأول أغلب و بتقدیم النون بالعكس.

«508»-(1)كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة الْكَرَاجُكِیُّ بَلَغَ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ كَلَامُ نَافِعِ بْنِ جُبَیْرٍ فِی مُعَاوِیَةَ وَ قَوْلُهُ إِنَّهُ كَانَ یُسْكِتُهُ الْحِلْمُ وَ یُنْطِقُهُ الْعِلْمُ فَقَالَ علیه السلام بَلْ كَانَ یُنْطِقُهُ الْبَطَرُ وَ یُسْكِتُهُ الْحَصَرُ.

بیان: الحصر بالتحریك العی.

ص: 219


1- 508- رواه العلامة الكراجكیّ فی كتاب كنز الفوائد.

ص: 220

باب 18 باب ما جری بینه علیه السلام و بین عمرو بن العاص لعنه اللّٰه و بعض أحواله

«509»-(1)ج، الإحتجاج قَالَ علیه السلام فِی عَمْرٍو جَوَاباً عَمَّا قَالَ فِیهِ عَجَباً لِابْنِ النَّابِغَةِ یَزْعُمُ لِأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِیَّ دُعَابَةً وَ أَنِّی امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ أُعَارِسُ [أُعَافِسُ] وَ أُمَارِسُ لَقَدْ قَالَ بَاطِلًا وَ نَطَقَ آثِماً أَمَا وَ شَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ إِنَّهُ یَقُولُ فَیَكْذِبُ وَ یَعِدُ فَیُخْلِفُ وَ یَسْأَلُ فَیُلْحِفُ وَ یُسْأَلُ فَیَبْخَلُ وَ یَخُونُ الْعَهْدَ وَ یَقْطَعُ الْإِلَّ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَیُّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ مَا لَمْ تَأْخُذِ السُّیُوفُ مَآخِذَهَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ أَكْبَرُ مَكِیدَتِهِ أَنْ یَمْنَحَ الْقَوْمَ سَبَّتَهُ أَمْ وَ اللَّهِ إِنِّی لَیَمْنَعُنِی مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ إِنَّهُ لَیَمْنَعُهُ عَنْ قَوْلِ الْحَقِّ نِسْیَانُ الْآخِرَةِ إِنَّهُ لَمْ یُبَایِعْ مُعَاوِیَةَ حَتَّی شَرَطَ لَهُ أَنْ یُؤْتِیَهُ أَتِیَّةً وَ یَرْضَخَ عَلَی تَرْكِ الدِّینِ لَهُ رَضِیخَةً.

«510»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی ذِكْرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَجَباً لِابْنِ النَّابِغَةِ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ

ص: 221


1- 509- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه قبل عنوان: «و كتب محمّد بن أبی بكر إلی معاویة احتجاجا علیه» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 182.
2- 510- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 82 من كتاب نهج البلاغة.

بیان:

نبغ الشی ء ظهر قال بعض الشارحین سمیت أم عمرو النابغة لشهرتها بالفجور و تظاهرها به و سیأتی وصف نسبه لعنه اللّٰه.

و زعم كنصر زعما مثلثة أی قال حقا أو باطلا و أكثر ما یستعمل فی الباطل و ما یشك فیه و الدعابة بالضم المزاح و المراد هنا الدعابة الخارجة عن الاعتدال.

وَ رُوِیَ أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ لِأَهْلِ الشَّامِ إِنَّمَا أَخَّرْنَا عَلِیّاً لِأَنَّ فِیهِ هَزْلًا لَا جِدَّ مَعَهُ وَ تَبِعَ فِی ذَلِكَ أَثَرَ عُمَرَ حَیْثُ قَالَ یَوْمَ الشُّورَی لَمَّا أَرَادَ صَرْفَ الْأَمْرِ عَنْهُ علیه السلام لِلَّهِ أَنْتَ لَوْ لَا أَنَّ فِیكَ دُعَابَةً.

و رجل تلعابة بالكسر أی كثیر اللعب و المعافسة و العفاس بالكسر الملاعبة و فی بعض نسخ كتاب الإحتجاج أعاوس [أعارس] مكان أعافس و لعله من أعرس الرجل إذا دخل بامرأته عند بنائها و قد یطلق علی الجماع و الممارسة المزاولة قال ابن الأثیر فی مادة مرس من كتاب النهایة و قد یطلق علی الملاعبة و منه حدیث علی زعم أننی كنت أعافس و أمارس أی ألاعب النساء.

و أَلْحَفَ أی أَلَحَّ و إِلٌّ بالكسر العهد و القرابة و الحلف و الجار ذكره الفیروزآبادی فی مادة أَلَّ من كتاب القاموس و المراد بقطع الْإِلِّ هنا قطع الرحم أو تضییع الحلیف و الجار.

و المآخذ علی لفظ الجمع و فی بعض النسخ علی المفرد.

و كلمة كان الأولی تامة و الإشارة إلی أخذ السیوف مآخذها و هو التحام الحرب و مخالطة السیوف و أكبر بالباء الموحدة و هو أظهر مما فی بعض النسخ من المثلثة.

و المكیدة المكر و الحیلة و یمنح كیمنع أی یعطی و السَّبَّةُ الاست أی العجز أو حلقة الدبر و المراد بإعطاء القوم سبته ما ذكره أرباب السیر و یضرب به المثل من كشفه سوأته شاغرا برجلیه لما لقیه أمیر المؤمنین علیه السلام فی بعض أیام صفین و قد اختلطت الصفوف و اشتعل نار الحرب فحمل علیه السلام علیه فألقی نفسه عن فرسه رافعا رجلیه كاشفا عورته فانصرف عنه لافتا وجهه و فی ذلك قال أبو فراس:

و لا خیر فی دفع الأذی بمذلة***كما ردها یوما بسوأته عمرو

و الأتیة العطیة و الرضخ العطاء القلیل و المراد بالأتیة و الرضیخة ولایة مصر

ص: 222

و لعل التعبیر عنها بالرضیخة لقلتها بالنسبة إلی ترك الدین.

«511»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یَقُولُ إِنَّ فِی عَلِیٍّ دُعَابَةً فَبَلَغَ ذَلِكَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ زَعَمَ ابْنُ النَّابِغَةَ أَنِّی تِلْعَابَةٌ مَزَّاحَةٌ ذُو دُعَابَةٍ أُعَافِسُ وَ أُمَارِسُ هَیْهَاتَ یَمْنَعُ مِنَ الْعِفَاسِ وَ الْمِرَاسِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَ خَوْفُ الْبَعْثِ وَ الْحِسَابِ وَ مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ فَفِی هَذَا عَنْ هَذَا لَهُ وَاعِظٌ وَ زَاجِرٌ أَمَا وَ شَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ إِنَّهُ لَیُحَدِّثُ فَیَكْذِبُ وَ یَعِدُ فَیُخْلِفُ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْبَأْسِ فَأَیُّ زَاجِرٍ وَ آمِرٍ هُوَ (2)مَا لَمْ یَأْخُذِ السُّیُوفُ هَامَ الرِّجَالِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَعْظَمُ مَكِیدَتِهِ فِی نَفْسِهِ أَنْ یَمْنَحَ الْقَوْمَ اسْتَهُ.

«512»-(3)كِتَابُ، الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ قَالَ: بَلَغَ عَلِیّاً علیه السلام أَنَّ ابْنَ الْعَاصِ یَنْتَقِصُهُ عِنْدَ أَهْلِ الشَّامِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَجَباً عَجَباً لَا یَنْقَضِی لِابْنِ النَّابِغَةِ یَزْعُمُ لِأَهْلِ الشَّامِ إِلَی آخِرِ الْكَلَامِ وَ جَمَعَ بَیْنَ الرِّوَایَتَیْنِ.

ص: 223


1- 511- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 21 من الجزء الخامس من أمالیه ص 131، ط بیروت. و لیلاحظ الحدیث: 36 من أمالی الشیخ المفید ص 82.
2- 2 هذا هو الظاهر المذكور فی المطبوع من أمالی الشیخ، و فی ط الكمبانیّ من البحار: «فأی زاجر و أین هو؟ ...».
3- 512- الحدیث مذكور تحت الرقم: 188 من المطبوع من منتخب كتاب الغارات: ج 1، ص 513 ط 1. و للحدیث صور مختلفة و أسانید و مصادر كثیرة جدا علی وسع الباحث أن یقف علی بعضها تحت الرقم: 98 من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب أنساب الاشراف: ج 2 ص 127، ط 1، و فی المخطوطة: ج 1/ الورق 225. و ذكره أیضا عن مصادر و علی صور العلامة الامینی فی ترجمة عمرو بن العاص من كتاب الغدیر: ج 2 ص 128، ط بیروت.

«513»-(1)كِتَابُ، سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْ سُلَیْمٍ قَالَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ خَطَبَ بِالشَّامِ فَقَالَ بَعَثَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی جَیْشٍ فِیهِ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا بَعَثَنِی لِكَرَامَتِی عَلَیْهِ فَلَمَّا قَدِمْتُ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَیُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَیْكَ فَقَالَ عَائِشَةُ فَقُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا أَیُّهَا النَّاسُ وَ هَذَا عَلِیٌّ یَطْعَنُ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ بِالْحَقِّ عَلَی لِسَانِ عُمَرَ وَ قَلْبِهِ وَ قَالَ فِی عُثْمَانَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَسْتَحْیِی مِنْ عُثْمَانَ وَ قَدْ سَمِعْتُ عَلِیّاً وَ إِلَّا فَصَمَّتَا یَعْنِی أُذُنَیْهِ یَرْوِی عَلَی عَهْدِ عُمَرَ أَنَّ نَبِیَّ اللَّهِ نَظَرَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ مُقْبِلَیْنِ فَقَالَ یَا عَلِیُّ هَذَانِ سَیِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ مَا خَلَا النَّبِیِّینَ مِنْهُمْ وَ الْمُرْسَلِینَ وَ لَا تُحَدِّثْهُمَا بِذَلِكَ فَیَهْلِكَا فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ الْعَجَبُ لِطُغَاةِ أَهْلِ الشَّامِ حَیْثُ یَقْبَلُونَ قَوْلَ عَمْرٍو وَ یُصَدِّقُونَهُ وَ قَدْ بَلَغَ مِنْ حَدِیثِهِ وَ كَذِبِهِ وَ قِلَّةِ وَرَعِهِ أَنْ یَكْذِبَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ لَعَنَهُ سَبْعِینَ لَعْنَةً وَ لَعَنَ صَاحِبَهُ الَّذِی یَدْعُو إِلَیْهِ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ هَجَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِقَصِیدَةٍ سَبْعِینَ بَیْتاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اللَّهُمَّ إِنِّی لَا أَقُولُ الشِّعْرَ وَ لَا أُحِلُّهُ فَالْعَنْهُ أَنْتَ وَ مَلَائِكَتُكَ بِكُلِّ بَیْتٍ لَعْنَةً تَتْرَی عَلَی عَقِبِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَامَ فَقَالَ إِنَّ مُحَمَّداً قَدْ صَارَ أَبْتَرَ لَا عَقِبَ لَهُ وَ إِنِّی لَأَشْنَأُ النَّاسِ لَهُ وَ أَقْوَلُهُمْ فِیهِ سُوءاً فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ یَعْنِی أَبْتَرَ مِنَ الْإِیمَانِ وَ مِنْ كُلِّ خَیْرِ مَا لَقِیتُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ كَذَّابِیهَا وَ مُنَافِقِیهَا لَكَأَنِّی بِالْقُرَّاءِ الضَّعَفَةِ الْمُتَهَجِّدِینَ رَوَوْا حَدِیثَهُ وَ صَدَّقُوهُ فِیهِ وَ احْتَجُّوا عَلَیْنَا أَهْلَ الْبَیْتَ بِكَذِبِهِ إِنَّا نَقُولُ خَیْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ لَوْ شِئْتُ لَسَمَّیْتُ الثَّالِثَ وَ اللَّهِ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ فِی عَائِشَةَ وَ أَبِیهَا إِلَّا رِضَا مُعَاوِیَةَ بِسَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَقَدِ اسْتَرْضَاهُ بِسَخَطِ اللَّهِ

ص: 224


1- 513- كتاب سلیم بن قیس الهلالی ص 172 ط بیروت.

وَ أَمَّا حَدِیثُهُ الَّذِی یَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنِّی فَلَا وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَیَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ كَذَبَ عَلَیَّ یَقِیناً وَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ یَسْمَعْهُ مِنِّی سِرّاً وَ لَا جَهْراً اللَّهُمَّ الْعَنْ عَمْراً وَ الْعَنْ مُعَاوِیَةَ بِصَدِّهِمَا عَنْ سَبِیلِكَ وَ كَذِبِهِمَا عَلَی كِتَابِكَ وَ اسْتِخْفَافِهِمَا بِنَبِیِّكَ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَذِبِهِمَا عَلَیْهِ وَ عَلَیَّ.

«514»-(1)أَقُولُ، قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْأَبْتَرِ بْنِ الْأَبْتَرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ شَانِئِ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ الْإِسْلَامِ سَلَامٌ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ تَرَكْتَ مُرُوَّتَكَ لِامْرِئٍ فَاسِقٍ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ یَشِینُ الْكَرِیمَ بِمَجْلِسِهِ وَ یُسَفِّهُ الْحَلِیمَ بِخِلْطَتِهِ فَصَارَ قَلْبُكَ لِقَلْبِهِ تَبَعاً كَمَا وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ فَسَلَبَكَ دِینَكَ وَ أَمَانَتَكَ وَ دُنْیَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ كَانَ عِلْمُ اللَّهِ بَالِغاً فِیكَ فَصِرْتَ كَالذِّئْبِ یَتْبَعُ الضِّرْغَامَ إِذَا مَا اللَّیْلُ دَجَا أَوِ الصُّبْحُ أَتَی (2)یَلْتَمِسُ فَاضِلَ سُؤْرِهِ وَ حَوَایَا فَرِیسَتِهِ وَ لَكِنْ لَا نَجَاةَ مِنَ الْقَدَرِ وَ لَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ لَأَدْرَكْتَ مَا رَجَوْتَ وَ قَدْ رَشَدَ مَنْ كَانَ الْحَقُّ قَائِدَهُ فَإِنْ یُمَكِّنِ اللَّهُ مِنْكَ وَ مِنِ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ أُلْحِقْكُمَا بِمَنْ قَتَلَهُ اللَّهُ مِنْ ظَلَمَةِ قُرَیْشٍ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ تُعْجِزَا أَوْ تَبْقَیَا بَعْدِی فَاللَّهُ حَسْبُكُمَا وَ كَفَی بِانْتِقَامِهِ انْتِقَاماً وَ بِعِقَابِهِ عِقَاباً وَ السَّلَامُ.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ مِثْلَهُ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ مِنْ كِتَابِ صِفِّینَ.

«515»-(3)ج، الإحتجاج نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

ص: 225


1- 514- رواه كمال الدین ابن میثم البحرانیّ رحمه اللّٰه فی شرحه علی المختار: 39 من الباب الثانی من نهج البلاغة: ج 5 ص 85 ط بیروت، و فی ط 3 ج 5 ص 58. و رواه أیضا ابن أبی الحدید- نقلا عن كتاب صفّین- فی شرحه علی المختار 39 من الباب الثانی من نهج البلاغة: ج 16، ص 163، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 4 ص 791.
2- 2 هذا هو الظاهر من السیاق و المستفاد قطعیا ممّا یأتی فی بیان المصنّف، و فی ط الكمبانیّ من البحار هنا: «أو الصبح إذا یلتمس ...» و هذا السیاق أحسن ممّا فی أصلی من شرح ابن أبی الحدید: «أو أتی الصبح ...».
3- 515- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی آخر عنوان: «احتجاج علیّ علیه السلام علی معاویة فی جواب كتاب كتب إلیه ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 182، ط بیروت. و رواه السیّد الرضیّ قدس اللّٰه نفسه فی المختار: 39 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج البلاغة.

فَإِنَّكَ جَعَلْتَ دِینَكَ تَبَعاً لِدُنْیَا امْرِئٍ ظَاهِرٍ غَیُّهُ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ یَشِینُ الْكَرِیمَ بِمَجْلِسِهِ وَ یُسَفِّهُ الْحَلِیمَ بِخِلْطَتِهِ فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبْتَ فَضْلَهُ اتِّبَاعَ الْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ یَلُوذُ إِلَی مَخَالِبِهِ وَ یَنْتَظِرُ مَا یُلْقَی إِلَیْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِیسَتِهِ فَأَذْهَبْتَ دُنْیَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ لَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ فَإِنْ یُمَكِّنِ اللَّهُ مِنْكَ وَ مِنِ ابْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وَ إِنْ تُعْجِزَا وَ تَبْقَیَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا وَ السَّلَامُ.

بیان: إلی الأبتر إشارة إلی قوله تعالی إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ فإنه نزل فیه.

قال ابن أبی الحدید أما غی معاویة فلا ریب فی ظهور ضلاله و بغیه.

و أما مهتوك ستره فإنه كان كثیر الهزل و الخلاعة صاحب جلساء و سمار و معاویة لم یتوقر و لم یلزم قانون الرئاسة إلا منذ خرج علی أمیر المؤمنین و احتاج إلی الناموس و السكینة و إلا فقد كان فی أیام عثمان شدید التهتك موسوما بكل قبیح و كان فی أیام عمر یستر نفسه قلیلا منه إلا أنه كان یلبس الحریر و یشرب فی آنیة الذهب و الفضة و یركب البغلات ذوات السروج المحلاة بها و علیها جلال الدیباج و الوشی و كان حینئذ شابا عنده نزق الصبا و أشر الشبیبة و سكر السلطان و الإمرة و نقل الناس عنه فی كتب السیرة أنه كان یشرب الخمر فی أیام عثمان بالشام فأما بعد وفاة أمیر المؤمنین علیه السلام و استقرار الأمر له فقد اختلف فیه فقیل إنه شرب الخمر فی سر و قیل لم یشرب و لا خلاف فی أنه سمع الغناء و طرب علیه و أعطی و وصل علیه أیضا.

و أما قوله یشین الكریم بمجلسه و یسفه الحلیم بخلطته فالأمر كذلك لأنه لم یكن فی مجلسه إلا شتم بنی هاشم و قذفهم و التعرض بذكر الإسلام و الطعن علیه و إن أظهر الانتماء إلیه.

ص: 226

قوله علیه السلام كما وافق شن طَبَقَةَ قال فی مجمع الأمثال قال الشرقی بن القطامی كان رجل من دهاة العرب و عقلائهم یقال له شن فقال و اللّٰه لأطوفن حتی أجد امرأة مثلی فأتزوجها فبینما هو فی بعض مسیر إذا رافقه رجل فی الطریق فسأله شن أین ترید فقال موضع كذا و كذا یرید القریة التی یقصدها شن فرافقه حتی إذا أخذا فی مسیرهما قال شن أ تحملنی أم أحملك فقال له الرجل یا جاهل أنا راكب و أنت راكب فكیف أحملك أم تحملنی.

فسكت عنه شن فسارا حتی إذا قربا من القریة إذا هما بزرع قد استحصد فقال أ تری هذا الزرع أكل أم لا فقال له الرجل یا جاهل تری نبتا مستحصدا فتقول أكل أم لا فسكت عنه شن حتی إذا دخلا القریة لقیتهما جنازة فقال شن أ تری صاحب هذا النعش حیا أم میتا فقال الرجل ما رأیت أجهل منك جنازة تسأل عنها أ میت صاحبهما أم حی فسكت عنه شن فأراد مفارقته فأبی الرجل أن یتركه حتی یسیر به إلی منزله فمضی معه.

و كان للرجل بنت یقال لها طَبَقَةُ فلما دخل علیها أبوها سألته عن ضیفه فأخبرها بمرافقته إیاه و شكا إلیها جهله و حدثها بحدیثه فقالت یا أبت ما هذا بجاهل أما قوله أ تحملنی أم أحملك فأراد أ تحدثنی أم أحدثك حتی نقطع طریقنا.

و أما قوله أ تری هذا الزرع أكل أم لا فإنما أراد هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا.

و أما قوله فی الجنازة فأراد هل ترك عقبا یحیا بهم ذكره أم لا.

فخرج الرجل فقعد مع شن فحادثه ساعة ثم قال أ تحب أن أفسر لك ما سألتنی عنه قال نعم ففسره فقال شن ما هذا من كلامك فأخبرنی من صاحبه فقال ابنة لی فخطبها إلیه فزوجه و حملها إلی أهله فلما رأوها قالوا وافق شن طَبَقَةَ فذهبت مثلا یضرب للمتوافقین.

و قال الأصمعی هم قوم كان لهم وعاء أدم فتشنن فجعلوا له طبقا فوافقه

ص: 227

فقیل وافق شَنٌّ طَبَقَةَ.

و هكذا رواه أبو عبیدة فی كتابه و فسره.

و قال ابن الكلبی طبقة قبیلة من إیاد كانت لا تطاق فوقعت بها شن ابن أقصی بن عبد القیس فانتصفت منها و أصابت فیها فضربتا مثلا للمتفقین فی الشدة و غیرها قال الشاعر:

لقیت شن إیاد بالقنا***طبقا وافق شن طبقة

فزاد المتأخرون فیه وافقه فاعتنقه انتهی.

و قال الجوهری أنی یأنی أنیا و أنی و أناء أی حان و أنی تأنیة أیضا أدرك.

و فی بعض النسخ بالتاء.

و الحوایا الأمعاء و هو جمع حویة.

قوله علیه السلام أدركت أی من الدنیا بقدر كفایتك أو من الآخرة.

قوله علیه السلام فإن یمكن اللّٰه المفعول محذوف أی یمكننی.

قوله علیه السلام و إن تعجزا أی غلبتما علی فالمفعول محذوف أیضا.

و لنذكر هنا نسب هذا الأبتر لعنه اللّٰه و صاحبه الأكفر و بعض مثالبه و مثالب أبیه.

اعلم أن العاص بن وائل أباه كان من المستهزءین برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و الكاشفین له بالعداوة و الأذی و فیه و فی أصحابه نزل إِنَّا كَفَیْناكَ الْمُسْتَهْزِئِینَ و لقب فی الإسلام بالأبتر لقوله سیموت هذا الأبتر غدا فینقطع ذكره یعنی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كان یشتم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و یضع فی طریقه الحجارة لیعثر بها إذا خرج لیلا للطواف و هو أحد القوم الذین روّعوا زینب ابنة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی هودجها حتی أجهضت جنینا میتا فلما بلغه صلی اللّٰه علیه و آله لعنهم.

ص: 228

و عمرو هجا رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هجاء كثیرا و كان یعلمه صبیان مكة فینشدونه و یصیحون برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله إذا مر بهم رافعین أصواتهم بالهجاء فی وجهه فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو یصلی بالحجر اللّٰهم إن عمرو بن العاص هجانی و لست بشاعر فالعنه بعدد ما هجانی.

رواه عبد الحمید بن أبی الحدید عن الواقدی و غیره من أهل الحدیث (1)

«516»- قَالَ وَ رَوَی أَهْلُ الْحَدِیثِ أَنَّ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِی مُعَیْطٍ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَمَدُوا إِلَی سَلَی جَمَلٍ (2)فَرَفَعُوهُ بَیْنَهُمْ وَ وَضَعُوهُ عَلَی رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ سَاجِدٌ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ فَسَالَ عَلَیْهِ فَصَبَرَ وَ لَمْ یَرْفَعْ رَأْسَهُ وَ بَكَی فِی سُجُودِهِ وَ دَعَا عَلَیْهِمْ فَجَاءَتِ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ علیها السلام وَ هِیَ بَاكِیَةٌ فَرَفَعَتْهُ عَنْهُ فَأَلْقَتْهُ وَ قَامَتْ عَلَی رَأْسِهِ وَ هِیَ بَاكِیَةٌ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ اللَّهُمَّ عَلَیْكَ بِقُرَیْشٍ قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ رَافِعاً صَوْتَهُ إِنِّی مَظْلُومٌ فَانْتَصِرْ قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ عَمِّهِ أَبِی طَالِبٍ بِشَهْرَیْنِ.

قَالَ: وَ لِشِدَّةِ عَدَاوَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَرْسَلَهُ أَهْلُ مَكَّةَ إِلَی النَّجَاشِیِّ لِیَطْرُدَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ بِلَادِهِ مُهَاجِرَةَ حَبَشَةَ وَ لِیَقْتُلَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ عِنْدَهُ إِنْ أَمْكَنَهُ فَكَانَ مِنْهُ فِی أَمْرِ جَعْفَرٍ هُنَاكَ مَا هُوَ مَشْهُورٌ فِی السِّیَرِ.

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِیُّ فِی كِتَابِ رَبِیعِ الْأَبْرَارِ قَالَ: كَانَتِ النَّابِغَةُ أُمُّ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَمَةً لِرَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ فَسُبِیَتْ فَاشْتَرَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُذْعَانَ التَّیْمِیُّ بِمَكَّةَ فَكَانَتْ بَغِیّاً ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَوَقَعَ عَلَیْهَا أَبُو لَهَبِ بْنُ عَبْدِ

ص: 229


1- 1 رواه مع ما یلیه فی شرحه علی المختار: 82 من نهج البلاغة: ج 2 ص 456 ط الحدیث ببیروت.
2- 2 السلی علی زنة بلی: غلاف الولد فی بطن أمه.

الْمُطَّلِبِ وَ أُمَیَّةُ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِیُّ وَ هِشَامُ بْنُ الْمُغِیرَةِ الْمَخْزُومِیُّ وَ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِیُّ فِی طُهْرٍ وَاحِدٍ فَوَلَدَتْ عَمْراً فَادَّعَاهُ كُلُّهُمْ فَحُكِّمَتْ أُمُّهُ فِیهِ فَقَالَتْ هُوَ مِنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ كَانَ یُنْفِقُ عَلَیْهَا كَثِیراً قَالُوا وَ كَانَ أَشْبَهَ بِأَبِی سُفْیَانَ.

قَالَ وَ رَوَی أَبُو عُبَیْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّی فِی كِتَابِ الْأَنْسَابِ أَنَّ عَمْراً اخْتَصَمَ فِیهِ یَوْمَ وِلَادَتِهِ رَجُلَانِ أَبُو سُفْیَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ فَقِیلَ لِتَحْكُمْ أُمُّهُ فَقَالَتْ أُمُّهُ إِنَّهُ مِنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ فَقَالَ أَبُو سُفْیَانَ أَمَا إِنِّی لَا أَشُكُّ أَنِّی وَضَعْتُهُ فِی رَحِمِ أُمِّهِ فَأَبَتْ إِلَّا الْعَاصَ فَقِیلَ لَهَا أَبُو سُفْیَانَ أَشْرَفُ نَسَباً فَقَالَتْ إِنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ كَثِیرُ النَّفَقَةِ عَلَیَّ وَ أَبُو سُفْیَانَ شَحِیحٌ فَفِی ذَلِكَ یَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَیْثُ هَجَاهُ مُكَافِئاً لَهُ عَنْ هَجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله:

أَبُوكَ أَبُو سُفْیَانَ لَا شَكَّ قَدْ بَدَتْ***لَنَا فِیكَ مِنْهُ بَیِّنَاتُ الدَّلَائِلِ

فَفَاخِرْ بِهِ إِمَّا فَخَرْتَ فَلَا تَكُنْ***تُفَاخِرُ بِالْعَاصِ الْهَجِینِ بْنِ وَائِلٍ

وَ إِنَّ الَّتِی فِی ذَاكَ یَا عَمْرُو حُكِّمَتْ***فَقَالَتْ رَجَاءً عِنْدَ ذَاكَ لِنَائِلٍ

مِنَ الْعَاصِ عَمْرٌو تُخْبِرُ النَّاسَ كُلَّمَا***تَجَمَّعَتِ الْأَقْوَامُ عِنْدَ الْمَحَافِلِ

وَ رَوَی ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ فِی الْإِسْتِیعَابِ (1)عَنِ ابْنِ الْكَلْبِیِّ فِی كِتَابِهِ فِی أَخْبَارِ صِفِّینَ: أَنَّ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ بَارَزَ عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ صِفِّینَ فَطَعَنَهُ عَلِیٌّ عَلَیْهِ السَّلَامُ فَانْكَشَفَ لَهُ فَكَفَّ عَنْهُ كَمَا عَرَضَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ وَ لَهُمْ فِیهَا أَشْعَارٌ مَذْكُورَةٌ فِی مَوْضِعِهَا مِنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ مِنْهَا فِیمَا ذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِیِّ وَ الْمَدَائِنِیُّ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ النَّضْرِ السَّهْمِیِ:

أَ فِی كُلِّ یَوْمٍ فَارِسٌ لَیْسَ یَنْتَهِی***وَ عَوْرَتُهُ وَسْطَ الْعَجَاجَةِ بَادِیَةٌ

یَكُفُّ لَهَا عَنْهُ عَلِیٌّ سِنَانَهُ***وَ یَضْحَكُ مِنْهُ فِی الْخَلَاءِ مُعَاوِیَةُ

ص: 230


1- 1 الحدیث موجود فی آخر ترجمة بسر بن أرطاة من كتاب الاستیعاب بهامش الإصابة: ج 1، ص 161. و فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج 6، ص 316، و فیه: الخیل المغیرة صبحة.

بَدَتْ أَمْسِ مِنْ عَمْرٍو فَقَنَّعَ رَأْسَهُ***وَ عَوْرَةُ بُسْرٍ مِثْلُهَا حَذْوَ حَاذِیَةٍ

فَقُولَا لِعَمْرٍو ثُمَّ بُسْرٍ أَ لَا انْظُرَا***سَبِیلَكُمَا لَا تَلْقَیَا اللَّیْثَ ثَانِیَةً

وَ لَا تَحْمَدَا إِلَّا الْحَیَا وَ خُصَاكُمَا***هُمَا كَانَتَا وَ اللَّهِ لِلنَّفْسِ وَاقِیَةٌ

وَ لَوْلَاهُمَا لَمْ تَنْجُوَا مِنْ سِنَانِهِ*** وَ تِلْكَ بِمَا فِیهَا عَنِ الْعَوْدِ نَاهِیَةٌ

مَتَی تَلْقَیَا الْخَیْلَ الْمَشِیخَةَ صُحْبَةً (1)***وَ فِیهَا عَلِیٌّ فَاتْرُكَا الْخَیْلَ نَاحِیَةً

وَ كُونَا بَعِیداً حَیْثُ لَا یَبْلُغُ الْقَنَا***نُحُورَكُمَا إِنَّ التَّجَارِبَ كَافِیَةٌ

وَ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَالَ لِبُسْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَ كَانَ یَضْحَكُ لَا عَلَیْكَ یَا بُسْرُ ارْفَعْ طَرْفَكَ وَ لَا تَسْتَحْیِ فَلَكَ بِعَمْرٍو أُسْوَةٌ وَ قَدْ أَرَاكَ اللَّهُ مِنْهُ وَ أَرَاهُ مِنْكَ فَصَاحَ فَتًی مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَیْلَكُمْ یَا أَهْلَ الشَّامِ أَ مَا تَسْتَحْیُونَ لَقَدْ عَلَّمَكُمْ عَمْرٌو كَشْفَ الْأَسْتَارِ ثُمَّ أَنْشَدَ الْأَبْیَاتَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِعَمْرٍو یَوْماً بَعْدَ اسْتِقْرَارِ خِلَافَتِهِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَا أَرَاكَ إِلَّا وَ یَغْلِبُنِی الضَّحِكُ قَالَ بِمَا ذَا قَالَ أَذْكُرُ یَوْمَ حَمَلَ عَلَیْكَ أَبُو تُرَابٍ فِی صِفِّینَ فَأَزْرَیْتَ نَفْسَكَ فَرَقاً مِنْ شَبَا سِنَانِهِ وَ كَشَفْتَ سَوْأَتَكَ لَهُ فَقَالَ عَمْرٌو أَنَا مِنْكَ أَشَدُّ ضَحِكاً إِنِّی لَأَذْكُرُ یَوْمَ دَعَاكَ إِلَی الْبِرَازِ فَانْتَفَخَ سَحْرُكَ وَ رَبَا لِسَانُكَ فِی فَمِكَ وَ غَصَصْتَ بِرِیقِكَ وَ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُكَ وَ بَدَا مِنْكَ مَا أَكْرَهُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ بَعْدَ مَا جَرَی بَیْنَهُمَا الْجُبْنُ وَ الْفِرَارُ مِنْ عَلِیٍّ لَا عَارَ عَلَی أَحَدٍ فِیهِمَا وَ كَانَ بُسْرٌ مِمَّنْ یَضْحَكُ مِنْ عَمْرٍو فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَحِیصَ حَذَا حَذْوَهُ وَ صَارَ مَضْحَكَةً لَهُ أَیْضاً-.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ عَنِ الْبَلاذُرِیِّ فِی كِتَابِ أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ قَالَ: قَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالْمَوْسِمِ فَأَطْرَی مُعَاوِیَةَ وَ بَنِی أُمَیَّةَ وَ تَنَاوَلَ بَنِی هَاشِمٍ وَ ذَكَرَ مَشَاهِدَهُ بِصِفِّینَ وَ یَوْمِ أَبِی مُوسَی فَقَامَ إِلَیْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ یَا عَمْرُو إِنَّكَ بِعْتَ دِینَكَ مِنْ مُعَاوِیَةَ فَأَعْطَیْتَهُ مَا فِی یَدِكَ وَ مَنَّاكَ مَا فِی یَدِ غَیْرِهِ فَكَانَ الَّذِی أَخَذَ مِنْكَ فَوْقَ الَّذِی أَعْطَاكَ وَ كَانَ الَّذِی أَخَذْتَ مِنْهُ دُونَ الَّذِی أَعْطَیْتَهُ وَ كُلٌّ رَاضٍ بِمَا

ص: 231


1- 1 و فی شرح النهج لابن أبی الحدید، ج 6، ص 317: المغیرة صبحة.

أَخَذَ وَ أَعْطَی فَلَمَّا صَارَتْ مِصْرُ فِی یَدِكَ تَتَبَّعَكَ بِالنَّقْضِ عَلَیْكَ وَ التَّعَقُّبِ لِأَمْرِكَ ثُمَّ بِالْعَزْلِ لَكَ حَتَّی لَوْ أَنَّ نَفْسَكَ فِی یَدِكَ لَأَرْسَلْتَهَا وَ ذَكَرْتَ یَوْمَكَ مَعَ أَبِی مُوسَی فَلَا أَرَاكَ فَخَرْتَ إِلَّا بِالْغَدْرِ وَ لَا مَنَنْتَ إِلَّا بِالْفُجُورِ وَ الْغِشِّ وَ ذَكَرْتَ مَشَاهِدَكَ بِصِفِّینَ فَوَ اللَّهِ مَا ثَقُلَتْ عَلَیْنَا وَطْأَتُكَ وَ لَا نَكَأَتْ فِینَا جُرْأَتُكَ وَ لَقَدْ كُنْتَ فِیهَا طَوِیلَ اللِّسَانِ قَصِیرَ الْبَنَانِ آخِرَ الْحَرْبِ إِذَا أَقْبَلَتْ وَ أَوَّلَهَا إِذَا أَدْبَرَتْ لَكَ یَدَانِ یَدٌ لَا تَقْبِضُهَا عَنْ شَرٍّ وَ یَدٌ لَا تَبْسُطُهَا إِلَی خَیْرٍ وَ وَجْهَانِ وَجْهٌ مُونِسٌ وَ وَجْهٌ مُوحِشٌ وَ لَعَمْرِی مَنْ بَاعَ دِینَهُ بِدُنْیَا غَیْرِهِ لَحَرِیٌّ حُزْنُهُ عَلَی مَا بَاعَ وَ أَمَا إِنَّ لَكَ بَیَاناً وَ لَكِنْ فِیكَ خَطَلٌ وَ إِنَّ لَكَ لَرَأْیاً وَ لَكِنْ فِیكَ فَشَلٌ وَ إِنَّ أَصْغَرَ عَیْبٍ فِیكَ لَأَعْظَمُ عَیْبٍ فِی غَیْرِكَ.

ص: 232

باب 19 باب نادر

«517»-(1)فس، تفسیر القمی الْحُسَیْنُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ السُّكَیْنِیُّ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمْرُ مُعَاوِیَةَ وَ أَنَّهُ فِی مِائَةِ أَلْفٍ قَالَ مِنْ أَیِّ الْقَوْمِ قَالُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ علیه السلام لَا تَقُولُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ لَكِنْ قُولُوا مِنْ أَهْلِ الشُّومِ وَ هُمْ مِنْ أَبْنَاءِ مِصْرٍ لُعِنُوا عَلی لِسانِ داوُدَ فَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِیرَ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ لَا تَقْتُلِ النَّاسَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ لَكِنْ هَلُمَّ إِلَی الْمُبَارَزَةِ فَإِنْ أَنَا قَتَلْتُكَ فَإِلَی النَّارِ أَنْتَ وَ یَسْتَرِیحُ النَّاسُ مِنْكَ وَ مِنْ ضَلَالَتِكَ وَ إِنْ قَتَلْتَنِی فَأَنَا إِلَی الْجَنَّةِ وَ یُغْمَدُ عَنْكَ السَّیْفُ الَّذِی لَا یَسَعُنِی غِمْدُهُ حَتَّی أَرُدَّ مَكْرَكَ وَ بِدْعَتَكَ وَ أَنَا الَّذِی ذَكَرَ اللَّهُ اسْمَهُ فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ بِمُوَازَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ بَایَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَحْتَ الشَّجَرَةِ فِی قَوْلِهِ تَعَالَی لَقَدْ رَضِیَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبایِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِیَةُ كِتَابَهُ وَ عِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ قَالُوا قَدْ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَنْصَفَكَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ اللَّهِ مَا أَنْصَفَنِی وَ اللَّهِ لَأَرْمِیَنَّهُ بِمِائَةِ أَلْفِ سَیْفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَصِلَ إِلَیَّ وَ وَ اللَّهِ مَا أَنَا مِنْ جَالِهِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ وَ اللَّهِ یَا عَلِیُّ لَوْ بَارَزَكَ أَهْلُ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ لَقَتَلْتَهُمْ أَجْمَعِینَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا یَحْمِلُكَ یَا مُعَاوِیَةُ عَلَی قِتَالِ مَنْ تَعْلَمُ وَ تُخْبِرُ

ص: 233


1- 517- تفسیر علیّ بن إبراهیم فی ذیل الآیة 7 من سورة الشوری «فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ».

فِیهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِمَا تُخْبِرُ مَا أَنْتَ وَ نَحْنُ فِی قِتَالِهِ إِلَّا عَلَی الضَّلَالَةِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ إِنَّمَا هَذَا بَلَاغٌ مِنَ اللَّهِ وَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ اللَّهِ مَا أَسْتَطِیعُ أَنَا وَ أَصْحَابِی رَدَّ ذَلِكَ حَتَّی یَكُونَ مَا هُوَ كَائِنٌ قَالَ وَ بَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّومِ وَ أُخْبِرَ أَنَّ رَجُلَیْنِ قَدْ خَرَجَا یَطْلُبَانِ الْمُلْكَ فَسَأَلَ مِنْ أَیْنَ خَرَجَا فَقِیلَ لَهُ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ وَ رَجُلٌ بِالشَّامِ قَالَ فَأَمَرَ الْمَلِكُ وُزَرَاءَهُ فَقَالَ تَخَلَّلُوا هَلْ تُصِیبُونَ مِنْ تُجَّارِ الْعَرَبِ مَنْ یَصِفُهُمَا لِی فَأُتِیَ بِرَجُلَیْنِ مِنْ تُجَّارِ الشَّامِ وَ رَجُلَیْنِ مِنْ تُجَّارِ مَكَّةَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِمَا فَوَصَفُوهُمَا لَهُ ثُمَّ قَالَ لِخُزَّانِ بُیُوتِ خَزَائِنِهِ أَخْرِجُوا إِلَیَّ الْأَصْنَامَ فَأَخْرَجُوهَا فَنَظَرَ إِلَیْهَا فَقَالَ الشَّامِیُّ ضَالٌّ وَ الْكُوفِیُّ هَادٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَنِ ابْعَثْ إِلَیَّ أَعْلَمَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ كَتَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنِ ابْعَثْ إِلَیَّ أَعْلَمَ أَهْلِ بَیْتِكَ فَأَسْمَعَ مِنْهُمَا ثُمَّ أَنْظُرَ فِی الْإِنْجِیلِ كِتَابِنَا ثُمَّ أُخْبِرَكُمَا مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ خَشِیَ عَلَی مُلْكِهِ فَبَعَثَ مُعَاوِیَةُ یَزِیدَ ابْنَهُ وَ بَعَثَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ الْحَسَنَ ابْنَهُ علیه السلام فَلَمَّا دَخَلَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَی الْمَلِكِ أَخَذَ بِیَدِهِ وَ قَبَّلَهَا ثُمَّ قَبَّلَ رَأْسَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْنِی یَهُودِیّاً وَ لَا نَصْرَانِیّاً وَ لَا مَجُوسِیّاً وَ لَا عَابِداً لِلشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ لَا الصَّنَمِ وَ الْبَقَرِ وَ جَعَلَنِی حَنِیفاً مُسْلِماً وَ لَمْ یَجْعَلْنِی مِنَ الْمُشْرِكِینَ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ ثُمَّ جَلَسَ لَا یَرْفَعُ بَصَرَهُ فَلَمَّا نَظَرَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَی الرَّجُلَیْنِ أَخْرَجَهُمَا ثُمَّ فَرَّقَ بَیْنَهُمَا ثُمَّ بَعَثَ إِلَی یَزِیدَ فَأَحْضَرَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ خَزَائِنِهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صُنْدُوقاً فِیهَا تَمَاثِیلُ الْأَنْبِیَاءِ وَ قَدْ زُیِّنَتْ بِزِینَةِ كُلِّ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ فَأَخْرَجَ صَنَماً فَعَرَضَهُ عَلَی یَزِیدَ فَلَمْ یَعْرِفْهُ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ صَنَمٌ فَلَا یَعْرِفُ مِنْهَا شَیْئاً وَ لَا یُجِیبُ مِنْهَا بِشَیْ ءٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ وَ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ أَیْنَ تَجْتَمِعُ وَ عَنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ أَیْنَ تَكُونُ إِذَا مَاتُوا فَلَمْ یَعْرِفْ مِنْ ذَلِكَ شَیْئاً

ص: 234

ثُمَّ دَعَا الْمَلِكُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَقَالَ إِنَّمَا بَدَأْتُ بِیَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ كَیْ یَعْلَمَ أَنَّكَ تَعْلَمُ مَا لَا یَعْلَمُ وَ یَعْلَمُ أَبُوكَ مَا لَا یَعْلَمُ أَبُوهُ فَقَدْ وُصِفَ لِی أَبُوكَ وَ أَبُوهُ وَ نَظَرْتُ فِی الْإِنْجِیلِ فَرَأَیْتُ فِیهِ مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْوَزِیرَ عَلِیّاً علیه السلام وَ نَظَرْتُ فِی الْأَوْصِیَاءِ فَرَأَیْتُ فِیهَا أَبَاكَ وَصِیَّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ سَلْنِی عَمَّا بَدَا لَكَ فِیمَا تَجِدُهُ فِی الْإِنْجِیلِ وَ عَمَّا فِی التَّوْرَاةِ وَ عَمَّا فِی الْقُرْآنِ أُخْبِرْكَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَدَعَا الْمَلِكُ بِالْأَصْنَامِ فَأَوَّلُ صَنَمٍ عُرِضَ عَلَیْهِ فِی صِفَةِ الْقَمَرِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام فَهَذِهِ صِفَةُ آدَمَ أَبِی الْبَشَرِ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ آخَرُ فِی صِفَةِ الشَّمْسِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام هَذِهِ صِفَةُ حَوَّاءَ أُمِّ الْبَشَرِ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ آخَرُ فِی صِفَةٍ حَسَنَةٍ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ شَیْثِ بْنِ آدَمَ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ وَ بَلَغَ عُمُرُهُ فِی الدُّنْیَا أَلْفَ سَنَةٍ وَ أَرْبَعِینَ عَاماً ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ نُوحٍ صَاحِبُ السَّفِینَةِ وَ كَانَ عُمُرُهُ أَلْفاً وَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ لَبِثَ فِی قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِینَ عاماً ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام عَرِیضُ الصَّدْرِ طَوِیلُ الْجَبْهَةِ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِسْرَائِیلَ وَ هُوَ یَعْقُوبُ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ إِسْمَاعِیلَ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ یُوسُفَ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ وَ كَانَ عُمُرُهُ مِائَتَیْنِ وَ أَرْبَعِینَ سَنَةً وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ إِبْرَاهِیمَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ دَاوُدَ صَاحِبِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُخْرِجَ إِلَیْهِ صَنَمٌ آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ شُعَیْبٍ ثُمَّ زَكَرِیَّا ثُمَّ یَحْیَی ثُمَّ عِیسَی بْنِ مَرْیَمَ رُوحِ اللَّهِ وَ كَلِمَتِهِ وَ كَانَ عُمُرُهُ فِی الدُّنْیَا ثَلَاثاً وَ ثَلَاثِینَ سَنَةً ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَهْبِطُ إِلَی الْأَرْضِ بِدِمَشْقَ وَ هُوَ الَّذِی یَقْتُلُ الدَّجَّالَ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ صَنَمٌ فَیُخْبِرُ بِاسْمِ نَبِیٍّ نَبِیٍّ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ الْأَوْصِیَاءُ وَ الْوُزَرَاءُ فَكَانَ یُخْبِرُ بِاسْمِ وَصِیٍّ وَصِیٍّ وَ وَزِیرٍ وَزِیرٍ ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ أَصْنَامٌ بِصِفَةِ الْمُلُوكِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام

ص: 235

هَذِهِ أَصْنَامٌ لَمْ نَجِدْ صِفَتَهَا فِی التَّوْرَاةِ وَ لَا فِی الْإِنْجِیلِ وَ لَا فِی الزَّبُورِ وَ لَا فِی الْقُرْآنِ فَلَعَلَّهَا مِنْ صِفَةِ الْمُلُوكِ فَقَالَ الْمَلِكُ أَشْهَدُ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ بَیْتِ مُحَمَّدٍ أَنَّكُمْ قَدْ أُعْطِیتُمْ عِلْمَ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ وَ عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الزَّبُورِ وَ صُحُفِ إِبْرَاهِیمَ وَ أَلْوَاحِ مُوسَی ثُمَّ عُرِضَ عَلَیْهِ صَنَمٌ یَلُوحُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ بَكَی بُكَاءً شَدِیداً فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا یُبْكِیكَ فَقَالَ هَذِهِ صِفَةُ جَدِّی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله كَثُّ اللِّحْیَةِ عَرِیضُ الصَّدْرِ طَوِیلُ الْعُنُقِ عَرِیضُ الْجَبْهَةِ أَقْنَی الْأَنْفِ أَفْلَجُ الْأَسْنَانِ حَسَنُ الْوَجْهِ قَطَطُ الشَّعْرِ طَیِّبُ الرِّیحِ حَسَنُ الْكَلَامِ فَصِیحُ اللِّسَانِ كَانَ یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ بَلَغَ عُمُرُهُ ثَلَاثاً وَ سِتِّینَ سَنَةً وَ لَمْ یَخْلُفْ بَعْدَهُ إِلَّا خَاتَمٌ مَكْتُوبٌ عَلَیْهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانَ یَتَخَتَّمُ فِی یَمِینِهِ وَ خَلَّفَ سَیْفَهُ ذو [ذَا] الْفَقَارِ وَ قَضِیبَهُ وَ جُبَّةَ صُوفٍ وَ كِسَاءَ صُوفٍ كَانَ یَتَسَرْوَلُ بِهِ لَمْ یَقْطَعْهُ وَ لَمْ یَخُطَّهُ حَتَّی لَحِقَ بِاللَّهِ فَقَالَ الْمَلِكُ إِنَّا نَجِدُ فِی الْإِنْجِیلِ أَنَّهُ یَكُونُ لَهُ مَا یَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَی سِبْطَیْهِ فَهَلْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ علیه السلام قَدْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَلِكُ فَبَقِیَ لَكُمْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا قَالَ الْمَلِكُ لَهَذِهِ أَوَّلُ فِتْنَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَلَبَا أَبَاكُمَا ثُمَّ عَلَی مِلْكِ نَبِیِّكُمْ وَ اخْتِیَارُهُمْ عَلَی ذُرِّیَّةِ نَبِیِّهِمْ مِنْكُمُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ وَ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهِی عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ ثُمَّ سَأَلَ الْمَلِكُ الْحَسَنَ علیه السلام عَنْ سَبْعَةِ أَشْیَاءَ خَلَقَهَا اللَّهُ لَمْ تَرْكُضْ فِی رَحِمٍ فَقَالَ الْحَسَنُ أَوَّلُ هَذَا آدَمُ ثُمَّ حَوَّاءُ ثُمَّ كَبْشُ إِبْرَاهِیمَ ثُمَّ نَاقَةُ اللَّهِ ثُمَّ إِبْلِیسُ الْمَلْعُونُ ثُمَّ الْحَیَّةُ ثُمَّ الْغُرَابُ الَّذِی ذَكَرَهُ اللَّهُ فِی الْقُرْآنِ قَالَ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام أَرْزَاقُ الْخَلَائِقِ فِی السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ تَنْزِلُ بِقَدَرٍ وَ تُبْسَطُ بِقَدَرٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِینَ أَیْنَ یَكُونُونَ إِذَا مَاتُوا قَالَ تَجْتَمِعُ عِنْدَ صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فِی كُلِّ لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ وَ هُوَ عَرْشُ اللَّهِ الْأَدْنَی مِنْهَا یَبْسُطُ اللَّهُ

ص: 236

الْأَرْضَ وَ إِلَیْهَا یَطْوِیهَا وَ إِلَیْهِ الْمَحْشَرُ وَ مِنْهَا اسْتَوَی رَبُّنَا إِلَی السَّمَاءِ وَ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ أَیْنَ تَجْتَمِعُ قَالَ تَجْتَمِعُ فِی وَادِی حَضْرَمَوْتَ وَرَاءَ مَدِینَةِ الْیَمَنِ ثُمَّ یَبْعَثُ اللَّهُ نَاراً مِنَ الْمَشْرِقِ وَ نَاراً مِنَ الْمَغْرِبِ وَ یُتْبِعُهَا بِرِیحَیْنِ شَدِیدَتَیْنِ فَیَحْشُرُ النَّاسَ عِنْدَ صَخْرَةِ بَیْتِ الْمَقْدِسِ فَیَحْشُرُ أَهْلَ الْجَنَّةِ عَنْ یَمِینِ الصَّخْرَةِ وَ یُزْلِفُ الْمُتَّقِینَ وَ تَصِیرُ جَهَنَّمُ عَنْ یَسَارِ الصَّخْرَةِ فِی تُخُومِ الْأَرَضِینَ السَّابِعَةِ وَ فِیهَا الْفَلَقُ وَ السِّجِّینُ فَیُعْرَفُ الْخَلَائِقُ مِنْ عِنْدِ الصَّخْرَةِ فَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ دَخَلَهَا وَ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ دَخَلَهَا وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَرِیقٌ فِی الْجَنَّةِ وَ فَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ فَلَمَّا أَخْبَرَ الْحَسَنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِصِفَةِ مَا عُرِضَ عَلَیْهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَ تَفْسِیرِ مَا سَأَلَهُ الْتَفَتَ الْمَلِكُ إِلَی یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ قَالَ شَعَرْتَ أَنَّ ذَلِكَ عِلْمٌ لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِیٌّ مُرْسَلٌ أَوْ وَصِیٌّ مُوَازِرٌ قَدْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِمُوَازَرَةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ عِتْرَةُ نَبِیٍّ مُصْطَفًی وَ غَیْرُهُ الْمُعَادِی فَقَدْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهِ وَ آثَرَ دُنْیَاهُ عَلَی آخِرَتِهِ وَ هَوَاهُ عَلَی دِینِهِ وَ هُوَ مِنَ الظَّالِمِینَ قَالَ فَسَكَتَ یَزِیدُ وَ خَمَدَ قَالَ فَأَحْسَنَ الْمَلِكُ جَائِزَةَ الْحَسَنِ وَ أَكْرَمَهُ وَ قَالَ لَهُ ادْعُ رَبَّكَ حَتَّی یَرْزُقَنِی دِینَ نَبِیِّكَ فَإِنَّ حَلَاوَةَ الْمُلْكِ قَدْ حَالَتْ بَیْنِی وَ بَیْنَ ذَلِكَ وَ أَظُنُّهُ سَمّاً مُرْدِیاً وَ عَذَاباً أَلِیماً قَالَ فَرَجَعَ یَزِیدُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ الْمَلِكُ أَنَّهُ یُقَالُ مَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ بَعْدَ نَبِیِّكُمْ وَ حَكَمَ بِالتَّوْرَاةِ وَ مَا فِیهَا وَ الْإِنْجِیلِ وَ مَا فِیهِ وَ الزَّبُورِ وَ مَا فِیهِ وَ الْفُرْقَانِ وَ مَا فِیهِ فَالْحَقُّ وَ الْخِلَافَةُ لَهُ وَ كَتَبَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَنَّ الْحَقَّ وَ الْخِلَافَةَ لَكَ وَ بَیْتَ النُّبُوَّةِ [فِیكَ ]وَ فِی وُلْدِكَ فَقَاتِلْ مَنْ قَاتَلَكَ یُعَذِّبْهُ اللَّهُ بِیَدِكَ ثُمَّ یُخَلِّدْهُ فِی نَارِ جَهَنَّمَ فَإِنَّ مَنْ قَاتَلَكَ نَجِدُهُ فِی الْإِنْجِیلِ أَنَّ عَلَیْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ عَلَیْهِ

ص: 237

لَعْنَةُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ.

بیان: تخللوا أی ادخلوا فی خلال الناس و تجسسوا قال الجوهری تخللت القوم إذا دخلت بین خللهم و خلالهم و قوله علیه السلام و كان أول من بعث أی من أولاد آدم.

قوله علیه السلام أول هذا أی بحسب الرتبة أو الأولویة إضافیة.

و ثم فی بعضها أیضا للترتیب الرتبی لا الزمانی كإبلیس.

و لعل المراد بالحیة الحیة التی أدخلت إبلیس الجنة و ذكر الغراب المخصوص و وصفه بعدم الركض فی الرحم لأنه لم یكن غرابا حقیقة و كان بصورته أو أطلق الرحم علی ما یعم البیضة تغلیبا قوله علیه السلام منها یبسط اللّٰه الأرض أی عند خراب الدنیا منها یأخذ فی خراب العمارات و تسییر الجبال و إلیها ینتهی إفناء الأرض و إذهابها بعد الحشر أو هما بمعنی الماضی أی منها بسط الأرض فی بدو الخلق و إلیها رجع البسط فیكون إضافیا بالنسبة إلی ما سوی الكعبة أو أجاب علیه السلام موافقا لما فی كتبهم و یحتمل أن یكون الطی كنایة عن حشر الناس إلیها فیكون ما بعده تفسیرا له و استواء الرب كنایة عن عروج الملائكة منها إلی تنظیم أمور السماء أو الأخذ بعد الفراغ منها فی خلق السماء.

«518»-(1)ف، تحف العقول بَعَثَ مُعَاوِیَةُ رَجُلًا مُتَنَكِّراً یَسْأَلُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ مَسَائِلَ سَأَلَهُ عَنْهَا مَلِكُ الرُّومِ فَلَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ وَ خَاطَبَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْكَرَهُ فَقَرَّرَهُ فَاعْتَرَفَ لَهُ بِالْحَالِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ مَا أَضَلَّهُ وَ أَضَلَّ مَنْ مَعَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَعْتَقَ جَارِیَةً مَا أَحْسَنَ أَنْ یَتَزَوَّجَهَا حَكَمَ اللَّهُ بَیْنِی وَ بَیْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَطَعُوا رَحِمِی وَ صَغَّرُوا عَظِیمَ مَنْزِلَتِی وَ أَضَاعُوا أَیَّامِی وَ دَعَا بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ مُحَمَّدٍ فَدُعُوا فَقَالَ یَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ هَذَانِ ابْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هَذَا ابْنِی فَاسْأَلْ أَیَّهُمْ أَحْبَبْتَ فَقَالَ الشَّامِیُ

ص: 238


1- 518- رواه الحسن بن علیّ بن شعبة فی الحدیث الثالث ممّا اختاره من كلم الإمام علیه السلام فی كتاب تحف العقول ص 164.

أَسْأَلُ هَذَا یَعْنِی الْحَسَنَ ثُمَّ قَالَ كَمْ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ وَ كَمْ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ كَمْ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ عَنْ هَذَا الْمَحْوِ الَّذِی فِی الْقَمَرِ وَ عَنْ قَوْسِ قُزَحَ وَ عَنْ هَذِهِ الْمَجَرَّةِ وَ عَنْ أَوَّلِ شَیْ ءٍ انْتَضَحَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ وَ عَنْ أَوَّلِ شَیْ ءٍ اهْتَزَّ عَلَیْهَا وَ عَنِ الْعَیْنِ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ وَ عَنِ الْعَیْنِ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُشْرِكِینَ وَ عَنِ الْمُؤَنَّثِ وَ عَنْ عَشَرَةِ أَشْیَاءَ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَقَالَ الْحَسَنُ علیه السلام یَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ مَا رَأَیْتَ بِعَیْنَیْكَ فَهُوَ الْحَقُّ وَ قَدْ تَسْمَعُ بِأُذُنَیْكَ بَاطِلًا كَثِیراً وَ بَیْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَ مَدُّ الْبَصَرِ فَمَنْ قَالَ غَیْرَ هَذَا فَكَذِّبْهُ وَ بَیْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ یَوْمٌ مُطَّرِدٌ لِلشَّمْسِ تَنْظُرُ إِلَی الشَّمْسِ حِینَ تَطْلُعُ وَ تَنْظُرُ إِلَیْهَا حِینَ تَغْرُبُ فَمَنْ قَالَ غَیْرَ هَذَا فَكَذِّبْهُ وَ أَمَّا هَذِهِ الْمَجَرَّةُ فَهِیَ أَشْرَاجُ السَّمَاءِ مِنْهَا مَهْبِطُ الْمَاءِ الْمُنْهَمِرِ عَلَی قَوْمِ نُوحٍ وَ أَمَّا قَوْسُ قُزَحَ فَلَا تَقُلْ قُزَحُ فَإِنَّ قُزَحَ شَیْطَانٌ وَ لَكِنَّهَا قَوْسُ اللَّهِ وَ أَمَانٌ مِنَ الْغَرَقِ وَ أَمَّا الْمَحْوُ الَّذِی فِی الْقَمَرِ فَإِنَّ ضَوْءَ الْقَمَرِ كَانَ مِثْلَ ضَوْءِ الشَّمْسِ فَمَحَاهُ اللَّهُ وَ قَالَ فِی كِتَابِهِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً وَ أَمَّا أَوَّلُ شَیْ ءٍ انْتَضَحَ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ وَادِی دَلَسٍ وَ أَمَّا أَوَّلُ شَیْ ءٍ اهْتَزَّ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ فَهِیَ النَّخْلَةُ وَ أَمَّا الْعَیْنُ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِینَ فَهِیَ عَیْنٌ یُقَالُ لَهَا سَلْمَی وَ أَمَّا الْعَیْنُ الَّتِی تَأْوِی إِلَیْهَا أَرْوَاحُ الْكَافِرِینَ فَهِیَ عَیْنٌ یُقَالُ لَهَا بَرَهُوتُ وَ أَمَّا الْمُؤَنَّثُ فَإِنْسَانٌ لَا یُدْرَی امْرَأَةٌ هُوَ أَمْ رَجُلٌ فَیُنْتَظَرُ بِهِ الْحُلُمُ فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً بَانَ ثَدْیَاهَا وَ إِنْ كَانَ رَجُلًا خَرَجَتْ لِحْیَتُهُ وَ إِلَّا قِیلَ لَهُ یَبُولُ عَلَی الْحَائِطِ فَإِنْ أَصَابَ الْحَائِطَ بَوْلُهُ فَهُوَ رَجُلٌ وَ إِنْ نَكَصَ كَمَا یَنْكُصُ بَوْلُ الْبَعِیرِ فَهِیَ امْرَأَةٌ

ص: 239

وَ أَمَّا عَشَرَةُ أَشْیَاءَ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ فَأَشَدُّ شَیْ ءٍ خَلَقَ اللَّهُ الْحَجَرُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ الْحَدِیدُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْحَدِیدِ النَّارُ وَ أَشَدُّ مِنَ النَّارِ الْمَاءُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَاءِ السَّحَابُ وَ أَشَدُّ مِنَ السَّحَابِ الرِّیحُ وَ أَشَدُّ مِنَ الرِّیحِ الْمَلَكُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَلَكِ مَلَكُ الْمَوْتِ وَ أَشَدُّ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ الْمَوْتُ وَ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ أَمْرُ اللَّهِ قَالَ الشَّامِیُّ أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام وَصِیُّ مُحَمَّدٍ ثُمَّ كَتَبَ هَذَا الْجَوَابَ وَ مَضَی بِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ أَنْفَذَهُ مُعَاوِیَةُ إِلَی ابْنِ الْأَصْفَرِ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَیْسَ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِیةَ وَ لَا هُوَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ مَعْدِنِ النُّبُوَّةِ.

توضیح:

قوله علیه السلام فمن قال غیر هذا أی برأیه و قال الجوهری اطرد الشی ء تبع بعضه بعضا و جری تقول اطرد الأمر إذا استقام.

و الأنهار تطرد أی تجری انتهی و لعل المراد یوم تام أو فی أی وقت و فصل كان.

و فی القاموس الشرج محركة العری و منفسح الوادی و مجرة السماء و الشرج مسیل من الحرة إلی السهل و الجمع شراج و أشد من الملك أی الملك الموكل بالریاح.

ص: 240

باب 20 باب نوادر الاحتجاج علی معاویة

«519»-(1)جا، المجالس للمفید الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِیِّ عَنْ حَبِیبِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: لَمَّا وَفَدَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ (2)عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَكْرَمَهُ وَ أَحْسَنَ قَبُولَهُ وَ لَمْ یُعْتِبْهُ عَلَی شَیْ ءٍ كَانَ مِنْهُ وَ وَعَدَهُ وَ مَنَّاهُ ثُمَّ إِنَّهُ حَضَرَ فِی یَوْمِ حَفْلٍ فَقَالَ لَهُ یَا شَدَّادُ قُمْ فِی النَّاسِ وَ اذْكُرْ عَلِیّاً وَ عِبْهُ لِأَعْرِفَ بِذَلِكَ نِیَّتَكَ فِی مَوَدَّتِی فَقَالَ لَهُ شَدَّادٌ أَعْفِنِی مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ عَلِیّاً قَدْ لَحِقَ بِرَبِّهِ وَ جُوزِیَ بِعَمَلِهِ وَ كُفِیتَ مَا كَانَ یُهِمُّكَ مِنْهُ وَ انْقَادَتْ لَكَ الْأُمُورُ عَلَی إِیثَارِكَ فَلَا تَلْتَمِسْ مِنَ النَّاسِ مَا لَا یَلِیقُ بِحِلْمِكَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ لَتَقُومَنَّ بِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ وَ إِلَّا فَالرَّیْبُ فِیكَ وَاقِعٌ فَقَامَ شَدَّادٌ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی افْتَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَی عِبَادِهِ وَ جَعَلَ رِضَاهُ عِنْدَ أَهْلِ التَّقْوَی آثَرَ مِنْ رِضَا خَلْقِهِ عَلَی ذَاكَ مَضَی أَوَّلُهُمْ وَ عَلَیْهِ یَمْضِی آخِرُهُمْ

ص: 241


1- 519- رواه الشیخ المفید فی الحدیث: 7 من المجلس 11 من أمالیه.
2- 2 و الرجل من الصحابة و من أصحاب الصحاح الست، مترجم فی كتاب الإصابة و تهذیب التهذیب و غیرهما.

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ یَحْكُمُ فِیهَا مَلِكٌ قَادِرٌ وَ إِنَّ الدُّنْیَا أَجَلٌ حَاضِرٌ یَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ وَ إِنَّ السَّامِعَ الْمُطِیعَ لِلَّهِ لَا حُجَّةَ عَلَیْهِ وَ إِنَّ السَّامِعَ الْعَاصِیَ لَا حُجَّةَ لَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِالْعِبَادِ خَیْراً عَمَّلَ عَلَیْهِمْ صُلَحَاءَهُمْ وَ قَضَّی بَیْنَهُمْ فُقَهَاءَهُمْ وَ جَعَلَ الْمَالَ فِی أَسْخِیَائِهِمْ وَ إِذَا أَرَادَ بِهِمْ شَرّاً عَمَّلَ عَلَیْهِمْ سُفَهَاءَهُمْ وَ قَضَّی بَیْنَهُمْ جُهَلَاءَهُمْ وَ جَعَلَ الْمَالَ عِنْدَ بُخَلَائِهِمْ وَ إِنَّ مِنْ صَلَاحِ الْوُلَاةِ أَنْ یَصْلُحَ قُرَنَاؤُهَا وَ نَصَحَكَ یَا مُعَاوِیَةُ مَنْ أَسْخَطَكَ بِالْحَقِّ وَ غَشَّكَ مَنْ أَرْضَاكَ بِالْبَاطِلِ وَ قَدْ نَصَحْتُكَ بِمَا قَدَّمْتَ وَ مَا كُنْتُ أَغُشُّكَ بِخِلَافِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ اجْلِسْ یَا شَدَّادُ فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ إِنِّی قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِمَالٍ یُغْنِیكَ أَ لَسْتَ مِنَ السُّمَحَاءِ الَّذِینَ جَعَلَ اللَّهُ الْمَالَ عِنْدَهُمْ لِصَلَاحِ خَلْقِهِ فَقَالَ لَهُ شَدَّادٌ إِنْ كَانَ مَا عِنْدَكَ مِنَ الْمَالِ هُوَ لَكَ دُونَ مَالِ الْمُسْلِمِینَ فَعَمَدْتَ جَمْعَهُ مَخَافَةَ تَفَرُّقِهِ فَأَصَبْتَهُ حَلَالًا وَ أَنْفَقْتَهُ حَلَالًا فَنَعَمْ وَ إِنْ كَانَ مِمَّا شَارَكَكَ فِیهِ الْمُسْلِمُونَ فَاحْتَجَبْتَهُ دُونَهُمْ فَأَصَبْتَهُ اقْتِرَافاً وَ أَنْفَقْتَهُ إِسْرَافاً فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ اسْمُهُ یَقُولُ إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ كانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَظُنُّكَ قَدْ خُولِطْتَ یَا شَدَّادُ أَعْطُوهُ مَا أَطْلَقْنَاهُ لَهُ لِیَخْرُجَ إِلَی أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ یَغْلِبَهُ مَرَضُهُ فَنَهَضَ شَدَّادٌ وَ هُوَ یَقُولُ الْمَغْلُوبُ عَلَی عَقْلِهِ بِهَوَاهُ سِوَایَ وَ ارْتَحَلَ وَ لَمْ یَأْخُذْ مِنْ مُعَاوِیَةَ شَیْئاً.

بیان: فی یوم حفل أی یوم اجتمع فیه الناس عنده یقال حفل القوم حفلا اجتمعوا و المجلس كثر أهله.

«520»-(1)كش، رجال الكشی نَصْرُ بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِیِّ عَنْ أَمِیرِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا علیه السلام قَالَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَقُولُ إِنَّ الْمَحَامِدَةَ تَأْبَی أَنْ یُعْصَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْتُ وَ مَنِ الْمَحَامِدَةُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی حُذَیْفَةَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 242


1- 520- رواه الكشّیّ رحمه اللّٰه فی ترجمة محمّد بن أبی حذیفة تحت الرقم: 20 من منتخب رجاله ص 66 ط النجف.

أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی حُذَیْفَةَ هُوَ ابْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ وَ هُوَ ابْنُ خَالِ مُعَاوِیَةَ.

وَ أَخْبَرَنِی بَعْضُ رُوَاةِ الْعَامَّةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی حُذَیْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِیعَةَ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ مِنْ أَنْصَارِهِ وَ أَشْیَاعِهِ وَ كَانَ ابْنَ خَالِ مُعَاوِیَةَ وَ كَانَ رَجُلًا مِنْ خِیَارِ الْمُسْلِمِینَ فَلَمَّا تُوُفِّیَ عَلِیٌّ علیه السلام أَخَذَهُ مُعَاوِیَةُ وَ أَرَادَ قَتْلَهُ فَحَبَسَهُ فِی السِّجْنِ دَهْراً ثُمَّ قَالَ مُعَاوِیَةُ ذَاتَ یَوْمٍ أَ لَا نُرْسِلُ إِلَی هَذَا السَّفِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی حُذَیْفَةَ فَنُبَكِّتَهُ وَ نُخْبِرَهُ بِضَلَالِهِ وَ نَأْمُرَهُ أَنْ یَقُومَ فَیَسُبَّ عَلِیّاً قَالُوا نَعَمْ فَبَعَثَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ یَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی حُذَیْفَةَ أَ لَمْ یَأْنِ لَكَ أَنْ تُبْصِرَ مَا كُنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ بِنُصْرَتِكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ الْكَذَّابَ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ أَنَّ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ خَرَجُوا یَطْلُبُونَ بِدَمِهِ وَ أَنَّ عَلِیّاً هُوَ الَّذِی دَسَّ فِی قَتْلِهِ وَ نَحْنُ الْیَوْمَ نَطْلُبُ بِدَمِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی حُذَیْفَةَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّی أَمَسُّ الْقَوْمِ بِكَ رَحِماً وَ أَعْرَفُهُمْ بِكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ فَوَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ غَیْرُهُ مَا أَعْلَمُ أَحَداً شَرِكَ فِی دَمِ عُثْمَانَ وَ أَلَّبَ النَّاسَ عَلَیْهِ غَیْرَكَ لَمَّا اسْتَعْمَلَكَ وَ مَنْ كَانَ مِثْلَكَ فَسَأَلَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ أَنْ یَعْزِلَكَ فَأَبَی فَفَعَلُوا بِهِ مَا بَلَغَكَ وَ وَ اللَّهِ مَا أَحَدٌ شَرِكَ فِی قَتْلِهِ بَدْئاً وَ أَخِیراً إِلَّا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَائِشَةُ فَهُمُ الَّذِینَ شَهِدُوا عَلَیْهِ بِالْعَظِیمَةِ وَ أَلَّبُوا عَلَیْهِ النَّاسَ وَ شَرِكَهُمْ فِی ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَ عَمَّارٌ وَ الْأَنْصَارُ جَمِیعاً قَالَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ إِی وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَشْهَدُ أَنَّكَ مُنْذُ عَرَفْتُكَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ وَ الْإِسْلَامِ لَعَلَی خُلُقٍ وَاحِدٍ مَا زَادَ الْإِسْلَامُ فِیكَ قَلِیلًا وَ لَا كَثِیراً وَ إِنَّ عَلَامَةَ ذَلِكَ فِیكَ لَبَیِّنَةٌ تَلُومُنِی عَلَی حُبِّی عَلِیّاً خَرَجَ مَعَ عَلِیٍّ كُلُّ صَوَّامٍ قَوَّامٍ مُهَاجِرِیٍّ وَ أَنْصَارِیٍّ كَمَا خَرَجَ مَعَكَ أَبْنَاءُ الْمُنَافِقِینَ وَ الطُّلَقَاءِ وَ الْعُتَقَاءِ خَدَعْتَهُمْ عَنْ دِینِهِمْ وَ خَدَعُوكَ عَنْ دُنْیَاكَ وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ مَا خَفِیَ عَلَیْكَ مَا صَنَعْتَ وَ مَا خَفِیَ عَلَیْهِمْ مَا صَنَعُوا إِذْ أَحَلُّوا أَنْفُسَهُمْ سَخَطَ اللَّهِ فِی طَاعَتِكَ وَ اللَّهِ لَا أَزَالُ أُحِبُّ عَلِیّاً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ أُبْغِضُكَ فِی اللَّهِ وَ فِی رَسُولِهِ أَبَداً مَا بَقِیتُ

ص: 243

قَالَ مُعَاوِیَةُ وَ إِنِّی أَرَاكَ عَلَی ضَلَالِكَ بَعْدُ رُدُّوهُ إِلَی السِّجْنِ فَرَدُّوهُ فَمَاتَ فِی السِّجْنِ.

بیان: فنبكته التبكیت التقریع و التأنیب و بكته بالحجة أی غلبه و فی بعض النسخ فننكبه علی التفعیل من نكب عن الطریق أی عدل أو علی بناء المجرد أی نجعله منكوبا و النكبة إصابة النوائب و فی بعض النسخ فنبكیه من الإبكاء و هو تصحیف.

«521»-(1)كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی عَلِیٍّ الْخُزَاعِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْعَطَّارِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْغَفَّارِ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِی النَّجُودِ عَمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ حِینَ قَدِمَ الْكُوفَةَ وَ دَخَلَ عَلَیْهِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ كَانَ الْحَسَنُ علیه السلام قَدْ أَخَذَ الْأَمَانَ لِرِجَالٍ مِنْهُمْ مُسَمَّیْنَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ كَانَ مِنْهُمْ صَعْصَعَةُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ صَعْصَعَةُ قَالَ مُعَاوِیَةُ لِصَعْصَعَةَ أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّی كُنْتُ لَأُبْغِضُ أَنْ تَدْخُلَ فِی أَمَانِی قَالَ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أُبْغِضُ أَنْ أُسَمِّیَكَ بِهَذَا الِاسْمِ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَیْهِ بِالْخِلَافَةِ قَالَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَاصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَالْعَنْ عَلِیّاً قَالَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَتَیْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ قَدَّمَ شَرَّهُ وَ أَخَّرَ خَیْرَهُ وَ إِنَّهُ أَمَرَنِی أَنْ أَلْعَنَ عَلِیّاً فَالْعَنُوهُ لَعَنَهُ اللَّهُ فَضَجَّ أَهْلُ الْمَسْجِدِ بِآمِینَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَیْهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا عَنَیْتَ غَیْرِی ارْجِعْ حَتَّی تُسَمِّیَهُ بِاسْمِهِ فَرَجَعَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَمَرَنِی أَنْ أَلْعَنَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَالْعَنُوا مَنْ لَعَنَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ قَالَ فَضَجُّوا بِآمِینَ قَالَ فَلَمَّا خُبِّرَ مُعَاوِیَةُ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا عَنَی غَیْرِی أَخْرِجُوهُ لَا یُسَاكِنِّیِ فِی بَلَدٍ فَأَخْرَجُوهُ.

بیان: لعله أراد أمیر المؤمنین أمیرهم حقا علیا علیه السلام فإنه علیه السلام كان أمر أصحابه باللعن إذا خافوا القتل أو أراد أمیرهم المسلط علیهم

ص: 244


1- 521- رواه الكشّیّ رحمه اللّٰه فی ترجمة صعصعة تحت الرقم: 19 من مختار رجاله ص 65.

جورا و قوله فالعنوا من لعن أوهم أن المراد فالعنوا من لعنه الأمیر و بینه بأنه علی و مقصوده ظاهر.

«522»-(1)كش، رجال الكشی رُوِیَ أَنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَیْسٍ وَفَدَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ جَارِیَةَ بْنَ قُدَامَةَ (2)وَ الْحُبَابَ بْنَ یَزِیدَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لِلْأَحْنَفِ أَنْتَ السَّاعِی عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانَ وَ خَاذِلُ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ وَ الْوَارِدُ الْمَاءَ عَلَی عَلِیٍّ بِصِفِّینَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ ذَاكَ مَا أَعْرِفُ وَ مِنْهُ مَا أُنْكِرُ أَمَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانُ فَأَنْتُمْ مَعْشَرُ قُرَیْشٍ حَضَرْتُمُوهُ بِالْمَدِینَةِ وَ الدَّارُ مِنَّا عَنْهُ نَازِحَةٌ وَ قَدْ حَضَرَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ بِمَعْزِلٍ وَ كُنْتُمْ بَیْنَ خَاذِلٍ وَ قَاتِلٍ وَ أَمَّا عَائِشَةُ فَإِنِّی خَذَلْتُهَا فِی طُولِ بَاعٍ وَ رُحْبِ سِرْبٍ وَ ذَلِكَ أَنِّی لَمْ أَجِدْ فِی كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنْ تَقِرَّ فِی بَیْتِهَا وَ أَمَّا وُرُودِیَ الْمَاءَ بِصِفِّینَ فَإِنِّی وَرَدْتُ حِینَ أَرَدْتَ أَنْ تَقْطَعَ رِقَابَنَا عَطَشاً فَقَامَ مُعَاوِیَةُ وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ ثُمَّ أَمَرَ مُعَاوِیَةُ لِلْأَحْنَفِ بِخَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ لِأَصْحَابِهِ بِصِلَةٍ فَقَالَ لِلْأَحْنَفِ حِینَ وَدَّعَهُ حَاجَتُكَ قَالَ تُدِرُّ عَلَی النَّاسِ عَطِیَّاتِهِمْ وَ أَرْزَاقَهُمْ وَ إِنْ سَأَلْتَ الْمَدَدَ أَتَاكَ مِنَّا رِجَالٌ سَلِیمَةُ الطَّاعَةِ شَدِیدَةُ النِّكَایَةِ وَ قِیلَ إِنَّهُ كَانَ یَرَی رَأْیَ الْعَلَوِیَّةِ وَ وَصَلَ الْحُبَابَ بِثَلَاثِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ كَانَ یَرَی رَأْیَ الْأُمَوِیَّةِ فَصَارَ الْحُبَابُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تُعْطِی الْأَحْنَفَ وَ رَأْیُهُ رَأْیُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ تُعْطِینِی وَ رَأْیِی رَأْیِی ثَلَاثِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ یَا حُبَابُ إِنِّی اشْتَرَیْتُ بِهَا دِینَهُ

ص: 245


1- 522- رواه الكشّیّ رضوان اللّٰه علیه تحت الرقم: 28 من تلخیص رجاله ص 84 ط النجف.
2- 2 هذا هو الصواب، و هاهنا فی النسخة المطبوعة من مختار رجال الكشّیّ و الأصول الحاكیة عنه تصحیف: «حارثة بن قدامة».

فَقَالَ الْحُبَابُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَشْتَرِی مِنِّی أَیْضاً دِینِی فَأَتَمَّهَا وَ أَلْحَقَهُ بِالْأَحْنَفِ فَلَمْ یَأْتِ عَلَی الْحُبَابِ أُسْبُوعٌ حَتَّی مَاتَ وَ رُدَّ الْمَالُ بِعَیْنِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ یَرْثِی الْحُبَابَ:

أَ تَأْكُلُ مِیرَاثَ الْحُبَابِ ظُلَامَةً***وَ مِیرَاثُ حَرْبٍ جَامِدٌ لَكَ ذَائِبُهُ

أَبُوكَ وَ عَمِّی یَا مُعَاوِیَةُ أَوْرَثَا***تُرَاثاً فَیَخْتَارُ التُّرَاثَ أَقَارِبُهُ

وَ لَوْ كَانَ هَذَا الدِّینُ فِی جَاهِلِیَّةٍ***عَرَفْتَ مَنِ الْمَوْلَی الْقَلِیلُ جَلَائِبُهُ

وَ لَوْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِی غَیْرِ مُلْكِكُمْ***لَأَدَّیْتَهُ أَوْ غَصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُهُ

فَكَمْ مِنْ أَبٍ لِی یَا مُعَاوِیَةُ لَمْ یَكُنْ***أَبُوكَ الَّذِی مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ یُقَارِبُهُ

إیضاح:

قوله فی طول باع قال السید الداماد رحمه اللّٰه الباع قدر مد الیدین و ما بینهما من البدن و بسط الید بالمال و طول الباع كنایة عن المقدرة و المیسرة و الاقتدار و الشوكة قاله الزمخشری فی الفائق و الأساس و الفیروزآبادی و ابن الأثیر فی القاموس و النهایة و قال فی الصحاح الرحب بالضم السعة تقول فلان رحب الصدر و الرحب بالفتح الواسع تقول منه بلد رحب و قال السرب بالفتح الإبل و السرب أیضا الطریق و فلان آمن فی سربه بالكسر أی فی نفسه و فلان واسع السرب أی رخی البال.

و فی المغرب السرب بالفتح فی قولهم خلی سربه أی طریقه و منه قوله إذا كان مخلی السرب أی موسعا علیه غیر مضیق علیه.

یعنی أنی لم أخذلها و هی محتاجة إلی الانتصار بل خذلتها و هی فی طول باع و رحب سرب أی فی مندوحة و فسحة عن القتال و تجهیز الجیش بأن تقر فی بیتها موقرة مكرمة رحبة الصدر رخیة البال واسعة السرب لأنها لم تكن مأمورة بالمسیر إلی البصرة و تجهیز الجیش و المطالبة بدم عثمان و مقاتلة علی بن أبی طالب علی ذلك و لا مضطرة إلی شی ء من ذلك بل كانت فی سعة عن ذلك كله و مع ذلك فإنها كانت فی طول باع من الشوكة و القدرة و اجتماع الجیوش و كثرة الأعوان و الأنصار و العدد و العدد.

ص: 246

و أیضا خذلتها لأنی لم أجد فی كتاب اللّٰه تعالی إلا أن تقر فی بیتها إذ قال عز من قائل وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ أقول و یحتمل أن یكون فی طول باع و رحب سرب حالا عن الفاعل أی لم یكن علی حرج فی ذلك كما یومئ إلیه آخر كلامه رحمه اللّٰه.

و قوله جامد لك ذائبه لعله كنایة عن أنه محفوظ لك لم یبطل منه شی ء مما كان فی معرض البطلان و الضیاع و لم یتعد إلی الغیر.

و الجلائب جمع جلیبة و هو ما جلب و عبد جلیب مجلوب و امرأة جلیب من جلبی و جلائب أی عرفت من المولی القلیل الأموال و العبید أنا أو أنت.

قوله أو غص بالماء شاربه غص بفتح العین المعجمة و إهمال الصاد المشددة و شاربه بالرفع علی الفاعلیة و الباء فی قوله بالماء للتعدیة.

و قال ابن الأثیر فی النهایة یقال غصصت بالماء أغص غصصا فأنا غاص و غصان إذا شرقت به أو وقف فی حلقك فلم تكد تسیغه و المعنی لو كان هذا الأمر الذی وقع فی غیر سلطنتكم لأدیت فاعل هذا الفعل و لم یكن یقدر أن یبلغه لضعفه.

«523»-(1)یل، الفضائل لابن شاذان قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ كُنْتُ أَنَا وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ بِالشَّامِ فَبَیْنَا نَحْنُ ذَاتَ یَوْمٍ إِذْ نَظَرْنَا إِلَی شَیْخٍ وَ هُوَ مُقْبِلٌ مِنْ صَدْرِ الْبَرِّیَّةِ مِنْ نَاحِیَةِ الْعِرَاقِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ عَرِّجُوا بِنَا إِلَی هَذَا الشَّیْخِ لِنَسْأَلَهُ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلَ وَ إِلَی أَیْنَ یُرِیدُ وَ كَانَ مَعَ مُعَاوِیَةَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ وَ وَلَدَا مُعَاوِیَةَ خَالِدٌ وَ یَزِیدُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ فَعَرَّجْنَا إِلَیْهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ یَا شَیْخُ وَ إِلَی أَیْنَ تُرِیدُ فَلَمْ یُجِبْهُ الشَّیْخُ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمَا لَا تُجِیبُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الشَّیْخُ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ التَّحِیَّةَ غَیْرَ هَذِهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ صَدَقْتَ یَا شَیْخُ أَصَبْتَ وَ أَخْطَأْنَا وَ أَحْسَنْتَ وَ أَسَأْنَا السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا شَیْخُ فَقَالَ

ص: 247


1- 523- كتاب الفضائل هذا منسوب إلی شاذان بن جبرئیل القمّیّ رحمه اللّٰه من أعلام القرن السادس.

الشَّیْخُ وَ عَلَیْكَ السَّلَامُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا اسْمُكَ یَا شَیْخُ فَقَالَ اسْمِی جَبَلٌ وَ كَانَ ذَلِكَ الشَّیْخُ طَاعِناً فِی السِّنِّ بِیَدِهِ شَیْ ءٌ مِنَ الْحَدِیدِ وَ وَسَطُهُ مَشْدُودٌ بِشَرِیطٍ مِنْ لِیفِ الْمُقْلِ وَ فِی رِجْلَیْهِ نَعْلَانِ مِنْ لِیفِ الْمُقْلِ وَ عَلَیْهِ كِسَاءٌ قَدْ سَقَطَ لِحَامُهُ وَ بَقِیَ سَدَانُهُ وَ قَدْ بَانَتْ شَرَاسِیفُ خَدَّیْهِ وَ قَدْ غَطَّتْ حَوَاجِبُهُ عَلَی عَیْنَیْهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا شَیْخُ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ وَ إِلَی أَیْنَ تُرِیدُ قَالَ أَتَیْتُ مِنَ الْعِرَاقِ أُرِیدُ بَیْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ مُعَاوِیَةُ كَیْفَ تَرَكْتَ الْعِرَاقَ قَالَ عَلَی الْخَیْرِ وَ الْبَرَكَةِ وَ النِّفَاقِ قَالَ لَعَلَّكَ أَتَیْتَ مِنَ الْكُوفَةِ مِنَ الْغَرِیِّ قَالَ الشَّیْخُ وَ مَا الْغَرِیُّ قَالَ مُعَاوِیَةُ الَّذِی فِیهِ أَبُو تُرَابٍ قَالَ الشَّیْخُ مَنْ تَعْنِی بِذَلِكَ وَ مَنْ أَبُو تُرَابٍ قَالَ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ لَهُ الشَّیْخُ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ وَ رَضَّ اللَّهُ فَاكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّكَ وَ أَبَاكَ وَ لِمَ لَا تَقُولُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَ الْغَیْثُ الْهَاطِلُ یَعْسُوبُ الدِّینِ وَ قَاتِلُ الْمُشْرِكِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ سَیْفُ اللَّهِ الْمَسْلُولُ ابْنُ عَمِّ الرَّسُولِ وَ زَوْجُ الْبَتُولِ تَاجُ الْفُقَهَاءِ وَ كَنْزُ الْفُقَرَاءِ وَ خَامِسُ أَهْلِ الْعَبَاءِ وَ اللَّیْثُ الْغَالِبُ أَبُو الْحَسَنَیْنِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فَعِنْدَهَا قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا شَیْخُ إِنِّی أَرَی لَحْمَكَ وَ دَمَكَ قَدْ خَالَطَ لَحْمَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ دَمِهِ حَتَّی لَوْ مَاتَ عَلِیٌّ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ قَالَ لَا أَتَّهِمُ فِی فَقْدِهِ رَبِّی وَ أُجَلِّلُ فِی بُعْدِهِ حُزْنِی وَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا یُمِیتُ سَیِّدِی وَ إِمَامِی حَتَّی یَجْعَلَ مِنْ وُلْدِهِ حُجَّةً قَائِمَةً إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَقَالَ یَا شَیْخُ هَلْ تَرَكْتَ مِنْ بَعْدِكَ أَمْراً تَفْتَخِرُ بِهِ قَالَ تَرَكْتُ الْفَرَسَ الْأَشْقَرَ وَ الْحَجَرَ وَ الْمَدَرَ وَ الْمِنْهَاجَ لِمَنْ أَرَادَ الْمِعْرَاجَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَعَلَّهُ لَا یَعْرِفُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَسَأَلَهُ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ یَا شَیْخُ أَ تَعْرِفُنِی قَالَ الشَّیْخُ وَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ أَنَا الشَّجَرَةُ الزَّكِیَّةُ وَ الْفُرُوعُ الْعَلِیَّةُ سَیِّدُ بَنِی أُمَیَّةَ فَقَالَ لَهُ الشَّیْخُ بَلْ أَنْتَ اللَّعِینُ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ وَ فِی كِتَابِهِ الْمُبِینِ إِنَّ اللَّهَ قَالَ

ص: 248

وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ الشَّجَرَةُ الْخَبِیثَةُ وَ الْعُرُوقُ الْمُجْتَثَّةُ الْخَسِیسَةُ الَّذِی ظَلَمَ نَفْسَهُ وَ رَبَّهُ وَ قَالَ فِیهِ نَبِیُّهُ الْخِلَافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَی ابْنِ أَبِی سُفْیَانَ الزَّنِیمِ بْنِ الزَّنِیمِ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ الْفَاشِی ظُلْمُهُ فِی الْعِبَادِ فَعِنْدَهَا اغْتَاظَ مُعَاوِیَةُ وَ حَنَقَ عَلَیْهِ فَرَدَّ یَدَهُ إِلَی قَائِمِ سَیْفِهِ وَ هَمَّ بِقَتْلِ الشَّیْخِ ثُمَّ قَالَ لَوْ لَا أَنَّ الْعَفْوَ حَسَنٌ لَأَخَذْتُ رَأْسَكَ ثُمَّ قَالَ أَ رَأَیْتَ لَوْ كُنْتُ فَاعِلًا ذَلِكَ قَالَ الشَّیْخُ إِذَنْ وَ اللَّهِ أَفُوزُ بِالسَّعَادَةِ وَ تَفُوزُ أَنْتَ بِالشَّقَاوَةِ وَ قَدْ قَتَلَ مَنْ هُوَ أَشَرُّ مِنْكَ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنِّی وَ عُثْمَانُ شَرٌّ مِنْكَ قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا شَیْخُ هَلْ كُنْتَ حَاضِراً یَوْمَ الدَّارِ قَالَ وَ مَا یَوْمُ الدَّارِ قَالَ مُعَاوِیَةُ یَوْمَ قَتَلَ عَلِیٌّ عُثْمَانَ فَقَالَ الشَّیْخُ تَاللَّهِ مَا قَتَلَهُ وَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَعَلَاهُ بِأَسْیَافٍ حِدَادٍ وَ سَوَاعِدَ شِدَادٍ وَ كَانَ یَكُونُ فِی ذَلِكَ مُطِیعاً لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا شَیْخُ هَلْ حَضَرْتَ یَوْمَ صِفِّینَ قَالَ وَ مَا غِبْتُ عَنْهَا قَالَ كَیْفَ كُنْتَ فِیهَا قَالَ الشَّیْخُ أَیْتَمْتُ مِنْكَ أَطْفَالًا وَ أَرْمَلْتُ مِنْكَ إِخْوَاناً وَ كُنْتُ كَاللَّیْثِ أَضْرِبُ بِالسَّیْفِ تَارَةً وَ بِالرُّمْحِ أُخْرَی قَالَ مُعَاوِیَةُ هَلْ ضَرَبْتَنِی بِشَیْ ءٍ قَطُّ قَالَ الشَّیْخُ ضَرَبْتُكَ بِثَلَاثَةٍ وَ سَبْعِینَ سَهْماً فَأَنَا صَاحِبُ السَّهْمَیْنِ اللَّذَیْنِ وَقَعَا فِی بُرْدَتِكَ وَ صَاحِبُ السَّهْمَیْنِ اللَّذَیْنِ وَقَعَا فِی مَسْجَدِكَ وَ صَاحِبُ السَّهْمَیْنِ اللَّذَیْنِ وَقَعَا فِی عَضُدِكَ وَ لَوْ كَشَفْتَ الْآنَ لَأَرَیْتُكَ مَكَانَهُمَا: فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا شَیْخُ هَلْ حَضَرْتَ یَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ وَ مَا یَوْمُ الْجَمَلِ قَالَ مُعَاوِیَةُ یَوْمَ قَاتَلَتْ عَائِشَةُ عَلِیّاً قَالَ وَ مَا غِبْتُ عَنْهَا قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا شَیْخُ الْحَقُّ كَانَ مَعَ عَلِیٍّ أَمْ مَعَ عَائِشَةَ قَالَ الشَّیْخُ بَلْ مَعَ عَلِیٍّ قَالَ مُعَاوِیَةُ أَ لَمْ یَقُلِ اللَّهُ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ الشَّیْخُ أَ لَمْ یَقُلِ اللَّهُ تَعَالَی یا نِساءَ النَّبِیِّ ... وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الْأُولی وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْتَ یَا عَلِیُّ خَلِیفَتِی عَلَی نِسْوَانِی وَ أَهْلِی وَ طَلَاقُهُنَّ بِیَدِكَ أَ فَتَرَی فِی ذَلِكَ مَعَهَا حَقٌّ حَتَّی سَفَكَتْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَذْهَبَتْ أَمْوَالَهُمْ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ وَ هُمَا كَامْرَأَةِ

ص: 249

نُوحٍ فِی النَّارِ وَ لَبِئْسَ مَثْوَی الْكَافِرِینَ قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا شَیْخُ مَا جَعَلْتَ لَنَا شَیْئاً نَحْتَجُّ بِهِ عَلَیْكَ فَمَتَی ظُلِمَتِ الْأُمَّةُ وَ طُفِیَتْ عَنْهُمْ قَنَادِیلُ الرَّحْمَةِ قَالَ لَمَّا صِرْتَ أَمِیرَهَا وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَزِیرَهَا قَالَ فَاسْتَلْقَی مُعَاوِیَةُ عَلَی قَفَاهُ مِنَ الضَّحِكِ وَ هُوَ عَلَی ظَهْرِ فَرَسِهِ فَقَالَ یَا شَیْخُ هَلْ مِنْ شَیْ ءٍ نَقْطَعُ بِهِ لِسَانَكَ قَالَ وَ مَا ذَا قَالَ عِشْرُونَ نَاقَةً حَمْرَاءَ مَحْمِلُهُ عَسَلًا وَ بُرّاً وَ سَمْناً وَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ تُنْفِقُهَا عَلَی عِیَالِكَ وَ تَسْتَعِینُ بِهَا عَلَی زَمَانِكَ قَالَ الشَّیْخُ لَسْتُ أَقْبَلُهَا قَالَ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ الشَّیْخُ لِأَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ دِرْهَمٌ حَلَالٌ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ حَرَامٍ قَالَ مُعَاوِیَةُ لَئِنْ أَقَمْتَ فِی دِمَشْقَ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ قَالَ مَا أَنَا مُقِیمٌ مَعَكَ فِیهَا قَالَ مُعَاوِیَةُ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ الشَّیْخُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ وَ لا تَرْكَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِیاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ وَ أَنْتَ أَوَّلُ ظَالِمٍ وَ آخِرُ ظَالِمٍ ثُمَّ تَوَجَّهَ الشَّیْخُ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ.

توضیح:

قال الجوهری التعریج علی الشی ء الإقامة علیه یقال عرج فلان علی المنزل إذا حبس مطیته علیه و أقام و انعرج الشی ء انعطف.

«524»-(1)یَلِ فض، كتاب الروضة قِیلَ دَخَلَ ضِرَارٌ صَاحِبُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ یَا ضِرَارُ صِفْ لِی عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَخْلَاقَهُ الْمَرْضِیَّةَ قَالَ ضِرَارٌ كَانَ

ص: 250


1- 524- كتاب الفضائل و الروضة منسوبان إلی شاذان بن جبرئیل القمّیّ من أعلام القرن السادس، و لكن تنظر بعض علمائنا فی صحة النسبة كما فی عنوان: «الروضة و الفضائل» من كتاب الذریعة: ج 11، ص 282 و ج 16، ص 25. و للكلام صور أحسن ممّا ذكره المصنّف هاهنا عن كتاب الروضة و الفضائل، و له مصادر و أسانید كثیرة جدا، و قد رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 77 من الباب الثالث من نهج البلاغة، و رواه أیضا ابن شهرآشوب فی عنوان: «المسابقة بالزهد» من مناقب آل أبی طالب: ج 1، ص 371 ط النجف و یأتی أیضا هاهنا مسندا تحت الرقم: 538 ص 584.

وَ اللَّهِ بَعِیدَ الْمُدَی شَدِیدَ الْقُوَی یَنْفَجِرُ الْإِیمَانُ مِنْ جَوَانِبِهِ وَ تَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ لِسَانِهِ یَقُولُ حَقّاً وَ یَحْكُمُ فَصْلًا فَأُقْسِمُ لَقَدْ شَاهَدْتُهُ لَیْلَةً فِی مِحْرَابِهِ وَ قَدْ أَرْخَی اللَّیْلُ سُدُولَهُ وَ هُوَ قَائِمٌ یُصَلِّی قَابِضاً عَلَی لَمَّتِهِ یَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِیمِ وَ یَئِنُّ أَنِینَ الْحَزِینِ وَ یَقُولُ یَا دُنْیَا أَ بِی تَعَرَّضْتِ وَ إِلَیَّ تَشَوَّفْتِ غُرِّی غَیْرِی لَا حَانَ حِینُكِ أَجَلُكِ قَصِیرٌ وَ عَیْشُكِ حَقِیرٌ وَ قَلِیلُكِ حِسَابٌ وَ كَثِیرُكِ عِقَابٌ فَقَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِی إِلَیْكِ آهِ مِنْ بُعْدِ الطَّرِیقِ وَ قِلَّةِ الزَّادِ قَالَ مُعَاوِیَةُ كَانَ وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ كَذَلِكَ وَ كَیْفَ حُزْنُكَ عَلَیْهِ قَالَ حُزْنُ امْرَأَةٍ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِی حَجْرِهَا قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةُ بَكَی وَ بَكَی الْحَاضِرُونَ.

بیان: المدی الغایة أی كان ذا همة عالیة یتوجه إلی تحصیل معالی الأمور و ما یعسر تحصیله علی أكثر الخلق.

و یقال نطف الماء ینطف و ینطف إذا قطر قلیلا قلیلا و السدل جمع السدیل و هو ما یسیل و یرخی علی الهودج و یقال سلمته الحیة أی لدغته و السلیم اللدیغ و قیل إنما سمی سلیما تفؤلا بالسلامة.

و یقال هو یتململ علی فراشه إذا لم یستقر من الوجع و الاستفهام عن تعرضها و تشوفها استفهام إنكار لذلك منها و استحقار لها و استبعاد لموافقته إیاها علی ما ترید و تشوف إلی الخیر تطلع و من السطح تطاول و نظر و أشرف و فی بعض النسخ بالقاف تشوقت غری غیری أی خداعك و غرورك لا یدخل علی و لیس المراد الأمر بغرور غیره.

و قال الجوهری حان له أن یفعل كذا یحین حینا أی آن و حان حینه أی قرب وقته انتهی و هذا دعاء علیها أی لا قرب وقت انخداعی بك و غرورك لی.

«525»-(1)كشف، كشف الغمة حَضَرَ جَمَاعَةٌ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ وَ عِنْدَهُ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ كَانَ

ص: 251


1- 525- رواه الاربلی رحمه اللّٰه فی آخر عنوان «وقعة الجمل» من كتاب كشف الغمّة: ج 1 ص 244 بیروت.

فِیهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ذَرْنَا نُكَلِّمْ عَدِیّاً فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ عِنْدَهُ جَوَاباً فَقَالَ إِنِّی أُحَذِّرُكُمُوهُ فَقَالُوا لَا عَلَیْكَ دَعْنَا وَ إِیَّاهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَیْرِ یَا أَبَا طَرِیفٍ مَتَی فُقِئَتْ عَیْنُكَ قَالَ یَوْمَ فَرَّ أَبُوكَ وَ قُتِلَ شَرَّ قَتْلَةٍ وَ ضَرَبَكَ الْأَشْتَرُ عَلَی اسْتِكَ فَوَقَعْتَ هَارِباً مِنَ الزَّحْفِ وَ أَنْشَدَ:

أَمَا وَ أَبِی یَا ابْنَ الزُّبَیْرِ لَوْ أَنَّنِی***لَقِیتُكَ یَوْمَ الزَّحْفِ مَا رُمْتَ لِی سَخَطاً

وَ كَانَ أَبِی فِی طَیِ ءٍ وَ أَبُو أَبِی***صَحِیحَیْنِ لَمْ تَنْزِعْ عُرُوقُهُمَا الْقِبْطَا

وَ لَوْ رُمْتَ شَتْمِی عِنْدَ عَدْلٍ قَضَاؤُهُ*** لَرُمْتُ بِهِ یَا ابْنَ الزُّبَیْرِ مَدَی شَحْطاً

فَقَالَ مُعَاوِیَةُ قَدْ كُنْتُ حَذَّرْتُكُمُوهُ فَأَبَیْتُمْ.

بیان: قال الجوهری الشحط البعد یقال شحط المزار أی بعد و تشحط المقتول بدمه أی اضطرب فیه.

«526»-(1)كَشْفُ الْحَقِّ، لِلْعَلَّامَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَی الْجُمْهُورُ أَنَّ أَرْوَی بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دَخَلَتْ عَلَی مُعَاوِیَةَ فِی خِلَافَتِهِ بِالشَّامِ وَ هِیَ یَوْمَئِذٍ عَجُوزٌ كَبِیرَةٌ فَلَمَّا رَآهَا قَالَ مَرْحَباً بِكِ یَا خَالَةُ قَالَتْ كَیْفَ أَنْتَ یَا ابْنَ أُخْتِی لَقَدْ كَفَرْتَ النِّعْمَةَ وَ أَسَأْتَ لِابْنِ عَمِّكَ الصُّحْبَةَ وَ تَسَمَّیْتَ بِغَیْرِ اسْمِكَ وَ أَخَذْتَ غَیْرَ حَقِّكَ بِلَا بَلَاءٍ كَانَ مِنْكَ وَ لَا مِنْ أَبِیكَ بَعْدَ أَنْ كَفَرْتُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتْعَسَ اللَّهُ مِنْكُمُ الْجُدُودَ حَتَّی رَدَّ اللَّهُ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ كَانَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ هِیَ الْعُلْیا وَ نَبِیُّنَا هُوَ الْمَنْصُورُ عَلَی كُلِّ مَنْ نَاوَاهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فَكُنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ أَعْظَمَ النَّاسِ فِی هَذَا الدِّینِ بَلَاءً وَ عَنْ أَهْلِهِ غَنَاءً وَ قَدْراً حَتَّی قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ مَغْفُوراً ذَنْبُهُ مَرْفُوعَةً مَنْزِلَتُهُ شَرِیفاً عَنِ اللَّهِ مَرْضِیّاً فَوَثَبَ عَلَیْنَا بَعْدَهُ تَیْمٌ

ص: 252


1- 526- رواه العلامة رحمه اللّٰه فی آخر المطلب الرابع من كتاب كشف الحق و نهج الصدق ص 313 ط بیروت و فی متن دلائل الصدق: ج 3 ص 236 ط 1. و لیراجع كتاب بلاغات النساء. و رواه أیضا ابن عبد ربّه تحت عنوان «وفود أروی بنت عبد المطلب» فی آخر كتاب الزبرجدة من العقد الفرید. هذا و سیرویه المصنّف ثانیة تحت الرقم 532، فلاحظ.

وَ عَدِیٌّ وَ بَنُو أُمَیَّةَ فَأَنْتَ تَهْتَدِی بِهُدَاهُمْ وَ تَقْصِدُ لِقَصْدِهِمْ فَصِرْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ فِیكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ بِمَنْزِلَةِ قَوْمِ مُوسَی فِی آلِ فِرْعَوْنَ یُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِسَاءَهُمْ وَ صَارَ سَیِّدُنَا مِنْكُمْ بَعْدَ نَبِیِّنَا بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی حَیْثُ یَقُولُ یَا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ كادُوا یَقْتُلُونَنِی فَلَمْ یُجْمَعْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله [لَنَا] شَمْلٌ وَ لَمْ یُسَهَّلْ [لَنَا] وَعْثٌ وَ غَایَتُنَا الْجَنَّةُ وَ غَایَتُكُمُ النَّارُ فَقَالَ لَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَیَّتُهَا الْعَجُوزُ الضَّالَّةُ اقْصِرِی مِنْ قَوْلِكِ وَ غُضِّی مِنْ طَرْفِكِ قَالَتْ وَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَتْ یَا ابْنَ النَّابِغَةِ ارْبَعْ عَلَی ظَلْعِكَ وَ أغض [أَهِنْ ]لِسَانَ نَفْسِكَ مَا أَنْتَ مِنْ قُرَیْشٍ فِی لُبَابِ حَسَبِهَا وَ لَا صَحِیحِ نَسَبِهَا وَ لَقَدِ ادَّعَاكَ خَمْسَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ كُلُّهُمْ یَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُهُ وَ لَطَالَ مَا رَأَیْتُ أُمَّكَ أَیَّامَ مِنًی بِمَكَّةَ تَكْسِبُ الْخَطِیئَةَ وَ تَتَّزِنُ الدَّرَاهِمَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ عَاهِرٍ هَائِجٍ وَ تَسَافَحُ عَبِیدَنَا فَأَنْتَ بِهِمْ أَلْیَقُ وَ هُمْ بِكَ أَشْبَهُ مِنْكَ تُقْرَعُ بَیْنَهُمْ.

«527»-(1)كشف، كشف الغمة مِنْ كِتَابِ الْمُوَفَّقِیَّاتِ لِلزُّبَیْرِ بْنِ بَكَّارٍ الزُّبَیْرِیِّ حَدَّثَ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: دَخَلَ مِحْفَنُ بْنُ أَبِی مِحْفَنٍ الضَّبِّیُّ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ یَا مُعَاوِیَةُ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَلْأَمِ الْعَرَبِ وَ أَعْیَا الْعَرَبِ وَ أَجْبَنِ الْعَرَبِ وَ أَبْخَلِ الْعَرَبِ قَالَ وَ مَنْ هُوَ یَا أَخَا بَنِی تَمِیمٍ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ مُعَاوِیَةُ اسْمَعُوا یَا أَهْلَ الشَّامِ مَا یَقُولُ أَخَاكُمُ الْعِرَاقِیُّ فَابْتَدَرُوهُ أَیُّهُمْ یُنْزِلُهُ عَلَیْهِ وَ یُكْرِمُهُ فَلَمَّا تَصَدَّعَ النَّاسُ عَنْهُ قَالَ لَهُ كَیْفَ قُلْتَ فَأَعَادَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ وَیْحَكَ یَا جَاهِلُ كَیْفَ یَكُونُ أَلْأَمَ الْعَرَبِ وَ أَبُوهُ أَبُو طَالِبٍ وَ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَ امْرَأَتُهُ

ص: 253


1- 527- رواه علیّ بن عیسی الاربلی رحمه اللّٰه قبیل عنوان: «ذكر قتله و مدة خلافته ...» من كتاب كشف الغمّة: ج 2 ص 47 ط بیروت. و رواه باختصار بسنده عن ابن أبی الدنیا، الحافظ ابن عساكر فی الحدیث: 1109 من ترجمة أمیر المؤمنین من تاریخ دمشق: ج 3 ص 76 ط 2. و فیه: جاء ابن أجور التمیمی إلی معاویة ...

فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَّی یَكُونُ أَبْخَلَ الْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ لَوْ كَانَ لَهُ بَیْتَانِ بَیْتُ تِبْنٍ وَ بَیْتُ تِبْرٍ لَأَنْفَدَ تِبْرَهُ قَبْلَ تِبْنِهِ وَ أَنَّی یَكُونُ أَجْبَنَ الْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ مَا الْتَقَتْ فِئَتَانِ قَطُّ إِلَّا كَانَ فَارِسَهُم غَیْرَ مُدَافَعٍ وَ أَنَّی یَكُونُ أَعْیَا الْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ مَا سَنَّ الْبَلَاغَةَ لِقُرَیْشٍ غَیْرُهُ وَ لَمَّا قَامَتْ أُمُّ مِحْفَنٍ عَنْهُ أَلْأَمَ وَ أَبْخَلَ وَ أَجْبَنَ وَ أَعْیَا لِبُظْرِ أُمِّهِ فَوَ اللَّهِ لَوْ لَا مَا تَعْلَمُ لَضَرَبْتُ الَّذِی فِیهِ عَیْنَاكَ فَإِیَّاكَ عَلَیْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْعَوْدَ إِلَی مِثْلِ هَذَا قَالَ وَ اللَّهِ أَنْتَ أَظْلَمُ مِنِّی فَعَلَی أَیِّ شَیْ ءٍ قَاتَلْتَهُ وَ هَذَا مَحَلُّهُ قَالَ عَلَی خَاتَمِی هَذَا حَتَّی یَجُوزَ بِهِ أَمْرِی قَالَ فَحَسْبُكَ ذَلِكَ عِوَضاً مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَ أَلِیمِ عَذَابِهِ قَالَ لَا یَا ابْنَ مِحْفَنٍ وَ لَكِنِّی أَعْرِفُ مِنَ اللَّهِ مَا جَهِلْتَ حَیْثُ یَقُولُ وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ.

«528»-(1)وَ حَدَّثَ الزُّبَیْرُ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ كَانَ یَلْبَسُ أَدْنَی ثِیَابِهِ وَ یَخْفِضُ مِنْ شَأْنِهِ لِمَعْرِفَتِهِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ كَانَ یَكْرَهُ إِظْهَارَهُ لِشَأْنِهِ وَ جَاءَ الْخَبَرُ إِلَی مُعَاوِیَةَ بِمَوْتِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فَسَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَی وَ بَانَ السُّرُورُ فِی وَجْهِهِ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ ذَكَرَهُ الزُّبَیْرُ ذَكَرْتُ مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَیْهِ وَ أَذِنَ لِلنَّاسِ وَ أَذِنَ لِابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَهُمْ فَدَخَلَ فَاسْتَدْنَاهُ وَ كَانَ قَدْ عَرَفَ بِسَجْدَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَ تَدْرِی مَا حَدَثَ بِأَهْلِكَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تُوُفِّیَ فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ عِنْدَ اللَّهِ

ص: 254


1- 528- رواه الاربلی رحمه اللّٰه- مع الحدیث التالی- فی العنوان المتقدم الذكر آنفا من كتاب كشف الغمّة: ج 2 ص 48 ط بیروت. و للكلام شواهد كثیرة ذكرنا بعضها فی تعلیق الحدیث: 1505 من ترجمة أمیر المؤمنین من تاریخ دمشق: ج 3 ص 408. و أیضا بعض الشواهد یجده الباحث فی الحدیث: 368 و تعلیقاته من ترجمة الامام الحسن من تاریخ دمشق ص 230 ط بیروت 1.

نَحْتَسِبُ الْمُصِیبَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ مُصِیبَتَنَا بِالْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَتْنِی سَجْدَتُكَ فَلَا أَظُنُّ ذَلِكَ إِلَّا لِوَفَاتِهِ وَ اللَّهِ لَا یَسُدُّ جَسَدُهُ حُفْرَتَكَ وَ لَا یَزِیدُ انْقِضَاءُ أَجَلِهِ فِی عُمُرِكَ وَ لَطَالَ مَا رُزِینَا بِأَعْظَمَ مِنَ الْحَسَنِ ثُمَّ جَبَرَ اللَّهُ قَالَ مُعَاوِیَةُ كَمْ كَانَ أَتَی لَهُ قَالَ شَأْنُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ یُجْهَلَ مَوْلِدُهُ قَالَ أَحْسَبُهُ تَرَكَ صِبْیَةً صِغَاراً قَالَ كُلُّنَا كَانَ صَغِیراً فَكَبِرَ ثُمَّ قَالَ أَصْبَحْتَ سَیِّدَ أَهْلِكَ قَالَ أَمَّا مَا أَبْقَی اللَّهُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ فَلَا ثُمَّ قَامَ وَ عَیْنُهُ تَدْمَعُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لِلَّهِ دَرُّهُ لَا وَ اللَّهِ مَا هَیَّجَنَا قَطُّ إِلَّا وَجَدْنَاهُ سَیِّداً وَ دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَی مُعَاوِیَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَزَاءِ فَقَالَ یَا أَبَا الْعَبَّاسِ أَ مَا تَدْرِی مَا حَدَثَ فِی أَهْلِكَ قَالَ لَا قَالَ هَلَكَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ فَعَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ رَحِمَ اللَّهُ أُسَامَةَ وَ خَرَجَ وَ أَتَاهُ بَعْدَ أَیَّامٍ وَ قَدْ عَزَمَ عَلَی مُحَاقَّتِهِ (1)فَصَلَّی فِی الْجَامِعِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَیْهِ یَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ الْفِقْهِ وَ التَّفْسِیرِ وَ أَحْوَالِ الْإِسْلَامِ وَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ افْتَقَدَ مُعَاوِیَةُ النَّاسَ فَقِیلَ إِنَّهُمْ مَشْغُولُونَ بِابْنِ عَبَّاسٍ وَ لَوْ شَاءَ أَنْ یَضْرِبُوا مَعَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ سَیْفٍ قَبْلَ اللَّیْلِ لَفَعَلَ فَقَالَ نَحْنُ أَظْلَمُ مِنْهُ حَبَسْنَاهُ عَنْ أَهْلِهِ وَ مَنَعْنَاهُ حَاجَتَهُ وَ نَعَیْنَا إِلَیْهِ أَحِبَّتَهُ انْطَلِقُوا فَادْعُوهُ فَأَتَاهُ الْحَاجِبُ فَدَعَاهُ فَقَالَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ لَمْ نَقُمْ حَتَّی نُصَلِّیَ أُصَلِّی إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ آتِیهِ فَرَجَعَ وَ صَلَّی ابْنُ عَبَّاسٍ الْعَصْرَ وَ أَتَاهُ فَقَالَ حَاجَتُكَ فَمَا سَأَلَهُ حَاجَةً إِلَّا قَضَاهَا وَ قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ لَمَّا دَخَلْتَ بَیْتَ الْمَالِ فَأَخَذْتَ حَاجَتَكَ وَ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ یُعَرِّفَ أَهْلَ الشَّامِ مَیْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَی الدُّنْیَا فَعَرَفَ مَا یُرِیدُهُ فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَیْسَ لِی وَ لَا لَكَ فَإِنْ أَذِنْتَ أَنْ أُعْطِیَ كُلَّ ذِی حَقٍّ حَقَّهُ فَعَلْتُ قَالَ أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ إِلَّا دَخَلْتَ فَأَخَذْتَ حَاجَتَكَ فَدَخَلَ فَأَخَذَ بُرْنُسَ خَزٍّ أَحْمَرَ

ص: 255


1- 1 المحاقة: المخاصمة، یقال: حاققت زیدا علی كذا: خاصمته علیه.

یُقَالُ إِنَّهُ كَانَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بَقِیَتْ لِی حَاجَةٌ قَالَ مَا هِیَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَدْ عَرَفْتَ فَضْلَهُ وَ سَابِقَتَهُ وَ قَرَابَتَهُ وَ قَدْ كَفَاكَهُ الْمَوْتُ أُحِبُّ أَنْ لَا یُشْتَمَ عَلَی مَنَابِرِكُمْ قَالَ هَیْهَاتَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ هَذَا أَمْرُ دِینٍ أَ لَیْسَ أَ لَیْسَ وَ فَعَلَ وَ فَعَلَ فَعَدَّدَ مَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْلَی لَكَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ الْمَوْعِدُ الْقِیَامَةُ وَ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ وَ تَوَجَّهَ إِلَی الْمَدِینَةِ.

«529»- وَ حَدَّثَ الزُّبَیْرُ عَنْ رِجَالِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مُعَاوِیَةَ أَقْبَلَ عَلَیْهِ وَ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَ إِنَّكُمْ تُرِیدُونَ أَنْ تَسْتَحِقُّوا الْخِلَافَةَ كَمَا اسْتَحْقَقْتُمُ النُّبُوَّةَ وَ لَا یَجْتَمِعَانِ لِأَحَدٍ حُجَّتُكُمْ فِی الْخِلَافَةِ شُبْهَةٌ عَلَی النَّاسِ تَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَا بَالُ خِلَافَةِ النَّبِیِّ فِی غَیْرِنَا وَ هَذِهِ شُبْهَةٌ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْحَقَّ فَأَمَّا الْخِلَافَةُ فَتَنْقَلِبُ فِی أَحْیَاءِ قُرَیْشٍ بِرِضَی الْعَامَّةِ وَ شُورَی الْخَاصَّةِ فَلَمْ یَقُلِ النَّاسُ لَیْتَ بَنِی هَاشِمٍ وَلُونَا وَ لَوْ أَنَّ بَنِی هَاشِمٍ وَلُونَا لَكَانَ خَیْراً لَنَا فِی دُنْیَانَا وَ آخِرَتِنَا فَلَا هُمْ حَیْثُ اجْتَمَعُوا عَلَی غَیْرِكُمْ تَمَنَّوْكُمْ وَ لَوْ زَهِدْتُمْ فِیهَا أَمْسِ لَمْ تُقَاتِلُوا عَلَیْهَا الْیَوْمَ وَ أَمَّا مَا زَعَمْتُمْ أَنَّ لَكُمْ مَلِكاً هَاشِمِیّاً وَ مَهْدِیّاً قَائِماً فَالْمَهْدِیُّ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ علیه السلام وَ هَذَا الْأَمْرُ فِی أَیْدِینَا حَتَّی نُسَلِّمَهُ إِلَیْهِ (1)وَ لَعَمْرِی لَئِنْ مَلَكْتُمُوهَا (2)مَا رَائِحَةُ عَادٍ وَ صَاعِقَةُ ثَمُودَ بِأَهْلَكَ لِلْقَوْمِ مِنْكُمْ ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا نَسْتَحِقُّ الْخِلَافَةَ بِالنُّبُوَّةِ فَإِذَا لَمْ نَسْتَحِقَّهَا بِهَا فَبِمَ نَسْتَحِقُّهَا وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْخِلَافَةَ وَ النُّبُوَّةَ لَا تَجْتَمِعَانِ لِأَحَدٍ فَأَیْنَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَی فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً

ص: 256


1- 1 و منه أخذ هذا الاختلاق و قول الزور بعض شیعة بنی عبّاس المتملقین لهم فی ایامهم المتقربین إلیهم بالترهات و الاباطیل فافتری علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم بأنّه قال: الخلافة فی ولد عمی العباس إلی أن یسلموها إلی المسیح عیسی بن مریم!!!.
2- 2 كذا فی بعض النسخ، و فی بعض آخر: «لئن ملكتمونا ...».

فَالْكِتَابُ النُّبُوَّةُ وَ الْحِكْمَةُ السُّنَّةُ وَ الْمُلْكُ الْخِلَافَةُ وَ نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ أَمْرُ اللَّهِ فِینَا وَ فِیهِمْ وَاحِدٌ وَ السُّنَّةُ لَنَا وَ لَهُمْ جَارِیَةٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ حُجَّتَنَا مُشْتَبِهَةٌ فَوَ اللَّهِ لَهِیَ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ وَ أَنْوَرُ مِنْ نُورِ الْقَمَرِ وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ ثَنَی عِطْفَكَ وَ صَعَّرَكَ قَتْلُنَا أَخَاكَ وَ جَدَّكَ وَ أَخَاهُ وَ خَالَكَ فَلَا تَبْكِ عَلَی أَعْظُمٍ حَائِلَةٍ وَ أَرْوَاحِ أَهْلِ النَّارِ وَ لَا تَغْضَبَنَّ لِدِمَاءٍ أَحَلَّهَا الشِّرْكُ وَ وَضَعَهَا فَأَمَّا تَرْكُ النَّاسِ أَنْ یَجْتَمِعُوا عَلَیْنَا فَمَا حُرِمُوا مِنَّا أَعْظَمُ مِمَّا حُرِمْنَا مِنْهُمْ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا زَعَمْنَا أَنَّ لَنَا مَلِكاً مَهْدِیّاً فَالزَّعْمُ فِی كِتَابِ اللَّهِ شِرْكٌ قَالَ تَعَالَی زَعَمَ الَّذِینَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ یُبْعَثُوا وَ كُلٌّ یَشْهَدُ أَنَّ لَنَا مَلِكاً وَ لَوْ لَمْ یَبْقَ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا یَوْمٌ وَاحِدٌ لَبَعَثَ اللَّهُ لِأَمْرِهِ مِنَّا مَنْ یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً لَا تَمْلِكُونَ یَوْماً وَاحِداً إِلَّا مَلَكْنَا یَوْمَیْنِ وَ لَا شَهْراً إِلَّا مَلَكْنَا شَهْرَیْنِ وَ لَا حَوْلًا إِلَّا مَلَكْنَا حَوْلَیْنِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْمَهْدِیَّ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ فَإِنَّمَا یَنْزِلُ عِیسَی عَلَی الدَّجَّالِ فَإِذَا رَآهُ یَذُوبُ كَمَا تَذُوبُ الشَّحْمَةُ وَ الْإِمَامُ مِنَّا رَجُلٌ یُصَلِّی خَلْفَهُ عِیسَی بْنُ مَرْیَمَ وَ لَوْ شِئْتَ سَمَّیْتُهُ وَ أَمَّا رِیحُ عَادٍ وَ صَاعِقَةُ ثَمُودَ فَإِنَّهُمَا كَانَا عَذَاباً وَ مُلْكُنَا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَحْمَةٌ.

«530»-(1)وَ حَدَّثَ الزُّبَیْرُ قَالَ: حَجَّ مُعَاوِیَةُ فَجَلَسَ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لِمَ تُعْرِضُ عَنِّی فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّی أَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ مِنِ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمَ ذَاكَ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِماً وَ كُنْتَ كَافِراً قَالَ لَا وَ لَكِنِ ابْنُ عَمِّی عُثْمَانُ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ عُمَرُ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالَ إِنَّ عُمَرَ قَتَلَهُ كَافِرٌ وَ إِنَّ عُثْمَانَ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَاكَ أَدْحَضُ لِحُجَّتِكَ فَأَسْكَتَ مُعَاوِیَةُ.

«531»-(2)وَ مِنْ كِتَابِ مَعَالِمِ الْعِتْرَةِ، لِلْجَنَابِذِیِّ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَی مُعَاوِیَةَ قَالَ: قَالَ

ص: 257


1- 530- رواه الاربلی رحمه اللّٰه فی ترجمة الامام الحسن فی أواخر عنوان: «السادس فی علمه علیه السلام» من كتاب كشف الغمّة: ج 2 ص 176.
2- 531- رواه الاربلی رحمه اللّٰه فی ترجمة الامام الحسن فی أواخر عنوان: «السادس فی علمه علیه السلام» من كتاب كشف الغمّة: ج 2 ص 176.

مُعَاوِیَةُ لَا أَعْلَمَنَّ أَحَداً سَمَّی هَذَیْنِ الْغُلَامَیْنِ ابْنَیْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا فَعَلْتُ وَ فَعَلْتُ وَ لَكِنْ قُولُوا ابْنَیْ عَلِیٍّ قَالَ ذَكْوَانُ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَرَنِی أَنْ أَكْتُبَ بَنِیهِ فِی الشَّرَفِ قَالَ فَكَتَبْتُ بَنِیهِ وَ بَنِی بَنِیهِ وَ تَرَكْتُ بَنِی بَنَاتِهِ ثُمَّ أَتَیْتُهُ بِالْكِتَابِ فَنَظَرَ فِیهِ فَقَالَ وَیْحَكَ لَقَدْ أَغْفَلْتَ كُبْرَ بَنِیَّ فَقُلْتُ مَنْ قَالَ أَمَّا بَنُو فُلَانَةَ لِابْنَتِهِ بَنِیَّ أَمَّا بَنُو فُلَانَةَ بَنِیَّ لِابْنَتِهِ قَالَ قُلْتُ اللَّهَ أَ یَكُونُ بَنُو بَنَاتِكَ بَنِیكَ وَ لَا یَكُونُ بَنُو فَاطِمَةَ بَنِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا لَكَ قَاتَلَكَ اللَّهُ لَا یَسْمَعَنَّ هَذَا أَحَدٌ مِنْكَ.

توضیح:

قال ابن الأثیر فی النهایة البظر بفتح الباء الهنة التی تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان و إنما ذكرها هنا للاستخفاف به و بنسبه و اللام للتعلیل و ما قامت عنه أنه كنایة عنه نفسه أ لیس أ لیس أی عدد ما صدر عنه علیه السلام بالنسبة إلیه فقال أ لیس فعل كذا و أ لیس فعل كذا و كذا قوله و فعل و فعل و قال الجوهری أولی لك تهدید و وعید و قال الأصمعی أی قاربه ما یهلكه أی نزل به و قال عطفا الرجل جانباه و ثنی فلان عنی عطفه إذا أعرض عنك و قال الصعر المیل فی الخد خاصة و قد صعر خده و صاعر أی أماله من الكبر و منه قوله تعالی وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ قوله علی أعظم حائلة أی متغیرة بالیة و وضعها أی جعلها وضیعة غیر محترمة و فی الصحاح كبر الشی ء معظمه و قولهم هو كبر قومه بالضم أی هو أقعدهم فی النسب.

«531»-(1)بشا، بشارة المصطفی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَهْرَیَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْخُزَاعِیِ

ص: 258


1- 531- رواه الطبریّ فی الجزء الأول من كتاب بشارة المصطفی ص 12، ط النجف الأشرف. و رواه الحموینی عن مصدر آخر فی الباب: 68 من السمط الأول من كتاب فرائد السمطین: ج 1 ص 374 ط بیروت. و رواه العلامة الامینی عنهما و عن ریاض العلماء فی آخر ترجمة عمرو بن العاص من كتاب الغدیر: ج 2 ص 177، ط بیروت.

عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُنَانٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّكُونِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِینَارٍ الضَّبِّیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَحَّاكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: اجْتَمَعَ الطِّرِمَّاحُ وَ هِشَامٌ الْمُرَادِیُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیُّ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ فَأَخْرَجَ بَدْرَةً فَوَضَعَهَا بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ قُولُوا قَوْلَكُمْ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ لَا تَقُولُوا إِلَّا الْحَقَّ وَ أَنَا نَفِیٌّ مِنْ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ إِنْ أَعْطَیْتُ هَذِهِ الْبَدْرَةَ إِلَّا مَنْ قَالَ الْحَقَّ فِی عَلِیٍّ فَقَامَ الطِّرِمَّاحُ فَتَكَلَّمَ وَ قَالَ فِی عَلِیٍّ وَ وَقَعَ فِیهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ اجْلِسْ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ نِیَّتَكَ وَ رَأَی مَكَانَكَ ثُمَّ قَامَ هِشَامٌ الْمُرَادِیُّ فَقَالَ أَیْضاً وَ وَقَعَ فِیهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ اجْلِسْ مَعَ صَاحِبِكَ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكُمَا فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْیَرِیِّ وَ كَانَ خَاصّاً بِهِ تَكَلَّمْ وَ لَا تَقُلْ إِلَّا الْحَقَّ ثُمَّ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ قَدْ آلَیْتَ أَلَّا تُعْطِیَ هَذِهِ الْبَدْرَةَ إِلَّا قَائِلَ الْحَقِّ فِی عَلِیٍّ قَالَ نَعَمْ أَنَا نَفِیٌّ مِنْ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ إِنْ أَعْطَیْتُهَا مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قَالَ الْحَقَّ فِی عَلِیٍّ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَتَكَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:

بِحَقِّ مُحَمَّدٍ قُولُوا بِحَقٍّ*** فَإِنَّ الْإِفْكَ مِنْ شِیَمِ اللِّئَامِ

أَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ بِأَبِی وَ أُمِّی***رَسُولُ اللَّهِ ذِی الشَّرَفِ التَّمَامِ

أَ لَیْسَ عَلِیٌّ أَفْضَلَ خَلْقِ رَبِّی***وَ أَشْرَفَ عِنْدَ تَحْصِیلِ الْأَنَامِ

وَلَایَتُهُ هِیَ الْإِیمَانُ حَقّاً***فَذَرْنِی مِنْ أَبَاطِیلِ الْكَلَامِ

وَ طَاعَةُ رَبِّنَا فِیهَا وَ فِیهَا***شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ مِنَ السَّقَامِ

عَلِیٌّ إِمَامُنَا بِأَبِی وَ أُمِّی*** أَبُو الْحَسَنِ الْمُطَهَّرُ مِنْ حَرَامٍ

إِمَامُ هُدًی آتَاهُ اللَّهُ عِلْماً***بِهِ عُرِفَ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ

وَ لَوْ أَنِّی قَتَلْتُ النَّفْسَ حُبّاً*** لَهُ مَا كَانَ فِیهَا مِنْ أَثَامٍ

یَحُلُّ النَّارَ قَوْمٌ یُبْغِضُوهُ ***وَ إِنْ صَامُوا وَ صَلَّوْا أَلْفَ عَامٍ

ص: 259

فَلَا وَ اللَّهِ مَا تَزْكُو صَلَاةٌ***بِغَیْرِ وَلَایَةِ الْعَدْلِ الْإِمَامِ

أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِكَ اعْتِمَادِی*** وَ بِالْغُرَرِ الْمَیَامِینِ اعْتِصَامِی

بَرِئْتُ مِنَ الَّذِی عَادَی عَلِیّاً***روَ حَارَبَهُ مِنْ أَوْلَادِ الْحَرَامِ

تَنَاسَوْا نَصْبَهُ فِی یَوْمِ خُمٍّ ***مِنَ الْبَارِئِ وَ مِنْ خَیْرِ الْأَنَامِ

بِرَغْمِ الْأَنْفِ مَنْ یَشْنَأُ كَلَامِی*** عَلِیٌّ فَضْلُهُ كَالْبَحْرِ طَامٍ

وَ أَبْرَأُ مِنْ أُنَاسٍ أَخَّرُوهُ***وَ كَانَ هُوَ الْمُقَدَّمَ بِالْمَقَامِ

عَلِیٌّ هَزَّمَ الْأَبْطَالَ لَمَّا***رَأَوْا فِی كَفِّهِ مَاحَ الْحُسَامِ

عَلَی آلِ النَّبِیِّ صَلَاةُ رَبِّی***صَلَاةً بِالْكَمَالِ وَ بِالتَّمَامِ

فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَنْتَ أَصْدَقُهُمْ قَوْلًا فَخُذْ هَذِهِ الْبَدْرَةَ.

بیان: قال فی القاموس ابن نفی كغنی نفاه أبوه و قال طمی الماء علا و طمی البحر امتلأ.

«532»-(1)یف، الطرائف ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فِی كِتَابِ الْعِقْدِ فِی قِصَّةِ دَارَمِیَّةَ الْحَجُونِیَّةِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَالَ لَهَا أَ تَدْرِینَ لِمَ بَعَثْتُ إِلَیْكِ قَالَتْ لَا یَعْلَمُ الْغَیْبَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ بَعَثْتُ إِلَیْكِ لِأَسْأَلَكِ عَلَامَ أَحْبَبْتِ عَلِیّاً وَ أَبْغَضْتِینِی وَ وَالَیْتِهِ وَ عَادَیْتِینِی قَالَتْ لَهُ أَ تُعْفِینِی قَالَ لَا أُعْفِیكِ قَالَتْ أَمَّا إِذَا أَبَیْتَ فَإِنِّی أَحْبَبْتُ عَلِیّاً عَلَی عَدْلِهِ فِی الرَّعِیَّةِ وَ قِسْمَتِهِ بِالسَّوِیَّةِ وَ أُبْغِضُكَ عَلَی قِتَالِكَ مَنْ هُوَ أَوْلَی مِنْكَ بِالْأَمْرِ وَ طَلَبِكَ مَا لَیْسَ لَكَ بِحَقٍّ وَ وَالَیْتُ عَلِیّاً عَلَی مَا عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنَ الْوَلَایَةِ وَ عَلَی حُبِّهِ لِلْمَسَاكِینِ وَ إِعْظَامِهِ لِأَهْلِ الدِّینِ وَ عَادَیْتُكَ عَلَی سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ جَوْرِكَ فِی الْقَضَاءِ وَ حُكْمِكَ بِالْهَوَی.

«533»-(2)وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ فِی وُفُودِ أَرْوَی بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَی مُعَاوِیَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا كَیْفَ كُنْتِ بَعْدَنَا فَقَالَتْ بِخَیْرٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ كَفَرْتَ النِّعْمَةَ وَ أَسَأْتَ لِابْنِ عَمِّكَ الصُّحْبَةَ وَ تَسَمَّیْتَ بِغَیْرِ اسْمِكَ وَ أَخَذْتَ غَیْرَ

ص: 260


1- 532- رواهما السیّد ابن طاوس رحمه اللّٰه فی كتاب الطرائف. و قد تقدم ما یرتبط بالحدیث الثانی تحت الرقم 526، فراجع.
2- 533- رواهما السیّد ابن طاوس رحمه اللّٰه فی كتاب الطرائف. و قد تقدم ما یرتبط بالحدیث الثانی تحت الرقم 526، فراجع.

حَقِّكَ مِنْ غَیْرِ دَیْنٍ كَانَ مِنْكَ وَ لَا مِنْ آبَائِكَ وَ لَا سَابِقَةٍ لَكَ فِی الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ كَفَرْتُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتْعَسَ اللَّهُ مِنْكُمُ الْجُدُودَ وَ أَصْعَرَ مِنْكُمُ الْخُدُودَ وَ رَدَّ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَ كَانَتْ كَلِمَتُنَا هِیَ الْعُلْیَا وَ نَبِیُّنَا هُوَ الْمَنْصُورُ فَوَلِیتُمْ عَلَیْنَا بَعْدُ فَأَصْبَحْتُمْ تَحْتَجُّونَ عَلَی سَائِرِ النَّاسِ بِقَرَابَتِكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْكُمْ وَ أَوْلَی بِهَذَا مِنْكُمْ وَ كُنَّا فِیكُمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِی إِسْرَائِیلَ فِی آلِ فِرْعَوْنَ وَ كَانَ عَلِیٌّ بَعْدَ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی فَغَایَتُنَا الْجَنَّةُ وَ غَایَتُكُمُ النَّارُ.

بیان: أتعسه أهلكه و الجدود جمع الجد و هو البخت.

«534»-(1)أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: دَعَا مُعَاوِیَةُ قُرَّاءَ أَهْلِ الشَّامِ وَ قُضَاتَهُمْ فَأَعْطَاهُمُ الْأَمْوَالَ وَ بَثَّهُمْ فِی نَوَاحِی الشَّامِ وَ مَدَائِنِهَا یَرْوُونَ الرِّوَایَاتِ الْكَاذِبَةَ وَ یَضَعُونَ لَهُمُ الْأُصُولَ الْبَاطِلَةَ وَ یُخْبِرُونَهُمْ بِأَنَّ عَلِیّاً قَتَلَ عُثْمَانَ وَ یَتَبَرَّأُ مِنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ یَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ مَعَهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ وُلْدُ عُثْمَانَ حَتَّی اسْتَمَالُوا أَهْلَ الشَّامِ وَ اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ وَ لَمْ یَزَلْ مُعَاوِیَةُ عَلَی ذَلِكَ عِشْرِینَ سَنَةً ذَلِكَ عَمَلُهُ فِی جَمِیعِ أَعْمَالِهِ حَتَّی قَدِمَ عَلَیْهِ طُغَاةُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَعْوَانُ الْبَاطِلِ الْمُنْتَزِلُونَ لَهُ بِالطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ یُعْطِیهِمُ الْأَمْوَالَ وَ یَقْطَعُهُمُ الْقَطَائِعَ حَتَّی نَشَأَ عَلَیْهِ الصَّغِیرُ وَ هَرِمَ عَلَیْهِ الْكَبِیرُ وَ هَاجَرَ عَلَیْهِ الْأَعْرَابِیُّ وَ تَرَكَ أَهْلُ الشَّامِ لَعْنَ الشَّیْطَانِ وَ قَالُوا لُعِنَ عَلِیٌّ وَ قَاتِلُ عُثْمَانَ فَاسْتَقَرَّ عَلَی ذَلِكَ جَهَلَةُ الْأُمَّةِ وَ أَتْبَاعُ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ وَ الدُّعَاةِ إِلَی النَّارِ فَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَی الْهُدی وَ لَكِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یَشاءُ-.

أَبَانٌ عَنْ سُلَیْمٍ قَالَ: كَانَ لِزِیَادِ بْنِ سُمَیَّةَ كَاتِبٌ یَتَشَیَّعُ وَ كَانَ لِی صَدِیقاً فَأَقْرَأَنِی كِتَاباً كَتَبَهُ مُعَاوِیَةُ إِلَی زِیَادٍ جَوَابَ كِتَابِهِ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَیَّ تَسْأَلُنِی عَنِ الْعَرَبِ مَنْ أُكْرِمُ مِنْهُمْ وَ مَنْ أُهِینُ وَ مَنْ

ص: 261


1- 534- الحدیث موجود فی كتاب سلیم بن قیس ص 173 ص 173 ص، ط بیروت.

أُقَرِّبُ وَ مَنْ أُبَعِّدُ وَ مَنْ آمَنُ مِنْهُمْ وَ مَنْ أَحْذَرُ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ مَنْ أُومِنُ مِنْهُمْ وَ مَنْ أُخِیفُ وَ أَنَا یَا أَخِی أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْعَرَبِ انْظُرْ إِلَی هَذَا الْحَیِّ مِنَ الْیَمَنِ فَأَكْرِمْهُمْ فِی الْعَلَانِیَةِ وَ أَهِنْهُمْ فِی السِّرِّ فَإِنِّی كَذَلِكَ أَصْنَعُ بِهِمْ أُكْرِمُهُمْ فِی مَجَالِسِهِمْ وَ أُهِینُهُمْ فِی الْخَلَاءِ إِنَّهُمْ أَسْوَأُ النَّاسِ عِنْدِی حَالًا وَ یَكُونُ فَضْلُكَ وَ عَطَاؤُكَ لِغَیْرِهِمْ سِرّاً مِنْهُمْ وَ انْظُرْ إِلَی رَبِیعَةَ بْنِ نِزَارٍ فَأَكْرِمْ أُمَرَاءَهُمْ وَ أَهِنْ عَامَّتَهُمْ فَإِنَّ عَامَّتَهُمْ تَبَعٌ لِأَشْرَافِهِمْ وَ سَادَاتِهِمْ وَ انْظُرْ إِلَی مُضَرَ فَاضْرِبْ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَإِنَّ فِیهِمْ غِلْظَةً وَ كِبْراً وَ نَخْوَةً شَدِیدَةً فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ وَ ضَرَبْتَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ كَفَاكَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ لَا تَرْضَ بِالْقَوْلِ مِنْهُمْ دُونَ الْفِعْلِ وَ لَا بِالظَّنِّ دُونَ الْیَقِینِ وَ انْظُرْ إِلَی الْمَوَالِی وَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْأَعَاجِمِ فَخُذْهُمْ بِسُنَّةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَإِنَّ فِی ذَلِكَ خِزْیَهُمْ وَ ذُلَّهُمْ أَنْ یَنْكِحَ الْعَرَبُ فِیهِمْ وَ لَا یُنْكِحُونَهُمْ وَ أَنْ یرثوهم [تَرِثَهُمُ]الْعَرَبُ وَ لَا یَرِثُوا الْعَرَبَ وَ أَنْ تَقْصُرَ بِهِمْ فِی عَطَائِهِمْ وَ أَرْزَاقِهِمْ وَ أَنْ یُقَدَّمُوا فِی الْمَغَازِی یُصْلِحُونَ الطَّرِیقَ وَ یَقْطَعُونَ الشَّجَرَ وَ لَا یَؤُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْعَرَبَ فِی صَلَاةٍ وَ لَا یَتَقَدَّمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِی الصَّفِّ الْأَوَّلِ إِذَا أُحْضِرَتِ الْعَرَبُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ الصَّفَّ وَ لَا تُوَلِّ أَحَداً مِنْهُمْ ثَغْراً مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِینَ وَ لَا مِصْراً مِنْ أَمْصَارِهِمْ وَ لَا یَلِی أَحَدٌ مِنْهُمْ قَضَاءَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَا أَحْكَامَهُمْ فَإِنَّ هَذِهِ سُنَّةُ عُمَرَ فِیهِمْ وَ سِیرَتُهُ جَزَاهُ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ عَنْ بَنِی أُمَیَّةَ خَاصَّةً أَفْضَلَ الْجَزَاءِ فَلَعَمْرِی لَوْ لَا مَا صَنَعَ هُوَ وَ صَاحِبُهُ وَ قُوَّتُهُمَا وَ صَلَابَتُهُمَا فِی دِینِ اللَّهِ لَكُنَّا وَ جَمِیعَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِبَنِی هَاشِمٍ الْمَوَالِیَ وَ لَتَوَارَثُوا الْخِلَافَةَ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ كَمَا یَتَوَارَثُ أَهْلُ كِسْرَی وَ قَیْصَرَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ أَخْرَجَهَا مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ صَیَّرَهَا إِلَی بَنِی تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَی عَدِیِّ بْنِ كَعْبٍ وَ لَیْسَ فِی قُرَیْشٍ حَیَّانِ أَذَلَّ مِنْهُمَا وَ لَا أَنْذَلَ فَأُطْمِعْنَا فِیهَا وَ كُنَّا أَحَقَّ بِهَا مِنْهُمَا وَ مِنْ عَقِبِهِمَا لِأَنَّ فِینَا الثَّرْوَةَ وَ الْعِزَّ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الرَّحِمِ مِنْهُمَا ثُمَّ نَالَهَا صَاحِبُنَا عُثْمَانُ بِشُورَی وَ رِضًا مِنَ الْعَامَّةِ بَعْدَ شُورَی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ مِنَ السِّتَّةِ وَ نَالَهَا مَنْ نَالَهَا قَبْلَهُ بِغَیْرِ شُورَی

ص: 262

فَلَمَّا قُتِلَ صَاحِبُنَا عُثْمَانُ مَظْلُوماً نِلْنَاهَا بِهِ لِأَنَّ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً وَ لَعَمْرِی یَا أَخِی لَوْ كَانَ عُمَرُ سَنَّ دِیَةَ الْعَبْدِ نِصْفَ دِیَةِ الْمَوْلَی لَكَانَ أَقْرَبَ إِلَی التَّقْوَی وَ لَوْ وَجَدْتُ السَّبِیلَ إِلَی ذَلِكَ وَ رَجَوْتُ أَنْ تَقْبَلَهُ الْعَامَّةُ لَفَعَلْتُ وَ لَكِنِّی قَرِیبُ عَهْدٍ بِحَرْبٍ فَأَتَخَوَّفُ فُرْقَةَ النَّاسِ وَ اخْتِلَافَهُمْ عَلَیَّ وَ بِحَسْبِكَ مَا سَنَّهُ عُمَرُ فِیهِمْ وَ هُوَ خِزْیٌ لَهُمْ وَ ذُلٌّ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی یَا أَخِی لَوْ أَنَّ عُمَرَ سَنَّ دِیَةَ الْمَوَالِی عَلَی النِّصْفِ مِنْ دِیَةِ الْعَرَبِیِّ فَذَلِكَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَی لِمَا كَانَ لِلْعَرَبِ فَضْلٌ عَلَی الْعَجَمِ (1)فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِی هَذَا فَأَذِلَّ الْعَجَمَ وَ أَهِنْهُمْ وَ أَقْصِهِمْ وَ لَا تَسْتَعِنْ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَ لَا تَقْضِ لَهُمْ حَاجَةً فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَابْنُ أَبِی سُفْیَانَ خَرَجْتَ مِنْ صُلْبِهِ وَ قَدْ كُنْتَ حَدَّثْتَنِی وَ أَنْتَ یَا أَخِی عِنْدِی صَدُوقٌ أَنَّكَ قَرَأْتَ كِتَابَ عُمَرَ إِلَی الْأَشْعَرِیِّ بِالْبَصْرَةِ وَ كُنْتَ یَوْمَئِذٍ كَاتِبَهُ وَ هُوَ عَامِلٌ بِالْبَصْرَةِ وَ أَنْتَ أَنْذَلُ النَّاسِ عِنْدَهُ وَ أَنْتَ یَوْمَئِذٍ ذَلِیلُ النَّفْسِ تَحْسَبُ أَنَّكَ مَوْلًی لِثَقِیفٍ وَ لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ یَوْمَئِذٍ یَقِیناً كَیَقِینِكَ الْیَوْمَ أَنَّكَ ابْنُ أَبِی سُفْیَانَ لَأَعْظَمْتَ نَفْسَكَ وَ أَنَفْتَ أَنْ تَكُونَ كَاتِباً لِدَعِیِّ الْأَشْعَرِیِّینَ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ وَ نَحْنُ نَعْلَمُ یَقِیناً أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ كَانَ یَحْذُو حَذْوَ أُمَیَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ وَ حَدَّثَنِی ابْنُ أَبِی الْمُعَیْطِ أَنَّكَ أَخْبَرْتَهُ أَنَّكَ قَرَأْتَ كِتَابَ عُمَرَ إِلَی أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ وَ بَعَثَ إِلَیْهِ بِحَبْلٍ طُولُهُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ وَ قَالَ لَهُ أَعْرِضْ مَنْ قِبَلَكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَمَنْ وَجَدْتَ مِنَ الْمَوَالِی وَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْأَعَاجِمِ قَدْ بَلَغَ خَمْسَةَ أَشْبَارِ فَقَدِّمْهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَشَاوَرَكَ أَبُو مُوسَی فِی ذَلِكَ فَنَهَیْتَهُ وَ أَمَرْتَهُ أَنْ یُرَاجِعَ فَرَاجَعَهُ وَ ذَهَبْتَ أَنْتَ بِالْكِتَابِ إِلَی عُمَرَ وَ إِنَّمَا صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ تَعَصُّباً لِلْمَوَالِی وَ أَنْتَ یَوْمَئِذٍ تَحْسَبُ أَنَّكَ ابْنُ عَبْدِ ثَقِیفٍ فَلَمْ تَزَلْ تَلْتَمِسُ حَتَّی رَدَدْتَهُ عَنْ رَأْیِهِ وَ خَوَّفْتَهُ فُرْقَةَ النَّاسِ فَرَجَعَ وَ قُلْتَ لَهُ یَوْمَئِذٍ وَ قَدْ عَادَیْتَ أَهْلَ هَذَا الْبَیْتِ أَخَافُ أَنْ یَثُورُوا إِلَی عَلِیٍّ فَیَنْهَضَ بِهِمْ فَیُزِیلَ مُلْكَكَ فَكَفَّ عَنْ ذَلِكَ وَ مَا أَعْلَمُ یَا أَخِی

ص: 263


1- 1 و فی نسخة من الكتاب: «لما كان تفضل العرب علی العجم [ظ]».

وُلِدَ مَوْلُودٌ مِنْ أَبِی سُفْیَانَ أَعْظَمَ شُؤْماً عَلَیْهِمْ مِنْكَ حِینَ رَدَدْتَ عُمَرَ عَنْ رَأْیِهِ وَ نَهَیْتَهُ عَنْهُ وَ خَبَّرَنِی أَنَّ الَّذِی صَرَفْتَ بِهِ عَنْ رَأْیِهِ فِی قَتْلِهِمْ أَنَّكَ قُلْتَ إِنَّكَ سَمِعْتَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَقُولُ لَتَضْرِبَنَّكُمُ الْأَعَاجِمُ عَلَی هَذَا الدِّینِ عَوْداً كَمَا ضَرَبْتُمُوهُمْ عَلَیْهِ بَدْءاً وَ قَالَ لَیَمْلَأَنَّ اللَّهُ أَیْدِیَكُمْ مِنَ الْأَعَاجِمِ وَ لَیَصِیرُنَّ أَسَداً لَا یَفِرُّونَ فَلَیَضْرِبُنَّ أَعْنَاقَكُمْ وَ لَیَغْلِبُنَّكُمْ عَلَی فَیْئِكُمْ فَقَالَ لَكَ وَ قَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَلِیٍّ یَرْوِیهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَذَلِكَ الَّذِی دَعَانِی إِلَی الْكِتَابِ إِلَی صَاحِبِكَ فِی قَتْلِهِمْ وَ قَدْ كُنْتُ عَزَمْتُ عَلَی أَنْ أَكْتُبَ إِلَی عُمَّالِی فِی سَائِرِ الْأَمْصَارِ فَقُلْتَ لِعُمَرَ لَا تَفْعَلْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنِّی لَسْتُ آمَنُ أَنْ یَدْعُوَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی نُصْرَتِهِ وَ هُمْ كَثِیرٌ وَ قَدْ عَلِمْتَ شَجَاعَةَ عَلِیٍّ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ عَدَاوَتَهُ لَكَ وَ لِصَاحِبِكَ فَرَدَدْتَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتَنِی أَنَّكَ لَمْ تَرُدَّهُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا عَصَبِیَّةً وَ أَنَّكَ لَمْ تَرْجِعْ عَنْ رَأْیِهِ جُبْناً وَ حَدَّثْتَنِی أَنَّكَ ذَكَرْتَ ذَلِكَ لِعَلِیٍّ فِی إِمَارَةِ عُثْمَانَ فَأَخْبَرَكَ أَنَّ أَصْحَابَ الرَّایَاتِ السُّودِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ خَبَّرْتَنِی أَنَّكَ سَمِعْتَ عَلِیّاً فِی إِمَارَةِ عُثْمَانَ یَقُولُ إِنَّ أَصْحَابَ الرَّایَاتِ السُّودِ الَّتِی تُقْبِلُ مِنْ خُرَاسَانَ هُمُ الْأَعَاجِمُ وَ أَنَّهُمُ الَّذِینَ یَغْلِبُونَ بَنِی أُمَیَّةَ عَلَی مُلْكِهِمْ وَ یَقْتُلُونَهُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ فَلَوْ كُنْتَ یَا أَخِی لَمْ تَرُدَّ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ لَجَرَتْ سُنَّةً وَ لَاسْتَأْصَلَهُمُ اللَّهُ وَ قَطَعَ أَصْلَهُمْ وَ إِذَنْ لَانْتَسَتْ بِهِ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ (1)حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْهُمْ شَعْرٌ وَ لَا ظُفُرٌ وَ لَا نَافِخُ نَارٍ فَإِنَّهُمْ آفَةُ الدِّینِ فَمَا أَكْثَرَ مَا قَدْ سَنَّ عُمَرُ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَابَعَهُ النَّاسُ عَلَیْهَا وَ أَخَذُوا بِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ مِثْلَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَمِنْهُنَّ تَحْوِیلُهُ الْمَقَامَ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِی وَضَعَهُ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 264


1- 1 لانتست به الخلفاء: اقتدت به و جعلوه أسوة.

وَ صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُدُّهُ وَ حِینَ غَیَّرَهُ وَ زَادَ فِیهِ وَ نَهْیُهُ الْجُنُبَ عَنِ التَّیَمُّمِ وَ أَشْیَاءُ كَثِیرَةٌ شَتَّی أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ بَابٍ أَعْظَمُهَا وَ أَحَبُّهَا إِلَیْنَا وَ أَقَرُّهَا لِأَعْیُنِنَا زَیْلُهُ الْخِلَافَةَ عَنْ بَنِی هَاشِمٍ وَ عَنْ أَهْلِهَا وَ مَعْدِنِهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلَّا لَهُمْ وَ لَا تَصْلُحُ الْأَرْضُ إِلَّا بِهِمْ فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِی هَذَا فَاكْتُمْ مَا فِیهِ وَ مَزِّقْهُ قَالَ فَلَمَّا قَرَأَ زِیَادٌ الْكِتَابَ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَیَّ فَقَالَ وَیْلِی مِمَّا خَرَجْتُ وَ فِیمَا دَخَلْتُ كُنْتُ مِنْ شِیعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ فَدَخَلْتُ فِی شِیعَةِ آلِ الشَّیْطَانِ وَ حِزْبِهِ وَ فِی شِیعَتِهِ مَنْ یَكْتُبُ مِثْلَ هَذَا الْكِتَابِ إِنَّمَا وَ اللَّهِ مَثَلِی كَمَثَلِ إِبْلِیسَ أَبَی أَنْ یَسْجُدَ لآِدَمَ كِبْراً وَ كُفْراً وَ حَسَداً قَالَ سُلَیْمٌ فَلَمْ أُمْسِ حَتَّی نَسَخْتُ كِتَابَهُ فَلَمَّا كَانَ اللَّیْلُ دَعَا بِالْكِتَابِ فَمَزَّقَهُ وَ قَالَ لَا یَطَّلِعَنَّ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَی مَا فِی هَذَا الْكِتَابِ وَ لَمْ یَعْلَمْ أَنِّی نَسَخْتُهُ.

وَ وَجَدْتُ أَیْضاً فِی الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بِرِوَایَةِ أَبَانٍ عَنْ سُلَیْمٍ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ- كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ وَ مَعَنَا الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَ عِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ تَعْظِیمَكَ لِلْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ مَا هُمَا بِخَیْرٍ مِنْكَ وَ لَا أَبُوهُمَا خَیْرٌ مِنْ أَبِیكَ وَ لَوْ لَا أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقُلْتُ مَا أُمُّكَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ بِدُونِهَا فَقُلْتُ وَ اللَّهِ إِنَّكَ لَقَلِیلُ الْعِلْمِ بِهِمَا وَ بِأَبِیهِمَا وَ أُمِّهِمَا بَلْ وَ اللَّهِ لَهُمَا خَیْرٌ مِنِّی وَ أَبُوهُمَا خَیْرٌ مِنْ أَبِی وَ أُمُّهُمَا خَیْرٌ مِنْ أُمِّی یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّكَ لَغَافِلٌ عَمَّا سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِیهِمَا وَ فِی أَبِیهِمَا وَ أُمِّهِمَا مِمَّا قَدْ حَفِظْتُهُ وَ وَعَیْتُهُ وَ رَوَیْتُهُ قَالَ هَاتِ یَا ابْنَ جَعْفَرٍ فَوَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِكَذَّابٍ وَ لَا مُتَّهَمٍ فَقُلْتُ إِنَّهُ أَعْظَمُ مِمَّا فِی نَفْسِكَ قَالَ وَ إِنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْ أُحُدٍ وَ حِرَاءَ جَمِیعاً فَلَسْتُ أُبَالِی

ص: 265

إِذَا قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ وَ فَرَّقَ جَمْعَكُمْ وَ صَارَ الْأَمْرُ فِی أَهْلِهِ فَحَدِّثْنَا فَمَا نُبَالِی مَا قُلْتُمْ وَ لَا یَضُرُّنَا مَا عَدَّدْتُمْ قُلْتُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآیَةِ وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ فَقَالَ إِنِّی رَأَیْتُ اثْنَیْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ یَصْعَدُونَ مِنْبَرِی وَ یَنْزِلُونَ یَرُدُّونَ أُمَّتِی عَلَی أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَی فِیهِمْ رَجُلَیْنِ مِنْ حَیَّیْنِ مِنْ قُرَیْشٍ مُخْتَلِفَیْنِ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِی الْعَاصِ وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّ بَنِی أَبِی الْعَاصِ إِذَا بَلَغُوا خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا جَعَلُوا كِتَابَ اللَّهِ دَخَلًا وَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا یَا مُعَاوِیَةُ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ أَنَا بَیْنَ یَدَیْهِ وَ عمرو [عُمَرُ] بْنُ أَبِی سَلَمَةَ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ سَلْمَانُ الْفَارِسِیُّ وَ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ وَ الْمِقْدَادُ وَ الزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَ هُوَ یَقُولُ أَ لَسْتُ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَقُلْنَا بَلَی یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی مَنْكِبِ عَلِیٍّ علیه السلام اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ أَیُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَیْسَ لَهُمْ مَعِی أَمْرٌ وَ عَلِیٌّ مِنْ بَعْدِی أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَیْسَ لَهُمْ مَعَهُ أَمْرٌ ثُمَّ ابْنِیَ الْحَسَنُ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَیْسَ لَهُمْ مَعَهُ أَمْرٌ ثُمَّ أَعَادَ فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِذَا أَنَا اسْتُشْهِدْتُ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَإِذَا اسْتُشْهِدَ عَلِیٌّ فَابْنِیَ الْحَسَنُ أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذَا اسْتُشْهِدَ الْحَسَنُ فَابْنِیَ الْحُسَیْنُ أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ فَإِذَا اسْتُشْهِدَ الْحُسَیْنُ فَابْنِی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ لَیْسَ لَهُمْ مَعَهُ أَمْرٌ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَی عَلِیٍّ فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّكَ سَتُدْرِكُهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ فَإِذَا اسْتُشْهِدَ فَابْنِی مُحَمَّدٌ أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَ سَتُدْرِكُهُ أَنْتَ یَا حُسَیْنُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّی السَّلَامَ ثُمَّ یَكُونُ فِی عَقِبِ مُحَمَّدٍ رِجَالٌ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَ لَیْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَ هُوَ أَوْلَی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ لَیْسَ لَهُمْ مَعَهُ أَمْرٌ كُلُّهُمْ هَادُونَ

ص: 266

مُهْتَدُونَ فَقَامَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ یَبْكِی فَقَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تُقْتَلُ قَالَ نَعَمْ أَهْلِكُ شَهِیداً بِالسَّمِّ وَ تُقْتَلُ أَنْتَ بِالسَّیْفِ وَ تُخْضَبُ لِحْیَتُكَ مِنْ دَمِ رَأْسِكَ وَ یُقْتَلُ ابْنِیَ الْحَسَنُ بِالسَّمِّ وَ یُقْتَلُ ابْنِیَ الْحُسَیْنُ بِالسَّیْفِ یَقْتُلُهُ طَاغٍ ابْنُ طَاغٍ دَعِیُّ بْنُ دَعِیٍّ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا ابْنَ جَعْفَرٍ لَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِعَظِیمٍ وَ لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقّاً لَقَدْ هَلَكَتْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ غَیْرَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ أَوْلِیَائِكُمْ وَ أَنْصَارِكُمْ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ إِنَّ الَّذِی قُلْتُ بحق [حَقٌ] سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مُعَاوِیَةُ یَا حَسَنُ وَ یَا حُسَیْنُ وَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا یَقُولُ ابْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ كُنْتَ لَا تُؤْمِنُ بِالَّذِی قَالَ فَأَرْسِلْ إِلَی الَّذِینَ سَمَّاهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عمرو [عُمَرَ] بْنِ أَبِی سَلَمَةَ وَ إِلَی أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ فَسَأَلَهُمَا فَشَهِدَا أَنَّ الَّذِی قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ قَدْ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَمَا سَمِعَهُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا ابْنَ جَعْفَرٍ قَدْ سَمِعْنَا فِی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ أَبِیهِمَا فَمَا سَمِعْتَ فِی أُمِّهِمَا وَ مُعَاوِیَةُ كَالْمُسْتَهْزِئِ وَ الْمُنْكِرِ فَقُلْتُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لَیْسَ فِی جَنَّةِ عَدْنٍ مَنْزِلٌ أَشْرَفَ وَ لَا أَفْضَلَ وَ لَا أَقْرَبَ إِلَی عَرْشِ رَبِّی مِنْ مَنْزِلِی وَ مَعِی ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی أَوَّلُهُمْ أَخِی عَلِیٌّ وَ ابْنَتِی فَاطِمَةُ وَ ابْنَایَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَیْنُ وَ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِیراً هُدَاةٌ مُهْتَدُونَ أَنَا الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ وَ هُمُ الْمُبَلِّغُونَ عَنِّی وَ هُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ شُهَدَاؤُهُ فِی أَرْضِهِ وَ خُزَّانُهُ عَلَی عِلْمِهِ وَ مَعَادِنُ حِكَمِهِ مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ عَصَی اللَّهَ لَا تَبْقَی الْأَرْضُ طَرْفَةَ عَیْنٍ إِلَّا بِبَقَائِهِمْ وَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِهِمْ یُخْبِرُونَ الْأُمَّةَ بِأَمْرِ دِینِهِمْ حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ یَدُلُّونَهُمْ عَلَی رِضَی رَبِّهِمْ وَ یَنْهَوْنَهُمْ عَنْ سَخَطِهِ بِأَمْرٍ وَاحِدٍ وَ نَهْیٍ وَاحِدٍ لَیْسَ

ص: 267

فِیهِمْ اخْتِلَافٌ وَ لَا فُرْقَةٌ وَ لَا تَنَازُعٌ یَأْخُذُ آخِرُهُمْ عَنْ أَوَّلِهِمْ إِمْلَائِی وَ خَطَّ أَخِی عَلِیٍّ بِیَدِهِ یَتَوَارَثُونَهُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ فِی غَمْرَةٍ وَ غَفْلَةٍ وَ تِیهَةٍ وَ حَیْرَةٍ غَیْرَهُمْ وَ غَیْرَ شِیعَتِهِمْ وَ أَوْلِیَائِهِمْ لَا یَحْتَاجُونَ إِلَی أَحَدٍ مِنَ الْأُمَّةِ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِ دِینِهِمْ وَ الْأُمَّةُ تَحْتَاجُ إِلَیْهِمْ هُمُ الَّذِینَ عَنَی اللَّهُ فِی كِتَابِهِ وَ قَرَنَ طَاعَتَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَأَقْبَلَ مُعَاوِیَةُ عَلَی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ عمرو [عُمَرَ] بْنِ أَبِی سَلَمَةَ وَ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ فَقَالَ كُلُّكُمْ عَلَی مَا قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ یَا بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنَّكُمْ لَتَدَّعُونَ أَمْراً عَظِیماً وَ تَحْتَجُّونَ بِحُجَجٍ قَوِیَّةٍ إِنْ كَانَتْ حَقّاً وَ إِنَّكُمْ لَتُضْمِرُونَ عَلَی أَمْرٍ تُسِرُّونَهُ وَ النَّاسُ عَنْهُ فِی غَفْلَةٍ عَمْیَاءُ وَ إِنْ كَانَ مَا تَقُولُونَ حَقّاً لَقَدْ هَلَكَتِ الْأُمَّةُ وَ ارْتَدَّتْ عَنْ دِینِهَا وَ تَرَكَتْ عَهْدَ نَبِیِّهَا صلی اللّٰه علیه و آله غَیْرَكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِكُمْ فَأُولَئِكَ فِی النَّاسِ قَلِیلٌ فَقُلْتُ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّكُورُ وَ یَقُولُ وَ ما أَكْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِینَ وَ یَقُولُ إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ وَ یَقُولُ لِنُوحٍ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِیلٌ یَا مُعَاوِیَةُ الْمُؤْمِنُونَ فِی النَّاسِ قَلِیلٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ قَلِیلٌ ما هُمْ وَ یَقُولُ لِنُوحٍ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِیلٌ وَ یَقُولُ وَ ما أَكْثَرُ النَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِینَ یَا مُعَاوِیَةُ الْمُؤْمِنُونَ فِی النَّاسِ قَلِیلٌ وَ إِنَّ أَمْرَ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَعْجَبُ حَیْثُ قَالَتِ السَّحَرَةُ لِفِرْعَوْنَ فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِی هذِهِ الْحَیاةَ الدُّنْیا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا فَآمَنُوا بِمُوسَی وَ صَدَّقُوهُ وَ تَابَعُوهُ فَسَارَ بِهِمْ وَ بِمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ فَأَقْطَعَهُمُ الْبَحْرَ وَ أَرَاهُمُ الْأَعَاجِیبَ وَ هُمْ مُصَدِّقُونَ بِهِ وَ بِالتَّوْرَاةِ مُقِرُّونَ لَهُ بِدِینِهِ فَمَرَّ بِهِمْ عَلَی قَوْمٍ یَعْبُدُونَ أَصْنَاماً لَهُمْ فَ قالُوا یا مُوسَی اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ فَعَكَفُوا عَلَیْهِ جَمِیعاً غَیْرَ هَارُونَ وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ قَالَ لَهُمُ السَّامِرِیُّ هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسی وَ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی

ص: 268

كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فَكَانَ مِنْ جَوَابِهِمْ مَا قَصَّ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّی یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قَالَ مُوسَی رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ: فَاحْتَذَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ذَلِكَ الْمِثَالَ سَوَاءً وَ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فَضَائِلُ وَ سَوَابِقُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَنَازِلُ بَیْنَهُ قَرِیبَةٌ مِنْهُ مُقِرِّینَ بِدِینِ مُحَمَّدٍ وَ الْقُرْآنِ حَتَّی فَارَقَهُمْ نَبِیُّهُمْ صلی اللّٰه علیه و آله فَاخْتَلَفُوا وَ تَفَرَّقُوا وَ تَحَاسَدُوا وَ خَالَفُوا إِمَامَهُمْ وَ وَلِیَّهُمْ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ عَلَی مَا عَاهَدُوا عَلَیْهِ نَبِیَّهُمْ غَیْرَ صَاحِبِنَا الَّذِی هُوَ مِنْ نَبِیِّنَا بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ نَفَرٍ قَلِیلٍ اتَّقَوُا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی دِینِهِمْ وَ إِیمَانِهِمْ وَ رَجَعَ الْآخَرُونَ الْقَهْقَرَی عَلَی أَدْبَارِهِمْ كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ مُوسَی علیه السلام بِاتِّخَاذِهِمُ الْعِجْلَ وَ عِبَادَتِهِمْ إِیَّاهُ وَ زَعْمِهِمْ أَنَّهُ رَبُّهُمْ وَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَیْهِ غَیْرَ هَارُونَ وَ وُلْدِهِ وَ نَفَرٍ قَلِیلٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ نَبِیُّنَا صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ نَصَبَ لِأُمَّتِهِ أَفْضَلَ النَّاسِ وَ أَوْلَاهُمْ وَ خَیْرَهُمْ ثُمَّ الْأَئِمَّةَ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ بِغَدِیرِ خُمٍّ وَ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ وَ احْتَجَّ عَلَیْهِمْ بِهِ وَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ وَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ أَوَّلَهُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ أَنَّهُ وَلِیُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنَّهُ مَنْ كَانَ هُوَ وَلِیَّهُ وَ مَنْ أَوْلَی بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِیٌّ أَوْلَی بِهِ وَ أَنَّهُ خَلِیفَتُهُ فِیهِمْ وَ وَصِیُّهُ وَ أَنَّ مَنْ أَطَاعَهُ أَطَاعَ اللَّهَ وَ مَنْ عَصَاهُ عَصَی اللَّهَ وَ مَنْ وَالاهُ وَالَی اللَّهَ وَ مَنْ عَادَاهُ عَادَی اللَّهَ فَأَنْكَرُوهُ وَ جَهِلُوهُ وَ تَوَلَّوْا غَیْرَهُ یَا مُعَاوِیَةُ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ حِینَ بَعَثَ إِلَی مُؤْتَةَ أَمَّرَ عَلَیْهِمْ جَعْفَرَ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام ثُمَّ قَالَ إِنْ هَلَكَ جَعْفَرٌ فَزِیدُ بْنُ حَارِثَةَ فَإِنْ هَلَكَ زَیْدٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ لَمْ یَرْضَ لَهُمْ أَنْ یَخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَ فَكَانَ یَتْرُكُ أُمَّتَهُ وَ لَا بَیَّنَ لَهُمْ خَلِیفَتَهُ فِیهِمْ بَعْدَهُ بَلَی وَ اللَّهِ مَا تَرَكَهُمْ فِی عَمًی وَ لَا شُبْهَةٍ بَلْ رَكِبَ الْقَوْمُ مَا رَكِبُوا بَعْدَ نَبِیِّهِمْ وَ كَذَّبُوا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَهَلَكُوا وَ هَلَكَ مَنْ شَایَعَهُمْ وَ ضَلَّ مَنْ تَابَعَهُمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّكَ لَتَتَفَوَّهُ بِعَظِیمٍ وَ الِاجْتِمَاعُ عِنْدَنَا خَیْرٌ مِنَ

ص: 269

الِاخْتِلَافِ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تَسْتَقِمْ عَلَی صَاحِبِكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِیِّهَا إِلَّا ظَهَرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَی أَهْلِ حَقِّهَا وَ إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ اجْتَمَعَتْ عَلَی أُمُورٍ كَثِیرَةٍ لَیْسَ بَیْنَهَا اخْتِلَافٌ وَ لَا مُنَازَعَةٌ وَ لَا فُرْقَةٌ شَهَادَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجُّ الْبَیْتِ وَ أَشْیَاءُ كَثِیرَةٌ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ نَهْیِ اللَّهِ مِثْلِ تَحْرِیمِ الزِّنَا وَ السَّرِقَةِ وَ قَطْعِ الْأَرْحَامِ وَ الْكَذِبِ وَ الْخِیَانَةِ وَ اخْتَلَفَتْ فِی شَیْئَیْنِ أَحَدُهُمَا اقْتَتَلَتْ عَلَیْهِ وَ تَفَرَّقَتْ فِیهِ وَ صَارَتْ فِرَقاً یَلْعَنُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ یَبْرَأُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ الثَّانِی لَمْ تَقْتَتِلْ عَلَیْهِ وَ لَمْ تَتَفَرَّقْ فِیهِ وَ وَسَّعَ بَعْضُهُمْ فِیهِ لِبَعْضٍ وَ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ وَ سُنَّةُ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا یَحْدُثُ زَعَمَتْ أَنَّهُ لَیْسَ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الَّذِی اخْتَلَفَتْ فِیهِ وَ تَفَرَّقَتْ وَ تَبَرَّأَتْ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَالْمُلْكُ وَ الْخِلَافَةُ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَنْ أَخَذَ بِمَا لَیْسَ بَیْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ اخْتِلَافٌ وَ رَدَّ عِلْمَ مَا اخْتَلَفُوا فِیهِ إِلَی اللَّهِ سَلِمَ وَ نَجَا مِنَ النَّارِ وَ لَمْ یَسْأَلْهُ اللَّهُ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَیْهِ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ اللَّتَیْنِ اخْتُلِفَ فِیهِمَا وَ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَ مَنَّ عَلَیْهِ وَ نَوَّرَ قَلْبَهُ وَ عَرَّفَهُ وُلَاةَ الْأَمْرِ وَ مَعْدِنَ الْعِلْمِ أَیْنَ هُوَ فَعَرَفَ ذَلِكَ كَانَ سَعِیداً وَ لِلَّهِ وَلِیّاً وَ كَانَ نَبِیُّ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً قَالَ حَقّاً فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَلَمْ یَتَكَلَّمْ فَالْأَئِمَّةُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَ مُنْزَلِ الْكِتَابِ وَ مَهْبِطِ الْوَحْیِ وَ مُخْتَلَفِ الْمَلَائِكَةِ لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِیهَا لِأَنَّ اللَّهَ خَصَّهَا بِهَا وَ جَعَلَهَا أَهْلَهَا فِی كِتَابِهِ وَ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَالْعِلْمُ فِیهِمْ وَ هُمْ أَهْلُهُ وَ هُوَ عِنْدَهُمْ كُلُّهُ بِحَذَافِیرِهِ بَاطِنُهُ وَ ظَاهِرُهُ وَ مُحْكَمُهُ وَ مُتَشَابِهُهُ وَ نَاسِخُهُ وَ مَنْسُوخُهُ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْسَلَنِی فِی إِمْرَتِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَنِّی أُرِیدُ أَنْ أَكْتُبَ الْقُرْآنَ فِی مُصْحَفٍ فَابْعَثْ إِلَیْنَا مَا كَتَبْتَ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ تَضْرِبُ وَ اللَّهِ عُنُقِی قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَیْهِ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ لا یَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ یَعْنِی لَا یَنَالُهُ كُلَّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ إِیَّانَا نَحْنُ عَنَی الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنَّا الرِّجْسَ وَ طَهَّرَنَا تَطْهِیراً وَ قَالَ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنا مِنْ عِبادِنا فَنَحْنُ الَّذِینَ اصْطَفَانَا اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ وَ نَحْنُ صَفْوَةُ اللَّهِ وَ لَنَا ضَرَبَ الْأَمْثَالَ وَ عَلَیْنَا نَزَلَ الْوَحْیُ

ص: 270

فَغَضِبَ عُمَرُ وَ قَالَ إِنَّ ابْنَ أَبِی طَالِبٍ یَحْسَبُ أَنَّهُ لَیْسَ عِنْدَ أَحَدٍ عِلْمٌ غَیْرَهُ فَمَنْ كَانَ یَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَیْئاً فَلْیَأْتِنَا بِهِ فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَجُلٌ بِقُرْآنٍ یَقْرَؤُهُ وَ مَعَهُ آخَرُ كَتَبَهُ وَ إِلَّا لَمْ یَكْتُبْهُ فَمَنْ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّهُ ضَاعَ مِنَ الْقُرْآنِ شَیْ ءٌ فَقَدْ كَذَبَ هُوَ عِنْدَ أَهْلِهِ مَجْمُوعٌ ثُمَّ أَمَرَ عُمَرُ قُضَاتَهُ وَ وُلَاتَهُ فَقَالَ اجْتَهِدُوا آرَاءَكُمْ وَ اتَّبِعُوا مَا تَرَوْنَ أَنَّهُ الْحَقُّ فَلَمْ یَزَلْ هُوَ وَ بَعْضُ وُلَاتِهِ قَدْ وَقَعُوا فِی عَظِیمَةٍ فَكَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یُخْبِرُهُمْ بِمَا یَحْتَجُّ بِهِ عَلَیْهِمْ وَ كَانَ عُمَّالُهُ وَ قُضَاتُهُ یَحْكُمُونَ فِی شَیْ ءٍ وَاحِدٍ بِقَضَایَا مُخْتَلِفَةٍ فَیُجِیزُهَا لَهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یُؤْتِهِ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ وَ زَعَمَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَنَّهُمْ مَعْدِنُ الْعِلْمِ وَ الْخِلَافَةِ دُونَهُمْ فَبِاللَّهِ نَسْتَعِینُ عَلَی مَنْ جَحَدَهُمْ حَقَّهُمْ وَ سَنَّ لِلنَّاسِ مَا یَحْتَجُّ بِهِ مِثْلُكَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَامُوا فَخَرَجُوا.

بیان: قوله علیه السلام و اختلف فی شیئین كذا فی أصل الكتاب و فی كتاب الإحتجاج و اختلفوا فی سنن اقتتلوا فیها و صاروا فرقا یلعن بعضها بعضا و هی الولایة.

فأما علی ما فی الأصل فالشی ء الآخر إما القرآن كما ذكره بعد أو البراءة من خلفاء الجور و لعنهم و تركه للمصلحة و التقیة.

و قوله فمن أخذ المراد بهم المستضعفون فإنهم إذا أخذوا بالمجمع علیه من ولایة الأئمة و محبتهم و لم یتبرءوا من أعدائهم لاختلاف الأمة فیه و لم یقولوا بإمامة الأئمة لذلك و لم یكن لهم قوة فی العلم و العقل یمكنهم معرفة ذلك كان یحتمل نجاتهم فی الآخرة.

و یؤیده أنه

روی فی الإحتجاج فی سیاق هذه الروایة من كلام الحسن علیه السلام و روی هذه الكلمات أیضا عنه علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا النَّاسُ ثَلَاثَةٌ مُؤْمِنٌ یَعْرِفُ حَقَّنَا وَ یُسَلِّمُ لَنَا وَ یَأْتَمُّ بِنَا فَذَلِكَ نَاجٍ مُحِبٌّ لِلَّهِ وَلِیٌّ.

و ناصب لنا العداوة یتبرأ منا و یلعننا و یستحل دماءنا و یجحد حقنا و یدین

ص: 271

اللّٰه بالبراءة منا فهذا كافر مشرك فاسق و إنما كفر و أشرك من حیث لا یعلم كما سبوا اللّٰه بغیر علم كذلك كثیرا یشرك باللّٰه بغیر علم.

و رجل أخذ بما لم یختلف فیه و رد علم ما أشكل علیه إلی اللّٰه مع ولایتنا و لا یأتم بنا و لا یعادینا و یعرف حقنا فنحن نرجو أن یغفر اللّٰه له و یدخله الجنة فهذا مسلم ضعیف.

انتهی.

و قد أوردت الخبر بروایة الإحتجاج فی موضع آخر یناسبه و إنما كررنا للاختلاف.

«535»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِیَةُ لِخَالِدِ بْنِ مَعْمَرٍ عَلَی مَا أَحْبَبْتَ عَلِیّاً قَالَ عَلَی ثَلَاثِ خِصَالٍ عَلَی حِلْمِهِ إِذَا غَضِبَ وَ عَلَی صِدْقِهِ إِذَا قَالَ وَ عَلَی عَدْلِهِ إِذَا وَلِیَ.

«536»-(2)كا، الكافی یب، تهذیب الأحكام حَبِیبُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ بَشَّارٍ عَنْ زَیْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: أُخِذَ نَبَّاشٌ فِی زَمَنِ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَا تَرَوْنَ فَقَالُوا نُعَاقِبُهُ فَنُخَلِّی سَبِیلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ مَا هَكَذَا فَعَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ فَمَا فَعَلَ قَالَ فَقَالَ یُقْطَعُ النَّبَّاشُ وَ قَالَ هُوَ سَارِقٌ وَ هَتَّاكُ الْمَوْتَی.

«537»-(3)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: إِنَ

ص: 272


1- 535- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الثالث من المجلس: 8 من المجلد الثانی من أمالیه ص 605 ط بیروت.
2- 536- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی عنوان: «باب حدّ النباش». فی أواسط كتاب الحدود من كتاب الكافی: ج 7 ص 228.
3- 537- و الحدیث موجود تحت الرقم: 202 من كتاب منتخب الغارات: ج 1، ص 533، ط 1. و یأتی أیضا باختصار فی الباب: 34 و هو باب: «ذكر أصحاب النبیّ و أمیر المؤمنین ...» من هذا الكتاب ص 729 ط 1. و رواه ابن أبی الحدید عن كتاب الغارات و عن ابن الكلبی فی شرحه علی المختار: 56 من نهج البلاغة: ج 1، ص 799 ط الحدیث ببیروت.

النَّجَاشِیَّ الشَّاعِرَ شَرِبَ الْخَمْرَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فَحَدَّهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَقَامَهُ فِی سَرَاوِیلَ فَضَرَبَهُ ثَمَانِینَ ثُمَّ زَادَهُ عِشْرِینَ سَوْطاً وَ قَالَ هَذَا لِجُرْأَتِكَ عَلَی رَبِّكَ وَ إِفْطَارِكَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَضِبَ وَ لَحِقَ بِمُعَاوِیَةَ فَدَخَلَ طَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا كُنَّا نَرَی أَنَّ أَهْلَ الْمَعْصِیَةِ وَ الطَّاعَةِ وَ أَهْلَ الْفُرْقَةِ وَ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ وُلَاةِ الْعَدْلِ وَ مَعَادِنِ الْفَضْلِ سِیَّانِ فِی الْجَزَاءِ حَتَّی رَأَیْتُ مَا كَانَ مِنْ صَنِیعِكَ بِأَخِی الْحَارِثِ فَأَوْغَرْتَ صُدُورَنَا وَ شَتَّتَّ أُمُورَنَا وَ حَمَّلْتَنَا عَلَی الْجَادَّةِ الَّتِی كُنَّا نَرَی أَنَّ سَبِیلَ مَنْ رَكِبَهَا النَّارُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ إِنَّها لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَی الْخاشِعِینَ یَا أَخَا بَنِی نَهْدٍ فَهَلْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ انْتَهَكَ حُرْمَةً مِنْ حُرَمِ اللَّهِ فَأَقَمْنَا عَلَیْهِ حَدّاً كَانَ كَفَّارَتَهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ لا یَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلی أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوی فَخَرَجَ طَارِقٌ وَ لَقِیَهُ الْأَشْتَرُ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ الْقَائِلُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَوْغَرْتَ صُدُورَنَا وَ شَتَّتَّ أُمُورَنَا قَالَ طَارِقٌ أَنَا قَائِلُهَا قَالَ الْأَشْتَرُ وَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ كَمَا قُلْتَ وَ إِنَّ صُدُورَنَا لَهُ لَسَامِعَةٌ وَ إِنَّ أُمُورَنَا لَهُ لَجَامِعَةٌ قَالَ فَغَضِبَ طَارِقٌ وَ قَالَ سَتَعْلَمُ یَا أَشْتَرُ أَنَّهُ غَیْرُ مَا قُلْتَ فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّیْلُ هَمَسَ (1)هُوَ وَ النَّجَاشِیُّ وَ ذَهَبَا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَلَمَّا دَخَلَا عَلَیْهِ نَظَرَ مُعَاوِیَةُ إِلَی طَارِقٍ وَ قَالَ مَرْحَباً بِالْمُورِقِ غُصْنُهُ وَ الْمُعْرِقِ أَصْلُهُ الْمُسَوَّدِ غَیْرِ الْمَسُودِ (2)مِنْ رَجُلٍ كَانَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ وَ نَبْوَةٌ بِاتِّبَاعِهِ صَاحِبَ الْفِتْنَةِ وَ رَأْسَ الضَّلَالَةِ إِلَی آخِرِ مَا قَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ طَارِقٌ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّ الْمَحْمُودَ عَلَی كُلِّ حَالٍ رَبٌّ عَلَا فَوْقَ عِبَادِهِ فَهُمْ

ص: 273


1- 1 همس- علی زنة ضرب-: سار باللیل بلا فتور.
2- 2 كذا فی المصدر المحكی عنه و شرح ابن أبی الحدید، و كان المصنّف قد أسقط ما وضعناه بین المعقوفین و كان فی ط الكمبانیّ. من البحار هكذا: «مرحبا بالموت غصنه- إلی أن قال: - من رجل كانت منه هفوة ...».

بِمَنْظَرٍ وَ مَسْمَعٍ مِنْهُ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ لَمْ یَكُنْ یَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ كِتَاباً وَ لَا یَخُطُّهُ بِیَمِینِهِ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ فَعَلَیْهِ السَّلَامُ مِنْ رَسُولٍ كانَ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا كُنَّا نُوضَعُ فِی رجال مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مُرْشِدِینَ مَنَاراً لِلْهُدَی وَ مَعْلَماً لِلدِّینِ سَلَفاً لِخَلَفٍ مُهْتَدِینَ وَ خَلَفاً لِسَلَفٍ مُهْتَدِینَ أَهْلَ دِینٍ لَا دُنْیَا وَ أَهْلَ الْآخِرَةِ كُلُّ الْخَیْرِ فِیهِمْ أَهْلَ بُیُوتَاتٍ وَ شَرَفٍ لَیْسُوا بِنَاكِثِینَ وَ لَا قَاسِطِینَ (1)فَلَمْ تَكُ رَغْبَةُ مَنْ رَغِبَ عَنْهُمْ وَ عَنْ صُحْبِتِهِمْ إِلَّا لِمَرَارَةِ الْحَقِّ حَیْثُ جَرَّعُوهَا وَ لِوُعُورَتِهِ حَیْثُ سَلَكُوهَا غَلَبَتْ عَلَیْهِمْ دُنْیَا مُؤْثَرَةٌ وَ هَوًی مُتَّبَعٌ وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً وَ قَدْ فَارَقَ الْإِسْلَامَ قَبْلَنَا جَبَلَةُ بْنُ الْأَیْهَمِ فِرَاراً مِنَ الضَّیْمِ وَ أَنْفاً مِنَ الذِّلَّةِ فَلَا تَفْخَرْ یَا مُعَاوِیَةُ أَنْ قَدْ شَدَدْنَا إِلَیْكَ الرِّحَالَ وَ أَوْضَعْنَا نَحْوَكَ الرِّكَابَ فَتَعْلَمُ وَ تُنْكِرُ ثُمَّ أَجْلَسَهُ مُعَاوِیَةُ عَلَی سَرِیرِهِ وَ دَعَا لَهُ بِمُقَطَّعَاتٍ وَ بُرُودٍ یَضَعُهَا عَلَیْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِ بِوَجْهِهِ یُحَدِّثُهُ حَتَّی قَامَ فَلَمَّا قَامَ خَرَجَ طَارِقٌ فَأَقْبَلَ عَلَیْهِ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَ عَمْرُو بْنُ صَیْفِیٍّ یَلُومَانِهِ فِی خُطْبَتِهِ إِیَّاهُ وَ فِیمَا عَرَضَ لِمُعَاوِیَةَ فَقَالَ طَارِقٌ لَهُمَا وَ اللَّهِ مَا قُمْتُ حَتَّی كَانَ بَطْنُ الْأَرْضِ أَحَبَّ إِلَیَّ مِنْ ظَهْرِهَا عِنْدَ إِظْهَارِ مَا أُظْهِرُ مِنَ الْبَغْیِ وَ الْعَیْبِ وَ النَّقْصِ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِمَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْهُ فِی الْعَاجِلَةِ وَ الْآجِلَةِ وَ لَقَدْ قُمْتُ مَقَاماً عِنْدَهُ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَیَّ فِیهِ أَنْ لَا أَقُولَ إِلَّا حَقّاً فَبَلَغَ عَلِیّاً مَقَالَةُ طَارِقٍ فَقَالَ لَوْ قُتِلَ أَخُو بَنِی نَهْدٍ لَقُتِلَ شَهِیداً وَ زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ طَارِقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَجَعَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَعَهُ النَّجَاشِیُّ.

«538»-(2)كَنْزُ الْفَوَائِدِ، لِلْكَرَاجُكِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ طَالِبٍ

ص: 274


1- 1 ما بین المعقوفین أخذناه من شرح المختار: 56 من نهج البلاغة من شرح ابن أبی الحدید.
2- 538- رواه العلامة الكراجكیّ فی أواخر كتاب كنز الفوائد، ص 270، ط 1. و هذا هو المختار: 77 من الباب الثالث من نهج البلاغة، و تقدم عن مصدر آخر تحت الرقم: 524 ص 578. و رویناه بسند قریب ممّا فی المتن فی المختار: 52 من القسم الثانی من باب خطب نهج السعادة: ج 3 ص 199، ط 1.

الْبَلَدِیِّ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا بْنِ دِینَارٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِی عَمْرٍو الْأَسَدِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِی صَالِحٍ مَوْلَی أُمِّ هَانِئٍ قَالَ: دَخَلَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ الْكِنَانِیُّ عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ یَوْماً فَقَالَ لَهُ یَا ضِرَارُ صِفْ لِی عَلِیّاً فَقَالَ أَ وَ تُعْفِینِی مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَا أَعْفُوكَ قَالَ أَمَّا إِذْ لَا بُدَّ فَإِنَّهُ كَانَ وَ اللَّهِ بَعِیدَ الْمُدَی شَدِیدَ الْقُوَی یَقُولُ فَصْلًا وَ یَحْكُمُ عَدْلًا یَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ وَ تَنْطِقُ الْحِكْمَةُ عَلَی لِسَانِهِ یَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْیَا وَ زَهْرَتِهَا وَ یَأْنَسُ بِاللَّیْلِ وَ ظُلْمَتِهِ كَانَ وَ اللَّهِ غَزِیرَ الدَّمْعَةِ طَوِیلَ الْفِكْرَةِ یُقَلِّبُ كَفَّهُ وَ یُخَاطِبُ نَفْسَهُ یُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا قَصُرَ وَ مِنَ الطَّعَامِ مَا جَشَبَ كَانَ وَ اللَّهِ مَعَنَا كَأَحَدِنَا یُدْنِینَا إِذَا أَتَیْنَاهُ وَ یُجِیبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَ كَانَ مَعَ دُنُوِّهِ لَنَا وَ قُرْبِهِ مِنَّا لَا نُكَلِّمُهُ هَیْبَةً لَهُ فَإِنْ تَبَسَّمَ فَعَنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ النَّظِیمِ یُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّینِ وَ یُحِبُّ الْمَسَاكِینَ لَا یَطْمَعُ الْقَوِیُّ فِی بَاطِلِهِ وَ لَا یَیْأَسُ الضَّعِیفُ عَنْ عَدْلِهِ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَرَأَیْتُهُ فِی بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَ قَدْ أَرْخَی اللَّیْلُ سُدُولَهُ وَ غَارَتْ نُجُومُهُ مُمَاثِلًا فِی مِحْرَابِهِ قَابِضاً عَلَی لِحْیَتِهِ یَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِیمِ وَ یَبْكِی بُكَاءَ الْحَزِینِ وَ كَأَنِّی أَسْمَعُهُ وَ هُوَ یَقُولُ یَا دُنْیَا یَا دُنْیَا أَ بِی تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَیَّ تَشَوَّقْتِ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ غُرِّی غَیْرِی لَا حَانَ حِینُكِ قَدْ أَبَتُّكِ ثَلَاثاً عُمُرُكِ قَصِیرٌ وَ خَیْرُكِ حَقِیرٌ وَ خَطَرُكِ غَیْرُ كَبِیرٍ آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَ بُعْدِ السَّفَرِ وَ وَحْشَةِ الطَّرِیقِ فَوَكَفَتْ دُمُوعُ مُعَاوِیَةَ عَلَی لِحْیَتِهِ وَ جَعَلَ یَسْتَقْبِلُهَا بِكُمِّهِ وَ اخْتَنَقَ الْقَوْمُ جَمِیعاً بِالْبُكَاءِ وَ قَالَ هَكَذَا كَانَ أَبُو الْحَسَنِ یَرْحَمُهُ اللَّهُ فَكَیْفَ وَجْدُكَ عَلَیْهِ یَا ضِرَارُ فَقَالَ وَجْدَ أُمِّ وَاحِدٍ ذُبِحَ وَاحِدُهَا فِی حَجْرِهَا فَهِیَ لَا یَرْقَی دَمْعُهَا وَ لَا یَسْكُنُ حُزْنُهَا-

ص: 275

فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ فَقَدُونِی لَمَا قَالُوا وَ لَا وَجَدُوا بِی شَیْئاً مِنْ هَذَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ بِاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعْتُمْ بِأَسْرِكُمْ هَلْ كُنْتُمْ تُؤَدُّونَ عَنِّی مَا أَدَّاهُ هَذَا الْغُلَامُ عَنْ صَاحِبِهِ فَیُقَالُ إِنَّهُ قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الصَّحَابَةُ عَلَی قَدْرِ الصَّاحِبِ.

«539»- وَ قَالَ أَیْضاً فِیهِ رُوِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ قَالَ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَلْقَی رَجُلًا قَدْ أَتَتْ عَلَیْهِ سِنٌّ وَ قَدْ رَأَی النَّاسَ یُخْبِرُنَا عَمَّا رَأَی فَقِیلَ لَهُ هَذَا رَجُلٌ بِحَضْرَمَوْتَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ فَقَالَ أَمَدٌ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ لَبَدٍ قَالَ مَا أَتَی عَلَیْكَ مِنَ السِّنِینَ قَالَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ سَنَةً قَالَ كَذَبْتَ ثُمَّ تَشَاغَلَ عَنْهُ مُعَاوِیَةُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ مَا اسْمُكَ قَالَ أَمَدٌ قَالَ ابْنُ مَنْ قَالَ ابْنُ لَبَدٍ قَالَ مَا أَتَی عَلَیْكَ مِنَ السِّنِینَ قَالَ سِتُّونَ وَ ثَلَاثُمِائَةٍ قَالَ أَخْبِرْنَا عَمَّا رَأَیْتَ مِنَ الْأَزْمَانِ الْمَاضِیَةِ إِلَی زَمَانِنَا هَذَا مِنْ ذَاكَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَیْفَ تَسْأَلُ مَنْ یَكْذِبُ قَالَ إِنِّی مَا كَذَّبْتُكَ وَ لَكِنْ أَحْبَبْتُ أَعْلَمُ كَیْفَ عَقْلُكَ قَالَ یَوْمٌ شَبِیهُ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٌ شَبِیهَةٌ بِلَیْلَةٍ یَمُوتُ مَیِّتٌ وَ یُولَدُ مَوْلُودٌ وَ لَوْ لَا مَنْ یَمُوتُ لَمْ تَسَعْهُمُ الْأَرْضُ وَ لَوْ لَا مَنْ یُولَدُ لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ فَأَخْبِرْنِی هَلْ رَأَیْتَ هَاشِماً قَالَ نَعَمْ رَأَیْتُ رَجُلًا طُوَالًا حَسَنَ الْوَجْهِ یُقَالُ إِنَّ بَیْنَ عَیْنَیْهِ بَرَكَةٌ أَوْ غُرَّةُ بَرَكَةٍ قَالَ فَهَلْ رَأَیْتَ أُمَیَّةَ قَالَ نَعَمْ رَأَیْتُ رَجُلًا قَصِیراً أَعْمَی یُقَالُ إِنَّ فِی وَجْهِهِ أَشَراً أَوْ شَوْباً قَالَ فَهَلْ رَأَیْتَ مُحَمَّداً قَالَ مَنْ مُحَمَّدٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ وَیْحَكَ أَ فَلَا فَخَّمْتَهُ كَمَا فَخَّمَهُ اللَّهُ فَقُلْتَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَأَخْبِرْنِی مَا كَانَتْ صِنَاعَتُكَ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا تَاجِراً قَالَ فَمَا بَلَغْتَ فِی تِجَارَتِكَ قَالَ كُنْتُ لَا أَسْتُرُ عَیْباً وَ لَا أَرُدُّ رِبْحاً قَالَ مُعَاوِیَةُ سَلْنِی قَالَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُدْخِلَنِی الْجَنَّةَ قَالَ لَیْسَ ذَلِكَ بِیَدِی وَ لَا أَقْدِرُ عَلَیْهِ قَالَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَیَّ شَبَابِی قَالَ لَیْسَ ذَلِكَ بِیَدِی وَ لَا أَقْدِرُ عَلَیْهِ قَالَ فَلَا أَرَی عِنْدَكَ شَیْئاً مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا وَ لَا أَمْرِ الْآخِرَةِ فَرُدَّنِی مِنْ حَیْثُ جِئْتُ قَالَ أَمَّا هَذَا فَنَعَمْ ثُمَّ أَقْبَلَ مُعَاوِیَةُ عَلَی جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَقَدْ أَصْبَحَ

ص: 276

هَذَا زَاهِداً فِیمَا أَنْتُمْ فِیهِ رَاغِبُونَ (1)

«540»- وَ رُوِیَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ بَعْضِ أَشْیَاخِهِ أَنَّ مَسْجِدَ الرَّمْلَةِ لَمَّا حُفِرَ أَسَاسُهُ فِی دَهْرِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ انْتَهَی بِهِمُ الْحَفْرُ إِلَی صَخْرَةٍ فَقَلَعُوهَا فَإِذَا تَحْتَهَا شَابٌّ دَهِینُ الرَّأْسِ مُوَفَّرُ الشَّعْرِ قَائِمٌ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ فَكَلَّمُوهُ فَلَمْ یُكَلِّمْهُمْ فَكُتِبَ بِذَلِكَ إِلَی مُعَاوِیَةَ قَالَ فَخَرَجْنَا بِالْكِتَابِ فِی خَمْسَةٍ فَأَتَیْنَا مُعَاوِیَةَ فَأَخْبَرْنَاهُ بِذَلِكَ وَ رَفَعْنَا إِلَیْهِ الْكِتَابَ فَأَمَرَ أَنْ تُرَدَّ الصَّخْرَةُ عَلَی حَالِهِ كَمَا كَانَ.

«541»- وَ حَدَّثَهُمْ غَیْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَمَّا أَجْرَی مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ الْقَنَاةَ الَّتِی فِی أُحُدٍ أَمَرَ بِقُبُورِ الشُّهَدَاءِ فَنُبِشَتْ فَضَرَبَ رَجُلٌ بِمِعْوَلِهِ فَأَصَابَ إِبْهَامَ حَمْزَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَبَجَسَ الدَّمُ مِنْ إِبْهَامِهِ فَأُخْرِجَ رَطْباً یَنْثَنِی وَ أُخْرِجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حِزَامٍ وَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَ كَانَا قُتِلَا یَوْمَ أُحُدٍ وَ هُمْ رِطَابٌ یَنْثَنُونَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ سَنَةً فَدُفِنَا فِی قَبْرٍ وَاحِدٍ وَ كَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ أَعْرَجَ فَقَالَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ إِنَّهُ لَشَیْ ءٌ لَا آمُرُ بَعْدَهُ بِمَعْرُوفٍ وَ لَا أَنْهَی عَنْ مُنْكَرٍ.

«542»-(2)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ الثَّقَفِیِّ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَالَ لِهَیْثَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَ كَانَ عُثْمَانِیّاً وَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ عَلَوِیَّةَ الرَّأْیِ تُحِبُّ عَلِیّاً وَ تَكْتُبُ بِأَخْبَارِ مُعَاوِیَةَ فِی أَعِنَّةِ الْخَیْلِ فَتَدْفَعُهَا بِعَسْكَرِهِ علیه السلام فِی صِفِّینَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا هَیْثَمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ كَانُوا أَنْصَحَ لِعَلِیٍّ أَمْ أَهْلُ الشَّامِ لِی قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ قَبْلَ أَنْ یُضْرَبُوا بِالْبَلَاءِ كَانُوا أَنْصَحَ لِصَاحِبِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ وَ لِمَ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ الْقَوْمَ نَاصَحُوا عَلِیّاً علیه السلام عَلَی الدِّینِ وَ نَاصَحَكَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَی الدُّنْیَا وَ أَهْلُ الدِّینِ أَصْبَرُ وَ هُمْ أَهْلُ بَصِیرَةٍ وَ نَصْرٍ وَ أَهْلُ الدُّنْیَا أَهْلُ یَأْسٍ وَ طَمَعٍ ثُمَّ وَ اللَّهِ مَا لَبِثَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ نَبَذُوا الدِّینَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ نَظَرُوا إِلَی الدُّنْیَا الَّتِی فِی یَدِكَ فَمَا أَصَابَهَا مِنْهُمْ إِلَّا الَّذِی لَحِقَ

ص: 277


1- 1 كنز الفوائد، ص 260، ط 1.
2- 542- الحدیثان موجودان تحت الرقم 203 و تالیه من منتخب كتاب الغارات: ج 2، ص 545 547 ط 1. و الحدیث الأول رواه ابن أبی الحدید فی شرحه علی المختار: 56 من نهج البلاغة: ج 1، ص 802، ط الحدیث ببیروت.

بِكَ قَالَ مُعَاوِیَةُ فَمَا مَنَعَ الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ أَنْ یَطْلُبَ مَا قِبَلَنَا قَالَ أَكْرَمَ نَفْسَهُ أَنْ یَكُونَ رَأْساً فِی الْعَارِ وَ ذَنَباً فِی الطَّمَعِ قَالَ هَلْ كَانَتِ امْرَأَتُكَ تَكْتُبُ بِالْأَخْبَارِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فِی أَعِنَّةِ الْخَیْلِ فَتُبَاعُ قَالَ نَعَمْ.

«543»- وَ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ سَاعِدَةَ الْإِیَادِیِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ وَ عِنْدَهُ أَهْلُ الشَّامِ لَیْسَ فِیهِمْ غَیْرُهُمْ إِذْ قَالَ یَا أَهْلَ الشَّامِ قَدْ عَرَفْتُمْ حُبِّی لَكُمْ وَ سِیرَتِی فِیكُمْ وَ قَدْ بَلَغَكُمْ صَنِیعُ عَلِیٍّ بِالْعِرَاقِ وَ تَسْوِیَتُهُ بَیْنَ الشَّرِیفِ وَ بَیْنَ مَنْ لَا یُعْرَفُ قَدْرُهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَا یَهُدُّ اللَّهُ رُكْنَكَ وَ لَا یَعْدِمُكَ وُلْدُكَ وَ لَا یُرِینَا فَقْدُكَ قَالَ فَمَا تَقُولُونَ فِی أَبِی تُرَابٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَا أَرَادَ وَ مُعَاوِیَةُ سَاكِتٌ وَ عِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرَا عَلِیّاً علیه السلام بِغَیْرِ الْحَقِّ فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْمَجْلِسِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ دَخَلَ مَعَ الْقَوْمِ فَقَالَ یَا مُعَاوِیَةُ تَسْأَلُ أَقْوَاماً فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ وَ اخْتَارُوا الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ وَ اللَّهِ لَوْ سَأَلْتَهُمْ عَنِ السُّنَّةِ مَا أَقَامُوهَا فَكَیْفَ یَعْرِفُونَ عَلِیّاً وَ فَضْلَهُ أَقْبِلْ عَلَیَّ أُخْبِرْكَ ثُمَّ لَا تَقْدِرُ أَنْ تُنْكِرَ أَنْتَ وَ لَا مَنْ عَنْ یَمِینِكَ یَعْنِی عَمْراً هُوَ وَ اللَّهِ الرَّفِیعُ جَارُهُ الطَّوِیلُ عِمَادُهُ دَمَّرَ اللَّهُ بِهِ الْفَسَادَ وَ بَارَ بِهِ الشِّرْكُ وَ وَضَعَ بِهِ الشَّیْطَانَ وَ أَوْلِیَاءَهُ وَ ضَعْضَعَ بِهِ الْجَوْرَ وَ أَظْهَرَ بِهِ الْعَدْلَ وَ نَطَقَ زَعِیمُ الدِّینِ وَ أَطَابَ الْمَوْرِدَ وَ أَضْحَی الدَّاجِیَ وَ انْتَصَرَ بِهِ الْمَظْلُومُ وَ هَدَمَ بِهِ بُنْیَانَ النِّفَاقِ وَ انْتَقَمَ بِهِ مِنَ الظَّالِمِینَ وَ أَعَزَّ بِهِ الْمُسْلِمِینَ كَرِیحِ رَحْمَةٍ أَثَارَتْ سَحَاباً مُتَفَرِّقاً بَعْضَهَا إِلَی بَعْضٍ حَتَّی الْتَحَمَ وَ اسْتَحْكَمَ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوی ثُمَّ تَجَاوَبَتْ نَوَاتِقُهُ وَ تَلَأْلَأَتْ بَوَارِقُهُ وَ اسْتَرْعَدَ خَرِیرُ مَائِهِ فَأَسْقَی وَ أَرْوَی عَطْشَانَهُ وَ تَدَاعَتْ جِنَانُهُ وَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ أَرْكَانُهُ وَ اسْتَكْثَرَتْ وَابِلُهُ وَ دَامَ رزازه [رَذَاذُهُ] وَ تَتَابَعَ مَهْطُولُهُ فَرَوِیَتِ الْبِلَادُ وَ اخْضَرَّتْ وَ أَزْهَرَتْ ذَلِكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ سَیِّدُ الْعَرَبِ إِمَامُ الْأُمَّةِ وَ أَفْضَلُهَا وَ أَعْلَمُهَا وَ أَجْمَلُهَا وَ أَحْكَمُهَا أَوْضَحَ لِلنَّاسِ سِیرَةَ الْهُدَی بَعْدَ السَّعْیِ فِی الرَّدَی وَ هُوَ وَ اللَّهِ إِذَا اشْتَبَهَتِ الْأُمُورُ وَ هَابَ الْجَسُورُ وَ احْمَرَّتِ الْحَدَقُ وَ انْبَعَثَ الْقَلَقُ وَ أَبْرَقَتِ الْبَوَاتِرُ اسْتَرْبَطَ عِنْدَ ذَلِكَ جَأْشُهُ وَ عُرِفَ بَأْسُهُ وَ لَاذَ بِهِ الْجَبَانُ الْهَلُوعُ فَنَفَّسَ كُرْبَتَهُ وَ حَمِیَ حِمَایَتَهُ مُسْتَغْنٍ بِرَأْیِهِ عَنْ مَشُورَةِ ذَوِی الْأَلْبَابِ بِرَأْیٍ صَلِیبٍ وَ حِلْمٍ أَرِیبٍ مُجِیبٌ لِلصَّوَابِ مُصِیبٌ فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ جَمِیعاً وَ أَمَرَ مُعَاوِیَةُ بِإِخْرَاجِهِ فَأُخْرِجَ وَ هُوَ یَقُولُ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ

ص: 278

الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ تُعْجِبُهُ الْفَصَاحَةُ وَ یُصْغِی لِلْمُتَكَلِّمِ حَتَّی یَفْرُغَ مِنْ كَلَامِهِ.

بیان: قال الجوهری نتقت الغرب من البئر أی جذبته و نتقت المرأة أی كثر ولدها.

و فی القاموس الناتق الفاتق و الرافع و الباسط و من الزناد الواری و من النوق التی تسرع الحمل و من الخیل الذی ینفض راكبه انتهی.

و الأكثر مناسب كما یظهر بعد التأمل.

و الخریر صوت الماء و تداعی القوم اجتمعوا و رزت السماء صوتت من المطر و كان المهطول بمعنی الهاطل أی المطر المتتابع أو الضعیف الدائم و الأریب العاقل و أرب الدهر اشتد.

«544»-(1)كشف، كشف الغمة مِنْ كِتَابِ لُطْفِ التَّدْبِیرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَطِیبِ قَالَ: حُكِیَ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ قَالَ لِجُلَسَائِهِ بَعْدَ الْحُكُومَةِ كَیْفَ لَنَا أَنْ نَعْلَمَ مَا تَئُولُ إِلَیْهِ الْعَاقِبَةُ فِی أَمْرِنَا قَالَ جُلَسَاؤُهُ مَا نَعْلَمُ لِذَلِكَ وَجْهاً قَالَ فَأَنَا أَسْتَخْرِجُ عِلْمَ ذَلِكَ مِنْ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَإِنَّهُ لَا یَقُولُ الْبَاطِلَ فَدَعَا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ قَالَ لَهُمُ امْضُوا حَتَّی تَصِیرُوا جَمِیعاً مِنَ الْكُوفَةِ عَلَی مَرْحَلَةٍ ثُمَّ تَوَاطَئُوا عَلَی أَنْ تَنْعَوْنِی بِالْكُوفَةِ وَ لْیَكُنْ حَدِیثُكُمْ وَاحِداً فِی ذِكْرِ الْعِلَّةِ وَ الْیَوْمِ وَ الْوَقْتِ وَ مَوْضِعِ الْقَبْرِ وَ مَنْ تَوَلَّی الصَّلَاةَ عَلَیْهِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ حَتَّی لَا تَخْتَلِفُوا فِی شَیْ ءٍ ثُمَّ لْیَدْخُلْ أَحَدُكُمْ فَلْیُخْبِرْ بِوَفَاتِی ثُمَّ لْیَدْخُلِ الثَّانِی فَیُخْبِرُ بِمِثْلِهِ ثُمَ

ص: 279


1- 544- رواه علیّ بن عیسی الاربلی رحمه اللّٰه فی أواخر عنوان: «ذكر كراماته و ما جری علی لسانه من إخباره بالمغیبات» من كتاب كشف الغمّة: ج 1، ص 284 ط بیروت. و رواه بتفصیل أكثر المسعودیّ فی آخر ذكره شهادة الإمام أمیر المؤمنین متصلا بعنوان: «ذكر لمع من كلامه و أخباره ...» من كتاب مروج الذهب: ج 2 ص 430 ط مصر. و رواه أیضا عن جماعة صاحب عبقات الأنوار فی الوجه: 38 من قدحه فی حدیث: «أصحابی كالنجوم ...» من حدیث الثقلین من كتاب العبقات: ج ... ص: 757

لْیَدْخُلِ الثَّالِثُ فَیُخْبِرُ بِمِثْلِ خَبَرِ صَاحِبَیْهِ وَ انْظُرُوا مَا یَقُولُ عَلِیٌّ فَخَرَجُوا كَمَا أَمَرَهُمْ مُعَاوِیَةُ ثُمَّ دَخَلَ أَحَدُهُمْ وَ هُوَ رَاكِبٌ مُغِذٌّ شَاحِبٌ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ بِالْكُوفَةِ مِنْ أَیْنَ جِئْتَ قَالَ مِنَ الشَّامِ قَالُوا لَهُ مَا الْخَبَرُ قَالَ مَاتَ مُعَاوِیَةُ فَأَتَوْا عَلِیّاً علیه السلام فَقَالُوا جَاءَ رَجُلٌ رَاكِبٌ مِنَ الشَّامِ یُخْبِرُ مِنْ مَوْتِ مُعَاوِیَةَ فَلَمْ یَحْفِلْ عَلِیٌّ بِذَلِكَ ثُمَّ دَخَلَ الْآخَرُ مِنَ الْغَدِ وَ هُوَ مُغِذٌّ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ مَا الْخَبَرُ فَقَالَ مَاتَ مُعَاوِیَةُ وَ خَبَّرَ بِمِثْلِ مَا خَبَّرَ صَاحِبُهُ فَأَتَوْا عَلِیّاً علیه السلام فَقَالُوا رَجُلٌ رَاكِبٌ یُخْبِرُ بِمَوْتِ مُعَاوِیَةَ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَ صَاحِبُهُ وَ لَمْ یَخْتَلِفْ كَلَامُهُمَا فَأَمْسَكَ عَلِیٌّ علیه السلام ثُمَّ دَخَلَ الْآخَرُ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ النَّاسُ مَا وَرَاءَكَ قَالَ مَاتَ مُعَاوِیَةُ فَسَأَلُوهُ عَمَّا شَاهَدَ فَلَمْ یُخَالِفْ قَوْلَ صَاحِبَیْهِ فَأَتَوْا عَلِیّاً علیه السلام فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ هَذَا رَاكِبٌ ثَالِثٌ قَدْ خَبَّرَ بِمِثْلِ خَبَرِ صَاحِبَیْهِ فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَیْهِ قَالَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ كَلَّا أَوْ تُخْضَبَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ یَعْنِی لِحْیَتَهُ مِنْ هَامَتِهِ وَ یَتَلَاعَبُ بِهَا ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ فَرَجَعَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَی مُعَاوِیَةَ.

بیان: الإغذاذ فی السیر الإسراع الشاحب المتغیر أی كان علیه لون السفر قوله علیه السلام و یتلاعب بها أی بالخلافة و الرئاسة.

«545»-(1)إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیهما السلام قَالَ: بَیْنَمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَتَجَهَّزُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ یُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَی قِتَالِهِ إِذِ اخْتَصَمَ إِلَیْهِ رَجُلَانِ فِی فِعْلٍ فَعَجَّلَ أَحَدُهُمَا فِی الْكَلَامِ وَ زَادَ فِیهِ فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ اخْسَأْ فَإِذَا رَأْسُهُ رَأْسُ الْكَلْبِ فَبُهِتَ مَنْ حَوْلَهُ وَ أَقْبَلَ الرَّجُلُ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ یَتَضَرَّعُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ یَسْأَلُهُ الْإِقَالَةَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ وَ حَرَّكَ شَفَتَیْهِ فَعَادَ كَمَا كَانَ خَلْقاً سَوِیّاً فَوَثَبَ إِلَیْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذِهِ الْقُدْرَةُ لَكَ كَمَا رَأَیْنَا وَ أَنْتَ تُجَهِّزُ

ص: 280


1- 545- رواهما الدیلمیّ رحمه اللّٰه فی كتاب إرشاد القلوب، ح 30 فی عنوان فضائله علیه السلام من طریق أهل البیت ج 2، ص 272.

إِلَی مُعَاوِیَةَ فَمَا بَالُكَ لَا تَكْفِینَاهُ بِبَعْضِ مَا أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْقُدْرَةِ فَأَطْرَقَ قَلِیلًا وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَیْهِمْ وَ قَالَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِرِجْلِی هَذِهِ الْقَصِیرَةِ فِی طُولِ هَذِهِ الْفَیَافِی وَ الْفَلَوَاتِ وَ الْجِبَالِ وَ الْأَوْدِیَةِ حَتَّی أَضْرِبَ بِهَا صَدْرَ مُعَاوِیَةَ عَلَی سَرِیرِهِ فَأَقْلِبَهُ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ لَفَعَلْتُ وَ لَوْ أَقْسَمْتُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ أُوتِیَ بِهِ قَبْلَ أَنْ أَقُومَ مِنْ مَجْلِسِی هَذَا وَ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَی أَحَدٍ مِنْكُمْ طَرْفُهُ لَفَعَلْتُ وَ لَكِنَّا كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ.

بیان: قال الجوهری خسأت الكلب خسأ طردته و خسأ الكلب نفسه یتعدی و لا یتعدی.

«546»-(1)إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَی مِیثَمٍ التَّمَّارِ قَالَ: خَطَبَ بِنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی جَامِعِ الْكُوفَةِ فَأَطَالَ فِی خُطْبَتِهِ وَ أَعْجَبَ النَّاسَ تَطْوِیلُهَا وَ حُسْنُ وَعْظِهَا وَ تَرْغِیبُهَا وَ تَرْهِیبُهَا وَ إِذْ دَخَلَ نَذِیرٌ مِنْ نَاحِیَةِ الْأَنْبَارِ مُسْتَغِیثاً یَقُولُ اللَّهَ اللَّهَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فِی رَعِیَّتِكَ وَ شِیعَتِكَ هَذِهِ خَیْلُ مُعَاوِیَةَ قَدْ شَنَّتْ عَلَیْنَا الْغَارَةَ فِی سَوَادِ الْفُرَاتِ مَا بَیْنَ هِیتَ وَ الْأَنْبَارِ فَقَطَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْخُطْبَةَ وَ قَالَ وَیْحَكَ بَعْضُ خَیْلِ مُعَاوِیَةَ قَدْ دَخَلَ الدَّسْكَرَةَ الَّتِی تَلِی جُدْرَانَ الْأَنْبَارِ فَقَتَلُوا فِیهَا سَبْعَ نِسْوَةٍ وَ سَبْعَةً مِنَ الْأَطْفَالِ ذُكْرَاناً وَ سَبْعَةً إِنَاثاً وَ شَهَرُوا بِهِمْ وَ وَطَئُوهُمْ بِحَوَافِرِ الْخَیْلِ وَ قَالُوا هَذِهِ مُرَاغَمَةً لِأَبِی تُرَابٍ فَقَامَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْدِیُّ بَیْنَ یَدَیِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذِهِ الْقُدْرَةُ الَّتِی رَأَیْتَ بِهَا وَ أَنْتَ عَلَی مِنْبَرِكَ أَنَّ فِی دَارِكَ خَیْلُ مُعَاوِیَةَ بْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ مَا فَعَلَ بِشِیعَتِكَ وَ لَمْ یَعْلَمْ بِهَا هَذَا فَلِمَ تُغْضِی عَنْ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ وَیْحَكَ یَا إِبْرَاهِیمُ لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ فَصَاحَ النَّاسُ مِنْ جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِلَی مَتَی یَهْلِكُ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیَا مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ شِیعَتُكَ تَهْلِكُ فَقَالَ لَهُمْ

ص: 281


1- 546- رواهما الدیلمیّ رحمه اللّٰه فی كتاب إرشاد القلوب، ح 30 فی عنوان فضائله علیه السلام من طریق أهل البیت ج 2، ص 272.

لِیَقْضِیَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا فَصَاحَ زَیْدُ بْنُ كَثِیرٍ الْمُرَادِیُّ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَقُولُ بِالْأَمْسِ وَ أَنْتَ تُجَهِّزُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ تُحَرِّضُنَا عَلَی قِتَالِهِ وَ یَحْتَكِمُ إِلَیْكَ الرَّجُلَانِ فِی الْفِعْلِ فَتَعَجَّلَ عَلَیْكَ أَحَدُهُمَا فِی الْكَلَامِ فَتَجْعَلُ رَأْسَهُ رَأْسَ الْكَلْبِ فَیَسْتَجِیرُ بِكِ فَتَرُدُّهُ بَشَراً سَوِیّاً وَ نَقُولُ لَكَ مَا بَالُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ لَا تَبْلُغُ مُعَاوِیَةَ فَتَكْفِیَنَا شَرَّهُ فَتَقُولُ لَنَا وَ فَالِقِ الْحَبَّةِ وَ بَارِئِ النَّسَمَةِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِرِجْلِی هَذِهِ الْقَصِیرَةِ صَدْرَ مُعَاوِیَةَ فَأَقْلِبَهُ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ لَفَعَلْتُ فَمَا بَالُكَ لَا تَفْعَلُ مَا تُرِیدُ إِلَّا أَنْ تُضَعِّفَ نُفُوسَنَا فَنَشُكَّ فِیكَ فَنَدْخُلَ النَّارَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَأَفْعَلَنَّ ذَلِكَ وَ لَأَعْجِلَنَّهُ عَلَی ابْنِ هِنْدٍ فَمَدَّ رِجْلَهُ عَلَی مِنْبَرِهِ فَخَرَجَتْ عَنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ وَ رَدَّهَا إِلَی فَخِذِهِ وَ قَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ أَقِیمُوا تَارِیخَ الْوَقْتِ وَ أَعْلِمُوهُ فَقَدْ ضَرَبْتُ بِرِجْلِی هَذِهِ السَّاعَةَ صَدْرَ مُعَاوِیَةَ فَقَلَّبْتُهُ عَنْ سَرِیرِهِ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أُحِیطَ بِهِ فَصَاحَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَیْنَ النَّظِرَةُ فَرَدَدْتُ رِجْلِی عَنْهُ وَ تَوَقَّعَ النَّاسُ وُرُودَ الْخَبَرِ مِنَ الشَّامِ وَ عَلِمُوا أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا یَقُولُ إِلَّا حَقّاً فَوَرَدَتِ الْأَخْبَارُ وَ الْكُتُبُ بِتَارِیخِ تِلْكَ السَّاعَةِ بِعَیْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ بِعَیْنِهِ أَنَّ رِجْلًا جَاءَتْ مِنْ نَاحِیَةِ الْكُوفَةِ مَمْدُودَةً مُتَّصِلَةً فَدَخَلَتْ مِنْ إِیوَانِ مُعَاوِیَةَ وَ النَّاسُ یَنْظُرُونَ حَتَّی ضَرَبَتْ صَدْرَهُ فَقَلَّبَتْهُ عَنْ سَرِیرِهِ عَلَی أُمِّ رَأْسِهِ فَصَاحَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَیْنَ النَّظِرَةُ وَ رُدَّتْ تِلْكَ الرِّجْلُ عَنْهُ وَ عَلِمَ النَّاسُ مَا قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَقّاً.

بیان: قال الفیروزآبادی أغضی أدنی الجفون و علی الشی ء سكت.

«547»-(1)بشا، بشارة المصطفی الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ بَابَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ

ص: 282


1- 547- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه و فسر غریبه فی الحدیث: 9 من الباب: 28 من كتاب معانی الأخبار، ص 58 ط 2. و رواه الطبریّ بالسند المذكور هاهنا- عنه فی الحدیث: 18 فی الجزء الأول من كتاب بشارة المصطفی ص 14، ط النجف.

أَبِیهِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ عَمِّهِ أَبِی جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَیْهِ عَنِ الطَّالَقَانِیِّ عَنِ الْجَلُودِیِّ عَنِ الْمُغِیرَةِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْكُوفَةِ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ نَهْرَوَانَ وَ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِیَةَ یَسُبُّهُ وَ یَعِیبُهُ وَ یَقْتُلُ أَصْحَابَهُ فَقَامَ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذَكَرَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَی نَبِیِّهِ وَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لَوْ لَا آیَةٌ فِی كِتَابِ اللَّهِ مَا ذَكَرْتُ مَا أَنَا ذَاكِرُهُ فِی مَقَامِی هَذَا یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَی نِعَمِكَ الَّتِی لَا تُحْصَی وَ فَضْلِكَ الَّذِی لَا یُنْسَی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ بَلَغَنِی مَا بَلَغَنِی وَ إِنِّی أَرَانِی قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلِی وَ كَأَنِّی بِكُمْ وَ قَدْ جَهِلْتُمْ أَمْرِی وَ إِنِّی تَارِكٌ فِیكُمْ مَا تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی وَ هِیَ عِتْرَةُ الْهَادِی إِلَی النَّجَاةِ خَاتَمِ الْأَنْبِیَاءِ وَ سَیِّدِ النُّجَبَاءِ وَ النَّبِیِّ الْمُصْطَفَی یَا أَیُّهَا النَّاسُ لَعَلَّكُمْ لَا تَسْمَعُونَ قَائِلًا یَقُولُ مِثْلَ قَوْلِی بَعْدِی إِلَّا مُفْتَرِیاً أَنَا أَخُو رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ سَیْفُ نَقِمَتِهِ وَ عِمَادُ نُصْرَتِهِ وَ بَأْسُهُ وَ شِدَّتُهُ أَنَا رَحَی جَهَنَّمَ الدَّائِرَةُ وَ أَضْرَاسُهَا الطَّاحِنَةُ أَنَا مُؤْتِمُ الْبَنِینَ وَ الْبَنَاتِ وَ قَابِضُ الْأَرْوَاحِ وَ بَأْسُ اللَّهِ الَّذِی لَا یَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِینَ أَنَا مُجَدِّلُ الْأَبْطَالِ وَ قَاتِلُ الْفُرْسَانِ وَ مُبِیرُ مَنْ كَفَرَ بِالرَّحْمَنِ وَ صِهْرُ خَیْرِ الْأَنَامِ أَنَا سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ وَ وَصِیُّ خَیْرِ الْأَنْبِیَاءِ أَنَا بَابُ مَدِینَةِ الْعِلْمِ وَ خَازِنُ عِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَارِثُهُ أَنَا زَوْجُ الْبَتُولِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ فَاطِمَةَ التَّقِیَّةِ الزَّكِیَّةِ الْبَرَّةِ الْمَهْدِیَّةِ حَبِیبَةِ حَبِیبِ اللَّهِ وَ خَیْرِ بَنَاتِهِ وَ سُلَالَتِهِ وَ رَیْحَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سِبْطَاهُ خَیْرُ الْأَسْبَاطِ وَ وَلَدَایَ خَیْرُ الْأَوْلَادِ هَلْ أَحَدٌ یُنْكِرُ مَا أَقُولُ أَیْنَ مُسْلِمُو أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَا اسْمِی فِی الْإِنْجِیلِ إِلْیَا وَ فِی التَّوْرَاةِ بریها وَ فِی الزَّبُورِ أری وَ عِنْدَ الْهِنْدِ كلبن وَ عِنْدَ الرُّومِ بطریسا وَ عِنْدَ الْفُرْسِ جبیر وَ عِنْدَ التُّرْكِ تیبر وَ عِنْدَ الزِّنْجِ خبیر وَ عِنْدَ الْكَهَنَةِ بوی وَ عِنْدَ الْحَبَشَةِ تبریك وَ عِنْدَ أُمِّی حَیْدَرَةُ وَ عِنْدَ ظِئْرِی مَیْمُونٌ وَ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلِیٌّ وَ عِنْدَ الْأَرْمَنِ فریق وَ عِنْدَ أَبِی زهیر [ظَهِیرٌ]

ص: 283

أَلَا وَ إِنِّی مَخْصُوصٌ فِی الْقُرْآنِ بِأَسْمَاءٍ احْذَرُوا أَنْ تَغْلِبُوا عَلَیْهَا فَتَضِلُّوا فِی دِینِكُمْ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِینَ (1)أَنَا ذَلِكَ الصَّادِقُ وَ أَنَا الْمُؤَذِّنُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَیْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَی الظَّالِمِینَ أَنَا ذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ وَ قَالَ وَ أَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنَا ذَلِكَ الْأَذَانُ وَ أَنَا الْمُحْسِنُ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِینَ وَ أَنَا ذُو الْقَلْبِ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ فِی ذلِكَ لَذِكْری لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ وَ أَنَا الذَّاكِرُ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِینَ یَذْكُرُونَ اللَّهَ قِیاماً وَ قُعُوداً وَ عَلی جُنُوبِهِمْ وَ نَحْنُ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ أَنَا وَ عَمِّی وَ أَخِی وَ ابْنُ عَمِّی وَ اللَّهِ فَالِقِ الْحَبَّةِ وَ النَّوَی لَا یَلِجُ النَّارَ لَنَا مُحِبٌّ وَ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَنَا مُبْغِضٌ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَلَی الْأَعْرافِ رِجالٌ یَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِیماهُمْ وَ أَنَا الصِّهْرُ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ الَّذِی خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ أَنَا الْأُذُنُ الْوَاعِیَةُ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَعِیَها أُذُنٌ واعِیَةٌ وَ أَنَا السَّالِمُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ اللَّهُ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ وَ مِنْ وُلْدِی مَهْدِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَلَا وَ قَدْ جُعِلْتُ مِحْنَتَكُمْ بِبُغْضِی یُعْرَفُ الْمُنَافِقُونَ وَ بِمَحَبَّتِی امْتُحِنَ الْمُؤْمِنُونَ هَذَا عَهْدُ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ أَلَا إِنَّهُ لَا یُحِبُّكُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُكُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ

ص: 284


1- 1 هذا هو الصواب، و فی أصلی: «إن اللّٰه مع الصادقین» و الآیة هی الآیة: 119 من سورة التوبة: 9.

وَ أَنَا صَاحِبُ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ رَسُولُ اللَّهِ فَرَطِی وَ أَنَا فَرَطُ شِیعَتِی وَ اللَّهِ لَا عَطِشَ مُحِبِّی وَ لَا خَافَ وَلِیِّی أَنَا وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهُ وَلِیِّی وَ حَسْبُ مُحِبِّی أَنْ یُحِبُّوا مَا أَحَبَّ اللَّهُ وَ حَسْبُ مُبْغِضِی أَنْ یُبْغِضُوا مَنْ أَحَبَّ اللَّهُ أَلَا وَ إِنَّهُ بَلَغَنِی أَنَّ مُعَاوِیَةَ سَبَّنِی وَ لَعَنَنِی اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَیْهِ وَ أَنْزِلِ اللَّعْنَةَ عَلَی الْمُسْتَحِقِّ آمِینَ رَبَّ الْعَالَمِینَ رَبَّ إِسْمَاعِیلَ وَ بَاعِثَ إِبْرَاهِیمَ إِنَّكَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ ثُمَّ نَزَلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ عَنْ أَعْوَادِهِ فَمَا عَادَ إِلَیْهَا حَتَّی قَتَلَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ.

«548»-(1)كا، الكافی عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ مَوْلًی لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَأَلَهُ مَالًا فَقَالَ یَخْرُجُ عَطَائِی فَأُقَاسِمُكَهُ فَقَالَ لَا أَكْتَفِی وَ خَرَجَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَوَصَلَهُ فَكَتَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُخْبِرُهُ بِمَا أَصَابَ مِنَ الْمَالِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَا فِی یَدِكَ مِنَ الْمَالِ قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ قَبْلَكَ وَ هُوَ صَائِرٌ إِلَی أَهْلٍ بَعْدَكَ وَ إِنَّمَا لَكَ مِنْهُ مَا مَهَّدْتَ لِنَفْسِكَ فَآثِرْ نَفْسَكَ عَلَی إِصْلَاحِ وُلْدِكَ فَإِنَّمَا أَنْتَ جَامِعٌ لِأَحَدِ رَجُلَیْنِ إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فِیهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَسَعِدَ بِمَا شَقِیتَ وَ إِمَّا رَجُلٍ عَمِلَ فِیهِ بِمَعْصِیَةِ اللَّهِ فَشَقِیَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ وَ لَیْسَ مِنْ هَذَیْنِ أَحَدٌ بِأَهْلٍ أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَی نَفْسِكَ وَ لَا تُبَرِّدَ لَهُ عَلَی ظَهْرِكَ فَارْجُ لِمَنْ مَضَی رَحْمَةَ اللَّهِ وَ ثِقْ لِمَنْ بَقِیَ بِرِزْقِ اللَّهِ.

بیان: قال فی النهایة برد لی علی فلان حق أی ثبت.

«549»-(2)ختص، الإختصاص كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ

ص: 285


1- 548- رواه ثقة الإسلام الكلینی فی الحدیث: 28 من روضة الكافی ص 72 و رواه السیّد الرضی فی المختار: 416 من الباب الثالث من نهج البلاغة.
2- 549- الحدیث موجود فی كتاب الاختصاص- المنسوب إلی الشیخ المفید رحمه اللّٰه ص 138، ط 2، و فی ط النجف ص 132.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ یَا عَلِیُّ لَأَضْرِبَنَّكَ بِشِهَابٍ قَاطِعٍ لَا یُذَكِّیهِ الرِّیحُ وَ لَا یُطْفِیهِ الْمَاءُ إِذَا اهْتَزَّ وَقَعَ وَ إِذَا وَقَعَ نَقَبَ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَهُ دَعَا بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ ثُمَّ كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ یَا مُعَاوِیَةُ فَقَدْ كَذَبْتَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ قَاتِلُ جَدِّكَ وَ عَمِّكَ وَ خَالِكَ وَ أَبِیكَ وَ أَنَا الَّذِی أَفْنَیْتُ قَوْمَكَ فِی یَوْمِ بَدْرٍ وَ یَوْمِ فَتْحٍ وَ یَوْمِ أُحُدٍ وَ ذَلِكَ السَّیْفُ بِیَدِی یَحْمِلُهُ سَاعِدِی بِجُرْأَةِ قَلْبِی كَمَا خَلَّفَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِكَفِّ الْوَصِیِّ لَمْ أَسْتَبْدِلْ بِاللَّهِ رَبّاً وَ بِمُحَمَّدٍ نَبِیّاً وَ بِالسَّیْفِ بَدَلًا وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی ثُمَّ طَوَی الْكِتَابَ وَ دَعَا الطِّرِمَّاحَ بْنَ عَدِیٍّ الطَّائِیَّ وَ كَانَ رَجُلًا مُفَوَّهاً طُوَالًا فَقَالَ لَهُ خُذْ كِتَابِی هَذَا فَانْطَلِقْ بِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ رُدَّ جَوَابَهُ فَأَخَذَ الطِّرِمَّاحُ الْكِتَابَ وَ دَعَا بِعِمَامَةٍ فَلَبِسَهَا فَوْقَ قَلَنْسُوَتِهِ ثُمَّ رَكِبَ جَمَلًا بَازِلًا فَتِیقاً مُشْرِفاً عَالِیاً فِی الْهَوَاءِ فَسَارَ حَتَّی نَزَلَ مَدِینَةَ دِمَشْقَ فَسَأَلَ عَنْ قُوَّادِ مُعَاوِیَةَ فَقِیلَ لَهُ مَنْ تُرِیدُ مِنْهُمْ فَقَالَ أُرِیدُ جَرْوَلًا وَ جَهْضَماً وَ صَلَادَةً وَ قِلَادَةً وَ سَوَادَةً وَ صَاعِقَةً وَ أَبَا الْمَنَایَا وَ أَبَا الْحُتُوفِ وَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِیَّ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ شِمْرَ بْنَ ذِی الْجَوْشَنِ وَ الْهَدْیَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ الْكِنْدِیَّ فَقِیلَ إِنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَ بَابِ الْخَضْرَاءِ فَنَزَلَ وَ عَقَلَ بَعِیرَهُ وَ تَرَكَهُمْ حَتَّی اجْتَمَعُوا فَرَكِبَ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا بَصُرُوا بِهِ قَامُوا إِلَیْهِ یَهْزَءُونَ بِهِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ یَا أَعْرَابِیُّ عِنْدَكَ خَبَرٌ مِنَ السَّمَاءِ قَالَ نَعَمْ جَبْرَائِیلُ فِی السَّمَاءِ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِی الْهَوَاءِ وَ عَلِیٌّ فِی الْقَفَاءِ فَقَالَ لَهُ یَا أَعْرَابِیُّ مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ عِنْدِ التَّقِیِّ النَّقِیِّ إِلَی الْمُنَافِقِ الرَّدِیِّ قَالَ لَهُ یَا أَعْرَابِیُّ فَمَا تَنْزِلُ إِلَی الْأَرْضِ حَتَّی نُشَاوِرَكَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا فِی مُشَاوَرَتِكُمْ بَرَكَةٌ وَ لَا مِثْلِی یُشَاوِرُ أَمْثَالَكُمْ قَالُوا یَا أَعْرَابِیُّ فَإِنَّا نَكْتُبُ إِلَی یَزِیدَ بِخَبَرِكَ وَ كَانَ یَزِیدُ یَوْمَئِذٍ وَلِیُّ عَهْدِهِمْ فَكَتَبُوا إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ یَا یَزِیدُ فَقَدْ قَدِمَ عَلَیْنَا مِنْ عِنْدِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَعْرَابِیٌّ لَهُ لِسَانٌ یَقُولُ فَمَا یَمَلُّ وَ یُكْثِرُ فَلَا یَكِلُّ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ یَزِیدُ الْكِتَابَ أَمَرَ أَنْ یُهَوَّلَ عَلَیْهِ وَ أَنْ یُقَامَ لَهُ سِمَاطَانِ بِالْبَابِ بِأَیْدِیهِمْ أَعْمِدَةُ الْحَدِیدِ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُمُ الطِّرِمَّاحُ قَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ كَأَنَّهُمْ زَبَانِیَةُ مَالِكٍ فِی ضِیقِ الْمَسَالِكِ

ص: 286

عِنْدَ تِلْكَ الْهَوَالِكِ قَالُوا اسْكُتْ هَؤُلَاءِ أُعِدُّوا لِیَزِیدَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ یَزِیدُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ اللَّهُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَیْمِنُ عَلَی وَلَدِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ قَالَ سَلَامُهُ مَعِی مِنَ الْكُوفَةِ قَالَ إِنَّهُ یَعْرِضُ عَلَیْكَ الْحَوَائِجَ قَالَ أَمَّا أَوَّلُ حَاجَتِی إِلَیْهِ فَنَزْعُ رُوحِهِ مِنْ بَیْنِ جَنْبَیْهِ وَ أَنْ یَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّی یَجْلِسَ فِیهِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ وَ أَوْلَی مِنْهُ قَالَ لَهُ یَا أَعْرَابِیُّ فَإِنَّا نَدْخُلُ عَلَیْهِ فَمَا فِیكَ حِیلَةٌ قَالَ لِذَلِكَ قَدِمْتُ فَاسْتَأْذَنَ لَهُ عَلَی أَبِیهِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ نَظَرَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ السَّرِیرِ قَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ قَالَ وَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ فَمَنْ أَمَّرَكَ عَلَیْنَا فَقَالَ نَاوِلْنِی كِتَابَكَ قَالَ إِنِّی لَأَكْرَهُ أَنْ أَطَأَ بِسَاطَكَ قَالَ فَنَاوِلْهُ وَزِیرِی قَالَ خَانَ الْوَزِیرُ وَ ظَلَمَ الْأَمِیرُ قَالَ فَنَاوِلْهُ غُلَامِی قَالَ غُلَامُ سَوْءٍ اشْتَرَاهُ مَوْلَاهُ مِنْ غَیْرِ حِلٍّ وَ اسْتَخْدَمَهُ فِی غَیْرِ طَاعَةِ اللَّهِ قَالَ فَمَا الْحِیلَةُ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ مَا یَحْتَالُ مُؤْمِنٌ مِثْلِی لِمُنَافِقٍ مِثْلِكَ قُمْ صَاغِراً فَخُذْهُ فَقَامَ مُعَاوِیَةُ صَاغِراً فَتَنَاوَلَ مِنْهُ ثُمَّ فَضَّهُ وَ قَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ یَا أَعْرَابِیُّ كَیْفَ خَلَّفْتَ عَلِیّاً قَالَ خَلَّفْتُهُ وَ اللَّهِ جَلَداً حَرِباً ضَابِطاً كَرِیماً شُجَاعاً جَوَاداً لَمْ یَلْقَ جَیْشاً إِلَّا هَزَمَهُ وَ لَا قَرْناً إِلَّا أَرْدَأَهُ وَ لَا قَصْراً إِلَّا هَدَمَهُ قَالَ فَكَیْفَ خَلَّفْتَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ قَالَ خَلَّفْتُهُمَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا صَحِیحَیْنِ فَصِیحَیْنِ كَرِیمَیْنِ شُجَاعَیْنِ جَوَادَیْنِ شَابَّیْنِ طَرِیَّیْنِ یَصْلُحَانِ لِلدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ قَالَ فَكَیْفَ خَلَّفْتَ أَصْحَابَ عَلِیٍّ قَالَ خَلَّفْتُهُمْ وَ عَلِیٌّ بَیْنَهُمْ كَالْبَدْرِ وَ هُمْ كَالنُّجُومِ إِنْ أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا وَ إِنْ نَهَاهُمُ ارْتَدَعُوا فَقَالَ لَهُ یَا أَعْرَابِیُّ مَا أَظُنُّ بِبَابِ عَلِیٍّ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ وَیْلَكَ اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ وَ صُمْ سَنَةً كَفَّارَةً لِمَا قُلْتَ كَیْفَ لَوْ رَأَیْتَ الْفُصَحَاءَ الْأُدَبَاءَ النُّطَقَاءَ وَ وَقَعْتَ فِی بَحْرِ عُلُومِهِمْ غَرِقْتَ یَا شَقِیُّ قَالَ الْوَیْلُ لِأُمِّكِ قَالَ بَلْ طُوبَی لَهَا وَلَدَتْ مُؤْمِناً یَغْمِزُ مُنَافِقاً مِثْلَكَ قَالَ لَهُ یَا أَعْرَابِیُّ هَلْ لَكَ فِی جَائِزَةٍ قَالَ أَرَی اسْتِنْقَاصَ رُوحِكَ فَكَیْفَ لَا أَرَی اسْتِنْقَاصَ مَالِكَ فَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ أَزِیدُكَ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ أَسْدِ یَداً سُدْ أَبَداً فَأَمَرَ لَهُ

ص: 287

بِمِائَةِ أَلْفٍ أُخْرَی فَقَالَ ثَلِّثْهَا فَإِنَّ اللَّهَ فَرْدٌ ثُمَّ ثَلَّثَهَا فَقَالَ الْآنَ مَا تَقُولُ قَالَ أَحْمَدُ اللَّهَ وَ أَذُمُّكَ قَالَ وَ لِمَ وَیْلَكَ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لَكَ وَ لَا لِأَبِیكَ مِیرَاثاً إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ أَعْطَیْتَنِیهِ ثُمَّ أَقْبَلَ مُعَاوِیَةُ عَلَی كَاتِبِهِ فَقَالَ اكْتُبْ لِلْأَعْرَابِیِّ جَوَاباً فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ فَكَتَبَ أَمَّا بَعْدُ یَا عَلِیُّ فَلَأُوَجِّهَنَّ إِلَیْكَ بِأَرْبَعِینَ حِمْلًا مِنْ خَرْدَلٍ مَعَ كُلِّ خَرْدَلَةٍ أَلْفُ مُقَاتِلٍ یَشْرَبُونَ الدِّجْلَةَ وَ یَسْقُونَ الْفُرَاتَ فَلَمَّا نَظَرَ الطِّرِمَّاحُ إِلَی مَا كَتَبَ بِهِ الْكَاتِبُ أَقْبَلَ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ سَوْأَةً لَكَ یَا مُعَاوِیَةُ فَلَا أَدْرِی أَیُّكُمَا أَقَلُّ حَیَاءً أَنْتَ أَمْ كَاتِبُكَ وَیْلَكَ لَوْ جَمَعَتِ الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ وَ أَهْلُ الزَّبُورِ وَ الْفُرْقَانِ كَانُوا لَا یَقُولُونَ بِمَا قُلْتَ قَالَ مَا كَتَبَهُ عَنْ أَمْرِی قَالَ إِنْ لَمْ یَكُنْ كَتَبَهُ عَنْ أَمْرِكَ فَقَدِ اسْتَضْعَفَكَ فِی سُلْطَانِكَ وَ إِنْ كَانَ كَتَبَهُ بِأَمْرِكَ فَقَدِ اسْتَحْیَیْتُ لَكَ مِنَ الْكَذِبِ أَ مِنْ أَیِّهِمَا تَعْتَذِرُ وَ مِنْ أَیِّهِمَا تَعْتَبِرُ أَمَا إِنَّ لِعَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ دِیكاً أَشْتَرَ جَیِّداً أَخْضَرَ یَلْتَقِطُ الْخَرْدَلَ بِجَیْشِهِ فَیَجْمَعُهُ فِی حَوْصَلَتِهِ قَالَ وَ مَنْ ذَلِكَ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ وَ الْجَائِزَةَ وَ انْطَلَقَ بِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَقْبَلَ مُعَاوِیَةُ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ نَرَی لَوْ وَجَّهْتُكُمْ بِأَجْمَعِكُمْ فِی كُلِّ مَا وَجَّهَ بِهِ صَاحِبُهُ مَا كُنْتُمْ تُؤَدُّونَ عَنِّی عُشْرَ عَشِیرِ مَا أَدَّی هَذَا عَنْ صَاحِبِهِ.

بیان:

الطرماح بكسر الطاء و الراء و تشدید المیم و قال الجوهری فاه بالكلام علی زنة قال و تفوه لفظ به و المفوه المنطیق و قال بزل البعیر فطرنا به أی انشق فهو بازل ذكرا كان أو أنثی و ذلك فی السنة التاسعة و ربما بزل فی السنة الثامنة و قال یقال جمل فتیق إذا انفتق سمنا و فی بعض النسخ بالنون قال الجوهری الفنیق الفحل المكرم و قال الجرول الحجارة.

و الجهضم الضخم الهامة المستدیر الوجه و الأسد و الصلد و الصلب الأملس و یحتمل أن تكون تلك أسامی خدمه و أن یكون قال ذلك نبزا و استهزاء و السماط بالكسر الصف من الناس و النخل و الجلد الصلابة و الجلادة تقول منه

ص: 288

جلد الرجل بالضم فهو جلد ذكره الجوهری و قال حرب الرجل بالكسر اشتد غضبه و رجل حرب و أسد حرب أسد یدا سد أبدا أی أعط نعمة تكون أبدا سیدا للقوم و الأجید الحسن العنق أو طویله و الأعسر هو الذی یعمل بالید الیسری و یقال إنه أشد شی ء رمیا.

«550»- أَقُولُ وَجَدْتُ الرِّوَایَةَ بِخَطِّ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ بِاخْتِلَافٍ مَا فَأَحْبَبْتُ إِیرَادَهَا عَلَی هَذَا الْوَجْهِ أَیْضاً قَالَ قَالَ الشَّیْخُ الْأَدِیبُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ الْبُسْتِیُّ بِالْأَسَانِیدِ الصِّحَاحِ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لَمَّا رَجَعَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ كَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ اتَّبَعْتَ مَا یَضُرُّكَ وَ تَرَكْتَ مَا یَنْفَعُكَ وَ خَالَفْتَ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّةَ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدِ انْتَهَی إِلَیَّ مَا فَعَلْتَ بِحَوَارِیِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ فَوَ اللَّهِ لَأَرْمِیَنَّكَ بِشِهَابٍ لَا تُطْفِیهِ الْمِیَاهُ وَ لَا تُزَعْزِعُهُ الرِّیَاحُ إِذَا وَقَعَ وَقَبَ وَ إِذَا وَقَبَ ثَقَبَ وَ إِذَا ثَقَبَ نَقَبَ وَ إِذَا نَقَبَ الْتَهَبَ فَلَا تَغُرَّنَّكَ الْجُیُوشُ وَ اسْتَعِدَّ لِلْحَرْبِ فَإِنِّی مُلَاقِیكَ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَكَ بِهَا وَ السَّلَامُ فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَّهُ وَ قَرَأَهُ وَ دَعَا بِدَوَاةٍ وَ قِرْطَاسٍ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَبْدِهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَخِی رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ وَصِیِّهِ وَ مُغَسِّلِهِ وَ مُكَفِّنِهِ وَ قَاضِی دَیْنِهِ وَ زَوْجِ ابْنَتِهِ الْبَتُولِ وَ أَبِی سِبْطَیْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَفْنَیْتُ قَوْمَكَ یَوْمَ بَدْرٍ وَ قَتَلْتُ عَمَّكَ وَ خَالَكَ وَ جَدَّكَ وَ السَّیْفُ الَّذِی قَتَلْتُهُمْ بِهِ مَعِی یَحْمِلُهُ سَاعِدِی بِثَبَاتٍ مِنْ صَدْرِی وَ قُوَّةٍ مِنْ بَدَنِی وَ نُصْرَةٍ مِنْ رَبِّی كَمَا جَعَلَهُ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی كَفِّی فَوَ اللَّهِ مَا اخْتَرْتُ عَلَی اللَّهِ رَبّاً وَ لَا عَلَی الْإِسْلَامِ دِیناً وَ لَا عَلَی مُحَمَّدٍ نَبِیّاً وَ لَا عَلَی السَّیْفِ بَدَلًا فَبَالِغْ مِنْ رَأْیِكَ فَاجْتَهِدْ وَ لَا تَقْصُرْ فَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَیْكَ الشَّیْطَانُ وَ اسْتَفَزَّكَ الْجَهْلُ وَ الطُّغْیَانُ

ص: 289

وَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی وَ خَشِیَ عَوَاقِبَ الرَّدَی ثُمَّ طَوَی الْكِتَابَ وَ خَتَمَهُ وَ دَعَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ یُقَالُ لَهُ الطِّرِمَّاحُ بْنُ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِیُّ وَ كَانَ رَجُلًا جَسِیماً طَوِیلًا أَدِیباً لَبِیباً فَصِیحاً لَسِناً مُتَكَلِّماً لَا یَكِلُّ لِسَانُهُ وَ لَا یَعْیَا عَنِ الْجَوَابِ فَعَمَّمَهُ بِعِمَامَتِهِ وَ دَعَا لَهُ بِجَمَلٍ بَازِلٍ وَثِیقٍ فَائِقٍ أَحْمَرَ فَسَوَّی رَاحِلَتَهُ وَ وَجَّهَهُ إِلَی دِمَشْقَ فَقَالَ لَهُ یَا طِرِمَّاحُ انْطَلِقْ بِكِتَابِی هَذَا إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ وَ خُذِ الْجَوَابَ فَأَخَذَ الطِّرِمَّاحُ الْكِتَابَ وَ كَوَّرَ بِعِمَامَتِهِ وَ رَكِبَ مَطِیَّتَهُ وَ انْطَلَقَ حَتَّی دَخَلَ دِمَشْقَ فَسَأَلَ عَنْ دَارِ الْإِمَارَةِ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَی الْبَابِ قَالَ لَهُ الْحُجَّابُ مَنْ بُغْیَتُكَ قَالَ أُرِیدُ أَصْحَابَ الْأَمِیرِ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَمِیرَ ثَانِیاً فَقَالُوا لَهُ مَنْ تُرِیدُ مِنْهُمْ قَالَ أُرِیدُ جَعْشَماً وَ جَرْوَلًا وَ مُجَاشِعاً وَ بَاقِعاً وَ كَانَ أَرَادَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِیَّ وَ أَبَا هُرَیْرَةَ الدَّوْسِیَّ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَقَالُوا هُمْ بِبَابِ الْخَضْرَاءِ یَتَنَزَّهُونَ فِی بُسْتَانٍ فَانْطَلَقَ وَ سَارَ حَتَّی أَشْرَفَ عَلَی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَإِذَا قَوْمٌ بِبَابِهِ فَقَالُوا جَاءَنَا أَعْرَابِیٌّ بَدَوِیٌّ دُوَیْنٌ إِلَی السَّمَاءِ تَعَالَوْا نَسْتَهْزِئُ بِهِ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَیْهِمْ قَالُوا یَا أَعْرَابِیُّ هَلْ عِنْدَكَ مِنَ السَّمَاءِ خَبَرٌ فَقَالَ بَلَی اللَّهُ تَعَالَی فِی السَّمَاءِ وَ مَلَكُ الْمَوْتِ فِی الْهَوَاءِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فِی الْقَفَاءِ فَاسْتَعِدُّوا لِمَا یَنْزِلُ عَلَیْكُمْ مِنَ الْبَلَاءِ یَا أَهْلَ الشَّقَاوَةِ وَ الشَّقَاءِ قَالُوا مِنْ أَیْنَ أَقْبَلْتَ قَالَ مِنْ عِنْدَ حُرٍّ تَقِیٍّ نَقِیٍّ زَكِیٍّ مُؤْمِنٍ رَضِیٍّ مَرْضِیٍّ فَقَالُوا وَ أَیَّ شَیْ ءٍ تُرِیدُ فَقَالَ أُرِیدُ هَذَا الدَّعِیَّ الرَّدِیَّ الْمُنَافِقَ الْمُرْدِیَ الَّذِی تَزْعُمُونَ أَنَّهُ أَمِیرُكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّهُ رَسُولُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالُوا هُوَ فِی هَذَا الْوَقْتِ مَشْغُولٌ قَالَ بِمَا ذَا بِوَعْدٍ أَوْ وَعِیدٍ قَالُوا لَا وَ لَكِنَّهُ یُشَاوِرُ أَصْحَابَهُ فِیمَا یُلْقِیهِ غَداً قَالَ فَسُحْقاً لَهُ وَ بُعْداً فَكَتَبُوا إِلَی مُعَاوِیَةَ بِخَبَرِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَرَدَ مِنْ عِنْدِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ رَجُلٌ أَعْرَابِیٌّ بَدَوِیٌّ فَصِیحٌ لَسِنٌ طَلِقٌ ذَلِقٌ یَتَكَلَّمُ فَلَا یَكِلُّ وَ یُطِیلُ فَلَا یَمَلُّ فَأَعِدَّ لِكَلَامِهِ جَوَاباً بَالِغاً وَ لَا تَكُنْ عَنْهُ غَافِلًا وَ لَا سَاهِیاً وَ السَّلَامُ

ص: 290

فَلَمَّا عَلِمَ الطِّرِمَّاحُ بِذَلِكَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَ نَزَلَ عَنْهَا وَ عَقَلَهَا وَ جَلَسَ مَعَ الْقَوْمِ الَّذِینَ یَتَحَدَّثُونَ فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَرَ ابْنَهُ یَزِیدَ أَنْ یَخْرُجَ وَ یَضْرِبَ الْمَصَافَّ عَلَی بَابِ دَارِهِ فَخَرَجَ یَزِیدُ وَ كَانَ عَلَی وَجْهِهِ أَثَرُ ضَرْبَةٍ فَإِذَا تَكَلَّمَ كَانَ جَهِیرَ الصَّوْتِ فَأَمَرَ بِضَرْبِ الْمَصَافِّ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا لِلطِّرِمَّاحِ هَلْ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ عَلَی بَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ لِهَذَا جِئْتُ وَ بِهِ أُمِرْتُ فَقَامَ إِلَیْهِ وَ مَشَی فَلَمَّا رَأَی أَصْحَابَ الْمَصَافِّ وَ عَلَیْهِمْ ثِیَابٌ سُودٌ فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ كَأَنَّهُمْ زَبَانِیَةٌ لِمَالِكٍ عَلَی ضِیقِ الْمَسَالِكِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ یَزِیدَ نَظَرَ إِلَیْهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا الْمَیْشُومُ بْنُ الْمَیْشُومِ الْوَاسِعُ الْحُلْقُومِ الْمَضْرُوبُ عَلَی الْخُرْطُومِ فَقَالُوا مَهْ یَا أَعْرَابِیُّ ابْنُ الْمَلِكِ یَزِیدُ فَقَالَ وَ مَنْ یَزِیدُ لَا زَادَ اللَّهُ مُزَادَهُ وَ لَا بَلَغَهُ مُرَادَهُ وَ مَنْ أَبُوهُ كَانَا قُدُماً غَائِصَیْنِ فِی بَحْرِ الْجَلَافَةِ وَ الْیَوْمَ اسْتَوَیَا عَلَی سَرِیرِ الْخِلَافَةِ فَسَمِعَ یَزِیدُ ذَلِكَ وَ اسْتَشَاطَ وَ هَمَّ بِقَتْلِهِ غَضَباً ثُمَّ كَرِهَ أَنْ یُحْدِثَ دُونَ إِذْنِ أَبِیهِ فَلَمْ یَقْتُلْهُ خَوْفاً مِنْهُ وَ كَظَمَ غَیْظَهُ وَ خَبَّأَ نَارَهُ وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا أَعْرَابِیُّ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَقْرَأُ عَلَیْكَ السَّلَامَ فَقَالَ سَلَامُهُ مَعِی مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ یَزِیدُ سَلْنِی عَمَّا شِئْتَ فَقَدْ أَمَرَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ بِقَضَاءِ حَاجَتِكَ فَقَالَ حَاجَتِی إِلَیْهِ أَنْ یَقُومَ مِنْ مَقَامِهِ حَتَّی یَجْلِسَ مَنْ هُوَ أَوْلَی مِنْهُ بِهَذَا الْأَمْرِ قَالَ فَمَا ذَا تُرِیدُ آنِفاً قَالَ الدُّخُولَ عَلَیْهِ فَأَمَرَ بِرَفْعِ الْحِجَابِ وَ أَدْخَلَهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ صَوَاحِبِهِ فَلَمَّا دَخَلَ الطِّرِمَّاحُ وَ هُوَ مُتَنَعِّلٌ قَالُوا لَهُ اخْلَعْ نَعْلَیْكَ فَالْتَفَتَ یَمِیناً وَ شِمَالًا ثُمَّ قَالَ هَذَا رَبُّ الْوَادِ الْمُقَدَّسِ فَأَخْلَعَ نَعْلَیَّ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ مُعَاوِیَةُ قَاعِدٌ عَلَی السَّرِیرِ مَعَ قَوَاعِدِهِ وَ خَاصَّتِهِ وَ مَثُلَ بَیْنَ یَدَیْهِ خَدَمُهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَیْكَ أَیُّهَا الْمَلِكُ الْعَاصِی فَقَرُبَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ وَیْحَكَ یَا أَعْرَابِیُّ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْعُوَهُ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ یَا أَحْمَقُ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ فَمَنْ أَمَّرَهُ عَلَیْنَا بِالْخِلَافَةِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَا مَعَكَ یَا أَعْرَابِیُّ فَقَالَ كِتَابٌ مَخْتُومٌ مِنْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ فَقَالَ نَاوِلْنِیهِ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ أَطَأَ بِسَاطَكَ قَالَ نَاوِلْهُ وَزِیرِی هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی

ص: 291

عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ ظَلَمَ الْأَمِیرُ وَ خَانَ الْوَزِیرُ فَقَالَ نَاوِلْهُ وَلَدِی هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی یَزِیدَ فَقَالَ مَا نَرْضَی بِإِبْلِیسَ فَكَیْفَ بِأَوْلَادهِ فَقَالَ نَاوِلْهُ مَمْلُوكِی هَذَا وَ أَشَارَ إِلَی غُلَامٍ لَهُ قَائِمٍ عَلَی رَأْسِهِ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ مَمْلُوكٌ اشْتَرَیْتَهُ مِنْ غَیْرِ حِلٍّ وَ تَسْتَعْمِلُهُ فِی غَیْرِ حَقٍّ قَالَ وَیْحَكَ یَا أَعْرَابِیُّ فَمَا الْحِیلَةُ وَ كَیْفَ نَأْخُذُ الْكِتَابَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَ تَأْخُذَهُ بِیَدِكَ عَلَی غَیْرِ كُرْهٍ مِنْكَ فَإِنَّهُ كِتَابُ رَجُلٍ كَرِیمٍ وَ سَیِّدٍ عَلِیمٍ وَ حِبْرٍ حَلِیمٍ بِالْمُؤْمِنِینَ رَءُوفٌ رَحِیمٌ فَلَمَّا سَمِعَ مِنْهُ مُعَاوِیَةُ وَثَبَ مِنْ مَكَانِهِ وَ أَخَذَ مِنْهُ الْكِتَابَ بِغَضَبٍ وَ فَكَّهَ وَ قَرَأَهُ وَ وَضَعَهُ تَحْتَ رُكْبَتَیْهِ ثُمَّ قَالَ كَیْفَ خَلَّفْتَ أَبَا الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ قَالَ خَلَّفْتُهُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَالْبَدْرِ الطَّالِعِ حَوَالَیْهِ أَصْحَابُهُ كَالنُّجُومِ الثَّوَاقِبِ اللَّوَامِعِ إِذَا أَمَرَهُمْ بِأَمْرٍ ابْتَدَرُوا إِلَیْهِ وَ إِذَا نَهَاهُمْ عَنْ شَیْ ءٍ لَمْ یَتَجَاسَرُوا عَلَیْهِ وَ هُوَ مِنْ بَأْسِهِ یَا مُعَاوِیَةُ فِی تَجَلُّدِ بَطَلٍ شُجَاعٍ سَیِّدٍ سَمَیْدَعٍ إِنْ لَقِیَ جَیْشاً هَزَمَهُ وَ أَرْدَاهُ وَ إِنْ لَقِیَ قَرْناً سَلَبَهُ وَ أَفْنَاهُ وَ إِنْ لَقِیَ عَدُوّاً قَتَلَهُ وَ جَزَاهُ قَالَ مُعَاوِیَةُ كَیْفَ خَلَّفْتَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ قَالَ خَلَّفْتُهُمَا بِحَمْدِ اللَّهِ شَابَّیْنِ نَقِیَّیْنِ تَقِیَّیْنِ زَكِیَّیْنِ عَفِیفَیْنِ صَحِیحَیْنِ سَیِّدَیْنِ طَیِّبَیْنِ فَاضِلَیْنِ عَاقِلَیْنِ عَالِمَیْنِ مُصْلِحَیْنِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ فَسَكَتَ مُعَاوِیَةُ سَاعَةً فَقَالَ مَا أَفْصَحَكَ یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ لَوْ بَلَغْتَ بَابَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لَوَجَدْتَ الْأُدَبَاءَ الْفُصَحَاءَ الْبُلَغَاءَ الْفُقَهَاءَ النُّجَبَاءَ الْأَتْقِیَاءَ الْأَصْفِیَاءَ وَ لَرَأَیْتَ رِجَالًا سِیماهُمْ فِی وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ حَتَّی إِذَا اسْتَعَرْتَ نَارَ الْوَغَی قَذَفُوا بِأَنْفُسِهِمْ فِی تِلْكَ الشُّعَلِ لَابِسِینَ الْقُلُوبَ عَلَی مَدَارِعِهِمْ قَائِمِینَ لَیْلَهُمْ صَائِمِینَ نَهَارَهُمْ لَا تَأْخُذُهُمْ فِی اللَّهِ وَ لَا فِی وَلِیِّ اللَّهِ عَلِیٍّ لَوْمَةُ لَائِمٍ فَإِذَا أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ رَأَیْتَهُمْ عَلَی هَذِهِ الْحَالِ غَرِقْتَ فِی بَحْرٍ عَمِیقٍ لَا تَنْجُو مِنْ لُجَّتِهِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِیَةَ سِرّاً هَذَا رَجُلٌ أَعْرَابِیٌّ بَدَوِیٌّ لَوْ أَرْضَیْتَهُ بِالْمَالِ لَتَكَلَّمَ فِیكَ بِخَیْرٍ

ص: 292

فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا أَعْرَابِیُّ مَا تَقُولُ فِی الْجَائِزَةِ أَ تَأْخُذُهَا مِنِّی أَمْ لَا قَالَ بَلْ آخُذُهَا فَوَ اللَّهِ أَنَا أُرِیدُ اسْتِقْبَاضَ رُوحِكَ مِنْ جَسَدِكَ فَكَیْفَ بِاسْتِقْبَاضِ مَالِكَ مِنْ خِزَانَتِكَ فَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ أَ تُحِبُّ أَنْ أَزِیدَكَ قَالَ زِدْ فَإِنَّكَ لَا تُعْطِیهِ مِنْ مَالِ أَبِیكَ وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی وَلِیُّ مَنْ یَزِیدُ قَالَ أَعْطُوهُ عِشْرِینَ أَلْفاً قَالَ الطِّرِمَّاحُ اجْعَلْهَا وَتْراً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی هُوَ الْوَتْرُ وَ یُحِبُّ الْوَتْرَ قَالَ أَعْطُوهُ ثَلَاثِینَ أَلْفاً فَمَدَّ الطِّرِمَّاحُ بَصَرَهُ إِلَی إِیرَادِهِ فَأَبْطَأَ عَلَیْهِ سَاعَةً فَقَالَ یَا مَلِكُ تَسْتَهْزِئُ بِی عَلَی فِرَاشِكَ فَقَالَ لِمَا ذَا یَا أَعْرَابِیُّ قَالَ إِنَّكَ أَمَرْتَ لِی بِجَائِزَةٍ لَا أَرَاهَا وَ لَا تَرَاهَا فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرِّیحِ الَّتِی تَهُبُّ مِنْ قُلَلِ الْجِبَالِ فَأُحْضِرَ الْمَالُ وَ وُضِعَ بَیْنَ یَدَیِ الطِّرِمَّاحِ فَلَمَّا قَبَضَ الْمَالَ سَكَتَ وَ لَمْ یَتَكَلَّمْ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یَا أَعْرَابِیُّ كَیْفَ تَرَی جَائِزَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ الْأَعْرَابِیُّ هَذَا مَالُ الْمُسْلِمِینَ مِنْ خِزَانَةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ أَخَذَهُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِینَ فَالْتَفَتَ مُعَاوِیَةُ إِلَی كَاتِبِهِ وَ قَالَ اكْتُبْ جَوَابَهُ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ أَظْلَمَتِ الدُّنْیَا عَلَیَّ وَ مَا لِی طَاقَةٌ فَأَخَذَ الْكَاتِبُ الْقِرْطَاسَ فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ ابْنِ عَبْدِهِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُوَجِّهُ إِلَیْكَ جُنْداً مِنْ جُنُودِ الشَّامِ مُقَدِّمَتُهُ بِالْكُوفَةِ وَ سَاقَتُهُ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ وَ لَأَرْمِیَنَّكَ بِأَلْفِ حِمْلٍ مِنْ خَرْدَلٍ تَحْتَ كُلِّ خَرْدَلٍ أَلْفُ مُقَاتِلٍ فَإِنْ أَطْفَأْتَ نَارَ الْفِتْنَةِ وَ سَلَّمْتَ إِلَیْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَ إِلَّا فَلَا تَقُلْ غَالَ ابْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ لَا یَغُرَّنَّكَ شَجَاعَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ اتِّفَاقُهُمْ فَإِنَّ اتِّفَاقَهُمْ نِفَاقٌ فَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الْحِمَارِ النَّاهِقِ یَمِیلُونَ مَعَ كُلِّ نَاعِقٍ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا نَظَرَ الطِّرِمَّاحُ إِلَی مَا یَخْرُجُ تَحْتَ قَلَمِهِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا أَدْرِی أَیُّكُمَا أَكْذَبُ أَنْتَ بِادِّعَائِكَ أَمْ كَاتِبُكَ فِیمَا كَتَبَ لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ لَمْ یَقْدِرُوا بِهِ عَلَی ذَلِكَ فَنَظَرَ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَتَبَ مِنْ غَیْرِ أَمْرِی فَقَالَ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَأْمُرْهُ فَقَدِ اسْتَضْعَفَكَ وَ إِنْ كُنْتَ أَمَرْتَهُ فَقَدِ اسْتَفْضَحَكَ

ص: 293

أَوْ قَالَ إِنْ كَتَبَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَقَدْ خَانَكَ وَ إِنْ أَمَرْتَهُ بِذَلِكَ فَأَنْتُمَا خَائِنَانِ كَاذِبَانِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ ثُمَّ قَالَ الطِّرِمَّاحُ یَا مُعَاوِیَةُ أَظُنُّكَ تُهَدِّدُ الْبَطَّ بِالشَّطِّ

فَدَعِ الْوَعِیدَ فَمَا وَعِیدُكَ ضَائِرٌ*** أَ طَنِینُ أَجْنِحَةِ الذُّبَابِ یَضِیرُ

وَ اللَّهِ إِنَّ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لَدِیكاً عَلِیَّ الصَّوْتِ عَظِیمَ الْمِنْقَارِ یَلْتَقِطُ الْجَیْشَ بِخَیْشُومِهِ وَ یَصْرِفُهُ إِلَی قَانِصَتِهِ وَ یَحُطُّهُ إِلَی حَوْصَلَتِهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ اللَّهِ كَذَلِكَ هُوَ مَالِكُ بْنُ [الْحَارِثِ] الْأَشْتَرُ النَّخَعِیُّ ثُمَّ قَالَ ارْجِعْ بِسَلَامٍ مِنِّی وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی خُذِ الْمَالَ وَ الْكِتَابَ وَ انْصَرِفْ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ صَاحِبِكَ خَیْراً فَأَخَذَ الطِّرِمَّاحُ الْكِتَابَ وَ حَمَلَ الْمَالَ وَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَ رَكِبَ مَطِیَّتَهُ وَ سَارَ ثُمَّ الْتَفَتَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَوْ أَعْطَیْتُ جَمِیعَ مَا أَمْلِكُ لِرَجُلٍ مِنْكُمْ لَمْ یُؤَدِّ عَنِّی عُشْرَ عَشِیرِ مَا أَدَّی هَذَا الْأَعْرَابِیُّ عَنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَوْ أَنَّ لَكَ قَرَابَةً كَقَرَابَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ كَانَ مَعَكَ الْحَقُّ كَمَا هُوَ مَعَهُ لَأَدَّیْنَا عَنْكَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً فَقَالَ مُعَاوِیَةُ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ وَ قَطَعَ شَفَتَیْكَ وَ اللَّهِ لَكَلَامُكَ عَلَیَّ أَشَدُّ مِنْ كَلَامِ الْأَعْرَابِیِّ وَ لَقَدْ ضَاقَتْ عَلَیَّ الدُّنْیَا بِحَذَافِیرِهَا.

توضیح:

الزعزعة تحریك الریاح لشجرة و نحوها ذكره الفیروزآبادی و قال وقب الظلام دخل و الشمس وقبا و وقوبا غابت و الوثیق المحكم و المصاف جمع المصف و هو موضع الصف و السمیدع بفتح السین و المیم بعدها مثناة تحتانیة السید الكریم الشریف السخی الموطأ الأكتاف و الشجاع و فی الصحاح ضاره یضوره و یضیره ضورا و ضیرا أی ضره.

«552»-(1)أَقُولُ نُقِلَ مِنْ خَطِّ الشَّهِیدِ قُدِّسَ سِرُّهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ

ص: 294


1- 552- للحدیث- عدا بعض خصوصیاته- مصادر كثیرة و أسانید یجد الباحث كثیرا منها تحت الرقم: 401 و تالیه و تعلیقهما من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ دمشق: ج 1، ص 369 ط 2.

مُعَاوِیَةُ لِأَبِی الْمُرَقِّعِ الْهَمْدَانِیِّ اشْتِمْ عَلِیّاً قَالَ بَلْ أَشْتِمُ شَاتِمَهُ وَ ظَالِمَهُ قَالَ أَ هُوَ مَوْلَاكَ قَالَ وَ مَوْلَاكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ قَالَ فَادْعُ عَلَیْهِ قَالَ بَلْ أَدْعُو عَلَی مَنْ هُوَ دُونَهُ قَالَ مَا تَقُولُ فِی قَاتِلِهِ قَالَ هُوَ فِی النَّارِ مَعَ مَنْ سَرَّهُ ذَلِكَ قَالَ مَنْ قَوْمُكَ قَالَ الزُّرْقُ مِنْ هَمْدَانَ الَّذِینَ أَسْحَبُوكَ یَوْمَ صِفِّینَ.

«552»-(1)وَ مِنْ خَطِّهِ أَیْضاً قَالَ رَوَی أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِی كِتَابِ فَائِتِ الْجَمْهَرَةِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ مُعَاوِیَةَ یَوْمَ صِفِّینَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ لَهُ سَلْ عَلِیّاً فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنِّی قَالَ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ جَوَابُكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ جَوَابِهِ فَقَالَ لَهُ لَقَدْ كَرِهْتَ رَجُلًا رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَغُرُّهُ بِالْعِلْمِ غَرّاً وَ لَقَدْ رَأَیْتُ عُمَرَ إِذَا أَشْكَلَ عَلَیْهِ الشَّیْ ءُ قَالَ أَ هَاهُنَا أَبُو الْحَسَنِ قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَیْكَ وَ مَحَا اسْمَهُ مِنَ الدِّیوَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَكُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَجَاءَنَا الرَّجُلُ وَ قَدْ سَبَقَهُ خَبَرُهُ إِلَیْنَا فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ جِئْتُكَ مُسْتَأْمِناً فَقَالَ لَهُ أَنْتَ صَاحِبُ الْكَلَامِ أَنْتَ تُعَرِّفُ مُعَاوِیَةَ مَنْ أَنَا فَكَیْفَ رَأَیْتَ جَوَابَ الْمُنَافِقِ قُمْ لَا أَقَامَ اللَّهُ رِجْلَیْكَ فَبَقِیَ مُذَبْذَباً.

و ذكر ابن الندیم فی الفهرست أن هذا أبا عمر كان نهایة فی النصب و المیل علی علی علیه السلام.

ص: 295


1- 552- للحدیث- عدا بعض خصوصیاته- مصادر كثیرة و أسانید یجد الباحث كثیرا منها تحت الرقم: 401 و تالیه و تعلیقهما من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ دمشق: ج 1، ص 369 ط 2.

ص: 296

باب 21 باب بدو قصة التحكیم و الحكمین و حكمهما بالجور رأی العین

و قد مر بعض ذلك فیما مضی من قصص صفین.

«553»-(1)قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ قَالَ نَصْرٌ رَوَی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ زِیَادِ بْنِ النَّضْرِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام بَعَثَ أَرْبَعَمِائَةٍ عَلَیْهِمْ شُرَیْحُ بْنُ هَانِئٍ وَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ یُصَلِّی بِهِمْ وَ مَعَهُمْ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ وَ بَعَثَ مُعَاوِیَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِی أَرْبَعِمِائَةٍ ثُمَّ إِنَّهُمْ خَلَّوْا بَیْنَ الْحَكَمَیْنِ فَكَانَ رَأْیُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ فِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ كَانَ یَقُولُ وَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَعْتُ لَأُحْیِیَنَّ سُنَّةَ عُمَرَ-.

قَالَ نَصْرٌ وَ فِی حَدِیثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرْجَانِیِّ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ أَبُو مُوسَی الْمَسِیرَ قَامَ إِلَیْهِ شُرَیْحُ بْنُ هَانِئٍ فَأَخَذَ بِیَدِهِ وَ قَالَ یَا أَبَا مُوسَی إِنَّكَ قَدْ نُصِبْتَ لِأَمْرٍ عَظِیمٍ لَا یُجْبَرُ صَدْعُهُ وَ لَا یُسْتَقَالُ فِتْنَتُهُ وَ مَهْمَا تَقُلْ مِنْ شَیْ ءٍ عَلَیْكَ أَوْ لَكَ تُثْبِتْ حَقَّهُ وَ تَرَی صِحَّتَهُ وَ إِنْ كَانَ بَاطِلًا وَ إِنَّهُ لَا بَقَاءَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ إِنْ

ص: 297


1- 553- رواه ابن أبی الحدید فی أواسط شرحه علی المختار: 35 من نهج البلاغة: ج 1، ص 444 ط الحدیث ببیروت.

مَلِكَهُمْ مُعَاوِیَةُ وَ لَا بَأْسَ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ إِنْ مَلِكَهُمْ عَلِیٌّ وَ قَدْ كَانَتْ مِنْكَ تَثْبِیطَةٌ أَیَّامَ الْكُوفَةِ وَ الْجَمَلِ وَ إِنْ تُشَفِّعْهَا بِمِثْلِهَا یَكُنِ الظَّنُّ بِكَ یَقِیناً وَ الرَّجَاءُ مِنْكَ یَأْساً فَقَالَ أَبُو مُوسَی مَا یَنْبَغِی لِقَوْمٍ اتَّهَمُونِی أَنْ یُرْسِلُونِی لِأَدْفَعَ عَنْهُمْ بَاطِلًا أَوْ أَجُرَّ إِلَیْهِمْ حَقّاً-.

وَ رَوَی الْمَدَائِنِیُّ فِی كِتَابِ صِفِّینَ قَالَ- لَمَّا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَی طَلَبِ أَبِی مُوسَی وَ أَحْضَرُوهُ لِلتَّحْكِیمِ عَلَی كُرْهٍ مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام لَهُ أَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ وَ عِنْدَهُ وُجُوهُ النَّاسِ وَ الْأَشْرَافِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا مُوسَی إِنَّ النَّاسَ لَمْ یَرْضَوْا بِكَ وَ لَمْ یَجْتَمِعُوا عَلَیْكَ لِفَضْلٍ لَا تُشَارَكُ فِیهِ وَ مَا أَكْثَرَ أَشْبَاهَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ الْمُتَقَدِّمِینَ قَبْلَكَ وَ لَكِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَبَوْا إِلَّا أَنْ یَكُونَ الْحَكَمُ یَمَانِیّاً وَ رَأَوْا أَنَّ مُعْظَمَ أَهْلِ الشَّامِ یَمَانٍ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّ ذَلِكَ شَرّاً لَكَ وَ لَنَا فَإِنَّهُ قَدْ ضُمَّ إِلَیْكَ دَاهِیَةُ الْعَرَبِ وَ لَیْسَ فِی مُعَاوِیَةَ خَلَّةٌ یَسْتَحِقُّ بِهَا الْخِلَافَةَ فَإِنْ تَقْذِفْ بِحَقِّكَ عَلَی بَاطِلِهِ تُدْرِكْ حَاجَتَكَ مِنْهُ وَ إِنْ یَطْمَعْ بَاطِلُهُ فِی حَقِّكَ یُدْرِكْ حَاجَتَهُ مِنْكَ وَ اعْلَمْ یَا أَبَا مُوسَی أَنَّ مُعَاوِیَةَ طَلِیقُ الْإِسْلَامِ وَ أَنَّ أَبَاهُ رَأْسُ الْأَحْزَابِ وَ أَنَّهُ یَدَّعِی الْخِلَافَةَ مِنْ غَیْرِ مَشُورَةٍ وَ لَا بَیْعَةٍ فَإِنْ زَعَمَ لَكَ أَنَّ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ اسْتَعْمَلَاهُ فَلَقَدْ صَدَقَ اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ وَ هُوَ الْوَالِی عَلَیْهِ بِمَنْزِلَةِ الطَّبِیبِ یَحْمِیهِ مَا یَشْتَهِی وَ یُؤْجِرُهُ مَا یَكْرَهُ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عُثْمَانُ بِرَأْیِ عُمَرَ وَ مَا أَكْثَرَ مَا اسْتَعْمَلَا مِمَّنْ لَمْ یَدَّعِ الْخِلَافَةَ وَ اعْلَمْ أَنَّ لِعَمْرٍو مَعَ كُلِّ شَیْ ءٍ یَسُرُّكَ خَبِیئاً یَسُوؤُكَ وَ مَهْمَا نَسِیتَ فَلَا تَنْسَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام بَایَعَهُ الْقَوْمُ الَّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ أَنَّهَا بَیْعَةُ هُدًی وَ أَنَّهُ لَمْ یُقَاتِلْ إِلَّا الْعَاصِینَ وَ النَّاكِثِینَ فَقَالَ أَبُو مُوسَی رَحِمَكَ اللَّهُ وَ اللَّهِ مَا لِی إِمَامٌ غَیْرُ عَلِیٍّ وَ إِنِّی لَوَاقِفٌ عِنْدَ مَا رَأَی وَ إِنَّ حَقَّ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ رِضَا مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ وَ مَا أَنْتَ وَ أَنَا إِلَّا بِاللَّهِ.

وَ رَوَی الْبَلاذُرِیُّ فِی كِتَابِ أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ قَالَ- قِیلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ

ص: 298

الْعَبَّاسِ مَا مَنَعَ عَلِیّاً أَنْ یَبْعَثَكَ مَعَ عَمْرٍو یَوْمَ التَّحْكِیمِ قَالَ مَنَعَهُ حَاجِزُ الْقَدَرِ وَ مِحْنَةُ الِابْتِلَاءِ وَ قِصَرُ الْمُدَّةِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتُ لَقَعَدْتُ عَلَی مَدَارِجِ أَنْفَاسِهِ نَاقِضاً مَا أَبْرَمَ وَ مُبْرِماً مَا نَقَضَ أَطِیرُ إِذَا أَسَفَ وَ أَسِفُ إِذَا طَارَ وَ لَكِنْ سَبَقَ قَدَرٌ وَ بَقِیَ أَسَفٌ وَ مَعَ الْیَوْمِ غَدٌ وَ الْآخِرَةُ خَیْرٌ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ-.

قَالَ نَصْرٌ وَ فِی حَدِیثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ- أَقْبَلَ أَبُو مُوسَی إِلَی عَمْرٍو فَقَالَ یَا عَمْرُو هَلْ لَكَ فِی أَمْرٍ هُوَ لِلْأُمَّةِ صَلَاحٌ وَ لِصُلَحَاءِ النَّاسِ رِضًا نُوَلِّی هَذَا الْأَمْرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الَّذِی لَمْ یَدْخُلْ فِی شَیْ ءٍ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَ لَا فِی هَذِهِ الْفُرْقَةِ قَالَ وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ قَرِیبَیْنِ یَسْمَعَانِ الْكَلَامَ فَقَالَ عَمْرٌو فَأَیْنَ أَنْتَ یَا أَبَا مُوسَی عَنْ مُعَاوِیَةَ فَأَبَی عَلَیْهِ أَبُو مُوسَی فَقَالَ عَمْرٌو أَ لَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ مُعَاوِیَةَ وَلِیُّ عُثْمَانَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً [33 الْإِسْرَاءُ] ثُمَّ إِنَّ بَیْتَ مُعَاوِیَةَ فِی قُرَیْشٍ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَ هُوَ أَخُو أُمِّ حَبِیبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ وَ زَوْجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ صَحِبَهُ وَ هُوَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ بِالسُّلْطَانِ فَقَالَ لَهُ إِنْ هُوَ وَلِیَ الْأَمْرَ أَكْرَمَكَ كَرَامَةً لَمْ یُكْرِمْكَ أَحَدٌ قَطُّ بِمِثْلِهَا فَقَالَ أَبُو مُوسَی اتَّقِ اللَّهَ یَا عَمْرُو فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَیْسَ عَلَی الشَّرَفِ إِنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ الدِّینِ وَ الْفَضْلِ مَعَ أَنِّی لَوْ كُنْتُ أَعْطَیْتُهُ أَفْضَلَ قُرَیْشٍ شَرَفاً لَأَعْطَیْتُهُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ وَلِیُّ عُثْمَانَ فَإِنِّی لَمْ أَكُنْ أُوَلِّیهِ إِیَّاهُ لِنِسْبَةٍ مِنْ عُثْمَانَ وَ أَدَعُ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ وَ أَمَّا تَعْرِیضُكَ لِی بِالْإِمْرَةِ وَ السُّلْطَانِ فَوَ اللَّهِ لَوْ خَرَجَ لِی مِنْ سُلْطَانِهِ مَا وَلِیتُهُ وَ لَا كُنْتُ أَرْتَشِی فِی اللَّهِ وَ لَكِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَحْیَیْنَا سُنَّةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ رُوِیَ أَنَّهُ كَانَ یَقُولُ غَیْرَ مَرَّةٍ وَ اللَّهِ إِنِ اسْتَطَعْتُ لَأُحْیِیَنَّ اسْمَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

ص: 299

فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُرِیدُ أَنْ تُبَایِعَ ابْنَ عُمَرَ لِدِینِهِ فَمَا یَمْنَعُكَ مِنِ ابْنِی عَبْدِ اللَّهِ وَ أَنْتَ تَعْرِفُ فَضْلَهُ وَ صَلَاحَهُ فَقَالَ إِنَّ ابْنَكَ لَرَجُلُ صِدْقٍ وَ لَكِنَّكَ قَدْ غَمَسْتَهُ فِی هَذِهِ الْفِتْنَةِ-.

قَالَ نَصْرٌ وَ رُوِیَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ- كُنْتُ مَعَ شُرَیْحِ بْنِ هَانِئٍ فِی غَزْوَةِ سِجِسْتَانَ فَحَدَّثَنِی أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَوْصَاهُ بِكَلِمَاتٍ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ قَالَ لَهُ قُلْ لِعَمْرٍو إِذَا لَقِیتَهُ إِنَّ عَلِیّاً یَقُولُ لَكَ إِنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَیْهِ وَ إِنْ نَقَصَهُ وَ إِنَّ أَبْعَدَ الْخَلْقِ مِنَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْبَاطِلِ أَحَبَّ إِلَیْهِ وَ إِنَّ زَادَهُ وَ اللَّهِ یَا عَمْرُو إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَیْنَ مَوْضِعُ الْحَقِّ فَلِمَ تَتَجَاهَلُ أَ بِأَنْ أُوتِیتَ طَمَعاً یَسِیراً صِرْتَ لِلَّهِ وَ لِأَوْلِیَائِهِ عَدُوّاً فَكَانَ مَا أُوتِیتَ قَدْ زَالَ عَنْكَ فَ لا تَكُنْ لِلْخائِنِینَ خَصِیماً وَ لَا لِلظَّالِمِینَ ظَهِیراً أَمَا إِنِّی أَعْلَمُ أَنَّ یَوْمَكَ الَّذِی أَنْتَ فِیهِ نَادِمٌ هُوَ یَوْمُ وَفَاتِكَ وَ سَوْفَ تَتَمَنَّی أَنَّكَ لَمْ تُظْهِرْ لِی عَدَاوَةً وَ لَمْ تَأْخُذْ عَلَی حُكْمِ اللَّهِ رِشْوَةً قَالَ شُرَیْحٌ فَأَبْلَغْتُهُ ذَلِكَ یَوْمَ لَقِیتُهُ فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ وَ قَالَ مَتَی كُنْتُ قَابِلًا مَشُورَةَ عَلِیٍّ أَوْ مُنِیباً إِلَی رَأْیِهِ أَوْ مُعْتَدّاً بِأَمْرِهِ فَقُلْتُ وَ مَا یَمْنَعُكَ یَا ابْنَ النَّابِغَةِ أَنْ تَقْبَلَ مِنْ مَوْلَاكَ وَ سَیِّدِ الْمُسْلِمِینَ بَعْدَ نَبِیِّهِمْ مَشُورَتَهُ لَقَدْ كَانَ مَنْ هُوَ خَیْرٌ مِنْكَ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ یَسْتَشِیرَانِهِ وَ یَعْمَلَانِ بِرَأْیِهِ فَقَالَ إِنَّ مِثْلِی لَا یُكَلِّمُ مِثْلَكَ فَقُلْتُ بِأَیِّ أَبَوَیْكَ تَرْغَبُ عَنْ كَلَامِی بِأَبِیكَ الْوَشِیظِ أَمْ بِأُمِّكَ النَّابِغَةِ فَقَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَ قُمْتُ.

قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَی أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِیُّ- أَنَّ عَمْراً وَ أَبَا مُوسَی لَمَّا الْتَقَیَا بِدَوْمَةَ الْجَنْدَلِ أَخَذَ عَمْرٌو یُقَدِّمُ أَبَا مُوسَی فِی الْكَلَامِ وَ یَقُولُ إِنَّكَ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَبْلِی وَ أَنْتَ أَكْبَرُ مِنِّی سِنّاً فَتَكَلَّمْ أَنْتَ ثُمَّ أَتَكَلَّمُ أَنَا فَجَعَلَ ذَلِكَ سُنَّةً وَ عَادَةً بَیْنَهُمَا وَ إِنَّمَا كَانَ مَكْراً وَ خَدِیعَةً وَ اغْتِرَاراً لَهُ بِأَنْ یُقَدِّمَهُ فَیَبْدَأَ بِخَلْعِ عَلِیٍّ ثُمَّ یَرَی رَأْیَهُ.

قَالَ ابْنُ دَیْزِیلَ فِی كِتَابِ صِفِّینَ أَعْطَاهُ عَمْرٌو صَدْرَ الْمَجْلِسِ وَ كَانَ لَا یَتَكَلَّمُ قَبْلَهُ وَ أَعْطَاهُ التَّقَدُّمَ فِی الصَّلَاةِ وَ فِی الطَّعَامِ لَا یَأْكُلُ حَتَّی یَأْكُلَ وَ إِذَا

ص: 300

خَاطَبَهُ فَإِنَّمَا یُخَاطِبُهُ بِأَجَلِّ الْأَسْمَاءِ وَ یَقُولُ لَهُ یَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّی اطْمَأَنَّ إِلَیْهِ وَ ظَنَّ أَنَّهُ لَا یَغُشُّهُ فَلَمَّا انْمَخَضَتِ الزُّبْدَةُ بَیْنَهُمَا قَالَ لَهُ عَمْرٌو أَخْبِرْنِی مَا رَأْیُكَ یَا أَبَا مُوسَی قَالَ أَرَی أَنْ أَخْلَعَ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ وَ نَجْعَلَ الْأَمْرَ شُورَی بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ یَخْتَارُونَ مَنْ یَشَاءُونَ فَقَالَ عَمْرٌو الرَّأْیُ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتَ فَأَقْبَلَا إِلَی النَّاسِ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ فَتَكَلَّمَ أَبُو مُوسَی فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَأْیِی وَ رَأْیَ عَمْرٍو قَدِ اتَّفَقَ عَلَی أَمْرٍ نَرْجُو أَنْ یُصْلِحَ اللَّهُ بِهِ شَأْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَ عَمْرٌو صَدَقَ ثُمَّ قَالَ لَهُ تَقَدَّمْ یَا أَبَا مُوسَی فَتَكَلَّمْ فَقَامَ أَبُو مُوسَی لِیَتَكَلَّمَ فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ وَیْحَكَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّهُ خَدَعَكَ إِنْ كُنْتُمَا قَدِ اتَّفَقْتُمَا عَلَی أَمْرٍ فَقَدِّمْهُ قَبْلَكَ لِیَتَكَلَّمَ بِهِ ثُمَّ تَكَلَّمْ أَنْتَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ غَدَّارٌ وَ لَا آمَنُ أَنْ یَكُونَ أَعْطَاكَ الرِّضَا فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ فَإِذَا قُمْتَ بِهِ فِی النَّاسِ خَالَفَكَ وَ كَانَ أَبُو مُوسَی رَجُلًا مُغْفِلًا فَقَالَ أَیْهاً عَنْكَ إِنَّا قَدِ اتَّفَقْنَا فَتَقَدَّمَ أَبُو مُوسَی فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا قَدْ نَظَرْنَا فِی أَمْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَمْ نَرَ شَیْئاً هُوَ أَصْلَحُ لِأَمْرِ هَؤُلَاءِ وَ لَا أَلَمُّ لِشَعَثِهَا مِنْ أَنْ لَا یُبَیِّنَ أُمُورَهَا (1)وَ قَدِ اجْتَمَعَ رَأْیِی وَ رَأْیُ صَاحِبِی عَلَی خَلْعِ عَلِیٍّ وَ مُعَاوِیَةَ وَ أَنْ یَسْتَقْبِلَ هَذَا الْأَمْرُ فَیَكُونَ شُورَی بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ یُوَلُّونَ أُمُورَهُمْ مَنْ أَحَبُّوا وَ إِنِّی قَدْ خَلَعْتُ عَلِیّاً وَ مُعَاوِیَةَ فَاسْتَقْبِلُوا أُمُورَكُمْ وَ وَلُّوا مَنْ رَأَیْتُمُوهُ لِهَذَا الْأَمْرِ أَهْلًا ثُمَّ تَنَحَّی فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِی مَقَامِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَا قَدْ قَالَ مَا سَمِعْتُمْ وَ خَلَعَ صَاحِبَهُ وَ أَنَا أَخْلَعُ صَاحِبَهُ كَمَا خَلَعَهُ وَ أُثْبِتُ صَاحِبِی مُعَاوِیَةَ فِی الْخِلَافَةِ فَإِنَّهُ وَلِیُّ عُثْمَانَ وَ الطَّالِبُ بِدَمِهِ وَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَقَامِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَی مَا لَكَ لَا وَفَّقَكَ اللَّهُ قَدْ غَدَرْتَ وَ فَجَرْتَ إِنَّمَا مَثَلُكَ

ص: 301


1- 1 كذا فی ط الكمبانیّ من الأصل، و فی طبع الحدیث ببیروت من شرح ابن أبی الحدید: ج 1، ص 451: «من أن لا تتباین أمورها».

كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ وَ إِنْ تَتْرُكْهُ یَلْهَثْ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو إِنَّمَا مَثَلُكَ كَمَثَلِ الْحِمارِ یَحْمِلُ أَسْفاراً وَ حَمَلَ شُرَیْحُ بْنُ هَانِئٍ عَلَی عَمْرٍو فَقَنَّعَهُ بِالسَّوْطِ وَ حَمَلَ ابْنٌ لِعَمْرٍو عَلَی شُرَیْحٍ فَقَنَّعَهُ بِالسَّوْطِ وَ قَامَ النَّاسُ فَحَجَزُوا بَیْنَهُمَا فَكَانَ شُرَیْحٌ بَعْدَ ذَلِكَ یَقُولُ مَا نَدِمْتُ عَلَی شَیْ ءٍ نَدَامَتِی أَنْ لَا أَكُونَ ضَرَبْتُ عَمْراً بِالسَّیْفِ بَدَلَ السَّوْطِ لَكِنْ أَتَی الدَّهْرُ بِمَا أَتَی بِهِ وَ الْتَمَسَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام أَبَا مُوسَی فَرَكِبَ نَاقَتَهُ وَ لَحِقَ بِمَكَّةَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَقُولُ قَبَّحَ اللَّهُ أَبَا مُوسَی لَقَدْ حَذَّرْتُهُ وَ هَدَیْتُهُ إِلَی الرَّأْیِ فَمَا عَقَلَ وَ كَانَ أَبُو مُوسَی یَقُولُ لَقَدْ حَذَّرَنِی ابْنُ عَبَّاسٍ غُدَرَةَ الْفَاسِقِ وَ لَكِنِ اطْمَأْنَنْتُ إِلَیْهِ وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا یُؤْثِرُ شَیْئاً عَلَی نَصِیحَةِ الْأُمَّةِ قَالَ نَصْرٌ وَ رَجَعَ عَمْرٌو إِلَی مَنْزِلِهِ مِنْ دُومَةِ الْجَنْدَلِ فَكَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ:

أَتَتْكَ الْخِلَافَةُ مَزْفُوفَةً*** هَنِیئاً مَرِیئاً تَقَرُّ الْعُیُونَا

تُزَفُّ إِلَیْكَ زِفَافَ الْعَرُوسِ*** بِأَهْوَنَ مِنْ طَعْنِكَ الدَّارَ عَیْناً

إِلَی آخِرِ الْأَبْیَاتِ فَقَامَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیُّ وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَوِ اجْتَمَعْتُمَا عَلَی الْهُدَی مَا زِدْتُمَا عَلَی مَا نَحْنُ الْآنَ عَلَیْهِ وَ مَا ضَلَالُكُمَا بِلَازِمٍ لَنَا وَ مَا رَجَعْتُمَا إِلَّا بِمَا بَدَأْتُمَا بِهِ وَ إِنَّا الْیَوْمَ لَعَلَی مَا كُنَّا عَلَیْهِ أَمْسِ وَ قَامَ كُرْدُوسُ بْنُ هَانِئٍ مُغْضَباً وَ أَنْشَدَ أَبْیَاتاً فِی الرِّضَا بِخِلَافَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ إِنْكَارِ خِلَافَةِ مُعَاوِیَةَ وَ حُكْمِ الْحَكَمَیْنِ وَ تَكَلَّمَ جَمَاعَةٌ أُخْرَی بِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ نَصْرٌ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام لَمَّا سَمِعَ مَا خَدَعَ بِهِ عَمْرٌو أَبَا مُوسَی غَمَّهُ ذَلِكَ وَ سَاءَهُ وَ خَطَبَ النَّاسَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ إِنْ أَتَی الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ وَ الْحَدَثِ الْجَلِیلِ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی بِرِوَایَةِ السَّیِّدِ الرَّضِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ قَالَ

ص: 302

أَلَا إِنَّ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ الذین [اللَّذَیْنِ] اخْتَرْتُمُوهُمَا قَدْ نَبَذَا حُكْمَ الْكِتَابِ وَ أَحْیَیَا مَا أَمَاتَ وَ اتَّبَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَوَاهُ وَ حَكَمَ بِغَیْرِ حُجَّةٍ وَ لَا بَیِّنَةٍ وَ لَا سُنَّةٍ مَاضِیَةٍ وَ اخْتَلَفَا فِیمَا حَكَمَا فَكِلَاهُمَا لَمْ یُرْشِدِ اللَّهُ فَاسْتَعِدُّوا لِلْجِهَادِ وَ تَأَهَّبُوا لِلْمَسِیرِ وَ أَصْبِحُوا فِی مُعَسْكَرِكُمْ یَوْمَ كَذَا (1)قَالَ نَصْرٌ فَكَانَ عَلِیٌّ علیه السلام بَعْدَ الْحُكُومَةِ إِذَا صَلَّی الْغَدَاةَ وَ الْمَغْرِبَ وَ فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَ سَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْراً وَ أَبَا مُوسَی وَ حَبِیبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ وَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَیْسٍ وَ الْوَلِیدَ بْنَ عُقْبَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ فَكَانَ إِذَا صَلَّی لَعَنَ عَلِیّاً وَ حَسَناً وَ حُسَیْناً وَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ الْأَشْتَرَ وَ زَادَ ابْنُ دَیْزِیلَ فِی أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِیَّ وَ رَوَی ابْنُ دَیْزِیلَ أَیْضاً أَنَّ أَبَا مُوسَی كَتَبَ مِنْ مَكَّةَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَلْعَنُنِی فِی الصَّلَاةِ وَ یُؤَمِّنُ خَلْفَكَ الْجَاهِلُونَ وَ إِنِّی أَقُولُ كَمَا قَالَ مُوسَی علیه السلام رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَیَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِیراً لِلْمُجْرِمِینَ.

بیان: قال فی القاموس الدهاء النكر و جودة الرأی و الأدب و رجل داه و ده و داهیة و قال فی النهایة أسف الطائر إذا دنا من الأرض و أسف الرجل للأمر إذا قاربه و فی الصحاح تمعر لونه عند الغضب تغیر و فی القاموس الوشیظ كأمیر الأتباع و الخدم و الأجلاف و لفیف من الناس لیس أصلهم واحدا و هم وشیظة فی قومهم حشوفهم و قال غفل عنه غفولا تركه و سها عنه كأغفله و المغفل كمعظم من لا فطنة له و قال أیها بالفتح و بالنصب أمر بالسكوت و قال قنع رأسه بالسوط غشاه بها.

ص: 303


1- 1 و هذا هو المختار: 35 من كتاب نهج البلاغة، و له مصادر كثیرة ذكر بعضها فی المختار 259 و ما قبله من نهج السعادة: ج 2 ص 356 ط 1. و الحدیث رواه ابن أبی الحدید فی أواخر شرحه علی المختار: 35 من نهج البلاغة ج 1، ص 454.

أقول: رجعنا إلی كتاب نصر فوجدنا ما أخرجه ابن أبی الحدید موافقا له فی المعنی.

«554»-(1)، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام أَجَابَ بِهِ أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَّ عَنْ كِتَابٍ كَتَبَهُ إِلَیْهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِی اتَّعَدُوا فِیهِ لِلْحُكُومَةِ وَ ذَكَرَ هَذَا الْكِتَابَ سَعِیدُ بْنُ یَحْیَی الْأُمَوِیُّ فِی كِتَابِ الْمَغَازِی فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ تَغَیَّرَ كَثِیرٌ مِنْهُمْ عَنْ كَثِیرٍ مِنْ حَظِّهِمْ فَمَالُوا مَعَ الدُّنْیَا وَ نَطَقُوا بِالْهَوَی وَ إِنِّی نَزَلْتُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْزِلًا مُعْجِباً اجْتَمَعَ بِهِ أَقْوَامٌ أَعْجَبَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ فَإِنِّی أُدَاوِی مِنْهُمْ قَرْحاً أَخَافُ أَنْ یَعُودَ عَلَقاً وَ لَیْسَ رَجُلٌ فَاعْلَمْ أَحْرَصَ عَلَی جَمَاعَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أُلْفَتِهَا مِنِّی أَبْتَغِی بِذَلِكَ حُسْنَ الثَّوَابِ وَ كَرَمَ الْمَآبِ وَ سَأَفِی بِالَّذِی وَأَیْتُ عَلَی نَفْسِی وَ إِنْ تَغَیَّرْتَ عَنْ صَالِحِ مَا فَارَقْتَنِی عَلَیْهِ فَإِنَّ الشَّقِیَّ مَنْ حُرِمَ نَفْعَ مَا أُوتِیَ مِنَ الْعَقْلِ وَ التَّجْرِبَةِ وَ إِنِّی لَأَعْبَدُ أَنْ یَقُولَ قَائِلٌ بِبَاطِلٍ وَ أَنْ أُفْسِدَ أَمْراً قَدْ أَصْلَحَهُ اللَّهُ فَدَعْ مَا لَا تَعْرِفُ فَإِنَّ شِرَارَ النَّاسِ طَائِرُونَ إِلَیْكَ بِأَقَاوِیلِ السَّوْءِ وَ السَّلَامُ.

قوله علیه السلام من حظهم أی من الآخرة.

و قوله علیه السلام منزلا قال ابن أبی الحدید أی یعجب من رآه أی یجعله متعجبا منه و هذا الكلام شكوی من أصحابه و نصاره من أهل العراق فإنه كان اختلافهم علیه و اضطرابهم شدیدا جدا.

و المنزل و النزول هاهنا مجاز و استعارة و المعنی أنی حصلت فی هذا الأمر الذی حصلت فیه علی حال معجبة لمن تأملها.

و قال الجوهری العجیب الأمر یتعجب منه و عجبت من كذا و تعجبت بمعنی و أعجبنی هذا الشی ء لحسنه و قد أعجب فلان بنفسه فهو معجب بنفسه

ص: 304


1- 554- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار ما قبل الأخیر من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

و برأیه و الاسم العجب بالضم انتهی.

فإنی أداوی منهم قرحا قال ابن میثم استعار لفظ القرح لما فسد من حاله باجتماعهم علی التحكیم و لفظ المداواة لاجتهاده فی إصلاحهم و روی أداری و كذلك استعار لفظ العلق و هو الدم الغلیظ لما یخاف من تفاقم أمرهم و قوله فاعلم اعتراض حسن بین لیس و خبرها بالذی وأیت أی وعدت و ضمنت من شرط الصلح علی ما وقع علیه عن صالح ما فارقتنی علیه أی من وجوب الحكم بكتاب اللّٰه و عدم اتباع الهوی و الاغترار بمقارنة الأشرار.

و قال ابن أبی الحدید یجوز أن یكون قوله علیه السلام و إن تغیرت من جملة قوله علیه السلام فیما بعد فإن الشقی كما تقول إن خالفتنی فإن الشقی من یخالف الحق لكن تعلقه بالسابق أحسن لأنه أدخل فی مدح أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه و سلامه علیه كأنه یقول أنا أفی و إن كنت لا تفی و الضد یظهر حسن الضد و إنی لأعبد أی إنی لآنف من أن یقول غیری قولا باطلا فكیف لا آنف ذلك أنا من نفسی.

و قال الجوهری قال أبو زید العبد بالتحریك الغضب و الأنف و الاسم العبدة مثل الأنفة و قد عبد أی أنف فدع ما لا تعرف أی لا تبن أمرك إلا علی الیقین فإن شرار الناس أی لا تصغ إلی أقوال الوشاة فإن الكذب یخالط أقوالهم كثیرا فلا تصدق ما عساه یبلغك عنی فإنهم سراع إلی أقاویل السوء.

«555»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَالِكٍ النَّحْوِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ شَرِیكٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ طُفَیْلٍ عَنْ أَبِی نَجَبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ یُعَاتِبُ أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَ

ص: 305


1- 555- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 6 من الجزء السابع من أمالیه: ج 1، ص 184، ط بیروت.

وَ یُوَبِّخُهُ عَلَی تَأَخُّرِهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ قُعُودِهِ عَنِ الدُّخُولِ فِی بَیْعَتِهِ وَ یَقُولُ لَهُ یَا أَبَا مُوسَی مَا الَّذِی أَخَّرَكَ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَوَ اللَّهِ لَئِنْ شَكَكْتَ فِیهِ لَتَخْرُجَنَّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ أَبُو مُوسَی یَقُولُ لَهُ لَا تَفْعَلْ وَ دَعْ عِتَابَكَ لِی فَإِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَنَا لَكَ بِأَخٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَلْعَنُكَ لَیْلَةَ الْعَقَبَةِ وَ قَدْ هَمَمْتَ مَعَ الْقَوْمِ بِمَا هَمَمْتَ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَی أَ فَلَیْسَ قَدِ اسْتَغْفَرَ لِی قَالَ عَمَّارٌ قَدْ سَمِعْتُ اللَّعْنَ وَ لَمْ أَسْمَعِ الِاسْتِغْفَارَ.

«556»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام لَمَّا اضْطَرَبَ عَلَیْهِ أَصْحَابُهُ فِی أَمْرِ الْحُكُومَةِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ یَزَلْ أَمْرِی مَعَكُمْ عَلَی مَا أُحِبُّ حَتَّی نَهَكَتْكُمُ الْحَرْبُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَ تَرَكَتْ وَ هِیَ لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَمْسِ أَمِیراً فَأَصْبَحْتُ الْیَوْمَ مَأْمُوراً وَ كُنْتُ أَمْسِ نَاهِیاً فَأَصْبَحْتُ الْیَوْمَ مَنْهِیّاً وَ قَدْ أَحْبَبْتُمُ الْبَقَاءَ وَ لَیْسَ لِی أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَی مَا تَكْرَهُونَ.

توضیح:

قال الجوهری نَهَكْتُ الثوب بالفتح نَهْكاً لبسته حتی خلق و نهكت من الطعام بالغت فی أكله و نَهَكَتْهُ الحمی إذا أجهدته و أضنته و نقضت لحمه و فیه لغة أخری نَهِكَتْهُ الحمی تَنْهَكُهُ نَهَكاً و نَهْكَةً.

قوله علیه السلام و تركت أی لم یستأصلكم بل فیكم بعد بقیة و هی لعدوكم أنهك لأن القتل فی أهل الشام كان أشد استحرارا و الوهن كان فیهم أظهر.

قوله علیه السلام و لیس لی أن أحملكم أی لا قدرة لی علیه و إن كان یجب علیكم إطاعتی.

«557»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَهْلِ الْأَمْصَارِ یَقُصُّ فِیهِ

ص: 306


1- 556- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 206 من كتاب نهج البلاغة. و رویناه عن مصادر فی المختار: 223 من نهج السعادة: ج 2 ص 254 ط 1.
2- 557- رواه السیّد الرضیّ قدس اللّٰه سره فی المختار: 56 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج البلاغة.

مَا جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَهْلِ صِفِّینَ وَ كَانَ بَدْءُ أَمْرِنَا أَنَّا الْتَقَیْنَا وَ الْقَوْمُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ الظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّنَا وَاحِدٌ وَ نَبِیَّنَا وَاحِدٌ وَ دَعْوَتَنَا فِی الْإِسْلَامِ وَاحِدَةٌ لَا نَسْتَزِیدُهُمْ فِی الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ التَّصْدِیقِ لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَا یَسْتَزِیدُونَنَا الْأَمْرُ وَاحِدٌ إِلَّا مَا اخْتَلَفْنَا فِیهِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ نَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ فَقُلْنَا تَعَالَوْا نُدَاوِی مَا لَا یُدْرَكُ الْیَوْمَ بِإِطْفَاءِ النَّائِرَةِ وَ تَسْكِینِ الْعَامَّةِ حَتَّی یَشْتَدَّ الْأَمْرُ وَ یَسْتَجْمِعَ فَنَقْوَی عَلَی وَضْعِ الْحَقِّ فِی مَوَاضِعِهِ فَقَالُوا بَلْ نُدَاوِیهِ بِالْمُكَابَرَةِ فَأَبَوْا حَتَّی جَنَحَتِ الْحَرْبُ وَ رَكَدَتْ وَ وَقَدَتْ نِیرَانُهَا وَ حَمِشَتْ فَلَمَّا ضَرَّسَتْنَا وَ إِیَّاهُمْ وَ وَضَعَتْ مَخَالِبَهَا فِینَا وَ فِیهِمْ أَجَابُوا عِنْدَ ذَلِكَ إِلَی الَّذِی دَعَوْنَاهُمْ إِلَیْهِ فَأَجَبْنَاهُمْ إِلَی مَا دَعَوْا وَ سَارَعْنَاهُمْ إِلَی مَا طَلَبُوا حَتَّی اسْتَبَانَتْ عَلَیْهِمُ الْحُجَّةُ وَ انْقَطَعَتْ مِنْهُمُ الْمَعْذِرَةُ فَمَنْ تَمَّ عَلَی ذَلِكَ مِنْهُمْ فَهُوَ الَّذِی أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنَ الْهَلَكَةِ وَ مَنْ لَجَّ وَ تَمَادَی فَهُوَ الرَّاكِسُ الَّذِی رَانَ اللَّهُ عَلَی قَلْبِهِ وَ صَارَتْ دَائِرَةُ السَّوْءِ عَلَی رَأْسِهِ.

توضیح:

قوله علیه السلام و القوم عطف علی الضمیر فی التقینا قوله علیه السلام و الظاهر أن ربنا واحد قال ابن أبی الحدید لم یحكم لأهل صفین بالإسلام بل بظاهره.

و لا نستزیدهم أی لا نطلب منهم زیادة فی الإیمان فی الظاهر حتی یشتد الأمر أی یستحكم بأن یتمهد قواعد الخلافة.

و قال الجوهری جنوح اللیل إقباله و ركدت أی دامت و ثبتت و وقدت كوعدت أی اشتعلت و حمشت أی استقرت و ثبتت و روی و استحمشت و هو أصح ذكره ابن أبی الحدید و قال و من رواها بالسین المهملة أراد اشتدت و صلبت.

ص: 307

و قال الجوهری أحمشت القدر أشبعت وقودها و قال الأحمس الشدید الصلب و قد حمس بالكسر.

فلما ضرستنا أی عضتنا بأضراسها و یقال ضرسهم الدهر أی اشتد علیهم و الضرس العض بالأضراس و لعل التشدید هاهنا للمبالغة و یقال ضرسته الحرب أی جربته و أحكمته و أنقذت فلانا من الشر و استنقذته و تنقذته و انتقذته خلصته فنقذ كفرح و الركس رد الشی ء مقلوبا و ران اللّٰه علی قلبه أی طبع و ختم و قال الطبرسی فی مجمع البیان الدائرة هی الراجعة بخیر أو شر و دائرة السَّوْءِ العذاب و الهلاك.

و قال ابن أبی الحدید السَّوْءُ المصدر و السُّوءُ الاسم و الدوائر أیضا الدواهی.

«558»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ إِنَّ الْبَغْیَ وَ الزُّورَ یُوتِغَانِ الْمَرْءَ فِی دِینِهِ وَ دُنْیَاهُ وَ یُبْدِیَانِ خَلَلَهُ عِنْدَ مَنْ یَعِیبُهُ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ غَیْرُ مُدْرِكٍ مَا قَدْ قُضِیَ فَوَاتُهُ وَ قَدْ رَامَ أَقْوَامٌ أَمْراً بِغَیْرِ الْحَقِّ فَتَأَوَّلُوا عَلَی اللَّهِ فَأَكْذَبَهُمْ فَاحْذَرْ یَوْماً یَغْتَبِطُ فِیهِ مَنْ أَحْمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ وَ یَنْدَمُ مَنْ أَمْكَنَ الشَّیْطَانَ مِنْ قِیَادِهِ فَلَمْ یُجَاذِبْهُ وَ قَدْ دَعَوْتَنَا إِلَی حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ لَسْنَا إِیَّاكَ أَجَبْنَا وَ لَكِنْ أَجَبْنَا الْقُرْآنَ إِلَی حُكْمِهِ.

بیان: یوتغان أی یهلكان و فی بعض النسخ یذیعان أی یظهران سره و یفضحانه و قال الجوهری الخلل فساد فی الأمر.

قوله علیه السلام فتأولوا قال الراوندی معناه قد طلب قوم أمر هذه

ص: 308


1- 558- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 47 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

الأمة فتأولوا القرآن كقوله تعالی وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فسموا من نصبوه من الأمراء أولی الأمر متحكمین علی اللّٰه فأكذبهم اللّٰه بكونهم ظالمین بغاة و لا یكون الوالی من قبل اللّٰه كذلك.

و قال ابن میثم بغوا علی سلطان اللّٰه و هی الخلافة الحقة فجعلوا لخروجهم و بغیهم تأویلا و هو الطلب بدم عثمان و نحوه من الشبه الباطلة فأكذبهم اللّٰه بنصره علیهم و رد مقتضی شبههم و الإكذاب كما یكون بالقول یكون بالفعل.

و قال ابن أبی الحدید فی بعض النسخ فتأولوا علی اللّٰه أی حلفوا أی من أقسم تجبرا و اقتدارا لأفعلن كذا أكذبه اللّٰه و لم یبلغه أمله و روی تأولوا علی اللّٰه أی حرفوا الكلام عن مواضعه و تعلقوا بشبهة فی تأویل القرآن انتصارا لمذاهبهم فأكذبهم اللّٰه بأن ظهر للعقلاء فساد تأویلاتهم و الأول أصح.

قوله علیه السلام یغتبط فیه أی یتمنی مثل حاله من أحمد عاقبة عمله أی وجدها محمودة و قیاد الدابة ما تقاد به.

و قال ابن میثم كتب علیه السلام هذا الكتاب بعد التحكیم أو عند إجابته للتحكیم.

«559»-(1)شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حِینَ رَجَعَ أَصْحَابُهُ عَنِ الْقِتَالِ بِصِفِّینَ لَمَّا اغْتَرَّهُمْ مُعَاوِیَةُ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ فَانْصَرَفُوا عَنِ الْحَرْبِ لَقَدْ فَعَلْتُمْ فَعْلَةً ضَعْضَعَتْ مِنَ الْإِسْلَامِ قُوَاهُ وَ أَسْقَطَتْ مُنَّتَهُ وَ أَوْرَثَتْ وَهْناً وَ ذِلَّةً لَمَّا كُنْتُمُ الْأَعْلَیْنَ وَ خَافَ عَدُوُّكُمْ الِاجْتِیَاحَ وَ اسْتَحَرَّ بِهِمُ الْقَتْلُ وَ وَجَدُوا أَلَمَ الْجَرَاحِ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ وَ دَعَوْكُمْ إِلَی مَا فِیهَا لِیَفْثَئُوكُمْ عَنْهَا وَ یَقْطَعُوا الْحَرْبَ فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ وَ یَتَرَبَّصُوا بِكُمْ رَیْبَ الْمَنُونِ خَدِیعَةً وَ مَكِیدَةً فَمَا أَنْتُمْ

ص: 309


1- 559- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: 36 من مختار كلام أمیر المؤمنین فی كتاب الإرشاد ص 143. و ذكره الطبریّ فی ج 4 من تاریخه ص 40 عن أبی مخنف و الحدیث التالی رواه أیضا فی ص 42 منه.

إِنْ جَامَعْتُمُوهُمْ عَلَی مَا أَحَبُّوا وَ أَعْطَیْتُمُوهُمُ الَّذِی سَأَلُوا إِلَّا مَغْرُورِینَ وَ ایْمُ اللَّهِ مَا أَظُنُّكُمْ بَعْدَهَا مُوَافِقِی رُشْدٍ وَ لَا مُصِیبِی حَزْمٍ.

بیان: المنة بالضم القوة و استحر القتل اشتد ذكرهما الجوهری و قال فَثَأْتُ القدر سكنت غلیانها بالماء و فَثَأْتُ الرجل عنی إذا كسرته بقول أو غیره و سكنت غضبه و ریب المنون حوادث الدهر و المنون الموت أیضا.

«560»-(1)شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام بَعْدَ كَتْبِ صَحِیفَةِ الْمُوَادَعَةِ وَ التَّحْكِیمِ وَ قَدِ اخْتَلَفَ عَلَیْهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ: وَ اللَّهِ مَا رَضِیتُ وَ لَا أَحْبَبْتُ أَنْ تَرْضَوْا فَإِذَا أَبَیْتُمْ إِلَّا أَنْ تَرْضَوْا فَقَدْ رَضِیتُ وَ إِذَا رَضِیتُ فَلَا یَصْلُحُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الرِّضَا وَ لَا التَّبْدِیلُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ یُعْصَی اللَّهُ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَ یَتَعَدَّی كِتَابَهُ بِحَلِّ الْعَقْدِ فَقَاتِلُوا حِینَئِذٍ مَنْ تَرَكَ أَمْرَ اللَّهِ وَ أَمَّا الَّذِی أَنْكَرْتُمْ عَلَی الْأَشْتَرِ مِنْ تَرْكِهِ أَمْرِی بِخَطِّ یَدِهِ فِی الْكِتَابِ وَ خِلَافِهِ مَا أَنَا عَلَیْهِ فَلَیْسَ مِنْ أُولَئِكَ وَ لَا أَخَافُهُ عَلَی ذَلِكَ وَ لَیْتَ فِیكُمْ مِثْلَهُ اثْنَیْنِ بَلْ لَیْتَ فِیكُمْ مِثْلَهُ وَاحِداً یَرَی فِی عَدُوِّكُمْ مَا یَرَی إِذَنْ لَخَفَّتْ عَلَیَّ مَئُونَتُكُمْ وَ رَجَوْتُ أَنْ یَسْتَقِیمَ لِی بَعْضُ أَوَدِكُمْ وَ قَدْ نَهَیْتُكُمْ عَمَّا أَتَیْتُمْ وَ عَصَیْتُمُونِی فَكُنْتُ أَنَا وَ أَنْتُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ:

وَ هَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِیَّةَ إِنْ غَوَتْ***غَوَیْتُ وَ إِنْ تَرْشُدْ غَزِیَّةُ أَرْشُدْ

بیان: قال الجوهری غزیة قبیلة قال درید بن الصمة و ذكر البیت.

ص: 310


1- 560- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: 37 مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 143. و تقدم أیضا هاهنا آخر الصفحة 505 من طبعة الكمبانیّ، و فی هذه الطبعة ص ... بروایة نصر فی كتاب صفّین. و رواه أیضا الطبریّ فی أواخر قصة صفّین من تاریخ الأمم و الملوك: ج 4 ص 42 ط مصر.

«561»-(1)یج، الخرائج و الجرائح شا، الإرشاد قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِنْدَ مَا رَفَعَ أَهْلُ الشَّامِ الْمَصَاحِفَ وَ شَكَّ فَرِیقٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ لَجَئُوا إِلَی الْمُسَالَمَةِ وَ دَعَوْهُ إِلَیْهَا وَیْلَكُمْ إِنَّ هَذِهِ خَدِیعَةٌ وَ مَا یُرِیدُ الْقَوْمُ الْقُرْآنَ لِأَنَّهُمْ لَیْسُوا بِأَهْلِ قُرْآنٍ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ امْضُوا عَلَی بَصَائِرِكُمْ فِی قِتَالِهِمْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا تَفَرَّقَتْ بِكُمُ السُّبُلُ وَ نَدِمْتُمْ حَیْثُ لَا تَنْفَعُكُمُ النَّدَامَةُ.

وَ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ وَ كَفَرَ الْقَوْمُ بَعْدَ التَّحْكِیمِ وَ نَدِمُوا عَلَی مَا فَرَطَ مِنْهُمْ فِی الْإِجَابَةِ إِلَیْهِ وَ تَفَرَّقَ بِهِمُ السُّبُلُ وَ كَانَ عَاقِبَتُهُمُ الدَّمَارَ

«562»-(2)قب، المناقب لابن شهرآشوب روی فی معنی قوله تعالی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَعْبُدُ اللَّهَ عَلی حَرْفٍ أنه كان أبو موسی و عمرو.

وَ رَوَی ابْنُ مَرْدَوَیْهِ بِأَسَانِیدِهِ عَنْ سُوَیْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِی مُوسَی عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّ بَنِی إِسْرَائِیلَ اخْتَلَفُوا فَلَمْ یَزَلِ الِاخْتِلَافُ بَیْنَهُمْ حَتَّی بَعَثُوا حَكَمَیْنِ ضَالَّیْنِ ضَالٌّ مَنِ اتَّبَعَهُمَا وَ لَا تَنْفَكُّ أُمُورُكُمْ تَخْتَلِفُ حَتَّی تَبْعَثُوا حَكَمَیْنِ یَضِلَّانِ وَ یَضِلُّ مَنْ تَبِعَهُمَا قَالَ سُوَیْدٌ فَقُلْتُ أُعِیذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَكُونَ أَحَدَهُمَا قَالَ فَخَلَعَ قَمِیصَهُ

ص: 311


1- 561- رواه الشیخ المفید رفع اللّٰه مقامه فی الفصل الثانی من فصول إخبار أمیر المؤمنین علیه السلام عن الغائبات قبل تحققها من كتاب الإرشاد، ص 165.
2- 562- رواه ابن شهرآشوب رفع اللّٰه مقامه فی عنوان «الحكمین و الخوارج» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 363 ط النجف. و قریبا ممّا رواه عن سوید بن غفلة، رواه أیضا المسعودیّ فی عنوان «الحكمین» من كتاب مروج الذهب: ج 2 ص 403 ط مصر. و وجدت فی بعض مسوداتی أنّه رواه أیضا معنعنا الیعقوبی فی تاریخه، ج 2 ص 166، ط النجف و فی ط بیروت ص 190، قال: قال ابن الكلبی أخبرنی عبد الرحمن بن حصین، عن سوید ... قال: [إنی لأسایر] أبا موسی الأشعریّ ... و قد ذكرنا للحدیث مصادر أخری فی المختار: 175 من كتاب نهج السعادة: ج 1، ص 625 ط 2، و فی ط 1: ج 2 ص 55.

وَ قَالَ بَرَّأَنِی اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا بَرَّأَنِی مِنْ قَمِیصِی وَ لَمَّا جَرَی لَیْلَةُ الْهَرِیرِ صَاحُوا یَا مُعَاوِیَةُ هَلَكَتِ الْعَرَبُ فَقَالَ یَا عَمْرُو أَ نَفِرُّ أَوْ نَسْتَأْمِنُ قَالَ لَنَرْفَعُ الْمَصَاحِفَ عَلَی الرِّمَاحِ وَ نَقْرَأُ أَ لَمْ تَرَ إِلَی الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْكِتابِ یُدْعَوْنَ إِلی كِتابِ اللَّهِ لِیَحْكُمَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ یَتَوَلَّی فَرِیقٌ مِنْهُمْ وَ هُمْ مُعْرِضُونَ فَإِنْ قَبِلُوا حُكْمَ الْقُرْآنِ رَفَعْنَا الْحَرْبَ وَ رَافَعْنَا بِهِمْ إِلَی أَجَلٍ وَ إِنْ أَبَی بَعْضُهُمْ إِلَّا الْقِتَالَ فَلَلْنَا شَوْكَتَهُمْ وَ یَقَعُ بَیْنَهُمُ الْفُرْقَةُ وَ أَمَرَ بِالنِّدَاءِ وَ أَنْ یُصْرَخَ فِیهِمْ فَلَسْنَا وَ لَسْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِینَ وَ لَا الْمُجْمِعِینَ عَلَی الرِّدَّةِ فَإِنْ تَقْبَلُوهَا فَفِیهَا الْبَقَاءُ لِلْفِرْقَتَیْنِ وَ لِلْبَلْدَةِ وَ إِنْ تَدْفَعُوهَا فَفِیهَا الْفَنَاءُ وَ كُلُّ بَلَاءٍ إِلَی مُدَّةٍ فَقَالَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِیٍّ وَ زَیْدُ بْنُ حُصَیْنٍ الطَّائِیُّ وَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ الْكِنْدِیُّ أَجِبِ الْقَوْمَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَیْحَكُمْ وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ مَا رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ إِلَّا خَدِیعَةً وَ مَكِیدَةً حِینَ عَلَوْتُمُوهُمْ وَ قَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْمَرٍ السَّدُوسِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَحَبُّ الْأُمُورِ إِلَیْنَا مَا كُفِینَا مَئُونَتَهُ وَ أَنْشَدَ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْبَجَلِیُ:

وَ إِنْ حَكَمُوا بِالْعَدْلِ كَانَتْ سَلَامَةً*** وَ إِلَّا أَثَرْنَاهَا بِیَوْمٍ قُمَاطِرٍ

فَقَصَدَ إِلَیْهِ عِشْرُونَ أَلْفَ رَجُلٍ یَقُولُونَ یَا عَلِیُّ أَجِبْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ إِذَا دُعِیتَ إِلَیْهِ وَ إِلَّا دَفَعْنَاكَ بِرُمَّتِكَ إِلَی الْقَوْمِ أَوْ نَفْعَلُ بِكَ مَا فَعَلْنَا بِعُثْمَانَ قَالَ فَاحْفَظُوا عَنِّی مَقَالَتِی فَإِنِّی آمُرُكُمْ بِالْقِتَالِ فَإِنْ تَعْصُونِی فَافْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ قَالُوا فَابْعَثْ إِلَی الْأَشْتَرِ لِیَأْتِیَكَ فَبَعَثَ إِلَیْهِ یَزِیدَ بْنَ هَانِئٍ السَّبِیعِیَّ یَدْعُوهُ فَقَالَ الْأَشْتَرُ إِنِّی قَدْ رَجَوْتُ أَنْ یَفْتَحَ اللَّهُ لِی لَا تَعْجَلْنِی وَ شَدَّدَ فِی الْقِتَالِ فَقَالُوا حَرَّضْتَهُ فِی الْحَرْبِ فَابْعَثْ إِلَیْهِ بِعَزِیمَتِكَ لِیَأْتِیَكَ وَ إِلَّا وَ اللَّهِ اعْتَزَلْنَاكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا یَزِیدُ عُدْ إِلَیْهِ فَقُلْ لَهُ عُدْ إِلَیْنَا فَإِنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ وَقَعَتْ فَسَارَ إِلَیْهِ یَزِیدُ وَ أَبْلَغَهُ مَقَالَ عَلِیٍّ علیه السلام فَأَقْبَلَ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ یَقُولُ

ص: 312

لِأَهْلِ الْعِرَاقِ یَا أَهْلَ الذُّلِّ وَ الْوَهْنِ أَ حِینَ عَلَوْتُمُ الْقَوْمَ وَ عَلِمُوا أَنَّكُمْ لَهُمْ قَاهِرُونَ فَرَفَعُوا لَكُمُ الْمَصَاحِفَ خَدِیعَةً وَ مَكْراً فَقَالُوا قَاتَلْنَاهُمْ فِی اللَّهِ وَ نَتْرُكُ قِتَالَهُمُ الْآنَ فِی اللَّهِ فَقَالَ أَمْهِلُونِی سَاعَةً فَإِنِّی أَحْسَسْتُ بِالْفَتْحِ وَ أَیْقَنْتُ بِالظَّفَرِ قَالُوا لَا قَالَ أَمْهِلُونِی عَدْوَةَ فَرَسِی قَالُوا إِنَّا لَسْنَا نُطِیعُكَ وَ لَا لِصَاحِبِكَ وَ نَحْنُ نَرَی الْمَصَاحِفَ عَلَی رُءُوسِ الرِّمَاحِ نُدْعَی إِلَیْهَا فَقَالَ خُدِعْتُمْ وَ اللَّهِ فَانْخَدَعْتُمْ وَ دُعِیتُمْ إِلَی وَضْعِ الْحَرْبِ فَأَجَبْتُمْ فَقَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ أَجَبْتَ الْقَوْمَ أَجَبْنَا وَ إِنْ أَبَیْتَ أَبَیْنَا فَقَالَ علیه السلام نَحْنُ أَحَقُّ مَنْ أَجَابَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْراً وَ ابْنَ أَبِی مُعَیْطٍ وَ حَبِیبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ ابْنَ أَبِی سَرْحٍ وَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَیْسٍ لَیْسُوا بِأَصْحَابِ دِینٍ وَ قُرْآنٍ أَنَا أَعْرَفُ بِهِمْ مِنْكُمْ قَدْ صَحِبْتُهُمْ أَطْفَالًا وَ رِجَالًا فِی كَلَامٍ لَهُ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ فَإِنَّا قَدِ اخْتَرْنَا عَمْراً فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ مِسْعَرٌ الْفَدَكِیُّ وَ زَیْدٌ الطَّائِیُّ نَحْنُ اخْتَرْنَا أَبَا مُوسَی فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّكُمْ قَدْ عَصَیْتُمُونِی فِی أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا تَعْصُونِی الْآنَ فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ كَانَ یُحَذِّرُنَا مِمَّا وَقَعْنَا فِیهِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ لَیْسَ بِثِقَةٍ قَدْ فَارَقَنِی وَ قَدْ خَذَّلَ النَّاسَ عَنِّی ثُمَّ هَرَبَ مِنِّی حَتَّی آمَنْتُهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَ لَكِنَّ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أُوَلِّیهِ ذَلِكَ قَالُوا وَ اللَّهِ مَا نُبَالِی أَنْتَ كُنْتَ أَمِ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ فَالْأَشْتَرُ قَالَ الْأَشْعَثُ وَ هَلْ سَعَّرَ الْحَرْبَ غَیْرُ الْأَشْتَرِ وَ هَلْ نَحْنُ إِلَّا فِی حُكْمِ الْأَشْتَرِ قَالَ الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِی مَنْ رَأَی عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ صِفِّینَ یُصَفِّقُ بِیَدَیْهِ وَ یَقُولُ یَا عَجَباً أُعْصَی وَ یُطَاعُ مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ قَدْ أَبَیْتُمْ إِلَّا أَبَا مُوسَی قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ اللَّهُمَّ إِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكَ مِنْ صَنِیعِهِمْ

ص: 313

وَ قَالَ الْأَحْنَفُ إِذَا اخْتَرْتُمْ أَبَا مُوسَی فَادْفَئُوا ظَهْرَهُ فَقَالَ خُرَیْمُ بْنُ فَاتِكٍ الْأَسَدِیُ:

لَوْ كَانَ لِلْقَوْمِ رَأْیٌ یَرْشُدُونَ بِهِ*** أَهْلُ الْعِرَاقِ رَمَوْكُمْ بِابْنِ عَبَّاسٍ

لَكِنْ رَمَوْكُمْ بِشَیْخٍ مِنْ ذَوِی یَمَنٍ*** لَمْ یَدْرِ مَا ضَرْبُ أَسْدَاسٍ وَ أَخْمَاسٍ

فَلَمَّا اجْتَمَعُوا كَانَ كَاتِبُ عَلِیٍّ علیه السلام عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی رَافِعٍ وَ كَاتِبُ مُعَاوِیَةَ عُمَیْرَ بْنَ عَبَّادٍ الْكَلْبِیَّ فَكَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ هَذَا مَا تَقَاضَی عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَقَالَ عَمْرٌو اكْتُبُوا اسْمَهُ وَ اسْمَ أَبِیهِ هُوَ أَمِیرُكُمْ فَأَمَّا أَمِیرُنَا فَلَا فَقَالَ الْأَحْنَفُ لَا تَمْحُ اسْمَ إِمَارَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةٌ بِسُنَّةٍ وَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَ إِنِّی لَكَاتِبُ یَوْمِ الْحُدَیْبِیَةِ.

وَ رَوَی أَحْمَدُ فِی الْمُسْنَدِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَرَ أَنْ یُكْتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ فَقَالَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو هَذَا كِتَابٌ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ فَافْتَحْهُ بِمَا نَعْرِفُهُ وَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَأَمَرَ بِمَحْوِ ذَلِكَ وَ كَتَبَ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَیْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ أَهْلُ مَكَّةَ فَقَالَ سُهَیْلٌ لَوْ أَجَبْتُكَ إِلَی هَذَا لَأَقْرَرْتُ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ فَقَالَ امْحُهَا یَا عَلِیُّ فَجَعَلَ یَتَلَكَّأُ وَ یَأْبَی فَمَحَاهَا النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَتَبَ هَذَا مَا اصْطَلَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ أَهْلُ مَكَّةَ یَقُولُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بُرَیْدَةَ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِعَلِیٍّ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهَا تُعْطِیهَا وَ أَنْتَ مُضْطَهِدٌ.

بیان: و إلا أثرناها أی هیجنا الحرب من أثار الغبار بیوم قماطر بضم القاف أی فی یوم شدید قال الجوهری یوم قماطر و قمطریر أی شدید.

«563»-(1)كش، رجال الكشی رَوَتْ بَعْضُ الْعَامَّةِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی

ص: 314


1- 563- رواه أبو عمرو الكشّیّ رحمه اللّٰه تحت الرقم: 28 فی ترجمة الأحنف بن قیس من رجاله ص 85 ط النجف. و الظاهر أنّه هو ما رواه الطبریّ بسیاق أجود فی آخر حرب صفّین من تاریخه: ج 5 ص 53 ط بیروت قال: حدّثنی علیّ بن مسلم الطوسیّ قال: حدّثنا حبان، قال حدّثنا مبارك عن الحسن قال: أخبرنی الأحنف ...

الْأَحْنَفُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَأْذَنُ لِبَنِی هَاشِمٍ وَ كَانَ یَأْذَنُ لِی مَعَهُمْ قَالَ فَلَمَّا كَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ إِنْ كُنْتَ تُرِیدُ الصُّلْحَ فَامْحُ عَنْكَ اسْمَ الْخِلَافَةِ فَاسْتَشَارَ بَنِی هَاشِمٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ انْزَحْ هَذَا الِاسْمَ الَّذِی نَزَحَهُ اللَّهُ قَالَ فَإِنَّ كُفَّارَ قُرَیْشٍ لَمَّا كَانَ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَیْنَهُمْ مَا كَانَ وَ كَتَبَ هَذَا مَا قَاضَی عَلَیْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَهْلَ مَكَّةَ كَرِهُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَیْتِ قَالَ فَكَیْفَ إِذَنْ قَالُوا اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَی عَلَیْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَهْلَ مَكَّةَ فَرَضِیَ قَالَ الْأَحْنَفُ فَقُلْتُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ كَلِمَةٌ فِیهَا غِلْظَةٌ وَ قُلْتُ لِعَلِیٍّ أَیُّهَا الرَّجُلُ وَ اللَّهِ مَا لَكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّا مَا حَابَیْنَاكَ فِی بَیْعَتِنَا وَ لَوْ نَعْلَمُ أَحَداً فِی الْأَرْضِ الْیَوْمَ أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكَ لَبَایَعْنَاهُ وَ لَقَاتَلْنَاكَ مَعَهُ أُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنْ مَحَوْتَ عَنْكَ هَذَا الِاسْمَ الَّذِی دَعَوْتَ النَّاسَ إِلَیْهِ وَ بَایَعْتَهُمْ عَلَیْهِ لَا نَرْجِعُ إِلَیْهِ أَبَداً.

بیان: انزح هذا الاسم من باب الإفعال أی بعد أو علی بناء المجرد من نزح البئر یقال نزحتنی أی أنفدت ما عندی و لعله كان هذا القبیح من القول للتضجر من اضطراب الأمر.

و قراءته بصیغة الماضی علی الاستفهام الإنكاری فیكون المرفوع فی الأول و المنصوب فی الثانی راجعین إلی معاویة بعیدة.

و یمكن أن یكون بالباء الموحدة و الراء المهملة (1)أی عظمه و أكرمه أو بالیاء و الجیم أی أظهره فیكون غلظة الأحنف علی القائل الثانی

ص: 315


1- 1 أی «برحه اللّٰه» و هكذا أثبت فی تاریخ الطبریّ فی حدیثه الذی أشرنا إلیه.

«564»- (1)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی السَّرِیِّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَی كَتْبِ الْقِصَّةِ بَیْنَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ حَضَرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِی رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِی رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِلْكَاتِبٍ اكْتُبْ هَذَا مَا تَقَاضَی عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ اكْتُبْ اسْمَهُ وَ اسْمَ أَبِیهِ وَ لَا تُسَمِّهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّمَا هُوَ أَمِیرُ هَؤُلَاءِ وَ لَیْسَ هُوَ بِأَمِیرِنَا فَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ لَا تَمْحُ هَذَا الِاسْمَ فَإِنِّی أَتَخَوَّفُ إِنْ مَحَوْتَهُ لَا یَرْجِعُ إِلَیْكَ أَبَداً فَامْتَنَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ مَحْوِهِ فَتَرَاجَعَ الْخِطَابُ فِیهِ مَلِیّاً مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ امْحُ هَذَا الِاسْمَ نَزَحَهُ اللَّهُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ سُنَّةٌ بِسُنَّةٍ وَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ وَ اللَّهِ إِنِّی لَكَاتِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ وَ قَدْ أَمْلَی عَلَیَّ هَذَا مَا قَاضَی عَلَیْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ لَهُ سُهَیْلٌ امْحُ رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّا لَا نُقِرُّ لَكَ بِذَلِكَ وَ لَا نَشْهَدُ لَكَ بِهِ اكْتُبْ اسْمَكَ وَ اسْمَ أَبِیكَ فَامْتَنَعْتُ مِنْ مَحْوِهِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله امْحُهُ یَا عَلِیُّ وَ سَتُدْعَی فِی مِثْلِهَا فَتُجِیِبُ وَ أَنْتَ عَلَی مَضَضٍ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ مِثْلُ هَذَا یُشْبِهُ بِذَلِكَ وَ نَحْنُ مُؤْمِنُونَ وَ أُولَئِكَ كَانُوا كُفَّاراً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا ابْنَ النَّابِغَةِ وَ مَتَی لَمْ تَكُنْ لِلْفَاسِقِینَ

ص: 316


1- ٥٦٤ - رواه الشیخ الطوسی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (١٨) من الجزء السابع من أمالیه:ج ١، ص ١٩٠، ط بیروت. ورواه أیضا الطبری عن أبی مخنف فی آخر قضیة صفین من تاریخه: ج ٥ ص ٥٢ ط بیروت.

وَلِیّاً وَ لِلْمُسْلِمِینَ عُدُوّاً وَ هَلْ تُشْبِهُ إِلَّا أُمَّكَ الَّتِی دَفَعَتْ بِكَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَا جَرَمَ لَا یَجْمَعُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ مَجْلِسٌ أَبَداً فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یُطَهِّرَ اللَّهُ مَجْلِسِی مِنْكَ وَ مِنْ أَشْبَاهِكَ ثُمَّ كَتَبَ الْكِتَابَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ.

«565»-(1)فس، تفسیر القمی فِی قِصَّةِ الْحُدَیْبِیَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِنَّكَ أَبَیْتَ أَنْ تَمْحُوَ اسْمِی مِنَ النُّبُوَّةِ فَوَ الَّذِی بَعَثَنِی بِالْحَقِّ نَبِیّاً لَتُجِیبَنَّ أَبْنَاءَهُمْ إِلَی مِثْلِهَا وَ أَنْتَ مَضِیضٌ مُضْطَهَدٌ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ وَ رَضُوا بِالْحَكَمَیْنِ كَتَبَ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَا حَارَبْنَاكَ وَ لَكِنِ اكْتُبْ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِذَلِكَ.

بیان: المضض وجع المصیبة.

«566»-(2)ل، الخصال فِیمَا أَجَابَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْیَهُودِیَّ السَّائِلَ عَمَّا فِیهِ مِنْ خِصَالِ الْأَوْصِیَاءِ قَالَ علیه السلام وَ أَمَّا السَّادِسَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَتَحْكِیمُهُمْ وَ مُحَارَبَةُ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ هُوَ طَلِیقُ بْنُ طَلِیقٍ مُعَانِدٌ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِینَ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْهِ مَكَّةَ عَنْوَةً فَأُخِذَتْ بَیْعَتُهُ وَ بَیْعَةُ أَبِیهِ لِی مَعَهُ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ بَعْدَهُ وَ أَبُوهُ بِالْأَمْسِ أَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَیَّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ وَ جَعَلَ یَحُثُّنِی عَلَی النُّهُوضِ فِی أَخْذِ حَقِّی مِنَ الْمَاضِینَ قَبْلِی یُجَدِّدُ لِی بَیْعَتَهُ كُلَّمَا أَتَانِی وَ أَعْجَبُ الْعَجَبِ أَنَّهُ لَمَّا رَأَی رَبِّی تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَدْ رَدَّ إِلَیَّ حَقِّی وَ أَقَرَّهُ فِی مَعْدِنِهِ وَ انْقَطَعَ طَمَعُهُ أَنْ یَصِیرَ فِی دِینِ اللَّهِ رَابِعاً وَ فِی أَمَانَةٍ حَمَلْنَاهَا حَاكِماً كَرَّ عَلَی

ص: 317


1- 565- رواه علیّ بن إبراهیم فی تفسیره.
2- 566- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 58 من باب السبعة من كتاب الخصال: ج 1، ص 364 ط 2.

الْعَاصِی بْنِ الْعَاصِ فَاسْتَمَالَهُ فَمَالَ إِلَیْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ بَعْدَ إِذْ أَطْمَعَهُ مِصْرَ وَ حَرَامٌ عَلَیْهِ أَنْ یَأْخُذَ مِنَ الْفَیْ ءِ دُونَ قِسْمِهِ دِرْهَماً وَ حَرَامٌ عَلَی الرَّاعِی إِیصَالُ دِرْهَمٍ إِلَیْهِ فَوْقَ حَقِّهِ فَأَقْبَلَ یَخْبِطُ الْبِلَادَ بِالظُّلْمِ وَ یَطَؤُهَا بِالْغَشْمِ فَمَنْ بَایَعَهُ أَرْضَاهُ وَ مَنْ خَالَفَهُ نَاوَاهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَیَّ نَاكِثاً عَلَیْنَا مُغَیِّراً فِی الْبِلَادِ شَرْقاً وَ غَرْباً وَ یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ الْأَنْبَاءُ تَأْتِینِی وَ الْأَخْبَارُ تَرِدُ عَلَیَّ بِذَلِكَ فَأَتَانِی أَعْوَرُ ثَقِیفٍ فَأَشَارَ عَلَیَّ أَنْ أُوَلِّیَهُ الْبِلَادَ الَّتِی هُوَ بِهَا لِأُدَارِیَهُ بِمَا أُوَلِّیهِ عَنْهَا وَ فِی الَّذِی أَشَارَ بِهِ الرَّأْیَ فِی أَمْرِ الدُّنْیَا لَوْ وَجَدْتُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی تَوْلِیَتِهِ لِی مَخْرَجاً وَ أَصَبْتُ لِنَفْسِی فِی ذَلِكَ عُذْراً فَأَعْمَلْتُ الرَّأْیَ فِی ذَلِكَ وَ شَاوَرْتُ مَنْ أَثِقُ بِنَصِیحَتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لِی وَ لِلْمُؤْمِنِینَ فَكَانَ رَأْیُهُ فِی ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ كَرَأْیِی یَنْهَانِی عَنْ تَوْلِیَتِهِ وَ یُحَذِّرُنِی أَنْ أُدْخِلَ فِی أَمْرِ الْمُسْلِمِینَ یَدَهُ وَ لَمْ یَكُنِ اللَّهُ لِیَرَانِی أَتَّخِذُ الْمُضِلِّینَ عَضُداً فَوَجَّهْتُ إِلَیْهِ أَخَا بَجِیلَةَ مَرَّةً وَ أَخَا الْأَشْعَرِیِّینَ مَرَّةً كِلَاهُمَا رَكَنَ إِلَی الدُّنْیَا وَ تَابَعَ هَوَاهُ فِیمَا أَرْضَاهُ فَلَمَّا لَمْ أَرَهُ یَزْدَادُ فِیمَا انْتَهَكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ إِلَّا تَمَادِیاً شَاوَرْتُ مَنْ مَعِی مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله الْبَدْرِیِّینَ وَ الَّذِینَ ارْتَضَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمْرَهُمْ وَ رَضِیَ عَنْهُمْ بَعْدَ بَیْعَتِهِمْ وَ غَیْرَهُمْ مِنْ صُلَحَاءِ الْمُسْلِمِینَ وَ التَّابِعِینَ فَكُلٌّ یُوَافِقُ رَأْیُهُ رَأْیِی فِی غَزْوِهِ وَ مُحَارَبَتِهِ وَ مَنْعِهِ مِمَّا نَالَتْ مَعَهُ یَدُهُ وَ إِنِّی نَهَضْتُ إِلَیْهِ بِأَصْحَابِی أُنْفِذُ إِلَیْهِ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ كُتُبِی وَ أُوَجِّهُ إِلَیْهِ رُسُلِی وَ أَدْعُوهُ إِلَی الرُّجُوعِ عَمَّا هُوَ فِیهِ وَ الدُّخُولِ فِیمَا فِیهِ النَّاسُ مَعِی فَكَتَبَ إِلَیَّ یَتَحَكَّمُ عَلَیَّ وَ یَتَمَنَّی عَلَیَّ الْأَمَانِیَّ وَ یَشْتَرِطُ عَلَیَّ شُرُوطاً لَا یَرْضَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ وَ لَا الْمُسْلِمُونَ وَ یَشْتَرِطُ فِی بَعْضِهَا أَنْ أَدْفَعَ إِلَیْهِ أَقْوَاماً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَبْرَاراً فِیهِمْ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَیْنَ مِثْلُ عَمَّارٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُنَا مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَا یَعُدُّ مِنَّا خَمْسَةً إِلَّا كَانَ سَادِسَهُمْ وَ لَا أَرْبَعَةً إِلَّا كَانَ خَامِسَهُمْ اشْتَرَطَ دَفْعَهُمْ إِلَیْهِ لِیَقْتُلَهُمْ وَ یَصْلِبَهُمْ وَ انْتَحَلَ دَمَ عُثْمَانَ وَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَا أَلَّبَ عَلَی عُثْمَانَ وَ لَا جَمَعَ النَّاسَ عَلَی قَتْلِهِ إِلَّا هُوَ وَ أَشْبَاهُهُ مِنْ

ص: 318

أَهْلِ بَیْتِهِ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ فِی الْقُرْآنِ فَلَمَّا لَمْ أُجِبْ إِلَی مَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ كَرَّ مُسْتَعْلِیاً فِی نَفْسِهِ بِطُغْیَانِهِ وَ بَغْیِهِ بِحَمِیرٍ لَا عُقُولَ لَهُمْ وَ لَا بَصَائِرَ فَمَوَّهَ لَهُمْ أَمْراً فَاتَّبَعُوهُ وَ أَعْطَاهُمْ مِنَ الدُّنْیَا مَا أَمَالَهُمْ بِهِ إِلَیْهِ فَنَاجَزْنَاهُمْ وَ حَاكَمْنَاهُمْ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ فَلَمَّا لَمْ یَزِدْهُ ذَلِكَ إِلَّا تَمَادِیاً وَ بَغْیاً لَقِینَاهُ بِعَادَةِ اللَّهِ الَّتِی عَوَّدَنَا مِنَ النَّصْرِ عَلَی أَعْدَائِهِ وَ عَدُوِّنَا وَ رَایَةُ رَسُولِ اللَّهِ بِأَیْدِینَا لَمْ یَزَلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَفُلُّ حِزْبَ الشَّیْطَانِ بِهَا حَتَّی یَقْضِیَ الْمَوْتَ عَلَیْهِ وَ هُوَ مُعَلِّمُ رَایَاتِ أَبِیهِ الَّتِی لَمْ أَزَلْ أُقَاتِلُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی كُلِّ الْمَوَاطِنِ فَلَمْ یَجِدْ مِنَ الْمَوْتِ مَنْجًی إِلَّا الْهَرَبَ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَ قَلَّبَ رَایَتَهُ وَ لَا یَدْرِی كَیْفَ یَحْتَالُ فَاسْتَعَانَ بِرَأْیِ ابْنِ الْعَاصِ فَأَشَارَ عَلَیْهِ بِإِظْهَارِ الْمَصَاحِفِ وَ رَفْعِهَا عَلَی الْأَعْلَامِ وَ الدُّعَاءِ إِلَی مَا فِیهَا وَ قَالَ إِنَّ ابْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ حِزْبَهُ أَهْلُ بَصَائِرَ وَ رَحْمَةٍ وَ بُقْیَا وَ قَدْ دَعَوْكَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ أَوَّلًا وَ هُمْ مُجِیبُوكَ إِلَیْهِ آخِراً فَأَطَاعَهُ فِیمَا أَشَارَ بِهِ عَلَیْهِ إِذْ رَأَی أَنَّهُ لَا مَنْجَا لَهُ مِنَ الْقَتْلِ أَوْ الْهَرَبِ غَیْرُهُ فَرَفَعَ الْمَصَاحِفَ یَدْعُو إِلَی مَا فِیهَا بِزَعْمِهِ فَمَالَتْ إِلَی الْمَصَاحِفِ قُلُوبُ مَنْ بَقِیَ مِنْ أَصْحَابِی بَعْدَ فَنَاءِ خِیَارِهِمْ وَ جَهْدِهِمْ فِی جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَ أَعْدَائِهِمْ عَلَی بَصَائِرِهِمْ فَظَنُّوا أَنَّ ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ لَهُ الْوَفَاءُ بِمَا دَعَا إِلَیْهِ فَأَصْغَوْا إِلَی دَعْوَتِهِ وَ أَقْبَلُوا بِأَجْمَعِهِمْ فِی إِجَابَتِهِ فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مَكْرٌ وَ مِنِ ابْنِ الْعَاصِ مَعَهُ وَ أَنَّهُمَا إِلَی النَّكْثِ أَقْرَبُ مِنْهُمَا إِلَی الْوَفَاءِ فَلَمْ یَقْبَلُوا قَوْلِی وَ لَمْ یُطِیعُوا أَمْرِی وَ أَبَوْا إِلَّا إِجَابَتَهُ كَرِهْتُ أَمْ هَوِیتُ شِئْتُ أَوْ أَبَیْتُ حَتَّی أَخَذَ بَعْضُهُمْ یَقُولُ لِبَعْضٍ إِنْ لَمْ یَفْعَلْ فَأَلْحِقُوهُ بِابْنِ عَفَّانَ أَوِ ادْفَعُوهُ إِلَی ابْنِ هِنْدٍ بِرُمَّتِهِ فَجَهَدْتُ عَلِمَ اللَّهُ جَهْدِی وَ لَمْ أَدَعْ عِلَّةً فِی نَفْسِی إِلَّا بَلَّغْتُهَا فِی أَنْ یُخَلُّونِی وَ رَأْیِی فَلَمْ یَفْعَلُوا وَ رَاوَدْتُهُمْ عَلَی الصَّبْرِ عَلَی مِقْدَارِ فُوَاقِ النَّاقَةِ أَوْ رَكْضَةِ الْفَرَسِ فَلَمْ یُجِیبُوا مَا خَلَا هَذَا الشَّیْخَ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْأَشْتَرِ وَ عُصْبَةً مِنْ أَهْلِ بَیْتِی فَوَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِی أَنْ أَمْضِیَ عَلَی بَصِیرَتِی إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ یُقْتَلَ هَذَانِ

ص: 319

وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَیَنْقَطِعَ نَسْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ ذُرِّیَّتِهِ مِنْ أُمَّتِهِ وَ مَخَافَةُ أَنْ یُقْتَلَ هَذَا وَ هَذَا وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا (1)فَإِنِّی أَعْلَمُ لَوْ لَا مَكَانِی لَمْ یَقِفَا ذَلِكَ الْمَوْقِفَ فَلِذَلِكَ صَبَرْتُ عَلَی مَا أَرَادَ الْقَوْمُ مَعَ مَا سَبَقَ فِیهِ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلَمَّا رَفَعْنَا عَنِ الْقَوْمِ سُیُوفَنَا تَحَكَّمُوا فِی الْأُمُورِ وَ تَخَیَّرُوا الْأَحْكَامَ وَ الْآرَاءَ وَ تَرَكُوا الْمَصَاحِفَ وَ مَا دَعَوْا إِلَیْهِ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ مَا كُنْتُ أُحَكِّمُ فِی دِینِ اللَّهِ أَحَداً إِذْ كَانَ التَّحْكِیمُ فِی ذَلِكَ الْخَطَأَ الَّذِی لَا شَكَّ فِیهِ وَ لَا امْتِرَاءَ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا ذَلِكَ أَرَدْتُ أَنْ أُحَكِّمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَیْتِی أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ أَرْضَی رَأْیَهُ وَ عَقْلَهُ وَ أَثِقُ بِنَصِیحَتِهِ وَ مَوَدَّتِهِ وَ دِینِهِ وَ أَقْبَلْتُ لَا أُسَمِّی أَحَداً إِلَّا امْتَنَعَ مِنْهُ ابْنُ هِنْدٍ وَ لَا أَدْعُوهُ إِلَی شَیْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا أَدْبَرَ عَنْهُ وَ أَقْبَلَ ابْنُ هِنْدٍ یَسُومُنَا عَسَفاً وَ مَا ذَاكَ إِلَّا بِاتِّبَاعِ أَصْحَابِی لَهُ عَلَی ذَلِكَ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا غَلَبَتِی عَلَی التَّحْكِیمِ تَبَرَّأْتُ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْهُمْ وَ فَوَّضْتُ ذَلِكَ إِلَیْهِمْ فَقَلَّدُوهُ امْرَأً فَخَدَعَهُ ابْنُ الْعَاصِ خَدِیعَةً ظَهَرَتْ فِی شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا وَ أَظْهَرَ الْمَخْدُوعُ عَلَیْهَا نَدَماً.

بیان: قوله علیه السلام و فی أمانة حملناها إشارة إلی أن الأمانة فی قوله تعالی إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ هی الخلافة كما مر و سیأتی و كونه حاكما أن

ص: 320


1- 1 قد ذكرنا فی بعض تحقیقاتنا أن إرجاع الإشارة فی قوله علیه السلام ثانیا: «هذا و هذا» إلی ابن جعفر و ابن الحنفیة من سهو الرواة، إذ لو كان لأمیر المؤمنین علیه السلام ملأ الدنیا مثل عبد اللّٰه بن جعفر و محمّد بن الحنفیة لكان یفادی بهم فی سبیل اللّٰه و یحارب بهم أعداء اللّٰه و لو یهلكون فی تلك الحروب و یقطع شافتهم!!! و أمّا الحسن و الحسین علیهما السلام بما أنهما كانا غصنی شجرة النبوّة و نسل رسول اللّٰه منحصر فیهما و هما أبو الأئمّة من ذرّیة رسول اللّٰه فأمیر المؤمنین كان مأمورا بحفظهما و وقایتهما عن التلف حتّی لا ینقطع نسل رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله عن صفحة العالم كی یتم بهم حجة اللّٰه علی الاولین و الآخرین.

یكون بمشورته و كون الأمر شوری كما كان یظهر كثیرا و خبط البعیر الأرض بیده خبطا ضربها و منه قیل خبط عشواء و هی الناقة التی فی بصرها ضعف تخبط إذا مشت لا تتوقی شیئا و الغشم الظلم و یقال أبقیت علی فلان إذا رعیت علیه و رحمته و الاسم منه الْبُقْیَا قاله الجوهری و قال الرمة قطعة من الحبل بالیة و منه قولهم دفع إلیه الشی ء برمته و أصله أن رجلا دفع إلی رجل بعیرا بحبل فی عنقه فقیل ذلك لكل من دفع شیئا بجملته و یقال سامه خسفا أی أورده علیه و العسف الأخذ علی غیر الطریق و الظلم.

«567»-(1)كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِلْحَكَمَیْنِ حِینَ بَعَثَهُمَا احْكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ وَ إِنْ كَانَ فِیهِمَا حَزُّ حَلْقِی فَإِنَّهُ مَنْ قَادَهَا إِلَی هَؤُلَاءِ فَإِنَّ نِیَّتَهُمْ أَخْبَثُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی فَلَقِیَهُ صِدِّیقٌ لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ مَا هَذَا الِانْتِشَارُ الَّذِی بَلَغَنِی عَنْكَ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ أَضْبَطَ لِلْأَمْرِ مِنْكَ فَمَا هَذَا الِاخْتِلَافُ وَ الِانْتِشَارُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا صَاحِبُكَ الَّذِی تَعْرِفُ إِلَّا أَنِّی قَدْ بُلِیتُ بِأَخَابِثَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أُرِیدُهُمْ عَلَی الْأَمْرِ فَیَأْبَوْنَ فَإِنْ تَابَعْتُهُمْ عَلَی مَا یُرِیدُونَ تَفَرَّقُوا عَنِّی.

بیان: الحز بالحاء المهملة القطع و القرض فإنه من قادها أی الخلافة.

«568»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام بَعْدَ التَّحْكِیمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ إِنْ أَتَی الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ وَ الْحَدَثِ الْجَلِیلِ وَ أَشْهَدُ أَنْ

ص: 321


1- 567- الحدیث موجود فی كتاب سلیم بن قیس لكن لم نعثر علیه مع مراجعة فهرس الكتاب. و قریبا منه رواه البلاذری مسندا فی الحدیث: 403 من ترجمة أمیر المؤمنین من أنساب الأشراف: ج 2 ص 333 ط 1.
2- 568- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 33 من نهج البلاغة. و للخطبة أسانید و مصادر كثیرة یجد الباحث بعضها فی المختار: 259 من نهج السعادة: ج 2 ص 356 ط 1.

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِیكَ لَهُ لَیْسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَیْرُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَعْصِیَةَ النَّاصِحِ الشَّفِیقِ الْعَالِمِ الْمُجَرَّبِ تُورِثُ الْحَسْرَةَ وَ تُعْقِبُ النَّدَامَةَ وَ قَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِی هَذِهِ الْحُكُومَةِ أَمْرِی وَ نَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْیِی لَوْ كَانَ یُطَاعُ لِقَصِیرٍ أَمْرٌ فَأَبَیْتُمْ عَلَیَّ إِبَاءَ الْمُخَالِفِینَ الْجُفَاةِ وَ الْمُنَابِذِینَ الْعُصَاةِ حَتَّی ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ وَ ضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ فَكُنْتُ وَ إِیَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ:

أَمَرْتُكُمْ أَمْرِی بِمُنْعَرَجِ اللِّوَی*** فَلَمْ تَسْتَبِینُوا النُّصْحَ إِلَّا ضُحَی الْغَدِ

بیان: الخطب الأمر العظیم و الفادح الثقیل.

و قال الجوهری المجرب الذی قد جربته الأمور و أحكمته فإن كسرت الراء جعلته فاعلا إلا أن العرب تكلمت به بالفتح قوله علیه السلام و نخلت أی أخلصت و صفیت من نخلت الدقیق بالمنخل قوله علیه السلام لو كان یطاع یطاع هو مثل یضرب لمن خالف ناصحه و أصل المثل أن قصیرا كان مولی لجذیمة بن الأبرش بعض ملوك العرب و قد كان جذیمة قتل أبا الزبا ملكة الجزیرة فبعث إلیه لیتزوج بها خدعة و سألته القدوم علیها فأجابها إلی ذلك و خرج فی ألف فارس و خلف باقی جنوده مع ابن أخته و قد كان قصیرا أشار علیه بأن لا یتوجه إلیها فلم یقبل فلما قرب الجزیرة استقبلته جنود الزبا بالعدة و لم یر منهم إكراما له فأشار علیه قصیر بالرجوع و قال من شأن النساء الغدر فلم یقبل فلما دخل علیها قتلته فعندها قال قصیر لا یطاع لقصیر أمر فصار مثلا لكل ناصح عصی.

و قال ابن میثم و قد یتوهم أن جواب لو هاهنا مقدم و الحق أن جوابها محذوف و التقدیر إنی أمرتكم و نصحت لكم فلو أطعتمونی لفعلتم ما أمرتكم به.

قوله علیه السلام فأبیتم إلی آخره فی تقدیر استثناء لنقیض التالی و تقدیره لكنكم أبیتم علی إباء المخالفین انتهی.

ص: 322

و لعل الأنسب علی تقدیر الجواب أن یقال لو أطعتمونی لما أصابتكم حسرة و ندامة أو لكان حسنا و نحوهما و یحتمل أن یكون لو للتمنی فلا یحتاج إلی تقدیر جواب علی بعض الأقوال.

و قال فی القاموس الانتباذ التنحی و تحیز كل من الفریقین فی الحرب كالمنابذة.

قوله علیه السلام حتی ارتاب الناصح لعله محمول علی المبالغة أی لو كان ناصح غیری لارتاب.

قوله علیه السلام و ضن الزند بقدحه الزند العود الذی یقدح به النار قیل هو مثل یضرب لمن یبخل بفوائده إذا لم یجد لها قابلا عارفا بحقها.

و أخو هوازن هو الدرید بن الصمة و البیت من قصیدة له فی الحماسة و قصته أن أخاه عبد اللّٰه بن الصمة غزا بنی بكر بن هوازن فغنم منهم و استاق إبلهم فلما كان بمنعرج اللوی قال و اللّٰه لا أبرح حتی أنحر النقیعة و هی ما ینحر من النهب قبل القسمة فقال أخوه لا تفعل فإن القوم فی طلبك و أبی علیه و أقام و نحر النقیعة و بات فلما أصبح هجم القوم علیه و طعن عبد اللّٰه بن الصمة فاستغاث بأخیه درید فنهنه عنه القوم حتی طعن هو أیضا و صرع و قتل عبد اللّٰه و حال اللیل بین القوم فنجا درید بعد طعنات و جراح فأنشد القصیدة و مطابقة المثل للمضرب ظاهرة.

«569»-(1)أَقُولُ وَجَدْتُ فِی بَعْضِ نُسَخِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ، مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی شَأْنِ الْحَكَمَیْنِ وَ ذَمِّ أَهْلِ الشَّامِ جُفَاةٌ طَغَامٌ عَبِیدٌ أَقْزَامٌ جُمِعُوا مِنْ كُلِّ أَوْبٍ وَ تُلُقِّطُوا مِنْ كُلِّ شَوْبٍ مِمَّنْ یَنْبَغِی أَنْ یُفَقَّهَ وَ یُؤَدَّبَ وَ یُعَلَّمَ وَ یُدَرَّبَ وَ یُوَلَّی عَلَیْهِ وَ یُؤْخَذَ عَلَی یَدَیْهِ لَیْسُوا مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ لَا مِنَ الَّذِینَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ

ص: 323


1- 569- الخطبة مذكورة قبل انقضاء باب الخطب من نهج البلاغة بأربعة أرقام و شرحها ابن أبی الحدید و ابن میثم رحمه اللّٰه.

أَلَا وَ إِنَّ الْقَوْمَ اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِمَّا یُحِبُّونَ وَ إِنَّكُمُ اخْتَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِمَّا تَكْرَهُونَ وَ إِنَّمَا عَهْدُكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ بِالْأَمْسِ یَقُولُ إِنَّهَا فِتْنَةٌ فَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ وَ شِیمُوا سُیُوفَكُمْ فَإِنْ كَانَ صَادِقاً فَقَدْ أَخْطَأَ بِمَسِیرِهِ غَیْرَ مُسْتَكْرَهٍ وَ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَقَدْ لَزِمَتْهُ التُّهَمَةُ فَادْفَعُوا فِی صَدْرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ خُذُوا مَهَلَ الْأَیَّامِ وَ حُوطُوا قَوَاصِیَ الْإِسْلَامِ أَ لَا تَرَوْنَ إِلَی بِلَادِكُمْ تُغْزَی وَ إِلَی صَفَاتِكُمْ تُرْمَی.

بیان: لم یتعرض له الشراح و فی القاموس القزم محركة الدناءة و القماءة أو صغر الجسم فی الجمال و صغر الأخلاق فی الناس و رذال الناس للواحد و الجمع و الذكر و الأنثی و قد یثنی و یجمع و یذكر و یؤنث یقال رجل قزم و رجال أقزام و ككتاب اللئام و ككتف و جبل الصغیر الجثة اللئیم لا غناء عنده.

و قال الأوب الطریق و الجهة و الشوب الخلط أی من أخلاط الناس.

قوله علیه السلام و یولی علة أی هم من السفهاء الذین ینبغی أن یتولی أمورهم غیرهم من الأولیاء و الحكام.

و فی القاموس شام سیفه یشیمه غمده و استله ضد و قال المهل و یحرك و المهلة بالضم السكینة و الرفق و مهله تمهیلا أجله و المهل محركة التقدم فی الخیر و أمهله أنظره و لعل المعنی اغتنموا المهلة و اشتغلوا بحفظ البلاد القاصیة و ثغور المسلمین عن غارات الكافرین و المنافقین و لعل رمی الصفاة كنایة عن طمعهم فیما لم یكونوا یطمعون قبل ذلك فإن الرمی علی الصفاة و هی الحجر الأملس لا یؤثر و قد مر قریب منه فی كلامه علیه السلام.

ص: 324

باب 22 باب إخبار النبی صلی اللّٰه علیه و آله بقتال الخوارج و كفرهم

«570»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ ابْنِ قُولَوَیْهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِی الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَنِی أَنْ أَتَّخِذَكَ أَخاً وَ وَصِیّاً فَأَنْتَ أَخِی وَ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی عَلَی أَهْلِی فِی حَیَاتِی وَ بَعْدَ مَوْتِی مَنِ اتَّبَعَكَ فَقَدْ تَبِعَنِی وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْكَ فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنِّی وَ مَنْ كَفَرَ بِكَ فَقَدْ كَفَرَ بِی وَ مَنْ ظَلَمَكَ فَقَدْ ظَلَمَنِی یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی وَ أَنَا مِنْكَ یَا عَلِیُّ لَوْ لَا أَنْتَ لَمَا قُوتِلَ أَهْلُ النَّهْرِ قَالَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَنْ أَهْلُ النَّهْرِ قَالَ قَوْمٌ یَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ.

بیان: قال فی النهایة فی حدیث الخوارج یمرقون من الدین مروق السهم من الرَّمِیَّةِ أی یجوزونه و یخرقونه و یتعدونه كما یمرق السهم الشی ء المرمی به و یخرج منه و قد تكرر فی الحدیث و منه حدیث علی علیه السلام

ص: 325


1- 570- رواه شیخ الطائفة فی الحدیث: 43 من الجزء السابع من كتاب الأمالی: ج 1، ص 203 ط بیروت.

أمرت بقتال المارقین یعنی الخوارج.

و قال فی الرمیة بعد ذكر الحدیث الرمیة الصید الذی ترمیه فتقصده و ینفذ فیها سهمك و قیل هی كل دابة مرمیة.

«571»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ ملاس النُّمَیْرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عُلَیَّةَ قَالَ وَ حَدَّثَنِی أَبُو عِیسَی جُبَیْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ خَالِدٍ الْوَاسِطِیِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یُوسُفَ الْأَزْرَقِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی أَوْفَی قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْخَوَارِجُ كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ.

«572»-(2)یج، الخرائج و الجرائح رَوَی أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَسَمَ یَوْماً قَسْماً فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ تَمِیمٍ اعْدِلْ فَقَالَ وَیْحَكَ وَ مَنْ یَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قِیلَ نَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ لَا إِنَّ لَهُ أَصْحَاباً یُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ وَ صِیَامَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَ صِیَامِهِمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِیَّةِ رَئِیسُهُمْ رَجُلٌ أَدْعَجُ أَحَدُ ثَدْیَیْهِ مِثْلُ ثَدْیِ الْمَرْأَةِ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ إِنِّی كُنْتُ مَعَ عَلِیٍّ حِینَ قَتَلَهُمْ وَ أَلْتَمِسُ فِی الْقَتْلَی بِالنَّهْرَوَانِ فَأُتِیَ بِهِ عَلَی النَّعْتِ الَّذِی نَعَتَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

«573»-(3)قب، المناقب لابن شهرآشوب تَفْسِیرُ الْقُشَیْرِیِّ وَ إِبَانَةُ الْعُكْبَرِیِّ عَنْ سُفْیَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا فَقَالَ علیه السلام إِنَّهُمْ أَهْلُ حَرُورَاءَ ثُمَّ قَالَ الَّذِینَ ضَلَ

ص: 326


1- 571- رواه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث: 36 من الجزء 17 من أمالیه: ج 1، ص 500.
2- 572- رواه القطب الراوندیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الخرائج.
3- 573- ذكره ابن شهرآشوب رفع اللّٰه مقامه فی أواسط عنوان: «فصل فی الحكمین و الخوارج» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 368 ط النجف.

سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً فِی قِتَالِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أُولئِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ اتَّخَذُوا آیَاتِ الْقُرْآنِ وَ رُسُلِی یَعْنِی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله هُزُواً اسْتَهْزَءُوا بِقَوْلِهِ أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ وَ أُنْزِلَ فِی أَصْحَابِهِ إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِی أَصْحَابِ الْجَمَلِ.

تَفْسِیرُ الْفَلَكِیِّ أَبُو أُمَامَةَ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی قَوْلِهِ تَعَالَی یَوْمَ تَبْیَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِینَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ هُمُ الْخَوَارِجُ.

الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ وَ الطَّبَرِیُّ وَ الثَّعْلَبِیُّ فِی كُتُبِهِمْ أَنَّ ذَا الْخُوَیْصِرَةِ التَّمِیمِیَّ قَالَ لِلنَّبِیِّ اعْدِلْ بِالسَّوِیَّةِ فَقَالَ وَیْحَكَ إِنْ أَنَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خنت [خِبْتَ] وَ خَسِرْتَ فَمَنْ یَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ ائْذَنْ لِی أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَاباً وَ ذَكَرَ وَصْفَهُ فَنَزَلَ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَلْمِزُكَ فِی الصَّدَقاتِ.

مُسْنَدُ أَبِی یَعْلَی الْمَوْصِلِیِّ وَ إِبَانَةُ ابْنِ بَطَّةَ الْعُكْبَرِیِّ وَ عِقْدُ ابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْأَنْدُلُسِیِّ وَ حِلْیَةُ أَبِی نُعَیْمٍ الْأَصْفَهَانِیِّ وَ زِینَةُ أَبِی حَاتِمٍ الرَّازِیِّ وَ كِتَابُ أَبِی بَكْرٍ الشِّیرَازِیِّ أَنَّهُ ذُكِرَ رَجُلٌ بَیْنَ یَدَیِ النَّبِیِّ بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا أَعْرِفُهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ طَلَعَ فَقَالُوا هُوَ هَذَا فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَا إِنِّی أَرَی بَیْنَ عَیْنَیْهِ سَفْعَةً مِنَ الشَّیْطَانِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ هَلْ حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ إِذْ طَلَعْتَ عَلَیْنَا أَنَّهُ لَیْسَ فِی الْقَوْمِ أَحَدٌ مِثْلَكَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَقَفَ یُصَلِّی فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَا رَجُلٌ یَقْتُلُهُ فَحَسَرَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ذِرَاعَیْهِ وَ صَمَدَ نَحْوَهُ فَرَآهُ رَاكِعاً فَرَجَعَ فَقَالَ أَقْتُلُ رَجُلًا یَرْكَعُ وَ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ علیه السلام اجْلِسْ فَلَسْتَ بِصَاحِبِهِ

ص: 327

ثُمَّ قَالَ أَ لَا رَجُلٌ یَقْتُلُهُ فَقَامَ عُمَرُ فَرَآهُ سَاجِداً فَقَالَ أَقْتُلُ رَجُلًا یَسْجُدُ وَ یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ النَّبِیُّ اجْلِسْ فَلَسْتَ بِصَاحِبِهِ قُمْ یَا عَلِیُّ فَإِنَّكَ أَنْتَ قَاتِلُهُ إِنْ أَدْرَكْتَهُ فَمَضَی وَ انْصَرَفَ وَ قَالَ لَهُ مَا رَأَیْتُهُ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ قُتِلَ لَكَانَ أَوَّلَ فِتْنَةٍ وَ آخِرَهَا (1)وَ فِی رِوَایَةٍ هَذَا أَوَّلُ قَرْنٍ یَطْلُعُ فِی أُمَّتِی لَوْ قَتَلْتُمُوهُ مَا اخْتَلَفَ بَعْدِی اثْنَانِ وَ قَالَ أُبَیٌّ وَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی ثانِیَ عِطْفِهِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَ هُوَ الْقَتْلُ وَ نُذِیقُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَذابَ الْحَرِیقِ بِقِتَالِهِ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام.

بیان: قال فی النهایة السفعة نوع من السواد مع لون آخر و منه حدیث أبی الیسر أری فی وجهك سفعة من غضب أی تغیرا إلی السواد.

وَ فِی حَدِیثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَیْهَا وَ عِنْدَهَا جَارِیَةٌ بِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ إِنَّ بِهَا نَظْرَةً فَاسْتَرْقُوا لَهَا أَیْ عَلَامَةً مِنَ الشَّیْطَانِ أَوْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً مِنْهُ وَ هِیَ الْمَرَّةُ مِنَ السَّفْعِ الْأَخْذِ.

ص: 328


1- 1 و رواه أحمد بن حنبل فی مسند أبی سعید الخدریّ من مسنده: ج 3 ص 15. و رواه عنه و عن البزار، و عن أبی یعلی بأسانیدهم ابن كثیر فی الحدیث السادس مما أورده حول الخوارج فی ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ البدایة و النهایة: ج 7 ص 298 ط بیروت دار الفكر. و رواه ابن حجر عن مسند أبی یعلی فی عنوان: «ذو الثدیة» و ترجمتها من كتاب الإصابة: ج 1، ص 484. و رواه العلامة الامینی رحمه اللّٰه فی عنوان: «تهالك الخلیفة علی المبدأ» من كتاب الغدیر: ج 7 ص 216 ط بیروت نقلا عن حلیة الأولیاء: ج 2 ص 317، و ج 3 ص 227، و عن ثمار القلوب- للثعالبی- ص 232، و عن أحمد فی كتاب المسند: ج 3 ص 15، و عن تاریخ ابن كثیر: ج 7 ص 298 و عن الإصابة: ج 1 ص 484. و رواه أیضا ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 36 من نهج البلاغة: ج 2 ص 265 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1، ص 459.

وَ مِنْهُ حَدِیثُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لِرَجُلٍ رَآهُ إِنَّ بِهَذَا سَفْعَةً مِنَ الشَّیْطَانِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَمْ أَسْمَعْ فَمَا قُلْتَ فَقَالَ أَنْشَدْتُكَ اللَّهَ هَلْ تَرَی أَحَداً خَیْراً مِنْكَ قَالَ لَا قَالَ فَلِهَذَا قُلْتُ مَا قُلْتُ جَعَلَ مَا بِهِ مِنَ الْعُجْبِ مَسّاً مِنَ الْجُنُونِ.

«574»-(1)كشف، كشف الغمة ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ سُلَیْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ فِی مُسْنَدِهِ الْمُسَمَّی بِالسُّنَنِ یَرْفَعُهُ إِلَی أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ وَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: سَیَكُونُ فِی أُمَّتِی اخْتِلَافٌ وَ فُرْقَةٌ قَوْمٌ یُحْسِنُونَ الْقِیلَ وَ یُسِیئُونَ الْفِعْلَ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یُجَاوِزُ تَرَاقِیَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ طُوبَی لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَ قَتَلُوهُ یَدْعُونَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَیْسُوا مِنْهُ فِی شَیْ ءٍ مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَی بِاللَّهِ مِنْهُمْ.

وَ نَقَلَ مُسْلِمُ بْنُ حَجَّاجٍ فِی صَحِیحِهِ وَ وَافَقَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدِهِمَا عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ كَانَ فِی الْجَیْشِ الَّذِینَ كَانُوا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ فَقَالَ عَلِیٌّ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِی یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَیْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَی قِرَاءَتِهِمْ بِشَیْ ءٍ وَ لَا صَلَاتُكُمْ إِلَی صَلَاتِهِمْ بِشَیْ ءٍ وَ لَا صِیَامُكُمْ إِلَی صِیَامِهِمْ بِشَیْ ءٍ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَ هُوَ عَلَیْهِمْ لَا یُجَاوِزُ قِرَاءَتُهُمْ تَرَاقِیَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ لَوْ یَعْلَمُ الْجَیْشُ الَّذِینَ یُصِیبُونَهُمْ مَا قَضَی لَهُمْ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّهِمْ لَنَكَلُوا عَنِ الْعَمَلِ وَ آیَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِیهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ لَیْسَ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَی عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْیِ عَلَیْهِ شَعَرَاتٌ بِیضٌ أَ فَتَذَهْبَوُنَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ وَ تَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ یَخْلُفُونَكُمْ فِی ذَرَارِیِّكُمْ وَ أَمْوَالِكُمْ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ

ص: 329


1- 574- رواه الاربلی رحمه اللّٰه فی فضائل علیّ علیه السلام قبیل قوله: «و أمّا تفصیل العلوم فمنه ابتداؤها و إلیه تنسب» من كتاب كشف الغمّة: ج 1 ص 128، ط بیروت. و الحدیث رواه أبو داود- مع أخبار أخر فی ذمّ الخوارج- فی آخر كتاب السنة قبیل كتاب الأدب تحت الرقم: 4768 من سننه: ج 2 ص 545 و فی ط دار الفكر: ج 4 ص 244.

وَ أَغَارُوا عَلَی سَرْحِ النَّاسِ فَسِیرُوا قَالَ سَلَمَةُ فَنَزَلَنِی زَیْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلًا مَنْزِلًا حَتَّی قَالَ مَرَرْنَا عَلَی قَنْطَرَةٍ فَلَمَّا الْتَقَیْنَا وَ عَلَی الْخَوَارِجِ یَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِیُّ فَقَالَ لَهُمْ أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَ سَلُّوا السُّیُوفَ مِنْ جُفُونِهَا فَإِنِّی أَخَافُ أَنْ یُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ أَیَّامَ حَرُورَاءَ فَرَجَعُوا فَوَحَشُوا بِرِمَاحِهِمْ وَ سَلُّوا السُّیُوفَ وَ شَجَرَهُمُ النَّاسُ بِالرِّمَاحِ قَالَ وَ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ مَا أُصِیبَ یَوْمَئِذٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَجُلَانِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الْتَمِسُوا فِیهِمُ الْمُخْدَجَ وَ هُوَ النَّاقِصُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام بِنَفْسِهِ حَتَّی أَتَی نَاساً وَ قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ قَالَ أَخْرِجُوهُمْ فَأَخْرَجُوهُمْ فَوَجَدُوهُ مِمَّا یَلِی الْأَرْضَ فَكَبَّرَ ثُمَّ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ بَلَّغَ رَسُولُهُ قَالَ فَقَامَ إِلَیْهِ عُبَیْدَةُ السَّلْمَانِیُّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَ سَمِعْتَ هَذَا الْحَدِیثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِی وَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ حَتَّی اسْتَحْلَفَهُ ثَلَاثاً وَ هُوَ یَحْلِفُ لَهُ.

«575»-(1)مد، العمدة مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ مِنْ إِفْرَادِ مُسْلِمٍ مِثْلَهُ

بیان: أقول- رواه أیضا ابن الأثیر فی جامع الأصول من صحیح مسلم و أبی داود عن زید بن وهب.

لنكلوا عن العمل أی امتنعوا و تركوه اتكالا علی هذا العمل و ثوابه.

فنزلنی زید بن وهب أی ذكر القصة منزلا منزلا و قال الإربلی رحمه اللّٰه یقال وحش الرجل إذا رمی بثوبه و سلاحه مخافة أن یلحق.

و فی النهایة أتی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بمخدج أی ناقص الخلق.

ص: 330


1- 575- انظر الحدیث 862 فی الفصل الأخیر- و هو فصل [ذكر] شی ء من الاحداث [الواقعة] بعد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم- من كتاب العمدة ص 242.

و التشاجر بالرماح التطاعن بها.

«576»-(1)كشف، كشف الغمة وَ نَقَلَ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ وَ مَالِكٌ فِی الْمُوَطَّإِ أَنَّ أَبَا سَعِیدٍ الْخُدْرِیَّ قَالَ: أَشْهَدُ إِنِّی لَسَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَاتَلَهُمْ وَ أَنَا مَعَهُ وَ أَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ وَ أُتِیَ بِهِ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَیْهِ عَلَی نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِی نَعَتَ.

وَ نَقَلَ الْبُخَارِیُّ وَ النَّسَائِیُّ وَ مُسْلِمٌ وَ أَبُو دَاوُدَ فِی صِحَاحِهِمْ قَالَ سُوَیْدُ بْنُ غَفَلَةَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَدِیثاً فَوَ اللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ لَأَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَیْهِ وَ فِی رِوَایَةٍ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَیْهِ مَا لَمْ یَقُلْ وَ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ وَ إِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ سَیَخْرُجُ قَوْمٌ فِی آخِرِ الزَّمَانِ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ یَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَیْرِ الْبَرِّیَّةِ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یُجَاوِزُ إِیمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ فَأَیْنَمَا لَقِیتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِی قَتْلِهِمْ أَجْراً لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

أقول: أورد ابن الأثیر الخبرین فی جامع الأصول من الأصول المذكورة.

و رواه ابن بطریق من صحیح البخاری بسندین.

«577»-(2)كشف، كشف الغمة وَ مِنْ مَنَاقِبِ أَحْمَدَ بْنِ مَرْدَوَیْهِ عَنِ ابْنِ أَبِی الْیَسَرِ الْأَنْصَارِیِ

ص: 331


1- 576- رواه الاربلی رحمه اللّٰه فی فضائل علیّ علیه السلام قبیل العنوان المتقدم الذكر آنفا من كتاب كشف الغمّة: ج 1، ص 129.
2- 577- رواه الاربلی رفع اللّٰه مقامه فی فضائل علیّ علیه السلام- قبیل عنوان: «وصف زهده «علیه السلام» فی الدنیا و سنته فی رفضها ...»- من كتاب كشف الغمّة: ج 1، ص 158، ط بیروت. و لقصة الخوارج مصادر و أسانید كثیرة یجد الباحث كثیرا منها تحت الرقم: 167 و ما بعده من كتاب خصائص أمیر المؤمنین علیه السلام- للنسائی- ص 301 ط بیروت، و فی أواخر الباب: 53 تحت الرقم: 213 و ما بعده من السمط الأول من فرائد السمطین: ج 1، ص 274 ط بیروت، و تحت الرقم: 261 و ما حوله من نهج السعادة: ج 2 ص 366 و ما حولها ط 1.

[عَنْ] أَبِیهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ قَالَ فَقَالَتْ مَنْ قَتَلَ الْخَارِجِیَّةَ قَالَ قُلْتُ قَتَلَهُمْ عَلِیٌّ قَالَتْ مَا یَمْنَعُنِی الَّذِی فِی نَفْسِی عَلَی عَلِیٍّ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَقْتُلُهُمْ خَیْرُ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی وَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام.

وَ مِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِی مَنْ قَتَلَ الْخَوَارِجَ فَقُلْتُ قَتَلَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ فَسَكَتَتْ قَالَ فَقُلْتُ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ وَ بِحَقِّ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنْ كُنْتِ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَیْئاً أَخْبَرْتِنِیهِ قَالَ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ یَقْتُلُهُمْ خَیْرُ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ وَ أَعْظَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَی یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَسِیلَةً.

وَ مِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ لِی عَائِشَةُ یَا مَسْرُوقُ إِنَّكَ مِنْ أَكْرَمِ بَنِیَّ عَلَیَّ وَ أَحَبِّهِمْ إِلَیَّ فَهَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنَ الْمُخْدَجِ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَتَلَهُ عَلِیٌّ عَلَی نَهْرٍ یُقَالُ لِأَسْفَلِهِ تامراء [تَامَرَّا] وَ أَعْلَاهُ النَّهْرَوَانُ بَیْنَ أَخَاقِیقَ وَ طَرْفَاءَ قَالَ فَقَالَتْ فَأْتِنِی مَعَكَ بِمَنْ یَشْهَدُ قَالَ فَأَتَیْتُهَا بِسَبْعِینَ رَجُلًا مِنْ كُلِّ سَبْعَ عَشْرَةَ وَ كَانَ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ أَسْبَاعاً فَشَهِدُوا عِنْدَهَا أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَتَلَهُ عَلَی نَهْرٍ یُقَالُ لِأَسْفَلِهِ تامراء [تَامَرَّا] وَ أَعْلَاهُ النَّهْرَوَانُ بَیْنَ أَخَاقِیقَ وَ طَرْفَاءَ قَالَتْ لَعَنَ اللَّهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَیَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَلَی نِیلِ مِصْرَ قَالَ قُلْتُ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرِینِی أَیَّ شَیْ ءٍ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِیهِمْ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ یَقْتُلُهُمْ خَیْرُ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ وَ أَقْرَبُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَسِیلَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مِنْهُ عَنْ مَسْرُوقٍ أَیْضاً مِنْ حَدِیثٍ آخَرَ حَیْثُ شَهِدَ عِنْدَهَا الشُّهُودُ فَقَالَتْ

ص: 332

قَاتَلَ اللَّهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَیَّ أَنَّهُ أَصَابَهُ بِمِصْرَ قَالَ یَزِیدُ بْنُ زِیَادٍ فَحَدَّثَنِی مَنْ سَمِعَ عَائِشَةَ وَ ذَكَرَ عِنْدَهَا أَهْلَ النَّهْرِ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ یُوَلِّیَهُ اللَّهُ إِیَّاهُ قَالُوا وَ لِمَ ذَلِكِ قَالَتْ إِنِّی سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ شِرَارُ أُمَّتِی یَقْتُلُهُمْ خِیَارُ أُمَّتِی وَ مَا كَانَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ إِلَّا مَا یَكُونُ بَیْنَ الْمَرْأَةِ وَ أَحْمَائِهَا وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْهُ أَنَّهَا قَالَتِ اكْتُبْ لِی شَهَادَةَ مَنْ شَهِدَ مَعَ عَلِیٍّ النَّهْرَوَانَ فَكَتَبْتُ شَهَادَةَ سَبْعِینَ مِمَّنْ شَهِدُوا ثُمَّ أَتَیْتُهَا بِالْكِتَابِ فَقُلْتُ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ لِمَ اسْتَشْهَدْتِ قَالَتْ إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَصَابَهُ عَلَی نِیلِ مِصْرَ قَالَ فَقُلْتُ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ أَسْأَلُكِ بِحَقِّ اللَّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَقِّی عَلَیْكِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتِینِی بِمَا سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیهِ قَالَتْ إِنْ نَشَدْتِنِی فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ یَقْتُلُهُمْ خَیْرُ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ وَ أَقْرَبُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَسِیلَةً وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ عَنْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْهُ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَلِیّاً قَتَلَهُمْ فَقَالَتْ انْظُرْ مَا تَقُولُ قُلْتُ وَ اللَّهِ لَهُوَ قَتَلَهُمْ فَقَالَتْ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ وَ زَادَتْ فِیهِ وَ إِجَابَةَ دَعْوَةٍ.

و أورده صدیقنا العز المحدث الحنبلی الموصلی أیضا.

و قد ورد هذا عن مسروق عن عائشة بعدة طرق اقتصرنا علی ما أوردناه.

توضیح:

قال الإربلی المصنف رحمه اللّٰه الأخاقیق شقوق فی الأرض و فی الحدیث وقصت به ناقته فی أخاقیق جرذان و قال الأصمعی إنما هو لخاقیق جمع لخقوق و قال الأزهری هی صحیحة كما جاءت فی الحدیث أخاقیق.

و ذكر نحوه ابن الأثیر فی النهایة.

«578»-(1)مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: إِنَّ قَوْماً یَمْرُقُونَ

ص: 333


1- 578- رواهما یحیی بن الحسن بن البطریق رفع اللّٰه مقامه مسندة فی الفصل الأخیر من كتاب العمدة ص 231.

مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یَجُوزُ تَرَاقِیَهُمْ طُوبَی لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَ قَتَلُوهُ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ إِنِّی دَخَلْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَیْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا عَائِشَةَ فَقَالَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ كَیْفَ أَنْتَ وَ قَوْمٌ كَذَا وَ كَذَا قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قَوْمٌ یَخْرُجُونَ مِنَ الْمَشْرِقِ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یُجَاوِزُ تَرَاقِیَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ فِیهِمْ رَجُلٌ مَخْدُوجُ الْیَدِ كَأَنَّ یَدَیْهِ ثَدْیُ حَبَشِیَّةٍ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ طَارِقِ بْنِ زِیَادٍ قَالَ: سَارَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی النَّهْرَوَانِ فَقَتَلَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ اطْلُبُوا الْمُخْدَجَ فَإِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ سَیَجِی ءُ قَوْمٌ یَتَكَلَّمُونَ بِكَلِمَةِ الْحِكْمَةِ لَا یُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ سِیمَاهُمْ أَوْ فِیهِمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ مَخْدُوجُ الْیَدِ فِی ثَدْیِهِ شَعَرَاتٌ سُودٌ فَإِنْ كَانَ فِیهِمْ فَقَدْ قَتَلْتُمْ شَرَّ النَّاسِ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ فِیهِمْ فَقَدْ قَتَلْتُمْ خَیْرَ النَّاسِ قَالَ ثُمَّ إِنَّا وَجَدْنَا الْمُخْدَجَ فَخَرَرْنَا سُجَّداً وَ خَرَّ عَلِیٌّ علیه السلام سَاجِداً مَعَنَا.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی الْوَضِی ءِ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِیّاً حِینَ قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ قَالَ الْتَمِسُوا الْمُخْدَجَ فَطَلَبُوهُ فِی الْقَتْلَی فَقَالُوا لَیْسَ نَجِدُهُ فَقَالَ ارْجِعُوا فَالْتَمِسُوهُ فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ فَرَدَّدَ ذَلِكَ مِرَاراً كُلُّ ذَلِكَ یَحْلِفُ بِاللَّهِ لَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ فَانْطَلَقُوا فَوَجَدُوهُ تَحْتَ الْقَتْلَی فِی طِینٍ فَاسْتَخْرَجُوهُ فَجِی ءَ بِهِ فَقَالَ أَبُو الْوَضِی ءِ فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ حَبَشِیّاً عَلَیْهِ ثَدْیَانِ أَحَدُ ثَدْیَیْهِ مِثْلُ ثَدْیِ الْمَرْأَةِ عَلَیْهَا شَعَرَاتٌ مِثْلُ شَعَرَاتٍ تَكُونُ عَلَی ذَنَبِ الْیَرْبُوعِ.

ص: 334

وَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَی أَبِی الْوَضِی ءِ قَالَ: كُنَّا غَائِرِینَ إِلَی الْكُوفَةِ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَلَمَّا بَلَغْنَا مَسِیرَةَ لَیْلَتَیْنِ أَوْ ثَلَاثٍ شَذَّ مِنَّا نَاسٌ كَثِیرٌ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَا یَهُولَنَّكُمْ أَمْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ سَیَرْجِعُونَ فَذَكَرَ الْحَدِیثَ بِطُولِهِ وَ قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ قَالَ إِنَّ خَلِیلِی أَخْبَرَنِی أَنَّ قَائِدَ هَؤُلَاءِ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْیَدِ عَلَی حَلَمَةِ ثَدْیِهِ شَعَرَاتٌ كَأَنَّهُنَّ ذَنَبُ الْیَرْبُوعِ فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَأَتَیْنَاهُ فَقُلْنَا لَمْ نَجِدْهُ فَجَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام بِنَفْسِهِ فَجَعَلَ یَقُولُ اقْلَبُوا ذَا اقْلَبُوا ذَا حَتَّی جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ هُوَ ذَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ وَ لَا یُنَبِّئُكُمْ أَخْبَرَ مِنَ اللَّهِ قَالَ فَجَعَلَ النَّاسُ یَقُولُونَ هَذَا مَلَكٌ هَذَا مَلَكٌ لِقَوْلِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ بِسَنَدٍ آخَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَمَا إِنَّ خَلِیلِی أَخْبَرَنِی أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ مِنَ الْجِنِّ هَذَا أَكْبَرُهُمْ وَ الثَّانِی لَهُ جَمْعٌ كَثِیرٌ وَ الثَّالِثُ فِیهِ ضَعْفٌ.

«579»-(1)مد، العمدة مِنْ صَحِیحِ الْبُخَارِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: بَیْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقْسِمُ قَسْماً إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَیْصِرَةِ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَیْلَكَ مَنْ یَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَ خَسِرْتَ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِی فِیهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ لَهُ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَاباً یُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَ صِیَامَهُ مَعَ صِیَامِهِمْ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یُجَاوِزُ تَرَاقِیَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ یَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَی نَصْلِهِ فَلَا یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ یَنْظُرُ إِلَی رِصَافِهِ فَلَا یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ یَنْظُرُ إِلَی نَضِیِّهِ وَ هُوَ قِدْحُهُ فَلَا یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ ثُمَّ یَنْظُرُ إِلَی قُذَذِهِ فَلَا یُوجَدُ فِیهِ شَیْ ءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَ الدَّمَ آیَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَی عَضُدَیْهِ مِثْلُ ثَدْیِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ یَخْرُجُونَ عَلَی خَیْرِ فِرْقَةٍ مِنَ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ فَأَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِیثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ

ص: 335


1- 579- رواهما یحیی بن الحسن بن البطریق رفع اللّٰه مقامه مسندة فی الفصل الأخیر من كتاب العمدة ص 231

صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَاتَلَهُمْ وَ أَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِیَ بِهِ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَیْهِ عَلَی نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِی نَعَتَهُ.

- وَ رُوِیَ أَیْضاً بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ مِثْلَهُ بیان أورد ابن الأثیر الخبر فی جامع الأصول و قال الرصاف العقب الذی یكون فوق مدخل النصل فی السهم واحدها رصفة.

و قال فی النهایة فی حدیث الخوارج فینظر فی نضیه النضی نصل السهم و قیل هو السهم قبل أن ینحت إذا كان قدحا و هو أولی لأنه قد جاء فی الحدیث ذكر النصل بعد النضی و قیل هو من السهم ما بین الریش و النصل قالوا سمی نضیا لكثرة البری و النحت فكأنه جعل نضوا أی هزیلا و قال القذذ ریش السهم واحدتها قذة.

و فی جامع الأصول الفرث السرجین و ما یكون فی الكرش.

و فی النهایة فی حدیث ذی الثدیة مثل البضعة تدردر أی ترجرج تجی ء و تذهب و الأصل تتدردر فحذف إحدی التاءین تخفیفا.

«580»-(1)مد، العمدة مِنْ صَحِیحِ الْبُخَارِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبِی عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَی قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا قَالَ هُمُ الْحَرُورِیَّةُ لَا هُمُ الْیَهُودُ وَ لَا هُمُ النَّصَارَی أَمَّا الْیَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا النَّصَارَی فَكَفَرُوا بِالْجَنَّةِ وَ قَالُوا

ص: 336


1- 580- رواه ابن البطریق رحمه اللّٰه فی الحدیث: 850 فی الفصل الأخیر من كتاب العمدة ص 238. و رواه البخاری فی الحدیث ما قبل الأخیر من تفسیر سورة الكهف من كتاب التفسیر: ج 6 ص 117، ط دار إحیاء التراث العربی. و الحدیثان التالیان رواهما أیضا البخاری فی «باب قتل الخوارج و الملحدین ...» من كتاب استتابة المرتدین من صحیحه: ج 9 ص 20- 21.

لَا طَعَامَ فِیهَا وَ لَا شَرَابَ وَ الْحَرُورِیَّةُ هُمُ الَّذِینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِیثاقِهِ وَ كَانَ سَعْدٌ یُسَمِّیهِمُ الْفَاسِقِینَ.

وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّی یُبَیِّنَ لَهُمْ ما یَتَّقُونَ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ یَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَی وَ قَالَ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَی آیَاتٍ نَزَلَتْ فِی الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَی الْمُؤْمِنِینَ.

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذُكِرَ الْحَرُورِیَّةُ فَقَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله یَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ.

«581»-(1)مد، العمدة مِنْ تَفْسِیرِ الثَّعْلَبِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ: سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ عَلِیّاً علیه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا قَالَ أَنْتُمْ یَا أَهْلَ حَرُورَاءَ وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً أَیْ یَظُنُّونَ بِفِعْلِهِمْ أَنَّهُمْ مُطِیعُونَ مُحْسِنُونَ أُولئِكَ الَّذِینَ كَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِیمُ لَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَزْناً.

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ قَالَ: وَقَفَ أَبُو أُمَامَةَ وَ أَنَا مَعَهُ عَلَی رُءُوسِ الْحَرُورِیَّةِ بِالشَّامِ عِنْدَ بَابِ حِصْنِ دِمَشْقَ فَقَالَ لَهُمْ كِلَابٌ كِلَابٌ مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً شَرُّ قَتْلَی یُظِلُّ السَّمَاءُ وَ خَیْرُ قَتْلَی قَتْلَاهُمْ وَ دَمَعَتْ عَیْنُ أَبِی أُمَامَةَ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ رَأَیْتُ قَوْلَكَ لِهَؤُلَاءِ الْقَتْلَی شَرَّ قَتْلَی یُظِلُّ السَّمَاءُ وَ خَیْرُ قَتْلَی قَتْلَاهُمْ أَ شَیْ ءٌ مِنْ قِبَلِ رَأْیٍ رَأَیْتَهُ أَوْ شَیْ ءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَ یَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَأْیٍ رَأَیْتُهُ إِنِّی إِذَنْ لَجَرِی ءٌ لَوْ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَیْنِ حَتَّی عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ مَا حَدَّثَتْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ فَإِنِّی رَأَیْتُكَ دَمَعَتْ عَیْنَاكَ قَالَ هِیَ رَحْمَةٌ رَحِمْتُهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِینَ فَكَفَرُوا بَعْدَ إِیمَانِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِینَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَیِّناتُ إِلَی قَوْلِهِ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِیمانِكُمْ ثُمَّ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ هُمُ الْحَرُورِیَّةُ.

ص: 337


1- 581- و لیراجع تفسیر الآیة: 118 من سورة آل عمران من تفسیر الثعلبی.

بیان: و خیر قتلی قتلاهم أی الذین هم قتلوهم.

«582»-(1)مد، العمدة ذَكَرَ الثَّعْلَبِیُّ فِی تَفْسِیرِ قَوْلِهِ تَعَالَی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا یَأْلُونَكُمْ خَبالًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: هُمُ الْخَوَارِجُ.

«583»-(2)مد، العمدة مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصَّحِیحَیْنِ لِلْحُمَیْدِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ أَنَّ الْحَرُورِیَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِیدَ بِهَا بَاطِلٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَصَفَ لَنَا نَاساً إِنِّی لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِی هَؤُلَاءِ یَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا یَجُوزُ تَرَاقِیَهُمْ وَ أَشَارَ إِلَی حَلْقِهِ مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَیْهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَی یَدَیْهِ لَحْیُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْیٍ فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ انْظُرُوا فَنَظَرُوا فَلَمْ یَجِدُوا شَیْئاً فَقَالَ ارْجِعُوا فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ مَرَّتَیْنِ أَوْ ثَلَاثاً ثُمَّ وَجَدُوهُ فِی خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّی وَضَعُوهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَ أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ قَوْلِ عَلِیٍّ علیه السلام فِیهِمْ.

وَ مِنَ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَیْهِ مِنَ الْبُخَارِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی الْحَرُورِیَّةِ شَیْئاً قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ وَ أَهْوَی بِیَدِهِ قِبَلَ الْعِرَاقِ یَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یَتَجَاوَزُ تَرَاقِیَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ وَ فِی حَدِیثِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ یَلِیهِ قَوْمٌ قَبْلَ الْمَشْرِقِ مُحَلَّقَةٌ رُءُوسُهُمْ.

«584»-(3)و قال ابن أبی الحدید قد تظاهرت الأخبار حتی بلغت حد التواتر بما وعد

ص: 338


1- 582- و لیراجع تفسیر الآیة: 118 من سورة آل عمران من تفسیر الثعلبی.
2- 583- و لهذا الحدیث مصادر و قد رواه الخطیب فی ترجمة عبید اللّٰه بن أبی رافع تحت الرقم: 5453 من تاریخ بغداد: ج 10، ص 305.
3- 584- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 36 من نهج البلاغة: ج 1 ص 458 ط الحدیث ببیروت، و فی ط الحدیث بمصر: ج 2 ص 265.

اللّٰه تعالی قاتلی الخوارج من الثواب علی لسان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ فِی الصِّحَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَیْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَا هُوَ یَقْسِمُ قَسْماً إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ یُدْعَی ذَا الْخُوَیْصِرَةِ فَقَالَ اعْدِلْ یَا مُحَمَّدُ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ عَدَلْتُ فَقَالَ لَهُ ثَانِیَةً اعْدِلْ یَا مُحَمَّدُ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ فَقَالَ صلی اللّٰه علیه و آله وَیْلَكَ وَ مَنْ یَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ یَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِی أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَسَیَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ یَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَی نَصْلِهِ فَلَا یَجِدُ شَیْئاً فَیَنْظُرُ إِلَی نَضِیِّهِ فَلَا یَجِدُ شَیْئاً ثُمَّ یَنْظُرُ إِلَی الْقُذَذِ فَكَذَلِكَ سَبَقَ الْفَرْثَ وَ الدَّمَ یَخْرُجُونَ عَلَی خَیْرِ فِرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ یُحَقَّرُ صَلَاتُكُمْ فِی جَنْبِ صَلَاتِهِمْ وَ صَوْمُكُمْ عِنْدَ صَوْمِهِمْ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یُجَاوِزُ تَرَاقِیَهُمْ آیَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ أَوْ قَالَ أَدْعَجُ مُخْدَجُ الْیَدِ إِحْدَی ثَدْیَیْهِ كَأَنَّهَا ثَدْیُ امْرَأَةٍ أَوْ بَضْعَةٌ تَدَرْدَرُ وَ فِی بَعْضِ الصِّحَاحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِأَبِی بَكْرٍ وَ قَدْ غَابَ الرَّجُلُ عَنْ عَیْنِهِ قُمْ إِلَی هَذَا فَاقْتُلْهُ فَقَامَ ثُمَّ عَادَ وَ قَالَ وَجَدْتُهُ یُصَلِّی فَقَالَ لِعُمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فَعَادَ وَ قَالَ وَجَدْتُهُ یُصَلِّی فَقَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَمْ أَجِدْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ قُتِلَ هَذَا لَكَانَ أَوَّلَ فِتْنَةٍ وَ آخِرَهَا أَمَا إِنَّهُ سَیَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا الْحَدِیثَ وَ فِی بَعْضِ الصِّحَاحِ یَقْتُلُهُمْ أَوْلَی الْفَرِیقَیْنِ بِالْحَقِّ.

وَ فِی مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ لِی عَائِشَةُ إِنَّكَ مِنْ وُلْدِی وَ مِنْ أَحَبِّهِمْ إِلَیَّ فَهَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِنَ الْمُخْدَجِ فَقُلْتُ نَعَمْ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی نَهَرٍ یُقَالُ لِأَعْلَاهُ تامراء [تَامَرَّا] وَ لِأَسْفَلِهِ النَّهْرَوَانَ بَیْنَ لَخَاقِیقَ وَ طَرْفَاءَ قَالَتِ ابْغِنِی عَلَی ذَلِكَ بَیِّنَةً فَأَقَمْتُ رِجَالًا شَهِدُوا عِنْدَهَا بِذَلِكَ قَالَ فَقُلْتُ لَهَا سَأَلْتُكِ بِصَاحِبِ الْقَبْرِ مَا الَّذِی سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 339

فِیهِمْ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُهُ یَقُولُ إِنَّهُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ یَقْتُلُهُمْ خَیْرُ الْخَلْقِ وَ الْخَلِیقَةِ وَ أَقْرَبُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَسِیلَةً.

وَ فِی كِتَابِ صِفِّینَ لِلْوَاقِدِیِّ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام لَوْ لَا أَنْ تَبْطَرُوا فَتَدَعُوا الْعَمَلَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا سَبَقَ عَلَی لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ.

وَ فِیهِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَخْرُجُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ قَوْلُهُمْ مِنْ خَیْرِ أَقْوَالِ الْبَرِّیَّةِ صَلَاتُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاتِكُمْ وَ قِرَاءَتُهُمُ أَكْثَرُ مِنْ قِرَاءَتِكُمْ لَا یُجَاوِزُ إِیمَانُهُمْ تَرَاقِیَهُمْ أَوْ قَالَ حَنَاجِرَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

وَ فِی كِتَابِ صِفِّینَ أَیْضاً لِلْمَدَائِنِیِّ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ لَمَّا عَرَفَتْ أَنَّ عَلِیّاً قَتَلَ ذَا الثُّدَیَّةِ لَعَنَ اللَّهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَیَّ یُخْبِرُنِی أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْإِسْكَنْدَرِیَّةِ إِلَّا أَنَّهُ لَیْسَ یَمْنَعُنِی مَا فِی نَفْسِی أَنْ أَقُولَ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَقْتُلُهُ خَیْرُ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی.

«585»-(1)أَقُولُ وَ رُوِیَ فِی جَامِعِ الْأُصُولِ تِلْكَ الْأَخْبَارُ وَ الْأَخْبَارُ السَّابِقَةُ بِأَسَانِیدَ وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: بَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ بِالْیَمَنِ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله بِذَهِیبَةٍ فِی تُرْبَتِهَا فَقَسَمَهَا بَیْنَ أَرْبَعَةٍ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَ عُیَیْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِیِّ وَ عَلْقَمَةَ بْنِ عَلَاثَةَ الْعَامِرِیِّ وَ زَیْدِ بْنِ الْخَیْلِ الطَّائِیِّ فَتَغَضَّبَتْ قُرَیْشٌ وَ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا یُعْطِیهِ صَنَادِیدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَ یَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَیْنَیْنِ نَاتِی الْجَبِینِ كَثُّ اللِّحْیَةِ مُشْرِفُ

ص: 340


1- 585- ذكره ابن الأثیر فی كتاب الفتن فی حرف الفاء فی عنوان: «الخوارج» تحت الرقم: 7549 و ما بعده من كتاب جامع الأصول: ج 10، ص 76- 93 ط دار الفكر.

الْوَجْنَتَیْنِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ اتَّقِ اللَّهَ قَالَ فَمَنْ یُطِیعُ اللَّهَ إِذَا عَصَیْتُهُ أَ فَیَأْمَنُنِی عَلَی أَهْلِ الْأَرْضِ وَ لَا تَأْمَنُونِی فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَقْتُلُهُ أَرَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِیدِ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّی قَالَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْماً یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا یُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ یَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِیَّةِ یَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَ یَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی قِیلَ مَا سِیمَاهُمْ قَالَ سِیمَاهُمُ التَّحْلِیقُ أَوْ قَالَ التَّسْبِیدُ فَإِذَا رَأَیْتُمُوهُمْ فَأَنِیمُوهُمْ.

بیان: قال ابن الأثیر فی مادة ضأضأ من كتاب النهایة بعد ذكر بعض الخبر الضئضئ الأصل یقال ضئضئ صدق و ضؤضؤ صدق و حكی بعضهم ضئضی ء بوزن قندیل یرید أنه یخرج من نسله و عقبه.

و رواه بعضهم بالصاد المهملة و هو بمعناه.

و قال فی حدیث الخوارج التسبید فیهم فاش هو الحلق و استیصال الشعر و قیل هو ترك التدهن و غسل الرأس و قال أنیموهم أی اقتلوهم.

و یقال نامت الشاة و غیرها إذا ماتت و النائمة المیتة.

أقول: الأخبار فی ذلك فی كتب الخاصة و العامة كثیرة تركناها مخافة الإكثار و التكرار.

«586»-(1)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی عِمْرَانَ الْكِنْدِیِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَنِ الْأَخْسَرُونَ أَعْمَالًا الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً قَالَ كَفَرَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّ أَوَّلِیهِمْ كَانُوا فِی حَقٍّ فَابْتَدَعُوا فِی دِینِهِمْ فَأَشْرَكُوا بِرَبِّهِمْ وَ هُمْ یَجْتَهِدُونَ فِی الْعِبَادَةِ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلی شَیْ ءٍ فَهُمُ الْأَخْسَرُونَ أَعْمَالًا الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً

ص: 341


1- 586- و انظر الحدیث: 87 من كتاب الغارات: ج 1، ص 180.

ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ وَ قَالَ وَ مَا أَهْلُ النَّهْرَوَانِ غَداً مِنْهُمْ بِبَعِیدٍ قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ لَا أَتَّبِعُ سِوَاكَ وَ لَا أَسْأَلُ غَیْرَكَ قَالَ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ إِلَیْكَ فَافْعَلْ الْخَبَرَ.

ص: 342

باب 23 باب قتال الخوارج و احتجاجاته صلوات اللّٰه علیه

«587»-(1)قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ رَوَی ابْنُ دَیْزِیلَ فِی كِتَابِ صِفِّینَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَیْدٍ عَنْ عُمَرَ مَوْلَی غُفْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ إِلَی الْكُوفَةِ أَقَامَ الْخَوَارِجَ حَتَّی جَمُّوا ثُمَّ خَرَجُوا إِلَی صَحْرَاءٍ بِالْكُوفَةِ تُسَمَّی حَرُورَاءَ فَتَنَادَوْا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أَلَا إِنَّ مُعَاوِیَةَ وَ عَلِیّاً أَشْرَكَا فِی حُكْمِ اللَّهِ فَأَرْسَلَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ فَنَظَرَ فِی أَمْرِهِمْ وَ كَلَّمَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ مَا رَأَیْتَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی مَا هُمْ فَقَالَ علیه السلام أَ رَأَیْتَهُمْ مُنَافِقِینَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا سِیمَاهُمْ سِیمَاءَ مُنَافِقِینَ إِنَّ بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ لَأَثَرَ السُّجُودِ وَ هُمْ یَتَأَوَّلُونَ الْقُرْآنَ فَقَالَ علیه السلام دَعُوهُمْ مَا لَمْ یَسْفِكُوا دَماً أَوْ یَغْصِبُوا مَالًا وَ أَرْسَلَ إِلَیْهِمْ مَا هَذَا الَّذِی أَحْدَثْتُمْ وَ مَا تُرِیدُونَ قَالُوا نُرِیدُ أَنْ نَخْرُجَ نَحْنُ وَ أَنْتَ

ص: 343


1- 587- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 40 من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 490 ط الحدیث ببیروت، و فی ط الحدیث بمصر: ج 2 ص 310.

وَ مَنْ كَانَ مَعَنَا بِصِفِّینَ ثَلَاثَ لَیَالٍ وَ نَتُوبَ إِلَی اللَّهِ مِنْ أَمْرِ الْحَكَمَیْنِ ثُمَّ نَسِیرَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَنُقَاتِلَهُ حَتَّی یَحْكُمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَهَلَّا قُلْتُمْ هَذَا حِینَ بَعَثْنَا الْحَكَمَیْنِ وَ أَخَذْنَا مِنْهُمُ الْعَهْدَ وَ أَعْطَیْنَاهُمُوهُ أَلَّا قُلْتُمْ هَذَا حِینَئِذٍ قَالُوا كُنَّا قَدْ طَالَتِ الْحَرْبُ عَلَیْنَا وَ اشْتَدَّ الْبَأْسُ وَ كَثُرَ الْجِرَاحُ وَ كَلَّ الْكُرَاعُ وَ السِّلَاحُ فَقَالَ لَهُمْ أَ فَحِینَ اشْتَدَّ الْبَأْسُ عَلَیْكُمْ عَاهَدْتُمْ فَلَمَّا وَجَدْتُمُ الْجَمَامَ قُلْتُمْ نَنْقُضُ الْعَهْدَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ یَفِی لِلْمُشْرِكِینَ بِالْعَهْدِ أَ فَتَأْمُرُونَنِی بِنَقْضِهِ فَمَكَثُوا مَكَانَهُمْ لَا یَزَالُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ یَرْجِعُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَا یَزَالُ الْآخَرُ مِنْهُمْ یَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ عَلِیٍّ علیه السلام فَدَخَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْمَسْجِدِ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ فَصَاحَ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فَتَلَفَّتَ النَّاسُ فَنَادَی لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُتَلَفِّتُونَ فَرَفَعَ عَلِیٌّ علیه السلام رَأْسَهُ إِلَیْهِ فَقَالَ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَوْ كَرِهَ أَبُو حَسَنٍ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ أَبَا حَسَنٍ لَا یَكْرَهُ أَنْ یَكُونَ الْحُكْمُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَ حُكْمَ اللَّهِ أَنْتَظِرُ فِیكُمْ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ هَلَّا مِلْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی هَؤُلَاءِ فَأَفْنَیْتَهُمْ فَقَالَ إِنَّهُمْ لَا یَفْنُونَ إِنَّهُمْ لَفِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ.

قَالَ وَ رَوَی أَنَسُ بْنُ عِیَاضٍ الْمَدَنِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ علیهما السلام عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَوْماً یَؤُمُّ النَّاسَ وَ هُوَ یَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فَجَهَرَ ابْنُ الْكَوَّاءِ مِنْ خَلْفِهِ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ فَلَمَّا جَهَرَ ابْنُ الْكَوَّاءِ مِنْ خَلْفِهِ بِهَا سَكَتَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمَّا أَنْهَاهَا ابْنُ الْكَوَّاءِ عَادَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَتَمَّ قِرَاءَتَهُ فَلَمَّا شَرَعَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی الْقِرَاءَةِ أَعَادَ ابْنُ الْكَوَّاءِ الْجَهْرَ بِتِلْكَ الْآیَةِ فَسَكَتَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَمْ یَزَالا كَذَلِكَ یَسْكُتُ هَذَا وَ یَقْرَأُ ذَاكَ مِرَاراً حَتَّی قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ فَسَكَتَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ عَادَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی

ص: 344

قِرَاءَتِهِ.

قَالَ وَ ذَكَرَ الطَّبَرِیُّ فِی التَّارِیخِ (1)أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا دَخَلَ الْكُوفَةَ دَخَلَهَا مَعَهُ كَثِیرٌ مِنَ الْخَوَارِجِ وَ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ بِالنُّخَیْلَةِ وَ غَیْرِهَا خَلْقٌ كَثِیرٌ لَمْ یَدْخُلُوهَا فَدَخَلَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَیْرٍ السَّعْدِیُّ وَ زُرْعَةُ بْنُ بُرْجٍ الطَّائِیُّ وَ هُمَا مِنْ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لَهُ حُرْقُوصُ تُبْ مِنْ خَطِیئَتِكَ وَ اخْرُجْ بِنَا إِلَی مُعَاوِیَةَ نُجَاهِدْهُ فَقَالَ علیه السلام إِنِّی كُنْتُ نَهَیْتُ عَنِ الْحُكُومَةِ فَأَبَیْتُمْ ثُمَّ الْآنَ تجعلوها [تَجْعَلُونَهَا] ذَنْباً أَمَا إِنَّهَا لَیْسَتْ بِمَعْصِیَةٍ وَ لَكِنَّهَا عَجْزٌ مِنَ الرَّأْیِ وَ ضَعْفٌ فِی التَّدْبِیرِ وَ قَدْ نَهَیْتُكُمْ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ زُرْعَةُ أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَتُبْ مِنْ تَحْكِیمِكَ الرِّجَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ أَطْلُبُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَ رِضْوَانَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام بُؤْساً لَكَ مَا أَشْقَاكَ كَأَنِّی بِكَ قَتِیلًا تَسْفِی عَلَیْكَ الرِّیَاحُ قَالَ زُرْعَةُ وَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام یَخْطُبُ النَّاسَ فَصَاحُوا بِهِ مِنْ جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ صَاحَ بِهِ رَجُلٌ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ.

وَ رَوَی ابْنُ دَیْزِیلَ فِی كِتَابِ صِفِّینَ قَالَ: كَانَتِ الْخَوَارِجُ فِی أَوَّلِ مَا

ص: 345


1- 1 هذا و ما بعده رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 36 من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 461 ط الحدیث ببیروت. و الحدیث رواه الطبریّ فی أواخر حوادث سنة: 36 من تاریخه: ج 4 ص 52 ط مصر: و رواه أیضا البلاذری- مع كثیر ممّا تقدم و یأتی- فی الحدیث: 426 و ما حوله من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 355 ط 1. و یجد الباحث شواهد كثیرة للمطالب المتقدمة فی المختار: 255 و ما حوله من كتاب نهج السعادة: ج 2 ص 340 ط 1.

انْصَرَفَتْ عَنْ رَایَاتِ عَلِیٍّ علیه السلام تُهَدِّدُ النَّاسَ قَتْلًا قَالَ فَأَتَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَلَی النَّهْرِ إِلَی جَنْبِ قَرْیَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا رَجُلٌ مَذْعُوراً آخِذاً بِثِیَابِهِ فَأَدْرَكُوهُ فَقَالُوا لَهُ أَرْعَبْنَاكَ قَالَ أَجَلْ فَقَالُوا قَدْ عَرَفْنَاكَ أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَمَا سَمِعْتَ مِنْ أَبِیكَ یُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَحَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ إِنَّ فِتْنَةً جَائِیَةٌ الْقَاعِدُ مِنْهَا خَیْرٌ مِنَ الْقَائِمِ الْحَدِیثَ وَ قَالَ غَیْرُهُ بَلْ حَدَّثَهُمْ أَنَّ طَائِفَةً تَمْرُقُ مِنَ الدِّینِ كَمَا یَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِیَّةِ یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ صَلَاتُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاتِكُمْ الْحَدِیثَ فَضَرَبُوا رَأْسَهُ فَسَالَ دَمُهُ فِی النَّهْرِ مَا امْذَقَرَّ أَیْ مَا اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ كَأَنَّهُ شِرَاكٌ ثُمَّ دَعَوْا بِجَارِیَةٍ لَهُ حُبْلَی فَبَقَرُوا عَمَّا فِی بَطْنِهَا وَ قَالَ عَزَمَ عَلِیٌّ علیه السلام الْخُرُوجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی الْحَرُورِیَّةِ وَ كَانَ فِی أَصْحَابِهِ مُنَجِّمٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَسِرْ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ وَ سِرْ عَلَی ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مَضَیْنَ مِنَ النَّهَارِ فَإِنَّكَ إِنْ سِرْتَ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ أَصَابَكَ وَ أَصَابَ أَصْحَابَكَ أَذًی وَ ضُرٌّ شَدِیدٌ وَ إِنْ سِرْتَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی أَمَرْتُكَ بِهَا ظَهَرْتَ وَ ظَفِرْتَ وَ أَصَبْتَ مَا طَلَبْتَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَ تَدْرِی مَا فِی بَطْنِ فَرَسِی هَذِهِ أَ ذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَی قَالَ إِنْ حَسَبْتُ عَلِمْتُ فَقَالَ علیه السلام مَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ یُنَزِّلُ الْغَیْثَ وَ یَعْلَمُ ما فِی الْأَرْحامِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام إِنَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله مَا كَانَ یَدَّعِی عِلْمَ مَا ادَّعَیْتَ عِلْمَهُ أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِی إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی یُصِیبُ النَّفْعُ مَنْ سَارَ فِیهَا وَ تَصْرِفُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِی یَحِیقُ السُّوءُ بِمَنْ سَارَ فِیهَا فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدِ اسْتَغْنَی عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ فِی صَرْفِ الْمَكْرُوهِ عَنْهُ وَ یَنْبَغِی لِلْمُوقِنِ بِأَمْرِكَ أَنْ یُوَلِّیَكَ الْحَمْدَ دُونَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ لِأَنَّكَ بِزَعْمِكَ هَدَیْتَهُ إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی یُصِیبُ النَّفْعُ مَنْ سَارَ فِیهَا وَ صَرَفْتَهُ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِی یَحِیقُ السُّوءُ بِمَنْ سَارَ فِیهَا فَمَنْ آمَنَ بِكَ فِی هَذَا لَمْ آمَنْ عَلَیْهِ أَنْ یَكُونَ كَمَنِ اتَّخَذَ

ص: 346

مِنْ دُونِ اللَّهِ ضِدّاً وَ نِدّاً اللَّهُمَّ لَا طَیْرَ إِلَّا طَیْرُكَ وَ لَا ضَیْرَ إِلَّا ضَیْرُكَ وَ لَا إِلَهَ غَیْرُكَ ثُمَّ قَالَ نُخَالِفُ وَ نَسِیرُ فِی السَّاعَةِ الَّتِی نَهَیْتَنَا عَنْهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِیَّاكُمْ وَ التَّعَلُّمَ لِلنُّجُومِ إِلَّا مَا یُهْتَدَی بِهِ فِی ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ إِنَّمَا الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ وَ الْكَاهِنُ كَالْكَافِرِ وَ الْكَافِرُ فِی النَّارِ أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَعْمَلُ بِالنُّجُومِ لَأُخَلِّدَنَّكَ السِّجْنَ أَبَداً مَا بَقِیتَ وَ لَأُحَرِّمَنَّكَ الْعَطَاءَ مَا كَانَ لِی سُلْطَانٌ ثُمَّ سَارَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی نَهَاهُ عَنْهَا الْمُنَجِّمُ فَظَفِرَ بِأَهْلِ النَّهْرِ وَ ظَهَرَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ لَوْ لَمْ نَسِرْ فِی السَّاعَةِ الَّتِی نَهَانَا عَنْهَا الْمُنَجِّمُ لَقَالَ النَّاسُ سَارَ فِی السَّاعَةِ الَّتِی أَمَرَ بِهَا الْمُنَجِّمُ فَظَفِرَ وَ ظَهَرَ أَمَا إِنَّهُ مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مُنَجِّمٌ وَ لَا لَنَا مِنْ بَعْدِهِ حَتَّی فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْنَا بِلَادَ كِسْرَی وَ قَیْصَرَ أَیُّهَا النَّاسُ تَوَكَّلُوا عَلَی اللَّهِ وَ ثِقُوا بِهِ فَإِنَّهُ یَكْفِی مِمَّنْ سِوَاهُ قَالَ فَرَوَی مُسْلِمٌ الضَّبِّیُّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ لَمَّا انْتَهَیْنَا إِلَیْهِمْ رَمَوْنَا فَقُلْنَا لِعَلِیٍّ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ رَمَوْنَا فَقَالَ كُفُّوا ثُمَّ رَمَوْنَا فَقَالَ لَنَا كُفُّوا ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَقَالَ الْآنَ طَابَ الْقِتَالُ احْمِلُوا عَلَیْهِمْ وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْ قَیْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِمْ قَالَ لَهُمْ أَقِیدُونَا بِدَمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ فَقَالُوا كُلُّنَا قَتَلَهُ فَقَالَ احْمِلُوا عَلَیْهِمْ.

وَ ذَكَرَ أَبُو هِلَالٍ الْعَسْكَرِیُّ فِی كِتَابِ الْأَوَائِلِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عُرْوَةُ بْنُ حُبَیْرٍ (1)قَالَهَا بِصِفِّینَ وَ قِیلَ أَوَّلُ مَنْ قَالَهَا یَزِیدُ بْنُ عَاصِمٍ الْمُحَارِبِیُّ قَالَ وَ كَانَ أَمِیرُهُمْ أَوَّلَ مَا اعْتَزَلُوا ابْنَ الْكَوَّاءِ ثُمَّ بَایَعُوا عَبْدَ

ص: 347


1- 1 كذا فی أصلی، و فی ط الحدیث ببیروت من شرح المختار: 36 من نهج البلاغة من شرح ابن أبی الحدید: عروة بن حدیر.

اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ الرَّاسِبِیَّ-.

وَ ذَكَرَ الْمَدَائِنِیُّ فِی كِتَابِ الْخَوَارِجِ قَالَ- لَمَّا خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی أَهْلِ النَّهْرِ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ یَرْكُضُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی عَلِیٍّ فَقَالَ الْبُشْرَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ مَا بُشْرَاكَ قَالَ إِنَّ الْقَوْمَ عَبَرُوا النَّهْرَ لَمَّا بَلَغَهُمْ وُصُولُكَ فَأَبْشِرْ فَقَدْ مَنَحَكَ اللَّهُ أَكْتَافَهُمْ فَقَالَ اللَّهَ أَنْتَ رَأَیْتَهُمْ قَدْ عَبَرُوا قَالَ نَعَمْ فَأَحْلَفَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِی كُلِّهَا یَقُولُ نَعَمْ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا عَبَرُوا وَ لَنْ یَعْبُرُوهُ وَ إِنَّ مَصَارِعَهُمْ لَدُونَ النُّطْفَةِ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَنْ یَبْلُغُوا الْأَثْلَاثَ وَ لَا قَصْرَ بُورَانَ حَتَّی یَقْتُلَهُمُ اللَّهُ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ فَارِسٌ آخَرُ یَرْكُضُ فَقَالَ كَقَوْلِ الْأَوَّلِ فَلَمْ یَكْتَرِثْ علیه السلام بِقَوْلِهِ وَ جَاءَتِ الْفُرْسَانُ كُلُّهَا تَرْكُضُ وَ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَجَالَ فِی مَتْنِ فَرَسِهِ قَالَ فَقَالَ شَابٌّ مِنَ النَّاسِ وَ اللَّهِ لَأَكُونَنَّ قَرِیباً مِنْهُ فَإِنْ كَانُوا عَبَرُوا النَّهْرَ لَأَجْعَلَنَّ سِنَانَ هَذَا الرُّمْحِ فِی عَیْنَیْهِ أَ یَدَّعِی عِلْمَ الْغَیْبِ فَلَمَّا انْتَهَی عَلِیٌّ إِلَی النَّهْرِ وَجَدَ الْقَوْمَ قَدْ كَسَرُوا جُفُونَ سُیُوفِهِمْ وَ عَرْقَبُوا خَیْلَهُمْ وَ جَثَوْا عَلَی رُكَبِهِمْ وَ تَحَكَّمُوا تَحْكِیمَةً وَاحِدَةً بِصَوْتٍ عَظِیمٍ لَهُ زَجَلٌ فَنَزَلَ ذَلِكَ الشَّابُّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی كُنْتُ شَكَكْتُ فِیكَ آنِفاً وَ إِنِّی تَائِبٌ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكَ فَاغْفِرْ لِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِی یَغْفِرُ الذُّنُوبَ فَاسْتَغْفِرْهُ-.

وَ ذَكَرَ الْمُبَرَّدُ فِی الْكَامِلِ قَالَ- لَمَّا وَاقَفَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام بِالنَّهْرَوَانِ قَالَ لَا تَبْدَءُوهُمْ بِقِتَالٍ حَتَّی یَبْدَءُوكُمْ فَحَمَلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَی صَفِّ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً فَخَرَجَ إِلَیْهِ علیه السلام فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَلَمَّا خَالَطَهُ سَیْفُهُ قَالَ یَا حَبَّذَا الرَّوْحَةُ إِلَی الْجَنَّةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَ اللَّهِ مَا أَدْرِی إِلَی الْجَنَّةِ أَمْ إِلَی النَّارِ

ص: 348

فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِی سَعْدٍ إِنَّمَا حَضَرْتُ اغْتِرَاراً بِهَذَا الرَّجُلِ یَعْنِی عَبْدَ اللَّهِ وَ أَرَاهُ قَدْ شَكَّ وَ اعْتَزَلَ عَنِ الْحَرْبِ بِجَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَ مَالَ أَلْفٌ مِنْهُمْ إِلَی جِهَةِ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ وَ كَانَ عَلَی مَیْمَنَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ احْمِلُوا عَلَیْهِمْ فَوَ اللَّهِ لَا یُقْتَلُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ وَ لَا یَسْلَمُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ فَطَحَنَهُمْ طَحْناً وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ علیه السلام تِسْعَةٌ وَ أَفْلَتَ مِنَ الْخَوَارِجِ ثَمَانِیَةٌ.

وَ ذَكَرَ الْمُبَرَّدُ وَ غَیْرُهُ أَیْضاً أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا وَجَّهَ إِلَیْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ لِیُنَاظِرَهُمْ قَالَ لَهُمْ مَا الَّذِی نَقَمْتُمْ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالُوا لَهُ قَدْ كَانَ لِلْمُؤْمِنِینَ أَمِیراً فَلَمَّا حَكَمَ فِی دِینِ اللَّهِ خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ فَلْیَتُبْ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِالْكُفْرِ نَعُدْ إِلَیْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا یَنْبَغِی لِمُؤْمِنٍ لَمْ یَشُبْ إِیمَانُهُ بِشَكٍّ أَنْ یُقِرَّ عَلَی نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ قَالُوا إِنَّهُ أَمَرَ بِالتَّحْكِیمِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالتَّحْكِیمِ فِی قَتْلِ صَیْدٍ فَقَالَ یَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فَكَیْفَ فِی إِمَامَةٍ قَدْ أَشْكَلَتْ عَلَی الْمُسْلِمِینَ فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ حُكِمَ عَلَیْهِ فَلَمْ یَرْضَ قَالَ إِنَّ الْحُكُومَةَ كَالْإِمَامَةِ وَ مَتَی فَسَقَ الْإِمَامُ وَجَبَتْ مَعْصِیَتُهُ وَ كَذَلِكَ الْحَكَمَانِ لَمَّا خَالَفَا نُبِذَتْ أَقَاوِیلُهُمَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ اجْعَلُوا احْتِجَاجَ قُرَیْشٍ حُجَّةً عَلَیْهِمْ فَإِنَّ هَذَا مِنَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ فِیهِمْ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ وَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا.

وَ قَالَ الْمُبَرَّدُ- أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ عُرْوَةُ بْنُ أُدَیَّةَ وَ قِیلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی مُحَارِبٍ یُقَالُ لَهُ سَعِیدٌ وَ لَمْ یَخْتَلِفُوا فِی اجْتِمَاعِهِمْ عَلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ الرَّاسِبِیِّ وَ إِنَّهُ امْتَنَعَ عَلَیْهِمْ وَ أَوْمَأَ إِلَی غَیْرِهِ فَلَمْ یَرْضَوْا إِلَّا بِهِ فَكَانَ إِمَامَ الْقَوْمِ وَ أَوَّلُ سَیْفٍ سُلَّ مِنْ سُیُوفِ الْخَوَارِجِ سَیْفُ عُرْوَةَ بْنِ أُدَیَّةَ وَ ذَاكَ أَنَّهُ أَقْبَلَ عَلَی الْأَشْعَثِ فَقَالَ لَهُ مَا هَذِهِ الدَّنِیَّةُ یَا أَشْعَثُ وَ مَا هَذَا التَّحْكِیمُ أَ شَرْطٌ أَوْثَقُ مِنْ شَرْطِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ شَهَرَ عَلَیْهِ السَّیْفَ وَ الْأَشْعَثُ مُوَلٍّ فَضَرَبَ بِهِ عَجُزَ بَغْلَتِهِ وَ عُرْوَةُ هَذَا مِنَ الَّذِینَ نَجَوْا مِنْ حَرْبِ النَّهْرَوَانِ فَلَمْ یَزَلْ بَاقِیاً مُدَّةً فِی

ص: 349

أَیَّامِ مُعَاوِیَةَ حَتَّی أُتِیَ بِهِ زِیَادٌ وَ مَعَهُ مَوْلًی لَهُ فَسَأَلَهُ عَنْ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَقَالَ خَیْراً فَسَأَلَهُ عَنْ عُثْمَانَ وَ أَبِی تُرَابٍ فَتَوَلَّی عُثْمَانَ سِتَّ سِنِینَ مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ شَهِدَ عَلَیْهِ بِالْكُفْرِ وَ فَعَلَ فِی أَمْرِ عَلِیٍّ علیه السلام مِثْلَ ذَلِكَ إِلَی أَنْ حَكَّمَ ثُمَّ شَهِدَ عَلَیْهِ بِالْكُفْرِ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ مُعَاوِیَةَ فَسَبَّهُ سَبّاً قَبِیحاً ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَوَّلُكَ لِزَنْیَةٍ وَ آخِرُكَ لِدَعْوَةٍ وَ أَنْتَ بَعْدُ عَاصٍ لِرَبِّكَ فَأَمَرَ بِهِ زِیَادٌ فَضُرِبَ عُنُقُهُ ثُمَّ دَعَا مَوْلَاهُ فَقَالَ لَهُ صِفْ لِی أُمُورَهُ قَالَ أُطْنِبُ أَمْ أَخْتَصِرُ قَالَ بَلِ اخْتَصِرْ قَالَ مَا أَتَیْتُهُ بِطَعَامٍ بِنَهَارٍ قَطُّ وَ لَا فَرَشْتُ لَهُ فِرَاشاً بِلَیْلٍ قَطُّ قَالَ وَ سَبَبُ تَسْمِیَتِهِمْ الْحَرُورِیَّةَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا نَاظَرَهُمْ بَعْدَ مُنَاظَرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِیَّاهُمْ كَانَ فِیمَا قَالَ لَهُمْ أَ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمَّا رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ قُلْتُ لَكُمْ إِنَّ هَذِهِ مَكِیدَةٌ وَ وَهْنٌ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قَصَدُوا إِلَی حُكْمِ الْمَصَاحِفِ لَأَتَوْنِی وَ سَأَلُونِی التَّحْكِیمَ أَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَداً كَانَ أَكْرَهَ لِلتَّحْكِیمِ مِنِّی قَالُوا صَدَقْتَ قَالَ فَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ اسْتَكْرَهْتُمُونِی عَلَی ذَلِكَ حَتَّی أَجَبْتُكُمْ إِلَیْهِ فَاشْتَرَطْتُ أَنَّ حُكْمَهُمَا نَافِذٌ مَا حَكَمَا بِحُكْمِ اللَّهِ فَمَتَی خَالَفَاهُ فَأَنَا وَ أَنْتُمْ مِنْ ذَلِكَ بِرَاءٌ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ لَا یَعْدُونِی قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَ كَانَ مَعَهُمْ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْنُ الْكَوَّاءِ قَالَ وَ هَذَا مِنْ قَبْلِ أَنْ یَذْبَحُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ وَ إِنَّمَا ذَبَحُوهُ فِی الْفُرْقَةِ الثَّانِیَةِ بِكَسْكَرَ فَقَالُوا لَهُ حَكَمْتَ فِی دِینِ اللَّهِ بِرَأْیِنَا وَ نَحْنُ مُقِرُّونَ بِأَنَّا كُنَّا كَفَرْنَا وَ لَكِنَّا الْآنَ تَائِبُونَ فَأَقِرَّ بِمِثْلِ مَا أَقْرَرْنَا بِهِ وَ تُبْ نَنْهَضْ مَعَكَ إِلَی الشَّامِ فَقَالَ أَ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی قَدْ أَمَرَ بِالتَّحْكِیمِ فِی شِقَاقٍ بَیْنَ الرَّجُلِ وَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها وَ فِی صَیْدٍ أُصِیبَ كَأَرْنَبٍ یُسَاوِی نِصْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ یَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فَقَالُوا لَهُ فَإِنَّ عَمْراً لَمَّا أَبَی عَلَیْكَ أَنْ تَقُولَ فِی كِتَابِكَ هَذَا مَا كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَحَوْتَ اسْمَكَ مِنَ الْخِلَافَةِ وَ كَتَبْتَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ فَقَدْ خَلَعْتَ نَفْسَكَ

ص: 350

فَقَالَ لِی بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أُسْوَةٌ حِینَ أَبَی عَلَیْهِ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو أَنْ یَكْتُبَ هَذَا مَا كَتَبَهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ قَالَ لَهُ لَوْ أَقْرَرْتُ بِأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا خَالَفْتُكَ وَ لَكِنِّی أُقَدِّمُكَ لِفَضْلِكَ فَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لِی یَا عَلِیُّ امْحُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتُ لَا تُشَجِّعْنِی نَفْسِی عَلَی مَحْوِ اسْمِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ قَالَ فَقِفْنِی عَلَیْهِ فَمَحَاهُ بِیَدِهِ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ تَبَسَّمَ إِلَیَّ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ أَمَا إِنَّكَ سَتُسَامُ مِثْلَهَا فَتُعْطِی فَرَجَعَ مَعَهُ مِنْهُمْ أَلْفَانِ مِنْ حَرُورَاءَ وَ قَدْ كَانُوا تَجَمَّعُوا بِهَا فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ مَا نُسَمِّیكُمْ ثُمَّ قَالَ أَنْتُمُ الْحَرُورِیَّةُ لِاجْتِمَاعِكُمْ بِحَرُورَاءَ.

وَ رَوَی أَهْلُ السِّیَرِ كَافَّةً أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا طَحَنَ الْقَوْمَ طَلَبَ ذَا الثُّدَیَّةِ طَلَباً شَدِیداً وَ قَلَبَ الْقَتْلَی ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ فَسَاءَهُ ذَلِكَ وَ جَعَلَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ اطْلُبُوا الرَّجُلَ وَ إِنَّهُ لَفِی الْقَوْمِ فَلَمْ یَزَلْ یَتَطَلَّبُهُ حَتَّی وَجَدَهُ وَ هُوَ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْیَدِ كَأَنَّهَا ثَدْیٌ فِی صَدْرِهِ.

وَ رَوَی ابْنُ دَیْزِیلَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَمَّا شَجَرَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام بِالرِّمَاحِ قَالَ اطْلُبُوا ذَا الثُّدَیَّةِ فَطَلَبُوا طَلَباً شَدِیداً حَتَّی وَجَدُوهُ فِی وَهْدَةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَحْتَ نَاسٍ مِنَ الْقَتْلَی فَأُتِیَ بِهِ وَ إِذَا رَجُلٌ عَلَی یَدَیْهِ مِثْلُ سَبَلَاتِ السِّنَّوْرِ فَكَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ سُرُوراً بِذَلِكَ.

وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْ مُسْلِمٍ الضَّبِّیِّ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: كَانَ رَجُلًا أَسْوَدَ مُنْتِنَ الرِّیحِ لَهُ یَدٌ كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ إِذَا مُدَّتْ كَانَتْ بِطُولِ الْیَدِ الْأُخْرَی وَ إِذَا تُرِكَتِ اجْتَمَعَتْ وَ تَقَلَّصَتْ وَ صَارَتْ كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ عَلَیْهَا شَعَرَاتٌ مِثْلُ شَوَارِبِ الْهِرَّةِ فَلَمَّا وَجَدُوهُ قَطَعُوا یَدَهُ وَ نَصَبُوهَا عَلَی رُمْحٍ ثُمَّ جَعَلَ عَلِیٌّ علیه السلام یُنَادِی صَدَقَ اللَّهُ وَ بَلَّغَ رَسُولُهُ لَمْ یَزَلْ یَقُولُ ذَلِكَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَی أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ.

وَ رُوِیَ أَیْضاً أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا عِیلَ صَبَرَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی طَلَبِ الْمُخْدَجِ قَالَ ائْتُونِی بِبَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَكِبَهَا وَ اتَّبَعَهُ النَّاسُ فَرَأَی

ص: 351

الْقَتْلَی وَ جَعَلَ یَقُولُ اقْلَبُوا فَیَقْلِبُونَ قَتِیلًا عَنْ قَتِیلٍ حَتَّی اسْتَخْرَجَهُ فَسَجَدَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ رَوَی كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ لَمَّا دَعَی بِالْبَغْلَةِ قَالَ ائْتُونِی بِهَا فَإِنَّهَا هَادِیَةٌ فَوَقَفَتْ بِهِ عَلَی الْمُخْدَجِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ تَحْتِ قَتْلَی كَثِیرِینَ.

وَ رَوَی الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ یَزِیدَ بْنِ رُوَیْمٍ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یُقْتَلُ الْیَوْمَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنَ الْخَوَارِجِ أَحَدُهُمْ ذُو الثُّدَیَّةِ فَلَمَّا طَحَنَ الْقَوْمَ وَ رَامَ اسْتِخْرَاجَ ذِی الثُّدَیَّةِ فَأَتْعَبَهُ أَمَرَنِی أَنْ أَقْطَعَ لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ قَصَبَةٍ فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ اطْرَحْ عَلَی كُلِّ قَتِیلٍ مِنْهُمْ قَصَبَةً فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ وَ أَنَا بَیْنَ یَدَیْهِ وَ هُوَ رَاكِبٌ خَلْفِی وَ النَّاسُ یَتْبَعُونَهُ حَتَّی بَقِیَتْ فِی یَدِی وَاحِدَةٌ فَنَظَرْتُ إِلَیْهِ وَ إِذَا وَجْهُهُ أَرْبَدُ وَ إِذَا هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ فَإِذَا خَرِیرُ مَاءٍ عِنْدَ مَوْضِعٍ دَالِیَةٌ فَقَالَ فَتِّشْ هَذَا فَفَتَّشْتُهُ فَإِذَا قَتِیلٌ قَدْ صَارَ فِی الْمَاءِ وَ إِذَا رِجْلُهُ فِی یَدِی فَجَذَبْتُهَا وَ قُلْتُ هَذِهِ رِجْلُ إِنْسَانٍ فَنَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ مُسْرِعاً فَجَذَبَ الرِّجْلَ الْأُخْرَی وَ جَرَرْنَاهُ حَتَّی صَارَ عَلَی التُّرَابِ فَإِذَا هُوَ الْمُخْدَجُ فَكَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام بِأَعْلَی صَوْتِهِ ثُمَّ سَجَدَ فَكَبَّرَ النَّاسُ كُلُّهُمْ.

وَ قَدْ رَوَی كَثِیرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِینَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِأَصْحَابِهِ یَوْماً إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا بَلْ هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ وَ أَشَارَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام.

وَ قَدْ رَوَی الْمُحَدِّثُونَ أَنَّ رَجُلًا تَلَا بِحَضْرَةِ عَلِیٍّ علیه السلام قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَهْلُ حَرُورَاءَ مِنْهُمْ.

قَالَ الْمُبَرَّدُ وَ مِنْ شَعْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِی لَا اخْتِلَافَ فِیهِ أَنَّهُ قَالَهُ وَ كَانَ

ص: 352

یُرَدِّدُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا سَامُوهُ أَنْ یُقِرَّ بِالْكُفْرِ وَ یَتُوبَ حَتَّی یَسِیرُوا مَعَهُ إِلَی الشَّامِ فَقَالَ أَ بَعْدَ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ التَّفَقُّهِ فِی دِینِ اللَّهِ أَرْجِعُ كَافِراً ثُمَّ قَالَ:

یَا شَاهِدَ اللَّهِ عَلَیَّ فَاشْهَدْ***أَنِّی عَلَی دِیْنِ النَّبِیِّ أَحْمَدَ

مَنْ شَكَّ فِی اللَّهِ فَإِنِّی مُهْتَدِی*** یَا رَبِّ فَاجْعَلْ فِی الْجِنَانِ مَوْرِدِی

وَ رُوِیَ أَیْضاً فِی الْكَامِلِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام فِی أَوَّلِ خُرُوجِ الْقَوْمِ عَلَیْهِ دَعَا صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ الْعَبْدِیَّ وَ قَدْ كَانَ وَجَّهَهُ إِلَیْهِمْ [وَ] زِیَادَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِیَّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ لِصَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ بِأَیِّ الْقَوْمِ رَأَیْتَهُمْ أَشَدَّ إِطَاعَةً فَقَالَ بِیَزِیدَ بْنِ قَیْسٍ الْأَرْحَبِیِّ فَرَكِبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْحَرُورَاءِ فَجَعَلَ یَتَخَلَّلُهُمْ حَتَّی صَارَ إِلَی مِضْرَبِ یَزِیدَ بْنِ قَیْسٍ فَصَلَّی فِیهِ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَاتَّكَأَ عَلَی قَوْسِهِ وَ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ فَقَالَ هَذَا مَقَامٌ مَنْ فَلَجَ فِیهِ فَلَجَ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ وَ نَاشَدَهُمْ فَقَالُوا إِنَّا أَذْنَبْنَا ذَنْباً عَظِیماً بِالتَّحْكِیمِ وَ قَدْ تُبْنَا فَتُبْ إِلَی اللَّهِ كَمَا تُبْنَا نَعْدِلْكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَرَجَعُوا وَ هُمْ سِتَّةُ آلَافٍ فَلَمَّا اسْتَقَرُّوا بِالْكُوفَةِ أَشَاعُوا أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام رَجَعَ عَنِ التَّحْكِیمِ وَ رَآهُ ضَلَالًا وَ قَالُوا إِنَّمَا یَنْتَظِرُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ یُسْمِنَ الْكُرَاعُ وَ یُجْبَی الْمَالُ ثُمَّ یَنْهَضَ بِنَا إِلَی الشَّامِ فَأَتَی الْأَشْعَثُ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ تَحَدَّثُوا أَنَّكَ رَأَیْتَ الْحُكُومَةَ ضَلَالًا وَ الْإِقَامَةَ عَلَیْهَا كُفْراً فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَخَطَبَ فَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنِّی رَجَعْتُ عَنِ الْحُكُومَةِ فَقَدْ كَذَبَ وَ مَنْ رَآهَا ضَلَالًا فَقَدْ ضَلَّ فَخَرَجَتْ حِینَئِذٍ الْخَوَارِجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَحَكَمَتْ ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ كُلُّ فَسَادٍ كَانَ فِی خِلَافَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كُلُّ اضْطِرَابٍ حَدَثَ فَأَصْلُهُ الْأَشْعَثُ وَ لَوْ لَا مُحَاقُّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 353

فِی مَعْنَی الْحُكُومَةِ فِی هَذِهِ الْمَرَّةِ لَمْ یَكُنْ حَرْبُ النَّهْرَوَانِ وَ لَكَانَ علیه السلام یَنْهَضُ بِهِمْ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ یَمْلِكُ الشَّامَ فَإِنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حَاوَلَ أَنْ یَسْلُكَ مَعَهُمْ مَسْلَكَ التَّعْرِیضِ وَ الْمُوَارَبَةِ وَ فِی الْمَثَلِ النَّبَوِیِّ الْحَرْبُ خُدْعَةٌ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا تُبْ إِلَی اللَّهِ مِمَّا فَعَلْتَ كَمَا تُبْنَا نَنْهَضْ مَعَكَ إِلَی الْحَرْبِ فَقَالَ لَهُمْ كَلِمَةً مُرْسَلَةً یَقُولُهَا الْأَنْبِیَاءُ وَ الْمَعْصُومُونَ فَرَضُوا بِهَا وَ عَدُّوهَا إِجَابَةً لَهُمْ إِلَی سُؤَالِهِمْ وَ صَفَتْ لَهُ علیه السلام نِیَّاتُهُمْ وَ اسْتَخْلَصَ بِهَا ضَمَائِرُهُمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ تَتَضَمَّنَ تِلْكَ الْكَلِمَةُ اعْتِرَافاً بِكُفْرٍ أَوْ ذَنْبٍ فَلَمْ یَتْرُكْهُ الْأَشْعَثُ وَ جَاءَ إِلَیْهِ مُسْتَفْسِراً فَأَفْسَدَ الْأَمْرَ وَ نَقَضَ مَا دَبَّرَهُ علیه السلام وَ عَادَتِ الْخَوَارِجُ إِلَی شُبْهَتِهَا الْأَوْلَی وَ هَكَذَا الدُّوَلُ الَّتِی تَظْهَرُ فِیهَا أَمَارَاتُ الزَّوَالِ یُتَاحُ لَهَا أَمْثَالُ الْأَشْعَثِ مِنْ أُولِی الْفَسَادِ فِی الْأَرْضِ سُنَّةَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلًا ثُمَّ قَالَ قَالَ الْمُبَرَّدُ ثُمَّ مَضَی الْقَوْمُ إِلَی النَّهْرَوَانِ وَ قَدْ كَانُوا أَرَادُوا الْمُضِیَّ إِلَی الْمَدَائِنِ فَمِنْ طَرِیفِ أَخْبَارِهِمْ أَنَّهُمْ أَصَابُوا فِی طَرِیقِهِمْ مُسْلِماً وَ نَصْرَانِیّاً فَقَتَلُوا الْمُسْلِمَ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ كَافِرٌ وَ اسْتَوْصُوا بِالنَّصْرَانِیِّ وَ قَالُوا احْفَظُوا ذِمَّةَ نَبِیِّكُمْ قَالَ وَ لَقِیَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ فِی عُنُقِهِ مُصْحَفٌ عَلَی حِمَارٍ وَ مَعَهُ امْرَأَتُهُ وَ هِیَ حَامِلٌ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ هَذَا الَّذِی فِی عُنُقِكَ لَیَأْمُرُنَا بِقَتْلِكَ فَقَالَ لَهُمْ مَا أَحْیَاهُ الْقُرْآنَ فَأَحْیَوْهُ وَ مَا أَمَاتَهُ فَأَمِیتُوهُ فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَی رُطَبَةٍ سَقَطَتْ مِنْ نَخْلَةٍ فَوَضَعَهَا فِی فِیهِ فَصَاحُوا بِهِ فَلَفَظَهَا تَوَرُّعاً وَ عَرَضَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ خِنْزِیرٌ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالُوا هَذَا فَسَادٌ فِی الْأَرْضِ وَ أَنْكَرُوا قَتْلَ الْخِنْزِیرِ ثُمَّ قَالُوا لِابْنِ خَبَّابٍ حَدِّثْنَا عَنْ أَبِیكَ فَقَالَ سَمِعْتُ أَبِی یَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَتَكُونُ بَعْدِی فِتْنَةٌ یَمُوتُ فِیهَا قَلْبُ الرَّجُلِ كَمَا یَمُوتُ بَدَنُهُ یُمْسِی مُؤْمِناً وَ یُصْبِحُ كَافِراً فَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ وَ لَا تَكُنِ الْقَاتِلَ

ص: 354

قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَأَثْنَی خَیْراً قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِی عَلِیٍّ بَعْدَ التَّحْكِیمِ وَ فِی عُثْمَانَ فِی السِّنِینَ السِّتِّ الْأَخِیرَةِ فَأَثْنَی خَیْراً قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِی التَّحْكِیمِ وَ الْحُكُومَةِ قَالَ إِنَّ عَلِیّاً أَعْلَمُ بِاللَّهِ مِنْكُمْ وَ أَشَدُّ تَوَقِّیاً عَلَی دِینِهِ وَ أَنْفَذُ بَصِیرَةً فَقَالُوا إِنَّكَ لَسْتَ بِمُتَّبِعِ الْهُدَی إِنَّمَا تَتَّبِعُ الرِّجَالَ عَلَی إِیمَانِهِمْ ثُمَّ قَرَّبُوهُ إِلَی النَّهْرِ فَأَضْجَعُوهُ وَ ذَبَحُوهُ قَالَ وَ سَاوَمُوا رَجُلًا نَصْرَانِیّاً بِنَخْلَةٍ لَهُ فَقَالَ هِیَ لَكُمْ فَقَالُوا مَا كُنَّا لِنَأْخُذَهَا إِلَّا بِثَمَنٍ فَقَالَ وَا عَجَبَاهْ أَ تَقْتُلُونَ مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ وَ لَا تَقْبَلُونَ جنا [جَنَی] نَخْلَةٍ وَ رَوَی أَبُو عُبَیْدَةَ قَالَ طُعِنَ وَاحِدٌ مِنَ الْخَوَارِجِ یَوْمَ النَّهْرَوَانِ فَمَشَی فِی الرُّمْحِ وَ هُوَ شَاهِرٌ سَیْفَهُ إِلَی أَنْ وَصَلَ إِلَی طَاعِنِهِ فَقَتَلَهُ وَ هُوَ یَقْرَأُ وَ عَجِلْتُ إِلَیْكَ رَبِّ لِتَرْضی قَالَ اسْتَنْطَقَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام بِقَتْلِ ابْنِ خَبَّابٍ فَأَقَرُّوا بِهِ فَقَالَ انْفَرِدُوا كَتَائِبَ لِأَسْمَعَ قَوْلَكُمْ كَتِیبَةً كَتِیبَةً فَتَكَتَّبُوا كَتَائِبَ وَ أَقَرَّتْ كُلُّ كَتِیبَةٍ بِمَا أَقَرَّتْ بِهِ الْأُخْرَی مِنْ قَتْلِ ابْنِ خَبَّابٍ وَ قَالُوا لَنَقْتُلَنَّكَ كَمَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ أَقَرَّ أَهْلُ الدُّنْیَا كُلُّهُمْ بِقَتْلِهِ هَكَذَا وَ أَنَا أَقْدِرُ عَلَی قَتْلِهِمْ لَقَتَلْتُهُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ شُدُّوا عَلَیْهِمْ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ یَشُدُّ عَلَیْهِمْ وَ حَمَلَ بِذِی الْفَقَارِ حَمْلَةً مُنْكَرَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ حَمْلَةٍ یَضْرِبُ بِهِ حَتَّی یَعْوَجَّ مَتْنُهُ ثُمَّ یَخْرُجُ فَیُسَوِّیهِ بِرُكْبَتَیْهِ ثُمَّ یَحْمِلُ بِهِ حَتَّی أَفْنَاهُمْ.

وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ حَبِیبٍ قَالَ: خَطَبَ عَلِیٌّ علیه السلام الْخَوَارِجَ یَوْمَ النَّهْرِ فَقَالَ لَهُمْ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَوْضِعُ الرِّسَالَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ وَ عُنْصُرُ الرَّحْمَةِ وَ مَعْدِنُ الْعِلْمِ وَ الْحِكْمَةِ نَحْنُ أُفُقُ الْحِجَازِ بِنَا یَلْحَقُ الْبَطِی ءُ وَ إِلَیْنَا یَرْجِعُ التَّائِبُ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی نَذِیرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَی بِأَهْضَامِ هَذَا الْوَادِی.

ص: 355

إلی آخر ما أورده السید الرضی رحمه اللّٰه فی المختار من كتاب نهج البلاغة، الآتی قریبا.

«588»-(1)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْمُبَارَكِ وَ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عِیسَی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ خَالِدٍ الْبَجَلِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَیْسٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً یَقُولُ أَنَا فَقَأْتُ عَیْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَوْ لَا أَنَا مَا قُوتِلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَ لَا أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَ لَوْ لَا أَنِّی أَخْشَی أَنْ تَتَّكِلُوا فَتَدَعُوا الْعَمَلَ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِالَّذِی قَضَی اللَّهُ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّكُمْ لِمَنْ قَاتَلَهُمْ مُبْصِراً بِضَلَالِهِمْ عَارِفاً لِلْهُدَی الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ.

وَ عَنْ عُبَیْدِ بْنِ سُلَیْمَانَ النَّخَعِیِّ عَنْ سَعِیدٍ الْأَشْعَرِیِّ قَالَ: اسْتَخْلَفَ عَلِیٌّ علیه السلام حِینَ سَارَ إِلَی النَّهْرَوَانِ رَجُلًا مِنَ النَّخَعِ یُقَالُ لَهُ هَانِئُ بْنُ هَوْذَةَ فَكَتَبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ غَنِیّاً وَ بَاهِلَةَ فَتَنُوا فَدَعَوُا اللَّهَ عَلَیْكَ أَنْ یَظْفَرَ بِكَ [عَدُوُّكَ]قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَجْلِهِمْ عدوك مِنَ الْكُوفَةِ وَ لَا تَدَعْ مِنْهُمْ أَحَداً.

وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ قَادِمٍ عَنْ شَرِیكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ لَیْثٍ عَنْ أَبِی یَحْیَی قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً یَقُولُ اغْدُوا خُذُوا حَقَّكُمْ مَعَ النَّاسِ وَ اللَّهُ یَشْهَدُ أَنَّكُمْ تُبْغِضُونِّی وَ أَنِّی أُبْغِضُكُمْ.

«589»-(2)نهج، نهج البلاغة قَالَ علیه السلام وَ قَدْ مَرَّ بِقَتْلَی الْخَوَارِجِ یَوْمَ النَّهْرِ بُؤْساً لَكُمْ لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ فَقِیلَ لَهُ مَنْ غَرَّهُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام الشَّیْطَانُ الْمُضِلُّ وَ الْأَنْفُسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ غَرَّتْهُمْ بِالْأَمَانِیِّ وَ فَسَحَتْ لَهُمْ فِی الْمَعَاصِی وَ وَعَدَتْهُمُ الْإِظْهَارَ فَاقْتَحَمَتْ بِهِمُ النَّارَ.

ص: 356


1- 588- الأحادیث الثلاثة رواه الثقفی رحمه اللّٰه فی الحدیث: 2- 4 من كتاب الغارات علی ما فی تلخیصه.
2- 589- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 323 من الباب الثالث من نهج البلاغة.

بیان: و فسحت أی أوسعت لهم بالرخصة فی المعاصی و وعدتهم الإظهار أی أن یظهرهم و یغلبهم علینا.

«590»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْخَوَارِجِ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ كَلِمَةُ حَقٍّ یُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ.

بیان: قال ابن أبی الحدید قال اللّٰه تعالی إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أی إذا أراد اللّٰه شیئا من أفعاله فلا بد من وقوعه بخلاف غیره من القادرین و تمسكت الخوارج به فی إنكارهم علیه علیه السلام فی القول بالتحكیم مع عدم رضاه علیه السلام كما ذكر فی السیر و أراد الخوارج نفی كل ما یسمی حكما و هو باطل لأن اللّٰه تعالی قد أمضی حكم كثیر من المخلوقین فی كثیر من الشرائع.

«591»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ سَمِعَ علیه السلام رَجُلًا مِنَ الْحَرُورِیَّةِ یَتَهَجَّدُ وَ یَقْرَأُ فَقَالَ نَوْمٌ عَلَی یَقِینٍ خَیْرٌ مِنْ صَلَاةٍ فِی شَكٍّ.

«592»-(3)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی تَخْوِیفِ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَأَنَا نَذِیرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَی بِأَثْنَاءِ هَذَا النَّهْرِ وَ بِأَهْضَامِ هَذَا الْغَائِطِ عَلَی غَیْرِ بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لَا سُلْطَانٍ مُبِینٍ مَعَكُمْ قَدْ طَوَّحَتْ بِكُمُ الدَّارُ وَ احْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ وَ قَدْ كُنْتُ نَهَیْتُكُمْ عَنْ هَذِهِ الْحُكُومَةِ فَأَبَیْتُمْ عَلَیَّ إِبَاءَ الْمُخَالِفِینَ الْمُنَابِذِینَ حَتَّی صَرَفْتُ رَأْیِی إِلَی هَوَاكُمْ وَ أَنْتُمْ مَعَاشِرَ أَخِفَّاءِ الْهَامِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ وَ لَمْ آتِ لَا أَبَا لَكُمْ بُجْراً وَ لَا أَرَدْتُ بِكُمْ ضُرّاً.

بیان: الأهضام جمع هضم و هو المطمئن من الوادی و الغائط ما سفلت من الأرض و السلطان الحجة و لعل المراد بالبینة الحجة الشرعیة و بالسلطان الدلیل العقلی و قال الجوهری طاح یطوح و یطیح هلك

ص: 357


1- 590- رواه السیّد الرضیّ مع زیادات فی ذیله فی المختار: 40 من كتاب نهج البلاغة.
2- 591- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 97 من باب قصار نهج البلاغة.
3- 592- رواه السیّد قدس اللّٰه نفسه فی المختار: 36 من نهج البلاغة.

و سقط و كذلك إذا تاه فی الأرض و طوحه أی توهه و ذهب به هاهنا و هاهنا و المراد بالدار الدنیا و احتبلكم أی أوقفكم فی الحبال و المقدار قضاء اللّٰه و قدره و الهام جمع الهامة و هی الرأس و خفتها كنایة عن قلة العقل أو عن الطیش و عدم الثبات فی الرأی و الأحلام جمع حلم بالكسر و هو الأناة و العقل و لا أبا لك كلمة تستعمل فی المدح كثیرا و فی الذم أیضا و فی معرض التعجب و الظاهر هنا الذم أو التعجب و البجر الأمر العظیم و الداهیة و یروی هجرا و هو الساقط من القول و یروی عرا و العرو المعرة الإثم.

«593»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی الْخَوَارِجِ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ قَالَ كَلِمَةُ حَقٍّ یُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ نَعَمْ إِنَّهُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَكِنْ هَؤُلَاءِ یَقُولُونَ لَا إِمْرَةَ وَ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِیرٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ یَعْمَلُ فِی إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ وَ یَسْتَمْتِعُ فِیهَا الْكَافِرُ وَ یُبَلِّغُ اللَّهُ فِیهَا الْأَجَلَ وَ یُجْمَعُ بِهِ الْفَیْ ءُ وَ یُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ وَ تَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ وَ یُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِیفِ مِنَ الْقَوِیِّ حَتَّی یَسْتَرِیحَ بَرٌّ وَ یُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ تَحْكِیمَهُمْ قَالَ حُكْمَ اللَّهِ أَنْتَظِرُ فِیكُمْ وَ قَالَ أَمَّا الْإِمْرَةُ الْبَرَّةُ فَیَعْمَلُ فِیهَا التَّقِیُّ وَ أَمَّا الْإِمْرَةُ الْفَاجِرَةُ فَیَتَمَتَّعُ فِیهَا الشَّقِیُّ إِلَی أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ وَ تُدْرِكَهُ مَنِیَّتُهُ.

بیان: قوله علیه السلام كلمة حق الظاهر أن المراد بالكلمة قولهم لا حكم إلا لله و الباطل الذی أرید بها المعنی الذی قصدوه لا ما یفهم من كلام بعض الشارحین أن دعاء أصحاب معاویة إیاكم إلی كتاب اللّٰه كلمة حق لكن مقصودهم بها لیس العمل بكتاب اللّٰه بل فتوركم عن الحرب و تفرق أهوائكم و معناها الحق حصر الحكم حقیقة فیه سبحانه إذ حكم غیره تعالی إنما یجب متابعته لأنه حكمه تعالی (2)

ص: 358


1- 593- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 40 من كتاب نهج البلاغة.
2- 2 و یمكن أن یكون المعنی [من] الحق الذی لم یریدوه حصر الحق الذی یجب إطاعته من حیث إنّه حكم به ذلك الحاكم فلا ینافی صدق الحكم من غیر تجوز علی حكم الرسول و الامام و قضاة العدل لإطلاق الحكم مطلقا علی حكمهم فی كثیر من الأحادیث و الاخبار، و قد شنعوا تجویز الحكم مطلقا و نفی الإمرة من لوازمه، فتدبر. منه رحمه اللّٰه.

قوله علیه السلام و إنه لا بد للناس إلخ قال بعض الشارحین الألفاظ كلها ترجع إلی إمرة الفاجر قال یعمل فیها المؤمن أی لیست بمانعة للمؤمن من العمل و یستمتع فیها الكافر أی یتمتع بمدته و یبلغ اللّٰه فیها الأجل لأن إمارة الفاجر كإمارة البر فی أن المدة المضروبة فیها تنتهی إلی الأجل الموقت للإنسان.

و قال بعضهم الضمیر فی إمرته راجع إلی الأمیر مطلقا فالإمرة التی یعمل فیها المؤمن الإمرة البرة و التی یستمتع فیها الكافر الإمرة الفاجرة و المراد بعمل المؤمن فی إمرة البر عمله علی وفق أوامر اللّٰه و نواهیه و باستمتاع الكافر فی إمرة الفاجر انهماكه فی اللذات الحاضرة و یبلغ اللّٰه فیها الأجل أی فی إمرة الأمیر سواء كان برا أو فاجرا و فائدتها تذكیر العصاة ببلوغ الأجل و تخویفهم به و یؤید هذا الوجه الروایة الأخری.

و یمكن أن یكون المعنی أنه لا بد فی انتظام أمور المعاش أمیر بر أو فاجر لیعمل المؤمن بما یستوجب به جنات النعیم و یتمتع فیها الكافر لیكون حجة علیه و لعله أظهر لفظا و معنی.

قوله علیه السلام حتی یستریح كلمة حتی إما لبیان الغایة و المعنی تستمر تلك الحال حتی یستریح البر من الأمراء و هو الظاهر أو مطلقا و یستریح الناس من الفاجر أو مطلقا بالموت أو العزل و فیهما راحة للبر لأن الآخرة خیر من الأولی و لا یجری الأمور غالبا علی مراده و لا یستلذ كالفاجر بالانهماك فی الشهوات و راحة للناس من الفاجر لخلاصهم من جوره و إن انتظم به نظام الكل فی المعاش.

و إما لترتب الغایة أی حتی یستریح البر من الناس فی دولة البر من الأمراء و یستریح الناس مطلقا من بغی بعض الفجار و من الشرور و المكاره فی

ص: 359

دولة الأمیر مطلقا برا كان أو فاجرا و لا ینافی ذلك إصابة المكروه من فاجر أحیانا.

قوله علیه السلام حكم اللّٰه أنتظر أی جریان القضاء بقتلهم و حلول وقته.

قوله علیه السلام إلی أن تنقطع مدته أی مدة دولته أو حیاته.

«594»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام كَلَّمَ بِهِ الْخَوَارِجَ أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ وَ لَا بَقِیَ مِنْكُمْ آبِرٌ أَ بَعْدَ إِیمَانِی بِاللَّهِ وَ جِهَادِی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَشْهَدُ عَلَی نَفْسِی بِالْكُفْرِ لَ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِینَ فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ وَ ارْجِعُوا عَلَی أَثَرِ الْأَعْقَابِ أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِی ذُلًّا شَامِلًا وَ سَیْفاً قَاطِعاً وَ أَثَرَةً یَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ فِیكُمْ سُنَّةً.

قال السید رضی اللّٰه عنه قوله علیه السلام و لا بقی منكم آبر یروی علی ثلاثة أوجه أحدها بالراء من قولهم رجل آبر للذی یأبر النخل أی یصلحه.

و یروی آثر و هو الذی یأثر الحدیث أی یحكیه و یرویه و هو أصح الوجوه عندی كأنه علیه السلام قال و لا بقی منكم مخبر.

و یروی آبز بالزاء المعجمة و هو الواثب و الهالك أیضا یقال له آبز.

«595»-(2)وَ قَالَ علیه السلام لَمَّا عَزَمَ عَلَی حَرْبِ الْخَوَارِجِ وَ قِیلَ لَهُ إِنَّهُمْ قَدْ عَبَرُوا جِسْرَ النَّهْرَوَانَ مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ وَ اللَّهِ لَا یُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَ لَا یَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ.

قال الرضی رحمه اللّٰه یعنی بالنطفة ماء النهر و هو أفصح كنایة عن الماء و إن كان كثیرا جما.

ص: 360


1- 594- رواه السیّد الرضیّ فی المختار: 58 و 59 من نهج البلاغة.
2- 595- رواه السیّد الرضیّ فی المختار: 58 و 59 من نهج البلاغة.

بیان:

روی أنه كلمهم بهذا الكلام لما اعتزلوه و تنادوا من كل ناحیة لا حكم إلا لله الحكم لله یا علی لا لك و قالوا بان لنا خطاؤنا فرجعنا و تبنا فارجع إلیه أنت و تب و قال بعضهم اشهد علی نفسك بالكفر ثم تب منه حتی نطیعك و الحاصب الریح الشدیدة التی تثیر الحصباء و هی صغار الحصی و إصابة الحاصب كنایة عن العذاب و قیل أی أصابكم حجارة من السماء و الأوب بالفتح و الإیاب بالكسر الرجوع و الأعقاب مؤخر الأقدام و أثرها بالتحریك علامتها و الرجوع علی العقب هو القهقری فهو كالتأكید للسابق قیل هو أمر لهم بالإیاب و الرجوع إلی الحق من حیث خرجوا منه قهرا كان القاهر یضرب فی وجوههم یردهم علی أعقابهم و الرجوع هكذا شر الأنواع و قیل هو دعاء علیهم بالذل و انعكاس الحال.

أقول: و یحتمل أن یكون الأمر علی التهدید كقوله تعالی قُلِ اعْمَلُوا فَسَیَرَی اللَّهُ عَمَلَكُمْ و الأثرة بالتحریك الاسم من قولك فلان یستأثر علی أصحابه أی یختار لنفسه أشیاء حسنة و یخص نفسه بها و الاستیثار الانفراد بالشی ء أو من آثر یؤثر إیثارا إذا أعطی أی یفضل الظالمون غیركم علیكم فی نصیبكم و یعطونهم دونكم و قیل یجوز أن یكون المراد بالأثرة النمام.

و النهروان بفتح النون و الراء و جوز تثلیث الراء ثلاث قری أعلی و أوسط و أسفل بین واسط و بغداد.

و الصرع الطرح علی الأرض و المصرع یكون مصدرا و موضعا و المراد هنا مواضع هلاكهم و الإفلات و التفلت و الانفلات التخلص من الشی ء فجأة من غیر تمكث.

و هذا الخبر من معجزاته علیه السلام المتواترة و روی أنه لما قتل الخوارج وجدوا المفلت منهم تسعة تفرقوا فی البلاد و وجدوا المقتول من أصحابه علیه السلام ثمانیة.

و یمكن أن یكون خفی علی القوم مكان واحد من المقتولین أو یكون التعبیر بعدم هلاك العشرة للمشاكلة و المناسبة بین القرینتین.

ص: 361

«596»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ لَمَّا عَزَمَ عَلَی الْمَسِیرِ إِلَی الْخَوَارِجِ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ سِرْتَ فِی هَذَا الْوَقْتِ خَشِیتُ أَنْ لَا تَظْفَرَ بِمُرَادِكَ مِنْ طَرِیقِ عِلْمِ النُّجُومِ فَقَالَ علیه السلام أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِی إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی مَنْ سَارَ فِیهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ وَ تُخَوِّفُ مِنَ السَّاعَةِ الَّتِی مَنْ سَارَ فِیهَا حَاقَ بِهِ الضُّرُّ فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ وَ اسْتَغْنَی عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ تَعَالَی فِی نَیْلِ الْمَحْبُوبِ وَ دَفْعِ الْمَكْرُوهِ وَ یَنْبَغِی فِی قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ یُولِیَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ لِأَنَّكَ بِزَعْمِكَ أَنْتَ هَدَیْتَهُ إِلَی السَّاعَةِ الَّتِی نَالَ فِیهَا النَّفْعَ وَ آمن [أَمِنَ] الضُّرَّ ثُمَّ أَقْبَلَ علیه السلام عَلَی النَّاسِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِیَّاكُمْ وَ تَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلَّا مَا یُهْتَدَی بِهِ فِی بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَی الْكِهَانَةِ الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ وَ الْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ وَ السَّاحِرُ كَالْكَافِرِ وَ الْكَافِرُ فِی النَّارِ سِیرُوا عَلَی اسْمِ اللَّهِ وَ عَوْنِهِ.

«597»-(2) نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ قَدْ قَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ نَهَیْتَنَا عَنِ الْحُكُومَةِ ثُمَّ أَمَرْتَنَا بِهَا فَمَا نَدْرِی أَیُّ الْأَمْرَیْنِ أَرْشَدُ فَصَفَّقَ علیه السلام إِحْدَی یَدَیْهِ عَلَی الْأُخْرَی ثُمَّ قَالَ هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْعُقْدَةَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أَنِّی حِینَ أَمَرْتُكُمْ بِمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ حَمَلْتُكُمْ عَلَی الْمَكْرُوهِ الَّذِی یَجْعَلُ اللَّهُ فِیهِ خَیْراً فَإِنِ اسْتَقَمْتُمْ هَدَیْتُكُمْ وَ إِنِ اعْوَجَجْتُمْ قَوَّمْتُكُمْ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ لَكَانَتِ الْوُثْقَی وَ لَكِنْ بِمَنْ وَ إِلَی مَنْ أُرِیدُ أَنْ أُدَاوِیَ بِكُمْ وَ أَنْتُمْ دَائِی كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ بِالشَّوْكَةِ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّ ضَلَعَهَا مَعَهَا اللَّهُمَّ قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هَذَا الدَّاءِ الدَّوِیِّ وَ كَلَّتِ النَّزَعَةُ بِأَشْطَانِ الرَّكِیِّ أَیْنَ الْقَوْمُ الَّذِینَ دُعُوا إِلَی الْإِسْلَامِ فَقَبِلُوهُ وَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ وَ هِیجُوا إِلَی الْجِهَادِ فَوَلَّهُوا اللِّقَاحَ إِلَی أَوْلَادِهَا (3)وَ سَلَبُوا السُّیُوفَ أَغْمَادَهَا وَ أَخَذُوا بِأَطْرَافِ الْأَرْضِ زَحْفاً

ص: 362


1- 596- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه تعالی علیه فی المختار: 77 من كتاب نهج البلاغة.
2- 597- رواه السیّد الرضیّ قدس اللّٰه نفسه فی المختار: 119 من كتاب نهج البلاغة.
3- 3 كذا فی طبع الكمبانیّ من البحار- غیر أن كلمة «إلی» كانت محذوفة منها- و فیما عندی من نسخ نهج البلاغة: «فولهوا و له اللقاح إلی أولادها». و قد أشار المصنّف فی شرحه الآتی الآن أن فی بعض النسخ الذی كان عنده كان كذلك.

زَحْفاً وَ صَفّاً صَفّاً بَعْضٌ هَلَكَ وَ بَعْضٌ نَجَا لَا یُبَشَّرُونَ بِالْأَحْیَاءِ وَ لَا یُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَی مُرْهُ الْعُیُونِ مِنَ الْبُكَاءِ خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّیَامِ ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ صُفْرُ الْأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ عَلَی وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِینَ أُولَئِكَ إِخْوَانِیَ الذَّاهِبُونَ فَحَقٌّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَیْهِمْ وَ نَعَضَّ الْأَیْدِیَ عَلَی فِرَاقِهِمْ إِنَّ الشَّیْطَانَ یُسَنِّی لَكُمْ طُرُقَهُ وَ یُرِیدُ أَنْ یَحُلَّ دِینَكُمْ عُقْدَةً عُقْدَةً وَ یُعْطِیَكُمْ بِالْجَمَاعَةِ الْفُرْقَةَ وَ بِالْفُرْقَةِ الْفِتْنَةَ فَاصْدِفُوا عَنْ نَزَعَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ وَ اقْبَلُوا النَّصِیحَةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا إِلَیْكُمْ وَ اعْقِلُوهَا عَلَی أَنْفُسِكُمْ.

إیضاح:

قوله علیه السلام هذا جزاء من ترك العقدة أی الرأی و الحزم و قیل مراده علیه السلام هذا جزاؤكم حین تركتم الرأی الأصوب فیكون هذا إشارة إلی حیرتهم التی دل علیها قولهم فما ندری أی الأمرین أرشد فیكون ترك العقدة منهم لا منه علیه السلام.

و یمكن حمله علی ظاهره الألصق بقوله علیه السلام بعد ذلك حملتكم علی المكروه إلخ و لا یلزم خطاؤه كما توهمه الخوارج بأن یكون المراد كان هذا جزائی حین تركت العقدة أی هذا مما یترتب علی ترك العقدة و إن كان تركها اضطرارا لا اختیارا و لا عن فساد رأی كما یدل علیه صریح قوله علیه السلام بعد ذلك و لكن بمن و إلی من فإن ترك الأصلح إذا لم یمكن العمل بالأصلح مما لا فساد فیه و لا ریب فی عدم إمكان حربه علیه السلام بعد رفعهم المصاحف و افتراق أصحابه.

قوله علیه السلام علی المكروه أی الحرب إشارة إلی قوله تعالی فَعَسی أَنْ تَكْرَهُوا شَیْئاً وَ یَجْعَلَ اللَّهُ فِیهِ خَیْراً كَثِیراً و المكروه مكروه لهم لا له علیه السلام.

قوله و إن اعوججتم لعل المراد بالاعوجاج الیسیر من العصیان لا الإباء

ص: 363

المطلق و بالتقویم الإرشاد و التحریض و التشجیع و بالإباء الإباء المطلق و بالتدارك الاستنجاد بغیرهم من قبائل العرب و أهل الحجاز و خراسان فإن كلهم كانوا من شیعته علیه السلام كذا ذكره ابن أبی الحدید.

قوله علیه السلام و لكن بمن أی بمن أستعین فی هذا الأمر الذی لا بد له من ناصر و معین و إلی من أرجع فی ذلك.

قوله علیه السلام كناقش الشوكة هذا مثل للعرب لا تنقش الشوكة بالشوكة فإن ضلعها معها أی إذا استخرجت الشوكة بمثلها فكما أن الأولی انكسرت فی رجلك و بقیت فی لحمك كذلك تنكسر الثانیة فإن ضلعها بالتحریك أی میلها معها أی طباع بعضكم یشبه طباع بعض و یمیل إلیها كما تمیل الشوكة إلی مثلها.

و قال ابن الأثیر فی مادة نقش من النهایة نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه و به سمی المنقاش الذی ینقش به.

و الداء الدوی الشدید من دوی إذا مرض و النزعة جمع نازع و هو الذی یستقی الماء و الشطن هو الحبل و الركی جمیع الركیة و هی البئر كأنهم عن المصلحة فی قعر بئر عمیق و كل علیه السلام من جذبهم إلیه أو شبه علیه السلام وعظه لهم و قلة تأثیره فیهم بمن یستقی من بئر عمیقة لأرض وسیعة و عجز عن سقیها.

قوله علیه السلام فولهوا اللقاح اللقاح بكسر اللام الإبل الواحدة لقوح و هی الحلوب أی جعلوا اللقاح والهة إلی أولادها بركوبهم إیاها عند خروجهم إلی الجهاد و فی بعض النسخ فولهوا وله اللقاح إلی أولادها و الوله إلی الشی ء الاشتیاق إلیه.

و أخذوا بأطراف الأرض أی أخذوا الأرض بأطرافها كما قیل أو أخذوا علی الناس بأطراف الأرض أی حصروهم یقال لمن استولی علی غیره و ضیق علیه قد أخذ بأطراف الأرض و أخذوا أطرافها من قبیل أخذت

ص: 364

بالخطام و الزحف الجیش یزحفون إلی العدو أی یمشون و یكون مصدرا كالصف و نصبهما علی الحالیة أی زحفا بعد زحف و صفا بعد صف فی الأطراف أو المصدریة أی یزحفون زحفا قوله لا یبشرون أی لشدة ولههم إلی الجهاد لا یفرحون ببقاء حیهم حتی یبشروا به و لا یحزنون لقتل قتیلهم حتی یعزوا به أو لما قطعوا العلائق الدنیویة إذا ولد لأحدهم مولود لم یبشر به و إذا مات منهم أحد لم یعزوا عنه و الأول أظهر لا سیما علی نسخة القیل.

و قال فی النهایة المره مرض فی العین لترك الكحل و قال الخمص الجوع و المجاعة و رجل خمص إذا كان ضامر البطن و ذبل أی قل ماؤه و ذهبت نضارته و قال الجوهری یقال حق لك أن تفعل أی خلیق بك و قال سناه أی فتحه و سهله و یقال صدف عن الأمر أی انصرف عنه و نزغ الشیطان بینهم أی أفسد و أغری و نفثاته وساوسه التی ینفث بها.

«598»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَ لِلْبُرْجِ بْنِ مُسْهِرٍ الطَّائِیِّ وَ قَدْ قَالَ لَهُ بِحَیْثُ یَسْمَعُهُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ كَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ اسْكُتْ قَبَحَكَ اللَّهُ یَا أَثْرَمُ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ فَكُنْتَ فِیهِ ضَئِیلًا شَخْصُكَ خَفِیّاً صَوْتُكَ حَتَّی إِذَا نَعَرَ الْبَاطِلُ نَجَمْتَ نُجُومَ قَرْنِ الْمَاعِزِ.

بیان: قبحك اللّٰه بالتخفیف و التشدید أی نحاك عن الخیر و قیل كسرك یقال قبحت الجوزة أی كسرتها و الثرم سقوط الأسنان و الضئیل الدقیق النحیف الخفی و نعر أی صاح كنایة عن ظهور الباطل و قوة أهله و نجم طلع أی طلعت بلا شرف و لا شجاعة و لا قدم بل علی غفلة و الماعز واحد المعز من الغنم و هو خلاف الضأن.

«599»-(2)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْمَنْصُورِ بْنِ عُمَرَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ

ص: 365


1- 598- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 182 من كتاب نهج البلاغة.
2- 599- رواه الثقفی رضوان اللّٰه علیه فی الحدیث الأول من كتاب الغارات.

وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ أَبِی لَیْلَی عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی لَیْلَی عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ قَالَ: خَطَبَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالنَّهْرَوَانِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَمَّا بَعْدُ أَنَا فَقَأْتُ عَیْنَ الْفِتْنَةِ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ لِیَجْتَرِئَ عَلَیْهَا غَیْرِی وَ فِی حَدِیثِ ابْنِ أَبِی لَیْلَی لَمْ یَكُنْ لِیَفْقَأَهَا أَحَدٌ غَیْرِی وَ لَوْ لَمْ أَكُ فِیكُمْ مَا قُوتِلَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ تَتَّكِلُوا وَ تَدَعُوا الْعَمَلَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا قَضَی اللَّهُ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَنْ قَاتَلَهُمْ مُبْصِراً لِضَلَالَتِهِمْ عَارِفاً لِلْهُدَی الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی سَلُونِی عَمَّا شِئْتُمْ سَلُونِی قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِی إِنِّی مَیِّتٌ أَوْ مَقْتُولٌ بَلْ قَتْلًا مَا یَنْتَظِرُ أَشْقَاهَا أَنْ یَخْضِبَهَا مِنْ فَوْقِهَا بِدَمٍ وَ ضَرَبَ بِیَدِهِ إِلَی لِحْیَتِهِ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا تَسْأَلُونِّی عَنْ شَیْ ءٍ فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ السَّاعَةِ وَ لَا عَنْ فِئَةٍ تُضِلُّ مِائَةً أَوْ تَهْدِی مِائَةً إِلَّا نَبَّأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ سَائِقِهَا فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ حَدِّثْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنِ الْبَلَاءِ قَالَ إِنَّكُمْ فِی زَمَانٍ إِذَا سَأَلَ سَائِلٌ فَلْیَعْقِلْ وَ إِذَا سُئِلَ مَسْئُولٌ فَلْیَثَّبَّتْ أَلَا وَ إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أُمُوراً أَتَتْكُمْ جَلَلًا مُزَوَّجاً وَ بَلَاءً مُكْلِحاً مُلِحّاً وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ أَنْ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِی وَ نَزَلَتْ بِكُمْ كَرَاهِیَةُ الْأُمُورِ وَ حَقَائِقُ الْبَلَاءِ لَقَدْ أَطْرَقَ كَثِیرٌ مِنَ السَّائِلِینَ (1)وَ فَشِلَ كَثِیرٌ مِنَ الْمَسْئُولِینَ وَ ذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ وَ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ وَ كَانَتِ الدُّنْیَا بَلَاءً عَلَیْكُمْ وَ عَلَی أَهْلِ بَیْتِی حَتَّی یَفْتَحَ اللَّهُ لِبَقِیَّةِ الْأَبْرَارِ (2)

ص: 366


1- ما بین المعقوفین مأخوذ من المختار: 90 من نهج البلاغة، و فیه: «و لو فقدتمونی و نزلت بكم كرائه الأمور، و حوازب الخطوب لاطرق كثیر من السائلین ...».
2- 2 و فی المختار المشار إلیه من نهج البلاغة: «و شمرت عن ساق، و ضاقت الدنیا علیكم ضیقا تستطیلون معه أیّام البلاء علیكم حتّی یفتح اللّٰه لبقیة الابرار منكم».

فَانْصُرُوا أَقْوَاماً كَانُوا أَصْحَابَ رَایَاتٍ یَوْمَ بَدْرٍ وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ تُنْصَرُوا وَ تُؤْجَرُوا وَ لَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَصْرَعَكُمُ الْبَلِیَّةُ (1)فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَدِّثْنَا عَنِ الْفِتَنِ قَالَ إِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتِ اسْتَقَرَّتْ یُشْبِهْنَ مُقْبِلَاتٍ وَ یُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ إِنَّ الْفِتَنَ تَحُومُ كَالرِّیَاحِ یُصِبْنَ بَلَداً وَ یُخْطِئْنَ أُخْرَی أَلَا إِنَّ أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِی عَلَیْكُمْ فِتْنَةُ بَنِی أُمَیَّةَ إِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْیَاءُ مُظْلِمَةٌ مُطَیَّنَةٌ عَمَّتْ فِتْنَتُهَا وَ خَصَّتْ بَلِیَّتُهَا وَ أَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِیهَا وَ أَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِیَ عَنْهَا یَظْهَرُ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَی أَهْلِ حَقِّهَا حَتَّی تُمْلَأَ الْأَرْضُ عُدْوَاناً وَ ظُلْماً وَ بِدَعاً أَلَا وَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ یَضَعُ جَبَرُوتَهَا وَ یَكْسِرُ عَمَدَهَا وَ یَنْزِعُ أَوْتَادَهَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَجِدُنَّ بَنِی أُمَیَّةَ أَرْبَابَ سَوْءٍ لَكُمْ بَعْدِی كَالنَّابِ الضَّرُوسِ تَعَضُّ بِفِیهَا وَ تَخْبِطُ بِیَدَیْهَا وَ تَضْرِبُ بِرِجْلَیْهَا وَ تَمْنَعُ دَرَّهَا لَا یَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّی لَا یَتْرُكُوا فِی مِصْرِكُمْ إِلَّا تَابِعاً لَهُمْ أَوْ غَیْرَ ضَارٍ وَ لَا یَزَالُ بَلَاؤُهُمْ بِكُمْ حَتَّی لَا یَكُونَ انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلَ انْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ إِذَا رَآهُ أَطَاعَهُ وَ إِذَا تَوَارَی عَنْهُ شَتَمَهُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ حَجَرٍ لَجَمَعَكُمُ اللَّهُ لِشَرِّ یَوْمٍ لَهُمْ أَلَا إِنَّ مِنْ بَعْدِی جُمَّاعَ شَتَّی أَلَا إِنَّ قِبْلَتَكُمْ وَاحِدَةٌ وَ حَجَّكُمْ وَاحِدٌ وَ عُمْرَتَكُمْ وَاحِدَةٌ وَ الْقُلُوبَ مُخْتَلِفَةٌ ثُمَّ أَدْخَلَ علیه السلام أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا فِی بَعْضٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا هَذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ هَذَا هَكَذَا یَقْتُلُ هَذَا هَذَا وَ یَقْتُلُ هَذَا هَذَا قِطَعاً جَاهِلِیَّةً لَیْسَ فِیهَا هُدًی وَ لَا عَلَمٌ یُرَی نَحْنُ أَهْلَ

ص: 367


1- 1 كذا فی اصلی، و فیه حذف و تقدیم و السیاق یستدعی أن یكون محل هذا الكلام بعد قوله علیه السلام الآتی قریبا: «اللّٰه ربّ العالمین» كما هو كذلك فی شرح المختار: 90 من نهج البلاغة من شرح ابن أبی الحدید و هذا لفظه: «الا و إنكم مدركوها فانصروا قوما كانوا أصحاب رایات بدر و حنین تؤجروا» ...

الْبَیْتِ مِنْهَا بِمَنْجَاةٍ وَ لَسْنَا فِیهَا بِدُعَاةٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا نَصْنَعُ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالَ انْظُرُوا أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا وَ إِنِ اسْتَصْرَخُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ تُؤْجَرُوا وَ لَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَصْرَعَكُمُ الْبَلِیَّةُ فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ ثُمَّ مَا یَكُونُ بَعْدَ هَذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ یُفَرِّجُ الْفِتَنَ بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ كَتَفْرِیجِ الْأَدِیمِ بِأَبِی ابْنُ خِیَرَةِ الْإِمَاءِ یَسُومُهُمْ خَسْفاً وَ یَسْقِیهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ فَلَا یُعْطِیهِمْ إِلَّا السَّیْفَ هَرْجاً هَرْجاً یَضَعُ السَّیْفَ عَلَی عَاتِقِهِ ثَمَانِیَةَ أَشْهُرٍ وَدَّتْ قُرَیْشٌ عِنْدَ ذَلِكَ بِالدُّنْیَا وَ مَا فِیهَا لَوْ یَرَوْنِی مَقَاماً وَاحِداً قَدْرَ حَلْبِ شَاةٍ أَوْ جَزْرِ جَزُورٍ لِأَقْبَلَ مِنْهُمْ بَعْضَ الَّذِی یَرُدُّ عَلَیْهِمْ حَتَّی تَقُولُ قُرَیْشٌ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا فَیُغْرِیهِ اللَّهُ بِبَنِی أُمَیَّةَ فَیَجْعَلُهُمْ مَلْعُونِینَ أَیْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِیلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِیلًا.

بیان:

الجلل محركة الأمر العظیم مزوجا أی مقرونا بمثله و الكلوح العبوس یقال كلح و أكلح و قلصت بالتشدید أی انضمت و اجتمعت و بالتخفیف أی كثرت و تزایدت من قلصت البئر إذا ارتفع ماؤها و شمرت عن ساق أی كشفت عن شدة و حام الطائر و غیره حول الشی ء دار مطینة أی مخفیة و الناب الناقة المسنة و الضروس السیئة الخلق تعض حالبها و جماع الناس كرمان أخلاطهم من قبائل شتی و كلما تجمع و انضم بعضه إلی بعض و لبد كنصر و فرح أقام و لزق كتفریج الأدیم أی الجلد عن اللحم و ابن خیرة الإماء القائم علیه السلام یسومهم خسفا أی یولیهم ذلا و كأس مصبرة ممزوجة بالصبر و فی النهایة فیه بین یدی الساعة هرج أی قتال و اختلاط و أصل الهرج الكثرة فی الشی ء و الاتساع.

أقول: و قد مضی بعض هذه الخطبة مشروحا.

«600»-(1)نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَهُ لِلْخَوَارِجِ وَ قَدْ خَرَجَ إِلَی مُعَسْكَرِهِمْ وَ هُمْ مُقِیمُونَ عَلَی إِنْكَارِ الْحُكُومَةِ فَقَالَ علیه السلام أَ كُلُّكُمْ شَهِدَ مَعَنَا صِفِّینَ

ص: 368


1- 600- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 120 من كتاب نهج البلاغة.

قَالُوا مِنَّا مَنْ شَهِدَ وَ مِنَّا مَنْ لَمْ یَشْهَدْ قَالَ علیه السلام فَامْتَازُوا فِرْقَتَیْنِ فَلْیَكُنْ مَنْ شَهِدَ صِفِّینَ فِرْقَةً وَ مَنْ لَمْ یَشْهَدْهَا فِرْقَةً حَتَّی أُكَلِّمَ كُلًّا بِكَلَامِهِ وَ نَادَی النَّاسَ فَقَالَ أَمْسِكُوا عَنِ الْكَلَامِ وَ أَنْصِتُوا لِقَوْلِی وَ أَقْبِلُوا بِأَفْئِدَتِكُمْ إِلَیَّ فَمَنْ نَشَدْنَاهُ شَهَادَةً فَلْیَقُلْ بِعِلْمِهِ فِیهَا ثُمَّ كَلَّمَهُمْ علیه السلام بِكَلَامٍ طَوِیلٍ مِنْهُ أَ لَمْ تَقُولُوا عِنْدَ رَفْعِهِمُ الْمَصَاحِفَ حِیلَةً وَ غِیلَةً وَ مَكْراً وَ خَدِیعَةً إِخْوَانُنَا وَ أَهْلُ دَعْوَتِنَا اسْتَقَالُونَا وَ اسْتَرَاحُوا إِلَی كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَالرَّأْیُ الْقَبُولُ مِنْهُمْ وَ التَّنْفِیسُ عَنْهُمْ فَقُلْتُ لَكُمْ هَذَا أَمْرٌ ظَاهِرُهُ إِیمَانٌ وَ بَاطِنُهُ عُدْوَانٌ وَ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَ آخِرُهُ نَدَامَةٌ فَأَقِیمُوا عَلَی شَأْنِكُمْ وَ الْزَمُوا طَرِیقَتَكُمْ وَ عَضُّوا عَلَی الْجِهَادِ بِنَوَاجِذِكُمْ وَ لَا تَلْتَفِتُوا إِلَی نَاعِقٍ نَعَقَ إِنْ أُجِیبَ أَضَلَّ وَ إِنْ تُرِكَ ذَلَّ وَ قَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْفَعْلَةُ وَ قَدْ رَأَیْتُكُمْ أَعْطَیْتُمُوهَا وَ اللَّهِ لَئِنْ أَبَیْتُهَا مَا وَجَبَتْ عَلَیَّ فَرِیضَتُهَا وَ لَا حَمَّلَنِی اللَّهُ ذَنْبَهَا وَ وَ اللَّهِ إِنْ جِئْتُهَا إِنِّی لَلْمُحِقُّ الَّذِی یُتَّبَعُ وَ إِنَّ الْكِتَابَ لَمَعِی مَا فَارَقْتُهُ مُذْ صَحِبْتُهُ فَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّ الْقَتْلَ لَیَدُورُ بَیْنَ الْآبَاءِ وَ الْأَبْنَاءِ وَ الْإِخْوَانِ وَ الْقَرَابَاتِ فَمَا نَزْدَادُ عَلَی كُلِّ مُصِیبَةٍ وَ شِدَّةٍ إِلَّا إِیمَاناً وَ مُضِیّاً عَلَی الْحَقِّ وَ تَسْلِیماً لِلْأَمْرِ وَ صَبْراً عَلَی مَضَضِ الْجِرَاحِ وَ لَكِنَّا إِنَّمَا أَصْبَحْنَا نُقَاتِلُ إِخْوَانَنَا فِی الْإِسْلَامِ عَلَی مَا دَخَلَ فِیهِ مِنَ الزَّیْغِ وَ الِاعْوِجَاجِ وَ الشُّبْهَةِ وَ التَّأْوِیلِ فَإِذَا طَمِعْنَا فِی خَصْلَةٍ یَلُمُّ اللَّهُ بِهَا شَعَثَنَا وَ نَتَدَانَی بِهَا إِلَی الْبَقِیَّةِ فِیمَا بَیْنَنَا رَغِبْنَا فِیهَا وَ أَمْسَكْنَا عَمَّا سِوَاهَا.

«601»-(1)ج، الإحتجاج أَ لَمْ تَقُولُوا إِلَی آخِرِ الْكَلَامِ توضیح قوله علیه السلام بكلامه أی بالكلام الذی یلیق به.

و قال فی النهایة فیه نشدتك اللّٰه و الرحم أی سألتك باللّٰه و بالرحم و قال الجوهری الغیلة بالكسر الخدیعة و نفس تنفیسا فرج تفریجا قوله علیه السلام

ص: 369


1- 601- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی عنوان: «احتجاجه علیه السلام علی الخوارج ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 185، ط بیروت.

أوله رحمة لأنه كان وسیلة إلی حقن الدماء و الفعلة بالفتح المرة من الفعل و المراد بها الرضا بالحكومة و فریضتها ما وجب بسببها و ترتب علیها و إن الكتاب لمعی أی لفظا و معنی و المضض وجع المصیبة قوله علیه السلام إلی البقیة أی إلی بقاء ما بقی فیما بیننا من الإسلام كما ذكره ابن میثم و الأظهر عندی أنه من الإبقاء بمعنی الرحم و الإشفاق و الإصلاح كما فی الصحیفة لا تبقی علی من تضرع إلیها.

و قال فی القاموس أبقیت ما بیننا لم أبالغ فی فساده و الاسم البقیة و أُولُوا بَقِیَّةٍ یَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ أی إبقاء.

و قال ابن أبی الحدید هذا الكلام لیس یتلو بعضه بعضا و لكنه ثلاثة فصول لا یلتصق أحدها بالآخر آخر الفصل الأول قوله علیه السلام و إن ترك ذل.

و آخر الفصل الثانی قوله علی مضض الجراح و الفصل الثالث ینتهی آخر الكلام (1)

«602»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی التَّحْكِیمِ إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ وَ إِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ وَ هَذَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْطُورٌ بَیْنَ الدَّفَّتَیْنِ لَا یَنْطِقُ بِلِسَانٍ وَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَانٍ وَ إِنَّمَا یَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَالُ وَ لَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ إِلَی أَنْ نُحَكِّمَ بَیْنَنَا الْقُرْآنَ لَمْ نَكُنِ الْفَرِیقَ الْمُتَوَلِّی عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَی اللَّهِ وَ الرَّسُولِ فَرَدُّهُ إِلَی اللَّهِ أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِهِ وَ رَدُّهُ إِلَی الرَّسُولِ أَنْ نَأْخُذَ بِسُنَّتِهِ فَإِذَا حُكِمَ بِالصِّدْقِ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ وَ إِنْ حُكِمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ وَ أَوْلَاهُمْ بِهِ

ص: 370


1- 1 هذا مختار كلام ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 121 من نهج البلاغة من شرحه: ج 2 ص 790 من ط الحدیث ببیروت.
2- 602- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 122 من كتاب نهج البلاغة و ما وضعناه بین المعقوفات مأخوذ منه.

وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ لِمَ جَعَلْتَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ أَجَلًا فِی التَّحْكِیمِ فَإِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لِیَتَبَیَّنَ الْجَاهِلُ وَ یَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ وَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ فِی هَذِهِ الْهُدْنَةِ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا یُؤْخَذُ بِأَكْظَامِهَا فَتَعْجَلَ عَنْ تَبَیُّنِ الْحَقِّ وَ تَنْقَادَ لِأَوَّلِ الْغَیِّ إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَیْهِ وَ إِنْ نَقَصَهُ وَ كَرَثَهُ مِنَ الْبَاطِلِ وَ إِنْ جَرَّ إِلَیْهِ فَائِدَةً وَ زَادَهُ فَأَیْنَ یُتَاهُ بِكُمْ وَ مِنْ أَیْنَ أُتِیتُمْ اسْتَعِدُّوا لِلْمَسِیرِ إِلَی قَوْمٍ حَیَارَی عَنِ الْحَقِّ لَا یُبْصِرُونَهُ وَ مُوزَعِینَ بِالْجَوْرِ لَا یَعْدِلُونَ عَنْهُ جُفَاةٍ عَنِ الْكِتَابِ نُكُبٍ عَنِ الطَّرِیقِ مَا أَنْتُمْ بِوَثِیقَةٍ یُعْلَقُ بِهَا وَ لَا زَوَافِرِ عِزٍّ یُعْتَصَمُ إِلَیْهَا لَبِئْسَ حُشَّاشُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ أُفٍّ لَكُمْ لَقَدْ لَقِیتُ مِنْكُمْ بَرْحاً یَوْماً أُنَادِیكُمْ وَ یَوْماً أُنَاجِیكُمْ فَلَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ وَ لَا إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ النَّجَاءِ.

«603»-(1)

ج، الإحتجاج قَالَ علیه السلام إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ إِلَی قَوْلِهِ وَ تَنْقَادُ لِأَوَّلِ الْغَیِّ.

توضیح:

قوله علیه السلام إنا لم نحكم حاصل الجواب أنا لم نرض بتحكیم الرجلین مطلقا بل علی تقدیر حكمهما بالصدق فی الكتاب و السنة لأن القوم دعونا إلی تحكیم القرآن لا تحكیم الرجلین و إنما رضینا بتحكیم الرجلین لحاجة القرآن إلی الترجمان فالحاكم حقیقة هو القرآن لا الرجلان فإذا خالف الرجلان حكم الكتاب و السنة لم یجب علینا قبول قولهما.

مع أن رضاه علیه السلام كان اضطرارا كما عرفت مرارا.

قوله علیه السلام فإذا حكم بالصدق أی إذا حكم بالصدق فی الكتاب و السنة فیجب أن یحكم بخلافتنا لأنا أحق الناس بالكتاب و السنة و إذا حكم بالصدق فیهما فنحن أولی الناس باتباع حكمهما فعدم اتباعنا لعدم

ص: 371


1- 603- رواه الطبرسیّ رضوان اللّٰه علیه فی عنوان: «احتجاجه علیه السلام علی الخوارج ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 186، ط بیروت.

حكمهم بالصدق و إلا لاتبعناه و إذا حكم بالصدق فیهما فنحن أحق الناس بهذا الحكم فیجب علیهم اتباع قولنا لا علینا اتباع قولهم.

و الضمیر فی قوله أحق الناس به عائد إلی الكتاب أو إلی اللّٰه أو إلی الحكم و فی قوله أولاهم به إلی الرسول أو إلی الحكم.

قوله علیه السلام لیتبین الجاهل أی لیظهر للجاهل وجه الحق و التبین یكون لازما و متعدیا و یتثبت العالم بدفع الشبهة و یطمئن قلبه.

قوله علیه السلام و لا یؤخذ بأكظامها معطوف علی یتبین.

و قال ابن الأثیر فی كظم من كتاب النهایة و فی حدیث علی بأكظامها هی جمع كظم بالتحریك و هو مخرج النفس من الحلق و أول الغی هو أول شبهة عرضت لهم من رفع المصاحف و كرنه الغم أو أكرثه أی اشتد علیه و بلغ منه المشقة و تاه یتیه تیها تحیر و ضل أو تكبر و من أین أتیتم أی هلكتم أو دخل علیكم الشیطان و الشبهة و الحیلة و قال الجوهری أوزعته بالشی ء أغریته به لا یعدلون به أی لیس للجور عندهم عدیل و یروی لا یعدلون عنه أی لا یتركونه إلی غیره و الجفاء البعد عن الشی ء.

و نكب عن الطریق ینكب نكبا عدل ما أنتم بوثیقة أی بعروة وثیقة أو بذی وثیقة و الوثیقة الثقة و علق بالشی ء كفرح و تعلق به أی نشب و استمسك و زافرة الرجل أنصاره و خاصته و الحشاش بضم الحاء و تشدید الشین جمع حاش و هو الموقد للنار و كذلك الحشاش بالكسر و التخفیف و قیل هو ما یحش به النار أی یوقد و البرح الشدة و فی بعض النسخ بالتاء و هو الحزن یوما أنادیكم أی جهرا و یوما أناجیكم أی سرا فلا أحرار أی لا تنصرون و لا تحمون و لا إخوان ثقة أی لا تكتمون السر و لا تعملون بلوازم الإخاء.

«604»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لِلْخَوَارِجِ

ص: 372


1- 604- رواه السیّد الرضیّ رضی اللّٰه عنه فی المختار: 127 من كتاب نهج البلاغة.

فَإِنْ أَبَیْتُمْ إِلَّا أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّی أَخْطَأْتُ وَ ضَلَلْتُ فَلِمَ تُضَلِّلُونَ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بِضَلَالِی وَ تَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِی وَ تُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوبِی سُیُوفُكُمْ عَلَی عَوَاتِقِكُمْ تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ الْبَرَاءَةِ وَ السُّقْمِ وَ تَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ یُذْنِبْ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَجَمَ الزَّانِیَ [الْمُحْصَنَ] ثُمَّ صَلَّی عَلَیْهِ ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ وَ قَتَلَ الْقَاتِلَ وَ وَرَّثَ مِیرَاثَهُ أَهْلَهُ وَ قَطَعَ السَّارِقَ وَ جَلَدَ الزَّانِیَ غَیْرَ الْمُحْصَنِ ثُمَّ قَسَمَ عَلَیْهِمَا مِنَ الْفَیْ ءِ وَ نَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِذُنُوبِهِمْ وَ أَقَامَ حَقَّ اللَّهِ فِیهِمْ وَ لَمْ یَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ وَ لَمْ یُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَیْنِ أَهْلِهِ ثُمَّ أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاسِ وَ مَنْ رَمَی بِهِ الشَّیْطَانُ مَرَامِیَهُ وَ ضَرَبَ بِهِ تِیهَهُ وَ سَیَهْلِكُ فِیَّ صِنْفَانِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ یَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَی غَیْرِ الْحَقِّ وَ مُبْغِضٌ مُفْرِطٌ یَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَی غَیْرِ الْحَقِّ وَ خَیْرُ النَّاسِ فِیَّ حَالًا النَّمَطُ الْأَوْسَطُ فَالْزَمُوهُ وَ الْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ فَإِنَّ یَدَ اللَّهِ علی [مَعَ] الْجَمَاعَةِ وَ إِیَّاكُمْ وَ الْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ لِلشَّیْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّةَ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ أَلَا مَنْ دَعَا إِلَی هَذَا الشِّعَارِ فَاقْتُلُوهُ وَ لَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِی هَذِهِ وَ إِنَّمَا حُكِّمَ الْحَكَمَانِ لِیُحْیِیَا مَا أَحْیَا الْقُرْآنُ وَ یُمِیتَا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ وَ إِحْیَاؤُهُ الِاجْتِمَاعُ عَلَیْهِ وَ إِمَاتَتُهُ الِافْتِرَاقُ عَنْهُ فَإِنْ جَرَّنَا الْقُرْآنُ إِلَیْهِمْ اتَّبَعْنَاهُمْ وَ إِنْ جَرَّهُمْ إِلَیْنَا الْقُرْآنُ اتَّبَعُونَا فَلَمْ آتِ لَا أَبَا لَكُمْ بُجْراً وَ لَا خَتَلْتُكُمْ عَنْ أَمْرِكُمْ وَ لَا لَبَّسْتُهُ عَلَیْكُمْ وَ إِنَّمَا اجْتَمَعَ رَأْیُ مَلَئِكُمْ عَلَی اخْتِیَارِ رَجُلَیْنِ أَخَذْنَا عَلَیْهِمَا أَنْ لَا یَتَعَدَّیَا الْقُرْآنَ فَتَاهَا عَنْهُ وَ تَرَكَا الْحَقَّ وَ هُمَا یُبْصِرَانِهِ وَ كَانَ الْجَوْرُ هَوَاهُمَا فَمَضَیَا عَلَیْهِ وَ قَدْ سَبَقَ اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَیْهِمَا فِی الْحُكُومَةِ بِالْعَدْلِ وَ الصَّمْدِ لِلْحَقِّ سُوءَ رَأْیِهِمَا وَ جَوْرَ حُكْمِهِمَا.

إیضاح:

قوله علیه السلام و ضللت بكسر اللام و فتحها أقول لما قالت الخوارج لعنهم اللّٰه إن الدار دار الكفر لا یجوز الكف عن أحد من أهلها قتلوا الناس حتی الأطفال و قتلوا البهائم و ذهبوا إلی تكفیر أهل الكبائر مطلقا و لذا أكفروا أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه و من تبعه علی تصویب التحكیم فلذا احتج علیه السلام علیهم بأنه لو كان صاحب الكبیرة كافرا لما صلی علیه

ص: 373

رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و لا ورثه من المسلم و لا مكنه من نكاح المسلمات و لا قسم علیهم من الفی ء و لأخرجه من إطلاق لفظ الإسلام علیه.

و قوله علیه السلام و ورث میراثه یدل ظاهرا علی عدم إرث المسلم من الكافر و لعله إلزام علیهم.

قوله علیه السلام و نكحا أی السارق و الزانی المسلمات و لم یمنعهما رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله من ذلك.

قوله علیه السلام من بین أهله أی أهل الإسلام و مرامی الشیطان طرق الضلال التی یسوق الإنسان إلیها بوساوسه و ضرب به تیهه أی وجهه إلیه من ضربت فی الأرض إذا سافرت و الباء للتعدیة و التیه بالكسر و الفتح الحیرة و بالكسر المفازة یتاه فیها.

و تقیید البغض بالإفراط لعله لتخصیص أكمل الأفراد بالذكر أو لأن المبغض مطلقا مجاوز عن الحد أو لأن الكلام إخبار عما سیوجد منهم مع أن فیه رعایة الازدواج و التناسب بین الفقرتین.

وَ قَالَ فِی النَّهَایَةِ فِی حَدِیثِ عَلِیٍّ علیه السلام خَیْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ.

النمط الطریقة و من الطرائق و الضرب من الضروب یقال لیس هذا من ذلك النمط أی من ذلك الضرب و النمط الجماعة من الناس أمرهم واحد و قال فیه علیكم بالسواد الأعظم أی جملة الناس و معظمهم الذین یجتمعون علی طاعة السلطان و سلوك المنهج المستقیم و قال إن ید اللّٰه علی الجماعة أی إن الجماعة من أهل الإسلام فی كنف اللّٰه و ید اللّٰه كنایة عن الحفظ و الدفاع عنهم.

قوله علیه السلام إلی هذا الشعار قال ابن میثم أی مفارقة الجماعة و الاستبداد بالرأی و قوله علیه السلام و لو كان تحت عمامتی كنایة عن أقصی القرب من عنایته أی و لو كان ذلك الداعی فی هذا الحد من عنایتی به

ص: 374

و قال ابن أبی الحدید كان شعارهم أن یحلقوا وسط رءوسهم و یبقوا الشعر مستدیرا حوله كالإكلیل و قال و لو كان تحت عمامتی أی و لو اعتصم و احتمی بأعظم الأشیاء حرمة فلا تكفوا عن قتله.

أقول: و یحتمل أن یكون شعارهم قولهم لا حكم إلا لله و أن یكون كنی بقوله تحت عمامتی عن نفسه.

قوله علیه السلام و إحیاؤه الاجتماع علیه أی ما یحییه القرآن هو الاجتماع علیه و ما یمیته هو الافتراق عنه أو إن الاجتماع علی القرآن إحیاؤه إذ به یحصل الأثر و الفائدة المطلوبة منه و الافتراق عنه إماتة له و البجر بالضم و الفتح الداهیة و الأمر العظیم و الختل الخداع.

قوله علیه السلام و إنما اجتمع یظهر منه جوابان عن شبهتهم أحدهما إنی ما اخترت التحكیم بل اجتمع رأی ملئكم علیه و قد ظهر أنه علیه السلام كان مجبورا فی التحكیم.

و ثانیهما أنا اشترطنا علیهما فی كتاب التحكیم أن لا یتجاوزا حكم القرآن فلما تعدیا لم یجب علینا اتباع حكمهما.

و الملأ أشراف الناس و رؤسائهم و مقدموهم الذین یرجع إلی قولهم ذكره فی النهایة و الصمد القصد.

و سوء رأیهما مفعول سبق أو الاستثناء أیضا علی التنازع أی ذكرنا أولا أنا إنما نتبع حكمهما إذا لم یختارا سوء الرأی و الجور فی الحكم.

«605»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی مَعْنَی الْحَكَمَیْنِ فَأَجْمَعَ رَأْیُ مَلَئِكُمْ عَلَی أَنِ اخْتَارُوا رَجُلَیْنِ فَأَخَذْنَا عَلَیْهِمَا أَنْ یُجَعْجِعَا عِنْدَ الْقُرْآنِ وَ لَا

ص: 375


1- 605- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 175 من كتاب نهج البلاغة. و جملة منه رواه الهروی فی مادة: «جعجع» من كتاب غریب الحدیث و رواها عنه ابن الأثیر فی نفس المادة من كتاب النهایة.

یُجَاوِزَاهُ وَ یَكُونَ أَلْسِنَتُهُمَا مَعَهُ وَ قُلُوبُهُمَا تَبَعَهُ فَتَاهَا عَنْهُ وَ تَرَكَا الْحَقَّ وَ هُمَا یُبْصِرَانِهِ وَ كَانَ الْجَوْرُ هَوَاهُمَا وَ الِاعْوِجَاجُ رَأْیَهُمَا وَ قَدْ سَبَقَ اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَیْهِمَا فِی الْحُكْمِ بِالْعَدْلِ وَ الْعَمَلِ بِالْحَقِّ سُوءَ رَأْیِهِمَا وَ جَوْرَ حُكْمِهِمَا وَ الثِّقَةَ فِی أَیْدِینَا لِأَنْفُسِنَا حِینَ خَالَفَا سَبِیلَ الْحَقِّ وَ أَتَیَا بِمَا لَا یُعْرَفُ مِنْ مَعْكُوسِ الْحُكْمِ.

إیضاح:

قال فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام فأخذنا علیهما أن یجعجعا عند القرآن.

أی یقیما عنده یقال جعجع القوم إذا أناخوا بالجعجاع و هی الأرض و الجعجاع أیضا الموضع الضیق الخشن و قال فی القاموس التبع محركة التابع یكون واحدا و جمعا و یجمع علی أتباع.

قوله علیه السلام و الثقة فی أیدینا أی أنا علی برهان و ثقة فی أمورنا قوله علیه السلام بما لا یعرف أی لا یصدق به.

«606»-(1)نهج، نهج البلاغة مِنْ وَصِیَّتِهِ علیه السلام لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ لَمَّا بَعَثَهُ لِلِاحْتِجَاجِ عَلَی الْخَوَارِجِ لَا تُخَاصِمْهُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوهٍ تَقُولُ وَ یَقُولُونَ وَ لَكِنْ حَاجِّهِمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ لَنْ یَجِدُوا عَنْهَا مَحِیصاً.

بیان: قوله علیه السلام و لكن حاجهم بالسنة قال ابن أبی الحدید

كَقَوْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیٌّ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَ عَلِیٍّ یَدُورُ مَعَهُ حَیْثُمَا دَارَ.

و غیر ذلك من النصوص.

و قال الجوهری یقال ما عنه محیص أی محید و مهرب.

«607»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ قَدْ أَرْسَلَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ یَعْلَمُ لَهُ عِلْمَ قَوْمٍ مِنْ جُنْدِ الْكُوفَةِ هَمُّوا بِاللَّحَاقِ بِالْخَوَارِجِ وَ كَانُوا عَلَی خَوْفٍ مِنْهُ

ص: 376


1- 606- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار ما قبل الأخیر من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.
2- 607- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 179 من كتاب نهج البلاغة. و قریبا منه رویناه مسندا فی المختار: 297 من كتاب نهج السعادة: ج 2 ص 482 ط 1.

علیه السلام فَلَمَّا عَادَ إِلَیْهِ الرَّجُلُ قَالَ لَهُ أَمِنُوا فَقَطَنُوا أَمْ جَبَنُوا فَظَعَنُوا فَقَالَ الرَّجُلُ بَلْ ظَعَنُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام بُعْداً لَهُمْ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ الْأَسِنَّةُ إِلَیْهِمْ وَ صُبَّتِ السُّیُوفُ عَلَی هَامَاتِهِمْ لَقَدْ نَدِمُوا عَلَی مَا كَانَ مِنْهُمْ إِنَّ الشَّیْطَانَ الْیَوْمَ قَدِ اسْتَفَلَّهُمْ وَ هُوَ غَداً مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمْ وَ مُخَلٍّ عَنْهُمْ فَحَسْبُهُمْ بِخُرُوجِهِمْ مِنَ الْهُدَی وَ ارْتِكَاسِهِمْ فِی الضَّلَالِ وَ الْعَمَی وَ صَدِّهِمْ عَنِ الْحَقِّ وَ جِمَاحِهِمْ فِی التِّیهِ.

بیان:

قطن بالمكان أقام و قوله بعدا منصوب علی المصدر و هو ضد القرب و الهلاك قوله علیه السلام قد استفلهم فی بعض النسخ بالقاف أی حملهم أو اتخذهم قلیلا و سهل علیه أمرهم و فی أكثر النسخ بالفاء أی وجدهم فلا لا خیر فیهم أو مفلولین منهزمین و فی بعضها استفزهم أی استخفهم و فی بعضها استقبلهم أی قبلهم و المراد بالغد الیوم الذی تصب السیوف علی هاماتهم أو یوم القیامة.

و قال الجوهری الركس رد الشی ء مقلوبا و ارتكس فلان فی أمر كان قد نجا منه و جمح الفرس كمنع اعتز فارسه و غلبه و التیه المفازة و الضلال.

«608»-(1)ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِلَی الْخَوَارِجِ وَ كَانَ بِمَرْأًی مِنْهُمْ وَ مَسْمَعٍ لِیَسْأَلَهُمْ مَا ذَا الَّذِی نَقَمُوا عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا ذَا نَقَمْتُمْ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالُوا لَهُ فِی الْجَوَابِ نَقَمْنَا یَا ابْنَ الْعَبَّاسِ عَلَی صَاحِبِكَ خِصَالًا كُلُّهَا مُكَفِّرَةٌ مُوبِقَةٌ تَدْعُو إِلَی النَّارِ أَمَّا أَوَّلُهَا فَإِنَّهُ مَحَی اسْمَهُ مِنِ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ كَتَبَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ فَإِذَا لَمْ یَكُنْ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ فَلَسْنَا نَرْضَی أَنْ یَكُونُ أَمِیرَنَا وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَإِنَّهُ شَكَّ فِی نَفْسِهِ حِینَ قَالَ لِلْحَكَمَیْنِ انْظُرَا فَإِنْ كَانَ مُعَاوِیَةُ أَحَقَّ بِهَا فَأَثْبِتَاهُ وَ إِنْ كُنْتُ أَوْلَی بِهَا فَأَثْبِتَانِی فَإِذَا هُوَ شَكَّ فِی نَفْسِهِ فَلَمْ یَدْرِ

ص: 377


1- 608- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی عنوان: «احتجاجه علیه السلام علی الخوارج ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 187، ط بیروت.

أَ هُوَ الْمُحِقُّ أَمْ مُعَاوِیَةُ فَنَحْنُ فِیهِ أَشَدُّ شَكّاً وَ الثَّالِثَةُ أَنَّهُ جَعَلَ الْحَكَمَ إِلَی غَیْرِهِ وَ قَدْ كَانَ عِنْدَنَا أَحْكَمَ النَّاسِ وَ الرَّابِعَةُ أَنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِی دِینِ اللَّهِ وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ إِلَیْهِ وَ الْخَامِسَةُ أَنَّهُ قَسَّمَ بَیْنَنَا الْكُرَاعَ وَ السِّلَاحَ یَوْمَ الْبَصْرَةِ وَ مَنَعَنَا النِّسَاءَ وَ الذُّرِّیَّةَ وَ السَّادِسَةُ أَنَّهُ كَانَ وَصِیّاً فَضَیَّعَ الْوَصِیَّةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ سَمِعْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَقَالَةَ الْقَوْمِ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِجَوَابِهِمْ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْ لَهُمْ أَ لَسْتُمْ تَرْضَوْنَ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ حُكْمِ رَسُولِهِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَبْدَأُ عَلَی مَا بَدَأْتُمْ بِهِ فِی بَدْءِ الْأَمْرِ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْوَحْیَ وَ الْقَضَایَا وَ الشُّرُوطَ وَ الْأَمَانَ یَوْمَ صَالَحَ أَبَا سُفْیَانَ وَ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَیْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبُو سُفْیَانَ وَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ سُهَیْلٌ إِنَّا لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ الرَّحِیمَ وَ لَا نُقِرُّ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ لَكُنَّا نَحْسَبُ ذَلِكَ شَرَفاً لَكَ أَنْ تُقَدِّمَ اسْمَكَ قَبْلَ أَسْمَائِنَا وَ إِنْ كُنَّا أَسَنَّ مِنْكَ وَ أَبِی أَسَنُّ مِنْ أَبِیكَ فَأَمَرَنِیَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ اكْتُبْ مَكَانَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَمَحَوْتُ ذَلِكَ وَ كَتَبْتُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ وَ مَحَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَ كَتَبْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لِی إِنَّكَ تُدْعَی إِلَی مِثْلِهَا فَتُجِیبُ وَ أَنْتَ مُكْرَهٌ وَ هَكَذَا كَتَبْتُ بَیْنِی وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مُعَاوِیَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالا لَقَدْ ظَلَمْنَاكَ بِأَنْ أَقْرَرْنَا بِأَنَّكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَاتَلْنَاكَ وَ لَكِنِ اكْتُبْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَمَحَوْتُ كَمَا مَحَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ

ص: 378

أَبَیْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ جَحَدْتُمْ فَقَالُوا هَذِهِ لَكَ خَرَجْتَ مِنْهَا فَقَالَ وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ أَنِّی شَكَكْتُ فِی نَفْسِی حَیْثُ قُلْتُ لِلْحَكَمَیْنِ انْظُرَا فَإِنْ كَانَ مُعَاوِیَةُ أَحَقَّ بِهَا مِنِّی فَأَثْبِتَاهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ شَكّاً مِنِّی وَ لَكِنِّی أَنْصَفْتُ فِی الْقَوْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِنَّا أَوْ إِیَّاكُمْ لَعَلی هُدیً أَوْ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ وَ لَمْ یَكُنْ ذَلِكَ شَكّاً وَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ نَبِیَّهُ عَلَی الْحَقِّ قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ قَالَ وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ أَنِّی جَعَلْتُ الْحَكَمَ إِلَی غَیْرِی وَ قَدْ كُنْتُ عِنْدَكُمْ أَحْكَمَ النَّاسِ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ جَعَلَ الْحَكَمَ إِلَی سَعْدٍ یَوْمَ بَنِی قُرَیْظَةَ وَ قَدْ كَانَ أَحْكَمَ النَّاسِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَتَأَسَّیْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجَّتِنَا قَالَ وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ أَنِّی حَكَّمْتُ فِی دِینِ اللَّهِ الرِّجَالَ فَمَا حَكَّمْتُ الرِّجَالَ وَ إِنَّمَا حَكَّمْتُ كَلَامَ رَبِّیَ الَّذِی جَعَلَهُ اللَّهُ حَكَماً بَیْنَ أَهْلِهِ وَ قَدْ حَكَّمَ اللَّهُ الرِّجَالَ فِی طَائِرٍ فَقَالَ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ یَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فَدِمَاءُ الْمُسْلِمِینَ أَعْظَمُ مِنْ دَمِ طَائِرٍ قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجَّتِنَا قَالَ وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ أَنِّی قَسَمْتُ یَوْمَ الْبَصْرَةِ لَمَّا أَظْفَرَنِی اللَّهُ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ الْكُرَاعَ وَ السِّلَاحَ وَ مَنَعْتُكُمُ النِّسَاءَ وَ الذُّرِّیَّةَ فَإِنِّی مَنَنْتُ عَلَی أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَمَا مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أَهْلِ مَكَّةَ فَإِنْ عَدَوْا عَلَیْنَا أَخَذْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ لَمْ نَأْخُذْ صَغِیراً بِكَبِیرٍ وَ بَعْدُ فَأَیُّكُمْ كَانَ یَأْخُذُ عَائِشَةَ فِی سَهْمِهِ قَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجَّتِنَا قَالَ وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ أَنِّی كُنْتُ وَصِیّاً فَضَیَّعْتُ الْوَصِیَّةَ فَأَنْتُمْ كَفَرْتُمْ وَ قَدَّمْتُمْ عَلَیَّ وَ أَزَلْتُمُ الْأَمْرَ عَنِّی وَ لَیْسَ عَلَی الْأَوْصِیَاءِ الدُّعَاءُ إِلَی أَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا یَبْعَثُ اللَّهُ الْأَنْبِیَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَیَدْعُونَ إِلَی أَنْفُسِهِمْ وَ الْوَصِیُّ مَدْلُولٌ عَلَیْهِ مُسْتَغْنٍ عَنِ الدُّعَاءِ إِلَی نَفْسِهِ وَ ذَلِكَ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 379

وَ لَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ لِلَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا فَلَوْ تَرَكَ النَّاسُ الْحَجَّ لَمْ یَكُنِ الْبَیْتُ لِیَكْفُرَ بِتَرْكِهِمْ إِیَّاهُ وَ لَكِنَّ النَّاسَ كَانُوا یَكْفُرُونَ بِتَرْكِهِمُ الْبَیْتَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَی نَصَبَهُ لَهُمْ عَلَماً وَ كَذَلِكَ نَصَبَنِی عَلَماً حَیْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی وَ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ الْكَعْبَةِ تُؤْتَی وَ لَا تَأْتِی (1)فَقَالُوا وَ هَذِهِ لَكَ بِحُجَّتِنَا فَأَذْعَنُوا فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ وَ بَقِیَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ لَمْ یَرْجِعُوا مِمَّنْ كَانُوا قَعَدُوا عَنْهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَهُمْ.

بیان:

قوله علیه السلام فدماء المسلمین لعل المراد أن تحكیم الرجال فی الطائر لما كان لجهل الناس و الاضطرار فالضرورة هنا أشد فالكلام علی التنزل فإنه علیه السلام منع أولا تحكیم الرجال و قال بعد التسلیم لا فساد فیه و یحتمل أن یكون مؤیدا لأول الكلام ردا لشبهة أصحاب معاویة بالمقایسة بالطائر أی لم نحكم الرجال لأن التحكیم إنما ورد فی الأمور الجزئیة التی لا مفسدة كثیرا فی الخطإ فیها و لا یمكن مقایسة دماء المسلمین بها فإنه قیاس مع الفارق و لكنه بعید و لا یجری فی بعض الأخبار التی وردت بهذا الوجه.

«609»-(2)ب، قرب الإسناد الْیَقْطِینِیُّ عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ عَلِیّاً

ص: 380


1- 1 ما بین المعقوفین غیر موجود فی طبعة الكمبانیّ من البحار، و أخذناه من كتاب الاحتجاج ط بیروت ص 189. و قوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: «أنت بمنزلة الكعبة تؤتی و لا تأتی ...» رواه أیضا ابن الأثیر فی ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب أسد الغابة: ج 4 ص 31 ط 1. و أیضا روی ما فی معناه ابن عساكر فی الحدیث: 912 من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من تاریخ دمشق: ج 2 ص 407 ط 2. و رواه ابن المغازلی فی الحدیث: 149 من كتابه: مناقب أمیر المؤمنین علیه السلام: ص 106، ط 1. و لیلاحظ ما رواه السیوطی نقلا عن الدیلمیّ فی ذیل كتاب اللآلی المصنوعة: ج 1، 62.
2- 609- رواه الحمیری رحمه اللّٰه فی الحدیث: 90 من كتاب قرب الإسناد، ص 14، ط 1.

علیه السلام كَانَ یُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ وَ أَنَّهُ نَادَی ابْنَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ یَوْمَ النَّهْرَوَانِ قَدِّمْ یَا بُنَیَّ اللِّوَاءَ فَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ قَدِّمْ یَا بُنَیَّ اللِّوَاءَ فَقَدَّمَ ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ لَهُ قَدِّمْ یَا بُنَیَّ فَتَكَعْكَعَ الْفَتَی فَقَالَ قَدِّمْ یَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ثُمَّ جَاءَ عَلِیٌّ حَتَّی أَخَذَ مِنْهُ اللِّوَاءَ فَمَشَی بِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَ ثُمَّ تَقَدَّمَ عَلِیٌّ بَیْنَ یَدَیْهِ فَضَرَبَ قُدُماً.

إیضاح:

قال الجوهری كعكعته فتكعكع أی حبسته فاحتبس و تكعكع أی جبن و رجل كعكع بالضم أی جبان ضعیف و قال لخن السقاء بالكسر أی أنتن و منه قولهم أمة لخناء و یقال اللخناء التی لم تختن و قال مضی قدما لم یعرج و لم ینثن.

«610»-(1)ید، التوحید الدَّقَّاقُ عَنِ الْأَسَدِیِّ عَنِ الْبَرْمَكِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَیْمَانَ الْجَعْفَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ سَعْدٍ الْخَفَّافِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا وَقَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی الْخَوَارِجِ وَ وَعَظَهُمْ وَ ذَكَّرَهُمْ وَ حَذَّرَهُمُ الْقِتَالَ قَالَ لَهُمْ مَا تَنْقِمُونَ مِنِّی إِلَّا أَنِّی أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ فَقَالُوا أَنْتَ كَذَلِكَ وَ لَكِنَّكَ حَكَّمْتَ فِی دِینِ اللَّهِ أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَّ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا حَكَّمْتُ مَخْلُوقاً وَ إِنَّمَا حَكَّمْتُ الْقُرْآنَ وَ لَوْ لَا أَنِّی غُلِبْتُ عَلَی أَمْرِی وَ خُولِفْتُ فِی رَأْیِی لَمَا رَضِیتُ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا بَیْنِی وَ بَیْنَ أَهْلِ حَرْبِ اللَّهِ حَتَّی أُعْلِیَ كَلِمَةَ اللَّهِ وَ أَنْصُرَ دِیْنَ اللَّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْجَاهِلُونَ وَ الْكَافِرُونَ.

«611»-(2)ب، قرب الإسناد هَارُونُ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَدْعُو عَلَی الْخَوَارِجِ فَیَقُولُ فِی دُعَائِهِ

ص: 381


1- 610- رواه الشیخ الصدوق قدس اللّٰه نفسه فی الحدیث: 6 من الباب: 30 من كتاب التوحید.
2- 611- رواه الحمیری رحمه اللّٰه فی الحدیث: 37 من كتاب قرب الإسناد، ص 8.

اللَّهُمَّ رَبَّ الْبَیْتِ الْمَعْمُورِ وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ الْكِتَابِ الْمَسْطُورِ أَسْأَلُكَ الظَّفَرَ عَلَی هَؤُلَاءِ الَّذِینَ نَبَذُوا كِتَابَكَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ فَارَقُوا أُمَّةَ أَحْمَدَ صلی اللّٰه علیه و آله عُتُوّاً عَلَیْكَ.

«612»-(1)مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ الْخَوَارِجِ فِیهِمْ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ الْجَعْدُ بْنُ بَعْجَةَ فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ یَا عَلِیُّ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام بَلْ مَقْتُولٌ قَتْلًا ضَرْبَةً عَلَی هَذَا یُخْضَبُ هَذِهِ یَعْنِی لِحْیَتَهُ وَ رَأْسَهُ عَهْدٌ مَعْهُودٌ وَ قَضَاءٌ مَقْضِیٌّ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری وَ عَاتَبَهُ فِی لِبَاسِهِ فَقَالَ مَا یَمْنَعُكَ أَنْ تَلْبَسَ فَقَالَ مَا لَكَ وَ لِلِبَاسِی هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْكِبْرِ وَ أَجْدَرُ أَنْ یَقْتَدِیَ بِیَ الْمُسْلِمُ.

«613»-(2)ل، الخصال فِی خَبَرِ الْیَهُودِیِّ السَّائِلِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَمَّا فِیهِ مِنْ خِصَالِ الْأَوْصِیَاءِ قَالَ علیه السلام وَ أَمَّا السَّابِعَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ عَهِدَ إِلَیَّ أَنْ أُقَاتِلَ فِی آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ أَیَّامِی قَوْماً مِنْ أَصْحَابِی یَصُومُونَ النَّهَارَ وَ یَقُومُونَ اللَّیْلَ وَ یَتْلُونَ الْكِتَابَ یَمْرُقُونَ بِخِلَافِهِمْ عَلَیَّ وَ مُحَارَبَتِهِمْ إِیَّایَ مِنَ الدِّینِ

ص: 382


1- 612- رواه ابن البطریق رحمه اللّٰه فی الفصل الأخیر فی عنوان: «فصل فی شی ء من الاحداث [الطارئة] بعد رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم ...» فی الحدیث: 821 من كتاب العمدة ص 233. و الحدیث رواه عبد اللّٰه بن أحمد تحت الرقم: 32 من باب فضائل أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب الفضائل ص 23 ط 1. و رواه أیضا فی الحدیث: 31 و 47 ص 30 بأسانید أخر، و قد ذكر الطباطبائی له مصادر أخر فی تعلیقه. و أیضا رواه عبد اللّٰه بن أحمد تحت الرقم: 703 من كتاب المسند: ج 1، ص 91 ط 1.
2- 613- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی آخر الحدیث: 58 من باب السبعة من كتاب الخصال: ج 1، ص 381.

مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِیَّةِ فِیهِمْ ذُو الثُّدَیَّةِ یُخْتَمُ لِی بِقَتْلِهِمْ بِالسَّعَادَةِ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَی مَوْضِعِی هَذَا یَعْنِی بَعْدَ الْحَكَمَیْنِ أَقْبَلَ بَعْضُ الْقَوْمِ عَلَی بَعْضٍ بِاللَّائِمَةِ فِیمَا صَارُوا إِلَیْهِ مِنْ تَحْكِیمِ الْحَكَمَیْنِ فَلَمْ یَجِدُوا لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَخْرَجاً إِلَّا أَنْ قَالُوا كَانَ یَنْبَغِی لِأَمِیرِنَا أَنْ لَا یُتَابِعَ مَنْ أَخْطَأَ وَ أَنْ یَقْضِیَ بِحَقِیقَةِ رَأْیِهِ عَلَی قَتْلِ نَفْسِهِ وَ قَتْلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنَّا فَقَدْ كَفَرَ بِمُتَابَعَتِهِ إِیَّانَا وَ طَاعَتِهِ لَنَا فِی الْخَطَإِ وَ أُحِلَّ لَنَا بِذَلِكَ قَتْلُهُ وَ سَفْكُ دَمِهِ فَتَجَمَّعُوا عَلَی ذَلِكَ وَ خَرَجُوا رَاكِبِینَ رُءُوسَهُمْ یُنَادُونَ بِأَعْلَی أَصْوَاتِهِمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ ثُمَّ تَفَرَّقُوا فُرْقَةً بِالنُّخَیْلَةِ وَ أُخْرَی بِحَرُورَاءَ وَ أُخْرَی رَاكِبَةً رَأْسَهَا تَخْبِطُ الْأَرْضَ شَرْقاً حَتَّی عَبَرَتْ دِجْلَةَ فَلَمْ تَمُرَّ بِمُسْلِمٍ إِلَّا امْتَحَنَتْهُ فَمَنْ تَابَعَهَا اسْتَحْیَتْهُ وَ مَنْ خَالَفَهَا قَتَلَتْهُ فَخَرَجْتُ إِلَی الْأُولَیَیْنِ وَاحِدَةٍ بَعْدَ أُخْرَی أَدْعُوهُمْ إِلَی طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الرُّجُوعِ إِلَیْهِ فَأَبَیَا إِلَّا السَّیْفَ لَا یَقْنَعُهُمَا غَیْرُ ذَلِكَ فَلَمَّا أَعْیَتِ الْحِیلَةُ فِیهِمَا حَاكَمْتُهُمَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَتَلَ اللَّهُ هَذِهِ وَ هَذِهِ كَانُوا یَا أَخَا الْیَهُودِ لَوْ لَا مَا فَعَلُوا لَكَانُوا رُكْناً قَوِیّاً وَ سَدّاً مَنِیعاً فَأَبَی اللَّهُ إِلَّا مَا صَارُوا إِلَیْهِ ثُمَّ كَتَبْتُ إِلَی الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ وَ وَجَّهْتُ رُسُلِی تَتْرَی وَ كَانُوا مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِی وَ أَهْلِ التَّعَبُّدِ مِنْهُمْ وَ الزُّهْدِ فِی الدُّنْیَا فَأَبَتْ إِلَّا اتِّبَاعَ أُخْتَیْهَا وَ الِاحْتِذَاءَ عَلَی مِثَالِهِمَا وَ أُشْرِعَتْ فِی قَتْلِ مَنْ خَالَفَهَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ تَتَابَعَتْ إِلَیَّ الْأَخْبَارُ بِفِعْلِهِمْ فَخَرَجْتُ حَتَّی قَطَعْتُ إِلَیْهِمْ دِجْلَةَ أُوَجِّهُ السُّفَرَاءَ وَ النُّصَحَاءَ وَ أَطْلُبُ الْعُتْبَی بِجُهْدِی بِهَذَا مَرَّةً وَ بِهَذَا مَرَّةً وَ أَوْمَی بِیَدِهِ إِلَی الْأَشْتَرِ وَ الْأَحْنَفِ بْنِ قَیْسٍ وَ سَعِیدِ بْنِ قَیْسٍ الْأَرْحَبِیِّ وَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ الْكِنْدِیِّ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَقَتَلَهُمُ اللَّهُ یَا أَخَا الْیَهُودِ عَنْ آخِرِهِمْ وَ هُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ أَوْ یَزِیدُونَ حَتَّی لَمْ یُفْلِتْ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ (1)فَاسْتَخْرَجْتُ ذَا الثُّدَیَّةِ مِنْ قَتْلَاهُمْ بِحَضْرَةِ مَنْ تَرَی لَهُ

ص: 383


1- 1 كذا فی هذه الروایة و الظاهر أنّه من سهو الراوی إذ ورد عن أمیر المؤمنین علیه السلام بنحو الاستفاضة أنّه قال: «لا یفلت منهم عشرة و لا یقتل منكم عشرة» و ذكر.

ثَدْیٌ كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ الْتَفَتَ علیه السلام إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَ لَیْسَ كَذَلِكَ قَالُوا بَلَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ.

(1)بیان: قال الفیروزآبادی فی القاموس جل الشی ء و جلاله بضمها معظمه و قوم جلة بالكسر عظماء سادة ذوو أخطار.

«614»-(2)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ یَسِیرَ إِلَی النَّهْرَوَانِ اسْتَنْفَرَ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ یُعَسْكِرُوا بِالْمَدَائِنِ فَتَأَخَّرَ عَنْهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِیٍّ وَ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ وَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ وَ جَرِیرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (3)وَ قَالُوا ائْذَنْ لَنَا أَیَّاماً نَتَخَلَّفْ عَنْكَ فِی بَعْضِ حَوَائِجِنَا وَ نَلْحَقْ بِكَ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ فَعَلْتُمُوهُ سَوْأَةً لَكُمْ مِنْ مَشَایِخَ فَوَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ حَاجَةٍ تَتَخَلَّفُونَ عَلَیْهَا وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ مَا فِی قُلُوبِكُمْ وَ سَأُبَیِّنُ لَكُمْ تُرِیدُونَ أَنْ تُثَبِّطُوا عَنِّی النَّاسَ وَ كَأَنِّی بِكُمْ بِالْخَوَرْنَقِ وَ قَدْ بَسَطْتُمْ سُفْرَتَكُمْ لِلطَّعَامِ إِذْ یَمُرُّ بِكُمْ ضَبٌّ فَتَأْمُرُونَ صِبْیَانَكَ فَیَصِیدُونَهُ فَتَخْلَعُونِّی وَ تُبَایِعُونَهُ ثُمَّ مَضَی إِلَی الْمَدَائِنِ وَ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَی الْخَوَرْنَقِ وَ هَیَّئُوا طَعَاماً فَبَیْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ عَلَی سُفْرَتِهِمْ وَ قَدْ بَسَطُوهَا إِذْ مَرَّ بِهِمْ ضَبٌّ فَأَمَرُوا صِبْیَانَهُمْ فَأَخَذُوهُ وَ أَوْثَقُوهُ وَ مَسَحُوا أَیْدِیَهُمْ عَلَی یَدِهِ كَمَا أَخْبَرَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَقْبَلُوا عَلَی الْمَدَائِنِ فَقَالَ لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلًا لَیَبْعَثَنَّكُمُ اللَّهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ إِمَامِكُمُ الضَّبِّ الَّذِی بَایَعْتُمْ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْكُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَعَ إِمَامِكُمْ وَ هُوَ یَسُوقُكُمْ إِلَی النَّارِ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنَافِقُونَ فَإِنَّ مَعِی مُنَافِقِینَ أَمَا وَ اللَّهِ یَا شَبَثُ وَ یَا ابْنَ حُرَیْثٍ لَتُقَاتِلَانِ ابْنِیَ الْحُسَیْنَ هَكَذَا أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.

ص: 384


1- المؤرخون و المحدّثون أنّه أفلت منهم تسعة.
2- 614- رواه مع التوالی قطب الدین الراوندیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الخرائج.
3- 2 كذا فی هذه الروایة، و هذا أیضا سهو من راوی الحدیث إذ جریر بن عبد اللّٰه فارق الإمام علیه السلام قبل وقعة صفّین و لم یعد إلیه إلی أن استشهد الإمام علیه السلام.

«615»- یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا سَارَ إِلَی النَّهْرَوَانِ شَكَّ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ جُنْدَبٌ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام الْزَمْنِی وَ لَا تُفَارِقْنِی فَلَزِمَهُ فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ قَنْطَرَةِ النَّهْرَوَانِ نَظَرَ عَلِیٌّ علیه السلام قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَی قَنْبَرٍ یُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَنَزَلَ وَ قَالَ ائْتِنِی بِمَاءٍ فَقَعَدَ یَتَوَضَّأُ فَأَقْبَلَ فَارِسٌ وَ قَالَ قَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا عَبَرُوا وَ لَا یَعْبُرُونَهَا وَ لَا یُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلَّا دُونَ الْعَشَرَةِ وَ لَا یُقْتَلُ مِنْكُمْ إِلَّا دُونَ الْعَشَرَةِ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ فَتَعَجَّبَ النَّاسُ فَقَالَ جُنْدَبٌ إِنْ صَحَّ مَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلَا أَحْتَاجُ إِلَی دَلِیلٍ غَیْرِهِ فَبَیْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ فَارِسٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الْقَوْمُ عَلَی مَا ذَكَرْتَ لَمْ یَعْبُرُوا الْقَنْطَرَةَ فَصَلَّی بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَ أَمَرَهُمْ بِالْمَسِیرِ إِلَیْهِمْ فَقَالَ جُنْدَبٌ قُلْتُ لَا یَصِلُ إِلَی الْقَنْطَرَةِ قَبْلِی أَحَدٌ فَرَكَضْتُ فَرَسِی فَإِذَا هُمْ دُونَ الْقَنْطَرَةِ وُقُوفٌ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ رَمَی فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ إِلَّا تِسْعَةً وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِنَا تِسْعَةٌ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اطْلُبُوا ذَا الثُّدَیَّةِ فَطَلَبُوهُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَقَالَ اطْلُبُوا فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ الْبَغْلَةَ نَحْوَ قَتْلَی كَثِیرٍ فَقَالَ اقْلِبُوهَا فَاسْتَخْرِجُوا ذَا الثُّدَیَّةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی عَجَّلَكَ إِلَی النَّارِ وَ قَدْ كَانَ الْخَوَارِجُ خَرَجُوا عَلَیْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِجَانِبِ الْكُوفَةِ فِی حَرُورَاءَ وَ كَانُوا إِذْ ذَاكَ اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً قَالَ فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی إِزَارِهِ وَ رِدَائِهِ رَاكِباً الْبَغْلَةَ فَقِیلَ لَهُ الْقَوْمُ شَاكُونَ فِی السِّلَاحِ أَ تَخْرُجُ إِلَیْهِمْ كَذَلِكَ قَالَ إِنَّهُ لَیْسَ بِیَوْمِ قِتَالِهِمْ وَ صَارَ إِلَیْهِمْ بِحَرُورَاءَ وَ قَالَ لَهُمْ لَیْسَ الْیَوْمَ أَوَانُ قِتَالِكُمْ وَ سَتَفْتَرِقُونَ حَتَّی تَصِیرُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَتَخْرُجُونَ عَلَیَّ فِی مِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ فِی مِثْلِ هَذَا الشَّهْرِ فَأَخْرُجُ إِلَیْكُمْ بِأَصْحَابِی فَأُقَاتِلُكُمْ حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْكُمْ إِلَّا دُونَ عَشَرَةٍ وَ یُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِی یَوْمَئِذٍ دُونَ عَشَرَةٍ هَكَذَا أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یَبْرَحْ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّی تَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَ تَفَرَّقُوا إِلَی أَنْ صَارُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ بِالنَّهْرَوَانِ.

«616»- یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ زُهَیْرٍ الْأَزْدِیِّ قَالَ: لَمَّا فَارَقَتِ الْخَوَارِجُ

ص: 385

عَلِیّاً خَرَجَ علیه السلام إِلَیْهِمْ وَ خَرَجْنَا مَعَهُ فَانْتَهَیْنَا إِلَی عَسْكَرِهِمْ فَإِذَا لَهُمْ دَوِیٌّ كَدَوِیِّ النَّحْلِ فِی قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَ فِیهِمْ أَصْحَابُ الْبَرَانِسِ وَ ذَوُو الثَّفِنَاتِ فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ دَخَلَنِی شَكٌّ فَتَنَحَّیْتُ وَ نَزَلْتُ عَنْ فَرَسِی وَ رَكَزْتُ رُمْحِی وَ وَضَعْتُ تُرْسِی وَ نَثَرْتُ عَلَیْهِ دِرْعِی وَ قُمْتُ أُصَلِّی وَ أَنَا أَقُولُ فِی دُعَائِی اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ رِضًا لَكَ فَأَرِنِی مِنْ ذَلِكَ مَا أَعْرِفُ بِهِ أَنَّهُ الْحَقُّ وَ إِنْ كَانَ لَكَ سَخَطاً فَاصْرِفْ عَنِّی إِذْ أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فَنَزَلَ عَنْ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَامَ یُصَلِّی إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ قَطَعُوا النَّهْرَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ یَشْتَدُّ بِهِ دَابَّتَهُ فَقَالَ قَطَعُوهُ وَ ذَهَبُوا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا قَطَعُوهُ وَ لَا یَقْطَعُونَهُ وَ لَیُقْتَلُنَّ دُونَ النُّطْفَةِ عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لِی یَا جُنْدَبُ تَرَی التَّلَّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَدَّثَنِی أَنَّهُمْ یُقْتَلُونَ عِنْدَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّا نَبْعَثُ إِلَیْهِمْ رَسُولًا یَدْعُوهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ فَیَرْشُقُونَ وَجْهَهُ بِالنَّبْلِ وَ هُوَ مَقْتُولٌ قَالَ فَانْتَهَیْنَا إِلَی الْقَوْمِ فَإِذَا هُمْ فِی مُعَسْكَرِهِمْ لَمْ یَبْرَحُوا وَ لَمْ یَتَرَحَّلُوا فَنَادَی النَّاسَ وَ ضَمَّهُمْ ثُمَّ أَتَی الصَّفَّ وَ هُوَ یَقُولُ مَنْ یَأْخُذُ هَذَا الْمُصْحَفَ فَیَمْشِیَ بِهِ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَیَدْعُوَهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ وَ هُوَ مَقْتُولٌ وَ لَهُ الْجَنَّةُ فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ إِلَّا شَابٌّ مِنْ بَنِی عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَلَمَّا رَأَی حَدَاثَةَ سِنِّهِ قَالَ لَهُ ارْجِعْ إِلَی مَوْقِفِكَ ثُمَّ أَعَادَ فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ إِلَّا ذَلِكَ الشَّابُّ قَالَ خُذْهُ أَمَا إِنَّكَ مَقْتُولٌ فَمَشَی بِهِ حَتَّی إِذَا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ حَیْثُ یُسْمِعُهُمْ نَادَاهُمْ إِذْ رَمَوْا وَجْهَهُ بِالنَّبْلِ فَأَقْبَلَ عَلَیْنَا وَ وَجْهُهُ كَالْقُنْفُذِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام دُونَكُمُ الْقَوْمَ فَحَمَلْنَا عَلَیْهِمْ قَالَ جُنْدَبٌ ذَهَبَ الشَّكُّ عَنِّی وَ قَتَلْتُ بِكَفِّی ثَمَانِیَةً وَ لَمَّا قُتِلَ الْحَرُورِیَّةُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الْتَمِسُوا فِی قَتْلَاهُمْ رَجُلًا مَخْدُوجاً حدی [إِحْدَی] یَدَیْهِ مِثْلُ ثَدْیِ الْمَرْأَةِ فَطَلَبُوهُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَقَامَ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَلَّبَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ فَإِذَا حَبَشِیُّ إِحْدَی عَضُدَیْهِ مِثْلُ ثَدْیِ الْمَرْأَةِ عَلَیْهِ شَعَرَاتٌ كَسِبَالِ السِّنَّوْرِ

ص: 386

فَكَبَّرَ وَ كَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ وَ قَالَ هَذَا شَیْطَانٌ لَوْ لَا أَنْ تَتَّكِلُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّكُمْ لِمَنْ قَاتَلَ هَؤُلَاءِ.

«617»-(1)شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِلْخَوَارِجِ حِینَ رَجَعَ إِلَی الْكُوفَةِ وَ هُوَ بِظَاهِرِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ إِیَّاهَا بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مَقَامُ مَنْ فَلَجَ فِیهِ كَانَ أَوْلَی بِالْفَلْجِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ نُطِفَ فِیهِ أَوْ عَنِتَ فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ حِینَ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ فَقُلْتُمْ نُجِیبُهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّی أَعْلَمُ بِالْقَوْمِ مِنْكُمْ إِنَّهُمْ لَیْسُوا بِأَصْحَابِ دِینٍ وَ لَا قُرْآنٍ إِنِّی صَحِبْتُهُمْ وَ عَرَفْتُهُمْ أَطْفَالًا وَ رِجَالًا فَكَانُوا شَرَّ أَطْفَالٍ وَ شَرَّ رِجَالٍ امْضُوا عَلَی حَقِّكُمْ وَ صِدْقِكُمْ إِنَّمَا رَفَعُوا الْقَوْمُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ خَدِیعَةً وَ وَهْناً وَ مَكِیدَةً فَرَدَدْتُمْ عَلَیَّ رَأْیِی وَ قُلْتُمْ لَا بَلْ نَقْبَلُ مِنْهُمْ فَقُلْتُ لَكُمُ اذْكُرُوا قَوْلِی لَكُمْ وَ مَعْصِیَتَكُمْ إِیَّایَ فَلَمَّا أَبَیْتُمْ إِلَّا الْكِتَابَ اشْتَرَطْتُ عَلَی الْحَكَمَیْنِ أَنْ یُحْیِیَا مَا أَحْیَاهُ الْقُرْآنُ وَ أَنْ یُمِیتَا مَا أَمَاتَهُ الْقُرْآنُ فَإِنْ حَكَمَا بِحُكْمِ الْقُرْآنِ فَلَیْسَ لَنَا أَنْ نُخَالِفَ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِمَا فِی الْكِتَابِ وَ إِنْ أَبَیَا فَنَحْنُ مِنْ حُكْمِهِمَا بِرَاءٌ قَالَ بَعْضُ الْخَوَارِجِ فَخَبِّرْنَا أَ تَرَاهُ عَدْلًا یُحَكَّمُ الرِّجَالُ فِی الدِّمَاءِ فَقَالَ علیه السلام إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ إِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ وَ هَذَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْطُورٌ بَیْنَ دَفَّتَیْنِ لَا یَنْطِقُ وَ إِنَّمَا یَتَكَلَّمُ بِهِ الرِّجَالُ قَالُوا لَهُ فَخَبِّرْنَا عَنِ الْأَجَلِ الَّذِی جَعَلْتَهُ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ قَالَ لِیَتَعَلَّمَ الْجَاهِلُ وَ یَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ وَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ فِی هَذِهِ الْهُدْنَةِ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ ادْخُلُوا مِصْرَكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَ رَحَلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.

بیان: قوله علیه السلام كان أولی بالفلج أی من ظفر فی هذا

ص: 387


1- 617- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل 38 مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب الإرشاد، ص 144.

الحرب و فی هذه القضیة لإخبار النبی صلی اللّٰه علیه و آله بكون القاتلین أولی بالحق من المقتولین و غیر ذلك مما مر أو المعنی أن حجة أهل الحق تكون أغلب دائما و قال الجوهری نطف الرجل بالكسر إذا اتهم بریبة و نطف الشی ء أیضا فسد و النطف التلطخ بالعیب و قال العنت الإثم و قد عنت الرجل أی أثم و العنت أیضا الوقوع فی أمر شاق و قد عنت و أعنته غیره.

«618»-(1)قب، المناقب لابن شهرآشوب لَمَّا دَخَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْكُوفَةَ جَاءَ إِلَیْهِ زُرْعَةُ بْنُ الْبُرْجِ الطَّائِیُّ وَ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَیْرٍ التَّمِیمِیُّ ذُو الثُّدَیَّةِ فَقَالَ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ فَقَالَ علیه السلام كَلِمَةُ حَقٍّ یُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ قَالَ حُرْقُوصٌ فَتُبْ مِنْ خَطِیئَتِكَ وَ ارْجِعْ عَنْ قِصَّتِكَ وَ اخْرُجْ بِنَا إِلَی عَدُوِّنَا نُقَاتِلْهُمْ حَتَّی نَلْقَی رَبَّنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَدْ أَرَدْتُكُمْ عَلَی ذَلِكَ فَعَصَیْتُمُونِی وَ قَدْ كَتَبْنَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ كِتَاباً وَ شُرُوطاً وَ أَعْطَیْنَا عَلَیْهَا عُهُوداً وَ مَوَاثِیقاً وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ الْآیَةَ فَقَالَ حُرْقُوصٌ ذَلِكَ ذَنْبٌ یَنْبَغِی أَنْ نَتُوبَ عَنْهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا هُوَ بِذَنْبٍ وَ لَكِنَّهُ عَجْزٌ مِنَ الرَّأْیِ وَ ضَعْفٌ فِی الْعَقْلِ وَ قَدْ تَقَدَّمْتُ فَنَهَیْتُكُمْ عَنْهُ فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ الْآنَ صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّكَ لَسْتَ بِإِمَامٍ وَ لَوْ كُنْتَ إِمَاماً لَمَا رَجَعْتَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَیْلَكُمْ قَدْ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَامَ الْحُدَیْبِیَةِ عَنْ قِتَالِ أَهْلِ مَكَّةَ فَفَارَقُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ وَ كَانُوا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ الْبَصْرَةِ وَ غَیْرِهِمَا وَ نَادَی مُنَادِیهِمْ أَنَّ أَمِیرَ الْقِتَالِ شَبَثُ بْنُ رِبْعِیٍّ وَ أَمِیرَ الصَّلَاةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّاءِ وَ الْأَمْرُ شُورَی بَعْدَ الْفَتْحِ وَ الْبَیْعَةُ لِلَّهِ عَلَی الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اسْتَعْرَضُوا النَّاسَ وَ قَتَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ وَ كَانَ عَامِلَهُ عَلَی

ص: 388


1- 618- رواه ابن شهرآشوب رحمه اللّٰه فی آخر عنوان: «فی الحكمین و الخوارج» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 369 ط النجف.

النَّهْرَوَانِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا ابْنَ عَبَّاسٍ امْضِ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَانْظُرْ مَا هُمْ عَلَیْهِ وَ لِمَا ذَا اجْتَمَعُوا فَلَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِمْ قَالُوا وَیْلَكَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ كَمَا كَفَرَ صَاحِبُكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ خَرَجَ خَطِیبُهُمْ عَتَّابُ بْنُ الْأَعْوَرِ الثَّعْلَبِیُّ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْ بَنَی الْإِسْلَامَ فَقَالَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَقَالَ النَّبِیُّ أَحْكَمَ أُمُورَهُ وَ بَیَّنَ حُدُودَهُ أَمْ لَا قَالَ بَلَی قَالَ فَالنَّبِیُّ بَقِیَ فِی دَارِ الْإِسْلَامِ أَمِ ارْتَحَلَ قَالَ بَلِ ارْتَحَلَ قَالَ فَأُمُورُ الشَّرْعِ ارْتَحَلَتْ مَعَهُ أَمْ بَقِیَتْ بَعْدَهُ قَالَ بَلْ بَقِیَتْ قَالَ وَ هَلْ قَامَ أَحَدٌ بَعْدَهُ بِعِمَارَةِ مَا بَنَاهُ قَالَ نَعَمْ الذُّرِّیَّةُ وَ الصَّحَابَةُ قَالَ أَ فَعَمَرُوهَا أَوْ خَرَبُوهَا قَالَ بَلْ عَمَرُوهَا قَالَ فَالْآنَ هِیَ مَعْمُورَةٌ أَمْ خَرَابٌ قَالَ بَلْ خَرَابٌ قَالَ خَرَبَهَا ذُرِّیَّتُهُ أَمْ أُمَّتُهُ قَالَ بَلْ أُمَّتُهُ قَالَ وَ أَنْتَ مِنَ الذُّرِّیَّةِ أَوْ مِنَ الْأُمَّةِ قَالَ مِنَ الْأُمَّةِ قَالَ أَنْتَ مِنَ الْأُمَّةِ وَ خَرَبْتَ دَارَ الْإِسْلَامِ فَكَیْفَ تَرْجُو الْجَنَّةَ وَ جَرَی بَیْنَهُمْ كَلَامٌ كَثِیرٌ فَحَضَرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی مِائَةِ رَجُلٍ فَلَمَّا قَابَلَهُمْ خَرَجَ إِلَیْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ فِی مِائَةِ رَجُلٍ فَقَالَ علیه السلام أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ حَیْثُ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ فَقُلْتُمْ نُجِیبُهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَكُمْ إِنِّی أَعْلَمُ بِالْقَوْمِ مِنْكُمْ وَ ذَكَرَ مَقَالَهُ إِلَی أَنْ قَالَ فَلَمَّا أَبَیْتُمْ إِلَّا الْكِتَابَ اشْتَرَطْتُ عَلَی الْحَكَمَیْنِ أَنْ یُحْیِیَا مَا أَحْیَا الْقُرْآنُ وَ أَنْ یُمِیتَا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ فَإِنْ حَكَمَا بِحُكْمِ الْقُرْآنِ فَلَیْسَ لَنَا أَنْ نُخَالِفَ حُكْمَهُ وَ إِنْ أَبَیَا فَنَحْنُ مِنْهُ بِرَاءٌ فَقَالُوا لَهُ أَخْبِرْنَا أَ تَرَاهُ عَدْلًا تَحْكِیمَ الرِّجَالِ فِی الدِّمَاءِ فَقَالَ إِنَّا لَسْنَا الرِّجَالَ حَكَّمْنَا وَ إِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ وَ الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْطُورٌ بَیْنَ دَفَّتَیْنِ لَا یَنْطِقُ إِنَّمَا یَتَكَلَّمُ بِهِ الرِّجَالُ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنِ الْأَجَلِ لِمَ جَعَلْتَهُ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ قَالَ لِیَعْلَمَ الْجَاهِلُ وَ یَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ وَ لَعَلَّ اللَّهَ یُصْلِحُ فِی هَذِهِ الْمُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةَ

ص: 389

وَ جَرَتْ بَیْنَهُمْ مُخَاطَبَاتٌ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ یَرْجِعُ فَأَعْطَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَایَةَ أَمَانٍ مَعَ أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ فَنَادَاهُمْ أَبُو أَیُّوبَ مَنْ جَاءَ إِلَی هَذِهِ الرَّایَةِ أَوْ خَرَجَ مِنْ بَیْنِ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ آمِنٌ فَرَجَعَ مِنْهُمْ ثَمَانِیَةُ آلَافِ رَجُلٍ فَأَمَرَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ یَتَمَیَّزُوا مِنْهُمْ وَ أَقَامَ الْبَاقُونَ عَلَی الْخِلَافِ وَ قَصَدُوا إِلَی نَهْرَوَانَ فَخَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ اسْتَنْفَرَهُمْ فَلَمْ یُجِیبُوهُ فَتَمَثَّلَ:

أَمَرْتُكُمْ أَمْرِی بِمُنْعَرَجِ اللِّوَی***فَلَمْ تَسْتَبِینُوا النُّصْحَ إِلَّا ضُحَی الْغَدِ

ثُمَّ اسْتَنْفَرَهُمْ فَنَفَرَ أَلْفَا رَجُلٍ یُقَدِّمُ عَدِیَّ بْنَ حَاتِمٍ وَ هُوَ یَقُولُ:

إِلَی شَرِّ خَلْقٍ مِنْ شُرَاةٍ تَحَزَّبُوا***وَ عَادَوْا إِلَهَ النَّاسِ رَبَّ الْمَشَارِقِ

فَوَجَّهَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام نَحْوَهُمْ وَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ عَلَی یَدَیْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی عَقِبٍ وَ السَّعِیدُ مَنْ سَعِدَتْ بِهِ رَغْبَتُهُ وَ الشَّقِیُّ مَنْ شَقِیَتْ بِهِ رَغْبَتُهُ (1)وَ خَیْرُ النَّاسِ خَیْرُهُمْ لِنَفْسِهِ وَ شَرُّ النَّاسِ شَرُّهُمْ لِنَفْسِهِ وَ لَیْسَ بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ قَرَابَةٌ وَ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِینَةٌ فَلَمَّا أَتَاهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَاسْتَعْطَفَهُمْ أَبَوْا إِلَّا قِتَالَهُ وَ تَنَادَوْا أَنْ دَعُوا مُخَاطَبَةَ عَلِیٍّ وَ أَصْحَابِهِ وَ بَارِزُوا الْجَنَّةَ (2)وَ صَاحُوا الرَّوْحُ الرَّوَاحُ إِلَی الْجَنَّةِ وَ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُعَبِّئُ أَصْحَابَهُ وَ نَهَاهُمْ أَنْ یَتَقَدَّمَ إِلَیْهِمْ أَحَدٌ وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْخَوَارِجِ لِلْبِرَازِ أَخْنَسَ بْنَ الْعَزِیزِ الطَّائِیَّ (3)وَ جَعَلَ یَقُولُ:

ص: 390


1- 1 كذا فی ط الكمبانیّ من كتاب البحار، و فی كتاب مناقب آل أبی طالب فی كلا الموردین: «رعیته ...».
2- 2 كذا فی أصلی، و فی مناقب آل أبی طالب: «و بادروا الجنة».
3- 3 كذا فی أصلی، و فی مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 371: اخنس بن العیزار.

ثَمَانُونَ مِنْ حَیِّی جَدِیلَةَ قُتِّلُوا***عَلَی النَّهْرِ كَانُوا یَخْضِبُونَ الْعَوَالِیَا

یُنَادُونَ لَا حُكْمَ إِلَّا لِرَبِّنَا***حَنَانَیْكَ فَاغْفِرْ حَوْبَنَا وَ الْمَسَاوِیَا

هُمْ فَارَقُوا مَنْ جَارَ فِی اللَّهِ حُكْمُهُ*** فَكُلٌّ عَلَی الرَّحْمَنِ أَصْبَحَ ثَاوِیاً

فَقَتَلَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِیُّ یَقُولُ:

أَنَا ابْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِیِّ الشَّارِی***أَضْرِبُ فِی الْقَوْمِ لِأَخْذِ الثَّارِی

حَتَّی تَزُولَ دَوْلَةُ الْأَشْرَارِ***وَ یَرْجِعَ الْحَقُّ إِلَی الْأَخْیَارِ

وَ خَرَجَ مَالِكُ بْنُ الْوَضَّاحِ وَ قَالَ:

إِنِّی لَبَائِعٌ مَا یَفْنَی بِبَاقِیَةٍ***وَ لَا أُرِیدُ لَدَی الْهَیْجَاءِ تَرْیِیضاً

وَ خَرَجَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْوَضَّاحُ بْنُ الْوَضَّاحِ مِنْ جَانِبٍ وَ ابْنُ عَمِّهِ حُرْقُوصٌ مِنْ جَانِبٍ فَقَتَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ الْوَضَّاحَ وَ ضَرَبَ ضَرْبَةً عَلَی رَأْسِ الْحُرْقُوصِ فَقَطَعَهُ وَ وَقَعَ رَأْسُ سَیْفِهِ عَلَی الْفَرَسِ فَشَرَدَ وَ رِجْلُهُ فِی الرِّكَابِ حَتَّی أَوْقَعَهُ فِی دُولَابٍ خَرَابٍ فَصَارَتِ الْحَرُورِیَّةُ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عاصِفٍ فَكَانَ الْمَقْتُولُونَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام رُؤْبَةُ بْنُ وَبَرٍ الْبَجَلِیُّ وَ رِفَاعَةُ بْنُ وَائِلٍ الْأَرْحَبِیُّ وَ الْفَیَّاضُ بْنُ خَلِیلٍ الْأَزْدِیُّ وَ كَیْسُومُ بْنُ سَلَمَةَ الْجُمَحِیُّ وَ حَبِیبُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَزْدِیُّ إِلَی تَمَامٍ تِسْعَةٍ وَ انْفَلَتَ مِنَ الْخَوَارِجِ تِسْعَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَ كَانَ ذَلِكَ لِتِسْعٍ خَلَوْنَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ ثَلَاثِینَ.أَبُو نُعَیْمٍ الْأَصْفَهَانِیُّ عَنْ سُفْیَانَ الثَّوْرِیِّ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَرَ أَنْ یُفَتَّشَ عَنِ الْمُخْدَجِ بَیْنَ الْقَتْلَی فَلَمْ یَجِدُوهُ فَقَالَ رَجُلٌ وَ اللَّهِ مَا هُوَ فِیهِمْ فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ.

تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ وَ إِبَانَةُ ابْنِ بَطَّةَ وَ سُنَنُ أَبِی دَاوُدَ وَ مُسْنَدُ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ

ص: 391

اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ وَ أَبِی مُوسَی الْوَائِلِیِّ وَ جُنْدَبٍ وَ أَبِی الْوَضِی ءِ وَ اللَّفْظُ لَهُ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اطْلُبُوا الْمُخْدَجَ فَقَالُوا لَمْ نَجِدْهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ یَا عَجْلَانُ ائْتِنِی بِبَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتَاهُ بِالْبَغْلَةِ فَرَكِبَهَا وَ جَالَ فِی الْقَتْلَی ثُمَّ قَالَ اطْلُبُوهُ هَاهُنَا فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتِ الْقَتْلَی فِی نَهَرٍ وَ طِینٍ وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی نُعَیْمٍ عَنْ سُفْیَانَ فَقِیلَ قَدْ أَصَبْنَاهُ فَسَجَدَ لِلَّهِ تَعَالَی فَنَصَبَهَا-.

تَارِیخُ الْقُمِّیِّ أَنَّهُ رَجُلٌ أَسْوَدُ عَلَیْهِ شَعَرَاتٌ عَلَیْهِ قُرَیْطِقٌ مُخْدَجُ الْیَدِ إِحْدَی ثَدْیَیْهِ كَثَدْیِ الْمَرْأَةِ عَلَیْهِ شُعَیْرَاتٌ مِثْلُ مَا یَكُونُ عَلَی ذَنَبِ الْیَرْبُوعِ.

و فی مسند موصلی حبشی مثل البعیر فی منكبه مثل ثدی المرأة فقال صدق اللّٰه و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله.

وَ فِی رِوَایَةِ أَبِی دَاوُدَ وَ ابْنِ بَطَّةَ أَنَّهُ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَنْ یَعْرِفُ هَذَا فَلَمْ یَعْرِفْهُ أَحَدٌ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا رَأَیْتُ هَذَا بِالْحِیرَةِ فَقُلْتُ إِلَی أَیْنَ تُرِیدُ فَقَالَ إِلَی هَذِهِ وَ أَشَارَ إِلَی الْكُوفَةِ وَ مَا لِی بِهَا مَعْرِفَةٌ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام صَدَقَ هُوَ مِنَ الْجَانِّ و فی روایة أخری: هو من الجن.

وَ فِی رِوَایَةِ أَحْمَدَ قَالَ أَبُو الْوَضِی ءِ لَا یَأْتِیَنَّكُمْ أَحَدٌ یُخْبِرُكُمْ مَنْ أَبُوهُ قَالَ فَجَعَلَ النَّاسُ یَقُولُونَ هَذَا مَلَكٌ هَذَا مَلَكٌ هَذَا مَلَكٌ وَ یَقُولُ عَلِیٌّ ابْنُ مَنْ.

وَ فِی مُسْنَدِ الْمَوْصِلِیِّ فِی حَدِیثٍ مَنْ قَالَ مِنَ النَّاسِ إِنَّهُ رَآهُ قَبْلَ مَصْرَعِهِ فَإِنَّهُ كَاذِبٌ.

وَ فِی مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی الْوَضِی ءِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَا إِنَّ خَلِیلِی أَخْبَرَنِی بِثَلَاثَةِ إِخْوَةٍ مِنَ الْجِنِّ هَذَا أَكْبَرُهُمْ وَ الثَّانِی لَهُ جَمْعٌ كَثِیرٌ وَ الثَّالِثُ فِیهِ ضَعْفٌ.

إبانة ابن بَطَّةَ: أنه ذكر المقتول بالنهروان فقال سعد بن أبی وقاص هو

ص: 392

شیطان الردهة زاد أبو یعلی فی المسند شیطان ردهة رجل من بجیلة یقال له الأشهب أو ابن الأشهب علامة فی قوم ظلمة.

مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّعِینِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صِفِّینَ خَاضَ النَّاسُ فِی أَمْرِ الْحَكَمَیْنِ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ مَا یَمْنَعُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ أَنْ یَأْمُرَ بَعْضَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَیَتَكَلَّمَ فَقَالَ لِلْحَسَنِ قُمْ یَا حَسَنُ فَقُلْ فِی هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَامَ الْحَسَنُ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ فِی أَمْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَإِنَّمَا بُعِثَا لِیَحْكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَحَكَمَا بِالْهَوَی عَلَی الْكِتَابِ وَ مَنْ كَانَ هَكَذَا لَمْ یُسَمَّ حَكَماً وَ لَكِنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَیْهِ وَ قَدْ أَخْطَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَیْسٍ فِی أَنْ أَوْصَی بِهَا إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْطَأَ فِی ذَلِكَ فِی ثَلَاثِ خِصَالٍ فِی أَنَّ أَبَاهُ لَمْ یَرْضَهُ لَهَا وَ فِی أَنَّهُ لَمْ یَسْتَأْمِرْهُ وَ فِی أَنَّهُ لَمْ یَجْتَمِعْ عَلَیْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ الَّذِینَ نَفَذُوهَا لِمَنْ بَعْدَهُ وَ إِنَّمَا الْحُكُومَةُ فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ وَ قَدْ حَكَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَعْداً فِی بَنِی قُرَیْظَةَ فَحَكَمَ فِیهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ لَا شَكَّ فِیهِ فَنَفَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حُكْمَهُ وَ لَوْ خَالَفَ ذَلِكَ لَمْ یُجْرِهِ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ قُمْ فَتَكَلَّمْ فَقَامَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِلْحَقِّ أَهْلًا أَصَابُوهُ بِالتَّوْفِیقِ وَ النَّاسُ بَیْنَ رَاضٍ بِهِ وَ رَاغِبٍ عَنْهُ وَ إِنَّمَا بُعِثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَیْسٍ بِهُدًی إِلَی ضَلَالَةٍ وَ بُعِثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِضَلَالَةٍ إِلَی الْهُدَی فَلَمَّا الْتَقَیَا رَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ هُدَاهُ وَ ثَبَتَ عَمْرٌو عَلَی ضَلَالَتِهِ وَ اللَّهِ لَئِنْ حَكَمَا بِالْكِتَابِ لَقَدْ حَكَمَا عَلَیْهِ وَ إِنْ حَكَمَا بِمَا اجْتَمَعَا عَلَیْهِ مَعاً مَا اجْتَمَعَا عَلَی شَیْ ءٍ وَ إِنْ كَانَا حَكَمَا بِمَا سَارَا إِلَیْهِ لَقَدْ سَارَ عَبْدُ اللَّهِ وَ إِمَامُهُ عَلِیٌّ وَ سَارَ عَمْرٌو وَ إِمَامُهُ مُعَاوِیَةُ فَمَا بَعْدَ هَذَا مِنْ غَیْبٍ یُنْتَظَرُ وَ لَكِنَّهُمْ سَئِمُوا الْحَرْبَ وَ أَحَبُّوا الْبَقَاءَ وَ دَفَعُوا الْبَلَاءَ وَ رَجَا كُلُّ قَوْمٍ صَاحِبَهُمْ ثُمَّ جَلَسَ

ص: 393

ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قُمْ فَتَكَلَّمْ فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ كَانَ النَّظَرُ فِیهِ إِلَی عَلِیٍّ وَ الرِّضَا فِیهِ لِغَیْرِهِ فَجِئْتُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ فَقُلْتُمْ لَا نَرْضَی إِلَّا بِهَذَا فَارْضَ بِهِ فَإِنَّهُ رِضَانَا وَ ایْمُ اللَّهِ مَا اسْتَفَدْنَاهُ عِلْماً وَ لَا انْتَظَرْنَا مِنْهُ غَائِباً وَ لَا أَمَّلْنَا ضَعْفَهُ وَ لَا رَجَوْنَا بِهِ صَاحِبَهُ وَ لَا أَفْسَدَ بِمَا عَمِلَا الْعِرَاقَ وَ لَا أَصْلَحَا الشَّامَ وَ لَا أَمَاتَا حَقَّ عَلِیٍّ وَ لَا أَحْیَیَا بَاطِلَ مُعَاوِیَةَ وَ لَا یُذْهِبُ الْحَقَّ رُقْیَةُ رَاقٍ وَ لَا نَفْحَةُ شَیْطَانٍ وَ أَنَا الْیَوْمَ لَعَلَی مَا كُنَّا عَلَیْهِ أَمْسِ وَ جَلَسَ.

نَوْفٌ الْبِكَالِیُّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّهُ نَادَی بَعْدَ الْخُطْبَةِ بِأَعْلَی صَوْتِهِ الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللَّهِ أَلَا وَ إِنِّی مُعَسْكِرٌ فِی یَومِی هَذَا فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَی اللَّهِ فَلْیَخْرُجْ قَالَ نَوْفٌ وَ عَقَدَ لِلْحُسَیْنِ علیه السلام فِی عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لِقَیْسِ بْنِ سَعْدٍ فِی عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لِأَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ فِی عَشَرَةِ آلَافٍ وَ لِغَیْرِهِمْ عَلَی أَعْدَادٍ أُخَرَ وَ هُوَ یُرِیدُ الرَّجْعَةَ إِلَی صِفِّینَ فَمَا دَارَتِ الْجُمُعَةُ حَتَّی ضَرَبَهُ الْمَلْعُونُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَتَرَاجَعَتِ الْعَسَاكِرُ.

بیان:

قال فی النهایة فی حدیث منصور و جاء الغلام و علیه قرطق أبیض أی قباء و هو تعریب كرته و قد تضم طاؤه و إبدال القاف من الهاء فی الأسماء المعربة كثیر و منه حدیث الخوارج كأنی أنظر إلیه حبشی علیه قریطق هو تصغیر قرطق.

«619»-(1)كشف، كشف الغمة قَالَ ابْنُ طَلْحَةَ لَمَّا عَادَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ صِفِّینَ إِلَی الْكُوفَةِ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحَكَمَیْنِ أَقَامَ یَنْتَظِرُ انْقِضَاءَ الْمُدَّةِ الَّتِی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ لِیَرْجِعَ إِلَی مُقَاتَلَتِهِ وَ الْمُحَارَبَةِ إِذِ انْخَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْ خَاصَّةِ أَصْحَابِهِ فِی أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَ هُمُ الْعُبَّادُ وَ النُّسَّاكُ فَخَرَجُوا مِنَ الْكُوفَةِ وَ خَالَفُوا عَلِیّاً ع

ص: 394


1- 619- رواه الاربلی رحمه اللّٰه فی آخر عنوان: «فأما حروبه فی زمن خلافته ...» من كتاب كشف الغمّة: ج 1، ص 264 ط بیروت.

وَ قَالُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَی اللَّهَ وَ انْحَازَ إِلَیْهِمْ نَیِّفٌ عَنْ ثَمَانِیَةِ آلَافٍ مِمَّنْ یَرَی رَأْیَهُمْ فَصَارُوا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً وَ سَارُوا إِلَی أَنْ نَزَلُوا بِحَرُورَاءَ وَ أَمَّرُوا عَلَیْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْكَوَّاءِ فَدَعَا عَلِیٌّ علیه السلام عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَرْسَلَهُ إِلَیْهِمْ فَحَادَثَهُمْ فَلَمْ یَرْتَدِعُوا وَ قَالُوا لِیَخْرُجْ إِلَیْنَا عَلِیٌّ بِنَفْسِهِ لِنَسْمَعَ كَلَامَهُ عَسَی أَنْ یَزُولَ مَا بِأَنْفُسِنَا إِذَا سَمِعْنَاهُ فَرَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَهُ فَرَكِبَ فِی جَمَاعَةٍ وَ مَضَی إِلَیْهِمْ فَرَكِبَ ابْنُ الْكَوَّاءِ فِی جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ فَوَاقَفَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ إِنَّ الْكَلَامَ كَثِیرٌ فَأَبْرِزْ إِلَیَّ مِنْ أَصْحَابِكَ لِأُكَلِّمَكَ فَقَالَ وَ أَنَا آمَنُ مِنْ سَیْفِكَ فَقَالَ نَعَمْ فَخَرَجَ إِلَیْهِ فِی عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَنِ الْحَرْبِ مَعَ مُعَاوِیَةَ وَ ذَكَرَ لَهُ رَفْعَ الْمَصَاحِفِ عَلَی الرِّمَاحِ وَ أَمْرَ الْحَكَمَیْنِ وَ قَالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ یَخْدَعُونَكُمْ بِهَا فَإِنَّ الْحَرْبَ قَدْ عَضَّتْهُمْ فَذَرُونِی أُنَاجِزْهُمْ فَأَبَیْتُمْ أَ لَمْ أُرِدْ أَنْ أَنْصِبَ ابْنَ عَمِّی حَكَماً وَ قُلْتُ إِنَّهُ لَا یَنْخَدِعُ فَأَبَیْتُمْ إِلَّا أَبَا مُوسَی وَ قُلْتُمْ رَضِینَا بِهِ حَكَماً فَأَجَبْتُكُمْ كَارِهاً وَ لَوْ وَجَدْتُ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ أَعْوَاناً غَیْرَكُمْ لَمَا أَجَبْتُكُمْ وَ شَرَطْتُ عَلَی الْحَكَمَیْنِ بِحُضُورِكُمْ أَنْ یَحْكُمَا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَی خَاتِمَتِهِ وَ السُّنَّةِ الْجَامِعَةِ وَ إِنَّهُمَا إِنْ لَمْ یَفْعَلَا فَلَا طَاعَةَ لَهُمَا عَلَیَّ كَانَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ یَكُنْ قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ صَدَقْتَ قَدْ كَانَ هَذَا كُلُّهُ فَلِمَ لَا تَرْجِعُ الْآنَ إِلَی حَرْبِ الْقَوْمِ فَقَالَ حَتَّی تَنْقَضِیَ الْمُدَّةُ الَّتِی بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ قَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ أَنْتَ مُجْمِعٌ عَلَی ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ لَا یَسَعُنِی غَیْرُهُ فَعَادَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ الْعَشَرَةُ الَّذِینَ مَعَهُ إِلَی أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام رَاجِعِینَ عَنْ دِینِ الْخَوَارِجِ وَ تَفَرَّقَ الْبَاقُونَ وَ هُمْ یَقُولُونَ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ أَمَّرُوا عَلَیْهِمْ عَبْدَ

ص: 395

اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ الرَّاسِبِیَّ وَ حُرْقُوصَ بْنَ زُهَیْرٍ الْبَجَلِیَّ الْمَعْرُوفَ بِذِی الثُّدَیَّةِ وَ عَسْكَرُوا بِالنَّهْرَوَانِ وَ خَرَجَ إِلَیْهِمْ عَلِیٌّ علیه السلام فَسَارَ حَتَّی بَقِیَ عَلَی فَرْسَخَیْنِ مِنْهُمْ وَ كَاتَبَهُمْ وَ رَاسَلَهُمْ فَلَمْ یَرْتَدِعُوا فَأَرْكَبَ إِلَیْهِمُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ قَالَ سَلْهُمْ مَا الَّذِی نَقَمُوهُ وَ أَنَا رِدْفُكَ فَلَا تَخَفْ مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ مَا الَّذِی نَقَمْتُمْ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالُوا نَقَمْنَا أَشْیَاءَ لَوْ كَانَ حَاضِراً لَكَفَّرْنَاهُ بِهَا وَ عَلِیٌّ علیه السلام وَرَاءَهُ یَسْمَعُ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَهُمْ وَ أَنْتَ أَحَقُّ بِالْجَوَابِ فَتَقَدَّمَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَتَكَلَّمُوا بِمَا نَقَمْتُمْ عَلَیَّ فَقَالُوا نَقَمْنَا عَلَیْكَ أَوَّلًا أَنَّا قَاتَلْنَا بَیْنَ یَدَیْكَ بِالْبَصْرَةِ فَلَمَّا أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِهِمْ أَبَحْتَنَا مَا فِی عَسْكَرِهِمْ وَ مَنَعْتَنَا النِّسَاءَ وَ الذُّرِّیَّةَ فَكَیْفَ حَلَّ لَنَا مَا فِی الْعَسْكَرِ وَ لَمْ تَحِلَّ لَنَا النِّسَاءُ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام یَا هَؤُلَاءِ إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ قَاتَلُونَا وَ بَدَءُونَا بِالْقِتَالِ فَلَمَّا ظَفِرْتُمْ اقْتَسَمْتُمْ سَلَبَ مَنْ قَاتَلَكُمْ وَ مَنَعْتُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَ الذُّرِّیَّةِ فَإِنَّ النِّسَاءَ لَمْ یُقَاتِلْنَ وَ الذُّرِّیَّةَ وُلِدُوا عَلَی الْفِطْرَةِ وَ لَمْ یَنْكُثُوا وَ لَا ذَنْبَ لَهُمْ وَ لَقَدْ رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنَّ عَلَی الْمُشْرِكِینَ فَلَا تَعْجَبُوا إِنْ مَنَنْتُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ فَلَمْ أَسْلُبْ نِسَاءَهُمْ وَ لَا ذُرِّیَّتَهُمْ وَ قَالُوا نَقَمْنَا عَلَیْكَ یَوْمَ صِفِّینَ كَوْنَكَ مَحَوْتَ اسْمَكَ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَمِیرَنَا فَلَا نُطِیعُكَ وَ لَسْتَ أَمِیراً لَنَا فَقَالَ یَا هَؤُلَاءِ إِنَّمَا اقْتَدَیْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ صَالَحَ سُهَیْلَ بْنَ عَمْرٍو (1)قَالُوا فَإِنَّا نَقَمْنَا عَلَیْكَ أَنَّكَ قُلْتَ لِلْحَكَمَیْنِ انْظُرَا كِتَابَ اللَّهِ فَإِنْ كُنْتُ

ص: 396


1- 1 و بعد هذا كان فی أصلی: «و قد تقدمت [قصته] ». و بما أن هذه الجملة من كلام صاحب كشف الغمّة- و لیست جزءا للقصة و الروایة- حذفناها.

أَفْضَلَ مِنْ مُعَاوِیَةَ فَأَثْبِتَانِی فِی الْخِلَافَةِ فَإِذَا كُنْتَ شَاكّاً فِی نَفْسِكَ فَنَحْنُ فِیكَ أَشَدُّ وَ أَعْظَمُ شَكّاً فَقَالَ علیه السلام إِنَّمَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ النَّصَفَةَ فَإِنِّی لَوْ قُلْتُ احْكُمَا لِی وَ ذَرَا مُعَاوِیَةَ لَمْ یُرْضَ وَ لَمْ یُقْبَلْ وَ لَوْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لِنَصَارَی نَجْرَانَ لَمَّا قَدِمُوا عَلَیْهِ تَعَالَوْا حَتَّی نَبْتَهِلَ وَ أَجْعَلَ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ لَمْ یَرْضَوْا وَ لَكِنْ أَنْصَفَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَی الْكاذِبِینَ فَأَنْصَفَهُمْ عَنْ نَفْسِهِ فَكَذَلِكَ فَعَلْتُ أَنَا وَ لَمْ أَعْلَمْ بِمَا أَرَادَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ خُدْعَةِ أَبِی مُوسَی قَالُوا فَإِنَّا نَقَمْنَا عَلَیْكَ أَنَّكَ حَكَّمْتَ حَكَماً فِی حَقٍّ هُوَ لَكَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَكَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِی بَنِی قُرَیْظَةَ وَ لَوْ شَاءَ لَمْ یَفْعَلْ وَ أَنَا اقْتَدَیْتُ بِهِ فَهَلْ بَقِیَ عِنْدَكُمْ شَیْ ءٌ فَسَكَتُوا وَ صَاحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اسْتَأْمَنَ إِلَیْهِ ثَمَانِیَةُ آلَافٍ وَ بَقِیَ عَلَی حَرْبِهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَأَمَرَ علیه السلام الْمُسْتَأْمِنِینَ بِالاعْتِزَالِ عَنْهُمْ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ تَقَدَّمَ بِأَصْحَابِهِ حَتَّی دَنَا مِنْهُمْ وَ تَقَدَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَ ذُو الثُّدَیَّةِ حُرْقُوصٌ وَ قَالا مَا نُرِیدُ بِقِتَالِنَا إِیَّاكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ وَ الدَّارَ الْآخِرَةَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً ثُمَّ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ وَ اسْتَعَرَ الْحَرْبُ بِلَظَاهَا وَ أَسْفَرَتْ عَنْ زُرْقَةِ صُبْحِهَا وَ حُمْرَةِ ضُحَاهَا فَتَجَادَلوا وَ تَجَالَدُوا بِأَلْسِنَةِ رِمَاحِهَا وَ حِدَادِ ظُبَاهَا فَحَمَلَ فَارِسٌ مِنَ الْخَوَارِجِ یُقَالُ لَهُ الْأَخْنَسُ الطَّائِیُّ وَ كَانَ شَهِدَ صِفِّینَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام فَحَمَلَ وَ شَقَّ الصُّفُوفَ یَطْلُبُ عَلِیّاً علیه السلام فَبَدَرَهُ عَلِیٌّ بِضَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ فَحَمَلَ ذُو الثُّدَیَّةِ لِیَضْرِبَ عَلِیّاً فَسَبَقَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ ضَرَبَهُ فَفَلَقَ الْبَیْضَةَ وَ رَأْسَهُ فَحَمَلَهُ فَرَسُهُ وَ هُوَ لِمَا بِهِ فَأَلْقَاهُ فِی آخِرِ الْمَعْرَكَةِ فِی حَرْفِ دَالِیَةٍ عَلَی شَطِّ النَّهْرَوَانِ وَ خَرَجَ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُ عَمِّهِ مَالِكُ بْنُ الْوَضَّاحِ وَ حَمَلَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام

ص: 397

فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ فَقَتَلَهُ وَ تَقَدَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِیُّ فَصَاحَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ اللَّهِ لَا نَبْرَحُ مِنْ هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ أَوْ تَأْتِیَ عَلَی أَنْفُسِنَا أَوْ نَأْتِیَ عَلَی نَفْسِكَ فَابْرُزْ إِلَیَّ وَ أَبْرُزُ إِلَیْكَ وَ ذَرِ النَّاسَ جَانِباً فَلَمَّا سَمِعَ عَلِیٌّ علیه السلام كَلَامَهُ تَبَسَّمَ وَ قَالَ قَاتَلَهُ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ مَا أَقَلَّ حَیَاءَهُ أَمَا إِنَّهُ لَیَعْلَمُ أَنِّی حَلِیفُ السَّیْفِ وَ خَدِینُ الرُّمْحِ وَ لَكِنَّهُ قَدْ یَئِسَ مِنَ الْحَیَاةِ أَوْ إِنَّهُ لَیَطْمَعُ طَمَعاً كَاذِباً ثُمَّ حَمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ وَ قَتَلَهُ وَ أَلْحَقَهُ بِأَصْحَابِهِ الْقَتْلَی وَ اخْتَلَطُوا فَلَمْ یَكُنْ إِلَّا سَاعَةٌ حَتَّی قُتِلُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ إِلَّا تِسْعَةُ أَنْفُسٍ رَجُلَانِ هَرَبَا إِلَی خُرَاسَانَ إِلَی أَرْضِ سِجِسْتَانَ وَ بِهَا نَسْلُهُمَا وَ رَجُلَانِ صَارَا إِلَی بِلَادِ عُمَانَ وَ بِهَا نَسْلُهُمَا وَ رَجُلَانِ صَارَا إِلَی الْیَمَنِ وَ فِیهَا نَسْلُهُمَا وَ هُمُ الْإِبَاضِیَّةُ وَ رَجُلَانِ صَارَا إِلَی بِلَادِ الْجَزِیرَةِ إِلَی مَوْضِعٍ یُعْرَفُ بِالسِّنِّ وَ الْبَوَازِیجِ وَ إِلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَ صَارَ آخَرُ إِلَی تَلِّ مَوْزَنَ وَ غَنِمَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام غَنَائِمَ كَثِیرَةً وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام تِسْعَةٌ بِعَدَدِ مَنْ سَلِمَ مِنَ الْخَوَارِجِ وَ هِیَ مِنْ جُمْلَةِ كَرَامَاتِ عَلِیٍّ علیه السلام فَإِنَّهُ قَالَ نَقْتُلُهُمْ وَ لَا یُقْتَلُ مِنَّا عَشَرَةٌ وَ لَا یَسْلَمُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فَلَمَّا قُتِلُوا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام الْتَمِسُوا الْمُخْدَجَ فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ یَجِدُوهُ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام بِنَفْسِهِ حَتَّی أَتَی نَاساً قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ فَقَالَ أَخِّرُوهُمْ فَوَجَدُوهُ مِمَّا یَلِی الْأَرْضَ فَكَبَّرَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَ بَلَّغَ رَسُولُهُ قَالَ أَبُو الْوَضِی ءِ فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ حَبَشِیٌّ عَلَیْهِ قُرَیْطِقٌ إِحْدَی یَدَیْهِ مِثْلُ ثَدْیِ الْمَرْأَةِ عَلَیْهَا شَعَرَاتٌ مِثْلُ ذَنَبِ الْیَرْبُوعِ وَ هَذَا أَبُو الْوَضِی ءِ هُوَ عَبَّادُ بْنُ نَسِیبٍ الْقَیْسِیُّ تَابِعِیٌّ یَرْوِی عَنْهُ هَذَا الْقَوْلَ أَبُو دَاوُدَ فِی سُنَنِهِ كَمَا قَالَ (1)

ص: 398


1- 1 رواه أبو داود فی عنوان: [قتال الخوارج] فی آخر كتاب السنة تحت الرقم: 4769 من سننه: ج 4 ص 245 ط دار الفكر بیروت.

بیان: انخزلت انقطعت و انحاز القوم تركوا مركزهم إلی آخر و الخدین الصدیق. و قال الفیروزآبادی فی القاموس السن جبل بالمدینة و موضع بالری و بلد علی دجلة و قال بوازیج بلد قرب تكریت.

«620»-(1)إِرْشَادُ الْقُلُوبِ، خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ذَاتَ لَیْلَةٍ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُتَوَجِّهاً إِلَی دَارِهِ وَ قَدْ مَضَی رُبْعٌ مِنَ اللَّیْلِ وَ مَعَهُ كُمَیْلُ بْنُ زِیَادٍ وَ كَانَ مِنْ خِیَارِ شِیعَتِهِ وَ مُحِبِّیهِ فَوَصَلَ فِی الطَّرِیقِ إِلَی بَابِ رَجُلٍ یَتْلُو الْقُرْآنَ فِی ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ یَقْرَأُ قَوْلَهُ تَعَالَی أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّیْلِ ساجِداً وَ قائِماً یَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ یَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ إِنَّما یَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ بِصَوْتٍ شَجِیٍّ حَزِینٍ فَاسْتَحْسَنَ كُمَیْلٌ ذَلِكَ فِی بَاطِنِهِ وَ أَعْجَبَهُ حَالُ الرَّجُلِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَقُولَ شَیْئاً فَالْتَفَتَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَیْهِ وَ قَالَ یَا كُمَیْلُ لَا تُعْجِبْكَ طَنْطَنَةُ الرَّجُلِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَ سَأُنَبِّئُكَ فِیمَا بَعْدُ فَتَحَیَّرَ كُمَیْلٌ لِمُكَاشَفَتِهِ لَهُ عَلَی مَا فِی بَاطِنِهِ وَ لِشَهَادَتِهِ بِدُخُولِ النَّارِ مَعَ كَوْنِهِ فِی هَذَا الْأَمْرِ وَ تِلْكَ الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ وَ مَضَی مُدَّةٌ مُتَطَاوِلَةٌ إِلَی أَنْ آلَ حَالُ الْخَوَارِجِ إِلَی مَا آلَ وَ قَاتَلَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ كَانُوا یَحْفَظُونَ الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ فَالْتَفَتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی كُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ هُوَ وَاقِفٌ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ السَّیْفُ فِی یَدِهِ یَقْطُرُ دَماً وَ رُءُوسُ أُولَئِكَ الْكَفَرَةِ الْفَجَرَةِ مُحَلَّقَةٌ عَلَی الْأَرْضِ فَوَضَعَ رَأْسَ السَّیْفِ عَلَی رَأْسٍ مِنْ تِلْكَ الرُّءُوسِ وَ قَالَ یَا كُمَیْلُ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّیْلِ ساجِداً وَ قائِماً أَیْ هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِی كَانَ یَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ فَأَعْجَبَكَ حَالُهُ فَقَبَّلَ كُمَیْلٌ قَدَمَیْهِ وَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی مَجْهُولِ الْقَدْرِ.

«621»-(2)فر، تفسیر فرات بن إبراهیم جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی وَائِلٍ السَّهْمِیِّ قَالَ:

ص: 399


1- 620- رواه الدیلمیّ رحمه اللّٰه فی كتاب إرشاد القلوب: ج 2 ص 226. ط بیروت.
2- 621- رواه فرات بن إبراهیم الكوفیّ فی تفسیر الآیة: 6 من سورة الأنفال من تفسیره ص 50 ط 1. و فی معناه ما رواه الشیخ المفید عن جندب بن عبد اللّٰه فی كتاب الإرشاد، ص 167، طبع النجف. و رواه المدائنی علی وجه آخر كما فی شرح المختار: 36 من شرح ابن أبی الحدید: ج 1، ص 463 ط بیروت، و فی طبع مصر: ج 2 ص 271.

خَرَجْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَلَمَّا انْتَهَیْنَا إِلَی النَّهْرَوَانِ قَالَ وَ كُنْتُ شَاكّاً فِی قِتَالِهِمْ فَضَرَبْتُ بِفَرَسِی فَأَقْحَمْتُهُ فِی أَشْجَارٍ كَانَتْ هُنَاكَ قَالَ فَوَ اللَّهِ لَكَأَنَّهُ عَلِمَ مَا فِی قَلْبِی فَأَقْبَلَ یَسِیرُ عَلَی بَغْلَةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی نَزَلَ بِتِلْكَ الْأَشْجَارِ فَنَزَلَ فَوَضَعَ فَرْشَهُ ثُمَّ جَلَسَ عَلَیْهِ ثُمَّ احْتَبَی بِحَمَائِلِ سَیْفِهِ فَأَنَا أَرَاهُ وَ لَا یَرَانِی إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا یُجْلِسُكَ فَقَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ النَّهْرَ قَالَ كَذَبْتَ لَمْ یَعْبُرُوا قَالَ فَرَجَعَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا یُجْلِسُكُ فَقَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ النَّهْرَ وَ قَتَلُوا فُلَاناً وَ فُلَاناً قَالَ كَذَبْتَ لَمْ یَعْبُرُوا وَ اللَّهِ لَا یَعْبُرُونَ حَتَّی أَقْتُلَهُمْ عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِفَرَسٍ فَرَكِبَهُ فَقُلْتُ مَا رَأَیْتُ كَالْیَوْمِ وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ صَادِقاً لَأَضْرِبَنَّ بِسَیْفِی حَتَّی یَنْقَطِعَ قَالَ وَ لَمَّا جَازَنِی اتَّبَعْتُهُ فَانْتَهَیْنَا إِلَی الْقَوْمِ فَإِذَا هُمْ یُرِیدُونَ الْعُبُورَ فَشَدَّ عَلَیْهِمْ رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ مُعِینٌ أَوْ مُغِیثٌ فَعَرَضَ رُمْحَهُ عَلَی الْقَنْطَرَةِ فَرَدَّ الْقَوْمَ ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام صَاحَ بِالْقَوْمِ فَتَنَحَّوْا قَالَ ثُمَّ حَمَلُوا عَلَیْنَا فَانْهَزَمْنَا وَ هُوَ وَاقِفٌ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْنَا فَقَالَ مَا هَذَا كَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ قُلْنَا أَ وَ لَیْسَ إِلَی الْمَوْتِ نُسَاقُ قَالَ شُدُّوا الْأَضْرَاسَ وَ أَكْثِرُوا الدُّعَاءَ وَ احْمِلُوا عَلَی الْقَوْمِ قَالَ فَفَعَلْنَا فَوَ اللَّهِ مَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَ مِنْهُمْ أَحَدٌ یُخْبِرُ عَنْ أَحَدٍ قَالَ فَلَمَّا رَأَی النَّاسُ ذَلِكَ عَجِبُوا مِنْ قَوْلِهِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَخْبَرَنِی أَنَّ فِی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ رَجُلًا مُخْدَجَ الْیَدِ فَأَقْبَلَ یَسِیرُ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی جَوْبَةِ قَتْلَی فَقَالَ ارْفَعُوهُمْ فَرَفَعْنَاهُمْ فَاسْتَخْرَجْنَا الرَّجُلَ فَمَدَدْنَا الْمُخْدَجَةَ فَاسْتَوَتْ مَعَ الصَّحِیحَةِ ثُمَّ خَلَّیْنَاهَا فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ فَلَمَّا رَأَی النَّاسَ قَدْ عَجِبُوا قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ فِیهِ عَلَامَةً أُخْرَی فِی یَدِهِ

ص: 400

الصَّحِیحَةِ فِی بَطْنِ عَضُدِهِ مِثْلُ رَكَبِ الْمَرْأَةِ قَالَ فَشَقَقْتُ ثَوْباً كَانَ عَلَیْهِ بِأَسْنَانِی أَنَا وَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ حَتَّی رَأَیْنَاهُ كَمَا وَصَفَ وَ رَأَوْهُ النَّاسُ.

بیان: الجوبة الحفرة.

«622»-(1)كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ قَالَ: بَعَثَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ إِلَی ابْنِ الْكَوَّاءِ وَ أَصْحَابِهِ وَ عَلَیْهِ قَمِیصٌ رَقِیقٌ وَ حُلَّةٌ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَیْهِ قَالُوا یَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْتَ خَیْرُنَا فِی أَنْفُسِنَا وَ أَنْتَ تَلْبَسُ هَذَا اللِّبَاسَ فَقَالَ هَذَا أَوَّلُ مَا أُخَاصِمُكُمْ فِیهِ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خُذُوا زِینَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ

«623»-(2)كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ صَفْوَانَ عَنْ یُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ لَمَّا بَعَثَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْخَوَارِجِ یُوَاقِفُهُمْ لَبِسَ أَفْضَلَ ثِیَابِهِ وَ تَطَیَّبَ بِأَطْیَبِ طِیبِهِ وَ رَكِبَ أَفْضَلَ مَرَاكِبِهِ فَخَرَجَ فَوَاقَفَهُمْ فَقَالُوا یَا ابْنَ عَبَّاسٍ بَیْنَنَا أَنْتَ أَفْضَلُ النَّاسِ إِذْ أَتَیْتَنَا فِی لِبَاسِ الْجَبَابِرَةِ وَ مَرَاكِبِهِمْ فَتَلَا عَلَیْهِمْ هَذِهِ الْآیَةَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ فَالْبَسْ وَ تَجَمَّلْ فَإِنَّ اللَّهَ جَمِیلٌ یُحِبُّ الْجَمَالَ وَ لْیَكُنْ مِنْ حَلَالٍ.

«624»-(3)ختص، الإختصاص مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْعُكْلِیِّ الْحِرْمَازِیِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَسْوَدَ بْنِ صَنْعَانَ الْغَنَوِیِّ عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِیِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ:

ص: 401


1- 622- رواهما ثقة الإسلام الكلینی رحمه اللّٰه. و رواهما عنه السیّد البحرانیّ رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة 32 من سورة الأعراف من تفسیر البرهان: ج 2 ص 11، ط 3. فی ح 6 و 7 من كتاب الزی و التجمل من الكافی ج 6، ص 441.
2- 623- رواهما ثقة الإسلام الكلینی رحمه اللّٰه. و رواهما عنه السیّد البحرانیّ رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة 32 من سورة الأعراف من تفسیر البرهان: ج 2 ص 11، ط 3. فی ح 6 و 7 من كتاب الزی و التجمل من الكافی ج 6، ص 441.
3- 624- رواه الشیخ المفید رضوان اللّٰه علیه فی أواسط كتاب الاختصاص ص 121.

لَمَّا بَعَثَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ إِلَی الْخَوَارِجِ قَالُوا لَهُ أَ رَأَیْتَ لَوْ كَانَ عَلِیٌّ مَعَنَا فِی مَوْضِعِنَا أَ تَكُونُ مَعَهُ قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَأَنْتَ إِذَنْ مُقَلِّدٌ عَلِیّاً دِینَكَ ارْجِعْ فَلَا دِینَ لَكَ فَقَالَ لَهُمْ صَعْصَعَةُ وَیْلَكُمْ أَ لَا أُقَلِّدُ مَنْ قَلَّدَ اللَّهَ فَأَحْسَنَ التَّقْلِیدَ فَاضْطَلَعَ بِأَمْرِ اللَّهِ صِدِّیقاً لَمْ یَزَلْ أَ وَ لَمْ یَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ قَدَّمَهُ فِی لَهَوَاتِهَا فَیَطَأُ صِمَاخَهَا بِأَخْمَصِهِ وَ یُخْمِدُ لَهَبَهَا بِحَدِّهِ مَكْدُوداً فِی ذَاتِ اللَّهِ عَنْهُ یَعْبُرُ رَسُولُ اللَّهِ وَ الْمُسْلِمُونَ فَأَیْنَ تَصْرِفُونَ وَ أَیْنَ تَذْهَبُونَ وَ إِلَی مَنْ تَرْغَبُونَ وَ عَمَّنْ تَصْدِفُونَ عَنِ الْقَمَرِ الْبَاهِرِ وَ السِّرَاجِ الزَّاهِرِ وَ صِرَاطِ اللَّهِ الْمُسْتَقِیمِ وَ سَبِیلِ اللَّهِ الْمُقِیمِ قَاتَلَكُمُ اللَّهُ أَنَّی تُؤْفَكُونَ أَ فِی الصِّدِّیقِ الْأَكْبَرِ وَ الْغَرَضِ الْأَقْصَی تَرْمُونَ طَاشَتْ عُقُولُكُمْ وَ غَارَتْ حُلُومُكُمْ وَ شَاهَتْ وُجُوهُكُمْ لَقَدْ عَلَوْتُمُ الْقُلَّةَ مِنَ الْجَبَلِ وَ بَاعَدْتُمُ الْعِلَّةَ مِنَ النَّهَلِ أَ تَسْتَهْدِفُونَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ وَصِیَّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَقَدْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ خُسْرَاناً مُبِیناً فَبُعْداً وَ سُحْقاً لِلْكَفَرَةِ الظَّالِمِینَ عَدَلَ بِكُمْ عَنِ الْقَصْدِ الشَّیْطَانُ وَ عَمِیَ بِكُمْ عَنْ وَاضِحِ الْمَحَجَّةِ الْحِرْمَانُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِیُّ نَطَقْتَ یَا ابْنَ صُوحَانَ بِشِقْشِقَةِ بَعِیرٍ وَ هَدَرْتَ فَأَطْنَبْتَ فِی الْهَدِیرِ أَبْلِغْ صَاحِبَكَ أَنَّا مُقَاتِلُوهُ عَلَی حُكْمِ اللَّهِ وَ التَّنْزِیلِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَبْیَاتاً قَالَ الْعُكْلِیُّ الْحِرْمَازِیُّ وَ لَا أَدْرِی أَ هِیَ لَهُ أَمْ لِغَیْرِهِ:

كَیْ تَلْزَمُوا الْحَقَّ وَحْدَهُ*** وَ نَضْرِبُكُمْ حَتَّی یَكُونَ لَنَا الْحُكْمُ

فَإِنْ تَتْبَعُوا حُكْمَ الْإِلَهِ یَكُنْ لَكُمْ***إِذَا مَا اصْطَلَحْنَا الْحَقُّ وَ الْأَمْنُ وَ السِّلْمُ

وَ إِلَّا فَإِنَّ الْمَشْرَفِیَّةَ مِحْذَمٌ*** بِأَیْدِی رِجَالٍ فِیهِمُ الدِّینُ وَ الْعِلْمُ

فَقَالَ صَعْصَعَةُ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْكَ یَا أَخَا رَاسِبٍ مُرَمَّلًا بِدِمَائِكَ یَحْجُلُ الطَّیْرُ بِأَشْلَائِكَ لَا تُجَابُ لَكُمْ دَاعِیَةٌ وَ لَا تَسْمَعُ مِنْكُمْ وَاعِیَةٌ یَسْتَحِلُّ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِمَامٌ هُدًی قَالَ الرَّاسِبِیُ:

سَیَعْلَمُ اللَّیْثُ إِذَا الْتَقَیْنَا *** دَوْرَ الرَّحَی عَلَیْهِ أَوْ عَلَیْنَا

أَبْلِغْ صَاحِبَكَ أَنَّا غَیْرُ رَاجِعِینَ عَنْهُ أَوْ یُقِرَّ لِلَّهِ بِكُفْرِهِ أَوْ یَخْرُجَ عَنْ ذَنْبِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَابِلُ التَّوْبِ شَدِیدُ الْعِقَابِ وَ غَافِرُ الذَّنْبِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَذَلْنَا الْمُهَجَ

ص: 402

فَقَالَ صَعْصَعَةُ

عِنْدَ الصَّبَاحِ یَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَی

ثُمَّ رَجَعَ إِلَی عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُمْ فَتَمَثَّلَ عَلِیٌّ علیه السلام:

أَرَادَ رَسُولَایَ الْوُقُوفَ فَرَاوَحَا***یَداً بِیَدٍ ثُمَّ أَسْهَمَا لِی عَلَی السَّوَاءِ

بُؤْساً لِلْمَسَاكِینِ یَا ابْنَ صُوحَانَ أَمَا لَقَدْ عُهِدَ إِلَیَّ فِیهِمْ وَ إِنِّی لَصَاحِبُهُمْ وَ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ إِنَّ لَهُمْ أَنْ یَدُورَ فِیهِ رَحَی الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْمَارِقِینَ فَیَا وَیْحَهَا حَتْفاً مَا أَبْعَدَهَا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ:

إِذَا الْخَیْلُ جَالَتْ فِی الْفَتَی وَ تَكَشَّفَتْ***عَوَابِسُ لَا یُسْأَلْنَ غَیْرَ طِعَانٍ

فَكَرَّتْ جَمِیعاً ثُمَّ فَرَّقَ بَیْنَهَا*** سَقَی رُمْحَهُ مِنْهَا بِأَحْمَرَ قَانٍ

فَتًی لَا یُلَاقِی الْقَرْنُ إِلَّا بِصَدْرِهِ*** إِذَا أَرْعَشَتْ أَحْشَاءُ كُلَّ جَبَانٍ

ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثاً قَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ وَ بِكَ الْعَوْنُ وَ إِلَیْكَ الْمُشْتَكَی وَ عَلَیْكَ التُّكْلَانُ وَ إِیَّاكَ نَدْرَأُ فِی نُحُورِهِمْ أَبَی الْقَوْمُ إِلَّا تَمَادِیاً فِی الْبَاطِلِ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا الْحَقَّ فَأَیْنَ یَذْهَبُ بِكُمْ عَنْ حَطَبِ جَهَنَّمَ وَ عَنْ طِیبِ الْمَغْنَمِ وَ أَشَارَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ قَالَ اسْتَعِدُّوا لِعَدُوِّكُمْ فَإِنَّكُمْ غَالِبُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ عَلَیْهِمْ آخِرَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.

بیان:

قوله یطأ صماخها بأخمصه الأخمص من باطن القدم ما لم یبلغ الأرض و هو كنایة عن الاستیلاء علی الحرب و إذلال أهلها و لعل المكدود هنا بمعنی الكاد و الطیش الخفة و شاهت وجوهكم قبحت و العل الشربة الثانیة أو الشرب بعد الشرب تباعا و النهل محركة أول الشرب و استهدف له دنا منه و انتصب له و سیف حذم قاطع و یقال حجل الطائر كنصر و ضرب إذا نزا فی مشیته أو بالخاء المعجمة ثم الجیم قال الجوهری الخجل سوء احتمال الغنی

و فی الحدیث إذا شبعتن خجلتن.

أی أشرتن و بطرتن انتهی.

قوله عند الصباح یحمد القوم السُّرَی قال المیدانی یضرب الرجل یحتمل المشقة رجاء الراحة.

ص: 403

«625»-(1)ختص، الإختصاص الْمُعَلَّی بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِیُّ عَنْ بِسْطَامِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ حَسَّانَ عَنِ الْهَیْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنِ ابْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: أَمَرَنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْمَسِیرِ إِلَی الْمَدَائِنِ مِنَ الْكُوفَةِ فَسِرْنَا یَوْمَ الْأَحَدِ وَ تَخَلَّفَ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ فِی سَبْعَةِ نَفَرٍ فَخَرَجُوا إِلَی مَكَانٍ بِالْحِیرَةِ یُسَمَّی الْخَوَرْنَقَ فَقَالُوا نَتَنَزَّهُ فَإِذَا كَانَ یَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ خَرَجْنَا فَلَحِقْنَا عَلِیّاً قَبْلَ أَنْ یُجَمِّعَ فَبَیْنَا هُمْ یَتَغَدَّوْنَ إِذْ خَرَجَ عَلَیْهِمْ ضَبٌّ فَصَادُوهُ فَأَخَذَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَیْثٍ فَنَصَبَ كَفَّهُ فَقَالُوا بَایِعُوا هَذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَبَایَعَهُ السَّبْعَةُ وَ عَمْرٌو ثَامِنُهُمْ وَ ارْتَحَلُوا لَیْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ فَقَدِمُوا الْمَدَائِنَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَخْطُبُ وَ لَمْ یُفَارِقْ بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَانُوا جَمِیعاً حَتَّی نَزَلُوا عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا دَخَلُوا نَظَرَ إِلَیْهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَسَرَّ إِلَیَّ أَلْفَ حَدِیثٍ فِی كُلِّ حَدِیثٍ أَلْفُ بَابٍ لِكُلِّ بَابٍ أَلْفُ مِفْتَاحٍ وَ إِنِّی سَمِعْتُ اللَّهَ یَقُولُ یَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ وَ إِنِّی أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللَّهِ لَیُبْعَثَنَّ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ثَمَانِیَةُ نَفَرٍ بِإِمَامِهِمْ وَ هُوَ ضَبٌّ وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّیَهُمْ فَعَلْتُ قَالَ فَلَوْ رَأَیْتَ عَمْرَو بْنَ حُرَیْثٍ سَقَطَ كَمَا تَسْقُطُ السَّعَفَةُ وَجِیباً.

بیان: الوجیب الاضطراب.

«626»- أَقُولُ رَوَی الشَّیْخُ أَحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِی الْمُهَذَّبِ، وَ غَیْرُهُ فِی غَیْرِهِ بِأَسَانِیدِهِمْ عَنِ الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: یَوْمُ النَّیْرُوزِ هُوَ الْیَوْمُ الَّذِی ظَفِرَ فِیهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِأَهْلِ النَّهْرَوَانِ وَ قَتَلَ ذَا الثُّدَیَّةِ.

ص: 404


1- 625- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی أواخر كتاب الاختصاص ص 277 ط النجف.

باب 24 باب سائر ما جری بینه و بین الخوارج سوی وقعة النهروان

«627»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا هَرَبَ مَصْقَلَةُ بْنُ هُبَیْرَةَ الشَّیْبَانِیُّ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ كَانَ قَدِ ابْتَاعَ سَبْیَ بَنِی نَاجِیَةَ مِنْ عَامِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَعْتَقَهُمْ فَلَمَّا طَالَبَهُ بِالْمَالِ خَاسَ بِهِ وَ هَرَبَ إِلَی الشَّامِ قَبَّحَ اللَّهُ مَصْقَلَةَ فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ وَ فَرَّ فِرَارَ الْعَبِیدِ فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّی أَسْكَتَهُ وَ لَا صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّی بَكَّتَهُ وَ لَوْ أَقَامَ لَأَخَذْنَا مَیْسُورَهُ وَ انْتَظَرْنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ.

«628»-(2)تَوْضِیحٌ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیُّ فِی

ص: 405


1- 627- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 44 من كتاب نهج البلاغة. و له مصادر أخر یجد الباحث بعضها فی المختار: 299 من نهج السعادة: ج 2 ص 486 ط 1.
2- 628- رواه ابن أبی الحدید نقلا عن كتاب الغارات فی شرح المختار: 44 من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 590 طبع الحدیث ببیروت، و فی طبع الحدیث بمصر: ج 3 ص 128، و المصنّف قد لخص القصة و ما ذكرها بخصوصیاتها. و الحدیث بتفصیله موجود تحت الرقم: 139 من تلخیص كتاب الغارات: ج 1، ص 338 ط 1. و رواه أیضا الطبریّ مفصلا بروایة هشام بن محمّد، عن أبی مخنف حوادث سنة: 38 من تاریخه: ج 1، ص 3418/ و فی ط الحدیث ببیروت: ج 5 ص 113.

كِتَابِ الْغَارَاتِ وَ وَجَدْتُهُ فِی أَصْلِ الْكِتَابِ أَیْضاً عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ الْأَزْدِیِّ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُعَیْنٍ (1)قَالَ: كَانَ الْخِرِّیتُ بْنُ رَاشِدٍ أَحَدُ بَنِی نَاجِیَةَ قَدْ شَهِدَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام صِفِّینَ فَجَاءَ إِلَیْهِ علیه السلام بَعْدَ انْقِضَاءِ صِفِّینَ وَ بَعْدَ تَحْكِیمِ الْحَكَمَیْنِ فِی ثَلَاثِینَ مِنْ أَصْحَابِهِ یَمْشِی بَیْنَهُمْ حَتَّی قَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا أُطِیعُ أَمْرَكَ وَ لَا أُصَلِّی خَلْفَكَ وَ إِنِّی غَداً لَمُفَارِقٌ لَكَ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِذاً تَنْقُضَ عَهْدَكَ وَ تَعْصِیَ رَبَّكَ وَ لَا تَضُرَّ إِلَّا نَفْسَكَ أَخْبِرْنِی لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّكَ حَكَّمْتَ فِی الْكِتَابِ وَ ضَعُفْتَ عَنِ الْحَقِّ إِذْ جَدَّ الْجِدُّ وَ رَكَنْتَ إِلَی الْقَوْمِ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَنَا عَلَیْكَ رَادٌّ وَ عَلَیْهِمْ نَاقِمٌ وَ لَكُمْ جَمِیعاً مُبَایِنٌ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَیْحَكَ هَلُمَّ إِلَیَّ أُدَارِسْكَ وَ أُنَاظِرْكَ فِی السُّنَنِ وَ أُفَاتِحْكَ أُمُوراً مِنَ الْحَقِّ أَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْكَ فَلَعَلَّكَ تَعْرِفُ مَا أَنْتَ الْآنَ لَهُ مُنْكِرٌ وَ تُبْصِرُ مَا أَنْتَ الْآنَ عَنْهُ غَافِلٌ وَ بِهِ جَاهِلٌ فَقَالَ الْخِرِّیتُ فَأَنَا غَادٍ عَلَیْكَ غَداً فَقَالَ علیه السلام اغْدُ إِلَیَّ وَ لَا یَسْتَهْوِیَنَّكَ الشَّیْطَانُ وَ لَا یَقْتَحِمَنَّ بِكَ رَأْیُ السَّوْءِ وَ لَا یَسْتَخِفَّنَّكَ لِلْجَهَلَاتِ الَّذِینَ لَا یَعْمَلُونَ فَوَ اللَّهِ إِنِ اسْتَرْشَدْتَنِی وَ اسْتَنْصَحْتَنِی وَ قَبِلْتَ مِنِّی لَأَهْدِیَنَّكَ سَبِیلَ الرَّشَادِ فَخَرَجَ الْخِرِّیتُ مِنْ عِنْدِهِ مُنْصَرِفاً إِلَی أَهْلِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُعَیْنٍ فَعَجِلْتُ فِی أَثَرِهِ مُسْرِعاً لِأَنْصَحَهُ وَ أَسْتَعْلِمَ خَبَرَهُ فَرَأَیْتُهُ رَجَعَ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ قَالَ لَهُمْ یَا هَؤُلَاءِ إِنِّی قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أُفَارِقَ هَذَا

ص: 406


1- 1 كذا فی أصلی فیه و ما یأتی بعد ذلك، و مثله فی كتاب الغارات و شرح ابن أبی الحدید. و فی تاریخ الطبریّ فی جمیع الموارد: «عبد اللّٰه بن فقیم الأزدیّ» و فی بعض الموارد لم یذكر لفظ «الأزدیّ».

الرَّجُلَ فَنَصَحْتُ ابْنَ عَمِّهِ وَ رَجَعْتُ إِلَی بَیْتِی فَلَمَّا أَصْبَحْتُ وَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ أَتَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُ فَقَالَ علیه السلام دَعْهُ فَإِنْ قَبِلَ الْحَقَّ وَ رَجَعَ عَرَفْنَا لَهُ ذَلِكَ وَ قَبِلْنَاهُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَلِمَ لَا تَأْخُذُهُ الْآنَ فَتَسْتَوْثِقَ مِنْهُ فَقَالَ إِنَّا لَوْ فَعَلْنَا هَذَا بِكُلِّ مَنْ نَتَّهِمُ مِنَ النَّاسِ مَلَأْنَا السُّجُونَ مِنْهُمْ وَ لَا أَرَانِی یَسَعُنِی الْوُثُوبُ بِالنَّاسِ وَ الْحَبْسُ لَهُمْ وَ عُقُوبَتُهُمْ حَتَّی یُظْهِرُوا لِیَ الْخِلَافَ فَقَالَ لِی سِرّاً اذْهَبْ إِلَی مَنْزِلِ الرَّجُلِ فَاعْلَمْ مَا فَعَلَ فَأَتَیْتُ مَنْزِلَهُ فَإِذَا لَیْسَ فِی مَنْزِلِهِ وَ لَا مَنْزِلِ أَصْحَابِهِ دَاعٍ وَ لَا مُجِیبٌ فَأَقْبَلْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِقِصَّتِهِمْ فَلَمَّا أَخْبَرْتُهُ علیه السلام قَالَ أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ قَدْ أُشْرِعَتْ لَهُمُ الْأَسِنَّةُ وَ صُبَّتْ عَلَی هَامِهِمُ السُّیُوفُ لَقَدْ نَدِمُوا إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدِ اسْتَهْوَاهُمْ وَ أَضَلَّهُمْ وَ هُوَ غَداً مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمْ وَ مُخَلٍّ عَنْهُمْ فَقَامَ إِلَیْهِ زِیَادُ بْنُ خَصَفَةَ (1)فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ لَوْ لَمْ یَكُنْ مِنْ مَضَرَّةِ هَؤُلَاءِ إِلَّا فِرَاقُهُمْ إِیَّانَا لَمْ یَعْظُمْ فَقْدُهُمْ عَلَیْنَا وَ لَكِنَّا نَخَافُ أَنْ یُفْسِدُوا عَلَیْنَا جَمَاعَةً كَثِیرَةً مِمَّنْ یَقْدَمُونَ عَلَیْهِمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِكَ فَائْذَنْ لِی فِی اتِّبَاعِهِمْ حَتَّی نَرُدَّهُمْ عَلَیْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ علیه السلام فَاخْرُجْ فِی آثَارِهِمْ رَشِیداً ثُمَّ قَالَ اخْرُجْ رَحِمَكَ اللَّهُ حَتَّی تَنْزِلَ دَیْرَ أَبِی مُوسَی ثُمَّ لَا تَبْرَحْهُ حَتَّی یَأْتِیَكَ أَمْرِی وَ سَأَكْتُبُ إِلَی مَنْ حَوْلِی مِنْ عُمَّالِی فِیهِمْ فَكَتَبَ نُسْخَةً وَاحِدَةً وَ أَخْرَجَهَا إِلَی الْعُمَّالِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ قُرِئَ عَلَیْهِ كِتَابِی هَذَا مِنَ الْعُمَّالِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رِجَالًا لَنَا عِنْدَهُمْ تَبِعَةٌ خَرَجُوا هِرَاباً نَظُنُّهُمْ خَرَجُوا نَحْوَ بِلَادِ الْبَصْرَةِ فَسَلْ عَنْهُمْ أَهْلَ بِلَادِكَ وَ اجْعَلْ عَلَیْهِمُ الْعُیُونَ فِی كُلِّ نَاحِیَةٍ مِنْ أَرْضِكَ ثُمَّ اكْتُبْ إِلَیَّ بِمَا یَنْتَهِی إِلَیْكَ عَنْهُمْ

ص: 407


1- 1 كذا فی كتاب الغارات و شرح ابن أبی الحدید و تاریخ الطبریّ، و فی طبع الكمبانیّ من البحار هاهنا و ما یلیه جمیعا: «ابن حفصة».

فَخَرَجَ زِیَادُ بْنُ خَصَفَةَ حَتَّی أَتَی دَارَهُ وَ جَمَعَ أَصْحَابَهُ وَ أَخَذَ مَعَهُ مِنْهُمْ مِائَةً وَ ثَلَاثِینَ رَجُلًا وَ خَرَجَ حَتَّی أَتَی دَیْرَ أَبِی مُوسَی وَ رَوَی بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَأْلٍ التَّیْمِیِّ قَالَ إِنِّی لَعِنْدَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِذاً یبج [فَیْجٌ] (1)قَدْ جَاءَهُ یَسْعَی بِكِتَابٍ مِنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِیِّ وَ كَانَ أَحَدُ عُمَّالِهِ یُخْبِرُهُ بِأَنَّ خَیْلًا مَرَّتْ مِنْ قِبَلِ الْكُوفَةِ مُتَوَجِّهَةً نَحْوَ نَفَرٍ وَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ دَهَاقِینِ أَسْفَلِ الْفُرَاتِ قَدْ أَسْلَمَ وَ صَلَّی یُقَالُ لَهُ زَاذَانُ فَرُّوخُ فَلَقُوهُ فَقَالُوا لَهُ أَ مُسْلِمٌ أَنْتَ قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَمَا تَقُولُ فِی عَلِیٍّ قَالَ أَقُولُ إِنَّهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ سَیِّدُ الْبَشَرِ وَ وَصِیُّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالُوا كَفَرْتَ یَا عَدُوَّ اللَّهِ ثُمَّ حَمَلَتْ عَلَیْهِ عِصَابَةٌ مِنْهُمْ فَقَطَعُوهُ بِأَسْیَافِهِمْ وَ أَخَذُوا مَعَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ یَهُودِیّاً فَقَالُوا خَلُّوا سَبِیلَ هَذَا لَا سَبِیلَ لَكُمْ عَلَیْهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الْعِصَابَةِ الَّتِی مَرَّتْ بِعَمَلِكَ فَقَتَلَتِ الْبَرَّ الْمُسْلِمَ وَ أَمِنَ عِنْدَهُمُ الْمُخَالِفُ الْمُشْرِكُ وَ أَنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ اسْتَهْوَاهُمُ الشَّیْطَانُ فَضَلُّوا كَالَّذِینَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا فَ أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ یَوْمَ یُحْشَرُ أَعْمَالُهُمْ فَالْزَمْ عَمَلَكَ وَ أَقْبِلْ عَلَی خَرَاجِكَ فَإِنَّكَ كَمَا ذَكَرْتَ فِی طَاعَتِكَ وَ نَصِیحَتِكَ وَ السَّلَامُ: وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی زِیَادِ بْنِ خَصَفَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكَ أَنْ تَنْزِلَ دَیْرَ أَبِی مُوسَی حَتَّی یَأْتِیَكَ أَمْرِی وَ ذَلِكَ أَنِّی لَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ أَیْنَ تَوَجَّهَ الْقَوْمُ وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّهُمْ أَخَذُوا نَحْوَ قَرْیَةٍ مِنْ قُرَی

ص: 408


1- 1 كذا فی أصلی من البحار، و فی الغارات و تاریخ الطبریّ و شرح ابن أبی الحدید: «فیج». أقول: هو معرب: «پیك» بمعنی الرسول و البرید، و یعبر عنه أیضا ب «پیام آور» أو «پیغام آور».

السَّوَادِ فَاتَّبِعْ آثَارَهُمْ وَ سَلْ عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ مُسْلِماً مُصَلِّیاً فَإِذَا أَنْتَ لَحِقْتَ بِهِمْ فَارْدُدْهُمْ إِلَیَّ فَإِنْ أَبَوْا فَنَاجِزْهُمْ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَیْهِمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ فَارَقُوا الْحَقَّ وَ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَ أَخَافُوا السَّبِیلَ وَ السَّلَامُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَأْلٍ فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْهُ علیه السلام وَ أَنَا یَوْمَئِذٍ شَابٌّ حَدَثٌ فَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُ إِلَی الْعَدُوِّ فَأَذِنَ وَ دَعَا لِی فَأَتَیْتُ بِالْكِتَابِ إِلَیْهِ ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّی أَتَیْنَا الْمَوْضِعَ الَّذِی كَانُوا فِیهِ فَسَأَلْنَا عَنْهُمْ فَقِیلَ أَخَذُوا نَحْوَ الْمَدَائِنِ وَ لَحِقْنَا بِالْمَدَائِنِ فَقَالَ زِیَادٌ لِرَئِیسِهِمْ مَا الَّذِی نَقَمْتَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ عَلَیْنَا حَتَّی فَارَقْتَنَا قَالَ لَمْ أَرْضَ بِصَاحِبِكُمْ إِمَاماً وَ لَمْ أَرْضَ بِسِیرَتِكُمْ سِیرَةً فَرَأَیْتُ أَنْ أَعْتَزِلَ وَ أَكُونَ مَعَ مَنْ یَدْعُو إِلَی الشُّورَی مِنَ النَّاسِ فَإِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَی رَجُلٍ هُوَ لِجَمِیعِ الْأُمَّةِ رِضًا كُنْتُ مَعَ النَّاسِ فَقَالَ زِیَادٌ وَیْحَكَ وَ هَلْ یَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَی رَجُلٍ یُدَانِی عَلِیّاً عَالِماً بِاللَّهِ وَ بِكِتَابِهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَ قَرَابَتِهِ وَ سَابِقَتِهِ فِی الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ الْخِرِّیتُ هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ فَقَالَ زِیَادٌ فَفِیمَ قَتَلْتُمُ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ فَقَالَ الْخِرِّیتُ مَا أَنَا قَتَلْتُهُ إِنَّمَا قَتَلَتْهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِی قَالَ فَادْفَعْهُمْ إِلَیْنَا قَالَ مَا إِلَی ذَلِكَ مِنْ سَبِیلٍ قَالَ أَ وَ هَكَذَا أَنْتَ فَاعِلٌ قَالَ هُوَ مَا تَسْمَعُ قَالَ فَدَعَوْنَا أَصْحَابَنَا وَ دَعَا الْخِرِّیتُ أَصْحَابَهُ ثُمَّ اقْتَتَلْنَا فَوَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ قِتَالًا مِثْلَهُ مُنْذُ خَلَقَنِیَ اللَّهُ لَقَدْ تَطَاعَنَّا بِالرِّمَاحِ حَتَّی لَمْ یَبْقَ فِی أَیْدِینَا رُمْحٌ ثُمَّ اضْطَرَبْنَا بِالسُّیُوفِ حَتَّی انْحَنَتْ وَ عُقِرَتْ عَامَّةُ خَیْلِنَا وَ خَیْلِهِمْ وَ كَثُرَتِ الْجِرَاحُ فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ وَ قُتِلَ مِنَّا رَجُلَانِ مَوْلًی لِزِیَادٍ كَانَتْ مَعَهُ رَایَتُهُ یُدْعَی سُوَیْداً وَ رَجُلٌ آخَرُ یُدْعَی وَاقِداً وَ صُرِعَ مِنْهُمْ خَمْسَةُ نَفَرٍ وَ حَالَ اللَّیْلُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ فَقَدْ وَ اللَّهِ كَرِهُونَا وَ كَرِهْنَاهُمْ وَ هَزَمُونَا وَ هَزَمْنَاهُمْ وَ جُرِحَ زِیَادٌ وَ جُرِحْتُ ثُمَّ إِنَّا بِتْنَا فِی جَانِبٍ وَ تَنَحَّوْا فَمَكَثُوا سَاعَةً مِنْ أَوَّلِ اللَّیْلِ ثُمَّ مَضَوْا فَذَهَبُوا وَ أَصْبَحْنَا فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ ذَهَبُوا فَوَ اللَّهِ مَا كَرِهْنَا ذَلِكَ فَمَضَیْنَا حَتَّی أَتَیْنَا الْبَصْرَةَ وَ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ أَتَوُا الْأَهْوَازَ فَنَزَلُوا فِی جَانِبٍ مِنْهَا وَ تَلَاحَقَ بِهِمْ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِمْ نَحْوَ مِائَتَیْنِ فَأَقَامُوا مَعَهُمْ

ص: 409

وَ كَتَبَ زِیَادٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا لَقِینَا عَدُوَّ اللَّهِ النَّاجِیَ وَ أَصْحَابَهُ بِالْمَدَائِنِ فَدَعَوْنَاهُمْ إِلَی الْهُدَی وَ الْحَقِّ وَ الْكَلِمَةِ السَّوَاءِ فَتَوَلَّوْا عَنِ الْحَقِّ وَ أَخَذَتْهُمُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ فَقَصَدُونَا وَ صَمَدْنَا صَمْدَهُمْ فَاقْتَتَلْنَا قِتَالًا شَدِیداً مَا بَیْنَ قَائِمِ الظَّهْرِ إِلَی أَنْ أَدْرَكَتِ الشَّمْسُ وَ اسْتُشْهِدَ مِنَّا رَجُلَانِ صَالِحَانِ وَ أُصِیبَ مِنْهُمْ خَمْسَةُ نَفَرٍ وَ خَلَّوْا لَنَا الْمَعْرَكَةَ وَ قَدْ فَشَتْ فِینَا وَ فِیهِمُ الْجِرَاحُ ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ لَمَّا أَدْرَكُوا اللَّیْلَ خَرَجُوا مِنْ تَحْتِهِ مُتَنَكِّرِینَ إِلَی أَرْضِ الْأَهْوَازِ وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّهُمْ نَزَلُوا مِنْهَا جَانِباً وَ نَحْنُ بِالْبَصْرَةِ نُدَاوِی جِرَاحَنَا وَ نَنْتَظِرُ أَمْرَكَ رَحِمَكَ اللَّهُ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ قَرَأَهُ عَلَی النَّاسِ فَقَامَ إِلَیْهِ مَعْقِلُ بْنُ قَیْسٍ الرِّیَاحِیُّ فَقَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّمَا كَانَ یَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ مَكَانَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ بَعَثْتَهُمْ فِی طَلَبِهِمْ عَشَرَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَإِذَا لَحِقُوهُمُ اسْتَأْصَلُوا شَأْفَتَهُمْ وَ قَطَعُوا دَابِرَهُمْ فَقَالَ علیه السلام لَهُ تَجَهَّزْ یَا مَعْقِلُ إِلَیْهِمْ وَ نَدَبَ مَعَهُ أَلْفَیْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِیهِمْ یَزِیدُ بْنُ الْمَعْقِلِ (1)وَ كَتَبَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بِالْبَصْرَةِ أَمَّا بَعْدُ فَابْعَثْ رَجُلًا مِنْ قِبَلِكَ صَلِیباً شُجَاعاً مَعْرُوفاً بِالصَّلَاحِ فِی أَلْفَیْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَلْیَتَّبِعْ مَعْقِلَ بْنَ قَیْسٍ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ فَهُوَ أَمِیرُ أَصْحَابِهِ حَتَّی یَلْقَی مَعْقِلًا فَإِذَا لَقِیَهُ فَمَعْقِلٌ أَمِیرُ الْفَرِیقَیْنِ فَلْیَسْمَعْ مِنْهُ وَ لْیُطِعْهُ وَ لَا یُخَالِفْهُ وَ مُرْ زِیَادَ بْنَ خَصَفَةَ فَلْیُقْبِلْ إِلَیْنَا فَنِعْمَ الْمَرْءُ زِیَادٌ وَ نِعْمَ الْقَبِیلُ قَبِیلَتُهُ (2)وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی زِیَادٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ وَ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ بِهِ النَّاجِیَ وَ أَصْحَابَهُ الَّذِینَ طَبَعَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ حَیَارَی عَمِهُونَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً وَ وَصَفْتَ مَا بَلَغَ بِكَ وَ بِهِمُ الْأَمْرُ فَأَمَّا أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ

ص: 410


1- 1 و مثله فی شرح نهج البلاغة و تاریخ الكامل لابن الأثیر و فی تاریخ الطبریّ: «یزید بن المغفل الأزدیّ ...».
2- 2 كذا فی أصلی، فی جمیع المصادر: «و نعم القبیل قبیله».

لِلَّهِ سَعْیُكُمْ وَ عَلَیْهِ جَزَاؤُكُمْ وَ أَیْسَرُ ثَوَابِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِ خَیْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْیَا الَّتِی یَقْتُلُ الْجَاهِلُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَیْهَا فَ ما عِنْدَكُمْ یَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ وَ لَنَجْزِیَنَّ الَّذِینَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا یَعْمَلُونَ وَ أَمَّا عَدُوُّكُمُ الَّذِینَ لَقِیتُمْ (1)فَحَسْبُهُمْ خُرُوجُهُمْ مِنَ الْهُدَی وَ ارْتِكَاسُهُمْ فِی الضَّلَالَةِ وَ رَدُّهُمُ الْحَقَّ وَ جِمَاحُهُمْ فِی التِّیهِ فَذَرْهُمْ وَ ما یَفْتَرُونَ وَ دَعْهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ فَ أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ فَكَأَنَّكَ بِهِمْ عَنْ قَلِیلٍ بَیْنَ أَسِیرٍ وَ قَتِیلٍ فَأَقْبِلْ إِلَیْنَا أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ مَأْجُورِینَ فَقَدْ أَطَعْتُمْ وَ سَمِعْتُمْ وَ أَحْسَنْتُمُ الْبَلَاءَ وَ السَّلَامُ قَالَ وَ نَزَلَ النَّاجِی جَانِباً مِنَ الْأَهْوَازِ وَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِ عُلُوجٌ كَثِیرٌ مِنْ أَهْلِهَا مِمَّنْ أَرَادَ كَسْرَ الْخَرَاجِ وَ مِنَ اللُّصُوصِ وَ طَائِفَةٌ أُخْرَی مِنَ الْأَعْرَابِ تَرَی رَأْیَهُ قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ رُوِیَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُعَیْنٍ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَ أَخِی كَعْبٌ فِی ذَلِكَ الْجَیْشِ مَعَ مَعْقِلٍ فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ أَتَاهُ علیه السلام یُوَدِّعُهُ فَقَالَ لَهُ یَا مَعْقِلَ بْنَ قَیْسٍ اتَّقِ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّهَا وَصِیَّةُ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِینَ لَا تَبْغِ عَلَی أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَ لَا تَظْلِمْ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَ لَا تَتَكَبَّرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا یُحِبُّ الْمُتَكَبِّرِینَ فَقَالَ مَعْقِلٌ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هُوَ خَیْرُ مُسْتَعَانٍ ثُمَّ قَامَ مَعْقِلٌ فَخَرَجَ وَ خَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّی نَزَلَ الْأَهْوَازَ فَأَقَمْنَا أَیَّاماً حَتَّی بَعَثَ ابْنُ عَبَّاسٍ خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ مَعَ جَیْشِ الْبَصْرَةِ فَدَخَلَ عَلَی صَاحِبِنَا وَ سَلَّمَ عَلَیْهِ بِالْإِمْرَةِ وَ اجْتَمَعَا جَمِیعاً فِی عَسْكَرٍ وَاحِدٍ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَی النَّاجِی وَ أَصْحَابِهِ فَأَخَذُوا یَرْتَفِعُونَ نَحْوَ جِبَالِ رَامَهُرْمُزَ یُرِیدُونَ قَلْعَةً بِهَا حَصِینَةً فَلَحِقْنَاهُمْ وَ قَدْ دَنَوْا مِنَ الْجَبَلِ فَصَفَفْنَا لَهُمْ ثُمَّ أَقْبَلْنَا نَحْوَهُمْ فَجَعَلَ مَعْقِلٌ عَلَی مَیْمَنَتِهِ یَزِیدَ بْنَ مَعْقِلٍ وَ عَلَی مَیْسَرَتِهِ مِنْجَابَ بْنَ رَاشِدٍ وَ وَقَفَ النَّاجِی بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْعَرَبِ فَكَانُوا مَیْمَنَةً وَ جُعِلَ أَهْلُ الْبَلَدِ وَ الْعُلُوجُ وَ مَنْ أَرَادَ كَسْرَ الْخَرَاجِ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَكْرَادِ مَیْسَرَةً

ص: 411


1- 1 كذا فی أصلی و شرح ابن أبی الحدید، و فی تاریخ الطبریّ: «لقیتموهم».

وَ سَارَ فِینَا مَعْقِلٌ یُحَرِّضُنَا وَ یَقُولُ یَا عِبَادَ اللَّهِ لَا تَبْدَءُوا الْقَوْمَ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ أَقِلُّوا الْكَلَامَ وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الطَّعْنِ وَ الضَّرْبِ وَ أَبْشِرُوا فِی قِتَالِهِمْ بِالْأَجْرِ الْعَظِیمِ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ مَارِقَةً مَرَقَتْ وَ عُلُوجاً مَنَعُوا الْخَرَاجَ وَ لُصُوصاً وَ أَكْرَاداً فَمَا تَنْتَظِرُونَ فَإِذَا حَمَلْتُ فَشُدُّوا شِدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قَالَ فَمَرَّ فِی الصَّفِّ یُكَلِّمُهُمْ یَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ حَتَّی إِذَا مَرَّ بِالنَّاسِ كُلِّهِمْ أَقْبَلَ فَوَقَفَ وَسَطَ الصَّفِّ فِی الْقَلْبِ وَ نَظَرْنَا إِلَیْهِ مَا یَصْنَعُ فَحَرَّكَ رَایَتَهُ تَحْرِیكَتَیْنِ ثُمَّ حَمَلَ فِی الثَّالِثَةِ وَ حَمَلْنَا مَعَهُ جَمِیعاً فَوَ اللَّهِ مَا صَبَرُوا لَنَا سَاعَةً حَتَّی وَلَّوْا وَ انْهَزَمُوا وَ قَتَلْنَا سَبْعِینَ عَرَبِیّاً مِنْ بَنِی نَاجِیَةَ وَ مِنْ بَعْضِ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْعَرَبِ وَ نَحْوَ ثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْعُلُوجِ وَ الْأَكْرَادِ وَ خَرَجَ الْخِرِّیتُ مُنْهَزِماً حَتَّی لَحِقَ بِسِیفٍ مِنْ أَسْیَافِ الْبَحْرِ وَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِهِ كَثِیرٌ فَمَا زَالَ یَسِیرُ فِیهِمْ وَ یَدْعُوهُمْ إِلَی خِلَافِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ یُزَیِّنُ لَهُمْ فِرَاقَهُ وَ یُخْبِرُهُمْ أَنَّ الْهُدَی فِی حَرْبِهِ وَ مُخَالَفَتِهِ حَتَّی اتَّبَعَهُ مِنْهُمْ نَاسٌ كَثِیرٌ وَ أَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ قَیْسٍ بِأَرْضِ الْأَهْوَازِ وَ كَتَبَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْفَتْحِ وَ كُنْتُ أَنَا الَّذِی قَدِمَ بِالْكِتَابِ عَلَیْهِ وَ كَانَ فِی الْكِتَابِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ مَعْقِلِ بْنِ قَیْسٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا لَقِینَا الْمَارِقِینَ وَ قَدِ اسْتَظْهَرُوا عَلَیْنَا بِالْمُشْرِكِینَ فَقَتَلْنَا مِنْهُمْ نَاساً كَثِیراً وَ لَمْ نَعْدُ فِیهِمْ سِیرَتَكَ لَمْ نَقْتُلْ مِنْهُمْ مُدْبِراً وَ لَا أَسِیراً وَ لَمْ نُدَفِّفْ مِنْهُمْ عَلَی جَرِیحٍ وَ قَدْ نَصَرَكَ اللَّهُ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ* قَالَ فَلَمَّا قَدِمْتُ بِالْكِتَابِ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَرَأَهُ عَلَی أَصْحَابِهِ وَ اسْتَشَارَهُمْ فِی الرَّأْیِ فَاجْتَمَعَ رَأْیُ عَامَّتِهِمْ عَلَی قَوْلٍ وَاحِدٍ قَالُوا نَرَی أَنْ تَكْتُبَ إِلَی مَعْقِلِ بْنِ قَیْسٍ یَتْبَعُ آثَارَهُمْ وَ لَا یَزَالُ فِی طَلَبِهِمْ حَتَّی یَقْتُلَهُمْ أَوْ

ص: 412

یَنْفِیَهُمْ مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ یُفْسِدُوا عَلَیْكَ النَّاسَ قَالَ فَرَدَّنِی إِلَیْهِ وَ كَتَبَ مَعِی أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی تَأْیِیدِهِ أَوْلِیَاءَهُ وَ خَذْلِهِ أَعْدَاءَهُ جَزَاكَ اللَّهُ وَ الْمُسْلِمِینَ خَیْراً فَقَدْ أَحْسَنْتُمُ الْبَلَاءَ وَ قَضَیْتُمْ مَا عَلَیْكُمْ فَاسْأَلْ عَنْ أَخِی بَنِی نَاجِیَةَ فَإِنْ بَلَغَكَ أَنَّهُ اسْتَقَرَّ فِی بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ فَسِرْ إِلَیْهِ حَتَّی تَقْتُلَهُ أَوْ تَنْفِیَهُ فَإِنَّهُ لَمْ یَزَلْ لِلْمُسْلِمِینَ عَدُوّاً وَ لِلْفَاسِقِینَ وَلِیّاً وَ السَّلَامُ قَالَ فَسَأَلَ مَعْقِلٌ عَنْ مَسِیرِهِ وَ الْمَكَانِ الَّذِی انْتَهَی إِلَیْهِ فَنُبِّئَ بِمَكَانِهِ بِسِیفِ الْبَحْرِ بِفَارِسَ وَ أَنَّهُ أَفْسَدَ مَنْ قِبَلَهُ مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ وَ مَنْ وَالاهُمْ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ وَ كَانَ وَ قَوْمَهُ قَدْ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ عَامَ صِفِّینَ وَ مَنَعُوهَا فِی ذَلِكَ الْعَامِ أَیْضاً فَسَارَ إِلَیْهِمْ مَعْقِلٌ فِی ذَلِكَ الْجَیْشِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ الْبَصْرَةِ فَأَخَذُوا عَلَی أَرْضِ فَارِسَ حَتَّی انْتَهَوْا إِلَی أَسْیَافِ الْبَحْرِ فَلَمَّا سَمِعَ الْخِرِّیتُ بِمَسِیرِهِ أَقْبَلَ عَلَی مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ یَرَی رَأْیَ الْخَوَارِجِ فَأَسَرَّ إِلَیْهِمْ أَنِّی أَرَی رَأْیَكُمْ وَ أَنَّ عَلِیّاً مَا كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یُحَكِّمَ الرِّجَالَ فِی دِینِ اللَّهِ وَ قَالَ لِلْآخَرِینَ مِنْ أَصْحَابِهِ مُسِرّاً إِلَیْهِمْ إِنَّ عَلِیّاً قَدْ حَكَّمَ حَكَماً وَ رَضِیَ بِهِ فَخَالَفَ حُكْمَهُ الَّذِی ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ وَ هَذَا الرَّأْیُ الَّذِی خَرَجَ عَلَیْهِ مِنَ الْكُوفَةِ وَ قَالَ لِمَنْ یَرَی مَنْعَ الصَّدَقَةِ شُدُّوا أَیْدِیَكُمْ عَلَی صَدَقَاتِكُمْ ثُمَّ صِلُوا بِهَا أَرْحَامَكُمْ وَ عُودُوا إِنْ شِئْتُمْ عَلَی فُقَرَائِكُمْ فَأَرْضَی كُلَّ طَائِفَةٍ بِضَرْبٍ مِنَ الْقَوْلِ وَ كَانَ فِیهِمْ نَصَارَی كَثِیرٌ أَسْلَمُوا فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ قَالُوا وَ اللَّهِ لَدِینُنَا الَّذِی خَرَجْنَا مِنْهُ خَیْرٌ وَ أَهْدَی مِنْ دِینِ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ لَا یَنْهَاهُمْ دِینُهُمْ عَنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ إِخَافَةِ السُّبُلِ فَرَجَعُوا إِلَی دِینِهِمْ فَلَقِیَ الْخِرِّیتُ أُولَئِكَ فَقَالَ وَیْحَكُمْ إِنَّهُ لَا یُنْجِیكُمْ مِنَ الْقَتْلِ إِلَّا الصَّبْرُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَ لِقِتَالِهِمْ أَ تَدْرُونَ مَا حَكَمَ عَلِیٌّ فِیمَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّصَارَی ثُمَّ رَجَعَ إِلَی النَّصْرَانِیَّةِ لَا وَ اللَّهِ لَا یَسْمَعُ لَهُ قَوْلًا وَ لَا یَرَی لَهُ عُذْراً وَ لَا دَعْوَةً وَ لَا یَقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةً وَ لَا یَدَعُوهُ إِلَیْهَا وَ إِنَ

ص: 413

حُكْمَهُ فِیهِ أَنْ یُضْرَبَ عُنُقُهُ سَاعَةَ یُسْتَمْكَنُ مِنْهُ فَمَا زَالَ حَتَّی خَدَعَهُمْ فَاجْتَمَعَ إِلَیْهِ نَاسٌ كَثِیرٌ وَ كَانَ مُنْكَراً دَاهِیاً فَلَمَّا رَجَعَ مَعْقِلٌ قَرَأَ عَلَی أَصْحَابِهِ كِتَاباً مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام: فِیهِ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ قُرِئَ عَلَیْهِ كِتَابِی هَذَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ النَّصَارَی وَ الْمُرْتَدِّینَ سَلَامٌ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی وَ آمَنَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ كِتَابِهِ وَ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَافِیاً بِعَهْدِ اللَّهِ وَ لَمْ یَكُنْ مِنَ الْخَائِنِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَدْعُوكُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ وَ أَنْ أَعْمَلَ فِیكُمْ بِالْحَقِّ وَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَی بِهِ فِی كِتَابِهِ فَمَنْ رَجَعَ مِنْكُمْ إِلَی رَحْلِهِ وَ كَفَّ یَدَهُ وَ اعْتَزَلَ هَذَا الْمَارِقَ الْهَالِكَ الْمُحَارِبَ الَّذِی حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ سَعَی فِی الْأَرْضِ فَساداً فَلَهُ الْأَمَانُ عَلَی مَالِهِ وَ دَمِهِ وَ مَنْ تَابَعَهُ عَلَی حَرْبِنَا وَ الْخُرُوجِ مِنْ طَاعَتِنَا اسْتَعَنَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ وَ جَعَلْنَاهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُ وَ كَفی بِاللَّهِ وَلِیًّا وَ السَّلَامُ.

قَالَ: فَأَخْرَجَ مَعْقِلٌ رَایَةَ أَمَانٍ فَنَصَبَهَا وَ قَالَ مَنْ أَتَاهَا مِنَ النَّاسِ فَهُوَ آمِنٌ إِلَّا الْخِرِّیتُ وَ أَصْحَابُهُ الَّذِینَ نَابَذُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَتَفَرَّقَ عَنِ الْخِرِّیتِ كُلُّ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ غَیْرِ قَوْمِهِ وَ عَبَّأَ مَعْقِلٌ أَصْحَابَهُ ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ نَحْوَهُ وَ قَدْ حَضَرَ مَعَ الْخِرِّیتِ جَمِیعُ قَوْمِهِ مُسْلِمُهُمْ وَ نَصْرَانِیُّهُمْ وَ مَانِعُو الصَّدَقَةِ مِنْهُمْ فَجَعَلَ مُسْلِمِیهِمْ مَیْمَنَةً وَ النَّصَارَی وَ مَانِعِی الصَّدَقَةِ مَیْسَرَةً وَ سَارَ مَعْقِلٌ یُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ فِیمَا بَیْنَ الْمَیْمَنَةِ وَ الْمَیْسَرَةِ وَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ مَا تَدْرُونَ مَا سِیقَ إِلَیْكُمْ فِی هَذَا الْمَوْقِفِ مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِیمِ إِنَّ اللَّهَ سَاقَكُمْ إِلَی قَوْمٍ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ وَ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَ نَكَثُوا الْبَیْعَةَ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً إِنِّی شَهِیدٌ لِمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ بِالْجَنَّةِ وَ مَنْ عَاشَ بِأَنَّ اللَّهَ یُقِرُّ عَیْنَهُ بِالْفَتْحِ وَ الْغَنِیمَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ حَتَّی مَرَّ بِالنَّاسِ أَجْمَعِینَ ثُمَّ وَقَفَ بِالْقَلْبِ بِرَایَتِهِ فَحَمَلَتِ

ص: 414

الْمَیْمَنَةُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ الْمَیْسَرَةُ وَ ثَبَتُوا لَهُمْ وَ قَاتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً ثُمَّ حَمَلَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ عَلَیْهِمْ فَصَبَرُوا لَهُمْ سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ النُّعْمَانَ بْنَ صُهْبَانَ بَصُرَ بِالْخِرِّیتِ فَحَمَلَ عَلَیْهِ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ عَنْ فَرَسِهِ ثُمَّ نَزَلَ إِلَیْهِ وَ قَدْ جَرَحَهُ فَاخْتَلَفَا بَیْنَهُمَا ضَرْبَتَیْنِ فَقَتَلَهُ النُّعْمَانُ وَ قُتِلَ مَعَهُ فِی الْمَعْرَكَةِ سَبْعُونَ وَ مِائَةٌ وَ ذَهَبَ الْبَاقُونَ فِی الْأَرْضِ یَمِیناً وَ شِمَالًا وَ بَعَثَ مَعْقِلٌ الْخَیْلَ إِلَی رِحَالِهِمْ فَسَبَا مَنْ أَدْرَكَ فِیهَا رِجَالًا وَ نِسَاءً وَ صِبْیَاناً ثُمَّ نَظَرَ فِیهِمْ فَمَنْ كَانَ مُسْلِماً خَلَّاهُ وَ أَخَذَ بَیْعَتَهُ وَ خَلَّی سَبِیلَ عِیَالِهِ وَ مَنْ كَانَ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ عَرَضَ عَلَیْهِ الرُّجُوعَ إِلَی الْإِسْلَامِ أَوْ الْقَتْلَ فَأَسْلَمُوا فَخَلَّی سَبِیلَهُمْ وَ سَبِیلَ عِیَالاتِهِمْ إِلَّا شَیْخاً مِنْهُمْ نَصْرَانِیّاً أَبَی فَقَتَلَهُ وَ جَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ أَدُّوا مَا عَلَیْكُمْ فِی هَذِهِ السِّنِینَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَأَخَذَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ عِقَالَیْنِ وَ عَمَدَ إِلَی النَّصَارَی وَ عِیَالاتِهِمْ فَاحْتَمَلَهُمْ مَعَهُ وَ أَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِینَ كَانُوا مَعَهُمْ یُشَیِّعُونَهُمْ فَأَمَرَ مَعْقِلٌ بِرَدِّهِمْ فَلَمَّا ذَهَبُوا لِیَنْصَرِفُوا تَصَایَحُوا وَ دَعَا الرِّجَالَ وَ النِّسَاءَ بَعْضَهُمْ إِلَی بَعْضٍ قَالَ فَلَقَدْ رَحِمْتُهُمْ رَحْمَةً مَا رَحِمْتُهَا أَحَداً قَبْلَهُمْ وَ لَا بَعْدَهُمْ وَ كَتَبَ مَعْقِلٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنْ جُنْدِهِ وَ عَنْ عَدُوِّهِمْ أَنَّا دَفَعْنَا إِلَی عَدُوِّنَا بِأَسْیَافِ الْبَحْرِ فَوَجَدْنَا بِهَا قَبَائِلَ ذَاتِ حَدٍّ وَ عَدَدٍ وَ قَدْ جَمَعُوا لَنَا فَدَعَوْنَاهُمْ إِلَی الْجَمَاعَةِ وَ الطَّاعَةِ وَ إِلَی حُكْمِ الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ قَرَأْنَا عَلَیْهِمْ كِتَابَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَفَعْنَا لَهُمْ رَایَةَ أَمَانٍ فَمَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَیْنَا وَ ثَبَتَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَی فَقَبِلْنَا أَمْرَ الَّتِی أَقْبَلَتْ وَ صَمَدْنَا إِلَی الَّتِی أَدْبَرَتْ فَضَرَبَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ وَ نَصَرَنَا عَلَیْهِمْ فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُسْلِماً فَإِنَّا مَنَنَّا عَلَیْهِ وَ أَخَذْنَا بَیْعَتَهُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَخَذْنَا مِنْهُمُ الصَّدَقَةَ الَّتِی كَانَتْ عَلَیْهِمْ وَ أَمَّا مَنِ ارْتَدَّ فَعَرَضْنَا عَلَیْهِمُ الرُّجُوعَ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ إِلَّا قَتَلْنَاهُمْ فَرَجَعُوا إِلَی الْإِسْلَامِ غَیْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَقَتَلْنَاهُ وَ أَمَّا النَّصَارَی فَإِنَّا سَبَیْنَاهُمْ وَ أَقْبَلْنَا بِهِمْ لِیَكُونُوا نَكَالًا لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَیْلَا یَمْنَعُوا الْجِزْیَةَ وَ لَا یَجْتَرِءُوا عَلَی قِتَالِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَ هُمْ لِلصِّغَارِ وَ الذِّلَّةِ

ص: 415

أَهْلٌ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَوْجَبَ لَكَ جَنَّاتِ النَّعِیمِ وَ السَّلَامُ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ بِالْأُسَارَی حَتَّی مَرَّ عَلَی مَصْقَلَةَ بْنِ هُبَیْرَةَ الشَّیْبَانِیِّ وَ هُوَ عَامِلٌ لِعَلِیٍّ علیه السلام عَلَی أَرْدَشِیرَخُرَّهْ وَ هُمْ خَمْسُمِائَةِ إِنْسَانٍ فَبَكَی إِلَیْهِ النِّسَاءُ وَ الصِّبْیَانُ وَ تَصَایَحَ الرِّجَالُ یَا أَبَا الْفَضْلِ یَا حَامِلَ الثِّقْلِ یَا مَأْوَی الضَّعِیفِ وَ فَكَاكَ الْعَنَاةِ امْنُنْ عَلَیْنَا فَاشْتَرِنَا وَ أَعْتِقْنَا فَقَالَ مَصْقَلَةُ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَتَصَدَّقَنَّ عَلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ یَجْزِی الْمُتَصَدِّقِینَ فَبَلَغَ قَوْلُهُ مَعْقِلًا فَقَالَ وَ اللَّهِ لَوْ أَعْلَمُهُ قَالَهَا تَوَجُّعاً لَهُمْ وَ وَجْداً عَلَیْهِمْ إِزْرَاءً عَلَیَّ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ وَ إِنْ كَانَ فِی ذَلِكَ فَنَاءُ بَنِی تَمِیمٍ وَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثُمَّ إِنَّ مَصْقَلَةَ بَعَثَ ذُهْلَ بْنَ الْحَارِثِ إِلَی مَعْقِلٍ فَقَالَ بِعْنِی نَصَارَی بَنِی نَاجِیَةَ فَقَالَ أَبِیعُكُمْ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَبَی عَلَیْهِ فَلَمْ یَزَلْ یُرَاوِضُهُ حَتَّی بَاعَهُ إِیَّاهُمْ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ دَفَعَهُمْ إِلَیْهِ وَ قَالَ عَجِّلْ بِالْمَالِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ مَصْقَلَةُ أَنَا بَاعِثٌ الْآنَ بِصَدْرٍ مِنْهُ ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّی لَا یَبْقَی مِنْهُ شَیْ ءٌ وَ أَقْبَلَ مَعْقِلٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ فَقَالَ أَحْسَنْتَ وَ أَصَبْتَ وَ وُفِّقْتَ وَ انْتَظَرَ عَلِیٌّ علیه السلام مَصْقَلَةَ أَنْ یَبْعَثَ بِالْمَالِ فَأَبْطَأَ بِهِ وَ بَلَغَ عَلِیّاً علیه السلام أَنَّ مَصْقَلَةَ خَلَّی الْأُسَارَی وَ لَمْ یَسْأَلْهُمْ أَنْ یُعِینُوهُ فِی فَكَاكِ أَنْفُسِهِمْ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ مَا أَرَی مَصْقَلَةَ إِلَّا قَدْ حَمَلَ حَمَالَةً وَ لَا أَرَاكُمْ إِلَّا وَ سَتَرَوْنَهُ عَنْ قَرِیبٍ مُبَلْدِحاً ثُمَّ كَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْخِیَانَةِ خِیَانَةَ الْأُمَّةِ وَ أَعْظَمُ الْغِشِّ عَلَی أَهْلِ الْمِصْرِ غِشُّ الْإِمَامِ وَ عِنْدَكَ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِینَ خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَابْعَثْ بِهَا إِلَیَّ حِینَ یَأْتِیكَ رَسُولِی وَ إِلَّا فَأَقْبِلْ إِلَیَّ حِینَ تَنْظُرُ فِی كِتَابِی فَإِنِّی قَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَی رَسُولِی أَنْ لَا یَدَعَكَ سَاعَةً وَاحِدَةً تُقِیمُ بَعْدَ قُدُومِهِ عَلَیْكَ إِلَّا أَنْ تَبْعَثَ بِالْمَالِ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُ أَتَاهُ علیه السلام بِالْكُوفَةِ فَأَقَرَّهُ أَیَّاماً لَمْ یَذْكُرْ لَهُ شَیْئاً ثُمَّ سَأَلَهُ

ص: 416

الْمَالَ فَأَدَّی إِلَیْهِ مِائَتَیْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ عَجَزَ عَنِ الْبَاقِی فَفَرَّ وَ لَحِقَ بِمُعَاوِیَةَ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ مَا لَهُ تَرَّحَهُ اللَّهُ فَعَلَ فِعْلَ السَّیِّدِ وَ فَرَّ فِرَارَ الْعَبْدِ وَ خَانَ خِیَانَةَ الْفَاجِرِ فَلَوْ عَجَزَ مَا زِدْنَا عَلَی حَبْسِهِ فَإِنْ وَجَدْنَا لَهُ شَیْئاً أَخَذْنَاهُ وَ إِنْ لَمْ نَجِدْ لَهُ مَالًا تَرَكْنَاهُ ثُمَّ سَارَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی دَارِهِ فَهَدَمَهَا وَ كَانَ أَخُوهُ نُعَیْمُ بْنُ هُبَیْرَةَ شِیعَةً لِعَلِیٍّ علیه السلام مُنَاصِحاً فَكَتَبَ إِلَیْهِ مَصْقَلَةُ مِنَ الشَّامِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ نَصَارَی تَغْلِبَ یُقَالُ لَهُ حُلْوَانُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی كَلَّمْتُ مُعَاوِیَةَ فِیكَ فَوَعَدَكَ الْكَرَامَةَ وَ مَنَّاكَ الْإِمَارَةَ فَأَقْبِلْ سَاعَةَ تَلْقَی رَسُولِی وَ السَّلَامُ فَأَخَذَهُ مَالِكُ بْنُ كَعْبٍ الْأَرْحَبِیُّ فَسَرَّحَ بِهِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَخَذَ كِتَابَهُ فَقَرَأَهُ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَقَطَعَ یَدَهُ فَمَاتَ وَ كَتَبَ نُعَیْمٌ إِلَی مَصْقَلَةَ شِعْراً یَتَضَمَّنُ امْتِنَاعَهُ وَ تَعْیِیرَهُ وَ- حَدَّثَنِی ابْنُ أَبِی سَیْفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام حِینَ هَرَبَ مَصْقَلَةُ ارْدُدِ الَّذِینَ سُبُوا وَ لَمْ یُسْتَوْفَ أَثْمَانُهُمْ فِی الرِّقِّ فَقَالَ لَیْسَ ذَلِكَ فِی الْقَضَاءِ بِحَقٍّ قَدْ عَتَقُوا إِذَا أَعْتَقَهُمُ الَّذِی اشْتَرَاهُمْ وَ صَارَ مَالِی دَیْناً عَلَی الَّذِی اشْتَرَاهُمْ- قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ رَوَی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً علیه السلام مُصَابُ بَنِی نَاجِیَةَ وَ قَتْلُ صَاحِبِهِمْ قَالَ هَوَتْ أُمُّهُ مَا كَانَ أَنْقَصَ عَقْلَهُ وَ أَجْرَأَهُ إِنَّهُ جَاءَنِی مَرَّةً فَقَالَ إِنَّ فِی أَصْحَابِكَ رِجَالًا قَدْ خَشِیتُ أَنْ یُفَارِقُوكَ فَمَا تَرَی فِیهِمْ فَقُلْتُ إِنِّی لَا آخُذُ عَلَی التُّهَمَةِ وَ لَا أُعَاقِبُ عَلَی الظَّنِّ وَ لَا أُقَاتِلُ إِلَّا مَنْ خَالَفَنِی وَ نَاصَبَنِی وَ أَظْهَرَ الْعَدَاوَةَ لِی ثُمَّ لَسْتُ مُقَاتِلَهُ حَتَّی أَدْعُوَهُ وَ أَعْذَرَ إِلَیْهِ فَإِنْ تَابَ وَ رَجَعَ قَبِلْنَا مِنْهُ وَ إِنْ أَبَی إِلَّا الِاعْتِزَامَ عَلَی حَرْبِنَا اسْتَعَنَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ وَ نَاجَزْنَاهُ فَكَفَّ عَنِّی مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّی جَاءَنِی مَرَّةً أُخْرَی فَقَالَ لِی إِنِّی خَشِیتُ أَنْ یُفْسِدَ عَلَیْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَ زَیْدُ بْنُ حُصَیْنٍ الطَّائِیُّ إِنِّی سَمِعْتُهُمَا یَذْكُرَانِكَ بِأَشْیَاءَ

ص: 417

لَوْ سَمِعْتَهُمَا لَمْ تُفَارِقْهُمَا حَتَّی تَقْتُلَهُمَا أَوْ تُوثِقَهُمَا فَلَا یَزَالانِ بِمَحْبَسِكَ أَبَداً فَقُلْتُ لَهُ إِنِّی مُسْتَشِیرُكَ فِیهِمَا فَمَا ذَا تَأْمُرُنِی بِهِ قَالَ إِنِّی آمُرُكَ أَنْ تَدْعُوَهُمَا فَتَضْرِبَ رِقَابَهُمَا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَا وَرَعَ لَهُ وَ لَا عَقْلَ فَقُلْتُ لَهُ وَ اللَّهِ مَا أَظُنُّ لَكَ وَرَعاً وَ لَا عَقْلًا لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّی لَا أَقْتُلُ مَنْ لَمْ یُقَاتِلْنِی وَ لَمْ یُظَاهِرْ لِی عَدَاوَتَهُ بِالَّذِی كُنْتُ أَعْلَمْتُكَهُ مِنْ رَأْیِی حَیْثُ جِئْتَنِی فِی الْمَرَّةِ الْأُولَی وَ لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَكَ لَوْ أَرَدْتُ قَتْلَهُمْ أَنْ تَقُولَ لِیَ اتَّقِ اللَّهَ بِمَ تَسْتَحِلُّ قَتْلَهُمْ وَ لَمْ یَقْتُلُوا أَحَداً وَ لَمْ یُنَابِذُوكَ وَ لَمْ یَخْرُجُوا مِنْ طَاعَتِكَ.

توضیح:

قوله علیه السلام أدركت الشمس لعله كنایة عن الغروب أی أدركت مغربها كأنها تطلبه و فی بعض النسخ دلكت و هو أصوب.

قال فی القاموس دلكت الشمس دلوكا غربت و اصفرت أو مالت أو زالت عن كبد السماء و السیف بالكسر ساحل البحر و الجمع أسیاف.

و النكر و النكراء و النكارة الدهاء و الفطنة یقال رجل نكر كفرح و ندب و جنب و منكر كمكرم أی ذو نكرة و الدهی جودة الرأی كالدهاء یقال رجل داهیة و داه قوله عقالین أی صدقة عامین قال الفیروزآبادی العقال ككتاب زكاة عام من الإبل و قال بلدح ضرب بنفسه الأرض و وعد و لم ینجز العدة.:

و قال ابن الأثیر فی الكامل: لما قتل أهل النهروان خرج أشرس بن عوف الشیبانی علی علی علیه السلام بالدسكرة فی مائتین ثم سار إلی الأنبار فوجه إلیه علی الأشرس بن حسان فی ثلاثمائة فواقعه فقتل الأشرس فی ربیع الآخر سنة ثمان و ثلاثین ثم خرج هلال بن علقمة من بنی تیم الرباب و معه أخوه مجالد فأتی ماسندان فوجه إلیه علی علیه السلام معقل بن قیس الریاحی فقتله و قتل أصحابه و هم أكثر من مائتین ثم خرج أشهب بن بشر و هو من بجیلة فی مائة و ثمانین رجلا فأتی المعركة التی أصیب فیها هلال و أصحابه و صلی علیهم و دفن من قدر علیه منهم فوجه

ص: 418

إلیه علی علیه السلام جاریة بن قدامة السعدی و قیل حجر بن عدی فأقبل إلیهم الأشهب فاقتتلوا بجرجرایا فقتل الأشهب و أصحابه ثم خرج سعید بن قفل التیمی فی رجب بالبندنیجین و معه مائتا رجل فأتی درزنجان و هی من المدائن علی فرسخین فخرج إلیهم سعد بن مسعود فقتلهم ثم خرج أبو مریم السعدی فأتی شهرزور و أكثر من معه من الموالی و قیل لم یكن معه من العرب غیر ستة هو أحدهم و اجتمع معه مائتا رجل و قیل أربعمائة و عاد حتی نزل علی خمسة فراسخ من الكوفة فأرسل إلیهم علی علیه السلام یدعوه إلی بیعته و دخول الكوفة فلم یفعل و قال لیس بیننا غیر الحرب فبعث علیه السلام إلیه شریح بن هانئ فی سبعمائة فحمل الخوار علی شریح و أصحابه فانكشفوا و بقی شریح فی مائتین فانحاز إلی قریة فتراجع إلیه بعض أصحابه و دخل الباقون الكوفة فخرج علیه علیه السلام بنفسه و قدم بین یدیه جاریة بن قدامة السعدی فدعاهم جاریة إلی طاعة علی و حذرهم القتل فلم یجیبوا و لحقهم علی علیه السلام أیضا فدعاهم فأبوا علیه و علی أصحابه فقتلهم أصحاب علی علیه السلام و لم یسلم منهم غیر خمسین رجلا استأمنوا فآمنهم و كان فی الخوارج أربعون رجلا جرحی فأمر علی علیه السلام بإدخالهم الكوفة و مداواتهم حتی برءوا.

ص: 419

ص: 420

باب 25 باب إبطال مذهب الخوارج و احتجاجات الأئمة علیهم السلام و أصحابهم علیهم

«629»-(1)قب، المناقب لابن شهرآشوب فِی حِلْیَةِ الْأَوْلِیَاءِ قَالَ أَبُو مجلر [مِجْلَزٍ] قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَابُوا عَلَیَّ تَحْكِیمَ الْحَكَمَیْنِ وَ قَدْ حَكَّمَ اللَّهُ فِی طَائِرٍ حَكَمَیْنِ.

إِبَانَةُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ نَاظَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَمَاعَةَ الْحَرُورِیَّةِ فَقَالَ مَا ذَا نَقَمْتُمْ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالُوا ثَلَاثاً أَنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِی دِینِ اللَّهِ فَكَفَرَ بِهِ وَ قَاتَلَ وَ لَمْ یَغْنَمْ وَ لَمْ یَسْبِ وَ مَحَی اسْمَهُ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَكَّمَ رِجَالًا فِی أَمْرِ اللَّهِ مِثْلَ قَتْلِ صَیْدٍ فَقَالَ یَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ فِی الْإِصْلَاحِ بَیْنَ الزَّوْجَیْنِ قَالَ وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَیْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها وَ أَمَّا أَنَّهُ قَاتَلَ وَ لَمْ یَسْبِ وَ لَمْ یَغْنَمْ أَ فَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ ثُمَّ تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا یُسْتَحَلُّ مِنْ غَیْرِهَا فَلَئِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ كَفَرْتُمْ وَ هِیَ أُمُّكُمْ وَ إِنْ قُلْتُمْ لَیْسَتْ بِأُمِّنَا

ص: 421


1- 629- رواه ابن شهرآشوب رحمه اللّٰه فی عنوان: «الرد علی الخوارج» قبیل العنوان: «فصل فی مسائل و أجوبة» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 1، ص 232 ط النجف.

فَقَدْ كَذَبْتُمْ لِقَوْلِهِ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أَمَّا أَنَّهُ مَحَی اسْمَهُ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ سَمِعْتُمْ بِأَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَاهُ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ أَبُو سُفْیَانَ لِلصُّلْحِ یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ فَقَالَ اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَیْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْقِصَّةَ وَ وَ اللَّهِ لَرَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَیْرٌ مِنْ عَلِیٍّ وَ مَا خَرَجَ مِنَ النُّبُوَّةِ بِذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا مِنَ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ وَ قَالَ وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا قَالَ وَ رَجَعَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِیرٌ.

وَ نَاظَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ یَزِیدَ الْإِبَاضِیَّ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ قِبَلَ الرَّشِیدِ فَقَالَ هِشَامٌ إِنَّهُ لَا مَسْأَلَةَ لِلْخَوَارِجِ عَلَیْنَا فَقَالَ الْإِبَاضِیُّ كَیْفَ ذَاكَ قَالَ لِأَنَّكُمْ قَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعْتُمْ مَعاً عَلَی وَلَایَةِ رَجُلٍ وَ تَعْدِیلِهِ وَ الْإِقَامَةِ بِإِمَامَتِهِ وَ فَضْلِهِ ثُمَّ فَارَقْتُمُونَا فِی عَدَاوَتِهِ وَ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَنَحْنُ عَلَی إِجْمَاعِنَا وَ شَهَادَتُكُمْ لَنَا وَ خِلَافُكُمْ لَنَا غَیْرُ قَادِحٍ فِی مَذْهَبِنَا وَ دَعْوَاكُمْ غَیْرُ مَقْبُولَةٍ عَلَیْنَا إِذِ الِاخْتِلَافُ لَا یُقَابَلُ بِالاتِّفَاقِ وَ شَهَادَةُ الْخَصْمِ لِخَصْمِهِ مَقْبُولَةٌ وَ شَهَادَتُهُ عَلَیْهِ مَرْدُودَةٌ غَیْرُ مَقْبُولَةٍ فَقَالَ یَحْیَی بْنُ خَالِدٍ قَدْ قَرُبَ قَطْعُهُ وَ لَكِنْ جَارَهُ شَیْئاً فَقَالَ هِشَامٌ رُبَّمَا انْتَهَی الْكَلَامُ إِلَی حَدٍّ یُغْمَضُ وَ یَدُقُّ عَنِ الْأَفْهَامِ وَ الْإِنْصَافُ بِالْوَاسِطَةِ وَ الْوَاسِطَةُ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِی لَمْ یُؤْمَنْ عَلَیْهِ الْعَصَبِیَّةُ لِی وَ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِكَ لَمْ أُجِبْهُ فِی الْحُكْمِ عَلَیَّ وَ إِنْ كَانَ مُخَالِفاً لَنَا جَمِیعاً لَمْ یَكُنْ مَأْمُوناً عَلَیَّ وَ لَا عَلَیْكَ وَ لَكِنْ یَكُونُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِی وَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ فَیَنْظُرَانِ فِیمَا بَیْنَنَا قَالَ نَعَمْ فَقَالَ هِشَامٌ لَمْ یَبْقَ مَعَهُ شَیْ ءٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمْ یَزَالُوا مَعَنَا عَلَی وَلَایَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ حَتَّی كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَكَمَیْنِ مَا كَانَ فَأَكْفَرُوهُ بِالتَّحْكِیمِ وَ ضَلَّلُوهُ بِذَلِكَ وَ الْآنَ هَذَا الشَّیْخُ قَدْ حَكَّمَ رَجُلَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ فِی مَذْهَبِهِمَا أَحَدُهُمَا یُكَفِّرُهُ وَ الْآخَرُ یُعَدِّلُهُ فَإِنْ كَانَ مُصِیباً فِی ذَلِكَ فَأَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَوْلَی بِالصَّوَابِ وَ إِنْ كَانَ مُخْطِئاً فَقَدْ أَرَاحَنَا مِنْ نَفْسِهِ بِشَهَادَتِهِ بِالْكُفْرِ عَلَیْهَا وَ النَّظَرُ فِی كُفْرِهِ وَ إِیمَانِهِ أَوْلَی مِنَ النَّظَرِ فِی إِكْفَارِهِ عَلِیّاً علیه السلام

ص: 422

فَاسْتَحْسَنَ الرَّشِیدُ ذَلِكَ وَ أَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ.

وَ قَالَ الطَّاقِیُّ لِلضَّحَّاكِ الشَّارِیِّ لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ مُحَكِّماً وَ تَسَمَّی بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ لِمَ تَبَرَّأْتُمْ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ اسْتَحْلَلْتُمْ قِتَالَهُ قَالَ لِأَنَّهُ حَكَّمَ فِی دِینِ اللَّهِ قَالَ وَ كُلُّ مَنْ حَكَّمَ فِی دِینِ اللَّهِ اسْتَحْلَلْتُمْ قَتْلَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الدِّینِ الَّذِی جِئْتَ بِهِ أُنَاظِرُكَ عَلَیْهِ لِأَدْخُلَ فِیهِ مَعَكَ إِنْ عَلَتْ حُجَّتُكَ حُجَّتِی قَالَ فَمَنْ شَهِدَ لِلْمُصِیبِ بِصَوَابِهِ لَا بُدَّ لَنَا مِنْ عَالِمٍ یَحْكُمُ بَیْنَنَا قَالَ لَقَدْ حَكَّمْتَ یَا هَذَا فِی الدِّینِ الَّذِی جِئْتَ بِهِ أُنَاظِرُكَ فِیهِ قَالَ نَعَمْ فَأَقْبَلَ الطَّاقِیُّ عَلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ هَذَا صَاحِبَكُمْ قَدْ حَكَّمَ فِی دِینِ اللَّهِ فَشَأْنَكُمْ بِهِ فَضَرَبُوا الضَّحَّاكَ بِأَسْیَافِهِمْ.

«630»-(1)قب، المناقب لابن شهرآشوب لَمَّا قِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی الْحَكَمَیْنِ شَكَكْتَ قَالَ علیه السلام أَنَا أَوْلَی بِأَنْ لَا أَشُكَّ فِی دِینِی أَمِ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَ وَ [مَا] قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِرَسُولِهِ قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدی مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ.

«631»-(2)شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَزِیدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: دَخَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِی الْحِجْرِ فَجَلَسَ إِلَیْهِمَا ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ صِفْ لِی إِلَهَكَ الَّذِی تَعْبُدُهُ فَأَطْرَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَوِیلًا مُسْتَبْطِئاً

ص: 423


1- 630- رواه ابن شهرآشوب فی مناقب آل أبی طالب.
2- 631- رواه العیّاشیّ رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة: 82 من سورة الكهف من تفسیره. و رواه عنه البحرانیّ فی تفسیر الآیة الكریمة من سورة الكهف من تفسیر البرهان: ج 2 ص 478 ط 3. و رواه أیضا الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی باب التوحید و نفی الشریك من كتاب التوحید، ص 79، ح 35. و رواه عنه المجلسیّ فی البحار: ج 4 ص 297 ط 1. و رواه الحافظ ابن عساكر بسندین عن عكرمة فی الحدیث: 203 من ترجمة الإمام الحسین من تاریخ دمشق: ج 13، ص 157، ط 1.

بِقَوْلِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ إِلَیَّ یَا ابْنَ الْأَزْرَقِ الْمُتَوَرِّطَ فِی الضَّلَالَةِ الْمُرْتَكِسَ فِی الْجَهَالَةِ أُجِیبُكَ عَمَّا سَأَلْتَ عَنْهُ فَقَالَ مَا إِیَّاكَ سَأَلْتُ فَتُجِیبَنِی فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مَهْ سَلِ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ فَقَالَ لَهُ صِفْ لِی فَقَالَ أَصِفُهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَ أُعَرِّفُهُ بِمَا عَرَّفَ بِهِ نَفْسَهُ لَا یُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا یُقَاسُ بِالنَّاسِ قَرِیبٌ غَیْرُ مُلْزَقٍ وَ بَعِیدٌ غَیْرُ مُتَقَصٍّ یُوَحَّدُ وَ لَا یُبَعَّضُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْكَبِیرُ الْمُتَعَالِ قَالَ فَبَكَی ابْنُ الْأَزْرَقِ بُكَاءً شَدِیداً فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ علیه السلام مَا یُبْكِیكَ قَالَ بَكَیْتُ مِنْ حُسْنِ وَصْفِكَ قَالَ یَا ابْنَ الْأَزْرَقِ إِنِّی أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تُكَفِّرُ أَبِی وَ أَخِی وَ تُكَفِّرُنِی قَالَ لَهُ نَافِعٌ لَئِنْ قُلْتُ ذَاكَ لَقَدْ كُنْتُمُ الْحُكَّامَ وَ مَعَالِمَ الْإِسْلَامِ فَلَمَّا بُدِّلْتُمُ اسْتَبْدَلْنَا بِكُمْ فَقَالَ لَهُ الْحُسَیْنُ یَا ابْنَ الْأَزْرَقِ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجِبْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَیْنِ یَتِیمَیْنِ فِی الْمَدِینَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما إِلَی قَوْلِهِ كَنزَهُما مَنْ حُفِظَ فِیهِمَا قَالَ أَبُوهُمَا قَالَ فَأَیُّهُمَا أَفْضَلُ أَبُوهُمَا أَمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فَاطِمَةُ قَالَ لَا بَلْ رَسُولُ اللَّهِ وَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَمَا حُفِظْنَا حَتَّی حَالَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْكُفْرِ فَنَهَضَ ابْنُ الْأَزْرَقِ ثُمَّ نَفَضَ ثَوْبَهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ عَنْكُمْ مَعْشَرَ قُرَیْشٍ أَنْتُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ.

«632»-(1)شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِمَامِ بْنِ رِبْعِیٍّ قَالَ: قَامَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِینَ أَعْمالًا الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً قَالَ أُولَئِكَ أَهْلُ الْكِتَابِ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَ ابْتَدَعُوا فِی دِینِهِمْ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَ مَا أَهْلُ النَّهْرِ مِنْهُمْ بِبَعِیدٍ و عن أبی الطفیل قال: منهم أهل النهر و فی روایة أخری عن أبی الطفیل

ص: 424


1- 632- رواه العیّاشیّ فی تفسیر الآیة: 103 من سورة الكهف من تفسیره. و رواه عنه البحرانیّ فی تفسیر الآیة الكریمة من سورة الكهف من تفسیر البرهان: ج 2 ص 495 ط 3.

أولئك أهل حروراء و عن عكرمة.

«633»-(1)فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی السَّنَةِ الَّتِی حَجَّ فِیهَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَ كَانَ مَعَهُ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ مَوْلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَنَظَرَ نَافِعٌ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی رُكْنِ الْبَیْتِ وَ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ النَّاسُ فَقَالَ لِهِشَامٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَنْ هَذَا الَّذِی تَكَافَأَ عَلَیْهِ النَّاسُ قَالَ هَذَا نَبِیُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَلَیْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَ أَكْمَلُ التَّحِیَّاتِ فَقَالَ نَافِعٌ لَآتِیَنَّهُ وَ لَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ مَسَائِلَ لَا یُجِیبُنِی فِیهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ قَالَ فَاذْهَبْ إِلَیْهِ فَاسْأَلْهُ لَعَلَّكَ تُخْجِلُهُ فَجَاءَ نَافِعٌ حَتَّی اتَّكَأَ عَلَی النَّاسِ فَأَشْرَفَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ یَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ إِنِّی قَرَأْتُ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ الزَّبُورَ وَ الْفُرْقَانَ وَ قَدْ عَرَفْتُ حَلَالَهَا وَ حَرَامَهَا وَ قَدْ جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ مَسَائِلَ لَا یُجِیبُ فِیهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ أَوِ ابْنُ نَبِیٍّ فَرَفَعَ أَبُو جَعْفَرٍ رَأْسَهُ فَقَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ أَخْبِرْنِی كَمْ كَانَ بَیْنَ عِیسَی وَ مُحَمَّدٍ مِنْ سَنَةٍ فَقَالَ أُخْبِرُكَ بِقَوْلِكَ أَوْ بِقَوْلِی قَالَ أَخْبِرْنِی بِالْقَوْلَیْنِ جَمِیعاً قَالَ أَمَّا فِی قَوْلِی فَخَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَ أَمَّا قَوْلُكَ فَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ فَقَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ مَنْ ذَا الَّذِی سَأَلَهُ مُحَمَّدٌ وَ كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عِیسَی خَمْسُمِائَةٍ قَالَ فَتَلَا أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةَ سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی الَّذِی بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا كَانَ مِنَ الْآیَاتِ الَّتِی أَرَاهَا اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله حَیْثُ أَسْرَی بِهِ إِلَی بَیْتِ الْمَقْدِسِ أَنَّهُ حَشَرَ اللَّهُ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الْمُرْسَلِینَ ثُمَ

ص: 425


1- 633- رواه علیّ بن إبراهیم رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة: 50 من سورة الأعراف من تفسیره. و رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه بسند آخر. و رواه البحرانیّ عنهما فی تفسیر الآیة: 50 من سورة الأعراف من تفسیر البرهان: ج 2 ص 21 ط 3.

أَمَرَ جَبْرَائِیلَ علیه السلام فَأَذَّنَ شَفْعاً وَ أَقَامَ شَفْعاً وَ قَالَ فِی إِقَامَتِهِ حَیَّ عَلَی خَیْرِ الْعَمَلِ ثُمَّ تَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَلَّی بِالْقَوْمِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اللَّهُ لَهُ سَلْ یَا مُحَمَّدُ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِلرُّسُلِ عَلَامَ تَشْهَدُونَ وَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أُخِذَتْ عَلَی ذَلِكَ عُهُودُنَا وَ مَوَاثِقُینَا فَقَالَ نَافِعٌ صَدَقْتَ یَا أَبَا جَعْفَرٍ فَأَخْبِرْنِی عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ أَیُّ أَرْضٍ تُبَدَّلُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام تُبَدَّلُ أَرْضُنَا بِخُبْزَةٍ بَیْضَاءَ یَأْكُلُونَ مِنْهَا حَتَّی یَفْرُغَ اللَّهُ مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِقِ فَقَالَ نَافِعٌ إِنَّهُمْ عَنِ الْأَكْلِ لَمَشْغُولُونَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَ هُمْ حِینَئِذٍ أَشْغَلُ أَمْ وَ هُمْ فِی النَّارِ فَقَالَ نَافِعٌ بَلْ وَ هُمْ فِی النَّارِ قَالَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ وَ نادی أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِیضُوا عَلَیْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ مَا شَغَلَهُمْ أَلِیمُ عَذَابِ النَّارِ عَنْ أَنْ دُعُوا بِالطَّعَامِ فَأُطْعِمُوا الزَّقُّومَ وَ دُعُوا بِالشَّرَابِ فَسُقُوا الْحَمِیمَ فَقَالَ صَدَقْتَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَقِیَتْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ وَ مَا هِیَ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ اللَّهِ مَتَی كَانَ قَالَ وَیْلَكَ أَخْبِرْنِی مَتَی لَمْ یَكُنْ حَتَّی أُخْبِرَكَ مَتَی كَانَ سُبْحَانَ مَنْ لَمْ یَزَلْ وَ لَا یَزَالُ فَرْداً صَمَداً لَمْ یَتَّخِذْ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً ثُمَّ قَالَ یَا نَافِعُ أَخْبِرْنِی عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ فَقَالَ هَاتِ یَا أَبَا جَعْفَرٍ قَالَ مَا تَقُولُ فِی أَصْحَابِ النَّهْرَوَانِ فَإِنْ قُلْتَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَتَلَهُمْ بِحَقٍّ فَقَدِ ارْتَدَدْتَ أَیْ رَجَعْتَ إِلَی الْحَقِّ وَ إِنْ قُلْتَ إِنَّهُ قَتَلَهُمْ بَاطِلًا فَقَدْ كَفَرْتَ قَالَ فَوَلَّی عَنْهُ وَ هُوَ یَقُولُ أَنْتَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ النَّاسِ حَقّاً حَقّاً ثُمَّ أَتَی هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْتَ قَالَ دَعْنِی مِنْ كَلَامِكَ هُوَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ النَّاسِ حَقّاً حَقّاً وَ هُوَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً وَ یَحِقُّ لِأَصْحَابِهِ أَنْ یَتَّخِذُوهُ نَبِیّاً.

ص: 426

«634»-(1)ج، الإحتجاج عَنِ الثُّمَالِیِّ عَنْ أَبِی الرَّبِیعِ مِثْلَهُ بیان قال الفیروزآبادی كافأه دافعه قوله صلی اللّٰه علیه و آله فقد كفرت أی لإنكار الخبر المتواتر عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه أمر أمیر المؤمنین علیه السلام بقتال الفرق الثلاث و أنه سماهم مارقین.

«635»-(2)ضه، روضة الواعظین شا، الإرشاد ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ جَاءَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهم السلام فَجَلَسَ بَیْنَ یَدَیْهِ یَسْأَلُهُ عَنْ مَسَائِلِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فِی عَرْضِ كَلَامِهِ قُلْ لِهَذِهِ الْمَارِقَةِ بِمَا اسْتَحْلَلْتُمْ فِرَاقَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ سَفَكْتُمْ دِمَاءَكُمْ بَیْنَ یَدَیْهِ فِی طَاعَتِهِ وَ الْقُرْبَةِ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی بِنُصْرَتِهِ فَسَیَقُولُونَ لَكَ إِنَّهُ حَكَّمَ فِی دِینِ اللَّهِ فَقُلْ لَهُمْ قَدْ حَكَّمَ اللَّهُ تَعَالَی فِی شَرِیعَةِ نَبِیِّهِ رَجُلَیْنِ مِنْ خَلْقِهِ فَقَالَ جَلَّ اسْمُهُ فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ یُرِیدا إِصْلاحاً یُوَفِّقِ اللَّهُ بَیْنَهُما وَ حَكَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِی بَنِی قُرَیْظَةَ فَحَكَمَ فِیهَا بِمَا أَمْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَی أَ وَ مَا عَلِمْتُمْ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّمَا أَمَرَ الْحَكَمَیْنِ أَنْ یَحْكُمَا بِالْقُرْآنِ وَ لَا یَتَعَدَّیَاهُ وَ اشْتَرَطَ رَدَّ مَا خَالَفَ الْقُرْآنَ مِنْ أَحْكَامِ الرِّجَالِ وَ قَالَ حِینَ قَالُوا لَهُ حَكَّمْتَ عَلَی نَفْسِكَ مَنْ حَكَمَ عَلَیْكَ فَقَالَ مَا حَكَّمْتُ مَخْلُوقاً وَ إِنَّمَا حَكَّمْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَأَیْنَ تَجِدُ الْمَارِقَةُ تَضْلِیلَ مَنْ أَمَرَ بِالْحُكْمِ بِالْقُرْآنِ وَ اشْتَرَطَ

ص: 427


1- 634- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی احتجاجات الإمام الباقر علیه السلام من كتاب الاحتجاج ص 325 ط بیروت.
2- 635- رواه الشیخ المفید رفع اللّٰه مقامه فی فضائل الإمام الباقر علیه السلام من كتاب الإرشاد، ص 265 ط النجف. و رواه الطبرسیّ فی احتجاجات الإمام الباقر علیه السلام من كتاب الاحتجاج ص 324 ط بیروت. و رواه الفتال رحمه اللّٰه فی كتاب روضة الواعظین. و بمعناه رواه البحرانیّ بأسانید عن مصادر فی تفسیر الآیة: 48 من سورة إبراهیم من تفسیر البرهان: ج 2 ص 322.

رَدَّ مَا خَالَفَهُ لَوْ لَا ارْتِكَابُهُمْ فِی بِدْعَتِهِمُ الْبُهْتَانَ فَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ هَذَا وَ اللَّهِ كَلَامٌ لَمْ یَمُرَّ بِمَسْمَعِی قَطُّ وَ لَا خَطَرَ مِنِّی بِبَالٍ وَ هُوَ الْحَقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ص: 428

باب 26 باب ما جری بینه صلوات اللّٰه علیه و بین ابن الكواء و أضرابه لعنهم اللّٰه و حكم قتال الخوارج بعده علیه السلام

«636»-(1)ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ هَاشِمٍ عَنِ ابْنِ الْمُغِیرَةِ عَنِ السَّكُونِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام قَالَ: ذُكِرَتِ الْحَرُورِیَّةُ عِنْدَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ إِنْ خَرَجُوا مِنْ جَمَاعَةٍ أَوْ عَلَی إِمَامٍ عَادِلٍ فَقَاتِلُوهُمْ وَ إِنْ خَرَجُوا عَلَی إِمَامٍ جَائِرٍ فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ فِی ذَلِكَ مَقَالًا.

«637»-(2)فس، تفسیر القمی كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یُصَلِّی وَ ابْنُ الْكَوَّاءِ خَلْفَهُ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقْرَأُ فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی

ص: 429


1- 636- رواه الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی الحدیث: 71 من باب نوادر العلل- و هو الباب الأخیر- من كتاب علل الشرائع: ج 2 ص 603.
2- 637- رواه علیّ بن إبراهیم رفع اللّٰه مقامه فی تفسیر الآیة: 60 من سورة الروم من تفسیره. و رواه أیضا الشیخ الطوسیّ مسندا فی كتاب التهذیب. و رواه عنهما البحرانیّ فی تفسیر الآیة: 60 من سورة الروم فی تفسیر البرهان: ج 3 ص 268 ط 3. و رواه عن طریق آخر ابن أبی الحدید فی آخر شرحه علی المختار: 40 من نهج البلاغة-: ج 1، ص 491 ط الحدیث ببیروت.

الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ فَسَكَتَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی سَكَتَ ابْنُ الْكَوَّاءِ ثُمَّ عَادَ فِی قِرَاءَتِهِ حَتَّی فَعَلَهُ ابْنُ الْكَوَّاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا كَانَ فِی الثَّالِثَةِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ.

«638»-(1)یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ قَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام أَیْنَ كُنْتَ حَیْثُ ذَكَرَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ ثانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُما فِی الْغارِ فَقَالَ علیه السلام وَیْلَكَ یَا ابْنَ الْكَوَّاءِ كُنْتُ عَلَی فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ طَرَحَ عَلَیَّ رَیْطَتَهُ فَأَقْبَلَ عَلَیَّ قُرَیْشٌ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ هِرَاوَةٌ فِیهَا شَوْكُهَا فَلَمْ یُبْصِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَقْبَلُوا عَلَیَّ یَضْرِبُونِّی حَتَّی تَنَفَّطَ جَسَدِی وَ أَوْثَقُونِی بِالْحَدِیدِ وَ جَعَلُونِی فِی بَیْتٍ وَ اسْتَوْثَقُوا الْبَابَ بِقُفْلٍ وَ جَاءُوا بِعَجُوزٍ تَحْرُسُ الْبَابَ فَسَمِعْتُ صَوْتاً یَقُولُ یَا عَلِیُّ فَسَكَنَ الْوَجَعُ فَلَنْ أَجِدَهُ وَ سَمِعْتُ صَوْتاً آخَرَ یَقُولُ یَا عَلِیُّ فَإِذَا الْحَدِیدُ الَّذِی عَلَیَّ قَدْ تَقَطَّعَ ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً یَا عَلِیُّ فَإِذَا الْبَابُ فُتِحَ وَ خَرَجْتُ وَ الْعَجُوزُ لَا تَعْقِلُ.

بیان: قال فی القاموس الریطة كل ملاءة غیر ذات لفقین كلها نسج واحد و قطعة واحدة أو كل ثوب لین رقیق و الهراوة بالكسر العصا و النفطة الجدری و البثرة.

«639»-(2)یب، تهذیب الأحكام الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ فِی صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَرَأَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ هُوَ خَلْفَهُ وَ لَقَدْ أُوحِیَ إِلَیْكَ وَ إِلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ

ص: 430


1- 638- و قریبا منه جدا رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الخصائص. و رواه عنه السیّد البحرانیّ فی الحدیث 6 من تفسیر الآیة: 41 من سورة التوبة من تفسیر البرهان: ج 2 ص 126.
2- 639- رواه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث: 39 من «باب أحكام الجماعة» من كتاب الصلاة من التهذیب: ج 3 ص 36 ط النجف.

أَشْرَكْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ فَأَنْصَتَ عَلِیٌّ علیه السلام تَعْظِیماً لِلْقُرْآنِ حَتَّی فَرَغَ مِنَ الْآیَةِ ثُمَّ عَادَ فِی قِرَاءَتِهِ ثُمَّ أَعَادَ ابْنُ الْكَوَّاءِ الْآیَةَ فَأَنْصَتَ عَلِیٌّ أَیْضاً ثُمَّ قَرَأَ فَأَعَادَ ابْنُ الْكَوَّاءِ فَأَنْصَتَ عَلِیٌّ ثُمَّ قَالَ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا یَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِینَ لا یُوقِنُونَ ثُمَّ أَتَمَّ السُّورَةَ ثُمَّ رَكَعَ.

«640»-(1)نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَ لِلْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ وَ هُوَ عَلَی مِنْبَرِ الْكُوفَةِ یَخْطُبُ فَمَضَی فِی بَعْضِ كَلَامِهِ شَیْ ءٌ اعْتَرَضَهُ الْأَشْعَثُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذِهِ عَلَیْكَ لَا لَكَ فَخَفَضَ إِلَیْهِ بَصَرَهُ ثُمَّ قَالَ علیه السلام لَهُ وَ مَا یُدْرِیكَ مَا عَلَیَّ مِمَّا لِی عَلَیْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ لَعْنَةُ اللَّاعِنِینَ حَائِكُ ابْنُ حَائِكٍ مُنَافِقُ ابْنُ كَافِرٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ أَسَرَكَ الْكُفْرُ مَرَّةً وَ الْإِسْلَامُ أُخْرَی فَمَا فَدَاكَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَالُكَ وَ لَا حَسَبُكَ وَ إِنَّ امْرَأً دَلَّ عَلَی قَوْمِهِ السَّیْفَ وَ سَاقَ إِلَیْهِمُ الْحَتْفَ لَحَرِیٌّ أَنْ یَمْقُتَهُ الْأَقْرَبُ وَ لَا یَأْمَنَهُ الْأَبْعَدُ.

قَالَ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یُرِیدُ علیه السلام أَنَّهُ أُسِرَ فِی الْكُفْرِ مَرَّةً وَ فِی الْإِسْلَامِ مَرَّةً.

وَ أَمَّا قَوْلُهُ دَلَّ عَلَی قَوْمِهِ السَّیْفَ فَأَرَادَ بِهِ حَدِیثاً كَانَ لِلْأَشْعَثِ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ بِالْیَمَامَةِ غَرَّ فِیهِ قَوْمَهُ وَ مَكَرَ بِهِمْ حَتَّی أَوْقَعَ بِهِمْ خَالِدٌ وَ كَانَ قَوْمُهُ یُسَمُّونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْفَ النَّارِ وَ هُوَ اسْمٌ لِلْغَادِرِ عِنْدَهُمْ.

بَیَانٌ قَالَ الشُّرَّاحُ الْكَلَامُ الَّذِی اعْتَرَضَهُ الْأَشْعَثُ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ یَذْكُرُ فِی خُطْبَتِهِ أَمْرَ الْحَكَمَیْنِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ لَهُ نَهَیْتَنَا عَنِ الْحُكُومَةِ ثُمَّ أَمَرْتَنَا بِهِ فَمَا نَدْرِی أَیُّ الْأَمْرَیْنِ أَرْشَدُ فَصَفَّقَ علیه السلام إِحْدَی یَدَیْهِ عَلَی الْأُخْرَی وَ قَالَ هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْعُقْدَةَ وَ كَانَ مُرَادُهُ علیه السلام هَذَا جَزَاؤُكُمْ إِذْ تَرَكْتُمُ الرَّأْیَ وَ الْحَزْمَ فَظَنَّ الْأَشْعَثُ أَنَّهُ علیه السلام أَرَادَ هَذَا جَزَائِی حَیْثُ تَرَكْتُ الْحَزْمَ وَ الرَّأْیَ.

وَ قِیلَ كَانَ مُرَادُهُ علیه السلام هَذَا جَزَائِی حَیْثُ وَافَقْتُكُمْ عَلَی مَا أَلْزَمْتُمُونِی

ص: 431


1- 640- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 19 من كتاب نهج البلاغة.

مِنَ التَّحْكِیمِ وَ كَانَ مُوَافَقَتُهُ علیه السلام لَهُمْ خَوْفاً مِنْهُمْ عَلَی أَنْ یَقْتُلُوهُ فَجَهِلَ الْأَشْعَثُ أَوْ تَجَاهَلَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ قَدْ تُتْرَكُ لِأَمْرٍ أَعْظَمَ مِنْهَا فَاعْتَرَضَهُ.

قَوْلُهُ علیه السلام حَائِكُ ابْنُ حَائِكٍ قِیلَ كَانَ الْأَشْعَثُ وَ أَبُوهُ یَنْسِجَانِ بُرُودَ الْیَمَنِ.

وَ قِیلَ إِنَّهُ كَانَ مِنْ أَكَابِرِ كِنْدَةَ وَ أَبْنَاءِ مُلُوكِهَا وَ إِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ علیه السلام بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا مَشَی یُحَرِّكُ مَنْكِبَیْهِ وَ یُفَحِّجُ بَیْنَ رِجْلَیْهِ وَ هَذِهِ الْمَشِیَّةُ تُعْرَفُ بِالْحِیَاكَةِ وَ عَلَی هَذَا فَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ كِنَایَةٌ عَنْ نُقْصَانِ عَقْلِهِ.

وَ ذَكَرَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (1)أَنَّ أَهْلَ الْیَمَنِ یُعَیَّرُونَ بِالْحِیَاكَةِ وَ لَیْسَ هَذَا مِمَّا یَخُصُّ الْأَشْعَثَ.

وَ أَمَّا التَّعْیِیرُ بِالْحِیَاكَةِ فَقِیلَ إِنَّهُ لِنُقْصَانِ عُقُولِهِمْ وَ قِیلَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْخِیَانَةِ وَ الْكَذِبِ.

وَ یُمْكِنُ أَنْ یَكُونَ الْمُرَادُ بِالْحِیَاكَةِ نَسْجُ الْكَلَامِ فَیَكُونُ كِنَایَةً عَنْ كَوْنِهِ كَذَّاباً.

كَمَا

رُوِیَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ علیه السلام أَنَّ الْحَائِكَ مَلْعُونٌ فَقَالَ إِنَّمَا ذَاكَ الَّذِی یَحُوكُ الْكَذِبَ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ.

قَوْلُهُ علیه السلام أَسَرَكَ إِلَی قَوْلِهِ فَمَا فَدَاكَ أَیْ مَا نَجَّاكَ مِنَ الْوُقُوعِ فِیهَا مَالُكَ وَ لَا حَسَبُكَ.

وَ لَمْ یُرِدِ الْفِدَاءَ الْحَقِیقِیَّ فَإِنَّ مُرَاداً لَمَّا قَتَلَتْ أَبَاهُ خَرَجَ الْأَشْعَثُ طَالِباً بِدَمِهِ فَأُسِرَ فَفَدَی نَفْسَهُ بِثَلَاثَةِ آلَافِ بَعِیرٍ وَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِأَسْرِهِ فِی الْكُفْرِ.

وَ أَمَّا أَسْرُهُ فِی الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ارْتَدَّ بِحَضْرَمَوْتَ وَ مَنَعَ أَهْلُهَا تَسْلِیمَ الصَّدَقَةِ فَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ إِلَیْهِ زِیَادَ بْنَ لَبِیدٍ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِی جَهْلٍ فِی جَمٍّ غَفِیرٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَاتَلَهُمُ الْأَشْعَثُ بِقَبَائِلِ

ص: 432


1- 1 ذكره و ما بعده ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 19 من نهج البلاغة: ج 1، ص 239 ط الحدیث ببیروت.

كِنْدَةَ قِتَالًا شَدِیداً فَالْتَجَأَ بِقَوْمِهِ إِلَی حِصْنِهِمْ وَ بَلَغَ بِهِمْ جُهْدُ الْعَطَشِ فَبَعَثَ إِلَی زِیَادٍ یَطْلُبُ مِنْهُ الْأَمَانَ لِأَهْلِهِ وَ لِبَعْضِ قَوْمِهِ وَ لَمْ یَطْلُبْهُ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا نَزَلَ أَسَرَهُ زِیَادٌ وَ بَعَثَ بِهِ مُقَیَّداً إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَأَطْلَقَهُ أَبُو بَكْرٍ وَ زَوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ.

قَوْلُهُ علیه السلام دَلَّ عَلَی قَوْمِهِ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ إِشَارَةٌ إِلَی غَدْرِهِ بِقَوْمِهِ فَإِنَّ الْأَشْعَثَ لَمَّا طَلَبَ الْأَمَانَ مِنْ زِیَادٍ طَلَبَهُ لِنَفَرٍ یَسِیرٍ مِنْ وُجُوهِ قَوْمِهِ فَظَنَّ الْبَاقُونَ أَنَّهُ طَلَبَهُ لِجَمِیعِهِمْ فَنَزَلُوا عَلَی ذَلِكَ الظَّنِّ فَلَمَّا دَخَلَ زِیَادٌ الْحِصْنَ ذَكَّرُوهُ الْأَمَانَ فَقَالَ إِنَّ الْأَشْعَثَ لَمْ یَطْلُبِ الْأَمَانَ إِلَّا لِعَشَرَةٍ مِنْ قَوْمِهِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ حَتَّی وَافَاهُ كِتَابُ أَبِی بَكْرٍ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ وَ حَمْلِهِمْ إِلَیْهِ فَحَمَلَهُمْ.

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِیمَا ذَكَرَهُ السَّیِّدُ لَمْ نَعْرِفْ فِی التَّوَارِیخِ هَذَا وَ لَا شِبْهَهُ وَ أَیْنَ كِنْدَةُ وَ الْیَمَامَةُ كِنْدَةُ بِالْیَمَنِ وَ الْیَمَامَةُ لِبَنِی حَنِیفَةَ وَ لَا أَعْلَمُ مِنْ أَیْنَ نَقَلَهُ السَّیِّدُ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ.

«641»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام لَمَّا قَتَلَ الْخَوَارِجَ فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَلَكَ الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ فَقَالَ علیه السلام كَلَّا وَ اللَّهِ إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ قَرَارَاتِ النِّسَاءِ وَ كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ حَتَّی یَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلَّابِینَ.

توضیح:

القرار و القرارة بالفتح ما قر فیه شی ء و سكن و المراد هنا الأرحام و نجم كنصر ظهر و طلع و القرن كنایة عن الرئیس و هو فی الإنسان موضع قرن الحیوان من رأسه و قطع القرن استیصال رؤسائهم و قتلهم و اللصوص بالضم جمع لص مثلثة و السلب الاختلاس.

روی أن جماعة من الخوارج لم یحضروا القتال و لم یظفر بهم أمیر المؤمنین علیه السلام و أما المفلتون من القتل فانهزم اثنان منهم إلی عمان و اثنان إلی كرمان و اثنان إلی سجستان و اثنان إلی الجزیرة و واحد إلی تل موزن فظهرت بدعهم فی البلاد و صاروا نحوا من عشرین فرقة.

ص: 433


1- 641- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 60 من كتاب نهج البلاغة.

و كبارها ست الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق و هم أكبر الفرق غلبوا علی الأهواز و بعض بلاد فارس و كرمان فی أیام عبد اللّٰه بن الزبیر.

و النجدات رئیسهم نجدة بن عامر الحنفی.

و البیهسیة أصحاب أبی بیهس هیصم بن جابر و كان بالحجاز و قتل فی زمن الولید.

و العجاردة أصحاب عبد الكریم بن عجرد.

و الإباضیة أصحاب عبد اللّٰه بن إباض قتل فی أیام مروان بن محمد.

و الثعالبة أصحاب ثعلبة بن عامر.

و تفصیل خرافاتهم مذكور فی كتب المقالات.

«642»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام فِی الْخَوَارِجِ لَا تَقْتُلُوا الْخَوَارِجَ بَعْدِی فَلَیْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ یَعْنِی مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابَهُ.

بیان: لعل المراد لا تقتلوا الخوارج بعدی ما دام ملك معاویة و أضرابه كما یظهر من التعلیل و قد كان یسبه علیه السلام و یبرأ منه فی الجمع و الأعیاد و لم یكن إنكاره للحق عن شبهة كالخوارج و لم یظهر منهم من الفسوق ما ظهر منه و لم یكن مجتهدا فی العبادة و حفظ قوانین الشرع مثلهم فكان أولی بالجهاد.

«643»-(2)نهج، نهج البلاغة رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ جَالِساً فِی أَصْحَابِهِ إِذْ مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ جَمِیلَةٌ فَرَمَقَهَا الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقَالَ علیه السلام إِنَّ أَبْصَارَ هَذِهِ الْفُحُولِ طَوَامِحُ وَ إِنَّ ذَلِكَ سَبَبُ هَبَابِهَا فَإِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ

ص: 434


1- 642- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 61 من كتاب نهج البلاغة.
2- 643- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 420 من باب قصار كلام أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.

إِلَی امْرَأَةٍ تُعْجِبُهُ فَلْیَلْمَسْ أَهْلَهُ فَإِنَّمَا هِیَ امْرَأَةٌ كَامْرَأَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ قَاتَلَهُ اللَّهُ كَافِراً مَا أَفْقَهَهُ فَوَثَبَ الْقَوْمُ لِیَقْتُلُوهُ فَقَالَ علیه السلام رُوَیْداً إِنَّمَا هُوَ سَبٌّ بِسَبٍّ أَوْ عَفْوٌ عَنْ ذَنْبٍ.

بیان: فلمح بصره امتد و علا ذكره فی النهایة و قال هب التیس أی هاج للسفاد یقال هب یهب هبیبا و هبابا.

«644»-(1)كِتَابُ الْغَارَاتِ، لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فِیهِمْ رَجُلٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْخَوَارِجِ یُقَالُ لَهُ الْجَعْدُ بْنُ نَعْجَةَ وَ قَالَ لَهُ فِی لِبَاسِهِ فَقَالَ هَذَا أَبْعَدُ لِی مِنَ الْكِبْرِ وَ أَجْدَرُ أَنْ یَقْتَدِیَ بِیَ الْمُسْلِمُ فَقَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ مَیِّتٌ قَالَ مَیِّتٌ بَلْ وَ اللَّهِ قَتْلًا ضَرْبَةً عَلَی هَذِهِ تُخْضَبُ هَذِهِ قَضَاءً مَقْضِیّاً وَ عَهْداً مَعْهُوداً وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری

ص: 435


1- 644- ذكره الثقفی رحمه اللّٰه فی الحدیث: 65 من كتاب تلخیص الغارات: ج 1، ص 108، ط 1. و ذكر ذیله فی الحدیث الأول منه ص 7، و فی ص 30. و رواه عنه الشیخ النوریّ رحمه اللّٰه فی عنوان: «استحباب التواضع فی الملابس» من كتاب الصلاة من المستدرك: ج 1، ص 210. و للحدیث مصادر كثیرة یجد الباحث بعضها فی الحدیث: 31 و ما بعده من فضائل علیّ علیه السلام و تعلیقها من كتاب الفضائل ص 22 ط 1، و فیه: «الجعد بن بعجة».

ص: 436

باب 27 باب ما ظهر من معجزاته بعد رجوعه صلوات اللّٰه علیه من قتال الخوارج

«645»-(1)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیٍّ الْخُزَاعِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عِیسَی بْنِ حُمَیْدٍ الطَّائِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ أَبِیهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا رَجَعَ مِنْ وَقْعَةِ الْخَوَارِجِ اجْتَازَ بِالزَّوْرَاءِ فَقَالَ لِلنَّاسِ إِنَّهَا الزَّوْرَاءُ فَسِیرُوا وَ جَنِّبُوا عَنْهَا فَإِنَّ الْخَسْفَ أَسْرَعُ إِلَیْهَا مِنَ الْوَتَدِ فِی النُّخَالَةِ فَلَمَّا أَتَی مَوْضِعاً مِنْ أَرْضِهَا قَالَ مَا هَذِهِ الْأَرْضُ قِیلَ أَرْضُ نَجْرَا فَقَالَ أَرْضُ سِبَاخٍ جَنِّبُوا وَ یَمِّنُوا فَلَمَّا أَتَی یَمْنَةَ السَّوَادِ إِذَا هُوَ بِرَاهِبٍ فِی صَوْمَعَةٍ فَقَالَ لَهُ یَا رَاهِبُ أَنْزِلُ هَاهُنَا فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ لَا تَنْزِلْ هَذِهِ

ص: 437


1- 645- رواه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث: 42 من الجزء 7 من أمالیه: ج 1، ص 202 ط بیروت. و رواه أیضا ابن شهرآشوب علی وجوه فی عنوان: «إخباره [علیه السلام] بالغیب» من مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 100.

الْأَرْضَ بِجَیْشِكَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّهُ لَا یَنْزِلُهَا إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ بِجَیْشِهِ یُقَاتِلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ هَكَذَا نَجِدُ فِی كُتُبِنَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَنَا وَصِیُّ سَیِّدِ الْأَنْبِیَاءِ وَ سَیِّدُ الْأَوْصِیَاءِ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ فَأَنْتَ إِذَنْ أَصْلَعُ قُرَیْشٍ وَ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَا ذَلِكَ فَنَزَلَ الرَّاهِبُ إِلَیْهِ فَقَالَ خُذْ عَلَی شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ إِنِّی وَجَدْتُ فِی الْإِنْجِیلِ نَعْتَكَ وَ أَنَّكَ تَنْزِلُ أَرْضَ بَرَاثَا بَیْتَ مَرْیَمَ وَ أَرْضَ عِیسَی علیه السلام فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قِفْ وَ لَا تُخْبِرْنَا بِشَیْ ءٍ ثُمَّ أَتَی مَوْضِعاً فَقَالَ الْكَزُوا هَذَا فَلَكَزَهُ بِرِجْلِهِ علیه السلام فَانْبَجَسَتْ عَیْنٌ خَرَّارَةٌ فَقَالَ هَذِهِ عَیْنُ مَرْیَمَ الَّتِی انْبَعَثَ لَهَا ثُمَّ قَالَ اكْشِفُوا هَاهُنَا عَلَی سَبْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً فَكُشِفَ فَإِذَا بِصَخْرَةٍ بَیْضَاءَ فَقَالَ علیه السلام عَلَی هَذِهِ وَضَعَتْ مَرْیَمُ عِیسَی مِنْ عَاتِقِهَا وَ صَلَّتْ هَاهُنَا فَنَصَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الصَّخْرَةَ وَ صَلَّی إِلَیْهَا وَ أَقَامَ هُنَاكَ أَرْبَعَةَ أَیَّامٍ یُتِمُّ الصَّلَاةَ وَ جَعَلَ الْحَرَمَ فِی خَیْمَةٍ مِنَ الْمَوْضِعِ عَلَی دَعْوَةٍ ثُمَّ قَالَ أَرْضُ بَرَاثَا هَذَا بَیْتُ مَرْیَمَ علیها السلام هَذَا الْمَوْضِعُ الْمُقَدَّسُ صَلَّی فِیهِ الْأَنْبِیَاءُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ لَقَدْ وَجَدْنَا أَنَّهُ صَلَّی فِیهِ إِبْرَاهِیمُ قَبْلَ عِیسَی علیه السلام.

توضیح:

قال الفیروزآبادی فی القاموس الزوراء دجلة و بغداد لأن أبوابها الداخلة جعلت مزورة عن الخارجة و البعیدة من الأراضی و قال الصلع محركة انحسار شعر مقدم الرأس و قال براثا قریة من نهر الملك أو محلة عتیقة بالجانب الغربی و جامع براثا معروف و اللكز الدفع بالكف استعمل هنا مجازا فی الضرب بالرجل.

و قال فی النهایة فیه و إذا بعین خرارة أی كثیرة الجریان.

قوله علی دعوة أی مقدار ما یسمع دعاء رجل رجل.

«646»-(1)یب، تهذیب الأحكام رَوَی جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّی بِنَا عَلِیٌّ علیه السلام بِبَرَاثَا بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ قِتَالِ الشُّرَاةِ وَ نَحْنُ زُهَاءُ مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ

ص: 438


1- 646- رواه الشیخ فی التهذیب، ج 3، ص 264، ط النجف.

فَنَزَلَ نَصْرَانِیٌّ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ أَیْنَ عَمِیدُ هَذَا الْجَیْشِ فَقُلْنَا هَذَا فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا سَیِّدِی أَنْتَ نَبِیٌّ قَالَ لَا النَّبِیُّ سَیِّدِی قَدْ مَاتَ قَالَ فَأَنْتَ وَصِیُّ نَبِیٍّ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ اجْلِسْ كَیْفَ سَأَلْتَ عَنْ هَذَا قَالَ إِنَّمَا بُنِیَتْ هَذِهِ الصَّوْمَعَةُ مِنْ أَجْلِ الْمَوْضِعِ وَ هُوَ بَرَاثَا وَ قَرَأْتُ فِی الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ أَنَّهُ لَا یُصَلِّی فِی هَذَا الْمَوْضِعِ بِذَا الْجَمْعِ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ وَ قَدْ جِئْتُ أَنْ أُسْلِمَ فَأَسْلَمَ وَ خَرَجَ مَعَنَا إِلَی الْكُوفَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَمَنْ صَلَّی هَاهُنَا قَالَ صَلَّی عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ وَ أُمُّهُ فَقَالَ لَهُ علیه السلام فَأُفِیدُكَ مَنْ صَلَّی هَاهُنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ الْخَلِیلُ علیه السلام.

بیان: قال الجوهری الشراة الخوارج الواحد شَارٍ سموا بذلك لقولهم إنا شرینا أنفسنا فی طاعة اللّٰه أی بعناها بالجنة حین فارقنا الأئمة الجائرة و قال هم زهاء مائة أی قدر مائة و قال عمید القوم و عمودهم سیدهم.

«647»-(1)كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِیسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی الْمِقْدَامِ عَنْ جُوَیْرِیَةَ بْنِ مُسْهِرٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بَعْدَ قَتْلِ الْخَوَارِجِ حَتَّی إِذَا صِرْنَا فِی أَرْضِ بَابِلَ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَنَزَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ نَزَلَ النَّاسُ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ مَلْعُونَةٌ وَ قَدْ عُذِّبَتْ مِنَ الدَّهْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ هِیَ إِحْدَی الْمُؤْتَفِكَاتِ وَ هِیَ أَوَّلُ أَرْضٍ عُبِدَ فِیهَا وَثَنٌ وَ إِنَّهُ لَا یَحِلُّ لِنَبِیٍّ وَ لَا وَصِیِّ نَبِیٍّ أَنْ یُصَلِّیَ بِهَا فَأَمَرَ النَّاسَ فَمَالُوا إِلَی جَنْبَیِ الطَّرِیقِ یُصَلُّونَ وَ رَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَضَی

ص: 439


1- 647- تأویل الآیات الباهرة للنجفی فی ذیل الآیة 52 من سورة الحاقة. و رواه المجلسیّ ثانیة فی البحار، ج 41، ص 168 عنه و عن الروضة و الفضائل لابن شاذان و البصائر و العلل، فراجع. و رواه الراوندیّ فی الخرائج، ص 206.

عَلَیْهَا قَالَ جُوَیْرِیَةُ فَقُلْتُ وَ اللَّهِ لَأَتْبَعَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَأُقَلِّدَنَّهُ صَلَاتِیَ الْیَوْمَ قَالَ فَمَضَیْتُ خَلْفَهُ فَوَ اللَّهِ مَا جُزْنَا جِسْرَ سُورَاءَ حَتَّی غَابَتِ الشَّمْسُ قَالَ فَسَبَبْتُهُ أَوْ هَمَمْتُ أَنْ أَسُبَّهُ قَالَ فَالْتَفَتَ وَ قَالَ جُوَیْرِیَةُ قُلْتُ نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَنَزَلَ نَاحِیَةً فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ فَنَطَقَ بِكَلَامٍ لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا بِالْعِبْرَانِیَّةِ ثُمَّ نَادَی بِالصَّلَاةِ قَالَ فَنَظَرْتُ وَ اللَّهِ إِلَی الشَّمْسِ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ جَبَلَیْنِ لَهَا صَرِیرٌ فَصَلَّی الْعَصْرَ وَ صَلَّیْتُ مَعَهُ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلَاتِنَا عَادَ اللَّیْلُ كَمَا كَانَ فَالْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ یَا جُوَیْرِیَةُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی یَقُولُ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِیمِ وَ إِنِّی سَأَلْتُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِاسْمِهِ الْعَظِیمِ فَرَدَّ عَلَیَّ الشَّمْسَ.

أقول: سیأتی تلك الأخبار بأسانید جمة فی أبواب معجزاته.

ص: 440

باب 28 باب سیرة أمیر المؤمنین علیه السلام فی حروبه

«648»-(1)ب، قرب الإسناد أَبُو الْبَخْتَرِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا هَزَمَنَا عَلِیٌّ بِالْبَصْرَةِ رَدَّ عَلَی النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ مَنْ أَقَامَ بَیِّنَةً أَعْطَاهُ وَ مَنْ لَمْ یُقِمْ بَیِّنَةً عَلَی ذَلِكَ حَلَّفَهُ فَقَالَ لَهُ قَائِلُونَ یَا عَلِیُّ اقْسِمِ الْفَیْ ءَ بَیْنَنَا وَ السَّبْیَ قَالَ فَلَمَّا كَثُرُوا عَلَیْهِ قَالَ أَیُّكُمْ یَأْخُذُ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فِی سَهْمِهِ فَسَكَتُوا.

«649»-(2)ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام مِثْلَهُ.

«650»-(3)ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّهْدِیِّ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ

ص: 441


1- 648- رواه الحمیری رحمه اللّٰه فی الحدیث السابع ممّا رواه عن أبی البختری فی أواسط كتاب قرب الإسناد، ص 62 ط 1.
2- 649- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 69 من الباب الأخیر من كتاب علل الشرائع: ج 2 ص 603.
3- 650- رواه الشیخ الصدوق رضوان اللّٰه علیه فی الحدیث: 122 من كتاب علل الشرائع: ج 1، ص 146.

زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِنَّمَا أَشَارَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْكَفِّ عَنْ عَدُوِّهِ مِنْ أَجْلِ شِیعَتِنَا لِأَنَّهُ كَانَ یَعْلَمُ أَنَّهُ سَیُظْهَرُ عَلَیْهِمْ بَعْدَهُ فَأَحَبَّ أَنْ یَقْتَدِیَ بِهِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ فَیَسِیرُ فِیهِمْ بِسِیرَتِهِ وَ یَقْتَدِی بِالْكَفِّ بَعْدَهُ.

«651»-(1)ع، علل الشرائع عَلِیُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّازِیِّ عَنِ ابْنِ أَبِی الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ بَزِیعٍ عَنْ یُونُسَ عَنْ بَكَّارِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ یَقُولُ لَسِیرَةُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فِی أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَتْ خَیْراً لِشِیعَتِهِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ لِلْقَوْمِ دَوْلَةً فَلَوْ سَبَاهُمْ سُبِیَتْ شِیعَتُهُ قَالَ قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْقَائِمِ علیه السلام یَسِیرُ بِسِیرَتِهِ قَالَ لَا إِنَّ عَلِیّاً سَارَ فِیهِمْ بِالْمَنِّ لِمَا عَلِمَ مِنْ دَوْلَتِهِمْ وَ إِنَّ الْقَائِمَ یَسِیرُ فِیهِمْ بِخِلَافِ تِلْكَ السِّیرَةِ لِأَنَّهُ لَا دَوْلَةَ لَهُمْ.

«652»-(2)ع، علل الشرائع أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَوْ لَا أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَارَ فِی أَهْلِ حَرْبِهِ بِالْكَفِّ عَنِ السَّبْیِ وَ الْغَنِیمَةِ لَلَقِیَتْ شِیعَتُهُ مِنَ النَّاسِ بَلَاءً عَظِیماً ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ لَسِیرَتُهُ كَانَتْ خَیْراً لَكُمْ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ.

«653»-(3)ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الرَّبِیعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ

ص: 442


1- 651- رواه الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی الحدیث: 9 من الباب: 122 من كتاب علل الشرائع: ج 1، ص 150.
2- 652- رواه الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی الحدیث 11 أو ذیل الحدیث: 10 من كتاب علل الشرائع: ج 1 ص 150.
3- 653- رواه الشیخ الصدوق رضوان اللّٰه علیه فی الحدیث الأول من الباب: 123 من كتاب علل الشرائع: ج 1، ص 154.

یَرْوُونَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَتَلَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ تَرَكَ أَمْوَالَهُمْ فَقَالَ إِنَّ دَارَ الشِّرْكِ یَحِلُّ مَا فِیهَا وَ دَارُ الْإِسْلَامِ لَا یَحِلُّ مَا فِیهَا فَقَالَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام إِنَّمَا مَنَّ عَلَیْهِمْ كَمَا مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَی أَهْلِ مَكَّةَ وَ إِنَّمَا تَرَكَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمْوَالَهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ یَعْلَمُ أَنَّهُ سَیَكُونُ لَهُ شِیعَةٌ وَ أَنَّ دَوْلَةَ الْبَاطِلِ سَتَظْهَرُ عَلَیْهِمْ فَأَرَادَ أَنْ یُقْتَدَی بِهِ فِی شِیعَتِهِ وَ قَدْ رَأَیْتُمْ آثَارَ ذَلِكَ هُوَ ذَا یُسَارُ فِی النَّاسِ بِسِیرَةِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَوْ قَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام أَهْلَ الْبَصْرَةِ جَمِیعاً وَ أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ لَكَانَ ذَلِكَ لَهُ حَلَالًا لَكِنَّهُ مَنَّ عَلَیْهِمْ لِیُمَنَّ عَلَی شِیعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

وَ قَدْ رُوِیَ أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْبَصْرَةِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اقْسِمْ بَیْنَنَا غَنَائِمَهُمْ قَالَ أَیُّكُمْ یَأْخُذُ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فِی سَهْمِهِ.

«654»-(1)ع، علل الشرائع ما، أمالی الشیخ أَبِی عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ [بْنِ] فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَیْمُونٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام جَالِساً فَسَأَلَهُ الْمُعَلَّی بْنُ خُنَیْسٍ أَ یَسِیرُ الْقَائِمُ بِخِلَافِ سِیرَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ نَعَمْ وَ ذَلِكَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَارَ فِیهِمْ بِالْمَنِّ وَ الْكَفِّ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ شِیعَتَهُ سَیَظْهَرُ عَلَیْهِمْ عَدُوُّهُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنَّ الْقَائِمَ علیه السلام إِذَا قَامَ سَارَ فِیهِمْ بِالْبَسْطِ وَ السَّبْیِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ یَعْلَمُ أَنَّ شِیعَتَهُ لَنْ یُظْفَرَ عَلَیْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً.

«655»-(2)ف، تحف العقول سَأَلَ یَحْیَی بْنُ أَكْثَمَ عَنْ عِلَّةِ اخْتِلَافِ سِیرَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی أَهْلِ صِفِّینَ وَ فِی أَهْلِ الْجَمَلِ فَكَتَبَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ علیه السلام وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَتَلَ أَهْلَ صِفِّینَ مُقْبِلِینَ وَ مُدْبِرِینَ وَ أَجَازَ عَلَی

ص: 443


1- 654- رواه الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی الباب: 158 من كتاب علل الشرائع: ج 1، ص 210.
2- 655- رواه الحسن بن علیّ بن شعبة رحمه اللّٰه فی أجوبة الامام الهادی علیه السلام و كلمه من كتاب تحف العقول ص 359 ط النجف.

جَرِیحِهِمْ وَ إِنَّهُ یَوْمَ الْجَمَلِ لَمْ یَتْبَعْ مُوَلِّیاً وَ لَمْ یُجِزْ عَلَی جَرِیحٍ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ آمَنَهُ وَ مَنْ دَخَلَ دَارَهُ آمَنَهُ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ قُتِلَ إِمَامُهُمْ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ یَرْجِعُونَ إِلَیْهَا وَ إِنَّمَا رَجَعَ الْقَوْمُ إِلَی مَنَازِلِهِمْ غَیْرَ مُحَارِبِینَ وَ لَا مُخَالِفِینَ وَ لَا مُنَابِذِینَ رَضُوا بِالْكَفِّ عَنْهُمْ فَكَانَ الْحُكْمُ فِیهِمْ رَفْعَ السَّیْفِ عَنْهُمْ وَ الْكَفَّ عَنْ أَذَاهُمْ إِذْ لَمْ یَطْلُبُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً وَ أَهْلُ صِفِّینَ كَانُوا یَرْجِعُونَ إِلَی فِئَةٍ مُسْتَعِدَّةٍ وَ إِمَامٍ یَجْمَعُ لَهُمُ السِّلَاحَ الدُّرُوعَ وَ الرِّمَاحَ وَ السُّیُوفَ وَ یُسَنِّی لَهُمُ الْعَطَاءَ وَ یُهَیِّئُ لَهُمُ الْأَنْزَالَ یَعُودُ مَرِیضَهُمْ وَ یَجْبُرُ كَسِیرَهُمْ وَ یُدَاوِی جَرِیحَهُمْ وَ یَحْمِلُ رَاجِلَهُمْ وَ یَكْسُو حَاسِرَهُمْ وَ یَرُدُّهُمْ فَیَرْجِعُونَ إِلَی مُحَارَبَتِهِمْ وَ قِتَالِهِمْ فَلَمْ یُسَاوِ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ فِی الْحُكْمِ لِمَا عَرَفَ مِنَ الْحُكْمِ فِی قِتَالِ أَهْلِ التَّوْحِیدِ لَكِنَّهُ شَرَحَ ذَلِكَ لَهُمْ فَمَنْ رَغِبَ عُرِضَ عَلَی السَّیْفِ أَوْ یَتُوبُ مِنْ ذَلِكَ.

بیان: الأنزال جمع النزل و هو ما یهیأ للنزیل و الحاسر الذی لا مغفر علیه و لا درع.

«656»-(1)قب، المناقب لابن شهرآشوب فِی لَیْلَةِ الْهَرِیرِ لَمْ تَكُنْ صَلَوَاتُهُمُ الظُّهْرُ وَ الْعَصْرُ وَ الْمَغْرِبُ وَ الْعِشَاءُ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا التَّكْبِیرَ وَ التَّهْلِیلَ وَ التَّسْبِیحَ وَ التَّحْمِیدَ وَ الدُّعَاءَ فَكَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُمْ لَمْ یَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَتِهَا وَ كَانَ علیه السلام لَا یَتْبَعُ مُوَلِّیَهُمْ وَ لَا یُجِیزُ عَلَی جَرِیحِهِمْ وَ لَمْ یَسْبِ ذَرَارِیَّهُمْ وَ كَانَ لَا یَمْنَعُ مِنْ مُنَاكَحَتِهِمْ وَ مُوَارَثَتِهِمْ.

قَالَ أَبُو عَلِیٍّ الْجُبَّائِیُّ فِی كِتَابِ الْحَكَمَیْنِ الَّذِی رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام سَبَی قَوْماً مِنَ الْخَوَارِجِ أَنَّهُمْ كَانُوا قَدِ ارْتَدُّوا وَ تَنَصَّرُوا وَ كَانَ عَلْیَانٌ الْمَجْنُونُ مُقِیماً بِالْكُوفَةِ وَ كَانَ قَدْ أَلِفَ دُكَّانَ طَحَّانٍ فَإِذَا اجْتَمَعَ الصِّبْیَانُ عَلَیْهِ وَ آذَوْهُ یَقُولُ قَدْ حَمِیَ الْوَطِیسُ وَ طَابَ اللِّقَاءُ وَ أَنَا عَلَی بَصِیرَةٍ مِنْ أَمْرِی ثُمَّ یَثِبُ وَ یُحَمْحِمُ وَ یُنْشِدُ:

ص: 444


1- 656- رواه ابن شهرآشوب رحمه اللّٰه فی أواخر عنوان: «فصل فی ظالمیه و مقاتلیه» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 3 ص 20 ط النجف.

آرینی [أَرِینِی] سِلَاحِی لَا أَبَا لَكِ إِنَّنِی***أَرَی الْحَرْبَ لَا تَزْدَادُ إِلَّا تَمَادِیاً

ثُمَّ یَتَنَاوَلُ قَصَبَةً لِیَرْكَبَهَا فَإِذَا تَنَاوَلَهَا یَقُولُ:

أَشُدُّ عَلَی الْكَتِیبَةِ لَا أُبَالِی***أَ حَتْفِی كَانَ فِیهَا أَوْ سِوَاهَا

قَالَ فَیَنْهَزِمُ الصِّبْیَانَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَإِذَا لَحِقَ بَعْضَهُمْ یَرْمِی الصَّبِیُّ بِنَفْسِهِ إِلَی الْأَرْضِ فَیَقِفُ عَلَیْهِ وَ یَقُولُ عَوْرَةُ مُسْلِمٍ وَ حَمَی مُؤْمِنٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَتَلِفَتْ نَفْسُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ یَوْمَ صِفِّینَ ثُمَّ یَقُولُ لَأَسِیرَنَّ فِیكُمْ سِیرَةَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ لَا أَتْبَعُ مُوَلِّیاً وَ لَا أُجِیزُ عَلَی جَرِیحٍ ثُمَّ یَعُودُ إِلَی مَكَانِهِ وَ یَقُولُ:

أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِی تَعْرِفُونَهُ*** خَشَاشٌ كَرَأْسِ الْحَیَّةِ الْمُتَوَقِّدِ

إیضاح:

قال فی النهایة فی حدیث حنین الآن حمی الوطیس الوطیس شبه التنور و قیل هو الضراب فی الحرب و قیل هو الوطء الذی یطس الناس أی یدقهم.

و قال الأصمعی هی حجارة مدورة إذا حمیت لم یقدر أحد یطؤها.

و لم یسمع هذا الكلام من أحد قبل النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو من فصیح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب و قیامها علی ساق انتهی.

و الحمحمة صوت الفرس و الحتف الموت و الحمی ما یمنع منه أی حرمة المؤمن و قال الجوهری الضرب الرجل الخفیف اللحم قال طرفة أنا الرجل البیت و قال قال أبو عمرو رجل خشاش بالفتح و هو الماضی من الرجال ثم ذكر البیت أیضا.

«657»-(1)كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ

ص: 445


1- 657- رواه الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 5 من الباب الذی یلی «باب إعطاء الامان» من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 33. و رواه عنه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه فی باب سیرة الامام من كتاب التهذیب: ج 6 ص 155، ط النجف.

عُقْبَةَ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِیكٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا هُزِمَ النَّاسُ یَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا تَتْبَعُوا مُوَلِّیاً وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ قَتَلَ الْمُقْبِلَ وَ الْمُدْبِرَ وَ أَجَازَ عَلَی الْجَرِیحِ فَقَالَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِیكٍ هَذِهِ سِیرَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ فَقَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ كَانَ قَائِماً بِعَیْنِهِ وَ كَانَ قَائِدَهُمْ.

«658»-(1)كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: دَعَا رَجُلٌ بَعْضَ بَنِی هَاشِمٍ إِلَی الْبِرَازِ فَأَبَی أَنْ یُبَارِزَهُ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُبَارِزَهُ قَالَ كَانَ فَارِسَ الْعَرَبِ وَ خَشِیتُ أَنْ یَغْلِبَنِی فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّهُ بَغَی عَلَیْكَ وَ لَوْ بَارَزْتَهُ لَغَلَبْتَهُ وَ لَوْ بَغَی جَبَلٌ عَلَی جَبَلٍ لَهُدَّ الْبَاغِی.

وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام دَعَا رَجُلًا إِلَی الْمُبَارَزَةِ فَعَلِمَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَئِنْ عُدْتَ إِلَی مِثْلِ هَذَا لَأُعَاقِبَنَّكَ وَ لَئِنْ دَعَاكَ أَحَدٌ إِلَی مِثْلِهَا فَلَمْ تُجِبْهُ لَأُعَاقِبَنَّكَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهُ بَغَی.

بیان: الهد الهدم الشدید و الكسر و لعله كان لتعلیم الغیر مع أنه مكروه بدون إذن الإمام كما ذكره الأصحاب و لیس بمحرم.

«659»-(2)كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ عَنْ عَقِیلٍ

ص: 446


1- 658- رواه الكلینی قدس اللّٰه نفسه فی «باب طلب المبارزة» من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 35 ط الآخوندی. و رواه أیضا الشیخ الطوسیّ رضوان اللّٰه علیه فی الحدیث الثانی من باب النوادر من كتاب الجهاد من التهذیب: ج 6 ص 169.
2- 659- رواه الكلینی رضوان اللّٰه تعالی علیه فی الحدیث الأول من الباب: 15 من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 36 ط الآخوندی.

الْخُزَاعِیِّ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَانَ إِذَا حَضَرَ الْحَرْبَ یُوصِی الْمُسْلِمِینَ بِكَلِمَاتٍ فَیَقُولُ تَعَاهَدُوا الصَّلَاةَ وَ حَافِظُوا عَلَیْهَا وَ اسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وَ تَقَرَّبُوا بِهَا فَإِنَّهَا كانَتْ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ كِتاباً مَوْقُوتاً وَ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ الْكُفَّارُ حِینَ سُئِلُوا ما سَلَكَكُمْ فِی سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّینَ وَ قَدْ عَرَفَ حَقَّهَا مَنْ طَرَقَهَا وَ أُكْرِمَ بِهَا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ لَا یَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زَیْنُ مَتَاعٍ وَ لَا قُرَّةُ عَیْنٍ مِنْ مَالٍ وَ لَا وَلَدٍ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُنْصِباً لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْبُشْرَی لَهُ بِالْجَنَّةِ مِنْ رَبِّهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْها وَ كَانَ یَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ وَ یُصَبِّرُ عَلَیْهَا نَفْسَهُ ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلَاةِ قُرْبَاناً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَی أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَ مَنْ لَمْ یُعْطِهَا طَیِّبَ النَّفْسِ بِهَا یَرْجُو بِهَا مِنَ الثَّوَابِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا فَإِنَّهُ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ مَغْبُونُ الْأَجْرِ ضَالُّ الْعُمُرِ طَوِیلُ النَّدَمِ بِتَرْكِ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الرَّغْبَةِ عَمَّا عَلَیْهِ صَالِحُو عِبَادِ اللَّهِ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ ... یَتَّبِعْ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّی مِنَ الْأَمَانَةِ فَقَدْ خَسِرَ مَنْ لَیْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَ ضَلَّ عَمَلُهُ عُرِضَتْ عَلَی السَّمَاوَاتِ الْمَبْنِیَّةِ وَ الْأَرْضِ الْمِهَادِ وَ الْجِبَالِ الْمَنْصُوبَةِ فَلَا أَطْوَلَ وَ لَا أَعْرَضَ وَ لَا أَعْلَی وَ لَا أَعْظَمَ لَوِ امْتَنَعْنَ مِنْ طُولٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ عِظَمٍ أَوْ قُوَّةٍ أَوْ عِزَّةٍ امْتَنَعْنَ وَ لَكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ ثُمَّ إِنَّ الْجِهَادَ أَشْرَفُ الْأَعْمَالِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَ هُوَ قِوَامُ الدِّینِ وَ الْأَجْرُ فِیهِ عَظِیمٌ مَعَ الْعِزَّةِ وَ الْمَنَعَةِ وَ هُوَ الْكَرَّةُ (1)فِیهِ الْحَسَنَاتُ وَ الْبُشْرَی بِالْجَنَّةِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَ بِالرِّزْقِ غَداً عِنْدَ الرَّبِّ وَ الْكَرَامَةِ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ

ص: 447


1- 1 هذا هو الصواب و فی الكافی و البحار الكرة. لاحظ بیان المصنّف الآتی.

ثُمَّ إِنَّ الرُّعْبَ وَ الْخَوْفَ مِنْ جِهَادِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْجِهَادِ وَ الْمُتَوَازِرِینَ عَلَی الضَّلَالِ ضَلَالٌ فِی الدِّینِ وَ سَلْبٌ لِلدُّنْیَا مَعَ الذُّلِّ وَ الصَّغَارِ وَ فِیهِ اسْتِیجَابُ النَّارِ بِالْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ عِنْدَ حَضْرَةِ الْقِتَالِ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا لَقِیتُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فَحَافِظُوا عَلَی أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِی هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الَّتِی الصَّبْرُ عَلَیْهَا كَرَمٌ وَ سَعَادَةٌ وَ نَجَاةٌ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ مِنْ فَظِیعِ الْهَوْلِ وَ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَا یَعْبَأُ بِمَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ لَیْلَهُمْ وَ نَهَارَهُمْ لَطُفَ بِهِ عِلْماً وَ كُلُّ ذَلِكَ فِی كِتابٍ لا یَضِلُّ رَبِّی وَ لا یَنْسی فَ اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ اسْأَلُوا النَّصْرَ وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْقِتَالِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِینَ اتَّقَوْا وَ الَّذِینَ هُمْ مُحْسِنُونَ.

وَ فِی حَدِیثِ یَزِیدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِی صَادِقٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یُحَرِّضُ النَّاسَ فِی ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ الْجَمَلِ وَ صِفِّینَ وَ یَوْمِ النَّهْرِ یَقُولُ عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ اخْفِضُوا الْأَصْوَاتَ وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْمُنَازَلَةِ وَ الْمُجَادَلَةِ وَ الْمُبَارَزَةِ وَ الْمُنَاضَلَةِ وَ الْمُنَابَذَةِ وَ الْمُعَانَقَةِ وَ الْمُكَادَمَةِ وَ اثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِیحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ

«660»-(1)كِتَابُ، صِفِّینَ لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی صَادِقٍ عَنِ الْحَضْرَمِیِّ مِثْلَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمُ الصَّبْرَ وَ أَنْزِلْ عَلَیْهِمُ النَّصْرَ وَ أَعْظِمْ لَهُمُ الْأَجْرَ

661(2)كا، الكافی وَ فِی حَدِیثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ

ص: 448


1- 660- رواه نصر بن مزاحم المنقریّ قبیل آخر الجزء الثالث من كتاب صفّین ص 204 ط مصر: و رویناه عنه و عن نصر و عن مصادر أخر فی المختار: 45 من باب وصایا أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة ج 8 ص 340 ط 1.
2- 661- رواه الكلینی رحمه اللّٰه فی الحدیث الرابع من الباب: 15 من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 41.

علیه السلام كَانَ یَأْمُرُ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ لَقِینَا فِیهِ عَدُوَّنَا فَیَقُولُ لَا تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ حَتَّی یَبْدَءُوكُمْ فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَی حُجَّةٍ وَ تَرْكُكُمْ إِیَّاهُمْ حَتَّی یَبْدَءُوكُمْ حُجَّةٌ أُخْرَی لَكُمْ فَإِذَا هَزَمْتُمُوهُمْ فَلَا تَقْتُلُوا لَهُمْ مُدْبِراً وَ لَا تُجِیزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَكْشِفُوا عَوْرَةً وَ لَا تُمَثِّلُوا بِقَتِیلٍ.

بَیَانٌ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ الْخَبَرَ الثَّانِیَ مِنْ كِتَابِ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی صَادِقٍ وَ رَوَی السَّیِّدُ الرَّضِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَدِیثَ الْأَوَّلَ فِی النَّهْجِ (1) هَكَذَا بَعْدَ مَا سَاقَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ إِلَی قَوْلِهِ كِتاباً مَوْقُوتاً

أَ لَا تَسْمَعُونَ إِلَی جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ حِینَ سُئِلُوا ما سَلَكَكُمْ فِی سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّینَ وَ إِنَّهَا لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ الْوَرَقِ وَ تُطْلِقُهَا إِطْلَاقَ الرِّبَقِ وَ شَبَّهَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْحَمَّةِ تَكُونُ عَلَی بَابِ الرَّجُلِ فَهُوَ یَغْتَسِلُ مِنْهَا فِی الْیَوْمِ وَ اللَّیْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَمَا عَسَی أَنْ یَبْقَی عَلَیْهِ مِنَ الدَّرَنِ وَ قَدْ عَرَفَ حَقَّهَا وَ سَاقَهُ إِلَی قَوْلِهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَصِباً بِالصَّلَاةِ بَعْدَ التَّبْشِیرِ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَیْها فَكَانَ یَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ وَ یَصْبِرُ عَلَیْهَا نَفْسَهُ ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلَاةِ قُرْبَاناً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَمَنْ أَعْطَاهَا وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام

ص: 449


1- رواه السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (197) من كتاب نهج البلاغة.

وَ لَكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَ عَقَلْنَ مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ وَ هُوَ الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا یَخْفَی عَلَیْهِ مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ فِی لَیْلِهِمْ وَ نَهَارِهِمْ لَطُفَ بِهِ خُبْراً وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْماً أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُهُ وَ جَوَارِحُكُمْ جُنُودُهُ وَ ضَمَائِرُكُمْ عُیُونُهُ وَ خَلَوَاتُكُمْ عِیَانُهُ انْتَهَی.

قوله علیه السلام من طرقها لعله من الطروق بمعنی الإتیان باللیل أی واظب علیها فی اللیالی و قیل أی جعلها دابة و صنعته من قولهم هذا طرقة رجل أی صنعته.

و لا یخفی ما فیه و لا یبعد أن یكون تصحیف طوق بها علی المجهول أی ألزمها كالطوق بقرینة أكرم بها علی بناء المجهول أیضا.

و فی النهج و قد عرف حقها رجال من المؤمنین الذین لا یشغلهم عنها زینة متاع و لا قرة عین من ولد و لا مال.

و قال الجوهری نصب الرجل بالكسر نصبا تعب و أنصبه غیره.

قوله علیه السلام علی أهل الإسلام الظاهر أنه سقط هنا شی ء.

و فی النهج قربانا لأهل الإسلام فمن أعطاها طیب النفس بها فإنها تجعل له كفارة و من النار حجازا و وقایة فلا یتبعنها أحد نفسه و لا یكثرن علیها لهفه فإن من أعطاها غیر طیب النفس بها یرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنة مغبون الأجر ضال العمل طویل الندم.

ثم أداء الأمانة فقد خاب من لیس من أهلها أنها عرضت علی السماوات المبنیة و الأرضین المدحوة و الجبال ذات الطول المنصوبة فلا أطول و لا أعرض و لا أعلی و لا أعظم منها و لو امتنع شی ء بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن و لكن أشفقن من العقوبة إلی آخر ما مر.

قوله علیه السلام من الأمانة لعله بیان لسبیل المؤمنین أی المراد بسبیل

ص: 450

المؤمنین ولایة أهل البیت علیهم السلام و هی الأمانة المعروضة و الأصوب ما فی و الأصوب هو ما فی النهج.

و قال ابن میثم ذكر كون السماوات مبنیة و غیرها تنبیه للإنسان علی جرأته علی المعاصی و تضییع هذه الأمانة إذ أهل لها و حملها و تعجب منه فی ذلك.

و قوله و لو امتنع شی ء إلخ إشارة إلی أن امتناعهن لم یكن لعزة و عظمة أجساد و لا استكبار عن الطاعة و إنه لو كان كذلك لكانت أولی بالمخالفة لأعظمیة أجرامها بل إنما ذلك عن ضعف و إشفاق من خشیة اللّٰه و عقلهن ما جهل الإنسان.

قیل إن اللّٰه تعالی عند خطابها خلق فیها فهما و عقلا و قیل إن إطلاق العقل مجاز فی سببه (1)و هو الامتناع عن قبول هذه الأمانة.

قوله علیه السلام و هو الكرة أی الحملة علی العدو و هی فی نفسها أمر مرغوب فیه أو لیس هو إلا مرة واحدة و حمله فیها سعادة الأبد.

و یمكن أن یقرأ الكره بالهاء أی هو مكروه للطباع فیكون إشارة إلی قوله تعالی كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ و لعله أصوب.

و قال الجوهری زحف إلیه زحفا مشی و الزحف الجیش یزحفون إلی العدو.

قوله علیه السلام لطف به الضمیر راجع إلی الموصول فی قوله ما العباد مقترفون و كدم الصید طرده و الفشل الجبن.

«662»-(2)نهج، نهج البلاغة فِی حَدِیثِهِ علیه السلام أَنَّهُ شَیَّعَ جَیْشاً یُغْزِیهِ فَقَالَ اعْذُبُوا عَنِ النِّسَاءِ مَا اسْتَطَعْتُمْ.

قال السید الرضی و معناه اصدفوا عن ذكر النساء و شغل القلب بهن

ص: 451


1- 1 كذا فی أصلی من البحار، و فی طبع بیروت من شرح ابن میثم: «مسببه».
2- 662- رواه السیّد رحمه اللّٰه تحت الرقم: 7 من غریب حكم أمیر المؤمنین قبیل المختار: 261 من الباب الثالث من نهج البلاغة.

و امتنعوا من المقاربة لهن لأن ذلك یفت فی عضد الحمیة و یقدح فی معاقد العزیمة و یكسر عن العدو و یلفت عن الإبعاد فی الغزو و كل من امتنع عن شی ء فقد أعذب عنه و العاذب و العذوب الممتنع عن الأكل و الشرب.

«663»-(1)كا، الكافی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیُّ عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنْ حَرِیزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ إِذَا لَقِیتُمْ عَدُوَّكُمْ فِی الْحَرْبِ فَأَقِلُّوا الْكَلَامَ وَ اذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ فَتُسْخِطُوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی وَ تَسْتَوْجِبُوا غَضَبَهُ وَ إِذَا رَأَیْتُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الْمَجْرُوحَ وَ مَنْ قَدْ نُكِلَ بِهِ أَوْ مَنْ قَدْ طَمِعَ عَدُوُّكُمْ فِیهِ فَقُوهُ بِأَنْفُسِكُمْ.

«664»-(2)كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِیهِ الْمَیْمُونِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ إِذَا أَرَادَ الْقِتَالَ قَالَ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمْتَ سَبِیلًا مِنْ سُبُلِكَ جَعَلْتَ فِیهِ رِضَاكَ وَ نَدَبْتَ إِلَیْهِ أَوْلِیَاءَكَ وَ جَعَلْتَهُ أَشْرَفَ سُبُلِكَ عِنْدَكَ ثَوَاباً وَ أَكْرَمَهَا لَدَیْكَ مَآباً وَ أَحَبَّهَا إِلَیْكَ مَسْلَكاً ثُمَّ اشْتَرَیْتَ فِیهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَیَقْتُلُونَ وَ یُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْكَ حَقّاً فَاجْعَلْنِی مِمَّنِ اشْتَرَی فِیهِ مِنْكَ نَفْسَهُ ثُمَّ وَفَی لَكَ بِبَیْعَةِ الَّذِی بَایَعَكَ عَلَیْهِ غَیْرَ نَاكِثٍ وَ لَا نَاقِضِ عَهْدٍ وَ لَا مُبَدِّلٍ تَبْدِیلًا بَلِ اسْتِیجَاباً لِمَحَبَّتِكَ وَ تَقَرُّباً بِهِ إِلَیْكَ فَاجْعَلْهُ خَاتِمَةَ عَمَلِی وَ صَیِّرْ فِیهِ فَنَاءَ

ص: 452


1- 663- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الخامس من الباب: 15 من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 42.
2- 664- رواه ثقة الإسلام الكلینی رحمه اللّٰه فی الحدیث الأول من الباب: 20 من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 46. و للحدیث مصادر أخر یجدها الباحث فی ذیل المختار: 89 و ما قبله من باب الدعاء من كتاب نهج السعادة: ج 6 ص 296 و 312.

عُمُرِی وَ ارْزُقْنِی فِیهِ لَكَ وَ بِهِ مَشْهَداً تُوجِبُ لِی بِهِ مِنْكَ الرِّضَا وَ تَحُطُّ بِهِ عَنِّی الْخَطَایَا وَ تَجْعَلُنِی فِی الْأَحْیَاءِ الْمَرْزُوقِینَ بِأَیْدِی الْعُدَاةِ وَ الْعُصَاةِ تَحْتَ لِوَاءِ الْحَقِّ وَ رَایَةِ الْهُدَی مَاضِیاً عَلَی نُصْرَتِهِمْ قُدُماً غَیْرَ مُوَلٍّ دُبُراً وَ لَا مُحْدِثٍ شَكّاً اللَّهُمَّ وَ أَعُوذُ بِكَ عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ الْجُبْنِ عِنْدَ مَوَارِدِ الْأَهْوَالِ وَ مِنَ الضَّعْفِ عِنْدَ مُسَاوَرَةِ الْأَبْطَالِ وَ مِنَ الذَّنْبِ الْمُحْبِطِ لِلْأَعْمَالِ فَأُحْجِمَ مِنْ شَكٍّ أَوْ أَمْضِیَ بِغَیْرِ یَقِینٍ فَیَكُونَ سَعْیِی فِی تَبَابٍ وَ عَمَلِی غَیْرَ مَقْبُولٍ.

بیان: قوله علیه السلام و به عطف علی فیه و لعله زید من النساخ.

و فی كتاب الإقبال و ارزقنی فیه لك و بك مشهدا.

و هو أصوب.

و فی الصحاح قدما بضم الدال لم یعرج و لم ینثن و قال ساوره أی واثبه و قال حجمته فأحجم أی كففته فكف و قال التباب الخسران و الهلاك.

«665»-(1)كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَحْمَدَ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ شِعَارُنَا یَوْمَ صِفِّینَ یَا نَصْرَ اللَّهِ.

«666»-(2)ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ حُكَیْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ أَبِی الْعَلَاءِ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ لَا یُقَاتِلُ حَتَّی تَزُولَ الشَّمْسُ وَ یَقُولُ تُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ وَ یَنْزِلُ النَّصْرُ وَ یَقُولُ هُوَ أَقْرَبُ إِلَی اللَّیْلِ وَ أَجْدَرُ أَنْ یَقِلَّ الْقَتْلُ وَ یَرْجِعَ الطَّالِبُ وَ یُفْلِتَ الْمَهْزُومُ.

ص: 453


1- 665- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی ذیل الحدیث الأول من باب الشعار من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 47 ط الآخوندی.
2- 666- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 70 من باب النوادر و هو الباب الأخیر من كتاب علل الشرائع: ج 2 ص 603.

«667»-(1)كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ مِثْلَهُ.

«668»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ علیه السلام لَا تَدْعُوَنَّ إِلَی مُبَارَزَةٍ وَ إِنْ دُعِیتَ إِلَیْهَا فَأَجِبْ فَإِنَّ الدَّاعِیَ بَاغٍ وَ الْبَاغِیَ مَصْرُوعٌ.

بیان: مصروع أی مستحق لأن یصرع و یهلك و بعید من نصر اللّٰه سبحانه.

«669»-(3)نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ وَ لَا یَأْخُذُ السَّلَبَ.

«670»-(4)كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَوْ لَا أَنَّ الْمَكْرَ وَ الْخَدِیعَةَ فِی النَّارِ لَكُنْتُ أَمْكَرَ النَّاسِ.

«671»-(5)كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَمِّهِ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الْعَبْدِیِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ذَاتَ یَوْمٍ وَ هُوَ یَخْطُبُ عَلَی الْمِنْبَرِ بِالْكُوفَةِ یَا أَیُّهَا النَّاسُ لَوْ لَا كَرَاهِیَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَی النَّاسِ أَلَا إِنَّ لِكُلِّ غُدَرَةٍ فُجَرَةً وَ لِكُلِّ فُجَرَةٍ كُفَرَةً أَلَا وَ إِنَّ الْغَدْرَ وَ الْفُجُورَ وَ الْخِیَانَةَ فِی النَّارِ.

«672»-(6)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَهُ لِأَصْحَابِهِ فِی وَقْتِ الْحَرْبِ

ص: 454


1- 667- رواه الكلینی نور اللّٰه مرقده فی الحدیث: 5 من «باب وصیة رسول اللّٰه و أمیر المؤمنین» علیه السلام فی السرایا من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 28.
2- 668- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 232 من قصار كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی نهج البلاغة.
3- 669- رواه الراوندیّ رحمه اللّٰه فی نوادره.
4- 670- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الأول من «باب المكر و الغدر ...» من كتاب الإیمان و الكفر من أصول الكافی: ج 2 ص 336.
5- 671- رواه ثقة الإسلام الكلینی رحمه اللّٰه فی الحدیث الأخیر من «باب المكر و الغدر ...» من كتاب الإیمان و الكفر من أصول الكافی: ج 2 ص 338.
6- 672- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 121 من كتاب نهج البلاغة.

وَ أَیُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رِبَاطَةَ جَأْشٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَ رَأَی مِنْ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِهِ فَشَلًا فَلْیَذُبَّ عَنْ أَخِیهِ بِفَضْلِ نَجْدَتِهِ الَّتِی فُضِّلَ بِهَا عَلَیْهِ كَمَا یَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِیثٌ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسُ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ أَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ مِیتَةٍ عَلَی الْفِرَاشِ وَ مِنْهُ وَ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْكُمْ تَكِشُّونَ كَشِیشَ الضِّبَابِ لَا تَأْخُذُونَ حَقّاً وَ لَا تَمْنَعُونَ ضَیْماً قَدْ خُلِّیتُمْ وَ الطَّرِیقَ فَالنَّجَاةُ لِلْمُقْتَحِمِ وَ الْهَلَكَةُ لِلْمُتَلَوِّمِ

«673»- وَ مِنْهُ فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ وَ أَخِّرُوا الْحَاسِرَ وَ عَضُّوا عَلَی الْأَضْرَاسِ فَإِنَّهُ أَنْبَی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ وَ الْتَوُوا فِی أَطْرَافِ الرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَ أَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ وَ أَمِیتُوا الْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ رَایَتَكُمْ فَلَا تُمِیلُوهَا وَ لَا تُخَلُّوهَا وَ لَا تَجْعَلُوهَا إِلَّا بِأَیْدِی شُجْعَانِكُمْ وَ الْمَانِعِینَ الذِّمَارَ مِنْكُمْ فَإِنَّ الصَّابِرِینَ عَلَی نُزُولِ الْحَقَائِقِ هُمُ الَّذِینَ یَحُفُّونَ بِرَایَاتِهِمْ وَ یَكْتَنِفُونَهَا حِفَافَیْهَا وَ وَرَاءَهَا وَ أَمَامَهَا لَا یَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَیُسْلِمُوهَا وَ لَا یَتَقَدَّمُونَ عَلَیْهَا فَیُفْرِدُوهَا أَجْزَأَ امْرُؤٌ قِرْنَهُ وَ آسَی أَخَاهُ بِنَفْسِهِ وَ لَمْ یَكِلْ قِرْنَهُ إِلَی أَخِیهِ فَیَجْتَمِعَ عَلَیْهِ قِرْنُهُ وَ قِرْنُ أَخِیهِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سَیْفِ الْعَاجِلَةِ لَا تَسْلَمُوا مِنْ سَیْفِ الْآخِرَةِ أَنْتُمْ لَهَامِیمُ الْعَرَبِ وَ السَّنَامُ الْأَعْظَمُ إِنَّ فِی الْفِرَارِ مَوْجِدَةَ اللَّهِ وَ الذُّلَّ اللَّازِمَ وَ الْعَارَ الْبَاقِیَ وَ إِنَّ الْفَارَّ لَغَیْرُ مَزِیدٍ فِی عُمُرِهِ وَ لَا مَحْجُوزٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ یَوْمِهِ مَنْ رَائِحٌ إِلَی اللَّهِ كَالظَّمْآنِ یَرِدُ الْمَاءَ الْجَنَّةُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْعَوَالِی الْیَوْمَ تُبْلَی

ص: 455

الْأَخْبَارُ وَ اللَّهِ لَأَنَا أَشْوَقُ إِلَی لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَی دِیَارِهِمْ اللَّهُمَّ فَإِنْ رَدُّوا الْحَقَّ فَافْضُضْ جَمَاعَتَهُمْ وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَایَاهُمْ إِنَّهُمْ لَنْ یَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ یَخْرُجُ مِنْهُ النَّسِیمُ وَ ضَرْبٍ یَفْلِقُ الْهَامَ وَ یُطِیحُ الْعِظَامَ وَ یُنْدِرُ السَّوَاعِدَ وَ الْأَقْدَامَ وَ حَتَّی یُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ تَتْبَعُهَا الْمَنَاسِرُ وَ یُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ تَقْفُوهَا الْكَتَائِبُ وَ حَتَّی یُجَرَّ بِبِلَادِهِمُ الْخَمِیسُ یَتْلُوهُ الْخَمِیسُ وَ حَتَّی تَدْعَقَ الْخُیُولُ فِی نَوَاحِرِ أَرْضِهِمْ وَ بِأَعْنَانِ مَسَارِبِهِمْ وَ مَسَارِحِهِمْ.

قال الشریف الرضی الدعق الدق أی تدق الخیول بحوافرها أرضهم و نواحر أرضهم متقابلاتها یقال منازل بنی فلان تتناحر أی تتقابل.

تبیین:

قوله علیه السلام أحس من نفسه أی علم و وجد و رباطة الجأش شدة القلب و الذب الدفع و النجدة الشجاعة كما یذب عن نفسه أی بنهایة الاهتمام و الجد لجعله مثله أی مثل أخیه فی الجبن أو أخاه مثله فی الشجاعة و الحثیث السریع و المقیم للموت الراضی به كما أن الهارب عنه الساخط له أهون من میتة إما مطلقا أو عنده علیه السلام لما یعلم ما فیه من الدرجات.

و قال النهایة كشیش الأفعی صوت جلدها إذا تحركت و قد كشت تكش و لیس صوت فمها لأن ذلك فحیحها و

مِنْهُ حَدِیثُ عَلِیٍّ علیه السلام كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْكُمْ تَكِشُّونَ كَشِیشَ الضِّبَابِ.

و قال ابن أبی الحدید أی كأنكم لشدة خوفكم و اجتماعكم من الجبن كالضباب المجتمعة التی تحك بعضها بعضا قال الراجز:

كشیش أفعی أجمعت لعضّ*** و هی تحك بعضها ببعض

و اقتحم عقبة أو وهدة رمی بنفسه فیها و التلوم الانتظار و التوقف.

قوله أجزأ امرؤ قال ابن أبی الحدید من الناس من یجعل هذا أو نحوه أمرا بلفظ الماضی كالمستقبل فی قوله تعالی وَ الْوالِداتُ یُرْضِعْنَ

ص: 456

أَوْلادَهُنَّ و منهم من قال معنی ذلك هلا أجزأ فیكون تحضیضا محذوف الصیغة للعلم بها و أجزأ أی كفی و قرنك مقارنك فی القتال و نحوه و آسی أخاه بنفسه بالهمزة أی جعله أسوة لنفسه و یجوز واسیت زیدا بالواو و هی لغة ضعیفة و الموجدة الغضب و السخط قوله علیه السلام و الذل اللازم قیل یروی اللاذم بالذال المعجمة بمعناه و الرائح المسافر وقت الرواح أو مطلقا كما قاله الأزهری و یناسب الأول ما مر من أن قتاله علیه السلام كان غالبا بعد الزوال.

قوله علیه السلام تحت أطراف العوالی یحتمل أن یكون المراد بالعوالی الرماح قال ابن الأثیر فی النهایة العالیة ما یلی السنان من الرمح و الجمع العوالی أو المراد منه السیوف كما یظهر من ابن أبی الحدید فیحتمل أن یكون من علا یعلو إذا ارتفع أی السیوف التی تعلو فوق الرءوس أو من علوته بالسیف إذا ضربته به و یؤیده

قَوْلُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّیُوفِ.

قوله علیه السلام تبلی الأخبار بالباء الموحدة أی تختبر الأفعال و الأسرار كما قال تعالی وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ و فی بعض النسخ بالیاء المثناة التحتانیة أی تمتاز الأخیار من الأشرار.

قوله علیه السلام إلی لقائهم أی الأعداء لقتالهم و الفض التفریق.

و أبسلت فلانا أسلمته إلی الهلكة.

قوله علیه السلام طعن دراك أی متتابع یتلو بعضه بعضا و یخرج منه النسیم أی لسعته و روی النسم أی طعن یخرق الجوف بحیث یتنفس المطعون من الطعنة و روی القشم بالقاف و الشین المعجمة و هو اللحم و الشحم و الفلق الشق و طاح الشی ء سقط أو هلك أو تاه فی الأرض و أطاحه غیره و أندره أسقطه.

قال ابن أبی الحدید یمكن أن یفسر النواحر بأمر آخر و هو أن یراد به

ص: 457

أقاصی رضهم من قولهم لآخر لیلة من الشهر ناحرة.

و قد مر تفسیر بعض أجزاء الخطبة فی مواضعها.

«674»-(1)نهج، نهج البلاغة مِنْ وَصِیَّتِهِ علیه السلام لِعَسْكَرِهِ قَبْلَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ بِصِفِّینَ لَا تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّی یَبْدَءُوكُمْ فَإِنَّكُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَی حُجَّةٍ وَ تَرْكُكُمْ إِیَّاهُمْ حَتَّی یَبْدَءُوكُمْ حُجَّةٌ أُخْرَی لَكُمْ عَلَیْهِمْ فَإِذَا كَانَتِ الْهَزِیمَةُ بِإِذْنِ اللَّهِ فَلَا تَقْتُلُوا مُدْبِراً وَ لَا تُصِیبُوا مُعْوِراً وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَهِیجُوا النِّسَاءَ بِأَذًی وَ إِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ وَ سَبَبْنَ أُمَرَاءَكُمْ فَإِنَّهُنَّ ضَعِیفَاتُ الْقُوَی وَ الْأَنْفُسِ وَ الْعُقُولِ إِنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَ إِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ وَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَیَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ بِالْفِهْرِ أَوِ الْهِرَاوَةِ فَیُعَیَّرُ بِهَا وَ عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

إِیضَاحٌ:

قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ یُوصِی أَصْحَابَهُ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ یَلْقَوْنَ الْعَدُوَّ فِیهِ بِهَذِهِ الْوَصِیَّةِ وَ زَادَ فِی رِوَایَتِهِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ قَوْلَهُ وَ لَا تَكْشِفُوا لَهُمْ عَوْرَةً وَ لَا تُمَثِّلُوا بِقَتِیلٍ فَإِذَا وَصَلْتُمْ إِلَی رِحَالِ الْقَوْمِ فَلَا تَهْتِكُوا سِتْراً وَ لَا تَدْخُلُوا دَاراً إِلَّا بِإِذْنٍ وَ لَا تَأْخُذُوا شَیْئاً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَ لَا تَهِیجُوا النِّسَاءَ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ.

قوله علیه السلام حجة أخری قال ابن میثم و بیان هذه من وجهین أحدهما أنه دخول فی حرب اللّٰه و حرب رسوله صلی اللّٰه علیه و آله

لِقَوْلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ حَرْبُكَ حَرْبِی.

و تحقق سعیهم فی الأرض بقتلهم النفس التی حرم اللّٰه فتحقق دخولهم فی عموم قوله تعالی إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا الآیة.

ص: 458


1- 674- رواه السیّد الرضیّ قدس اللّٰه نفسه فی المختار: 14 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج البلاغة.

و ثانیها دخولهم فی قوله تعالی فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْكُمْ (1)

قوله علیه السلام و لا تصیبوا معورا قال ابن میثم أعور الصید أمكن من نفسه و أعور الفارس ظهر فیه موضع خلل للضرب ثم قال أی لا تصیبوا الذی أمكنتكم الفرصة فی قتله بعد انكسار العدو كالمعور من الصید.

و قال ابن أبی الحدید هو الذی یعتصم منك فی الحرب بإظهار عورته لتكف عنه و یجوز أن یكون المعور هنا المریب الذی یظن أنه من القوم و أنه حضر للحرب و لیس منهم لعله حضر لأمر آخر.

ص: 459


1- 1 هذا تلخیص كلام ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرح المختار: 14 من الباب الثانی من نهج البلاغة: ج 4 ص 383 ط 3، و لأجل التوضیح نذكر بیانه حرفیا قال: و قد وصی [أمیر المؤمنین علیه السلام جیشه] فی هذا الفصل بأمور: أحدها أن لا یقاتلوهم إلی أن یبدؤهم [أهل الشام] بالقتال، و أشار إلی أن ذلك یكون حجة ثانیة علیهم. و أومی بالحجة الأولی إلی قوله تعالی: «فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ» [9/ الحجرات] و ظاهر أن هؤلاء [كانوا] بغاة علی الامام الحق فوجب قتالهم. و أما [الحجة] الثانیة: فهی تركهم حتّی یبدءوا بالحرب، و بیان هذه الحجة من وجهین: أحدهما أنهم إذا بدءوا [الامام] أو جیشه بالحرب فقد تحقّق دخولهم فی حرب اللّٰه و حرب رسوله لقوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم: «یا علی حربك حربی» و تحقّق سعیهم فی الأرض بالفساد بقتلهم النفس التی حرم اللّٰه [قتلها] ابتداء بغیر حق، و كل من تحقّق دخوله فی ذلك دخل فی عموم قوله: إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدِیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِیمٌ [33/ المائدة]. الثانی أن البادی بالحرب ابتداء [من غیر مسوغ] معتد، و كل معتد كذلك یجب الاعتداء علیه لقوله تعالی: فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْكُمْ [194/ البقرة: 2] فوجب الاعتداء علیهم إذا بدءوا بالحرب.

و قال فی النهایة كل عیب و خلل فی شی ء فهو عورة و منه

حدیث علی علیه السلام و لا تصیبوا معمورا.

أعور الفارس إذ بدا فیه موضع خلل للضرب و إن فی قوله علیه السلام إن كنا مخففة من المثقلة و كذا فی قوله و إن كان و الواو فی قوله و إنهن للحال و الفهر بالكسر الحجر ملأ الكف و قیل مطلقا و الهراوة بالكسر العصا و التناول بهما كنایة عن الضرب بهما و قوله علیه السلام و عقبه عطف علی الضمیر المستكن المرفوع فی قوله فیعیر و لم یؤكد للفصل بقوله بها كقوله تعالی ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا

«675»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ كَانَ یَقُولُ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ لَا تَشْتَدَّنَّ عَلَیْكُمْ فَرَّةٌ بَعْدَهَا كَرَّةٌ وَ لَا جَوْلَةٌ بَعْدَهَا حَمْلَةٌ وَ أَعْطُوا السُّیُوفَ حُقُوقَهَا وَ وَطِّنُوا لِلْجُنُوبِ مَصَارِعَهَا وَ اذْمُرُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الطَّعْنِ الدَّعْسِیِّ وَ الضَّرْبِ الطِّلَحْفِیِّ وَ أَمِیتُوا الْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ.

بیان: لا تشتدن علیكم أی لا تستصعبوا و لا یشق علیكم فرار بعده رجوع إلی الحرب و الجولة الدوران فی الحرب و الجائل الزائل عن مكانه و هذا حض لهم علی أن یكروا و یعودوا إلی الحرب إن وقعت علیهم كرة أو المعنی إذا رأیتم المصلحة فی الفرار لجذب العدو إلی حیث تتمكنوا منه فلا تشتد علیكم و لا تعدوه عارا.

قوله علیه السلام و وطئوا للجنوب مصارعها و فی بعض النسخ و وطنوا بالنون أی اجعلوا مصارع الجنوب و مساقطها وطنا لها أو وطیئا لها أی استعدوا للسقوط علی الأرض و القتل و الكلام كنایة عن العزم علی الحرب و عدم الاحتراز عن مفاسدها و قال الجوهری ذمرته ذمرا حثثته.

ص: 460


1- 675- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 16 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

و قال ابن أبی الحدید الطعن الدعسی الذی یحشی به أجواف الأعداء و أصل الدعس الحشو یقال دعست الوعاء أی حشوته.

قوله علیه السلام و ضرب طلحفی بكسر الطاء و فتح اللام أی شدید و اللام زائدة و الیاء للمبالغة.

و أمیتوا الأصوات أی لا تكثروا الصیاح و الفشل الفزع و الجبن و الضعف.

قوله علیه السلام و لكن استسلموا أی انقادوا خوفا من السیف.

«676»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَصَّی بِهِ شُرَیْحَ بْنَ هَانِئٍ لَمَّا جَعَلَهُ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ إِلَی الشَّامِ اتَّقِ اللَّهَ فِی كُلِّ مَسَاءٍ وَ صَبَاحٍ وَ خَفْ عَلَی نَفْسِكَ الدُّنْیَا الْغَرُورَ وَ لَا تَأْمَنْهَا عَلَی حَالٍ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَرْدَعْ نَفْسَكَ عَنْ كَثِیرٍ مِمَّا تُحِبُّ مَخَافَةَ مَكْرُوهِهِ سَمَتْ بِكَ الْأَهْوَاءُ إِلَی كَثِیرٍ مِنَ الضَّرَرِ فَكُنْ لِنَفْسِكَ مَانِعاً رَادِعاً وَ لِنَزْوَتِكَ عِنْدَ الْحَفِیظَةِ وَاقِماً قَامِعاً.

بیان: سمت بك قال ابن أبی الحدید أی أفضت بك و فی النهایة فلان یسمو إلی المعالی إذا تطاول إلیها و النزوة الوثبة و الحفیظة الغضب و قال الجوهری وقمه أی رده و قال أبو عبیدة أی قهره.

«677»-(2)وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ وَ وَجَدْتُهُ فِی أَصْلِ كِتَابِهِ أَیْضاً عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَأْمُرُنَا فِی كُلِّ مَوْطِنٍ لَقِینَا مَعَهُ عَدُوَّهُ فَیَقُولُ لَا تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ حَتَّی یَبْدَءُوكُمْ فَهِیَ حُجَّةٌ أُخْرَی لَكُمْ عَلَیْهِمْ فَإِذَا قَاتَلْتُمُوهُمْ فَهَزَمْتُمُوهُمْ فَلَا تَقْتُلُوا مُدْبِراً وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَكْشِفُوا عَوْرَةً

ص: 461


1- 676- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 56 من الباب الثانی من نهج البلاغة.
2- 677- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 54 من نهج البلاغة: ج 4 ص 26 ط الحدیث بمصر، و رواه نصر فی وقعة صفّین ص 203.

وَ لَا تُمَثِّلُوا بِقَتِیلٍ فَإِذَا وَصَلْتُمْ إِلَی رِحَالِ الْقَوْمِ فَلَا تَهْتِكُوا سِرّاً وَ لَا تَدْخُلُوا دَاراً إِلَّا بِإِذْنٍ وَ لَا تَأْخُذُوا شَیْئاً مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مَا وَجَدْتُمْ فِی عَسْكَرِهِمْ وَ لَا تَهِیجُوا امْرَأَةً بِأَذًی (1)وَ إِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ وَ تَنَاوَلْنَ أُمَرَاءَكُمْ وَ صُلَحَاءَكُمْ فَإِنَّهُنَّ ضِعَافُ الْقُوَی وَ الْأَنْفُسِ وَ الْعُقُولِ وَ لَقَدْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَ هُنَّ مُشْرِكَاتٌ وَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَیَتَنَاوَلُ المَرْأَةَ فِی الْجَاهِلِیَّةِ بِالْهِرَاوَةِ وَ الْحَدِیدِ فَیُعَیَّرُ بِهَا عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

«678»-(2)وَ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِیَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام كَانَ إِذَا اشْتَدَّ الْقِتَالُ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ حِینَ یَرْكَبُ ثُمَّ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی نِعَمِهِ عَلَیْنَا وَ فَضْلِهِ الْعَمِیمِ سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ وَ إِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ثُمَّ یَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَ یَرْفَعُ یَدَیْهِ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَیْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ وَ أُنْضِیَتِ الْأَبْدَانُ اللَّهُمَّ قَدْ صَرَّحَ مَكْنُونُ الشَّنَآنِ وَ جَاشَتْ مَرَاجِلُ الْأَضْغَانِ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَیْكَ غَیْبَةَ نَبِیِّنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ ثُمَّ یَقُولُ سِیرُوا عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ ثُمَّ یَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ یَا اللَّهُ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا رَبَ

ص: 462


1- 1 هذا هو الصواب الموافق لما رواه الطبریّ فی تاریخه: ج 4 ص 6، و الموافق للمختار: 14 من باب الكتب من نهج البلاغة، و فی أصلی هنا: «إلا بإذنی».
2- 678- رواه ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرح المختار: 15 من باب الكتب من نهج البلاغة: ج 4 ص 385 ط بیروت، و فیه سقط فی هذا الموضع منه، بل و فی مواضع أخر من هذه الطبعة.

مُحَمَّدٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ إِیَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِیَّاكَ نَسْتَعِینُ اللَّهُمَّ كُفَّ عَنَّا أَیْدِیَ الظَّالِمِینَ وَ كَانَ هَذَا شِعَارَهُ بِصِفِّینَ.

«679»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ كَانَ علیه السلام یَقُولُ إِذَا لَقِیَ الْعَدُوَّ مُحَارِباً اللَّهُمَّ إِلَیْكَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ سَاقَ الدُّعَاءَ إِلَی قَوْلِهِ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْحَاكِمِینَ وَ جَعَلَ قَوْلَهُ وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ.

بیان: قال الخلیل فی العین أفضی فلان إلی فلان أی وصل إلیه و أصله أنه صار فی فضائه.

و قال ابن أبی الحدید أفضت القلوب أی دنت و قربت و یجوز أن یكون أفضت أی بسرها فحذف المفعول انتهی.

و یحتمل أن یكون من أفضیت إذا خرجت إلی الفضاء أی خرجت إلی فضاء رحمتك بسؤالك.

و شخص بصره فهو شاخص إذا فتح عینیه و جعل لا یطرف و أنضیت الأبدان أی أهزلت و منه النضو و هو البعیر المهزول و صرح أی انكشف.

و الشنآن البغضة و جاشت القدر أی غلت و المراجل القدور و تشتت أهوائنا أی تفرق آرائنا و اختلاف آمالنا و قال فی النهایة فتح الحاكم بین الخصمین إذا فصل بینهما و الفاتح الحاكم.

ص: 463


1- 679- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 15 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة. و رواه أیضا فی الحدیث: 3 من باب: «مقدار الجزیة» فی آخر كتاب الزكاة من كتاب الاستبصار: ج 2 ص 53. مما اختار من كلم أمیر المؤمنین.

ص: 464

باب 29 باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام و وصایاه إلی عماله و أمراء أجناده

«680»-(1)ف، تحف العقول وَصِیَّتُهُ لِزِیَادِ بْنِ النَّضْرِ حِینَ أَنْفَذَهُ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ إِلَی صِفِّینَ اتَّقِ اللَّهَ فِی كُلِّ مُمْسًی وَ مُصْبَحٍ وَ خَفْ عَلَی نَفْسِكَ الْغَرُورَ وَ لَا تَأْمَنْهَا عَلَی حَالٍ مِنَ الْبَلَاءِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَزَعْ نَفْسَكَ عَنْ كَثِیرٍ مِمَّا تُحِبُّ مَخَافَةَ مَكْرُوهِهِ سَمَتْ بِكَ الْأَهْوَاءُ إِلَی كَثِیرٍ مِنَ الضُّرِّ حَتَّی تَطْعُنَ فَكُنْ لِنَفْسِكَ مَانِعاً وَازِعاً عَنِ الظُّلْمِ وَ الْغَیِّ وَ الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ قَدْ وَلَّیْتُكَ هَذَا الْجُنْدَ فَلَا تَسْتَذِلَّنَّهُمْ وَ لَا تَسْتَطِلْ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ خَیْرَكُمْ أَتْقَاكُمْ تَعَلَّمْ مِنْ عَالِمِهِمْ وَ عَلِّمْ جَاهِلَهُمْ وَ احْلُمْ عَنْ سَفِیهِهِمْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُدْرِكُ الْخَیْرَ بِالْعِلْمِ وَ كَفِّ الْأَذَی وَ الْجَهْلِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ علیه السلام بِكِتَابٍ یُوصِیهِ فِیهِ وَ یُحَذِّرُهُ وَ هَذَا نَصُّهُ اعْلَمْ أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَوْمِ عُیُونُهُمْ وَ عُیُونُ الْمُقَدِّمَةِ طَلَائِعُهُمْ فَإِذَا أَنْتَ خَرَجْتَ مِنْ بِلَادِكَ وَ دَنَوْتَ مِنْ عَدُوِّكَ فَلَا تَسْأَمْ مِنْ تَوْجِیهِ الطَّلَائِعِ فِی كُلِّ نَاحِیَةٍ وَ فِی

ص: 465


1- 680- رواه الحسن بن علیّ بن شعبة رحمه اللّٰه فی الحدیث: 21 مما اختار من كلامه علیه السلام فی كتاب تحف العقول ص 130، و فی طبع آخر ص 191.

بَعْضِ الشِّعَابِ وَ الشَّجَرِ وَ الْخَمَرِ وَ فِی كُلِّ جَانِبٍ حَتَّی لَا یَغْتَرَّكُمْ عَدُوُّكُمْ وَ یَكُونَ لَكُمْ كَمِینٌ وَ لَا تُسَیِّرِ الْكَتَائِبَ وَ الْقَبَائِلَ مِنْ لَدُنِ الصَّبَاحِ إِلَی الْمَسَاءِ إِلَّا عَلَی تَعْبِئَةٍ فَإِنْ دَهِمَكُمْ أَمْرٌ أَوْ غَشِیَكُمْ مَكْرُوهٌ كُنْتُمْ قَدْ تَقَدَّمْتُمْ فِی التَّعْبِئَةِ وَ إِذَا نَزَلْتُمْ بَعْدُ وَ نَزَلَ بِكُمْ فَلْیَكُنْ مُعَسْكَرُكُمْ فِی أَقْبَالِ الشِّرَافِ أَوْ فِی سِفَاحِ الْجِبَالِ وَ أَثْنَاءِ الْأَنْهَارِ كَیْ مَا تَكُونَ لَكُمْ رِدْءاً وَ دُونَكُمْ مَرَدّاً وَ لْتَكُنْ مُقَاتَلَتُكُمْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَیْنِ وَ اجْعَلُوا رُقَبَاءَ فِی صَیَاصِی الْجِبَالِ وَ بِأَعْلَی الشِّرَافِ وَ بِمَنَاكِبِ الْأَنْهَارِ یَرْتَوُونَ لَكُمْ لِئَلَّا یَأْتِیَكُمْ عَدُوٌّ مِنْ مَكَانِ مَخَافَةٍ أَوْ أَمْنٍ وَ إِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِیعاً وَ إِذَا رَحَلْتُمْ فَارْحَلُوا جَمِیعاً وَ إِذَا غَشِیَكُمُ اللَّیْلُ فَنَزَلْتُمْ فَحُفُّوا عَسْكَرَكُمْ بِالرِّمَاحِ وَ التِّرَسَةِ وَ اجْعَلُوا رُمَاتَكُمْ یَلُونَ تِرَسَتَكُمْ كَیْلَا تُصَابَ لَكُمْ غِرَّةٌ وَ لَا تُلْقَی لَكُمْ غَفْلَةٌ وَ احْرُسْ عَسْكَرَكَ بِنَفْسِكَ وَ إِیَّاكَ أَنْ تَرْقُدَ إِلَی أَنْ تُصْبِحَ إِلَّا غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَةً ثُمَّ لْیَكُنْ ذَلِكَ شَأْنَكَ وَ دَأْبَكَ حَتَّی نَنْتَهِیَ إِلَی عَدُوِّكَ وَ عَلَیْكَ بِالتُّؤَدَةِ فِی حَرْبِكَ وَ إِیَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ إِلَّا أَنْ تُمْكِنَكَ فُرْصَةٌ وَ إِیَّاكَ أَنْ تُقَاتِلَ إِلَّا أَنْ یَبْدَءُوكَ أَوْ یَأْتِیَكَ أَمْرِی وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ.

بیان: قوله علیه السلام حتی تطعن بضم العین أی تكبر من قولهم طعن فی السن و قد مضی شرحها و إنما كررنا للاختلاف بین الروایات.

«681»-(1)یب، تهذیب الأحكام سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ

ص: 466


1- 681- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه قبل عنوان: «باب الخمس و الغنائم» فی الحدیث الأخیر، من «باب الخراج و عمارة الأرضین» من كتاب تهذیب الأحكام: ج 4 ص 120، ط النجف، و رواه أیضا فی الحدیث: 3 من باب «مقدار الجزیة» فی آخر كتاب الزكاة من كتاب الاستبصار ج 2، ص 53. و رواه أیضا الشیخ الصدوق فی الحدیث: 95 فی باب الخراج و الجزیة قبیل باب الصوم من كتاب من لا یحضره الفقیه: ج 2 ص 26.

إِبْرَاهِیمَ بْنِ عِمْرَانَ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ یُونُسَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْأَشْعَثِ الْكِنْدِیِّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ یَزِیدَ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی أَرْبَعَةِ رَسَاتِیقِ الْمَدَائِنِ الْبِهْقُبَاذَاتِ وَ نَهْرِ شیریا وَ نَهْرِ جُوَیْرٍ وَ نَهْرِ الْمَلِكِ وَ أَمَرَنِی أَنْ أَضَعَ عَلَی كُلِّ جَرِیبِ زَرْعٍ غَلِیظٍ دِرْهَماً وَ نِصْفاً وَ عَلَی كُلِّ جَرِیبٍ وَسَطٍ دِرْهَماً وَ عَلَی كُلِّ جَرِیبِ زَرْعٍ رَقِیقٍ ثُلُثَیْ دِرْهَمٍ وَ عَلَی كُلِّ جَرِیبِ كَرْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَی كُلِّ جَرِیبِ نَخْلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ عَلَی كُلِّ جَرِیبِ الْبَسَاتِینِ الَّتِی تَجْمَعُ النَّخْلَ وَ الشَّجَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ أَمَرَنِی أَنْ أُلْقِیَ كُلَّ نَخْلٍ شَاذٍّ عَنِ الْقُرَی لِمَارَّةِ الطَّرِیقِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ وَ لَا آخُذَ مِنْهُ شَیْئاً وَ أَمَرَنِی أَنْ أَضَعَ عَلَی الدَّهَاقِینِ الَّذِینَ یَرْكَبُونَ الْبَرَاذِینَ وَ یَتَخَتَّمُونَ بِالذَّهَبِ عَلَی كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ثَمَانِیَةً وَ أَرْبَعِینَ دِرْهَماً وَ عَلَی أَوْسَاطِهِمْ وَ التُّجَّارِ مِنْهُمْ عَلَی كُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِینَ دِرْهَماً وَ عَلَی سَفِلَتِهِمْ وَ فُقَرَائِهِمْ اثْنَیْ عَشَرَ دِرْهَماً عَلَی كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ قَالَ فَجَبَیْتُهَا ثَمَانِیَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِی سَنَةٍ.

إیضاح:

قال محمد بن إدریس رحمه اللّٰه فی كتاب السرائر بهرسیر بالباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة و السین غیر المعجمة هی المدائن و الدلیل علی ذلك أن الراوی قال استعملنی علی أربعة رساتیق ثم عد خمسة فذكر المدائن ثم ذكر من جملة الخمسة بهرسیر فعطف علی اللفظ دون المعنی.

فإن قیل لا یعطف الشی ء علی نفسه قلنا إنما عطف علی اللفظة دون المعنی و هذا كثیر فی القرآن و الشعر قال الشاعر:

إلی الملك القرم و ابن الهمام***و لیث الكتیبة فی المزدحم

فكل هذه الصفات راجعة إلی موصوف واحد و قد عطف بعضها علی بعض لاختلاف ألفاظها.

و یدل علی ما قلناه أیضا ما

ذكره أصحاب السیر فی كتاب صفین قالوا لما سار أمیر المؤمنین علیه السلام إلی صفین قالوا ثم مضی نحو ساباط حتی انتهی إلی مدینة بهرسیر و إذا رجل من أصحابه ینظر إلی آثار كسری و هو یتمثل بقول ابن یعفور السهمی

ص: 467

جرت الریاح إلی محل دیارهم*** فكأنما كانوا علی میعاد

فقال علیه السلام أ فلا قلت كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِیها فاكِهِینَ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ الآیة.

و أما البهقباذات فهی ثلاثة البهقباذ الأعلی و هی ستة طساسیج طسوج بابل و خطرنیة و الفلوجة العلیا و السفلی و النهرین و عین التمر.

و البهقباذ الأوسط أربعة طساسیج طسوج الجیة و البداءة و سور إبریسما و نهر الملك و بارسوما.

و البهقباذ الأسفل خمسة طساسیج منها طسوج فرات و بارقلی و طسوج السیلحین الذی فیه الخورنق و السدیر ذكر ذلك عبد اللّٰه بن خردادبه فی كتاب الممالك و المسالك (1)

أقول: إنه رحمه اللّٰه بنی كلامه علی ما نقله من كتاب المقنعة و فیه و البهقباذات مع العطف.

و علی ما فی كتاب التهذیب الظاهر إضافة الرساتیق إلی المدائن فیحتمل أن یكون بهرسیر عطفا علی أربعة و یكون البهقباذات بیانا لأربعة رساتیق المدائن أی استعملنی علی البهقباذات و علی بهرسیر.

و أن یكون معطوفا علی رساتیق أی استعملنی علی أربعة أشیاء أحدها رساتیق المدائن و هی البهقباذات و الثانی بهرسیر و هكذا.

و أن یكون معطوفا علی البهقباذات إحدی الرساتیق و المحل الذی یجری فیه نهر شیریا ثانیها.

ثم اختلف فی قراءة بهرسیر فقد قرأ ابن إدریس كما عرفت و یؤیده ما نقله و نقلنا أیضا فی موضع آخر من كتاب صفین.

ص: 468


1- 1 و قریبا منه ذكره الیاقوت فی كتاب معجم البلدان: ج 1، ص 516 و ج 6 ص 131.

و قرأ بعض الأفاضل نهرسیر بالنون و السین المهملة و بعضهم نهرشیر بالنون و الشین المعجمة و قال هو النهر الذی عمله فرهاد لشیرین و هو من أعمال المدائن و منهم من قرأ بهرشیر بالباء و الشین المعجمة أی المعمول لأجل اللبن و هو بعید و منهم من قرأ نهرسر بإسقاط الیاء من بین المهملین أی النهر الأعلی و كذا اختلف النسخ فی نهر جویر ففی بعضها بالجیم فالواو فالیاء المثناة التحتانیة فالراء المهملة و فی بعضها بإبدال الیاء باء موحدة و فی بعضها بإبدال الراء نونا و قال الفیروزآبادی الطسوج كسفود الناحیة و فی النهایة هو استخراج المال من مظانه (1)

«682»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أُمَرَائِهِ عَلَی الْجُیُوشِ (3)مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَصْحَابِ الْمَسَالِحِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ حَقّاً عَلَی الْوَالِی أَنْ لَا یُغَیِّرَهُ عَلَی رَعِیَّتِهِ فَضْلٌ نَالَهُ وَ لَا طَوْلٌ خُصَّ بِهِ وَ أَنْ یَزِیدَهُ مَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنْ نِعَمِهِ دُنُوّاً مِنْ عِبَادِهِ وَ عَطْفاً عَلَی إِخْوَانِهِ أَلَا وَ إِنَّ لَكُمْ عِنْدِی أَنْ لَا أَحْتَجِزَ دُونَكُمْ سِرّاً إِلَّا فِی حَرْبٍ وَ لَا أَطْوِیَ دُونَكُمْ أَمْراً إِلَّا فِی حُكْمٍ وَ لَا أُؤَخِّرَ لَكُمْ حَقّاً عَنْ مَحَلِّهِ وَ لَا أَقِفَ بِهِ دُونَ مَقْطَعِهِ وَ أَنْ تَكُونُوا عِنْدِی فِی الْحَقِّ سَوَاءً فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِلَّهِ عَلَیْكُمُ النِّعْمَةُ وَ لِی عَلَیْكُمُ الطَّاعَةُ وَ أَنْ لَا تَنْكُصُوا عَنْ دَعْوَةٍ وَ لَا تُفَرِّطُوا فِی صَلَاحٍ وَ أَنْ تَخُوضُوا الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ فَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَسْتَقِیمُوا لِی عَلَی ذَلِكَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَیَّ مِمَّنِ اعْوَجَّ مِنْكُمْ ثُمَّ أُعْظِمُ لَهُ الْعُقُوبَةَ وَ لَا یَجِدُ عِنْدِی فِیهَا رُخْصَةً فَخُذُوا هَذَا مِنْ أُمَرَائِكُمْ وَ أَعْطُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ مَا یُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ أَمْرَكُمْ.

«683»-(4)ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ

ص: 469


1- 1 لم أجد مادة «طسج» فی طبعة الحدیث ببیروت من كتاب النهایة.
2- 682- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 50 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.
3- 3 هذا هو الصواب، و فی ط الكمبانیّ من أصلی: «من كلام له علیه السلام إلی أمرائه علی الجیوش».
4- 683- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 33 من الجزء الثامن من أمالیه: ج 1، ص 136، ط 1. و رویناه عن مصدر آخر فی المختار: 84 من باب الكتب من كتاب نهج السعادة: ج 4 ص 228 ط 1.

ثَعْلَبَةَ بْنِ زَیْدٍ الْحِمَّانِیِّ قَالَ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَ فِیهِ فَضْلُ مَالِهِ وَ لَا مَرْتَبَةَ اخْتَصَّ بِهَا وَ فِیهِ فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ وَجَبَتْ لِی عَلَیْكُمُ الْبَیْعَةُ وَ لِی مِنْكُمُ الطَّاعَةُ وَ فِیهِ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ أَهْوَنَ عَلَیَّ مِمَّنْ خَالَفَنِی فِیهِ ثُمَّ أُحِلَّ بِكُمْ فِیهِ عُقُوبَتُهُ وَ لَا تَجِدُوا عِنْدِی إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام وَ أَعْطُوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَذَا یُصْلِحُ أَمْرَكُمْ.

بیان: قال ابن الأثیر فی مادة سلح من كتاب النهایة المسلحة القوم الذین یحفظون الثغور من العدو و سموا مسلحة لأنهم یكونون ذوی سلاح أو لأنهم یسكنون المسلحة و هی كالثغر و المرقب یكون فیه أقوام یرقبون العدو لأن لا یطرقهم علی غفلة فإذا رأوه أعلموا أصحابهم لیتأهبوا له و جمع المسلح مسالح.

قوله علیه السلام أن لا یغیره أی لا یصیر الفضل الذی ناله الوالی و الطول الذی خصه اللّٰه به و هو الولایة سبأ لتغیره علی رعیته بالخروج عن العدل و الجفاء علیهم.

قوله علیه السلام أن لا أحتجز قال ابن میثم أی لا أمنع و قال ابن أبی الحدید أی لا أستتر.

و كلاهما غیر موجودین فی كلام أهل اللغة و إن كان ما ذكره الجوهری من أنه یقال احتجز الرجل بإزاره أی شد إزاره علی وسطه قریبا مما ذكره ابن أبی الحدید لكنه بهذا المعنی غیر متعد و كذا استتر كما ذكره فی تفسیره و المناسب هو ما ذكره ابن میثم و إن كان غیر موجود فی كلامهم.

و استثناء الحرب لأنه خدعة و لا یناسب إفشاء الآراء فیه.

و لا أطوی دونكم أمرا أی أظهركم علی كل ما فی نفسی مما یحسن إظهاركم علیه فأما الأحكام الشرعیة و القضاء علی أحد الخصمین فإنی لا

ص: 470

أعلمكم قبل وقوعها و لا أشاوركم فیها كیلا تفسد القضیة بأن یحتال ذلك الشخص لصرف الحكم عنه و لعدم توقف الحكم علی المشاورة.

و قال ابن أبی الحدید ثم ذكر أنه لا یؤخر لهم حقا عن محله یعنی العطاء و أنه لا یقف دون مقطعه و الحق هاهنا غیر العطاء بل الحكم قال زهیر:

فإن الحق مقطعه ثلاث*** یمین أو نفار أو جلاء

أی متی تعین الحكم حكمت به و قطعت و لا أقف و لا أتحبس انتهی.

و یحتمل تعمیم الحق فی الموضعین أی ما یلزم لكم علی من عطاء أو حكم لا أؤخره عن محله و لا أقصر فی الإتیان به فالوقوف به قبل مقطعه ترك السعی فی الإتیان به قبل تمامه.

«684»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عُمَّالِهِ عَلَی الْخَرَاجِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَصْحَابِ الْخَرَاجِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَمْ یَحْذَرْ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَیْهِ لَمْ یُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا یُحْرِزُهَا وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا كُلِّفْتُمْ یَسِیرٌ وَ أَنَّ ثَوَابَهُ كَثِیرٌ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ فِیمَا نَهَی اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْبَغْیِ وَ الْعُدْوَانِ عِقَابٌ یُخَافُ لَكَانَ فِی ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لَا عُذْرَ فِی تَرْكِ طَلَبِهِ فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِیَّةِ وَ وُكَلَاءُ الْأُمَّةِ وَ سُفَرَاءُ الْأَئِمَّةِ وَ لَا تُحْشِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ وَ لَا تَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ وَ لَا تَبِیعُنَّ لِلنَّاسِ فِی الْخَرَاجِ كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَ لَا صَیْفٍ وَ لَا دَابَّةً یَعْتَمِلُونَ عَلَیْهَا وَ لَا عَبْداً وَ لَا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَكَانِ دِرْهَمٍ وَ لَا تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مُصَلٍّ وَ لَا مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَساً أَوْ سِلَاحاً یُعْدَی بِهِ عَلَی أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِلْمُسْلِمِ أَنْ یَدَعَ ذَلِكَ فِی أَیْدِی أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ فَیَكُونَ شَوْكَةً عَلَیْهِ

ص: 471


1- 684- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 51 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام فی نهج البلاغة.

وَ لَا تَدَّخِرُوا أَنْفُسَكُمْ نَصِیحَةً وَ لَا الْجُنْدَ حُسْنَ سِیرَةٍ وَ لَا الرَّعِیَّةَ مَعُونَةً وَ لَا دِینَ اللَّهِ قُوَّةً وَ أَبْلُوا فِی سَبِیلِهِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَیْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَا وَ عِنْدَكُمْ أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا وَ أَنْ نَنْصُرَهُ مِمَّا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ.

توضیح:

ما یحرزها أی یحفظ نفسه من عذاب اللّٰه ما لا عذر فی ترك طلبه لأنه نفع عظیم مقدور علی تحصیله فالتفریط فی طلبه قبیح.

و قال الجوهری السفیر الرسول و المصلح بین القوم و الجمع سفراء.

و قال قال أبو زید حشمت الرجل و أحشمته بمعنی و هو أن یجلس إلیك فتؤذیه و تغضبه و قال ابن الأعرابی حشمته أخجلته و أحشمته أغضبته.

و فی بعض النسخ و لا تحسموا أحدا بالسین المهملة من الحسم بمعنی القطع و المعاهد الذمی و كل من دخل بأمان و قال الجوهری العداء تجاوز الحد و الظلم یقال عدا علیه عدوا و عدوا و عداء ظلمه.

و قال ابن الأثیر فی مادة شوك من كتاب النهایة القتال شدته و حدته.

قوله علیه السلام و لا تدخروا أنفسكم أی لا تمنعوا عن أنفسكم نصیحة و ارعوا ما فیه صلاحها.

و فی النهایة الإبلاء الإنعام و الإحسان و فی حدیث بر الوالدین أبل اللّٰه تعالی عذرا فی برها أی أعطه و أبلغ العذر فیها إلیه و المعنی أحسن فیما بینك و بین اللّٰه ببرك إیاهما و قال الاصطناع افتعال من الصنیعة و هی العطیة و الكرامة و الإحسان.

قوله علیه السلام أن نشكره أی اصطنع إلینا لأن نشكره أو جعل شكره بجهدنا و نصره بقوتنا صنیعة و معروفا عندنا و عندكم.

«685»-(1)نهج، نهج البلاغة مِنْ كِتَابِهِ إِلَی أُمَرَائِهِ فِی الصَّلَاةِ أَمَّا بَعْدُ فَصَلُّوا بِالنَّاسِ

ص: 472


1- 685- رواه السیّد الرضیّ رضی اللّٰه تعالی عنه فی المختار: 52 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

الظُّهْرَ حِینَ تَفِی ءُ الشَّمْسُ مِثْلَ مَرْبِضِ الْعَنْزِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعَصْرَ وَ الشَّمْسُ بَیْضَاءُ حَیَّةٌ فِی عُضْوٍ مِنَ النَّهَارِ حِینَ یُسَارُ فِیهَا فَرْسَخَانِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْمَغْرِبَ حِینَ یُفْطِرُ الصَّائِمُ وَ یَدْفَعُ الْحَاجُّ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعِشَاءَ حِینَ یَتَوَارَی الشَّفَقُ إِلَی ثُلُثِ اللَّیْلِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْغَدَاةَ وَ الرَّجُلُ یَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ صَلُّوا بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ وَ لَا تَكُونُوا فَتَّانِینَ.

إیضاح:

لعل الابتداء بالظهر لأنها أول ما فرضت من الصلوات حین تفی ء أی یزید و یرجع ظل الشمس بعد غایة نقصانه.

قوله مثل مربض العنز أی الأنثی من المعز و هو قریب من القدمین وقت النافلة و هو أول وقت الفضیلة المختص بالظهر لا آخره كما فهمه الراوندی رحمه اللّٰه.

قوله و الشمس بیضاء أی لم تصفر للمغیب و حیاتها استعارة لظهورها فی الأرض و العضو بالضم و الكسر واحد الأعضاء و الظرف خبر للشمس أو متعلق بصلوا و المراد بقاء جزء معتد به من النهار.

و قال فی النهایة فیه أنه دفع من عرفات أی ابتدأ السیر و دفع نفسه منها و نحاها أو دفع ناقته و حملها علی السیر.

و الفتان من یفتن الناس عن الدین و إطالة الصلاة مستلزمة لتخلف العاجزین و الضعفاء و المضطرین.

«686»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عُثْمَانَ بْنِ حُنَیْفٍ الْأَنْصَارِیِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْبَصْرَةِ وَ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّهُ دُعِیَ إِلَی وَلِیمَةِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِهَا فَمَضَی إِلَیْهَا أَمَّا بَعْدُ یَا ابْنَ حُنَیْفٍ فَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّ رَجُلًا مِنْ فِتْیَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إِلَی مَأْدُبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَیْهَا یُسْتَطَابُ لَكَ الْأَلْوَانُ وَ تُنْقَلُ إِلَیْكَ

ص: 473


1- 686- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 45 من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة.

الْجِفَانُ وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِیبُ إِلَی طَعَامِ قَوْمٍ عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ وَ غَنِیُّهُمْ مَدْعُوٌّ فَانْظُرْ إِلَی مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هَذَا الْمَقْضَمِ فَمَا اشْتَبَهَ عَلَیْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ وَ مَا أَیْقَنْتَ بِطِیبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً یَقْتَدِی بِهِ وَ یَسْتَضِی ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ أَلَا وَ إِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَی مِنْ دُنْیَاهُ بِطِمْرَیْهِ وَ مِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَیْهِ أَلَا وَ إِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَی ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَعِینُونِی بِوَرَعٍ وَ اجْتِهَادٍ وَ عِفَّةٍ وَ سَدَادٍ فَوَ اللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْیَاكُمْ تِبْراً وَ لَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً وَ لَا أَعْدَدْتُ لِبَالِی ثَوْبِی طِمْراً وَ لَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً وَ لَا أَخَذْتُ مِنْهُ إِلَّا كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ وَ لَهِیَ فِی عَیْنِی أَوْهَی وَ أَهْوَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ (1)بَلَی كَانَتْ فِی أَیْدِینَا فَدَكٌ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّمَاءُ فَشَحَّتْ عَلَیْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وَ سَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ آخَرِینَ وَ نِعْمَ الْحَكَمُ اللَّهُ وَ مَا أَصْنَعُ بِفَدَكٍ وَ غَیْرِ فَدَكٍ وَ النَّفْسُ مَظَانُّهَا فِی غَدٍ جَدَثٌ تَنْقَطِعُ فِی ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا وَ تَغِیبُ أَخْبَارُهَا وَ حُفْرَةٌ لَوْ زِیدَ فِی فُسْحَتِهَا وَ أَوْسَعَتْ یَدَا حَافِرِهَا لَضَغَطَهَا [لَأَضْغَطَهَا] الْحَجَرُ وَ الْمَدَرُ وَ سَدَّ فُرَجَهَا التُّرَابُ الْمُتَرَاكِمُ وَ إِنَّمَا هِیَ نَفْسِی أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَی لِتَأْتِیَ آمِنَةً یَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ وَ تَثْبُتَ عَلَی جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ وَ لَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَیْتُ الطَّرِیقَ إِلَی مُصَفَّی هَذَا الْعَسَلِ وَ لُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ وَ نَسَائِجِ هَذَا الْقَزِّ وَ لَكِنْ هَیْهَاتَ أَنْ یَغْلِبَنِی هَوَایَ وَ یَقُودَنِی جَشَعِی إِلَی تَخَیُّرِ الْأَطْعِمَةِ وَ لَعَلَّ بالْحِجَازِ أَوْ بِالْیَمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِی الْقُرْصِ وَ لَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَنْ أَبِیتَ مِبْطَاناً وَ حَوْلِی بُطُونٌ غَرْثَی وَ أَكْبَادٌ حَرَّی أَوْ أَنْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:

وَ حَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِیتَ بِبِطْنَةٍ***وَ حَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَی الْقِدِّ

أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِی بِأَنْ یُقَالَ لِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا أُشَارِكُهُمْ فِی مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِی جُشُوبَةِ الْعَیْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِیَشْغَلَنِی أَكْلُ الطَّیِّبَاتِ

ص: 474


1- 1 ما بین المعقوفین مأخوذ من نسخة شرحها ابن أبی الحدید- و هو أصح النسخ- و قد سقط من أصلی من ط الكمبانیّ من البحار.

كَالْبَهِیمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلَافِهَا وَ تَلْهُو عَمَّا یُرَادُ بِهَا أَوْ أُتْرَكَ سُدًی أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلَالَةِ أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِیقَ الْمَتَاهَةِ وَ كَأَنِّی بِقَائِلِكُمْ یَقُولُ إِذَا كَانَ هَذَا قُوتَ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَدْ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ عَنْ قِتَالِ الْأَقْرَانِ وَ مُنَازَلَةِ الشُّجْعَانِ أَلَا وَ إِنَّ الشَّجَرَةَ الْبَرِّیَّةَ أَصْلَبُ عُوداً وَ الرَّوَاتِعَ الْخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلُوداً وَ النَّابِتَاتِ الْعِذْیَةَ أَقْوَی وَقُوداً وَ أَبْطَأُ خُمُوداً وَ أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَالصِّنْوِ مِنَ الصِّنْوِ وَ الذِّرَاعِ مِنَ الْعَضُدِ وَ اللَّهِ لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَی قِتَالِی لَمَا وَلَّیْتُ عَنْهَا وَ لَوْ أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَیْهَا وَ سَأَجْهَدُ فِی أَنْ أُطَهِّرَ الْأَرْضَ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ الْمَعْكُوسِ وَ الْجِسْمِ الْمَرْكُوسِ حَتَّی تَخْرُجَ الْمَدَرَةُ مِنْ بَیْنِ حَبِّ الْحَصِیدِ إِلَیْكِ عَنِّی یَا دُنْیَا فَحَبْلُكِ عَلَی غَارِبِكِ قَدِ انْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكِ وَ أَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ وَ اجْتَنَبْتُ الذَّهَابَ فِی مَدَاحِضِكِ أَیْنَ الْقُرُونُ الَّذِینَ غَرَرْتِهِمْ بِمَدَاعِبِكِ أَیْنَ الْأُمَمُ الَّذِینَ فَتَنْتِهِمْ بِزَخَارِفِكِ هَا هُمْ رَهَائِنُ الْقُبُورِ وَ مَضَامِینُ اللُّحُودِ وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِیّاً وَ قَالَباً حِسِّیّاً لَأَقَمْتُ عَلَیْكِ حُدُودَ اللَّهِ فِی عِبَادٍ غَرَرْتِهِمْ بِالْأَمَانِیِّ وَ أُمَمٍ أَلْقَیْتِهِمْ فِی الْمَهَاوِی وَ مُلُوكٍ أَسْلَمْتِهِمْ إِلَی التَّلَفِ وَ أَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ الْبَلَاءِ إِذْ لَا وِرْدَ وَ لَا صَدَرَ هَیْهَاتَ مَنْ وَطِئَ دَحْضَكِ زَلِقَ وَ مَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ وَ مَنِ ازْوَرَّ عَنْ حِبَالِكِ وُفِّقَ وَ السَّالِمُ مِنْكِ لَا یُبَالِی إِنْ ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ وَ الدُّنْیَا عِنْدَهُ كَیَوْمٍ حَانَ انْسِلَاخُهُ اعْزُبِی عَنِّی فَوَ اللَّهِ [لَا] أَذِلُّ لَكِ فَتَسْتَذِلِّینِی وَ لَا أَسْلَسُ لَكِ فَتَقُودِینِی (1)وَ ایْمُ اللَّهِ یَمِیناً أَسْتَثْنِی فِیهَا بِمَشِیَّةِ اللَّهِ لَأَرُوضَنَّ نَفْسِی رِیَاضَةً تَهِشُّ مَعَهَا إِلَی

ص: 475


1- 1 العزوب: الغیبة و البعد و الذل بالكسر و یضم ضد الصعوبة و منه الذلول و الذل: المذلة الصغار و الأول هنا أنسب منه رحمه اللّٰه.

الْقُرْصِ إِذَا قَدَرْتُ عَلَیْهِ مَطْعُوماً وَ تَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً وَ لَأَدَعَنَّ مُقْلَتِی كَعَیْنِ مَاءٍ نَضَبَ مَعِینُهَا مُسْتَفْرِغَةً دُمُوعَهَا أَ تَمْتَلِئُ السَّائِمَةُ مِنْ رِعْیِهَا فَتَبْرُكَ وَ تَشْبَعُ الرَّبِیضَةُ مِنْ عُشْبِهَا فَتَرْبِضَ وَ یَأْكُلُ عَلِیٌّ مِنْ زَادِهِ فَیَهْجَعَ قَرَّتْ إِذَنْ عَیْنُهُ إِذَا اقْتَدَی بَعْدَ السِّنِینَ الْمُتَطَاوِلَةِ بِالْبَهِیمَةِ الْهَامِلَةِ وَ السَّائِمَةِ الْمَرْعِیَّةِ طُوبَی لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلَی رَبِّهَا فَرْضَهَا وَ عَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا وَ هَجَرَتْ فِی اللَّیْلِ غُمْضَهَا حَتَّی إِذَا غَلَبَ الْكَرَی عَلَیْهَا افْتَرَشَتْ أَرْضَهَا وَ تَوَسَّدَتْ كَفَّهَا فِی مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُیُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ وَ تَجَافَتْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ جُنُوبُهُمْ وَ هممت [هَمْهَمَتْ] بِذِكْرِ رَبِّهِمْ شِفَاهُهُمْ وَ تَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِمْ ذُنُوبُهُمْ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا ابْنَ حُنَیْفٍ وَ لْتَكْفِكَ أَقْرَاصُكَ لِیَكُونَ مِنَ النَّارِ خَلَاصُكَ.

إیضاح:

عثمان بن حنیف هو الذی أخرجه طلحة و الزبیر من البصرة حین قدماها قوله علیه السلام من فتیة أهل البصرة قال ابن أبی الحدید أی من فتیانها أو من شبانها و أسخیائها و یروی أن رجلا من قطان البصرة أی سكانها و قال فی النهایة المأدبة بضم الدال الطعام یدعی إلیه القوم و قد جاءت بفتح الدال أیضا یقال أدب فلان القوم یأدبهم بالكسر أی دعاهم إلی طعامه و الأدب الداعی یستطاب لك الألوان یطلب لك طیبها و لذیذها.

و قال الجوهری الجفنة كالقصعة و الجمع الجفان و العائل الفقیر و الجفاء نقیض الصلة و المجفو المبعد.

ثم اعلم أن ظاهر كلامه علیه السلام النهی عن إجابة مثل هذه الدعوة من وجهین أحدهما أنه طعام قوم عائلهم مجفو و غنیهم مدعو فهم من أهل الریاء و السمعة و عدم إجابة دعوتهم أولی.

ص: 476

و ثانیهما أنه مما یظن تحریمه فالأولی الاحتراز عن أكله فیمكن أن یكون النهی عاما و مثل تلك الإجابة مكروها أو یكون خاصا بالولاة كما یشعر به قوله علیه السلام فی كلامه لعاصم بن زیاد حیث

قَالَ علیه السلام لَهُ إِنَّی لَسْتُ كَأَنْتَ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَی أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ یُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَیْلَا یَتَبَیَّغَ بِالْفَقِیرِ فَقْرُهُ.

و حینئذ یكون المخاطب بقوله علیه السلام ألا و إن إمامكم و قوله و أعینونی هم الولاة فالنهی إما للتحریم أو للتنزیه و لا ینافی الأول قوله ألا و إنكم لا تقدرون علی ذلك فإن الظاهر أنه إشارة إلی الاكتفاء من الثوب بالطمرین و من الطعم بالقرصین.

و علی الثانی تكون الكراهة بالنظر إلی الولاة أشد.

و یحتمل أن یكون للأعم من الحرمة و الكراهة و یكون لكل من الولاة و غیرهم حكمه فالخطاب عام.

و یمكن أن یستفاد من قوله علیه السلام یستطاب لك الألوان وجه آخر من النهی و هو المنع من إجابة دعوة المسرفین و المبذرین إما تحریما مع عموم الخطاب أو خصوصه و نظیره النهی للولاة عن أخذ الهدایا و لعله یشعر بذلك قوله یستطاب لك و تنقل إلیك أو تنزیها فیكون بالنظر إلیهم أشد أو الأعم منهما كما ذكر.

و الاحتمالات الأخیرة مبنیة علی انقسام الإسراف مطلقا إلی المحرم و المكروه.

و القضم الأكل بأطراف الأسنان و الطمر بالكسر الثوب الخلق و الطمران الإزار و الرداء و القرصان للغداء و العشاء.

و قوله علیه السلام بورع و اجتهاد الورع اجتناب المحرمات و الاجتهاد أداء الواجبات أو الورع یشمل ترك المكروهات أیضا و الاجتهاد الإتیان بالسنن الأكیدة أیضا و یمكن أن یكون التنوین فیهما للتقلیل أی بما تستطیعون منهما و الإعانة علی الشفاعة أو علی إجراء الأحكام و الأدب بین الناس

ص: 477

و الأول أظهر.

و قال الجوهری التبر من الذهب ما كان غیر مضروب فإذا ضرب دنانیر فهو عین و لا یقال تبر إلا للذهب و بعضهم یقول للفضة أیضا انتهی.

و الوفر المال الكثیر و المراد بالبالی المندرس و بالطمر ما لم یبلغ ذلك.

و فی نسخة الراوندی بعد ذلك و لا ادخرت من أقطارها شبرا و فدك ینصرف بتأویل الموضع و لا ینصرف بتأویل البلدة أو القریة.

و النفوس الشاحة أبو بكر و عمر و أتباعهم و الساخیة نفوس أهل البیت علیهم السلام أو من لم یرغب فی هذا الغصب و لم یرض به و الأول أظهر.

و فی الصحاح مظنة الشی ء موضعه و مألفه الذی یظن كونه فیه و الجمع المظان و قال الجدث القبر و قال ضغطه یضغطه ضغطا رخمه إلی حائط و نحوه و منه ضغطة القبر.

و فی بعض النسخ لأضغطها قال ابن أبی الحدید أی جعلها ضاغطة و الهمزة المتعدیة و یروی لضغطها و المتراكم المجتمع و إنما هی نفسی كأن الضمیر راجع إلی النفس و قیل أی إنما همتی و حاجتی ریاضة نفسی و یقال رضت الدابة كقلت أی ذللتها و أدبتها.

و المراد بالمزلق الصراط أو طریق الحق قوله علیه السلام و لو شئت لاهتدیت

قال ابن أبی الحدید و قد روی و لو شئت لاهتدیت إلی هذا العسل المصفی و لباب هذا البر المنقی فضربت هذا بذاك حتی ینضج وقودا و یستحكم معقودا.

و القمح البر قاله الجوهری.

و قال القز الإبریسم معرب و قال الجشع أشد الحرص و قال الاختیار الاصطفاء و كذلك التخیر و قال المبطان الذی لا یزال عظیم البطن من كثرة الأكل.

و قال الغرث الجوع و قد غرث بالكسر یغرث و قال الحرة بالكسر العطش و منه

ص: 478

قولهم أشد العطش حرة علی قرة إذا عطش فی یوم بارد و الحران العطشان و الأنثی حری مثل عطشی.

قوله علیه السلام أو أكون الهمزة للاستفهام و الواو للعطف و البیت للحاتم الطائی المشهور و البطنة بالكسر هو أن یمتلئ من الطعام امتلاء شدیدا و القد بالكسر سیر یقد من جلد غیر مدبوغ و الاشتیاق إلی القد لشدة الجوع.

قوله علیه السلام و لا أشاركهم الواو للحال أو العطف علی أقنع أو یقال فیحتمل الرفع و النصب.

و قوله علیه السلام أو أكون معطوف علی أشاركهم أو علی أقنع.

و قال الجوهری طعام جشب و مجشوب أی غلیظ و یقال هو الذی لا أدم معه.

قوله علیه السلام كالبهیمة المربوطة إلخ قال ابن میثم فإن الاشتغال بها إن كان غنیا أشبه المعلوفة فی اهتمامه بما یعتلفه من طعامه الحاضر و إن كان فقیرا كان اهتمامه بما یكتسبه كالسائمة و التقمم أكل الشاة ما بین یدیها بمقمتها أی شفتها و قیل تتبع القمامة.

قوله علیه السلام تكترش أی تملأ بها كرشه و الكرش بالكسر و ككتف لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان و تلهو عما یراد بها أی من ذبح و استخدام.

و أترك فی بعض النسخ بالضم عطفا علی أقنع و بالنصب عطفا علی یقال أو یشغلنی و كذا قوله أهمل و أجر و أعتسف و أجر حبل الضلالة أی أجر اتباعی إلیها و یحتمل التشبیه بالبهیمة التی انقطع مقودها أو تركت سدی و الاعتساف العدول عن الطریق و المتاهة محل التیه و الضلال و الحیرة

ص: 479

و الباء فی قعد به للتعدیة و فی القاموس النزال بالكسر أن ینزل الفریقان عن إبلهما إلی خیلهما فیضاربوا و قد تنازلوا و الرتع الاتساع فی الخصب و كل خصب مرتع و یظهر من بعض الشراح أنه قرأ الروائع بالیاء المثناة التحتانیة من راعه بمعنی أعجبه و فیما رأینا من النسخ بالتاء و العذی بكسر العین و سكون الذال الزرع لا تسقیه إلا ماء المطر.

قوله علیه السلام كالصنو من الصنو الصنو المثل و أصله أن تطلع النخلتان من عرق واحد

وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا وَ عَلِیٌّ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ.

و فی كثیر من النسخ كالضوء من الضوء أی كالضوء الحاصل أو المنعكس من الضوء لكون علمه و كمالاته من النبی صلی اللّٰه علیه و آله و لذا كنی اللّٰه عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی القرآن بالشمس و عنه علیه السلام بالقمر و التشبیه بالذراع من العضد لأن العضد أصل للذراع و الذراع وسیلة إلی التصرف و البطش بالعضد.

و سمی معاویة معكوسا لانعكاس عقیدته و مركوسا لكونه تاركا للفطرة الأصلیة و یحتمل أن یكون تشبیها له بالبهائم.

و إنما قال علیه السلام الشخص و الجسم ترجیحا لجانب البدن أو لكونه تابعا لشهواته البدنیة تاركا لمقتضیات روحه و عقله فكأنه لیس هذا إلا الجسم المحسوس و قال الجوهری الركس رد الشی ء مقلوبا وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أی ردهم إلی كفرهم قوله علیه السلام حتی تخرج المدرة من بین حب الحصید قال ابن میثم أی حتی یخرج معاویة من بین المؤمنین و یخلصهم من وجوده بینهم كما یفعل من یصفی الغلة.

و قال ابن أبی الحدید كما أن الزراع یجتهدون فی إخراج الحجر و المدر و الشوك و نحوه من بین الزرع كیلا یفسد مبانیه فیفسد ثمرته (1)

ص: 480


1- 1 كذا فی أصلی المطبوع، و فی النسخة التی عندی من شرح ابن أبی الحدید و شرح ابن میثم: «كیلا یفسد منابته ...».

و فیه نظر لأنه لا معنی لإخراج الطین من الزرع لأن لفظ حب الحصید لا یفهم منه ذلك (1)

و قال الجوهری الغارب ما بین السنام و العنق و منه قولهم حبلك علی غاربك أی اذهبی حیث شئت و أصله أن الناقة إذا رعت و علیها الخطام ألقی علی غاربها لأنها إذا رأت الخطام لا یهنؤها شی ء.

و الانسلال الانطلاق فی استخفاء و المخلب كمنبر ظفر كل سبع و أفلت الطائر و غیره تخلص و أفلته غیره و الحبائل جمع حبالة بالكسر و هی ما یصاد بها من أی شی ء كان و المداحض المزالق و المراد هنا مواضع الشبهة و كل ما یؤدی إلی حرام و المداعب من الدعابة و هی المزاح.

و فی النهایة الزخرف فی الأصل الذهب و كمال حسن الشی ء و قال المضامین جمع مضمون و مضمون الشی ء ما احتوی و اشتمل ذلك الشی ء علیه.

و القالب بالفتح قالب الخف و نحوه و ما یفرغ فیه الجواهر و بالكسر البسر الأحمر حسیا أی مدركا بالحس و فی بعض النسخ جنسیا أی منسوبا إلی جنس من الأجناس الموجودة المشاهدة.

و قال الجوهری هوی بالفتح یهوی سقط إلی أسفل و المهوی و المهواة ما بین الجبلین و الصدر بالتحریك الرجوع عن الماء خلاف الورد و المعنی أوردتهم مهالك لیست من محال الصدور و الورود و لا یرجی النجاة منها.

و دحضت رجله زلقت و لجة الماء و لجه معظمه و ركوبها كنایة عن ركوب أهوالها و فتنها أو طلب العلو فیها و أزور عنه عدل و انحرف.

و قال ابن أبی الحدید ضیق المناخ كنایة عن شدائد الدنیا كالفقر و المرض و الحبوس و السجون و لا یبالی بها لأن كل ذلك حقیر فی جنب السلامة من فتنة الدنیا كیوم حان انسلاخه أی قرب انقضاؤه و لا أسلس لك

ص: 481


1- 1 هذا آخر ما ذكره المصنّف بنحو الایجاز عن ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرح هذه الفقرة فی شرحه علی نهج البلاغة: ج 4 ص 113.

أی لا أنقاد.

و الاستثناء من الیمین بمشیئة اللّٰه تعلیقها بالمشیئة بقول إن شاء اللّٰه و هو مستحب فی سائر الأمور و قال ابن الأثیر فی النهایة هش لهذا الأمر یهش هشاشة إذا فرح بذلك و استبشر و ارتاح له و خف و قال نضب الماء غار و نفد.

و قال الجوهری ماء معین أی جار أی أبكی حتی لا یبقی فی عینی ماء.

و قال ابن أبی الحدید الرعی بكسر الراء الكلاء و قال الجوهری ربض الغنم مأواها و ربوض الغنم و البقر و الفرس و الكتب مثل بروك الإبل و الربیض الغنم برعاتها المجتمعة فی مربضها و قال الهجوع النوم لیلا.

و قال الهمل بالتحریك الإبل بلا راع یقال إبل همل و هامله و یقال فلان یعرك الأذی بجبنه أی یحتمله ذكره الفیروزآبادی و قال ما اكتحلت غمضا أی ما تمت و الكری النعاس افترشت أرضها أی اكتفت بها فراشا.

و توسدت كفها أی جعلتها وسادة و اكتفت بها مع أنه مستحب و الهمهمة الصوت الخفی و یدل علی استحباب إخفاء الذكر و تقشعت أی تفرقت و زالت و ذهبت كما یتقشع السحاب.

«687»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ عُمَّالِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَی إِقَامَةِ الدِّینِ وَ أَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ الْأَثِیمِ وَ أَسُدُّ بِهِ لَهَاةَ الثَّغْرِ الْمَخُوفِ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَی مَا أَهَمَّكَ وَ اخْلِطِ الشِّدَّةَ بِضِغْثٍ مِنَ اللِّینِ وَ ارْفُقْ مَا كَانَ الرِّفْقُ أَرْفَقَ وَ اعْتَزِمْ بِالشِّدَّةِ حِینَ لَا یُغْنِی عَنْكَ إِلَّا الشِّدَّةُ وَ اخْفِضْ لِلرَّعِیَّةِ جَنَاحَكَ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ آسِ بَیْنَهُمْ فِی اللَّحْظَةِ وَ النَّظْرَةِ وَ الْإِشَارَةِ وَ التَّحِیَّةِ حَتَّی لَا یَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِی حَیْفِكَ وَ لَا یَیْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ وَ السَّلَامُ.

بیان: الاستظهار الاستعانة و القمع القهر و التذلیل و النخوة الكبر

ص: 482


1- 687- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 46 من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة.

و الأثیم المذنب.

و قال فی النهایة اللّٰهوات جمع لهاة و هی اللحمات فی سقف أقصی الفم انتهی و لعله أرید بها هنا الفم مجازا و الضغث بالكسر قطعة حشیش مختلطة الرطب بالیابس و فی تشبیه اللین بالضغث لطف فإنه لا یكون إلا لینا.

و قال ابن أبی الحدید المراد مزج الشدة بشی ء من اللین فاجعلهما كالضغث و فیه بعد.

و قال الجوهری اعتزمت علی كذا و عزمت بمعنی و الاعتزام لزوم القصد فی المشی انتهی و لعل المراد هنا المعنی الثانی إلی أنه مع الاضطرار إلی الشدة ینبغی عدم الإفراط فیه و خفض الجناح كنایة عن الرفق أو الحراسة و إلانة الجانب ترك الغلظة و العنف فی المعاشرة و آس بینهم أی اجعلهم أسوة و روی و ساو بینهم و المعنی واحد و اللحظة المراقبة و قیل النظر بمؤخر العین.

«688»-(1)نهج، نهج البلاغة مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَیْرِهَا وَ لَمْ یُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَیْئاً إِلَّا فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً عَلَیْهَا وَ لَهَجاً بِهَا وَ لَنْ یَسْتَغْنِیَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ فِیهَا عَمَّا لَمْ یَبْلُغْهُ مِنْهَا وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ نَقْضُ مَا أَبْرَمَ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَی حَفِظْتَ مَا بَقِیَ وَ السَّلَامُ.

بیان: المشغلة كمرحلة ما یشغلك و فی بعض النسخ مشغلة علی بناء الإفعال فلو صحت الروایة بطل ما حكم به الأكثر من رداءة أشغله و اللّٰهج بالشی ء الولوع به.

قوله علیه السلام و لو اعتبرت قال ابن أبی الحدید أی لو اعتبرت بما مضی من عمرك لحفظت باقیه أن تنفقه فی الضلال و طلب الدنیا و تضیعه.

ص: 483


1- 688- رواه السیّد الرضیّ رضی اللّٰه تعالی عنه فی المختار: 49 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة، قال: و من كتاب له علیه السلام إلی معاویة أیضا.

و قال ابن میثم أی لو اعتبرت بما مضی من القرون الخالیة لحفظت ما بقی من السعادة الأخرویة أقول قال ابن أبی الحدید قد ذكر نصر بن مزاحم هذا الكتاب و قال إنه علیه السلام كتبه إلی عمرو بن العاص و فیه زیادة لم یذكرها الرضی (1)

«689»-(2)نهج، نهج البلاغة مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی سَلْمَانَ الْفَارِسِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَیَّامِ خِلَافَتِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْیَا مَثَلُ الْحَیَّةِ لَیِّنٌ مَسُّهَا قَاتِلٌ سَمُّهَا فَأَعْرِضْ عَمَّا یُعْجِبُكَ فِیهَا لِقِلَّةِ مَا یَصْحَبُكَ مِنْهَا وَ ضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا لِمَا أَیْقَنْتَ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا وَ كُنْ آنَسَ مَا تَكُونُ بِهَا أَحْذَرَ مَا تَكُونُ مِنْهَا فَإِنَّ صَاحِبَهَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ فِیهَا إِلَی سُرُورٍ أَشْخَصَتْهُ عَنْهُ إِلَی مَحْذُورٍ أَوْ إِلَی إِینَاسٍ أَزَالَتْهُ عَنْهُ إِلَی إِیحَاشٍ.

بیان: قوله علیه السلام لقلة ما یصحبك منها أی لقلة ما تستفید من لذتها و الانتفاع بها و التعبیر بالقلة علی سبیل التنزل أی لأنك لا تصحب منها شیئا و قیل المراد بما یصحبه منها الكفن و قیل القبر.

«690»-(3)نهج، نهج البلاغة رُوِیَ أَنَّ شُرَیْحَ بْنَ الْحَارِثِ قَاضِیَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام

ص: 484


1- 1 ذكره ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 49 من باب الكتب من نهج البلاغة: ج 17 ص 15، ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 5 ص 11. و أیضا رواه ابن أبی الحدید عن نصر فی شرح المختار: 35 من باب خطب نهج البلاغة: ج 2 ص 227 ط مصر. و أمّا نصر بن مزاحم فرواه فی أواسط الجزء الثانی من كتاب صفّین ص 110، ط مصر، و فی طبع آخر ص 124. و رویناه حرفیا نقلا عن كتاب صفّین فی المختار: 93 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام، من كتاب نهج السعادة: ج 4 ص 251 ط 1.
2- 689- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 68 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة. و رویناه عن مصادر كثیرة فی المختار الثانی من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 4 ص 8.
3- 690- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار الثالث من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة. و رواه أیضا عنه المصنّف فی الحدیث: 48 من الباب: 107 من المجلد التاسع من بحار الأنوار: ج 9 ص 545 ط الكمبانیّ و فی ط الحدیث: ج 41 ص 157. و رویناه عن مصادر فی المختار: 168 من باب الخطب من كتاب نهج السعادة ج 1، ص 602 ط 2.

اشْتَرَی دَاراً عَلَی عَهْدِهِ بِثَمَانِینَ دِینَاراً فَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَ اسْتَدْعَاهُ وَ قَالَ لَهُ بَلَغَنِی أَنَّكَ ابْتَعْتَ دَاراً بِثَمَانِینَ دِینَاراً وَ كَتَبْتَ كِتَاباً وَ أَشْهَدْتَ شُهُوداً فَقَالَ لَهُ شُرَیْحٌ قَدْ كَانَ ذَلِكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَیْهِ نَظَرَ مُغْضَبٍ ثُمَّ قَالَ یَا شُرَیْحُ أَمَا إِنَّهُ سَیَأْتِیكَ مَنْ لَا یَنْظُرُ فِی كِتَابِكَ وَ لَا یَسْأَلُكَ عَنْ بَیِّنَتِكَ حَتَّی یُخْرِجَكَ مِنْهَا شَاخِصاً وَ یُسْلِمَكَ إِلَی قَبْرِكَ خَالِصاً فَانْظُرْ یَا شُرَیْحُ لَا تَكُونُ ابْتَعْتَ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ غَیْرِ مَالِكَ أَوْ نَقَدْتَ الثَّمَنَ مِنْ غَیْرِ حِلٍّ لَكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدْ خَسِرْتَ دَارَ الدُّنْیَا وَ دَارَ الْآخِرَةِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَیْتَنِی عِنْدَ شِرَائِكَ مَا اشْتَرَیْتَ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتَاباً عَلَی هَذِهِ النُّسْخَةِ فَلَمْ تَرْغَبْ فِی شِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ بِدِرْهَمٍ فَمَا فَوْقَهُ وَ النُّسْخَةُ هَذِهِ هَذَا مَا اشْتَرَی عَبْدٌ ذَلِیلٌ مِنْ مَیِّتٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحِیلِ اشْتَرَی مِنْهُ دَاراً مِنْ دَارِ الْغُرُورِ مِنْ جَانِبِ الْفَانِینَ وَ خِطَّةِ الْهَالِكِینَ وَ تَجْمَعُ هَذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ الْحَدُّ الْأَوَّلُ یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْآفَاتِ وَ الْحَدُّ الثَّانِی یَنْتَهِی إِلَی دَوَاعِی الْمُصِیبَاتِ وَ الْحَدُّ الثَّالِثُ یَنْتَهِی إِلَی الْهَوَی الْمُرْدِی وَ الْحَدُّ الرَّابِعُ یَنْتَهِی إِلَی الشَّیْطَانِ الْمُغْوِی وَ فِیهِ یُشْرَعُ بَابُ هَذِهِ الدَّارِ اشْتَرَی هَذَا الْمُغْتَرُّ بِالْأَمَلِ مِنْ هَذَا الْمُزْعَجِ بِالْأَجَلِ هَذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ وَ الدُّخُولِ فِی ذُلِّ الطَّلَبِ وَ الضَّرَاعَةِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْمُشْتَرِی فِیمَا اشْتَرَی مِنْ دَرَكٍ فَعَلَی مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ الْمُلُوكِ وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ وَ مُزِیلِ مُلْكِ الْفَرَاعِنَةِ مِثْلِ كِسْرَی وَ قَیْصَرَ وَ تُبَّعٍ وَ حِمْیَرَ وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَی الْمَالِ فَأَكْثَرَ وَ مَنْ بَنَی

ص: 485

وَ شَیَّدَ وَ زَخْرَفَ وَ نَجَّدَ وَ ادَّخَرَ وَ اعْتَقَدَ وَ نَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ إِشْخَاصُهُمْ جَمِیعاً إِلَی مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ وَ مَوْضِعِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ إِذَا وَقَعَ الْأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَ خَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ شَهِدَ عَلَی ذَلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَی وَ سَلِمَ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْیَا.

أقول: سیأتی بروایة أخری مع شرحه فی أبواب خطبه و مواعظه (1)

«691»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی الْعُمَّالِ الَّذِینَ یَطَأُ عَمَلَهُمُ الْجَیْشُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ مَرَّ بِهِ الْجَیْشُ مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وَ عُمَّالِ الْبِلَادِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ سَیَّرْتُ جُنُوداً هِیَ مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَدْ أَوْصَیْتُهُمْ بِمَا یَجِبُ لِلَّهِ عَلَیْهِمْ مِنْ كَفِّ الْأَذَی وَ صَرْفِ الشَّذَی وَ أَنَا أَبْرَأُ إِلَیْكُمْ وَ إِلَی ذِمَّتِكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَیْشِ إِلَّا مِنْ جَوْعَةِ الْمُضْطَرِّ لَا یَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إِلَی شِبَعِهِ فَنَكِّلُوا مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُمْ ظُلْماً عَنْ ظُلْمِهِمْ وَ كُفُّوا أَیْدِیَ سُفَهَائِكُمْ عَنْ مُضَارَّتِهِمْ وَ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِیمَا اسْتَثْنَیْنَاهُ مِنْهُمْ وَ أَنَا بَیْنَ أَظْهُرِ الْجَیْشِ فَارْفَعُوا إِلَیَّ مَظَالِمَكُمْ وَ مَا عَرَاكُمْ مِمَّا یَغْلِبُكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَا لَا تُطِیقُونَ دَفْعَهُ إِلَّا بِاللَّهِ وَ بِی أُغَیِّرُهُ بِمَعُونَةِ اللَّهِ.

بیان: یطأ عملهم أی یسیرون فی أرضهم و البلاد التی تحت عملهم و حكمهم و قال الجوهری جبیته جبایة و جبوته جباوة جمعته و قال الشذا مقصورا الأذی و الشر قوله و إلی ذمتكم قال ابن أبی الحدید أی الیهود و النصاری الذین بینكم

قال صلی اللّٰه علیه و آله من آذی ذمتی فكأنما آذانی.

ص: 486


1- 1 رواه المصنّف فی الباب: 12 من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب البحار: ج 17، ص 77 ط الكمبانیّ، و فی ط الحدیث: ج 77 ص 377.
2- 691- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 60 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج البلاغة.

و قال ابن میثم أی إلی ذمتكم التی أخذتها من إسارة الجیش فإنه لیس بأمری من ذلك إلا معرة جوعة المضطر و المعرة الإثم و الأمر القبیح المكروه و الأذی و هذا و یدل علی أنه یجوز للجائع المضطر من الجیش الأخذ بقدر الشبع.

و قال ابن الأثیر فی النهایة التنكیل المنع و التنحیة و و أنا بین أظهر الجیش أی أنا قریب منكم و سائر علی أثرهم و قال ابن میثم كنایة عن كونه مرجع أمرهم و عراه یعروه غشیه أو قصده و تغییر ما عراهم دفع الظلم عنهم.

«692»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام كَتَبَهُ لَمَّا اسْتَخْلَفَ إِلَی أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ مَنَعُوا النَّاسَ الْحَقَّ فَاشْتَرَوْهُ وَ أَخَذُوهُمْ بِالْبَاطِلِ فَاقْتَدَوْهُ.

إیضاح:

فاشتروه قال ابن أبی الحدید أی فاشتری الناس الحق منهم بالرشا و الأموال أی لم یضعوا الأمور مواضعها و لا ولوا الولایات مستحقیها و كانت أمورهم تجری علی وفق الهوی و الأغراض الفاسدة فاشتری الناس منهم المیراث و الحقوق كما یشتری السلع بالأموال و روی فاستروه بالسین المهملة أی اختاروه تقول استریت خیار المال أی اخترته و یكون الضمیر عائدا إلی الظلمة لا إلی الناس أی منعوا الناس حقهم من المال و اختاروه لأنفسهم و استأثروا به و أخذوهم بالباطل أی حملوهم علی الباطل فجاء الخلف من بعد السلف فاقتدوا بآبائهم و أسلافهم فی ارتكاب ذلك الباطل ظنا منهم أنه حق لما قد ألفوه و نشئوا علیه.

و قال ابن میثم اشتروه أی باعوه و تعوضوا عنه بالباطل لما منعوا منه كقوله تعالی وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ و كذلك قوله علیه السلام أخذوهم بالباطل فاقتدوه أی اقتدوا الباطل و سلكوا فیه مسلك من أخذهم به كقوله

ص: 487


1- 692- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار الأخیر من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

تعالی فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ انتهی.

قیل و یحتمل إرجاع الضمیر المرفوع فی قوله علیه السلام اشتروه إلی الناس و المنصوب إلی المنع المذكور فی ضمن قوله منعوا أی إنما أهلك من كان قبلكم أن الظالمین منهم تصرفوا فی أمورهم و صاروا خلفاء فیهم حكاما بینهم و هو معنی منعهم الحق فرضوا بذلك و تعوضوا به عن الحق و خلفائه فالاشتراء كنایة عن الرضا أو استعارة لتعوضهم أو مجاز فیه.

و أما الضمیر المنصوب فی قوله علیه السلام فاقتدوه فیحتمل الإرجاع إلی الأخذ فیكون نظیرا لسابقه أو إلی الباطل.

أقول: و فی بعض النسخ فافتدوه بالفاء أی أخذوهم بأحكام الجور فأعطوا الفداء لیتخلصوا منهم فالضمیر راجع إلی الباطل و لعله أنسب.

«693»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام لِزِیَادِ بْنِ أَبِیهِ وَ قَدِ اسْتَخْلَفَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَی فَارِسَ وَ أَعْمَالِهَا فِی كَلَامٍ طَوِیلٍ كَانَ بَیْنَهُمَا نَهَاهُ فِیهِ عَنْ تَقْدِیمِ الْخَرَاجِ اسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ وَ احْذَرِ الْعَسْفَ وَ الْحَیْفَ فَإِنَّ الْعَسْفَ یَعُودُ بِالْجَلَاءِ وَ الْحَیْفَ یَدْعُو إِلَی السَّیْفِ.

بیان: قال فی القاموس عسف السلطان ظلم و فلانا استخدمه و الحیف المیل و الجور و الظلم فیحتمل أن یكون المراد بالحیف المیل إلی بعض الرعایا بالإعزاز و الاحترام و تفضیل بعضهم علی بعض فإن ذلك یورث العداوة بینهم و عدم طاعة بعضهم للوالی فیكون داعیا إلی القتال.

أو المراد بالعسف الاستخدام كما هو دأب الملوك فی استخدام الرعایا و أخذ دوابهم فالحیف بمعنی الظلم أی سائر أنواعه.

ص: 488


1- 693- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی آخر نهج البلاغة تحت الرقم: 476 من قصار كلام أمیر المؤمنین علیه السلام.

و قال ابن أبی الحدید كانت عادة أهل فارس فی أیام عثمان أن یطلب الوالی منهم خراج أملاكهم قبل بیع الثمار علی وجه الاستلاف و كان ذلك یجحف بالناس.

«694»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ عُمَّالِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ دَهَاقِینَ أَهْلِ بَلَدِكَ شَكَوْا مِنْكَ قَسْوَةَ وَ غِلْظَةً وَ احْتِقَاراً وَ جَفْوَةً فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَهُمْ أَهْلًا لِأَنْ یُدْنَوْا لِشِرْكِهِمْ وَ لَا أَنْ یُقْصَوْا وَ یُجْفَوْا لِعَهْدِهِمْ فَالْبَسْ لَهُمْ جِلْبَاباً مِنَ اللِّینِ تَشُوبُهُ بِطَرَفٍ مِنَ الشِّدَّةِ وَ دَاوِلْ لَهُمْ بَیْنَ الْقَسْوَةِ وَ الرَّأْفَةِ وَ امْزُجْ لَهُمْ بَیْنَ التَّقْرِیبِ وَ الْإِدْنَاءِ وَ الْإِبْعَادِ وَ الْإِقْصَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

بیان: الدهقان بالضم و الكسر رئیس القریة و هو معرب و القسوة الصلابة و الجفوة نقیض الصلة.

قوله علیه السلام فلم أرهم أی لا تقربهم إلیك قربا كاملا لشركهم و لا تبعدهم عنك بعدا كاملا لأنهم معاهدون و أهل الذمة فعاملهم بین المعاملتین و الجلباب الإزار و الرداء أو الملحفة أو المقنعة و الطرف بالتحریك الطائفة من الشی ء و المداولة المناوبة أی كن قاسیا مرة و لینا أخری.

«695»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی زِیَادِ بْنِ أَبِیهِ وَ هُوَ خَلِیفَةُ عَامِلِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَی الْبَصْرَةِ وَ عَبْدُ اللَّهِ یَوْمَئِذٍ عَامِلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَیْهَا وَ عَلَی كُوَرِ الْأَهْوَازِ وَ فَارِسَ وَ كِرْمَانَ وَ إِنِّی أُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَماً صَادِقاً لَئِنْ بَلَغَنِی أَنَّكَ خُنْتَ مِنْ فَیْ ءِ الْمُسْلِمِینَ شَیْئاً

ص: 489


1- 694- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 20 من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة. و قریبا منه رویناه فی المختار: 117 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 5 ص 27 ط 1.
2- 695- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 21 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.

صَغِیراً أَوْ كَبِیراً لَأَشُدَّنَّ عَلَیْكَ شَدَّةً تَدَعُكَ قَلِیلَ الْوَفْرِ ثَقِیلَ الظَّهْرِ ضَئِیلَ الْأَمْرِ وَ السَّلَامُ.

إیضاح:

قال ابن میثم زیاد هو ابن سمیة أم أبی بكرة دعی أبی سفیان و روی أن أول من دعاه ابن أبیه عائشة حین سئلت لمن یدعی و كان كاتب المغیرة بن شعبة ثم كتب لأبی موسی ثم كتب لابن عامر ثم كتب لابن عباس و كان مع علی علیه السلام فولاه فارس و كتب إلیه معاویة یتهدده فكتب إلیه أ تتوعدنی و بینی و بینك ابن أبی طالب أما و اللّٰه لئن وصلت إلی لتجدنی أحمر ضرابا بالسیف ثم دعاه معاویة أخا له و ولاه بعد أمیر المؤمنین علیه السلام البصرة و أعمالها و جمع له بعد المغیرة بن شعبة العراقین و كان أول من جمعا له.

و قال الجوهری الكورة المدینة و الصقع [و الصقع الناحیة] و الجمع كور.

و قال الفارس الفرس و بلادهم و قال الشدة بالفتح الحملة الواحدة و قال الوفر المال الكثیر أی نفقرك بأخذ ما أخذت من أموال المسلمین ثقیل الظهر بالأوزار و التبعات و قیل كنایة عن الضعف و عدم النهوض لما یحتاج إلیه و الضئیل الحقیر أی تسلب جاهك بسلب مالك.

«696»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی زِیَادٍ أَیْضاً فَدَعِ الْإِسْرَافَ مُقْتَصِداً وَ اذْكُرْ فِی الْیَوْمِ غَداً وَ أَمْسِكْ مِنَ الْمَالِ بِقَدْرِ ضَرُورَتِكَ وَ قَدِّمِ الْفَضْلَ لِیَوْمِ حَاجَتِكَ أَ تَرْجُو أَنْ یُؤْتِیَكَ اللَّهُ أَجْرَ الْمُتَوَاضِعِینَ وَ أَنْتَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِینَ وَ تَطْمَعُ وَ أَنْتَ مُتَمَرِّغٌ فِی النَّعِیمِ تَمْنَعُهُ الضَّعِیفَ وَ الْأَرْمَلَةَ أَنْ یُوجِبَ لَكَ ثَوَابَ الْمُتَصَدِّقِینَ وَ إِنَّمَا الْمَرْءُ مَجْزِیٌّ بِمَا أَسْلَفَ وَ قَادِمٌ عَلَی مَا قَدَّمَ وَ السَّلَامُ.

ص: 490


1- 696- رواه السیّد الرضیّ رضی اللّٰه عنه فی المختار: 22 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة. و قریبا منه رویناه عن مصدرین آخرین فی المختار: 142 و تالیه من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 5 ص 165، ط 1.

بیان: الإسراف التبذیر و قیل ما أنفق فی غیر طاعة و قیل مجاوزة القصد و الاقتصاد التوسط فی الأمور و فی النهایة التمرغ التقلب فی التراب و قال الأرامل المساكین من نساء و رجال و یقال لكل واحد من الفریقین علی انفراده أرامل و هو بالنساء أخص و أكثر استعمالا الواحدة أرمل و أرملة فالأرمل الذی ماتت زوجته و الأرملة التی مات زوجها سواء كانا غنیین أو فقیرین انتهی و أن یوجب مفعول تطمع.

«697»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی قُثَمَ بْنِ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عَیْنِی بِالْمَغْرِبِ كَتَبَ إِلَیَّ یُعْلِمُنِی أَنَّهُ وُجِّهَ إِلَی الْمَوْسِمِ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْعُمْیِ الْقُلُوبِ الصُّمِّ الْأَسْمَاعِ الْكُمْهِ الْأَبْصَارِ الَّذِینَ یَلْتَمِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ یُطِیعُونَ الْمَخْلُوقَ فِی مَعْصِیَةِ الْخَالِقِ وَ یَحْتَلِبُونَ الدُّنْیَا دَرَّهَا بِالدِّینِ وَ یَشْتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِینَ وَ لَنْ یَفُوزَ بِالْخَیْرِ إِلَّا عَامِلُهُ وَ لَا یُجْزَی جَزَاءَ الشَّرِّ إِلَّا فَاعِلُهُ فَأَقِمْ عَلَی مَا فِی یَدَیْكَ قِیَامَ الْحَازِمِ الصَّلِیبِ وَ النَّاصِحِ اللَّبِیبِ وَ النَّافِعِ لِسُلْطَانِهِ الْمُطِیعِ لِإِمَامِهِ وَ إِیَّاكَ وَ مَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ وَ لَا تَكُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ بَطِراً وَ لَا عِنْدَ الْبَأْسَاءِ فَشِلًا.

بیان: قال ابن میثم كان معاویة قد بعث إلی مكة دعاة فی السر یدعون إلی طاعته و یثبطون العرب عن نصرة أمیر المؤمنین علیه السلام بأنه إما قاتل لعثمان أو خاذل له و ینشرون عندهم محاسن معاویة بزعمهم فكتب أمیر المؤمنین علیه السلام هذا الكتاب و قثم بن العباس بن عبد المطلب لم یزل والیا لعلی علیه السلام علی مكة حتی قتل علی علیه السلام فاستشهد قثم بسمرقند فی زمن معاویة.

ص: 491


1- 697- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 33 من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة. و قریبا منه ذكرناه عن مصدر آخر فی المختار: 158 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 5 ص 295 ط 1.

و قیل إن الذین بعثهم معاویة كان بعض السرایا التی كان یبعثها للإغارة علی أعمال علی علیه السلام.

و العین الجاسوس أی أصحاب أخباره علیه السلام عند معاویة و یسمی الشام مغربا لأنه من الأقالیم المغربیة و الموسم كمجلس الوقت الذی یجتمع فیه الحاج كل سنة و الأكمه الذی یولد أعمی الذین یلتمسون الحق بالباطل قال ابن أبی الحدید أی یطلبون الحق بمتابعة معاویة فإنهم كانوا یظهرون ناموس العبادة و فی بعض النسخ یلبسون الحق أی یخلطونه و قوله علیه السلام درها منصوب بدلا من الدنیا و شراؤهم عاجل الدنیا بأجل الأبرار كنایة عن استعاضتهم الآخرة بالدنیا و الحازم ذو الحزم الراسخ فی الدین و الصلیب التشدید و ما یعتذر منه المعصیة و الزلة و قال ابن الأثیر فی النهایة البطر الطغیان عند النعمة و طول الغناء و قال الفشل الفزع و الجبن و الضعف.

«698»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَیَفْرَحُ بِالشَّیْ ءِ الَّذِی لَمْ یَكُنْ لِیَفُوتَهُ وَ یَحْزَنُ عَلَی الشَّیْ ءِ الَّذِی لَمْ یَكُنْ لِیُصِیبَهُ فَلَا یَكُنْ أَفْضَلَ مَا نِلْتَ فِی نَفْسِكَ مِنْ دُنْیَاكَ بُلُوغُ لَذَّةٍ أَوْ شِفَاءُ غَیْظٍ وَ لَكِنْ إِطْفَاءُ بَاطِلٍ أَوْ إِحْیَاءُ حَقٍّ وَ لْیَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ وَ أَسَفُكَ عَلَی مَا خَلَّفْتَ وَ هَمُّكَ فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ السَّلَامُ.

«699»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْبَصْرَةَ اعْلَمْ أَنَّ الْبَصْرَةَ مَهْبِطُ إِبْلِیسَ وَ مَغْرِسُ الْفِتَنِ فَحَادِثْ أَهْلَهَا بِالْإِحْسَانِ

ص: 492


1- 698- رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 66 من باب الكتب من نهج البلاغة. و قریبا منه رواه أیضا فی المختار: 22 منه.
2- 699- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 18 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

وَ احْلُلْ عُقْدَةَ الْخَوْفِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ قَدْ بَلَغَنِی تَنَمُّرُكَ لِبَنِی تَمِیمٍ وَ غِلْظَتُك عَلَیْهِمْ وَ أَنَّ بَنِی تَمِیمٍ لَمْ یَغِبْ لَهُمْ نَجْمٌ إِلَّا طَلَعَ آخَرُ وَ أَنَّهُمْ لَمْ یُسْبَقُوا بِوَغْمٍ فِی جَاهِلِیَّةٍ وَ لَا إِسْلَامٍ وَ أَنَّ لَهُمْ بِنَا رَحِماً مَاسَّةً وَ قَرَابَةً خَاصَّةً نَحْنُ مَأْجُورُونَ عَلَی صِلَتِهَا وَ مَأْزُورُونَ عَلَی قَطِیعَتِهَا فَارْبَعْ أَبَا الْعَبَّاسِ رَحِمَكَ اللَّهُ فِیمَا جَرَی عَلَی یَدِكَ وَ لِسَانِكَ مِنْ خَیْرٍ وَ شَرٍّ فَإِنَّا شَرِیكَانِ فِی ذَلِكَ وَ كُنْ عِنْدَ صَالِحِ ظَنِّی بِكَ وَ لَا یَفِیلَنَّ رَأْیِی فِیكَ.

تَبْیِینٌ:

قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ رُوِیَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ قَدْ أَضَرَّ بِبَنِی تَمِیمٍ حِینَ وَلِیَ أَمْرَ الْبَصْرَةِ مِنْ قِبَلِ عَلِیٍّ علیه السلام لِلَّذِی عَرَفَهُمْ بِهِ مِنَ الْعَدَاوَةِ یَوْمَ الْجَمَلِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ شِیعَةِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ فَحَمَلَ عَلَیْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَقْصَاهُمْ وَ تَنَكَّرَ عَلَیْهِمْ وَ عَیَّرَهُمْ بِالْجَمَلِ حَتَّی كَانَ یُسَمِّیهِمْ شِیعَةَ الْجَمَلِ وَ أَنْصَارَ عَسْكَرَ وَ هُوَ اسْمُ جَمَلِ عَائِشَةَ وَ حِزْبَ الشَّیْطَانِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَی نَفَرٍ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ بَنِی تَمِیمٍ مِنْهُمْ حَارِثَةُ (1)بْنُ قُدَامَةَ وَ غَیْرُهُ فَكَتَبَ بِذَلِكَ حَارِثَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام یَشْكُو إِلَیْهِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ علیه السلام إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَیْرَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ غَداً أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ فِیمَا عَلَیْهِ وَ لَهُ وَ أَقْوَاهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ مُرّاً أَلَا وَ إِنَّهُ بِالْحَقِّ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ فِیمَا بَیْنَ الْعِبَادِ فَلْتَكُنْ سَرِیرَتُكَ فِعْلًا وَ لْیَكُنْ حُكْمُكَ وَاحِداً وَ طَرِیقَتُكَ مُسْتَقِیمَةً وَ اعْلَمْ أَنَّ الْبَصْرَةَ مَهْبِطُ إِبْلِیسَ وَ مَغْرِسُ الْفِتَنِ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ قَوْلُهُ.

قوله علیه السلام فیما بین العباد حال عن الحق أو ظرف للقیام لكونه عبارة عما ینفع العباد و یصیر سببا لانتظام أمورهم.

ص: 493


1- 1 كذا فی أصلی و مثله فی طبع بیروت من شرح ابن میثم: ج 4 ص 395، و لعل الصواب: «جاریة» و هو ابن قدامة.

قوله علیه السلام فلتكن سریرتك فعلا أی لا تضمر خلاف ما تفعل و لا تخدع الناس قوله علیه السلام و مغرس الفتن قال ابن أبی الحدید أی موضع غرسها و یروی بالعین المهملة و هو الموضع الذی ینزل فیه القوم آخر اللیل.

فحادث أهلها أی تعهدهم بالإحسان قال فی النهایة فیه حادثوا هذه القلوب بذكر اللّٰه أی اجلوها و اغسلوا الدرن عنها و تعاهدوها بذلك كما یحادث السیف بالصقال.

و فی الصحاح قال الأصمعی تنمر له أی تنكر له و تغیر و أوعده لأن النمر لا یلقاه أبدا إلا متنكر غضبان و تنمروا تشبهوا بالنمر لم یغب لهم نجم أی لم یمت لهم سید إلا قام آخر مقامه و قال ابن میثم الوغم الترة و الأوغام الترات أی لم یهدر لهم دم فی جاهلیة و لا فی إسلام یصفهم بالشجاعة و الحمیة فالمضاف محذوف أی لم یسبقوا بشفاء حقد من عدو.

و یحتمل أن یكون المعنی أنهم لم یسبقهم أحد إلی الترات و الأحقاد لشرف نفوسهم بقلة احتمالهم للأذی و ذلك لأن المهین الحقیر فی نفسه لا یكاد یغضب و یحقد بما یفعل به من الأذی و إن غضب فی الحال إلا أنه لا یدوم ذلك الغضب و لا یصیر حقدا أو لم یسبقهم أحد و لم یغلب علیهم بالقهر و البطش.

و فی وصفهم بذلك إشارة إلی وجه المصلحة فی الإحسان إلیهم مع نوع من المدح و الاستمالة و الرحم الماسة لاتصالهم عند إلیاس بن مضر.

و قال ابن أبی الحدید مأزورون أصله موزورون و لكنه جاء بالهمزة لتحاذی بها همزة مأجورون.

قوله علیه السلام فاربع أی توقف و تثبت فیما تفعل و المراد بالشر الضرر لا الظلم و إن احتمله.

قوله علیه السلام فإنا شریكان هو كالتعلیل لحسن أمره له بالتثبت لأنه لما كان والیا من قبله فكل حسنة أو سیئة یحدثها فی ولایته فله علیه السلام

ص: 494

شركة فی إحداثها إذ هو السبب البعید و أبو العباس كنیة ابن عباس.

و قال الجوهری فال الرأی یفیل فیولة ضعف و أخطأ و رجل فال و فائل أی ضعیف الرأی مخطئ الفراسة.

«700»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ یَقُولُ مَا انْتَفَعْتُ بِكَلَامٍ بَعْدَ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَانْتِفَاعِی بِهَذَا الْكَلَامِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْمَرْءَ قَدْ یَسُرُّهُ دَرَكُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیَفُوتَهُ وَ یَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیُدْرِكَهُ فَلْیَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ وَ لْیَكُنْ أَسَفُكَ عَلَی مَا فَاتَكَ مِنْهَا وَ مَا نِلْتَ مِنْ دُنْیَاكَ فَلَا تُكْثِرْ بِهِ فَرَحاً وَ مَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلَا تَأْسَ عَلَیْهِ جَزَعاً وَ لْیَكُنْ هَمُّكَ فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

بیان: أول الكلام إشارة إلی قوله تعالی ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِی كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَی اللَّهِ یَسِیرٌ لِكَیْلا تَأْسَوْا عَلی ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ و الدرك محركة لحاق الشی ء و الوصول إلیه بعد طلبه و اسم لم یكن ضمیر المرء و الغرض عدم الإكثار فی الفرح بالنعم بحیث یؤدی إلی الاغترار بالدنیا و الغفلة عن العقبی و عدم الحزن المفرط فی المصیبة بحیث یفضی إلی عدم الرضا بالقضاء و ترك ما یجب أو یستحب فعله.

قوله علیه السلام بما نلت من آخرتك أی من أسباب آخرتك و الطاعات التی توجب حصول الدرجات الأخرویة و لا تأس أی لا تحزن.

«701»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَهْلِ الْبَصْرَةِ

ص: 495


1- 700- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 22 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج البلاغة.
2- 701- رواه الشریف الرضی رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 29 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

وَ قَدْ كَانَ مِنِ انْتِشَارِ حَبْلِكُمْ وَ شِقَاقِكُمْ مَا لَمْ تَغْبَوْا عَنْهُ فَعَفَوْتُ عَنْ مُجْرِمِكُمْ وَ رَفَعْتُ السَّیْفَ عَنْ مُدْبِرِكُمْ وَ قَبِلْتُ مِنْ مُقْبِلِكُمْ فَإِنْ خَطَتْ بِكُمُ الْأُمُورُ الْمُرْدِیَةُ وَ سَفَهُ الْآرَاءِ الْجَائِرَةِ إِلَی مُنَابَذَتِی وَ خِلَافِی فَهَا أَنَا ذَا قَدْ قَرَّبْتُ جِیَادِی وَ رَحَلْتُ رِكَابِی وَ إِنْ أَلْجَأْتُمُونِی إِلَی الْمَسِیرِ إِلَیْكُمْ لَأُوقِعَنَّ بِكُمْ وَقْعَةً لَا تَكُونُ یَوْمَ الْجَمَلِ إِلَیْهَا إِلَّا كَلَعْقَةِ لَاعِقٍ مَعَ أَنِّی عَارِفٌ لِذِی الطَّاعَةِ مِنْكُمْ فَضْلَهُ وَ لِذِی النَّصِیحَةِ حَقَّهُ غَیْرُ مُتَجَاوِزٍ مُتَّهَماً إِلَی بَرِی ءٍ وَ لَا نَاكِثاً إِلَی وَفِیٍّ.

إیضاح:

الحبل العهد و المیثاق و الأمان و كل ما یتوصل به إلی شی ء و انتشاره كنایة عن تشتت الآراء أو عدم الثبات علی العهود و قیل أی نشركم حبل الجماعة.

قال الجوهری غبیت عن الشی ء و غبیته أیضا أغبی غباوة إذا لم یفطن له و غبی علی الشی ء كذلك إذا لم تعرفه.

قوله علیه السلام و قبلت من مقبلكم أی الذی لم یفر و جاء معتذرا.

و قال ابن أبی الحدید خطا فلان خطوة یخطو و هو مقدار ما بین القدمین فهذا لازم فإن عدیته قلت أخطیت بفلان و خطوت به و قد عداه علیه السلام بالباء أقول المعنی أن ذهبت بكم الأمور المهلكة و السفه محركة خفة الحلم.

و الآراء فی بعض النسخ علی زنة آجال علی القلب و فی بعضها علی الأصل و الجور العدول عن القصد و قال الجوهری جاد الفرس أی صار رائعا یجود جودة بالضم فهو جواد للذكر و الأنثی من خیل جیاد و أجیاد و أجاوید.

و الركاب الإبل التی یركب علیها و الواحدة راحلة و رحلت البعیر أرحله

ص: 496

رحلا إذا شددت علی ظهره الرحل و هو أصغر من القتب و فی بعض النسخ بالتشدید.

و أوقعت بهم أی بالغت فی قتالهم و الوقعة بالحرب الصدمة بعد الصدمة قوله إلا كلعقة لاعق قال ابن أبی الحدید هو مثل یضرب للشی ء الحقیر التافه و روی بضم اللام و هی ما تأخذه الملعقة و فی النهایة لعق الأصابع و الصحفة لطع ما علیها من أثر الطعام قوله علیه السلام غیر متجاوز متهما أی لا أجاوز فی العقوبة من المتهم أی الذی ثبت علیه الذنب إلی بری ء بأن لا أعاقبه و أعاقب البری ء و الناكث من نقض البیعة و الوفی من وفی بها و إنما قال علیه السلام ذلك لئلا ینفروا عنه یأسا من عدله و رأفته.

«702»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی قُثَمَ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی مَكَّةَ أَمَّا بَعْدُ فَأَقِمْ لِلنَّاسِ الْحَجَّ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ وَ اجْلِسْ لَهُمُ الْعَصْرَیْنِ فَأَفْتِ الْمُسْتَفْتِیَ وَ عَلِّمِ الْجَاهِلَ وَ ذَاكِرِ الْعَالِمَ وَ لَا یَكُنْ لَكَ إِلَی النَّاسِ سَفِیرٌ إِلَّا لِسَانُكَ وَ لَا حَاجِبٌ إِلَّا وَجْهُكَ وَ لَا تَحْجُبَنَّ ذَا حَاجَةٍ عَنْ لِقَائِكَ بِهَا فَإِنَّهَا إِنْ ذِیدَتْ عَنْ أَبْوَابِكَ فِی أَوَّلِ وِرْدِهَا لَمْ تُحْمَدْ فِیمَا بَعْدُ عَلَی قَضَائِهَا وَ انْظُرْ إِلَی مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ مَالِ اللَّهِ فَاصْرِفْهُ إِلَی مَنْ قِبَلَكَ مِنْ ذِی الْعِیَالِ وَ الْمَجَاعَةِ مُصِیباً بِهِ مَوَاضِعَ الْمَفَاقِرِ وَ الْخَلَّاتِ وَ مَا فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ فَاحْمِلْهُ إِلَیْنَا لِنَقْسِمَهُ فِیمَنْ قِبَلَنَا وَ مُرْ أَهْلَ مَكَّةَ أَنْ لَا یَأْخُذُوا مِنْ سَاكِنٍ أَجْراً فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ یَقُولُ سَواءً الْعاكِفُ فِیهِ وَ الْبادِ فَالْعَاكِفُ الْمُقِیمُ بِهِ وَ الْبَادِی الَّذِی یَحُجُّ إِلَیْهِ مِنْ غَیْرِ أَهْلِهِ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ لِمَحَابِّهِ وَ السَّلَامُ.

بیان:

قوله علیه السلام بِأَیَّامِ اللَّهِ أی إنعامه و أیام انتقامه روی

ص: 497


1- 702- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 67 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.

ذلك عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام.

و اجلس لهم العصرین قال ابن میثم لكونهما أطیب الأوقات بالحجاز و قال الجوهری العصران الغداة و العشی و منه سمیت صلاة العصر و قال السفیر الرسول و المصلح بین القوم إن ذیدت أی دفعت و منعت و وردها سؤالها و المجاعة بالفتح الجوع و قال ابن الأثیر المفاقر جمع فقر علی غیر قیاس كالمشابه و الملامح و یجوز أن یكون جمع مفقر و الخلة الحاجة و المحاب جمع المحبة بمعنی الحب أی الأعمال المحبوبة.

«703»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ لَسْتَ بِسَابِقٍ أَجَلَكَ وَ لَا مَرْزُوقٍ مَا لَیْسَ لَكَ وَ اعْلَمْ بِأَنَّ الدَّهْرَ یَوْمَانِ یَوْمٌ لَكَ وَ یَوْمٌ عَلَیْكَ وَ أَنَّ الدُّنْیَا دَارُ دُوَلٍ فَمَا كَانَ مِنْهَا لَكَ أَتَاكَ عَلَی ضَعْفِكَ وَ مَا كَانَ مِنْهَا عَلَیْكَ لَمْ تَدْفَعْهُ بِقُوَّتِكَ.

«704»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ وَصِیَّةٍ لَهُ علیه السلام لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عِنْدَ اسْتِخْلَافِهِ إِیَّاهُ عَلَی الْبَصْرَةِ سَعِ النَّاسَ بِوَجْهِكَ وَ مَجْلِسِكَ وَ حُكْمِكَ وَ إِیَّاكَ وَ الْغَضَبَ فَإِنَّهُ طَیْرَةٌ مِنَ الشَّیْطَانِ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّبَكَ مِنَ اللَّهِ یُبَاعِدُكَ مِنَ النَّارِ وَ مَا بَاعَدَكَ مِنَ اللَّهِ یُقَرِّبُكَ مِنَ النَّارِ.

بیان: سع الناس أی لا تخص بعض الناس بشی ء من ذلك بل ساوهم فیها و مجلسك أی تقربهم منك فی المجلس طیرة من الشیطان فی بعض النسخ بفتح الطاء و سكون الیاء و فی بعضها بكسر الطاء و فتح الیاء.

ص: 498


1- 703- رواه الشریف الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: 72 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.
2- 704- رواه السیّد الرضیّ رضی اللّٰه تعالی عنه فی المختار: 77 من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة.

و قال الجوهری فی فلان طیرة و طیرورة أی خفة و طیش و الطیرة مثال العتبة و هو ما یتشأم به من الفأل الردی انتهی.

و الأول هنا أظهر و علی الثانی فیمكن أن یكون المراد أن ذلك فأل ردی ء ناش من الشیطان یدل علی أن صاحبه بعید من رحمة اللّٰه.

«705»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی كُنْتُ أَشْرَكْتُكَ فِی أَمَانَتِی وَ جَعَلْتُكَ شِعَارِی وَ بِطَانَتِی وَ لَمْ یَكُنْ فِی أَهْلِی رَجُلٌ أَوْثَقَ مِنْكَ فِی نَفْسِی لِمُوَاسَاتِی وَ مُوَازَرَتِی وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ إِلَیَّ فَلَمَّا رَأَیْتَ الزَّمَانَ عَلَی ابْنِ عَمِّكَ قَدْ كَلِبَ وَ الْعَدُوَّ قَدْ حَرِبَ وَ أَمَانَةَ النَّاسِ قَدْ خَزِیَتْ وَ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ فَتَكَتْ وَ شَغَرَتْ قَلَبْتَ لِابْنِ عَمِّكَ ظَهْرَ الْمِجَنِّ فَفَارَقْتَهُ مَعَ الْمُفَارِقِینَ وَ خَذَلْتَهُ مَعَ الْخَاذِلِینَ وَ خُنْتَهُ مَعَ الْخَائِنِینَ فَلَا ابْنَ عَمِّكَ آسَیْتَ وَ لَا الْأَمَانَةَ أَدَّیْتَ وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنِ اللَّهَ تُرِیدُ بِجِهَادِكَ وَ كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَ كَأَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تَكِیدُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَنْ دُنْیَاهُمْ وَ تَنْوِی غِرَّتَهُمْ عَنْ فَیْئِهِمْ فَلَمَّا أَمْكَنَتْكَ الشِّدَّةُ فِی خِیَانَةِ الْأُمَّةِ أَسْرَعْتَ الْكَرَّةَ وَ عَاجَلْتَ الْوَثْبَةَ فَاخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمُ الْمَصُونَةِ لِأَرَامِلِهِمْ وَ أَیْتَامِهِمُ اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الْأَزَلِّ دَامِیَةَ الْمِعْزَی الْكَسِیرَةَ فَحَمَلْتَهُ إِلَی الْحِجَازِ رَحِیبَ الصَّدْرِ بِحَمْلِهِ غَیْرَ مُتَأَثِّمٍ مِنْ أَخْذِهِ كَأَنَّكَ لَا أَبَا لِغَیْرِكَ حَدَرْتَ عَلَی أَهْلِ تُرَاثِكَ مِنْ أَبِیكَ وَ أُمِّكَ فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ أَ وَ مَا تَخَافُ مِنْ نِقَاشِ الْحِسَابِ أَیُّهَا الْمَعْدُودُ كَانَ عِنْدَنَا مِنْ ذَوِی الْأَلْبَابِ كَیْفَ تُسِیغُ شَرَاباً وَ طَعَاماً وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ تَأْكُلُ حَرَاماً وَ تَشْرَبُ حَرَاماً وَ تَبْتَاعُ الْإِمَاءَ وَ تَنْكِحُ النِّسَاءَ مِنْ مَالِ الْیَتَامَی وَ الْمَسَاكِینِ وَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُجَاهِدِینَ الَّذِینَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ هَذِهِ الْأَمْوَالَ

ص: 499


1- 705- رواه الشریف الرضی رضوان اللّٰه تعالی علیه فی المختار: 41 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج البلاغة. و قد رویناه عن مصادر فی المختار: 168 من باب الكتب من كتاب نهج السعادة: ج 5 ص 327 ط 1.

وَ أَحْرَزَ بِهِمْ هَذِهِ الْبِلَادَ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ ارْدُدْ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِی اللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ إِلَی اللَّهِ فِیكَ وَ لَأَضْرِبَنَّكَ بِسَیْفِیَ الَّذِی مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلَّا دَخَلَ النَّارَ وَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ فَعَلَا مِثْلَ فِعْلِكَ الَّذِی فَعَلْتَ مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِی هَوَادَةٌ وَ لَا ظَفِرَا مِنِّی بِإِرَادَةٍ حَتَّی آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا وَ أُزِیحَ الْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ مَا یَسُرُّنِی أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلَالٌ لِی أَتْرُكُهُ مِیرَاثاً لِمَنْ بَعْدِی فَضَحِّ رُوَیْداً فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَی وَ دُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَی وَ عُرِضَتْ عَلَیْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِی یُنَادِی الظَّالِمُ فِیهِ بِالْحَسْرَةِ وَ یَتَمَنَّی الْمُضَیِّعُ الرَّجْعَةَ فِیهِ وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ.

إیضاح:

قال ابن أبی الحدید قد اختلف الناس فی المكتوب إلیه هذا الكتاب فقال الأكثرون إنه عبد اللّٰه بن العباس رحمه اللّٰه و رووا فی ذلك روایات و استدلوا علیه بألفاظ من ألفاظ الكتاب كقوله أشركتك فی أمانتی و جعلتك بطانتی و شعاری و إنه لم یكن فی أهلی رجل أوثق منك.

و قوله علی ابن عمك قد كلب ثم قال ثانیا قلبت لابن عمك ظهر المجن ثم قال ثالثا فلا ابن عمك آسیت و قوله لا أبا لغیرك و هذه كلمة لا تقال إلا لمثله فأما غیره من أفناء الناس فإن علیا علیه السلام كان یقول له لا أبا لك.

و قوله أیها المعدود كان عندنا من أولی الألباب.

و قوله و اللّٰه لو أن الحسن و الحسین علیهما السلام و هذا یدل علی أن المكتوب إلیه هذا الكتاب قریب من أن یجری مجراهما عنده.

ص: 500

وَ قَدْ رَوَی أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَتَبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام جَوَاباً عَنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالُوا وَ كَانَ جَوَابُهُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ تُعَظِّمُ عَلَیَّ مَا أَصَبْتُ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْبَصْرَةِ وَ لَعَمْرِی إِنَّ حَقِّی فِی بَیْتِ الْمَالِ لَأَكْثَرُ مِمَّا أَخَذْتُ وَ السَّلَامُ قَالُوا فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مِنَ الْعَجَبِ أَنْ تُزَیِّنَ لَكَ نَفْسُكَ أَنَّ لَكَ فِی بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ مِنَ الْحَقِّ أَكْثَرَ مِمَّا لِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَدْ أَفْلَحْتَ إِنْ كَانَ تَمَنِّیكَ الْبَاطِلَ وَ ادِّعَاؤُكَ مَا لَا یَكُونُ یُنْجِیكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَ یُحِلُّ لَكَ الْمُحَرَّمَ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْمُهْتَدِی السَّعِیدُ إِذَنْ وَ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّكَ اتَّخَذْتَ مَكَّةَ وَطَناً وَ ضَرَبْتَ بِهَا عَطَناً (1)تَشْتَرِی بِهَا مُوَلَّدَاتِ مَكَّةَ وَ الْمَدِینَةِ وَ الطَّائِفِ تَخْتَارُهُنَّ عَلَی عَیْنِكَ وَ تُعْطِی فِیهِنَّ مَالَ غَیْرِكَ فَارْجِعْ هَدَاكَ اللَّهُ إِلَی رُشْدِكَ وَ تُبْ إِلَی اللَّهِ رَبَّكَ وَ اخْرُجْ إِلَی الْمُسْلِمِینَ

ص: 501


1- 1 و للمصنف العلامة رفع اللّٰه مقامه هاهنا فی هامش الكتاب حاشیة هذا نصها- عدا ما زدنا بین المعقوفات توضیحا-: [قوله علیه السلام: ] «و ضربت بها عطنا» كنایة عن اتخاذ الإبل الكثیرة أو عن اتساعه فی المأكل و المشرب و غیرهما. قال [ابن الأثیر] فی [مادة «عطن» من كتاب] النهایة. فی حدیث الرؤیا: «حتی ضرب الناس بعطن» العطن: مبرك الإبل حول الماء یقال: عطنت الإبل فهی عاطنة و عواطن إذا سقیت و بركت عند الحیاض لتعاد إلی الشرب مرة أخری. و أعطنت الإبل إذا فعلت بها ذلك، ضرب ذلك مثلا لاتساع الناس فی زمن عمر، و ما فتح اللّٰه علیهم من الامصار. [و أیضا قال ابن الأثیر فی مادة «ولد» من كتاب النهایة]. و فی حدیث شریح: «أن رجلا اشتری جاریة و شرط أنّها مولدة فوجدها تلیدة» المولدة التی ولدت بین العرب و نشأت مع أولادهم و تأدبت بآدابهم. و قال الجوهریّ: رجل مولد إذا كان عربیا غیر محض. و التلیدة: التی ولدت ببلاد العجم و حملت فنشأت ببلاد العرب.

مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَعَمَّا قَلِیلٍ تُفَارِقُ مَنْ أَلِفْتَ وَ تَتْرُكُ مَا جَمَعْتَ وَ تَغِیبُ فِی صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ غَیْرَ مُوَسَّدٍ وَ لَا مُمَهَّدٍ قَدْ فَارَقْتَ الْأَحْبَابَ وَ سَكَنْتَ التُّرَابَ وَ وَاجَهْتَ الْحِسَابَ غَنِیّاً عَمَّا خَلَّفْتَ فَقِیراً إِلَی مَا قَدَّمْتَ وَ السَّلَامُ قَالُوا فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَیَّ وَ وَ اللَّهِ لَأَنْ أَلْقَی اللَّهَ قَدِ احْتَوَیْتُ عَلَی كُنُوزِ الْأَرْضِ كُلِّهَا مِنْ ذَهَبِهَا وَ عِقْیَانِهَا وَ لُجَیْنِهَا أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلْقَاهُ بِدَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَ السَّلَامُ.

و قال آخرون و هم الأقلون هذا لم یكن و لا فارق عبد اللّٰه بن عباس علیا علیه السلام و لا باینه و لا خالفه و لم یزل أمیرا علی البصرة إلی أن قتل علی علیه السلام.

قالوا و یدل علی ذلك ما رواه أبو الفرج علی بن الحسین الأصبهانی من كتابه الذی كتبه إلی معاویة من البصرة لما قتل علی علیه السلام و قد ذكرناه من قبل.

قالوا و كیف یكون ذلك و لم یختدعه معاویة و یجره إلی جهته فقد علمتم كیف اختدع كثیرا من عمال أمیر المؤمنین علی علیه السلام و استمالهم إلیه بالأموال فمالوا و تركوا أمیر المؤمنین علیه السلام فما باله و قد علم النبوة التی (1)حدثت بینهما لم یستمل ابن عباس و لا اجتذبه إلی نفسه و كل من قرأ السیر و عرف التواریخ یعرف مشاقة ابن عباس لمعاویة بعد وفاة علی علیه السلام و ما كان یلقاه به من قوارع الكلام و شدید الخصام و ما كان یثنی به علی أمیر المؤمنین و یذكر خصائصه و فضائله و یصدع به من مناقبه و مآثره فلو كان بینهما غبار أو كدر لما كان به الأمر كذلك بل كانت الحال تكون بالضد مما اشتهر من أمرهما و هذا عندی هو الأمثل و الأصوب.

ص: 502


1- 1 النبوّة: الارتفاع و هنا كنایة عن عدم الموافقة یقال: نبا عنه بصره أی تجافاه و لم ینظر إلیه و نبا منزله إذا لم توافقه و نبأ حدّ السیف إذا لم یعمل فی الضریبة و یقال: لا ینبو عن فلان أی ینقاد له منه طاب ثراه.

و قد قال الراوندی المكتوب إلیه هذا الكتاب هو عبید اللّٰه بن العباس لا عبد اللّٰه و لیس ذلك بصحیح فإن عبید اللّٰه كان عامل علی علیه السلام علی الیمن و قد ذكرنا قصته مع بسر بن أرطاة فیما تقدم و لم ینقل عنه أنه أخذ مالا و لا فارق طاعة.

و قد أشكل علی أمر هذا الكتاب فإن أنا كذبت النقل و قلت هذا كلام موضوع علی أمیر المؤمنین علیه السلام خالفت الرواة فإنهم قد أطبقوا علی روایة هذا الكلام عنه و قد ذكر فی أكثر كتب السیرة و إن صرفته إلی عبد اللّٰه بن العباس صدنی عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمیر المؤمنین فی حیاته و بعد وفاته و إن صرفته إلی غیره لم أعلم إلی من أصرفه من أهل أمیر المؤمنین علیه السلام و الكلام یشعر بأن الرجل المخاطب من أهله و من بنی عمه فأنا فی هذا الموضع من المتوقفین انتهی.

و قال ابن میثم هذا مجرد استبعاد و معلوم أن ابن عباس لم یكن معصوما و علی علیه السلام لم یكن لیراقب فی الحق أحدا و لو كان أعز أولاده بل یجب أن تكون الغلظة علی الأقرباء فی هذا الأمر أشد ثم إن غلظة علی و عتابه لا یوجب مفارقته إیاه و لنرجع إلی الشرح.

قوله علیه السلام كنت أشركتك فی أمانتی أی جعلتك شریكا فی الخلافة التی ائتمننی اللّٰه علیها و الأمانة الثانیة ما تعارفه الناس و قال ابن الأثیر فی النهایة بطانة الرجل صاحب سره و أدخله أمره الذی یشاوره فی أحواله.

قد خزیت أی هانت و ذلت و المراد عدم اهتمام الناس بحفظها و قال الجوهری و قال ابن الأثیر التفل نفخ معه أدنی بزاق و هو أكثر من النفث.

و المواساة المشاركة و المساهمة و أصله الهمزة قلبت تخفیفا و الموازرة المشاركة فی حمل الأثقال و المعاونة فی إمضاء الأمور.

و قال فی حرب و كلب

من النهایة فی حدیث علی علیه السلام كتب إلی ابن عباس حین أخذ مال البصرة فلما رأیت الزمان علی ابن عمك قد كلب.

أی اشتد یقال كلب الدهر علی أهله إذا ألح علیهم و اشتد و قال

ص: 503

و العدو قد حرب أی غضب یقال منه حرب یحرب حربا بالتحریك انتهی.

قد خزیت أی هانت و ذلت و المراد عدم اهتمام الناس بحفظها و قال الجوهری الفتك أن یأتی الرجل صاحبه و هو غار حتی یشد علیه فیقتله و قد فتك به یفتك و یفتك علی زنة یضرب و ینصر و الفاتك الجری ء و قال شغر البلد أی خلا من الناس و فی القاموس شغرت الأرض لم یبق أحد یحمیها و یضبطها و الشغر البعد و التفرقة.

و قال ابن أبی الحدید أی خلت من الخیر.

و قال فی قوله علیه السلام قلبت لابن عمك أی كنت معه فصرت علیه و أصل ذلك أن الجیش إذا لقوا العدو كانت ظهور مجانهم إلی وجه العدو و بطونها إلی عسكرهم فإذا فارقوا رئیسهم عكسوا قوله علیه السلام علی بینة من ربك أی لم یكن إیمانك عن حجة و برهان و قال الجوهری شی ء شدید بین الشدة و الشدة بالفتح الحملة الواحدة و قد شد علیه فی الحرب انتهی.

و الكرة الحملة و العود إلی القتال و قال فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام اختطاف الذئب الأزل الأزل فی الأصل الصغیر الفجر و هو فی صفات الذئب الخفیف و قیل هو من قولهم زل زلیلا إذا عدی و خص الدامیة لأن من طبع الذئب محبة الدم حتی أنه یری ذئبا دامیا فیثب علیه لیأكله.

و فی الصحاح المعز من الغنم خلاف الضأن و هو اسم جنس و كذلك المعزی.

قوله رحیب الصدر أی واسعه طیب النفس و قال الجوهری الإثم الذنب و تأثم أی تحرج عنه و كف و قال حدرت السفینة أی أرسلتها إلی أسفل انتهی.

و أما قوله علیه السلام لا أبا لغیرك فقال فی النهایة لا أبا لك أكثر ما

ص: 504

یستعمل فی معرض المدح أی لا كافی لك غیر نفسك و قد یذكر فی معرض الذم كما یقال لا أم لك و قد یذكر فی معرض التعجب دفعا للعین انتهی.

فعلی الأول یكون لا أبا لغیرك ذما له بمدح غیره و علی الثانی مدحا له و تلطفا مع إشعار بالذم و علی الثالث یكون إبعادا عن التعجب من سوء فعله تلطفا أو ذما له بالتعجب من حسن فعل غیره دون فعله.

و الأنسب بالمقام أن یكون الغرض لا أبا لك للذم فعبر هكذا لنوع ملاطفة و قد یقال مثله فی الفارسیة یقال إن مات عدوك و الغرض إن مت.

و فی النهایة فیه من نوقش فی الحساب عذب أی من استقصی فی محاسبته و حوقق و منه حدیث علی علیه السلام یوم یجمع اللّٰه الأولین و الآخرین لنقاش الحساب و هو مصدر منه و أصله المناقشة من نقش الشوكة إذا استخرجها من جسمه.

قوله علیه السلام أیها المعدود كان عندنا أدخل علیه السلام لفظة كان تنبیها علی أنه لم یبق كذلك فإن الظاهر من المعدود فی الحال.

و قیل لعله علیه السلام لم یقل یا من كان عندنا من ذوی الألباب إشعارا بأنه معدود فی الحال أیضا عند الناس منهم و فی التعبیر بالمعدود إشعار بأنه لم یكن قبل ذلك أیضا منهم.

و فی الصحاح مكنه اللّٰه من الشی ء و أمكنه منه بمعنی و فی القاموس أعذر أبدی عذرا و أحدث و ثبت له عذر و بالغ و فی النهایة الهوادة الرخصة و السكون و المحاباة و فی الصحاح الهوادة الصلح و المیل قوله علیه السلام بإرادة أی بمراد و قال الجوهری زاح أی ذهب و بعد و أزاحه غیره و قال الظلامة و المظلمة ما تطلبه عند الظالم و هو اسم ما أخذ منك و قال الزمخشری فی المستقصی صح رویدا أی ترفق فی الأمر و لا تعجل و أصله أن الأعراب فی بادیتها تسیر بالظعن فإذا عثرت علی لمع من العشب قالت ذلك و غرضها أن ترعی الإبل الضحاء قلیلا قلیلا و هی سائرة حتی إذا بلغت مقصدها شبعت

ص: 505

فلما كان من الترفق فی هذا توسعوا فقالوا فی كل موضع ضح بمعنی ارفق و الأصل ذاك و قال الجوهری قوله تعالی وَ لاتَ حِینَ مَناصٍ قال الأخفش شبهوا لات بلیس و أضمروا فیها اسم الفاعل و قال لا تكون لات إلا مع حین و قد جاء حذف حین فی الشعر و قرأ بعضهم وَ لَاتَ حِینُ مَنَاصٍ برفع حین و أضمر الخبر قال أبو عبید هی لا و التاء إنما زیدت فی حین و كذلك فی تلان و أوان و إن كتبت مفردة و قال المورج زیدت التاء فی لات كما زیدت فی ثمت و ربت.

«706»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ الْعَبْدِیِّ وَ قَدْ خَانَ فِی بَعْضِ مَا وَلَّاهُ مِنْ أَعْمَالِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ صَلَاحَ أَبِیكَ غَرَّنِی مِنْكَ وَ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تَتَّبِعُ هَدْیَهُ وَ تَسْلُكُ سَبِیلَهُ فَإِذَا أَنْتَ فِیمَا رُقِّیَ إِلَیَّ عَنْكَ لَا تَدَعُ لِهَوَاكَ انْقِیَاداً وَ لَا تُبْقِی لِآخِرَتِكَ عَتَاداً أَ تَعْمُرُ دُنْیَاكَ بِخَرَابِ آخِرَتِكَ وَ تَصِلُ عَشِیرَتَكَ بِقَطِیعَةِ دِینِكَ وَ لَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِی عَنْكَ حَقّاً لَجَمَلُ أَهْلِكَ وَ شِسْعُ نَعْلِكَ خَیْرٌ مِنْكَ وَ مَنْ كَانَ بِصِفَتِكَ فَلَیْسَ بِأَهْلٍ أَنْ یُسَدَّ بِهِ ثَغْرٌ أَوْ یُنْفَذَ بِهِ أَمْرٌ أَوْ یُعْلَی بِهِ قَدْرٌ أَوْ یُشْرَكَ فِی أَمَانَةٍ أَوْ یُؤْمَنَ عَلَی جِبَایَةٍ فَأَقْبِلْ إِلَیَّ حِینَ یَصِلُ إِلَیْكَ كِتَابِی هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قال الشریف الرضی و

المنذر بن الجارود هو الذی قال فیه أمیر المؤمنین إنه لنظار فی عطفیه مختال فی بردیه تفال فی شراكیه.

إیضاح:

الهدی بالفتح السیرة الحسنة فیما رقی بالتشدید أی فیما رفع إلی و أصله أن یكون الإنسان فی موضع عال فیرقی إلیه شی ء و كان العلو هاهنا هو علو الرتبة بین الإمام و الأمیر نحو قولهم تعالی باعتبار علو رتبة الآمر علی المأمور.

ص: 506


1- 706- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 71 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة. و قریبا منه رویناه عن مصدر آخر فی المختار: 114 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج السعادة: ج 5 ص 22 ط 1.

كذا و ذكره ابن أبی الحدید و قال اللام فی قوله علیه السلام لهواك متعلق بمحذوف دل علیه انقیادا لأن المتعلق من حروف الجر بالمصدر لا یجوز أن یتقدم علی المصدر و العتاد العدة و قال العرب تضرب المثل بالجمل فی الهوان.

و قال ابن میثم جمل الأهل مما یتمثل به فی الهوان و أصله فیما قیل إن الجمل یكون لأبی القبیلة فیصیر میراثا لهم یسوقه كل منهم و یصرفه فی حاجته فهو ذلیل حقیر بینهم.

و شسع نعلك قال الجوهری هی التی تشد إلی زمامها و قال ابن أبی الحدید المثل بها فی الاستهانة مشهور لابتذالها و وطئها الأقدام فی التراب.

قوله علیه السلام أو یشرك فی أمانة قال ابن میثم الخلفاء أمناء اللّٰه فی بلاده فمن ولوه من قبلهم فقد أشركوه فی أمانتهم.

قوله علیه السلام أو یؤمن علی جبایة قال ابن أبی الحدید أی علی استجباء الخراج و جمعه و هذه الروایة التی سمعناها و من الناس من یرویها خیانة بالخاء المعجمة و النون و هكذا رواها القطب الراوندی و لم یرو الروایة الصحیحة التی ذكرناها نحن و قال علی تكون متعلقة بمحذوف أو بیؤمن نفسها و هذا بعید و تكلف.

و قال ابن میثم أی تؤمن حال خیانتك لأن كلمة علی تفید الحال انتهی.

و أقول یمكن أن یقدر فیه مضاف أی علی إزالة خیانة أو یراد بالخیانة المال الذی هو بمعرضها.

قوله علیه السلام لنظار فی عطفیه أی ینظر كثیرا فی جانبیه تارة هكذا و تارة هكذا لإصلاح ثوبه أو إعجابه بنفسه.

و قال ابن أبی الحدید الشراك السیر الذی یكون فی النعل علی ظهر

ص: 507

القدم و التفل بالسكون مصدر تفل أی بصق و التفل محركة البصاق نفسه و المختال إنما یفعله فی شراكیه لیذهب عنهما الغبار و الوسخ یتفل فیهما فیمسحهما لیعودا كالجدیدین.

و قال ابن الأثیر التفل نفخ معه أدنی بزاق و هو أكثر من النفث.

«707»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی الْحَارِثِ الْهَمْدَانِیِّ وَ تَمَسَّكْ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ وَ انْتَصِحْهُ وَ أَحِلَّ حَلَالَهُ وَ حَرِّمْ حَرَامَهُ وَ صَدِّقْ بِمَا سَلَفَ مِنَ الْحَقِّ وَ اعْتَبِرْ بِمَا مَضَی مِنَ الدُّنْیَا مَا بَقِیَ مِنْهَا فَإِنَّ بَعْضَهَا یُشْبِهُ بَعْضاً وَ آخِرَهَا لَاحِقٌ بِأَوَّلِهَا وَ كُلُّهَا حَائِلٌ مُفَارِقٌ وَ عَظِّمِ اسْمَ اللَّهِ أَنْ لَا تَذْكُرَهُ إِلَّا عَلَی حَقٍّ وَ أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ لَا تَتَمَنَّ الْمَوْتَ إِلَّا بِشَرْطٍ وَثِیقٍ وَ احْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ یَرْضَاهُ صَاحِبُهُ لِنَفْسِهِ وَ یُكْرَهُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِینَ وَ احْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ یُعْمَلُ بِهِ فِی السِّرِّ وَ یُسْتَحْیَا مِنْهُ فِی الْعَلَانِیَةِ وَ احْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ إِذَا سُئِلَ عَنْهُ صَاحِبُهُ أَنْكَرَهُ أَوِ اعْتَذَرَ مِنْهُ وَ لَا تَجْعَلْ عِرْضَكَ غَرَضاً لِنِبَالِ الْقَوْلِ وَ لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِكُلِّ مَا سَمِعْتَ فَكَفَی بِذَلِكَ كَذِباً وَ لَا تَرُدَّ عَلَی النَّاسِ كُلَّ مَا حَدَّثُوكَ بِهِ فَكَفَی بِذَلِكَ جَهْلًا وَ اكْظِمِ الْغَیْظَ وَ احْلُمْ عِنْدَ الْغَضَبِ وَ تَجَاوَزْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَ اصْفَحْ مَعَ الدَّوْلَةِ تَكُنْ لَكَ الْعَاقِبَةُ وَ اسْتَصْلِحْ كُلَّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا اللَّهُ عَلَیْكَ وَ لَا تُضَیِّعَنَّ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عِنْدَكَ وَ لْیُرَ عَلَیْكَ أَثَرُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَیْكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ الْمُؤْمِنِینَ أَفْضَلُهُمْ تَقْدِمَةً مِنْ نَفْسِهِ وَ أَهْلِهِ وَ مَالِهِ فَإِنَّكَ مَا تُقَدِّمْ مِنْ خَیْرٍ یَبْقَ لَكَ ذُخْرُهُ وَ مَا تُؤَخِّرْهُ یَكُنْ لِغَیْرِكَ خَیْرُهُ وَ احْذَرْ صَحَابَةَ مَنْ یَفِیلُ رَأْیُهُ وَ یُنْكَرُ عَمَلُهُ فَإِنَّ الصَّاحِبَ مُعْتَبَرٌ بِصَاحِبِهِ

ص: 508


1- 707- رواه الشریف الرضی فی المختار: 69 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.

وَ اسْكُنِ الْأَمْصَارَ الْعِظَامَ فَإِنَّهَا جِمَاعُ الْمُسْلِمِینَ وَ احْذَرْ مَنَازِلَ الْغَفْلَةِ وَ الْجَفَاءِ وَ قِلَّةَ الْأَعْوَانِ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ اقْصُرْ رَأْیَكَ عَلَی مَا یَعْنِیكَ وَ إِیَّاكَ وَ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ فَإِنَّهَا مَحَاضِرُ الشَّیْطَانِ وَ مَعَارِیضُ الْفِتَنِ وَ أَكْثِرْ أَنْ تَنْظُرَ إِلَی مَنْ فُضِّلْتَ عَلَیْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الشُّكْرِ وَ لَا تُسَافِرْ فِی یَوْمِ جُمُعَةٍ حَتَّی تَشْهَدَ الصَّلَاةَ إِلَّا فَاصِلًا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَوْ فِی أَمْرٍ تُعْذَرُ بِهِ وَ أَطِعِ اللَّهَ فِی جُمَلِ أُمُورِكَ فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ فَاضِلَةٌ عَلَی مَا سِوَاهَا وَ خَادِعْ نَفْسَكَ فِی الْعِبَادَةِ وَ ارْفُقْ بِهَا وَ لَا تَقْهَرْهَا وَ خُذْ عَفْوَهَا وَ نَشَاطَهَا إِلَّا مَا كَانَ مَكْتُوباً عَلَیْكَ مِنَ الْفَرِیضَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا وَ تَعَاهُدِهَا عِنْدَ مَحَلِّهَا وَ إِیَّاكَ أَنْ یَنْزِلَ بِكَ الْمَوْتُ وَ أَنْتَ آبِقٌ مِنْ رَبِّكَ فِی طَلَبِ الدُّنْیَا وَ إِیَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ الْفُسَّاقِ فَإِنَّ الشَّرَّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ وَ وَقِّرِ اللَّهَ وَ أَحْبِبْ أَحِبَّاءَهُ وَ احْذَرِ الْغَضَبَ فَإِنَّهُ جُنْدٌ عَظِیمٌ مِنْ جُنُودِ إِبْلِیسَ وَ السَّلَامُ.

إیضاح:

قوله علیه السلام بحبل القرآن لعل الإضافة بیانیة كما

قال صلی اللّٰه علیه و آله فی حدیث الثقلین كتاب اللّٰه حبل ممدود من السماء إلی الأرض.

و انتصحه أی عده لك ناصحا فیما أمرك به و نهاك عنه و أحل حلاله أی اعتقده كذلك و اعمل به و صدق بما سلف أی صدق بما تضمنه القرآن من أیام اللّٰه و مثلاته فی الأیام السالفة و النبیین و المرسلین و ما جاءوا به أو بما ظهر لك من حقیته من الأمور السالفة من ابتداء العالم و حدوثه و بعث النبیین و أحوالهم و غیرها سواء ظهر من الكتاب أو السنة أو البرهان العقلی و كلها حائل أی متغیر إلا علی حق أی علی حق عظیم معتد به من الأموال أو مطلقا مالا أو غیره أو الغرض عدم الحلف علی الباطل و لا تتمن الموت أی لا تطلبه إلا مقرونا و مشروطا بأن یكون صلاحك فیه و تدخل الجنة بعده و تكون مغفورا مبرورا و قال ابن أبی الحدید أی إلا و أنت واثق من أعمالك

ص: 509

الصالحة أنها تؤدیك إلی الجنة و تنقذك من النار و هذا معنی قوله تعالی للیهود فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ لا یَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ انتهی و أقول علی هذا لعله یرجع إلی النهی عن تمنی الموت مطلقا فإن ذلك الوثوق مما لا یكاد یحصل لأحد سوی الأنبیاء و الأئمة علیهم السلام و لا تجعل عرضك غرضا أی اتق مواضع التهم و الغرض الهدف و النبل السهام العربیة و لا واحد له من لفظه و النبال جمع الجمع و الصفح مع الدولة العفو عند الغلبة علی الخصم و استصلح كل نعمة أی استدم نعم اللّٰه تعالی بشكرها و تضییعها بترك الشكر أو بصرفها فی غیر مصارفها المشروعة و رؤیة أثر النعمة باستعمالها كلبس الفاخر من الثیاب و إطعام الطعام و التقدمة من النفس بذلها فی الجهاد و إتعابها و إذابتها بالصیام و القیام و من الأهل ببعث الأولاد و العشیرة إلی الجهاد و عدم المبالاة بما أصابهم فی سبیل اللّٰه و الرضا بقضاء اللّٰه فی مصائبهم و من المال بإنفاقه فی طاعة اللّٰه.

و قوله علیه السلام و إنك ما تقدم إشارة إلی قوله تعالی وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَیْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَیْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً و قال الجوهری فال رأیه ضعف و رجل فال أی ضعیف الرأی مخطئ الفراسة.

قوله علیه السلام فإن الصاحب معتبر قال ابن میثم فإنك تقاس بصاحبك و ینسب فعلك إلی فعله و لأن الطبع مع الصحبة أطوع للفعل منه للقول فلو صحبته لشابه فعلك فعله.

و فی القاموس صحبة كسمعة صحابة و یكسر و فی الصحاح الجماع ما جمع شیئا یقال الخمر جماع الإثم.

و احذر منازل الغفلة كالقری و البوادی و كل منزل یكون أهله غافلین عن اللّٰه جافین لأولیائه باعدین عن الآداب الحسنة غیر معینین علی طاعة اللّٰه علی ما یعنیك أی یهمك.

و المعاریض جمع معرض بفتح المیم أو كسرها و هو محل عروض الشی ء و ظهوره قال الجوهری المعرض ثیاب تحلی فیها الجواری إلا فاصلا أی

ص: 510

شاخصا قال تعالی وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِیرُ أو فی أمر تعذر به أی لضرورة تكون عذرا شرعا.

قوله علیه السلام فی جمل أمورك أی فی جملتها و كلها و خادع نفسك أی بأخذ عفوها و نشاطها و ترغیبها إلی العبادة بذكر الوعد و الوعید و صحبة العباد و النظر إلی أطوارهم الحسنة من غیر قهر و جبر حتی یمل و یضجر بل بأن یتلطف لها و لا یحملها فوق طاقتها و قال الجوهری عفو المال ما یفضل عن النفقة.

فإن الشر بالشر لعل المراد بالشر الثانی صحبة الفاسق و بالأول سوء العاقبة أو بالأول ما تكتسبه النفس من تلك المصاحبة و قیل الشر یقوی بالشر كالنار تقوی بالنار فمخالطتهم جاذبة لك إلی مساعدتهم و فی بعض النسخ ملحق بصیغة اسم الفاعل أی یلحقك الشر بالشر.

«708»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی الْأَسْوَدِ بْنِ قُطَبَةَ صَاحِبِ جُنْدِ حُلْوَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْوَالِیَ إِذَا اخْتَلَفَ هَوَاهُ مَنَعَهُ ذَلِكَ كَثِیراً مِنَ الْعَدْلِ فَلْیَكُنْ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَكَ فِی الْحَقِّ سَوَاءً فَإِنَّهُ لَیْسَ فِی الْجَوْرِ عِوَضٌ مِنَ الْعَدْلِ فَاجْتَنِبْ مَا تُنْكِرُ أَمْثَالَهُ وَ ابْتَذِلْ نَفْسَكَ فِیمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْكَ رَاجِیاً ثَوَابَهُ وَ مُتَخَوِّفاً عِقَابَهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ الدُّنْیَا دَارُ بَلِیَّةٍ لَمْ یَفْرُغْ صَاحِبُهَا قَطُّ فِیهَا سَاعَةً إِلَّا كَانَتْ فَرْغَتُهُ عَلَیْهِ حَسْرَةً یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ أَنَّهُ لَنْ یُغْنِیَكَ عَنِ الْحَقِّ الشَّیْ ءُ أَبَداً وَ مِنَ الْحَقِّ عَلَیْكَ حِفْظُ نَفْسِكَ وَ الِاحْتِسَابُ عَلَی الرَّعِیَّةِ بِجُهْدِكَ فَإِنَّ الَّذِی یَصِلُ إِلَیْكَ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِی یَصِلُ بِكَ وَ السَّلَامُ.

بیان: قوله علیه السلام إذا اختلف هواه كما إذا لم یكن الخصمان

ص: 511


1- 708- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 59 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.

عنده سواء بل كان هواه و میله إلی أحدهما أكثر ظلم و جار.

قوله علیه السلام ما تنكر أمثاله أی إذا فعله غیرك.

و ابتذال الثوب و غیره امتهانه قاله الجوهری و قال البلیة و البلاء و البلوی واحد و الفرغة المرة من الفراغ و قال الجوهری احتسبت علیه كذا إذا أنكرت علیه قاله ابن درید فإن الذی یصل إلیك أی النفع الذی یصل إلی نفسك من الثواب أفضل من الذی یصل إلی رعیتك بسببك و هو عدلك و إحسانك.

«709»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ عَامِلِ أَذْرَبِیجَانَ وَ إِنَّ عَمَلَكَ لَیْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ وَ لَكِنَّهُ فِی عُنُقِكَ أَمَانَةٌ وَ أَنْتَ مُسْتَرْعًی لِمَنْ فَوْقَكَ لَیْسَ لَكَ أَنْ تَقْتَاتَ فِی رَعِیَّةٍ وَ لَا تُخَاطِرَ إِلَّا بِوَثِیقَةٍ وَ فِی یَدَیْكَ مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنْتَ مِنْ خُزَّانِی حَتَّی تُسَلِّمَهُ إِلَیَّ وَ لَعَلِّی أَنْ لَا أَكُونَ شَرَّ وُلَاتِكَ لَكَ وَ السَّلَامُ.

بَیَانٌ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ غَیْرُهُ رُوِیَ عَنِ الشَّعْبِیِّ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ وَ كَانَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَیْسٍ عَلَی ثَغْرِ أَذْرَبِیجَانَ مِنْ قِبَلِ عُثْمَانَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ بِالْبَیْعَةِ وَ طَالَبَ بِمَالِ أَذْرَبِیجَانَ مَعَ زِیَادِ بْنِ مَرْحَبٍ الْهَمْدَانِیِّ وَ صُورَةُ الْكِتَابِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ فَلَوْ لَا هَنَاتٌ وَ هَنَاتٌ كُنَّ مِنْكَ كُنْتُ الْمُقْدِمَ فِی هَذَا الْأَمْرِ قَبْلَ النَّاسِ وَ لَعَلَّ آخِرَ أَمْرِكَ یَحْمِلُ أَوَّلَهُ وَ بَعْضُهَا بَعْضاً إِنِ اتَّقَیْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ كَانَ مِنْ بَیْعَةِ النَّاسِ إِیَّایَ مَا قَدْ بَلَغَكَ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ أَوَّلَ مَنْ بَایَعَنِی ثُمَ

ص: 512


1- 709- رواه الشریف الرضی رضوان اللّٰه علیه فی المختار: 5 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

نَقَضَا بَیْعَتِی عَنْ غَیْرِ حَدَثٍ وَ أَخْرَجَا عَائِشَةَ فَسَارُوا بِهَا إِلَی الْبَصْرَةِ فَصِرْتُ إِلَیْهِمْ فِی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَالْتَقَیْنَا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَی أَنْ یَرْجِعُوا إِلَی مَا خَرَجُوا مِنْهُ فَأَبَوْا فَأَبْلَغْتُ فِی الدُّعَاءِ وَ أَحْسَنْتُ فِی الْبَقِیَّةِ وَ اعْلَمْ أَنَّ عَمَلَكَ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ وَ كَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ فِی شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ كِتَابُهُ علیه السلام دَعَا بِثِقَاتِهِ وَ قَالَ لَهُمْ إِنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ قَدْ أَوْجَسَنِی وَ هُوَ آخِذِی بِمَالِ أَذْرَبِیجَانَ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ أَنَا لَاحِقٌ بِمُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ الْمَوْتُ خَیْرٌ لَكَ مِنْ ذَلِكَ تَدَعُ مِصْرَكَ وَ جَمَاعَةَ قَوْمِكَ فَتَكُونُ ذَنَباً لِأَهْلِ الشَّامِ فَاسْتَحْیَا مِنْ ذَلِكَ وَ بَلَغَ قَوْلُهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ علیه السلام كِتَاباً یُوَبِّخُهُ فِیهِ وَ یَأْمُرُهُ بِالْقُدُومِ عَلَیْهِ وَ بَعَثَ حُجْرَ بْنَ عَدِیٍّ فَلَامَهُ حُجْرٌ عَلَی ذَلِكَ وَ نَاشَدَهُ اللَّهُ وَ قَالَ أَ تَدَعُ قَوْمَكَ وَ أَهْلَ مِصْرِكَ وَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ تَلْحَقُ بِأَهْلِ الشَّامِ وَ لَمْ یَزَلْ بِهِ حَتَّی أَقْدَمَهُ إِلَی الْكُوفَةِ فَعَرَضَ عَلَیْهِ علیه السلام ثِقْلَهُ فَوَجَدَ فِیهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ: وَ رُوِیَ: أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهَا وَ كَانَ ذَلِكَ بِالنُّخَیْلَةِ فَاسْتَشْفَعَ الْأَشْعَثُ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَأَطْلَقَ لَهُ مِنْهَا ثَلَاثِینَ أَلْفاً فَقَالَ لَا یَكْفِینِی فَقَالَ لَسْتُ بِزَائِدِكَ دِرْهَماً وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ تَرَكْتُهَا لَكَانَ خَیْراً لَكَ وَ مَا أَظُنُّهَا تَحِلُّ لَكَ وَ لَوْ تَیَقَّنْتُ ذَلِكَ لَمَا بَلَغْتَهَا مِنْ عِنْدِی فَقَالَ الْأَشْعَثُ خُذْ مِنْ جِذْعِكَ مَا أَعْطَاكَ.

و أقول: الأذربیجان اسم أعجمی غیر مصروف و الألف مقصورة و الذال ساكنة و منهم من یقول آذربیجان بمد الهمزة و ضم الذال و سكون الراء.

و لعل المراد بالهنات أی الأمور القبیحة ما كان من ارتداده و موافقته لخلفاء الجور فی جورهم أی لو لا تلك الأمور لكنت فی هذا الأمر متقدما علی غیرك فی الفضل و السابقة.

و یحتمل أن یراد بالهنات ما فی قلبه من النفاق و الحقد و العداوة أی لو لا تلك الأمور لكان ینبغی أن تكون متقدما علی غیرك فی بیعتی و متابعتی و لعل

ص: 513

آخر أمرك یؤید الأول أی لعله صدر منك فی آخر الأمر أشیاء تصیر سببا للتجاوز عما صدر منك أولا و بعضها أی بعض أمورك من الخیرات یحمل بعضا أی سائرها من السیئات و البقیة الإبقاء و الشفقة و قال فی النهایة الطعمة بالضم شبه الرزق و الطعمة بالكسر و الضم وجه الكسب یقال هو طیب الطعمة و خبیث الطعمة و هی بالكسر خاصة حالة الأكل و استرعاه طلب منه الرعایة أی أنت راع من قبل سلطان هو فوقك.

قوله علیه السلام أن تقتات فی بعض النسخ بالقاف من القوت یقال قته فاقتات أی رزقته فارتزق و فی بعضها بالفاء و الألف من الفوت بمعنی السبق یقال تفوت فلان علی فلان فی كذا و افتات علیه إذا انفرد برأیه فی التصرف فیه و لما ضمن معنی التغلیب عدی بعلی.

و قال ابن میثم بالهمزة و لعله منه سهو.

قوله علیه السلام و لا تخاطر أی و لا أن تخاطر فی شی ء من الأمور إلا بوثیقة أی لا تقدم علی أمر مخوف مما یتعلق بالمال الذی تتولاه إلا بعد أن تتوثق لنفسك یقال أخذ فلان بالوثیقة فی أمره أی احتاط و یقال خاطر بنفسه أی أشفی بها علی خطر.

و قال الزمخشری فی المستقصی فی قولهم خذ من جذع ما أعطاك هو جذع بن عمرو الغسانی أتاه سبطة بن المنذر السلیحی یسأله دینارین كان بنو غسان یؤدونهما إتاوة فی كل سنة من كل رجل إلی ملوك سلیح فدخل منزله و خرج مشتملا علی سیفه فضربه به حتی سكت ثم قال ذلك و امتنعت بعد غسان عن الإتاوة و الإتاوة الخراج و قال الفیروزآبادی الجذع هو ابن عمرو الغسانی و منه خذ من جذع ما أعطاك كان غسان تؤدی إلی ملك سلیح دینارین من كل رجل من كل رجل و كان یلی ذلك سبطة بن المنذر السلیحی فجاء سبطة یسأله الدینارین فدخل جذع منزله فخرج مشتملا بسیف فضرب به سبطة حتی برد و قال خذ من جذع ما أعطاك أو أعطی بعض الملوك سیفه رهنا فلم یأخذه و قال اجعل من كذا فی كذا فضربه به و قتله و قال یضرب فی

ص: 514

اغتنام ما یجود بخ البخیل و فی الصحاح قال اجعل هذا فی كذا من أمك.

«710»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ عُمَّالِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی عَنْكَ أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَدْ أَسْخَطْتَ رَبَّكَ وَ عَصَیْتَ إِمَامَكَ وَ أَخْزَیْتَ أَمَانَتَكَ بَلَغَنِی أَنَّكَ جَرَّدْتَ الْأَرْضَ فَأَخَذْتَ مَا تَحْتَ قَدَمَیْكَ وَ أَكَلْتَ مَا تَحْتَ یَدَیْكَ فَارْفَعْ إِلَیَّ حِسَابَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ حِسَابَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ.

بیان: و أخزیت أمانتك أی ذللتها و أهنتها أنك جردت الأرض أی أخربت الضیاع و أخذت حاصلها لنفسك یقال جردت الشی ء كنصرت أی أقشرته و أزلت ما علیه و منه سمی الجراد لأنه یجرد الأرض.

«711»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عُمَرَ بْنِ أَبِی سَلَمَةَ الْمَخْزُومِیِّ وَ كَانَ عَامِلَهُ عَلَی الْبَحْرَیْنِ فَعَزَلَهُ وَ اسْتَعْمَلَ النُّعْمَانَ بْنَ عَجْلَانَ الزُّرَقِیَّ مَكَانَهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ وَلَّیْتُ النُّعْمَانَ بْنَ الْعَجْلَانِ عَلَی الْبَحْرَیْنِ وَ نَزَعْتُ یَدَكَ مِنْ غَیْرِ ذَمٍّ لَكَ وَ لَا تَثْرِیبٍ عَلَیْكَ فَلَقَدْ أَحْسَنْتَ الْوِلَایَةَ وَ أَدَّیْتَ الْأَمَانَةَ فَأَقْبِلْ غَیْرَ ظَنِینٍ وَ لَا مَلُومٍ وَ لَا مُتَّهَمٍ وَ لَا مَأْثُومٍ فَقَدْ أَرَدْتُ الْمَسِیرَ إِلَی ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَحْبَبْتُ أَنْ تَشْهَدَهُ مَعِی فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَی جِهَادِ الْعَدُوِّ وَ إِقَامَةِ عَمُودِ الدِّینِ.

بیان:

عمر هو ربیب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أمه أم سلمة.

و النعمان هو من الأنصار و قال فی الإستیعاب كان لسان الأنصار و شاعرهم و الزُّرَقِیُّ كَجُهَنِیِّ نسبة إلی زریق و التثریب التعییر و الاستقصاء فی اللوم

ص: 515


1- 710- رواه الشریف الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 40 من باب الكتب من كتاب نهج البلاغة.
2- 711- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 42 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.

و الظنین المتهم و فی القاموس أثمه اللّٰه فی كذا كمنعه و نصره عده علیه إثما فهو مأثوم و الاستظهار الاستعانة.

«712»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مَصْقَلَةَ بْنِ هُبَیْرَةَ الشَّیْبَانِیِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی أَرْدَشِیرْخُرَّهْ بَلَغَنِی عَنْكَ أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَدْ أَسْخَطْتَ إِلَهَكَ وَ أَغْضَبْتَ إِمَامَكَ بَلَغَنِی أَنَّكَ تَقْسِمُ فَیْ ءَ الْمُسْلِمِینَ الَّذِی حَازَتْهُ رِمَاحُهُمْ وَ خُیُولُهُمْ وَ أُرِیقَتْ عَلَیْهِ دِمَاؤُهُمْ فِیمَنِ اعْتَامَكَ مِنْ أَعْرَابِ قَوْمِكَ فَوَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَئِنْ كَانَ ذَلِكَ حَقّاً لَتَجِدَنَّ بِكَ عَلَیَّ هَوَاناً وَ لَتَخِفَّنَّ عِنْدِی مِیزَاناً فَلَا تَسْتَهِنْ بِحَقِّ رَبِّكَ وَ لَا تُصْلِحْ دُنْیَاكَ بِمَحْقِ دِینِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْأَخْسَرِینَ أَعْمَالًا أَلَا وَ إِنَّ حَقَّ مَنْ قِبَلَنَا وَ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فِی قِسْمَةِ هَذَا الْفَیْ ءِ سَوَاءٌ یَرِدُونَ عِنْدِی عَلَیْهِ وَ یَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ السَّلَامُ.

بیان:

أردشیرخره بضم الخاء و تشدید الراء المفتوحة كورة من كور فارس أنك تقسم فی بعض النسخ بفتح الهمزة بدلا من أمر و فی بعضها بالكسر بتقدیر حرف الاستفهام لیلائم قوله علیه السلام إن كنت فعلته و قوله لئن كان ذلك حقا و قال فی النهایة اعتام الشی ء یعتامه إذا اختاره و عیمة الشی ء بالكسر خیاره.

و قال ابن أبی الحدید و روی فیمن اعتماك علی القلب و المشهور الصحیح الأول و المعنی قسمة الفی ء فیمن اختاروك سیدا لهم لتجدن بك أی لك أو بسبب فعلك و میزانا منصوب علی التمیز و هو كنایة عن صغر منزلته و یقال صدرت عن الماء أی رجعت و الاسم الصدر بالتحریك خلاف الورد و فیه تشبیه للفی ء بالماء الذی تتعاوره الإبل العطاش.

ص: 516


1- 712- رواه الشریف الرضی رضی اللّٰه عنه فی المختار: 43 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

«713»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی زِیَادِ بْنِ أَبِیهِ وَ قَدْ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَدْ كَتَبَ إِلَیْهِ یُرِیدُ خَدِیعَتَهُ بِاسْتِلْحَاقِهِ وَ قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَیْكَ یَسْتَزِلُّ لُبَّكَ وَ یَسْتَفِلُّ غَرْبَكَ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ الشَّیْطَانُ یَأْتِی الْمَرْءُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ لِیَقْتَحِمَ غَفْلَتَهُ وَ یَسْتَلِبَ غِرَّتَهُ وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَبِی سُفْیَانَ فِی زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلْتَهٌ مِنْ حَدِیثِ النَّفْسِ وَ نَزْغَةٌ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّیْطَانِ لَا یَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ وَ لَا یُسْتَحَقُّ بِهَا إِرْثٌ وَ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ وَ النَّوْطِ الْمُذَبْذَبِ فَلَمَّا قَرَأَ زِیَادٌ كِتَابَهُ قَالَ شَهِدَ بِهَا وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ وَ لَمْ تَزَلْ فِی نَفْسِهِ حَتَّی ادَّعَاهُ مُعَاوِیَةُ.

قال السید الرضی رضی اللّٰه عنه قوله علیه السلام كالواغل المدفع الواغل الذی یهجم علی الشرب معهم و لیس منهم فلا یزال مدفعا محاجزا و النوط المذبذب هو الذی یناط برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك فهو أبدا یتقلقل إذا حث ظهره و استعجل سیره.

تبیین:

قال ابن أبی الحدید (2)أما زیاد فهو زیاد بن عبید فمن الناس من یقول عبید بن فلان و ینسبه إلی ثقیف و الأكثرون یقولون إن عبیدا كان عبدا و إنه بقی إلی أیام زیاد فابتاعه و أعتقه و نسب زیاد إلی غیر أبیه لخمول أبیه و للدعوة التی استلحق بها فقیل تارة زیاد بن سمیة و هی كانت أمة للحارث بن كلدة الثقفی و كانت تحت عبید و قیل تارة زیاد بن أبیه و تارة زیاد بن أمه و لما استلحق قال له الأكثر زیاد بن أبی سفیان لأن الناس مع الملوك.

ثم روی عن ابن عبد البر و البلاذری و الواقدی عن ابن عباس و غیره أن عمر بعث زیادا فی إصلاح فساد وقع بالیمن فلما رجع خطب عند عمر خطبة لم یسمع مثلها و أبو

ص: 517


1- 713- رواه السیّد الرضیّ قدس اللّٰه سره فی المختار: 44 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب نهج البلاغة.
2- 2 جمیع ما ذكره المصنّف هاهنا عن ابن أبی الحدید، هو تلخیص ما رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 44 من نهج البلاغة: ج 4 ص 804 ط الحدیث ببیروت.

سفیان حاضر و علی علیه السلام و عمرو بن العاص فقال عمرو لله أبو هذا الغلام لو كان قرشیا لساق العرب بعصاه فقال أبو سفیان إنه لقرشی و إنی لأعرف الذی وضعه فی رحم أمه فقال علی علیه السلام و من هو قال أنا فقال مهلا یا أبا سفیان فقال أبو سفیان:

أما و اللّٰه لو لا خوف شخص***یرانی یا علی من الأعادی

لأظهر أمره صخر بن حرب***و لم یخف المقالة فی زیاد

و قد طالت مجاملتی ثقیفا***و تركی فیهم ثمر الفؤاد

عنی بقوله لو لا خوف شخص عمر بن الخطاب و فی روایة أخری قال أتیت أمه فی الجاهلیة سفاحا فقال علی علیه السلام مه یا أبا سفیان فإن عمر إلی المساءة سریع قال و عرف زیاد ما دار بینهما فكانت فی نفسه.

و فی روایة أخری قال له عمرو بن العاص فهلا تستلحقه قال أخاف هذا العیر الجالس أن یخرق علی إهابی.

قَالَ وَ رَوَی الْمَدَائِنِیُّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ زَمَنُ عَلِیٍّ علیه السلام وَلَّی زِیَاداً فَارِسَ أَوْ بَعْضَ أَعْمَالِ فَارِسَ فَضَبَطَهَا ضَبْطاً صَالِحاً وَ جَبَا خَرَاجَهَا وَ حَمَاهَا وَ عَرَفَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ غَرَّتْكَ قَلَّاعٌ تَأْوِی إِلَیْهَا لَیْلًا كَمَا یَأْوِی الطَّیْرُ إِلَی وَكْرِهَا وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا انْتِظَارِی بِكَ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ لَكَانَ لَكَ مِنِّی مَا قَالَهُ الْعَبْدُ الصَّالِحُ فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ وَ كَتَبَ فِی أَسْفَلِ الْكِتَابِ شِعْراً مِنْ جُمْلَتِهِ:

تَنْسَی أَبَاكَ وَ قَدْ شَالَتْ نَعَامَتُهُ***إِذْ تَخْطُبُ النَّاسَ وَ الْوَالِی لَهُمْ عُمَرُ

فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَی زِیَادٍ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَ قَالَ الْعَجَبُ مِنِ ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ رَأْسِ النِّفَاقِ یَتَهَدَّدُنِی وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ زَوْجُ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ أَبُو السِّبْطَیْنِ وَ صَاحِبُ الْوَلَاءِ وَ الْمَنْزِلَةِ وَ الْإِخَاءِ فِی مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ التَّابِعِینَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ تَخَطَّی

ص: 518

هَؤُلَاءِ أَجْمَعِینَ إِلَیَّ لَوَجَدَنِی أَحْمَرَ مِخَشّاً ضَرَّاباً بِالسَّیْفِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ بَعَثَ بِكِتَابِ مُعَاوِیَةَ فِی كِتَابِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ وَلَّیْتُكَ مَا وَلَّیْتُكَ وَ أَنَا أَرَاكَ لِذَلِكَ أَهْلًا وَ إِنَّهُ قَدْ كَانَتْ مِنْ أَبِی سُفْیَانَ فَلْتَةٌ فِی أَیَّامِ عُمَرَ مِنْ أَمَانِیِّ التِّیهِ وَ كَذِبِ النَّفْسِ لَمْ تَسْتَوْجِبْ بِهَا مِیرَاثاً وَ لَمْ تَسْتَحِقَّ بِهَا نَسَباً وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ كَالشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ یَأْتِی الْمَرْءَ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ وَ عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ فَاحْذَرْهُ ثُمَّ احْذَرْهُ وَ السَّلَامُ.

قَالَ وَ رَوَی أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِیبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام قَدْ وَلَّی زِیَاداً قِطْعَةً مِنْ أَعْمَالِ فَارِسَ وَ اصْطَنَعَهُ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا قُتِلَ عَلِیٌّ علیه السلام بَقِیَ زِیَادٌ فِی عَمَلِهِ وَ خَافَ مُعَاوِیَةُ جَانِبَهُ وَ أَشْفَقَ مِنْ مُمَالاتِهِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام فَكَتَبَ إِلَیْهِ كِتَاباً یُهَدِّدُهُ وَ یُوعِدُهُ وَ یَدْعُوهُ إِلَی بَیْعَتِهِ فَأَجَابَهُ زِیَادٌ بِكِتَابٍ أَغْلَظَ مِنْهُ فَشَاوَرَ مُعَاوِیَةُ فِی ذَلِكَ الْمُغِیرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَأَشَارَ عَلَیْهِ بِأَنْ یَكْتُبَ إِلَیْهِ كِتَاباً یَسْتَعْطِفُهُ فِیهِ وَ یَذْهَبَ الْمُغِیرَةُ بِالْكِتَابِ إِلَیْهِ فَلَمَّا أَتَاهُ أَرْضَاهُ وَ أَخَذَ مِنْهُ كِتَاباً یُظْهِرُ فِیهِ الطَّاعَةَ بِشُرُوطٍ فَأَعْطَاهُ مُعَاوِیَةُ جَمِیعَ مَا سَأَلَهُ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بِخَطِّ یَدِهِ مَا وَثِقَ بِهِ فَدَخَلَ إِلَیْهِ الشَّامَ وَ قَرَّبَهُ وَ أَدْنَاهُ وَ أَقَرَّهُ عَلَی وَلَایَتِهِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ عَلَی الْعِرَاقِ.

وَ قَالَ الْمَدَائِنِیُّ لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِیَةُ اسْتِلْحَاقَ زِیَادٍ وَ قَدْ قَدِمَ عَلَیْهِ الشَّامَ جَمَعَ النَّاسَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ أَصْعَدَ زِیَاداً مَعَهُ عَلَی مِرْقَاةٍ تَحْتَ مِرْقَاتِهِ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ عَرَفْتُ شَبَهَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ فِی زِیَادٍ فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فَلْیَقُمْ بِهَا فَقَامَ نَاسٌ فَشَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَقَامَ أَبُو مَرْیَمَ السَّلُولِیُّ وَ كَانَ خَمَّاراً فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَقَالَ أَشْهَدُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ أَبَا سُفْیَانَ قَدِمَ عَلَیْنَا بِالطَّائِفِ فَأَتَانِی فَاشْتَرَیْتُ لَهُ لَحْماً وَ خَمْراً وَ طَعَاماً فَلَمَّا أَكَلَ قَالَ یَا أَبَا مَرْیَمَ أَصِبْ لِی بَغِیّاً فَخَرَجْتُ فَأَتَیْتُ بِسُمَیَّةَ فَقُلْتُ لَهَا إِنَ

ص: 519

أَبَا سُفْیَانَ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ شَرَفَهُ وَ جُودَهُ وَ قَدْ أَمَرَنِی أَنْ أُصِیبَ لَهُ بَغِیّاً فَهَلْ لَكَ فَقَالَ نَعَمْ یَجِی ءُ الْآنَ عُبَیْدٌ بِغَنَمِهِ وَ كَانَ رَاعِیاً فَإِذَا تَعَشَّی وَ وَضَعَ رَأْسَهُ أَتَیْتُهُ فَرَجَعْتُ إِلَی أَبِی سُفْیَانَ فَأَعْلَمْتُهُ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنْ جَاءَتْ تَجُرُّ ذَیْلَهَا فَدَخَلَتْ مَعَهُ فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّی أَصْبَحَتْ فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا انْصَرَفَتْ كَیْفَ رَأَیْتَ صَاحِبَتَكَ فَقَالَ خَیْرَ صَاحِبَةٍ لَوْ لَا دَفَرٌ فِی إِبْطَیْهَا فَقَالَ زِیَادٌ مِنْ فَوْقِ الْمِنْبَرِ یَا أَبَا مَرْیَمَ لَا تَشْتِمْ أُمَّهَاتِ الرِّجَالِ فَتُشْتَمَ أُمُّكَ فَلَمَّا انْقَضَی كَلَامُ مُعَاوِیَةَ وَ مُنَاشَدَتُهُ قَامَ زِیَادٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ مُعَاوِیَةَ وَ الشُّهُودَ قَدْ قَالُوا مَا سَمِعْتُمْ وَ لَسْتُ أَدْرِی حَقَّ هَذَا مِنْ بَاطِلِهِ وَ هُوَ وَ الشُّهُودُ أَعْلَمُ بِمَا قَالُوا وَ إِنَّمَا عُبَیْدٌ أَبٌ مَبْرُورٌ وَ وَالٍ مَشْكُورٌ ثُمَّ نَزَلَ انْتَهَی كَلَامُ ابْنِ أَبِی الْحَدِیدِ.

أقول: و إنما أوردت تلك القصص لتعلم أن ما صدر من زیاد و ولده لعنة اللّٰه علیهما إنما نشأ من تلك الأنساب الخبیثة و تزید إیمانا و یقینا بأنه لا یبغضهم إلا من ولد من الزنا كما تواتر عن أئمة الهدی.

و لنرجع إلی شرح الكتاب قال فی النهایة الغرب الحدة و منه غرب السیف و الفل الكسر و الفلة الثلمة فی السیف و منه حدیث علی علیه السلام یستفل غربك من الفل الكسر قوله علیه السلام لیقتحم غفلته أی لیلج و یهجم علیه و هو غافل جعل اقتحامه إیاه اقتحاما للغفلة نفسها.

كذا ذكره ابن أبی الحدید و قال لیس المراد باستلاب الغرة أن یأخذ الغرة لأنه لو كان كذلك لصار ذلك الغافل لبیبا عاقلا و إنما المعنی ما یعنیه الناس بقولهم أخذ فلان غفلتی و فعل كذا أی أخذ ما یستدل به علی غفلتی كذا انتهی.

و أقول لو كان الإسناد مجازیا كما حمل علیه الفقرة الأولی لم یفد هذا

ص: 520

المعنی لأنه یكون حینئذ من قبیل إسناد الشی ء إلی الحالة التی المفعول علیها كما یسند إلی الزمان و المكان فیكون المفاد الاستلاب وقت الغرة و الاقتحام وقت الغفلة و إنما نسب إلیهما مبالغة لبیان أن علة الاستلاب و الاقتحام لم یكن إلا الغرة و الغفلة فكأنهما وقعا علیهما.

و یمكن أن یكون المفعول محذوفا و یكون الغرة و الغفلة منصوبتین بنزع الخافض أی یقتحم علیه فی حال غفلته و یستلب لبه فی حال غرته.

و الفلتة الأمر الذی یصدر فجأة من غیر تدبر و رویة و نزع الشیطان بینهم أفسد و عدم ثبوت النسب بها

لقول النبی صلی اللّٰه علیه و آله الولد للفراش و للعاهر الحجر.

و فی النهایة الشرب بفتح الشین و سكون الراء الجماعة یشربون الخمر و قال فی حدیث علی علیه السلام المتعلق بها كالنوط المذبذب أراد ما یناط برحل الراكب من قعب أو غیره فهو أبدا یتحرك إذا حث ظهره أی دابته.

و قال فی المستقصی شالت نعامتهم أی تفرقوا و ذهبوا لأن النعامة موصوفة بالخفة و سرعة الذهاب و الهرب و قیل النعامة جماعة القوم و قال الجوهری النعامة الخشبة المعترضة علی الزرنوقین و یقال للقوم إذا ارتحلوا عن منهلهم أو تفرقوا قد شالت نعامتهم و النعامة ما تحت القدم.

«714»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی سَهْلِ بْنِ حُنَیْفٍ الْأَنْصَارِیِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْمَدِینَةِ فِی مَعْنَی قَوْمٍ مِنْ أَهْلِهَا لَحِقُوا بِمُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّ رِجَالًا مِمَّنْ قِبَلَكَ یَتَسَلَّلُونَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَلَا تَأْسَفْ عَلَی مَا یَفُوتُكَ مِنْ عَدَدِهِمْ وَ یَذْهَبُ عَنْكَ مِنْ مَدَدِهِمْ فَكَفَی لَهُمْ غَیّاً وَ لَكَ مِنْهُمْ شَافِیاً فِرَارُهُمْ مِنَ الْهُدَی وَ الْحَقِّ وَ إِیضَاعُهُمْ إِلَی الْعَمَی وَ الْجَهْلِ وَ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُ دُنْیَا مُقْبِلُونَ عَلَیْهَا وَ مُهْطِعُونَ إِلَیْهَا قَدْ عَرَفُوا الْعَدْلَ وَ رَأَوْهُ وَ سَمِعُوهُ وَ وَعَوْهُ وَ عَلِمُوا أَنَ

ص: 521


1- 714- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 70 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

النَّاسَ عِنْدَنَا فِی الْحَقِّ أُسْوَةٌ فَهَرَبُوا إِلَی الْأَثَرَةِ فَبُعْداً لَهُمْ وَ سُحْقاً إِنَّهُمْ وَ اللَّهِ لَمْ یَنْفِرُوا مِنْ جَوْرٍ وَ لَمْ یَلْحَقُوا بِعَدْلٍ وَ إِنَّا لَنَطْمَعُ فِی هَذَا الْأَمْرِ أَنْ یُذَلِّلَ اللَّهُ لَنَا صَعْبَهُ وَ یُسَهِّلَ لَنَا حَزْنَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ.

بیان: قوله فی معنی قوم أی فی شأنهم و أمرهم یتسللون أی یخرجون إلی معاویة هاربین فی خفیة و استتار قال الفیروزآبادی انسل و تسلل انطلق فی استخفاء و قال الجوهری انسل من بینهم خرج و تسلل مثله و قال وضع البعیر و غیره أی أسرع فی سیره و أوضعه راكبه و فی النهایة الإهطاع الإسراع فی العدو و أهطع إذا مد عنقه و صوب رأسه فی الحق أسوة أی لا نفضل بعضهم علی بعض فی العطاء كما یفعل معاویة و

فی النهایة فیه أنه قال للأنصار إنكم ستلقون بعدی أثرة فاصبروا.

الأثرة بفتح الهمزة و الثاء الاسم من آثر یؤثر إیثارا إذا أعطی أراد أنه یستأثر علیكم فیفضل غیركم فی نصیبه من الفی ء و الاستیثار الانفراد بالشی ء و السحق بالضم البعد و الحزن من الأرض ضد السهل.

«715»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی كُمَیْلِ بْنِ زِیَادٍ النَّخَعِیِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی هِیتَ یُنْكِرُ عَلَیْهِ تَرْكَهُ دَفْعَ مَنْ یَجْتَازُ بِهِ مِنْ جَیْشِ الْعَدُوِّ طَالِباً لِلْغَارَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ تَضْیِیعَ الْمَرْءِ مَا وَلِیَ وَ تَكَلُّفَهُ مَا كُفِیَ لَعَجْزٌ حَاضِرٌ وَ رَأْیٌ مثبر [مُتَبَّرٌ] وَ إِنَّ تَعَاطِیَكَ الْغَارَةَ عَلَی أَهْلِ قِرْقِیسِیَاءَ وَ تَعْطِیلَكَ مَسَالِحَكَ الَّتِی وَلَّیْنَاكَ لَیْسَ لَهَا مَنْ یَمْنَعُهَا وَ لَا یَرُدُّ الْجَیْشَ عَنْهَا لَرَأْیٌ شَعَاعٌ فَقَدْ صِرْتَ جِسْراً لِمَنْ أَرَادَ الْغَارَةَ مِنْ أَعْدَائِكَ عَلَی أَوْلِیَائِكَ غَیْرَ شَدِیدِ الْمَنْكِبِ وَ لَا مَهِیبِ الْجَانِبِ وَ لَا سَادٍّ ثُغْرَةً وَ لَا كَاسِرٍ لِعَدُوٍّ شَوْكَةً وَ لَا مُغْنٍ عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ وَ لَا مُجْزٍ عَنْ أَمِیرِهِ.

بیان: قال ابن أبی الحدید كان كمیل من صحابة علی علیه السلام و شیعته و خاصته و قتله الحجاج علی المذهب فیمن قتل من الشیعة و كان عامل

ص: 522


1- 715- رواه الشریف الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 61 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام من نهج البلاغة.

علی علیه السلام علی هیت و كان ضعیفا یمر علیه سرایا معاویة بنهب أطراف العراق فلا یردها و یحاول أن یجبر ما عنده من الضعف بأن یغیر علی أطراف أعمال معاویة مثل قرقیسیاء و ما یجری مجراها من القری التی علی الفرات فأنكر علیه السلام ذلك من فعله.

قوله علیه السلام ما ولی علی صیغة المعلوم المجرد من ولیت الأمر كرضیت ولایة إذا تولیته و استبددت به و فی بعض النسخ علی صیغة المجهول من التفعیل من قولهم ولیته البلد إذا جعلته والیا علیه و التكلف التجشم و التكلف التعریض لما لا یعنیه و كفاه مئونته أی قام بأمره.

قوله علیه السلام متبر قال فی النهایة أی مهلك یقال تبره تتبیرا أی كسره و أهلكه و التبار الهلاك و قال التعاطی التناول و الجرأة علی الشی ء من عطا الشی ء یعطوه إذا أخذه و تناوله و قرقیسیاء فی النسخ بالفتح مقصورا و فی القاموس قرقیسیاء بالكسر و یقصر بلد علی الفرات و یقال شعاع أی متفرق و شدة المنكب كنایة عن القوة و الحمیة و هیبة الجانب كنایة عن شدة البطش و الثغرة الثلمة و لا مجز عن أمیره أی كاف و مغن و الأصل مجزئ بالهمزة فخفف.

«716»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ حِلْفٍ كَتَبَهُ علیه السلام بَیْنَ الْیَمَنِ وَ رَبِیعَةَ نُقِلَ مِنْ خَطِّ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِیِّ هَذَا مَا اجْتَمَعَ عَلَیْهِ أَهْلُ الْیَمَنِ حَاضِرُهَا وَ بَادِیهَا وَ رَبِیعَةُ حَاضِرُهَا وَ بَادِیهَا أَنَّهُمْ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ یَدْعُونَ إِلَیْهِ وَ یَأْمُرُونَ بِهِ وَ یُجِیبُونَ مَنْ دَعَا إِلَیْهِ وَ أَمَرَ بِهِ لَا یَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِیلًا وَ لَا یَرْضَوْنَ بِهِ بَدَلًا وَ أَنَّهُمْ یَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَی مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ وَ تَرَكَهُ أَنْصَارٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ دَعْوَتُهُمْ وَاحِدَةٌ لَا یَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ لِمَعْتَبَةِ عَاتِبٍ وَ لَا لِغَضَبِ غَاضِبٍ وَ لَا لِاسْتِذْلَالِ قَوْمٍ قَوْماً وَ لَا لِمَسَبَّةِ قَوْمٍ قَوْماً عَلَی

ص: 523


1- 716- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 74 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

ذَلِكَ شَاهِدُهُمْ وَ غَائِبُهُمْ وَ حَلِیمُهُمْ وَ جَاهِلُهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَیْهِمْ بِذَلِكَ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ إِنَّ عَهْدَ اللَّهِ كَانَ مَسْئُولًا وَ كَتَبَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام.

بیان: قال ابن أبی الحدید الحلف العهد و قال الیمن كل من ولده قحطان نحو حمیر و عك و جذام و كندة و الأزد و غیرهم و ربیعة هو ربیعة بن نزار بن معد بن عدنان و هم بكر و تغلب و عبد القیس و الحاضر ساكن الحضر و البادی ساكن البادیة أنهم علی كتاب اللّٰه أی مجتمعون علیه لا یشترون به ثمنا أی لا یتعوضون عنه بثمن و أنهم ید واحدة أی لا تخالف بینهم و فعلهم فعل واحد و قال الجوهری عتب علیه أی وجد علیه یعتب و تعتب عتبا و معتبا و الاسم المعتبة و المعتبة و لا لمسبة قوم أی لأن إنسانا منهم سب و هجا بعضهم و المسبة و السب الشتم و الحلیم العاقل بقرینة الجاهل أو ذو الأناة فإن ترك الأناة من الجهل إن عهد اللّٰه كان مسئولا أی مطلوبا یطلب من العاهد أن لا یضیعه و یفی به أو مسئولا عنه یسأل الناكث و یعاتب علیه و قیل أی إن صاحب العهد كان مسئولا.

و قال ابن میثم فی روایة و كتب علی بن أبی طالب و هی المشهورة عنه و وجهها أنه جعل هذه الكنیة علما بمنزلة لفظة واحدة لا یتغیر إعرابها.

«717»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ وَصِیَّةٍ لَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ كَانَ یَكْتُبُهَا لِمَنْ یَسْتَعْمِلُهُ عَلَی الصَّدَقَاتِ وَ إِنَّمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا جُمَلًا لِیُعْلَمَ أَنَّهُ علیه السلام كَانَ یُقِیمُ عِمَادَ الْحَقِّ وَ یُشْرِعُ أَمْثِلَةَ الْعَدْلِ فِی صَغِیرِ الْأُمُورِ وَ كَبِیرِهَا وَ دَقِیقِهَا وَ جَلِیلِهَا انْطَلِقْ عَلَی تَقْوَی اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ لَا تُرَوِّعَنَّ مُسْلِماً وَ لَا تَجْتَازَنَّ عَلَیْهِ كَارِهاً وَ لَا تَأْخُذَنَّ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِی مَالِهِ فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَی الْحَیِّ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْیَاتَهُمْ ثُمَّ امْضِ إِلَیْهِمْ بِالسَّكِینَةِ وَ الْوَقَارِ حَتَّی

ص: 524


1- 717- رواه الشریف الرضی رضی اللّٰه تعالی عنه فی المختار: 25 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

تَقُومَ بَیْنَهُمْ فَتُسَلِّمَ عَلَیْهِمْ وَ لَا تُخْدِجْ بِالتَّحِیَّةِ لَهُمْ ثُمَّ تَقُولَ عِبَادَ اللَّهِ أَرْسَلَنِی إِلَیْكُمْ وَلِیُّ اللَّهِ وَ خَلِیفَتُهُ لِآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللَّهِ فِی أَمْوَالِكُمْ فَهَلْ لِلَّهِ فِی أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقٍّ فَتُؤَدُّوهُ إِلَی وَلِیِّهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لَا فَلَا تُرَاجِعْهُ وَ إِنْ أَنْعَمَ لَكَ مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَیْرِ أَنْ تُخِیفَهُ أَوْ تُوعِدَهُ أَوْ تَعْسِفَهُ أَوْ تُرْهِقَهُ فَخُذْ مَا أَعْطَاكَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَ إِنْ كَانَتْ لَهُ مَاشِیَةٌ أَوْ إِبِلٌ فَلَا تَدْخُلْهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنَّ أَكْثَرَهَا لَهُ فَإِذَا أَتَیْتَهَا فَلَا تَدْخُلْهَا دُخُولَ مُتَسَلِّطٍ عَلَیْهِ وَ لَا عَنِیفٍ بِهِ وَ لَا تُنَفِّرَنَّ بَهِیمَةً وَ لَا تُفْزِعَنَّهَا وَ لَا تَسُوأَنَّ صَاحِبَهَا فِیهَا وَ اصْدَعِ الْمَالَ صَدْعَیْنِ ثُمَّ خَیِّرْهُ فَإِذَا اخْتَارَ فَلَا تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَ ثُمَّ اصْدَعِ الْبَاقِیَ صَدْعَیْنِ ثُمَّ خَیِّرْهُ فَإِذَا اخْتَارَ فَلَا تَعْرِضْ لِمَا اخْتَارَ فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّی یَبْقَی مَا فِیهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ اللَّهِ فِی مَالِهِ فَاقْبِضْ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ فَإِنِ اسْتَقَالَكَ فَأَقِلْهُ ثُمَّ اخْلِطْهُمَا ثُمَّ اصْنَعْ مِثْلَ الَّذِی صَنَعْتَ أَوَّلًا حَتَّی تَأْخُذَ حَقَّ اللَّهِ فِی مَالِهِ وَ لَا تَأْخُذَنَّ عَوْداً وَ لَا هَرِمَةً وَ لَا مَكْسُورَةً وَ لَا مَهْلُوسَةً وَ لَا ذَاتَ عَوَارٍ وَ لَا تَأْمَنَنَّ عَلَیْهَا إِلَّا مَنْ تَثِقُ بِدِینِهِ رَافِقاً بِمَالِ الْمُسْلِمِینَ حَتَّی یُوَصِّلَهُ إِلَی وَلِیِّهِمْ فَیَقْسِمَهُ بَیْنَهُمْ وَ لَا تُوَكِّلْ بِهَا إِلَّا نَاصِحاً شَفِیقاً وَ أَمِیناً حَفِیظاً غَیْرَ مُعْنِفٍ وَ لَا مُجْحِفٍ وَ لَا مُلْغِبٍ وَ لَا مُتْعِبٍ ثُمَّ احْدُرْ إِلَیْنَا مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ نُصَیِّرْهُ حَیْثُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَإِذَا أَخَذَهَا أَمِینُكَ فَأَوْعِزْ إِلَیْهِ أَنْ لَا یَحُولَ بَیْنَ نَاقَةٍ وَ بَیْنَ فَصِیلِهَا وَ لَا یَمْصُرَ لَبَنَهَا فَیُضِرَّ ذَلِكَ بِوَلَدِهَا وَ لَا یَجْهَدَنَّهَا رُكُوباً وَ لْیَعْدِلْ بَیْنَ صَوَاحِبَاتِهَا فِی ذَلِكَ وَ بَیْنَهَا وَ لْیُرَفِّهْ عَلَی اللَّاغِبِ وَ لْیَسْتَأْنِ بِالنَّقِبِ وَ الظَّالِعِ وَ لْیُورِدْهَا مَا تَمُرُّ بِهِ مِنَ الْغُدُرِ وَ لَا یَعْدِلْ بِهَا عَنْ نَبْتِ الْأَرْضِ إِلَی جَوَادِّ الطُّرُقِ وَ لْیُرَوِّحْهَا فِی السَّاعَاتِ وَ لْیُمْهِلْهَا عِنْدَ النِّطَافِ وَ الْأَعْشَابِ حَتَّی یَأْتِیَنَا بِهَا بِإِذْنِ اللَّهِ بُدَّناً مُنْقِیَاتٍ غَیْرَ مُتْعَبَاتٍ وَ لَا مَجْهُودَاتٍ لِنَقْسِمَهَا عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ وَ أَقْرَبُ لِرُشْدِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.

ص: 525

قوله علیه السلام علی تقوی اللّٰه حال أی مواظبا علی التقوی و معتمدا علیها و لا تروعن بالتخفیف و فی بعض النسخ بالتشدید و الروع الخوف أو شدته یقال رعت فلانا كقلت و روعته فارتاع.

قوله و لا تجتازن أی لا تمرن ببیوت المسلمین و هم یكرهون مرورك علیها.

و روی بالخاء المعجمة و الراء المهملة أی لا تقسم ماله و تختار أحد القسمین بدون رضاه و الضمیر فی علیه راجع إلی مسلما و الحی القبیلة و من عادة العرب أن تكون میاههم بارزة عن بیوتهم.

قوله علیه السلام و لا تخدج بالتحیة الباء زائدة و فی بعض النسخ بدونها أی لا تنقصها من قولهم خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه و أنعم لك أی قال نعم قوله أو تعسفه أی لا تطلب منه الصدقة عسفا أی جبرا و ظلما و أصله الأخذ علی غیر الطریق و قال الجوهری یقال لا ترهقنی لا أرهقك اللّٰه أی لا تعسرنی و لا أعسرك اللّٰه.

قوله علیه السلام من ذهب أو فضة أی إذا وجبت علیه زكاة أحد النقدین أو حد من زكاة الغلات نقدا إذا أعطاك القیمة و المراد بالماشیة هنا الغنم و البقر و سؤت الرجل أی ساءه ما رأی منی و الصدع الشق و العود بالفتح المسن من الإبل و الهرمة أیضا المسنة لكنها أكبر من العود و المكسورة التی انكسرت إحدی قوائمها أو ظهرها و المهلوسة المریضة التی قد هلسها المرض و أفنی لحمها و الهلاس السل و العوار بفتح العین قد یضم العیب.

قوله علیه السلام و لا مجحف أی الذی یسوق المال سوقا عنیفا فیجحف به أی یهلكه أو یذهب بكثیر من لحمه و یحتمل أن یكون المراد من یخون فیه و یستلبه و اللغوب التعب و الإعیاء و لغبت علی القوم الغب بالفتح فیهما أفسدت علیهم و أحدره أرسله و أوعزت إلیه فی كذا و كذا أی تقدمت و الفصیل ولد الناقة إذا فصل عن أمه و المصر حلب ما فی الضرع جمیعه

ص: 526

و الفعل كنصر و الجهد المشقة یقال جهد دابته و أجهدها إذا حمل علیها فی السیر فوق طاقتها قوله علیه السلام و لیعدل أی لا یخص بالركوب واحدة بعینها لیكون ذلك أروح لهن و قال الجوهری استأنی به أی انتظر به و قال نقب البعیر بالكسر إذا رقت أخفافه

و قال الجزری فی حدیث علی علیه السلام و لیستأن بذات النقب و الظالع.

أی بذات الجرب و العرجاء.

و الظلع بالسكون العرج و الغدر جمع غدیر الماء و لیروحها أی یتركها حتی تستریح فی الأوقات المناسبة لذلك أو من الرواح ضد الغدو أی یسیرها فی ساعات الرواح و یتركها فی حر الشمس حتی تستریح و النطاف جمع النطفة و هی الماء الصافی القلیل و البدن بالتشدید السمان واحدها بادن و النقی مخ العظم و شحم العین من السمن و أنقت الإبل أی سمنت و صار فیه نقی و كذلك غیرها ذكرها الجوهری.

أقول: أخرجته من الكافی فی كتاب أحواله علیه السلام بتغییر ما (1)

«718»-(2)وَ رَوَاهُ أَیْضاً إِبْرَاهِیمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیُّ فِی كِتَابِ الْغَارَاتِ عَنْ

ص: 527


1- 1 رواه ثقة الإسلام الكلینی قدس اللّٰه روحه فی الحدیث الأول من الباب: 22 من كتاب الزكاة من الكافی: ج 3 ص 536 ط الحدیث. و رواه عنه المصنّف رحمه اللّٰه فی الحدیث: 26 من الباب: 107 من بحار الانوار: ج 41 126. و قد رویناه عن الكافی و مصادر أخر فی المختار: 25 من باب الوصایا من كتاب نهج السعادة ج 8 ص 110، ط 1.
2- 718- رواه الثقفی رحمه اللّٰه فی الحدیث: 76 من كتاب الغارات. و رواه عنه المصنّف و لكن بنحو الإشارة فی الحدیث: 24 من الباب 9 من كتاب الزكاة من بحار الأنوار: ج 20 ص 24. و رواه أیضا الشیخ النوریّ و ساق الكلام سندا و متنا نقلا عن كتاب الغارات فی الحدیث الأول من الباب: 12 من كتاب الزكاة من مستدرك الوسائل: ج 1، ص 516.

یَحْیَی بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْوَلِیدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: بَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام مُصَدِّقاً مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی بَادِیَتِهَا فَقَالَ عَلَیْكَ یَا عَبْدَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ لَا تُؤْثِرَنَّ دُنْیَاكَ عَلَی آخِرَتِكَ وَ كُنْ حَافِظاً لِمَا ائْتَمَنْتُكَ عَلَیْهِ رَاعِیاً لِحَقِّ اللَّهِ حَتَّی تَأْتِیَ نَادِیَ بَنِی فُلَانٍ فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَیْهِمْ فَانْزِلْ بِفِنَائِهِمْ مِنْ غَیْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْیَاتَهُمْ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ علیه السلام وَ أَقْرَبُ لِرُشْدِكَ فَیَنْظُرُ اللَّهُ إِلَیْهَا وَ إِلَیْكَ وَ إِلَی جُهْدِكَ وَ نَصِیحَتِكَ لِمَنْ بَعَثَكَ وَ بُعِثْتَ فِی حَاجَتِهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا نَظَرَ اللَّهُ إِلَی وَلِیٍّ یُجْهِدُ نَفْسَهُ لِإِمَامِهِ بِالطَّاعَةِ وَ النَّصِیحَةِ إِلَّا كَانَ مَعَنَا فِی الرَّفِیقِ الْأَعْلَی.

«719»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ عَهْدٍ لَهُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ عُمَّالِهِ وَ قَدْ بَعَثَهُ عَلَی الصَّدَقَةِ فِی مِثْلِهِ أَمَرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ فِی سَرَائِرِ أُمُورِهِ وَ خَفِیَّاتِ أَعْمَالِهِ حَیْثُ لَا شَهِیدَ غَیْرُهُ وَ لَا وَكِیلَ دُونَهُ وَ أَمَرَهُ أَنْ لَا یَعْمَلَ بِشَیْ ءٍ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِیمَا ظَهَرَ فَیُخَالِفَ إِلَی غَیْرِهِ فِیمَا أَسَرَّ وَ مَنْ لَمْ یَخْتَلِفْ سِرُّهُ وَ عَلَانِیَتُهُ وَ فِعْلُهُ وَ مَقَالَتُهُ فَقَدْ أَدَّی الْأَمَانَةَ وَ أَخْلَصَ الْعِبَادَةَ وَ أَمَرَهُ أَنْ لَا یَجْبَهَهُمْ وَ لَا یَعْضَهَهُمْ وَ لَا یَرْغَبَ عَنْهُمْ تَفَضُّلًا بِالْإِمَارَةِ عَلَیْهِمْ فَإِنَّهُمُ الْإِخْوَانُ فِی الدِّینِ وَ الْأَعْوَانُ عَلَی اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ وَ إِنَّ لَكَ فِی هَذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِیباً مَفْرُوضاً وَ حَقّاً مَعْلُوماً وَ شُرَكَاءَ أَهْلِ مَسْكَنَةٍ وَ ضُعَفَاءَ ذَوِی فَاقَةٍ وَ إِنَّا مُوَفُّوكَ حَقَّكَ فَوَفِّهِمْ حُقُوقَهُمْ وَ إِلَّا فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ خُصُوماً یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ بُؤْساً لِمَنْ خَصْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ الْفُقَرَاءُ وَ الْمَسَاكِینُ وَ السَّائِلُونَ وَ الْمَدْفُوعُونَ وَ الْغَارِمُ وَ ابْنُ السَّبِیلِ

ص: 528


1- 719- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 26 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

وَ مَنِ اسْتَهَانَ بِالْأَمَانَةِ وَ رَتَعَ فِی الْخِیَانَةِ وَ لَمْ یُنَزِّهْ نَفْسَهُ وَ دِینَهُ عَنْهَا فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ الذُّلَّ وَ الْخِزْیَ فِی الدُّنْیَا وَ هُوَ فِی الْآخِرَةِ أَذَلُّ وَ أَخْزَی وَ إِنَّ أَعْظَمَ الْخِیَانَةِ خِیَانَةُ الْأُمَّةِ وَ أَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الْأَئِمَّةِ وَ السَّلَامُ.

بیان: قوله علیه السلام حیث لا شهید كأنه إشارة إلی موضع أسرار العمل و إخفاء الأمور و قیل یعنی یوم القیامة و الشهید الشاهد و الحاضر و الوكیل من یفوض إلیه الأمور أو الشاهد و الحفیظ كما فسر به قوله تعالی وَ اللَّهُ عَلی ما نَقُولُ وَكِیلٌ قوله علیه السلام فقد أدی الأمانة أی أمانة اللّٰه التی أخذها علی العباد فی عبادته.

قوله علیه السلام أن لا یجبههم قال فی النهایة أی لا یواجههم بما یكرهونه و أصل الجبه لقاء الجبهة أو ضربها فلما كان المواجه غیره بالكلام القبیح كالضارب جبهته به سمی ذلك جبها و قال الجوهری عضهه عضها رماه بالبهتان و قد أعضهت أی جئت بالبهتان.

قوله علیه السلام و لا یرغب عنهم أی عن مخالطتهم و معاشرتهم تحقیرا لهم و قوله أهل مسكنة منصوب بكونه صفة لشركاء و قیل بدل و بؤسا قال ابن أبی الحدید هو بؤسی علی وزن فعلی و البؤس الخضوع و شدة الحاجة.

و المذكور فی النسخ بؤسا بالتنوین و كذا صححه الراوندی فیكون انتصابه علی المصدر كما یقال سحقا لك و بعدا لك و یقال خصمه أی غلبه فی الخصومة و السائلون قیل المراد بهم هنا الرقاب و هم المكاتبون یتعذر علیهم مال الكتابة فیسألون و قیل هم الأساری و قیل العبید تحت الشدة و المدفوعون هم الذین عناهم اللّٰه بقوله فِی سَبِیلِ اللَّهِ و هم فقراء الغزاة و المدفوع الفقیر لأن كل أحد یكرهه و یدفعه عن نفسه.

ص: 529

و قیل هم الحجیج المنقطع بهم لأنهم دفعوا عن إتمام حجهم أو دفعوا عن العود إلی أهلهم.

و فی بعض النسخ المدقعون بالقاف قال فی القاموس المدقع كمحسن الملصق بالدقعاء و هو التراب.

و أما سهم العاملین فقد ذكره علیه السلام بقوله و أنا موفوك حقك مع أن العامل لا یخاصم نفسه و أقول هذه التكلفات (1)إنما نحتاج إلیها إذا حملنا الكلام علی استیفاء الأقسام و لا ضرورة فیه فیمكن أن یكون المراد بالسائلین و المدفوعین أو المدقعین الموصوفین بتلك الصفات من أصناف المستحقین للصدقات و رتع كمنع أی أكل و شرب ما شاء فی خصب و سعة.

قوله علیه السلام فقد أحل بنفسه قال ابن أبی الحدید أی جعل نفسه محلا للذل و الخزی و یروی فقد أخل بنفسه بالخاء المعجمة و لم یذكر الذل و الخزی و معناه جعل نفسه فقیرا یقال خل الرجل إذا افتقر و أخل به و بغیره أی جعله فقیرا و یروی أحل بنفسه بالحاء المهملة و لم یذكر الذل و الخزی أی أباح دمه و الروایة الأولی أصح لقوله علیه السلام بعدها و هو فی الآخرة أذل و أخزی قوله علیه السلام خیانة الأمة مصدر مضاف إلی المفعول به لأن الساعی إذا خان فقد خان الأمة كلها و كذا إذا غش فی الصدقة فقد غش الإمام (2)

و جوز بعضهم أن یكون مضافا إلی الفاعل فالمراد حینئذ أن إغماض الأئمة و ترك النهی عن مثل تلك الخیانة أفظع الغش فلا یطمع العاملون فی الإغماض فیها.

ص: 530


1- 1 أی تكلف حمل كلام أمیر المؤمنین هذا علی استیفائه لذكر جمیع أصناف المستحقین للصدقات كما ذكره ابن أبی الحدید فی شرح كلام الإمام علیه السلام.
2- 2 إلی هنا یتم كلام ابن أبی الحدید بتلخیص بسیط جدا.

أبواب الأمور و الفتن الحادثة بعد الرجوع عن قتال الخوارج

باب 30 باب الفتن الحادثة بمصر و شهادة محمد بن أبی بكر و مالك الأشتر رضی اللّٰه عنهما و بعض فضائلهما و أحوالهما و عهود أمیر المؤمنین علیه السلام إلیها

«720»-(1)قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیُّ فِی كِتَابِ الْغَارَاتِ وَ وَافَقَ مَا رَأَیْتُهُ فِی أَصْلِ كِتَابِهِ رَوَی بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْكَلْبِیِّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حُذَیْفَةَ هُوَ الَّذِی حَرَّضَ الْمِصْرِیِّینَ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ وَ نَدَبَهُمْ إِلَیْهِ وَ كَانَ

ص: 531


1- 720- رواه الثقفی رحمه اللّٰه فی الحدیث: 101 و ما بعده من كتاب الغارات: ج 2، ص 205 ط 1 و رواه عنه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: 67 من نهج البلاغة: ج 2 ص 298 ط الحدیث ببیروت. و أكثر ما رواه الثقفی رحمه اللّٰه رواه أیضا الطبریّ فی حوادث سنة: 36 من تاریخه: ج 5 ص 23.

ص: 532

ص: 533

حِینَئِذٍ بِمِصْرَ فَلَمَّا صَارُوا إِلَی عُثْمَانَ وَ حَصَرُوهُ وَثَبَ هُوَ بِمِصْرَ عَلَی عَامِلِ عُثْمَانَ عَلَیْهَا وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِی سَرْحٍ فَطَرَدَهُ عَنْهَا وَ صَلَّی بِالنَّاسِ فَخَرَجَ ابْنُ أَبِی سَرْحٍ مِنْ مِصْرَ [و قال به صر إلی مصر] وَ نَزَلَ عَلَی تُخُومِ أَرْضِ مِصْرَ مِمَّا یَلِی فِلَسْطِینَ وَ انْتَظَرَ مَا یَكُونُ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَیْهِ خَبَرُ قَتْلِهِ لَحِقَ بِمُعَاوِیَةَ وَ وَلَّی عَلِیٌّ علیه السلام قَیْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مِصْرَ وَ قَالَ لَهُ صِرْ إِلَی مِصْرَ فَقَدْ وَلَّیْتُكَهَا وَ اخْرُجْ إِلَی ظَاهِرِ الْمَدِینَةِ وَ اجْمَعْ ثِقَاتِكَ وَ مَنْ أَحْبَبْتَ أَنْ یَصْحَبَكَ حَتَّی تَأْتِیَ مِصْرَ وَ لَكَ جُنْدٌ فَإِنَّ ذَلِكَ أَرْعَبُ لِعَدُوِّكَ وَ أَعَزُّ لِوَلِیِّكَ فَإِذَا أَنْتَ قَدِمْتَهَا إِنْ شَاءَ اللَّهِ فَأَحْسِنْ إِلَی الْمُحْسِنِ وَ شُدَّ عَلَی الْمُرِیبِ وَ ارْفُقْ بِالْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ فَإِنَّ الرِّفْقَ یُمْنٌ فَقَالَ قَیْسٌ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فَأَمَّا الْجُنْدُ فَإِنِّی أَدَعُهُ لَكَ فَإِذَا احْتَجْتَ إِلَیْهِمْ كَانُوا قَرِیباً مِنْكَ وَ إِنْ أَرَدْتَ بَعْثَهُمْ إِلَی وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِكَ كَانُوا لَكَ عُدَّةً وَ لَكِنِّی أَسِیرُ إِلَی مِصْرَ بِنَفْسِی وَ أَهْلِ بَیْتِی وَ أَمَّا مَا أَوْصَیْتَنِی بِهِ مِنَ الرِّفْقِ وَ الْإِحْسَانِ فَاللَّهُ تَعَالَی هُوَ الْمُسْتَعَانُ عَلَی ذَلِكَ قَالَ فَخَرَجَ قَیْسٌ فِی سَبْعَةِ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ بَیْتِهِ حَتَّی دَخَلَ مِصْرَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ أَمَرَ بِكِتَابٍ مَعَهُ یُقْرَأُ عَلَی النَّاسِ فِیهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَیْكُمُ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بِحُسْنِ صُنْعِهِ وَ قَدَرِهِ وَ تَدْبِیرِهِ اخْتَارَ الْإِسْلَامَ دِیناً لِنَفْسِهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ بَعَثَ بِهِ أَنْبِیَاءَهُ إِلَی عِبَادِهِ فَكَانَ مِمَّا أَكْرَمَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَ خَصَّهُمْ بِهِ مِنَ الْفَضْلِ أَنْ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیْهِمْ فَعَلَّمَهُمُ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ السُّنَّةَ وَ الْفَرَائِضَ وَ أَدَّبَهُمْ لِكَیْمَا یَهْتَدُوا وَ جَمَعَهُمْ لِكَیْمَا لَا یَتَفَرَّقُوا وَ زَكَّاهُمْ لِكَیْمَا یَتَطَهَّرُوا فَلَمَّا قَضَی مِنْ ذَلِكَ مَا عَلَیْهِ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ فَعَلَیْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ وَ رَحْمَتُهُ وَ رِضْوَانُهُ

ص: 534

ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِینَ مِنْ بَعْدِهِ اسْتَخْلَفُوا أَمِیرَیْنِ مِنْهُمْ صَالِحَیْنِ أَحْیَیَا السِّیرَةَ وَ لَمْ یَعْدُوَا السُّنَّةَ ثُمَّ تَوَفَّیَا فَوُلِّیَ بَعْدَهُمَا مَنْ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً فَوَجَدَتِ الْأُمَّةُ عَلَیْهِ مَقَالًا فَقَالُوا ثُمَّ نَقَمُوا عَلَیْهِ فَغَیَّرُوا ثُمَّ جَاءُونِی فَبَایَعُونِی وَ أَنَا أَسْتَهْدِی اللَّهَ لِلْهُدَی وَ أَسْتَعِینُهُ عَلَی التَّقْوَی أَلَا وَ إِنَّ لَكُمْ عَلَیْنَا الْعَمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَ الْقِیَامِ بِحَقِّهِ وَ النُّصْحِ لَكُمْ بِالْغَیْبِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ وَ قَدْ بَعَثْتُ لَكُمْ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِیَّ أَمِیراً فَوَازِرُوهُ وَ أَعِینُوهُ عَلَی الْحَقِّ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَی مُحْسِنِكُمْ وَ الشِّدَّةِ عَلَی مُرِیبِكُمْ وَ الرِّفْقِ بِعَوَامِّكُمْ وَ خَوَاصِّكُمْ وَ هُوَ مِمَّنْ أَرْضَی هَدْیَهُ وَ أَرْجُو صَلَاحَهُ وَ نُصْحَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَ لَكُمْ عَمَلًا زَاكِیاً وَ ثَوَاباً جَزِیلًا وَ رَحْمَةً وَاسِعَةً وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ كَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ فِی صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ قَامَ قَیْسٌ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَاءَ بِالْحَقِّ وَ أَمَاتَ الْبَاطِلَ وَ كَبَتَ الظَّالِمِینَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا بَایَعْنَا خَیْرَ مَنْ نَعْلَمُ بَعْدَ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَقُومُوا وَ بَایِعُوا عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ نَحْنُ لَمْ نَعْمَلْ فِیكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَا بَیْعَةَ لَنَا عَلَیْكُمْ فَقَامَ النَّاسُ فَبَایَعُوا وَ اسْتَقَامَتْ مِصْرُ وَ أَعْمَالُهَا لِقَیْسٍ وَ بَعَثَ عَلَیْهَا عُمَّالَهُ إِلَّا أَنَّ قَرْیَةً مِنْهَا قَدْ أَعْظَمَ أَهْلُهَا قَتْلَ عُثْمَانَ وَ بِهَا رَجُلٌ مِنْ بَنِی كِنَانَةَ یُقَالُ لَهُ یَزِیدُ بْنُ الْحَارِثِ فَبَعَثَ إِلَی قَیْسٍ أَنَّا لَا نَأْتِیكَ فَابْعَثْ عُمَّالَكَ فَالْأَرْضُ أَرْضُكَ وَ لَكِنْ أَقِرَّنَا عَلَی حَالِنَا حَتَّی نَنْظُرَ إِلَی مَا یَصِیرُ أَمْرُ النَّاسِ وَ وَثَبَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ الْأَنْصَارِیُّ بِهِ فَنَعَی وَ دَعَا إِلَی الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ قَیْسٌ وَیْحَكَ أَ عَلَیَّ تَثِبُ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِی مُلْكَ الشَّامِ وَ مِصْرَ وَ أَنِّی قَتَلْتُكَ فَاحْقُنْ دَمَكَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ مَسْلَمَةُ أَنِّی كَافٍّ عَنْكَ مَا دُمْتَ أَنْتَ وَالِی

ص: 535

مِصْرَ وَ كَانَ قَیْسٌ ذَا رَأْیٍ وَ جَزْمٍ فَبَعَثَ إِلَی الَّذِینَ اعْتَزَلُوا أَنِّی لَا أُكْرِهُكُمْ عَلَی الْبَیْعَةِ وَ لَكِنِّی أَدَعُكُمْ وَ أَكُفُّ عَنْكُمْ فَهَادَنَهُمْ وَ هَادَنَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ وَ جَبَی الْخَرَاجَ وَ لَیْسَ أَحَدٌ یُنَازِعُهُ قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْجَمَلِ وَ قَیْسٌ عَلَی مِصْرَ وَ رَجَعَ إِلَی الْكُوفَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ وَ هُوَ بِمَكَانِهِ وَ كَانَ أَثْقَلَ خَلْقِ اللَّهِ عَلَی مُعَاوِیَةَ لِقُرْبِ مِصْرَ وَ أَعْمَالِهَا مِنَ الشَّامِ فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی قَیْسٍ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ قَبْلَ أَنْ یَسِیرَ إِلَی صِفِّینَ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ نَقَمْتُمْ عَلَی عُثْمَانَ فِی أَثَرَةٍ رَأَیْتُمُوهَا أَوْ ضَرْبَةِ سَوْطٍ رَأَیْتُمُوهُ ضَرَبَهَا أَوْ فِی شَتْمِهِ أَوْ تَمْیِیزِهِ أَحَداً أَوْ فِی اسْتِعْمَالِهِ الْفِتْیَانَ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ دَمَهُ لَمْ یَحِلَّ لَكُمْ بِذَلِكَ فَقَدْ رَكِبْتُمْ عَظِیماً مِنَ الْأَمْرِ وَ جِئْتُمْ شَیْئاً إِدّاً فَتُبْ یَا قَیْسُ إِلَی رَبِّكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُجْلِبِینَ عَلَی عُثْمَانَ إِنْ كَانَتِ التَّوْبَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ تُغْنِی شَیْئاً وَ أَمَّا صَاحِبُكَ فَقَدِ اسْتَیْقَنَّا أَنَّهُ أَغْرَی النَّاسَ بِهِ وَ حَمَلَهُمْ عَلَی قَتْلِهِ حَتَّی قَتَلُوهُ وَ أَنَّهُ لَمْ یَسْلَمْ مِنْ دَمِهِ عِظَمُ قَوْمِكَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ یَا قَیْسُ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ یَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ فَافْعَلْ وَ بَایِعْنَا عَلَی عَلِیٍّ فِی أَمْرِنَا هَذَا وَ لَكَ سُلْطَانُ الْعِرَاقَیْنِ إِنْ أَنَا ظَفِرْتُ مَا بَقِیتُ وَ لِمَنْ أَحْبَبْتَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِكَ سُلْطَانُ الْحِجَازِ مَا دَامَ لِی سُلْطَانٌ وَ سَلْنِی مِنْ غَیْرِ هَذَا تُجَبْ مِمَّا تُحِبُّ فَإِنَّكَ لَا تَسْأَلُنِی مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا أُوتِیتَهُ وَ اكْتُبْ إِلَیَّ بِرَأْیِكَ فِیمَا كَتَبْتُ إِلَیْكَ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ قَیْسٌ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ إِلَیَّ كِتَابُكَ وَ فَهِمْتُ الَّذِی ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ وَ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أُقَارِبْهُ وَ ذَكَرْتَ أَنَّ صَاحِبِی هُوَ الَّذِی أَغْرَی النَّاسَ بِعُثْمَانَ وَ دَسَّهُمْ إِلَیْهِ حَتَّی قَتَلُوهُ وَ هَذَا أَمْرٌ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَیْهِ وَ ذَكَرْتَ لِی أَنَّ عِظَمَ عَشِیرَتِی لَمْ تَسْلَمْ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ فَلَعَمْرِی إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ كَانَ فِی أَمْرِهِ عَشِیرَتِی وَ أَمَّا مَا سَأَلْتَنِی مِنْ مُبَایَعَتِكَ عَلَی الطَّلَبِ بِدَمِهِ وَ مَا عَرَضْتَهُ عَلَیَّ فَقَدْ فَهِمْتُهُ

ص: 536

وَ هَذَا أَمْرٌ لِی فِیهِ نَظَرٌ وَ فِكْرٌ وَ لَیْسَ هَذَا مِمَّا یُعَجَّلُ إِلَی مِثْلِهِ وَ أَنَا كَافٍّ عَنْكَ وَ لَیْسَ یَأْتِیكَ مِنْ قِبَلِی شَیْ ءٌ تَكْرَهُهُ حَتَّی تَرَی وَ نَرَی إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِیَةُ كِتَابَهُ لَمْ یَرَهُ إِلَّا مُقَارِباً مُبَاعِداً وَ لَمْ یَأْمَنْ أَنْ یَكُونَ مُخَادِعاً مُكَایِداً فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ فَلَمْ أَرَكَ تَدْنُو فَأَعِدُكَ سِلْماً وَ لَمْ أَرَكَ تَتَبَاعَدُ فَأَعِدُكَ حَرْباً أَرَاكَ كَخَیْلِ الْحَرُونِ وَ لَیْسَ مِثْلِی مَنْ یُصَانَعُ بِالْخَدَائِعِ وَ لَا یُخْدَعُ بِالْمَكَایِدِ وَ مَعَهُ عَدَدُ الرِّجَالِ وَ أَعِنَّةُ الْخَیْلِ فَإِنْ قَبِلْتَ الَّذِی عَرَضْتُ عَلَیْكَ فَلَكَ مَا أَعْطَیْتُكَ وَ إِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ مَلَأْتُ مِصْرَ عَلَیْكَ خَیْلًا وَ رِجَالًا وَ السَّلَامُ فَلَمَّا قَرَأَ قَیْسٌ كِتَابَهُ وَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا یَقْبَلُ مِنْهُ الْمُدَافَعَةَ وَ الْمُطَاوَلَةَ أَظْهَرَ لَهُ مَا فِی نَفْسِهِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ مِنْ قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَالْعَجَبُ مِنِ اسْتِسْقَاطِكَ رَأْیِی وَ الطَّمَعِ فِی أَنْ تَسُومَنِی لَا أَبَا لِغَیْرِكَ الْخُرُوجَ مِنْ طَاعَةِ أَوْلَی النَّاسِ بِالْأَمْرِ وَ أَقْوَلِهِمْ بِالْحَقِّ وَ أَهْدَاهُمْ سَبِیلًا وَ أَقْرَبِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَسِیلَةً وَ تَأْمُرُنِی بِالدُّخُولِ فِی طَاعَتِكَ طَاعَةِ أَبْعَدِ النَّاسِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ أَقْوَلِهِمْ بِالزُّورِ وَ أَضَلِّهِمْ سَبِیلًا وَ أَدْنَاهُمْ (1)مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَسِیلَةً وَ لَدَیْكَ قَوْمٌ ضَالُّونَ مُضِلُّونَ طَوَاغِیتُ مِنْ طَوَاغِیتِ إِبْلِیسَ وَ أَمَّا قَوْلُكَ أَنَّكَ تَمْلَأُ عَلَیَّ مِصْرَ خَیْلًا وَ رِجَالًا فَلَئِنْ لَمْ أَشْغَلْكَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّی یَكُونَ مِنْكَ أَنَّكَ ذُو جِدٍّ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا أَتَی مُعَاوِیَةَ كِتَابُ قَیْسٍ آیَسَ مِنْهُ وَ ثَقُلَ مَكَانُهُ عَلَیْهِ وَ كَانَ أَنْ یَكُونَ مَكَانَهُ غَیْرُهُ أَعْجَبَ إِلَیْهِ لِمَا یَعْلَمُ مِنْ قُوَّتِهِ وَ بَأْسِهِ وَ نَجْدَتِهِ فَاشْتَدَّ أَمْرُهُ عَلَی مُعَاوِیَةَ فَأَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّ قَیْساً قَدْ بَایَعَكُمْ فَادْعُوا اللَّهَ لَهُ وَ قَرَأَ عَلَیْهِمْ كِتَابَهُ الَّذِی لَانَ

ص: 537


1- 1 كذا فی أصلی و فی شرح نهج البلاغة: و أدناهم. و فی طبعة سابقة: و أنآهم. و فی الغارات و الطبریّ: و أبعدهم.

فِیهِ وَ قَارَبَهُ وَ اخْتَلَقَ كِتَاباً نَسَبَهُ إِلَی قَیْسٍ فَقَرَأَهُ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ فَشَاعَ فِی الشَّامِ كُلِّهَا أَنَّ قَیْساً صَالَحَ مُعَاوِیَةَ وَ أَتَتْ عُیُونُ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَیْهِ بِذَلِكَ فَأَعْظَمَهُ وَ أَكْبَرَهُ وَ تَعَجَّبَ لَهُ وَ دَعَا ابْنَیْهِ حَسَناً وَ حُسَیْناً وَ ابْنَهُ مُحَمَّداً وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ وَ قَالَ مَا رَأْیُكُمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ دَعْ مَا یُرِیبُكَ إِلَی مَا لَا یُرِیبُكَ اعْزِلْ قَیْساً مِنْ مِصْرَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ إِنِّی غَیْرُ مُصَدِّقٍ بِهَذَا عَلَی قَیْسٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ اعْزِلْهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنْ كَانَ حَقّاً مَا قَدْ قِیلَ لَا یَعْتَزِلُكَ إِنْ عَزَلْتَهُ قَالَ فَإِنَّهُمْ لَكَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ وَ فِیهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَكْرَمَكَ اللَّهُ وَ أَعَزَّكَ أَنَّ قِبَلِی رِجَالًا مُعْتَزِلِینَ سَأَلُونِی أَنْ أَكُفَّ عَنْهُمْ وَ أَدَعَهُمْ عَلَی حَالِهِمْ حَتَّی یَسْتَقِیمَ أَمْرُ النَّاسِ وَ تَرَی وَ یَرَوْنَ وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أَكُفَّ عَنْهُمْ وَ لَا أَعْجَلَ بِحَرْبِهِمْ وَ أَنْ أَتَأَلَّفَهُمْ فِیمَا بَیْنَ ذَلِكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُقْبِلَ بِقُلُوبِهِمْ وَ یُفَرِّقَهُمْ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ السَّلَامُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّكَ إِنْ أَطَعْتَهُ فِی تَرْكِهِمْ وَ اعْتِزَالِهِمْ اسْتَسْرَی الْأَمْرُ وَ تَفَاقَمَتِ الْفِتْنَةُ وَ قَعَدَ عَنْ بَیْعَتِكَ كَثِیرٌ مِمَّنْ تُرِیدُهُ عَلَی الدُّخُولِ فِیهَا وَ لَكِنْ مُرْهُ بِقِتَالِهِمْ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَسِرْ إِلَی الْقَوْمِ الَّذِینَ ذَكَرْتَ فَإِنْ دَخَلُوا فِیمَا دَخَلَ فِیهِ الْمُسْلِمُونَ وَ إِلَّا فَنَاجِزْهُمْ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا أَتَی هَذَا الْكِتَابُ قَیْساً فَقَرَأَهُ لَمْ یَتَمَالَكْ أَنْ كَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَالْعَجَبُ لَكَ تَأْمُرُنِی بِقِتَالِ قَوْمٍ كَافِّینَ عَنْكَ لَمْ یُمِدُّوا یَداً لِلْفِتْنَةِ وَ لَا أَرْصَدُوا لَهَا فَأَطِعْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ كُفَّ عَنْهُمْ فَإِنَّ الرَّأْیَ تَرْكُهُمْ وَ السَّلَامُ فَلَمَّا أَتَاهُ الْكِتَابُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ابْعَثْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ إِلَی مِصْرَ وَ اعْزِلْ قَیْساً فَبَلَغَنِی وَ اللَّهِ أَنَّ قَیْساً یَقُولُ إِنَّ سُلْطَاناً لَا یَتِمُّ إِلَّا بِقَتْلِ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ لَسُلْطَانُ سَوْءٍ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِی سُلْطَانَ الشَّامِ مَعَ سُلْطَانِ مِصْرَ وَ أَنِّی قَتَلْتُ ابْنَ مَخْلَدٍ

ص: 538

وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَخَا مُحَمَّدٍ لِأُمِّهِ وَ كَانَ یُحِبُّ أَنْ یَكُونَ لَهُ إِمْرَةٌ وَ سُلْطَانٌ فَاسْتَعْمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ عَلَی مِصْرَ لِمَحَبَّتِهِ لَهُ وَ لِهَوَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَخِیهِ فِیهِ وَ كَتَبَ مَعَهُ كِتَاباً إِلَی أَهْلِ مِصْرَ فَسَارَ حَتَّی قَدِمَهَا فَقَالَ لَهُ قَیْسٌ مَا بَالُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا غَیَّرَهُ فَغَضِبَ وَ خَرَجَ عَنْهَا مُقْبِلًا إِلَی الْمَدِینَةِ وَ لَمْ یَمْضِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْكُوفَةِ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِینَةَ جَاءَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَامِتاً بِهِ وَ كَانَ عُثْمَانِیّاً فَقَالَ لَهُ نَزَعَكَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدْ قَتَلْتَ عُثْمَانَ فَبَقِیَ عَلَیْكَ الْإِثْمُ وَ لَمْ یُحْسِنْ لَكَ الشُّكْرَ فَزَجَرَهُ قَیْسٌ وَ قَالَ یَا أَعْمَی الْقَلْبِ یَا أَعْمَی الْبَصَرِ وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ أُلْقِیَ بَیْنِی وَ بَیْنَ رَهْطِكَ حَرْباً لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ إِنَّ قَیْساً وَ سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ خَرَجَا حَتَّی قَدِمَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام الْكُوفَةَ فَخَبَّرَهُ قَیْسٌ الْخَبَرَ وَ مَا كَانَ بِمِصْرَ فَصَدَّقَهُ وَ شَهِدَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام بِصِفِّینَ هُوَ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ وَ كَانَ قَیْسٌ طُوَالًا أَطْوَلَ النَّاسِ وَ أَمَدَّهُمْ قَامَةً وَ كَانَ سِنَاطاً (1)أَصْلَعَ شُجَاعاً مُجَرَّباً مُنَاصِحاً لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ لِوُلْدِهِ وَ لَمْ یَزَلْ عَلَی ذَلِكَ إِلَی أَنْ مَاتَ أَقُولُ هَذِهِ الْأَخْبَارُ مُخْتَصَرٌ مِمَّا وَجَدْتُهُ فِی كِتَابِ الْغَارَاتِ وَ قَالَ فِیهِ وَ كَانَ قَیْسٌ عَامِلًا لِعَلِیٍّ علیه السلام عَلَی مِصْرَ فَجَعَلَ مُعَاوِیَةُ یَقُولُ لَا تَسُبُّوا قَیْساً فَإِنَّهُ مَعَنَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِیّاً فَعَزَلَهُ وَ أَتَی الْمَدِینَةَ فَجَعَلَ النَّاسُ یُغْرُونَهُ وَ یَقُولُونَ لَهُ نَصَحْتَ فَعَزَلَكَ فَلَحِقَ بِعَلِیٍّ علیه السلام وَ بَایَعَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً عَلَی الْمَوْتِ بَعْدَ مَا أُصِیبَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ صَالَحَ الْحَسَنُ مُعَاوِیَةَ (2)فَقَالَ لَهُمْ قَیْسٌ إِنْ شِئْتُمْ دَخَلْتُمْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ فَبَایَعَهُ مَنْ مَعَهُ إِلَّا خثیمة [خَیْثَمَةَ] الضَّبِّیَ

ص: 539


1- 1 السناط- بكسر السین و ضمه-: الكوسج الذی لا لحیة له أصلا، أو الخفیف العارض و لم یبلغ حدّ الكوسج أو من لحیته فی الذقن و ما بالعارض شی ء.
2- 2 ما بین المعقوفین زیادة یستدعیها السیاق. و فی الأصل: و أصیب علیا.

- وَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ- كَانَ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ مَعَهُ خَمْسَةُ آلَافٍ قَدْ حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ.

أَقُولُ وَجَدْتُ فِی بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ عَزْلَ قَیْسٍ عَنْ مِصْرَ مِمَّا غَلَبَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَصْحَابُهُ وَ اضْطَرُّوهُ إِلَی ذَلِكَ وَ لَمْ یَكُنْ هَذَا رَأْیَهُ كَالتَّحْكِیمِ وَ لَعَلَّهُ أَظْهَرُ وَ أَصْوَبُ (1)

ثُمَّ قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ كَانَ عَهْدُ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ هَذَا مَا عَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ أَمَرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ خَوْفِ اللَّهِ تَعَالَی فِی الْمَغِیبِ وَ الْمَشْهَدِ وَ أَمَرَهُ بِاللِّینِ عَلَی الْمُسْلِمِ وَ الْغِلْظَةِ عَلَی الْفَاجِرِ وَ بِالْعَدْلِ عَلَی أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ بِالْإِنْصَافِ لِلْمَظْلُومِ وَ بِالشِّدَّةِ عَلَی الظَّالِمِ وَ بِالْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ وَ بِالْإِحْسَانِ مَا اسْتَطَاعَ وَ اللَّهُ یَجْزِی الْمُحْسِنِینَ وَ یُعَذِّبُ الْمُجْرِمِینَ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَدْعُوَ مَنْ قِبَلَهُ إِلَی الطَّاعَةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ لَهُمْ فِی ذَلِكَ فِی الْعَافِیَةِ وَ عِظَمِ الْمَثُوبَةِ مَا لَا یُقْدَرُ قَدَرُهُ وَ لَا یُعْرَفُ كُنْهُهُ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَجْبِیَ خَرَاجَ الْأَرْضِ عَلَی مَا كَانَتْ تُجْبَی عَلَیْهِ مِنْ قَبْلُ لَا یُنْتَقَصُ وَ لَا یُبْتَدَعُ ثُمَّ یَقْسِمَهُ بَیْنَ أَهْلِهِ كَمَا كَانُوا یَقْسِمُونَهُ عَلَیْهِ مِنْ قَبْلُ وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ حَاجَةٌ وَ أَمَرَهُ أَنْ یُلِینَ لَهُمْ جَنَاحَهُ وَ أَنْ یُوَاسِیَ بَیْنَهُمْ فِی مَجْلِسِهِ وَ وَجْهِهِ لِیَكُونَ الْقَرِیبُ وَ الْبَعِیدُ عِنْدَهُ فِی الْحَقِّ سَوَاءً وَ أَمَرَهُ أَنْ یَحْكُمَ بَیْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ أَنْ یَقُومَ بِالْقِسْطِ وَ أَنْ لَا یَتَّبِعَ الْهَوَی وَ أَنْ لَا یَخَافَ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ مَنِ

ص: 540


1- 1 720-أقول: و بمثل ما أفاده قدّس سرّه رواه ابن سیرین كما رواه بسنده عنه البلاذری فی الحدیث: 466 من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج 1، ص 407، و فی ط 1: ج 2 ص 405 ط بیروت. و رواه أیضا ابن أبی شیبة المتوفی عام: 230 فی كتاب المصنّف: ج 11/ الورق 205/ ب/.

اتَّقَاهُ وَ آثَرَ طَاعَتَهُ وَ أَمَرَهُ عَلَی مَنْ سِوَاهُ وَ كَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ مَوْلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِغُرَّةِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ- أَقُولُ رَوَی الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ شُعْبَةَ فِی تُحَفِ الْعُقُولِ هَذَا الْعَهْدَ نَحْواً مِمَّا ذُكِرَ (1)ثُمَّ قَالَ إِبْرَاهِیمُ ثُمَّ قَامَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدَانَا وَ إِیَّاكُمْ لِمَا اخْتُلِفَ فِیهِ مِنَ الْحَقِّ وَ بَصَّرَنَا وَ إِیَّاكُمْ كَثِیراً مِمَّا عَمِیَ عَنْهُ الْجَاهِلُونَ أَلَا وَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَلَّانِی أُمُورَكُمْ وَ عَهِدَ إِلَیَّ بِمَا سَمِعْتُمْ وَ أَوْصَانِی بِكَثِیرٍ مِنْهُ مُشَافَهَةً وَ لَنْ آلُوكُمْ جُهْداً مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِیقِی إِلَّا بِاللَّهِ عَلَیْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَیْهِ أُنِیبُ فَإِنْ یَكُنْ مَا تَرَوْنَ مِنْ آثَارِی وَ أَعْمَالِی طَاعَةً لِلَّهِ وَ تَقْوًی فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَی مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ هُوَ الْهَادِی إِلَیْهِ وَ إِنْ رَأَیْتُمْ مِنْ ذَلِكَ عَمَلًا بِغَیْرِ الْحَقِّ فَارْفَعُوهُ إِلَیَّ وَ عَاتِبُونِی عَلَیْهِ فَإِنِّی بِذَلِكَ أَسْعَدُ وَ أَنْتُمْ بِذَلِكَ مَأْجُورُونَ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ لِصَالِحِ الْعَمَلِ قَالَ وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ بِمِصْرَ عَامِلُهَا یَسْأَلُهُ جَوَامِعَ مِنَ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ وَ السُّنَنِ وَ الْمَوَاعِظِ فَكَتَبَ إِلَیْهِ لِعَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنْ رَأَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَرَانَا اللَّهُ وَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ فِیهِ أَفْضَلَ سُرُورِنَا وَ أَمَلَنَا فِیهِ أَنْ یَكْتُبَ لَنَا كِتَاباً فِیهِ فَرَائِضُ وَ أَشْیَاءُ مِمَّا یُبْتَلَی بِهِ مِثْلِی مِنَ الْقَضَاءِ بَیْنَ النَّاسِ فَعَلَ فَإِنَّ اللَّهَ یُعْظِمُ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ الْأَجْرَ وَ یُحْسِنُ لَهُ الذُّخْرَ

ص: 541


1- 1 و هذا رواه الشیخ المفید رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 2 من المجلس: 31 من أمالیه ص 159. و رواه أیضا الشیخ الطوسیّ رضوان اللّٰه علیه فی الحدیث الأخیر من المجلس الأول من أمالیه ص 16، و فی ط بیروت ص 24.

فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ أَهْلِ مِصْرَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ إِلَیَّ كِتَابُكَ فَقَرَأْتُهُ وَ فَهِمْتُ مَا سَأَلْتَنِی عَنْهُ فَأَعْجَبَنِی اهْتِمَامُكَ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ مَا لَا یُصْلِحُ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُهُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّ الَّذِی دَعَاكَ إِلَیْهِ نِیَّةٌ صَالِحَةٌ وَ رَأْیٌ غَیْرُ مَدْخُولٍ وَ لَا خَسِیسٍ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكَ أَبْوَابَ الْأَقْضِیَةِ جَامِعاً لَكَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بِمَا سَأَلَهُ عَنْهُ مِنَ الْقَضَاءِ وَ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ الْحِسَابِ وَ صِفَةِ الْجَنَّةِ وَ النَّارِ وَ كَتَبَ فِی الْإِمَامَةِ وَ كَتَبَ فِی الْوُضُوءِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی الْأَدَبِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی الِاعْتِكَافِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی الزَّنَادِقَةِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی نَصْرَانِیٍّ فَجَرَ بِمُسْلِمَةٍ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ فِی أَشْیَاءَ كَثِیرَةٍ لَمْ نَحْفَظْ مِنْهَا غَیْرَ هَذِهِ الْخِصَالِ وَ حَدَّثَنَا بِبَعْضِ مَا كَتَبَ إِلَیْهِ.

قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ حَدَّثَنِی یَحْیَی بْنُ صَالِحٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ خَالِدٍ الْأَسَدِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبَایَةَ قَالَ: كَتَبَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی أَهْلِ مِصْرَ لَمَّا بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ إِلَیْهِمْ كِتَاباً یُخَاطِبُهُمْ بِهِ وَ یُخَاطِبُ مُحَمَّداً أَیْضاً فِیهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فِی سِرِّ أَمْرِكُمْ وَ عَلَانِیَتِهِ وَ عَلَی أَیِّ حَالٍ كُنْتُمْ عَلَیْهَا وَ لِیَعْلَمَ الْمَرْءُ مِنْكُمْ أَنَّ الدُّنْیَا دَارُ بَلَاءٍ وَ فَنَاءٍ وَ الْآخِرَةُ دَارُ جَزَاءٍ وَ بَقَاءٍ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ یُؤْثِرَ مَا یَبْقَی عَلَی مَا یَفْنَی فَلْیَفْعَلْ فَإِنَّ الْآخِرَةَ تَبْقَی وَ الدُّنْیَا تَفْنَی رَزَقَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ تَبَصُّراً بَصَراً لِمَا بَصَّرَنَا وَ فَهْماً لِمَا فَهَّمَنَا حَتَّی لَا نُقَصِّرَ فِیمَا أَمَرَنَا وَ لَا نَتَعَدَّی إِلَی مَا نَهَانَا وَ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدُ أَنَّكَ وَ إِنْ كُنْتَ مُحْتَاجاً إِلَی نَصِیبِكَ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا أَنَّكَ إِلَی نَصِیبِكَ مِنَ الْآخِرَةِ أَحْوَجُ فَإِنْ عَرَضَ لَكَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لِلْآخِرَةِ وَ الْآخَرُ لِلدُّنْیَا فَابْدَأْ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَ لْتَعْظُمْ رَغْبَتُكَ فِی الْخَیْرِ وَ لْتَحْسُنْ فِیهِ نِیَّتُكَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُعْطِی الْعَبْدَ عَلَی قَدْرِ نِیَّتِهِ وَ إِذَا أَحَبَّ الْخَیْرَ وَ أَهْلَهُ وَ لَمْ یَعْمَلْهُ كَانَ إِنْ شَاءَ

ص: 542

اللَّهُ كَمَنْ عَمِلَهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ حِینَ رَجَعَ مِنْ تَبُوكَ إِنَّ بِالْمَدِینَةِ لَأَقْوَاماً مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِیرٍ وَ لَا هَبَطْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ مَا حَبَسَهُمْ إِلَّا الْمَرَضُ یَقُولُ كَانَتْ لَهُمْ نِیَّةٌ ثُمَّ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدُ إِنِّی وَلَّیْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادِی أَهْلَ مِصْرَ وَ إِذْ وَلَّیْتُكَ مَا وَلَّیْتُكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فَإِنَّكَ مَحْقُوقٌ أَنْ تَخَافَ فِیهِ عَلَی نَفْسِكَ وَ تَحْذَرَ فِیهِ عَلَی دِینِكَ وَ لَوْ كَانَ سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُسْخِطَ رَبَّكَ لِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَافْعَلْ فَإِنَّ فِی اللَّهِ خَلَفاً مِنْ غَیْرِهِ وَ لَیْسَ فِی شَیْ ءٍ غَیْرِهِ خَلَفٌ مِنْهُ فَاشْتَدَّ عَلَی الظَّالِمِ وَ لِنْ لِأَهْلِ الْخَیْرِ وَ قَرِّبْهُمْ إِلَیْكَ وَ اجْعَلْهُمْ بِطَانَتَكَ وَ إِخْوَانَكَ وَ السَّلَامُ.

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ كَتَبَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ مِصْرَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْعَمَلِ بِمَا أَنْتُمْ عَنْهُ مَسْئُولُونَ فَأَنْتُمْ بِهِ رَهْنٌ وَ أَنْتُمْ إِلَیْهِ صَائِرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِینَةٌ وَ قَالَ وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَی اللَّهِ الْمَصِیرُ وَ قَالَ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ عَمَّا كانُوا یَعْمَلُونَ فَاعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ سَائِلُكُمْ عَنِ الصَّغِیرِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَ الْكَبِیرِ فَإِنْ یُعَذِّبْ فَنَحْنُ الظَّالِمُونَ وَ إِنْ یَغْفِرْ وَ یَرْحَمْ فَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ أَقْرَبَ مَا یَكُونُ الْعَبْدُ إِلَی الرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ حِینَ مَا یَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ مُنَاصَحَتِهِ فِی التَّوْبَةِ فَعَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ مِنَ الْخَیْرِ مَا لَا یَجْمَعُ غَیْرُهَا وَ یُدْرَكُ بِهَا مِنَ الْخَیْرِ مَا لَا یُدْرَكُ بِغَیْرِهَا خَیْرُ الدُّنْیَا وَ خَیْرُ الْآخِرَةِ یَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ قِیلَ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَیْراً لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَیْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِینَ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ یَعْمَلُ لِثَلَاثٍ إِمَّا لِخَیْرِ الدُّنْیَا فَإِنَّ اللَّهَ یُثِیبُهُ بِعَمَلِهِ فِی الدُّنْیَا قَالَ اللَّهُ وَ آتَیْناهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیا وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ فَمَنْ عَمِلَ لِلَّهِ تَعَالَی

ص: 543

أَعْطَاهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ كَفَاهُ الْمُهِمَّ فِیهِمَا وَ قَدْ قَالَ تَعَالَی یا عِبادِ الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما یُوَفَّی الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَیْرِ حِسابٍ فَمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیَا لَمْ یُحَاسِبْهُمْ بِهِ فِی الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا الْحُسْنی وَ زِیادَةٌ فَالْحُسْنَی الْجَنَّةُ وَ الزِّیَادَةُ الدُّنْیَا وَ إِمَّا لِخَیْرِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ یُكَفِّرُ عَنْهُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَیِّئَةً یَقُولُ إِنَّ الْحَسَناتِ یُذْهِبْنَ السَّیِّئاتِ ذلِكَ ذِكْری لِلذَّاكِرِینَ حَتَّی إِذَا كَانَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ حُسِبَتْ لَهُمْ حَسَنَاتُهُمْ وَ أُعْطُوا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلَی سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ فَهُوَ الَّذِی یَقُولُ جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً وَ یَقُولُ عَزَّ وَ جَلَّ فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَ هُمْ فِی الْغُرُفاتِ آمِنُونَ فَارْغَبُوا فِیهِ وَ اعْمَلُوا بِهِ وَ تَحَاضُّوا عَلَیْهِ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُؤْمِنِینَ الْمُتَّقِینَ قَدْ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الْخَیْرِ وَ آجِلِهِ شَرِكُوا أَهْلَ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ وَ لَمْ یُشَارِكْهُمْ أَهْلُ الدُّنْیَا فِی آخِرَتِهِمْ یَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِیَ لِلَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا خالِصَةً یَوْمَ الْقِیامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ سَكَنُوا الدُّنْیَا بِأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ وَ أَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتْ شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ فَأَكَلُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَأْكُلُونَ وَ شَرِبُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَشْرَبُونَ وَ لَبِسُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَلْبَسُونَ وَ سَكَنُوا بِأَفْضَلِ مَا یَسْكُنُونَ وَ تَزَوَّجُوا بِأَفْضَلِ مَا یَتَزَوَّجُونَ وَ رَكِبُوا مِنْ أَفْضَلِ مَا یَرْكَبُونَ أَصَابُوا لَذَّةَ الدُّنْیَا مَعَ أَهْلِ الدُّنْیَا وَ تَیَقَّنُوا أَنَّهُمْ غَداً مِنْ جِیرَانِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ یَتَمَنَّوْنَ عَلَیْهِ مَا یُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ وَ لَا یُنْقَصُ لَهُمْ لَذَّةٌ أَمَا فِی هَذَا مَا یَشْتَاقُ إِلَیْهِ مَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ إِنِ اتَّقَیْتُمْ رَبَّكُمُ وَ حَفِظْتُمْ نَبِیَّكُمْ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ فَقَدْ عَبَدْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا عُبِدَ وَ ذَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا ذُكِرَ وَ شَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا شُكِرَ وَ أَخَذْتُمْ بِأَفْضَلِ الصَّبْرِ وَ جَاهَدْتُمْ بِأَفْضَلِ الْجِهَادِ وَ إِنْ كَانَ غَیْرُكُمْ أَطْوَلَ صَلَاةً

ص: 544

مِنْكُمْ وَ أَكْثَرَ صِیَاماً إِذَا كُنْتُمْ أَتْقَی لِلَّهِ وَ أَنْصَحَ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَخْشَعَ وَ احْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ الْمَوْتَ وَ نُزُولَهُ وَ خُذُوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّهُ یَدْخُلُ بِأَمْرٍ عَظِیمٍ خَیْرٌ لَا یَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ أَبَداً أَوْ شَرٌّ لَا یَكُونُ مَعَهُ خَیْرٌ أَبَداً فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَی الْجَنَّةِ مِنْ عَامِلِهَا وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ یُفَارِقُ رُوحُهُ جَسَدَهُ حَتَّی یَعْلَمَ إِلَی أَیِّ الْمَنْزِلَتَیْنِ یَصِیرُ إِلَی الْجَنَّةِ أَمْ إِلَی النَّارِ أَ عَدُوٌّ هُوَ لِلَّهِ أَمْ وَلِیٌّ لَهُ فَإِنْ كَانَ وَلِیّاً فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَ شُرِّعَ لَهُ طَرِیقُهَا وَ نَظَرَ إِلَی مَا أَعَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَوْلِیَائِهِ فِیهَا وَ فَرَغَ مِنْ كُلِّ شُغُلٍ وَ وُضِعَ عَنْهُ كُلُّ ثَقَلٍ وَ إِنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ النَّارِ وَ سُهِّلَ لَهُ طَرِیقُهَا وَ نَظَرَ إِلَی مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِیهَا لِأَهْلِهَا وَ اسْتَقْبَلَ كُلَّ مَكْرُوهٍ وَ فَارَقَ كُلَّ سُرُورٍ قَالَ تَعَالَی الَّذِینَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِی أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلی إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها فَلَبِئْسَ مَثْوَی الْمُتَكَبِّرِینَ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمَوْتَ لَیْسَ مِنْهُ فَوْتٌ فَاحْذَرُوهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّكُمْ طُرَدَاءُ الْمَوْتِ إِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ هَرَبْتُمْ أَدْرَكَكُمْ وَ هُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیكُمْ وَ الدُّنْیَا تُطْوَی مِنْ خَلْفِكُمْ فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ عِنْدَ مَا تُنَازِعُكُمْ إِلَیْهِ أَنْفُسُكُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّهُ كَفَی بِالْمَوْتِ وَاعِظاً وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ هَادِمُ اللَّذَّاتِ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ لِمَنْ لَا یَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ وَ یَرْحَمُهُ وَ احْذَرُوا الْقَبْرَ وَ ضَمَّتَهُ وَ ضِیقَهُ وَ ظُلْمَتَهُ فَإِنَّهُ الَّذِی یَتَكَلَّمُ كُلَّ یَوْمٍ یَقُولُ أَنَا بَیْتُ التُّرَابِ وَ أَنَا بَیْتُ الْغُرْبَةِ وَ أَنَا بَیْتُ الدُّودِ وَ الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِیَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا مَاتَ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَرْحَباً وَ أَهْلًا قَدْ كُنْتَ مِمَّنْ أُحِبُّ أَنْ

ص: 545

تَمْشِیَ عَلَی ظَهْرِی فَإِذَا وَلَیْتُكَ فَسَتَعْلَمُ كَیْفَ صُنْعِی بِكَ فَیَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ وَ إِذَا دُفِنَ الْكَافِرُ قَالَتْ لَهُ الْأَرْضُ لَا مَرْحَباً وَ لَا أَهْلًا قَدْ كُنْتَ مِمَّنْ أُبْغِضُ أَنْ تَمْشِیَ عَلَی ظَهْرِی فَإِذَا وَلَیْتُكَ فَسَتَعْلَمُ كَیْفَ صُنْعِی بِكَ فَتَنْضَمُّ عَلَیْهِ حَتَّی تَلْتَقِیَ أَضْلَاعُهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَعِیشَةَ الضَّنْكَ الَّتِی قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنْكاً هِیَ عَذَابُ الْقَبْرِ وَ أَنَّهُ یُسَلَّطُ عَلَی الْكَافِرِ فِی قَبْرِهِ حَیَّاتٌ تِسْعَةً وَ تِسْعِینَ تِنِّیناً عِظَامٌ تَنْهَشُ لَحْمَهُ حَتَّی یُبْعَثَ لَوْ أَنَّ تِنِّیناً مِنْهَا نَفَخَ فِی الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتِ الزَّرْعُ رَیْعَهَا أَبَداً وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ أَنْفُسَكُمْ وَ أَجْسَادَكُمُ الرَّقِیقَةَ النَّاعِمَةَ الَّتِی یَكْفِیهَا الْیَسِیرُ مِنَ الْعِقَابِ ضَعِیفَةٌ عَنْ هَذَا فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَرْحَمُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَجْسَادَكُمْ عَمَّا لَا طَاقَةَ لَكُمْ بِهِ وَ لَا صَبْرَ عَلَیْهِ فَتَعْمَلُوا بِمَا أَحَبَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَتْرُكُوا مَا كَرِهَ فَافْعَلُوا وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْقَبْرِ أَشَدُّ مِنَ الْقَبْرِ یَوْمٌ یَشِیبُ فِیهِ الصَّغِیرُ وَ یَسْكَرُ فِیهِ الْكَبِیرُ وَ یَسْقُطُ فِیهِ الْجَنِینُ وَ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ احْذَرُوا یَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِیراً ... كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِیراً أَمَا إِنَّ شَرَّ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ فَزَعَهُ اسْتَطَارَ حَتَّی فَزِعَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِینَ لَیْسَتْ لَهُمْ ذُنُوبٌ وَ السَّبْعُ الشِّدَادُ وَ الْجِبَالُ الْأَوْتَادُ وَ الْأَرَضُونَ الْمِهَادُ وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِیَ یَوْمَئِذٍ واهِیَةٌ وَ تَتَغَیَّرُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ وَ تَكُونُ الْجِبَالُ سَرَاباً مَهِیلًا بَعْدَ مَا كَانَتْ صُمّاً صِلَاباً یَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ فَكَیْفَ مَنْ یَعْصِیهِ بِالسَّمْعِ وَ الْبَصَرِ وَ اللِّسَانِ وَ الْیَدِ وَ الرِّجْلِ وَ الْفَرْجِ وَ الْبَطْنِ إِنْ لَمْ یَغْفِرِ اللَّهُ وَ یَرْحَمْ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْیَوْمِ أَشَدُّ وَ أَدْهَی عَلَی مَنْ لَمْ یَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ نَارٌ قَعْرُهَا بَعِیدٌ وَ حَرُّهَا شَدِیدٌ وَ عَذَابُهَا جَدِیدٌ وَ مَقَامِعُهَا حَدِیدٌ وَ شَرَابُهَا صَدِیدٌ لَا یَفْتُرُ عَذَابُهَا وَ لَا یَمُوتُ سَاكِنُهَا دَارٌ لَیْسَتْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِیهَا

ص: 546

رَحْمَةٌ وَ لَا یُسْمَعُ فِیهَا دَعْوَةٌ: وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ مَعَ هَذَا رَحْمَةَ اللَّهِ الَّتِی وَسِعَتْ كُلَّ شَیْ ءٍ* لَا تَعْجِزُ عَنِ الْعِبَادِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ خَیْرٌ لَا یَكُونُ بَعْدَهُ شَرٌّ أَبَداً وَ شَهْوَةٌ لَا تَنْفَدُ أَبَداً وَ لَذَّةٌ لَا تَفْنَی أَبَداً وَ مَجْمَعٌ لَا یَتَفَرَّقُ أَبَداً قَوْمٌ قَدْ جَاوَرُوا الرَّحْمَنَ وَ قَامَ بَیْنَ أَیْدِیهِمُ الْغِلْمَانُ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ فِیهَا الْفَاكِهَةُ وَ الرَّیْحَانُ فَقَالَ رَجُلٌ (1)یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی أُحِبُّ الْخَیْلَ فَهَلْ فِی الْجَنَّةِ خَیْلٌ قَالَ نَعَمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ فِیهَا خَیْلًا مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ عَلَیْهَا یَرْكَبُونَ فَتَدُفُّ بِهِمْ خِلَالَ وَرَقِ الْجَنَّةِ فَقَالَ رَجُلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّی یُعْجِبُنِی الصَّوْتُ الْحَسَنُ أَ فِی الْجَنَّةِ الصَّوْتُ الْحَسَنُ قَالَ نَعَمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ اللَّهَ لَیَأْمُرُ لِمَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ بِشَجَرٍ یُسْمِعُهُ صَوْتاً بِالتَّسْبِیحِ مَا سَمِعَتِ الْآذَانُ بِأَحْسَنَ مِنْهُ قَطُّ فَقَالَ رَجُلٌ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی أُحِبُّ الْإِبِلَ أَ فِی الْجَنَّةِ إِبِلٌ قَالَ نَعَمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ فِیهَا نَجَائِبَ مِنْ یَاقُوتٍ أَحْمَرَ عَلَیْهَا رِحَالُ الذَّهَبِ قَدْ أُلْحِفَتْ بِنَمَارِقِ الدِّیبَاجِ یَرْكَبُونَ فَتُزَفُّ بِهِمْ خِلَالَ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ إِنَّ فِیهَا صُوَرَ رِجَالٍ وَ نِسَاءٍ یَرْكَبُونَ مَرَاكِبَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا أَعْجَبَ أَحَدَهُمُ الصُّورَةُ قَالَ اجْعَلْ صُورَتِی مِثْلَ هَذِهِ الصُّورَةِ فَیُجْعَلُ صُورَتُهُ عَلَیْهَا وَ إِذَا أَعْجَبَتْهُ صُورَةُ الْمَرْأَةِ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ صُورَةَ فُلَانَةَ زَوْجَتِهِ مِثْلَ هَذِهِ الصُّورَةِ فَیَرْجِعُ وَ قَدْ صَارَتْ صُورَةُ زَوْجَتِهِ عَلَی مَا اشْتَهَی وَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ یَزُورُونَ الْجَبَّارَ سُبْحَانَهُ فِی كُلِّ جُمُعَةٍ فَیَكُونُ أَقْرَبَهُمْ مِنْهُ عَلَی مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وَ الَّذِینَ یَلُونَهُمْ عَلَی مَنَابِرَ مِنْ یَاقُوتٍ وَ الَّذِینَ یَلُونَهُمْ عَلَی مَنَابِرَ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَ الَّذِینَ یَلُونَهُمْ عَلَی مَنَابِرَ مِنْ مِسْكٍ فَبَیْنَا هُمْ كَذَلِكَ یَنْظُرُونَ إِلَی نُورِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ (2)

ص: 547


1- 1 و فی هامش هذا المقام من البحار للمصنف كلام هذا نصه: من قوله علیه السلام: «فقال رجل» إلی قوله: «علی ما اشتهی» لم یكن فی كتاب ابن أبی الحدید، و لعله اسقطه لما فیه من التشویش و عدم الانطباق.
2- 2 من قوله: «إن أهل الجنة- إلی قوله؛- ینظرون إلی نور اللّٰه جلّ جلاله» غیر موجود فی روایة الشیخ المفید و لا فی روایة ابن أبی الحدید، فإن نهض سند الحدیث لاثباته و ثبت صدوره عن أمیر المؤمنین علیه السلام لا بدّ من تأویله كما ذكروه فی قوله تعالی: وُجُوهٌ یَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلی رَبِّها ناظِرَةٌ و ذلك للأدلة العقیلة و الأخبار المتواترة عن أهل بیته صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم علی استحالة رؤیة اللّٰه تعالی.

وَ یَنْظُرُ اللَّهُ فِی وُجُوهِهِمْ إِذْ أَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ تَغْشَاهُمْ فَتَمْطُرُ عَلَیْهِمْ مِنَ النِّعْمَةِ وَ اللَّذَّةِ وَ السُّرُورِ وَ الْبَهْجَةِ مَا لَا یَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ مَعَ هَذَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ رِضْوَانُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ أَمَا إِنَّا لَوْ لَمْ نُخَوَّفْ إِلَّا بِبَعْضِ مَا خُوِّفْنَا بِهِ لَكُنَّا مَحْقُوقِینَ أَنْ یَشْتَدَّ خَوْفُنَا مِمَّا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَ لَا صَبْرَ لِقُوَّتِنَا عَلَیْهِ وَ أَنْ یَشْتَدَّ شَوْقُنَا إِلَی مَا لَا غَنَاءَ لَنَا عَنْهُ وَ لَا بُدَّ لَنَا مِنْهُ وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ عِبَادَ اللَّهِ أَنْ یَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ یَحْسُنَ بِهِ ظَنُّكُمْ فَافْعَلُوهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا تَكُونُ طَاعَتُهُ عَلَی قَدْرِ خَوْفِهِ وَ إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ لِلَّهِ طَاعَةً أَشَدُّهُمْ لَهُ خَوْفاً وَ انْظُرْ یَا مُحَمَّدُ صَلَاتُكَ كَیْفَ تُصَلِّیهَا فَإِنَّمَا أَنْتَ إِمَامٌ یَنْبَغِی لَكَ أَنْ تُتِمَّهَا وَ أَنْ تُخَفِّفَهَا وَ أَنْ تُصَلِّیَهَا لِوَقْتِهَا فَإِنَّهُ لَیْسَ مِنْ إِمَامٍ یُصَلِّی بِقَوْمٍ فَیَكُونُ فِی صَلَاتِهِ وَ صَلَاتِهِمْ نَقْصٌ إِلَّا كَانَ إِثْمُ ذَلِكَ عَلَیْهِ وَ لَا یَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ صَلَاتِهِمْ شَیْئاً وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ مِنْ عَمَلِكَ یَتْبَعُ صَلَاتَكَ فَمَنْ ضَیَّعَ الصَّلَاةَ فَهُوَ لِغَیْرِهَا أَشَدُّ تَضْیِیعاً وَ وُضُوؤُكَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ فَأْتِ بِهَا عَلَی وَجْهِهِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ نِصْفُ الْإِیمَانِ وَ انْظُرْ صَلَاةَ الظُّهْرِ فَصَلِّهَا لِوَقْتِهَا لَا تَعْجَلْ بِهَا عَنِ الْوَقْتِ لِفَرَاغٍ وَ لَا تُؤَخِّرْهَا عَنِ الْوَقْتِ لِشُغُلٍ فَإِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَتَانِی جَبْرَئِیلُ فَأَرَانِی وَقْتَ الصَّلَاةِ فَصَلَّی الظُّهْرَ حِینَ زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّی الْعَصْرَ وَ هِیَ بَیْضَاءُ نَقِیَّةٌ ثُمَّ صَلَّی الْمَغْرِبَ حِینَ غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّی الْعِشَاءَ حِینَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ صَلَّی الصُّبْحَ فَأَغْلَسَ بِهَا وَ النُّجُومُ مُشْتَبِكَةٌ كَانَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله كَذَا یُصَلِّی قَبْلَكَ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَنْ تَلْتَزِمَ السُّنَّةَ الْمَعْرُوفَةَ وَ تَسْلُكَ الطَّرِیقَ الْوَاضِحَ الَّذِی أَخَذَهُ وَ لَعَلَّكَ تَقْدَمُ عَلَیْهِمْ غَداً

ص: 548

ثُمَّ انْظُرْ رُكُوعَكَ وَ سُجُودَكَ فَإِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله كَانَ أَتَمَّ النَّاسِ صَلَاةً وَ أَحْفَظَهُمْ لَهَا وَ كَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْعَظِیمِ وَ بِحَمْدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ إِذَا رَفَعَ صُلْبَهُ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ مِلْ ءَ سَمَاوَاتِكَ وَ مِلْ ءَ أَرْضِكَ وَ مِلْ ءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَیْ ءٍ فَإِذَا سَجَدَ قَالَ سُبْحَانَ رَبِّیَ الْأَعْلَی وَ بِحَمْدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذِی یَرَی وَ لَا یُرَی وَ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَی أَنْ یَجْعَلَنَا وَ إِیَّاكَ مِمَّنْ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ یَرْضَاهُ حَتَّی یَبْعَثَنَا عَلَی شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ وَ حُسْنِ عِبَادَتِهِ وَ أَدَاءِ حَقِّهِ وَ عَلَی كُلِّ شَیْ ءٍ اخْتَارَهُ لَنَا فِی دُنْیَانَا وَ دِینِنَا وَ أُولَانَا وَ أُخْرَانَا وَ أَنْ یَجْعَلَنَا مِنَ الْمُتَّقِینَ الَّذِینَ لا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ یَا أَهْلَ مِصْرَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَنْ تُصَدِّقَ أَقْوَالَكُمْ أَفْعَالُكُمُ وَ أَنْ یَتَوَافَقَ سِرُّكُمْ وَ عَلَانِیَتُكُمْ وَ لَا تُخَالِفَ أَلْسِنَتَكُمْ قُلُوبُكُمْ فَافْعَلُوا عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِالْهُدَی وَ سَلَكَ بِنَا وَ بِكُمُ الْمَحَجَّةَ الْعُظْمَی (1)وَ إِیَّاكُمْ دَعْوَةَ الْكَذَّابِ ابْنِ هِنْدٍ وَ تَأَمَّلُوا وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا سَوَاءَ إِمَامُ الْهُدَی وَ إِمَامُ الرَّدَی وَ وَصِیُّ النَّبِیِّ علیهما السلام وَ عَدُوُّ النَّبِیِّ جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ مِمَّنْ یُحِبُّ وَ یَرْضَی لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنِّی لَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی مُؤْمِناً وَ لَا مُشْرِكاً أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَیَمْنَعُهُ اللَّهُ بِإِیمَانِهِ وَ أَمَّا الْمُشْرِكُ فَیُخْزِیهِ اللَّهُ بِشِرْكِهِ وَ لَكِنِّی أَخَافُ عَلَیْكُمْ (2)كُلَّ مُنَافِقٍ عَالِمِ اللِّسَانِ یَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ وَ یَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَاتُهُ وَ سَاءَتْهُ سَیِّئَاتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ حَقّاً وَ قَدْ كَانَ یَقُولُ خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِی مُنَافِقٍ حُسْنُ سَمْتٍ وَ [لا] فِقْهٌ فِی سُنَّةٍ وَ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدُ أَنَّ أَفْضَلَ الْفِقْهِ الْوَرَعُ فِی دِینِ اللَّهِ وَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ أَعَانَنَا

ص: 549


1- 1 كذا فی أصلی، و فی شرح ابن أبی الحدید: «المحجة الوسطی ...».
2- 2 كذا فی الأصل، و فی شرح ابن أبی الحدید: «علیهم».

اللَّهُ وَ إِیَّاكَ عَلَی شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ وَ أَدَاءِ حَقِّهِ وَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ فَعَلَیْكَ بِالتَّقْوَی فِی سِرِّ أَمْرِكَ وَ عَلَانِیَتِهِ وَ عَلَی أَیِّ حَالٍ كُنْتَ عَلَیْهَا جَعَلَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ مِنَ الْمُتَّقِینَ أُوصِیكَ بِسَبْعٍ هُنَّ جَوَامِعُ الْإِسْلَامِ اخْشَ اللَّهَ وَ لَا تَخْشَ النَّاسَ فِی اللَّهِ وَ خَیْرُ الْقَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الْعَمَلُ وَ لَا تَقْضِ فِی أَمْرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَیْنِ مُخْتَلِفَیْنِ فَیَتَنَاقَضَ أَمْرُكَ وَ یَزِیغَ عَنِ الْحَقِّ وَ أَحِبَّ لِعَامَّةِ رَعِیَّتِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ الْزَمِ الْحُجَّةَ عِنْدَ اللَّهِ فَأَصْلِحْ أَحْوَالَ رَعِیَّتِكَ وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ وَ لَا تَخَفْ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ انْصَحْ لِمَنِ اسْتَشَارَكَ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ أُسْوَةً لَقَرِیبِ الْمُسْلِمِینَ وَ بَعِیدِهِمْ وَ عَلَیْكَ بِالصَّوْمِ وَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَكَفَ عَاماً فِی الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ عَكَفَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ فِی الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّالِثُ رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ وَ قَضَی اعْتِكَافَهُ فَنَامَ فَرَأَی فِی مَنَامِهِ لَیْلَةَ الْقَدْرِ فِی الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ كَأَنَّهُ یَجِدُ (1)فِی مَاءٍ وَ طِینٍ فَلَمَّا اسْتَیْقَظَ رَجَعَ مِنْ لَیْلَتِهِ إِلَی أَزْوَاجِهِ وَ أُنَاسٌ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ إِنَّهُمْ مُطِرُوا لَیْلَةَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِینَ فَصَلَّی النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ أَصْبَحَ فرأی [فَرُئِیَ] فِی وَجْهِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله الطِّینُ فَلَمْ یَزَلْ یَعْتَكِفُ فِی الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّی تَوَفَّاهُ اللَّهُ وَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ صَامَ سِتَّةَ أَیَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ جَعَلَ اللَّهُ خُلَّتَنَا وَ وُدَّنَا خُلَّةَ الْمُتَّقِینَ وَ وُدَّ الْمُخْلَصِینَ وَ جَمَعَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ فِی دَارِ الرِّضْوَانِ إِخْواناً عَلی سُرُرٍ مُتَقابِلِینَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ إِبْرَاهِیمُ حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی سَیْفٍ عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّ عَلِیّاً لَمَّا كَتَبَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ هَذَا الْكِتَابَ كَانَ یَنْظُرُ فِیهِ وَ یَتَأَدَّبُ بِهِ فَلَمَّا ظَهَرَ عَلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ قَتَلَهُ أَخَذَ كُتُبَهُ أَجْمَعَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَكَانَ مُعَاوِیَةُ یَنْظُرُ فِی هَذَا الْكِتَابِ وَ یَتَعَجَّبُ مِنْهُ فَقَالَ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ قَدْ رَأَی إِعْجَابَهُ بِهِ مُرْ بِهَذِهِ الْأَحَادِیثِ أَنْ تُحْرَقَ

ص: 550


1- 1 و فی الغارات ط 1: یسجد.

فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَهْ فَإِنَّهُ لَا رَأْیَ لَكَ فَقَالَ الْوَلِیدُ أَ فَمِنَ الرَّأْیِ أَنْ یَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ أَحَادِیثَ أَبِی تُرَابٍ عِنْدَكَ تَتَعَلَّمُ مِنْهَا قَالَ مُعَاوِیَةُ وَیْحَكَ أَ تَأْمُرُنِی أَنْ أُحْرِقَ عِلْماً مِثْلَ هَذَا وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِعِلْمٍ هُوَ أَجْمَعُ مِنْهُ وَ لَا أَحْكَمُ فَقَالَ الْوَلِیدُ إِنْ كُنْتَ تَعْجَبُ مِنْ عِلْمِهِ وَ قَضَائِهِ فَعَلَامَ تُقَاتِلُهُ فَقَالَ لَوْ لَا أَنَّ أَبَا تُرَابٍ قَتَلَ عُثْمَانَ ثُمَّ أَفْنَانَا لَأَخَذْنَا عَنْهُ ثُمَّ سَكَتَ هُنَیْئَةً ثُمَّ نَظَرَ إِلَی جُلَسَائِهِ فَقَالَ أَلَا لَا نَقُولُ إِنَّ هَذِهِ مِنْ كُتُبِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ لَكِنْ نَقُولُ هَذِهِ مِنْ كُتُبِ أَبِی بَكْرٍ كَانَتْ عِنْدَ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ فَنَحْنُ نَنْظُرُ فِیهَا وَ نَأْخُذُ مِنْهَا قَالَ فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْكُتُبُ فِی خَزَائِنِ بَنِی أُمَیَّةَ حَتَّی وَلِیَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِیزِ فَهُوَ الَّذِی أَظْهَرَ أَنَّهَا مِنْ أَحَادِیثِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَلَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً علیه السلام أَنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ صَارَ إِلَی مُعَاوِیَةَ اشْتَدَّ عَلَیْهِ حُزْناً.

وَ رُوِیَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: صَلَّی بِنَا عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:

لَقَدْ عَثَرْتُ عَثْرَةً لَا أَعْتَذِرُ*** سَوْفَ أَكِیسُ بَعْدَهَا وَ أَسْتَمِرُّ

وَ أَجْمَعُ الْأَمْرَ الشَّتِیتَ الْمُنْتَشِرَ

فَقُلْنَا مَا بَالُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ إِنِّی اسْتَعْمَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ عَلَی مِصْرَ فَكَتَبَ إِلَیَّ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لِی بِالسُّنَّةِ فَكَتَبْتُ إِلَیْهِ كِتَاباً فِیهِ أَدَبٌ وَ سُنَّةٌ فَقُتِلَ وَ أُخِذَ الْكِتَابُ قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَلَمْ یَلْبَثْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ شَهْراً كَامِلًا حَتَّی بَعَثَ إِلَی أُولَئِكَ الْمُعْتَزِلِینَ الَّذِینَ كَانَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ مُوَادِعاً لَهُمْ فَقَالَ یَا هَؤُلَاءِ إِمَّا أَنْ تَدْخُلُوا فِی طَاعَتِنَا وَ إِمَّا أَنْ تَخْرُجُوا مِنْ بِلَادِنَا فَبَعَثُوا إِلَیْهِ أَنَّا لَا نَفْعَلُ فَدَعْنَا حَتَّی نَنْظُرَ إِلَی مَا یَصِیرُ أَمْرُ النَّاسِ فَلَا تَعْجَلْ عَلَیْنَا فَأَبَی عَلَیْهِمْ فَامْتَنَعُوا مِنْهُ وَ أَخَذُوا حِذْرَهُمْ ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ صِفِّینَ وَ هُمْ لِمُحَمَّدٍ هَائِبُونَ فَلَمَّا أَتَاهُمْ خَبَرُ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ صَارَ الْأَمْرُ إِلَی الْحُكُومَةِ وَ أَنَّ عَلِیّاً وَ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَدْ قَفَلُوا عَنْ مُعَاوِیَةَ وَ الشَّامِ إِلَی عِرَاقِهِمْ اجْتَرَءُوا عَلَی مُحَمَّدٍ وَ أَظْهَرُوا الْمُنَابَذَةَ لَهُ فَلَمَّا رَأَی مُحَمَّدٌ

ص: 551

ذَلِكَ بَعَثَ إِلَیْهِمُ ابْنَ جَمْهَانَ الْبَلَوِیَّ وَ مَعَهُ یَزِیدُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنَانِیُّ فَقَاتَلَاهُمْ فَقَتَلُوهُمَا ثُمَّ بَعَثَ إِلَیْهِمْ رَجُلًا مِنْ كَلْبٍ فَقَتَلُوهُ أَیْضاً وَ خَرَجَ مُعَاوِیَةُ بْنُ خَدِیجٍ مِنَ السَّكَاسِكِ یَدْعُو إِلَی الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَأَجَابَهُ الْقَوْمُ وَ أُنَاسٌ كَثِیرٌ آخَرُونَ وَ فَسَدَتْ مِصْرُ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ فَبَلَغَ عَلِیّاً علیه السلام تَوَثُّبُهُمْ عَلَیْهِ فَقَالَ مَا أَرَی لِمِصْرَ إِلَّا أَحَدَ الرَّجُلَیْنِ صَاحِبَنَا الَّذِی عَزَلْنَاهُ بِالْأَمْسِ یَعْنِی قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ أَوْ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ وَ كَانَ عَلِیٌّ حِینَ رَجَعَ عَنْ صِفِّینَ رَدَّ الْأَشْتَرَ إِلَی عَمَلِهِ بِالْجَزِیرَةِ وَ قَالَ لِقَیْسِ بْنِ سَعْدٍ أَقِمْ أَنْتَ مَعِی عَلَی شُرْطَتِی حَتَّی نَفْرُغَ مِنْ أَمْرِ هَذِهِ الْحُكُومَةِ ثُمَّ اخْرُجْ إِلَی أَذْرَبِیجَانَ فَكَانَ قَیْسٌ مُقِیماً عَلَی شُرْطَتِهِ فَلَمَّا انْقَضَی أَمْرُ الْحُكُومَةِ كَتَبَ علیه السلام إِلَی الْأَشْتَرِ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ بِنَصِیبِینَ كِتَاباً وَ طَلَبَهُ.

أقول: لما روی المفید رحمه اللّٰه فی المجالس (1)هذه القصة و هذا الكتاب قریبا مما أورده أخرجته منه لكونه أبسط و أوثق إلا أن فی روایة الثقفی أن بعث الأشتر كان قبل شهادة محمد.

«721»- قَالَ الْمُفِیدُ أَخْبَرَنِی الْكَاتِبُ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الضَّحَّاكِ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: لَمَّا وَرَدَ الْخَبَرُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِمَقْتَلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَی مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَشْتَرِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ كَانَ مُقِیماً بِنَصِیبِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَی إِقَامَةِ الدِّینِ وَ أَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ الْأَثِیمِ وَ أَسُدُّ بِهِ الثَّغْرَ الْمَخُوفَ وَ قَدْ كُنْتُ وَلَّیْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ (2)مِصْرَ فَخَرَجَ عَلَیْهِ خَوَارِجُ وَ كَانَ حَدَثاً لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحُرُوبِ فَاسْتُشْهِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَاقْدَمْ عَلَیَّ لِنَنْظُرَ

ص: 552


1- 1 المعروف بالأمالی ذكر القصة فی الحدیث: 4 من المجلس التاسع منه ص 56 ط النجف. و القصة رواها الطبریّ من طریق أبی مخنف فی حوادث سنة: 38 من تاریخه: ج 4 ص 71.
2- 2 جملة: «فاستشهد رحمه اللّٰه» أقحمت فی الحدیث سهوا من الراوی أو الكاتب لقیام القرائن القطعیة علی أن بعث الأشتر رفع اللّٰه مقامه كان قبل استشهاد محمّد بن أبی بكر رضوان اللّٰه علیه.

فِی أَمْرِ مِصْرَ وَ اسْتَخْلِفْ عَلَی عَمَلِكَ أَهْلَ الثِّقَةِ وَ النَّصِیحَةِ مِنْ أَصْحَابِكَ فَاسْتَخْلَفَ مَالِكٌ عَلَی عَمَلِهِ شَبِیبَ بْنَ عَامِرٍ الْأَزْدِیَّ وَ أَقْبَلَ حَتَّی وَرَدَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَحَدَّثَهُ حَدِیثَ مِصْرَ وَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَهْلِهَا وَ قَالَ لَهُ لَیْسَ لِهَذَا الْوَجْهِ غَیْرُكَ فَاخْرُجْ فَإِنِّی إِنْ لَمْ أُوصِكَ اكْتَفَیْتُ بِرَأْیِكَ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَی مَا أَهَمَّكَ وَ اخْلِطِ الشِّدَّةَ بِاللِّینِ وَ ارْفُقْ مَا كَانَ الرِّفْقُ أَبْلَغَ وَ اعْتَزِمْ عَلَی الشِّدَّةِ مَتَی لَمْ یُغْنِ عَنْكَ إِلَّا الشِّدَّةُ قَالَ فَخَرَجَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ فَأَتَی رَحْلَهُ وَ تَهَیَّأَ لِلْخُرُوجِ إِلَی مِصْرَ وَ قَدَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَمَامَهُ كِتَاباً إِلَی أَهْلِ مِصْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ أَسْأَلُهُ الصَّلَاةَ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ إِنِّی قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَا یَنَامُ أَیَّامَ الْخَوْفِ وَ لَا یَنْكُلُ عَنِ الْأَعْدَاءِ حَذَرَ الدَّوَائِرِ مِنْ أَشَدِّ عَبِیدِ اللَّهِ بَأْساً وَ أَكْرَمِهِمْ حَسَباً أَضَرَّ عَلَی الْفُجَّارِ مِنْ حَرِیقِ النَّارِ وَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ دَنَسٍ أَوْ عَارٍ وَ هُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ لَا نَابِی الضَّرِیبَةِ وَ لَا كَلِیلُ الْحَدِّ حَلِیمٌ فِی الْحَذَرِ رَزِینٌ فِی الْحَرْبِ ذُو رَأْیٍ أَصِیلٍ وَ صَبْرٍ جَمِیلٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِیعُوا أَمْرَهُ فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالنَّفِیرِ فَانْفِرُوا وَ إِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِیمُوا فَأَقِیمُوا فَإِنَّهُ لَا یُقْدِمُ وَ لَا یُحْجِمُ إِلَّا بِأَمْرِی فَقَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَی نَفْسِی نَصِیحَةً لَكُمْ وَ شِدَّةً شَكِیمَةً عَلَی عَدُوِّكُمْ عَصَمَكُمُ اللَّهُ بِالْهُدَی وَ ثَبَّتَكُمْ بِالتَّقْوَی وَ وَفَّقَنَا وَ إِیَّاكُمْ لِمَا یُحِبُّ وَ یَرْضَی وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ لَمَّا تَهَیَّأَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ لِلرَّحِیلِ إِلَی مِصْرَ كَتَبَ عُیُونُ مُعَاوِیَةَ بِالْعِرَاقِ إِلَیْهِ یَرْفَعُونَ خَبَرَهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَدْ كَانَ طَمِعَ فِی مِصْرَ فَعَلِمَ أَنَّ الْأَشْتَرَ إِنْ قَدِمَهَا فَاتَتْهُ وَ كَانَ أَشَدَّ عَلَیْهِ مِنِ ابْنِ أَبِی بَكْرٍ فَبَعَثَ إِلَی دِهْقَانٍ مِنْ أَهْلِ

ص: 553

الْخَرَاجِ بِالْقُلْزُمِ أَنَّ عَلِیّاً قَدْ بَعَثَ بِالْأَشْتَرِ إِلَی مِصْرَ وَ إِنْ كَفَیْتَنِیهِ سَوَّغْتُكَ خَرَاجَ نَاحِیَتِكَ مَا بَقِیتَ فَاحْتَلْ فِی قَتْلِهِ بِمَا قَدَرْتَ عَلَیْهِ ثُمَّ جَمَعَ مُعَاوِیَةُ أَهْلَ الشَّامِ وَ قَالَ لَهُمْ إِنَّ عَلِیّاً قَدْ بَعَثَ بِالْأَشْتَرِ إِلَی مِصْرَ فَهَلُمُّوا نَدْعُو اللَّهَ عَلَیْهِ یَكْفِینَا أَمْرَهُ ثُمَّ دَعَا وَ دَعَوْا مَعَهُ وَ خَرَجَ الْأَشْتَرُ حَتَّی أَتَی الْقُلْزُمَ فَاسْتَقْبَلَهُ ذَلِكَ الدِّهْقَانُ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ وَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ وَ لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ عَلَیَّ حَقٌّ فِی ارْتِفَاعِ أَرْضِی فَانْزِلْ عَلَیَّ أُقِمْ بِأَمْرِكَ وَ أَمْرِ أَصْحَابِكَ وَ عَلَفِ دَوَابِّكُمْ وَ احْتَسِبْ بِذَلِكَ لِی مِنَ الْخَرَاجِ فَنَزَلَ عَلَیْهِ الْأَشْتَرُ فَأَقَامَ لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ بِمَا احْتَاجُوا إِلَیْهِ وَ حَمَلَ إِلَیْهِ طَعَاماً دَسَّ فِی جُمْلَتِهِ عَسَلًا جَعَلَ فِیهِ سَمّاً فَلَمَّا شَرِبَهُ الْأَشْتَرُ قَتَلَهُ وَ مَاتَ وَ بَلَغَ مُعَاوِیَةَ خَبَرُهُ فَجَمَعَ أَهْلَ الشَّامِ وَ قَالَ لَهُمْ أَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَجَابَ دُعَاءَكُمْ وَ كَفَاكُمُ الْأَشْتَرَ وَ أَمَاتَهُ فَسَرُّوا بِذَلِكَ وَ اسْتَبْشَرُوا بِهِ وَ لَمَّا بَلَغَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَفَاةُ الْأَشْتَرِ جَعَلَ یَتَلَهَّفُ وَ یَتَأَسَّفُ عَلَیْهِ وَ یَقُولُ لِلَّهِ دَرُّ مَالِكٍ لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ أَعْظَمَ أَرْكَانِهِ وَ لَوْ كَانَ مِنْ حَجَرٍ كَانَ صَلْداً أَمَا وَ اللَّهِ لَیَهُدَّنَّ مَوْتُكَ عَالَماً فَعَلَی مِثْلِكَ فَلْتَبْكِ الْبَوَاكِی ثُمَّ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ إِنِّی أَحْتَسِبُهُ عِنْدَكَ فَإِنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَصَائِبِ الدَّهْرِ فَرَحِمَ اللَّهُ مَالِكاً فَقَدْ وَفَی بِعَهْدِهِ وَ قَضی نَحْبَهُ وَ لَقِیَ رَبَّهُ مَعَ أَنَّا قَدْ وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا أَنْ نَصْبِرَ عَلَی كُلِّ مُصِیبَةٍ بَعْدَ مُصَابِنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهَا أَعْظَمُ الْمُصِیبَةِ.

أقول: و فی روایة الثقفی فی كتابه علیه السلام إلی الأشتر و هو غلام حدث السن و لیس فیه ذكر شهادة محمد فلا ینافی ما یظهر من روایته أن بعث الأشتر كان قبل شهادته و ما أورده السید من الاعتذار من محمد لبعث الأشتر یدل علی ذلك أیضا و هو أشهر عند أرباب التواریخ و لكن روایة الإختصاص (1)أیضا مؤیدة لهذه الروایة

ص: 554


1- 1 الآتیة فی الحدیث: 734 من هذا الباب، ص 306.

«722»-(1)رَجَعْنَا إِلَی رِوَایَةِ الثَّقَفِیِّ رَوَی بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَیْبٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ الْأَشْتَرِ بَعَثَ رَسُولًا یَتْبَعُهُ إِلَی مِصْرَ وَ أَمَرَهُ بِاغْتِیَالِهِ فَحَمَلَ مَعَهُ مِزْوَدَیْنِ فِیهِمَا شَرَابٌ فَاسْتَسْقَی الْأَشْتَرُ یَوْماً فَسَقَاهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَاسْتَسْقَی یَوْماً آخَرَ فَسَقَاهُ مِنَ الْآخَرِ وَ فِیهِ سَمٌّ فَشَرِبَهُ وَ مَالَ عُنُقُهُ فَطَلَبَ الرَّجُلَ فَفَاتَهُ وَ عَنْ مُغِیرَةَ الضَّبِّیِّ أَنَّ مُعَاوِیَةَ دَسَّ لِلْأَشْتَرِ مَوْلًی لِآلِ عُمَرَ فَلَمْ یَزَلِ الْمَوْلَی یَذْكُرُ لِلْأَشْتَرِ فَضْلَ عَلِیٍّ وَ بَنِی هَاشِمٍ حَتَّی اطْمَأَنَّ إِلَیْهِ فَقَدَّمَ الْأَشْتَرُ یَوْماً [ثم] [ثَقَلَهُ أَوْ تَقَدَّمَ ثَقَلَهُ] وَ اسْتَسْقَی مَاءً فَسَقَاهُ الْمَوْلَی شَرْبَةَ سَوِیقٍ فِیهَا سَمٌّ فَمَاتَ قَالَ وَ قَدْ كَانَ مُعَاوِیَةُ قَالَ لِأَهْلِ الشَّامِ لَمَّا دَسَّ لَهُ مَوْلَی عُمَرَ ادْعُوا عَلَی الْأَشْتَرِ فَدَعَوْا عَلَیْهِ فَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُهُ قَالَ أَ لَا تَرَوْنَ كَیْفَ اسْتُجِیبَ لَكُمْ وَ قَدْ رُوِیَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ أَنَّ الْأَشْتَرَ قُتِلَ بِمِصْرَ بَعْدَ قِتَالٍ شَدِیدٍ وَ الصَّحِیحُ أَنَّهُ سُقِیَ سَمّاً فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ یَبْلُغَ مِصْرَ وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِیِّ أَنَّ مُعَاوِیَةَ أَقْبَلَ یَقُولُ لِأَهْلِ الشَّامِ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِیّاً قَدْ وَجَّهَ الْأَشْتَرَ إِلَی مِصْرَ فَادْعُوا اللَّهَ أَنْ یَكْفِیَكُمْ فَكَانُوا یَدْعُونَ عَلَیْهِ فِی دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ وَ أَقْبَلَ الَّذِی سَقَاهُ السَّمَّ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَأَخْبَرَهُ بِهَلَاكِ الْأَشْتَرِ فَقَامَ مُعَاوِیَةُ لَعَنَهُ اللَّهُ خَطِیباً فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ كَانَ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ یَدَانِ یَمِینَانِ فَقُطِعَتْ إِحْدَاهُمَا یَوْمَ صِفِّینَ وَ هُوَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ قَدْ قُطِعَتِ الْأُخْرَی الْیَوْمَ وَ هُوَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ وَ قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَلَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً علیه السلام مَوْتُ الْأَشْتَرِ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَحْتَسِبُهُ عِنْدَكَ فَإِنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَصَائِبِ الدَّهْرِ ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مَالِكاً فَلَقَدْ وَفَی بِعَهْدِهِ وَ قَضی نَحْبَهُ وَ لَقِیَ رَبَّهُ مَعَ أَنَّا

ص: 555


1- 722- رواه مع التوالی الثقفی فی الحدیث: 116 و ما بعده من كتاب تلخیص الغارات: ج 1، ص 262، و ما بعدها.

قَدْ وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا أَنْ نَصْبِرَ عَلَی كُلِّ مُصِیبَةٍ بَعْدَ مُصَابِنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُصِیبَاتِ.

وَ عَنْ مُعَاوِیَةَ الضَّبِّیِّ قَالَ: لَمْ یَزَلْ أَمْرُ عَلِیٍّ علیه السلام شَدِیداً حَتَّی مَاتَ الْأَشْتَرُ وَ كَانَ الْأَشْتَرُ بِالْكُوفَةِ أَسْوَدَ مِنَ الْأَحْنَفِ بِالْبَصْرَةِ.

وَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَشْیَاخِ النَّخَعِ قَالُوا دَخَلْنَا عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ بَلَغَهُ مَوْتُ الْأَشْتَرِ فَوَجَدْنَاهُ یَتَلَهَّفُ وَ یَتَأَسَّفُ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ لِلَّهِ دَرُّ مَالِكٍ وَ مَا مَالِكٌ لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ فِنْداً وَ لَوْ كَانَ مِنْ حَجَرٍ لَكَانَ صَلْداً أَمَا وَ اللَّهِ لَیَهُدَّنَّ مَوْتُكَ عَالَماً وَ لَیُفْرِحَنَّ عَالَماً عَلَی مِثْلِ مَالِكٍ فَلْتَبْكِ الْبَوَاكِی وَ هَلْ مَرْجُوٌّ كَمَالِكٍ وَ هَلْ مَوْجُودٌ كَمَالِكٍ قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَیْسٍ النَّخَعِیُّ فَمَا زَالَ عَلِیٌّ یَتَلَهَّفُ وَ یَتَأَسَّفُ حَتَّی ظَنَنَّا أَنَّهُ الْمُصَابُ بِهِ دُونَنَا وَ عُرِفَ ذَلِكَ فِی وَجْهِهِ أَیَّاماً.

قَالَ إِبْرَاهِیمُ وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمَدَائِنِیِّ عَنْ رِجَالِهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَدْ وَجَّهَ الْأَشْتَرَ إِلَی مِصْرَ شَقَّ عَلَیْهِ فَكَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِ عِنْدَ مَهْلَكِ الْأَشْتَرِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی مَوْجِدَتُكَ مِنْ تَسْرِیحِ الْأَشْتَرِ إِلَی عَمَلِكَ وَ لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ عَنِ الْجِهَادِ وَ لَا اسْتِزَادَةً لَكَ مِنِّی فِی الْجِدِّ وَ لَوْ نَزَعْتُ مَا حَوَتْ یَدَاكَ مِنْ سُلْطَانِكَ لَوَلَّیْتُكَ مَا هُوَ أَیْسَرُ مَئُونَةً عَلَیْكَ وَ أَعْجَبُ وَلَایَةً إِلَیْكَ إِلَّا أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِی كُنْتُ وَلَّیْتُهُ مِصْرَ كَانَ رَجُلًا لَنَا مُنَاصِحاً وَ عَلَی عَدُوِّنَا شَدِیداً فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَیَّامَهُ وَ لَاقَی حِمَامَهُ وَ نَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ فَرَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَ ضَاعَفَ لَهُ الثَّوَابَ وَ أَحْسَنَ لَهُ الْمَآبَ فَأَصْحِرْ لِعَدُوِّكَ وَ شَمِّرْ لِلْحَرْبِ وَ ادْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ أَكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ وَ الِاسْتِعَانَةَ بِهِ وَ الْخَوْفَ مِنْهُ یَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ وَ یُعِنْكَ عَلَی مَا وَلَّاكَ أَعَانَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ عَلَی مَا لَا نَنَالُ إِلَّا بِرَحْمَتِهِ وَ السَّلَامُ (1)

ص: 556


1- 1 و رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 34 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة. و رواه الطبریّ مع أكثر ما یلیه فی حوادث سنة: 38 من تاریخه: ج 1، ص 3395، و فی ط: ج 4 ص 75 و فی ط: ج 5 ص 96.

فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ انْتَهَی إِلَیَّ كِتَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ فَهِمْتُهُ وَ عَرَفْتُ مَا فِیهِ وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَشَدَّ عَلَی عَدُوِّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا أَرَقَّ [لِوَلِیِّهِ مِنِّی وَ قَدْ] خَرَجْتُ فَعَسْكَرْتُ وَ أمنت [آمَنْتُ] النَّاسَ إِلَّا مَنْ نَصَبَ لَنَا حَرْباً وَ أَظْهَرَ لَنَا خِلَافاً وَ أَنَا مُتَّبِعٌ أَمْرَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ حَافِظُهُ وَ لَاجِئٌ إِلَیْهِ وَ قَائِمٌ بِهِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلَی كُلِّ حَالٍ وَ السَّلَامُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

وَ عَنْ أَبِی جَهْضَمٍ الْأَسَدِیِّ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمَّا انْصَرَفُوا عَنْ صِفِّینَ وَ أُتِیَ بِمُعَاوِیَةَ خَبَرُ الْحَكَمَیْنِ وَ بَایَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ بِالْخِلَافَةِ لَمْ یَزْدَدْ إِلَّا قُوَّةً وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ هَمٌّ إِلَّا مِصْرَ فَدَعَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ حَبِیبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ وَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَیْسٍ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ وَ شُرَحْبِیلَ بْنَ السِّمْطِ وَ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِیَّ وَ حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ فَاسْتَشَارَهُمْ فِی ذَلِكَ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ نِعْمَ الرَّأْیُ [مَا] رَأَیْتَ فِی افْتِتَاحِهَا عِزُّكَ وَ عَزُّ أَصْحَابِكَ وَ ذُلُّ عَدُوِّكَ وَ قَالَ آخَرُونَ نَرَی مَا رَأَی عَمْرٌو فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ الْأَنْصَارِیِّ وَ إِلَی مُعَاوِیَةَ [بْنِ] خَدِیجٍ الْكِنْدِیِّ وَ كَانَا قَدْ خَالَفَا عَلِیّاً علیه السلام فَدَعَاهُمَا إِلَی الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَأَجَابَا وَ كَتَبَا إِلَیْهِ عَجِّلْ إِلَیْنَا بِخَیْلِكَ وَ رَجِلِكَ فَإِنَّا نَنْصُرُكَ وَ یَفْتَحُ اللَّهُ عَلَیْكَ فَبَعَثَ مُعَاوِیَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِی سِتَّةِ آلَافٍ فَسَارَ عَمْرٌو فِی الْجَیْشِ حَتَّی دَنَا مِنْ مِصْرَ فَاجْتَمَعَتْ إِلَیْهِ الْعُثْمَانِیَّةُ فَأَقَامَ وَ كَتَبَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ أَمَّا بَعْدُ فَتَنَحَّ عَنِّی بِدَمِكَ یَا ابْنَ أَخِی فَإِنِّی لَا أُحِبُّ أَنْ یُصِیبَكَ مِنِّی ظَفَرٌ وَ إِنَّ النَّاسَ بِهَذِهِ الْبِلَادِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَی خِلَافِكَ وَ رَفْضِ أَمْرِكَ وَ نَدِمُوا عَلَی

ص: 557

اتِّبَاعِكَ وَ هُمْ مُسَلِّمُوكَ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ فَاخْرُجْ مِنْهَا إِنِّی لَكَ مِنَ النَّاصِحِینَ وَ السَّلَامُ قَالَ وَ بَعَثَ عَمْرٌو مَعَ هَذَا الْكِتَابِ كِتَابَ مُعَاوِیَةَ إِلَیْهِ وَ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ غِبَّ الظُّلْمِ وَ الْبَغْیِ عَظِیمُ الْوَبَالِ وَ إِنَّ سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ لَا یَسْلَمُ صَاحِبُهُ مِنَ النَّقِمَةِ فِی الدُّنْیَا وَ التَّبِعَةِ الْمُوبِقَةِ فِی الْآخِرَةِ وَ مَا نَعْلَمُ أَحَداً كَانَ أَعْظَمَ عَلَی عُثْمَانَ بَغْیاً وَ لَا أَسْوَأَ لَهُ عَیْباً وَ لَا أَشَدَّ عَلَیْهِ خِلَافاً مِنْكَ سَعَیْتَ عَلَیْهِ فِی السَّاعِینَ وَ سَاعَدْتَ عَلَیْهِ مَعَ الْمُسَاعِدِینَ وَ سَفَكْتَ دَمَهُ مَعَ السَّافِكِینَ ثُمَّ تَظُنُّ أَنِّی نَائِمٌ عَنْكَ فَأَتَیْتَ بَلْدَةً فَتَأْمَنُ فِیهَا وَ جُلُّ أَهْلِهَا أَنْصَارِی یَرَوْنَ رَأْیِی وَ یَرْفَعُونَ قَوْلَكَ وَ یَرْقُبُونَ عَلَیْكَ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكَ قَوْماً حِنَاقاً عَلَیْكَ یَسْتَسْفِكُونَ دَمَكَ وَ یَتَقَرَّبُونَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِجِهَادِكَ وَ قَدْ أَعْطَوُا اللَّهَ عَهْداً لَیَقْتُلُنَّكَ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ مِنْهُمْ إِلَیْكَ مَا قَالُوا لَقَتَلَكَ اللَّهُ بِأَیْدِیهِمْ أَوْ بِأَیْدِی غَیْرِهِمْ مِنْ أَوْلِیَائِهِ وَ أَنَا أُحَذِّرُكَ وَ أُنْذِرُكَ فَإِنَّ اللَّهَ مُقِیدٌ مِنْكَ وَ مُقْتَصُّ لِوَلِیِّهِ وَ خَلِیفَتِهِ بِظُلْمِكَ لَهُ وَ بَغْیِكَ عَلَیْهِ وَ وَقِیَعتِكَ فِیهِ وَ عُدْوَانِكَ یَوْمَ الدَّارِ عَلَیْهِ تَطْعُنُ بِمَشَاقِصِكَ فِیمَا بَیْنَ أَحْشَائِهِ وَ أَوْدَاجِهِ وَ مَعَ هَذَا إِنِّی أَكْرَهُ قَتْلَكَ وَ لَا أُحِبُّ أَنْ أَتَوَلَّی ذَلِكَ مِنْكَ وَ لَنْ یُسَلِّمُكَ اللَّهُ مِنَ النَّقِمَةِ أَیْنَ كُنْتَ أَبَداً فَتَنَحَّ وَ انْجُ بِنَفْسِكَ وَ السَّلَامُ قَالَ فَطَوَی مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ كِتَابَیْهِمَا وَ بَعَثَ بِهِمَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ كَتَبَ إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّ الْعَاصِیَ ابْنَ الْعَاصِ قَدْ نَزَلَ أَدَانِیَ مِصْرَ وَ اجْتَمَعَ عَلَیْهِ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ كُلُّ مَنْ كَانَ یَرَی رَأْیَهُمْ وَ هُوَ فِی جَیْشٍ جَرَّارٍ وَ قَدْ رَأَیْتُ مِمَّنْ قِبَلِی بَعْضَ الْفَشَلِ فَإِنْ كَانَ لَكَ فِی أَرْضِ مِصْرَ حَاجَةٌ فَامْدُدْنِی بِالْأَمْوَالِ وَ الرِّجَالِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی رَسُولُكَ بِكِتَابِكَ تَذْكُرُ أَنَّ ابْنَ الْعَاصِ قَدْ نَزَلَ أَدَانِیَ مِصْرَ فِی جَیْشٍ جَرَّارٍ وَ إِنَّ مَنْ كَانَ عَلَی مِثْلِ رَأْیِهِ قَدْ خَرَجَ إِلَیْهِ وَ خُرُوجُ مَنْ كَانَ عَلَی رَأْیِهِ خَیْرٌ لَكَ مِنْ إِقَامَتِهِ عِنْدَكَ

ص: 558

وَ ذَكَرْتَ أَنَّكَ قَدْ رَأَیْتَ مِمَّنْ قِبَلَكَ فَشَلًا فَلَا تَفْشَلْ وَ إِنْ فَشِلُوا حَصِّنْ قَرْیَتَكَ وَ اضْمُمْ إِلَیْكَ شِیعَتَكَ وَ أَوِّلِ الْحَرَسَ فِی عَسْكَرِكَ (1)وَ انْدُبْ إِلَی الْقَوْمِ كِنَانَةَ بْنَ بِشْرٍ الْمَعْرُوفَ بِالنَّصِیحَةِ وَ التَّجْرِبَةِ وَ الْبَأْسِ وَ أَنَا نَادِبٌ إِلَیْكَ النَّاسَ عَلَی الصَّعْبِ وَ الذَّلُولِ فَاصْبِرْ لِعَدُوِّكَ وَ امْضِ عَلَی بَصِیرَتِكَ وَ قَاتِلْهُمْ عَلَی نِیَّتِكَ وَ جَاهِدْهُمْ مُحْتَسِباً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِنْ كَانَ فِئَتُكُ أَقَلَّ الْفِئَتَیْنِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُعِینُ الْقَلِیلَ وَ یَخْذُلُ الْكَثِیرَ وَ قَدْ قَرَأْتُ كِتَابَ الْفَاجِرَیْنِ الْمُتَحَابَّیْنِ عَلَی الْمَعْصِیَةِ وَ الْمُتَلَائِمَیْنِ عَلَی الضَّلَالَةِ وَ الْمُرْتَبِئَیْنِ [الْمُرْتَشِیَیْنِ] فِی الْحُكُومَةِ وَ الْمُتَكَبِّرَیْنِ عَلَی أَهْلِ الدِّینِ الَّذِینَ اسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ بِخَلَاقِهِمْ فَلَا یَضُرَّنَّكَ إِرْعَادُهُمَا وَ إِبْرَاقُهُمَا وَ أَجِبْهُمَا إِنْ كُنْتَ لَمْ تُجِبْهُمَا بِمَا هُمَا أَهْلُهُ فَإِنَّكَ تَجِدُ مَقَالًا مَا شِئْتَ وَ السَّلَامُ:

قَالَ: فَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ جَوَابَ كِتَابِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ أَمْراً لَا أَعْتَذِرُ إِلَیْكَ مِنْهُ وَ تَأْمُرُنِی بِالتَّنَحِّی عَنْكَ كَأَنَّكَ لِی نَاصِحٌ وَ تُخَوِّفُنِی بِالْحَرْبِ كَأَنَّكَ عَلَیَّ شَفِیقٌ وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ الدَّائِرَةُ عَلَیْكُمْ وَ أَنْ یَخْذُلَكُمُ اللَّهُ فِی الْوَقْعَةِ وَ أَنْ یَنْزِلَ بِكُمُ الذُّلُّ وَ إِنْ تُوَلُّوا الدُّبُرَ فَإِنْ یَكُنْ لَكُمُ الْأَمْرُ فِی الدُّنْیَا فَكَمْ وَ كَمْ لَعَمْرِی مِنْ ظَالِمٍ قَدْ نَصَرْتُمْ وَ كَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ قَدْ قَتَلْتُمْ وَ مَثَّلْتُمْ بِهِ وَ إِلَی اللَّهِ الْمَصِیرُ وَ إِلَیْهِ تُرَدُّ الْأُمُورُ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلی ما تَصِفُونَ قَالَ وَ كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَوَابَ كِتَابِهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ وَ عَلِمْتُ مَا ذَكَرْتَ وَ زَعَمْتُ أَنَّكَ لَا تُحِبُّ أَنْ یُصِیبَنِی مِنْكَ ظَفَرٌ فَأَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُبْطِلِینَ وَ زَعَمْتَ أَنَّكَ لِی نَاصِحٌ وَ أُقْسِمُ أَنَّكَ عِنْدِی ظَنِینٌ وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ قَدْ رَفَضُونِی وَ نَدِمُوا عَلَی اتِّبَاعِی فَأُولَئِكَ حِزْبُكَ وَ حِزْبُ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ وَ تَوَكَّلْتُ عَلَی

ص: 559


1- كذا فی أصلی، و فی شرح ابن أبی الحدید: «و أذك الحرس فی عسكرك ...».

اللَّهِ الْعَزِیزِ الرَّحِیمِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ- قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمَدَائِنِیِّ قَالَ فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ یَقْصِدُ قَصْدَ مِصْرَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ فِی النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ یَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ فَإِنَّ الْقَوْمَ الَّذِینَ كَانُوا یَنْتَهِكُونَ الْحُرْمَةَ وَ یَغْشَوْنَ أَرْضَ الضَّلَالَةِ (1)قَدْ نَصَبُوا لَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَ سَارُوا إِلَیْكُمْ بِالْجُنُودِ فَمَنْ أَرَادَ الْجَنَّةَ وَ الْمَغْفِرَةَ فَلْیَخْرُجْ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَلْیُجَاهِدْهُمْ فِی اللَّهِ انْتَدِبُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَعَ كِنَانَةَ بْنِ بِشْرٍ وَ مَنْ یُجِیبُ مَعَهُ مِنْ كِنْدَةَ (2)ثُمَّ نَدَبَ مَعَهُ أَلْفَیْ رَجُلٍ وَ تَخَلَّفَ مُحَمَّدٌ فِی أَلْفَیْنِ وَ اسْتَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ كِنَانَةَ وَ هُوَ عَلَی مُقَدِّمَةِ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا دَنَا عَمْرٌو مِنْ كِنَانَةَ سَرَّحَ إِلَیْهِ الْكَتَائِبَ كَتِیبَةً بَعْدَ كَتِیبَةٍ فَلَمْ تَأْتِهِ كَتِیبَةٌ مِنْ كَتَائِبِ أَهْلِ الشَّامِ إِلَّا شَدَّ عَلَیْهَا بِمَنْ مَعَهُ فَیَضْرِبُهَا حَتَّی یُلْحِقَهَا بِعَمْرٍو فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً فَلَمَّا رَأَی عَمْرٌو ذَلِكَ بَعَثَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ خَدِیجٍ الْكِنْدِیِّ فَأَتَاهُ فِی مِثْلِ الدُّهْمِ (3)فَلَمَّا رَأَی كِنَانَةُ ذَلِكَ الْجَیْشَ نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ وَ نَزَلَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ فَضَارَبَهُمْ بِسَیْفِهِ وَ هُوَ یَقُولُ وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا فَلَمْ یَزَلْ یُضَارِبُهُمْ بِالسَّیْفِ حَتَّی اسْتُشْهِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمَّا قُتِلَ كِنَانَةُ أَقْبَلَ ابْنُ الْعَاصِ نَحْوَ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ فَمَضَی فِی طَرِیقٍ حَتَّی انْتَهَی إِلَی خَرِبَةٍ فَأَوَی إِلَیْهَا وَ جَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حَتَّی دَخَلَ الْفُسْطَاطَ

ص: 560


1- 1 كذا فی أصلی، و فی شرح ابن أبی الحدید: ج 2 ص 318 ط بیروت: «و یغشون الضلالة و یستطیلون بالجبریة قد نصبوا لكم العداوة ...».
2- 2 جملة «و من یجیب معه من كندة» غیر موجودة فی شرح ابن أبی الحدید، و كان فی أصلی وضع علیها علامة و لكن لم تكن واضحة.
3- 3 الدهم- كسهم-: العدد الكثیر الذی لكثرته یتبین سواده من البعید. و معاویة بن خدیج هذا من رجال البخاری و كثیر من أصحاب الصحاح الست.

وَ خَرَجَ ابْنُ خَدِیجٍ فِی طَلَبِ مُحَمَّدٍ حَتَّی انْتَهَی إِلَی عُلُوجٍ عَلَی قَارِعَةِ الطَّرِیقِ فَسَأَلَهُمْ هَلْ مَرَّ بِكُمْ أَحَدٌ تُنْكِرُونَهُ قَالُوا لَا قَالَ أَحَدُهُمْ إِنِّی دَخَلْتُ تِلْكَ الْخَرِبَةَ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَالِسٍ قَالَ ابْنُ خَدِیجٍ هُوَ هُوَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَانْطَلَقُوا یَرْكُضُونَ حَتَّی دَخَلُوا عَلَی مُحَمَّدٍ فَاسْتَخْرَجُوهُ وَ قَدْ كَادَ یَمُوتُ عَطَشاً فَأَقْبَلُوا بِهِ نَحْوَ الْفُسْطَاطِ فَوَثَبَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی بَكْرٍ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ كَانَ فِی جُنْدِهِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا یُقْتَلُ أَخِی صَبْراً ابْعَثْ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ خَدِیجٍ فَانْهَهُ عَنْ قَتْلِهِ فَأَرْسَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَنِ ائْتِنِی بِمُحَمَّدٍ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَ قَتَلْتُمْ كِنَانَةَ بْنَ بِشْرٍ ابْنَ عَمِّی وَ أُخَلِّی عَنْ مُحَمَّدٍ هَیْهَاتَ أَ كُفَّارُكُمْ خَیْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِی الزُّبُرِ فَقَالَ لَهُمْ مُحَمَّدٌ اسْقُونِی قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُ خَدِیجٍ لَا سَقَانِیَ اللَّهُ إِنْ سَقَیْتُكَ قَطْرَةً أَبَداً إِنَّكُمْ مَنَعْتُمْ عُثْمَانَ أَنْ یَشْرَبَ الْمَاءَ حَتَّی قَتَلْتُمُوهُ صَائِماً مُحْرِماً فَسَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِیقِ الْمَخْتُومِ وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّكَ یَا ابْنَ أَبِی بَكْرٍ وَ أَنْتَ ظَمْآنُ وَ یَسْقِیكَ اللَّهُ مِنَ الْحَمِیمِ وَ الْغِسْلِینِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ یَا ابْنَ الْیَهُودِیَّةِ النَّسَّاجَةِ لَیْسَ ذَلِكَ الْیَوْمُ إِلَیْكَ وَ لَا إِلَی عُثْمَانَ إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَی اللَّهِ یَسْقِی أَوْلِیَاءَهُ وَ یُظْمِئُ أَعْدَاءَهُ وَ هُمْ أَنْتَ وَ قُرَنَاؤُكَ وَ مَنْ تَوَلَّاكَ وَ تَوَلَّیْتَهُ وَ اللَّهِ لَوْ كَانَ سَیْفِی فِی یَدِی مَا بَلَغْتُمْ مِنِّی مَا بَلَغْتُمْ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ بْنُ خَدِیجٍ أَ تَدْرِی مَا أَصْنَعُ بِكَ أُدْخِلُكَ جَوْفَ هَذَا الْحِمَارِ الْمَیِّتِ ثُمَّ أُحْرِقُهُ عَلَیْكَ بِالنَّارِ قَالَ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بِی فَطَالَ مَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ هَذِهِ النَّارَ الَّتِی تُخَوِّفُنِی بِهَا بَرْداً وَ سَلَاماً كَمَا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَی إِبْرَاهِیمَ خَلِیلِهِ وَ أَنْ یَجْعَلَهَا عَلَیْكَ وَ عَلَی أَوْلِیَائِكَ كَمَا جَعَلَهَا عَلَی نُمْرُودَ وَ عَلَی أَوْلِیَائِهِ وَ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یُحْرِقَكَ اللَّهُ وَ إِمَامَكَ مُعَاوِیَةَ وَ هَذَا أَشَارَ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِنَارٍ تَلَظَّی عَلَیْكُمْ كُلَّما خَبَتْ زَادَهَا اللَّهُ عَلَیْكُمْ سَعِیراً فَقَالَ مُعَاوِیَةُ بْنُ خَدِیجٍ

ص: 561

إِنِّی لَا أَقْتُلُكَ ظُلْماً إِنَّمَا أَقْتُلُكَ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَ مَا أَنْتَ وَ رَجُلٌ عَمِلَ بِالْجَوْرِ وَ بَدَّلَ حُكْمَ اللَّهِ وَ الْقُرْآنَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ لَمْ یَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ وَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ فَنَقَمْنَا عَلَیْهِ أَشْیَاءَ عَمِلَهَا فَأَرَدْنَاهُ أَنْ یَخْتَلِعَ مِنْ عَمَلِنَا فَلَمْ یَفْعَلْ فَقَتَلَهُ مَنْ قَتَلَهُ مِنَ النَّاسِ فَغَضِبَ ابْنُ خَدِیجٍ فَقَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِی جَوْفِ حِمَارٍ وَ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ جَزِعَتْ عَلَیْهِ جَزَعاً شَدِیداً وَ قَنَتَتْ فِی دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَدْعُو عَلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ مُعَاوِیَةَ بْنِ خَدِیجٍ وَ قَبَضَتْ عِیَالَ مُحَمَّدٍ أَخِیهَا وَ وُلْدَهُ إِلَیْهَا فَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِی حَجْرِهَا: قَالَ وَ كَانَ ابْنُ خَدِیجٍ مَلْعُوناً خَبِیثاً یَسُبُّ عَلِیّاً علیه السلام فَقَدْ رُوِیَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِی عَوْفٍ قَالَ دَخَلَ مُعَاوِیَةُ بْنُ خَدِیجٍ عَلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام فِی مَسْجِدِ الْمَدِینَةِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ وَیْلَكَ یَا مُعَاوِیَةُ أَنْتَ الَّذِی تَسُبُّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیّاً أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ رَأَیْتَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ لَا أَظُنُّكَ تَرَاهُ لَتَرَیَنَّهُ كَاشِفاً عَنْ سَاقٍ یَضْرِبُ وُجُوهَ أَمْثَالِكَ عَنِ الْحَوْضِ ضَرْبَ غَرَائِبِ الْإِبِلِ (1)وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ حَلَفَتْ عَائِشَةُ أَنْ لَا تَأْكُلَ شِوَاءً أَبَداً بَعْدَ قَتْلِ مُحَمَّدٍ فَلَمْ تَأْكُلْ شِوَاءً حَتَّی لَحِقَتْ بِاللَّهِ وَ مَا عَثَرَتْ قَطُّ إِلَّا قَالَتْ تَعَسَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ خَدِیجٍ.

وَ یُرْوَی عَنْ كَثِیرٍ النَّوَّاءِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 562


1- 1 و للحدیث شواهد كثیرة و قد رواه الطبرانی فی ترجمة الامام الحسن تحت الرقم 2727 و 2758 من المعجم الكبیر ج 3 ص 82 و 94 ط بغداد. و رواه أیضا البلاذری فی الحدیث 9 من ترجمة الامام الحسن من أنساب الأشراف ج 3 ص 11 ط 1. و رواه أیضا الحاكم فی مناقب أمیر المؤمنین من المستدرك ج 3 ص 138. و رواه أیضا الهیتمی فی مجمع الزوائد ج 9 ص 130. و رواه أیضا ابن أبی الحدید فی شرح المختار 30 من الباب الثانی من شرحه ج 16 ص 18 ط مصر. و رواه أیضا الحافظ ابن عساكر بطرق فی ترجمة معاویة بن حدیج من تاریخ دمشق.

فِی غَزَاةٍ فَرَأَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَیْسٍ وَ هِیَ تَحْتَهُ كَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُتَخَضِّبٌ بِالْحِنَّاءِ رَأْسُهُ وَ لِحْیَتُهُ وَ عَلَیْهِ ثِیَابٌ بِیضٌ فَجَاءَتْ إِلَی عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَبَكَتْ عَائِشَةُ وَ قَالَتْ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْیَاكِ فَقَدْ قُتِلَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ خِضَابَهُ الدَّمُ وَ إِنَّ ثِیَابَهُ أَكْفَانُهُ فَدَخَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هِیَ كَذَلِكَ فَقَالَ مَا أَبْكَاهَا فَذَكَرُوا الرُّؤْیَا فَقَالَ علیه السلام لَیْسَ كَمَا عَبَّرَتْ عَائِشَةُ وَ لَكِنْ یَرْجِعُ أَبُو بَكْرٍ صَالِحاً فَتَحْمِلُ مِنْهُ أَسْمَاءُ بِغُلَامٍ تُسَمِّیهِ مُحَمَّداً یَجْعَلُهُ اللَّهُ غَیْظاً عَلَی الْكَافِرِینَ وَ الْمُنَافِقِینَ قَالَ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ علیه السلام.

وَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1)قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّی لَعِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام جَالِساً إِذْ جَاءَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ قُعَیْنٍ مِنْ قِبَلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ یَسْتَصْرِخُهُ قَبْلَ الْوَقْعَةِ فَقَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَنَادَی فِی النَّاسِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَصَلَّی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَهَذَا صَرِیخُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ إِخْوَانِكُمْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ سَارَ إِلَیْهِمُ ابْنُ النَّابِغَةِ عَدُوُّ اللَّهِ وَ عَدُوُّ مَنْ وَالاهُ وَ وَلِیُّ مَنْ عَادَی اللَّهَ فَلَا یَكُونَنَّ أَهْلُ الضَّلَالِ إِلَی بَاطِلِهِمْ وَ الرُّكُونِ إِلَی سَبِیلِ الطَّاغُوتِ أَشَدَّ اجْتِمَاعاً عَلَی بَاطِلِهِمْ مِنْكُمْ عَلَی حَقِّكُمْ فَكَأَنَّكُمْ بِهِمْ قَدْ بَدَءُوكُمْ وَ إِخْوَانَكُمْ بِالْغَزْوِ فَاعْجَلُوا إِلَیْهِمْ بِالْمُوَاسَاةِ وَ النَّصْرِ عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مِصْرَ أَعْظَمُ مِنَ الشَّامِ خَیْراً وَ خَیْرٌ أَهْلًا فَلَا تُغْلَبُوا عَلَی مِصْرَ فَإِنَّ بَقَاءَ مِصْرَ فِی أَیْدِیكُمْ عِزٌّ لَكُمْ وَ كَبْتٌ لِعَدُوِّكُمْ اخْرُجُوا إِلَی الْجَرَعَةِ وَ الْجَرَعَةُ بَیْنَ الْحِیرَةِ إِلَی الْكُوفَةِ لِنَتَوَافَی هُنَاكَ كُلُّنَا غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ خَرَجَ یَمْشِی فَنَزَلَهَا بُكْرَةً فَأَقَامَ بِهَا حَتَّی انْتَصَفَ النَّهَارُ فَلَمْ یُوَافِهِ مِائَةُ رَجُلٍ فَرَجَعَ فَلَمَّا كَانَ الْعَشِیُّ بَعَثَ إِلَی الْأَشْرَافِ فَجَمَعَهُمْ فَدَخَلُوا عَلَیْهِ الْقَصْرَ وَ هُوَ كَئِیبٌ حَزِینٌ فَقَالَ

ص: 563


1- 1- من هنا إلی قوله قال المدائنی ذكره الطبریّ عن أبی مخنف فی تاریخه ج 4 ص 79 و ما بعدها. و لیلاحظ ما ذكرناه فی ذیل المختار 285 و ما بعده من كتاب نهج السعادة ج 2 ص 472 و ما بعدها.

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا قَضَی مِنْ أَمْرٍ وَ قَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ وَ ابْتَلَانِی بِكُمْ أَیَّتُهَا الْفِرْقَةُ الَّتِی لَا تُطِیعُ إِذَا أَمَرْتُهَا وَ لَا تُجِیبُ إِذَا دَعَوْتُهَا لَا أَبَا لِغَیْرِكُمْ مَا ذَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ وَ الْجِهَادِ عَلَی حَقِّكُمْ الْمَوْتُ خَیْرٌ مِنَ الذُّلِّ فِی هَذِهِ الدُّنْیَا لِغَیْرِ الْحَقِّ وَ اللَّهِ إِنْ جَاءَنِی الْمَوْتُ وَ لَیَأْتِیَنِّی فَلَیُفَرِّقَنَّ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ لَتَجِدُنَّنِی لِصُحْبَتِكُمْ قَالِیاً أَ لَا دِینٌ یَجْمَعُكُمْ أَ لَا حَمِیَّةٌ تَغِیظُكُمْ أَ لَا تَسْمَعُونَ بِعَدُوِّكُمْ یَنْتَقِصُ بِلَادَكُمْ وَ یَشُنُّ الْغَارَةَ عَلَیْكُمْ أَ وَ لَیْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِیَةَ یَدْعُو الْجُفَاةَ الطَّغَامَ الظَّلَمَةَ فَیَتَّبِعُونَهُ عَلَی غَیْرِ عَطَاءٍ وَ لَا مَعُونَةٍ فَیُجِیبُونَهُ فِی السَّنَةِ الْمَرَّةَ وَ الْمَرَّتَیْنِ وَ الثَّلَاثِ إِلَی أَیِّ وَجْهٍ شَاءَ ثُمَّ أَنَا أَدْعُوكُمْ وَ أَنْتُمْ أُولِی النُّهَی وَ بَقِیَّةُ النَّاسِ فَتَخْتَلِفُونَ وَ تَفْتَرِقُونَ عَنِّی وَ تَعْصُونِّی وَ تُخَالِفُونَ عَلَیَّ فَقَامَ إِلَیْهِ مَالِكُ بْنُ كَعْبٍ الْأَرْحَبِیُّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ انْدُبِ النَّاسَ مَعِی فَإِنَّهُ لَا عِطْرَ بَعْدَ عَرُوسٍ لِمِثْلِ هَذَا الْیَوْمِ كُنْتُ أَدَّخِرُ نَفْسِی وَ إِنَّ الْأَجْرَ لَا یَأْتِی إِلَّا بِالْكُرْهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی النَّاسِ وَ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ أَجِیبُوا إِمَامَكُمْ وَ انْصُرُوا دَعْوَتَهُ وَ قَاتِلُوا عَدُوَّكُمْ إِنَّا نَسِیرُ إِلَیْهِمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَمَرَ عَلِیٌّ سَعْداً مَوْلَاهُ أَنْ یُنَادِیَ أَلَا سِیرُوا مَعَ مَالِكِ بْنِ كَعْبٍ إِلَی مِصْرَ وَ كَانَ وَجْهاً مَكْرُوهاً فَلَمْ یَجْتَمِعُوا إِلَیْهِ شَهْراً فَلَمَّا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْهُمْ مَا اجْتَمَعَ خَرَجَ بِهِمْ مَالِكٌ فَعَسْكَرَ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ وَ خَرَجَ مَعَهُ عَلِیٌّ فَنَظَرَ فَإِذَا جَمِیعُ مَنْ خَرَجَ نَحْوٌ مِنْ أَلْفَیْنِ فَقَالَ علیه السلام سِیرُوا وَ اللَّهِ مَا أَنْتُمْ مَا إِخَالُكُمْ تُدْرِكُونَ الْقَوْمَ حَتَّی یَنْقَضِیَ أَمْرُهُمْ فَخَرَجَ مَالِكٌ بِهِمْ وَ سَارَ خَمْسَ لَیَالٍ فَقَدِمَ الْحَجَّاجُ بْنُ غَزِیَّةَ الْأَنْصَارِیُّ مِنْ مِصْرَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا عَایَنَ مِنْ هَلَاكِ مُحَمَّدٍ وَ قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَبِیبٍ وَ كَانَ عَیْناً لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ یَخْرُجْ مِنَ الشَّامِ حَتَّی قَدِمَتِ البشر [الْبُشْرَی] مِنْ قِبَلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ یَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً بِفَتْحِ مِصْرَ وَ قَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا رَأَیْتُ یَوْماً قَطُّ سُرُوراً مِثْلَ سُرُورٍ رَأَیْتُهُ بِالشَّامِ حِینَ أَتَاهُمْ قَتْلُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَا إِنَّ حُزْنَنَا عَلَی قَتْلِهِ عَلَی قَدْرِ سُرُورِهِمْ بِهِ لَا بَلْ

ص: 564

یَزِیدُ أَضْعَافاً فَرَدَّ علیه السلام مَالِكاً مِنَ الطَّرِیقِ وَ حَزِنَ عَلَی مُحَمَّدٍ حَتَّی رُئِیَ ذَلِكَ فِیهِ وَ تَبَیَّنَ فِی وَجْهِهِ وَ قَامَ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَلَا وَ إِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتَتَحَهَا الْفَجَرَةُ أَوْلِیَاءُ الْجَوْرِ وَ الظُّلْمِ الَّذِینَ صَدُّوا عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ بَغَوُا الْإِسْلَامَ عِوَجاً أَلَا وَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ قَدِ اسْتُشْهِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ مَا عَلِمْتُ یَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ وَ یَعْمَلُ لِلْجَزَاءِ وَ یُبْغِضُ شَكْلَ الْفَاجِرِ وَ یُحِبُّ سَمْتَ الْمُؤْمِنِ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا أَلُومُ نَفْسِی عَلَی تَقْصِیرٍ وَ لَا عَجْزٍ وَ إِنِّی لِمُقَاسَاةِ الْحَرْبِ مُجِدٌّ بَصِیرٌ إِنِّی لَأُقْدِمُ عَلَی الْحَرْبِ وَ أَعْرِفُ وَجْهَهُ وَجْهَ الْحَزْمِ وَ أَقُومُ بِالرَّأْیِ الْمُصِیبِ فَأَسْتَصْرِخُكُمْ مُعْلِناً وَ أُنَادِیكُمْ مُسْتَغِیثاً فَلَا تَسْمَعُونَ لِی قَوْلًا وَ لَا تُطِیعُونَ لِی أَمْراً حَتَّی تَصِیرَ الْأُمُورُ إِلَی عَوَاقِبِ الْمَسَاءَةِ وَ أَنْتُمُ الْقَوْمُ لَا یُدْرَكُ بِكُمُ الثَّأْرُ وَ لَا یُنْقَصُ بِكُمُ الْأَوْتَارُ دَعَوْتُكُمْ إِلَی غِیَاثِ إِخْوَانِكُمْ مُنْذُ بِضْعٍ وَ خَمْسِینَ لَیْلَةً فَجَرْجَرْتُمْ عَلَیَّ جَرْجَرَةَ الْجَمَلِ الْأَسَرِّ وَ تَثَاقَلْتُمْ إِلَی الْأَرْضِ تَثَاقُلَ مَنْ لَا نِیَّةَ لَهُ فِی الْجِهَادِ وَ لَا رَأْیَ لَهُ فِی اكْتِسَابِ الْأَجْرِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَیَّ مِنْكُمْ جُنَیْدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِیفٌ كَأَنَّما یُساقُونَ إِلَی الْمَوْتِ وَ هُمْ یَنْظُرُونَ فَأُفٍّ لَكُمْ (1)ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ رَحْلَهُ.

قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمَدَائِنِیِّ قَالَ: كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ هُوَ عَلَی الْبَصْرَةِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ وَ قَدِ اسْتُشْهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ نَحْسُبُهُ وَ قَدْ كُنْتُ أَوْعَزْتُ إِلَی النَّاسِ وَ تَقَدَّمْتُ إِلَیْهِمْ فِی بَدْءِ الْأَمْرِ وَ أَمَرْتُهُمْ بِإِعَانَتِهِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ وَ دَعَوْتُهُمْ سِرّاً وَ جَهْراً وَ عَوْداً وَ بَدْءاً فَمِنْهُمُ الْآتِی كَارِهاً وَ مِنْهُمُ الْمُعْتَلُّ كَاذِباً وَ مِنْهُمُ الْقَاعِدُ خَاذِلًا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَجْعَلَ لِی مِنْهُمْ فَرَجاً وَ أَنْ یُرِیحَنِی

ص: 565


1- 1- و للخطبة مصادر و قد رواها الزبیر بن بكار فی ج 6 من كتاب الموفقیات ص 348 ط بغداد و رواها بسنده عنه ابن عساكر فی ترجمة عبد الرحمن بن شبیب من تاریخ دمشق. و رواه الآبی فی أواخر الباب الثالث من نثر الدرر 1/ 314 ط مصر.

مِنْهُمْ عَاجِلًا فَوَ اللَّهِ لَوْ لَا طَمَعِی عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ فِی الشَّهَادَةِ وَ تَوْطِینِی نَفْسِی عِنْدَ ذَلِكَ لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَبْقَی مَعَ هَؤُلَاءِ یَوْماً وَاحِداً عَزَمَ اللَّهُ لَنَا وَ لَكَ عَلَی تَقْوَاهُ وَ هُدَاهُ إِنَّهُ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ (1)قَالَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لِعَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ سَلَامٌ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِیهِ افْتِتَاحَ مِصْرَ وَ هَلَاكَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ أَنَّكَ سَأَلْتَ رَبَّكَ أَنْ یَجْعَلَ لَكَ مِنْ رَعِیَّتِكَ الَّتِی ابْتُلِیتَ بِهَا فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یُعْلِیَ كَلِمَتَكَ وَ أَنْ یَأْتِیَ بِمَا تُحِبُّهُ عَاجِلًا وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ صَانِعٌ لَكَ وَ مُقِرٌّ دَعْوَتَكَ وَ كَابِتٌ عَدُوَّكَ وَ أُخْبِرُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ النَّاسَ رُبَّمَا قَبَضُوا ثُمَّ نَشِطُوا فَارْفُقْ بِهِمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ دَارِهِمْ وَ مُنَّهُمْ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَلَیْهِمْ كَفَاكَ اللَّهُ الْمُهِمَّ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

قَالَ الْمَدَائِنِیُّ وَ رُوِیَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَدِمَ مِنَ الْبَصْرَةِ عَلَی عَلِیٍّ فَعَزَّاهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ.

وَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْجَوْنِ الْحَضْرَمِیِّ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ مُحَمَّداً كَانَ غُلَاماً حَدَثاً لَقَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ أَنْ أُوَلِّیَ الْمِرْقَالَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ مِصْرَ فَإِنَّهُ وَ اللَّهِ لَوْ وَلَّیْتُهَا لَمَا حلی [خَلَّی] لِابْنِ الْعَاصِ وَ أَعْوَانِهِ الْعَرْصَةَ وَ لَا قُتِلَ إِلَّا وَ سَیْفُهُ فِی یَدِهِ بِلَا ذَمٍّ لِمُحَمَّدٍ فَلَقَدْ أَجْهَدَ نَفْسَهُ وَ قَضَی مَا عَلَیْهِ (2)

قَالَ الْمَدَائِنِیُّ وَ قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام لَقَدْ جَزِعْتَ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ جَزَعاً شَدِیداً یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ وَ مَا یَمْنَعُنِی أَنَّهُ كَانَ لِی رَبِیباً وَ كَانَ لِبَنِیَّ أَخًا وَ كُنْتُ لَهُ وَالِداً أَعُدُّهُ وَلَداً.

وَ رَوَی إِبْرَاهِیمُ الثَّقَفِیُّ عَنْ رِجَالِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: دَخَلَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ وَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ وَ حَبَّةُ الْعُرَنِیُّ وَ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَإٍ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بَعْدَ مَا افْتُتِحَتْ مِصْرُ وَ هُوَ مَغْمُومٌ حَزِینٌ فَقَالُوا لَهُ بَیِّنْ لَنَا مَا

ص: 566


1- 1- و رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار 35 من الباب الثانی من نهج البلاغة.
2- 2- و قریبا منه رواه السیّد الرضیّ رضوان اللّٰه علیه فی المختار 65 من نهج البلاغة.

قَوْلُكَ فِی أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام هَلْ فَرَغْتُمْ لِهَذَا وَ هَذِهِ مِصْرُ قَدِ افْتُتِحَتْ وَ شِیعَتِی بِهَا قَدْ قُتِلَتْ أَنَا مُخْرِجٌ إِلَیْكُمْ كِتَاباً أُخْبِرُكُمْ فِیهِ عَمَّا سَأَلْتُمْ وَ أَسْأَلُكُمْ أَنْ تَحْفَظُوا مِنْ حَقِّی مَا ضَیَّعْتُمْ فَاقْرَءُوهُ عَلَی شِیعَتِی وَ كُونُوا عَلَی الْحَقِّ أَعْوَاناً وَ هَذِهِ نُسْخَةُ الْكِتَابِ (1)مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ قَرَأَ كِتَابِی هَذَا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً نَذِیراً لِلْعَالَمِینَ وَ أَمِیناً عَلَی التَّنْزِیلِ وَ شَهِیداً عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْتُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ یَوْمَئِذٍ عَلَی شَرِّ دِینٍ وَ فِی شَرِّ دَارٍ مُنِیخُونَ عَلَی حِجَارَةٍ خَشِنٍ وَ جَنَادِلَ صُمٍّ وَ شَوْكٍ مَبْثُوثٍ فِی الْبِلَادِ تَشْرَبُونَ الْمَاءَ الْخَبِیثَ وَ تَأْكُلُونَ الطَّعَامَ الْجَشِبَ وَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَ تَقْتُلُونَ أَوْلَادَكُمْ وَ تَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ وَ تَأْكُلُونَ أَمْوَالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ سُبُلُكُمْ خَائِفَةٌ وَ الْأَصْنَامُ فِیكُمْ مَنْصُوبَةٌ وَ لَا یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فَمَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَیْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَعَثَهُ إِلَیْكُمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ قَالَ فِی مَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ هُوَ الَّذِی بَعَثَ فِی الْأُمِّیِّینَ رَسُولًا مِنْهُمْ یَتْلُوا عَلَیْهِمْ آیاتِهِ وَ یُزَكِّیهِمْ وَ یُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِی ضَلالٍ مُبِینٍ وَ قَالَ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْكُمْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ وَ قَالَ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ إِذْ بَعَثَ فِیهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ قَالَ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ فَكَانَ الرَّسُولُ إِلَیْكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ بِلِسَانِكُمْ فَعَلَّمَكُمُ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ الْفَرَائِضَ وَ السُّنَّةَ وَ أَمَرَكُمْ بِصِلَةِ أَرْحَامِكُمْ وَ حَقْنِ دِمَائِكُمْ وَ صَلَاحِ ذَاتِ الْبَیْنِ وَ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها وَ أَنْ تُوفُوا بِالْعَهْدِ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْكِیدِها وَ أَمَرَكُمْ أَنْ تَعَاطَفُوا وَ تَبَارُّوا وَ تَبَاشَرُوا وَ تَبَاذَلُوا وَ تَرَاحَمُوا وَ نَهَاكُمْ عَنِ التَّنَاهُبِ

ص: 567


1- 1- و تقدم فی الباب 16 ص 148 كتاب یشبهه فراجع إلیه البتة. و هذا رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار 67 من خطب نهج البلاغة لكن قال: انه خطب.

وَ التَّظَالُمِ وَ التَّحَاسُدِ وَ التَّبَاغِی وَ التَّقَاذُفِ وَ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَ بَخْسِ الْمِكْیَالِ وَ نَقْصِ الْمِیزَانِ وَ تَقَدَّمَ إِلَیْكُمْ فِیمَا تَلَا عَلَیْكُمْ أَنْ لَا تَزْنُوا وَ لَا تَرْبُوا وَ لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَ الْیَتَامَی وَ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدِینَ فَكُلُّ خَیْرٍ یُدْنِی إِلَی الْجَنَّةِ وَ یُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ أَمَرَكُمْ بِهِ وَ كُلُّ شَرٍّ یُدْنِی إِلَی النَّارِ وَ یُبَاعِدُ مِنَ الْجَنَّةِ نَهَاكُمْ عَنْهُ (1)فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ مُدَّتَهُ مِنَ الدُّنْیَا تَوَفَّاهُ اللَّهُ إِلَیْهِ سَعِیداً حَمِیداً فَیَا لَهَا مُصِیبَةً خَصَّتِ الْأَقْرَبِینَ وَ عَمَّتْ جَمِیعَ الْمُسْلِمِینَ مَا أُصِیبُوا قَبْلَهَا بِمِثْلِهَا وَ لَنْ یُعَایِنُوا بَعْدَهَا أُخْتَهَا فَلَمَّا مَضَی لِسَبِیلِهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ یُلْقَی فِی رُوعِی وَ لَا یَخْطُرُ عَلَی بَالِی أَنَّ الْعَرَبَ تَعْدِلُ هَذَا الْأَمْرَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ عَنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّی مِنْ بَعْدِهِ فَمَا رَاعَنِی إِلَّا انْثِیَالُ النَّاسِ عَلَی أَبِی بَكْرٍ وَ إِجْفَالُهُمْ إِلَیْهِ لِیُبَایِعُوهُ فَأَمْسَكْتُ یَدِی وَ رَأَیْتُ أَنِّی أَحَقُّ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فِی النَّاسِ بِمَنْ تَوَلَّی الْأَمْرَ بَعْدَهُ فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّی رَأَیْتُ رَاجِعَةً مِنَ النَّاسِ رَجَعَتْ عَنِ الْإِسْلَامِ تَدْعُو إِلَی مَحْقِ دِینِ اللَّهِ وَ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ فَخَشِیتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ أَنْ أَرَی فِیهِ ثَلْماً وَ هَدْماً یَكُونُ الْمُصِیبَةُ بِهِمَا عَلَیَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوَاتِ وِلَایَةِ أُمُورِكُمُ الَّتِی إِنَّمَا هِیَ مَتَاعُ أَیَّامٍ قَلَائِلَ ثُمَّ یَزُولُ مَا كَانَ مِنْهَا كَمَا یَزُولُ السَّرَابُ وَ كَمَا یَنْقَشِعُ السَّحَابُ فَمَشَیْتُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَی أَبِی بَكْرٍ فَبَایَعْتُهُ وَ نَهَضْتُ فِی تِلْكَ الْأَحْدَاثِ حَتَّی زَاغَ الْبَاطِلُ وَ زَهَقَ وَ كَانَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ هِیَ الْعُلْیَا وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ فَتَوَلَّی أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الْأُمُورَ وَ سَدَّدَ وَ یَسَّرَ وَ قَارَبَ وَ اقْتَصَدَ فَصَحِبْتُهُ مُنَاصِحاً وَ أَطَعْتُهُ فِیمَا أَطَاعَ اللَّهَ فِیهِ جَاهِداً وَ مَا طَمِعْتُ أَنْ لَوْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ وَ أَنَا حَیٌّ أَنْ یُرَدَّ

ص: 568


1- 1- و هذه الفقرة من الخطبة ممّا توجب علی المتشرعة الفحص التام و بذل الوسع كما ینبغی حول الآثار الواردة عن صاحب الشریعة و عدم جواز الاتكال علی الفكر الشخصی و العقل الفردی قبل المراجعة أو بعد الوصول إلی ما بینه من لا ینطق عن الهوی إن هو إلّا وحی یوحی إلیه من لا یعزب عن علمه شی ء فی الأرض و لا فی السماء و قنن القوانین لمصالح المخلوقین و هو غنی عنهم.

إِلَیَّ الْأَمْرُ الَّذِی بَایَعْتُهُ فِیهِ طَمَعَ مُسْتَیْقِنٍ وَ لَا یَئِسْتُ مِنْهُ یَأْسَ مَنْ لَا یَرْجُوهُ فَلَوْ لَا خَاصَّةُ مَا كَانَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عُمَرَ لَظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا یَدْفَعُهَا عَنِّی فَلَمَّا احْتَضَرَ بَعَثَ إِلَی عُمَرَ فَوَلَّاهُ فَسَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا وَ نَاصَحْنَا وَ تَوَلَّی عُمَرُ الْأَمْرَ فَكَانَ مَرْضِیَّ السِّیرَةِ مَیْمُونَ النَّقِیبَةِ حَتَّی إِذَا احْتَضَرَ قُلْتُ فِی نَفْسِی لَنْ یَعْدِلَهَا عَنِّی لَیْسَ بِدَافِعِهَا عَنِّی فَجَعَلَنِی سَادِسَ سِتَّةٍ فَمَا كَانُوا لِوِلَایَةِ أَحَدٍ أَشَدَّ كَرَاهِیَةً مِنْهُمْ لِوِلَایَتِی عَلَیْهِمْ فَكَانُوا یَسْمَعُونِّی عِنْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله أُحَاجُّ أَبَا بَكْرٍ وَ أَقُولُ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ إِنَّا أَهْلَ الْبَیْتَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ أَ مَا كَانَ فِینَا مَنْ یَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَ یَعْرِفُ السُّنَّةَ وَ یَدِینُ بِدِینِ الْحَقِّ: فَخَشِیَ الْقَوْمُ إِنْ أَنَا وُلِّیتُ عَلَیْهِمْ أَنْ لَا یَكُونَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْرِ نَصِیبٌ مَا بَقُوا فَأَجْمَعُوا إِجْمَاعاً وَاحِداً فَصَرَفُوا الْوَلَایَةَ إِلَی عُثْمَانَ وَ أَخْرَجُونِی مِنْهَا رَجَاءَ أَنْ یَنَالُوهَا وَ یَتَدَاوَلُوهَا إِذْ یَئِسُوا أَنْ یَنَالُوهَا مِنْ قِبَلِی ثُمَّ قَالُوا هَلُمَّ بَایِعْ وَ إِلَّا جَاهَدْنَاكَ فَبَایَعْتُ مُسْتَكْرَهاً وَ صَبَرْتُ مُحْتَسِباً فَقَالَ قَائِلُهُمْ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ إِنَّكَ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ لَحَرِیصٌ فَقُلْتُ إِنَّهُمْ أَحْرَصُ مِنِّی وَ أَبْعَدُ أَیُّنَا أَحْرَصُ أَنَا الَّذِی طَلَبْتُ تُرَاثِی وَ حَقِّیَ الَّذِی جَعَلَنِیَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَوْلَی بِهِ أَمْ أَنْتُمْ إِذْ تَضْرِبُونَ وَجْهِی دُونَهُ وَ تَحُولُونَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ فَبُهِتُوا وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَعْدِیكَ عَلَی قُرَیْشٍ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِی وَ أَصْغَوْا إِنَائِی وَ صَغَّرُوا عَظِیمَ مَنْزِلَتِی وَ أَجْمَعُوا عَلَی مُنَازَعَتِی حَقّاً كُنْتُ أَوْلَی بِهِ مِنْهُمْ فَسَلَبُونِیهِ ثُمَّ قَالُوا أَلَا إِنَّ فِی الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِی الْحَقِّ أَنْ تَمْنَعَهُ فَاصْبِرْ كَمَداً أَوْ مُتْ أَسَفاً وَ حَنَقاً فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَیْسَ مَعِی رَافِدٌ وَ لَا ذَابٌّ وَ لَا نَاصِرٌ وَ لَا مُسَاعِدٌ إِلَّا أَهْلُ بَیْتِی فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَنِیَّةِ فَأَغْضَیْتُ عَلَی الْقَذَی وَ تَجَرَّعْتُ رِیقِی عَلَی الشَّجَا وَ صَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الْغَیْظِ عَلَی أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ وَ آلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ حَزِّ الشِّفَارِ حَتَّی إِذَا نَقَمْتُمْ عَلَی عُثْمَانَ أَتَیْتُمُوهُ فَقَتَلْتُمُوهُ ثُمَّ جِئْتُمُونِی لِتُبَایِعُونِی فَأَبَیْتُ عَلَیْكُمْ وَ أَمْسَكْتُ یَدِی فَنَازَعْتُمُونِی وَ دَافَعْتُمُونِی وَ بسطت [بَسَطْتُمْ] یَدِی فَكَفَفْتُهَا وَ مَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا وَ ازْدَحَمْتُمْ عَلَیَّ حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ أَوْ أَنَّكُمْ قَاتِلِیَّ فَقُلْتُمْ بَایِعْنَا لَا نَجِدُ غَیْرَكَ وَ لَا نَرْضَی إِلَّا بِكَ بَایَعْنَاكَ لَا نَفْتَرِقُ وَ لَا تَخْتَلِفُ

ص: 569

كَلِمَتُنَا فَبَایَعْتُكُمْ وَ دَعَوْتُ النَّاسَ إِلَی بَیْعَتِی فَمَنْ بَایَعَ طَوْعاً قَبِلْتُهُ مِنْهُ وَ مَنْ أَبَی لَمْ أُكْرِهْهُ وَ تَرَكْتُهُ فَبَایَعَنِی فِیمَنْ بَایَعَنِی طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ لَوْ أَبَیَا مَا أَكْرَهْتُهُمَا كَمَا لَمْ أُكْرِهْ غَیْرَهُمَا فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا یَسِیراً حَتَّی بَلَغَنِی أَنَّهُمَا قَدْ خَرَجَا مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهَیْنِ إِلَی الْبَصْرَةِ فِی جَیْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ أَعْطَانِی الطَّاعَةَ وَ سَمِعَ لِی بِالْبَیْعَةِ فَقَدِمَا عَلَی عَامِلِی وَ خُزَّانِ بَیْتِ مَالِی وَ عَلَی أَهْلِ مِصْرِی الَّذِینَ كُلُّهُمْ عَلَی بَیْعَتِی وَ فِی طَاعَتِی فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ وَ أَفْسَدُوا جَمَاعَتَهُمْ ثُمَّ وَثَبُوا عَلَی شِیعَتِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَتَلُوا طَائفَةً منْهُمْ غَدْراً وَ طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَضِبُوا لِلَّهِ وَ لِی فَشَهَرُوا سُیُوفَهُمْ وَ ضَرَبُوا بِهَا حَتَّی لَقُوا اللَّهَ صَادِقِینَ فَوَ اللَّهِ لَوْ لَمْ یُصِیبُوا مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مُتَعَمِّدِینَ لِقَتْلِهِ لَحَلَّ لِی بِهِ قَتْلُ ذَلِكَ الْجَیْشِ بِأَسْرِهِ (1)فَدَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَكْثَرَ مِنَ الْعِدَّةِ الَّتِی دَخَلُوا بِهَا عَلَیْهِمْ وَ قَدْ أَدَالَ اللَّهُ مِنْهُمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ ثُمَّ إِنِّی نَظَرْتُ فِی أَمْرِ أَهْلِ الشَّامِ فَإِذَا أَعْرَابٌ وَ أَهْلُ طَمَعٍ جُفَاةٌ طُغَاةُ یَجْتَمِعُونَ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ وَ مَنْ كَانَ یَنْبَغِی أَنْ یُؤَدَّبَ أَوْ یُوَلَّی عَلَیْهِ وَ یُؤْخَذَ عَلَی یَدَیْهِ لَیْسُوا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ لَا الْأَنْصَارِ وَ لَا التَّابِعِینَ بِإِحْسَانٍ فَسِرْتُ إِلَیْهِمْ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَی الطَّاعَةِ وَ الْجَمَاعَةِ فَأَبَوْا إِلَّا شِقَاقاً وَ فِرَاقاً وَ نَهَضُوا فِی وُجُوهِ الْمُسْلِمِینَ یَنْظِمُونَهُمْ بِالنَّبْلِ وَ یَشْجُرُونَهُمْ بِالرِّمَاحِ فَهُنَاكَ نَهَدْتُ إِلَیْهِمْ بِالْمُسْلِمِینَ فَقَاتَلْتُهُمْ فَلَمَّا عَضَّهُمُ السِّلَاحُ وَ وَجَدُوا أَلَمَ الْجَرَاحِ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ یَدْعُونَكُمْ إِلَی مَا فِیهَا فَأَنْبَأْتُكُمْ أَنَّهُمْ لَیْسُوا بِأَهْلِ دِینٍ وَ لَا قُرْآنٍ وَ أَنَّهُمْ رَفَعُوهَا غَدْراً وَ مَكِیدَةً وَ خَدِیعَةً وَ وَهْناً وَ ضَعْفاً فَامْضُوا عَلَی حَقِّكُمْ وَ قِتَالِكُمْ فَأَبَیْتُمْ عَلَیَّ وَ قُلْتُمْ اقْبَلْ مِنْهُمْ فَإِنْ أَجَابُوا إِلَی مَا فِی الْكِتَابِ جَامَعُونَا عَلَی مَا نَحْنُ عَلَیْهِ مِنَ الْحَقِّ وَ إِنْ أَبَوْا كَانَ أَعْظَمَ لِحُجَّتِنَا عَلَیْهِمْ فَقَبِلْتُ مِنْهُمْ وَ كَفَفْتُ عَنْهُمْ إِذْ وَنَیْتُمْ وَ أَبَیْتُمْ وَ كَانَ الصُّلْحُ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمْ عَلَی

ص: 570


1- 1- لهذه الفقرة شواهد كثیرة بعضها مذكور فی عنوان الرجل یقتله النفر فی كتاب الدیات تحت الرقم 7743- 7749 من كتاب المصنّف لابن أبی شیبة ج 9 ص 347- 348. و لیراجع المصنّف لعبد الرزاق ج 9 ص 485 و سنن البیهقیّ 8/ 41 و نصب الرایة 4/ 453.

رَجُلَیْنِ یُحْیِیَانِ مَا أَحْیَا الْقُرْآنُ وَ یُمِیتَانِ مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ فَاخْتَلَفَ رَأْیُهُمَا وَ تَفَرَّقَ حُكْمُهُمَا وَ نَبَذَا مَا فِی حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ خَالَفَا مَا فِی الْكِتَابِ فَجَنَّبَهُمَا [اللَّهُ] السَّدَادَ وَ دَلَّاهُمَا فِی الضَّلَالَةِ فَنَبَذَا حُكْمَهُمَا وَ كَانَا أَهْلَهُ فَانْخَزَلَتْ فِرْقَةٌ مِنَّا فَتَرَكْنَاهُمْ مَا تَرَكُونَا حَتَّی إِذَا عَثَوْا فِی الْأَرْضِ یَقْتُلُونَ وَ یُفْسِدُونَ أَتَیْنَاهُمْ فَقُلْنَا ادْفَعُوا إِلَیْنَا قَتَلَةَ إِخْوَانِنَا ثُمَّ كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ قَالُوا كُلُّنَا قَتَلَهُمْ وَ كُلُّنَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ وَ دِمَاءَكُمْ وَ شَدَّتْ عَلَیْنَا خَیْلُهُمْ وَ رِجَالُهُمْ فَصَرَعَهُمُ اللَّهُ مَصَارِعَ الظَّالِمِینَ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِمْ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَمْضُوا مِنْ فَوْرِكُمْ ذَلِكَ إِلَی عَدُوِّكُمْ فَقُلْتُمْ كَلَّتْ سُیُوفُنَا وَ نَفِدَتْ نِبَالُنَا وَ نَصَلَتْ أَسِنَّةُ رِمَاحِنَا وَ عَادَ أَكْثَرُهَا قَصْداً فَارْجِعْ بِنَا إِلَی مِصْرِنَا لِنَسْتَعِدَّ بِأَحْسَنِ عُدَّتِنَا فَإِذَا رَجَعْتَ زِدْتَ فِی مُقَاتِلَتِنَا عِدَّةَ مَنْ هَلَكَ مِنَّا وَ فَارَقَنَا فَإِنَّ ذَلِكَ أَقْوَی لَنَا عَلَی عَدُوِّنَا فَأَقْبَلْتُ بِكُمْ حَتَّی إِذَا أَظْلَلْتُمْ عَلَی الْكُوفَةِ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَنْزِلُوا بِالنُّخَیْلَةِ وَ أَنْ تَلْزَمُوا مُعَسْكَرَكُمْ وَ أَنْ تَضُمُّوا قَوَاصِیَكُمْ وَ أَنْ تُوَطِّنُوا عَلَی الْجِهَادِ أَنْفُسَكُمْ وَ لَا تُكْثِرُوا زِیَارَةَ أَبْنَائِكُمْ وَ نِسَائِكُمْ فَإِنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ الْمُصَابِرُوهَا وَ أَهْلَ التَّشْمِیرِ فِیهَا الَّذِینَ لَا یَنْقَادُوَن مِنْ سَهَرِ لَیْلِهِمْ وَ لَا ظَمَإِ نَهَارِهِمْ وَ لَا خَمْصِ بُطُونِهِمْ وَ لَا نَصَبِ أَبْدَانِهِمْ فَنَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ مَعِی مُعَذِّرَةً وَ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْكُمُ الْمِصْرَ عَاصِیَةً فَلَا مَنْ بَقِیَ مِنْكُمْ صَبَرَ وَ ثَبَتَ وَ لَا مَنْ دَخَلَ الْمِصْرَ عَادَ إِلَیَّ وَ رَجَعَ فَنَظَرْتُ إِلَی مُعَسْكَرِی وَ لَیْسَ فِیهِ خَمْسُونَ رَجُلًا فَلَمَّا رَأَیْتُ مَا أَتَیْتُمْ دَخَلْتُ إِلَیْكُمْ فَلَمْ أَقْدِرْ إِلَی أَنْ تَخْرُجُوا إِلَی یَوْمِنَا هَذَا فَمَا تَنْتَظِرُونَ أَ مَا تَرَوْنَ أَطْرَافَكُمْ قَدِ انْتَقَصَتْ وَ إِلَی مِصْرِكُمْ قَدْ فُتِحَتْ وَ إِلَی شِیعَتِی بِهَا قَدْ قُتِلَتْ وَ إِلَی مَسَالِحِكُمْ تُعْرَی وَ إِلَی بِلَادِكُمْ تُغْزَی وَ أَنْتُمْ ذَوُو عَدَدٍ كَثِیرٍ وَ شَوْكَةٍ وَ بَأْسٍ فَمَا بَالُكُمْ لِلَّهِ أَنْتُمْ مِنْ أَیْنَ تُؤْتَوْنَ وَ مَا لَكُمْ تُسْحَرُونَ وَ أَنَّی تُؤْفَكُونَ وَ لَوْ أَعْزَمْتُمْ وَ أَجْمَعْتُمْ لَمْ تُرَامُوا أَلَا إِنَّ الْقَوْمَ قَدِ اجْتَمَعُوا وَ تَنَاشَبُوا وَ تَنَاصَحُوا وَ أَنْتُمْ قَدْ وَنَیْتُمْ وَ تَغَاشَشْتُمْ وَ افْتَرَقْتُمْ مَا أَنْتُمْ إِنْ أَتْمَمْتُمْ عِنْدِی عَلَی هَذَا بِمُنْقِذِینَ فَانْتَهُوا عَمَّا نُهِیتُمْ وَ اجْمَعُوا عَلَی حَقِّكُمْ وَ تَجَرَّدُوا لِحَرْبِ عَدُوِّكُمْ قَدْ أَبْدَتِ الرَّغْوَةُ مِنَ الصَّرِیحِ وَ بَیَّنَ الصُّبْحُ لِذِی عَیْنَیْنِ

ص: 571

إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ الطُّلَقَاءَ وَ أَبْنَاءَ الطُّلَقَاءِ وَ أُولِی الْجَفَاءِ وَ مَنْ أَسْلَمَ كَرْهاً فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْفُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُ حَرْباً أَعْدَاءُ اللَّهِ وَ السُّنَّةِ وَ الْقُرْآنِ وَ أَهْلُ الْبِدَعِ وَ الْأَحْدَاثِ وَ مَنْ كَانَتْ بَوَائِقُهُ تُتَّقَی وَ كَانَ عَلَی الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ مُخَوِّفاً وَ أَكَلَةُ الرِّشَا وَ عَبَدَةُ الدُّنْیَا وَ لَقَدِ انْتَهَی إِلَیَّ أَنَّ ابْنَ النَّابِغَةِ لَمْ یُبَایِعْ مُعَاوِیَةَ حَتَّی أَعْطَاهُ وَ شَرَطَ لَهُ أَنْ یُؤْتِیَهُ أَتِیَّةً هِیَ أَعْظَمُ مِمَّا فِی یَدِهِ مِنْ سُلْطَانِهِ أَلَا صَفِرَتْ یَدُ هَذَا الْبَائِعِ دِینَهُ بِالدُّنْیَا وَ خَزِیَتْ أَمَانَةُ هَذَا الْمُشْتَرِی نُصْرَةَ فَاسِقٍ غَادِرٍ بِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِینَ وَ إِنَّ فِیهِمْ مَنْ قَدْ شَرِبَ فِیكُمُ الْخَمْرَ وَ جُلِدَ الْحَدَّ یُعْرَفُ بِالْفَسَادِ فِی الدِّینِ وَ الْفِعْلِ السَّیِّئِ وَ إِنَّ فِیهِمْ مَنْ لَمْ یُسْلِمْ حَتَّی رُضِخَ لَهُ عَلَی الْإِسْلَامِ رَضِیخَةٌ فَهَؤُلَاءِ قَادَةُ الْقَوْمِ وَ مَنْ تَرَكْتُ ذِكْرَ مَسَاوِیهِ مِنْ قَادَتِهِمْ مِثْلُ مَنْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُمْ وَ یَوَدُّ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ ذَكَرْتُ لَوْ وُلُّوا عَلَیْكُمْ فَأَظْهَرُوا فِیكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفَسَادَ وَ الْكِبْرَ وَ الْفُجُورَ وَ التَّسَلُّطَ بِالْجَبْرِیَّةِ وَ اتَّبَعُوا الْهَوَی وَ حَكَمُوا بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ لَأَنْتُمْ عَلَی مَا كَانَ فِیكُمْ مِنْ تَوَاكُلٍ وَ تَخَاذُلٍ خَیْرٌ مِنْهُمْ وَ أَهْدَی سَبِیلًا فِیكُمُ الْعُلَمَاءُ وَ الْفُقَهَاءُ النُّجَبَاءُ وَ الْحُكَمَاءُ وَ حَمَلَةُ الْكِتَابِ وَ الْمُتَهَجِّدُونَ بِالْأَسْحَارِ وَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ أَ فَلَا تَسْخَطُونَ وَ تَهْتَمُّونَ أَنْ یُنَازِعَكُمُ الْوَلَایَةَ عَلَیْكُمْ سُفَهَاؤُكُمْ وَ الْأَشْرَارُ الْأَرَاذِلُ مِنْكُمْ فَاسْمَعُوا قَوْلِی هَدَاكُمُ اللَّهُ إِذَا قُلْتُ وَ أَطِیعُوا أَمْرِی إِذَا أَمَرْتُ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ أَطَعْتُمُونِی لَا تَغْوُونَ وَ إِنْ عَصَیْتُمُونِی لَا تَرْشُدُونَ خُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا وَ أَعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا وَ أَجْمِعُوا إِلَیْهَا فَقَدْ شُبَّتْ نَارُهَا وَ عَلَا شَنَارُهَا وَ تَجَرَّدَ لَكُمْ فِیهَا الْفَاسِقُونَ كَیْ یُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ وَ یُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ أَلَا إِنَّهُ لَیْسَ أَوْلِیَاءُ الشَّیْطَانِ مِنْ أَهْلِ الطَّمَعِ وَ الْمَكْرِ وَ الْجَفَاءِ بِأَوْلَی بِالْجِدِّ فِی غَیِّهِمْ وَ ضَلَالِهِمْ وَ بَاطِلِهِمْ مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ أَهْلِ الْبِرِّ وَ الزَّهَادَةِ وَ الْإِخْبَاتِ بِالْجِدِّ فِی حَقِّهِمْ وَ طَاعَةِ رَبِّهِمْ وَ مُنَاصَحَةِ إِمَامِهِمْ إِنِّی وَ اللَّهِ لَوْ لَقِیتُهُمْ فَرْداً وَ هُمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ مَا بَالَیْتُ وَ لَا اسْتَوْحَشْتُ وَ إِنِّی مِنْ ضَلَالَتِهِمُ الَّتِی هُمْ فِیهَا وَ الْهُدَی الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ لَعَلَی ثِقَةٍ وَ بَیِّنَةٍ وَ یَقِینٍ وَ بَصِیرَةٍ وَ إِنِّی إِلَی لِقَاءِ رَبِّی لَمُشْتَاقٌ وَ لِحُسْنِ ثَوَابِهِ لَمُنْتَظِرٌ وَ لَكِنَّ أَسَفاً یَعْتَرِینِی وَ حُزْناً یُخَامِرُنِی مِنْ أَنْ یَلِیَ أَمْرَ

ص: 572

هَذِهِ الْأُمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَ فُجَّارُهَا فَیَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا وَ عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا وَ الْفَاسِقِینَ حِزْباً وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا أَكْثَرْتُ تَأْنِیبَكُمْ وَ تَحْرِیضَكُمْ وَ لَتَرَكْتُكُمْ إِذْ وَنَیْتُمْ وَ أَبَیْتُمْ حَتَّی أَلْقَاهُمْ بِنَفْسِی مَتَی حُمَّ لِی لِقَاؤُهُمْ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَعَلَی الْحَقِّ وَ إِنِّی لِلشَّهَادَةِ لَمُحِبٌّ فَ انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَ لَا تَثَّاقَلُوا إِلَی الْأَرْضِ فتفروا [فَتَقِرُّوا] بِالْخَسْفِ وَ تَبُوءُوا بِالذُّلِّ وَ یَكُنْ نَصِیبُكُمُ الْأَخْسَرَ إِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الْیَقْظَانُ الْأَرِقُ مَنْ نَامَ لَمْ یُنَمْ عَنْهُ وَ مَنْ ضَعُفَ أَوْدَی وَ مَنْ تَرَكَ الْجِهَادَ فِی اللَّهِ كَانَ كَالْمَغْبُونِ الْمَهِینِ اللَّهُمَّ اجْمَعْنَا وَ إِیَّاهُمْ عَلَی الْهُدَی وَ زَهِّدْنَا وَ إِیَّاهُمْ فِی الدُّنْیَا وَ اجْعَلِ الْآخِرَةَ لَنَا وَ لَهُمْ خَیْراً مِنَ الْأُولَی وَ السَّلَامُ.

توضیح:

قوله و المرتشین فی بعض النسخ و المرتبئین أی المنتظرین المترصدین للحكومة أیهما یأخذها قال الجوهری المربأ المرقبة و كذلك المربأ و المرتبأ و ربأت القوم ربئا و ارتبأتهم أی راقبتهم و ذلك إذا كنت لهم طلیعة فوق شرف یقال ربأ لنا فلان و ارتبأ إذا اعتان و ربأت المربأة و ارتبأتها أی علوتها قال أبو زید رابأت الشی ء مرابأة إذا حذرته و اتقیته و قال الدهم العدد الكثیر.

قوله فإنه لا عطر بعد عروس قال الزمخشری بعد إیراد المثل و یروی لا مخبأ لعطر بعد عروس و أصله أن رجلا أهدیت إلیه امرأة فوجدها تفلة فقال لها أین الطیب فقالت خبأته فقال ذلك.

و قیل عروس اسم رجل مات فحملت امرأته أوانی العطر فكسرتها علی قبره و صبت العطر فوبخها بعض معارفها فقالت ذلك یضرب علی الأول فی ذم ادخار الشی ء وقت الحاجة إلیه و علی الثانی فی الاستغناء عن ادخار الشی ء لعدم من یدخر له.

و قال المیدانی قال المفضل أول من قال ذلك امرأة من عذرة یقال لها أسماء بنت عبد اللّٰه و كان لها زوج من بنی عمها یقال لها عروس فمات عنها فتزوجها رجل من قومها یقال له نوفل و كان أعسر أبخر بخیلا دمیما فلما أراد

ص: 573

أن یظعن بها قالت له لو أذنت لی فرثیت ابن عمی و بكیت عند رمسه فقال افعلی فقالت أبكیك یا عروس الأعراس یا ثعلبا فی أهله و أسدا عند البأس مع أشیاء لیس یعلمها الناس.

قال و ما تلك الأشیاء قالت كان عن الهمة غیر نعاس و یعمل السیف صبیحات البأس ثم قالت یا عروس الأغر الأزهر الطیب الخیم الكریم المحضر مع أشیاء له لا تذكر.

قال و ما تلك الأشیاء قالت كان عیوفا للخنا و المنكر طیب النكهة غیر أبخر أیسر غیر أعسر.

فعرف الزوج أنها تعرض به فلما رحل بها قال ضمی إلیك عطرك و نظر إلی قشوة عطرها مطروحة فقالت لا عطر بعد عروس فذهبت مثلا یضرب لمن لا یدخر عنه نفیس.

قوله علیه السلام لقد كان ما علمت أی ما دمت علمته و عرفته أو علمت حاله أو صرت عالما بتنزیله منزلة اللازم.

و یحتمل أن تكون ما موصولة بتقدیر الباء أی بالذی علمت منه أو بجعله خبر كان و الأفعال بعده بدله أو اسم كان و الأفعال خبره أی كان الذی علمت منه تلك الصفات و الأول لعله أظهر.

و انثال انصب و الإجفال الإسراع.

قوله علیه السلام فكان مرضی السیرة أی ظاهرا عند الناس و كذا ما مر فی وصف أبی بكر و آثار التقیة و المصلحة فی الخطبة ظاهرة بل الظاهر أنها من إلحاقات المخالفین.

قوله علیه السلام فبهتوا فی بعض النسخ فهبوا أی انتبهوا و لكن لم ینفعهم الانتباه.

و قال الجوهری صغا یصغو و یصغی صغوا أی مال و أصغیت إلی فلان

ص: 574

إذا ملت بسمعك نحوه و أصغیت الإناء أملته یقال فلان مصغی إناؤه إذا نقص حقه و قال الكمد الحزن المكتوم و قال جاءوا من كل أوب أی من كل ناحیة.

قوله علیه السلام أو یولی علیه أی من كان لقلة عقله و سفاهته حریا لأن یقوم علیه ولی یتولی أموره.

و قال الجوهری نظمت اللؤلؤ أی جمعته فی سلك و طعنه فانتظمه أی اختله و قال یقال نصل السهم إذا خرج منه النصل و نصل السهم إذا ثبت نصله فی الشی ء فلم یخرج و هو من الأضداد و نصلت السهم تنصیلا نزعت نصله و قال القصدة بالكسر القطعة من الشی ء إذا انكسر و الجمع قصد یقال القنا قصد و قد انقصد الرمح و تقصدت الرماح تكسرت.

و قال الفیروزآبادی رمح قصد ككتف و قصید و إقصار متكسر و قال أطل علی الشی ء أشرف.

قوله علیه السلام و إلی مسالحكم تعری أی ثغوركم خالیة عن الرجال و السلاح و الصریح اللبن الخالص إذا ذهبت رغوته.ذكره الجوهری و قال أنف كل شی ء أوله و أنف البرد أشده و قال المخامرة المخالطة و قال حم الشی ء أی قدر و أحم أی حان وقته و قال أودی فلان أی هلك فهو مود.

«723»-(1)ج، الإحتجاج كَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ احْتِجَاجاً عَلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ إِلَی الْبَاغِی مُعَاوِیَةَ بْنِ صَخْرٍ سَلَامٌ عَلَی أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ مِمَّنْ هُوَ أَهْلُ دِینِ اللَّهِ وَ أَهْلُ وَلَایَةِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ

ص: 575


1- 723- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی أوائل عنوان: «احتجاجه [یعنی أمیر المؤمنین علیه السلام] علی معاویة ...» من كتاب الاحتجاج ص 183.

بِجَلَالِهِ وَ سُلْطَانِهِ خَلَقَ خَلْقاً بِلَا عَبَثٍ مِنْهُ وَ لَا ضَعْفٍ بِهِ فِی قُوَّةٍ وَ لَكِنَّهُ خَلَقَهُمْ عَبِیداً فَمِنْهُمْ شَقِیٌّ وَ سَعِیدٌ وَ غَوِیٌّ وَ رَشِیدٌ ثُمَّ اخْتَارَهُمْ عَلَی عِلْمٍ مِنْهُ وَ اصْطَفَی وَ انْتَخَبَ مِنْهُمْ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ اصْطَفَاهُ لِرِسَالَتِهِ وَ ائْتَمَنَهُ عَلَی وَحْیِهِ فَدَعَا إِلَی سَبِیلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ وَ أَنَابَ وَ أَسْلَمَ وَ سَلَّمَ أَخُوهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَصَدَّقَهُ بِالْغَیْبِ الْمَكْتُومِ وَ آثَرَهُ عَلَی كُلِّ حَمِیمٍ وَ وَقَاهُ كُلَّ مَكْرُوهٍ وَ وَاسَاهُ بِنَفْسِهِ فِی كُلِّ خَوْفٍ وَ قَدْ رَأَیْتُكَ تُسَاوِیهِ (1)وَ أَنْتَ أَنْتَ وَ هُوَ هُوَ الْمُبَرِّزُ السَّابِقُ فِی كُلِّ خَیْرٍ وَ أَنْتَ اللَّعِینُ بْنُ اللَّعِینِ لَمْ تَزَلْ أَنْتَ وَ أَبُوكَ تَبْغِیَانِ لِدِینِ اللَّهِ الْغَوَائِلَ وَ تَجْتَهِدَانِ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ تَجْمَعَانِ الْجُمُوعَ عَلَی ذَلِكَ وَ تَبْذُلَانِ فِیهِ الْأَمْوَالَ وَ تُحَالِفَانِ عَلَیْهِ الْقَبَائِلَ عَلَی ذَلِكَ مَاتَ أَبُوكَ وَ عَلَیْهِ خَلِیفَتُهُ أَنْتَ فَكَیْفَ لَكَ الْوَیْلُ تَعْدِلُ عَنْ عَلِیٍّ (2)وَ هُوَ وَارِثُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیُّهُ وَ أَوَّلُ النَّاسِ لَهُ اتِّبَاعاً وَ آخِرُهُمْ بِهِ عَهْداً وَ أَنْتَ عَدُوُّهُ وَ ابْنُ عَدُوِّهِ فَتَمَتَّعْ بِبَاطِلِكَ مَا اسْتَطَعْتَ وَ تَبَدَّدْ بِابْنِ الْعَاصِ فِی غَوَایَتِكَ فَكَأَنَّ أَجَلَكَ قَدِ انْقَضَی وَ كَیْدَكَ قَدْ وَهَی ثُمَّ تَسْتَبِینُ لِمَنْ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ الْعُلْیَا وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی فَأَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ إِلَی الزَّارِی عَلَی أَبِیهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ سَلَامٌ عَلَی أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ

ص: 576


1- 1كذا فی أصلی من البحار و الاحتجاج، و الصواب: «و أنت تسامیه» كما فی الحدیث: 460 من ترجمة أمیر المؤمنین من كتاب أنساب الأشراف: ج 1، ص 404، و فی ط 1: ج 2 ص 394 و مثله أواخر الجزء الثانی من كتاب صفّین ص 118، و فی أیّام معاویة من كتاب مروج الذهب: ج 3 ص 10، و فی ط مصر: ج 3 ص 20، و فی كتاب سمط النجوم العوالی: ج 2 ص 465.
2- 2 كذا فی أصلی و كتاب الاحتجاج معا، و الصواب: «تعدل نفسك بعلی» كما فی الحدیث التالی و كما فی الحدیث المتقدم الذكر من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 394 ط المحمودی ببیروت، و فی المخطوطة: ج 1، ص 404، و جمیع المصادر المتقدم الذكر آنفا.

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِیهِ مَا اللَّهُ أَهْلُهُ فِی قُدْرَتِهِ وَ سُلْطَانِهِ مَعَ كَلَامٍ أَلَّفْتَهُ وَ رَصَفْتَهُ لِرَأْیِكَ فِیهِ ذَكَرْتَ حَقَّ عَلِیٍّ وَ قَدِیمَ سَوَابِقِهِ وَ قَرَابَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نُصْرَتَهُ وَ مُوَاسَاتَهُ إِیَّاهُ فِی كُلِّ خَوْفٍ وَ هَوْلٍ وَ تَفْضِیلَكَ عَلِیّاً وَ عَیْبَكَ لِی بِفَضْلِ غَیْرِكَ لَا بِفَضْلِكَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی صَرَفَ ذَلِكَ عَنْكَ وَ جَعَلَهُ لِغَیْرِكَ فَقَدْ كُنَّا وَ أَبُوكَ مَعَنَا فِی زَمَانِ نَبِیِّنَا مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله نَرَی حَقَّ عَلِیٍّ لَازِماً لَنَا وَ سَبْقَهُ مُبَرِّزاً عَلَیْنَا فَلَمَّا اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا عِنْدَهُ وَ أَتَمَّ لَهُ مَا وَعَدَهُ وَ قَبَضَهُ إِلَیْهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ أَبُوكَ وَ فَارُوقُهُ أَوَّلَ مَنِ ابْتَزَّهُ حَقَّهُ وَ خَالَفَهُ عَلَی ذَلِكَ اتَّفَقَا ثُمَّ دَعَوَاهُ إِلَی أَنْفُسِهِمَا فَأَبْطَأَ عَلَیْهِمَا فَهَمَّا بِهِ الْهُمُومَ وَ أَرَادَا بِهِ الْعَظِیمَ فَبَایَعَ وَ سَلَّمَ لِأَمْرِهِمَا لَا یُشْرِكَانِهِ فِی أَمْرِهِمَا وَ لَا یُطْلِعَانِهِ عَلَی سِرِّهِمَا حَتَّی قَضَی اللَّهُ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا قَضَی ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُمَا ثَالِثُهُمَا یَهْدِی بِهَدْیِهِمَا وَ یَسِیرُ بِسِیرَتِهِمَا فَعِبْتَهُ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ حَتَّی طَمِعَ فِیهِ الْأَقَاصِی مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِی حَتَّی بَلَغْتُمَا مِنْهُ مُنَاكُمْ وَ كَانَ أَبُوكَ مَهَّدَ مِهَادَهُ فَإِنْ یَكُنْ مَا نَحْنُ فِیهِ صَوَاباً فَأَبُوكَ أَوَّلُهُ وَ إِنْ یَكُنْ جَوْراً فَأَبُوكَ سَنَّهُ وَ نَحْنُ شُرَكَاؤُهُ وَ بِهَدْیِهِ اقْتَدَیْنَا وَ لَوْ لَا مَا سَبَقَنَا إِلَیْهِ أَبُوكَ مَا خَالَفْنَا عَلِیّاً وَ لَسَلَّمْنَا لَهُ وَ لَكِنَّا رَأَیْنَا أَبَاكَ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَخَذْنَا بِمِثَالِهِ فِعِبْ أَبَاكَ أَوْ دَعْهُ وَ السَّلَامُ عَلَی مَنْ تَابَ وَ أَنَابَ.

بیان: قوله تبدد بابن العاص التبدد التفرق و تبددوا الشی ء اقتسموه حصصا و لا یناسبان المقام إلا بتكلف و الأظهر و لیمدك ابن العاص كما سیأتی (1)و زریت علیه عبته و الرصف الشد و الضم.

«724»-(2)ختص، الإختصاص كِتَابُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ

ص: 577


1- 1 و فی أنساب الأشراف، ط ببیروت، ج 2، ص 395: و لیمدد لك عمرو فی غوایتك.
2- 724- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی أواسط كتاب الاختصاص: ص 126، و فی ط النجف: ص 119.

مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ سَلَامٌ عَلَی أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ مِمَّنْ هُوَ سَلَّمَ لِأَهْلِ وَلَایَةِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بِجَلَالِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ قُدْرَتِهِ خَلَقَ خَلْقاً بِلَا عَبَثٍ مِنْهُ وَ لَا ضَعْفٍ فِی قُوَّةٍ وَ لَا مِنْ حَاجَةٍ بِهِ إِلَیْهِمْ وَ لَكِنَّهُ خَلَقَهُمْ عَبِیداً فَجَعَلَ مِنْهُمْ غَوِیّاً وَ شَقِیّاً وَ سَعِیداً ثُمَّ اخْتَارَهُمْ عَلَی عِلْمِهِ فَاصْطَفَاهُ وَ انْتَجَبَ مِنْهُمْ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَانْتَجَبَهُ وَ اصْطَفَاهُ بِرِسَالاتِهِ وَ أَرْسَلَهُ بِوَحْیِهِ وَ ائْتَمَنَهُ عَلَی أَمْرِهِ وَ بَعَثَهُ رَسُولًا مُصَدِّقاً وَ دَلِیلًا فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَجَابَ وَ أَنَابَ وَ صَدَّقَ وَ آمَنَ وَ أَسْلَمَ وَ سَلَّمَ أَخُوهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَدَّقَهُ بِالْغَیْبِ الْمَكْتُومِ وَ آثَرَهُ عَلَی كُلِّ حَمِیمٍ وَ وَقَاهُ كُلَّ هَوْلٍ وَ وَاسَاهُ بِنَفْسِهِ فِی كُلِّ خَوْفٍ حَارَبَ مَنْ حَارَبَهُ وَ سَالَمَ مَنْ سَالَمَهُ وَ لَمْ یَزَلْ بَاذِلًا نَفْسَهُ فِی سَاعَاتِ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ الْجِدِّ وَ الْهَزْلِ حَتَّی أَظْهَرَ اللَّهُ دَعْوَتَهُ وَ أَفْلَجَ حُجَّتَهُ فَلَمْ یَبْرَحْ مُبْتَذِلًا لِنَفْسِهِ فِی سَاعَاتِ الْأَزْلِ وَ الْهَلُوعِ حَتَّی بَرَّزَ سَابِقاً لَا نَظِیرَ لَهُ فِیمَنِ اتَّبَعَهُ وَ لَا مُقَارِبَ لَهُ فِی فِعْلٍ وَ قَدْ رَأَیْتُكَ أَیُّهَا الْغَاوِی تُسَامِیهِ وَ أَنْتَ أَنْتَ وَ هُوَ هُوَ الْمُبَرِّزُ السَّابِقُ فِی كُلِّ حِینٍ أَوَّلُ النَّاسِ إِسْلَاماً وَ أَصْدَقُ النَّاسِ نِیَّةً وَ أَطْیَبُ النَّاسِ ذُرِّیَّةً وَ أَفْضَلُ النَّاسِ زَوْجَةً رَسُولُ اللَّهِ ابْنُ عَمِّهِ وَ هُوَ وَصِیُّهُ وَ صَفِیُّهُ وَ أَخُوهُ الشَّارِی نَفْسَهُ یَوْمَ مُوتَةَ وَ عَمُّهُ سَیِّدُ الشُّهَدَاءِ یَوْمَ أُحُدٍ وَ أَبُوهُ الذَّابُّ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَنْ حَوْزَتِهِ وَ أَنْتَ اللَّعِینُ بْنُ اللَّعِینِ لَمْ تَزَلْ أَنْتَ وَ أَبُوكَ تَبْغِیَانِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْغَوَائِلَ وَ تَجْهَدَانِ عَلَی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ تَجْمَعَانِ عَلَیْهِ الْجُمُوعَ وَ تُؤَلِّبَانِ عَلَیْهِ الْقَبَائِلَ وَ تَبْذُلَانِ فِیهِ الْمَالَ هَلَكَ أَبُوكَ عَلَی ذَلِكَ وَ عَلَی ذَلِكَ خَلَفُكَ وَ الشَّاهِدُ عَلَیْكَ بِفِعْلِكَ مَنْ یَأْوِی وَ یَلْجَأُ إِلَیْكَ مِنْ بَقِیَّةِ الْأَحْزَابِ وَ رُءُوسِ النِّفَاقِ وَ أَهْلِ الشِّقَاقِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ الشَّاهِدُ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِفَضْلِهِ الْمُنِیرِ الْمُبِینِ وَ سَبْقِهِ الْقَدِیمِ أَنْصَارُهُ الَّذِینَ مَعَهُ الَّذِینَ ذُكِرُوا بِفَضْلِهِمْ فِی الْقُرْآنِ وَ أَثْنَی اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَهُمْ مَعَهُ كَتَائِبُ وَ عَصَائِبُ مِنْ حَوْلِهِ یُجَالِدُونَ بِأَسْیَافِهِمْ

ص: 578

وَ یُهْرِقُونَ دِمَاءَهُمْ دُونَهُ یَرَوْنَ الْفَضْلَ فِی اتِّبَاعِهِ وَ الشَّقَاءَ فِی خِلَافِهِ فَكَیْفَ یَا لَكَ الْوَیْلُ تَعْدِلُ نَفْسَكَ بِعَلِیٍّ وَ عَلِیٌّ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ وَصِیُّهُ وَ أَبُو وُلْدِهِ وَ أَوَّلُ النَّاسِ لَهُ اتِّبَاعاً وَ آخِرُهُمْ بِهِ عَهْداً یُخْبِرُهُ بِسِرِّهِ وَ یُشْرِكُهُ فِی أَمْرِهِ وَ أَنْتَ عَدُوُّهُ وَ ابْنُ عَدُوِّهِ فَتَمَتَّعْ مَا اسْتَطَعْتَ بِبَاطِلِكَ وَ لْیَمُدَّكَ ابْنُ الْعَاصِی فِی غَوَایَتِكَ وَ كَأَنَّ أَجَلَكَ قَدِ انْقَضَی وَ كَیْدَكَ قَدْ وَهَی ثُمَّ تَسْتَبِینُ لِمَنْ تَكُونُ الْعَاقِبَةُ الْعُلْیَا وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تُكَایِدُ رَبَّكَ الَّذِی قَدْ أَمِنْتَ كَیْدَهُ فِی نَفْسِكَ وَ آیَسْتَ مِنْ رَوْحِهِ وَ هُوَ لَكَ بِالْمِرْصَادِ وَ أَنْتَ مِنْهُ فِی غُرُورٍ وَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَهْلِ رَسُولِهِ عَنْكَ الْغَنَاءُ وَ السَّلامُ عَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِیَةُ كَتَبَ إِلَیْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ الزَّارِی عَلَی أَبِیهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِیهِ مَا اللَّهُ أَهْلُهُ مِنْ سُلْطَانِهِ وَ قُدْرَتِهِ وَ مَا اصْطَفَی بِهِ رَسُولَهُ مَعَ كَلَامٍ أَلَّفْتَهُ وَ وَضَعْتَهُ لِرَأْیِكَ فِیهِ تَضْعِیفٌ وَ لِأَبِیكَ فِیهِ تَعْنِیفٌ وَ ذَكَرْتَ فَضْلَ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ قَدِیمَ سَوَابِقِهِ وَ قَرَابَتَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نُصْرَتَهُ لَهُ وَ مُوَاسَاتَهُ إِیَّاهُ فِی كُلِّ خَوْفٍ وَ هَوْلٍ فَكَانَ احْتِجَاجُكَ عَلَیَّ وَ عَیْبَكَ لِی بِفَضْلِ غَیْرِكَ لَا بِفَضْلِكَ فَأَحْمَدُ رَبّاً صَرَفَ ذَلِكَ الْفَضْلَ عَنْكَ وَ جَعَلَهُ لِغَیْرِكَ فَقَدْ كُنَّا وَ أَبُوكَ مَعَنَا فِی حَیَاةِ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله نَرَی حَقَّ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ لَازِماً لَنَا وَ فَضْلَهُ مُبَرِّزاً عَلَیْنَا حَتَّی اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ مَا عِنْدَهُ فَأَتَمَّ لَهُ وَعْدَهُ وَ أَظْهَرَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَ أَفْلَجَ لَهُ حُجَّتَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ ابْتَزَّهُ حَقَّهُ أَبُوكَ وَ فَارُوقُهُ وَ خَالَفَاهُ فِی أَمْرِهِ عَلَی ذَلِكَ اتَّفَقَا وَ اتَّسَقَا ثُمَّ دَعَوَاهُ لِیُبَایِعَهُمَا وَ أَبْطَأَ عَنْهُمَا وَ تَلَكَّأَ عَلَیْهِمَا فَهَمَّا بِهِ الْهُمُومَ وَ أَرَادَا بِهِ الْعَظِیمَ ثُمَّ إِنَّهُ بَایَعَ لَهُمَا وَ سَلَّمَ فَلَمْ یُشْرِكَاهُ فِی أَمْرِهِمَا وَ لَمْ یُطْلِعَاهُ عَلَی سِرِّهِمَا حَتَّی قُبِضَا عَلَی ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ ثَالِثُهُمَا مِنْ بَعْدِهِمَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَاقْتَدَی بِهَدْیِهِمَا فَعِبْتَهُ أَنْتَ وَ صَاحِبُكَ حَتَّی طَمِعَ فِیهِ الْأَقَاصِی مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِی وَ بَطَنْتُمَا لَهُ وَ أَظْهَرْتُمَا لَهُ الْعَدَاوَةَ حَتَّی بَلَغْتُمَا فِیهِ مُنَاكُمَا فَخُذْ حِذْرَكَ یَا ابْنَ أَبِی بَكْرٍ فَسَتَرَی وَبَالَ أَمْرِكَ

ص: 579

وَ قِسْ شِبْرَكَ بِفَتْرِكَ فَكَیْفَ تُوَازِی مَنْ لَا یُوَازِنُ الْجِبَالُ حِلْمَهُ وَ لَا تَعِبْ مَنْ مَهَّدَ لَهُ أَبُوكَ مِهَادَهُ وَ طَرَحَ لِمُلْكِهِ وِسَادَهُ فَإِنْ یَكُنْ مَا نَحْنُ فِیهِ صَوَاباً فَأَبُوكَ فِیهِ أَوَّلُ وَ نَحْنُ فِیهِ تَبَعٌ وَ إِنْ یَكُنْ جَوْراً فَأَبُوكَ أَوَّلُ مَنْ أَسَّسَ بِنَاهُ فَبِهُدَاهُ اقْتَدَیْنَا وَ بِفِعْلِهِ احْتَذَیْنَا وَ لَوْ لَا مَا سَبَقَنَا إِلَیْهِ أَبُوكَ مَا خَالَفْنَا عَلِیّاً وَ لَسَلَّمْنَا إِلَیْهِ وَ لَكِنْ عِبْ أَبَاكَ بِمَا شِئْتَ أَوْ دَعْهُ وَ السَّلَامُ عَلَی مَنْ أَنَابَ وَ رَجَعَ عَنْ غَوَایَتِهِ وَ تَابَ.

أقول: روی الكتاب و الجواب نصر بن مزاحم فی كتاب صفین بأدنی اختلاف أومأنا إلی بعضه (1)

«725»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا قَلَّدَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ مِصْرَ فَمُلِكَتْ عَلَیْهِ وَ قُتِلَ وَ قَدْ أَرَدْتُ تَوْلِیَةَ مِصْرَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ وَ لَوْ وَلَّیْتُهُ إِیَّاهَا لَمَا خَلَّی لَهُمُ الْعَرْصَةَ وَ لَا أَنْهَزَ لَهُمُ الْفُرْصَةَ بِلَا ذَمٍّ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ فَلَقَدْ كَانَ إِلَیَّ حَبِیباً وَ كَانَ لِی رَبِیباً.

بیان: قوله لما قلد أی جعله والیها كأن ولایتها قلادة فی عنقه لأنه مسئول عن خیرها و شرها و یقال ملكه علیه أی أخذه منه قهرا و استولی علیه و إنهاز الفرصة إما تأكید لتخلیة العرصة و المراد بهما تمكین العدو و عدم التدبیر فی دفعه كما ینبغی أو التخلیة كنایة عن الفرار و الإنهاز عن تمكین الأعداء و عدم استحقاق الذم لكون هذا التمكین عن عجزه لا عن التقصیر و التوانی و كان إلی حبیبا أی كنت أحبه و محبوبه علیه السلام لا یستحق الذم و ربیب الرجل ابن امرأته من غیره و أم محمد أسماء بنت عمیس كانت عند جعفر بن أبی طالب و هاجرت معه إلی الحبشة فولدت له هناك عبد اللّٰه و لما

ص: 580


1- 1 رواه فی أواخر الجزء الثانی من كتاب صفّین ص 118، ط مصر. و رواه عنه ابن أبی الحدید فی أواخر شرح المختار: 46 من نهج البلاغة من شرحه ط الحدیث بمصر: ج 3 ص 188، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 1 ص 631. و أشار الطبریّ إلی هذه الكتب و لكن اعتذر عن ذكرها صراحة من أجل كراهة العامّة من ذكر هذا النمط من الحقائق!!!.
2- 725- رواه الشریف الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: 68 من كتاب نهج البلاغة.

استشهد جعفر تزوجها أبو بكر فولدت له محمدا ثم تزوجها أمیر المؤمنین علیه السلام و نشأ محمد فی حجره و رضع الولاء و التشیع و كان جاریا عنده علیه السلام مجری بعض ولده.

و أما هاشم فهو ابن عتبة بن أبی وقاص و هو المرقال سمی به لأنه كان یرقل فی الحرب أی یسرع قتل بصفین رضی اللّٰه عنه.

«726»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ فَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَكَ وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ ابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَ آسِ بَیْنَهُمْ فِی اللَّحْظَةِ وَ النَّظْرَةِ حَتَّی لَا یَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِی حَیْفِكَ لَهُمْ وَ لَا یَیْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ عَلَیْهِمْ وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یُسَائِلُكُمْ مَعْشَرَ عِبَادِهِ عَنِ الصَّغِیرَةِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَ الْكَبِیرَةِ وَ الظَّاهِرَةِ وَ الْمَسْتُورَةِ فَإِنْ یُعَذِّبْ فَأَنْتُمْ أَظْلَمُ وَ إِنْ یَعْفُ فَهُوَ أَكْرَمُ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُتَّقِینَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الدُّنْیَا وَ آجِلِ الْآخِرَةِ فَشَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ وَ لَمْ یُشَارِكْهُمْ أَهْلُ الدُّنْیَا فِی آخِرَتِهِمْ سَكَنُوا الدُّنْیَا بِأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ وَ أَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتْ فَحَظُوا مِنَ الدُّنْیَا بِمَا حَظِیَ بِهِ الْمُتْرَفُونَ وَ أَخَذُوا مِنْهَا مَا أَخَذَتِ الْجَبَابِرَةُ الْمُتَكَبِّرُونَ ثُمَّ انْقَلَبُوا عَنْهَا بِالزَّادِ الْمُبَلِّغِ وَ الْمَتْجَرِ الرَّابِحِ أَصَابُوا لَذَّةَ زُهْدِ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ وَ تَیَقَّنُوا أَنَّهُمْ جِیرَانُ اللَّهِ غَداً فِی آخِرَتِهِمْ لَا تُرَدُّ لَهُمْ دَعْوَةٌ وَ لَا یُنْقَصُ لَهُمْ نَصِیبٌ مِنْ لَذَّةٍ فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ الْمَوْتَ وَ قُرْبَهُ وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّهُ یَأْتِی بِأَمْرٍ عَظِیمٍ وَ خَطْبٍ جَلِیلٍ بِخَیْرٍ لَا یَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ أَبَداً أَوْ شَرٍّ لَا یَكُونُ مَعَهُ خَیْرٌ أَبَداً فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَی الْجَنَّةِ مِنْ عَامِلِهَا وَ مَنْ أَقْرَبُ إِلَی النَّارِ مِنْ عَامِلِهَا وَ إِنَّكُمْ طُرَدَاءُ الْمَوْتِ إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ وَ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ وَ هُوَ أَلْزَمُ لَكُمْ مِنْ ظِلِّكُمْ الْمَوْتُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِیكُمْ وَ الدُّنْیَا تُطْوَی مِنْ خَلْفِكُمْ فَاحْذَرُوا نَاراً قَعْرُهَا بَعِیدٌ وَ حَرُّهَا شَدِیدٌ وَ عَذَابُهَا جَدِیدٌ دَارٌ لَیْسَ فِیهَا رَحْمَةٌ

ص: 581


1- 726- رواه السیّد الرضیّ رضی اللّٰه عنه فی المختار: 26 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

وَ لَا تُسْمَعُ فِیهَا دَعْوَةٌ وَ لَا تُفَرَّجُ فِیهَا كُرْبَةٌ وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ یَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ أَنْ یَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِهِ فَاجْمَعُوا بَیْنَهُمَا فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا یَكُونُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ عَلَی قَدْرِ خَوْفِهِ مِنْ رَبِّهِ وَ إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ ظَنّاً بِاللَّهِ أَشَدُّهُمْ خَوْفاً لِلَّهِ وَ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ أَنِّی قَدْ وَلَّیْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادِی فِی نَفْسِی أَهْلَ مِصْرَ فَأَنْتَ مَحْقُوقٌ أَنْ تُخَالِفَ عَلَی نَفْسِكَ وَ أَنْ تُنَافِحَ عَنْ دِینِكَ وَ لَوْ لَمْ یَكُنْ لَكَ إِلَّا سَاعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ فَلَا تُسْخِطِ اللَّهَ بِرِضَاءِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّ فِی اللَّهِ خَلَفاً مِنْ غَیْرِهِ وَ لَیْسَ مِنَ اللَّهِ خَلَفٌ فِی غَیْرِهِ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا الْمُوَقَّتِ وَ لَا تُعَجِّلْ وَقْتَهَا لِفَرَاغٍ وَ لَا تُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا لِاشْتِغَالٍ وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ مِنْ عَمَلِكَ تَبَعٌ لِصَلَاتِكَ وَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا سَوَاءَ إِمَامُ الْهُدَی وَ إِمَامُ الرَّدَی وَ وَلِیُّ النَّبِیِّ وَ عَدُوُّ النَّبِیِّ وَ لَقَدْ قَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی لَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی مُؤْمِناً وَ لَا مُشْرِكاً أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَیَمْنَعُهُ اللَّهُ بِإِیمَانِهِ وَ أَمَّا الْمُشْرِكُ فَیَقْمَعُهُ اللَّهُ بِشِرْكِهِ وَ لَكِنِّی أَخَافُ عَلَیْكُمْ كُلَّ مُنَافِقِ الْجَنَانِ عَالِمِ اللِّسَانِ یَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ وَ یَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ.

بیان: قوله علیه السلام و آس بینهم قال ابن الأثیر فی مادة أسا من النهایة الأسوة و المؤاساة المساهمة و المشاركة فی المعاش و الرزق و أصلها الهمزة فقلبت واوا تخفیفا و منه

حدیث علی علیه السلام آس بینهم فی اللحظة و النظرة.

أی اجعل كل واحد منهم أسوة خصمه و قال ابن أبی الحدید نبه بذلك علی وجوب أن یجعلهم أسوة فی جمیع ما عدا ذلك من العطاء و الإنعام و التقریب كقوله تعالی فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ و قال فی قوله علیه السلام فی حیفك لهم الضمیر فی لهم راجع إلی رعیته لا إلی العظماء و قد كان سبق ذكرهم فی أول الخطبة أی حتی لا یطمع العظماء فی أن تتحیف الرعیة و تظلمهم و تدفع أموالهم إلیهم و یجوز أن یرجع الضمیر إلی العظماء أی حتی لا یطمع العظماء فی جورك فی القسم الذی إنما تفعله لهم و لأجلهم انتهی و الحیف یكون بمعنی المیل عن القصد و بمعنی الظلم

ص: 582

و الثانی بالأول و الأول بالثانی أنسب.

قوله علیه السلام فأنتم أظلم أی من أن لا تعذبوا أو لا تستحقوا العقاب و إن یعف فهو أكرم من أن لا یعفو أو یستغرب منه العفو.

أو المعنی أنه سبحانه إن عذب فظلمكم أكثر من عذابه و لا یعاقبكم بمقدار الذنب و إن یعف فكرمه أكثر من ذلك العفو و یقدر علی أكثر منه و ربما یفعل أعظم منه.

و قال ابن أبی الحدید أی أنتم الظالمون كقوله تعالی وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَیْهِ و كقولهم اللّٰه أكبر.

و قال ابن میثم و یحتمل أن یكون قد سمی ما یجازیهم من العذاب ظلما مجازا لمشابهة الظلم فی الصورة كما فی قوله تعالی فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْكُمْ فصدق إذن اسم التفضیل لابتدائهم بالمعصیة انتهی.

و قوله سكنوا الدنیا بیان لقوله ذهبوا و قال ابن میثم و إنما كان ما فعلوا أفضل لأنهم استعملوها علی الوجه الذی ینبغی لهم و أمروا باستعمالها علیه و ظاهر أن ذلك أفضل الوجوه و هو الأخذ من لذات الدنیا المباحة لهم بقدر ضرورتهم و حاجتهم بل نقول إن لذتهم بما استعملوا منها أتم و أكمل و ذلك أن كل ما استعملوه من مأكول و مشروب و منكوح و مركوب إنما كان عند الحاجة و الضرورة و كلما كان الحاجة إلی الملذات أتم كانت اللذة أقوی و أعظم.

أقول: و یحتمل أن تكون الأفضلیة باعتبار أن المتقین لما كان مصروفهم من الحلال لا یخافون علیه عقابا و غیرهم لما كان ما ینتفعون به حراما أو مخلوطا یخشون العقوبة علیه و هذا مما یكدر عیشهم و عامل الجنة من یعمل الأعمال المؤدیة إلیها و كذا عامل النار.

و الطرداء بضم الطاء و فتح الراء جمع طرید أی یطردكم عن أوطانكم و یخرجكم منها و قال فی النهایة فیه كنت أطارد حیة أی أخادعها لأصیدها و منه طراد الصید.

ص: 583

قوله علیه السلام معقود بنواصیكم أی ملازم لكم.

قوله علیه السلام و إن أحسن الناس ظنا التلازم بینهما لكونهما لازمین للمعرفة فكلما صارت هذه المعرفة أكمل و العلم بجلالته سبحانه أتم كان حسن الظن و الخوف أبلغ.

قوله علیه السلام أعظم أجنادی أی عساكری و أعوانی و أقالیمی و بلدانی قال ابن أبی الحدید یقال للأقالیم و الأطراف أجناد.

و قال الجوهری الجند الأعوان و الأنصار و الشام خمسة أجناد دمشق و حمص و قنسرین و أردن و فلسطین یقال لكل مدینة منها جند و الظاهر هو الأول لقوله أهل مصر فأنت محقوق أی حقیق و جدیر.

و قال فی النهایة المنافحة و المكافحة المدافعة و المضاربة و منه

حدیث علی علیه السلام فی صفین نافحوا بالظبی.

أی قاتلوا بالسیف و أصله أن یقرب أحد المتقاتلین من الآخر بحیث یصل نفح كل واحد منهما إلی صاحبه و هی ریحه و نفسه و قال اللّٰهم أعط كل منفق خلفا أی عوضا.

و المراد بإمام الردی معاویة كقوله تعالی وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَدْعُونَ إِلَی النَّارِ و كذا هو المراد بعدو النبی قال ابن أبی الحدید لأن عدوه علیه السلام عدو النبی لقوله صلی اللّٰه علیه و آله و عدوك عدوی و عدوی عدو اللّٰه و لأن دلائل النفاق كانت ظاهرة علیه من أفعاله و فلتات لسانه.

«727»-(1)كش، رجال الكشی مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُمِّیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ رَجُلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ جَمِیلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّیَّارِ قَالَ: ذَكَرْنَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ عِنْدَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام رَحِمَهُ اللَّهُ وَ صَلَّی عَلَیْهِ قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْماً مِنَ الْأَیَّامِ ابْسُطْ یَدَكَ أُبَایِعْكَ فَقَالَ أَ وَ مَا فَعَلْتَ قَالَ بَلَی

ص: 584


1- 727- رواه أبو عمرو الكشّیّ رحمه اللّٰه فی ترجمة محمّد بن أبی بكر تحت الرقم: 16 من رجاله ص 61 ط النجف.

فَبَسَطَ یَدَهُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامٌ مُفْتَرَضٌ طَاعَتُكَ وَ أَنَّ أَبِی فِی النَّارِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام كَانَ النَّجَابَةُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَیْسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهَا لَا مِنْ قِبَلِ أَبِیهِ.

«728»-(1)ختص، الإختصاص عَنِ ابْنِ الطَّیَّارِ مِثْلَهُ.

«729»-(2)كش، رجال الكشی حَمْدَوَیْهِ بْنُ نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ بَایَعَ عَلِیّاً علیه السلام عَلَی الْبَرَاءَةِ مِنْ أَبِیهِ.

«730»-(3)ختص، الإختصاص أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَامِیُّ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ مِثْلَهُ.

«731»- كش، رجال الكشی حَمْدَوَیْهِ وَ إِبْرَاهِیمُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِیدِ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنْ مُیَسِّرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: بَایَعَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ عَلَی الْبَرَاءَةِ مِنَ الثَّانِی.

«732»- كش، رجال الكشی حَمْدَوَیْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ مُوسَی بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ شُعَیْبٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ مَا مِنْ أَهْلِ بَیْتٍ إِلَّا وَ مِنْهُمْ نَجِیبٌ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَنْجَبُ النُّجَبَاءِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ سَوْءٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ.

«733»-(4)ف، تحف العقول كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی أَهْلِ مِصْرَ بَعْدَ تَسْیِیرِ

ص: 585


1- 728- رواه الشیخ المفید رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 123 فی أوائل كتاب الاختصاص ص 65 ط النجف.
2- 729- رواه أبو عمر الكشّیّ رحمه اللّٰه فی ترجمة محمّد بن أبی بكر.
3- 730- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الحدیث: 124 فی أوائل كتاب الاختصاص ص 65 ط النجف.
4- 733- رواه الحسن بن علیّ بن شعبة رحمه اللّٰه فی ما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب تحف العقول ص 119، ط النجف.

مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ مَا هَذَا مُخْتَصَرُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ وَ أَهْلِ مِصْرَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَصَلَ إِلَیَّ كِتَابُكَ وَ فَهِمْتُ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَ أَعْجَبَنِی اهْتِمَامُكَ بِمَا لَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ وَ مَا لَا یُصْلِحُ الْمُسْلِمِینَ غَیْرُهُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّ الَّذِی أَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْكَ نِیَّةٌ صَالِحَةٌ وَ رَأْیٌ غَیْرُ مَدْخُولٍ أَمَّا بَعْدُ فَعَلَیْكَ بِتَقْوَی اللَّهِ فِی مَقَامِكَ وَ مَقْعَدِكَ وَ سِرِّكَ وَ عَلَانِیَتِكَ وَ إِذَا قَضَیْتَ بَیْنَ النَّاسِ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ وَ لَیِّنْ لَهُمْ جَانِبَكَ وَ ابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ وَ آسِ بَیْنَهُمْ فِی اللَّحْظِ وَ النَّظْرَةِ حَتَّی لَا یَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِی حَیْفِكَ لَهُمْ وَ لَا یَیْأَسَ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْ تَسْأَلَ الْمُدَّعِیَ الْبَیِّنَةَ وَ عَلَی الْمُدَّعَی عَلَیْهِ الْیَمِینُ وَ مَنْ صَالَحَ أَخَاهُ عَلَی صُلْحٍ فَأَجِزْ صُلْحَهُ إِلَّا أَنْ یَكُونَ صُلْحاً یُحَرِّمُ حَلَالًا أَوْ یُحَلِّلُ حَرَاماً وَ آثِرِ الْفُقَهَاءَ وَ أَهْلَ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ وَ الْحَیَاءِ وَ الْوَرَعِ عَلَی أَهْلِ الْفُجُورِ وَ الْكَذِبِ وَ الْغَدْرِ وَ لْیَكُنِ الصَّالِحُونَ الْأَبْرَارُ إِخْوَانَكَ وَ الْفَاجِرُونَ الْغَادِرُونَ أَعْدَاءَكَ فَإِنَّ أَحَبَّ إِخْوَانِی إِلَیَّ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْراً وَ أَشَدُّهُمْ مِنْهُ خَوْفاً وَ أَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ إِنِّی أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فِیمَا أَنْتُمْ عَنْهُ مَسْئُولُونَ وَ عَمَّا أَنْتُمْ إِلَیْهِ صَائِرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِی كِتَابِهِ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِینَةٌ وَ قَالَ وَ یُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَی اللَّهِ الْمَصِیرُ وَ قَالَ فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ عَمَّا كانُوا یَعْمَلُونَ فَعَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ مِنَ الْخَیْرِ مَا لَا یَجْمَعُ غَیْرُهَا وَ یُدْرَكُ بِهَا مِنَ الْخَیْرِ مَا لَا یُدْرَكُ بِغَیْرِهَا مِنْ خَیْرِ الدُّنْیَا وَ خَیْرِ الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ وَ قِیلَ لِلَّذِینَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَیْراً لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَةٌ وَ لَدارُ الْآخِرَةِ خَیْرٌ وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِینَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُتَّقِینَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الْخَیْرِ وَ آجِلِهِ شَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْیَا فِی دُنْیَاهُمْ وَ لَمْ یُشَارِكْهُمْ أَهْلُ الدُّنْیَا فِی آخِرَتِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَةَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ

ص: 586

الرِّزْقِ سَكَنُوا الدُّنْیَا بِأَحْسَنِ مَا سُكِنَ فَأَكَلُوهَا بِأَحْسَنِ مَا أُكِلَتْ وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ إِذَا اتَّقَیْتُمُ اللَّهَ وَ حَفِظْتُمْ نَبِیَّكُمْ فِی أَهْلِهِ فَقَدْ عَبَدْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ عِبَادَتِهِ وَ ذَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا ذُكِرَ وَ شَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا شُكِرَ وَ قَدْ أَخَذْتُمْ بِأَفْضَلِ الصَّبْرِ وَ الشُّكْرِ وَ اجْتَهَدْتُمْ بِأَفْضَلِ الِاجْتِهَادِ وَ إِنْ كَانَ غَیْرُكُمْ أَطْوَلَ مِنْكُمْ صَلَاةً وَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ صِیَاماً وَ صَدَقَةً إِذْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ أَوْفَی لِلَّهِ وَ أَنْصَحَ لِأَوْلِیَاءِ اللَّهِ وَ مَنْ هُوَ وَلِیُّ الْأَمْرِ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ احْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ الْمَوْتَ وَ قُرْبَهُ وَ كَرْبَهُ وَ سَكَرَاتِهِ وَ أَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ فَإِنَّهُ یَأْتِی بِأَمْرٍ عَظِیمٍ بِخَیْرٍ لَا یَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ وَ بِشَرٍّ لَا یَكُونُ مَعَهُ خَیْرٌ أَبَداً فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَی الْجَنَّةِ مِنْ عَامِلِهَا وَ أَقْرَبُ إِلَی النَّارِ مِنْ أَهْلِهَا فَأَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ عِنْدَ مَا تُنَازِعُكُمْ إِلَیْهِ أَنْفُسُكُمْ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَنْ لَمْ یَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ وَ یَرْحَمْهُ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ وَ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدُ أَنِّی وَلَّیْتُكَ أَعْظَمَ أَجْنَادِی فِی نَفْسِی أَهْلَ مِصْرَ وَ أَنْتَ مَحْقُوقٌ أَنْ تَخَافَ عَلَی نَفْسِكَ وَ أَنْ تَحْذَرَ فِیهِ عَلَی دِینِكَ وَ إِنْ لَمْ یَكُنْ لَكَ إِلَّا سَاعَةٌ مِنَ النَّهَارِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُسْخِطَ رَبَّكَ بِرِضَا أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَافْعَلْ فَإِنَّ فِی اللَّهِ خَلَفاً مِنْ غَیْرِهِ وَ لَا فِی شَیْ ءٍ خَلَفٌ مِنَ اللَّهِ اشْدُدْ عَلَی الظَّالِمِ وَ خُذْ عَلَی یَدَیْهِ وَ لِنْ لِأَهْلِ الْخَیْرِ وَ قَرِّبْهُمْ مِنْكَ وَ اجْعَلْهُمْ بِطَانَتَكَ وَ إِخْوَانَكَ ثُمَّ انْظُرْ صَلَاتَكَ كَیْفَ هِیَ فَإِنَّكَ إِمَامٌ وَ لَیْسَ مِنْ إِمَامٍ یُصَلِّی بِقَوْمٍ فَیَكُونُ فِی صَلَاتِهِمْ تَقْصِیرٌ إِلَّا كَانَ عَلَیْهِ أَوْزَارُهُمْ وَ لَا یَنْتَقِصُ مِنْ صَلَاتِهِمْ شَیْ ءٌ وَ لَا یُتَمِّمُهَا إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ وَ لَا یَنْتَقِصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَیْ ءٌ وَ انْظُرِ الْوُضُوءَ فَإِنَّهُ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَیْ ءٍ مِنْ عَمَلِكَ تَابِعٌ لِصَلَاتِكَ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ ضَیَّعَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ لِغَیْرِ الصَّلَاةِ

ص: 587

مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ أَضْیَعُ وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ یَا أَهْلَ مِصْرَ أَنْ یُصَدِّقَ قَوْلَكُمْ فِعْلُكُمُ وَ سِرَّكُمْ عَلَانِیَتُكُمْ وَ لَا تُخَالِفَ أَلْسِنَتَكُمْ أَفْعَالُكُمْ فَافْعَلُوا وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی لَا أَخَافُ عَلَی أُمَّتِی مُؤْمِناً وَ لَا مُشْرِكاً أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَیَمْنَعُهُ اللَّهُ بِإِیمَانِهِ وَ أَمَّا الْمُشْرِكُ فَیُخْزِیهِ اللَّهُ وَ یَقْمَعُهُ (1)بِشِرْكِهِ وَ لَكِنْ أَخَافُ عَلَیْكُمْ كُلَّ مُنَافِقٍ حُلْوِ اللِّسَانِ یَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ وَ یَفْعَلُ مَا تُنْكِرُونَ لَیْسَ بِهِ خَفَاءٌ وَ قَدْ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَاتُهُ وَ سَاءَتْهُ سَیِّئَاتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ حَقّاً وَ كَانَ یَقُولُ صلی اللّٰه علیه و آله خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِی مُنَافِقٍ حُسْنُ سَمْتٍ وَ فِقْهٌ فِی سُنَّةٍ وَ اعْلَمْ یَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَفْضَلَ الْفِقْهِ الْوَرَعُ فِی اللَّهِ وَ الْعَمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ أَعَانَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ عَلَی شُكْرِهِ وَ ذِكْرِهِ وَ أَدَاءِ حَقِّهِ وَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ إِنَّهُ سَمِیعٌ قَرِیبٌ وَ اعْلَمْ أَنَّ الدُّنْیَا دَارُ بَلَاءٍ وَ فَنَاءٍ وَ الْآخِرَةَ دَارُ بَقَاءٍ وَ جَزَاءٍ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُؤْثِرَ مَا یَبْقَی عَلَی مَا یَفْنَی فَافْعَلْ رَزَقَنَا اللَّهُ بَصَرَ مَا بَصَّرَنَا وَ فَهْمَ مَا فَهَّمَنَا حَتَّی لَا نُقَصِّرَ عَمَّا أَمَرَنَا وَ لَا نَتَعَدَّی إِلَی مَا نَهَانَا عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ نَصِیبِكَ مِنَ الدُّنْیَا وَ أَنْتَ إِلَی نَصِیبِكَ مِنَ الْآخِرَةِ أَحْوَجُ فَإِنْ عَرَضَ لَكَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا لِلْآخِرَةِ وَ الْآخَرُ لِلدُّنْیَا فَابْدَأْ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُعْظِمَ رَغْبَتَكَ لِلْخَیْرِ وَ تُحْسِنَ فِیهِ نِیَّتَكَ فَافْعَلْ فَإِنَّ اللَّهَ یُعْطِی الْعَبْدَ عَلَی قَدْرِ نِیَّتِهِ إِذَا أَحَبَّ الْخَیْرَ وَ أَهْلَهُ وَ إِنْ لَمْ یَفْعَلْهُ كَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَنْ فَعَلَهُ ثُمَّ إِنِّی أُوصِیكَ بِتَقْوَی اللَّهِ ثُمَّ بِسَبْعِ خِصَالٍ هُنَّ جَوَامِعُ الْإِسْلَامِ

ص: 588


1- 1 كذا فی أصلی ط الكمبانیّ، و فی كتاب تحف العقول ط بیروت: «فیخزیه اللّٰه و یقمعه».

تَخْشَی اللَّهَ وَ لَا تَخْشَی النَّاسَ فِی اللَّهِ وَ إِنَّ خَیْرَ الْقَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الْفِعْلُ وَ لَا تَقْضِ فِی أَمْرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَیْنِ فَیَخْتَلِفَ عَلَیْكَ أَمْرُكَ وَ تَزِلَّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَحِبَّ لِعَامَّةِ رَعِیَّتِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ اكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَ أَهْلِ بَیْتِكَ وَ الْزَمِ الْحُجَّةَ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَصْلِحْ رَعِیَّتَكَ وَ خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَی الْحَقِّ وَ لَا تَخَفْ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَ أَقِمْ وَجْهَكَ وَ انْصَحْ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إِذَا اسْتَشَارَكَ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ أُسْوَةً لِقَرِیبِ الْمُسْلِمِینَ وَ بَعِیدِهِمْ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلی ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

أقول: سیأتی مع شرحه إن شاء اللّٰه بإسناد آخر فی باب مواعظه (1)صلوات اللّٰه علیه بتغییر و زیادة و قد مر بروایة ابن أبی الحدید أیضا (2)

«734»-(3)ختص، الإختصاص الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِیُّ الْمُحَمَّدِیُّ وَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ زَنْجَوَیْهِ جَمِیعاً عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی مُعَاوِیَةَ الضَّرِیرِ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ذِی الْجَنَاحَیْنِ قَالَ: لَمَّا جَاءَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مُصَابُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ حَیْثُ قَتَلَهُ مُعَاوِیَةُ بْنُ خَدِیجٍ السَّكُونِیُّ بِمِصْرَ جَزِعَ عَلَیْهِ جَزَعاً شَدِیداً وَ قَالَ مَا أَخْلَقَ مِصْرَ أَنْ یُذْهَبَ آخِرَ الدَّهْرِ فَلَوَدِدْتُ أَنِّی وَجَدْتُ رَجُلًا یَصْلَحُ لَهَا فَوَجَّهْتُهُ إِلَیْهَا فَقُلْتُ تَجِدُ فَقَالَ مَنْ قُلْتُ الْأَشْتَرَ قَالَ ادْعُهُ لِی فَدَعَوْتُهُ فَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ وَ كَتَبَ مَعَهُ

ص: 589


1- 1 و انظر الحدیث: 11 من باب مواعظ أمیر المؤمنین علیه السلام من ج 17، ص 101، ط الكمبانیّ، و فی ط الحدیث: ج 77 و ص 387. للمصنف ان یحقق هذه الامنیة فبقی من دون شرح.
2- 2 تقدم فی آخر الحدیث الأول من هذا الباب، فلاحظ.
3- 734- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الحدیث: 135 فی أوائل كتاب الاختصاص ص 75 ط النجف، و فی ط طهران، ص 79. و للكتاب مصادر أخر یجد الباحث كثیرا منها فی المختار: 124 من باب الكتب من نهج السعادة: ج 5 ص 52 ط 1.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِلَی الْمَلَإِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ الَّذِینَ غَضِبُوا لِلَّهِ حِینَ عُصِیَ فِی الْأَرْضِ وَ ضَرَبَ الْجَوْرُ بِأَرْوَاقِهِ عَلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ فَلَا حَقٌّ یُسْتَرَاحُ إِلَیْهِ وَ لَا مُنْكَرٌ یُتَنَاهَی عَنْهُ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ وَجَّهْتُ إِلَیْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَا یَنَامُ أَیَّامَ الْخَوْفِ وَ لَا یَنْكُلُ عَنِ الْأَعْدَاءِ حِذَارَ الدَّوَائِرِ أَشَدَّ عَلَی الْفُجَّارِ مِنْ حَرِیقِ النَّارِ وَ هُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ أَخُو مَذْحِجٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِیعُوا فَإِنَّهُ سَیْفٌ مِنْ سُیُوفِ اللَّهِ لَا نَابِی الضَّرِیبَةِ وَ لَا كَلِیلُ الْحَدِّ فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا فَانْفِرُوا وَ إِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِیمُوا فَأَقِیمُوا وَ إِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُحْجِمُوا فَأَحْجِمُوا فَإِنَّهُ لَا یُقْدِمُ وَ لَا یُحْجِمُ إِلَّا بِأَمْرِی وَ قَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَی نَفْسِی لِنَصِیحَتِهِ لَكُمْ وَ شِدَّةِ شَكِیمَتِهِ عَلَی عَدُوِّكُمْ عَصَمَكُمْ رَبُّكُمْ بِالْهُدَی وَ ثَبَّتَكُمْ بِالْیَقِینِ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا تَأْخُذْ عَلَی السَّمَاوَةِ فَإِنِّی أَخَافُ عَلَیْكُمْ مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابَهُ وَ لَكِنَّ الطَّرِیقَ الْأَعْلَی فِی الْبَادِیَةِ حَتَّی تَخْرُجَ إِلَی أَیْلَةَ (1)ثُمَّ سَاحِلْ مَعَ الْبَحْرِ حَتَّی تَأْتِیَهَا فَفَعَلَ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَی أَیْلَةَ وَ خَرَجَ مِنْهَا صَحِبَهُ نَافِعٌ مَوْلَی عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَخَدَمَهُ وَ أَلْطَفَهُ حَتَّی أَعْجَبَهُ شَأْنُهُ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ قَالَ مِنْ أَیِّهِمْ قَالَ مَوْلَی عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ وَ أَیْنَ تُرِیدُ قَالَ مِصْرَ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ بِهَا قَالَ أُرِیدُ أَنْ أَشْبَعَ مِنَ الْخُبْزِ فَإِنَّا لَا نَشْبَعُ بِالْمَدِینَةِ فَرَقَّ لَهُ الْأَشْتَرُ وَ قَالَ لَهُ الْزَمْنِی فَإِنِّی سَأُجِیبُكَ بِخُبْزٍ فَلَزِمَهُ حَتَّی بَلَغَ الْقُلْزُمَ وَ هُوَ مِنْ مِصْرَ عَلَی لَیْلَةٍ فَنَزَلَ عَلَی امْرَأَةٍ مِنْ جُهَیْنَةَ فَقَالَتْ أَیُّ الطَّعَامِ أَعْجَبُ بِالْعِرَاقِ فَأُعَالِجَهُ لَكُمْ قَالَ الْحِیتَانُ الطَّرِیَّةُ فَعَالَجَتْهَا لَهُ فَأَكَلَ وَ قَدْ كَانَ ظَلَّ صَائِماً فِی یَوْمٍ حَارٍّ فَأَكْثَرَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ فَجَعَلَ لَا یَرْوَی فَأَكْثَرَ مِنْهُ حَتَّی نَعَرَ یَعْنِی انْتَفَخَ بَطْنُهُ مِنْ كَثْرَةِ شُرْبِهِ فَقَالَ لَهُ نَافِعٌ إِنَّ هَذَا الطَّعَامَ الَّذِی أَكَلْتَ لَا یَقْتُلُ سَمَّهُ إِلَّا الْعَسَلُ فَدَعَا بِهِ مِنْ ثِقْلِهِ فَلَمْ یُوجَدْ قَالَ لَهُ نَافِعٌ هُوَ عِنْدِی فَآتِیكَ بِهِ قَالَ نَعَمْ فَأْتِنِی بِهِ فَأَتَی رَحْلَهُ فَحَاضَرَ شَرْبَةً مِنْ عَسَلٍ بِسَمٍّ قَدْ كَانَ مَعَهُ أَعَدَّهُ لَهُ فَأَتَاهُ بِهَا فَشَرِبَهَا فَأَخَذَهُ الْمَوْتُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ انْسَلَّ نَافِعٌ فِی ظُلْمَةِ

ص: 590


1- 1 بفتح الهمزة، مدینة علی ساحل بحر القلزم ممّا یلی الشام.

اللَّیْلِ فَأَمَرَ بِهِ الْأَشْتَرُ أَنْ یُطْلَبَ فَطُلِبَ فَلَمْ یُصَبْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَ كَانَ لِمُعَاوِیَةَ بِمِصْرَ عَیْنٌ یُقَالُ لَهُ مَسْعُودُ بْنُ رَجْرَجَةَ فَكَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بِهَلَاكِ الْأَشْتَرِ فَقَامَ مُعَاوِیَةُ خَطِیباً فِی أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ عَلِیّاً كَانَ لَهُ یَمِینَانِ قُطِعَتْ أَحَدُهُمَا بِصِفِّینَ یَعْنِی عَمَّاراً وَ الْأُخْرَی الْیَوْمَ إِنَّ الْأَشْتَرَ مَرَّ بِأَیْلَةَ مُتَوَجِّهاً إِلَی مِصْرَ فَصَحِبَهُ نَافِعٌ مَوْلَی عُثْمَانَ فَخَدَمَهُ وَ أَلْطَفَهُ حَتَّی أَعْجَبَهُ وَ اطْمَأَنَّ إِلَیْهِ فَلَمَّا نَزَلَ الْقُلْزُمَ حَاضَرَ لَهُ شَرْبَةً مِنْ عَسَلٍ بِسَمٍّ فَسَقَاهَا لَهُ فَمَاتَ أَلَا وَ إِنَّ لِلَّهِ جُنُوداً مِنْ عَسَلٍ.

بیان: قال الجوهری الأرواق الفساطیط یقال ضرب فلان روقه بموضع كذا إذا نزل به و ضرب خیمته و فی الحدیث حین ضرب الشیطان روقه و مد أطنابه یقال ألقی فلان علیك أرواقه و شراشره و هو أن یحبه حبا شدیدا و قال الساحل شاطئ البحر و قد ساحل القوم إذا أخذوا علی الساحل.

قوله حتی نعر فی بعض النسخ بالغین المعجمة قال فی النهایة نغرت القدر تنغر غلت و فی القاموس نغر من الماء كفرح أكثر و فی بعضها بالمهملة من نعر بمعنی صوت و الأول أظهر و لعل ما فی الخبر بیان لحاصل المعنی.

«735»-(1)ختص، الإختصاص أَحْمَدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِیِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِیبٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ عَلِیٍّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ جُبَیْرٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ عَوَانَةَ قَالَ: لَمَّا جَاءَ هَلَاكُ الْأَشْتَرِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ قَدْ قَضَی نَحْبَهُ وَ أَوْفَی عَهْدَهُ وَ لَقِیَ رَبَّهُ فَرَحِمَ اللَّهُ مَالِكاً لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنْداً وَ لَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً

ص: 591


1- 735- رواه الشیخ المفید رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: 136 فی أوائل كتاب الاختصاص ص 81، و فی طبع النجف: ص 75. و للحدیث مصادر جمة یجد الطالب كثیرا منها فی ذیل المختار: 280 و توالیه من باب الكتب من نهج السعادة: ج 2 ص 460 ط 1.

لِلَّهِ مَالِكٌ وَ مَا مَالِكٌ وَ هَلْ قَامَتِ النِّسَاءُ عَنْ مِثْلِ مَالِكٍ وَ هَلْ مَوْجُودٌ كَمَالِكٍ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ وَ دَخَلَ الْقَصْرَ أَقْبَلَ عَلَیْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَیْشٍ فَقَالُوا لَشَدَّ مَا جَزِعْتَ عَلَیْهِ وَ لَقَدْ هَلَكَ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ هَلَاكُهُ قَدْ أَعَزَّ أَهْلَ الْمَغْرِبِ وَ أَذَلَّ أَهْلَ الْمَشْرِقِ قَالَ وَ بَكَی عَلَیْهِ أَیَّاماً وَ حَزِنَ عَلَیْهِ حُزْناً شَدِیداً وَ قَالَ لَا أَرَی مِثْلَهُ بَعْدَهُ أَبَداً.

«736»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ إِنَّ حُزْنَنَا عَلَیْهِ عَلَی قَدْرِ سُرُورِهِمْ بِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ نَقَصُوا بَغِیضاً وَ نَقَصْنَا حَبِیباً.

«737»-(2)وَ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ جَاءَهُ نَعْیُ الْأَشْتَرِ مَالِكٌ وَ مَا مَالِكٌ لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنْداً وَ لَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً لَا یَرْتَقِیهِ الْحَافِرُ وَ لَا یُوفِی عَلَیْهِ الطَّائِرُ.

قوله علیه السلام الفند هو المنفرد من الجبال.

توضیح:

قال فی النهایة الفند من الجبل أنفه الخارج منه و منه

حدیث علی علیه السلام لو كان جبلا لكان فندا.

و قیل هو المنفرد من الجبال.

و قال ابن أبی الحدید إنما قال علیه السلام لو كان جبلا لكان فندا لأن الفند قطعة من الجبل طولا و لیس الفند القطعة من الجبل كیف ما كانت و لذلك قال علیه السلام لا یرتقیه الحافر لأن القطعة المأخوذة من الجبل طولا فی دقة لا سبیل للحافر إلی صعودها و لو أخذت عرضا لأمكن صعودها ثم وصف علیه السلام تلك القطعة بالعلو العظیم فقال و لا یوفی علیه الطائر أی لا یصعد علیه یقال أوفی فلان علی الجبل أی أشرف.

«738»-(3)كش، رجال الكشی ذُكِرَ أَنَّهُ لَمَّا نُعِیَ الْأَشْتَرُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام تَأَوَّهَ

ص: 592


1- 736- رواه السیّد الرضیّ رحمه اللّٰه فی المختار: 325 من الباب الثالث من كتاب نهج البلاغة.
2- 737- رواه الشریف الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: 443 من قصار كلام أمیر المؤمنین فی كتاب نهج البلاغة.
3- 738- رواه الكشّیّ رضوان اللّٰه علیه فی ترجمة مالك الأشتر رفع اللّٰه مقامه من رجاله.

حُزْناً ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ مَالِكاً وَ مَا مَالِكٌ عَزَّ عَلَیَّ بِهِ هَالِكاً لَوْ كَانَ صَخْراً لَكَانَ صَلْداً وَ لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنْداً وَ كَأَنَّهُ قُدَّ مِنِّی قَدّاً.

«739»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا بَلَغَهُ تَوَجُّدُهُ مِنْ عَزْلِهِ بِالْأَشْتَرِ عَنْ مِصْرَ ثُمَّ تُوُفِّیَ الْأَشْتَرُ فِی تَوَجُّهِهِ إِلَی مِصْرَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَیْهَا وَ قَدْ بَلَغَتْنِی مَوْجِدَتُكَ مِنْ تَسْرِیحِ الْأَشْتَرِ إِلَی عَمَلِكَ وَ إِنِّی لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ فِی الْجُهْدِ وَ لَا ازْدِیَاداً لَكَ فِی الْجِدِّ وَ لَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ یَدِكَ مِنْ سُلْطَانِكَ لَوَلَّیْتُكَ مَا هُوَ أَیْسَرُ عَلَیْكَ مَئُونَةً وَ أَعْجَبُ إِلَیْكَ وِلَایَةً إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِی كُنْتُ وَلَّیْتُهُ أَمْرَ مِصْرَ كَانَ رَجُلًا لَنَا نَاصِحاً وَ عَلَی عَدُوِّنَا شَدِیداً نَاقِماً فَرَحِمَهُ اللَّهُ فَلَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَیَّامَهُ وَ لَاقَی حِمَامَهُ وَ نَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ أَوْلَاهُ اللَّهُ رِضْوَانَهُ وَ ضَاعَفَ الثَّوَابَ لَهُ فَأَصْحِرْ لِعَدُوِّكَ وَ امْضِ عَلَی بَصِیرَتِكَ وَ شَمِّرْ لِحَرْبِ مَنْ حَارَبَكَ وَ ادْعُ إِلی سَبِیلِ رَبِّكَ وَ أَكْثِرِ الِاسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ یَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ وَ یُعِنْكَ عَلَی مَا یُنْزِلُ بِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

توضیح:

التوجد الحزن و الموجدة الغضب و لعل المراد بها أیضا هنا الحزن و التسریح الإرسال و الاستبطاء عد الشی ء بطیئا و الجهد بالضم الوسع و الطاقة و بالفتح المشقة و المئونة الثقل و الإعجاب بالشی ء عده حسنا و الولایة بالكسر السلطنة و تقول نقمت علیه أمره و نقمت منه كضربت و علمت إذا عبته و كرهته أشد الكراهة لسوء فعله و استكمل أیامه أی أتم عمره و الحمام ككتاب الموت و قیل قضاء الموت و قدره من قوله حم كذا أی قدر أولاه اللّٰه رضوانه أی أوصله إلیه و قربه منه و قیل أی أعطاه.

ص: 593


1- 739- رواه السیّد رضی اللّٰه تعالی عنه فی المختار: 34 من الباب الثانی من نهج البلاغة.

قوله علیه السلام فأصحر لعدوك قال فی النهایة أی كن من أمره علی أمر واضح منكشف من أصحر الرجل إذا خرج إلی الصحراء.

و قال ابن أبی الحدید أی أبرز له و لا تستتر عنه فی المدینة التی أنت فیها.

و قال ابن میثم السبب فی إرسال هذا الكتاب أن محمد بن أبی بكر رضی اللّٰه عنه كان یضعف عن لقاء العدو و لم یكن فی أصحاب علی علیه السلام أقوی بأسا فی الحرب من الأشتر رحمه اللّٰه و كان معاویة بعد وقائع صفین قد تجرد للإغارة علی أطراف بلاد المسلمین و قد كانت مصر جعلت طعمة لعمرو بن العاص و علم علیه السلام أنها لا تتحفظ إلا بالأشتر فكتب له العهد الذی یأتی ذكره و وجهه إلیها فبلغه أن محمدا تألم من ذلك ثم إن الأشتر مات قبل وصوله إلیها فكتب علیه السلام إلی محمد هذا الكتاب و هو یؤذن بإقراره علی عمله و استرضائه و تعریفه وجه عذره فی تولیة الأشتر لعلمه و أنه لم یكن ذلك لموجدة علیه و لا تقصیر منه.

«740»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بَعْدَ مَقْتَلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ بِمِصْرَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدِ اسْتُشْهِدَ فَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً وَ عَامِلًا كَادِحاً وَ سَیْفاً قَاطِعاً وَ رُكْناً دَافِعاً وَ قَدْ كُنْتُ حَثَثْتُ النَّاسَ عَلَی لَحَاقِهِ وَ أَمَرْتُهُمْ بِغِیَاثِهِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ وَ دَعَوْتُهُمْ سِرّاً وَ جَهْراً وَ عَوْداً وَ بَدْءاً فَمِنْهُمُ الْآتِی كَارِهاً وَ مِنْهُمُ الْمُعْتَلُّ كَاذِباً وَ مِنْهُمُ الْقَاعِدُ خَاذِلًا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَی أَنْ یَجْعَلَ لِی مِنْهُمْ فَرَجاً عَاجِلًا فَوَ اللَّهِ لَوْ لَا طَمَعِی عِنْدَ لِقَائِی عَدُوِّی فِی الشَّهَادَةِ وَ تَوْطِینِی نَفْسِی عَلَی الْمَنِیَّةِ لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَبْقَی مَعَ هَؤُلَاءِ یَوْماً وَاحِداً وَ لَا أَلْتَقِیَ بِهِمْ أَبَداً.

إیضاح:

استشهد علی بناء المجهول أی قتل فی سبیل اللّٰه و قال فی النهایة الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد و إنما قیل لمن ینوی بعمله وجه اللّٰه احتسبه لأن له حینئذ أن یعتد بعمله فجعل فی حال مباشرة الفعل

ص: 594


1- 740- رواه الشریف الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: 35 من باب الكتب من نهج البلاغة.

كأنه معتد به و الاحتساب فی الأعمال الصالحات و عند المكروهات هو البدار إلی طلب الأجر و تحصیله بالصبر و التسلیم أو باستعمال أنواع البر و القیام بها علی الوجه المرسوم فیها طلبا للثواب المرجو منها و منه الحدیث من مات له ولد فاحتسبه أی احتسب الأجر بصبره علی مصیبته یقال احتسب فلان ابنا له إذا مات كبیرا و افترطه إذا مات صغیرا و معناه اعتد مصیبته به فی جملة بلایا اللّٰه التی یثاب علی الصبر علیها انتهی و الكدح العمل و السعی قاله الجوهری و قال ركن الشی ء جانبه الأقوی و هو یأوی إلی ركن شدید أی عز و منعة و قال لحقه و لحق به لحاقا بالفتح أی أدركه و قال استغاثنی فأغثته و الاسم الغیاث صارت الواو یاء لكسرة ما قبلها.

قوله علیه السلام و منهم المعتل أی قعد و اعتل بعلة كاذبة قوله علیه السلام و لا ألتقی معطوف علی قوله لأحببت أن لا أبقی كما أن فی بعض النسخ بالنصب و فی بعضها بالرفع.

«741»-(1)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَهْلِ مِصْرَ لَمَّا وَلَّی عَلَیْهِمُ الْأَشْتَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی الْقَوْمِ الَّذِینَ غَضِبُوا لِلَّهِ حِینَ عُصِیَ فِی أَرْضِهِ وَ ذُهِبَ بِحَقِّهِ فَضَرَبَ الْجَوْرُ سُرَادِقَهُ عَلَی الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ الْمُقِیمِ وَ الظَّاعِنِ فَلَا مَعْرُوفٌ یُسْتَرَاحُ إِلَیْهِ وَ لَا مُنْكَرٌ یُتَنَاهَی عَنْهُ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَا یَنَامُ أَیَّامَ الْخَوْفِ وَ لَا یَنْكُلُ عَنِ الْأَعْدَاءِ سَاعَاتِ الرَّوْعِ أَشَدَّ عَلَی الْفُجَّارِ مِنْ حَرِیقِ النَّارِ وَ هُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو مَذْحِجٍ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَطِیعُوا أَمْرَهُ فِیمَا طَابَقَ الْحَقَّ فَإِنَّهُ سَیْفٌ مِنْ سُیُوفِ اللَّهِ لَا كَلِیلُ الظُّبَةِ وَ لَا نَابِی الضَّرِیبَةِ فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَنْفِرُوا فَانْفِرُوا وَ إِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِیمُوا فَأَقِیمُوا فَإِنَّهُ لَا یُقْدِمُ وَ لَا یُحْجِمُ وَ لَا یُؤَخِّرُ وَ لَا یُقَدِّمُ إِلَّا عَنْ

ص: 595


1- 741- رواه الشریف الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: 38 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام فی نهج البلاغة.

أَمْرِی وَ قَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَی نَفْسِی لِنَصِیحَتِهِ لَكُمْ وَ شِدَّةِ شَكِیمَتِهِ عَلَی عَدُوِّكُمْ.

«742»-(1)كِتَابُ الْغَارَاتِ، عَنْ فُضَیْلِ بْنِ خَدِیجٍ عَنْ مَوْلَی الْأَشْتَرِ قَالَ: لَمَّا هَلَكَ الْأَشْتَرُ وَجَدْنَا فِی ثِقْلِهِ رِسَالَةَ عَلِیٍّ إِلَی أَهْلِ مِصْرَ وَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ عَصَمَكُمُ اللَّهُ بِالْحَقِّ وَ ثَبَّتَكُمْ بِالْیَقِینِ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ.

بیان: قوله علیه السلام إلی القوم الذین غضبوا لله قال ابن أبی الحدید هذا الفصل یشكل تأویله علی لأن أهل مصر هم الذین قتلوا عثمان بالعصیان و إذا شهد أمیر المؤمنین علیه السلام بأنهم غضبوا لله حین عصی اللّٰه فی أرضه فهذه شهادة قاطعة علی عثمان بالعصیان و إتیان المنكر.

ثم أجاب بتأویلات ركیكة لا تقبل الجواب و قال الجوهری كل بیت من كرسف فهو سرادق و فی القاموس استراح إلیه سكن و اطمأن و فی النهایة ضبة السیف حده و طرفه و فی القاموس الضریبة السیف وحده و فی الصحاح نبا السیف إذا لم یعمل فی الضریبة و قال فلان شدید الشكیمة إذا كان شدید النفس أنفا أبیا و فلان ذو شكیمة إذا كان لا ینقاد.

«743»-(2)نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَهْلِ مِصْرَ مَعَ مَالِكٍ الْأَشْتَرِ لَمَّا وَلَّاهُ إِمَارَتَهَا أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله نَذِیراً لِلْعَالَمِینَ وَ مُهَیْمِناً عَلَی الْمُرْسَلِینَ فَلَمَّا مَضَی علیه السلام تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَوَ اللَّهِ مَا كَانَ یُلْقَی فِی رُوعِی وَ لَا یَخْطُرُ عَلَی بَالِی أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنْ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّی مِنْ بَعْدِهِ فَمَا رَاعَنِی إِلَّا انْثِیَالُ النَّاسِ عَلَی فُلَانٍ یُبَایِعُونَهُ فَأَمْسَكْتُ بِیَدِی حَتَّی رَأَیْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الْإِسْلَامِ یَدْعُونَ إِلَی مَحْقِ دِینِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 596


1- 742- رواه الثقفی رحمه اللّٰه فی باب خبر مقتل الأشتر، ج 1، ص 266، ط 1.
2- 743- رواه السیّد الرضیّ رفع اللّٰه مقامه فی المختار 62 من الباب الثانی من كتاب نهج البلاغة.

فَخَشِیتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الْإِسْلَامَ وَ أَهْلَهُ أَنْ أَرَی فِیهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً تَكُونُ الْمُصِیبَةُ بِهِ عَلَیَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلَایَتِكُمُ الَّتِی إِنَّمَا هِیَ مَتَاعُ أَیَّامٍ قَلَائِلَ یَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا یَزُولُ السَّرَابُ أَوْ كَمَا یَتَقَشَّعُ السَّحَابُ فَنَهَضْتُ فِی تِلْكَ الْأَحْدَاثِ حَتَّی زَاحَ الْبَاطِلُ وَ زَهَقَ وَ اطْمَأَنَّ الدِّینُ وَ تَنَهْنَهَ وَ مِنْهُ إِنِّی وَ اللَّهِ لَوْ لَقِیتُهُمْ وَاحِداً وَ هُمْ طِلَاعُ الْأَرْضِ كُلِّهَا مَا بَالَیْتُ وَ لَا اسْتَوْحَشْتُ وَ إِنِّی مِنْ ضَلَالِهِمُ الَّذِی هُمْ فِیهِ وَ الْهُدَی الَّذِی أَنَا عَلَیْهِ لَعَلَی بَصِیرَةٍ مِنْ نَفْسِی وَ یَقِینٍ مِنْ رَبِّی وَ إِنِّی إِلَی لِقَاءِ اللَّهِ لَمُشْتَاقٌ وَ لِحُسْنِ ثَوَابِهِ لَمُنْتَظِرٌ رَاجٍ وَ لَكِنِّی آسَی أَنْ یَلِیَ هَذِهِ الْأُمَّةَ سُفَهَاؤُهَا وَ فُجَّارُهَا فَیَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا وَ عِبَادَهُ خَوَلًا وَ الصَّالِحِینَ حَرْباً وَ الْفَاسِقِینَ حِزْباً فَإِنَّ مِنْهُمُ الَّذِی شَرِبَ فِیكُمُ الْحَرَامَ وَ جُلِدَ حَدّاً فِی الْإِسْلَامِ وَ إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ یُسْلِمْ حَتَّی رُضِخَتْ لَهُ عَلَی الْإِسْلَامِ الرَّضَائِخُ فَلَوْ لَا ذَلِكَ مَا أَكْثَرْتُ تَأْلِیبَكُمْ وَ جَمْعَكُمْ وَ تَحْرِیضَكُمْ وَ لَتَرَكْتُكُمْ إِذْ أَبَیْتُمْ وَ وَنَیْتُمْ أَ لَا تَرَوْنَ إِلَی أَطْرَافِكُمْ قَدِ انْتَقَضَتْ وَ إِلَی أَمْصَارِكُمْ قَدِ افْتُتِحَتْ وَ إِلَی مَمَالِكِكُمْ تُزْوَی وَ إِلَی بِلَادِكُمْ تُغْزَی انْفِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَی قِتَالِ عَدُوِّكُمْ وَ لَا تَثَّاقَلُوا إِلَی الْأَرْضِ فَتُقِرُّوا بِالْخَسْفِ وَ تَبُوءُوا بِالذُّلِّ وَ یَكُونَ نَصِیبُكُمُ الْأَخَسَّ إِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الْأَرِقُ وَ مَنْ نَامَ لَمْ یُنَمْ عَنْهُ وَ السَّلَامُ.

توضیح:

قوله علیه السلام و مهیمنا أی شاهدا علی المرسلین یشهد لهم فی الآخرة و أصله من آمن غیره من الخوف لأن الشاهد یؤمن غیره من الخوف بشهادته و قیل هو الرقیب و قیل المؤتمن و قیل القائم بأمور الخلق و قیل أصله المؤیمن فأبدلت الهاء من الهمزة و هو مفیعل من الأمانة و المراد بالأمر الخلافة.

و الروع بالضم القلب أو سواده و قیل الذهن و العقل و أزعجه قلعه عن مكانه و نحاه أی أزاله و لعل الغرض إظهار شناعة هذا الأمر و أنه مما لم یكن یخطر ببال بظاهر الحال فلا ینافی علمه بذلك بإخبار الرسول صلی اللّٰه علیه و آله.

ص: 597

قوله علیه السلام فما راعنی قال ابن أبی الحدید تقول للشی ء یفجؤك بغتة ما راعنی إلا كذا و الروع بالفتح الفزع كأنه یقول ما أفزعنی شی ء بعد ذلك السكون الذی كان عندی و الثقة التی اطمأننت إلیها إلا وقوع ما وقع من انثیال الناس أی انصبابهم من كل وجه كما ینثال التراب علی أبی بكر و الاسم كان مذكورا فی كتاب الأشتر صریحا و إنما الناس یكتبونه علی فلان تذمما من ذكر الاسم.

قوله علیه السلام حتی رأیت راجعة الناس أی الطائفة الراجعة من الناس التی قد رجعت عن الإسلام یعنی أهل الردة كمسیلمة و سجاح و طلیحة بن خویلد.

و یحتمل أن یكون المراد بهم المنافقین المجتمعین علی أبی بكر فإنهم كانوا یغتنمون فتنة تصیر سببا لارتدادهم عن الدین رأسا قوله علیه السلام كما یتقشع أی یتفرق و ینكشف.

و تنهنه أی انزجر عن الاضطراب و الحركة و قال الجوهری نهنهت الرجل عن الشی ء فتنهنه أی كففته و زجرته فكف و فی النهایة طلاع الأرض ذهبا أی ما یملأها حتی یطلع عنها و یسیل و الاستیحاش ضد الاستیناس و هنا كنایة عن الخوف آسی أی أحزن مال اللّٰه دولا فی الصحاح أن دولا جمع دولة بالضم فیهما و فی القاموس الدولة انقلاب الزمان و العقبة فی المال و یضم أو الضم فیه و الفتح فی الحرب أو هما سواء أو الضم فی الآخرة و الفتح فی الدنیا و الجمع دول مثلثة و فی النهایة كان عباد اللّٰه خولا أی خدما و عبیدا یعنی أنهم یستخدمونهم و یستعبدونهم.

قوله علیه السلام و الصالحین حربا أی عدوا و الفاسقین حزبا أی ناصرا و جندا.

و قال ابن أبی الحدید المراد بمن شرب الخمر الولید بن عقبة و أما الذی رضخت له علی الإسلام الرضائخ فمعاویة و أبوه و أخوه و حكیم بن حزام

ص: 598

و سهیل بن عمرو و الحارث بن هشام و غیرهم و هم قوم معروفون لأنهم من المؤلفة قلوبهم الذین رغبوا فی الإسلام و الطاعة بجمال و شاء دفعت إلیهم للأغراض الدنیاویة و الطمع و لم یكن إسلامهم عن أصل و یقین.

و قال القطب الراوندی یعنی عمرو بن العاص و لیس بصحیح لأن عمرا لم یسلم بعد الفتح و أصحاب الرضائخ كلهم صونعوا عن الإسلام بغنائم حنین و لعمری إن إسلام عمرو كان مدخولا أیضا إلا أنه لم یكن عن رضیخة و إنما كان لمعنی آخر و الرضیخة شی ء قلیل یعطاه الإنسان یصانع به عن أمر یطلب منه كالأجرة انتهی و التألیب التحریض و التأنیب أشد اللوم.

و الونی الضعف و الفتور و إلی ممالككم تزوی أی تفیض و لا تثاقلوا بالتشدید و التخفیف معا إشارة إلی قوله تعالی ما لَكُمْ إِذا قِیلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَی الْأَرْضِ الآیة و قال الفیروزآبادی تثاقل عنه تباطأ و القوم لم ینهضوا للنجدة و قد استنهضوا لها و قال فی النهایة الخسف النقصان و الهوان و قال أصل البواء اللزوم و أبوء أی أقر و التزم و أرجع.

و قال الأرق هو السهر و رجل أرق إذا سهر لعلة فإن كان السهر من عادته قیل أرق بضم الهمزة و الراء و أخو الحرب ملازمه و من نام لم ینم عنه لأن العدو لا یغفل عن عدوه.

«744»-(1)نهج، نهج البلاغة مِنْ عَهْدٍ لَهُ علیه السلام كَتَبَهُ لِلْأَشْتَرِ النَّخَعِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا وَلَّاهُ عَلَی مِصْرَ وَ أَعْمَالِهَا حِینَ اضْطَرَبَ أَمْرُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ هُوَ أَطْوَلُ عَهْدٍ كَتَبَهُ وَ أَجْمَعُهُ لِلْمَحَاسِنِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ حِینَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبَایَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا أَمَرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِیثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِی كِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ

ص: 599


1- 744- رواه الشریف الرضی قدس اللّٰه نفسه فی المختار: 53 من باب كتب أمیر المؤمنین علیه السلام فی نهج البلاغة.

الَّتِی لَا یَسْعَدُ أَحَدٌ إِلَّا بِاتِّبَاعِهَا وَ لَا یَشْقَی إِلَّا مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا وَ أَنْ یَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِیَدِهِ وَ قَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ وَ أَمَرَهُ أَنْ یَكْسِرَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ (1)وَ یَزَعَهَا عِنْدَ الْجَمَحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ اللَّهُ ثُمَّ اعْلَمْ یَا مَالِكُ أَنِّی قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَی بِلَادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَیْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ وَ أَنَّ النَّاسَ یَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِی مِثْلِ الَّذِی مَا كُنْتَ (2)تَنْظُرُ فِیهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلَاةِ قَبْلَكَ وَ یَقُولُونَ فِیكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِیهِمْ وَ إِنَّمَا یُسْتَدَلُّ عَلَی الصَّالِحِینَ بِمَا یُجْرِی اللَّهُ لَهُمْ عَلَی أَلْسُنِ عِبَادِهِ فَلْیَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَیْكَ ذَخِیرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَامْلِكْ هَوَاكَ وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لَا یَحِلُّ لَكَ فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الْإِنْصَافُ مِنْهَا فِیمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِیَّةِ وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ وَ اللُّطْفَ بِهِمْ وَ لَا تَكُونَنَّ عَلَیْهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمْ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِی الدِّینِ وَ إِمَّا نَظِیرٌ لَكَ فِی الْخَلْقِ (3)یَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ وَ یُؤْتَی عَلَی أَیْدِیهِمْ فِی الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلَ الَّذِی تُحِبُّ أَنْ یُعْطِیَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ وَ وَالِی الْأَمْرِ عَلَیْكَ فَوْقَكَ وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلَّاكَ وَ قَدِ اسْتَكْفَاكَ أَمْرَهُمْ وَ ابْتَلَاكَ بِهِمْ وَ لَا تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا یَدَیْ لَكَ بِنَقِمَتِهِ وَ لَا غِنَی بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ وَ لَا تَنْدَمَنَّ عَلَی عَفْوٍ وَ لَا تَبْجَحَنَّ بِعُقُوبَةٍ وَ لَا تُسْرِعَنَّ إِلَی بَادِرَةٍ وَجَدْتَ عَنْهَا مَنْدُوحَةً وَ لَا تَقُولَنَّ إِنِّی مُؤَمَّرٌ آمُرُ فَأُطَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ فِی الْقَلْبِ وَ مَنْهَكَةٌ لِلدِّینِ وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغَیْرِ

ص: 600


1- 1 و فی نسختین من طبع الحدیث من نهج البلاغة: «و أمره أن یكسر نفسه من الشهوات».
2- 2 كذا فی متن أصلی، و كتب فی هامشه: «فی مثل الذی كنت» و لم یشر إلی بدلیته.
3- 3 و فی بعض النسخ المطبوعة حدیثا: «أو نظیر لك فی الخلق».

وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِیهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخِیلَةً فَانْظُرْ إِلَی عِظَمِ مُلْكِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَوْقَكَ وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَی مَا لَا تَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنْ نَفْسِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ یُطَامِنُ إِلَیْكَ مِنْ طِمَاحِكَ وَ یَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ وَ یَفِی ءُ إِلَیْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ إِیَّاكَ وَ مُسَامَاةَ اللَّهِ فِی عَظَمَتِهِ وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِی جَبَرُوتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ یُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ وَ یُهِینُ كُلَّ مُخْتَالٍ أَنْصِفِ اللَّهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَ مَنْ لَكَ فِیهِ هَوًی مِنْ رَعِیَّتِكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَفْعَلْ تَظْلِمْ وَ مَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ وَ مَنْ خَاصَمَهُ اللَّهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ وَ كَانَ لِلَّهِ حَرْباً حَتَّی یَنْزِعَ وَ یَتُوبَ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَدْعَی إِلَی تَغْیِیرِ نِعْمَةِ اللَّهِ وَ تَعْجِیلِ نَقِمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَی ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ یَسْمَعُ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِینَ وَ هُوَ لِلظَّالِمِینَ بِالْمِرْصَادِ وَ لْیَكُنْ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَیْكَ أَوْسَطُهَا فِی الْحَقِّ وَ أَعَمُّهَا فِی الْعَدْلِ وَ أَجْمَعُهَا لِرِضَا الرَّعِیَّةِ فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ یُجْحِفُ بِرِضَی الْخَاصَّةِ وَ إِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ یُغْتَفَرُ مَعَ رِضَی الْعَامَّةِ وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِیَّةِ أَثْقَلَ عَلَی الْوَالِی مَئُونَةً فِی الرَّخَاءِ وَ أَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِی الْبَلَاءِ وَ أَكْرَهَ لِلْإِنْصَافِ وَ أَسْأَلَ بِالْإِلْحَافِ وَ أَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَ أَبْطَأَ عُذْراً عَنِ الْمَنْعِ وَ أَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ وَ إِنَّمَا عَمُودُ الدِّینِ وَ جِمَاعُ الْمُسْلِمِینَ وَ الْعُدَّةُ لِلْأَعْدَاءِ الْعَامَّةُ مِنَ الْأُمَّةِ فَلْیَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ وَ مَیْلُكَ مَعَهُمْ وَ لْیَكُنْ أَبْعَدَ رَعِیَّتِكَ مِنْكَ وَ أَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَایِبِ النَّاسِ فَإِنَّ فِی النَّاسِ عُیُوباً الْوَالِی أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا فَلَا تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا فَإِنَّمَا عَلَیْكَ تَطْهِیرُ مَا ظَهَرَ لَكَ وَ اللَّهُ یَحْكُمُ عَلَی مَا غَابَ عَنْكَ فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ یَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِیَّتِكَ أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْدٍ وَ اقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْرٍ وَ تَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لَا یَضِحُ لَكَ (1)وَ لَا تَعْجَلَنَّ إِلَی تَصْدِیقِ سَاعٍ فَإِنَّ السَّاعِیَ غَاشٌّ وَ إِنْ

ص: 601


1- 1 و فی أصلی بالصاد المهملة.

تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِینَ وَ لَا تُدْخِلَنَّ فِی مَشُورَتِكَ بَخِیلًا یَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ وَ یَعِدُكَ الْفَقْرَ وَ لَا جَبَاناً یُضْعِفُكَ عَنِ الْأُمُورِ وَ لَا حَرِیصاً یُزَیِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّی یَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِیراً وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِی الْآثَامِ فَلَا یَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الأئمة [الْأَثَمَةِ] وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَةِ وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَیْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ وَ لَیْسَ عَلَیْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ وَ آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ یُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَی ظُلْمِهِ وَ لَا آثِماً عَلَی إِثْمِهِ أُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَیْكَ مَئُونَةً وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَ أَحْنَی عَلَیْكَ عَطْفاً وَ أَقَلُّ لِغَیْرِكَ إِلْفاً فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلَاتِكَ ثُمَّ لْیَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِیمَا یَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِیَائِهِ وَاقِعاً ذَاكَ مِنْ هَوَاكَ حَیْثُ وَقَعَ وَ الْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَی أَنْ لَا یُطْرُوكَ وَ لَا یَبْجَحُوكَ بِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِی مِنَ الْغِرَّةِ (1)وَ لَا یَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَ الْمُسِی ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِی ذَلِكَ تَزْهِیداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِی الْإِحْسَانِ وَ تَدْرِیباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عَلَی الْإِسَاءَةِ وَ أَلْزِمْ كُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ بِأَدْعَی إِلَی حُسْنِ ظَنِّ وَالٍ بِرَعِیَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَیْهِمْ وَ تَخْفِیفِهِ الْمَئُونَاتِ عَنْهُمْ وَ تَرْكِ اسْتِكْرَاهِهِ إِیَّاهُمْ عَلَی مَا لَیْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ فَلْیَكُنْ مِنْكَ فِی ذَلِكَ أَمْرٌ یَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِیَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ یَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِیلًا وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكَ عِنْدَهُ وَ لَا تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَةُ

ص: 602


1- 1 كذا و انظر بیان المصنّف الآتی.

وَ صَلَحَتْ علیه [عَلَیْهَا] الرَّعِیَّةُ وَ لَا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَیْ ءٍ مِنْ مَاضِی تِلْكَ السُّنَنِ فَیَكُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَ الْوِزْرُ عَلَیْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ وَ مُنَاقَشَةَ الْحُكَمَاءِ فِی تَثْبِیتِ مَا صَلَحَ عَلَیْهِ أَمْرُ بِلَادِكَ وَ إِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّعِیَّةَ طَبَقَاتٌ لَا یَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ وَ لَا غِنَی بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ وَ مِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَ الْخَاصَّةِ وَ مِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْیَةِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ النَّاسِ وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ وَ مِنْهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلَی مِنْ ذَوِی الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّی اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ وَ وَضَعَ عَلَی حَدِّهِ وَ فَرِیضَتِهِ فِی كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِیَّةِ وَ زَیْنُ الْوُلَاةِ وَ عِزُّ الدِّینِ وَ سُبُلُ الْأَمْنِ وَ لَیْسَ تَقُومُ الرَّعِیَّةُ إِلَّا بِهِمْ ثُمَّ لَا قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا یُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِی یَقْوَوْنَ بِهِ عَلَی [فِی] جِهَادِهِمْ (1)عَدُوَّهُمْ وَ یَعْتَمِدُونَ عَلَیْهِ فِیمَا یُصْلِحُهُمْ وَ یَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ ثُمَّ لَا قِوَامَ لِهَذَیْنِ الصِّنْفَیْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْكُتَّابِ لِمَا یُحْكِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ وَ یَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ وَ یُؤْتَمَنُونَ عَلَیْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ جَمِیعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ فِیمَا یَجْتَمِعُونَ عَلَیْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ

ص: 603


1- 1 كذا فی أصلی و فی متن ط الحدیث من شرح ابن أبی الحدید: «الذی یقوون به علی جهاد عدوهم».

یُقِیمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ وَ یَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَیْدِیهِمْ مِمَّا لَا یَبْلُغُهُ رِفْقُ غَیْرِهِمْ ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَی مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِینَ یَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ وَ فِی اللَّهِ لِكُلٍّ سَعَةٌ وَ لِكُلٍّ عَلَی الْوَالِی حَقٌّ بِقَدْرِ مَا یُصْلِحُهُ وَ لَیْسَ یَخْرُجُ الْوَالِی مِنْ حَقِیقَةِ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَی مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِالاهْتِمَامِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ تَوْطِینِ نَفْسِهِ عَلَی لُزُومِ الْحَقِّ وَ الصَّبْرِ عَلَیْهِ فِیمَا خَفَّ عَلَیْهِ أَوْ ثَقُلَ: فَوَلِّ مِنْ جُنُودِكَ أَنْصَحَهُمْ فِی نَفْسِكَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِإِمَامِكَ [وَ] أَنْقَاهُمْ جَیْباً وَ أَفْضَلَهُمْ حِلْماً مِمَّنْ یُبْطِئُ عَنِ الْغَضَبِ وَ یَسْتَرِیحُ إِلَی الْعُذْرِ وَ یَرْؤُفُ بِالضُّعَفَاءِ وَ یَنْبُو عَلَی الْأَقْوِیَاءِ وَ مِمَّنْ لَا یُثِیرُهُ الْعُنْفُ وَ لَا یَقْعُدُ بِهِ الضَّعْفُ ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِی الْمُرُوءَاتِ وَ الْأَحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ ثُمَّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَ الشَّجَاعَةِ وَ السَّخَاءِ وَ السَّمَاحَةِ فَإِنَّهُمْ جِمَاعٌ مِنَ الْكَرَمِ وَ شُعَبٌ مِنَ الْعُرْفِ ثُمَّ تَفَقَّدْ مِنْ أُمُورِهِمْ مَا یَتَفَقَّدُهُ الْوَالِدَانِ مِنْ وَلَدِهِمَا وَ لَا یَتَفَاقَمَنَّ فِی نَفْسِكَ شَیْ ءٌ قَوَّیْتَهُمْ بِهِ وَ لَا تَحْقِرَنَّ لُطْفاً تَعَاهَدْتَهُمْ بِهِ وَ إِنْ قَلَّ فَإِنَّهُ دَاعِیَةٌ لَهُمْ إِلَی بَذْلِ النَّصِیحَةِ لَكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ وَ لَا تَدَعْ تَفَقُّدَ لَطِیفِ أُمُورِهِمْ اتِّكَالًا عَلَی جَسِیمِهَا فَإِنَّ لِلْیَسِیرِ مِنْ لُطْفِكَ مَوْضِعاً یَنْتَفِعُونَ بِهِ وَ لِلْجَسِیمِ مَوْقِعاً لَا یَسْتَغْنُونَ عَنْهُ وَ لْیَكُنْ آثَرُ رُءُوسِ جُنْدِكَ عِنْدَكَ مَنْ وَاسَاهُمْ فِی مَعُونَتِهِ وَ أَفْضَلَ عَلَیْهِمْ مِنْ جِدَتِهِ بِمَا یَسَعُهُمْ وَ یَسَعُ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ خُلُوفِ أَهْلِیهِمْ حَتَّی یَكُونَ هَمُّهُمْ هَمّاً وَاحِداً فِی جِهَادِ الْعَدُوِّ فَإِنَّ عَطْفَكَ عَلَیْهِمْ یَعْطِفُ قُلُوبَهُمْ عَلَیْكَ وَ لَا تَصِحُّ نَصِیحَتُهُمْ إِلَّا بِحِیطَتِهِمْ عَلَی وُلَاةِ أُمُورِهِمْ (1)وَ قِلَّةِ اسْتِثْقَالِ دُوَلِهِمْ وَ تَرْكِ اسْتِبْطَاءِ

ص: 604


1- 1 و مثله فی متن ط الحدیث من شرح ابن أبی الحدید، و هاهنا فی نسخة الصبحی الصالح زیادة هذا نصها: «فإن عطفك علیهم یعطف قلوبهم علیك، و إن أفضل قرة عین الولاة استقامه العدل فی البلاد و ظهور مودة الرعیة. و أنّه لا تظهر مودتهم إلّا بسلامة صدورهم، و لا تصح نصیحتهم إلّا بحیطتهم علی ولاة الأمور ...».

انْقِطَاعِ مُدَّتِهِمْ فَافْسَحْ فِی آمَالِهِمْ وَ وَاصِلْ فِی حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْهِمْ وَ تَعْدِیدِ مَا أَبْلَی ذَوُو الْبَلَاءِ مِنْهُمْ فَإِنَّ كَثْرَةَ الذِّكْرِ لِحُسْنِ فِعَالِهِمْ تَهُزُّ الشُّجَاعَ وَ تُحَرِّضُ النَّاكِلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی ثُمَّ اعْرِفْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا أَبْلَی وَ لَا تَضُمَّنَّ بَلَاءَ امْرِئٍ إِلَی غَیْرِهِ وَ لَا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دُونَ غَایَةِ بَلَائِهِ وَ لَا یَدْعُوَنَّكَ شَرَفُ امْرِئٍ إِلَی أَنْ تُعْظِمَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ صَغِیراً وَ لَا ضَعَةُ امْرِئٍ إِلَی أَنْ تَسْتَصْغِرَ مِنْ بَلَائِهِ مَا كَانَ عَظِیماً وَ ارْدُدْ إِلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا یَظْلَعُكَ مِنَ الْخُطُوبِ وَ یَشْتَبِهُ عَلَیْكَ مِنَ الْأُمُورِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِی شَیْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَی اللَّهِ وَ الرَّسُولِ فَالرَّدُّ إِلَی اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إِلَی الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَیْرِ الْمُفَرِّقَةِ ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَیْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِیَّتِكَ فِی نَفْسِكَ مِمَّنْ لَا تَضِیقُ بِهِ الْأُمُورُ وَ لَا یُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ وَ لَا یَتَمَادَی فِی الزَّلَّةِ وَ لَا یَحْصَرُ مِنَ الْفَیْ ءِ إِلَی الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ وَ لَا تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَی طَمَعٍ وَ لَا یَكْتَفِی بِأَدْنَی فَهْمٍ دُونَ أَقْصَاهُ [وَ] أَوْقَفَهُمْ فِی الشُّبُهَاتِ وَ آخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخَصْمِ وَ أَصْبَرَهُمْ عَلَی تَكْشِیفِ الْأُمُورِ وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ إِیضَاحِ الْحُكْمِ مِمَّنْ لَا یَزْدَهِیهِ إِطْرَاءٌ وَ لَا یَسْتَمِیلُهُ إِغْرَاءٌ وَ أُولَئِكَ قَلِیلٌ ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ وَ افْسَحْ لَهُ فِی الْبَذْلِ مَا یُزِیحُ عِلَّتَهُ وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَی النَّاسِ وَ أَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَیْكَ مَا لَا یَطْمَعُ فِیهِ غَیْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ لِیَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِیَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ فَانْظُرْ فِی ذَلِكَ نَظَراً بَلِیغاً فَإِنَّ هَذَا الدِّینَ قَدْ كَانَ أَسِیراً فِی أَیْدِی الْأَشْرَارِ یُعْمَلُ فِیهِ بِالْهَوَی وَ تُطْلَبُ بِهِ الدُّنْیَا ثُمَّ انْظُرْ فِی أُمُورِ عُمَّالِكَ وَ اسْتَعْمِلْهُمْ اخْتِیَاراً وَ لَا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِیَانَةِ وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَ الْحَیَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَةِ وَ الْقَدَمِ فِی الْإِسْلَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلَاقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِی الْمَطَامِعِ إِشْرَافاً وَ أَبْلَغُ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ نَظَراً ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَیْهِمُ الْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَی اسْتِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًی لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَیْدِیهِمْ

ص: 605

وَ حُجَّةٌ عَلَیْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ وَ ابْعَثِ الْعُیُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَیْهِمْ فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِی السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَی اسْتِعْمَالِ الْأَمَانَةِ وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِیَّةِ وَ تَحَفَّظْ مِنَ الْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ یَدَهُ إِلَی خِیَانَةٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَیْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُیُونِكَ اكْتَفَیْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً فَبَسَطْتَ عَلَیْهِ الْعُقُوبَةَ فِی بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِیَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ وَ تَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا یُصْلِحُ أَهْلَهُ فَإِنَّ فِی صَلَاحِهِ وَ صَلَاحِهِمْ صَلَاحاً لِمَنْ سِوَاهُمْ وَ لَا صَلَاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلَّا بِهِمْ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِیَالٌ عَلَی الْخَرَاجِ وَ أَهْلِهِ وَ لْیَكُنْ نَظَرُكَ فِی عِمَارَةِ الْأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِی اسْتِجْلَابِ الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا یُدْرَكُ إِلَّا بِالْعِمَارَةِ وَ مَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَیْرِ عِمَارَةٍ أَخْرَبَ الْبِلَادَ وَ أَهْلَكَ الْعِبَادَ وَ لَمْ یَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلَّا قَلِیلًا فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلًا أَوْ عِلَّةً أَوِ انْقِطَاعَ شُرْبٍ أَوْ بَالَّةٍ أَوْ إِحَالَةَ أَرْضٍ اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ یَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ وَ لَا یَثْقُلَنَّ عَلَیْكَ شَیْ ءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَئُونَةَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ ذُخْرٌ یَعُودُونَ بِهِ عَلَیْكَ فِی عِمَارَةِ بِلَادِكَ وَ تَزْیِینِ وِلَایَتِكَ مَعَ اسْتِجْلَابِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ وَ تَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ الْعَدْلِ فِیهِمْ مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ الثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَیْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِیهِ عَلَیْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَیِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ وَ إِنَّمَا یُؤْتَی خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا وَ إِنَّمَا یُعْوِزُ أَهْلُهَا لِإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلَاةِ عَلَی الْجَمْعِ وَ سُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ وَ قِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ ثُمَّ انْظُرْ فِی حَالِ كُتَّابِكَ فَوَلِّ عَلَی أُمُورِكَ خَیْرَهُمْ وَ اخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِی تُدْخِلُ فِیهَا مَكَایِدَكَ وَ أَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُودِ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ فَیَجْتَرِئَ بِهَا عَلَیْكَ فِی خِلَافٍ لَكَ بِحَضْرَةِ مَلَإٍ وَ لَا تَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِیرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمِّالِكَ عَلَیْكَ وَ إِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَی الصَّوَابِ عَنْكَ وَ فِیمَا

ص: 606

یَأْخُذُ لَكَ وَ یُعْطِی مِنْكَ وَ لَا یُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ وَ لَا یَعْجِزُ عَنْ إِطْلَاقِ مَا عُقِدَ عَلَیْكَ وَ لَا یَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِی الْأُمُورِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ یَكُونُ بِقَدْرِ غَیْرِهِ أَجْهَلَ ثُمَّ لَا یَكُنِ اخْتِیَارُكَ إِیَّاهُمْ عَلَی فِرَاسَتِكَ وَ اسْتِنَامَتِكَ وَ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْكَ فَإِنَّ الرِّجَالَ یَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلَاةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَ حُسْنِ خِدْمَتِهِمْ وَ لَیْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِیحَةِ وَ الْأَمَانَةِ شَیْ ءٌ وَ لَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِینَ قَبْلَكَ فَاعْمِدْ لِأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِی الْعَامَّةِ أَثَراً وَ أَعْرَفِهِمْ بِالْأَمَانَةِ وَجْهاً فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِیلٌ عَلَی نَصِیحَتِكَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ وُلِّیتَ أَمْرَهُ وَ اجْعَلْ لِرَأْسِ كُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكَ رَأْساً مِنْهُمْ لَا یَقْهَرُهُ كَبِیرُهَا وَ لَا یَتَشَتَّتُ عَلَیْهِ كَثِیرُهَا وَ مَهْمَا كَانَ فِی كُتَّابِكَ مِنْ عَیْبٍ فَتَغَابَیْتَ عَنْهُ أُلْزِمْتَهُ ثُمَّ اسْتَوْصِ بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِی الصِّنَاعَاتِ وَ أَوْصِ بِهِمْ خَیْراً الْمُقِیمِ مِنْهُمْ وَ الْمُضْطَرِبِ بِمَالِهِ وَ الْمُتَرَفِّقِ بِبَدَنِهِ فَإِنَّهُمْ مَوَادُّ الْمَنَافِعِ وَ أَسْبَابُ الْمَرَافِقِ وَ جُلَّابُهَا مِنَ الْمَبَاعِدِ وَ الْمَطَارِحِ فِی بَرِّكَ وَ بَحْرِكَ وَ سَهْلِكَ وَ جَبَلِكَ وَ حَیْثُ لَا یَلْتَئِمُ النَّاسُ لِمَوَاضِعِهَا وَ لَا یَجْتَرِءُونَ عَلَیْهَا فَإِنَّهُمْ سِلْمٌ لَا تُخَافُ بَائِقَتُهُ وَ صُلْحٌ لَا تُخْشَی غَائِلَتُهُ وَ تَفَقَّدْ أُمُورَهُمْ بِحَضْرَتِكَ وَ فِی حَوَاشِی بِلَادِكَ وَ اعْلَمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ فِی كَثِیرٍ مِنْهُمْ ضِیقاً فَاحِشاً وَ شُحّاً قَبِیحاً وَ احْتِكَاراً لِلْمَنَافِعِ وَ تَحَكُّماً فِی الْبِیَاعَاتِ وَ ذَلِكَ بَابُ مَضَرَّةٍ لِلْعَامَّةِ وَ عَیْبٌ عَلَی الْوُلَاةِ فَامْنَعْ مِنَ الِاحْتِكَارِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنَعَ مِنْهُ وَ لْیَكُنِ الْبَیْعُ بَیْعاً سَمْحاً بِمَوَازِینِ عَدْلٍ وَ أَسْعَارٍ لَا تُجْحِفُ بِالْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْبَائِعِ وَ الْمُبْتَاعِ فَمَنْ قَارَفَ حُكْرَةً بَعْدَ نَهْیِكَ إِیَّاهُ فَنَكِّلْ بِهِ وَ عَاقِبْ فِی غَیْرِ إِسْرَافٍ ثُمَّ اللَّهَ اللَّهَ فِی الطَّبَقَةِ السُّفْلَی مِنَ الَّذِینَ لَا حِیلَةَ لَهُمْ مِنَ الْمَسَاكِینِ وَ الْمُحْتَاجِینَ وَ أَهْلِ الْبُؤْسَی وَ الزَّمْنَی فَإِنَّ فِی هَذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَ مُعْتَرّاً احْفَظِ اللَّهَ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِیهِمْ وَ اجْعَلْ لَهُمْ قِسْماً مِنْ بَیْتِ مَالِكِ وَ قِسْماً مِنْ غَلَّاتِ

ص: 607

صَوَافِی الْإِسْلَامِ فِی كُلِّ بَلَدٍ فَإِنَّ لِلْأَقْصَی مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِی لِلْأَدْنَی وَ كُلٌّ مَنْ قَدِ اسْتُرْعِیتَ حَقَّهُ فَلَا یَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْیِیعِ التَّافِهِ لِأَحْكَامِكَ الْكَثِیرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ وَ تَفَقَّدْ أُمُورَ مَنْ لَا یَصِلُ إِلَیْكَ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَقْتَحِمُهُ الْعُیُونُ وَ تَحْقِرُهُ الرِّجَالُ فَفَرِّغْ لِأُولَئِكَ ثِقَتَكَ مِنْ أَهْلِ الْخَشْیَةِ وَ التَّوَاضُعِ فَلْیَرْفَعْ إِلَیْكَ أُمُورَهُمْ ثُمَّ اعْمَلْ فِیهِمْ بِالْإِعْذَارِ إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ یَوْمَ تَلْقَاهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ بَیْنِ الرَّعِیَّةِ أَحْوَجُ إِلَی الْإِنْصَافِ مِنْ غَیْرِهِمْ وَ كُلٌّ فَأَعْذِرْ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فِی تَأْدِیَةِ حَقِّهِ إِلَیْهِ وَ تَعَهَّدْ أَهْلَ الْیُتْمِ وَ ذی [ذَوِی] الرِّقَّةِ فِی السِّنِّ مِمَّنْ لَا حِیلَةَ لَهُ وَ لَا یَنْصِبُ لِلْمَسْأَلَةِ نَفْسَهُ وَ ذَلِكَ عَلَی الْوُلَاةِ ثَقِیلٌ وَ الْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِیلٌ وَ قَدْ یُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَی أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ وَ اجْعَلْ لِذَوِی الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِیهِ شَخْصَكَ وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِیهِ لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَكَ وَ تُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّی یُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَیْرَ مُتَعْتَعٍ فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ فِی غَیْرِ مَوْطِنٍ لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لَا یُؤْخَذُ لِلضَّعِیفِ فِیهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِیِّ غَیْرَ مُتَعْتَعٍ ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَ الْعِیَّ وَ نَحِّ عَنْكَ الضِّیقَ وَ الْأَنَفَ (1)یَبْسُطِ اللَّهُ عَلَیْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ وَ یُوجِبْ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ وَ أَعْطِ مَا أَعْطَیْتَ هَنِیئاً وَ امْنَعْ فِی إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا یَعْیَا عَنْكَ كُتَّابُكَ وَ مِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ عِنْدَ وُرُودِهَا عَلَیْكَ مِمَّا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ وَ امْضِ لِكُلِّ یَوْمٍ عَمَلَهُ فَإِنَّ لِكُلِّ یَوْمٍ مَا فِیهِ وَ اجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَ

ص: 608


1- كذا فی الأصل المطبوع، وفی متن شرح ابن أبی الحدید، ط الحدیث ببیروت: " ونح عنهم الضیق... ".

اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِیتِ وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِیهَا النِّیَّةُ وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِیَّةُ وَ لْیَكُنْ فِی خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ لِلَّهِ بِهِ دِینَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِی هِیَ لَهُ خَاصَّةً فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِی لَیْلِكَ وَ نَهَارِكَ وَ وَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَی اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلًا غَیْرَ مَثْلُومٍ وَ لَا مَنْقُوصٍ بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ وَ إِذَا قُمْتَ فِی صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ فَلَا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَا مُضَیِّعاً فَإِنَّ فِی النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حِینَ وَجَّهَنِی إِلَی الْیَمَنِ كَیْفَ أُصَلِّی بِهِمْ فَقَالَ صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ وَ كُنْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً وَ أَمَّا بَعْدَ هَذَا فَلَا تُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ مِنْ رَعِیَّتِكَ فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِیَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّیقِ وَ قِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ وَ الِاحْتِجَابُ مِنْهُمْ یَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ فَیَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِیرُ وَ یَعْظُمُ الصَّغِیرُ وَ یَقْبُحُ الْحَسَنُ وَ یَحْسُنُ الْقَبِیحُ وَ یُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ وَ إِنَّمَا الْوَالِی بَشَرٌ لَا یَعْرِفُ مَا تَوَارَی عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ وَ لَیْسَتْ عَلَی الْحَقِّ سِمَاتٌ یُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ وَ إِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَیْنِ إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِی الْحَقِّ فَفِیمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقٍّ تُعْطِیهِ أَوْ فِعْلٍ كَرِیمٍ تُسْدِیهِ أَوْ مُبْتَلًی بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَیِسُوا مِنْ بَذْلِكَ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَیْكَ مَا لَا مَئُونَةَ فِیهِ عَلَیْكَ مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ فِی مُعَامَلَةٍ ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِی خَاصَّةً وَ بِطَانَةً فِیهِمُ اسْتِیثَارٌ وَ تَطَاوُلٌ وَ قِلَّةُ إِنْصَافٍ [فِی مُعَامَلَةٍ] فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ (1)

ص: 609


1- 1 كذا فی متن أصلی، و فی هامشه: «فاحسم مئونة أولئك ...».

وَ لَا تُقْطِعَنَّ لِأَحَدٍ مِنْ حَاشِیَتِكَ وَ حَامَّتِكَ قَطِیعَهُ وَ لَا یَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِی اعْتِقَادِ عُقْدَةٍ تَضُرُّ بِمَنْ یَلِیهَا مِنَ النَّاسِ فِی شِرْبٍ أَوْ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ یَحْمِلُونَ مَئُونَتَهُ عَلَی غَیْرِهِمْ فَیَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ وَ عَیْبُهُ عَلَیْكَ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ أَلْزِمِ الْحَقَّ مَنْ لَزِمَهُ مِنَ الْقَرِیبِ وَ الْبَعِیدِ وَ كُنْ فِی ذَلِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِكَ وَ خَاصَّتِكَ حَیْثُ وَقَعَ وَ ابْتَغِ عَاقِبَتَهُ بِمَا یَثْقُلُ عَلَیْكَ مِنْهُ فَإِنَّ مَغَبَّةَ ذَلِكَ مَحْمُودَةٌ وَ إِنْ ظَنَّتِ الرَّعِیَّةُ بِكَ حَیْفاً فَأَصْحِرْ لَهُمْ بِعُذْرِكَ وَ اعْدِلْ عَنْكَ ظُنُونَهُمْ بِإِصْحَارِكَ فَإِنَّ فِی ذَلِكَ رِیَاضَةً مِنْكَ لِنَفْسِكَ وَ رِفْقاً بِرَعِیَّتِكَ وَ إِعْذَاراً تَبْلُغُ فِیهِ حَاجَتَكَ (1)مِنْ تَقْوِیمِهِمْ عَلَی الْحَقِّ وَ لَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَیْهِ عَدُوُّكَ لِلَّهِ فِیهِ رِضًی فَإِنَّ فِی الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ وَ رَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وَ أَمْناً لِبِلَادِكَ وَ لَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِیَتَغَفَّلَ فَخُذْ بِالْحَزْمِ وَ اتَّهِمْ فِی ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ وَ إِنْ عَقَدْتَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ عَدُوٍّ لَكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ وَ ارْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَیْتَ فَإِنَّهُ لَیْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ شَیْ ءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَیْهِ اجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَ تَشْتِیتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِیمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَ قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِیمَا بَیْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِینَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ فَلَا تَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ وَ لَا تَخِیسَنَّ بِعَهْدِكَ وَ لَا تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ فَإِنَّهُ لَا یَجْتَرِئُ عَلَی اللَّهِ إِلَّا جَاهِلٌ شَقِیٌّ وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَیْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ وَ حَرِیماً یَسْكُنُونَ إِلَی مَنَعَتِهِ وَ یَسْتَفِیضُونَ إِلَی جِوَارِهِ فَلَا إِدْغَالَ وَ لَا مُدَالَسَةَ وَ لَا خِدَاعَ فِیهِ وَ لَا تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِیهِ الْعِلَلَ وَ لَا تُعَوِّلَنَّ عَلَی لَحْنِ قَوْلٍ بَعْدَ التَّأْكِیدِ وَ التَّوْثِقَةِ

ص: 610


1- 1 ما بین المعقوفین غیر موجود فی أصلی و إنّما أخذناه من عدة نسخ من مطبوعات نهج البلاغة.

وَ لَا یَدْعُوَنَّكَ ضِیقُ أَمْرٍ لَزِمَكَ فِیهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَی طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَیْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَی ضِیقٍ تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَیْرٌ مِنْ غَدْرٍ تَخَافُ تَبِعَتَهُ وَ أَنْ تُحِیطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ فِیهِ طِلْبَةٌ لَا تَسْتَقِیلُ فِیهَا دُنْیَاكَ وَ لَا آخِرَتَكَ إِیَّاكَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَیْرِ حِلِّهَا فَإِنَّهُ لَیْسَ شَیْ ءٌ أَدْعَی لِنَقِمَةٍ وَ لَا أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ وَ لَا أَحْرَی بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَ انْقِطَاعِ مُدَّةٍ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ حَقِّهَا وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَیْنَ الْعِبَادِ فِیمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَلَا تُقَوِّیَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا یُضْعِفُهُ وَ یُوهِنُهُ بَلْ یُزِیلُهُ وَ یَنْقُلُهُ وَ لَا عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عِنْدِی فِی قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ فِیهِ قَوَدَ الْبَدَنِ وَ إِنِ ابْتُلِیتَ بِخَطَإٍ وَ أَفْرَطَ عَلَیْكَ سَوْطُكَ وَ یَدُكَ بِعُقُوبَةٍ فَإِنَّ فِی الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً فَلَا تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّیَ إِلَی أَوْلِیَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ وَ إِیَّاكَ وَ الْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَ الثِّقَةَ بِمَا یُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَّ الْإِطْرَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّیْطَانِ فِی نَفْسِهِ لِیَمْحَقَ مَا یَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِ وَ إِیَّاكَ وَ الْمَنَّ عَلَی رَعِیَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ أَوِ التَّزَیُّدَ فِیمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعُودَكَ بِخُلْفِكَ فَإِنَّ الْمَنَّ یُبْطِلُ الْإِحْسَانَ وَ التَّزَیُّدَ یَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ وَ الْخُلْفَ یُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ النَّاسِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ إِیَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالْأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا أَوِ التَّسَاقُطَ فِیهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا أَوِ اللَّجَاجَةَ فِیهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ وَ أَوْقِعْ كُلَّ عَمَلٍ مَوقِعَهُ وَ إِیَّاكَ وَ الِاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِیهِ أُسْوَةٌ وَ التَّغَابِیَ عَمَّا تُعْنَی بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُیُونِ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَیْرِكَ وَ عَمَّا قَلِیلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِیَةُ الْأُمُورِ وَ یُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ امْلِكْ حَمِیَّةَ أَنْفِكَ وَ سَوْرَةَ حَدِّكَ وَ سَطْوَةَ یَدِكَ وَ غَرْبَ لِسَانِكَ وَ احْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ وَ تَأْخِیرِ السَّطْوَةِ حَتَّی یَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِیَارَ وَ لَنْ

ص: 611

تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّی تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ إِلَی رَبِّكَ وَ الْوَاجِبُ عَلَیْكَ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَا مَضَی لِمَنْ تَقَدَّمَكَ مِنْ حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أَوْ أَثَرٍ عَنْ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله أَوْ فَرِیضَةٍ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَتَقْتَدِیَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا بِهِ فِیهَا وَ تَجْتَهِدَ لِنَفْسِكَ فِی اتِّبَاعِ مَا عَهِدْتُ إِلَیْكَ فِی عَهْدِی هَذَا وَ اسْتَوْثَقْتُ بِهِ مِنَ الْحُجَّةِ لِنَفْسِی عَلَیْكَ لِكَیْ لَا تَكُونَ لَكَ عِلَّةٌ عِنْدَ تَسَرُّعِ نَفْسِكَ إِلَی هَوَاهَا وَ مِنْ هَذَا الْعَهْدِ وَ هُوَ آخِرُهُ (1)وَ أَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَی بِسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَ عَظِیمِ قُدْرَتِهِ عَلَی إِعْطَاءِ كُلِّ رَغْبَةٍ أَنْ یُوَفِّقَنِی وَ إِیَّاكَ لِمَا فِیهِ رِضَاهُ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَی الْعُذْرِ الْوَاضِحِ إِلَیْهِ وَ إِلَی خَلْقِهِ مَعَ حُسْنِ الثَّنَاءِ فِی الْعِبَادِ وَ جَمِیلِ الْأَثَرِ فِی الْبِلَادِ وَ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ وَ تَضْعِیفِ الْكَرَامَةِ وَ أَنْ یَخْتِمَ لِی وَ لَكَ بِالسَّعَادَةِ وَ الشَّهَادَةِ إِنَّا إِلَیْهِ رَاغِبُونَ وَ السَّلَامُ عَلَی رَسُولِهِ وَ آلِهِ كَثِیراً وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً (2)

تبیین:

قال الجوهری قال الكسائی جَبَبْتُ الماءَ فی الحوض و جَبَوْتُهُ أی جمعته و جَبَیْتُ الخراجَ جِبَایةً و جَبَوْتُهُ جِبَاوَةً و لا یهمز و أصله الهمز.

و قال الفیروزآبادی فی القاموس جبا الخراج كسعی و رمی جبوة و جباء و جباوة جمعه و جبایة بكسرهن انتهی.

و قال الكیدری الجبوة بالفتح للمرة و بالكسر للهیئة و النصب علی البدلیة أو علی أنه مفعول لقوله ولاه و لعل المراد بالخراج هنا كل ما یأخذه الوالی.

ص: 612


1- 1 و هذه الجملة: «و من هذا العهد و هو آخره» لا توجد فی بعض نسخ نهج البلاغة.
2- 2 و فی النسخة المطبوعة ببیروت من شرح ابن أبی الحدید: «و السلام علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله الطیبین الطاهرین». و فی ط بیروت من شرح ابن میثم: «و السلام علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه و علیه و آله و سلم الطیبین الطاهرین و سلم تسلیما كثیرا».

قوله علیه السلام و أن ینصر اللّٰه سبحانه بیده كالجهاد بالسیف و ضرب من احتاج إلیه فی النهی عن المنكر مثلا.

و المراد من قوله بقلبه فی الاعتقادات و الإنكار القلبی للآتی بالمنكرات و العزم علی إجراء الأحكام و العبادات.

و تكفله سبحانه بقوله وَ لَیَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ و أمثالها.

و الكسر من النفس كنایة عن كفها عن بعض ما تشتهیه و قال الجوهری وزعته أزعه كففته فاتزع هو أی كف و قال جمح الفرس إذا اعتز فارسه و غلبه و الجموح من الرجال الذی یركب هواه فلا یمكن رده و جمح أی أسرع قال أبو عبید فی قوله تعالی لَوَلَّوْا إِلَیْهِ وَ هُمْ یَجْمَحُونَ أی یسرعون و قال الدولة بالفتح فی الحرب یقال كانت لنا علیهم الدولة و بالضم المال یقال صار الفی ء دولة بینهم یتداولونه یكون مرة لهذا و مرة لهذا و الجمع دولات و دول و قال بعضهم كلتاهما تكون فی الحرب و المال.

قوله علیه السلام إن الناس ینظرون أی كما كنت تمدح قوما من الولاة و تذم قوما كذلك من یسمع أخبارك یمدحك بأفعالك الحسنة و یذمك بأعمالك القبیحة فاحذر أن تكون ممن عاب و یذم.

قوله علیه السلام ذخیرة العمل الصالح فی بعض النسخ برفع ذخیرة و الإضافة و فی بعضها بالنصب علی التمییز و رفع العمل الصالح.

قوله علیه السلام فیما أحببت و كرهت أی عند الشهوة و الغضب أو فی الأفعال و التروك.

قوله علیه السلام و أشعر قلبك الرحمة أی اجعلها شعاره و اللطف بهم فی بعض النسخ بالتحریك و هو الإسلام من لطف كنصر لطفا بالضم إذا رفق و دنا قال الجوهری ضری الكلب بالصید ضراوة أی تعود و كلب ضار و كلبة ضاریة و أضراه صاحبه أی عوده و أضراه به أیضا أی أغراه و إما نظیر لك أی إنسان مثلك یفرط منهم الزلل أی لیسوا معصومین یقال

ص: 613

فرط إلیه منه قول أی سبق و العلل الأمراض المعنویة أی أسباب المعاصی و دواعیها.

قوله علیه السلام و یؤتی علی أیدیهم قال ابن أبی الحدید هذا مثل قولك یؤخذ علی أیدیهم أی یؤدبون و یمنعون یقال خذ علی ید هذا السفیه و قد حجر الحاكم علی فلان و أخذ علی یده.

و قال ابن میثم كنایة عن كونهم غیر معصومین بل هم ممن یؤتون من قبل العمد و الخطإ و تأتی علی أیدیهم أوامر الولاة و المؤاخذات فیما یقع منهم من عمد أو خطإ انتهی.

و أقول إن الفعل فی قوله یؤتی فی بعض النسخ بصیغة الخطاب و فی بعضها بصیغة الغیبة فعلی الأول یحتمل أن یكون الغرض بیان احتیاجه إلیهم و تضرره من ناحیتهم أی تهلك بسبب ما یجری علی أیدیهم عمدا أو خطأ من قولهم أتی علیه الدهر أی أهلكه و قولهم أتی من جهة كذا إذا أتاه الضرر من تلك الجهة.

و علی الثانی الظرف قائم مقام الفاعل أی یهلك الحكام و الولاة أیدیهم كنایة عن منعهم عن التصرفات و مؤاخذتهم بما عملته أیدیهم فیرجع إلی بعض ما مر و یمكن أن یكون القائم مقام الفاعل الضمیر الراجع إلی الوالی بقرینة المقام فیئول إلی ما أفادته النسخة الأخری.

أو المعنی أنهم و ربما صدر منهم بعض القبائح بإضلال غیرهم فكأنه جری فعل المضل بأیدیهم فهم مستحقون للصفح عنهم.

قوله علیه السلام و قد استكفاك الضمیر المرفوع راجع إلی اللّٰه و إلی الموصول فی من ولاك أی طلب منك كفایة أمورهم و امتحنك بهم.

و نصب النفس لحرب اللّٰه كنایة عن مبارزته إیاه بالمعاصی.

قوله علیه السلام لا یدی لك قال ابن أبی الحدید اللام مقحمة و المراد

ص: 614

الإضافة و نحوه قوله لا أبا لك.

و قال ابن میثم و حذف النون من یدین لمضارعته المضاف و قیل لكثرة الاستعمال.

و قال ابن الأثیر فی حرف الیاء فی مادة ید من النهایة فیه قد أخرجت عبادا لی لا یدان لأحد بقتالهم أی لا قدرة و لا طاقة یقال ما لی بهذا الأمر ید و لا یدان لأن المباشر و الدفاع إنما یكون بالید فكان یدیه معدومتان لعجزه عن دفعه.

و فی بعض النسخ لا یدا لك.

و قال الجوهری البجح الفرح و قال البادرة الحدة و بدرت منه بوادر غضب أی خطإ و سقطات عند ما احتد و البادرة البدیهة و المندوحة السعة و التأمیر تولیة الإمارة یقال هو أمیر مؤمر و الإدغال إدخال الفساد و منهكة أی ضعف و سقم و قال الجزری فیه من یكفر اللّٰه یلقی الغیر أی تغیر الحال و انتقالها عن الصلاح إلی الفساد و الغیر الاسم من قولك غیرت الشی ء فتغیر و قال الأبهة العظمة و المخیلة الكبر و قال الفیروزآبادی طامن الأمر سكن و قال الطماح ككتاب النشوز و الجماح و قوله إلیك متعلق بقوله یطامن علی تضمین معنی القبض أو الجذب و من للتبعیض.

و قال الكیدری ضمّن یطامن معنی یردّ فلذا عداه بإلی أی یرد إلیك سورة غضبك و اعتلائك و لا یخلیها تتجاوز عنك إلی غیرك و قیل إن إلی یتعلق بطماحك و هو من قولهم طمح بصره إلی الشی ء أی ارتفع أی یسكن ذلك بعض نظرك نفسك بعین العجب و الكبریاء و الغرب بالفتح الحدة و بالكسر البعد و یفی ء إلیك أی یرجع إلیك بما بعد عنك من عقلك و المساماة مفاعلة من السمو و هو العلو.

قوله علیه السلام أنصف اللّٰه أی بالقیام بما فرض علیك و أنصف الناس بالقیام بحقوقهم و معاملتهم بالعدل دون عباده أی فقط

ص: 615

أو كان اللّٰه هو الحقیق بأن یسمی خصما فإن مخاصمة العباد مضمحلة فی جنب مخاصمته و انتقامه. و قال الجوهری دحضت حجته دحوضا بطلت و أدحضه اللّٰه أبطله و قال أنا حرب لمن حاربنی أی عدو و قال نزع عن الأمور نزوعا انتهی عنها.

أقول: یحتمل أن یكون أداء حقوق الناس إلیهم من التوبة أو یكون نزوعه عبارة عن أداء حقوقهم و توبته عن ندمه فإنه ما دام حابسا لحقوقهم فهو ظالم فلم یكن تاركا للظلم منتهیا عنه و المرصاد الطریق و الموضع یرصد فیه العدو.

و قال فی النهایة كل خصلة محمودة فلها طرفان مذمومان فهی وسط بین الطرفین و فیه الوالد أوسط أبواب الجنة أی خیرها.

قوله علیه السلام لرضا الرعیة أی العامة یجحف برضی الخاصة أی یبطله و لا یجدی نفعا عند سخط العامة من قولهم أجحف به أی ذهب به و لعل المراد بالخاصة أعیان أهل البلد و ذوو المروءة منهم و من یلازم الوالی و صار كالصدیق له یغتفر أی یستر و لا یضر عند رضا العامة.

قوله علیه السلام و لیس أحد من الرعیة أثقل علی الوالی مئونة لسؤال المطالب و الشفاعات و أقل معونة له فی البلاء كوقت الحاجة و عند العزل و النكبة لعدم حصول متمنیاتهم و ألحف السائل ألح و أقل شكرا عند الإعطاء لاعتقادهم زیادة فضلهم علی العامة و أبطأ عذرا عند المنع أی إن منعهم الوالی و لم یعطهم لم یقبلوا منه عذرا و ملمات الدهر نوازله و مصائبه.

قوله علیه السلام من أهل الخاصة متعلق بأثقل و ما عطف علیه و جماع الشی ء مجمعه و مظنته و قال الجوهری یقال صغوه معك و صغوه معك و صغاه معك أی میله و فی بعض النسخ صفوه بالفاء أی خالص

ص: 616

ودك و الشناءة مثل الشناعة البغض و إطلاق عقدة الحقد إخراجه من القلب أی لا تحقد علی أحد فتكون الجملة التالیة كالتفسیر لها.

و یحتمل أن یكون المراد إخراج الحقد علی نفسه عن قلوب الناس بحسن الخلق أو حقد بعضهم علی بعض بالموعظة و نحوها فتكون الجملة التالیة مؤسسة.

و قال فی النهایة السبب فی الأصل الحبل ثم استعیر لكل ما یتوصل به إلی شی ء.

و فی الصحاح الوتر بالكسر الفرد و بالفتح الذحل أی الحقد و العداوة هذه لغة أهل العالیة.

فأما لغة أهل الحجاز فبالضد منهم.

و أما تمیم فبالكسر فیهما و قال تغابی تغافل أی لا تتعرض لأمر لم یتضح لك من أمورهم التی توجب حدا أو تعزیرا أو عتابا و تعییرا و الساعی من یسعی إلی الوالی بذم الناس و جرائمهم و الباء قوله یعدل بك للتعدیة و الفضل الإحسان.

و یعدك الفقر أی یخوفك منه إشارة إلی قوله تعالی الشَّیْطانُ یَعِدُكُمُ الْفَقْرَ و قوله بالجور متعلق بالشره فالجور جور المأمور أو بالتزیین فالمراد جور الأمر و الشره غلبة الحرص و الجور المیل عن القصد.

قوله علیه السلام یجمعها سوء الظن أی هو ملزومها أو معنی مشترك بینها و بطانة الرجل بالكسر صاحب سره و محل مشورته و الواو فی قوله و أنت واجد یحتمل العطف و الحالیة و منهم متعلق باسم التفضیل مقدم علیه و ممن بیان لقوله خیر الخلف و یقال رجل نافذ فی أمره أی ماض و الآصار جمع الإصر بالكسر و هو الذنب و الثقل و الحنو العطف و الشفقة و حفلاتك أی مجامعك و محفل القوم

ص: 617

مجتمعهم و قوله علیه السلام واقعا منصوب علی الحالیة أی فی حال وقوع ذلك القول منه و النصیحة و قلة المساعدة حیث وقع من هواك سواء كان فی هوی عظیم أو حقیر أو حیث وقع هواك أی سواء كان ما تهواه عظیما أو لیس بعظیم.

و یحتمل أن یرید واقعا ذلك الناصح من هواك و محبتك حیث وقع أی یجب أن یكون له من هواك موقعا كذا ذكره ابن میثم.

و قیل یحتمل أن یكون ذلك إشارة إلی ما یكون منك أی سواء كان ذلك الفعل الصادر عنك مما تهواه هوی عظیما أم لا.

و الأظهر أن المعنی أن الناصح یقول و ینصح و یمنع سواء كان علمه موافقا لهواك و رضاك أم لا فقوله حیث وقع أی من الموافقة و المخالفة.

قوله علیه السلام و الصق علی بناء المجرد و فی بعض النسخ علی بناء الإفعال أی ألصق نفسك بهم و علی التقدیرین المعنی اجعلهم خاصتك و خلصاءك ثم رضهم أی ربهم و عودهم أن لا یمدحوك فی وجهك.

و قال الجوهری البجح الفرح و بجحته أنا تبجیحا فتبجح أی أفرحته ففرح و التوصیف بقوله لم تفعله لیس للتخصیص بل المعنی لا یفرحوك بمدحك بما لم تفعله فإنه باطل كما قال سبحانه وَ یُحِبُّونَ أَنْ یُحْمَدُوا بِما لَمْ یَفْعَلُوا و الزهو الكبر و الفخر و العزة بالعین المهملة و الزای بمعنی القوة و الغلبة و الشدة أی یقربك إلی أن یقوی الشیطان و نفسك الأمارة و یغلبا علیك أو إلی أن یقسو قلبك فتغلب الرعیة و تظلمهم.

و فی بعض النسخ بالغین المعجمة و الراء المهملة أی الغفلة عن الحق و الاغترار بالباطل و التزهید خلاف الترغیب و التدریب التعوید.

قوله علیه السلام و ألزم كلا منهم أی فجاز المحسن بالإحسان

ص: 618

و المسی ء بالإساءة و النصب التعب و هو هنا اغتمامه حذرا من أن یصیبه منهم مكروه أو لا یطیعوه و البلاء یطلق علی الخیر و الشر كما قال تعالی وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَیْرِ فِتْنَةً و المراد هنا بالأول الأول و بالثانی الثانی.

و قال الجوهری صدر كل شی ء أوله و الصلاح ضد الفساد و الفعل كدخل و حسن و المنافثة المحادثة

وَ فِی الْحَدِیثِ أَنَّ الرُّوحَ الْأَمِینَ نَفَثَ فِی رُوعِی.

و فی بعض النسخ مثافنة الحكماء بتقدیم المثلثة علی النون و هی المعاونة.

و قال الراوندی رحمه اللّٰه اشتقاقه من ثفنة البعیر و هی ما یقع علی الأرض من أعضائه إذا استنیخ كأنك ألصقت ثفنة ركبتك ركبته قوله علیه السلام من أهل الذمة قال ابن میثم لف و نشر و یحتمل أن یكون بیانا لأهل الخراج فإن للإمام أن یقبل أرض الخراج من سائر المسلمین و أهل الذمة و التجار بالضم و التشدید و بالكسر و التخفیف جمع تاجر.

و الصناعة بالكسر حرفة الصانع و الضمیران فی حده و فریضته إما راجعان إلی اللّٰه أو إلی كل.

و المراد بالعهد الحكم الخاص بكل منهم.

و قوام الشی ء بالكسر ما یقوم به و ینتظم به أمره.

قوله علیه السلام و یكون من وراء حاجتهم أی فیما یحتاجون إلیه و الوراء إما بمعنی الخلف كأنه ظهر لحاجتهم و محل لاعتمادهم أو بمعنی القدام كما قیل فی قوله وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ فكأنه یسعی بین یدی حاجتهم لكفایة أمورهم و الأول أظهر و یحكمون بصیغة الإفعال.

قوله علیه السلام من مرافقهم أی مرافق الرعیة أو التجار و ذوی الصناعات أی المرافق الحاصلة بهم و كذلك الضمیر فی أسواقهم و المرفوع فی یكفونهم راجع إلی التجار و ما عطف علیه و كذا ضمیر بأیدیهم و غیرهم

ص: 619

و قال الجوهری المرفق من الأمر هو ما ارتفقت به و انتفعت به و قال حق الشی ء یحق أی وجب و قال الرفد العطاء و الصلة.

قوله علیه السلام و فی اللّٰه أی فی جوده و عنایته فلیعتمدوا علی اللّٰه فی تدبیر أمورهم أو فی حكمه و شریعته و ما قرر لكل منهم فی كتابه و سنة نبیه قوله علیه السلام بقدر ما یصلحه الضمیر راجع إلی الكل و قیل إلی الوالی و هو بعید.

قوله علیه السلام فول من جنودك أی اجعل الوالی علی جندك من كان كذلك أنقاهم جیبا أی أطهرهم جیبا أی عفیفا أمینا و یكنی عن العفة و الأمانة بطهارة الجیب لأن الذی یسرق یجعل المسروق فی جیبه و هذه الوصیة فی ولاة الجیش لأجل الغنائم كذا ذكره ابن أبی الحدید.

و قال ابن میثم ناصح الجیب كنایة عن الأمین.

و لعله لم یكن فی نسخته لفظة أنقاهم و قال الجوهری رجل ناصح الجیب أمین.

و یحتمل أن یكون المراد بطهارة جیبه أو نصحه كونه محبا للإمام علیه السلام غیر مبطن لعداوة أو نفاق.

قوله علیه السلام و یستریح إلی العذر أی یسكن عند العذر و یمیل إلیه فیقبله.

و یحتمل أن یكون من قولهم عذرته عذرا فیما صنع فالعذر بمعنی قبول العذر.

قوله علیه السلام و ینبو علی الأقویاء كذا فی أكثر النسخ المصححة أی یعلو علی الأقویاء و یدفع ظلمهم عن الضعفاء من النباوة و هی الأرض المرتفعة.

و فی بعض النسخ عن الأقویاء أی یتجافی و یبعد عنهم و لا یمیل إلیهم

ص: 620

من قولهم نبأ بصره عن الشی ء إذا تجافی عنه.

قوله علیه السلام و ممن لا یثیره عطف علی قوله ممن یبطئ أی لا یكون له عنف فیثیره و لو كان له عنف بمقتضی طبعه یطفیه بعقله أو أنه لو عنف به أحد تحلم و صبر.

و لعل المراد بالإلصاق بذوی الأحساب تفویض الولایات و الأمور إلیهم أو تفقد أحوالهم و تربیتهم و حفظهم عن الضیاع و الحسب بالتحریك ما یعد من المآثر و قیل الشرف الثابت له و لآبائه و السوابق الفضائل التی یسبق لها.

و قال الجوهری النجدة الشجاعة و لاقی فلان نجدة أی شدة.

و السماحة بالفتح موافقة الرجل علی ما أرید منه أو الجود و العطاء.

قوله علیه السلام فإنهم جماع من الكرم أی مجمع من مجامع الكرم أو تلك الصفات من الصفات الجامعة من جملة صفات الكرم و فی إتیان ضمیر ذوی العقول تجوز كقوله فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِی إِلَّا رَبَّ الْعالَمِینَ و قال ابن أبی الحدید أی مجمع الكرم

وَ مِنْهُ الْحَدِیثُ الْخَمْرُ جِمَاعُ الْإِثْمِ.

و من هاهنا زائدة و إن كان فی الإیجاب علی مذهب الأخفش.

قوله علیه السلام و شعب من العرف أی شعب العرف أی أقسامه و أجزاؤه أو من المعروف لأن غیرها أیضا من الكرم و المعروف نحو العدل و الفقه.

قوله علیه السلام ثم تفقد من أمورهم أی أمور الجنود أو ذوی الأحساب و من بعده أو الرعیة مطلقا و التفقد طلب الشی ء عند غیبته.

و قال الجوهری تفاقم الأمر عظم و التاء فی داعیة للمبالغة (1)

ص: 621


1- 1 و فی هامش أصلی هاهنا ما لفظه: قال الكیدری: قیل: هو مستعار من داعیة اللبن و هو ما یترك فی الضرع لیدعو ما بعده. منه رحمه اللّٰه.

قوله علیه السلام اتكالا علی جسیمها أی اعتمادا علی تفقد عظیمها و من واساهم أی الجنود من جدته أی غناه و من خلوف أهلیهم أی من یخلفونه من أولادهم و أهلیهم إلا بحیطتهم فی أكثر النسخ المصححة بفتح الحاء و تشدید الیاء و لیس موجودا فیما ظفرنا به من كتب اللغة بل فیها الحیطة بكسر الحاء و سكون الیاء كما فی بعض النسخ قال الجوهری الحیطة بالكسر الحیاطة و هما من الواو و قد حاطه یحوطه حوطا و حیاطة و حیطة أی كلأه و وعاه و مع فلان حیطة لك و لا تقل علیك أی تحنن و تعطف.

و قال ابن أبی الحدید و أكثر الناس یروونها بتشدید الیاء و كسرها و الصحیح بكسر الحاء و تخفیف الیاء.

قوله علیه السلام و قلة استثقال دولهم أی بأن كانوا راضین بدولتهم و لا یعدوها ثقیلا و لا یتمنوا زوالها و الاستبطاء عد الشی ء بطیئا.

قوله علیه السلام و واصل فی حسن الثناء علیهم أی كرره حتی كأنك وصلت بعضه ببعض أو واصلهم و تحبب إلیهم بذلك.

و فی بعض النسخ من حسن و تعدید البلاء كثرة إظهاره و قال فی النهایة فیه عسی أن یؤتی هذا من لا یبلی بلائی أی لا یعمل مثل عملی فی الحرب كأنه یرید أفعل فعلا أختبر فیه و یظهر خیری و شری و الهز التحریك و التحریض الترغیب ثم اعرف أی اعلم مقدار بلاء كل امرئ منهم و جازه بذلك المقدار و لا تقصرن به دون غایة بلائه أی بأن تذكر بعضه أو تحفره و لا تجازیه بحسبه.

قوله علیه السلام ما یضلعك فی بعض النسخ بالضاد و فی بعضها بالظاء و قال ابن الأثیر فی مادة ضلع من كتاب النهایة فیه أعوذ بك من الكسل و ضلع الدین أی ثقله و الضلع الاعوجاج أی یثقله حتی یمیل صاحبه عن الاستواء و الاعتدال یقال ضلع بالكسر یضلع ضلعا بالتحریك

ص: 622

و ضلع بالفتح یضلع ضلعا بالتسكین أی مال و من الأول

حدیث علی علیه السلام و اردد إلی اللّٰه و رسوله ما یضلعك من الخطوب.

أی یثقلك.

و قال الظاء فی مادة ظلع الظلع بالسكون العرج و ظلعوا أی انقطعوا و تأخروا لتقصیرهم و أخاف ظلعهم بفتح اللام أی میلهم عن الحق و ضعف إیمانهم و قیل ذنبهم و أصله داء فی قوائم الدابة یغمز منها و رجل ظالع أی مائل و قیل إن المائل بالضاد.

و قال ابن أبی الحدید الروایة الصحیحة بالضاد و إن كان للروایة بالظاء وجه.

قوله علیه السلام بسنته الجامعة أی التی تصیر أهواؤهم و نیاتهم بالأخذ بها واحدة و لا یتفرقون عن طاعة اللّٰه و عبادته.

قوله علیه السلام ثم اختر للحكم بین الناس هو وصیة فی نصب القضاة فی نفسك أی اعتقادك و الباء فی تضیق به للتعدیة و لا یمحكه الخصوم كذا فی النسخ المعتبرة علی صیغة المجرد إما بالیاء أو بالتاء و الذی یظهر من كلام أهل اللغة هو أن محك لازم.

و الذی رواه ابن الأثیر فی النهایة هو تمحكه بضم التاء من باب الإفعال و

قال فی حدیث علی علیه السلام لا تضیق به الأمور و لا تمحكه الخصوم.

قال المحك اللجاج و قد محك یمحك و أمحكه غیره انتهی.

و فی بعض النسخ یمحكه علی بناء التفعیل.

و قال ابن میثم فی شرح قوله ممن لا یمحكه الخصوم أی لا یغلبه علی الحق باللجاج و قیل ذلك كنایة عمن یرتضیه الخصوم فلا تلاجه و یقبل منه بأول قوله.

قوله علیه السلام و لا یتمادی فی الزلة أی لا یستمر فی الخطإ بل یرجع بعد ظهور الحق و قال الجوهری الحصر العی یقال حصر الرجل یحصر حصرا مثل تعب تعبا و الحصر أیضا ضیق الصدر یقال حَصِرَتْ

ص: 623

صُدُورُهُمْ و كل من امتنع من شی ء لم یقدر علیه فقد حصر عنه و حصرت الرجل فهو محصور أی حبسته و حصره و حبسته و حصره العدو یحصرونه إذا ضیقوا علیه انتهی و المعنی لا یضیق صدره و لا یشكل علیه الرجوع إلی الحق إلی معرفته و لا یحبس نفسه عنه و التبرم التضجر و الملال أی لا یمل من معاودة الكلام رجاء ظهور الحق و أصرمهم أقطعهم و أمضاهم.

و قال الجوهری زهاه و ازدهاه استخفه و تهاون به و منه قولهم فلان لا یزدهی بخدیعة و الإطراء المدح و الإغراء التحریض.

قوله علیه السلام ثم أكثر تعاهد قضائه أی ابحث و استخبر ما یقضی و یحكم به هل هو موافق للحق ثم أمره بأن یفرض له عطاء واسعا یملأ عینه و یتعفف به عن الرشوة و قال الجوهری زاح الشی ء یزیح زیحا أی بعد و ذهب و أزحت علته فزاحت.

و قال ابن میثم ما فی قوله ما یزیح علته یحتمل أن یكون بدلا من البذل و أن یكون مفعولا لفعل محذوف دل علیه البذل أی فتبدل له ما یزیح علته و أن یكون مفعولا لقوله افسح فسح وسع له ما یكفیه من المال أو فی معنی مصدر افسح أی افسح له فسحا یزیل علته انتهی.

و الاغتیال فی الأصل أن تقتل رجلا خدعة و هاهنا كنایة عن ذم الناس له و تقبیح ذكره عند الوالی حتی ینحرف عنه.

قوله علیه السلام قد كان أسیرا أی فی زمن من تقدم من الخلفاء.

قوله علیه السلام و العمال هم المنصوبون لجبایة الخراج و الجزیة و الصدقات فاستعملهم اختیارا فی بعض النسخ بالمثناة أی انصب من عمالك من كان مختارا عندك و الاختیار الاصطفاء أو من تختاره بعد التأمل و التفكر و فی بعضها بالموحدة أی بعد اختبارك و امتحانك لهم.

و قال الجوهری حباه یحبوه أی أعطاه.

و قال ابن أبی الحدید أی لا تولهم محاباة لهم أو لمن یشفع لهم و لا أثرة و إنعاما

ص: 624

علیهم.

و قال فی القاموس حاباه محاباة و حباء نصره و اختصه و مال إلیه فإنهما أی المحاباة و الأثرة كما هو مصرح به فی بعض النسخ بدل الضمیر و فی بعض النسخ فإنهم و التوخی التحری و القصد قاله الجوهری.

و قال القدم واحد الأقدام و القدم السابقة فی الأمر یقال لفلان قدم صدق أی أثرة حسنة و قال الفیروزآبادی فالقدم بمعنی الرجل مؤنثة و قول الجوهری القدم واحد الأقدام سهو صوابه واحدة.

و قال فی النهایة الأعراض جمع العرض و هو موضع المدح و الذم من الإنسان سواء كان فی نفسه أو فی سلفه أو من یلزمه أمره و قیل هو جانبه الذی یصونه من نفسه و حسبه و یحامی عنه أن ینتقص و یثلب و قال ابن قتیبة عرض الرجل نفسه و بدنه لا غیر.

و قال ابن أبی الحدید الإشراف شدة الحرص علی الشی ء.

قوله علیه السلام ما تحت أیدیهم أی من أموال المسلمین مما أمروا بجبایتها أو ثلموا أمانتك كنایة عن الخیانة و الثلمة الخلل فی الحائط و غیره.

قوله علیه السلام و ابعث العیون أی من یراقبهم و یطلع علیهم.

و العین الجاسوس و الدیدبان حدوة لهم أی باعث و محرض لهم و الحدو فی الأصل سوق الإبل و الغناء لها.

قوله علیه السلام و تحفظ من الأعوان أی من خیانة أعوان الولاة أو أعوانك فی ذكر أحوال العمال بأغراضهم الفاسدة أو الأعوان هم الحاضرون عنده الذین یبعثهم إلی المواضع القریبة و ضمیر بها راجع إلی الخیانة.

و اكتفیت جزاء الشرط و أخذه بما أصاب من عمله استعادة ما أخذه خیانة و قال الجوهری وسمته وسما و سمة إذا أثرت فیه بسمة وكی و الهاء عوض عن الواو و قلدته عار التهمة أی جعلت العار كالقلادة فی عنقه

ص: 625

قوله علیه السلام لأن ذلك أی الخراج أو استجلابه (1)فإن شكوا ثقلا أی ثقل الخراج المضروب علیهم أو ثقل وطأة العامل أو علة كالجراد و البرد و نحوهما و الشرب بالكسر الحظ من الماء و قال الجوهری و الجزری یقال لا تبلك عندی بالة أی لا یصیبك منی ندی و لا خیر.

و قال ابن میثم البالة القلیل من الماء تبل به الأرض و قال أحالت الأرض تغیرت عما كانت علیه من الاستواء فلا نتجت زرعها و لا أثمرت نخلها.

و قال ابن أبی الحدید أو بالة یعنی المطر.

و قال فی النهایة حالت الناقة و أحالت إذا حملت عاما و لم تحمل عاما و قال فی الحدیث إنه جعل علی كل جریب عامر أو غامر درهما و قفیزا الغامر ما لم یزرع مما یحتمل الزراعة من الأرض سمی غامرا لأن الماء یغمره فهو و الغامر فاعل بمعنی مفعول انتهی.

قوله علیه السلام أو أجحف بها أی ذهب به و المعنی أتلفها عطش بأن لا یكفیها الماء الموجود فی الشرب أو لتقصیر أو مانع حسن نیاتهم أی صفاء باطنهم و میلهم بالقلوب و فی بعض النسخ ثنائهم و استفاضة العدل انتشاره.

و قوله معتمدا حال من ضمیر خففت أی قاصدا و الإجمام الترفیه.

و قوله و الثقة النسخ متفقة علی جرها فیكون معطوفا علی قوله أو إجمامك.

ص: 626


1- 1 و هاهنا فی حاشیة أصلی هامش أو تعلیق من المصنّف العلامة و هذا نصه: قال بعض الشارحین روی استحلاب الخراج بالحاء المهملة من الحلب و هو استخراج ما فی الضرع من اللبن. «و إلّا قلیلا» أی قلیلا من أمره أو زمانا قلیلا أو قلیلا من العمّال. منه رحمه اللّٰه.

و قال ابن میثم فضل نصب بالمفعول من معتمدا و الثقة معطوف علی المفعول المذكور و لعله قرأ بالنصب.

قوله علیه السلام فربما حدث من الأمور كاحتیاجك إلی مساعدة مال یقسطونه علیهم قرضا لك أو معونة محضة و الإعواز الفقر.قوله علیه السلام علی الجمع أی جمع المال لأنفسهم أو للسلطان و سوء ظنهم بالبقاء أی الإبقاء علی العمل لخوف العزل أو یظنون طول البقاء و ینسون الموت و الزوال أی بالبقاء.

و فی النهایة العبر جمع عبرة و هی كالموعظة مما یتعظ به الإنسان و یعمل به و یعتبر لیستدل به علی غیره.

قوله علیه السلام فول علی أمورك لعل المراد بها ما یكون لها نهایة الاختصاص بالوالی من الأمور الكلیة دون الجزئیة المتعلقة بالقری و نحو ذلك فالمراد بخیرهم خیر كتاب الوالی.

و یمكن أن یراد بها مطلق أموره فالضمیر فی خیرهم عائد إلی مطلق الكتاب و الأول أظهر.

قوله علیه السلام مكایدك أی تدابیرك الخفیة و المعنی اجعل رسائلك المذكورة مخصوصة بمن كان منهم أشد جمعا للأخلاق الصالحة كالعلم بوجوه الآراء المصلحة و الوفاء و النصیحة و الأمانة و غیرها.

و البطر الطغیان عند النعمة.

قوله علیه السلام و لا تقصر به أی لا تجعله الغفلة مقصرا و قوله و فیما لعله معطوف علی قوله عن إیراد یأخذ لك كالخراج أو المكاتیب التی تكون حجة لك و یعطی منك كسهام الجند أو المكاتیب التی تكون حجة لغیرك.

قوله علیه السلام و لا یضعف أی إن عقد لك عقدا قواه و أحكمه

ص: 627

و إن عقد خصومك علیك عقدا اجتهد فی إدخال ما یمكن به حله و نقضه عند الحاجة فالمراد بالإطلاق إما ترك التقیید أو حل العقد.

و فی بعض النسخ لا یعجز بصیغة الإفعال أی لا یعجزك.

و استنامتك أی میل قلبك إلیه قال الجوهری استنام إلیه أی سكن إلیه و اطمأن.

قوله علیه السلام فإن الرجال یتعرضون قال ابن أبی الحدید و یروی یتعرفون أی یجعلون أنفسهم بحیث تعرف بالمحاسن بتصنعهم فاعمد لأحسنهم كان أی اقصد لمن كان فی زمن الصالحین قبلك أحسنهم.

قوله علیه السلام و لمن ولیت أمره أی لإمامك.

قوله علیه السلام و اجعل لرأس كل أمر قال ابن أبی الحدید نحو أن یكون أحدهم للرسائل إلی الأطراف و الأعداء و الآخر لأجوبة عمال السواد و الآخر لخاصته و نفقاته.

قوله علیه السلام لا یقهره كبیرها أی لا یعجز عن القیام بحقه و لا یتشتت علیه أی لا یتفرق لكثرته و ضمیرا كبیرها و كثیرها راجعان إلی الأمور.

قوله علیه السلام ألزمته أی یأخذك اللّٰه و الإمام بتغافلك.

قوله علیه السلام ثم استوص قال ابن أبی الحدید أی أوص نحو قر فی المكان و استقر یقول استوص بالتجار خیرا أی أوص نفسك بذلك و منه

قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله استوصوا بالنساء خیرا.

و مفعولا استوص و أوص هاهنا محذوفان للعلم بهما.

و یجوز أن یكون معنی استوص أی اقبل الوصیة منی بهم و أوص بهم أنت غیرك.

و المضطرب یعنی المسافر و الضرب السیر فی الأرض قال اللّٰه تعالی

ص: 628

إِذا ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ قوله علیه السلام و المترفق ببدنه أی أهل الصنائع فإنهم یتكلفون نفع الناس و نفع أنفسهم بتجشم العمل و إتعاب البدن و المرافق ما ینتفع بها و المطارح المواضع البعیدة قال الجوهری الطرح بالتحریك المكان البعید و حیث قال ابن أبی الحدید و یروی بحذف الواو أی من مكان لا یجتمع الناس لمواضع تلك المنافع منه و لا یجترءون علیها فیه كالبحار و الجبال و نحوهما.

و الضمیر فی مواضعها و علیها یعود إلی المنافع.

قوله علیه السلام فإنهم سلم أی و لو أسلم و صلح لا یتخوف منهم إفساد فی دولة و لا خیانة فی مال و البائقة الداهیة و قیل الظلم.

و الغائلة الشر و حواشی البلاد أطرافها و الشح البخل أو الحرص و الحكر الجمع و الإمساك و الاحتكار الحبس انتظارا للغلاء و سیأتی أحكام الاحتكار فی محلها.

و قال فی القاموس تحكم فی الأمر جار فیه حكمه و قال البیاعة بالكسر السلعة و الجمع بیاعات و لفظ و عیب فی بعض النسخ مذكور بالرفع عطفا علی باب و فی بعضها بالجر عطفا علی مضرة و سمح بكذا سمحا بالفتح أی جاد و أعطی أو وافق علی ما أرید منه و المراد هنا إما ترك البخس فی المكیال و المیزان فالمراد بقوله بموازین عدل عدم النقص فی أصل المیزان و یحتمل التأكید.

أو المراد بالسمح إعطاء الراجح قلیلا أو الرفق بالمشتری و ترك الخشونة علی الاستحباب و إن كان الظاهر الوجوب و قارفه أی قاربه و خالطه.

و المراد بالتنكیل و المعاقبة فی غیر إسراف التعزیر علی قدر المصلحة.

قوله علیه السلام ثم اللّٰه اللّٰه أی اذكر اللّٰه و اتقه و الحیلة الحذق فی تدبیر الأمور و أهل البؤسی لفظ أهل غیر موجود فی أكثر النسخ.

ص: 629

و البؤسی مصدر كالنعمی و هی شدة الحاجة فلا یصح عطفه علی المساكین و المحتاجین إلا بتقدیر و أما الزمنی فهو جمع زمن فیكون معطوفا علی أهل البؤسی لا البؤسی و سیأتی تفسیر القانع و المعتر (1)و احفظ لله أی اعمل بما أمر اللّٰه به فی حقهم أو اعمل بما أمرك به من ذلك لله.

و قال فی النهایة الصوافی الأملاك و الأراضی التی جلا عنها أهلها أو ماتوا و لا وارث لها واحدها صافیة.

قال الأزهری یقال للضیاع التی یستخلصها السلطان لخاصته الصوافی و به أخذ من قرأ فاذكروا اسم اللّٰه علیها صوافی أی خالصة لله تعالی انتهی.

و لعل المراد بالقسم من بیت المال فی قوله علیه السلام و اجعل لهم قسما من بیت مالك هو السهم المفروض لهم من الزكوات و الأخماس و بالقسم من غلات الصوافی ما یكفیهم لسد خلتهم من خاصة الإمام علیه السلام من الفی ء و الأنفال تبرعا و یحتمل شموله لبیت المال أیضا.

و المراد بالأقصی من بعد من بلد الوالی و قیل من بعد من جهة الأنساب

ص: 630


1- 1 أقول: و فی هامش أصلی هاهنا للمصنف العلامة حاشیة و هذا نصها: اختلف فی القانع و المعتر فقیل القانع الذی یقنع بما أعطی أو بما عنده و لا یسأل و المعتر الذی یتعرض ان تطعمه من اللحم و یسأل. و قیل: القانع: الذی یسأل و المعتر الذی یتعرض للمسألة و لا یسأل، یقال: عرة و اعتره و عراه و اعتراه إذا اعترض للمعروف من غیر مسألة. و فی مجمع البیان: قال أبو جعفر و أبو عبد اللّٰه علیهما السلام: القانع الذی یسأل فیرضی بما أعطی و المعتر الذی یعتر الأبواب منه رحمه اللّٰه. أقول: و فی ط بیروت فی تفسیر الآیة 36 من سورة الحجّ من مجمع البیان: هكذا: و قال أبو جعفر و أبو عبد اللّٰه علیهما السلام: القانع الذی یقنع بما أعطیته و لا یسخط و لا یكلح و لا یلوی شدقه غضبا. و المعتر: الماد یده لتطعمه و فی روایة الحلبیّ عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال: القانع الذی یسأل فیرضی بما أعطی، و المعتر: الذی یعتری رحلك ممن لا یسأل.

و الأسباب منه و قیل أی لا تصرف ما كان من الصوافی فی بعض البلاد علی مساكین ذلك البلد خاصة فإن لغیرهم فیها مثل حقهم و كل قد استرعیت حقه أی أمرك اللّٰه برعایة حقه.

قوله علیه السلام و لا یشغلنك عنهم نظر أی تفكر فی أمر آخر و اهتمام به و فی بعض النسخ بطر بالباء و الطاء المهملة أی مرح و طغیان.

و التافه الحقیر.

قوله لأحكامك فی أكثر النسخ بفتح الهمزة و یمكن أن یقرأ بالكسر و لعله أنسب كما لا یخفی و الإشخاص الإخراج و لا تصعر خدك لهم أی لا تمل وجهك عن الناس تكبرا ممن تقتحمه العیون أی تزدریه و تحتقره و تحقر بالتخفیف و كسر القاف أی تستحقره و فی بعض النسخ علی التفعیل ففرغ لأولئك ثقتك أی عین لرفع أمورهم إلیك رجلا من أهل الخشیة لله و التواضع لهم أو لله أو الخشیة لله و التواضع للإمام أو لك ثم اعمل فیهم أی اعمل فی حقهم بما أمر اللّٰه به بحیث تكون ذا عذر عنده إذا سألك عن فعلك بهم.

قوله علیه السلام و تعهد أهل الیتم و ذوی الرقة فی السن ممن لا حیلة له قال الجوهری الرقق محركة الضعف و رجل رقیق أی ضعیف و قال ابن میثم أی المشایخ الذین بلغوا فی الشیخوخة إلی أن رق جلدهم ثم ضعف حالهم عن النهوض فلا حیلة لهم.

و قال الكیدری أی الذین بلغوا فی السن غایة یرق لهم و یرحم علیهم و لا ینصب نفسه أی حیاء أو ثقة باللّٰه.

قوله علیه السلام و العاقبة فی بعض النسخ بالقاف و الباء الموحدة.

و فی بعضها بالفاء و الیاء المثناة فصبروا أنفسهم بالتخفیف و التشدید.

قال فی النهایة أصل الصبر الحبس و قال تعالی وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِینَ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ

ص: 631

و قال الفیروزآبادی صبره طلب منه أن یصبر.

قوله علیه السلام قسما أی من أوقاتك تفرغ لهم فیه شخصك أی لا تشتغل فیه بسائر الأشغال و تقعد عنهم جندك أی تنهاهم عن التعرض لهم و الدخول فی أمورهم و الأحراس جمع حارس أی الحفظة و قال فی النهایة شرط السلطان نخبة أصحابه الذین یقدمهم علی غیرهم من جنده و الشرطة أول طائفة من الجیش تشهد الوقعة.

و أیضا قال ابن الأثیر فی مادة تعتع من النهایة فیه حتی یؤخذ للضعیف حقه غیر متعتع بفتح التاء أی من غیر أن یصیبه أذی یقلقله و یزعجه یقال تعتعته فتتعتع و غیر منصوب لأنه حال من الضعیف انتهی.

قوله علیه السلام لن تقدس أی لن تطهر عن العیوب و النقائص و هو علی المجهول من التفعیل و المعلوم من التفعل و الخرق الجهل و كذلك العی أی تحمل عنهم و لا تعاتبهم و الضیق التضییق علیهم فی الأمور أو البخل أو ضیق الصدر بما یرد من الأمور أو العجز و الأنف بالتحریك الامتناع من الشی ء استكبارا و الكنف بالتحریك الجانب و الناحیة و الإعطاء الهنی ء ما لم یكن مشوبا بالمن و الأذی و نحو ذلك و یقال أجملت الصنیعة عند فلان و أجمل فی صنیعه ذكره الجوهری و أعذر أی أبدی عذره.

و قوله أمور مبتدأ خبره محذوف أی هناك أمور و فی الصحاح و عیی إذا لم یهتد لوجهه و العی خلاف البیان و قد عی فی منطقه و عیی أیضا و قال مكان حرج و حرج أی ضیق و قد حرج صدره یحرج حرجا.

قوله علیه السلام بالغا من بدنك أی و إن أتعبك ذلك تعبا كثیرا.

قوله علیه السلام فلا تكونن منفرا أی بالتطویل الذی یوجب نفرة الناس و لا مضیعا بالتأخیر عن أوقات الفضیلة و التقصیر فی الآداب و التعلیل للأول.

ص: 632

و

قوله علیه السلام و كن بالمؤمنین رحیما.

من تتمة الحدیث النبوی صلی اللّٰه علیه و آله أو من كلامه علیه السلام و رجح ابن أبی الحدید الثانی قوله علیه السلام من الضیق أی البخل أو ضیق الخلق أو غیرهما مما تقدم و قلة علم أی سبب لها و الاحتجاب منهم الضمیر للولاة أی الناشئ منهم أو للرعیة فمن بمعنی عن و ضمیر عنهم للولاة قطعا و كذا ضمیر عندهم أی یصیر سببا لأن یتوهموا كبیر الأمور بتسویل الأعوان و أصحاب الأغراض صغیرا و كذا العكس ما تواری عنه الناس أی استتر و الضمیر فی عنه راجع إلی الوالی و فی به إلی ما و من الأمور بیان له.

قوله علیه السلام و لیست علی الحق سمات أی لیست علی الحق و الباطل من الكلام علامات یعرفان بها بمجرد السماع فلا بد من التجسس حتی یتمیزا.

و فی النهایة أسدی و أولی و أعطی بمعنی و المظلمة ما تطلبه من الظالم و هو اسم ما أخذ منك و الاستیثار الاستبداد بالأمور و التطاول الترفع و الحامة الخاصة و حامة الرجل أقرباؤه و فی النهایة الأقطاع یكون تملیكا و غیر تملیك و فی الصحاح أقطعه قطیعة أی طائفة من أرض الخراج و فی القاموس القطیعة محال بغداد قطعها المنصور أناسا من أعیان دولته.

قوله علیه السلام و لا یطمعن فاعله ضمیر أحد المتقدم و العقدة بالضم الضیعة و العقار الذی اعتقده صاحبه ملكا و العقدة المكان الكثیر الشجر أو النخل كذا فی كتب اللغة.

و قال ابن میثم اعتقد الضیعة اقتناها و قال ابن أبی الحدید اعتقدت عقدة أی ادخرت ذخیرة.

و لم نجدها فی كلام أهل اللغة و لا یخفی عدم مناسبة ما ذكره ابن أبی الحدید و قال فی النهایة كل أمر یأتیك من غیر تعب فهو هنی ء و لك المهنأ و المهنّأ

ص: 633

قوله علیه السلام و كن فی ذلك قال ابن میثم الواو فی و كن للحال و كذا واقعا حال أقول و فی الأول نظر و الحاصل ألزم الحق كل من لزم علیه أی حق كان من ظلامة أو حد أو قصاص و علی أی امرئ كان من قرابتك و خواصك و ابتغ عاقبته أی عاقبة ذلك الإلزام.

و فی القاموس الغب بالكسر عاقبة الشی ء كالمغبة بالفتح.

قوله علیه السلام فأصحر لهم أی أظهر لهم عذرك یقال أصحر الرجل إذا خرج إلی الصحراء و أصحر به إذا أخرجه و اعدل عنك فی بعض النسخ بقطع الألف علی بناء الإفعال و فی بعضها بالوصل علی بناء المجرد فعلی الأول من عدل بمعنی حاد و علی الثانی من عدله أی نحاه فإن فی ذلك إعذارا أی إظهارا للعذر و الدعة الخفض و سعة العیش و الهاء عوض عن الواو.

و مقاربة العدو إظهاره المودة و طلبه الصلح و یتغفل أی یطلب غفلتك و الحزم الأخذ فی الأمر بالثقة و اتهام حسن الظن ترك العمل بمقتضاه.

و فی النهایة العقدة البیعة المعقودة و قال حاطه یحوطه حفظه و صانه.

قوله علیه السلام و اجعل نفسك جنة أی لا تغدر و لو ذهبت نفسك.

فإنه لیس من فرائض اللّٰه شی ء.

قال ابن أبی الحدید شی ء اسم لیس و جاز ذلك و إن كان نكرة لاعتماده علی النفی و لأن الجار و المجرور قبله فی موضع الحال كالصفة فتخصص بذلك و قرب من المعرفة و الناس مبتدأ و أشد خبره و هذه الجملة المركبة من مبتدإ و خبر فی موضع رفع لأنها صفة شی ء.

و أما خبر المبتدإ الذی هو شی ء فمحذوف و تقدیره فی الوجود

ص: 634

كما حذف الخبر فی قولنا لا إله إلا اللّٰه.

و یمكن أیضا أن یكون من فرائض اللّٰه فی موضع رفع لأنه خبر المبتدإ و قد تقدم علیه و یكون موضع الناس و ما بعده رفعا لأنه صفة المبتدإ الذی هو شی ء كما قلناه أولا و لیس یمتنع أیضا أن یكون من فرائض اللّٰه منصوب الموضع لأنه حال و یكون موضع الناس أشد رفعا لأنه خبر المبتدإ الذی هو شی ء.

قوله علیه السلام و قد لزم ذلك أی لزم المشركون مع شركهم الوفاء بالعهود و صار ذلك سنة لهم فالمسلمون أولی باللزوم و الوفاء.

قوله علیه السلام لما استوبلوا أی عدوا عواقب الغدر وبالا.

قال فی النهایة الوبال فی الأصل الثقل و المكروه و استوبلوا المدینة أی استوخموها و قال فیه إنی لا أخیس بالعهد أی لا أنقضه یقال خاس بعهده یخیس و خاس بوعده إذا أخلفه و قال ختله یختله خدعه و راوغه.

و قال ابن میثم أفضاه بسطه و استفاض الماء سال و قال فی القاموس فضا المكان فضاء و فضوا اتسع و المنعة بالتحریك العز و قد یسكن.

قوله علیه السلام و حریما یسكنون إلی منعته و یستفیضون إلی جواره (1)قال ابن أبی الحدید إلی هاهنا متعلق بمحذوف كقوله تعالی فِی تِسْعِ آیاتٍ إِلی فِرْعَوْنَ أی مرسلا إلیه أی جعل اللّٰه ذمته أمنا ینتشرون فی طلب حوائجهم ساكنین إلی جواره و فی الصحاح الدغل بالتحریك الفساد یقال قد أدغل فی الأمر إذا أدخل فیه ما یخالفه و یفسده و قال المدالسة كالمخادعة.

قوله علیه السلام تجوز فیه العلل أی یتطرق إلیه التأویلات و المعاذیر و فی النهایة اللحن المیل عن جهة الاستقامة یقال لحنت لفلان إذا

ص: 635


1- 1 ما بین المعقوفین فی آخر هذا العهد الشریف فی صلی اللّٰه علیه و آله و إنّما اعدناه هاهنا توضیحا.

قلت له قولا یفهمه و یخفی علی غیره لأنك تمیله بالتوریة عن الواضح المفهوم.

و المعنی لا تنقض العهود و المواثیق تمسكا بالتأویلات أو لا تقبل من الخصم ذلك و یحتمل الأعم.

و الانفساخ فی بعض النسخ بالخاء المعجمة من الفسخ و هو النقض و فی بعضها بالمهملة و هو الاتساع.

قوله علیه السلام لا تسقیل فیها أی لا تكون لك إقالة فی الدنیا و لا فی الآخرة.

قوله علیه السلام و انقطاع مدة كمدة العمر و السلطنة و سعة العیش و ینقله أی إلی غیرك و القود القصاص و الوكز الضرب بجمع الكف أو مطلقا و المعنی أنه قد یؤدی أمثالها إلی القتل.

و قال الجوهری طمح بصره إلی الشی ء ارتفع و كل مرتفع فهو طامح و أطمح فلان بصره رفعه و المعنی لا یمنعك كبر السلطنة عن أداء الدیة و ظاهره ثبوت الدیة فی الخطإ فی إقامة التعزیر مطلقا و اختلف فیه الأصحاب فقیل لا یضمن مطلقا.

و قیل یضمن فی بیت المال إذا كان الحد للناس فلو كان لله لم یضمن و قد یقال الخلاف إنما هو فی التعزیر فإن تقدیره منوط بالاجتهاد لا الحد فإنه مقدر و سیأتی تمام الكلام فیه فی محله.

و أعجب فلان بنفسه علی بناء المفعول إذا ترفع و سر بما رأی من نفسه و أطریت فلانا مدحته بأحسن ما فیه و قیل جاوزت الحد فی مدحه.

قوله علیه السلام من أوثق فرص الشیطان فی نفسه أی اعتماد الشیطان فی الإضلال بزعمه علی هذا النوع من الفرصة أشد من اعتماده علی سائر الأنواع و المحق الإبطال و التزید فی الحدیث الكذب و المراد هنا أن تعطی أحدا واحدا فتقول أعطیته عشرة أو التساقط فیها قال ابن أبی

ص: 636

الحدید هذا عبارة عن النهی عن الحرص و الجشع قال الشنفری:

و إن مدت الأیدی إلی الزاد لم أكن***بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

و هذا أخذه من قول الجوهری تساقط علی الشی ء أی ألقی نفسه علیه إلا أنه عداه بعلی كما تری و حینئذ لا یكون مقابلا للفقرة الأولی بل عینها و لا یخلو عن بعد بقرینة ما بعدها و الظاهر أن التساقط فی الأمر التقصیر و التكاسل فیها كما ذكره ابن میثم.

و قال الفیروزآبادی التنكر التغیر عن حال تسرك إلی حال تكرهها و الاسم النكیر.

و قال الجوهری استوضحت الشی ء إذا وضعت یدك علی عینك تنظر هل تراه و استوضحه الأمر إذا سألته أن یوضحه لك انتهی.

فعلی ما فی بعض النسخ من بناء المجهول فالمعنی واضح أی إذا تأملت فیها و استعملته و تیقنته و فی بعضها علی بناء المعلوم.

و قال ابن أبی الحدید أی وضحت و انكشفت و لم أجده فی كلام أهل اللغة.

قوله علیه السلام و التغابی عما تعنی به أی التغافل عما تفعله خواصك أو مطلقا من الأمور المنكرة فإنك تقصد به و تؤخذ منك للمظلوم و تعاقب علیه مما قد وضح للعیون لعل تخصیص هذا النوع لكونه أشنع أو لأنه لا ینبغی للوالی تجسس العیوب و المعاصی الخفیة.

و قال ابن میثم أی التغافل عما یجب العلم و العنایة به من حقوق الناس المأخوذة ظلما مما قد وضح للعیون إهمالك انتهی.

و لا یخفی أنه إنما یستقیم تفسیر ابن میثم إذا كان یعنی بصیغة المذكر الغائب لا بالخطاب كما فیما عندنا من النسخ.

و مأخوذ منك لغیرك أی تعاقب علیه مع أنك لم تنتفع به بل انتفع به

ص: 637

غیرك و یمكن أن یكون المراد بالغیر المظلوم و عما قلیل أی مجاوزا عن زمان قلیل و ما زائدة أو نكرة موصوفة ینتصف منك أی ینتقم بالعدل و قال فی النهایة فی حدیث معقل بن یسار فحمی من ذلك أنفا یقال أنف من الشی ء یأنف أنفا إذا كرهه و شرفت نفسه عنه و أراد به هاهنا أخذته الحمیة من الغیرة و الغضب و قیل هو أنفا بسكون النون للعضو أی اشتد غضبه و غیظه من طریق الكنایة كما یقال للمتغیظ ورم أنفه و السورة الحدة و الشدة و الإضافة للمبالغة.

و السطوة الصولة.

و البادرة من الكلام الذی یسبق من الإنسان فی الغضب.

و الأثر بالتحریك اسم من آثرت الحدیث أی نقلته.

و استوثقت أی استحكمت و تسرع إلی الأمر عجل علی إعطاء كل رغبة.

قال ابن أبی الحدید الرغبة مصدر رغب فی كذا كأنه قال القادر علی إعطاء كل سؤال أی كل سائل ما سأله و روی و كل رغیبه أی ما یرغب فیه من الإقامة علی العذر و لعل المعنی علی الجواب الواضح فی كل ما سألنا اللّٰه عنه من حقوقه و حقوق خلقه و صاحب العذر بهذا المعنی لا یكون مذنبا.

و قال ابن میثم یحتمل أن یكون العذر اسما من الإعذار إلی اللّٰه و هو المبالغة فی الإتیان بأوامره فكأنه قال من الإقامة علی المبالغة إلیه فی أداء أوامره انتهی.

و فی كون العذر اسما من أعذر كما ذكره إشكال و تمام النعمة عطف علی قوله ما فیه أی لتمام نعمته علی و تضاعف كرامته لدی و توفیقنا للأعمال الصالحة التی نستوجبهما بها.

ص: 638

كذا قیل و الأظهر أنه عطف علی حسن الثناء و إنما اكتفینا بهذا القدر من البیان إیثارا للاختصار و إلا فالمجلدات لا تفی بشرحه.

«745»-(1)جش، الفهرست للنجاشی ابْنُ نُوحٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سُفْیَانَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ السَّبِیعِیَّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ صَعْصَعَةَ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ علیه السلام مَالِكاً الْأَشْتَرَ وَالِیاً عَلَی أَهْلِ مِصْرَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ إِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ عَبْداً مِنْ عَبِیدِ اللَّهِ لَا یَنَامُ أَیَّامَ الْخَوْفِ وَ لَا یَنْكُلُ عَنِ الْأَعْدَاءِ حَرَّازُ الدَّوَائِرِ لَا نَاكِلٌ مِنْ قَدَمٍ وَ لَا وَاهِنٌ فِی عَزْمٍ مِنْ أَشَدِّ عِبَادِ اللَّهِ بَأْساً وَ أَكْرَمِهِمْ حَسَباً أَضَرُّ عَلَی الْكُفَّارِ مِنْ حَرِیقِ النَّارِ وَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ دَنَسٍ أَوْ عَارٍ وَ هُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ أخا [أَخُو] مَذْحِجٍ حُسَامٌ صَارِمٌ لَا نَابِی الضَّرِیبَةِ وَ لَا كَلِیلُ الْحَدِّ عَلِیمٌ فِی الْجِدِّ رَزِینٌ فِی الْحَرْبِ ذُو رَأْیٍ أَصِیلٍ وَ صَبْرٍ جَمِیلٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِیعُوا أَمْرَهُ فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالنَّفْرِ فَانْفِرُوا وَ إِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُقِیمُوا فَأَقِیمُوا فَإِنَّهُ لَا یُقْدِمُ وَ لَا یُحْجِمُ إِلَّا بِأَمْرِی وَ قَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَی نَفْسِی لِنَصِیحَتِهِ لَكُمْ وَ شِدَّةِ شَكِیمَتِهِ عَلَی عَدُوِّكُمْ عَصَمَكُمُ اللَّهُ بِالتَّقْوَی وَ زَیَّنَكُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَ وَفَّقَنَا وَ إِیَّاكُمْ لِمَا یُحِبُّ وَ یَرْضَی وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

بیان: قوله علیه السلام حراز الدوائر فی أكثر النسخ بالحاء المهملة ثم الراء المهملة ثم المعجمة أی الحارس فی الدوائر أو جلابها من قولهم أحرز الأجر إذا حازه و الدائرة الغلبة بالنصر و الظفر و فی بعضها بالجیم و المهملتین و هو أنسب و فی بعضها بالجیم ثم المعجمة ثم المهملة و هو أیضا مناسب أی

ص: 639


1- 745- رواه النجاشیّ رحمه اللّٰه فی ترجمة صعصعة بن صوحان. و للحدیث مصادر كثیرة یجد الباحث كثیرا منها فی ذیل المختار: 124 من باب الكتب من نهج السعادة: ج 5 ص 52 ط 1.

القتال فی الدوائر.

«746»-(1)وَ رَوَی هَذَا الْمَكْتُوبَ [الثَّقَفِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ] فِی كِتَابِ الْغَارَاتِ، عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ صَعْصَعَةَ وَ فِیهِ حِذَارُ الدَّوَائِرِ وَ هُوَ أَظْهَرُ وَ فِیهِ وَ هُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَشْتَرُ حُسَامٌ صَارِمٌ لَا نَابِی الضَّرِیبَةِ وَ لَا كَلِیلُ الْحَدِّ حَلِیمٌ فِی السِّلْمِ رَزِینٌ فِی الْحَرْبِ إِلَی قَوْلِهِ وَ قَدْ آثَرْتُكُمْ بِهِ عَلَی نَفْسِی نَصِیحَةً لَكُمْ وَ شِدَّةَ شَكِیمَةٍ عَلَی عَدُوِّكُمْ عَصَمَكُمُ اللَّهُ بِالْهُدَی وَ ثَبَّتَكُمْ بِالتَّقْوَی وَ وَفَّقَنَا.

ص: 640


1- 746- رواه إبراهیم الثقفی رحمه اللّٰه فی الحدیث: 114 من كتاب الغارات كما فی تلخیصه: ج 1، ص 260.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.