بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.
عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 32: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.
عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].
مظهر: ج - عينة.
ملاحظة: عربي.
ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].
ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).
ملاحظة: فهرس.
محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-
عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق
ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946
ص: 1
ص: 1
ص: 2
ص: 3
الموضوع/ الصفحه
الباب الأول باب بیعة أمیر المؤمنین علیه السلام و ما جری بعدها من نكث الناكثین إلی غزوة الجمل 5
الباب الثانی باب احتجاج أم سلمة رضی اللّٰه عنها علی عائشة و منعها عن الخروج 149
الباب الثالث باب ورودالبصرة و وقعة الجمل و ما وقع فیها من الاحتجاج 171
الباب الرابع باب احتجاجه علیه السلام علی أهل البصرة و غیرهم بعد انقضاء الحرب و خطبه علیه السلام عند ذلك 221
الباب الخامس باب أحوال عائشة بعد الجمل 265
الباب السادس باب نهی اللّٰه تعالی و رسوله صّلی الّله علیه و آله عائشة عن مقاتلة علی علیه السلام و إخبار النبیّ صّلی الّله علیه و آله إیّاها بذلك 277
الباب السابع باب أمر اللّٰه و رسوله بقتال الناكثین و القاسطین و المارقین و كلّ من قاتل علیاً صلوات اللّٰه علیه و فی بیان عقاب الناكثین 289
الباب الثامن باب حكم من حارب علیّاً أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه 319
الباب التاسع باب احتجاجات الأئمة علیهم السلام و أصحابهم علی الذین أنكروا علی أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه حروبه 343
الباب العاشر باب خروجه صلوات اللّٰه علیه من البصرة و قدومه الكوفة إلی خروجه إلی الشام 351
الباب الحادی عشر باب بغی معاویة و امتناع أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه عن تأمیره و توجّهه إلی الشام للقائه إلی ابتداء غزوات صفین 365
الباب الثانی عشر باب جمل ما وقع بصفین من المحاربات و الاحتجاجات إلی التحكیم 447
ص: 4
«1»-(1)
أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ، قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِلزُّبَیْرِ یَوْمَ بَایَعَهُ إِنِّی لَخَائِفٌ أَنْ تَغْدِرَ بِی فَتَنْكُثَ بَیْعَتِی قَالَ لَا تَخَافَنَّ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا یَكُونُ مِنِّی أَبَداً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلِیَ اللَّهُ عَلَیْكَ بِذَلِكَ رَاعٍ وَ كَفِیلٌ قَالَ نَعَمْ اللَّهُ لَكَ عَلَیَّ بِذَلِكَ رَاعٍ وَ كَفِیلٌ وَ لَمَّا بُویِعَ علیه السلام كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ قَتَلُوا عُثْمَانَ عَنْ غَیْرِ مَشُورَةٍ مِنِّی وَ بَایَعُونِی عَنْ مَشُورَةٍ مِنْهُمْ وَ اجْتِمَاعٍ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِی فَبَایِعْ لِی وَ أَوْفِدْ إِلَیَّ [فی أَشْرَافَ أَهْلِ الشَّامِ قِبَلَكَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُهُ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَرَأَ كِتَابَهُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِی عَبْسٍ وَ كَتَبَ مَعَهُ كِتَاباً إِلَی الزُّبَیْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ لِعَبْدِ اللَّهِ الزُّبَیْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ سَلَامٌ عَلَیْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ بَایَعْتُ لَكَ أَهْلَ الشَّامِ فَأَجَابُوا وَ اسْتَوْثَقُوا الْحَلْفَ فَدُونَكَ الْكُوفَةَ وَ الْبَصْرَةَ لَا یَسْبِقَنَّكَ لَهَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ فَإِنَّهُ لَا شَیْ ءَ بَعْدَ
ص: 5
هَذَیْنِ الْمِصْرَیْنِ وَ قَدْ بَایَعْتُ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِكَ فَأَظْهِرَا الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ ادْعُوَا النَّاسَ إِلَی ذَلِكَ وَ لْیَكُنْ مِنْكُمَا الْجِدُّ وَ التَّشْمِیرُ أَظْهَرَكُمَا اللَّهُ وَ خَذَلَ مُنَاوِئَكُمَا فَلَمَّا وَصَلَ هَذَا الْكِتَابُ إِلَی الزُّبَیْرِ سُرَّ بِهِ وَ أَعْلَمَ بِهِ طَلْحَةَ وَ أَقْرَأَهُ إِیَّاهُ فَلَمْ یَشُكَّا فِی النُّصْحِ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ مُعَاوِیَةَ وَ أَجْمَعَا عِنْدَ ذَلِكَ عَلَی خِلَافِ عَلِیٍّ قَالَ وَ جَاءَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ الْبَیْعَةِ لَهُ بِأَیَّامٍ فَقَالا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ رَأَیْتَ مَا كُنَّا فِیهِ مِنَ الْجَفْوَةِ فِی وَلَایَةِ عُثْمَانَ كُلِّهَا وَ عَلِمْتَ أَنَّ رَأْیَ عُثْمَانَ كَانَ فِی بَنِی أُمَیَّةَ وَ قَدْ وَلَّاكَ اللَّهُ الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِهِ فَوَلِّنَا بَعْضَ أَعْمَالِكَ فَقَالَ لَهُمَا ارْضَیَا بِقِسْمِ اللَّهِ لَكُمَا حَتَّی أَرَی رَأْیِی وَ اعْلَمَا أَنِّی لَا أُشْرِكُ فِی أَمَانَتِی إِلَّا مَنْ أَرْضَی بِدِینِهِ وَ أَمَانَتِهِ مِنْ أَصْحَابِی وَ مَنْ قَدْ عَرَفْتُ دَخِیلَهُ فَانْصَرَفَا عَنْهُ وَ قَدْ دَخَلَهُمَا الْیَأْسُ فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ وَ رُوِیَ أَنَّهُمَا طَلَبَا مِنْهُ أَنْ یُوَلِّیَهُمَا الْمِصْرَیْنِ الْبَصْرَةَ وَ الْكُوفَةَ فَقَالَ حَتَّی أَنْظُرَ ثُمَّ لَمْ یُوَلِّهِمَا فَأَتَیَاهُ فَاسْتَأْذَنَاهُ لِلْعُمْرَةِ فَقَالَ مَا الْعُمْرَةَ تُرِیدَانِ فَحَلَفَا لَهُ بِاللَّهِ مَا الْخِلَافَ عَلَیْهِ وَ لَا نَكْثَ بَیْعَتِهِ یُرِیدَانِ وَ مَا رَأْیُهُمَا غَیْرَ الْعُمْرَةِ قَالَ لَهُمَا فَأَعِیدَا الْبَیْعَةَ لِی ثَانِیاً فَأَعادَاهَا بِأَشَدِّ مَا یَكُونُ مِنَ الْأَیْمَانِ وَ الْمَوَاثِیقِ فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لِمَنْ كَانَ حَاضِراً وَ اللَّهِ لَا تَرَوْنَهُمَا إِلَّا فِی فِئَةٍ یَقْتَتِلَانِ فِیهَا قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمُرْ بِرَدِّهِمَا عَلَیْكَ قَالَ لِیَقْضِیَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا فَلَمَّا خَرَجَا إِلَی مَكَّةَ لَمْ یَلْقَیَا أَحَداً إِلَّا وَ قَالا لَهُ لَیْسَ لِعَلِیٍّ فِی أَعْنَاقِنَا بَیْعَةٌ وَ إِنَّمَا بَایَعْنَاهُ مُكْرَهَیْنِ فَبَلَغَ عَلِیّاً قَوْلُهُمَا فَقَالَ أَبْعَدَهُمَا اللَّهُ وَ أَغْرَبَ دَارَهُمَا أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُمَا سَیَقْتُلَانِ أَنْفُسَهُمَا أَخْبَثَ مَقْتَلٍ وَ یَأْتِیَانِ مَنْ وَرَدَا عَلَیْهِ بِأَشْأَمِ یَوْمٍ وَ اللَّهِ مَا الْعُمْرَةَ یُرِیدَانِ وَ لَقَدْ أَتَیَانِی بِوَجْهِی فَاجِرَیْنِ وَ رَجَعَا بِوَجْهِی غَادِرَیْنِ نَاكِثَیْنِ وَ اللَّهِ لَا یَلْقَیَانَنِی بَعْدَ الْیَوْمِ إِلَّا فِی كَتِیبَةٍ خَشْنَاءَ یَقْتُلَانِ فِیهَا أَنْفُسَهُمَا فَبُعْداً لَهُمَا وَ سُحْقاً.
ص: 6
«2»-(1) وَ قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ فِیهِمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَأَتَوْا عَلِیّاً فَقَالُوا لَهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِی أَمْرِكُمْ فَمَنِ اخْتَرْتُمْ رَضِیتُ بِهِ فَقَالُوا مَا نَخْتَارُ غَیْرَكَ وَ تَرَدَّدُوا إِلَیْهِ مِرَاراً وَ قَالُوا لَهُ فِی آخِرِ ذَلِكَ إِنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَداً أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ لَا أَقْدَمَ سَابِقَةً وَ لَا أَقْرَبَ قَرَابَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَا تَفْعَلُوا فَإِنِّی أَكُونُ وَزِیراً خَیْرٌ مِنْ أَنْ أَكُونَ أَمِیراً فَقَالُوا وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِفَاعِلِینَ حَتَّی نُبَایِعَكَ قَالَ فَفِی الْمَسْجِدِ فَإِنَّ بَیْعَتِی لَا یَكُونُ خَفِیّاً وَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِی الْمَسْجِدِ وَ كَانَ فِی بَیْتِهِ وَ قِیلَ فِی حَائِطٍ لِبَنِی عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ فَخَرَجَ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ عَلَیْهِ إِزَارٌ وَ طَاقُ قَمِیصٍ وَ عِمَامَةُ خَزٍّ وَ نَعْلَاهُ فِی یَدِهِ مُتَوَكِّئاً عَلَی قَوْسِهِ فَبَایَعَهُ النَّاسُ
وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَهُ مِنَ النَّاسِ طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ حَبِیبُ بْنُ ذُؤَیْبٍ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْبَیْعَةِ مِنَ النَّاسِ یَدٌ شَلَّاءُ لَا یَتِمُّ هَذَا الْأَمْرُ فَبَایَعَهُ الزُّبَیْرُ وَ قَالَ لَهُمَا عَلِیٌّ إِنْ أَحْبَبْتُمَا أَنْ تُبَایِعَا لِی وَ إِنْ أَحْبَبْتُمَا بَایَعْتُكُمَا فَقَالا بَلْ نُبَایِعُكَ وَ قَالا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا صَنَعْنَا ذَلِكَ خَشْیَةً عَلَی أَنْفُسِنَا وَ عَرَفْنَا أَنَّهُ لَا یُبَایِعُنَا وَ هَرَبَا إِلَی مَكَّةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
وَ بَایَعَهُ النَّاسُ بَعْدَ مَا بَایَعَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ
وَ جَاءُوا بِسَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ فَقَالَ عَلِیٌّ بَایِعْ قَالَ لَا حَتَّی یُبَایِعَ النَّاسُ وَ اللَّهِ مَا عَلَیْكَ مِنِّی بَأْسٌ فَقَالَ خَلُّوا سَبِیلَهُ وَ جَاءُوا بِابْنِ عُمَرَ فَقَالُوا بَایِعْ فَقَالَ لَا حَتَّی یُبَایِعَ النَّاسُ قَالَ ائْتِنِی بِكَفِیلٍ قَالَ لَا أَرَی كَفِیلًا قَالَ الْأَشْتَرُ
ص: 7
دَعْنِی أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ دَعُوهُ أَنَا كَفِیلُهُ إِنَّكَ مَا عَلِمْتُ لَسَیِّئُ الْخُلُقِ صَغِیراً وَ كَبِیراً وَ بَایَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَّا نَفَراً یَسِیراً مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ وَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِیرٍ وَ زَیْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَ رَافِعُ بْنُ خَدِیجٍ وَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَیْدٍ وَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ وَ كَانُوا عُثْمَانِیَّةً فَأَمَّا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِیرٍ فَإِنَّهُ أَخَذَ أَصَابِعَ نَائِلَةَ امْرَأَةِ عُثْمَانَ الَّتِی قُطِعَتْ وَ قَمِیصَ عُثْمَانَ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ وَ هَرَبَ بِهِ فَلَحِقَ بِالشَّامِ فَكَانَ مُعَاوِیَةُ یُعَلِّقُ قَمِیصَ عُثْمَانَ وَ فِیهِ الْأَصَابِعُ فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ أَهْلُ الشَّامِ ازْدَادُوا غَیْظاً وَ جَدُّوا فِی أَمْرِهِمْ وَ رُوِیَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَتَوْا عَلِیّاً لِیُبَایِعُوهُ قَالَ دَعُونِی وَ الْتَمِسُوا غَیْرِی فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ لَهُ أَلْوَانٌ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَ لَا تَثْبُتُ عَلَیْهِ الْعُقُولُ (1) فَقَالُوا نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَ لَا تَرَی مَا نَحْنُ فِیهِ أَ لَا تَرَی الْإِسْلَامَ أَ لَا تَرَی الْفِتْنَةَ أَ لَا تَخَافُ اللَّهَ فَقَالَ قَدْ أَجَبْتُكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنِّی إِنْ أَجَبْتُكُمْ أَرْكَبُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ فَإِنْ تَرَكْتُمُونِی فَإِنَّمَا أَنَا كَأَحَدِكُمْ إِلَّا أَنِّی مِنْ أَسْمَعِكُمْ وَ أَطْوَعِكُمْ لِمَنْ وَلَّیْتُمُوهُ ثُمَّ افْتَرَقُوا عَلَی ذَلِكَ وَ اتَّعَدُوا الْغَدَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا یَوْمَ الْبَیْعَةِ وَ هُوَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ حَضَرَ النَّاسُ الْمَسْجِدَ وَ جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ عَنْ مَلَإٍ وَ إِذْنٍ إِنَّ هَذَا أَمْرُكُمْ لَیْسَ لِأَحَدٍ فِیهِ حَقٌّ إِلَّا مَنْ أَمَّرْتُمْ وَ قَدِ افْتَرَقْنَا بِالْأَمْسِ عَلَی أَمْرٍ وَ كُنْتُ كَارِهاً لِأَمْرِكُمْ فَأَبَیْتُمْ إِلَّا أَنْ أَكُونَ عَلَیْكُمْ أَلَا وَ إِنَّهُ لَیْسَ لِی دُونَكُمْ إِلَّا مَفَاتِیحُ مَا لَكُمْ مَعِی وَ لَیْسَ لِی أَنْ آخُذَ دِرْهَماً دُونَكُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ قَعَدْتُ لَكُمْ وَ إِلَّا فَلَا آخُذُ عَلَی أَحَدٍ فَقَالُوا نَحْنُ عَلَی مَا فَارَقْنَاكَ عَلَیْهِ بِالْأَمْسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ
ص: 8
وَ بُویِعَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِخَمْسٍ بَقِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَ ثَلَاثِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عَلِیٌّ علیه السلام حِینَ اسْتُخْلِفَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِیاً بَیَّنَ فِیهِ الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ فَخُذُوا بِالْخَیْرِ وَ دَعُوا الشَّرَّ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا إِلَی اللَّهِ تُؤَدِّكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ حُرُمَاتٍ غَیْرَ مَجْهُولَةٍ وَ فَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَی الْحُرَمِ كُلِّهَا وَ شَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَ التَّوْحِیدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِینَ فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا یَحِلُّ أَذَی امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِمَا یَجِبُ بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ [وَ هُوَ] الْمَوْتُ فَإِنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّمَا خَلْفَكُمُ السَّاعَةُ تَحْدُوكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا یَنْتَظِرُ النَّاسُ بِآخِرِكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّی عَنِ الْبِقَاعِ وَ الْبَهَائِمِ وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ لَا تَعْصُوهُ فَإِذَا رَأَیْتُمُ الْخَیْرَ فَخُذُوهُ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الشَّرَّ فَدَعُوهُ (1).
«3»-(2)
شا، الإرشاد رَوَتِ الْخَاصَّةُ وَ الْعَامَّةُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عُبَیْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّی وَ غَیْرُهُ مِمَّنْ لَا یَتَّهِمُهُ خُصُومُ الشِّیعَةِ فِی رِوَایَتِهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فِی أَوَّلِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بَعْدَ بَیْعَةِ النَّاسِ لَهُ عَلَی الْأَمْرِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمَّا بَعْدُ فَلَا یُرْعِیَنَّ مُرْعٍ إِلَّا عَلَی نَفْسِهِ شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ مُجْتَهِدٌ وَ طَالِبٌ یَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ ثَلَاثَةٌ وَ اثْنَانِ مَلَكٌ طَارَ بِجَنَاحَیْهِ وَ نَبِیٌّ أَخَذَ اللَّهُ بِیَدَیْهِ لَا سَادِسٌ هَلَكَ مَنِ ادَّعَی وَ رَدِیَ مَنِ اقْتَحَمَ
ص: 9
الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الْوُسْطَی الْجَادَّةُ مَنْهَجٌ عَلَیْهِ بَاقِی الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ آثَارِ النُّبُوَّةِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی دَاوَی هَذِهِ الْأُمَّةَ بِدَوَاءَیْنِ السَّوْطِ وَ السَّیْفِ لَا هَوَادَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ فِیهِمَا فَاسْتَتِرُوا بِبُیُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ مَنْ أَبْدَی صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ قَدْ كَانَتْ أُمُورٌ لَمْ تَكُونُوا عِنْدِی فِیهَا مَعْذُورِینَ أَمَا إِنِّی لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هِمَّتُهُ بَطْنُهُ وَیْلَهُ [وَیْحَهُ] لَوْ قُصَّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ كَانَ خَیْراً لَهُ انْظُرُوا فَإِنْ أَنْكَرْتُمْ فَأَنْكِرُوا وَ إِنْ عَرَفْتُمْ فَبَادِرُوا [فَآزِرُوا] حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ وَ لَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ فَلَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ قَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ وَ لَئِنْ رَجَعَتْ إِلَیْكُمْ أُمُورُكُمْ [نُفُوسُكُمْ] إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ وَ إِنِّی لَأَخْشَی أَنْ تَكُونُوا فِی فَتْرَةٍ وَ مَا عَلَیَّ إِلَّا الِاجْتِهَادُ أَلَا وَ إِنَّ أَبْرَارَ عِتْرَتِی وَ أَطَایِبَ أَرُومَتِی أَحْلَمُ النَّاسِ صِغَاراً وَ أَعْلَمُ النَّاسِ كِبَاراً أَلَا وَ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلِمْنَا وَ بِحُكْمِ اللَّهِ حَكَمْنَا وَ بِقَوْلِ صَادِقٍ أَخَذْنَا مِنْ قَوْلِ صَادِقٍ سَمِعْنَا فَإِنْ تَتَّبِعُوا آثَارَنَا تَهْتَدُوا بِبَصَائِرِنَا وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا یُهْلِكْكُمُ اللَّهُ بِأَیْدِینَا مَعَنَا رَایَةُ الْحَقِّ مَنْ تَبِعَهَا لَحِقَ وَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا غَرِقَ أَلَا وَ بِنَا تُدْرَكُ تِرَةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ بِنَا تُخْلَعُ رِبْقَةُ الذُّلِّ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَ بِنَا فَتَحَ اللَّهُ لَا بِكُمْ وَ بِنَا یَخْتِمُ لَا بِكُمْ.
«4»-(1)
أَقُولُ وَ فِی النَّهْجِ هَكَذَا شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ سَرِیعٌ نَجَا
ص: 10
وَ طَالِبٌ بَطِی ءٌ رَجَا وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ هَوَی الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِیقُ الْوُسْطَی هِیَ الْجَادَّةُ عَلَیْهَا بَاقِی الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَیْهَا مَصِیرُ الْعَاقِبَةِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَی وَ خابَ مَنِ افْتَری مَنْ أَبْدَی صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ عِنْدَ جَهَلَةِ النَّاسِ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ لَا یَعْرِفَ قَدْرَهُ لَا یَهْلِكُ عَلَی التَّقْوَی سِنْخُ أَصْلٍ وَ لَا یَظْمَأُ عَلَیْهَا زَرْعُ [حَرْثُ] قَوْمٍ فَاسْتَتِرُوا بِبُیُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ فَلَا یَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَلُمْ لَائِمٌ إِلَّا نَفْسَهُ.
«5»-(1)
رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ عَنِ الْجَاحِظِ مِنْ كِتَابِ الْبَیَانِ وَ التَّبْیِینِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّی قَالَ: أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ فِی خِلَافَتِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَلَا لَا یُرْعِیَنَّ وَ سَاقَ الْخُطْبَةَ كَمَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ وَ مَا عَلَیْنَا إِلَّا الِاجْتِهَادُ.
ثُمَّ قَالَ قَالَ الْجَاحِظُ وَ قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ زَادَ فِیهَا فِی رِوَایَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَلَا إِنَّ أَبْرَارَ عِتْرَتِی إِلَی قَوْلِهِ وَ بِنَا یَخْتِمُ لَا بِكُمْ.
قال ابن أبی الحدید: قوله لا یُرعین أی لا یُبقین یقال أرعیت علیه أی أبقیت یقول من أبقی علی الناس فإنما أبقی علی نفسه و الهوادة الرفق و الصلح و أصله اللین و السهولة و التهوید المشی رویدا و آزرت زیدا أعنته و الترة الوتر و الربقة الحبل یجعل فی عنق الشاة و ردی هلك من الردی كقولك عمی من العمی و شجی من الشجا.
ص: 11
و قوله شغل من الجنة و النار أمامه یرید به أن من كانت هاتان الداران أمامه لفی شغل عن أمور الدنیا إن كان رشیدا.
و قوله ساع مجتهد إلی قوله لا سادس كلام تقدیره المكلفون علی خمسة أقسام ساع مجتهد و طالب راج و مقصر هالك ثم قال ثلاثة أی فهو ثلاثة أقسام و هذا ینظر إلی قوله تعالی ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَیْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ثم ذكر القسمین الرابع و الخامس فقال هما ملك طار بجناحیه و نبی أخذ اللّٰه بیده یرید عصمة هذین النوعین من القبیح ثم قال لا سادس أی لم یبق فی المكلفین قسم سادس.
و قوله هلك من ادعی یرید هلك من ادعی و كذب لا بد من تقدیر ذلك لأن الدعوی یعم الصدق و الكذب و كأنه یقول هلك من ادعی الإمامة و ردی من اقتحمها و ولجها من غیر استحقاق لأن كلامه فی هذه الخطبة كله كنایات عن الإمامة لا عن غیرها.
و قوله الیمین و الشمال مضلة مثال لأن السالك الطریق المنهج اللاحب ناج و العادل عنها یمینا و شمالا معرض للخطر.
و قوله صلی اللّٰه علیه و آله كالغراب یعنی فی الحرص و الجشع و الغراب یقع علی الجیفة و یقع علی التمرة و علی الحبة و فی المثل أشجع من غراب و أحرص من غراب.
و قوله ویحه لو قص یرید لو كان قتل أو مات قبل أن یتلبس بالخلافة لكان خیرا له من أن یعیش و یدخل فیها.
ثم قال لهم افكروا فیما قد قلت فإن كان منكرا فأنكروه و إن كان حقا فأعینوا علیه.
و قوله استتروا فی بیوتكم نهی لهم عن العصبیة و الاجتماع و التحزب فقد كان قوم بعد قتل عثمان تكلموا فی قتله من شیعة بنی أمیة بالمدینة.
ص: 12
و أما قوله قد كانت أمور فمراده أمر عثمان و تقدیمه فی الخلافة علیه.
و من الناس من یحمل ذلك علی خلافة الشیخین أیضا و یبعد عندی أن یكون أراده لأن المدة قد كانت طالت و لم یبق من یعاتبه (1) و لسنا نمنع من أن یكون فی كلامه الكثیر من التوجد و التألم لصرف الخلافة بعد وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عنه و إنما كلامنا الآن فی هذه اللفظات التی فی هذه الخطبة علی أن قوله سبق الرجلان و الاقتصار علی ذلك فیه كفایة فی انحرافه عنهما.
و أما قوله حق و باطل إلی آخر الفصل فمعناه كل أمر إما حق و إما باطل و لكل واحد من هذین أهل و ما زال أهل الباطل أكثر من أهل الحق و لئن كان الحق قلیلا فربما كثر و لعله ینتصر أهله ثم قال علی سبیل التضجر بنفسه و قلما أدبر شی ء فأقبل استبعد علیه السلام أن تعود دولة قوم بعد زوالها عنهم.
ثم قال و لئن رجعت إلیكم أموركم أی إن ساعدنی الوقت و تمكنت من أن أحكم فیكم بحكم اللّٰه تعالی و رسوله و عادت إلیكم أیام شبیهة بأیام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سیرة مماثلة لسیرته فی أصحابه إنكم لسعداء ثم قال و إنی لأخشی أن تكونوا فی فترة الفترة هی الأزمنة التی بین الأنبیاء إذا انقطعت الرسل فیها فیقول علیه السلام إنی لأخشی أن لا أتمكن من الحكم بكتاب اللّٰه تعالی فیكم فتكونوا كالأمم الذین فی أزمنة الفترة لا یرجعون إلی نبی یشافههم بالشرائع و الأحكام و كأنه علیه السلام قد كان یعلم أن الأمر سیضطرب علیه (2).
ص: 13
ثم قال و ما علینا إلا الاجتهاد یقول أنا أعمل بما یجب علی من الاجتهاد فی القیام بالشریعة و عزل ولاة السوء عن المسلمین فإن تم ما أریده فذاك و إلا كنت قد أعذرت.
و أما التتمة المرویة عن جعفر بن محمد علیهما السلام فواضحة الألفاظ و قوله فی آخرها و بنا یختم لا بكم إشارة إلی المهدی علیه السلام الذی یظهر فی آخر الزمان من ولد فاطمة علیها السلام.
«6»-(1)
أَقُولُ رَوَی ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَمَامَ الْخُطْبَةِ هَكَذَا الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحَقَّ مَحْمُودٍ بِالْحَمْدِ وَ أَوْلَاهُ بِالْمَجْدِ إِلَهاً وَاحِداً صَمَداً أَقَامَ أَرْكَانَ الْعَرْشِ فَأَشْرَقَ بِضَوْئِهِ شُعَاعَ الشَّمْسِ خَلَقَ فَأَتْقَنَ وَ أَقَامَ فَذَلَّتْ لَهُ وَطْأَةُ الْمُسْتَمْكِنِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ الضِّیَاءِ الْمُنِیرِ أَكْرَمُ خَلْقِ اللَّهِ حَسَباً وَ أَشْرَفُهُمْ نَسَباً لَمْ یَتَعَلَّقْ عَلَیْهِ مُسْلِمٌ وَ لَا مُعَاهِدٌ بِمَظْلِمَةٍ بَلْ كَانَ یُظْلَمُ فَأَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَغَی عَلَی الْأَرْضِ عَنَاقُ ابْنَةُ آدَمَ وَ كَانَ مَجْلِسُهَا مِنَ الْأَرْضِ جَرِیباً وَ كَانَ لَهَا عِشْرُونَ إِصْبَعاً وَ كَانَ لَهَا ظُفُرَانِ كَالْمِنْجَلَیْنِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهَا أَسَداً كَالْفِیلِ وَ ذِئْباً كَالْبَعِیرِ وَ نَسْراً كَالْحِمَارِ وَ كَانَ ذَلِكَ فِی الْخَلْقِ الْأَوَّلِ فَقَتَلَهَا وَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْجَبَابِرَةَ عَلَی أَحْسَنِ أَحْوَالِهِمْ وَ إِنَّ اللَّهَ أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ وَ قَتَلَ قَارُونَ بِذُنُوبِهِمْ أَلَا وَ إِنَّ بَلِیَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَیْئَتِهَا یَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً وَ لَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً حَتَّی یَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَیَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَیُقَصِّرَنَّ سَابِقُونَ
ص: 14
كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْیَوْمِ وَ هَذَا الْمَقَامِ أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَایَا خَیْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی النَّارِ فَ هُمْ فِیها كالِحُونَ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَی مَطَایَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا فَسَارَتْ بِهِمْ تَأَوُّداً حَتَّی إِذَا جَاءُوا ظِلًّا ظَلِیلًا فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَیْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِینَ أَلَا وَ قَدْ سَبَقَنِی إِلَی هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَمْ أُشْرِكْهُ فِیهِ وَ مَنْ لَیْسَتْ لَهُ مِنْهُ تَوْبَةٌ إِلَّا بِنَبِیٍّ مَبْعُوثٍ وَ لَا نَبِیَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَشْفَی مِنْهُ عَلی شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِی نارِ جَهَنَّمَ أَیُّهَا النَّاسُ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّةَ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُرْعِی مُرْعٍ إِلَّا عَلَی نَفْسِهِ شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ نَجَا وَ طَالِبٌ یَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ وَ لَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ فَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ وَ لَئِنْ رُدَّ أَمْرُكُمْ عَلَیْكُمْ إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ وَ مَا عَلَیْنَا إِلَّا الْجَهْدُ قَدْ كَانَتْ أُمُورٌ مَضَتْ مِلْتُمْ فِیهَا مَیْلَةً كُنْتُمْ عِنْدِی فِیهَا غَیْرَ مَحْمُودِی الرَّأْیِ وَ لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هَمُّهُ بَطْنُهُ وَیْلَهُ لَوْ قُصَّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ كَانَ خَیْراً لَهُ شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ مُجْتَهِدٌ وَ طَالِبٌ یَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ ثَلَاثَةٌ وَ اثْنَانِ خَمْسَةٌ لَیْسَ فِیهِمْ سَادِسٌ وَ مَلَكٌ طَارَ بِجَنَاحَیْهِ وَ نَبِیٌّ أَخَذَ اللَّهُ بِضَبْعَیْهِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَی وَ خابَ مَنِ افْتَری الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ وَسَطُ الطَّرِیقِ الْمَنْهَجُ عَلَیْهِ بَاقِی الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ
ص: 15
أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ أَدَبَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالسَّوْطِ وَ السَّیْفِ لَیْسَ عِنْدَ إِمَامٍ فِیهِمَا هَوَادَةٌ فَاسْتَتِرُوا بِبُیُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ مَنْ أَبْدَی صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ أَلَا وَ إِنَّ كُلَّ قَطِیعَةٍ أَقْطَعَهَا عُثْمَانُ أَوْ مَالٍ أَخَذَهُ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَیْهِمْ فِی بَیْتِ مَالِهِمْ وَ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ وَ فُرِّقَ فِی الْبُلْدَانِ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ یَسَعْهُ الْحَقُّ فَالْبَاطِلُ أَضْیَقُ عَلَیْهِ أَقُولُ قَوْلِی هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.
«7»-(1)
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ نَقْلًا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِیِّ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَتِ الصَّحَابَةُ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَمْرِ الْإِمَامَةِ أَشَارَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ وَ مَالِكُ بْنُ الْعَجْلَانِ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ بِعَلِیٍّ علیه السلام وَ ذَكَرُوا فَضْلَهُ وَ سَابِقَتَهُ وَ جِهَادَهُ وَ قَرَابَتَهُ فَأَجَابَهُمُ النَّاسُ إِلَیْهِ فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَطِیباً یَذْكُرُ فَضْلَ عَلِیٍّ علیه السلام فَمِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَی أَهْلِ عَصْرِهِ خَاصَّةً وَ مِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ كُلِّهِمْ كَافَّةً ثُمَّ بُویِعَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی مِنْ یَوْمِ الْبَیْعَةِ وَ هُوَ یَوْمُ السَّبْتِ لِإِحْدَی عَشْرَةَ لَیْلَةً بَقِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ مُحَمَّداً فَصَلَّی عَلَیْهِ ثُمَّ ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ذَكَرَ الدُّنْیَا فَزَهَّدَهُمْ فِیهَا وَ ذَكَرَ الْآخِرَةَ فَرَغَّبَهُمْ إِلَیْهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَخْلَفَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَعَمِلَ بِطَرِیقِهِ ثُمَّ جَعَلَهَا شُورَی بَیْنَ سِتَّةٍ
ص: 16
فَأَفْضَی الْأَمْرُ مِنْهُمْ إِلَی عُثْمَانَ فَعَمِلَ مَا أَنْكَرْتُمْ وَ عَرَفْتُمْ ثُمَّ حُصِرَ وَ قُتِلَ ثُمَّ جِئْتُمُونِی فَطَلَبْتُمْ إِلَیَّ وَ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ لِی مَا لَكُمْ وَ عَلَیَّ مَا عَلَیْكُمْ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ الْبَابَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ وَ لَا یَحْمِلُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا أَهْلُ الصَّبْرِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ بِمَوَاقِعِ الْأَمْرِ وَ إِنِّی حَامِلُكُمْ عَلَی مَنْهَجِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُنَفِّذٌ فِیكُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ إِنِ استقتم [اسْتَقَمْتُمْ لِی وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ أَلَا إِنَّ مَوْضِعِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَوْضِعِی مِنْهُ أَیَّامَ حَیَاتِهِ فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَ قِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ وَ لَا تَعْجَلُوا فِی أَمْرٍ حَتَّی نُبَیِّنَهُ لَكُمْ فَإِنَّ لَنَا عَنْ كُلِّ أَمْرٍ مُنْكَرٍ تُنْكِرُونَهُ عُذْراً أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ مِنْ فَوْقِ سَمَائِهِ وَ عَرْشِهِ أَنِّی كُنْتُ كَارِهاً لِلْوَلَایَةِ عَلَی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی اجْتَمَعَ رَأْیُكُمْ عَلَی ذَلِكَ لِأَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَیُّمَا وَالٍ وَلِیَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِی أُقِیمَ عَلَی حَدِّ الصِّرَاطِ وَ نَشَرَتِ الْمَلَائِكَةُ صَحِیفَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَادِلًا أَنْجَاهُ اللَّهُ بِعَدْلِهِ وَ إِنْ كَانَ جَائِراً انْتَقَضَ بِهِ الصِّرَاطُ حَتَّی تَتَزَایَلَ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ یَهْوِی إِلَی النَّارِ فَیَكُونُ أَوَّلُ مَا یَتَّقِیهَا بِهِ أَنْفَهُ وَ حُرَّ وَجْهِهِ وَ لَكِنِّی لَمَّا اجْتَمَعَ رَأْیُكُمْ لَمَا یَسَعُنِی تَرْكُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَقَالَ أَلَا لَا یَقُولَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ غَداً قَدْ غَمَرَتْهُمُ الدُّنْیَا فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا الْخُیُولَ الْفَارِهَةَ وَ اتَّخَذُوا الْوَصَائِفَ الرُّوقَةَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ عَاراً وَ شَنَاراً إِذَا مَا مَنَعْتُهُمْ مَا كَانُوا یَخُوضُونَ فِیهِ وَ أَصَرْتُهُمْ إِلَی حُقُوقِهِمُ الَّتِی یَعْلَمُونَ فَیَنْقِمُونَ ذَلِكَ وَ یَسْتَنْكِرُونَ وَ یَقُولُونَ حَرَمَنَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ حُقُوقَنَا أَلَا وَ أَیُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَرَی أَنَّ الْفَضْلَ لَهُ عَلَی مَنْ سِوَاهُ لِصُحْبَتِهِ فَإِنَّ لَهُ الْفَضْلَ النَّیِّرَ غَداً عِنْدَ اللَّهِ وَ ثَوَابُهُ وَ أَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ وَ أَیُّمَا رَجُلٍ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ فَصَدَّقَ مِلَّتَنَا وَ دَخَلَ فِی دِینِنَا وَ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ حُقُوقَ الْإِسْلَامِ وَ حُدُودَهُ فَأَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ وَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ یُقْسَمُ بَیْنَكُمْ بِالسَّوِیَّةِ لَا فَضْلَ فِیهِ لِأَحَدٍ عَلَی
ص: 17
أَحَدٍ وَ لِلْمُتَّقِینَ عِنْدَ اللَّهِ غَداً أَحْسَنُ الْجَزَاءِ وَ أَفْضَلُ الثَّوَابِ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ الدُّنْیَا لِلْمُتَّقِینَ أَجْراً [جَزَاءً] وَ لَا ثَوَاباً وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرارِ وَ إِذَا كَانَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَاغْدُوا عَلَیْنَا فَإِنَّ عِنْدَنَا مَالًا نَقْسِمُهُ فِیكُمْ وَ لَا یَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَرَبِیٌّ وَ لَا عَجَمِیٌّ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ أَوْ لَمْ یَكُنْ إِلَّا حَضَرَ إِذَا كَانَ مُسْلِماً حُرّاً أَقُولُ قَوْلِی هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِیمَ لِی وَ لَكُمْ ثُمَّ نَزَلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ كَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام وَ أَوْرَثَهُمُ الضِّغْنَ عَلَیْهِ وَ كَرِهُوا عَطَاءَهُ وَ قَسْمَهُ بِالسَّوِیَّةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَا وَ غَدَا النَّاسُ لِقَبْضِ الْمَالِ فَقَالَ لِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبِهِ ابْدَأْ بِالْمُهَاجِرِینَ فَنَادِهِمْ وَ أَعْطِ كُلَّ رَجُلٍ مِمَّنْ حَضَرَ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ ثُمَّ ثَنِّ بِالْأَنْصَارِ فَافْعَلْ مَعَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ وَ مَنْ یَحْضُرْ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمُ الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ فَاصْنَعْ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا غُلَامِی بِالْأَمْسِ وَ قَدْ أَعْتَقْتُهُ الْیَوْمَ فَقَالَ نُعْطِیهِ كَمَا نُعْطِیكَ فَأَعْطَی كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ وَ لَمْ یُفَضِّلْ أَحَداً عَلَی أَحَدٍ وَ تَخَلَّفَ عَنْ هَذَا الْقَسْمِ یَوْمَئِذٍ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ رِجَالٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهَا قَالَ وَ سَمِعَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ یَقُولُ لِأَبِیهِ وَ طَلْحَةَ وَ مَرْوَانَ وَ سَعِیداً مَا خَفِیَ عَلَیْنَا أَمْسِ مِنْ كَلَامِ عَلِیٍّ مَا یُرِیدُ فَقَالَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ الْتَفَتَ إِلَی زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِیَّاكِ أَعْنِی وَ اسْمَعِی یَا جَارَةِ فَقَالَ ابْنُ أَبِی رَافِعٍ لِسَعِیدٍ وَ ابْنِ الزُّبَیْرِ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِی رَافِعٍ أَخْبَرَ عَلِیّاً علیه السلام بِذَلِكَ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنْ بَقِیتُ وَ سَلِمْتُ لَهُمْ لَأُقِیمَنَّهُمْ عَلَی الْمَحَجَّةِ الْبَیْضَاءِ وَ الطَّرِیقِ الْوَاضِحِ قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ
ص: 18
الْعَاصِ لَقَدْ عَرَفَ مِنْ كَلَامِی وَ نَظَرِی إِلَیْهِ أَمْسِ أَنِّی أُرِیدُهُ وَ أَصْحَابَهُ مِمَّنْ هَلَكَ فِیمَنْ هَلَكَ قَالَ فَبَیْنَا النَّاسُ فِی الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصُّبْحِ إِذْ طَلَعَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَجَلَسَا نَاحِیَةً عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ طَلَعَ مَرْوَانُ وَ سَعِیدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَجَلَسُوا إِلَیْهِمَا ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ مِنْ قُرَیْشٍ فَانْضَمُّوا إِلَیْهِمْ فَتَحَدَّثُوا نَجِیّاً سَاعَةً ثُمَّ قَامَ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ فَجَاءَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّكَ قَدْ وَتَرْتَنَا جَمِیعاً أَمَّا أَنَا فَقَتَلْتَ أَبِی یَوْمَ بَدْرٍ صَبْراً وَ خَذَلْتَ أَخِی یَوْمَ الدَّارِ بِالْأَمْسِ وَ أَمَّا سَعِیدٌ فَقَتَلْتَ أَبَاهُ یَوْمَ بَدْرٍ فِی الْحَرْبِ وَ كَانَ ثَوْرَ قُرَیْشٍ وَ أَمَّا مَرْوَانُ فَسَخَّفْتَ أَبَاهُ عِنْدَ عُثْمَانَ إِذْ ضَمَّهُ إِلَیْهِ وَ نَحْنُ إِخْوَتُكَ وَ نُظَرَاؤُكَ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ نَحْنُ نُبَایِعُكَ الْیَوْمَ عَلَی أَنْ تَضَعَ عَنَّا مَا أَصَبْنَاهُ مِنَ الْمَالِ فِی أَیَّامِ عُثْمَانَ وَ أَنْ تَقْتُلَ قَتَلَتَهُ وَ إِنَّا إِنْ خِفْنَاكَ تَرَكْتَنَا وَ الْتَحَقْنَا بِالشَّامِ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ وَتْرِی إِیَّاكُمْ فَالْحَقُّ وَتَرَكُمْ وَ أَمَّا وَضْعِی عَنْكُمْ مَا أَصَبْتُمْ فَلَیْسَ لِی أَنْ أَضَعَ حَقَّ اللَّهِ عَنْكُمْ وَ لَا عَنْ غَیْرِكُمْ وَ أَمَّا قَتْلِی قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَلَوْ لَزِمَنِی قَتْلُهُمُ الْیَوْمَ لَقَتَلْتُهُمْ أَمْسِ وَ لَكِنْ لَكُمْ عَلَیَّ إِنْ خِفْتُمُونِی أَنْ أُؤَمِّنَكُمْ وَ إِنْ خِفْتُكُمْ أَنْ أُسَیِّرَكُمْ فَقَامَ الْوَلِیدُ إِلَی أَصْحَابِهِ فَحَدَّثَهُمْ وَ افْتَرَقُوا عَلَی إِظْهَارِ الْعَدَاوَةِ وَ إِشَاعَةِ الْخِلَافِ فَلَمَّا ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا بِنَا إِلَی هَؤُلَاءِ النَّفَرِ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا عَنْهُمْ وَ رَأَیْنَا مِنْهُمْ مَا نَكْرَهُ مِنَ الْخِلَافِ وَ الطَّعْنِ عَلَی إِمَامِهِمْ وَ قَدْ دَخَلَ أَهْلُ الْجَفَاءِ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الزُّبَیْرِ وَ الْأَعْسَرِ الْعَاقِّ یَعْنِی طَلْحَةَ فَقَامَ أَبُو الْهَیْثَمِ وَ عَمَّارٌ وَ أَبُو أَیُّوبَ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ وَ جَمَاعَةٌ مَعَهُمْ فَدَخَلُوا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ انْظُرْ فِی أَمْرِكَ وَ عَاتِبْ قَوْمَكَ هَذَا الْحَیَّ مِنْ قُرَیْشٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَ أَخْلَفُوا وَعْدَكَ وَ قَدْ دَعَوْنَا فِی السِّرِّ إِلَی
ص: 19
رَفْضِكَ هَدَاكَ اللَّهُ لِرُشْدِكَ وَ ذَاكَ لِأَنَّهُمْ كَرِهُوا الْأُسْوَةَ وَ فَقَدُوا الْأَثَرَةَ وَ لَمَّا آسَیْتَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْأَعَاجِمِ أَنْكَرُوا وَ اسْتَشَارُوا عَدُوَّكَ وَ عَظَّمُوهُ وَ أَظْهَرُوا الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ فُرْقَةً لِلْجَمَاعَةِ وَ تَأَلُّفاً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ فَرَأْیَكَ فَخَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ مُرْتَدِیاً بِطَاقٍ مُؤْتَزِراً بِبُرْدٍ قِطْرِیٍّ مُتَقَلِّداً سَیْفاً مُتَوَكِّئاً عَلَی قَوْسٍ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ رَبَّنَا وَ إِلَهَنَا وَ وَلِیَّنَا وَ وَلِیَّ النِّعَمِ عَلَیْنَا الَّذِی أَصْبَحَتْ نِعَمُهُ عَلَیْنَا ظَاهِرَةً وَ بَاطِنَةً امْتِنَاناً مِنْهُ بِغَیْرِ حَوْلٍ مِنَّا وَ لَا قُوَّةٍ لِیَبْلُوَنَا أَ نَشْكُرُ أَمْ نَكْفُرُ فَمَنْ شَكَرَ زَادَهُ وَ مَنْ كَفَرَ عَذَّبَهُ فَأَفْضَلُ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً وَ أَقْرَبُهُمْ مِنَ اللَّهِ وَسِیلَةً أَطْوَعُهُمْ لِأَمْرِهِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ وَ أَتْبَعُهُمْ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ وَ أَحْیَاهُمْ لِكِتَابِهِ لَیْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَنَا فَضْلٌ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ الرَّسُولِ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سِیرَتُهُ فِینَا لَا یَجْهَلُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ عَانِدٌ عَنِ الْحَقِّ مُنْكِرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثی وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ* فَإِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْكافِرِینَ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ أَ تَمُنُّونَ عَلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ بِإِسْلَامِكُمْ بَلِ اللَّهُ یَمُنُّ عَلَیْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِیمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ وَ كَانَ یَقُولُهَا إِذَا غَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ هَذِهِ الدُّنْیَا الَّتِی أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَ تَرْغَبُونَ فِیهَا وَ أَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ وَ تُرْضِیكُمْ لَیْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ لَا مَنْزِلِكُمُ الَّذِی خُلِقْتُمْ لَهُ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ فَقَدْ حُذِّرْتُمُوهَا وَ اسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ لِأَنْفُسِكُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ الذُّلِّ لِحُكْمِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَأَمَّا هَذَا الْفَیْ ءُ فَلَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی أَحَدٍ فِیهِ أَثَرَةٌ فَقَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنْ قِسْمَتِهِ فَهُوَ مَالُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ الْمُسْلِمُونَ وَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بِهِ أَقْرَرْنَا وَ لَهُ أَسْلَمْنَا وَ عَهْدُ نَبِیِّنَا
ص: 20
بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَمَنْ لَمْ یَرْضَ بِهِ فَلْیَتَوَلَّ كَیْفَ شَاءَ فَإِنَّ الْعَامِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ الْحَاكِمَ بِحُكْمِ اللَّهِ لَا وَحْشَةَ عَلَیْهِ ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ بَعَثَ بِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حِسْلٍ الْقُرَشِیِّ (1) إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ هُمَا فِی نَاحِیَةِ الْمَسْجِدِ فَأَتَیَاهُمَا فَدَعَوَاهُمَا فَقَامَا حَتَّی جَلَسَا إِلَیْهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُمَا نَشَدْتُكُمَا اللَّهَ هَلْ جِئْتُمَانِی طَائِعَیْنِ لِلْبَیْعَةِ وَ دَعَوْتُمَانِی إِلَیْهَا وَ أَنَا كَارِهٌ لَهَا قَالا نَعَمْ فَقَالَ غَیْرَ مُجْبَرَیْنِ وَ لَا مَقْسُورَیْنِ فَأَسْلَمْتُمَا لِی بَیْعَتَكُمَا وَ أَعْطَیْتُمَانِی عَهْدَكُمَا قَالا نَعَمْ قَالَ فَمَا دَعَاكُمَا بَعْدُ إِلَی مَا أَرَی قَالا أَعْطَیْنَاكَ بَیْعَتَنَا عَلَی أَنْ لَا تَقْضِیَ فِی الْأُمُورِ وَ لَا تَقْطَعَهَا دُونَنَا وَ أَنْ تَسْتَشِیرَنَا فِی كُلِّ أَمْرٍ وَ لَا تَسْتَبِدَّ بِذَلِكَ عَلَیْنَا وَ لَنَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَی غَیْرِنَا مَا قَدْ عَلِمْتَ فَأَنْتَ تَقْسِمُ الْقِسْمَ وَ تَقْطَعُ الْأَمْرَ وَ تُمْضِی الْحُكْمَ بِغَیْرِ مُشَاوَرَتِنَا وَ لَا عِلْمِنَا فَقَالَ لَقَدْ نَقَمْتُمَا یَسِیراً وَ أَرْجَأْتُمَا كَثِیراً فَاسْتَغْفِرَا اللَّهَ یَغْفِرْ لَكُمَا أَلَا تُخْبِرَانِنِی أَ دَفَعْتُكُمَا عَنْ حَقٍّ وَجَبَ لَكُمَا فَظَلَمْتُكُمَا إِیَّاهُ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ فَهَلِ اسْتَأْثَرْتُ مِنْ هَذَا الْمَالِ لِنَفْسِی بِشَیْ ءٍ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ أَ فَوَقَعَ حُكْمٌ أَوْ حَقٌّ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَجَهِلْتُهُ أَوْ ضَعُفْتُ عَنْهُ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ فَمَا الَّذِی كَرِهْتُمَا مِنْ أَمْرِی حَتَّی رَأَیْتُمَا خِلَافِی قَالا خِلَافَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِی الْقَسْمِ إِنَّكَ جَعَلْتَ حَقَّنَا فِی الْقَسْمِ كَحَقِّ غَیْرِنَا وَ سَوَّیْتَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ لَا یُمَاثِلُنَا فِیمَا أَفَاءَ اللَّهُ تَعَالَی بِأَسْیَافِنَا وَ رِمَاحِنَا وَ أَوْجَفْنَا عَلَیْهِ بِخَیْلِنَا وَ رَجِلِنَا وَ ظَهَرَتْ عَلَیْهِ دَعَوْتُنَا وَ أَخَذْنَاهُ قَسْراً وَ قَهْراً مِمَّنْ لَا یَرَی الْإِسْلَامَ إِلَّا كَرْهاً فَقَالَ علیه السلام أَمَّا مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الِاسْتِشَارَةِ بِكُمَا فَوَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لِی فِی الْوَلَایَةِ رَغْبَةٌ وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِی إِلَیْهَا وَ جَعَلْتُمُونِی عَلَیْهَا فَخِفْتُ أَنْ أَرُدَّكُمْ فَتَخْتَلِفَ الْأُمَّةُ فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَیَّ نَظَرْتُ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ فَأَمْضَیْتُ مَا
ص: 21
دَلَّانِی عَلَیْهِ وَ اتَّبَعْتُهُ وَ لَمْ أَحْتَجْ إِلَی رَأْیِكُمَا فِیهِ وَ لَا رَأْیِ غَیْرِكُمَا وَ لَوْ وَقَعَ حُكْمٌ لَیْسَ فِی كِتَابِ اللَّهِ بَیَانُهُ وَ لَا فِی السُّنَّةِ بُرْهَانُهُ وَ احْتِیجَ إِلَی الْمُشَاوَرَةِ فِیهِ لَشَاوَرْتُكُمَا فِیهِ وَ أَمَّا الْقَسْمُ وَ الْأُسْوَةُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ فِیهِ بَادِئَ بَدْءٍ قَدْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَحْكُمُ بِذَلِكَ وَ كِتَابُ اللَّهِ نَاطِقٌ بِهِ وَ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِی لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا جَعَلْتَ فَیْئَنَا وَ مَا أَفَاءَتْهُ سُیُوفُنَا وَ رِمَاحُنَا سَوَاءً بَیْنَنَا وَ بَیْنَ غَیْرِنَا فَقَدِیماً سَبَقَ إِلَی الْإِسْلَامِ قَوْمٌ وَ نَصَرُوهُ بِسُیُوفِهِمْ وَ رِمَاحِهِمْ فَلَمْ یُفَضِّلْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1) فِی الْقَسْمِ وَ لَا آثَرَهُمْ بِالسَّبْقِ وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُوَفٍّ السَّابِقَ وَ الْمُجَاهِدَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَعْمَالَهُمْ وَ لَیْسَ لَكُمَا وَ اللَّهِ عِنْدِی وَ لَا لِغَیْرِكُمَا إِلَّا هَذَا أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِكُمْ إِلَی الْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاكُمُ الصَّبْرَ ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً رَأَی حَقّاً فَأَعَانَ عَلَیْهِ وَ رَأَی جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً لِلْحَقِّ عَلَی مَنْ خَالَفَهُ (2).
قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فَإِنْ قُلْتَ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَسَمَ بِالسَّوَاءِ وَ لَمْ یُنْكِرُوا ذَلِكَ كَمَا أَنْكَرُوهُ أَیَّامَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَسَمَ مُحْتَذِیاً لِقَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا وُلِّیَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ وَ نَفَّلَ قَوْماً عَلَی قَوْمٍ أَلِفُوا ذَلِكَ (3) وَ نَسُوا تِلْكَ الْقِسْمَةَ الْأُولَی وَ طَالَتْ أَیَّامُ عُمَرَ وَ أُشْرِبَتْ قُلُوبُهُمْ حُبَّ الْمَالِ
ص: 22
وَ كَثْرَةَ الْعَطَاءِ وَ أَمَّا الَّذِینَ اهْتَضَمُوا فَقَنِعُوا وَ مَرَنُوا عَلَی الْقَنَاعَةِ فَلَمَّا وُلِّیَ عُثْمَانُ أَجْرَی الْأَمْرَ عَلَی مَا كَانَ عُمَرُ یُجْرِیهِ فَازْدَادَ وُثُوقُ الْعَوَامِّ بِذَلِكَ وَ مَنْ أَلِفَ أَمْراً شَقَّ عَلَیْهِ فِرَاقُهُ فَلَمَّا وُلِّیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَرَادَ أَنْ یَرُدَّ الْأَمْرَ إِلَی مَا كَانَ فِی أَیَّامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ نُسِیَ ذَلِكَ وَ رُفِضَ وَ تَخَلَّلَ بَیْنَ الزَّمَانَیْنِ اثْنَتَانِ وَ عِشْرُونَ سَنَةً فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْكَرُوهُ وَ أَكْبَرُوهُ حَتَّی حَدَثَ مَا حَدَثَ وَ لِلَّهِ أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ.
بیان:
قوله علیه السلام كنت كارها أی طبعا و إن أحبها شرعا أو كنت كارها قبل دعوتكم لعدم تحقق الشرائط و المراد بالوالی الوالی بغیر الاستحقاق و العامل بغیر أمر اللّٰه فیها فعلی الوجه الأول التعلیل للكراهة طبعا لعسر العمل بأمر اللّٰه فیها و علی الوجه الثانی التعلیل لعدم التعرض قبل تحقق الشرائط لأنها تكون حینئذ ولایة جور أیضا.
و قال الجوهری راقنی الشی ء أعجبنی و منه قولهم غلمان روقة و جوار روقة أی حسان.
و لعل مفعول القول محذوف أو هو حرمنا و قوله یقولون تأكید للقول أولا.
و قال الجوهری الطاق ضرب من الثیاب و قال القطر ضرب من البرود یقال لها القطریة.
«8»-(1)
وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ أَیْضاً عَنِ الطَّبَرِیِّ وَ غَیْرِهِ أَنَّ النَّاسَ غَشُوهُ وَ تَكَاثَرُوا عَلَیْهِ یَطْلُبُونَ مُبَایَعَتَهُ وَ هُوَ یَأْبَی ذَلِكَ وَ یَقُولُ دَعُونِی وَ الْتَمِسُوا غَیْرِی فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لَا تَثْبُتُ عَلَیْهِ الْعُقُولُ وَ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ
ص: 23
قَالُوا لَهُ نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَ لَا تَرَی الْفِتْنَةَ أَ لَا تَرَی إِلَی مَا حَدَثَ فِی الْإِسْلَامِ أَ لَا تَخَافُ اللَّهَ فَقَالَ قَدْ أَجَبْتُكُمْ لِمَا أَرَی مِنْكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنِّی إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِی فَإِنَّمَا أَنَا كَأَحَدِكُمْ بَلْ أَنَا أَسْمَعُكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّیْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ فَقَالُوا مَا نَحْنُ بِمُفَارِقِیكَ حَتَّی نُبَایِعَكَ قَالَ إِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَفِی الْمَسْجِدِ إِنَّ بَیْعَتِی لَا تَكُونُ خَفِیّاً وَ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ رِضَا الْمُسْلِمِینَ وَ فِی مَلَإٍ وَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ انْثَالَ عَلَیْهِ الْمُسْلِمُونَ فَبَایَعُوهُ وَ فِیهِمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ قَالَ وَ رَوَی أَبُو عُثْمَانَ الْجَاحِظُ (1) قَالَ أَرْسَلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَبْلَ خُرُوجِهِمَا إِلَی مَكَّةَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَ قَالا لَا تَقُلْ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ قُلْ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ لَقَدْ فَالَ فِیكَ رَأْیُنَا وَ خَابَ ظَنُّنَا أَصْلَحْنَا لَكَ الْأَمْرَ وَ وَطَّدْنَا لَكَ الْإِمْرَةَ وَ أَجْلَبْنَا عَلَی عُثْمَانَ حَتَّی قُتِلَ فَلَمَّا طَلَبَكَ النَّاسُ لِأَمْرِهِمْ جِئْنَاكَ وَ أَسْرَعْنَا إِلَیْكَ وَ بَایَعْنَاكَ وَ قُدْنَا إِلَیْكَ أَعْنَاقَ الْعَرَبِ وَ وَطِئَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ أَعْقَابَنَا فِی بَیْعَتِكَ حَتَّی إِذَا مَلَكْتَ عِنَانَكَ اسْتَبْدَدْتَ بِرَأْیِكَ عَنَّا وَ رَفَضْتَنَا رَفْضَ التَّرِیكَةِ وَ مَلَّكْتَ أَمْرَكَ الْأَشْتَرَ وَ حَكِیمَ بْنَ جَبَلَةَ وَ غَیْرَهُمَا مِنَ الْأَعْرَابِ وَ نُزَّاعِ الْأَمْصَارِ فَكُنَّا فِیمَا رَجَوْنَاهُ مِنْكَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ:
فَكُنْتُ كَمُهْرِیقِ الَّذِی فِی سِقَائِهِ***لِرَقْرَاقِ آلٍ فَوْقَ رَابِیَةٍ صَلْدٍ
فَلَمَّا جَاءَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَ أَبْلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ علیه السلام اذْهَبْ إِلَیْهِمَا فَقُلْ لَهُمَا فَمَا الَّذِی یُرْضِیكُمَا فَذَهَبَ وَ جَاءَ وَ قَالَ إِنَّهُمَا یَقُولَانِ وَلِّ أَحَدَنَا الْبَصْرَةَ وَ الْآخَرَ الْكُوفَةَ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَا آمَنُهُمَا وَ هُمَا عِنْدِی بِالْمَدِینَةِ فَكَیْفَ آمَنُهُمَا وَ قَدْ وَلَّیْتُهُمَا الْعِرَاقَیْنِ اذْهَبْ إِلَیْهِمَا فَقُلْ أَیُّهَا الشَّیْخَانِ احْذَرَا مِنَ اللَّهِ وَ نَبِیِّهِ عَلَی أُمَّتِهِ وَ لَا تَبْغِیَا لِلْمُسْلِمِینَ غَائِلَةً وَ كَیْداً وَ قَدْ سَمِعْتُمَا قَوْلَ اللَّهِ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ
ص: 24
نَجْعَلُها لِلَّذِینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوًّا فِی الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَتَاهُمَا وَ لَمْ یَعُدْ إِلَیْهِ وَ تَأَخَّرَا عَنْهُ أَیَّاماً ثُمَّ جَاءَاهُ فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْخُرُوجِ إِلَی مَكَّةَ لِلْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُمَا بَعْدَ أَنْ أَحْلَفَهُمَا أَنْ لَا یَنْقُضَا بَیْعَتَهُ وَ لَا یَغْدِرَا بِهِ وَ لَا یَشُقَّا عَصَا الْمُسْلِمِینَ وَ لَا یُوقِعَا الْفُرْقَةَ بَیْنَهُمْ وَ أَنْ یَعُودَا بَعْدَ الْعُمْرَةِ إِلَی بُیُوتِهِمَا بِالْمَدِینَةِ فَحَلَفَا عَلَی ذَلِكَ كُلِّهِ ثُمَّ خَرَجَا فَفَعَلَا مَا فَعَلَا قَالَ وَ لَمَّا خَرَجَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ وَ اللَّهِ مَا یُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ وَ إِنَّمَا یُرِیدَانِ الْغَدْرَةَ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللَّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً (1).
وَ رُوِیَ عَنِ الطَّبَرِیِّ (2)
أَنَّهُ لَمَّا بَایَعَ النَّاسُ عَلِیّاً أَتَی الزُّبَیْرَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَیْهِ قَالَ أَبُو حَبِیبَةَ (3) مَوْلَی الزُّبَیْرِ فَأَعْلَمْتُهُ بِهِ فَسَلَّ السَّیْفَ وَ وَضَعَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ وَ قَالَ ائْذَنْ لَهُ فَأَذِنْتُ لَهُ فَدَخَلَ فَسَلَّمَ وَ هُوَ وَاقِفٌ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ الزُّبَیْرُ لَقَدْ دَخَلَ لِأَمْرٍ مَا قَضَاهُ قُمْ مَقَامَهُ وَ انْظُرْ هَلْ تَرَی مِنَ السَّیْفِ شَیْئاً فَقُمْتُ فِی مَقَامِهِ فَرَأَیْتُ ذُبَابَ السَّیْفِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ذَاكَ.
«9»-(4)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ مِنْ كِتَابِهِ فِی رَبِیعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ سَبْعِینَ وَ أَحْمَدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِ
ص: 25
وَ قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ وَ حَدَّثَنَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیُّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّعْجَةِ عَنْ أَبِی سُهَیْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: لَمَّا وُلِّیَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَی بَیْعَتِهِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ جَمَاعَةُ النَّاسِ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ إِلَّا نَفَرٌ یَسِیرٌ خَذَلُوا وَ بَایَعَ النَّاسُ وَ كَانَ عُثْمَانُ قَدْ عَوَّدَ قُرَیْشاً وَ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ وَ صُبَّتْ عَلَیْهِمُ الدُّنْیَا صَبّاً وَ آثَرَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ خَصَّ أَهْلَ بَیْتِهِ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ جَعَلَ لَهُمُ الْبِلَادَ وَ خَوَّلَهُمُ الْعِبَادَ فَأَظْهَرُوا فِی الْأَرْضِ فَسَاداً وَ حَمَلَ أَهْلَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ حَتَّی غَلَبُوهُ عَلَی أَمْرِهِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ مَا رَأَوْا مِنْ ذَلِكَ فَعَاتَبُوهُ فَلَمْ یُعْتِبْهُمْ وَ رَاجَعُوهُ فَلَمْ یَسْمَعْ مِنْهُمْ وَ حَمَلَهُمْ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَنْ ضَرَبَ بَعْضاً وَ نَفَی بَعْضاً وَ حَرَمَ بَعْضاً فَرَأَی أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَدْفَعُوهُ وَ قَالُوا إِنَّمَا بَایَعْنَاهُ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْعَمَلِ بِهِمَا فَحَیْثُ لَمْ یَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَلَیْهِمْ طَاعَةٌ فَافْتَرَقَ النَّاسُ فِی أَمْرِهِ عَلَی خَاذِلٍ وَ قَاتِلٍ فَأَمَّا مَنْ قَاتَلَ فَرَأَی أَنَّهُ حَیْثُ خَالَفَ الْكِتَابَ وَ السُّنَّةَ وَ اسْتَأْثَرَ بِالْفَیْ ءِ وَ اسْتَعْمَلَ مَنْ لَا یَسْتَأْهِلُ رَأَوْا أَنَّ جِهَادَهُ جِهَادٌ وَ أَمَّا مَنْ خَذَلَهُ فَإِنَّهُ رَأَی أَنَّهُ یَسْتَحِقُّ الْخِذْلَانَ وَ لَمْ یَسْتَوْجِبِ النُّصْرَةَ بِتَرْكِ أَمْرِ اللَّهِ حَتَّی قُتِلَ وَ اجْتَمَعُوا عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَبَایَعُوهُ فَقَامَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ كُنْتُ كَارِهاً لِهَذِهِ الْوِلَایَةِ یَعْلَمُ اللَّهُ فِی سَمَاوَاتِهِ وَ فَوْقَ عَرْشِهِ عَلَی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی اجْتَمَعْتُمْ عَلَی ذَلِكَ فَدَخَلْتُ فِیهِ وَ ذَلِكَ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَیُّمَا وَالٍ وَلِیَ أَمْرَ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی أُقِیمَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی حَدِّ الصِّرَاطِ وَ نَشَرَتِ الْمَلَائِكَةُ صَحِیفَتَهُ فَإِنْ نَجَا فَبِعَدْلِهِ وَ إِنْ جَارَ انْتَقَضَ بِهِ الصِّرَاطُ انْتِقَاضَةً تُزِیلُ مَا بَیْنَ مَفَاصِلِهِ حَتَّی یَكُونَ بَیْنَ كُلِّ عُضْوٍ وَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ مَسِیرَةُ مِائَةِ عَامٍ یَخْرِقُ بِهِ الصِّرَاطَ فَأَوَّلُ مَا
ص: 26
یَلْقَی بِهِ النَّارَ أَنْفُهُ وَ حُرُّ وَجْهِهِ وَ لَكِنِّی لَمَّا اجْتَمَعْتُمْ عَلَیَّ نَظَرْتُ فَلَمْ یَسَعْنِی رَدُّكُمْ حَیْثُ اجْتَمَعْتُمْ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ فَقَامَ إِلَیْهِ النَّاسُ فَبَایَعُوهُ فَأَوَّلُ مَنْ قَامَ فَبَایَعَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ ثُمَّ قَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ سَائِرُ النَّاسِ حَتَّی بَایَعَهُ النَّاسُ وَ كَانَ الَّذِی یَأْخُذُ عَلَیْهِمُ الْبَیْعَةَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ هُمَا یَقُولَانِ نُبَایِعُكُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ لَمْ نَفِ لَكُمْ فَلَا طَاعَةَ لَنَا عَلَیْكُمْ وَ لَا بَیْعَةَ فِی أَعْنَاقِكُمْ وَ الْقُرْآنُ إِمَامُنَا وَ إِمَامُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ هُوَ یَقُولُ أَلَا لَا یَقُولَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ غَداً قَدْ غَمَرَتْهُمُ الدُّنْیَا فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا الْخُیُولَ الْفَارِهَةَ وَ اتَّخَذُوا الْوَصَائِفَ الرُّوقَةَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ عَاراً وَ شَنَاراً إِنْ لَمْ یَغْفِرْ لَهُمُ الْغَفَّارُ إِذَا مُنِعُوا مَا كَانُوا فِیهِ وَ صُیِّرُوا إِلَی حُقُوقِهِمْ الَّتِی یَعْلَمُونَ یَقُولُونَ حَرَمَنَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ ظَلَمَنَا حُقُوقَنَا وَ نَسْتَعِینُ بِاللَّهِ وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ أَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَ سَابِقَةٌ مِنْكُمْ فَإِنَّمَا أَجْرُهُ فِیهِ عَلَی اللَّهِ فَمَنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ دَخَلَ فِی دِینِنَا وَ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَ أَكَلَ ذَبِیحَتَنَا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ حُقُوقَ الْإِسْلَامِ وَ حُدُودَهُ فَأَنْتُمْ أَیُّهَا النَّاسُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُسْلِمُونَ وَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ یُقْسَمُ بَیْنَكُمْ بِالسَّوِیَّةِ وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَی وَ لِلْمُتَّقِینَ عِنْدَ اللَّهِ خَیْرُ الْجَزَاءِ وَ أَفْضَلُ الثَّوَابِ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ الدُّنْیَا لِلْمُتَّقِینَ جَزَاءً وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرارِ وَ إِذَا كَانَ غَداً فَاغْدُوا فَإِنَّ عِنْدَنَا مَالًا اجْتَمَعَ فَلَا یَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ كَانَ فِی عَطَاءٍ أَوْ لَمْ یَكُنْ إِذَا كَانَ مُسْلِماً حُرّاً احْضُرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَاجْتَمَعُوا مِنَ الْغَدِ وَ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ فَقَسَمَ بَیْنَهُمْ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ الشَّرِیفِ وَ الْوَضِیعِ وَ الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ وَ لَمْ یُفَضِّلْ أَحَداً وَ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ إِلَّا هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ مَرْوَانُ بْنُ حَكَمٍ وَ نَاسٌ مَعَهُمْ
ص: 27
فَسَمِعَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ وَ هُوَ كَاتِبُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ وَ هُوَ یَقُولُ لِلزُّبَیْرِ وَ طَلْحَةَ وَ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ لَقَدِ الْتَفَتُّ إِلَی زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقُلْتُ لَهُ إِیَّاكِ أَعْنِی وَ اسْمَعِی یَا جَارَةِ فَقَالَ لَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ یَا سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَلِیّاً فَقَالَ لَئِنْ سَلِمْتُ لَأَحْمِلَنَّهُمْ عَلَی الطَّرِیقِ قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ الْعَاصِ لَقَدْ عَلِمَ فِی كَلَامِی أَنِّی أُرِیدُهُ وَ أَصْحَابَهُ بِكَلَامِی وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَكْثَرَ مَا یَسْكُنُ الْقَنَاةَ فَبَیْنَا نَحْنُ فِی الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصُّبْحِ إِذْ طَلَعَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَجَلَسَا نَاحِیَةً عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ طَلَعَ مَرْوَانُ وَ سَعِیدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَجَلَسُوا وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام جَعَلَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ عَلَی الْخَیْلِ فَقَالَ لِأَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ وَ لِخَالِدِ بْنِ زَیْدٍ أَبِی أَیُّوبَ وَ لِأَبِی حَیَّةَ وَ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِی رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُومُوا إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَإِنَّهُ بَلَغَنَا عَنْهُمْ مَا نَكْرَهُ مِنْ خِلَافَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِمَامِهِمْ وَ الطَّعْنِ عَلَیْهِ وَ قَدْ دَخَلَ مَعَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَ الْعَدَاوَةِ فَإِنَّهُمْ سَیَحْمِلُونَهُمْ عَلَی مَا لَیْسَ مِنْ رَأْیِهِمْ فَقَالَ فَقَامُوا وَ قُمْنَا مَعَهُمْ حَتَّی جَلَسُوا إِلَیْهِمْ فَتَكَلَّمَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ فَقَالَ إِنَّ لَكُمْ لَقِدَماً فِی الْإِسْلَامِ وَ سَابِقَةً وَ قَرَابَةً مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكُمْ طَعْنٌ وَ سَخَطٌ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنْ یَكُنْ أَمْرٌ لَكُمَا خَاصَّةً فَعَاتِبَا ابْنَ عَمَّتِكُمَا وَ إِمَامَكُمَا وَ إِنْ كَانَ نَصِیحَةً لِلْمُسْلِمِینَ فَلَا تُؤَخِّرَاهُ عَنْهُ وَ نَحْنُ عَوْنٌ لَكُمَا فَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ بَنِی أُمَیَّةَ لَنْ تَنْصَحَكُمَا أَبَداً وَ قَدْ عَرَفْتُمَا وَ قَالَ أَحْمَدُ عَرَفْتُمْ عَدَاوَتَهُمْ لَكُمَا وَ قَدْ شَرِكْتُمَا فِی دَمِ عُثْمَانَ وَ مَالَأْتُمَا فَسَكَتَ الزُّبَیْرُ وَ تَكَلَّمَ طَلْحَةُ فَقَالَ افْرُغُوا جَمِیعاً مِمَّا تَقُولُونَ فَإِنِّی قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ فِی كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ خُطْبَةً فَتَكَلَّمَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ أَنْتُمَا صَاحِبَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ
ص: 28
أَعْطَیْتُمَا إِمَامَكُمَا للطاعة [الطَّاعَةَ] وَ الْمُنَاصَحَةَ وَ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ عَلَی الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ أَنْ یَجْعَلَ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ أَحْمَدُ وَ جَعَلَ كِتَابَ اللَّهِ إِمَاماً فَفِیمَ السَّخَطُ وَ الْغَضَبُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَغَضَبُ الرِّجَالِ لِلْحَقِّ انْصُرَا نَصَرَكُمَا اللَّهُ فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَقَالَ لَقَدْ تَهَذَّرْتَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ مَا لَكَ تَتَعَلَّقُ فِی مِثْلِ هَذَا یَا أَعْبَسُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَقَامَ الزُّبَیْرُ فَقَالَ عَجَّلْتَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ عَلَی ابْنِ أَخِیكَ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ عَمَّارٌ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَسْمَعَ قَوْلَ مَنْ رَأَیْتَ فَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ لَمْ یَهْلِكْ مَنْ هَلَكَ مِنْكُمْ حَتَّی اسْتَدْخَلَ فِی أَمْرِهِ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ فَقَالَ الزُّبَیْرُ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَسْمَعَ مِنْهُمْ فَقَالَ عَمَّارٌ وَ اللَّهِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا خَالَفَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لَمَا خَالَفْتُهُ وَ لَا زَالَتْ یَدِی مَعَ یَدِهِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ عَلِیّاً لَمْ یَزَلْ مَعَ الْحَقِّ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنَّ یُفَضِّلَ عَلَیْهِ أَحَداً فَاجْتَمَعَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ وَ رِفَاعَةُ وَ أَبُو أَیُّوبَ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَتَشَاوَرُوا أَنْ یَرْكَبُوا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْقَنَاةِ فَیُخْبِرُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَرَكِبُوا إِلَیْهِ فَأَخْبَرُوهُ بِاجْتِمَاعِ الْقَوْمِ وَ مَا هُمْ فِیهِ مِنْ إِظْهَارِ الشَّكْوَی وَ التَّعْظِیمِ لِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ قَالَ لَهُ أَبُو الْهَیْثَمِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ انْظُرْ فِی هَذَا الْأَمْرِ فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْخَیْرِ وَ الْفَضْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ الْمُهَاجِرِینَ فَقَالُوا لِعَلِیٍّ علیه السلام إِنَّهُمْ قَدْ كَرِهُوا الْأُسْوَةَ وَ طَلَبُوا الْأَثَرَةَ وَ سَخِطُوا لِذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْسَ لِأَحَدٍ فَضْلٌ فِی هَذَا الْمَالِ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ وَ نَبِیُّكُمْ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سِیرَتُهُ ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَ تَمُنُّونَ عَلَیَّ بِإِسْلَامِكُمْ بَلْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ الْمَنُّ عَلَیْكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ قَالَ أَحْمَدُ أَ تَمُنُّونَ عَلَی اللَّهِ (1) بِإِسْلَامِكُمْ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَرْمُ
ص: 29
وَ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ جَلَسَ نَاحِیَةَ الْمَسْجِدِ وَ بَعَثَ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَدَعَاهُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُمَا أَ لَمْ تَأْتِیَانِی وَ تُبَایِعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ فَمَا أَنْكَرْتُمْ أَ جَوْرٌ فِی حُكْمٍ أَوِ اسْتِیثَارٌ فِی فَیْ ءٍ قَالا لَا قَالَ أَوْ فِی أَمْرٍ دَعَوْتُمَانِی إِلَیْهِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِینَ فَقَصَّرْتُ عَنْهُ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ فَمَا الَّذِی كَرِهْتُمَا مِنْ أَمْرِی حَتَّی رَأَیْتُمَا خِلَافِی قَالا خِلَافَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِی الْقَسْمِ وَ انْتِقَاصِنَا حَقَّنَا مِنَ الْفَیْ ءِ جَعَلْتَ حَظَّنَا فِی الْإِسْلَامِ كَحَظِّ غَیْرِنَا فِیمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْنَا بِسُیُوفِنَا مِمَّنْ هُوَ لَنَا فَیْ ءٌ فَسَوَّیْتَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إِنِّی أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ عَلَیْهِمَا أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنَ الِاسْتِیثَارِ (1) فَوَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لِی فِی الْوِلَایَةِ رَغْبَةٌ وَ لَا لِی فِیهَا مَحَبَّةٌ وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِی إِلَیْهَا وَ حَمَلْتُمُونِی عَلَیْهَا فَكَرِهْتُ خِلَافَكُمْ فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَیَّ نَظَرْتُ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ مَا وَضَعَ وَ أَمَرَ فِیهِ بِالْحُكْمِ وَ قَسَمَ وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمْضَیْتُهُ وَ لَمْ أَحْتَجْ فِیهِ إِلَی رَأْیِكُمَا وَ دُخُولِكُمَا مَعِی وَ لَا غَیْرِكُمَا وَ لَمْ یَقَعْ أَمْرٌ جَهِلْتُهُ فَأَتَقَوَّی فِیهِ بِرَأْیِكُمَا وَ مَشُورَتِكُمَا وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا وَ لَا عَنْ غَیْرِكُمَا إِذَا لَمْ یَكُنْ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا فِی سُنَّةِ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمَّا مَا كَانَ فَلَا یُحْتَاجُ فِیهِ إِلَی أَحَدٍ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِیهِ وَ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا قَدْ جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَمْ أَحْتَجْ فِیهِ إِلَیْكُمَا قَدْ فَرَغَ مِنْ قَسْمِهِ كِتَابُ اللَّهِ الَّذِی لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا جَعَلْتَنَا فِیهِ كَمَنْ ضَرَبْنَاهُ بِأَسْیَافِنَا وَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَ قَدْ سَبَقَ رِجَالٌ رِجَالًا فَلَمْ یَضُرَّهُمْ وَ لَمْ یَسْتَأْثِرْهُمْ عَلَیْهِمْ مَنْ سَبَقَهُمْ، لَمْ یَضُرَّهُمْ حِینَ
ص: 30
اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَ اللَّهِ مَا لَكُمْ وَ لَا لِغَیْرِكُمْ إِلَّا ذَلِكَ أَلْهَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمُ الصَّبْرَ عَلَیْهِ فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ یَتَكَلَّمُ فَأَمَرَ بِهِ فَوُجِئَتْ عُنُقُهُ وَ أُخْرِجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ وَ هُوَ یَصِیحُ وَ یَقُولُ ارْدُدْ إِلَیْهِ بَیْعَتَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَسْتُ مُخْرِجَكُمَا مِنْ أَمْرٍ دَخَلْتُمَا فِیهِ وَ لَا مُدْخِلَكُمَا فِی أَمْرٍ خَرَجْتُمَا مِنْهُ فَقَامَا عَنْهُ وَ قَالا أَمَا إِنَّهُ لَیْسَ عِنْدَنَا أَمْرٌ إِلَّا الْوَفَاءُ قَالَ فَقَالَ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً رَأَی حَقّاً فَأَعَانَ عَلَیْهِ أَوْ رَأَی جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً لِلْحَقِّ عَلَی مَنْ خَالَفَهُ (1).
بیان:
یخرق به الصراط أی من الأعوام التی یخرق بها الصراط أی یقطع بها.
و فی النهایة قناة واد من أودیة المدینة علیه حرث و مال و زرع و قال
فی حدیث علی علیه السلام أنا أبو حسن القرم.
أی المقدم فی الرأی و القرم فحل الإبل أی أنا فیهم بمنزلة الفحل فی الإبل.
قال الخطابی و أكثر الروایات القوم بالواو و لا معنی له و إنما هو بالراء أی المقدم فی المعرفة و تجارب الأمور.
«10»-الْكَافِیَةُ لِإِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ (2)، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عِیسَی عَنْ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَیْمُونَةَ عَنْ أَبِی بَشِیرٍ الْعَائِذِیِّ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِینَةِ حِینَ قُتِلَ عُثْمَانُ فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ فِیهِمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَأَتَوْا عَلِیّاً علیه السلام فَقَالُوا یَا أَبَا الْحَسَنِ هَلُمَّ نُبَایِعْكَ قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِی أَمْرِكُمْ أَنَا بِمَنِ اخْتَرْتُمْ رَاضٍ قَالُوا مَا نَخْتَارُ غَیْرَكَ وَ اخْتَلَفُوا إِلَیْهِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ مِرَاراً.
ص: 31
«11»-وَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِی أَرْوَی قَالَ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا بِمَا رَأَتْهُ عَیْنَایَ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَایَ لَمَّا بَرَزَ النَّاسُ لِلْبَیْعَةِ عِنْدَ بَیْتِ الْمَالِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِطَلْحَةَ ابْسُطْ یَدَكَ لِلْبَیْعَةِ فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِّی وَ قَدِ اسْتَجْمَعَ لَكَ النَّاسُ وَ لَمْ یَجْتَمِعُوا لِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِطَلْحَةَ وَ اللَّهِ مَا أَخْشَی غَیْرَكَ فَقَالَ طَلْحَةُ لَا تخشی [تَخْشَنِی فَوَ اللَّهِ لَا تُؤْتَی مِنْ قِبَلِی أَبَداً فَبَایَعَهُ وَ بَایَعَ النَّاسُ.
«12»-وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّ أَوَّلَ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ضَرَبَ عَلَی یَدِ عَلِیٍّ بِالْبَیْعَةِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ.
«13»-و عن محمد بن عیسی النهدی عن أبیه عن الصلت بن دینار عن الحسن قال بایع طلحة و الزبیر علیا علیه السلام علی منبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله طائعین غیر مكرهین.
«14»-وَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَایَعَا عَلِیّاً.
«15»-وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُبَارَكٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عِیسَی قَالَ: إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَتَیَا عَلِیّاً علیه السلام بَعْدَ مَا بَایَعَاهُ بِأَیَّامٍ فَقَالا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ عَرَفْتَ شِدَّةَ مَئُونَةِ الْمَدِینَةِ وَ كَثْرَةَ عِیَالِنَا وَ أَنَّ عَطَاءَنَا لَا یَسَعُنَا قَالَ فَمَا تُرِیدَانِ نَفْعَلُ قَالا تُعْطِینَا مِنْ هَذِهِ الْمَالِ مَا یَسَعُنَا فَقَالَ اطْلُبَا إِلَی النَّاسِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یُعْطُوكُمَا شَیْئاً مِنْ حُقُوقِهِمْ فَعَلْتُ قَالا لَمْ نَكُنْ لِنَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَی النَّاسِ وَ لَمْ یَكُونُوا یَفْعَلُوا لَوْ طَلَبْنَا إِلَیْهِمْ قَالَ فَأَنَا وَ اللَّهِ أَحْرَی أَنْ لَا أَفْعَلَ فَانْصَرَفَا عَنْهُ.
«16»-وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَتَیَا عَلِیّاً علیه السلام فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ فَقَالَ لَهُمَا لَعَلَّكُمَا تُرِیدَانِ الشَّامَ وَ الْبَصْرَةَ فَقَالا اللَّهُمَّ غَفْراً مَا نَنْوِی إِلَّا الْعُمْرَةَ.
«17»-و عن الحسین بن مبارك عن بكر بن عیسی أن علیا أخذ علیهما عهد اللّٰه و میثاقه و أعظم ما أخذ علی أحد من خلقه أن لا یخالفا و لا
ص: 32
ینكثا و لا یتوجها وجها غیر العمرة حتی یرجعا إلیها فأعطیاه ذلك من أنفسهما ثم أذن لهما فخرجا.
«18»-وَ عَنْ أُمِّ رَاشِدٍ مَوْلَاةِ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ دَخَلَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا وَلَّیَا وَ نَزَلَا مِنْ عِنْدِهِ سَمِعْتُهُمَا یَقُولَانِ لَا وَ اللَّهِ مَا بَایَعْنَاهُ بِقُلُوبِنَا إِنَّمَا بَایَعْنَاهُ بِأَیْدِینَا قَالَتْ فَأَخْبَرْتُ عَلِیّاً علیه السلام بِمَقَالَتِهِمَا فَقَالَ إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَكَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللَّهَ یَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللَّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً (1).
«19»-(2)شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حِینَ تَخَلَّفَ عَنْ بَیْعَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ مَا رَوَاهُ الشَّعْبِیُّ قَالَ: لَمَّا اعْتَزَلَ سَعْدٌ وَ مَنْ سَمَّیْنَاهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ تَوَقَّفُوا عَنْ بَیْعَتِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ:
أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ بَایَعْتُمُونِی عَلَی مَا بُویِعَ عَلَیْهِ مَنْ كَانَ قَبْلِی وَ إِنَّمَا الْخِیَارُ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ یُبَایِعُوا فَإِذَا بَایَعُوا فَلَا خِیَارَ لَهُمْ وَ إِنَّ عَلَی الْإِمَامِ الِاسْتِقَامَةَ وَ عَلَی الرَّعِیَّةِ التَّسْلِیمَ وَ هَذِهِ بَیْعَةٌ عَامَّةٌ مَنْ رَغِبَ عَنْهَا رَغِبَ عَنْ دِینِ الْإِسْلَامِ وَ اتَّبَعَ غَیْرَ سَبِیلَ أَهْلِهِ وَ لَمْ تَكُنْ بَیْعَتُكُمْ إِیَّایَ فَلْتَةً وَ لَیْسَ أَمْرِی وَ أَمْرُكُمْ وَاحِداً وَ إِنِّی أُرِیدُكُمْ لِلَّهِ وَ أَنْتُمْ تُرِیدُونَنِی لِأَنْفُسِكُمْ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأَنْصَحَنَّ لِلْخَصْمِ وَ لَأُنْصِفَنَّ لِلْمَظْلُومِ وَ قَدْ بَلَغَنِی عَنْ سَعْدٍ وَ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَ أُسَامَةَ وَ عَبْدِ اللَّهِ وَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أُمُورٌ كَرِهْتُهَا وَ الْحَقُّ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ.
ص: 33
بیان:
و إنما الخیار أی بزعمكم و علی ما تدعون من ابتناء الأمر علی البیعة لم تكن بیعتكم إیای فلتة تعریض ببیعة أبی بكر.
«20»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب فی جمل أنساب الأشراف أنه قال الشعبی فی خبر لما قتل عثمان أقبل الناس لعلی علیه السلام لیبایعوه و قالوا إلیه فمدوا یده فكفها و بسطوها فقبضها حتی بایعوه (2) و فی سائر التواریخ أن أول من بایعه طلحة بن عبید اللّٰه و كانت إصبعه أصیبت یوم أحد فشلت فبصرها أعرابی حین بایع فقال ابتدأ هذا الأمر ید شلاء لا یتم ثم بایعه الناس فی المسجد و یروی أن الرجل كان عبید بن ذویب فقال ید شلاء و بیعة لا تتم و هذا عنی البرقی فی بیته:
و لقد تیقن من تیقن غدرهم***إذ مد أولهم یدا شلاء
«21»- جَبَلَةُ بْنُ سُحَیْمٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ عَلِیٌّ علیه السلام جَاءَ إِلَیْهِ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ قَدْ وَلَّاهُ الشَّامَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَوَلِّهِ أَنْتَ كَیْمَا تَتَّسِقَ عُرَی الْإِسْلَامِ ثُمَّ اعْزِلْهُ إِنْ بَدَا لَكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَضْمَنُ لِی عُمُرِی یَا مُغِیرَةُ فِیمَا بَیْنَ تَوْلِیَتِهِ إِلَی خَلْعِهِ قَالَ لَا قَالَ لَا یَسْأَلُنِیَ اللَّهُ عَنْ تَوْلِیَتِهِ عَلَی رَجُلَیْنِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَیْلَةً سَوْدَاءَ أَبَداً وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً الْخَبَرَ.
«22»-و لما بویع علی علیه السلام أنشأ خزیمة بن ثابت یقول:
ص: 34
إذا نحن بایعنا علیا فحسبنا***أبو حسن مما نخاف من الفتن
وجدناه أولی الناس بالناس إنه***أطب قریش بالكتاب و بالسنن
و إن قریشا لا تشق غباره***إذا ما جری یوما علی ضمر البدن
ففیه الذی فیهم من الخیر كله***و ما فیهم مثل الذی فیه من حسن
وصی رسول اللّٰه من دون أهله***و فارسه قد كان فی سالف الزمن
و أول من صلی من الناس كلهم***سوی خیرة النسوان و اللّٰه ذی المنن
و صاحب كبش القوم فی كل وقعة***یكون لها نفس الشجاع لدی الذقن
فذاك الذی تثنی الخناصر باسمه*** إمامهم حتی أغیب بی [فی] الكفن
و قال أبو العباس أحمد بن عطیة:
رأیت علیا خیر من وطئ الحصا***و أكرم خلق اللّٰه من بعد أحمد
وصی رسول المرتضی و ابن عمه***و فارسه المشهور فی كل مشهد
تخیره الرحمن من خیر أسرة***لأطهر مولود و أطیب مولد
إذا نحن بایعنا علیا فحسبنا*** ببیعته بعد النبی محمد
بیان: أطب قریش أی أعلمهم و رجل طبّ بالفتح أی عالم تكون لها أی لشدة الواقعة نفس الشجاع و روحه للخوف منها عند الذقن أی مشرفة علی مفارقة البدن.
أقول: سیأتی فی أعمال یوم النیروز
عن المعلی بن خنیس عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أن الیوم الذی بویع فیه أمیر المؤمنین ثانیة كان یوم النیروز
«23»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا أُرِیدُ عَلَی الْبَیْعَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ دَعُونِی وَ الْتَمِسُوا غَیْرِی فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لَا یَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَ لَا تَثْبُتُ عَلَیْهِ الْعُقُولُ وَ إِنَّ الْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَ الْحُجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ
ص: 35
وَ اعْلَمُوا أَنِّی إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَی قَوْلِ الْقَائِلِ وَ عَتْبِ الْعَاتِبِ وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِی فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ وَ لَعَلِّی أَسْمَعُكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّیْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ وَ أَنَا لَكُمْ وَزِیراً خَیْرٌ لَكُمْ مِنِّی أَمِیراً.
تبیین:
المخاطبون بهذا الخطاب هم الطالبون للبیعة بعد قتل عثمان و لما كان الناس نسوا سیرة النبی و اعتادوا بما عمل فیهم خلفاء الجور من تفضیل الرؤساء و الأشراف لانتظام أمورهم و أكثرهم إنما نقموا علی عثمان استبداده بالأموال كانوا یطمعون منه علیه السلام أن یفضلهم أیضا فی العطاء و التشریف و لذا نكث طلحة و الزبیر فی الیوم الثانی من بیعته و نقموا علیه التسویة فی العطاء و قالوا آسیت بیننا و بین الأعاجم و كذلك عبد اللّٰه بن عمر و سعید بن العاص و مروان و أضرابهم و لم یقبلوا ما قسم لهم فهؤلاء القوم لما طلبوا البیعة بعد قتل عثمان قال علیه السلام دعونی و التمسوا غیری إتماما للحجة علیهم و أعلمهم باستقبال أمور لها وجوه و ألوان لا یصبرون علیها و أنه بعد البیعة لا یجیبهم إلی ما طمعوا فیه و لا یصغی إلی قول القائل و عتب العاتب بل یقیمهم علی المحجة البیضاء و یسیر فیهم بسیرة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
قوله و إن الآفاق قد أغامت أی أظلمت بغیم سنن أرباب البدع و خفاء شمس الحق تحت سحاب شبه أهل الباطل و المحجة جادة الطریق و تنكّرها تغیرها و خفاؤها قوله علیه السلام ركبت بكم أی جعلتكم راكبین و تركهم إیاه عدم طاعتهم له و اختیار غیره للبیعة حتی لا تتم شرائط الخلافة لعدم الناصر
كقوله علیه السلام فی الشقشقیة لو لا حضور الحاضر و قیام الحجة بوجود الناصر لألقیت حبلها علی غاربها.
و لیس الغرض ردعهم عن البیعة الواجبة بل إتمام للحجة و إبطال لما علم علیه السلام من ادعائهم الإكراه علی البیعة كما فعل طلحة و الزبیر بعد النكث مع أن المرء حریص علی ما منع و الطبع نافر عما سورع إلی إجابته و الوزیر من یحمل عن الملك ثقل التدبیر.
ص: 36
و قال ابن أبی الحدید (1) كما هو دأبه أن یأتی بالحق ثم عنه یحید هذا الكلام یحمله أصحابنا علی ظاهره و یقولون إنه علیه السلام لم یكن منصوصا علیه بالإمامة و إن كان أولی الناس بها لأنه لو كان منصوصا علیه لما جاز أن یقول دعونی و التمسوا غیری.
ثم ذكر تأویل الإمامیة منه أن یسیر فیهم بسیرة الخلفاء و یفضل بعضهم علی بعض فی العطاء أو بأن الكلام خرج مخرج التضجر و التسخط لأفعال الذین عدلوا عنه علیه السلام قبل ذلك للأغراض الدنیویة أو بأنه خرج مخرج التهكم كقوله تعالی ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْكَرِیمُ أی بزعمك ثم قال و اعلم أن ما ذكروه لیس ببعید لو دل علیه دلیل فأما إذا لم یدل علیه دلیل فلا یجوز صرف اللفظ عن ظاهره.
و لا یخفی علی اللبیب أنه بعد الإغماض عن الأدلة القاهرة و النصوص المتواترة لا فرق بین المذهبین فی وجوب التأویل و لا یستقیم الحمل علی ظاهره إلا علی القول بأن إمامته علیه السلام كانت مرجوحة و أن كونه وزیرا أولی من كونه أمیرا و هو ینافی القول بالتفضیل الذی قال به فإنه علیه السلام إذا كان أحق الإمامة و بطل تفضیل المفضول علی ما هو الحق و اختاره أیضا كیف یجوز للناس أن یعدلوا عنه إلی غیره و كیف یجوز له علیه السلام أن یأمر الناس بتركه و العدول عنه إلی غیره مع عدم ضرورة تدعو إلی ترك الإمامة و مع وجود الضرورة كما جاز ترك الإمامة الواجبة بالدلیل جاز ترك الإمامة المنصوص علیها فالتأویل واجب علی التقدیرین و لا نعلم أحدا قال بتفضیل غیره علیه و رجحان العدول إلی أحد سواه فی ذلك الزمان.
ص: 37
علی أن الظاهر للمتأمل فی أجزاء الكلام حیث علل الأمر بالتماس الغیر باستقبال أمر لا تقوم له القلوب و تنكر المحجة و أنه إن أجابهم حملهم علی الحق هو أن السبب فی ذلك المانع دون عدم النص و أنه لم یكن متعینا للإمامة أو لم یكن أحق و أولی به و نحو ذلك و لعل الوجه فی قوله علیه السلام لعلی أسمعكم و أطوعكم هو أنه إذا تولی الغیر أمر الإمامة و لم تتم الشرائط فی خلافته علیه السلام لم یكن لیعدل عن مقتضی التقیة بخلاف سائر الناس حیث یجوز الخطأ علیهم.
و أما قوله فأنا لكم وزیرا خیر لكم منی أمیرا فلعل المراد بالخیریة فیه موافقة الغرض أو سهولة الحال فی الدنیا فإنه علیه السلام علی تقدیر الإمامة و بسط الید لا یجب علیه العمل بمحض الحق و هو یصعب علی النفوس و لا یحصل به آمال الطامعین بخلاف ما إذا كان وزیرا فإن الوزیر یشیر بالرأی مع تجویز التأثیر فی الأمیر و عدم الخوف و نحوه من شرائط الأمر بالمعروف و لعل الأمیر الذی یولونه الأمر یری فی كثیر من الأمور ما یطابق آمال القوم و یوافق أطماعهم و لا یعمل بما یشیر به الوزیر فیكون وزارته أوفق لمقصود القوم فالحاصل أن ما قصدتموه من بیعتی لا یتم لكم و وزارتی أوفق لغرضكم و الغرض إتمام الحجة كما عرفت.
«24»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَزَوْفَرِیِّ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ صَالِحٍ الْأَنْمَاطِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: لَمَّا أَصْبَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ الْبَیْعَةِ دَخَلَ بَیْتَ الْمَالِ وَ دَعَی بِمَالٍ كَانَ قَدِ اجْتَمَعَ فَقَسَمَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ بَیْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ أَعْتَقْتُ هَذَا الْغُلَامَ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ مِثْلَ مَا أَعْطَی سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ.
ص: 38
«25»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ وَ لَمَعَ لَامِعٌ وَ لَاحَ لَائِحٌ وَ اعْتَدَلَ مَائِلٌ وَ اسْتَبْدَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ قَوْماً وَ بِیَوْمٍ یَوْماً وَ انْتَظَرْنَا الْغِیَرَ انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ وَ إِنَّمَا الْأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ عُرَفَاؤُهُ عَلَی عِبَادِهِ وَ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ وَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَ أَنْكَرُوهُ وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَصَّكُمْ بِالْإِسْلَامِ وَ اسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْمُ سَلَامَةٍ وَ جِمَاعُ كَرَامَةٍ اصْطَفَی اللَّهُ تَعَالَی مَنْهَجَهُ وَ بَیَّنَ حُجَجَهُ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ وَ بَاطِنِ حُكْمٍ لَا تَفْنَی غَرَائِبُهُ وَ لَا تَنْقَضِی عَجَائِبُهُ فِیهِ مَرَابِیعُ النِّعَمِ وَ مَصَابِیحُ الظُّلَمِ لَا تُفْتَحُ الْخَیْرَاتُ إِلَّا بِمَفَاتِیحِهِ وَ لَا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِمَصَابِیحِهِ قَدْ أَحْمَی حِمَاهُ وَ أَرْعَی مَرْعَاهُ فِیهِ شِفَاءُ الْمُشْتَفِی وَ كِفَایَةُ الْمُكْتَفِی.
توضیح:
قیل هذه خطبة خطب بها علیه السلام بعد قتل عثمان و انتقال الخلافة إلیه و یمكن أن یكون المراد بطلوع الطالع ظهور إمرته و خلافته علیه السلام و أن یشیر بلموع اللامع إلی ظهورها من حیث هی حق له و سطوع أنوار العدل بصیرورتها إلیه و بلوح اللائح إلی الحروب و الفتن الواقعة بعد انتقال الأمر إلیه.
و قیل المراد بالجمیع واحد فیحتمل أن یكون المراد طلع ما كان طالعا فإن الخلافة كانت له علیه السلام حقیقة أی طلع ظاهرا ما كان طالعا حقیقة كقوله علیه السلام و اعتدل مائل أی الخلافة التی كانت مائلة عن مركزها أو أركان الدین القویم.
و لعل انتظار الغیر كنایة عن العلم بوقوعه أو الرضی بما قضی اللّٰه من ذلك و المراد بالغیر ما جری قبل ذلك من قتل عثمان و انتقال الأمر إلیه علیه السلام أو ما سیأتی من الحروب و الوقائع و الأول أنسب.
قوله علیه السلام قوام اللّٰه أی یقومون بمصالحهم و قیم المنزل هو
ص: 39
المدبر له و العرفاء جمع عریف و هو القیم بأمور القبیلة و الجماعة یلی أمورهم و یتعرف الأمیر منه أحوالهم فعیل بمعنی فاعل إلا من عرفهم أی بالإمامة و عرفوه أی بالتشیع و الولایة و منكرهم من لم یعرفهم و لم یقر بما أتوا به من ضروریات الدین فهو منكر لهم.
قوله علیه السلام لأنه اسم سلامة أی الإسلام مشتق من السلامة و قال الجوهری جماع الشی ء بالكسر جمعه یقال الخمر جماع الإثم و المرابیع الأمطار التی تجی ء فی أول الربیع فیكون سببا لظهور الكلإ و یقال أحمیت المكان أی جعلته حمی.
قال ابن أبی الحدید أحماه أی جعله عرضة لأن یحمی أی عرض اللّٰه سبحانه حماه و محارمه لأن یجتنب و أرعی مرعاه لأن یرعی أی مكن من الانتفاع بمواعظه لأنه خاطبنا بِلِسانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ و یمكن أن یقال المعنی جعل له حرمات و نهی عن انتهاكها أو ارتكاب نواهیه و تعدی حدوده و رخصا أباح للناس التمتع بها.
أو المراد بقوله علیه السلام قد أحمی حماه منع المغیرین من تغییر قواعده و بقوله أرعی مرعاه مكن المطیعین من طاعته التی هی الأغذیة الروحانیة للصالحین كما أن النبات غذاء للبهائم.
«26»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی أَوَّلِ خِلَافَتِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِیاً بَیَّنَ فِیهِ الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ فَخُذُوا نَهْجَ الْخَیْرِ تَهْتَدُوا وَ اصْدِفُوا عَنْ سَمْتِ الشَّرِّ تَقْصِدُوا الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا إِلَی اللَّهِ تُؤَدِّكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی حَرَّمَ حَرَاماً غَیْرَ مَجْهُولٍ وَ أَحَلَّ حَلَالًا غَیْرَ مَدْخُولٍ وَ فَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَی الْحُرَمِ كُلِّهَا وَ شَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَ التَّوْحِیدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِینَ فِی مَعَاقِدِهَا فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا یَحِلُّ أَذَی الْمُسْلِمِ إِلَّا بِمَا یَجِبُ
ص: 40
بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ وَ هُوَ الْمَوْتُ فَإِنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا یُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ فِی عِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ فَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّی عَنِ الْبِقَاعِ وَ الْبَهَائِمِ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ لَا تَعْصُوهُ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الْخَیْرَ فَخُذُوا بِهِ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا عَنْهُ.
بیان:
و اصدفوا أی أعرضوا عن طریقه و القصد العدل و نصب الفرائض علی الإغراء.
قوله علیه السلام و شد بالإخلاص أی ربط الحقوق بها فأوجب علی المخلصین الموحدین المحافظة علی حقوق المسلمین.
قوله و خاصة أحدكم قال ابن أبی الحدید الموت و إن كان عاما لكل حیوان إلا أن له مع كل حیوان خصوصیة و كیفیة مخالفة مع غیره فإن الناس أمامكم أی سبقوكم إلی الموت و فی بعض النسخ البأس بالباء الموحدة مع الهمزة أی الفتنة تحدوكم أی تسوقكم و الحداء سوق الإبل و الغناء لها تخففوا أی بالقناعة من الدنیا بالیسیر و ترك الحرص علیها و ارتكاب المأثم فإن المسافر الخفیف أحری بلحوق أصحابه و بالنجاة إنما ینتظر أی للبعث و النشور.
«27»-(1)
فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بَعْدَ مَا بُویِعَ لَهُ بِخَمْسَةِ أَیَّامٍ خُطْبَةً فَقَالَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ لِكُلِّ حَقٍّ طَالِباً وَ لِكُلِّ دَمٍ ثَائِراً وَ الطَّالِبُ كَقِیَامِ الثَّائِرِ بِدِمَائِنَا وَ الْحَاكِمُ فِی حَقِّ نَفْسِهِ هُوَ الْعَدْلُ الَّذِی لَا یَحِیفُ وَ الْحَاكِمُ الَّذِی لَا یَجُورُ وَ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
ص: 41
وَ اعْلَمُوا أَنَّ عَلَی كُلِّ شَارِعِ بِدْعَةٍ وِزْرَهُ وَ وِزْرَ كُلِّ مُقْتَدٍ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِ الْعَامِلِینَ شَیْئاً وَ سَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنَ الظَّلَمَةِ مأكل [مَأْكَلًا] بِمَأْكَلٍ وَ مشرب [مَشْرَباً] بِمَشْرَبٍ مِنْ لُقَمِ الْعَلْقَمِ وَ مَشَارِبِ الصَّبِرِ الْأَدْهَمِ فَلْیَشْرَبُوا الصُّلْبَ مِنَ الرَّاحِ السَّمَّ المذاف [الْمُدَافَ وَ لْیَلْبَسُوا دِثَارَ الْخَوْفِ دَهْراً طَوِیلًا وَ لَهُمْ بِكُلِّ مَا أَتَوْا وَ عَمِلُوا مِنْ أَفَارِیقِ الصَّبِرِ الْأَدْهَمِ فَوْقَ مَا أَتَوْا وَ عَمِلُوا أَمَا إِنَّهُ لَمْ یَبْقَ إِلَّا الزَّمْهَرِیرُ مِنْ شِتَائِهِمْ وَ مَا لَهُمْ مِنَ الصَّیْفِ إِلَّا رَقْدَةٌ وَ یَحْبِسُهُمْ و مَا تَوَازَرُوا وَ جَمَعُوا عَلَی ظُهُورِهِمْ مِنَ الْآثَامِ فَیَا مَطَایَا الْخَطَایَا وَ یَا زَوْرَ الزَّوْرِ وَ أَوْزَارَ الْآثَامِ مَعَ الَّذِینَ ظَلَمُوا اسْمَعُوا وَ اعْقِلُوا وَ تُوبُوا وَ ابْكُوا عَلَی أَنْفُسِكُمْ فَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ لَتَحْمِلَنَّهَا بَنُو أُمَیَّةَ مِنْ بَعْدِی وَ لَیَعْرِفُنَّهَا فِی دَارِ غَیْرِهِمْ عَمَّا قَلِیلٍ فَلَا یُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ وَ عَلَی الْبَادِی یَعْنِی الْأَوَّلَ مَا سَهَّلَ لَهُمْ مِنْ سَبِیلِ الْخَطَایَا مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ وَ أَوْزَارِ كُلِّ مَنْ عَمِلَ بِوِزْرِهِمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِینَ یُضِلُّونَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما یَزِرُونَ
إیضاح:
و الطالب كقیام الثائر أی طلب الطالب للحق كقیام الطالب بدمائنا و الثأر بالهمز الدم و الطلب به و قاتل حمیمك و الثائر من لا یبقی علی شی ء حتی یدرك ثأره ذكره الفیروزآبادی و الحاكم فی حق نفسه و لعل المعنی أن فی قتلنا حقا لنا و حقا لله تعالی حیث قتلوا حجته و ولیه و القائم یطلب حقنا و اللّٰه العادل یحكم فی حق نفسه أن علی كل شارع بدعة وزره شرع لهم كمنع سن و قوله وزره اسم إن و خبره الظرف المقدم أی یلزم مبدع البدعة و محدثها وزر نفسه و وزر كل من اقتدی به من لقم العلقم اللقم جمع اللقمة و العلقم الحنظل و كل شی ء مر و الأدیم الأسود فلیشربوا الصلب أی الشدید الغلیظ فإن شربه أعسر أو هو تصحیف الصئب بالهمزة یقال صئب من الشراب كفرح إذا روی و امتلأ و الصبب بالباء محركة بمعنی المصبوب و الراح الخمر أطلق هنا تهكما و الدوف الخلط و البل بماء و نحوه و قال الفیروزآبادی الفرقة السقاء الممتلئ لا یستطاع یمخض حتی یفرق و الطائفة من الناس و الجمع فرق و جمع الجمع أفاریق
ص: 42
إلا الزمهریر من شتائهم أی لم یبق من شدائد الدنیا إلا ما أصابهم من تلك الشدة و لیس لهم فی ذلك أجر إلا رقدة بالهاء أی إلا نومة و فی بعض النسخ بالفاء مع الضمیر و الرفد بالكسر العطاء و بالكسر و الفتح القدح الضخم و الحاصل أنه لم یبق لهم من راحة الدنیا إلا راحة قلیلة ذهبت عنهم و یحبسهم ما توازروا أی یحبسهم یوم القیامة أوزارهم و فی بعض النسخ و ما توازروا أی یحبسهم اللّٰه و یا زور الزور قال فی القاموس الزورة الناقة التی تنظر بمؤخر عینها لشدتها و لعل فی بعض الفقرات تصحیفات.
«28»-(1)
شا، الإرشاد مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام النَّاسَ بِالْمَدِینَةِ فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ یَقْصِمْ جَبَّارِی دَهْرٍ قَطُّ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَمْهِیلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَمْ یَجْبُرْ كَسْرَ عَظْمِ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَزْلٍ وَ بَلَاءٍ أَیُّهَا النَّاسُ وَ فِی دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ خَطْبٍ وَ اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ عَتْبٍ مُعْتَبَرٌ وَ مَا كُلُّ ذِی قَلْبٍ بِلَبِیبٍ وَ لَا كُلُّ ذِی سَمْعٍ بِسَمِیعٍ وَ لَا كُلُّ ذِی نَاظِرِ عَیْنٍ بِبَصِیرٍ أَلَا فَأَحْسِنُوا النَّظَرَ عِبَادَ اللَّهِ فِیمَا یَعْنِیكُمْ ثُمَّ انْظُرُوا إِلَی عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَبَادَهُ اللَّهُ بعلمه [بِعَمَلِهِ] كَانُوا عَلَی سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَهْلَ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ فَهَا هِیَ عَرْصَةُ الْمُتَوَسِّمِینَ وَ إِنَّها لَبِسَبِیلٍ مُقِیمٍ تُنْذِرُ مَنْ یأتها [نَابَهَا] مِنَ الثُّبُورِ بَعْدَ النَّضْرَةِ وَ السُّرُورِ وَ مُقِیلٌ مِنَ الْأَمْنِ وَ الْحُبُورِ وَ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ فَوَاهاً لِأَهْلِ الْعُقُولِ كَیْفَ أَقَامُوا بِمَدْرَجَةِ السُّیُولِ وَ اسْتَضَافُوا غَیْرَ مَأْمُونٍ وَیْساً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْجَائِرَةِ فِی قَصْدِهَا الرَّاغِبَةِ عَنْ رُشْدِهَا لَا یَقْتَفُونَ أَثَرَ نَبِیٍّ وَ لَا یَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِیٍّ وَ لَا یُؤْمِنُونَ بِغَیْبٍ وَ لَا یَرْعَوُونَ مِنْ عَیْبٍ كَیْفَ
ص: 43
وَ مَفْزَعُهُمْ فِی الْمُبْهَمَاتِ إِلَی قُلُوبِهِمْ وَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ أَخَذَ مِنْهَا فِیمَا یَرَی بِعُرًی ثِقَاتٍ لَا یَأْلُونَ قَصْداً وَ لَنْ یَزْدَادُوا إِلَّا بُعْداً لِشِدَّةِ أُنْسِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِهِمْ وَ تَصْدِیقِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً حِیَاداً كُلُّ ذَلِكَ عَمَّا وَرَّثَ الرَّسُولُ وَ نُفُوراً عَمَّا أُدِّیَ إِلَیْهِ مِنْ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ الْعَلِیمِ الْخَبِیرِ فَهُمْ أَهْلُ عَشَوَاتٍ وَ كُهُوفُ شُبُهَاتٍ قَادَةُ حَیْرَةٍ وَ رِیبَةٍ مِمَّنْ وُكِّلَ إِلَی نَفْسِهِ فَاغْرَوْرَقَ فِی الْأَضَالِیلِ هَذَا وَ قَدْ ضَمِنَ اللَّهُ قَصْدَ السَّبِیلِ لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ فَیَا مَا أَشْبَهَهَا مِنْ أُمَّةٍ صَدَرَتْ عَنْ وَلَائِهَا وَ رَغِبَتْ عَنْ رُعَاتِهَا وَ یَا أَسَفاً أَسَفاً یَكْلِمُ الْقَلْبَ وَ یُدْمِنُ الْكَرْبَ مِنْ فَعَلَاتِ شِیعَتِنَا بَعْدَ مَهْلِكِی عَلَی قُرْبِ مَوَدَّتِهَا وَ تَأَشُّبِ أُلْفَتِهَا كَیْفَ یَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ تَحَوَّلَ أُلْفَتُهَا بُغْضاً فَلِلَّهِ الْأُسْرَةُ الْمُتَزَحْزِحَةُ غَداً عَنِ الْأَصْلِ الْمُخَیِّمَةُ بِالْفَرْعِ الْمُؤَمِّلَةُ الْفَتْحَ مِنْ غَیْرِ جِهَتِهِ الْمُتَوَكِّفَةُ الرَّوْحَ مِنْ غَیْرِ مَطْلَعِهِ كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ مُعْتَصِمٌ بِغُصْنٍ آخِذٌ بِهِ أَیْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَ لَهُ الْحَمْدُ سَیَجْمَعُهُمْ كَقَزَعِ الْخَرِیفِ وَ یُؤَلِّفُ بَیْنَهُمْ وَ یَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ یَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ أَبْوَاباً یَسِیلُونَ مِنْ مُسْتَشَارِهِمْ إِلَیْهَا كَسَیْلِ الْعَرِمِ حَیْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَیْهِ قَارَةٌ وَ لَمْ تَمْنَعْ مِنْهُ أَكَمَةٌ وَ لَمْ یَرُدَّ رُكْنُ طَوْدٍ سَنَنَهِ یَغْرِسُهُمُ اللَّهُ فِی بُطُونِ أَوْدِیَةٍ یُسْلِكُهُمْ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ یَنْفِی بِهِمْ عَنْ حُرُمَاتِ قَوْمٍ وَ یُمَكِّنُ لَهُمْ فِی دِیَارِ قَوْمٍ لِكَیْ لَا یَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا یُضَعْضِعُ اللَّهُ بِهِمْ رُكْناً وَ یَنْقُضُ بِهِمْ عَلَی الْجَنْدَلِ مِنْ إِرَمَ وَ یَمْلَأُ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّیْتُونِ
ص: 44
الْخِیَرَةُ بَلْ لِلَّهِ الْخِیَرَةُ وَ الْأَمْرُ جَمِیعاً (1).
بیان:
قوله علیه السلام إلی عرصات من قد أباده اللّٰه أی انظروا إلی دیار من قد أهلكه اللّٰه بعمله كالخلفاء الثلاثة خصوصا عثمان فها هی أی عرصات هؤلاء عرصة المتوسمین و المتفكرین فی الدنیا و عواقبها المعتبرین بها وَ إِنَّها لَبِسَبِیلٍ مُقِیمٍ أی عرصاتهم و منازلهم علی سبیلكم تنظرون إلیها صباحا و مساء تنذر تلك العرصة من یأتها معتبرا بلسان الحال بالویل و الثبور بعد ما كان أصحابها فی النضرة و السرور و الحبور كالسرور لفظا و معنی.
و استضافوا أی طلبوا الضیافة أو قبلوها ممن لا یؤمن من الغدر و هو الدنیا.
ویسا لهذه الأمة قال الفیروزآبادی فی القاموس ویس كلمة تستعمل فی موضع رأفة و استملاح للصبی و الویس الفقر.
و فی بعض النسخ و یا لهذه الأمة أی یا قوم اعجبوا لهم لا یألون قصدا أی لا یقصرون فی قصد الخیرات أو فی طلب قصد السبیل و وسطه بزعمهم لكن لقصور علمهم لا یزیدون إلا بعدا.
و فی بعض النسخ لا یأتون و هو أصوب و قد ضمن اللّٰه إشارة إلی قوله تعالی وَ عَلَی اللَّهِ قَصْدُ السَّبِیلِ فیا ما أشبهها (2) أی یا قوم ما أشبه هذه الأمة بأمة كذا تعریضا لهم و إعراضا عن التصریح بصدور هذه الأعمال منهم.
و الأظهر ما فی الكافی فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها و فی الصحاح تأشب القوم اختلطوا و ائتشبوا أیضا یقال جاء فلان فیمن تأشب
ص: 45
إلیه أی انضم إلیه و قال تزحزح تنحی و قال خیم بالمكان أی أقام و التوكف الترقب و الانتظار و الحاصل أنهم تفرقوا عن أئمة الحق و لم ینصروهم و تعلقوا بالأغصان و الفروع التی لا ینفع التعلق بها كمختار و أبی مسلم و زید و یحیی و إبراهیم و أمثالهم. (1) قوله علیه السلام سیجمعهم إشارة إلی اجتماعهم علی أبی مسلم لدفع بنی أمیة و الآنك بضم النون الأسرب.
قوله علیه السلام و لعل اللّٰه یجمع شیعتی إشارة إلی ظهور القائم علیه السلام و قد مر و سیأتی مزید توضیح للخطبة عند إیرادها بسند آخر.
«29»-(2)
نی، الغیبة للنعمانی الْكُلَیْنِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ یَعْقُوبَ السَّرَّاجِ وَ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ خَطَبَ خُطْبَةً ذَكَرَهَا یَقُولُ فِیهَا أَلَا إِنَّ بَلِیَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَیْئَتِهَا یَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّكُمْ وَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً وَ لَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً حَتَّی یَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَیَسْبِقَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَیُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَ هَذَا الْیَوْمِ.
ص: 46
«30»-(1)
نهج، نهج البلاغة ذِمَّتِی بِمَا أَقُولُ رَهِینَةٌ وَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ عَمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْمَثُلَاتِ حَجَرَهُ التَّقْوَی عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ أَلَا وَ إِنَّ بَلِیَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَیْئَتِهَا یَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ لَهُ وَ لَتُسَاطُنَّ سَوْطَ الْقِدْرِ حَتَّی یَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَیَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَیُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَ هَذَا الْیَوْمِ أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَایَا خَیْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی النَّارِ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَی مَطَایَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ أُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ.
بیان:
الزعیم الكفیل أن من صرحت أی كشفت و المثلات العقوبات و قحم فی الأمر و تقحمه رمی بنفسه فیه و الشبهات ما اشتبه حقیته و حلیته.
و قیل أراد بالشبهات ما یتوهم كونه حقا ثابتا باقیا من الأمور الزائلة الفانیة و قد مر تفسیر باقی الكلام فی باب شكایته علیه السلام.
ص: 47
«31»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ قَالَ لَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ نُبَایِعُكَ عَلَی أَنَّا شُرَكَاؤُكَ فِی هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ علیه السلام لَا وَ لَكِنَّكُمَا شَرِیكَانِ فِی الْقُوَّةِ وَ الِاسْتِعَانَةِ وَ عَوْنَانِ عَلَی الْعَجْزِ وَ الْأَوَدِ.
بیان:
قال ابن أبی الحدید أی إذا قوی أمر الإسلام بی قویتما أنتما أیضا و الاستعانة هنا الفوز و الظفر و عونان علی العجز و الأود أی العوج.
و قال ابن میثم رحمه اللّٰه أی علی رفع ما یعرض منهما أو حال وجودهما إذ كلمة علی تفید الحال.
وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ أَنَّهُ قَالَ فِی جَوَابِهِمَا أَمَّا الْمُشَارَكَةُ فِی الْخِلَافَةِ فَكَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ وَ هَلْ یَصِحُّ أَنْ یُدَبِّرَ أَمْرَ الرَّعِیَّةِ إِمَامَانِ وَ هَلْ یَجْمَعُ السَّیْفَانِ وَیْحَكَ فِی غِمْدٍ.
«32»-(2)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا عُوتِبَ عَلَی التَّسْوِیَةِ فِی الْعَطَاءِ أَ تَأْمُرُونِّی أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِیمَنْ وُلِّیتُ عَلَیْهِ وَ اللَّهِ لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِیرٌ وَ مَا أَمَّ نَجْمٌ فِی السَّمَاءِ نَجْماً لَوْ كَانَ الْمَالُ لِی لَسَوَّیْتُ بَیْنَهُمْ فَكَیْفَ وَ إِنَّمَا الْمَالُ لَهُمْ فَكَیْفَ وَ إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَلَا وَ إِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِی غَیْرِ حَقِّهِ تَبْذِیرٌ وَ إِسْرَافٌ وَ هُوَ یَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِی الدُّنْیَا وَ یَضَعُهُ فِی الْآخِرَةِ وَ یُكْرِمُهُ فِی النَّاسِ وَ یُهِینُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَمْ یَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ
ص: 48
فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ إِلَّا حَرَمَهُ اللَّهُ شُكْرَهُمْ وَ كَانَ لِغَیْرِهِ وُدُّهُمْ فَإِنْ زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ یَوْماً فَاحْتَاجَ إِلَی مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَدِینٍ وَ أَلْأَمُ خَلِیلٍ.
إیضاح:
قوله علیه السلام أ تأمرونی أصله تأمروننی فأسكنت الأولی و أدغمت لا أطور به أی لا أقربه أبدا و لا أدور حوله و قال الفیروزآبادی فی القاموس السمر محركة اللیل و حدیثه.
و ما أفعله ما سمر السمیر أی ما اختلف اللیل و النهار و ما أم نجم أی قصد أو تقدم لأن النجوم لا تزال یتبع بعضها بعضا فلا بد فیها من تقدم و تأخر و لا یزال یقصد بعضها بعضا فإن زلت به النعل أی إذا عثر و افتقر و الخدین الصدیق.
«33»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمْ تَكُنْ بَیْعَتُكُمْ إِیَّایَ فَلْتَةً وَ لَیْسَ أَمْرِی وَ أَمْرُكُمْ وَاحِداً إِنِّی أُرِیدُكُمْ لِلَّهِ وَ أَنْتُمْ تُرِیدُونَنِی لِأَنْفُسِكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ أَعِینُونِی عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ وَ لَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ حَتَّی أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ كَارِهاً.
إیضاح:
الفلتة الأمر یقع من غیر تدبر و لا رویة و فیه تعریض ببیعة أبی بكر كما روت العامة عن عمر أنه قال كانت بیعة أبی بكر فلتة وقی اللّٰه المسلمین شرها و من عاد إلی مثلها فاقتلوه.
و قوله علیه السلام إنی أریدكم الخطاب لغیر الخواص من أصحابه علیه السلام و المعنی أنی أرید إطاعتكم إیای لله و تریدون أن تطیعونی للمنافع الدنیویة. و قال الجوهری خزمت البعیر بالخزامة و هی حلقة من شعر تجعل فی وترة أنفه لیشد فیها الزمام.
ص: 49
«34»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام كَلَّمَ بِهِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَعْدَ بَیْعَتِهِ لِلْخِلَافَةِ وَ قَدْ عَتَبَا [عَلَیْهِ مِنْ تَرْكِ مَشُورَتِهِمَا وَ الِاسْتِعَانَةِ فِی الْأُمُورِ بِهِمَا لَقَدْ نَقَمْتُمَا یَسِیراً وَ أَرْجَأْتُمَا كَثِیراً أَلَا تُخْبِرَانِی أَیُّ شَیْ ءٍ لَكُمَا فِیهِ حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ وَ أَیُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ عَلَیْكُمَا بِهِ أَمْ أَیُّ حَقٍّ رَفَعَهُ إِلَیَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ ضَعُفْتُ عَنْهُ أَمْ جَهِلْتُهُ أَمْ أَخْطَأْتُ بَابَهُ وَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لِی فِی الْخِلَافَةِ رَغْبَةٌ وَ لَا فِی الْوِلَایَةِ إِرْبَةٌ وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِی إِلَیْهَا وَ حَمَلْتُمُونِی عَلَیْهَا فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَیَّ نَظَرْتُ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ مَا وَضَعَ لَنَا وَ أَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ وَ مَا اسْتَسَنَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاقْتَدَیْتُهُ فَلَمْ أَحْتَجْ فِی ذَلِكَ إِلَی رَأْیِكُمَا وَ لَا رَأْیِ غَیْرِكُمَا وَ لَمْ یَقَعْ حُكْمٌ جَهِلْتُهُ فَأَسْتَشِیرَكُمَا وَ إِخْوَانِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا وَ لَا عَنْ غَیْرِكُمَا وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِیهِ بِرَأْیِی وَ لَا وَلِیتُهُ هَوًی مِنِّی بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَیْكُمَا فِیمَا قَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنْ قَسْمِهِ وَ أَمْضَی فِیهِ حُكْمَهُ فَلَیْسَ لَكُمَا وَ اللَّهِ عِنْدِی وَ لَا لِغَیْرِكُمَا فِی هَذَا عُتْبَی أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِنَا إِلَی الْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاكُمُ الصَّبْرَ رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا رَأَی حَقّاً فَأَعَانَ عَلَیْهِ أَوْ رَأَی جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَی صَاحِبِهِ.
توضیح:
قال ابن الأثیر فی النهایة نقم فلان إذا بلغت به الكراهة حد السخط.
و قال ابن أبی الحدید أی نقمتما من أحوالی الیسیر و تركتما الكثیر الذی
ص: 50
لیس لكما و لا لغیركما فیه مطعن فلم تذكراه فهلا اغتفرتما الیسیر للكثیر و لیس هذا اعترافا بأن ما نقماه موضع الطعن و العیب و لكنه علی جهة الاحتجاج.
و قال ابن میثم أشار بالیسیر الذی نقماه إلی ترك مشورتهما و تسویتهما لغیرهما فی العطاء فإنه و إن كان عندهما صعبا فهو لكونه غیر حق فی غایة السهولة و الكثیر الذی أرجآه ما أخراه من حقه و لم یؤتیاه إیاه.
و قیل یحتمل أن یرید أن الذی أبدیاه و نقماه بعض ما فی أنفسهما و قد دل ذلك علی أن فی أنفسهما أشیاء كثیرة لم یظهراه و الاستیثار الانفراد بالشی ء و دفع الحق عنهما أعم من أن یصیر إلیه علیه السلام أو إلی غیره أو لم یصر إلی أحد بل بقی بحاله فی بیت المال و الاستیثار علیهما به هو أن یأخذ حقهما لنفسه و جهل الحكم أن یكون اللّٰه قد حكم بحرمة شی ء فأحله الإمام و جهل الباب أن یصیب فی الحكم و یخطئ فی الاستدلال أو یكون جهل الحكم بمعنی التحیر فیه و أن لا یعلم كیف یحكم و الخطأ فی الباب أن یحكم بخلاف الواقع و الإربة بالكسر الحاجة و الأسوة بالضم و الكسر القدوة أی أسوتكما بغیركما فی العطاء و یقال للأمر الذی لا یحتاج إلی تكمیل مفروغ منه و العتبی الرجوع من الذنب و الإساءة.
«35»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی وَصْفِ بَیْعَتِهِ بِالْخِلَافَةِ وَ بَسَطْتُمْ یَدِی فَكَفَفْتُهَا وَ مَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَیَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِیمِ عَلَی حِیَاضِهَا یَوْمَ وُرُودِهَا حَتَّی انْقَطَعَتِ النَّعْلُ وَ سَقَطَتِ الرِّدَاءُ وَ وُطِئَ الضَّعِیفُ وَ بَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَیْعَتِهِمْ إِیَّایَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِیرُ وَ هَدَجَ إِلَیْهَا الْكَبِیرُ وَ تَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِیلُ وَ حَسَرَتْ إِلَیْهَا الْكِعَابُ.
ص: 51
بیان:
تداككتم أی ازدحمتم ازدحاما شدیدا یدك بعضكم بعضا و الدكّ الدق و الهیم العطاش و قال الجوهری الهدجان مشیة الشیخ و هدج الظلیم إذا مشی فی ارتعاش و حسرت أی كشفت عن وجهها حرصا علی حضور البیعة و الكعاب بالفتح المرأة حین تبدو ثدیها للنهود و هی الكاعب و جمعها كواعب ذكره ابن الأثیر فی كتاب النهایة.
«36»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام یَعْنِی بِهِ الزُّبَیْرَ فِی حَالٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ یَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ بَایَعَ بِیَدِهِ وَ لَمْ یُبَایِعْ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَیْعَةِ وَ ادَّعَی الْوَلِیجَةَ فَلْیَأْتِ عَلَیْهَا بِأَمْرٍ یُعْرَفُ وَ إِلَّا فَلْیَدْخُلْ فِیمَا خَرَجَ مِنْهُ.
بیان:
الولیجة البطانة و الأمر یسر و یكتم قال ابن أبی الحدید كان الزبیر یقول بایعت بیدی لا بقلبی و كان یدعی تارة أنه أكره علیها و تارة یدعی أنه وری فی البیعة توریة فقال علیه السلام بعد الإقرار لا یسمع دعوی بلا بینة و لا برهان.
«37»-(2)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ قَدْ أَرْعَدُوا وَ أَبْرَقُوا وَ مَعَ هَذَیْنِ الْأَمْرَیْنِ الْفَشَلُ وَ لَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّی نُوقِعَ وَ لَا نُسِیلُ حَتَّی نُمْطِرَ.
بیان:
یقال أرعد الرجل و أبرق إذا توعد و تهدد قوله علیه السلام حتی نوقع لعل المعنی لسنا نهدد حتی نعلم أنا سنوقع قوله علیه السلام حتی نمطر أی إذا أوقعنا بخصمنا أوعدنا حینئذ بالإیقاع غیره من خصومنا.
«38»-نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام أَلَا وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ خَیْلَهُ وَ رَجِلَهُ وَ إِنَّ مَعِی لَبَصِیرَتِی مَا لَبَسْتُ عَلَی نَفْسِی وَ لَا لُبِسَ عَلَیَّ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ.
ص: 52
بیان:
قال ابن میثم هذا الفصل ملتقط و ملفق من خطبة له علیه السلام لما بلغه أن طلحة و الزبیر خلعا بیعته و هو غیر منتظم و الرجل جمع راجل.
و قال ابن أبی الحدید فی قوله لأفرطن لهم من رواها بفتح الهمزة فأصله فرط ثلاثی یقال فرط القوم سبقهم و رجل فرط یسبق القوم إلی البئر فیهیئ لهم الأرشیة و الدلاء و منه
قوله أنا فرطكم علی الحوض.
و یكون التقدیر لأفرطن لهم إلی حوض فحذف الجار و عدی الفعل بنفسه كقوله تعالی وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ و یكون اللام فی لهم إما للتقویة كقوله یُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِینَ أی یؤمن المؤمنین أو یكون اللام للتعلیل أی لأجلهم.
و من رواها لأفرطن بضم الهمزة فهو من قولهم أفرط المزادة ملأها و الماتح بالتاء المستقی من قولهم متح یمتح بالفتح و المائح بالیاء الذی ینزل إلی البئر فیملأ الدلو و قال معنی قوله أنا ماتحه أی أنا خبیر به كما یقول من یدعی معرفة الدار أنا بانی هذه الدار و حاصل المعنی لأملأن لهم حیاض حرب هی من دربتی و عادتی أو لأسبقنهم إلی حیاض حرب أنا متدرب بها مجرب لها إذا وردوها لا یصدرون عنها یعنی قتلهم و إزهاق أنفسهم و من فر منها لا یعود إلیها.
«39»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام أَلَا وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ لِیَعُودَ الْجَوْرُ إِلَی أَوْطَانِهِ وَ یَرْجِعَ الْبَاطِلُ فِی نِصَابِهِ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ
ص: 53
حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِیكَهُمْ فِیهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ لَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِی فَمَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ یَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَ یُحْیُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِیتَتْ یَا خَیْبَةَ الدَّاعِی مَنْ دَعَا وَ إِلَی مَا أُجِیبَ وَ إِنِّی لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ تَعَالَی عَلَیْهِمْ (1) وَ عِلْمِهِ فِیهِمْ فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَیْتُهُمْ حَدَّ السَّیْفِ وَ كَفَی بِهِ شَافِیاً مِنَ الْبَاطِلِ وَ نَاصِراً لِلْحَقِّ وَ مِنَ الْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ لَقَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ إِنِّی لَعَلَی یَقِینٍ مِنْ رَبِّی وَ غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِینِی.
بیان:
قوله علیه السلام قد ذمر یروی بالتخفیف و التشدید و أصله الحث و الترغیب و الجلب الجماعة من الناس و غیرهم یجمع و یؤلف.
قوله علیه السلام لیعود الجور إلی أوطانه یروی لیعود الجور إلی قطابه و القطاب مزاج الخمر بالماء أی لیعود الجور ممتزجا بالعدل كما كان و یجوز أن یعنی بالقطاب قطاب الجیب و هو مدخل الرأس فیه أی لیعود الجور إلی لباسه و ثوبه و النصاب الأصل و الذی أنكروه قتل عثمان و النِّصف بالكسر الاسم من الإنصاف.
قوله علیه السلام یرتضعون أما أی یطلبون الشی ء بعد فواته لأن الأم إذا فطمت ولدها فقد انقضی رضاعها و لعل المراد به أن طلبهم لدم عثمان لغو لا فائدة فیه.
ص: 54
و قال ابن میثم استعار لفظة الأم للخلافة فبیت المال لبنها و المسلمون أولادها المرتضعون و كنی بارتضاعهم لها عن طلبهم منه علیه السلام من الصلاة و التفضیلات مثل ما كان عثمان یصلهم و كونها قد فطمت عن منعه علیه السلام و قوله یحیون بدعة قد أمیتت إشارة إلی ذلك التفضیل فیكون بمنزلة التأكید للقرینة السابقة.و یحتمل أن یكون المراد بالأم التی قد فطمت ما كان عادتهم فی الجاهلیة من الحمیة و الغضب و إثارة الفتن و بفطامها اندراسها بالإسلام فیكون ما بعده كالتفسیر له.
و النداء فی قوله یا خیبة الداعی كالنداء فی قوله تعالی یا حَسْرَةً عَلَی الْعِبادِ أی یا خیبة احضری فهذا أوانك و الداعی هو أحد الثلاثة طلحة و الزبیر و عائشة ثم قال علی سبیل الاستحقار لهم من دعا و إلی ما أجیب أی أحقر بقوم دعاهم هذا الداعی و أقبح بالأمر الذی أجابوه إلیه فما أفحشه و أرذله.
و قال الجوهری هبلته أمه بكسر الباء أی ثكلته و الهبول من النساء الثكول.
قوله علیه السلام لقد كنت قال ابن أبی الحدید أی ما زلت لا أهدد بالحرب و الواو زائدة و هذه كلمة فصیحة كثیرا ما یستعملها العرب و قد ورد فی القرآن العزیز كان بمعنی ما زال فی قوله وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً
«40»-(1)
أَقُولُ: قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ إِیرَادِ تِلْكَ الْفِقَرَاتِ أَكْثَرُ هَذَا الْفَصْلِ مِنَ الْخُطْبَةِ الَّتِی ذَكَرْنَا أَنَّهُ علیه السلام خَطَبَهَا حِینَ بَلَغَهُ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ خَلَعَا
ص: 55
بَیْعَتَهُ وَ فِیهِ زِیَادَةٌ وَ نُقْصَانٌ وَ نَحْنُ نُورِدُهَا بِتَمَامِهَا وَ هِیَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِهِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ الْجِهَادَ فَعَظَّمَهُ وَ جَعَلَهُ نُصْرَتَهُ وَ نَاصِرَهُ وَ اللَّهِ مَا صَلَحَتْ دِینٌ وَ لَا دُنْیَا إِلَّا بِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الشَّیْطَانُ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ خَیْلَهُ وَ مَنْ أَطَاعَهُ لِیَعُودَ لَهُ دِینُهُ وَ سُنَّتُهُ وَ [خُدَعُهُ وَ قَدْ رَأَیْتُ أُمُوراً قَدْ تَمَخَّضَتْ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ وَ دَماً سَفَكُوهُ فَإِنْ كُنْتُ شَرِیكَهُمْ فِیهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ إِنْ كَانُوا لَوَلُوهُ دُونِی فَمَا الطَّلِبَةُ إِلَّا قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَا أَعْتَذِرُ مِمَّا فَعَلْتُ وَ لَا أَتَبَرَّأُ مِمَّا صَنَعْتُ وَ إِنَّ مَعِی لَبَصِیرَتِی مَا لَبَسْتُ وَ لَا لُبِسَ عَلَیَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فِیهَا الْحَمُّ وَ الْحُمَّةُ طَالَتْ جَلَبَتُهَا وَ انْكَفَّتْ جُونَتُهَا لَیَعُودَنَّ الْبَاطِلُ إِلَی نِصَابِهِ یَا خَیْبَةَ الدَّاعِی لَوْ قِیلَ مَا أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا إِمَامُهُ وَ فِیمَنْ سُنَنُهُ [وَ فِیمَا سُنَّتُهُ وَ اللَّهِ إِذاً لَزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ وَ انْقَطَعَ لِسَانُهُ وَ مَا أَظُنُّ الطَّرِیقَ لَهُ فِیهِ وَاضِحٌ حَیْثُ نَهَجَ وَ اللَّهِ مَا تَابَ مَنْ قَتَلُوهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ لَا تَنَصَّلَ عَنْ خَطِیئَتِهِ وَ مَا اعْتَذَرَ إِلَیْهِمْ فَعَذَّرُوهُ وَ لَا دَعَا فَنَصَرُوهُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِیٍّ وَ لَا یَعُبُّونَ حُسْوَةً أَبَداً وَ إِنَّهَا لَطَیِّبَةٌ نَفْسِی بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ عِلْمِهِ فِیهِمْ وَ إِنِّی دَاعِیهِمْ فَمُعَذِّرٌ إِلَیْهِمْ فَإِنْ تَابُوا وَ قَبِلُوا وَ أَجَابُوا وَ أَنَابُوا فَالتَّوْبَةُ مَبْذُولَةٌ وَ الْحَقُّ مَقْبُولٌ وَ لَیْسَ عَلَیَّ كَفِیلٌ وَ إِنْ أَبَوْا أَعْطَیْتُهُمْ حَدَّ السَّیْفِ وَ كَفَی بِهِ شَافِیاً مِنْ بَاطِلٍ وَ نَاصِراً لِمُؤْمِنٍ وَ مَعَ كُلِّ صَحِیفَةٍ شَاهِدُهَا وَ كَاتِبُهَا وَ اللَّهِ إِنَّ الزُّبَیْرَ وَ طَلْحَةَ وَ عَائِشَةَ لَیَعْلَمُونَ أَنِّی عَلَی الْحَقِّ وَ هُمْ مُبْطِلُونَ.
و قال رحمه اللّٰه تمخضت تحركت و التبعة ما یلحق الإنسان من درك و الحم بفتح و تشدید المیم بقیة الألیة التی أذیبت و أخذ دهنها و الحمة
ص: 56
السواد و هما استعارتان لأراذل الناس و عوامهم لمشابهتهم حم الألیة و ما أسود منها فی قلة المنفعة و الخیر و الجلبة الأصوات و جونتها بالضم سوادها و انكفت و استكفت أی استدارت و زاح و انزاح تنحی و تنصل من الذنب تبرأ منه و العب الشرب من غیر مص و الحسوة بضم الحاء قدر ما یحسی مرة واحدة و الجلاد المضاربة بالسیف و الهبول الثكلی و الهبل الثكل.
و اعلم أنه علیه السلام نبه أولا علی فضل الجهاد لأن غرضه استنفارهم لقتال أهل البصرة و قوله و قد رأیت أمورا إشارة إلی تعیین ما یستنفرهم إلیه و هو ما یحس به من مخالفة القوم و أهبتهم لقتاله و قوله و اللّٰه ما أنكروا إشارة إلی بطلان ما ادعوه منكرا و نسبوه إلیه من قتل عثمان و السكوت عن النكیر علی قاتلیه فأنكر أولا إنكارهم علیه تخلفه عن عثمان الذی زعموا أنه منكر و لما لم یكن منكرا كان ذلك الإنكار علیه هو المنكر.
و قوله و إنهم لیطلبون إشارة إلی طلبهم لدم عثمان مع كونهم شركاء فیه.
روی الطبری فی تاریخه (1)
أن علیا كان فی ماله بخیبر لما أراد الناس حصر عثمان فقدم المدینة و الناس مجتمعون علی طلحة فی داره فبعث عثمان إلیه یشكو أمر طلحة فقال أنا أكفیكه فانطلق إلی دار طلحة و هی مملوءة بالناس فقال له یا طلحة ما هذا الأمر الذی صنعت بعثمان فقال طلحة یا أبا الحسن أبعد أن مس الحزام الطبیین.
فانصرف علی علیه السلام إلی بیت المال فأمر بفتحه فلم یجدوا المفتاح فكسر الباب و فرق ما فیه علی الناس فانصرفوا من عند طلحة حتی بقی وحده فسر عثمان بذلك و جاء طلحة إلی عثمان فقال له یا أمیر المؤمنین إنی أردت
ص: 57
أمرا فحال اللّٰه بینی و بینه و قد جئتك تائبا فقال و اللّٰه ما جئت تائبا و لكن جئت مغلوبا اللّٰه حسیبك یا طلحة.
و
روی الطبری أیضا أنه كان لعثمان علی طلحة خمسون ألفا فقال له طلحة یوما قد تهیأ مالك فاقبضه فقال هو لك معونة علی مروتك فلما حصر عثمان قال علی علیه السلام لطلحة أنشدك اللّٰه إلا كففت عن عثمان فقال لا و اللّٰه حتی تعطی بنو أمیة الحق من أنفسها (1) فكان علی بعد ذلك یقول لحا اللّٰه ابن الصعبة أعطاه عثمان مثل ما أعطاه و فعل به ما فعل.
و روی أن الزبیر لما برز لعلی علیه السلام یوم الجمل قال له ما حملك یا أبا عبد اللّٰه علی ما صنعت قال أطلب بدم عثمان فقال له أنت و طلحة ولیتماه و إنما توبتك من ذلك أن تقدم نفسك و تسلمها إلی ورثته.
و بالجملة فدخولهم فی قتل عثمان ظاهر.
قوله علیه السلام و إن أول عدلهم أی إن العدل الذی یزعمون أنهم یقیمونه فی الدم المطلوب ینبغی أن یصنعوه أولا علی أنفسهم.
قوله و لا أعتذر أی الاعتذار الذی فعلته فی وقت قتل عثمان لم یكن علی وجه تقصیر فی الذی یوجب الاعتذار و التبرؤ منه.
و قوله علیه السلام طالت جلبتها كنایة عما ظهر من القوم من تهدیدهم و توعدهم بالقتال و انكفت جونتها أی استدار سوادها و اجتمع كنایة عن تجمع جماعتهم لما یقصدون.
و قوله علیه السلام لیعودن توعد لهم بعود ما كانوا علیه من الباطل فی الجاهلیة و استنفار إلی القتال.
ص: 58
و قوله علیه السلام یا خیبة الداعی خرج مخرج التعجب من عظم خیبة الدعاء إلی قتاله و من دعا و إلی ما أجیب استفهام علی سبیل الاستحقار للمدعوین لقتاله و المناصرین إذ كانوا عوام الناس و رعاعهم و للمدعو إلیه و هو الباطل الذی دعوا لنصرته.
و قوله لو قیل إلی قوله و انقطع لسانه متصلة معناه و لو سأل سائل مجادلا لهؤلاء الدعاة إلی الباطل عما أنكروه من أمری و عن إمامهم الذی به یقتدون و فیمن سنتهم التی إلیها یرجعون لشهد لسان حالهم بأنی أنا إمامهم و فی سنتهم فانزاح باطلهم الذی أتوا به و انقطع لسانه علی الاستعارة أو بحذف المضاف أی لسان صاحبه.
و قوله و ما أظن عطف علی قوله و انقطع لسانه و واضح مبتدأ و فیه خبره و الجملة فی محل النصب مفعول ثان لأظن أی ما أظن لو سأل السائل عن ذاك أن الطریق الذی یرتكبه المجیب له فیه مجال بین و مسلك واضح حیث سلك بل كیف توجه فی الجواب انقطع و قوله و اللّٰه ما تاب إلی قوله فنصروه إشارة إلی عثمان و ذم لهم من جهة طلبهم بدم من اعتذر إلیهم قبل موته فلم یعذروه و دعاهم إلی نصرته فی حصاره فلم ینصروه مع تمكنهم من ذلك.
و قوله و لا یعبون حسوة كنایة عن عدم تمكینه لهم من هذا الأمر أو شی ء منه.
و قوله و إنها لطیبة نفسی بحجة اللّٰه علیهم نفسی منصوب بدلا من الضمیر المتصل بأن أو بإضمار فعل تفسیر له و حجة اللّٰه إشارة إلی الأوامر الصادرة بقتل الفئة الباغیة كقوله تعالی فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی أی إنی راض بقیام حجة اللّٰه علیهم و علمه بما یصنعون.
و قوله و لیس علی كفیل أی لا أحتاج فیما أبذله لهم من الصفح و الأمان علی تقدیر إنابتهم إلی ضامن و شافیا و ناصرا منصوبان علی التمیز.
ص: 59
و قوله و مع كل صحیفة الواو للحال أی إنهم إن لم یرجعوا أعطیتهم حد السیف و الملائكة الكرام الكاتبون یكتب كل منهم أعمال من وكل به فی صحیفته و یشهد بها فی محفل القیامة انتهی.
قوله أی ابن میثم رحمه اللّٰه من اعتذر إلیهم الظاهر أنه حمل الكلام علی الاستفهام الإنكاری و یحتمل وجها آخر بأن یكون المراد نفی توبته و تنصله و اعتذاره و دعوته فیستحق النصرة لكن ما ذكره أوفق بالأخبار و الضمیر فی أنها یحتمل أن یكون للقصة.
«41»-أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (1) رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ مُسَافِرِ بْنِ عَفِیفِ بْنِ أَبِی الْأَخْنَسِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ رُسُلُ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ عِنْدِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ یُؤْذِنُونَهُ بِالْحَرْبِ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ رَاقَبْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ كَیْ یَرْعَوُوا أَوْ یَرْجِعُوا وَ وَبَّخْتُهُمْ بِنَكْثِهِمْ وَ عَرَّفْتُهُمْ بَغْیَهُمْ فَلَمْ یَسْتَجِیبُوا وَ قَدْ بَعَثُوا إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ إِنَّمَا تُمَنِّیكَ نَفْسُكَ أَمَانِیَّ الْبَاطِلِ وَ تَعِدُكَ الْغُرُورَ أَلَا هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ لَقَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ لَقَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا فَلْیُرْعِدُوا وَ لْیُبْرِقُوا فَقَدْ رَأَوْنِی قَدِیماً وَ عَرَفُوا نِكَایَتِی فَقَدْ رَأَوْنِی أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الَّذِی فَلَلْتُ حَدَّ الْمُشْرِكِینَ وَ فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّیَ الْیَوْمَ وَ إِنِّی لَعَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ التَّأْیِیدِ وَ عَلَی یَقِینٍ مِنْ أَمْرِی وَ فِی غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِینِی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ لَیْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحِیدٌ
ص: 60
وَ لَا مَحِیصٌ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ مَاتَ وَ إِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ أَهْوَنُ مِنْ مَوْتَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَی الْفِرَاشِ اللَّهُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ أَلَّبَ عَلَی عُثْمَانَ حَتَّی قَتَلَهُ ثُمَّ عَضَهَنِی بِهِ وَ رَمَانِی اللَّهُمَّ فَلَا تُمْهِلْهُ اللَّهُمَّ إِنَّ الزُّبَیْرَ قَطَعَ رَحِمِی وَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ ظَاهَرَ عَلَیَّ عَدُوِّی فَاكْفِنِیهِ الْیَوْمَ بِمَا شِئْتَ.
«42»-قَالَ وَ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: قَدِمْتُ مِنَ الْحِجَازِ أُرِیدُ الْعِرَاقَ فِی أَوَّلِ إِمَارَةِ عَلِیٍّ فَمَرَرْتُ بِمَكَّةَ فَاعْتَمَرْتُ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِینَةَ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا نُودِیَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام مُتَقَلِّداً سَیْفَهُ فَشَخَصَتِ الْأَبْصَارُ نَحْوَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ قُلْنَا نَحْنُ أَهْلُهُ وَ وَرَثَتُهُ وَ عِتْرَتُهُ وَ أَوْلِیَاؤُهُ دُونَ النَّاسِ لَا یُنَازِعُنَا سُلْطَانَهُ أَحَدٌ وَ لَا یَطْمَعُ فِی حَقِّنَا طَامِعٌ إِذَا تَنَزَّی لَنَا قَوْمُنَا فَغَصَبُونَا سُلْطَانَ نَبِیِّنَا فَصَارَتِ الْإِمْرَةُ لِغَیْرِنَا وَ صِرْنَا سُوقَةً یَطْمَعُ فِینَا الضَّعِیفُ وَ یَتَعَزَّزُ عَلَیْنَا الذَّلِیلُ فَبَكَتِ الْأَعْیُنُ مِنَّا لِذَلِكَ وَ خَشُنَتِ الصُّدُورُ وَ جَزِعَتِ النُّفُوسُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَخَافَةُ الْفُرْقَةِ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَنْ یَعُودَ الْكُفْرُ وَ یَبُورَ الدِّینُ لَكُنَّا عَلَی غَیْرِ مَا كُنَّا لَهُمْ عَلَیْهِ فَوَلِیَ الْأَمْرَ وُلَاةٌ لَمْ یَأْلُوا النَّاسَ خَیْراً ثُمَّ اسْتَخْرَجْتُمُونِی أَیُّهَا النَّاسُ مِنْ بَیْتِی فَبَایَعْتُمُونِی عَلَی شَنْإٍ مِنِّی لِأَمْرِكُمْ وَ فِرَاسَةٍ تَصْدُقُنِی عَمَّا فِی قُلُوبِ كَثِیرٍ مِنْكُمْ وَ بَایَعَنِی هَذَانِ الرَّجُلَانِ فِی أَوَّلِ مَنْ بَایَعَ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَ قَدْ نَكَثَا وَ غَدَرَا وَ نَهَضَا إِلَی الْبَصْرَةِ بِعَائِشَةَ لِیُفَرِّقَا جَمَاعَتَكُمْ وَ یُلْقِیَا بَأْسَكُمْ بَیْنَكُمْ اللَّهُمَّ فَخُذْهُمَا بِمَا عَمِلَا أَخْذَةً رابِیَةً وَ لَا تَنْعَشْ لَهُمَا صَرْعَةً وَ لَا تُقِلْهُمَا عَثْرَةً وَ لَا تُمْهِلْهُمَا فُوَاقاً فَإِنَّهُمَا یَطْلُبَانِ حَقّاً تَرَكَاهُ وَ دَماً سَفَكَاهُ
ص: 61
اللَّهُمَّ إِنِّی اقْتَضَیْتُكَ وَعْدَكَ فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ لِمَنْ بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ اللَّهُمَّ فَأَنْجِزْ لِی مَوْعِدِی وَ لَا تَكِلْنِی إِلَی نَفْسِی إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ* ثُمَّ نَزَلَ.
«43»-وَ رَوَی الْكَلْبِیُّ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمَسِیرَ إِلَی الْبَصْرَةِ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ اسْتَأْثَرَتْ عَلَیْنَا قُرَیْشٌ بِالْأَمْرِ وَ دَفَعَتْنَا عَنْ حَقٍّ نَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ النَّاسِ كَافَّةً فَرَأَیْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَی ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِیقِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِینَ وَ سَفْكِ دِمَائِهِمْ وَ النَّاسُ حَدِیثُو عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَ الدِّینُ یُمْخَضُ مَخْضَ الْوَطْبِ یُفْسِدُهُ أَدْنَی وَهْنٍ وَ یَعْكِسُهُ أَقَلُّ خَلَقٍ فَوَلِیَ الْأَمْرَ قَوْمٌ لَمْ یَأْلُوا فِی أَمْرِهِمْ اجْتِهَاداً ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَی دَارِ الْجَزَاءِ وَ اللَّهُ وَلِیُّ تَمْحِیصِ سَیِّئَاتِهِمْ وَ الْعَفْوِ عَنْ هَفَوَاتِهِمْ فَمَا بَالُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ لَیْسَا مِنْ هَذَا الْأَمْرِ بِسَبِیلٍ لَمْ یَصْبِرَا عَلَیَّ حَوْلًا وَ لَا شَهْراً حَتَّی وَثَبَا وَ مَرَقَا وَ نَازَعَانِی أَمْراً لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمَا إِلَیْهِ سَبِیلًا بَعْدَ أَنْ بَایَعَا طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ یَرْتَضِعَانِ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَ یُحْیِیَانِ بِدْعَةً قَدْ أُمِیتَتْ أَ دَمَ عُثْمَانَ زَعَمَا یُطَالِبَانِ وَ اللَّهِ مَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ وَ فِیهِمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ أَنَا رَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ عِلْمِهِ فِیهِمْ فَإِنْ فَاءَا وَ أَنَابَا فَحَظَّهُمَا أَحْرَزَا وَ أَنْفُسَهُمَا غَنَّمَا وَ أَعْظِمْ بِهَا غَنِیمَةً وَ إِنْ أَبَیَا أَعْطَیْتُهُمَا حَدَّ السَّیْفِ وَ كَفَی بِهِ نَاصِراً لِحَقٍّ وَ شَافِیاً مِنْ بَاطِلٍ ثُمَّ نَزَلَ.
«44»-وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ صُوحَانَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِیّاً علیه السلام بِذِی قَارٍ وَ هُوَ مُعْتَمٌّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ مُلْتَفٌّ بِسَاجٍ یَخْطُبُ فَقَالَ فِی خُطْبَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی كُلِّ أَمْرٍ وَ حَالٍ فِی الْغُدُوِّ وَ الْآصَالِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ابْتَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعِبَادِ وَ حَیَاةً لِلْبِلَادِ حِینَ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ فِتْنَةً وَ اضْطَرَبَ حَبْلُهَا وَ عُبِدَ الشَّیْطَانُ فِی أَكْنَافِهَا وَ اشْتَمَلَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِیسُ عَلَی عَقَائِدِ أَهْلِهَا فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الَّذِی أَطْفَأَهَا اللَّهُ بِهِ نِیرَانَهَا
ص: 62
وَ أَخْمَدَ بِهِ شِرَارَهَا وَ نَزَعَ بِهِ أَوْتَادَهَا وَ أَقَامَ بِهِ مَیْلَهَا إِمَامَ الْهُدَی وَ النَّبِیَّ الْمُصْطَفَی صلی اللّٰه علیه و آله فَلَقَدْ صَدَعَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَ بَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ فَأَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ ذَاتَ الْبَیْنِ وَ آمَنَ بِهِ السُّبُلَ وَ حَقَنَ بِهِ الدِّمَاءَ وَ أَلَّفَ بِهِ بَیْنَ ذَوِی الضَّغَائِنِ الْوَاغِرَةِ فِی الصُّدُورِ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ حَمِیداً ثُمَّ اسْتَخْلَفَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ یَأْلُ جُهْدَهُ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَلَمْ یَأْلُ جُهْدَهُ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ النَّاسُ عُثْمَانَ فَنَالَ مِنْكُمْ وَ نِلْتُمْ مِنْهُ حَتَّی إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ أَتَیْتُمُونِی لِتُبَایِعُونِی فَقُلْتُ لَا حَاجَةَ فِی ذَلِكَ وَ دَخَلْتُ مَنْزِلِی فَاسْتَخْرَجْتُمُونِی فَقَبَضْتُ یَدِی فَبَسَطْتُمُوهَا وَ تَدَاكَكْتُمْ عَلَیَّ حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ قَاتِلِیَّ وَ أَنَّ بَعْضَكُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ فَبَایَعْتُمُونِی وَ أَنَا غَیْرُ مَسْرُورٍ بِذَلِكَ وَ لَا جَذِلٌ وَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنِّی كُنْتُ كَارِهاً لِلْحُكُومَةِ بَیْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَقَدْ سَمِعْتُهُ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا مِنْ وَالٍ یَلِی شَیْئاً مِنْ أَمْرِ أُمَّتِی إِلَّا أُتِیَ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَغْلُولَةً یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ عَلَی رُءُوسِ الْخَلَائِقِ ثُمَّ یُنْشَرُ كِتَابُهُ فَإِنْ كَانَ عَادِلًا نَجَا وَ إِنْ كَانَ جَائِراً هَوَی حَتَّی اجْتَمَعَ عَلَیَّ مَلَأُكُمْ وَ بَایَعَنِی طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ أَنَا أَعْرِفُ الْغَدْرَ فِی أَوْجُهِهِمَا وَ النَّكْثَ فِی أَعْیُنِهِمَا ثُمَّ اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ فَأَعْلَمْتُهُمَا أَنْ لَیْسَا الْعُمْرَةَ یُرِیدَانِ فَسَارَا إِلَی مَكَّةَ وَ اسْتَخَفَّا عَائِشَةَ وَ خَدَعَاهَا وَ شَخَصَ مَعَهُمَا أَبْنَاءُ الطُّلَقَاءِ فَقَدِمُوا الْبَصْرَةَ فَقَتَلُوا بِهَا الْمُسْلِمِینَ وَ فَعَلُوا الْمُنْكَرَ وَ یَا عَجَباً لِاسْتِقَامَتِهِمَا لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ بَغْیِهِمَا عَلَیَّ وَ هُمَا یَعْلَمَانِ أَنِّی لَسْتُ دُونَ أَحَدِهِمَا وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ وَ لَقَدْ كَانَ مُعَاوِیَةُ كَتَبَ إِلَیْهِمَا مِنَ الشَّامِ كِتَاباً یَخْدَعُهُمَا فِیهِ فَكَتَمَاهُ عَنِّی وَ خَرَجَا یُوهِمَانِ الطَّغَامَ وَ الْأَعْرَابَ أَنَّهُمَا یَطْلُبَانِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرَا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلَا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّ دَمَ عُثْمَانَ لَمَعْصُوبٌ بِهِمَا وَ مَطْلُوبٌ مِنْهُمَا یَا خَیْبَةَ الدَّاعِی إِلَامَ دَعَا وَ بِمَا ذَا أُجِیبَ وَ اللَّهِ إِنَّهُمَا لَعَلَی ضَلَالَةٍ صَمَّاءَ وَ جَهَالَةٍ عَمْیَاءَ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ لَهُمَا حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ مِنْهُمَا خَیْلَهُ وَ رَجِلَهُ لِیُعِیدَ الْجَوْرَ إِلَی أَوْطَانِهِ وَ یَرُدَّ الْبَاطِلَ إِلَی نِصَابِهِ
ص: 63
ثُمَّ رَفَعَ یَدَیْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ قَطَعَانِی وَ ظَلَمَانِی وَ أَلَّبَا عَلَیَّ وَ نَكَثَا بَیْعَتِی فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ انْكُثْ مَا أَبْرَمَا وَ لَا تَغْفِرْ لَهُمَا أَبَداً وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا عَمِلَا وَ أَمَّلَا قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فَقَامَ إِلَیْهِ الْأَشْتَرُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنَّ عَلَیْنَا فَأَفْضَلَ وَ أَحْسَنَ إِلَیْنَا فَأَجْمَلَ قَدْ سَمِعْنَا كَلَامَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَقَدْ أَصَبْتَ وَ وُفِّقْتَ وَ أَنْتَ ابْنُ عَمِّ نَبِیِّنَا وَ صِهْرُهُ وَ وَصِیُّهُ وَ أَوَّلُ مُصَدِّقٍ بِهِ وَ مُصَلٍّ مَعَهُ شَهِدْتَ مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا فَكَانَ لَكَ الْفَضْلُ فِیهَا عَلَی جَمِیعِ الْأُمَّةِ فَمَنِ اتَّبَعَكَ أَصَابَ حَظَّهُ وَ اسْتَبْشَرَ بِفَلْجِهِ وَ مَنْ عَصَاكَ وَ رَغِبَ عَنْكَ فَإِلَی أُمِّهِ الْهَاوِیَةِ لَعَمْرِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَمْرُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ عَلَیْنَا بِمُخِیلٍ وَ لَقَدْ دَخَلَ الرَّجُلَانِ فِیمَا دَخَلَا فِیهِ وَ فَارَقَا عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ أَحْدَثْتَ وَ لَا جَوْرٍ صَنَعْتَ فَإِنْ زَعَمَا أَنَّهُمَا یَطْلُبَانِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَلْیُقِیدَا مِنْ أَنْفُسِهِمَا فَإِنَّهُمَا أَوَّلُ مَنْ أَلَّبَ عَلَیْهِ وَ أَغْرَی النَّاسَ بِدَمِهِ وَ أُشْهِدُ اللَّهَ لَئِنْ لَمْ یَدْخُلَا فِیمَا خَرَجَا مِنْهُ لَنُلْحِقَنَّهُمَا بِعُثْمَانَ فَإِنَّ سُیُوفَنَا فِی عوائقنا [عَوَاتِقِنَا] وَ قُلُوبَنَا فِی صُدُورِنَا وَ نَحْنُ الْیَوْمَ كَمَا كُنَّا أَمْسِ ثُمَّ قَعَدَ.
توضیح:
ارعوی عن القبیح أی كف و قال الجوهری القارة قبیلة سموا قارة لاجتماعهم و التقافهم لما أراد ابن الشداخ أن یفرقهم فی بنی كنانة و هم رماة و فی المثل أنصف القارة من راماها و قال الجوهری نكیت فی العدو نكایة إذا قتلت فیهم و جرحت و قال عضهه عضها رماه بالبهتان و قال التنزی التوثب و التسرع و فی بعض النسخ إذا انبری أی اعترض و هو أصوب و السوقة خلاف الملك قوله علیه السلام لم یألوا الناس خیرا فیه تقیة و مصلحة قال الجوهری ألا یألوا من باب دعا أی قصر و فلان لا یألوك نصحا أی لا یقصر فی نصحك.
و قال قال الفراء فی قوله تعالی أَخْذَةً رابِیَةً أی زائدة كقولك أربیت إذا أخذت أكثر مما أعطیت و قال الفواق ما بین الحلبتین من الوقت لأنهما تحلب ثم تترك سویعة یرضعها الفصیل لتدر ثم تحلب یقال ما أقام عنده إلا فواقا قوله علیه السلام لمن بغی علیه أی قال فی حق من بغی علیه و المقول لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ و الآیة هكذا وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَ
ص: 64
بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ و الوطب بالفتح الزقّ الذی یكون فیه السمن و اللبن.
و المراد بالخَلَق إما قدم اللبن و مضی زمان علیه أو خلق الزقّ فإنه یفسد اللبن و أعظم بها للتعجب أی ما أعظمها و الجذل بالتحریك الفرح لمعصوب بهما أی مشدود علیهما.
«45»-(1)
نهج، نهج البلاغة: وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْكُوفَةِ وَ قَدْ بَلَغَهُ تَثْبِیطُهُ النَّاسَ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَیْهِ لَمَّا نَدَبَهُمْ لِحَرْبِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی عَنْكَ قَوْلٌ هُوَ لَكَ وَ عَلَیْكَ فَإِذَا قَدِمَ عَلَیْكَ رَسُولِی فَارْفَعْ ذَیْلَكَ وَ اشْدُدْ مِئْزَرَكَ وَ اخْرُجْ مِنْ جُحْرِكَ وَ انْدُبْ مَنْ مَعَكَ فَإِنْ حَقَّقْتَ فَانْفُذْ وَ إِنْ تَفَشَّلْتَ فَابْعُدْ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتُؤْتَیَنَّ حَیْثُ أَنْتَ وَ لَا تُتْرَكُ حَتَّی تَخْلِطَ زُبْدَكَ بِخَاثِرِكَ وَ ذَائِبَكَ بِجَامِدِكَ وَ حَتَّی تُعْجَلَ عَنْ قِعْدَتِكَ وَ تَحْذَرَ مِنْ أَمَامِكَ كَحَذَرِكَ مِنْ خَلْفِكَ وَ مَا هِیَ بِالْهُوَیْنَا الَّتِی تَرْجُو وَ لَكِنَّهَا الدَّاهِیَةُ الْكُبْرَی یُرْكَبُ جَمَلُهَا وَ یُذَلُّ صَعْبُهَا وَ یُسَهَّلُ جَبَلُهَا فَاعْقِلْ عَقْلَكَ وَ امْلِكْ أَمْرَكَ وَ خُذْ نَصِیبَكَ وَ حَظَّكَ فَإِنْ كَرِهْتَ فَتَنَحَّ إِلَی غَیْرِ رَحْبٍ وَ لَا فِی نَجَاةٍ فَبِالْحَرِیِّ لَتُكْفَیَنَّ وَ أَنْتَ نَائِمٌ حَتَّی لَا یُقَالَ أَیْنَ فُلَانٌ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مَعَ مُحِقٍّ وَ مَا یُبَالِی مَا صَنَعَ الْمُلْحِدُونَ وَ السَّلَامُ.
بیان:
هو لك و علیك قال ابن أبی الحدید فإن أبا موسی كان یقول لأهل الكوفة إن علیا إمام هدی و بیعته صحیحة إلا أنه لا یجوز القتال معه لأهل القبلة انتهی.
و أقول: كون هذا الكلام له و علیه لاشتماله علی الحق و الباطل و الحق ینفعه و الباطل یضره أو ظاهر الكلام له تستحسنه العوام و باطنه حجة علیه إذ بعد
ص: 65
الإقرار بصحة البیعة لا مجال للأمر بالمخالفة أو ظن أن هذا الكلام ینفعه و فی الواقع یضره أو ینفعه فی الدنیا و یضره فی العقبی.
و الأمر برفع الذیل و شد المئزر كنایتان عن الاهتمام فی الأمر و الخروج من الجحر استهانة به حیث جعله ثعلبا أو ضبعا و الجُحْر بالضم كل شی ء تحفره السباع و الهوام لأنفسها قوله علیه السلام فإن حققت أی أمرك مبنی علی الشك فإن حققت لزوم طاعتی فانفذ أی فسر حتی تقدم علی و إن أقمت علی الشك فاعتزل العمل أو إن أنكرت الطاعة فأظهر إنكارك و اعمل بمقتضاه.
و الخاثر اللبن الغلیظ و الزبد خلاصة اللبن و صفوته یقال للرجل إذا ضرب حتی أثخن ضرب حتی خلط زبده بخاثره و ذائبه بجامده كأنه خلط ما رق و لطف من أخلاطه بما كثف و غلظ منها و هذا مثل و معناه لیفسدن حالك و لیضطربن ما هو الآن منتظم من أمرك و القعدة بالكسر هیئة القعود كالحلبة و الركبة.
قوله و تحذر من أمامك قیل كنایة عن غایة الخوف و إنما جعل علیه السلام الحذر من خلف أصلا فی التشبیه لكون الإنسان من وراءه أشد خوفا و قیل حتی تخاف من الدنیا كما تخاف من الآخرة و یحتمل أن یكون المعنی حتی تحذر من هذا الأمر الذی أقبلت إلیه و أقدمت علیه و هو تثبیط الناس عن الجهاد كما تحذر مما خلفته وراء ظهرك و لم تقدم علیه و هو الجهاد.
و قال ابن أبی الحدید أی یأتیكم أهل البصرة مع طلحة و نأتیكم بأهل المدینة و الحجاز فیجتمع علیكم سیفان من أمامكم و من خلفكم.
و قال فی قوله علیه السلام و ما بالهوینا أی لیست هذه الداهیة بالشی ء الهین الذی ترجو اندفاعه بسهولة فإن قصد الجیوش الكوفة من كلا الجانبین أمر صعب المرام فإنه لیركبن أهل الحجاز و أهل البصرة هذا الأمر المستصعب لأنا نحن نطلب أن نملك الكوفة و أهل البصرة كذلك فیجتمع علیها الفریقان.
ص: 66
و قال ابن الأثیر فی النهایة الهون الرفق و اللین و التثبت و الهوینا تصغیر الهونی تأنیث الأهون.
و قوله فاعقل عقلك یحتمل المصدر و قیل هو مفعول به و خذ نصیبك و حظك أی من طاعة الإمام و ثواب اللّٰه و قیل أی لا تتجاوز إلی ما لیس لك فإن كرهت فتنح أی عن العمل فإنی قد عزلتك إلی غیر رحب أی سعة بل یضیق علیك الأمر بعده و قال فی النهایة بالحری أن یكون كذا أی جدیر.
و قال ابن أبی الحدید أی جدیر أن تكفی هذه المئونة التی دعیت إلیها و أنت نائم أی لست معدودا عندنا و عند الناس من الرجال الذین یفتقر الحرب و التدبیرات إلیهم فسیغنی اللّٰه عنك و لا یقال أین فلان.
«46»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ أُمَرَاءِ جَیْشِهِ فَإِنْ عَادُوا إِلَی ظِلِّ الطَّاعَةِ فَذَاكَ الَّذِی نُحِبُّ وَ إِنْ تَوَافَتِ الْأُمُورُ بِالْقَوْمِ إِلَی الشِّقَاقِ وَ الْعِصْیَانِ فَانْهَدْ بِمَنْ أَطَاعَكَ إِلَی مَنْ عَصَاكَ وَ اسْتَغْنِ بِمَنِ انْقَادَ مَعَكَ عَمَّنْ تَقَاعَسَ عَنْكَ فَإِنَّ الْمُتَكَارِهَ مَغِیبُهُ خَیْرٌ مِنْ شُهُودِهِ وَ قُعُودُهُ أَغْنَی مِنْ نُهُوضِهِ.
توضیح: قال ابن میثم روی أن الأمیر الذی كتب إلیه عثمان بن حنیف عامله علی البصرة و ذلك حین انتهت أصحاب الجمل إلیها و عزموا علی الحرب فكتب عثمان إلیه یخبره بحالهم فكتب علیه السلام إلیه كتابا فیه الفصل المذكور.
و إن توافت الأمور أی تتابعت بهم المقادیر و أسباب الشقاق و العصیان إلیهما و یقال نهد القوم إلی عدوهم إذا صمدوا له و شرعوا فی قتالهم
ص: 67
و تقاعس أبطأ و تأخر و المتكاره من یظهر الكراهة و لا یطیع بقلبه و النهوض القیام.
«47»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ عِنْدَ مَسِیرِهِ مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الْبَصْرَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی خَرَجْتُ مِنْ حَیِّی هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِیاً وَ إِمَّا مَبْغِیّاً عَلَیْهِ وَ أَنَا أُذَكِّرُ اللَّهَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِی هَذَا لَمَّا نَفَرَ إِلَیَّ فَإِنْ كُنْتُ مُحْسِناً أَعَانَنِی وَ إِنْ كُنْتُ مُسِیئاً اسْتَعْتَبَنِی.
بیان: لمّا نفر بالتشدید بمعنی إلا أی أذكره فی كل وقت إلا وقت النفور كقولهم سألتك لما فعلت.
و فی بعض النسخ بالتخفیف فكلمة ما زائدة كما قیل فی قوله تعالی لَمَّا عَلَیْها حافِظٌ فإنه قرئ بالتخفیف و التشدید معا و الاستعتاب طلب العتبی و هو الرجوع.
«48»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ حَدَّثَنِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی عُمْرَةَ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ: سَمَّانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً مَسِیرُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ
ص: 68
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی مَسِیرُ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ وَ اسْتِخْفَافُهُمَا حَبِیسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتِفْزَازُهُمَا أَبْنَاءَ الطُّلَقَاءِ وَ تَلْبِیسُهُمَا عَلَی النَّاسِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ هُمَا أَلَّبَا عَلَیْهِ وَ فَعَلَا بِهِ الْأَفَاعِیلَ وَ خَرَجَا لِیَضْرِبَا النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ اللَّهُمَّ فَاكْفِ الْمُسْلِمِینَ مَئُونَتَهُمَا وَ اجْزِهِمَا الْجَوَازِیَ وَ حَضَّ النَّاسَ عَلَی الْخُرُوجِ فِی طَلَبِهِمَا فَقَامَ إِلَیْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ الَّذِی یَفُوتُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَجْلِسُكَ فِیمَا بَیْنَ قَبْرِهِ وَ مِنْبَرِهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَرْجُو مِنَ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تَسِیرُ لِحَرْبٍ فَقَدْ أَقَامَ عُمَرُ وَ كَفَاهُ سَعْدٌ زَحْفَ الْقَادِسِیَّةِ وَ كَفَاهُ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ زَحْفَ نَهَاوَنْدَ وَ كَفَاهُ أَبُو مُوسَی زَحْفَ تُسْتَرَ وَ كَفَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ زَحْفَ الشَّامِ فَإِنْ كُنْتَ سَائِراً فَخَلِّفْ عِنْدَنَا شِقَّةً مِنْكَ نَرْعَاهُ فِیكَ وَ نَذْكُرُكَ بِهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ:
بَكَتِ الْأَرْضُ وَ السَّمَاءُ عَلَی الشَّاخِصِ***مِنَّا یُرِیدُ أَهْلَ الْعِرَاقِ
یَا وَزِیرَ النَّبِیِّ قَدْ عَظُمَ الْخَطْبُ***وَ طَعْمُ الْفِرَاقِ مُرُّ الْمَذَاقِ
وَ إِذَا الْقَوْمُ خَاصَمُوكَ فَقَوْمٌ***نَاكِسُو الطَّرْفِ خَاضِعُو الْأَعْنَاقِ
لَا یَقُولُونَ إِذْ تَقُولُ وَ إِنْ*** قُلْتَ فَقَوْلُ الْمُبَرِّزِ السِّبَاقِ
فَعُیُونُ الحجار [الْحِجَازِ] تَذْرِفُ بِالدَّمْعِ***وَ تِلْكَ الْقُلُوبُ عِنْدَ التَّرَاقِی
فَعَلَیْكَ السَّلَامُ مَا ذَرَّتْ بِهِ الشَّمْسُ***وَ لَاحَ السَّرَابُ بِالرَّقْرَاقِ
فَقَالَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا عَلَی الْأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَیْنَا أَنْ یُقِیمَ فِینَا مِنْكَ لِأَنَّكَ نَجْمُنَا الَّذِی نَهْتَدِی بِهِ وَ مَفْزَعُنَا الَّذِی نَصِیرُ إِلَیْهِ وَ إِنْ فَقَدْنَاكَ لَتُظْلِمَنَّ أَرْضُنَا وَ سَمَاؤُنَا وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ لَوْ خَلَّیْتَ مُعَاوِیَةَ لِلْمَكْرِ لَیَرُومَنَّ مِصْرَ وَ لَیُفْسِدَنَّ الْیَمَنَ وَ لَیَطْمَعَنَّ فِی الْعِرَاقِ وَ مَعَهُ قَوْمٌ یَمَانِیُّونَ قَدْ أُشْرِبُوا قَتْلَ عُثْمَانَ وَ قَدِ اكْتَفَوْا بِالظَّنِّ عَنِ الْعِلْمِ وَ بِالشَّكِّ عَنِ الْیَقِینِ وَ بِالْهَوَی عَنِ الْخَیْرِ فَسِرْ بِأَهْلِ الْحِجَازِ وَ أَهْلِ الْعِرَاقِ ثُمَّ ارْمِهِ بِأَمْرٍ یَضِیقُ فِیهِ خِنَاقُهُ وَ یَقْصُرُ لَهُ مِنْ نَفَسِهِ فَقَالَ أَحْسَنْتَ وَ اللَّهِ یَا قَیْسُ وَ أَجْمَلْتَ.
وَ كَتَبَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام تُخْبِرُهُ بِمَسِیرِ عَائِشَةَ
ص: 69
وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَأَزْمَعَ الْمَسِیرَ فَبَلَغَهُ تَثَاقُلُ سَعْدٍ وَ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَقَالَ سَعْدٌ لَا أَشْهَرُ سَیْفاً حَتَّی یُعْرَفَ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ وَ قَالَ أُسَامَةُ لَا أُقَاتِلُ رَجُلًا یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَوْ كُنْتَ فِی زُبْیَةِ الْأَسَدِ لَدَخَلْتُ فِیهِ مَعَكَ (1) وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَعْطَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَیْفاً وَ قَالَ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فَاضْرِبْ بِهِ عَرْضَ أُحُدٍ وَ الْزَمْ بَیْتَكَ وَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ دَعِ الْقَوْمَ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَضَعِیفٌ وَ أَمَّا سَعْدٌ فَحَسُودٌ وَ أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَذَنْبُكَ إِلَیْهِ أَنَّكَ قَتَلْتَ بِأَخِیهِ مَرْحَباً ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَ مَا تُقَاتِلُ الْمُحَارِبِینَ فَوَ اللَّهِ لَوْ مَالَ عَلِیٌّ جَانِباً لَمِلْتُ مَعَ عَلِیٍّ وَ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ بَلَغَكَ عَنَّا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا لَوْ كَانَ غَیْرُنَا لَمْ یَقُمْ مَعَكَ وَ اللَّهِ مَا كُلُّ مَا رَأَیْنَا حَلَالًا حَلَالٌ وَ لَا كُلُّ مَا رَأَیْنَا حَرَاماً حَرَامٌ وَ فِی النَّاسِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِعُذْرِ عُثْمَانَ مِمَّنْ قَتَلَهُ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِحَالِنَا مِنَّا فَإِنْ كَانَ قُتِلَ ظَالِماً قَبِلْنَا قَوْلَكَ وَ إِنْ كَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَاقْبَلْ قَوْلَنَا فَإِنْ وَكَلْتَنَا فِیهِ إِلَی شُبْهَةٍ فَعَجَبٌ لِیَقِینِنَا وَ شَكِّكَ وَ قَدْ قُلْتَ لَنَا عِنْدِی نَقْضُ مَا اجْتَمَعُوا عَلَیْهِ وَ فَصْلُ مَا اخْتَلَفُوا فِیهِ وَ قَالَ
كَانَ أَوْلَی أَهْلِ الْمَدِینَةِ بِالنَّصْرِ***عَلِیٌّ وَ آلُ عَبْدِ مَنَافٍ
لِلَّذِی فِی یَدَیْهِ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ***وَ قُرْبِ الْوَلَاءِ بَعْدَ التَّصَافِی
ص: 70
وَ كَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ شِیعَةِ عُثْمَانَ وَ قَامَ الْأَشْتَرُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ یَحُضُّهُ عَلَی أَهْلِ الْوُقُوفِ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی شَكَاهُ وَ كَانَ مِنْ رَأْیِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنْ لَا یَذْكُرَهُمْ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ الْأَشْتَرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا وَ إِنْ لَمْ نَكُنْ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنَّا فِیهِمْ وَ هَذِهِ بَیْعَةٌ عَامَّةٌ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا عَاصٍ وَ الْمُبْطِئُ عَنْهَا مُقَصِّرٌ وَ إِنَّ أَدَبَهُمُ الْیَوْمَ بِاللِّسَانِ وَ غَداً بِالسَّیْفِ وَ مَا مَنْ ثَقُلَ عَنْكَ كَمَنْ خَفَّ مَعَكَ وَ إِنَّمَا أَرَادَكَ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ فَأَرِدْهُمْ لِنَفْسِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا مَالِكُ دَعْنِی وَ أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَ رَأَیْتُمْ لَوْ أَنَّ مَنْ بَایَعَ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتَهُ أَ كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَ قِتَالَهُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ وَ كَیْفَ تَحَرَّجُونَ مِنَ الْقِتَالِ مَعِی وَ قَدْ بَایَعْتُمُونِی قَالُوا إِنَّا لَا نَزْعُمُ أَنَّكَ مُخْطِئٌ وَ أَنَّهُ لَا یَحِلُّ لَكَ قِتَالُ مَنْ بَایَعَكَ ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتَكَ وَ لَكِنْ نَشُكُّ فِی قِتَالِ أَهْلِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الْأَشْتَرُ دَعْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أُوقِعْ بِهَؤُلَاءِ الَّذِینَ یَتَخَلَّفُونَ عَنْكَ فَقَالَ لَهُ كُفَّ عَنِّی فَانْصَرَفَ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ مُغْضَبٌ ثُمَّ إِنَّ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ لَقِیَ مَالِكاً الْأَشْتَرَ فِی نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ قَیْسٌ لِلْأَشْتَرِ یَا مَالِكُ كُلَّمَا ضَاقَ صَدْرُكَ بِشَیْ ءٍ أَخْرَجْتَهُ وَ كُلَّمَا اسْتَبْطَأْتَ أَمْراً اسْتَعْجَلْتَهُ إِنَّ أَدَبَ الصَّبْرِ التَّسْلِیمُ وَ أَدَبَ الْعَجَلَةِ الْأَنَاةُ وَ إِنَّ شَرَّ الْقَوْلِ مَا ضَاهَی الْعَیْبَ وَ شَرَّ الرَّأْیِ مَا ضَاهَی التُّهَمَةَ فَإِذَا ابْتُلِیتَ فَاسْأَلْ وَ إِذَا أُمِرْتَ فَأَطِعْ وَ لَا تَسْأَلْ قَبْلَ الْبَلَاءِ وَ لَا تَكَلَّفْ قَبْلَ أَنْ یَنْزِلَ الْأَمْرُ فَإِنَّ فِی أَنْفُسِنَا مَا فِی نَفْسِكَ فَلَا تَشُقَّ عَلَی صَاحِبِكَ فَغَضِبَ الْأَشْتَرُ ثُمَّ إِنَّ الْأَنْصَارَ مَشَوْا إِلَی الْأَشْتَرِ فِی ذَلِكَ فَرَضَّوْهُ مِنْ غَضَبِهِ فَرَضِیَ فَلَمَّا هَمَّ عَلِیٌّ علیه السلام بِالشُّخُوصِ قَامَ أَبُو أَیُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَیْدِ صَاحِبُ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ أَقَمْتَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهَا مُهَاجَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِهَا قَبْرُهُ وَ مِنْبَرُهُ فَإِنِ
ص: 71
اسْتَقَامَتْ لَكَ الْعَرَبُ كُنْتَ كَمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ إِنْ وُكِلْتَ إِلَی الْمَسِیرِ فَقَدْ أَعْذَرْتَ فَأَجَابَهُ علیه السلام بِعُذْرِهِ فِی الْمَسِیرِ ثُمَّ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ تَوَجُّهَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ تَمَكَّثَ حَتَّی عَظُمَ جَیْشُهُ وَ أَغَذَّ السَّیْرَ فِی طَلَبِهِمْ فَجَعَلُوا لَا یَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَّا نَزَلَهُ (1) حَتَّی نَزَلَ بِذِی قَارٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَیَحْزُنُنِی أَنْ أَدْخُلَ عَلَی هَؤُلَاءِ فِی قِلَّةِ مَنْ مَعِی فَأَرْسَلَ إِلَی الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ كِتَاباً فَقَدِمُوا الْكُوفَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ عَلِیّاً وَ سَابِقَتَهُ فِی الْإِسْلَامِ وَ بَیْعَةَ النَّاسِ لَهُ وَ خِلَافَ مَنْ خَالَفَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِكِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقُرِئَ عَلَیْهِمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَمْرِ عُثْمَانَ حَتَّی یَكُونَ سَمْعُهُ عِیَانَهُ إِنَّ النَّاسَ طَعَنُوا عَلَیْهِ وَ كُنْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أُكْثِرُ اسْتِعْتَابَهُ وَ أُقِلُّ عَیْبَهُ وَ كَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ أَهْوَنُ سَیْرِهِمَا فِیهِ الْوَجِیفُ وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ عَائِشَةَ فَلْتَةٌ عَلَی غَضَبٍ فَأُتِیحَ لَهُ قَوْمٌ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ بَایَعُونِی غَیْرَ مُسْتَكْرَهِینَ وَ كَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ عَلَی مَا بُویِعَ عَلَیْهِ مَنْ كَانَ قَبْلِی ثُمَّ إِنَّهُمَا اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ وَ لَیْسَا یُرِیدَانِهَا فَنَقَضَا الْعَهْدَ وَ آذَنَا بِحَرْبٍ وَ أَخْرَجَا عَائِشَةَ مِنْ بَیْتِهَا لِیَتَّخِذَانِهَا فِئَةً وَ قَدْ سَارَا إِلَی الْبَصْرَةِ اخْتِیَاراً لَهَا وَ قَدْ سِرْتُ إِلَیْكُمْ اخْتِیَاراً لَكُمْ وَ لَعَمْرِی مَا إِیَّایَ تُجِیبُونَ مَا تُجِیبُونَ إِلَّا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَنْ أُقَاتِلَهُمْ وَ فِی نَفْسِی مِنْهُمْ حَاجَةٌ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ
ص: 72
مُسْتَنْفِرِینَ فَكُونُوا عِنْدَ ظَنِّی بِكُمْ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (1) فَلَمَّا قُرِئَ الْكِتَابُ عَلَی النَّاسِ قَامَ خُطَبَاءُ الْكُوفَةِ شُرَیْحُ بْنُ هَانِی وَ غَیْرُهُ فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ نَرْكَبَ إِلَی الْمَدِینَةِ حَتَّی نَعْلَمَ عِلْمَ عُثْمَانَ فَقَدْ أَنْبَأَنَا اللَّهُ بِهِ فِی بُیُوتِنَا ثُمَّ بَذَلُوا السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ وَ قَالُوا رَضِینَا بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ نُطِیعُ أَمْرَهُ وَ لَا نَتَخَلَّفُ عَنْ دَعْوَتِهِ وَ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَسْتَنْصِرْنَا لَنَصَرْنَاهُ سَمْعاً وَ طَاعَةً فَلَمَّا سَمِعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام ذَلِكَ قَامَ خَطِیباً فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ مَا تَكْفِیكُمْ جُمْلَتُهُ وَ قَدْ أَتَیْنَاكُمْ مُسْتَنْفِرِینَ لَكُمْ لِأَنَّكُمْ جَبْهَةُ الْأَمْصَارِ وَ رُؤَسَاءُ الْعَرَبِ وَ قَدْ كَانَ مِنْ نَقْضِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ بَیْعَتَهُمَا وَ خُرُوجِهِمَا بِعَائِشَةَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ وَ هُوَ ضَعْفُ النِّسَاءِ وَ ضَعْفُ رَأْیِهِنَّ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَنْصُرْهُ أَحَدٌ لَرَجَوْتُ أَنْ یَكُونَ لَهُ فِیمَنْ أَقْبَلَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ مَنْ یَبْعَثُ اللَّهُ لَهُ مِنْ نُجَبَاءِ النَّاسِ كِفَایَةٌ فَانْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْكُمْ ثُمَّ جَلَسَ وَ قَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنْ كَانَتْ غَابَتْ عَنْكُمْ أَبْدَانُنَا فَقَدِ انْتَهَتْ إِلَیْكُمْ أُمُورُنَا إِنَّ قَاتِلِی عُثْمَانَ لَا یَعْتَذِرُونَ إِلَی النَّاسِ وَ قَدْ جَعَلُوا كِتَابَ اللَّهِ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مُحَاجِّیهِمْ أَحْیَا مَنْ أَحْیَا وَ قَتَلَ مَنْ قَتَلَ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَوَّلُ مَنْ طَعَنَ وَ آخِرُ مَنْ أَمَرَ ثُمَّ بَایَعَا أَوَّلَ مَنْ بَایَعَ فَلَمَّا أَخْطَأَهُمَا مَا أَمَّلَا نَكَثَا بَیْعَتَهُمَا عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ كَانَ وَ هَذَا ابْنُ الرَّسُولِ یَسْتَنْفِرُكُمْ فِی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَانْصُرُوا یَنْصُرْكُمُ اللَّهُ وَ قَامَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَوِ اسْتَقْبَلْنَا بِهِ الشُّورَی لَكَانَ عَلِیٌّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ فِی سَابِقَتِهِ وَ هِجْرَتِهِ وَ عِلْمِهِ وَ كَانَ قِتَالُ مَنْ أَبَی ذَلِكَ حَلَالًا وَ كَیْفَ وَ الْحُجَّةُ قَامَتْ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ قَدْ بَایَعَاهُ وَ خَلَعَاهُ حَسَداً
ص: 73
فَقَامَ خُطَبَاؤُهُمْ فَأَسْرَعُوا الرَّدَّ بِالْإِجَابَةِ فَقَالَ النَّجَاشِیُّ فِی ذَلِكَ:
رَضِینَا بِقَسْمِ اللَّهِ إِذْ كَانَ قَسْمُنَا***عَلِیٌّ وَ أَبْنَاءُ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ
وَ قُلْنَا لَهُ أَهْلًا وَ سَهْلًا وَ مَرْحَباً***نُقَبِّلُ یَدَیْهِ مِنْ هَوًی وَ تَوَدُّدٍ
فَمُرْنَا بِمَا تَرْضَی نُجِبْكَ إِلَی الرِّضَا***بِصَمِّ الْعَوَالِی وَ الصَّفِیحِ الْمُهَنَّدِ
وَ تَسْوِیدِ مَنْ سَوَّدْتَ غَیْرَ مَدَافِعَ***وَ إِنْ كَانَ مَنْ سَوَّدْتَ غَیْرَ مُسَوَّدٍ
فَإِنْ نِلْتَ مَا تَهْوَی فَذَاكَ نُرِیدُهُ***وَ إِنْ تَخْطَ مَا تَهْوَی فَغَیْرُ تَعَمُّدٍ
وَ قَالَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ حِینَ أَجَابَ أَهْلُ الْكُوفَةِ:
جَزَی اللَّهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ الْیَوْمَ نُصْرَةً***أَجَابُوا وَ لَمْ یَأْتُوا بِخِذْلَانِ مَنْ خَذَلَ
وَ قَالُوا عَلِیٌّ خَیْرُ حَافٍ وَ نَاعِلٍ***رَضِینَا بِهِ مِنْ نَاقِضِ الْعَهْدِ مِنْ بَدَلٍ
هُمَا أَبْرَزَا زَوْجَ النَّبِیِّ تَعَمُّداً***یَسُوقُ بِهَا الْحَادِی الْمُنِیخُ عَلَی جَمَلٍ
فَمَا هَكَذَا كَانَتْ وُصَاةُ نَبِیِّكُمْ***وَ مَا هَكَذَا الْإِنْصَافُ أَعْظَمَ بِذَا الْمَثَلِ
فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مِنْ مَقَالٍ لِقَائِلٍ*** إِلَّا قَبَّحَ اللَّهُ الْأَمَانِیَّ وَ الْعِلَلَ
فَلَمَّا فَرَغَ الْخُطَبَاءُ وَ أَجَابَ النَّاسُ قَامَ أَبُو مُوسَی فَخَطَبَ النَّاسَ وَ أَمَرَهُمْ بِوَضْعِ السِّلَاحِ وَ الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَیْنَا دِمَاءَنَا وَ أَمْوَالَنَا فَقَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْباطِلِ ... وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِیماً وَ قَالَ وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ.
هذا تمام الحدیث.
بیان:
شقة الثوب و العصا بالكسر ما شق منه مستطیلا و لعلها كنایة استعیرت هنا للأولاد و ترقرق تحرك و الشی ء لمع و الشمس صارت كأنها تدور.
قوله علیه السلام فی نفسی منهم حاجة أی لا أعلمهم مسلمین و لا أنتظر رجوعهم و عالیة الرمح ما دخل فی السنان إلی ثلثه و الصفیحة السیف العریض و المهند السیف المطبوع من حدید الهند.
ص: 74
«49»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ لَمَّا أَنْفَذَهُ إِلَی الزُّبَیْرِ یَسْتَفِیئُهُ إِلَی طَاعَتِهِ قَبْلَ حَرْبِ الْجَمَلِ لَا تَلْقَیَنَّ طَلْحَةَ فَإِنَّكَ إِنْ تَلْقَهُ تَجِدْهُ كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَهُ یَرْكَبُ الصَّعْبَ وَ یَقُولُ هُوَ الذَّلُولُ وَ لَكِنِ الْقَ الزُّبَیْرَ فَإِنَّهُ أَلْیَنُ عَرِیكَةً فَقُلْ لَهُ یَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ عَرَفْتَنِی بِالْحِجَازِ وَ أَنْكَرْتَنِی بِالْعِرَاقِ فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا.
قال السید رضی اللّٰه عنه هو علیه السلام أول من سمعت منه هذه الكلمة أعنی فما عدا مما بدا.
بیان:
یستفیئه أی یسترجعه إن تلقه تجده و فی روایة إن تلفه تلفه بالفاء أی تجده عاقصا أی عاطفا قد التوی قرناه علی أذنیه یقال عقص شعره أی ضفره و فتله و الأعقص من التیوس و غیرها ما التوی قرناه علی أذنیه من خلفه و عاقصا إما مفعول ثان لتجده أو حال عن الثور یركب الصعب أی یستهین المستصعب من الأمور و العریكة الطبیعة.
و التعبیر بابن الخال كقول هارون لموسی یا ابن أم للاستمالة بالإذكار بالنسب و الرحم.
قوله علیه السلام فما عدا مما بدا قال ابن أبی الحدید معنی الكلام فما صرفك عما بدا منك أی ظهر أی ما الذی صدّك عن طاعتی بعد إظهارك لها و مِن هاهنا بمعنی عن و قد جاءت فی كثیر من كلامهم و حذف ضمیر المفعول كثیر جدا.
و قال الراوندی له معنیان أحدهما ما الذی منعك مما كان قد بدا منك من البیعة قبل هذه الحالة الثانی ما الذی عاقك من البداء الذی یبدو
ص: 75
للإنسان و یكون المفعول الأول لعدا محذوفا یدل علیه الكلام أی ما عداك یرید ما منعك عما كان بدا لك من نصرتی.
و قال ابن میثم أقول هذه الوجوه و إن احتملت أن تكون تفسیرا إلا أن فی كل منها عدولا عن الظاهر و الحق أن یقال إن عدا بمعنی جاوز و من لبیان الجنس و المراد ما الذی جاوز لك عن بیعتی مما بدا لك بعدها من الأمور التی ظهرت لك و تبقی الألفاظ علی أوضاعها الأصلیة مع استقامة المعنی و حسنه.
وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ تِلْكَ الرِّسَالَةِ فَقَالَ بَعَثَنِی فَأَتَیْتُ الزُّبَیْرَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ إِنِّی أُرِیدُ مَا تُرِیدُ كَأَنَّهُ یَقُولُ الْمُلْكَ وَ لَمْ یَزِدْنِی عَلَی ذَلِكَ فَرَجَعْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَأَخْبَرْتُهُ.
«50»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقِتَالِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ دَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِذِی قَارٍ وَ هُوَ یَخْصِفُ نَعْلَهُ فَقَالَ لِی مَا قِیمَةُ هَذِهِ النَّعْلِ فَقُلْتُ لَا قِیمَةَ لَهَا قَالَ وَ اللَّهِ لَهِیَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِیمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ یَقْرَأُ كِتَاباً وَ لَا یَدَّعِی نُبُوَّةً فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّی بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ وَ بَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ وَ اطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَفِی سَاقَتِهَا حَتَّی تَوَلَّتْ بِحَذَافِیرِهَا مَا عَجَزْتُ وَ لَا جَبُنْتُ وَ إِنَّ مَسِیرِی هَذَا لِمِثْلِهَا فَلَأَنْقُبَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّی یَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ مَا لِی وَ لِقُرَیْشٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِینَ وَ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِینَ وَ إِنِّی لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْیَوْمَ.
ص: 76
بیان:
ذو قار موضع قریب من البصرة حتی بوّأهم أی أسكنهم محلتهم أی ضرب الناس بسیفه علی الإسلام حتی أوصلهم إلیه.
و قال ابن میثم المراد بالقناة القوة و الغلبة و الدولة التی حصلت لهم مجازا من باب إطلاق السبب علی المسبب فإن الرمح أو الظهر سبب للقوة و الغلبة و الصَّفاة الحجارة الملساء أی كانوا قبل الإسلام متزلزلین فی أحوالهم بالنهب و الغارة و أمثالها.
إن كنت لفی ساقتها هی جمع سائق كحائك و حاكة ثم استعملت للأخیر لأن السائق إنما یكون فی آخر الركب و الجیش و شبه أمر الجاهلیة إما بعجاجة ثائرة أو بكتیبة مقبلة للحرب فقال إنی طردتها فولت بین یدی أطردها حتی لم یبق منها شی ء لمثلها أی لمثل تلك الحالة التی كنت علیها معهم فی زمن الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فلأنقبن و فی بعض النسخ لأبقرن الباطل حتی أخرج الحق من خاصرته شبه علیه السلام الباطل بحیوان ابتلع جوهرا ثمینا أعن منه فاحتیج إلی شق بطنه فی استخلاص ما ابتلع.
و فی نسخة ابن أبی الحدید بعد قوله علیه السلام صاحبهم الیوم و اللّٰه ما تنقم منا قریش إلا أن اللّٰه اختارنا علیهم فأدخلناهم فی حیزنا كما قال الأول:
أدمت لعمری شربك المحض صابحا*** و أكلك بالزبد المقشرة البجرا
و نحن وهبناك العلاء و لم تكن***علیا و حطنا حولك الجرد و السمرا
أقول: المقشرة التمرة التی أخرج منها نواتها و البجر بالضم الأمر العظیم و العجب و لعله هنا كنایة عن الكثرة أو الحسن أو اللطافة و یحتمل أن یكون مكان المفعول المطلق یقال بجر كفرح فهو بجر امتلأ بطنه من اللبن و الماء و لم یرو و تبجر النبیذ ألح فی شربه و كثیر بجیر إتباع و الجرد بالضم جمع الأجرد و هو الفرس الذی رقت شعرته و قصرت و هو مدح و السمر جمع الأسمر و هو الرمح.
ص: 77
«51»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی مَعْنَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ وَ دَماً سَفَكُوهُ فَإِنْ كُنْتُ شَرِیكَهُمْ فِیهِ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ إِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِی فَمَا الطَّلِبَةُ إِلَّا قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ إِنَّ مَعِی لَبَصِیرَتِی وَ اللَّهِ مَا لَبَسْتُ وَ لَا لُبِسَ عَلَیَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فِیهَا الْحَمَأُ وَ الْحُمَّةُ وَ الشُّبْهَةُ الْمُغْدِفَةُ وَ إِنَّ الْأَمْرَ لَوَاضِحٌ وَ قَدْ زَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ وَ انْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغْبِهِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِیٍّ وَ لَا یَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِی حَسْیٍ وَ مِنْهَا فَأَقْبَلْتُمْ إِلَیَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ الْمَطَافِیلِ عَلَی أَوْلَادِهَا تَقُولُونَ الْبَیْعَةَ الْبَیْعَةَ قَبَضْتُ كَفِّی فَبَسَطْتُمُوهَا وَ نَازَعْتُكُمْ یَدِی فَجَاذَبْتُمُوهَا اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا قَطَعَانِی وَ ظَلَمَانِی وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ أَلَّبَا النَّاسَ عَلَیَّ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ لَا تُحْكِمْ لَهُمَا مَا أَبْرَمَا وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا أَمَّلَا وَ عَمِلَا وَ لَقَدِ اسْتَثَبْتُهُمَا قَبْلَ الْقِتَالِ وَ اسْتَأْنَیْتُ بِهِمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ فَغَمَطَا النِّعْمَةَ وَ رَدَّا الْعَافِیَةَ (2).
تبیین:
النصف بالكسر و التحریك الإنصاف و العدل أی إنصافا أو حكما ذا إنصاف و یقال ولی أمرا أی قام به و الطلِبة بكسر اللام ما طلبته من شی ء و قال فی النهایة لبست الأمر بالفتح إذا خلطت بعضه ببعض و ربما شدد للتكثیر.
و قال ابن أبی الحدید الحماء الطین الأسود و حمة العقرب سمها أی فی هذه الفئة الضلال و الفساد و یروی الحمی بألف مقصورة و هو كنایة عن الزبیر
ص: 78
لأن كل من كان نسیب الرجل فهم الأحماء واحدهم حما مثل قفا و أقفاء و ما كان نسیب المرأة فهم الأختان فأما الأصهار فیجمع الجهتین و كان الزبیر ابن عمة رسول اللّٰه ص
و قد كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله أعلم علیا بأن فئة تبغی علیه فی أیام خلافته فیها بعض زوجاته و بعض أحمائه.
فكنی علیه السلام عن الزوجة بالحمة و هی سم للعقرب و الحماء یضرب مثلا لغیر الطیب الغیر الصافی.
و قال ابن میثم المغدفة الخفیة و أصله المرأة تغدف وجهها أی تستره و روی المغذفة بكسر الذال من أغذف أی أظلم و هی إشارة إلی شبهتهم فی الطلب بدم عثمان و قد زاح الباطل أی بعد و ذهب عن نصابه أی مركزه و مقره و الشغب بالتسكین تهییج الشر و قد یحرك و العب الشرب بلا مص و الحسی ماء كامن فی رمل یحفر عنه فیستخرج و یكون باردا عذبا (1) و هذه كنایة عن الحرب و الهیجاء و تهدید بهما و ما یتعقبهما من القتل و الهلاك.
و قال الجوهری العوذ حدیثات النتائج من الظباء و الخیل و الإبل واحدها عائد مثل حائل و حول و ذلك إذا ولدت عشرة أیام أو خمسة عشر یوما ثم هی مطفل.
و فی القاموس المطفل كمحسن ذات الطفل من الأنس و الوحش و الجمع مطافیل.
و قیل إن فی الجمع بین الوصفین تجوز و علی ما فی القاموس لا یحتاج إلی ذلك و ألَّبا بتشدید اللام من التألیب و هو التحریض قوله و استثبتهما استفعال من ثاب یثوب إذا رجع أی طلبت منهما أن یرجعا و روی بالتاء المثناة من التوبة و استأنیت أی انتظرت من الإناءة فغمطا بالكسر أی حقرا.
ص: 79
«52»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی ذِكْرِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ (2)
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا یَرْجُو الْأَمْرَ لَهُ وَ یَعْطِفُهُ عَلَیْهِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا یَمُتَّانِ بِحَبْلٍ وَ لَا یَمُدَّانِ إِلَیْهِ بِسَبَبٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبُ [حَامِلُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ وَ عَمَّا قَلِیلٍ یُكْشَفُ قِنَاعُهُ بِهِ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِی یُرِیدُونَ لَیَنْتَزِعَنَّ هَذَا نَفْسَ هَذَا وَ لَیَأْتِیَنَّ هَذَا عَلَی هَذَا قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَأَیْنَ الْمُحْتَسِبُونَ وَ قَدْ سُنَّتْ لَهُمُ السُّنَنُ وَ قُدِّمَ لَهُمُ الْخَبَرُ وَ لِكُلِّ ضَلَّةٍ عِلَّةٌ وَ لِكُلِّ نَاكِثٍ شُبْهَةٌ وَ اللَّهِ لَا أَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ یَسْمَعُ النَّاعِیَ وَ یَحْضُرُ الْبَاكِیَ ثُمَّ لَا یَعْتَبِرُ.
إیضاح:
قوله علیه السلام كل واحد منهما أی طلحة و الزبیر لا یمتان قال فی النهایة المت التوسل و التوصل بحرمة أو قرابة أو غیر ذلك و قال السبب فی الأصل الحبل الذی یتوصل به إلی ماء ثم استعیر لكل ما یتوصل به إلی شی ء كقوله تعالی وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ أی الوصل و المودات و قال الضب الغضب و الحقد و الظاهر أن الضمیر المجرور فی قناعه راجع إلی كل واحد منهما و الباء فی به للسببیة و الضمیر للضب یكشف قناعه الذی استتر به و یظهر حاله بسبب حقده و بغضه فأین المحتسبون أی العاملون لله و الطالبون للأجر و یقال أیضا احتسب علیه أی أنكر و تقدیم الخبر هو إخبار النبی صلی اللّٰه علیه و آله بقتال الناكثین و القاسطین و المارقین و ضمیر فی قوله لهم فی الموضعین للمحتسبین أو للفئة الباغیة و علة ضلتهم هی البغی و الحسد و شبهتهم فی نكث البیعة الطلب بدم
ص: 80
عثمان كما قیل أو المعنی أن لكل ضلالة غالبا علة و لكل ناكث شبهة بخلاف هؤلاء فإنهم یعدلون عن الحق مع وضوحه بغیر عذر و شبهة.
و مستمع اللدم الضبع و اللدم هو صوت الحجر یضرب به الأرض أو حیلة یفعلها الصائد عند باب جحرها فتنام و لا تتحرك حتی یجعل الحبل فی عرقوبها فیخرجها و المعنی لا أغتر و لا أغفل عن كید الأعداء فاستمع الناعی بقتل طائفة من المسلمین و یحضر الباكی علی قتلاهم فلا أحاربهم حتی یحیطوا بی.
و قیل لا أكون كمن یسمع الضرب و البكاء ثم لا یصدق حتی یجی ء لمشاهدة الحال.
و قال الجوهری اللدم ضرب المرأة صدرها و عضدیها فی النیاحة.
«53»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام: عِنْدَ مَسِیرِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ إِلَی الْبَصْرَةِ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَسُولًا هَادِیاً بِكِتَابٍ نَاطِقٍ وَ أَمْرٍ قَائِمٍ لَا یَهْلِكُ عَنْهُ إِلَّا هَالِكٌ وَ إِنَّ الْمُبْتَدَعَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ هُنَّ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ إِلَّا مَا حَفِظَ اللَّهُ مِنْهَا [كَذَا] وَ إِنَّ فِی سُلْطَانِ اللَّهِ عِصْمَةً لِأَمْرِكُمْ فَأَعْطُوهُ طَاعَتَكُمْ غَیْرَ مُلَوَّمَةٍ وَ لَا مُسْتَكْرَهٍ بِهَا وَ اللَّهِ لَتَفْعَلُنَّ أَوْ لَیَنْقُلَنَّ اللَّهُ عَنْكُمْ سُلْطَانَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَا یَنْقُلُهُ إِلَیْكُمْ أَبَداً حَتَّی یَأْرِزَ الْأَمْرُ إِلَی غَیْرِكُمْ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَمَالَئُوا عَلَی سَخْطَةِ إِمَارَتِی وَ سَأَصْبِرُ مَا لَمْ أَخَفْ عَلَی جَمَاعَتِكُمْ فَإِنَّهُمْ إِنْ تَمَّمُوا عَلَی فَیَالَةِ هَذَا الرَّأْیِ انْقَطَعَ نِظَامُ الْمُسْلِمِینَ وَ إِنَّمَا طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْیَا حَسَداً لِمَنْ أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ فَأَرَادُوا رَدَّ الْأُمُورِ عَلَی أَدْبَارِهَا وَ لَكُمْ عَلَیْنَا الْعَمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی وَ سِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْقِیَامُ بِحَقِّهِ وَ النَّعْشُ لِسُنَّتِهِ.
ص: 81
بیان: و أمر قائم أی باق و حكمه غیر منسوخ و قیل أی مستقیم لیس بذی عوج لا یهلك عنه أی معرضا و عادلا عنه إلا هالك أی من بلغ الغایة فی الهلاك و المشبهات بالفتح أی التی أشبهت السنن و لیست منها أو بالكسر أی التی تشبه الأمر علی الناس.
و قوله علیه السلام إلا ما حفظ اللّٰه استثناء من بعض متعلقات المهلكات أی أنها مهلكة فی جمیع الأحوال إلا حال حفظ اللّٰه بالعصمة عن ارتكابها أو كل أحد إلا من حفظه اللّٰه فما بمعنی من.
قوله علیه السلام و إن فی سلطان اللّٰه أو دین اللّٰه أو حجة اللّٰه أو الإمام أی فی طاعته.
قوله علیه السلام غیر ملومة أی مخلصین غیر ملوم صاحبها بأن ینسب إلی النفاق و الریاء.
و فی بعض النسخ علی التفعیل للمبالغة و یروی غیر ملویة أی غیر معوجة من لویت العود إذا عطفته.
قوله حتی یأرز أی ینقبض و ینضم و یجتمع.
إن هؤلاء أی طلحة و الزبیر و عائشة قد تمالئوا أی تساعدوا و اجتمعوا أو تعاونوا و الفیالة الضعف أی إن بقوا علی ضعف رأیهم قطعوا نظام المسلمین و الفی ء الرجوع.
قوله فأرادوا رد الأمور أی أرادوا انتزاع الأمر منه علیه السلام كما انتزع أولا و النعش الرفع و الضمیران فی حقه و سنته راجعان إلی الرسول.
«54»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: فِی ذِكْرِ السَّائِرِینَ إِلَی الْبَصْرَةِ لِحَرْبِهِ
ص: 82
علیه السلام فَقَدِمُوا عَلَی عُمَّالِی وَ خُزَّانِ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ الَّذِی فِی یَدَیَّ وَ عَلَی أَهْلِ مِصْرٍ كُلُّهُمْ فِی طَاعَتِی وَ عَلَی بَیْعَتِی فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ وَ أَفْسَدُوا عَلَی جَمَاعَتِهِمْ وَ وَثَبُوا عَلَی شِیعَتِی فَقَتَلُوا طَائفَةً منْهُمْ غَدْراً وَ طَائِفَةٌ عَضُّوا عَلَی أَسْیَافِهِمْ فَضَارَبُوا حَتَّی لَقُوا اللَّهَ صَادِقِینَ.
توضیح:
شتته فرقه و قال ابن الأثیر فی النهایة أصل العض اللزوم یقال عض علیه عضا و عضیضا إذا لزمه انتهی أی طائفة من الشیعة لزموا سیوفهم و یروی طائفة بالنصب أی و قتلوا طائفة شأنهم ذلك.
«55»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام كَلَّمَ بِهِ بَعْضَ الْعَرَبِ وَ قَدْ أَرْسَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمَّا قَرُبَ علیه السلام مِنْهَا یَعْلَمُ لَهُمْ مِنْهُ حَقِیقَةَ حَالِهِ مَعَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ لِتَزُولَ الشُّبْهَةُ مِنْ نُفُوسِهِمْ فَبَیَّنَ لَهُ علیه السلام مِنْ أَمْرِهِ مَعَهُمْ مَا عَلِمَ بِهِ أَنَّهُ عَلَی الْحَقِّ ثُمَّ قَالَ لَهُ بَایِعْ فَقَالَ إِنِّی رَسُولُ قَوْمٍ وَ لَا أُحْدِثُ حَدَثاً حَتَّی أَرْجِعَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ علیه السلام أَ رَأَیْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِینَ وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِداً تَبْتَغِی لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَیْثِ فَرَجَعْتَ إِلَیْهِمْ وَ أَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْكَلَإِ وَ الْمَاءِ فَخَالَفُوكَ إِلَی الْمَعَاطِشِ وَ الْمَجَادِبِ مَا كُنْتَ صَانِعاً قَالَ كُنْتُ تَارِكَهُمْ وَ مُخَالِفَهُمْ إِلَی الْكَلَإِ وَ الْمَاءِ فَقَالَ لَهُ علیه السلام فَامْدُدْ إِذاً یَدَكَ فَقَالَ الرَّجُلُ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِیَامِ الْحُجَّةِ عَلَیَّ فَبَایَعْتُهُ علیه السلام (2).
و الرجل یعرف بكلیب الجرمی.
ص: 83
بیان: المجادب محال الجدب.
«56»-(1)
نهج، نهج البلاغة مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام: إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ عِنْدَ مَسِیرِهِ مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الْبَصْرَةِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ جَبْهَةِ الْأَنْصَارِ وَ سَنَامِ الْعَرَبِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكُمْ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ حَتَّی یَكُونَ سَمْعُهُ كَعِیَانِهِ إِنَّ النَّاسَ طَعَنُوا عَلَیْهِ فَكُنْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أُكْثِرُ اسْتِعْتَابَهُ وَ أُقِلُّ عِتَابَهُ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ أَهْوَنُ سَیْرِهِمَا فِیهِ الْوَجِیفُ وَ أَرْفَقُ حِدَائِهِمَا الْعَنِیفُ وَ كَانَ مِنْ عَائِشَةَ فِیهِ فَلْتَةُ غَضَبٍ فَأُتِیحَ لَهُ قَوْمٌ قَتَلُوهُ وَ بَایَعَنِی النَّاسُ غَیْرَ مُسْتَكْرَهِینَ وَ لَا مُجْبَرِینَ بَلْ طَائِعِینَ مُخَیَّرِینَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ قَدْ قَلَعَتْ بِأَهْلِهَا وَ قَلَعُوا بِهَا وَ جَاشَتْ جَیْشَ الْمِرْجَلِ وَ قَامَتِ الْفِتْنَةُ عَلَی الْقُطْبِ فَأَسْرِعُوا إِلَی أَمِیرِكُمْ وَ بَادِرُوا جِهَادَ عَدُوِّكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
«57»-(2)
وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام: إِلَیْهِمْ بَعْدَ فَتْحِ الْبَصْرَةِ- وَ جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَحْسَنَ مَا یَجْزِی الْعَامِلِینَ بِطَاعَتِهِ وَ الشَّاكِرِینَ لِنِعْمَتِهِ فَقَدْ سَمِعْتُمْ وَ أَطَعْتُمْ وَ دُعِیتُمْ فَأَجَبْتُمْ.
بیان: أكثر استعتابه أی أكثر طلب العتبی منه و الرجوع إلی ما یرضی به القوم منه و أقل عتابه أی لائمته علی وجه الإذلال و المؤاخذة إما لعدم النفع أو للمصلحة و الوجیف السیر السریع قوله علیه السلام فلتة غضب أی فجاءة غضب و الحاصل أن هؤلاء الثلاثة كانوا أشد الناس علیه فأتیح له أی قدر و هیئ و جاشت غلت و المرجل القدر من النحاس و دار الهجرة المدینة و الغرض إعلامهم باضطراب حال المدینة و أهلها حین علموا بمسیر القوم إلی البصرة للفتنة.
ص: 84
أقول: قال ابن میثم رحمه اللّٰه كتب علیه السلام كتاب الأول حین نزل بماء العذیب متوجها إلی البصرة و بعثه مع الحسن علیه السلام و عمار بن یاسر.
«58»-(1)
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی الشَّرْحِ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ یَسَارٍ الْقُرَشِیِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلِیٌّ علیه السلام الرَّبَذَةَ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْبَصْرَةِ بَعَثَ إِلَی الْكُوفَةِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ وَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ هَذَا الْكِتَابَ یَعْنِی الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ فَحَسْبِی بِكُمْ إِخْوَاناً وَ لِلدِّینِ أَنْصَاراً فَ انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
«59»-وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ قَالَ حَدَّثَنِی الصَّقْعَبُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُنَادَةَ یُحَدِّثُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا نَزَلَ الرَّبَذَةَ بَعَثَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ إِلَی أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ وَ هُوَ الْأَمِیرُ یَوْمَئِذٍ عَلَی الْكُوفَةِ لِیُنَفِّرَ إِلَیْهِ النَّاسَ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ مَعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی بَعَثْتُ إِلَیْكَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ لِتُشْخِصَ إِلَیَّ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لِیَتَوَجَّهُوا إِلَی قَوْمٍ نَكَثُوا بَیْعَتِی وَ قَتَلُوا شِیعَتِی وَ أَحْدَثُوا فِی الْإِسْلَامِ هَذَا الْحَدَثَ الْعَظِیمَ فَاشْخَصْ بِالنَّاسِ إِلَیَّ مَعَهُ حِینَ یَقْدَمُ عَلَیْكَ فَإِنِّی لَمْ أُوَلِّكَ الْمِصْرَ الَّذِی أَنْتَ بِهِ وَ لَمْ أُقِرَّكَ عَلَیْهِ إِلَّا لِتَكُونَ مِنْ أَعْوَانِی عَلَی الْحَقِّ وَ أَنْصَارِی عَلَی هَذَا الْأَمْرِ وَ السَّلَامُ.
ص: 85
«60»-وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ الْكُوفَةَ اسْتَنْفَرَا النَّاسَ فَمَنَعَهُمْ أَبُو مُوسَی فَلَحِقَا بِعَلِیٍّ علیه السلام فَأَخْبَرَاهُ بِالْخَبَرِ.
«61»-وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ: أَنَّ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ دَعَا أَبَا مُوسَی فَقَالَ اتَّبِعْ مَا كَتَبَ بِهِ إِلَیْكَ فَأَبَی ذَلِكَ فَبَعَثَ إِلَی هَاشِمٍ یَتَوَعَّدُهُ فَكَتَبَ إِلَی عَلِیٍّ بِامْتِنَاعِهِ وَ أَنَّهُ شَاقٌّ بَعِیدُ الْوُدِّ ظَاهِرُ الْغِلِّ وَ الشَّنَآنِ وَ أَنَّهُ هَدَّدَهُ بِالسِّجْنِ وَ الْقَتْلِ فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُهُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ أَتَاهُ بِهِ الْمُحِلُّ بْنُ خَلِیفَةَ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَدَّی الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ وَضَعَهُ مَوْضِعَهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ وَ قَدْ وَ اللَّهِ كَرِهُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ بَارَزُوهُ وَ جَاهَدُوهُ فَرَدَّ اللَّهُ كَیْدَهُمْ فِی نُحُورِهِمْ وَ جَعَلَ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَیْهِمْ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَنُجَاهِدَنَّهُمْ مَعَكَ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ حِفْظاً لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ بَیْتِهِ إِذْ صَارُوا أَعْدَاءً لَهُمْ بَعْدَهُ فَرَحَّبَ بِهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ خَیْراً ثُمَّ أَجْلَسَهُ إِلَی جَانِبِهِ وَ قَرَأَ كِتَابَ هَاشِمٍ وَ سَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ وَ عَنْ أَبِی مُوسَی فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَثِقُ بِهِ وَ لَا آمَنُهُ عَلَی خِلَافِكَ إِنْ وَجَدَ مَنْ یُسَاعِدُهُ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَانَ عِنْدِی بِمُؤْتَمَنٍ وَ لَا نَاصِحٍ وَ لَقَدْ أَرَدْتُ عَزْلَهُ فَأَتَانِی الْأَشْتَرُ فَسَأَلَنِی أَنْ أُقِرَّهُ وَ ذَكَرَ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ بِهِ رَاضُونَ فَأَقْرَرْتُهُ.
وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ قَالَ وَ بَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنَ الرَّبَذَةِ بَعْدَ وُصُولِ الْمُحِلِّ بْنِ خَلِیفَةَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ إِلَی أَبِی مُوسَی وَ كَتَبَ مَعَهُمَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ یَا ابْنَ الْحَائِكِ
ص: 86
یَا عَاضَّ أَیْرِ أَبِیهِ فَوَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرَی أَنَّ بَعْدَكَ (1) مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْكَ اللَّهُ لَهُ أَهْلًا وَ لَا جَعَلَ لَكَ فِیهِ نَصِیباً سَیَمْنَعُكَ مِنْ رَدِّ أَمْرِی وَ الِافْتِرَاءِ عَلَیَّ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ ابْنَ أَبِی بَكْرٍ فَخَلِّهِمَا وَ الْمِصْرَ وَ أَهْلَهُ وَ اعْتَزِلْ عَمَلَنَا مَذْؤُماً مَدْحُوراً فَإِنْ فَعَلْتَ وَ إِلَّا فَإِنِّی قَدْ أَمَرْتُهُمَا أَنْ یُنَابِذَاكَ عَلَی سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی كَیْدَ الْخائِنِینَ فَإِذَا ظَهَرَا عَلَیْكَ قَطَعَاكَ إِرْباً إِرْباً وَ السَّلَامُ عَلَی مَنْ شَكَرَ النِّعْمَةَ وَ وَفَی بِالْبَیْعَةِ وَ عَمِلَ بِرَجَاءِ الْعَافِیَةِ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ ابْنُ أَبِی بَكْرٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَمْ یَدْرِ مَا صَنَعَا رَحَلَ عَنِ الرَّبَذَةِ إِلَی ذِی قَارٍ فَنَزَلَهَا قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ ذَا قَارٍ بَعَثَ إِلَی الْكُوفَةِ الْحَسَنَ ابْنَهُ علیه السلام وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ زَیْدَ بْنَ صُوحَانَ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ مَعَهُمْ كِتَابٌ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَقْبَلُوا حَتَّی كَانُوا بِالْقَادِسِیَّةِ فَتَلَقَّاهُمُ النَّاسُ فَلَمَّا دَخَلُوا الْكُوفَةَ قَرَءُوا كِتَابَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ بِالْكُوفَةِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی خَرَجْتُ مَخْرَجِی هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِیاً وَ إِمَّا مَبْغِیّاً عَلَیَّ فَأَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا بَلَغَهُ كِتَابِی هَذَا إِلَّا نَفَرَ إِلَیَّ فَإِنْ كُنْتُ مَظْلُوماً أَعَانَنِی وَ إِنْ كُنْتُ ظَالِماً اسْتَعْتَبَنِی وَ السَّلَامُ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ عَمَّارٌ الْكُوفَةَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِمَا النَّاسُ فَقَامَ الْحَسَنُ فَاسْتَقَرَّ فَاسْتَنْفَرَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا جِئْنَاكُمْ نَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَ إِلَی أَفْقَهِ مَنْ تَفَقَّهَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَعْدَلِ مَنْ تُعَدِّلُونَ وَ أَفْضَلِ مَنْ تُفَضِّلُونَ وَ أَوْفَی مَنْ
ص: 87
تُبَایِعُونَ مَنْ لَمْ یُعْیِهِ الْقُرْآنُ وَ لَمْ تُجَهِّلْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ تَقْعُدْ بِهِ السَّابِقَةُ إِلَی مَنْ قَرَّبَهُ اللَّهُ إِلَی رَسُولِهِ قَرَابَتَیْنِ قَرَابَةَ الدِّینِ وَ قَرَابَةَ الرَّحِمِ إِلَی مَنْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَی كُلِّ مَأْثُرَةٍ إِلَی مَنْ كَفَی اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَ النَّاسُ مُتَخَاذِلُونَ فَقَرُبَ مِنْهُ وَ هُمْ مُتَبَاعِدُونَ وَ صَلَّی مَعَهُ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ وَ قَاتَلَ مَعَهُ وَ هُمْ مُنْهَزِمُونَ وَ بَارَزَ مَعَهُ وَ هُمْ مجمحون [مُحْجِمُونَ وَ صَدَّقَهُ وَ هُمْ مُكَذِّبُونَ إِلَی مَنْ لَمْ تُرَدَّ لَهُ رَایَةٌ وَ لَا تُكَافِئْ لَهُ سَابِقَةٌ وَ هُوَ یَسْأَلُكُمُ النَّصْرَ وَ یَدْعُوكُمْ إِلَی الْحَقِّ وَ یَسْأَلُكُمْ بِالْمَسِیرِ إِلَیْهِ لِتُوَازِرُوهُ وَ تَنْصُرُوهُ عَلَی قَوْمٍ نَكَثُوا بَیْعَتَهُ وَ قَتَلُوا أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ مَثَّلُوا بِعُمَّالِهِ وَ انْتَهَبُوا بَیْتَ مَالِهِ فَاشْخَصُوا إِلَیْهِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ احْضُرُوا بِمَا یَحْضُرُ بِهِ من الصَّالِحُونَ- قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ حَدَّثَنِی جَابِرُ بْنُ یَزِیدَ عَنْ تَمِیمِ بْنِ حِذْیَمٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَیْنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ یَسْتَنْفِرَانِ النَّاسَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَعَهُمَا كِتَابُهُ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ كِتَابِهِ قَامَ الْحَسَنُ وَ هُوَ فَتًی حَدَثٌ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْثِی لَهُ مِنْ حَدَاثَةَ سِنِّهِ وَ صُعُوبَةِ مَقَامِهِ فَرَمَاهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ وَ هُمْ یَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَدِّدْ مَنْطِقَ ابْنِ بِنْتِ نَبِیِّنَا فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی عَمُودٍ یَتَسَانَدُ إِلَیْهِ وَ كَانَ عَلِیلًا مِنْ شَكْوَی بِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِیزِ الْجَبَّارِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْكَبِیرِ الْمُتَعَالِ سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّیْلِ وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ أَحْمَدُهُ عَلَی حُسْنِ الْبَلَاءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ عَلَی مَا أَحْبَبْنَا وَ كَرِهْنَا مِنْ شِدَّةٍ وَ رَخَاءٍ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ امْتَنَّ عَلَیْنَا بِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ وَحْیَهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِهِ وَ أَرْسَلَهُ إِلَی الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ حِینَ عُبِدَتِ الْأَوْثَانُ وَ أُطِیعَ الشَّیْطَانُ وَ جُحِدَ الرَّحْمَنُ فَصَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ جَزَاهُ أَفْضَلَ مَا جَزَی الْمُرْسَلِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا تَعْرِفُونَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ أَرْشَدَ اللَّهُ أَمْرَهُ وَ أَعَزَّ نَصْرَهُ بَعَثَنِی إِلَیْكُمْ یَدْعُوكُمْ إِلَی الصَّوَابِ وَ إِلَی الْعَمَلِ
ص: 88
بِالْكِتَابِ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ إِنْ كَانَ فِی عَاجِلِ ذَاكَ مَا تَكْرَهُونَ فَإِنَّ فِی آجِلِهِ مَا تُحِبُّونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ عَلِیّاً صَلَّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَحْدَهُ وَ أَنَّهُ یَوْمَ صَدَّقَ بِهِ لَفِی عَاشِرَةٍ مِنْ سِنِّهِ ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ جَمِیعَ مَشَاهِدِهِ وَ كَانَ مِنِ اجْتِهَادِهِ فِی مَرْضَاةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ آثَارِهِ الْحَسَنَةِ فِی الْإِسْلَامِ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ وَ لَمْ یَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَاضِیاً عَنْهُ حَتَّی غَمَّضَهُ بِیَدِهِ وَ غَسَّلَهُ وَحْدَهُ وَ الْمَلَائِكَةُ أَعْوَانُهُ وَ الْفَضْلُ ابْنُ عَمِّهِ یَنْقُلُ إِلَیْهِ الْمَاءَ ثُمَّ أَدْخَلَهُ حُفْرَتَهُ وَ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَیْنِهِ وَ عِدَاتِهِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنِّ اللَّهِ عَلَیْهِ ثُمَّ وَ اللَّهِ مَا دَعَاهُمْ إِلَی نَفْسِهِ وَ لَقَدْ تَدَاكَّ النَّاسُ عَلَیْهِ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِیمِ عِنْدَ وُرُودِهَا فَبَایَعُوهُ طَائِعِینَ ثُمَّ نَكَثَ مِنْهُمْ نَاكِثُونَ بِلَا حَدَثٍ أَحْدَثَهُ وَ لَا خِلَافٍ أَتَاهُ حَسَداً لَهُ وَ بَغْیاً عَلَیْهِ فَعَلَیْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْجِدِّ وَ الصَّبْرِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ الْخُفُوفِ إِلَی مَا دَعَاكُمْ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِمَا عَصَمَ بِهِ أَوْلِیَاءَهُ وَ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاكُمْ تَقْوَاهُ وَ أَعَانَنَا وَ إِیَّاكُمْ عَلَی جِهَادِ أَعْدَائِهِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِیمَ لِی وَ لَكُمْ ثُمَّ مَضَی إِلَی الرَّحْبَةِ فَهَیَّأَ مَنْزِلًا لِأَبِیهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لِتَمِیمٍ كَیْفَ أَطَاقَ هَذَا الْغُلَامُ مَا قَدْ قَصَصْتَهُ مِنْ كَلَامِهِ فَقَالَ وَ مَا سَقَطَ عَنِّی مِنْ قَوْلِهِ أَكْثَرُ وَ لَقَدْ حَفِظْتُ بَعْضَ مَا سَمِعْتُ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ لَمَّا فَرَغَ الْحَسَنُ علیه السلام مِنْ خُطْبَتِهِ قَامَ عَمَّارٌ وَ خَطَبَ النَّاسَ وَ اسْتَنْفَرَهُمْ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو مُوسَی خُطْبَتَهُمَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَنَا بِمُحَمَّدٍ فَجَمَعَنَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَ جَعَلَنَا إِخْوَاناً مُتَحَابِّینَ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ وَ حَرَّمَ عَلَیْنَا دِمَاءَنَا وَ أَمْوَالَنَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ قَالَ تَعَالَی وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ ضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ كُفُّوا عَنْ قِتَالِ إِخْوَانِكُمْ
ص: 89
إِلَی آخِرَ خُطْبَتِهِ الْمَلْعُونَةِ الَّتِی تَرْكُهَا أَوْلَی مِنْ ذِكْرِهَا وَ تُنَادِی بِكُفْرِ صَاحِبِهَا وَ نِفَاقِهِ قَالَ فَلَمَّا أَتَتِ الْأَخْبَارُ عَلِیّاً بِاخْتِلَافِ النَّاسِ بِالْكُوفَةِ بَعَثَ الْأَشْتَرَ إِلَیْهَا فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا صَاغِراً قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ لَمَّا نَزَلَ عَلِیٌّ علیه السلام ذَا قَارٍ كَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَی حَفْصَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكِ أَنَّ عَلِیّاً قَدْ نَزَلَ ذَا قَارٍ وَ أَقَامَ بِهَا مَرْعُوباً خَائِفاً لِمَا بَلَغَهُ مِنْ عِدَّتِنَا وَ جَمَاعَتِنَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَشْقَرِ إِنْ تَقَدَّمَ عُقِرَ وَ إِنْ تَأَخَّرَ نُحِرَ فَدَعَتْ حَفْصَةُ جَوَارِیَ لَهَا یَتَغَنَّیْنَ وَ یَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ فَأَمَرَتْهُنَّ أَنْ یَقُلْنَ فِی غِنَائِهِنَّ مَا الْخَبَرُ مَا الْخَبَرُ عَلِیٌّ فِی السَّفَرِ كَالْفَرَسِ الْأَشْقَرِ إِنْ تَقَدَّمَ عُقِرَ وَ إِنْ تَأَخَّرَ نُحِرَ- (1) وَ جَعَلَتْ بَنَاتُ الطُّلَقَاءِ یَدْخُلْنَ عَلَی حَفْصَةَ وَ یَجْتَمِعْنَ لِسَمَاعِ ذَلِكَ الْغِنَاءِ فَبَلَغَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِیٍّ علیه السلام ذَلِكَ فَلَبِسَتْ جَلَابِیبَهَا وَ دَخَلَتْ عَلَیْهِنَّ فِی نِسْوَةٍ مُتَنَكِّرَاتٍ ثُمَّ أَسْفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا فَلَمَّا عَرَفَتْهَا حَفْصَةُ خَجِلَتْ وَ اسْتَرْجَعَتْ فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ لَئِنْ تَظَاهَرْتُمَا عَلَیْهِ الْیَوْمَ لَقَدْ تَظَاهَرْتُمَا عَلَی أَخِیهِ مِنْ قَبْلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیكُمَا مَا أَنْزَلَ (2) فَقَالَتْ حَفْصَةُ كُفِّی رَحِمَكِ اللَّهُ وَ أَمَرَتْ
ص: 90
بِالْكِتَابِ فَمُزِّقَ وَ اسْتَغْفَرَتِ اللَّهَ- (1) فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فِی ذَلِكَ:
عَذَرْنَا الرِّجَالَ بِحَرْبِ الرِّجَالِ***فَمَا لِلنِّسَاءِ وَ مَا لِلسِّبَابِ
أَ مَا حَسْبُنَا مَا أَتَیْنَا بِهِ***لَكَ الْخَیْرُ مِنْ هَتْكِ ذَاكَ الْحِجَابِ
وَ مَخْرَجُهَا الْیَوْمَ مِنْ بَیْتِهَا ***یُعَرِّفُهَا الذَّنْبَ نَبْحُ الْكِلَابِ
إِلَی أَنْ أَتَاهَا كِتَابٌ لَهَا*** مَشُومٌ فَیَا قُبْحَ ذَاكَ الْكِتَابِ
أقول: الأیر الذكر و قال ابن الأثیر فی النهایة و فیه
من تعزی بعزاء الجاهلیة فأعضوه بهن أبیه و لا تكنوا.
أی فقولوا له اعضض بأیر أبیك و لا تكنوا بالأیر عن الهن تنكیرا له و تأدیبا.
و أیضا قال فی مادة أیر فی
حدیث علی علیه السلام من یطل أیر أبیه ینطق به.
هذا مثل ضربه أی من كثرت إخوته اشتد ظهره بهم انتهی.
و لعل المعنی هنا أخذه بسنة أبیه الكافر و لزومه بجهله و عصبیته و معایبه أو قلة أعوانه و أنصاره و دناءته
ص: 91
«62»-و ذكر المفید قدس سره فی كتاب الكافیة قصة حفصة بسندین آخرین نحوا مما مر.
«63»-الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ، رَوَوْا أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا بَلَغَهُ وَ هُوَ بِالرَّبَذَةِ خَبَرُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ قَتْلِهِمَا حَكِیمَ بْنَ جَبَلَةَ وَ رِجَالًا مِنَ الشِّیعَةِ وَ ضَرْبِهِمَا عُثْمَانَ بْنَ حُنَیْفٍ وَ قَتْلِهِمَا السَّبَابِجَةَ قَامَ عَلَی الْغَرَائِرِ فَقَالَ إِنَّهُ أَتَانِی خَبَرٌ مُتَفَظَّعٌ وَ نَبَأٌ جَلِیلٌ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَرَدَا الْبَصْرَةَ فَوَثَبَا عَلَی عَامِلِی فَضَرَبَاهُ ضَرْباً مُبَرِّحاً وَ تُرِكَ لَا یُدْرَی أَ حَیٌّ هُوَ أَمْ مَیِّتٌ وَ قَتَلَا الْعَبْدَ الصَّالِحَ حَكِیمَ بْنَ جَبَلَةَ فِی عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِ الْمُسْلِمِینَ الصَّالِحِینَ لَقُوا اللَّهَ مُوفُونَ بِبَیْعَتِهِمْ مَاضِینَ عَلَی حَقِّهِمْ وَ قَتَلَا السَّبَابِجَةَ خُزَّانَ بَیْتِ الْمَالِ الَّذِی لِلْمُسْلِمِینَ قَتَلُوهُمْ [طَائِفَةً مِنْهُمْ صَبْراً وَ قَتَلُوا طَائِفَةً منْهُمْ غَدْراً فَبَكَی النَّاسُ بُكَاءً شَدِیداً وَ رَفَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَدَیْهِ یَدْعُو وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ اجْزِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ جَزَاءَ الظَّالِمِ الْفَاجِرِ وَ الْخُفُورِ الْغَادِرِ.
«64»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی ذِكْرِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ فَخَرَجُوا یَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَمَا تُجَرُّ الْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا مُتَوَجِّهِینَ بِهَا الْبَصْرَةَ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِی بُیُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِیسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَهُمَا وَ لِغَیْرِهِمَا فِی جَیْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَ قَدْ أَعْطَانِیَ الطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِی بِالْبَیْعَةِ طَائِعاً غَیْرَ مُكْرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَی عَامِلِی بِهَا وَ خُزَّانِ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ وَ غَیْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً فَوَ اللَّهِ لَوْ لَمْ یُصِیبُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مُعْتَمِدِینَ لِقَتْلِهِ بِلَا جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِی قَتْلُ ذَلِكَ الْجَیْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ یُنْكِرُوهُ وَ لَمْ یَدْفَعُوا بِلِسَانٍ وَ لَا بِیَدٍ دَعْ مَا إِنَّهُمْ
ص: 92
قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِی دَخَلُوا بِهَا عَلَیْهِمْ.
بیان: الحرمة ما یحرم انتهاكه و المراد بها هنا الزوجة كالحبیس و الضمیر فی حبسا راجع إلی طلحة و الزبیر و قوله علیه السلام صبرا أی بعد الأسر و غدرا أی بعد الأمان قوله علیه السلام جره أی جذبه أو من الجریرة قال فی القاموس الجر الجذب و الجریرة الذنب جر علی نفسه و غیره جریرة یجرها بالضم و الفتح جرا.
قال ابن میثم (1) فإن قلت المفهوم من هذا الكلام تعلیل جواز قتله علیه السلام لذلك الجیش بعدم إنكارهم للمنكر فهل یجوز قتل من لم ینكر المنكر قلت أجاب ابن أبی الحدید عنه فقال یجوز قتلهم لأنهم اعتقدوا ذلك القتل مباحا كمن یعتقد إباحة الزنا و شرب الخمر.
و أجاب الراوندی رحمه اللّٰه بأن جواز قتلهم لدخولهم فی عموم قوله تعالی إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا الآیة و هؤلاء قد حاربوا رسول اللّٰه
لقوله صلی اللّٰه علیه و آله یا علی حربك حربی.
و سعوا فی الأرض بالفساد.
و اعترض المجیب الأول علیه فقال الإشكال إنما هو فی التعلیل بعدم إنكار المنكر و التعلیل بعموم الآیة لا ینفعه.
و أقول: الجواب الثانی أسد و الجواب الأول ضعیف لأن القتل و إن وجب علی من اعتقد إباحة ما علم من الدین ضرورة لكن هؤلاء كان جمیع ما فعلوه من القتل و الخروج بالتأویل و إن كان معلوم الفساد فظهر الفرق بین اعتقاد حل الخمر و الزنا و بین اعتقاد هؤلاء إباحة ما فعلوه.
ص: 93
و أما الاعتراض علی الجواب الثانی فضعیف أیضا لأن له أن یقول إن قتل المسلم إذا صدر عن بعض الجیش و لم ینكر الباقون مع تمكنهم و حضورهم كان ذلك قرینة علی الرضا من جمیعهم و الراضی بالقتل شریك القاتل خصوصا إذا كان معروفا بصحبته و الاتحاد به لاتحاد بعض الجیش ببعض و كان خروج ذلك الجیش علی الإمام محاربة لله و لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله و سعیا فی الأرض بالفساد و ذلك عین مقتضی الآیة انتهی ملخص كلامه.
و یمكن أن یجاب عن اعتراضه علی الجواب بأن هؤلاء كانوا مدعین لشبهة لم تكن شبهة محتملة لأنهم خرجوا علی الإمام بعد البیعة طائعین غیر مكرهین كما ذكره علیه السلام مع أن الاحتمال كاف له فتأمل.
و یمكن الجواب عن أصل السؤال بأن التعلیل لیس بعدم إنكار المنكر مطلقا بل بعدم إنكار هؤلاء لهذا المنكر الخاص أی قتل واحد من المسلمین المعاونین للإمام علیه السلام بالخروج علیه و ربما یشعر بذلك قوله علیه السلام لحل لی قتل ذلك الجیش.
و یمكن حمل كلام الراوندی علی ذلك و أما ما ذكره أخیرا من جواز قتل الراضی بالقتل فإن أراد الحكم كلیا فلا یخفی إشكاله و إن أراد فی هذه المادة الخاصة فصحیح.
و یرد علی جواب ابن أبی الحدید مثل ما أورده هو علی الراوندی رحمه اللّٰه بأن الإشكال إنما هو فی التعلیل بعدم إنكار المنكر لا فی استحلال القتل و لو قدر فی كلامه علیه السلام كأن یقول المراد إذ حضروه مستحلین فلم ینكروا لأمكن للراوندی أن یقول إذ حضروه محاربین.
و لو أجاب بأن الحضور مع عدم الإنكار هو الاستحلال فبطلانه ظاهر مع أن للراوندی رحمه اللّٰه أن یقول الحضور فی جیش قد قتل بعضهم أحدا من أتباع الإمام من حیث إنه من شیعته مع عدم الإنكار و الدفع محاربة لله و لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله و لا ریب أنه كذلك.
ص: 94
«65»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی مَعْنَی طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ أَنَا عَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ اللَّهِ مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ إِلَّا خَوْفاً مِنْ أَنْ یُطَالَبَ بِدَمِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَظِنَّتَهُ وَ لَمْ یَكُنْ فِی الْقَوْمِ أَحْرَصُ عَلَیْهِ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ یُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِیهِ لِیَلْتَبِسَ الْأَمْرُ وَ یَقَعَ الشَّكُّ وَ وَ اللَّهِ مَا صَنَعَ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ یَزْعُمُ لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یُؤَازِرَ قَاتِلِیهِ أَوْ یُنَابِذَ نَاصِرِیهِ وَ لَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَكُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِینَ عَنْهُ وَ الْمُعَذِّرِینَ فِیهِ وَ لَئِنْ كَانَ فِی شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَعْتَزِلَهُ وَ یَرْكُدَ جَانِباً وَ یَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلَاثِ وَ جَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ یُعْرَفْ بَابُهُ وَ لَمْ یَسْلَمْ مَعَاذِیرُهُ.
بیان: قوله علیه السلام قد كنت قال ابن أبی الحدید كان هاهنا تامة و الواو للحال أی خلقت و وجدت بهذه الصفة و یجوز أن یكون الواو زائدة و كان ناقصة و خبرها ما أهدد و تجرد فی الأرض أی جد فیه ذكره الجوهری.
و قال ابن الأثیر فی مادة جلب من كتاب النهایة و فی حدیث علی علیه السلام أراد أن یغالط بما أجلب فیه یقال أجلبوا علیه إذا تجمعوا و تألبوا و أجلبه أی أعانه و أجلب علیه إذا صاحبه و استحثه.
و قال الجوهری لبست علیه الأمر ألبس خلطت و قال أعذر أی صار
ص: 95
ذا عذر و فی النهایة فما نهنهها شی ء دون العرش أی ما منعها و كفها عن الوصول إلیه و الركود السكون و الثبات.
«66»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَ قَدْ كَانَ بَعَثَهُ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ لَمَّا جَاءَ إِلَی الْبَصْرَةِ یُذَكِّرُهُمَا شَیْئاً مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فِی مَعْنَاهُمَا فَلَوَی عَنْ ذَلِكَ فَرَجَعَ إِلَیْهِ فَقَالَ إِنِّی أُنْسِیتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَقَالَ علیه السلام لَهُ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَضَرَبَكَ اللَّهُ بِهَا بَیْضَاءَ لَامِعَةً لَا تُوَارِیهَا الْعِمَامَةُ یَعْنِی الْبَرَصَ فَأَصَابَ أَنَساً هَذَا الدَّاءُ فِیمَا بَعْدُ فِی وَجْهِهِ فَكَانَ لَا یُرَی إِلَّا مُتَبَرْقَعاً.
«67»-(2)
ج، الإحتجاج احْتِجَاجُهُ علیه السلام عَلَی النَّاكِثِینَ فِی خُطْبَةٍ خَطَبَهَا حِینَ نَكَثُوهَا فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ ذُو الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ اخْتَارَ خِیَرَةً مِنْ خَلْقِهِ وَ اصْطَفَی صَفْوَةً مِنْ عِبَادِهِ وَ أَرْسَلَ رَسُولًا مِنْهُمْ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ كِتَابَهُ وَ شَرَعَ لَهُ دِینَهُ وَ فَرَضَ فَرَائِضَهُ فَكَانَتِ الْجُمْلَةُ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ حَیْثُ أَمَرَ فَقَالَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَهُوَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ خَاصَّةً دُونَ غَیْرِنَا فَانْقَلَبْتُمْ عَلَی أَعْقَابِكُمْ وَ ارْتَدَدْتُمْ وَ نَقَضْتُمُ الْأَمْرَ وَ نَكَثْتُمُ الْعَهْدَ وَ لَمْ تَضُرُّوا اللَّهَ شَیْئاً وَ قَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَرُدُّوا الْأَمْرَ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ إِلَی أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمُ الْمُسْتَنْبِطِینَ لِلْعِلْمِ فَأَقْرَرْتُمْ ثُمَّ جَحَدْتُمْ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ لَكُمْ أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ وَ الْإِیمَانِ وَ آلَ إِبْرَاهِیمَ بَیَّنَهُ اللَّهُ لَهُمْ فَحَسَدُوهُ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفی بِجَهَنَّمَ سَعِیراً فَنَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ فَقَدْ حُسِدْنَا كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا
ص: 96
وَ أَوَّلُ مَنْ حُسِدَ آدَمُ الَّذِی خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِیَدِهِ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی الْعَالَمِینَ فَحَسَدَهُ الشَّیْطَانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ ثُمَّ حَسَدَ قَابِیلُ هَابِیلَ فَقَتَلَهُ فَكَانَ مِنَ الْخاسِرِینَ وَ نُوحٌ علیه السلام حَسَدَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ وَ لِلَّهِ الْخِیَرَةُ یَخْتَارُ مَنْ یَشَاءُ وَ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ یُؤْتِی الْحِكْمَةَ وَ الْعِلْمَ مَنْ یَشَاءُ ثُمَّ حَسَدُوا نَبِیَّنَا صلی اللّٰه علیه و آله أَلَا وَ نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنَّا الرِّجْسَ وَ نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ قَالَ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ فَنَحْنُ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْرَاهِیمَ وَ نَحْنُ وَرِثْنَاهُ وَ نَحْنُ أُولُو الْأَرْحَامِ الَّذِینَ وَرِثْنَا الْكَعْبَةَ وَ نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ أَ فَتَرْغَبُونَ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی یَا قَوْمِ أَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ إِلَی كِتَابِهِ وَ إِلَی وَلِیِّ أَمْرِهِ وَ إِلَی وَصِیِّهِ وَ إِلَی وَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَاسْتَجِیبُوا لَنَا وَ اتَّبِعُوا آلَ إِبْرَاهِیمَ وَ اقْتَدُوا بِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَنَا آلَ إِبْرَاهِیمَ فَرْضاً وَاجِباً وَ الْأَفْئِدَةُ مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْنَا وَ ذَلِكَ دَعْوَةُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام حَیْثُ قَالَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ فَهَلْ نَقَمْتُمْ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنْزِلَ عَلَیْنَا وَ لَا تَتَفَرَّقُوا فَتَضِلُّوا وَ اللَّهُ شَهِیدٌ عَلَیْكُمْ وَ قَدْ أَنْذَرْتُكُمْ وَ دَعَوْتُكُمْ وَ أَرْشَدْتُكُمْ ثُمَّ أَنْتُمْ وَ مَا تَخْتَارُونَهُ.
«68»-(1)
ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ
ص: 97
عَلِیٍّ علیه السلام حِینَ دَخَلَ عَلَیْهِ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ فَأَبَی أَنْ یَأْذَنَ لَهُمَا وَ قَدْ قَالَ قَدِ اعْتَمَرْتُمَا فَأَعَادَا عَلَیْهِ الْكَلَامَ فَأَذِنَ لَهُمَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا یُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ قُلْتُ فَلَا تَأْذَنْ لَهُمَا فَرَدَّهُمَا ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا تُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ وَ مَا تُرِیدَانِ إِلَّا نَكْثاً لِبَیْعَتِكُمَا وَ إِلَّا فُرْقَةً لِأُمَّتِكُمَا فَحَلَفَا لَهُ فَأَذِنَ لَهُمَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا یُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ قُلْتُ فَلِمَ أَذِنْتَ لَهُمَا قَالَ حَلَفَا لِی بِاللَّهِ قَالَ فَخَرَجَا إِلَی مَكَّةَ فَدَخَلَا عَلَی عَائِشَةَ فَلَمْ یَزَالا بِهَا حَتَّی أَخْرَجَاهَا.
«69»-(1)
شاج، الإرشاد و الإحتجاج وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ تَوَجُّهِهِمَا إِلَی مَكَّةَ لِلِاجْتِمَاعِ مَعَ عَائِشَةَ فِی التَّأْلِیبِ عَلَیْهِ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ أَثْنَی عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لِلنَّاسِ كَافَّةً وَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ فَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَ بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَلَمَّ بِهِ الصَّدْعَ وَ رَتَقَ بِهِ الْفَتْقَ وَ آمَنَ بِهِ السُّبُلَ وَ حَقَنَ بِهِ الدِّمَاءَ وَ أَلَّفَ بِهِ بَیْنَ ذَوِی الْإِحَنِ وَ الْعَدَاوَةِ وَ الْوَغْرِ فِی الصُّدُورِ وَ الضَّغَائِنِ الرَّاسِخَةِ فِی الْقُلُوبِ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ حَمِیداً لَمْ یُقَصِّرْ فِی الْغَایَةِ الَّتِی إِلَیْهَا أَدَّی الرِّسَالَةَ وَ لَا بَلَّغَ شَیْئاً كَانَ فِی التَّقْصِیرِ عَنْهُ الْقَصْدُ وَ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ مَا كَانَ مِنَ التَّنَازُعِ فِی الْإِمْرَةِ فَتَوَلَّی أَبُو بَكْرٍ وَ بَعْدَهُ عُمَرُ ثُمَّ تَوَلَّی عُثْمَانُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ أَتَیْتُمُونِی فَقُلْتُمْ بَایِعْنَا فَقُلْتُ لَا أَفْعَلُ قُلْتُمْ بَلَی فَقُلْتُ لَا وَ قَبَضْتُ یَدِی فَبَسَطْتُمُوهَا وَ نَازَعْتُكُمْ فَجَذَبْتُمُوهَا وَ حَتَّی تَدَاكَكْتُمْ عَلَیَّ كَتَدَاكُكِ الْإِبِلِ الْهِیمِ عَلَی حِیَاضِهَا یَوْمَ وُرُودِهَا حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ قَاتِلِیَّ وَ أَنَّ بَعْضَكُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ وَ بَسَطْتُ یَدِی
ص: 98
فَبَایَعْتُمُونِی مُخْتَارِینَ وَ بَایَعَنِی فِی أَوَّلِكُمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ ثُمَّ لَمْ یَلْبَثَا أَنِ اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّهُمَا أَرَادَا الْغَدْرَةَ فَجَدَّدْتُ عَلَیْهِمَا الْعَهْدَ فِی الطَّاعَةِ وَ أَنْ لَا یَبْغِیَا الْأُمَّةَ الْغَوَائِلَ فَعَاهَدَانِی ثُمَّ لَمْ یَفِیَا لِی وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ نَقَضَا عَهْدِی فَعَجَباً لَهُمَا مِنِ انْقِیَادِهِمَا لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ خِلَافِهِمَا لِی وَ لَسْتُ بِدُونِ أَحَدِ الرَّجُلَیْنِ وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ اللَّهُمَّ اغْضَبْ عَلَیْهِمَا بِمَا صَنَعَا وَ أَظْفِرْنِی بِهِمَا.
بیان: اللم الإصلاح و الجمع و الإحن كعنب جمع إحنة بالكسر و هی الحقد و یقال فی صدره علی وغر بالتسكین أی ضغن و عداوة و توقد من الغیظ و المصدر بالتحریك قوله علیه السلام و لو شئت أن أقول لقلت كنایة أبلغ من الصریح فی ذم الرجلین و كفرهما.
«70»-(1)
ج، الإحتجاج وَ قَالَ علیه السلام فِی أَثْنَاءِ كَلَامٍ آخَرَ وَ هَذَا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ لَیْسَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ لَا مِنْ ذُرِّیَّةِ الرَّسُولِ حِینَ رَأَیَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ رَدَّ عَلَیْنَا حَقَّنَا بَعْدَ أَعْصُرٍ فَلَمْ یَصْبِرَا حَوْلًا كَامِلًا وَ لَا شَهْراً كَامِلًا حَتَّی وَثَبَا عَلَی دَأْبِ الْمَاضِینَ قَبْلَهُمَا لِیَذْهَبَا بِحَقِّی وَ یُفَرِّقَا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ عَنِّی ثُمَّ دَعَا عَلَیْهِمَا.
«71»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الضَّبِّیِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ نَصْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَیْدِیِّ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ رُسُلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنْ عِنْدِ طَلْحَةَ
ص: 99
وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ یُؤْذِنُونَهُ بِالْحَرْبِ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ رَاقَبْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ كَیْمَا یَرْعَوُوا وَ یَرْجِعُوا وَ قَدْ وَبَّخْتُهُمْ بِنَكْثِهِمْ وَ عَرَّفْتُهُمْ بَغْیَهُمْ فَلَیْسُوا یَسْتَجِیبُونَ أَلَا وَ قَدْ بَعَثُوا إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ فَإِنَّمَا مَنَّتْكَ نَفْسُكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْأَبَاطِیلِ هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ أَنَا عَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ التَّأْیِیدِ وَ الظَّفَرِ وَ إِنِّی لَعَلَی یَقِینٍ مِنْ رَبِّی وَ فِی غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ أَمْرِی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ لَیْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحِیصٌ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ یَمُتْ (1) إِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسُ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ لَأَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ مَوْتٍ عَلَی فِرَاشٍ یَا عَجَباً لِطَلْحَةَ أَلَّبَ عَلَی ابْنِ عَفَّانَ حَتَّی إِذَا قُتِلَ أَعْطَانِی صَفْقَةَ یَمِینِهِ طَائِعاً ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ طَفِقَ یَنْعَی ابْنَ عَفَّانَ ظَالِماً وَ جَاءَ یَطْلُبُنِی یَزْعُمُ بِدَمِهِ وَ اللَّهِ مَا صَنَعَ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ یَزْعُمُ حِینَ حَصَرَهُ وَ أَلَّبَ عَلَیْهِ إِنَّهُ كَانَ لَیَنْبَغِی أَنْ یُؤَازِرَ قَاتِلِیهِ وَ أَنْ یُنَابِذَ نَاصِرِیهِ وَ إِنْ كَانَ فِی تِلْكَ الْحَالِ مَظْلُوماً إِنَّهُ لَیَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ مَعَهُ وَ إِنْ كَانَ فِی شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی أَنْ یَعْتَزِلَهُ وَ یَلْزَمَ بَیْتَهُ وَ یَدَعَ النَّاسَ جَانِباً فَمَا فَعَلَ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ وَاحِدَةً وَ هَا هُوَ ذَا قَدْ أَعْطَانِی صَفْقَةَ یَمِینِهِ غَیْرَ مَرَّةٍ ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتَهُ اللَّهُمَّ فَخُذْهُ وَ لَا تُمْهِلْهُ أَلَا وَ إِنَّ الزُّبَیْرَ قَطَعَ رَحِمِی وَ قَرَابَتِی وَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ نَصَبَ لِیَ الْحَرْبَ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ لِی اللَّهُمَّ فَاكْفِنِیهِ بِمَ شِئْتَ.
ص: 100
«72»-(1)
جا، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ یَزِیدَ الْجُعْفِیَّ یَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام یَقُولُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی النَّاكِثِینَ بِالْبَصْرَةِ نَزَلَ الرَّبَذَةَ فَلَمَّا ارْتَحَلَ مِنْهَا لَقِیَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِیفَةَ الطَّائِیُّ وَ قَدْ نَزَلَ بِمَنْزِلٍ یُقَالُ لَهُ قَائِدٌ (2) فَقَرَّبَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی رَدَّ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ وَضَعَهُ فِی مَوْضِعِهِ كَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ أَمْ سُرُّوا بِهِ فَقَدْ وَ اللَّهِ كَرِهُوا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَابَذُوهُ وَ قَاتَلُوهُ فَرَدَّ اللَّهُ كَیْدَهُمْ فِی نُحُورِهِمْ وَ جَعَلَ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَیْهِمْ وَ اللَّهِ لَنُجَاهِدَنَّ مَعَكَ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ حِفْظاً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَرَحَّبَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَجْلَسَهُ إِلَی جَنْبِهِ وَ كَانَ لَهُ حَبِیباً وَ وَلِیّاً وَ أَخَذَ یُسَائِلُهُ عَنِ النَّاسِ إِلَی أَنْ سَأَلَهُ عَنْ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَنَا وَاثِقٌ بِهِ وَ مَا آمَنُ عَلَیْكَ خِلَافَهُ إِنْ وَجَدَ مُسَاعِداً عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا كَانَ عِنْدِی مُؤْتَمَناً وَ لَا نَاصِحاً وَ لَقَدْ كَانَ الَّذِینَ تَقَدَّمُونِی اسْتَوْلَوْا عَلَی مَوَدَّتِهِ وَ وَلَّوْهُ وَ سَلَّطُوهُ بِالْإِمْرَةِ عَلَی النَّاسِ وَ لَقَدْ أَرَدْتُ عَزْلَهُ فَسَأَلَنِیَ الْأَشْتَرُ فِیهِ وَ أَنْ أُقِرَّهُ فَأَقْرَرْتُهُ عَلَی كُرْهٍ مِنِّی لَهُ وَ عَمِلْتُ عَلَی صَرْفِهِ مِنْ بَعْدُ قَالَ فَهُوَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فِی هَذَا وَ نَحْوِهِ إِذْ أَقْبَلَ سَوَادٌ كَثِیرٌ مِنْ قِبَلِ جِبَالِ
ص: 101
طَیِ ءٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام انْظُرُوا مَا هَذَا السَّوَادُ وَ قَدْ ذَهَبَتِ الْخَیْلُ تَرْكُضُ فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ رَجَعَتْ فَقِیلَ هَذِهِ طَیِ ءٌ قَدْ جَاءَتْكَ تَسُوقُ الْغَنَمَ وَ الْإِبِلَ وَ الْخَیْلَ فَمِنْهُمْ مَنْ جَاءَكَ بِهَدَایَاهُ وَ كَرَامَتِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یُرِیدُ النُّفُوذَ مَعَكَ إِلَی عَدُوِّكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَزَی اللَّهُ طَیّاً خَیْراً وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ أَجْراً عَظِیماً فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَیْهِ سَلَّمُوا عَلَیْهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِیفَةَ فَسَرَّنِی وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ وَ حُسْنِ هَیْئَتِهِمْ وَ تَكَلَّمُوا فَأَقَرُّوا وَ اللَّهِ لِعَیْنِی مَا رَأَیْتُ خَطِیباً أَبْلَغَ مِنْ خَطِیبِهِمْ وَ قَامَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِیُّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی كُنْتُ أَسْلَمْتُ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَدَّیْتُ الزَّكَاةَ عَلَی عَهْدِهِ وَ قَاتَلْتُ أَهْلَ الرِّدَّةِ مِنْ بَعْدِهِ أَرَدْتُ بِذَلِكَ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَ عَلَی اللَّهِ ثَوَابُ مَنْ أَحْسَنَ وَ اتَّقَی وَ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نَكَثُوا بَیْعَتَكَ وَ خَالَفُوا عَلَیْكَ ظَالِمِینَ فَأَتَیْنَاكَ لِنَنْصُرَكَ بِالْحَقِّ فَنَحْنُ بَیْنَ یَدَیْكَ فَمُرْنَا بِمَا أَحْبَبْتَ ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:
فَنَحْنُ نَصَرْنَا اللَّهَ مِنْ قَبْلِ ذَاكُمْ ***وَ أَنْتَ بِحَقٍّ جِئْتَنَا فَسَنَنْصُرُ
سَنَكْفِیكَ دُونَ النَّاسِ طُرّاً بِنَصْرِنَا*** وَ أَنْتَ بِهِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْدَرُ
فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ حَیٍّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ خَیْراً فَقَدْ أَسْلَمْتُمْ طَائِعِینَ وَ قَاتَلْتُمُ الْمُرْتَدِّینَ وَ نَوَیْتُمْ نَصْرَ الْمُسْلِمِینَ وَ قَامَ سَعِیدُ بْنُ عُبَیْدٍ الْبَخْتَرِیُّ مِنْ بَنِی بَخْتَرٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقْدِرُ أَنْ یُعَبِّرَ بِلِسَانِهِ عَمَّا فِی قَلْبِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَا یَقْدِرُ أَنْ یُبَیِّنَ مَا یَجِدُهُ فِی نَفْسِهِ بِلِسَانِهِ فَإِنْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ شَقَّ عَلَیْهِ وَ إِنْ سَكَتَ عَمَّا فِی قَلْبِهِ بَرَّحَ بِهِ الْهَمُّ وَ الْبَرَمُ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا كُلُّ مَا فِی نَفْسِی أَقْدِرُ أَنْ أُؤَدِّیَهُ إِلَیْكَ بِلِسَانِی وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ لَأَجْهَدَنَّ عَلَی أَنْ أُبَیِّنَ لَكَ وَ اللَّهُ وَلِیُّ التَّوْفِیقِ أَمَّا أَنَا فَإِنِّی نَاصِحٌ لَكَ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ مُقَاتِلٌ مَعَكَ الْأَعْدَاءَ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ وَ أَرَی لَكَ مِنَ الْحَقِّ مَا لَمْ أَكُنْ أَرَاهُ لِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ لَا لِأَحَدٍ الْیَوْمَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِكَ لِفَضِیلَتِكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتِكَ مِنَ الرَّسُولِ وَ لَنْ أُفَارِقَكَ أَبَداً حَتَّی تَظْفَرَ أَوْ أَمُوتَ بَیْنَ یَدَیْكَ
ص: 102
فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَدْ أَدَّی لِسَانُكَ مَا یَجِدُ ضَمِیرُكَ لَنَا (1) وَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَكَ الْعَافِیَةَ وَ یُثِیبَكَ الْجَنَّةَ وَ تَكَلَّمَ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَمَا حَفِظْتُ غَیْرَ كَلَامِ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ ثُمَّ ارْتَحَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ اتَّبَعَهُ مِنْهُمْ سِتُّمِائَةِ رَجُلٍ حَتَّی نَزَلَ ذَا قَارٍ فَنَزَلَهَا فِی أَلْفٍ وَ ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ.
«73»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ عَنْ قَیْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلِیٌّ بِالرَّبَذَةِ سَأَلْتُ عَنْ قُدُومِهِ إِلَیْنَا فَقِیلَ خَالَفَ عَلَیْهِ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَائِشَةُ وَ صَارُوا إِلَی الْبَصْرَةِ فَخَرَجَ یُرِیدُهُمْ فَصِرْتُ إِلَیْهِ فَجَلَسْتُ حَتَّی صَلَّی الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَامَ إِلَیْهِ ابْنُهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَجَلَسَ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ بَكَی وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی لَا أَسْتَطِیعُ أَنْ أُكَلِّمَكَ وَ بَكَی فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَبْكِ یَا بُنَیَّ وَ تَكَلَّمْ وَ لَا تَحِنَّ حَنِینَ الْجَارِیَةِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ الْقَوْمَ حَصَرُوا عُثْمَانَ یَطْلُبُونَهُ بِمَا یَطْلُبُونَهُ إِمَّا ظَالِمُونَ أَوْ مَظْلُومُونَ فَسَأَلْتُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ النَّاسَ وَ تَلْحَقَ بِمَكَّةَ حَتَّی تَؤُبَّ الْعَرَبُ وَ تَعُودَ إِلَیْهَا أَحْلَامُهَا وَ تَأْتِیَكَ وُفُودُهَا فَوَ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ فِی جُحْرِ ضَبٍّ لَضَرَبَتْ إِلَیْكَ الْعَرَبُ آبَاطَ الْإِبِلِ حَتَّی تَسْتَخْرِجَكَ مِنْهُ
ص: 103
ثُمَّ خَالَفَكَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَسَأَلْتُكَ أَنْ لَا تَتْبَعَهُمَا وَ تَدَعَهُمَا فَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ فَذَاكَ وَ إِنِ اخْتَلَفَتْ رَضِیتَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَ أَنَا الْیَوْمَ أَسْأَلُكَ أَنْ لَا تَقْدَمَ الْعِرَاقَ وَ أَذْكُرَكَ بِاللَّهِ أَنْ لَا تُقْتَلَ بِمَضِیعَةٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عُثْمَانَ حُصِرَ فَمَا ذَاكَ وَ مَا عَلَیَّ مِنْهُ وَ قَدْ كُنْتُ بِمَعْزِلٍ عَنْ حَصْرِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ ائْتِ مَكَّةَ فَوَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأَكُونَ الرَّجُلَ الَّذِی یُسْتَحَلُّ بِهِ مَكَّةُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ اعْتَزِلِ الْعِرَاقَ وَ دَعْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ فَوَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأَكُونَ كَالضَّبُعِ تَنْتَظِرُ حَتَّی یَدْخُلَ عَلَیْهَا طَالِبُهَا فَیَضَعَ الْحَبْلَ فِی رِجْلِهَا حَتَّی یَقْطَعَ عُرْقُوبَهَا ثُمَّ یُخْرِجَهَا فَیُمَزِّقَهَا إِرْباً إِرْباً وَ لَكِنَّ أَبَاكَ یَا بُنَیَّ یَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَی الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْهُ وَ بِالسَّامِعِ الْمُطِیعِ الْعَاصِیَ الْمُخَالِفَ أَبَداً حَتَّی یَأْتِیَ عَلَیَّ یَوْمِی فَوَ اللَّهِ مَا زَالَ أَبُوكَ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّهِ مُسْتَأْثَراً عَلَیْهِ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی یَوْمِ النَّاسِ هَذَا فَكَانَ طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ أَیَّ وَقْتٍ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِیثِ بَكَی.
«74»-(1)
جا، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَبِی عَوَانَةَ مُوسَی بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی قَیْسٍ عَنْ مَیْسَرَةَ بْنِ حَبِیبٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِی رَجُلٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ قَالَ:
ص: 104
كُنَّا مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِذِی قَارٍ وَ نَحْنُ نَرَی أَنَّا سَنُخْتَطَفُ فِی یَوْمِنَا فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَنَظْهَرَنَّ عَلَی هَذِهِ الْفِرْقَةِ وَ لَنَقْتُلَنَّ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ یَعْنِی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ لَنَسْتَبِیحَنَّ عَسْكَرَهُمَا قَالَ التَّمِیمِیُّ فَأَتَیْتُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ أَ مَا تَرَی إِلَی ابْنِ عَمِّكَ وَ مَا یَقُولُ فَقَالَ لَا تَعْجَلْ حَتَّی نَنْظُرَ مَا یَكُونُ قَالَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْبَصْرَةِ مَا كَانَ أَتَیْتُهُ فَقُلْتُ لَا أَرَی ابْنَ عَمِّكَ إِلَّا قَدْ صَدَقَ فَقَالَ وَیْحَكَ إِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَهِدَ إِلَیْهِ ثَمَانِینَ عَهْداً لَمْ یَعْهَدْ شَیْئاً مِنْهَا إِلَی أَحَدٍ غَیْرِهِ فَلَعَلَّ هَذَا مِمَّا عَهِدَ إِلَیْهِ.
«75»-(1)
ل، الخصال فِیمَا أَجَابَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْیَهُودِیَّ السَّائِلَ عَمَّا فِیهِ مِنْ خِصَالِ الْأَوْصِیَاءِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَإِنَّ الْمُتَابِعِینَ لِی لَمَّا لَمْ یَطْمَعُوا فِی تِلْكَ مِنِّی وَثَبُوا بِالْمَرْأَةِ عَلَیَّ وَ أَنَا وَلِیُّ أَمْرِهَا وَ الْوَصِیُّ عَلَیْهَا فَحَمَلُوهَا عَلَی الْجَمَلِ وَ شَدُّوهَا عَلَی الرِّحَالِ وَ أَقْبَلُوا بِهَا تَخْبِطُ الْفَیَافِیَ وَ تَقْطَعُ الْبَرَارِیَ وَ تَنْبَحُ عَلَیْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ تَظْهَرُ لَهُمْ عَلَامَاتُ النَّدَمِ فِی كُلِّ سَاعَةٍ وَ عِنْدَ كُلِّ حَالٍ فِی عُصْبَةٍ قَدْ بَایَعُونِی ثَانِیَةً بَعْدَ بَیْعَتِهِمُ الْأُولَی فِی حَیَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أَتَتْ أَهْلَ بَلْدَةٍ قَصِیرَةً أَیْدِیهِمْ طَوِیلَةً لِحَاهُمْ قَلِیلَةً عُقُولُهُمْ عَازِبَةً آرَاؤُهُمْ وَ هُمْ جِیرَانُ بَدْوٍ وَ وُرَّادُ بَحْرٍ فَأَخْرَجَتْهُمْ یَخْبِطُونَ بِسُیُوفِهِمْ مِنْ غَیْرِ عِلْمٍ وَ یَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ بِغَیْرِ فَهْمٍ فَوَقَفْتُ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَی اثْنَتَیْنِ كِلْتَاهُمَا فِی مَحَلَّةِ الْمَكْرُوهِ مِمَّنْ إِنْ كَفَفْتُ لَمْ یَرْجِعْ وَ لَمْ یَعْقِلْ [لَمْ یَرْجِعُوا وَ لَمْ یُقْلِعُوا] وَ إِنْ أَقَمْتُ كُنْتُ قَدْ صِرْتُ إِلَی الَّتِی كَرِهْتُ فَقَدَّمْتُ الْحُجَّةَ بِالْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ وَ دَعْوَةِ الْمَرْأَةِ إِلَی الرُّجُوعِ إِلَی بَیْتِهَا وَ الْقَوْمِ الَّذِینَ حَمَلُوهَا عَلَی الْوَفَاءِ بِبَیْعَتِهِمْ لِی وَ التَّرْكِ لِنَقْضِهِمْ عَهْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِیَّ وَ أَعْطَیْتُهُمْ مِنْ نَفْسِی كُلَّ الَّذِی قَدَرْتُ عَلَیْهِ وَ نَاظَرْتُ بَعْضَهُمْ فَرَجَعَ وَ ذَكَّرْتُ فَذَكَرَ ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَی النَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ
ص: 105
فَلَمْ یَزْدَادُوا إِلَّا جَهْلًا وَ تَمَادِیاً وَ غَیّاً فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا هِیَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَكَانَتْ عَلَیْهِمُ الدَّبْرَةُ وَ بِهِمُ الْهَزِیمَةُ وَ لَهُمُ الْحَسْرَةُ وَ فِیهِمُ الْفَنَاءُ وَ الْقَتْلُ وَ حَمَلْتُ نَفْسِی عَلَی الَّتِی لَمْ أَجِدْ مِنْهَا بُدّاً وَ لَمْ یَسَعْنِی إِذْ فَعَلْتُ ذَلِكَ وَ أَظْهَرْتُهُ آخِراً مِثْلُ الَّذِی وَسِعَنِی مِنْهُ أَوَّلًا مِنَ الْإِغْضَاءِ وَ الْإِمْسَاكِ وَ رَأَیْتُنِی إِنْ أَمْسَكْتُ كُنْتُ مُعِیناً لَهُمْ عَلَیَّ بِإِمْسَاكِی عَلَی مَا صَارُوا إِلَیْهِ وَ طَمِعُوا فِیهِ مِنْ تَنَاوُلِ الْأَطْرَافِ وَ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ قَتْلِ الرَّعِیَّةِ وَ تَحْكِیمِ النِّسَاءِ النَّوَاقِصِ الْعُقُولِ وَ الْحُظُوظِ عَلَی كُلِّ حَالٍ كَعَادَةِ بَنِی الْأَصْفَرِ وَ مَنْ مَضَی مِنْ مُلُوكِ سَبَإٍ وَ الْأُمَمِ الْخَالِیَةِ فَأَصِیرُ إِلَی مَا كَرِهْتُ أَوَّلًا وَ آخِراً وَ قَدْ أَهْمَلْتُ الْمَرْأَةَ وَ جُنْدَهَا یَفْعَلُونَ مَا وَصَفْتُ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ مِنَ النَّاسِ وَ لَمْ أَهْجَمْ عَلَی الْأَمْرِ إِلَّا بَعْدَ مَا قَدَّمْتُ وَ أَخَّرْتُ وَ تَأَنَّیْتُ وَ رَاجَعْتُ وَ أَرْسَلْتُ وَ سَافَرْتُ [وَ شَافَهْتُ و أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ وَ أَعْطَیْتُ الْقَوْمَ كُلَّ شَیْ ءٍ الْتَمَسُوهُ بَعْدَ أَنْ عَرَضْتُ عَلَیْهِمْ كُلَّ شَیْ ءٍ لَمْ یَلْتَمِسُوهُ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ أَقْدَمْتُ عَلَیْهَا فَبَلَغَ اللَّهُ بِی وَ بِهِمْ مَا أَرَادَ وَ كَانَ لِی عَلَیْهِمْ بِمَا كَانَ مِنِّی إِلَیْهِمْ شَهِیداً.
«76»-(1)
فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ ضُرَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ قَالَ نَزَلَتْ فِی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ الْجَمَلُ جَمَلُهُمْ.
«77»-(2)
فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ فِیهِمَا مَثَلًا فَقَالَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِینَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَیْنِ فَخانَتاهُما قَالَ وَ اللَّهِ مَا عَنَی بِقَوْلِهِ [فَخانَتاهُما إِلَّا الْفَاحِشَةَ].
ص: 106
بیان: المراد بفلان طلحة و هذا إن كان روایة فهی شاذة مخالفة لبعض الأصول و إن كان قد یبدو من طلحة ما یدل علی أنه كان فی ضمیره الخبیث مثل ذلك لكن وقوع أمثال ذلك بعید عقلا و نقلا و عرفا و عادة و ترك التعرض لأمثاله أولی.
«78»-(1)
فس، تفسیر القمی قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فِی كِتَابِهِ الَّذِی كَتَبَهُ إِلَی شِیعَتِهِ وَ یَذْكُرُ فِیهِ خُرُوجَ عَائِشَةَ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ عِظَمَ خَطَإِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَقَالَ وَ أَیُّ خَطِیئَةٍ أَعْظَمُ مِمَّا أَتَیَا أَخْرَجَا زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَیْتِهَا وَ كَشَفَا عَنْهَا حِجَاباً سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهَا وَ صَانَا حَلَائِلَهُمَا فِی بُیُوتِهِمَا مَا أَنْصَفَا لَا لِلَّهِ وَ لَا لِرَسُولِهِ مِنْ أَنْفُسِهِمَا ثَلَاثُ خِصَالٍ مَرْجِعُهَا عَلَی النَّاسِ فِی كِتَابِ اللَّهِ الْبَغْیُ وَ الْمَكْرُ وَ النَّكْثُ قَالَ اللَّهُ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْیُكُمْ عَلی أَنْفُسِكُمْ وَ قَالَ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ قَالَ وَ لا یَحِیقُ الْمَكْرُ السَّیِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ وَ قَدْ بَغَیَا عَلَیْنَا وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ مَكَرَا بِی.
«79»-(2)
فس، تفسیر القمی لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ حَرَّمَ اللَّهُ نِسَاءَ النَّبِیِّ عَلَی الْمُسْلِمِینَ غَضِبَ طَلْحَةُ فَقَالَ یُحَرِّمُ مُحَمَّدٌ عَلَیْنَا نِسَاءَهُ وَ یَتَزَوَّجُ هُوَ بِنِسَائِنَا لَئِنْ أَمَاتَ اللَّهُ مُحَمَّداً لَنَرْكُضَنَّ بَیْنَ خَلَاخِیلِ نِسَائِهِ كَمَا رَكَضَ بَیْنَ خَلَاخِیلِ نِسَائِنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِیماً إِلَی قَوْلِهِ إِنْ تُبْدُوا شَیْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیماً.
ص: 107
«80»-(1)
ل، الخصال سَمِعْتُ شَیْخَنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَرْوِی أَنَّ الصَّادِقَ علیه السلام قَالَ: مَا زَالَ الزُّبَیْرُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ حَتَّی أَدْرَكَ فَرْخُهُ فَنَفَاهُ عَنْ رَأْیِهِ.
«81»-(2)
یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتِ الْتَمِسُوا لِی رَجُلًا شَدِیدَ الْعَدَاوَةِ لِهَذَا الرَّجُلِ حَتَّی أَبْعَثَهُ إِلَیْهِ قَالَ فَأُتِیَتْ بِهِ فَمَثُلَ بَیْنَ یَدَیْهَا فَرَفَعَتْ إِلَیْهِ رَأْسَهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا بَلَغَ مِنْ عَدَاوَتِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ قَالَ فَقَالَ لَهَا كَثِیراً مَا أَتَمَنَّی عَلَی رَبِّی أَنَّهُ وَ أَصْحَابَهُ فِی وَسَطِی فَضُرِبْتُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ یَسْبِقُ السَّیْفَ الدَّمُ قَالَتْ فَأَنْتَ لَهُ فَاذْهَبْ بِكِتَابِی هَذَا فَادْفَعْهُ إِلَیْهِ ظَاعِناً رَأَیْتَهُ أَوْ مُقِیماً أَمَا إِنَّكَ إِنْ رَأَیْتَهُ ظَاعِناً رَأَیْتَهُ رَاكِباً عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُتَنَكِّباً قَوْسَهُ مُعَلِّقاً كِنَانَتَهُ بِقَرَبُوسِ سَرْجِهِ وَ أَصْحَابُهُ خَلْفَهُ كَأَنَّهُمْ طَیْرٌ صَوَافُّ فَتُعْطِیهِ كِتَابِی هَذَا وَ إِنْ عَرَضَ عَلَیْكَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَهُ فَلَا تَنَاوَلَنَّ مِنْهُ شَیْئاً فَإِنَّ فِیهِ السِّحْرَ قَالَ فَاسْتَقْبَلْتُهُ رَاكِباً فَنَاوَلْتُهُ الْكِتَابَ فَفَضَّ خَاتَمَهُ ثُمَّ قَرَأَهُ فَقَالَ تَبْلُغُ إِلَی مَنْزِلِنَا فَتُصِیبُ مِنْ طَعَامِنَا وَ شَرَابِنَا وَ نَكْتُبُ جَوَابَ كِتَابِكَ فَقَالَ هَذَا وَ اللَّهِ مَا لَا یَكُونُ قَالَ فَسَاءَ خُلُقُهُ فَأَحْدَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَسْأَلُكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ تُجِیبُنِی قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ هَلْ قَالَتْ الْتَمِسُوا لِی رَجُلًا شَدِیداً عَدَاوَتُهُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَأْتُوهَا بِكَ فَقَالَتْ لَكَ مَا بَلَغَ مِنْ عَدَاوَتِكَ هَذَا الرَّجُلَ فَقُلْتَ كَثِیراً مَا أَتَمَنَّی عَلَی رَبِّی أَنَّهُ وَ أَصْحَابَهُ فِی وَسَطِی وَ أَنِّی
ص: 108
ضُرِبْتُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ یَسْبِقُ السَّیْفُ الدَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ أَ قَالَتْ لَكَ اذْهَبْ بِكِتَابِی هَذَا فَادْفَعْهُ إِلَیْهِ ظَاعِناً كَانَ أَوْ مُقِیماً أَمَا إِنَّكَ إِنْ رَأَیْتَهُ ظَاعِناً رَأَیْتَهُ رَاكِباً عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُتَنَكِّباً قَوْسَهُ مُعَلِّقاً كِنَانَتَهُ بِقَرَبُوسِ سَرْجِهِ وَ أَصْحَابُهُ خَلْفَهُ كَأَنَّهُمْ طَیْرٌ صَوَافُّ فَقَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَنَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ قَالَتْ لَكَ إِنْ عَرَضَ عَلَیْكَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَهُ فَلَا تَنَاوَلَنَّ مِنْهُ شَیْئاً فَإِنَّ فِیهِ السِّحْرَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَمُبَلِّغٌ أَنْتَ عَنِّی قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَإِنِّی قَدْ أَتَیْتُكَ وَ مَا فِی الْأَرْضِ خَلْقٌ أَبْغَضَ إِلَیَّ مِنْكَ وَ أَنَا السَّاعَةَ مَا فِی الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْكَ فَمُرْنِی بِمَا شِئْتَ قَالَ ارْجِعْ إِلَیْهَا بِكِتَابِی هَذَا وَ قُلْ لَهَا مَا أَطَعْتِ اللَّهَ وَ لَا رَسُولَهُ حَیْثُ أَمَرَكِ اللَّهُ بِلُزُومِ بَیْتِكِ فَخَرَجْتِ تُرَدِّدِینَ فِی الْعَسَاكِرِ وَ قُلْ لَهُمَا مَا أَطَعْتُمَا اللَّهَ وَ لَا رَسُولَهُ حَیْثُ خَلَّفْتُمْ حَلَائِلَكُمْ فِی بُیُوتِكُمْ وَ أَخْرَجْتُمْ حَلِیلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَجَاءَ بِكِتَابِهِ حَتَّی طَرَحَهُ إِلَیْهَا وَ أَبْلَغَهَا مَقَالَتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِ فَأُصِیبَ بِصِفِّینَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا نَبْعَثُ إِلَیْهِ بِأَحَدٍ إِلَّا أَفْسَدَهُ عَلَیْنَا.
«82»-(1)
یج، الخرائج و الجرائح عَلِیُّ بْنُ النُّعْمَانِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ مِثْلَهُ.
«83»-(2)
قب، المناقب لابن شهرآشوب عَلِیُّ بْنُ النُّعْمَانِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَسَارٍ مِثْلَهُ.
بیان:
قوله فضربت علی بناء المجهول و حاصله أنه تمنی أن یكونوا مشدودین علی وسطه فیضرب ضربة علی وسطه یكون فیها هلاكهم و هلاكه و سبق السیف الدم كنایة عن سرعة نفوذها و قوتها.
«84»-(3)
یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ یَوْماً عَلَی عَلِیٍّ وَ الزُّبَیْرُ قَائِمٌ مَعَهُ یُكَلِّمُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 109
مَا تَقُولُ لَهُ فَوَ اللَّهِ لَتَكُونَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ تَنْكُثُ بَیْعَتَهُ.
«85»-(1)
یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَیْهِ أَمَرَ أَبَا الْهَیْثَمِ بْنَ التَّیِّهَانِ وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی رَافِعٍ فَقَالَ اجْمَعُوا النَّاسَ ثُمَّ انْظُرُوا مَا فِی بَیْتِ مَالِهِمْ وَ اقْسِمُوا بَیْنَهُمْ بِالسَّوِیَّةِ فَوَجَدُوا نَصِیبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ فَأَمَرَهُمْ یَقْعُدُونَ لِلنَّاسِ وَ یُعطُونَهُمْ قَالَ وَ أَخَذَ مِكْتَلَهُ وَ مِسْحَاتَهُ ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَی بِئْرِ الْمَلِكِ یَعْمَلُ فِیهَا فَأَخَذَ النَّاسُ ذَلِكَ الْقِسْمَ حَتَّی بَلَغُوا الزُّبَیْرَ وَ طَلْحَةَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَمْسَكُوا بِأَیْدِیهِمْ وَ قَالُوا هَذَا مِنْكُمْ أَوْ مِنْ صَاحِبِكُمْ قَالُوا بَلْ هَذَا أَمْرُهُ لَا نَعْمَلُ إِلَّا بِأَمْرِهِ قَالُوا فَاسْتَأْذِنُوا لَنَا عَلَیْهِ قَالُوا مَا عَلَیْهِ إِذْنٌ هُوَ ذَا بِبِئْرِ الْمَلِكِ یَعْمَلُ فَرَكِبُوا دَوَابَّهُمْ حَتَّی جَاءُوا إِلَیْهِ فَوَجَدُوهُ فِی الشَّمْسِ وَ مَعَهُ أَجِیرٌ لَهُ یُعِینُهُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ الشَّمْسَ حَارَّةٌ فَارْتَفِعْ مَعَنَا إِلَی الظِّلِّ فَارْتَفَعَ مَعَهُمْ إِلَیْهِ فَقَالُوا لَهُ لَنَا قَرَابَةٌ مِنْ نَبِیِّ اللَّهِ وَ سَابِقَةٌ وَ جِهَادٌ إِنَّكَ أَعْطَیْتَنَا بِالسَّوِیَّةِ وَ لَمْ یَكُنْ عُمَرُ وَ لَا عُثْمَانُ یُعْطُونَنَا بِالسَّوِیَّةِ كَانُوا یُفَضِّلُونَنَا عَلَی غَیْرِنَا فَقَالَ عَلِیٌّ أَیُّهُمَا عِنْدَكُمْ أَفْضَلُ عُمَرُ أَوْ أَبُو بَكْرٍ قَالُوا أَبُو بَكْرٍ قَالَ فَهَذَا قَسْمُ أَبِی بَكْرٍ وَ إِلَّا فَدَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ غَیْرَهُ وَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ فَانْظُرُوا مَا لَكُمْ مِنْ حَقٍّ فَخُذُوهُ قَالا فَسَابِقَتُنَا قَالَ أَنْتُمَا أَسْبَقُ مِنِّی بِسَابِقَتِی قَالُوا لَا قَالا قَرَابَتُنَا بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَ هِیَ أَقْرَبُ مِنْ قَرَابَتِی قَالُوا لَا قَالُوا فَجِهَادُنَا قَالَ أَعْظَمُ مِنْ جِهَادِی قَالُوا لَا قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا أَنَا فِی هَذَا الْمَالِ وَ أَجِیرِی هَذَا إِلَّا بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ قَالا أَ فَتَأْذَنُ لَنَا فِی الْعُمْرَةِ قَالَ مَا الْعُمْرَةَ تُرِیدَانِ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَمْرَكُمْ
ص: 110
وَ شَأْنَكُمْ فَاذْهَبَا حَیْثُ شِئْتُمَا فَلَمَّا وَلَّیَا قَالَ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ.
«86»-(1)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْنَا نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِهِ وَ عَصَبَتُهُ وَ وَرَثَتُهُ وَ أَوْلِیَاؤُهُ وَ أَحَقُّ الْخَلْقِ بِهِ لَا نُنَازَعُ حَقَّهُ وَ سُلْطَانَهُ فَبَیْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ نَفَرَ الْمُنَافِقُونَ وَ انْتَزَعُوا سُلْطَانَ نَبِیِّنَا مِنَّا وَ وَلَّوْهُ غَیْرَنَا فَبَكَتْ وَ اللَّهِ لِذَلِكَ الْعُیُونُ وَ الْقُلُوبُ مِنَّا جَمِیعاً مَعاً وَ خَشُنَتْ لَهُ الصُّدُورُ وَ جَزِعَتِ النُّفُوسُ مِنَّا جَزَعاً أَرْغَمَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَخَافَتِیَ الْفُرْقَةَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَنْ یَعُودَ أَكْثَرُهُمْ إِلَی الْكُفْرِ وَ یُعْوِزَ الدِّینُ (2) لَكُنَّا قَدْ غَیَّرْنَا ذَلِكَ مَا اسْتَطَعْنَا وَ قَدْ بَایَعْتُمُونِی الْآنَ وَ بَایَعَنِی هَذَانِ الرَّجُلَانِ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ عَلَی الطَّوْعِ مِنْهُمَا
ص: 111
وَ مِنْكُمْ وَ الْإِیثَارِ ثُمَّ نَهَضَا یُرِیدَانِ الْبَصْرَةَ لِیُفَرِّقَا جَمَاعَتَكُمْ وَ یُلْقِیَا بَأْسَكُمْ بَیْنَكُمْ اللَّهُمَّ فَخُذْهُمَا لِغِشِّهِمَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَ سُوءِ نَظَرِهِمَا لِلْعَامَّةِ ثُمَّ قَالَ انْفِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فِی طَلَبِ هَذَیْنِ النَّاكِثَیْنِ الْقَاسِطَیْنِ الْبَاغِیَیْنِ قَبْلَ أَنْ یَفُوتَ تَدَارُكُ مَا جَنَیَاهُ.
أقول: قد أوردناه بسند متصل مع زیادة فی باب شكایته علیه السلام نقلا عن كتاب جا.
«87»-(1)
وَ رَوَاهُ أَیْضاً الْمُفِیدُ فِی كِتَابِ الْكَافِیَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: كَتَبَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ مَعَ عَطَاءٍ مَوْلَی ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَنَفِیرِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ مِنْ مَكَّةَ فِیمَنْ نَفَرَ مَعَهُمْ مِنَ النَّاسِ فَلَمَّا وَقَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْكِتَابِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ مَا لِلَّذِینَ أَوْرَدُوا ثُمَّ أَصْدَرُوا غَدَاةَ الْحِسَابِ مِنْ نَجَاةٍ وَ لَا عُذْرٍ ثُمَّ نُودِیَ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَخَرَجَ النَّاسُ وَ خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ مِمَّا رَوَاهُ فِی كِتَابِ شا الْإِرْشَادِ.
«88»-(2)
شا، الإرشاد لَمَّا اتَّصَلَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَسِیرُ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْبَصْرَةِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ
ص: 112
قَدْ سَارَتْ عَائِشَةُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ كُلٌّ مِنْهُمَا یَدَّعِی الْخِلَافَةَ دُونَ صَاحِبِهِ وَ لَا یَدَّعِی طَلْحَةُ الْخِلَافَةَ إِلَّا أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ عَائِشَةَ وَ لَا یَدَّعِیهَا الزُّبَیْرُ إِلَّا أَنَّهُ صِهْرُ أَبِیهَا وَ اللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَا بِمَا یُرِیدَانِ لَیَضْرِبَنَّ الزُّبَیْرُ عُنُقَ طَلْحَةَ وَ لَیَضْرِبَنَّ طَلْحَةُ عُنُقَ الزُّبَیْرِ یُنَازِعُ هَذَا عَلَی الْمُلْكِ هَذَا وَ لَقَدْ عَلِمْتُ وَ اللَّهِ أَنَّ الرَّاكِبَةُ الْجَمَلَ لَا تَحُلُّ عُقْدَةً وَ لَا تَسِیرُ عَقَبَةً وَ لَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةً إِلَّا إِلَی مَعْصِیَةِ اللَّهِ حَتَّی تُورِدَ نَفْسَهَا وَ مَنْ مَعَهَا مَوْرِداً یُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ وَ یَهْرُبُ ثُلُثُهُمْ وَ یَرْجِعُ ثُلُثُهُمْ وَ اللَّهِ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ لَیَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا مُخْطِئَانِ وَ مَا یَجْهَلَانِ وَ لَرُبَّ عَالِمٍ قَتَلَهُ جَهْلُهُ وَ عِلْمُهُ مَعَهُ لَا یَنْفَعُهُ وَ اللَّهِ لَتَنْبَحَنَّهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَهَلْ یَعْتَبِرُ مُعْتَبِرٌ وَ یَتَفَكَّرُ مُتَفَكِّرٌ لَقَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَأَیْنَ الْمُحْسِنُونَ.
«89»-(1)
أَقُولُ وَ رَوَاهُ أَیْضاً مُرْسَلًا فِی الْكَافِیَةِ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ مَا لِی وَ قُرَیْشٍ أَمَا وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّهُمْ كَافِرِینَ وَ لَأَقْتُلَنَّهُمْ مَفْتُونِینَ وَ إِنِّی لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ وَ مَا لَنَا إِلَیْهَا مِنْ ذَنْبٍ غَیْرُ أَنَّا خُیِّرْنَا عَلَیْهَا فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِی خَیْرِنَا أَمَا وَ اللَّهِ لَا یُتْرَكُ الْبَاطِلُ حَتَّی أُخْرِجَ الْحَقُّ مِنْ خَاصِرَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلْتَضِجُّ مِنِّی قُرَیْشٌ ضَجِیجاً.
«90»-(2)
شا، الإرشاد لَمَّا تَوَجَّهَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الْبَصْرَةِ نَزَلَ الرَّبَذَةَ فَلَقِیَهُ بِهَا آخِرُ الْحَاجِّ فَاجْتَمَعُوا لِیَسْمَعُوا مِنْ كَلَامِهِ وَ هُوَ فِی خِبَائِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَیْتُهُ فَوَجَدْتُهُ یَخْصِفُ نَعْلًا فَقُلْتُ لَهُ نَحْنُ إِلَی أَنْ تُصْلِحَ أَمْرَنَا أَحْوَجُ مِنَّا إِلَی مَا تَصْنَعُ فَلَمْ یُكَلِّمْنِی حَتَّی فَرَغَ مِنْ نَعْلِهِ ثُمَّ ضَمَّهَا إِلَی صَاحِبَتِهَا وَ قَالَ لِی قَوِّمْهُمَا فَقُلْتُ لَیْسَ لَهُمَا قِیمَةٌ قَالَ عَلَی ذَاكَ قُلْتُ كَسْرُ دِرْهَمٍ
ص: 113
قَالَ وَ اللَّهِ لَهُمَا أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَمْرِكُمْ هَذَا إِلَّا أَنْ أُقِیمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا قُلْتُ إِنَّ الْحَاجَّ اجْتَمَعُوا لِیَسْمَعُوا مِنْ كَلَامِكَ فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أَتَكَلَّمَ فَإِنْ كَانَ حَسَناً كَانَ مِنْكَ وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ ذَلِكَ كَانَ مِنِّی قَالَ لَا أَنَا أَتَكَلَّمُ ثُمَّ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی صَدْرِی وَ كَانَ شَثْنَ الْكَفَّیْنِ فَآلَمَنِی ثُمَّ قَامَ فَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ وَ قُلْتُ نَشَدْتُكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ قَالَ لَا تَنْشُدْنِی ثُمَّ خَرَجَ فَاجْتَمَعُوا عَلَیْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَیْسَ فِی الْعَرَبِ أَحَدٌ یَقْرَأُ كِتَاباً وَ لَا یَدَّعِی نُبُوَّةً فَسَاقَ النَّاسَ إِلَی مَنْجَاتِهِمْ أَمَ وَ اللَّهِ مَا زِلْتُ فِی سَاقَتِهَا مَا غَیَّرْتُ وَ لَا بَدَّلْتُ وَ لَا خُنْتُ حَتَّی تَوَلَّتْ بِحَذَافِیرِهَا مَا لِی وَ لِقُرَیْشٍ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِینَ وَ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِینَ وَ إِنَّ مَسِیرِی هَذَا عَنْ عَهْدٍ إِلَیَّ فِیهِ أَمَ وَ اللَّهِ لَأَبْقُرَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّی یَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ خَاصِرَتِهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَیْشٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَنَا عَلَیْهِمْ فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِی حَیِّزِنَا [فِی خَیْرِنَا] وَ أَنْشَدَ-
أَدَمْتَ لَعَمْرِی شُرْبَكَ الْمَحْضَ خَالِصاً***وَ أَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةِ التَّمْرَا
وَ نَحْنُ وَهَبْنَاكَ الْعَلَاءَ وَ لَمْ تَكُنْ***عَلِیّاً وَ حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ وَ السُّمْرَا
«91»-(1)
شا، الإرشاد وَ لَمَّا نَزَلَ علیه السلام بِذِی قَارٍ أَخَذَ الْبَیْعَةَ عَلَی مَنْ حَضَرَهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَأَكْثَرَ مِنَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ قَدْ جَرَتْ أُمُورٌ صَبَرْنَا عَلَیْهَا وَ فِی أَعْیُنِنَا الْقَذَی تَسْلِیماً لِأَمْرِ اللَّهِ فِیمَا امْتَحَنَنَا بِهِ رَجَاءَ الثَّوَابِ عَلَی ذَلِكَ وَ كَانَ الصَّبْرُ عَلَیْهَا أَمْثَلَ مِنْ أَنْ یَتَفَرَّقَ الْمُسْلِمُونَ وَ یُسْفَكَ دِمَاؤُهُمْ
ص: 114
نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ وَ عِتْرَةُ الرَّسُولِ وَ أَحَقُّ الْخَلْقِ بِسُلْطَانِ الرِّسَالَةِ وَ مَعْدِنُ الْكَرَامَةِ الَّتِی ابْتَدَأَ اللَّهُ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ وَ هَذَا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ لَیْسَا مِنْ أَهْلِ النُّبُوَّةِ وَ لَا مِنْ ذُرِّیَّةِ الرَّسُولِ حِینَ رَأَیَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ رَدَّ عَلَیْنَا حَقَّنَا بَعْدَ أَعْصُرٍ لَمْ یَصْبِرَا حَوْلًا وَاحِداً وَ لَا شَهْراً كَامِلًا حَتَّی وَثَبَا عَلَی دَأْبِ الْمَاضِینَ قَبْلَهُمَا لِیَذْهَبَا بِحَقِّی وَ یُفَرِّقَا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ عَنِّی ثُمَّ دَعَا علیه السلام عَلَیْهِمَا.
بیان: قوله علیه السلام علی ذاك أی قوّمهما علی ذاك التحقیر الذی تظهره قوله نشدتك اللّٰه لعله نشده علی أن یدع الكلام إلیه إذ كان یظن أن المصلحة فی ذلك.
و قال الجوهری المحض اللبن الخالص و هو الذی لم یخالطه الماء حلوا كان أو حامضا و قال الجرد فضاء لا نبات فیه و قال السمرة بضم المیم شجر الطلح و الجمع سمر و سمرات و أسمر.
«92»-(1)
شا، الإرشاد رَوَی عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ عِمْرَانَ الْعِجْلِیُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ قَالَ: لَمَّا الْتَقَی أَهْلُ الْكُوفَةِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِذِی قَارٍ حَیُّوا بِهِ ثُمَّ قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَصَّنَا بِجِوَارِكَ وَ أَكْرَمَنَا بِنُصْرَتِكَ فَقَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِیهِمْ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنَّكُمْ مِنْ أَكْرَمِ الْمُسْلِمِینَ وَ أَقْصَدِهِمْ تَقْوِیماً وَ أَعْدَلِهِمْ سُنَّةً وَ أَفْضَلِهِمْ سَهْماً فِی الْإِسْلَامِ وَ أَجْوَدِهِمْ فِی الْعَرَبِ مَرْكَباً وَ نِصَاباً أَنْتُمْ أَشَدُّ الْعَرَبِ وُدّاً لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ إِنَّمَا جِئْتُكُمْ ثِقَةً بَعْدَ اللَّهِ بِكُمْ لِلَّذِی بَذَلْتُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عِنْدَ نَقْضِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ خُلْفِهِمَا [خَلْعِهِمَا] طَاعَتِی وَ إِقْبَالِهِمَا بِعَائِشَةَ لِلْفِتْنَةِ وَ إِخْرَاجِهِمَا إِیَّاهَا مِنْ بَیْتِهَا حَتَّی أَقْدَمَاهَا الْبَصْرَةَ فَاسْتَغْوَوْا طَغَامَهَا وَ غَوْغَاءَهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّ أَهْلَ الْفَضْلِ مِنْهُمْ وَ خِیَارَهُمْ فِی الدِّینِ قَدِ اعْتَزَلُوا وَ كَرِهُوا مَا صَنَعَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ ثُمَّ سَكَتَ ع
ص: 115
فَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ نَحْنُ أَنْصَارُكَ وَ أَعْوَانُكَ عَلَی عَدُوِّكَ وَ لَوْ دَعَوْتَنَا إِلَی أَضْعَافِهِمْ مِنَ النَّاسِ احْتَسَبْنَا فِی ذَلِكَ الْخَیْرَ وَ رَجَوْنَاهُ فَدَعَا لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَایَعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ رَاغِبَیْنِ ثُمَّ اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ فَأَذِنْتُ لَهُمَا فَسَارَا إِلَی الْبَصْرَةِ فَقَتَلَا الْمُسْلِمِینَ وَ فَعَلَا الْمُنْكَرَ اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا قَطَعَانِی وَ ظَلَمَانِی وَ جَنَیَانِی وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ أَلَّبَا النَّاسَ عَلَیَّ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ لَا تُحْكِمْ مَا أَبْرَمَا وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا عَمِلَا.
بیان: الطغام بالفتح أوغاد الناس الواحد و الجمع فیه سواء و الغوغاء الجراد بعد الدباء و به سمی الغوغاء و الغاغة من الناس و هم الكثر المختلطون ذكره الجوهری.
«93»-(1)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام وَ قَدْ نَفَرَ مِنْ ذِی قَارٍ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْبَصْرَةِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی فَرَضَ الْجِهَادَ وَ عَظَّمَهُ وَ جَعَلَهُ نُصْرَةً لَهُ وَ اللَّهِ مَا صَلَحَتْ دُنْیَا قَطُّ وَ لَا دِینٌ إِلَّا بِهِ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ خَیْلَهُ وَ شَبَّهَ فِی ذَلِكَ وَ خَدَعَ وَ قَدْ بَانَتِ الْأُمُورُ وَ تَمَحَّضَتْ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ وَ دَماً سَفَكُوهُ وَ لَئِنْ كُنْتُ شَرِكْتُهُمْ فِیهِ إِنَّ لَهُمْ نَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ لَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِی فَمَا تَبِعَتُهُ إِلَّا قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ إِنِّی لَعَلَی بَصِیرَتِی مَا الْتَبَسَتْ عَلَیَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فِیهَا اللَّحْمُ وَ اللُّحْمَةُ قَدْ طَالَتْ هِینَتُهَا وَ أَمْكَنَتْ دِرَّتُهَا یَرْضَعُونَ أُمّاً فَطَمَتْ وَ یُحْیُونَ بَیْعَةً تُرِكَتْ لِیَعُودَ الضَّلَالُ إِلَی نِصَابِهِ مَا أَعْتَذِرُ مِمَّا فَعَلْتُ وَ لَا أَتَبَرَّأُ مِمَّا صَنَعْتُ
ص: 116
فَیَا خَیْبَةً لِلدَّاعِی وَ مَنْ دَعَا لَوْ قِیلَ لَهُ إِلَی مَنْ دَعْوَتُكَ وَ إِلَی مَنْ أَجَبْتَ وَ مَنْ إِمَامُكَ وَ مَا سُنَّتُهُ إِذاً لَزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ مَقَامِهِ وَ لَصَمَتَ لِسَانُهُ فَمَا نَطَقَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ وَ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ لَا یَلْقَوْنَ بَعْدَهُ رِیّاً أَبَداً وَ إِنِّی لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ عُذْرِهِ فِیهِمْ إِذْ أَنَا دَاعِیهِمْ فَمُعَذِّرٌ إِلَیْهِمْ فَإِنْ تَابُوا وَ أَقْبَلُوا فَالتَّوْبَةُ مَبْذُولَةٌ وَ الْحَقُّ مَقْبُولٌ وَ لَیْسَ عَلَی اللَّهِ كُفْرَانٌ وَ إِنْ أَبَوْا أَعْطَیْتُهُمْ حَدَّ السَّیْفِ فَكَفَی بِهِ شَافِیاً مِنْ بَاطِلٍ وَ نَاصِراً لِمُؤْمِنٍ.
بیان: قوله علیه السلام فیها اللحم و اللحمة لحم كل شی ء لبه و اللحمة بالضم القرابة أی فیها من یظن الناس أنهم لب الصحابة و فیهم من یدعی قرابة الرسول كالزبیر و فی بعض النسخ الحمأ و الحمة كما مر (1) قد طالت هینتها الهینة و الرفق و السكون شبه علیه السلام تلك الفئة و فتنتها بناقة طال سكونها و أمكنت من حلبها كنایة عن استمرار الفتنة و تمكنها فی أهل الجهل و فی بعض النسخ هلبتها قال الجوهری الهلبة ما غلظت من شعر الذنب و هلبة الزمان شدته.
«94»-(2)
قب، المناقب لابن شهرآشوب بَلَغَ عَائِشَةَ قَتْلُ عُثْمَانَ وَ بَیْعَةُ عَلِیٍّ بِسَرِفٍ فَانْصَرَفَتْ إِلَی مَكَّةَ تَنْتَظِرُ الْأَمْرَ فَتَوَجَّهَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِیزٍ فَعَزَمُوا عَلَی قِتَالِ عَلِیٍّ وَ اخْتَارُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لِلْإِمَامَةِ فَقَالَ أَ تُلْقُونَنِی بَیْنَ مَخَالِبِ عَلِیٍّ وَ أَنْیَابِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهُمْ یَعْلَی بْنُ مُنَبِّهٍ قَادِماً مِنَ الْیَمَنِ وَ أَقْرَضَهُمْ سِتِّینَ أَلْفَ دِینَارٍ وَ الْتَمَسَتْ عَائِشَةُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ الْخُرُوجَ فَأَبَتْ وَ سَأَلَتْ حَفْصَةَ فَأَجَابَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ عَائِشَةُ فِی أَوَّلِ نَفْرٍ فَكَتَبَ الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ:
ص: 117
بَنِی هَاشِمٍ رُدُّوا سِلَاحَ ابْنِ أُخْتِكُمْ***وَ لَا تَهِبُوهُ لَا تَحِلُّ مَوَاهِبُهُ
وَ أَیْضاً أَنْشَأَ الْوَلِیدُ لَمَّا ظَفَرَ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:
أَلَا أَیُّهَا النَّاسُ عِنْدِی الْخَبَرُ***بِأَنَّ الزُّبَیْرَ أَخَاكُمْ غَدَرَ
وَ طَلْحَةَ أَیْضاً حَذَا فِعْلَهُ***وَ یَعْلَی بْنَ مُنَبِّهٍ فِیمَنْ نَفَرَ
فَأَنْشَأَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَبْیَاتاً مِنْهَا:
فِتَنٌ تَحُلُّ بِهِمْ وَ هُنَّ شَوَارِعُ***تُسْقَی أَوَاخِرُهَا بِكَأْسِ الْأُوَلِ
فِتَنٌ إِذَا نَزَلَتْ بِسَاحَةِ أُمَّةٍ***أَذِنَتْ بِعَدْلٍ بَیْنَهُمْ مُتَنَفِّلٍ
فَقَدِمَتْ عَائِشَةُ إِلَی الْحَوْأَبِ وَ هُوَ مَاءٌ نُسِبَ إِلَی الْحَوْأَبِ بِنْتِ كُلَیْبِ بْنِ وَبَرَةَ فَصَاحَتْ كِلَابُهَا فَقَالَتْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ رُدُّونِی وَ ذَكَرَ الْأَعْثَمُ فِی الْفُتُوحِ وَ الْمَاوَرْدِیُّ فِی أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَ شِیرَوَیْهِ فِی الْفِرْدَوْسِ وَ أَبُو یَعْلَی فِی الْمُسْنَدِ وَ ابْنُ مَرْدَوَیْهِ فِی فَضَائِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُوَفَّقُ فِی الْأَرْبَعِینَ وَ شُعْبَةُ وَ الشَّعْبِیُّ وَ سَالِمُ بْنُ أَبِی الْجَعْدِ فِی أَحَادِیثِهِمْ وَ الْبَلاذُرِیُّ وَ الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخَیْهِمَا أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا سَمِعَتْ نُبَاحَ الْكِلَابِ قَالَتْ أَیُّ مَاءٍ هَذَا فَقَالُوا الْحَوْأَبُ قَالَتْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِنِّی لَهِیَهْ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَ عِنْدَهُ نِسَاؤُهُ یَقُولُ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ فِی رِوَایَةِ الْمَاوَرْدِیِّ أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَخْرُجُ فَتَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ یُقْتَلُ مِنْ یَمِینِهَا وَ یَسَارِهَا قَتْلَی كَثِیرَةٌ تَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ تُقْتَلُ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْخُرَیْبَةَ قَصَدَهُمْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ وَ حَارَبَهُمْ فَتَدَاعَوْا إِلَی الصُّلْحِ فَكَتَبُوا بَیْنَهُمْ كِتَاباً أَنَّ لِعُثْمَانَ دَارَ الْإِمَارَةِ وَ بَیْتَ الْمَالِ وَ الْمَسْجِدَ إِلَی أَنْ یَصِلَ إِلَیْهِمْ عَلِیٌّ فَقَالَ طَلْحَةُ لِأَصْحَابِهِ فِی السِّرِّ وَ اللَّهِ لَئِنْ قَدِمَ عَلِیٌّ الْبَصْرَةَ لَنُؤْخَذَنَّ بِأَعْنَاقِنَا فَأَتَوْا عَلَی عُثْمَانَ بَیَاتاً فِی لَیْلَةٍ ظَلْمَاءَ وَ هُوَ یُصَلِّی بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ قَتَلُوا مِنْهُمْ خَمْسِینَ رَجُلًا وَ اسْتَأْسَرُوهُ وَ نَتَفُوا شَعْرَهُ وَ حَلَقُوا رَأْسَهُ وَ حَبَسُوهُ
ص: 118
فَبَلَغَ ذَلِكَ سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ فَكَتَبَ إِلَیْهِمَا أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً لَئِنْ لَمْ تُخِلُّوا سَبِیلَهُ لَأَبْلُغَنَّ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَیْكُمَا فَأَطْلَقُوهُ ثُمَّ بَعَثَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ فِی جَمَاعَةٍ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ فَقَتَلَ أَبَا سَالِمَةَ الزُّطِّیَّ فِی خَمْسِینَ رَجُلًا وَ بَعَثَتْ عَائِشَةُ إِلَی أَحْنَفَ تَدْعُوهُ فَأَبَی وَ اعْتَزَلَ بِالْجَلْحَاءِ مِنَ الْبَصْرَةِ فِی فَرْسَخَیْنِ وَ هُوَ فِی سِتَّةِ آلَافٍ فَأَمَّرَ عَلِیٌّ سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ عَلَی الْمَدِینَةِ وَ قُثَمَ بْنَ الْعَبَّاسِ عَلَی مَكَّةَ وَ خَرَجَ فِی سِتَّةِ آلَافٍ إِلَی الرَّبَذَةِ وَ مِنْهَا إِلَی ذِی قَارٍ وَ أَرْسَلَ الْحَسَنَ وَ عَمَّاراً إِلَی الْكُوفَةِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ وَلِیِّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ جَبْهَةِ الْأَنْصَارِ وَ سَنَامِ الْعَرَبِ ثُمَّ ذَكَرَ فِیهِ قَتْلَ عُثْمَانَ وَ فِعْلَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ قَدْ قَلَعَتْ بِأَهْلِهَا وَ قَلَعُوا بِهَا وَ جَاشَتْ جَیْشَ الْمِرْجَلِ وَ قَامَتِ الْفِتْنَةُ عَلَی الْقُطْبِ فَأَسْرِعُوا إِلَی أَمِیرِكُمْ وَ بَادِرُوا عَدُوَّكُمْ فَلَمَّا بَلَغَا الْكُوفَةَ قَالَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِیماً وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً الْآیَةَ فَسَكَّنَهُ عَمَّارٌ فَقَالَ أَبُو مُوسَی هَذَا كِتَابُ عَائِشَةَ تَأْمُرُنِی أَنْ تَكُفَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ فَلَا تَكُونَنَّ لَنَا وَ لَا عَلَیْنَا لِیَصِلَ إِلَیْهِمْ صَلَاحُهُمْ فَقَالَ عَمَّارٌ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَهَا بِالْجُلُوسِ فَقَامَتْ وَ أَمَرَنَا بِالْقِیَامِ لِنَدْفَعَ الْفِتْنَةَ فَنَجْلِسُ فَقَامَ زَیْدُ بْنَ صُوحَانَ وَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ فِی أَصْحَابِهِمَا وَ تَهَدَّدُوهُ فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَامَ زَیْدُ بْنَ صُوحَانَ وَ قَرَأَ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ الْآیَاتِ ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ سِیرُوا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ انْفِرُوا إِلَیْهِ أَجْمَعِینَ تصببوا [تُصِیبُوا] الْحَقَّ رَاشِدِینَ ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ هَذَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ یَسْتَنْفِرُكُمْ فَأَطِیعُوهُ فِی كَلَامٍ لَهُ
ص: 119
وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ صلوات اللّٰه علیهما أَجِیبُوا دَعَوْتَنَا وَ أَعِینُونَا عَلَی مَا بُلِینَا بِهِ فِی كَلَامٍ لَهُ فَخَرَجَ قَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو وَ هِنْدُ بْنُ عَمْرٍو وَ هَیْثَمُ بْنُ شِهَابٍ وَ زَیْدُ بْنَ صُوحَانَ وَ الْمُسَیَّبُ بْنُ نَجَبَةَ وَ یَزِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ وَ ابْنُ مَخْدُوجٍ وَ الْأَشْتَرُ یَوْمَ الثَّالِثِ فِی تِسْعَةِ آلَافٍ فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلِیٌّ عَلَی فَرْسَخٍ وَ قَالَ مَرْحَباً بِكُمْ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ فِئَةَ الْإِسْلَامِ وَ مَرْكَزَ الدِّینِ فِی كَلَامٍ لَهُ وَ خَرَجَ إِلَی عَلِیٍّ مِنْ شِیعَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ ربیعته [رَبِیعَةَ] ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَ بَعَثَ الْأَحْنَفُ إِلَیْهِ إِنْ شِئْتَ أَتَیْتُكَ فِی مِائَتَیْ فَارِسٍ فَكُنْتُ مَعَكَ وَ إِنْ شِئْتَ اعْتَزَلْتُ بِبَنِی سَعْدٍ فَكَفَفْتُ عَنْكَ سِتَّةَ آلَافِ سَیْفٍ فَاخْتَارَ علیه السلام اعْتِزَالَهُ..
الْأَعْثَمُ فِی الْفُتُوحِ أَنَّهُ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَیْهِمَا أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّی أَرَادُونِی وَ لَمْ أُبَایِعْهُمْ حَتَّی أَكْرَهُونِی وَ أَنْتُمَا مِمَّنْ أَرَادَ بَیْعَتِی ثُمَّ قَالَ علیه السلام بَعْدَ كَلَامٍ وَ دَفْعُكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِیهِ كَانَ أَوْسَعَ لَكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا.
الْبَلَاذُرِیُّ لَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً قَوْلُهُمَا مَا بَایَعْنَاهُ إِلَّا مُكْرَهَیْنِ تَحْتَ السَّیْفِ قَالَ أَبْعَدَهُمَا اللَّهُ أَقْصَی دَارٍ وَ أَحَرَّ نَارٍ (1).
الْأَعْثَمُ وَ كَتَبَ إِلَی عَائِشَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ خَرَجْتِ مِنْ بَیْتِكِ عَاصِیَةً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ تَطْلُبِینَ أَمْراً كَانَ عَنْكِ مَوْضُوعاً ثُمَّ تَزْعُمِینَ أَنَّكِ تُرِیدِینَ الْإِصْلَاحَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ فَخَبِّرِینِی مَا لِلنِّسَاءِ وَ قَوْدِ الْعَسَاكِرِ وَ الْإِصْلَاحِ بَیْنَ النَّاسِ
ص: 120
وَ طَلَبْتِ كَمَا زَعَمْتِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ عُثْمَانُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ وَ لَعَمْرِی إِنَّ الَّذِی عَرَضَكِ لِلْبَلَاءِ وَ حَمَلَكِ عَلَی الْعَصَبِیَّةِ لَأَعْظَمُ إِلَیْكِ ذَنْباً مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَ مَا غَضِبْتِ حَتَّی أَغْضَبْتِ وَ لَا هِجْتِ حَتَّی هَیَّجْتِ فَاتَّقِی اللَّهَ یَا عَائِشَةُ وَ ارْجِعِی إِلَی مَنْزِلِكِ وَ أَسْبِلِی عَلَیْكِ سِتْرَكِ (1) وَ قَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ جَلَّ الْأَمْرُ عَنِ الْخِطَابِ احْكُمْ كَمَا تُرِیدُ فَلَنْ نَدْخُلَ فِی طَاعَتِكَ فَأَنْشَأَ حبیب [خُبَیْبُ] بْنُ یَسَافٍ الْأَنْصَارِیُّ:
أَبَا حَسَنٍ أَیْقَظْتَ مَنْ كَانَ نَائِماً***وَ مَا كَانَ مَنْ یُدْعَی (2) إِلَی الْحَقِّ یَتْبَعُ
وَ إِنَّ رِجَالًا بَایَعُوكَ وَ خَالَفُوا***هَوَاكَ وَ أَجْرَوْا فِی الضَّلَالِ وَ ضَیَّعُوا
وَ طَلْحَةُ فِیهَا وَ الزُّبَیْرُ قَرِینُهُ***وَ لَیْسَ لِمَا لَا یَدْفَعُ اللَّهُ مَدْفَعٌ
وَ ذِكْرُهُمْ قَتْلَ ابْنِ عَفَّانَ خُدْعَةٌ***هُمْ قَتَلُوهُ وَ الْمُخَادِعُ یُخْدَعُ
وَ سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ قَیْسُ بْنُ عَبَّادٍ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنْ قِتَالِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَقَالَ إِنَّهُمَا بَایَعَانِی بِالْحِجَازِ وَ خَلَعَانِی بِالْعِرَاقِ فَاسْتَحْلَلْتُ قِتَالَهُمَا لِنَكْثِهِمَا بَیْعَتِی.
تَارِیخَیِ الطَّبَرِیِّ وَ الْبَلاذُرِیِّ أَنَّهُ ذَكَرَ مَجِی ءَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ إِلَی الْبَصْرَةِ قَبْلَ الْحَسَنِ (3) فَقَالَ یَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا كَانَ لِلْقَوْمِ عُقُولٌ أَنْ یَقُولُوا وَ اللَّهِ مَا قَتَلَهُ غَیْرُكُمْ.
ص: 121
تاریخ الطبری قال یونس النحوی: فكرت فی أمر علی و طلحة و الزبیر إن كانا صادقین أن علیا قتل عثمان فعثمان هالك و إن كذبا علیه فهما هالكان:
تاریخ الطبری قال رجل من بنی سعد:
صنتم حلائلكم و قدتم أمكم***هذا لعمری قلة الإنصاف
أمرت بجر ذیولها فی بیتها*** فهوت تشق البید بالإیجاف
عرضا یقاتل دونها أبناؤها*** بالنبل و الخطی و الأسیاف
و أنفذ أمیر المؤمنین زید بن صوحان و عبد اللّٰه بن عباس فوعظاها و خوفاها.
وَ فِی كِتَابِ رامش افزای أَنَّهَا قَالَتْ لَا طَاقَةَ لِی بِحُجَجِ عَلِیٍّ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا طَاقَةَ لَكِ بِحُجَجِ الْمَخْلُوقِ فَكَیْفَ طَاقَتُكِ بِحُجَجِ الْخَالِقِ.
«95»-(1)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: إِنَّ الزُّبَیْرَ اخْتَرَطَ سَیْفَهُ یَوْمَ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لَا أَغْمِدُهُ حَتَّی أُبَایِعَ لِعَلِیٍّ ثُمَّ اخْتَرَطَ سَیْفَهُ فَضَارَبَ عَلِیّاً علیه السلام وَ كَانَ مِمَّنْ أُعِیرَ الْإِیمَانَ فَمَشَی فِی ضَوْءِ نُورِهِ ثُمَّ سَلَبَهُ اللَّهُ إِیَّاهُ.
«96»-(2)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَبِی الْأَصْبَغِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ یَسْأَلُ عَنْ مُسْتَقَرٍّ وَ مُسْتَوْدَعٍ قَالَ مُسْتَقَرٌّ فِی الرَّحِمِ وَ مُسْتَوْدَعٌ فِی الصُّلْبِ وَ قَدْ یَكُونُ مُسْتَوْدَعَ الْإِیمَانِ ثُمَّ یُنْزَعُ مِنْهُ وَ لَقَدْ مَشَی الزُّبَیْرُ فِی ضَوْءِ الْإِیمَانِ وَ نُورِهِ حَتَّی قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی مَشَی بِالسَّیْفِ وَ هُوَ یَقُولُ لَا نُبَایِعُ إِلَّا عَلِیّاً.
ص: 122
«97»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب عَمَّارٌ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا صَعِدَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمِنْبَرَ قَالَ لَنَا قُومُوا فَتَخَلَّلُوا الصُّفُوفَ وَ نَادُوا هَلْ مِنْ كَارِهٍ فَتَصَارَخَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ اللَّهُمَّ قَدْ رَضِینَا وَ سَلَّمْنَا وَ أَطَعْنَا رَسُولَكَ وَ ابْنَ عَمِّهِ فَقَالَ یَا عَمَّارُ قُمْ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ فَأَعْطِ النَّاسَ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ وَ ارْفَعْ لِی ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ فَمَضَی عَمَّارٌ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ وَ مَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَسْجِدِ قُبَاءَ یُصَلِّی فِیهِ فَوَجَدُوا فِیهِ ثَلَاثَ مِائَةِ أَلْفِ دِینَارٍ وَ وَجَدُوا النَّاسَ مِائَةَ أَلْفٍ فَقَالَ عَمَّارٌ جَاءَ وَ اللَّهِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهِ مَا عِلْمَ بِالْمَالِ وَ لَا بِالنَّاسِ وَ إِنَّ هَذِهِ لآَیَةٌ وَجَبَتْ عَلَیْكُمْ بِهَا طَاعَةُ هَذَا الرَّجُلِ فَأَبَی طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَقِیلٌ أَنْ یَقْبَلُوهَا الْقِصَّةَ.
«98»-(2)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: قُلْتُ الزُّبَیْرُ شَهِدَ بَدْراً قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنَّهُ فَرَّ یَوْمَ الْجَمَلِ فَإِنْ كَانَ قَاتَلَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ هَلَكَ بِقِتَالِهِ إِیَّاهُمْ وَ إِنْ كَانَ قَاتَلَ كُفَّاراً فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ حِینَ وَلَّاهُمْ دُبُرَهُ.
«99»-(3)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ السَّرِیِّ عَنْ قَوْلِهِ وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِیبَنَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَمَلِ.
ص: 123
«100»-(1)
جا، المجالس للمفید عَلِیُّ بْنُ خَالِدٍ الْمَرَاغِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ قَرْمٍ عَنْ أَبِی الْجَحَّافِ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِیِّ عَنْ أَبِی عُثْمَانَ مُؤَذِّنِ بَنِی أَفْصَی (2) قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام حِینَ خَرَجَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ لِقِتَالِهِ یَقُولُ عَذِیرِی مِنْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ بَایَعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ ثُمَّ نَكَثَا بَیْعَتِی مِنْ غَیْرِ حَدَثٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ
«101»-(3)
جا، المجالس للمفید مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْحَتْمِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [عَبْدَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْخَوْلِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِی سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: إِنِّی لَوَاقِفٌ مَعَ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عِنْدَ نُهُوضِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الْبَصْرَةِ إِذْ أَقْبَلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مُغِیرَةُ فَقَالَ وَ أَیْنَ هُوَ یَا عَمَّارُ قَالَ تَدْخُلُ فِی هَذِهِ الدَّعْوَةِ فَتَلْحَقُ بِمَنْ سَبَقَكَ وَ تَسُودُ مَنْ خَلَفَكَ
ص: 124
فَقَالَ لَهُ الْمُغِیرَةُ أَوْ خَیْرٌ مِنْ ذَلِكَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ قَالَ عَمَّارٌ وَ مَا هُوَ قَالَ نَدْخُلُ بُیُوتُنَا وَ نُغْلِقُ عَلَیْنَا أَبْوَابَنَا حَتَّی یُضِی ءَ لَنَا الْأَمْرُ فَنَخْرُجُ وَ نَحْنُ مُبْصِرُونَ وَ لَا نَكُونُ كَقَاطِعِ السِّلْسِلَةِ فَرَّ مِنَ الضَّحْلِ فَوَقَعَ فِی الْغَمْرِ (1) فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ أَ جَهْلٌ بَعْدَ عِلْمٍ وَ عَمًی بَعْدَ اسْتِبْصَارٍ وَ لَكِنِ اسْمَعْ لِقَوْلِی فَوَ اللَّهِ لَنْ تَرَانِی إِلَّا فِی الرَّعِیلِ الْأَوَّلِ قَالَ فَطَلَعَ عَلَیْهِمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ مَا یَقُولُ لَكَ الْأَعْوَرُ فَإِنَّهُ وَ اللَّهِ دَائِماً یَلْبِسُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ یُمَوِّهُ فِیهِ وَ لَنْ یَتَعَلَّقَ مِنَ الدِّینِ إِلَّا بِمَا یُوَافِقُ الدُّنْیَا وَیْحَكَ یَا مُغِیرَةُ إِنَّهَا دَعْوَةٌ تَسُوقُ مَنْ یَدْخُلُ فِیهَا إِلَی الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ الْمُغِیرَةُ صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ لَمْ أَكُنْ مَعَكَ فَلَنْ أَكُونَ عَلَیْكَ.
«102»-(2)
كش، رجال الكشی رُوِیَ أَنَّ عَائِشَةَ كَتَبَتْ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَی زَیْدِ بْنِ صُوحَانَ إِلَی الْكُوفَةِ مِنْ عَائِشَةَ زَوْجَةِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَی ابْنِهَا زَیْدِ بْنِ صُوحَانَ الْخَالِصِ أَمَّا بَعْدُ إِذَا أَتَاكَ كِتَابِی هَذَا فَاجْلِسْ فِی بَیْتِكَ وَ خَذِّلِ النَّاسَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ حَتَّی یَأْتِیَكَ أَمْرِی فَلَمَّا قَرَأَ زَیْدٌ كِتَابَهَا قَالَ أُمِرَتْ بِأَمْرٍ وَ أُمْرِنَا بِغَیْرِهِ فَرَكِبَتْ مَا أُمِرْنَا بِهِ وَ أَمَرَتْنَا أَنْ نَرْكَبَ مَا أُمِرَتْ هِیَ بِهِ أُمِرَتْ أَنْ تَقِرَّ فِی بَیْتِهَا وَ أُمِرْنَا أَنْ نُقَاتِلَ حَتَّی لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ السَّلَامُ.
«103»-(3)
كشف، كشف الغمة مِنْ غَزَوَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَقْعَةُ الْجَمَلِ وَ الْمُجْتَمِعُونَ لَهَا لَمَّا
ص: 125
رَفَضُوا عَلِیّاً وَ نَقَضُوا بَیْعَتَهُ وَ نَكَثُوا عَهْدَهُ وَ غَدَرُوا بِهِ وَ خَرَجُوا عَلَیْهِ وَ جَمَعُوا النَّاسَ لِقِتَالِهِ مُسْتَخِفِّینَ بِعَقْدِ بَیْعَتِهِ الَّتِی لَزِمَهُمْ فَرْضُ حُكْمِهَا مُسِفِّینَ إِلَی إِثَارَةِ فِتْنَةٍ عَامَّةٍ بَاءُوا بِإِثْمِهَا لَمْ یَرَ إِلَّا مُقَاتَلَتَهُمْ عَلَی مُسَارَعَتِهِمْ إِلَی نَكْثِ بَیْعَتِهِ وَ مُقَاتَلَتَهُمْ عَنِ الْخُرُوجِ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَ لُزُومِ طَاعَتِهِ وَ كَانَ مِنَ الدَّاخِلِینَ فِی الْبَیْعَةِ أَوَّلًا وَ الْمُلْتَزِمِینَ لَهَا ثُمَّ مِنَ الْمُحَرِّضِینَ ثَانِیاً عَلَی نَكْثِهَا وَ نَقْضِهَا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَأَخْرَجَا عَائِشَةَ وَ جَمَعَا مَنِ اسْتَجَابَ لَهُمَا وَ خَرَجُوا إِلَی الْبَصْرَةِ وَ نَصَبُوا لِعَلِیٍّ علیه السلام حَبَائِلَ الْغَوَائِلِ وَ أَلَّبُوا عَلَیْهِ مُطِیعَهُمْ مِنَ الرَّامِحِ وَ النَّابِلِ مُظْهِرِینَ الْمُطَالَبَةَ بِدَمِ عُثْمَانَ مَعَ عِلْمِهِمْ فِی الْبَاطِنِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَیْسَ بِالْآمِرِ وَ لَا الْقَاتِلِ وَ مِنَ الْعَجَبِ أَنَّ عَائِشَةَ حَرَّضَتِ النَّاسَ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ بِالْمَدِینَةِ وَ قَالَتِ اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَلَ اللَّهُ نَعْثَلًا فَلَقَدْ أَبْلَی سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ وَ هَذِهِ ثِیَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَ خَرَجَتْ إِلَی مَكَّةَ وَ قُتِلَ عُثْمَانُ وَ عَادَتْ إِلَی بَعْضِ الطَّرِیقِ فَسَمِعَتْ بِقَتْلِهِ وَ أَنَّهُمْ بَایَعُوا عَلِیّاً فَوَرِمَ أَنْفُهَا وَ عَادَتْ وَ قَالَتْ لَأُطَالِبَنَّ بِدَمِهِ فَقِیلَ لَهَا یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ أَنْتِ أَمَرْتِ بِقَتْلِهِ وَ تَقُولِینَ هَذَا قَالَتْ لَمْ یَقْتُلُوهُ حَیْثُ قُلْتُ وَ تَرَكُوهُ حَتَّی تَابَ وَ عَادَ كَالسَّبِیكَةِ مِنَ الْفِضَّةِ وَ قَتَلُوهُ وَ خَرَجَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ مِنَ الْمَدِینَةِ عَلَی خُفْیَةٍ وَ وَصَلَا إِلَیْهَا بِمَكَّةَ وَ أَخْرَجَاهَا إِلَی الْبَصْرَةِ وَ رَحَلَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنَ الْمَدِینَةِ یَطْلُبُهُمْ فَلَمَّا قَرُبَ مِنَ الْبَصْرَةِ كَتَبَ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنِّی لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّی أَرَادُونِی وَ لَمْ أُبَایِعْهُمْ حَتَّی أَكْرَهُونِی وَ أَنْتُمَا مِمَّنْ أَرَادُوا بَیْعَتِی وَ بَایَعُوا وَ لَمْ تُبَایِعَا لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَ لَا لِعَرَضٍ [غَرَضٍ حَاضِرٍ فَإِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَا طَائِعَیْنِ فَتُوبَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَمَّا أَنْتُمَا عَلَیْهِ وَ إِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَا مُكْرَهَیْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا السَّبِیلَ عَلَیْكُمَا بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَ إِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِیَةَ وَ أَنْتَ یَا زُبَیْرُ فَارِسُ قُرَیْشٍ وَ أَنْتَ یَا طَلْحَةُ شَیْخُ الْمُهَاجِرِینَ وَ دَفْعُكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِیهِ كَانَ أَوْسَعَ لَكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ
ص: 126
وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا إِنِّی قَتَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَبَیْنِی وَ بَیْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّی وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ یُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ وَ هَؤُلَاءِ بَنُو عُثْمَانَ إِنْ قُتِلَ مَظْلُوماً كَمَا تَقُولَانِ أَوْلِیَاؤُهُ وَ أَنْتُمَا رَجُلَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ قَدْ بَایَعْتُمَانِی وَ نَقَضْتُمَا بَیْعَتِی وَ أَخْرَجْتُمَا أُمَّكُمَا مِنْ بَیْتِهَا الَّذِی أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَقِرَّ فِیهِ وَ اللَّهُ حَسِیبُكُمَا وَ السَّلَامُ وَ كَتَبَ إِلَی عَائِشَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ خَرَجْتِ مِنْ بَیْتِكِ عَاصِیَةً لِلَّهِ تَعَالَی وَ لِرَسُولِهِ تَطْلُبِینَ أَمْراً كَانَ عَنْكِ مَوْضُوعاً ثُمَّ تَزْعُمِینَ أَنَّكِ تُرِیدِینَ الْإِصْلَاحَ بَیْنَ النَّاسِ فَخَبِّرِینِی مَا لِلنِّسَاءِ وَ قَوْدِ الْعَسَاكِرِ وَ زَعَمْتِ أَنَّكِ طَالِبَةٌ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ عُثْمَانُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ وَ لَعَمْرِی إِنَّ الَّذِی عَرَضَكِ لِلْبَلَاءِ وَ حَمَلَكِ عَلَی الْمَعْصِیَةِ لَأَعْظَمُ إِلَیْكِ ذَنْباً مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَ مَا غَضِبْتِ حَتَّی أَغْضَبْتِ وَ لَا هِجْتِ حَتَّی هَیَّجْتِ فَاتَّقِی اللَّهَ یَا عَائِشَةُ وَ ارْجِعِی إِلَی مَنْزِلِكِ وَ أَسْبِلِی عَلَیْكِ سِتْرَكِ وَ السَّلَامُ فَجَاءَ الْجَوَابُ إِلَیْهِ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ جَلَّ الْأَمْرُ عَنِ الْعِتَابِ وَ لَنْ نَدْخُلَ فِی طَاعَتِكَ أَبَداً فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ وَ السَّلَامُ.
«104»-(1)
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَقُولُ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ.
ص: 127
«105»-(1)
كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ سَلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ سَلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ قَدْ سَمِعْتُهُ عَنْهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَعَثَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ رَجُلًا مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ یُقَالُ لَهُ خِدَاشٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ قَالا لَهُ إِنَّا نَبْعَثُكَ إِلَی رَجُلٍ طَالَمَا كُنَّا نَعْرِفُهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ بِالسِّحْرِ وَ الْكِهَانَةِ وَ أَنْتَ أَوْثَقُ مَنْ بِحَضْرَتِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مِنْ أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُ وَ أَنْ تُحَاجَّهُ لَنَا حَتَّی تَقِفَهُ [تَفَقَّهَ عَلَی أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ دَعْوًی فَلَا یَكْسِرَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ وَ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِی یَخْدَعُ النَّاسَ بِهَا الطَّعَامُ وَ الشَّرَابُ وَ الْعَسَلُ وَ الدُّهْنُ وَ أَنْ یُخَالِیَ الرَّجُلَ فَلَا تَأْكُلْ لَهُ طَعَاماً وَ لَا تَشْرَبْ لَهُ شَرَاباً وَ لَا تَمَسَّ لَهُ عَسَلًا وَ لَا دُهْناً وَ لَا تَخْلُ مَعَهُ وَ احْذَرْ هَذَا كُلَّهُ مِنْهُ وَ انْطَلِقْ عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَیْتَهُ فَاقْرَأْ آیَةَ السُّخْرَةِ وَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ كَیْدِهِ وَ كَیْدِ الشَّیْطَانِ فَإِذَا جَلَسْتَ إِلَیْهِ فَلَا تُمَكِّنْهُ مِنْ بَصَرِكَ كُلِّهِ وَ لَا تَسْتَأْنِسْ بِهِ ثُمَّ قُلْ لَهُ إِنَّ أَخَوَیْكَ فِی الدِّینِ وَ ابْنَیْ عَمَّیْكَ یُنَاشِدَانِكَ الْقَطِیعَةَ وَ یَقُولَانِ لَكَ أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّا تَرَكْنَا النَّاسَ لَكَ وَ خَالَفْنَا عَشَائِرَنَا فِیكَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا نِلْتَ أَدْنَی مَنَالٍ ضَیَّعْتَ حُرْمَتَنَا وَ قَطَعْتَ رَجَاءَنَا ثُمَّ قَدْ رَأَیْتَ أَفْعَالَنَا فِیكَ وَ قُدْرَتَنَا عَلَی النَّأْیِ عَنْكَ وَ سَعَةِ الْبِلَادِ دُونَكَ وَ أَنَّ مَنْ كَانَ یَصْرِفُكَ عَنَّا وَ عَنْ صِلَتِنَا كَانَ أَقَلَّ لَكَ نَفْعاً وَ أَضْعَفَ عَنْكَ دَفْعاً مِنَّا وَ قَدْ وَضَحَ الصُّبْحُ لِذِی عَیْنَیْنِ (2) وَ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ انْتِهَاكٌ لَنَا وَ دُعَاءٌ عَلَیْنَا فَمَا الَّذِی یَحْمِلُكَ عَلَی ذَلِكَ فَقَدْ كُنَّا نَرَی أَنَّكَ أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ أَ تَتَّخِذُ اللَّعْنَ لَنَا دِیناً وَ تَرَی أَنَّ ذَلِكَ یَكْسِرُنَا عَنْكَ
ص: 128
فَلَمَّا أَتَی خِدَاشٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ صَنَعَ مَا أَمَرَاهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یُنَاجِی نَفْسَهُ ضَحِكَ وَ قَالَ هَاهُنَا یَا أَبَا عَبْدِ قَیْسٍ وَ أَشَارَ لَهُ إِلَی مَجْلِسٍ قَرِیبٍ مِنْهُ فَقَالَ مَا أَوْسَعَ الْمَكَانَ أُرِیدُ أَنْ أُؤَدِّیَ إِلَیْكَ رِسَالَةً قَالَ بَلْ تَطْعَمُ وَ تَشْرَبُ وَ تُخَلِّی ثِیَابَكَ وَ تَدَّهِنُ ثُمَّ تُؤَدِّی رِسَالَتَكَ قُمْ یَا قَنْبَرُ فَأَنْزِلْهُ قَالَ مَا بِی إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا ذَكَرْتَ حَاجَةٌ قَالَ فَأَخْلُو بِكَ قَالَ كُلُّ سِرٍّ لِی عَلَانِیَةٌ قَالَ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِی هُوَ أَقْرَبُ إِلَیْكَ مِنْ نَفْسِكَ الْحَائِلُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ قَلْبِكَ الَّذِی یَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْیُنِ وَ ما تُخْفِی الصُّدُورُ أَ تَقَدَّمَ لَكَ الزُّبَیْرُ بِمَا عَرَضْتُ عَلَیْكَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ لَوْ كَتَمْتَ بَعْدَ مَا سَأَلْتُكَ مَا ارْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ عَلَّمَكَ كَلَاماً تَقُولُهُ إِذَا أَتَیْتَنِی قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام آیَةَ السُّخْرَةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاقْرَأْهَا فَقَرَأَهَا وَ جَعَلَ عَلِیٌّ علیه السلام یُكَرِّرُهَا عَلَیْهِ وَ یُرَدِّدُهَا وَ یَفْتَحُ عَلَیْهِ إِذَا أَخْطَأَ حَتَّی إِذَا قَرَأَهَا سَبْعِینَ مَرَّةً قَالَ الرَّجُلُ مَا یَرَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمْرَهُ بِتَرَدُّدِهَا سَبْعِینَ مَرَّةً قَالَ لَهُ أَ تَجِدُ قَلْبَكَ اطْمَأَنَّ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ قَالَ فَمَا قَالا لَكَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ قُلْ لَهُمَا كَفَی بِمَنْطِقِكُمَا حُجَّةً عَلَیْكُمَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ* زَعَمْتُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَایَ فِی الدِّینِ وَ ابْنَا عَمِّی فِی النَّسَبِ أَمَّا النَّسَبُ فَلَا أُنْكِرُهُ وَ إِنْ كَانَ النَّسَبُ مَقْطُوعاً إِلَّا مَا وَصَلَهُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا إِنَّكُمَا أَخَوَایَ فَإِنْ كُنْتُمَا صَادِقَیْنِ فَقَدْ فَارَقْتُمَا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَصَیْتُمَا أَمْرَهُ بِأَفْعَالِكُمَا فِی أَخِیكُمَا فِی الدِّینِ وَ إِلَّا فَقَدْ كَذَبْتُمَا وَ افْتَرَیْتُمَا بِادِّعَائِكُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَایَ فِی الدِّینِ وَ أَمَّا مُفَارَقَتُكُمَا النَّاسَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ مُحَمَّداً فَإِنْ كُنْتُمَا فَارَقْتُمَاهُمْ بِحَقٍّ فَقَدْ نَقَضْتُمَا ذَلِكَ الْحَقَّ بِفِرَاقِكُمَا إِیَّایَ أَخِیراً وَ إِنْ فَارَقْتُمَاهُمْ بِبَاطِلٍ فَقَدْ وَقَعَ إِثْمُ ذَلِكَ الْبَاطِلِ عَلَیْكُمَا مَعَ الْحَدَثِ الَّذِی أَحْدَثْتُمَا مَعَ أَنَّ صَفْقَتَكُمَا بِمُفَارَقَتِكُمَا النَّاسَ لَمْ یَكُنْ إِلَّا لِطَمَعِ الدُّنْیَا زَعَمْتُمَا وَ ذَلِكَ قَوْلُكُمَا قَطَعْتَ رَجَاءَنَا لَا تَعِیبَانِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَیَّ مِنْ دِینِی شَیْئاً
ص: 129
وَ أَمَّا الَّذِی صَرَفَنِی عَنْ صِلَتِكُمَا فَالَّذِی صَرَفَكُمَا عَنِ الْحَقِّ وَ حَمَلَكُمَا عَلَی خَلْعِهِ مِنْ رِقَابِكُمَا كَمَا یَخْلَعُ الْحَرُونُ لِجَامَهُ وَ هُوَ اللَّهُ رَبِّی لَا أُشْرِكُ بِهِ شَیْئاً فَلَا تَقُولَا هُوَ أَقَلُّ نَفْعاً وَ أَضْعَفُ دَفْعاً فَتَسْتَحِقَّا اسْمَ الشِّرْكِ مَعَ النِّفَاقِ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا إِنِّی أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ وَ هَرَبُكُمَا مِنْ لَعْنِی وَ دُعَائِی فَإِنَّ لِكُلِّ مَوْقِفٍ عَمَلًا إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ وَ مَاجَتْ لُبُودُ الْخَیْلِ وَ مَلَأَ سَحْرَاكُمَا أَجْوَافَكُمَا فَثَمَّ یَكْفِینِیَ اللَّهُ بِكَمَالِ الْقَلْبِ وَ أَمَّا إِذَا أَبَیْتُمَا بِأَنِّی أَدْعُو اللَّهَ فَلَا تَجْزَعَا مِنْ أَنْ یَدْعُوَ عَلَیْكُمَا رَجُلٌ سَاحِرٌ مِنْ قَوْمٍ سَحَرَةٍ زَعَمْتُمَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَقْعِصِ الزُّبَیْرَ شَرَّ قِتْلَةٍ وَ اسْفِكْ دَمَهُ عَلَی ضَلَالَةٍ وَ عَرِّفْ طَلْحَةَ الْمَذَلَّةَ وَ ادَّخِرْ لَهُمَا فِی الْآخِرَةِ شَرّاً مِنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَا ظَلَمَانِی وَ افْتَرَیَا عَلَیَّ وَ كَتَمَا شَهَادَتَهُمَا وَ عَصَیَانِی وَ عَصَیَا رَسُولَكَ فِیَّ قُلْ آمِینَ قَالَ خِدَاشٌ آمِینَ ثُمَّ قَالَ خِدَاشٌ لِنَفْسِهِ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ لِحْیَةً قَطُّ أَبْیَنَ خَطَأً مِنْكَ حَامِلَ حُجَّةٍ یَنْقُضُ بَعْضُهَا بَعْضاً لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهَا سَمَاكاً أَنَا أَبْرَأُ إِلَی اللَّهِ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ارْجِعْ إِلَیْهِمَا وَ أَعْلِمْهُمَا مَا قُلْتُ قَالَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی تَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ یَرُدَّنِی إِلَیْكَ عَاجِلًا وَ أَنْ یُوَفِّقَنِی لِرِضَاهُ فِیكَ فَفَعَلَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنِ انْصَرَفَ وَ قُتِلَ مَعَهُ یَوْمَ الْجَمَلِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
توضیح:
خداش بكسر الخاء و تخفیف الدال و قول من أنفسنا بیان لمن أی من الذین هم منا و فی بعض النسخ فی أنفسنا و هو أظهر و قوله من أن تمتنع متعلق بقوله أوثق و من تعلیلیة و أن تحاجه معطوف علی أن تمتنع حتی تَفَقَّهَ أی تتفقه بحذف إحدی التاءین و تضمین معنی الاطلاع و الأظهر تَقِفه من وقفته بمعنی أطلعته و أن یخالی الرجل أی یخلو به فلا تمكنه من بصرك أی لا تنظر إلیه كثیرا و إنما نهیاه عن ذلك لئلا
ص: 130
یری محاسن أخلاقه و آدابه فیمیل إلی الحق و ابنی عمك إنما قالا ذلك لكونهما من قریش یناشدانك القطیعة أی یقسمان علیك أن لا تقطع الرحم فلما نلت أدنی منال أی أصبت أدنی مقدرة و جاه أ تتخذ اللعن لنا دینا غرضهما أن اللعن دأب العاجزین و كنا نظن أنك أشجع الفرسان و تخلی ثیابك أی من القمل و الأدناس و فی بعض النسخ و تحل و لعله أظهر الحائل بینك و بین قلبك أی یعلم من قلبك ما تغفل عنه أو هو أملك لقلبك منك و خائنة الأعین نظرها إلی ما لا ینبغی و مسارقة النظر و تحریك الجفون للغمز و نحوه ما ارتد إلیك طرفك كنایة عن الموت قال الرجل أی فی نفسه متعجبا من أمره بتكریره الآیة و كان ذلك لرفع سحرهما و شبههما عن قلبه و تنویر قلبه بالإیمان مع الحدث الذی أحدثتما أی من إبراز زوجة النبی صلی اللّٰه علیه و آله من بیتها و إحداث الفتنة بین المسلمین.
أو المعنی أنكم تعلمون أنی علی الحق و أن ما أردتم بی باطل فلزمكم الإثم من جهتین متناقضتین.
أو المراد نصرتهما له مع علمهما بكونه علی الباطل و لعل الأول أظهر زعمتما أی أنكما تصیبانها.
و قال الجوهری فرس حرون لا ینقاد و إذا اشتد به الجری وقف.
و هُوَ اللَّهُ رَبِّی أی الذی صرفنی عن صلتكما هو اللّٰه تعالی فلا تقولا هو أقل نفعا و أضعف دفعا فتكفرا.
أو صارفهما عن الحق أیضا هو اللّٰه مجازا لسلب توفیقه عنهما.
أو المراد أن صارفی عن الصلة هو سوء عقیدتكم و سریرتكم الذی حملكم علی نقض البیعة و الصارف عن الصلة حقیقة هو اللّٰه تعالی لأنه نهی عن صلة الكافرین.
و قیل الضمیر للشأن و لا یخفی ما فیه و هربكما فی بعض النسخ و هزؤكما و هو أظهر و اللبود جمع اللبد و هو الشعر المتراكم بین كتفی الفرس.
ص: 131
و السحر بالضم و التحریك الرئة و یقال للجبان قد انتفخ سَحْرُهُ ذكره الجوهری و قال ضربه فأقعصه أی قتله مكانه ما رأیت لحیة أی ذا لحیة أو المراد بقوله منك من لحیتك.
«106»-(1)
كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُرِیدُ الْبَصْرَةَ نَزَلَ بِالرَّبَذَةِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ مُحَارِبٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی تَحَمَّلْتُ فِی قَوْمِی حَمَالَةً وَ إِنِّی سَأَلْتُ فِی طَوَائِفَ مِنْهُمُ الْمُوَاسَاةَ وَ الْمَعُونَةَ فَسَبَقَتْ إِلَیَّ أَلْسِنَتُهُمْ بِالنَّكَدِ فَمُرْهُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِمَعُونَتِی وَ حُثَّهُمْ عَلَی مُوَاسَاتِی فَقَالَ أَیْنَ هُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ فَرِیقٌ مِنْهُمْ حَیْثُ تَرَی قَالَ فَنَصَّ رَاحِلَتَهُ فَادَّلَّفَتْ كَأَنَّهَا ظَلِیمٌ فَأَدْلَفَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فِی طَلَبِهَا فَلَأْیاً بِلَأْیٍ مَا لُحِقَتْ فَانْتَهَی إِلَی الْقَوْمِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ وَ سَأَلَهُمْ مَا یَمْنَعُهُمْ مِنْ مُوَاسَاةِ صَاحِبِهِمْ فَشَكَوْهُ وَ شَكَاهُمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَصَلَ امْرُؤٌ عَشِیرَتَهُ فَإِنَّهُمْ أَوْلَی بِبِرِّهِ وَ ذَاتِ یَدِهِ وَ وَصَلَتِ الْعَشِیرَةُ أَخَاهَا إِنْ عَثَرَ بِهِ دَهْرٌ وَ أَدْبَرَتْ عَنْهُ دُنْیَا فَإِنَّ الْمُتَوَاصِلِینَ الْمُتَبَاذِلِینَ مَأْجُورُونَ وَ إِنَّ الْمُتَقَاطِعِینَ الْمُتَدَابِرِینَ مَوْزُورُونَ قَالَ ثُمَّ بَعَثَ رَاحِلَتَهُ وَ قَالَ حَلْ [خَلِ .
بیان:
الربذة قریة معروفة قرب المدینة و محارب اسم قبیلة و الحمالة بالفتح ما یتحمله الإنسان من غیره من دیة أو غرامة و النكد الشدة و العسر و نص راحلته استخرج أقصی ما عندها من السیر ذكره الجوهری و قال
ص: 132
الدلف المشی الروید یقال دلف الشی ء إذا مشی و قارب الخطو و دلفت الكتیبة فی الحرب إذا تقدمت.
و قال الفیروزآبادی فی القاموس اندلف علی انصب و تدلف إلیه تمشی و دنا انتهی.
و المراد هنا الركض و التقدم و الظلیم ذكر النعامة و الضمیر فی طلبها راجع إلی الراحلة.
و قال الجوهری یقال فعل كذا بعد لأی أی بعد شدة و إبطاء و لآی لأیا أی أبطأ.
و قال فی النهایة فی حدیث أم أیمن فبلأی ما استغفر لهم أی بعد مشقة و جهد و إبطاء انتهی.
و ما زائدة للإبهام و المبالغة أی فلحقت راحلة بعض الأصحاب راحلته علیه السلام بعد إبطاء مع إبطاء و شدة فلأیا إما حال أو مفعول مطلق من غیر اللفظ و یمكن أن یقرأ لحقت علی بناء المفعول وصل امرؤ أمر فی صورة الخبر و النكرة للعموم كقولهم أنجز حر ما وعد و ذات یده أی ما فی یده من الأموال و قال حَل بالحاء المهملة و تخفیف اللام و هو زجر للناقة كما ذكره الجوهری و فی بعض النسخ بالخاء المعجمة و تشدید اللام فكان الرجل كان آخذا بزمام الناقة أو بغرزها فلما فرغ أمیر المؤمنین من وعظهم قال للرجل خَلِّ سبیل الناقة.
«107»-(1)
كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَقَبِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ
ص: 133
أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ آدَمَ لَمْ یَلِدْ عَبْداً وَ لَا أَمَةً وَ إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَحْرَارٌ وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَوَّلَ بَعْضَكُمْ بَعْضاً فَمَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ فَصَبَرَ فِی الْخَیْرِ فَلَا یَمُنَّ بِهِ عَلَی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ أَلَا وَ قَدْ حَضَرَ شَیْ ءٌ وَ نَحْنُ مُسَوُّونَ فِیهِ بَیْنَ الْأَسْوَدِ وَ الْأَحْمَرِ فَقَالَ مَرْوَانُ لِطَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَیْرَكُمَا قَالَ فَأَعْطَی كُلَّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ وَ أَعْطَی رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ وَ جَاءَ بَعْدَهُ غُلَامٌ أَسْوَدُ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ فَقَالَ الْأَنْصَارِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا غُلَامٌ أَعْتَقْتُهُ بِالْأَمْسِ تَجْعَلُنِی وَ إِیَّاهُ سَوَاءً فَقَالَ إِنِّی نَظَرْتُ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَلَمْ أَجِدْ لِوُلْدِ إِسْمَاعِیلَ عَلَی وُلْدِ إِسْحَاقَ فَضْلًا.
«1»-108 (1)
مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ وَكِیعٍ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ حَدَّثَنِی ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِی عَلِیٌّ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ یَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُمَا إِنَّ أَخَاكُمَا یُقْرِئُكُمَا السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكُمَا هَلْ وَجَدْتُمَا عَلَیَّ حَیْفاً فِی حُكْمٍ أَوْ فِی اسْتِئْثَارٍ فِی فَیْ ءٍ أَوْ فِی كَذَا قَالَ فَقَالَ الزُّبَیْرُ لَا وَ لَا فِی وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَ لَكِنْ مَعَ الْخَوْفِ شِدَّةُ الْمَطَامِعِ.
«109»-(2)
مد، العمدة مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ لِرَزِینٍ الْعَبْدَرِیِّ مِنْ مُوَطَّإِ
ص: 134
مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی وَائِلٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو وَائِلٍ وَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَی عَمَّارٍ حِینَ بَعَثَهُ عَلِیٌّ مَعَ الْحَسَنِ ابْنِهِ إِلَی الْكُوفَةِ یَسْتَنْفِرُهُمْ فَقَالا لَهُ مَا رَأَیْنَاكَ أَتَیْتَ أَمْراً أَكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إِسْرَاعِكَ فِی هَذَا الْأَمْرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ فَقَالَ لَهُمَا عَمَّارٌ مَا رَأَیْتُ مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْراً أَكْرَهَ عِنْدِی مِنْ إِبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ كَسَاهُمَا ابْنُ مَسْعُودٍ حُلَّةً حُلَّةً.
«110»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا أُشِیرُ عَلَیْهِ بِأَنْ لَا یَتْبَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ لَا یَرْصُدَ [یُصْدِرَ] لَهُمَا الْقِتَالَ وَ اللَّهِ لَا أَكُونُ كَالضَّبُعِ تَنَامُ عَلَی طُولِ اللَّدْمِ حَتَّی یَصِلَ إِلَیْهَا طَالِبُهَا وَ یَخْتِلَهَا رَاصِدُهَا وَ لَكِنْ أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَی الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْهُ وَ بِالسَّامِعِ الْمُطِیعِ الْعَاصِیَ الْمُرِیبَ أَبَداً حَتَّی یَأْتِیَ عَلَیَّ یَوْمِی فَوَ اللَّهِ مَا زِلْتُ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّی مُسْتَأْثَراً عَلَیَّ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی یَوْمِ النَّاسِ هَذَا.
بیان: اللدم علی زنة اللطم و الشتم صوت الحجر أو العصاء أو غیرهما یضرب بها الأرض ضربا لیس بشدید یحكی أن الضبع یستغفل فی جحرها بمثل ذلك فیسكن حتی یصاد و یضرب بها المثل فی الحمق.
«111»-(2)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ الْحَصِینِ الْخُزَاعِیِّ ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِیُّ فِی كِتَابِ الْمَقَامَاتِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وَ إِنْ كَتَمْتُمَا أَنِّی لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّی أَرَادُونِی وَ لَمْ أُبَایِعْهُمْ حَتَّی بَایَعُونِی وَ إِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِی وَ بَایَعَنِی وَ إِنَّ الْعَامَّةَ لَمْ تُبَایِعْنِی لِسُلْطَانٍ غَاصِبٍ
ص: 135
وَ لَا لِحِرْصٍ حَاضِرٍ (1) فَإِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَانِی طَائِعَیْنِ فَارْجِعَا وَ تُوبَا إِلَی اللَّهِ مِنْ قَرِیبٍ وَ إِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَانِی كَارِهَیْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِی عَلَیْكُمَا السَّبِیلَ بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَ إِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِیَةَ وَ لَعَمْرِی مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِینَ بِالتَّقِیَّةِ وَ الْكِتْمَانِ وَ إِنَّ دَفْعَكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِیهِ كَانَ أَوْسَعَ عَلَیْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ وَ قَدْ زَعَمْتُمَا أَنِّی قَتَلْتُ عُثْمَانَ فَبَیْنِی وَ بَیْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّی وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ یُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ فَارْجِعَا أَیُّهَا الشَّیْخَانِ عَنْ رَأْیِكُمَا فَإِنَّ الْآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَجْتَمِعَ الْعَارُ وَ النَّارُ وَ السَّلَامُ.
بیان: قوله علیه السلام من قبل متعلق بقوله فارجعا.
«112»-(2)
أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ قَالَ كُلُّ مَنْ صَنَّفَ مِنْ أَهْلِ السِّیَرِ وَ الْأَخْبَارِ إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَی عُثْمَانَ حَتَّی إِنَّهَا أَخْرَجَتْ ثَوْباً مِنْ ثِیَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَصَبَتْهُ فِی مَنْزِلِهَا وَ كَانَتْ تَقُولُ لِلدَّاخِلِینَ إِلَیْهَا هَذَا ثَوْبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَبْلَ وَ عُثْمَانُ قَدْ أَبْلَی سُنَّتَهُ وَ قَالُوا أَوَّلُ مَنْ سَمَّی عُثْمَانَ نَعْثَلًا عَائِشَةُ و النعثل الكثیر شعر اللحیة و الجسد وَ كَانَتْ تَقُولُ اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَلَ اللَّهُ نَعْثَلًا
ص: 136
وَ رَوَی الْمَدَائِنِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ كَانَتْ عَائِشَةُ بِمَكَّةَ وَ بَلَغَ قَتْلُهُ إِلَیْهَا وَ هِیَ بِشَرَافِ فَلَمْ تَشُكَّ فِی أَنَّ طَلْحَةَ صَاحِبُ الْأَمْرِ وَ قَالَتْ بُعْداً لِنَعْثَلٍ وَ سُحْقاً إِیهِ ذَا الْإِصْبَعِ إِیهِ أَبَا شِبْلٍ إِیهِ یَا ابْنَ عَمِّ لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی إِصْبَعِهِ وَ هُوَ یُبَایِعُ لَهُ حَنُّوهَا لَا بَلْ وَ ذَعْذَعُوهَا- (1) قَالَ وَ قَدْ كَانَ طَلْحَةُ حِینَ قُتِلَ عُثْمَانُ أَخَذَ مَفَاتِیحَ بَیْتِ الْمَالِ وَ أَخَذَ نَجَائِبَ كَانَتْ لِعُثْمَانَ فِی دَارِهِ ثُمَّ فَسَدَ أَمْرُهُ فَدَفَعَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فِی كِتَابِهِ إِنَّ عَائِشَةَ لَمَّا بَلَغَهَا قَتْلُ عُثْمَانَ وَ هِیَ بِمَكَّةَ أَقْبَلَتْ مُسْرِعَةً وَ هِیَ تَقُولُ إِیهِ ذَا الْإِصْبَعِ لِلَّهِ أَبُوكَ أَمَا إِنَّهُمْ وَجَدُوا طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ لَهَا كُفْواً فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَی شَرَافِ اسْتَقْبَلَهَا عُبَیْدُ بْنُ أَبِی سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهُ مَا عِنْدَكَ قَالَ قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَتْ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ ثُمَّ جَارَتْ بِهِمُ الْأُمُورُ إِلَی خَیْرِ مَجَارٍ بَایَعُوا عَلِیّاً فَقَالَتْ لَوَدِدْتُ أَنَّ السَّمَاءَ انْطَبَقَتْ عَلَی الْأَرْضِ إِنْ تَمَّ هَذَا انْظُرْ مَا تَقُولُ قَالَ هُوَ مَا قُلْتُ لَكِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فَوَلْوَلَتْ فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُ بَیْنَ لَابَتَیْهَا أَحَداً أَوْلَی بِهَا مِنْهُ وَ لَا أَحَقَّ وَ لَا أَرَی لَهُ نَظِیراً فِی جَمِیعِ حَالاتِهِ فَلِمَاذَا تَكْرَهِینَ وِلَایَتَهُ قَالَ فَمَا رَدَّتْ جَوَاباً
و فی روایة قیس بن أبی حازم ثم ردت ركائبها إلی مكة فرأیتها فی مسیرها تخاطب نفسها قتلوا ابن عفان مظلوما فقلت لها یا أم المؤمنین أ لم أسمعك آنفا تقولین أبعده اللّٰه و قد رأیتك قبل أشد الناس علیه و أقبحهم فیه قولا فقالت لقد كان ذلك و لكنی نظرت فی أمره فرأیتهم استتابوه حتی إذا تركوه كالفضة البیضاء أتوه صائما محرما فی شهر حرام فقتلوه قال و كتب طلحة و الزبیر إلی عائشة و هی بمكة كتابا أن خذّلی الناس عن
ص: 137
بیعة علی و أظهری الطلب بدم عثمان و حملا الكتاب مع ابن أختها عبد اللّٰه بن الزبیر فلما قرأت الكتاب كاشفت و أظهرت الطلب بدم عثمان قال و لما عزمت عائشة علی الخروج إلی البصرة طلبوا لها بعیرا أیدا یحمل هودجها فجاءهم یعلی بن أمیة [منیة] (1) ببعیر یسمی عسكرا و كان عظیم الخلق شدیدا فلما رأته أعجبها و أنشأ الجمال یحدثها بقوته و شدته و یقول فی أثناء كلامه عسكر فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت و قالت ردوه لا حاجة لی فیه و ذكرت حیث سئلت أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذكر لها هذا الاسم و نهاها عن ركوبه و أمرت أن یطلب لها غیره فلم یوجد لها ما یشبهه فغیر لها بجلال غیر جلاله و قیل لها قد أصبنا لك أعظم منه خلقا و أشد منه قوة و أتیت به فرضیت:
قال أبو مخنف: و أرسلت إلی حفصة تسألها الخروج و المسیر معها فبلغ ذلك عبد اللّٰه بن عمر فأتی أخته فعزم علیها فأقامت و حطت الرحال بعد ما همت و كتب الأشتر من المدینة إلی عائشة و هی بمكة أما بعد فإنك ظعینة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قد أمرك أن تقری فی بیتك فإن فعلت فهو خیر لك و إن أبیت إلا أن تأخذی منسأتك و تلقی جلبابك و تبدی للناس شعیراتك قاتلتك حتی أردك إلی بیتك و الموضع الذی یرضاه لك ربك فكتبت إلیه فی الجواب أما بعد فإنك أول العرب شب الفتنة و دعا إلی الفرقة و خالف الأئمة و سعی فی قتل الخلیفة و قد علمت أنك لن تعجز اللّٰه حتی یصیبك منه بنقمة ینتصر بها منك للخلیفة المظلوم و قد جاءنی كتابك
ص: 138
و فهمت ما فیه و سنكفیك و كل من أصبح مماثلا لك فی غیك و ضلالك إن شاء اللّٰه:
قال أبو مخنف: لما انتهت عائشة فی مسیرها إلی الحوأب و هو ماء لبنی عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتی نفرت صعاب إبلها فقال قائل من أصحابها أ لا ترون ما أكثر كلاب الحوأب و ما أشد نباحها فأمسكت زمام بعیرها و قالت و إنها لكلاب الحوأب ردونی ردونی فإنی سمعت رسول اللّٰه یقول و ذكرت الخبر فقال لها قائل مهلا یرحمك اللّٰه فقد جزنا ماء الحوأب فقالت فهل من شاهد فلفقوا لها خمسین أعرابیا جعلوا لهم جعلا فحلفوا لها أن هذا لیس بماء الحوأب فسارت لوجهها و لما انتهوا إلی حفر أبی موسی قریبا من البصرة أرسل عثمان بن حنیف و هو یومئذ عامل علی علیه السلام علی البصرة إلی القوم أبا الأسود الدؤلی یعلم له علمهم فجاء حتی دخل علی عائشة فسألها عن مسیرها فقالت أطلب بدم عثمان قال إنه لیس بالبصرة من قتلة عثمان أحد قالت صدقت و لكنهم مع علی بن أبی طالب بالمدینة و جئت أستنهض أهل البصرة لقتاله أ نغضب لكم من سوط عثمان و لا نغضب لعثمان من سیوفكم فقال لها ما أنت من السوط و السیف إنما أنت حبیس رسول اللّٰه أمرك أن تقری فی بیتك و تتلی كتاب ربك لیس علی النساء قتال و لا لهن الطلب بالدماء و إن علیا لأولی بعثمان منك و أمس رحما فإنهما ابنا عبد مناف فقالت لست بمنصرفة حتی أمضی لما قدمت له أ فتظن یا أبا الأسود أن أحدا یقدم علی قتالی فقال أما و اللّٰه لتقاتلن قتالا أهونه الشدید ثم قام فأتی الزبیر فقال یا أبا عبد اللّٰه عهد الناس بك و أنت یوم بویع أبو بكر آخذ بقائم سیفك تقول لا أحد أولی بهذا الأمر من ابن أبی طالب و أین هذا المقام من ذاك فذكر له دم عثمان قال أنت و صاحبك ولیتماه فیما بلغناه قال فانطلق إلی طلحة فاسمع ما یقول فذهب إلی طلحة فوجده
ص: 139
مصرا علی الحرب و الفتنة فرجع إلی عثمان بن حنیف فقال إنها الحرب فتأهب لها قال و لما نزل علی علیه السلام البصرة كتبت عائشة إلی زید بن صوحان العبدی من عائشة بنت أبی بكر الصدیق زوج النبی إلی ابنها الخالص زید بن صوحان أما بعد فأقم فی بیتك و خذل عن علی و لیبلغنی عنك ما أحب فإنك أوثق أهلی عندی و السلام فكتب إلیها من زید بن صوحان إلی عائشة بنت أبی بكر أما بعد فإن اللّٰه أمرك بأمر و أمرنا بأمر أمرك أن تقری فی بیتك و أمرنا أن نجاهد و قد أتانی كتابك فأمرتنی أن أصنع خلاف ما أمرنی اللّٰه فأكون قد صنعت ما أمرك اللّٰه به و صنعت ما أمرنی اللّٰه به فأمرك عندی غیر مطاع و كتابك غیر مجاب و السلام.
بیان: حنوها أی جعلوا إصبعه منحنیة للبیعة لا بل و ذعذعوها أی كسروها و بددوها لهجومهم علی البیعة و الظعینة الامرأة فی الهودج و المنسأة العصا تهمز و لا تهمز.
«113»-(1)
الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ إِسْحَاقَ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَیْنِ الْخُزَاعِیَّ وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَعَثَهُ وَ بَعَثَ مَعَهُ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیَّ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ فَقَالَ انْطَلِقَا فَاعْلَمَا مَا أَقْدَمَ عَلَیْنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَ مَا یُرِیدُونَ قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ فَدَخَلْنَا عَلَی عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَیْنِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَقْدَمَكِ بَلَدَنَا وَ لِمَ تَرَكْتِ بَیْتَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِی فَارَقَكِ فِیهِ وَ قَدْ أَمَرَكِ
ص: 140
أَنْ تَقِرِّی فِی بَیْتِكِ وَ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّكِ إِنَّمَا أَصَبْتِ الْفَضِیلَةَ وَ الْكَرَامَةَ وَ الشَّرَفَ وَ سُمِّیتِ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ ضُرِبَ عَلَیْكِ الْحِجَابُ بِبَنِی هَاشِمٍ فَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ عَلَیْكِ مِنَّةً وَ أَحْسَنُهُمْ عِنْدَكِ یَداً وَ لَسْتِ مِنِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِی شَیْ ءٍ لَوْ لَا لَكِ مِنَ الْأَمْرِ شَیْ ءٌ وَ عَلِیٌّ أَوْلَی بِدَمِ عُثْمَانَ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ احْفَظِی قَرَابَتَهُ وَ سَابِقَتَهُ فَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ النَّاسَ بَایَعُوا أَبَاكِ فَمَا أَظْهَرَ عَلَیْهِ خِلَافاً وَ بَایَعَ أَبُوكِ عُمَرَ وَ جَعَلَ الْأَمْرَ لَهُ دُونَهُ فَصَبَرَ وَ سَلَّمَ وَ لَمْ یَزَلْ بِهِمَا بَرّاً ثُمَّ كَانَ مِنْ أَمْرِكِ وَ أَمْرِ النَّاسِ وَ عُثْمَانَ مَا قَدْ عَلِمْتِ ثُمَّ بَایَعْتُمْ عَلِیّاً علیه السلام فَغِبْنَا عَنْكُمْ فَأَتَتْنَا رُسُلُكُمْ بِالْبَیْعَةِ فَبَایَعْنَا وَ سَلَّمْنَا فَلَمَّا قَضَی كَلَامُهُ قَالَتْ عَائِشَةُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ لَقِیتَ أَخَاكَ أَبَا مُحَمَّدٍ یَعْنِی طَلْحَةَ فَقَالَ لَهَا مَا لَقِیتُهُ بَعْدُ وَ مَا كُنْتُ لِآتِیَ أَحَداً وَ لَا أَبْدَأَ بِهِ قَبْلَكِ قَالَتْ فَأْتِهِ فَانْظُرْ مَا ذَا یَقُولُ قَالَ فَأَتَیْنَاهُ فَكَلَّمَهُ عِمْرَانُ فَلَمْ یَجِدْ عِنْدَهُ شَیْئاً مِمَّا یُحِبُّ فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَیْنَا الزُّبَیْرَ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ وَ قَدْ بَلَغَهُ كَلَامُ عِمْرَانَ وَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ فَلَمَّا رَآنَا قَعَدَ وَ قَالَ أَ یَحْسَبُ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ أَنَّهُ حِینَ مَلَكَ لَیْسَ لِأَحَدٍ مَعَهُ أَمْرٌ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ عِمْرَانُ لَمْ یُكَلِّمْهُ فَأَتَی عِمْرَانُ عُثْمَانَ فَأَخْبَرَهُ.
«114»-وَ عَنْ أسوس [أَشْرَسَ] الْعَبْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْجَلِیلِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ إِنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَیْسٍ أَقْبَلَ حِینَ نَزَلَتْ عَائِشَةُ أَوَّلَ مَرْحَلَةٍ مِنَ الْبَصْرَةِ فَدَخَلَ عَلَیْهَا فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا الَّذِی أَقْدَمَكِ وَ مَا أَشْخَصَكِ وَ مَا تُرِیدِینَ قَالَتْ یَا أَحْنَفُ قَتَلُوا عُثْمَانَ فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ مَرَرْتُ بِكِ عَامَ أَوَّلَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنَا أُرِیدُ مَكَّةَ وَ قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ وَ رُمِیَ بِالْحِجَارَةِ وَ حِیلَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ فَقُلْتُ لَكِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ اعْلَمِی أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَقْتُولٌ وَ لَوْ شِئْتِ لَتَرُدِّینَ عَنْهُ وَ قُلْتُ فَإِنْ قُتِلَ فَإِلَی مَنْ فَقُلْتِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَتْ یَا أَحْنَفُ صَفُّوهُ حَتَّی إِذَا جَعَلُوهُ مِثْلَ الزُّجَاجَةِ قَتَلُوهُ فَقَالَ لَهَا أَقْبَلُ قَوْلَكِ فِی الرِّضَا وَ لَا أَقْبَلُ قَوْلَكِ فِی الْغَضَبِ
ص: 141
ثُمَّ أَتَی طَلْحَةَ فَقَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا الَّذِی أَقْدَمَكَ وَ مَا الَّذِی أَشْخَصَكَ وَ مَا تُرِیدُ فَقَالَ قَتَلُوا عُثْمَانَ قَالَ مَرَرْتُ بِكَ عَاماً أَوَّلَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنَا أُرِیدُ الْعُمْرَةَ وَ قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ وَ رُمِیَ بِالْحِجَارَةِ وَ حِیلَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ تَشَاءُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَنْهُ فَعَلْتُمْ فَقُلْتَ دَبِّرْ فَأُدَبِّرُ فَقُلْتُ لَكَ فَإِنْ قُتِلَ فَإِلَی مَنْ فَقُلْتَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ مَا كُنَّا نَرَی أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَرَی أَنْ یَأْكُلَ الْأَمْرَ وَحْدَهُ.
«115»-وَ عَنْ حَرِیزِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی نَضْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ضُبَیْعَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ نَزَلَا طَاحِیَةَ رَكِبْتُ فَرَسِی فَأَتَیْتُهُمَا فَقُلْتُ لَهُمَا إِنَّكُمَا رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أُصَدِّقُكُمَا وَ أَثِقُ بِكُمَا خَبِّرَانِی عَنْ مَسِیرِكُمَا هَذَا شَیْ ءٌ عَهِدَهُ إِلَیْكُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا طَلْحَةُ فَنَكَسَ رَأْسَهُ وَ أَمَّا الزُّبَیْرُ فَقَالَ حُدِّثْنَا أَنَّ هَاهُنَا دَرَاهِمَ كَثِیرَةً فَجِئْنَا لِنَأْخُذَ مِنْهَا.
وَ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ ابْنِ سِیرِینَ عَنْ أَبِی الْجَلِیلِ وَ كَانَ مِنْ خِیَارِ الْمُسْلِمِینَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ حِینَ قَدِمَا الْبَصْرَةَ فَقُلْنَا أَ رَأَیْتُمَا مَقْدَمَكُمَا هَذَا شَیْ ءٌ عَهِدَ إِلَیْكُمَا رَسُولُ اللَّهِ أَمْ رَأْیٌ رَأَیْتُمَاهُ فَقَالا لَا وَ لَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نُصِیبَ مِنْ دُنْیَاكُمْ.
«116»-(1)
أَقُولُ وَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ أَعْثَمَ الْكُوفِیُّ أَنَّهُ لَمَّا قَضَتْ عَائِشَةُ حَجَّهَا وَ تَوَجَّهَتْ إِلَی الْمَدِینَةِ اسْتَقْبَلَهَا عُبَیْدُ بْنُ سَلَمَةَ اللَّیْثِیُّ وَ كَانَ یُسَمَّی ابْنَ أُمِّ كِلَابٍ فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنِ الْمَدِینَةِ وَ أَهْلِهَا فَقَالَ قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَتْ فَمَا فَعَلُوا قَالَ بَایَعُوا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَتْ لَیْتَ السَّمَاءَ سَقَطَتْ عَلَی
ص: 142
الْأَرْضِ وَ لَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْكَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قُتِلَ عُثْمَانُ مَظْلُوماً وَ لَأَطْلُبَنَّ بِثَأْرِهِ وَ وَ اللَّهِ إِنَّ یَوْماً مِنْ عُمُرِ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْ حَیَاةِ عَلِیٍّ فَقَالَ عُبَیْدٌ أَ مَا كُنْتِ تَثْنِینَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ تَقُولِینَ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَی اللَّهِ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَمَا بَدَا لَكِ إِذْ لَمْ تَرْضَیْ بِإِمَامَتِهِ وَ أَ مَا كُنْتِ تُحَرِّضِینَ النَّاسَ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ وَ تَقُولِینَ اقْتُلُوا نَعْثَلًا فَقَدْ كَفَرَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ كُنْتُ قُلْتُهُ وَ لَكِنِّی عَلِمْتُهُ خَیْراً فَرَجَعْتُ عَنْ قَوْلِی وَ قَدِ اسْتَتَابُوهُ فَتَابَ وَ غُفِرَ لَهُ فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَی مَكَّةَ وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهَا مَا سُتِرَ.
«117»-(1)
وَ رَوَی ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهَا عُبَیْدُ بْنُ سَلَمَةَ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَی بَیْعَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَتْ أَ یَتِمُّ الْأَمْرُ لِصَاحِبِكَ رُدُّونِی رُدُّونِی فَانْصَرَفَتْ إِلَی مَكَّةَ وَ هِیَ تَقُولُ قُتِلَ وَ اللَّهِ عُثْمَانُ مَظْلُوماً وَ اللَّهِ لَأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ فَقَالَ لَهَا لَقَدْ كُنْتِ تَقُولِینَ اقْتُلُوا نَعْثَلًا فَقَدْ كَفَرَ فَقَالَتْ إِنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ ثُمَّ قَتَلُوهُ وَ قَدْ قُلْتُ وَ قَالُوا وَ قَوْلِی الْأَخِیرُ خَیْرٌ مِنْ قَوْلِی الْأَوَّلِ فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ الْكِلَابِ:
فَمِنْكِ الْبَدَاةُ وَ مِنْكِ الْغِیَرُ***وَ مِنْكِ الرِّیَاحُ وَ مِنْكِ الْمَطَرُ
وَ أَنْتِ أَمَرْتِ بِقَتْلِ الْإِمَامِ***وَ قُلْتِ لَنَا إِنَّهُ قَدْ كَفَرَ
فَهَبْنَا أَطَعْنَاكِ فِی قَتْلِهِ***وَ قَاتِلُهُ عِنْدَنَا مَنْ أَمَرَ
وَ لَمْ یَسْقُطِ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِنَا***وَ لَمْ یَنْكَسِفْ شَمْسُنَا وَ الْقَمَرُ
ص: 143
وَ قَدْ بَایَعَ النَّاسُ ذَا بَدْرَةٍ***یُزِیلُ الشَّبَا وَ یُقِیمُ الصِّغَرَ (1)
وَ تَلْبَسُ لِلْحَرْبِ أَثْوَابَهَا***وَ مَا مَنْ وَفَی مِثْلَ مَنْ قَدْ غَدَرَ
فَانْصَرَفَتْ عَائِشَةُ إِلَی مَكَّةَ فَقَصَدَتِ الْحِجْرَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَیْهَا فَقَالَتْ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْغَوْغَاءَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَ أَهْلَ الْمِیَاهِ وَ عَبِیدَ أَهْلِ الْمَدِینَةِ اجْتَمَعُوا عَلَی هَذَا الرَّجُلِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً بِالْأَمْسِ وَ نَقَمُوا عَلَیْهِ اسْتِعْمَالَ مَنْ حَدَثَ سِنُّهُ وَ قَدِ اسْتُعْمِلَ أَمْثَالُهُمْ مِنْ قَبْلِهِ وَ مَوَاضِعَ مِنَ الْحِمَی حَمَاهَا لَهُمْ فَتَابَعَهُمْ وَ نَزَعَ لَهُمْ عَنْهَا فَلَمَّا لَمْ یَجِدُوا حُجَّةً وَ لَا عُذْراً بَادَرُوا بِالْعُدْوَانِ فَسَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَ اسْتَحَلُّوا الْبَلَدَ الْحَرَامَ وَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَ أَخَذُوا الْمَالَ الْحَرَامَ وَ اللَّهِ لَإِصْبَعٌ مِنْ عُثْمَانَ خَیْرٌ مِنْ طِبَاقِ الْأَرْضِ أَمْثَالَهُمْ وَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الَّذِی اعْتَدَوْا بِهِ عَلَیْهِ كَانَ ذَنْباً لَخَلَصَ مِنْهُ كَمَا یَخْلُصُ الذَّهَبُ مِنْ خَبَثِهِ وَ الثَّوْبُ مِنْ دَرَنِهِ إِذْ مَاصُوهُ كَمَا یُمَاصُ الثَّوْبُ بِالْمَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْحَضْرَمِیُّ وَ كَانَ عَامِلَ عُثْمَانَ عَلَی مَكَّةَ هَا أَنَا أَوَّلُ طَالِبٍ بِدَمِهِ فَكَانَ أَوَّلَ مُجِیبٍ وَ تَبِعَهُ بَنُو أُمَیَّةَ وَ كَانُوا هَرَبُوا مِنَ الْمَدِینَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَی مَكَّةَ فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَ كَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمُوا بِالْحِجَازِ وَ تَبِعَهُمْ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ وَ سَائِرُ بَنِی أُمَیَّةَ وَ قَدِمَ عَلَیْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مِنَ الْبَصْرَةِ بِمَالٍ كَثِیرٍ وَ یَعْلَی بْنُ مُنْیَةَ مِنَ الْیَمَنِ وَ مَعَهُ سِتُّ مِائَةِ بَعِیرٍ وَ سِتَّةُ آلَافِ دِینَارٍ فَأَنَاخَ بِالْأَبْطَحِ
ص: 144
وَ قَدِمَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ لَقِیَا عَائِشَةَ فَقَالَتْ مَا وَرَاءَكُمَا قَالا إِنَّا تَحَمَّلْنَا هُرَّاباً مِنَ الْمَدِینَةِ مِنْ غَوْغَاءَ وَ أَعْرَابٍ وَ فَارَقْنَا قَوْماً حَیَارَی لَا یَعْرِفُونَ حَقّاً وَ لَا یُنْكِرُونَ بَاطِلًا وَ لَا یَمْنَعُونَ أَنْفُسَهُمْ فَقَالَتِ انْهَضُوا إِلَی هَذِهِ الْغَوْغَاءِ فَقَالُوا نَأْتِی الشَّامَ فَقَالَ ابْنُ عَامِرٍ كَفَاكُمُ الشَّامَ مُعَاوِیَةُ فَأَتَوُا الْبَصْرَةَ فَاسْتَقَامَ الرَّأْیُ عَلَی الْبَصْرَةِ وَ كَانَتْ أَزْوَاجُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهَا عَلَی قَصْدِ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا تَغَیَّرَ رَأْیُهَا إِلَی الْبَصْرَةِ تَرَكْنَ ذَلِكَ وَ أَجَابَتْهُمْ حَفْصَةُ إِلَی الْمَسِیرِ مَعَهُمْ فَمَنَعَهَا أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ وَ جَهَّزَهُمْ یَعْلَی بْنُ مُنْیَةَ بِسِتِّمِائَةِ بَعِیرٍ وَ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ جَهَّزَهُمُ ابْنُ عَامِرٍ بِمَالٍ كَثِیرٍ وَ نَادَی مُنَادِیهَا إِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ شَاخِصُونَ إِلَی الْبَصْرَةِ فَمَنْ أَرَادَ إِعْزَازَ الْإِسْلَامِ وَ قِتَالَ الْمُسْتَحِلِّینَ وَ الطَّلَبَ بِثَأْرِ عُثْمَانَ وَ لَیْسَ لَهُ مَرْكَبٌ فَلْیَأْتِ فَحُمِلُوا عَلَی سِتِّمِائَةِ بَعِیرٍ وَ سَارُوا فِی أَلْفٍ وَ قِیلَ فِی تِسْعِمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ وَ مَكَّةَ وَ لَحِقَهُمُ النَّاسُ فَكَانُوا فِی ثَلَاثَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَلَمَّا بَلَغُوا ذَاتَ عِرْقٍ بَكَوْا عَلَی الْإِسْلَامِ فَلَمْ یُرَ یَوْمٌ كَانَ أَكْثَرَ بَاكِیاً مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ كَانَ یُسَمَّی یَوْمَ النَّحِیبِ فَمَضَوْا وَ مَعَهُمْ أَبَانٌ وَ الْوَلِیدُ ابْنَا عُثْمَانَ وَ أَعْطَی یَعْلَی بْنُ مُنْیَةَ عَائِشَةَ جَمَلًا اسْمُهُ عَسْكَرٌ اشْتَرَاهُ بِمِائَتَیْ دِینَارٍ وَ یُقَالُ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِینَ دِینَاراً فَرَكِبَتْهُ وَ قِیلَ كَانَ جَمَلُهَا لِرَجُلٍ مِنْ عُرَیْنَةَ قَالَ الْعُرَنِیِّ بَیْنَمَا أَنَا أَسِیرُ عَلَی جَمَلٍ إِذْ عَرَضَ لِی رَاكِبٌ فَقَالَ أَ تَبِیعُ جَمَلَكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ بِكَمْ قُلْتُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ أَ مَجْنُونٌ أَنْتَ قُلْتُ وَ لِمَ وَ اللَّهِ مَا طَلَبْتُ عَلَیْهِ أَحَداً إِلَّا أَدْرَكْتُهُ وَ لَا طَلَبَنِی وَ أَنَا عَلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا فَتَّهُ قَالَ لَوْ تَعْلَمُ لِمَنْ نُرِیدُهُ إِنَّمَا نُرِیدُهُ لِأُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ فَقُلْتُ خُذْهُ بِغَیْرِ ثَمَنٍ قَالَ بَلِ ارْجِعْ مَعَنَا إِلَی الرَّحْلِ فَنُعْطِیَكَ نَاقَةً وَ دَرَاهِمَ قَالَ فَرَجَعْتُ وَ أَعْطَوْنِی نَاقَةً مَهْرِیَّةً وَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتَّمِائَةٍ وَ قَالُوا لِی یَا أَخَا عُرَیْنَةَ هَلْ لَكَ دَلَالَةٌ بِالطَّرِیقِ قُلْتُ أَنَا مِنْ أَدَلِّ النَّاسِ قَالُوا فَسِرْ مَعَنَا فَسِرْتُ مَعَهُمْ فَلَا أَمُرُّ عَلَی وَادٍ إِلَّا سَأَلُونِی عَنْهُ حَتَّی طَرَقْنَا الْحَوْأَبَ وَ هُوَ مَاءٌ فَنَبَحَتْهَا كِلَابُهُ فَقَالُوا أَیُّ مَاءٍ هَذَا فَقُلْتُ هَذَا
ص: 145
مَاءُ الْحَوْأَبِ فَصَرَخَتْ عَائِشَةُ بِأَعْلَی صَوْتِهَا فَقَالَتْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِنِّی لَهِیَهْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ وَ عِنْدَهُ نِسَاؤُهُ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ ثُمَّ ضَرَبَتْ عَضُدَ بَعِیرِهَا وَ أَنَاخَتْهُ وَ قَالَتْ رُدُّونِی أَنَا وَ اللَّهِ صَاحِبَةُ مَاءِ الْحَوْأَبِ فَأَنَاخُوا حَوْلَهَا یَوْماً وَ لَیْلَةً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ إِنَّهُ كَذَبَ وَ لَمْ یَزَلْ بِهَا وَ هِیَ تَمْتَنِعُ فَقَالَ لَهَا النَّجَا النَّجَا قَدْ أَدْرَكَكُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَارْتَحَلُوا نَحْوَ الْبَصْرَةِ انْتَهَی كَلَامُ ابْنِ الْأَثِیرِ.
«118»-(1)
وَ قَالَ الدِّمْیَرِیُّ فِی حَیَاةِ الْحَیَوَانِ رَوَی الْحَاكِمُ عَنْ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ وَ ابْنِ أَبِی شَیْبَةَ مِنْ حَدِیثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِیَّ قَالَ لِنِسَائِهِ أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَسِیرُ أَوْ تَخْرُجُ حَتَّی تَنْبَحَهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ.
قال و الحوأب نهر بقرب البصرة و الأدبب الأدبّ و هو الكثیر شعر الوجه.
قال ابن دحیة و العجب من ابن العربی كیف أنكر هذا الحدیث فی كتاب العواصم و القواصم له و ذكر أنه لا یوجد له أصل و هو أشهر من فلق الصبح (2).
وَ رُوِیَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا خَرَجَتْ مَرَّتْ بِمَاءٍ یُقَالُ لَهُ الْحَوْأَبُ فَنَبَحَتْهَا الْكِلَابُ فَقَالَتْ رُدُّونِی رُدُّونِی فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ كَیْفَ بِإِحْدَاكُنَّ إِذَا نَبَحَتْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ انْتَهَی كَلَامُ الدِّمْیَرِیِّ (3).
ص: 146
«119»-(1)
وَ قَالَ السَّیِّدُ عَلَمُ الْهُدَی فِی شَرْحِ قَصِیدَةِ السَّیِّدِ الْحِمْیَرِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا رُوِیَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا نَبَحَتْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ أَرَادَتِ الرُّجُوعَ قَالُوا لَهَا لَیْسَ هَذَا مَاءَ الْحَوْأَبِ فَأَبَتْ أَنْ تُصَدِّقَهُمْ فَجَاءُوا بِخَمْسِینَ شَاهِداً مِنَ الْعَرَبِ فَشَهِدُوا أَنَّهُ لَیْسَ بِمَاءِ الْحَوْأَبِ وَ حَلَفُوا لَهَا فَكَسَوْهُمْ أَكْسِیَةً وَ أَعْطَوْهُمْ دَرَاهِمَ قَالَ السَّیِّدُ وَ قِیلَ كَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ شَهَادَةِ زُورٍ فِی الْإِسْلَامِ.
«120»-(2)
وَ رَوَی الصَّدُوقُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی الْفَقِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ شَهَادَةٍ شُهِدَ بِهَا بِالزَّورِ فِی الْإِسْلَامِ شَهَادَةُ سَبْعِینَ رَجُلًا حِینَ انْتَهَوْا إِلَی مَاءِ الْحَوْأَبِ فَنَبَحَتْهُمْ كِلَابُهَا فَأَرَادَتْ صَاحِبَتُهُمُ الرُّجُوعَ وَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ إِنَّ إِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فِی التَّوَجُّهِ إِلَی قِتَالِ وَصِیِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَشَهِدَ عِنْدَهَا سَبْعُونَ رَجُلًا أَنَّ ذَلِكَ لَیْسَ بِمَاءِ الْحَوْأَبِ فَكَانَتْ أَوَّلَ شَهَادَةٍ شُهِدَ بِهَا فِی الْإِسْلَامِ بِالزُّورِ.
«121»-(3)
كش، رجال الكشی جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ خُرَّزَادَ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ جَنَاحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ بَلَغَ بِهِ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا رَأَی الْجَمَلَ الَّذِی یُقَالُ لَهُ عَسْكَرٌ یَضْرِبُهُ فَیُقَالُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تُرِیدُ مِنْ هَذِهِ الْبَهِیمَةِ فَیَقُولُ مَا هَذَا بِبَهِیمَةٍ وَ لَكِنْ هَذَا عَسْكَرُ بْنُ كَنْعَانَ الْجِنِّیُّ یَا أَعْرَابِیُّ لَا یُنْفِقْ جَمَلَكَ هَاهُنَا وَ لَكِنِ اذْهَبْ بِهِ إِلَی الْحَوْأَبِ فَإِنَّكَ تُعْطَی بِهِ مَا تُرِیدُ.
«122»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: اشْتَرَوْا عَسْكَراً بِسَبْعِمِائَةِ درهما [دِرْهَمٍ وَ كَانَ شَیْطَاناً.
ص: 147
«123»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام خَطَبَهَا بِذِی قَارٍ وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَی الْبَصْرَةِ ذَكَرَهَا الْوَاقِدِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ فَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَ بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَلَمَّ اللَّهُ بِهِ الصَّدْعَ وَ رَتَقَ بِهِ الْفَتْقَ وَ أَلَّفَ بِهِ بَیْنَ ذَوِی الْأَرْحَامِ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ الْوَاغِرَةِ فِی الصُّدُورِ وَ الضَّغَائِنِ الْفَادِحَةِ فِی الْقُلُوبِ.
ص: 148
«124»-(1)
ج، الإحتجاج رَوَی الشَّعْبِیُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَبْدِیِّ قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَأَرْسَلَا إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ فَأَتَاهُمَا وَ أَنَا مَعَهُ فَقَالا لَهُ إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ إِنَّا نَخَافُ أَنْ یُنْقَضَ أَمْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ رَأَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَخْرُجَ مَعَنَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَرْتُقَ بِهَا فَتْقاً وَ یَشْعَبَ بِهَا صَدْعاً قَالَ فَخَرَجْنَا نَمْشِی حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَیْهَا فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ مَعَهَا فِی سِتْرِهَا فَجَلَسْتُ عَلَی الْبَابِ فَأَبْلَغَهَا مَا أَرْسَلَاهُ بِهِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا أُمِرْتُ بِالْخُرُوجِ وَ مَا یَحْضُرُنِی مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا أُمُّ سَلَمَةَ فَإِنْ خَرَجَتْ خَرَجْتُ مَعَهَا فَرَجَعَ إِلَیْهِمَا فَبَلَّغَهُمَا ذَلِكَ فَقَالا ارْجِعْ إِلَیْهَا فَلْتَأْتِهَا فَهِیَ أَثْقَلُ عَلَیْهَا مِنَّا فَرَجَعَ إِلَیْهَا فَبَلَّغَهَا فَأَقْبَلَتْ حَتَّی دَخَلَتْ عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ مَرْحَباً بِعَائِشَةَ وَ اللَّهِ مَا كُنْتِ لِی بِزَوَّارَةٍ فَمَا بَدَا لَكِ قَالَتْ قَدِمَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَخَبَرَا أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالَ فَصَرَخَتْ أُمُّ سَلَمَةَ صَرْخَةً أَسْمَعَتْ مَنْ فِی الدَّارِ فَقَالَتْ یَا عَائِشَةُ أَنْتِ بِالْأَمْسِ تَشْهَدِینَ عَلَیْهِ بِالْكُفْرِ وَ هُوَ الْیَوْمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَمَا تُرِیدِینَ قَالَتْ تَخْرُجِینَ مَعَنَا فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ بِخُرُوجِنَا أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 149
قَالَتْ یَا عَائِشَةُ أَ تَخْرُجِینَ وَ قَدْ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا سَمِعْنَا نَشَدْتُكِ بِاللَّهِ یَا عَائِشَةُ الَّذِی یَعْلَمُ صِدْقَكِ إِنْ صَدَقْتِ أَ تَذْكُرِینَ یَوْماً یَوْمَكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَصَنَعْتُ حَرِیرَةً فِی بَیْتِی فَأَتَیْتُهُ بِهَا وَ هُوَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَا تَذْهَبُ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامُ حَتَّی تَتَنَابَحَ كِلَابُ مَاءٍ بِالْعِرَاقِ یُقَالُ لَهُ الْحَوْأَبُ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِی فِی فِئَةٍ بَاغِیَةٍ فَسَقَطَ الْإِنَاءُ مِنْ یَدِی فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَیَّ وَ قَالَ مَا لَكِ یَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا یَسْقُطُ الْإِنَاءُ مِنْ یَدِی وَ أَنْتَ تَقُولُ مَا تَقُولُ مَا یُؤْمِنُنِی أَنْ یَكُونَ أَنَا هِیَ فَضَحِكْتِ أَنْتِ فَالْتَفَتَ إِلَیْكِ فَقَالَ بِمَا تَضْحَكِینَ یَا حَمْرَاءَ السَّاقَیْنِ إِنِّی أَحْسَبُكِ هِیَ وَ نَشَدْتُكِ بِاللَّهِ یَا عَائِشَةُ أَ تَذْكُرِینَ لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَكَانِ كَذَا وَ كَذَا وَ هُوَ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یُحَدِّثُنَا فَأَدْخَلْتِ جَمَلَكِ فَحَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَرَفَعَ مِقْرَعَةً كَانَتْ عِنْدَهُ یَضْرِبُ بِهَا وَجْهَ جَمَلِكِ وَ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ مَا یَوْمُهُ مِنْكِ بِوَاحِدٍ وَ لَا بَلِیَّتُهُ مِنْكِ بِوَاحِدَةٍ أَمَا إِنَّهُ لَا یُبْغِضُهُ إِلَّا مُنَافِقٌ كَذَّابٌ وَ أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ أَ تَذْكُرِینَ مَرَضَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ فَأَتَاهُ أَبُوكِ یَعُودُهُ وَ مَعَهُ عُمَرُ وَ قَدْ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَتَعَاهَدُ ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَعْلَهُ وَ خُفَّهُ وَ یُصْلِحُ مَا وَهَی مِنْهَا فَدَخَلَ قَبْلَ ذَلِكِ فَأَخَذَ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ وَ هِیَ حَضْرَمِیَّةٌ وَ هُوَ یَخْصِفُهَا خَلْفَ الْبَیْتِ فَاسْتَأْذَنَا عَلَیْهِ فَأَذِنَ لَهُمَا فَقَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ أَصْبَحْتُ أَحْمَدُ اللَّهَ قَالا مَا بُدٌّ مِنَ الْمَوْتِ قَالَ أَجَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ قَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلِ اسْتَخْلَفْتَ أَحَداً قَالَ مَا خَلِیفَتِی فِیكُمْ إِلَّا خَاصِفُ النَّعْلِ فَخَرَجَا فَمَرَّا عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ یَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كُلُّ ذَلِكِ تَعْرِفِینَهُ یَا عَائِشَةُ وَ تَشْهَدِینَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ یَا عَائِشَةُ أَنَا أَخْرُجُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ الَّذِی سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَی مَنْزِلِهَا وَ قَالَتْ یَا ابْنَ الزُّبَیْرِ أَبْلِغْهُمَا أَنِّی لَسْتُ بِخَارِجَةٍ
ص: 150
بَعْدَ الَّذِی سَمِعْتُهُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَرَجَعَ فَبَلَّغَهُمَا قَالَ فَمَا انْتَصَفَ اللَّیْلُ حَتَّی سَمِعْنَا رُغَاءَ إِبِلِهَا تَرْتَحِلُ فَارْتَحَلَتْ مَعَهُمَا.
بیان: نباح الكلب صیاحه قاله الجوهری و یقال وهی السقاء یهی وهیا إذا تخرق و انشق و الرغاء صوت الإبل 125 (1) أقول: - روی السید المرتضی رضی اللّٰه عنه هذه الروایة فی شرح قصیدة السید الحمیری رحمه اللّٰه عن أبی عبد الرحمن المسعودی عن السری بن إسماعیل عن الشعبی إلی آخرها ثم قال قدس سره و من العجائب أن یكون مثل هذا الخبر المتضمن للنص بالخلافة و كل فضیلة غریبة موجودا فی كتب المخالفین و فیما یصححونه من روایاتهم و یصنفونه من سیرهم لكن القوم رووا و سمعوا و أودعوا كتبهم ما حفظوا و نقلوا و لم یتخیروا لیثبتوا ما وافق مذاهبهم دون ما خالفها و هكذا یفعل المسترسل المستسلم للحق انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.
«126»-(2)
ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أُمَیَّةَ عَلَی عَائِشَةَ لَمَّا أَزْمَعَتِ الْخُرُوجَ إِلَی الْبَصْرَةِ فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَ صَلَّتْ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَتْ یَا هَذِهِ أَنْتِ سُدَّةٌ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَیْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ عَلَیْكِ مَضْرُوبٌ وَ عَلَی حُرْمَتِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَیْلَكِ فَلَا تَنْدَحِیهِ وَ ضُمَّ ضَفْرَكِ فَلَا تَنْشُرِیهِ وَ اسْكُنِی عُقَیْرَتَكِ فَلَا تُصْحِرِیهَا إِنَّ اللَّهَ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَانَكِ لَوْ أَرَادَ أَنْ یَعْهَدَ إِلَیْكِ فَعَلَ بِكِ فَقَدْ نَهَاكِ عَنِ الْفُرْطَةِ فِی الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الدِّینِ لَنْ یُثْأَبَ بِالنِّسَاءِ إِنْ مَالَ وَ لَا یُرْأَبُ بِهِنَّ إِنِ انْصَدَعَ حُمَادَی النِّسَاءِ غَضُّ الْأَطْرَافِ وَ ضَمُّ الذُّیُولِ وَ الْأَعْطَافِ وَ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَارَضَكِ فِی بَعْضِ هَذِهِ الْفَلَوَاتِ وَ أَنْتِ نَاصَّةٌ قَعُوداً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَی مَنْهَلٍ وَ مَنْزِلٍ إِلَی مَنْزِلٍ وَ لِغَیْرِ اللَّهِ
ص: 151
مَهْوَاكِ وَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَرِدِینَ وَ قَدْ هَتَكْتِ عَنْكِ سِجَافَهُ وَ نَكَثْتِ عَهْدَهُ وَ بِاللَّهِ أَحْلِفُ لَوْ أَنْ سِرْتُ مَسِیرَكِ ثُمَّ قِیلَ لِیَ ادْخُلِی الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنْ أَلْقَاهُ هَاتِكَةً حِجَاباً ضَرَبَهُ عَلَیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ اجْعَلِیهِ حِصْناً وِقَاعَةَ السِّتْرِ مَنْزِلًا حَتَّی تَلْقَیِنَّهُ أَطْوَعَ مَا تَكُونِینَ لِرَبِّكِ مَا قَصُرْتِ عَنْهُ وَ أَنْصَحَ مَا تَكُونِینَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِیهِ وَ أَنْصَرَ مَا تَكُونِینَ لِلدِّینِ مَا قَعَدْتِ عَنْهُ وَ بِاللَّهِ أَحْلِفُ لَوْ حَدَّثْتُكِ بِحَدِیثٍ سَمِعْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَنَهَشْتِنِی نَهْشَ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقَةِ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ مَا أَعْرَفَنِی بِمَوْعِظَتِكِ وَ أَقْبَلَنِی لِنَصِیحَتِكِ لَیْسَ مَسِیرِی عَلَی مَا تَظُنِّینَ مَا أَنَا بِالْمُغْتَرَّةِ وَ لَنِعْمَ الْمُطَّلَعُ تَطَلَّعْتُ فِیهِ فَرَّقْتُ بَیْنَ فِئَتَیْنِ مُتَشَاجِرَتَیْنِ فَإِنْ أَقْعُدْ فَفِی غَیْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَخْرُجْ فَفِی مَا لَا غِنَاءَ عَنْهُ مِنَ الِازْدِیَادِ بِهِ فِی الْأَجْرِ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَلَمَّا كَانَ مِنْ نَدَمِهَا أَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ:
لَوْ كَانَ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةٍ أَحَدٌ***كَانَتْ لِعَائِشَةَ الرُّتْبَی عَلَی النَّاسِ
مِنْ زَوْجَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فَاضِلَةٍ***وَ ذِكْرِ آیٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٍ
وَ حِكْمَةٍ لَمْ تَكُنْ إِلَّا لِهَاجِسِهَا***فِی الصَّدْرِ یَذْهَبُ عَنْهَا كُلُّ وَسْوَاسٍ
یَسْتَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ عُقُولَهُمْ***حَتَّی یَمُرَّ الَّذِی یَقْضِی عَلَی الرَّأْسِ
وَ یَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ***تَبَدَّلَتْ لِی إِیحَاشاً بِإِینَاسٍ
فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ شَتَمْتِینِی یَا أُخْتِ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ لَا وَ لَكِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ غَطَّتْ عَیْنَ الْبَصِیرِ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ أَبْصَرَهَا الْعَاقِلُ وَ الْجَاهِلُ.
بیان: قولها و ضم ضفرك بالضاد قال الجوهری الضفر نسج الشعر و غیره عریضا و الضفیرة العقیصة یقال ضفرت المرأة شعرها و لها ضفیرتان و ضفران أیضا أی عقیصتان انتهی.
و العطاف بالكسر الرداء و عطفا كل شی ء جانباه و قال الجوهری فی الصحاح القعود من الإبل هو البكر حین یركب أی یمكن ظهره من الركوب و قال أبو عبید القعود من البعیر الذی یقتعده الراعی فی كل حاجة
ص: 152
و السجاف ككتاب الستر ما قصرت عنه الظاهر أن كلمة ما بمعنی ما دام فالضمیر فی عنه راجع إلی الأمر الذی أرادته أو إلی الرب أو إلی ترك الخروج فیكون عن بمعنی علی و الضمیر فی لزمتیه إما راجع إلی اللّٰه أی طاعته أو إلی ترك الخروج و لزوم البیت و الضمیر فی قولها ما قعدت عنه راجع إلی الدین أی نصره بالجهاد أو إلی النصر أو إلی الأمر الذی أرادت بین فئتین متشاجرتین أی متنازعتین و فی بعض النسخ متناجزتین و فی بعضها متناحرتین و المناجزة فی الحرب المبارزة و التناحر التقابل.
و قال ابن أبی الحدید (1) فئتان متناجزتان أی یسرع كل منهما إلی نفوس الأخری و من رواه متناحرتان أراد الحرب و طعن النحور بالأسنة رشقها بالسهام و الرتبی فعلی من الرتبة بمعنی الدرجة و المنزلة.
و فی بعض الروایات العتبی و هو الرجوع عن الإساءة و بعد ذلك فی سائر الروایات
كم سنة لرسول اللّٰه دارسة***و تلو آی من القرآن مدراس
یقال درس الرسم یدرس دروسا أی عفا و درسته الریح یتعدی و لا یتعدی و درست الكتاب درسا و دراسة و التلو كأنه مصدر بمعنی التلاوة.
و الهاجس الخاطر یقال هجس فی صدری شی ء یهجس أی حدث.
«127»-(2)
مع، معانی الأخبار مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عُقْبَةَ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی الْأَخْنَسِ الأرجی قَالَ:
ص: 153
لَمَّا أَرَادَتْ عَائِشَةُ الْخُرُوجَ إِلَی الْبَصْرَةِ كَتَبَتْ إِلَیْهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهَا زَوْجَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ سُدَّةٌ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَیْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ الْمَضْرُوبُ عَلَی حُرْمَتِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَیْلَكِ فَلَا تَنْدَحِیهِ وَ سَكَّنَ عُقَیْرَاكِ فَلَا تُصْحِرِیهَا اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَانَكِ لَوْ أَرَادَ أَنْ یَعْهَدَ إِلَیْكِ لَفَعَلَ وَ قَدْ عَهِدَ فَاحْفَظِی مَا عَهِدَ وَ لَا تُخَالِفِی فَیُخَالَفَ بِكِ وَ اذْكُرِی قَوْلَهُ فِی نُبَاحِ كِلَابِ الْحَوْأَبِ وَ قَوْلَهُ مَا لِلنِّسَاءِ وَ الْغَزْوِ وَ قَوْلَهُ انْظُرِی یَا حُمَیْرَاءُ أَنْ لَا تَكُونِی أَنْتِ عُلْتِ (1) بَلْ قَدْ نَهَاكِ عَنِ الْفُرْطَةِ فِی الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الْإِسْلَامِ لَنْ یُثْأَبَ بِالنِّسَاءِ إِنْ مَالَ وَ لَنْ یُرْأَبَ بِهِنَّ إِنْ صَدَعَ حُمَادَیَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَبْصَارِ وَ خَفَرُ الْأَعْرَاضِ وَ قِصَرُ الْوَهَازَةِ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَارَضَكِ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ نَاصَّةً قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَی آخَرَ إِنَّ بِعَیْنِ اللَّهِ مَهْوَاكِ وَ عَلَی رَسُولِهِ تَرِدِینَ وَ قَدْ وَجَّهْتِ سِدَافَتَهُ وَ تَرَكْتِ عُهَیْدَاهُ لَوْ سِرْتُ مَسِیرَكِ هَذَا ثُمَّ قِیلَ لِیَ ادْخُلِی الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْیَیْتُ أَنْ أَلْقَی رَسُولَ اللَّهِ هَاتِكَةً حِجَاباً قَدْ ضَرَبَهُ عَلَیَّ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ اجْعَلِی حِصْنَكِ بَیْتَكِ وَ رِبَاعَةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ حَتَّی تَلْقَیْهِ وَ أَنْتِ عَلَی تِلْكِ الْحَالِ أَطْوَعَ مَا تَكُونِینَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِهِ وَ أَنْصَرَ مَا تَكُونِینَ لِلدِّینِ مَا جَلَسْتِ عَنْهُ لَوْ ذَكَّرْتُكِ بِقَوْلٍ تَعْرِفِینَهُ لَنَهَشْتِ نَهْشَ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا أَقْبَلَنِی لِوَعْظِكِ وَ مَا أَعْرَفَنِی بِنُصْحِكِ وَ لَیْسَ الْأَمْرُ عَلَی مَا تَظُنِّینَ وَ لَنِعْمَ الْمَسِیرُ مَسِیراً فَزِعَتْ إِلَیَّ فِیهِ فِئَتَانِ مُتَشَاجِرَتَانِ إِنْ أَقْعُدْ فَفِی غَیْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَنْهَضْ فَإِلَی مَا لَا بُدَّ مِنَ الِازْدِیَادِ مِنْهُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ
لَوْ كَانَ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةٍ أَحَدٌ ***كَانَتْ لِعَائِشَةَ الْعُتْبَی عَلَی النَّاسِ
ص: 154
كَمْ سُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ دَارِسَةٌ***وَ تِلْوِ آیٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٌ
قَدْ یَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ عُقُولَهُمْ ***حَتَّی یَكُونَ الَّذِی یَقْضِی عَلَی الرَّأْسِ
ثم قال رحمه اللّٰه تفسیره قولها رحمة اللّٰه علیها إنك سدة بین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أی إنك باب بینه و بین أمته فمتی أصیب ذلك الباب بشی ء فقد دخل علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی حریمه و حوزته فاستبیح ما حماه فلا تكونی أنت سبب ذلك بالخروج الذی لا یجب علیك فتحوجی الناس إلی أن یفعلوا مثل ذلك.
و قولها فلا تندحیه أی لا تفتحیه فتوسعیه بالحركة و الخروج یقال ندحت الشی ء إذا أوسعته و منه یقال أنا فی مندوحة عن كذا أی فی سعة.
و ترید بقولها قد جمع القرآن ذیلك قول اللّٰه عز و جل وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الْأُولی و قولها و سكن عقیراك من عقر الدار و هو أصلها و أهل الحجاز یضمون العین و أهل نجد یفتحونها فكانت عقیرا اسم مبنی من ذاك علی التصغیر و مثله مما جاء مصغرا الثریا و الحمیا و هی سورة الشراب و لم یسمع بعقیرا إلا فی هذا الحدیث.
و قولها فلا تصحریها أی لا تبرزیها و تباعدیها و تجعلیها بالصحراء یقال أصحرنا إذا أتینا الصحراء كما یقال أنجدنا إذا أتینا نجدا.
و قولها علت أی ملت إلی غیر الحق و العول المیل عن الشی ء و الجور قال اللّٰه عز و جل ذلِكَ أَدْنی أَلَّا تَعُولُوا یقال عال یعول إذا جار.
و قولها بل قد نهاك عن الفرطة فی البلاد أی عن التقدم و السبق فی البلاد لأن الفرطة اسم فی الخروج و التقدم مثل غُرفة و غَرفة یقال فی فلان فرطة أی تقدم و سبق یقال فرطته فی الماء أی سبقته.
و قولها إن عمود الإسلام لن یثأب بالنساء إن مال أی لا یرد بهن إلی استوائه یقال ثبت إلی كذا أی عدت إلیه.
ص: 155
و قولها لن یرأب بهن إن صدع أی لا یسد بهن یقال رأبت الصدع لأمته فانضم.
و قولها حمادیات النساء هی جمع حمادی یقال قصاراك أن تفعل ذلك و حماداك كأنها تقول جهدك و غایتك و قولها غض الأبصار معروف.
و قولها و خفر الأعراض الأعراض جماعة العرض و هو الجسد.
و الخفر الحیاء أرادت أن محمدة النساء فی غض الأبصار و فی الستر للخفر الذی هو الحیاء و قصر الوهازة و هو الخطو تعنی بها أن تقل خطوهن.
و قولها ناصة قلوصا من منهل إلی آخر أی رافعة لها فی السیر و النص سیر مرفوع و منه یقال نصصت الحدیث إلی فلان إذا رفعه إلیه و منه الحدیث كان رسول اللّٰه یسیر العنق فإذا وجد فجوة نص یعنی زاد فی السیر.
و قولها إن بعین اللّٰه مهواك یعنی مرادك لا یخفی علی اللّٰه.
و قولها و علی رسول اللّٰه تردین أی لا تفعلی فتخجلی من فعلك و قد وجهت سدافته أی هتكت الستر لأن السدافة الحجاب و الستر و هو اسم مبنی من أسدف اللیل إذا ستر بظلمته و یجوز أن یكون أرادت من قولها وجهت سدافته یعنی أزلتیها من مكانها الذی أمرت أن تلزمیه و جعلتها أمامك.
و قولها و تركت عهیداه تعنی بالعهیدة الذی تعاهده و یعاهدك (1) و یدل علی ذلك قولها لو قیل لی ادخلی الفردوس لاستحییت أن ألقی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هاتكة حجابا قد ضربه علی و قولها اجعلی
ص: 156
حصنك بیتك و رباعة الستر قبرك فالربع المنزل و رباعة الستر ما وراء الستر تعنی اجعلی ما وراء الستر من المنزل قبرك و هذا معنی ما یروی و وقاعة الستر قبرك هكذا رواه القتیبی و ذكر أن معناه و وقاعة الستر موقعه من الأرض إذا أرسلت و فی روایة القتیبی لو ذكرت قولا تعرفینه نهستنی نهس (1) الرقشاء المطرق فذكر أن الرقشاء سمیت بذلك لرقش فی ظهرها و هی النقط.
و قال غیر القتیبی الرقشاء من الأفاعی التی فی لونها سواد و كدورة قال و المطرق المسترخی جفون العین.
توضیح: كلامها رضی اللّٰه عنها مع عائشة متواتر المعنی رواه الخاصة و العامة بأسانید جمة و فسروا ألفاظه فی كتب اللغة و رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار من النهج و شرحه و قال ذكره ابن قتیبة فی غریب الحدیث.
وَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِی طَاهِرٍ فِی كِتَابِ بَلَاغَاتِ النِّسَاءِ بِأَدْنَی تَغْیِیرٍ وَ قَالَ بَعْدَ حِكَایَةِ كَلَامِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ یَا أُمَّ سَلَمَةَ مَا أَقْبَلَنِی لِمَوْعِظَتِكِ وَ أَعْرَفَنِی بِنُصْحِكِ لَیْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولِینَ مَا أَنَا بِمُغْتَمِرَةٍ بَعْدَ التَّغْرِیدِ وَ لَنِعْمَ الْمُطَّلَعُ مُطَّلَعٌ أَصْلَحْتُ فِیهِ بَیْنَ فِئَتَیْنِ مُتَنَاجِزَتَیْنِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
و
رواه الزمخشری فی الفائق و قال بعد قولها سدافته و روی سجافته و بعد قولها فئتان متناجزتان أو متناحرتان.
ثم قال السدة الباب ترید أنك من رسول اللّٰه بمنزلة سدة الدار من أهلها فإن نابك أحد بنائبة أو نال منك نائل فقد ناب رسول اللّٰه و نال منه و ترك ما یجب فلا تعرضی بخروجك أهل الإسلام لهتك حرمة رسول اللّٰه و ترك ما یجب علیهم من تعزیزه و توقیره.
ص: 157
و ندح الشی ء فتحه و وسعه و بدحه نحوه من البداح و هو المتسع من الأرض و العقیری كأنها تصغیر العقری فعلی من عقر إذا بقی مكانه لا یتقدم و لا یتأخر فزعا أو أسفا أو خجلا و أصله من عقرت به إذا أطلت حبسه كأنك عقرت راحلته فبقی لا یقدر علی البراح أرادت نفسها أی سكنی نفسك التی صفتها أو حقها أن تلزم مكانها أو لا تبرح بیتها و اعملی بقوله تعالی وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ و أصحر أی خرج إلی الصحراء و أصحر به غیره و قد جاء هاهنا متعدیا علی حذف الجار و إیصال الفعل.
و قال ابن الأثیر فی مادة عال فی النهایة فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة لو أراد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یعهد إلیك علت أی عدلت عن الطریق و ملت.
قال و قال القتیبی و سمعت من یرویه بكسر العین فإن كان محفوظا فهو من عال فی البلاد یعیل إذا ذهب و یجوز أن یكون من عاله یعوله إذا غلبه أی غلبت علی رأیك و منه قولهم عیل صبرك و قیل جواب لو محذوف أی لو أراد فعل فتركته لدلالة الكلام علیه و یكون قولها علت كلاما مستأنفا.
و قال فی مادة فرط من كتاب النهایة فی قولها إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سلم نهاك عن الفرطة فی الدین یعنی السبق و التقدم و مجاوزة الحد الفرطة بالضم اسم للخروج و التقدم و بالفتح المرة الواحدة.
و أیضا قال فی مادة رأب یقال رأب الصدع إذا شعبه و رأب الشی ء إذا جمعه و شده برفق و منه حدیث أم سلمة لا یرأب بهن إن صدع قال القتیبی الروایة صدع فإن كان محفوظا فإنه یقال صدعت الزجاجة فصدعت كما یقال جبرت العظم فجبر و إلا فإنه صدع أو انصدع.
و قال فی مادة حمد و فی حدیث أم سلمة حمادیات النساء أی غایاتهن و منتهی ما یحمد منهن یقال حماداك أن تفعل أی جهدك و غایتك.
ص: 158
و قال فی الفائق فی غض الأطراف أورده القتیبی هكذا و فسر الأطراف بجمع طرف و هو العین و یدفع ذلك أمران أحدهما أن الأطراف فی جمع طرف لم یرد به سماع بل ورد بردّه و هو قول الخلیل إن الطرف لا یثنی و لا یجمع و ذلك لأنه مصدر طرف إذا حرك جفونه فی النظر.
و الثانی أنه غیر مطابق لقولها خفر الأعراض و لا أكاد أشك أنه تصحیف و الصواب غض الإطراق و خفر الإعراض و المعنی أن یغضضن من أبصارهن مطرقات أی رامیات بأبصارهن إلی الأرض و یتخفرن من السوء معرضات عنه.
و قال فی مادة طرف من النهایة و فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة حمادیات النساء غض الأطراف أرادت قبض الید و الرجل عن الحركة و السعی تعنی تسكین الأطراف و هی الأعضاء ثم ذكر كلام القتیبی و الزمخشری و قال فی خفر الإعراض أی الحیاء من كل ما یكره لهن أن ینظرن إلیه فأضافت الخفر إلی الإعراض أی الذی تستعمل لأجل الإعراض.
و یروی الأعراض بالفتح جمع العرض أی إنهن یستحیین و یتسترن لأجل أعراضهن و صونها انتهی.
أقول: و العرض و إن ورد بمعنی الجسد لكن فی هذا المقام بعید قال الفیروزآبادی العرض بالكسر الجسد و كل موضع یعرق منه و رائحته رائحة طیبة كانت أو خبیثة و النفس و جانب الرجل الذی یصونه من نفسه و حسبه أن ینتقض و یثلب.
و قال فی الفائق الوهازة الخطو یقال هو یتوهز و یتوهس إذا وطئ وطئا ثقیلا.
و قال ابن الأعرابی الوهازة مشیة الخفرات و الأوهز الرجل الحسن المشیة.
ص: 159
و قال ابن الأثیر فی النهایة النص التحریك حتی یستخرج أقصی سیر الناقة و أصل النص أقصی الشی ء و غایته ثم سمی به ضرب من السیر سریع و منه حدیث أم سلمة ناصة قلوصا أی دافعة لها فی السیر و قال القلوص الناقة و الفجوة ما اتسع من الأرض و قال الزمخشری فی الفائق السدافة و السجافة الستارة و توجیهها هتكها و أخذ وجهها كقولك لأخذ قذی العین تقذیته أو تغییرها و جعلها لها وجها غیر الوجه الأول.
و فی النهایة العهیدی بالتشدید و القصر فعیلی من العهد كالجهیدی من الجهد و العجیلی من العجلة.
و أما ما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه فكأنه قرأ علی فعیل مخففا قال الجوهری عهیدك الذی یعاهدك و تعاهده و أراد أنه مأخوذ من العهید بهذا المعنی.
و فی الفائق وقاعة الستر و موقعته موقعه علی الأرض إذا أرسلت و یروی وقاحة الستر أی وساحة الستر و موضعه.
قوله و فی روایة القتیبی إلی قولها نهستنی نهس الرقشاء لعل الاختلاف بین الروایتین فی السین المهملة و المعجمة و هما متقاربان معنی إذ بالمهملة معناه أخذ اللحم بأطراف الأسنان و بالمعجمة لسع الحیة و الأخیر أنسب و فی بعض النسخ نهست ففیه اختلاف آخر.
و قال فی النهایة فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة لو ذكرتك قولا تعرفینه نهشته نهش الرقشاء المطرق الرقشاء الأفعی سمیت به لترقیش فی ظهرها و هی خطوط و نقط و إنما قالت المطرق لأن الحیة تقع علی الذكر و الأنثی انتهی و لعله كنایة عن سمنها و كثرة سمها أو استغفالها و أخذها دفعة.
و فی روایة أحمد بن أبی طاهر و قد سكن القرآن ذیلك فلا تبدحیه و هدأ من عقیرتك فلا تصحلیها.
و فی مادة بدح من كتاب النهایة و فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة قد جمع القرآن ذیلك فلا تبدحیه أی لا توسعیه بالحركة و الخروج و البدح العلانیة و بدح بالأمر باح به و یروی بالنون انتهی.
و هدأ علی التفعیل أی سكن و العقیرة علی فعیلة الصوت أو
ص: 160
صوت المغنی و الباكی و القاری.
و قال فی النهایة الصحل بالتحریك كالبحة و منه فإذا أنا بهاتف یهتف بصوت صحل و منه أنه كان یرفع صوته بالتلبیة حتی یصحل أی یبح.
ثم فی تلك الروایة اللّٰه من وراء هذه الأمة لو أراد أن یعهد فیك بله أن قد نهاك عن الفرطة فی البلاد قال الجوهری بله كلمة مبنیة علی الفتح مثل كیف و معناها دع و یقال معناها سوی.
و قال الفیروزآبادی بله ككیف اسم له كدع و مصدر بمعنی الترك و اسم مرادف لكیف و ما بعدها منصوب علی الأول مخفوض علی الثانی مرفوع علی الثالث و فتحها بناء علی الأول و الثالث إعراب علی الثانی و الفراطة بالضم أیضا بمعنی التقدم.
ثم فیها ما كنت قائلة لو أن كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عارضك بأطراف الفلوات ناصة قعودا من منهل إلی منهل إن بعین اللّٰه مثواك و علی رسول اللّٰه تعرضین و لو أمرت بدخول الفردوس لاستحییت أن ألقی محمدا هاتكة حجابا جعله اللّٰه علی فاجعلیه سترك وقاعة البیت قبرك حتی تلقینه و هو عنك راض.
قولها و ما أنا بمغتمرة بعد التغرید لعل المعنی أنی بعد ما أعلنت العداوة و علم الناس بخروجی لا أرجع إلی إخفاء الأمر و الإشارة بالعین و الحاجب.
و یمكن أن یقرأ بمغتمرة علی بناء المفعول أی لا یطعن علی أحد بعد تغریدی و رفعی الصوت بأمری قال الجوهری فعلت شیئا فاغتمزه فلان أی طعن علی و وجد بذلك مغمزا.
و قال الغَرَد بالتحریك التطریب فی الصوت و الغناء و التغرید مثله.
ص: 161
«128»-(1)
ختص، الإختصاص مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی النَّحْوِیِّ أَبِی الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُتَیْبِیِّ عَنْ أَبِی كبسة [كِیسَةَ] وَ یَزِیدَ بْنِ رُومَانَ قَالا لَمَّا اجْتَمَعَتْ عَائِشَةُ عَلَی الْخُرُوجِ إِلَی الْبَصْرَةِ أَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا وَ كَانَتْ بِمَكَّةَ فَقَالَتْ یَا ابْنَةَ أَبِی أُمَیَّةَ كُنْتِ كَبِیرَةَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْمَأُ فِی بَیْتِكِ وَ كَانَ یَقْسِمُ لَنَا فِی بَیْتِكِ وَ كَانَ یَنْزِلُ الْوَحْیُ فِی بَیْتِكِ قَالَتْ لَهَا یَا بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ لَقَدْ زُرْتِینِی وَ مَا كُنْتِ زَوَّارَةً وَ لِأَمْرٍ مَا تَقُولِینَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَالَتْ إِنَّ ابْنِی وَ ابْنَ أَخِی (2) أَخْبَرَانِی أَنَّ الرَّجُلَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ أَنَّ بِالْبَصْرَةِ مِائَةَ أَلْفِ سَیْفٍ یُطَاعُونَ فَهَلْ لَكِ أَنْ أَخْرُجَ أَنَا وَ أَنْتِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ بَیْنَ فِئَتَیْنِ مُتَشَاجِرَتَیْنِ فَقَالَتْ یَا بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ أَ بِدَمِ عُثْمَانَ تَطْلُبِینَ فَلَقَدْ كُنْتِ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَیْهِ وَ إِنْ كُنْتِ لَتَدْعِینَهُ بِالتَّبَرِّی أَمْ أَمْرَ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ تَنْقُضِینَ فَقَدْ بَایَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ إِنَّكِ سُدَّةٌ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَیْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ مَضْرُوبَةٌ عَلَی حَرَمِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَیْلَكِ فَلَا تُبَذِّخِیهِ وَ سَكِّنِّی عُقَیْرَاكِ فَلَا تَضْحَیْ [فَلَا تَفْضَحِی بِهَا اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَانَكِ وَ لَوْ أَرَادَ أَنْ یَعْهَدَ إِلَیْكِ فَعَلَ قَدْ نَهَاكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْفَرَاطَةِ فِی الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الْإِسْلَامِ لَا تَرْأَبُهُ النِّسَاءُ إِنِ انْثَلَمَ وَ لَا یُشْعَبُ بِهِنَّ إِنِ انْصَدَعَ حُمَادَیَاتُ النِّسَاءِ غَضٌّ بِالْأَطْرَافِ وَ قِصَرُ الْوَهَادَةِ وَ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَرَضَ لَكِ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ وَ أَنْتِ نَاصَّةٌ قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَی آخَرَ إِنَّ بِعَیْنِ اللَّهِ مَهْوَاكِ وَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ تَرِدِینَ وَ قَدْ وَجَّهْتِ سِدَافَتَهُ وَ تَرَكْتِ عُهَّیْدَاهُ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَوْ سِرْتُ مَسِیرَكِ هَذَا ثُمَّ قِیلَ لِی ادْخُلِی الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْیَیْتُ أَنْ أَلْقَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 162
هَاتِكَةً حِجَاباً قَدْ ضَرَبَهُ عَلَیَّ اجْعَلِی حِصْنَكِ بَیْتَكِ وَ قَاعَةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ حَتَّی تَلْقَیْهِ وَ أَنْتِ عَلَی ذَلِكِ أَطْوَعُ مَا تَكُونِینَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِهِ وَ أَنْصَرُ مَا تَكُونِینَ لِلدِّینِ مَا جَلَسْتِ عَنْهُ ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَكَّرْتُكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَمْساً فِی عَلِیٍّ صلی اللّٰه علیه و آله لَنَهَشْتِنِی نَهْشَ الْحَیَّةِ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقَةِ ذَاتِ الْخَبَبِ أَ تَذْكُرِینَ إِذْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقْرِعُ بَیْنَ نِسَائِهِ إِذَا أَرَادَ سَفَراً فَأَقْرَعَ بَیْنَهُنَّ فَخَرَجَ سَهْمِی وَ سَهْمُكِ فَبَیْنَا نَحْنُ مَعَهُ وَ هُوَ هَابِطٌ مِنْ قُدَیْدٍ وَ مَعَهُ عَلِیٌّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُحَدِّثُهُ فَذَهَبْتِ لِتَهْجُمِی عَلَیْهِ فَقُلْتُ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهُ ابْنُ عَمِّهِ وَ لَعَلَّ لَهُ إِلَیْهِ حَاجَةٌ فَعَصَیْتِنِی وَ رَجَعْتِ بَاكِیَةً فَسَأَلْتُكِ فَقُلْتِ بِأَنَّكِ هَجَمْتِ عَلَیْهِمَا فَقُلْتِ یَا عَلِیُّ إِنَّمَا لِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمٌ مِنْ تِسْعَةِ أَیَّامٍ وَ قَدْ شَغَلْتَهُ عَنِّی فَأَخْبَرْتِینِی أَنَّهُ قَالَ لَكِ أَ تُبْغِضِینَهُ فَمَا یُبْغِضُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِی وَ لَا مِنْ أُمَّتِی إِلَّا خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ وَ یَوْمَ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَفَراً وَ أَنَا أَجُشُّ لَهُ جَشِیشاً فَقَالَ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَرَفَعْتُ یَدِی مِنَ الْجَشِیشِ وَ قُلْتُ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَا بُدَّ لِإِحْدَاكُمَا أَنْ تَكُونَهُ اتَّقِی اللَّهَ یَا حُمَیْرَاءُ أَنْ تَكُونِیهِ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ وَ یَوْمَ تَبَدَّلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَبِسْتِ ثِیَابِی وَ لَبِسْتُ ثِیَابَكِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَلَسَ إِلَی جَنْبِكِ فَقَالَ أَ تَظُنِّینَ یَا حُمَیْرَاءُ أَنِّی لَا أَعْرِفُكِ أَمَا إِنَّ لِأُمَّتِی مِنْكِ یَوْماً مُرّاً أَوْ یَوْماً أَحْمَرَ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ وَ یَوْمَ كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَاءَ أَبُوكِ وَ صَاحِبُهُ یَسْتَأْذِنَانِ فَدَخَلْنَا الْخِدْرَ فَقَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَدْرِی قَدْرَ مُقَامِكَ فِینَا فَلَوْ جَعَلْتَ لَنَا إِنْسَاناً نَأْتِیهِ بَعْدَكَ قَالَ أَمَا إِنِّی أَعْرِفُ مَكَانَهُ وَ أَعْلَمُ مَوْضِعَهُ وَ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ لَتَفَرَّقْتُمْ عَنْهُ كَمَا تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ عَنْ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَلَمَّا
ص: 163
خَرَجَا خَرَجْتُ إِلَیْهِ أَنَا وَ أَنْتِ وَ كُنْتِ جَرِیئَةً عَلَیْهِ فَقُلْتِ مَنْ كُنْتَ جَاعِلًا لَهُمْ فَقَالَ خَاصِفَ النَّعْلِ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صلوات اللّٰه علیه یُصْلِحُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا تَخَرَّقَتْ وَ یَغْسِلُ ثَوْبَهُ إِذَا اتَّسَخَ فَقُلْتِ مَا أَرَی إِلَّا عَلِیّاً فَقَالَ هُوَ ذَاكِ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ وَ یَوْمَ جَمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ فِی بَیْتِ مَیْمُونَةَ فَقَالَ یَا نِسَائِی اتَّقِینَ اللَّهَ وَ لَا یَسْفُرْ بِكُنَّ أَحَدٌ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ مَا أَقْبَلَنِی لِوَعْظِكِ وَ أَسْمَعَنِی لِقَوْلِكِ فَإِنْ أَخْرُجْ فَفِی غَیْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَقْعُدْ فَفِی غَیْرِ بَأْسٍ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا فَخَرَجَ رَسُولُهَا فَنَادَی فِی النَّاسِ مَنْ أَرَادَ أَنْ یَخْرُجَ فَلْیَخْرُجْ فَإِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُ خَارِجَةٍ فَدَخَلَ عَلَیْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَنَفَثَ فِی أُذُنِهَا وَ قَلْبِهَا فِی الذِّرْوَةِ فَخَرَجَ رَسُولُهَا تُنَادِی مَنْ أَرَادَ أَنْ یَسِیرَ فَلْیَسِرْ فَإِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ خَارِجَةٌ فَلَمَّا كَانَ مِنْ نَدَمِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ حَرْبِ الْجَمَلِ مَا كَانَ أَنْشَأَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ:
لَوْ أَنَّ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةِ أَحَدٍ***كَانَتْ لِعَائِشَةَ الرُّتْبَی عَلَی النَّاسِ
كَمْ سُنَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ تَارِكَةٌ*** وَ تِلْوِ آیٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٌ
قَدْ یَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ نَاسٍ عُقُولَهُمْ***حَتَّی یَكُونَ الَّذِی یَقْضِی عَلَی النَّاسِ
فَیَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ***كَانَتْ تُبَدِّلُ إِیحَاشاً بِإِینَاسٍ
قال أبو العباس ثعلب قوله یقمأ فی بیتك یعنی یأكل و یشرب و قد جمع القرآن ذیلك فلا تبذخیه البذخ النفخ و الریا و الكبر سكنی عقیراك مقامك و بذلك سمی العقار لأنه أصل ثابت و عقر الدار أصلها و عقر المرأة ثمن بضعها فلا تضحی بها قال اللّٰه عز و جل أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِیها وَ لا تَضْحی أی لا تبرز للشمس و
قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله لرجل محرم اضح لمن أحرمت له.
أی اخرج إلی البراز و الموضع الظاهر المنكشف من الأغطیة و الستور الفراطة فی البلاد السعی و الذهاب لا ترأبه النساء لا تضمه النساء و حمادی النساء ما یحمد منهن غض
ص: 164
بالأطراف أی لا یبسطن أطرافهن فی الكلام قصر الوهادة هی جمع وهد و وهاد و الوهاد الموضع المنخفض ناصة قلوصا النص السوق بالعنف و من ذلك
الحدیث عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أنه كان إذا وجد فجوة نص.
أی أسرع و من ذلك نص الحدیث أی رفعه إلی أصله بسرعة من منهل إلی آخر المنهل الذی یشرب منه الماء و مهواك الموضع الذی تهوین و تستقرین فیه قال اللّٰه عز و جل وَ النَّجْمِ إِذا هَوی أی نزل سدافته من السدفة و هی شدة الظلمة قاعة الستر و قاعة الدار صحنها و السدة الباب.
إیضاح:
قال فی النهایة فیه أنه علیه السلام كان یقمأ إلی منزل عائشة كثیرا أی یدخل و قمأت بالمكان قمأ دخلته و أقمت به كذا فسر فی الحدیث قال الزمخشری و منه اقتمأ الشی ء إذا جمعه.
و فی القاموس قمأت الإبل بالمكان أقامت لخصبه فسمنت و تقمأ المكان وافقه فأقام به كقماء.
و بذخ من باب تعب طال أو تكبر و لم أر فی كتب اللغة مجی ء بذخ بمعنی النفخ و لعله قرئ علی بناء الإفعال و استعمل فی هذا المعنی تجوزا أو كان هذا هو الأصل و استعمل فی الكبر تجوزا ثم صار حقیقة فیه.
و الخبب محركة ضرب من العدو و القدید كزبیر اسم واد و موضع قوله أجش له جشیشا بالجیم و الشین المعجمة قال الفیروزآبادی جشه دقه و كسره و الجشیش السویق و حنطة تطحن جلیلا فتجعل فی قدر و یلقی فیه لحم أو تمر فیبطخ و التبذل ترك التزین و لبس ثیاب المهنة و الابتذال ضد الصیانة و لعل المراد هنا جعلهما نفسهما عرضة للطفه كأنهما خلقتا و ابتذلتا كما ورد فی خبر آخر فی كیفیة معاشرة الزوجین و لم تبذل له تبذل الرجل و كان لفظ المصدر المأخوذ منه یحتمل الدال المهملة أیضا فالمراد الزینة و تغییر الثیاب.
أو یوما أحمر أی یوما صعبا شدیدا و یعبر عن الشدة بالحمرة یقال أحمر البأس أی اشتد إما لحمرة النار أو لحمرة الدم.
ص: 165
قوله صلی اللّٰه علیه و آله و لا یسفر بكن أحد قال الجوهری سفرت المرأة كشفت عن وجهها فهی سافر و یقال سفرت أسفر سفورا خرجت إلی السفر فأنا سافر انتهی.
و الظاهر فی الخبر المعنی الأخیر و إن كان المعنی الأول أیضا محتملا.
قوله فی الذروة أی كان هذا النفث حال كونه فی ذروتها و راكبا علی سنامها كنایة عن التسلط علیها و لعل فیه سقطا.
قال فی النهایة فی حدیث الزبیر سأل عائشة الخروج إلی البصرة فأبت علیه فما زال یفتل فی الذروة و الغارب حتی أجابته جعل فتل وبر ذروة البعیر و غاربه مثلا لإزالتها عن رأیها كما یفعل بالجمل النفور إذا أرید تأنیسه و إزالة نفاره انتهی.
و لا یخفی تصحیف الوهادة و بعد ما ذكره ثعلب فی السدافة و إن وردت فی اللغة بهذا المعنی.
و قال ابن أبی الحدید (1) قولها اللّٰه من وراء هذه الأمة أی محیط بهم و حافظ لهم و عالم بأحوالهم كقوله تعالی وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِیطٌ و قال إن بعین اللّٰه مهواك أی إن اللّٰه یری سیرك و حركتك و الهوی الانحدار فی السیر من النجد إلی الغور و علی رسول اللّٰه تردین أی تقدمین فی القیامة و قال وجهت سدافته أی نظمتها بالخرز و الوجیهة خرزة معروفة و عادة العرب أن تنظم علی المحمل خرزات إذا كان للنساء.
و قال و تركت عهیداه لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لقولها عقیراك.
ص: 166
قولها و أنت علی تلك أی علی تلك الحال.
قولها أطوع ما تكونین أطوع مبتدأ و إذا لزمته خبر المبتدإ و الضمیر فی لزمته راجع إلی العهد و الأمر الذی أمرت به.
قولها لنهشت به نهش الرقشاء المطرقة أی لعضك و نهشك ما أذكره لك و أذكرك به كما ینهشك أفعی رقشاء و الرقش فی ظهرها هو النقط و الأفعی یوصف بالإطراق و كذلك الأسد و النمر و الرجل الشجاع و كان معاویة یقول فی علی الشجاع المطرق.
«129»-أَقُولُ وَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ أَعْثَمَ الْكُوفِیُّ فِی تَارِیخِهِ أَنَّ عَائِشَةَ أَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهَا أَنْتِ أَقْرَبُ مَنْزِلَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی نِسَائِهِ وَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ مَعَهُ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ یَبْعَثُ إِلَی بَیْتِكِ مَا یُتْحَفُ لَهُ ثُمَّ یَقْسِمُهُ بَیْنَنَا وَ أَنْتِ تَعْلَمِینَ مَا نَالَ عُثْمَانَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ لَا أُنْكِرُ عَلَیْهِمْ إِلَّا أَنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ فَلَمَّا تَابَ وَ رَجَعَ قَتَلُوهُ وَ قَدْ أَخْبَرَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَ كَانَ عَامِلَ عُثْمَانَ عَلَی الْبَصْرَةِ (1) أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ بِالْبَصْرَةِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَ الرِّجَالِ یَطْلُبُونَ بِثَأْرِهِ وَ أَخَافُ الْحَرْبَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ سَفْكَ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ حِلٍّ فَعَزَمْتُ عَلَی الْخُرُوجِ لِأُصْلِحَ بَیْنَهُمْ فَلَوْ خَرَجْتِ مَعَنَا لَرَجَوْنَا أَنْ یُصْلِحَ اللَّهُ بِنَا أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ یَا بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ أَ مَا كُنْتِ تُحَرِّضِینَ النَّاسَ عَلَی قَتْلِهِ وَ تَقُولِینَ اقْتُلُوا نَعْثَلًا فَقَدْ كَفَرَ وَ مَا أَنْتِ وَ الطَّلَبَ بِثَأْرِهِ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ مَا بَیْنَكِ وَ بَیْنَهُ قَرَابَةٌ وَ مَا أَنْتِ وَ الْخُرُوجَ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَخِی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدِ اتَّفَقَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ عَلَی إِمَامَتِهِ
ص: 167
ثُمَّ ذَكَرَتْ طَرَفاً مِنْ مَنَاقِبِهِ وَ عَدَّتْ نُبْذَةً مِنْ فَضَائِلِهِ وَ قَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَاقِفاً عَلَی الْبَابِ یَسْمَعُ كَلَامَهَا فَنَادَاهَا یَا أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ عَلِمْنَا بُغْضَكِ لِآلِ الزُّبَیْرِ وَ مَا كُنْتِ مُحِبَّةً لَنَا وَ لَا تُحِبِّینَّا أَبَداً فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَ تُرِیدُ أَنْ نَخْرُجَ عَلَی خَلِیفَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنْ عَلِمَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَلَّاهُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَ مَا سَمِعْنَا ذَلِكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَسْمَعْ فَقَدْ سَمِعَتْهُ خَالَتُكَ هَذِهِ فَاسْأَلِیهَا تُحَدِّثْكَ وَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَنْتَ خَلِیفَتِی فِی حَیَاتِی وَ بَعْدَ مَوْتِی مَنْ عَصَاكَ فَقَدْ عَصَانِی أَ هَكَذَا یَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ نَعَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشْهَدُ بِهَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَاتَّقِی اللَّهَ یَا عَائِشَةُ وَ احْذَرِی مَا سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَدْ قَالَ لَكِ لَا تَكُونِی صَاحِبَةَ كِلَابِ الْحَوْأَبِ وَ لَا یَغُرَّنَّكِ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَإِنَّهُمَا لَا یُغْنِیَانِ عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً فَقَامَتْ عَائِشَةُ مُغْضَبَةً فَخَرَجَتْ مِنْ بَیْتِهَا.
«130»-(1)
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ رَوَی هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَتَبَتْ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ مَكَّةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ أَشْیَاعَهُمْ أَشْیَاعُ الضَّلَالَةِ یُرِیدُونَ أَنْ یَخْرُجُوا بِعَائِشَةَ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ مَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِیزٍ وَ یَذْكُرُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ أَنَّهُمْ یَطْلُبُونَ بِدَمِهِ وَ اللَّهُ كَافِیهِمْ بِحَوْلِهِ وَ قُوَّتِهِ وَ لَوْ لَا مَا نَهَانَا اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْخُرُوجِ وَ أَمَرَنَا بِهِ مِنْ لُزُومِ الْبَیْتِ لَمْ أَدَعِ الْخُرُوجَ إِلَیْكَ وَ النُّصْرَةَ لَكَ وَ لَكِنِّی بَاعِثَةٌ نَحْوَكَ ابْنِی عِدْلَ نَفْسِی عُمَرَ بْنَ أَبِی سَلَمَةَ فَاسْتَوْصِ بِهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ خَیْراً قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَكْرَمَهُ وَ لَمْ یَزَلْ مُقِیماً مَعَهُ حَتَّی
ص: 168
شَهِدَ مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا وَ وَجَّهَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَمِیراً عَلَی الْبَحْرَیْنِ وَ قَالَ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ بَلَغَنِی أَنَّ عُمَرَ یَقُولُ الشِّعْرَ فَابْعَثْ إِلَیَّ شَیْئاً مِنْ شِعْرِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ بِأَبْیَاتٍ لَهُ أَوَّلُهَا:
جَزَتْكَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَرَابَةٌ***رَفَعْتَ بِهَا ذِكْرِی جَزَاءً مُوَفَّراً
فَعَجِبَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ شِعْرِهِ وَ اسْتَحْسَنَهُ قَالَ وَ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ جَاءَتْ عَائِشَةُ إِلَی أُمِّ سَلَمَةَ تُخَادِعُهَا عَلَی الْخُرُوجِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَقَالَتْ لَهَا یَا بِنْتَ أَبِی أُمَیَّةَ أَنْتِ أَوَّلُ مُهَاجِرَةٍ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنْتِ كَبِیرَةُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْسِمُ لَنَا مِنْ بَیْتِكِ وَ كَانَ جَبْرَئِیلُ أَكْثَرَ مَا یَكُونُ فِی مَنْزِلِكِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِأَمْرٍ مَا قُلْتِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَنِی أَنَّ الْقَوْمَ اسْتَتَابُوا عُثْمَانَ فَلَمَّا تَابَ قَتَلُوهُ صَائِماً فِی شَهْرٍ حَرَامٍ وَ قَدْ عَزَمْتُ الْخُرُوجَ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ مَعِیَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَاخْرُجِی مَعَنَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ هَذَا الْأَمْرَ عَلَی أَیْدِینَا وَ بِنَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِنَّكِ كُنْتِ بِالْأَمْسِ تُحَرِّضِینَ عَلَی عُثْمَانَ وَ تَقُولِینَ فِیهِ أَخْبَثَ الْقَوْلِ وَ مَا كَانَ اسْمُهُ عِنْدَكِ إِلَّا نَعْثَلًا وَ إِنَّكِ لَتَعْرِفِینَ مَنْزِلَةَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ فَأُذَكِّرُكِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ أَ تَذْكُرِینَ یَوْمَ أَقْبَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ مَعَهُ حَتَّی إِذَا هَبَطَ مِنْ قُدَیْدٍ ذَاتَ الشِّمَالِ خَلَا بِعَلِیٍّ یُنَاجِیهِ فَأَطَالَ فَأَرَدْتِ أَنْ تَهْجُمِی عَلَیْهِمَا فَنَهَیْتُكِ فَعَصَیْتِنِی فَهَجَمْتِ عَلَیْهِمَا فَمَا لَبِثْتِ أَنْ رَجَعْتِ بَاكِیَةً فَقُلْتُ مَا شَأْنُكِ فَقُلْتِ إِنِّی هَجَمْتُ عَلَیْهِمَا وَ هُمَا تَتَنَاجَیَانِ فَقُلْتُ لِعَلِیٍّ لَیْسَ لِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا یَوْمٌ مِنْ تِسْعَةِ أَیَّامٍ فَمَا تَدَعُنِی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ یَوْمِی فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیَّ وَ هُوَ غَضْبَانُ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ فَقَالَ ارْجِعِی وَرَاءَكِ وَ اللَّهِ لَا یُبْغِضُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی وَ لَا مِنْ غَیْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْإِیمَانِ فَرَجَعْتِ نَادِمَةً سَاقِطَةً فَقَالَتْ عَائِشَةُ نَعَمْ أَذْكُرُ ذَلِكِ
ص: 169
قَالَتْ وَ أُذَكِّرُكِ أَیْضاً كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنْتِ تَغْسِلِینَ رَأْسَهُ وَ أَنَا أَحِیسُ لَهُ حَیْساً وَ كَانَ الْحَیْسُ یُعْجِبُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَتَكُونُ نَاكِبَةً عَنِ الصِّرَاطِ فَرَفَعْتُ یَدِی مِنَ الْحَیْسِ فَقُلْتُ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَی ظَهْرِكِ وَ قَالَ إِیَّاكِ أَنْ تَكُونِیهَا ثُمَّ قَالَ یَا بِنْتَ أَبِی أُمَیَّةَ إِیَّاكِ أَنْ تَكُونِیهَا ثُمَّ قَالَ یَا حُمَیْرَاءُ أَمَا إِنِّی فَقَدْ أَنْذَرْتُكِ قَالَتْ عَائِشَةُ نَعَمْ أَذْكُرُ هَذَا قَالَتْ وَ أُذَكِّرُكِ أَیْضاً كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَفَرٍ لَهُ وَ كَانَ عَلِیٌّ یَتَعَاهَدُ نَعْلَیْ رَسُولِ اللَّهِ فَیَخْصِفُهُمَا وَ یَتَعَاهَدُ أَثْوَابَهُ فَیَغْسِلُهَا فَنَقِبَتْ لَهُ نَعْلٌ فَأَخَذَهَا یَوْمَئِذٍ یَخْصِفُهَا فِی ظِلِّ سَمُرَةٍ وَ جَاءَ أَبُوكِ وَ مَعَهُ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَا عَلَیْهِ فَقُمْنَا إِلَی الْحِجَابِ وَ دَخَلَا فَحَادَثَاهُ فِیمَا أَرَادَا ثُمَّ قَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَدْرِی قَدْرَ مَا تَصْحَبُنَا فَلَوْ أَعْلَمْتَنَا مَنْ تَسْتَخْلِفُ عَلَیْنَا لِیَكُونَ لَنَا بَعْدَكَ مَفْزَعاً فَقَالَ لَهُمَا أَمَا إِنِّی قَدْ أَرَی مَكَانَهُ وَ لَوْ فَعَلْتُ لَتَفَرَّقْتُمْ عَنْهُ كَمَا تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ عَنْ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ فَسَكَتَا ثُمَّ خَرَجَا فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتِ لَهُ وَ كُنْتِ أَجْرَأَ عَلَیْهِ مِنَّا مَنْ كُنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مُسْتَخْلِفاً عَلَیْهِمْ فَقَالَ خَاصِفَ النَّعْلِ فَنَظَرْنَا فَلَمْ نَرَ أَحَداً إِلَّا عَلِیّاً فَقُلْتُ [فَقُلْتِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَی إِلَّا عَلِیّاً فَقَالَ هُوَ ذَاكِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ نَعَمْ أَذْكُرُ ذَلِكِ فَقَالَتْ فَأَیَّ خُرُوجٍ تَخْرُجِینَ بَعْدَ هَذَا فَقَالَتْ إِنَّمَا أَخْرُجُ لِلْإِصْلَاحِ بَیْنَ النَّاسِ وَ أَرْجُو فِیهِ الْأَجْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَتْ أَنْتِ وَ رَأْیَكِ فَانْصَرَفَتْ عَائِشَةُ عَنْهَا وَ كَتَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قَالَتْ وَ قِیلَ لَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام.
ص: 170
«131»-(1)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: حِینَ دَخَلَ الْبَصْرَةَ وَ جَمَعَ أَصْحَابَهُ فَحَرَّضَهُمْ عَلَی الْجِهَادِ وَ كَانَ مِمَّا قَالَ- عِبَادَ اللَّهِ انْهَدُوا إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مُنْشَرِحَةً صُدُورُكُمْ بِقِتَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ نَكَثُوا بَیْعَتِی وَ أَخْرَجُوا ابْنَ حُنَیْفٍ عَامِلِی بَعْدَ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ وَ الْعُقُوبَةِ الشَّدِیدَةِ وَ قَتَلُوا السَّبَابِجَةَ وَ مَثَّلُوا بِحَكِیمِ بْنِ جَبَلَةَ الْعَبْدِیِّ وَ قَتَلُوا رِجَالًا صَالِحِینَ ثُمَّ تَتَبَّعُوا مِنْهُمْ مَنْ نَجَا یَأْخُذُونَهُمْ فِی كُلِّ حَائِطٍ وَ تَحْتَ كُلِّ رَابِیَةٍ ثُمَّ یَأْتُونَ بِهِمْ فَیَضْرِبُونَ رِقَابَهُمْ صَبْراً مَا لَهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّی یُؤْفَكُونَ* انْهَدُوا إِلَیْهِمْ وَ كُونُوا أَشِدَّاءَ عَلَیْهِمْ وَ الْقَوْهُمْ صَابِرِینَ مُحْتَسِبِینَ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ مُنَازِلُوهُمْ وَ مُقَاتِلُوهُمْ وَ لَقَدْ وَطَّنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَی الطَّعْنِ الدَّعْسِیِّ (2) وَ الضَّرْبِ الطِّلَحْفِیِّ وَ مُبَارَزَةِ الْأَقْرَانِ وَ أَیُّ امْرِئٍ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رِبَاطَةَ جَأْشٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَ رَأَی مِنْ أَحَدٍ مِنْ
ص: 171
إِخْوَانِهِ فَشَلًا فَلْیَذُبَّ عَنْ أَخِیهِ الَّذِی فُضِّلَ عَلَیْهِ كَمَا یَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ.
بیان: نهد إلی العدو ینهد بالفتح أی نهض ذكره الجوهری و قال برح به الأمر تبریحا أی جهده و ضربه ضربا مبرحا و قال السبابجة قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة و حراس السجن و الدعسی بفتح الدال و الیاء المشددة قال فی القاموس الدعس شدة الوطء و الطعن و الطعان و المداعسة المطاعنة و الطلحف بكسر الطاء و فتح اللام و سكون الحاء الشدید و سیأتی شرح بعض الفقرات.
«132»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب جُمَلُ أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ أَنَّهُ زَحَفَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالنَّاسِ غَدَاةَ یَوْمِ الْجُمُعَةِ لِعَشْرِ لَیَالٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَی الْآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ عَلَی مَیْمَنَتِهِ الْأَشْتَرُ وَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ عَلَی مَیْسَرَتِهِ عَمَّارٌ وَ شُرَیْحُ بْنُ هَانِئٍ وَ عَلَی الْقَلْبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ عَلَی الْجَنَاحِ زِیَادُ بْنُ كَعْبٍ وَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ وَ عَلَی الْكُمَّیْنِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ وَ جُنْدَبُ بْنُ زُهَیْرٍ وَ عَلَی الرَّجَّالَةِ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِیُّ وَ أَعْطَی رَایَتَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ ثُمَّ أَوْقَفَهُمْ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ إِلَی صَلَاةِ الظُّهْرِ یَدْعُوهُمْ وَ یُنَاشِدُهُمْ وَ یَقُولُ لِعَائِشَةَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكِ أَنْ تَقَرِّی فِی بَیْتِكِ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ ارْجِعِی وَ یَقُولُ لِطَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ خَبَأْتُمَا نِسَاءَكُمَا وَ أَبْرَزْتُمَا زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَفْزَزْتُمَاهَا فَیَقُولَانِ إِنَّمَا جِئْنَا لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ أَنْ یُرَدَّ الْأَمْرُ شُورَی وَ أُلْبِسَتْ عَائِشَةُ دِرْعاً وَ ضُرِبَتْ عَلَی هَوْدَجِهَا صَفَائِحُ الْحَدِیدِ وَ أُلْبِسَ الْهَوْدَجُ
ص: 172
دِرْعاً وَ كَانَ الْهَوْدَجُ لِوَاءَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ هُوَ عَلَی جَمَلٍ یُدْعَی عَسْكَراً (1) رَوَی ابْنُ مَرْدَوَیْهِ فِی كِتَابِ الْفَضَائِلِ مِنْ ثَمَانِیَةِ طُرُقٍ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لِلزُّبَیْرِ أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً كُنْتَ مُقْبِلًا بِالْمَدِینَةِ تُحَدِّثُنِی إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ فَرَآكَ مَعِی وَ أَنْتَ تَتَبَسَّمُ إِلَیَّ فَقَالَ لَكَ یَا زُبَیْرُ أَ تُحِبُّ عَلِیّاً فَقُلْتَ وَ كَیْفَ لَا أُحِبُّهُ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مِنَ النَّسَبِ وَ الْمَوَدَّةِ فِی اللَّهِ مَا لَیْسَ لِغَیْرِهِ فَقَالَ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُهُ وَ أَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ فَقُلْتَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدْ تَظَاهَرَتِ الرِّوَایَاتُ أَنَّهُ قَالَ علیه السلام إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَكَ یَا زُبَیْرُ تُقَاتِلُهُ ظُلْماً وَ ضَرَبَ كَتِفَكَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ فَجِئْتَ تُقَاتِلُنِی فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دَعْ هَذَا بَایَعْتَنِی طَائِعاً ثُمَّ جِئْتَ مُحَارِباً فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا فَقَالَ لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ لَا قَاتَلْتُكَ حِلْیَةُ الْأَوْلِیَاءِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی لَیْلَی فَلَقِیَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ فَقَالَ جُبْناً جُبْناً فَقَالَ یَا بُنَیَّ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنِّی لَسْتُ بِجَبَانٍ وَ لَكِنْ ذَكَّرَنِی عَلِیٌّ شَیْئاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أُقَاتِلَهُ فَقَالَ دُونَكَ غُلَامَكَ فُلَانٌ أَعْتِقْهُ كَفَّارَةً لِیَمِینِكَ- نُزْهَةُ الْأَبْصَارِ عَنِ ابْنِ مَهْدِیٍّ أَنَّهُ قَالَ هَمَّامٌ الثَّقَفِیُ:
أَ یُعْتِقُ مَكْحُولًا وَ یَعْصِی نَبِیَّهُ***لَقَدْ تَاهَ عَنْ قَصْدِ الْهُدَی ثُمَّ عُوِّقَ (2)
لَشَتَّانَ مَا بَیْنَ الضَّلَالَةِ وَ الْهُدَی***وَ شَتَّانَ مَنْ یَعْصِی الْإِلَهَ وَ یُعْتِقُ
ص: 173
وَ فِی رِوَایَةٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: لَا وَ اللَّهِ بَلْ خِفْتَ سُیُوفَ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَا إِنَّهَا طِوَالٌ حِدَادٌ تَحْمِلُهَا سَوَاعِدُ أَنْجَادٌ وَ لَئِنْ خِفْتَهَا فَلَقَدْ خَافَهَا الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكَ فَرَجَعَ إِلَی الْقِتَالِ فَقِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّهُ قَدْ رَجَعَ فَقَالَ دَعُوهُ فَإِنَّ الشَّیْخَ مَحْمُولٌ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ عَضُّوا عَلَی نَوَاجِذِكُمْ وَ أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ رَبِّكُمْ وَ إِیَّاكُمْ وَ كَثْرَةَ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ فَشَلٌ وَ نَظَرَتْ عَائِشَةُ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَجُولُ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ فَقَالَتِ انْظُرُوا إِلَیْهِ كَأَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ أَمَا وَ اللَّهِ لَا یَنْتَظِرُ بِكَ إِلَّا زَوَالَ الشَّمْسِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا عَائِشَةُ عَمَّا قَلِیلٍ لَتُصْبِحُنَّ نَادِمِینَ فَجَدَّ النَّاسُ فِی الْقِتَالِ فَنَهَاهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ فَكُنْ لِی عَلَیْهِمْ مِنَ الشَّاهِدِینَ ثُمَّ أَخَذَ الْمُصْحَفَ وَ طَلَبَ مَنْ یَقْرَؤُهُ عَلَیْهِمْ وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما الْآیَةَ فَقَالَ مُسْلِمٌ الْمُجَاشِعِیُّ هَا أَنَا ذَا فَخَوَّفَهُ بِقَطْعِ یَمِینِهِ وَ شِمَالِهِ وَ قَتْلِهِ فَقَالَ لَا عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَهَذَا قَلِیلٌ فِی ذَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ وَ دَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ فَقُطِعَتْ یَدُهُ الْیُمْنَی فَأَخَذَهُ بِیَدِهِ الْیُسْرَی فَقُطِعَتْ فَأَخَذَهُ بِأَسْنَانِهِ فَقُتِلَ فَقَالَتْ أُمُّهُ:
یَا رَبِّ إِنَّ مُسْلِماً أَتَاهُمْ***بِمُحْكَمِ التَّنْزِیلِ إِذْ دَعَاهُمْ
یَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ لَا یَخْشَاهُمْ***فَرَمَّلُوهُ رُمِّلَتْ لِحَاهُمْ
فَقَالَ علیه السلام الْآنَ طَابَ الضِّرَابُ [أی حلّ القتال وَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ الرَّایَةُ فِی یَدِهِ یَا بُنَیَّ تَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا تَزُلْ عَضَّ عَلَی نَاجِذِكَ أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَكَ تِدْ فِی الْأَرْضِ قَدَمَیْكَ ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَی الْقَوْمِ وَ غُضَّ بَصَرَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنَ اللَّهِ
ص: 174
ثُمَّ صَبَرَ سُوَیْعَةً فَصَاحَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ وَقْعِ النِّبَالِ فَقَالَ علیه السلام تَقَدَّمْ یَا بُنَیَّ فَتَقَدَّمَ وَ طَعَنَ طَعْناً مُنْكَراً وَ قَالَ
اطْعَنْ بِهَا طَعْنَ أَبِیكَ تُحْمَدْ ***لَا خَیْرَ فِی حَرْبٍ إِذَا لَمْ تُوقَدْ
بِالْمَشْرَفِیِّ وَ الْقَنَا الْمُسَدَّدِ*** وَ الضَّرْبِ بِالْخَطِّیِّ وَ الْمُهَنَّدِ
فَأَمَرَ الْأَشْتَرَ أَنْ یَحْمِلَ فَحَمَلَ وَ قَتَلَ هِلَالَ بْنَ وَكِیعٍ صَاحِبَ مَیْمَنَةِ الْجَمَلِ وَ كَانَ زَیْدٌ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ:
دِینِی دِینِی وَ بَیْعِی وَ بَیْعِی
وَ جَعَلَ مِخْنَفُ بْنُ سُلَیْمٍ یَقُولُ
قَدْ عِشْتِ یَا نَفْسِ وَ قَدْ غَنَیْتِ*** دَهْراً وَ قَبْلَ الْیَوْمِ مَا عَیِیتِ
وَ بَعْدَ ذَا لَا شَكَّ قَدْ فَنِیتِ*** أَ مَا مَلِلْتِ طُولَ مَا حَیِیتِ
فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْیَثْرِبِیِّ قَائِلًا:
یَا رَبِّ إِنِّی طَالِبٌ أَبَا الْحَسَنِ***ذَاكَ الَّذِی یُعْرَفُ حَقّاً بِالْفِتَنِ
فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام قَائِلًا:
إِنْ كُنْتَ تَبْغِی أَنْ تَرَی أَبَا الْحَسَنِ***فَالْیَوْمَ تَلْقَاهُ مَلِیّاً فَاعْلَمَنْ
وَ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً مِجْزَمَةً [مِجْرَفَةً] فَخَرَجَ بَنُو ضَبَّةَ وَ جَعَلَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ:
نَحْنُ بَنُو ضَبَّةَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ***وَ الْمَوْتُ أَحْلَی عِنْدَنَا مِنَ الْعَسَلِ
رُدُّوا عَلَیْنَا شَیْخَنَا بِمُرْتَحَلٍ***إِنَّ عَلِیّاً بَعْدُ مِنْ شَرِّ النَّذَلِ
وَ قَالَ آخَرُ:
نَحْنُ بَنُو ضَبَّةَ أَعْدَاءُ عَلِیٍّ***ذَاكَ الَّذِی یُعْرَفُ فِیهِمْ بِالْوَصِیِ
ص: 175
وَ كَانَ عَمْرُو بْنُ الْیَثْرِبِیِّ یَقُولُ:
إِنْ تُنْكِرُونِی فَأَنَا ابْنُ الْیَثْرِبِیِّ***قَاتِلُ عِلْبَاءٍ وَ هِنْدِ الْجَمَلِ
ثُمَّ ابْنِ صُوحَانَ عَلَی دِینِ عَلِیٍ
فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَمَّارٌ قَائِلًا:
لَا تَبْرَحِ الْعَرْصَةَ یَا ابْنَ الْیَثْرِبِیِّ*** أَثْبِتْ أُقَاتِلْكَ عَلَی دِینِ عَلِیٍّ
فَطَعَنَهُ وَ أَرْدَاهُ عَنْ فَرَسِهِ وَ جَرَّ بِرِجْلِهِ إِلَی عَلِیٍّ فَقَتَلَهُ بِیَدِهِ فَخَرَجَ أَخُوهُ قَائِلًا:
أَضْرِبُكُمْ وَ لَوْ أَرَی عَلِیّاً ***عَمَّمْتُهُ أَبْیَضَ مَشْرَفِیّاً
وَ أَسْمَراً عَنَطْنَطاً خَطِّیّاً*** أَبْكِی عَلَیْهِ الْوَلَدَ وَ الْوَلِیَّا
فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام مُتَنَكِّراً وَ هُوَ یَقُولُ:
یَا طَالِباً فِی حَرْبِهِ عَلِیّاً***یَمْنَحُهُ أَبْیَضَ مَشْرَفِیّاً
أَثْبِتْ سَتَلْقَاهُ بِهَا مَلِیّاً*** مُهَذَّباً سَمَیْدَعاً كَمِیّاً
فَضَرَبَهُ فَرَمَی نِصْفَ رَأْسِهِ فَنَادَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلَفٍ الْخُزَاعِیُّ صَاحِبُ مَنْزِلِ عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ أَ تُبَارِزُنِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ وَیْحَكَ یَا ابْنَ خَلَفٍ مَا رَاحَتُكَ فِی الْقَتْلِ وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ أَنَا فَقَالَ ذَرْنِی مِنْ بَذَخِكَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ:
إِنْ تَدْنُ مِنِّی یَا عَلِیُّ فِتْراً***فَإِنَّنِی دَانٍ إِلَیْكَ شِبْراً
بِصَارِمٍ یَسْقِیكَ كَأْساً مُرّاً***هَا إِنَّ فِی صَدْرِی عَلَیْكَ وَتْراً
ص: 176
فَبَرَزَ عَلِیٌّ علیه السلام قَائِلًا:
یَا ذَا الَّذِی یَطْلُبُ مِنِّی الْوَتْرَا***إِنْ كُنْتَ تَبْغِی أَنْ تَزُورَ الْقَبْرَا
حَقّاً وَ تَصْلَی بَعْدَ ذَاكَ جَمْراً***فَادْنُ تَجِدْنِی أَسَداً هِزَبْراً
أُصْعِطُكَ الْیَوْمَ زُعَاقاً صَبْراً
فَضَرَبَهُ فَطَیَّرَ جُمْجُمَتَهُ فَخَرَجَ مَازِنٌ الضَّبِّیُّ قَائِلًا:
لَا تَطْمَعُوا فِی جَمْعِنَا الْمُكَلَّلِ***الْمَوْتُ دُونَ الْجَمَلِ الْمُجَلَّلِ
فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَهْشَلٍ قَائِلًا:
إِنْ تُنْكِرُونِی فَأَنَا ابْنُ نَهْشَلٍ*** فَارِسُ هَیْجَا وَ خَطِیبُ فَیْصَلٍ
فَقَتَلَهُ وَ كَانَ طَلْحَةُ یَحُثُّ النَّاسَ وَ یَقُولُ عِبَادَ اللَّهِ الصَّبْرَ الصَّبْرَ: فِی كَلَامٍ لَهُ الْبَلاذُرِیُّ (1) قَالَ: إِنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَطْلُبُ ثَارِی بِعُثْمَانَ بَعْدَ الْیَوْمِ أَبَداً فَرَمَی طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ رُكْبَتَهُ وَ الْتَفَتَ إِلَی أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَ قَالَ لَقَدْ كَفَیْتُكَ أَحَدَ قَتَلَةِ أَبِیكَ:
مَعَارِفُ الْقُتَیْبِیِّ: إِنَّ مَرْوَانَ قَتَلَ طَلْحَةَ یَوْمَ الْجَمَلِ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ:
وَ قَالَ السَّیِّدُ الْحِمْیَرِیُ:
ص: 177
وَ اخْتَلَّ مِنْ طَلْحَةَ الْمَزْهُوِّ جُنَّتُهُ***سَهْمٌ بِكَفِّ قَدِیمِ الْكُفْرِ غَدَّارٍ
فِی كَفِّ مَرْوَانَ مَرْوَانَ اللَّعِینِ أَرَی***رَهْطَ الْمُلُوكِ مُلُوكِ غَیْرِ أَخْیَارٍ
وَ لَهُ:
وَ اغْتَرَّ طَلْحَةَ عِنْدَ مُخْتَلَفِ الْقَنَا***عَبْلُ الذِّرَاعِ شَدِیدُ أَصْلِ الْمَنْكِبِ
فَاخْتَلَّ حَبَّةَ قَلْبِهِ بِمُدْلِقٍ***رَیَّانُ مِنْ دَمِ جَوْفِهِ الْمُتَصَبِّبُ
فِی مَارِقِینَ مِنَ الْجَمَاعَةِ فَارَقُوا***بَابَ الْهُدَی وَحْیاً الرَّبِیعُ الْمُخْصِبُ
وَ حَمَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی بَنِی ضَبَّةَ فَمَا رَأَیْتُهُمْ إِلَّا كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عاصِفٍ فَانْصَرَفَ الزُّبَیْرُ فَتَبِعَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ وَ جَزَّ رَأْسَهُ وَ أَتَی بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْقِصَّةَ:
قَالَ السَّیِّدُ إِسْمَاعِیلُ الْحِمْیَرِیُّ (1)
أَمَّا الزُّبَیْرُ فَحَاصَ حِینَ بَدَتْ لَهُ***جَاءُوا بِبَرْقٍ فِی الْحَدِیدِ الْأَشْهَبِ
حَتَّی إِذَا أَمِنَ الْحُتُوفَ وَ تَحْتَهُ*** عَارِی النَّوَاهِقِ ذُو نَجَاءٍ صهلب
أَثْوَی ابْنُ جُرْمُوزٍ عُمَیْرٌ شِلْوَهُ*** بِالْقَاعِ مُنْعَفِراً كَشِلْوِ التَّوْلَبِ
وَ قَالَ غَیْرُهُ
طَارَ الزُّبَیْرُ عَلَی إِحْصَارِ ذِی خَضِلٍ*** عَبْلُ الشَّوَی لَاحِقُ الْمَتِینِ مِحْصَارٌ
حَتَّی أَتَی وَادِیاً لَاقَی الْحَمَامَ بِهِ***مِنْ كَفِّ مُحْتَبِسٍ كَالصَّیْدِ مِغْوَارٌ-
فَقَالُوا یَا عَائِشَةُ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ جُرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ كَذَا مِنْ یَدَیْ عَلِیٍّ فَصَالِحِی عَلِیّاً
ص: 178
فَقَالَتْ كَبِرَ عَمْرٌو عَنِ الطَّوْقِ وَ جَلَّ أَمْرٌ عَنِ الْعِتَابِ ثُمَّ تَقَدَّمَتْ فَحَزِنَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَجَعَلَ یَخْرُجُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَ یَأْخُذُ الزِّمَامَ حَتَّی قُتِلَ [قُطِعَ] ثَمَانٌ وَ تِسْعُونَ رَجُلًا ثُمَّ تَقَدَّمَهُمْ كَعْبُ بْنُ سُورٍ الْأَزْدِیُّ وَ هُوَ یَقُولُ:
یَا مَعْشَرَ النَّاسِ عَلَیْكُمْ أُمَّكُمْ*** فَإِنَّهَا صَلَاتُكُمْ وَ صَوْمُكُمْ
وَ الْحُرْمَةُ الْعُظْمَی الَّتِی تَعُمُّكُمْ***لَا تَفْضَحُوا الْیَوْمَ فِدَاكُمْ قَوْمُكُمْ
فَقَتَلَهُ الْأَشْتَرُ فَخَرَجَ ابْنُ جُفَیْرٍ الْأَزْدِیُّ یَقُولُ:
قَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ بِمَا لَمْ یُحْذَرْ***وَ النَّبْلَ یَأْخُذَنْ وَرَاءَ الْعَسْكَرِ
وَ أُمُّنَا فِی خِدْرِهَا الْمُشَمَّرِ
فَبَرَزَ إِلَیْهِ الْأَشْتَرُ قَائِلًا:
اسْمَعْ وَ لَا تَعْجَلْ جَوَابَ الْأَشْتَرِ***وَ اقْرُبْ تُلَاقِ كَأْسَ مَوْتٍ أَحْمَرَ
یُنْسِیكَ ذِكْرَ الْجَمَلِ الْمُشَمَّرِ
فَقَتَلَهُ ثُمَّ قَتَلَ عُمَرَ الْغَنَوِیَّ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ ثُمَّ جَالَ فِی الْمَیْدَانِ جَوْلًا وَ هُوَ یَقُولُ:
نَحْنُ بَنُو الْمَوْتِ بِهِ غُذِّینَا
فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَطَعَنَهُ الْأَشْتَرُ وَ أَرْدَاهُ وَ جَلَسَ عَلَی صَدْرِهِ لِیَقْتُلَهُ فَصَاحَ عَبْدُ اللَّهِ اقْتُلُونِی وَ مَالِكاً وَ اقْتُلُوا مَالِكاً مَعِی فَقَصَدَ إِلَیْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ فَخَلَّاهُ وَ رَكِبَ فَرَسَهُ فَلَمَّا رَأَوْهُ رَاكِباً تَفَرَّقُوا عَنْهُ وَ شَدَّ رَجُلٌ مِنَ الْأَزْدِ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ الْأَزْدِ كُرُّوا فَضَرَبَهُ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ فَقَطَعَ یَدَهُ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَزْدِ فِرُّوا!!!
ص: 179
فَخَرَجَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْبَخْتَرِیِّ السُّلَمِیُّ قَائِلًا:
ارْحَمْ إِلَهِی الْكَلَّ مِنْ سُلَیْمٍ***وَ انْظُرْ إِلَیْهِ نَظْرَةَ الرَّحِیمِ
فَقَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فَخَرَجَ جَابِرٌ الْأَزْدِیُّ قَائِلًا:
یَا لَیْتَ أَهْلِی مِنْ عَمَّارٍ حَاضِرِی***مِنْ سَادَةِ الْأَزْدِ وَ كَانُوا نَاصِرِی
فَقَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ خَرَجَ عَوْفٌ الْقَیْنِیُّ قَائِلًا:
یَا أُمِّ یَا أُمِّ خَلَا مِنِّی الْوَطَنُ***لَا أَبْتَغِی الْقَبْرَ وَ لَا أَبْغِی الْكَفَنَ
فَقَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ فَخَرَجَ بِشْرٌ الضَّبِّیُّ قَائِلًا:
ضَبَّةُ أَبْدِی لِلْعِرَاقِ عَمْعَمَةً***وَ أَضْرِمِی الْحَرْبَ الْعَوَانَ الْمُضْرِمَةَ
فَقَتَلَهُ عَمَّارٌ وَ كَانَتْ عَائِشَةُ تُنَادِی بِأَرْفَعِ صَوْتٍ أَیُّهَا النَّاسُ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّمَا یَصْبِرُ الْأَحْرَارُ فَأَجَابَهَا كُوفِیٌ
یَا أُمِّ یَا أُمِّ عُقِقْتِ فَاعْلَمُوا***وَ الْأُمُّ تَغْذُو وُلْدَهَا وَ تَرْحَمُ
أَ مَا تَرَی كَمْ مِنْ شُجَاعٍ یُكْلَمُ***وَ تَجْتَلِی هَامَتُهُ وَ الْمِعْصَمُ
وَ قَالَ آخَرُ:
قُلْتُ لَهَا وَ هِیَ عَلَی مَهْوَاتٍ***إِنَّ لَنَا سِوَاكَ أُمَّهَاتٍ
فِی مَسْجِدِ الرَّسُولِ ثَاوِیَاتٍ
ص: 180
فَقَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عُمَرَ الْأَنْصَارِیُ:
یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قَدْ جَاءَ الْأَجَلُ***إِنِّی أَرَی الْمَوْتَ عِیَاناً قَدْ نَزَلَ
فَبَادِرُوهُ نَحْوَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ***مَا كَانَ فِی الْأَنْصَارِ جُبْنٌ وَ فَشَلٌ
فَكُلُّ شَیْ ءٍ مَا خَلَا اللَّهَ جَلَلٌ
وَ قَالَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ:
لَمْ یَغْضَبُوا لِلَّهِ إِلَّا لِلْجَمَلِ*** وَ الْمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ مُقَامٍ فِی خَمَلٍ
وَ الْمَوْتُ أَحْرَی مِنْ فِرَارٍ وَ فَشَلٍ***وَ الْقَوْلُ لَا یَنْفَعُ إِلَّا بِالْعَمَلِ
وَ قَالَ شُرَیْحُ بْنُ هَانِئٍ
لَا عَیْشَ إِلَّا ضَرْبُ أَصْحَابِ الْجَمَلِ*** مَا إِنْ لَنَا بَعْدَ عَلِیٍّ مِنْ بَدَلٍ
وَ قَالَ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ الْمَذْحِجِیُ:
یَا لَكَ حَرْباً جَثَّهَا جِمَالُهَا*** قَائِدَةً یَنْقُصُهَا ضَلَالُهَا
هَذَا عَلِیٌّ حَوْلَهُ أَقْیَالُهَا:
وَ قَالَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیُ:
قُلْ لِلْوَصِیِّ اجْتَمَعَتْ قَحْطَانُهَا***إِنْ یَكُ حَرْبٌ أَضْرَمَتْ نِیرَانُهَا
وَ قَالَ عَمَّارٌ:
إِنِّی لَعَمَّارٌ وَ شَیْخِی یَاسِرٌ***صَاحٍ كِلَانَا مُؤْمِنٌ مُهَاجِرٌ
طَلْحَةُ فِیهَا وَ الزُّبَیْرُ غَادِرٌ*** وَ الْحَقُّ فِی كَفِّ عَلِیٍّ ظَاهِرٌ
وَ قَالَ الْأَشْتَرُ:
هَذَا عَلِیٌّ فِی الدُّجَی مِصْبَاحٌ***نَحْنُ بِذَا فِی فَضْلِهِ فِصَاحٌ
وَ قَالَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ:
ص: 181
أَنَا عَدِیٌّ وَ نَمَانِی حَاتِمٌ*** هَذَا عَلِیٌّ بِالْكِتَابِ عَالِمٌ
لَمْ یَعْصِهِ فِی النَّاسِ إِلَّا ظَالِمٌ
وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ:
هَذَا عَلِیٌّ قَائِدٌ یُرْضَی بِهِ*** أَخُو رَسُولِ اللَّهِ فِی أَصْحَابِهِ
مِنْ عُودِهِ النَّامِی وَ مِنْ نِصَابِهِ
وَ قَالَ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْبَجَلِیُ:
إِنَّ الَّذِینَ قَطَعُوا الْوَسِیلَةَ***وَ نَازَعُوا عَلَی عَلِیٍّ الْفَضِیلَةَ
فِی حَرْبِهِ كَالنَّعْجَةِ الْأَكِیلَةِ
وَ شَكَّتِ السِّهَامُ الْهَوْدَجَ حَتَّی كَأَنَّهُ جَنَاحُ نَسْرٍ أَوْ شَوْكُ قُنْفُذٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا أَرَاهُ یُقَاتِلُكُمْ غَیْرُ هَذَا الْهَوْدَجِ اعْقِرُوا الْجَمَلَ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَرْقِبُوهُ فَإِنَّهُ شَیْطَانٌ وَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ انْظُرْ إِذَا عُرْقِبَ الْجَمَلُ فَأَدْرِكْ أُخْتَكَ فَوَارِهَا فَعُرْقِبَ رِجْلٌ مِنْهُ فَدَخَلَ تَحْتَهُ رَجُلٌ ضَبِّیٌّ ثُمَّ عَرْقَبَ [رِجْل] أُخْرَی [مِنْهُ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَوَقَعَ عَلَی جَنْبِهِ فَقَطَعَ عَمَّارٌ نِسْعَهُ فَأَتَاهُ عَلِیٌّ وَ دَقَّ رُمْحَهُ عَلَی الْهَوْدَجِ وَ قَالَ یَا عَائِشَةُ أَ هَكَذَا أَمَرَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَفْعَلِی فَقَالَتْ یَا أَبَا الْحَسَنِ ظَفِرْتَ فَأَحْسِنْ وَ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ فَقَالَ عَلِیٌّ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ شَأْنَكَ وَ أُخْتَكَ فَلَا یَدْنُو أَحَدٌ مِنْهَا سِوَاكَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ فَقُلْتُ لَهَا مَا فَعَلْتِ بِنَفْسِكِ عَصَیْتِ رَبَّكِ وَ هَتَكْتِ سِتْرَكِ ثُمَّ أَبَحْتِ حُرْمَتَكِ وَ تَعَرَّضْتِ لِلْقَتْلِ فَذَهَبَ بِهَا إِلَی دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِیِّ فَقَالَتْ أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ أَنْ تَطْلُبَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ جَرِیحاً كَانَ أَوْ قَتِیلًا
ص: 182
فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ هَدَفاً لِلْأَشْتَرِ فَانْصَرَفَ مُحَمَّدٌ إِلَی الْعَسْكَرِ فَوَجَدَهُ فَقَالَ اجْلِسْ یَا مَیْشُومَ [مَشْئُومَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَأَتَاهَا بِهِ فَصَاحَتْ وَ بَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ یَا أَخِی اسْتَأْمِنْ لَهُ مِنْ عَلِیٍّ فَأَتَی مُحَمَّدٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَاسْتَأَمَنَ لَهُ مِنْهُ فَقَالَ علیه السلام أَمِنْتُهُ وَ أَمِنْتُ جَمِیعَ النَّاسِ وَ كَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلِ بِالْخُرَیْبَةِ وَ وَقَعَ الْقِتَالُ بَعْدَ الظُّهْرِ وَ انْقَضَی عِنْدَ الْمَسَاءِ فَكَانَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِشْرُونَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْبَدْرِیُّونَ ثَمَانُونَ رَجُلًا وَ مِمَّنْ بَایَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ مِائَتَانِ وَ خَمْسُونَ وَ مِنَ الصَّحَابَةِ أَلْفٌ وَ خَمْسُمِائَةِ رَجُلٍ وَ كَانَتْ عَائِشَةُ فِی ثَلَاثِینَ ألف [أَلْفاً] أَوْ یَزِیدُونَ مِنْهَا الْمَكِّیُّونَ سِتُّ مِائَةِ رَجُلٍ قَالَ قَتَادَةُ قُتِلَ یَوْمَ الْجَمَلِ عِشْرُونَ أَلْفاً وَ قَالَ الْكَلْبِیُّ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَلْفُ رَاجِلٍ وَ سَبْعُونَ فَارِساً مِنْهُمْ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ وَ هِنْدٌ الْجَمَلِیُّ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُقَیَّةَ وَ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ الْكَلْبِیُّ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ مِنَ الْأَزْدِ خَاصَّةً أَرْبَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَ مِنْ بَنِی عَدِیٍّ وَ مَوَالِیهِمْ تِسْعُونَ رَجُلًا وَ مِنْ بَنِی بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثَمَانُمِائَةِ رَجُلٍ وَ مِنْ بَنِی حَنْظَلَةَ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ وَ مِنْ بَنِی نَاجِیَةَ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ وَ الْبَاقِی مِنْ أَخْلَاطِ النَّاسِ إِلَی تَمَامِ تِسْعَةِ آلَافٍ إِلَّا تِسْعِینَ رَجُلًا الْقُرَشِیُّونَ مِنْهُمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِیمِ بْنِ حِزَامٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَافِعِ بْنِ طَلْحَةَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَیِّ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِیُّ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَعَدٍّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعَدٍّ وَ عَرْقَبَ الْجَمَلَ أَوَّلًا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ یُقَالُ الْمُسْلِمُ بْنُ عَدْنَانَ وَ یُقَالُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ یُقَالُ رَجُلٌ ذُهْلِیٌّ وَ قِیلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صُرَدَ التَّنُوخِیِّ لِمَ عَرْقَبْتَ الْجَمَلَ فَقَالَ:
عَقَرْتُ وَ لَمْ أَعْقِرْ بِهَا لِهَوَانِهَا***عَلَیَّ وَ لَكِنِّی رَأَیْتُ الْمَهَالِكَا
ص: 183
إِلَی قَوْلِهِ:
فَیَا لَیْتَنِی عَرْقَبْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَا
(1) وَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ:
شَهِدْتُ الْحُرُوبَ فَشَیَّبْنَنِی*** فَلَمْ أَرَ یَوْماً كَیَوْمِ الْجَمَلِ
أَشَدَّ عَلَی مُؤْمِنٍ فِتْنَةً*** وَ أَقْتَلَ مِنْهُمْ لِحَرْقٌ بَطَلٌ
فَلَیْتَ الظَّعِینَةَ فِی بَیْتِهَا*** وَ یَا لَیْتَ عَسْكَرٌ لَمْ یَرْتَحِلْ
بیان: رحله بالدم أی لطخه و المشرفیة سیوف نسب إلی مشارف و هی قری من أرض العرب تدنو من الریف ذكره الجوهری و قال المهند السیف المطبوع من حدید الهند:
و قال الفیروزآبادی جرفه جرفا و جرفة ذهبت به كله و النذل الخسیس من الناس و الأسمر الرمح و العنطنط الطویل و الخط موضع بالیمامة تنسب إلیه الرماح الخطیة لأنها تحمل من بلاد الهند فتقوم به و الملئ بالهمز و قد یخفف الثقة و بغیر همز طائفة من الزمان و السمیدع بالفتح السید الموطوء الأكتاف و الكمی الشجاع المتكمی فی سلاحه لأنه كمی نفسه أی سترها بالدرع و البیضة و البذخ الكبر و الفتر بالكسر ما بین طرف السبابة و الإبهام إذا فتحتهما و الصارم السیف القاطع و الوتر بالفتح و الكسر الحقد و طلب الدم و الهزبر الأسد و سعطه الدواء كمنعه و نصره و أسعطه أدخله فی أنفه و أسعطه الرمح طعنه به فی أنفه و السعیط دردی الخمر و صعطه و أصعطه سعطه و اختله بسهم أی انتظمه و رجل عبل الذراعین أی ضخمهما و دلق السیف من غمده أخرجه و الحیا بالقصر الخصب و المطر:
قولها كبر عمرو عن الطوق أی لم یبق للصلح مجال
ص: 184
قال الزمخشری فی المستقصی هو عمرو بن عدی ابن أخت جذیمة قد طوق صغیرا ثم استهوته الجن مدة فلما عاد همت أمه بإعادة الطوق إلیه فقال جذیمة ذلك:
و قیل إنها نظفته و طوقته و أمرته بزیارة خاله فلما رأی لحیته و الطوق قال ذلك انتهی و العماعم الجماعات المتفرقة و العوان من الحرب التی قوتل فیها مرة:
و الجلل بالتحریك العظیم و الهین و هو من الأضداد و شكه بالرمح انتظمه.
«133»-(1)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ دَخَلَ عَلَیَّ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَسَأَلُونِی عَنْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَقُلْتُ لَهُمْ كَانَا إِمَامَیْنِ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ إِنَّ عَلِیّاً یَوْمَ الْبَصْرَةِ لَمَّا صَفَّ الْخُیُولَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا تَعْجَلُوا عَلَی الْقَوْمِ حَتَّی أُعْذَرَ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَهُمْ فَقَامَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ هَلْ تَجِدُونَ عَلَیَّ جَوْراً فِی حُكْمٍ قَالُوا لَا قَالَ فَحَیْفاً فِی قَسْمٍ قَالُوا لَا قَالَ فَرَغْبَةٌ فِی دُنْیَا أَصَبْتُهَا لِی وَ لِأَهْلِ بَیْتِی دُونَكُمْ فَنَقَمْتُمْ عَلَیَّ فَنَكَثْتُمْ عَلَیَّ بَیْعَتِی قَالُوا لَا قَالَ فَأَقَمْتُ فِیكُمُ الْحُدُودَ وَ عَطَّلْتُهَا عَنْ غَیْرِكُمْ قَالُوا لَا قَالَ فَمَا بَالُ بَیْعَتِی تُنْكَثُ وَ بَیْعَةُ غَیْرِی لَا تُنْكَثُ إِنِّی ضَرَبْتُ الْأَمْرَ أَنْفَهُ وَ عَیْنَیْهِ وَ لَمْ أَجِدْ إِلَّا الْكُفْرَ أَوِ السَّیْفَ ثُمَّ ثَنَی إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ وَ اصْطَفَی مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ إِنَّهُمْ لَأَصْحَابُ هَذِهِ الْآیَةِ وَ مَا قُوتِلُوا مُنْذُ نَزَلَتْ.
ص: 185
«134»-(1)
ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ وَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
«135»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ وَ هُوَ یُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَی قِتَالِهِمْ وَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا رُمِیَ أَهْلُ هَذِهِ الْآیَةِ بِكِنَانَةٍ قَبْلَ الْیَوْمِ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ فَقُلْتُ لِأَبِی الطُّفَیْلِ مَا الْكِنَانَةُ قَالَ السَّهْمُ مَوْضِعَ الْحَدِیدِ فِیهِ عَظْمٌ یُسَمِّیهِ بَعْضُ الْعَرَبِ الْكِنَانَةَ.
بیان: الكنانة بهذا المعنی غیر معروف فیما عندنا من كتب اللغة.
«136»-(2)
جا، المجالس للمفید الْمَرَاغِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مُخْتَارٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ حُذَیْفَةَ الْیَمَانِیَّ قَبْلَ أَنْ یُقْتَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِسَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ كَأَنِّی بِأُمِّكُمُ الْحُمَیْرَاءِ قَدْ سَارَتْ یُسَاقَ بِهَا عَلَی جَمَلٍ وَ أَنْتُمْ آخِذُونَ بِالشَّوَی وَ الذَّنَبِ مَعَهَا الْأَزْدُ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ وَ أَنْصَارُهَا بَنِی ضَبَّةَ جَدَّ اللَّهُ أَقْدَامَهُمْ قَالَ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ وَ بَرَزَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ نَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا یَبْدَأَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِقِتَالٍ حَتَّی آمُرَكُمْ قَالَ فَرَمَوْا فِینَا فَقُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ رُمِینَا فَقَالَ كُفُّوا ثُمَّ رَمَوْنَا فَقَتَلُوا مِنَّا قُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ قَتَلُونَا فَقَالَ احْمِلُوا عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ قَالَ فَحَمَلْنَا عَلَیْهِمْ فَأَنْشَبَ بَعْضُنَا فِی بَعْضٍ الرِّمَاحَ حَتَّی لَوْ مَشَی مَاشٍ لَمَشَی عَلَیْهَا ثُمَّ نَادَی مُنَادِی عَلِیٍّ علیه السلام عَلَیْكُمْ بِالسُّیُوفِ فَجَعَلْنَا نَضْرِبُ بِهَا الْبِیضَ فَتَنْبُو لَنَا قَالَ فَنَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْكُمْ بِالْأَقْدَامِ قَالَ فَمَا رَأَیْنَا یَوْماً كَانَ أَكْثَرَ قَطْعَ أَقْدَامٍ مِنْهُ قَالَ فَذَكَرْتُ حَدِیثَ حُذَیْفَةَ أَنْصَارُهَا بَنِی ضَبَّةَ جَدَّ اللَّهُ أَقْدَامَهُمْ فَعَلِمْتُ
ص: 186
أَنَّهَا دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ ثُمَّ نَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْكُمْ بِالْبَعِیرِ فَإِنَّهُ شَیْطَانٌ قَالَ فَعَقَرَهُ رَجُلٌ بِرُمْحِهِ وَ قَطَعَ إِحْدَی یَدَیْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَبَرَكَ وَ رَغَا وَ صَاحَتْ عَائِشَةُ صَیْحَةً شَدِیدَةً فَوَلَّی النَّاسُ مُنْهَزِمِینَ فَنَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا تُجِیزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَبْتَغُوا مُدْبِراً وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ.
بیان: الشوی بفتح الشین الیدان و الرجلان و الرأس من الآدمیین و شوی الفرس قوائمه ذكره الجوهری و قال جددت الشی ء أجده جدا قطعته و قال نبأ السیف إذا لم یعمل فی الضریبة و قال قال الأصمعی أجهزت علی الجریح إذا أسرعت قتله و تممت علیه و لا تقل أجزت علی الجریح انتهی.
و الروایة مع ضبط النسخ تدل علی كونه فصیحا بهذا المعنی.
«137»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب دَعَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ یَوْمَ الْجَمَلِ فَأَعْطَاهُ رُمْحَهُ وَ قَالَ لَهُ اقْصِدْ بِهَذَا الرُّمْحِ قَصْدَ الْجَمَلِ فَذَهَبَ فَمَنَعُوهُ بَنُو ضَبَّةَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی وَالِدِهِ انْتَزَعَ الْحَسَنُ رُمْحَهُ مِنْ یَدِهِ وَ قَصَدَ قَصْدَ الْجَمَلِ وَ طَعَنَهُ بِرُمْحِهِ وَ رَجَعَ إِلَی وَالِدِهِ وَ عَلَی رُمْحِهِ أَثَرُ الدَّمِ فَتَمَغَّرَ وَجْهُ مُحَمَّدٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَأْنَفْ فَإِنَّهُ ابْنُ النَّبِیِّ وَ أَنْتَ ابْنُ عَلِیٍّ.
«138»-(2)
كش، رجال الكشی جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَی بْنِ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ
ص: 187
عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا صُرِعَ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَوْمَ الْجَمَلِ جَاءَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا زَیْدُ قَدْ كُنْتَ خَفِیفَ الْمَئُونَةِ عَظِیمَ الْمَعُونَةِ قَالَ فَرَفَعَ زَیْدٌ رَأْسَهُ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ وَ أَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا بِاللَّهِ عَلِیماً وَ فِی أُمِّ الْكِتَابِ عَلِیّاً حَكِیماً وَ إِنَّ اللَّهَ فِی صَدْرِكَ لَعَظِیمٌ وَ اللَّهِ مَا قَتَلْتُ مَعَكَ عَلَی جَهَالَةٍ وَ لَكِنِّی سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِیِّ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ فَكَرِهْتُ وَ اللَّهِ أَنْ أَخْذُلَكَ فَیَخْذُلَنِیَ اللَّهُ.
«139»-(1)
ختص، الإختصاص جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَایِخِنَا عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الدِّهْقَانِ عَنْ وَاصِلٍ مِثْلَهُ.
«140»-(2)
كشف، كشف الغمة لَمَّا تَرَاءَی الْجَمْعَانِ وَ تَقَارَبَا وَ رَأَی عَلِیٌّ تَصْمِیمَ عَزْمِهِمْ عَلَی قِتَالِهِ فَجَمَعَ أَصْحَابَهُ وَ خَطَبَهُمْ خُطْبَةً بَلِیغَةً قَالَ فِیهَا وَ اعْلَمُوا أَیُّهَا النَّاسُ أَنِّی قَدْ تَأَنَّیْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَ رَاقَبْتُهُمْ وَ نَاشَدْتُهُمْ كَیْمَا یَرْجِعُوا وَ یَرْتَدِعُوا فَلَمْ یَفْعَلُوا وَ لَمْ یَسْتَجِیبُوا وَ قَدْ بَعَثُوا إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ إِلَی الطِّعَانِ وَ أَثْبُتَ لِلْجِلَادِ وَ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُدْعَی إِلَیْهَا وَ قَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا مِنْهَا (3) فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الَّذِی فَلَلْتُ حَدَّهُمْ وَ فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ فَبِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی وَ أَنَا عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی لِمَا وَعَدَنِی مِنَ النَّصْرِ وَ الظَّفَرِ وَ إِنِّی لَعَلَی غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ أَمْرِی
ص: 188
أَلَا وَ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ وَ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ یَمُتْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ أَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ مِیتَةٍ عَلَی الْفِرَاشِ ثُمَّ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ أَعْطَانِی صَفْقَةَ یَمِینِهِ طَائِعاً ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتِی اللَّهُمَّ فَعَاجِلْهُ وَ لَا تُمْهِلْهُ وَ إِنَّ الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ قَطَعَ قَرَابَتِی وَ نَكَثَ عَهْدِی وَ ظَاهَرَ عَدُوِّی وَ نَصَبَ الْحَرْبَ لِی وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ لِی اللَّهُمَّ فَاكْفِنِیهِ كَیْفَ شِئْتَ وَ أَنَّی شِئْتَ ثُمَّ تَقَارَبُوا وَ تَعُبُّوا لَابِسِی سِلَاحِهِمْ وَ دُرُوعِهِمْ مُتَأَهِّبِینَ لِلْحَرْبِ كُلُّ ذَلِكَ وَ عَلِیٌّ علیه السلام بَیْنَ الصَّفَّیْنِ عَلَیْهِ قَمِیصٌ وَ رِدَاءٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَ هُوَ رَاكِبٌ عَلَی بَغْلَةٍ فَلَمَّا رَأَی أَنَّهُ لَمْ یَبْقَ إِلَّا مُصَافَحَةُ الصِّفَاحِ وَ الْمُطَاعَنَةُ بِالرِّمَاحِ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ أَیْنَ الزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فَلْیَخْرُجْ إِلَیَّ فَقَالَ النَّاسُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تَخْرُجُ إِلَی الزُّبَیْرِ وَ أَنْتَ حَاسِرٌ وَ هُوَ مُدَجِّجٌ فِی الْحَدِیدِ فَقَالَ علیه السلام لَیْسَ عَلَیَّ مِنْهُ بَأْسٌ ثُمَّ نَادَی ثَانِیَةً فَخَرَجَ إِلَیْهِ الزُّبَیْرُ وَ دَنَا مِنْهُ حَتَّی وَاقَفَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا حَمَلَكَ عَلَی مَا صَنَعْتَ فَقَالَ الطَّلَبُ بِدَمِ عُثْمَانَ فَقَالَ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ قَتَلْتُمُوهُ فَیَجِبُ عَلَیْكَ أَنْ تُقِیدَ مِنْ نَفْسِكَ وَ لَكِنْ أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا زُبَیْرُ أَ تُحِبُّ عَلِیّاً فَقُلْتَ وَ مَا یَمْنَعُنِی مِنْ حَبِّهِ وَ هُوَ ابْنُ خَالِی فَقَالَ لَكَ أَمَا أَنْتَ فَسَتَخْرُجُ عَلَیْهِ یَوْماً وَ أَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ فَقَالَ الزُّبَیْرُ اللَّهُمَّ بَلَی فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِی أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عِنْدِ ابْنِ عَوْفٍ وَ أَنْتَ مَعَهُ وَ هُوَ آخِذٌ بِیَدِكَ فَاسْتَقْبَلْتُهُ أَنَا فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَضَحِكَ فِی وَجْهِی فَضَحِكْتُ أَنَا إِلَیْهِ فَقُلْتَ أَنْتَ لَا یَدَعُ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ زَهْوَهُ أَبَداً فَقَالَ لَكَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَهْلًا یَا زُبَیْرُ فَلَیْسَ بِهِ زَهْوٌ وَ لَتَخْرُجَنَ
ص: 189
عَلَیْهِ یَوْماً وَ أَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ فَقَالَ الزُّبَیْرُ اللَّهُمَّ بَلَی وَ لَكِنْ أُنْسِیتُ فَأَمَّا إِذَا ذَكَّرْتَنِی ذَلِكَ فَلَأَنْصَرِفَنَّ عَنْكَ وَ لَوْ ذَكَرْتُ هَذَا لَمَا خَرَجْتُ عَلَیْكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی عَائِشَةَ فَقَالَتْ مَا وَرَاءَكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ الزُّبَیْرُ وَ اللَّهُ وَرَائِی إِنِّی مَا وَقَفْتُ مَوْقِفاً فِی شِرْكٍ وَ لَا إِسْلَامٍ إِلَّا وَ لِیَ فِیهِ بَصِیرَةٌ وَ أَنَا الْیَوْمَ عَلَی شَكٍّ مِنْ أَمْرِی وَ مَا أَكَادُ أُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمِی ثُمَّ شَقَّ الصُّفُوفَ وَ خَرَجَ مِنْ بَیْنِهِمْ وَ نَزَلَ عَلَی قَوْمٍ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ فَقَامَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ الْمُجَاشِعِیُّ فَقَتَلَهُ حِینَ نَامَ وَ كَانَ فِی ضِیَافَتِهِ فَنَفَذَتْ دَعْوَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِیهِ وَ أَمَّا طَلْحَةُ فَجَاءَهُ سَهْمٌ وَ هُوَ قَائِمٌ لِلْقِتَالِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ ثُمَّ حَلَفَ حِینَ قَرَأَهَا أَنَّهُ مَا قُوتِلَ عَلَیْهَا مُنْذُ نَزَلَتْ حَتَّی الْیَوْمِ وَ اتَّصَلَ الْحَرْبُ وَ كَثُرَ الْقَتْلُ وَ الْجُرُوحُ ثُمَّ تَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَجَالَ بَیْنَ الصُّفُوفِ وَ قَالَ أَیْنَ أَبُو الْحَسَنِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ وَ شَدَّ عَلَیْهِ وَ ضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَأَسْقَطَ عَاتِقَهُ وَ وَقَعَ قَتِیلًا فَوَقَفَ عَلَیْهِ وَ قَالَ لَقَدْ رَأَیْتَ أَبَا الْحَسَنِ فَكَیْفَ وَجَدْتَهُ وَ لَمْ یَزَلِ الْقَتْلُ یُؤَجِّجُ نَارَهُ وَ الْجَمَلُ یُفْنِی أَنْصَارَهُ حَتَّی خَرَجَ رَجُلٌ مُدَجِّجٌ یُظْهِرُ بَأْساً وَ یُعَرِّضُ بِعَلِیٍّ [بِذِكْرِ عَلِیٍ خ ل] حَتَّی قَالَ:
أَضْرِبُكُمْ وَ لَوْ أَرَی عَلِیّاً*** عَمَّمْتُهُ أَبْیَضَ مَشْرَفِیّاً
فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ مُتَنَكِّراً وَ ضَرَبَهُ عَلَی وَجْهِهِ فَرَمَی بِنِصْفِ قِحْفِ رَأْسِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَمِعَ صَائِحاً مِنْ وَرَائِهِ فَالْتَفَتَ فَرَأَی ابْنَ أَبِی خَلَفٍ الْخُزَاعِیِّ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ فَقَالَ هَلْ لَكَ یَا عَلِیُّ فِی الْمُبَارَزَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ وَیْحَكَ یَا ابْنَ أَبِی خَلَفٍ مَا رَاحَتُكَ فِی الْقَتْلِ وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ أَنَا فَقَالَ ذَرْنِی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ مِنْ بَذَخِكَ بِنَفْسِكَ وَ ادْنُ مِنِّی لِتَرَی أَیُّنَا یَقْتُلُ صَاحِبَهُ
ص: 190
فَثَنَّی عَلِیٌّ عِنَانَ فَرَسِهِ إِلَیْهِ فَبَدَرَهُ ابْنُ خَلَفٍ بِضَرْبَةٍ فَأَخَذَهَا عَلِیٌّ فِی جَحْفَتِهِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَیْهِ بِضَرْبَةٍ أَطَارَ بِهَا یَمِینَهُ ثُمَّ ثَنَّی بِأُخْرَی أَطَارَ بِهَا قِحْفَ رَأْسِهِ وَ اسْتَعَرَّ [أی فشا] الْحَرْبُ حَتَّی عُقِرَ الْجَمَلُ فَسَقَطَ وَ قَدِ احْمَرَّتِ الْبَیْدَاءُ بِالدِّمَاءِ وَ خُذِلَ الْجَمَلُ وَ حِزْبُهُ وَ قَامَتِ النَّوَادِبُ بِالْبَصْرَةِ عَلَی الْقَتْلَی وَ كَانَ عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ مِنْ جُنْدِ الْجَمَلِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفاً وَ سَبْعَمِائَةٍ وَ تِسْعِینَ إِنْسَاناً وَ كَانُوا ثَلَاثِینَ أَلْفاً فَأَتَی الْقَتْلُ عَلَی أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهِمْ وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَلْفٌ وَ سَبْعُونَ رَجُلًا وَ كَانُوا عِشْرِینَ أَلْفاً وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْمَعْرُوفُ بِالسَّجَّادِ قَدْ خَرَجَ مَعَ أَبِیهِ وَ أَوْصَی عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ لَا یَقْتُلَهُ مَنْ عَسَاهُ أَنْ یَظْفَرَ بِهِ وَ كَانَ شِعَارُ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام حم* فَلَقِیَهُ شُرَیْحُ بْنُ أَوْفَی الْعَبْسِیُّ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فَطَعَنَهُ فَقَالَ «حم» وَ قَدْ سَبَقَ كَمَا قِیلَ السَّیْفُ الْعَذَلَ فَأَتَی عَلَی نَفْسِهِ وَ قَالَ شُرَیْحٌ هَذَا:
وَ أَشْعَثُ قَوَّامٌ بِآیَاتِ رَبِّهِ*** قَلِیلُ الْأَذَی فِیمَا تَرَی الْعَیْنُ مُسْلِمٌ
شَكَكْتَ بِصَدْرِ الرُّمْحِ حَبِیبَ قَمِیصِهِ***فَخَرَّ صَرِیعاً لِلْیَدَیْنِ وَ لِلْفَمِ
عَلَی غَیْرِ شَیْ ءٍ غَیْرَ أَنْ لَیْسَ تَابِعاً***عَلِیّاً وَ مَنْ لَمْ یَتْبَعِ الْحَقَّ یَنْدَمُ
یُذَكِّرُنِی حم* وَ الرُّمْحُ شَاجِرٌ***فَهَلَّا تَلَا حم* قَبْلَ التَّقَدُّمِ
وَ جَاءَ عَلِیٌّ حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهِ وَ قَالَ هَذَا رَجُلٌ قَتَلَهُ بِرُّهُ بِأَبِیهِ وَ كَانَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ قَدْ لَقِیَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ فِی الْمَعْرَكَةِ وَ وَقَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَی الْأَرْضِ وَ الْأَشْتَرُ فَوْقَهُ فَكَانَ یُنَادِی اقْتُلُونِی وَ مَالِكاً فَلَمْ یَنْتَبِهْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ لِذَلِكَ وَ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ الْأَشْتَرُ لَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَفْلَتَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ یَدِهِ وَ هَرَبَ فَلَمَّا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَ دَخَلَتْ عَائِشَةُ إِلَی الْبَصْرَةِ دَخَلَ عَلَیْهَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ مَعَهُ الْأَشْتَرُ فَقَالَتْ مَنْ مَعَكَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ فَقَالَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ فَقَالَتْ أَنْتَ فَعَلْتَ بِعَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلْتَ فَقَالَ نَعَمْ وَ لَوْ لَا كَوْنِی شَیْخاً كَبِیراً وَ طَاوِیاً لَقَتَلْتُهُ وَ أَرَحْتُ الْمُسْلِمِینَ مِنْهُ قَالَتْ أَ وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ النَّبِیِ
ص: 191
ص إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا یُقْتَلُ إِلَّا عَنْ كُفْرٍ بَعْدَ إِیمَانٍ أَوْ زِنًی بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ النَّفْسِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ قَتْلَهَا فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی أَحَدِ الثَّلَاثَةِ قَاتَلْنَاهُ ثُمَّ أَنْشَدَ:
أَ عَائِشَ لَوْ لَا أَنَّنِی كُنْتُ طَاوِیاً*** ثَلَاثاً لَأَلْفَیْتِ ابْنَ أُخْتِكِ هَالِكاً
عَشِیَّةَ یَدْعُو وَ الرِّجَالُ تَجُوزُهُ***بِأَضْعَفِ صَوْتٍ اقْتُلُونِی وَ مَالِكاً
فَلَمْ یَعْرِفُوهُ إِذْ دَعَاهُمْ وَ عَمُّهُ ***خِدَبٌّ عَلَیْهِ فِی الْعَجَاجَةِ بَارِكاً
فَنَجَّاهُ مِنِّی أَكْلُهُ وَ شَبَابُهُ***وَ أَنِّی شَیْخٌ لَمْ أَكُنْ مُتَمَاسِكاً
بیان: الحاسر الذی لا مغفر علیه و لا درع ذكره الجوهری و قال رجل مُدَجِّج و مُدَجَّج أی شاك فی السلاح تقول متنه مدجج فی شكته أی دخل فی سلاحه و قال الزهو الكبر و الفخر قوله و قد سبق كما قیل قوله كما قیل معترضة بین المثل و أصل المثل سبق السیفُ العذلَ و العذل بالتحریك الملامة.
قال المیدانی قاله ضبة بن أد بن طابخة بن إلیاس بن مضر لما لامه الناس علی قتله قاتل ابنه فی الحرم و ذكر لذلك قصة طویلة.
و قال الزمخشری یضرب فی الأمر الذی لا یقدر علی رده قال جریرة:
تكلفنی رد الغرائب بعد ما***سبقن كسبق السیف ما قال عاذله
و شجره بالرمح طعنه قوله قتله بره أی لم یكن یری الخروج جائزا لكن خرج لطاعة أبیه فقتل مع أنه لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق.
قوله و عمه یعنی نفسه و رجل خِدَبّ بكسر الخاء و فتح الدال و تشدید الباء أی ضخم.
ص: 192
«141»-(1)
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْبَرَ جَبْرَئِیلُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ أُمَّتَكَ سَیَخْتَلِفُونَ مِنْ بَعْدِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِیَنِّی ما یُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِی فِی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ قَالَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ قَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ إِنَّا عَلی أَنْ نُرِیَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ جَعَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَشُكُّ أَنَّهُ سَیَرَی ذَلِكَ قَالَ جَابِرٌ بَیْنَمَا أَنَا جَالِسٌ إِلَی جَنْبِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ بِمِنًی یَخْطُبُ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَ لَیْسَ قَدْ بَلَّغْتُكُمْ قَالُوا بَلَی فَقَالَ أَلَا لَا أُلْفِیَنَّكُمْ تَرْجِعُونَ بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَمَا لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَتَعْرِفُنَّنِی فِی كَتِیبَةٍ أَضْرِبُ وُجُوهَكُمْ فِیهَا بِالسَّیْفِ فَكَأَنَّهُ غُمِزَ مِنْ خَلْفِهِ فَالْتَفَتَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ أَوْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِیَنَّكَ الَّذِی وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَیْهِمْ مُقْتَدِرُونَ وَ هِیَ وَاقِعَةُ الْجَمَلِ.
«142»-(2)
كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَطَبَ یَوْمَ الْجَمَلِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی أَتَیْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَ دَعَوْتُهُمْ وَ احْتَجَجْتُ عَلَیْهِمْ فَدَعَوْنِی إِلَی أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ وَ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ فَلِأُمِّهِمُ الْهَبَلُ وَ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا
ص: 193
أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا فَلِغَیْرِی فَلْیُبْرِقُوا وَ لْیُرْعِدُوا فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الَّذِی فَلَلْتُ حَدَّهُمْ وَ فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی وَ أَنَا عَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ التَّأْیِیدِ وَ الظَّفَرِ وَ إِنِّی لَعَلَی یَقِینٍ مِنْ رَبِّی وَ غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ أَمْرِی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ لَیْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحِیصٌ وَ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ یَمُتْ (1) وَ إِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ أَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ مِیتَةٍ عَلَی فِرَاشِی وَا عَجَبَا لِطَلْحَةَ أَلَّبَ النَّاسَ عَلَی ابْنِ عَفَّانَ حَتَّی إِذَا قُتِلَ أَعْطَانِی صَفْقَتَهُ بِیَمِینِهِ طَائِعاً ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتِی اللَّهُمَّ خُذْهُ وَ لَا تُمْهِلْهُ وَ إِنَّ الزُّبَیْرَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ قَطَعَ رَحِمِی وَ ظَاهَرَ عَلَیَّ عَدُوِّی فَاكْفِنِیهِ الْیَوْمَ بِمَا شِئْتَ.
«143»-(2)
مد، العمدة صَحِیحُ الْبُخَارِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ أَبِی بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِیَ اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَیَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ فارسا [فَارِسَ مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَی فَقَالَ لَنْ یُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً.
وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ الْأَسَدِیِّ قَالَ: لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَائِشَةُ بَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ حَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ فَقَدِمَا عَلَیْنَا الْكُوفَةَ فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ فَكَانَ الْحَسَنُ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فِی أَعْلَاهُ وَ قَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ
ص: 194
الْحَسَنِ فَاجْتَمَعْنَا إِلَیْهِ فَسَمِعْتُ عَمَّاراً یَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ سَارَتْ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ابْتَلَاكُمْ بِهَا لِیَعْلَمَ إِیَّاهُ تُطِیعُونَ أَمْ هِیَ.
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُذَیْفَةَ الْیَمَانِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ الْمُنَافِقِینَ الْیَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانُوا یَوْمَئِذٍ یُسِرُّونَ وَ الْیَوْمَ یُجْهِرُونَ (1).
«144»-(2)
نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ لَمَّا أَعْطَاهُ الرَّایَةَ یَوْمَ الْجَمَلِ تَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا تَزُلْ عَضَّ عَلَی نَاجِذِكَ أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَكَ تِدْ فِی الْأَرْضِ قَدَمَكَ ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَی الْقَوْمِ وَ غُضَّ بَصَرَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
بیان: قوله علیه السلام تزول الجبال خبر فیه معنی الشرط فالمعنی إن زالت الجبال فلا تزل و النواجذ أقصی الأضراس و قیل الأضراس كلها.
و العض علی الناجذ یستلزم أمرین.
أحدهما رفع الرعدة و الاضطراب فی حال الخوف كما یشاهد ذلك فی حال البرد.
و ثانیهما أن الضرب فی الرأس لا یؤثر مع ذلك كما ذكر علیه السلام فی موضع آخر و قال و عضوا علی النواجذ فإنه أنبی للسیوف عن الهام فیحتمل أن یراد به شدة الحنق و الغیظ.
قوله أعر اللّٰه أمر من الإعارة أی ابذلها فی طاعة اللّٰه و الجمجمة عظم الرأس المشتمل علی الدماغ.
ص: 195
قیل و فی ذلك إشعار بأنه لا یقتل فی ذلك الحرب لأن العاریة مردودة بخلاف ما لو قال بع اللّٰه جمجمتك.
و هذا الوجه و إن كان لطیفا لكن الظاهر أن إطلاق الإعارة باعتبار الحیاة عند ربهم و فی جنة النعیم.
قوله علیه السلام تد أی أثبتها فی الأرض كالوتد قوله علیه السلام ارم ببصرك أی اجعل سطح نظرك أقصی القوم و لا تقصر نظرك علی الأدانی و احمل علیهم فإذا حملت و عزمت فلا تنظر إلی شوكتهم و سلاحهم و لا تبال ما أمامك.
قوله علیه السلام و غض بصرك أی عن بریق السیوف و لمعانها لئلا یحصل خوف بسببه.
«145»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن جبارة عن سعاد بن سلمان عن یزید بن أبی زیاد عن عبد الرحمن بن أبی لیلی قال شهد مع علی علیه السلام یوم الجمل ثمانون من أهل بدر و ألف و خمسمائة من أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.
«146»-(2)
الْكَافِیَةُ لِإِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَاقَفَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ فِی یَوْمِ الْجَمَلِ وَ خَاطَبَهُمَا فَقَالَ فِی كَلَامِهِ لَهُمَا لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ مِنْ أَصْحَابِ عَائِشَةَ ابْنَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ هَا هِیَ ذِهِ فَاسْأَلُوهَا أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری
ص: 196
فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ سُبْحَانَ اللَّهُ تَزْعُمُ أَنَّا مَلْعُونُونَ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَشَرَةٌ مِنْ أَصْحَابِی فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذَا حَدِیثُ سَعِیدِ بْنِ زَیْدِ بْنِ نُفَیْلٍ فِی وَلَایَةِ عُثْمَانَ سَمُّوا إِلَی الْعَشَرَةِ قَالَ فَسَمَّوْا تِسْعَةً وَ أَمْسَكُوا عَنْ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُمْ فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالُوا أَنْتَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَمَّا أَنْتُمْ فَقَدْ شَهِدْتُمْ لِی أَنِّی مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَنَا بِمَا قُلْتُمَا مِنَ الْكَافِرِینَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَعَهِدَ النَّبِیُّ الْأُمِّیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیَّ أَنَّ فِی جَهَنَّمَ جُبّاً فِیهِ سِتَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ سِتَّةٌ مِنَ الْآخِرِینَ عَلَی رَأْسِ ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یُسْعِرَ جَهَنَّمَ عَلَی أَهْلِهَا أَمَرَ بِتِلْكَ الصَّخْرَةِ فَرُفِعَتْ إِنَّ فِیهِمْ أَوْ مَعَهُمْ لَنَفَراً مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ وَ إِلَّا فَأَظْفَرَكُمُ اللَّهُ بِی وَ إِلَّا فَأَظْفَرَنِیَ اللَّهُ بِكُمَا وَ قَتْلِكُمَا بِمَنْ قَتَلْتُمَا مِنْ شِیعَتِی.
«147»-(1)
ج، الإحتجاج عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ قَالَ: لَمَّا الْتَقَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ یَوْمَ الْجَمَلِ نَادَی الزُّبَیْرَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اخْرُجْ إِلَیَّ فَخَرَجَ الزُّبَیْرُ وَ مَعَهُ طَلْحَةُ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكُمَا لَتَعْلَمَانِ وَ أُولُو الْعِلْمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری قَالَ الزُّبَیْرُ كَیْفَ نَكُونُ مَلْعُونِینَ وَ نَحْنُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمَا اسْتَحْلَلْتُ قِتَالَكُمْ فَقَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ أَ مَا سَمِعْتَ حَدِیثَ سَعِیدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ وَ هُوَ یَرْوِی أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَشَرَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِی الْجَنَّةِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سَمِعْتُهُ یُحَدِّثُ بِذَلِكَ عُثْمَانَ فِی خِلَافَتِهِ فَقَالَ الزُّبَیْرُ أَ فَتَرَاهُ یَكْذِبُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَسْتُ أُخْبِرُكَ بِشَیْ ءٍ حَتَّی تُسَمِّیَهُمْ قَالَ الزُّبَیْرُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَعِیدُ بْنُ
ص: 197
عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَدَّدْتَ تِسْعَةً فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالَ أَنْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام قَدْ أَقْرَرْتَ لِی بِالْجَنَّةِ وَ أَمَّا مَا ادَّعَیْتَ لِنَفْسِكَ وَ أَصْحَابِكَ فَأَنَا بِهِ مِنَ الْجَاحِدِینَ الْكَافِرِینَ قَالَ الزُّبَیْرُ أَ فَتَرَاهُ كَذَبَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا أَرَاهُ كَذَبَ وَ لَكِنَّهُ وَ اللَّهِ الْیَقِینُ وَ وَ اللَّهِ إِنَّ بَعْضَ مَنْ ذَكَرْتَ لَفِی تَابُوتٍ فِی شِعْبٍ فِی جُبٍّ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَی ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُسْعِرَ جَهَنَّمَ رَفَعَ تِلْكَ الصَّخْرَةَ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَّا أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِی وَ سَفَكَ دَمِی عَلَی یَدَیْكَ وَ إِلَّا أَظْفَرَنِیَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَصْحَابِكَ وَ عَجَّلَ أَرْوَاحَكُمْ إِلَی النَّارِ فَرَجَعَ الزُّبَیْرُ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَبْكِی.
«148»-ج، الإحتجاج رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ وَقَعَ الْقِتَالُ وَ قُتِلَ طَلْحَةُ تَقَدَّمَ عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الشَّهْبَاءِ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ فَدَعَا الزُّبَیْرَ فَدَنَا إِلَیْهِ حَتَّی اخْتَلَفَ أَعْنَاقُ دَابَّتَیْهِمَا فَقَالَ یَا زُبَیْرُ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ عَلِیّاً وَ أَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ جِئْتَ قَالَ جِئْتُ لِأُصْلِحَ بَیْنَ النَّاسِ فَأَدْبَرَ الزُّبَیْرُ وَ هُوَ یَقُولُ:
تَرْكُ الْأُمُورِ الَّتِی تُخْشَی عَوَاقِبُهَا*** لِلَّهِ أَجْمَلُ فِی الدُّنْیَا وَ فِی الدِّینِ
نَادَی عَلِیٌّ بِأَمْرٍ لَسْتُ أَذْكُرُهُ***إِذْ كَانَ عَمْرُ أَبِیكَ الْخَیْرِ مُذْ حِینٍ
فَقُلْتُ حَسْبُكَ مِنْ عَذْلٍ أَبَا حَسَنٍ*** فَبَعْضُ مَا قُلْتَهُ ذَا الْیَوْمَ یَكْفِینِی
فَاخْتَرْتُ عَاراً عَلَی نَارٍ مُؤَجَّجَةٍ***مَا إِنْ یَقُومُ لَهَا خَلْقٌ مِنَ الطِّینِ
أَخَاكَ طَلْحَةَ وَسَطَ الْقَوْمِ مُنْجَدِلًا*** رُكْنَ الضَّعِیفِ وَ مَأْوَی كُلِّ مِسْكِینٍ
قَدْ كُنْتُ أَنْصُرُ أَحْیَاناً وَ یَنْصُرُنِی*** فِی النَّائِبَاتِ وَ یَرْمِی مَنْ یُرَامِینِی
حَتَّی ابْتُلِینَا بِأَمْرٍ ضَاقَ مَصْدَرُهُ*** فَأَصْبَحَ الْیَوْمَ مَا یَعْنِیهِ یَعْنِینِی
قَالَ فَأَقْبَلَ الزُّبَیْرُ عَلَی عَائِشَةَ فَقَالَ یَا أُمَّهْ وَ اللَّهِ مَا لِی فِی هَذَا بَصِیرَةٌ وَ أَنَا مُنْصَرِفٌ قَالَتْ عَائِشَةُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ فَرَرْتَ مِنْ سُیُوفِ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ إِنَّهَا وَ اللَّهِ طِوَالٌ حِدَادٌ تَحْمِلُهَا فِتْیَةٌ أَنْجَادٌ
ص: 198
ثُمَّ خَرَجَ الزُّبَیْرُ رَاجِعاً فَمَرَّ بِوَادِی السِّبَاعِ وَ فِیهِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ قَدِ اعْتَزَلَ فِی بَنِی تَمِیمٍ فَأُخْبِرَ الْأَحْنَفُ بِانْصِرَافِهِ فَقَالَ مَا أَصْنَعُ بِهِ إِنْ كَانَ الزُّبَیْرُ لَفَّ بَیْنَ غَارَیْنِ (1) مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ قُتِلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ثُمَّ هُوَ یُرِیدُ اللَّحَاقَ بِأَهْلِهِ فَسَمِعَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَخَرَجَ هُوَ وَ رَجُلَانِ مَعَهُ وَ قَدْ كَانَ لَحِقَ بِالزُّبَیْرِ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ وَ مَعَهُ غُلَامُهُ فَلَمَّا أَشْرَفَ ابْنُ جُرْمُوزٍ وَ صَاحِبَاهُ عَلَی الزُّبَیْرِ حَرَّكَ الرَّجُلَانِ رَوَاحِلَهُمَا وَ خَلَّفَا الزُّبَیْرَ وَحْدَهُ فَقَالَ لَهُمَا الزُّبَیْرُ مَا لَكُمَا هُمْ ثَلَاثَةٌ وَ نَحْنُ ثَلَاثَةٌ فَلَمَّا أَقْبَلَ ابْنُ جُرْمُوزٍ قَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ إِلَیْكَ عَنِّی فَقَالَ ابْنُ جُرْمُوزٍ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّنِی جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنْ أُمُورِ النَّاسِ قَالَ تَرَكْتُ النَّاسَ عَلَی الرَّكْبِ یَضْرِبُ بَعْضُهُمْ وُجُوهَ بَعْضٍ بِالسَّیْفِ قَالَ ابْنُ جُرْمُوزٍ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنْ أَشْیَاءَ أَسْأَلُكَ عَنْهَا قَالَ هَاتِ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ خَذْلِكَ عُثْمَانَ وَ عَنْ بَیْعَتِكَ عَلِیّاً وَ عَنْ نَقْضِكَ بَیْعَتَهُ وَ عَنْ إِخْرَاجِكَ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ عَنْ صِلَاتِكَ خَلَفَ ابْنِكَ وَ عَنْ هَذِهِ الْحَرْبِ الَّذِی جَنَیْتَهَا وَ عَنْ لُحُوقِكَ بِأَهْلِكَ قَالَ أَمَّا خَذْلِی عُثْمَانَ فَأَمْرٌ قَدَّمَ اللَّهُ فِیهِ الْخَطِیئَةَ وَ أَخَّرَ فِیهِ التَّوْبَةَ وَ أَمَّا بَیْعَتِی عَلِیّاً فَلَمْ أَجِدْ مِنْهَا بُدّاً إِذْ بَایَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ أَمَّا نَقْضِی بَیْعَتَهُ فَإِنَّمَا بَایَعْتُهُ بِیَدِی دُونَ قَلْبِی وَ أَمَّا إِخْرَاجِی أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فَأَرَدْنَا أَمْراً وَ أَرَادَ اللَّهُ غَیْرَهُ وَ أَمَّا صَلَاتِی خَلْفَ ابْنِی فَإِنَّ خَالَتَهُ قَدَّمَتْهُ فَتَنَحَّی ابْنُ جُرْمُوزٍ وَ قَالَ قَتَلَنِیَ اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ.
توضیح:
قال ابن الأثیر فی مادة غور من كتاب النهایة فی حدیث علی علیه السلام یوم الجمل ما ظنك بامرئ جمع بین هذین الغارین أی
ص: 199
الجیشین و الغار الجماعة هكذا أخرجه أبو موسی فی الغین و الواو و ذكره الهروی فی الغین و الیاء و قال و منه حدیث الأحنف قال فی الزبیر منصرفة من الجمل ما أصنع به إن كان جمع بین غارین ثم تركهم.
و الجوهری ذكره فی الواو و الواو و الیاء متقاربان فی الانقلاب.
«149»-(1)
ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّهُ جِی ءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِرَأْسِ الزُّبَیْرِ وَ سَیْفِهِ فَتَنَاوَلَ سَیْفَهُ وَ قَالَ طَالَمَا جَلَا بِهِ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّ الْحَیْنَ وَ مَصَارِعَ السَّوْءِ.
بیان: الحین بالفتح الهلاك أی الهلاك المعنوی أو أجل الموت.
«150»-(2)
ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا مَرَّ عَلَی طَلْحَةَ بَیْنَ الْقَتْلَی قَالَ أَقْعِدُوهُ فَأُقْعِدَ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ لَكِنَّ الشَّیْطَانَ دَخَلَ مَنْخِرَیْكَ فَأَوْرَدَكَ النَّارَ.
«151»-(3)
ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَیْهِ فَقَالَ هَذَا النَّاكِثُ بَیْعَتِی وَ الْمُنْشِئُ لِلْفِتْنَةِ فِی الْأُمَّةِ وَ الْمُجْلِبُ عَلَیَّ وَ الدَّاعِی إِلَی قَتْلِی وَ قَتْلِ عِتْرَتِی أَجْلِسُوا طَلْحَةَ فَأُجْلِسَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا طَلْحَةَ وَ سَارَ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُكَلِّمُ طَلْحَةَ بَعْدَ قَتْلِهِ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعَ كَلَامِی كَمَا سَمِعَ أَهْلُ الْقَلِیبِ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ وَ هَكَذَا فَعَلَ علیه السلام بِكَعْبِ بْنِ سُورٍ لَمَّا مَرَّ بِهِ قَتِیلًا وَ قَالَ هَذَا الَّذِی خَرَجَ عَلَیْنَا فِی عُنُقِهِ الْمُصْحَفُ یَزْعُمُ أَنَّهُ نَاصِرُ أُمِّهِ یَدْعُو النَّاسَ إِلَی مَا فِیهِ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ مَا فِیهِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ أَمَّا إِنَّهُ دَعَا اللَّهَ أَنْ یَقْتُلَنِی فَقَتَلَهُ اللَّهُ.
ص: 200
«152»-(1)
الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ رَوَی خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: مَرَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی طَلْحَةَ وَ هُوَ صَرِیعٌ فَقَالَ أَجْلِسُوهُ فَأُجْلِسَ فَقَالَ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ لَكَ صُحْبَةٌ وَ لَقَدْ شَهِدْتَ وَ سَمِعْتَ وَ رَأَیْتَ وَ لَكِنَّ الشَّیْطَانَ أَزَاغَكَ وَ أَمَالَكَ فَأَوْرَدَكَ جَهَنَّمَ.
أقول: و أورد الأخبار السابقة بأسانید عن الباقر علیه السلام و غیره تركناها حذرا عن الإطناب.
«153»-(2)
ج، الإحتجاج رُوِیَ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ هُوَ الَّذِی قَتَلَ طَلْحَةَ بِسَهْمٍ رَمَاهُ بِهِ:
وَ رُوِیَ أَیْضاً: أَنَّ مَرْوَانَ یَوْمَ الْجَمَلِ كَانَ یَرْمِی بِسِهَامِهِ فِی الْعَسْكَرَیْنِ مَعاً وَ یَقُولُ مَنْ أَصَبْتُ مِنْهُمَا فَهُوَ فَتْحٌ لِقِلَّةِ دِینِهِ وَ تُهَمَتِهِ لِلْجَمِیعِ وَ قِیلَ إِنَّ اسْمَ الْجَمَلِ الَّذِی رَكِبَتْهُ یَوْمَ الْجَمَلِ عَائِشَةُ عَسْكَرٌ وَ رُئِیَ مِنْهُ ذَلِكَ الْیَوْمَ كُلُّ عَجَبٍ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُبِینَ مِنْهُ قَائِمَةٌ مِنْ قَوَائِمِهِ ثَبَتَ عَلَی أُخْرَی حَتَّی نَادَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ اقْتُلُوا الْجَمَلَ فَإِنَّهُ شَیْطَانٌ وَ تَوَلَّی مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا عَقْرَهُ بَعْدَ طُولِ دُعَائِهِ.
«154»-ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ وَ قَدْ رُشِقَ هَوْدَجُ عَائِشَةَ بِالنَّبْلِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا أَرَانِی إِلَّا مُطَلِّقَهَا فَأَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَا عَلِیُّ أَمْرُ نِسَائِی بِیَدِكَ مِنْ بَعْدِی لَمَّا قَامَ فَشَهِدَ فَقَامَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِیهِمْ بَدْرِیَّانِ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَا عَلِیُّ أَمْرُ نِسَائِی بِیَدِكَ مِنْ بَعْدِی
ص: 201
قَالَ فَبَكَتْ عَائِشَةُ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّی سَمِعُوا بُكَاءَهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ أَنْبَأَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِنَبَإٍ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ یَمُدُّكَ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِینَ.
بیان: رشقه رماه بالسهام و النبل السهام العربیة و لا واحد لها من لفظها فلا یقال نبلة ذكرهما فی النهایة.
«155»-(1)
ج، الإحتجاج عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّی وَقَفَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَبَّرَ الْقَوْمُ وَ كَبَّرْنَا وَ هَلَّلَ الْقَوْمُ وَ هَلَّلْنَا وَ صَلَّی الْقَوْمُ وَ صَلَّیْنَا فَعَلَی مَا نُقَاتِلُهُمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ كُلَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ أَعْلَمُهُ فَعَلِّمْنِیهِ فَقَالَ علیه السلام مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ كُلَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَعْلَمُهُ فَعَلِّمْنِیهِ فَقَالَ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةُ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یُرِیدُ فَنَحْنُ الَّذِی آمَنَّا وَ هُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا فَقَالَ الرَّجُلُ كَفَرَ الْقَوْمُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ ثُمَّ حَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
ص: 202
«156»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّلَّالِ عَنْ یَحْیَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْمُزَنِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ بُكَیْرِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الطَّوِیلِ وَ عَمَّارِ بْنِ أَبِی مُعَاوِیَةَ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَجَلِیُّ مُؤَذِّنُ بَنِی قُصَیٍّ قَالَ بُكَیْرٌ أَذَّنَ لَنَا أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ یَوْمَ الْجَمَلِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ ثُمَّ حَلَفَ حِینَ قَرَأَهَا أَنَّهُ مَا قُوتِلَ أَهْلُهَا مُنْذُ نَزَلَتْ حَتَّی الْیَوْمِ قَالَ بُكَیْرٌ فَسَأَلْتُ عَنْهَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ صَدَقَ الشَّیْخُ هَكَذَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَكَذَا كَانَ.
«157»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ أَبِی دُرَیْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْحِیِّ قَالَ قَالَ الْأَصْمَعِیُّ وَلَّی عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَعْبَ بْنَ سُورٍ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ وَ كَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَ عُمَرَ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ زَوْجِی صَوَّامٌ قَوَّامٌ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلُ صَالِحٌ لَیْتَنِی كُنْتُ كَذَا فَرَدَّتْ عَلَیْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ عُمَرُ كَمَا قَالَ فَقَالَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ الْأَزْدِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهَا تَشْكُو زَوْجَهَا بِخَیْرٍ وَ لَكِنْ تَقُولُ إِنَّهَا لَا حَظَّ لَهَا مِنْهُ فَقَالَ عَلَیَّ بِزَوْجِهَا فَأُتِیَ بِهِ فَقَالَ مَا بَالُهَا تَشْكُوكَ وَ مَا رَأَیْتُ أَكْرَمَ شَكْوَی مِنْهَا قَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی امْرُؤٌ أَفْزَعَنِی مَا قَدْ نَزَلَ فِی الْحِجْرِ وَ النَّحْلِ وَ فِی السَّبْعِ الطِّوَالِ فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ إِنَّ لَهَا عَلَیْكَ حَقّاً یَا بَعْلُ فَأَوْفِهَا الْحَقَّ وَ صُمْ وَ صَلِّ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ اقْضِ بَیْنَهُمَا قَالَ نَعَمْ أَحَلَّ اللَّهُ لِلرِّجَالِ أَرْبَعاً فَأَوْجَبَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَیْلَةً فَلَهَا مِنْ كُلِّ أَرْبَعِ لَیَالٍ لَیْلَةٌ وَ یَصْنَعُ بِنَفْسِهِ فِی الثَّلَاثِ مَا شَاءَ فَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ
ص: 203
وَ قَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ اخْرُجْ قَاضِیاً عَلَی الْبَصْرَةِ فَلَمْ یَزَلْ عَلَیْهَا حَتَّی قُتِلَ عُثْمَانُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ خَرَجَ مَعَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ فِی عُنُقِهِ مُصْحَفٌ فَقُتِلَ هُوَ یَوْمَئِذٍ وَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ لَهُ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَجَاءَتْ أُمُّهُمْ فَوَجَدَتْهُمْ فِی الْقَتْلَی فَحَمَلَتْهُمْ وَ جَعَلَتْ تَقُولُ:
أَیَا عَیْنُ أَبْكِی بِدَمْعٍ سَرَبٍ***عَلَی فِتْیَةٍ مِنْ خِیَارِ الْعَرَبِ
فَمَا ضَرَّهُمْ غَیْرُ حَیْنِ النُّفُوسِ***وَ أَیُّ امْرِئٍ لِقُرَیْشٍ غَلَبَ
158- ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَخِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عِیسَی قَالَ: لَمَّا اصْطَفَّتِ النَّاسُ لِلْحَرْبِ بِالْبَصْرَةِ خَرَجَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فِی صَفِّ أَصْحَابِهِمَا فَنَادَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ادْنُ مِنِّی لِأُفْضِیَ إِلَیْكَ بِسِرٍّ عِنْدِی فَدَنَا مِنْهُ حَتَّی اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ فَرَسَیْهِمَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ نَشَدْتُكَ اللَّهَ إِنْ ذَكَّرْتُكَ شَیْئاً فَذَكَرْتَهُ أَ مَا تَعْتَرِفُ بِهِ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً كُنْتَ مُقْبِلًا عَلَیَّ بِالْمَدِینَةِ تُحَدِّثُنِی إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَآكَ مَعِی وَ أَنْتَ تَبَسَّمُ إِلَیَّ فَقَالَ لَكَ یَا زُبَیْرُ أَ تُحِبُّ عَلِیّاً فَقُلْتَ وَ كَیْفَ لَا أُحِبُّهُ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مِنَ النَّسَبِ وَ الْمَوَدَّةِ فِی اللَّهِ مَا لَیْسَ لِغَیْرِهِ فَقَالَ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُهُ وَ أَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ فَقُلْتَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ فَنَكَسَ الزُّبَیْرُ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ إِنِّی أُنْسِیتُ هَذَا الْمَقَامَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ دَعْ هَذَا أَ فَلَسْتَ بَایَعْتَنِی طَائِعاً قَالَ بَلَی قَالَ أَ فَوَجَدْتَ مِنِّی حَدَثاً یُوجِبُ مُفَارَقَتِی فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ لَا قَاتَلْتُكَ وَ رَجَعَ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْبَصْرَةِ فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ مَا لَكَ یَا زُبَیْرُ مَا لَكَ تَنْصَرِفُ عَنَّا سَحَرَكَ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ ذَكَّرَنِی مَا كَانَ أَنْسَانِیهِ الدَّهْرُ وَ احْتَجَّ عَلَیَّ بِبَیْعَتِی لَهُ فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ لَا وَ لَكِنْ جَبُنْتَ وَ انْتَفَخَ سَحْرُكَ
ص: 204
فَقَالَ الزُّبَیْرُ لَمْ أَجْبُنْ وَ لَكِنْ أُذْكِرْتُ فَذَكَرْتُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ یَا أَبَهْ جِئْتَ بِهَذَیْنِ الْعَسْكَرَیْنِ الْعَظِیمَیْنِ حَتَّی إِذَا اصْطَفَّا لِلْحَرْبِ قُلْتَ أَتْرُكُهُمَا وَ أَنْصَرِفُ فَمَا تَقُولُ قُرَیْشٌ غَداً بِالْمَدِینَةِ اللَّهَ اللَّهَ یَا أَبَتِ لَا تُشْمِتِ الْأَعْدَاءَ وَ لَا تَشِنْ نَفْسَكَ بِالْهَزِیمَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ یَا بُنَیَّ مَا أَصْنَعُ وَ قَدْ حَلَفْتُ لَهُ بِاللَّهِ أَنْ لَا أُقَاتِلَهُ قَالَ لَهُ فَكَفِّرْ عَنْ یَمِینِكَ وَ لَا تُفْسِدْ أَمْرَنَا فَقَالَ الزُّبَیْرُ عَبْدِی مَكْحُولٌ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ كَفَّارَةً لِیَمِینِی ثُمَّ عَادَ مَعَهُمْ لِلْقِتَالِ فَقَالَ هَمَّامٌ الثَّقَفِیُّ فِی فِعْلِ الزُّبَیْرِ وَ مَا فَعَلَ وَ عِتْقِهِ عَبْدَهُ فِی قِتَالِ عَلِیٍّ علیه السلام (1)
أَ یُعْتِقُ مَكْحُولًا وَ یَعْصِی نَبِیَّهُ*** لَقَدْ تَاهَ عَنْ قَصْدِ الْهُدَی ثُمَّ عُوِّقَ
أَ یَنْوِی بِهَذَا الصِّدْقَ وَ الْبِرَّ وَ التُّقَی*** سَیَعْلَمُ یَوْماً مَنْ یَبَرُّ وَ یَصْدُقُ
لَشَتَّانَ مَا بَیْنَ الضَّلَالِ وَ الْهُدَی*** وَ شَتَّانَ مَنْ یَعْصِی النَّبِیَّ وَ یُعْتِقُ
وَ مَنْ هُوَ فِی ذَاتِ الْإِلَهِ مُشَمِّرٌ*** یُكَبِّرُ بِرّاً رَبَّهُ وَ یَصْدُقُ
أَ فِی الْحَقِّ أَنْ یَعْصِیَ النَّبِیَّ سَفَاهَةً***وَ یُعْتِقَ مِنْ عِصْیَانِهِ وَ یُطَلِّقَ
كَدَافِقِ مَاءٍ لِلسَّرَابِ یَؤُمُّهُ***أَلَا فِی ضَلَالٍ مَا یَصُبُّ وَ یَدْفُقُ
159 (2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ عَنِ الْمَسْعُودِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَنَزِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی ابْنُ عَمِّی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَنَزِیُّ قَالَ:
ص: 205
إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَوْمَ الْجَمَلِ إِذْ جَاءَهُ النَّاسُ یَهْتِفُونَ بِهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ نَالَنَا النَّبْلُ وَ النُّشَّابُ فَسَكَتَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَذَكَرُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالُوا قَدْ جُرِحْنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا قَوْمِ مَنْ یَعْذِرُنِی مِنْ قَوْمٍ یَأْمُرُونَنِی بِالْقِتَالِ وَ لَمْ یَنْزِلْ بَعْدُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَ الْعَنَزِیُّ إِنَّا لَجُلُوسٌ وَ مَا نَرَی رِیحاً وَ لَا نُحِسُّهَا إِذْ هَبَّتْ رِیحٌ طَیِّبَةٌ مِنْ خَلْفِنَا وَ اللَّهِ لَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَیْنَ كَتِفَیَّ مِنْ تَحْتِ الدِّرْعِ وَ الثِّیَابِ قَالَ فَلَمَّا هَبَّتْ صَبَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ دِرْعَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَی الْقَوْمِ فَمَا رَأَیْتُ فَتْحاً كَانَ أَسْرَعَ مِنْهُ.
«160»-(1)
یج، الخرائج و الجرائح عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْغَنَوِیِّ مِثْلَهُ.
«161»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سَعِیدٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی الْبُهْلُولِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِیدِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ التَّیْمِیِّ عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَی أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ عَلِیٍّ یَوْمَ الْجَمَلِ فَلَمَّا رَأَیْتُ عَائِشَةَ وَاقِفَةً دَخَلَنِی مِنَ الشَّكِّ بَعْضُ مَا یَدْخُلُ النَّاسَ فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ كَشَفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنِّی فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ أَتَیْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ و رَحِمَهَا اللَّهُ فَقَصَصْتُ عَلَیْهَا قِصَّتِی فَقَالَتْ كَیْفَ صَنَعْتَ حِینَ طَارَتِ الْقُلُوبُ مَطَایِرَهَا قَالَ قُلْتُ إِلَی أَحْسَنِ ذَلِكِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِّی ذَلِكِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قِتَالًا شَدِیداً فَقَالَتْ أَحْسَنْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَلِیٌّ مَعَ الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنُ مَعَهُ لَا یَفْتَرِقَانِ حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ.
ص: 206
«162»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الْأَسَدِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنْ ثَابِتٍ مِثْلَهُ بیان قوله إلی أحسن ذلك أی آل أمری و رجع إلی أحسن الأمور و الأحوال.
أقول: قد سبق خبر الیهودی الذی سأل أمیر المؤمنین عما فیه من خصال الأنبیاء.
«163»-(2)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِنْدَ تَطْوَافِهِ عَلَی الْقَتْلَی هَذِهِ قُرَیْشٌ جَدَعْتُ أَنْفِی وَ شَفَیْتُ نَفْسِی فَقَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَیْكُمْ أُحَذِّرُكُمْ عَضَّ السَّیْفِ وَ كُنْتُمْ أَحْدَاثاً لَا عِلْمَ لَكُمْ بِمَا تَرَوْنَ وَ لَكِنَّهُ الْحَیْنُ وَ سُوءُ الْمَصْرَعِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْمَصْرَعِ ثُمَّ مَرَّ عَلَی مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا هَذَا أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ حَیّاً لَكَانَ رَأْیُهُ أَحْسَنَ مِنْ رَأْیِ هَذَا فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَوْقَعَهُ وَ جَعَلَ خَدَّهُ الْأَسْفَلَ إِنَّا وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا نُبَالِی مَنْ عَنَدَ عَنِ الْحَقِّ مِنْ وَالِدٍ وَ وَلَدٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَحِمَكَ اللَّهُ وَ جَزَاكَ عَنِ الْحَقِّ خَیْراً قَالَ وَ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِیعَةَ بْنِ دَرَّاجٍ وَ هُوَ فِی الْقَتْلَی وَ قَالَ هَذَا الْبَائِسُ مَا كَانَ أَخْرَجَهُ أَ دِینٌ أَخْرَجَهُ أَمْ نَصْرٌ لِعُثْمَانَ وَ اللَّهِ مَا كَانَ رَأْیُ عُثْمَانَ فِیهِ وَ لَا فِی أَبِیهِ بِحَسَنٍ
ص: 207
ثُمَّ مَرَّ بِمَعْبَدِ بْنِ زُهَیْرِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ فَقَالَ لَوْ كَانَتِ الْفِتْنَةُ بِرَأْسِ الثُّرَیَّا لَتَنَاوَلَهَا هَذَا الْغُلَامُ وَ اللَّهِ مَا كَانَ فِیهَا بِذِی نَخِیرَةٍ وَ لَقَدْ أَخْبَرَنِی مَنْ أَدْرَكَهُ وَ إِنَّهُ لَیُوَلْوِلُ فَرَقاً مِنَ السَّیْفِ ثُمَّ مَرَّ بِمُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ فَقَالَ الْبِرُّ أَخْرَجَ هَذَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَلَّمَنِی أَنْ أُكَلِّمَ لَهُ عُثْمَانَ فِی شَیْ ءٍ كَانَ یَدَّعِیهِ قِبَلَهُ بِمَكَّةَ فَأَعْطَاهُ عُثْمَانُ وَ قَالَ لَوْ لَا أَنْتَ مَا أَعْطَیْتُهُ إِنَّ هَذَا مَا عَلِمْتُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِیرَةِ ثُمَّ جَاءَ الْمَشُومُ لِلْحَیْنِ یَنْصُرُ عُثْمَانَ ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَیْدِ بْنِ زُهَیْرٍ فَقَالَ هَذَا أَیْضاً مِمَّنْ أَوْضَعَ فِی قِتَالِنَا زَعَمَ یَطْلُبُ اللَّهَ بِذَلِكَ وَ لَقَدْ كَتَبَ إِلَیَّ كُتُباً یُؤْذِی عُثْمَانَ فِیهَا فَأَعْطَاهُ شَیْئاً فَرَضِیَ عَنْهُ ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِیمِ بْنِ حِزَامٍ فَقَالَ هَذَا خَالَفَ أَبَاهُ فِی الْخُرُوجِ وَ أَبُوهُ حِینَ لَمْ یَنْصُرْنَا قَدْ أَحْسَنَ فِی بَیْعَتِهِ لَنَا وَ إِنْ كَانَ قَدْ كَفَّ وَ جَلَسَ حِینَ شَكَّ فِی الْقِتَالِ مَا أَلُومُ الْیَوْمَ مَنْ كَفَّ عَنَّا وَ عَنْ غَیْرِنَا وَ لَكِنَّ الْمُلِیمَ الَّذِی یُقَاتِلُنَا ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِیقٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقُتِلَ أَبُوهُ یَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ فِی الدَّارِ فَخَرَجَ مُغْضَباً لِقَتْلِ أَبِیهِ وَ هُوَ غُلَامٌ حَدَثٌ جَبُنَ لِقَتْلِهِ ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِیقٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ قَدْ أَخَذَتِ الْقَوْمُ السُّیُوفَ هَارِباً یَعْدُو مِنَ الصَّفِّ فَنَهْنَهْتُ عَنْهُ فَلَمْ یَسْمَعْ مَنْ نَهْنَهْتُ حَتَّی قَتَلَهُ وَ كَانَ هَذَا مِمَّا خَفِیَ عَلَی فِتْیَانِ قُرَیْشٍ أَغْمَارٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْحَرْبِ خُدِعُوا وَ اسْتَنْزَلُوا فَلَمَّا وَقَفُوا لُحِجُوا فَقُتِلُوا
ص: 208
ثُمَّ مَشَی قَلِیلًا فَمَرَّ بِكَعْبِ بْنِ سُورٍ فَقَالَ هَذَا الَّذِی خَرَجَ عَلَیْنَا فِی عُنُقِهِ الْمُصْحَفُ یَزْعُمُ أَنَّهُ نَاصِرُ أُمِّهِ یَدْعُو النَّاسَ إِلَی مَا فِیهِ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ مَا فِیهِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ فَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ أَمَا إِنَّهُ دَعَا اللَّهَ أَنْ یَقْتُلَنِی فَقَتَلَهُ اللَّهُ أَجْلِسُوا كَعْبَ بْنَ سُورٍ فَأُجْلِسَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا كَعْبُ لَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا كَعْباً وَ مَرَّ عَلَی طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ فَقَالَ هَذَا النَّاكِثُ بَیْعَتِی وَ الْمُنْشِئُ الْفِتْنَةَ فِی الْأُمَّةِ وَ الْمُجْلِبُ عَلَیَّ وَ الدَّاعِی إِلَی قَتْلِی وَ قَتْلِ عِتْرَتِی أَجْلِسُوا طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ فَأُجْلِسَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَا طَلْحَةُ قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا طَلْحَةَ وَ سَارَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُكَلِّمُ كَعْباً وَ طَلْحَةَ بَعْدَ قَتْلِهِمَا فَقَالَ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعَا كَلَامِی كَمَا سَمِعَ أَهْلُ الْقَلِیبِ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ.
إیضاح:
جدعت أنفی أی لم أكن أحب قتل هؤلاء و هم من قبیلتی و عشیرتی و لكن اضطررت إلی ذلك.
قوله بذی نخیرة النخیر صوت بالأنف أی كان یقیم الفتنة لكن لم یكن له بعد قیامها صوت و حركة بل كان یخاف و یولول یقال ولولت المرأة إذا اعولت و ما علمت أی فیما علمت و فی علمی ممن أوضع علی بناء المعلوم أی ركض دابته و أسرع أو علی بناء المجهول قال الجوهری یقال وضع الرجل فی تجارته و أوضع علی ما لم یسم فاعله فیهما أی خسر فنهنهت عنه أی كففت و زجرت.
و كان هذا مما خفی علی أی لم أعلم بوقت قتله.
فتیان قریش مبتدأ و الأغمار خبره و هو جمع الغمر بالضم و بضمتین و هو الذی لم یجرب الأمور ذكره الجوهری و قال لحج السیف و غیره بالكسر یلحج لحجا أی نشب فی الغمد فلا یخرج و مكان لحج أی ضیق.
ص: 209
ثم استفتح إشارة إلی قوله تعالی وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ أی سألوا من اللّٰه الفتح علی أعدائهم أو القضاء بینهم و بین أعدائهم من الفتاحة.
«164»-(1)
كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَارَ فِی أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ سِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ الشِّرْكِ قَالَ فَغَضِبَ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ سَارَ فِیهِمْ وَ اللَّهِ بِسِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْفَتْحِ إِنَّ عَلِیّاً كَتَبَ إِلَی مَالِكٍ وَ هُوَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ یَوْمَ الْبَصْرَةِ بِأَنْ لَا یَطْعُنَ فِی غَیْرِ مُقْبِلٍ وَ لَا یَقْتُلَ مُدْبِراً وَ لَا یُجْهِزَ عَلَی جَرِیحٍ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَوَضَعَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ عَلَی الْقَرَبُوسِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَقْرَأَهُ ثُمَّ قَالَ اقْتُلُوا فَقَتَلَهُمْ حَتَّی أَدْخَلَهُمْ سِكَكَ الْبَصْرَةِ ثُمَّ فَتَحَ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِیاً فَنَادَی بِمَا فِی الْكِتَابِ.
«165»-(2)
نی، الغیبة للنعمانی مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَابُنْدَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هُلَیْلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا الْتَقَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ نَشَرَ الرَّایَةَ رَایَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَزَلْزَلَتْ أَقْدَامُهُمْ فَمَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ حَتَّی قَالُوا آمِنَّا یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَا تَقْتُلُوا الْأُسَرَاءَ وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَتْبَعُوا مُوَلِّیاً وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ لَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ سَأَلُوهُ نَشْرَ الرَّایَةِ فَأَبَی عَلَیْهِمْ فَتَحَمَّلُوا عَلَیْهِ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ فَقَالَ لِلْحَسَنِ یَا بُنَیَّ إِنَّ لِلْقَوْمِ مُدَّةً یَبْلُغُونَهَا وَ إِنَّ هَذِهِ رَایَةٌ لَا یَنْشُرُهَا بَعْدِی إِلَّا الْقَائِمُ علیه السلام.
ص: 210
«166»-د، (1) العدد القویة فی تاریخ المفید: فی النصف من جمادی الأول سنة ست و ثلاثین من الهجرة كان فتح البصرة و نزول النصر من اللّٰه تعالی علی أمیر المؤمنین علیه السلام:
و فی كتاب التذكرة: فی هذه السنة أظهر معاویة الخلافة و فیها بایع جاریة بن قدامة السعدی لعلی بالبصرة و هرب منها عبد اللّٰه بن عامر و فیها لحق الزبیر بمكة و كانت عائشة معتمرة فأشار علیهم ابن عامر بقصد البصرة و جهزهم بألف ألف درهم و مائة بعیر و قدم یعلی بن منیة من البصرة فأعانهم بمائة ألف درهم و بعث إلی عائشة بالجمل الذی اشتراه بمائتی دینار و سار علی علیه السلام إلیهم و كان معه سبعمائة من الصحابة و فیهم أربعمائة من المهاجرین و الأنصار منهم سبعون بدریا و كانت وقعة الجمل بالخریبة یوم الخمیس لخمس خلون من جمادی الآخرة قتل فیها طلحة و قتل فیها محمد بن طلحة و كعب بن سور و أوقف علی الزبیر ما سمعه من النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو أنك تحاربه و أنت ظالم فقال أ ذكرتنی ما أنسانیه الدهر و انصرف راجعا فلحقه عمرو بن جرموز بوادی السباع و هو قائم یصلی فطعنه فقتله و هو ابن خمس و سبعین سنة:
و قیل: إن عدة من قتل من أصحاب الجمل ثلاثة عشر ألفا و من أصحاب علی أربعة آلاف أو خمسة آلاف و سار أمیر المؤمنین علیه السلام إلی الكوفة و استخلف علی البصرة عبد اللّٰه بن عباس و سیر عائشة إلی المدینة
ص: 211
و فی هذه السنة صالح معاویة الروم علی مال حمله إلیهم لشغله بحرب علی علیه السلام.
«167»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا مَرَّ بِطَلْحَةَ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ وَ هُمَا قَتِیلَانِ یَوْمَ الْجَمَلِ لَقَدْ أَصْبَحَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْمَكَانِ غَرِیباً أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قُرَیْشٌ قَتْلَی تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ أَدْرَكْتُ وَتْرِی مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ أَفْلَتَتْنِی أَعْیَانُ بَنِی جُمَحٍ لَقَدْ أَتْلَعُوا أَعْنَاقَهُمْ إِلَی أَمْرٍ لَمْ یَكُونُوا أَهْلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ.
بیان:
عبد الرحمن من التابعین و أبوه كان أمیر مكة فی زمن الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و الوتر الجنایة التی یجنیها الرجل علی غیره من قتل أو نهب أو سبی.
و أعیان بنی جمح فی بعض النسخ بالرای أی ساداتهم أو جمع عیر بمعنی الحمار و هو ذم لجماعة من بنی جمح حضروا الجمل و هربوا و لم یقتل منهم إلا اثنان و أتلعوا أعناقهم أی رفعوها و الوقص كسر العنق یقال واقص الرجل فهو موقوص.
«168»-(2) و قال ابن أبی الحدید: ركبت عائشة یوم الحرب الجمل المسمی عسكرا فی هودج قد ألبس الرفوف ثم ألبس جلود النمر ثم ألبس فوق ذلك دروع الحدید:
و روی الشعبی عن مسلم بن أبی بكرة عن أبیه قال: لما قدم طلحة و الزبیر البصرة تقلدت سیفی و أنا أرید نصرهما فدخلت علی عائشة و إذا هی تأمر و تنهی و إذا الأمر أمرها فذكرت حدیثا كنت سمعته
من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 212
لن یفلح قوم یدبر أمرهم.
امرأة فانصرفت و اعتزلتهم:
و قد روی هذا الخبر علی صورة أخری: إن قوما یخرجون بعدی فی فئة رأسها امرأة لا یفلحون أبدا و كان الجمل لواء عسكر البصرة لم یكن لواء غیره فلما تواقف الجمعان قال علی علیه السلام لا تقاتلوا القوم حتی یبدءوكم فإنكم بحمد اللّٰه علی حجة و كفكم عنهم حتی یبدءوكم حجة أخری و إذا قاتلتموهم فلا تجهزوا علی جریح فإذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا و لا تكشفوا عورة و لا تمثلوا بقتیل و إذا وصلتم إلی رحال القوم فلا تهتكوا سترا و لا تدخلوا دارا و لا تأخذوا من أموالهم شیئا و لا تهیجوا امرأة بأذی و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم و صلحاءكم فإنهن ضعفاء القوی و الأنفس و العقول و لقد كنا نؤمر بالكف عنهن و إنهن لمشركات و إن كان الرجل لیتناول المرأة بالهراوة و الجریدة فیعیر بها و عقبه من بعده قال و قتل بنو ضبة حول الجمل فلم یبق فیهم إلا من لا نفع عنده و أخذت الأزد بخطامه فقالت عائشة من أنتم قالوا الأزد قالت صبرا فإنما یصبر الأحرار و رمی الجمل بالنبل حتی صارت القبة علیه كهیئة القنفذ فقال علی علیه السلام لما فنی الناس علی خطام الجمل و قطعت الأیدی و سالت النفوس ادعوا لی الأشتر و عمارا فجاءا فقال اذهبا فاعقرا هذا الجمل فإنهم قد اتخذوه قبلة فذهبا و معهما فتیان من مراد یعرف أحدهما بعمر بن عبد اللّٰه فما زالا یضربان الناس حتی خلصا إلیه فضربه المرادی علی عرقوبیه فأقعی و له رغاء ثم وقع لجنبه و فر الناس من حوله فنادی علی اقطعوا أنساع الهودج ثم قال لمحمد بن أبی بكر اكفنی أختك فحملها محمد حتی أنزلها دار عبد اللّٰه بن خلف الخزاعی.
«169»-(1)
كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ الْقَاسَانِیُّ جَمِیعاً عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ عِیَاضٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ الْبَصْرَةِ نَادَی
ص: 213
فِیهِمْ لَا تَسْبُوا لَهُمْ ذُرِّیَّةً وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ.
«170»-(1)
أَقُولُ قَالَ السَّیِّدُ بْنُ طَاوُسٍ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِی عَلِیٍّ بِرِوَایَةِ أَبِی بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَاسِینَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الكند [كِنْدَةَ] عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ كُرْزٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَوْلَایَ یَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ اللِّوَاءِ فَأَقْبَلَ فَارِسٌ فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ قَالَتْ عَائِشَةُ سَلُوهُ مَنْ هُوَ قِیلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَالَتْ قُولُوا لَهُ مَا تُرِیدُ قَالَ أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ الَّذِی أَخْرَجَ الْكِتَابَ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِكِ أَ تَعْلَمِینَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَ عَلِیّاً وَصِیَّهُ عَلَی أَهْلِهِ قَالَتِ اللَّهُمَّ نَعَمْ.
«171»-(2)
كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ سَوَّارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا هَزَمَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَقْبَلَ النَّاسُ مُنْهَزِمِینَ فَمَرُّوا بِامْرَأَةٍ حَامِلٍ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ فَفَزِعَتْ مِنْهُمْ فَطَرَحَتْ مَا فِی بَطْنِهَا حَیّاً فَاضْطَرَبَ حَتَّی مَاتَ ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ مِنْ بَعْدِهِ فَمَرَّ بِهَا عَلِیٌّ علیه السلام
ص: 214
وَ أَصْحَابُهُ وَ هِیَ مَطْرُوحَةٌ وَ وَلَدُهَا عَلَی الطَّرِیقِ فَسَأَلَهُمْ عَنْ أَمْرِهَا فَقَالُوا لَهُ إِنَّهَا كَانَتْ حُبْلَی فَفَزِعَتْ حِینَ رَأَتِ الْقِتَالَ وَ الْهَزِیمَةَ قَالَ فَسَأَلَهُمْ أَیُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَقِیلَ إِنَّ ابْنَهَا مَاتَ قَبْلَهَا قَالَ فَدَعَا بِزَوْجِهَا أَبِی الْغُلَامِ الْمَیِّتِ فَوَرَّثَهُ مِنِ ابْنِهِ ثُلُثَیِ الدِّیَةِ وَ وَرَّثَ أُمَّهُ ثُلُثَ الدِّیَةِ ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوْجَ أَیْضاً مِنَ الْمَرْأَةِ نِصْفَ ثُلُثِ الدِّیَةِ الَّذِی وَرِثَتْهُ مِنِ ابْنِهَا وَ وَرَّثَ قَرَابَةَ الْمَرْأَةِ الْمَیِّتَةِ الْبَاقِیَ ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوْجَ أَیْضاً مِنْ دِیَةِ امْرَأَتِهِ الْمَیِّتَةِ نِصْفَ الدِّیَةِ وَ هُوَ أَلْفَانِ وَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ وَرَّثَ قَرَابَةَ الْمَرْأَةِ الْمَیِّتَةِ نِصْفَ الدِّیَةِ وَ هُوَ أَلْفَانِ وَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لَهَا وَلَدٌ غَیْرُ الَّذِی رَمَتْ بِهِ حِینَ فَزِعَتْ قَالَ وَ أَدَّی ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْبَصْرَةِ.
أقول: شرح الخبر لا یناسب هذا المقام و قد شرحناه فی موضعه.
وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ أَبَانٌ سَمِعْتُ سُلَیْماً یَقُولُ شَهِدْتُ یَوْمَ الْجَمَلِ عَلِیّاً علیه السلام وَ كُنَّا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً وَ كَانَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ زِیَادَةً عَلَی عِشْرِینَ وَ مِائَةِ أَلْفٍ وَ كَانَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِمَّنْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَدْراً وَ الْحُدَیْبِیَةَ وَ مَشَاهِدَهُ وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَّا مَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ الْحِجَازِ لَیْسَتْ لَهُ هِجْرَةٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَ جُلُّ الْأَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ لَمْ یُكْرِهْ أَحَداً عَلَی الْبَیْعَةِ وَ لَا عَلَی الْقِتَالِ إِنَّمَا نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبُوا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعُونَ وَ مِائَةُ رَجُلٍ وَ جُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ شَاهَدَ أُحُداً وَ الْحُدَیْبِیَةَ وَ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَ هَوَاهُ مَعَهُ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ یَدْعُونَ لَهُ بِالظَّفَرِ وَ النَّصْرِ وَ یُحِبُّونَ ظُهُورَهُ عَلَی مَنْ نَاوَاهُ وَ لَمْ یُخْرِجْهُمْ وَ لَا یُضَیِّقُ عَلَیْهِمْ وَ قَدْ بَایَعُوهُ وَ لَیْسَ كُلُّ أُنَاسٍ یُقَاتِلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الطَّاعِنُ عَلَیْهِ وَ الْمُتَبَرِّئُ مِنْهُ قَلِیلٌ مُسْتَتِرٌ عَنْهُ مُظْهِرٌ لَهُ الطَّاعَةَ غَیْرَ ثَلَاثَةِ رَهْطٍ بَایَعُوهُ ثُمَّ شَكُّوا فِی الْقِتَالِ مَعَهُ وَ قَعَدُوا فِی بُیُوتِهِمْ وَ هُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ
ص: 215
وَ ابْنُ عُمَرَ وَ أَمَّا أساتر [أُسَامَةُ] بْنُ زَیْدٍ فَقَدْ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ رَضِیَ وَ دَعَا لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَ بَرِئَ مِنْ عَدُوِّهِ وَ شَهِدَ أَنَّهُ عَلَی الْحَقِّ وَ مَنْ خَالَفَهُ مَلْعُونٌ حَلَالُ الدَّمِ.
قَالَ أَبَانٌ قَالَ سُلَیْمٌ لَمَّا الْتَقَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ یَوْمَ الْجَمَلِ نَادَی عَلِیٌّ علیه السلام الزُّبَیْرَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اخْرُجْ إِلَیَّ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَخْرُجُ إِلَی الزُّبَیْرِ النَّاكِثِ بَیْعَتَهُ وَ هُوَ عَلَی فَرَسٍ شَاكٍ فِی السِّلَاحِ وَ أَنْتَ عَلَی بَغْلَةٍ بِلَا سِلَاحٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ عَلَیَّ جُنَّةً وَاقِیَةً لَنْ یَسْتَطِیعَ أَحَدٌ فِرَاراً مِنْ أَجْلِهِ وَ إِنِّی لَا أَمُوتُ وَ لَا أُقْتَلُ إِلَّا عَلَی یَدَیْ أَشْقَاهَا كَمَا عَقَرَ نَاقَةَ اللَّهِ أَشْقَی ثَمُودَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الزُّبَیْرُ فَقَالَ أَیْنَ طَلْحَةُ لِیَخْرُجْ فَخَرَجَ طَلْحَةُ فَقَالَ نَشَدْتُكُمَا اللَّهَ أَ تَعْلَمَانِ وَ أُولُو الْعِلْمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَهْلَ النَّهْرِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری فَقَالَ الزُّبَیْرُ كَیْفَ نَكُونُ مَلْعُونِینَ وَ نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمَا اسْتَحْلَلْتُ قِتَالَكُمْ فَقَالَ الزُّبَیْرُ أَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَوْمَ أُحُدٍ أُوجِبَ طَلْحَةَ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی شَهِیدٍ یَمْشِی عَلَی الْأَرْضِ حَیّاً فَلْیَنْظُرْ إِلَی طَلْحَةَ أَ وَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَشَرَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَسَمِّهِمْ فَقَالَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ حَتَّی عَدَّ تِسْعَةً فِیهِمْ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام عَدَّدْتَ تِسْعَةً فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالَ الزُّبَیْرُ أَنْتَ فَقَالَ أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَقْرَرْتَ أَنِّی مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَمَّا مَا ادَّعَیْتَ لِنَفْسِكَ وَ أَصْحَابِكَ فَإِنِّی بِهِ لَمِنَ الْجَاحِدِینَ وَ اللَّهِ إِنَّ بَعْضَ مَنْ سَمَّیْتَ لَفِی تَابُوتٍ فِی جُبٍّ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَی ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُسْعِرَ جَهَنَّمَ رَفَعَ تِلْكَ الصَّخْرَةَ فَأَسْعَرَ جَهَنَّمَ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَّا أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِی وَ سَفَكَ دَمِی بِیَدِكَ وَ إِلَّا فَأَظْفَرَنِیَ اللَّهُ بِكَ وَ أَصْحَابِكَ فَرَجَعَ الزُّبَیْرُ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَبْكِی ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی طَلْحَةَ فَقَالَ یَا طَلْحَةُ مَعَكُمَا نِسَاؤُكُمَا قَالَ لَا قَالَ عَمَدْتُمَا إِلَی امْرَأَةٍ مَوْضِعُهَا فِی كِتَابِ اللَّهِ الْقُعُودُ فِی بَیْتِهَا فَأَبْرَزْتُمَاهَا وَ صُنْتُمَا
ص: 216
حَلَائِلَكُمَا فِی الْخِیَامِ وَ الْحِجَالِ مَا أَنْصَفْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ لَا یُكَلَّمْنَ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَخْبِرْنِی مِنْ صَلَاةِ ابْنِ الزُّبَیْرِ بِكُمَا أَ مَا یَرْضَی أَحَدُكُمَا بِصَاحِبِهِ أَخْبِرْنِی عَنْ دُعَائِكُمَا الْأَعْرَابَ إِلَی قِتَالِی مَا یَحْمِلُكُمَا عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ طَلْحَةُ یَا هَذَا كُنَّا فِی الشُّورَی سِتَّةً مَاتَ مِنَّا وَاحِدٌ وَ قُتِلَ آخَرُ فَنَحْنُ الْیَوْمَ أَرْبَعَةٌ كُلُّنَا لَكَ كَارِهٌ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْسَ ذَاكَ عَلَیَّ قَدْ كُنَّا فِی الشُّورَی وَ الْأَمْرُ فِی یَدِ غَیْرِنَا وَ هُوَ الْیَوْمَ فِی یَدِی أَ رَأَیْتَ لَوْ أَرَدْتُ بَعْدَ مَا بَایَعْتُ عُثْمَانَ أَنْ أَرُدَّ هَذَا الْأَمْرَ شُورَی أَ كَانَ ذَلِكَ لِی قَالَ لَا قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّكَ بَایَعْتَ طَائِعاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَیْفَ ذَلِكَ وَ الْأَنْصَارُ مَعَهُمُ السُّیُوفُ مُخْتَرَطَةً یَقُولُونَ لَئِنْ فَرَغْتُمْ وَ بَایَعْتُمْ وَاحِداً مِنْكُمْ وَ إِلَّا ضَرَبْنَا أَعْنَاقَكُمْ أَجْمَعِینَ فَهَلْ قَالَ لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ أَحَدٌ شَیْئاً مِنْ هَذَا وَقْتَ مَا بَایَعْتُمَانِی وَ حُجَّتِی فِی الِاسْتِكْرَاهِ فِی الْبَیْعَةِ أَوْضَحُ مِنْ حُجَّتِكَ وَ قَدْ بَایَعْتَنِی أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ طَائِعِینَ غَیْرَ مُكْرَهِینَ وَ كُنْتُمَا أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ لَمْ یَقُلْ أَحَدٌ لَتُبَایِعَانِ أَوْ لَنَقْتُلُكُمَا فَانْصَرَفَ طَلْحَةُ وَ نَشِبَ الْقِتَالُ فَقُتِلَ طَلْحَةُ وَ انْهَزَمَ الزُّبَیْرُ.
بیان: قوله أ كان ذلك بی أی بحسب معتقدكم أو هل كانوا یسمعون منی ذلك. و اعلم أن الدلائل علی بطلان ما ادعوا من ورود الحدیث ببشارة العشرة أنهم من أهل الجنة كثیرة قد مر بعضها و كفی بإنكاره علیه السلام و رده فی بطلانه و مقاتلة بعضهم معه علیه السلام أدل دلیل علی بطلانه للأخبار المتواترة بین الفریقین عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله
كقوله علیه السلام لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ.
و
قوله حربك حربی.
و غیر ذلك مما مر و سیأتی فی المجلد التاسع و العشرة بزعمهم أمیر المؤمنین علیه السلام و أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبیر و سعد بن أبی وقاص و سعید بن زید بن عمرو بن نفیل العدوی و عبد الرحمن بن عوف و أبو عبیدة عامر بن عبد اللّٰه بن الجراح علی التسعة اللعنة.
ص: 217
تذنیب:
قال أبو الصلاح رحمه اللّٰه فی تقریب المعارف (1) تناصر الخبر من طریقی الشیعة و أصحاب الحدیث بأن عثمان و طلحة و الزبیر و سعدا و عبد الرحمن من جملة أصحاب العقبة الذین نفروا برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أن عثمان و طلحة القائلان أ ینكح محمد نساءنا و لا تنكح نساءه و اللّٰه لو قد مات لأجلنا علی نسائه بالسهام.
و قول طلحة لأتزوجن أم سلمة (2) فأنزل اللّٰه سبحانه وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً و قول عثمان لطلحة و قد تنازعا و اللّٰه إنك أول أصحاب محمد تزوج بیهودیة فقال طلحة و أنت و اللّٰه لقد قلت ما یحبسنا هاهنا إلا نلحق بقومنا.
و قد روی من طریق موثوق به ما یصحح قول عثمان لطلحة فروی أن طلحة عشق یهودیة فخطبها لیتزوجها فأبت إلا أن یتهود ففعل و قدحوا فی نسبه بأن أباه عبید اللّٰه كان عبدا راعیا بالبلقاء فلحق بمكة فادعاه عثمان بن عمرو بن كعب التیمی فنكح الصعبة بنت دزمهر الفارسی و كان بعث به كسری إلی الیمن فكان بحضرموت خرازا.
و أما الزبیر فكان أبوه ملاحا بجدة و كان جمیلا فادعاه خویلد و زوجه عبد المطلب صفیة.
و قال العلامة قدس اللّٰه روحه فی كشف الحق و مؤلف كتاب إلزام النواصب و صاحب كتاب تحفة الطالب ذكر أبو المنذر هشام بن محمد الكلبی
ص: 218
من علماء الجمهور (1) أن من جملة البغایا و ذوات الرایات صعبة بنت الحضرمی كانت لها رایة بمكة و استبضعت بأبی سفیان فوقع علیها أبو سفیان و تزوجها عبید اللّٰه بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تیم فجاءت بطلحة بن عبید اللّٰه لستة أشهر فاختصم أبو سفیان و عبید اللّٰه فی طلحة فجعلا أمرهما إلی صعبة فألحقته بعبید اللّٰه فقیل لها كیف تركت أبا سفیان فقالت ید عبید اللّٰه طلقة و ید أبی سفیان نكرة.
و قال العلامة فی كشف الحق أیضا (2) و ممن كان یلعب به و یتخنث عبید اللّٰه أبو طلحة فهل یحل لعاقل المخاصمة مع هؤلاء لعلی علیه السلام انتهی.
و قال مؤلف كتاب إلزام النواصب و صاحب تحفة الطالب قد ورد أن العوام كان عبدا لخویلد ثم أعتقه و تبنّاه و لم یكن من قریش و ذلك أن العرب فی الجاهلیة كان إذا كان لأحدهم عبد و أراد أن ینسب إلی نفسه و یلحق به نسبه أعتقه و زوجه كریمة من العرب فیلحق بنسبه و كان هذا من سنن العرب.
و یصدق ذلك شعر عدی بن حاتم فی عبد اللّٰه بن الزبیر بحضرة معاویة و عنده جماعة قریش و فیهم عبد اللّٰه بن الزبیر فقال عبد اللّٰه لمعاویة یا أمیر المؤمنین ذرنا نكلم عدیا فقد زعم أن عنده جوابا فقال إنی أحذركموه فقال لا علیك دعنا و إیاه فرضی معاویة فقال یا أبا طریف متی فقئت عینك فقال یوم فر أبوك و قتل شر قتلة و ضربك الأشتر علی استك فوقعت هاربا من الزحف و أنشد یقول:
ص: 219
أما و أبی یا ابن الزبیر لو أننی*** لقیتك یوم الزحف رمت مدی شحطا
و كان أبی فی طی ء و أبو أبی*** صحیحین لم ینزع عروقهما القبطا
قال معاویة قد حذرتكموه فأبیتم.
و قوله:
صحیحین لم ینزع عروقهما القبطا
تعریض بابن الزبیر بأن أباه و أبا أبیه لیسا بصحیحی النسب و أنهما من القبط و لم یستطع ابن الزبیر إنكار ذلك فی مجلس معاویة.
أقول: و روی صاحب كتاب تحفة الطالب الأبیات هكذا:
أما و أبی یا ابن الزبیر لو أننی (1)*** لقیتك یوم الزحف ما رمت لی سخطا.
و لو رمت شقی عند عدل قضاؤه*** لرمت به یا ابن الزبیر مدی شحطا
ص: 220
«173»-(1)
ج، الإحتجاج رَوَی یَحْیَی بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَخْطُبُ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ دُخُولِهَا بِأَیَّامٍ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی مَنْ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْفُرْقَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَیْحَكَ أَمَّا إِذَا سَأَلْتَنِی فَافْهَمْ عَنِّی وَ لَا عَلَیْكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ عَنْهَا أَحَداً بَعْدِی أَمَّا أَهْلُ الْجَمَاعَةِ فَأَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِی وَ إِنْ قَلُّوا وَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِهِ
ص: 221
وَ أَمَّا أَهْلُ الْفُرْقَةِ فَالْمُخَالِفُونَ لِی وَ لِمَنِ اتَّبَعَنِی وَ إِنْ كَثُرُوا وَ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَالْمُتَمَسِّكُونَ بِمَا سَنَّهُ اللَّهُ لَهُمْ وَ رَسُولُهُ وَ إِنْ قَلُّوا وَ أَمَّا أَهْلُ الْبِدْعَةِ فَالْمُخَالِفُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ كِتَابِهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ الْعَامِلُونَ بِرَأْیِهِمْ وَ أَهْوَائِهِمْ وَ إِنْ كَثُرُوا وَ قَدْ مَضَی مِنْهُمُ الْفَوْجُ الْأَوَّلُ وَ بَقِیَتْ أَفْوَاجٌ وَ عَلَی اللَّهِ فَضُّهَا وَ اسْتِیصَالُهَا عَنْ جَدَدِ الْأَرْضِ فَقَامَ إِلَیْهِ عَمَّارٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ النَّاسَ یَذْكُرُونَ الْفَیْ ءَ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا فَهُوَ وَ مَالُهُ وَ وُلْدُهُ فَیْ ءٌ لَنَا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ یُدْعَی عَبَّادَ بْنَ قَیْسٍ وَ كَانَ ذَا عَارِضَةٍ وَ لِسَانٍ شَدِیدٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا قَسَمْتَ بِالسَّوِیَّةِ وَ لَا عَدَلْتَ بِالرَّعِیَّةِ فَقَالَ وَ لِمَ وَیْحَكَ قَالَ لِأَنَّكَ قَسَمْتَ مَا فِی الْعَسْكَرِ وَ تَرَكْتَ النِّسَاءَ وَ الْأَمْوَالَ وَ الذُّرِّیَّةَ فَقَالَ علیه السلام أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْیُدَاوِهَا بِالسَّمْنِ فَقَالَ عَبَّادٌ جِئْنَا نَطْلُبُ غَنَائِمَنَا فَجَاءَنَا بِالتُّرَّهَاتِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَلَا أَمَاتَكَ اللَّهُ حَتَّی یُدْرِكَكَ غُلَامُ ثَقِیفٍ فَقِیلَ وَ مَنْ غُلَامُ ثَقِیفٍ فَقَالَ رَجُلٌ لَا یَدَعُ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا فَقِیلَ أَ فَیَمُوتُ أَوْ یُقْتَلُ فَقَالَ یَقْصِمُهُ قَاصِمُ الْجَبَّارِینَ بِمَوْتٍ فَاحِشٍ یَحْتَرِقُ مِنْهُ دُبُرُهُ لِكَثْرَةِ مَا یَجْرِی مِنْ بَطْنِهِ یَا أَخَا بَكْرٍ أَنْتَ امْرُؤٌ ضَعِیفُ الرَّأْیِ أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْخُذُ الصَّغِیرَ بِذَنْبِ الْكَبِیرِ وَ أَنَّ الْأَمْوَالَ كَانَتْ لَهُمْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَ تَزَوَّجُوا عَلَی رِشْدَةٍ وَ وُلِدُوا عَلَی فِطْرَةٍ وَ إِنَّمَا لَكُمْ مَا حَوَی عَسْكَرُهُمْ وَ أَمَّا مَا كَانَ فِی دُورِهِمْ فَهُوَ مِیرَاثٌ لِذُرِّیَّتِهِمْ فَإِنْ عَدَا عَلَیْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذْنَاهُ بِذَنْبِهِ وَ إِنْ كَفَّ عَنَّا لَمْ نَحْمِلْ عَلَیْهِ ذَنْبَ غَیْرِهِ یَا أَخَا بَكْرٍ لَقَدْ حَكَمْتُ فِیهِمْ بِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ مَكَّةَ فَقَسَمَ مَا حَوَی الْعَسْكَرُ وَ لَمْ یَتَعَرَّضْ لِمَا سِوَی ذَلِكَ وَ إِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَهُ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ
ص: 222
یَا أَخَا بَكْرٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ یَحِلُّ مَا فِیهَا وَ أَنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ یَحْرُمُ مَا فِیهَا إِلَّا بِحَقٍّ فَمَهْلًا مَهْلًا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِی وَ أَكْثَرْتُمْ عَلَیَّ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِی هَذَا غَیْرُ وَاحِدٍ فَأَیُّكُمْ یَأْخُذُ عَائِشَةَ بِسَهْمِهِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَصَبْتَ وَ أَخْطَأْنَا وَ عَلِمْتَ وَ جَهِلْنَا فَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَی وَ نَادَی النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَصَبْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ الرَّشَادَ وَ السَّدَادَ فَقَامَ عَمَّارٌ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ وَ اللَّهِ إِنِ اتَّبَعْتُمُوهُ وَ أَطَعْتُمُوهُ لَنْ یَضِلَّ عَنْ مَنْهَلِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی قِیسِ شَعْرَةٍ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ ذَلِكَ وَ قَدِ اسْتَوْدَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِلْمَ الْمَنَایَا وَ الْوَصَایَا وَ فَصْلَ الْخِطَابِ عَلَی مَنْهَجِ هَارُونَ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی فَضْلًا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ وَ إِكْرَاماً مِنْهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَیْثُ أَعْطَاهُ مَا لَمْ یُعْطِهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ انْظُرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ فَامْضُوا لَهُ فَإِنَّ الْعَالِمَ أَعْلَمُ بِمَا یَأْتِی بِهِ مِنَ الْجَاهِلِ الْخَسِیسِ الْأَخَسِّ فَإِنِّی حَامِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنْ أَطَعْتُمُونِی عَلَی سَبِیلِ النَّجَاةِ وَ إِنْ كَانَتْ فِیهِ مَشَقَّةٌ شَدِیدَةٌ وَ مَرَارَةٌ عَتِیدَةٌ وَ الدُّنْیَا حُلْوَةُ الْحَلَاوَةِ لِمَنِ اغْتَرَّ بِهَا مِنَ الشِّقْوَةِ وَ النَّدَامَةِ عَمَّا قَلِیلٍ ثُمَّ إِنِّی أُخْبِرُكُمْ أَنَّ جِیلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَمَرَهُمْ نَبِیُّهُمْ أَنْ لَا یَشْرَبُوا مِنَ النَّهَرِ فَلَجُّوا فِی تَرْكِ أَمْرِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ فَكُونُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِینَ أَطَاعُوا نَبِیَّهُمْ وَ لَمْ یَعْصُوا رَبَّهُمْ وَ أَمَّا عَائِشَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْیُ النِّسَاءِ وَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حُرْمَتُهَا الْأُولَی وَ الْحِسَابُ عَلَی اللَّهِ یَعْفُو عَمَّنْ یَشَاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشَاءُ.
بیان: فلان ذو عارضة أی ذو جلد و صرامة و قدرة علی الكلام ذكره الجوهری و قال قال الأصمعی الترهات الطرق الصغار غیر الجادة تتشعب عنها الواحدة ترهة فارسی معرب ثم استعیر فی الباطل و قال یقال بینهما قیس رمح و قاس رمح أی قدر رمح و العتید الحاضر المهیأ.
ص: 223
«174»-ج، الإحتجاج عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَهُ قَالَ: أَتَی رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ الْجَمَلِ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ رَأَیْتُ فِی هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَمْراً هَالَنِی مِنْ رُوحٍ قَدْ بَانَتْ وَ جُثَّةٍ قَدْ زَالَتْ وَ نَفْسٍ قَدْ فَاتَتْ لَا أَعْرِفُ فِیهِمْ مُشْرِكاً بِاللَّهِ تَعَالَی فَاللَّهَ اللَّهَ فَمَا یُحَلِّلُنِی مِنْ هَذَا فَإِنْ یَكُ شَرّاً فَهَذَا یَتَلَقَّی بِالتَّوْبَةِ وَ إِنْ یَكُ خَیْراً ازْدَدْنَا أَخْبِرْنِی عَنْ أَمْرِكَ هَذَا الَّذِی أَنْتَ عَلَیْهِ أَ فِتْنَةٌ عُرِضَتْ لَكَ فَأَنْتَ تَنْفَحُ النَّاسَ بِسَیْفِكَ أَمْ شَیْ ءٌ خَصَّكَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِذاً أُخْبِرُكَ إِذاً أُنَبِّئُكَ إِذاً أُحَدِّثُكَ إِنَّ نَاساً مِنَ الْمُشْرِكِینَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسْلَمُوا ثُمَّ قَالُوا لِأَبِی بَكْرٍ اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی نَأْتِیَ قَوْمَنَا فَنَأْخُذَ أَمْوَالَنَا ثُمَّ نَرْجِعَ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ فَقَالَ عُمَرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یُرْجَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَی الْكُفْرِ قَالَ وَ مَا عِلْمُكَ یَا عُمَرُ أَنْ یَنْطَلِقُوا فَیَأْتُوا بِمِثْلِهِمْ مَعَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَتَوْا أَبَا بَكْرٍ فِی الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَسَأَلُوهُ أَنْ یَسْتَأْذِنَ لَهُمْ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ وَ عِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ فَغَضِبَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَرَاكُمْ تَنْتَهُونَ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ رَجُلًا مِنْ قُرَیْشٍ یَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ فَتَخْتَلِفُونَ عَنْهُ اخْتِلَافَ الْغَنَمِ الشَّرَدِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا هُوَ فَقَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ فَأَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَا قَالَ عُمَرُ فَمَنْ هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَومَی إِلَیَّ وَ أَنَا أَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ عِنْدَكُمَا ابْنُ عَمِّی وَ أَخِی وَ صَاحِبِی وَ مُبَرِّئُ ذِمَّتِی وَ الْمُؤَدِّی عَنِّی دَیْنِی وَ عُدَّتِی وَ الْمُبَلِّغُ عَنِّی رِسَالَتِی وَ مُعَلِّمُ النَّاسِ مِنْ بَعْدِی وَ یُبَیِّنُ لَهُمْ مِنْ تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ مَا لَا یَعْلَمُونَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَكْتَفِی مِنْكَ بِهَذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا بَقِیتُ فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَشَدَّ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فِیمَا بَعْدُ عَلَی مَنْ خَالَفَهُ.
بیان: قال الجوهری نفحه بالسیف تناوله من بعید و فی بعض النسخ تنصح بالصاد المهملة و الأول أظهر قوله علیه السلام غنم الشرد من
ص: 224
قبیل إضافة الموصوف إلی الصفة و فی بعض النسخ الغنم بالتعریف و هو أظهر و الشَّرَد إما بالتحریك جمع شارد كخَدَم و خادم أو بضمتین جمع شرود كزبور و زبر من شرد البعیر إذا نفر.
«175»-(1)
ج، الإحتجاج عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ قِتَالِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَضَعَ قَتَباً عَلَی قَتَبٍ ثُمَّ صَعِدَ عَلَیْهِ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ یَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ یَا أَهْلَ الدَّاءِ الْعُضَالِ یَا أَتْبَاعَ الْبَهِیمَةِ یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَرَبْتُمْ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ وَ دِینُكُمْ نِفَاقٌ وَ أَحْلَامُكُمْ دِقَاقٌ ثُمَّ نَزَلَ یَمْشِی بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَمَشَیْنَا مَعَهُ فَمَرَّ بِالْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ وَ هُوَ یَتَوَضَّأُ فَقَالَ یَا حَسَنُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ أُنَاساً یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ یُصَلُّونَ الْخَمْسَ وَ یُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ كَانَ مَا رَأَیْتَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُعِینَ عَلَیْنَا عَدُوَّنَا فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ خَرَجْتُ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ فَاغْتَسَلْتُ وَ تَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَیَّ سِلَاحِی
ص: 225
وَ أَنَا لَا أَشُكُّ فِی أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَیْبَةِ نَادَی مُنَادٍ یَا حَسَنُ ارْجِعْ فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِی النَّارِ فَرَجَعْتُ ذَعِراً وَ جَلَسْتُ فِی بَیْتِی فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی لَمْ أَشُكَّ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَتَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَیَّ سِلَاحِی وَ خَرَجْتُ أُرِیدُ الْقِتَالَ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَیْبَةِ فَنَادَانِی مُنَادٍ مِنْ خَلْفِی یَا حَسَنُ إِلَی أَیْنَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِی النَّارِ قَالَ عَلِیٌّ صَدَقْتَ أَ فَتَدْرِی مَنْ ذَاكَ الْمُنَادِی قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ أَخُوكَ إِبْلِیسُ وَ صَدَقَكَ أَنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ مِنْهُمْ فِی النَّارِ فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ الْآنَ عَرَفْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ الْقَوْمَ هَلْكَی.
بیان: قال الفیروزآبادی الخریبة كجهینة موضع بالبصرة تسمی البصرة الصغری.
«176»-(1)
فس، تفسیر القمی وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوی قَالَ الْمُؤْتَفِكَةُ الْبَصْرَةُ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ یَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ أَتْبَاعَ الْبَهِیمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَرَبْتُمْ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ وَ أَحْلَامُكُمْ دِقَاقٌ وَ فِیكُمْ خَتْمُ النِّفَاقِ وَ لُعِنْتُمْ عَلَی لِسَانِ سَبْعِینَ نَبِیّاً إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرَنِی أَنَّ جَبْرَئِیلَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَوَی لَهُ الْأَرْضَ فَرَأَی الْبَصْرَةَ أَقْرَبَ الْأَرَضِینَ مِنَ الْمَاءِ وَ أَبْعَدَهَا مِنَ السَّمَاءِ وَ فِیهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ وَ الدَّاءُ الْعُضَالُ الْمُقِیمُ فِیهَا مُذْنِبٌ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا بِرَحْمَةٍ وَ قَدِ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا مَرَّتَیْنِ وَ عَلَی اللَّهِ تَمَامُ الثَّالِثَةِ وَ تَمَامُ الثَّالِثَةِ فِی الرَّجْعَةِ.
ص: 226
بیان: قال البیضاوی المؤتفكة القری التی ائتفكت بأهلها أی انقلبت و قال فی النهایة فی حدیث أنس البصرة إحدی المؤتفكات یعنی أنها غرقت مرتین فشبه غرقها بانقلابها و قال الجوهری داء عضال أی شدید أعیا الأطباء.
«177»-(1)
فس، تفسیر القمی وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ الْمُؤْتَفِكَاتُ الْبَصْرَةُ وَ الْخَاطِئَةُ فُلَانَةُ.
بیان: قال البیضاوی بِالْخاطِئَةِ أی بالخطإ أو بالفعلة أو بالأفعال ذات الخطإ و أما التأویل الذی ذكره علی بن إبراهیم
فَقَدْ رَوَاهُ مُؤَلِّفُ تَأْوِیلِ الْآیَاتِ الْبَاهِرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَخِیهِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقْرَأُ وَ جاءَ فِرْعَوْنُ یَعْنِی الثَّالِثَ وَ مَنْ قَبْلَهُ یَعْنِی الْأَوَّلَیْنِ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بِالْخاطِئَةِ الْحُمَیْرَاءُ.
فالمراد بمجی ء الأولین و الثالث بعائشة أنهم أسسوا لها بما فعلوا من الجور علی أهل البیت علیهم السلام أساسا به تیسر لها الخروج و الاعتداء علی أمیر المؤمنین علیه السلام و لو لا ما فعلوا لم تكن تجترئ علی ما فعلت و المراد بالمؤتفكات أهل المؤتفكات و الجمع باعتبار البقاع و القری و المحلات.
«178»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ أَبِی الْوَلِیدِ
ص: 227
الضَّبِّیِّ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْهُذَلِیِّ قَالَ: دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ حَوْطٍ اللَّیْثِیُّ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَرَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ عَائِشَةَ أَضْحَوْا إِلَّا عَلَی حَقٍّ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا حَارِ إِنَّكَ نَظَرْتَ تَحْتَكَ وَ لَمْ تَنْظُرْ فَوْقَكَ جُزْتَ عَنِ الْحَقِّ إِنَّ الْحَقَّ وَ الْبَاطِلَ لَا یُعْرَفَانِ بِالنَّاسِ وَ لَكِنِ اعْرِفِ الْحَقَّ بِاتِّبَاعِ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ الْبَاطِلَ بِاجْتِنَابِ مَنِ اجْتَنَبَهُ قَالَ فَهَلَّا أَكُونُ تَبَعاً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَ سَعْداً خَذَلَا الْحَقَّ وَ لَمْ یَنْصُرَا الْبَاطِلَ مَتَی كَانَا إِمَامَیْنِ فِی الْخَیْرِ فَیُتَّبَعَانِ.
بیان: إنك نظرت تحتك لعله كنایة عن الغفلة عن معالی الأمور أو أنه اقتصر علی النظر إلی أمثاله و من هو أدون منه و لم یتبع من یجب اتباعه ممن هو فوقه.
«179»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْهُذَلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِیرِینَ قَالَ سَمِعْتُ غَیْرَ وَاحِدٍ مِنْ مَشِیخَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ یَقُولُونَ لَمَّا فَرَغَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنْ حَرْبِ الْجَمَلِ عُرِضَ لَهُ مَرَضٌ وَ حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ فَتَأَخَّرَ عَنْهَا وَ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ انْطَلِقْ یَا بُنَیَّ فَاجْمَعْ بِالنَّاسِ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ إِلَی الْمَسْجِدِ فَلَمَّا اسْتَقَلَّ عَلَی الْمِنْبَرِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ تَشَهَّدَ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ
ص: 228
أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنَا لِنُبُوَّتِهِ وَ اصْطَفَانَا عَلَی خَلْقِهِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْنَا كِتَابَهُ وَ وَحْیَهُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَا یَنْتَقِصُنَا أَحَدٌ مِنْ حَقِّنَا شَیْئاً إِلَّا یَنْقُصُهُ اللَّهُ فِی عَاجِلِ دُنْیَاهُ وَ آجِلِ آخِرَتِهِ وَ لَا یَكُونُ عَلَیْنَا دَوْلَةٌ إِلَّا كَانَتْ لَنَا الْعَاقِبَةُ وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِینٍ ثُمَّ جَمَعَ بِالنَّاسِ وَ بَلَغَ أَبَاهُ كَلَامُهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَی أَبِیهِ علیه السلام نَظَرَ إِلَیْهِ فَمَا مَلَكَ عَبْرَتَهُ أَنْ سَالَتْ عَلَی خَدَّیْهِ ثُمَّ اسْتَدْنَاهُ إِلَیْهِ فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ.
«180»-(1)
مع، معانی الأخبار مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ سُفْیَانَ الْحَرِیرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَزَوَّرِ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنَ الْبَصْرَةِ تَلَقَّاهُ أَشْرَافُ النَّاسِ فَهَنَّوْهُ وَ قَالُوا إِنَّا نَرْجُو أَنْ یَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ فِیكُمْ وَ لَا یُنَازِعَكُمْ فِیهِ أَحَدٌ أَبَداً فَقَالَ هَیْهَاتَ فِی كَلَامٍ لَهُ أَنَّی ذَلِكَ وَ لِمَا تَرْمُونَ بِالصَّلْعَاءِ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا الصَّلْعَاءُ قَالَ یُؤْخَذُ أَمْوَالُكُمْ قَهْراً فَلَا تَمْنَعُونَ [فَلَا تَمْتَنِعُونَ .
بیان: قال فی النهایة الصلعاء الأرض التی لا تنبت و فی حدیث عائشة أنها قالت لمعاویة حین ادعی زیادا ركبت الصلیعاء أی الداهیة و الأمر الشدید أو السوءة الشنیعة البارزة المكشوفة.
«181»-(2)
یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أَبِی الصَّیْرَفِیِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُرَادٍ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً عَلَی رَأْسِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْبَصْرَةِ إِذْ أَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ الْقِتَالِ فَقَالَ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً فَقَالَ علیه السلام مَا أَعْرَفَنِی بِالْحَاجَةِ الَّتِی جِئْتَ فِیهَا تَطْلُبُ الْأَمَانَ لِابْنِ الْحَكَمِ قَالَ نَعَمْ أُرِیدُ أَنْ تُؤْمِنَهُ قَالَ آمَنْتُهُ
ص: 229
وَ لَكِنِ اذْهَبْ إِلَیْهِ وَ جِئْنِی بِهِ وَ لَا تَجِئْنِی بِهِ إِلَّا رَدِیفاً فَإِنَّهُ أَذَلُّ لَهُ فَجَاءَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رِدْفاً خَلْفَهُ فَكَأَنَّهُ قِرْدٌ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُبَایِعُ قَالَ نَعَمْ وَ فِی النَّفْسِ مَا فِیهَا قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِی الْقُلُوبِ فَلَمَّا بَسَطَ یَدَهُ لِیُبَایِعَهُ أَخَذَ كَفَّهُ عَنْ كَفِّ مَرْوَانَ فَتَرَّهَا فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهَا إِنَّهَا كَفٌّ یَهُودِیَّةٌ لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ عِشْرِینَ مَرَّةً لَنَكَثَ بِاسْتِهِ ثُمَّ قَالَ هِیهِ یَا ابْنَ الْحَكَمِ خِفْتَ عَلَی رَأْسِكَ أَنْ تَقَعَ فِی هَذِهِ الْمَعْمَعَةِ كَلَّا وَ اللَّهِ حَتَّی یَخْرُجَ مِنْ صُلْبِكَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ یَسُومُونَ هَذِهِ الْأُمَّةَ خَسْفاً وَ یَسْقُونَهُ كَأْساً مُصَبَّرَةً.
بیان: قوله فترها كذا فی أكثر النسخ بالتاء و الراء المهملة قال الفیروزآبادی فی القاموس تر العظم یتر و یتر علی زنة یمد و یفر ترا و ترورا بان و انقطع و قطع كأتر و تر عن بلده تباعد و التترتر التزلزل و التقلقل و ترتروا السكران حركوه و زعزعوه و استنكهوه حتی یوجد منه الریح.
و فی بعض النسخ فنثرها بالنون و الثاء المثلثة أی نفضها و فی بعضها بالنون و التاء المثناة من النتر و هو الجذب بقوة و قال فی القاموس یقال لشی ء یطرد هیه هیه بالكسر و هی كلمة استزادة أیضا و فی النهایة المعامع شدة الموت و الجد فی القتال و المعمعة فی الأصل صوت الحریق و المعمعان شدة الحر.
«182»-(1)
شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِالْبَصْرَةِ حِینَ ظَهَرَ عَلَی الْقَوْمِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَ مَغْفِرَةٍ دَائِمَةٍ وَ عَفْوٍ جَمٍّ وَ عِقَابٍ أَلِیمٍ قَضَی أَنَّ رَحْمَتَهُ وَ مَغْفِرَتَهُ وَ عَفْوَهُ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ بِرَحْمَتِهِ اهْتَدَی
ص: 230
الْمُهْتَدُونَ وَ قَضَی أَنَّ نَقِمَتَهُ وَ سَطَوَاتِهِ وَ عِقَابَهُ عَلَی أَهْلِ مَعْصِیَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ بَعْدَ الْهُدَی وَ الْبَیِّنَاتِ مَا ضَلَّ الضَّالُّونَ فَمَا ظَنُّكُمْ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ قَدْ نَكَثْتُمْ بَیْعَتِی وَ ظَاهَرْتُمْ عَلَیَّ عَدُوِّی فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ نَظُنُّ خَیْراً وَ نَرَاكَ قَدْ ظَهَرْتَ وَ قَدَرْتَ فَإِنْ عَاقَبْتَ فَقَدِ اجْتَرَمْنَا ذَلِكَ وَ إِنْ عَفَوْتَ فَالْعَفْوُ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ فَإِیَّاكُمْ وَ الْفِتْنَةَ فَإِنَّكُمْ أَوَّلُ الرَّعِیَّةِ نَكَثَ الْبَیْعَةَ وَ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ بَایَعُوهُ ثُمَّ كَتَبَ علیه السلام بِالْفَتْحِ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ حَكَمٌ عَدْلٌ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ أُخْبِرُكُمْ عَنَّا وَ عَمَّنْ سِرْنَا إِلَیْهِ مِنْ جُمُوعِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ مَنْ تَأَشَّبَ إِلَیْهِمْ مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهِمْ مَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ نَكْثِهِمْ صَفْقَةَ أَیْمَانِهِمْ فَنَهَضْتُ مِنَ الْمَدِینَةِ حِینَ انْتَهَی إِلَیَّ خَبَرُ مَنْ سَارَ إِلَیْهَا وَ جَمَاعَتِهِمْ وَ مَا فَعَلُوا بِعَامِلِی عُثْمَانَ بْنِ حُنَیْفٍ حَتَّی قَدِمْتُ ذَا قَارٍ فَبَعَثْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ فَاسْتَنْفَرْتُكُمْ بِحَقِّ اللَّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ وَ حَقِّی فَأَقْبَلَ إِلَیَّ إِخْوَانُكُمْ سِرَاعاً حَتَّی قَدِمُوا عَلَیَّ فَسِرْتُ بِهِمْ حَتَّی نَزَلْتُ ظَهْرَ الْبَصْرَةِ فَأَعْذَرْتُ بِالدُّعَاءِ وَ قُمْتُ بِالْحُجَّةِ وَ أَقَلْتُ الْعَثْرَةَ وَ الزَّلَّةَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهِمْ وَ اسْتَتَبْتُهُمْ مِنْ نَكْثِهِمْ بَیْعَتِی وَ عَهْدَ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا قِتَالِی وَ قِتَالَ مَنْ مَعِی وَ التَّمَادِیَ فِی الْغَیِّ فَنَاهَضْتُهُمْ بِالْجِهَادِ فَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ نَاكِثاً وَ وَلَّی مَنْ وَلَّی إِلَی مِصْرِهِمْ وَ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ عَلَی نَكْثِهِمَا وَ شِقَاقِهِمَا وَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ عَلَیْهِمْ أَشْأَمَ مِنْ نَاقَةِ الْحِجْرِ فَخُذِلُوا وَ أَدْبَرُوا وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ
ص: 231
الْأَسْبابُ فَلَمَّا رَأَوْا مَا حَلَّ بِهِمْ سَأَلُونِیَ الْعَفْوَ عَنْهُمْ فَقَبِلْتُ مِنْهُمْ وَ غَمَدْتُ السَّیْفَ عَنْهُمْ وَ أَجْرَیْتُ الْحَقَّ وَ السُّنَّةَ فِیهِمْ وَ اسْتَعْمَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ عَلَی الْبَصْرَةِ وَ أَنَا سَائِرٌ إِلَی الْكُوفَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ زَحْرَ بْنَ قَیْسٍ الْجُعْفِیَّ لِتُسَائِلُوهُ فَیُخْبِرَكُمْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ وَ رَدِّهِمُ الْحَقَّ عَلَیْنَا وَ رَدِّ اللَّهِ لَهُمْ وَ هُمْ كَارِهُونَ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
توضیح:
كلمة ما فی قوله علیه السلام ما ضل زائدة أو مصدریة و الأول أظهر و شق العصا مثل یضرب لتفریق الجماعة و أصله من أن الأعرابیین إذا اجتمعا كانت لهما عصا واحدة فإذا تفرقا شقا العصا و أخذ كل منهما شقا منها.
و قال الجوهری تأشب القوم اختلطوا و ائتشبوا أیضا یقال جاء فلان فیمن تأشب إلیه أی انضم إلیه و قال ناهضته أی قاومته و تناهض القوم فی الحرب إذا نهض كل فریق إلی صاحبه و قال فولی عنه أی أعرض و ولی هاربا أی أدبر و الحجر بالكسر منازل ثمود قال تعالی كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِینَ
«183»-(1)
شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی هَذَا الْمِنْبَرِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ أَمْرِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ
ص: 232
أَیُّهَا النَّاسُ وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُ هَؤُلَاءِ بِالْأَمْسِ إِلَّا بِآیَةٍ تَرَكْتُهَا فِی كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لِی یَا عَلِیُّ لَتُقَاتِلَنَّ الْفِئَةَ الْبَاغِیَةَ وَ الْفِئَةَ النَّاكِثَةَ وَ الْفِئَةَ الْمَارِقَةَ.
«184»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ ثُمَّ قَالَ مَا قُوتِلَ أَهْلُهَا بَعْدُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ قَرَأَهَا عَلِیٌّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ مَا قُوتِلَ أَهْلُهَا مُنْذُ یَوْمَ نَزَلَتْ حَتَّی كَانَ الْیَوْمُ.
«185»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عُثْمَانَ مَوْلَی بَنِی أَقْصَی قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ عَذَرَنِیَ اللَّهُ مِنْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ (1) بَایَعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ ثُمَّ نَكَثَا بَیْعَتِی مِنْ غَیْرِ حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وَ اللَّهِ مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآیَةِ مُذْ نَزَلَتْ حَتَّی قَاتَلْتُهُمْ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ الْآیَةَ.
«186»-(2)
كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُعْمَانَ أبو [أَبِی] جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا انْقَضَتِ الْقِصَّةُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ تَفْتِنُ النَّاسَ بِالشَّهَوَاتِ وَ تُزَیِّنُ لَهُمْ
ص: 233
بِعَاجِلِهَا وَ ایْمُ اللَّهِ إِنَّهَا لَتَغُرُّ مَنْ أَمَّلَهَا وَ تُخْلِفُ مَنْ رَجَاهَا وَ سَتُورِثُ غَداً أَقْوَاماً النَّدَامَةَ وَ الْحَسْرَةَ بِإِقْبَالِهِمْ عَلَیْهَا وَ تَنَافُسِهِمْ فِیهَا وَ حَسَدِهِمْ وَ بَغْیِهِمْ عَلَی أَهْلِ الدِّینِ وَ الْفَضْلِ فِیهَا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً وَ بَغْیاً وَ أَشَراً وَ بَطَراً وَ بِاللَّهِ إِنَّهُ مَا عَاشَ قَوْمٌ قَطُّ فِی غَضَارَةٍ مِنْ كَرَامَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِی مَعَاشِ دُنْیَا وَ لَا دَائِمِ تَقْوَی فِی طَاعَةِ اللَّهِ وَ الشُّكْرِ لِنِعَمِهِ فَأَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَغْیِیرٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ تَحْوِیلٍ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ الْحَادِثِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ قِلَّةِ مُحَافَظَةٍ وَ تَرْكِ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَهَاوُنٍ بِشُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِی وَ كَسَبَةَ الذُّنُوبِ إِذَا هُمْ حُذِّرُوا زَوَالَ نِعَمِ اللَّهِ وَ حُلُولَ نَقِمَتِهِ وَ تَحْوِیلَ عَافِیَتِهِ أَیْقَنُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِمَا كَسَبَتْ أَیْدِیهِمْ فَأَقْلَعُوا وَ تَابُوا وَ فَزِعُوا إِلَی اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِصِدْقٍ مِنْ نِیَّاتِهِمْ وَ إِقْرَارٍ مِنْهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ إِسَاءَتِهِمْ لَصَفَحَ لَهُمْ عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَ إِذاً لَأَقَالَهُمْ كُلَّ عَثْرَةٍ وَ لَرَدَّ عَلَیْهِمْ كُلَّ كَرَامَةِ نِعَمِهِ ثُمَّ أَعَادَ لَهُمْ مِنْ صَالِحِ أَمْرِهِمْ وَ مِمَّا كَانَ أَنْعَمَ بِهِ عَلَیْهِمْ كُلَّ مَا زَالَ عَنْهُمْ وَ أَفْسَدَ عَلَیْهِمْ ف اتَّقُوا اللَّهَ أَیُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقاتِهِ وَ اسْتَشْعِرُوا خَوْفَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ أَخْلِصُوا النَّفْسَ وَ تُوبُوا إِلَیْهِ مِنْ قَبِیحِ مَا اسْتَنْفَرَكُمُ الشَّیْطَانُ مِنْ قِتَالِ وَلِیِّ الْأَمْرِ وَ أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا تَعَاوَنْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ تَفْرِیقِ الْجَمَاعَةِ وَ تَشَتُّتِ الْأَمْرِ وَ فَسَادِ صَلَاحِ ذَاتِ الْبَیْنِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْبَلُ التَّوْبَةَ ... وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ وَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ.
«187»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَهُ لِمَرْوَانَ بْنِ حَكَمٍ بِالْبَصْرَةِ
ص: 234
قَالُوا أُخِذَ مَرْوَانُ بْنُ حَكَمٍ أَسِیراً یَوْمَ الْجَمَلِ فَاسْتَشْفَعَ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَلَّمَاهُ فِیهِ فَخَلَّی سَبِیلَهُ فَقَالا لَهُ یُبَایِعُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام أَ وَ لَمْ یُبَایِعْنِی بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ لَا حَاجَةَ لِی فِی بَیْعَتِهِ إِنَّهَا كَفٌّ یَهُودِیَّةٌ لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ لَغَدَرَ بِسَبَّتِهِ أَمَا إِنَّ لَهُ إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ أَنْفَهُ وَ هُوَ أَبُو الْأَكْبُشِ الْأَرْبَعَةِ وَ سَتَلْقَی الْأُمَّةُ مِنْهُ وَ مِنْ وُلْدِهِ یَوْماً أَحْمَرَ.
إیضاح:
الحكم بن أبی العاص أبو مروان هو الذی طرده رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و آواه عثمان كما مر و الضمیر فی أنها یعود إلی الكف المفهوم من البیعة لجریان العادة بأن یضع المبایع كفه فی كف المبتاع و النسبة إلی الیهود لشیوع الغدر فیهم و السبة بالفتح الاست أی لو بایع فی الظاهر لغدر فی الباطن و ذكر السبة إهانة له و الإمرة بالكسر مصدر كالإمارة و قیل اسم و لَعِقَه كسمعه لحسه و الغرض قصر مدة إمارته و كانت تسعة أشهر و قیل ستة أشهر و قیل أربعة أشهر و عشرة أیام.
و الكبش بالفتح الحمل إذا خرجت رباعیته و كبش القوم رئیسهم و فسر الأكثر الكبش ببنی عبد الملك الولید و سلیمان و یزید و هشام و لم یل الخلافة من بنی أمیة و لا من غیرهم أربعة إخوة إلا هؤلاء و قیل هم بنو مروان لصلبه عبد الملك الذی ولی الخلافة و عبد العزیز الذی ولی مصر و بشر الذی ولی العراق و محمد الذی ولی الجزیرة و لكل منهم آثار مشهورة.
و الولد بالتحریك مفرد و جمع و الیوم الأحمر الشدید و فی بعض النسخ موتا أحمر و هو كنایة عن القتل.
«188»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ قَالَ خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ:
ص: 235
یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ یَا أَصْحَابَ الْبَهِیمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَانْهَزَمْتُمْ اللَّهُ أَمَرَكُمْ بِجِهَادِی أَمْ عَلَی اللَّهِ تَفْتَرُونَ ثُمَّ قَالَ یَا بَصْرَةُ أَیُّ یَوْمٍ لَكِ لَوْ تَعْلَمِینَ وَ أَیُّ قَوْمٍ لَكِ لَوْ تَعْلَمِینَ أَنَّ لَكِ مِنَ الْمَاءِ یَوْماً عَظِیماً بَلَاؤُهُ وَ ذَكَرَ كَلَاماً كَثِیراً.
«189»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام أَنْتُمُ الْأَنْصَارُ عَلَی الْحَقِّ وَ الْإِخْوَانُ فِی الدِّینِ وَ الْجُنَنُ یَوْمَ الْبَأْسِ وَ الْبِطَانَةُ دُونَ النَّاسِ بِكُمْ أَضْرِبُ الْمُدْبِرَ وَ أَرْجُو طَاعَةَ الْمُقْبِلِ فَأَعِینُونِی بِمُنَاصَحَةٍ خَلِیَّةٍ مِنَ الْغِشِّ سَلِیمَةٍ مِنَ الرَّیْبِ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ.
بیان: قال ابن أبی الحدید قاله للأنصار بعد فراغه من حرب الجمل ذكره المدائنی و الواقدی فی كتابیهما (2).
و بطانة الرجل خاصته و أصحاب سره و المدبر من أدبر و أعرض عن الحق قوله علیه السلام و أرجو أی من أقبل إلی إذا رأی أخلاقكم الحمیدة أطاعنی بصمیم قلبه و یمكن أن یراد بالمقبل من كان من شأنه الإقبال و الطاعة.
«190»-(3)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام حِینَ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ انْفَضَّ جَمْعُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ
ص: 236
بِنَا تَسَنَّمْتُمُ الشَّرَفَ وَ بِنَا انْفَجَرْتُمْ عَنِ السِّرَارِ وَ بِنَا اهْتَدَیْتُمْ فِی الظَّلْمَاءِ وُقِرَ سَمْعٌ لَمْ یَفْقَهِ الْوَاعِیَةَ وَ كَیْفَ یُرَاعِی النَّبْأَةَ مَنْ أَصَمَّتْهُ الصَّیْحَةُ رُبِطَ جَنَانٌ لَمْ یُفَارِقْهُ الْخَفَقَانُ وَ مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ وَ أَتَوَسَّمُكُمْ بِحِلْیَةِ الْمُغْتَرِّینَ سَتَرَنِی عَنْكُمْ جِلْبَابُ الدِّینِ وَ بَصَّرَنِیكُمْ صِدْقُ النِّیَّةِ أَقَمْتُ لَكُمُ الْحَقَّ حَیْثُ تَعْرِفُونَ وَ لَا دَلِیلَ وَ تَحْتَفِرُونَ وَ لَا تُمِیهُونَ الْیَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْمَاءَ ذَاتَ الْبَیَانِ عَزَبَ فَهْمُ امْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنِّی مَا شَكَكْتُ فِی الْحَقِّ مُنْذُ رَأَیْتُهُ كَانَ بَنُو یَعْقُوبَ عَلَی الْمَحَجَّةِ الْعُظْمَی حَتَّی عَقُّوا أَبَاهُمْ وَ بَاعُوا أَخَاهُمْ وَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ كَانَ تَوْبَتُهُمْ وَ بِاسْتِغْفَارِ أَبِیهِمْ وَ أَخِیهِمْ غُفِرَ لَهُمْ.
بیان: هذا الكلام
رواه السید الرضی فی النهج بأدنی تغییر و أوله بنا اهتدیتم فی الظلماء و تسنمتم العلیاء و بنا انفجرتم عن السرار وقر سمع. إلی قوله أقمت لكم علی سنن الحق فی جواد المضلة حیث تلتقون و لا دلیل إلی قوله ما شككت فی الحق مذ أریته لم یوجس موسی خیفة علی نفسه أشفق من غلبة الجهال و دول الضلال.
الیوم تواقفنا علی سبیل الحق و الباطل من وثق بماء لم یظمأ (1) قوله و تسنمتم العلیا أی ركبتم سنامها و سنام كل شی ء أعلاه أی بتلك 9 الهدایة علی قدركم و بنا انفجرتم و روی أفجرتم.
ص: 237
قال ابن أبی الحدید هو نحو أغد البعیر أی صرتم ذوی فجر و عن للمجاوزة أی متنقلین عن السرار و السرار اللیلة و اللیلتان یستتر فیهما القمر فی آخر الشهر.
أقول: و علی الروایة الأخری لعل المعنی انفجرتم انفجار العین من الأرض أو الصبح من اللیل وقر سمع دعاء علی السمع الذی لم یفقه كلام الداعی إلی اللّٰه بالثقل و الصمم كیف یراعی النبأة أی من أصمته الصیحة القویة فإنه لم یسمع الصوت الضعیف و المعنی من لم ینتفع بالمواعظ الجلیة كیف ینتفع بالعبر الضعیفة و لعله كنایة عن ضعف دعائه بالنسبة إلی دعاء اللّٰه و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله.
ربط جنان دعاء للقلوب الخائفة الوجلة التی لا تزال تخفق من خشیة اللّٰه و الإشفاق من عذابه بالسكینة و الثبات و الاطمئنان و التقدیر ربط جنان نفسه و من روی بضم الراء فالمعنی ربط اللّٰه جنانا كانت كذلك و هو أظهر.
و الخفقان بالتحریك التحرك و الاضطراب ما زلت أنتظر بكم الخطاب لبقیة أصحاب الجمل أو مع المقتولین أو الأخیر فقط.
و إضافة عواقب الغدر بیانیة أو لامیة و التوسم التفرس أی كنت أتفرس منكم أنكم ستغترون بالشبه الباطلة.
سترنی عنكم جلباب الدین أی الدین حال بینی و بینكم فلم تعرفوا ما أقوی علیه من الغلظة علیكم و قتلكم و سترنی من عین قلوبكم ما وقفنی علیه الدین من الرفق و الشفقة و سحب ذیل العفو علی الجرائم.
و یحتمل أن یكون المعنی إظهاركم شعار الإسلام عصمكم منی مع علمی بنفاقكم فأجریتكم مجری المخلصین و هذا أنسب بما رواه بعضهم ستركم عنی و بصرنیكم صدق النیة أی جعلنی بصیرا بكم إخلاصی لله تعالی و به صارت مرآة نفسی صافیة كما
قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله المؤمن ینظر بنور اللّٰه.
ذكره ابن میثم و الراوندی.
ص: 238
و یحتمل أن یكون المراد بصدق النیة العلم الصادق الحاصل له علیه السلام بنفاقهم من العلامات كما قال تعالی فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِیماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِی لَحْنِ الْقَوْلِ أی أنزلكم منزلة المخلصین لظاهر إسلامكم مع علمی واقعا بنفاقكم.
و قال الراوندی رحمه اللّٰه و یحتمل وجها آخر و هو أن یكون المعنی إنما أخفی رتبتی و منزلتی علیكم ما أنا متباطئة من التخلق بأخلاق الدیانة و هو أنه لا یعرفهم نفسه بمفاخرها و مآثرها فیكون من باب قوله إن هاهنا علما جما لو أصبت له حملة و علی هذا یكون معناه أنكم إن صدقت نیاتكم و نظرتم بعین صحیحة و أنصفتمونی أبصرتم منزلتی.
أقمت لكم علی سنن الحق أی قمت لكم علی جادة طریق الحق حیث یضل من تنكب عنه و لا دلیل غیری و حیث تحتفرون الآبار لتحصیل الماء و لا تمیهون أی لا تجدون ماء.
الیوم أنطق لكم العجماء كنی بالعجماء ذات البیان عن العبر الواضحة و ما حل بقوم فسقوا عن أمر ربهم و عما هو واضح من كمال فضله علیه السلام و عن حال الدین و مقتضی أوامر اللّٰه تعالی فإن هذه الأمور عجماء لا نطق لها مقالا ذات البیات حالا و لما بینها علیه السلام و عرفهم ما یقوله لسان حالها فكأنه علیه السلام أنطقها لهم.
و قیل العجماء صفة لمحذوف أی الكلمات العجماء و المراد بها ما فی هذه الخطبة من الرموز التی لا نطق لها مع أنها ذات بیان عند أولی الألباب.
عزب أی بعد و یحتمل الإخبار و الدعاء و فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً أضمر.
الیوم تواقفنا أی أنا واقف علی سبیل الحق و أنتم علی الباطل و من وثق بماء لعل المراد من كان علی الحق و أیقن ذلك و اعتمد علی ربه لا یبالی بما وقع علیه كما أن من وثق بماء لم یفزعه عطشه.
ص: 239
و قال الشارحون أی إن سكنتم إلی قولی و وثقتم به كنتم أبعد عن الضلال و أقرب إلی الیقین.
- و قال القطب الراوندی رحمه اللّٰه فی شرحه علی هذه الخطبة من نهج البلاغة أخبرنا بهذه الخطبة جماعة عن جعفر الدوریستی عن أبیه محمد بن العباس عن محمد بن علی بن موسی عن محمد بن علی الأسترآبادی عن علی بن محمد بن سیار عن أبیه عن الحسن العسكری عن آبائه عن أمیر المؤمنین.
«191»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام خَاطَبَ بِهِ أَهْلَ الْبَصْرَةِ عَلَی جِهَةِ اقْتِصَاصِ الْمَلَاحِمِ فَمَنِ اسْتَطَاعَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ یَعْتَقِلَ نَفْسَهُ عَلَی اللَّهِ فَلْیَفْعَلْ فَإِنْ أَطَعْتُمُونِی فَإِنِّی حَامِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَی سَبِیلِ الْجَنَّةِ وَ إِنْ كَانَ ذَا مَشَقَّةٍ شَدِیدَةٍ عَظِیمَةٍ وَ مَذَاقَةٍ مَرِیرَةٍ وَ أَمَّا فُلَانَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْیُ النِّسَاءِ وَ ضِغْنٌ غَلَا فِی صَدْرِهَا كَمِرْجَلِ الْقَیْنِ وَ لَوْ دُعِیَتْ لِتَنَالَ مِنْ غَیْرِی مَا أَتَتْ إِلَیَّ لَمْ تَفْعَلْ وَ لَهَا بَعْدُ حُرْمَتُهَا الْأُولَی وَ الْحِسَابُ عَلَی اللَّهِ.
وَ مِنْهُ:
سَبِیلٌ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ أَنْوَرُ السِّرَاجِ فَبِالْإِیمَانِ یُسْتَدَلُّ عَلَی الصَّالِحَاتِ وَ بِالصَّالِحَاتِ یُسْتَدَلُّ عَلَی الْإِیمَانِ وَ بِالْإِیمَانِ یُعْمَرُ الْعِلْمُ وَ بِالْعِلْمِ یُرْهَبُ الْمَوْتُ وَ بِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْیَا وَ بِالدُّنْیَا تُحْرَزُ الْآخِرَةُ
ص: 240
وَ إِنَّ الْخَلْقَ لَا مَقْصَرَ لَهُمْ عَنِ الْقِیَامَةِ مُرْقِلِینَ فِی مِضْمَارِهَا إِلَی الْغَایَةِ الْقُصْوَی:
وَ مِنْهُ:
قَدْ شَخَصُوا مِنْ مُسْتَقَرِّ الْأَجْدَاثِ وَ صَارُوا إِلَی مَصَایِرِ الْغَایَاتِ لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا لَا یَسْتَبْدِلُونَ بِهَا وَ لَا یُنْقَلُونَ عَنْهَا وَ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِنَّهُمَا لَا یُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَ لَا یَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ وَ عَلَیْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ الْحَبْلُ الْمَتِینُ وَ النُّورُ الْمُبِینُ وَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ وَ الرِّیُّ النَّاقِعُ وَ الْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ وَ النَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ لَا یَعْوَجُّ فَیُقَامَ وَ لَا یَزِیغُ فَیُسْتَعْتَبَ وَ لَا تُخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ وَ وُلُوجُ السَّمْعِ مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَ مَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ وَ قَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنَا عَنِ الْفِتْنَةِ وَ هَلْ سَأَلْتَ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ علیه السلام لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَوْلَهُ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ عَلِمْتُ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِی أَخْبَرَكَ اللَّهُ بِهَا فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ أُمَّتِی سَیُفْتَنُونَ مِنْ بَعْدِی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ وَ لَیْسَ قَدْ قُلْتَ لِی یَوْمَ أُحُدٍ حَیْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ حِیزَتْ عَنِّی الشَّهَادَةُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیَّ فَقُلْتَ لِی أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ فَقَالَ لِی إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذَنْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ وَ لَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَی وَ الشُّكْرِ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ الْقَوْمَ سَیُفْتَنُونَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ یَمُنُّونَ بِدِینِهِمْ عَلَی رَبِّهِمْ وَ یَتَمَنَّوْنَ رَحْمَتَهُ وَ یَأْمَنُونَ سَطْوَتَهُ وَ یَسْتَحِلُّونَ حَرَامَهُ بِالشُّبُهَاتِ الْكَاذِبَةِ وَ الْأَهْوَاءِ السَّاهِیَةِ فَیَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ بِالنَّبِیذِ وَ السُّحْتَ بِالْهَدِیَّةِ وَ الرِّبَا بِالْبَیْعِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَبِأَیِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ أَ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ فَقَالَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ.
ص: 241
بیان: قوله علیه السلام أن یعتقل أی یحبس نفسه علی طاعة اللّٰه و فلانة كنایة عن عائشة و لعله من السید رضی اللّٰه عنه تقیة.
قوله علیه السلام و ضغن أی حقد و كان من أسباب حقدها لأمیر المؤمنین علیه السلام سد النبی صلی اللّٰه علیه و آله باب أبیها من المسجد و فتح بابه و بعثه علیه السلام بسورة براءة بعد أخذها من أبی بكر و إكرام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لفاطمة علیها السلام و حسدها علیها إلی غیر ذلك من الأسباب المعلومة.
و المرجل كمنبر القدر و القین الحداد أی كغلیان قدر من حدید قوله علیه السلام من غیری یعنی به عمر كما قیل أو الأعم و هو أظهر أی لو كان عمر أو أحد من أضرابه و لی الخلافة بعد قتل عثمان علی الوجه الذی قتل علیه و نسب إلیه أنه كان یحرض الناس علی قتله و دعیت إلی أن تخرج علیه فی عصابة تثیر فتنة و تنقض البیعة لم تفعل و هذا بیان لحقدها له علیه السلام.
و البلوج الإضاءة قوله علیه السلام لا مقصر أی لا محبس و لا غایة لهم دونه مرقلین أی مسرعین قد شخصوا أی خرجوا و الأجداث القبور و الخلق بالضم و بضمتین السجیة و الطبع و المروءة و الدین و الرجل إذا روی من الماء فتغیر لونه یقال له نقع قوله علیه السلام لا یزیغ فیستعتب أی لا یمیل فیطلب منه الرجوع. و العتبی الرجوع و المراد بكثرة الرد التردید فی الألسنة.
قوله علیه السلام لا تنزل بنا قال ابن أبی الحدید لقوله تعالی وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ و حیزت عنی أی منعت و الأهواء الساهیة أی الغافلة قوله علیه السلام بمنزلة فتنة أی لا یجری علیهم فی الظاهر أحكام الكفر و إن كانوا باطنا من أخبث الكفار.
ص: 242
أَقُولُ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ وَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (1) هَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ كَثِیرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِینَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَیْكَ جِهَادَ الْمَفْتُونِینَ كَمَا كَتَبَ عَلَیَّ جِهَادَ الْمُشْرِكِینَ قَالَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِی كُتِبَ عَلَیَّ فِیهَا الْجِهَادُ قَالَ قَوْمٌ یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ هُمْ مُخَالِفُونَ لِلسُّنَّةِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَامَ أُقَاتِلُهُمْ وَ هُمْ یَشْهَدُونَ كَمَا أَشْهَدُ قَالَ عَلَی الْإِحْدَاثِ فِی الدِّینِ وَ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ كُنْتَ وَعَدْتَنِی الشَّهَادَةَ فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنَّ یُعَجِّلَهَا لِی بَیْنَ یَدَیْكَ قَالَ فَمَنْ یُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ أَمَا إِنِّی قَدْ وَعَدْتُكَ الشَّهَادَةَ وَ سَتُسْتَشْهَدُ تُضْرَبُ عَلَی هَذِهِ فَتُخْضَبُ هَذِهِ فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذاً فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ هَذَا بِمَوْطِنِ صَبْرٍ هَذَا مَوْطِنُ شُكْرٍ قَالَ أَجَلْ أَصَبْتَ فَأَعِدَّ لِلْخُصُومَةِ فَإِنَّكَ تُخَاصَمُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ بَیَّنْتَ لِی قَلِیلًا فَقَالَ إِنَّ أُمَّتِی سَتُفْتَنُ مِنْ بَعْدِی فَتَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ وَ تَعْمَلُ بِالرَّأْیِ وَ تَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ بِالنَّبِیذِ وَ السُّحْتَ بِالْهَدِیَّةِ وَ الرِّبَا بِالْبَیْعِ وَ تُحَرِّفُ الْكِتَابَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ تَغْلِبُ كَلِمَةُ الضَّلَالِ فَكُنْ حِلْسَ (2) بَیْتِكَ حَتَّی تُقَلَّدَهَا فَإِذَا قُلِّدْتَهَا جَاشَتْ عَلَیْكَ الصُّدُورُ وَ قُلِبَتْ لَكَ الْأُمُورُ فَقَاتِلْ حِینَئِذٍ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَلَیْسَتْ حَالُهُمُ الثَّانِیَةُ بِدُونِ حَالِهِمُ الْأُولَی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَبِأَیِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلُ هَؤُلَاءِ الْمَفْتُونِینَ أَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ فَقَالَ أَنْزِلْهُمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ یَعْمَهُونَ فِیهَا إِلَی أَنْ یُدْرِكَهُمُ الْعَدْلُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یُدْرِكُهُمُ الْعَدْلُ مِنَّا أَمْ مِنْ غَیْرِنَا قَالَ بَلْ مِنَّا فَبِنَا فَتَحَ اللَّهُ وَ بِنَا یَخْتِمُ وَ بِنَا أَلَّفَ بَیْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا وَهَبَ لَنَا مِنْ فَضْلِهِ.
ص: 243
بیان: كن حلس أی ملازما له غیر مفارق بالخروج للقتال و دفع أهل الضلال و الضمیر فی تقلدها و قلدتها علی المجهول فیهما راجع إلی الخلافة و الإمارة و التقلید مأخوذ من عقد القلادة علی الاستعارة و تقلیدهم إطاعتهم و تركهم العناد و جاش القدر بالهمز و غیره غلا و قلبت لك الأمور أی دبروا أنواع المكاید و الحیل لدفعك.
«192»-(1)
نهج، نهج البلاغة قِیلَ إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ حَوْطٍ أَتَاهُ علیه السلام فَقَالَ أَ تَرَانِی أَظُنُّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ كَانُوا عَلَی ضَلَالَةٍ فَقَالَ یَا حَارِ إِنَّكَ نَظَرْتَ تَحْتَكَ وَ لَمْ تَنْظُرْ فَوْقَكَ فَحِرْتَ إِنَّكَ لَمْ تَعْرِفِ الْحَقَّ فَتَعْرِفَ أَهْلَهُ وَ لَمْ تَعْرِفِ الْبَاطِلَ فَتَعْرِفَ مَنْ أَتَاهُ فَقَالَ الْحَارِثُ فَإِنِّی أَعْتَزِلُ مَعَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ إِنَّ سَعْداً وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ یَنْصُرَا الْحَقَّ وَ لَمْ یَخْذُلَا الْبَاطِلَ.
بیان: نظرت تحتك أی نظرت فی أعمال الناكثین بظاهر الإسلام الذین هم دونك فی الرتبة لبغیهم علی إمام الحق فاغتررت بشبهتهم و اقتدیت بهم و لم تنظر إلی من هو فوقك و هو إمامك الواجب الطاعة و من تبعه من المهاجرین و الأنصار و لا سمعت حكمهم بكون خصومهم علی الباطل فكان ذلك سبب حیرتك.
و یحتمل أن یكون معنی نظره تحته كنایة عن نظره إلی باطل هؤلاء و شبههم المكتسبة عن محبة الدنیا و نظره فوقه كنایة عن نظره إلی الحق و تلقیه من اللّٰه.
أو المعنی نظرت إلی هذا الأمر الذی یستولی علیه فكرك و هو خطر قتال أهل القبلة و لم تنظر إلی الأمر العالی الذی هو فوق نظرك من وجوب قتالهم لبغیهم و فسادهم و خروجهم علی الإمام العادل.
ص: 244
«193»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا أَظْفَرَهُ اللَّهُ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ وَ قَدْ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَدِدْتُ أَنَّ أَخِی فُلَاناً كَانَ شَاهِدَنَا لِیَرَی مَا نَصَرَكَ اللَّهُ بِهِ عَلَی أَعْدَائِكَ فَقَالَ علیه السلام أَ هَوَی أَخِیكَ مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ شَهِدَنَا وَ لَقَدْ شَهِدَنَا فِی عَسْكَرِنَا هَذَا قَوْمٌ فِی أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ سَیَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَانُ وَ یَقْوَی بِهِمُ الْإِیمَانُ.
بیان: سیرعف بهم الزمان الرعاف الدم الخارج من أنف الإنسان و المعنی سیخرجهم الزمان من العدم إلی الوجود و هذا من قبیل الإسناد إلی الظرف أو الشرط.
«194»-(2)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی ذَمِّ الْبَصْرَةِ وَ أَهْلِهَا كُنْتُمْ جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ أَتْبَاعَ الْبَهِیمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَزَمْتُمْ أَخْلَاقُكُمْ رِقَاقٌ وَ عَهْدُكُمْ شِقَاقٌ وَ دِینُكُمْ نِفَاقٌ وَ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ الْمُقِیمُ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ مُرْتَهَنٌ بِذَنْبِهِ وَ الشَّاخِصُ عَنْكُمْ مُتَدَارَكٌ بِرَحْمَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَأَنِّی بِمَسْجِدِكُمْ كَجُؤْجُؤِ سَفِینَةٍ قَدْ بَعَثَ اللَّهُ عَلَیْهَا الْعَذَابَ مِنْ فَوْقِهَا وَ مِنْ تَحْتِهَا وَ غَرِقَ مَنْ فِی ضِمْنِهَا وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَغْرَقَنَّ بَلْدَتُكُمْ حَتَّی كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی مَسْجِدِهَا كَجُؤْجُؤِ سَفِینَةٍ أَوْ نَعَامَةٍ جَاثِمَةٍ
ص: 245
وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی كَجُؤْجُؤِ طَیْرٍ فِی لُجَّةِ بَحْرٍ أَرْضُكُمْ قَرِیبَةٌ مِنَ الْمَاءِ بَعِیدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ خُفِّفَتْ عُقُولُكُمْ وَ سَفِهَتْ حُلُومُكُمْ [أَحْلَامُكُمْ فَأَنْتُمْ غَرَضٌ لَنَا بَلْ وَ أُكْلَةٌ لِآكِلٍ وَ فَرِیسَةٌ لِصَائِدٍ [لِصَائِلٍ .
بیان: إنما قال علیه السلام و أتباع البهیمة لأن جمل عائشة كان رایة عسكر البصرة و الرغا صوت الإبل قوله علیه السلام أخلاقكم دقاق قال ابن أبی الحدید الدق من كل شی ء حقیره و صغیره یصفهم باللؤم
و فی الحدیث أن رجلا قال یا رسول اللّٰه إنی أحب أن أنكح فلانة إلا أن فی أخلاق أهلها دقة فقال له إیاك و خضراء الدمن.
و الشقاق الخلاف و الافتراق و الزعاق المالح و سبب ملوحة مائهم قربهم من البحر و امتزاج مائه بمائهم.
قیل ذكرها فی معرض ذمهم لعله من سوء اختیارهم هذا الموضع أو كونها سببا لسوء المزاج و البلادة و غیر ذلك كما تقوله الأطباء.
قوله علیه السلام بین أظهركم أی بینكم علی وجه الاستظهار و الاستناد إلیكم و أما كونه مرتهنا بذنبه فلأن المقیم بینهم لا بد و أن ینخرط فی سلكهم و یكتسب من رذائل أخلاقهم فیكون موثقا بذنوبه أو أن كونه بینهم یجری مجری العقوبة بذنبه و الخارج من بینهم لحقه رحمة اللّٰه فوفقه لذلك.
و جؤجؤ السفینة صدرها و یقال جثم الطائر جثوما و هو بمنزلة البرك للإبل.
و قال ابن میثم أما وقوع المخبر عنه فالمنقول أنها غرقت فی أیام القادر باللّٰه و فی أیام القائم باللّٰه غرقت بأجمعها و غرق من فی ضمنها و خربت دورها و لم یبق إلا مسجدها الجامع. ثم قال و یمكن أن یكون المراد بقربها من الماء و بعدها من السماء كون موضعها هابطا قریبا من البحر.
ص: 246
و قیل المراد ببعدها من السماء كونها بعیدة من دائرة معدل النهار فإن الإرصاد دلت علی أن أبعد موضع فی المعمورة عن معدل النهار الأبلة قصبة البصرة.
و قیل المراد من بعدها عن سماء الرحمة كونها مستعدة لنزول العذاب انتهی.
و لعل مراده أنها أبعد بلاد العرب عن المعدل و إلا فظاهر أن الأبلة لیست أبعد موضع فی المعمورة و الأبلة بضم الهمزة و الباء و تشدید اللام المفتوحة إحدی الجنات الأربع و هی الموضع الذی فیه الدور و الأبنیة الآن.
و السفه رذیلة مقابل الحلم و النابل ذو النبل و الأكلة المأكول و الفریسة ما یفترسه السبع و الصولة الحملة و الوثبة.
«195»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی بَیَانِ بَعْضِ شُئُونِ النِّسَاءِ مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الْإِیمَانِ نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ فَأَمَّا نُقْصَانُ إِیمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الصِّیَامِ فِی أَیَّامِ حَیْضِهِنَّ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَیْنِ مِنْهُنَّ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِیثُهُنَّ عَلَی الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِیثِ الرِّجَالِ فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وَ كُونُوا مِنْ خِیَارِهِنَّ عَلَی حَذَرٍ وَ لَا تُطِیعُوهُنَّ فِی الْمَعْرُوفِ حَتَّی لَا یَطْمَعْنَ فِی الْمُنْكَرِ.
ص: 247
توضیح:
الغرض ذم عائشة و توبیخ من تبعها و إرشاد الناس إلی ترك طاعة النساء.
و نقصان الإیمان بالقعود عن الصلاة و الصیام لعله مبنی علی أن الأعمال أجزاء الإیمان و قعودهن و إن كان بأمر اللّٰه تعالی إلا أن سقوط التكلیف لنوع من النقص فیهن و كذا الحال فی الشهادة و المیراث.
و ترك طاعتهن فی المعروف إما بالعدول إلی فرد آخر منه أو فعله علی وجه یظهر أنه لیس لطاعتهن بل لكونه معروفا أو ترك بعض المستحبات فیكون الترك حینئذ مستحبا كما ورد تركها فی بعض الأحوال كحال الملال.
«196»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ لَا تَقُومُ لَهَا قَائِمَةٌ وَ لَا تُرَدُّ لَهَا رَایَةٌ تَأْتِیكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً یَحْفِزُهَا قَائِدُهَا وَ یَجْهَدُهَا رَاكِبُهَا أَهْلُهَا قَوْمٌ شَدِیدٌ كَلَبُهُمْ قَلِیلٌ سَلَبُهُمْ یُجَاهِدُهُمْ فِی اللَّهِ قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِینَ فِی الْأَرْضِ مَجْهُولُونَ وَ فِی السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ فَوَیْلٌ لَكِ یَا بَصْرَةُ عِنْدَ ذَلِكِ مِنْ جَیْشٍ مِنْ نِقَمِ اللَّهِ لَا رَهَجَ لَهُ وَ لَا حَسَّ وَ سَیُبْتَلَی أَهْلُكِ بِالْمَوْتِ الْأَحْمَرِ وَ الْجُوعِ الْأَغْبَرِ.
إیضاح: قطع اللیل جمع قطع بالكسر و هو الظلمة قال تعالی فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّیْلِ كذا ذكره ابن أبی الحدید و لعله سهو منه و الظاهر أنه جمع قطعة.
لا تقوم لها قائمة أی لا تنهض لحربها فئة ناهضة أو قائمة من قوائم الخیل أو قلعة أو بنیة قائمة بل تنهدم یعنی لا سبیل إلی قتال أهلها (2).
و لا ترد لها رایة أی لا تنهزم رایة من رایات تلك الفتنة بل تكون
ص: 248
غالبة دائما أو لا ترجع لحربها رایة من الرایات التی هربت عنها مزمومة مرحولة علیها زمام و رحل أی تامة الأدوات یدفعها قائدها و الحفز السوق الشدید و یجهدها أی یحمل علیها فی السیر فوق طاقتها قلیل سلبهم أی ما سلبوه من الخصم أی همتهم القتل لا السلب.
و قیل إن هذه إشارة إلی صاحب الزنج و جیشه.
و فیه أن الذین جاهدوهم لم یكونوا علی الأوصاف المذكورة إلا أن یقال لشقاوة الطرف الآخر أمدهم اللّٰه بالملائكة و هو بعید.
و قیل إشارة إلی ملحمة أخری فی آخر الزمان لم تأت بعد و هو قریب و الرهج الغبار.
قال ابن أبی الحدید كنی بهذا الجیش عن طاعون یصیبهم حتی یبیدهم.
و قال ابن میثم إشارة إلی فتنة الزنج و ظاهر أنه لم یكن لهم غبار و لا أصوات إذ لم یكونوا أهل خیل و لا قعقعة لجم فإذن لا رهج لهم و لا حس.
و قال ابن أبی الحدید الموت الأحمر كنایة عن الوباء و الجوع الأغبر كنایة عن المحل (1) و الحمرة كنایة عن الشدة و وصف الجوع بالأغبر لأن الجائع یری الآفاق كأن علیها غبرة و ظلاما.
و قیل الموت الأحمر إشارة إلی قتلهم بالسیف.
و قال ابن میثم أقول قد فسره علیه السلام بهلاكهم من قبل الغرق كما سیأتی.
ص: 249
«197»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام فِیمَا یُخْبِرُ بِهِ عَنِ الْمَلَاحِمِ بِالْبَصْرَةِ یَا أَحْنَفُ كَأَنِّی بِهِ وَ قَدْ سَارَ بِالْجَیْشِ الَّذِی لَا یَكُونُ لَهُ غُبَارٌ وَ لَا لَجَبٌ وَ لَا قَعْقَعَةُ لُجُمٍ وَ لَا حَمْحَمَةُ خَیْلٍ یُثِیرُونَ الْأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمْ كَأَنَّهَا أَقْدَامُ النَّعَامِ قال الرضی رحمه اللّٰه یومی بذلك إلی صاحب الزنج ثُمَّ قَالَ علیه السلام وَیْلٌ لِسِكَكِكُمُ الْعَامِرَةِ وَ الدُّورِ الْمُزَخْرَفَةِ الَّتِی لَهَا أَجْنِحَةٌ كَأَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَ خَرَاطِیمُ كَخَرَاطِیمِ الْفِیَلَةِ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِینَ لَا یُنْدَبُ قَتِیلُهُمْ وَ لَا یُفْقَدُ غَائِبُهُمْ أَنَا كَابُّ الدُّنْیَا لِوَجْهِهَا وَ قَادِرُهَا بِقَدْرِهَا وَ نَاظِرُهَا بِعَیْنِهَا.
وَ مِنْهُ: یُومِی علیه السلام بِهِ إِلَی وَصْفِ الْأَتْرَاكِ كَأَنِّی أَرَاهُمْ قَوْماً كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ یَلْبَسُونَ السَّرَقَ وَ الدِّیبَاجَ وَ یَعْتَقِبُونَ الْخَیْلَ الْعِتَاقَ وَ یَكُونُ هُنَاكَ اسْتِحْرَارُ قَتْلٍ حَتَّی یَمْشِیَ الْمَجْرُوحُ عَلَی الْمَقْتُولِ وَ یَكُونَ الْمُفْلِتُ أَقَلَّ مِنَ الْمَأْسُورِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَقَدْ أُعْطِیتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عِلْمَ الْغَیْبِ فَضَحِكَ علیه السلام وَ قَالَ لِلرَّجُلِ وَ كَانَ كَلْبِیّاً یَا أَخَا كَلْبٍ لَیْسَ هُوَ بِعِلْمِ غَیْبٍ وَ إِنَّمَا هُوَ تَعَلُّمٌ مِنْ ذِی عِلْمٍ وَ إِنَّمَا عِلْمُ الْغَیْبِ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ مَا عَدَّدَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الْآیَةَ فَیَعْلَمُ سُبْحَانَهُ مَا فِی الْأَرْحَامِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَی وَ قَبِیحٍ أَوْ جَمِیلٍ وَ سَخِیٍّ أَوْ بَخِیلٍ وَ شَقِیٍّ أَوْ سَعِیدٍ وَ مَنْ یَكُونُ فِی النَّارِ حَطَباً أَوْ فِی الْجِنَانِ لِلنَّبِیِّینَ مُرَافِقاً
ص: 250
فَهَذَا عِلْمُ الْغَیْبِ الَّذِی لَا یَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ وَ مَا سِوَی ذَلِكَ فَعِلْمٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ نَبِیَّهُ فَعَلَّمَنِیهِ وَ دَعَا لِی بِأَنْ یَعِیَهُ صَدْرِی وَ تَضْطَمَّ عَلَیْهِ جَوَانِحِی.
بیان: الملحمة الوقعة العظیمة فی الفتنة و القتال و اللجب الصوت.
و القعقعة حكایة صوت السلاح و نحوه و الحمحمة صوت الفرس دون الصهیل.
قوله یثیرون الأرض أی التراب لأن أقدامهم فی الخشونة كحوافر الخیل كذا قیل.
و فیه أنه لا یلائم قوله علیه السلام لا یكون له غبار و لعله كنایة عن شدة وطئهم الأرض أو یقال مع ذلك لیس غبارهم كالغبار الذی یثار من الحوافر و لما كانت أقدام الزنج فی الأغلب قصارا عراضا منتشرة الصدر مفرجات الأصابع أشبهت أقدام النعام فی تلك الأوصاف و السكك جمع سكة بالكسر و هی الزقاق و الطریق المستوی و الطریقة المصطفة من النخل و المزخرفة المزینة المموهة بالزخرف و هو الذهب و أجنحة الدور التی شبهها بأجنحة النسور رواشنها و ما یعمل من الأخشاب و البواری بارزة عن السقوف لوقایة الحیطان و غیرها عن الأمطار و شعاع الشمس و خراطیمها میازیبها التی تطلی بالقار یكون نحوا من خمسة أذرع أو أزید تدلی من السطوح حفظا للحیطان و الفیلة كغینة جمع الفیل.
و أما قوله علیه السلام لا یندب قتیلهم قیل إنه وصف لهم بشدة البأس و الحرص علی القتال و أنهم لا یبالون بالموت.
و قیل لأنهم كانوا عبیدا غرباء لم یكن لهم أهل و ولد ممن عادتهم الندبة و افتقاد الغائب.
و قیل لا یفقد غائبهم وصف لهم بالكرة و أنه إذا قتل منهم قتیل سد مسده غیره.
ص: 251
قوله أنا كاب الدنیا یقال كببت فلانا علی وجهه أی تركته و لم ألتفت إلیه.
و قیل إنه كنایة عن العلم ببواطنها و أسرارها كما یقال غلبت الأمر ظهرا لبطن.
و قوله علیه السلام و قادرها بقدرها أی معامل لها بمقدارها و ناظرها بعینها أی ناظر إلیها بعین العبرة و انظر إلیها نظرا یلیق بها فیكون كالتفسیر لقوله علیه السلام و قادرها بقدرها و حكی عن عیسی علیه السلام أنه كان یقول أنا الذی كببت الدنیا علی وجهها لیس لی زوجة تموت و لا بیت یخرب وسادتی الحجر و فراشی المدر و سراجی القمر.
أقول: سیأتی شرح باقی الخطبة مع سائر أخبار الآتیة فی بابه.
«198»-(1)
الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ، عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِیرٍ الْهَمْدَانِیِّ قَالَ: وَرَدَ كِتَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مَعَ عُمَرَ بْنِ سَلَمَةَ الأرجی [الْأَرْحَبِیِ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ فَكَبَّرَ النَّاسُ تَكْبِیرَةً سَمِعَهَا عَامَّةُ النَّاسِ وَ اجْتَمَعُوا لَهَا فِی الْمَسْجِدِ وَ نُودِیَ الصَّلَاةَ جَمْعاً فَلَمْ یَتَخَلَّفْ أَحَدٌ وَ قَرَأَ الْكِتَابَ فَكَانَ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنَ الْمُسْلِمِینَ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا لَقِینَا الْقَوْمَ النَّاكِثِینَ لِبَیْعَتِنَا وَ الْمُفَارِقِینَ لِجَمَاعَتِنَا الْبَاغِینَ عَلَیْنَا فِی أُمَّتِنَا فَحَجَجْنَاهُمْ فَحَاكَمْنَاهُمْ إِلَی اللَّهِ فَأَدَالَنَا عَلَیْهِمْ فَقُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ قَدْ
ص: 252
تَقَدَّمْتُ إِلَیْهِمَا بِالْمَعْذِرَةِ وَ أَقْبَلْتُ إِلَیْهِمَا بِالنَّصِیحَةِ وَ اسْتَشْهَدْتُ عَلَیْهِمَا صُلَحَاءَ الْأُمَّةِ فَمَا أَطَاعَا الْمُرْشِدِینَ وَ لَا أَجَابَا النَّاصِحِینَ وَ لَاذَ أَهْلُ الْبَغْیِ بِعَائِشَةَ فَقُتِلَ حَوْلَهَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَالَمٌ جَسِیمٌ وَ ضَرَبَ اللَّهُ وَجْهَ بَقِیَّتِهِمْ فَأَدْبَرُوا فَمَا كَانَتْ نَاقَةُ الْحِجْرِ بِأَشْأَمَ عَلَیْهِمْ مِنْهَا عَلَی أَهْلِ ذَلِكَ الْمِصْرِ مَعَ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِیرِ فِی مَعْصِیَتِهَا رَبَّهَا وَ نَبِیَّهَا وَ اغْتِرَارِهَا فِی تَفْرِیقِ الْمُسْلِمِینَ وَ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُؤْمِنِینَ بِلَا بَیِّنَةٍ وَ لَا مَعْذِرَةٍ وَ لَا حُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللَّهُ أَمَرْتُ أَنْ لَا یُتْبَعَ مُدْبِرٌ وَ لَا یُجَازَ [وَ لَا یُجْهَزَ] عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا یُكْشَفَ عَوْرَةٌ وَ لَا یُهْتَكَ سِتْرٌ وَ لَا یُدْخَلَ دَارٌ إِلَّا بِإِذْنٍ وَ آمَنْتُ النَّاسَ وَ قَدِ اسْتُشْهِدَ مِنَّا رِجَالٌ صَالِحُونَ ضَاعَفَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِمْ وَ رَفَعَ دَرَجَاتِهِمْ وَ أَثَابَهُمْ ثَوَابَ الصَّادِقِینَ الصَّابِرِینَ وَ جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَحْسَنَ جَزَاءِ الْعَامِلِینَ بِطَاعَتِهِ وَ الشَّاكِرِینَ لِنِعْمَتِهِ فَقَدْ سَمِعْتُمْ وَ أَطَعْتُمْ وَ أَجَبْتُمْ إِذَا دُعِیتُمْ فَنِعْمَ الْإِخْوَانُ وَ الْأَعْوَانُ عَلَی الْحَقِّ أَنْتُمْ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ كَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ فِی رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ.
«199»-(1)
أَقُولُ رَوَی كَمَالُ الدِّینِ بْنُ مِیثَمٍ الْبَحْرَانِیُّ مُرْسَلًا أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَمْرِ الْحَرْبِ لِأَهْلِ الْجَمَلِ أَمَرَ مُنَادِیاً یُنَادِی فِی أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ الْجَامِعَةَ لِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ مِنْ غَدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ لَا عُذْرَ لِمَنْ تَخَلَّفَ إِلَّا مِنْ حُجَّةٍ أَوْ عِلَّةٍ فَلَا تَجْعَلُوا عَلَی أَنْفُسِكُمْ سَبِیلًا
ص: 253
فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الَّذِی اجْتَمَعُوا فِیهِ خَرَجَ علیه السلام فَصَلَّی بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ فِی الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَلَمَّا قَضَی صَلَاتَهُ قَامَ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَی حَائِطِ الْقِبْلَةِ عَنْ یَمِینِ الْمُصَلَّی فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِمَاتِ ثُمَّ قَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ یَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ وَ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا ثَلَاثاً وَ عَلَی اللَّهِ تَمَامُ الرَّابِعَةِ یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ أَعْوَانَ الْبَهِیمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَانْهَزَمْتُمْ أَخْلَاقُكُمْ دِقَاقٌ وَ دِینُكُمْ نِفَاقٌ وَ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ بِلَادُكُمْ أَنْتَنُ بِلَادِ اللَّهِ تُرْبَةً وَ أَبْعَدُهَا مِنَ السَّمَاءِ بِهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ الْمُحْتَبَسُ فِیهَا بِذَنْبِهِ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا بِعَفْوِ اللَّهِ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی قَرْیَتِكُمْ هَذِهِ وَ قَدْ طَبَّقَهَا الْمَاءُ حَتَّی مَا یُرَی مِنْهَا إِلَّا شُرَفُ الْمَسْجِدِ كَأَنَّهُ جُؤْجُؤُ طَیْرٍ فِی لُجَّةِ بَحْرٍ فَقَامَ إِلَیْهِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَتَی یَكُونُ ذَلِكَ قَالَ یَا أَبَا بَحْرٍ إِنَّكَ لَنْ تُدْرِكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَ إِنَّ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ لَقُرُوناً وَ لَكِنْ لِیَبْلُغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ عَنْكُمْ لِكَیْ یَبْلُغُوا إِخْوَانَهُمْ إِذَا هُمْ رَأَوُا الْبَصْرَةَ قَدْ تَحَوَّلَتْ أَخْصَاصُهَا دُوراً وَ آجَامُهَا قُصُوراً فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ فَإِنَّهُ لَا بَصِیرَةَ لَكُمْ یَوْمَئِذٍ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ یَمِینِهِ فَقَالَ كَمْ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الْأُبُلَّةِ فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ قَالَ لَهُ صَدَقْتَ فَوَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ خَصَّهُ بِالرِّسَالَةِ وَ عَجَّلَ بِرُوحِهِ إِلَی الْجَنَّةِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ كَمَا تَسْمَعُونَ مِنِّی أَنْ قَالَ لِی یَا عَلِیُّ هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ بَیْنَ الَّتِی تُسَمَّی الْبَصْرَةَ وَ الَّتِی تُسَمَّی الْأُبُلَّةَ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ وَ سَیَكُونُ الَّتِی تُسَمَّی الْأُبُلَّةَ مَوْضِعَ أَصْحَابِ الْعُشُورِ وَ یُقْتَلُ فِی ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ أُمَّتِی سَبْعُونَ أَلْفاً شَهِیدُهُمْ یَوْمَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ شُهَدَاءِ بَدْرٍ فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَنْ یَقْتُلُهُمْ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی قَالَ
ص: 254
یَقْتُلُهُمْ إِخْوَانُ الْجِنِّ وَ هُمْ جِیلٌ كَأَنَّهُمُ الشَّیَاطِینُ سُودٌ أَلْوَانُهُمْ مُنْتِنَةٌ أَرْوَاحُهُمْ شَدِیدٌ كَلَبُهُمْ قَلِیلٌ سَلَبُهُمْ طُوبَی لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَ طُوبَی لِمَنْ قَتَلُوهُ یَنْفِرُ لِجِهَادِهِمْ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ قَوْمٌ هُمْ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِینَ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ مَجْهُولُونَ فِی الْأَرْضِ مَعْرُوفُونَ فِی السَّمَاءِ تَبْكِی السَّمَاءُ عَلَیْهِمْ وَ سُكَّانُهَا وَ الْأَرْضُ وَ سُكَّانُهَا ثُمَّ هَمَلَتْ عَیْنَاهُ بِالْبُكَاءِ ثُمَّ قَالَ وَیْحَكِ یَا بَصْرَةُ وَیْلَكِ یَا بَصْرَةُ مِنْ جَیْشٍ لَا رَهَجَ لَهُ وَ لَا حَسَّ فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا الَّذِی یُصِیبُهُمْ مِنْ قَبْلِ الْغَرَقِ مِمَّا ذَكَرْتَ وَ مَا الْوَیْحُ وَ مَا الْوَیْلُ فَقَالَ هُمَا بَابَانِ فَالْوَیْحُ بَابُ الرَّحْمَةِ وَ الْوَیْلُ بَابَ الْعَذَابِ یَا ابْنَ الْجَارُودِ نَعَمْ تَارَاتٌ عَظِیمَةٌ مِنْهَا عُصْبَةٌ تَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ مِنْهَا فِتْنَةٌ تَكُونُ بِهَا إِخْرَابُ مَنَازِلَ وَ خَرَابُ دِیَارٍ وَ انْتِهَاكُ أَمْوَالٍ وَ قَتْلُ رِجَالٍ وَ سِبَاءُ نِسَاءٍ یُذْبَحْنَ ذَبْحاً یَا وَیْلٌ أَمْرُهُنَّ حَدِیثٌ عَجِیبٌ مِنْهَا أَنْ یَسْتَحِلَّ بِهَا الدَّجَّالُ الْأَكْبَرُ الْأَعْوَرُ الْمَمْسُوخُ الْعَیْنُ الْیُمْنَی وَ الْأُخْرَی كَأَنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ لَكَأَنَّهَا فِی الْحُمْرَةِ عَلَقَةٌ نَاتِی الْحَدَقَةِ كَهَیْئَةِ حَبَّةِ الْعِنَبِ الطَّافِیَةِ عَلَی الْمَاءِ فَیَتَّبِعُهُ مِنْ أَهْلِهَا عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ بِالْأُبُلَّةِ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنَاجِیلُهُمْ فِی صُدُورِهِمْ یُقْتَلُ مَنْ یُقْتَلُ وَ یَهْرُبُ مَنْ یَهْرُبُ ثُمَّ رَجَفَ ثُمَّ قَذَفَ ثُمَّ خُسِفَ ثُمَّ مُسِخَ ثُمَّ الْجُوعُ الْأَغْبَرُ ثُمَّ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ وَ هُوَ الْغَرَقُ یَا مُنْذِرُ إِنَّ لِلْبَصْرَةِ ثَلَاثَةَ أَسْمَاءٍ سِوَی الْبَصْرَةِ فِی الزُّبُرِ الْأُوَلِ لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا الْعُلَمَاءُ مِنْهَا الْخُرَیْبَةُ وَ مِنْهَا تَدْمُرُ وَ مِنْهَا الْمُؤْتَفِكَةُ یَا مُنْذِرُ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ أَشَاءُ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِخَرَابِ الْعَرَصَاتِ عَرْصَةً عَرْصَةً مَتَی تَخْرَبُ وَ مَتَی تُعْمَرُ بَعْدَ خَرَابِهَا إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ إِنَّ عِنْدِی مِنْ ذَلِكَ عِلْماً جَمّاً وَ إِنْ تَسْأَلُونِی تَجِدُونِی بِهِ عَالِماً لَا أُخْطِئُ مِنْهُ
ص: 255
عَلَماً وَ لَا دَافِئاً (1) وَ لَقَدِ اسْتُودِعْتُ عِلْمَ الْقُرُونِ الْأُولَی وَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ ثُمَّ قَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ إِنَّ اللَّهَ لَمْ یَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِینَ خُطَّةَ شَرَفٍ وَ لَا كَرَمٍ إِلَّا وَ قَدْ جَعَلَ فِیكُمْ أَفْضَلَ ذَلِكَ وَ زَادَكُمْ مِنْ فَضْلِهِ بِمَنِّهِ مَا لَیْسَ لَهُمْ أَنْتُمْ أَقْوَمُ النَّاسِ قِبْلَةً قِبْلَتُكُمْ عَلَی الْمَقَامِ حَیْثُ یَقُومُ الْإِمَامُ بِمَكَّةَ وَ قَارِؤُكُمْ أَقْرَأُ النَّاسِ وَ زَاهِدُكُمْ أَزْهَدُ النَّاسِ وَ عَابِدُكُمْ أَعْبَدُ النَّاسِ وَ تَاجِرُكُمْ أَتْجَرُ النَّاسِ وَ أَصْدَقُهُمْ فِی تِجَارَتِهِ (2) وَ مُتَصَدِّقُكُمْ أَكْرَمُ النَّاسِ صَدَقَةً وَ غَنِیُّكُمْ أَشَدُّ النَّاسِ بَذْلًا وَ تَوَاضُعاً وَ شَرِیفُكُمْ أَحْسَنُ النَّاسِ خُلُقاً وَ أَنْتُمْ أَكْرَمُ النَّاسِ جِوَاراً وَ أَقَلُّهُمْ تَكَلُّفاً لِمَا لَا یَعْنِیهِ وَ أَحْرَصُهُمْ عَلَی الصَّلَاةِ فِی جَمَاعَةٍ ثَمَرَتُكُمْ أَكْثَرُ الثِّمَارِ وَ أَمْوَالُكُمْ أَكْثَرُ الْأَمْوَالِ وَ صِغَارُكُمْ أَكْیَسُ الْأَوْلَادِ وَ نِسَاؤُكُمْ أَقْنَعُ النِّسَاءِ وَ أَحْسَنُهُنَّ تَبَعُّلًا سَخَّرَ لَكُمُ الْمَاءَ یَغْدُو عَلَیْكُمْ وَ یَرُوحُ صَلَاحاً لِمَعَاشِكُمْ وَ الْبَحْرَ سَبَباً لِكَثْرَةِ أَمْوَالِكُمْ فَلَوْ صَبَرْتُمْ وَ اسْتَقَمْتُمْ لَكَانَتْ شَجَرَةُ طُوبَی لَكُمْ مَقِیلًا وَ ظِلًّا ظَلِیلًا و غَیْرَ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِیكُمْ مَاضٍ وَ قَضَاءَهُ نَافِذٌ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِیعُ الْحِسابِ یَقُولُ اللَّهُ وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِیداً كانَ ذلِكَ فِی الْكِتابِ مَسْطُوراً وَ أُقْسِمُ لَكُمْ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ مَا الَّذِی ابْتَدَأْتُكُمْ بِهِ مِنَ التَّوْبِیخِ إِلَّا تَذْكِیرٌ وَ مَوْعِظَةٌ لِمَا بَعْدُ لِكَیْ لَا تَسَرَّعُوا إِلَی الْوُثُوبِ فِی مِثْلِ الَّذِی وَثَبْتُمْ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ لِنَبِیِّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْری تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَا الَّذِی
ص: 256
ذَكَرْتُ فِیكُمْ مِنَ الْمَدْحِ وَ التَّطْرِیَةِ بَعْدَ التَّذْكِیرِ وَ الْمَوْعِظَةِ رَهْبَةٌ مِنِّی لَكُمْ وَ لَا رَغْبَةٌ فِی شَیْ ءٍ مِمَّا قِبَلَكُمْ فَإِنِّی لَا أُرِیدُ الْمُقَامَ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِأُمُورٍ تَحْضُرُنِی قَدْ یَلْزَمُنِی الْقِیَامُ بِهَا فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ اللَّهِ لَا عُذْرَ لِی فِی تَرْكِهَا وَ لَا عِلْمَ لَكُمْ بِشَیْ ءٍ مِنْهَا حَتَّی یَقَعَ مِمَّا أُرِیدُ أَنْ أَخُوضَهَا مُقْبِلًا وَ مُدْبِراً فَمَنْ أَرَادَ أَنْ یَأْخُذَ بِنَصِیبِهِ مِنْهَا فَلْیَفْعَلْ فَلَعَمْرِی إِنَّهُ لَلْجِهَادُ الصَّافِی صَفَّاهُ لَنَا كِتَابُ اللَّهِ وَ لَا الَّذِی أَرَدْتُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ بِلَادِكُمْ مَوْجِدَةٌ مِنِّی عَلَیْكُمْ لِمَا شَاقَقْتُمُونِی غَیْرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی یَوْماً وَ لَیْسَ مَعَهُ غَیْرِی إِنَّ جَبْرَئِیلَ الرُّوحَ الْأَمِینَ حَمَلَنِی عَلَی مَنْكِبِهِ الْأَیْمَنِ حَتَّی أَرَانِی الْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَیْهَا وَ أَعْطَانِی أَقَالِیدَهَا وَ عَلَّمَنِی مَا فِیهَا وَ مَا قَدْ كَانَ عَلَی ظَهْرِهَا وَ مَا یَكُونُ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ لَمْ یَكْبُرْ ذَلِكَ عَلَیَّ كَمَا لَمْ یَكْبُرْ عَلَی أَبِی آدَمَ عَلَّمَهُ الْأَسْماءَ كُلَّها وَ لَمْ یَعْلَمْهَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَ إِنِّی رَأَیْتُ بُقْعَةً عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ تُسَمَّی الْبَصْرَةَ فَإِذَا هِیَ أَبْعَدُ الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَقْرَبُهَا مِنَ الْمَاءِ وَ إِنَّهَا لَأَسْرَعُ الْأَرْضِ خَرَاباً وَ أَخْشَنُهَا تُرَاباً وَ أَشَدُّهَا عَذَاباً وَ لَقَدْ خُسِفَ بِهَا فِی الْقُرُونِ الْخَالِیَةِ مِرَاراً وَ لَیَأْتِیَنَّ عَلَیْهَا زَمَانٌ وَ إِنَّ لَكُمْ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَی مِنَ الْمَاءِ لَیَوْماً عَظِیماً بَلَاؤُهُ وَ إِنِّی لَأَعْرِفُ مَوْضِعَ مُنْفَجَرِهِ مِنْ قَرْیَتِكُمْ هَذِهِ ثُمَّ أُمُورٌ قَبْلَ ذَلِكَ تَدْهَمُكُمْ أَخْفَیْتُ عَنْكُمْ وَ عَلِمْنَاهُ فَمَنْ خَرَجَ مِنْهَا عِنْدَ دُنُوِّ غَرَقِهَا فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ سَبَقَتْ لَهُ وَ مَنْ بَقِیَ فِیهَا غَیْرَ مُرَابِطٍ بِهَا فَبِذَنْبِهِ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ* فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی مَنْ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْفُرْقَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ فَقَالَ إِذَا سَأَلْتَنِی فَافْهَمْ عَنِّی وَ لَا عَلَیْكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ أَحَداً بَعْدِی أَمَّا أَهْلُ الْجَمَاعَةِ فَأَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِی وَ إِنْ قَلُّوا وَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا أَهْلُ الْفُرْقَةِ فَالْمُخَالِفُونَ لِی وَ لِمَنِ اتَّبَعَنِی وَ إِنْ كَثُرُوا
ص: 257
وَ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَالْمُسْتَمْسِكُونَ بِمَا سَنَّهُ اللَّهُ لَهُمْ وَ رَسُولُهُ وَ إِنْ قَلُّوا (1) وَ أَمَّا أَهْلُ الْبِدْعَةِ فَالْمُخَالِفُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ لِكِتَابِهِ وَ رَسُولِهِ الْعَامِلُونَ بِرَأْیِهِمْ وَ أَهْوَائِهِمْ وَ إِنْ كَثُرُوا (2) وَ قَدْ مَضَی الْفَوْجُ الْأَوَّلُ وَ بَقِیَتْ أَفْوَاجٌ وَ عَلَی اللَّهِ قَصْمُهَا وَ اسْتِیصَالُهَا عَنْ جَدَدِ الْأَرْضِ وَ بِاللَّهِ التَّوْفِیقُ (3).
تبیین:
أقول: ذكر ابن میثم رحمه اللّٰه هذه الخطبة متفرقة فجمعنا ما وجدنا منها فی كتابه (4) و لنوضح بعض فقراتها قوله علیه السلام لثلاثة أیام أی الصلاة التی یلزمكم حضورها بأمیر المؤمنین بعد ثلاثة أیام من غد و اللام للاختصاص.
قال الشیخ الرضی رضی اللّٰه عنه الاختصاص علی ثلاثة أضرب إما أن یختص الفعل بالزمان لوقوعه فیه نحو كتبت لغرة كذا.
أو یختص به لوقوعه بعده نحو للیلة خلت.
أو یختص به لوقوعه قبله نحو للیلة بقیت و ذلك بحسب القرینة انتهی.
و الكلام إخبار فی معنی الأمر أی احضروا جمیعا للصلاة یوم كذا و الصلاة الموعودة هی غداة الرابع.
ص: 258
و المؤتفكة المنقلبة إما حقیقة أو كنایة عن الغرق كما مر و قد طبقها الماء أی غطاها و عمها.
و الأحنف بالمهملة هو الذی كان معتزلا عن الفریقین یوم الجمل و یكنی أبا بحر بالباء الموحدة و الحاء المهملة و اسمه الضحاك بن قیس من تمیم.
و الأخصاص جمع خص بالضم بیت یعمل من الخشب و القصب. و الأبلة بضم الهمزة و الباء و تشدید اللام الموضع الذی به الیوم مدینة البصرة و كان من قراها و بساتینها یومئذ و كانوا یعدونه إحدی الجنات الأربع و فی الأبلة الیوم موضع العشارین حسب ما أخبر به أمیر المؤمنین علیه السلام.
و الجیل بالكسر الصنف من الناس و قیل كل قوم یختصون بلغة فهم جیل.
و الأرواح جمع ریح أی الرائحة و الكلب بالتحریك الشر و الأذی و شبه جنون یعرض للإنسان من عض الكلب.
و السلب بالتحریك ما یأخذه أحد القرنین فی الحرب من قرنه مما یكون علیه و معه من سلاح و ثیاب و دابة و غیرها ینفر لجهادهم أی یخرج إلی قتالهم و هملت عینه كنصرت و ضربت أی فاضت بالدمع.
و الرهج بالتحریك الغبار و الحس بالكسر و كذلك الحسیس الصوت الخفی و كأنه إشارة إلی خروج صاحب الزنج و كان جیشه مشاة حفاة لم یكن لهم قعقعة لجم و لا حمحمة خیل و التارات جمع تارة أی مرات و المعنی ترد علیهم فتن عظیمة مرة بعد أخری.
و العصبة إما بالضم بمعنی الجماعة أو ما بین العشرة إلی العشرین.
و إما بالتحریك بمعنی الأقرباء و عصبة الرجل بنوه و قرابته لأبیه
ص: 259
و انتهاك الأموال أخذها بما لا یحل و سباء النساء بالكسر و المد أسرهن أن یستحل بها الدجال أی یتخذها مسكنا و ینزلها من حل بالمكان إذا نزل و وصف الدجال بالأكبر یدل علی تعدد من یدعی بالأباطیل كما روی فی بعض الأخبار و الأعور الذی ذهبت إحدی عینیه و العلقة بالتحریك القطعة من الدم الغلیظ و الناتی المرتفع و طفا علی الماء یطفو إذا علا و لم یرسب و الرجف بالفتح الزلزلة و الاضطراب و القذف الرمی بالحجارة و نحوها و الخسف الذهاب فی الأرض و خسف المكان أن یغیب فی الأرض.
و هذا الخسف یحتمل أن یكون خسف جیش أو طائفة بالبصرة أو خسف مدینتهم و بعض مساكنهم و أماكنهم.
و وصف الجوع بالأغبر إما لأن الجوع غالبا تكون فی السنین المجدبة و سنو الجدب تسمی غبرا لاغبرار آفاقها من قلة الأمطار و أرضیها لعدم النبات.
و إما لأن وجه الجائع یشبه الوجه المغبر.
و المراد بالجوع الأغبر الجوع الكامل الذی یظهر لكل أحد.
و الموت الأحمر فسره علیه السلام بالغرق و یعبر عنه غالبا عن القتل بالسیف و إراقة الدماء و بالأبیض عن الطاعون و سیأتی التفسیران فی الحدیث عن الصادق علیه السلام.
و الزبر بضمتین جمع الزبور بالفتح و هو الكتاب فعول بمعنی مفعول من الزبر بمعنی الكتابة و تدمر من الدمار بمعنی الهلاك و الجم بالفتح الكثیر و العلم بالتحریك الجبل و الرایة و دافن الأمر داخله و ذكره فی القاموس أی لا أخطئ منه ظاهرا و لا خفیا و الخطة بالضم الأمر و القضیة و الكیس بالفتح خلاف الحمق و التبعل مصاحبة الزوجیة.
و غدو الماء و رواحه إلیه كنایة عن الجزر و المد فی الوقتین فإن نهر البصرة و الأنهار المقارنة له یمد فی كل یوم و لیلة مرتین و یدور فی الیوم و اللیلة و لا یخص وقتا كطلوع الشمس و غروبها و ارتفاعها و انخفاضها و یسمی ذلك بالمد الیومی
ص: 260
و یكون المد عند زیادة نور القمر أشد و یسمی ذلك بالمد الشهری.
و أشار هذه الفقرة إلی فائدة المد و الجزر إذ لو كان الماء دائما علی حد النقصان و لم یصل إلی حد المد لما سقی زرعهم و نخیلهم و لو كان دائما علی حد الزیادة لغرقت أراضیهم بأنهارهم و فی نقص الأنهار بعد زیادتها فائدة غسل الأقذار و إزالة الخبائث عن شاطئها و فیها فوائد أخری كحركة السفن و نحوها.
و المقیل موضع القائلة و الظل و الظلیل القوی الكامل و من عادة العرب وصف الشی ء بمثل لفظه للمبالغة.
و قیل أی الظل الدائم الذی لا تنسخه الشمس كما فی الدنیا.
و قیل أی الظل الذی لا حر فیه و لا برد.
و لعل المعنی لو صبرتم و استقمتم علی منهاج الحق لكان ظل شجرة طوبی لكم مقیلا و ظِلًّا ظَلِیلًا و التعقیب رد الشی ء بعد فصله و منه قولهم عقب العقاب علی صیده إذا رد الكرور علیه بعد فصله منه و قیل المعقب الذی یعقب الشی ء بالإبطال و غیره و منه قیل لصاحب الحق معقب لأنه یقفو غریمه بالاقتضاء.
و فسر الكتاب فی الآیة باللوح المحفوظ و المسطور المكتوب.
و فی إیراد الآیة نوع استرضاء لهم و تسكین لقلوبهم فإن البلیة إذا عمت طابت.
و التطریة المبالغة فی المدح و الشائع فیه الإطراء و المقام مصدر بمعنی القیام.
و الخوض الدخول فی الماء و خضت العمرة اقتحمتها و الخوض فی تلك الأمور مقبلا و مدبرا مبالغة فی نفی الاستنكاف عنها و توطین النفس علی القیام بها.
و صفاه لنا كتاب اللّٰه أی جعله خالصا من الشكوك و الشوائب و الآثام.
ص: 261
و الموجدة بكسر الجیم الغضب و المشاقة و الشقاق الخلاف و العداوة.
و الأقالید جمع إقلید بالكسر و هو المفتاح.
قوله علیه السلام و لم یكبر ذلك علی أی قویت علیه أو لم أستعظمها من فعل ربی و الأول أظهر.
و التنوین فی زمان للتفخیم أی یأتی علیها زمان شدید فظیع و الظاهر أن القریة المشار إلیها هی الأبلة السابقة ذكرها و تدهمكم أی تفجأكم و تغشاكم و المرابطة الإرصاد لحفظ الثغر و القصم كسر الشی ء و إبانته و الاستئصال قلع الشی ء و إزالته من أصله و جدد الأرض بالتحریك الأرض الصلبة المستویة و لا یبعد أن یكون المراد هنا وجهها و المراد بالفوج الأول إما أصحاب الجمل أو الأعم منهم و من الخلفاء و أتباعهم.
«200»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُخَارِقٍ عَنْ هَاشِمِ بْنِ مُسَاحِقٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ شَهِدَ یَوْمَ الْجَمَلِ وَ أَنَّ النَّاسَ لَمَّا انْهَزَمُوا اجْتَمَعَ هُوَ وَ نَفَرٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِیهِمْ مَرْوَانُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ ظَلَمْنَا هَذَا الرَّجُلَ وَ نَكَثْنَا بَیْعَتَهُ عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ كَانَ مِنْهُ ثُمَّ لَقَدْ ظَهَرَ عَلَیْنَا فَمَا رَأَیْنَا رَجُلًا قَطُّ كَانَ أَكْرَمَ سِیرَةً وَ لَا أَحْسَنَ عَفْواً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُ فَتَعَالَوْا فَلْنَدْخُلْ عَلَیْهِ وَ لْنَعْتَذِرْ مِمَّا صَنَعْنَا قَالَ فَدَخَلْنَا عَلَیْهِ فَلَمَّا
ص: 262
ذَهَبَ مُتَكَلِّمُنَا یَتَكَلَّمُ قَالَ أَنْصِتُوا أَكْفِكُمْ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ فَإِنْ قُلْتُ حَقّاً فَصَدِّقُونِی وَ إِنْ قُلْتُ غَیْرَ ذَلِكَ فَرُدُّوهُ عَلَیَّ ثُمَّ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُبِضَ وَ أَنَا أَوْلَی النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ وَ بِالنَّاسِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَبَایَعْتُمْ أَبَا بَكْرٍ وَ عَدَلْتُمْ عَنِّی فَبَایَعْتُ أَبَا بَكْرٍ كَمَا بَایَعْتُمُوهُ وَ كَرِهْتُ أَنْ أَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِینَ وَ أَنْ أُفَرِّقَ بَیْنَ جَمَاعَتِهِمْ ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَعَلَهَا لِعُمَرَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّی أَوْلَی النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِالنَّاسِ مِنْ بَعْدِهِ فَبَایَعْتُ عُمَرَ كَمَا بَایَعْتُمُوهُ فَوَفَیْتُ لَهُ بِبَیْعَتِهِ وَ أَرِدَنَّهُ عَلَی الْمَاءِ حَتَّی لَمَّا قُتِلَ جَعَلَنِی سَادِسَ سِتَّةٍ (1) فَدَخَلْتُ فِیمَا أَدْخَلَنِی وَ كَرِهْتُ أَنْ أُفَرِّقَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَشُقَّ عَصَاهُمْ فَبَایَعْتُمْ عُثْمَانَ فَبَایَعْتُهُ ثُمَّ طَعَنْتُمْ عَلَی عُثْمَانَ فَقَتَلْتُمُوهُ وَ أَنَا جَالِسٌ فِی بَیْتِی ثُمَّ أَتَیْتُمُونِی غَیْرَ دَاعٍ لَكُمْ وَ لَا مُسْتَكْرِهٍ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ فَبَایَعْتُمُونِی كَمَا بَایَعْتُمْ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ فَمَا جَعَلَكُمْ أَحَقَّ أَنْ تَفُوا لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ بِبَیْعَتِهِمْ مِنْكُمْ بِبَیْعَتِی قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كُنْ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ لا تَثْرِیبَ عَلَیْكُمُ الْیَوْمَ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام كَذَلِكَ أَقُولُ یَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ مَعَ أَنَّ فِیكُمْ رَجُلًا لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ لَنَكَثَ بِاسْتِهِ یَعْنِی مَرْوَانَ.
ص: 263
ص: 264
«201»-(1)
مع، معانی الأخبار أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِیِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ أَبِی شَیْخٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَوَانَةَ قَالَ: قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَوْمَ الْجَمَلِ لِعَائِشَةَ كَیْفَ رَأَیْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِكِ یَا حُمَیْرَاءُ (2) فَقَالَتْ لَهُ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ تَعْنِی تَكَرَّمْ.
تأیید قال فی النهایة الأسجح السهل و منه حدیث عائشة قالت لعلی علیه السلام یوم الجمل حین ظهر ملكت فأسجح أی قدرت فسهل و أحسن العفو و هو مثل سائر.
ص: 265
«202»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِیِّ عَنْ مُوسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِیِّ قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَمَرَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنْ تَنْزِلَ عَائِشَةُ قَصْرَ ابْنِ أَبِی خَلَفٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ جَاءَهَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ یَا أُمَّهْ كَیْفَ رَأَیْتِ ضَرْبَ بَنِیكِ دُونَ دِینِهِمْ بِالسَّیْفِ فَقَالَتِ اسْتَبْصَرْتَ یَا عَمَّارُ مِنْ أَنَّكَ غَلَبْتَ فَقَالَ أَنَا أَشَدُّ اسْتِبْصَاراً مِنْ ذَلِكِ أَمَ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبْتُمُونَا حَتَّی تَبْلُغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّكُمْ عَلَی الْبَاطِلِ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ هَكَذَا یُخَیَّلُ إِلَیْكَ اتَّقِ اللَّهَ یَا عَمَّارُ فَإِنَّ سِنَّكَ قَدْ كَبِرَتْ وَ دَقَّ عَظْمُكَ وَ فَنِیَ أَجَلُكَ وَ أَذْهَبْتَ دِینَكَ لِابْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ عَمَّارٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنِّی وَ اللَّهِ اخْتَرْتُ لِنَفْسِی فِی أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ فَرَأَیْتُ عَلِیّاً أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَعْلَمَهُمْ بِتَأْوِیلِهِ وَ أَشَدَّهُمْ تَعْظِیماً لِحُرْمَتِهِ وَ أَعْرَفَهُمْ بِالسُّنَّةِ مَعَ قَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عِظَمِ عَنَائِهِ وَ بَلَائِهِ فِی الْإِسْلَامِ فَسَكَتَتْ.
«203»-(2)
ج، الإحتجاج رَوَی الْوَاقِدِیُّ أَنَّ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ لَمَّا دَخَلَ عَلَی عَائِشَةَ قَالَ كَیْفَ رَأَیْتِ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ إِلَی قَوْلِهَا یَا عَمَّارُ اتَّقِ اللَّهَ أَذْهَبْتَ دِینَكَ لِابْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام.
بیان:
قال فی مادة سعف من النهایة فی حدیث عمار لو ضربونا حتی یبلغوا بنا سعفات هجر السعفات جمع سعفة بالتحریك و هی أغصان النخیل و قیل إذا یبست سمیت سعفة و إذا كانت رطبة فهی شطبة و إنما خص هجر للمباعدة فی المسافة و لأنها موصوفة بكثرة النخل.
ص: 266
و قال الفیروزآبادی فی القاموس هجر محركة بلدة بالیمن و اسم لجمیع أرض البحرین.
«204»-ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ أَبَتْ عَائِشَةُ مِنَ الرُّجُوعِ دَعْهَا فِی الْبَصْرَةِ وَ لَا تُرَحِّلْهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّهَا لَا تَأْلُو شَرّاً وَ لَكِنْ أَرُدُّهَا إِلَی بَیْتِهَا.
بیان: لا تألو شرا أی لا تقصر فیه.
«205»-ج، الإحتجاج روی محمد بن إسحاق أن عائشة لما وصلت إلی المدینة راجعة من البصرة لم تزل تحرض الناس علی أمیر المؤمنین و كتبت إلی معاویة و أهل الشام مع الأسود بن البختری تحرضهم علیه علیه السلام.
بیان: قال الجوهری التحریض علی القتال الحث و الإحماء علیه انتهی و فی بعض النسخ ضبط لفظة تحرص بالمهملة فی الموضعین.
«206»-ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ لِعَائِشَةَ لَوَدِدْتُ أَنَّكِ قُتِلْتِ یَوْمَ الْجَمَلِ فَقَالَتْ وَ لِمَ لَا أَبَا لَكَ قَالَ كُنْتِ تَمُوتِینَ بِأَجَلِكِ وَ تَدْخُلِینَ الْجَنَّةَ وَ نَجْعَلُكِ أَكْبَرَ التَّشْنِیعِ عَلَی عَلِیٍّ.
«207»-(1)
ج، الإحتجاج فِی رِوَایَةِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِیِّ عَنِ الْقَائِمِ علیه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ یَا مَوْلَانَا وَ ابْنَ مَوْلَانَا رُوِیَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله جَعَلَ طَلَاقَ نِسَائِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ حَتَّی أَنَّهُ بَعَثَ یَوْمَ الْجَمَلِ رَسُولًا إِلَی عَائِشَةَ وَ قَالَ إِنَّكِ أَدْخَلْتِی الْهَلَاكَ عَلَی الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ بِالْغِشِّ الَّذِی حَصَلَ مِنْكِ وَ أَوْرَدْتِی أَوْلَادَكِ فِی مَوْضِعِ الْهَلَاكِ لِلْجَهَالَةِ فَإِنِ امْتَنَعْتِ وَ إِلَّا طَلَّقْتُكِ فَأَخْبِرْنَا یَا مَوْلَایَ عَنْ مَعْنَی الطَّلَاقِ الَّذِی فَوَّضَ حُكْمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ علیه السلام إِنَّ اللَّهَ تَقَدَّسَ اسْمُهُ عَظَّمَ شَأْنَ نِسَاءِ النَّبِیِّ فَخَصَّهُنَّ بِشَرَفِ الْأُمَّهَاتِ
ص: 267
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ هَذَا شَرَفٌ بَاقٍ مَا دُمْنَ لِلَّهِ عَلَی طَاعَةٍ (1) فَأَیَّتُهُنَّ عَصَتِ اللَّهَ بَعْدِی فِی الْأَزْوَاجِ بِالْخُرُوجِ عَلَیْكَ فَطَلِّقْهَا وَ أَسْقِطْهَا مِنْ شَرَفِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِینَ.
«208»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابن الصلت عن ابن عقدة عن یعقوب بن یوسف عن عبید اللّٰه بن موسی عن جعفر الأحمر عن الشیبانی عن جمیع بن عمیر قال قالت عمتی لعائشة و أنا أسمع أنت مسیرك إلی علی علیه السلام ما كان قالت دعینا منك إنه ما كان من الرجال أحب إلی رسول اللّٰه من علی و لا من النساء أحب إلیه من فاطمة علیها السلام.
«209»-(3)
جا، المجالس للمفید الْجِعَابِیُّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُسْتَوْرِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُنِیرٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ وَزِیرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ بْنِ عَطَاءٍ مَوْلَی مُزَیْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهم السلام عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ قَالَ: كَانَ اللِّوَاءُ مَعِی یَوْمَ الْجَمَلِ وَ كَانَ أَكْثَرُ الْقَتْلَی فِی بَنِی ضَبَّةَ فَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ مَعَهُ
ص: 268
عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَانْتَهَی إِلَی الْهَوْدَجِ وَ كَأَنَّهُ شَوْكُ الْقُنْفُذِ مِمَّا فِیهِ مِنَ النَّبْلِ فَضَرَبَهُ بِعَصًا ثُمَّ قَالَ هِیهِ یَا حُمَیْرَاءُ أَرَدْتِ أَنْ تَقْتُلِینِی كَمَا قَتَلْتِ ابْنَ عَفَّانَ أَ بِهَذَا أَمَرَكِ اللَّهُ أَوْ عَهِدَ إِلَیْكِ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَتْ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ فَقَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ انْظُرْ هَلْ نَالَهَا شَیْ ءٌ مِنَ السِّلَاحِ فَوَجَدَهَا قَدْ سَلِمَتْ لَمْ یَصِلْ إِلَیْهَا إِلَّا سَهْمٌ خَرَقَ فِی ثَوْبِهَا خَرْقاً وَ خَدَشَهَا خَدْشاً لَیْسَ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ ابْنُ أَبِی بَكْرٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ سَلِمَتْ مِنَ السِّلَاحِ إِلَّا سَهْماً خَلَصَ إِلَی ثَوْبِهَا فَخَدَشَ مِنْهُ شَیْئاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام احْتَمِلْهَا فَأَنْزِلْهَا دَارَ ابْنِ أَبِی خَلَفٍ الْخُزَاعِیِّ ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِیَهُ یُنَادِی لَا یُدَفَّفْ عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا یُتْبَعْ مُدْبِرٌ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ.
بیان: قال الفیروزآبادی فی القاموس أدففته أجهزت علیه كدففته و منه داف ابن مسعود أبا جهل یوم بدر.
«210»-(1)
كش، رجال الكشی جَعْفَرُ بْنُ مَعْرُوفٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مَطَرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی بَعْضُ أَشْیَاخِی قَالَ: لَمَّا هَزَمَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَصْحَابَ الْجَمَلِ بَعَثَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا إِلَی عَائِشَةَ یَأْمُرُهَا بِتَعْجِیلِ الرَّحِیلِ وَ قِلَّةِ الْعُرْجَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَتَیْتُهَا وَ هِیَ فِی قَصْرِ بَنِی خَلَفٍ فِی جَانِبِ الْبَصْرَةِ قَالَ فَطَلَبْتُ الْإِذْنَ عَلَیْهَا فَلَمْ تَأْذَنْ فَدَخَلْتُ عَلَیْهَا مِنْ غَیْرِ إِذْنِهَا فَإِذَا بَیْتٌ قِفَارٌ لَمْ یُعَدَّ لِی فِیهِ مَجْلِسٌ فَإِذَا هِیَ مِنْ وَرَاءِ سِتْرَیْنِ قَالَ فَضَرَبْتُ بِبَصَرِی فَإِذَا فِی جَانِبِ الْبَیْتِ رَحْلٌ عَلَیْهِ طِنْفِسَةٌ قَالَ فَمَدَدْتُ الطِّنْفِسَةَ فَجَلَسْتُ عَلَیْهَا فَقَالَتْ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ دَخَلْتَ بَیْتَنَا بِغَیْرِ إِذْنِنَا وَ جَلَسْتَ عَلَی مَتَاعِنَا بِغَیْرِ إِذْنِنَا فَقَالَ لَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ نَحْنُ أَوْلَی بِالسُّنَّةِ مِنْكِ وَ نَحْنُ عَلَّمْنَاكِ السُّنَّةَ وَ إِنَّمَا بَیْتُكِ الَّذِی خَلَّفَكِ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ فَخَرَجْتِ مِنْهُ
ص: 269
ظَالِمَةً لِنَفْسِكِ غَاشَّةً لِدِینِكِ عَاتِیَةً عَلَی رَبِّكِ عَاصِیَةً لِرَسُولِ اللَّهِ فَإِذَا رَجَعْتِ إِلَی بَیْتِكِ لَمْ نَدْخُلْهُ إِلَّا بِإِذْنِكِ وَ لَمْ نَجْلِسْ عَلَی مَتَاعِكِ إِلَّا بِأَمْرِكِ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بَعَثَ إِلَیْكِ یَأْمُرُكِ بِالرَّحِیلِ إِلَی الْمَدِینَةِ وَ قِلَّةِ الْعُرْجَةِ فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا وَ اللَّهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ إِنْ تَرَبَّدَتْ فِیهِ وُجُوهٌ وَ رَغِمَتْ فِیهِ مَعَاطِسُ أَمَا وَ اللَّهِ لَهُوَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَمَسُّ بِرَسُولِ اللَّهِ رَحِماً وَ أَقْرَبُ قَرَابَةً وَ أَقْدَمُ سَبْقاً وَ أَكْثَرُ عِلْماً وَ أَعْلَی مَنَاراً وَ أَكْثَرُ آثَاراً مِنْ أَبِیكِ وَ مِنْ عُمَرَ فَقَالَتْ أَبَیْتُ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ إِبَاؤُكِ فِیهِ لَقَصِیرَ الْمُدَّةِ عَظِیمَ التَّبِعَةِ ظَاهِرَ الشُّومِ بَیِّنَ النَّكَدِ وَ مَا كَانَ إِبَاؤُكِ فِیهِ إِلَّا حَلَبَ شَاةٍ حَتَّی صِرْتِ مَا تَأْمُرِینَ وَ لَا تَنْهَیْنَ وَ لَا تَرْفَعِینَ وَ لَا تَضَعِینَ وَ مَا كَانَ مَثَلُكِ إِلَّا كَمَثَلِ الْحَضْرَمِیِّ بْنِ نَجْمَانَ أَخِی بَنِی أَسَدٍ حَیْثُ یَقُولُ:
مَا زَالَ إِهْدَاءُ الْقَصَائِدِ بَیْنَنَا*** شَتْمَ الصَّدِیقِ وَ كَثْرَةَ الْأَلْقَابِ
حَتَّی تَرَكْتُهُمْ كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ***فِی كُلِّ مَجْمَعَةٍ طَنِینُ ذُبَابٍ
قَالَ فَأَرَاقَتْ دَمْعَهَا وَ أَبْدَتْ عَوِیلَهَا وَ تَبَدَّا نَشِیجُهَا ثُمَّ قَالَتْ أَخْرُجُ وَ اللَّهِ عَنْكُمْ فَمَا فِی الْأَرْضِ بَلَدٌ أَبْغَضَ إِلَیَّ مِنْ بَلَدٍ تَكُونُونَ فِیهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِمَ وَ اللَّهِ مَا ذَا بَلَاءَنَا عِنْدَكِ وَ لَا بِصَنِیعِنَا إِلَیْكِ إِنَّا جَعَلْنَاكِ لِلْمُؤْمِنِینَ أُمّاً وَ أَنْتِ بِنْتُ أُمِّ رُومَانَ وَ جَعَلْنَا أَبَاكِ صِدِّیقاً وَ هُوَ ابْنُ أَبِی قُحَافَةَ حَامِلُ قِصَاعِ الْوَدَكِ لِابْنِ جُذْعَانَ إِلَی أَضْیَافِهِ فَقَالَتْ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ تَمَنَّوْنَ عَلَیَّ بِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ وَ لِمَ لَا یُمَنُّ عَلَیْكِ بِمَنْ لَوْ كَانَ مِنْكِ قُلَامَةٌ مِنْهُ مَنَنْتِنَا بِهِ وَ نَحْنُ لَحْمُهُ وَ دَمُهُ وَ مِنْهُ وَ إِلَیْهِ وَ مَا أَنْتِ إِلَّا حَشِیَّتُهُ مِنْ تِسْعِ حَشَایَا خَلَّفَهُنَّ بَعْدَهُ لَسْتِ بِأَبْیَضِهِنَّ لَوْناً وَ لَا بِأَحْسَنِهِنَّ وَجْهاً وَ لَا بِأَرْشَحِهِنَّ عَرَقاً وَ لَا بِأَنْضَرِهِنَّ وَرَقاً وَ لَا بِأَطْرَاهُنَّ أَصْلًا فَصِرْتِ تَأْمُرِینَ فَتُطَاعِینَ وَ تَدْعِینَ فَتُجَابِینَ وَ مَا مَثَلُكِ إِلَّا كَمَا قَالَ أَخُو بَنِی فِهْرٍ:
مَنَنْتُ عَلَی قُومِی فَأَبْدَوْا عَدَاوَةً***فَقُلْتُ لَهُمْ كُفُّوا الْعَدَاوَةَ وَ الشُّكْرَا
فَفِیهِ رِضًا مِنْ مِثْلِكُمْ لِصَدِیقِهِ*** وَ أَحَجُّ بِكُمْ أَنْ تَجْمَعُوا الْبَغْیَ وَ الْكُفْرَا
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ نَهَضْتُ وَ أَتَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَقَالَتِهَا وَ مَا رَدَدْتُ عَلَیْهَا
ص: 270
فَقَالَ أَنَا كُنْتُ أَعْلَمَ بِكَ حَیْثُ بَعَثْتُكَ.
بیان: رواه ابن أبی الحدید فی شرح النهج و رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الكافیة بسندین أحدهما من طریق العامة و الآخر من طریق الخاصة باختلاف یسیر فی بعض الألفاظ.
و قال الجوهری التعریج علی الشی ء الإقامة علیه یقال عرج فلان علی المنزل إذا حبس مطیته علیه و أقام و كذلك التعرج و یقال ما لی علیه عرجة و لا تعریج و لا تعرج و أیضا قال الجوهری القفر مفازة لا نبات فیها و لا ماء و الجمع قِفَار یقال أرض قفر و مفازة قفر و قفرة أیضا و القَفَار بالفتح الخبز بلا أدم یقال أخذ خبزة قفارا.
و قال الفیروزآبادی الطنفسة مثلثة الطاء و الفاء و بكسر الطاء و فتح الفاء و بالعكس واحدة الطنافس یقال للبسط و الثیاب و الحصیر من سعف عرضه ذراع.
و قال الجوهری تربد وجه فلان أی تغیر من الغضب و قال المعطس مثال المجلس الأنف و ربما جاء بفتح الطاء و قال نكد عیشهم بالكسر ینكد نكدا إذا اشتد و رجل نكد أی عسر و العویل رفع الصوت بالبكاء و نشج الباكی ینشج نشیجا إذا غص بالبكاء فی حلقه من غیر انتحاب و نشج بصوته نشیجا ردده فی صدره.
قوله ما ذا بلاءنا عندك كلمة ما نافیة أی لیس هذا جزاء نعمتنا عندك قوله مننتنا أی مننت علینا علی الحذف و الإیصال و فی بعض النسخ منیتنا من المنیة بمعنی الموت أی قتلتنا و الحشیة كمنیة الفراش المحشو و الجمع حشایا كنی عن النساء و التعبیر عنهن بالفرش شائع.
قوله و لا بأرشحهن بالشین المعجمة و الحاء المهملة من الرشح و هو نضح الماء و فی بعض النسخ بالسین المهملة و الخاء المعجمة من الرسوخ بمعنی الثبات.
قوله و لا بأطراهن من الطراوة.
ص: 271
قوله و أحج بكم أی هو ألزم لحجتكم و فی بعض النسخ أحجی و هو أصوب أی أولی و أقرب إلی العقل و الحجی.
«211»-(1)
كشف، كشف الغمة مِنْ رَبِیعِ الْأَبْرَارِ لِلزَّمَخْشَرِیِّ قَالَ قَالَ جَمِیعُ بْنُ عُمَیْرٍ دَخَلْتُ عَلَی عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَنْ كَانَ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ فَاطِمَةُ علیها السلام قُلْتُ إِنَّمَا أَسْأَلُكِ عَنِ الرِّجَالِ قَالَتْ زَوْجُهَا وَ مَا یَمْنَعُهُ فَوَ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَصَوَّاماً قَوَّاماً وَ لَقَدْ سَالَتْ نَفْسُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی یَدِهِ فَرَدَّهَا إِلَی فِیهِ فَقُلْتُ فَمَا حَمَلَكِ عَلَی مَا كَانَ فَأَرْسَلَتْ خِمَارَهَا عَلَی وَجْهِهَا وَ بَكَتْ وَ قَالَتْ أَمْرٌ قُضِیَ عَلَیَّ.
وَ رُوِیَ أَنَّهُ قِیلَ لَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا أَ نَدْفَنُكِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ لَا إِنِّی أَحْدَثْتُ بَعْدَهُ.
«212»-(2)
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم عُبَیْدُ بْنُ كَثِیرٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَصْبَغَ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا هَزَمْنَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ جَاءَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام حَتَّی اسْتَنَدَ إِلَی حَائِطٍ مِنْ حِیطَانِ الْبَصْرَةِ فَاجْتَمَعْنَا حَوْلَهُ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ رَاكِبٌ وَ النَّاسُ نُزُولٌ فَیَدْعُو الرَّجُلَ بِاسْمِهِ فَیَأْتِیهِ ثُمَّ یَدْعُو الرَّجُلَ بِاسْمِهِ فَیَأْتِیهِ ثُمَّ یَدْعُو الرَّجُلَ بِاسْمِهِ فَیَأْتِیهِ حَتَّی وَافَاهُ مِنَّا سِتُّونَ شَیْخاً كُلُّهُمْ قَدْ صَغَّرُوا اللِّحَی وَ عَقَصُوهَا وَ أَكْثَرُهُمْ یَوْمَئِذٍ مِنْ هَمْدَانَ فَأَخَذَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام طَرِیقاً مِنْ طُرُقِ الْبَصْرَةِ وَ نَحْنُ مَعَهُ وَ عَلَیْنَا الدِّرْعُ وَ الْمَغَافِرُ مُتَقَلِّدِی السُّیُوفِ مُتَنَكِّبِی الْأَتْرِسَةِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی دَارٍ قَوْرَاءَ فَدَخَلْنَا فَإِذَا فِیهَا نِسْوَةٌ یَبْكِینَ فَلَمَّا رَأَیْنَهُ صِحْنَ صَیْحَةً وَاحِدَةً وَ قُلْنَ هَذَا قَاتِلُ الْأَحِبَّةِ
ص: 272
فَأَمْسَكَ عَنْهُنَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قَالَ أَیْنَ مَنْزِلُ عَائِشَةَ فَأَوْمَأْنَ إِلَی حُجْرَةٍ فِی الدَّارِ فَحَمَلْنَا عَلِیّاً عَنْ دَابَّتِهِ فَأَنْزَلْنَاهُ فَدَخَلَ عَلَیْهَا فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ قَوْلِ عَلِیٍّ شَیْئاً إِلَّا أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتِ امْرَأَةً عَالِیَةَ الصَّوْتِ فَسَمِعْنَا قَوْلَهَا كَهَیْئَةِ الْمَعَاذِیرِ إِنِّی لَمْ أَفْعَلْ ثُمَّ خَرَجَ عَلَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَحَمَلْنَاهُ عَلَی دَابَّتِهِ فَعَارَضَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ قِبَلِ الدَّارِ فَقَالَ أَیْنَ صَفِیَّةُ قَالَتْ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ أَلَا تَكُفِّینَ عَنِّی هَؤُلَاءِ الْكَلَبَاتِ الَّتِی یَزْعُمْنَ أَنِّی قَاتِلُ الْأَحِبَّةِ لَوْ قَتَلْتُ الْأَحِبَّةَ لَقَتَلْتُ مَنْ فِی تِلْكِ الدَّارِ وَ أَوْمَی بِیَدِهِ إِلَی ثَلَاثِ حُجَرٍ فِی الدَّارِ قَالَ فَضَرَبْنَا بِأَیْدِینَا عَلَی قَوَائِمِ السُّیُوفِ وَ ضَرَبْنَا بِأَبْصَارِنَا إِلَی الْحُجَرِ الَّتِی أَوْمَی إِلَیْهَا فَوَ اللَّهِ مَا بَقِیَتْ فِی الدَّارِ بَاكِیَةٌ إِلَّا سَكَنَتْ وَ لَا قَائِمَةٌ إِلَّا جَلَسَتْ قُلْتُ یَا أَبَا الْقَاسِمِ فَمَنْ كَانَ فِی تِلْكَ الثَّلَاثِ حُجَرٍ قَالَ أَمَّا وَاحِدَةٌ فَكَانَ فِیهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ جَرِیحاً وَ مَعَهُ شَبَابُ قُرَیْشٍ جَرْحَی وَ أَمَّا الثَّانِیَةُ فَكَانَ فِیهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَ مَعَهُ آلُ الزُّبَیْرِ جَرْحَی وَ أَمَّا الثَّالِثَةُ فَكَانَ فِیهَا رَئِیسُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ یَدُورُ مَعَ عَائِشَةَ أَیْنَ مَا دَارَتْ قُلْتُ یَا أَبَا الْقَاسِمِ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْقَرْحَةِ فَهَلَّا مِلْتُمْ عَلَیْهِمْ بِهَذِهِ السُّیُوفِ قَالَ یَا ابْنَ أَخِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْكَ وَسِعَهُمْ أَمَانُهُ إِنَّا لَمَّا هَزَمْنَا الْقَوْمَ نَادَی مُنَادِیهِ لَا یُدَفَّفْ عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا یُتْبَعْ مُدْبِرٌ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ سُنَّةٌ یُسْتَنُّ بِهَا بَعْدَ یَوْمِكُمْ هَذَا ثُمَّ مَضَی وَ مَضَیْنَا مَعَهُ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی الْمُعَسْكَرِ فَقَامَ إِلَیْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْهُمْ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ زَیْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ أَبُو لَیْلَی فَقَالَ أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِسَبْعَةٍ هُمْ مِنْ أَفْضَلِ الْخَلْقِ یَوْمَ یَجْمَعُهُمُ اللَّهُ تَعَالَی قَالَ أَبُو أَیُّوبَ بَلَی وَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّكَ كُنْتَ تَشْهَدُ وَ نَغِیبُ قَالَ فَإِنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ یَوْمَ یَجْمَعُهُمُ اللَّهُ تَعَالَی سَبْعَةٌ مِنْ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا یُنْكِرُ فَضْلَهُمْ إِلَّا كَافِرٌ وَ لَا یَجْحَدُ إِلَّا جَاحِدٌ قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مَا اسْمُهُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَلِنَعْرِفَنَّهُمْ
ص: 273
قَالَ إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ یَوْمَ یَجْمَعُ اللَّهُ الْخَلْقَ وَ الرُّسُلَ مُحَمَّدٌ وَ إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الرُّسُلِ مُحَمَّداً عَلَیْهِمُ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ ثُمَّ إِنَّ أَفْضَلَ كُلِّ أُمَّةٍ بَعْدَ نَبِیِّهَا وَصِیُّ نَبِیِّهَا حَتَّی یُدْرِكَهُ نَبِیٌّ وَ إِنَّ أَفْضَلَ الْأَوْصِیَاءِ وَصِیُّ مُحَمَّدٍ عَلَیْهِمَا الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ ثُمَّ إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ بَعْدَ الْأَوْصِیَاءِ الشُّهَدَاءُ وَ إِنَّ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ وَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِی طَالِبٍ ذَا جَنَاحَیْنِ یَطِیرُ بِهِمَا مَعَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ یُحَلَّ بِحِلْیَتِهِ أَحَدٌ مِنَ الْآدَمِیِّینَ فِی الْجَنَّةِ شَیْ ءٌ شَرَّفَهُ اللَّهُ بِهِ وَ السِّبْطَانِ الْحَسَنَانِ سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ الْمَهْدِیُّ یَجْعَلُهُ اللَّهُ مِنْ أَحَبَّ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ ثُمَّ قَالَ أَبْشِرُوا ثَلَاثاً مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِیقاً ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفی بِاللَّهِ عَلِیماً.
بیان: عقص الشعر ضفره و لیه علی الرأس ذكره الجوهری و قال تنكب القوس أی ألقاها علی منكبه و قال دار قَوْراء واسعة.
«213»-(1)
الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ، عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بَعَثَ إِلَی عَائِشَةَ مُحَمَّداً أَخَاهَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَیْهِ و أَنِ ارْتَحِلِی وَ أَلْحِقِی بَیْتَكِ الَّذِی تَرَكَكِ فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَتْ وَ اللَّهِ لَا أَرِیمُ (2) عَنْ هَذَا الْبَلَدِ أَبَداً فَرَجَعَا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَخْبَرَاهُ بِقَوْلِهَا فَغَضِبَ ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَیْهَا وَ بَعَثَ مَعَهُمَا الْأَشْتَرَ فَقَالَ وَ اللَّهِ لِتَخْرُجَنَّ أَوْ لِتَحْمِلَنَّ احْتِمَالًا ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا مَعْشَرَ عَبْدِ الْقَیْسِ انْدُبُوا إِلَی
ص: 274
الْحُرَّةِ الْخِیَرَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَإِنَّهَا قَدْ أَبَتْ أَنْ تَخْرُجَ لِتَحْمِلُوهَا احْتِمَالًا فَلَمَّا عَلِمَتْ بِذَلِكَ قَالَتْ لَهُمْ قُولُوا فَلْیُجَهِّزْنِی فَأَتَوْا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَجَهَّزَهَا وَ بَعَثَ مَعَهَا بِالنِّسَاءِ.
«214»-وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَبِیعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ عَنْ مِحْصَنِ بْنِ زِیَادٍ الضَّبِّیِّ قَالَ سَمِعْتُ الْأَحْنَفَ بْنَ قَیْسٍ یَقُولُ بَعَثَ عَلِیٌّ إِلَی عَائِشَةَ أَنِ ارْجِعِی إِلَی الْحِجَازِ فَقَالَتْ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ لَهَا لَئِنْ لَمْ تَفْعَلِی لَأُرْسِلَنَّ إِلَیْكِ نِسْوَةً مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ بِسِفَارٍ حِدَادٍ یَأْخُذْنَكِ بِهَا قَالَ فَخَرَجَتْ حِینَئِذٍ.
«215»-وَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَشْرَسَ الْعَبْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْجَلِیلِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَی عَائِشَةَ أَنِ ارْتَحِلِی فَأَبَتْ عَلَیْهِ فَبَعَثَ إِلَیْهَا بِامْرَأَتَیْنِ وَ امْرَأَةٍ مِنْ رَبِیعَةَ مَعَهُنَّ الْإِبِلُ فَلَمَّا رَأَتْهُنَّ ارْتَحَلَتْ.
«216»-وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْأَسَدِیِّ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ دَخَلَ عَلَی عَائِشَةَ لَمَّا أَبَتِ الْخُرُوجَ فَقَالَ لَهَا یَا شُعَیْرَاءُ ارْتَحِلِی وَ إِلَّا تَكَلَّمْتُ بِمَا تَعْلَمِینَهُ فَقَالَتْ نَعَمْ أَرْتَحِلُ فَجَهَّزَهَا وَ أَرْسَلَهَا وَ مَعَهَا أَرْبَعِینَ امْرَأَةً مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ الْحَدِیثَ بِطُولِهِ.
«217»-وَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَارُودِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ لِعَائِشَةَ ارْجِعِی إِلَی بَیْتِكِ الَّذِی تَرَكَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَبُوكِ فِیهِ فَأَبَتْ فَقَالَ لَهَا ارْجِعِی وَ إِلَّا تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ تَبْرَئِینَ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَ رَسُولِهِ فَارْتَحَلَتْ.
«218»-وَ عَنْ مُطَّلِبِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ كَثِیرٍ النَّوَّاءِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ لِعَائِشَةَ السَّلَامُ عَلَیْكِ یَا أُمَّهْ أَ لَسْنَا وُلَاةَ بَعْلِكِ أَ وَ لَیْسَ قَدْ ضَرَبَ اللَّهُ الْحِجَابَ عَلَیْكِ أَ وَ لَیْسَ قَدْ أُوتِیتِ أَجْرَكِ مَرَّتَیْنِ قَالَتْ بَلَی قَالَ فَمَا أَخْرَجَكِ عَلَیْنَا مَعَ مُنَافِقِی قُرَیْشٍ قَالَتْ كَانَ قَدَراً یَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ وَ كَانَتْ أُمُّنَا تُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ.
ص: 275
«219»-وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یُونُسَ عَنْ أَبِی بَكْرِ بْنِ عَیَّاشٍ عَنْ یَزِیدَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَائِشَةَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ لِمَ خَرَجْتِ عَلَی عَلِیٍّ قَالَتْ لَهُ أَبُوكَ لِمَ تَزَوَّجَ بِأُمِّكَ قَدَراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (1).
«220»-وَ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ (2) عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا سُئِلَتْ عَنْ خُرُوجِهَا عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَتْ كَانَ شَیْ ءٌ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَیَّ.
«221»-(3)
الْبُرْسِیُّ فِی كِتَابِ مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام مِنَ الْكُوفَةِ جَاءَتِ النِّسْوَةُ یُعَزِّینَهُ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ دَخَلَتْ عَلَیْهِ أَزْوَاجُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَتْ عَائِشَةُ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا فُقِدَ جَدُّكَ إِلَّا یَوْمَ فُقِدَ أَبُوكَ فَقَالَ لَهَا الْحَسَنُ علیه السلام نَسِیتِ نَبْشَكِ فِی بَیْتِكِ لَیْلًا بِغَیْرِ قَبَسٍ بِحَدِیدَةٍ حَتَّی ضَرَبَتِ الْحَدِیدَةُ كَفَّكِ فَصَارَتْ جُرْحاً إِلَی الْآنَ تَبْغِینَ جِرَاراً خُضْراً فِیهَا مَا جَمَعْتِ مِنْ خِیَانَةٍ حَتَّی أَخَذْتِ مِنْهَا أَرْبَعِینَ دِینَاراً عَدَداً لَا تَعْلَمِینَ لَهَا وَزْناً تفرقیها [تُفَرِّقِینَهَا] فِی مُبْغِضِی عَلِیٍّ مِنْ تَیْمٍ وَ عَدِیٍّ قَدْ تَشَفَّیْتِ بِقَتْلِهِ فَقَالَتْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ.
ص: 276
«222»-(1)
فس، تفسیر القمی مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ عَنِ ابْنِ أَبِی نَجْرَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِیزٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ یا نِساءَ النَّبِیِّ مَنْ یَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ یُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَیْنِ قَالَ الْفَاحِشَةُ الْخُرُوجُ بِالسَّیْفِ.
أقول: قد مضی بعض الأخبار فی باب ذم عائشة و حفصة.
«223»-(2)
ج، الإحتجاج عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام فِی خَبَرِ الطَّیْرِ أَنَّهُ جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام مَرَّتَیْنِ فَرَدَّتْهُ عَائِشَةُ فَلَمَّا دَخَلَ فِی الثَّالِثَةِ وَ أُخْبِرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله بِهِ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَیْتِ إِلَّا أَنْ
ص: 277
یَكُونَ الْأَمْرُ هَكَذَا یَا حُمَیْرَاءُ مَا حَمَلَكِ عَلَی هَذَا قَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَهَیْتُ أَنْ یَكُونَ أَبِی أَنْ یَأْكُلَ مِنَ الطَّیْرِ فَقَالَ لَهَا مَا هُوَ أَوَّلَ ضِغْنٍ بَیْنَكِ وَ بَیْنَ عَلِیٍّ وَ قَدْ وَقَفْتُ عَلَی مَا فِی قَلْبِكِ لِعَلِیٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی لَتُقَاتِلِینَهُ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ تَكُونُ النِّسَاءُ یُقَاتِلْنَ الرِّجَالَ فَقَالَ لَهَا یَا عَائِشَةُ إِنَّكِ لَتُقَاتِلِینَ عَلِیّاً وَ یَصْحَبُكِ وَ یَدْعُوكِ إِلَی هَذَا نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی وَ أَصْحَابِی فَیَحْمِلُونَكِ عَلَیْهِ وَ لَیَكُونَنَّ فِی قِتَالِكِ أَمْرٌ یَتَحَدَّثُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ وَ عَلَامَةُ ذَلِكَ أَنَّكِ تَرْكَبِینَ شَیْطَاناً تُبْتَلَیْنَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغِی إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی یُقْصَدُ بِكِ إِلَیْهِ فَتَنْبَحُ عَلَیْكِ كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَتَسْأَلِینَ الرُّجُوعَ فَیَشْهَدُ عِنْدَكِ قَسَامَةُ أَرْبَعِینَ رَجُلًا مَا هِیَ كِلَابَ الْحَوْأَبِ فَتَصِیرِینَ إِلَی بَلَدٍ أَهْلُهُ أَنْصَارُكِ وَ هُوَ أَبْعَدُ بِلَادٍ فِی الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ وَ أَقْرَبُهَا إِلَی الْمَاءِ وَ لَتُرْجَعِنَّ وَ أَنْتِ صَاغِرَةٌ غَیْرُ بَالِغَةٍ مَا تُرِیدِینَ وَ یَكُونُ هَذَا الَّذِی یَرُدُّكِ مَعَ مَنْ یَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ إِنَّهُ لَكِ خَیْرٌ مِنْكِ لَهُ وَ لَیُنْذِرَنَّكِ مَا یَكُونُ بِهِ الْفِرَاقُ بَیْنِی وَ بَیْنَكِ فِی الْآخِرَةِ وَ كُلُّ مَنْ فَرَّقَ عَلِیٌّ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ بَعْدَ وَفَاتِی فَفِرَاقُهُ جَائِزٌ فَقَالَتْ لَهُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ مَا تَعِدُنِی قَالَ فَقَالَ لَهَا هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَیَكُونَنَّ مَا قُلْتُ حَتَّی كَأَنِّی أَرَاهُ.
«224»-(1)
مع، معانی الأخبار أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ عَنْ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لِنِسَائِهِ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَذْیَبِ الَّتِی تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَیُقْتَلُ عَنْ یَمِینِهَا وَ عَنْ یَسَارِهَا قَتْلَی كَثِیرٌ ثُمَّ تَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ.
ص: 278
قال الصدوق رحمه اللّٰه الحوأب ماء لبنی عامر و الجمل الأذیب یقال إن الذئبة داء تأخذ الدواب یقال برذون مذءوب و أظن الجمل الأذیب مأخوذ من ذلك و قوله تنجو بعد ما كادت أی تنجو بعد ما كادت تهلك.
«225»-(1)
الْكَافِیَةُ، عَنْ عِصَامٍ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ وَ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَیَّاشٍ عَنِ الْكَلْبِیِّ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ رَوَی الْمَسْعُودِیُّ فِی حَدِیثِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِذَا أَدْرَكْتَهَا فَاضْرِبْهَا وَ اضْرِبْ أَصْحَابَهَا.
«226»-(2)
سر، السَّرَائِرُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِیسَ وَجَدْتُ فِی الْغَرِیبَیْنِ لِلْهَرَوِیِّ هَذَا الْحَدِیثَ وَ هُوَ بِالدَّالِ غَیْرِ الْمُعْجِمَةِ مَعَ الْبَاءِ النقطة [الْمُنَقَّطَةِ] تَحْتَهَا نُقْطَةً وَاحِدَةً: قَالَ أَبُو عُبَیْدٍ وَ فِی الْحَدِیثِ: لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ.
قیل أراد الأدبّ فأظهر التضعیف و الأدبّ الكثیر الوبر یقال جمل أدبّ إذا كان كثیر الدبب و الدبب كثرة شعر الوجه و دببه أنشدنی أبو بكر بن الأنباری:
یمشقن كل غصن معلوش*** مشق النساء دبب العروس
ص: 279
یمشقن یقطعن كل غصن كثیر الورق كما تنتف النساء الشعر من وجه العروس قال محمد بن إدریس و وجدت أیضا فی كتاب مجمل اللغة لابن فارس ما ذكره أبو عبید صاحب الغریبین قد أورد الحدیث علی ما ذكره و فسره علی ما فسره وضعه فی باب الدال غیر المعجمة مع الباء و الاعتماد علی أهل اللغة فی ذلك فإنهم أقوم به و أظن أن شیخنا ابن بابویه تجاوز نظره فی الحرف و زل فیه فأورده بالذال المعجمة و الیاء علی ما فی كتابه و اعتقد أن الجمل الأذیب مشتق من المذئبة ففسره علی ما فسره و هذا تصحیف منه أقول قال ابن الأثیر فی النهایة (1) بعد إیراد الروایة أراد الأدب فأظهر الإدغام لأجل الحوأب و الأدب الكثیر وبر الوجه.
و قال السیوطی فی بعض تصانیفه إنه قد یفك ما استحق الإدغام لاتباع كلمة أخری
كحدیث أیتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب.
فك الأدبب و قیاسه الأدب اتباعا للحوأب.
«227»-(2)
ل، الخصال عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْجُنَیْدِ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِی عَوَانَةَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مِینَاءَ مَوْلَی عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ یُغَسِّلُكَ إِذَا مِتَّ فَقَالَ یُغَسِّلُ كُلَّ نَبِیٍّ وَصِیُّهُ قُلْتُ فَمَنْ وَصِیُّكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقُلْتُ كَمْ یَعِیشُ بَعْدَكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ
ص: 280
قَالَ ثَلَاثِینَ سَنَةً فَإِنَّ یُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَصِیَّ مُوسَی عَاشَ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثِینَ سَنَةً وَ خَرَجَتْ عَلَیْهِ صَفْرَاءُ بِنْتُ شُعَیْبٍ زَوْجُ مُوسَی فَقَالَتْ أَنَا أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْكَ فَقَاتَلَهَا فَقَتَلَ مُقَاتِلَهَا وَ أَسَرَهَا فَأَحْسَنَ أَسْرَهَا وَ إِنَّ ابْنَةَ أَبِی بَكْرٍ سَتَخْرُجُ عَلَی عَلِیٍّ فِی كَذَا وَ كَذَا أَلْفاً مِنْ أُمَّتِی فَیُقَاتِلُهَا فَیَقْتُلُ مُقَاتِلَهَا وَ یَأْسِرُهَا فَیُحْسِنُ أَسْرَهَا وَ فِیهَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الْأُولی یَعْنِی صَفْرَاءَ بِنْتَ شُعَیْبٍ.
«228»-(1)
یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ فَتَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ.
وَ رُوِیَ أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ مِیَاهَ بَنِی عَامِرٍ لَیْلًا نَبَحَتْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَقَالَتْ مَا هَذَا الْمَاءُ قَالُوا الْحَوْأَبُ قَالَتْ مَا أَظُنُّنِی إِلَّا رَاجِعَةً رُدُّونِی إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَنَا ذَاتَ یَوْمٍ كَیْفَ بِإِحْدَاكُنَّ إِذَا نَبَحَ عَلَیْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ.
«229»-(2)
شف، كشف الیقین مِنْ كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی إِدْرِیسَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَی عَائِشَةَ قَالَ: كُنْتُ خَادِماً لِعَائِشَةَ وَ أَنَا غُلَامٌ أُعَاطِیهِمْ إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِنْدَهَا فَبَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ عَائِشَةَ إِذْ جَاءَ جَاءٍ فَدَقَّ الْبَابَ فَخَرَجْتُ إِلَیْهِ فَإِذَا جَارِیَةٌ مَعَهَا إِنَاءٌ مُغَطًّی فَرَجَعْتُ إِلَی عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا فَقَالَتْ أَدْخِلْهَا فَدَخَلَتْ فَوَضَعَتْهُ بَیْنَ یَدَیْ عَائِشَةَ فَوَضَعَتْهُ عَائِشَةُ بَیْنَ یَدَیْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَمَدَّ یَدَهُ یَأْكُلُ ثُمَّ قَالَ لَیْتَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ
ص: 281
وَ سَیِّدَ الْمُسْلِمِینَ كَانَ حَاضِراً كَیْ یَأْكُلَ مَعِی قَالَتْ عَائِشَةُ وَ مَنْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَسَكَتَ ثُمَّ أَعَادَتْ فَسَأَلَتْ فَسَكَتَ ثُمَّ جَاءَ جَاءٍ فَدَقَّ الْبَابَ فَخَرَجْتُ إِلَیْهِ فَإِذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَرَجَعْتُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَدْخِلْهُ فَفَتَحْتُ لَهُ الْبَابَ فَدَخَلَ فَقَالَ مَرْحَباً وَ أَهْلًا لَقَدْ تَمَنَّیْتُكَ حَتَّی لَوْ أَبْطَأْتَ عَلَیَّ لَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ یَجِی ءَ بِكَ اجْلِسْ فَكُلْ فَجَلَسَ فَأَكَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَاتَلَ اللَّهُ مَنْ یُقَاتِلُكَ وَ مَنْ یُعَادِیكَ فَسَكَتَ ثُمَّ أَعَادَهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَنْ یُقَاتِلُهُ وَ مَنْ یُعَادِیهِ قَالَ أَنْتِ وَ مَنْ مَعَكِ أَنْتِ وَ مَنْ مَعَكِ.
«230»-(1)
شف، كشف الیقین مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِیسَی الْعَلَوِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُكَتِّبِ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَظِیمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ زِیَادٍ عَنْ أَبِی إِدْرِیسَ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ.
«231»-(2)
كَافِیَةُ، الْمُفِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ خَلَفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الزِّیَادِ الْبَزَّازِ عَنْ أَبِی إِدْرِیسَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَی عَائِشَةَ مِثْلَهُ.
«232»-(3)
قب، المناقب لابن شهرآشوب قَالَ السُّدِّیُّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَی وَ اتَّقُوا فِتْنَةً فِی أَهْلِ بَدْرٍ خَاصَّةً فَأَصَابَتْهُمْ یَوْمَ الْجَمَلِ فَاقْتَتَلُوا.
وَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا
ص: 282
فِی الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا یَشْعُرُونَ قَالَ مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ یَعْنِی الْبَصْرَةَ إِلَّا بِهَذِهِ الْآیَةِ (1) وَ قَرَأَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ الْبَصْرَةِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ یَا عَلِیُّ لَتُقَاتِلَنَّ الْفِئَةَ النَّاكِثَةَ وَ الْفِئَةَ الْبَاغِیَةَ وَ الْفِرْقَةَ الْمَارِقَةَ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ.
الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِیقٍ وَ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنْ حُذَیْفَةَ وَ ذَكَرَ السَّمْعَانِیُّ فِی الْفَضَائِلِ وَ الدَّیْلَمِیُّ فِی الْفِرْدَوْسِ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ وَ رُوِیَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ اللَّفْظُ لَهُمَا فِی قَوْلِهِ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ یَا مُحَمَّدُ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْمَدِینَةِ فَإِنَّا رَادُّوكَ مِنْهَا وَ مُنْتَقِمُونَ مِنْهُمْ بِعَلِیٍّ.
و فی تفسیر الكلبی یعنی فی حرب الجمل.
وَ عَنْ عَمَّارٍ وَ حُذَیْفَةَ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ الْبَاقِرِ وَ الصَّادِقِ علیهما السلام أَنَّهُ نَزَلَتْ فِی عَلِیٍّ علیه السلام یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِینِهِ الْآیَةَ وَ رُوِیَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ یَوْمَ الْبَصْرَةِ وَ اللَّهِ مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآیَةِ حَتَّی الْیَوْمِ وَ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ.
ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ سَیَجْرِی حَرْبُ الْجَمَلِ قَالَ لِأَزْوَاجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الْأُولی وَ قَالَ تَعَالَی یا نِساءَ النَّبِیِّ مَنْ یَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ یُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَیْنِ فِی حَرْبِهَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام.
ص: 283
شُعْبَةُ وَ الشَّعْبِیُّ وَ الْأَعْثَمُ وَ ابْنُ مَرْدَوَیْهِ وَ خَطِیبُ خُوارِزْمَ فِی كُتُبِهِمْ بِالْأَسَانِیدِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ حُذَیْفَةَ وَ قَتَادَةَ وَ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ وَ أُمِّ سَلَمَةَ وَ مَیْمُونَةَ وَ سَالِمِ بْنِ أَبِی الْجَعْدِ وَ اللَّفْظُ لَهُ أَنَّهُ ذَكَرَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خُرُوجَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ انْظُرِی یَا حُمَیْرَاءُ لَا تَكُونِینَ هِیَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی عَلِیٍّ فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنْ وَلِیتَ مِنْ أَمْرِهَا شَیْئاً فَارْفُقْ بِهَا.
«233»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب حُذَیْفَةُ قَالَ: لَوْ أُحَدِّثُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَوَجَمْتُمُونِی قَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ نَحْنُ نَفْعَلُ قَالَ لَوْ أُحَدِّثُكُمْ أَنَّ بَعْضَ أُمَّهَاتِكُمْ تَأْتِیكُمْ فِی كَتِیبَةٍ كَثِیرٍ عَدَدُهَا شَدِیدٍ بَأْسُهَا تُقَاتِلُكُمْ صَدَّقْتُمْ قَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ وَ مَنْ یُصَدِّقُ بِهَذَا قَالَ تَأْتِیكُمْ أُمُّكُمُ الْحُمَیْرَاءُ فِی كَتِیبَةٍ یَسُوقُ بِهَا أَعْلَاجُهَا مِنْ حَیْثُ یَسُوؤُكُمْ وُجُوهُكُمْ.
ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ یُقْتَلُ حَوْلَهَا قَتْلَی كَثِیرٌ بَعْدَ أَنْ كَادَتْ.
بیان: لوجمتمونی یقال وجم الشی ء أی كرهه و وجم فلانا لكزه و كانت النسخة تحتمل الراء أیضا (2) و الأعلاج جمع العلج بالكسر و هو الرجل من كفار العجم و غیرهم.
ص: 284
«234»-(1)
الْكَافِیَةُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا عُقِرَ الْجَمَلُ وَقَفَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی عَائِشَةَ فَقَالَ مَا حَمَلَكِ عَلَی مَا صَنَعْتِ قَالَتْ ذَیْتَ وَ ذَیْتَ فَقَالَ أَمَا وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَقَدْ مَلَأْتِ أُذُنَیْكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَلْعَنُ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ أَمَّا أَحْیَاؤُهُمْ فَیُقْتَلُونَ فِی الْفِتْنَةِ وَ أَمَّا أَمْوَاتُهُمْ فَفِی النَّارِ عَلَی مِلَّةِ الْیَهُودِ.
«235»-وَ عَنْ أَبِی دَاوُدَ الطُّهَوِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِیكٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ بُدَیْلٍ الْخُزَاعِیَّ قَالَ لِعَائِشَةَ أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ أَ لَمْ نَسْمَعْكِ تَقُولِینَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَلِیٌّ عَلَی الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ لَنْ یَزِیلَا حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ قَالَتْ بَلَی قَالَ فَمَا بَدَا لَكِ قَالَتْ دَعُونِی وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَفَانَوْا.
«236»-وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُسَاوِرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی زِیَادٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْمُهْرِیِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ نَازِلًا فِی بَیْعَةِ كُدَیٍّ یَتَحَدَّثُ إِلَیْهِ فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ سَأُحَدِّثُكُمْ بِحَدِیثٍ سَمِعَتْهُ أُذُنَایَ لَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ غَیْرِی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِعَلِیٍّ علیه السلام قَاتَلَ اللَّهُ مَنْ قَاتَلَكَ وَ عَادَی اللَّهُ مَنْ عَادَاكَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ یُقَاتِلُهُ وَ یُعَادِیهِ قَالَ أَنْتِ وَ مَنْ مَعَكِ أَنْتِ وَ مَنْ مَعَكِ.
«237»-وَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُسْهِرٍ مِنْ رِجَالِ الصِّحَاحِ السِّتِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنِّی رَأَیْتُكِ فِی الْمَنَامِ مَرَّتَیْنِ أَرَی جَمَلًا یَحْمِلُكِ فِی سِدَافَةٍ مِنْ حَرِیرٍ فَقَالَ هَذِهِ امْرَأَتُكِ فَاكْشِفْهَا فَإِذَا هِیَ أَنْتِ.
ص: 285
بیان: فی القاموس ذیت و ذیت مثلثة الآخر أی كیت و كیت و كدی جبل قریب من مكة و السدافة ككتابة الحجاب.
«238»-(1)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ الْأَشَلِّ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام قَالَ: كَالَّتِی نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً عَائِشَةُ هِیَ نَكَثَتْ أَیْمَانَهَا.
«239»-(2)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدٌ الْبَرْقِیُّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَیْفٍ عَنْ أَخِیهِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ مُكْرَمٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ فِی قَوْلِهِ مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً قَالَ هِیَ الْحُمَیْرَاءُ.
قال مؤلف الكتاب إنما كنی عنها بالعنكبوت لأنه حیوان ضعیف اتخذت بیتا ضعیفا أوهن البیوت و كذلك الحمیراء حیوان ضعیف لقلة حظها و عقلها و دینها اتخذت من رأیها الضعیف و عقلها السخیف فی مخالفتها و عداوتها لمولاها بیتا مثل بیت العنكبوت فی الوهن و الضعف.
«240»-وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ بْنِ كَرَّامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ قَالَ: أَ تَدْرِی مَا الْفَاحِشَةُ الْمُبَیِّنَةُ قُلْتُ لَا قَالَ قِتَالُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَعْنِی أَهْلَ الْجَمَلِ.
ص: 286
«241»-(1)
مد، العمدة مِنْ صَحِیحِ الْبُخَارِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَامَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله خَطِیباً وَ أَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ هُنَا الْفِتْنَةُ ثَلَاثاً مِنْ حَیْثُ یَطْلُعُ قَرْنُ الشَّیْطَانِ.
ص: 287
ص: 288
الآیات؛
البقرة: «وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یُرِیدُ»(253)
الزخرف: «فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِیَنَّكَ الَّذِی وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَیْهِمْ مُقْتَدِرُونَ»(42-44)
الحجرات: «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ»
تفسیر:
وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ قال الطبرسی فی تفسیر جامع الجوامع أی مشیئة إلجاء و قسر مِنْ بَعْدِهِمْ أی من بعد الرسل لاختلافهم فی الدین و تكفیر بعضهم بعضا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ لالتزامه دین الأنبیاء وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ لإعراضه عنه وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا كرره للتأكید.
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ أی نتوفینك فَإِنَّا مِنْهُمْ أی من أمتك مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِیَنَّكَ فی حیاتك الَّذِی وَعَدْناهُمْ من العذاب فَإِنَّا عَلَیْهِمْ مُقْتَدِرُونَ أی قادرون علی الانتقام منهم و عقوبتهم فی حیاتك و بعد وفاتك.
ص: 289
قال الطبرسی فی تفسیر المجمع قال الحسن و قتادة إن اللّٰه أكرم نبیه صلی اللّٰه علیه و آله بأن لم یره تلك النقمة و لم یر فی أمته إلا ما قرت به عینه و قد كان بعده علیه السلام نقمة شدیدة.
و قد روی: أنه أری ما یلقی أمته بعده فما زال منقبضا و لم ینبسط ضاحكا حتی لقی اللّٰه تعالی
«242»- (1)
رَوَی جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ: إِنِّی لَأَدْنَاهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًی فَسَمِعْتُهُ قَالَ فِی خُطْبَتِهِ لَا أُلْفِیَنَّكُمْ تَرْجِعُونَ بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمُوهَا لَتَعْرِفُنَّنِی فِی الْكَتِیبَةِ الَّتِی تُضَارِبُكُمْ قَالَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی خَلْفِهِ ثُمَّ قَالَ أَوْ عَلِیٌّ أَوْ عَلِیٌّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ جَابِرٌ فَرَأَیْنَا أَنَّ جَبْرَئِیلَ غَمَزَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَی أَثَرِ ذَلِكَ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ قِیلَ إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أُرِیَ الِانْتِقَامَ مِنْهُمْ وَ هُوَ مَا كَانَ مِنْ نَقِمَةِ اللَّهِ یَوْمَ بَدْرٍ.
و البغی الاستطالة و الظلم و الفی ء الرجوع و أقسطوا أی اعدلوا أقول قد مر خبر أبی رافع و أخبار حذیفة بن الیمان فی باب أحوال الصحابة و قد مضی فی باب أنه باب مدینة العلم و باب جوامع المناقب و غیرها أنه أخبر النبی صلی اللّٰه علیه و آله علیا أنه قاتل الفجرة.
ص: 290
«243»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِ أَخِی دِعْبِلٍ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لِأُمِّ سَلَمَةَ اشْهَدِی عَلَی أَنَّ عَلِیّاً یُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
«244»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: إِنِّی لَأَدْنَاهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًی فَقَالَ لَا عَرَفْتُكُمْ تَرْجِعُونَ بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمُوهَا لَتَعْرِفُنَّنِی فِی الْكَتِیبَةِ الَّتِی تُضَارِبُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی خَلْفِهِ ثُمَّ قَالَ أَوْ عَلِیٌّ أَوْ عَلِیٌّ أَوْ عَلِیٌّ قَالَ جَابِرٌ فَرَأَیْنَا أَنَّ جَبْرَئِیلَ غَمَزَهُ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ بِعَلِیٍّ أَوْ نُرِیَنَّكَ الَّذِی وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَیْهِمْ مُقْتَدِرُونَ ثُمَّ نَزَلَتْ قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِیَنِّی ما یُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِی فِی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ وَ إِنَّا عَلی أَنْ نُرِیَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ ثُمَّ نَزَلَتْ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِی أُوحِیَ إِلَیْكَ مِنْ أَمْرِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ إِنَّكَ عَلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ وَ إِنَّ عَلِیّاً لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ لَسَوْفَ تُسْأَلُونَ عَنْ مَحَبَّةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ.
«245»-(3)
مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی مَنَاقِبِ أَبِی الْحَسَنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْمَغَازِلِیِّ قَالَ
ص: 291
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَی عَنْ هِلَالِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُوسَی الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْبَاقِرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ عَنْ جَابِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ.
«246»-(1)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ أَبَانٍ الْعَامِرِیِّ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بِإِسْنَادٍ یَرْفَعُهُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ.
بیان:
و إن علیا لعلم للساعة هكذا جاء فی نسخ جمیع الكتب و فی القرآن وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ و بعده بورق فی الآیة 61 من السورة عند ذكر عیسی علیه السلام وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَ اتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِیمٌ و قد ورد فی الأخبار أنها أیضا نزلت فی أمیر المؤمنین علیه السلام فیمكن أن یكون فی قراءتهم علیهم السلام هكذا و أنه أشار هنا إلی نزول تلك الآیة أیضا فیه و الظاهر أنه سقط من الخبر شی ء أو جری فیه تصحیف.
«247»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ یا أَیُّهَا النَّبِیُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَأُجَاهِدَنَّ الْعَمَالِقَةَ یَعْنِی الْكُفَّارَ وَ الْمُنَافِقِینَ فَأَتَاهُ جَبْرَئِیلُ وَ قَالَ أَنْتَ أَوْ عَلِیٌّ.
«248»-(3)
كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ الْقَاسَانِیِّ جَمِیعاً عَنِ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ عِیَاضٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ قَالَ:
ص: 292
بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله بِخَمْسَةِ أَسْیَافٍ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا شَاهِرَةٌ وَ سَیْفٌ مِنْهَا مَكْفُوفٌ وَ سَیْفٌ مِنْهَا مَغْمُودٌ سَلُّهُ إِلَی غَیْرِنَا وَ حُكْمُهُ إِلَیْنَا (1) ثُمَّ قَالَ وَ أَمَّا السَّیْفُ الْمَكْفُوفُ فَسَیْفٌ عَلَی أَهْلِ الْبَغْیِ وَ التَّأْوِیلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ بَعْدِی عَلَی التَّأْوِیلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی التَّنْزِیلِ فَسُئِلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ هُوَ فَقَالَ خَاصِفُ النَّعْلِ یَعْنِی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَاتَلْتُ بِهَذِهِ الرَّایَةِ مَعَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثَلَاثاً وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّی بَلَغُوا بِنَا السَّعَفَاتِ مِنْ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ الْخَبَرَ.
«249»-(2)
ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام بِإِسْنَادِ التَّمِیمِیِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أُمِرْتُ بِقِتَالِ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
«250»-(3)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ عَبَّادِ بْنِ یَعْقُوبَ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِی صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْفَتْحِ خَطِیباً فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ لَا أَعْرِفَنَّكُمْ تَرْجِعُونَ بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ
ص: 293
بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَتَعْرِفُنَّنِی فِی كَتِیبَةٍ أَضْرِبُكُمْ بِالسَّیْفِ ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ یَمِینِهِ فَقَالَ النَّاسُ لَقَّنَهُ جَبْرَئِیلُ شَیْئاً فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا جَبْرَئِیلُ یَقُولُ أَوْ عَلِیٌّ.
«251»-(1)
ختص، الإختصاص سَعْدٌ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ مِثْلَهُ.
«252»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ مَعاً عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی بْنِ زَكَرِیَّا عَنْ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَ رُكْبَتِی تَمَسُّ رُكْبَتَهُ یَقُولُ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَمَا إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَتَعْرِفُنَّنِی فِی نَاحِیَةِ الصَّفِّ قَالَ وَ أَشَارَ إِلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فَالْتَفَتَ إِلَیْهِ فَقَالَ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِیٌّ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِیٌّ.
«253»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِالْإِسْنَادِ عَنِ الطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِیمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إِنَّ عَلِیّاً كَانَ یَقُولُ فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ
ص: 294
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ وَ اللَّهِ لَا نَنْقَلِبُ عَلَی أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ وَ اللَّهِ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لَأُقَاتِلَنَّ عَلَی مَا قَاتَلَ عَلَیْهِ حَتَّی أَمُوتَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَخُوهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ وَارِثُهُ فَمَنْ أَحَقُّ بِهِ مِنِّی.
«254»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَطَوَانِیِّ عَنْ مُنْذِرٍ الْعَبْدِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی فَاطِمَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِی بُرْدَةَ بْنِ أَبِی مُوسَی وَ عِنْدَهُ الْعَیْزَارُ بْنُ جَرْوَلٍ التَّمِیمِیُّ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ كَانُوا یَدْعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ یَنْصُرَ الْمَظْلُومَ فَنَصَرَ اللَّهُ عَلِیّاً عَلَی أَهْلِ الْجَمَلِ فَقَالَ لَهُ الْعَیْزَارُ بْنُ جَرْوَلٍ أَ لَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِیثٍ سَمِعْتُهُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو بُرْدَةَ بَلَی قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ كَیْفَ أَنْتُمْ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ إِذَا كَفَرْتُمْ وَ ضَرَبَ بَعْضُكُمْ وَجْهَ بَعْضٍ بِالسَّیْفِ ثُمَّ تَعْرِفُونِّی أَضْرِبُكُمْ فِی كَتِیبَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ أَتَاهُ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ أَنْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِیٌّ فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ سَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ نَعَمْ.
«255»-(2)
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحُسَیْنُ بْنُ الْحَكَمِ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی ذَرٍّ الْغِفَارِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ
ص: 295
قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ فِی بَقِیعِ الْغَرْقَدِ فَقَالَ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ إِنَّ فِیكُمْ رَجُلًا یُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ الْمُشْرِكِینَ عَلَی تَنْزِیلِهِ وَ هُمْ فِی ذَلِكَ یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ ما یُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فَیَكْبُرُ قَتْلُهُمْ عَلَی النَّاسِ حَتَّی یَطْعَنُوا عَلَی وَلِیِّ اللَّهِ وَ یَسْخَطُوا عَمَلَهُ كَمَا سَخِطَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ عَلَیْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ خَرْقَ السَّفِینَةِ وَ قَتْلَ الْغُلَامِ وَ إِقَامَةَ الْجِدَارِ وَ كَانَ خَرْقُ السَّفِینَةِ وَ قَتْلُ الْغُلَامِ وَ إِقَامَةُ الْجِدَارِ لِلَّهِ رِضًا وَ سَخِطَ ذَلِكَ مُوسَی علیه السلام.
بیان: قال الجوهری الغرقد شجر و بقیع الغرقد مقبرة بالمدینة.
«256»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَبُو عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ یَعْقُوبَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِیفَةَ وَ بُرَیْدِ بْنِ مُعَاوِیَةَ الْعِجْلِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: خَرَجَ إِلَیْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدِ انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَدَفَعَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام یُصْلِحُهَا ثُمَّ جَلَسَ وَ جَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا عَلَی رُءُوسِنَا الطَّیْرُ فَقَالَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ النَّاسَ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ أَنَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ فَأَتَیْنَا عَلِیّاً علیه السلام نُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ لَمْ یَرْفَعْ بِهِ رَأْساً فَكَأَنَّهُ قَدْ سمعته [سَمِعَهُ قَبْلُ- قَالَ إِسْمَاعِیلُ بْنُ رَجَاءٍ فَحَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی أَبِی أُمِّی خِزَامِ بْنِ زُهَیْرٍ أَنَّهُ
ص: 296
كَانَ عِنْدَ عَلِیٍّ فِی الرَّحْبَةِ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَلْ كَانَ فِی النَّعْلِ حَدِیثٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ مِمَّا كَانَ یُسِرُّهُ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشَارَ بِیَدَیْهِ وَ رَفَعَهُمَا.
«257»-(1)
جا، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِیِّ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْأَزْهَرِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ صَالِحٍ الْمَكِّیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قَالَ لِی یَا عَلِیُّ لَقَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ فَإِذَا رَأَیْتَ النَّاسَ یَدْخُلُونَ فِی دِینِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ الْجِهَادَ فِی الْفِتْنَةِ مِنْ بَعْدِی كَمَا كَتَبَ عَلَیْهِمْ جِهَادَ الْمُشْرِكِینَ مَعِی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا الْفِتْنَةُ الَّتِی كُتِبَ عَلَیْنَا فِیهَا الْجِهَادُ قَالَ فِتْنَةُ قَوْمٍ یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ هُمْ مُخَالِفُونَ لِسُنَّتِی وَ طَاعِنُونَ فِی دِینِی فَقُلْتُ فَعَلَامَ نُقَاتِلُهُمْ یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ هُمْ یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ عَلَی إِحْدَاثِهِمْ فِی دِینِهِمْ وَ فِرَاقِهِمْ لِأَمْرِی وَ اسْتِحْلَالِهِمْ دِمَاءَ عِتْرَتِی قَالَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ وَعَدْتَنِی الشَّهَادَةَ فَاسْأَلِ اللَّهَ تَعْجِیلَهَا إِلَیَّ فَقَالَ أَجَلْ قَدْ كُنْتُ وَعَدْتُكَ الشَّهَادَةَ فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذَا خُضِبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذَا وَ أَوْمَی إِلَی رَأْسِی وَ لِحْیَتِی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَّا إِذَا ثَبَتَ لِی مَا ثَبَتَ فَلَیْسَ ذَلِكَ بِمَوْطِنِ صَبْرٍ لَكِنَّهُ مَوْطِنُ بُشْرَی وَ شُكْرٍ فَقَالَ أَجَلْ فَقَالَ فَأَعِدَّ لِلْخُصُومَةِ فَإِنَّكَ مُخَاصِمٌ أُمَّتِی
ص: 297
فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْشِدْنِی إِلَی الْفَلْجِ قَالَ إِذَا رَأَیْتَ قَوْمَكَ قَدْ عَدَلُوا عَنِ الْهُدَی إِلَی الضَّلَالِ فَخَاصِمْهُمْ فَإِنَّ الْهُدَی مِنَ اللَّهِ وَ الضَّلَالَ مِنَ الشَّیْطَانِ یَا عَلِیُّ إِنَّ الْهُدَی هُوَ اتِّبَاعُ أَمْرِ اللَّهِ دُونَ الْهَوَی وَ الرَّأْیِ وَ كَأَنَّكَ بِقَوْمٍ قَدْ تَأَوَّلُوا الْقُرْآنَ وَ أَخَذُوا بِالشُّبُهَاتِ وَ اسْتَحَلُّوا الْخَمْرَ بِالنَّبِیذِ وَ الْبَخْسَ بِالزَّكَاةِ وَ السُّحْتَ بِالْهَدِیَّةِ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا هُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَ هُمْ أَهْلُ فِتْنَةٍ أَمْ أَهْلُ رِدَّةٍ فَقَالَ هُمْ أَهْلُ فِتْنَةٍ یَعْمَهُونَ فِیهَا إِلَی أَنْ یُدْرِكَهُمُ الْعَدْلَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ الْعَدْلُ مِنَّا أَمْ مِنْ غَیْرِنَا فَقَالَ بَلْ مِنَّا بِنَا فَتَحَ اللَّهُ وَ بِنَا یَخْتِمُ اللَّهُ وَ بِنَا أَلَّفَ اللَّهُ بَیْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الشِّرْكِ وَ بِنَا یُؤَلِّفُ اللَّهُ بَیْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا وَهَبَ لَنَا مِنْ فَضْلِهِ.
بیان: و البخس بالزكاة لعل المراد به أنهم یبخسون المكیال و المیزان و أموال الناس ثم یتداركون ذلك بالزكوات و الصدقات من المال الحرام و قوله و السحت بالهدیة أی یأخذون الرشوة بالحكم و یسمونها الهدیة.
«258»-(1)
مع، معانی الأخبار ابْنُ الْوَلِیدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِی حَدِیثٍ طَوِیلٍ یَقُولُ فِی آخِرِهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا یَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِی وَ اشْهَدِی هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَخِی فِی الدُّنْیَا وَ أَخِی فِی الْآخِرَةِ یَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِی وَ اشْهَدِی هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَزِیرِی فِی الدُّنْیَا وَ وَزِیرِی فِی الْآخِرَةِ یَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِی وَ اشْهَدِی هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ حَامِلُ لِوَائِی فِی الدُّنْیَا وَ حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ غَداً فِی الْقِیَامَةِ
ص: 298
یَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِی وَ اشْهَدِی هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَصِیِّی وَ خَلِیفَتِی مِنْ بَعْدِی وَ قَاضِی عِدَاتِی وَ الذَّائِدُ عَنْ حَوْضِی یَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِی وَ اشْهَدِی هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ سَیِّدُ الْمُسْلِمِینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَ قَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ قُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ النَّاكِثُونَ قَالَ الَّذِینَ یُبَایِعُونَهُ بِالْمَدِینَةِ وَ یَنْكُثُونَهُ بِالْبَصْرَةِ قُلْتُ مَنِ الْقَاسِطُونَ قَالَ مُعَاوِیَةُ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ قُلْتُ مَنِ الْمَارِقُونَ قَالَ أَصْحَابُ النَّهْرَوَانِ.
«259»-(1)
یر، بصائر الدرجات مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَیْنِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَیْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ زِیَادٍ الْقَلَانِسِیِّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ عَلَی مِنْبَرِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ائْذَنْ لِی أَتَكَلَّمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ یَرْوِیهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَكْذِبُوا عَلَی عَمَّارٍ فَلَمَّا قَالَ الرَّجُلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام تَكَلَّمْ قَالَ سَمِعْتُ عَمَّاراً یَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَنَا أُقَاتِلُ عَلَی التَّنْزِیلِ وَ عَلِیٌّ یُقَاتِلُ عَلَی التَّأْوِیلِ قَالَ صَدَقَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ إِنَّ هَذِهِ عِنْدِی فِی الْأَلْفِ الْكَلِمَةِ الَّتِی تَتْبَعُ كُلَّ كَلِمَةٍ أَلْفُ كَلِمَةٍ.
«260»-(2)
شا، الإرشاد رَوَی إِسْمَاعِیلُ بْنُ عَلِیٍّ الْعَمِّیُّ عَنْ نَائِلِ بْنِ نَجِیحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَفَعَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام
ص: 299
یُصْلِحُهَا ثُمَّ مَشَی فِی نَعْلٍ وَاحِدَةٍ غَلْوَةً أَوْ نَحْوَهَا وَ أَقْبَلَ عَلَی أَصْحَابِهِ وَ قَالَ إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی التَّأْوِیلِ كَمَا قَاتَلَ مَعِی عَلَی التَّنْزِیلِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا ذَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ أَنَا ذَاكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ وَ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ وَ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ إِنَّهُ یُقَاتِلُ عَلَی التَّأْوِیلِ إِذَا تُرِكَتْ سُنَّتِی وَ نُبِذَتْ وَ حُرِّفَ كِتَابُ اللَّهِ وَ تَكَلَّمَ فِی الدِّینِ مَنْ لَیْسَ لَهُ فِی ذَلِكَ فَیُقَاتِلُهُمْ عَلِیٌّ عَلَی إِحْیَاءِ دِینِ اللَّهِ تَعَالَی.
«261»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب أَحْمَدُ فِی مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ مِثْلَهُ إِلَی قَوْلِهِ خَاصِفُ النَّعْلِ.
«262»-(2)
قب، المناقب لابن شهرآشوب صَحِیحُ التِّرْمِذِیِّ أَنَّ النَّبِیَّ قَالَ یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ لِسُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو وَ قَدْ سَأَلَهُ رَدَّ جَمَاعَةٍ فَرُوِیَ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ لِتَنْتَهُنَّ أَوْ لَیَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ مَنْ یَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَی الدِّینِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالْإِیمَانِ قَالُوا مَنْ هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ وَ كَانَ أَعْطَی عَلِیّاً علیه السلام نَعْلَهُ یَخْصِفُهَا.
ص: 300
«263»-(1)
یف، الطرائف مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ لِتَنْتَهُنَّ مَعْشَرَ قُرَیْشٍ أَوْ لَیَبْعَثَنَّ اللَّهُ عَلَیْكُمْ.
وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ ثم قال و رووه فی الجمع بین الصحاح الستة فی الجزء الثالث من سنن أبی داود و صحیح الترمذی
قب، (2) المناقب لابن شهرآشوب الْخَطِیبُ فِی التَّارِیخِ وَ السَّمْعَانِیُّ فِی الْفَضَائِلِ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: لَا تَنْتَهُنَّ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالْإِیمَانِ.
الْحَدِیثَ سَوَاءً.
وَ رَوَی ابْنُ بَطَّةَ فِی الْإِبَانَةِ حَدِیثَ خَاصِفِ النَّعْلِ بِسَبْعَةِ طُرُقٍ مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا قَالَ عُمَرُ أَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ قَالَ أَبُو سَعِیدٍ فَابْتَدَرْنَا نَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ عَلِیٌّ علیه السلام یَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ.
ص: 301
«265»-(1)
كشف، كشف الغمة عَنِ الْبَغَوِیِّ فِی شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ مِثْلَهُ.
«266»-(2)
قب، المناقب لابن شهرآشوب وَ كَاتَبَنِی الْخَطِیبُ فِی الْأَرْبَعِینَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْخُدْرِیِّ مَا رَوَیْنَاهُ بِأَسَانِیدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ یَزِیدَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَدَفَعَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام لِیُصْلِحَهَا فَقَالَ إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَاسْتَشْرَفَ لَهَا الْقَوْمُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا هُوَ قَالَ لَا قَالَ عُمَرُ أَنَا هُوَ قَالَ لَا وَ لَكِنْ هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ یَعْنِی عَلِیّاً قَالَ أَبُو سَعِیدٍ فَخَرَجْتُ فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یَكْتَرِثْ بِهِ فَرَحاً كَأَنَّهُ سَمِعَهُ.
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِی الْفَضَائِلِ وَ الْبُخَارِیُّ وَ مُسْلِمٌ (3) وَ لَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ عَنِ الْخُدْرِیِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله [تُفَرِّقُ أُمَّتِی] فِرْقَتَانِ فَیَخْرُجُ مِنْ بَیْنِهِمَا فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ یَلِی قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمْ بِالْحَقِّ.
ص: 302
«267»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب أَبُو یَعْلَی الْمَوْصِلِیُّ وَ الْخَطِیبُ التَّارِیخِیُّ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَیْهِ بِطُرُقٍ كَثِیرَةٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أُمِرْتُ بِقِتَالِ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
عُبْدُوسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِیُّ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ فَوْرَكَ الْأَصْفَهَانِیُّ وَ شِیرَوَیْهِ الدَّیْلَمِیُّ وَ الْمُوَفَّقُ الْخُوارِزْمِیُّ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَیْهِ فِی كُتُبِهِمْ عَنِ الْخُدْرِیِّ فِی خَبَرٍ قَالَ: فَقَالَ عَلِیٌّ یَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَی مَا أُقَاتِلُ الْقَوْمَ قَالَ عَلَی الْإِحْدَاثِ فِی الدِّینِ وَ فِی رِوَایَةٍ أَنَّهُ قَالَ فَأَیْنَ الْحَقُّ یَوْمَئِذٍ قَالَ یَا عَلِیُّ الْحَقُّ مَعَكَ وَ أَنْتَ مَعَهُ قَالَ إِذاً لَا أُبَالِیَ مَا أَصَابَنِی.
شِیرَوَیْهِ فِی الْفِرْدَوْسِ عَنْ وَهْبِ بْنِ صَیْفِیٍّ وَ رَوَی غَیْرُهُ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالا قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَا أُقَاتِلُ عَلَی التَّنْزِیلِ وَ عَلِیٌّ یُقَاتِلُ عَلَی التَّأْوِیلِ.
ص: 303
«268»-(1)
جا، المجالس للمفید أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ عَنِ ابْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ قَوْمٍ مِنْ قُرَیْشٍ أَنَّهُمْ قَالُوا یَرَی مُحَمَّدٌ أَنَّهُ قَدْ أَحْكَمَ الْأَمْرَ فِی أَهْلِ بَیْتِهِ وَ لَئِنْ مَاتَ لَنَعْزِلَنَّهَا عَنْهُمْ وَ لَنَجْعَلَنَّهَا فِی سِوَاهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی قَامَ فِی مَجْمَعِهِمْ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ كَیْفَ بِكُمْ وَ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدِی ثُمَّ رَأَیْتُمُونِی فِی كَتِیبَةٍ مِنْ أَصْحَابِی أَضْرِبُ وُجُوهَكُمْ وَ رِقَابَكُمْ بِالسَّیْفِ فَنَزَلَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ علیه السلام فِی الْحَالِ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ یُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكَ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ یَتَوَلَّی ذَلِكَ مِنْكُمْ.
«269»-(2)
كشف، كشف الغمة قَالَ ابْنُ طَلْحَةَ قَالَ الْبَغَوِیُّ فِی شَرْحِ السُّنَّةِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَتَی مَنْزِلَ أُمِّ سَلَمَةَ فَجَاءَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أُمَّ سَلَمَةَ هَذَا وَ اللَّهِ قَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ مِنْ بَعْدِی.
وَ عَنْ زِرٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ: أَنَا فَقَأْتُ عَیْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَوْ لَا أَنَا مَا قُتِلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَ أَهْلُ الْجَمَلِ وَ لَوْ لَا أَنَّنِی أَخْشَی أَنْ تَتْرُكُوا الْعَمَلَ لَأَنْبَأْتُكُمْ بِالَّذِی قَضَی اللَّهُ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَنْ قَاتَلَهُمْ مُسْتَبْصِراً ضَلَالَهُمْ عَارِفاً لِلْهُدَی الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ.
ص: 304
«270»-(1)
جش، الفهرست للنجاشی مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِیدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی رَافِعٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ نَائِمٌ أَوْ یُوحَی إِلَیْهِ وَ إِذَا حَیَّةٌ فِی جَانِبِ الْبَیْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهَا فَأُوقِظَهُ فَاضْطَجَعْتُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْحَیَّةِ حَتَّی إِنْ كَانَ مِنْهَا سُوءٌ یَكُونُ لِی دُونَهُ فَاسْتَیْقَظَ وَ هُوَ یَتْلُو هَذِهِ الْآیَةَ إِنَّما وَلِیُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْمَلَ لِعَلِیٍّ مِنَّتَهُ وَ هَنِیئاً لِعَلِیٍّ بِتَفْضِیلِ اللَّهِ إِیَّاهُ ثُمَّ الْتَفَتَ فَرَآنِی إِلَی جَانِبِهِ فَقَالَ مَا أَضْجَعَكَ هَاهُنَا یَا أَبَا رَافِعٍ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الْحَیَّةِ فَقَالَ قُمْ إِلَیْهَا فَاقْتُلْهَا فَقَتَلْتُهَا ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِیَدِی فَقَالَ یَا أَبَا رَافِعٍ كَیْفَ أَنْتَ وَ قَوْمٌ یُقَاتِلُونَ عَلِیّاً وَ هُوَ عَلَی الْحَقِّ وَ هُمْ عَلَی الْبَاطِلِ یَكُونُ فِی حَقِّ اللَّهِ جِهَادُهُمْ فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ جِهَادَهُمْ فَبِقَلْبِهِ فَمَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ فَلَیْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَیْ ءٌ (2)
ص: 305
فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ لِی إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ أَنْ یُعِینَنِیَ اللَّهُ وَ یُقَوِّیَنِی عَلَی قِتَالِهِمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ أَدْرَكَهُمْ فَقَوِّهِ وَ أَعِنْهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَی النَّاسِ فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی أَمِینِی عَلَی نَفْسِی وَ أَهْلِی فَهَذَا أَبُو رَافِعٍ أَمِینِی عَلَی نَفْسِی قَالَ عَوْنُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ فَلَمَّا بُویِعَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ خَالَفَهُ مُعَاوِیَةُ بِالشَّامِ وَ سَارَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ إِلَی الْبَصْرَةِ قَالَ أَبُو رَافِعٍ هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَیُقَاتِلُ عَلِیّاً قَوْمٌ یَكُونُ حَقّاً فِی اللَّهِ جِهَادُهُمْ فَبَاعَ أَرْضَهُ بِخَیْبَرَ وَ دَارَهُ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ شَیْخٌ كَبِیرٌ لَهُ خَمْسٌ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَ لَا أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِی لَقَدْ بَایَعْتُ الْبَیْعَتَیْنِ بَیْعَةَ الْعَقَبَةِ وَ بَیْعَةَ الرِّضْوَانِ وَ صَلَّیْتُ الْقِبْلَتَیْنِ وَ هَاجَرْتُ الْهِجَرَ الثَّلَاثَ قُلْتُ وَ مَا الْهِجَرُ الثَّلَاثُ قَالَ هَاجَرْتُ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَی أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَ هَاجَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی الْمَدِینَةِ وَ هَذِهِ الْهِجْرَةُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام إِلَی الْكُوفَةِ فَلَمْ یَزَلْ مَعَ عَلِیٍّ حَتَّی اسْتُشْهِدَ عَلِیٌّ فَرَجَعَ أَبُو رَافِعٍ إِلَی الْمَدِینَةِ مَعَ الْحَسَنِ علیه السلام وَ لَا دَارَ لَهُ بِهَا وَ لَا أَرْضَ فَقَسَمَ لَهُ الْحَسَنُ دَارَ عَلِیٍّ بِنِصْفَیْنِ وَ أَعْطَاهُ سِنْخَ أَرْضٍ أَقْطَعَهُ إِیَّاهَا فَبَاعَهَا عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ مِنْ مُعَاوِیَةَ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَ سَبْعِینَ أَلْفاً.
«271»-(1)
ك، إكمال الدین أَبِی عَنِ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ هَارُونَ عَنِ ابْنِ زِیَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ قَالَ عَلِیٌّ إِنَّ فِی النَّارِ لَمَدِینَةً یُقَالُ لَهَا الْحَصِینَةُ أَ فَلَا تَسْأَلُونِّی مَا فِیهَا فَقِیلَ وَ مَا فِیهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ فِیهَا أَیْدِی النَّاكِثِینَ.
ص: 306
«272»-(1)
كَافِیَةُ، الْمُفِیدِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قَالَ حُذَیْفَةُ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ یُقَاتِلَ شِیعَةَ الدَّجَّالِ فَلْیُقَاتِلْ أَهْلَ النَّاكِثِینَ وَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ.
«273»-(2)
أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ رَوَی إِبْرَاهِیمُ بْنُ دَیْزِیلَ الْهَمْدَانِیُّ فِی كِتَابِ صِفِّینَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَیْدِ بْنِ أَبِی غُنْیَةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِیهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَانْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَأَلْقَاهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام یُصْلِحُهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ یُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ ذَاكُمْ خَاصِفُ النَّعْلِ قَالَ وَ كَانَ یَدُ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی نَعْلِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله یُصْلِحُهَا (3) قَالَ أَبُو سَعِیدٍ فَأَتَیْتُ عَلِیّاً فَبَشَّرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَمْ یَحْفِلْ بِهِ كَأَنَّهُ شَیْ ءٌ قَدْ كَانَ عَلِمَهُ مِنْ قَبْلُ.
ص: 307
وَ رَوَی ابْنُ دَیْزِیلَ فِی هَذَا الْكِتَابِ أَیْضاً عَنْ یَحْیَی بْنِ سُلَیْمَانَ عَنِ ابْنِ فُضَیْلٍ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ الْهَجَرِیِّ عَنْ أَبِی صَادِقٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَیْنَا أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ الْعِرَاقَ فَأَهْدَتْ لَهُ الْأَزْدُ جُزُراً فَبَعَثُوهَا مَعِی فَدَخَلْتُ إِلَیْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ قُلْتُ لَهُ یَا أَبَا أَیُّوبَ قَدْ كَرَّمَكَ اللَّهُ بِصُحْبَةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نُزُولِهِ عَلَیْكَ فَمَا لِی أَرَاكَ تَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِسَیْفِكَ تُقَاتِلُهُمْ هَؤُلَاءِ مَرَّةً وَ هَؤُلَاءِ مَرَّةً قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهِدَ إِلَیْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَ عَلِیٍّ النَّاكِثِینَ فَقَدْ قَاتَلْنَاهُمْ وَ عَهِدَ إِلَیْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَهُ الْقَاسِطِینَ فَهَذَا وَجْهُنَا إِلَیْهِمْ یَعْنِی مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابَهُ وَ عَهِدَ إِلَیْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَ عَلِیٍّ الْمَارِقِینَ وَ لَمْ أَرِهِمْ بَعْدُ.
«274»-(1)
وَ أَیْضاً قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ رَوَی كَثِیرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِینَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ عَلَیْكَ جِهَادَ الْمَفْتُونِینَ كَمَا كَتَبَ عَلَیَّ جِهَادَ الْمُشْرِكِینَ قَالَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِی كُتِبَ عَلَیَّ فِیهَا الْجِهَادُ قَالَ قَوْمٌ یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ هُمْ مُخَالِفُونَ لِلسُّنَّةِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَامَ أُقَاتِلُهُمْ وَ هُمْ یَشْهَدُونَ كَمَا أَشْهَدُ قَالَ عَلَی الْإِحْدَاثِ فِی الدِّینِ وَ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ كُنْتَ وَعَدْتَنِی الشَّهَادَةَ فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنْ یُعَجِّلَهَا لِی بَیْنَ یَدَیْكَ قَالَ فَمَنْ یُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ أَمَا إِنِّی وَعَدْتُكَ بِالشَّهَادَةِ وَ تُسْتَشْهَدُ یُضْرَبُ عَلَی هَذِهِ فَتُخْضَبُ هَذِهِ (2) فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذاً فَقُلْتُ یَا
ص: 308
رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ ذَا بِمَوْطِنِ صَبْرٍ هَذَا مَوْطِنُ شُكْرٍ قَالَ أَجَلْ أَصَبْتَ فَأَعِدَّ لِلْخُصُومَةِ فَإِنَّكَ مُخَاصَمٌ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ بَیَّنْتَ لِی قَلِیلًا فَقَالَ إِنَّ أُمَّتِی سَتُفْتَنُ مِنْ بَعْدِی فَتَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ وَ تَعْمَلُ بِالرَّأْیِ وَ تَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ بِالنَّبِیذِ وَ السُّحْتَ بِالْهَدِیَّةِ وَ الرِّبَا بِالْبَیْعِ وَ تُحَرِّفُ الْكِتَابَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ تَغْلِبُ كَلِمَةَ الضَّلَالِ فَكُنْ حِلْسَ بَیْتِكَ حَتَّی تُقَلِّدَهَا فَإِذَا قَلَّدْتَهَا جَاشَتْ عَلَیْكَ الصُّدُورُ وَ قُلِبَتْ لَكَ الْأُمُورُ تُقَاتِلُ حِینَئِذٍ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَلَیْسَتْ حَالُهُمُ الثَّانِیَةُ بِدُونِ حَالِهِمُ الْأُولَی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَبِأَیِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلَ هَؤُلَاءِ الْمَفْتُونِینَ مِنْ بَعْدِكَ أَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ فَقَالَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ یَعْمَهُونَ فِیهَا إِلَی أَنْ یُدْرِكَهُمُ الْعَدْلُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یُدْرِكُهُمُ الْعَدْلُ مِنَّا أَمْ مِنْ غَیْرِنَا فَقَالَ بَلْ مِنَّا بِنَا فَتَحَ اللَّهُ وَ بِنَا یَخْتِمُ وَ بِنَا أَلَّفَ اللَّهُ بَیْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الشِّرْكِ وَ بِنَا یُؤَلِّفُ بَیْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا وَهَبَ لَنَا مِنْ فَضْلِهِ.
و قال عند
قوله علیه السلام فی الخطبة الشقشقیة: فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَ مَرَقَتْ أُخْرَی وَ فَسَقَتْ آخَرُونَ.
ما هذا لفظه فأما الطائفة الناكثة فهم أصحاب الجمل و أما الطائفة القاسطة فأصحاب صفین و سماهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله القاسطین و أما الطائفة المارقة فأصحاب النهروان و أشرنا نحن بقولنا سماهم رسول اللّٰه القاسطین إلی قوله ستقاتل بعدی الناكثین و القاسطین و المارقین و هذا الخبر من دلائل نبوته صلوات اللّٰه علیه لأنه إخبار صریح بالغیب لا یحتمل التمویه و التدلیس كما تحتمله الأخبار المجملة.
و صدق قوله علیه السلام و المارقین (1)
قوله أوّلاً فی الخوارج
ص: 309
یمرقون من الدین كما یمرق السهم من الرمیة.
و صدق قوله الناكثین كونهم نكثوا البیعة بادئ بدء و قد كان یتلو وقت مبایعتهم و من نكث فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ و أما أصحاب الصفین فإنهم عند أصحابنا مخلدون فی النار لفسقهم فصح فیهم قوله تعالی وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
«275»-(1)
كَنْزُ الْكَرَاجُكِیِّ، عَنِ الْقَاضِی أَسَدِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ السُّلَمِیِّ وَ كَانَ مِنَ الْمُخَالِفِینَ الْمُعَانِدِینَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَنْظَلِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یُونُسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَضَاءٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَعْقُوبَ وَ مُعَاذِ بْنِ حَكِیمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِیِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْمَازِنِیِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَیْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِیَّ مُتَعَلِّقاً بِحَلْقَةِ بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِی فَقَدْ عَرَفَنِی وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنِی أَنْبَأْتُهُ بِاسْمِی أَنَا جُنْدَبٌ الرَّبَذِیُّ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِیُّ إِنِّی رَأَیْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِی الْعَامِ الْمَاضِی وَ هُوَ آخِذٌ بِهَذِهِ الْحَلْقَةِ وَ هُوَ یَقُولُ أَیُّهَا النَّاسُ لَوْ صُمْتُمْ حَتَّی تَكُونُوا كَالْأَوْتَارِ وَ صَلَّیْتُمْ حَتَّی تَكُونُوا كَالْحَنَایَا وَ دَعَوْتُمْ حَتَّی تَقَطَّعُوا إِرْباً إِرْباً ثُمَّ أَبْغَضْتُمْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ أَكَبَّكُمُ اللَّهُ فِی النَّارِ ثُمَّ قَالَ قُمْ یَا أَبَا الْحَسَنِ فَضَعْ خَمْسَكَ فِی خَمْسِی یَعْنِی كَفَّكَ فِی كَفِّی فَإِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِی وَ إِیَّاكَ مِنْ شَجَرَةٍ أَنَا أَصْلُهَا وَ أَنْتَ فَرْعُهَا فَمَنْ قَطَعَ فَرْعَهَا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَی وَجْهِهِ فِی النَّارِ ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ سَیِّدُ الْمُرْسَلِینَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِینَ یَقْتُلُ النَّاكِثِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ الْجَاحِدِینَ
ص: 310
عَلِیٌّ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی.
«276»-(1)
یف، الطرائف رَوَی مَحْمُودٌ الْخُوارِزْمِیُّ فِی كِتَابِ الْفَائِقِ فِی الْأُصُولِ فِی بَابٍ قَالَ وَ قَالَ یَعْنِی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله فِی ذِكْرِ بَیَانِ مُعْجِزَاتِهِ یَعْنِی مُعْجِزَاتِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ: وَ قَالَ یَعْنِی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام سَتُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ.
ثم قال محمود الخوارزمی فقاتل علی طلحة و الزبیر بعد ما نكثا بیعته و قاتل معاویة و قومه و هم القاسطون أی الظالمون و قاتل الخوارج و هم المارقون.
هذا لفظ الخوارزمی.
و من ذلك ما رواه الخوارزمی محمود فی كتاب الفائق المذكور فی باب ذكر سائر معجزاته علیه السلام من قصة ذی الثدیة الذی قتل مع الخوارج وَ قَدْ رَوَاهُ الْحُمَیْدِیُّ فِی الْحَدِیثِ الرَّابِعِ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَیْهِ مِنْ مُسْنَدِ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ: فِی حَدِیثِ ذِی الثُّدَیَّةِ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِینَ قَتَلَهُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ بِالنَّهْرَوَانِ: قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فِرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ یَقْتُلُهَا أَوْلَی الطَّائِفَتَیْنِ بِالْحَقِّ.
و فی روایة الأوزاعی فی صفة ذی الثدیة: أن إحدی ثدییه مثل البیضة تدورت یخرجون علی خیر فرقة من المسلمین (2).
قَالَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ فَأَشْهَدُ أَنِّی سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام قَاتِلُهُمْ وَ أَنَا مَعَهُ وَ أَمَرَ
ص: 311
بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَوُجِدَ فَأُتِیَ بِهِ حَتَّی نَظَرْتُ إِلَیْهِ عَلَی نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِی نَعَتَ.
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَائِفِ هَذَا لَفْظُ مَا رَوَاهُ الْحُمَیْدِیُّ فِی حَدِیثِهِ وَ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْخُوارِزْمِیُّ فِی كِتَابِ الْفَائِقِ أَیْضاً فِی بَابِ ذِكْرِ سَائِرِ مُعْجِزَاتِهِ علیه السلام قَالَ: وَ قَالَ یَعْنِی النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لِعَلِیٍّ علیه السلام أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَشْقَی النَّاسِ رَجُلَانِ أُحَیْمِرُ ثَمُودَ وَ مَنْ یَضْرِبُكَ یَا عَلِیُّ عَلَی هَذَا وَ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی قَرْنِهِ فَیَبْتَلُّ مِنْهُ هَذِهِ وَ أَخَذَ بِلِحْیَتِهِ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ.
هذا لفظ الخوارزمی و أحیمر ثمود عاقر ناقة صالح و قاتل علی علیه السلام هو عبد الرحمن بن ملجم علیه لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ*
«277»-(1)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی شَیْبَةَ عَنْ یَحْیَی بْنِ حَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ عَنْ مُصَبِّحِ بْنِ الْهِلْقَامِ الْعِجْلِیِّ عَنْ أَبِی مَرْیَمَ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَیْشٍ عَنْ حُذَیْفَةَ قَالَ: فِی قَوْلِهِ تَعَالَی فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ یَعْنِی بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام.
«278»-(2)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی النَّوْفَلِیِّ عَنْ عِیسَی بْنِ مِهْرَانَ عَنْ یَحْیَی بْنِ حَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَی حَرْبِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیِّ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله لَمَّا نَزَلَ عَلَیْهِ قَوْلُهُ تَعَالَی فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ قَالَ أَیْ بِعَلِیٍّ كَذَلِكَ حَدَّثَنِی جَبْرَئِیلُ.
ص: 312
«279»-(1)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْمُغِیرَةِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَدِیِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ یَقُولُ مَا حَسَدَتْ قُرَیْشٌ عَلِیّاً علیه السلام بِشَیْ ءٍ مِمَّا سَبَقَ لَهُ أَشَدَّ مِمَّا وَجَدَتْ عَلَیْهِ یَوْماً وَ نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ كَیْفَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ قُرَیْشٍ لَوْ قَدْ كَفَرْتُمْ مِنْ بَعْدِی فَرَأَیْتُمُونِی فِی كَتِیبَةٍ أَضْرِبُ وُجُوهَكُمْ بِالسَّیْفِ فَهَبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلُ فَقَالَ قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِیٌّ فَقَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَلِیٌّ.
«280»-(2)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنْ یُونُسَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِی قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ وَ قَالَ اللَّهُ انْتَقَمَ بِعَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ الْبَصْرَةِ وَ هُوَ الَّذِی وَعَدَ اللَّهُ رَسُولَهُ.
«281»-(3)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِیعِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَی یُوسُفَ الْأَزْرَقِ حَتَّی انْتَهَیْتُ فِی الزُّخْرُفِ إِلَی قَوْلِهِ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ فَقَالَ یَا مُحَمَّدُ أَمْسِكْ فَأَمْسَكْتُ فَقَالَ یُوسُفُ قَرَأْتُ عَلَی الْأَعْمَشِ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی هَذِهِ الْآیَةِ قَالَ یَا یُوسُفُ أَ تَدْرِی فِیمَنْ نَزَلَتْ قُلْتُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ نَزَلَتْ فِی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ بِعَلِیٍّ مُنْتَقِمُونَ مُحِیَتْ وَ اللَّهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَ اخْتُلِسَتْ وَ اللَّهِ مِنَ الْقُرْآنِ.
«282»-(4)
كنز، كنز جامع الفوائد و تأویل الآیات الظاهرة مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ حراش [خِرَاشٍ] قَالَ: خَطَبَنَا عَلِیٌّ فِی الرَّحْبَةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّهُ لَمَّا كَانَ فِی زَمَانِ الْحُدَیْبِیَةِ خَرَجَ إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أُنَاسٌ مِنْ قُرَیْشٍ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ مَكَّةَ فِیهِمْ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالُوا یَا مُحَمَّدُ أَنْتَ جَارُنَا وَ حَلِیفُنَا
ص: 313
وَ ابْنُ عَمِّنَا وَ لَقَدْ لَحِقَ بِكَ أُنَاسٌ مِنْ آبَائِنَا وَ إِخْوَانِنَا وَ أَقَارِبِنَا لَیْسَ بِهِمُ التَّفَقُّهُ فِی الدِّینِ وَ لَا رَغْبَةٌ فِیمَا عِنْدَكَ وَ لَكِنْ إِنَّمَا خَرَجُوا فِرَاراً مِنْ ضِیَاعِنَا وَ أَعْمَالِنَا وَ أَمْوَالِنَا فَارْدُدْهُمْ عَلَیْنَا فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ انْظُرْ فِیمَا یَقُولُونَ فَقَالَ صَدَقُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنْتَ جَارُهُمْ فَارْدُدْهُمْ عَلَیْهِمْ قَالَ ثُمَّ دَعَا عُمَرَ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِی بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ لَا تَنْتَهُونَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلتَّقْوَی یَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَی الدِّینِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ أَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَ لَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ وَ أَنَا كُنْتُ أَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیْنَا عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَیَّ مُتَعَمِّداً فَلْیَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
«283»-(1)
أَقُولُ رَوَی فِی الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ لِلسَّمْعَانِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی رِبْعِیٍّ مِثْلَهُ.
«284»-(2)
مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِیّاً كَانَ یَقُولُ فِی حَیَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
ص: 314
وَ جَلَّ قَالَ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلی أَعْقابِكُمْ وَ اللَّهِ لَا نَنْقَلِبُ عَلَی أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ وَ لَئِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ لَأُقَاتِلَنَّ عَلَی مَا قَاتَلَ عَلَیْهِ حَتَّی أَمُوتَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَخُوهُ وَ وَلِیُّهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ وَارِثُهُ وَ مَنْ أَحَقُّ بِهِ مِنِّی.
«285»-(1)
مد، العمدة مِنَ الْجُزْءِ الثَّانِی مِنْ كِتَابِ الشَّرِیعَةِ تَصْنِیفِ الشَّیْخِ أَبِی بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ تِلْمِیذِ أَبِی بَكْرٍ وَلَدِ أَبِی دَاوُدَ السِّجِسْتَانِیِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِیَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی الصُّوفِیِّ عَنْ حُسَیْنِ بْنِ حَسَنٍ الْأَشْقَرِ عَنْ سَابِحٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَكَمِ الْعَبْدِیِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَیْسٍ وَ الْأَسْوَدِ بْنِ یَزِیدَ قَالا أَتَیْنَا أَبَا أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیَّ فَقُلْنَا لَهُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی أَكْرَمَكَ بِمُحَمَّدٍ إِذْ أَوْحَی إِلَی رَاحِلَتِهِ فَبَرَكَ عَلَی بَابِكَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ضَیْفَكَ فَضَّلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا ثُمَّ خَرَجْتَ تُقَاتِلُ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ أَبُو أَیُّوبَ مَرْحَباً بِكُمَا وَ أَهْلًا إِنَّنِی أُقْسِمُ لَكُمَا بِاللَّهِ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلِیٌّ علیه السلام جَلَسَ عَنْ یَمِینِهِ وَ أَنَا قَائِمٌ بَیْنَ یَدَیْهِ إِذْ حَرَّكَ الْبَابَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا أَنَسُ انْظُرْ مَنْ بِالْبَابِ فَخَرَجَ وَ نَظَرَ وَ رَجَعَ وَ قَالَ هَذَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَالَ قَالَ أَبُو أَیُّوبَ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَا أَنَسُ افْتَحْ لِعَمَّارٍ الطَّیِّبِ الْمُطَیَّبِ فَفَتَحَ أَنَسٌ الْبَابَ فَدَخَلَ عَمَّارٌ فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَدَّ عَلَیْهِ وَ رَحَّبَ بِهِ وَ قَالَ یَا عَمَّارُ إِنَّهُ سَیَكُونُ فِی أُمَّتِی بَعْدَ هَنَاتٍ وَ اخْتِلَافٍ حَتَّی یَخْتَلِفَ السَّیْفُ بَیْنَهُمْ حَتَّی یَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ تَتَبَرَّأَ بَعْضَهُمْ مِنْ
ص: 315
بَعْضٍ فَإِذَا رَأَیْتَ ذَلِكَ فَعَلَیْكَ بِهَذَا الَّذِی عَنْ یَمِینِی یَعْنِی عَلِیّاً فَإِنْ سَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَادِیاً وَ عَلِیٌّ وَادِیاً فَاسْلُكْ وَادِیَ عَلِیٍّ وَ خَلِّ النَّاسَ طُرّاً یَا عَمَّارُ إِنَّهُ لَا یُزِیلُكَ عَنْ هُدًی یَا عَمَّارُ إِنَّ طَاعَةَ عَلِیٍّ لَمِنْ طَاعَتِی وَ طَاعَتِی مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
«286»-(1)
أَقُولُ وَ رَوَی فِی الْمُسْتَدْرَكِ، مِنْ كِتَابِ حِلْیَةِ الْأَوْلِیَاءِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِیّاً یَقُولُ أَنَا فَقَأْتُ عَیْنَ الْفِتْنَةِ وَ لَوْ لَا أَنَا مَا قُوتِلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ وَ أَهْلُ الْجَمَلِ وَ لَوْ لَا أَنَّنِی أَخْشَی أَنْ تَتْرُكُوا الْعَمَلَ لَأَنْبَأْتُكُمْ بِالَّذِی قَضَی اللَّهُ عَلَی لِسَانِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله لِمَنْ قَاتَلَهُمْ مُبْصِراً بِضَلَالَتِهِمْ عَارِفاً بِالْهُدَی الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ.
«287»-(2)
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رِبْعِیِّ بْنِ حراش [خِرَاشٍ] قَالَ: خَطَبَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِالْمَدَائِنِ فَقَالَ جَاءَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ ارْدُدْ عَلَیْنَا أَبْنَاءَنَا وَ أَرِقَّاءَنَا فَإِنَّمَا خَرَجُوا تَعَوُّذاً بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله
ص: 316
لَا تَنْتَهُونَ یَا مَعْشَرَ قُرَیْشٍ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلًا امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِیمَانِ یَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَی الدِّینِ.
«288»-(1)
وَ مِنْ كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ لِلسَّمْعَانِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی الزُّبَیْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ قَالَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ.
أقول: قد مر بعض الأخبار فی باب شكایته علیه السلام.
ص: 317
ص: 318
«289»-(1)
ن، عیون أخبار الرضا علیه السلام الْحُسَیْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَیْهَقِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی الصَّوْلِیِّ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعَ الرِّضَا علیه السلام بَعْضَ أَصْحَابِهِ یَقُولُ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَارَبَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ قُلْ إِلَّا مَنْ تَابَ وَ أَصْلَحَ ثُمَّ قَالَ لَهُ ذَنْبُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَ لَمْ یَتُبْ أَعْظَمُ مِنْ ذَنْبِ مَنْ قَاتَلَهُ ثُمَّ تَابَ.
«290»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ بِلَالٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ حُمَیْدٍ اللَّحْمِیِّ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ الرَّبِیعِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ عَلِیُّ بْنُ بِلَالٍ وَ حَدَّثَنِی عَلِیُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدٍ الْأَصْفَهَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی الْأَسْلَمِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَزَوَّرِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ
ص: 319
الْمُؤْمِنِینَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِینَ نُقَاتِلُهُمْ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةٌ وَ الرَّسُولُ وَاحِدٌ وَ الصَّلَاةُ وَاحِدَةٌ وَ الْحَجُّ وَاحِدٌ فَبِمَ نُسَمِّیهِمْ قَالَ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَی فِی كِتَابِهِ فَقَالَ مَا كُلُّ مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ أَعْلَمُهُ فَقَالَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ فِی كِتَابِهِ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ فَلَمَّا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ كُنَّا نَحْنُ أَوْلَی بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِدِینِهِ وَ بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِالْكِتَابِ وَ بِالْحَقِّ فَنَحْنُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ شَاءَ اللَّهُ مِنَّا قِتَالَهُمْ فَقَاتَلْنَاهُمْ بِمَشِیَّتِهِ وَ إِرَادَتِهِ.
«291»-(1)
جا، المجالس للمفید عَلِیُّ بْنُ بِلَالٍ مِثْلَهُ.
«292»-(2) قب، المناقب لابن شهرآشوب: اختلفوا فی محاربة علی علیه السلام فقالت الزیدیة و من المعتزلة النظام و بشر بن المعتمر و من المرجئة أبو حنیفة و أبو یوسف و بشر المریسی و من قال بقولهم إنه كان مصیبا فی حروبه بعد النبی صلی اللّٰه علیه و آله و إن من قاتله علیه السلام كان علی خطإ:
و قال أبو بكر الباقلانی و ابن إدریس: من نازع علیا علیه السلام فی خلافته فهو باغ
ص: 320
و فی تلخیص الشافی أنه قالت الإمامیة: من حارب أمیر المؤمنین كان كافرا یدل علیه إجماع الفرقة و إن من حاربه كان منكرا لإمامته و دافعا لها و دفع الإمامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لأن الجهل بهما علی حد واحد
وَ قَوْلُهُ علیه السلام مَنْ مَاتَ وَ لَمْ یَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِیتَةً جَاهِلِیَّةً.
و میتة الجاهلیة لا تكون إلا علی كفر.
و
قوله اللّٰهم وال من والاه و عاد من عاداه.
و لا تجب عداوة أحد بالإطلاق دون الفساق.
و من حاربه كان یستحل دمه و یتقرب إلی اللّٰه بذلك و استحلال دم المؤمن كفر بالإجماع و هو أعظم من استحلال جرعة من الخمر الذی هو كفر بالاتفاق فكیف استحلال دم الإمام
وَ رَوَی عَنْهُ الْمُخَالِفُ وَ الْمُؤَالِفُ یَا عَلِیُّ حَرْبُكَ حَرْبِی وَ سِلْمُكَ سِلْمِی.
و معلوم أنه علیه السلام إنما أراد أن أحكام حربك تماثل أحكام حربی و لم یرد أن أحد الحربین هو الآخر لأن المعلوم خلاف ذلك و إذا كان حرب النبی كفرا وجب مثل ذلك فی حربه
وَ رَوَی أَبُو عِیسَی فِی جَامِعِهِ وَ السَّمْعَانِیُّ فِی كِتَابِهِ وَ ابْنُ مَاجَهْ فِی سُنَنِهِ وَ أَحْمَدُ فِی الْمُسْنَدِ وَ الْفَضَائِلِ وَ ابْنُ بَطَّةَ فِی الْإِبَانَةِ وَ شِیرَوَیْهِ فِی الْفِرْدَوْسِ وَ السُّدِّیُّ فِی التَّفْسِیرِ وَ الْقَاضِی الْمَحَامِلِیُّ كُلُّهُمْ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَ رَوَی الثَّعْلَبِیُّ فِی تَفْسِیرِهِ عَنْ أَبِی هُرَیْرَةَ وَ أَبُو الْجَحَّافِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صَبِیحٍ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ نَظَرَ إِلَی عَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ.
تَارِیخُ الطَّبَرِیِّ وَ أَرْبَعِینُ ابْنِ الْمُؤَذِّنِ قَالا رَوَی أَبُو هُرَیْرَةَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ لِعَلِیٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَ سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ.
ص: 321
ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَهُ: عَادَیْتُ مَنْ عَادَاكَ وَ سَالَمْتُ مَنْ سَالَمَكَ (1).
الْخَرْكُوشِیُّ فِی اللَّوَامِعِ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ قَاتَلَنِی فِی الْأُولَی وَ قَاتَلَ أَهْلَ بَیْتِی فِی الثَّانِیَةِ فَأُولَئِكَ شِیعَةُ الدَّجَّالِ
«293»- (2)
قب، المناقب لابن شهرآشوب عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّهُ ذَكَرَ الَّذِینَ حَارَبَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمْ أَعْظَمُ جُرْماً مِمَّنْ حَارَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قِیلَ لَهُ وَ كَیْفَ ذَلِكَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أُولَئِكَ كَانُوا أَهْلَ جَاهِلِیَّةٍ وَ هَؤُلَاءِ قَرَءُوا الْقُرْآنَ وَ عَرَفُوا أَهْلَ الْفَضْلِ فَأَتَوْا مَا أَتَوْا بَعْدَ الْبَصِیرَةِ.
«294»-(3)
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ بَزِیعٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ قاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ ثُمَّ قَالَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ هُمْ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ یَعْنِی أَهْلَ صِفِّینَ وَ الْبَصْرَةِ وَ الْخَوَارِجَ.
«295»-(4)
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ
ص: 322
قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الْآیَةَ لا یَسْتَوِی أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ثُمَّ قَالَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَنِی وَ سَلَّمَ لِعَلِیٍّ الْوَلَایَةَ بَعْدِی وَ أَصْحَابُ النَّارِ مَنْ نَقَضَ الْبَیْعَةَ وَ الْعَهْدَ وَ قَاتَلَ عَلِیّاً بَعْدِی أَلَا إِنَّ عَلِیّاً بَضْعَةٌ مِنِّی فَمَنْ حَارَبَهُ فَقَدْ حَارَبَنِی ثُمَّ دَعَا عَلِیّاً فَقَالَ یَا عَلِیُّ حَرْبُكَ حَرْبِی وَ سِلْمُكَ سِلْمِی وَ أَنْتَ الْعَلَمُ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ أُمَّتِی.
«296»-(1)
كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ الْحُسَیْنُ بْنُ سَعِیدٍ مَعاً عَنِ النَّضْرِ عَنْ یَحْیَی الْحَلَبِیِّ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ ضُرَیْسٍ قَالَ: تَمَارَی النَّاسُ عِنْدَ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ بَعْضُهُمْ حَرْبُ عَلِیٍّ شَرٌّ مِنْ حَرْبِ (2) رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ بَعْضُهُمْ حَرْبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَرٌّ مِنْ حَرْبِ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ فَسَمِعَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فَقَالُوا أَصْلَحَكَ اللَّهُ تَمَارَیْنَا فِی حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ فِی حَرْبِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ بَعْضُنَا حَرْبُ عَلِیٍّ شَرٌّ مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ بَعْضُنَا حَرْبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله شَرٌّ مِنْ حَرْبِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام لَا بَلْ حَرْبُ عَلِیٍّ أَشَرُّ مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَ حَرْبُ عَلِیٍّ شَرٌّ مِنْ حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَ سَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ إِنَّ حَرْبَ رَسُولِ اللَّهِ ص
ص: 323
لَمْ یُقِرُّوا بِالْإِسْلَامِ وَ إِنَّ حَرْبَ عَلِیٍّ علیه السلام أَقَرُّوا بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ جَحَدُوهُ.
«297»-(1)
ب، قرب الإسناد ابْنُ طَرِیفٍ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام كَانَ یَقُولُ لِأَهْلِ حَرْبِهِ إِنَّا لَمْ نُقَاتِلْهُمْ عَلَی التَّكْفِیرِ لَهُمْ وَ لَمْ نُقَاتِلْهُمْ عَلَی التَّكْفِیرِ لَنَا وَ لَكِنَّا رَأَیْنَا أَنَّا عَلَی حَقٍّ وَ رَأَوْا أَنَّهُمْ عَلَی حَقٍّ.
«298»-ب، قرب الإسناد بِالْإِسْنَادِ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً لَمْ یَكُنْ یَنْسُبُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ حَرْبِهِ إِلَی الشِّرْكِ وَ لَا إِلَی النِّفَاقِ وَ لَكِنَّهُ كَانَ یَقُولُ هُمْ إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَیْنَا.
«299»-(2)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی المفید عن أبی عبد اللّٰه المرزبانی قال وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرویه قال حدثنی الحمدونی الشاعر قال سمعت الریاشی ینشد للسید بن محمد الحمیری:
أن امرأ خصمه أبو حسن***لعازب الرأی داحض الحجج
لا یقبل اللّٰه منه معذرة***و لا یلقنه حجة الفلج
«300»-(3)
كا، الكافی بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفُضَیْلِ بْنِ یَسَارٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ نَصَبَ عَلِیّاً علیه السلام عَلَماً بَیْنَهُ وَ بَیْنَ خَلْقِهِ فَمَنْ عَرَفَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ أَنْكَرَهُ كَانَ كَافِراً وَ مَنْ جَهِلَهُ كَانَ ضَالًّا وَ مَنْ نَصَبَ مَعَهُ شَیْئاً كَانَ مُشْرِكاً وَ مَنْ جَاءَ بِوَلَایَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
«301»-وَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقُولُ إِنَّ عَلِیّاً
ص: 324
علیه السلام بَابٌ فَتَحَهُ اللَّهُ فَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ كَانَ كَافِراً وَ مَنْ لَمْ یَدْخُلْ فِیهِ وَ لَمْ یَخْرُجْ مِنْهُ كَانَ فِی الطَّبَقَةِ الَّذِینَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لِی فِیهِمُ الْمَشِیَّةُ.
«302»-وَ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ نَحْنُ الَّذِینَ فَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَنَا لَا یَسَعُ النَّاسَ إِلَّا مَعْرِفَتُنَا وَ لَا یُعْذَرُ النَّاسُ بِجَهَالَتِنَا مَنْ عَرَفَنَا كَانَ مُؤْمِناً وَ مَنْ أَنْكَرَنَا كَانَ كَافِراً وَ مَنْ لَمْ یَعْرِفْنَا وَ لَمْ یُنْكِرْنَا كَانَ ضَالًّا حَتَّی یَرْجِعَ إِلَی الْهُدَی الَّذِی افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَیْهِ مِنْ طَاعَتِنَا الْوَاجِبَةِ فَإِنْ یَمُتْ عَلَی ضَلَالَتِهِ یَفْعَلُ اللَّهُ بِهِ ما یَشاءُ
«303»-وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَیْلِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: حُبُّنَا إِیمَانٌ وَ بُغْضُنَا كُفْرٌ.
«304»-(1)
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِیِّ عَنْ یُوسُفَ بْنِ الْأَرْقَمِ عَنْ عَوْفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا نَظَرَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً رَجَعُوا إِلَی عَدَاوَتِهِمْ لَنَا إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ یَتْرُكُوا الصَّلَاةَ.
«305»-وَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ قِتَالُ صِفِّینَ قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّارٍ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ أَ لَمْ یَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَاتِلُوا النَّاسَ حَتَّی یُسْلِمُوا فَإِذَا أَسْلَمُوا عَصَمُوا مِنِّی دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ قَالَ بَلَی وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ حَتَّی وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً.
ص: 325
«306»-وَ عَنْ حَبِیبٍ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِیِّ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ لَمَّا أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَعْلَی الْوَادِی وَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَ مَلَأَ الْأَوْدِیَةَ كَتَائِبُ یَعْنِی یَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ اسْتَسْلَمُوا حَتَّی وَجَدُوا أَعْوَاناً.
«307»-(1)
كِتَابُ الْغَارَاتِ لِإِبْرَاهِیمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِیِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی ذَرٍّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَنْ فَارَقَنِی فَقَدْ فَارَقَ اللَّهَ وَ مَنْ فَارَقَ عَلِیّاً فَقَدْ فَارَقَنِی.
«308»-(2)
الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ كَثِیرٍ النَّوَّاءِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ مُحَارِبِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَ قَتَلَهُمْ وَ هُمْ مُؤْمِنُونَ قَالَ إِذَا كَانَ یَكُونُ وَ اللَّهِ أَضَلَّ مِنْ بَغْلِی هَذَا.
«309»-وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یَحْیَی عَنْ أَبِی الْجَارُودِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ علیهما السلام قَالَ: الشَّاكُّ فِی حَرْبِ عَلِیٍّ علیه السلام كَالشَّاكِّ فِی حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
«310»-و عن صالح بن أبی الأسود عن أخیه أسید بن أبی الأسود قال سألت عبد اللّٰه بن الحسن عن محاربی أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه فقال ضلال فقلت ضلال مؤمنون قال لا و لا كرامة إنما هذا قول المرجئة الخبیثة.
«311»-وَ عَنْ یُوسُفَ بْنِ كُلَیْبٍ الْمَسْعُودِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لُعِنَ أَهْلُ الْجَمَلِ فَقَالَ رَجُلٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُؤْمِناً فَقَالَ علیه السلام وَیْلَكَ مَا كَانَ فِیهِمْ مُؤْمِنٌ
ص: 326
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لَوْ أَنَّ عَلِیّاً قَتَلَ مُؤْمِناً وَاحِداً لَكَانَ شَرّاً عِنْدِی مِنْ حِمَارِی هَذَا وَ أَوْمَی بِیَدِهِ إِلَی حِمَارٍ بَیْنَ یَدَیْهِ.
«312»-وَ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَطِیَّةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: الشَّاكُّ فِی حَرْبِ عَلِیٍّ كَالشَّاكِّ فِی حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
«313»-وَ عَنْ یُونُسَ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ دِینَارٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: حَدَّثَنِی مَنْ سَمِعَ طَلْحَةَ یَوْمَ الْجَمَلِ حَیْثُ أَصَابَهُ السَّهْمُ وَ رَأَی النَّاسَ قَدِ انْهَزَمُوا أَقْبَلَ عَلَی رَجُلٍ فَقَالَ مَا أَرَانَا بَقِیَّةَ یَوْمِنَا إِلَّا كُفَّاراً.
«314»-وَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ بَكْرِ بْنِ عِیسَی قَالَ: قَالَ الزُّبَیْرُ یَوْمَ الْجَمَلِ لِمَوْلًی لَهُ مَا أَرَانَا بَقِیَّةَ یَوْمِنَا إِلَّا كُفَّاراً.
«315»-وَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ مُوسَی بْنِ مُطَیْرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أُمِّ حَكِیمٍ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِعَائِشَةَ الْمَوْتُ قُلْتُ لَهَا یَا أُمَّتَاهْ نَدْفَنُكِ فِی الْبَیْتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ كَانَ فِیهِ مَوْضِعُ قَبْرٍ تَدَّخِرُهُ لِنَفْسِهَا قَالَتْ لَا أَ لَا تَعْلَمُونَ حَیْثُ سِرْتُ ادْفِنُونِی مَعَ صَوَاحِبِی فَلَسْتُ خَیْرَهُنَّ.
«316»-وَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبِی خَالِدٍ عَنْ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ ادْفِنُونِی مَعَ أَزْوَاجِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنِّی قَدْ أَحْدَثْتُ بَعْدَهُ حَدَثاً.
تذییل:
اعلم أنه اختلف فی أحكام البغاة فی مقامین الأول فی كفرهم فذهب أصحابنا إلی كفرهم قال المحقق الطوسی رحمه اللّٰه فی التجرید محاربو علی كفرة و مخالفوه فسقة.
أقول: و لعل مراده أن مخالفیه فی الحرب و الذین لم ینصروه فسقة كما یومی إلیه بعض كلماته فیما بعد.
و ذهب الشافعی إلی أن الباغی لیس باسم ذم بل هو اسم من اجتهد فأخطأ بمنزلة من خالف الفقهاء فی بعض المسائل
ص: 327
و قال شارح المقاصد و المخالفون لعلی علیه السلام بغاة لخروجهم علی إمام الحق بشبهة من ترك القصاص من قتلة عثمان.
و
لقوله صلی اللّٰه علیه و آله لعمار تقتلك الفئة الباغیة.
و قد قتل یوم صفین علی ید أهل الشام.
و لقول علی علیه السلام إخواننا بغوا علینا.
و لیسوا كفارا و لا فسقة و ظلمة لما لهم من التأویل و إن كان باطلا فغایة الأمر أنهم أخطئوا فی الاجتهاد و ذلك لا یوجب التفسیق فضلا عن التكفیر.
و ذهبت المعتزلة إلی أنه اسم ذم و یسمونهم فساقا.
أقول: و الدلائل علی ما ذهب إلیه أصحابنا أكثر من أن تحصی و قد مضت الأخبار الدالة علیه و سیأتی فی أبواب حب أمیر المؤمنین علیه السلام و بغضه و أبواب مناقبه و إیرادها هنا یوجب التكرار فبعضها صریح فی كفر مبغض أهل البیت علیهم السلام و لا ریب فی أن الباغی مبغض.
و بعضها یدل علی كفر من أنكر إمامة أمیر المؤمنین علیه السلام و أبغضه.
و بعضها یدل علی أن الجاحد له علیه السلام من أهل النار و لو عبد اللّٰه منذ خلق السماوات و الأرضین فی أشرف الأماكن و ظاهر أن المؤمن مع تلك العبادة لا یكون من أهل النار.
و بعضها یدل علی كفر من لم یعرف إمام زمانه و ذلك مما اتفقت علیه كلمة الفریقین و البغی لا یجامع فی الغالب معرفة الإمام و لو فرض باغ علی الإمام لأمر دنیوی من غیر بغض له و لا إنكار لإمامته فهو كافر أیضا لعدم القائل بالفرق.
ثم إن الظاهر أن قوله تعالی وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ
ص: 328
فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ لا یتعلق بقتال البغاة بالمعنی المعروف لما عرفت من كفرهم و إطلاق المؤمن علیهم باعتبار ما كانوا علیه بعید.
و ظاهر الآیة الآتیة و هی قوله تعالی إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَیْنَ أَخَوَیْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بقاء المذكورین فی الآیة السابقة علی الإیمان و لعله السر فی خلو أكثر الأخبار عن الاحتجاج بهذه الآیة فی هذا المقام فتكون الآیة مسوقة لبیان حكم طائفتین من المؤمنین تعدی و بغت إحداهما علی الأخری لأمر دنیوی أو غیرهما مما لا یؤدی إلی الكفر.
المقام الثانی فیما اغتنمه المسلمون من أموال البغاة فذهب بعض الأصحاب إلی أنه لا یقسم أموالهم مطلقا.
و ذهب بعضهم إلی قسمة ما حواه العسكر دون غیره من أموالهم و تمسك الفریقان بسیرته علیه السلام فی أهل البصرة.
قال الأولون لو جاز الاغتنام لم یرد علیه السلام علیهم أموالهم و
قَدْ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام نَادَی مَنْ وَجَدَ مَالَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ.
فكان الرجل منهم یمر بمسلم یطبخ فی قدره فیسأله أن یصبر حتی ینضج فلا یصبر فیكفأها و یأخذها و إنه كان یعطی من القوم من له بینة و من لم یكن له بینة فیحلفه و یعطیه.
و قال الآخرون لو لا جوازه لما قسم علیه السلام أموالهم أولا بین المقاتلة و قد كان ردها علیهم بعد ذلك علی سبیل المن لا الاستحقاق كما من النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی كثیر من المشركین
و قد رووا عنه علیه السلام أنه قال مننت علی أهل البصرة كما من النبی صلی اللّٰه علیه و آله علی أهل مكة.
و لذا ذهب بعض أصحابنا إلی جواز استرقاقهم كما جاز للرسول صلی اللّٰه علیه و آله فی أهل مكة و المشهور بین علمائنا عدمه.
و الذی نفهم من الأخبار أنهم واقعا فی حكم المشركین و غنائمهم و سبیهم فی حكم غنائم المشركین و سبیهم و القائم علیه السلام یجری تلك الأحكام
ص: 329
علیهم و لما علم أمیر المؤمنین علیه السلام استیلاء المخالفین علی شیعته لم یجر هذه الأحكام علیهم لئلا یجروها علی شیعته و كذا الحكم بطهارتهم و جواز مناكحتهم و حل ذبیحتهم لاضطرار معاشرة الشیعة معهم فی دولة المخالفین.
«317»-وَ یَدُلُّ عَلَیْهِ مَا رَوَاهُ الْكُلَیْنِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْحَضْرَمِیِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ لَسِیرَةُ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَ الْبَصْرَةِ كَانَتْ خَیْراً لِشِیعَتِهِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ لِلْقَوْمِ دَوْلَةً فَلَوْ سَبَاهُمْ لَسُبِیَتْ شِیعَتُهُ قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْقَائِمِ علیه السلام أَ یَسِیرُ بِسِیرَتِهِ قَالَ لَا إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَارَ فِیهِمْ بِالْمَنِّ لِلْعِلْمِ مِنْ دَوْلَتِهِمْ وَ إِنَّ الْقَائِمَ علیه السلام یَسِیرُ فِیهِمْ بِخِلَافِ تِلْكَ السِّیرَةِ لِأَنَّهُ لَا دَوْلَةَ لَهُمْ.
و أما ما لم یحوها العسكر من أموالهم فنقلوا الإجماع علی عدم جواز تملكها و كذلك ما حواه العسكر إذا رجعوا إلی طاعة الإمام و إنما الخلاف فیما حواه العسكر مع إصرارهم.
و أما مدبرهم و جریحهم و أسیرهم فذو الفئة منهم یتبع و یجهز علیه و یقتل بخلاف غیره.
و قد مضت الأخبار فی ذلك و سیأتی فی باب سیره علیه السلام فی حروبه.
تكملة قال الشیخ قدس اللّٰه روحه فی تلخیص الشافی (1) عندنا أن من حارب أمیر المؤمنین علیه السلام و ضرب وجهه و وجه أصحابه بالسیف كافر و الدلیل المعتمد فی ذلك إجماع الفرقة المحقة الإمامیة علی ذلك فإنهم لا
ص: 330
یختلفون فی هذه المسألة علی حال من الأحوال و قد دللنا علی أن إجماعهم حجة فیما تقدم.
و أیضا فنحن نعلم أن من حاربه كان منكرا لإمامته و دافعا لها و دفع الإمامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لأن الجهل بهما علی حد واحد
وَ قَدْ رُوِیَ عَنِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: مَنْ مَاتَ وَ لَمْ یَعْرِفْ إِمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِیتَةً جَاهِلِیَّةً.
و میتة الجاهلیة لا تكون إلا علی كفر
وَ أَیْضاً رُوِیَ عَنْهُ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّهُ قَالَ: حَرْبُكَ یَا عَلِیُّ حَرْبِی وَ سِلْمُكَ یَا عَلِیُّ سِلْمِی.
و معلوم أنه إنما أراد أحكام حربك تماثل أحكام حربی و لم یرد أن أحد الحربین هی الأخری لأن المعلوم ضرورة خلاف ذلك فإن كان حرب النبی صلی اللّٰه علیه و آله كفرا وجب مثل ذلك فی حرب أمیر المؤمنین علیه السلام لأنه جعله مثل حربه.
و یدل علی ذلك أیضا
قوله صلی اللّٰه علیه و آله اللّٰهم وال من والاه و عاد من عاداه.
و نحن نعلم أنه لا یجب عداوة أحد بالإطلاق إلا عداوة الكفار.
و أیضا فنحن نعلم أن من كان یقاتله یستحل دمه و یتقرب إلی اللّٰه بذلك و استحلال دم امرئ مسلم مؤمن كفر بالإجماع و هو أعظم من استحلال جرعة من الخمر الذی هو كفر بالاتفاق.
فإن قیل لو كانوا كفارا لوجب أن یسیر فیهم بسیرة الكفار فیتبع مولیهم و یجهز علی جریحهم و یسبی ذراریهم فلما لم یفعل ذلك دل علی أنهم لم یكونوا كفارا.
قلنا لا یجب بالتساوی فی الكفر التساوی فی جمیع أحكامه لأن أحكام الكفر مختلفة فحكم الحربی خلاف حكم الذمی و حكم أهل الكتاب خلاف حكم من لا كتاب له من عباد الأصنام فإن أهل الكتاب یؤخذ منهم الجزیة و یقرون علی أدیانهم و لا یفعل ذلك بعبّاد الأصنام.
ص: 331
و عند من خالفنا من الفقهاء یجوز التزوج بأهل الذمة و إن لم یجز ذلك فی غیرهم و حكم المرتد بخلاف حكم الجمیع.
و إذا كان أحكام الكفر مختلفة مع الاتفاق فی كونه كفرا لا یمتنع أن یكون من حاربه علیه السلام كافرا و إن سار فیهم بخلاف أحكام الكفار.
و أما المعتزلة و كثیر من المنصفین من غیرهم فیقولون بفسق من حاربه علیه السلام و نكث بیعته و مرق عن طاعته و لكنهم إنما یدّعون أنهم تابوا بعد ذلك و یرجعون فی ادعاء توبتهم إلی أمور غیر مقطوع بها و لا معلومة من أخبار الآحاد.
و المعصیة منهم معلومة مقطوع علیها و لیس یجوز الرجوع عن المعلوم إلا بمعلوم مثله.
«318»-وَ قَدْ رَوَی الْوَاقِدِیُّ (1) بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا فَتَحَ الْبَصْرَةَ كَتَبَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالْفَتْحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ حَكَمٌ عَدْلٌ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ وَ إِنِّی أُخْبِرُكُمْ عَنَّا وَ عَمَّنْ سِرْنَا إِلَیْهِ مِنْ جُمُوعِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ مَنْ تَأَشَّبَ إِلَیْهِمْ (2) مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهِمْ مَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ نَكْثِهِمْ صَفْقَةَ أَیْمَانِهِمْ وَ تَنَكُّبِهِمْ
ص: 332
عَنِ الْحَقِّ فَنَهَضْتُ مِنَ الْمَدِینَةِ حِینَ انْتَهَی إِلَیَّ خَبَرُهُمْ حِینَ سَارُوا إِلَیْهَا فِی جَمَاعَتِهِمْ وَ مَا صَنَعُوا بِعَامِلِی عُثْمَانَ بْنِ حُنَیْفٍ حَتَّی قَدِمْتُ ذَا قَارٍ فَبَعَثْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ فَاسْتَنْفَرْتُكُمْ بِحَقِّ اللَّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ فَأَقْبَلَ إِلَیَّ إِخْوَانُكُمْ سِرَاعاً حَتَّی قَدِمُوا عَلَیَّ فَسِرْتُ بِهِمْ حَتَّی نَزَلْتُ ظَهْرَ الْبَصْرَةِ فَأَعْذَرْتُ بِالدُّعَاءِ وَ قَدِمْتُ بِالْحُجَّةِ وَ أَقَلْتُ الْعَثْرَةَ وَ الزَّلَّةَ وَ اسْتَتَبْتُهُمْ مِنْ نَكْثِهِمْ بَیْعَتِی وَ عَهْدَ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا قِتَالِی وَ قِتَالَ مَنْ مَعِی وَ التَّمَادِیَ فِی الْغَیِّ فَنَاهَضْتُهُمْ بِالْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ نَاكِثاً وَ وَلَّی مَنْ وَلَّی إِلَی مِصْرِهِمْ فَسَأَلُونِی مَا دَعَوْتُهُمْ إِلَیْهِ قَبْلَ الْقِتَالِ فَقَبِلْتُ مِنْهُمْ وَ أَغْمَدْتُ السَّیْفَ عَنْهُمْ وَ أَخَذْتُ بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ وَ أَجْرَیْتُ الْحَقَّ وَ السُّنَّةَ بَیْنَهُمْ وَ اسْتَعْمَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَی الْبَصْرَةِ وَ أَنَا سَائِرٌ إِلَی الْكُوفَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ زَحْرَ بْنَ قَیْسٍ الْجُعْفِیَّ لِتَسْأَلُوهُ وَ لِیُخْبِرَكُمْ عَنِّی وَ عَنْهُمْ وَ رَدِّهِمُ الْحَقَّ عَلَیْنَا فَرَدَّهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ كَارِهُونَ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ وَ كَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ فِی جُمَادَی سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ.
فكیف یكون طلحة و الزبیر تائبین و قد صرح أمیر المؤمنین علیه السلام بأنهما تمادیا فی الغی حتی قتلا ناكثین.
«319»-و قد روی أبو مخنف لوط بن یحیی هذا الكتاب بخلاف هذه الألفاظ وَ رُوِیَ فِی جُمْلَتِهِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ ذِكْرِ بَغْیِ الْقَوْمِ وَ نَكْثِهِمْ وَ حَاكَمْنَاهُمْ إِلَی اللَّهِ فَأَدَالَنَا عَلَیْهِمْ فَقُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ قَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَیْهِمَا بِالْمَعْذِرَةِ وَ أَبْلَغْتُ إِلَیْهِمَا فِی النَّصِیحَةِ وَ اسْتَشْهَدْتُ عَلَیْهِمَا صُلَحَاءَ الْأُمَّةِ فَمَا أَطَاعَا الْمُرْشِدِینَ وَ لَا أَجَابَا النَّاصِحِینَ وَ لَاذَ أَهْلُ الْبَغْیِ بِعَائِشَةَ فَقُتِلَ حَوْلَهَا عَالَمٌ جَمٌّ وَ ضَرَبَ اللَّهُ وَجْهَ بَقِیَّتِهِمْ فَأَدْبَرُوا فَمَا كَانَتْ نَاقَةُ الْحِجْرِ بِأَشْأَمَ عَلَیْهِمْ مِنْهَا عَلَی أَهْلِ ذَلِكَ الْمِصْرِ مَعَ مَا جَاءَتْ مِنَ الْحُوبِ الْكَبِیرِ فِی مَعْصِیَةِ رَبِّهَا وَ نَبِیِّهَا وَ اغْتِرَارِهَا فِی تَفْرِیقِ الْمُسْلِمِینَ
ص: 333
وَ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِینَ بِلَا بَیِّنَةٍ وَ لَا مَعْذِرَةٍ وَ لَا حُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللَّهُ أَمَرْتُ أَنْ لَا یُتْبَعَ مُدْبِرٌ وَ لَا یُجْهَزَ عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تُكْشَفَ عَوْرَةٌ وَ لَا یُهْتَكَ سِتْرٌ وَ لَا یُدْخَلَ دَارٌ إِلَّا بِإِذْنٍ وَ آمَنْتُ النَّاسَ وَ قَدِ اسْتُشْهِدَ مِنَّا رِجَالٌ صَالِحُونَ ضَاعَفَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِمْ وَ رَفَعَ دَرَجَاتِهِمْ وَ أَثَابَهُمْ ثَوَابَ الصَّادِقِینَ الصَّالِحِینَ الصَّابِرِینَ.
و لیتعمق المنصفون فی هذا البیان لیتجلی لهم أنه لیست هذه أوصاف من تاب و قبض علی الطهارة و الإنابة.
و فی تفریقه علیه السلام فی الخبر بین قتلاه و قتلاهم و وصف من قتل من عسكره بالشهادة دون من قتل منهم ثم فی دعائه لقتلی عسكره دون طلحة و الزبیر دلالة علی ما قلناه و لو كانا مضیا تائبین لكانا أحق الناس بالوصف بالشهادة و الترحم و الدعاء.
و أیضا قد روی الواقدی أیضا كتاب أمیر المؤمنین علیه السلام إلی أهل المدینة و هو أیضا یتضمن مثل معانی كتابه إلی أهل الكوفة و قریبا من ألفاظه و وصفهم بأنهم قتلوا علی النكث و البغی و لو لا الإطالة لذكرناه بعینه (1).
«320»-وَ أَیْضاً رَوَی الْوَاقِدِیُّ أَنَّ ابْنَ جُرْمُوزٍ لَمَّا قَتَلَ الزُّبَیْرَ نَزَلَ فَاجْتَزَّ رَأْسَهُ وَ أَخَذَ سَیْفَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّی وَقَفَ عَلَی بَابِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ أَنَا رَسُولُ الْأَحْنَفِ فَتَلَا عَلَیْهِ هَذِهِ الْآیَةَ الَّذِینَ یَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَقَالَ هَذَا رَأْسُ الزُّبَیْرِ وَ سَیْفُهُ وَ أَنَا قَاتِلُهُ فَتَنَاوَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام سَیْفَهُ وَ قَالَ طَالَمَا
ص: 334
جَلَا بِهِ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّ الْحَیْنَ وَ مَصَارِعَ السَّوْءِ.
و لو كان تائبا ما كان مصرعه مصرع سوء لا سیما و قد قتله غادرا به و هذه شهادة لو كان تائبا مقلعا عما كان علیه.
«321»-وَ قَدْ رَوَی الشَّعْبِیُّ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَلَا إِنَّ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ فِی الْإِسْلَامِ خَمْسَةٌ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ مُعَاوِیَةُ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ.
وَ أَیْضاً- قَدْ رُوِیَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
«322»-وَ قَدْ رَوَی نُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام حِینَ بَرَزَ أَهْلُ الْجَمَلِ وَ هُوَ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتْ صَاحِبَةُ الْهَوْدَجِ أَنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری
و قد روی هذا المعنی بهذا اللفظ أو بقریب منه من طرق مختلفة.
«323»-وَ قَدْ رَوَی الْبَلَاذُرِیُّ فِی تَارِیخِهِ (1) بِإِسْنَادِهِ عَنْ جُوَیْرِیَةَ بْنِ أَسْمَاءَ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِی أَنَّ الزُّبَیْرَ حِینَ وَلَّی وَ لَمْ یَكُنْ بَسَطَ یَدَهُ بِسَیْفٍ اعْتَرَضَهُ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ بِالرُّمْحِ وَ قَالَ أَیْنَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا كُنْتَ بِجَبَانٍ وَ لَكِنِّی أَحْسَبُكَ شَكَكْتَ قَالَ هُوَ ذَاكَ وَ مَضَی حَتَّی نَزَلَ بِوَادِی السِّبَاعِ فَقَتَلَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ.
و اعترافه بالشك یدل علی خلاف التوبة لأنه لو كان تائبا لقال له فی
ص: 335
الجواب ما شككت بل تحققت أنك و صاحبك علی الحق و أنا علی الباطل و قد ندمت علی ما كان منی و أی توبة لشاك غیر متحقق.
فهذه الأخبار و ما شاكلها تعارض أخبارهم لو كان لها ظاهر یشهد بالتوبة و إذا تعارضت الأخبار فی التوبة و الإصرار سقط الجمیع و تمسكنا بما كنا علیه من أحكام فسقهم و عظیم ذنبهم.
و لیس لهم أن یقولوا إن كل ما رویتموه من طریق الآحاد و ذلك أن جمیع أخبارهم بهذه المثابة و كثیر مما رویناه أظهر مما رووه و أفشی فإن كان من طریق الآحاد فالأمران سیان.
و أما توبة طلحة فالأمر فیها أضیق علی المخالف من الكلام فی توبة الزبیر لأن طلحة قتل بین الصفین و هو مباشر للحرب مجتهد فیها و لم یرجع عنها حتی أصابه السهم فأتی علی نفسه.
و ادعاء توبة مثل هذا مكابرة.
فإن قیل أ لیس
قد روی أن أمیر المؤمنین لما جاءه ابن جرموز برأس الزبیر قال بشر قاتل ابن صفیة بالنار.
فلو لم یكن تائبا لما استحق النار بقتله.
قیل لهم إن ابن جرموز غدر بالزبیر و قتله بعد أن أعطاه الأمان و كان قتله علی وجه الغیلة و المكر و هذه منه معصیة لا شبهة فیها و قد تظاهر الخبر بما ذكرناه حتی روی أن عاتكة بنت زید بن عمرو بن نفیل و كانت تحت عبد اللّٰه بن أبی بكر فخلف علیها عمر ثم الزبیر قالت فی ذلك
غدر ابن جرموز بفارس بهمة***یوم اللقاء و كان غیر معرد
یا عمرو لو نبهته لوجدته***لا طائشا رعش اللسان و لا الید
فإنما استحق ابن جرموز النار بقتله إیاه غدرا لا لأن المقتول فی الجنة.
ص: 336
و هذا الجواب یتضمن الكلام علی قولهم إن بشارته بالنار مع الإضافة إلی قتل الزبیر یدل علی أنه إنما استحق النار بقتله لأنا قد بینا فی الحوأب أنه من حیث قتله غدرا استحق النار.
و قد قیل فی هذا الخبر إن ابن جرموز كان من جملة الخوارج الخارجین علی أمیر المؤمنین علیه السلام فی النهروان و إن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قد كان أخبره بحالهم و دله علی جماعة منهم بأعیانهم و أوصافهم فلما جاءه برأس الزبیر أشفق أمیر المؤمنین من أن یظن به لعظیم ما فعله الخیر و یقطع له علی سلامة العاقبة و یكون قتله الزبیر شبهة فیما یصیر إلیه من الخارجیة قطع علیه بالنار لتزول الشبهة فی أمره و لیعلم أن هذا الفعل الذی فعله لا یساوی شیئا مع ما یرتكبه فی المستقبل.
و جری ذلك مجری
شهادة النبی صلی اللّٰه علیه و آله رجل من الأنصار یقال له قزمان أبلی فی یوم أحد بلاء شدیدا و قتل بیده جماعة فبشره النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالنار (1) فعجب من ذلك السامعون حتی كشفوا عن أمره فوجدوا أنه لما حمل جریحا إلی منزله و وجد ألم الجراح قتل نفسه بمشقص.
و إنما شهد النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالنار علیه عقیب بلائه للوجه الذی ذكرناه.
و الذی یدل علی أن بشارته بالنار لم تكن لكون الزبیر تائبا مقلعا بل لبعض ما ذكرناه هو أنه لو كان الأمر كما ادعوه لأقاده أمیر المؤمنین علیه السلام به و لما طل دمه و فی عدوله علیه السلام من ذلك دلالة علی ما ذكرناه.
ص: 337
فأما طلحة فقد بینا أنه تضیق إقامة العذر له لأنه قتل فی المعركة فی حال التوبة فیها بعیدة و ظاهر الحال الإصرار.
و لیس لأحد أن یقول إنه روی عنه أنه قال بعد ما أصابه السهم:
ندمت ندامة الكسعی لما***رأت عیناه ما صنعت یداه
لأن هذا بعید من الصواب و البیت المروی بأن یدل علی خلاف التوبة أولی لأنه جعل ندامته مثل ندامة الكسعی و خبر الكسعی معروف لأنه ندم بحیث لا ینفعه الندم و حیث فاته الأمر و خرج عن یده و لو كان ندم طلحة واقعا علی وجه التوبة الصحیحة لم یكن مثل ندامة الكسعی بل كان شبیها لندامة من تلافی ما فرط فیه علی وجه ینتفع به.
«324»-وَ رَوَی حُسَیْنٌ الْأَشْقَرُ عَنْ یُوسُفَ الْبَزَّازِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَرَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ بِطَلْحَةَ وَ هُوَ صَرِیعٌ فَقَالَ أَقْعِدُوهُ فَأَقْعَدُوهُ فَقَالَ لَقَدْ كَانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ لَكِنْ دَخَلَ الشَّیْطَانُ فِی مَنْخِرَیْكَ فَأَدْخَلَكَ النَّارَ.
ثُمَّ رَوَی عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ مَوْلَی قُرَیْشٍ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام مَرَّ بِطَلْحَةَ قَتِیلًا یَوْمَ الْجَمَلِ و ساق الحدیث فی التكلم معه و مع كعب بن سور مثل ما مر.
ثم قال رحمه اللّٰه بعد إیراد أسئلة و أجوبة تركناها حذرا من الإطناب فإن قیل قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله عشرة من أصحابی فی الجنة یدل علی أنهما تابا لأنهما من جملتهم بلا شك.
قیل لهم قد بینا فیما تقدم الكلام علی بطلان هذا الخبر حیث تعلقوا به فی فضائل أبی بكر و قلنا إنه لا یجوز أن یعلم اللّٰه مكلفا لیس بمعصوم من الذنوب بأن عاقبته الجنة لأن ذلك یغریه بالقبیح و لیس یمكن أحدا ادعاء عصمة التسعة و لو لم یكن إلا ما وقع من طلحة و الزبیر من الكبیرة لكفی.
ص: 338
و قد ذكرنا أن هذا الخبر لو كان صحیحا لاحتج به أبو بكر لنفسه و احتج له به فی یوم السقیفة و غیرها و كذلك عمر و عثمان.
و مما یبین أیضا بطلانه إمساك طلحة و الزبیر عن الاحتجاج به لما دعوا الناس إلی نصرتهما و استنفارهم إلی الحرب معهما و أی فضیلة أعظم و أفخم من الشهادة لهما بالجنة و كیف یعدلان مع العلم و الحاجة عن ذكره إلا لأنه باطل.
و یمكن أن یسلم مسلم هذا الخبر و یحمله علی الاستحقاق فی الحال لا العاقبة فكأنه أراد أنهم یدخلون الجنة إن وافوا بما هم علیه الآن و یكون الفائدة فی الخبر إعلامنا بأنهم یستحقون الثواب فی الحال.
و أما الكلام فی توبة عائشة فما بیناه من الطرق الثلاث فی توبة طلحة و الزبیر هی معتمدة فیما یدعونه من توبة عائشة.
أولها أن جمیع ما یروونه من الأخبار لا یمكن ادعاء العلم فیها و لا القطع علی صحتها و أحسن الأحوال فیها أن یوجب الظن و قد بینا أن المعلوم لا یرجع عنه بالمظنون.
و الثانی أنها معارضة بأخبار تزید علی ما رووه فی القوة أو تساویه.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْوَاقِدِیُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِی عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی عَائِشَةَ بَعْدَ الْهَزِیمَةِ وَ هِیَ فِی دَارِ الْخُزَاعِیِّینَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَی بِلَادِهَا.
و ساق الحدیث نحوا مما مر بروایة الكشی (1) إلی قوله فبكت مرة أخری أشد من بكائها الأول ثم قالت و اللّٰه لئن لم یغفر اللّٰه لنا لنهلكن.
ص: 339
ثم ساق الحدیث إلی آخره ثم قال فإن قیل ففی هذا الخبر دلیل علی التوبة و هی قولها عقیب بكائها لئن لم یغفر اللّٰه لنا لنهلكن.
قلنا قد كشف الأمر ما عقبت هذا الكلام به من اعترافها ببغض أمیر المؤمنین علیه السلام و بغض أصحابه المؤمنین و قد أوجب اللّٰه علیها محبتهم و تعظیمهم و هذا دلیل علی الإصرار و أن بكائها إنما كان للخیبة لا للتوبة و ما كان فی قولها لئن لم یغفر اللّٰه لنا لنهلكن من دلیل التوبة و قد یقول المصرّ مثل ذلك إذا كان عارفا بخطائه فیما ارتكبه و لیس كل من ارتكب ذنبا یعتقد أنه حسن حتی لا یكون خائفا من العقاب علیه و أكثر مرتكبی الذنوب یخافون العقاب مع الإصرار و یظهر منهم مثل ما حكی عن عائشة و لا یكون توبة.
وَ رَوَی الْوَاقِدِیُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَمَّاراً رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ اسْتَأْذَنَ عَلَی عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ فَأَذِنَتْ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ یَا أُمَّهْ كَیْفَ رَأَیْتِ صُنْعَ اللَّهِ حِینَ جَمَعَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ أَ لَمْ یُظْهِرِ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَی الْبَاطِلِ وَ یُزْهِقِ الْبَاطِلَ فَقَالَتْ إِنَّ الْحُرُوبَ دُوَلٌ وَ سِجَالٌ وَ قَدْ أُدِیلَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنِ انْظُرْ یَا عَمَّارُ كَیْفَ تَكُونُ فِی عَاقِبَةِ أَمْرِكَ.
وَ رَوَی الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخِهِ (1)
أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَی إِلَی عَائِشَةَ قَتْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَتْ:
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَ اسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَی ***كَمَا قَرَّ عَیْناً بِالْإِیَابِ الْمُسَافِرُ
ص: 340
فَمَنْ قَتَلَهُ فَقِیلَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ فَقَالَتْ
فَإِنْ یَكُ نَائِیاً فَلَقَدْ نَعَاهُ*** نَعْیٌ لَیْسَ فِی فِیهِ التُّرَابُ (1)
فَقَالَتْ زَیْنَبُ بِنْتُ أَبِی سَلَمَةَ أَ لِعَلِیٍّ تَقُولِینَ هَذَا فَقَالَتْ إِنِّی أَنْسَی فَإِذَا نَسِیتُ فَذَكِّرُونِی.
و هذه سخریة منها بزینب و تمویه خوفا من شناعتها و معلوم أن الناسی و الساهی لا یتمثل بالشعر فی الأغراض المطابقة و لم یكن ذلك منها إلا عن قصد و معرفة.
«325»-وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا أَبَتْ عَائِشَةُ الرُّجُوعَ إِلَی الْمَدِینَةِ أَرَی أَنْ تَدَعَهَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِالْبَصْرَةِ وَ لَا تُرَحِّلَهَا فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّهَا لَا تَأْلُو شَرّاً وَ لَكِنِّی أَرُدُّهَا إِلَی بَیْتِهَا الَّذِی تَرَكَهَا فِیهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ.
«326»-و روی محمد بن إسحاق عن جنادة أن عائشة لما وصلت إلی المدینة راجعة من البصرة لم تزل تحرض الناس علی أمیر المؤمنین علیه السلام و كتبت إلی معاویة و أهل الشام مع الأسود بن أبی البختری تحرضهم علیه صلوات اللّٰه علیه.
وَ رُوِیَ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَی عَائِشَةَ فَجَلَسْتُ إِلَیْهَا فَحَدَّثَتْنِی وَ اسْتَدْعَتْ غُلَاماً لَهَا أَسْوَدَ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَجَاءَ حَتَّی وَقَفَ فَقَالَتْ یَا
ص: 341
مَسْرُوقُ أَ تَدْرِی لِمَ سَمَّیْتُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ لَا فَقَالَتْ حُبّاً مِنِّی لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ.
فأما قصتها فی دفن الحسن علیه السلام فمشهورة حتی قال لها عبد اللّٰه بن عباس یوما علی بغل و یوما علی جمل فقالت أ و ما نسیتم یوم الجمل یا ابن عباس إنكم لذووا أحقاد.
و لو ذهبنا إلی تقصّی ما روی عنها من الكلام الغلیظ الشدید الدال علی بقاء العداوة و استمرار الحقد و الضغینة لأطلنا و أكثرنا.
و أما ما روی عنها من التلهف و التحسر علی ما صدر عنها فلا یدل علی التوبة إذ یجوز أن یكون ذلك من حیث خابت عن طلبتها و لم تظفر ببغیتها مع الذل الذی لحقها و ألحقها العار فی الدنیا و الإثم فی الآخرة.
بیان: قال الجوهری عرد الرجل تعریدا فر.
و قال كُسَع حی من الیمن و منه قولهم ندامة الكُسَعِی و هو رجل ربّی نبعة حتی أخذ منه قوسا فرمی الوحش عنها لیلا فأصابت و ظن أنه أخطأ فكسر القوس فلما أصبح رأی ما أصمی من الصید (1) فندم قال الشاعر
ندمت ندامة الكسعی لما***رأت عیناه ما صنعت یداه
ص: 342
«327»-(1)
ج، الإحتجاج جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام فَقَالَ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ إِنَّ جَدَّكَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ قَتَلَ الْمُؤْمِنِینَ فَهَمَلَتْ عَیْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ دُمُوعاً حَتَّی امْتَلَأَتْ كَفُّهُ مِنْهَا ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا عَلَی الْحَصَی ثُمَّ قَالَ یَا أَخَا أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَا وَ اللَّهِ مَا قَتَلَ عَلِیٌّ مُؤْمِناً وَ لَا قَتَلَ مُسْلِماً وَ مَا أَسْلَمَ الْقَوْمُ وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ كَتَمُوا الْكُفْرَ وَ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَی الْكُفْرِ أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ وَ قَدْ عَلِمَتْ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ وَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَصْحَابَ صِفِّینَ وَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ لُعِنُوا عَلَی لِسَانِ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری فَقَالَ شَیْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ یَا عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ إِنَّ جَدَّكَ كَانَ یَقُولُ
ص: 343
إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَیْنَا فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ أَ مَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ وَ إِلی عادٍ أَخاهُمْ هُوداً فَهُمْ مِثْلُهُمْ أَنْجَی اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هُوداً وَ الَّذِینَ مَعَهُ وَ أَهْلَكَ عَاداً بِالرِّیحِ الْعَقِیمِ.
«328»-(1)
ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّ سَالِماً دَخَلَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ جِئْتُ أُكَلِّمُكَ فِی أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَالَ أَیُّمَا رَجُلٍ قَالَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ فِی أَیِّ أُمُورِهِ قَالَ فِی أَحْدَاثِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام انْظُرْ مَا اسْتَقَرَّ عِنْدَكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّوَاةُ عَنْ آبَائِهِمْ قَالَ ثُمَّ نَسَبَهُمْ ثُمَّ قَالَ یَا سَالِمُ أَ بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعَثَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ بِرَایَةِ الْأَنْصَارِ إِلَی خَیْبَرَ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً ثُمَّ بَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِرَایَةِ الْمُهَاجِرِینَ فَأُتِیَ بِسَعْدٍ جَرِیحاً وَ جَاءَ عُمَرُ یُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ یُجَبِّنُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَكَذَا تَفْعَلُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ حَتَّی قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ لَأُعْطِیَنَّ الرَّایَةَ رَجُلًا لَیْسَ بِفَرَّارٍ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ قَالَ نَعَمْ وَ قَالَ الْقَوْمُ جَمِیعاً أَیْضاً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ یَا سَالِمُ إِنْ قُلْتَ إِنَّ اللَّهَ أَحَبَّهُ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ مَا هُوَ صَانِعٌ فَقَدْ كَفَرْتَ وَ إِنْ قُلْتَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّهُ وَ هُوَ یَعْلَمُ مَا هُوَ صَانِعٌ فَأَیَّ حَدَثٍ تَرَی فَقَالَ فَأَعِدْ عَلَیَّ فَأَعَادَ عَلَیْهِ فَقَالَ یَا سَالِمُ عَبَدْتَ اللَّهَ عَلَی ضَلَالَةٍ سَبْعِینَ سَنَةً.
بیان: قوله فقال یا سالم أی فقال سالم مخاطبا لنفسه أو قال الإمام مخاطبا له و الأول أظهر و یؤیده أن فی بعض النسخ فقال سالم.
ص: 344
«329»-(1)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ یَحْیَی بْنِ الْمُسَاوِرِ الْهَمْدَانِیِّ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ فَقَالَ أَنْتَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُوكَ الَّذِی قَتَلَ الْمُؤْمِنِینَ فَبَكَی عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ ثُمَّ مَسَحَ عَیْنَیْهِ فَقَالَ وَیْلَكَ كَیْفَ قَطَعْتَ عَلَی أَبِی أَنَّهُ قَتَلَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ لِقَوْلِهِ إِخْوَانُنَا قَدْ بَغَوْا عَلَیْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَی بَغْیِهِمْ فَقَالَ وَیْلَكَ أَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ بَلَی قَالَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ إِلی مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً (2) وَ إِلی ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً (3) أَ فَكَانُوا إِخْوَانَهُمْ فِی دِینِهِمْ أَوْ فِی عَشِیرَتِهِمْ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَا بَلْ فِی عَشِیرَتِهِمْ قَالَ علیه السلام فَهَؤُلَاءِ إِخْوَانُهُمْ فِی عَشِیرَتِهِمْ وَ لَیْسُوا إِخْوَانَهُمْ فِی دِینِهِمْ قَالَ فَرَّجْتَ عَنِّی فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ.
«330»-(4)
ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ سَعِیدٍ عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ الْأَسَدِیِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ جَالِساً عَلَی شَفِیرِ زَمْزَمَ یُحَدِّثُ النَّاسَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَدِیثِهِ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ یَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّی رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَعْوَانُ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ مِنْكُمْ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ یَا
ص: 345
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ إِنِّی جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَمَّنْ قَتَلَهُ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مِنْ أَهْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَمْ یَكْفُرُوا بِصَلَاةٍ وَ لَا بِحَجٍّ وَ لَا بِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ لَا بِزَكَاةٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ سَلْ عَمَّا یَعْنِیكَ وَ دَعْ مَا لَا یَعْنِیكَ فَقَالَ مَا جِئْتُكَ أَضْرِبُ إِلَیْكَ مِنْ حِمْصَ لِلْحَجِّ وَ لَا لِلْعُمْرَةِ وَ لَكِنِّی أَتَیْتُكَ لِتَشْرَحَ لِی أَمْرَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ فِعَالَهُ فَقَالَ لَهُ وَیْلَكَ إِنَّ عِلْمَ الْعَالِمِ صَعْبٌ لَا تَحْتَمِلُهُ وَ لَا تُقِرُّ بِهِ قُلُوبُ الصَّدِئَةِ أُخْبِرُكَ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام كَانَ مَثَلُهُ فِی هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ مُوسَی وَ الْعَالِمُ علیهما السلام وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی قَالَ فِی كِتَابِهِ یا مُوسی إِنِّی اصْطَفَیْتُكَ عَلَی النَّاسِ بِرِسالاتِی وَ بِكَلامِی فَخُذْ ما آتَیْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِینَ وَ كَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَیْ ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِیلًا لِكُلِّ شَیْ ءٍ وَ كَانَ مُوسَی یَرَی أَنَّ جَمِیعَ الْأَشْیَاءِ قَدْ أُثْبِتَتْ لَهُ كَمَا تَرَوْنَ أَنْتُمْ أَنَّ عُلَمَاءَكُمْ قَدْ أَثْبَتُوا جَمِیعَ الْأَشْیَاءِ فَلَمَّا انْتَهَی مُوسَی إِلَی سَاحِلِ الْبَحْرِ فَلَقِیَ الْعَالِمَ فَاسْتَنْطَقَ بِمُوسَی لِیَصِلَ عِلْمَهُ وَ لَمْ یَحْسُدْهُ كَمَا حَسَدْتُمْ أَنْتُمْ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ أَنْكَرْتُمْ فَضْلَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَی هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلی أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً فَعَلِمَ الْعَالِمُ أَنَّ مُوسَی لَا یُطِیقُ بِصُحْبَتِهِ وَ لَا یَصْبِرُ عَلَی عِلْمِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً وَ كَیْفَ تَصْبِرُ عَلی ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً فَقَالَ لَهُ مُوسَی سَتَجِدُنِی إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِی لَكَ أَمْراً فَعَلِمَ الْعَالِمُ أَنَّ مُوسَی لَا یَصْبِرُ عَلَی عِلْمِهِ فَقَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِی فَلا تَسْئَلْنِی عَنْ شَیْ ءٍ حَتَّی أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً قَالَ فَرَكِبَا فِی السَّفِینَةِ فَخَرَقَهَا الْعَالِمُ فَكَانَ خَرْقُهَا لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ سَخَطاً لِمُوسَی وَ لَقِیَ الْغُلَامَ فَقَتَلَهُ فَكَانَ قَتْلُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ سَخِطَ ذَلِكَ مُوسَی وَ أَقَامَ الْجِدَارَ فَكَانَ إِقَامَتُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ سَخِطَ مُوسَی ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لَمْ یَقْتُلْ إِلَّا مَنْ كَانَ قَتْلُهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ رِضًا وَ لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ مِنَ النَّاسِ سَخَطاً اجْلِسْ حَتَّی أُخْبِرَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَزَوَّجَ زَیْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فَأَوْلَمَ فَكَانَتْ
ص: 346
وَلِیمَتُهُ الْحَیْسَ وَ كَانَ یَدْعُو عَشَرَةً فَكَانُوا إِذَا أَصَابُوا طَعَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَأْنَسُوا إِلَی حَدِیثِهِ وَ اسْتَغْنَمُوا النَّظَرَ إِلَی وَجْهِهِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَشْتَهِی أَنْ یَخِفَّوا عَنْهُ فَیَخْلُوا لَهُ الْمَنْزِلَ لِأَنَّهُ حَدِیثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ وَ كَانَ یَكْرَهُ أَذَی الْمُؤْمِنِینَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِیهِ قُرْآناً أَدَباً لِلْمُؤْمِنِینَ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلَّا أَنْ یُؤْذَنَ لَكُمْ إِلی طَعامٍ غَیْرَ ناظِرِینَ إِناهُ وَ لكِنْ إِذا دُعِیتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَ لا مُسْتَأْنِسِینَ لِحَدِیثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ یُؤْذِی النَّبِیَّ فَیَسْتَحْیِی مِنْكُمْ وَ اللَّهُ لا یَسْتَحْیِی مِنَ الْحَقِّ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ كَانَ النَّاسُ إِذَا أَصَابُوا طَعَامَ نَبِیِّهِمْ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَلْبَثُوا أَنْ یَخْرُجُوا قَالَ فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَبْعَةَ أَیَّامٍ وَ لَیَالِیهِنَّ عِنْدَ زَیْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَی بَیْتِ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِی أُمَیَّةَ وَ كَانَ لَیْلَتُهَا وَ صَبِیحَةُ یَوْمِهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَلَمَّا تَعَالَی النَّهَارُ انْتَهَی عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی الْبَابِ فَدَقَّهُ دَقّاً خَفِیفاً لَهُ عَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ دَقَّهُ وَ أَنْكَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ یَا أُمَّ سَلَمَةَ قُومِی فَافْتَحِی لَهُ الْبَابَ فَقَالَتْ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الَّذِی یَبْلُغُ مِنْ خَطَرِهِ أَنْ أَقُومَ لَهُ فَأَفْتَحَ لَهُ الْبَابَ وَ قَدْ نَزَلَ فِینَا بِالْأَمْسِ مَا قَدْ نَزَلَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ فَمَنْ هَذَا الَّذِی بَلَغَ مِنْ خَطَرِهِ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ بِمَحَاسِنِی وَ مَعَاصِمِی قَالَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَهَیْئَةِ الْمُغْضَبِ مَنْ یُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ قُومِی فَافْتَحِی لَهُ الْبَابَ فَإِنَّ بِالْبَابِ رَجُلًا لَیْسَ بِالْخَرِقِ وَ لَا بِالنَّزِقِ وَ لَا بِالْعَجُولِ فِی أَمْرِهِ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لَیْسَ بِفَاتِحِ الْبَابِ حَتَّی یَتَوَارَی عَنْهُ الْوَطْءُ فَقَامَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ هِیَ لَا تَدْرِی مَنْ بِالْبَابِ غَیْرَ أَنَّهَا قَدْ حَفِظَتِ النَّعْتَ وَ الْمَدْحَ فَمَشَتْ نَحْوَ الْبَابِ وَ هِیَ تَقُولُ بَخْ بَخْ لِرَجُلٍ یُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَفَتَحَتْ لَهُ قَالَ فَأَمْسَكَ عَلِیٌّ بِعِضَادَتَیِ الْبَابِ وَ لَمْ یَزَلْ قَائِماً حَتَّی خَفِیَ عَنْهُ الْوَطْءُ
ص: 347
وَ دَخَلَتْ أَمُّ سَلَمَةَ خِدْرَهَا فَفَتَحَ الْبَابَ وَ دَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ یَا أُمَّ سَلَمَةَ أَ تَعْرِفِینَهُ قَالَتْ نَعَمْ وَ هَنِیئاً لَهُ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ صَدَقْتِ یَا أُمَّ سَلَمَةَ هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ لَحْمُهُ مِنْ لَحْمِی وَ دَمُهُ مِنْ دَمِی وَ هُوَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی یَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِی وَ اشْهَدِی هَذَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ سَیِّدُ الْوَصِیِّینَ وَ هُوَ عَیْبَةُ عِلْمِی وَ بَابِیَ الَّذِی أُوتَی مِنْهُ وَ هُوَ الْوَصِیُّ بَعْدِی عَلَی الْأَمْوَاتِ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی وَ الْخَلِیفَةُ عَلَی الْأَحْیَاءِ مِنْ أُمَّتِی وَ أَخِی فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ هُوَ مَعِی فِی السَّنَامِ الْأَعْلَی اشْهَدِی یَا أُمَّ سَلَمَةَ وَ احْفَظِی أَنَّهُ یُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ فَقَالَ الشَّامِیُّ فَرَّجْتَ عَنِّی یَا عَبْدَ اللَّهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ مَوْلَایَ وَ مَوْلَی كُلِّ مُسْلِمٍ (1).
«331»-(2)
شف، كشف الیقین مِنْ كِتَابِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَسِیمٍ الْقُرَشِیِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَیْنِ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنِ الْأَعْمَشِ
ص: 348
قَالَ وَ حَدَّثَنِی جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاهِرٍ الرَّازِیِّ عَنْ أَبِیهِ دَاهِرِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
«332»-(1)
شف، كشف الیقین الْمُظَفَّرُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَیْدٍ الرَّازِیِّ عَنْ دَاهِرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَایَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
بیان: قال ابن الأثیر فی مادة صدأ من كتاب النهایة فیه إن هذه القلوب تصدأ كما یصدأ الحدید هو أن یركبها الرین بمباشرة المعاصی و الآثام فیذهب بجلائه كما یعلو الصدأ وجه المرآة و السیف و نحوهما.
قوله فاستنطق بموسی أی أنطقه اللّٰه بسبب موسی لیضل علم موسی فی جنب علمه و یقر موسی بالجهل فلم یحسده موسی.
و الحیس تمر یخلط بسمن و أقط.
قوله و كان لیلتها أی كان زمان التحول اللیلة و الصبیحة التی كانت نوبتها منه صلی اللّٰه علیه و آله.
قوله دقا خفیفا له أی دقا خفیفا كان مختصا به علیه السلام عرف بذلك أنه هو الداق.
و الخرق ترك الرفق فی الأمر و النزق الخفة و الطیش و الخدر بالكسر ستر یمد للجاریة فی ناحیة البیت و سنام كل شی ء أعلاه.
«333»-(2)
جا، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْمَرَاغِیِّ عَنْ زَیْدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ
ص: 349
نَجِیحٍ عَنْ جَنْدَلِ بْنِ وَالِقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ زَیْدٍ الْأَنْصَارِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ بَشِیرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ الْمُسَیِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا یَسْأَلُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ صَلَّی الْقِبْلَتَیْنِ وَ بَایَعَ الْبَیْعَتَیْنِ وَ لَمْ یَعْبُدْ صَنَماً وَ لَا وَثَناً وَ لَمْ یُضْرَبْ عَلَی رَأْسِهِ بِزَلَمٍ وَ لَا قِدْحٍ وُلِدَ عَلَی الْفِطْرَةِ وَ لَمْ یُشْرِكْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَیْنٍ فَقَالَ الرَّجُلُ إِنِّی لَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ هَذَا إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنْ حَمْلِهِ سَیْفَهُ عَلَی عَاتِقِهِ یَخْتَالُ بِهِ حَتَّی أَتَی الْبَصْرَةَ فَقَتَلَ بِهَا أَرْبَعِینَ أَلْفاً ثُمَّ سَارَ إِلَی الشَّامِ فَلَقِیَ حَوَاجِبَ الْعَرَبِ فَضَرَبَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ حَتَّی قَتَلَهُمْ ثُمَّ أَتَی النَّهْرَوَانَ وَ هُمْ مُسْلِمُونَ فَقَتَلَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَ عَلِیٌّ أَعْلَمُ عِنْدَكَ أَمْ أَنَا فَقَالَ لَوْ كَانَ عَلِیٌّ أَعْلَمَ عِنْدِی مِنْكَ مَا سَأَلْتُكَ قَالَ فَغَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّی اشْتَدَّ غَضَبُهُ ثُمَّ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عَلِیٌّ عَلَّمَنِی وَ كَانَ عِلْمُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فَعِلْمُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عِلْمِ اللَّهِ وَ عِلْمُ عَلِیٍّ مِنْ عِلْمِ النَّبِیِّ وَ عِلْمِی مِنْ عِلْمِ عَلِیٍّ وَ عِلْمُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ كُلِّهِمْ فِی عِلْمِ عَلِیٍّ كَالْقَطْرَةِ الْوَاحِدَةِ فِی سَبْعَةِ أَبْحُرٍ.
ص: 350
«334»-(1)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ قَدِمَ الْكُوفَةَ مِنَ الْبَصْرَةِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَصَرَ وَلِیَّهُ وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ وَ أَعَزَّ الصَّادِقَ الْمُحِقَّ وَ أَذَلَّ الْكَاذِبَ الْمُبْطِلَ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ هَذَا الْمِصْرِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ طَاعَةِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمُ الَّذِینَ هُمْ أَوْلَی بِطَاعَتِكُمْ مِنَ الْمُنْتَحِلِینَ الْمُدَّعِینَ الْقَائِلِینَ إِلَیْنَا (2) یَتَفَضَّلُونَ بِفَضْلِنَا وَ یُجَاحِدُونَّا أَمْرَنَا وَ یُنَازِعُونَّا حَقَّنَا وَ یَدْفَعُونَّا عَنْهُ وَ قَدْ ذَاقُوا وَبَالَ مَا اجْتَرَحُوا فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا (3)
ص: 351
قَدْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتِی مِنْكُمْ رِجَالٌ وَ أَنَا عَلَیْهِمْ عَاتِبٌ زَارٍ فَاهْجُرُوهُمْ وَ أَسْمِعُوهُمْ مَا یَكْرَهُونَ حَتَّی یُعْتِبُونَا وَ نَرَی مِنْهُمْ مَا نُحِبُّ.
بیان: قال الجوهری زریت علیه بالفتح إذا عتبت علیه و قال أعتبنی فلان إذا عاد إلی مسرتی راجعا عن الإساءة.
«335»-(1)
جا، المجالس للمفید الْمَرْزُبَانِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَیْدٍ أَبِی الْكَنُودِ قَالَ: قَدِمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَنِ الْبَصْرَةِ إِلَی الْكُوفَةِ لِاثْنَتَیْ عَشْرَةَ لَیْلَةً خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ فَأَقْبَلَ حَتَّی صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَصَرَ وَلِیَّهُ وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ وَ أَعَزَّ الصَّادِقَ الْمُحِقَّ وَ أَذَلَّ الْكَاذِبَ الْمُبْطِلَ عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ هَذَا الْمِصْرِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ طَاعَةِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله الَّذِینَ هُمْ أَوْلَی بِطَاعَتِكُمْ فِیمَا أَطَاعُوا اللَّهَ فِیهِ مِنَ الْمُنْتَحِلِینَ الْمُدَّعِینَ الْغَالِینَ الَّذِینَ یَتَفَضَّلُونَ بِفَضْلِنَا وَ یُجَاحِدُونَّاهُ وَ یُنَازِعُونَّا حَقَّنَا وَ یَدْفَعُونَّا عَنْهُ وَ قَدْ ذَاقُوا وَبَالَ مَا اجْتَرَمُوا فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا إِنَّهُ قَدْ قَعَدَ عَنْ نَصْرِی رِجَالٌ مِنْكُمْ فَأَنَا عَلَیْهِمْ عَاتِبٌ زَارٍ فَاهْجُرُوهُمْ وَ أَسْمِعُوهُمْ مَا یَكْرَهُونَ حَتَّی یُعْتِبُوا أَوْ نَرَی مِنْهُمْ مَا نَرْضَی قَالَ فَقَامَ إِلَیْهِ مَالِكُ بْنُ حَبِیبٍ التَّمِیمِیُّ ثُمَّ الْیَرْبُوعِیُّ وَ كَانَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَی الْهَجْرَ وَ إِسْمَاعَ الْمَكْرُوهِ لَهُمْ قَلِیلًا وَ اللَّهِ لَئِنْ أَمَرْتَنَا لَنَقْتُلَنَّهُمْ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَا مَالِ جُزْتَ الْمَدَی وَ عَدَوْتَ الْحَقَّ وَ أَغْرَقْتَ فِی
ص: 352
النَّزْعِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَبَعْضُ الْغَشْمِ أَبْلَغُ فِی أُمُورٍ تَنُوبُكَ مِنْ مُهَادَنَةِ الْأَعَادِی فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ هَكَذَا قَضَاءَ اللَّهِ یَا مَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی النَّفْسَ بِالنَّفْسِ فَمَا بَالُ بَعْضِ الْغَشْمِ وَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً فَقَامَ إِلَیْهِ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَوْفٍ الْأَزْدِیُّ وَ كَانَ عُثْمَانِیّاً تَخَلَّفَ عَنْهُ یَوْمَ الْجَمَلِ وَ حَضَرَ مَعَهُ صِفِّینَ عَلَی ضَعْفِ نِیَّةٍ فِی نُصْرَتِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ رَأَیْتَ الْقَتْلَی حَوْلَ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ بِمَ قُتِلُوا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قُتِلُوا بِمَا قَتَلُوا شِیعَتِی وَ عُمَّالِی وَ بِقَتْلِهِمْ أَخَا رَبِیعَةَ الْعَبْدِیَّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی عِصَابَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ قَالُوا لَا نَنْكُثُ الْبَیْعَةَ كَمَا نَكَثْتُمْ وَ لَا نَغْدِرُ كَمَا غَدَرْتُمْ فَوَثَبُوا عَلَیْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فَسَأَلْتُهُمْ أَنْ یَدْفَعُوا إِلَیَّ قَتَلَةَ إِخْوَانِی مِنْهُمْ لِنَقْتُلَنَّهُمْ بِهِمْ ثُمَّ كِتَابُ اللَّهِ حَكَمَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ فَأَبَوْا عَلَیَّ وَ قَاتَلُونِی وَ فِی أَعْنَاقِهِمْ بَیْعَتِی وَ دِمَاءُ نَحْوِ أَلْفٍ مِنْ شِیعَتِی فَقَتَلْتُهُمْ بِذَلِكَ أَ فِی شَكٍّ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ فِی شَكٍّ فَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ عَرَفْتُ وَ اسْتَبَانَ لِی خَطَأُ الْقَوْمِ وَ أَنَّكَ أَنْتَ الْمُهْتَدِی الْمُصِیبُ ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً تَهَیَّأَ لِیَنْزِلَ فَقَامَ رِجَالٌ لِیَتَكَلَّمُوا فَلَمَّا رَأَوْهُ قَدْ نَزَلَ جَلَسُوا وَ لَمْ یَتَكَلَّمُوا قَالَ أَبُو الْكَنُودِ وَ كَانَ أَبُو بُرْدَةَ مَعَ حُضُورِهِ صِفِّینَ یُنَافِقُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ یُكَاتِبُ مُعَاوِیَةَ سِرّاً فَلَمَّا ظَهَرَ مُعَاوِیَةُ أَقْطَعَهُ قَطِیعَةً بِالْفَلُّوجَةِ وَ كَانَ عَلَیْهِ كَرِیماً.
«336»-(1)
الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ
ص: 353
أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَمَّا دَنَا إِلَی الْكُوفَةِ مُقْبِلًا مِنَ الْبَصْرَةِ خَرَجَ النَّاسُ مَعَ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ یَتَلَقَّوْنَهُ فَلَقُوهُ دُونَ نَهَرِ النَّضْرِ بْنِ زِیَادٍ فَدَنَوْا مِنْهُ یُهَنِّئُونَهُ بِالْفَتْحِ وَ إِنَّهُ لَیَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ فَقَالَ لَهُ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِی أَعَزَّ وَلِیَّكَ وَ أَذَلَّ عَدُوَّكَ وَ نَصَرَكَ عَلَی الْقَوْمِ الْبَاغِینَ الطَّاغِینَ الظَّالِمِینَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِیُّ إِی وَ اللَّهِ إِنَّهُمُ الْبَاغُونَ الظَّالِمُونَ الْكَافِرُونَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مَا أَقْوَاكَ بِالْبَاطِلِ وَ أَجْرَأَكَ عَلَی أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ تَعْلَمْ أَبْطَلْتَ یَا ابْنَ السَّوْدَاءِ لَیْسَ الْقَوْمُ كَمَا تَقُولُ لَوْ كَانُوا مُشْرِكِینَ سَبَیْنَا وَ غَنِمْنَا أَمْوَالَهُمْ وَ مَا نَاكَحْنَاهُمْ وَ لَا وَارَثْنَاهُمْ.
«337»-(1)
قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِی كِتَابِ صِفِّینَ دَخَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْكُوفَةَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الْبَصْرَةِ وَ مَعَهُ أَشْرَافٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ غَیْرُهُمْ فَاسْتَقْبَلَهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِیهِمْ قُرَّاؤُهُمْ وَ أَشْرَافُهُمْ فَدَعَوْا لَهُ وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَیْنَ تَنْزِلُ أَ تَنْزِلُ الْقَصْرَ قَالَ لَا وَ لَكِنْ أَنْزِلُ الرَّحْبَةَ فَنَزَلَهَا وَ أَقْبَلَ حَتَّی دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْأَعْظَمَ فَصَلَّی فِیهِ رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ فَإِنَّ لَكُمْ فِی الْإِسْلَامِ فَضْلًا مَا لَمْ تَبَدَّلُوا أَوْ تَغَیَّرُوا دَعَوْتُكُمْ إِلَی الْحَقِّ فَأَجَبْتُمْ وَ بَدَأْتُمْ بِالْمُنْكَرِ فَغَیَّرْتُمْ أَلَا إِنَّ فَضْلَكُمْ فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ اللَّهِ فَأَمَّا فِی الْأَحْكَامِ وَ الْقَسْمِ فَأَنْتُمْ أُسْوَةُ غَیْرِكُمْ مِمَّنْ أَجَابَكُمْ وَ دَخَلَ فِیمَا دَخَلْتُمْ فِیهِ
ص: 354
أَلَا إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَی وَ طُولُ الْأَمَلِ أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَی فَیَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَیُنْسِی الْآخِرَةَ أَلَا إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً وَ إِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً وَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ الْیَوْمَ عَمَلٌ وَ لَا حِسَابَ وَ غَداً حِسَابٌ وَ لَا عَمَلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَصَرَ وَلِیَّهُ وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ وَ أَعَزَّ الصَّادِقَ الْمُحِقَّ وَ أَذَلَّ النَّاكِثَ الْمُبْطِلَ عَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ طَاعَةِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمُ الَّذِینَ هُمْ أَوْلَی بِطَاعَتِكُمْ فِیمَا أَطَاعُوا اللَّهَ فِیهِ مِنَ الْمُسْتَحِلِّینَ الْمُدَّعِینَ الْقَالِینَ لَنَا یَتَفَضَّلُونَ بِفَضْلِنَا وَ یُجَاحِدُونَنَا أَمْرَنَا وَ یُنَازِعُونَنَا حَقَّنَا وَ یُبَاعِدُونَنَا عَنْهُ فَقَدْ ذَاقُوا وَبَالَ مَا اجْتَرَحُوا فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیًّا أَلَا إِنَّهُ قَدْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتِی رِجَالٌ مِنْكُمْ وَ أَنَا عَلَیْهِمْ عَاتِبٌ زَارٍ فَاهْجُرُوهُمْ وَ أَسْمِعُوهُمْ مَا یَكْرَهُونَ لِیُعْرَفَ بِذَلِكَ حِزْبُ اللَّهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ فَقَامَ إِلَیْهِ مَالِكُ بْنُ حَبِیبٍ الْیَرْبُوعِیُّ وَ كَانَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرَی الْهَجْرَ وَ إِسْمَاعَ الْمَكْرُوهِ لَهُمْ قَلِیلًا إلی آخر ما مر بروایة المفید رحمه اللّٰه ثم قال قَالَ نَصْرٌ وَ لَمَّا قَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام الْكُوفَةَ نَزَلَ عَلَی بَابِ الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ فَصَلَّی ثُمَّ تَحَوَّلَ فَجَلَسَ إِلَیْهِ النَّاسُ فَسَأَلَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ نَزَلَ الْكُوفَةَ فَقَالَ قَائِلٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَا یَسْتَأْثِرُ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ بِالْمَوْتِ إِعْزَازَ نَفْسِهِ وَ إِذْلَالَ خَلْقِهِ وَ قَرَأَ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْیاكُمْ ثُمَّ یُمِیتُكُمْ ثُمَّ یُحْیِیكُمْ قَالَ نَصْرٌ فَلَمَّا لَحِقَهُ ثَقَلُهُ علیه السلام قَالُوا لَهُ أَ تَنْزِلُ الْقَصْرَ قَالَ قَصْرُ الْخَبَالِ لَا تَنْزِلُونِیهِ قَالَ وَ أَنَّبَ علیه السلام جَمَاعَةً مِمَّنْ أَبْطَئُوا عَنْهُ وَ لَمْ یَحْضُرُوا الْقِتَالَ وَ قَالَ مَا بَطَّأَ بِكُمْ عَنِّی وَ أَنْتُمْ أَشْرَافُ قَوْمِكُمْ وَ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنْ
ص: 355
ضَعْفِ النِّیَّةِ وَ تَقْصِیرِ الْبَصِیرَةِ فَإِنَّكُمْ لَبُورٌ وَ إِنْ كَانَ مِنْ شَكٍّ فِی فَضْلِی وَ مُظَاهَرَةٍ عَلَیَّ إِنَّكُمْ لَعَدُوٌّ فَقَالُوا حَاشَ لِلَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَحْنُ سِلْمُكَ وَ حَرْبُ عَدُوِّكَ ثُمَّ اعْتَذَرَ الْقَوْمُ قَالَ نَصْرٌ وَ أَتَمَّ عَلِیٌّ علیه السلام صَلَاتَهُ یَوْمَ دَخَلَ الْكُوفَةَ فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعِینُهُ وَ أَسْتَهْدِیهِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الضَّلَالَةِ مَنْ یهدی [یَهْدِ] اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِیَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ انْتَجَبَهُ لِأَمْرِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِنُبُوَّتِهِ أَكْرَمُ خَلْقِهِ عَلَیْهِ وَ أَحَبُّهُمْ إِلَیْهِ فَبَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَ نَصَحَ لِأُمَّتِهِ وَ أَدَّی الَّذِی عَلَیْهِ أُوصِیكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ فَإِنَّ تَقْوَی اللَّهِ خَیْرُ مَا تَوَاصَی بِهِ عِبَادُ اللَّهِ وَ أَقْرَبُهُ إِلَی رِضْوَانِ اللَّهِ وَ خَیْرُهُ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ عِنْدَ اللَّهِ وَ بِتَقْوَی اللَّهِ أُمِرْتُمْ وَ لِلْإِحْسَانِ وَ الطَّاعَةِ خُلِقْتُمْ فَاحْذَرُوا مِنَ اللَّهِ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ حَذَّرَ بَأْساً شَدِیداً وَ اخْشَوُا اللَّهَ خَشْیَةً لَیْسَتْ بِتَعْذِیرٍ وَ اعْمَلُوا فِی غَیْرِ رِیَاءٍ وَ لَا سُمْعَةٍ فَإِنَّهُ مَنْ عَمِلَ لِغَیْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَی مَنْ عَمِلَ لَهُ وَ مَنْ عَمِلَ لِلَّهِ مُخْلِصاً تَوَلَّی اللَّهُ ثَوَابَهُ وَ أَشْفِقُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَمْ یَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَ لَمْ یَتْرُكْ شَیْئاً مِنْ أَمْرِكُمْ سُدًی قَدْ سَمَّی آثَارَكُمْ وَ عَلِمَ أَعْمَالَكُمْ وَ كَتَبَ آجَالَكُمْ فَلَا تَغْتَرُّوا بِالدُّنْیَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ لِأَهْلِهَا مَغْرُورٌ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا وَ إِلَی فَنَاءٍ مَا هِیَ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ هِیَ دَارُ الْحَیَوَانِ لَوْ كانُوا یَعْلَمُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَ مُرَافَقَةَ الْأَنْبِیَاءِ وَ مَعِیشَةَ السُّعَدَاءِ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ (1)
ص: 356
قَالَ نَصْرٌ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام الْعُمَّالَ وَ فَرَّقَهُمْ فِی الْبِلَادِ وَ كَتَبَ مَعَ جَرِیرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِیِّ كِتَاباً إِلَی مُعَاوِیَةَ یَدْعُوهُ إِلَی الْبَیْعَةِ.
بیان:
قال فی النهایة و فی حدیث ابن مسعود إن قوما بنوا مسجدا بظهر الكوفة فقال جئت لأفسد مسجد الخبال أی الفساد
أَقُولُ أَوْرَدَهُ نَصْرٌ فِی كِتَابِهِ عَلَی وَجْهِ الْبَسْطِ ثُمَّ قَالَ: وَ بَعَثَ یَزِیدَ بْنَ قَیْسٍ الْأَرْحَبِیَّ عَلَی الْمَدَائِنِ وَ مِخْنَفَ بْنَ سُلَیْمٍ عَلَی أَصْبَهَانَ وَ هَمَذَانَ وَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ عَلَی الْبِهْقُبَاذَاتِ (1) وَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَی كَسْكَرَ وَ عَدِیَّ بْنَ حَاتِمٍ عَلَی مَدِینَةَ بَهُرَسِیرَ وَ آسْتَانِهَا وَ أَبَا حَسَّانَ الْبَكْرِیَّ عَلَی آسْتَانِ الْعَالِی وَ سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیَّ عَلَی آسْتَانِ الزَّوَابِی وَ رِبْعِیَّ بْنَ كاس عَلَی سِجِسْتَانَ وَ كاس أُمُّهُ یُعْرَفُ بِهَا وَ خلید [خُلَیْداً] إِلَی خُرَاسَانَ فَسَارَ خُلَیْدٌ حَتَّی إِذَا دَنَا مِنْ نَیْسَابُورَ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ خُرَاسَانَ قَدْ كَفَرُوا وَ نَزَعُوا یَدَهُمْ مِنَ الطَّاعَةِ وَ قَدِمَ عَلَیْهِمْ عُمَّالُ كِسْرَی مِنْ كَابُلَ فَقَاتَلَ أَهْلَ نَیْسَابُورَ فَهَزَمَهُمْ وَ حَصَرَ أَهْلَهَا وَ بَعَثَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْفَتْحِ وَ السَّبْیِ ثُمَّ صَمَدَ لِبَنَاتِ كِسْرَی فَنَزَلْنَ عَلَی أَمَانٍ فَبَعَثَ بِهِنَّ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَلَمَّا قَدِمْنَ عَلَیْهِ قَالَ أُزَوِّجُكُنَّ قُلْنَ لَا إِلَّا أَنْ تُزَوِّجَنَا ابْنَیْكَ فَإِنَّا لَا نَرَی لَنَا كُفُواً غَیْرَهُمَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اذْهَبَا حَیْثُ شِئْتُمَا فَقَامَ نَرْسَا فَقَالَ مُرْ لِی بِهِنَّ فَإِنَّهَا مِنْكَ كَرَامَةٌ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُنَّ قَرَابَةٌ فَفَعَلَ
ص: 357
فَأَنْزَلَهُنَّ نَرْسَا مَعَهُ وَ جَعَلَ یُطْعِمُهُنَّ وَ یَسْقِیهِنَّ فِی الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ یَكْسُوهُنَّ كِسْوَةَ الْمُلُوكِ وَ یَبْسُطُ لَهُنَّ الدِّیبَاجَ وَ بَعَثَ الْأَشْتَرَ عَلَی الْمَوْصِلِ وَ نَصِیبِینَ وَ دَارَا وَ سِنْجَارٍ وَ آمِدَ وَ هِیتَ وَ عَانَاتٍ وَ مَا غَلَبَ عَلَیْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَرَضِینَ مِنْ أَرْضِ الْجَزِیرَةِ وَ بَعَثَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَیْسٍ عَلَی مَا فِی سُلْطَانِهِ مِنْ أَرْضِ الْجَزِیرَةِ وَ كَانَ فِی یَدَیْهِ حَرَّانُ وَ الرَّقَّةُ وَ الرُّهَا وَ قِرْقِیسَا وَ كَانَ مَنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ وَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الْعُثْمَانِیَّةِ قَدْ هَرَبُوا فَنَزَلُوا الْجَزِیرَةَ فِی سُلْطَانِ مُعَاوِیَةَ فَخَرَجَ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ یُرِیدُ الضَّحَّاكَ بِحَرَّانَ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الضَّحَّاكَ بَعَثَ إِلَی أَهْلِ الرَّقَّةِ فَأَمَدُّوهُ وَ كَانَ جُلُّ أَهْلِهَا عُثْمَانِیَّةً فَجَاءُوا وَ عَلَیْهِمْ سِمَاكُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَ أَقْبَلَ الضَّحَّاكُ یَسْتَقْبِلُ الْأَشْتَرَ فَالْتَقَی الضَّحَّاكُ وَ سِمَاكٌ بَیْنَ حَرَّانَ وَ الرَّقَّةِ وَ رَحَلَ الْأَشْتَرُ حَتَّی نَزَلَ عَلَیْهِمْ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً حَتَّی كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ فَرَجَعَ الضَّحَّاكُ بِمَنْ مَعَهُ فَسَارَ لَیْلَتَهُ كُلَّهَا حَتَّی أَصْبَحَ بِحَرَّانَ فَدَخَلَهَا وَ أَصْبَحَ الْأَشْتَرُ فَرَأَی مَا صَنَعُوا فَتَبِعَهُمْ حَتَّی نَزَلَ عَلَیْهِمْ بِحَرَّانَ فَحَصَرَهُمْ وَ أَتَی الْخَبَرُ مُعَاوِیَةَ فَبَعَثَ إِلَیْهِمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ فِی خَیْلٍ یُغِیثُهُمْ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْأَشْتَرَ كَتَّبَ كَتَائِبَهُ وَ عَبَّأَ جُنُودَهُ وَ خَیْلَهُ ثُمَّ نَادَاهُمُ الْأَشْتَرُ أَلَا إِنَّ الْحَیَّ عَزِیزٌ أَلَا إِنَّ الذِّمَارَ مَنِیعٌ أَلَا تَنْزِلُونَ أَیُّهَا الثَّعَالِبُ الرَّوَّاغَةُ احْتَجَرْتُمُ احْتِجَارَ الضِّبَابِ فَنَادَوْا یَا عِبَادَ اللَّهِ أَقِیمُوا قَلِیلًا عَلِمْتُمْ وَ اللَّهِ أَنْ قَدْ أُتِیتُمْ فَمَضَی الْأَشْتَرُ حَتَّی مَرَّ عَلَی أَهْلِ الرَّقَّةِ فَتَحَرَّزُوا مِنْهُ ثُمَّ مَضَی حَتَّی مَرَّ عَلَی أَهْلِ قِرْقِیسَا فَتَحَرَّزُوا مِنْهُ وَ بَلَغَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ انْصِرَافُ الْأَشْتَرِ فَانْصَرَفَ.
«338»-وَ رَوَی نَصْرٌ أَیْضاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَرْدَمِ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلِیٌّ علیه السلام حَشَرَ إِلَیْهِ أَهْلُ السَّوَادِ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَذِنَ لَهُمْ فَلَمَّا رَأَی كَثْرَتَهُمْ قَالَ إِنِّی لَا أُطِیقُ كَلَامَكُمْ وَ لَا أَفْقَهُ عَنْكُمْ فَأَسْنِدُوا أَمْرَكُمْ إِلَی أَرْضَاكُمْ فِی أَنْفُسِكُمْ وَ أَعَمِّهِ نَصِیحَةً لَكُمْ
ص: 358
قَالُوا نَرْسَا مَا رَضِیَ فَقَدْ رَضِینَاهُ وَ مَا سَخِطَ سَخِطْنَاهُ فَتَقَدَّمَ نَرْسَا فَجَلَسَ إِلَیْهِ فَقَالَ یَا نَرْسَا أَخْبِرْنِی عَنْ مُلُوكِ فَارِسَ كَمْ كَانُوا قَالَ كَانَتْ مُلُوكُهُمْ فِی هَذِهِ الْمَمْلَكَةِ الْآخِرَةِ اثْنَیْنِ وَ ثَلَاثِینَ مَلِكاً قَالَ فَكَیْفَ كَانَتْ سِیرَتُهُمْ قَالَ مَا زَالَتْ سِیرَتُهُمْ فِی عِظَمِ أَمْرِهِمْ وَاحِدَةً حَتَّی مَلَّكْنَا كِسْرَی بْنَ هُرْمُزَ فَاسْتَأْثَرَ بِالْمَالِ وَ الْأَعْمَالِ وَ خَالَفَ أَوَّلِینَا وَ أَخْرَبَ الَّذِی لِلنَّاسِ وَ عَمَّرَ الَّذِی لَهُ وَ اسْتَخَفَّ بِالنَّاسِ وَ أَوْغَرَ نُفُوسَ فَارِسَ حَتَّی ثَارُوا إِلَیْهِ فَقَتَلُوهُ فَأَرْمَلَتْ نِسَاؤُهُ وَ یَتِمَ أَوْلَادُهُ (1) فَقَالَ یَا نَرْسَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ بِالْحَقِّ وَ لَا یَرْضَی مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ فِی سُلْطَانِ اللَّهِ تَذْكِرَةٌ مِمَّا خَوَّلَ اللَّهُ وَ إِنَّهَا لَا تَقُومُ مَمْلَكَةٌ إِلَّا بِتَدْبِیرٍ وَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْرَةٍ وَ لَا یَزَالُ أَمْرُنَا مُتَمَاسِكاً مَا لَمْ یَشْتِمْ آخِرُنَا أَوَّلَنَا فَإِذَا خَالَفَ آخِرُنَا أَوَّلَنَا وَ أَفْسَدُوا هَلَكُوا وَ أَهْلَكُوا ثُمَّ أَمَّرَ عَلَیْهِمْ أُمَرَاءَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً بَعَثَ إِلَی الْعُمَّالِ فِی الْآفَاقِ وَ كَانَ أَهَمُّ الْوُجُوهِ إِلَیْهِ الشَّامَ.
«339»-وَ رُوِیَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الْقُرَشِیِّ عَنِ الْجُرْجَانِیِّ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَتَبَ إِلَی الْعُمَّالِ فِی الْآفَاقِ كَتَبَ إِلَی جَرِیرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِیِّ وَ كَانَ عَامِلًا لِعُثْمَانَ عَلَی ثَغْرِ هَمَدَانَ مَعَ زَحْرِ بْنِ قَیْسٍ الْجُعْفِیِّ أَمَّا بَعْدُ فَ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ وَ إِنِّی أُخْبِرُكَ عَمَّنْ سِرْنَا إِلَیْهِ مِنْ جَمُوعِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ عِنْدَ نَكْثِهِمْ بَیْعَتَهُمْ وَ مَا صَنَعُوا بِعَامِلِی عُثْمَانَ بْنِ حُنَیْفٍ أَنِّی هَبَطْتُ مِنَ الْمَدِینَةِ بِالْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ
ص: 359
حَتَّی إِذَا كُنْتُ بِالْعُذَیْبِ بَعَثْتُ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ قَیْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَاسْتَنْفَرُوهُمْ فَأَجَابُوا فَسِرْتُ بِهِمْ حَتَّی نَزَلْتُ بِظَهْرِ الْبَصْرَةِ فَأَعْذَرْتُ فِی الدُّعَاءِ وَ أَقَلْتُ الْعَثْرَةَ وَ نَاشَدْتُهُمْ عَقْدَ بَیْعَتِهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا قِتَالِی فَاسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ عَلَیْهِمْ فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَ وَلَّوْا مُدْبِرِینَ إِلَی مِصْرِهِمْ فَسَأَلُونِی مَا كُنْتُ دَعَوْتُهُمْ إِلَیْهِ قَبْلَ اللِّقَاءِ فَقَبِلْتُ الْعَافِیَةَ وَ رَفَعْتُ عَنْهُمُ السَّیْفَ وَ اسْتَعْمَلْتُ عَلَیْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ سِرْتُ إِلَی الْكُوفَةِ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ زَحْرَ بْنَ قَیْسٍ فَاسْأَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَلَمَّا قَرَأَ جَرِیرٌ الْكِتَابَ قَامَ فَقَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ هَذَا كِتَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام وَ هُوَ الْمَأْمُونُ عَلَی الدِّینِ وَ الدُّنْیَا وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَمْرِ عَدُوِّهِ مَا نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَیْهِ وَ قَدْ بَایَعَهُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِینَ وَ الْأَنْصارِ وَ التَّابِعِینَ بِإِحْسَانٍ وَ لَوْ جُعِلَ هَذَا الْأَمْرُ شُورَی بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ كَانَ أَحَقَّهُمْ بِهَا أَلَا وَ إِنَّ الْبَقَاءَ فِی الْجَمَاعَةِ وَ الْفَنَاءَ فِی الْفُرْقَةِ وَ عَلِیٌّ حَامِلُكُمْ عَلَی الْحَقِّ مَا اسْتَقَمْتُمْ فَإِنْ مِلْتُمْ أَقَامَ مَیْلَكُمْ فَقَالَ النَّاسُ سَمْعاً وَ طَاعَةً رَضِینَا رَضِینَا فَأَجَابَ جَرِیرٌ وَ كَتَبَ جَوَابَ كِتَابِهِ بِالطَّاعَةِ ثُمَّ قَامَ زَحْرُ بْنُ قَیْسٍ خَطِیباً فَكَانَ مِمَّا حُفِظَ مِنْ كَلَامِهِ أَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی اخْتَارَ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ وَ تَوَلَّاهُ دُونَ خَلْقِهِ لَا شَرِیكَ لَهُ فِی الْحَمْدِ وَ لَا نَظِیرَ لَهُ فِی الْمَجْدِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ الْقَائِمُ الدَّائِمُ إِلَهُ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ الْوَاضِحِ وَ الْكِتَابِ النَّاطِقِ دَاعِیاً إِلَی الْخَیْرِ وَ قَائِداً إِلَی الْهُدَی ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ عَلِیّاً كَتَبَ إِلَیْكُمْ كِتَاباً لَا یُقَالُ بَعْدَهُ إِلَّا رَجِیعٌ مِنَ الْقَوْلِ وَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ الْكَلَامِ إِنَّ النَّاسَ بَایَعُوا عَلِیّاً بِالْمَدِینَةِ غَیْرَ مُحَابَاةٍ
ص: 360
بِبَیْعَتِهِ (1) لِعِلْمِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَنِ الْحَقِّ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ نَقَضَا بَیْعَتَهُ عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ وَ أَلَّبَا عَلَیْهِ النَّاسَ ثُمَّ لَمْ یَرْضَیَا حَتَّی نَصَبَا لَهُ الْحَرْبَ وَ أَخْرَجَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فَلَقِیَهُمَا فَأَعْذَرَ فِی الدُّعَاءِ وَ أَحْسَنَ فِی الْبَقِیَّةِ وَ حَمَلَ النَّاسَ عَلَی مَا یَعْرِفُونَ هَذَا عِیَانُ مَا غَابَ عَنْكُمْ وَ إِنْ سَأَلْتُمُ الزِّیَادَةَ فَزِدْنَاكُمْ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَبْیَاتاً مِنْ جَرِیرٍ وَ غَیْرِهِ تَرَكْنَاهَا رَوْماً لِلِاخْتِصَارِ قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ جَرِیرٌ سَائِراً مِنْ ثَغْرِ هَمَدَانَ حَتَّی وَرَدَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْكُوفَةِ فَبَایَعَهُ وَ دَخَلَ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ مِنْ طَاعَةِ عَلِیٍّ وَ اللُّزُومِ لِأَمْرِهِ.
وَ قَالَ نَصْرٌ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرْجَانِیِّ قَالَ لَمَّا بُویِعَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَتَبَ إِلَی الْعُمَّالِ كَتَبَ إِلَی الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ مَعَ زِیَادِ بْنِ مَرْحَبٍ الْهَمْدَانِیِّ وَ الْأَشْعَثُ عَلَی آذَرْبِیجَانَ عَامِلٌ لِعُثْمَانَ وَ قَدْ كَانَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ تَزَوَّجَ ابْنَةَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَلَوْ لَا هَنَاتٌ كُنَّ فِیكَ كُنْتَ الْمُقَدَّمَ فِی هَذَا الْأَمْرِ قَبْلَ النَّاسِ وَ لَعَلَّ أَمْرَكَ یَحْمِلُ بَعْضُهُ بَعْضاً إِنِ اتَّقَیْتَ اللَّهَ ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ مِنْ بَیْعَةِ النَّاسِ إِیَّایَ مَا قَدْ بَلَغَكَ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ مِمَّنْ بَایَعَانِی ثُمَّ نَقَضَا بَیْعَتِی عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ وَ أَخْرَجَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ صَارَا إِلَی الْبَصْرَةِ فَسِرْتُ إِلَیْهِمَا فَالْتَقَیْنَا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَی أَنْ یَرْجِعُوا فِیمَا خَرَجُوا مِنْهُ فَأَبَوْا فَأَبْلَغْتُ فِی الدُّعَاءِ وَ أَحْسَنْتُ فِی الْبَقِیَّةِ
ص: 361
وَ إِنَّ عَمَلَكَ لَیْسَ لَكَ بِطُعْمَةٍ وَ لَكِنَّهُ أَمَانَةٌ وَ فِی یَدَیْكَ مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَ أَنْتَ مِنْ خُزَّانِ اللَّهِ عَلَیْهِ حَتَّی تُسَلِّمَهُ إِلَیَّ وَ لَعَلِّی أَنْ لَا أَكُونَ شَرَّ وُلَاتِكَ لَكَ إِنِ اسْتَقَمْتَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَامَ زِیَادُ بْنُ مَرْحَبٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ مَنْ لَمْ یَكْفِهِ الْقَلِیلُ لَمْ یَكْفِهِ الْكَثِیرُ إِنَّ أَمْرَ عُثْمَانَ لَا یَنْفَعُ فِیهِ الْعِیَانُ وَ لَا یَشْفِی مِنْهُ الْخَبَرُ غَیْرَ أَنَّ مَنْ سَمِعَ بِهِ لَیْسَ كَمَنْ عَایَنَهُ إِنَّ النَّاسَ بَایَعُوا عَلِیّاً رَاضِینَ بِهِ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ نَقَضَا بَیْعَتَهُ عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ ثُمَّ أَذِنَا بِحَرْبٍ فَأَخْرَجَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فَسَارَ إِلَیْهِمَا فَلَمْ یُقَاتِلْهُمْ وَ فِی نَفْسِهِ مِنْهُمْ حَاجَةٌ فَأَوْرَثَهُ اللَّهُ الْأَرْضَ وَ جَعَلَ لَهُ عَاقِبَةَ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قَامَ الْأَشْعَثُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانَ وَلَّانِی آذَرْبِیجَانَ فَهَلَكَ وَ هِیَ فِی یَدِی وَ قَدْ بَایَعَ النَّاسُ عَلِیّاً وَ طَاعَتُنَا لَهُ [كَطَاعَةِ] مَنْ كَانَ قَبْلَهُ (1) وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَمْرِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ وَ عَلِیٌّ الْمَأْمُونُ عَلَی مَا قَدْ غَابَ عَنَّا وَ عَنْكُمْ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ قَالَ فَلَمَّا أَتَی مَنْزِلَهُ دَعَا أَصْحَابَهُ وَ قَالَ إِنَّ كِتَابَ عَلِیٍّ قَدْ أَوْحَشَنِی وَ هُوَ آخِذٌ بِمَالِ آذَرْبِیجَانَ (2) وَ أَنَا لَاحِقٌ بِمُعَاوِیَةَ فَقَالَ الْقَوْمُ الْمَوْتُ خَیْرٌ لَكَ مِنْ ذَلِكَ أَ تَدَعُ مِصْرَكَ وَ جَمَاعَةَ قَوْمِكَ وَ تَكُونُ ذَنَباً لِأَهْلِ الشَّامِ فَاسْتَحْیَا الْأَشْعَثُ فَسَارَ حَتَّی قَدِمَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ وَ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ قُدُومِهِ الْكُوفَةَ الْأَحْنَفُ بْنُ
ص: 362
قَیْسٍ وَ جَارِیَةُ بْنُ قُدَامَةَ وَ حَارِثُ بْنُ زَیْدٍ وَ زَیْدُ بْنُ جَبَلَةَ وَ أَعْیَنُ بْنُ ضُبَیْعَةَ وَ عُظْمُ النَّاسِ بَنُو تَمِیمٍ وَ كَانَ فِیهِمْ أَشْرَافٌ وَ لَمْ یَقْدَمْ هَؤُلَاءِ عَلَی عَشِیرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَامَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ وَ جَارِیَةُ بْنُ قُدَامَةَ وَ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ فَتَكَلَّمَ الْأَحْنَفُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ إِنْ یَكُ بَنُو سَعْدٍ لَمْ تَنْصُرْكَ یَوْمَ الْجَمَلِ فَإِنَّهَا لَمْ تَنْصُرْ عَلَیْكَ وَ قَدْ عَجِبُوا أَمْسِ مِمَّنْ نَصَرَكَ وَ عَجِبُوا الْیَوْمَ مِمَّنْ خَذَلَكَ لِأَنَّهُمْ شَكُّوا فِی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ لَمْ یَشُكُّوا فِی مُعَاوِیَةَ وَ عَشِیرَتُنَا فِی الْبَصْرَةِ فَلَوْ بَعَثْنَا إِلَیْهِمْ فَقَدِمُوا إِلَیْنَا فَقَاتَلْنَا بِهِمُ الْعَدُوَّ وَ انْتَصَفْنَا بِهِمْ وَ أَدْرَكُوا الْیَوْمَ مَا فَاتَهُمْ أَمْسِ فَقَالَ عَلِیٌّ لِجَارِیَةَ بْنِ قُدَامَةَ وَ كَانَ رَجُلَ تَمِیمٍ بَعْدَ الْأَحْنَفِ مَا تَقُولُ یَا جَارِیَةُ فَأَجَابَ بِمَا یَدُلُّ عَلَی كَرَاهَتِهِ مِنْ إِشْخَاصِ قَوْمِهِ عَنِ الْبَصْرَةِ ثُمَّ خَاطَبَ عَلِیٌّ علیه السلام حَارِثَةَ فَوَافَقَ الْأَحْنَفَ فِی رَأْیِهِ (1) فَقَالَ علیه السلام لِلْأَحْنَفِ اكْتُبْ إِلَی قَوْمِكَ فَكَتَبَ إِلَیْهِمْ یَحُثُّهُمْ عَلَی الْخُرُوجِ وَ الْمَسِیرِ إِلَیْهِ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ بْنُ صَعْصَعَةَ وَ هُوَ ابْنُ أَخِی الْأَشْعَثِ إِلَیْهِمْ أَبْیَاتاً فِی ذَلِكَ فَلَمَّا انْتَهَی كِتَابُ الْأَحْنَفِ وَ شِعْرُ مُعَاوِیَةَ إِلَی بَنِی سَعْدٍ سَارُوا بِجَمَاعَتِهِمْ حَتَّی نَزَلُوا الْكُوفَةَ فَعَزَّتْ بِالْكُوفَةِ وَ كَثُرَتْ ثُمَّ قَدِمَتْ عَلَیْهِمْ رَبِیعَةُ وَ لَهُمْ حَدِیثٌ.
بیان: قال فی القاموس الأستان بالضم أربع كور ببغداد عالی و أعلی و أوسط و أسفل انتهی.
و بهرسیر ربما یقرأ بالباء الموحدة المفتوحة و السین المهملة المفتوحة المعد للتنزه.
ص: 363
و ربما یقرأ بالنون و الشین المعجمة أی نهر اللبن الذی أجراه فرهاد لشیرین.
قوله علیه السلام و فی سلطان اللّٰه لعل المعنی أن فی سلطنة اللّٰه علی عباده و لطفه بهم و شفقته علیهم و عفوه عنهم و عدم معاجلتهم بالمعاصی مع غناه عنهم و كمال حاجتهم إلیه ما یتذكر من خوله اللّٰه سلطنته فیتبع سنة اللّٰه فیهم و الرجیع الروث.
ص: 364
«340»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ مِنَ الْمَدِینَةِ فِی أَوَّلِ مَا بُویِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتَ إِعْذَارِی فِیكُمْ وَ إِعْرَاضِی عَنْكُمْ حَتَّی كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ لَا دَفْعَ لَهُ وَ الْحَدِیثُ طَوِیلٌ وَ الْكَلَامُ كَثِیرٌ وَ قَدْ أَدْبَرَ مَا أَدْبَرَ وَ أَقْبَلَ مَا أَقْبَلَ فَبَایِعْ مَنْ قِبَلَكَ وَ أَقْبِلْ إِلَیَّ فِی وَفْدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ وَ السَّلَامُ.
بیان: قوله إعذاری فیكم یحتمل أن یكون الخطاب لبنی أمیة أو لجمیع الأمة و اختار ابن أبی الحدید الأول و قال أی مع كونی ذا عذر لو ذممتكم و أسأت إلیكم فلم أفعله بل أعرضت عن إساءتكم إلی و ضربت عنكم صفحا حتی كان ما لا بد منه یعنی عثمان.
ص: 365
و قال ابن میثم یعنی إعذاره إلی اللّٰه فیهم و إظهار عذره باجتهاده فی نصیحة عثمان أولا و نصرة بنی أمیة بالذب عنه ثانیا و إعراضه عنهم بعد إیاسه عنهم من قبول عثمان نصیحته و من نصرته و الدفع عنه حتی كان ما لا بد منه و لا دفع له من قبله انتهی.
قیل و یحتمل أن یكون المراد بإعذاره علیه السلام استنكافه عن البیعة أولا و هو إعراضه عنهم و ما لا بد منه و لا دفع له هو خلافته علیه السلام و قد مر مثله فی مخاطبة طلحة و الزبیر فالخطاب لجمیع الأمة.
قوله علیه السلام و قد أدبر ما أدبر أی أدبر ذلك الزمان و أقبل زمان آخر.
و فی بعض النسخ من أدبر أی بعض الناس أقبلوا إلی و بعضهم أدبر كطلحة و الزبیر و أشباههما.
و قال الجوهری وفد فلان علی الأمیر أی ورد رسولا فهو وافد و الجمع وفد مثل صاحب و صحب.
«341»-(1)
كِتَابُ الصِّفِّینِ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ الْأَسَدِیِّ عَنْ نُمَیْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِیِّ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام حِینَ قَدِمَ مِنَ الْبَصْرَةِ نَزَعَ جَرِیراً عَنْ هَمَدَانَ فَجَاءَ حَتَّی نَزَلَ الْكُوفَةَ فَأَرَادَ عَلِیٌّ أَنْ یَبْعَثَ إِلَی مُعَاوِیَةَ رَسُولًا فَقَالَ لَهُ جَرِیرٌ ابْعَثْنِی إِلَیْهِ فَأَدْعُوَهُ عَلَی أَنْ یُسَلِّمَ لَكَ هَذَا الْأَمْرَ وَ یَكُونَ
ص: 366
أَمِیراً مِنْ أُمَرَائِكَ وَ أَدْعُوَ أَهْلَ الشَّامِ إِلَی طَاعَتِكَ وَ جُلُّهُمْ قَوْمِی وَ أَهْلُ بِلَادِی وَ قَدْ رَجَوْتُ أَنْ لَا یَعْصُونِی فَقَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ لَا تَبْعَثْهُ وَ دَعْهُ وَ لَا تُصَدِّقْهُ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَظُنُّ هَوَاهُ هَوَاهُمْ وَ نِیَّتَهُ نِیَّتَهُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام دَعْهُ حَتَّی نَنْظُرَ مَا یَرْجِعُ بِهِ إِلَیْنَا فَبَعَثَهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ حِینَ أَرَادَ أَنْ یَبْعَثَهُ إِنَّ حَوْلِی مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَهْلِ الدِّینِ وَ الرَّأْیِ مَنْ قَدْ رَأَیْتَ وَ قَدِ اخْتَرْتُكَ عَلَیْهِمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِیكَ مِنْ خَیْرِ ذِی یَمَنٍ ائْتِ مُعَاوِیَةَ بِكِتَابِی فَإِنْ دَخَلَ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ الْمُسْلِمُونَ وَ إِلَّا فَانْبِذْ إِلَیْهِ وَ أَعْلِمْهُ أَنِّی لَا أَرْضَی بِهِ أَمِیراً وَ أَنَّ الْعَامَّةَ لَا تَرْضَی بِهِ خَلِیفَةً فَانْطَلَقَ جَرِیرٌ حَتَّی أَتَی الشَّامَ وَ نَزَلَ بِمُعَاوِیَةَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ یَا مُعَاوِیَةُ فَإِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لِابْنِ عَمِّكَ أَهْلُ الْحَرَمَیْنِ وَ أَهْلُ الْمِصْرَیْنِ وَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَ أَهْلُ الْیَمَنِ وَ أَهْلُ مِصْرَ وَ أَهْلُ الْعَرُوضِ وَ الْعَرُوضُ عُمَانُ (1) وَ أَهْلُ الْبَحْرَیْنِ وَ الْیَمَامَةِ فَلَمْ یَبْقَ إِلَّا أَهْلُ هَذِهِ الْحُصُونِ الَّتِی أَنْتَ فِیهَا وَ لَوْ سَالَ عَلَیْهَا سَیْلٌ مِنْ أَوْدِیَتِهِ غَرِقَهَا وَ قَدْ أَتَیْتُكَ أَدْعُوكَ إِلَی مَا یُرْشِدُكَ وَ یَهْدِیكَ إِلَی مُبَایَعَةِ هَذَا الرَّجُلِ وَ دَفَعَ إِلَیْهِ كِتَابَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ بَیْعَتِی لَزِمَتْكَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ (2)
ص: 367
لِأَنَّهُ بَایَعَنِی الَّذِینَ بَایَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ عَلَی مَا بُویِعُوا عَلَیْهِ فَلَمْ یَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ یَخْتَارَ وَ لَا لِلْغَائِبِ أَنْ یَرُدَّ وَ إِنَّمَا الشُّورَی لِلْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَی رَجُلٍ فَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذَلِكَ لِلَّهِ رِضًا فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ رَغْبَةٍ رَدُّوهُ إِلَی مَا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنْ أَبَی قَاتَلُوهُ عَلَی اتِّبَاعِهِ غَیْرَ سَبِیلِ الْمُؤْمِنِینَ وَ وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّی وَ یُصْلِهِ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِیراً*: وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَایَعَانِی ثُمَّ نَقَضَا بَیْعَتِی فَكَانَ نَقْضُهُمَا كَرِدَّتِهِمَا فَجَاهَدْتُهُمَا عَلَی ذَلِكَ حَتَّی جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّ أَحَبَّ الْأُمُورِ إِلَیَّ فِیكَ الْعَافِیَةُ إِلَّا أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْبَلَاءِ فَإِنْ تَعَرَّضْتَ لَهُ قَاتَلْتُكَ وَ اسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ عَلَیْكَ وَ قَدْ أَكْثَرْتَ فِی قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ وَ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ أَحْمِلْكَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ فَأَمَّا تِلْكَ الَّتِی تُرِیدُهَا فَهِیَ خُدْعَةُ الصَّبِیِّ عَنِ اللَّبَنِ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ دُونَ هَوَاكَ لَتَجِدَنِّی أَبْرَأَ قُرَیْشٍ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ مِنَ الطُّلَقَاءِ الَّذِینَ لَا تَحِلُّ لَهُمُ الْخِلَافَةُ وَ لَا تُعْرَضُ فِیهِمُ الشُّورَی وَ قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَیْكَ وَ إِلَی مَنْ قِبَلَكَ جَرِیرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِیمَانِ وَ الْهِجْرَةِ فَبَایِعْ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَامَ جَرِیرٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمْرَ عُثْمَانَ قَدْ أَعْیَا مَنْ شَهِدَهُ فَمَا ظَنُّكُمْ بِمَنْ غَابَ عَنْهُ وَ إِنَّ النَّاسَ بَایَعُوا عَلِیّاً غَیْرَ وَاتِرٍ وَ لَا مَوْتُورٍ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ مِمَّنْ بَایَعَهُ ثُمَّ نَكَثَا بَیْعَتَهُ عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ أَلَا وَ إِنَّ هَذَا الدِّینَ لَا یَحْتَمِلُ الْفِتَنَ أَلَا وَ إِنَّ الْعَرَبَ لَا تَحْتَمِلُ السَّیْفَ وَ قَدْ كَانَتْ بِالْبَصْرَةِ أَمْسِ مَلْحَمَةٌ إِنْ تُشْفَعِ الْبَلَاءُ بِمِثْلِهَا فَلَا نَبَأَ لِلنَّاسِ (1) وَ قَدْ بَایَعَتِ
ص: 368
الْعَامَّةُ عَلِیّاً وَ لَوْ مَلِكْنَا وَ اللَّهِ أُمُورَنَا لَمْ نَخْتَرْ لَهَا غَیْرَهُ وَ مَنْ خَالَفَ هَذَا اسْتَعْتَبَ فَادْخُلْ یَا مُعَاوِیَةُ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ فَإِنْ قُلْتَ اسْتَعْمَلَنِی عُثْمَانُ ثُمَّ لَمْ یَعْزِلْنِی فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَوْ جَازَ لَمْ یَقُمْ لِلَّهِ دِینٌ وَ كَانَ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا فِی یَدِهِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ لَمْ یَجْعَلْ لِلْآخِرِ مِنَ الْوُلَاةِ حَقَّ الْأَوَّلِ وَ جَعَلَ تِلْكَ أُمُوراً مُوَطَّأَةً وَ حُقُوقاً یَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضاً (1) فَقَالَ مُعَاوِیَةُ انْظُرْ وَ تَنَظَّرْ وَ أَسْتَطْلِعُ رَأْیَ أَهْلِ الشَّامِ فَلَمَّا فَرَغَ جَرِیرٌ مِنْ خُطْبَتِهِ أَمَرَ مُعَاوِیَةُ مُنَادِیاً فَنَادَی الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِیلٍ (2) أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّی خَلِیفَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَ أَنِّی خَلِیفَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَلَیْكُمْ وَ أَنِّی لَمْ أُقِمْ رَجُلًا مِنْكُمْ عَلَی خَزَایَةٍ قَطُّ وَ أَنِّی وَلِیُّ عُثْمَانَ وَ قَدْ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ اللَّهُ یَقُولُ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وَ أَنَا أُحِبُّ أَنْ تُعْلِمُونِی ذَاتَ أَنْفُسِكُمْ فِی قَتْلِ عُثْمَانَ فَقَامَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَجْمَعِهِمْ وَ أَجَابُوا إِلَی الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ بَایَعُوهُ عَلَی ذَلِكَ وَ أَوْثَقُوا لَهُ عَلَی أَنْ یَبْذُلُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ أَوْ یُدْرِكُوا ثَارَهُ أَوْ یُفْنِیَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ (3)
ص: 369
قَالَ فَلَمَّا أَمْسَی مُعَاوِیَةُ اغْتَمَّ بِمَا هُوَ فِیهِ.
«342»-قال نصر و حدثنی محمد بن عبید اللّٰه عن الجرجانی قال و استحثه جریر بالبیعة فقال یا جریر إنها لیست بخلسة و إنه أمر له ما بعده فأبلعنی ریقی حتی أنظر و دعا ثقاته و شاورهم فی الأمر فقال له عتبة بن أبی سفیان استعن علی هذا الأمر بعمرو بن العاص و أثمن له بدینه فإنه من قد عرفت و قد اعتزل أمر عثمان فی حیاته و هو لأمرك أشد اعتزالا إلا أن یری فرصة.
«343»-فَرَوَی نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ قَالا كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَمْرٍو أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِیٍّ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مَا قَدْ بَلَغَكَ وَ قَدْ سَقَطَ إِلَیْنَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فِی رَافِضَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ قَدِمَ عَلَیْنَا جَرِیرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِی بَیْعَةِ عَلِیٍّ وَ قَدْ حَبَسْتُ نَفْسِی عَلَیْكَ حَتَّی تَأْتِیَنِی أَقْبِلْ أُذَاكِرْكَ أَمْراً قَالَ فَلَمَّا قُرِئَ الْكِتَابُ عَلَی عَمْرٍو اسْتَشَارَ ابْنَیْهِ عَبْدَ اللَّهِ وَ مُحَمَّداً فَقَالَ مَا تَرَیَانِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَرَی أَنَّ نَبِیَّ اللَّهِ قُبِضَ وَ هُوَ عَنْكَ رَاضٍ وَ الْخَلِیفَتَانِ مِنْ بَعْدِهِ وَ قُتِلَ عُثْمَانُ وَ أَنْتَ عَنْهُ غَائِبٌ فَقِرَّ فِی مَنْزِلِكَ فَلَسْتَ مَجْعُولًا خَلِیفَةً وَ لَا تُرِیدُ أَنْ تَكُونَ حَاشِیَةً لِمُعَاوِیَةَ عَلَی دُنْیَا قَلِیلَةٍ أَوْشَكَ أَنْ تَهْلِكَ فَتَشْقَی فِیهَا (1) وَ قَالَ مُحَمَّدٌ أَرَی أَنَّكَ شَیْخُ قُرَیْشٍ وَ صَاحِبُ أَمْرِهَا وَ لن [إِنْ یُصْرَمْ هَذَا الْأَمْرُ
ص: 370
وَ أَنْتَ فِیهِ خَامِلٌ یَتَصَاغَرْ أَمْرُكَ فَالْحَقْ بِجَمَاعَةِ أَهْلِ الشَّامِ فَكُنْ یَداً مِنْ أَیْدِیهَا وَ اطْلُبْ بِدَمِ عُثْمَانَ فَإِنَّكَ قَدِ اسْتَسْلَمْتَ فِیهِ إِلَی بَنِی أُمَیَّةَ (1) فَقَالَ عَمْرٌو أَمَّا أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ فَأَمَرْتَنِی بِمَا هُوَ خَیْرٌ لِی فِی دِینِی وَ أَمَّا أَنْتَ یَا مُحَمَّدُ فَأَمَرْتَنِی بِمَا هُوَ خَیْرٌ لِی فِی دُنْیَایَ وَ أَنَا نَاظِرٌ فِیهِ فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّیْلُ رَفَعَ صَوْتَهُ یُنْشِدُ أَبْیَاتاً فِی ذَلِكَ یُرَدِّدُهَا (2) فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ تَرَحَّلَ الشَّیْخُ قَالَ وَ دَعَا عَمْرٌو غُلَاماً لَهُ یُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ وَ كَانَ دَاهِیاً مَارِداً فَقَالَ ارْحَلْ یَا وَرْدَانُ ثُمَّ قَالَ حُطَّ یَا وَرْدَانُ فَقَالَ لَهُ وَرْدَانُ خَلَطْتَ أَبَا عِبْدِ اللَّهِ أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمَا فِی نَفْسِكَ قَالَ هَاتِ وَیْحَكَ قَالَ اعْتَرَكَتِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةُ عَلَی قَلْبِكَ فَقُلْتَ عَلِیٌّ مَعَهُ الْآخِرَةُ فِی غَیْرِ دُنْیَا وَ فِی الْآخِرَةِ عِوَضٌ مِنَ الدُّنْیَا وَ مُعَاوِیَةُ مَعَهُ الدُّنْیَا بِغَیْرِ آخِرَةٍ وَ لَیْسَ فِی الدُّنْیَا عِوَضٌ مِنَ الْآخِرَةِ فَأَنْتَ وَاقِفٌ بَیْنَهُمَا قَالَ عَمْرٌو فَإِنَّكَ وَ اللَّهِ مَا أَخْطَأْتَ فَمَا تَرَی یَا وَرْدَانُ قَالَ أَرَی أَنْ تُقِیمَ فِی بَیْتِكَ فَإِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الدِّینِ عِشْتَ فِی عَفْوِ دِینِهِمْ وَ إِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الدُّنْیَا لَمْ یَسْتَغْنُوا عَنْكَ قَالَ الْآنَ لَمَّا شَهِدَتِ الْعَرَبُ مَسِیرِی إِلَی مُعَاوِیَةَ (3)
ص: 371
فَارْتَحَلَ وَ سَارَ حَتَّی قَدِمَ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ عَرَفَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةُ فَبَاعَدَهُ وَ كَایَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَیْهِ قَالَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ طَرَقَتْنَا فِی لَیْلَتِنَا هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَخْبَارٍ لَیْسَ فِیهَا وِرْدٌ وَ لَا صَدَرٌ قَالَ عَمْرٌو وَ مَا ذَاكَ قَالَ ذَاكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی حُذَیْفَةَ قَدْ كَسَرَ سِجْنَ مِصْرَ فَخَرَجَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ وَ هُوَ مِنْ آفَاتِ هَذَا الدِّینِ وَ مِنْهَا أَنَّ قَیْصَرَ زَحَفَ بِجَمَاعَةِ الرُّومِ إِلَیَّ لِیَغْلِبَ عَلَی الشَّامِ وَ مِنْهَا أَنَّ عَلِیّاً نَزَلَ الْكُوفَةَ مُتَهَیِّئاً لِلْمَسِیرِ إِلَیْنَا قَالَ عَمْرٌو لَیْسَ كُلُّ مَا ذَكَرْتَ عَظِیماً (1) أَمَّا أَمْرُ ابْنِ أَبِی حُذَیْفَةَ فَمَا یُعْظِمُكَ مِنْ رَجُلٍ خَرَجَ فِی أَشْبَاهِهِ أَنْ تُخْرِجَ إِلَیْهِ الْخَیْلَ حَتَّی تَقْتُلَهُ أَوْ تَأْتِیَكَ بِهِ وَ إِنْ فَاتَكَ لَا یَضُرُّكَ (2) وَ أَمَّا قَیْصَرُ فَاهْدِ لَهُ مِنْ وُصَفَاءِ الرُّومِ وَ وَصَائِفِهَا (3) وَ آنِیَةِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ سَلْهُ الْمُوَادَعَةَ فَإِنَّهُ إِلَیْهَا سَرِیعٌ وَ أَمَّا عَلِیٌّ فَلَا وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ لَا تُسَوِّی الْعَرَبُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُ فِی شَیْ ءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ وَ إِنَّ لَهُ فِی الْحَرْبِ لَحَظّاً مَا هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ قُرَیْشٍ وَ إِنَّهُ لَصَاحِبُ مَا هُوَ فِیهِ إِلَّا أَنْ تَظْلِمَهُ.
ص: 372
«344»-وَ رَوَی نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِیَةُ لِعَمْرٍو یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّی أَدْعُوكَ إِلَی جِهَادِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِی عَصَی رَبَّهُ وَ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِینَ وَ قَتَلَ الْخَلِیفَةَ وَ أَظْهَرَ الْفِتْنَةَ وَ فَرَّقَ الْجَمَاعَةَ وَ قَطَعَ الرَّحِمَ قَالَ عَمْرٌو إِلَی مَنْ قَالَ إِلَی جِهَادِ عَلِیٍّ قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ یَا مُعَاوِیَةُ مَا أَنْتَ وَ عَلِیٌّ بِعِكْمَیْ بَعِیرٍ مَا لَكَ هِجْرَتُهُ وَ لَا سَابِقَتُهُ وَ لَا صُحْبَتُهُ وَ لَا فِقْهُهُ وَ لَا عِلْمُهُ وَ وَ اللَّهِ إِنَّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ جِدّاً وَ جُدُوداً وَ حَظّاً وَ حُظْوَةً وَ بَلَاءً مِنَ اللَّهِ حَسَناً فَمَا تَجْعَلُ لِی إِنْ شَایَعْتُكَ عَلَی مَا تُرِیدُ قَالَ حُكْمَكَ قَالَ مِصْرَ طُعْمَةً قَالَ فَتَلَكَّأَ عَلَیْهِ مُعَاوِیَةُ.
«345»-قَالَ نَصْرٌ وَ فِی حَدِیثِ غَیْرِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّی أَكْرَهُ أَنْ تَحَدَّثَ الْعَرَبُ أَنَّكَ إِنَّمَا دَخَلْتَ فِی هَذَا الْأَمْرِ لِغَرَضِ دُنْیَا قَالَ دَعْنِی مِنْكَ قَالَ مُعَاوِیَةُ إِنِّی لَوْ شِئْتُ أَنْ أُمَنِّیَكَ وَ أَخْدَعَكَ لَفَعَلْتُ قَالَ عَمْرٌو لَا لَعَمْرُ اللَّهِ مَا مِثْلِی یُخْدَعُ وَ لَأَنَا أَكْیَسُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ ادْنُ مِنِّی بِرَأْسِكَ أُسَارَّكَ قَالَ فَدَنَا مِنْهُ عَمْرٌو كَیْ یُسَارَّهُ فَعَضَّ مُعَاوِیَةُ أُذُنَهُ وَ قَالَ هَذِهِ خُدْعَةٌ هَلْ تَرَی فِی الْبَیْتِ أَحَداً غَیْرِی وَ غَیْرَكَ ثُمَّ رَجَعَ الْكَلَامُ إِلَی حَدِیثِ عُمَرَ (1) فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مِصْراً مِثْلُ الْعِرَاقِ قَالَ بَلَی وَ لَكِنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ لِی إِذَا كَانَتْ لَكَ وَ إِنَّمَا تَكُونُ لَكَ إِذَا غَلَبْتَ عَلِیّاً عَلَی الْعِرَاقِ قَالَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ عُتْبَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَقَالَ أَ مَا تَرْضَی أَنْ تَشْتَرِیَ عَمْراً بِمِصْرَ إِنْ هِیَ صَفَتْ لَكَ فَلَیْتَكَ لَا تَغْلِبُ عَلَی الشَّامِ
ص: 373
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا عُتْبَةُ بِتْ عِنْدَنَا اللَّیْلَةَ قَالَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَی عُتْبَةَ اللَّیْلُ رَفَعَ صَوْتَهُ لِیَسْمَعَ مُعَاوِیَةُ بِأَبْیَاتٍ یَحُثُّهُ فِیهَا عَلَی إِرْضَاءِ عَمْرٍو فَلَمَّا سَمِعَ مُعَاوِیَةُ ذَلِكَ أَرْسَلَ إِلَی عَمْرٍو وَ أَعْطَاهَا إِیَّاهُ قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو وَ لِیَ اللَّهُ عَلَیْكَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ قَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ نَعَمْ لَكَ اللَّهُ عَلَیَّ بِذَلِكَ لَئِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَیْنَا الْكُوفَةَ قَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهُ عَلی ما نَقُولُ وَكِیلٌ قَالَ فَخَرَجَ عَمْرٌو مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنَاهُ مَا صَنَعْتَ قَالَ أَعْطَانَا مِصْرَ فَقَالا وَ مَا مِصْرُ فِی مُلْكِ الْعَرَبِ قَالَ لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بُطُونَكُمَا إِنْ لَمْ یُشْبِعْكُمَا مِصْرُ قَالَ فَأَعْطَاهَا إِیَّاهُ وَ كَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ عَلَی أَنْ لَا یَنْقُضَ شَرْطَ طَاعَةٍ (1) فَكَتَبَ عَمْرٌو عَلَی أَنْ لَا تَنْقُضَ طَاعَتَهُ شَرْطاً وَ كَایَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ (2)
ص: 374
وَ كَانَ مَعَ عَمْرٍو ابْنُ عَمٍّ لَهُ فَتًی شَابٌّ وَ كَانَ دَاهِیاً فَلَمَّا جَاءَ عَمْرٌو بِالْكِتَابِ مَسْرُوراً عَجِبَ الْفَتَی وَ قَالَ أَ لَا تُخْبِرُنَا یَا عَمْرُو بِأَیِّ رَأْیٍ تَعِیشُ فِی قُرَیْشٍ أَعْطَیْتَ دِینَكَ وَ مَنَّیْتَ دُنْیَا غَیْرِكَ أَ تَرَی أَهْلَ مِصْرَ وَ هُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ یَدْفَعُونَهَا إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ عَلِیٌّ حَیٌّ وَ تَرَاهَا إِنْ صَارَتْ إِلَی مُعَاوِیَةَ لَا یَأْخُذُهَا بِالْحَرْفِ الَّذِی قَدَّمَهُ فِی الْكِتَابِ فَقَالَ عَمْرٌو یَا ابْنَ الْأَخِ إِنَّ الْأَمْرَ لِلَّهِ دُونَ عَلِیٍّ وَ مُعَاوِیَةَ فَأَنْشَدَ الْفَتَی فِی ذَلِكَ شِعْراً فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو یَا ابْنَ أَخِی لَوْ كُنْتُ مَعَ عَلِیٍّ وَسِعَنِی بَیْتِی وَ لَكِنِّی الْآنَ مَعَ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ لَهُ الْفَتَی إِنَّكَ إِنْ لَمْ تُرِدْ مُعَاوِیَةَ لَمْ یُرِدْكَ وَ لَكِنَّكَ تُرِیدُ دُنْیَاهُ وَ یُرِیدُ دِینَكَ وَ بَلَغَ مُعَاوِیَةَ قَوْلُ الْفَتَی فَطَلَبَهُ فَهَرَبَ وَ لَحِقَ بِعَلِیٍّ فَحَدَّثَهُ بِأَمْرِ عَمْرٍو وَ مُعَاوِیَةَ قَالَ فَسَرَّ ذَلِكَ عَلِیّاً وَ قَرَّبَهُ قَالَ وَ غَضِبَ مَرْوَانُ وَ قَالَ مَا بَالِی لَا أُشْتَرَی كَمَا اشْتُرِیَ عَمْرٌو قَالَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ إِنَّمَا نَبْتَاعُ الرِّجَالَ لَكَ قَالَ فَلَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً مَا صَنَعَ مُعَاوِیَةُ وَ عَمْرٌو قَالَ
یَا عَجَباً لَقَدْ سَمِعْتُ مُنْكَراً كَذِباً عَلَی اللَّهِ یُشِیبُ الشَّعَرَا
إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی مِنَ الْأَبْیَاتِ فِی آخِرِ الْأَبْوَابِ.
«346»-و روی نصر عن محمد بن عبید اللّٰه عن الجرجانی قال لما بات عمرو عند
ص: 375
معاویة و أصبح أعطاه مصر طعمة و كتب له بها كتابا و قال ما تری قال أمض الرأی الأول فبعث معاویة مالك بن هبیرة فی طلب ابن أبی حذیفة فأدركه فقتله و بعث إلی قیصر بالهدایا فوادعه ثم قال معاویة لعمرو ما تری فی علی قال أری فیه خیرا أتاك فی هذه البیعة خیر أهل العراق و من عند خیر الناس فی أنفس الناس و دعوتك أهل الشام إلی رد هذه البیعة خطر شدید و رأس أهل الشام شرحبیل بن السمط الكندی و هو عدو لجریر فأرسل إلیه و وطئ له ثقاتك فلیفشوا فی الناس أن علیا قتل عثمان و لیكونوا أهل الرضا عند شرحبیل فإنها كلمة جامعة لك أهل الشام علی ما تحب و من تعلق بقلبه شی ء لم یخرجه شی ء أبدا فدعا معاویة یزید بن لبید و بسر بن أرطاة و عمرو بن سفیان و مخارق بن الحرث الزبیدی و حمزة بن مالك و حابس بن سعید الطائی ثم كتب إلی شرحبیل أن جریر بن عبد اللّٰه قدم علینا من قبل علی بأمر فظیع فاقدم فاستشار شرحبیل أهل الیمن من أهل حمص فاختلفوا علیه فقام إلیه عبد الرحمن بن غنم و هو صاحب معاذ و ختنه و كان أفقه أهل الشام فنهاه عن المسیر إلی معاویة و وعظه و نهاه أیضا عیاض الیمانی و كان ناسكا فأبی شرحبیل إلا أن یسیر إلی معاویة فلما قدم علیه تلقاه الناس فأعظموه و دخل علی معاویة فقال له معاویة یا شرحبیل إن جریر بن عبد اللّٰه یدعونا إلی بیعة علی و علی خیر الناس لو لا أنه قتل عثمان و حبست نفسی علیك و إنما أنا رجل من أهل الشام أرضی ما رضوا و أكره ما كرهوا فقال شرحبیل اخرج فانظر فخرج فلقیه هؤلاء النفر الموطئون له كلهم یخبره بأن علیا قتل عثمان فرجع مغضبا إلی معاویة فقال یا معاویة أبی الناس إلا أن علیا قتل عثمان و اللّٰه لئن بایعت له لنخرجنك من الشام أو لنقتلنك
ص: 376
قال معاویة ما كنت لأخالف علیكم ما أنا إلا رجل من أهل الشام قال فرد هذا الرجل إلی أصحابه إذن قال فعرف معاویة أن شرحبیل قد نفذت بصیرته فی حرب أهل العراق و أن أهل الشام مع شرحبیل فخرج شرحبیل فأتی حصین بن نمیر فقال ابعث إلی جریر فبعث إلیه حصین أن زرنا فإن عندنا شرحبیل بن السمط فاجتمعا عنده فتكلم شرحبیل فقال یا جریر أتیتنا بأمر ملفق لتلقینا فی لهوات الأسد و أردت أن تخلط الشام بالعراق و أطریت علیا و هو قاتل عثمان و اللّٰه سائلك عما قلت یوم القیامة فأقبل علیه جریر و قال یا شرحبیل أما قولك إنی جئت بأمر ملفف فكیف یكون أمرا ملففا و قد اجتمع علیه المهاجرون و الأنصار و قوتل علی رده طلحة و الزبیر و أما قولك إنی ألقیتك فی لهوات الأسد ففی لهواتها ألقیت نفسك و أما خلط العراق بالشام فخلطها علی حق خیر من فرقتها علی باطل و أما قولك إن علیا قتل عثمان فو اللّٰه ما فی یدیك من ذلك إلا القذف بِالْغَیْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِیدٍ و لكنك ملت إلی الدنیا و شی ء كان فی نفسك علی زمن سعد بن أبی وقاص فبلغ معاویة قول الرجلین فبعث إلی جریر و زجره و كتب جریر إلی شرحبیل أبیاتا یعظه فیها فزعر شرحبیل و فكر فاستزله القوم و لفف له معاویة الرجال و لم ینفعه زجر قومه له و لا غیرهم حتی إنه بعثه معاویة إلی مدائن الشام یدعوهم إلی الطلب بدم عثمان فبدأ بأهل حمص فأجابوه إلا نساك من أهل حمص فإنهم قاموا إلیه فقالوا بیوتنا قبورنا و مساجدنا و أنت أعلم بما تری
ص: 377
و جعل شرحبیل یستنهض مدائن الشام حتی استفرغها لا یأتی علی قوم إلا قبلوا ما أتاهم به فآیس جریر عند ذلك من معاویة و من عوام الشام.
«347»-قَالَ نَصْرٌ وَ كَانَ مُعَاوِیَةُ قَدْ أَتَی جَرِیراً قَبْلَ ذَلِكَ فِی مَنْزِلِهِ فَقَالَ یَا جَرِیرُ إِنِّی قَدْ رَأَیْتُ رَأْیاً قَالَ هَاتِهِ قَالَ اكْتُبْ إِلَی صَاحِبِكَ یَجْعَلْ لِیَ الشَّامَ وَ مِصْرَ جِبَایَةً فَإِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لَمْ یَجْعَلْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ بَیْعَةً فِی عُنُقِی وَ أُسَلِّمْ لَهُ هَذَا الْأَمْرَ وَ أَكْتُبْ إِلَیْهِ بِالْخِلَافَةِ فَقَالَ جَرِیرٌ اكْتُبْ بِمَا أَرَدْتَ وَ أَكْتُبُ مَعَكَ فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ بِذَلِكَ إِلَی عَلِیٍّ فَكَتَبَ عَلِیٌّ إِلَی جَرِیرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا أَرَادَ مُعَاوِیَةُ أَنْ لَا یَكُونَ لِی فِی عُنُقِهِ بَیْعَةٌ وَ أَنْ یَخْتَارَ مِنْ أَمْرِهِ مَا أَحَبَّ وَ أَرَادَ أَنْ یُرِیثَكَ حَتَّی یَذُوقَ أَهْلَ الشَّامِ وَ إِنَّ الْمُغِیرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَدْ كَانَ أَشَارَ عَلَیَّ أَنْ أَسْتَعْمِلَ مُعَاوِیَةَ عَلَی الشَّامِ وَ أَنَا بِالْمَدِینَةِ فَأَبَیْتُ ذَلِكَ عَلَیْهِ وَ لَمْ یَكُنِ اللَّهُ لِیَرَانِی أَتَّخِذُ الْمُضِلِّینَ عَضُداً فَإِنْ بَایَعَكَ الرَّجُلُ وَ إِلَّا فَأَقْبِلْ وَ فَشَا كِتَابُ مُعَاوِیَةَ فِی الْعَرَبِ.
«348»-وَ فِی حَدِیثِ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: أَبْطَأَ جَرِیرٌ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ حَتَّی اتَّهَمَهُ النَّاسُ وَ قَالَ عَلِیٌّ وَقَّتُّ لِرَسُولِی وَقْتاً لَا یُقِیمُ بَعْدَهُ إِلَّا مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِیاً وَ أَبْطَأَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی أَیِسَ مِنْهُ.
«349»-وَ فِی حَدِیثِ مُحَمَّدٍ وَ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ قَالا وَ كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی جَرِیرٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِی هَذَا فَاحْمِلْ مُعَاوِیَةَ عَلَی الْفَصْلِ ثُمَّ خَیِّرْهُ وَ خُذْهُ
ص: 378
بِالْجَوَابِ بَیْنَ حَرْبٍ مُخْزِیَةٍ أَوْ سِلْمٍ مُحْظِیَةٍ (1) فَإِنِ اخْتَارَ الْحَرْبَ فَانْبِذْ لَهُ وَ إِنِ اخْتَارَ السِّلْمَ فَخُذْهُ بِبَیْعَتِهِ (2) فَلَمَّا انْتَهَی الْكِتَابُ إِلَی جَرِیرٍ أَتَی بِهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَأَقْرَأَهُ الْكِتَابَ وَ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّهُ لَا یُطْبَعُ عَلَی قَلْبٍ إِلَّا بِذَنْبٍ وَ لَا یَنْشَرِحُ إِلَّا بِتَوْبَةٍ وَ لَا أَظُنُّ قَلْبَكَ إِلَّا مَطْبُوعاً أَرَاكَ قَدْ وَقَفْتَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ كَأَنَّكَ تَنْتَظِرُ شَیْئاً فِی یَدَیْ غَیْرِكَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَلْقَاكَ بِالْفَیْصَلِ فِی أَوَّلِ مَجْلِسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
«350»-فَلَمَّا بَایَعَ مُعَاوِیَةَ أَهْلُ الشَّامِ وَ ذَاقَهُمْ قَالَ یَا جَرِیرُ الْحَقْ بِصَاحِبِكَ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ بِالْحَرْبِ (3) فَأَجَابَهُ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ عَلِیٍّ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ صَخْرٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِی كِتَابُ امْرِئٍ لَیْسَ لَهُ بَصَرٌ یَهْدِیهِ وَ لَا قَائِدٌ یُرْشِدُهُ دَعَاهُ الْهَوَی فَأَجَابَهُ وَ قَادَهُ الضَّلَالُ فَاتَّبَعَهُ (4)
ص: 379
زَعَمْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَفْسَدَ عَلَیْكَ بَیْعَتِی خَطِیئَتِی فِی عُثْمَانَ وَ لَعَمْرِی مَا كُنْتُ إِلَّا رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أُورِدْتُ كَمَا أُورِدُوا وَ أُصْدِرْتُ كَمَا أُصْدِرُوا وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِیَجْمَعَهُمْ عَلَی ضَلَالَةٍ وَ لَا لِیَضْرِبَهُمْ بِالْعَمَی وَ مَا أُمِرْتُ فَیَلْزَمَنِی خَطِیئَةُ الْأَمْرِ وَ لَا قَتَلْتُ فَیَجِبَ عَلَیَّ قِصَاصٌ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ هُمُ الْحُكَّامُ عَلَی أَهْلِ الْحِجَازِ فَهَاتِ رَجُلًا مِنْ قُرَیْشِ الشَّامِ یُقْبَلُ فِی الشُّورَی أَوْ تَحِلُّ لَهُ الْخِلَافَةُ فَإِنْ زَعَمْتَ ذَلِكَ كَذَّبَكَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ إِلَّا أَتَیْتُكَ بِهِ مِنْ قُرَیْشِ الْحِجَازِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ ادْفَعْ إِلَیْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَمَا أَنْتَ وَ عُثْمَانُ إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ بَنُو عُثْمَانَ أَوْلَی بِذَلِكَ مِنْكَ فَإِنْ زَعَمْتَ أَنَّكَ أَقْوَی عَلَی دَمِ أَبِیهِمْ مِنْهُمْ فَادْخُلْ فِی طَاعَتِی ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمِ إِلَیَّ أَحْمِلْكَ وَ إِیَّاهُمْ عَلَی الْمَحَجَّةِ وَ أَمَّا تَمْیِیزُكَ بَیْنَ الشَّامِ وَ الْبَصْرَةِ وَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَلَعَمْرِی مَا الْأَمْرُ فِیمَا هُنَاكَ إِلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّهَا بَیْعَةٌ عَامَّةٌ لَا یُثَنَّی فِیهَا النَّظَرُ وَ لَا یُسْتَأْنَفُ فِیهَا الْخِیَارُ وَ أَمَّا وَلُوعُكَ بِی فِی أَمْرِ عُثْمَانَ فَمَا قُلْتَ ذَلِكَ عَنْ حَقِّ الْعِیَانِ وَ لَا یَقِینٍ بِالْخَبَرِ وَ أَمَّا فَضْلِی بِالْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتِی مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ شَرَفِی فِی قُرَیْشٍ فَلَعَمْرِی لَوِ اسْتَطَعْتَ دَفْعَ ذَلِكَ لَدَفَعْتَهُ (1).
«351»-نَصْرٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ جَرِیرٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام
ص: 380
كَثُرَ قَوْلُ النَّاسِ فِی التُّهَمَةِ لِجَرِیرٍ فِی أَمْرِ مُعَاوِیَةَ فَاجْتَمَعَ جَرِیرٌ وَ الْأَشْتَرُ عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ الْأَشْتَرُ أَمَا وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ كُنْتَ أَرْسَلْتَنِی إِلَی مُعَاوِیَةَ لَكُنْتُ خَیْراً لَكَ مِنْ هَذَا الَّذِی أَرْخَی مِنْ خِنَاقِهِ وَ أَقَامَ عِنْدَهُ حَتَّی لَمْ یَدَعْ بَاباً یَرْجُو رَوْحَهُ إِلَّا فَتَحَهُ أَوْ یَخَافُ غَمَّهُ إِلَّا سَدَّهُ فَقَالَ جَرِیرٌ وَ اللَّهِ لَوْ أَتَیْتَهُمْ لَقَتَلُوكَ وَ خَوَّفَهُ بِعَمْرٍو وَ ذِی الْكَلَاعِ وَ حَوْشَبٍ وَ قَدْ زَعَمُوا أَنَّكَ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَقَالَ الْأَشْتَرُ لَوْ أَتَیْتُهُ وَ اللَّهِ یَا جَرِیرُ لَمْ یُعْیِنِی جَوَابُهَا وَ لَمْ یَثْقُلْ عَلَیَّ مَحْمِلُهَا وَ لَحَمَلْتُ مُعَاوِیَةَ عَلَی خُطَّةٍ أُعْجِلُهُ فِیهَا عَنِ الْفِكْرِ قَالَ فَأْتِهِمْ إِذاً قَالَ الْآنَ وَ قَدْ أَفْسَدْتَهُمْ وَ وَقَعَ بَیْنَنَا الشَّرُّ.
«352»-وَ عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: اجْتَمَعَ جَرِیرٌ وَ الْأَشْتَرُ عِنْدَ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ الْأَشْتَرُ أَ لَیْسَ قَدْ نَهَیْتُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ تَبْعَثَ جَرِیراً وَ أَخْبَرْتُكَ بِعَدَاوَتِهِ وَ غِشِّهِ وَ أَقْبَلَ الْأَشْتَرُ یَشْتِمُهُ وَ یَقُولُ یَا أَخَا بَجِیلَةَ إِنَّ عُثْمَانَ اشْتَرَی مِنْكَ دِینَكَ بِهَمَدَانَ وَ اللَّهِ مَا أَنْتَ بِأَهْلِ أَنْ تَمْشِیَ فَوْقَ الْأَرْضِ حَیّاً إِنَّمَا أَتَیْتَهُمْ لِتَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ یَداً بِمَسِیرِكَ إِلَیْهِمْ ثُمَّ رَجَعْتَ إِلَیْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ تُهَدِّدُنَا بِهِمْ وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ مِنْهُمْ وَ لَا أَرَی سَعْیَكَ إِلَّا لَهُمْ وَ لَئِنْ أَطَاعَنِی فِیكَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَیَحْبِسَنَّكَ وَ أَشْبَاهَكَ فِی مَحْبِسٍ لَا تَخْرُجُونَ مِنْهُ حَتَّی تَسْتَبِینَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَ یُهْلِكَ اللَّهُ الظَّالِمِینَ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ جَرِیرٌ ذَلِكَ لَحِقَ بِقِرْقِیسَا وَ لَحِقَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ قَیْسٍ (1) وَ لَمْ یَشْهَدْ صِفِّینَ مِنْ قَیْسٍ غَیْرُ تِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَ لَكِنَّ أَحْمَسَ (2) شَهِدَهَا مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ
ص: 381
وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی دَارِ جَرِیرٍ فَشَعَّثَ مِنْهَا وَ حَرَقَ مَجْلِسَهُ وَ خَرَجَ أَبُو زُرْعَةَ عَمْرُو بْنُ جَرِیرٍ وَ قَالَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّ فِیهَا أَیْضاً لَغَیْرَ جَرِیرٍ فَخَرَجَ عَلِیٌّ مِنْهَا إِلَی دَارِ ثُوَیْرِ بْنِ عَامِرٍ فَحَرَقَهَا وَ هَدَمَ مِنْهَا وَ كَانَ ثُوَیْرٌ رَجُلًا شَرِیفاً وَ كَانَ قَدْ لَحِقَ بِجَرِیرٍ.
«353»-وَ فِی حَدِیثِ صَالِحِ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِیَةُ الْمَسِیرَ إِلَی صِفِّینَ كَتَبَ إِلَی أَهْلِ مَكَّةَ وَ أَهْلِ الْمَدِینَةَ كِتَاباً یُذَكِّرُهُمْ فِیهِ أَمْرَ عُثْمَانَ (1) فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُجِیباً لَهُ وَ لِابْنِ الْعَاصِ أَمَّا بَعْدُ فَلَقَدْ أَخْطَأْتُمَا مَوْضِعَ النُّصْرَةِ وَ تَنَاوَلْتُمَا مِنْ مَكَانٍ بَعِیدٍ وَ مَا زَادَ اللَّهُ مَنْ شَكَّ فِی هَذَا الْأَمْرِ بِكِتَابِكُمَا إِلَّا شَكّاً (2) وَ مَا أَنْتُمَا وَ الْمَشُورَةَ وَ مَا أَنْتُمَا وَ الْخِلَافَةَ وَ أَمَّا أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ فَطَلِیقٌ وَ أَمَّا أَنْتَ یَا عَمْرُو فَظَنُونٌ أَلَا فَكُفَّا عَنَّا أَنْفُسَكُمَا فَلَیْسَ لَكُمَا وَلِیٌّ وَ لَا نَصِیرٌ وَ أَجَابَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عُمَرَ لَمْ یُدْخِلْ فِی الشُّورَی إِلَّا مَنْ تَحِلُّ لَهُ الْخِلَافَةُ مِنْ قُرَیْشٍ فَلَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَحَقَّ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا بِاجْتِمَاعِنَا عَلَیْهِ غَیْرَ أَنَّ عَلِیّاً قَدْ كَانَ فِیهِ مَا فِینَا وَ لَمْ یَكُ فِینَا مَا فِیهِ وَ هَذَا أَمْرٌ قَدْ كَرِهْنَا أَوَّلَهُ وَ كَرِهْنَا آخِرَهُ وَ أَمَّا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَلَوْ لَزِمَا بُیُوتَهُمَا كَانَ خَیْراً لَهُمَا وَ اللَّهُ یَغْفِرُ لِأُمِّ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَتَتْ بِهِ.
ص: 382
«354»-وَ كَتَبَ إِلَیْهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ اعْتَزَلَ هَذَا الْأَمْرَ مَنْ لَیْسَ فِی یَدِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِثْلُ الَّذِی فِی یَدِی فَقَدْ أَخْبَرَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِمَا هُوَ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ یَكُونَ فَلَمَّا كَانَ كَسَرْتُ سَیَفِی وَ جَلَسْتُ فِی بَیْتِی وَ اتَّهَمْتُ الرَّأْیَ عَلَی الدِّینِ إِذَا لَمْ یَصْلُحْ لِی مَعْرُوفٌ آمُرُ بِهِ وَ لَا مُنْكَرٌ أَنْهَی عَنْهُ وَ لَعَمْرِی مَا طَلَبْتُ إِلَّا الدُّنْیَا وَ لَا اتَّبَعْتُ إِلَّا الْهَوَی فَإِنْ تَنْصُرْ عُثْمَانَ مَیِّتاً فَقَدْ خَذَلْتَهُ حَیّاً فَمَا أَخْرَجَنِیَ اللَّهُ مِنْ نِعْمَةٍ وَ لَا صَیَّرَنِی إِلَی شَكٍّ إِلَی آخِرِ مَا كَتَبَ.
«355»-قَالَ وَ رَوَی صَالِحُ بْنُ صَدَقَةَ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَدِمَ مِنَ الْبَصْرَةِ مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ وَ أَقَامَ بِهَا سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً یَجْرِی الْكُتُبُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
«356»-و فی حدیث محمد بن عبید اللّٰه عن الجرجانی قال لما قدم عبید اللّٰه بن عمر علی معاویة بالشام أرسل معاویة إلی عمرو بن العاص فقال یا عمرو إن اللّٰه قد أحیا لك عمر بن الخطاب بالشام بقدوم عبید اللّٰه بن عمر و قد رأیت أن أقیمه خطیبا فیشهد علی علی بقتل عثمان و ینال منه فقال الرأی ما رأیت فبعث إلیه فأتاه فقال له یا ابن أخ إن لك اسم أبیك فانظر بمل ء عینیك و تكلم بكل فیك فأنت المأمون المصدق فاصعد المنبر فاشتم علیا و اشهد علیه أنه قتل عثمان فقال یا أمیر المؤمنین أما شتمی له فإنه علی بن أبی طالب و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم فما عسی أن أقول فی حسبه و أما بأسه فهو الشجاع المطرق و أما أیامه فما قد عرفت و لكنی ملزمه دم عثمان فقال عمرو إذا و اللّٰه قد نكأت القرحة فلما خرج عبید اللّٰه قال معاویة أما و اللّٰه لو لا قتله الهرمزان و مخافة علی علی نفسه ما أتانا أبدا أ لم تر إلی تقریظه علیا فلما قام عبید اللّٰه خطیبا تكلم بحاجته حتی إذا أتی إلی أمر علی
ص: 383
أمسك فعاتبه معاویة فاعتذر بأنی كرهت أن أقطع الشهادة علی رجل لم یقتل عثمان و عرفت أن الناس محتملوها عنی فهجره معاویة و استخف بحقه حتی أنشد شعرا فی مدح عثمان و تصویب طلحة و الزبیر فأرضاه و قربه و قال حسبی هذا منك.
بیان: قوله علیه السلام من خیر ذی یمن إشارة إلی روایة وردت فی مدحه قال ابن الأثیر فی مادة ذوی من كتاب النهایة فی حدیث المهدی قرشی یمان لیس من ذی و لا ذو.
أی لیس فی نسبه نسب أذواء الیمن و هم ملوك حمیر منهم ذو یزن و ذو رعین و قوله قرشی یمان أی و هو قرشی النسب یمانی المنشإ و منه حدیث جریر یطلع علیكم رجل من ذی یمن علی وجهه مسحة من ذی ملك و كذا أورده أبو عمر الزاهد و قال ذی هاهنا صلة أی زائدة انتهی.
و العكم بالكسر العدل و عكمت المتاع شددته.
قوله علی أن لا ینقض قال ابن أبی الحدید تفسیره أن معاویة قال للكاتب اكتب علی أن لا ینقض شرط طاعة یرید أخذ إقرار عمرو له أنه قد بایعه علی الطاعة بیعة مطلقة غیر مشروطة بشی ء و هذه مكایدة له لأنه لو كتب ذلك لكان لمعاویة أن یرجع عن مصر و لم یكن لعمرو أن یرجع عن طاعته و یحتج علیه برجوعه عن إعطائه مصر لأن مقتضی المشارطة المذكورة أن طاعة معاویة واجبة علیه مطلقا سواء كان مصر مسلمة إلیه أو لا.
فلما انتبه عمرو علی هذه المكیدة منع الكاتب من أن یكتب ذلك و قال بل اكتب علی أن لا تنقض طاعة شرطا یرید أخذ إقرار معاویة بأنه إذا أطاعه لا تنقض طاعته إیاه ما شارطه علیه من تسلیم مصر إلیه و هذا أیضا مكایدة من عمرو لمعاویة.
و فی النهایة و الصحاح نفضت المكان و استنفضته و تنفضته إذا نظرت جمیع ما فیه و النفضة بفتح الفاء و سكونها و النفیضة قوم یبعثون متجسسین هل
ص: 384
یرون عدوا أو خوفا.
و قرقیسا بالكسر و یمد و یقصر بلد علی الفرات و التقریظ مدح الإنسان و هو حی بحق أو باطل.
«357»-(1)
الْبُرْسِیُّ فِی مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: بَیْنَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُجَهِّزُ أَصْحَابَهُ إِلَی قِتَالِ مُعَاوِیَةَ إِذَا اخْتَصَمَ إِلَیْهِ اثْنَانِ فَلَغَی أَحَدُهُمَا فِی الْكَلَامِ فَقَالَ لَهُ اخْسَأْ یَا كَلْبُ فَعَوَی الرَّجُلُ لِوَقْتِهِ وَ صَارَ كَلْباً فَبُهِتَ مَنْ حَوْلَهُ وَ جَعَلَ الرَّجُلُ یُشِیرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ یَتَضَرَّعُ فَنَظَرَ إِلَیْهِ وَ حَرَّكَ شَفَتَیْهِ فَإِذَا هُوَ بَشَرٌ سَوِیٌّ فَقَامَ إِلَیْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ لَهُ مَا لَكَ تُجَهِّزُ الْعَسْكَرَ وَ لَكَ مِثْلُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ فَقَالَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِرِجْلِی هَذِهِ الْقَصِیرَةَ فِی هَذِهِ الْفَلَوَاتِ حَتَّی أَضْرِبَ صَدْرَ مُعَاوِیَةَ فَأَقْلِبَهُ عَنْ سَرِیرِهِ لَفَعَلْتُ وَ لَكِنَّ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ.
«358»-(2)
ختص، الإختصاص مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام یَا أَبَانُ كَیْفَ یُنْكِرُ النَّاسُ قَوْلَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ لَمَّا قَالَ لَوْ شِئْتُ لَرَفَعْتُ رِجْلِی هَذِهِ فَضَرَبْتُ بِهَا صَدْرَ ابْنِ أَبِی سُفْیَانَ بِالشَّامِ فَنَكَسْتُهُ عَنْ سَرِیرِهِ وَ لَا یُنْكِرُونَ تَنَاوُلَ آصَفَ وَصِیِّ سُلَیْمَانَ عَرْشَ بِلْقِیسَ وَ إِتْیَانَ سُلَیْمَانَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْهِ طَرْفُهُ أَ لَیْسَ نَبِیُّنَا أَفْضَلَ الْأَنْبِیَاءِ وَ وَصِیُّهُ أَفْضَلَ الْأَوْصِیَاءِ أَ فَلَا جَعَلُوهُ كَوَصِیِّ سُلَیْمَانَ حَكَمَ اللَّهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ جَحَدَ حَقَّنَا وَ أَنْكَرَ فَضْلَنَا.
ص: 385
«359»-(1)
ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَیْمٍ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِیَةَ قَدْ تَوَقَّفَ عَنْ إِظْهَارِ الْبَیْعَةِ لَهُ وَ قَالَ إِنْ أَقَرَّنِی عَلَی الشَّامِ وَ أَعْمَالِیَ الَّتِی وَلَّانِیهَا عُثْمَانُ بَایَعْتُهُ فَجَاءَ الْمُغِیرَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ وَ قَدْ وَلَّاهُ الشَّامَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَوَلِّهِ أَنْتَ كَیْمَا تَتَّسِقَ عُرَی الْأُمُورِ ثُمَّ اعْزِلْهُ إِنْ بَدَا لَكَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَضْمَنُ لِی عُمُرِی یَا مُغِیرَةُ فِیمَا بَیْنَ تَوْلِیَتِهِ إِلَی خَلْعِهِ قَالَ لَا قَالَ لَا یَسْأَلُنِیَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ تَوْلِیَتِهِ عَلَی رَجُلَیْنِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَیْلَةً سَوْدَاءَ أَبَداً وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً لَكِنْ أَبْعَثُ إِلَیْهِ وَ أَدْعُوهُ إِلَی مَا فِی یَدِی مِنَ الْحَقِّ فَإِنْ أَجَابَ فَرَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَهُ مَا لَهُمْ وَ عَلَیْهِ مَا عَلَیْهِمْ وَ إِنْ أَبَی حَاكَمْتُهُ إِلَی اللَّهِ فَوَلَّی الْمُغِیرَةُ وَ هُوَ یَقُولُ فَحَاكِمْهُ إِذاً فَحَاكِمْهُ إِذاً فَأَنْشَأَ یَقُولُ:
نَصَحْتُ عَلِیّاً فِی ابْنِ حَرْبٍ نَصِیحَةً***فَرَدَّ فَمَا مِنِّی لَهُ الدَّهْرَ ثَانِیَةٌ
وَ لَمْ یَقْبَلِ النُّصْحَ الَّذِی جِئْتُهُ بِهِ***وَ كَانَتْ لَهُ تِلْكَ النَّصِیحَةُ كَافِیَةً
وَ قَالُوا لَهُ مَا أَخْلَصَ النُّصْحَ كُلَّهُ***فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ النَّصِیحَةَ غَالِیَةٌ
فَقَامَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ الْمُغِیرَةَ أَشَارَ عَلَیْكَ بِأَمْرٍ لَمْ یُرِدِ اللَّهَ بِهِ فَقَدَّمَ فِیهِ رِجْلًا وَ أَخَّرَ فِیهِ أُخْرَی فَإِنْ كَانَ لَكَ الْغَلَبَةُ تَقَرَّبَ إِلَیْكَ بِالنَّصِیحَةِ وَ إِنْ كَانَتْ لِمُعَاوِیَةَ تَقَرَّبَ إِلَیْهِ بِالْمَشُورَةِ ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:
ص: 386
یَكَادُ وَ مَنْ أَرْسَی ثَبِیراً مَكَانَهُ***مُغِیرَةُ أَنْ یُقَوِّیَ عَلَیْكَ مُعَاوِیَةَ
وَ كُنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ فِینَا مُوَفَّقاً***وَ تِلْكَ الَّتِی آرَاكَهَا غَیْرُ كَافِیَةٍ
فَسُبْحَانَ مَنْ عَلَّا السَّمَاءَ مَكَانَهَا***وَ الْأَرْضَ دَحَاهَا فَاسْتَقَرَّتْ كَمَا هِیَهْ
بیان: قوله الدهر منصوب علی الظرفیة أی لیس منی نصیحة ثانیة ما بقی الدهر.
قوله و من أرسی الواو للقسم أی بحق الذی أثبت جبل ثبیر المعروف بمنی.
«360»-(1)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا عَمَدَ الْمَسِیرَ إِلَی الشَّامِ لِقِتَالِ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ قَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ أَطِیعُوهُ وَ أَطِیعُوا إِمَامَكُمْ فَإِنَّ الرَّعِیَّةَ الصَّالِحَةَ تَنْجُو بِالْإِمَامِ الْعَادِلِ أَلَا وَ إِنَّ الرَّعِیَّةَ الْفَاجِرَةَ تُهْلَكُ بِالْإِمَامِ الْفَاجِرِ وَ قَدْ أَصْبَحَ مُعَاوِیَةُ غَاصِباً لِمَا فِی یَدَیْهِ مِنْ حَقِّی نَاكِثاً لِبَیْعَتِی طَاعِناً فِی دِینِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَیُّهَا الْمُسْلِمُونَ مَا فَعَلَ النَّاسُ بِالْأَمْسِ وَ جِئْتُمُونِی رَاغِبِینَ إِلَیَّ فِی أَمْرِكُمْ حَتَّی اسْتَخْرَجْتُمُونِی مِنْ مَنْزِلِی لِتُبَایِعُونِی فَالْتَوَیْتُ عَلَیْكُمْ لِأَبْلُوَ مَا عِنْدَكُمْ فَرَاوَدْتُمُونِی الْقَوْلَ مِرَاراً وَ رَاوَدْتُكُمْ وَ تَكَأْكَأْتُمْ عَلَیَّ تَكَأْكُؤَ الْإِبِلِ الْهِیمِ عَلَی حِیَاضِهَا حِرْصاً عَلَی بَیْعَتِی حَتَّی خِفْتُ أَنْ یَقْتُلَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلَمَّا رَأَیْتُ ذَلِكَ مِنْكُمْ رَوَّیْتُ فِی أَمْرِی وَ أَمْرِكُمْ وَ قُلْتُ إِنْ أَنَا لَمْ أُجِبْهُمْ إِلَی الْقِیَامِ بِأَمْرِهِمْ لَمْ یُصِیبُوا أَحَداً یَقُومُ فِیهِمْ مَقَامِی وَ یَعْدِلُ فِیهِمْ عَدْلِی وَ قُلْتُ
ص: 387
وَ اللَّهِ لَأَلِیَنَّهُمْ وَ هُمْ یَعْرِفُونَ حَقِّی وَ فَضْلِی أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ یَلُونِی وَ هُمْ لَا یَعْرِفُونَ حَقِّی وَ فَضْلِی فَبَسَطْتُ لَكُمْ یَدِی فَبَایَعْتُمُونِی یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ وَ فِیكُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ التَّابِعُونَ بِإِحْسَانٍ فَأَخَذْتُ عَلَیْكُمْ عَهْدَ بَیْعَتِی وَ وَاجِبَ صَفْقَتِی مِنْ عَهْدِ اللَّهِ وَ مِیثَاقِهِ وَ أَشَدِّ مَا أَخَذَ عَلَی النَّبِیِّینَ مِنْ عَهْدٍ وَ مِیثَاقٍ لَتَفُنَّ لِی وَ لَتَسْمَعُنَّ لِأَمْرِی وَ لَتُطِیعُونِّی وَ تُنَاصِحُونِّی وَ تُقَاتِلُونَ مَعِی كُلَّ بَاغٍ أَوْ مَارِقٍ إِنْ مَرَقَ فَأَنْعَمْتُمْ لِی بِذَلِكَ جَمِیعاً فَأَخَذْتُ عَلَیْكُمْ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِیثَاقَهُ وَ ذِمَّةَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَأَجَبْتُمُونِی إِلَی ذَلِكَ وَ أَشْهَدْتُ اللَّهَ عَلَیْكُمْ وَ أَشْهَدْتُ بَعْضَكُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ قُمْتُ فِیكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَالْعَجَبُ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ یُنَازِعُنِی الْخِلَافَةَ وَ یَجْحَدُنِی الْإِمَامَةَ وَ یَزْعُمُ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مِنِّی جُرْأَةً مِنْهُ عَلَی اللَّهِ وَ عَلَی رَسُولِهِ بِغَیْرِ حَقٍّ لَهُ فِیهَا وَ لَا حُجَّةٍ وَ لَمْ یُبَایِعْهُ عَلَیْهَا الْمُهَاجِرُونَ وَ لَا سَلَّمَ لَهُ الْأَنْصَارُ وَ الْمُسْلِمُونَ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ جَمَاعَةِ مَنْ سَمِعَ كَلَامِی أَ وَ مَا أَوْجَبْتُمْ لِی عَلَی أَنْفُسِكُمُ الطَّاعَةَ أَ مَا بَایَعْتُمُونِی عَلَی الرَّغْبَةِ أَ لَمْ آخُذْ عَلَیْكُمُ الْعَهْدَ بِالْقَبُولِ لِقَوْلِی أَ مَا بَیْعَتِی لَكُمْ یَوْمَئِذٍ أَوْكَدَ مِنْ بَیْعَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَمَا بَالُ مَنْ خَالَفَنِی لَمْ یَنْقُضْ عَلَیْهِمَا حَتَّی مَضَیَا وَ نَقَضَ عَلَیَّ وَ لَمْ یَفِ لِی أَ مَا یَجِبُ لِی عَلَیْكُمْ نُصْحِی وَ یَلْزَمُكُمْ أَمْرِی أَ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ بَیْعَتِی تَلْزَمُ الشَّاهِدَ عَنْكُمْ وَ الْغَائِبَ فَمَا بَالُ مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابِهِ طَاعِنِینَ فِی بَیْعَتِی وَ لِمَ لَمْ یَفُوا بِهَا لِی وَ أَنَا فِی قَرَابَتِی وَ سَابِقَتِی وَ صِهْرِی أَوْلَی بِالْأَمْرِ مِمَّنْ تَقَدَّمَّنِی أَ مَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْغَدِیرِ فِی وَلَایَتِی وَ مُوَالاتِی فَاتَّقُوا اللَّهَ أَیُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَ تَحَاثُّوا عَلَی جِهَادِ مُعَاوِیَةَ النَّاكِثِ الْقَاسِطِ وَ أَصْحَابِهِ الْقَاسِطِینَ وَ اسْمَعُوا مَا أَتْلُو عَلَیْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ عَلَی نَبِیِّهِ الْمُرْسَلِ لِتَتَّعِظُوا فَإِنَّهُ عِظَةٌ لَكُمْ فَانْتَفِعُوا بِمَوَاعِظِ اللَّهِ وَ ازْدَجِرُوا عَنْ مَعَاصِی اللَّهِ فَقَدْ وَعَظَكُمُ اللَّهُ بِغَیْرِكُمْ فَقَالَ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ لَمْ تَرَ إِلَی الْمَلَإِ مِنْ بَنِی
ص: 388
إِسْرائِیلَ مِنْ بَعْدِ مُوسی إِذْ قالُوا لِنَبِیٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَیْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَیْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَ ما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ قَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِیارِنا وَ أَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَیْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِالظَّالِمِینَ وَ قالَ لَهُمْ نَبِیُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّی یَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَیْنا وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ یُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَیْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ وَ اللَّهُ یُؤْتِی مُلْكَهُ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ لَكُمْ فِی هَذِهِ الْآیَاتِ عِبْرَةً لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی جَعَلَ الْخِلَافَةَ وَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ الْأَنْبِیَاءِ فِی أَعْقَابِهِمْ وَ أَنَّهُ فَضَّلَ طَالُوتَ وَ قَدَّمَهُ عَلَی الْجَمَاعَةِ بِاصْطِفَائِهِ إِیَّاهُ وَ زِیَادَتِهِ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ فَهَلْ تَجِدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اصْطَفَی بَنِی أُمَیَّةَ عَلَی بَنِی هَاشِمٍ وَ زَادَ مُعَاوِیَةَ عَلَیَّ بَسْطَةً فِی الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ جَاهِدُوا فِی سَبِیلِهِ قَبْلَ أَنْ یَنَالَكُمْ سَخَطُهُ بِعِصْیَانِكُمْ لَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لُعِنَ الَّذِینَ كَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلی لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا یَعْتَدُونَ كانُوا لا یَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا یَفْعَلُونَ وَ قَالَ تَعَالَی إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَ قَالَ تَعَالَی یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلی تِجارَةٍ تُنْجِیكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَیْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ یَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ یُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَساكِنَ طَیِّبَةً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ
ص: 389
اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ تَحَاثُّوا عَلَی الْجِهَادِ مَعَ إِمَامِكُمْ فَلَوْ كَانَ لِی مِنْكُمْ عِصَابَةٌ بِعَدَدِ أَهْلِ بَدْرٍ إِذَا أَمَرْتُهُمْ أَطَاعُونِی وَ إِذَا اسْتَنْهَضْتُهُمْ نَهَضُوا مَعِی لَاسْتَغْنَیْتُ بِهِمْ عَنْ كَثِیرٍ مِنْكُمْ وَ أَسْرَعْتُ النُّهُوضَ إِلَی حَرْبِ مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ الْجِهَادُ الْمَفْرُوضُ.
بیان: التكأكؤ التجمع و التوی عن الأمر تثاقل و روّی فی الأمر ترویة نظر و تفكر و أنعم له أی قبل قوله و أجاب بنعم.
قوله علیه السلام إن اللّٰه جعل الخلافة فیه إشكال و هو أن المشهور بین المفسرین أن طالوت لم یكن من سبط النبوة و لا من سبط المملكة إذ النبوة كانت فی سبط لاوی و المملكة فی سبط یهودا و قیل فی سبط یوسف و هو كان من سبط بنیامین فالآیات تدل علی عدم لزوم كون الخلافة فی أعقاب الأنبیاء.
و یمكن أن یجاب عنه بوجوه الأول القدح فی تلك الأمور فإنها مستندة إلی أقوال المؤرخین و المفسرین من المخالفین فیمكن أن یكون طالوت من سبط النبوة أو المملكة فیكون ادعاؤهم الأحقیة من جهة المال فقط.
الثانی أن كونه من ولد یعقوب و إسحاق و إبراهیم كاف فی ذلك. الثالث أن یكون الاستدلال من جهة ما یفهم من الآیة من كون النبوة فی سبط مخصوص آباؤهم أنبیاء فالمراد بالخلافة رئاسة الدین و إن اجتمعت رئاسة الدین و الدنیا فی تلك الأمة فلا ینافی الاستدلال بالبسطة فی العلم و الجسم فإنه إذا اشترط فی الرئاسة الدنیویة فقط البسطة فی العلم و الجسم فاشتراطهما فی الرئاستین ثابت بطریق أولی.
«361»-(1)
شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام وَ قَدْ بَلَغَهُ عَنْ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ مَا یُؤْذِیهِ مِنَ الْكَلَامِ فَقَالَ
ص: 390
الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدِیماً وَ حَدِیثاً مَا عَادَانِی الْفَاسِقُونَ فَعَادَاهُمُ اللَّهُ أَ لَمْ تَعْجَبُوا إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْخَطْبُ الْجَلِیلُ أَنَّ فُسَّاقاً غَیْرَ مَرْضِیِّینَ وَ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ مُنْحَرِفِینَ خَدَعُوا بَعْضَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَشْرَبُوا قُلُوبَهُمْ حُبَّ الْفِتْنَةِ وَ اسْتَمَالُوا أَهْوَاءَهُمْ بِالْإِفْكِ وَ الْبُهْتَانِ قَدْ نَصَبُوا لَنَا الْحَرْبَ وَ هَبُّوا فِی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ اللَّهُمَّ إِنْ رَدُّوا الْحَقَّ فَاقْضُضْ خِدْمَتَهُمْ (1) وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَایَاهُمْ فَإِنَّهُ لَا یَذِلُّ مَنْ وَالَیْتَ وَ لَا یَعِزُّ مَنْ عَادَیْتَ.
«362»-(2)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام عِنْدَ عَزْمِهِ عَلَی الْمَسِیرِ إِلَی الشَّامِ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِی النَّفْسِ وَ الْأَهْلِ وَ الْمَالِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِی السَّفَرِ وَ أَنْتَ الْخَلِیفَةُ فِی الْأَهْلِ وَ لَا یَجْمَعُهُمَا غَیْرُكَ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا یَكُونُ مُسْتَصْحَباً وَ الْمُسْتَصْحَبُ لَا یَكُونُ مُسْتَخْلَفاً.
قال السید رضی اللّٰه عنه: و ابتداء هذا الكلام مروی عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قد قفاه أمیر المؤمنین علیه السلام بأبلغ كلام و تممه بأحسن تمام من قوله لا یجمعهما غیرك إلی آخر الفصل.
بیان: قال ابن میثم روی أنه علیه السلام دعا بهذا الدعاء عند وضعه رجله فی الركاب متوجها إلی حرب معاویة و الوعثاء المشقة و الكآبة
ص: 391
الحزن و المنقلب مصدر من قولهم انقلب منقلبا رجع و سوء المنظر هو أن یری فی نفسه أو أهله أو ماله ما یكرهه.
«363»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی جَرِیرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِیِّ لَمَّا أَرْسَلَهُ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِی فَاحْمِلْ مُعَاوِیَةَ عَلَی الْفَصْلِ وَ خُذْهُ بِالْأَمْرِ الْجَزْمِ ثُمَّ خَیِّرْهُ بَیْنَ حَرْبٍ مُجْلِیَةٍ أَوْ سِلْمٍ مُخْزِیَةٍ فَإِنِ اخْتَارَ الْحَرْبَ فَانْبِذْ إِلَیْهِ وَ إِنِ اخْتَارَ السِّلْمَ فَخُذْ بَیْعَتَهُ وَ السَّلَامُ.
تَبْیِینٌ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رُوِیَ أَنَّ جَرِیراً أَقَامَ عِنْدَ مُعَاوِیَةَ حِینَ أَرْسَلَهُ علیه السلام حَتَّی اتَّهَمَهُ النَّاسُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِیرٍ وَقْتاً لَا یُقِیمُ بَعْدَهُ إِلَّا مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِیاً فَأَبْطَأَ جَرِیرٌ حَتَّی أَیِسَ مِنْهُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الْكِتَابَ فَلَمَّا انْتَهَی إِلَیْهِ أَتَی مُعَاوِیَةَ فَأَقْرَأَهُ إِیَّاهُ وَ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّهُ لَا یُطْبَعُ عَلَی قَلْبٍ إِلَّا بِذَنْبٍ وَ لَا یُشْرَحُ إِلَّا بِتَوْبَةٍ وَ لَا أَظُنُّ قَلْبَكَ إِلَّا مَطْبُوعاً أَرَاكَ قَدْ وَقَفْتَ بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ كَأَنَّكَ تَنْتَظِرُ شَیْئاً فِی یَدِ غَیْرِكَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ أَلْقَاكَ بِالْفَصْلِ فِی أَوَّلِ مَجْلِسٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَخَذَ فِی بَیْعَةِ أَهْلِ الشَّامِ فَلَمَّا انْتَظَمَ أَمْرُهُ لَقِیَ جَرِیراً وَ قَالَ لَهُ الْحَقْ بِصَاحِبِكَ وَ أَعْلِمْهُ بِالْحَرْبِ فَقَدِمَ جَرِیرٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام.
قال: و البجلی منسوب إلی بجیلة قبیلة و المجلیة من الإجلاء و هو الإخراج عن الوطن قهرا و المخزیة المهینة و المذلة و روی مجزیة بالجیم أی كافیة و الحرب و السلم مؤنثان لكونهما فی معنی المحاربة و المسالمة و النبذ الإلقاء و الرمی و المقصود أن یجهر له بذلك من غیر مداهنة كقوله تعالی وَ إِمَّا
ص: 392
تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِیانَةً فَانْبِذْ إِلَیْهِمْ عَلی سَواءٍ
«364»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ قَدْ أَشَارَ إِلَیْهِ أَصْحَابُهُ بِالاسْتِعْدَادِ لِلْحَرْبِ بَعْدَ إِرْسَالِهِ جَرِیرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَنَّ اسْتِعْدَادِی لِحَرْبِ أَهْلِ الشَّامِ وَ جَرِیرٌ عِنْدَهُمْ إِغْلَاقٌ لِلشَّامِ وَ صَرْفٌ لِأَهْلِهِ عَنْ خَیْرٍ إِنْ أَرَادُوهُ وَ لَكِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِیرٍ وَقْتاً لَا یُقِیمُ بَعْدَهُ إِلَّا مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِیاً وَ الرَّأْیُ عِنْدِی مَعَ الْأَنَاةِ فَأَرْوِدُوا وَ لَا أَكْرَهُ لَكُمُ الِاسْتِعْدَادَ لِحَرْبِ أَهْلِ الشَّامِ وَ لَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هَذَا الْأَمْرِ وَ عَیْنَهُ وَ قَلَّبْتُ ظَهْرَهُ وَ بَطْنَهُ وَ لَمْ أَرَ لِی إِلَّا الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله إِنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَی الْأُمَّةِ وَالٍ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَ أَوْجَدَ النَّاسَ مَقَالًا فَقَالُوا ثُمَّ نَقَمُوا فَغَیَّرُوا.
بیان: جریر بن عبد اللّٰه البجلی كان عاملا لعثمان علی ثغر همدان فلما صار الأمر إلیه طلبه فأجاب بالسمع و الطاعة و قدم إلیه علیه السلام فأرسله إلی معاویة.
«365»-وَ رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا أَرَادَ بَعْثَهُ قَالَ جَرِیرٌ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَدَّخِرُكَ مِنْ نَصْرِی شَیْئاً وَ مَا أَطْمَعُ لَكَ فِی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ علیه السلام قَصْدِی حُجَّةٌ أُقِیمُهَا ثُمَّ كَتَبَ مَعَهُ فَإِنَّ بَیْعَتِی بِالْمَدِینَةِ لَزِمَتْكَ وَ أَنْتَ بِالشَّامِ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ بِرِوَایَةِ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ
ص: 393
فَأَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ أَمَّا بَعْدُ فَلَعَمْرِی لَوْ بَایَعَكَ الْقَوْمُ الَّذِینَ بَایَعُوكَ وَ أَنْتَ بَرِی ءٌ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ كُنْتَ كَأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ لَكِنَّكَ أَغْرَیْتَ بِعُثْمَانَ وَ خَذَلْتَ عَنْهُ الْأَنْصَارَ فَأَطَاعَكَ الْجَاهِلُ وَ قَوِیَ بِكَ الضَّعِیفُ وَ قَدْ أَبَی أَهْلُ الشَّامِ إِلَّا قِتَالَكَ حَتَّی تَدْفَعَ إِلَیْهِمْ قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَإِنْ فَعَلْتَ كَانَتْ شُورَی بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَعَمْرِی مَا حُجَّتُكَ عَلَیَّ كَحُجَّتِكَ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ لِأَنَّهُمَا بَایَعَاكَ وَ لَمْ أُبَایِعْكَ وَ لَا حُجَّتُكَ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ كَحُجَّتِكَ عَلَی أَهْلِ الْبَصْرَةِ لِأَنَّهُمْ أَطَاعُوكَ وَ لَمْ یُطِعْكَ أَهْلُ الشَّامِ فَأَمَّا شَرَفُكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتُكَ مِنَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَوْضِعُكَ مِنْ قُرَیْشٍ فَلَسْتُ أَدْفَعُهُ وَ كَتَبَ فِی آخِرِ الْكِتَابِ قَصِیدَةَ كَعْبِ بْنِ جُعَیْلٍ:
أَرَی الشَّامَ یَكْرَهُ أَهْلَ الْعِرَاقِ*** وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لَهَا كَارِهُونَا
366 (1)
وَ یُرْوَی أَنَّ الْكِتَابَ الَّذِی كَتَبَهُ علیه السلام مَعَ جَرِیرٍ كَانَتْ صُورَتُهُ أَنِّی قَدْ عَزَلْتُكَ فَفَوِّضِ الْأَمْرَ إِلَی جَرِیرٍ وَ السَّلَامُ وَ قَالَ لِجَرِیرٍ صُنْ نَفْسَكَ عَنْ خِدَاعِهِ فَإِنْ سَلَّمَ إِلَیْكَ الْأَمْرَ وَ تَوَجَّهَ إِلَیَّ فَأَقِمْ أَنْتَ بِالشَّامِ وَ إِنْ تَعَلَّلَ بِشَیْ ءٍ فَارْجِعْ فَلَمَّا عَرَضَ جَرِیرٌ الْكِتَابَ عَلَی مُعَاوِیَةَ تَعَلَّلَ بِمُشَاوَرَةِ أَهْلِ الشَّامِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ فَرَجَعَ جَرِیرٌ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ فِی أَثَرِهِ فِی ظَهْرِ كِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام مَنْ وَلَّاكَ حَتَّی تَعْزِلَنِی وَ السَّلَامُ.
ص: 394
و یقال أغلق الباب إذا جعله بحیث یعسر فتحه و المراد بالخیر الطاعة و الأناة كالقناة اسم من التأنی و أرودوا علی صیغة الإفعال أی ارفقوا و الإعداد التهیئة كالاستعداد.
و ربما یتوهم التنافی بین ذكر مفسدة الاستعداد أولا و عدم كراهة الإعداد ثانیا.
و دفع بوجوه منها أنه كره استعداد نفسه بجمع العسكر و عرضهم و تحریضهم علی القتال دون إعداد أصحابه بإصلاح كل منهم فرسه و أسلحته.
و منها أن المكروه إظهار الإعداد دون الإعداد سرا و تركنا بعض الوجوه لوهنها.
و ضرب الأنف و العین مثل للعرب یراد منه الاستقصاء فی البحث و التأمل و قلب الظهر و البطن التأمل فی ظاهر الأمر و باطنه.
و إطلاق الكفر هنا علی المبالغة أو بالمعنی الذی یطلق علی ترك الفرائض و فعل الكبائر كما سیأتی فی أبواب الإیمان و الكفر.
و یحتمل علی بعد اختصاص ذلك بالإمام و المراد بالوالی عثمان و بالأحداث البدع و الأمور المنكرة و أوجد الناس مقالا أی أبدی لهم طریقا إلیه بأحداثه و تفسیر أوجدها هنا بأغضب كما قیل غریب و نقموا كضربوا أی عتبوا و طعنوا علیه.
«367»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ وَصِیَّةٍ لَهُ علیه السلام لِمَعْقِلِ بْنِ قَیْسٍ الرِّیَاحِیِّ حِینَ أَنْفَذَهُ إِلَی الشَّامِ فِی ثَلَاثَةِ آلَافٍ مُقَدِّمَةً لَهُ
ص: 395
اتَّقِ اللَّهَ الَّذِی لَا بُدَّ لَكَ مِنْ لِقَائِهِ وَ لَا مُنْتَهَی لَكَ دُونَهُ وَ لَا تُقَاتِلَنَّ إِلَّا مَنْ قَاتَلَكَ وَ سِرِ الْبَرْدَیْنِ وَ غَوِّرِ النَّاسَ وَ رَفِّهْ فِی السَّیْرِ وَ لَا تَسِرْ أَوَّلَ اللَّیْلِ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ سَكَناً وَ قَدَّرَهُ مُقَاماً لَا ظَعْناً فَأَرِحْ فِیهِ بَدَنَكَ وَ رَوِّحْ ظَهْرَكَ فَإِذَا وَقَفْتَ حِینَ یَنْبَطِحُ السَّحَرُ أَوْ حِینَ یَنْفَجِرُ الْفَجْرُ فَسِرْ عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ فَإِذَا لَقِیتَ الْعَدُوَّ فَقِفْ مِنْ أَصْحَابِكَ وَسَطاً وَ لَا تَدْنُ مِنَ الْقَوْمِ دُنُوَّ مَنْ یُرِیدُ أَنْ یُنْشِبَ الْحَرْبَ وَ لَا تَبَاعَدْ مِنْهُمْ تَبَاعُدَ مَنْ یَهَابُ الْبَأْسَ حَتَّی یَأْتِیَكَ أَمْرِی وَ لَا یَحْمِلَنَّكُمْ شَنَآنُهُمْ عَلَی قِتَالِهِمْ قَبْلَ دُعَائِهِمْ وَ الْإِعْذَارِ إِلَیْهِمْ.
بیان:
قال ابن میثم روی أنه علیه السلام بعثه من المدائن و قال له امض علی الموصل حتی توافینی بالرقة.
ثم أوصاه بذلك.
و البردان الغداة و العشی و قال الجوهری التغویر القیلولة یقال غوروا أی انزلوا للقائلة قال أبو عبید یقال للقائلة الغائرة و الترفیه الإراحة و السكن ما یسكن إلیه و الظعن الارتحال.
و قال ابن الأثیر فی النهایة الظهر الإبل الذی یحمل علیها و یركب.
قوله علیه السلام فإذا وقفت قال ابن أبی الحدید أی إذا وقفت ثقلك و جملك لتسیر فلیكن ذلك حین ینبطح السحر أی حین یتسع و یمتد أی لا یكون السحر الأول بل ما بین السحر الأول و بین الفجر الأول و أصل الانبطاح السعة و منه الأبطح بمكة.
و قال الجوهری نشب الشی ء فی الشی ء بالكسر نشوبا أی علق فیه و أنشبته أنا فیه و یقال نشب الحرب بینهم ثارت و الشنآن البغض و فی بعض النسخ شبابكم قبل دعائهم أی إلی الإسلام و یقال أعذر الرجل إذا بلغ أقصی الغایة فی العذر.
ص: 396
«368»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ لَقِیَهُ عِنْدَ مَسِیرِهِ إِلَی الشَّامِ دَهَاقِینُ الْأَنْبَارِ فَتَرَجَّلُوا لَهُ وَ اشْتَدُّوا بَیْنَ یَدَیْهِ مَا هَذَا الَّذِی صَنَعْتُمُوهُ فَقَالُوا خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ أُمَرَاءَنَا فَقَالَ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا یَنْتَفِعُ بِهَذَا أُمَرَاؤُكُمْ وَ إِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ بِهِ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ تَشْقَوْنَ بِهِ فِی آخِرَتِكُمْ وَ مَا أَخْسَرَ الْمَشَقَّةَ وَرَاءَهَا الْعِقَابُ وَ أَرْبَحَ الدَّعَةَ مَعَهَا الْأَمَانُ مِنَ النَّارِ.
بیان: الدهقان بكسر الدال و ضمها رئیس القریة و الشد العدو و اشتد عدا و تشقون به لعله لكون غرضهم التسلط علی الناس و الجور علیهم للتقرب عند الإمام و إظهاره عند الناس أو یكون غرضه علیه السلام تعلیمهم و نهیهم عن فعل ذلك مع غیره علیه السلام من أئمة الجور.
«369»-(2)
كِتَابُ صِفِّینَ، لِنَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ رَوَی عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمَسِیرَ إِلَی الشَّامِ دَعَا مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكُمْ مَیَامِینُ الرَّأْیِ مَرَاجِیحُ الْحِلْمِ [الْحُكْمِ مُبَارِكُو الْأَمْرِ مَقَاوِیلُ بِالْحَقِّ وَ قَدْ عَزَمْنَا عَلَی الْمَسِیرِ إِلَی عَدُوِّنَا وَ عَدُوِّكُمْ فَأَشِیرُوا عَلَیْنَا بِرَأْیِكُمْ فَقَامَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ قَیْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَصَوَّبُوا رَأْیَهُ وَ بَذَلُوا إِلَیْهِ نُصْرَتَهُ.
أقول: و تركنا كلامهم مخافة التطویل و الإسهاب.
ص: 397
«370»-ثُمَّ رَوَی نَصْرٌ عَنْ مَعْبَدٍ قَالَ: قَامَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی مِنْبَرِهِ خَطِیباً فَكُنْتُ تَحْتَ الْمِنْبَرِ أَسْمَعُ تَحْرِیضَهُ النَّاسَ وَ أَمْرَهُ لَهُمْ بِالْمَسِیرِ إِلَی صِفِّینَ فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ سِیرُوا إِلَی أَعْدَاءِ اللَّهِ سِیرُوا إِلَی أَعْدَاءِ الْقُرْآنِ وَ السُّنَنِ سِیرُوا إِلَی بَقِیَّةِ الْأَحْزَابِ وَ قَتَلَةِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَعَارَضَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی فَزَارَةَ وَ وَطَّأَهُ النَّاسُ بِأَرْجُلِهِمْ وَ ضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ حَتَّی مَاتَ فَوَدَاهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ بَیْتِ الْمَالِ فَقَامَ الْأَشْتَرُ وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا یَهْدِنْكَ مَا رَأَیْتَ وَ لَا یُؤْیِسَنَّكَ مِنْ نَصْرِنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ مَقَالَةِ هَذَا الشَّقِیِّ الْخَائِنِ إِلَی آخِرِ مَا قَالَ رَفَعَ اللَّهُ مَقَامَهُ وَ بَالَغَ فِی إِظْهَارِهِ الثَّبَاتَ عَلَی الْحَقِّ وَ بَذْلِ النُّصْرَةِ فَقَالَ علیه السلام الطَّرِیقُ مُشْتَرَكٌ وَ النَّاسُ فِی الْحَقِّ سَوَاءٌ وَ مَنِ اجْتَهَدَ رَأْیَهُ فِی نَصِیحَةِ الْعَامَّةِ فَقَدْ قَضَی مَا عَلَیْهِ ثُمَّ نَزَلَ علیه السلام عَنِ الْمِنْبَرِ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَدَخَلَ عَلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ الْعَبْسِیُّ وَ حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّبِیعِ التَّمِیمِیُّ وَ الْتَمَسَا مِنْهُ علیه السلام أَنْ یَسْتَأْنِیَ بِالْأَمْرِ وَ یُكَاتِبَ مُعَاوِیَةَ وَ لَا یَعْجَلَ فِی الْقِتَالِ فَتَكَلَّمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ وَارِثُ الْعِبَادِ وَ الْبِلَادِ وَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ الْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ* یُؤْتِی الْمُلْكَ مَنْ یَشَاءُ وَ یَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ یَشَاءُ وَ یُعِزُّ مَنْ یَشَاءُ وَ یُذِلُّ مَنْ یَشَاءَ أَمَّا الدَّبْرَةُ فَإِنَّهَا عَلَی الضَّالِّینَ الْعَاصِینَ ظَفِرُوا أَوْ ظُفِرَ بِهِمْ وَ ایْمُ اللَّهِ إِنِّی لَأَسْمَعُ كَلَامَ قَوْمٍ مَا یَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً وَ لَا یُنْكِرُونَ مُنْكَراً فَقَالَ الْحَاضِرُونَ هُمَا مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ وَ یُكَاتِبَانِهِ وَ كَثُرَ الْكَلَامُ بَیْنَ أَصْحَابِهِ فِی ذَلِكَ.
ص: 398
«371»-وَ رَوَی نَصْرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِیكٍ قَالَ: خَرَجَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ وَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ یُظْهِرَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَأَرْسَلَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِمَا أَنْ كُفَّا عَمَّا یَبْلُغُنِی عَنْكُمَا فَأَتَیَاهُ فَقَالا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ لَسْنَا مُحِقِّینَ قَالَ بَلَی قَالا فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ قَالَ كَرِهْتُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا لَعَّانِینَ شَتَّامِینَ تَشْتِمُونَ وَ تَبْرَءُونَ وَ لَكِنْ لَوْ وَصَفْتُمْ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمْ فَقُلْتُمْ مِنْ سِیرَتِهِمْ كَذَا وَ كَذَا وَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ كَذَا وَ كَذَا كَانَ أَصْوَبَ فِی الْقَوْلِ وَ أَبْلَغَ فِی الْعُذْرِ وَ لَوْ قُلْتُمْ مَكَانَ لَعْنِكُمْ إِیَّاهُمْ وَ بَرَاءَتِكُمْ مِنْهُمْ اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَ دِمَاءَنَا وَ أَصْلِحْ ذَاتَ بَیْنِهِمْ وَ بَیْنِنَا وَ اهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ حَتَّی یَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ وَ یَرْعَوِیَ عَنِ الْغَیِّ وَ الْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ لَكَانَ أَحَبَّ إِلَیَّ وَ خَیْراً لَكُمْ فَقَالا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَقْبَلُ عِظَتَكَ وَ نَتَأَدَّبُ بِأَدَبِكَ قَالَ نَصْرٌ وَ قَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ یَوْمَئِذٍ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی مَا أَجَبْتُكَ وَ لَا بَایَعْتُكَ عَلَی قَرَابَةٍ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ لَا إِرَادَةِ مَالٍ تُؤْتِینِیهِ وَ لَا إِرَادَةِ سُلْطَانٍ تَرْفَعُ بِهِ ذِكْرِی وَ لَكِنِّی أَجَبْتُكَ بِخِصَالٍ خَمْسٍ إِنَّكَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ زَوْجُ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْأُمَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ وَ وَصِیُّهُ وَ أَبُو الذُّرِّیَّةِ الَّتِی بَقِیَتْ فِینَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَسْبَقُ النَّاسِ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ أَعْظَمُ الْمُهَاجِرِینَ سَهْماً فِی الْجِهَادِ فَلَوْ أَنِّی كُلِّفْتُ نَقْلَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی وَ نَزْحَ الْبُحُورِ الطَّوَامِی حَتَّی یَأْتِیَ عَلَیَّ یَوْمِی فِی أَمْرٍ أُقَوِّی بِهِ وَلِیَّكَ وَ أُهِینُ بِهِ عَدُوَّكَ مَا رَأَیْتُ أَنِّی قَدْ أَدَّیْتُ فِیهِ كُلَّ الَّذِی یَحِقُّ عَلَیَّ مِنْ حَقِّكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُمَّ نَوِّرْ قَلْبَهُ بِالتُّقَی وَ اهْدِهِ إِلَی صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِیمِ لَیْتَ أَنَّ فِی جُنْدِی مِائَةً مِثْلَكَ فَقَالَ حُجْرٌ إِذاً وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَحَّ جُنْدُكَ وَ قَلَّ فِیهِمْ مَنْ یَغِشُّكَ قَالَ وَ كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی عُمَّالِهِ حِینَئِذٍ یَسْتَنْفِرُهُمْ فَكَتَبَ إِلَی مِخْنَفِ بْنِ سُلَیْمٍ سَلَامٌ عَلَیْكَ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ جِهَادَ
ص: 399
مَنْ صَدَفَ عَنِ الْحَقِّ رَغْبَةً عَنْهُ وَ هَبَّ فِی نُعَاسِ الْعَمَی وَ الضَّلَالِ اخْتِیَاراً لَهُ فَرِیضَةٌ عَلَی الْعَارِفِینَ إِنَّ اللَّهَ یَرْضَی عَمَّنْ أَرْضَاهُ وَ یَسْخَطُ عَلَی مَنْ عَصَاهُ وَ إِنَّا قَدْ هَمَمْنَا بِالْمَسِیرِ إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِینَ عَمِلُوا فِی عِبَادِ اللَّهِ [فِی كِتَابِ اللَّهِ] بِغَیْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَ اسْتَأْثَرُوا بِالْفَیْ ءِ وَ عَطَّلُوا الْحُدُودَ وَ أَمَاتُوا الْحَقَّ وَ أَظْهَرُوا فِی الْأَرْضِ الْفَسَادَ وَ اتَّخَذُوا الْفَاسِقِینَ وَلِیجَةً مِنْ دُونَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِذَا وَلِیُّ اللَّهِ أَعْظَمَ أَحْدَاثَهُمْ أَبْغَضُوهُ وَ أَقْصَوْهُ وَ حَرَمُوهُ وَ إِذَا ظَالِمٌ سَاعَدَهُمْ عَلَی ظُلْمِهِمْ أَحَبُّوهُ وَ أَدْنَوْهُ وَ بَرُّوهُ فَقَدْ أَصَرُّوا عَلَی الظُّلْمِ وَ أَجْمَعُوا عَلَی الْخِلَافِ وَ قَدِیماً مَا صَدُّوا عَنِ الْحَقِّ وَ تَعَاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ كَانُوا ظَالِمِینَ: فَإِذَا أُتِیتَ بِكِتَابِی هَذَا فَاسْتَخْلِفْ عَلَی عَمَلِكَ أَوْثَقَ أَصْحَابِكَ فِی نَفْسِكَ وَ أَقْبِلْ إِلَیْنَا لَعَلَّكَ تَلْقَی مَعَنَا هَذَا الْعَدُوَّ الْمُحِلَّ فَتَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُجَامِعَ الْمُحِقَّ وَ تُبَایِنَ الْمُبْطِلَ فَإِنَّهُ لَا غَنَاءَ بِنَا وَ لَا بِكَ عَنْ أَجْرِ الْجِهَادِ وَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِیلُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَ كَتَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ فِی سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ قَالَ فَاسْتَعْمَلَ مِخْنَفٌ عَلَی أَصْبَهَانَ الْحَارِثَ بْنَ أَبِی الْحَارِثِ بْنِ الرَّبِیعِ وَ اسْتَعْمَلَ عَلَی هَمْدَانَ سَعِیدَ بْنَ وَهْبٍ وَ أَقْبَلَ حَتَّی شَهِدَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام صِفِّینَ قَالَ وَ كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَی عَلِیٍّ یَذْكُرُ لَهُ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَكَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ قَدِمَ عَلَیَّ رَسُولُكَ وَ قَرَأْتُ كِتَابَكَ تَذْكُرُ فِیهِ حَالَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ اخْتِلَافَهُمْ بَعْدَ انْصِرَافِی عَنْهُمْ وَ سَأُخْبِرُكَ عَنِ الْقَوْمِ هُمْ بَیْنَ مُقِیمٍ لِرَغْبَةٍ یَرْجُوهَا أَوْ خَائِفٍ مِنْ عُقُوبَةٍ یَخْشَاهَا فَأَرْغِبْ رَاغِبَهُمْ بِالْعَدْلِ عَلَیْهِ وَ الْإِنْصَافِ لَهُ وَ الْإِحْسَانِ إِلَیْهِ وَ احْلُلْ عُقْدَةَ الْخَوْفِ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَ انْتَهِ إِلَی أَمْرِی وَ أَحْسِنْ إِلَی هَذَا الْحَیِّ مِنْ رَبِیعَةَ وَ كُلُّ مَنْ قِبَلَكَ فَأَحْسِنْ إِلَیْهِمْ مَا اسْتَطَعْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ نَصْرٌ وَ كَتَبَ إِلَی الْأَسْوَدِ بْنِ قَصَبَةَ
ص: 400
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ یَنْتَفِعْ بِمَا وُعِظَ لَمْ یَحْذَرْ مَا هُوَ غَابِرٌ وَ مَنْ أَعْجَبَتْهُ الدُّنْیَا رَضِیَ بِهَا وَ لَیْسَتْ بِثِقَةٍ فَاعْتَبِرْ بِمَا مَضَی تَحْذَرْ مَا بَقِیَ وَ اطْبُخْ لِلْمُسْلِمِینَ قِبَلَكَ مِنَ الطِّلَاءِ مَا یَذْهَبُ ثُلُثَاهُ وَ یَبْقَی ثُلُثُهُ وَ أَكْثِرْ لَنَا مِنْ لَطَفِ الْجُنْدِ وَ اجْعَلْهُ مَكَانَ مَا عَلَیْهِمْ مِنْ أَرْزَاقِ الْجُنْدِ فَإِنَّ لِلْوِلْدَانِ عَلَیْنَا حَقّاً وَ فِی الذُّرِّیَّةِ مَنْ یُخَافُ دُعَاؤُهُ وَ هُوَ لَهُمْ صَالِحٌ وَ السَّلَامُ (1) وَ كَتَبَ إِلَی بَعْضِ وُلَاتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ (2) أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَیْرَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَقْوَمُهُمْ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ فِیمَا لَهُ وَ عَلَیْهِ وَ أَقْوَلُهُمْ بِالْحَقِّ وَ لَوْ كَانَ مُرّاً فَإِنَّ الْحَقَّ بِهِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرْضُ وَ لْتَكُنْ سَرِیرَتُكَ كَعَلَانِیَتِكَ وَ لْیَكُنْ حُكْمُكَ وَاحِداً وَ طَرِیقَتُكَ مُسْتَقِیمَةً فَإِنَّ الْبَصْرَةَ مَهْبِطُ الشَّیْطَانِ فَلَا تَفْتَحَنَّ عَلَی یَدِ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَاباً لَا نُطِیقُ سَدَّهُ نَحْنُ وَ لَا أَنْتَ وَ السَّلَامُ وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
ص: 401
عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَانْظُرْ مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ مِنْ غَلَّاتِ الْمُسْلِمِینَ وَ فَیْئِهِمْ فَاقْسِمْهُ عَلَی مَنْ قِبَلَكَ حَتَّی تُغْنِیَهُمْ وَ ابْعَثْ إِلَیْنَا بِمَا فَضَلَ نَقْسِمْهُ فِیمَنْ قِبَلَنَا وَ السَّلَامُ وَ أَیْضاً كَتَبَ علیه السلام إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ یَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیَفُوتَهُ وَ یَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ یَكُنْ لِیُدْرِكَهُ وَ إِنْ جَهَدَ فَلْیَكُنْ سُرُورُكَ فِیمَا قَدَّمْتَ مِنْ حُكْمٍ أَوْ مَنْطِقٍ أَوْ سِیرَةٍ وَ لْیَكُنْ أَسَفُكَ عَلَی مَا فَرَّطْتَ لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَ دَعْ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْیَا فَلَا تُكْثِرْ بِهِ حَزَناً وَ مَا أَصَابَكَ فِیهَا فَلَا تَبْغِ بِهِ سُرُوراً وَ لْیَكُنْ هَمُّكَ فِیمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَ السَّلَامُ أَقُولُ ثُمَّ ذَكَرَ كِتَابَهُ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ جَوَابَهُ كَمَا سَیَأْتِی ثُمَّ قَالَ وَ كَتَبَ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَیْرِهَا وَ صَاحِبَهَا مَقْهُورٌ فِیهَا لَمْ یُصِبْ مِنْهَا شَیْئاً قَطُّ إِلَّا فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً وَ أَدْخَلَتْ عَلَیْهِ مَئُونَةً تَزِیدُهُ رَغْبَةً فِیهَا وَ لَنْ یَسْتَغْنِیَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ عَمَّا لَمْ یَبْلُغْهُ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ فَلَا تُحْبِطْ أَجْرَكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ لَا تَجَارَیَنَّ مُعَاوِیَةَ فِی بَاطِلِهِ فَإِنَّ مُعَاوِیَةَ غَمَصَ النَّاسَ وَ سَفِهَ الْحَقَّ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِی فِیهِ صَلَاحُنَا وَ أُلْفَةُ ذَاتِ بَیْنِنَا أَنْ تُنِیبَ إِلَی الْحَقِّ وَ أَنْ تُجِیبَ إِلَی مَا تُدْعَوْنَ إِلَیْهِ مِنْ شُورَی فَصَبَّرَ الرَّجُلُ مِنَّا نَفْسَهُ عَلَی الْحَقِّ وَ عَذَّرَهُ النَّاسُ بِالْمُحَاجَزَةِ وَ السَّلَامُ فَجَاءَ الْكِتَابُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَبْلَ أَنْ یَرْتَحِلَ مِنَ النُّخَیْلَةِ.
ص: 402
قَالَ نَصْرٌ رَوَی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِی رَوْقٍ قَالَ: قَالَ زِیَادُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِیُّ لِعَبْدِ اللَّهِ بُدَیْلِ بْنِ وَرْقَاءَ إِنَّ یَوْمَنَا وَ یَوْمَهُمْ لَیَوْمٌ عَصِیبٌ مَا یَصْبِرُ عَلَیْهِ إِلَّا كُلُّ قَوِیِّ الْقَلْبِ صَادِقِ النِّیَّةِ رَابِطِ الْجَأْشِ وَ ایْمُ اللَّهِ مَا أَظُنُّ ذَلِكَ الْیَوْمَ یَبْقَی مِنَّا وَ مِنْهُمْ إِلَّا رُذَالًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَیْلٍ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَظُنُّ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِیَكُنْ هَذَا الْكَلَامُ مَخْزُوناً فِی صُدُورِكُمَا لَا تُظْهِرَاهُ وَ لَا یَسْمَعْهُ مِنْكُمْ سَامِعٌ (1) إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْقَتْلَ عَلَی قَوْمٍ وَ الْمَوْتَ عَلَی آخَرِینَ وَ كُلٌّ آتِیَةٌ مَنِیَّتُهُ كَمَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فَطُوبَی لِلْمُجَاهِدِینَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الْمَقْتُولِینَ فِی طَاعَتِهِ فَلَمَّا سَمِعَ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ مَقَالَتَهُمْ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ سِرْ بِنَا إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْقَاسِیَةِ قُلُوبُهُمْ الَّذِینَ نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ عَمِلُوا فِی عِبَادِ اللَّهِ بِغَیْرِ رِضَا اللَّهِ فَأَحَلُّوا حَرَامَهُ وَ حَرَّمُوا حَلَالَهُ وَ اسْتَهْوَاهُمُ الشَّیْطَانُ (2) وَ وَعَدَهُمْ الْأَبَاطِیلَ وَ مَنَّاهُمُ الْأَمَانِیَّ حَتَّی أَزَاغَهُمْ عَنِ الْهُدَی وَ قَصَدَ بِهِمْ قَصْدَ الرَّدَی وَ حَبَّبَ إِلَیْهِمُ الدُّنْیَا فَهُمْ یُقَاتِلُونَ عَلَی دُنْیَاهُمْ رَغْبَةً فِیهَا كَرَغْبَتِنَا فِی الْآخِرَةِ إِنْجَازُنَا مَوْعُودُ رَبِّنَا وَ أَنْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَحِماً وَ أَفْضَلُ النَّاسِ سَابِقَةً وَ قِدَماً وَ هُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ یَعْلَمُونَ مِنْكَ مِثْلَ الَّذِی عَلِمْنَا وَ لَكِنْ كُتِبَ عَلَیْهِمُ الشَّقَاءُ وَ مَالَتْ بِهِمُ الْأَهْوَاءُ وَ كَانُوا ظَالِمِینَ فَأَیْدِینَا مَبْسُوطَةٌ لَكَ بِالسَّمْعِ وَ الطَّاعَةِ وَ قُلُوبُنَا مُنْشَرِحَةٌ لَكَ بِبَذْلِ النَّصِیحَةِ وَ أَنْفُسُنَا
ص: 403
بِنُورِكَ جَذِلَةٌ عَلَی مَنْ خَالَفَكَ وَ تَوَلَّی الْأَمْرَ دُونَكَ وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِی مَا عَلَی الْأَرْضِ مِمَّا أَقَلَّتْ وَ مَا تَحْتَ السَّمَاءِ مِمَّا أَظَلَّتْ وَ أَنِّی وَالَیْتُ عَدُوّاً لَكَ أَوْ عَادَیْتُ وَلِیّاً لَكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ الشَّهَادَةَ فِی سَبِیلِكَ وَ الْمُرَافَقَةَ لِنَبِیِّكَ ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ النَّاسَ وَ دَعَاهُمْ إِلَی الْجِهَادِ فَبَدَأَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَكُمْ بِدِینِهِ وَ خَلَقَكُمْ لِعِبَادَتِهِ فَأَنْصِبُوا أَنْفُسَكُمْ فِی أَدَائِهَا وَ تَنَجَّزُوا مَوْعُودَهُ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ أَمْرَاسَ الْإِسْلَامِ مَتِینَةً وَ عُرَاهُ وَثِیقَةً ثُمَّ جَعَلَ الطَّاعَةَ حَظَّ الْأَنْفُسِ وَ رِضَا الرَّبِّ وَ غَنِیمَةَ الْأَكْیَاسِ عِنْدَ تَفْرِیطِ الْعَجَزَةِ وَ قَدْ حَمَلْتُ أَمْرَ أَسْوَدِهَا وَ أَحْمَرِهَا وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ نَحْنُ سَائِرُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَی مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَ تَنَاوَلَ مَا لَیْسَ لَهُ وَ مَا لَا یُدْرِكُهُ مُعَاوِیَةُ وَ جُنْدُهُ الْفِئَةُ الطَّاغِیَةُ الْبَاغِیَةُ یَقُودُهُمْ إِبْلِیسُ وَ یُبَرِّقُ لَهُمْ بَیَارِقَ تَسْوِیفِهِ وَ یُدْلِیهِمْ بِغُرُورِهِ وَ أَنْتُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ فَاسْتَغْنُوا بِمَا عَلِمْتُمْ وَ احْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنَ الشَّیْطَانِ وَ ارْغَبُوا فِیمَا هَیَّأَ لَكُمْ عِنْدَهُ مِنَ الْأَجْرِ وَ الْكَرَامَةِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْمَسْلُوبَ مَنْ سُلِبَ دِینَهُ وَ أَمَانَتَهُ وَ الْمَغْرُورَ مَنْ آثَرَ الضَّلَالَةَ عَلَی الْهُدَی فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَداً مِنْكُمْ تَقَاعَسَ عَنِّی وَ قَالَ فِی غَیْرِی كِفَایَةٌ فَإِنَّ الذَّوْدَ إِلَی الذَّوْدِ إِبِلٌ مَنْ لَا یَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ یُهَدَّمْ
ص: 404
ثُمَّ إِنِّی آمُرُكُمْ بِالشِّدَّةِ فِی الْأَمْرِ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ أَنْ لَا تَغْتَابُوا مُسْلِماً وَ انْتَظِرُوا النَّصْرَ الْعَاجِلَ مِنَ اللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَامَ ابْنُهُ الْحَسَنُ علیه السلام فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ غَیْرُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ ثُمَّ إِنَّ مِمَّا عَظَّمَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ مِنْ حَقِّهِ وَ أَسْبَغَ عَلَیْكُمْ مِنْ نِعَمِهِ مَا لَا یُحْصَی ذِكْرُهُ وَ لَا یُؤَدَّی شُكْرُهُ وَ لَا یَبْلُغُهُ قَوْلٌ وَ لَا صِفَةٌ وَ نَحْنُ إِنَّمَا غَضَبْنَا لِلَّهِ وَ لَكُمْ فَإِنَّهُ مَنَّ عَلَیْنَا بِمَا هُوَ أَهْلُهُ أَنْ نَشْكُرَ فِیهِ آلَاءَهُ وَ بَلَاءَهُ وَ نَعْمَاءَهُ قَوْلٌ یَصْعَدُ إِلَی اللَّهِ فِیهِ الرِّضَا وَ تَنْتَشِرُ فِیهِ عَارِفَةُ الصِّدْقِ یُصَدِّقُ اللَّهُ فِیهِ قَوْلَنَا وَ نَسْتَوْجِبُ فِیهِ الْمَزِیدَ مِنْ رَبِّنَا قَوْلًا یَزِیدُ وَ لَا یَبِیدُ فَإِنَّهُ لَمْ یَجْتَمِعْ قَوْمٌ قَطُّ عَلَی أَمْرٍ وَاحِدٍ إِلَّا اشْتَدَّ أَمْرُهُمْ وَ اسْتَحْكَمَتْ عُقْدَتُهُمْ فَاحْتَشِدُوا فِی قِتَالِ عَدُوِّكُمْ مُعَاوِیَةَ وَ جُنُودِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَضَرَ وَ لَا تَخَاذَلُوا فَإِنَّ الْخِذْلَانَ یَقْطَعُ نِیَاطَ الْقُلُوبِ وَ إِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَی الْأَسِنَّةِ نَجْدَةٌ وَ عِصْمَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ یَمْتَنِعْ قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعِلَّةَ وَ كَفَاهُمْ جَوَائِحَ الذِّلَّةِ وَ هَدَاهُمْ إِلَی مَعَالِمِ الْمِلَّةِ ثُمَّ أَنْشَدَ:
وَ الصُّلْحُ تَأْخُذُ مِنْهُ مَا رَضِیتَ بِهِ***وَ الْحَرْبُ بكفیك [یَكْفِیكَ] مِنْ أَنْفَاسِهَا جُرَعٌ
ثُمَّ قَامَ الْحُسَیْنُ علیه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ قَالَ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْتُمُ الْأَحِبَّةُ الْكُرَمَاءُ وَ الشِّعَارُ دُونَ الدِّثَارِ فَجِدُّوا فِی إِحْیَاءِ مَا دَثَرَ بَیْنَكُمْ وَ تَسْهِیلِ مَا تَوَعَّرَ عَلَیْكُمْ أَلَا إِنَّ الْحَرْبَ شَرُّهَا ذَرِیعٌ وَ طَعْمُهَا فَظِیعٌ وَ هِیَ جُرَعٌ مستحساة [مُتَحَسَّاةٌ] فَمَنْ أَخَذَ لَهَا أُهْبَتَهَا وَ اسْتَعَدَّ لَهَا عُدَّتَهَا وَ لَمْ یَأْلَمْ كُلُومَهَا عِنْدَ حُلُولِهَا فَذَاكَ صَاحِبُهَا وَ مَنْ عَاجَلَهَا قَبْلَ أَوَانِ فُرْصَتِهَا وَ اسْتِبْصَارِ سَعْیِهِ فِیهَا فَذَاكَ قَمَنٌ أَنْ لَا یَنْفَعَ قَوْمَهُ
ص: 405
وَ أَنْ یُهْلِكَ نَفْسَهُ نَسْأَلُ اللَّهَ بِقُوَّتِهِ أَنْ یَدْعَمَكُمْ بِالْفِئَةِ (1) ثُمَّ نَزَلَ قَالَ نَصْرٌ فَأَجَابَ عَلِیّاً علیه السلام إِلَی الْمَسِیرِ جُلُّ النَّاسِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَتَوْهُ وَ فِیهِمْ عَبِیدَةُ السَّلْمَانِیُّ وَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّا نَخْرُجُ مَعَكُمْ وَ لَا نَنْزِلُ عَسْكَرَكُمْ وَ نُعَسْكِرُ عَلَی حِدَةٍ حَتَّی نَنْظُرَ فِی أَمْرِكُمْ وَ أَمْرِ أَهْلِ الشَّامِ فَمَنْ رَأَیْنَاهُ أَرَادَ مَا لَا یَحِلُّ لَهُ أَوْ بَدَا لَنَا مِنْهُ بَغْیٌ كُنَّا عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام مَرْحَباً وَ أَهْلًا هَذَا هُوَ الْفِقْهُ فِی الدِّینِ وَ الْعِلْمُ بِالسُّنَّةِ مَنْ لَمْ یَرْضَ فَهُوَ خَائِنٌ جَائِرٌ وَ أَتَاهُ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِیهِمْ رَبِیعُ بْنُ خُثَیْمٍ وَ هُمْ یَوْمَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا شَكَكْنَا فِی هَذَا الْقِتَالِ عَلَی مَعْرِفَتِنَا بِفَضْلِكَ وَ لَا غَنَاءَ بِنَا وَ لَا بِكَ وَ لَا بِالْمُسْلِمِینَ عَمَّنْ یُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فَوَلِّنَا بَعْضَ هَذِهِ الثُّغُورِ نَكُونُ بِهِ نُقَاتِلُ عَنْ أَهْلِهِ فَوَجَّهَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی ثَغْرِ الرَّیِّ فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ بِالْكُوفَةِ لِوَاءَ رَبِیعِ بْنِ خُثَیْمٍ.
«372»-نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ لَیْثِ بْنِ أَبِی سُلَیْمٍ قَالَ: دَعَا عَلِیٌّ علیه السلام بَاهِلَةَ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ بَاهِلَةَ أُشْهِدُ اللَّهَ أَنَّكُمْ تُبْغِضُونِّی وَ أُبْغِضُكُمْ فَخُذُوا عَطَاءَكُمْ وَ أَخْرِجُوا إِلَی الدَّیْلَمِ وَ كَانُوا قَدْ كَرِهُوا أَنْ یَخْرُجُوا مَعَهُ إِلَی صِفِّینَ (2).
«373»-وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمْ یَبْرَحِ النُّخَیْلَةَ حَتَّی
ص: 406
قَدِمَ عَلَیْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ وَ كَانَ كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا بَعْدُ فَاشْخَصْ إِلَیَّ بِمَنْ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُؤْمِنِینَ وَ ذَكِّرْهُمْ بَلَائِی عِنْدَهُمْ وَ عَفْوِی عَنْهُمْ وَ اسْتِبْقَائِی لَهُمْ وَ رَغِّبْهُمْ فِی الْجِهَادِ وَ أَعْلِمْهُمُ الَّذِی لَهُمْ فِی ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ وَ السَّلَامُ قَالَ فَلَمَّا وَصَلَ كِتَابُهُ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ قَامَ فِی النَّاسِ فَقَرَأَ عَلَیْهِمُ الْكِتَابَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ اسْتَعِدُّوا لِلشُّخُوصِ إِلَی إِمَامِكُمْ وَ انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ تُقَاتِلُونَ الْمُحِلِّینَ الْقَاسِطِینَ الَّذِینَ لَا یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَ لَا یَعْرِفُونَ حُكْمَ الْكِتَابِ وَ لا یَدِینُونَ دِینَ الْحَقِّ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهِی عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الصَّادِعِ بِالْحَقِّ وَ الْقَیِّمِ بِالْهُدَی وَ الْحَاكِمِ بِحُكْمِ الْكِتَابِ الَّذِی لَا یَرْتَشِی فِی الْحُكْمِ وَ لَا یُداهِنُ الْفُجَّارَ وَ لَا تَأْخُذُهُ فِی اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ فَقَامَ إِلَیْهِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ فَقَالَ نَعَمْ وَ اللَّهِ لَنُجِیبَنَّكَ وَ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكَ عَلَی الْعُسْرِ وَ الْیُسْرِ وَ الرِّضَا وَ الْكُرْهِ نَحْتَسِبُ فِی ذَلِكَ الْخَیْرَ وَ نَأْمُلُ بِهِ مِنَ اللَّهِ الْعَظِیمَ مِنَ الْأَجْرِ وَ قَامَ إِلَیْهِ خَالِدُ بْنُ مَعْمَرٍ السَّدُوسِیُّ فَقَالَ سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا فَمَتَی اسْتَنْفَرْتَنَا نَفَرْنَا وَ مَتَی دَعَوْتَنَا أَجَبْنَا وَ قَامَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ مَرْحُومٍ الْعَبْدِیُّ فَقَالَ وَفَّقَ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ جَمَعَ لَهُ أَمْرَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَعَنَ الْمُحِلِّینَ الْقَاسِطِینَ الَّذِینَ لَا یَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ نَحْنُ وَ اللَّهِ عَلَیْهِمْ حَنِقُونَ وَ لَهُمْ فِی اللَّهِ مُفَارِقُونَ فَمَتَی أَرَدْتَنَا صَحِبَكَ خَیْلُنَا وَ رَجِلُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَجَابَ النَّاسُ إِلَی الْمَسِیرِ وَ نَشِطُوا وَ خَفُّوا وَ اسْتَعْمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَی الْبَصْرَةِ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیَّ وَ خَرَجَ حَتَّی قَدِمَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالنُّخَیْلَةِ
ص: 407
وَ أَمَّرَ عَلِیٌّ الْأَسْبَاعَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ (1) فَأَمَّرَ سَعْدَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیَّ عَلَی قَیْسٍ وَ عَبْدِ الْقَیْسِ وَ مَعْقِلَ بْنَ قَیْسٍ الْیَرْبُوعِیَّ عَلَی تَمِیمٍ وَ ضَبَّةَ وَ الرَّبَابِ وَ قُرَیْشٍ وَ كِنَانَةَ وَ الْأَسَدِ وَ مِخْنَفَ بْنَ سُلَیْمٍ عَلَی الْأَزْدِ وَ بَجِیلَةَ وَ خَثْعَمٍ وَ الْأَنْصَارِ وَ خُزَاعَةَ وَ حُجْرَ بْنَ عَدِیٍّ الْكِنْدِیَّ عَلَی كِنْدَةَ وَ حَضْرَمَوْتَ وَ قُضَاعَةَ وَ مَهْرَةَ وَ زِیَادَ بْنَ النَّضْرِ عَلَی مَذْحِجٍ وَ الْأَشْعَرِیِّینَ وَ سَعِیدَ بْنَ قَیْسِ بْنِ مُرَّةَ عَلَی هَمْدَانَ وَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ حِمْیَرٍ وَ عَدِیَّ بْنَ حَاتِمٍ عَلَی طَیِ ءٍ قَالَ نَصْرٌ وَ أَمَرَ عَلِیٌّ علیه السلام الْحَارِثَ الْأَعْوَرَ أَنَّ یُنَادِیَ فِی النَّاسِ اخْرُجُوا إِلَی مُعَسْكَرِكُمْ بِالنُّخَیْلَةِ فَنَادَی بِذَلِكَ وَ اسْتَخْلَفَ عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِیَّ عَلَی الْكُوفَةِ ثُمَّ خَرَجَ وَ خَرَجَ النَّاسُ.
بیان: بقیة الأحزاب أی أحزاب الشرك الذین تحزبوا علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قوله علیه السلام الطریق مشترك أی طریق الحق مشترك بینی و بینكم یجب علیكم سلوكه كما یجب علی و الدبرة بالتحریك الهزیمة فی القتال أی هم المنهزمون عن الحق و المدبرون عنه و إن ظفروا أو یلحقهم ضررها و عقابها.
و طما البحر ارتفع بأمواجه و الهب الانتباه من النوم و نشاط كل سائر و سرعته و هب یفعل كذا طفق ذكرها الفیروزآبادی و قال رجل محل أی منتهك للحرام أو لا یری للشهر الحرام حرمة.
و أكثر لنا من لَطَف الجند أی ابعث الطلا إلینا كثیرا من جملة لطف الجند أی طعامهم قال فی القاموس اللَّطَف بالتحریك الیسیر من الطعام و غیره و بهاء الهدیة انتهی.
ص: 408
و یمكن أن یقرأ لنأمن علی الفعل من الأمن أی إذا علم الجند أن أرزاق أولادهم موفرة لا یخونوننا فی لطفهم و عطفهم و هو لهم صالح أی الطلا صالح للذریة و الأطفال.
غمص الناس أی احتقرهم و لم یرهم شیئا و سفه الحق أی جهله أو عده سفها و یوم عصیب و عصبصب شدید و فلان رابط الجأش شجاع و هو جذل بالذال أی فرح و بالرأی أی صاحب رأی جید و شدید.
و الأمراس الحبال إلی من سفه نفسه أی جعلها سفیهة استعمل استعمال المتعدی فهو فی قوة سفه نفسا.
و ما لا یدركه أی الخلافة الواقعیة و برقت السماء لمعت أو جاءت تبرق و البارق سحاب ذو برق.
و قال الجوهری الذود من الإبل ما بین الثلاث إلی العشر و هی مؤنثة لا واحد لها من لفظها و الكثیر أذواد و فی المثل الذود إلی الذود إبل قولهم إلی بمعنی مع أی إذا جمعت القلیل مع القلیل صار كثیرا.
و قال الزمخشری فی المستقصی من لا یزد عن حوضه یهدم من قول زهیر:
و من لا یزد عن حوضه بسلاحه***یهدم و من لا یظلم الناس یظلم
یضرب مثلا فی تهضم غیر المدافع عن نفسه انتهی.
و قال أبو عبید أی من لا یدفع الضیم عن نفسه یركب بالظلم أَقُولُ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ أَكْثَرَ مَا رَوَیْنَاهُ (1) عَنْ نَصْرٍ فَجَمَعْنَا بَیْنَ الرِّوَایَتَیْنِ.
ص: 409
ثُمَّ قَالَ نَصْرٌ وَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ وَ دَعَا عَلِیٌّ علیه السلام زِیَادَ بْنَ النَّضْرِ وَ شُرَیْحَ بْنَ هَانِئٍ وَ كَانَا عَلَی مَذْحِجٍ وَ الْأَشْعَرِیِّینَ فَقَالَ یَا زِیَادُ اتَّقِ اللَّهَ فِی كُلِّ مُمْسًی وَ مُصْبَحٍ وَ خَفْ عَلَی نَفْسِكَ الدُّنْیَا الْغَرُورَ وَ لَا تَأْمَنْهَا عَلَی حَالٍ مِنَ الْبَلَاءِ وَ اعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَزَعْهَا عَنْ كَثِیرٍ مِمَّا تُحِبُّ مَخَافَةَ مَكْرُوهِهِ سَمَتْ بِكَ الْأَهْوَاءُ إِلَی كَثِیرٍ مِنَ الضَّرَرِ فَكُنْ لِنَفْسِكَ مَانِعاً وَازِعاً مِنَ الْبَغْیِ وَ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ فَإِنِّی قَدْ وَلَّیْتُكَ هَذَا الْجُنْدَ فَلَا تَسْتَطِیلَنَّ عَلَیْهِمْ إِنَّ خَیْرَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وَ تَعَلَّمْ مِنْ عَالِمِهِمْ وَ عَلِّمْ جَاهِلَهُمْ وَ احْلُمْ عَنْ سَفِیهِهِمْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُدْرِكُ الْخَیْرَ بِالْحِلْمِ وَ كَفِّ الْأَذَی وَ الْجَهْلِ فَقَالَ زِیَادٌ أَوْصَیْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حَافِظاً لِوَصِیَّتِكَ مُؤَدَّباً بِأَدَبِكَ یَرَی الرُّشْدَ فِی نَفَاذِ أَمْرِكَ وَ الْغَیَّ فِی تَضْیِیعِ عَهْدِكَ فَأَمَرَهُمَا أَنْ یَأْخُذَا عَلَی طَرِیقٍ وَاحِدٍ وَ لَا یَخْتَلِفَا وَ بَعَثَهُمَا فِی اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً عَلَی مُقَدِّمَتِهِ وَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَی جَمَاعَةٍ مِنْ هَذَا الْجَیْشِ فَلَمَّا سَارَا اخْتَلَفَا وَ كَتَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَیْهِ یَشْكُو مِنْ صَاحِبِهِ فَكَتَبَ علیه السلام إِلَیْهِمَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی زِیَادِ بْنِ النَّضْرِ وَ شُرَیْحِ بْنِ هَانِئٍ سَلَامٌ عَلَیْكُمَا فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمَا اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی وَلَّیْتُ زِیَادَ بْنَ النَّضْرِ مُقَدِّمَتِی وَ أَمَّرْتُهُ عَلَیْهَا وَ شُرَیْحٌ عَلَی طَائِفَةٍ مِنْهَا أَمِیرٌ فَإِنْ جَمَعَكُمَا بَأْسٌ فَزِیَادٌ عَلَی النَّاسِ كُلِّهِمْ وَ إِنِ افْتَرَقْتُمَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَمِیرٌ عَلَی الطَّائِفَةِ الَّتِی وَلَّیْتُهُ عَلَیْهَا وَ اعْلَمَا أَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَوْمِ عُیُونُهُمْ وَ عُیُونَ الْمُقَدِّمَةِ طَلَائِعُهُمْ وَ إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا مِنْ بِلَادِكُمَا وَ دَنَوْتُمَا مِنْ بِلَادِ عَدُوِّكُمَا فَلَا تَسْأَمَا مِنْ تَوْجِیهِ الطَّلَائِعِ وَ مِنْ نَفْضِ الشِّعَابِ وَ الشَّجَرِ وَ الْخَمَرِ فِی كُلِّ جَانِبٍ كَیْلَا یَعْتَرِیَكُمَا عَدُوٌّ أَوْ یَكُونَ لَهُمْ
ص: 410
كَمِینٌ (1) وَ لَا تُسَیِّرَنَّ الْكَتَائِبَ مِنْ لَدُنِ الصَّبَاحِ إِلَی الْمَسَاءِ إِلَّا عَلَی تَعْبِئَةٍ فَإِنْ دَهِمَكُمْ دَهْمٌ أَوْ غَشِیَكُمْ مَكْرُوهٌ كُنْتُمْ قَدْ تَقَدَّمْتُمْ فِی التَّعْبِئَةِ فَإِذَا نَزَلْتُمْ بِعَدُوٍّ أَوْ نَزَلَ بِكُمْ عَدُوٌّ فَلْیَكُنْ مُعَسْكَرُكُمْ فِی قُبُلِ الْأَشْرَافِ أَوْ سِفَاحِ الْجِبَالِ أَوْ أَثْنَاءِ الْأَنْهَارِ كَیْمَا یَكُونَ لَكُمْ رِدْءاً وَ دُونَكُمْ مَرَدّاً وَ لْتَكُنْ مُقَاتَلَتُكُمْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَیْنِ وَ اجْعَلُوا لَكُمْ رُقَبَاءَ فِی صَیَاصِی الْجِبَالِ وَ مَنَاكِبِ الْهِضَابِ لِئَلَّا یَأْتِیَكُمُ الْعَدُوُّ مِنْ مَكَانِ مَخَافَةٍ أَوْ أَمْنٍ وَ إِیَّاكُمْ وَ التَّفَرُّقَ فَإِذَا نَزَلْتُمْ فَانْزِلُوا جَمِیعاً وَ إِذَا رَحَلْتُمْ فَارْحَلُوا جَمِیعاً وَ إِذَا غَشِیَكُمُ اللَّیْلُ فَنَزَلْتُمْ فَحُفُّوا عَسْكَرَكُمْ بِالرِّمَاحِ وَ التِّرَسَةِ وَ لْتَكُنْ رُمَاتُكُمْ مِنْ وَرَاءِ تِرَسَتِكُمْ وَ رِمَاحُكُمْ یَلُونَهُمْ وَ مَا أَقَمْتُمْ فَكَذَلِكُمْ فَافْعَلُوا كَیْلَا تُصَابَ لَكُمْ غَفْلَةٌ وَ لَا تُلْفَی لَكُمْ غِرَّةٌ فَمَا مِنْ قَوْمٍ یَحُفُّونَ عَسْكَرَهُمْ بِرِمَاحِهِمْ وَ تِرَسَتِهِمْ مِنْ لَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا كَانُوا كَأَنَّهُمْ فِی حُصُونٍ وَ احْرُسَا عَسْكَرَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا وَ إِیَّاكُمَا أَنْ تَذُوقَا نَوْماً حَتَّی تُصْبِحَا إِلَّا غِرَاراً أَوْ مَضْمَضَةً ثُمَّ لْیَكُنْ ذَلِكَ شَأْنَكُمَا وَ رَأْیَكُمَا إِلَی أَنْ تَنْتَهِیَا إِلَی عَدُوِّكُمَا وَ لْیَكُنْ عِنْدِی كُلَّ یَوْمٍ خَبَرُكُمَا وَ رَسُولٌ مِنْ قِبَلِكُمَا فَإِنَّنِی وَ لَا شَیْ ءٌ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ حَثِیثُ السَّیْرِ فِی آثَارِكُمَا
ص: 411
وَ عَلَیْكُمَا فِی حَرْبِكُمَا بِالتَّوْأَدَةِ (1) وَ إِیَّاكُمَا وَ الْعَجَلَةَ إِلَّا أَنْ یُمْكِنَكُمَا فُرْصَةٌ بَعْدَ الْإِعْذَارِ وَ الْحُجَّةِ وَ إِیَّاكُمَا أَنْ تُقَاتِلَا حَتَّی أَقْدَمَ عَلَیْكُمَا إِلَّا أَنْ تُبْدَءَا أَوْ یَأْتِیَكُمَا أَمْرِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
أقول: أورد ابن میثم هذا المكتوب فی شرحه و أورد السید الرضی رضی اللّٰه عنه فی النهج (2) بعض هذا المكتوب علی خلاف الترتیب و آخره و إذا غشیكم اللیل فاجعلوا الرماح كفة و لا تذوقوا النوم إلا غرارا أو مضمضة.
و قال ابن میثم العین الجاسوس و طلیعة الجیش الذی یبعث لیطلع علی حال العدو و نفض الشعاب استقراؤها.
أقول: قال فی النهایة فیه أنا أنفض لك ما حولك أی أحرسك و أطوف هل أری طلبا یقال نفضت المكان و استنفضته و تنفضته إذا أظهرت نظرت جمیع ما فیه و النفضة و النفیضة قوم یبعثون متجسسین هل یرون عدوا أو خوفا.
و قال ابن میثم الخمر ما واراك من شجر أو جبل و نحوهما و الكمین الواحد أو الجمع یستخفون فی الحرب حیلة للإیقاع بالعدو و الكتیبة الجیش و تعبئته جمعه و إعداده
ص: 412
و تكریر الاستثناء فی عقیب النهی عن تسییر الكتائب للحصر أما الأولی فیفید حصر التسییر فی الوقت المشار إلیه و أما الثانیة فیفید حصره فی حال التعبئة.
و دهمه الأمر كمنع و سمع غشیه و الدهم العدد الكثیر و المعسكر بفتح الكاف موضع العسكر.
و قال الجوهری الأشراف الأماكن العالیة و قال القبل و القبل نقیض الدبر و الدبر یقال انزل بقبل هذا الجبل أی بسفحه و لی قبل فلان حق أی عنده و سفح الجبل أسفله حیث یسفح فیه الماء و الثنی من الوادی و الجبل منعطفه ذكره الجوهری و الردء العون فی المقاتلة قوله علیه السلام مردا أی حاجزا بینكم و بین العدو أی تكون تلك الأماكن حافظة لكم من ورائكم مانعة من العدو أن یأتیكم من تلك الجهة و بذلك كانت معینة لهم.
ثم وصاهم بأن یكون مقاتلتهم من وجه واحد فإن لم یكن فمن وجهین حیث یحفظ بعضهم ظهر بعض و أما المقاتلة من وجوه كثیرة فتستلزم التفرق و الضعف.
و الرقباء الحفظة و قال الفیروزآبادی فی القاموس الرقیب الحافظ و المنتظر و الحارس و أصل الصیاصی القرون ثم استعیر للحصون لأنه یمتنع بها كما یمتنع ذو القرن بقرنه.
و قال ابن میثم صیاصی الجبال أعالیها و أطرافها و مناكب الهضاب أعالیها.
و قال الجوهری الهضبة الجبل المنبسط علی وجه الأرض و الجمع هضب و هضاب.
قوله علیه السلام كفة قال ابن أبی الحدید أی مستدیرة حولكم و كل ما استدار فهو كفة بالكسر نحو كفة المیزان و كل ما استطال فهو كفة بالضم نحو كفة الثوب و هی حاشیته و كفة الرمل و هی ما كان منه كالحبل.
و قال فی النهایة غرار النوم قلته و قال فی مادة مضمض نقلا عن
ص: 413
الهروی
فی حدیث علی لا تذوقوا النوم إلا غرارا أو مضمضة.
لما جعل النوم ذوقا أمرهم أن لا ینالوا منه إلا بألسنتهم و لا یسیغوه لشبهه بالمضمضة بالماء و إلقائه من الفم من غیر ابتلاع انتهی.
و الترسة جمع الترس و قوله علیه السلام و لا شی ء إلا ما شاء اللّٰه جملة معترضة بین اسم إن و خبره قوله علیه السلام إلا أن تبدءا علی بناء المجهول أی یبدؤكم العدو بالقتال.
«374»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَمِیرَیْنِ مِنْ أُمَرَاءِ جَیْشِهِ وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَیْكُمَا وَ عَلَی مَنْ فِی حَیِّزِكُمَا مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِیعَاهُ وَ اجْعَلَاهُ دِرْعاً وَ مِجَنّاً فَإِنَّهُ مِمَّنْ لَا یُخَافُ وَهْنُهُ وَ لَا سَقْطَتُهُ وَ لَا بُطْؤُهُ عَمَّا الْإِسْرَاعُ إِلَیْهِ أَحْزَمُ وَ لَا إِسْرَاعُهُ إِلَی مَا الْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ.
بیان: قال ابن میثم الأمیران هما زیاد بن النضر و شریح بن هانئ و ذلك أنه حین بعثهما مقدمة له فی اثنی عشر ألفا لقیا أبا الأعور السلمی فی جند من أهل الشام فكتبا إلیه یعلمانه بذلك فأرسل إلی الأشتر فقال له یا مالك إن زیاد بن النضر و شریحا أرسلا إلی یعلمانی أنهما لقیا أبا الأعور السلمی فی جند من أهل الشام بسور الروم فنبأنی الرسول أنه تركهم متواقفین فالنجا إلی أصحابك النجا فإذا أتیتهم فأنت علیهم و إیاك أن تبدأ القوم بقتال إلا أن یبدءوك حتی تلقاهم و تسمع منهم.
و لا یجرمنك شنآنهم علی قتالهم قبل دعائهم و الإعذار إلیهم مرة بعد مرة.
و اجعل علی میمنتك زیادا و علی میسرتك شریحا و قف من أصحابك وسطا
ص: 414
و لا تدن منهم دنو من یرید أن ینشب الحرب و لا تباعد منهم تباعد من یهاب البأس حتی أقدم إلیك فإنی حثیث السیر إلیك إن شاء اللّٰه.
و كتب إلیهما أما بعد فإنی أمرت علیكما إلی آخر الكتاب.
و الحیز الناحیة و السقطة الزلة و الأمثل الأفضل.
«375»-(1)
وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ وَ كَانَ قَدْ قَسَّمَ عَسْكَرَهُ أَسْبَاعاً فَجَعَلَ عَلَی كُلِّ سُبْعٍ أَمِیراً أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أَبْرَأُ إِلَیْكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجُنُودِ فَاعْزِلُوا النَّاسَ عَنِ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ (2) وَ خُذُوا عَلَی أَیْدِی سُفَهَائِكُمْ وَ احْرُسُوا (3) أَنْ تَعْمَلُوا أَعْمَالًا لَا یَرْضَی اللَّهُ بِهَا عَنَّا فَیَرُدَّ بِهَا عَلَیْنَا وَ عَلَیْكُمْ دُعَاءَنَا فَإِنَّهُ تَعَالَی یَقُولُ ما یَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّی لَوْ لا دُعاؤُكُمْ وَ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَمْقَتَ قَوْماً مِنَ السَّمَاءِ هَلَكُوا فِی الْأَرْضِ فَلَا تَأْلُوا أَنْفُسَكُمْ خَیْراً وَ لَا الْجُنْدَ حُسْنَ سِیرَةٍ وَ لَا الرَّعِیَّةَ مَعُونَةً وَ لَا دِینَ اللَّهِ قُوَّةً وَ أَبْلُوهُ فِی سَبِیلِهِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَیْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَا وَ عِنْدَكُمْ مَا یَجِبُ عَلَیْنَا أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا وَ أَنْ نَنْصُرَهُ مَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
ص: 415
«376»-قَالَ: وَ كَتَبَ علیه السلام إِلَی جُنُودِهِ یُخْبِرُهُمْ بِالَّذِی لَهُمْ وَ عَلَیْهِمْ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَكُمْ فِی الْحَقِّ جَمِیعاً سَوَاءً أَسْوَدَكُمْ وَ أَحْمَرَكُمْ وَ جَعَلَكُمْ مِنَ الْوَالِی وَ جَعَلَ الْوَالِیَ مِنْكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ مِنَ الْوَالِدِ وَ الْوَالِدِ مِنَ الْوَلَدِ فَجَعَلَ لَكُمْ عَلَیْهِ إِنْصَافَكُمْ وَ التَّعْدِیلَ بَیْنَكُمْ وَ الْكَفَّ عَنْ فَیْئِكُمْ فَإِذَا فَعَلَ مَعَكُمْ ذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَیْكُمْ طَاعَتُهُ فِیمَا وَافَقَ الْحَقَّ وَ نُصْرَتُهُ وَ الدَّفْعُ عَنْ سُلْطَانِ اللَّهِ فَإِنَّكُمْ وَزَعَةُ اللَّهِ فِی الْأَرْضِ فَكُونُوا لَهُ أَعْوَاناً وَ لِدِینِهِ أَنْصَاراً وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها* ... إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ.
«377»-قَالَ نَصْرٌ وَ رُوِیَ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا یَقُولُ النَّاسُ فِی هَذَا الْقَبْرِ بِالنُّخَیْلَةِ وَ بِالنُّخَیْلَةِ قَبْرٌ عَظِیمٌ یَدْفِنُ الْیَهُودُ مَوْتَاهُمْ حَوْلَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام یَقُولُونَ هَذَا قَبْرُ هُودٍ لَمَّا عَصَاهُ قَوْمُهُ جَاءَ فَمَاتَ هَاهُنَا فَقَالَ كَذَبُوا لَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ هَذَا قَبْرُ یَهُودَ بْنِ یَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ بِكْرِ یَعْقُوبَ ثُمَّ قَالَ أَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ مَهَرَةٍ فَأُتِیَ بِشَیْخٍ فَقَالَ أَیْنَ مَنْزِلُكَ قَالَ عَلَی شَاطِئِ الْبَحْرِ قَالَ أَیْنَ أَنْتَ مِنَ الْجَبَلِ الْأَحْمَرِ قَالَ أَنَا قَرِیبٌ مِنْهُ قَالَ فَمَا یَقُولُ قَوْمُكَ فِیهِ قَالَ یَقُولُونَ إِنَّ فِیهِ قَبْرَ سَاحِرٍ قَالَ كَذَبُوا ذَاكَ قَبْرُ هُودٍ النَّبِیِّ علیه السلام وَ هَذَا قَبْرُ یَهُودَا بْنِ یَعْقُوبَ [بِكْرِهِ] ثُمَّ قَالَ یُحْشَرُ مِنْ ظَهْرِ الْكُوفَةِ سَبْعُونَ أَلْفاً عَلَی غُرَّةِ الشَّمْسِ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ.
«378»-قال نصر: فلما نزل علی علیه السلام النخیلة متوجها إلی الشام و بلغ معاویة خبره و هو یومئذ بدمشق قد ألبس منبر دمشق قمیص عثمان مختضبا بالدم و حول المنبر سبعون ألف شیخ یبكون حوله فخطبهم و حثهم علی القتال فأعطوه الطاعة و انقادوا له و جمع إلیه أطرافه و استعد للقاء علی علیه السلام.
بیان: وجدت الحدیث فی كتاب صفین مثله.
و قال فی النهایة فیه اللّٰهم إنی أبرأ إلیك من معرة الجیش هو أن
ص: 416
ینزلوا بقوم فیأكلوا من زروعهم بغیر علم.
و قیل هو قتال الجیش بدون إذن الأمیر و المعرة الأمر القبیح المكروه و الأذی انتهی.
و التعمیم أولی أی إنی أبرأ إلیكم من كل ما فعلتموه و فعل جنودكم من الظلم و العدوان فإنی أنهاكم عنه و أعلمكم آداب السیر و النزول فلا تألوا أنفسكم خیرا أی لا تقصروا فی كسب الخیر لأنفسكم و لا فی أمر الجند بحسن السیرة و لا فی إعانة الرعیة و لا فی تقویة الدین و أبلوه أی أعطوه.
و فی النهایة فیه أقید من وزعة اللّٰه الوزعة جمع وازع و هو الذی یكف الناس و یحبس أولهم علی آخرهم أراد أقید من الذین یكفون الناس عن الإقدام علی الشر و منه حدیث الحسن لما ولی القضاء قال لا بد للناس من وزعة أی من یكف بعضهم عن بعض یعنی السلطان و أصحابه.
«379»-وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ، قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِی كِتَابِ صِفِّینَ وَ وَجَدْتُهُ فِی أَصْلِ كِتَابِهِ أَیْضاً قَالَ: لَمَّا وَضَعَ عَلِیٌّ علیه السلام رِجْلَهُ فِی رِكَابِ دَابَّتِهِ یَوْمَ خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی صِفِّینَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَلَمَّا جَلَسَ عَلَی ظَهْرِهَا قَالَ سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ وَ إِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِی الْأَهْلِ وَ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ مِنَ الْحَیْرَةِ بَعْدَ الْیَقِینِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِی السَّفَرِ وَ أَنْتَ الْخَلِیفَةُ فِی الْأَهْلِ وَ لَا یَجْمَعُهُمَا غَیْرُكَ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا یَكُونُ مُسْتَصْحَباً وَ الْمُسْتَصْحَبَ لَا یَكُونُ مُسْتَخْلَفاً قَالَ فَخَرَجَ علیه السلام حَتَّی إِذَا جَازَ حَدَّ الْكُوفَةِ صَلَّی رَكْعَتَیْنِ.
«380»-وَ رُوِیَ عَنْ زَیْدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام خَرَجَ وَ هُوَ یُرِیدُ صِفِّینَ حَتَّی إِذَا قَطَعَ النَّهَرَ أَمَرَ مُنَادِیَهُ فَنَادَی بِالصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ حَتَّی إِذَا قَضَی الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَی النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ
ص: 417
أَلَا مَنْ كَانَ مُشَیِّعاً أَوْ مُقِیماً فَلْیُتِمَّ الصَّلَاةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ أَلَا وَ مَنْ صَحِبَنَا فَلَا یَصُومَنَّ الْمَفْرُوضَ وَ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ رَكْعَتَانِ قَالَ نَصْرٌ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّی أَتَی دَیْرَ أَبِی مُوسَی وَ هُوَ مِنَ الْكُوفَةِ عَلَی فَرْسَخَیْنِ فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِی الطَّوْلِ وَ النِّعَمِ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِی الْقُدْرَةِ وَ الْإِفْضَالِ أَسْأَلُهُ الرِّضَا بِقَضَائِهِ وَ الْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ وَ الْإِنَابَةَ إِلَی أَمْرِهِ إِنَّهُ سَمِیعُ الدُّعَاءِ ثُمَّ خَرَجَ علیه السلام حَتَّی نَزَلَ عَلَی شَاطِئِ نَرْسٍ بَیْنَ مَسْجِدِ حَمَّامِ أَبِی بُرْدَةَ وَ حَمَّامِ عُمَرَ فَصَلَّی بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ* وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَیْلٌ وَ غَسَقَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا لَاحَ نَجْمٌ وَ خَفَقَ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّی صَلَّی الْغَدَاةَ ثُمَّ شَخَصَ حَتَّی بَلَغَ إِلَی بِیعَةٍ إِلَی جَانِبِهَا نَخْلٌ طِوَالٌ (1) فَلَمَّا رَآهَا قَالَ وَ النَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِیدٌ فَنَزَلَهَا وَ مَكَثَ بِهَا قَدْرَ الْغِذَاءِ.
«381»-قَالَ نَصْرٌ وَ رُوِیَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِخْنَفٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّی لَأَنْظُرُ إِلَی أَبِی وَ هُوَ یُسَایِرُ عَلِیّاً علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ إِنَّ بَابِلَ أَرْضٌ قَدْ خُسِفَ بِهَا (2) فَحَرَّكَ دَابَّتَهُ وَ حَرَّكَ النَّاسُ دَوَابَّهُمْ فِی أَثَرِهِ فَلَمَّا جَازَ جِسْرَ الصَّرَاةِ نَزَلَ فَصَلَّی بِالنَّاسِ الْعَصْرَ.
«382»-قَالَ وَ حَدَّثَنِی عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ یَعْلَی بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ خَیْرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام أَسِیرُ فِی أَرْضِ بَابِلَ قَالَ وَ حَضَرَتِ
ص: 418
الصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعَصْرِ قَالَ فَجَعَلْنَا لَا نَأْتِی مَكَاناً إِلَّا رَأَیْنَاهُ أَفْیَحَ مِنَ الْآخَرِ قَالَ حَتَّی أَتَیْنَا عَلَی مَكَانٍ أَحْسَنَ مَا رَأَیْنَا وَ قَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغِیبَ قَالَ وَ نَزَلَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ نَزَلْتُ مَعَهُ قَالَ فَدَعَا اللَّهَ فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ كَمِقْدَارِهَا مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَ فَصَلَّیْنَا الْعَصْرَ ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّی أَتَی دَیْرَ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَبَاتَ بِسَابَاطَ فَأَتَاهُ دَهَاقِینُهَا یَعْرِضُونَ عَلَیْهِ النُّزُلَ وَ الطَّعَامَ فَقَالَ لَا لَیْسَ ذَلِكَ لَنَا عَلَیْكُمْ فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ هُوَ بِمُظْلَمِ سَابَاطَ قَالَ أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِیعٍ آیَةً تَعْبَثُونَ.
«383»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَّامٍ عَنْ حَیَّانَ التَّیْمِیِّ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ عَنْ هَرْثَمَةَ بْنِ سُلَیْمٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام صِفِّینَ فَلَمَّا نَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ صَلَّی بِنَا فَلَمَّا سَلَّمَ رَفَعَ إِلَیْهِ مِنْ تُرْبَتِهَا فَشَمَّهَا ثُمَّ قَالَ وَاهاً لَكِ یَا تُرْبَةُ لَیُحْشَرَنَّ مَعَكِ قَوْمٌ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ قَالَ فَلَمَّا رَجَعَ هَرْثَمَةُ مِنْ غَزَاتِهِ إِلَی امْرَأَتِهِ جَرْدَاءَ بِنْتِ سُمَیْرٍ وَ كَانَتْ مِنْ شِیعَةِ عَلِیٍّ علیه السلام حَدَّثَهَا هَرْثَمَةُ فِیمَا حَدَثَ فَقَالَ لَهَا أَ لَا أُعْجِبُكِ مِنْ صَدِیقِكِ أَبِی حَسَنٍ قَالَ لَمَّا نَزَلْنَا كَرْبَلَاءَ وَ قَدْ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرْبَتِهَا فَشَمَّهَا وَ قَالَ وَاهاً لَكِ أَیَّتُهَا التُّرْبَةُ لَیُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَیْرِ حِسابٍ وَ مَا عِلْمُهُ بِالْغَیْبِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لَهُ دَعْنَا مِنْكَ أَیُّهَا الرَّجُلُ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَمْ یَقُلْ إِلَّا حَقّاً قَالَ فَلَمَّا بَعَثَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ زِیَادٍ الْبَعْثَ الَّذِی بَعَثَهُ إِلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام كُنْتُ فِی الْخَیْلِ الَّتِی بَعَثَ إِلَیْهِمْ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی الْحُسَیْنِ وَ أَصْحَابِهِ عَرَفْتُ الْمَنْزِلَ الَّذِی نَزَلْنَا فِیهِ مَعَ عَلِیٍّ وَ الْبُقْعَةَ الَّتِی رُفِعَ مِنْ تُرْبَتِهَا وَ الْقَوْلَ الَّذِی قَالَهُ فَكَرِهْتُ مَسِیرِی فَأَقْبَلْتُ عَلَی فَرَسِی حَتَّی وَقَفْتُ عَلَی الْحُسَیْنِ علیه السلام فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَ حَدَّثْتُهُ بِالَّذِی سَمِعْتُ مِنْ أَبِیهِ فِی هَذَا الْمَنْزِلِ فَقَالَ الْحُسَیْنُ علیه السلام أَ مَعَنَا أَمْ عَلَیْنَا فَقُلْتُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ لَا مَعَكَ وَ لَا عَلَیْكَ تَرَكْتُ وُلْدِی وَ عِیَالِی وَ أَخَافُ عَلَیْهِمْ مِنِ ابْنِ زِیَادٍ فَقَالَ علیه السلام اذْهَبْ حَتَّی لَا تَرَی مَقْتَلَنَا فَوَ الَّذِی نَفْسُ حُسَیْنٍ بِیَدِهِ لَا یَرَی الْیَوْمَ أَحَدٌ مَقْتَلَنَا
ص: 419
ثُمَّ لَا یُعِینُنَا إِلَّا دَخَلَ النَّارَ قَالَ فَأَقْبَلْتُ فِی الْأَرْضِ أَشْتَدُّ هَرَباً حَتَّی خَفِیَ عَلَیَّ مَقْتَلُهُمْ.
«384»-وَ رُوِیَ أَیْضاً عَنْ سَعِیدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: بَعَثَنِی مِخْنَفُ بْنُ سُلَیْمٍ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام عِنْدَ تَوَجُّهِهِ إِلَی صِفِّینَ فَأَتَیْتُهُ بِكَرْبَلَاءَ فَوَجَدْتُهُ یُشِیرُ بِیَدِهِ وَ یَقُولُ هَاهُنَا هَاهُنَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَ مَا ذَاكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ ثَقَلٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ یَنْزِلُ هَاهُنَا فَوَیْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ وَ وَیْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ مَا مَعْنَی هَذَا الْكَلَامُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ وَیْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ تَقْتُلُونَهُمْ وَ وَیْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ یُدْخِلُكُمُ اللَّهُ بِقَتْلِهِمْ إِلَی النَّارِ قَالَ نَصْرٌ وَ قَدْ رُوِیَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَی وَجْهٍ آخَرَ قَالَ فَوَیْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ وَ وَیْلٌ لَكُمْ عَلَیْهِمْ فَقَالَ الرَّجُلُ أَمَّا وَیْلٌ لَنَا مِنْهُمْ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَوَیْلٌ لَنَا عَلَیْهِمْ مَا مَعْنَاهُ فَقَالَ تَرَوْنَهُمْ یُقْتَلُونَ وَ لَا تَسْتَطِیعُونَ نُصْرَتَهُمْ.
«385»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا سَعِیدُ بْنُ حَكِیمٍ الْعَبْسِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ كَثِیرٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَتَی كَرْبَلَاءَ فَوَقَفَ بِهَا فَقِیلَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذِهِ كَرْبَلَاءُ فَقَالَ نَعَمْ ذَاتُ كَرْبٍ وَ بَلَاءٍ ثُمَّ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی مَكَانٍ آخَرَ فَقَالَ هَاهُنَا مَوْضِعُ رِحَالِهِمْ وَ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ ثُمَّ أَوْمَی بِیَدِهِ إِلَی مَكَانٍ آخَرَ ثُمَّ قَالَ هَاهُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ ثُمَّ مَضَی إِلَی سَابَاطَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی مَدِینَةِ بَهُرَسِیرَ.
«386»-(1)
نهج، نهج البلاغة مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام عِنْدَ الْمَسِیرِ إِلَی الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَیْلٌ وَ غَسَقَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا لَاحَ نَجْمٌ وَ خَفَقَ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ غَیْرَ مَفْقُودِ الْإِنْعَامِ وَ لَا مُكَافَإِ الْإِفْضَالِ
ص: 420
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَتِی وَ أَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هَذَا الْمِلْطَاطِ حَتَّی یَأْتِیَهُمْ أَمْرِی وَ قَدْ رَأَیْتُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِهِ النُّطْفَةَ إِلَی شِرْذِمَةٍ مِنْكُمْ مُوَطِّنِینَ أَكْنَافَ دِجْلَةَ فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَی عَدُوِّكُمْ وَ أَجْعَلَكُمْ مِنْ أَمْدَادِ الْقُوَّةِ لَكُمْ.
قال السید رضی اللّٰه عنه: یعنی بالملطاط السمت الذی أمرهم بلزومه و هو شاطئ الفرات و یقال ذلك أیضا لشاطئ البحر و أصله ما استوی من الأرض و یعنی بالنطفة ماء الفرات و هو من غریب العبارات و عجیبها.
بیان: قال ابن میثم روی أنه علیه السلام خطب بها و هو بالنخیلة خارجا من الكوفة متوجها إلی صفین لخمس بقین من شوال سنة سبع و ثلاثین.
و وقب اللیل أی دخل و غسق أی أظلم و لاح أی ظهر و خفق النجم و أخفق إذا انحط فی الغرب أو غاب و كافأته مكافاة و كفاء أی جازیته و كل شی ء ساوی شیئا فهو مكافئ له و الإفضال الإحسان و مقدمة الجیش بالكسر و قد یفتح أوله و متقدموه و النطفة بالضم الماء الصافی قل أو كثر و الشرذمة بالكسر القلیل من الناس و الجار متعلق بمحذوف أی متوجها إلیهم و أوطن المكان و وطنه و استوطنه اتخذه وطنا و المراد قوم من أهل المدائن روی أنهم كانوا ثمانمائة رجل و الكنف بالتحریك الجانب و الناحیة و نهض كمنع قام و أنهضه غیره أقامه و الأمداد جمع مدد بالتحریك و هو المعین و الناصر
وَ قَالَ ابْنُ [أَبِی] الْحَدِیدِ (1) وَ زَادَ أَصْحَابُ السِّیَرِ فِی هَذِهِ الْخُطْبَةِ وَ قَدْ أَمَّرْتُ
ص: 421
عَلَی الْمِصْرِ عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو وَ لَمْ آلُكُمْ وَ لَا نَفْسِی نُصْحاً فَإِیَّاكُمْ وَ التَّخَلُّفَ وَ التَّرَبُّصَ فَإِنِّی قَدْ خَلَّفْتُ مَالِكَ بْنَ حَبِیبٍ الْیَرْبُوعِیَّ وَ أَمَرْتُهُ أَنْ لَا یَتْرُكَ مُتَخَلِّفاً إِلَّا أَلْحَقَهُ بِكُمْ عَاجِلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
و روی نصر بن مزاحم: عوض قوله إلی عدوكم إلی عدو اللّٰه
387- أَقُولُ وَجَدْتُ فِی كِتَابِ صِفِّینَ، زِیَادَةً وَ هِیَ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ غَیْرَ مَفْقُودِ النِّعَمِ وَ لَا مُكَافَإِ الْإِفْضَالِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ نَحْنُ عَلَی ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِینَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ وَ قَالَ نَصْرٌ فَقَامَ إِلَیْهِ مَعْقِلُ بْنُ قَیْسٍ الرِّیَاحِیُّ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا یَتَخَلَّفُ عَنْكَ إِلَّا ظَنِینٌ وَ لَا یَتَرَبَّصُ بِكَ إِلَّا مُنَافِقٌ فَمُرْ مَالِكَ بْنَ حَبِیبٍ فَیَضْرِبَ أَعْنَاقَ الْمُتَخَلِّفِینَ فَقَالَ قَدْ أَمَرْتُهُ بِأَمْرِی وَ لَیْسَ بِمُقَصِّرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ وَ قَالَ مَالِكُ بْنُ حَبِیبٍ وَ هُوَ آخِذٌ بِعِنَانِ دَابَّتِهِ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تَخْرُجُ بِالْمُسْلِمِینَ فَیُصِیبُوا أَجْرَ الْجِهَادِ وَ الْقِتَالِ وَ تُخَلِّفُنِی فِی حَشْرِ الرِّجَالِ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّهُمْ لَنْ یُصِیبُوا مِنَ الْأَجْرِ شَیْئاً إِلَّا كُنْتَ شَرِیكَهُمْ فِیهِ وَ أَنْتَ هَاهُنَا أَعْظَمُ غَنَاءً مِنْكَ عَنْهُمْ لَوْ كُنْتَ مَعَهُمْ قَالَ سَمْعاً وَ طَاعَةً یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ نَصْرٌ ثُمَّ سَارَ علیه السلام حَتَّی انْتَهَی إِلَی مَدِینَةِ بَهُرَسِیرَ وَ إِذَا رَجُلٌ
ص: 422
مِنْ أَصْحَابِهِ یُقَالُ لَهُ جَرِیرُ بْنُ سَهْمٍ یَنْظُرُ إِلَی آثَارِ كِسْرَی (1) وَ یَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ الْأَسْوَدِ بْنِ یَعْفُرَ
جَرَتِ الرِّیَاحُ عَلَی مَحَلِّ دِیَارِهِمْ*** فَكَأَنَّمَا كَانُوا عَلَی مِیعَادٍ
فَقَالَ علیه السلام أَلَّا قُلْتَ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِیها فاكِهِینَ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِینَ فَما بَكَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِینَ إِنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا وَارِثِینَ فَأَصْبَحُوا مَوْرُوثِینَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ یَشْكُرُوا النِّعْمَةَ فَسُلِبُوا دُنْیَاهُمْ بِالْمَعْصِیَةِ إِیَّاكُمْ وَ كُفْرَ النِّعَمِ لَا تَحُلَّ بِكُمُ النِّقَمُ ثُمَّ قَالَ انْزِلُوا بِهَذِهِ الْفَجْوَةِ (2).
«388»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: أَمَرَ عَلِیٌّ علیه السلام الْحَارِثَ الْأَعْوَرَ فَصَاحَ فِی أَهْلِ الْمَدَائِنِ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ فَلْیُوَافِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَوَافَوْهُ فِی السَّاعَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ تَعَجَّبْتُ مِنْ تَخَلُّفِكُمْ عَنْ دَعَوْتِكُمْ وَ انْقِطَاعِكُمْ عَنْ أَهْلِ مِصْرِكُمْ فِی هَذِهِ الْمَسَاكِنِ الظَّالِمِ الْهَالِكِ أَكْثَرُ سَاكِنِیهَا لَا مَعْرُوفٌ تَأْمُرُونَ بِهِ وَ لَا مُنْكَرٌ تَنْهَوْنَ عَنْهُ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كُنَّا نَنْتَظِرُ أَمْرَكَ مُرْنَا بِمَا أَحْبَبْتَ
ص: 423
فَسَارَ وَ خَلَّفَ عَلَیْهِمْ عَدِیَّ بْنَ حَاتِمٍ فَأَقَامَ عَلَیْهِمْ ثَلَاثاً ثُمَّ خَرَجَ فِی ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَ خَلَّفَ ابْنَهُ زَیْداً بَعْدَهُ فَلَحِقَهُ فِی أَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَ جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی مَرَّ بِالْأَنْبَارِ فَاسْتَقْبَلَهُ بَنُو خُشْنُوشَك دَهَاقِنَتُهَا قال نصر الكلمة فارسیة أصلها خش أی الطیب و نوشك راض یعنی بنی الطیب الراضی بالفارسیة (1) قَالَ فَلَمَّا اسْتَقْبَلُوهُ نَزَلُوا عَنْ خُیُولِهِمْ ثُمَّ جَاءُوا یَشْتَدُّونَ مَعَهُ وَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَ مَعَهُمْ بَرَاذِینُ قَدْ أَوْقَفُوهَا فِی طَرِیقِهِ فَقَالَ مَا هَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِی مَعَكُمْ وَ مَا أَرَدْتُمْ بِهَذَا الَّذِی صَنَعْتُمْ قَالُوا أَمَّا هَذَا الَّذِی صَنَعْنَا فَهُوَ خُلُقٌ مِنَّا نُعَظِّمُ بِهِ الْأُمَرَاءَ وَ أَمَّا هَذِهِ الْبَرَاذِینُ فَهَدِیَّةٌ لَكَ وَ قَدْ صَنَعْنَا لِلْمُسْلِمِینَ طَعَاماً وَ هَیَّأْنَا لِدَوَابِّكُمْ عَلَفاً كَثِیراً فَقَالَ علیه السلام أَمَّا هَذَا الَّذِی زَعَمْتُمْ أَنَّهُ فِیكُمْ خُلُقٌ تُعَظِّمُونَ بِهِ الْأُمَرَاءَ فَوَ اللَّهِ مَا یَنْفَعُ ذَلِكَ الْأُمَرَاءَ وَ إِنَّكُمْ لَتَشُقُّونَ بِهِ عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ أَبْدَانِكُمْ فَلَا تَعُودُوا لَهُ وَ أَمَّا دَوَابُّكُمْ هَذِهِ فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ آخُذَهَا مِنْكُمْ وَ أَحْسَبَهَا لَكُمْ مِنْ خَرَاجِكُمْ أَخَذْنَاهَا مِنْكُمْ وَ أَمَّا طَعَامُكُمُ الَّذِی صَنَعْتُمْ لَنَا فَإِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ إِلَّا بِثَمَنٍ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ نَحْنُ نُقَوِّمُهُ ثُمَّ نَقْبَلُ ثَمَنَهُ قَالَ إِذاً لَا تُقَوِّمُونَهُ قِیمَتَهُ نَحْنُ نَكْتَفِی بِمَا هُوَ دُونَهُ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنَّ لَنَا مِنَ الْعَرَبِ مَوَالِیَ وَ مَعَارِفَ أَ تَمْنَعُنَا أَنْ نُهْدِیَ لَهُمْ أَوْ تَمْنَعُهُمْ أَنْ تقبلوا [یَقْبَلُوا] مِنَّا فَقَالَ كُلُّ الْعَرَبِ لَكُمْ مَوَالٍ وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَنْ یَقْبَلَ هَدِیَّتَكُمْ وَ إِنْ غَصَبَكُمْ أَحَدٌ فَأَعْلِمُونَا
ص: 424
قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَقْبَلَ هَدِیَّتَنَا وَ كَرَامَتَنَا قَالَ وَیْحَكُمْ فَنَحْنُ أَغْنَی مِنْكُمْ فَتَرَكَهُمْ وَ سَارَ.
«389»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ سِیَاهٍ عَنْ حَبِیبِ بْنِ أَبِی ثَابِتٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ التَّیْمِیِّ الْمَعْرُوفِ بِعَقِیصَا (1) قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام فِی مَسِیرِهِ إِلَی الشَّامِ حَتَّی إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْكُوفَةِ مِنْ جَانِبِ هَذَا السَّوَادِ عَطِشَ النَّاسُ وَ احْتَاجُوا إِلَی الْمَاءِ فَانْطَلَقَ بِنَا عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی أَتَی إِلَی صَخْرَةٍ مُضَرَّسٍ فِی الْأَرْضِ كَأَنَّهَا رُبْضَةُ عَنْزٍ (2) فَأَمَرَنَا فَاقْتَلَعْنَاهَا فَخَرَجَ لَنَا تَحْتَهَا مَاءٌ فَشَرِبَ النَّاسُ مِنْهُ حَتَّی ارْتَوَوْا ثُمَّ أَمَرَنَا فَأَكْفَأْنَاهَا عَلَیْهِ وَ سَارَ النَّاسُ حَتَّی إِذَا مَضَی قَلِیلًا قَالَ علیه السلام أَ مِنْكُمْ أَحَدٌ یَعْلَمُ مَكَانَ هَذَا الْمَاءِ الَّذِی شَرِبْتُمْ مِنْهُ قَالُوا نَعَمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فَانْطَلِقُوا إِلَیْهِ فَانْطَلَقَ مِنَّا رِجَالٌ رُكْبَاناً وَ مُشَاةً فَاقْتَصَصْنَا الطَّرِیقَ إِلَیْهِ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی نَرَی أَنَّهُ فِیهِ فَطَلَبْنَاهُ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَی شَیْ ءٍ إِذَا عِیلَ عَلَیْنَا انْطَلَقْنَا إِلَی دَیْرٍ قَرِیبٍ مِنَّا فَسَأَلْنَاهُمْ أَیْنَ هَذَا الْمَاءُ الَّذِی عِنْدَكُمْ قَالُوا لَیْسَ قُرْبَنَا مَاءٌ فَقُلْنَا بَلَی إِنَّا شَرِبْنَا مِنْهُ قَالُوا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ مِنْهُ قُلْنَا نَعَمْ
ص: 425
فَقَالَ صَاحِبُ الدَّیْرِ وَ اللَّهِ مَا بُنِیَ هَذَا الدَّیْرُ إِلَّا بِذَلِكَ الْمَاءِ وَ مَا اسْتَخْرَجَهُ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ وَصِیُّ نَبِیٍّ قَالَ ثُمَّ مَضَی علیه السلام حَتَّی نَزَلَ بِأَرْضِ الْجَزِیرَةِ فَاسْتَقْبَلَهُ بَنُو تَغْلِبَ وَ النَّمِرُ بْنُ قَاسِطٍ بِجُزُرٍ (1) فَقَالَ علیه السلام لِیَزِیدَ بْنِ قَیْسٍ الْأَرْحَبِیِّ یَا یَزِیدُ قَالَ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ مِنْ طَعَامِهِمْ فَاطْعَمْ وَ مِنْ شَرَابِهِمْ فَاشْرَبْ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ سَارَ حَتَّی الرَّقَّةِ وَ جُلُّ أَهْلِهَا عُثْمَانِیَّةٌ فَرُّوا مِنَ الْكُوفَةِ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَأَغْلَقُوا أَبْوَابَهَا دُونَهُ فَتَحَصَّنُوا وَ كَانَ رَئِیسُهُمْ سِمَاكَ بْنَ مَخْرَمَةَ الْأَسَدِیَّ بِالرَّقَّةِ فِی طَاعَةِ مُعَاوِیَةَ وَ قَدْ كَانَ فَارَقَ عَلِیّاً فِی نَحْوٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِی أَسَدٍ ثُمَّ كَاتَبَ مُعَاوِیَةَ وَ أَقَامَ بِالرَّقَّةِ حَتَّی لَحِقَ بِهِ مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ قَالَ نَصْرٌ فَرَوَی حَبَّةُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا نَزَلَ عَلَی الرَّقَّةِ نَزَلَ عَلَی مَوْضِعٍ یُقَالُ لَهُ الْبَلِیخُ عَلَی جَانِبِ الْفُرَاتِ فَنَزَلَ رَاهِبٌ هُنَاكَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ لِعَلِیٍّ علیه السلام إِنَّ عِنْدَنَا كِتَاباً تَوَارَثْنَاهُ عَنْ آبَائِنَا كَتَبَهُ أَصْحَابُ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ أَعْرِضُهُ عَلَیْكَ قَالَ نَعَمْ فَقَرَأَ الرَّاهِبُ الْكِتَابَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الَّذِی قَضَی فِیمَا قَضَی وَ سَطَرَ فِیمَا كَتَبَ (2) أَنَّهُ بَاعِثٌ فِی الْأُمِّیِّینَ رَسُولًا مِنْهُمْ ... یُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ یَدُلُّهُمْ عَلَی سَبِیلِ اللَّهِ لَا فَظٌّ وَ لَا غَلِیظٌ وَ لَا صَخَّابٌ فِی الْأَسْوَاقِ وَ لَا یَجْزِی بِالسَّیِّئَةِ السَّیِّئَةَ بَلْ یَعْفُو وَ یَصْفَحُ أُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ الَّذِینَ یُحَمِّدُونَ اللَّهَ عَلَی كُلِّ نَشْرٍ وَ فِی كُلِّ صُعُودٍ وَ هُبُوطٍ تَذِلُّ أَلْسِنَتُهُمْ بِالتَّكْبِیرِ وَ التَّهْلِیلِ وَ التَّسْبِیحِ وَ یَنْصُرُهُ اللَّهُ عَلَی مَنْ نَاوَاهُ
ص: 426
فَإِذَا تَوَفَّاهُ اللَّهُ اخْتَلَفَتْ أُمَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ اجْتَمَعَتْ فَلَبِثَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ فَیَمُرُّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ بِشَاطِئِ هَذَا الْفُرَاتِ یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهَی عَنِ الْمُنْكَرِ وَ یَقْضِی بِالْحَقِّ وَ لَا یَرْكُسُ فِی الْحُكْمِ (1) الدُّنْیَا أَهْوَنُ عَلَیْهِ مِنَ الرَّمَادِ فِی یَوْمَ عَصَفَتْ بِهِ الرِّیحُ وَ الْمَوْتُ أَهْوَنُ عَلَیْهِ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ عَلَی الظَّمْآنِ (2) یَخَافُ اللَّهَ فِی السِّرِّ وَ یَنْصَحُ لَهُ فِی الْعَلَانِیَةِ وَ لَا یَخَافُ فِی اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ثُمَّ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْبِلَادِ فَآمَنَ بِهِ كَانَ ثَوَابُهُ رِضْوَانَهُ وَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الْعَبْدَ الصَّالِحَ فَلْیَنْصُرْهُ فَإِنَّ الْقَتْلَ مَعَهُ شَهَادَةٌ ثُمَّ قَالَ أَنَا مُصَاحِبُكَ فَلَا أُفَارِقُكَ حَتَّی یُصِیبَنِی مَا أَصَابَكَ فَبَكَی عَلِیٌّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ أَكُنْ عِنْدَهُ مَنْسِیّاً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی ذَكَرَنِی عِنْدَهُ فِی كُتُبِ الْأَبْرَارِ فَمَضَی الرَّاهِبُ مَعَهُ فَكَانَ فِیمَا ذَكَرُوا یَتَغَدَّی مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ یَتَعَشَّی حَتَّی أُصِیبَ یَوْمَ صِفِّینَ فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ یَدْفِنُونَ قَتْلَاهُمْ قَالَ علیه السلام اطْلُبُوهُ فَلَمَّا وَجَدَهُ صَلَّی عَلَیْهِ وَ دَفَنَهُ وَ قَالَ هَذَا مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُ مِرَاراً.
ص: 427
روی هذا الخبر نصر فی أواسط الجزء الثالث من كتاب صفین عن عمر بن سعد عن مسلم الأعور عن حبة العرنی- و رواه أیضا إبراهیم بن دیزیل الهمدانی بهذا الإسناد عن حبة أیضا فی كتاب صفین (1)
390- قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنِی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ الْأَسَدِیُّ عَنْ عُمَیْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ أَبِی الْوَدَّاكِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام بَعَثَ مِنَ الْمَدَائِنِ مَعْقِلَ بْنَ قَیْسٍ الرِّیَاحِیَّ فِی ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَ قَالَ لَهُ خُذْ عَلَی الْمَوْصِلِ ثُمَّ نَصِیبِینَ ثُمَّ الْقَنِی بِالرَّقَّةِ فَإِنِّی مُوَافِیهَا وَ سَكِّنِ النَّاسَ وَ آمِنْهُمْ وَ لَا تُقَاتِلْ إِلَّا مَنْ قَاتَلَكَ وَ سِرِ الْبَرْدَیْنِ وَ غَوِّرْ بِالنَّاسِ أَقِمِ اللَّیْلَ وَ رَفِّهْ فِی السَّیْرِ وَ لَا تَسِرْ أَوَّلَ اللَّیْلِ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ سَكَناً أَرِحْ فِیهِ نَفْسَكَ وَ جُنْدَكَ وَ ظَهْرَكَ فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ أَوْ حِینَ یَنْبَطِحُ الْفَجْرُ فَسِرْ عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ (2) فَسَارَ مَعْقِلٌ حَتَّی أَتَی الْحَدِیثَةَ وَ هِیَ إِذْ ذَاكَ مَنْزِلُ النَّاسِ إِنَّمَا بَنَی مَدِینَةَ الْمَوْصِلِ بَعْدَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ فَإِذَا بِكَبْشَیْنِ یَنْتَطِحَانِ وَ مَعَ مَعْقِلِ بْنِ قَیْسٍ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ یُقَالُ لَهُ شَدَّادُ بْنُ أَبِی رَبِیعَةَ فَأَخَذَ یَقُولُ إِیهِ إِیهِ فَقَالَ مَعْقِلٌ مَا تَقُولُ فَجَاءَ رَجُلَانِ نَحْوَ الْكَبْشَیْنِ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَبْشاً فَانْصَرَفَا فَقَالَ الْخَثْعَمِیُّ لَا تَغْلِبُونَ وَ لَا تُغْلَبُونَ قَالَ مَعْقِلٌ مِنْ أَیْنَ عَلِمْتَ قَالَ أَبْصَرْتُ الْكَبْشَیْنِ أَحَدُهُمَا مُشَرِّقٌ وَ الْآخَرُ مُغَرِّبٌ الْتَقَیَا فَاقْتَتَلَا وَ انْتَطَحَا فَلَمْ یَزَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ مُنْتَصِفاً حَتَّی أَتَی كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَانْطَلَقَ بِهِ فَقَالَ مَعْقِلٌ أَوْ یَكُونُ خَیْراً مِمَّا تَقُولُ یَا أَخَا خَثْعَمٍ
ص: 428
ثُمَّ مَضَی مَعْقِلٌ حَتَّی وَافَی عَلِیّاً علیه السلام بِالرَّقَّةِ قَالَ نَصْرٌ وَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ اكْتُبْ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنْ قَوْمِكَ فَإِنَّ الْحُجَّةَ لَا تَزْدَادُ عَلَیْهِم بِذَلِكَ إِلَّا عَظْماً فَكَتَبَ علیه السلام إِلَیْهِمْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ مَنْ قِبَلَهُ مِنْ قُرَیْشٍ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً آمَنُوا بِالتَّنْزِیلِ وَ عَرَفُوا التَّأْوِیلَ وَ فَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَ بَیَّنَ اللَّهُ فَضْلَهُمْ فِی الْقُرْآنَ الْحَكِیمِ وَ أَنْتُمْ فِی ذَلِكَ الزَّمَانِ أَعْدَاءٌ لِلرَّسُولِ صلی اللّٰه علیه و آله مُكَذِّبُونَ بِالْكِتَابِ مُجْمِعُونَ عَلَی حَرْبِ الْمُسْلِمِینَ مَنْ ثَقَفْتُمْ مِنْهُمْ حَبَسْتُمُوهُ أَوْ عَذَّبْتُمُوهُ وَ قَتَلْتُمُوهُ حَتَّی أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی إِعْزَازَ دِینِهِ وَ إِظْهَارَ أَمْرِهِ فَدَخَلَتِ الْعَرَبُ فِی الدِّینِ أَفْوَاجاً وَ أَسْلَمَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً فَكُنْتُمْ فِیمَنْ دَخَلَ هَذَا الدِّینَ إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً عَلَی حِینَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ وَ فَازَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ بِفَضْلِهِمْ وَ لَا یَنْبَغِی لِمَنْ لَیْسَتْ لَهُمْ مِثْلُ سَوَابِقِهِمْ فِی الدِّینِ وَ لَا فَضَائِلِهِمْ فِی الْإِسْلَامِ أَنْ یُنَازِعَهُمُ الْأَمْرَ الَّذِی هُمْ أَهْلُهُ وَ أَوْلَی بِهِ فَیَحُوبَ وَ یَظْلِمَ (1) وَ لَا یَنْبَغِی لِمَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ أَنْ یَجْهَلَ قَدْرَهُ وَ لَا یَعْدُوَ طَوْرَهُ وَ یَشْقَی نَفْسَهُ بِالْتِمَاسِ مَا لَیْسَ بِأَهْلِهِ فَإِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِأَمْرِ هَذَا الْأُمَّةِ قَدِیماً وَ حَدِیثاً أَقْرَبُهَا مِنَ الرَّسُولِ وَ أَعْلَمُهَا بِالْكِتَابِ وَ أَفْقَهُهَا فِی الدِّینِ أَوَّلُهُمْ إِسْلَاماً وَ أَفْضَلُهُمْ جِهَاداً وَ أَشَدُّهُمْ بِمَا تَحْمِلُهُ الرَّعِیَّةُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ اضْطِلَاعاً فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ خِیَارَ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ بِمَا یَعْلَمُونَ وَ أَنَّ شِرَارَهُمُ الْجُهَّالُ الَّذِینَ یُنَازِعُونَ بِالْجَهْلِ أَهْلَ الْعِلْمِ فَإِنَّ لِلْعَالِمِ بِعِلْمِهِ فَضْلًا وَ إِنَّ الْجَاهِلَ لَا یَزْدَادُ
ص: 429
بِمُنَازَعَتِهِ الْعَالِمَ إِلَّا جَهْلًا: أَلَا وَ إِنِّی أَدْعُوكُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ حَقْنِ دِمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنْ قَبِلْتُمْ أَصَبْتُمْ رُشْدَكُمْ وَ اهْتَدَیْتُمْ لِحَظِّكُمْ وَ إِنْ أَبَیْتُمْ إِلَّا الْفُرْقَةَ وَ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ لَنْ تَزْدَادُوا مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً وَ لَنْ یَزْدَادَ الرَّبُّ عَلَیْكُمْ إِلَّا سَخَطاً وَ السَّلَامُ (1) فَكَتَبَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ جَوَابَ هَذَا الْكِتَابِ سَطْراً وَاحِداً وَ هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ:
لَیْسَ بَیْنِی وَ بَیْنَ قَیْسٍ عِتَابٌ***غَیْرُ طَعْنِ الْكُلَی وَ ضَرْبِ الرِّقَابِ
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَمَّا أَتَاهُ هَذَا الْجَوَابُ إِنَّكَ لا تَهْدِی مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ.
«391»-قَالَ نَصْرٌ أَخْبَرَنِی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ عَبْدِ یَغُوثَ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ لِأَهْلِ الرَّقَّةِ جَسِّرُوا لِی جِسْراً أَعْبُرْ عَلَیْهِ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ إِلَی الشَّامِ فَأَبَوْا وَ قَدْ كَانُوا ضَمُّوا السُّفُنَ إِلَیْهِمْ فَنَهَضَ مِنْ عِنْدِهِمْ لِیَعْبُرَ عَلَی جِسْرِ مَنْبِجٍ وَ خَلَّفَ عَلَیْهِمُ الْأَشْتَرَ فَنَادَاهُمْ فَقَالَ یَا أَهْلَ هَذَا الْحِصْنِ إِنِّی أُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنْ مَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَمْ تُجَسِّرُوا لَهُ عِنْدَ مَدِینَتِكُمْ حَتَّی یَعْبُرَ مِنْهَا لَأُجَرِّدَنَّ فِیكُمُ السَّیْفَ فَلَأَقْتُلَنَّ مُقَاتِلَتَكُمْ وَ لَأُخَرِّبَنَّ أَرْضَكُمْ وَ لَآخُذَنَّ أَمْوَالَكُمْ فَلَقِیَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَقَالُوا إِنَّ الْأَشْتَرَ یَفِی بِمَا یَحْلِفُ عَلَیْهِ وَ إِنَّمَا خَلَّفَهُ عَلِیٌّ عِنْدَنَا لِیَأْتِیَنَا بِشَرٍّ فَبَعَثُوا إِلَیْهِ إِنَّا نَاصِبُونَ لَكَ جِسْراً فَأَقْبَلُوا فَأَرْسَلَ الْأَشْتَرُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَجَاءَ وَ نَصَبُوا لَهُ الْجِسْرَ فَعَبَّرُوا
ص: 430
الْأَثْقَالَ وَ الرِّجَالَ وَ أَمَرَ الْأَشْتَرَ فَوَقَفَ فِی ثَلَاثَةِ آلَافِ فَارِسٍ حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ إِلَّا عَبَرَ ثُمَّ عَبَرَ آخِرَ النَّاسِ قال الحجاج: و ازدحمت الخیل حین عبرت فسقطت قلنسوة عبد اللّٰه بن أبی الحصین فنزل فأخذها فركب ثم سقطت قلنسوة عبد اللّٰه بن الحجاج فنزل فأخذها ثم ركب فقال لصاحبه:
فإن یك ظن الزاجری الطیر صادقا***كما زعموا (1) أقتل وشیكا و تقتل
فقال عبد اللّٰه بن أبی الحصین: ما شی ء أحب إلی مما ذكرت فقتلا معا یوم صفین:
قال نصر: فلما قطع علی الفرات دعا زیاد بن النضر و شریح بن هانئ فسرحهما أمامه نحو معاویة فی اثنی عشر ألفا و قد كانا حین سرحهما من الكوفة مقدمة له أخذا علی شاطئ الفرات من قبل البر مما یلی الكوفة حتی بلغا عانات فبلغهما أخذ علی علیه السلام طریق الجزیرة و علما أن معاویة قد أقبل فی جنود الشام من دمشق لاستقباله فقالا و اللّٰه ما هذا برأی أن نسیر و بیننا و بین أمیر المؤمنین هذا البحر و ما لنا خیر فی أن نلقی جموع الشام فی قلة من العدد منقطعین عن المدد فذهبوا لیعبروا من عانات فمنعهم أهلها و حبسوا عنهم السفن فأقبلوا راجعین حتی عبروا من هیت و لحقوا علیا علیه السلام بقریة دون قرقیسیاء فلما لحقوا علیا علیه السلام عجب و قال مقدمتی یأتی من ورائی فأخبره زیاد و شریح بالرأی الذی رأیا فقال قد أصبتما رشدكما فلما عبر الفرات قدمهما أمامه نحو معاویة فلما انتهیا إلی معاویة لقیهما أبو
ص: 431
الأعور السلمی فی جنود من الشام و هو علی مقدمة معاویة فدعواه إلی الدخول فی طاعة أمیر المؤمنین علیه السلام فأبی فبعثوا إلی علی علیه السلام أنا قد لقینا أبا الأعور السلمی بسور الروم فی جند من أهل الشام فدعوناه و أصحابه إلی الدخول فی طاعتك فأبی علینا فمرنا بأمرك فأرسل علی علیه السلام إلی الأشتر فقال یا مالك إن زیادا و شریحا أرسلا إلی إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ بِرِوَایَةِ ابْنِ مِیثَمٍ قَالَ وَ كَتَبَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِمَا وَ كَانَ الرَّسُولُ الْحَارِثَ بْنَ جُمْهَانَ الْجُعْفِیَّ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ أَمَّرْتُ عَلَیْكُمَا مَالِكاً فَاسْتَمِعَا لَهُ وَ أَطِیعَا أَمْرَهُ فَإِنَّهُ مَنْ لَا یُخَافُ رَهَقُهُ وَ لَا سِقَاطُهُ (1) وَ لَا بُطْؤُهُ عَمَّا الْإِسْرَاعُ عَلَیْهِ أَحْزَمُ وَ لَا إِسْرَاعُهُ إِلَی مَا الْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ بِمِثْلِ الَّذِی أَمَرْتُكُمَا أَنْ لَا یَبْدَأَ الْقَوْمَ بِقِتَالٍ حَتَّی یَلْقَاهُمْ وَ یَدْعُوَهُمْ وَ یُعْذِرَ إِلَیْهِمْ فَخَرَجَ الْأَشْتَرُ حَتَّی قَدِمَ عَلَی الْقَوْمِ فَاتَّبَعَ مَا أَمَرَهُ بِهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَفَّ عَنِ الْقِتَالِ وَ لَمْ یَزَالُوا مُتَوَاقِفِینَ حَتَّی إِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ حَمَلَ عَلَیْهِمْ أَبُو الْأَعْوَرِ فَثَبَتُوا لَهُ وَ اضْطَرَبُوا سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ انْصَرَفُوا ثُمَّ خَرَجَ إِلَیْهِمْ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ فِی خَیْلٍ وَ رِجَالٍ حَسَّنَ عُدَّتَهَا وَ عَدَدَهَا فَخَرَجَ إِلَیْهِمْ أَبُو الْأَعْوَرِ فَاقْتَتَلُوا یَوْمَهُمْ ذَلِكَ تَحْمِلُ الْخَیْلُ عَلَی الْخَیْلِ وَ الرِّجَالُ عَلَی الرِّجَالِ وَ صَبَرَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ بَكَّرَ عَلَیْهِمُ الْأَشْتَرُ فَقُتِلَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُنْذِرِ التَّنُوخِیُّ قَتَلَهُ ظَبْیَانُ بْنُ عُمَارَةَ التَّمِیمِیُّ وَ مَا هُوَ یَوْمَئِذٍ إِلَّا فَتًی حَدِیثُ السِّنِّ وَ إِنْ كَانَ
ص: 432
الشَّامِیُّ لَفَارِسَ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَخَذَ الْأَشْتَرُ یَقُولُ وَیْحَكُمْ أَرُونِی أَبَا الْأَعْوَرِ ثُمَّ إِنَّ أَبَا الْأَعْوَرِ دَعَا النَّاسَ فَرَجَعُوا نَحْوَهُ فَوَقَفَ عَلَی تَلٍّ مِنْ وَرَاءِ الْمَكَانِ الَّذِی كَانَ فِیهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ جَاءَ الْأَشْتَرُ حَتَّی صَفَّ أَصْحَابَهُ فِی الْمَكَانِ الَّذِی كَانَ فِیهِ أَبُو الْأَعْوَرِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ الْأَشْتَرُ لِسِنَانِ بْنِ مَالِكٍ النَّخَعِیِّ انْطَلِقْ إِلَی أَبِی الْأَعْوَرِ فَادْعُهُ إِلَی الْمُبَارَزَةِ فَقَالَ إِلَی مُبَارَزَتِی أَوْ مُبَارَزَتِكَ فَقَالَ الْأَشْتَرُ أَ وَ لَوْ أَمَرْتُكَ بِمُبَارَزَتِهِ فَعَلْتَ قَالَ نَعَمْ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ تَعَالَی لَوْ أَمَرْتَنِی أَنْ أَعْتَرِضَ صَفَّهُمْ بِسَیْفِی فَعَلْتُهُ حَتَّی أَضْرِبَهُ بِالسَّیْفِ فَقَالَ یَا ابْنَ أَخِی أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ قَدْ وَ اللَّهِ ازْدَدْتُ فِیكَ رَغْبَةً لَا مَا أَمَرْتُكَ بِمُبَارَزَتِهِ إِنَّمَا أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعُوَهُ لِمُبَارَزَتِی فَإِنَّهُ لَا یُبَارِزُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ إِلَّا ذَوِی الْأَسْنَانِ وَ الْكَفَاءَةِ وَ الشَّرَفِ وَ أَنْتَ بِحَمْدِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْكَفَاءَةِ وَ الشَّرَفِ وَ لَكِنَّكَ حَدِیثُ السِّنِّ وَ لَیْسَ یُبَارِزُ الْأَحْدَاثَ فَاذْهَبْ فَادْعُهُ إِلَی مُبَارَزَتِی فَأَتَاهُمْ فَقَالَ أَنَا رَسُولٌ فَأَمِّنُونِی فَأَمَّنُوهُ فَجَاءَ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَبِی الْأَعْوَرِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْأَشْتَرَ یَدْعُوكَ إِلَی الْمُبَارَزَةِ قَالَ فَسَكَتَ عَنِّی طَوِیلًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ خِفَّةَ الْأَشْتَرِ وَ سُوءَ رَأْیِهِ هُوَ الَّذِی دَعَاهُ إِلَی إِجْلَاءِ عُمَّالِ عُثْمَانَ وَ افْتِرَائِهِ عَلَیْهِ یُقَبِّحُ مَحَاسِنَهُ وَ یَجْهَلُ حَقَّهُ وَ یُظْهِرُ عَدَاوَتَهُ وَ مِنْ خِفَّةِ الْأَشْتَرِ أَنَّهُ سَارَ إِلَی عُثْمَانَ فِی دَارِهِ وَ قَرَارِهِ فَقَتَلَهُ فِیمَنْ قَتَلَهُ وَ أَصْبَحَ مُتَّبِعاً بِدَمِهِ (1) لَا حَاجَةَ لِی فِی مُبَارَزَتِهِ فَقُلْتُ إِنَّكَ قَدْ تَكَلَّمْتَ فَاسْمَعْ حَتَّی أُجِیبَكَ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِی جَوَابِكَ وَ لَا الِاسْتِمَاعِ مِنْكَ اذْهَبْ عَنِّی وَ صَاحَ بِی أَصْحَابُهُ فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ وَ لَوْ سَمِعَ لَأَسْمَعْتُهُ عُذْرَ صَاحِبِی وَ حُجَّتَهُ فَرَجَعْتُ إِلَی الْأَشْتَرِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ أَبَی الْمُبَارَزَةَ فَقَالَ لِنَفْسِهِ نَظَرَ قَالَ فَتَوَاقَفْنَا حَتَّی حَجَزَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمُ اللَّیْلُ وَ بِتْنَا مُتَحَارِسِینَ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْنَا نَظَرْنَا فَإِذَا هُمُ انْصَرَفُوا
ص: 433
قَالَ وَ صَبَّحَنَا عَلِیٌّ علیه السلام غُدْوَةً سَائِراً نَحْوَ مُعَاوِیَةَ فَإِذَا أَبُو الْأَعْوَرِ قَدْ سَبَقَ إِلَی سُهُولَةِ الْأَرْضِ وَ سَعَةِ الْمَنْزِلِ وَ شَرِیعَةِ الْمَاءِ مَكَانٍ أَفْیَحَ وَ كَانَ أَبُو الْأَعْوَرِ عَلَی مُقَدِّمَةِ مُعَاوِیَةَ وَ اسْمُهُ سُفْیَانُ بْنُ عَمْرٍو وَ كَانَ وُصُولُ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی صِفِّینَ لِثَمَانٍ بَقِینَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ قَالَ نَصْرٌ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو الْأَعْوَرِ عَنِ الْحَرْبِ رَاجِعاً سَبَقَ إِلَی الْمَاءِ فَغَلَبَ عَلَیْهِ فِی الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِقُنَاصِرِینَ إِلَی جَانِبِ صِفِّینَ (1) وَ سَاقَ الْأَشْتَرُ یَتْبَعُهُ فَوَجَدَهُ غَالِباً عَلَی الْمَاءِ وَ كَانَ فِی أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنْ مُسْتَبْصِرِی أَهْلِ الْعِرَاقِ فَصَدَمُوا أَبَا الْأَعْوَرِ وَ أَزَالُوهُ عَنِ الْمَاءِ فَأَقْبَلَ مُعَاوِیَةُ فِی جَمِیعِ الْفَیْلَقِ بِقَضِّهِ وَ قَضِیضِهِ فَلَمَّا رَآهُمُ الْأَشْتَرُ انْحَازَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ غَلَبَ مُعَاوِیَةُ وَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَی الْمَاءِ وَ حَالُوا بَیْنَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ بَیْنَهُ وَ أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی جُمُوعِهِ فَطَلَبَ مَوْضِعاً لِعَسْكَرِهِ وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یَضَعُوا أَثْقَالَهُمْ وَ هُمْ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ فَلَمَّا نَزَلُوا تَسَرَّعَ فَوَارِسُ مِنْ فَوَارِسِ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی خُیُولِهِمْ إِلَی جِهَةِ مُعَاوِیَةَ یَطْعَنُونَ وَ یَرْمُونَ بِالسِّهَامِ وَ مُعَاوِیَةُ بَعْدُ لَمْ یَنْزِلْ فَنَاوَشَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ الْقِتَالَ فَاقْتَتَلُوا هَوِیّاً (2).
«392»-قَالَ نَصْرٌ فَحَدَّثَنِی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام عَافَانَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ مَا أَحْسَنَ الْعَدْلَ
ص: 434
وَ الْإِنْصَافَ بِمَنْ عَمِلَ وَ أَقْبَحَ الطَّیْشَ ثُمَّ النَّفْشَ فِی الرَّجُلِ (1) وَ كَتَبَ بَعْدَهُ:
ارْبِطْ حِمَارَكَ لَا تَنْزِعْ سَوِیَّتَهُ***إِذًا یُرَدُّ وَ قَیْدُ الْعِیرِ مَكْرُوبٌ
لَیْسَتْ تَرَی السَّیِّدُ زَیْداً فِی نُفُوسِهِمْ***كَمَا تَرَاهُ بَنُو كُوزٍ وَ مَرْهُوبٍ
إِنْ تَسْأَلُوا الْحَقَّ یُعْطَ الْحَقَّ سَائِلُهُ***وَ الدِّرْعُ مُحْقَبَةٌ وَ السَّیْفُ مَقْرُوبٌ
أَوْ تَأْنَفُونَ فَإِنَّا مَعْشَرَ أَنْفٍ***لَا نَطْعَمُ الضَّیْمَ إِنَّ السَّمَّ مَشْرُوبٌ
فَأَمَرَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ یُوزَعَ النَّاسُ عَنِ الْقِتَالِ حَتَّی أَخَذَ أَهْلُ الشَّامِ مَصَافَّهُمْ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا مَوْقِفٌ مَنْ نَطِفَ فِیهِ نَطِفَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَ مَنْ فَلَجَ فِیهِ فَلَجَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ
ثُمَّ قَالَ لَمَّا رَأَی نُزُولَ مُعَاوِیَةَ بِصِفِّینَ:
لَقَدْ أَتَانَا كَاشِراً عَنْ نَابِهِ***یُهَمِّطُ النَّاسَ عَلَی اعْتِزَابِهِ
فَلْیَأْتِنَا الدَّهْرُ بِمَا أَتَی بِهِ
قَالَ نَصْرٌ: وَ كَتَبَ عَلِیٌّ إِلَی مُعَاوِیَةَ جَوَابَ كِتَابِهِ أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ لِلْحَرْبِ عُرَاماً شَرَراً*** إِنَّ عَلَیْهَا قَائِداً عَشَنْزَراً
یُنْصِفُ مَنْ أَحْجَرَ أَوْ تَنَمَّرَا***عَلَی نَوَاحِیهَا مِزَجّاً زَمْجَراً
إِذَا وَنِینَ سَاعَةٍ تَغَشْمَرَا
ص: 435
وَ كَتَبَ بَعْدَهُ
أَ لَمْ تَرَ قَوْمِی إِذْ دَعَاهُمْ أَخُوهُمْ***أَجَابُوا وَ إِنْ یَغْضَبْ عَلَی الْقَوْمِ یَغْضَبُوا
هُمْ حَفِظُوا غَیْبِی كَمَا كُنْتُ حَافِظا***لِقَوْمِی أُخْرَی مِثْلِهَا إِذْ تَغَیَّبُوا
بَنُو الْحَرْبِ لَمْ تَقْعُدْ بِهِمْ أُمَّهَاتُهُمْ***وَ آبَاؤُهُمْ آبَاءُ صِدْقٍ فَأَنْجَبُوا
قَالَ فَتَرَاجَعَ النَّاسُ كُلٌّ مِنَ الْفَرِیقَیْنِ إِلَی مُعَسْكَرِهِ وَ ذَهَبَ شَبَابٌ مِنَ النَّاسِ إِلَی الْمَاءِ لِیَسْتَقُوا فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ الشَّامِ.
قال ابن أبی الحدید (1) قلت فی هذه الألفاظ ما ینبغی أن یشرح قوله فاقتتلوا هویا بفتح الهاء أی قطعة من الزمان و ذهب هوی من اللیل أی هزیع منه و النفش كثرة الكلام و الدعاوی و أصله من نفش الصوف و السویة كساء محشو بثمام و نحوه كالبرزعة و كربت القید إذا ضیقته علی المقید و قید مكروب أی ضیق یقول لا تنزع برزعة حمارك عنه و اربطه و قیده و إلا أعید إلیك و قیده ضیق.
و هذا مثل ضربه لعلی علیه السلام یأمره فیه بأن یردع جیشه عن التسرع و العجلة عند الحرب.
و زید المذكور فی الشعر هو زید بن حصین بن ضرار بن عمرو بن مالك بن زید بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد بن طابخة بن إلیاس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان من بنی ضبة و هو المعروف بزید الخیل و كان فارسهم.
و بنو السید من ضبة أیضا [و هم بنو السید بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد بن طابخة إلی آخر النسب] و بنو السید بنو عم زید الفوارس
ص: 436
[لأنه من بنی ذهل بن مالك] و هؤلاء بنو السید بن مالك و بینهم عداوة النسب یقول إن بنی السید لا یرون زیدا فی نفوسهم كما یراه أهله الأدنون منه نسبا و هم بنو كوز و بنو مرهوب یقول نحن لا نعظم زیدا و لا نعتقد فیه من الفضیلة ما یعتقده أهله و بنو عمه الأدنون.
و المثل لعلی علیه السلام أی نحن لا نری فی علی ما یراه أهل العراق من تعظیمه و تبجیله.
و الدرع محقبة أی بحالها فی حقابها و هو ما یشد به فی غلافها و السیف بحاله فی قرابه و هو جفنه یقال حقبت الدرع و قربت السیف كلاهما ثلاثیان یقول إن سألتم الحق أعطیناكموه من غیر حاجة إلی الحرب بل نجیبكم إلیه و الدروع بحالها لم تلبس و السیوف فی أجفانها لم تشهر.
و أما إثبات النون فی تأنفون فللشعر (1) یقول و إن أنفتم و أبیتم إلا الحرب فإنا نأنف مثلكم أیضا لا نطعم الضیم و لا نقبله ثم قال إن السم مشروب أی إن السم قد نشربه و لا نشرب الضیم أی نختار الموت علی الذلة.
و الشعر لعبد اللّٰه بن غنم الضبی (2) من بنی السید.
فأما قوله علیه السلام هذا موقف من نطف فیه نطف یوم القیامة
ص: 437
أی من تلطخ فیه بعیب من فرار أو نكول عن العدو یقال نطف فلان بالكسر إذا تدنس بعیب و نطف أیضا إذا أفسد یقول من فسدت حاله الیوم فی هذا الجهاد فسدت حاله غدا عند اللّٰه: قوله من فلج فیه بفتح اللام أی من ظهر و فاز یقال فلج علی خصمه كنصر أی ظهرت حجته علیه.
قوله علیه السلام یهمط الناس أی یقهرهم و یخبطهم و أصله الأخذ بغیر تقدیر.
و قوله علیه السلام علی اعتزابه أی علی بعده عن الإمارة و الولایة علی الناس.
و العرام بالضم الشراسة و الهوج و العشنزر الشدید القوی ینصف من یظلم الناس و أحجر ظلم الناس حتی ألجأهم إلی أن دخلوا حجرهم أی بیوتهم و تنمر أی تنكر حتی صار كالنمر یقول هذا القائد الشدید القوی ینصف من یظلم الناس و یتنكر لهم أی ینصف منه فحذف حرف الجر كقوله تعالی وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ أی من قومه.
و المزج بكسر المیم السریع النفوذ و أصله الرمح القصیر كالمزراق و رجل زمجر أی مانع حوزته و المیم زائدة و من رواها زمخرا بالخاء عنی به المرتفع العالی الشأن و جعل المیم زائدة أیضا من زخر الوادی أی علا و ارتفع و غشمر السیل أقبل و الغشمرة إتیان الأمر بغیر تثبت یقول إذا أبطأن ساقهن سوقا عنیفا.
و الأبیات البائیة لربیع بن مسروم (1) الضبی.
ص: 438
و روی نصر عن عبد اللّٰه بن عوف قال لما قدمنا علی معاویة و أهل الشام بصفین وجدناهم قد نزلوا منزلا اختاروه مستویا بساطا واحدا (1) و أخذوا الشریعة فهی أیدیهم و قد صف أبو الأعور علیها الخیل و الرجالة و قدم المرامیة و معهم أصحاب الرماح و الدرق و علی رءوسهم البیض و قد أجمعوا أن یمنعونا الماء ففزعنا إلی أمیر المؤمنین علیه السلام فأخبرناه بذلك.
فدعا صعصعة بن صوحان فقال ائت معاویة فقل له إنا سرنا إلیك مسیرنا هذا و أنا أكره قتالكم قبل الإعذار إلیكم و إنك قدمت خیلك فقاتلتنا قبل أن نقاتلك و بدأتنا بالحرب و نحن من رأینا الكف حتی ندعوك و نحتج علیك و هذه أخری قد فعلتموها قد حلتم بین الناس و بین الماء فخل بینهم و بینه حتی ننظر فیما بیننا و بینكم و فیما قدمنا له و قدمتم له و إن كان أحب إلیك أن ندع ما جئنا له و ندع الناس یقتتلون علی الماء حتی یكون الغالب هو الشارب فعلنا.
فلما مضی صعصعة برسالته إلی معاویة قال معاویة لأصحابه ما ترون فقال الولید بن عقبة امنعهم الماء كما منعوه ابن عفان حصروه أربعین یوما یمنعونه برد الماء و لین الطعام اقتلهم عطشا قتلهم اللّٰه.
و قال عمرو بن العاص خل بین القوم و بین الماء فإنهم لن یعطشوا و أنت ریان و لكن لغیر الماء فانظر فیما بینك و بینهم فأعاد الولید مقالته.
و قال عبد اللّٰه بن سعید بن أبی سرح (2) و كان أخا عثمان من الرضاعة امنعهم الماء إلی اللیل فإنهم إن لم یقدروا علیه رجعوا و كان رجوعهم هزیمتهم امنعهم الماء منعهم اللّٰه یوم القیامة.
ص: 439
فقال صعصعة إنما یمنع الماء یوم القیامة الفجرة الكفرة شربة الخمر ضربك و ضرب هذا الفاسق (1) یعنی الولید فتواثبوا إلیه یشتمونه و یتهددونه فقال معاویة كفوا عن الرجل فإنما هو رسول.
قال عبد اللّٰه بن عوف إن صعصعة لما رجع إلینا حدثنا بما قال معاویة و ما كان منه و ما رده علینا و قال لما أردت الانصراف من عنده قلت ما ترد علی قال سیأتیكم رأیی قال فو اللّٰه ما راعنا إلا تسویة الرجال و الصفوف و الخیل فأرسل إلی أبی الأعور امنعهم الماء فازدلفنا و اللّٰه إلیهم فارتمینا و أطعنا بالرماح و اضطر بنا بالسیوف فطال ذلك بیننا و بینهم حتی صار الماء فی أیدینا فقلنا لا و اللّٰه لا نسقیهم فأرسل علی علیه السلام أن خذوا من الماء حاجتكم و ارجعوا معسكركم و خلوا بینهم و بین الماء فإن اللّٰه قد نصركم علیهم ببغیهم و ظلمهم.
و قال نصر قال عمرو بن العاص خل بینهم و بین الماء فإن علیا لم یكن لیظمأ و أنت ریان و فی یده أعنة الخیل و هو ینظر إلی الفرات حتی یشرب أو یموت و أنت تعلم أنه الشجاع المطرق و قد سمعته أنا مرارا و هو یقول لو أن معی أربعین رجلا یوم فتش البیت یعنی بیت فاطمة لو استمكنت من أربعین رجلا یعنی فی الأمر الأول (2).
قال و لما غلب أهل الشام علی الفرات فرحوا بالغلبة و قال معاویة یا
ص: 440
أهل الشام هذا و اللّٰه أول الظفر لا سقانی اللّٰه و لا أبا سفیان إن شربوا منه أبدا حتی یقتلوا بأجمعهم علیه و تباشر أهل الشام.
فقام إلی معاویة رجل من أهل الشام همدانی ناسك یقال له المعری بن الأقبل فقال یا معاویة سبحان اللّٰه الآن سبقتم القوم إلی الفرات تمنعونهم الماء أما و اللّٰه لو سبقوكم إلیه لسقوكم منه أ لیس أعظم ما تنالون من القوم أن تمنعونهم فرضة من الفرات فینزلون علی فرضة أخری فیجازونكم بما صنعتم.
أ ما تعلمون أن فیهم العبد و الأمة و الأجیر و الضعیف و من لا ذنب له هذا و اللّٰه أول الجهل فأغلظ له معاویة.
قال نصر ثم سار الرجل الهمدانی فی سواد اللیل حتی لحق بعلی علیه السلام و مكث أصحاب علی علیه السلام بغیر ماء و اغتم علیه السلام بما فیه أهل العراق من العطش فأتی الأشعث علیا فقال یا أمیر المؤمنین أ یمنعنا القوم ماء الفرات و أنت فینا و السیوف فی أیدینا خل عنا و عن القوم فو اللّٰه لا نرجع حتی نرده أو نموت و مر الأشتر یعلو بخیله و یقف حیث تأمر فقال علی علیه السلام ذاك إلیكم.
فنادی الأشعث فی الناس من كان یرید الماء أو الموت فمیعاده موضع كذا فإنی ناهض فأتاه اثنا عشر ألفا من كندة و أفناء قحطان واضعی سیوفهم علی عواتقهم فشد علیه سلاحه و نهض بهم حتی كاد أن یخالط أهل الشام و جعل یلقی رمحه و یقول لأصحابه بأبی و أمی و أنتم تقدموا إلیهم قاب رمحی هذا (1) فلم یزل ذلك دأبه حتی خالط القوم و حسر عن رأسه و نادی أنا الأشعث بن قیس خلوا عن الماء فنادی أبو الأعور أما و اللّٰه حتی لا تأخذنا و إیاكم السیوف فلا فقال الأشعث قد و اللّٰه أظنها دنت منا و منكم.
ص: 441
و كان الأشتر قد تعالی بخیله حیث أمره علی علیه السلام فبعث إلیه الأشعث أقحم الخیل فأقحمها حتی وضعت بسنابكها فی الفرات و أخذت أهل الشام السیوف فولوا مدبرین.
«393»-قَالَ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ وَ زَیْدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالا فَنَادَی الْأَشْعَثُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَ وَیْحَكَ یَا ابْنَ الْعَاصِ خَلِّ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْمَاءِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَتَأْخُذُنَا وَ إِیَّاكُمُ السُّیُوفُ فَقَالَ عَمْرٌو وَ اللَّهِ لَا نُخَلِّی عَنْهُ حَتَّی تَأْخُذَنَا السُّیُوفُ وَ إِیَّاكُمْ فَیَعْلَمَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَیُّنَا أَصْبَرُ الْیَوْمَ فَتَرَجَّلَ الْأَشْعَثُ وَ الْأَشْتَرُ وَ ذَوُو الْبَصَائِرِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ تَرَجَّلَ مَعَهُمَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً فَحَمَلُوا عَلَی عَمْرٍو وَ أَبِی الْأَعْوَرِ وَ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَأَزَالُوهُمْ عَنِ الْمَاءِ حَتَّی غُمِسَتْ خَیْلُ عَلِیٍّ علیه السلام سَنَابِكُهَا فِی الْمَاءِ قَالَ نَصْرٌ فَرَوَی لَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ ذَاكَ الْیَوْمَ هَذَا یَوْمٌ نُصِرْتُمْ فِیهِ بِالْحَمِیَّةِ قَالَ نَصْرٌ فَحَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَطَبَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْمَ الْمَاءِ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ بَدَءُوكُمْ بِالظُّلْمِ وَ فَاتَحُوكُمْ بِالْبَغْیِ وَ اسْتَقْبَلُوكُمْ بِالْعُدْوَانِ وَ قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ حَیْثُ مَنَعُوكُمُ الْمَاءَ فَأَقِرُّوا عَلَی مَذَلَّةٍ وَ تَأْخِیرِ مَحَلَّةِ أَوْ رَوُّوا السُّیُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ فَالْمَوْتُ فِی حَیَاتِكُمْ مَقْهُورِینَ وَ الْحَیَاةُ فِی مَوْتِكُمْ قَاهِرِینَ أَلَا وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ وَ عَمَّسَ عَلَیْهِمُ الْخَبَرَ حَتَّی جَعَلَ نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ الْمَنِیَّةِ (1)
ص: 442
قَالَ نَصْرٌ وَ دَعَا الْأَشْتَرُ بِالْحَارِثِ بْنِ هَمَّامٍ النَّخَعِیِّ فَأَعْطَاهُ لِوَاءَهُ ثُمَّ صَاحَ الْأَشْتَرُ فِی أَصْحَابِهِ فَدَتْكُمْ نَفْسِی شُدُّوا شِدَّةَ الْمُحَرِّجِ الرَّاجِی لِلْفَرَجِ فَإِذَا نَالَتْكُمُ الرِّمَاحُ الْتَوُوا فِیهَا فَإِذَا عَضَّتْكُمُ السُّیُوفُ فَلْیَعَضَّ الرَّجُلُ عَلَی نَاجِذِهِ فَإِنَّهُ أَشَدُّ لِشُئُونِ الرَّأْسِ ثُمَّ اسْتَقْبِلُوا الْقَوْمَ بِهَامِكُمْ
قال: و كان الأشتر یومئذ علی فرس له محذوف أدهم كأنه حلك الغراب و قتل بیده من أهل الشام من فرسانهم و صنادیدهم سبعة صالح بن فیروز العكی و مالك بن أدهم السلمانی و ریاح بن عتیك الغسانی و الأجلح بن منصور الكندی و كان فارس أهل الشام و إبراهیم بن وضاح الجمحی و زامل بن عتیك الجذامی و محمد بن روضة الجمحی و سمع أمیر المؤمنین مرثیة بعض نساء القتلی فقال أما إنهم أضروا بنسائهم فتركوهن أیامی حزانی بائسات قاتل اللّٰه معاویة اللّٰهم حمله آثامهم و أوزارا و أثقالا مع أثقاله اللّٰهم لا تعف عنه:
و عن صعصعة قال: أقبل الأشتر یوم الماء فضرب بسیفه جمهور أهل الشام حتی كشفهم عن الماء و حمل أبو الأعور و حمل الأشتر علیه فلم ینتصف أحدهما صاحبه قَالَ وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِیَةَ لَمَّا مَلَكَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْمَاءَ مَا ظَنُّكَ یَا مُعَاوِیَةُ بِالْقَوْمِ إِنْ مَنَعُوكَ الْمَاءَ كَمَا مَنَعْتَهُمْ أَمْسِ أَ تَرَاكَ تُضَارِبُهُمْ عَلَیْهِ كَمَا ضَارَبُوكَ عَلَیْهِ مَا أَغْنَی عَنْكَ أَنْ تَكْشِفَ لَهُمُ السَّوْءَةَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ دَعْ عَنْكَ مَا مَضَی فَمَا ظَنُّكَ بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَ ظَنِّی أَنَّهُ لَا یَسْتَحِلُّ مِنْكَ مَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْهُ وَ أَنَّ الَّذِی جَاءَ لَهُ غَیْرُ الْمَاءِ قَالَ نَصْرٌ فَقَالَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام لَهُ امْنَعْهُمُ الْمَاءَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَمَا مَنَعُوكَ فَقَالَ لَا خَلُّوا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَهُ لَا أَفْعَلُ مَا فَعَلَهُ الْجَاهِلُونَ فَسَنَعْرِضُ عَلَیْهِمُ كِتَابَ اللَّهِ وَ نَدْعُوهُمْ إِلَی الْهُدَی فَإِنْ أَجَابُوا وَ إِلَّا فَفِی حَدِّ السَّیْفِ مَا یُغْنِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا أَمْسَی النَّاسُ حَتَّی رَأَوْا سُقَاتَهُمْ وَ سُقَاةَ أَهْلِ الشَّامِ وَ رَوَایَاهُمْ وَ رَوَایَا أَهْلِ الشَّامِ یَزْدَحِمُونَ عَلَی الْمَاءِ مَا یُؤْذِی إِنْسَانٌ إِنْسَاناً.
ص: 443
أقول: رجعنا إلی أصل كتاب نصر فوجدناه مطابقا لما رواه ابن أبی الحدید عنه (1).
توضیح:
قال الفیروزآبادی منبج كمجلس موضع و قال زجر الطائر تفأل به و الزجر العیافة و التكهن و قال الرهق محركة السفه و النوك و الخفة و ركوب الشر و الظلم و غشیان المحارم و قال السقاط الوقعة الشدیدة و العثرة و قال بحر أفیح واسع و الفیحاء الواسعة من الدور و قال الفیلق كصیقل الجیش و قال جاءوا قضهم بفتح الضاد و بضمها و فتح القاف و كسرها بقضیضهم و جاءوا قضهم و قضیضهم أی جمیعهم أو القض الحصی الصغار و القضیض الكبار أی جاءوا بالكبیر و الصغیر أو القض بمعنی القاض و القضیض بمعنی المقضوض قوله لو استمكنت لو للتمنی أو الجزاء محذوف و الأمر الأول بیعة أبی بكر و قاب رمحی أی قدر رمحی قوله قد استطعموكم.
أقول: روی السید فی المختار من النهج من هذا الموضع إلی آخر الكلام أی طلبوا منكم القتال كأنهم اضطروكم إلیه إذ لا طاقة لكم علی العطش فجعلوه مرغوبا لكم كما یرغب الإنسان إلی الطعام الذی به قوام بدنه فأقروا علی مذلة أی اعترفوا بها و إنه لا قدرة لكم علی دفعهم و اصبروا علیها أو اسكنوا أنفسكم فی مكان الذل و المقهوریة و تأخیر المحلة دناءة المرتبة أو رووا السیوف أی اجعلوها ریا ضد عطشی و قاد الفرس ضد ساقه فالقود من أمام و السوق من خلف و اللمة بالضم و التخفیف الجماعة
ص: 444
و قیل المثل فی السن و الترب و عمس بالمهملتین و تشدید المیم أی أبهم و أخفی و یظهر من ابن الأثیر أنه بالتخفیف.
و یروی بالغین المعجمة و هو موجود فی بعض نسخ النهج لكن بالتشدید و غمسه فی الماء أی مقله و غمس النجم أی غاب و الغمیس اللیل المظلم و الظلمة و الشی ء الذی لم یظهر للناس و لم یعرف بعد و فی بعض النسخ و رمس علیهم بالتشدید و الرمس كتمان الخبر و المراد بالخبر خزی الدنیا أو عذاب الآخرة أو الأعم و الغرض الهدف الذی یرمی فیه و المنیة الموت و قال الجوهری الحلك السواد یقال أسود مثل حلك الغراب و هو سواده.
ص: 445
ص: 446
«394»-قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ مُوَافِقاً لِمَا وَجَدْتُهُ فِی أَصْلِ كِتَابِ صِفِّینَ لِنَصْرِ بْنِ الْمُزَاحِمِ (1)
لَمَّا مَلَكَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمَاءَ بِصِفِّینَ ثُمَّ سَمَحَ لِأَهْلِ الشَّامِ بِالْمُشَارَكَةِ فِیهِ وَ الْمُسَاهَمَةِ اسْتِمَالَةً لِقُلُوبِهِمْ مَكَثَ أَیَّاماً لَا یُرْسِلُ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَحَداً وَ لَا یَأْتِیهِ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِیَةَ أَحَدٌ وَ اسْتَبْطَأَ أَهْلُ الْعِرَاقِ إِذْنَهُ لَهُمْ فِی الْقِتَالِ وَ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ خَلَّفْنَا ذَرَارِیَّنَا وَ نِسَاءَنَا بِالْكُوفَةِ ائْذَنْ لَنَا فِی قِتَالِ الْقَوْمِ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا قَالُوا؟ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ إِنَّهُمْ یَظُنُّونَ أَنَّكَ تَكْرَهُ الْحَرْبَ كَرَاهِیَةً لِلْمَوْتِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَظُنُّ أَنَّكَ فِی شَكٍّ فِی قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ علیه السلام وَ مَتَی كُنْتُ كَارِهاً لِلْحَرْبِ قَطُّ إِنَّ مِنَ الْعَجَبِ حُبِّی لَهَا غُلَاماً وَ یَفَعاً وَ كَرَاهِیَتِی لَهَا شَیْخاً بَعْدَ نَفَادِ الْعُمُرِ وَ قُرْبِ الْوَقْتِ وَ أَمَّا شَكِّی فِی
ص: 447
الْقَوْمِ فَلَوْ شَكَكْتُ فِیهِمْ لَشَكَكْتُ فِی أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ ضَرَبْتُ هَذَا الْأَمْرَ ظَهْراً وَ بَطْناً فَمَا وَجَدْتُ یَسَعُنِی إِلَّا الْقِتَالُ أَوْ أَنْ أَعْصِیَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَكِنِّی أَسْتَأْنِی بِالْقَوْمِ عَسَی أَنْ یَهْتَدُوا أَوْ یَهْتَدِیَ فِیهِمْ طَائِفَةٌ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی یَوْمَ الْخَیْبَرِ لَأَنْ یَهْدِیَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِداً خَیْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَیْهِ الشَّمْسُ (1) قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ فَبَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ بِشْرَ بْنَ عَمْرٍو وَ سَعِیدَ بْنَ قَیْسٍ وَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِیٍّ فَقَالَ ائْتُوا هَذَا الرَّجُلَ فَادْعُوهُ إِلَی الطَّاعَةِ وَ الْجَمَاعَةِ وَ إِلَی اتِّبَاعِ أَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَقَالَ شَبَثٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ لَا نُطْمِعُهُ فِی سُلْطَانٍ تُوَلِّیهِ إِیَّاهُ وَ مَنْزِلَةٍ یَكُونُ لَهُ بِهَا أَثَرَةٌ عِنْدَكَ إِنْ هُوَ بَایَعَكَ قَالَ ائْتُوهُ الْآنَ وَ الْقَوْهُ وَ احْتَجُّوا عَلَیْهِ وَ انْظُرُوا مَا رَأْیُهُ فِی هَذَا فَدَخَلُوا عَلَیْهِ فَابْتَدَأَ بِشْرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مِحْصَنٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ یَا مُعَاوِیَةُ فَإِنَّ الدُّنْیَا عَنْكَ زَائِلَةٌ وَ إِنَّكَ رَاجِعٌ إِلَی الْآخِرَةِ وَ إِنَّ اللَّهَ مُجَازِیكَ بِعَمَلِكَ وَ مُحَاسِبُكَ بِمَا قَدَّمَتْ یَدَاكَ وَ إِنَّنِی أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تُفَرِّقَ جَمَاعَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنْ تَسْفِكَ دِمَاءَهَا بَیْنَهَا فَقَطَعَ مُعَاوِیَةُ عَلَیْهِ الْكَلَامَ فَقَالَ فَهَلَّا أَوْصَیْتَ صَاحِبَكَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ صَاحِبِی لَا یُوصَی إِنَّ صَاحِبِی لَیْسَ مِثْلَكَ صَاحِبِی أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ فِی الْفَضْلِ وَ الدِّینِ وَ السَّابِقَةِ فِی الْإِسْلَامِ وَ الْقَرَابَةِ مِنَ الرَّسُولِ قَالَ مُعَاوِیَةُ فَتَقُولُ مَا ذَا قَالَ أَدْعُوكَ إِلَی تَقْوَی رَبِّكَ وَ إِجَابَةِ ابْنِ عَمِّكَ إِلَی مَا یَدْعُوكَ إِلَیْهِ مِنَ الْحَقِّ فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لَكَ فِی دِینِكَ وَ خَیْرٌ لَكَ فِی عَاقِبَةِ أَمْرِكَ قَالَ وَ یُطَلُّ دَمُ عُثْمَانَ لَا وَ الرَّحْمَنِ لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ أَبَداً فَذَهَبَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ لِیَتَكَلَّمَ فَبَدَرَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِیٍّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ
ص: 448
ثُمَّ قَالَ یَا مُعَاوِیَةُ قَدْ فَهِمْتُ مَا رَدَدْتَ عَلَی ابْنِ مِحْصَنٍ إِنَّهُ لَا یَخْفَی عَلَیْنَا مَا تَطْلُبُ إِنَّكَ لَا تَجِدُ شَیْئاً تَسْتَغْوِی بِهِ النَّاسَ وَ تَسْتَمِیلُ بِهِ أَهْوَاءَهُمْ إِلَّا أَنْ قُلْتَ لَهُمْ قُتِلَ إِمَامُكُمْ مَظْلُوماً فَهَلُمُّوا نَطْلُبْ بِدَمِهِ فَاسْتَجَابَ لَكَ سَفِلَةٌ طَغَامٌ رُذَالٌ وَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ أَبْطَأْتَ عَنْهُ بِالنَّصْرِ وَ أَحْبَبْتَ لَهُ الْقَتْلَ لِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ الَّتِی تَطْلُبُ وَ رُبَّ مبتغی [مُبْتَغٍ أَمْراً وَ طَالِبٍ لَهُ یَحُولُ اللَّهُ دُونَهُ وَ رُبَّمَا أُوتِیَ الْمُتَمَنِّی أُمْنِیَّتَهُ وَ رُبَّمَا لَمْ یُؤْتَهَا وَ وَ اللَّهِ مَا لَكَ فِی وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَیْرٌ وَ اللَّهِ إِنْ أَخْطَأَكَ مَا تَرْجُو إِنَّكَ لَشَرُّ الْعَرَبِ حَالًا وَ لَئِنْ أَصَبْتَ مَا تَتَمَنَّاهُ لَا تُصِیبُهُ حَتَّی تَسْتَحِقَّ صَلَی النَّارِ فَاتَّقِ اللَّهَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ دَعْ مَا أَنْتَ عَلَیْهِ وَ لَا تُنَازِعِ الْأَمْرَ أَهْلَهُ فَحَمِدَ مُعَاوِیَةُ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَوَّلَ (1) مَا عَرَفْتُ بِهِ سَفَهَكَ وَ خِفَّةَ حِلْمِكَ قَطْعُكَ عَلَی هَذَا الْحَسِیبِ الشَّرِیفِ سَیِّدِ قَوْمِهِ مَنْطِقَهُ ثُمَّ عَنَّفْتَ بَعْدُ فِیمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ وَ لَقَدْ كَذَبْتَ وَ لَوَّمْتَ أَیُّهَا الْأَعْرَابِیُّ الْجِلْفُ الْجَافِی (2) فِی كُلِّ مَا وَصَفْتَ انْصَرِفُوا مِنْ عِنْدِی فَإِنَّهُ لَیْسَ بَیْنِی وَ بَیْنَكُمْ إِلَّا السَّیْفُ وَ غَضِبَ فَخَرَجَ الْقَوْمُ وَ شَبَثٌ یَقُولُ أَ عَلَیْنَا تُهَوِّلُ بِالسَّیْفِ أَمَا وَ اللَّهِ لَنُعَجِّلَنَّهُ إِلَیْكَ قَالَ نَصْرٌ وَ خَرَجَ قُرَّاءُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ قُرَّاءُ أَهْلِ الشَّامِ فَعَسْكَرُوا فِی نَاحِیَةِ صِفِّینَ فِی ثَلَاثِینَ أَلْفاً قَالَ وَ عَسْكَرُ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی الْمَاءِ وَ عَسْكَرُ مُعَاوِیَةَ فَوْقَهُ عَلَی الْمَاءِ أَیْضاً وَ مَشَتِ الْقُرَّاءُ بَیْنَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ مُعَاوِیَةَ مِنْهُمْ عُبَیْدَةُ السَّلْمَانِیُّ وَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَیْسٍ النَّخَعِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ وَ عَمَّارُ بْنُ عَبْدِ الْقَیْسِ فَدَخَلُوا عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالُوا یَا مُعَاوِیَةُ مَا الَّذِی تَطْلُبُ
ص: 449
قَالَ أَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ قَالُوا مِمَّنْ تَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ قَالَ أَطْلُبُهُ مِنْ عَلِیٍّ قَالُوا أَ وَ عَلِیٌّ قَتَلَهُ قَالَ نَعَمْ هُوَ قَتَلَهُ وَ آوَی قَتَلَتَهُ فَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ فَدَخَلُوا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالُوا إِنَّ مُعَاوِیَةَ زَعَمَ أَنَّكَ قَتَلْتَ عُثْمَانَ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَذَبَ عَلَیَّ لَمْ أَقْتُلْهُ فَرَجَعُوا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ إِنْ لَمْ یَكُنْ قَتَلَهُ بِیَدِهِ فَقَدْ أَمَرَ وَ مَالَأَ فَرَجَعُوا إِلَیْهِ علیه السلام وَ قَالُوا یَزْعُمُ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنْ قَتَلْتَ بِیَدِكَ فَقَدْ أَمَرْتَ وَ مَالَأْتَ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَذَبَ فِیمَا قَالَ فَرَجَعُوا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالُوا إِنَّ عَلِیّاً یَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ یَفْعَلْ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَلْیُقِدْنَا مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُمْ فِی عَسْكَرِهِ وَ جُنْدِهِ وَ أَصْحَابُهُ وَ عَضُدُهُ فَرَجَعُوا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالُوا إِنَّ مُعَاوِیَةَ یَقُولُ لَكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَادْفَعْ إِلَیْنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ أَوْ مَكِّنَّا مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ الْقَوْمَ تَأَوَّلُوا عَلَیْهِ الْقُرْآنَ وَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَ قَتَلُوهُ فِی سُلْطَانِهِ وَ لَیْسَ عَلَی ضَرْبِهِمْ قَوَدٌ فَخَصَمَ عَلِیٌّ مُعَاوِیَةَ (1) فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِیَةُ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَزْعُمُونَ فَلِمَ ابْتَزَّ الْأَمْرَ دُونَنَا عَلَی غَیْرِ مَشُورَةٍ مِنَّا وَ لَا مِمَّنْ هَاهُنَا مَعَنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ النَّاسَ تَبَعُ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ هُمْ شُهُودٌ لِلْمُسْلِمِینَ فِی الْبِلَادِ عَلَی وُلَاتِهِمْ وَ أُمَرَاءِ دِینِهِمْ فَرَضُوا بِی وَ بَایَعُونِی وَ لَسْتُ أَسْتَحِلُّ أَنْ أَدَعَ ضَرْبَ مُعَاوِیَةَ یَحْكُمُ عَلَی هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ یَرْكَبُهُمْ وَ یَشُقُّ عَصَاهُمْ فَرَجَعُوا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَیْسَ كَمَا یَقُولُ فَمَا بَالُ مَنْ هَاهُنَا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ لَمْ یَدْخُلُوا فِی هَذَا الْأَمْرِ فَانْصَرَفُوا إِلَیْهِ علیه السلام فَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِهِ: فَقَالَ: وَیْحَكُمْ هَذَا لِلْبَدْرِیِّینَ دُونَ
ص: 450
الصَّحَابَةِ وَ لَیْسَ فِی الْأَرْضِ بَدْرِیٌّ إِلَّا وَ قَدْ بَایَعَنِی وَ هُوَ مَعِی أَوْ قَدْ أَقَامَ وَ رَضِیَ فَلَا یَغُرَّنَّكُمْ مُعَاوِیَةُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ دِینِكُمْ قال نصر: فتراسلوا بذلك ثلاثة أشهر ربیع الآخر و جمادیین و هم مع ذلك یفزعون الفزعة فیما بینها و یزحف بعضهم إلی بعض و یحجز القراء بینهم قال ففزعوا فی ثلاثة أشهر خمسا و ثلاثین فزعة یزحف بعضهم إلی بعض و یحجز القراء بینهم قَالَ نَصْرٌ وَ خَرَجَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِیُّ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَدَخَلَا عَلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالا یَا مُعَاوِیَةُ عَلَامَ تُقَاتِلُ هَذَا الرَّجُلَ فَوَ اللَّهِ لَهُوَ أَقْدَمُ مِنْكَ سِلْماً وَ أَحَقُّ مِنْكَ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ أَقْرَبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَعَلَامَ تُقَاتِلُهُ قَالَ أُقَاتِلُهُ عَلَی دَمِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ آوَی قَتَلَتَهُ فَقُولُوا لَهُ فَلْیُقِدْنَا مِنْ قَتَلَتِهِ وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ بَایَعَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَانْطَلَقُوا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ إِنَّمَا یَطْلُبُ الَّذِینَ تَرَوْنَ فَخَرَجَ عِشْرُونَ أَلْفاً وَ أَكْثَرُ مُتَسَرْبِلِینَ فِی الْحَدِیدِ لَا یُرَی مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ فَقَالُوا كُلُّنَا قَتَلَهُ فَإِنْ شَاءُوا فَلْیَرُومُوا ذَلِكَ مِنَّا فَرَجَعَ أَبُو أُمَامَةَ وَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَلَمْ یَشْهَدَا شَیْئاً مِنَ الْقِتَالِ حَتَّی إِذَا كَانَ فِی رَجَبٍ وَ خَشِیَ مُعَاوِیَةُ أَنْ یُبَایِعَ الْقُرَّاءُ عَلِیّاً علیه السلام جَدَّ فِی الْمَكْرِ وَ كَتَبَ فِی سَهْمٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ النَّاصِحِ أَنِّی أُخْبِرُكُمْ أَنَّ مُعَاوِیَةَ یُرِیدُ أَنْ یَفْجُرَ عَلَیْكُمُ الْفُرَاتَ فَیُغْرِقَكُم فَخُذُوا حِذْرَكُمْ ثُمَّ رَمَی السَّهْمَ فِی عَسْكَرِ عَلِیٍّ علیه السلام فَوَقَعَ السَّهْمُ فِی یَدِ رَجُلٍ فَقَرَأَهُ ثُمَّ أَقْرَأَ صَاحِبَهُ فَلَمَّا قَرَأَهُ مَنْ أَقْبَلَ وَ أَدْبَرَ قَالُوا هَذَا أَخٌ لَنَا نَاصِحٌ كَتَبَ إِلَیْكُمْ یُخْبِرُكُمْ بِمَا أَرَادَ مُعَاوِیَةُ فَلَمْ یَزَلِ السَّهْمُ یُقْرَأُ وَ یُرْتَفَعُ حَتَّی رُفِعَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ بَعَثَ مُعَاوِیَةُ فَأَتَی رِجَالٌ مِنَ الْعَمَلَةِ إِلَی عَاقُولٍ مِنَ النَّهَرِ بِأَیْدِیهِمُ الْمُرُورُ وَ الزُّبُلُ یَحْفِرُونَ (1) فِیهَا بِحِیَالِ عَسْكَرِ
ص: 451
عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ علیه السلام وَیْحَكُمْ إِنَّ الَّذِی یُعَالِجُ مُعَاوِیَةُ لَا یَسْتَقِیمُ لَهُ وَ لَا یَقْوَی عَلَیْهِ إِنَّمَا یُرِیدُ أَنْ یُزِیلَكُمْ عَنِ مَكَانِكُمْ فَانْتَهُوا عَنِ ذَلِكَ وَ دَعُوهُ فَقَالُوا لَهُ هُمْ وَ اللَّهِ یَحْفِرُونَ وَ اللَّهِ لَنَرْتَحِلَنَّ وَ إِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ فَارْتَحَلُوا وَ صَعِدُوا بِعَسْكَرِهِمْ مَلِیّاً وَ ارْتَحَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی أُخْرَیَاتِ النَّاسِ وَ هُوَ یَقُولُ:
فَلَوْ أَنِّی أُطِعْتُ عَصَبْتُ قُومِی***إِلَی رُكْنِ الْیَمَامَةِ أَوْ شَمَامٍ (1)
وَ لَكِنِّی مَتَی أَبْرَمْتُ أَمْراً***مُنِیتُ بِخُلْفِ آرَاءِ الطَّغَامِ
قَالَ فَارْتَحَلَ مُعَاوِیَةُ حَتَّی نَزَلَ بِمُعَسْكَرِ عَلِیٍّ علیه السلام الَّذِی كَانَ فِیهِ:
فَدَعَا عَلِیٌّ علیه السلام الْأَشْتَرَ فَقَالَ: أَ لَمْ تَغْلِبْنِی عَلَی رَأْیِی أَنْتَ وَ الْأَشْعَثُ بِرَأْیِكُمَا فَقَالَ الْأَشْعَثُ أَنَا أَكْفِیكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ سَأُدَاوِی مَا أَفْسَدْتُ الْیَوْمَ مِنْ ذَلِكَ فَجَمَعَ كِنْدَةَ فَقَالَ لَهُمْ یَا مَعْشَرَ كِنْدَةَ لَا تَفْضَحُونِی الْیَوْمَ وَ لَا تُخْزُونِی فَإِنَّمَا أَنَا أُقَارِعُ بِكُمْ أَهْلَ الشَّامِ فَخَرَجُوا مَعَهُ رَجَّالَةٌ یَمْشُونَ وَ بِیَدِهِ رُمْحٌ لَهُ یُلْقِیهِ عَلَی الْأَرْضِ وَ یَقُولُ امْشُوا قِیسَ رُمْحِی هَذَا فَیَمْشُونَ فَلَمْ یَزَلْ یَقِیسُ لَهُمُ الْأَرْضَ بِرُمْحِهِ وَ یَمْشُونَ مَعَهُ حَتَّی أَتَی مُعَاوِیَةَ وَسَطَ بَنِی سُلَیْمٍ وَاقِفاً عَلَی الْمَاءِ وَ قَدْ جَاءَهُ أَدَانِی عَسْكَرِهِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً عَلَی الْمَاءِ سَاعَةً وَ انْتَهَی أَوَائِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَنَزَلُوا وَ أَقْبَلَ الْأَشْتَرُ فِی جُنْدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَحَمَلَ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ الْأَشْعَثُ یُحَارِبُ فِی نَاحِیَةٍ أُخْرَی فَانْحَازَ مُعَاوِیَةُ فِی بَنِی سُلَیْمٍ فَرَدُّوا وُجُوهَ إِبِلِهِ قَدْرَ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ ثُمَّ نَزَلَ وَ وَضَعَ أَهْلُ الشَّامِ أَثْقَالَهُمْ وَ الْأَشْعَثُ یَهْدِرُ وَ یَقُولُ أَرْضَیْتُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَالَ الْأَشْتَرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ غَلَبَ اللَّهُ لَكَ عَلَی الْمَاءِ
ص: 452
قال نصر: و كان كل واحد من علی و معاویة یخرج الرجل الشریف فی جماعة و یقاتل مثله و كانوا یكرهون أن یزاحفوا بجمیع الفیلق مخافة الاستیصال و الهلاك فاقتتل الناس ذا الحجة كله فلما انقضی تداعوا إلی أن یكف بعضهم عن بعض إلی أن ینقضی المحرم لعل اللّٰه أن یجری صلحا أو اجتماعا فكف الناس فی المحرم بعضهم عن بعض- قال نصر حدثنا عمر بن سعد عن أبی المجاهد (1) عن المحل بن خلیفة قال لما توادعوا فی المحرم اختلف الرسل فیما بین الرجلین رجاء الصلح فأرسل علی علیه السلام إلی معاویة عدی بن حاتم و شبث بن ربعی و یزید بن قیس و زیاد بن خصفة فلما دخلوا علیه حمد اللّٰه تعالی عدی بن حاتم و أثنی علیه و قال أما بعد فقد أتیناك لندعوك إلی أمر یجمع اللّٰه به كلمتنا و أمتنا و یحقن دماء المسلمین ندعوك إلی أفضل الناس سابقة و أحسنهم فی الإسلام آثارا و قد اجتمع له الناس و قد أرشدهم اللّٰه بالذی رأوا و أتوا فلم یبق أحد غیرك و غیر من معك فانته یا معاویة من قبل أن یصیبك اللّٰه و أصحابك بمثل یوم الجمل فقال له معاویة كأنك إنما جئت متهددا و لم تأت مصلحا هیهات یا عدی إنی لابن حرب ما یقعقع لی بالشنان (2) أما و اللّٰه إنك من المجلبین علی عثمان و إنك لمن قتلته و إنی لأرجو أن تكون ممن یقتله اللّٰه فقال له شبث بن ربعی و زیاد بن خصفة و تنازعا كلاما واحدا أتیناك فیما یصلحنا و إیاك فأقبلت تضرب لنا الأمثال دع ما لا ینفع من القول و الفعل و أجبنا فیما یعمنا و إیاك نفعه
ص: 453
و تكلم یزید بن قیس فقال إنا لم نأتك إلا لنبلغك الذی بعثنا به إلیك و لنؤدی عنك ما سمعنا منك و لم ندع أن ننصح لك و أن نذكر ما ظننا أن فیه علیك حجة أو أنه راجع بك إلی الأمة و الجماعة إن صاحبنا من قد عرفت و عرف المسلمون فضله و لا أظنه یخفی علیك إن أهل الدین و الفضل لا یعدلونك بعلی و لا یساوون بینك و بینه فاتق اللّٰه یا معاویة و لا تخالف علیا فإنا و اللّٰه ما رأینا رجلا قط أعلم بالتقوی و لا أزهد فی الدنیا و لا أجمع لخصال الخیر كلها منه فحمد معاویة اللّٰه و أثنی علیه و قال أما بعد فإنكم دعوتم إلی الجماعة و الطاعة فأما التی دعوتهم إلیها فنعما هی و أما الطاعة لصاحبكم فإنه لا نرضی به (1) إن صاحبكم قتل خلیفتنا و فرق جماعتنا و آوی ثارنا و قتلتنا و صاحبكم یزعم أنه لم یقتله فنحن لا نرد ذلك علیه أ رأیتم قتلة صاحبنا أ لستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم فلیدفعهم إلینا فلنقتلنهم به و نحن نجیبكم إلی الطاعة و الجماعة فقال له شبث أ یسرك یا معاویة إن أمكنت من عمار بن یاسر فقتلته قال و ما یمنعنی من ذلك و اللّٰه لو أمكننی صاحبكم من ابن سمیة ما أقتله بعثمان و لكن كنت أقتله بنائل مولی عثمان فقال شبث و إله السماء ما عدلت معدلا و لا و الذی لا إله إلا هو لا تصل إلی قتل ابن یاسر حتی تندر الهام عن كواهل الرجال (2) و تضیق الأرض الفضاء علیك برحبها فقال معاویة إذا كان ذلك كانت علیك أضیق ثم رجع القوم عن معاویة فبعث إلی زیاد بن
ص: 454
خصفة من بینهم فأدخل علیه فحمد معاویة اللّٰه و أثنی علیه ثم قال أما بعد یا أخا ربیعة فإن علیا قطع أرحامنا و قتل إمامنا و آوی قتلة صاحبنا و إنی أسألك النصرة علیه بأسرتك و عشیرتك و لك علی عهد اللّٰه و میثاقه إذا ظهرت أن أولیك أی المصرین أحببت قال زیاد فلما قضی معاویة كلامه حمدت اللّٰه و أثنیت علیه ثم قلت أما بعد فإنی لعلی بینة من ربی و بما أنعم اللّٰه علی فَلَنْ أَكُونَ ظَهِیراً لِلْمُجْرِمِینَ ثم قمت فقال معاویة لعمرو بن العاص و كان إلی جانبه ما لهم عضبهم اللّٰه ما قلبهم إلا قلب رجل واحد (1) قال نصر و بعث معاویة حبیب بن مسلمة الفهری إلی علی علیه السلام و بعث معه شرحبیل بن السمط و معن بن یزید فدخلوا علیه علیه السلام فتكلم حبیب و حمد اللّٰه و أثنی علیه و قال أما بعد فإن عثمان بن عفان كان خلیفة مهدیا یعمل بكتاب اللّٰه و ینیب إلی أمر اللّٰه فاستثقلتم حیاته و استبطأتم وفاته فعدوتم علیه فقتلتموه فادفع إلینا قتلة عثمان لنقتلهم به فإن قلت إنك لم تقتله فاعتزل أمر الناس فیكون أَمْرُهُمْ شُوری بَیْنَهُمْ یولی الناس أمرهم من أجمع علیه رأیهم
ص: 455
فقال له علی علیه السلام: و من أنت لا أم لك و الولایة و العزل و الدخول فی هذا الأمر اسكت فإنك لست هناك و لا بأهل لذاك فقام حبیب بن مسلمة و قال و اللّٰه لترینی حیث تكره فقال له علی علیه السلام و ما أنت و لو أجلبت بخیلك و رجلك اذهب فصوب و صعد ما بدا لك فلا أبقی اللّٰه علیك إن أبقیت فقال شرحبیل بن السمط إن كلمتك فلعمری ما كلامی لك إلا نحو كلام صاحبی فهل عندك جواب غیر الذی أجبته قال نعم قال فقله فحمد اللّٰه علی علیه السلام و أثنی علیه ثم قال أما بعد فإن اللّٰه سبحانه بعث محمدا صلی اللّٰه علیه و آله فأنقذ به من الضلالة و نعش به من الهلكة و جمع به بعد الفرقة ثم قبضه اللّٰه إلیه و قد أدی ما علیه فاستخلف الناس أبا بكر ثم استخلف أبو بكر عمر فأحسنا السیرة و عدلا فی الأمة و قد وجدنا علیهما أن تولیا الأمر دوننا و نحن آل الرسول و أحق بالأمر فغفرنا ذلك لهما ثم ولی أمر الناس عثمان فعمل بأشیاء عابها الناس علیه فسار إلیه ناس فقتلوه ثم أتانی الناس و أنا معتزل أمرهم فقالوا لی بایع فأبیت علیهم فقالوا لی بایع فإن الأمة لن ترضی إلا بك و إنا نخاف إن لم تفعل أن یفترق الناس فبایعتهم فلم یرعنی إلا شقاق رجلین قد بایعانی و خلاف معاویة إیای الذی لم یجعل اللّٰه له سابقة فی الدین و لا سلف صدق فی الإسلام طلیق ابن طلیق و حزب من الأحزاب لم یزل لله و لرسوله عدوا هو و أبوه حتی دخلا فی الإسلام كارهین مكرهین فیا عجبا لكم و لانقیادكم له و تدعون آل نبیكم الذی لا ینبغی لكم شقاقهم و لا خلافهم و لا أن تعدلوا بهم أحدا من الناس إنی أدعوكم إلی كتاب اللّٰه عز و جل و سنة نبیكم صلی اللّٰه علیه و آله و إماتة الباطل و إحیاء معالم الدین أقول قولی هذا و أستغفر اللّٰه لنا و لكل مؤمن و مؤمنة و مسلم و مسلمة فقال له شرحبیل و معن بن یزید أ تشهد أن عثمان قتل مظلوما فقال لهما
ص: 456
إنی لا أقول ذلك قالا فمن لا یشهد أن عثمان قتل مظلوما فنحن برآء منه ثم قاما فانصرفا فقال علی علیه السلام إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتی وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِینَ وَ ما أَنْتَ بِهادِی الْعُمْیِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ یُؤْمِنُ بِآیاتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ثم أقبل علی أصحابه فقال لا یكن هؤلاء فی ضلالتهم بأولی بالجد منكم فی حقكم و طاعة إمامكم ثم مكث الناس متوادعین إلی انسلاخ المحرم فلما انسلخ شهر المحرم و استقبل الناس صفر من سنة سبع و ثلاثین من هجرة النبی بعث علی علیه السلام نفرا من أصحابه حتی إذا كانوا من عسكر معاویة حیث یسمعونهم الصوت قام یزید بن الحارث فنادی عند غروب الشمس یا أهل الشام إن أمیر المؤمنین علیا علیه السلام و أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله یقولون لكم إنا و اللّٰه لم نكف عنكم شكا فی أمركم و لا بقیا علیكم (1) و إنما كففنا عنكم لخروج المحرم و قد انسلخ و إنا قد نبذنا إلیكم علی سواء ف إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْخائِنِینَ قال فسار الناس إلی رؤسائهم و أمرائهم 395 قال نصر: و أما- روایة عمرو بن شمر عن جابر عن أبی الزبیر أن نداء ابن مرثد الخثعمی كانت صورته یا أهل الشام ألا إن أمیر المؤمنین علیه السلام یقول لكم إنی قد استأنیت بكم لتراجعوا الحق و تنیبوا إلیه و احتججت علیكم بكتاب اللّٰه و دعوتكم إلیه فلم تتناهوا عن طغیان و لم تجیبوا إلی حق فإنی قد
ص: 457
نبذت إلیكم عَلی سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْخائِنِینَ (1) قال فسار الناس إلی رؤسائهم و خرج معاویة و عمرو بن العاص یكتبان الكتائب و یعبئان العساكر و أوقدوا النیران و جاءوا بالشموع و بات علی علیه السلام لیلته تلك كلها یعبئ الناس و یكتب الكتائب و یدور فی الناس و یحرضهم قال نصر فخرجوا أول یوم من صفر سنة سبع و ثلاثین و هو یوم الأربعاء فاقتتلوا قتالا شدیدا جل النهار ثم تراجعوا و قد انتصف بعضهم من بعض ثم خرج فی الیوم الثانی هاشم بن عتبة فی خیل و رجال حسن عددها و عدتها فخرج إلیه من أهل الشام أبو الأعور السلمی فاقتتلوا یومهم ذلك تحمل الخیل علی الخیل و الرجال علی الرجال ثم انصرفوا و قد صبر القوم بعضهم لبعض و خرج فی الیوم الثالث عمار بن یاسر و خرج إلیه عمرو بن العاص فاقتتل الناس كأشد قتال كان و جعل عمار یقول یا أهل الإسلام أ تریدون أن تنظروا إلی من عادی اللّٰه و رسوله و جاهدهما و بغی علی المسلمین و ظاهر المشركین فلما أراد اللّٰه أن یظهر دینه و ینصر رسوله أتی إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله فأسلم و هو و اللّٰه فیما یری راهب غیر راغب ثم قبض اللّٰه رسوله و إنا و اللّٰه لنعرفه بعداوة المسلم و مودة المجرم ألا و إنه معاویة فقاتلوه و العنوة فإنه ممن یطفی نور اللّٰه و یظاهر أعداء اللّٰه قال و كان مع عمار زیاد بن النضر علی الخیل فأمره أن یحمل فی الخیل
ص: 458
فحمل فصبروا له و شد عمار فی الرجالة فأزال عمرو بن العاص عن موقفه و رجع الناس یومهم ذلك.
«396»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنِی أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِیُّ عَنْ یُونُسَ بْنِ الْأَرْقَمِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ شُیُوخِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام بِصِفِّینَ فَرَفَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ شِقَّةً خَمِیصَةً سَوْدَاءَ فِی رَأْسِ رُمْحٍ فَقَالَ نَاسٌ هَذَا لِوَاءٌ عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمْ یَزَالُوا یَتَحَدَّثُونَ حَتَّی وَصَلَ ذَلِكَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ أَ تَدْرُونَ مَا هَذَا اللِّوَاءُ إِنَّ عَمْراً أَخْرَجَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذِهِ الشِّقَّةَ فَقَالَ مَنْ یَأْخُذُهَا بِمَا فِیهَا فَقَالَ عَمْرٌو وَ مَا فِیهَا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا تُقَاتِلْ بِهَا مُسْلِماً وَ لَا تُقَرِّبْهَا مِنْ كَافِرٍ فَأَخَذَهَا فَقَدْ وَ اللَّهِ قَرَّبَهَا مِنَ الْمُشْرِكِینَ وَ قَاتَلَ بِهَا الْیَوْمَ الْمُسْلِمِینَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَ لَكِنَّهُمُ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَیْهِ أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ.
بیان: قوله علیه السلام عصبت قومی یقال عصبت الشجرة إذا ضممت أغصانها ثم ضربتها لیسقط ورقها قال الحجاج لأعصبنكم عصب السلم و الیمامة ناحیة من الحجاز و الیمن و الشآم علی فعال الشامی كالیمان و فی الدیوان المصرع الثانی هكذا:
و لكنی إذا أبرمت أمرا***تخالفنی أقاویل الطغام.
و قال المیدانی القعقعة تحریك الشی ء الیابس الصلب مع صوت مثل السلاح و غیره و الشنان جمع شن و هی القربة الیابسة و هم یحركونها إذا أرادوا حث الإبل علی السیر لتفزع فتسرع قال النابغة:
كأنّك من جمال بنی أقیس***یقعقع خلف رجلیه بشنّ
یضرب لمن لا یتضع لما تنزل به من حوادث الدهر و لا یروعه ما لا حقیقة له.
ص: 459
و قال أیضا ابن أبی الحدید كما وجدته فی أصل الكتاب كان أول أیام الحرب بصفین فی صفر من سنة سبع و ثلاثین.
قَالَ نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام یَرْكَبُ بَغْلَةً لَهُ قَبْلَ أَنْ تَلْتَقِیَ الْفِئَتَانِ بِصِفِّینَ فَلَمَّا حَضَرَتِ الْحَرْبُ وَ بَاتَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ (1) یُعَبِّئُ الْكَتَائِبَ حَتَّی أَصْبَحَ قَالَ ائْتُونِی بِفَرَسِی فَأُتِیَ بِفَرَسٍ لَهُ أَدْهَمَ یَبْحَثُ الْأَرْضَ بِیَدَیْهِ جَمِیعاً لَهُ حَمْحَمَةٌ وَ صَهِیلٌ فَرَكِبَهُ وَ قَالَ سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ.
«397»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ قَالَ: كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام إِذَا سَارَ إِلَی قِتَالٍ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَی حِینَ یَرْكَبُ كَانَ یَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی نِعَمِهِ عَلَیْنَا وَ فَضْلِهِ الْعَظِیمِ سُبْحانَ الَّذِی سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ وَ إِنَّا إِلی رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ثُمَّ یَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَ یَرْفَعُ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَیْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أُتْعِبَتِ الْأَبْدَانُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَیْدِی وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ ثُمَّ یَقُولُ سِیرُوا عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ ثُمَّ یَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ یَا اللَّهُ یَا أَحَدُ یَا صَمَدُ یَا رَبَّ مُحَمَّدٍ اكْفُفْ عَنَّا شَرَّ الظَّالِمِینَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مالِكِ یَوْمِ الدِّینِ إِیَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِیَّاكَ نَسْتَعِینُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَ كَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ شِعَارَهُ بِصِفِّینَ.
ص: 460
«398»-قَالَ وَ رَوَی سَعْدُ بْنُ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: مَا كَانَ عَلِیٌّ فِی قِتَالٍ قَطُّ إِلَّا نَادَی یَا كهیعص.
«399»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا قَیْسُ بْنُ رَبِیعٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَسَّانَ الْعِجْلِیِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِیٍّ أَنَّهُ سَمِعَهُ یَقُولُ یَوْمَ صِفِّینَ اللَّهُمَّ إِلَیْكَ رُفِعَتِ الْأَبْصَارُ وَ بُسِطَتِ الْأَیْدِی وَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ دَعَتِ الْأَلْسُنُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ إِلَیْكَ التَّحَاكُمُ فِی الْأَعْمَالِ فَاحْكُمْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْحَاكِمِینَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَیْكَ غَیْبَةَ نَبِیِّنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ قِلَّةَ عَدَدِنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا وَ شِدَّةَ الزَّمَانِ وَ ظُهُورَ الْفِتَنِ فَأَعِنَّا عَلَی ذَلِكَ بِفَتْحٍ تُعَجِّلُهُ وَ نَصْرٍ تُعِزُّ بِهِ سُلْطَانَ الْحَقِّ وَ تُظْهِرُهُ.
«400»-وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَلَّامِ بْنِ سُوَیْدٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام فِی قَوْلِهِ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوی قَالَ هِیَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ فِی قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ هِیَ آیَةُ النَّصْرِ.
قَالَ نَصْرٌ هَذِهِ كَانَتْ شِعَارَهُ یَقُولُهَا فِی الْحَرْبِ ثُمَّ یَحْمِلُ فَیُورِدُ وَ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ مَنْ حَادَّهُ حِیَاضَ الْمَوْتِ (1).
«401»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ غَدَاةَ الْخَمِیسِ لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ صَلَّی عَلِیٌّ علیه السلام الْغَدَاةَ فَغَلَّسَ مَا رَأَیْتُ عَلِیّاً غَلَّسَ بِالْغَدَاةِ أَشَدَّ مِنْ تَغْلِیسِهِ یَوْمَئِذٍ وَ خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَی أَهْلِ الشَّامِ فَزَحَفَ نَحْوَهُمْ وَ كَانَ هُوَ یَبْدَؤُهُمْ فَیَسِیرُ إِلَیْهِمْ فَإِذَا رَأَوْهُ قَدْ زَحَفَ اسْتَقْبَلُوهُ بِزُحُوفِهِمْ.
«402»-وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْیَنَ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَیْهِمْ غَدَاةَ ذَلِكَ الْیَوْمِ فَاسْتَقْبَلُوهُ رَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی السَّمَاءِ فَقَالَ
ص: 461
اللَّهُمَّ رَبَّ هَذَا السَّقْفِ الْمَحْفُوظِ الْمَكْفُوفِ الَّذِی جَعَلْتَهُ مَغِیضاً لِلَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ جَعَلْتَ فِیهِ مَجْرًی لِلشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ مَنَازِلَ الْكَوَاكِبِ وَ النُّجُومِ وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ لا یَسْأَمُونَ الْعِبَادَةَ وَ رَبَّ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِی جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ الْهَوَامِّ وَ الْأَنْعَامِ وَ مَا لَا یُحْصَی مِمَّا یُرَی وَ مِمَّا لَا یُرَی مِنْ خَلْقِكَ الْعَظِیمِ وَ رَبَّ الْفُلْكِ الَّتِی تَجْرِی فِی الْبَحْرِ بِما یَنْفَعُ النَّاسَ وَ رَبَّ السَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ رَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَ الْمُحِیطِ بِالْعَالَمِینَ وَ رَبَّ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی الَّتِی جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ مَتَاعاً إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَی عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا الْبَغْیَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَیْنَا فَارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ وَ اعْصِمْ بَقِیَّةَ أَصْحَابِی مِنَ الْفِتْنَةِ قَالَ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَدْ أَقْبَلَ تَقَدَّمُوا إِلَیْهِ بِزُحُوفِهِمْ وَ كَانَ عَلَی مَیْمَنَتِهِ یَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَیْلٍ وَ النَّاسُ عَلَی رَایَاتِهِمْ وَ مَرَاكِزِهِمْ وَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی الْقَلْبِ فِی أَهْلِ الْمَدِینَةِ جُمْهُورُهُمُ الْأَنْصَارُ وَ مَعَهُ مِنْ خُزَاعَةَ وَ كِنَانَةَ عَدَدٌ حَسَنٌ قَالَ نَصْرٌ وَ رَفَعَ مُعَاوِیَةُ قُبَّةً عَظِیمَةً وَ أَلْقَی عَلَیْهَا الْكَرَابِیسَ وَ جَلَسَ تَحْتَهَا وَ قَدْ كَانَ لَهُمْ قَبْلَ هَذَا الْیَوْمِ ثَلَاثَةُ أَیَّامٍ وَ هُوَ الْیَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ صَفَرٍ وَ خَرَجَ فِی هَذَا الْیَوْمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ فِی جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَخَرَّجَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِی جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَاقْتَتَلُوا فَطَلَبَ عُبَیْدُ اللَّهِ مُحَمَّداً إِلَی الْمُبَارَزَةِ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَیْهِ دَعَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام وَ خَرَجَ بِنَفْسِهِ رَاجِلًا بِیَدِهِ سَیْفُهُ وَ قَالَ أَنَا أُبَارِزُكَ فَهَلُمَّ فَقَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ لَا حَاجَةَ بِی إِلَی مُبَارَزَتِكَ فَرَجَعَ إِلَی صَفِّهِ قَالَ نَصْرٌ وَ أَمَّا الْیَوْمَ الْخَامِسَ فَإِنَّهُ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ أَكْثَرَ مِنْ سَبِّ بَنِی عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ أَبْرِزْ إِلَیَّ فَأَبَی أَنْ یَفْعَلَ وَ قَاتَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ الْیَوْمَ قِتَالًا شَدِیداً ثُمَّ انْصَرَفُوا وَ كُلٌّ غَیْرُ غَالِبٍ
ص: 462
وَ خَرَجَ ذَلِكَ الْیَوْمَ شِمْرُ بْنُ أَبْرَهَةَ بْنِ الصَّبَّاحِ الْحِمْیَرِیُّ (1) فَلَحِقَ بِعَلِیٍّ علیه السلام فِی نَاسٍ مِنْ قُرَّاءِ أَهْلِ الشَّامِ فَفَتَّ ذَلِكَ فِی عَضُدِ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ قَالَ عَمْرٌو یَا مُعَاوِیَةُ إِنَّكَ تُرِیدُ أَنْ تُقَاتِلَ بِأَهْلِ الشَّامِ رَجُلًا لَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله قَرَابَةٌ قَرِیبَةٌ وَ رَحِمٌ مَاسَّةٌ وَ قِدَمٌ فِی الْإِسْلَامِ لَیْسَ لِأَحَدٍ مِثْلُهُ قَدْ سَارَ إِلَیْكَ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ الْمَعْدُودِینَ وَ فُرْسَانِهِمْ وَ أَشْرَافِهِمْ وَ مَهْمَا نَسِیتَ فَلَا تَنْسَ أَنَّكَ عَلَی بَاطِلٍ وَ عَلِیّاً عَلَی الْحَقِّ فَبَادِرِ الْأَمْرَ قَبْلَ اضْطِرَابِهِ عَلَیْكَ فَقَامَ مُعَاوِیَةُ فِی أَهْلِ الشَّامِ خَطِیباً وَ حَثَّهُمْ عَلَی الْقِتَالِ فَخَطَبَ عَلِیٌّ علیه السلام أَصْحَابَهُ قَالَ أَبُو سِنَانٍ الْأَسْلَمِیُّ (2) كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ مُتَّكِئاً عَلَی قَوْسِهِ وَ قَدْ جَمَعَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُمْ یَلُونَهُ كَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ یَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الصَّحَابَةَ مُتَوَافِرُونَ مَعَهُ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مَقَالَتِی وَ عُوا كَلَامِی فَإِنَّ الْخُیَلَاءَ مِنَ التَّجَبُّرِ وَ إِنَّ النَّخْوَةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ عَدُوٌّ حَاضِرٌ یَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ أَلَا إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ فَلَا تُنَابِذُوا وَ لَا تُجَادِلُوا
ص: 463
أَلَا إِنَّ شَرَائِعَ الدِّینِ وَاحِدَةٌ وَ سُبُلَهُ قَاصِدَةٌ مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَ مَنْ فَارَقَهَا مُحِقَ وَ مَنْ تَرَكَهَا مَرَقَ لَیْسَ الْمُسْلِمُ بِالْخَائِنِ إِذَا ائْتُمِنَ وَ لَا بِالْمُخْلِفِ إِذَا وَعَدَ وَ لَا الْكَاذِبِ إِذَا نَطَقَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ الرَّحْمَةِ وَ قَوْلُنَا الصِّدْقُ وَ فِعْلُنَا الْقَصْدُ وَ مِنَّا خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ فِینَا قَادَةُ الْإِسْلَامِ وَ فِینَا حَمَلَةُ الْكِتَابِ إِلَّا أَنَّا نَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ إِلَی جِهَادِ عَدُوِّهِ وَ الشِّدَّةِ فِی أَمْرِهِ وَ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ وَ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حَجِّ الْبَیْتِ وَ صِیَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ تَوْفِیرِ الْفَیْ ءِ عَلَی أَهْلِهِ أَلَا وَ إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ الْأُمَوِیَّ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ السَّهْمِیَّ أَصْبَحَا یُحَرِّضَانِ عَلَی طَلَبِ الدِّینِ بِزَعْمِهِمَا وَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّی لَمْ أُخَالِفْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَطُّ وَ لَمْ أَعْصِهِ فِی أَمْرٍ قَطُّ أَقِیهِ بِنَفْسِی فِی الْمَوَاطِنِ الَّتِی تَنْكِصُ فِیهَا الْأَبْطَالُ وَ تُرْعَدُ فِیهَا الْفَرَائِصُ نَجْدَةً أَكْرَمَنِیَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَا وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّ رَأْسَهُ لَفِی حَجْرِی وَ لَقَدْ وُلِّیتُ غُسْلَهُ بِیَدِی وَحْدِی تُقَلِّبُهُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ مَعِی وَ ایْمُ اللَّهِ مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ قَطُّ بَعْدَ نَبِیِّهَا إِلَّا ظَهَرَ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَی أَهْلِ حَقِّهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو سِنَانٍ الْأَسَدِیُّ فَسَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ یَقُولُ أَمَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ أَعْلَمَكُمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تَسْتَقِمْ عَلَیْهِ أَوَّلًا وَ أَنَّهَا لَنْ تَسْتَقِیمَ عَلَیْهِ آخِراً ثُمَّ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَ قَدْ نَفَذَتْ بَصَائِرُهُمْ.
«403»-وَ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ حَتَّی مَتَی لَا نُنَاهِضُ الْقَوْمَ بِأَجْمَعِنَا فَقَامَ فِی النَّاسِ عَشِیَّةَ الثَّلَاثَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یُبْرِمُ مَا نَقَضَ وَ لَا یَنْقُضُ مَا أَبْرَمَ وَ لَوْ شَاءَ مَا اخْتَلَفَ
ص: 464
اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا تَنَازَعَ الْبَشَرُ فِی شَیْ ءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ لَا جَحَدَ الْمَفْضُولُ ذَا الْفَضْلِ فَضْلَهُ وَ قَدْ سَاقَتْنَا وَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ اللأقدار [الْأَقْدَارُ] حَتَّی لَفَّتْ بَیْنَنَا فِی هَذَا الْمَوْضِعِ وَ نَحْنُ مِنْ رَبِّنَا بِمَرْأًی وَ مَسْمَعٍ وَ لَوْ شَاءَ لَعَجَّلَ النَّقِمَةَ وَ لَكَانَ مِنْهُ التَّغْیِیرُ حَتَّی یُكَذِّبَ اللَّهُ الظَّالِمَ وَ یُعْلِمَ الْحَقَّ أَیْنَ مَصِیرُهُ وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ الدُّنْیَا دَارَ الْأَعْمَالِ وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ الْجَزَاءِ وَ الْقَرَارِ لِیَجْزِیَ الَّذِینَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ یَجْزِیَ الَّذِینَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَی أَلَا إِنَّكُمْ لَاقُو الْعَدُوِّ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَطِیلُوا اللَّیْلَةَ الْقِیَامَ وَ أَكْثِرُوا تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ الصَّبْرَ وَ النَّصْرَ وَ الْقَوْهُمْ بِالْجِدِّ وَ الْحَزْمِ وَ كُونُوا صَادِقِینَ قَالَ فَوَثَبَ النَّاسُ إِلَی رِمَاحِهِمْ وَ سُیُوفِهِمْ وَ نِبَالِهِمْ لیصلحونها [یُصْلِحُونَهَا] وَ خَرَجَ علیه السلام وَ عَبَّأَ النَّاسَ لَیْلَتَهُ تِلْكَ كُلَّهَا حَتَّی أَصْبَحَ وَ عَقَدَ الْأَلْوِیَةَ وَ أَمَّرَ الْأُمَرَاءَ وَ بَعَثَ إِلَی أَهْلِ الشَّامِ مُنَادِیاً یُنَادِی فِیهِمُ اغْدُوا عَلَی مَصَافِّكُمْ فَضَجَّ أَهْلُ الشَّامِ فِی مُعَسْكَرِهِمْ وَ اجْتَمَعُوا إِلَی مُعَاوِیَةَ فَعَبَّأَ خَیْلَهُ وَ عَقَدَ أَلْوِیَتَهُ وَ أَمَّرَ أُمَرَاءَهُ وَ كَتَّبَ كَتَائِبَهُ وَ كَانَ أَهْلُ الشَّامِ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِالضِّعْفِ وَ نُصِبَ لِمُعَاوِیَةَ مِنْبَرٌ فَقَعَدَ إِلَیْهِ فِی قُبَّةٍ ضَرَبَهَا عَظِیمَةٍ أُلْقِیَ عَلَیْهَا الثِّیَابُ وَ الدَّرَانِكُ (1) ثُمَّ تَنَاهَضَ الْقَوْمُ یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ صَفَرٍ وَ اقْتَتَلُوا إِلَی آخِرِ نَهَارِهِمْ وَ انْصَرَفُوا عِنْدَ الْمَسَاءِ وَ كُلٌّ غَیْرُ غَالِبٍ
ص: 465
فَأَمَّا الْیَوْمَ السَّابِعَ فَكَانَ الْقِتَالُ فِیهِ شَدِیداً وَ الْخَطْبُ عَظِیماً وَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَیْلٍ الْخُزَاعِیُّ عَلَی مَیْمَنَةِ الْعِرَاقِ فَزَحَفَ نَحْوَ حَبِیبِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَ هُوَ عَلَی مَسِیرَةِ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّی اضْطَرَّهُمْ إِلَی قُبَّةِ مُعَاوِیَةَ وَقْتَ الظُّهْرِ.
«404»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی عَمْرٍو عَنْ أَبِیهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام خَطَبَ هَذَا الْیَوْمَ فَقَالَ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْیَةَ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی بِطُولِهِ وَ بِالْإِسْنَادِ أَنَّ عَلِیّاً خَطَبَ ذَلِكَ الْیَوْمَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی ذِكْرُهُ قَدْ دَلَّكُمْ عَلی تِجارَةٍ تُنْجِیكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ إِیمَانٍ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهَادٍ فِی سَبِیلِهِ (1) إلی آخر ما سیأتی بروایة المفید رحمه اللّٰه ثم قام قیس بن سعد و خطب خطبة بلیغة حث الناس فیها علی الجهاد.
ثم قام الأشتر رضی اللّٰه عنه بمثل ذلك و كذا یزید بن قیس الأرحبی و غیرهم (2).
«405»-وَ رُوِیَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام وَ زَیْدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالا طَلَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنْ یُسَوِّیَ صُفُوفَ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ لَهُمْ عَمْرٌو یَا مَعْشَرَ أَهْلِ الشَّامِ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ قَصَّ الشَّارِبِ وَ أَعِیرُونَا جَمَاجِمَكُمْ سَاعَةً فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَ الْحَقُّ مَقْطَعَهُ فَلَمْ یَبْقَ إِلَّا ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ
ص: 466
وَ أَقْبَلَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله بَدْرِیّاً عَقَبِیّاً یُسَوِّی صُفُوفَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِنَّهُ لَیْسَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ الْفَتْحِ الْعَاجِلِ أَوِ الْجَنَّةِ فِی الْآجِلِ إِلَّا سَاعَةٌ مِنَ النَّهَارِ فَأَرْسُوا أَقْدَامَكُمْ وَ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَ أَعِیرُوا رَبَّكُمْ جَمَاجِمَكُمْ وَ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ.
«406»-وَ رُوِیَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ أَنَّ أَوَّلَ فَارِسَیْنِ الْتَقَیَا فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ هُوَ الْیَوْمُ السَّابِعُ وَ كَانَ مِنَ الْأَیَّامِ الْعَظِیمَةِ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ ابْنُ عَمِّ حُجْرٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ كِلَاهُمَا مِنْ كِنْدَةَ فَاطَّعَنَا بِرُمْحَیْهِمَا وَ خَرَجَ خُزَیْمَةُ الْأَسَدِیُّ مِنْ عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ فَضَرَبَ حُجْرَ بْنَ عَدِیٍّ ضَرْبَةً بِرُمْحِهِ فَحَمَلَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَتَلُوا خُزَیْمَةَ وَ نَجَا ابْنُ عَمِّ حُجْرٍ فَخَرَجَ رِفَاعَةُ الْحِمْیَرِیُّ مِنْ صِفِّ الْعِرَاقِ وَ قَتَلَ قَرْنَ بْنَ عَدِیٍّ (1) ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً دَعَا أَصْحَابَهُ إِلَی أَنْ یَذْهَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمُصْحَفٍ كَانَ فِی یَدِهِ إِلَی أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ مَنْ یَذْهَبُ إِلَیْهِمْ فَیَدْعُوَهُمْ إِلَی مَا فِی هَذَا الْمُصْحَفِ فَسَكَتَ النَّاسُ وَ أَقْبَلَ فَتًی اسْمُهُ سَعِیدٌ فَقَالَ أَنَا صَاحِبُهُ وَ قَالَ ثَانِیاً وَ لَمْ یُجِبْ إِلَّا الْفَتَی فَقَبَضَهُ بِیَدِهِ ثُمَّ أَتَاهُمْ فَنَاشَدَهُمْ وَ دَعَاهُمْ إِلَی مَا فِیهِ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَیْلٍ احْمِلْ عَلَیْهِمُ الْآنَ فَحَمَلَ عَلَیْهِمْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَیْمَنَةِ وَ عَلَیْهِ یَوْمَئِذٍ سَیْفَانِ وَ دِرْعَانِ فَجَعَلَ یَضْرِبُ بِسَیْفِهِ قُدُماً وَ یَرْتَجِزُ فَلَمْ یَزَلْ یَحْمِلُ حَتَّی انْتَهَی إِلَی مُعَاوِیَةَ وَ الَّذِینَ بَایَعُوهُ
ص: 467
عَلَی الْمَوْتِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ یَصْمِدُوا لِابْنِ بُدَیْلٍ وَ بَعَثَ إِلَی حَبِیبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِیِّ وَ هُوَ فِی الْمَیْسَرَةِ أَنْ یَحْمِلَ عَلَیْهِ بِجَمْعٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ اخْتَلَطَ النَّاسُ وَ اصْطَدَمَ الصَّفَّانِ مَیْمَنَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ مَیْسَرَةُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَقْبَلَ ابْنُ بُدَیْلٍ یَضْرِبُ النَّاسَ بِسَیْفِهِ قُدُماً حَتَّی أَزَالَ مُعَاوِیَةَ عَنْ مَوْقِفِهِ وَ تَرَاجَعَ مُعَاوِیَةُ عَنْ مَكَانِهِ الْقَهْقَرَی كَثِیراً وَ أَشْفَقَ عَلَی نَفْسِهِ وَ أَرْسَلَ إِلَی حَبِیبِ بْنِ مَسْلَمَةَ مَرَّةً ثَانِیَةً وَ ثَالِثَةً یَسْتَنْجِدُهُ وَ یَسْتَصْرِخُهُ وَ یَحْمِلُ حَبِیبٌ حَمْلَةً شَدِیدَةً بِمَیْسَرَةِ مُعَاوِیَةَ عَلَی مَیْمَنَةِ الْعِرَاقِ فَكَشَفَهَا حَتَّی لَمْ یَبْقَ مَعَ ابْنِ بُدَیْلٍ إِلَّا نَحْوُ مِائَةِ إِنْسَانٍ مِنَ الْقُرَّاءِ فَاسْتَنَدَ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ یَحْمُونَ أَنْفُسَهُمْ وَ لَحِجَ ابْنُ بُدَیْلٍ فِی النَّاسِ وَ صَمَّمَ عَلَی قَتْلِ مُعَاوِیَةَ وَ جَعَلَ یَطْلُبُ مَوْقِفَهُ حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِ فَنَادَی مُعَاوِیَةُ فِی النَّاسِ وَیْلَكُمْ الصَّخْرَةَ وَ الْحِجَارَةَ إِذَا عَجَزْتُمْ عَنِ السِّلَاحِ أَثْخِنُوهُ فَرَضَخَهُ النَّاسُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّی أَثْخَنُوهُ فَسَقَطَ فَأَقْبَلُوا عَلَیْهِ بِسُیُوفِهِمْ فَقَتَلُوهُ وَ جَاءَ مُعَاوِیَةُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ حَتَّی وَقَفَا عَلَیْهِ فَأَلْقَی عَبْدُ اللَّهِ عِمَامَتَهُ عَلَی وَجْهِهِ وَ تَرَحَّمَ عَلَیْهِ وَ كَانَ لَهُ أَخاً وَ صَدِیقاً مِنْ قَبْلُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ اكْشِفْ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ لَا یُمَثَّلُ بِهِ وَ فِیَّ رُوحٌ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ قَدْ وَهَبْنَاهُ لَكَ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ هَذَا كَبِیرُ الْقَوْمِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ اللَّهُمَّ ظَفِّرْنِی بِالْأَشْتَرِ النَّخَعِیِّ وَ الْأَشْعَثِ الْكِنْدِیِّ قَالَ فَاسْتَعْلَی أَهْلُ الشَّامِ عِنْدَ قَتْلِ ابْنِ بُدَیْلٍ عَلَی أَهْلِ الْعِرَاقِ یَوْمَئِذٍ وَ انْكَشَفَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ قِبَلِ الْمَیْمَنَةِ وَ أَجْفَلُوا إِجْفَالًا شَدِیداً فَأَمَرَ عَلِیٌّ علیه السلام سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ فَاسْتَقْدَمَ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ لِیُرِیدَ الْمَیْمَنَةَ بِعَقْدِهَا (1) فَاسْتَقْبَلَهُمْ جُمُوعُ أَهْلِ الشَّامِ فِی خَیْلٍ عَظِیمَةٍ فَحَمَلَتْ عَلَیْهِمْ
ص: 468
فَأَحْلَقَتْهُمْ بِالْمَیْمَنَةِ وَ كَانَتْ مَیْمَنَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مُتَّصِلَةً بِمَوْقِفِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی الْقَلْبِ فِی أَهْلِ الْیَمَنِ فَلَمَّا انْكَشَفُوا انْتَهَتِ الْهَزِیمَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَانْصَرَفَ یَمْشِی نَحْوَ الْمَیْسَرَةِ فَانْكَشَفَتْ عَنْهُ مُضَرُ مِنَ الْمَیْسَرَةِ فَلَمْ یَبْقَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَّا رَبِیعَةُ وَحْدَهَا فِی الْمَیْسَرَةِ.
«407»-وَ رُوِیَ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَقَدْ مَرَّ عَلِیٌّ یَوْمَئِذٍ وَ مَعَهُ بَنُوهُ نَحْوَ الْمَیْسَرَةِ وَ مَعَهُ رَبِیعَةُ وَحْدَهَا وَ إِنِّی لَأَرَی النَّبْلَ یَمُرُّ مِنْ بَیْنِ عَاتِقِهِ وَ مَنْكِبِهِ وَ مَا مِنْ بَنِیهِ إِلَّا یَقِیهِ بِنَفْسِهِ فَیَكْرَهُ عَلِیٌّ ذَلِكَ فَیَتَقَدَّمُ عَلَیْهِ وَ یَحُولُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَ یَأْخُذُ بِیَدِهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَیُلْقِیهِ مِنْ وَرَائِهِ وَ بَصُرَ بِهِ أَحْمَرُ مَوْلَی بَنِی أُمَیَّةَ وَ كَانَ شُجَاعاً فَقَالَ عَلِیٌّ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَتَلَنِیَ اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ كَیْسَانُ مَوْلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَیْنِ فَقَتَلَهُ أَحْمَرُ وَ خَالَطَ عَلِیّاً علیه السلام لِیَضْرِبَهُ بِالسَّیْفِ فَمَدَّ عَلِیٌّ یَدَهُ إِلَی جَیْبِ دِرْعِهِ فَجَذَبَهُ عَنْ فَرَسِهِ وَ حَمَلَهُ عَلَی عَاتِقِهِ وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی رِجْلَیْ أَحْمَرَ یَخْتَلِفَانِ عَلَی عُنُقِ عَلِیٍّ ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَكَسَرَ مَنْكِبَیْهِ وَ عَضُدَیْهِ وَ شَدَّ أَبْنَاءُ عَلِیٍّ حُسَیْنٌ وَ مُحَمَّدٌ فَضَرَبَاهُ بِأَسْیَافِهِمَا حَتَّی بَرَدَ فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَائِماً وَ شِبْلَاهُ یَضْرِبَانِ الرَّجُلَ حَتَّی إِذَا أَتَیَا عَلَیْهِ أَقْبَلَا عَلَی أَبِیهِمَا ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ دَنَوْا عَنْهُ یُرِیدُونَهُ وَ اللَّهِ مَا یَزِیدُهُ قُرْبُهُمْ مِنْهُ وَ دُنُوُّهُمْ سُرْعَةً فِی مَشْیِهِ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ مَا ضَرَّكَ لَوْ أَسْرَعْتَ حَتَّی تَنْتَهِیَ إِلَی الَّذِینَ صَبَرُوا بَعْدَكَ مِنْ أَصْحَابِكَ قَالَ یَعْنِی رَبِیعَةَ الْمَیْسَرَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا بُنَیَّ إِنَّ لِأَبِیكَ یَوْماً لَا یُبْطِئُ بِهِ عَنْهُ السَّعْیُ وَ لَا یُقَرِّبُهُ إِلَیْهِ الْوُقُوفُ إِنَّ أَبَاكَ لَا یُبَالِی وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ (1).
ص: 469
«408»-قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَی عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ قَالَ: خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْماً مِنْ أَیَّامِ صِفِّینَ وَ فِی یَدِهِ عَنَزَةٌ فَمَرَّ عَلَی سَعِیدِ بْنِ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیِّ فَقَالَ لَهُ سَعِیدٌ أَ مَا تَخْشَی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْ یَغْتَالَكَ أَحَدٌ وَ أَنْتَ قُرْبَ عَدُوِّكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّهُ لَیْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَ عَلَیْهِ مِنَ اللَّهِ حَفَظَةٌ یَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ یَتَرَدَّی فِی قَلِیبٍ أَوْ یَخْرَبَ عَلَیْهِ حَائِطٌ أَوْ تُصِیبَهُ آفَةٌ فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّوْا بَیْنَهُ وَ بَیْنَهُ (1).
«409»-وَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ فُضَیْلِ بْنِ خَدِیجٍ عَنْ مَوْلَی الْأَشْتَرِ (2) قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَتْ مَیْمَنَةُ الْعِرَاقِ یَوْمَئِذٍ أَقْبَلَ عَلِیٌّ نَحْوَ الْمَیْسَرَةِ یَرْكُضُ لِیَسْتَثِیبَ النَّاسَ وَ یَسْتَوْقِفَهُمْ (3) وَ یَأْمُرَهُمْ بِالرُّجُوعِ نَحْوَ الْفَزَعِ فَمَرَّ بِالْأَشْتَرِ فَقَالَ یَا مَالِكُ قَالَ لَبَّیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَقُلْ لَهُمْ أَیْنَ فِرَارُكُمْ عَنِ الْمَوْتِ الَّذِی لَنْ تُعْجِزُوهُ إِلَی الْحَیَاةِ الَّتِی لَا تَبْقَی لَكُمْ فَمَضَی الْأَشْتَرُ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ مُنْهَزِمِینَ فَقَالَ لَهُمُ الْكَلِمَاتِ فَنَادَاهُمْ أَیُّهَا النَّاسُ أَنَا مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ فَلَمْ یَلْتَفِتْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَیْهِ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَنَا الْأَشْتَرُ فَأَقْبَلَتْ إِلَیْهِ طَائِفَةٌ وَ ذَهَبَتْ عَنْهُ طَائِفَةٌ فَقَالَ عَضِضْتُمْ بِهَنِ أَبِیكُمْ وَ مَا أَقْبَحَ مَا قَاتَلْتُمُ الْیَوْمَ أَیُّهَا النَّاسُ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِذِ فَاسْتَقْبِلُوا النَّاسَ بِهَامِكُمْ وَ شُدُّوا عَلَیْهِمْ شِدَّةَ قَوْمٍ مَوْتُورِینَ بِآبَائِهِمْ وَ أَبْنَائِهِمْ وَ إِخْوَانِهِمْ حَنَقاً عَلَی عَدُوِّهِمْ قَدْ وَطَّنُوا عَلَی الْمَوْتِ أَنْفُسَهُمْ كَیْلَا یُسْبَقُوا بِثَأْرٍ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَ اللَّهِ لَنْ یُقَاتِلُوكُمْ إِلَّا عَنْ دِینِكُمْ لِیُطْفِئُوا السُّنَّةَ وَ یُحْیُوا الْبِدْعَةَ وَ یُدْخِلُوكُمْ
ص: 470
فِی دِینٍ قَدْ أَخْرَجَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِحُسْنِ الْبَصِیرَةِ فَطِیبُوا عِبَادَ اللَّهِ نَفْساً بِدِمَائِكُمْ دُونَ دِینِكُمْ فَإِنَّ الْفِرَارَ فِیهِ سَلْبُ الْعِزِّ وَ الْغَلَبَةِ عَلَی الْفَیْ ءِ وَ ذُلُّ الْمَحْیَا وَ الْمَمَاتِ وَ عَارُ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ سَخَطُ اللَّهِ وَ أَلِیمُ عِقَابِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَخْلِصُوا إِلَیَّ مَذْحِجاً فَاجْتَمَعُوا إِلَیْهِ فَقَالَ عَضِضْتُمْ بِصُمِّ الْجَنْدَلِ وَ اللَّهِ مَا أَرْضَیْتُمُ الْیَوْمَ رَبَّكُمْ وَ لَا نَصَحْتُمْ لَهُ فِی عَدُوِّهِ وَ كَیْفَ ذَلِكَ وَ أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الْحَرْبِ وَ أَصْحَابُ الْغَارَاتِ وَ فُرْسَانُ الطِّرَارِ وَ حُتُوفُ الْأَقْرَانِ وَ مَذْحِجُ الطِّعَانِ الَّذِینَ لَمْ یَكُونُوا یُسْبَقُونَ بِثَأْرِهِمْ وَ لَمْ تُطَلَّ دِمَاؤُهُمْ وَ لَمْ یُعْرَفُوا فِی مَوْطِنٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ بِخَسَفٍ وَ أَنْتُمْ سَادَةُ مِصْرِكُمْ (1) وَ أَعَزُّ حَیٍّ فِی قَوْمِكُمْ وَ مَا تَفْعَلُوا فِی هَذَا الْیَوْمِ مَأْثُورٌ بَعْدَ الْیَوْمِ فَاتَّقُوا مَأْثُورَ الْحَدِیثِ فِی غَدٍ وَ اصْدُقُوا عَدُوَّكُمُ اللِّقَاءَ فَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ* وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ مَا مِنْ هَؤُلَاءِ وَ أَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی أَهْلِ الشَّامِ رَجُلٌ فِی مِثْلِ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ مِنْ دِینِ اللَّهِ [وَ] اللَّهِ مَا أَحْسَنْتُمُ الْیَوْمَ الْقِرَاعَ أَجْلُوا سَوَادَ وَجْهِی یَرْجِعْ فِی وَجْهِی دَمِی وَ عَلَیْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّ اللَّهَ لَوْ قَدْ فَضَّهُ تَبِعَهُ مَنْ بِجَانِبَیْهِ كَمَا یَتْبَعُ السَّیْلُ مَقْدَمَهُ فَقَالُوا خُذْ بِنَا حَیْثُ أَحْبَبْتَ فَصَمَدَ بِهِمْ نَحْوَ عَظْمِهِمْ وَ اسْتَقْبَلَهُ سَنَامٌ مِنْ هَمْدَانَ (2) وَ هُمْ نَحْوُ ثَمَانِ مِائَةِ مُقَاتِلٍ قَدِ انْهَزَمُوا آخِرَ النَّاسِ وَ كَانُوا قَدْ صَبَرُوا فِی مَیْمَنَةِ عَلِیٍّ حَتَّی قُتِلَ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَ ثَمَانُونَ رَجُلًا وَ أُصِیبَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَئِیساً كُلَّمَا قُتِلَ مِنْهُمْ رئیسا [رَئِیسٌ أَخَذَ الرَّایَةَ آخَرُ فَانْصَرَفُوا وَ هُمْ یَقُولُونَ لَیْتَ لَنَا عَدِیداً مِنَ الْعَرَبِ یُحَالِفُونَنَا ثُمَّ نَسْتَقْدِمُ نَحْنُ وَ هُمْ فَلَا نَنْصَرِفُ حَتَّی نُقْتَلَ أَوْ نَظْهَرَ (3)
ص: 471
فَقَالَ لَهُمُ الْأَشْتَرُ إِنِّی أُحَالِفُكُمْ وَ أُعَاقِدُكُمْ عَلَی أَنْ لَا نَرْجِعَ أَبَداً حَتَّی نَظْفَرَ أَوْ نَهْلِكَ فَوَقَفُوا مَعَهُ عَلَی هَذِهِ النِّیَّةِ وَ الْعَزِیمَةِ وَ زَحَفَ نَحْوَ الْمَیْمَنَةِ وَ ثَابَ إِلَیْهِ نَاسٌ تَرَاجَعُوا مِنْ أَهْلِ الصَّبْرِ وَ الْوَفَاءِ وَ الْحَیَاءِ فَأَخَذَ لَا یَصْمِدُ لِكَتِیبَةٍ إِلَّا كَشَفَهَا وَ لَا بِجَمْعٍ إِلَّا جَازَهُ وَ رَدَّهُ 410 فَرُوِیَ عَنْ مَوْلًی لِلْأَشْتَرِ قَالَ لَمَّا اجْتَمَعَ إِلَی الْأَشْتَرِ مَنْ كَانَ انْهَزَمَ مِنَ الْمَیْمَنَةِ حَمَلَ عَلَی صُفُوفِ أَهْلِ الشَّامِ حَتَّی كَشَفَهُمْ فَأَلْحَقَهُمْ بِمَضَارِبِ مُعَاوِیَةَ وَ ذَلِكَ بَیْنَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ.
«411»-وَ عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا رَأَی مَیْمَنَتَهُ قَدْ عَادَتْ إِلَی مَوْقِفِهَا وَ مَصَافِّهَا وَ كَشَفَتْ مَنْ بِإِزَائِهَا أَقْبَلَ حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِمْ فَقَالَ قَدْ رَأَیْتُ جَوْلَتَكُمْ وَ انْحِیَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ تَحُوزُكُمُ الْجُفَاةُ الطَّغَامُ أَعْرَابُ أَهْلِ الشَّامِ وَ أَنْتُمْ لَهَامِیمُ الْعَرَبِ وَ السَّنَامُ الْأَعْظَمُ وَ عُمَّارُ اللَّیْلِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ أَهْلُ دَعْوَةِ الْحَقِّ إِذْ ضَلَّ الْخَاطِئُونَ فَلَوْ لَا قِتَالُكُمْ بَعْدَ إِدْبَارِكُمْ وَ كَرُّكُمْ بَعْدَ انْحِیَازِكُمْ وَجَبَ عَلَیْكُمْ مَا وَجَبَ عَلَی الْمُوَلِّی یَوْمَ الزَّحْفِ وَ كُنْتُمْ فِیمَا أَرَی مِنَ الْهَالِكِینَ وَ لَقَدْ هَوَّنَ عَلَیَّ بَعْضَ وَجْدِی وَ شَفَی بَعْضَ لَاعِجِ نَفْسِی أَنْ رَأَیْتُكُمْ بِأَخَرَةٍ حُزْتُمُوهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ فَأَزَلْتُمُوهُمْ عَنْ مَصَافِّهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ تُحِسُّونَهُمْ بِالسَّیْفِ یَرْكَبُ أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ كَالْإِبِلِ الْمَطْرُودَةِ الْهِیمِ فَالْآنَ فَاصْبِرُوا نَزَلَتْ عَلَیْكُمُ السَّكِینَةُ وَ ثَبَّتَكُمُ الْیَقِینُ وَ لْیَعْلَمِ الْمُنْهَزِمُ أَنَّهُ مُسْخِطٌ رَبَّهُ وَ مُوبِقٌ نَفْسَهُ وَ فِی الْفِرَارِ مَوْجِدَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ الذُّلُّ لَازِمٌ عَلَیْهِ (1) وَ مَفْسَدَةُ الْعَیْشِ عَلَیْهِ وَ أَنَّ الْفَارَّ لَا یَزِیدُ الْفِرَارُ فِی عُمُرِهِ وَ لَا یُرْضِی رَبَّهُ لَمَوْتُ الرَّجُلِ مُحِقّاً قَبْلَ إِتْیَانِ هَذِهِ الْخِصَالِ خَیْرٌ مِنَ الرِّضَا
ص: 472
بِالتَّلْبِیسِ بِهَا وَ الْإِصْرَارِ عَلَیْهَا (1) قَالَ نَصْرٌ فَحَمَلَ أَبُو كَعْبٍ الْخَثْعَمِیُّ رَأْسُ خَثْعَمِ الْعِرَاقِ عَلَی خَثْعَمِ الشَّامِ وَ اقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ فَجَعَلَ أَبُو كَعْبٍ یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ یَا مَعْشَرَ خَثْعَمٍ خَذِّمُوا أَیِ اضْرِبُوا الْخَذِمَةَ وَ هِیَ الْخَلْخَالُ یَعْنِی اضْرِبُوهُمْ فِی سُوقِهِمْ فَحَمَلَ شِمْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَی أَبِی كَعْبٍ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ یَبْكِی وَ یَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا كَعْبٍ لَقَدْ قَتَلْتُكَ فِی طَاعَةِ قَوْمٍ أَنْتَ أَمَسُّ إِلَیَّ رَحِماً وَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْهُمْ نَفْساً وَ لَكِنِّی وَ اللَّهِ لَا أَدْرِی مَا أَقُولُ وَ لَا أَرَی الشَّیْطَانَ إِلَّا قَدْ فَتَنَنَا وَ لَا أَرَی قُرَیْشاً إِلَّا قَدْ لَعِبَتْ بِنَا (2) فَوَثَبَ كَعْبُ بْنُ أَبِی كَعْبٍ إِلَی رَایَةِ أَبِیهِ فَأَخَذَهَا فَفُقِئَتْ عَیْنُهُ وَ صُرِعَ ثُمَّ أَخَذَهَا شُرَیْحُ بْنُ مَالِكٍ فَقَاتَلَ الْقَوْمُ تَحْتَهَا حَتَّی صُرِعَ مِنْهُمْ حَوْلَ رَایَتِهِمْ نَحْوُ ثَمَانِینَ رَجُلًا وَ أُصِیبَ مِنْ خَثْعَمِ الشَّامِ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ رَدَّهَا شُرَیْحٌ إِلَی كَعْبِ بْنِ أَبِی كَعْبٍ.
«412»-وَ قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ (3)
إِنَّ رَایَةَ بَجِیلَةَ فِی صِفِّینَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ كَانَتْ فِی أَحْمَسَ مَعَ أَبِی
ص: 473
شَدَّادٍ فَقَالَتْ لَهُ بَجِیلَةُ خُذْ رَایَتَنَا قَالَ غَیْرِی خَیْرٌ لَكُمْ مِنِّی قَالُوا لَا نُرِیدُ غَیْرَكَ قَالَ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ أُعْطِیتُهَا لَا أَنْتَهِی بِكُمْ دُونَ صَاحِبِ التُّرْسِ الْمُذَهَّبِ الَّذِی هُوَ قَائِمٌ عَلَی رَأْسِ مُعَاوِیَةَ یَسْتُرُهُ مِنَ الشَّمْسِ فَقَالُوا اصْنَعْ مَا شِئْتَ فَأَخَذَهَا ثُمَّ زَحَفَ بِهَا وَ هُمْ حَوْلَهُ یَضْرِبُونَ النَّاسَ بِأَسْیَافِهِمْ حَتَّی انْتَهَی إِلَی صَاحِبِ التُّرْسِ الْمُذَهَّبِ وَ هُوَ فِی خَیْلٍ عَظِیمَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ هُنَاكَ قِتَالًا شَدِیداً وَ شَدَّ أَبُو شَدَّادٍ بِسَیْفِهِ نَحْوَ صَاحِبِ التُّرْسِ فَتَعَرَّضَ لَهُ رُومِیٌّ فَضَرَبَ قَدَمَ أَبِی شَدَّادٍ فَقَطَعَهَا وَ ضَرَبَ أَبُو شَدَّادٍ ذَلِكَ الرُّومِیَّ فَقَتَلَهُ فَأُشْرِعَتْ إِلَیْهِ الْأَسِنَّةُ فَقُتِلَ فَأَخَذَ الرَّایَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَلْعٍ الْأَحْمَسِیُّ وَ قَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ فَأَخَذَهَا أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ ثُمَّ أَخَذَهَا عَفِیفُ بْنُ إِیَاسٍ فَلَمْ یَزَلْ بِیَدِهِ حَتَّی تَحَاجَزَ النَّاسُ فَحَمَلَ غَطَفَانُ الْعِرَاقِ عَلَی غَطَفَانِ الشَّامِ وَ قُتِلَ مِنْهُمَا كَثِیرٌ وَ كَذَا أَزْدُ الْعِرَاقِ عَلَی أَزْدِ الشَّامِ وَ كَذَا كُلُّ قَبِیلَةٍ عَلَی مَنْ بِإِزَائِهِمْ.
«413»-قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ أَشْیَاخِ النَّمِرِ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ جُوَیَّةَ (1) قَالَ یَوْمَ صِفِّینَ أَنَّ مَرْعَی الدُّنْیَا قَدْ أَصْبَحَ هَشِیماً وَ أَصْبَحَ شَجَرُهَا حَصِیداً وَ جَدِیدُهَا سَمَلًا وَ حُلْوُهَا مُرَّ الْمَذَاقِ
ص: 474
أَلَا وَ إِنِّی أُنَبِّئُكُمْ نَبَأَ امْرِئٍ صَادِقٍ إِنِّی سَئِمْتُ الدُّنْیَا وَ عَزَفْتُ نَفْسِی عَنْهَا وَ قَدْ كُنْتُ أَتَمَنَّی الشَّهَادَةَ وَ أَتَعَرَّضُ لَهَا فِی كُلِّ حِینٍ فَأَبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یَبْلُغَنِی هَذَا الْیَوْمَ أَلَا وَ إِنِّی مُتَعَرِّضٌ سَاعَتِی هَذِهِ لَهَا وَ قَدْ طَمِعْتُ أَنْ لَا أُحْرَمَهَا فَمَا تَنْتَظِرُونَ عِبَادَ اللَّهِ مِنْ جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ أَ خَوْفَ الْمَوْتِ الْقَادِمِ عَلَیْكُمْ الذَّاهِبِ بِأَنْفُسِكُمْ لَا مَحَالَةَ أَوْ مِنْ ضَرْبَةِ كَفٍّ أَوْ حِسٍّ بِالسَّیْفِ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الدُّنْیَا بِالنَّظَرِ إِلَی وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مُرَافَقَةِ النَّبِیِّینَ وَ الصِّدِّیقِینَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِینَ فِی دَارِ الْقَرَارِ مَا هَذَا بِالرَّأْیِ السَّدِیدِ ثُمَّ قَالَ یَا إِخْوَتَاهْ إِنِّی قَدْ بِعْتُ هَذِهِ الدَّارَ بِالدَّارِ الَّتِی أَمَامَهَا وَ هَذَا وَجْهِی إِلَیْهِ لَا یُبْرِحُ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ وَ لَا یَقْطَعُ اللَّهُ أَرْحَامَكُمْ فَتَبِعَهُ أَخَوَاهُ عُبَیْدُ اللَّهِ وَ عَوْفٌ وَ قَالا لَا نَطْلُبُ رِزْقَ الدُّنْیَا بَعْدَكَ قَبَّحَ اللَّهُ الْعَیْشَ بَعْدَكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَحْتَسِبُ أَنْفُسَنَا عِنْدَكَ فَاسْتَقْدَمُوا فَقَاتَلُوا حَتَّی قُتِلُوا قَالَ فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِیداً یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ اللَّهِ لَأَحْمِلَنَّ عَلَی مُعَاوِیَةَ حَتَّی أَقْتُلَهُ فَأَخَذَ فَرَساً فَرَكِبَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ حَتَّی إِذَا قَامَ عَلَی سَنَابِكِهِ دَفَعَهُ فَلَمْ یُنَهْنِهْهُ شَیْ ءٌ عَنِ الْوُقُوفِ عَلَی رَأْسِ مُعَاوِیَةَ وَ دَخَلَ مُعَاوِیَةُ خِبَاءَهُ فَنَزَلَ الرَّجُلُ عَنْ فَرَسِهِ وَ دَخَلَ عَلَیْهِ فَخَرَجَ مُعَاوِیَةُ مِنَ الْخِبَاءِ وَ طَلَعَ الرَّجُلُ فِی أَثَرِهِ فَخَرَجَ مُعَاوِیَةُ فَأَحَاطَ بِهِ النَّاسُ وَ قَالَ وَیْحَكُمْ إِنَّ السُّیُوفَ لَمْ یُؤْذَنْ لَهَا فِی هَذَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ یَصِلْ إِلَیْكُمْ عَلَیْكُمْ بِالْحِجَارَةِ فَرَضَخُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّی هَمَدَ الرَّجُلُ ثُمَّ عَادَ مُعَاوِیَةُ إِلَی مَجْلِسِهِ قَالَ نَصْرٌ فَلَمَّا انْقَضَی هَذَا الْیَوْمِ بِمَا فِیهِ أَصْبَحُوا فِی الْیَوْمِ الثَّانِی وَ الْفَیْلَقَانِ مُتَقَابِلَانِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَسَأَلَ الْمُبَارَزَةَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَاقْتَتَلَا قِتَالًا شَدِیداً ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِیَّ اعْتَنَقَهُ فَوَقَعَا جَمِیعاً وَ عَادَ الْفَرَسَانِ ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِیَّ قَهَرَهُ فَجَلَسَ عَلَی صَدْرِهِ وَ كَشَفَ الْمِغْفَرَ عَنْهُ یُرِیدُ أَنْ یَذْبَحَهُ فَإِذَا هُوَ أَخُوهُ لِأَبِیهِ فَصَاحَ بِهِ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام وَیْحَكَ أَجْهِزْ عَلَیْهِ قَالَ إِنَّهُ أَخِی قَالُوا فَاتْرُكْهُ قَالَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی یَأْذَنَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَأُخْبِرَ عَلِیٌّ علیه السلام بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ أَنْ دَعْهُ فَتَرَكَهُ وَ عَادَ إِلَی صَفِّ مُعَاوِیَةَ.
ص: 475
«414»-وَ عَنِ الْجُرْجَانِیِّ قَالَ: كَانَ مُعَاوِیَةُ یَعُدُّ لِكُلِّ عَظِیمٍ حُرَیْثاً مَوْلَاهُ وَ كَانَ یَلْبَسُ سِلَاحَ مُعَاوِیَةَ مُتَشَبِّهاً بِهِ فَإِذَا قَاتَلَ قَالَ النَّاسُ ذَاكَ مُعَاوِیَةُ وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ دَعَاهُ وَ قَالَ یَا حُرَیْثُ اتَّقِ عَلِیّاً وَ ضَعْ رُمْحَكَ حَیْثُ شِئْتَ فَأَتَاهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ قَالَ یَا حُرَیْثُ إِنَّكَ وَ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ قُرَشِیّاً لَأَحَبَّ لَكَ مُعَاوِیَةُ أَنْ تَقْتُلَ عَلِیّاً وَ لَكِنْ كَرِهَ أَنْ یَكُونَ لَكَ حَظُّهَا فَإِنْ رَأَیْتَ فُرْصَةً فَاقْتَحِمْ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ كَانَ أَمَامَ الْخَیْلِ فَحَمَلَ عَلَیْهِ حُرَیْثٌ وَ فِی رِوَایَةِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ (1) قَالَ بَرَزَ حُرَیْثٌ مَوْلَی مُعَاوِیَةَ هَذَا الْیَوْمَ وَ كَانَ شَدِیداً ذَا بَأْسٍ لَا یُرَامُ فَصَاحَ یَا عَلِیُّ هَلْ لَكَ فِی الْمُبَارَزَةِ فَأَقْدِمْ أَبَا حَسَنٍ إِنْ شِئْتَ فَأَقْبَلَ عَلِیٌّ وَ هُوَ یَقُولُ:
أَنَا عَلِیٌّ وَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ***نَحْنُ لَعَمْرُ اللَّهِ أَوْلَی بِالْكُتُبِ
مِنَّا النَّبِیُّ الْمُصْطَفَی غَیْرُ كَذِبٍ***أَهْلُ اللِّوَاءِ وَ الْمَقَامِ وَ الْحُجُبِ
نَحْنُ نَصَرْنَاهُ عَلَی كُلِّ الْعَرَبِ
ثُمَّ خَالَطَهُ فَمَا أَمْهَلَهُ أَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَقَطَعَهُ نِصْفَیْنِ فَجَزِعَ مُعَاوِیَةُ عَلَیْهِ جَزَعاً شَدِیداً وَ عَابَ عَمْراً فِی إِغْرَائِهِ بِعَلِیٍّ فَلَمَّا قُتِلَ حُرَیْثٌ بَرَزَ عَمْرُو بْنُ الْحُصَیْنِ السَّكْسَكِیُّ فَنَادَی أَبَا حَسَنٍ هَلُمَّ إِلَی الْمُبَارَزَةِ فَأَومَی عَلِیٌّ إِلَی سَعِیدِ بْنِ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیِّ فَبَارَزَهُ فَضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَقَتَلَهُ قَالَ نَصْرٌ وَ كَانَ لِهَمْدَانَ بَلَاءٌ عَظِیمٌ فِی نُصْرَةِ عَلِیٍّ علیه السلام فِی صِفِّینَ وَ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِی لَا یُشَكُّ أَنَّ قَائِلَهُ عَلِیٌّ لِكَثْرَةِ الرِّوَایَةِ لَهُ:
دَعَوْتُ فَلَبَّانِی مِنَ الْقَوْمِ عُصْبَةٌ***فَوَارِسُ مِنْ هَمْدَانَ غَیْرُ لِئَامٍ
بِكُلِّ رُدَیْنِیٍّ وَ عَضْبٍ تَخَالُهُ*** إِذَا اخْتَلَفَ الْأَقْوَامُ شُعَلَ ضِرَامٍ
لِهَمْدَانَ أَخْلَاقٌ كِرَامٌ یَزِینُهُمْ*** وَ بَأْسٌ إِذَا لَاقُوا وَ جَدُّ خِصَامٍ
ص: 476
وَ جَدٌّ وَ صَدْقٌ فِی الْحُرُوبِ وَ نَجْدَةٌ***وَ قَوْلٌ إِذَا قَالُوا بِغَیْرِ أَثَامٍ
مَتَی تَأْتِهِمْ فِی دَارِهِمْ تَسْتَضِیفُهُمْ***تَبِتْ نَاعِماً فِی خِدْمَةٍ وَ طَعَامٍ
جَزَی اللَّهُ هَمْدَانَ الْجِنَانَ فَإِنَّهَا*** سِمَامُ الْعِدَی فِی كُلِّ یَوْمِ زِحَامٍ
فَلَوْ كُنْتُ بَوَّاباً عَلَی بَابِ جَنَةٍ***لَقُلْتُ لِهَمْدَانَ ادْخُلُوا بِسَلَامٍ
415- قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ قَالَ: ثُمَّ قَامَ عَلِیٌّ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ وَ نَادَی یَا مُعَاوِیَةُ یُكَرِّرُهَا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ سَلُوهُ مَا شَأْنُهُ قَالَ أُحِبُّ أَنْ یَظْهَرَ لِی فَأُكَلِّمَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَبَرَزَ مُعَاوِیَةُ وَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَلَمَّا قَارَبَاهُ لَمْ یَلْتَفِتْ إِلَی عَمْرٍو وَ قَالَ لِمُعَاوِیَةَ وَیْحَكَ عَلَامَ تَقْتُلُ النَّاسَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ وَ یَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ابْرُزْ إِلَیَّ فَأَیُّنَا قُتِلَ فَالْأَمْرُ إِلَی صَاحِبِهِ فَالْتَفَتَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَمْرٍو فَقَالَ مَا تَرَی یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَدْ أَنْصَفَكَ الرَّجُلُ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنْ نَكَلْتَ عَنْهُ لَمْ تَزَلْ سُبَّةً عَلَیْكَ وَ عَلَی عَقِبِكَ مَا بَقِیَ عَلَی ظَهْرِ الْأَرْضِ عَرَبِیٌّ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ یَا ابْنَ الْعَاصِ لَیْسَ مِثْلِی یُخْدَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَ اللَّهِ مَا بَارَزَ ابْنَ أَبِی طَالِبٍ شُجَاعٌ قَطُّ إِلَّا وَ سَقَی الْأَرْضَ بِدَمِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ مُعَاوِیَةُ رَاجِعاً حَتَّی انْتَهَی إِلَی آخِرِ الصُّفُوفِ وَ عَمْرٌو مَعَهُ فَلَمَّا رَأَی عَلِیٌّ علیه السلام ذَلِكَ ضَحِكَ وَ عَادَ إِلَی مَوْقِفِهِ قَالَ وَ حَقَدَهَا مُعَاوِیَةُ عَلَی عَمْرٍو بَاطِناً (1) قَالَ نَصْرٌ ثُمَّ الْتَقَی النَّاسُ وَ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً وَ حَارَبَتْ طَیٌّ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حُرُوباً عَظِیمَةً وَ قُتِلَ مِنْهَا أَبْطَالٌ كَثِیرُونَ وَ قَاتَلَتِ النَّخَعُ أَیْضاً مَعَهُ ذَلِكَ الْیَوْمَ قِتَالًا شَدِیداً وَ قُطِعَتْ رِجْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ قَیْسٍ النَّخَعِیِّ وَ قُتِلَ أَخُوهُ أُبَیُّ بْنُ قَیْسٍ فَكَانَ عَلْقَمَةُ یَقُولُ بَعْدُ مَا أُحِبُّ أَنَّ رِجْلِی أَصَحُّ مَا كَانَ لِمَا أَرْجُو بِهَا الثَّوَابَ وَ قَالَ رَأَیْتُ أَخِی فِی نَوْمِی فَقُلْتُ لَهُ مَا الَّذِی قَدِمْتُمْ عَلَیْهِ قَالَ الْتَقَیْنَا نَحْنُ وَ أَهْلُ الشَّامِ بَیْنَ یَدَیِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَاحْتَجَجْنَا عِنْدَهُ فَحَجَجْنَا فَسُرِرْتُ بِذَلِكَ.
ص: 477
«416»-وَ رُوِیَ عَنِ الْحُضَیْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَمَّا تَصَافَّ النَّاسُ ذَلِكَ الْیَوْمَ وَ حَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ ضَعْضَعَتْ مَیْمَنَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَجَاءَنَا عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَعَهُ بَنُوهُ فَنَادَی بِصَوْتٍ جَهْرٍ لِمَنْ هَذِهِ الرَّایَاتُ فَقُلْنَا رَایَاتُ رَبِیعَةَ فَقَالَ بَلْ هِیَ رَایَاتٌ عَصَمَ اللَّهُ أَهْلَهَا وَ صَبَّرَهَا وَ ثَبَّتَ أَقْدَامَهَا ثُمَّ قَالَ لِی وَ أَنَا حَامِلُ رَایَةِ رَبِیعَةَ یَا فَتَی أَ لَا تُدْنِی رَایَتَكَ هَذِهِ ذِرَاعاً فَقُلْتُ بَلَی وَ اللَّهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ ثُمَّ مِلْتُ بِهَا هَكَذَا فَأَدْنَیْتُهَا (1) فَقَالَ لِی حَسْبُكَ وَ رُوِیَ أَنَّهُمْ أُعْطُوا الرَّایَةَ الْحُضَیْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِیَّ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ غُلَامٌ وَ هُوَ یَزْحَفُ بِرَایَةِ رَبِیعَةَ وَ كَانَتْ حَمْرَاءَ فَأَعْجَبَ عَلِیّاً علیه السلام زَحْفُهُ وَ ثَبَاتُهُ فَقَالَ:
لِمَنْ رَایَةٌ حَمْرَاءُ یَخْفِقُ ظِلُّهَا***إِذَا قِیلَ قَدِّمْهَا حُضَیْنُ تَقَدَّمَا
وَ یَدْنُو بِهَا فِی الصَّفِّ حَتَّی یُدِیرَهَا***حَمَامُ الْمَنَایَا تَقْطُرُ الْمَوْتَ وَ الدِّمَاءَ
جَزَی اللَّهُ قَوْماً صَابَرُوا فِی لِقَائِهِمْ*** لَدَی الْبَأْسِ حُرّاً مَا أَعَزَّ وَ أَكْرَمَا
وَ أَحْزَمَ صَبْراً یَوْمَ یُدْعَی إِلَی الْوَغَی*** إِذَا كَانَ أَصْوَاتُ الْكُمَاةِ تَغَمْغَمَا
رَبِیعَةَ أَعْنِی إِنَّهُمْ أَهْلُ نَجْدَةٍ وَ بَأْسٍ***إِذَا لَاقُوا خَمِیساً عَرَمْرَمَا
وَ قَدْ صَبَرَتْ عَكٌّ وَ لَخْمٌ وَ حِمْیَرٌ*** لِمَذْحِجٍ حَتَّی لَمْ تُفَارِقْ دَمٌ دَماً
وَ نَادَتْ جُذَامُ یَا لَمَذْحِجُ وَیْحَكُمْ***جَزَی اللَّهُ شَرّاً أَیُّنَا كَانَ أَظْلَمَا
أَمَا تَتَّقُونَ اللَّهَ فِی حُرُمَاتِكُمْ***وَ مَا قَرَّبَ الرَّحْمَنُ مِنْهَا وَ عَظَّمَا
أَذَقْنَا ابْنَ حَرْبٍ طَعْنَنَا وَ ضِرَابَنَا***بِأَسْیَافِنَا حَتَّی تَوَلَّی وَ أَحْجَمَا
وَ مَرَّ یُنَادِی الزِّبْرِقَانُ مَرَاطِمَ ***(2)وَ نَادَی كَلَاعاً وَ الْكُرَیْبَ وَ أَنْعَمَا
ص: 478
وَ عَمْراً وَ سُفْیَاناً وَ جَهْماً وَ مَالِكاً*** وَ حَوْشَبَ وَ الْغَاوِیَ سُرَیْحاً وَ أَظْلَمَا
وَ كُرْزَ بْنَ نَبْهَانَ وَ عَمْرَو بْنَ جَحْدَرٍ*** وَ صَبَّاحاً الْعَبْسِیَّ یَدْعُو وَ أَسْلَمَا (1)
قال نصر: و أقبل ذو الكلاع فی الحمیر و من لف لفها و معهم عبید اللّٰه بن عمر بن الخطاب فی أربعة آلاف من قراء أهل الشام فحملوا علی ربیعة و هم میسرة أهل العراق و فیهم عبد اللّٰه بن العباس حملة شدیدة فضعضعت رایات ربیعة ثم إن أهل الشام انصرفوا فلم یلبثوا إلا قلیلا حتی كروا ثانیة و عبید اللّٰه بن عمر فی أولهم یقول یا أهل الشام هذا الحی من العراق قتلة عثمان و أنصار علی فإن هزمتم هذه القبیلة أدركتم ثاركم فی عثمان فشدوا علی الناس شدة عظیمة فثبتت لهم ربیعة و صبرت صبرا حسنا إلا قلیلا من الضعفاء و اشتد القتال بین ربیعة و حمیر و عبید اللّٰه بن عمر و كثرت القتلی ثم خرج نحو خمس مائة فارس أو أكثر من أصحاب علی علیه السلام علی رءوسهم البیض و هم غائصون فی الحدید لا یری منهم إلا الحدق و خرج إلیهم من أهل الشام نحوهم فی العدة فاقتتلوا بین الصفین و الناس وقوف تحت رایاتهم فلم یرجع من هؤلاء مخبر (2) لا عراقی و لا شامی قتلوا جمیعا بین الصفین و كان بصفین تل یلقی علیه الجماجم من الرجال فكان یدعی تل الجماجم قال نصر: ثم ذهب هذا الیوم بما فیه فأصبحوا من الیوم التاسع من صفر و قد خطب معاویة أهل الشام و حرضهم فحمل عبید اللّٰه و قراء أهل الشام
ص: 479
و معه ذو الكلاع فی حمیر علی ربیعة فی میسرة علی علیه السلام فقاتلوا قتالا شدیدا فأتی زیاد بن خصفة إلی عبد القیس فقال لا یكونن وائل بعد الیوم إن ذا الكلاع و عبید اللّٰه بن عمر قد أبادا ربیعة فانهضوا لهم و إلا هلكت فركبت عبد القیس و جاءت كأنها غمامة سوداء فشدت أزر المیسرة و عظم القتال فقتل ذو الكلاع قتله رجل من بكر بن وائل اسمه خندف و تضعضعت أركان حمیر و ثبتت بعد ذی الكلاع تحارب مع عبید اللّٰه بن عمر فأرسل عبید اللّٰه إلی الحسن بن علی علیهما السلام إن لی إلیك حاجة فألقنی فلقیه الحسن علیه السلام فقال له عبید اللّٰه إن أباك قد وتر قریشا أولا و آخرا و قد شنئه الناس فهل لك فی خلعه و أن تتولی أنت هذا الأمر فقال كلا و اللّٰه ثم قال یا ابن الخطاب و اللّٰه لكأنی أنظر إلیك مقتولا فی یومك أو فی غدك أما إن الشیطان قد زین لك و خدعك حتی أخرجك مخلقا بالخلوق تری نساء أهل الشام موقفك و سیصرعك اللّٰه و یبطحك لوجهك قتیلا (1) قال فو اللّٰه ما كان إلا بیاض النهار حتی قتل عبید اللّٰه و هو فی كتیبة رقطاء و كانت تدعی الخضریة كانوا أربعة آلاف علیهم ثیاب مخضر فمر الحسن فإذا رجل متوسد رجل قتیل و قد ركز رمحه فی عینه و ربط فرسه برجله فقال الحسن لمن معه انظروا إلی هذا و إذا رجل من همدان و إذا القتیل عبید اللّٰه بن عمر قد قتله الهمدانی فی أول اللیل و بات علیه حتی أصبح:
قال نصر: و قد اختلفت الرواة فی قاتله فقالت همدان نحن قتلناه قتله هانئ بن الخطاب و قالت حضرموت نحن قتلناه قتله مالك بن عمرو و قال بكر بن وائل قتله منا محرز بن الصحصح: و روی: أن قاتله حریث بن جابر بن الجعفی
ص: 480
«417»-قال نصر و حدثنا عمرو بن شمر عن جابر قال: لما حمل ذو الكلاع ذلك الیوم بالفیلق العظیم من حمیر علی صفوف العراق ناداهم أبو شجاع الحمیری تبت أیدیكم أ ترون معاویة خیرا من علی أسد اللّٰه أضل اللّٰه سعیكم ثم أنت یا ذا الكلاع قد كنا نری أن لك نیة فی الدین فقال ذو الكلاع إیها یا أبا شجاع و اللّٰه ما معاویة بأفضل من علی و لكنی أقاتل عن دم عثمان قال فأصیب ذو الكلاع حینئذ قتله خندف البكری فی المعركة قَالَ نَصْرٌ وَ قَالَ مُعَاوِیَةُ لَمَّا قُتِلَ ذُو الْكَلَاعِ لَأَنَا أَشَدُّ فَرَحاً بِقَتْلِ ذِی الْكَلَاعِ مِنِّی بِفَتْحِ مِصْرَ لَوْ فَتَحْتُهَا قَالَ لِأَنَّ ذَا الْكَلَاعِ كَانَ یَحْجُرُ عَلَی مُعَاوِیَةَ فِی أَشْیَاءَ كَانَ یَأْمُرُ بِهَا قال نصر: فلما قتل ذو الكلاع اشتدت الحرب و شد عك و لخم و جذام و الأشعریون من أهل الشام علی مذحج من أهل العراق.
«418»-وَ قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنِی عَمْرُو بْنُ الزُّبَیْرِ قَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ الْحُضَیْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ یَقُولُ أَعْطَانِی عَلِیٌّ ذَلِكَ الْیَوْمَ رَایَةَ رَبِیعَةَ وَ مُضَرَ وَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ سِرْ یَا حُضَیْنُ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَخْفِقُ عَلَی رَأْسِكَ بِرَایَةٍ مِثْلِهَا أَبَداً هَذِهِ رَایَةُ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَجَاءَ أَبُو عُرَفَاءَ جَبَلَةُ بْنُ عَطِیَّةَ الذُّهْلِیُّ إِلَی الْحُضَیْنِ فَقَالَ هَلْ لَكَ أَنْ تُعْطِیَنِی الرَّایَةَ أَحْمِلُهَا فَیَكُونَ لَكَ ذِكْرُهَا وَ یَكُونَ لِی أَجْرُهَا فَقَالَ الْحُضَیْنُ وَ مَا غِنَایَ یَا عَمِّ عَنْ أَجْرِهَا مَعَ ذِكْرِهَا فَقَالَ إِنَّهُ لَا غَنَاءَ بِكَ عَنْ ذَلِكَ وَ لَكِنْ أَعِرْهَا عَمَّكَ سَاعَةً فَمَا أَسْرَعَ مَا تَرْجِعُ إِلَیْكَ قَالَ حُضَیْنٌ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَقْتَلَ (1) وَ أَنَّهُ یُرِیدُ أَنْ یَمُوتَ مُجَاهِداً قَالَ فَقُلْتُ لَهُ خُذْهَا فَأَخَذَهَا ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ كَرْهٌ كُلُّهُ وَ ثَقِیلٌ وَ إِنَّ عَمَلَ النَّارِ خِفٌّ كُلُّهُ وَ حَبِیبٌ إِنَّ الْجَنَّةَ لَا یَدْخُلُهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ الَّذِینَ صَبَرُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَی فَرَائِضِ اللَّهِ وَ أَمْرِهِ وَ لَیْسَ شَیْ ءٌ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَی الْعِبَادِ أَشَدَّ مِنَ الْجِهَادِ هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ ثَوَاباً عِنْدَ
ص: 481
اللَّهِ فَإِذَا رَأَیْتُمُونِی قَدْ شَدَدْتُ فَشُدُّوا وَیْحَكُمْ أَ مَا تَشْتَاقُونَ إِلَی الْجَنَّةِ (1) أَ مَا تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ فَشَدَّ وَ شَدُّوا مَعَهُ وَ قَاتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً فَقُتِلَ أَبُو عَرْفَاءَ وَ شَدَّتْ رَبِیعَةُ بَعْدَهَا شِدَّةً عَظِیمَةً عَلَی صُفُوفِ أَهْلِ الشَّامِ و قال نصر: فاضطرب الناس ذلك الیوم بالسیوف حتی قطعت و تكسرت و صارت كالمناجل و تطاعنوا بالرماح حتی تناثرت أسنتها (2) ثم جثوا علی الركب فتحاثوا بالتراب ثم تعانقوا و تكادموا بالأفواه ثم تراموا بالصخرة و الحجارة ثم تحاجزوا فكان الرجل من أهل العراق یمر علی أهل الشام فیقول كیف أصیر إلی رایات بنی فلان فیقول هاهنا لا هداك اللّٰه و یمر الرجل من أهل الشام علی أهل العراق فیقول كیف أمضی إلی رایات بنی فلان فیقولون هاهنا لا حفظك اللّٰه فلما أصبحوا فی الیوم العاشر أصبحوا و ربیعة محدقة بعلی علیه السلام إحداق بیاض العین بسوادها:
قال نصر و حدثنی عمرو: أنه لما وقف علیه السلام تحت رایات ربیعة قال عتاب بن لقیط یا معشر ربیعة حاموا عن علی منذ الیوم فإن أصیب فیكم افتضحتم أ لا ترونه قائما تحت رایاتكم فقال لهم شقیق بن ثور یا معشر ربیعة لیس لكم عذر عند العرب إن أصیب علی و فیكم رجل حی فامنعوه الیوم و اصدقوا عدوكم اللقاء فتعاقدت ربیعة و تحالفت بالأیمان العظیمة و تبایع منهم سبعة آلاف علی أن لا ینظر رجل خلفه حتی یردوا سرادق معاویة فقاتلوا ذلك الیوم قتالا شدیدا لم
ص: 482
یكن قبله مثله و أقبلوا نحو سرادق معاویة فلما نظر إلیهم قد أقبلوا قال
إذا قلت قد ولت ربیعة أقبلت***كتائب منها كالجبال تجالد
ثم قال لعمرو یا عمرو ما تری قال أری أن لا تحنث أخوالی الیوم فقام معاویة و خلا لهم سرادقه و رحله و خرج فارا عنه لائذا ببعض مضارب العسكر فی أخریات الناس و انتهبت ربیعة سرادقه و رحله و بعث إلی خالد بن المعمر أنك قد ظفرت و لك إمرة خراسان إن لم تتم فقطع خالد القتال و لم یتمه و قال لربیعة قد برت أیمانكم فحسبكم فلما كان عام الجماعة و بایع الناس معاویة أمره معاویة علی خراسان و بعثه إلیها فمات قبل أن یبلغها.
«419»-قَالَ نَصْرٌ وَ فِی حَدِیثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام صَلَّی بِهِمْ هَذَا الْیَوْمَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ اسْتَقْبَلُوهُ بِزُحُوفِهِمْ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً ثُمَّ إِنَّ خَیْلَ الشَّامِ حَمَلَتْ عَلَی خَیْلِ الْعِرَاقِ فَاقْتَطَعُوا مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَلْفَ رَجُلٍ أَوْ أَكْثَرَ فَأَحَاطُوا بِهِمْ وَ حَالُوا بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ أَصْحَابِهِمْ فَلَمْ یَرَوْهُمْ فَنَادَی عَلِیٌّ علیه السلام أَ لَا رَجُلٌ یَشْرِی نَفْسَهُ لِلَّهِ وَ یَبِیعُ دُنْیَاهُ بِآخِرَتِهِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ جُعْفٍ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْعَزِیزِ بْنُ الْحَارِثِ عَلَی فَرَسٍ أَدْهَمَ كَأَنَّهُ غُرَابٌ مُقَنِّعاً فِی الْحَدِیدِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مُرْنِی بِأَمْرِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام
سَمَحْتَ بِأَمْرٍ لَا یُطَاقُ حَفِیظَةً*** وَ صِدْقاً (1) وَ إِخْوَانُ الْحِفَاظِ قَلِیلٌ
ص: 483
جَزَاكَ إِلَهُ النَّاسِ خَیْراً فَقَدْ وَفَتْ***یَدَاكَ بِفَضْلٍ مَا هُنَاكَ جَزِیلٌ
فَقَالَ علیه السلام یَا أَبَا الْحَارِثِ شَدَّ اللَّهُ رُكْنَكَ احْمِلْ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ حَتَّی تَأْتِیَ أَصْحَابَكَ فَتَقُولَ لَهُمْ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَقْرَأُ عَلَیْكُمُ السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكُمْ هَلِّلُوا وَ كَبِّرُوا مِنْ نَاحِیَتِكُمْ وَ نُهَلِّلُ وَ نُكَبِّرُ مِنْ نَاحِیَتِنَا وَ احْمِلُوا وَ نَحْمِلُ عَلَیْهِمْ فَضَرَبَ الْجُعْفِیُّ فَرَسَهُ وَ قَاتَلَهُمْ حَتَّی خَلَصَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ اسْتَبْشَرُوا بِهِ وَ فَرِحُوا وَ قَالُوا مَا فَعَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ صَالِحٌ یُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ وَ یَقُولُ هَلِّلُوا وَ كَبِّرُوا وَ احْمِلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ نَحْمِلُ مِنْ جَانِبِنَا فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَ هَلَّلُوا وَ كَبَّرُوا وَ هَلَّلَ عَلِیٌّ وَ كَبَّرَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ وَ حَمَلَ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ وَ حَمَلُوهُمْ مِنْ وَسْطِ أَهْلِ الشَّامِ فَانْفَرَجَ الْقَوْمُ عَنْهُمْ وَ خَرَجُوا وَ مَا أُصِیبَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ لَقَدْ قُتِلَ مِنْ فُرْسَانِ الشَّامِ یَوْمَئِذٍ زُهَاءُ سَبْعِمِائَةِ نَفَرٍ وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ الْیَوْمَ عَنَاءً قَالَ وَ كَانَ عَلِیٌّ لَا یَعْدِلُ بِرَبِیعَةَ أَحَداً مِنَ النَّاسِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَی مُضَرَ وَ أَظْهَرُوا لَهُمُ الْقَبِیحَ وَ أَبْدَوْا ذَاتَ أَنْفُسِهِمْ فَقَامَ أَبُو الطُّفَیْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ وَ عُمَیْرُ بْنُ عُطَارِدٍ وَ قَبِیصَةُ بْنُ جَابِرٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَیْلِ فِی وُجُوهِ قَبَائِلِهِمْ فَأَتَوْا عَلِیّاً علیه السلام فَتَكَلَّمَ أَبُو الطُّفَیْلِ فَقَالَ إِنَّا وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا نَحْسُدُ قَوْماً خَصَّهُمُ اللَّهُ مِنْكَ بِخَیْرٍ وَ إِنَّ هَذَا الْحَیَّ مِنْ رَبِیعَةَ قَدْ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أَوْلَی بِكَ مِنَّا فَأَعْفِهِمْ عَنِ الْقِتَالِ أَیَّاماً وَ اجْعَلْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنَّا یَوْماً نُقَاتِلُ فِیهِ فَإِنَّا إِذَا اجْتَمَعْنَا اشْتَبَهَ عَلَیْكَ بَلَاؤُنَا فَقَالَ علیه السلام نَعَمْ أُعْطِیكُمْ مَا طَلَبْتُمْ وَ أَمَرَ رَبِیعَةَ أَنْ تَكُفَّ عَنِ الْقِتَالِ وَ كَانَتْ بِإِزَاءِ الْیَمَنِ مِنْ صُفُوفِ الشَّامِ فَغَدَا أَبُو الطُّفَیْلِ فِی قَوْمِهِ مِنْ كِنَانَةَ وَ هُمْ جَمَاعَةٌ عَظِیمَةٌ فَتَقَدَّمَ أَمَامَ الْخَیْلِ وَ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ أَثْنَی عَلَیْهِ خَیْراً
ص: 484
ثُمَّ غَدَا فِی الْیَوْمِ الثَّانِی عُمَیْرُ بْنُ عُطَارِدٍ بِجَمَاعَةٍ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ وَ هُوَ یَوْمَئِذٍ سَیِّدُ مُضَرِ كُوفَةَ فَقَاتَلَ أَصْحَابُهُ قِتَالًا شَدِیداً ثُمَّ غَدَا فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ قَبِیصَةُ فِی بَنِی أَسَدٍ فَقَاتَلَ الْقَوْمَ إِلَی أَنْ دَخَلَ اللَّیْلُ ثُمَّ غَدَا فِی الْیَوْمِ الرَّابِعِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَیْلِ فِی جَمَاعَةِ هَوَازِنَ فَحَارَبَهُمْ حَتَّی اللَّیْلِ فَانْصَرَفُوا قَالَ نَصْرٌ وَ كَتَبَ عُقْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ عَامِلُ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی الْكُوفَةِ إِلَی سُلَیْمَانَ بْنِ صُرَدَ الْخُزَاعِیِّ وَ هُوَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَ إِنَّهُمْ إِنْ یَظْهَرُوا عَلَیْكُمْ یَرْجُمُوكُمْ أَوْ یُعِیدُوكُمْ فِی مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (1) فَعَلَیْكَ بِالْجِهَادِ وَ الصَّبْرِ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ السَّلَامُ.
«420»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ وَ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَامَ عَلِیٌّ علیه السلام فَخَطَبَ النَّاسَ بِصِفِّینَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی نِعَمِهِ الْفَاضِلَةِ عَلَی جَمِیعِ مَنْ خَلَقَ مِنَ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ عَلَی حُجَجِهِ الْبَالِغَةِ عَلَی خَلْقِهِ مَنْ أَطَاعَهُ مِنْهُمْ وَ مَنْ عَصَاهُ إِنْ یَرْحَمْ فَبِفَضْلِهِ وَ مَنِّهِ وَ إِنْ عَذَّبَ فَبِمَا كَسَبَتْ أَیْدِیهِمْ (2) وَ أَنَّ اللَّهَ لَیْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ
ص: 485
أَحْمَدُهُ عَلَی حُسْنِ الْبَلَاءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ أَسْتَعِینُهُ عَلَی مَا نَابَنَا مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا ثُمَّ إِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دِینِ الْحَقِّ* ارْتَضَاهُ لِذَلِكَ وَ كَانَ أَهْلَهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی جَمِیعِ الْعِبَادِ لِتَبْلِیغِ رِسَالَتِهِ وَ جَعَلَهُ رَحْمَةً مِنْهُ عَلَی خَلْقِهِ وَ كَانَ كَعِلْمِهِ فِیهِ رَءُوفاً رَحِیماً أَكْرَمَ خَلْقِ اللَّهِ حَسَباً وَ أَجْمَلَهُ مَنْظَراً وَ أَسْخَاهُ نَفْساً وَ أَبَرَّهُ بِوَالِدٍ وَ أَوْصَلَهُ لِرَحِمٍ وَ أَفْضَلَهُ عِلْماً وَ أَثْقَلَهُ حِلْماً وَ أَوْفَاهُ بِعَهْدٍ وَ آمَنَهُ عَلَی عَقْدٍ لَمْ یَتَعَلَّقْ عَلَیْهِ مُسْلِمٌ وَ لَا كَافِرٌ بِمَظْلِمَةٍ قَطُّ بَلْ كَانَ یُظْلَمُ فَیَغْفِرُ وَ یَقْدِرُ فَیَصْفَحُ فَیَعْفُو حَتَّی مَضَی صلی اللّٰه علیه و آله مُطِیعاً لِلَّهِ صَابِراً عَلَی مَا أَصَابَهُ مُجَاهِداً فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَ ذَهَابُهُ أَعْظَمَ الْمُصِیبَةِ عَلَی جَمِیعِ أَهْلِ الْأَرْضِ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ ثُمَّ إِنَّهُ تَرَكَ فِیكُمْ كِتَابَ اللَّهِ یَأْمُرُكُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ یَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِیَتِهِ (1) وَ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهْداً فَلَسْتُ أَحِیدُ عَنْهُ وَ قَدْ حَضَرْتُمْ عَدُوَّكُمْ وَ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَئِیسَهُمْ مُنَافِقُ بْنُ مُنَافِقٍ یَدْعُوهُمْ إِلَی النَّارِ وَ ابْنُ عَمِّ نَبِیِّكُمْ مَعَكُمْ وَ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ یَدْعُوكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ وَ إِلَی طَاعَةِ رَبِّكُمْ وَ الْعَمَلِ بِسُنَّةِ نَبِیِّكُمْ وَ لَا سَوَاءَ مَنْ صَلَّی قَبْلَ كُلِّ ذَكَرٍ لَمْ یَسْبِقْنِی بِالصَّلَاةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَحَدٌ (2) وَ أَنَا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ مُعَاوِیَةُ طَلِیقُ بْنُ طَلِیقٍ وَ اللَّهِ
ص: 486
إِنَّا عَلَی الْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ وَ لَا یَجْتَمِعُنَّ عَلَیْهِ وَ تَتَفَرَّقُوا عَنْ حَقِّكُمْ (1) حَتَّی یَغْلِبَ بَاطِلُهُمْ حَقَّكُمْ قاتِلُوهُمْ یُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِیكُمْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا لَیُعَذِّبَنَّهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِی غَیْرِكُمْ (2) فَقَامَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام انْهَضْ بِنَا إِلَی عَدُوِّنَا وَ عَدُوِّكَ إِذَا شِئْتَ فَوَ اللَّهِ مَا نُرِیدُ بِكَ بَدَلًا بَلْ نَمُوتُ مَعَكَ وَ نَحْیَا مَعَكَ فَقَالَ لَهُمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَنَظَرَ إِلَیَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَضْرِبُ بَیْنَ یَدَیْهِ بِسَیْفِی هَذَا فَقَالَ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ فَقَالَ لِی یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ مَوْتُكَ وَ حَیَاتُكَ یَا عَلِیُّ مَعِی وَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ لَا ضَلَلْتُ وَ لَا ضُلَّ بِی وَ لَا نَسِیتُ مَا عَهِدَ إِلَیَّ وَ إِنِّی عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی وَ عَلَی الطَّرِیقِ الْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً (3) ثُمَّ نَهَضَ إِلَی الْقَوْمِ فَاقْتَتَلُوا مِنْ حِینَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّی غَابَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ وَ مَا كَانَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ فِی ذَلِكَ الْیَوْمِ إِلَّا تَكْبِیراً.
«421»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ قَالَ: بَرَزَ فِی أَیَّامِ صِفِّینَ رَجُلٌ اشْتَهَرَ بِالْبَأْسِ وَ النَّجْدَةِ اسْمُهُ كُرَیْبُ بْنُ الْوَضَّاحِ فَنَادَی مَنْ یُبَارِزُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الْمُرْتَفِعُ بْنُ الْوَضَّاحِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ نَادَی مَنْ
ص: 487
یُبَارِزُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الْحَارِثُ بْنُ الْجَلَّاحِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ نَادَی مَنْ یُبَارِزُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَائِذُ بْنُ مَسْرُوقٍ الْهَمْدَانِیُّ فَقَتَلَهُ ثُمَّ رَمَی بِأَجْسَادِهِمْ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَ نَادَی مَنْ یُبَارِزُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ نَادَاهُ وَیْحَكَ یَا كُرَیْبُ إِنِّی أُحَذِّرُكَ اللَّهَ وَ بَأْسَهُ وَ نَقِمَتَهُ وَ أَدْعُوكَ إِلَی سُنَّةِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَیْحَكَ لَا یُدْخِلَنَّكَ مُعَاوِیَةُ النَّارَ فَكَانَ جَوَابَهُ أَنْ قَالَ مَا أَكْثَرَ مَا قَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِیهَا أَقْدِمْ إِذَا شِئْتَ مَنْ یَشْتَرِی سَیَفِی وَ هَذَا أَثَرُهُ فَقَالَ عَلِیٌّ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ مَشَی إِلَیْهِ فَلَمْ یُمْهِلْهُ أَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً خَرَّ مِنْهَا قَتِیلًا یَتَشَحَّطُ فِی دَمِهِ ثُمَّ نَادَی مَنْ یُبَارِزُ فَبَرَزَ إِلَیْهِ الْحَارِثُ بْنُ وَدَاعَةَ الْحِمْیَرِیُّ فَقَتَلَ الْحَارِثَ ثُمَّ نَادَی مَنْ یُبَارِزُ فَبَرَزَ إِلَیْهِ الْمُطَاعُ بْنُ الْمُطَّلِبِ الْقَیْنِیُّ فَقَتَلَ مُطَاعاً ثُمَّ نَادَی مَنْ یَبْرُزُ فَلَمْ یَبْرُزْ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَنَادَی الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِینَ یَا مُعَاوِیَةُ هَلُمَّ إِلَیَّ فَبَارِزْنِی وَ لَا یُقْتَلَنَّ النَّاسُ فِیمَا بَیْنَنَا فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ اغْتَنِمْهُ مُنْتَهِزاً قَدْ قَتَلَ ثَلَاثَةً مِنْ أَبْطَالِ الْعَرَبِ وَ إِنِّی أَطْمَعُ أَنْ یُظْفِرَكَ اللَّهُ بِهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ اللَّهِ لَنْ تُرِیدَ إِلَّا أَنْ أُقْتَلَ فَتُصِیبَ الْخِلَافَةَ بَعْدِی اذْهَبْ إِلَیْكَ فَلَیْسَ مِثْلِی یُخْدَعُ قَالَ نَصْرٌ وَ خَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ فِی هَذَا الْیَوْمِ وَ قَالَ بَعْدَ الْحَمْدِ وَ الثَّنَاءِ وَ الشَّهَادَةِ بِالتَّوْحِیدِ وَ الرِّسَالَةِ وَ قَدْ سَاقَنَا قَدَرُ اللَّهِ إِلَی مَا تَرَوْنَ حَتَّی كَانَ مِمَّا اضْطَرَبَ مِنْ حَبْلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ انْتَشَرَ مِنْ أَمْرِهَا أَنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ وَجَدَ مِنْ طَغَامِ النَّاسِ أَعْوَاناً عَلَی ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ صِهْرِهِ وَ أَوَّلِ ذَكَرٍ صَلَّی مَعَهُ بَدْرِیٍّ قَدْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كُلَّ مَشَاهِدِهِ الَّتِی مِنْهَا الْفَضْلُ وَ مُعَاوِیَةُ مُشْرِكٌ یَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَ الَّذِی مَلَكَ الْمُلْكَ وَحْدَهُ وَ بَانَ بِهِ وَ كَانَ أَهْلَهُ لَقَدْ قَاتَلَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ یَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ مُعَاوِیَةُ یَقُولُ كَذَبَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ
ص: 488
فَعَلَیْكُمْ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْجِدِّ وَ الْحَزْمِ وَ الصَّبْرِ وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَی حَقٍّ وَ إِنَّ الْقَوْمَ لَعَلَی بَاطِلٍ فَلَا یَكُونَنَّ أَوْلَی بِالْجِدِّ عَلَی بَاطِلِهِمْ مِنْكُمْ فِی حَقِّكُمْ وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنْ سَیُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِیكُمْ أَوْ بِأَیْدِی غَیْرِكُمْ اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَ لَا تَخْذُلْنَا وَ انْصُرْنَا عَلَی عَدُوِّنَا وَ لَا تَخْلُ عَنَّا وَ افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ.
«422»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَامَ عَمَّارٌ یَوْمَ صِفِّینَ فَقَالَ انْهَضُوا مَعِی عِبَادَ اللَّهِ إِلَی قَوْمٍ یَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ یَطْلُبُونَ بِدَمِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ الْحَاكِمِ عَلَی عِبَادِ اللَّهِ بِغَیْرِ مَا فِی كِتَابِ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلَهُ الصَّالِحُونَ الْمُنْكِرُونَ لِلْعُدْوَانِ الْآمِرُونَ بِالْإِحْسَانِ فَقَالُوا هَؤُلَاءِ الَّذِینَ لَا یُبَالُونَ إِذَا سَلِمَتْ لَهُمْ دُنْیَاهُمْ لَوْ دَرَسَ هَذَا الدِّینُ لِمَ قَتَلْتُمُوهُ فَقُلْنَا لِأَحْدَاثِهِ فَقَالُوا إِنَّهُ لَمْ یُحْدِثْ شَیْئاً وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَكَّنَهُمْ مِنَ الدُّنْیَا فَهُمْ یَأْكُلُونَهَا وَ یَرْعَوْنَهَا وَ لَا یُبَالُونَ لَوِ انْهَدَمَتِ الْجِبَالُ وَ اللَّهِ مَا أَظُنُّهُمْ یَطْلُبُونَ بِدَمٍ إِنَّهُمْ لَیَعْلَمُونَ إِنَّهُ لَظَالِمٌ وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ دَانُوا لِلدُّنْیَا فَاسْتَحَبُّوهَا وَ اسْتَمْرَءُوهَا وَ عَلِمُوا أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَوْ وَلِیَهُمْ لَحَالَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَا یَأْكُلُونَ وَ یَرْعَوْنَ مِنْهَا (1) إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ سَابِقَةٌ فِی الْإِسْلَامِ یَسْتَحِقُّونَ بِهَا الطَّاعَةَ وَ الْوَلَایَةَ فَخَدَعُوا أَتْبَاعَهُمْ بِأَنْ قَالُوا قُتِلَ إِمَامُنَا مَظْلُوماً لِیَكُونُوا بِذَلِكَ جَبَابِرَةً وَ مُلُوكاً تِلْكَ مَكِیدَةٌ قَدْ بَلَغُوا بِهَا مَا تَرَوْنَ وَ لَوْلَاهَا مَا بَایَعَهُمْ مِنَ النَّاسِ رَجُلَانِ
ص: 489
اللَّهُمَّ إِنْ تَنْصُرْنَا فَطَالَ مَا نَصَرْتَ وَ إِنْ تَجْعَلْ لَهُمُ الْأَمْرَ فَادَّخِرْ لَهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا لِعِبَادِكَ الْعَذَابَ الْأَلِیمَ ثُمَّ مَضَی وَ مَضَی مَعَهُ أَصْحَابُهُ فَدَنَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ یَا عَمْرُو بِعْتَ دِینَكَ بِمِصْرَ فَتَبّاً لَكَ فَطَالَ مَا بَغَیْتَ الْإِسْلَامَ عِوَجاً وَ فِی كِتَابِ نَصْرٍ ثُمَّ نَادَی عَمَّارٌ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَ ذَلِكَ قَبْلَ مَقْتَلِهِ فَقَالَ یَا ابْنَ عُمَرَ صَرَعَكَ اللَّهُ بِعْتَ دِینَكَ بِالدُّنْیَا مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ وَ عَدُوِّ الْإِسْلَامِ قَالَ كَلَّا وَ لَكِنِّی أَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ الشَّهِیدِ الْمَظْلُومِ قَالَ كَلَّا أَشْهَدُ عَلَی عِلْمِی فِیكَ أَنَّكَ أَصْبَحْتَ لَا تَطْلُبُ بِشَیْ ءٍ مِنْ فِعْلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تُقْتَلِ الْیَوْمَ فَتَمُوتُ غَداً فَانْظُرْ إِذَا أَعْطَی اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَی نِیَّاتِهِمْ مَا نِیَّتُكَ (1) ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِی أَنْ أَقْذِفَ بِنَفْسِی فِی هَذَا الْبَحْرِ لَفَعَلْتُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّی لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِی أَنْ أَضَعَ ظُبَةَ سَیَفِی فِی بَطْنِی ثُمَّ أَنْحَنِیَ عَلَیْهِ حَتَّی یَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِی لَفَعَلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعْلَمُ مِمَّا عَلَّمْتَنِی أَنِّی لَا أَعْمَلُ عَمَلًا الْیَوْمَ هَذَا هُوَ أَرْضَی لَكَ مِنْ جِهَادِ هَؤُلَاءِ الْقَاسِطِینَ وَ لَوْ أَعْلَمُ الْیَوْمَ عَمَلًا هُوَ أَرْضَی لَكَ مِنْهُ لَفَعَلْتُهُ (2).
ص: 490
«423»-وَ رَوَی ابْنُ دَیْزِیلَ فِی كِتَابِ صِفِّینَ عَنْ سَیْفٍ الضَّبِّیِّ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ حَكِیمِ بْنِ شَرِیكِ بْنِ نَمْلَةَ الْمُحَارِبِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ شَرِیكٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ أَهْلِ الشَّامِ یَقْتَتِلُونَ أَیَّامَ صِفِّینَ وَ یَتَزَایَلُونَ فَلَا یَسْتَطِیعُ الرَّجُلُ أَنْ یَرْجِعَ إِلَی مَكَانِهِ حَتَّی یُسْفِرَ الْغُبَارُ عَنْهُ فَاقْتَتَلُوا یَوْماً وَ أَسْفَرَ الْغُبَارُ فَإِذَا عَلِیٌّ علیه السلام تَحْتَ رَایَتِنَا یَعْنِی بَنِی مُحَارِبٍ فَقَالَ هَلْ مِنْ مَاءٍ فَأَتَیْتُهُ بِإِدَاوَةٍ فَخَنَثْتُهَا لَهُ لِیَشْرَبَ فَقَالَ لَا إِنَّا نُهِینَا أَنْ نَشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِ الْأَسْقِیَةِ ثُمَّ عَلَّقَ سَیْفَهُ وَ إِنَّهُ لَمُخَضَّبٌ بِالدَّمِ مِنْ ظُبَتِهِ إِلَی قَائِمِهِ فَصَبَبْتُ لَهُ عَلَی یَدَیْهِ فَغَسَلَهُمَا حَتَّی أَنْقَاهُمَا ثُمَّ شَرِبَ بِیَدَیْهِ حَتَّی إِذَا رَوِیَ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ أَیْنَ مُضَرَ فَقُلْتُ أَنْتَ فِیهِمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ مَنْ أَنْتُمْ بَارَكَ اللَّهُ فِیكُمْ فَقُلْنَا نَحْنُ بَنُو مُحَارِبٍ فَعَرَفَ مَوْقِفَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی مَوْضِعِهِ.
قال ابن أبی الحدید (1) خنثت الإداوة إذا ثنیت فاها إلی خارج و إنما نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عن اختناث الأسقیة لأن رجلا اختنث سقاء فشرب فدخل إلی جوفه حیة كانت فی السقاء.
«424»-قَالَ وَ رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ یَعْلَی عَنْ صَبَّاحٍ الْمُزَنِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ زَیْدِ بْنِ أَبِی رَجَاءٍ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ حَكِیمٍ الْفَزَارِیِّ قَالَ: كُنَّا بِصِفِّینَ مَعَ عَلِیٍّ تَحْتَ رَایَةِ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ ارْتِفَاعَ الضُّحَی وَ قَدِ اسْتَظْلَلْنَا بِرِدَاءٍ أَحْمَرَ (2) إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَقَالَ أَیُّكُمْ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ أَنَا عَمَّارٌ قَالَ أَبُو الْیَقْظَانِ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً فَأَنْطِقُ بِهَا سِرّاً أَوْ
ص: 491
عَلَانِیَةً قَالَ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ أَیَّهُمَا شِئْتَ قَالَ لَا بَلْ عَلَانِیَةً قَالَ فَانْطِقْ قَالَ إِنِّی خَرَجْتُ مِنْ أَهْلِی مُسْتَبْصِراً فِی الْحَقِّ الَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ لَا أَشُكُّ فِی ضَلَالَةِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَ أَنَّهُمْ عَلَی الْبَاطِلِ فَلَمْ أَزَلْ عَلَی ذَلِكَ مُسْتَبْصِراً حَتَّی لَیْلَتِی هَذِهِ فَإِنِّی رَأَیْتُ فِی مَقَامِی هَذَا تَقَدَّمَ مُنَادِینَا فَقَامَ (1) وَ أَذَّنَ وَ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَادَی بِالصَّلَاةِ وَ الْفَلَاحِ وَ نَادَی مُنَادِیهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ ثُمَّ أُقِیمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّیْنَا صَلَاةً وَاحِدَةً وَ تَلَوْنَا كِتَاباً وَاحِداً وَ دَعَوْنَا دَعْوَةً وَاحِدَةً وَ رَسُولُنَا وَاحِدٌ فَأَدْرَكَنِی الشَّكُّ فِی لَیْلَتِی هَذِهِ فَبِتُّ بِلَیْلَةٍ لَا یَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ حَتَّی أَصْبَحْتُ فَأَتَیْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ هَلْ لَقِیتَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَالْقَهُ فَانْظُرْ مَا یَقُولُ لَكَ فَاتَّبِعْهُ فَجِئْتُكَ لِذَلِكَ فَقَالَ عَمَّارٌ تَعْرِفُ صَاحِبَ الرَّایَةِ السَّوْدَاءِ الْمُقَابِلَةِ لِی وَ أَوْمَأَ إِلَی رَایَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَاتَلْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَرَّاتٍ وَ هَذِهِ الرَّابِعَةُ فَمَا هِیَ بِخَیْرِهِنَّ وَ لَا أَبَرِّهِنَّ بَلْ هِیَ شَرُّهُنَّ وَ أَفْجَرُهُنَّ أَ شَهِدْتَ بَدْراً وَ أُحُداً وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ أَوْ شَهِدَهَا أَبٌ لَكَ فَیُخْبِرَهَا لَكَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنَّ مَرَاكِزَنَا الْیَوْمَ عَلَی مَرَاكِزِ رَایَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ وَ یَوْمَ أُحُدٍ وَ یَوْمَ حُنَیْنٍ وَ إِنَّ مَرَاكِزَ هَؤُلَاءِ عَلَی مَرَاكِزِ رَایَاتِ الْمُشْرِكِینَ مِنَ الْأَحْزَابِ فَهَلْ تَرَی هَذَا الْعَسْكَرَ وَ مَنْ فِیهِ وَ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ جَمِیعَ مَنْ أَقْبَلَ فِیهِ مَعَ مُعَاوِیَةَ مِمَّنْ یُرِیدُ قِتَالَنَا مُفَارِقاً لِلَّذِی نَحْنُ عَلَیْهِ كَانُوا خَلْقاً وَاحِداً فَقَطَعْتُهُ وَ ذَبَحْتُهُ وَ اللَّهِ لَدِمَاؤُهُمْ جَمِیعاً أَحَلُّ مِنْ دَمِ عُصْفُورٍ أَ تَرَی دَمَ عُصْفُورٍ حَرَاماً قَالَ لَا بَلْ حَلَالٌ قَالَ فَإِنَّهُمْ حَلَالٌ كَذَلِكَ أَ تَرَانِی بَیَّنْتُ قَالَ قَدْ بَیَّنْتَ قَالَ فَاخْتَرْ أَیَّ ذَلِكَ أَحْبَبْتَ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَدَعَاهُ عَمَّارٌ ثُمَّ قَالَ سَیَضْرِبُونَكُمْ بِأَسْیَافِهِمْ حَتَّی یَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ مِنْكُمْ فَیَقُولُوا لَوْ لَمْ یَكُونُوا عَلَی حَقٍّ مَا ظَهَرُوا عَلَیْنَا وَ اللَّهِ مَا هُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَی مَا یُقَذِّی عَیْنَ ذُبَابٍ وَ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا بِأَسْیَافِهِمْ حَتَّی یُبْلِغُونَا سَعَفَاتِ هَجَرَ لَعَلِمْنَا أَنَّا عَلَی حَقٍّ وَ أَنَّهُمْ عَلَی بَاطِلٍ.
ص: 492
«425»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا یَحْیَی بْنُ یَعْلَی عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِینَ تُقَاتِلُهُمْ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةٌ وَ الرَّسُولُ وَاحِدٌ وَ الصَّلَاةُ وَاحِدَةٌ وَ الْحَجُّ وَاحِدٌ فَمَا ذَا أُسَمِّیهِمْ قَالَ سَمِّهِمْ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ قَالَ مَا كُلُّ مَا فِی الْكِتَابِ أَعْلَمُهُ قَالَ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ یَقُولُ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ إِلَی قَوْلِهِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ فَلَمَّا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ كُنَّا نَحْنُ أَوْلَی بِاللَّهِ وَ بِالْكِتَابِ وَ بِالنَّبِیِّ وَ بِالْحَقِّ فَنَحْنُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ هُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا وَ شَاءَ اللَّهُ قِتَالَهُمْ فَقِتَالُنَا هَذَا بِمَشِیَّةِ اللَّهِ وَ إِرَادَتِهِ (1).
توضیح:
الأدهم الأسود و الحمحمة صوت الفرس إذا طلب العلف و الصهیل صوته المعروف وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِینَ أی مطیقین و أفضت القلوب أی دنت و قربت و وصلت أو أفضت بسرها أو سرها فحذف المفعول أو ظهرت لك بما فیها من عیوبها و أسرارها أو خرجت إلی فضاء رحمتك و ساحة مغفرتك.
قال الجوهری أفضیت إذا خرجت إلی الفضاء و أفضیت إلی فلان سری و قال الخلیل فی العین أفضی فلان إلی فلان أی وصل إلیه و أصله أنه سار فی فضاء.
و قال الجوهری شخص بصره فهو شاخص إذا فتح عینیه و جعل لا
ص: 493
یطرف و المناع اسم جبل و أرید هنا ما یمتنع به و یلجأ إلیه.
و سیأتی أكثر الأدعیة و الخطب بروایة أخری مع شرحها.
و قال الفیروزآبادی الفت الدق و الكسر بالأصابع و فت فی ساعده أضعفه.
و قال الجوهری نابذه الحرب كاشفه.
قوله قص الشارب قص الشعر قطعه أی كما یسوی القاص شعرات الشارب و قال ابن الأثیر فی مادة لحج من كتاب النهایة لحج فی الأمر یلحج إذا دخل فیه و نشب قوله عضضتم بهن أبیكم العض اللزوم و هن كنایة عن الشی ء القبیح أی لزمتم عادات السوء التی كانت لآبائكم و الشدة بالفتح الحملة و الموتور الذی قتل له قتیل فلم یدرك بدمه و الثأر بالهمزة و قد یخفف طلب الدم و قاتل الحمیم إلا عن دینكم أی بسببه أو یزیلوكم عنه عضضتم بصم الجندل أی الحجارة الصلبة و لعله دعاء علیهم بالخیبة أو إخبار بأنهم خیبوا أنفسهم و الحتوف جمع الحتف و هو الموت لم تطل أی لم تبطل فهو مأثور أی مذكور و قال الجوهری الصدق بالفتح الصلب من الرماح و یقال المستوی و یقال أیضا رجل صدق اللقاء و یقال للرجل الشجاع إنه لذو مصدق بالفتح أی صادق الحملة كأنه ذو صدق فیما یعدك من ذلك و استقبله سنام أی طائفة عظیمة علی المجاز قوله قد رأیت جولتكم.
«426»-أَقُولُ رَوَی الْكُلَیْنِیُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْیَنَ أَنَّهُ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ مَرَّ بِرَایَةٍ لِأَهْلِ الشَّامِ أَصْحَابُهَا لَا یَزَالُونَ عَنْ مَوَاضِعِهِمْ إِنَّهُمْ لَنْ یَزَالُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ یَخْرُجُ مِنْهُ النَّسِیمُ وَ ضَرْبٍ یَفْلِقُ الْهَامَ وَ یُطِیحُ الْعِظَامَ وَ تَسْقُطُ مِنْهُ الْمَعَاصِمُ وَ الْأَكُفُّ وَ حَتَّی تَصَدَّعَ جِبَاهُهُمْ بِعُمُدِ الْحَدِیدِ وَ تُنْشَرَ
ص: 494
حَوَاجِبُهُمْ عَلَی الصُّدُورِ وَ الْأَذْقَانِ أَیْنَ أَهْلُ الصَّبْرِ وَ طُلَّابُ الْأَجْرِ (1) وَ صَارَتْ إِلَیْهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَعَادَتْ مَیْمَنَتُهُ إِلَی مَوْقِفِهَا وَ مَصَافِّهَا وَ كَشَفَتْ مَنْ بِإِزَائِهَا فَأَقْبَلَ حَتَّی انْتَهَی إِلَیْهِمْ وَ قَالَ علیه السلام إِنِّی رَأَیْتُ جَوْلَتَكُمْ وَ سَاقَ الْحَدِیثَ نَحْوَ مَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ فَأَزَلْتُمُوهُمْ مِنْ مَصَافِّهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ وَ أَنْتُمْ تَضْرِبُونَهُمْ بِالسُّیُوفِ حَتَّی رَكِبَ أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ كَالْإِبِلِ الْمَطْرُودَةِ الْهِیمِ الْآنِّ فَاصْبِرُوا نَزَلَتْ عَلَیْكُمُ السَّكِینَةُ وَ ثَبَّتَكُمُ اللَّهُ بِالْیَقِینِ وَ لْیَعْلَمِ الْمُنْهَزِمُ بِأَنَّهُ مُسْخِطٌ رَبَّهُ وَ مُوبِقٌ نَفْسَهُ إِنَّ فِی الْفِرَارِ مَوْجِدَةَ اللَّهِ وَ الذُّلَّ اللَّازِمَ وَ الْعَارَ الْبَاقِیَ وَ إِنَّ الْفَارَّ لَغَیْرُ مَزِیدٍ فِی عُمُرِهِ وَ لَا مَحْجُوزٍ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ یَوْمِهِ وَ لَا یُرْضِی رَبَّهُ وَ لَمَوْتُ الرَّجُلِ مُحِقّاً قَبْلَ إِتْیَانِ هَذِهِ الْخِصَالِ خَیْرٌ مِنَ الرِّضَا بِالتَّلَبُّسِ بِهَا وَ الْإِقْرَارِ عَلَیْهَا.
«427»-وَ فِی النهج، نهج البلاغة وَ أَنْتُمْ لَهَامِیمُ الْعَرَبِ وَ یَآفِیخُ الشَّرَفِ وَ الْأَنْفُ الْمُقَدَّمُ وَ السَّنَامُ الْأَعْظَمُ وَ لَقَدْ شَفَا وَحَاوِحَ صَدْرِی أَنْ رَأَیْتُكُمْ بِأَخَرَةٍ تَحُوزُونَهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ وَ تُزِیلُونَهُمْ عَنْ مَوَاقِفِهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ حَسّاً بِالنِّصَالِ وَ شَجْراً بِالرِّمَاحِ تَرْكَبُ أُولَاهُمْ آخِرَهُمْ كَالْإِبِلِ الْهِیمِ الْمَطْرُودَةِ تُرْمَی عَنْ حِیَاضِهَا وَ تُذَادُ عَنْ مَوَارِدِهَا(2).
«428»-وَ قَدْ رَوَی الْمُفِیدُ فِی الْإِرْشَادِ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ إِلَی قَوْلِهِ أَیْنَ أَهْلُ النَّصْرِ أَیْنَ طُلَّابُ الْأَجْرِ.وَ سَیَأْتِی شَرْحُهُ عِنْدَ إِیرَادِ مَا رَوَاهُ الرَّضِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ و یقال جال جولة أی طاف و انحاز عنه أی عدل و انحاز القوم أی تركوا مراكزهم و الجفاة هم الذین بعدوا عن الآداب الحسنة و الطغام الأراذل و فی الكافی الطغاة و اللّٰهامیم جمع لهموم و هو الجواد من الناس و الخیل.
ص: 495
و الیآفیخ جمع یافوخ و هو الموضع الذی یتحرك من رأس الطفل و لعجه الضرب أی آلمه و أحرق جلده و یقال هوی لاعج لحرقة الفؤاد من الحب.
و الوحوحة صوت معه بحح یصدر عن المتألم و فی الكافی و شفی بعض حاج صدری و الحاج بالتخفیف جمع الحاجة و ضرب من الشوك و یقال ما قد صدری حوجاء و لا لوجاء أی لا مریة و لا شك بأخرة بالتحریك أی أخیرا و الحوز الجمع و السوق اللین و الشدید و حسناها حسا أی استأصلناهم قتلا و النصال جمع نصل السهم أو السیف و غیرهما و فی بعض النسخ النضال بالمعجمة و هو مصدر ناضلته إذا رمیته و شجرت زیدا بالرمح طعنته و الهیم بالكسر العطاش و الذود الصد و المنع و مواردها المواضع التی تردها للشرب و العار الباقی أی فی الأعقاب أوله بین الناس و یومه أجله المقدر لموته و فی القاموس الخذمة محركة السیر الغلیظ المحكم مثل الحلقة یشد فی رسغ البعیر و یشد إلیها سرائح نعلها و الخلخال و الساق و الهشیم من النبات الیابس المتكسر و الهمود الموت و طفؤ النار.
قوله علیه السلام منا النبی صلی اللّٰه علیه و آله.
أقول:فی الدیوان هكذا: و بالنبی المصطفی غیر الكذب
و فیه رجز آخر مخاطبا لحریث:
أنا الغلام العربی المنتسب***من غیر عود و مصاص المطلب
یا أیها العبد اللئیم المنتدب***إن كنت للموت محبا فاقترب
و اثبت رویدا أیها الكلب الكلب***أو لا فول هاربا ثم انقلب
و العود بالفتح القدیم من السؤدد و فلان مصاص قومه بالضم إذا كان أخلصهم نسبا و ندبه لأمر أی دعاه و حثه له فانتدب أی أجاب و رجل كلب بكسر اللام شدید الحرص و كلب كلب أی مجنون یكلب بلحوم الناس.
قوله علیه السلام أو لا أی أو لا تثبت و قیل أو بمعنی بل.
ص: 496
و یروی أنه لما قتل حریث قال معاویة:
حریث أ لم تعلم و علمك ضائر***بأن علیا للفوارس قاهر
و أن علیا لا یبارز فارسا***من الناس إلا أقصدته الأظافر
أمرتك أمرا حازما فعصیتنی***فجدك إذ لم تقبل النصح عاثر
فدلاك عمرو و الحوادث جمة***غرورا و ما جرت علیك المقادر
و ظن حریث أن عمرا نصیحة***و قد یهلك الإنسان إذ لا یحاذر
أ یركب عمرو رأسه خوف نفسه***و یصلی حریثا إنه لمماكر (1).
وَ رُوِیَ فِی الدِّیوَانِ أَبْیَاتَهُ علیه السلام فِی مَدْحِ هَمْدَانَ هَكَذَا:
وَ لَمَّا رَأَیْتُ الْخَیْلَ تُقْرَعُ بِالْقَنَا***فَوَارِسُهَا حُمْرُ الْعُیُونِ دَوَامِی
وَ أَقْبَلَ رَهَجٌ فِی السَّمَاءِ كَأَنَّهُ*** غَمَامَةُ جَنٍّ مُلْبَسٌ بِقَتَامٍ
وَ نَادَی ابْنُ هِنْدٍ ذَا الْكَلَاعِ وَ یَحْصِبَا*** وَ كِنْدَةَ فِی لَخْمٍ وَ حَیِّ جُذَامٍ
تَیَمَّمْتُ هَمْدَانَ الَّذِینَ هُمْ***إِذَا نَابَ أَمْرٌ جُنَّتِی وَ سِهَامِی
وَ نَادَیْتُ فِیهِمْ دَعْوَةً فَأَجَابَنِی*** فَوَارِسُ مِنْ هَمْدَانَ غَیْرُ لِئَامٍ
فَوَارِسُ مِنْ هَمْدَانَ لَیْسُوا بِعُزَّلٍ*** غَدَاةَ الْوَغَی مِنْ یَشْكُرَ وَ شِبَامٍ
وَ مِنْ أَرْحَبِ الشُّمِّ الْمَطَاعِینَ بِالْقَنَا*** وَ رُهْمٍ وَ أَحْیَاءِ السَّبِیعِ وَ یَامٍ
وَ مِنْ كُلِّ حَیٍّ قَدْ أَتَتْنِی فَوَارِسُ*** ذَوُو نَجْدَاتٍ فِی اللِّقَاءِ كِرَامٌ
بِكُلِّ رُدَیْنِیٍّ وَ عَصْبٍ تَخَالُهُ***إِذَا اخْتَلَفَ الْأَقْوَامُ شُعَلَ ضِرَامٍ
یَقُودُهُمْ حَامِی الْحَقِیقَةِ مِنْهُمْ*** سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ الْكَرِیمُ یُحَامِی
فَخَاضُوا لَظَاهَا وَ اصْطَلَوْا بِشِرَارِهَا***وَ كَانُوا لَدَی الْهَیْجَاءِ كَشُرْبِ مُدَامٍ
جَزَی اللَّهُ هَمْدَانَ الْجِنَانَ فَإِنَّهُمْ*** سِمَامُ الْعِدَی فِی كُلِّ یَوْمِ خِصَامٍ
لِهَمْدَانَ أَخْلَاقٌ وَ دِینٌ یَزِینُهُمْ***وَ لِینٌ إِذَا لَاقُوا وَ حُسْنُ كَلَامٍ
مَتَی تَأْتِهِمْ فِی دَارِهِمْ لِضِیَافَةٍ***تَبِتْ عِنْدَهُمْ فِی غِبْطَةٍ وَ طَعَامٍ
ص: 497
أَلَا إِنَّ هَمْدَانَ الْكِرَامَ أَعِزَّةٌ*** كَمَا عَنْ رُكْنِ الْبَیْتِ عِنْدَ مَقَامٍ
أُنَاسٌ یُحِبُّونَ النَّبِیَّ وَ رَهْطَهُ*** سِرَاعٌ إِلَی الْهَیْجَاءِ غَیْرَ كَهَامٍ
إِذَا كُنْتُ بَوَّاباً عَلَی بَابِ جَنَّةٍ*** أَقُولُ لِهَمْدَانَ ادْخُلُوا بِسَلَامٍ
«429»- قَالَ الشَّارِحُ وَ رَوَی ابْنُ أَعْثَمَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ حُصَیْنٍ أَتَی عَلِیّاً علیه السلام مِنْ عَقِبِهِ لِیَغْتَالَهُ بِسِنَانِ رُمْحِهِ فَقَتَلَهُ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ قَالَ:
أَ لَا أَبْلُغُ مُعَاوِیَةَ بْنَ صَخْرٍ***وَ رَجْمُ الْغَیْبِ یَكْشِفُهُ الظَّنُونُ
بِأَنَّا لَا نَزَالُ لَكُمْ عَدُوّاً***طَوَالَ الدَّهْرِ مَا سَمِعَ الْحَنِینَ
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ وَالِدَنَا عَلِیٌّ***أَبُو حَسَنٍ وَ نَحْنُ لَهُ بَنُونٌ
وَ إِنَّا لَا نُرِیدُ بِهِ سِوَاهُ***وَ ذَاكَ الرُّشْدُ وَ الْحَظُّ السَّمِینُ
فَلَمَّا سَمِعَهُ مُعَاوِیَةُ بَعَثَ ذَا الْكَلَاعِ مَعَ كَثِیرٍ مِنَ الْقَبَائِلِ وَ قَالَ اخْرُجْ وَ اقْصِدْ بِحَرْبِكَ هَمْدَانَ خَاصَّةً فَلَمَّا رَآهُمْ عَلِیٌّ قَالَ یَا لَهَمْدَانُ عَلَیْكُمْ بِهَذِهِ الْخَیْلِ فَإِنَّ مُعَاوِیَةَ قَدْ قَصَدَكُمْ بِهَا خَاصَّةً دُونَ غَیْرِكُمْ فَأَقْبَلَ عَلَیْهِمُ ابْنُ قَیْسٍ مَعَ هَمْدَانَ فَهَزَمَهُمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَهُمْ أَنْتُمْ دِرْعِی وَ رُمْحِی وَ سِنَانِی وَ جُنَّتِی وَ اللَّهِ لَوْ كَانَتِ الْجَنَّةُ فِی یَدِی لَأُدْخِلَنَّكُمْ إِیَّاهَا خَاصَّةً یَا مَعْشَرَ هَمْدَانَ ثُمَّ أَنْشَأَ هَذِهِ الْأَبْیَاتَ.
و الدامی الملطخ بالدم و الرهج الغبار و الدجن البأس الغیم السماء و القتام الغبار الأسود و یحصب بكسر الصاد حی من یمن و كذا اللخم و الجذام قبیلتان من یمن و تیممت أی قصدت و الأعزل الذی لا سلاح معه و العزل بالتشدید جمعه.
و یشكر بضم الكاف و شبام بكسر الشین و أرحب بالحاء المهملة و رهم بضم المهملة و سبیع بفتح السین و یام بالمثناة التحتانیة قبائل همدان و الشم جمع الأشم و هو السید ذو الأنفة و المطاعین جمع المطعان و هو كثیر الطعن.
ص: 498
و قال الجوهری القناة الردینیة و الرمح الردینی زعموا أنه منسوب إلی امرأة السمهری تسمی ردینة و كانا یقومان القنا بخط هجر و العضب السیف القاطع و الشرب بالفتح جمع شارب و المدام الخمر و السمام بالكسر جمع سم و فرس كهام أی بطی ء.
قوله علیه السلام لمن رایة حمراء
أَقُولُ فِی الدِّیوَانِ هَكَذَا:
لَنَا الرَّایَةُ السَّوْدَاءُ یَخْفِقُ ظِلُّهَا***إِذَا قِیلَ قَدِّمْهَا حُضَیْنُ تَقَدَّمَا
فَیُورِدُهَا فِی الصَّفِّ حَتَّی یُزِیرَهَا***حِیَاضُ الْمَنَایَا یَقْطُرُ الْمَوْتَ وَ الدِّمَاءَ
تَرَاهُ إِذَا مَا كَانَ یَوْمُ كَرِیهَةٍ*** أَبَی فِیهِ إِلَّا عِزَّةً وَ تَكَرُّماً
وَ أَجْمَلَ صَبْراً حِینَ یُدْعَی إِلَی الْوَغَی***إِذَا كَانَ أَصْوَاتُ الرِّجَالِ تَغَمْغَمَا
وَ قَدْ صَبَرَتْ عَكٌّ وَ لَخْمٌ وَ حِمْیَرٌ*** لِمَذْحِجٍ حَتَّی أَوْرَثَتْهَا تَنَدُّماً
وَ نَادَی جُذَامُ یَا لَمَذْحِجُ وَیْحَكُمْ***جَزَی اللَّهُ شَرّاً أَیُّنَا كَانَ أَظْلَمَا
أَ مَا تَتَّقُونَ اللَّهَ فِی حُرُمَاتِنَا*** وَ مَا قَرَّبَ الرَّحْمَنُ مِنَّا وَ عَظَّمَا
جَزَی اللَّهُ قَوْماً قَاتَلُوا فِی لِقَائِهِمْ***لَدَی الْمَوْتِ قُدُماً مَا أَعَزَّ وَ أَكْرَمَا
رَبِیعَةَ أَعْنِی أَنَّهُمْ أَهْلُ نَجْدَةٍ*** وَ بَأْسٍ إِذَا لَاقُوا خَمِیساً عَرَمْرَمَا
أَذَقْنَا ابْنَ هِنْدٍ طَعْنَنَا وَ ضِرَابَنَا*** بِأَسْیَافِنَا حَتَّی تَوَلَّی وَ أَحْجَمَا
وَ وَلَّی یُنَادِی زِبْرِقَانَ بْنَ ظَالِمٍ***وَ ذَا كَلَعٍ یَدْعُو كُرَیْباً وَ أَنْعَمَا
وَ عَمْرواً وَ نُعْمَاناً وَ بُسْراً وَ مَالِكاً***وَ حَوْشَبَ وَ الدَّاعِی مُعَاوٍ وَ أَظْلَمَا
وَ كُرْزَ بْنَ نَبْهَانَ وَ ابْنَیْ مُحَرِّقٍ***وَ حَرْثاً وَ قَیْنِیّاً عُبَیْداً وَ سُلَّماً
و خفقت الرایة تخفق و تخفق علی زنة تضرب و تنصر اضطربت حتی یزیرها أی یذهب بها إلی الزیارة و الكماة جمع الكمی و هو الشجاع المتكمی فی سلاحه لأنه كمی نفسه أی سترها بالدرع و البیضة و الغمغمة أصوات الأبطال عند القتال و الكلام الذی لا یبین كالتغمغم و العك و اللخم بالخاء المعجمة و حمیر كمنبر و مذحج بالذال المعجمة كمسجد و جذام بضم الجیم و إعجام الذال قبائل من الیمن و اللام فی قوله یا لمذحج للاستغاثة و الخمیس الجیش و العرمرم الجیش الكثیر و الزبرقان بكسر الزای و الراء ابن بدر الفزاری.
ص: 499
و ذو كلع بفتح الكاف و اللام و كریب مصغر كرب بن صباح الحمیری و عمرو بن العاص و نعمان بن بشیر القیسی و بسر ابن أرطاة و مالك بن مسهر القضاعی و حوشب المكنی ذا الظلیم و كرز بضم الكاف و تقدیم المهملة و نبهان بالنون ثم الباء الموحدة ابنا محرق بالحاء المهملة و الراء المشددة و حرث بالثاء المثلثة ابن وداع الحمیری و القینی مطاع بن مطلب و عبید اللّٰه بن عمر بن الخطاب و سلم أبو الأعور السلمی كلهم أشقیاء من أصحاب معاویة علیهم اللعنة و أنعم أی أجاب و معاو مرخم معاویة للشعر و أظلم أی أتی بالظلم أو كان أشد ظلما أو كان مظلما ذا سواد و شقاوة.
و قتل ذو الكلاع بصفین و قتل كریب بید أمیر المؤمنین بعد أن قتل مترقع بن وضاح الخولانی و شرحبیل بن طارق و حرب بن الجلاج و عباد بن مسروق مبارزة و قتل مالك بسیف حجر بن عدی و حوشب بسیف سلیمان بن صرد الخزاعی و حرث و مطاع بسیفه علیه السلام و عبید اللّٰه بسیف عبد اللّٰه بن سوار أو حریث بن خالد أو هانئ بن خطاب أو هانئ بن عمر أو محرز بن صحصح.
و قال الجوهری و قولهم جاءوا و من لف لفهم أی و من عد فیهم و تأشب إلیهم.
«430»-أقول ثم قال نصر بن مزاحم فی كتاب صفین (1)،: بعد ما ذكر قتل عمار و هاشم بن عتبة رضی اللّٰه عنهما كما سیأتی فی الباب الآتی و بعث علی علیه السلام خیلا لیحبسوا عن معاویة مادته فبعث معاویة الضحاك بن قیس الفهری فی خیل إلی تلك الخیل فأزالوها و جاءت عیون علی علیه السلام فأخبرته بما قد كان فقال علیه السلام لأصحابه فما ترون فیما هاهنا فاختلفوا فقال علیه السلام فاغدوا إلی القتال فأمرهم غدوة بالقتال فانهزم أهل الشام و انهزم عتبة بن أبی سفیان حتی أتی الشام.
ص: 500
«431»-وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سُلَیْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْهَجَرِیِّ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ الْأَبْرَدِ قَالَ: وَ اللَّهِ إِنِّی لَوَاقِفٌ قَرِیباً مِنْ عَلِیٍّ علیه السلام بِصِفِّینَ یَوْمَ وَقْعَةِ الْخَمِیسِ وَ قَدِ الْتَقَتْ مَذْحِجٌ وَ كَانُوا فِی مَیْمَنَةِ عَلِیٍّ وَ عَكٌّ وَ جُذَامُ وَ لَخْمٌ وَ الْأَشْعَرِیُّونَ وَ كَانُوا مُسْتَبْصِرِینَ فِی قِتَالِ عَلِیٍّ علیه السلام فَلَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ قِتَالِهِمْ صَوْتاً لَیْسَتْ أَصْوَاتُ هَدِّ الْجِبَالِ وَ لَا الصَّوَاعِقِ بِأَعْظَمَ هَوْلًا فِی الصُّدُورِ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ ثُمَّ نَهَضَ حِینَ قَامَ قَائِمُ الظَّهِیرَةِ وَ هُوَ یَقُولُ رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ فَلَا وَ اللَّهِ مَا حَجَزَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ فِی قَرِیبٍ مِنْ ثُلُثِ اللَّیْلِ وَ قُتِلَتْ یَوْمَئِذٍ أَعْلَامُ الْعَرَبِ وَ كَانَ فِی رَأْسِ عَلِیٍّ علیه السلام ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ وَ فِی وَجْهِهِ ضَرْبَتَانِ (1) قَالَ وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ كِتَابَیْنِ أَحَدُهُمَا إِلَی أَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ وَ كَتَبَ فِیهِ لَا تَنْسَی شَیْبَاءُ أَبَا عُذْرَتِهَا وَ لَا قَاتِلَ بِكْرِهَا فَلَمْ یَدْرِ أَبُو أَیُّوبَ مَا هُوَ فَأَتَی بِهِ عَلِیّاً علیه السلام وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّ مُعَاوِیَةَ كَتَبَ إِلَیَّ بِكِتَابٍ لَا أَدْرِی مَا هُوَ فَقَالَ علیه السلام هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لَكَ یَقُولُ مَا أَنْسَی الَّذِی لَا تَنْسَی الشَّیْبَاءُ هِیَ لَا تَنْسَی أَبَا عُذْرَتِهَا الشَّیْبَاءُ الْمَرْأَةُ الْبِكْرُ لَیْلَةَ افْتِضَاضِهَا لَا تَنْسَی بَعْلَهَا الَّذِی افْتَرَعَهَا أَبَداً وَ لَا تَنْسَی قَاتِلَ بِكْرِهَا وَ هُوَ أَوَّلُ وَلَدِهَا كَذَلِكَ لَا أَنْسَی أَنَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ (2) وَ كَتَبَ الْآخَرَ إِلَی زِیَادٍ ابْنِ سُمَیَّةَ وَ كَانَ عَامِلًا لِعَلِیٍّ عَلَی بَعْضِ فَارِسَ فَكَتَبَ إِلَیْهِ یَتَهَدَّدُهُ وَ یُوعِدُهُ فَقَالَ زِیَادٌ وَیْلِی عَلَی ابْنِ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ كَهْفِ الْمُنَافِقِینَ وَ بَقِیَّةِ الْأَحْزَابِ یَتَهَدَّدُنِی وَ یُوعِدُنِی وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ ص
ص: 501
مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ طَوَائِعَ سُیُوفُهُمْ عِنْدَ أَذْقَانِهِمْ وَ لَا یَلْتَفِتُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَرَاءَهُ حَتَّی یَمُوتَ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ خَلَصَ الْأَمْرُ إِلَیَّ لَیَجِدُنِی أَحْمَرَ ضَرَّاباً بِالسَّیْفِ وَ الْأَحْمَرُ یَعْنِی أَنَّهُ مَوْلًی فَلَمَّا ادَّعَاهُ مُعَاوِیَةُ صَارَ عَرَبِیّاً مُنَافِیاً (1) وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ فِی أَسْفَلِ كِتَابِ أَبِی أَیُّوبَ أَبْیَاتاً فَأَجَابَهُ أَبُو أَیُّوبَ بِأَبْیَاتٍ رَدَّهَا عَلَیْهِ وَ كَانَ نَصُّ كِتَابِهِ فِی جَوَابِ مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَیَّ لَا تَنْسَی الشَّیْبَاءُ ثُكْلَ وَلَدِهَا وَ لَا أَبَا عُذْرَتِهَا فَضَرَبْتَهَا مَثَلًا بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ مَا نَحْنُ وَ قَتْلَ عُثْمَانَ إِنَّ الَّذِی تَرَبَّصَ بِعُثْمَانَ وَ ثَبَّطَ یَزِیدُ بْنُ أَسَدٍ وَ أَهْلُ الشَّامِ فِی نُصْرَتِهِ لَأَنْتَ وَ إِنَّ الَّذِینَ قَتَلُوهُ لَغَیْرُ الْأَنْصَارِ (2) فَلَمَّا أُتِیَ مُعَاوِیَةُ بِكِتَابِ أَبِی أَیُّوبَ كَسَرَهُ.
«432»-وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِیِّ عَنْ زِیَادِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِیِّ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام بِصِفِّینَ فَاقْتَتَلْنَا ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَ ثَلَاثَةَ لَیَالٍ حَتَّی تَكَسَّرَتِ الرِّمَاحُ وَ نَفِدَتِ السِّهَامُ ثُمَّ صَارَتْ إِلَی الْمُسَایَفَةِ (3) فَاجْتَلَدْنَا بِهَا إِلَی نِصْفِ اللَّیْلِ حَتَّی صِرْنَا فِی أَهْلِ الشَّامِ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ وَ عَانَقَ بَعْضُنَا بَعْضاً وَ لَقَدْ قَاتَلْنَا بِجَمِیعِ السِّلَاحِ فَلَمْ یَبْقَ شَیْ ءٌ مِنَ السِّلَاحِ إِلَّا قَاتَلْنَا بِهِ حَتَّی تَحَاثَیْنَا بِالتُّرَابِ وَ تَكَادَمْنَا حَتَّی صِرْنَا قِیَاماً یَنْظُرُ بَعْضُنَا إِلَی بَعْضٍ مَا یَسْتَطِیعُ وَاحِدٌ مِنَ
ص: 502
الْفَرِیقَیْنِ یَنْهَضُ إِلَی صَاحِبِهِ وَ لَا یُقَاتِلُ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اللَّیْلِ انْحَازَ مُعَاوِیَةُ وَ خَیْلُهُ مِنَ الصَّفِّ مِنَ اللَّیْلَةِ الثَّالِثَةِ وَ غَلَبَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی الْقَتْلَی تِلْكَ اللَّیْلَةَ وَ أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَدَفَنَهُمْ وَ قُتِلَ شِمْرُ بْنُ أَبْرَهَةَ وَ قُتِلَ جَمَاعَةٌ كَثِیرَةٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام یَوْمَئِذٍ.
«433»-و عن ابن أبی شقیق: أن عبد اللّٰه بن جعفر ذا الجناحین كان یحمل علی الخیل بصفین إذ جاء رجل من خزیمة فقال هل من فرس قال نعم خذ أی الخیل شئت فلما ولی قال ابن جعفر إن یصیب [یصب أفضل الخیل یقتل قال فما عتم أن أخذ أفضل الخیل فركبه و حمل علی الذی دعاه إلی البراز فقتله الشامی (1) و حمل غلامان من الأنصار جمیعا أخوان حتی انتهیا إلی سرادق معاویة فقتلا عنده و أقبلت الكتائب بعضها نحو بعض فاقتتلت قیاما علی الركب لا یسمع السامعون إلا وقع السیوف علی البیض و الدروع قَالَ وَ جَاءَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ یَلْتَمِسُ عَلِیّاً مَا یَطَأُ إِلَّا عَلَی إِنْسَانٍ مَیِّتٍ أَوْ قَدَمٍ أَوْ سَاعِدٍ فَوَجَدَهُ تَحْتَ رَایَاتِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ لَا نَقُومُ حَتَّی نَمُوتَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ادْنُهْ فَدَنَا حَتَّی وَضَعَ أُذُنَهُ عِنْدَ أَنْفِهِ فَقَالَ وَیْحَكَ إِنَّ عَامَّةَ مَنْ مَعِی یَعْصِینِی وَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ فِیمَنْ یُطِیعُهُ وَ لَا یَعْصِیهِ قَالَ وَ كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ قَدْ ذُقْتَ ضَرَّاءَ الْحَرْبِ وَ أَذَقْتَهَا وَ إِنِّی عَارِضٌ عَلَیْكُمْ مَا عَرَضَ الْمُخَارِقُ عَلَی بَنِی فَالِجٍ (2)
ص: 503
أَیَا رَاكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَا***بَنِی فَالِجٍ حَیْثُ اسْتَقَرَّ قَرَارَهَا
هَلُمُّوا إِلَیْنَا لَا تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ***بَلَاقِعُ أَرْضٍ طَارَ عَنْهَا غُبَارُهَا
سُلَیْمُ بْنُ مَنْصُورٍ أُنَاسٌ بِحَرَّةَ***وَ أَرْضُهُمْ أَرْضٌ كَثِیرٌ وَبَارُهَا
فَأَجَابَهُ مُعَاوِیَةُ مِنْ مُعَاوِیَةَ إِلَی عَلِیٍّ أَمَّا بَعْدُ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ فَإِنِّی إِنَّمَا قَاتَلْتُ عَلَی دَمِ عُثْمَانَ وَ كَرِهْتُ التَّدْهِینَ فِی أَمْرِهِ وَ إِسْلَامِ حَقِّهِ فَإِنْ أُدْرِكْ بِهِ فَبِهَا وَ إِلَّا فَإِنَّ الْمَوْتَ عَلَی الْحَقِّ أَجْمَلُ مِنَ الْحَیَاةِ عَلَی الضَّیْمِ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِبَعْضِ الْأَبْیَاتِ قَالَ وَ أَرْسَلَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَنِ ابْرُزْ لِی وَ اعْفُ الْفَرِیقَیْنِ مِنَ الْقِتَالِ فَأَیُّنَا قَتَلَ صَاحِبَهُ كَانَ الْأَمْرُ لَهُ قَالَ عَمْرٌو لَقَدْ أَنْصَفَكَ الرَّجُلُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ إِنِّی لَأَكْرَهُ أَنْ أُبَارِزَ الْأَهْوَجَ الشُّجَاعَ لَعَلَّكَ طَمِعْتَ فِیهَا یَا عَمْرُو وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَا نَفْسَاهْ أَ یُطَاعُ مُعَاوِیَةُ وَ أُعْصَی مَا قَاتَلَتْ أُمَّةٌ قَطُّ أَهْلَ بَیْتِ نَبِیِّهَا وَ هِیَ مُقِرٌّ بِنَبِیِّهَا إِلَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یَحْمِلُوا عَلَی أَهْلِ الشَّامِ فَحَمَلَتْ خَیْلُ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی صُفُوفِ أَهْلِ الشَّامِ فَقَوَّضَتْ صُفُوفَهُمْ فَقَالَ عَمْرٌو یَوْمَئِذٍ عَلَی مَنْ هَذَا الرَّهَجُ فَقِیلَ عَلَی ابْنَیْكَ عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ عَمْرٌو یَا وَرْدَانُ قَدِّمْ لِوَاءَكَ فَتَقَدَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَیْهِ مُعَاوِیَةُ أَنَّهُ لَیْسَ عَلَی ابْنَیْكَ بَأْسٌ فَلَا تَنْقُضِ الصَّفَّ وَ الْزَمْ مَوْقِفَكَ فَقَالَ عَمْرٌو هَیْهَاتَ
اللَّیْثُ یَحْمِی شِبْلَیْهِ***مَا خَیْرُهُ بَعْدَ ابْنَیْهِ
ثُمَّ قَالَ إِنَّكَ لَمْ تَلِدْهُمَا إِنِّی أَنَا وَلَدْتُهُمَا
ص: 504
فَأَرْسَلَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ وَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنِ احْمِلُوا فَحَمَلَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِیداً فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ مَنْ یُبَارِزُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فَاقْتَتَلَا سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ الْعِرَاقِیَّ ضَرَبَ رِجْلَ الشَّامِیِّ فَقَطَعَهَا فَقَاتَلَ سَاعَةً ثُمَّ ضَرَبَ یَدَهُ فَقَطَعَهَا فَرَمَی الشَّامِیُّ بِسَیْفِهِ بِیَدِهِ الْیُسْرَی إِلَی أَهْلِ الشَّامِ ثُمَّ قَالَ یَا أَهْلَ الشَّامِ دُونَكُمْ سَیْفِی هَذَا فَاسْتَعِینُوا بِهِ عَلَی عَدُوِّكُمْ فَأَخَذَهُ فَاشْتَرَی مُعَاوِیَةُ ذَلِكَ السَّیْفَ مِنْ أَوْلِیَاءِ الْمَقْتُولِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ.
«434»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنِی رَجُلٌ عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِیِّ (1) عَنْ زَیْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام مَرَّ عَلَی جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فِیهِمُ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ هُمْ یَشْتِمُونَهُ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَوَقَفَ فِی نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ انْهَدُوا إِلَیْهِمْ وَ عَلَیْكُمْ بِالسَّكِینَةِ وَ سِیمَاءِ الصَّالِحِینَ وَ وَقَارِ الْإِسْلَامِ وَ اللَّهِ لَأَقْرَبُ قَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْمٌ قَائِدُهُمْ وَ مُؤَدِّبُهُمْ مُعَاوِیَةُ وَ ابْنُ النَّابِغَةِ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ وَ ابْنُ أَبِی مُعَیْطٍ- شَارِبُ الْحَرَامِ وَ الْمَجْلُودُ حَدّاً فِی الْإِسْلَامِ وَ هُمْ أَوْلَی یَقُومُونَ فَیَقْصِبُونِی وَ یَشْتِمُونِی (2) وَ قَبْلَ الْیَوْمِ مَا قَاتَلُونِی وَ شَتَمُونِی وَ أَنَا إِذْ ذَاكَ أَدْعُوهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ هُمْ یَدْعُونِّی إِلَی عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ قَدِیماً مَا عَادَانِی الْفَاسِقُونَ
ص: 505
إِنَّ هَذَا هُوَ الْخَطْبُ الْجَلِیلُ أَنَّ فُسَّاقاً كَانُوا عِنْدَنَا غَیْرَ مَرْضِیِّینَ وَ عَلَی الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ مُتَخَوَّفِینَ أَصْبَحُوا وَ قَدْ خَدَعُوا شَطْرَ (1) هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَشْرَبُوا قُلُوبَهُمْ حُبَّ الْفِتْنَةِ وَ اسْتَمَالُوا أَهْوَاءَهُمْ بِالْإِفْكِ وَ الْبُهْتَانِ وَ قَدْ نَصَبُوا لَنَا الْحَرْبَ وَ جَدُّوا فِی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ اللَّهُمَّ فَإِنَّهُمْ قَدْ رَدُّوا الْحَقَّ فَافْضُضْ جَمْعَهُمْ وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَایَاهُمْ فَإِنَّهُ لَا یَذِلُّ مَنْ وَالَیْتَ وَ لَا یَعِزُّ مَنْ عَادَیْتَ.
«435»-وَ عَنْ نُمَیْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِیِّ أَنَّ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مَرَّ بِأَهْلِ رَایَةٍ فَرَآهُمْ لَا یَزُولُونَ عَنْ مَوْقِفِهِمْ فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَی قِتَالِهِمْ وَ ذُكِرَ أَنَّهُمْ غَسَّانُ فَقَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَنْ یَزُولُوا عَنْ مَوْقِفِهِمْ دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ یَخْرُجُ مِنْهُ النَّسِیمُ وَ ضَرْبٍ یَفْلِقُ الْهَامَ وَ یُطِیحُ الْعِظَامَ وَ تَسْقُطُ مِنْهُ الْمَعَاصِمُ وَ الْأَكُفُّ حَتَّی تَصَدَّعَ جِبَاهُهُمْ وَ تُنْشَرَ حَوَاجِبُهُمْ عَلَی الصُّدُورِ وَ الْأَذْقَانِ أَیْنَ أَهْلُ الصَّبْرِ وَ طُلَّابُ الْخَیْرِ أَیْنَ مَنْ یَشْرِی وَجْهَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَثَابَتْ إِلَیْهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَدَعَا ابْنَهُ مُحَمَّداً فَقَالَ لَهُ امْشِ نَحْوَ هَذِهِ الرَّایَةِ مَشْیاً رُوَیْداً عَلَی هِینَتِكَ (2) حَتَّی إِذَا أَشْرَعْتَ فِی صُدُورِهِمُ الرِّمَاحَ فَأَمْسِكْ یَدَكَ حَتَّی یَأْتِیَكَ أَمْرِی وَ رَأْیِی فَفَعَلَ وَ أَعَدَّ عَلِیٌّ مِثْلَهُمْ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ مُحَمَّدٌ وَ أَشْرَعَ الرِّمَاحَ فِی صُدُورِهِمْ أَمَرَ عَلِیٌّ الَّذِینَ أَعَدَّ فَشَدُّوا عَلَیْهِمْ وَ نَهَضَ مُحَمَّدٌ
ص: 506
فِی وُجُوهِهِمْ فَزَالُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ وَ أَصَابُوا مِنْهُمْ رِجَالًا وَ اقْتَتَلَ النَّاسُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قِتَالًا شَدِیداً فَمَا صَلَّی كَثِیرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا إِیمَاءً.
«436»-و عن شیخ من حضرموت قال: كان منا رجل یدعی هانی بن نمر فخرج رجل من أهل الشام یدعو إلی المبارزة فلم یخرج إلیه أحد فقال سبحان اللّٰه ما یمنعكم أن یخرج منكم إلی هذا فلو لا أنی موعوك و أنی أجد لذلك ضعفا لخرجت إلیه فما رد علیه رجل من أصحابه شیئا فوثب فقال أصحابه سبحان اللّٰه تخرج إلیه و أنت موعوك قال و اللّٰه لأخرجن إلیه و لو قتلنی فلما رآه عرفه و إذا الرجل من قومه یقال له معمر بن أسید الحضرمی و بینهما قرابة من قبل النساء فقال له یا هانئ ارجع إنه إن یخرج إلی غیرك أحب إلی إنی لست أرید قتلك قال له هانئ ما خرجت إلا و أنا موطن نفسی علی القتل ما أبالی أنت قتلتنی أو غیرك ثم مشی نحوه فقال اللّٰهم فی سبیلك و سبیل رسولك و نصرا لابن عم نبیك ثم اختلفا ضربتین فقتل هانئ صاحبه و شد أصحابه نحوه و شد أصحاب هانئ نحوهم ثم اقتتلوا و انفرجوا عن اثنین و ثلاثین قتیلا ثم إن علیا علیه السلام أرسل إلی الناس أن احملوا فحمل الناس علی رایاتهم كل قوم بحیالهم فتجالدوا بالسیوف و عمد الحدید لا یسمع إلا أصوات الحدید و مرت الصلوات كلها و لم یصلوا إلا تكبیرا عند مواقیت الصلوات حتی تفانوا و رق الناس فخرج رجل بین الصفین فقال أ خرج فیكم المحلقون قلنا لا قال إنهم سیخرجون ألسنتهم أحلی من العسل و قلوبهم أمر من الصبر لهم حمة كحمة الحیات ثم غاب الرجل فلم یعلم من هو (1).
ص: 507
«437»-و عن محمد بن إسحاق عن عبد اللّٰه بن أبی یحیی عن عبد الرحمن بن حاطب قال خرجت ألتمس أخی فی القتلی بصفین سویدا فإذا رجل قد أخذ بثوبی صریع فی القتلی فالتفت فإذا بعبد الرحمن بن كلدة فقلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ هل لك فی الماء قال لا حاجة لی فی الماء قد أنفذ فی السلاح و خرقنی و لست أقدر علی الشرب هل أنت مبلغ عنی أمیر المؤمنین علیه السلام رسالة قلت نعم قال إذا رأیته فأقرئه منی السلام و قل یا أمیر المؤمنین احمل جراحك إلی عسكرك حتی تجعلهم من وراء القتلی فإن الغلبة لمن فعل ذلك ثم لم أبرح حتی مات فخرجت حتی أتیت علیا علیه السلام فقلت له إن عبد الرحمن بن كلدة یقرأ علیك السلام قال و علیه أین هو قلت قد و اللّٰه یا أمیر المؤمنین أنفذه السلاح و خرقه فلم أبرح حتی توفی فاسترجع قلت قد أرسلنی إلیك برسالة قال فما هی فلما أبلغته الرسالة قال صدق و الذی نفسی بیده فنادی منادی العسكر أن احملوا جرحاكم إلی عسكركم ففعلوا فلما أصبح نظر أهل الشام و قد ملوا من الحرب و أصبح علی قد رحل الناس و هو یرید أن ینزل علی أهل الشام فی عسكرهم فقال معاویة فأخذت معرفة فرسی و وضعت رجلی فی الركاب حتی ذكرت أبیات ابن الأطنابة:
أبت لی عفتی و أبی بلائی***و أخذی الحمد بالثمن الربیح
إلی آخر الأبیات فعدت إلی مقعدی فأصبت خیر الدنیا و كان علی علیه السلام إذا أراد القتال هلل و كبر ثم قال:
من أی یومی من الموت***أفر یوم لم یقدر أم یوم قدر
و أقبل عبد الرحمن بن خالد بن الولید و معه لواء معاویة الأعظم مرتجزا فاستقبله جاریة بن قدامة و أطعنا ملیا و مضی عبد الرحمن و انصرف جاریة و عبد الرحمن لا یأتی علی شی ء إلا أهمده فغم ذلك علیا علیه السلام و أقبل عمرو بن العاص فی خیل من بعده فقال أقحم یا ابن سیف اللّٰه فإنه الظفر
ص: 508
و أقبل الناس علی الأشتر فقالوا یوم من أیامك الأول و قد بلغ لواء معاویة حیث تری فأخذ الأشتر لواءه ثم حمل فضارب القوم حتی ردهم علی أعقابهم فرجعت خیل عمرو و ذكروا أنه لما رد لواء معاویة و رجعت خیل عمرو انتدب لعلی علیه السلام همام بن قبیصة و كان من أشتم الناس لعلی علیه السلام و كان معه لواء هوازن فقصد المذحج فقال عدی بن حاتم لصاحب لوائه ادن منی فأخذه فحمل و طعن ساعة ثم رجع ثم حمل جندب بن زهیر مرتجزا فلما رأی ابن العاص الشر استقبل فقال له معاویة ائت ببنی أبیك فقاتل بهم فأتی جماعة أهل الیمن فقال أنتم الیوم الناس و غدا لكم الشأن هذا یوم له ما بعده من الأمر احملوا معی علی هذا الجمع قالوا نعم فحملوا و حمل عمرو فقال عمرو بن الحمق دعونی و الرجل فإن القوم قومی فقال له ابن بدیل دع القوم یلقی بعضهم بعضا فأبی علیه و حمل ثم طعنه فی صدره فقتله و ولت الخیل و أزال القوم عن مراكزهم ثم إن حوشبا ذا ظلیم أقبل فی جمعه و صاحب لوائه یرتجز فحمل علیه سلیمان بن صرد الخزاعی فطعنه فقتله و استدار القوم و قتل حوشب و ابن بدیل (1) و صبر بعضهم لبعض و فرح أهل الشام بقتل هاشم و اختلط أمرهم حتی ترك أهل الرایات مراكزهم و أقحم أهل الشام من آخر النهار و تفرق الناس عن علی علیه السلام فأتی ربیعة و كان فیهم و تعاظم الأمر و أقبل عدی بن حاتم یطلب علیا علیه السلام فی موضعه الذی تركه فیه فلم یجده فأصابه فی مصاف ربیعة فقال یا أمیر المؤمنین أما إذا كنت حیا فالأمر أمم ما مشیت إلیك إلا علی قتیل و ما أبقت هذه الواقعة لنا و لهم عمیدا فقاتل حتی یفتح اللّٰه علیك فإن فی الناس بقیة بعد
ص: 509
و أقبل الأشعث یلهث جزعا فلما رأی علیا علیه السلام هلل و كبر و قال یا أمیر المؤمنین خیل كخیل و رجال كرجال و لنا الفضل إلی ساعتنا هذه فعد إلی مقامك الذی كنت فیه فإن الناس یظنونك حیث تركوك و أرسل سعید بن قیس إلی أمیر المؤمنین علیه السلام إنا مشتغلون بأمرنا مع القوم و فینا فضل فإن أردت أن نمد أحدا أمددناه و أقبل علی علیه السلام علی ربیعة فقال أنتم درعی و رمحی فقال عدی بن حاتم إن قوما أنست بهم و كنت فیهم فی هذه الجولة لعظیم حقهم علینا و اللّٰه إنهم لصبر عند الموت أشداء عند القتال و ركب علی فرسه الذی كان لرسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و كان یقال له المرتجز ثم قدم علی بغلة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الشهباء فركبها (1) ثم تعصب بعمامة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله السوداء ثم نادی أیها الناس من یشری نفسه لله یربح هذه یوم له ما بعده إن عدوكم قد قرح كما قرحتم فانتدب له من بین العشرة آلاف إلی اثنی عشر ألفا وضعوا سیوفهم علی عواتقهم و تقدمهم علی علیه السلام علی بغلة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و هو یقول:
دبوا دبیب النمل لا تفوتوا***و أصبحوا بحربكم و بیتوا
حتی تنالوا الثأر أو تموتوا***أو لا فإنی طال ما عصیت
قد قلتم لو جئتنا فجئت*** لیس لكم ما شئتم و شئت
بل ما یرید المحیی الممیت
ص: 510
و تبعه ابن عدی بن حاتم مرتجزا و تقدم الأشتر مرتجزا و حمل الناس حملة واحدة فلم یبق لأهل الشام صف إلا انتفض و أهمدوا ما أتوا علیه حتی أفضی الأمر إلی مضرب معاویة و علی علیه السلام یضربهم بسیفه و یقول:
أضربهم و لا أری معاویة***الأخزر العین العظیم الحاویة
هوت به فی النار أم هاویة
فدعا معاویة بفرسه لینجو علیه فوضع رجله فی الركاب ثم ندم و تمثل بأبیات و قال یا ابن العاص الیوم صبر و غدا فخر فقال عمرو صدقت و انصرفوا و قد غلبوا و قهروا و كل قد كره صاحبه ثم إن معاویة لما أسرع أهل العراق فی أهل الشام قال إن هذا یوم تمحیص إن القوم قد أسرع فیهم ما أسرع فیكم اصبروا یومكم هذا و خلاكم ذم و حض علی علیه السلام أصحابه فقام إلیه الأصبغ بن نباتة فقال یا أمیر المؤمنین إنك جعلتنی علی شرطة الخمیس و قدمتنی فی الثقة دون الناس و إنك الیوم لا تفقد لی صبرا و لا نصرا أما أهل الشام فقد هدهم ما أصبنا منهم و أما نحن ففینا بعض البقیة فاطلب بنا أمرك و أذن لی فی التقدم فقال له علی علیه السلام تقدم بسم اللّٰه و أقبل الأحنف بن قیس السعدی فقال یا أهل العراق و اللّٰه لا تصیبون هذا الأمر أذل عنقا منه الیوم قد كشف القوم عنكم قناع الحیاء و ما یقاتلون علی دین و ما یصبرون إلا حیاء فتقدموا فقالوا إنا إن تقدمنا الیوم فقد تقدمنا أمس فما تقول یا أمیر المؤمنین قال تقدموا فی موضع التقدم و تأخروا فی موضع التأخر تقدموا من قبل أن یتقدموا إلیكم
ص: 511
و حمل أهل العراق و تلقاهم أهل الشام فاجتلدوا و حمل عمرو بن العاص معلما مرتجزا فاعترضه علی علیه السلام و هو یقول:
قد علمت ذات القرون المیل***و الخصر و الأنامل الطفول
إنی بنصل السیف خنشلیل*** أحمی و أرمی أول الرعیل
بصارم لیس بذی فلول
ثم طعنه فصرعه و اتقاه عمرو برجله فبدت عورته فصرف علی وجهه عنه و ارتث فقال القوم أفلت الرجل یا أمیر المؤمنین قال و هل تدرون من هو إنه عمرو بن العاص تلقانی بعورته فصرفت وجهی عنه فلما رجع عمرو إلی صفه قال له معاویة احمد اللّٰه و عورتك ثم ذكر نصر سعی معاویة فی افتتان الأشعث بن قیس و عبد اللّٰه بن العباس و المراسلة و المكاتبة إلیهما و إجابتهما بما لم یرض به و ندم ثم قال و لما تعاظمت الأمور علی معاویة دعا عمرا و بسرا و عبید اللّٰه بن عمر و عبد الرحمن بن خالد فقال لهم قد غمّنی رجال من أصحاب علی منهم سعید بن قیس فی همدان و الأشتر فی قومه و المرقال و عدی بن حاتم و قیس بن سعد فی الأنصار و قد وقتكم بما نیتكم بأنفسها أیاما كثیرة حتی لقد استحییت لكم و أنتم عدتهم من قریش و قد عبأت لكل رجل منهم رجلا منكم فاجعلوا ذلك إلی فقالوا ذلك إلیك قال فأنا أكفیكم سعید بن قیس و قومه غدا و أنت یا عمرو لأعور بنی زهرة المرقال و أنت یا بسر لقیس بن سعد و أنت یا عبید اللّٰه للأشتر و أنت یا عبد الرحمن لعدی بن حاتم ثم لیرد كل رجل منكم من حماة الخیل فجعلها نوائب فی خمسة أیام لكل رجل منهم یوما فأصبح معاویة فی غده فلم یدع فارسا إلا دعاه ثم قصد لهمدان بنفسه و تقدم الخیل فطعن فی أعراض الخیل ملیا ثم إن همدان نادت بشعارها و أقحم سعید بن قیس علی فرسه علی معاویة و اشتد القتال و حجز بینهم اللیل و ذكرت همدان أن معاویة فاته ركضا فانصرف معاویة و لم یعمل شیئا
ص: 512
و إن عمرو بن العاص غدا فی الیوم الثانی فی حماة الخیل نحو المرقال و مع المرقال لواء علی الأعظم فی حماة الناس و كان عمرو من فرسان قریش فتقدم و ارتجز و طعن فی أعراض الخیل مزبدا فحمل هاشم مرتجزا و طعن عمرا حتی رجع و اشتد القتال و انصرف الفریقان و لم یسر معاویة ذلك و إن بسرا غدا فی الیوم الثالث فی حماة الخیل فلقی قیس بن سعد فی كماة الأنصار كأنه فنیق مقرم فطعن فی خیل بسر و برز له بسر بعد ملإ و طعن بسر قیسا فضربه قیس بالسیف فرده علی عقبه و رجع القوم جمیعا و لقیس الفضل و إن عبید اللّٰه بن عمر تقدم فی الیوم الرابع و لم یترك شیئا و جمع من استطاع فقال له معاویة إنك تلقی أفاعی أهل العراق فارفق و اتئد فلقیه الأشتر أمام الخیل مزبدا و كان الأشتر إذا أراد القتال أزبد فرد الخیل فاستحیا عبید اللّٰه فبرز أمام الخیل و كان فارسا فحمل علیه الأشتر فطعنه و اشتد الأمر و انصرف القوم و للأشتر الفضل فغم ذلك معاویة و إن عبد الرحمن غدا فی الیوم الخامس و كان أرجأهم عند معاویة فقواه بالخیل و السلاح و كان یعده ولدا فلقیه عدی بن حاتم فی حماة مذحج و قضاعة فبرز عبد الرحمن أمام الخیل ثم حمل فطعن الناس و قصده عدی بن حاتم و حمل فی حماة الناس حتی تواروا فی العجاج و فضح القوم و رجع عبد الرحمن إلی معاویة و انكسر معاویة (1) و إن القرشیین استحیوا مما صنعوا و شمتت بهم الیمانیة و عیرهم معاویة و أنبهم فانقطعوا عنه أیاما ثم اعتذر إلیهم معاویة فی أبیات فأتوه و اعتذروا إلیه و استقاموا له علی ما یحب
ص: 513
ثم إن معاویة ضاعف الفرائض و العطایا لعك و الأشعریین و هم بذلوا جهدهم فی القتال و وفی لهم بذلك فلم یبق من أهل العراق أحد فی قلبه مرض إلا طمع فی معاویة و شخص بصره إلیه حتی فشا ذلك فی الناس و بلغ علیا علیه السلام فساءه ذلك فقال المنذر بن أبی حمیصة و كان فارس همدان و شاعرهم یا أمیر المؤمنین إن عكا و الأشعریین طلبوا إلی معاویة الفرائض و العطاء فأعطاهم (1) فباعوا الدین بالدنیا و أنا قد رضینا بالآخرة من الدنیا و بالعراق من الشام و بك من معاویة و اللّٰه لآخرتنا خیر من دنیاهم و لعراقنا خیر من شامهم و لإمامنا أهدی من إمامهم فامتحنا بالصبر و احملنا علی الموت فقال علی علیه السلام حسبك رحمك اللّٰه و أثنی علیه و علی قومه خیرا و لما أصبح الناس غدوا علی مصافهم و نادی معاویة فی أحیاء الیمن فقال علی علیه السلام یا آل همدان فأجابه سعید بن قیس فقال له احمل فحمل حتی خلط الخیل بالخیل و اشتد القتال و حطمتهم همدان حتی ألحقوهم بمعاویة و أسرع فی فرسان أهل الشام القتل و أثنی علی علیه السلام علی همدان و قال أنتم درعی و رمحی یا همدان ما نصرتم إلا اللّٰه و لا أجبتم غیره فقال سعید أجبنا اللّٰه و إیاك و نصرنا نبی اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی قبره و قاتلنا معك من لیس مثلك فارم بنا حیث أحببت فدعا معاویة مروان و أمره أن یخرج فأبی ثم دعا عمرو بن العاص و أمره بالخروج فلما خرج لقیه الأشتر أمام الخیل فلما غشیه الأشتر بالرمح راوغه عمرو فطعنه الأشتر فی وجهه فلم یصنع شیئا و لوی عمرو عنان فرسه و جعل یده علی وجهه و رجع إلی العسكر فجاء ذو الكلاع إلی معاویة و قال تولی علینا من لا یقاتل معنا ول رجلا منا و إلا فلا حاجة لنا بك فقال لهم معاویة لا أولی علیكم بعد یومی هذا إلا رجلا منكم
ص: 514
قال و حرض علی علیه السلام أصحابه فقام إلیه الأصبغ بن نباتة فقال یا أمیر المؤمنین قدمنی فی البقیة من الناس فإنك لا تفقد لی الیوم صبرا و لا نصرا قال علیه السلام تقدم باسم اللّٰه و البركة فتقدم و أخذ رایته فمضی بالرایة مرتجزا فرجع و قد خضب سیفه و رمحه دما و كان شیخا ناسكا عابدا و كان إذا لقی القوم لا یغمد سیفه و كان من ذخائر علی علیه السلام ممن قد بایعه علی الموت و كان من فرسان أهل العراق و كانوا قد ثقلوا عن البراز حین عضتهم الحرب فقال الأشتر یا أهل العراق أ ما من رجل یشری نفسه لله فخرج آثال بن حجل فنادی بین العسكرین هل من مبارز فدعا معاویة حجلا فقال دونك الرجل و كانا مستبصرین فی رأیهما فبرز كل منهما إلی صاحبه فبدره الشیخ بطعنه فطعنه الغلام فانتسبا فإذا هو ابنه فنزلا و اعتنق كل منهما صاحبه و بكیا فقال له الأب أی آثال هلم إلی الدنیا فقال له الغلام یا أباه هلم إلی الآخرة و اللّٰه یا أبت لو كان من رأیی الانصراف إلی أهل الشام لكان من رأیك لی أن تنهانی وا سوأتاه فما یقول لی علی كن علی ما أنت علیه و أنا أكون علی ما أنا علیه و انصرف كل منهما إلی أصحابهما ثم إن معاویة دعا النعمان بن بشیر و مسلمة بن مخلد فقال یا هذان ما لقیت من الأوس و الخزرج صاروا واضعی سیوفهم علی عواتقهم یدعون إلی النزال حتی و اللّٰه جبنوا أصحابی الشجاع منهم و الجبان حتی و اللّٰه ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتلته الأنصار أما و اللّٰه لاعبین لكل فارس منهم فارسا ینشب فی حلقة ثم لألقینهم بأعدادهم من قریش رجال لم یغذهم التمر و الطفیشل (1) یقولون نحن الأنصار قد و اللّٰه آووا و نصروا و لكن أفسدوا حقهم بباطلهم
ص: 515
فغضب النعمان و قال یا معاویة لا تلومن الأنصار بسرعتهم فی الحرب فإنهم كذلك كانوا فی الجاهلیة و أما دعاؤهم إلی النزال فقد رأیتهم مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أما لقاؤك إیاهم فی أعدادهم من قریش فإن لها وفاء به و أما التمر و الطفیشل فإن التمر كان لنا فلما أن ذقتموه شاركتمونا فیه و أما الطفیشل فكان للیهود فلما أكلناهم غلبناهم علیه كما غلبت قریش علی السخینة (1) ثم تكلم مسلمة بنحو من ذلك و لم یكن مع معاویة غیر هذین الرجلین من الأنصار و انتهی الكلام إلی الأنصار فجمع قیس بن سعد الأنصار و قام خطیبا فیهم و قال إن معاویة قد قال ما بلغكم و أجاب عنكم صاحباكم فلعمری لئن غظتم معاویة الیوم لقد غظتموه أمس و إن وترتموه فی الإسلام لقد وترتموه فی الشرك و ما لكم إلیه من ذنب أعظم من نصر هذا الذی أنتم علیه فجدوا الیوم جدا تنسونه ما كان أمس و جدوا غدا فتنسونه ما كان الیوم و أنتم مع هذا اللواء الذی كان یقاتل عن یمینه جبرئیل و عن یساره میكائیل و القوم مع لواء أبی جهل و الأحزاب و أما التمر فإنا لم نغرسه و لكن غلبنا علیه من غرسه و أما الطفیشل فلو كان طعامنا سمیناه اسما كما سمیت قریش السخینة (2)
ص: 516
و تحركت الخیل غدوة فظن قیس أن فیها معاویة فحمل علی رجل یشبهه فقنعه بالسیف فإذا غیر معاویة و حمل الثانیة علی آخر یشبهه أیضا فضربه ثم انصرف ثم إن النعمان خرج حتی وقف بین الصفین فقال یا قیس أنا النعمان بن بشیر قال قیس ما حاجتك قال یا قیس إنه قد أنصفكم من دعاكم إلی ما رضی لنفسه أ لستم معشر الأنصار تعلمون أنكم أخطأتم فی خذل عثمان یوم المدینة و قتلتم أنصاره یوم الجمل و إقحامكم علی خیولكم أهل الشام بصفین فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم علیا و لكنكم خذلتم حقا و نصرتم باطلا ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس حتی أعلمتم فی الحرب و دعوتم إلی البراز ثم لم ینزل بعلی أمر قط إلا و هونتم علیه المصیبة و وعدتموه الظفر و قد أخذت الحرب منا و منكم ما قد رأیتم فاتقوا اللّٰه فی البقیة قال فضحك قیس ثم قال ما كنت أراك یا نعمان تجترئ علی هذه المقالة إنه لا ینصح أخاه من غش نفسه و أنت و اللّٰه الغاش الضال المضل (1) و أما ذكرك عثمان فإن كانت الأخبار تكفیك فخذها منی واحدة قتل عثمان من لست خیرا منه و خذله من هو خیر منك و أما أصحاب الجمل فقاتلناهم علی النكث و أما معاویة فو اللّٰه لئن اجتمعت علیه العرب لقاتلته الأنصار و أما قولك إنا لسنا كالناس فنحن فی هذه الحروب كما كنا مع رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نتقی السیوف بوجوهنا و الرماح بنحورنا حَتَّی جاءَ الْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ و لكن انظر یا نعمان هل تری مع معاویة إلا طلیقا أو أعرابیا أو یمانیا مستدرجا بغرور
ص: 517
انظر أین المهاجرون و الأنصار و التابعون لهم بإحسان الذین رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ثم انظر هل تری مع معاویة أنصاریا غیرك و غیر صویحبك و لستما و اللّٰه ببدریین و لا عقبیین و لا أحدیین و لا لكما سابقة فی الإسلام و لا آیة فی القرآن و لعمری لئن شغبت علینا لقد شغب علینا أبوك.
«438»-و ذكروا: أنه كان فارس أهل كوفة الذی لا ینازع رجلا یقال له العكبر بن جدیر الأسدی و كان فارس أهل الشام الذی لا ینازع عوف بن مجزأة المرادی و كان العكبر له عبارة و لسان لا یطاق فلما خرج الناس إلی مصافهم خرج المرادی نادرا من الناس و كذلك كان یصنع و قد كان قتل قبل ذلك نفرا من أهل العراق مبارزة فنادی یا أهل العراق هل من رجل عصاه سیفه یبارزنی و لا أغركم من نفسی فأنا عوف بن مجزأة فارس زوف فصاح الناس بالعكبر فخرج إلیه منقطعا من أصحابه و الناس وقوف و وقف المرادی مرتجزا فبرز إلیه العكبر و ارتجز فاطعنا فصرعه العكبر فقتله و معاویة علی التل فی أناس من قریش و أناس من الناس قلیل فوجه العكبر فرسه فملأ فروجه ركضا و یضربه بالسوط مسرعا نحو التل فنظر إلیه معاویة فقال إن هذا الرجل مغلوب علی عقله أو مستأمن فاسألوه فأتاه رجل فناداه فلم یجبه فمضی حتی انتهی إلی معاویة و جعل یطعن فی أعراض الخیل و رجا العكبر أن یفردوا له معاویة فقتل رجلا و قام القوم دون معاویة بالسیوف و الرماح فلما لم یصل إلی معاویة نادی أولی لك یا ابن هند أنا الغلام الأسدی و رجع إلی علی علیه السلام فقال له علی علیه السلام ما ذا دعاك إلی ما صنعت یا عكبر لا تلق نفسك إلی الهلكة قال أردت غرة ابن هند فحیل بینی و بینه و انكسر أهل الشام لقتل المرادی و نذر معاویة (1) دم العكبر فقال العكبر ید اللّٰه فوق ید معاویة فأین دفاع اللّٰه عن المؤمنین
ص: 518
ثم إن علیا علیه السلام دعا قیس بن سعد فأثنی علیه خیرا و سوده علی الأنصار و كان طلائع أهل الشام و أهل العراق یلتقون فیما بین ذلك و یتناشدون الأشعار و یفخر بعضهم علی بعض و یحدث بعضهم بعضا علی أمان.
«439»-قال نصر و روی عمر بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد اللّٰه أن عبد اللّٰه بن كعب قتل یوم صفین فمر به الأسود بن قیس و هو بآخر رمق فقال عز علی و اللّٰه مصرعك أما و اللّٰه لو شهدتك لآسیتك و لدافعت عنك و لو أعرف الذی أشعرك لأحببت أن لا یزایلنی حتی أقتله أو یلحقنی بك ثم نزل إلیه فقال و اللّٰه إن كان جارك لیأمن بوائقك و إن كنت من الذَّاكِرِینَ اللَّهَ كَثِیراً أوصنی رحمك اللّٰه قال أوصیك بتقوی اللّٰه و أن تناصح أمیر المؤمنین و أن تقاتل معه المحلین حتی یظهر الحق أو تلحق باللّٰه و أبلغه عنی السلام و قل له قاتل علی المعركة حتی تجعلها خلف ظهرك فإنه من أصبح و المعركة خلف ظهره كان الغالب ثم لم یلبث أن مات فأقبل الأسود إلی علی علیه السلام فأخبره فقال یرحمه اللّٰه جاهد معنا عدونا فی الحیاة و نصح لنا فی الوفاة (1) ثم إن علیا علیه السلام غلس بالناس بصلاة الفجر ثم زحف بهم فخرج الناس علی رایاتهم و أعلامهم و زحف إلیهم أهل الشام.
«440»-قال نصر و حدثنی عمرو بن شمر عن جابر عن عامر عن صعصعة بن صوحان و الحارث بن أدهم أن أبرهة بن الصباح قام فقال ویلكم یا معشر أهل الیمن و اللّٰه إنی لأظن اللّٰه آذن بفنائكم ویحكم خلوا بین هذین الرجلین فلیقتتلا فأیهما قتل صاحبه ملنا معه جمیعا و كان أبرهة من أصحاب معاویة
ص: 519
فبلغ ذلك علیا علیه السلام فقال صدق أبرهة بن الصباح و اللّٰه ما سمعت بخطبة منذ وردت الشام أنا بها أشد سرورا منی بهذه و بلغ معاویة كلام أبرهة فتأخر آخر الصفوف و قال لمن حوله (1) و اللّٰه إنی لأظنه مصابا فی عقله فارتج أهل الشام یقولون و اللّٰه إن أبرهة لأفضلنا دینا و رأیا و بأسا و لكن معاویة كره مبارزة علی علیه السلام و برز یومئذ عروة بن داود الدمشقی فقال إن كان معاویة كره مبارزتك یا أبا الحسن فهلم إلی فتقدم إلیه علی و حمل علیه و قتله ثم قال یا عروة اذهب فأخبر قومك أما و الذی بعث محمدا صلی اللّٰه علیه و آله بالحق لقد عاینت النار و أصبحت من النادمین فنظر إلیه معاویة و كان واقفا علی التل فقال و اللّٰه لقد دعانی علی إلی البراز حتی لقد استحییت من قریش و إنما أراد بذلك أن یبرز إلیه بسر بن أرطاة فقبل بسر أن یبارزه علیه السلام ثم ندم و استحیا من الاستعفاء فغدا علی علیه السلام منقطعا من خیله و معه الأشتر و هو یرید التل فاستقبله بسر قریبا من التل فطعنه و هو لا یعرفه فاتقاه بسر برجله فانكشف عورته فانصرف علی علیه السلام عنه و ناداه الأشتر یا أمیر المؤمنین إنه بسر قال دعه علیه لعنة اللّٰه (2)
ص: 520
ص: 521
و حمل ابن عم لبسر علی علی علیه السلام فطعنه الأشتر فكسر صلبه و قام بسر من طعنة علی و ولت خیله فقال له معاویة قد أدال اللّٰه عمرا منك فكان بسر بعد ذلك إذا لقی الخیل التی فیها علی علیه السلام تنحی ناحیة و تحامی فرسان أهل الشام علیا علیه السلام.
«441»-و عن عمر بن سعد بإسناده قال كان من أهل الشام بصفین رجل یقال له الأصبغ بن ضرار و كان یكون طلیعة و مسلحة لمعاویة فندب علی علیه السلام له الأشتر فأخذه أسیرا من غیر أن یقاتل و كان علی علیه السلام ینهی عن قتل الأسیر الكاف فجاء به لیلا و شد وثاقه و ألقاه مع أضیافه ینتظر به الصباح فأنشد فیها أشعار أثرت فی الأشتر فغدا به الأشتر علی علی علیه السلام فقال یا أمیر المؤمنین هذا رجل من المسلحة لقیته بالأمس فو اللّٰه لو علمت أن قتله الحق قتلته و قد بات عندنا اللیلة و حركنا بشعره فإن كان فیه القتل فاقتله و إن غضبنا فیه و إن كنت فیه بالخیار فهبه لنا قال هو لك یا مالك فإذا أصبت أسیرا فلا تقتله فإن أسیر أهل القبلة لا یفادی و لا یقتل فرجع به الأشتر إلی منزله و قال لك ما أخذنا منك لیس لك عندنا غیره و ذكروا أن علیا علیه السلام أظهر أنه مصبح معاویة و مناجزه فبلغ ذلك معاویة ففزع أهل الشام لذلك و انكسروا لقوله فكتب معاویة إلیه علیه السلام أما بعد فإنی أظنك أن لو علمت أن الحرب تبلغ بنا و بك ما بلغت إلی آخر ما سیأتی بروایة سلیم الهلالی و ما جری بین معاویة و بین عمرو فی ذلك قال ثم إن علیا علیه السلام غلس بالناس صلاة الغداة ثم زحف إلیهم فخرج الناس علی رایاتهم و أعلامهم و زحف إلیهم أهل الشام إلی آخر ما سیأتی.
ص: 522
توضیح: قوله لا تنسی شیباء هذا مثل لمن وقع به من رجل سوء شدید و ضرر عظیم فإنه لا ینساها و یظهر من المثل أن مضربها امرأة تزوجت رجلا فلما كان لیلة الزفاف غلب علی زوجها رجل فقتله و أخذها قهرا فإنها لا تنسی تلك الواقعة أبدا فمثل بذلك قتل عثمان و أخذ الخلافة لأمیر المؤمنین علیه السلام.
قال الجوهری باتت فلانة بلیلة شیباء بالإضافة إذا افتضت و باتت بلیلة حرة إذا لم تفتض.
و قال الفیروزآبادی باتت بلیلة شیباء بالإضافة و بلیلة الشیباء إذا غلبت علی نفسها لیلة هدائها و قال العذرة البكارة و مفتضها أبو عذرها.
و فی بعض الكتب یقال فلان أبو عذرة هذا الكلام أی هو الذی اخترعه و لم یسبقه إلیه أحد و هو مستعار من قولهم أبو عذرتها أی هو الذی افتض بكارتها و یقال إن المرأة لا تنسی أبا عذرتها.
و قال المیدانی فی مجمع الأمثال لا تنسی المرأة أبا عذرها و قاتل بكرها أی أول من ولدها یضرب فی المحافظة علی الحقوق انتهی و الأظهر هنا ما ذكرنا.
و قال ابن الأثیر فی مادة حمر من كتاب النهایة فی حدیث علی علیه السلام قیل له غلبتنا علیك هذه الحمراء یعنون العجم و الروم و العرب تسمی الموالی الحمراء و فی حدیث عبد الملك أراك أحمر قرفا قال الحسن أحمر یعنی أن الحسن فی الحمرة و منه قول الشاعر:
و إذا ظهرت تقنعی***بالحمر أن الحسن أحمر
و قیل كنی بالأحمر عن المشقة و الشدة أی من أراد الحسن صبر علی أشیاء یكرهها انتهی.
ص: 523
قوله و خضدت السهام الخضد الكسر و القطع و فی بعض النسخ بالمهملتین علی الاستعارة.
و قال الجوهری العتم الإبطاء و یقال ما عتم أن فعل كذا بالتشدید أی ما لبث و ما أبطأ.
و قال فی النهایة الأهوج المتسرع إلی الأمور كما یتفق و قیل الأحمق القلیل الهدایة انتهی.
و التقویض الهدم و الرهج بالتحریك الغبار و یقال قصبه یقصبه أی عابه و أبسلت فلانا أسلمته للهلكة.
و قال فی النهایة فی حدیث الحسن لا یزال أمر هذه الأمة أمما ما ثبتت الجیوش فی أماكنها الأمم القرب و الیسیر.
و قال الجوهری قال ابن السكیت الأمم بین القریب و البعید و هو من المقاربة و الأمم الشی ء الیسیر و یقال أخذت ذلك من أمم أی من قرب و داری أمم داره أی مقابلتها و القرن الذؤابة و الخصلة من الشعر و بالتحریك السیف و النبل و الأول أنسب و الحضر بالحاء المهملة محركة ضیق الصدر و العی فی المنطق و بالخاء المعجمة وسط الإنسان و كشح مخصر دقیق.
و قال الجوهری الطفل بالفتح الناعم یقال جاریة طفلة و بنان طفل انتهی أی یعرف النساء المخدرات النواعم ذلك فكیف الرجال و الخنشلیل الماضی و الرعیل القطعة من الخیل و مقدمتها و یقال ارتث فلان علی ما لم یسم فاعله أی حمل من المعركة رثیثا أی جریحا و به رمق و الفنیق الفحل المكرم و المقرم البعیر لا یحمل علیه و لا یذلل.
و قال فی القاموس راغ الرجل و الثعلب روغا و روغانا مال و حاد عن الشی ء و المراوغة المصارعة و أن یطلب بعض القوم بعضا و قال الطفیشل كسمیدع نوع من المرق.
ص: 524
و فی النهایة
فی حدیث فاطمة أنها جاءت النبی صلی اللّٰه علیه و آله ببرمة فیها سخینة.
أی طعام حار و قیل طعام یتخذ من دقیق و سمن و قیل دقیق و تمر أغلظ من الحساء و أرق من العصیدة و كانت قریش تكثر من أكلها فعیرت بها حتی سموا سخینة انتهی.
و الشغب تهییج الشر و اطعنا علی بناء الافتعال أی طعن كل منهما صاحبه.
و فی النهایة و فی حدیث أبی جعفر الأنصاری فملأت ما بین فروجی جمع فرج و هو ما بین رجلین یقال للفرس ملأ فروجه و فرجه إذا عدا و أسرع و به سمی فرج الرجل و المرأة لأنهما بین الرجلین و قال إشعار البدن هو أن یشق أحد جانبی السنام حتی یسیل دمها و یجعل ذلك علامة یعرف بها أنها هدی و منه حدیث مكحول لا سلب إلا لمن أشعر علجا أو قتل أی طعنه حتی یدخل السنان جوفه.
«442»-أقول ثم قال ابن أبی الحدید (1): قال نصر بن مزاحم فی الجزء (7) من كتاب صفین و هو ثقة ثبت صحیح النقل غیر منسوب إلی هوی و لا إدغال و هو من رجال أصحاب الحدیث حدثنا عمرو بن شمر عن أبی ضرار عن عمار بن ربیعة قال- غلس علی علیه السلام صلاة الغداة یوم الثلاثاء عاشر شهر ربیع الأول سنة سبع و ثلاثین و قیل عاشر صفر ثم زحف إلی أهل الشام بعسكر العراق و الناس علی رایاتهم و أعلامهم و زحف إلیهم أهل الشام و قد كانت الحرب أكلت الفریقین و لكنها فی أهل الشام أشد نكایة و أعظم وقعا قد ملوا الحرب و كرهوا القتال و تضعضعت أركانهم
ص: 525
قال فخرج رجل من أهل العراق علی فرس كمیت ذنوب علیه السلاح لا یری منه إلا عیناه و بیده الرمح فجعل یضرب رءوس أهل العراق بالقناة و یقول سووا صفوفكم رحمكم اللّٰه حتی إذا عدل الصفوف و الرایات استقبلهم بوجهه و ولی أهل الشام ظهره ثم حمد اللّٰه و أثنی علیه و قال الحمد لله الذی جعل فینا ابن عم نبیه أقدمهم هجرة و أولهم إسلاما سیف من سیوف اللّٰه صبه اللّٰه علی أعدائه فانظروا إذا حمی الوطیس و ثار القتام و تكسر المران و جالت الخیل بالأبطال فلا أسمع إلا غمغمة أو همهمة فاتبعونی و كونوا فی أثری قال ثم حمل علی أهل الشام فكسر فیهم رمحه ثم رجع فإذا هو الأشتر قال و خرج رجل من أهل الشام و نادی بین الصفین یا أبا الحسن یا علی ابرز إلی فخرج إلیه علی علیه السلام حتی اختلفت أعناق دابتیهما بین الصفین فقال إن لك یا علی لقدما فی الإسلام و الهجرة فهل لك فی أمر أعرضه علیك یكون فیه حقن هذه الدماء و تأخیر هذه الحروب حتی تری رأیك قال و ما هو قال ترجع إلی عراقك فنخلی بینك و بین العراق و نرجع نحن إلی شامنا فتخلی بیننا و بین الشام:
فقال علی علیه السلام: قد عرفت ما عرضت إن هذه لنصیحة و شفقة و لقد أهمّنی هذا الأمر و أسهرنی و ضربت أنفه و عینه فلم أجد إلا القتال أو الكفر بما أنزل اللّٰه علی محمد صلی اللّٰه علیه و آله إن اللّٰه تعالی ذكره لم یرض من أولیائه أن یعصی فی الأرض و هم سكوت مذعنون لا یأمرون بمعروف و لا ینهون عن منكر فوجدت القتال أهون علی من معالجة الأغلال فی جهنم:
قال: فرجع الرجل و هو یسترجع و زحف الناس بعضهم إلی بعض فارتموا بالنبل و الحجارة حتی فنیت ثم تطاعنوا بالرماح حتی تكسرت و اندقت ثم مشی القوم بعضهم إلی بعض بالسیوف و عمد الحدید فلم یسمع السامعون إلا وقع الحدید بعضه علی بعض لهو أشد هولا فی صدور الرجال من الصواعق و من
ص: 526
جبال تهامة یدك بعضها بعضا و انكسفت الشمس بالنقیع و ثار القطام و القسطل فضلت الألویة و الرایات (1) و أخذ الأشتر یسیر فیما بین المیمنة و المیسرة فیأمر كل قبیلة أو كتیبة من القراء بالإقدام علی التی تلیها فاجتلدوا بالسیوف و عمد الحدید من صلاة الغداة من الیوم المذكور إلی نصف اللیل لم یصلوا لله صلاة فلم یزل الأشتر یفعل ذلك حتی أصبح و المعركة خلف ظهره و افترقوا علی سبعین ألف قتیل فی ذلك الیوم و تلك اللیلة و هی لیلة الهریر المشهورة و كان الأشتر فی میمنة الناس و علی علیه السلام فی القلب و الناس یقتتلون ثم استمر القتال من نصف اللیل الثانی إلی ارتفاع الضحی و الأشتر یقول لأصحابه و هو یزحف بهم نحو أهل الشام ازحفوا قید رمحی هذا و یلقی رمحه فإذا فعلوا ذلك قال ازحفوا قاب هذه القوس (2) فإذا فعلوا ذلك سألهم مثل ذلك حتی مل أكثر الناس من الإقدام فلما رأی ذلك قال أعیذكم باللّٰه أن ترضعوا الغنم سائر الیوم ثم دعا بفرسه و ركز رایته و كانت مع حیان بن هوذة النخعی و سار بین الكتائب و هو یقول أ لا من یشری نفسه لله و یقاتل مع الأشتر حتی یظهر أمر اللّٰه أو یلحق باللّٰه فلا یزال الرجل من الناس یخرج إلیه فیقاتل معه.
«443»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنِی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِی ضِرَارٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رَبِیعَةَ قَالَ: مَرَّ بِیَ الْأَشْتَرُ فَأَقْبَلْتُ مَعَهُ حَتَّی رَجَعَ إِلَی الْمَكَانِ الَّذِی كَانَ بِهِ فَقَامَ فِی أَصْحَابِهِ فَقَالَ شُدُّوا فِدَاءً لَكُمْ عَمِّی وَ خَالِی شِدَّةً تُرْضُونَ بِهَا اللَّهَ وَ تُعِزُّونَ بِهَا الدِّینَ إِذَا أَنَا حَمَلْتُ فَاحْمِلُوا ثُمَّ نَزَلَ یَضْرِبُ وَجْهَ دَابَّتِهِ وَ قَالَ لِصَاحِبِ رَایَتِهِ اقْدُمْ فَتَقَدَّمَ بِهَا ثُمَّ شَدَّ عَلَی الْقَوْمِ وَ شَدَّ مَعَهُ أَصْحَابُهُ فَضَرَبَ أَهْلَ الشَّامِ حَتَّی انْتَهَی بِهِمْ إِلَی مُعَسْكَرِهِمْ فَقَاتَلُوا عِنْدَ الْمُعَسْكَرِ قِتَالًا شَدِیداً وَ قُتِلَ صَاحِبُ رَایَتِهِمْ وَ أَخَذَ عَلِیٌّ علیه السلام لَمَّا رَأَی الظَّفَرَ قَدْ جَاءَ مَنْ قِبَلَهُ یُمِدُّهُ بِالرِّجَالِ.
ص: 527
«444»-وَ رَوَی نَصْرٌ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ الْقَوْمُ إِلَی مَا بَلَغُوا إِلَیْهِ قَامَ عَلِیٌّ علیه السلام خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ بَلَغَ بِكُمُ الْأَمْرُ وَ بِعَدُوِّكُمْ مَا قَدْ رَأَیْتُمْ وَ لَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا آخِرُ نَفَسٍ وَ إِنَّ الْأُمُورَ إِذَا أَقْبَلَتِ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا وَ قَدْ صَبَرَ لَكُمُ الْقَوْمُ عَلَی غَیْرِ دِینٍ حَتَّی بَلَغَنَا مِنْهُمْ مَا بَلَغَنَا وَ أَنَا غَادٍ عَلَیْهِمْ بِالْغَدَاةِ أُحَاكِمُهُمْ إِلَی اللَّهِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ فَدَعَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ قَالَ یَا عَمْرُو إِنَّمَا هِیَ اللَّیْلَةُ حَتَّی یَغْدُوَ عَلَیْنَا بِالْفَضْلِ فَمَا تَرَی قَالَ إِنَّ رِجَالَكَ لَا یَقُومُونَ لِرِجَالِهِ وَ لَسْتَ مِثْلَهُ وَ هُوَ یُقَاتِلُكَ عَلَی أَمْرٍ وَ أَنْتَ تُقَاتِلُهُ عَلَی غَیْرِهِ أَنْتَ تُرِیدُ الْبَقَاءَ وَ هُوَ یُرِیدُ الْفَنَاءَ وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ یَخَافُونَ مِنْكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِمْ وَ أَهْلُ الشَّامِ لَا یَخَافُونَ عَلِیّاً إِنْ ظَفِرَ بِهِمْ وَ لَكِنْ أَلْقِ إِلَی الْقَوْمِ أَمْراً إِنْ قَبِلُوهُ اخْتَلَفُوا وَ إِنْ رَدُّوهُ اخْتَلَفُوا ادْعُهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ حَكَماً فِیمَا بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ فَإِنَّكَ بَالِغٌ بِهِ حَاجَتَكَ فِی الْقَوْمِ وَ إِنِّی لَمْ أَزَلْ أَدَّخِرُ هَذَا الْأَمْرَ لِوَقْتِ حَاجَتِكَ إِلَیْهِ فَعَرَفَ مُعَاوِیَةُ ذَلِكَ وَ قَالَ لَهُ صَدَقْتَ.
«445»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عُمَیْرٍ الْأَنْصَارِیِّ (1) قَالَ: وَ اللَّهِ لَكَأَنِّی أَسْمَعُ عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ الْهَرِیرِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا طَحَنَتْ رَحَی مَذْحِجٍ فِیمَا بَیْنَهَا وَ بَیْنَ عَكٍّ وَ لَخْمٍ وَ جُذَامَ وَ الْأَشْعَرِیِّینَ بِأَمْرٍ عَظِیمٍ تَشِیبُ مِنْهُ النَّوَاصِی حَتَّی اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ وَ قَامَ قَائِمُ الظَّهِیرَةِ وَ عَلِیٌّ علیه السلام یَقُولُ لِأَصْحَابِهِ حَتَّی مَتَی نُخَلِّی بَیْنَ هَذَیْنِ الْحَیَّیْنِ قَدْ فَنِیَا [فَنِیَتَا] وَ أَنْتُمْ وُقُوفٌ تَنْظُرُونَ أَ مَا تَخَافُونَ مَقْتَ اللَّهِ ثُمَّ انْفَتَلَ إِلَی الْقِبْلَةِ وَ رَفَعَ یَدَیْهِ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ نَادَی یَا اللَّهُ یَا رَحْمَانُ یَا وَاحِدُ یَا صَمَدُ یَا اللَّهُ یَا إِلَهَ مُحَمَّدٍ إِلَیْكَ اللَّهُمَّ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَیْدِی وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ وَ طُلِبَتِ الْحَوَائِجُ
ص: 528
اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَیْكَ غَیْبَةَ نَبِیِّنَا وَ كَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَ تَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ سِیرُوا عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ ثُمَّ نَادَی لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَلِمَةُ التَّقْوَی قَالَ فَلَا وَ الَّذِی بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِیّاً مَا سَمِعْنَا بِرَئِیسِ قَوْمٍ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ أَصَابَ بِیَدِهِ فِی یَوْمٍ وَاحِدٍ مَا أَصَابَ إِنَّهُ قَتَلَ فِیمَا ذَكَرَ الْعَادُّونَ زِیَادَةً عَلَی خَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَعْلَامِ الْعَرَبِ یَخْرُجُ بِسَیْفِهِ مُنْحَنِیاً فَیَقُولُ مَعْذِرَةً إِلَی اللَّهِ وَ إِلَیْكُمْ مِنْ هَذَا لَقَدْ هَمَمْتُ مَرَّاتٍ أَنْ أَفْلِقَهُ (1) وَ لَكِنْ یَحْجُزُنِی عَنْهُ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ كَثِیراً لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ وَ أَنَا أُقَاتِلُ بِهِ دُونَهُ علیه السلام قَالَ فَكُنَّا نَأْخُذُهُ وَ نُقَوِّمُهُ ثُمَّ یَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَیْدِینَا فَیَقْتَحِمُ بِهِ عَرْضَ الصَّفِّ فَلَا وَ اللَّهِ مَا لَیْثٌ بِأَشَدَّ نِكَایَةً مِنْهُ فِی عَدُوِّهِ (2).
«446»-و عن عمرو بن شمر عن جابر عن تمیم بن حذیم (3) قال لما أصبحنا من لیلة الهریر نظرنا فإذا أشباه الرایات أمام أهل الشام فی وسط الفیلق حیال موقف علی علیه السلام و معاویة فلما أسفرنا إذا هی المصاحف قد ربطت فی أطراف الرماح و هی عظام مصاحف العسكر و قد شدوا ثلاثة رماح جمیعا و ربطوا علیها مصحف المسجد الأعظم یمسكه عشرة رهط.
ص: 529
«447»-قَالَ نَصْرٌ وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ أَبُو الطُّفَیْلِ اسْتَقْبَلُوا عَلِیّاً بِمِائَةِ مُصْحَفٍ وَ وَضَعُوا فِی كُلِّ مُجَنِّبَةٍ مِائَتَیْ مُصْحَفٍ وَ كَانَ جَمِیعُهَا خَمْسَمِائَةِ مُصْحَفٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام ثُمَّ قَامَ الطُّفَیْلُ بْنُ أَدْهَمَ حِیَالَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَامَ أَبُو شُرَیْحٍ حِیَالَ الْمَیْمَنَةِ وَ وَرْقَاءُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ حِیَالَ الْمَیْسَرَةِ ثُمَّ نَادَوْا یَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ اللَّهَ اللَّهَ فِی النِّسَاءِ وَ الْبَنَاتِ وَ الْأَبْنَاءِ مِنَ الرُّومِ وَ الْأَتْرَاكِ وَ أَهْلِ فَارِسَ غَداً إِذَا فَنِیتُمْ اللَّهَ اللَّهَ فِی دِینِكُمْ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ مَا الْكِتَابَ یُرِیدُونَ فَاحْكُمْ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْحَكَمُ الْحَقُّ الْمُبِینُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام فِی الرَّأْیِ فَطَائِفَةٌ قَالَتِ الْقِتَالُ وَ طَائِفَةٌ قَالَتِ الْمُحَاكَمَةُ إِلَی الْكِتَابِ وَ لَا یَحِلُّ لَنَا الْحَرْبُ وَ قَدْ دُعِینَا إِلَی حُكْمِ الْكِتَابِ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَطَلَتِ الْحَرْبُ وَ وَضَعَتْ أَوْزَارَهَا.
«448»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ علیه السلام قَالَ: لَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الْأَعْظَمُ قَالَ أَصْحَابُ مُعَاوِیَةَ وَ اللَّهِ لَا نَبْرَحُ الْیَوْمَ الْعَرْصَةَ حَتَّی نَمُوتَ أَوْ یُفْتَحَ لَنَا وَ قَالَ أَصْحَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ علیه السلام مِثْلَ ذَلِكَ فَبَاكَرُوا الْقِتَالَ غُدْوَةً فِی یَوْمٍ مِنْ أَیَّامِ الشِّعْرَی طَوِیلٍ شَدِیدِ الْحَرِّ فَتَرَامَوْا حَتَّی فَنِیَتِ النِّبَالُ وَ تَطَاعَنُوا حَتَّی تَقَصَّفَتِ الرِّمَاحُ ثُمَّ نَزَلَ الْقَوْمُ عَنْ خُیُولِهِمْ وَ مَشَی بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ بِالسُّیُوفِ حَتَّی تَكَسَّرَتْ جُفُونُهَا وَ قَامَ الْفُرْسَانُ فِی الرَّكْبِ ثُمَّ اضْطَرَبُوا بِالسُّیُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِیدِ فَلَمْ یَسْمَعِ السَّامِعُونَ إِلَّا تَغَمْغُمَ الْقَوْمِ وَ صَلِیلَ الْحَدِیدِ فِی الْهَامِ وَ تَكَادُمَ الْأَفْوَاهِ وَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَ ثَارَ الْقَتَامُ وَ ضَلَّتِ الْأَلْوِیَةُ وَ الرَّایَاتُ وَ مَرَّتْ مَوَاقِیتُ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ مَا یُسْجَدُ فِیهِنَّ لِلَّهِ إِلَّا تَكْبِیراً وَ نَادَتِ الْمَشِیخَةُ فِی تِلْكَ الْغَمَرَاتِ یَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْحُرُمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْبَنَاتِ قَالَ جَابِرٌ فَبَكَی أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام وَ هُوَ یُحَدِّثُنَا بِهَذَا الْحَدِیثِ قَالَ وَ أَقْبَلَ الْأَشْتَرُ عَلَی فَرَسٍ كُمَیْتٍ مَحْذُوفٍ قَدْ وَضَعَ مِغْفَرَهُ عَلَی قَرَبُوسِ السَّرْجِ
ص: 530
وَ هُوَ یَقُولُ اصْبِرُوا یَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ حَمِیَ الْوَطِیسُ وَ رَجَعَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْكُسُوفِ وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ أَخَذَتِ السِّبَاعُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَقَالَ رَجُلٌ فِی تِلْكَ الْحَالِ أَیُّ رَجُلٍ هَذَا لَوْ كَانَتْ لَهُ نِیَّةٌ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَ أَیُّ نِیَّةٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَ هَبِلَتْكَ إِنَّ رَجُلًا فِیمَا قَدْ تَرَی قَدْ سَبَحَ فِی الدِّمَاءِ وَ مَا أَضْجَرَتْهُ الْحَرْبُ وَ قَدْ غَلَتْ هَامُ الْكُمَاةِ مِنَ الْحَرِّ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ هُوَ كَمَا تَرَاهُ جَذَعاً (1) یَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ اللَّهُمَّ لَا تُبْقِنَا بَعْدَ هَذَا.
«449»-قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَی الشَّعْبِیُّ عَنْ صَعْصَعَةَ أَنَّهُ بَدَرَ مِنَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَیْسٍ لَیْلَةَ الْهَرِیرِ قَوْلٌ نَقَلَهُ النَّاقِلُونَ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَاغْتَنَمَهُ وَ بَنَا عَلَیْهِ تَدْبِیرَهُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ خَطَبَ أَصْحَابَهُ مِنْ كِنْدَةَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ وَ قَالَ فِی خُطْبَتِهِ قَدْ رَأَیْتُمْ یَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ مَا قَدْ كَانَ فِی یَوْمِكُمْ هَذَا الْمَاضِی وَ قَدْ فَنِیَ فِیهِ مِنَ الْعَرَبِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ السِّنِّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَبْلُغَ فَمَا رَأَیْتُ مِثْلَ هَذَا الْیَوْمِ قَطُّ أَلَا فَلْیُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَ إِنَّا إِنْ نَحْنُ تَوَاقَفْنَا غَداً إِنَّهُ لَفَنَاءُ الْعَرَبِ وَ ضَیْعَةُ الْحُرُمَاتِ أَوْ قَالَ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا یَخْذُلُهُمْ عَنِ الْقِتَالِ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ قَالَ أَصَابَ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَدَبَّرَ تِلْكَ اللَّیْلَةَ مَا دَبَّرَ مِنْ رَفْعِ الْمَصَاحِفِ عَلَی الرِّمَاحِ فَأَقْبَلُوا بِالْمَصَاحِفِ یُنَادُونَ كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ
ص: 531
قَالَ فَجَاءَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ لَمْ تُصِبْ مِنَّا عُصْبَةٌ إِلَّا وَ قَدْ أُصِیبَ مِنْهُمْ مِثْلُهَا وَ كُلٌّ مَقْرُوحٌ وَ لَكِنَّا أَمْثَلُ بَقِیَّةً مِنْهُمْ وَ قَدْ جَزِعَ الْقَوْمُ وَ لَیْسَ بَعْدَ الْجَزَعِ إِلَّا مَا تُحِبُّ فَنَاجِزْهُمْ وَ قَامَ الْأَشْتَرُ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ لَا خَلَفَ لَهُ مِنْ رِجَالِهِ وَ لَكَ بِحَمْدِ اللَّهِ الْخَلَفُ وَ لَوْ كَانَ لَهُ مِثْلُ رِجَالِكَ لَمْ یَكُنْ لَهُ مِثْلُ صَبْرِكَ وَ لَا نَصْرِكَ فَاقْرَعِ الْحَدِیدَ بِالْحَدِیدِ وَ اسْتَعِنْ بِاللَّهِ الْمَجِیدِ وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا وَ اللَّهِ مَا أَجَبْنَاكَ وَ لَا نَصَرْنَاكَ عَلَی الْبَاطِلِ وَ لَا أَجَبْنَا إِلَّا اللَّهَ وَ لَا طَلَبْنَا إِلَّا الْحَقَّ وَ لَوْ دَعَانَا غَیْرُكَ إِلَی مَا دَعَوْتَنَا إِلَیْهِ لَاسْتَشْرَی فِیهِ اللَّجَاجُ وَ طَالَ فِیهِ النَّجْوَی وَ قَدْ بَلَغَ الْحَقُّ مَقْطَعَهُ وَ لَیْسَ لَنَا مَعَكَ رَأْیٌ فَقَامَ الْأَشْعَثُ مُغْضَباً فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا لَكَ الْیَوْمَ عَلَی مَا كُنَّا عَلَیْهِ أَمْسِ وَ لَیْسَ آخِرُ أَمْرِنَا كَأَوَّلِهِ وَ مَا مِنَ الْقَوْمِ أَحَدٌ أَحْنَی عَلَی أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ لَا أَوْتَرَ لِأَهْلِ الشَّامِ مِنِّی فَأَجِبِ الْقَوْمَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّكَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ وَ قَدْ أَحَبَّ النَّاسُ الْبَقَاءَ وَ كَرِهُوا الْقِتَالَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَذَا أَمْرٌ یُنْظَرُ فِیهِ وَ نَادَی النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ الْمُوَادَعَةَ الْمُوَادَعَةَ وَ فِی حَدِیثِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ لَمَّا رَفَعَ أَهْلُ الشَّامِ الْمَصَاحِفَ عَلَی الرِّمَاحِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی أَحَقُّ مَنْ أَجَابَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَكِنَّ مُعَاوِیَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ ابْنَ أَبِی مُعَیْطٍ وَ ابْنَ أَبِی سَرْحٍ وَ ابْنَ مَسْلَمَةَ لَیْسُوا بِأَصْحَابِ دِینٍ وَ لَا قُرْآنٍ إِنِّی أَعْرَفُ بِهِمْ مِنْكُمْ صَحِبْتُهُمْ صِغَاراً وَ رِجَالًا فَكَانُوا شَرَّ صِغَارٍ وَ شَرَّ رِجَالٍ وَیْحَكُمْ إِنَّهَا كَلِمَةُ حَقٍّ یُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ إِنَّهُمْ مَا رَفَعُوهَا وَ إِنَّهُمْ یَعْرِفُونَهَا وَ لَا یَعْمَلُونَ بِهَا وَ لَكِنَّهَا الْخَدِیعَةُ وَ الْوَهْنُ وَ الْمَكِیدَةُ أَعِیرُونِی سَوَاعِدَكُمْ وَ جَمَاجِمَكُمْ سَاعَةً وَاحِدَةً فَقَدْ بَلَغَ الْحَقُّ مَقْطَعَهُ وَ لَمْ یَبْقَ إِلَّا أَنْ یُقْطَعَ دَابِرُ الظَّالِمِینَ
ص: 532
فَجَاءَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ زُهَاءُ عِشْرِینَ أَلْفاً مُقَنِّعِینَ فِی الْحَدِیدِ شَاكِی السِّلَاحِ سُیُوفُهُمْ عَلَی عَوَاتِقِهِمْ وَ قَدِ اسْوَدَّتْ جِبَاهُهُمْ مِنَ السُّجُودِ یَتَقَدَّمُهُمْ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِیٍّ وَ زَیْدُ بْنُ حُصَیْنٍ وَ عِصَابَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِینَ صَارُوا خَوَارِجَ مِنْ بَعْدُ فَنَادَوْهُ بِاسْمِهِ لَا بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ قَالُوا یَا عَلِیُّ أَجِبِ الْقَوْمَ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ إِذَا دُعِیتَ إِلَیْهِ وَ إِلَّا قَتَلْنَاكَ كَمَا قَتَلْنَا ابْنَ عَفَّانَ فَوَ اللَّهِ لَنَفْعَلَنَّهَا إِنْ لَمْ تُجِبْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام وَیْحَكُمْ أَنَا أَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ إِلَیْهِ وَ لَیْسَ یَحِلُّ لِی وَ لَا یَسَعُنِی فِی دِینِی أَنْ أُدْعَی إِلَی كِتَابِ اللَّهِ فَلَا أَقْبَلَهُ إِنِّی إِنَّمَا أُقَاتِلُهُمْ لِیَدِینُوا بِحُكْمِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللَّهَ فِیمَا أَمَرَهُمْ وَ نَقَضُوا عَهْدَهُ وَ نَبَذُوا كِتَابَهُ وَ لَكِنِّی قَدْ أَعْلَمْتُكُمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَادُوكُمْ وَ أَنَّهُمْ لَیْسَ الْعَمَلَ بِالْقُرْآنِ یُرِیدُونَ قَالُوا فَابْعَثْ إِلَی الْأَشْتَرِ لِیَأْتِیَكَ وَ قَدْ كَانَ الْأَشْتَرُ صَبِیحَةَ لَیْلَةِ الْهَرِیرِ قَدْ أَشْرَفَ عَلَی عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ لِیَدْخُلَهُ
«450»-قال نصر فحدثنی فضیل بن خدیج قال سأل مصعب بن الزبیر إبراهیم بن الأشتر عن الحال كیف كانت فقال كنت عند علی علیه السلام حین بعث إلی الأشتر لیأتیه و قد كان الأشتر أشرف علی عسكر معاویة لیدخله فأرسل إلیه علی علیه السلام یزید بن هانئ أن ائتنی فأتاه فأبلغه فقال له الأشتر آتیه فقل له لیس هذه الساعة التی ینبغی لك أن تزیلنی عن موقفی إنی قد رجوت الفتح فلا تعجلنی فرجع یزید إلیه علیه السلام فأخبره فما هو إلا أن انتهی إلینا حتی ارتفع الرهج و علت الأصوات من قبل الأشتر و ظهرت دلائل الفتح و النصر لأهل العراق و دلائل الخذلان و الإدبار علی أهل الشام فقال القوم لعلیّ ما نراك أمرته إلا بالقتال قال أ رأیتمونی ساررت رسولی إلیه أ لیس إلا كلمته علی رءوسكم (1) علانیة و أنتم تسمعون قالوا فابعث إلیه فلیأتك و إلا و اللّٰه اعتزلناك فقال ویحك یا یزید قل له أقبل إلی فإن
ص: 533
الفتنة قد وقعت فأتاه فأخبره فقال الأشتر أ برفع هذه المصاحف (1) قال نعم قال أما و اللّٰه لقد ظننت أنها حین رفعت ستوقع اختلافا و فرقة إنها مشورة ابن النابغة ثم قال لیزید بن هانئ ویحك أ لا تری إلی الفتح أ لا تری إلی ما یلقون أ لا تری إلی الذی یصنع اللّٰه لنا أ ینبغی أن ندع هذا و ننصرف عنه فقال له یزید أ تحب أنك ظفرت هاهنا و أن أمیر المؤمنین علیه السلام بمكانه الذی هو فیه یفرج عنه و یسلم إلی عدوه فقال سبحان اللّٰه لا و اللّٰه لا أحب ذلك قال فإنهم قد قالوا له و حلفوا علیه لترسلن إلی الأشتر فلیأتینك أو لنقتلنك بأسیافنا كما قتلنا عثمان أو لنسلمنك إلی عدوك فأقبل الأشتر حتی انتهی إلیهم فصاح یا أهل الذل و الوهن أ حین علوتم القوم و ظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف یدعونكم إلی ما فیها و قد و اللّٰه تركوا ما أمر اللّٰه فیها و تركوا سنة من أنزلت علیه فلا تجیبوهم أمهلونی فواقا فإنی قد أحسست بالفتح قالوا لا نمهلك قال فأمهلونی عدوة الفرس فإنی قد طمعت فی النصر قالوا إذا ندخل معك فی خطیئتك قال فحدثونی عنكم و قد قتل أماثلكم و بقی أراذلكم متی كنتم محقین أ حین كنتم تقتلون أهل الشام فأنتم الآن حین أمسكتم عن قتالهم مبطلون أم أنتم الآن فی إمساككم عن القتال محقون فقتلاكم إذن الذین لا تنكرون فضلهم و أنهم خیر منكم فی النار قالوا دعنا منك یا أشتر قاتلناهم فی اللّٰه و ندع قتالهم فی اللّٰه إنا لسنا نطیعك فاجتنبنا فقال خدعتم و اللّٰه فانخدعتم و دعیتم إلی وضع الحرب فأجبتم یا أصحاب الجباه السود كنا نظن صلاتكم زهادة فی الدنیا و شوقا إلی لقاء اللّٰه فلا أری فراركم إلا إلی الدنیا من الموت ألا فقبحا یا أشباه النیب الجلالة ما أنتم براءین بعدها عزا أبدا فابعدوا كما بعد القوم الظالمون فسبوه و سبهم و ضربوا بسیاطهم وجه دابته و ضرب بسوطه وجوه دوابهم و صاح بهم علی علیه السلام فكفوا
ص: 534
و قال الأشتر یا أمیر المؤمنین أحمل الصف علی الصف تصرع القوم فتصایحوا أن أمیر المؤمنین قد قبل الحكومة و رضی بحكم القرآن فقال الأشتر إن كان أمیر المؤمنین قد قبل و رضی فقد رضیت بما یرضی به أمیر المؤمنین فأقبل الناس یقولون قد رضی أمیر المؤمنین علیه السلام قد قبل أمیر المؤمنین علیه السلام و هو ساكت لا یفیض بكلمة مطرق إلی الأرض (1): ثم قام فسكت الناس كلهم فقال:
أیها الناس إن أمری لم یزل معكم علی ما أحب إلی أن أخذت منكم الحرب و قد و اللّٰه أخذت منكم و تركت و أخذت من عدوكم فلم تترك و إنها فیهم أنكی و أنهك ألا و إنی كنت أمس أمیر المؤمنین فأصبحت الیوم مأمورا و كنت ناهیا فأصبحت منهیا و قد أحببتم البقاء و لیس لی أن أحملكم علی ما تكرهون ثم قعد ثم تكلم رؤساء القبائل فكل قال ما یراه و یهواه إما من الحرب أو من السلم.
«451»-قال ابن أبی الحدید (2) و ذكر ابن دیزیل فی كتاب صفین قال: خرج عبد الرحمن بن خالد بن الولید و معه لواء معاویة فارتجز فخرج إلیه جاریة بن قدامة ثم أطعنا فلم یصنعا شیئا و انصرف كل واحد منهما عن صاحبه فقال عمرو بن العاص لعبد الرحمن أقحم یا ابن سیف اللّٰه فتقدم عبد الرحمن بلوائه و تقدم أصحابه فأقبل علی علیه السلام علی الأشتر فقال له قد بلغ لواء معاویة حیث تری فدونك القوم فأخذ الأشتر لواء علی علیه السلام و ارتجز و ضارب القوم حتی ردهم فانتدب له همام بن قبیصة و كان مع معاویة فشد علیه فی مذحج فانتصر عدی بن حاتم للأشتر فحمل علیه فی طی فاشتد القتال جدا
ص: 535
فدعا علی علیه السلام ببغلة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فركبها ثم تعصب بعمامة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و نادی أیها الناس من یشری نفسه لله إن هذا یوم له ما بعده فانتدب معه ما بین عشرة آلاف إلی اثنی عشر ألفا فتقدم علی علیه السلام و قال:
دبوا دبیب النمل لا تفوتوا***و أصبحوا فی أمركم و بیتوا
حتی تنالوا الثأر أو تموتوا
و حمل الناس كلهم حملة واحدة فلم یبق لأهل الشام صف إلا أزالوه حتی أفضوا إلی معاویة فدعا معاویة بفرسه لیفر علیه فكان معاویة بعد ذلك یحدث و یقول لما وضعت رجلی فی الركاب ذكرت قول عمرو بن الأطنابة:
أبت لی عفتی و أبی بلائی***و أخذی الحمد بالثمن الربیح
و إقدامی علی المكروه نفسی***و ضربی هامة البطل المشیح
و قولی كلما جشأت و جاشت***مكانك تحمدی أو تستریحی
فأخرجت رجلی من الركاب و أقمت و نظرت إلی عمرو فقلت له الیوم صبر و غدا فخر فقال صدقت فكان ذلك یوم الهریر و رفعت المصاحف بعده- و روی إبراهیم بن دیزیل عن ابن لهیعة (1) عن یزید بن أبی حبیب عن ربیعة بن لقیط قال شهدنا صفین فمطرت السماء علینا دما عبیطا قال و فی حدیث اللیث بن سعد إن كانوا لیأخذونه بالصحاف و الآنیة و فی حدیث ابن لهیعة حتی إن الصحاف و الآنیة لتمتلئ و نهریقها و ذلك فی یوم الهریر و فزع أهل الشام و هموا أن یتفرقوا فقام عمرو بن العاص فیهم فقال أیها الناس إنما هذه آیة من آیات اللّٰه فأصلح امرؤ ما بینه و بین اللّٰه ثم لا علیه أن ینتطح هذا الجبلان فأخذوا فی القتال
ص: 536
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِی مُعَاوِیَةُ أَنَّهُ كَانَ یَوْمَئِذٍ قَدْ قُرِّبَ إِلَیْهِ فَرَسٌ لَهُ أُنْثَی بَعِیدَةُ الْبَطْنِ مِنَ الْأَرْضِ لِیَهْرُبَ عَلَیْهَا حَتَّی أَتَاهُ آتٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ لَهُ إِنِّی قَدْ تَرَكْتُ أَصْحَابَ عَلِیٍّ علیه السلام فِی مِثْلِ لَیْلَةِ الصَّدَرِ مِنْ مِنًی فَأَقَمْتُ قَالَ نَصْرٌ وَ إِبْرَاهِیمُ أَیْضاً وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ طَالَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ وَ كُلٌّ مِنَّا یَرَی أَنَّهُ عَلَی الْحَقِّ فِیمَا یَطْلُبُ مِنْ صَاحِبِهِ وَ لَنْ یُعْطِیَ وَاحِدٌ مِنَّا الطَّاعَةَ لِلْآخَرِ وَ قَدْ قُتِلَ فِیمَا بَیْنَنَا بَشَرٌ كَثِیرٌ وَ أَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ یَكُونَ مَا بَقِیَ أَشَدَّ مِمَّا مَضَی وَ إِنَّا سَوْفَ نُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ وَ لَا یُحَاسَبُ بِهِ غَیْرِی وَ غَیْرُكَ وَ قَدْ دَعْوَتُكَ إِلَی أَمْرٍ لَنَا وَ لَكَ فِیهِ حَیَاةٌ وَ عُذْرٌ وَ بَرَاءَةٌ وَ صَلَاحٌ لِلْأُمَّةِ وَ حَقْنُ الدِّمَاءِ وَ ذَهَابٌ لِلضَّغَائِنِ وَ الْفِتَنِ وَ أَنْ تُحَكِّمَ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ حَكَمَیْنِ مَرْضِیَّیْنَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَصْحَابِی وَ الْآخَرُ مِنْ أَصْحَابِكَ فَیَحْكُمَانِ بَیْنَنَا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَهُوَ خَیْرٌ لِی وَ لَكَ وَ أَقْطَعُ لِهَذِهِ الْفِتَنِ فَاتَّقِ اللَّهَ فِیمَا دُعِیتَ إِلَیْهِ وَ ارْضَ بِحُكْمِ الْقُرْآنِ إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَفْضَلَ مَا شَغَلَ بِهِ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ اتِّبَاعُ مَا حَسَّنَ بِهِ فِعْلَهُ وَ اسْتَوْجَبَ فَضْلَهُ وَ سَلِمَ مِنْ عَیْبِهِ وَ إِنَّ الْبَغْیَ وَ الزُّورَ یُزْرِیَانِ بِالْمَرْءِ فِی دِینِهِ وَ دُنْیَاهُ وَ یُبْدِیَانِ مِنْ خَلَلِهِ عِنْدَ مَنْ یُغْنِیهِ مَا اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ مَا لَا یُغْنِی عَنْهُ تَدْبِیرَهُ فَاحْذَرِ الدُّنْیَا فَإِنَّهُ لَا فَرَحَ فِی شَیْ ءٍ وَصَلْتَ إِلَیْهِ مِنْهَا وَ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ غَیْرُ مُدْرِكٍ مَا قُضِیَ فَوَاتُهُ وَ قَدْ رَامَ قَوْمٌ أَمْراً بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ تَأَوَّلُوهُ عَلَی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ فَأَكْذَبَهُمْ وَ مَتَّعَهُمْ قَلِیلًا ثُمَّ اضْطَرَّهُمْ إِلی عَذابٍ غَلِیظٍ فَاحْذَرْ یَوْماً یَغْتَبِطُ فِیهِ مَنْ أَحْمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ وَ یَنْدَمُ فِیهِ مَنْ أَمْكَنَ الشَّیْطَانَ مِنْ قِیَادِهِ وَ لَمْ یُحَادَّهُ وَ غَرَّتْهُ الدُّنْیَا وَ اطْمَأَنَّ إِلَیْهَا
ص: 537
ثُمَّ إِنَّكَ قَدْ دَعَوْتَنِی إِلَی حُكْمِ الْقُرْآنِ وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَ لَا حُكْمَهُ تُرِیدُ وَ الْمُسْتَعَانُ اللَّهُ فَقَدْ أَجَبْنَا الْقُرْآنَ إِلَی حُكْمِهِ وَ لَسْنَا إِیَّاكَ أَجَبْنَا نَعَمْ فَبَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ حُكْمُ الْقُرْآنِ (1) وَ مَنْ لَمْ یَرْضَ بِحُكْمِ الْقُرْآنِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِیداً* فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ أَمَّا بَعْدُ عَافَانَا اللَّهُ وَ إِیَّاكَ فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُجِیبَ إِلَی مَا فِیهِ صَلَاحُنَا وَ أُلْفَةُ مَا بَیْنَنَا وَ قَدْ فَعَلْتَ الَّذِی فَعَلْتَ وَ أَنَا أَعْرِفُ حَقِّی وَ لَكِنِّی اشْتَرَیْتُ بِالْعَفْوِ صَلَاحَ الْأُمَّةِ وَ لَمْ أُكْثِرْ فَرَحاً بِشَیْ ءٍ جَاءَ وَ لَا ذَهَبَ وَ إِنَّمَا أَدْخَلَنِی فِی هَذَا الْأَمْرِ الْقِیَامُ بِالْحَقِّ فِیمَا بَیْنَ الْبَاغِی وَ الْمَبْغِیِّ عَلَیْهِ وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیُ مِنَ الْمُنْكَرِ وَ دَعَوْتُ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ فِیمَا بَیْنَنَا وَ بَیْنَكَ فَإِنَّهُ لَا یَجْمَعُنَا وَ إِیَّاكُمْ إِلَّا هُوَ نُحْیِی مَا أَحْیَا الْقُرْآنُ وَ نُمِیتُ مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ وَ السَّلَامُ قَالَ نَصْرٌ فَكَتَبَ علیه السلام إِلَی عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ یَعِظُهُ وَ یُرْشِدُهُ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْیَا مَشْغَلَةٌ عَنْ غَیْرِهَا وَ لَنْ یُصِبْ صَاحِبُهَا مِنْهَا شَیْئاً إِلَّا فَتَحَتْ لَهُ حِرْصاً یَزِیدُهُ فِیهَا رَغْبَةً وَ لَنْ یَسْتَغْنِیَ صَاحِبُهَا بِمَا نَالَ عَمَّا لَمْ یَبْلُغْ وَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فِرَاقُ مَا جَمَعَ وَ السَّعِیدُ مَنْ وُعِظَ بِغَیْرِهِ فَلَا تُحْبِطْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَجْرَكَ وَ لَا تُجَارِ مُعَاوِیَةَ فِی بَاطِلِهِ وَ السَّلَامُ فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الْجَوَابَ أَمَّا بَعْدُ فَالَّذِی فِیهِ صَلَاحُنَا وَ أُلْفَتُنَا الْإِنَابَةُ إِلَی الْحَقِّ وَ قَدْ جَعَلْنَا الْقُرْآنَ بَیْنَنَا حَكَماً وَ أَجَبْنَا إِلَیْهِ فَصَبَرَ الرَّجُلُ مِنَّا نَفْسَهُ عَلَی مَا حَكَمَ عَلَیْهِ الْقُرْآنُ وَ عَذَرَهُ النَّاسُ بَعْدَ الْمُحَاجَزَةِ وَ السَّلَامُ
ص: 538
فَكَتَبَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الَّذِی أَعْجَبَكَ مِنَ الدُّنْیَا مِمَّا نَازَعَتْكَ إِلَیْهِ نَفْسُكَ وَ وَثِقْتَ بِهِ مِنْهَا لَمُنْقَلِبٌ عَنْكَ وَ مُفَارِقٌ لَكَ فَلَا تَطْمَئِنَّ إِلَی الدُّنْیَا فَإِنَّهَا غَرَّارَةٌ وَ لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا مَضَی لَحَفِظْتَ مَا بَقِیَ وَ انْتَفَعْتَ مِنْهَا بِمَا وَعَظْتَ بِهِ وَ السَّلَامُ فَأَجَابَهُ عَمْرٌو أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَنْصَفَ مَنْ جَعَلَ الْقُرْآنَ إِمَاماً وَ دَعَا النَّاسَ إِلَی أَحْكَامِهِ فَاصْبِرْ أَبَا حَسَنٍ فَإِنَّا غَیْرُ مُنِیلِیكَ إِلَّا مَا أَنَالَكَ الْقُرْآنُ وَ السَّلَامُ قَالَ نَصْرٌ وَ جَاءَ الْأَشْعَثُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَرَی النَّاسَ إِلَّا وَ قَدْ رَضُوا وَ سَرَّهُمْ أَنْ یُجِیبُوا الْقَوْمَ إِلَی مَا دَعَوْهُمْ إِلَیْهِ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ فَإِنْ شِئْتَ أَتَیْتُ مُعَاوِیَةَ فَسَأَلْتُهُ مَا یُرِیدُ وَ نَظَرْتُ مَا الَّذِی یَسْأَلُ قَالَ ائْتِهِ إِنْ شِئْتَ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ یَا مُعَاوِیَةُ لِأَیِّ شَیْ ءٍ رَفَعْتُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ قَالَ لِنَرْجِعَ نَحْنُ وَ أَنْتُمْ إِلَی مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِیهَا فَابْعَثُوا رَجُلًا مِنْكُمْ تَرْضَوْنَ بِهِ وَ نَبْعَثُ مِنَّا رَجُلًا وَ نَأْخُذُ عَلَیْهِمَا أَنْ یَعْمَلَا بِمَا فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا یَعْدُوَانِهِ ثُمَّ نَتَّبِعُ مَا اتَّفَقَا عَلَیْهِ فَقَالَ الْأَشْعَثُ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَ انْصَرَفَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ فَبَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام قُرَّاءً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ بَعَثَ مُعَاوِیَةُ قُرَّاءً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَاجْتَمَعُوا بَیْنَ الصَّفَّیْنِ وَ مَعَهُمُ الْمُصْحَفُ فَنَظَرُوا فِیهِ وَ تَدَارَسُوهُ وَ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یُحْیُوا مَا أَحْیَا الْقُرْآنُ وَ یُمِیتُوا مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ وَ رَجَعَ كُلُّ فَرِیقٍ إِلَی صَاحِبِهِ فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ إِنَّا قَدْ رَضِینَا وَ اخْتَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ قَالَ الْأَشْعَثُ وَ الْقُرَّاءُ الَّذِینَ صَارُوا خَوَارِجَ فِیمَا بَعْدُ وَ قَدْ رَضِینَا نَحْنُ وَ اخْتَرْنَا أَبَا مُوسَی الْأَشْعَرِیَّ فَقَالَ لَهُمْ عَلِیٌّ علیه السلام فَإِنِّی لَا أَرْضَی بِأَبِی مُوسَی وَ لَا أَرَی أَنْ أُوَلِّیَهُ فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ زَیْدُ بْنُ حُصَیْنٍ وَ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِیٍّ فِی عِصَابَةٍ إِنَّا لَا نَرْضَی إِلَّا بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ حَذَّرَنَا مَا وَقَعْنَا فِیهِ فَقَالَ علیه السلام فَإِنَّهُ لَیْسَ لِی بِرِضًا وَ قَدْ فَارَقَنِی وَ خَذَلَ النَّاسَ عَنِّی وَ هَرَبَ مِنِّی حَتَّی آمَنْتُهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ وَ لَكِنْ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أُوَلِّیهِ ذَلِكَ قَالُوا وَ اللَّهِ مَا نُبَالِی أَ كُنْتَ أَنْتَ أَوِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ لَا نُرِیدُ إِلَّا رَجُلًا هُوَ مِنْكَ
ص: 539
وَ مِنْ مُعَاوِیَةَ سَوَاءٌ لَیْسَ إِلَی وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَدْنَی مِنَ الْآخَرِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَإِنِّی أَجْعَلُ الْأَشْتَرَ فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ هَلْ سَعَّرَ الْأَرْضَ عَلَیْنَا إِلَّا الْأَشْتَرُ وَ هَلْ نَحْنُ إِلَّا فِی حُكْمِ الْأَشْتَرِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ مَا حُكْمُهُ قَالَ حُكْمُهُ أَنْ یَضْرِبَ بَعْضُنَا بَعْضاً بِالسَّیْفِ حَتَّی یَكُونَ مَا أَرَدْتَ وَ مَا أَرَادَ.
«452»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام قَالَ: لَمَّا أَرَادَ النَّاسُ عَلِیّاً أَنْ یَضَعَ الْحَكَمَیْنِ قَالَ لَهُمْ إِنَّ مُعَاوِیَةَ لَمْ یَكُنْ لِیَضَعَ لِهَذَا الْأَمْرِ أَحَداً هُوَ أَوْثَقُ بِرَأْیِهِ وَ نَظَرِهِ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ إِنَّهُ لَا یَصْلَحُ لِلْقُرَشِیِّ إِلَّا الْقُرَشِیُّ فَعَلَیْكُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَارْمُوهُ بِهِ فَإِنَّ عَمْراً لَا یَعْقِدُ عُقْدَةً إِلَّا حَلَّهَا عَبْدُ اللَّهِ وَ لَا یَحُلُّ عُقْدَةً إِلَّا عَقَدَهَا وَ لَا یُبْرِمُ أَمْراً إِلَّا نَقَضَهُ وَ لَا یَنْقُضُ أَمْراً إِلَّا أَبْرَمَهُ فَقَالَ الْأَشْعَثُ لَا وَ اللَّهِ لَا یَحْكُمُ فِینَا مُضَرِیَّانِ حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ وَ لَكِنْ نَجْعَلُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ إِذْ جَعَلُوا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مُضَرَ فَقَالَ علیه السلام إِنِّی أَخَافُ أَنْ یُخْدَعَ یَمَنِیُّكُمْ فَإِنَّ عَمْراً لَیْسَ مِنَ اللَّهِ فِی شَیْ ءٍ إِذَا كَانَ لَهُ فِی أَمْرٍ هَوًی فَقَالَ الْأَشْعَثُ وَ اللَّهِ لَأَنْ یَحْكُمَا بِبَعْضِ مَا نَكْرَهُ وَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ أَحَبُّ إِلَیْنَا مِنْ أَنْ یَكُونَ بَعْضُ مَا نُحِبُّ فِی حُكْمِهِمَا وَ هُمَا مُضَرِیَّانِ قال و ذكر الشعبی أیضا مثل ذلك قَالَ نَصْرٌ وَ فِی حَدِیثِ عَمْرٍو فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام قَدْ أَبَیْتُمْ إِلَّا أَبَا مُوسَی قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَاصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ فَبَعَثُوا إِلَی أَبِی مُوسَی وَ هُوَ بِأَرْضٍ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ یُقَالُ لَهَا عُرْضٌ (1) قَدِ اعْتَزَلَ الْقِتَالَ فَأَتَاهُ مَوْلًی لَهُ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اصْطَلَحُوا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ قَالَ وَ قَدْ جَعَلُوكَ حَكَماً فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَجَاءَ أَبُو مُوسَی حَتَّی دَخَلَ عَسْكَرَ عَلِیٍّ علیه السلام
ص: 540
وَ جَاءَ الْأَشْتَرُ عَلِیّاً فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَلِزَّنِی بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (1) فَوَ اللَّهِ الَّذِی لَا إِلَهَ غَیْرُهُ لَئِنْ مُلِئَتْ عَیْنِی مِنْهُ لَأَقْتُلَنَّهُ وَ جَاءَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ عَلِیّاً علیه السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّكَ قَدْ رُمِیتَ بِحَجَرِ الْأَرْضِ وَ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أَنْفَ الْإِسْلَامِ وَ إِنِّی قَدْ عَجَمْتُ هَذَا الرَّجُلَ یَعْنِی أَبَا مُوسَی وَ حَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ كَلِیلَ الشَّفْرَةِ قَرِیبَ الْقَعْرِ كَلِیلَ الْمُدْیَةِ وَ إِنَّهُ لَا یَصْلَحُ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ إِلَّا رَجُلٌ یَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّی یَكُونَ فِی أَكُفِّهِمْ وَ یَتَبَاعَدُ مِنْهُمْ حَتَّی یَكُونَ بِمَنْزِلَةِ النَّجْمِ مِنْهُمْ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَنِی حَكَماً فَاجْعَلْنِی وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَنِی ثَانِیاً أَوْ ثَالِثاً فَإِنَّ عَمْراً لَا یَعْقِدُ عُقْدَةً إِلَّا عَقَدْتُ لَكَ أَشَدَّ مِنْهَا فَعَرَضَ عَلِیٌّ علیه السلام ذَلِكَ عَلَی النَّاسِ فَأَبَوْهُ وَ قَالُوا لَا یَكُونُ إِلَّا أَبُو مُوسَی فَبَعَثَ أَیْمَنَ بْنَ خُرَیْمٍ الْأَسَدِیَّ (2) وَ كَانَ مُعْتَزِلًا لِمُعَاوِیَةَ بِأَبْیَاتٍ تَدُلُّ عَلَی أَنَّ صَلَاحَهُمْ فِی اخْتِیَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ تَرْكِ أَبِی مُوسَی فَطَارَتْ أَهْوَاءُ قَوْمٍ مِنْ أَوْلِیَاءِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ شِیعَتِهِ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ وَ أَبَتِ الْقُرَّاءُ إِلَّا أَبَا مُوسَی قَالَ نَصْرٌ فَلَمَّا رَضِیَ أَهْلُ الشَّامِ بِعَمْرٍو وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَبِی مُوسَی أَخَذُوا فِی سَطْرِ كِتَابِ الْمُوَادَعَةِ وَ كَانَتْ صُورَتُهُ هَذَا مَا تَقَاضَی عَلَیْهِ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ بِئْسَ الرَّجُلُ أَنَا إِنْ أَقْرَرْتُ أَنَّهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قَاتَلْتُهُ وَ قَالَ عَمْرٌو لَا بَلْ نَكْتُبُ اسْمَهُ وَ اسْمَ أَبِیهِ إِنَّمَا هُوَ أَمِیرُكُمْ فَأَمَّا أَمِیرُنَا فَلَا فَلَمَّا أُعِیدَ إِلَیْهِ الْكِتَابُ أَمَرَ بِمَحْوِهِ فَقَالَ الْأَحْنَفُ لَا تَمْحُ اسْمَ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ عَنْكَ فَإِنِّی أَتَخَوَّفُ إِنْ مَحَوْتَهَا أَنْ لَا تَرْجِعَ إِلَیْكَ أَبَداً فَلَا تَمْحُهَا
ص: 541
فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ هَذَا الْیَوْمَ كَیَوْمِ الْحُدَیْبِیَةِ حِینَ كَتَبْتُ الْكِتَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله هَذَا مَا تَصَالَحَ عَلَیْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ سُهَیْلٌ لَوْ أَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُقَاتِلْكَ وَ لَمْ أُخَالِفْكَ إِنِّی لَظَالِمٌ لَكَ إِنْ مَنَعْتُكَ أَنْ تَطُوفَ بَیْتَ اللَّهِ وَ أَنْتَ رَسُولُهُ وَ لَكِنِ اكْتُبْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا عَلِیُّ إِنِّی لَرَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ لَنْ یَمْحُوَ عَنِّی الرِّسَالَةَ كِتَابِی لَهُمْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَاكْتُبْهَا فَامْحُ مَا أَرَادَ مَحْوَهُ أَمَا إِنَّ لَكَ مِثْلَهَا سَتُعْطِیهَا وَ أَنْتَ مُضْطَهَدٌ
«453»-قَالَ نَصْرٌ وَ رُوِیَ أَنَّ عَمْراً عَادَ بِالْكِتَابِ إِلَیْهِ علیه السلام وَ طَلَبَ أَنْ یَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِینَ فَقَصَّ عَلِیٌّ عَلَیْهِ وَ عَلَی مَنْ حَضَرَ قِصَّةَ صُلْحِ الْحُدَیْبِیَةِ وَ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ أَنَا كَتَبْتُهُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الْمُشْرِكِینَ وَ الْیَوْمَ أَكْتُبُهُ إِلَی أَبْنَائِهِمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَتَبَهُ إِلَی آبَائِهِمْ شِبْهاً وَ مِثْلًا فَقَالَ عَمْرٌو سُبْحَانَ اللَّهِ أَ تُشَبِّهُنَا بِالْكُفَّارِ وَ نَحْنُ مُسْلِمُونَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا ابْنَ النَّابِغَةِ وَ مَتَی لَمْ تَكُنْ لِلْكَافِرِینَ وَلِیّاً وَ لِلْمُسْلِمِینَ عُدُّواً فَقَامَ عَمْرٌو وَ قَالَ وَ اللَّهِ لَا یَجْمَعُ بَیْنِی وَ بَیْنَكَ مَجْلِسٌ بَعْدَ الْیَوْمِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَظْهَرَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَصْحَابِكَ (1) وَ جَاءَتْ عِصَابَةٌ قَدْ وَضَعَتْ سُیُوفَهَا عَلَی عَوَاتِقِهَا فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مُرْنَا بِمَا شِئْتَ فَقَالَ لَهُمْ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ أَیُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْیَكُمْ فَلَقَدْ شَهِدْنَا صُلْحَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْحُدَیْبِیَةِ وَ لَوْ نَرَی قِتَالًا لَقَاتَلْنَا (2).
ص: 542
«454»-وَ رَوَی أَبُو إِسْحَاقَ الشَّیْبَانِیُّ أَنَّهُ قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام حِینَ أَرَادَ أَنْ یَكْتُبَ الْكِتَابَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مُعَاوِیَةَ وَ أَهْلِ الشَّامِ أَ تُقِرُّ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُونَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أُقِرُّ لِمُعَاوِیَةَ وَ لَا لِأَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ وَ لَا مُسْلِمُونَ وَ لَكِنْ یَكْتُبُ مُعَاوِیَةُ مَا شَاءَ وَ یُقِرُّ بِمَا شَاءَ لِنَفْسِهِ وَ لِأَصْحَابِهِ وَ یُسَمِّی نَفْسَهُ بِمَا شَاءَ وَ أَصْحَابَهُ فَكَتَبُوا هَذَا مَا تَقَاضَی عَلَیْهِ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ قَاضَی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ عَلَی أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ شِیعَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ قَاضَی مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ وَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ شِیعَتِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ إِنَّا نَنْزِلُ عِنْدَ حُكْمِ اللَّهِ وَ كِتَابِهِ (1) وَ لَا یَجْمَعُ بَیْنَنَا إِلَّا إِیَّاهُ وَ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بَیْنَنَا مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَی خَاتِمَتِهِ نُحْیِی مَا أَحْیَا الْقُرْآنُ وَ نُمِیتُ مَا أَمَاتَ الْقُرْآنُ فَإِنْ وَجَدَ الْحَكَمَانِ أَنَّ ذَلِكَ فِی كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ وَ إِنْ لَمْ یَجِدَاهُ أَخَذَا بِالسُّنَّةِ الْعَادِلَةِ غَیْرِ الْمُفَرِّقَةِ وَ الْحَكَمَانِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَیْسٍ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ قَدْ أَخَذَ الْحَكَمَانِ مِنْ عَلِیٍّ وَ مُعَاوِیَةَ وَ مِنَ الْجُنْدَیْنِ أَنَّهُمَا آمِنَانِ عَلَی أَنْفُسِهِمَا وَ أَمْوَالِهِمَا وَ أَهْلِهِمَا وَ الْأُمَّةُ لَهُمَا أَنْصَارٌ وَ عَلَی الَّذِی یَقْضِیَانِ عَلَیْهِ وَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُسْلِمِینَ مِنَ الطَّائِفَتَیْنِ عَهْدُ اللَّهِ أَنْ یَعْمَلُوا بِمَا یَقْضِیَانِ عَلَیْهِ مِمَّا وَافَقَ الْكِتَابَ وَ السُّنَّةَ وَ أَنَّ الْأَمْنَ وَ الْمُوَادَعَةَ وَ وَضْعَ السِّلَاحِ مُتَّفَقٌ عَلَیْهِ بَیْنَ الطَّائِفَتَیْنِ إِلَی أَنْ یَقَعَ الْحُكْمُ وَ عَلَی كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَكَمَیْنِ عَهْدُ اللَّهِ لِیَحْكُمَنَّ بَیْنَ الْأُمَّةِ بِالْحَقِّ لَا بِالْهَوَی وَ أَجَلُ الْمُوَادَعَةِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ فَإِنْ أَحَبَّ الْحَكَمَانِ أَنْ یُعَجِّلَا الْحُكْمَ عَجَّلَاهُ وَ إِنْ تُوُفِّیَ أَحَدُهُمَا فَلِأَمِیرِ شِیعَتِهِ أَنْ یَخْتَارَ مَعَهُ رَجُلًا لَا یَأْلُو الْحَقَّ وَ الْعَدْلَ وَ إِنْ تُوُفِّیَ أَحَدُ الْأَمِیرَیْنِ كَانَ نَصْبُ غَیْرِهِ إِلَی أَصْحَابِهِ مِمَّنْ یَرْتَضُونَ أَمْرَهُ وَ یَحْمَدُونَ
ص: 543
طَرِیقَهُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَنْصِرُكَ عَلَی مَنْ تَرَكَ مَا فِی هَذِهِ الصَّحِیفَةِ وَ أَرَادَ فِیهَا إِلْحَاداً أَوْ ظُلْماً.
«455»-قَالَ نَصْرٌ هَذِهِ رِوَایَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام وَ الشَّعْبِیِّ وَ رَوَی جَابِرٌ عَنْ زَیْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ زِیَادَاتٍ عَلَی هَذِهِ النُّسْخَةِ أَقُولُ وَ ذَكَرَ تِلْكَ الرِّوَایَةَ وَ سَاقَهَا إِلَی أَنْ قَالَ: وَ شَهِدَ فِیهِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام عَشَرَةٌ وَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ عَشَرَةٌ وَ تَارِیخُ كِتَابَتِهِ لِلَیْلَةٍ بَقِیَتْ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ (1) قَالَ وَ لَمَّا كَتَبْتُ الصَّحِیفَةَ دُعِیَ لَهَا الْأَشْتَرُ لِیَشْهَدَ مَعَ الشُّهُودِ عَلَیْهِ فَقَالَ لَا صَحِبَتْنِی یَمِینِی وَ لَا نَفَعَتْنِی بَعْدَهَا الشِّمَالُ إِنْ كُتِبَ لِی فِی هَذِهِ الصَّحِیفَةِ اسْمٌ عَلَی صُلْحٍ أَوْ مُوَادَعَةٍ أَ وَ لَسْتُ عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ أَمْرِی وَ یَقِینٍ مِنْ ضَلَالِ عَدُوِّی أَ وَ لَسْتُمْ قَدْ رَأَیْتُمُ الظَّفَرَ إِنْ لَمْ تَجْمَعُوا عَلَی الْخَوَرِ وَ جَرَی بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْأَشْعَثِ كَلَامٌ ثُمَّ قَالَ وَ لَكِنِّی قَدْ رَضِیتُ بِمَا یَرْضَی بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ دَخَلْتُ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ وَ خَرَجْتُ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا یَدْخُلُ إِلَّا فِی الْهُدَی وَ الصَّوَابِ قَالَ فَلَمَّا تَمَّ الْكِتَابُ خَرَجَ الْأَشْعَثُ وَ مَعَهُ نَاسٌ بِنُسْخَةِ الْكِتَابِ یَقْرَأُهَا عَلَی النَّاسِ وَ یَعْرِضُهَا عَلَیْهِمْ فَمَرَّ بِهِ عَلَی صُفُوفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ هُمْ عَلَی رَایَاتِهِمْ فَأَسْمَعَهُمْ إِیَّاهُ فَرَضُوا بِهِ ثُمَّ مَرَّ عَلَی صُفُوفٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَ هُمْ عَلَی رَایَاتِهِمْ فَأَسْمَعَهُمْ إِیَّاهُ فَرَضُوا بِهِ حَتَّی مَرَّ بِرَایَاتِ عَنَزَةَ وَ كَانَ مَعَهُ علیه السلام مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَقَالَ فَتَیَانِ مِنْهُمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ ثُمَّ حَمَلَا عَلَی أَهْلِ الشَّامِ بِسُیُوفِهِمَا حَتَّی قُتِلَا ثُمَّ مَرَّ بِهِ عَلَی مُرَادٍ فَقَالَ صَالِحُ بْنُ شَقِیقٍ وَ كَانَ مِنْ رُءُوسِهِمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ* ثُمَّ مَرَّ عَلَی رَایَاتِ بَنِی رَاسِبٍ فَقَرَأَ عَلَیْهِمْ فَقَالُوا لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ لَا نَرْضَی وَ لَا نُحَكِّمُ الرِّجَالَ فِی دِینِ اللَّهِ ثُمَّ مَرَّ عَلَی رَایَاتِ تَمِیمٍ فَقَارَأَهُ عَلَیْهِمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ یَقْضِی بِالْحَقِّ ... وَ هُوَ خَیْرُ الْفاصِلِینَ [ثُمَ شَدَّ عَلَیْهِ رَجُلٌ بِسَیْفِهِ فَرَجَعَ إِلَی
ص: 544
عَلِیٍّ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ بِمَا جَرَی فَقَالَ علیه السلام هَلْ هِیَ غَیْرُ رَایَةٍ أَوْ رَایَتَیْنِ أَوْ نَبْذٌ مِنَ النَّاسِ قَالَ لَا قَالَ فَدَعْهُمْ فَظَنَّ علیه السلام أَنَّهُمْ قَلِیلُونَ فَمَا رَاعَهُ إِلَّا نِدَاءُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ نَاحِیَةٍ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ الْحُكْمُ لِلَّهِ یَا عَلِیُّ لَا لَكَ لَا نَرْضَی بِأَنْ نُحَكِّمَ الرِّجَالَ فِی دِینِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمْضَی حُكْمَهُ فِی مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابِهِ أَنْ یُقْتَلُوا أَوْ یَدْخُلُوا تَحْتَ حُكْمِنَا عَلَیْهِمْ وَ قَدْ كُنَّا زَلَلْنَا حِینَ رَضِینَا بِالْحَكَمَیْنِ وَ قَدْ بَانَ لَنَا زَلَلُنَا وَ خَطَؤُنَا فَرَجَعْنَا إِلَی اللَّهِ وَ تُبْنَا فَارْجِعْ أَنْتَ یَا عَلِیُّ كَمَا رَجَعْنَا وَ تُبْ إِلَی اللَّهِ كَمَا تُبْنَا وَ إِلَّا بَرِئْنَا مِنْكَ فَقَالَ علیه السلام وَیْحَكُمْ أَ بَعْدَ الرِّضَا وَ الْمِیثَاقِ وَ الْعَهْدِ نَرْجِعُ أَ لَیْسَ اللَّهُ تَعَالَی قَدْ قَالَ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة وَ قَالَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَیْمانَ بَعْدَ تَوْكِیدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَیْكُمْ كَفِیلًا النحل فَأَبَی أَنْ یَرْجِعَ وَ أَبَتِ الْخَوَارِجُ إِلَّا تَذْلِیلَ التَّحْكِیمِ وَ الطَّعْنَ فِیهِ فَبَرِئُوا مِنْ عَلِیٍّ وَ بَرِئَ مِنْهُمْ عَلِیٌّ.
«456»-وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَتَی سُلَیْمَانُ بْنُ صُرَدَ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ كِتَابِ الصَّحِیفَةِ وَ وَجْهُهُ مَضْرُوبٌ بِالسَّیْفِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام قَالَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضی نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلًا وَ أَنْتَ مِمَّنْ یَنْتَظِرُ وَ مِمَّنْ لَمْ یُبَدِّلْ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَمَا لَوْ وَجَدْتُ أَعْوَاناً مَا كَتَبْتُ هَذِهِ الصَّحِیفَةَ أَبَداً أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ مَشَیْتُ فِی النَّاسِ لِیَعُودُوا إِلَی أَمْرِهِمُ الْأَوَّلِ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً عِنْدَهُ خَیْراً إِلَّا قَلِیلًا وَ قَامَ مُحْرِزُ بْنُ حویشٍ (1) فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ مَا إِلَی الرُّجُوعِ عَنْ هَذَا الْكِتَابِ سَبِیلٌ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَخَافُ أَنْ یُورِثَ ذُلًّا فَقَالَ علیه السلام أَ بَعْدَ أَنْ كَتَبْنَاهُ نَنْقُضُهُ إِنَّ هَذَا لَا یَحِلُّ.
ص: 545
«457»-قَالَ نَصْرٌ وَ حَدَّثَنِی عَمْرُو بْنُ نُمَیْرٍ عَنْ أَبِی الْوَدَّاكِ قَالَ: لَمَّا كُتِبَتْ صَحِیفَةُ الصُّلْحِ وَ التَّحْكِیمِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّمَا فَعَلْتُ مَا فَعَلْتُ لِمَا بَدَا فِیكُمْ مِنَ الْخَوَرِ وَ الْفَشَلِ عَنِ الْحَرْبِ فَجَاءَتْ إِلَیْهِ هَمْدَانُ كَأَنَّهَا رُكْنُ حَصِیرٍ (1) فِیهِمْ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ سَعِیدٌ هَا أَنَا ذَا وَ قَوْمِی لَا نَرُدُّ أَمْرَكَ فَقُلْ مَا شِئْتَ نَعْمَلْهُ فَقَالَ أَمَا لَوْ كَانَ هَذَا قَبْلَ سَطْرِ الصَّحِیفَةِ لَأَزَلْتُهُمْ عَنْ عَسْكَرِهِمْ أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِی وَ لَكِنِ انْصَرِفُوا رَاشِدِینَ فَلَعَمْرِی مَا كُنْتُ لِأَعْرِضَ قَبِیلَةً وَاحِدَةً لِلنَّاسِ.
«458»-قَالَ نَصْرٌ وَ رَوَی الشَّعْبِیُّ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ یَوْمَ صِفِّینَ حِینَ أَقَرَّ النَّاسُ بِالصُّلْحِ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمْ یَكُونُوا لِیُنِیبُوا إِلَی الْحَقِّ وَ لَا لِیُجِیبُوا إِلَی كَلِمَةٍ سَوَاءٍ حَتَّی یُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ تَتْبَعُهَا الْعَسَاكِرُ وَ حَتَّی یُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ تَقْفُوهَا الْجَلَائِبُ وَ حَتَّی تَجُرَّ بِبِلَادِهِمُ الْخَمِیسُ یَتْلُوهُ الْخَمِیسُ وَ حَتَّی تَدْعَقَ الْخُیُولُ فِی نَوَاحِی أَرْضِهِمْ وَ بِأَعْنَانِ مَسَارِبِهِمْ وَ مَسَارِحِهِمْ (2) وَ حَتَّی تُشَنَّ عَلَیْهِمُ الْغَارَاتُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ وَ حَتَّی تَتَلَقَّاهُمْ قَوْمٌ صُدُقٌ صُبُرٌ لَا یَزِیدُهُمْ هَلَاكُ مَنْ هَلَكَ مِنْ قَتْلَاهُمْ وَ مَوْتَاهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ إِلَّا جِدّاً فِی طَاعَةِ اللَّهِ وَ حِرْصاً عَلَی لِقَاءِ اللَّهِ وَ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَ أَبْنَاءَنَا وَ أَخْوَالَنَا وَ أَعْمَامَنَا لَا یَزِیدُنَا ذَلِكَ إِلَّا إِیماناً وَ تَسْلِیماً وَ مُضِیّاً عَلَی أَمَضِّ الْأَلَمِ (3) وَ جِدّاً عَلَی جِهَادِ الْعَدُوِّ وَ الِاسْتِقْلَالِ بِمُبَارَزَةِ الْأَقْرَانِ وَ لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَ الْآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا
ص: 546
یَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَیْنِ وَ یَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا أَیُّهُمَا یَسْقِی صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَ مَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا فَلَمَّا رَآنَا اللَّهُ صُدُقاً صُبُراً أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْنَا النَّصْرَ وَ لَعَمْرِی لَوْ كُنَّا نَأْتِی مِثْلَ هَذَا الَّذِی أَتَیْتُمْ مَا قَامَ الدِّینُ وَ لَا عَزَّ الْإِسْلَامُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَحْلِبُنَّهَا دَماً فَاحْفَظُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ یَعْنِی الْخَوَارِجَ (1).
«459»-وَ رَوَی نَصْرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ خَدِیجٍ قَالَ: قِیلَ لِعَلِیٍّ علیه السلام لَمَّا كُتِبَ الصَّحِیفَةُ إِنَّ الْأَشْتَرَ لَمْ یَرْضَ بِمَا فِی الصَّحِیفَةِ وَ لَا یَرَی إِلَّا قِتَالَ الْقَوْمِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام بَلَی إِنَّ الْأَشْتَرَ لَیَرْضَی إِذَا رَضِیتُ وَ رَضِیتُمْ وَ لَا یَصْلَحُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الرِّضَا وَ لَا التَّبْدِیلُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إِلَّا أَنْ یُعْصَی اللَّهُ وَ یُتَعَدَّی مَا فِی كِتَابِهِ وَ أَمَّا الَّذِی ذَكَرْتُمْ مِنْ تَرْكِهِ أَمْرِی وَ مَا أَنَا عَلَیْهِ فَلَیْسَ مِنْ أُولَئِكَ وَ لَا أَعْرِفُهُ عَلَی ذَلِكَ وَ لَیْتَ فِیكُمْ مِثْلَهُ اثْنَانِ بَلْ لَیْتَ فِیكُمْ مِثْلَهُ وَاحِدٌ یَرَی فِی عَدُوِّی مِثْلَ رَأْیِهِ إِذاً لَخَفَّتْ مَئُونَتُكُمْ عَلَیَّ وَ رَجَوْتُ أَنْ یَسْتَقِیمَ لِی بَعْضُ أَوَدِكُمْ وَ أَمَّا الْقَضِیَّةُ فَقَدْ اسْتَوْثَقْنَا لَكُمْ فِیهَا وَ قَدْ طَمِعْتُ أَنْ لَا تَضِلُّوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ وَ كَانَ الْكِتَابُ فِی صَفَرٍ وَ الْأَجَلُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ لِثَمَانِیَةِ أَشْهُرٍ یَلْتَقِی الْحَكَمَانِ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ أَقْبَلُوا عَلَی قَتْلَاهُمْ یَدْفِنُونَهُمْ (2).
ص: 547
إیضاح: الوطیس شبه التنور أو الضراب فی الحرب أو حجارة مدورة حیث لم یقدر أحد یطؤها عبر به عن اشتباك الحرب و قیامها علی ساق و قد مر مرارا و القتام الغبار و المران كعثمان رماح القنا و الغمغمة أصوات الأبطال عند القتال و الكلام الذی لا یبین و النقع و القسطل الغبار و المجنبة بفتح النون المقدمة و المجنبتان بالكسر المیمنة و المیسرة.
و قال الجوهری صل المسمار و غیره یصل صلیلا أی صوت و قال الكدم العض بأدنی الفم كما یكدم الحمار و أصحرته الشمس المت دماغه.
و فی القاموس لزه لزا و لززا شده و ألصقه كألزه و اللز الطعن و لزوم الشی ء بالشی ء و إلزامه به.
و قال فی النهایة فیه و عجمتك الأمور أی جربتك من العجم العض یقال عجمت العود إذا عضضته لتنظر أ صلب هو أم رخو.
و قال و فی حدیث الأحنف إنی قد عجمت الرجل و حلبت أشطره الأشطر جمع شطر و هو خلف الناقة و قیل للناقة أربعة أخلاف كل خلفین منها شطر و جعل الأشطر موضع الشطرین كما تجعل الحواجب موضع الحاجبین یقال حلب فلان الدهر أشطره أی اختبر ضروبه من خیره و شره تشبها بحلب جمیع أخلاف الناقة ما كان منها حفلا و غیر حفل و دارا و غیر دار و المدیة السكین.
و قال و فی حدیث الحدیبیة لأقاتلنهم علی أمری حتی تنفرد سالفتی هی صفحة العنق و مجمعها و هما سالفتان من جانبیه و كنی بانفرادها عن الموت لأنها لا تنفرد عن ما یلیها إلا بالموت و قیل أراد حتی یفرق بین رأسی و جسدی.
ص: 548
«460»-(1)
شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمْ یَكُونُوا لِیُنِیبُوا إِلَی الْحَقِّ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ بِرِوَایَةِ ابْنِ أَبِی الْحَدِیدِ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً عَبِیطاً فَاحْفَظُوا مَا أَقُولُ.
بیان: السواء العدل و الوسط و المعنی إلی كلمة حق نساوی نحن و هم فیه كما قال تعالی إِلی كَلِمَةٍ سَواءٍ بَیْنَنا وَ بَیْنَكُمْ و المنسر قطعة من الجیش یكون أمام الجیش الأعظم و الكتیبة طائفة من الجیش و أجلبوا إذا جاءوا من كل أوب للنصرة و الأعناق النواحی و أحناء الوادی جمع حنو بالكسر و هو منعطفه و المسارب المراعی و المسرح أیضا المرعی و الفرق بینهما أن السروح إنما یكون فی أول النهار و لیس ذلك بشرط فی السروب.
«461»-(2)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَ أَبْنَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا وَ أَعْمَامَنَا مَا یَزِیدُنَا ذَلِكَ إِلَّا إِیماناً وَ تَسْلِیماً وَ مُضِیّاً عَلَی اللَّقَمِ وَ صَبْراً عَلَی مَضَضِ الْأَلَمِ وَ جِدّاً فِی جِهَادِ الْعَدُوِّ وَ لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَ الْآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا یَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَیْنِ یَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا أَیُّهُمَا یَسْقِی صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَ مَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا فَلَمَّا رَأَی اللَّهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ وَ أَنْزَلَ عَلَیْنَا النَّصْرَ حَتَّی اسْتَقَرَّ الْإِسْلَامُ مُلْقِیاً جِرَانَهُ وَ مُتَبَوِّأً أَوْطَانَهُ وَ لَعَمْرِی لَوْ كُنَّا نَأْتِی مَا أَتَیْتُمْ مَا قَامَ لِلدِّینِ عَمُودٌ وَ لَا اخْضَرَّ لِلْإِیمَانِ عُودٌ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً وَ لَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً.
ص: 549
توضیح:
اللقم منهج الطریق و المضض حرقة الألم یتصاولان أی یحمل كل من القرنین علی صاحبه و التخالس التسالب أنفسهما أی كل منهما یختلس نفس صاحبه أو نفسه من ید صاحبه و الأول أظهر و المنون الموت و الكبت الإذلال و الصرف و الجران مقدم عنق البعیر من منحره إلی مذبحه و إلقاؤه كنایة عن استقراره فی قلوب عباد اللّٰه كالبعیر الذی أخذ مكانه و استقر فیه و تبوأ وطنه سكن فیه و لعله شبه الإسلام بالرجل الخائف المتزلزل الذی استقر فی وطنه بعد خوفه لتحتلبنها الضمیر المؤنث مبهم یرجع فی المعنی إلی أفعالهم و كذا فی قوله لتتبعنها شبهها بالناقة التی أصیب ضرعها بآفة من تفریط صاحبها فیها و المقصود عدم انتفاعهم بتلك الأفعال عاجلا و آجلا.
«462»-(1) كِتَابُ الصِّفِّینِ، قَالَ نَصْرٌ حَدَّثَنِی عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ صِفِّینَ أَقْبَلْنَا مَعَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام آئِبُونَ عَائِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَ كَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِی الْمَالِ وَ الْأَهْلِ قَالَ ثُمَّ أَخَذَ بِنَا طَرِیقَ الْبَرِّ عَلَی شَاطِئِ الْفُرَاتِ حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَی هِیتَ وَ أَخَذْنَا عَلَی صَنْدَوْدَا (2) فَخَرَجَ الْأَنْمَارِیُّونَ بَنُو سَعْدِ بْنِ حَزِیمٍ وَ اسْتَقْبَلُوا عَلِیّاً
ص: 550
فَعَرَضُوا عَلَیْهِ النُّزُلَ فَلَمْ یَقْبَلْ فَبَاتَ بِهَا (1) ثُمَّ غَدَا وَ أَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّی جُزْنَا النُّخَیْلَةَ وَ رَأَیْنَا بُیُوتَ الْكُوفَةِ فَإِذَا نَحْنُ بِشَیْخٍ جَالِسٍ فِی ظِلِّ بَیْتٍ عَلَی وَجْهِهِ أَثَرُ الْمَرَضِ فَأَقْبَلَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ نَحْنُ مَعَهُ حَتَّی سَلَّمَ وَ سَلَّمْنَا عَلَیْهِ قَالَ فَرَدَّ رَدّاً حَسَناً ظَنَنَّا أَنْ قَدْ عَرَفَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ مَا لِی أَرَی وَجْهَكَ مُنْكَفِئاً أَ مِنْ مَرَضٍ (2) قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلَعَلَّكَ كَرِهْتَهُ فَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنَّهُ بِغَیْرِی قَالَ أَ لَیْسَ احْتِسَاباً لِلْخَیْرِ فِیمَا أَصَابَكَ مِنْهُ (3) قَالَ بَلَی أَبْشِرْ بِرَحْمَةِ رَبِّكَ وَ غُفْرَانِ ذَنْبِكَ فَمَنْ أَنْتَ یَا عَبْدَ اللَّهِ قَالَ أَنَا صَالِحُ بْنُ سُلَیْمٍ قَالَ أَنْتَ مِمَّنْ قَالَ أَمَّا الْأَصْلُ فَمِنْ سَلَامَانَ بْنِ طَیِ ءٍ وَ أَمَّا الْجِوَارُ وَ الدَّعْوَةُ فَمِنْ بَنِی سُلَیْمِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ اسْمَكَ وَ اسْمَ أَبِیكَ وَ اسْمَ أَدْعِیَائِكَ وَ اسْمَ مَنِ اعْتَزَیْتَ إِلَیْهِ (4) هَلْ شَهِدْتَ مَعَنَا غَزَاتَنَا هَذِهِ قَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا شَهِدْتُهَا وَ لَقَدْ أَرَدْتُهَا وَ لَكِنْ مَا تَرَی فِیَّ مِنْ لَجَبِ الْحُمَّی خَذَلَنِی عَنْهَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْسَ عَلَی الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَی الْمَرْضی وَ لا عَلَی الَّذِینَ لا یَجِدُونَ ما یُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ ما عَلَی الْمُحْسِنِینَ مِنْ سَبِیلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ أَخْبِرْنِی مَا یَقُولُ النَّاسُ فِیمَا كَانَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ مِنْهُمُ الْمَسْرُورُ فِیمَا كَانَ بَیْنَكَ وَ بَیْنَهُمْ وَ أُولَئِكَ أَغِشَّاءُ النَّاسِ وَ مِنْهُمُ الْمَكْبُوتُ الْآسِفُ (5) لِمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ وَ أُولَئِكَ نُصَحَاءُ النَّاسِ لَكَ فَذَهَبَ لِیَنْصَرِفَ فَقَالَ صَدَقْتَ
ص: 551
جَعَلَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ شَكْوَاكَ حَطّاً لِسَیِّئَاتِكَ فَإِنَّ الْمَرَضَ لَا أَجْرَ فِیهِ وَ لَكِنْ لَا یَدَعُ لِلْعَبْدِ ذَنْباً إِلَّا حَطَّهُ إِنَّمَا الْأَجْرُ فِی الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَ الْعَمَلِ بِالْیَدِ وَ الرِّجْلِ وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یُدْخِلُ بِصِدْقِ النِّیَّةِ وَ السَّرِیرَةِ الصَّالِحَةِ عَالَماً جَمّاً (1) مِنْ عِبَادِهِ الْجَنَّةَ ثُمَّ مَضَی غَیْرَ بَعِیدٍ فَلَقِیَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَدِیعَةَ الْأَنْصَارِیُّ فَدَنَا مِنْهُ وَ سَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ مَا سَمِعْتَ النَّاسَ یَقُولُونَ فِی أَمْرِنَا هَذَا قَالَ مِنْهُمُ الْمُعْجَبُ بِهِ وَ مِنْهُمُ الْمُكَارِهُ لَهُ وَ النَّاسُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَ لا یَزالُونَ مُخْتَلِفِینَ فَقَالَ لَهُ فَمَا یَقُولُ ذَوُو الرَّأْیِ قَالَ یَقُولُونَ إِنَّ عَلِیّاً كَانَ لَهُ جَمْعٌ عَظِیمٌ فَفَرَّقَهُ وَ حِصْنٌ حَصِینٌ فَهَدَمَهُ فَحَتَّی مَتَی یَبْنِی مِثْلَ مَا هَدَمَ وَ حَتَّی مَتَی یَجْمَعُ مِثْلَ مَا قَدْ فَرَّقَ فَلَوْ أَنَّهُ كَانَ مَضَی بِمَنْ أَطَاعَهُ إِذْ عَصَاهُ مَنْ عَصَاهُ فَقَاتَلَ حَتَّی یُظْهِرَهُ اللَّهُ أَوْ یَهْلِكَ إِذًا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْحَزْمَ فَقَالَ علیه السلام أَنَا هَدَمْتُ أَمْ هُمْ هَدَمُوا أَمْ أَنَا فَرَّقْتُ أَمْ هُمْ تَفَرَّقُوا وَ أَمَّا قَوْلُهُمْ لَوْ أَنَّهُ كَانَ مَضَی بِمَنْ أَطَاعَهُ إِذْ عَصَاهُ مَنْ عَصَاهُ فَقَاتَلَ حَتَّی یَظْفَرَ أَوْ یَهْلِكَ إِذًا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْحَزْمَ فَوَ اللَّهِ مَا غَبِیَ عَنِّی ذَلِكَ الرَّأْیُ وَ إِنْ كُنْتُ لَسَخِیّاً بِنَفْسِی عَنِ الدُّنْیَا (2) طَیِّبَ النَّفْسِ بِالْمَوْتِ وَ لَقَدْ هَمَمْتُ بِالْإِقْدَامِ فَنَظَرْتُ إِلَی هَذَیْنِ قَدِ اسْتَقْدَمَانِی فَعَلِمْتُ أَنَّ هَذَیْنِ إِنْ هَلَكَا انْقَطَعَ نَسَبُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَكَرِهْتُ ذَلِكَ وَ أَشْفَقْتُ عَلَی هَذَیْنِ أَنْ یَهْلِكَا وَ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنْ لَوْ لَا مَكَانِی لَمْ یَسْتَقْدِمَا یَعْنِی بِذَلِكَ ابْنَیْهِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ لَقِیتُهُمْ بَعْدَ یَوْمِی لَأَلْقَیَنَّهُمْ وَ لَیْسَ هُمَا مَعِی فِی عَسْكَرٍ وَ لَا دَارٍ
ص: 552
قَالَ: ثُمَّ مَضَی حَتَّی جُزْنَا دُورَ بَنِی عَوْفٍ فَإِذَا نَحْنُ عَنْ أَیْمَانِنَا بِقُبُورٍ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِیَةٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا هَذِهِ الْقُبُورُ فَقَالَ لَهُ قُدَامَةُ بْنُ الْعَجْلَانِ الْأَزْدِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ تُوُفِّیَ بَعْدَ مَخْرَجِكَ فَأَوْصَی أَنْ یُدْفَنَ فِی الظَّهْرِ وَ كَانَ النَّاسُ یُدْفَنُونَ فِی دُورِهِمْ وَ أَفْنِیَتِهِمْ فَدُفِنَ النَّاسُ إِلَی جَنْبِهِ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ خَبَّاباً فَقَدْ أَسْلَمَ رَاغِباً وَ هَاجَرَ طَائِعاً وَ عَاشَ مُجَاهِداً وَ ابْتُلِیَ فِی جَسَدِهِ أَحْوَالًا وَ لَنْ یُضِیعَ اللَّهُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا فَجَاءَ حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ عَلَیْكُمُ السَّلَامُ یَا أَهْلَ الدِّیَارِ الْمُوحِشَةِ وَ الْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِمَاتِ أَنْتُمْ لَنَا سَلَفٌ وَ فَرَطٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ وَ بِكُمْ عَمَّا قَلِیلٍ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَ لَهُمْ وَ تَجَاوَزْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْیاءً وَ أَمْواتاً (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی جَعَلَ مِنْهَا خَلْقَنَا وَ فِیهَا یُعِیدُنَا وَ عَلَیْهَا یَحْشُرُنَا طُوبَی لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ وَ عَمِلَ لِلْحِسَابِ وَ قَنِعَ بِالْكَفَافِ وَ رَضِیَ عَنِ اللَّهِ بِذَلِكَ ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّی دَخَلَ سِكَّةَ الثَّوْرِیِّینَ فَقَالَ خُشُّوا بَیْنَ هَذِهِ الْأَبْیَاتِ (2).
وَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَاصِمِ الْفَائِشِیِّ قَالَ: لَمَّا مَرَّ عَلِیٌّ علیه السلام بِالثَّوْرِیِّینَ یَعْنِی ثَوْرَ هَمْدَانَ سَمِعَ الْبُكَاءَ فَقَالَ مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ قِیلَ هَذَا الْبُكَاءُ عَلَی مَنْ قُتِلَ بِصِفِّینَ قَالَ أَمَا إِنِّی شَهِیدٌ لِمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ صَابِراً مُحْتَسِباً بِالشَّهَادَةِ ثُمَّ مَرَّ بِالْفَائِشِیِّینَ فَسَمِعَ الْأَصْوَاتَ فَقَالَ ذَلِكَ
ص: 553
ثُمَّ مَرَّ بِالشَّامِیِّینَ فَسَمِعَ رَنَّةً شَدِیدَةً وَ صَوْتاً مُرْتَفِعاً عَالِیاً فَخَرَجَ إِلَیْهِ حَرْبُ بْنُ شُرَحْبِیلَ الشَّامِیُّ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام أَ تَغْلِبُكُمْ نِسَاؤُكُمْ أَ لَا تَنْهَوْنَهُنَّ عَنْ هَذَا الصِّیَاحِ وَ الرَّنِینِ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوْ كَانَتْ دَاراً أَوْ دَارَیْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَدَرْنَا عَلَی ذَلِكَ وَ لَكِنْ مِنْ هَذَا الْحَیِّ ثَمَانُونَ وَ مِائَةُ قَتِیلٍ فَلَیْسَ مِنْ دَارٍ إِلَّا وَ فِیهَا بُكَاءٌ أَمَّا نَحْنُ مَعَاشِرَ الرِّجَالِ فَإِنَّا لَا نَبْكِی وَ لَكِنْ نَفْرَحُ لَهُمْ بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ قَتْلَاكُمْ وَ مَوْتَاكُمْ وَ أَقْبَلَ یَمْشِی مَعَهُ وَ عَلِیٌّ رَاكِبٌ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام ارْجِعْ فَإِنَّ مَشْیَ مِثْلِكَ مَعَ مِثْلِی فِتْنَةٌ لِلْوَالِی وَ مَذَلَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ (1) ثُمَّ مَضَی حَتَّی مَرَّ بِالنَّاعِطِیِّینَ فَسَمِعَ رَجُلًا مِنْهُمْ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْثَدٍ فَقَالَ مَا صَنَعَ عَلِیٌّ وَ اللَّهِ شَیْئاً ذَهَبَ ثُمَّ انْصَرَفَ فِی غَیْرِ شَیْ ءٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَبْلَسَ (2) فَقَالَ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ قَوْمٌ فَارَقْتُهُمْ آنِفاً خَیْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ ثُمَّ قَالَ:
أَخُوكَ الَّذِی إِنْ أَجْهَضَتْكَ مُلِمَّةٌ*** مِنَ الدَّهْرِ لَمْ یَبْرَحْ لِبَثِّكَ وَاجِماً (3)
وَ لَیْسَ أَخُوكَ بِالَّذِی إِنْ تَشَعَّبَتْ***عَلَیْكَ أُمُورٌ ظَلَّ یَلْحَاكَ لَائِماً
ثُمَّ مَضَی فَلَمْ یَزَلْ یَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّی دَخَلَ الْكُوفَةَ.
بیان: قال فی النهایة فیه أنه انكفأ لونه عام الرمادة أی تغیر عن حاله و منه حدیث الأنصاری ما لی أری لونك منكفئا قال من الجوع انتهی و الإجهاض الغلبة و لم یبرح أی لم یزل.
و الواجم الذی اشتد حزنه حتی أمسك عن الكلام و التشعب التفرق.
ص: 554
«463»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فَتَدَاكُّوا عَلَیَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِیمِ یَوْمَ وُرُودِهَا قَدْ أَرْسَلَهَا رَاعِیهَا وَ خُلِعَتْ مَثَانِیهَا حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِیَّ أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ لَدَیَّ وَ قَدْ قَلَّبْتُ هَذَا الْأَمْرَ بَطْنَهُ وَ ظَهْرَهُ حَتَّی مَنَعَنِی النَّوْمَ فَمَا وَجَدْتُنِی یَسَعُنِی إِلَّا قِتَالُهُمْ أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَیَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ وَ مَوْتَاتُ الدُّنْیَا أَهْوَنَ عَلَیَّ مِنْ مَوْتَاتِ الْآخِرَةِ.
بیان: قال ابن میثم هذا إشارة إلی صفة أصحابه بصفین لما طال منعه لهم من قتال أهل الشام كما هو الظاهر من آخر الكلام لكن كثیر من الشواهد تدل علی أنه لبیان حالة البیعة بعد هلاك عثمان كما سیأتی بعضها لا سیما ما كان فی نسخة ابن أبی الحدید (2) فإنه ذكر العنوان هكذا و من كلام له علیه السلام فی ذكر البیعة.
قوله علیه السلام تداكوا أی دك بعضهم بعضا و الدك هو الدق و قیل أصله الكسر و الهیم العطاش و الورد بالكسر النصیب من الماء و الإشراف علیه و فی بعض النسخ ورودها و هو حضورها لشرب الماء و أرسلها أی أهملها و أطلقها و المثانی جمع مثناة بفتح المیم و كسرها و هی حبل من صوف أو شعر أو غیره تثنی و یعقل بها البعیر و قاتلی علی صیغة الجمع مضافة إلی یاء المتكلم و جملة یسعنی مفعول ثان و الضمیر فی قتالهم یعود إلی معاویة و أصحابه علی الأول و إلی الناكثین علی الثانی.
و المعالجة المزاولة و موتات الدنیا شدائدها و أهوالها و متاعبها بقرینة موتات الآخرة.
و یحتمل أن یراد بالأولی أنواع الموت و بالثانیة الشدائد التی هی أشد من الموت.
ص: 555
«464»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ قَدِ اسْتَبْطَأَ أَصْحَابُهُ إِذْنَهُ لَهُمْ فِی الْقِتَالِ بِصِفِّینَ أَمَّا قَوْلُكُمْ كُلَّ ذَلِكَ كَرَاهِیَةَ الْمَوْتِ فَوَ اللَّهِ مَا أُبَالِی دَخَلْتُ إِلَی الْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَیَّ وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ شَكّاً فِی أَهْلِ الشَّامِ فَوَ اللَّهِ مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ یَوْماً إِلَّا وَ أَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِی طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِیَ بِی وَ تَعْشُوَ إِلَی ضَوْئِی وَ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَی ضَلَالِهَا وَ إِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بِآثَامِهَا.
توضیح: استبطأه أی عده بطیئا و زعم أن المصلحة فی التعجیل.
رَوَی ابْنُ مِیثَمٍ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا مَلَكَ الْمَاءَ بِصِفِّینَ وَ سَمَحَ بِأَهْلِ الشَّامِ فِی الْمُشَارَكَةِ كَمَا سَبَقَ مَكَثَ أَیَّاماً لَا یُرْسِلُ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَحَداً وَ لَا یَأْتِیهِ مِنْ عِنْدِهِ أَحَدٌ قَالَ لَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ خَلْفَنَا نِسَاؤُنَا وَ ذَرَارِیُّنَا بِالْكُوفَةِ وَ جِئْنَا إِلَی أَطْرَافِ الشَّامِ لِنَتَّخِذَهَا وَطَناً فَأْذَنْ لَنَا فِی الْقِتَالِ فَإِنَّ النَّاسَ یَظُنُّونَ أَنَّكَ تَكْرَهُ الْحَرْبَ كَرَاهِیَةَ الْمَوْتِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَظُنُّ أَنَّكَ فِی شَكٍّ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ فَأَجَابَهُمْ علیه السلام بِذَلِكَ.
و كل مرفوع و كراهیته منصوب فی أكثر النسخ و روی كل ذلك بالنصب و هو مفعول فعل مقدر أی تفعل كل ذلك و كراهیة منصوب بأنه مفعول لأجله و من رواه بالرفع أجاز فی كراهیة الرفع و النصب أما الرفع فبالخبریة و أما النصب فلكونه مفعولا له للخبر المحذوف.
و عشی النار و إلیها عشوا و عشوا رآها لیلا من بعید ببصر ضعیف فقصدها
ص: 556
و یقال لكل قاصد عاش و فیه تعریض بضعف بصائر أهل الشام و تبوء بآثامها أی ترجع إلی ربها متلبسة بمعاصیها.
«465»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی بَعْضِ أَیَّامِ صِفِّینَ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْیَةَ وَ تَجَلْبَبُوا السَّكِینَةَ وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِذِ فَإِنَّهُ أَنْبَی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ وَ أَكْمِلُوا اللَّأْمَةَ وَ قَلْقِلُوا السُّیُوفَ فِی أَغْمَادِهَا قَبْلَ سَلِّهَا وَ الْحَظُوا الْخَزْرَ وَ اطْعُنُوا الشَّزْرَ وَ نَافِحُوا بِالظُّبَی وَ صِلُوا السُّیُوفَ بِالخُطَی وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَیْنِ اللَّهِ مَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَعَاوِدُوا الْكَرَّ وَ اسْتَحْیُوا مِنَ الْفَرِّ فَإِنَّهُ عَارٌ فِی الْأَعْقَابِ وَ نَارٌ یَوْمَ الْحِسَابِ وَ طِیبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً وَ امْشُوا إِلَی الْمَوْتِ مَشْیاً سُجُحاً وَ عَلَیْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَ الرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ كَامِنٌ فِی كِسْرِهِ قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ یَداً وَ أَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا فَصَمْداً صَمْداً حَتَّی یَنْجَلِیَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ
إیضاح:
قال بعض الشارحین هذا الكلام خطب به أمیر المؤمنین علیه السلام و فی روایة نصر بن مزاحم أنه خطب به أول أیام الحرب بصفین و ذلك فی صفر من سنة سبع و ثلاثین.
و المعشر الجماعة و استشعار الخشیة أن یجعلوا الخوف من اللّٰه عز و جل ملازما لهم كالشعار و هو من اللباس ما یلی شعر الجسد و یحتمل علی بعد أن یراد به إخفاء الخوف عن العدو إذا لم یمكن سلبه عن النفس و الجلباب بالكسر القمیص أو ثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو الملحفة أو الخمار أو ثوب كالمقنعة تغطی به المرأة رأسها و ظهرها و صدرها و تجلبب أی اتخذه جلبابا و السكینة الوقار و التأنی فی الحركة و السیر و النواجذ أقاصی الأضراس و هی
ص: 557
أربعة بعد الأرحاء و قیل هی الضواحك التی تبدوا عند الضحك و قیل الأنیاب و قیل التی تلیها و قیل الأضراس كلها.
و نبا السیف عن الضریبة إذا لم یعمل فیها و الهام جمع هامة و هی رأس كل شی ء.
و الأمر إما محمول علی الحقیقة لأن هذا العض یصلب الأعصاب و العضلات فیكون تأثیر السیف فی الرأس أقل أو كنایة عن شدة الاهتمام بأمر الحرب أو الصبر و تسكین القلب و ترك الاضطراب فإنه أشد إبعادا لسیف العدو عن الرأس و أقرب إلی النصر.
و الضمیر فی قوله فإنه یعود إلی المصدر الذی دل علیه عضوا كقولك من أحسن كان خیرا له و اللأمة بفتح اللام و الهمزة الساكنة الدرع و قیل جمیع آلات الحرب و السلاح و إكمال اللأمة علی الأول أن یزاد البیضة و السواعد و نحوهما أو اتخاذها كاملة شاملة للجسد و القلقلة التحریك و الغمد بالكسر جفن السیف و سل السیف إخراجه من الغمد و قبل سلها أی قبل وقت الحاجة إلی سلها و اللحظ النظر بمؤخر العین.
و الخزر بسكون الزای النظر بلحظ العین و الشزر بالفتح الطعن عن الیمین و الشمال و قیل أكثر ما یستعمل فی الطعن عن الیمین خاصة.
و قال ابن الأثیر فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام الحظوا الشزر و اطعنوا الیسر و الشزر النظر بمؤخر العین و هو نظر الغضبان و الیسر بالفتح الطعن حذاء الوجه و الخزر و الشزر صفتان لمصدرین محذوفین أی الحظوا لحظا خزرا و اطعنوا طعنا شزرا و اللام للعهد.
و فائدة الأمر الأول واضحة فإن النظر بمؤخر بالعین یهیج الحمیة و الغضب و یدفع طمع العدو و یغفله عن التعرض و بملاء العین یورث الجبن و علامة له عند العدو و یصیر سببا لتحرزه و أخذ أهبته و التوجه إلی القرن.
ص: 558
و أما الأمر الثانی فقیل إنه یوسع المجال علی الطاعن و أكثر المناقشة للخصم فی الحرب تكون عن یمینه و عن شماله و یمكن أن تكون الفائدة أن احتراز العدو عن الطعن حذاء الوجه أسهل و الغفلة عنه أقل هذا علی ما فی الأصل و ما فی النهایة یخالفه.
و المنافحة المضاربة و المدافعة و الظبی جمع ظبة بالضم فیهما و هی طرف السیف و حده و یطلق علی حد السیف و السنان قیل المعنی قاتلوا بالسیوف و أصله أن یقرب أحد المتقاتلین إلی الآخر بحیث یصل نفح كل منهما أی ریحه و نفسه إلی صاحبه و قیل أی ضاربوا بأطراف السیوف و فائدته أن مخالطة العدو و القرب الكثیر منه یشغل عن التمكن من حربه و أیضا لا یؤثر الضرب كما ینبغی مع القرب المفرط قوله علیه السلام و صلوا السیوف بالخطی وصل الشی ء بالشی ء جعله متصلا به و الخطی جمع خطوة بالضم فیهما و المعنی إذا قصرت السیوف عن الضریبة فتقدموا تلحقوا و لا تصبروا حتی یلحقكم العدو و هذا التقدم یورث إلقاء الرعب فی قلب العدو.
و روی أنه قیل له علیه السلام فی بعض الغزوات ما أقصر سیفك فقال أطوله بخطوة.
و فی روایة ابن الأثیر صلوا السیوف بالخطی و الرماح بالنبل أی إذا لم تلحقهم بالرماح فارموهم بالسهام.
و المراد بكونهم بعین اللّٰه أنه سبحانه یراهم و یعلم أعمالهم و الباء مثلها فی قولك أنت بمرأی منی و مسمع أی بحیث أراك و أسمع كلامك فیكون تمهیدا للنهی عن الفرار و أنه سبحانه یحفظهم و ینصرهم لكونهم علی الحق كما یناسب كونهم مع ابن عم الرسول صلی اللّٰه علیه و آله.
و الكر الرجوع و الحملة و معاودته عند التحرف للقتال أو التحیز إلی فئة أو عند الفرار جبنا لو كان أو المراد لا تقصروا علی حمله للیأس عن حصول الغرض بل عاودوا و احملوا كرة بعد أخری.
ص: 559
و الأعقاب جمع عقب بالضم و بضمتین أی العاقبة و المعنی أن الفرار عار فی عاقبة أمركم و ما یتحدث به الناس فی مستقبل الزمان علی ما قیل أو جمع عقب ككتف أو عقب بالفتح أی الولد و ولد الولد و المعنی أن الفرار مما یعیر به أولادكم.
و طاب نفسی بالشی ء و طیب به نفسا إذا لم یكرهك علیه أحد و التعدیة بعن لتضمین معنی التجافی و التجاوز و نفسا منصوب علی التمیز و إفراده مع عدم اللبس أولی و لعل المعنی وطنوا أنفسكم علی بذلها فی سبیل اللّٰه و ارضوا به للحیاة الباقیة و اللذات الدائمة.
و السجح بضمتین السهل و سواد الناس عامتهم و المراد معظم القوم المجتمعین علی معاویة.
و الرواق ككتاب الفسطاط و القبة و قیل هو ما بین یدی البیت.
و المطنب المشدود بالأطناب و المراد مضرب معاویة و كان فی قبة عالیة و حوله صنادید أهل الشام.
و ثبج الشی ء بالتحریك وسطه و معظمه و كمن كنصر و سمع أی استخفی و كسر الخباء بالكسر الشقة السفلی یرفع أحیانا و یرخی أخری و الوثبة الطفرة و نكص كنصر و ضرب أی رجع و الشیطان هو إبلیس لا معاویة كما قیل لأنه كان بارزا فی الصدر لا كامنا فی الكسر إلا أن یكون ذلك لبیان جبنه و تقدیم الید للوثبة و تأخیر الرجل للنكوص لا ینافی إرادة إبلیس فإنه كان من رفقاء معاویة و أصحابه یثب بوثوبهم و یرجع برجوعهم.
و یمكن أن یراد بوثبته طمعه فی غلبة أصحاب معاویة و تحریضهم علی القتال و بالنكوص ما یقابله.
و یحتمل أن یراد بالشیطان عمرو بن العاص و الأول أظهر و حمله علی القوة الوهمیة كما قیل من الأوهام الفاسدة.
ص: 560
و الصمد بالفتح القصد و ناصبه محذوف و التأكید للتحریص علی قصد العدو و الصبر علی الجهاد أو التقرب إلی اللّٰه تعالی و إخلاص النیة فی الأعمال التی من جملتها الجهاد.
و انجلی الشی ء و تجلی أی انكشف و ظهر و عمود الحق لعله للتشبیه بالفجر الأول و فیه إشعار بعدم الظهور لأكثر القوم كما ینبغی وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ الواو للحال أی الغالبون علی الأعداء بالظفر أو بأنكم علی الحق وَ اللَّهُ مَعَكُمْ أی بالنصر و الحیاطة أو لأنكم أنصاره وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أی لا ینقصكم اللّٰه جزاء أعمالكم بل یوفیكم أجوركم و قیل أی لا یضیع أعمالكم من وترت الرجل إذا قتلت له حمیما و لعل حاصل المعنی اقصدوا ربكم بأعمالكم التی منها جهاد أعدائكم و أخلصوا نیاتكم حتی ینجلی لكم أنكم علی الحق كما قال تعالی وَ الَّذِینَ جاهَدُوا فِینا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِینَ و الجملة الحالیة تفید أنهم علی الحق و من أنصار اللّٰه و حزبه.
أو اقصدوا أعداءكم بتصمیم العزم حتی یظهر آیة النصر و ینجز اللّٰه لكم ما وعد من الظفر و وعده الحق.
و یمكن أن یراد بالحق الطریقة المستقیمة و أن یكون الظفر سببا لظهوره للقوم.
«466»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ قَدْ سَمِعَ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِهِ یَسُبُّونَ أَهْلَ الشَّامِ أَیَّامَ حَرْبِهِمْ بِصِفِّینَ إِنِّی أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِینَ وَ لَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وَ ذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ كَانَ أَصْوَبَ فِی الْقَوْلِ وَ أَبْلَغَ فِی الْعُذْرِ فَقُلْتُمْ مَكَانَ سَبِّكُمْ إِیَّاهُمْ اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا وَ دِمَاءَهُمْ وَ أَصْلِحْ ذَاتَ بَیْنِنَا وَ بَیْنِهِمْ وَ اهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ حَتَّی یَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ وَ یَرْعَوِیَ عَنِ الْغَیِّ وَ الْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِهِ.
بیان: قوله علیه السلام و أبلغ فی العذر أی العذر فی القتال معهم أو فی إتمام الحجة علیهم و إبداء عذر اللّٰه تعالی فی عقابهم.
ص: 561
و فی النهایة حقنت له دمه إذا منعت من قتله و إراقته أی جمعته له و حبسته علیه و یرعوی أی یرجع و یكف و اللّٰهج بالشی ء الولع به و قد لهج بالكسر أغری به.
«467»-نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی بَعْضِ أَیَّامِ صِفِّینَ (1) وَ قَدْ رَأَی الْحَسَنَ یَتَسَرَّعُ إِلَی الْحَرْبِ امْلِكُوا عَنِّی هَذَا الْغُلَامَ لَا یَهُدَّنِی فَإِنِّی أَنْفَسُ بِهَذَیْنِ یَعْنِی الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ علیهما السلام عَلَی الْمَوْتِ لِئَلَّا یَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله.
قال السید الرضی و قوله علیه السلام املكوا عنی هذا الغلام من أعلی الكلام و أفصحه.
بیان: فی أكثر النسخ أملكوا بفتح الهمزة و قال ابن أبی الحدید الألف فی املكوا ألف وصل لأن الماضی ثلاثی من ملكت الفرس و الدار أملك بالكسر أی احجروا علیه كما یحجر المالك علی مملوكه و عن متعلقة بمحذوف و تقدیره استولوا علیه و أبعدوه عنی و لما كان الملك سبب الحجر عبر بالسبب عن المسبب.
و وجه علو هذا الكلام و فصاحته أنه لما كان فی أملكوا معنی البعد أعقبه بعن و ذلك أنهم لا یملكونه دونه إلا و قد أبعدوه عنه قوله لا یهدنی أی لئلا یهدنی و هد البناء كسره و نفست به بالكسر أی بخلت به.
«468»-(2)
كا، الكافی فِی حَدِیثِ مَالِكِ بْنِ أَعْیَنَ قَالَ: حَرَّضَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام النَّاسَ بِصِفِّینَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ دَلَّكُمْ عَلی تِجارَةٍ تُنْجِیكُمْ مِنْ
ص: 562
عَذابٍ أَلِیمٍ وَ تُشْفِی بِكُمْ عَلَی الْخَیْرِ وَ الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ جَعَلَ ثَوَابَهُ مَغْفِرَةً لِلذَّنْبِ وَ مَساكِنَ طَیِّبَةً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ قَالَ جَلَّ وَ عَزَّ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الَّذِینَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْیانٌ مَرْصُوصٌ الصَّفَّ فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ كَالْبُنْیَانِ الْمَرْصُوصِ فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ وَ أَخِّرُوا الْحَاسِرَ وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِذِ فَإِنَّهُ أَنْبَی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ وَ الْتَوُوا عَلَی أَطْرَافِ الرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَ أَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ وَ أَمِیتُوا الْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ أَوْلَی بِالْوَقَارِ وَ لَا تَمِیلُوا بِرَایَاتِكُمْ وَ لَا تُزِیلُوهَا وَ لَا تَجْعَلُوهَا إِلَّا مَعَ شُجْعَانِكُمْ فَإِنَّ الْمَانِعَ لِلذِّمَارِ وَ الصَّابِرَ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ هُمْ أَهْلُ الْحِفَاظِ وَ لَا تُمَثِّلُوا بِقَتِیلٍ وَ إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَی رِحَالِ الْقَوْمِ فَلَا تَهْتِكُوا سِتْراً وَ لَا تَدْخُلُوا دَاراً وَ لَا تَأْخُذُوا شَیْئاً مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مَا وَجَدْتُمْ فِی عَسْكَرِهِمْ وَ لَا تَهِیجُوا امْرَأَةً بِأَذًی وَ إِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ وَ سَبَبْنَ أُمَرَاءَكُمْ وَ صُلَحَاءَكُمْ فَإِنَّهُنَّ ضِعَافُ الْقُوَی وَ الْأَنْفُسِ وَ الْعُقُولِ وَ قَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَ هُنَّ مُشْرِكَاتٌ وَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَیَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ فَیُعَیَّرُ بِهَا وَ عَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ الْحِفَاظِ هُمُ الَّذِینَ یَحُفُّونَ بِرَایَاتِكُمْ وَ یَكْتَنِفُونَهَا وَ یَصْبِرُونَ حِفَافَیْهَا وَ وَرَاءَهَا وَ أَمَامَهَا وَ لَا یُضَیِّعُونَهَا لَا یَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَیُسْلِمُوهَا وَ لَا یَتَقَدَّمُونَ عَلَیْهَا فَیُفْرِدُوهَا رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً وَاسَی أَخَاهُ بِنَفْسِهِ وَ لَمْ یَكِلْ قِرْنَهُ إِلَی أَخِیهِ فَیَجْتَمِعَ عَلَیْهِ قِرْنُهُ وَ قِرْنُ أَخِیهِ فَیَكْتَسِبَ بِذَلِكَ اللَّائِمَةَ وَ یَأْتِیَ بِدَنَاءَةٍ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ كَذَلِكَ وَ هُوَ یُقَاتِلُ الِاثْنَیْنِ وَ هَذَا مُمْسِكٌ یَدَهُ قَدْ خَلَّی قِرْنَهُ عَلَی أَخِیهِ هَارِباً یَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ هَذَا فَمَنْ یَفْعَلْهُ یَمْقُتْهُ اللَّهُ فَلَا تَعَرَّضُوا لِمَقْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّمَا مَمَرُّكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِیلًا وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سُیُوفِ الْعَاجِلَةِ لَا تَسْلَمُونَ مِنْ سُیُوفِ الْآجِلَةِ فَاسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصِّدْقِ فَإِنَّمَا یَنْزِلُ النَّصْرُ بَعْدَ الصَّبْرِ فَ جاهِدُوا فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
ص: 563
«469»-(1)
وَ فِی كَلَامٍ آخَرَ لَهُ قَالَ علیه السلام وَ إِذَا لَقِیتُمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ غَداً فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّی یُقَاتِلُوكُمْ فَإِذَا بَدَءُوا بِكُمْ فَانْهُدُوا إِلَیْهِمْ وَ عَلَیْكُمُ السَّكِینَةَ وَ الْوَقَارَ وَ عَضُّوا عَلَی الْأَضْرَاسِ فَإِنَّهُ أَنْبَی لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ مُدُّوا جِبَاهَ الْخُیُولِ وَ وُجُوهَ الرِّجَالِ وَ أَقِلُّوا الْكَلَامَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ أَذْهَبُ بِالْوَهَلِ وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْمُبَارَزَةِ وَ الْمُنَازَلَةِ وَ الْمُجَادَلَةِ وَ اثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَثِیراً فَإِنَّ الْمَانِعَ لِلذِّمَارِ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ هُمْ أَهْلُ الْحِفَاظِ الَّذِینَ یَحُفُّونَ بِرَایَاتِهِمْ وَ یَضْرِبُونَ حَافَتَیْهَا وَ أَمَامَهَا وَ إِذَا حَمَلْتُمْ فَافْعَلُوا فِعْلَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ عَلَیْكُمْ بِالتَّحَامِی فَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ لَا یَشْتَدُّنَّ عَلَیْكُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ (2) وَ لَا حَمْلَةً بَعْدَ جَوْلَةٍ وَ مَنْ أَلْقَی إِلَیْكُمُ السَّلَامَ فَاقْبَلُوا مِنْهُ وَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ فَإِنَّ بَعْدَ الصَّبْرِ النَّصْرَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ
بیان: قال الجوهری رصصت الشی ء رصا ألصقت بعضه ببعض و منه بُنْیانٌ مَرْصُوصٌ و الدارع لابس الدرع و الحاسر الذی لا مغفر علیه و لا درع.
قوله علیه السلام و التووا علی أطراف الرماح فی القاموس تلوی انعطف كالتوی و المور التحرك و الاضطراب أی إذا وصلت إلیكم أطراف الرماح فانعطفوا لیزلق و یتحرك فلا ینفذ.
و حمله ابن میثم علی الالتواء عند إرسال الرمح و رمیه إلی العدو بأن یمیل صدره و یده فإن ذلك أنفذ و فیه بعد.
و قال الجوهری الجأش جأش القلب و هو رواعه إذا اضطرب عند الفزع یقال فلان رابط الجأش أی ربط نفسه عن الفرار لشجاعته.
ص: 564
و مثله فی القاموس و زاد و نفس الإنسان و قد لا یهمز و جمعه جؤش.
و إنما أمرهم علیه السلام بغض الأبصار لئلا یروا ما یهولهم لئلا یری العدو منهم جبنا و كذا قلة الكلام و ترك رفع الأصوات علامة الشجاعة فإن الجبان یصیح و یرعد و یبرق.
و قال الجوهری قولهم فلان حامی الذمار أی إذا زمر و غضب و حمی و یقال الذمار ما وراء الرجل مما یحق علیه أن یحمیه لأنهم قالوا حامی الذمار كما قالوا حامی الحقیقة و سمی ذمارا لأنه یحق علی أهله الدفع عنها.
فالأظهر أن الحقائق هنا جمع الحقیقة بمعنی ما یحق للرجل أن یحمیه و المراد بنزول الحقائق نزولها به أو نزوله بها و ما یعرض للإنسان فی الحرب هی حالة تحق أن یحمی عنها.
و یحتمل أن یكون جمع الحقیقة بمعنی الرایة كما ذكره الجوهری و الفیروزآبادی.
و قال ابن میثم أی الشدائد الحقة المتیقنة و أما ما ذكره ابن أبی الحدید و تبعه غیره من أن الحقائق جمع حاقة و هی الأمر الصعب الشدید ففی كونه جمعا لها نظر و الحفاظ بالكسر الذب عن المحارم و قوله علیه السلام حفافیها متعلق بقوله یكتنفونها أو بقوله یصبرون أیضا علی التنازع و الحفافان الیمین و الیسار.
و فی بعض النسخ وراءها بدون العطف فهما الأمام و الوراء.
قوله علیه السلام من سیوف الآجلة سمی عقاب اللّٰه علی فرارهم و تخاذلهم سیفا علی الاستعارة أو مجاز المشاكلة و فی القاموس نهد الرجل نهض و لعدوه صمد لهم.
قوله علیه السلام و مدوا جباه الخیول و وجوه الرجال لعل المراد بهما تسویة الصفوف و إقامتها راكبین و راجلین أو كنایة عن تحریكها و توجیهها إلی جانب العدو و الوهن الضعف و الفزع و فی النهایة فیه و الحرب بیننا سجال أی مرة لنا و مرة علینا و أصله أن المتسقین بالسجل یكون لكل واحد منهم سجل و السجل الدلو الملأی ماء.
ص: 565
و السلام الاستسلام و قد مر شرح بعض أجزاء الخبرین و سیأتی بعضها.
«470»-(1)
شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام فِی تَحْضِیضِهِ عَلَی الْقِتَالِ یَوْمَ صِفِّینَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ اخْفِضُوا الْأَصْوَاتَ وَ أَقِلُّوا الْكَلَامَ وَ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَی الْمُنَازَلَةِ وَ الْمُجَادَلَةِ وَ الْمُبَارَزَةِ وَ الْمُبَالَطَةِ وَ الْمُبَالَدَةِ وَ الْمُعَانَقَةِ وَ الْمُكَادَمَةِ وَ اثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِیراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِیحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمُ الصَّبْرَ وَ أَنْزِلْ عَلَیْهِمُ النَّصْرَ وَ أَعْظِمْ لَهُمُ الْأَجْرَ.
إیضاح:
قال الفیروزآبادی فی القاموس بالط القوم تجالدوا بالسیف كتبالطوا.
و بنی فلان نازلوهم بالأرض و قال المبالدة المبالطة بالسیوف و العصی.
كدمه یكدمه و یكدمه كضرب و نصر عضه بأدنی فمه أو أثر فیه بحدیدة و كمعظم المعضض و اكدم الأسیر بالضم استوثق منه و قال الریح الغلبة و القوة و الرحمة و النصرة و الدولة.
«471»-شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام أَیْضاً فِی هَذَا الْمَعْنَی مَعْشَرَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ دَلَّكُمْ عَلَی تِجارَةٍ تُنْجِیكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِیمٍ وَ تُشْفِی بِكُمْ عَلَی الْخَیْرِ الْعَظِیمِ الْإِیمَانِ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِهِ وَ جَعَلَ ثَوَابَهُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ وَ مَساكِنَ طَیِّبَةً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ ثُمَّ أَخْبَرَكُمْ أَنَّهُ یُحِبُّ الَّذِینَ یُقاتِلُونَ فِی سَبِیلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْیانٌ مَرْصُوصٌ فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ وَ أَخِّرُوا الْحَاسِرَ وَ عَضُّوا عَلَی الْأَضْرَاسِ فَإِنَّهُ أَنْبَی
ص: 566
لِلسُّیُوفِ عَنِ الْهَامِ وَ الْتَوُوا فِی أَطْرَافِ الرِّمَاحِ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلْأَسِنَّةِ وَ غُضُّوا الْأَبْصَارَ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَ أَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ وَ أَمِیتُوا الْأَصْوَاتَ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ وَ أَوْلَی بِالْوَقَارِ وَ رَایَتَكُمْ فَلَا تُمِیلُوهَا وَ لَا تُخَلُّوهَا وَ لَا تَجْعَلُوهَا إِلَّا فِی أَیْدِی شُجْعَانِكُمْ فَإِنَّ الْمَانِعِینَ لِلذِّمَارِ الصَّابِرِینَ عَلَی نُزُولِ الْحَقَائِقِ هُمْ أَهْلُ الْحِفَاظِ الَّذِینَ یَحُفُّونَ بِرَایَاتِهِمْ وَ یَكْتَنِفُونَهَا رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً مِنْكُمْ آسَی أَخَاهُ بِنَفْسِهِ وَ لَمْ یَكِلْ قِرْنَهُ إِلَی أَخِیهِ فَیَجْمَعَ عَلَیْهِ قِرْنَهُ وَ قِرْنَ أَخِیهِ فَتُكْتَسَبَ بِذَلِكَ لَائِمَةٌ وَ یَأْتِیَ بِهِ دَنَاءَةً فَلَا تَعَرَّضُوا لِمَقْتِ اللَّهِ وَ لَا تَفِرُّوا مِنَ الْمَوْتِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی یَقُولُ قُلْ لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِیلًا وَ ایْمُ اللَّهِ لَئِنْ فَرَرْتُمْ مِنْ سَیْفِ الْعَاجِلَةِ لَا تَسْلَمُونَ مِنْ سَیْفِ الْآجِلَةِ فَ اسْتَعِینُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ* وَ الصِّدْقِ فِی النِّیَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی بَعْدَ الصَّبْرِ یُنْزِلُ النَّصْرَ.
بیان: فی روایة ابن أبی الحدید فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ثم أخبركم بالذی یحب فقال إن اللّٰه یحب و فیه إلا بأیدی شجعانكم المانعی الذمار و الصبر عند نزول الحقائق أهل الحفاظ الذین یحفون برایتكم و یكتنفونها یضربون خلفها و أمامها و هلا أجزأ كل امرئ منكم قرنه واسی أخاه (1) إلی قوله و یأتی دناءة أنی هذا و كیف یكون هذا و هذا یقاتل اثنین و هذا ممسك یده قد خلی قرنه علی أخیه هاربا منه أو قائما ینظر إلیه من یفعل هذا یمقته اللّٰه فلا تعرضوا لمقت اللّٰه فإنما مردكم إلی اللّٰه قال اللّٰه تعالی لقوم عابهم لَنْ یَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِیلًا إلی قوله استعینوا بالصدق و الصبر فإنه بعد الصبر ینزل النصر.
و سیأتی شرحه فی روایة السید رضی اللّٰه عنه.
ص: 567
«472»-(1)
قب، المناقب لابن شهرآشوب تَفْسِیرُ الْحَسَنِ وَ السُّدِّیِّ وَ وَكِیعٍ وَ الثَّعْلَبِیِّ وَ مُسْنَدُ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ الزُّبَیْرُ فِی قَوْلِهِ وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِیبَنَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً لَقَدْ لَبِثْنَا أَزْمَاناً وَ لَا نَرَی أَنَّا مِنْ أَهْلِهَا فَإِذَا نَحْنُ الْمَعْنِیُّونَ.
قَالَ السُّدِّیُّ فِی قَوْلِهِ فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَی الظَّالِمِینَ نَزَلَتْ فِی حَرْبَیْنِ فِی یَوْمِ صِفِّینَ وَ یَوْمِ الْجَمَلِ فَسَمَّی اللَّهُ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ صِفِّینَ ظَالِمِینَ ثُمَّ قَالَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِینَ بِالنَّصْرِ وَ الْحَقُّ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَصْحَابِهِ.
بعض المفسرین: فی قوله قُلْ لِلْمُخَلَّفِینَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ أی فیما بعد إِلی قَوْمٍ أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ أنهم أهل صفین و ذلك
أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال للأعراب الذین تخلفوا عنه بالحدیبیة و عزموا علی خیبر قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ
أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالا فِی قَوْلِهِ تَعَالَی ثُمَّ إِنَّكُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ كُنَّا نَقُولُ رَبُّنَا وَاحِدٌ وَ نَبِیُّنَا وَاحِدٌ وَ دِینُنَا وَاحِدٌ فَمَا هَذِهِ الْخُصُومَةُ فَلَمَّا كَانَ حَرْبُ صِفِّینَ وَ شَدَّ بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ بِالسُّیُوفِ قُلْنَا نَعَمْ هُوَ هَذَا.
قَالَ الْبَاقِرُ علیه السلام قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ هُوَ یُقَاتِلُ مُعَاوِیَةَ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ الْآیَاتِ هُمْ هَؤُلَاءِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ.
ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله أَئِمَّةُ الْكُفْرِ مُعَاوِیَةُ وَ عَمْرٌو.
ص: 568
وَ لَمَّا فَرَغَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ حَرْبِ الْجَمَلِ نَزَلَ فِی الرَّحْبَةِ السَّادِسَ مِنْ رَجَبٍ وَ خَطَبَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَصَرَ وَلِیَّهُ وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ وَ أَعَزَّ الصَّادِقَ الْمُحِقَّ وَ أَذَلَّ النَّاكِثَ الْمُبْطِلَ ثُمَّ إِنَّهُ دَعَا الْأَشْعَثَ بْنَ قَیْسٍ مِنْ ثَغْرِ آذَرْبِیجَانَ وَ الْأَحْنَفَ بْنَ قَیْسٍ مِنَ الْبَصْرَةِ وَ جَرِیرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِیَّ مِنْ هَمْدَانَ فَأَتَوْهُ إِلَی الْكُوفَةِ فَوَجَّهَ جَرِیراً إِلَی مُعَاوِیَةَ یَدْعُوهُ إِلَی طَاعَتِهِ فَلَمَّا بَلَغَهَا تَوَقَّفَ مُعَاوِیَةُ فِی ذَلِكَ حَتَّی قَدِمَ بِطَلَبٍ مِنْهُ شُرَحْبِیلُ الْكِنْدِیُّ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّی خَلِیفَةُ عُمَرَ وَ خَلِیفَةُ عُثْمَانَ وَ قَدْ قُتِلَ عُثْمَانُ مَظْلُوماً وَ أَنَا وَلِیُّهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ أَوْلَی النَّاسِ بِطَلَبِ دَمِهِ فَمَا ذَا رَأْیُكُمْ فَقَالُوا نَحْنُ طَالِبُونَ بِدَمِهِ فَدَعَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَی أَنْ یُطْعِمَهُ مِصْرَ فَكَانَ عَمْرٌو یَأْمُرُ بِالْحَمْلِ وَ الْحَطِّ مِرَاراً فَقَالَ لَهُ غُلَامُهُ وَرْدَانُ تَفَكَّرْ إِنَّ الْآخِرَةَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ الدُّنْیَا مَعَ مُعَاوِیَةَ فَقَالَ عَمْرٌو:
لَا قَاتَلَ اللَّهُ وَرْدَاناً وَ فِطْنَتَهُ (1)*** أَبْدَی لَعَمْرِی مَا فِی الصَّدْرِ وَرْدَانَ
فَلَمَّا ارْتَحَلَ قَالَ ابْنُ عَمْرٍو لَهُ:
أَلَا یَا عَمْرُو مَا أَحْرَزْتُ نَصْراً***وَ لَا أَنْتَ الْغَدَاةَ إِلَی رَشَادٍ
أَ بِعْتَ الدِّینَ بِالدُّنْیَا خَسَاراً***وَ أَنْتَ بِذَاكَ مِنْ شَرِّ الْعِبَادِ
فَانْصَرَفَ جَرِیرٌ فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَهْلِ الْمَدِینَةِ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ عَلِیٌّ آوَی قَتَلَتَهُ فَإِنْ دَفَعَهُمْ إِلَیْنَا كَفَفْنَا عَنْهُ وَ جَعَلْنَا هَذَا الْأَمْرَ شُورَی بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ كَمَا جَعَلَهُ عُمَرُ عِنْدَ وَفَاتِهِ فَانْهَضُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَعَنَا إِلَی حَرْبِهِ فَأَجَابُوهُ بِكِتَابٍ فِیهِ:
ص: 569
مُعَاوِیَ إِنَّ الْحَقَّ أَبْلَجُ وَاضِحٌ***وَ لَیْسَ كَمَا رَبَصْتَ أَنْتَ وَ لَا عَمْرٌو
نَصَبْتَ لَنَا الْیَوْمَ ابْنَ عَفَّانَ خُدْعَةً***كَمَا نَصَبَ الشَّیْخَانِ إِذْ زُخْرُفَ الْأَمْرِ
رَمَیْتُمْ عَلِیّاً بِالَّذِی لَمْ یَضُرَّهُ***وَ لَیْسَ لَهُ فِی ذَاكَ نَهْیٌ وَ لَا أَمْرٌ
وَ مَا ذَنْبُهُ إِنْ نَالَ عُثْمَانَ مَعْشَرٌ***أَتَوْهُ مِنَ الْأَحْیَاءِ تَجْمَعُهُمْ مِصْرُ
وَ كَانَ عَلِیٌّ لَازِماً قَعْرَ بَیْتِهِ***وَ هِمَّتُهُ التَّسْبِیحُ وَ الْحَمْدُ وَ الذِّكْرُ
فَمَا أَنْتُمَا لَا دَرَّ دَرُّ أَبِیكُمَا***وَ ذِكْرُكُمُ الشُّورَی وَ قَدْ وَضَحَ الْأَمْرُ
فَمَا أَنْتُمَا وَ النَّصْرُ مِنَّا وَ أَنْتُمَا***طَلِیقَا أُسَارَی مَا تَبُوحُ بِهَا الْخَمْرُ
وَ جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِیُّ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَذْكُرُ فِیهِ وَ كَانَ أَنْصَحُهُمْ لِلَّهِ خَلِیفَتَهُ ثُمَّ خَلِیفَةَ خَلِیفَتِهِ ثُمَّ الْخَلِیفَةَ الثَّالِثَ الْمَقْتُولَ ظُلْماً فَكُلَّهُمْ حَسَدْتَ وَ عَلَی كُلِّهِمْ بَغَیْتَ إِلَی آخِرِ مَا سَیَأْتِی فَلَمَّا وَصَلَ الْخَوْلَانِیُّ وَ قَرَأَ عَلَی النَّاسِ كِتَابَ مُعَاوِیَةَ قَالُوا كُلُّنَا لَهُ قَاتِلُونَ وَ لِأَفْعَالِهِ مُنْكِرُونَ فَكَانَ جَوَابُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ بَعْدُ فَإِنِّی رَأَیْتُ قَدْ أَكْثَرْتَ فِی قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَادْخُلْ فِیمَا دَخَلَ فِیهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ بَیْعَتِی ثُمَّ حَاكِمِ الْقَوْمَ إِلَیَّ أَحْمِلْكُمْ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَمَّا الَّذِی تُرِیدُهَا فَإِنَّهَا خُدْعَةُ الصَّبِیِّ عَنِ اللَّبَنِ وَ لَعَمْرِی لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِكَ لَعَلِمْتَ أَنِّی مِنْ أَبْرَإِ النَّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ وَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّكَ مِنْ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ الَّذِینَ لَا تَحِلُّ لَهُمُ الْخِلَافَةُ وَ أَجْمَعَ علیه السلام عَلَی الْمَسِیرِ وَ حَضَّ النَّاسَ عَلَی ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَیْهِ قَالَ ابْنُ حَازِمٍ التَّمِیمِیُّ وَ أَبُو وَائِلٍ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام انْفِرُوا إِلَی بَقِیَّةِ الْأَحْزَابِ أَوْلِیَاءِ الشَّیْطَانِ انْفِرُوا إِلَی مَنْ یَقُولُ كَذَبَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ
ص: 570
وَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ عَبْسٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِكِتَابٍ مِنْ مُعَاوِیَةَ فَسَأَلَ مَا الْخَبَرُ فَقَالَ إِنَّ فِی الشَّامِ یَلْعَنُونَ قَاتِلِی عُثْمَانَ وَ یَبْكُونَ عَلَی قَمِیصِهِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مَا قَمِیصُ عُثْمَانَ بِقَمِیصِ یُوسُفَ وَ لَا بُكَاؤُهُمْ إِلَّا كَبُكَاءِ أَوْلَادِ یَعْقُوبَ فَلَمَّا فَتَحَ الْكِتَابَ وَجَدَهُ بَیَاضاً فَحَوْلَقَ (1) فَقَالَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ
وَ لَسْتُ بِنَاجٍ مِنْ عَلِیٍّ وَ صَحْبِهِ***وَ إِنْ تَكُ فِی جَابَلَقَ لَمْ تَكُ نَاجِیاً
وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَیْتَ الْقِیَامَةَ قَدْ قَامَتْ فَتَرَی الْمُحِقَّ مِنَ الْمُبْطِلِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِی جَوَابِهِ یَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِها فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ اكْتُبْ إِنَّ بَیْعَتِی شَمِلَتِ الْخَاصَّ وَ الْعَامَّ وَ إِنَّمَا الشُّورَی لِلْمُؤْمِنِینَ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ الْأَوَّلِینَ السَّابِقِینَ بِالْإِحْسَانِ مِنَ الْبَدْرِیِّینَ وَ إِنَّمَا أَنْتَ طَلِیقُ بْنُ طَلِیقٍ لَعِینُ بْنُ لَعِینٍ وَثَنُ بْنُ وَثَنٍ لَیْسَتْ لَكَ هِجْرَةٌ وَ لَا سَابِقَةٌ وَ لَا مَنْقَبَةٌ وَ لَا فَضِیلَةٌ وَ كَانَ أَبُوكَ مِنَ الْأَحْزَابِ الَّذِینَ حَارَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَنَصَرَ اللَّهُ عَبْدَهُ وَ صَدَقَ وَعْدَهُ وَ هَزَمَ الْأَحْزَابَ ثُمَّ وَقَعَ فِی آخِرِ الْكَلَامِ
أَ لَمْ تَرَ قَوْمِی إِذْ دَعَاهُمْ أَخُوهُمْ***أَجَابُوا وَ إِنْ یَغْضَبْ عَلَی الْقَوْمِ یَغْضَبْ
وَ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ اتَّقِ اللَّهَ یَا عَلِیُّ وَ ذَرِ الْحَسَدَ فَطَالَمَا لَمْ یَنْتَفِعْ بِهِ أَهْلُهُ إِلَی آخِرِ كِتَابِهِ اللَّعِینِ فَأَجَابَهُ علیه السلام بَعْدَ كَلَامٍ طَوِیلٍ عِظَتِی لَا تَنْفَعُ مَنْ حَقَّتْ عَلَیْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ وَ لَمْ یَخَفِ الْعِقَابَ وَ لَا یَرْجُو لِلَّهِ وَقاراً وَ لَمْ یَخَفْ لَهُ حِذَاراً فَشَأْنَكَ وَ مَا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنَ الضَّلَالَةِ وَ الْحَیْرَةِ وَ الْجَهَالَةِ تَجِدُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِی ذَلِكَ بِالْمِرْصَادِ
ص: 571
ثُمَّ قَالَ فِی آخِرِهِ فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ قَاتِلُ جَدِّكَ عُتْبَةَ وَ عَمِّكَ شَیْبَةَ وَ أَخِیكَ حَنْظَلَةَ الَّذِینَ سَفَكَ اللَّهُ دِمَاءَهُمْ عَلَی یَدِی فِی یَوْمِ بَدْرٍ وَ بِذَلِكَ السَّیْفِ مَعِی وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی فَنَهَاهُ عَمْرٌو عَنْ مُكَاتَبَتِهِ وَ لَمْ یَكْتُبْ إِلَّا بَیْتاً:
لَیْسَ بَیْنِی وَ بَیْنَ قَیْسٍ عِتَابٌ***غَیْرَ طَعْنِ الْكُلَی وَ ضَرْبِ الرِّقَابِ
قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَاتَلْتُ النَّاكِثِینَ وَ هَؤُلَاءِ الْقَاسِطِینَ وَ سَأُقَاتِلُ الْمَارِقِینَ ثُمَّ رَكِبَ فَرَسَ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَصَدَهُ فِی تِسْعِینَ أَلْفاً قَالَ سَعِیدُ بْنُ جُبَیْرٍ مِنْهَا تِسْعَةُ مِائَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ ثَمَانُمِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی لَیْلَی سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ یُقَالُ مِائَةٌ وَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا (1) وَ خَرَجَ مُعَاوِیَةُ فِی مِائَةٍ وَ عِشْرِینَ أَلْفاً یَتَقَدَّمُهُمْ مَرْوَانُ وَ قَدْ تَقَلَّدَ بِسَیْفِ عُثْمَانَ فَنَزَلَ صِفِّینَ فِی الْمُحَرَّمِ عَلَی شَرِیعَةِ الْفُرَاتِ وَ قَالَ
أَتَاكُمُ الْكَاشِرُ عَنْ أَنْیَابِهِ***لَیْثُ الْعَرِینِ جَاءَ فِی أَصْحَابِهِ
وَ مَنَعُوا عَلِیّاً علیه السلام وَ أَصْحَابَهُ الْمَاءَ فَأَنْفَذَ عَلِیٌّ علیه السلام شَبَثَ بْنَ رِبْعِیٍّ الرِّیَاحِیَّ وَ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَقَالا فِی ذَلِكَ لُطْفاً وَ عُنْفاً فَقَالَ أَنْتُمْ قَتَلْتُمْ عُثْمَانَ عَطَشاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام رَوُّوا السُّیُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ (2)
ص: 572
فَرَجَزَ الْأَشْتَرُ وَ الْأَشْعَثُ وَ حَمَلَا فِی سَبْعَةَ عَشَرَ ألفا [أَلْفَ رَجُلٍ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ وَ انْهَزَمَ الْبَاقُونَ فَأَمَرَ عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ لَا یَمْنَعُوهُمُ الْمَاءَ وَ كَانَ نُزُولُهُ علیه السلام بِصِفِّینَ لِلَّیَالِی بَقِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ وَ أَنْفَذَ سَعِیدَ بْنَ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیَّ وَ بِشْرَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِیَّ إِلَی مُعَاوِیَةَ لِیَدْعُوَهُ إِلَی الْحَقِّ فَانْصَرَفَا بَعْدَ مَا احْتَجَّا عَلَیْهِ ثُمَّ أَنْفَذَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِیٍّ الرِّیَاحِیَّ وَ عَدِیَّ بْنَ حَاتِمٍ الطَّائِیَّ وَ یَزِیدَ بْنَ قَیْسٍ الْأَرْحَبِیَّ وَ زِیَادَ بْنَ حَفْصٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكَانَ مُعَاوِیَةُ یَقُولُ سَلِّمُوا إِلَیَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ لِأَقْتُلَنَّهُمْ بِهِ ثُمَّ نَعْتَزِلَ الْأَمْرَ حَتَّی یَكُونَ شُورَی فَتَقَاتَلُوا فِی ذِی الْحِجَّةِ وَ أَمْسَكُوا فِی الْمُحَرَّمِ فَلَمَّا اسْتَهَلَّ صَفَرُ سَنَةَ سَبْعٍ وَ ثَلَاثِینَ أَمَرَ عَلِیٌّ علیه السلام فَنُودِیَ فِی أَهْلِ الشَّامِ بِالْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ ثُمَّ عَبَّأَ عَسْكَرَهُ فَجَعَلَ عَلَی مَیْمَنَتِهِ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِیلٍ (1) وَ عَلَی مَیْسَرَتِهِ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ وَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ وَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ الْمِرْقَالَ وَ عَلَی الْقَلْبِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَ عَبَّاسَ بْنَ رَبِیعَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَ الْأَشْتَرَ وَ الْأَشْعَثَ وَ عَلَی الْجَنَاحِ سَعِیدَ بْنَ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیَّ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُدَیْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِیَّ وَ رِفَاعَةَ بْنَ شَدَّادٍ الْبَجَلِیَّ وَ عَدِیَّ بْنَ حَاتِمٍ وَ عَلَی الْكُمَّیْنِ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ وَ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ الْكِنَانِیَّ وَ قَبِیصَةَ بْنَ جَابِرٍ الْأَسَدِیَ
ص: 573
وَ جَعَلَ مُعَاوِیَةُ عَلَی مَیْمَنَتِهِ ذَا الْكَلَاعِ الْحِمْیَرِیَّ وَ حَوْشَبَ ذَا الظَّلِیمِ وَ عَلَی الْمَیْسَرَةِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ حَبِیبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ عَلَی الْقَلْبِ الضَّحَّاكَ بْنَ قَیْسٍ الْفِهْرِیَّ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ وَ عَلَی السَّاقَةِ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ الْفِهْرِیَّ وَ عَلَی الْجَنَاحِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِیَّ وَ هَمَّامَ بْنَ قَبِیصَةَ النَّمِرِیَّ وَ عَلَی الْكُمَّیْنِ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِیَّ وَ حَابِسَ بْنَ سَعْدٍ الطَّائِیَّ فَبَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ أَنِ اخْرُجْ إِلَیَّ أُبَارِزْكَ فَلَمْ یَفْعَلْ وَ قَدْ جَرَی بَیْنَ الْعَسْكَرَیْنِ أَرْبَعُونَ وَقْعَةً یَغْلِبُهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ أَوَّلُهَا یَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَیْنَ الْأَشْتَرِ وَ حَبِیبِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَ الثَّانِی بَیْنَ الْمِرْقَالِ وَ أَبِی الْأَعْوَرِ السُّلَمِیِّ وَ الثَّالِثُ بَیْنَ عَمَّارٍ وَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَ الرَّابِعُ بَیْنَ ابْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ الْخَامِسُ بَیْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَ الْوَلِیدِ بْنِ عُقْبَةَ وَ السَّادِسُ بَیْنَ سَعِیدِ بْنِ قَیْسٍ وَ ذِی الْكَلَاعِ إِلَی تَمَامِ الْأَرْبَعِینَ وَقْعَةً آخِرُهَا لَیْلَةُ الْهَرِیرِ وَ خَرَجَ عَوْفُ بْنُ عَوْنٍ الْحَارِثِیُّ قَائِلًا:
إِنِّی أَنَا عَوْفٌ أَخُو الْحُرُوبِ***صَاحِبُهَا وَ لَسْتُ بِالْهَیُوبِ (1)
فَبَارَزَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو قَائِلًا:
یَا عَوْفُ لَوْ كُنْتَ امْرَأً حَازِماً***لَمْ تَبْرُزِ الدَّهْرَ إِلَی عَلْقَمَةَ
لَقِیتَ لَیْثاً أَسَداً بَاسِلًا***یَأْخُذُ بِالْأَنْفَاسِ وَ الْغَلْصَمَةِ
وَ خَرَجَ أَحْمَرُ مَوْلَی عُثْمَانَ قَائِلًا:
إِنَّ الْكَتِیبَةَ عِنْدَ كُلِّ تَصَادُمٍ*** تَبْكِی فَوَارِسُهَا عَلَی عُثْمَانَ
فَأَجَابَهُ كَیْسَانُ مَوْلَی عَلِیٍّ علیه السلام:
عُثْمَانُ وَیْحَكَ قَدْ مَضَی لِسَبِیلِهِ***فَاثْبُتْ لِحَدِّ مُهَنَّدٍ وَ سِنَانٍ
ص: 574
فَقَتَلَهُ الْأَحْمَرُ فَقَالَ علیه السلام قَتَلَنِیَ اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ وَ أَخَذَ بِجِرِبَّانِ دِرْعِهِ وَ رَفَعَهُ وَ ضَرَبَهُ عَلَی الْأَرْضِ وَ جَعَلَ یَجُولُ فِی الْمَیْدَانِ وَ یَقُولُ:
لَهْفَ نَفْسِی وَ قَلِیلٌ مَا أَسَرَّ*** مَا أَصَابَ النَّاسَ مِنْ خَیْرٍ وَ شَرٍّ
لَمْ أُرِدْ فِی الدَّهْرِ یَوْماً حَرْبَهُمْ***وَ هُمُ السَّاعُونَ فِی الشَّرِّ الشِّمِرِّ
فَحَثَّ مُعَاوِیَةُ غُلَامَهُ حُرَیْثاً أَنْ یَغْتَالَ عَلِیّاً فِی قَتْلِهِ فَطَیَّرَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قِحْفَهُ فِی الْهَوَاءِ وَ جَعَلَ یَجُولُ وَ یَقُولُ:
أَلَا احْذَرُوا فِی حَرْبِكُمْ أَبَا الْحَسَنِ*** فَلَا تَرُومُوهُ فَذَا مِنَ الْغَبَنِ
فَإِنَّهُ یَدُقُّهُ دَقَّ الطَّحَنِ***فَلَا یَخَافُ فِی الْهِیَاجِ مَنْ وَ مَنْ
وَ خَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُرْتَجِزاً یَقُولُ:
لَا عَیْشَ إِنْ لَمْ أَلْقَ یَوْمِی هَاشِماً***ذَاكَ الَّذِی جَشَّمَنِی الْمُجَاشِمَا
ذَاكَ الَّذِی یَشْتِمُ عِرْضِی ظَالِماً***ذَاكَ الَّذِی لَمْ یَنْجُ مِنِّی سَالِماً
فَبَرَزَ هَاشِمٌ مُرْتَجِزاً:
ذَاكَ الَّذِی نَذَرْتُ فِیهِ النَّذْرَا***ذَاكَ الَّذِی أَعْذَرْتُ فِیهِ الْعُذْرَا
ذَاكَ الَّذِی مَا زَالَ یَنْوِی الْغَدْرَا***أَوْ یُحْدِثَ اللَّهُ لِأَمْرٍ أَمْراً
فَضَرَبَهُ هَاشِمٌ وَ خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ وَلِیدٍ یَقُولُ:
قُلْ لِعَلِیٍّ هَكَذَا الْوَعِیدُ***أَنَا ابْنُ سَیْفِ اللَّهِ لَا مَزِیدٌ
وَ خَالِدٌ تَرْبِیَةُ الْوَلِیدِ*** قَدْ أَفْتَرَ الْحَرْبُ فَزِیدُوا زِیدُوا
فَبَرَزَ الْأَشْتَرُ مُرْتَجِزاً یَقُولُ:
بِالضَّرْبِ أُوفِی مِیتَةً مُؤَخَّرَةً***یَا رَبِّ جَنِّبْنِی سَبِیلَ الْفَجَرَةِ
وَ لَا تُخَیِّبْنِی ثَوَابَ الْبَرَرَةِ***وَ اجْعَلْ وَفَاتِی بِأَكُفِّ الْكَفَرَةِ
فَضَرَبَهُ الْأَشْتَرُ فَانْصَرَفَ قَائِلًا أَفْنَانَا دَمُ عُثْمَانَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ هَذِهِ قَاشِرَةُ الصُّبَاةِ فِی اللَّعِبِ فَاصْبِرْ فَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِینَ* وَ خَرَجَ مُعَاوِیَةُ یُشِیرُ إِلَی هَمْدَانَ وَ هُوَ یَقُولُ:
ص: 575
لَا عَیْشَ إِلَّا فَلْقُ قِحْفِ الْهَامِ***مِنْ أَرْحَبَ وَ یَشْكُرَ شِبَامٍ
قَوْمٌ هُمْ أَعْدَاءُ أَهْلِ الشَّامِ***كَمْ مِنْ كَرِیمٍ بَطَلٍ هُمَامٍ
وَ كَمْ قَتِیلٍ وَ جَرِیحٍ دَامِی***كَذَاكَ حَرْبُ السَّادَةِ الْكِرَامِ
فَبَرَزَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ:
لَاهُمَّ رَبَّ الْحِلِّ وَ الْحَرَامِ***لَا تَجْعَلِ الْمُلْكَ لِأَهْلِ الشَّامِ
فَحَمَلَ وَ هُوَ مُشْرِعٌ رُمْحَهُ فَوَلَّی مُعَاوِیَةُ هَارِباً وَ دَخَلَ فِی غُمَارِ الْقَوْمِ وَ جَعَلَ قَیْسٌ یَقُولُ:
یَا لَهْفَ نَفْسِی فَاتَنِی مُعَاوِیَةُ***عَلَی طِمِرٍّ كَالْعُقَابِ هَاوِیَةً
وَ الرَّاقِصَاتُ لَا یَعُودُ ثَانِیَةً***إِلَّا هَوَی مُعَفَّراً فِی الْهَاوِیَةِ
وَ بَرَزَ أَبُو الطُّفَیْلِ الْكِنَانِیُّ قَائِلًا:
تَحَامَتْ كِنَانَةُ فِی حَرْبِهَا***وَ حَامَتْ تَمِیمٌ وَ حَامَتْ أَسَدٌ
وَ حَامَتْ هَوَازِنُ مِنْ بَعْدِهَا***فَمَا حَامَ مِنْهَا وَ مِنْهُمْ أَحَدٌ
طَحَنَّا الْفَوَارِسَ یَوْمَ الْعَجَاجِ***وَ سُقْنَا الْأَرَاذِلَ سَوْقَ النَّكَدِ
وَ جَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی الْمَیْدَانِ قَائِلًا:
أَنَا عَلِیٌّ فَاسْأَلُونِی تُخْبَرُوا***ثُمَّ ابْرُزُوا لِی فِی الْوَغَی وَ ابْدُرُوا
سَیَفِی حُسَامٌ وَ سِنَانِی یَزْهَرُ***مِنَّا النَّبِیُّ الطَّاهِرُ الْمُطَهَّرُ
وَ حَمْزَةُ الْخَیْرُ وَ مِنَّا جَعْفَرٌ***وَ فَاطِمُ عِرْسِی وَ فِیهَا مَفْخَرٌ
هَذَا لِهَذَا وَ ابْنُ هِنْدٍ مُحْجَرٌ***مُذَبْذَبٌ مُطَرَّدٌ مُؤَخَّرٌ
فَاسْتَخْلَفَهُ عَمْرُو بْنُ الْحُصَیْنِ بْنِ السَّكُونِیِّ عَلَی أَنْ یَطْعُنَهُ فَرَآهُ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ فَطَعَنَهُ وَ أَنْشَدَ:س
أَقُولُ لَهُ وَ فِی رُمْحِی حِنَّاهُ***وَ قَدْ قَرَّتْ بِمَصْرَعِهِ الْعُیُونُ
أَلَا یَا عَمْرُو عَمْرَو بَنِی حُصَیْنٍ***وَ كُلُّ فَتًی سَتُدْرِكُهُ الْمَنُونُ
أَ تَطْمَعُ أَنْ تَنَالَ أَبَا حُسَیْنٍ***بِمُعْضِلَةٍ وَ ذَا مَا لَا یَكُونُ
ص: 576
وَ أَنْفَذَ مُعَاوِیَةُ ذَا الْكَلَاعِ إِلَی بَنِی هَمْدَانَ فَاشْتَبَكَتِ الْحَرْبُ بَیْنَهُمْ إِلَی اللَّیْلِ ثُمَّ انْهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ ثُمَّ أَنْشَأَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَبْیَاتاً مِنْهَا:
فَوَارِسُ مِنْ هَمْدَانَ لَیْسُوا بِعُزَّلٍ***غَدَاةُ الْوَغَی مِنْ شَاكِرٍ وَ شِبَامٍ
یَقُودُهُمْ حَامِی الْحَقِیقَةِ مَاجِدٌ***سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ الْكَرِیمُ مُحَامِی
جَزَی اللَّهُ هَمْدَانَ الْجِنَانَ فَإِنَّهُمْ***سِمَامُ الْعِدَی فِی كُلِّ یَوْمٍ حَمَامٍ
وَ بَرَزَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ فَنَكَلُوا عَنْهُ فَحَاذَی مُعَاوِیَةَ حَتَّی دَخَلَ فُسْطَاطَهُ فَتَرَفَّعَ ابْنُ مَنْصُورٍ (1) فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:
وَ عَلَّمَنَا الْحَرْبَ آبَاؤُنَا***وَ سَوْفَ نُعَلِّمُ أَیْضاً بیننا [بَنِینَا]
وَ خَرَجَ رَجُلٌ فِی بِرَازِ رَجُلٍ كُوفِیٍّ فَصَرَعَهُ الْكُوفِیُّ فَإِذَا هُوَ أَخُوهُ فَقَالُوا خَلِّهِ فَأَبَی أَنْ یُطْلِقَهُ إِلَّا بِأَمْرِ عَلِیٍّ فَأَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ وَ بَرَزَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِیفَةَ الطَّائِیُّ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ طَیِ ءٍ وَ ارْتَجَزَ
یَا طَیُّ طَیَّ السَّهْلِ وَ الْأَجْبَالِ***أَلَا اثْبُتُوا بِالْبِیضِ وَ الْعَوَالِی
فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الضَّلَالِ
وَ خَرَجَ مِنَ الْعَسْكَرَیْنِ زُهَاءُ أَلْفِ رَجُلٍ فَاقْتَتَلُوا حَتَّی لَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ فِیهِمْ یَقُولُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِیٍ
وَ قَاتَلَتِ الْأَبْطَالُ مِنَّا وَ مِنْهُمْ***وَ قَامَتْ نِسَاءٌ حَوْلَنَا بِنَحِیبٍ
وَ خَرَجَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ مُرْتَجِزاً:
أَكْرِمْ بِجُنْدٍ طَیِّبِ الْأَرْدَانِ***جَاءُوا یَكُونُوا أَوْلِیَاءَ الرَّحْمَنِ
إِنِّی أَتَانِی خَبَرٌ شَجَانِی***أَنَّ عَلِیّاً نَالَ مِنْ عُثْمَانَ
فَبَرَزَ إِلَیْهِ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ قَائِلًا:
بُؤْساً لِجُنْدٍ ضَائِعِ الْإِیمَانِ***أَسْلَمَهُمْ بُسْرٌ إِلَی الْهَوَانِ
ص: 577
إِلَی سُیُوفٍ لِبَنِی هَمْدَانَ
فَانْصَرَفَ بُسْرٌ مِنْ طَعْنَتِهِ مَجْرُوحاً وَ خَرَجَ أَدْهَمُ بْنُ لَأْمٍ الْقُضَاعِیُّ مُرْتَجِزاً:
أَثْبِتْ لِوَقْعِ الصَّارِمِ الصَّقِیلِ***فَأَنْتَ لَا شَكَّ أَخُو قَتِیلٍ
فَقَتَلَهُ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ فَخَرَجَ الْحَكَمُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَائِلًا:
یَا حُجْرُ حُجْرَ بَنِی عَدِیٍّ الْكِنْدِیِّ***اثْبُتْ فَإِنِّی لَیْسَ مِثْلِی بَعْدِی
فَخَرَجَ إِلَیْهِ مَالِكُ بْنُ مُسْهِرٍ الْقُضَاعِیُّ یَقُولُ:
أَنَا ابْنُ مَالِكِ بْنِ مُسْهِرٍ***أَنَا ابْنُ عَمِّ الْحَكَمِ بْنِ الْأَزْهَرِ
فَأَجَابَهُ حُجْرٌ:
إِنِّی حُجْرٌ وَ أَنَا ابْنُ مِسْعَرٍ***أَقْدِمْ إِذَا شِئْتَ وَ لَا تُؤَخِّرْ
وَ بَرَزَ عَلْقَمَةُ فَأُصِیبَ فِی رِجْلِهِ وَ قُتِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عُمَیْرُ بْنُ عُبَیْدٍ الْمُحَارِبِیُّ وَ بَكْرُ بْنُ هَوْذَةَ النَّخَعِیُّ وَ ابْنُهُ حَیَّانُ وَ سَعِیدُ بْنُ نُعَیْمٍ وَ أَبَانُ بْنُ قَیْسٍ فَحَمَلَ عَلِیٌّ علیه السلام فَهَزَمَهُمْ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ كُنْتُ أَرْجُو الْیَوْمَ ظَفَراً وَ بَرَزَ الْأَشْتَرُ وَ جَعَلَ یَقْتُلُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ فِی ذَلِكَ فَبَرَزَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِی أَرْبَعِمِائَةِ فَارِسٍ إِلَیْهِ وَ تَبِعَ الْأَشْتَرَ مِائَتَا رَجُلٍ مِنْ نَخَعٍ وَ مَذْحِجٍ وَ حَمَلَ الْأَشْتَرُ عَلَیْهِ فَوَقَعَتِ الطَّعْنَةُ فِی الْقَرَبُوسِ فَانْكَسَرَ وَ خَرَّ عَمْرٌو صَرِیعاً وَ سَقَطَتْ ثَنَایَاهُ فَاسْتَأْمَنَهُ وَ بَرَزَ الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ قَائِلًا
حَتَّی مَتَی تَرْجُو الْبَقَا یَا أَصْبَغُ***إِنَّ الرَّجَاءَ لِلْقُنُوطِ یَدْمَغُ
ص: 578
وَ قَاتَلَ حَتَّی حَرَّكَ مُعَاوِیَةَ مِنْ مَقَامِهِ وَ خَرَجَ عَوْفٌ الْمُرَادِیُّ قَائِلًا:
أَنَا الْمُرَادِیُّ وَ اسْمِی عَوْفٌ***هَلْ مِنْ عِرَاقِیٍّ عَصَاهُ سَیْفٌ
فَبَرَزَ إِلَیْهِ كعیرٌ الْأَسَدِیُّ (1) مُرْتَجِزاً فَقَتَلَهُ وَ رَأَی مُعَاوِیَةَ عَلَی تَلٍّ فَقَصَدَ نَحْوَهُ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ حَمَلَ عَلَیْهِ مُرْتَجِزاً:
وَیْلِی عَلَیْكَ یَا بَنِی هِنْدٍ***أَنَا الْغُلَامُ الْأَسَدِیُّ حَمْدِ
فَأَخَذَهُ أَهْلُ الشَّامِ بِالطِّعَان وَ الضِّرَابِ فَانْسَلَّ مِنْ بَیْنِهِمْ قَائِلًا:
فَلَوْ نِلْتُهُ نِلْتُ الَّذِی لَیْسَ بَعْدَهَا***مِنَ الْأَمْرِ شَیْئاً غَیْرَ مَیْنٍ مَقَالٌ
وَ لَوْ مِتُّ مِنْ نَیْلِی لَهُ أَلْفَ مِیتَةٍ*** لَقُلْتُ لِمَا قَدْ نِلْتُ لَیْسَ أُبَالِی
وَ خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِیدِ فَبَرَزَ إِلَیْهِ حَارِثَةُ بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِیُّ فَقَتَلَهُ (2) فَخَرَجَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ فَانْصَرَفَ مِنْ طَعْنَتِهِ زِیَادُ بْنُ كَعْبٍ الْهَمْدَانِیُّ مَجْرُوحاً وَ قَتَلَ بَنُو هَمْدَانَ خَلْقاً كَثِیراً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ بَنُو هَمْدَانَ أَعْدَاءُ عُثْمَانَ وَ بَرَزَ عُمَیْرُ بْنُ عُطَارِدٍ التَّمِیمِیُّ فِی قَوْمِهِ قَائِلًا:
قَدْ صَابَرَتْ فِی حَرْبِهَا تَمِیمٌ*** لَهَا حَدِیثٌ وَ لَهَا قَدِیمٌ
ص: 579
دِینٌ قَدِیمٌ وَ هُدًی قَدِیمٌ
فَقَاتَلُوا إِلَی اللَّیْلِ وَ بَرَزَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ وَ قَالَ:
أَنَا ابْنُ سَعْدٍ وَ أَبِی عُبَادَةَ***وَ الْخَزْرَجِیُّونَ رِجَالٌ سَادَةٌ
حَتَّی مَتَی أَنْثَنِی إِلَی الْوِسَادَةِ***یَا ذَا الْجَلَالِ لَقِّنِّی الشَّهَادَةَ
فَخَرَجَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ الْفِهْرِیُّ وَ ارْتَجَزَ:
أَنَا ابْنُ أَرْطَاةَ الْجَلِیلِ الْقَدْرِ***فِی أُسْرَةٍ مِنْ غَالِبٍ وَ فِهْرٍ
إِنْ أَرْجِعِ الْیَوْمَ بِغَیْرِ وَتْرٍ*** فَقَدْ قَضَیْتُ فِی ابْنِ سَعْدٍ نَذْرِی
فَانْصَرَفَ مَجْرُوحاً مِنْ ضَرْبَةِ قَیْسٍ وَ خَرَجَ الْمُخَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَ الْمُرَادِیَّ وَ مُسْلِمَ الْأَزْدِیِّ وَ رَجُلَیْنِ آخَرَیْنِ فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام مُتَنَكِّراً فَقَتَلَهُ وَ قَتَلَ سَبْعَةً بَعْدَهُ وَ خَرَجَ كُرَیْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ فَقَتَلَ مُبَرْقَعاً الْخَوْلَانِیَّ وَ شُرَحْبِیلَ الْبَكْرِیَّ وَ الْحَارِثَ الْحَكِیمِیَّ وَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِیَّ فَقَتَلَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ وَدَاعٍ وَ الْمُطَاعَ بْنَ الْمُطَّلِبِ وَ عُرْوَةَ بْنَ دَاوُدَ وَ خَرَجَ مَوْلًی لِمُعَاوِیَةَ مُرْتَجِزاً:
إِنِّی أَنَا الْحَارِثُ مَا بِی مِنْ خَوَرٍ***مَوْلَی ابْنِ صَخْرٍ وَ بِهِ قَدِ انْتَصَرَ
فَقَتَلَهُ قَنْبَرٌ وَ خَرَجَ یَزِیدُ الْكَلْبِیُّ فَقَتَلَهُ الْأَشْتَرُ وَ خَرَجَ مُشْجَعٌ الْجُذَامِیُّ فَطَعَنَهُ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ نَادَی خَالِدُ بْنُ مَعْمَرٍ السَّدُوسِیُّ مَنْ یُبَایِعُنِی عَلَی الْمَوْتِ فَأَجَابَهُ تِسْعَةُ آلَافٍ فَقَاتَلُوا حَتَّی بَلَغُوا فُسْطَاطَ مُعَاوِیَةَ فَهَرَبَ مُعَاوِیَةُ فَنَهَبُوا فُسْطَاطَهُ
ص: 580
وَ أَنْفَذَ مُعَاوِیَةُ إِلَیْهِ فَقَالَ یَا خَالِدُ لَكَ عِنْدِی إِمْرَةُ خُرَاسَانَ مَتَی ظَفِرْتُ فَاقْصُرْ وَیْحَكَ عَنْ فِعَالِكَ هَذَا فَنَكَلَ عَنْهَا فَتَفَلَ أَصْحَابُهُ فِی وَجْهِهِ وَ حَارَبُوا إِلَی اللَّیْلِ وَ فِیهِ یَقُولُ النَّجَاشِیُ:
وَ فَرَّ ابْنُ حَرْبٍ غَیَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ*** وَ ذَاكَ قَلِیلٌ مِنْ عُقُوبَةِ قَادِرٍ
وَ خَرَجَ حَمْزَةُ بْنُ مَالِكٍ الْهَمْدَانِیُّ فَقَتَلَهُ الْمِرْقَالُ فَهَجَمُوا عَلَی الْمِرْقَالِ فَقَتَلُوهُ فَأَخَذَ سُفْیَانُ بْنُ الثَّوْرِ رَایَتَهُ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ ثُمَّ أَخَذَهَا عُتْبَةُ بْنُ الْمِرْقَالِ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ فَأَخَذَهَا أَبُو الطُّفَیْلِ الْكِنَانِیُّ مُرْتَجِزاً:
یَا هَاشِمُ الْخَیْرُ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ*** قَتَلْتَ فِی اللَّهِ عَدُوَّ السُّنَّةِ
فَقَاتَلَ حَتَّی جُرِحَ فَرَجَعَ الْقَهْقَرَی وَ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَیْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِیُّ مُرْتَجِزاً:
أَضْرِبُكُمْ وَ لَا أَرَی مُعَاوِیَةَ*** الْأَبْرَحَ الْعَیْنُ الْعَظِیمَ الْحَاویَةَ
هَوَتْ بِهِ فِی النَّارِ أُمُّ هَاوِیَةٍ***جَاوَرَهُ فِیهَا كِلَابٌ عَاوِیَةٌ
فَهَجَمُوا عَلَیْهِ وَ قَتَلُوهُ فَأَخَذَهَا عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَائِلًا:
جَزَی اللَّهُ فِینَا عُصْبَةً أَیَّ عُصْبَةٍ***حِسَانَ وُجُوهٍ صُرِعُوا حَوْلَ هَاشِمٍ
وَ قَاتَلَ أَشَدَّ قِتَالٍ فَخَرَجَ ذُو الظَّلِیمِ قَائِلًا:
أَهْلَ الْعِرَاقِ نَاسَبُوا وَ انْتَسَبُوا***أَنَا الْیَمَانِیُّ وَ اسْمِی حَوْشَبُ
مِنْ ذِی الظَّلِیمِ أَیْنَ أَیْنَ الْمَهْرَبُ
فَبَرَزَ إِلَیْهِ سُلَیْمَانُ بْنُ صُرَدَ الْخُزَاعِیُّ قَائِلًا:
یَا أَیُّهَا الْحَیُّ الَّذِی تَذَبْذَبَا***لَسْنَا نَخَافُ ذَا الظَّلِیمِ حَوْشَبَا
فَحَمَلَتِ الْأَنْصَارُ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَ قَتَلُوا ذَا الْكَلَاعِ وَ ذَا الظَّلِیمِ وَ سَارُوا إِلَیْهِمْ وَ كَادَ یُؤْخَذُ مُعَاوِیَةُ فَقَالَ الْأَنْصَارِیُ:
مُعَاوِیَ مَا أَفْلَتَّ إِلَّا بِجُرْعَةٍ***مِنَ الْمَوْتِ حَتَّی تَحْسَبَ الشَّمْسَ كَوْكَباً
ص: 581
فَإِنْ تَفْرَحُوا بِابْنِ الْبَدِیلِ وَ هَاشِمٍ*** فَإِنَّا قَتَلْنَا ذَا الْكَلَاعِ وَ حَوْشَبَا
وَ خَرَجَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ دَعَا مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِیَّةِ فَنَهَضَ مُحَمَّدٌ فَنَهَاهُ أَبُوهُ وَ بَرَزَ هُوَ علیه السلام إِلَیْهِ رَاجِلًا فَتَقَهْقَرَ عُبَیْدُ اللَّهِ فَقَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَّارٍ وَ یُقَالُ حُرَیْثُ بْنُ خَالِدٍ وَ یُقَالُ هَانِئُ بْنُ عَمْرٍو وَ یُقَالُ مُحَمَّدُ بْنُ الصَبِیحِ فَأَمَرَ مُعَاوِیَةُ بِتَقْدِیمِ سَبْعِینَ رَایَةً وَ بَرَزَ عَمَّارٌ فِی رَایَاتٍ فَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ وَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ مِائَتَا رَجُلٍ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی مُقَاتِلَةِ هَمْدَانَ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ بَرْكَ الْجَمَلِ بَرْكَ الْجَمَلِ فَبَرَكُوا وَ بَرَكَتْ أَیْضاً هَمْدَانُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:
قَدْ حَمَلَ الْقَوْمُ فَبَرْكاً بَرْكاً***لَا یَدْخُلُ الْقَوْمُ عَلَی مَا شَكَّا
وَ خَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُرْتَجِزاً فَقَصَدَهُ الْأَشْتَرُ مُرْتَجِزاً:
إِنِّی أَنَا الْأَشْتَرُ مَعْرُوفُ السِّیَرِ*** إِنِّی أَنَا الْأَفْعَی الْعِرَاقِیُّ الذَّكَرُ
فَهَزَمَهُمْ وَ جَرَحَ عَمْراً وَ خَرَجَ الْفَرَازُ بْنُ الْأَدْهَمِ (1) وَ دَعَا الْعَبَّاسَ بْنَ رَبِیعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَتَلَهُ الْعَبَّاسُ فَنَهَاهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَنِ الْمُبَارَزَةِ
ص: 582
فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَنْ قَتَلَ الْعَبَّاسَ فَلَهُ عِنْدِی مَا یَشَاءُ فَخَرَجَ رَجُلَانِ لَخْمِیَّانِ فَدَعَاهُ أَحَدُهُمَا فَقَالَ إِنْ أَذِنَ لِی سَیِّدِی أُبَارِزُكَ وَ أَتَی عَلِیّاً علیه السلام فَبَرَزَ عَلِیٌّ فِی سِلَاحِ الْعَبَّاسِ وَ فَرَسِهِ مُتَنَكِّراً فَقَالَ الرَّجُلُ آذَنَكَ سَیِّدُكَ فَقَالَ علیه السلام أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا فَقَتَلَهُ وَ تَقَدَّمَ الْآخَرُ فَقَتَلَهُ وَ خَرَجَ قَبِیصَةُ النُّمَیْرِیُّ وَ كَانَ یَشْتِمُ عَلِیّاً وَ یَرْتَجِزُ:
أُقْدِمُ إِقْدَامَ الْهِزَبْرِ الْعَالِی*** فِی نَصْرِ عُثْمَانَ وَ لَا أُبَالِی
فَبَرَزَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ قَائِلًا:
یَا صَاحِبَ الصَّوْتِ الرَّفِیعِ الْعَالِی*** نَفْدِی عَلِیّاً وَلَدِی وَ مَالِی
وَ خَرَجَ حَجْلُ بْنُ أُثَالٍ الْعَبْسِیُّ فَطَلَبَ الْبِرَازَ فَبَرَزَ إِلَیْهِ ابْنُهُ أُثَالٌ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ انْصَرِفْ إِلَی الشَّامِ فَإِنَّ فِیهَا أَمْوَالًا جُمَّةً فَقَالَ ابْنُهُ یَا أَبَتِ انْصَرِفْ إِلَیْنَا وَ جَنَّةُ الْخُلْدِ مَعَ عَلِیٍّ وَ عَبَّأَ مُعَاوِیَةُ أَرْبَعَةَ صُفُوفٍ فَتَقَدَّمَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ یُحَرِّضُهُمْ وَ یَقُولُ یَا أَهْلَ الشَّامِ إِیَّاكُمْ وَ الْفِرَارَ فَإِنَّهَا سُبَّةٌ وَ عَارٌ فَدَقُّوا عَلَی أَهْلِ الْعِرَاقِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ فِتْنَةٍ وَ نِفَاقٍ فَبَرَزَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ الْأَشْتَرُ وَ الْأَشْعَثُ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَ نَیِّفاً وَ انْهَزَمَ الْبَاقُونَ وَ خَرَجَ كَعْبُ بْنُ جُعَیْلٍ شَاعِرُ مُعَاوِیَةَ قَائِلًا:
ابْرُزْ إِلَیَّ الْآنَ یَا نَجَاشِیُّ*** فَإِنَّنِی لَیْثٌ لَدَی الْهِرَاشِ
فَأَجَابَهُ النَّجَاشِیُّ شَاعِرُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ بَرَزَ إِلَیْهِ:
ارْبَعْ قَلِیلًا فَأَنَا النَّجَاشِیُّ*** لَسْتُ أَبِیعُ الدِّینَ بِالْمَعَاشِ
أَنْصُرُ خَیْرَ رَاكِبٍ وَ مَاشٍ*** ذَاكَ عَلِیٌّ بَیِّنُ الرِّیَاشِ
ص: 583
وَ بَرَزَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِی أَلْفِ رَجُلٍ فَقَتَلَ خَلْقاً حَتَّی اسْتَغَاثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ أَتَی أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ مُتَقَلِّداً بِسَیْفَیْنِ وَ یُقَالُ كَانَ مَعَهُ مِرْمَاةٌ وَ مِخْلَاةٌ مِنَ الْحَصَی فَسَلَّمَ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ وَدَّعَهُ وَ بَرَزَ مَعَ رِجَالِهِ رَبِیعَةَ فَقُتِلَ مِنْ یَوْمِهِ فَصَلَّی عَلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ دَفَنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَمَّاراً جَعَلَ یُقَاتِلُ وَ یَقُولُ:
نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَی تَنْزِیلِهِ*** ضَرْباً یُزِیلُ الْهَامَ عَنْ مَقِیلِهِ
وَ یَذْهَلُ الْخَلِیلَ عَنْ خَلِیلِهِ***أَوْ یُرْجِعُ الْحَقَّ إِلَی سَبِیلِهِ
فَلَمْ یَزَلْ یُقَاتِلُ حَتَّی قُتِلَ وَ بَرَزَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ دَعَا مُعَاوِیَةَ وَ قَالَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَحْقِنَ الدِّمَاءَ وَ تَبْرُزَ إِلَیَّ وَ أَبْرُزَ إِلَیْكَ فَیَكُونَ الْأَمْرُ لِمَنْ غَلَبَ فَبُهِتَ مُعَاوِیَةُ وَ لَمْ یَنْطِقْ بِحَرْفٍ فَحَمَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عَلَی الْمَیْمَنَةِ فَأَزَالَهَا ثُمَّ حَمَلَ عَلَی الْمَیْسَرَةِ فَطَحَنَهَا ثُمَّ حَمَلَ عَلَی الْقَلْبِ وَ قَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً وَ أَنْشَدَ:
فَهَلْ لَكَ فِی أَبِی حَسَنٍ عَلِیٍّ*** لَعَلَّ اللَّهُ یُمْكِنُ مَنْ قَفَاكَا
دَعَاكَ إِلَی الْبِرَازِ فعكت [فَكِعْتَ] عَنْهُ*** وَ لَوْ بَارَزْتَهُ تَرِبَتْ یَدَاكَا
فَانْصَرَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام ثُمَّ بَرَزَ مُتَنَكِّراً فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُرْتَجِزاً:
یَا قَادَةَ الْكُوفَةِ مِنْ أَهْلِ الْفِتَنِ***یَا قَاتِلِی عُثْمَانَ ذَاكَ الْمُؤْتَمَنِ
كَفَی بِهَذَا حَزَناً مِنَ الْحَزَنِ***أَضْرِبُكُمْ وَ لَا أَرَی أَبَا الْحَسَنِ
فَتَنَاكَلَ عَنْهُ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی تَبِعَهُ عَمْرٌو ثُمَّ ارْتَجَزَ:
ص: 584
أَنَا الْغُلَامُ الْقُرَشِیُّ الْمُؤْتَمَنُ***الْمَاجِدُ الْأَبْیَضُ لَیْثٌ كَالشَّطَنِ
یَرْضَی بِهِ السَّادَةُ مِنْ أَهْلِ الْیَمَنِ***أَبُو الْحُسَیْنِ فَاعْلَمَنْ أَبُو الْحَسَنِ
فَوَلَّی عَمْرٌو هَارِباً فَطَعَنَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَوَقَعَتْ فِی ذَیْلِ دِرْعِهِ فَاسْتَلْقَی عَلَی قَفَاهُ وَ أَبْدَی عَوْرَتَهُ فَصَفَحَ عَنْهُ اسْتِحْیَاءً وَ تَكَرُّماً فَقَالَ مُعَاوِیَةُ احْمَدِ اللَّهَ الَّذِی عَافَاكَ وَ احْمَدِ اسْتَكَ الَّذِی وَقَاكَ قَالَ أَبُو نُوَاسٍ
فَلَا خَیْرَ فِی دَفْعِ الرَّدَی بِمَذَلَّةٍ***كَمَا رَدَّهَا یَوْماً بِسَوْءَتِهِ عَمْرٌو
وَ قَالَ حَیْصَ بَیْصَ:
قُبْحُ مَخَازِیكَ هَازِمُ شَرَفِی***سَوْءَةُ عَمْرٍو ثَنَتْ سِنَانَ عَلِیٍّ
وَ بَرَزَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ دَعَا مُعَاوِیَةَ فَنَكَلَ عَنْهُ وَ خَرَجَ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ یَطْمَعُ فِی عَلِیٍّ علیه السلام فَصَرَعَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَاسْتَلْقَی عَلَی قَفَاهُ وَ كَشَفَ عَنْ عَوْرَتِهِ فَانْصَرَفَ عَنْهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ وَیْلَكُمْ یَا أَهْلَ الشَّامِ أَ مَا تَسْتَحْیُونَ مِنْ مُعَامَلَةَ الْمَخَانِیثِ لَقَدْ عَلَّمَكُمْ رَأْسُ الْمَخَانِیثِ عَمْرٌو وَ لَقَدْ رُوِیَ عَنْ هَذِهِ السِّیرَةِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ فِی كَشْفِ الْأَسْتَاهِ وَسْطَ عَرْصَةِ الْحُرُوبِ (1) فَخَرَجَ غُلَامُهُ لَاحِقٌ ثُمَّ قَالَ:
أَرْدَیْتَ بُسْراً وَ الْغُلَامُ ثَائِرُهُ***وَ كُلٌّ آبَ مَنْ عَلَیْهِ قَادِرُهُ
فَطَعَنَهُ الْأَشْتَرُ قَائِلًا:
ص: 585
فِی كُلِّ یَوْمٍ رِجْلُ شَیْخٍ بَارِزَةٌ***وَ عَوْرَةٌ وَسْطَ الْعَجَاجِ ظَاهِرَةٌ
أَبْرَزَهَا طَعْنَةُ كَفٍّ فَاتِرَةٍ***عَمْرٌو وَ بُسْرٌ رَهَبَا بِالْقَاهِرَةِ
فَلَمَّا رَأَی مُعَاوِیَةُ كَثْرَةَ بِرَازِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَخَذَ فِی الْخَدِیعَةِ فَأَنْفَذَ عَمْرٌو إِلَی رَبِیعَةَ خَالاتِهِ فَوَقَعُوا فِیهِ فَقَالَ اكْتُبْ إِلَی ابْنِ عَبَّاسٍ وَ غُرَّهُ فَكَانَ فِیمَا كَتَبَ
طَالَ الْبَلَاءُ فَمَا نَدْرِی لَهُ آسی [آسٍ] *** بَعْدَ الْإِلَهِ سِوَی رِفْقِ ابْنِ عَبَّاسٍ
فَكَانَ جَوَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
یَا عَمْرُو حَسْبُكَ مِنْ خَدْعٍ وَ وَسْوَاسٍ***فَاذْهَبْ فَمَا لَكَ فِی تَرْكِ الْهُدَی آسی [آسٍ]
إِلَّا بَوَادِرَ طُعِنَ فِی نُحُورِكُمْ***تَشْجَی النُّفُوسُ لَهُ فِی النَّقْعِ إِفْلَاسٌ
إِنْ عَادَتِ الْحَرْبُ عُدْنَا وَ الْتَمِسْ هَرَباً*** فِی الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِی الْأُفُقِ یَا قَاسِی
ثُمَّ كَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَیْهِ یَذْكُرُ فِیهِ إِنَّمَا بَقِیَ مِنْ قُرَیْشٍ سِتَّةٌ أَنَا وَ عَمْرٌو بِالشَّامِ نَاصِبَانِ وَ سَعْدٌ وَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحِجَازِ وَ عَلِیٌّ وَ أَنْتَ بِالْعِرَاقِ عَلَی خَطْبٍ عَظِیمٍ وَ لَوْ بُویِعَ لَكَ بَعْدَ عُثْمَانَ لَأَسْرَعْنَا فِیهِ فَأَجَابَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ:
دَعَوْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَی السِّلْمِ خُدْعَةً***وَ لَیْسَ لَهَا حَتَّی تَمُوتَ بِخَادِعٍ
وَ أَمَرَ مُعَاوِیَةُ لِابْنِ خَدِیجٍ الْكِنْدِیِّ أَنْ یُكَاتِبَ الْأَشْعَثَ وَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِیرٍ أَنْ یُكَاتِبَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ فِی الصُّلْحِ ثُمَّ أَنْفَذَ عَمْراً وَ عُتْبَةَ وَ حَبِیبَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَیْسٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَلَمَّا كَلَّمُوهُ قَالَ أَدْعُوكُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ تُجِیبُوا إِلَی ذَلِكَ فَلِلرُّشْدِ أَصَبْتُمْ وَ لِلْخَیْرِ وُفِّقْتُمْ وَ إِنْ تَأَبَّوْا لَمْ تَزْدَادُوا مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً فَقَالُوا قَدْ رَأَیْنَا أَنْ تَنْصَرِفَ عَنَّا فَنُخَلِّیَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ
ص: 586
عِرَاقِكُمْ وَ تُخَلُّونَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ شَامِنَا فَنَحْنُ نَحْقِنُ دِمَاءَ الْمُسْلِمِینَ فَقَالَ علیه السلام لَمْ أَجِدْ إِلَّا الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله: ثُمَّ بَرَزَ الْأَشْتَرُ وَ قَالَ سَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ یَبِعْ یَرْبَحْ فِی هَذَا الْیَوْمِ فِی كَلَامٍ لَهُ أَلَا إِنَّ خِضَابَ النِّسَاءِ الْحِنَّاءُ وَ خِضَابَ الرِّجَالِ الدِّمَاءُ وَ الصَّبْرُ خَیْرٌ فِی عَوَاقِبِ الْأُمُورِ أَلَا إِنَّهَا إِحَنٌ بَدْرِیَّةٌ وَ ضَغَائِنُ أُحُدِیَّةٌ وَ أَحْقَادٌ جَاهِلِیَّةٌ وَ قَرَأَ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ فَتَقَدَّمَ وَ هُوَ یَرْتَجِزُ:
دِبُّوا دَبِیبَ النَّمْلِ لَا تَفُوتُوا***وَ أَصْبِحُوا فِی حَرْبِكُمْ وَ بِیتُوا
كَیْمَا تَنَالُوا الدِّینَ أَوْ تَمُوتُوا*** أَوْ لَا فَإِنِّی طَالَ مَا عُصِیتُ
قَدْ قُلْتُمْ لَوْ جِئْتَنَا فَجِئْتُ
وَ حَمَلَ فِی سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ فَكَسَرُوا الصُّفُوفَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لِعَمْرٍو الْیَوْمَ صَبْرٌ وَ غَداً فَخْرٌ فَقَالَ عَمْرٌو صَدَقْتَ یَا مُعَاوِیَةُ وَ لَكِنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَ الْحَیَاةَ بَاطِلٌ وَ لَوْ حَمَلَ عَلِیٌّ فِی أَصْحَابِهِ حَمْلَةً أُخْرَی فَهُوَ الْبَوَارُ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَمَا انْتِظَارُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تُرِیدُونَ الْجَنَّةَ فَبَرَزَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ قَائِلًا:
أَحْمَدُ رَبِّی فَهُوَ الْحَمِیدُ***ذَاكَ الَّذِی یَفْعَلُ ما یُرِیدُ
دِینٌ قَوِیمٌ وَ هُوَ الرَّشِیدُ
فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ وَ بَرَزَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ قَائِلًا:
كَمْ ذَا یُرْجَی أَنْ یَعِیشَ الْمَاكِثُ*** وَ النَّاسُ مَوْرُوثٌ وَ فِیهِمْ وَارِثٌ
هَذَا عَلِیٌّ مَنْ عَصَاهُ نَاكِثٌ
فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ
ص: 587
وَ بَرَزَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ قَائِلًا:
أَ بَعْدَ عَمَّارٍ وَ بَعْدَ هَاشِمٍ***وَ ابْنِ بُدَیْلٍ صَاحِبِ الْمَلَاحِمِ
تَرْجُو الْبَقَاءَ مِنْ بَعْدُ یَا ابْنَ حَاتِمٍ
فَمَا زَالَ یُقَاتِلُ حَتَّی فُقِئَ عَیْنُهُ وَ بَرَزَ الْأَشْتَرُ مُرْتَجِزاً:
سِیرُوا إِلَی اللَّهِ وَ لَا تَعَرَّجُوا***دِینٌ قَوِیمٌ وَ سَبِیلٌ مَنْهَجٌ
وَ قَتَلَ جُنْدَبَ بْنَ زُهَیْرٍ فَلَمْ یَزَالُوا یُقَاتِلُونَ حَتَّی دَخَلَ وَقْعَةُ الْخَمِیسِ وَ هِیَ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ وَ كَانَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام یَضْرِبُونَ الطُّبُولَ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِ عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ وَ یَقُولُونَ عَلِیٌّ الْمَنْصُورُ وَ هُوَ یَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَی السَّمَاءِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ إِلَیْكَ نُقِلَتِ الْأَقْدَامُ وَ إِلَیْكَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ وَ رُفِعَتِ الْأَیْدِی وَ مُدَّتِ الْأَعْنَاقُ وَ طُلِبَتِ الْحَوَائِجُ وَ شَخَصَتِ الْأَبْصَارُ اللَّهُمَّ افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ وَ كَانَ یُنْشِدُ:
اللَّیْلُ دَاجٍ وَ الْكِبَاشُ تَنْتَطِحُ*** نِطَاحَ أُسْدٍ مَا أَرَاهَا تَصْطَلِحُ
أُسْدُ عَرِینٍ فِی اللِّقَاءِ قَدْ مَرِحَ***مِنْهَا قِیَامٌ وَ فَرِیقٌ مُنْبَطِحٌ
فَمَنْ نَجَا بِرَأْسِهِ فَقَدْ رَبِحَ
وَ كَانَ یَحْمِلُ عَلَیْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَ یَدْخُلُ فِی غُمَارِهِمْ وَ یَقُولُ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْبَقِیَّةِ اللَّهَ اللَّهَ فِی الْحَرَمِ وَ الذُّرِّیَّةِ فَكَانُوا یُقَاتِلُونَ أَصْحَابَهُمْ بِالْجَهْلِ فَلَمَّا أَصْبَحَ كَانَ قَتْلَی عَسْكَرِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ رَجُلٍ وَ قَتْلَی عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ اثْنَیْنِ وَ ثَلَاثِینَ أَلْفَ رَجُلٍ فَصَاحُوا یَا مُعَاوِیَةُ هَلَكَتِ الْعَرَبُ فَاسْتَغَاثَ هُوَ بِعَمْرٍو فَأَمَرَهُ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ
ص: 588
قَالَ قَتَادَةُ الْقَتْلَی یَوْمَ صِفِّینَ سِتُّونَ أَلْفاً وَ قَالَ ابْنُ سِیرِینَ سَبْعُونَ أَلْفاً وَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِی أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ وَضَعُوا عَلَی كُلِّ قَتِیلٍ قَصَبَةً ثُمَّ عَدُّوا الْقَصَبَ.
بیان: سَتُدْعَوْنَ إِلی قَوْمٍ (1) قال الطبرسی رحمه اللّٰه قیل هم هوازن و خیبر و قیل هم هوازن و ثقیف و قیل هم بنو حنیفة مع مسیلمة و قیل أهل فارس و قیل الروم و قیل هم أهل صفین أصحاب معاویة انتهی.
و استدل علی كونهم أصحاب معاویة بأن اللّٰه تعالی أخبر عن المتخلفین بأنهم لن یتبعوا الرسول أبدا فلا بد أن یكون بعده صلی اللّٰه علیه و آله و بعده أصحاب معاویة أظهر من غیرهم أو الغرض محض نفی قول من قال إنها فیما وقع فی حیاته صلی اللّٰه علیه و آله.
و قال الفیروزآبادی ربص بفلان ربصا انتظر به خیرا أو شرا یحل به كتربص و یقال ربصنی أمر و أنا مربوص.
و المراد بالشیخین طلحة و الزبیر.
و فی القاموس الدر النفس و اللبن و كثرته و لله دره أی عمله و لا در دره لا زكا عمله و در العرق سال قوله ما تبوح بها الخمر باح بسره أظهره و الضمیر راجع إلی الخمر أی ما دام الخمر تظهر نفسها و لا یمكن كتمانها و الباسل البطل كشجاع و العلقمة المرارة و جربان القمیص بضم الجیم و الراء و تشدید الباء معرب گریبان شمر بكسر الشین و المیم و تشدید الراء أی شدید.
قوله علیه السلام من و من أی من هو و من هو و فی الدیوان و شر
ص: 589
من وهن و بعده
و قد غذی بالبأس فی وقت اللبن
و الغبن بالتسكین فی البیع و بالتحریك فی الرأی و الطحن بالكسر الدقیق و لعل التحریك من ضرورة الشعر و الوهن بالفتح و قد یحرك الضعف فی العمل و جشمته الأمر تجشیما كلفته و فرس طمر بكسر الطاء و المیم و تشدید الراء هو المستقر للوثب و العدو قوله كالعقاب هاویة أی كالعقاب فی وقت هویها فإنها أسرع و نكد عیشهم اشتد و رجل نكد أی عسر.
قوله علیه السلام و منها جعفر فی الدیوان و تربی جعفر و الترب بالكسر من ولد معك هذا لهذا أی هذا الفخر لهذا الیوم و لعله عذر للمفاخرة و تقول أجحرته إذا ألجأته إلی أن دخل جحره و التذبذب التحرك و المذبذب المتردد بین أمرین أكرم بجند أی ما أكرمهم و الأردان جمع الردن بالضم أصل الكم و طهارتها كنایة عن كرم الأخلاق و الأمانة و شجانی أی أحزننی و المین الكذب.
قوله الأبرح العین أقول نسب فی الدیوان هذا الرجز إلیه علیه السلام و فیه الأخزر العین أی الضیق العین و الحاویة البطن كله أو المعاء و الهاویة الهواة و المرأة الثاكلة و لطفها هنا ظاهر.
قوله علیه السلام أنا الغلام القرشی فی الدیوان أنا الإمام القرشی و فیه كالشطن و زاد بعد قوله من أهل الیمن
من ساكنی نجد و من أهل عدن***أبو حسین فاعلمن و أبو حسن
و الأبلج المشرق الوجه أو منفصل الحاجبین و القطن بالتحریك جبل لبنی أسد و الشطن بالتحریك الحبل الطویل قوله یا فاسی من الفسوة و یحتمل القاف.
قوله علیه السلام أو لا أی بل لا تقبلون قولی فإنی كثیرا ما عصیت و ما كافة أو مصدریة.
قوله علیه السلام لو جئتنا لو للتمنی
و زاد فی الدیوان فی آخره:
ص: 590
لَیْسَ لَكُمْ مَا شِئْتُمْ وَ شِئْتُ*** بَلْ مَا یُرِیدُ الْمُحْیِی الْمُمِیتُ
و فی الدیوان فی الرجز الآخر بعد قوله علیه السلام تصطلح:
أسد عرین فی اللقاء قد مرح
و العرین مأوی الأسد و العدول فی مرح من الجمع إلی المفرد لضرورة الشعر و للإشعار بأنها لاجتماعها كأسد واحد كما قیل فی قوله تعالی وَ هُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ و یقال بطحه أی ألقاه علی وجهه فانبطح قوله علیه السلام اللّٰه اللّٰه أی اتقوه و اذكروه.
«473»-(1)
شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الْأَغَرِّ التَّمِیمِیِّ قَالَ: إِنِّی لَوَاقِفٌ یَوْمَ صِفِّینَ إِذْ مَرَّ بِیَ الْعَبَّاسُ بْنُ رَبِیعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ شَاكٍ فِی السِّلَاحِ عَلَی رَأْسِهِ مِغْفَرٌ وَ بِیَدِهِ صَفِیحَةٌ یَمَانِیَّةٌ یَقْلِبُهَا وَ هُوَ عَلَی فَرَسٍ لَهُ أَدْهَمَ وَ كَأَنَّ عَیْنَیْهِ عَیْنَا أَفْعًی فَبَیْنَا هُوَ یَرُوضُ فَرَسَهُ وَ یَلِینُ فِی عَرِیكَتِهِ إِذْ هَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ یُقَالُ لَهُ عِرَارُ بْنُ أَدْهَمَ یَا عَبَّاسُ هَلُمَّ إِلَی الْبِرَازِ قَالَ فَالنُّزُولُ إِذاً فَإِنَّهُ أَیْأَسُ مِنَ الْقُفُولِ قَالَ فَنَزَلَ الشَّامِیُّ وَ وَجَدَ وَ هُوَ یَقُولُ:
إِنْ تَرْكَبُوا فَرُكُوبُ الْخَیْلِ عَادَتُنَا***أَوْ تَنْزِلُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلٌ
قَالَ وَ ثَنَی عَبَّاسٌ رِجْلَهُ وَ هُوَ یَقُولُ:
ص: 591
وَ یَصُدُّ عَنْكَ مَخِیلَةُ الرَّجُلِ***الْعِرِّیضِ مُوضِحَةً عَنِ الْعَظْمِ
بِحُسَامِ سَیْفِكَ أَوْ لِسَانِكَ***وَ الْكَلِمُ الْأَصِیلُ كَأَرْعَبِ الْكَلْمِ
ثُمَّ عَصَبَ فَضَلَاتِ دِرْعِهِ فِی حُجْزَتِهِ وَ دَفَعَ فَرَسَهُ إِلَی غُلَامٍ یُقَالُ لَهُ أَسْلَمُ كَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی قَلَاقُلِ شَعْرِهِ وَ دَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَی صَاحِبِهِ قَالَ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِی ذُوَیْبٍ:
فَتَنَازَلَا وَ تَوَاقَفَتْ خَیْلَاهُمَا***وَ كِلَاهُمَا بَطَلُ اللِّقَاءِ مُخَدَّعٌ
قَالَ ثُمَّ تَكَافَحَا بِسَیْفِهِمَا مَلِیّاً مِنْ نَهَارِهِمَا لَا یَصِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَی صَاحِبِهِ لِكَمَالِ لَأْمَتِهِ إِلَی أَنْ لَحَظَ الْعَبَّاسُ وَهْیاً [وَهْناً خ ل] فِی دِرْعِ الشَّامِیِّ فَأَهْوَی إِلَیْهِ بِیَدِهِ فَهَتَكَهُ إِلَی ثُنْدُوَتِهِ ثُمَّ عَاوَدَ لِمُحَاوَلَتِهِ وَ قَدْ أَصْحَرَ لَهُ مَفْتَقَ الدِّرْعِ فَضَرَبَهُ الْعَبَّاسُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ فَانْتَظَمَ بِهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ وَ خَرَّ الشَّامِیُّ صَرِیعاً بِخَدِّهِ وَ سَمَا الْعَبَّاسُ فِی النَّاسِ وَ كَبَّرَ النَّاسُ تَكْبِیرَةً ارْتَجَّتْ لَهَا الْأَرْضُ فَسَمِعْتُ قَائِلًا یَقُولُ مِنْ وَرَائِی قاتِلُوهُمْ یُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِیكُمْ وَ یُخْزِهِمْ وَ یَنْصُرْكُمْ عَلَیْهِمْ وَ یَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِینَ وَ یُذْهِبْ غَیْظَ قُلُوبِهِمْ وَ یَتُوبُ اللَّهُ عَلی مَنْ یَشاءُ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَا الْأَغَرِّ مَنِ الْمُبَارِزُ لِعَدُوِّنَا قُلْتُ هَذَا ابْنُ شَیْخِكُمُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِیعَةَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا عَبَّاسُ قَالَ لَبَّیْكَ قَالَ أَ لَمْ أَنْهَكَ وَ حَسَناً وَ حُسَیْناً وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَنْ تُخَلُّوا بِمَرْكَزٍ أَوْ تُبَاشِرُوا حَدَثاً قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ قَالَ فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا قَالَ أَ فَأُدْعَی إِلَی الْبِرَازِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَلَا أُجِیبُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ نَعَمْ طَاعَةُ إِمَامِكَ أَوْلَی بِكَ مِنْ إِجَابَةِ عَدُوِّكَ وَدَّ مُعَاوِیَةُ أَنَّهُ مَا بَقِیَ مِنْ بَنِی هَاشِمٍ نَافِخُ ضَرْمَةٍ إِلَّا طُعِنَ فِی نَیْطِهِ إِطْفَاءً لِنُورِ اللَّهِ وَ یَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أَمَا وَ اللَّهِ لَیُهْلِكَنَّهُمْ مِنَّا رِجَالٌ وَ رِجَالٌ یَسُومُونَهُمُ الْخَسْفَ حَتَّی یَتَكَفَّفُوا بِأَیْدِیهِمْ وَ یَحْفِرُوا الْآبَارَ ثُمَّ قَالَ إِنْ عَادُوا لَكَ فَعُدْ لِی قَالَ وَ نَمَی الْخَبَرُ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ [وَ] اللَّهِ دَمٌ عَرَارٌ أَ لَا رَجُلٌ یَطْلُبُ بِدَمٍ عَرَارٍ قَالَ فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلَانِ مِنْ لَخْمٍ فَقَالا نَحْنُ لَهُ قَالَ اذْهَبَا فَأَیُّكُمَا قَتَلَ الْعَبَّاسَ بِرَازاً فَلَهُ كَذَا وَ كَذَا فَأَتَیَاهُ فَدَعَوَاهُ إِلَی الْبِرَازِ فَقَالَ إِنَّ لِی سَیِّداً أُؤَامِرُهُ
ص: 592
قَالَ فَأَتَی أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ نَاقِلْنِی سِلَاحَكَ بِسِلَاحِی فَنَاقَلَهُ قَالَ وَ رَكِبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی فَرَسِ الْعَبَّاسِ وَ دَفَعَ فَرَسَهُ وَ بَرَزَ إِلَی الشَّامِیَّیْنِ فَلَمْ یَشُكَّا أَنَّهُ الْعَبَّاسُ فَقَالا لَهُ أَذِنَ لَكَ سَیِّدُكَ فَتَحَرَّجَ أَنْ یَقُولَ نَعَمْ فَقَالَ أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ قَالَ فَبَرَزَ إِلَیْهِ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّمَا اخْتَطَفَهُ ثُمَّ بَرَزَ إِلَیْهِ الثَّانِی فَأَلْحَقَهُ بِالْأَوَّلِ وَ انْصَرَفَ وَ هُوَ یَقُولُ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْكُمْ ثُمَّ قَالَ یَا عَبَّاسُ خُذْ سِلَاحَكَ وَ هَاتِ سِلَاحِی قَالَ وَ نَمَی الْخَبَرُ إِلَی مُعَاوِیَةَ فَقَالَ قَبَّحَ اللَّهُ اللَّجَاجَ إِنَّهُ لَقَعُودٌ مَا رَكِبْتُهُ قَطُّ إِلَّا خُذِلْتُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الْمَخْذُولُ وَ اللَّهِ اللَّخْمِیَّانِ لَا أَنْتَ قَالَ اسْكُتْ أَیُّهَا الشَّیْخُ فَلَیْسَ هَذِهِ مِنْ سَاعَاتِكَ قَالَ فَإِنْ لَمْ یَكُنْ فَرَحِمَ اللَّهُ اللَّخْمِیَّیْنِ وَ مَا أَرَاهُ یَفْعَلُ قَالَ ذَلِكَ وَ اللَّهِ أَضْیَقُ لحجرك [لِجُحْرِكَ] وَ أَخْسَرُ لِصَفْقَتِكَ قَالَ أَجَلْ وَ لَوْ لَا مِصْرُ لَقَدْ كَانَتِ الْمَنْجَاةُ مِنْهَا فَقَالَ هِیَ وَ اللَّهِ أَعْمَتْكَ وَ لَوْلَاهَا لَأُلْفِیتَ بَصِیراً.
بیان:
و رواه ابن أبی الحدید عن ابن قتیبة من كتاب عیون الأخبار عن أبی الأغر بأدنی تغییر و زاد بعد قوله من إجابة عدوك ثم تغیظ و استطار حتی قلت الساعة الساعة ثم سكن و تطامن و رفع یدیه مبتهلا و قال اللّٰهم اشكر للعباس مقامه و اغفر له ذنبه و ساق الخبر إلی قوله فقال علی فو اللّٰه لود معاویة.
و المخیلة الظن و الكبر و العریض كسكیت من یتعرض للناس بالشر أی یمنع عنك ظن المتعرض للشر و كبره و خیلاءه ضربة أو شجة موضحة عن العظم أو كلام بلسانك فإن الكلام الأصیل فی التأثیر كأرعب الكلم أی الجرح و فی بعض النسخ قارعة الكلم بالقاف أو الفاء أی تفوقه و تزید علیه و الأول أظهر و العصب الطی الشدید و القلاقل بالضم السریع التحرك: و دلف مشی بتثاقل كمشی الشیخ و دلفت الكتیبة فی الحرب تقدمت.
ص: 593
و قال الجوهری قال الأصمعی كافحوهم إذا استقبلوهم فی الحرب بوجوههم لیس دونها ترس و قال مضی ملی من النهار أی ساعة طویلة.
و قال الجوهری اللأمة الدرع اللأمة.
و قوله علیه السلام فما عدا مما بدا أی ما صرفك عما ظهر لك و قد مر سابقا.
و قال الجوهری الضرمة السعفة أو الشحة فی طرفها نار یقال ما بها نافخ ضرمة أی أحد.
و قال فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام و اللّٰه لود معاویة أنه ما بقی من بنی هاشم نافخ ضرمة إلا طعن فی نیطه.
الضرمة بالتحریك النار و هذا یقال عند المبالغة فی الهلاك لأن النار ینفخها الصغیر و الكبیر و الذكر و الأنثی أی ما بقی أحد منهم.
و یقال طعن فی نیطه أی فی جنازته و من ابتدأ فی شی ء أو دخله فقد طعن فیه و یروی طعن علی ما لم یسم فاعله و النیط نیاط القلب و هو علاقته.
و قال فی مادة نیط یقال طعن فی نیطه و جنازته إذا مات و القیاس النوط لأنه من ناط ینوط إذا علق غیر أن الواو تعاقب الیاء فی حروف كثیرة.
و قیل النیط نیاط القلب و هو العرق الذی القلب معلق به.
و قال الجوهری سامه خسفا أی أولاه ذلا و یقال كلفه المشقة و الذل و قال استكف و تكفف بمعنی و هو أن یمد كفه یسأل الناس یقال فلان یتكفكف الناس و قال القعود من الإبل هو البكر حین یركب أی یمكن ظهره من الركوب.
قوله أضیق لجحرك أی إقرارك ببطلان أمرنا یضیق الأمر علیك و یجعل صفقتك أی بیعتك لی خاسرة بائرة.
ص: 594
«474»-(1)
جا، المجالس للمفید التَّمَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِی نُعَیْمٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِی إِسْحَاقَ السَّبِیعِیِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَطَبَ ذَاتَ یَوْمٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مَقَالَتِی وَ عُوا كَلَامِی إِنَّ الْخُیَلَاءَ مِنَ التَّجَبُّرِ وَ النَّخْوَةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ عَدُوٌّ حَاضِرٌ یَعِدُكُمُ الْبَاطِلَ أَلَا إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ فَلَا تَنَابَزُوا وَ لَا تَخَاذَلُوا فَإِنَّ شَرَائِعَ الدِّینِ وَاحِدَةٌ وَ سُبُلَهُ قَاصِدَةٌ مَنْ أَخَذَ بِهَا لَحِقَ وَ مَنْ تَرَكَهَا مَرَقَ وَ مَنْ فَارَقَهَا مُحِقَ لَیْسَ الْمُسْلِمُ بِالْخَائِنِ إِذَا ائْتُمِنَ وَ لَا بِالْمُخْلِفِ إِذَا وَعَدَ وَ لَا بِالْكَذُوبِ إِذَا نَطَقَ نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِ الرَّحْمَةِ وَ قَوْلُنَا الْحَقُّ وَ فِعْلُنَا الْقِسْطُ وَ مِنَّا خَاتَمُ النَّبِیِّینَ وَ فِینَا قَادَةُ الْإِسْلَامِ وَ أُمَنَاءُ الْكِتَابِ نَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ إِلَی جِهَادِ عَدُوِّهِ وَ الشِّدَّةِ فِی أَمْرِهِ وَ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ وَ إِلَی إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ وَ حَجِّ الْبَیْتِ وَ صِیَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ تَوْفِیرِ الْفَیْ ءِ لِأَهْلِهِ أَلَا وَ إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ أَنَّ مُعَاوِیَةَ بْنَ أَبِی سُفْیَانَ الْأُمَوِیَّ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ السَّهْمِیَّ یُحَرِّضَانِ النَّاسَ عَلَی طَلَبِ دَمِ ابْنِ عَمِّهِمَا وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّی وَ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَطُّ وَ لَمْ أَعْصِهِ فِی أَمْرِهِ قَطُّ أَقِیهِ بِنَفْسِی فِی الْمَوَاطِنِ الَّتِی تَنْكُصُ فِیهَا الْأَبْطَالُ وَ تُرْعَدُ مِنْهَا الْفَرَائِصُ بِقُوَّةٍ أَكْرَمَنِیَ اللَّهُ بِهَا فَلَهُ الْحَمْدُ وَ لَقَدْ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنَّ رَأْسَهُ لَفِی حَجْرِی وَ لَقَدْ وُلِّیتُ غُسْلَهُ بِیَدِی تُقَلِّبُهُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ مَعِی وَ ایْمُ اللَّهِ مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْدَ نَبِیِّهَا إِلَّا ظَهَرَ بَاطِلُهَا عَلَی حَقِّهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ
ص: 595
قَالَ فَقَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَمَّا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ أَعْلَمَكُمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ یَسْتَقِمْ عَلَیْهِ قَالَ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَ قَدْ نَفَذَتْ بَصَائِرُهُمْ.
«475»-(1)
كشف، كشف الغمة: خَرَجَ مِنْ عَسْكَرِ مُعَاوِیَةَ الْمِخْرَاقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَ طَلَبَ الْبِرَازَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ مِنْ عَسْكَرِ عَلِیٍّ علیه السلام الْمُؤَمَّلُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ الْمُرَادِیُّ فَقَتَلَهُ الشَّامِیُّ فَنَزَلَ فَجَزَّ رَأْسَهُ وَ حَكَّ وَجْهَهُ بِالْأَرْضِ وَ كَبَّهُ عَلَی وَجْهِهِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ فَتًی مِنَ الْأَزْدِ اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فَقَتَلَهُ الشَّامِیُّ وَ فَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ فَلَمَّا رَأَی عَلِیٌّ علیه السلام ذَلِكَ تَنَكَّرَ وَ الشَّامِیُّ وَاقِفٌ یَطْلُبُ الْبِرَازَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ وَ هُوَ لَا یَعْرِفُهُ فَطَلَبَهُ فَبَدَرَهُ عَلِیٌّ علیه السلام بِضَرْبَةٍ عَلَی عَاتِقِهِ فَرَمَی بِشِقِّهِ فَنَزَلَ فَاجْتَزَّ رَأْسَهُ وَ قَلَبَ وَجْهَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ رَكِبَ وَ نَادَی هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَخَرَجَ إِلَیْهِ فَارِسٌ فَقَتَلَهُ وَ فَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ وَ رَكِبَ وَ نَادَی هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَخَرَجَ إِلَیْهِ فَارِسٌ فَقَتَلَهُ وَ فَعَلَ كَمَا فَعَلَ كَذَا إِلَی أَنْ قَتَلَ سَبْعَةً فَأَحْجَمَ عَنْهُ النَّاسُ وَ لَمْ یَعْرِفُوهُ وَ كَانَ لِمُعَاوِیَةَ عَبْدٌ یُسَمَّی حَرْباً وَ كَانَ شُجَاعاً فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ وَیْلَكَ یَا حَرْبُ اخْرُجْ إِلَی هَذَا الْفَارِسِ فَاكْفِنِی أَمْرَهُ فَقَدْ قَتَلَ مِنْ أَصْحَابِی مَا قَدْ رَأَیْتَ فَقَالَ لَهُ حَرْبٌ إِنِّی وَ اللَّهِ أَرَی مَقَامَ فَارِسٍ لَوْ نَزَلَ إِلَیْهِ أَهْلُ عَسْكَرِكَ لَأَفْنَاهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ فَإِنْ شِئْتَ بَرَزْتُ إِلَیْهِ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ قَاتِلِی وَ إِنْ شِئْتَ فَاسْتَبِقْنِی لِغَیْرِهِ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَا وَ اللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تُقْتَلَ فَقِفْ مَكَانَكَ حَتَّی یَخْرُجَ إِلَیْهِ غَیْرُكَ وَ جَعَلَ عَلِیٌّ علیه السلام یُنَادِیهِمْ وَ لَا یَخْرُجُ إِلَیْهِ أَحَدٌ فَرَفَعَ الْمِغْفَرَ عَنْ رَأْسِهِ وَ رَجَعَ إِلَی عَسْكَرِهِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ أَبْطَالِ الشَّامِ اسْمُهُ كُرَیْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ فَطَلَبَ الْبِرَازَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الْمُرَقَّعُ الْخَوْلَانِیُّ فَقَتَلَهُ الشَّامِیُّ وَ خَرَجَ إِلَیْهِ آخَرُ فَقَتَلَهُ أَیْضاً فَرَأَی عَلِیٌّ علیه السلام فَارِساً بَطَلًا فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام بِنَفْسِهِ فَوَقَفَ قُبَالَتَهُ وَ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا كُرَیْبُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْحِمْیَرِیُّ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام
ص: 596
وَیْحَكَ یَا كُرَیْبُ إِنِّی أُحَذِّرُكَ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ وَ أَدْعُوكَ إِلَی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ فَقَالَ كُرَیْبٌ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَاللَّهَ اللَّهَ فِی نَفْسِكَ فَإِنِّی أَرَاكَ فَارِساً بَطَلًا فَیَكُونُ لَكَ مَا لَنَا وَ عَلَیْكَ مَا عَلَیْنَا وَ تَصُونُ نَفْسَكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَ لَا یُدْخِلَنَّكَ مُعَاوِیَةُ نَارَ جَهَنَّمَ فَقَالَ كُرَیْبٌ ادْنُ مِنِّی إِنْ شِئْتَ وَ جَعَلَ یُلَوِّحُ بِسَیْفِهِ فَمَشَی إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ الْتَقَیَا بِضَرْبَتَیْنِ فَبَدَرَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَقَتَلَهُ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الْحَارِثُ بْنُ الْحِمْیَرِیِّ فَقَتَلَهُ وَ آخَرُ فَقَتَلَهُ حَتَّی قَتَلَ أَرْبَعَةً وَ هُوَ یَقُولُ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِینَ ثُمَّ صَاحَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا مُعَاوِیَةُ هَلُمَّ إِلَی مُبَارَزَتِی وَ لَا تَفْنَیَنَّ الْعَرَبُ بَیْنَنَا فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَا حَاجَةَ لِی فِی ذَلِكَ فَقَدْ قَتَلْتَ أَرْبَعَةً مِنْ سِبَاعِ الْعَرَبِ فَحَسْبُكَ فَصَاحَ شَخْصٌ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ اسْمُهُ عُرْوَةُ بْنُ دَاوُدَ یَا عَلِیُّ إِنْ كَانَ مُعَاوِیَةُ قَدْ كَرِهَ مُبَارَزَتَكَ فَهَلُمَّ إِلَی مُبَارَزَتِی فَذَهَبَ عَلِیٌّ علیه السلام نَحْوَهُ فَبَدَرَهُ عُرْوَةُ بِضَرْبَةٍ فَلَمْ یَعْمَلْ شَیْئاً وَ ضَرَبَهُ عَلِیٌّ فَأَسْقَطَهُ قَتِیلًا ثُمَّ قَالَ انْطَلِقْ إِلَی النَّارِ وَ كَبُرَ عَلَی أَهْلِ الشَّامِ قَتْلُ عُرْوَةَ وَ جَاءَ اللَّیْلُ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فِی یَوْمٍ آخَرَ مُتَنَكِّراً فَطَلَبَ الْبِرَازَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ هُوَ لَا یَعْرِفُ أَنَّهُ عَلِیٌّ وَ عَرَفَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَاطَّرَدَ بَیْنَ یَدَیْهِ لِیُبَعِّدَهُ عَنْ عَسْكَرِهِ فَتَبِعَهُ عَمْرٌو مُرْتَجِزاً:
یَا قَادَةَ الْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الْفِتَنِ***أَضْرِبُكُمْ وَ لَا أَرَی أَبَا الْحَسَنِ
فَرَجَعَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یَقُولُ:
أَبُو الْحُسَیْنِ فَاعْلَمَنَّ وَ الْحَسَنِ*** جَاءَكَ یَقْتَادُ الْعِنَانَ وَ الرَّسَنَ
فَعَرَفَهُ عَمْرٌو فَوَلَّی رَكْضاً وَ لَحِقَهُ عَلِیٌّ فَطَعَنَهُ طَعْنَةً وَقَعَ الرُّمْحُ فِی فُضُولِ دِرْعِهِ فَسَقَطَ إِلَی الْأَرْضِ وَ خَشِیَ أَنْ یَقْتُلَهُ فَرَفَعَ رِجْلَیْهِ فَبَدَتْ سَوْأَتُهُ فَصَرَفَ عَلِیٌّ علیه السلام وَجْهَهُ وَ انْصَرَفَ إِلَی عَسْكَرِهِ
ص: 597
وَ جَاءَ عَمْرٌو وَ مُعَاوِیَةُ یَضْحَكُ مِنْهُ فَقَالَ مِمَّ تَضْحَكُ وَ اللَّهِ لَوْ بَدَا لِعَلِیٍّ مِنْ صَفْحَتِكَ مَا بَدَا لَهُ مِنْ صَفْحَتِی إِذاً لَأَوْجَعَ قَذَالَكَ وَ أَیْتَمَ عِیَالَكَ وَ أَنْهَبَ مَالَكَ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَوْ كُنْتَ تَحْتَمِلُ مِزَاحاً لَمَازَحْتُكَ فَقَالَ عَمْرٌو وَ مَا أَحْمَلَنِی لِلْمِزَاحِ وَ لَكِنْ إِذَا لَقِیَ الرَّجُلُ رَجُلًا فَصَدَّ عَنْهُ وَ لَمْ یَقْتُلْهُ أَ تَقْطُرُ السَّمَاءُ دَماً فَقَالَ مُعَاوِیَةُ لَا وَ لَكِنَّهَا تُعْقِبُ فَضِیحَةَ الْأَبَدِ حِیناً وَ حِیناً أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ عَرَفْتَهُ لَمَا أَقْدَمْتَ عَلَیْهِ وَ كَانَ فِی أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ فَارِسٌ مَشْهُورٌ بِالشَّجَاعَةِ اسْمُهُ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ فَلَمَّا سَمِعَ بُسْرٌ عَلِیّاً علیه السلام یَدْعُو مُعَاوِیَةَ إِلَی الْبِرَازِ وَ مُعَاوِیَةُ یَمْتَنِعُ قَالَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَی مُبَارَزَةِ عَلِیٍّ فَلَعَلِّی أَقْتُلُهُ فَأَذْهَبَ بِشُهْرَتِهِ فِی الْعَرَبِ وَ شَاوَرَ غُلَاماً یُقَالُ لَهُ لَاحِقٌ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ وَاثِقاً مِنْ نَفْسِكَ وَ إِلَّا فَلَا تُبَارِزْ إِلَیْهِ فَإِنَّهُ وَ اللَّهِ الشُّجَاعُ الْمُطْرِقُ وَ أَنْشَدَ:
فَأَنْتَ لَهُ یَا بُسْرُ إِنْ كُنْتَ مِثْلَهُ***وَ إِلَّا فَإِنَّ اللَّیْثَ لِلضَّبُعِ آكِلٌ
مَتَی تَلْقَهُ فَالْمَوْتُ فِی رَأْسِ رُمْحِهِ***وَ فِی سَیْفِهِ شُغُلٌ لِنَفْسِكَ شَاغِلٌ
فَقَالَ وَیْحَكَ هَلْ هِیَ إِلَّا الْمَوْتُ وَ لَا بُدَّ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ عَلَی كُلِّ حَالٍ إِمَّا بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ (1) ثُمَّ خَرَجَ بُسْرٌ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ سَاكِتٌ بِحَیْثُ لَا یَعْرِفُهُ عَلِیٌّ علیه السلام لِحَالَةٍ كَانَتْ صَدَرَتْ مِنْهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام حَمَلَ عَلَیْهِ فَسَقَطَ بُسْرٌ عَنْ فَرَسِهِ عَلَی قَفَاهُ وَ رَفَعَ رِجْلَیْهِ وَ انْكَشَفَتْ سَوْأَتُهُ فَصَرَفَ عَلِیٌّ علیه السلام وَجْهَهُ عَنْهُ وَ وَثَبَ بُسْرٌ قَائِماً وَ سَقَطَ الْمِغْفَرُ عَنْ رَأْسِهِ فَصَاحَ أَصْحَابُ عَلِیٍّ علیه السلام یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ذَرُوهُ عَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ فَضَحِكَ مُعَاوِیَةُ مِنْ بُسْرٍ وَ قَالَ لَا عَلَیْكَ فَقَدْ نَزَلَ بِعَمْرٍو مِثْلُهَا
ص: 598
وَ صَاحَ فَتًی مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَیْلَكُمْ یَا أَهْلَ الشَّامِ أَ مَا تَسْتَحْیُونَ لَقَدْ عَلَّمَكُمُ ابْنُ عَاصٍ كَشْفَ الْأَسْتَاهِ فِی الْحُرُوبِ وَ أَنْشَدَ:
أَ فِی كُلِّ یَوْمٍ فَارِسٌ ذُو كَرِیهَةٍ*** لَهُ عَوْرَةٌ وَسْطَ الْعَجَاجَةِ بَادِیَةٌ
یَكُفُّ بِهَا عَنْهُ عَلِیٌّ سِنَانَهُ*** وَ یَضْحَكُ مِنْهُ فِی الْخَلَاءِ مُعَاوِیَةُ
فَقُولَا لِعَمْرٍو وَ ابْنِ أَرْطَاةَ أَبْصِرَا*** سَبِیلَكُمَا لَا تَلْقَیَا اللَّیْثَ ثَانِیَةً
فَلَا تَحْمَدَا إِلَّا الْحَیَاءَ وَ خُصَاكُمَا*** هُمَا كَانَتَا وَ اللَّهِ لِلنَّفْسِ وَاقِیَةً
فَلَوْلَاهُمَا لَمْ تَنْجُوَا مِنْ سِنَانِهِ*** وَ تِلْكَ بِمَا فِیهَا مِنَ الْعَوْدِ ثَانِیَةً
وَ كَانَ بُسْرٌ یَضْحَكُ مِنْ عَمْرٍو فَعَادَ عَمْرٌو یَضْحَكُ مِنْهُ وَ تَحَامَی أَهْلُ الشَّامِ عَلِیّاً فَخَافُوهُ خَوْفاً شَدِیداً وَ كَانَ لِعُثْمَانَ مَوْلًی اسْمُهُ أَحْمَرُ فَخَرَجَ یَطْلُبُ الْبِرَازَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ كَیْسَانُ مَوْلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَحَمَلَ عَلَیْهِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ علیه السلام قَتَلَنِیَ اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ ثُمَّ حَمَلَ عَلَیْهِ فَاسْتَقْبَلَهُ بِالسَّیْفِ فَاتَّقَی عَلِیٌّ علیه السلام ضَرْبَتَهُ بِالْحَجَفَةِ ثُمَّ قَبَضَ ثَوْبَهُ وَ اقْتَلَعَهُ مِنْ سَرْجِهِ وَ ضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ فَكَسَرَ مَنْكِبَیْهِ وَ عَضُدَیْهِ وَ دَنَا مِنْهُ أَهْلُ الشَّامِ فَمَا زَادَهُ قُرْبُهُمْ إِسْرَاعاً فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ علیه السلام مَا ضَرَّكَ لَوْ سَعَیْتَ حَتَّی تَنْتَهِیَ إِلَی أَصْحَابِكَ فَقَالَ یَا بُنَیَّ إِنَّ لِأَبِیكَ یَوْماً لم [لَنْ] یَعْدُوَهُ وَ لَا بِهِ تُبْطِئُ عَنْهُ السَّعْیُ وَ لَا یَعْجَلُ بِهِ إِلَیْهِ الْمَشْیُ وَ إِنَّ أَبَاكَ وَ اللَّهِ لَا یُبَالِی أَ وَقَعَ عَلَی الْمَوْتِ أَمْ وَقَعَ الْمَوْتُ عَلَیْهِ (1) وَ كَانَ لِمُعَاوِیَةَ عَبْدٌ اسْمُهُ حُرَیْثٌ وَ كَانَ فَارِساً بَطَلًا فَحَذَّرَهُ مُعَاوِیَةُ مِنَ التَّعَرُّضِ لِعَلِیٍّ فَخَرَجَ وَ تَنَكَّرَ لَهُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِحُرَیْثٍ لَا یَفُوتُكَ هَذَا الْفَارِسُ وَ عَرَفَ عَمْرٌو أَنَّهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَحَمَلَ حُرَیْثٌ فَدَاخَلَهُ عَلِیٌّ وَ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَطَارَ بِهَا قِحْفَ رَأْسِهِ فَسَقَطَ قَتِیلًا وَ اغْتَمَّ مُعَاوِیَةُ عَلَیْهِ غَمّاً شَدِیداً وَ قَالَ لِعَمْرٍو أَنْتَ قَتَلْتَ حُرَیْثاً وَ غَرَّرْتَهُ
ص: 599
وَ خَرَجَ الْعَبَّاسُ بْنُ رَبِیعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِیُّ فَأَبْلَی وَ خَرَجَ إِلَیْهِ فَارِسٌ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاوِیَةَ فَتَنَازَلَا وَ تَضَارَبَا وَ نَظَرَ الْعَبَّاسُ إِلَی وَهْنٍ فِی دِرْعِ الشَّامِیِّ فَضَرَبَهُ الْعَبَّاسُ عَلَی ذَلِكَ الْوَهْنِ فَقَدَّهُ بِاثْنَتَیْنِ فَكَبَّرَ جَیْشُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ رَكِبَ الْعَبَّاسُ فَرَسَهُ فَقَالَ مُعَاوِیَةُ مَنْ خَرَجَ إِلَی هَذَا فَقَتَلَهُ فَلَهُ كَذَا وَ كَذَا فَوَثَبَ رَجُلَانِ مِنْ لَخْمٍ مِنَ الْیَمَنِ فَقَالا نَحْنُ نَخْرُجُ إِلَیْهِ فَقَالَ اخْرُجَا فَأَیُّكُمَا سَبَقَ إِلَی قَتْلِهِ فَلَهُ مِنَ الْمَالِ مَا ذَكَرْتُ وَ لِلْآخَرِ مِثْلُ ذَلِكَ فَخَرَجَا إِلَی مَقَرِّ الْمُبَارَزَةِ وَ صَاحَا بِالْعَبَّاسِ وَ دَعَوَاهُ إِلَی الْقِتَالِ فَقَالَ أَسْتَأْذِنُ صَاحِبِی وَ أَعُودُ إِلَیْكُمَا وَ جَاءَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام لِیَسْتَأْذِنَهُ فَقَالَ لَهُ أَعْطِنِی ثِیَابَكَ وَ سِلَاحَكَ وَ فَرَسَكَ وَ لَبِسَهَا وَ رَكِبَ الْفَرَسَ وَ خَرَجَ إِلَیْهِمَا فَظَنَّا أَنَّهُ عَلَی الْعَبَّاسِ فَقَالا اسْتَأْذَنْتَ صَاحِبَكَ فَتَحَرَّجَ مِنَ الْكَذِبِ فَقَرَأَ أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلی نَصْرِهِمْ لَقَدِیرٌ فَتَقَدَّمَ إِلَیْهِ أَحَدُ الرَّجُلَیْنِ فَالْتَقَیَا ضَرْبَتَیْنِ ضَرَبَهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَی مَرَاقِّ بَطْنِهِ قَطَعَهُ بِاثْنَتَیْنِ فَظَنَّ أَنَّهُ أَخْطَأَهُ فَلَمَّا تَحَرَّكَ الْفَرَسُ سَقَطَ قِطْعَتَیْنِ وَ غَارَ فَرَسُهُ وَ صَارَ إِلَی عَسْكَرِ عَلِیٍّ علیه السلام وَ تَقَدَّمَ الْآخَرُ فَضَرَبَهُ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَلْحَقَهُ بِصَاحِبِهِ ثُمَّ جَالَ عَلَیْهِمْ جَوْلَةً وَ رَجَعَ إِلَی مَوْضِعِهِ وَ عَلِمَ مُعَاوِیَةُ أَنَّهُ عَلِیٌّ فَقَالَ قَبَّحَ اللَّهُ اللَّجَاجَ إِنَّهُ لَقَعُودٌ مَا رَكِبْتُهُ إِلَّا خُذِلْتُ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ الْمَخْذُولُ وَ اللَّهِ اللَّخْمِیَّانِ لَا أَنْتَ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِیَةُ اسْكُتْ أَیُّهَا الْإِنْسَانُ لَیْسَ هَذِهِ السَّاعَةُ مِنْ سَاعَتِكَ فَقَالَ عَمْرٌو فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ سَاعَاتِی فَرَحِمَ اللَّهُ اللَّخْمِیَّیْنِ وَ لَا أَظُنُّهُ یَفْعَلُ وَ قَالَ فِی وَصْفِ لَیْلَةِ الْهَرِیرِ فَمَا لَقِیَ علیه السلام شُجَاعاً إِلَّا أَرَاقَ دَمَهُ وَ لَا بَطَلًا إِلَّا زَلْزَلَ قَدَمَهُ وَ لَا مُرِیداً إِلَّا أَعْدَمَهُ وَ لَا قَاسِطاً إِلَّا قَصَرَ عُمُرَهُ وَ أَطَالَ نَدَمَهُ وَ لَا جَمْعَ نِفَاقٍ إِلَّا فَرَّقَهُ وَ لَا بِنَاءَ ضَلَالٍ إِلَّا هَدَمَهُ وَ كَانَ كُلَّمَا قَتَلَ فَارِساً أَعْلَنَ بِالتَّكْبِیرِ فَأَحْصَیْتُ تَكْبِیرَاتِهِ لَیْلَةَ الْهَرِیرِ فَكَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ وَ ثَلَاثاً وَ عِشْرِینَ تَكْبِیرَةً بِخَمْسِمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةٍ وَ عِشْرِینَ قَتِیلًا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِیرِ
ص: 600
وَ قِیلَ إِنَّهُ فِی تِلْكَ اللَّیْلَةِ فَتَقَ نَیْفَقَ دِرْعِهِ لِثِقَلِ مَا كَانَ یَسِیلُ مِنَ الدَّمِ عَلَی ذِرَاعِهِ وَ قِیلَ إِنَّ قَتْلَاهُ عُرِفُوا فِی النَّهَارِ فَإِنَّ ضَرَبَاتِهِ كَانَتْ عَلَی وَتِیرَةٍ وَاحِدَةٍ إِنْ ضَرَبَ طُولًا قَدَّ أَوْ عَرْضاً قَطَّ وَ كَانَتْ كَأَنَّهَا مِكْوَاةٌ بِالنَّارِ.
بیان: قال الجوهری القَذال جماع مؤخر الرأس و فی القاموس نَیْفَق السراویل بالفتح الموضع المتسع منه.
«476»-(1)
بشا، بشارة المصطفی إِبْرَاهِیمُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْبَصْرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ الشَّیْبَانِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی الصُّهْبَانِ عَنِ الْبَزَنْطِیِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: عقم [عَقِمَتِ النِّسَاءُ أَنْ یَأْتِینَ بِمِثْلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مَا كَشَفَتِ النِّسَاءُ ذُیُولَهُنَّ عَنْ مِثْلِهِ لَا وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ فَارِساً مُحْدَثاً یُوزَنُ بِهِ لَرَأَیْتُهُ یَوْماً وَ نَحْنُ مَعَهُ بِصِفِّینَ وَ عَلَی رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَ كَأَنَّ عَیْنَیْهِ سِرَاجَا سَلِیطٍ یَتَوَقَّدَانِ مِنْ تَحْتِهِمَا یَقِفُ عَلَی شِرْذِمَةٍ شِرْذِمَةٍ یَحُضُّهُمْ حَتَّی انْتَهَی إِلَی نَفَرٍ أَنَا فِیهِمْ وَ طَلَعَتْ خَیْلٌ لِمُعَاوِیَةَ تُدْعَی بِالْكَتِیبَةِ الشَّهْبَاءِ عَشَرَةُ آلَافِ دَارِعٍ عَلَی عَشَرَةِ آلَافِ أَشْهَبَ فَاقْشَعَرَّ النَّاسُ لَهَا لَمَّا رَأَوْهَا وَ انْحَازَ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِیمَ النَّخَعُ وَ الْخَنَعُ یَا أَهْلَ الْعِرَاقِ هَلْ هِیَ إِلَّا أَشْخَاصٌ مَاثِلَةٌ فِیهَا قُلُوبٌ طَائِرَةٌ لَوْ مَسَّهَا سُیُوفُ قُلُوبِ أَهْلِ الْحَقِّ لَرَأَیْتُمُوهَا كَجَرَادٍ بِقِیعَةٍ سَفَّتْهُ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عَاصِفٍ
ص: 601
أَلَا فَاسْتَشْعِرُوا الْخَشْیَةَ وَ تَجَلْبَبُوا السَّكِینَةَ وَ ادْرَعُوا الصَّبْرَ وَ غُضُّوا الْأَصْوَاتَ وَ قَلْقِلُوا الْأَسْیَافَ فِی الْأَغْمَادِ قَبْلَ السَّلَّةِ وَ انْظُرُوا الشَّزْرَ وَ اطْعُنُوا الْوَجْرَ وَ كَافِحُوا بِالظُّبَی وَ صِلُوا السُّیُوفَ بِالخُطَی وَ النِّبَالَ بِالرِّمَاحِ وَ عَاوِدُوا الْكَرَّ وَ اسْتَحْیُوا مِنَ الْفَرِّ فَإِنَّهُ عَارٌ فِی الْأَعْقَابِ وَ نَارٌ یَوْمَ الْحِسَابِ وَ طِیبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً وَ امْشُوا إِلَی الْمَوْتِ مَشْیَةً سُجُحاً فَإِنَّكُمْ بِعَیْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعَ أَخِی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَلَیْكُمْ بِهَذَا السُّرَادِقِ الْأَدْلَمِ وَ الرِّوَاقِ الْمُظْلِمِ فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ رَاقِدٌ فِی كِسْرِهِ نَافِجٌ حِضْنَیْهِ مُفْتَرِشٌ ذِرَاعَیْهِ قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ یَداً وَ أَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا فَصَمْداً صَمْداً حَتَّی یَنْجَلِیَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ هَا أَنَا شَادٌّ فَشُدُّوا بِسْمِ اللَّهِ حم* لَا یُنْصَرُونَ ثُمَّ حَمَلَ عَلَیْهِمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلَامُ وَ عَلَی ذُرِّیَّتِهِ حَمْلَتَهُ وَ تبعه [تَبَعَةُ] خُوَیْلَةَ لَمْ یَبْلُغِ الْمِائَةَ فَارِسٍ فَأَجَالَهُمْ فِیهَا جَوَلَانَ الرَّحَی الْمُسَرَّحَةِ بِثِقَالِهَا فَارْتَفَعَتْ عَجَاجَةٌ مَنَعَتْنِی النَّظَرَ ثُمَّ انْجَلَتْ فَأَثْبَتُّ النَّظَرَ فَلَمْ نَرَ إِلَّا رَأْساً نَادِراً وَ یَداً طَائِحَةً فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ وَلَّوْا مُدْبِرِینَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ فَإِذَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ أَقْبَلَ وَ سَیْفُهُ یَنْطُفُ وَ وَجْهُهُ كَشُقَّةِ الْقَمَرِ وَ هُوَ یَقُولُ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ قَالَ عِكْرِمَةُ: وَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یُحَدِّثُ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلِیّاً بِقِتَالِ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّكَ لَمُقَاتِلٌ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ.
بیان: قال فی القاموس نخع لی بحقی كمنع أقر و الذبیحة جاوز منتهی الذبح فأصاب نخاعها و فلان الود و النصیحة أخلصهما له و أنخع الأسماء أذلها و أقهرها و نخع العود كفرح جری فیه الماء و قال الخانع المریب الفاجر و قد خنع كمنع و الخنعة الفجرة و الریبة و كصبور الغادر الذی یحید عنك و بالضم الخضوع و الذل و الخنع التجمیش و اللین.
ص: 602
قوله علیه السلام ماثلة أی قائمة أو متمثلة مشبهة بالإنسان و قال الفیروزآبادی فی القاموس مثل قام منتصبا كمثل بالضم و لطأ بالأرض ضد زال عن موضعه و فلان فلانا صار مثله و فی بعض النسخ مائلة من المیل أی عادلة عن الحق فیها قلوب طائرة أی من الخوف و القیعة بالكسر الأرض المستوی أو جمع القاع و اطعنوا الوجر بالجیم و الراء المهملة قال فی القاموس أوجره بالرمح طعنه به فی فیه و فی النهایة فی حدیث عبد اللّٰه بن أنیس فوجرته بالسیف وجرا أی طعنته و المعروف فی الطعن أوجرته الرمح و لعله لغة فیه.
أو بالحاء المهملة و هو الحقد و الغیظ أو بالخاء و الرای و هو الطعن بالرمح و غیره لا یكون نافذا و لا یناسب إلا بتكلف أو بالجیم و الزای و هو السریع الحركة و قد مر علی وجه آخر.
و المكافحة المضاربة و المدافعة تلقاء الوجه كالمنافحة و یروی بهما و النبال بالرماح أی ارموهم بالنبال فإذا قربتم فاستعملوا الرماح و العكس أظهركما سیأتی أی إذا لم تصل الرماح فاستعملوا النبال كأنكم وصلتموها بها فیكون أنسب بالفقرة السابقة و كذا فی النهایة أیضا و قد مر و الأدلم الأسود صورة أو معنی كالمظلم.
قوله علیه السلام نافج حضنیه الحضن بالكسر ما دون الإبط إلی الكشح أو الصدر أو العضدین أو ما بینهما و نفجت الشی ء أی رفعته و عظمته قال فی النهایة كنی به عن التعظم و التكبر و الخیلاء و فی بعض النسخ نافش بالشین و لا یناسب المقام و قال فی مادة بیت من النهایة فی حدیث الجهاد إذا بیتم فقولوا حم* لا ینصرون قیل معناه اللّٰهم لا ینصرون و یرید به الخبر لا الدعاء و إنه لو كان دعاء لقال لا ینصروا مجزوما فكأنه قال و اللّٰه
ص: 603
لا ینصرون و قیل إن السور التی أولها حم* سور لها شأن فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما یستظهر به علی استنزال النصر من اللّٰه و قوله لا ینصرون كلام مستأنف كأنه حین قال قولوا حم* قیل ما ذا یكون إذا قلناها فقال لا ینصرون و الخویلة كأنه تصغیر الخیل و إن لم یساعده القیاس أو تصغیر الخول بمعنی الخدم و الحشم.
و قال فی النهایة فی حدیث علی علیه السلام تدقهم الفتن دق الرحی بثفالها الثفال بالكسر جلدة تبسط تحت رحی الید لیقع علیها الدقیق و یسمی الحجر الأسفل ثفالا بها و المعنی أنها تدقهم دق الرحی للحب إذا كانت مثفلة و لا تثفل إلا عند الطحن انتهی.
و العجاجة بالفتح الغبار و ندر بالشی ء سقط و طاح یطوح و یطیح هلك و أشرف علی الهلاك و ذهب و سقط و طوحته الطوائح قذفته القواذف.
و القسورة الأسد و سیفه ینطف أی یقطر و فی النهایة نطف الماء ینطف و ینطف إذا قطر قلیلا قلیلا و منه صفة المسیح ینطف رأسه ماء و الشقة بالكسر القطعة المشقوقة و نصف الشی ء إذا شق.
قوله صلی اللّٰه علیه و آله علی تأویل القرآن أی لیقبلوا منك تأویل القرآن أو إن آیات قتال المشركین و الكافرین ظاهرها قتال من قاتلهم رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و باطنها یشتمل قتال من قاتلهم أمیر المؤمنین علیه السلام.
و أما آیة وَ إِنْ طائِفَتانِ فلیست بنازلة فیهم لعدم إیمان هؤلاء و إن كان علیه السلام قرأها فی بعض المواطن إلزاما علیهم مع أنه یحتاج إجراؤها فی ابتداء قتالهم إلی استدلال و نظر و قد مر شرح سائر أجزاء الخبر فی روایة النهج.
ص: 604
«477»-(1)
كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَیْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ وَ فُضَیْلٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ فِی صَلَاةِ الْخَوْفِ عِنْدَ الْمُطَارَدَةِ وَ الْمُنَاوَشَةِ یُصَلِّی كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِالْإِیمَاءِ حَیْثُ كَانَ وَجْهُهُ وَ إِنْ كَانَتِ الْمُسَایَفَةُ وَ الْمُعَانَقَةُ وَ تَلَاحُمُ الْقِتَالِ فَإِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام صَلَّی لَیْلَةَ صِفِّینَ وَ هِیَ لَیْلَةُ الْهَرِیرِ لَمْ تَكُنْ صَلَوَاتُهُمْ الظُّهْرُ وَ الْعَصْرُ وَ الْمَغْرِبُ وَ الْعِشَاءُ عِنْدَ كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ إِلَّا التَّكْبِیرَ وَ التَّهْلِیلَ وَ التَّسْبِیحَ وَ التَّحْمِیدَ وَ الدُّعَاءَ فَكَانَتْ تِلْكَ صَلَوَاتِهِمْ لَمْ یَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ.
«478»-(2)
فر، تفسیر فرات بن إبراهیم إِبْرَاهِیمُ بْنُ بُنَانٍ الْخَثْعَمِیُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الْبَاهِلِیِّ عَنْ ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْخَوَارِجِ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یُشْبِهُ الْقَمَرَ الزَّاهِرَ وَ الْأَسَدَ الْخَادِرَ وَ الْفُرَاتَ الزَّاخِرَ وَ الرَّبِیعَ الْبَاكِرَ فَأَشْبَهَ مِنَ الْقَمَرِ ضَوْءَهُ وَ بَهَاءَهُ وَ مِنَ الْأَسَدِ شَجَاعَتَهُ وَ مَضَاءَهُ وَ مِنَ الْفُرَاتِ جُودَهُ وَ سَخَاءَهُ وَ مِنَ الرَّبِیعِ خَصْبَهُ وَ حَیَاءَهُ عَقِمَتِ النِّسَاءُ أَنْ یَأْتِینَ بِمِثْلِ عَلِیٍّ بَعْدَ النَّبِیِّ وَ اللَّهِ مَا سَمِعْتُ وَ لَا رَأَیْتُ إِنْسَاناً مُحَارِباً مِثْلَهُ وَ قَدْ رَأَیْتُهُ یَوْمَ صِفِّینَ وَ عَلَیْهِ عِمَامَةٌ بَیْضَاءُ وَ كَأَنَّ عَیْنَیْهِ سِرَاجَانِ وَ هُوَ یَتَوَقَّفُ عَلَی شِرْذِمَةٍ شِرْذِمَةٍ یَحُضُّهُمْ وَ یَحُثُّهُمْ إِلَی أَنِ انْتَهَی إِلَیَّ وَ أَنَا فِی كَنَفٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَقَالَ مَعَاشِرَ النَّاسِ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْیَةَ وَ أَمِیتُوا الْأَصْوَاتَ وَ تَجَلْبَبُوا بِالسَّكِینَةِ وَ أَكْمِلُوا اللَّأْمَةَ وَ قَلْقِلُوا السُّیُوفَ فِی الْغِمْدِ قَبْلَ السَّلَّةِ وَ الْحَظُوا الشَّزْرَ وَ اطْعُنُوا الْخَزْرَ وَ نَافِجُوا بِالظُّبَی وَ صِلُوا السُّیُوفَ بِالخُطَی وَ الرِّمَاحَ بِالنِّبَالِ فَإِنَّكُمْ بِعَیْنِ اللَّهِ وَ مَعَ ابْنِ عَمِّ نَبِیِّكُمْ وَ عَاوِدُوا الْكَرَّ وَ اسْتَحْیُوا مِنَ الْفَرِّ فَإِنَّهُ عَارٌ بَاقٍ فِی الْأَعْقَابِ وَ نَارٌ
ص: 605
یَوْمَ الْحِسَابِ فَطِیبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ أَنْفُساً وَ اطْوُوا عَنِ الْحَیَاةِ كَشْحاً (1) وَ امْشُوا إِلَی الْمَوْتِ مَشْیاً وَ عَلَیْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَ الرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ فَإِنَّ الشَّیْطَانَ عَلَیْهِ اللَّعْنَةُ رَاكِدٌ فِی كَسْرِهِ نَافِجٌ حِضْنَیْهِ وَ مُفْتَرِشٌ ذِرَاعَیْهِ قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ یَداً وَ أَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا فَصَمْداً حَتَّی یَنْجَلِیَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ یَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ قَالَ وَ أَقْبَلَ مُعَاوِیَةُ فِی الْكَتِیبَةِ الشَّهْبَاءِ وَ هِیَ زُهَاءُ عَشَرَةِ آلَافٍ بِجَیْشٍ شَاكِینَ فِی الْحَدِیدِ لَا یُرَی مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ تَحْتَ الْمَغَافِرِ فَقَالَ علیه السلام مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ بِمَا تَعْجَبُونَ إِنَّمَا هُمْ جُثَثٌ مَاثِلَةٌ فِیهَا قُلُوبٌ طَائِرَةٌ مُزَخْرَفَةٌ بِتَمْوِیهِ الْخَاسِرِینَ وَ رِجْلُ جَرَادٍ زَفَّتْ بِهِ رِیحُ صَبَا وَ لَفِیفٌ سَدَاهُ وَ لَحْمَتُهُ الضَّلَالَةُ وَ صَرَخَ بِهِمْ نَاعِقُ الْبِدْعَةِ وَ فِیهِمْ خَوَرُ الْبَاطِلِ وَ ضَحْضَحَةُ الْمُكَاثِرِ فَلَوْ قَدْ مَسَّهَا سُیُوفُ أَهْلِ الْحَقِّ لَتَهَافَتَتْ تَهَافُتَ الْفَرَاشِ فِی النَّارِ أَلَا فَسَوُّوا بَیْنَ الرُّكَبِ وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِذِ وَ اضْرِبُوا الْقَوَابِضَ بِالصَّوَارِمِ وَ أَشْرِعُوا الرِّمَاحَ فِی الْجَوَانِحِ وَ شُدُّوا فَإِنِّی شَادٌّ حم* لَا یُنْصَرُونَ فَحَمَلُوا حَمْلَةَ ذِی لِبَدٍ فَأَزَالُوهُمْ عَنْ مَصَافِّهِمْ وَ دَفَعُوهُمْ عَنْ أَمَاكِنِهِمْ وَ رَفَعُوهُمْ عَنْ مَرَاكِبِهِمْ وَ ارْتَفَعَ الرَّهَجُ وَ خَمَدَتِ الْأَصْوَاتُ فَلَا یُسْمَعُ إِلَّا صَلْصَلَةُ الْحَدِیدِ وَ غَمْغَمَةُ الْأَبْطَالِ وَ لَا یُرَی إِلَّا رَأْسٌ نَادِرٌ وَ یَدٌ طَائِحَةٌ وَ أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ مَوْضِعٍ یُرِیدُ أَنْ یَنْجَلِیَ مِنَ الْغُبَارِ وَ یُنْفِذَ الْعَلَقَ مِنْ ذِرَاعَیْهِ سَیْفُهُ یَقْطُرُ الدِّمَاءَ وَ قَدِ انْحَنَی كَقَوْسِ النَّازِعِ وَ هُوَ یَتْلُو هَذِهِ الْآیَةَ وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَی الْأُخْری فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی حَتَّی تَفِی ءَ إِلی أَمْرِ اللَّهِ فَمَا رَأَیْتُ قِتَالًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ یَا بُنَیَّ إِنِّی أَرَی الْمَوْتَ لَا یُقْلَعُ وَ مَنْ مَضَی لَا یَرْجِعُ وَ مَنْ بَقِیَ فَإِلَیْهِ یُنْزَعُ إِنِّی أُوصِیكَ بِوَصِیَّةٍ فَاحْفَظْهَا وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ لْیَكُنْ أَوْلَی الْأَمْرِ بِكَ الشُّكْرَ لِلَّهِ فِی
ص: 606
السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ فَإِنَّ الشُّكْرَ خَیْرُ زَادٍ.
بیان: قال فی القاموس الخدر أجمة الأسد و منه أسد الخادر و الربیع الباكر أی أول ما دخل فإنه أكثر مطرا و أظهر آثارا و كل من بادر إلی شی ء فقد أبكر إلیه و بكر أی وقت كان و الباكورة أول الفاكهة ذكره الجوهری و قال مضی الأمر مضاء نفذ و قال الحیاء مقصورا الخصب و المطر و أنا فی كنف أی فی ناحیة و جانب و فی بعض النسخ فی كتیبة و هو أظهر و الرجل الجماعة الكثیرة من الجراد خاصة و الخور الضعف و ضحضحة المكاثر هی التوهیم و التهدید الذی یأتی به المكاثر و یدعیه و لا أصل له قال فی القاموس ضحضح السراب ترقرق و الضحضحة جری السراب.
و اضربوا القوانص أی الأعناق و الصدور تشبیها بقانصة الطیر أو الفرق التی یریدون اصطیادكم من قنصه أی صاده و یحتمل القوابض بالباء و الضاد المعجمة أی الأیدی القابضة و الصارم السیف القاطع و أشرعت الرمح قبله أی سددت و كذا شرعت و الجوانح الأضلاع التی تلی الصدر و الشدة بالفتح الحملة فی الحرب و الرهج بالتحریك الغبار و الغمغمة أصوات الأبطال فی القتال و فی القاموس اللبدة بالكسر شعر زبرة الأسد و كنیته ذو لبدة.
«479»-(1)
نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام لَمَّا عَزَمَ عَلَی لِقَاءِ الْقَوْمِ بِصِفِّینَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَ الْجَوِّ الْمَكْفُوفِ الَّذِی جَعَلْتَهُ مَغِیضاً لِلَّیْلِ وَ النَّهَارِ وَ مَجْرًی لِلشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ مُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ السَّیَّارَةِ وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلَائِكَتِكَ لا یَسْأَمُونَ عَنْ عِبَادَتِكَ وَ رَبَّ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِی جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ مَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَ الْأَنْعَامِ وَ مَا لَا یُحْصَی مِمَّا یُرَی وَ مَا لَا یُرَی وَ رَبَّ الْجِبَالِ الرَّوَاسِی الَّتِی جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ اعْتِمَاداً إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَی عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا الْبَغْیَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَیْنَا فَارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ وَ اعْصِمْنَا مِنَ الْفِتْنَةِ
ص: 607
أَیْنَ الْمَانِعُ لِلذِّمَارِ وَ الْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ الْحِفَاظِ الْعَارُ وَرَاءَكُمْ وَ الْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ.
بیان: الجو ما بین السماء و الأرض و الهواء و غاض الماء غیضا نضب و قل و المراد هنا بالسقف المرفوع السماء أیضا من كفه أی جمعه و ضم بعضه إلی بعض أو الهواء لكونه مضموما بالسماء محفوظا عن الانتشار كما ورد فی الدعاء و سد الهواء بالسماء لكن یأبی عنه وصفه بكونه مجری للشمس و القمر و مختلفا للنجوم السیارة و كونه مغیضا للیل و النهار لأن الفلك بحركته المستلزمة لحركة الشمس علی وجه الأرض یكون سببا لغیبوبة اللیل و عن وجهها لغیبوبة النهار فكان كالمغیض لهما و قیل المغیض الغیضة و هی فی الأصل الأجمة یجتمع إلیها الماء فیسمی غیضة و مغیضا و ینبت فیها الشجر و كذلك اللیل و النهار یتولدان من جریان الفلك فكان كالغیضة لهما و الاختلاف التردد قوله علیه السلام سبطا أی قبیلة قوله علیه السلام قرارا أی موضع استقرارهم و مدرجا أی موضع سیرها و حركاتها و الهوام الحشرات قوله علیه السلام و للخلق اعتمادا لأنهم یجعلونها مساكن لهم و یستغنون عن بناء جدار مثلا و لأنها من أمهات العیون و منابع المیاه و فیها المعادن و الأشجار و الثمار و الأعشاب فهی معتمد للخلق فی مرافقهم و منافعهم و ذمار الرجل كل شی ء یلزمه الدفع عنه و إن ضیعه لزمه الذم أی اللوم و الحقائق الأمور الشدیدة العار وراءكم أی یسوقكم إلی الحرب و یمنعكم من الهرب و فی بعض النسخ النار بهذا الوجه أو لأن الهارب مصیره إلیها.
«480»-(1)
نهج، نهج البلاغة رَوَی ابْنُ جَرِیرٍ الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِی لَیْلَی الْفَقِیهِ وَ كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ لِقِتَالِ الْحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ أَنَّهُ قَالَ فِیمَا كَانَ یَحُضُّ بِهِ النَّاسَ عَلَی الْجِهَادِ إِنِّی سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام رَفَعَ اللَّهُ دَرَجَتَهُ فِی
ص: 608
الصَّالِحِینَ وَ أَثَابَهُ ثَوَابَ الشُّهَدَاءِ وَ الصِّدِّیقِینَ یَقُولُ یَوْمَ لَقِینَا أَهْلَ الشَّامِ أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إِنَّهُ مَنْ رَأَی عُدْوَاناً یُعْمَلُ بِهِ وَ مُنْكَراً یُدْعَی إِلَیْهِ فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ وَ بَرِئَ وَ مَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ وَ مَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّیْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِیَ الْعُلْیا وَ كَلِمَةُ الظَّالِمِینَ السُّفْلَی فَذَلِكَ الَّذِی أَصَابَ سَبِیلَ الْهُدَی وَ قَامَ عَلَی الطَّرِیقِ وَ نَوَّرَ فِی قَلْبِهِ الْیَقِینُ.
بیان: قوله علیه السلام فقد سلم و برئ أی من العذاب المترتب علی فعل المنكر و الرضا به لأنه خرج بمجرد ذلك عن العهدة.
و قال ابن میثم إنما خصصه بالسلامة و البراءة من العذاب لأنه لم یحمل إثما و إنما لم یذكر له أجرا و إن كان كل واجب یثاب علیه لأن غایة إنكار المنكر دفعه و الإنكار بالقلب لیس له فی الظاهر تأثیر فی دفع المنكر فكأنه لم یفعل ما یستحق به أجرا انتهی و فیه ما فیه.
«481»-(1)
كِتَابُ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِی عَیَّاشٍ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ هَلْ شَهِدْتَ صِفِّینَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ هَلْ شَهِدْتَ یَوْمَ الْهَرِیرِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ كَمْ كَانَ أَتَی عَلَیْكَ مِنَ السِّنِّ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قُلْتُ فَحَدِّثْنِی رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ نَعَمْ مَهْمَا نَسِیتُ مِنَ شَیْ ءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ فَلَا أَنْسَی هَذَا الْحَدِیثَ ثُمَّ بَكَی وَ قَالَ صُفُّوا وَ صَفَفْنَا فَخَرَجَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ عَلَی فَرَسٍ أَدْهَمَ وَ سِلَاحُهُ مُعَلَّقٌ عَلَی فَرَسِهِ وَ بِیَدِهِ الرُّمْحُ وَ هُوَ یَقْرَعُ بِهِ رُءُوسَنَا وَ یَقُولُ أَقِیمُوا صُفُوفَكُمْ فَلَمَّا كَتَّبَ الْكَتَائِبَ وَ أَقَامَ الصُّفُوفَ أَقْبَلَ عَلَی فَرَسِهِ حَتَّی قَامَ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ فَوَلَّی أَهْلَ الشَّامِ ظَهْرَهُ وَ أَقْبَلَ عَلَیْنَا بِوَجْهِهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ
ص: 609
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَ قَدَرِهِ اجْتِمَاعُنَا فِی هَذِهِ الْبُقْعَةِ مِنَ الْأَرْضِ لِآجَالٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ وَ أُمُورٍ تَصَرَّمَتْ یَسُوسُنَا فِیهَا سَیِّدُ الْمُسْلِمِینَ وَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ خَیْرُ الْوَصِیِّینَ وَ ابْنُ عَمِّ نَبِیِّنَا وَ أَخُوهُ وَ وَارِثُهُ وَ سَیْفٌ مِنْ سُیُوفِ اللَّهِ وَ رَئِیسُهُمُ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ وَ كَهْفُ النِّفَاقِ وَ بَقِیَّةُ الْأَحْزَابِ یَسُوقُهُمْ إِلَی الشَّقَاءِ وَ النَّارِ وَ نَحْنُ نَرْجُو بِقِتَالِهِمْ مِنَ اللَّهِ الثَّوَابَ وَ هُمْ یَنْتَظِرُونَ الْعِقَابَ فَإِذَا حَمِیَ الْوَطِیسُ وَ ثَارَ الْقَتَامُ وَ جَالَتِ الْخَیْلُ بِقَتْلَانَا وَ قَتْلَاهُمْ رَجَوْنَا بِقِتَالِهِمُ النَّصْرَ مِنَ اللَّهِ فَلَا أَسْمَعَنَّ إِلَّا غَمْغَمَةً أَوْ هَمْهَمَةً أَیُّهَا النَّاسُ غُضُّوا الْأَبْصَارَ وَ عَضُّوا عَلَی النَّوَاجِذِ مِنَ الْأَضْرَاسِ فَإِنَّهَا أَشَدُّ لِصُرَرِ الرَّأْسِ وَ اسْتَقْبِلُوا الْقَوْمَ بِوُجُوهِكُمْ وَ خُذُوا قَوَائِمَ سُیُوفِكُمْ بِأَیْمَانِكُمْ فَاضْرِبُوا الْهَامَ وَ اطْعُنُوا بِالرِّمَاحِ مِمَّا یَلِی الشُّرسُوفَ فَإِنَّهُ مَقْتَلٌ وَ شُدُّوا شِدَّةَ قَوْمٍ مَوْتُورِینَ بِآبَائِهِمْ وَ بِدِمَاءِ إِخْوَانِهِمْ حَنِقِینَ عَلَی عَدُوِّهِمْ قَدْ وَطَّنُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَی الْمَوْتِ لِكَیْلَا تَذِلُّوا وَ لَا یَلْزَمَكُمْ فِی الدُّنْیَا عَارٌ ثُمَّ الْتَقَی الْقَوْمُ فَكَانَ بَیْنَهُمْ أَمْرٌ عَظِیمٌ فَتَفَرَّقُوا عَنْ سَبْعِینَ أَلْفَ قَتِیلٍ مِنْ جَحَاجِحَةِ الْعَرَبِ وَ كَانَتِ الْوَقْعَةُ یَوْمَ الْخَمِیسِ مِنْ حَیْثُ اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ حَتَّی ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّیْلِ الْأَوَّلُ مَا سُجِدَ لِلَّهِ فِی ذَیْنِكَ الْعَسْكَرَیْنِ سَجْدَةٌ حَتَّی مَرَّتْ مَوَاقِیتُ الصَّلَوَاتِ الْأَرْبَعِ الظُّهْرِ وَ الْعَصْرِ وَ الْمَغْرِبِ وَ الْعِشَاءِ قَالَ سُلَیْمٌ: ثُمَّ إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَامَ خَطِیباً فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ بَلَغَ بِكُمْ مَا قَدْ رَأَیْتُمْ بِعَدُوِّكُمْ فَلَمْ یَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا آخِرُ نَفَسٍ وَ إِنَّ الْأُمُورَ إِذَا أَقْبَلَتِ اعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا وَ قَدْ صَبَرَ لَكُمُ الْقَوْمُ عَلَی غَیْرِ دِینٍ حَتَّی بَلَغُوا فِیكُمْ مَا قَدْ بَلَغُوا وَ أَنَا غَادٍ عَلَیْهِمْ بِالْغَدَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ مُحَاكِمُهُمْ إِلَی اللَّهِ (1)
ص: 610
فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِیَةَ فَفَزِعَ فَزَعاً شَدِیداً وَ انْكَسَرَ هُوَ وَ جَمِیعُ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلُ الشَّامِ كَذَلِكَ فَدَعَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَ یَا عَمْرُو إِنَّمَا هُوَ اللَّیْلَةُ حَتَّی یَغْدُوَ عَلَیْنَا فَمَا تَرَی قَالَ أَرَی الرِّجَالَ قَدْ قَلُّوا وَ مَا بَقِیَ فَلَا یَقُومُونَ لِرِجَالِهِ وَ لَسْتَ مِثْلَهُ وَ إِنَّمَا یُقَاتِلُكَ عَلَی أَمْرٍ وَ أَنْتَ تُقَاتِلُهُ عَلَی غَیْرِهِ أَنْتَ تُرِیدُ الْبَقَاءَ وَ هُوَ یُرِیدُ الْفَنَاءَ وَ لَیْسَ یَخَافُ أَهْلُ الشَّامِ عَلِیّاً إِنْ ظَفِرَ بِهِمْ مَا یَخَافُ أَهْلُ الْعِرَاقِ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِمْ وَ لَكِنْ أَلْقِ إِلَیْهِمْ أَمْراً فَإِنْ رَدُّوهُ اخْتَلَفُوا وَ إِنْ قَبِلُوهُ اخْتَلَفُوا ادْعُهُمْ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ ارْفَعِ الْمَصَاحِفَ عَلَی رُءُوسِ الرِّمَاحِ فَإِنَّكَ بَالِغٌ حَاجَتَكَ فَإِنِّی لَمْ أَزَلْ أَدَّخِرُهَا لَكَ فَعَرَفَهَا مُعَاوِیَةُ وَ قَالَ صَدَقْتَ وَ لَكِنْ قَدْ رَأَیْتُ رَأْیاً أَخْدَعُ بِهِ عَلِیّاً طَلَبِی إِلَیْهِ الشَّامَ عَلَی الْمُوَادَعَةِ وَ هُوَ الشَّیْ ءُ الْأَوَّلُ الَّذِی رَدَّنِی عَنْهُ فَضَحِكَ عَمْرٌو وَ قَالَ أَیْنَ أَنْتَ یَا مُعَاوِیَةُ مِنْ خَدِیعَةِ عَلِیٍّ وَ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكْتُبَ فَاكْتُبْ قَالَ فَكَتَبَ مُعَاوِیَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام كِتَاباً مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السَّكَاسِكِ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ مَا بَلَغَتْ وَ عَلِمْنَاهُ نَحْنُ لَمْ یَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ إِنَّا إِنْ كُنَّا قَدْ غُلِبْنَا عَلَی عُقُولِنَا فَقَدْ بَقِیَ مِنْهَا مَا یُزَمُّ بِهِ مَا بَقِیَ وَ قَدْ كُنْتُ سَأَلْتُكَ الشَّامَ عَلَی أَنْ لَا یَلْزَمَنِی لَكَ طَاعَةٌ وَ لَا بَیْعَةٌ فَأَبَیْتَ ذَلِكَ عَلَیَّ فَأَعْطَانِیَ اللَّهُ مَا مَنَعْتَ وَ أَنَا أَدْعُوكَ الْیَوْمَ إِلَی مَا دَعْوَتُكَ إِلَیْهِ أَمْسِ فَإِنَّكَ لَا تَرْجُو مِنَ الْبَقَاءِ إِلَّا مَا أَرْجُوهُ وَ لَا تَخَافُ مِنَ الْفَنَاءِ إِلَّا مَا أَخَافُ وَ قَدْ وَ اللَّهِ رَقَّتِ الْأَكْبَادُ وَ ذَهَبَتِ الرِّجَالُ وَ نَحْنُ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ وَ لَیْسَ لِبَعْضِنَا عَلَی بَعْضٍ فَضْلٌ یُسْتَذَلُّ بِهِ عَزِیزٌ وَ لَا یُسْتَرَقُّ بِهِ ذَلِیلٌ وَ السَّلَامُ قَالَ سُلَیْمٌ فَلَمَّا قَرَأَ عَلِیٌّ علیه السلام كِتَابَهُ ضَحِكَ وَ قَالَ الْعَجَبُ مِنْ مُعَاوِیَةَ وَ خَدِیعَتِهِ لِی فَدَعَا كَاتِبَهُ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی رَافِعٍ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ
ص: 611
أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَاءَنِی كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِیهِ أَنَّكَ لَوْ عَلِمْتَ وَ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَرْبَ تَبْلُغُ بِنَا وَ بِكَ إِلَی مَا بَلَغَتْ لَمْ یَجْنِهَا بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ وَ أَنَا وَ إِیَّاكَ یَا مُعَاوِیَةُ عَلَی غَایَةٍ مِنْهَا لَمْ نَبْلُغْهَا بَعْدُ وَ أَمَّا طَلَبُكَ إِلَیَّ الشَّامَ فَإِنِّی لَمْ أُعْطِكَ الْیَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِی الْخَوْفِ وَ الرَّجَاءِ فَإِنَّكَ قُلْتَ لَسْتَ بِأَمْضَی عَلَی الشَّكِّ مِنِّی عَلَی الْیَقِینِ وَ لَیْسَ أَهْلُ الشَّامِ أَحْرَصَ عَلَی الدُّنْیَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَی الْآخِرَةِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ لَیْسَ لِبَعْضِنَا فَضْلٌ عَلَی بَعْضٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَ لَكِنْ لَیْسَ أُمَیَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَا حَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ لَا أَبُو سُفْیَانَ كَأَبِی طَالِبٍ وَ لَا الطَّلِیقُ كَالْمُهَاجِرِ وَ لَا الْمُنَافِقُ كَالْمُؤْمِنِ وَ لَا الْمُحِقُّ كَالْمُبْطِلِ وَ فِی أَیْدِینَا فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِی مَلِكْنَا بِهَا الْعَرَبَ وَ اسْتَعْبَدْنَا بِهَا الْعَجَمَ وَ السَّلَامُ (1) فَلَمَّا انْتَهَی كِتَابُ عَلِیٍّ علیه السلام إِلَی مُعَاوِیَةَ كَتَمَهُ عَمْراً ثُمَّ دَعَاهُ فَأَقْرَأَهُ فَشَمِتَ بِهِ عَمْرٌو وَ قَدْ كَانَ نَهَاهُ وَ لَمْ یَكُنْ أَحَدٌ مِنْ قُرَیْشٍ أَشَدَّ تَعْظِیماً لِعَلِیٍّ علیه السلام مِنَ عَمْرٍو بَعْدَ الْیَوْمِ الَّذِی صَرَعَهُ عَنْ دَابَّتِهِ فَقَالَ عَمْرٌو:
أَلَا لِلَّهِ دَرُّكَ یَا ابْنَ هِنْدٍ***وَ دَرُّ الْمُرْدِی الْحَالِ الْمَسُودِ
أَ تَطْمَعُ لَا أَبَا لَكَ فِی عَلِیٍّ***وَ قَدْ قَرَعَ الْحَدِیدَ عَلَی الْحَدِیدِ
وَ تَرْجُو أَنْ تُخَادِعَهُ بِشَكٍّ***وَ تَرْجُو أَنْ یَهَابَكَ بِالْوَعِیدِ
وَ قَدْ كَشَفَ الْقِنَاعَ وَ جَرَّ حَرْباً***یَشِیبُ لِهَوْلِهَا رَأْسُ الْوَلِیدِ
لَهُ جَأْوَاهُ مُظْلِمَةٌ طُحُونٌ*** فَوَارِسُهَا تَلَّهَّبُ كَالْأُسُودِ
یَقُولُ لَهَا إِذَا رَجَعَتْ إِلَیْهِ*** بِقَتْلٍ بِالطِّعَانِ الْیَوْمَ عُودِی
فَإِنْ وَرَدَتْ فَأَوَّلُهَا وُرُوداً*** وَ إِنْ صَدَرَتْ فَلَیْسَ بِذِی وُرُودٍ
وَ مَا هِیَ مِنْ أَبِی حَسَنٍ بِنُكْرٍ***وَ مَا هِیَ مِنْ مَسَاتِكَ بِالْبَعِیدِ
وَ قُلْتَ لَهُ مُقَالَةَ مُسْتَكِینٍ*** ضَعِیفِ الْقَلْبِ مُنْقَطِعِ الْوَرِیدِ
ص: 612
طَلَبْتَ الشَّامَ حَسْبُكَ یَا ابْنَ هِنْدٍ*** مِنَ السَّوْآةِ وَ الرَّأْیِ الزَّهِیدِ
وَ لَوْ أَعْطَاكَهَا مَا ازْدَدْتَ عِزّاً*** وَ مَا لَكَ فِی اسْتِزَادِكَ مِنْ مَزِیدٍ
فَلَمْ تَكْسِرْ بِهَذَا الرَّأْیِ عُوداً*** سِوَی مَا كَانَ لَا بَلْ رَقَّ عُودٍ
(1) فَقَالَ مُعَاوِیَةُ وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ مَا أَرَدْتَ بِهَذَا قَالَ عَمْرٌو وَ مَا أَرَدْتُ بِهِ قَالَ عَیْبَكَ رَأْیِی فِی خِلَافِكَ وَ مَعْصِیَتِكَ وَ الْعُجْبَ لَكَ تُفَیِّلُ رَأْیِی وَ تُعَظِّمُ عَلِیّاً وَ قَدْ فَضَحَكَ فَقَالَ أَمَّا تَفْیِیلِی رَأْیَكَ فَقَدْ كَانَ وَ أَمَّا إِعْظَامِی عَلِیّاً فَإِنَّكَ بِإِعْظَامِهِ أَشَدُّ مَعْرِفَةً مِنِّی وَ لَكِنَّكَ تَطْوِیهِ وَ أَنْشُرُهُ وَ أَمَّا فَضِیحَتِی فَلَنْ یَفْتَضِحَ رَجُلٌ بَارَزَ عَلِیّاً فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَبْلُوَهَا أَنْتَ مِنْهُ فَافْعَلْ فَسَكَتَ مُعَاوِیَةُ وَ فَشَا أَمْرُهُمَا فِی أَهْلِ الشَّامِ قَالَ أَبَانٌ قَالَ سُلَیْمٌ وَ مَرَّ عَلِیٌّ علیه السلام بِجَمَاعَةٍ مِنَ أَهْلِ الشَّامِ فِیهِمُ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِی مُعَیْطٍ وَ هُمْ یَشْتِمُونَهُ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ فَوَقَفَ فِیمَنْ یَلِیهِمْ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ لَهُمْ انْهَضُوا إِلَیْهِمْ وَ عَلَیْكُمُ السَّكِینَةُ وَ سِیمَاءُ الصَّالِحِینَ وَ وَقَارُ الْإِسْلَامِ أَقْرَبُنَا مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ (2) وَ الْجُرْأَةِ عَلَیْهِ وَ الِاغْتِرَارِ لَقَوْمٌ رَئِیسُهُمْ مُعَاوِیَةُ وَ ابْنُ النَّابِغَةِ وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِیُّ وَ ابْنُ أَبِی مُعَیْطٍ شَارِبُ الْخَمْرِ وَ الْمَجْلُودُ الْحَدَّ فِی الْإِسْلَامِ وَ الطَّرِیدُ مَرْوَانُ وَ هُمْ هَؤُلَاءِ یُقَرِّبُونَ وَ یَشْتِمُونَ وَ قَبْلَ الْیَوْمِ مَا قَاتَلُونِی وَ شَتَمُونِی وَ أَنَا إِذْ ذَاكَ أَدْعُوهُمْ إِلَی الْإِسْلَامِ وَ هُمْ یَدْعُونِّی إِلَی عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا عَادَانِی الْفَاسِقُونَ إِنَّ هَذَا الْخَطْبَ جَلِیلٌ إِنَّ فُسَّاقاً مُنَافِقِینَ كَانُوا عِنْدَنَا غَیْرَ مُؤْتَمَنِینَ وَ عَلَی الْإِسْلَامِ مُنْحَرِفِینَ مُتَخَوَّفِینَ خَدَعُوا شَطْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَشْرَبُوا قُلُوبَهُمْ حُبَّ الْفِتْنَةِ وَ اسْتَمَالُوا أَهْوَاءَهُمْ إِلَی الْبَاطِلِ فَقَدْ نَصَبُوا لَنَا الْحَرْبَ
ص: 613
وَ جَدُّوا فِی إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (1) ثُمَّ حَرَّضَ عَلَیْهِمْ وَ قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا یَزُولُونَ عَنْ مَوْقِفِهِمْ هَذَا دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ تَطِیرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ وَ ضَرْبٍ تُفْلَقُ الْهَامُ وَ تَطِیحُ مِنْهُ الْأُنُوفُ وَ الْعِظَامُ وَ یَسْقُطُ مِنْهُ الْمَعَاصِمُ وَ حَتَّی تُقْرَعَ جِبَاهُهُمْ بِعُمُدِ الْحَدِیدِ وَ تُنْشَرَ حَوَاجِبُهُمْ عَلَی صُدُورِهِمْ وَ الْأَذْقَانِ وَ النُّحُورِ أَیْنَ أَهْلُ الدِّینِ وَ طُلَّابُ الْأَجْرِ قَالَ فَثَارَتْ عَلَیْهِ عِصَابَةٌ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَدَعَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ وَ قَالَ یَا بُنَیَّ امْشِ نَحْوَ هَذِهِ الرَّایَةِ مَشْیاً وَئِیداً عَلَی هِینَتِكَ حَتَّی إِذَا أَشْرَعْتَ فِی صُدُورِهِمُ الْأَسِنَّةَ فَأَمْسِكْ حَتَّی یَأْتِیَكَ رَأْیِی فَفَعَلَ وَ أَعَدَّ عَلِیٌّ مِثْلَهُمْ فَلَمَّا دَنَا مُحَمَّدٌ وَ أَشْرَعَ الرِّمَاحَ فِی صُدُورِهِمْ أَمَرَ عَلَی الَّذِینَ كَانَ أَعَدَّهُمْ أَنْ یَحْمِلُوا مَعَهُ فَشَدُّوا عَلَیْهِمْ وَ نَهَضَ مُحَمَّدٌ وَ مَنْ مَعَهُ فِی وُجُوهِهِمْ فَأَزَالُوهُمْ عَنْ مَوَاقِفِهِمْ وَ قَتَلُوا عَامَّتَهُمْ (2).
بیان:
لصرر الرأس كأنه جمع صرة علی الاستعارة فشبه خرائط الدماغ و أوعیة الرأس بالصرة التی تجعل فیها الدراهم.
و قال الجوهری الشراسیف مقاط الأضلاع و هی أطرافها التی تشرف علی البطن و یقال الشرسوف غضروف معلق بكل ضلع مثل غضروف الكتف و قال الموتور الذی قتل له قتیل فلم یدرك بدمه و قال الجحجاح السید و الجمع الجحاجح و جمع الجحاجح جحاجحة.
قوله و در المردی الحال كذا.
ص: 614
أقول: روی ابن أبی الحدید (1) عن نصر بن مزاحم كتاب معاویة و جوابه علیه السلام و ما جری بین معاویة و بین عمرو فی ذلك و فی الأبیات اختلاف و فیها و در الآمرین لك الشهود و المسود الرعیة لسید یقال ساد قومه یسودهم و فیها:
و ترجو أن تحیره بشك ***و تأمل أن یهابك بالوعید
و الولید: الطفیل
و قال الجوهری: كتیبة جأوا بینة الجأی و هی التی یعلوها لون السواد لكثرة الدروع و فیها أیضا
یقول لها إذا رجعت إلیه***و قد ملت طعان القوم عودی
و الضمیر فی لها راجع إلی الجأواء.
و بدل قوله و إن صدرت فی الروایة
و إن صدت فلیس بذی صدود
و فیها أیضا:
و لو أعطاكها ما ازددت عزا***و لا لك لو أجابك من مزید
فلم تكسر بذاك الرأی عودا***لركته و لا ما دون عود
و الدق بالكسر الدقیق و الركة الرقة و الضعف و قال الجوهری فیل رأیه ضعفه و قال مشی مشیا وئیدا أی علی تؤدة و قال یقال امش علی هینتك أی علی رسلك و قد مر شرح سائر أجزاء الخبر و لم أبال بالتكرار للاختلاف الكثیر بین الرویات.
أقول: و روی نصر بن مزاحم فی كتاب صفین (2) هذه المراسلة مع ما جری فیه بین معاویة و عمرو و الأبیات باختلاف و قد أشرنا إلی بعضه.
«482»-(3)
لی، الأمالی للصدوق الْحَافِظُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِیزِ بْنِ الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
ص: 615
صَالِحٍ عَنْ شُعَیْبِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: قَامَ عَلِیٌّ علیه السلام یَخْطُبُ النَّاسَ بِصِفِّینَ یَوْمَ جُمُعَةٍ وَ ذَلِكَ قَبْلَ لَیْلَةِ الْهَرِیرِ بِخَمْسَةِ أَیَّامٍ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی نِعَمِهِ الْفَاضِلَةِ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِهِ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ وَ عَلَی حُجَجِهِ الْبَالِغَةِ عَلَی خَلْقِهِ مَنْ عَصَاهُ أَوْ أَطَاعَهُ إِنْ یَعْفُ فَبِفَضْلٍ مِنْهُ وَ إِنْ یُعَذِّبْ فَبِمَا قَدَّمَتْ أَیْدِیهِمْ وَ مَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ* أَحْمَدُهُ عَلَی حُسْنِ الْبَلَاءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ أَسْتَعِینُهُ عَلَی مَا نَابَنَا مِنْ أَمْرِ دِینِنَا وَ أُومِنُ بِهِ وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ وَ كَفی بِاللَّهِ وَكِیلًا* ثُمَّ إِنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَی وَ دِینِهِ الَّذِی ارْتَضَاهُ وَ كَانَ أَهْلَهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی جَمِیعِ الْعِبَادِ بِتَبْلِیغِ رِسَالَتِهِ وَ حُجَجِهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ كَانَ كَعِلْمِهِ فِیهِ رَءُوفاً رَحِیماً أَكْرَمَ خَلْقِ اللَّهِ حَسَباً وَ أَجْمَلَهُمْ مَنْظَراً وَ أَشْجَعَهُمْ نَفْساً وَ أَبَرَّهُمْ بِوَالِدٍ وَ آمَنَهُمْ عَلَی عَقْدٍ لَمْ یَتَعَلَّقْ عَلَیْهِ مُسْلِمٌ وَ لَا كَافِرٌ بِمَظْلِمَةٍ قَطُّ بَلْ كَانَ یُظْلَمُ فَیَغْفِرُ وَ یَقْدِرُ فَیَصْفَحُ وَ یَعْفُو حَتَّی مَضَی مُطِیعاً لِلَّهِ صَابِراً عَلَی مَا أَصَابَهُ مُجَاهِداً فِی اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ عَابِداً لِلَّهِ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ فَكَانَ ذَهَابُهُ علیه السلام أَعْظَمَ الْمُصِیبَةِ عَلَی جَمِیعِ أَهْلِ الْأَرْضِ الْبَرِّ وَ الْفَاجِرِ ثُمَّ تَرَكَ فِیكُمْ كِتَابَ اللَّهِ یَأْمُرُكُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ یَنْهَاكُمْ عَنْ مَعْصِیَتِهِ وَ قَدْ عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَهْداً لَنْ أَخْرُجَ عَنْهُ وَ قَدْ حَضَرَكُمْ عَدُوُّكُمْ وَ قَدْ عَرَفْتُمْ مَنْ رَئِیسُهُمْ یَدْعُوهُمْ إِلَی بَاطِلٍ وَ ابْنُ عَمِّ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ یَدْعُوكُمْ إِلَی طَاعَةِ رَبِّكُمْ وَ الْعَمَلِ بِسُنَّةِ نَبِیِّكُمْ وَ لَا سَوَاءَ مَنْ صَلَّی قَبْلَ كُلِّ ذَكَرٍ لَمْ یَسْبِقْنِی بِالصَّلَاةِ غَیْرُ نَبِیِّ اللَّهِ وَ أَنَا وَ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَعَلَی الْحَقِّ وَ إِنَّ الْقَوْمَ لَعَلَی الْبَاطِلِ فَلَا یَصْبِرِ الْقَوْمُ عَلَی بَاطِلِهِمْ وَ یَجْتَمِعُوا عَلَیْهِ وَ تَتَفَرَّقُوا عَنْ حَقِّكُمْ قاتِلُوهُمْ یُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِیكُمْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا لَیُعَذِّبَنَّهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِی غَیْرِكُمْ
ص: 616
فَأَجَابَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ انْهَضْ بِنَا إِلَی الْقَوْمِ إِذَا شِئْتَ فَوَ اللَّهِ مَا نَبْغِی بِكَ بَدَلًا نَمُوتُ مَعَكَ وَ نَحْیَا مَعَكَ فَقَالَ لَهُمْ مُجِیباً لَهُمْ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَنَظَرَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أَضْرِبُ قُدَّامَهُ بِسَیْفِی فَقَالَ لَا سَیْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَ لَا فَتَی إِلَّا عَلِیٌّ ثُمَّ قَالَ لِی یَا عَلِیُّ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی غَیْرَ أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی وَ حَیَاتُكَ یَا عَلِیُّ وَ مَوْتُكَ مَعِی فَوَ اللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَ لَا كُذِبْتُ وَ لَا ضَلَلْتُ وَ لَا ضُلَّ بِی وَ لَا نَسِیتُ مَا عَهِدَ إِلَیَّ إِنِّی إِذاً لَنَسِی ءٌ وَ إِنِّی لَعَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی بَیَّنَهَا لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَیَّنَهَا لِی وَ إِنِّی لَعَلَی الطَّرِیقِ الْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً ثُمَّ نَهَضَ إِلَی الْقَوْمِ یَوْمَ الْخَمِیسِ فَاقْتَتَلُوا مِنْ حِینَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّی غَابَ الشَّفَقُ مَا كَانَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ یَوْمَئِذٍ إِلَّا تَكْبِیراً عِنْدَ مَوَاقِیتِ الصَّلَاةِ فَقَتَلَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْمَئِذٍ بِیَدِهِ خَمْسَمِائَةٍ وَ سِتَّةَ نَفَرٍ مِنْ جَمَاعَةِ الْقَوْمِ فَأَصْبَحَ أَهْلُ الشَّامِ یُنَادُونَ یَا عَلِیُّ اتَّقِ اللَّهَ فِی الْبَقِیَّةِ وَ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ عَلَی أَطْرَافِ الْقَنَا.
بیان: و موتك معی أی بعد الموت معی و أنا حاضر عندك و نصری و تأییدی معك فی حیاتك و بعد موتك أو حیاتك كحیاتی و موتك كموتی.
قوله علیه السلام ألفظه لفظا أی أقول هذا الكلام جهرا و لا أبالی أن أبینه للناس و قال الجوهری القنا جمع قناة و هی الرمح و یجمع علی قنوات و قنی علی فعول و قناء.
«483»-(1)
فس، تفسیر القمی هَارُونُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ حَدَّثَنِی رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَدِیِّ بْنِ حَاتِمٍ وَ كَانَ مَعَ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی حُرُوبِهِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام قَالَ لَیْلَةَ الْهَرِیرِ بِصِفِّینَ حِینَ الْتَقَی مَعَ مُعَاوِیَةَ رَافِعاً صَوْتَهُ یُسْمِعُ أَصْحَابَهُ لَأَقْتُلَنَّ مُعَاوِیَةَ وَ أَصْحَابَهُ ثُمَّ قَالَ فِی آخِرِ قَوْلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ یَخْفِضُ بِهِ صَوْتَهُ وَ كُنْتُ مِنْهُ قَرِیباً فَقُلْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّكَ حَلَفْتَ عَلَی مَا قُلْتَ ثُمَّ اسْتَثْنَیْتَ فَمَا أَرَدْتَ بِذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ وَ أَنَا عِنْدَ أَصْحَابِی صَدُوقٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أُطْمِعَ أَصْحَابِی فِی قَوْلِی كَیْ لَا یَفْشَلُوا وَ لَا یَفِرُّوا فَافْهَمْ فَإِنَّكَ تَنْتَفِعُ بِهَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.
ص: 617
«484»-(1)
ختص، الإختصاص أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ الْفَامِیُّ عَنِ ابْنِ الْوَلِیدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِیسَی عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: شَهِدَ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنَ التَّابِعِینَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بِصِفِّینَ شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِالْجَنَّةِ وَ لَمْ یَرَهُمْ أُوَیْسٌ الْقَرَنِیُّ وَ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِیُّ وَ جُنْدَبُ الْخَیْرِ الْأَزْدِیُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ.
بیان: قال الشیخ فی رجاله جندب بن عبد اللّٰه بن سفیان البجلی و یقال جندب الخیر و جندب الفارق و یظهر من ابن عبد البر أن الفارق و هو جندب بن كعب الأزدی الذی قتل الساحر بین یدی الولید بن عقبة كما مر فی مطاعن عثمان و لذا لقب بالفارق لأنه فرق بضربة بین الحق و الباطل و ذكر أنه شهد مع علی علیه السلام بصفین و لعله المذكور فی الخبر.
«485»-(2)
مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی صَحِیحِ مُسْلِمٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَی شَقِیقٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ یَقُولُ بِصِفِّینَ اتَّهِمُوا رَأْیَكُمْ عَلَی دِینِكُمْ وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَیْتُنِی یَوْمَ أَبِی جَنْدَلٍ وَ لَوْ أَنِّی أَسْتَطِیعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَرَدَدْتُهُ وَ اللَّهِ مَا وَضَعْنَا سُیُوفَنَا عَلَی عَوَاتِقِنَا إِلَی أَمْرٍ قَطُّ إِلَّا سَهَّلَ بِنَا إِلَی أَمْرٍ نَعْرِفُهُ إِلَّا أَمْرَكُمْ هَذَا.
بیان: أسهل بنا كنایة عن انتهاء الأمر و رفع الحرب من قولهم أسهل إذا صار إلی السهل من الأرض ضد الحزن و قصة أبی جندل و اشتباه الأمر فیها علی
ص: 618
الصحابة قد مر فی باب الحدیبیة و غرضه أن هذا الأمر شبیه بذاك فلا تنكروه.
«486»-مد، العمدة مِنْ تَفْسِیرِ الثَّعْلَبِیِّ قَالَ رَوَی خَلَفُ بْنُ أَبِی خَلِیفَةَ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ رَبُّنَا وَاحِدٌ وَ دِینُنَا وَاحِدٌ فَمَا هَذِهِ الْخُصُومَةُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ وَ شَدَّدَ بَعْضُنَا عَلَی بَعْضٍ بِالسَّیْفِ قُلْنَا نَعَمْ هُوَ هَذَا.
«487»-(1)
نهج، نهج البلاغة رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا وَرَدَ الْكُوفَةَ قَادِماً مِنْ صِفِّینَ مَرَّ بِالشَّامِیِّینَ فَسَمِعَ بُكَاءَ النِّسَاءِ عَلَی قَتْلَی صِفِّینَ وَ خَرَجَ إِلَیْهِ حَرْبُ بْنُ شُرَحْبِیلَ الشَّامِیُّ وَ كَانَ مِنْ وُجُوهِ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ أَ یَغْلِبُكُمْ نِسَاؤُكُمْ عَلَی مَا أَسْمَعُ أَ لَا تَنْهَوْنَهُنَّ عَنْ هَذَا الْأَنِینِ [الرَّنِینِ] وَ أَقْبَلَ یَمْشِی مَعَهُ وَ هُوَ علیه السلام رَاكِبٌ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ فَإِنَّ مَشْیَ مِثْلِكَ مَعَ مِثْلِی فِتْنَةٌ لِلْوَالِی وَ مَذَلَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ.
«488»-نهج، نهج البلاغة قَالَ علیه السلام وَ قَدْ رَجَعَ مِنْ صِفِّینَ فَأَشْرَفَ عَلَی الْقُبُورِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ یَا أَهْلَ الدِّیَارِ الْمُوحِشَةِ وَ الْمَحَالِّ الْمُقْفِرَةِ وَ الْقُبُورِ الْمُظْلِمَةِ یَا أَهْلَ التُّرْبَةِ یَا أَهْلَ الْغُرْبَةِ یَا أَهْلَ الْوَحْدَةِ یَا أَهْلَ الْوَحْشَةِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ لَاحِقٌ أَمَّا الدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا الْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ؟
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِی الْكَلَامِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَیْرَ الزَّادِ التَّقْوی
ص: 619