بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار المجلد 32

هوية الكتاب

بطاقة تعريف: مجلسي محمد باقربن محمدتقي 1037 - 1111ق.

عنوان واسم المؤلف: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار المجلد 32: تأليف محمد باقربن محمدتقي المجلسي.

عنوان واسم المؤلف: بيروت داراحياء التراث العربي [ -13].

مظهر: ج - عينة.

ملاحظة: عربي.

ملاحظة: فهرس الكتابة على أساس المجلد الرابع والعشرين، 1403ق. [1360].

ملاحظة: المجلد108،103،94،91،92،87،67،66،65،52،24(الطبعة الثالثة: 1403ق.=1983م.=[1361]).

ملاحظة: فهرس.

محتويات: ج.24.كتاب الامامة. ج.52.تاريخ الحجة. ج67،66،65.الإيمان والكفر. ج.87.كتاب الصلاة. ج.92،91.الذكر و الدعا. ج.94.كتاب السوم. ج.103.فهرست المصادر. ج.108.الفهرست.-

عنوان: أحاديث الشيعة — قرن 11ق

ترتيب الكونجرس: BP135/م3ب31300 ي ح

تصنيف ديوي: 297/212

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1680946

ص: 1

تتمة كتاب الفتن و المحن

الفهرست

ص: 1

ص: 2

ص: 3

الموضوع/ الصفحه

الباب الأول باب بیعة أمیر المؤمنین علیه السلام و ما جری بعدها من نكث الناكثین إلی غزوة الجمل 5

الباب الثانی باب احتجاج أم سلمة رضی اللّٰه عنها علی عائشة و منعها عن الخروج 149

الباب الثالث باب ورودالبصرة و وقعة الجمل و ما وقع فیها من الاحتجاج 171

الباب الرابع باب احتجاجه علیه السلام علی أهل البصرة و غیرهم بعد انقضاء الحرب و خطبه علیه السلام عند ذلك 221

الباب الخامس باب أحوال عائشة بعد الجمل 265

الباب السادس باب نهی اللّٰه تعالی و رسوله صّلی الّله علیه و آله عائشة عن مقاتلة علی علیه السلام و إخبار النبیّ صّلی الّله علیه و آله إیّاها بذلك 277

الباب السابع باب أمر اللّٰه و رسوله بقتال الناكثین و القاسطین و المارقین و كلّ من قاتل علیاً صلوات اللّٰه علیه و فی بیان عقاب الناكثین 289

الباب الثامن باب حكم من حارب علیّاً أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه 319

الباب التاسع باب احتجاجات الأئمة علیهم السلام و أصحابهم علی الذین أنكروا علی أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه حروبه 343

الباب العاشر باب خروجه صلوات اللّٰه علیه من البصرة و قدومه الكوفة إلی خروجه إلی الشام 351

الباب الحادی عشر باب بغی معاویة و امتناع أمیر المؤمنین صلوات اللّٰه علیه عن تأمیره و توجّهه إلی الشام للقائه إلی ابتداء غزوات صفین 365

الباب الثانی عشر باب جمل ما وقع بصفین من المحاربات و الاحتجاجات إلی التحكیم 447

ص: 4

أبواب ما جری بعد قتل عثمان من الفتن و الوقائع و الحروب و غیرها

باب 1 باب بیعة أمیر المؤمنین علیه السلام و ما جری بعدها من نكث الناكثین إلی غزوة الجمل

«1»-(1)

أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ، قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِلزُّبَیْرِ یَوْمَ بَایَعَهُ إِنِّی لَخَائِفٌ أَنْ تَغْدِرَ بِی فَتَنْكُثَ بَیْعَتِی قَالَ لَا تَخَافَنَّ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا یَكُونُ مِنِّی أَبَداً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَلِیَ اللَّهُ عَلَیْكَ بِذَلِكَ رَاعٍ وَ كَفِیلٌ قَالَ نَعَمْ اللَّهُ لَكَ عَلَیَّ بِذَلِكَ رَاعٍ وَ كَفِیلٌ وَ لَمَّا بُویِعَ علیه السلام كَتَبَ إِلَی مُعَاوِیَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ قَتَلُوا عُثْمَانَ عَنْ غَیْرِ مَشُورَةٍ مِنِّی وَ بَایَعُونِی عَنْ مَشُورَةٍ مِنْهُمْ وَ اجْتِمَاعٍ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِی فَبَایِعْ لِی وَ أَوْفِدْ إِلَیَّ [فی أَشْرَافَ أَهْلِ الشَّامِ قِبَلَكَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُهُ عَلَی مُعَاوِیَةَ وَ قَرَأَ كِتَابَهُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِی عَبْسٍ وَ كَتَبَ مَعَهُ كِتَاباً إِلَی الزُّبَیْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَ فِیهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ لِعَبْدِ اللَّهِ الزُّبَیْرِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ مِنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبِی سُفْیَانَ سَلَامٌ عَلَیْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ بَایَعْتُ لَكَ أَهْلَ الشَّامِ فَأَجَابُوا وَ اسْتَوْثَقُوا الْحَلْفَ فَدُونَكَ الْكُوفَةَ وَ الْبَصْرَةَ لَا یَسْبِقَنَّكَ لَهَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ فَإِنَّهُ لَا شَیْ ءَ بَعْدَ

ص: 5


1- ذكره ابن أبی الحدید فی شرح المختار: (8) من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 230 ط 1 مصر، و فی ط الحدیث ببیروت ص 190.

هَذَیْنِ الْمِصْرَیْنِ وَ قَدْ بَایَعْتُ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِكَ فَأَظْهِرَا الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ ادْعُوَا النَّاسَ إِلَی ذَلِكَ وَ لْیَكُنْ مِنْكُمَا الْجِدُّ وَ التَّشْمِیرُ أَظْهَرَكُمَا اللَّهُ وَ خَذَلَ مُنَاوِئَكُمَا فَلَمَّا وَصَلَ هَذَا الْكِتَابُ إِلَی الزُّبَیْرِ سُرَّ بِهِ وَ أَعْلَمَ بِهِ طَلْحَةَ وَ أَقْرَأَهُ إِیَّاهُ فَلَمْ یَشُكَّا فِی النُّصْحِ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ مُعَاوِیَةَ وَ أَجْمَعَا عِنْدَ ذَلِكَ عَلَی خِلَافِ عَلِیٍّ قَالَ وَ جَاءَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ الْبَیْعَةِ لَهُ بِأَیَّامٍ فَقَالا لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ رَأَیْتَ مَا كُنَّا فِیهِ مِنَ الْجَفْوَةِ فِی وَلَایَةِ عُثْمَانَ كُلِّهَا وَ عَلِمْتَ أَنَّ رَأْیَ عُثْمَانَ كَانَ فِی بَنِی أُمَیَّةَ وَ قَدْ وَلَّاكَ اللَّهُ الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِهِ فَوَلِّنَا بَعْضَ أَعْمَالِكَ فَقَالَ لَهُمَا ارْضَیَا بِقِسْمِ اللَّهِ لَكُمَا حَتَّی أَرَی رَأْیِی وَ اعْلَمَا أَنِّی لَا أُشْرِكُ فِی أَمَانَتِی إِلَّا مَنْ أَرْضَی بِدِینِهِ وَ أَمَانَتِهِ مِنْ أَصْحَابِی وَ مَنْ قَدْ عَرَفْتُ دَخِیلَهُ فَانْصَرَفَا عَنْهُ وَ قَدْ دَخَلَهُمَا الْیَأْسُ فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ وَ رُوِیَ أَنَّهُمَا طَلَبَا مِنْهُ أَنْ یُوَلِّیَهُمَا الْمِصْرَیْنِ الْبَصْرَةَ وَ الْكُوفَةَ فَقَالَ حَتَّی أَنْظُرَ ثُمَّ لَمْ یُوَلِّهِمَا فَأَتَیَاهُ فَاسْتَأْذَنَاهُ لِلْعُمْرَةِ فَقَالَ مَا الْعُمْرَةَ تُرِیدَانِ فَحَلَفَا لَهُ بِاللَّهِ مَا الْخِلَافَ عَلَیْهِ وَ لَا نَكْثَ بَیْعَتِهِ یُرِیدَانِ وَ مَا رَأْیُهُمَا غَیْرَ الْعُمْرَةِ قَالَ لَهُمَا فَأَعِیدَا الْبَیْعَةَ لِی ثَانِیاً فَأَعادَاهَا بِأَشَدِّ مَا یَكُونُ مِنَ الْأَیْمَانِ وَ الْمَوَاثِیقِ فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لِمَنْ كَانَ حَاضِراً وَ اللَّهِ لَا تَرَوْنَهُمَا إِلَّا فِی فِئَةٍ یَقْتَتِلَانِ فِیهَا قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَمُرْ بِرَدِّهِمَا عَلَیْكَ قَالَ لِیَقْضِیَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا فَلَمَّا خَرَجَا إِلَی مَكَّةَ لَمْ یَلْقَیَا أَحَداً إِلَّا وَ قَالا لَهُ لَیْسَ لِعَلِیٍّ فِی أَعْنَاقِنَا بَیْعَةٌ وَ إِنَّمَا بَایَعْنَاهُ مُكْرَهَیْنِ فَبَلَغَ عَلِیّاً قَوْلُهُمَا فَقَالَ أَبْعَدَهُمَا اللَّهُ وَ أَغْرَبَ دَارَهُمَا أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُمَا سَیَقْتُلَانِ أَنْفُسَهُمَا أَخْبَثَ مَقْتَلٍ وَ یَأْتِیَانِ مَنْ وَرَدَا عَلَیْهِ بِأَشْأَمِ یَوْمٍ وَ اللَّهِ مَا الْعُمْرَةَ یُرِیدَانِ وَ لَقَدْ أَتَیَانِی بِوَجْهِی فَاجِرَیْنِ وَ رَجَعَا بِوَجْهِی غَادِرَیْنِ نَاكِثَیْنِ وَ اللَّهِ لَا یَلْقَیَانَنِی بَعْدَ الْیَوْمِ إِلَّا فِی كَتِیبَةٍ خَشْنَاءَ یَقْتُلَانِ فِیهَا أَنْفُسَهُمَا فَبُعْداً لَهُمَا وَ سُحْقاً.

ص: 6

«2»-(1) وَ قَالَ ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ فِیهِمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَأَتَوْا عَلِیّاً فَقَالُوا لَهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِی أَمْرِكُمْ فَمَنِ اخْتَرْتُمْ رَضِیتُ بِهِ فَقَالُوا مَا نَخْتَارُ غَیْرَكَ وَ تَرَدَّدُوا إِلَیْهِ مِرَاراً وَ قَالُوا لَهُ فِی آخِرِ ذَلِكَ إِنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَداً أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ لَا أَقْدَمَ سَابِقَةً وَ لَا أَقْرَبَ قَرَابَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَا تَفْعَلُوا فَإِنِّی أَكُونُ وَزِیراً خَیْرٌ مِنْ أَنْ أَكُونَ أَمِیراً فَقَالُوا وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ بِفَاعِلِینَ حَتَّی نُبَایِعَكَ قَالَ فَفِی الْمَسْجِدِ فَإِنَّ بَیْعَتِی لَا یَكُونُ خَفِیّاً وَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِی الْمَسْجِدِ وَ كَانَ فِی بَیْتِهِ وَ قِیلَ فِی حَائِطٍ لِبَنِی عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ فَخَرَجَ إِلَی الْمَسْجِدِ وَ عَلَیْهِ إِزَارٌ وَ طَاقُ قَمِیصٍ وَ عِمَامَةُ خَزٍّ وَ نَعْلَاهُ فِی یَدِهِ مُتَوَكِّئاً عَلَی قَوْسِهِ فَبَایَعَهُ النَّاسُ

وَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَایَعَهُ مِنَ النَّاسِ طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِ حَبِیبُ بْنُ ذُؤَیْبٍ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْبَیْعَةِ مِنَ النَّاسِ یَدٌ شَلَّاءُ لَا یَتِمُّ هَذَا الْأَمْرُ فَبَایَعَهُ الزُّبَیْرُ وَ قَالَ لَهُمَا عَلِیٌّ إِنْ أَحْبَبْتُمَا أَنْ تُبَایِعَا لِی وَ إِنْ أَحْبَبْتُمَا بَایَعْتُكُمَا فَقَالا بَلْ نُبَایِعُكَ وَ قَالا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا صَنَعْنَا ذَلِكَ خَشْیَةً عَلَی أَنْفُسِنَا وَ عَرَفْنَا أَنَّهُ لَا یُبَایِعُنَا وَ هَرَبَا إِلَی مَكَّةَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ

وَ بَایَعَهُ النَّاسُ بَعْدَ مَا بَایَعَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ

وَ جَاءُوا بِسَعْدِ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ فَقَالَ عَلِیٌّ بَایِعْ قَالَ لَا حَتَّی یُبَایِعَ النَّاسُ وَ اللَّهِ مَا عَلَیْكَ مِنِّی بَأْسٌ فَقَالَ خَلُّوا سَبِیلَهُ وَ جَاءُوا بِابْنِ عُمَرَ فَقَالُوا بَایِعْ فَقَالَ لَا حَتَّی یُبَایِعَ النَّاسُ قَالَ ائْتِنِی بِكَفِیلٍ قَالَ لَا أَرَی كَفِیلًا قَالَ الْأَشْتَرُ

ص: 7


1- 2- و مثله ذكره الطبریّ مسندا مع خصوصیات أخر فی عنوان: «خلافة أمیر المؤمنین ... وذكر الخبر عن بیعة من بایعه... " فی حوادث سنة: (٣٥) من تاریخه: ج ٤ ص ٤٢٧ ط بیروت. وقریبا منه ذكر أیضا بأسانید البلاذری فی عنوان: " بیعة علی بن أبی طالب علیه السلام " من كتاب أنساب الأشراف: ج ٢ ص ٢٠٥.

دَعْنِی أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ دَعُوهُ أَنَا كَفِیلُهُ إِنَّكَ مَا عَلِمْتُ لَسَیِّئُ الْخُلُقِ صَغِیراً وَ كَبِیراً وَ بَایَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَّا نَفَراً یَسِیراً مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ وَ أَبُو سَعِیدٍ الْخُدْرِیُّ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِیرٍ وَ زَیْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَ رَافِعُ بْنُ خَدِیجٍ وَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَیْدٍ وَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ وَ كَانُوا عُثْمَانِیَّةً فَأَمَّا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِیرٍ فَإِنَّهُ أَخَذَ أَصَابِعَ نَائِلَةَ امْرَأَةِ عُثْمَانَ الَّتِی قُطِعَتْ وَ قَمِیصَ عُثْمَانَ الَّذِی قُتِلَ فِیهِ وَ هَرَبَ بِهِ فَلَحِقَ بِالشَّامِ فَكَانَ مُعَاوِیَةُ یُعَلِّقُ قَمِیصَ عُثْمَانَ وَ فِیهِ الْأَصَابِعُ فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ أَهْلُ الشَّامِ ازْدَادُوا غَیْظاً وَ جَدُّوا فِی أَمْرِهِمْ وَ رُوِیَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَتَوْا عَلِیّاً لِیُبَایِعُوهُ قَالَ دَعُونِی وَ الْتَمِسُوا غَیْرِی فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ لَهُ أَلْوَانٌ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَ لَا تَثْبُتُ عَلَیْهِ الْعُقُولُ (1) فَقَالُوا نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَ لَا تَرَی مَا نَحْنُ فِیهِ أَ لَا تَرَی الْإِسْلَامَ أَ لَا تَرَی الْفِتْنَةَ أَ لَا تَخَافُ اللَّهَ فَقَالَ قَدْ أَجَبْتُكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنِّی إِنْ أَجَبْتُكُمْ أَرْكَبُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ فَإِنْ تَرَكْتُمُونِی فَإِنَّمَا أَنَا كَأَحَدِكُمْ إِلَّا أَنِّی مِنْ أَسْمَعِكُمْ وَ أَطْوَعِكُمْ لِمَنْ وَلَّیْتُمُوهُ ثُمَّ افْتَرَقُوا عَلَی ذَلِكَ وَ اتَّعَدُوا الْغَدَ فَلَمَّا أَصْبَحُوا یَوْمَ الْبَیْعَةِ وَ هُوَ یَوْمُ الْجُمُعَةِ حَضَرَ النَّاسُ الْمَسْجِدَ وَ جَاءَ عَلِیٌّ علیه السلام فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ عَنْ مَلَإٍ وَ إِذْنٍ إِنَّ هَذَا أَمْرُكُمْ لَیْسَ لِأَحَدٍ فِیهِ حَقٌّ إِلَّا مَنْ أَمَّرْتُمْ وَ قَدِ افْتَرَقْنَا بِالْأَمْسِ عَلَی أَمْرٍ وَ كُنْتُ كَارِهاً لِأَمْرِكُمْ فَأَبَیْتُمْ إِلَّا أَنْ أَكُونَ عَلَیْكُمْ أَلَا وَ إِنَّهُ لَیْسَ لِی دُونَكُمْ إِلَّا مَفَاتِیحُ مَا لَكُمْ مَعِی وَ لَیْسَ لِی أَنْ آخُذَ دِرْهَماً دُونَكُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ قَعَدْتُ لَكُمْ وَ إِلَّا فَلَا آخُذُ عَلَی أَحَدٍ فَقَالُوا نَحْنُ عَلَی مَا فَارَقْنَاكَ عَلَیْهِ بِالْأَمْسِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ

ص: 8


1- و قریبا منه رواه السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (90) من خطب نهج البلاغة.

وَ بُویِعَ یَوْمَ الْجُمُعَةِ لِخَمْسٍ بَقِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَ ثَلَاثِینَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عَلِیٌّ علیه السلام حِینَ اسْتُخْلِفَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِیاً بَیَّنَ فِیهِ الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ فَخُذُوا بِالْخَیْرِ وَ دَعُوا الشَّرَّ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا إِلَی اللَّهِ تُؤَدِّكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ حُرُمَاتٍ غَیْرَ مَجْهُولَةٍ وَ فَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَی الْحُرَمِ كُلِّهَا وَ شَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَ التَّوْحِیدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِینَ فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا یَحِلُّ أَذَی امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِمَا یَجِبُ بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ [وَ هُوَ] الْمَوْتُ فَإِنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّمَا خَلْفَكُمُ السَّاعَةُ تَحْدُوكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا یَنْتَظِرُ النَّاسُ بِآخِرِكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ فِی عِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ إِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّی عَنِ الْبِقَاعِ وَ الْبَهَائِمِ وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ لَا تَعْصُوهُ فَإِذَا رَأَیْتُمُ الْخَیْرَ فَخُذُوهُ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الشَّرَّ فَدَعُوهُ (1).

«3»-(2)

شا، الإرشاد رَوَتِ الْخَاصَّةُ وَ الْعَامَّةُ عَنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عُبَیْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّی وَ غَیْرُهُ مِمَّنْ لَا یَتَّهِمُهُ خُصُومُ الشِّیعَةِ فِی رِوَایَتِهِ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ فِی أَوَّلِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بَعْدَ بَیْعَةِ النَّاسِ لَهُ عَلَی الْأَمْرِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمَّا بَعْدُ فَلَا یُرْعِیَنَّ مُرْعٍ إِلَّا عَلَی نَفْسِهِ شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ مُجْتَهِدٌ وَ طَالِبٌ یَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ ثَلَاثَةٌ وَ اثْنَانِ مَلَكٌ طَارَ بِجَنَاحَیْهِ وَ نَبِیٌّ أَخَذَ اللَّهُ بِیَدَیْهِ لَا سَادِسٌ هَلَكَ مَنِ ادَّعَی وَ رَدِیَ مَنِ اقْتَحَمَ

ص: 9


1- و مثله رواه الطبریّ عن السری عن شعیب، عن سیف، عن سلیمان بن أبی المغیرة، عن علیّ بن الحسین .. ورواه بألفاظ أجود مما رویاه السید الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (١٦٥) من باب خطب نهج البلاغة.
2- 3- رواه الشیخ المفید فی الفصل: (13) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 136.

الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الْوُسْطَی الْجَادَّةُ مَنْهَجٌ عَلَیْهِ بَاقِی الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ وَ آثَارِ النُّبُوَّةِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی دَاوَی هَذِهِ الْأُمَّةَ بِدَوَاءَیْنِ السَّوْطِ وَ السَّیْفِ لَا هَوَادَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ فِیهِمَا فَاسْتَتِرُوا بِبُیُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا فِیمَا بَیْنَكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ مَنْ أَبْدَی صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ قَدْ كَانَتْ أُمُورٌ لَمْ تَكُونُوا عِنْدِی فِیهَا مَعْذُورِینَ أَمَا إِنِّی لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هِمَّتُهُ بَطْنُهُ وَیْلَهُ [وَیْحَهُ] لَوْ قُصَّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ كَانَ خَیْراً لَهُ انْظُرُوا فَإِنْ أَنْكَرْتُمْ فَأَنْكِرُوا وَ إِنْ عَرَفْتُمْ فَبَادِرُوا [فَآزِرُوا] حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ وَ لَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ فَلَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ قَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ وَ لَئِنْ رَجَعَتْ إِلَیْكُمْ أُمُورُكُمْ [نُفُوسُكُمْ] إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ وَ إِنِّی لَأَخْشَی أَنْ تَكُونُوا فِی فَتْرَةٍ وَ مَا عَلَیَّ إِلَّا الِاجْتِهَادُ أَلَا وَ إِنَّ أَبْرَارَ عِتْرَتِی وَ أَطَایِبَ أَرُومَتِی أَحْلَمُ النَّاسِ صِغَاراً وَ أَعْلَمُ النَّاسِ كِبَاراً أَلَا وَ إِنَّا أَهْلُ بَیْتٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلِمْنَا وَ بِحُكْمِ اللَّهِ حَكَمْنَا وَ بِقَوْلِ صَادِقٍ أَخَذْنَا مِنْ قَوْلِ صَادِقٍ سَمِعْنَا فَإِنْ تَتَّبِعُوا آثَارَنَا تَهْتَدُوا بِبَصَائِرِنَا وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا یُهْلِكْكُمُ اللَّهُ بِأَیْدِینَا مَعَنَا رَایَةُ الْحَقِّ مَنْ تَبِعَهَا لَحِقَ وَ مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا غَرِقَ أَلَا وَ بِنَا تُدْرَكُ تِرَةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ بِنَا تُخْلَعُ رِبْقَةُ الذُّلِّ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَ بِنَا فَتَحَ اللَّهُ لَا بِكُمْ وَ بِنَا یَخْتِمُ لَا بِكُمْ.

«4»-(1)

أَقُولُ وَ فِی النَّهْجِ هَكَذَا شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ سَرِیعٌ نَجَا

ص: 10


1- 4- رواه السیّد الرضی بزیادات كثیرة فی المختار (16) من خطب نهج البلاغة.

وَ طَالِبٌ بَطِی ءٌ رَجَا وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ هَوَی الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِیقُ الْوُسْطَی هِیَ الْجَادَّةُ عَلَیْهَا بَاقِی الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَیْهَا مَصِیرُ الْعَاقِبَةِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَی وَ خابَ مَنِ افْتَری مَنْ أَبْدَی صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ عِنْدَ جَهَلَةِ النَّاسِ وَ كَفَی بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ لَا یَعْرِفَ قَدْرَهُ لَا یَهْلِكُ عَلَی التَّقْوَی سِنْخُ أَصْلٍ وَ لَا یَظْمَأُ عَلَیْهَا زَرْعُ [حَرْثُ] قَوْمٍ فَاسْتَتِرُوا بِبُیُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ فَلَا یَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّهُ وَ لَا یَلُمْ لَائِمٌ إِلَّا نَفْسَهُ.

«5»-(1)

رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ عَنِ الْجَاحِظِ مِنْ كِتَابِ الْبَیَانِ وَ التَّبْیِینِ عَنْ أَبِی عُبَیْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّی قَالَ: أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالْمَدِینَةِ فِی خِلَافَتِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَلَا لَا یُرْعِیَنَّ وَ سَاقَ الْخُطْبَةَ كَمَا مَرَّ إِلَی قَوْلِهِ وَ مَا عَلَیْنَا إِلَّا الِاجْتِهَادُ.

ثُمَّ قَالَ قَالَ الْجَاحِظُ وَ قَالَ أَبُو عُبَیْدَةَ وَ زَادَ فِیهَا فِی رِوَایَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ أَلَا إِنَّ أَبْرَارَ عِتْرَتِی إِلَی قَوْلِهِ وَ بِنَا یَخْتِمُ لَا بِكُمْ.

قال ابن أبی الحدید: قوله لا یُرعین أی لا یُبقین یقال أرعیت علیه أی أبقیت یقول من أبقی علی الناس فإنما أبقی علی نفسه و الهوادة الرفق و الصلح و أصله اللین و السهولة و التهوید المشی رویدا و آزرت زیدا أعنته و الترة الوتر و الربقة الحبل یجعل فی عنق الشاة و ردی هلك من الردی كقولك عمی من العمی و شجی من الشجا.

ص: 11


1- 5- رواه الجاحظ فی المجلد الثالث من كتاب البیان و التبیین ص 44 ط مصر، و رویناه عنه حرفیا فی المختار: (56) من كتاب نهج السعادة: ج 1، ص 191، ط 2 و له مصادر كثیرة أشرنا إلیها فی ذیل المختار المشار إلیه. ورواه أیضا عنه حرفیا ابن أبی الحدید فی شرح المختار: (١٦) من نهج البلاغة من شرحه: ج ١، ص ٢٢٤ ط بیروت.

و قوله شغل من الجنة و النار أمامه یرید به أن من كانت هاتان الداران أمامه لفی شغل عن أمور الدنیا إن كان رشیدا.

و قوله ساع مجتهد إلی قوله لا سادس كلام تقدیره المكلفون علی خمسة أقسام ساع مجتهد و طالب راج و مقصر هالك ثم قال ثلاثة أی فهو ثلاثة أقسام و هذا ینظر إلی قوله تعالی ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِینَ اصْطَفَیْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَیْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ثم ذكر القسمین الرابع و الخامس فقال هما ملك طار بجناحیه و نبی أخذ اللّٰه بیده یرید عصمة هذین النوعین من القبیح ثم قال لا سادس أی لم یبق فی المكلفین قسم سادس.

و قوله هلك من ادعی یرید هلك من ادعی و كذب لا بد من تقدیر ذلك لأن الدعوی یعم الصدق و الكذب و كأنه یقول هلك من ادعی الإمامة و ردی من اقتحمها و ولجها من غیر استحقاق لأن كلامه فی هذه الخطبة كله كنایات عن الإمامة لا عن غیرها.

و قوله الیمین و الشمال مضلة مثال لأن السالك الطریق المنهج اللاحب ناج و العادل عنها یمینا و شمالا معرض للخطر.

و قوله صلی اللّٰه علیه و آله كالغراب یعنی فی الحرص و الجشع و الغراب یقع علی الجیفة و یقع علی التمرة و علی الحبة و فی المثل أشجع من غراب و أحرص من غراب.

و قوله ویحه لو قص یرید لو كان قتل أو مات قبل أن یتلبس بالخلافة لكان خیرا له من أن یعیش و یدخل فیها.

ثم قال لهم افكروا فیما قد قلت فإن كان منكرا فأنكروه و إن كان حقا فأعینوا علیه.

و قوله استتروا فی بیوتكم نهی لهم عن العصبیة و الاجتماع و التحزب فقد كان قوم بعد قتل عثمان تكلموا فی قتله من شیعة بنی أمیة بالمدینة.

ص: 12

و أما قوله قد كانت أمور فمراده أمر عثمان و تقدیمه فی الخلافة علیه.

و من الناس من یحمل ذلك علی خلافة الشیخین أیضا و یبعد عندی أن یكون أراده لأن المدة قد كانت طالت و لم یبق من یعاتبه (1) و لسنا نمنع من أن یكون فی كلامه الكثیر من التوجد و التألم لصرف الخلافة بعد وفاة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عنه و إنما كلامنا الآن فی هذه اللفظات التی فی هذه الخطبة علی أن قوله سبق الرجلان و الاقتصار علی ذلك فیه كفایة فی انحرافه عنهما.

و أما قوله حق و باطل إلی آخر الفصل فمعناه كل أمر إما حق و إما باطل و لكل واحد من هذین أهل و ما زال أهل الباطل أكثر من أهل الحق و لئن كان الحق قلیلا فربما كثر و لعله ینتصر أهله ثم قال علی سبیل التضجر بنفسه و قلما أدبر شی ء فأقبل استبعد علیه السلام أن تعود دولة قوم بعد زوالها عنهم.

ثم قال و لئن رجعت إلیكم أموركم أی إن ساعدنی الوقت و تمكنت من أن أحكم فیكم بحكم اللّٰه تعالی و رسوله و عادت إلیكم أیام شبیهة بأیام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سیرة مماثلة لسیرته فی أصحابه إنكم لسعداء ثم قال و إنی لأخشی أن تكونوا فی فترة الفترة هی الأزمنة التی بین الأنبیاء إذا انقطعت الرسل فیها فیقول علیه السلام إنی لأخشی أن لا أتمكن من الحكم بكتاب اللّٰه تعالی فیكم فتكونوا كالأمم الذین فی أزمنة الفترة لا یرجعون إلی نبی یشافههم بالشرائع و الأحكام و كأنه علیه السلام قد كان یعلم أن الأمر سیضطرب علیه (2).

ص: 13


1- بل أكثر من مال- مع المائلین- إلی الشیخین و بایعهما كانوا باقین بعد قتل عثمان، فقول هذا القائل هو القریب لا غیر.
2- علمه علیه السلام بما یعامل الناس معه و بما یؤول إلیه أمره هو المستفاد من محكمات الأخبار.

ثم قال و ما علینا إلا الاجتهاد یقول أنا أعمل بما یجب علی من الاجتهاد فی القیام بالشریعة و عزل ولاة السوء عن المسلمین فإن تم ما أریده فذاك و إلا كنت قد أعذرت.

و أما التتمة المرویة عن جعفر بن محمد علیهما السلام فواضحة الألفاظ و قوله فی آخرها و بنا یختم لا بكم إشارة إلی المهدی علیه السلام الذی یظهر فی آخر الزمان من ولد فاطمة علیها السلام.

«6»-(1)

أَقُولُ رَوَی ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَمَامَ الْخُطْبَةِ هَكَذَا الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحَقَّ مَحْمُودٍ بِالْحَمْدِ وَ أَوْلَاهُ بِالْمَجْدِ إِلَهاً وَاحِداً صَمَداً أَقَامَ أَرْكَانَ الْعَرْشِ فَأَشْرَقَ بِضَوْئِهِ شُعَاعَ الشَّمْسِ خَلَقَ فَأَتْقَنَ وَ أَقَامَ فَذَلَّتْ لَهُ وَطْأَةُ الْمُسْتَمْكِنِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَ الضِّیَاءِ الْمُنِیرِ أَكْرَمُ خَلْقِ اللَّهِ حَسَباً وَ أَشْرَفُهُمْ نَسَباً لَمْ یَتَعَلَّقْ عَلَیْهِ مُسْلِمٌ وَ لَا مُعَاهِدٌ بِمَظْلِمَةٍ بَلْ كَانَ یُظْلَمُ فَأَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ بَغَی عَلَی الْأَرْضِ عَنَاقُ ابْنَةُ آدَمَ وَ كَانَ مَجْلِسُهَا مِنَ الْأَرْضِ جَرِیباً وَ كَانَ لَهَا عِشْرُونَ إِصْبَعاً وَ كَانَ لَهَا ظُفُرَانِ كَالْمِنْجَلَیْنِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَیْهَا أَسَداً كَالْفِیلِ وَ ذِئْباً كَالْبَعِیرِ وَ نَسْراً كَالْحِمَارِ وَ كَانَ ذَلِكَ فِی الْخَلْقِ الْأَوَّلِ فَقَتَلَهَا وَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْجَبَابِرَةَ عَلَی أَحْسَنِ أَحْوَالِهِمْ وَ إِنَّ اللَّهَ أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ وَ قَتَلَ قَارُونَ بِذُنُوبِهِمْ أَلَا وَ إِنَّ بَلِیَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَیْئَتِهَا یَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً وَ لَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً حَتَّی یَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَیَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَیُقَصِّرَنَّ سَابِقُونَ

ص: 14


1- 6- رواها رفع اللّٰه مقامه فی شرح المختار: (16) من خطب نهج البلاغة: ج 1، ص 297 ط 3.

كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْیَوْمِ وَ هَذَا الْمَقَامِ أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَایَا خَیْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی النَّارِ فَ هُمْ فِیها كالِحُونَ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَی مَطَایَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا فَسَارَتْ بِهِمْ تَأَوُّداً حَتَّی إِذَا جَاءُوا ظِلًّا ظَلِیلًا فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَیْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِینَ أَلَا وَ قَدْ سَبَقَنِی إِلَی هَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَمْ أُشْرِكْهُ فِیهِ وَ مَنْ لَیْسَتْ لَهُ مِنْهُ تَوْبَةٌ إِلَّا بِنَبِیٍّ مَبْعُوثٍ وَ لَا نَبِیَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَشْفَی مِنْهُ عَلی شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِی نارِ جَهَنَّمَ أَیُّهَا النَّاسُ كِتَابَ اللَّهِ وَ سُنَّةَ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یُرْعِی مُرْعٍ إِلَّا عَلَی نَفْسِهِ شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ نَجَا وَ طَالِبٌ یَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ وَ لَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ فَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ وَ لَئِنْ رُدَّ أَمْرُكُمْ عَلَیْكُمْ إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ وَ مَا عَلَیْنَا إِلَّا الْجَهْدُ قَدْ كَانَتْ أُمُورٌ مَضَتْ مِلْتُمْ فِیهَا مَیْلَةً كُنْتُمْ عِنْدِی فِیهَا غَیْرَ مَحْمُودِی الرَّأْیِ وَ لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَ قَامَ الثَّالِثُ كَالْغُرَابِ هَمُّهُ بَطْنُهُ وَیْلَهُ لَوْ قُصَّ جَنَاحَاهُ وَ قُطِعَ رَأْسُهُ كَانَ خَیْراً لَهُ شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ وَ النَّارُ أَمَامَهُ سَاعٍ مُجْتَهِدٌ وَ طَالِبٌ یَرْجُو وَ مُقَصِّرٌ فِی النَّارِ ثَلَاثَةٌ وَ اثْنَانِ خَمْسَةٌ لَیْسَ فِیهِمْ سَادِسٌ وَ مَلَكٌ طَارَ بِجَنَاحَیْهِ وَ نَبِیٌّ أَخَذَ اللَّهُ بِضَبْعَیْهِ هَلَكَ مَنِ ادَّعَی وَ خابَ مَنِ افْتَری الْیَمِینُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ وَسَطُ الطَّرِیقِ الْمَنْهَجُ عَلَیْهِ بَاقِی الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ

ص: 15

أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ أَدَبَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالسَّوْطِ وَ السَّیْفِ لَیْسَ عِنْدَ إِمَامٍ فِیهِمَا هَوَادَةٌ فَاسْتَتِرُوا بِبُیُوتِكُمْ وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَیْنِكُمْ وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ مَنْ أَبْدَی صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ أَلَا وَ إِنَّ كُلَّ قَطِیعَةٍ أَقْطَعَهَا عُثْمَانُ أَوْ مَالٍ أَخَذَهُ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَیْهِمْ فِی بَیْتِ مَالِهِمْ وَ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ وَ فُرِّقَ فِی الْبُلْدَانِ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ یَسَعْهُ الْحَقُّ فَالْبَاطِلُ أَضْیَقُ عَلَیْهِ أَقُولُ قَوْلِی هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ.

«7»-(1)

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ نَقْلًا عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِیِّ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعَتِ الصَّحَابَةُ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَمْرِ الْإِمَامَةِ أَشَارَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ وَ مَالِكُ بْنُ الْعَجْلَانِ وَ أَبُو أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیُّ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ بِعَلِیٍّ علیه السلام وَ ذَكَرُوا فَضْلَهُ وَ سَابِقَتَهُ وَ جِهَادَهُ وَ قَرَابَتَهُ فَأَجَابَهُمُ النَّاسُ إِلَیْهِ فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَطِیباً یَذْكُرُ فَضْلَ عَلِیٍّ علیه السلام فَمِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَی أَهْلِ عَصْرِهِ خَاصَّةً وَ مِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَی الْمُسْلِمِینَ كُلِّهِمْ كَافَّةً ثُمَّ بُویِعَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فِی الْیَوْمِ الثَّانِی مِنْ یَوْمِ الْبَیْعَةِ وَ هُوَ یَوْمُ السَّبْتِ لِإِحْدَی عَشْرَةَ لَیْلَةً بَقِینَ مِنْ ذِی الْحِجَّةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ مُحَمَّداً فَصَلَّی عَلَیْهِ ثُمَّ ذَكَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَی أَهْلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ذَكَرَ الدُّنْیَا فَزَهَّدَهُمْ فِیهَا وَ ذَكَرَ الْآخِرَةَ فَرَغَّبَهُمْ إِلَیْهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله اسْتَخْلَفَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَعَمِلَ بِطَرِیقِهِ ثُمَّ جَعَلَهَا شُورَی بَیْنَ سِتَّةٍ

ص: 16


1- 7- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: (91) من خطب نهج البلاغة: ج 7 ص 38 ط مصر، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 2 ص 599. ورواه أیضا باختصار محمد بن عبد اللّٰه الإسكافی المتوفی سنة: (٢٤٠) من كتاب المعیار و الموازنة ص ٥١ ط ١.

فَأَفْضَی الْأَمْرُ مِنْهُمْ إِلَی عُثْمَانَ فَعَمِلَ مَا أَنْكَرْتُمْ وَ عَرَفْتُمْ ثُمَّ حُصِرَ وَ قُتِلَ ثُمَّ جِئْتُمُونِی فَطَلَبْتُمْ إِلَیَّ وَ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ لِی مَا لَكُمْ وَ عَلَیَّ مَا عَلَیْكُمْ وَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ الْبَابَ بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فَأَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّیْلِ الْمُظْلِمِ وَ لَا یَحْمِلُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا أَهْلُ الصَّبْرِ وَ الْبَصَرِ وَ الْعِلْمِ بِمَوَاقِعِ الْأَمْرِ وَ إِنِّی حَامِلُكُمْ عَلَی مَنْهَجِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مُنَفِّذٌ فِیكُمْ مَا أُمِرْتُ بِهِ إِنِ استقتم [اسْتَقَمْتُمْ لِی وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ أَلَا إِنَّ مَوْضِعِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَوْضِعِی مِنْهُ أَیَّامَ حَیَاتِهِ فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَ قِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ وَ لَا تَعْجَلُوا فِی أَمْرٍ حَتَّی نُبَیِّنَهُ لَكُمْ فَإِنَّ لَنَا عَنْ كُلِّ أَمْرٍ مُنْكَرٍ تُنْكِرُونَهُ عُذْراً أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَالِمٌ مِنْ فَوْقِ سَمَائِهِ وَ عَرْشِهِ أَنِّی كُنْتُ كَارِهاً لِلْوَلَایَةِ عَلَی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی اجْتَمَعَ رَأْیُكُمْ عَلَی ذَلِكَ لِأَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَیُّمَا وَالٍ وَلِیَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِی أُقِیمَ عَلَی حَدِّ الصِّرَاطِ وَ نَشَرَتِ الْمَلَائِكَةُ صَحِیفَتَهُ فَإِنْ كَانَ عَادِلًا أَنْجَاهُ اللَّهُ بِعَدْلِهِ وَ إِنْ كَانَ جَائِراً انْتَقَضَ بِهِ الصِّرَاطُ حَتَّی تَتَزَایَلَ مَفَاصِلُهُ ثُمَّ یَهْوِی إِلَی النَّارِ فَیَكُونُ أَوَّلُ مَا یَتَّقِیهَا بِهِ أَنْفَهُ وَ حُرَّ وَجْهِهِ وَ لَكِنِّی لَمَّا اجْتَمَعَ رَأْیُكُمْ لَمَا یَسَعُنِی تَرْكُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ عَلَیْهِ السَّلَامُ یَمِیناً وَ شِمَالًا فَقَالَ أَلَا لَا یَقُولَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ غَداً قَدْ غَمَرَتْهُمُ الدُّنْیَا فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا الْخُیُولَ الْفَارِهَةَ وَ اتَّخَذُوا الْوَصَائِفَ الرُّوقَةَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ عَاراً وَ شَنَاراً إِذَا مَا مَنَعْتُهُمْ مَا كَانُوا یَخُوضُونَ فِیهِ وَ أَصَرْتُهُمْ إِلَی حُقُوقِهِمُ الَّتِی یَعْلَمُونَ فَیَنْقِمُونَ ذَلِكَ وَ یَسْتَنْكِرُونَ وَ یَقُولُونَ حَرَمَنَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ حُقُوقَنَا أَلَا وَ أَیُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَرَی أَنَّ الْفَضْلَ لَهُ عَلَی مَنْ سِوَاهُ لِصُحْبَتِهِ فَإِنَّ لَهُ الْفَضْلَ النَّیِّرَ غَداً عِنْدَ اللَّهِ وَ ثَوَابُهُ وَ أَجْرُهُ عَلَی اللَّهِ وَ أَیُّمَا رَجُلٍ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ فَصَدَّقَ مِلَّتَنَا وَ دَخَلَ فِی دِینِنَا وَ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ حُقُوقَ الْإِسْلَامِ وَ حُدُودَهُ فَأَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ وَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ یُقْسَمُ بَیْنَكُمْ بِالسَّوِیَّةِ لَا فَضْلَ فِیهِ لِأَحَدٍ عَلَی

ص: 17

أَحَدٍ وَ لِلْمُتَّقِینَ عِنْدَ اللَّهِ غَداً أَحْسَنُ الْجَزَاءِ وَ أَفْضَلُ الثَّوَابِ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ الدُّنْیَا لِلْمُتَّقِینَ أَجْراً [جَزَاءً] وَ لَا ثَوَاباً وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرارِ وَ إِذَا كَانَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَاغْدُوا عَلَیْنَا فَإِنَّ عِنْدَنَا مَالًا نَقْسِمُهُ فِیكُمْ وَ لَا یَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَرَبِیٌّ وَ لَا عَجَمِیٌّ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ أَوْ لَمْ یَكُنْ إِلَّا حَضَرَ إِذَا كَانَ مُسْلِماً حُرّاً أَقُولُ قَوْلِی هَذَا وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِیمَ لِی وَ لَكُمْ ثُمَّ نَزَلَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَ كَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا أَنْكَرُوهُ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام وَ أَوْرَثَهُمُ الضِّغْنَ عَلَیْهِ وَ كَرِهُوا عَطَاءَهُ وَ قَسْمَهُ بِالسَّوِیَّةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَا وَ غَدَا النَّاسُ لِقَبْضِ الْمَالِ فَقَالَ لِعُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی رَافِعٍ كَاتِبِهِ ابْدَأْ بِالْمُهَاجِرِینَ فَنَادِهِمْ وَ أَعْطِ كُلَّ رَجُلٍ مِمَّنْ حَضَرَ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ ثُمَّ ثَنِّ بِالْأَنْصَارِ فَافْعَلْ مَعَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ وَ مَنْ یَحْضُرْ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمُ الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ فَاصْنَعْ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا غُلَامِی بِالْأَمْسِ وَ قَدْ أَعْتَقْتُهُ الْیَوْمَ فَقَالَ نُعْطِیهِ كَمَا نُعْطِیكَ فَأَعْطَی كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ وَ لَمْ یُفَضِّلْ أَحَداً عَلَی أَحَدٍ وَ تَخَلَّفَ عَنْ هَذَا الْقَسْمِ یَوْمَئِذٍ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَ رِجَالٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهَا قَالَ وَ سَمِعَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ یَقُولُ لِأَبِیهِ وَ طَلْحَةَ وَ مَرْوَانَ وَ سَعِیداً مَا خَفِیَ عَلَیْنَا أَمْسِ مِنْ كَلَامِ عَلِیٍّ مَا یُرِیدُ فَقَالَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ الْتَفَتَ إِلَی زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ إِیَّاكِ أَعْنِی وَ اسْمَعِی یَا جَارَةِ فَقَالَ ابْنُ أَبِی رَافِعٍ لِسَعِیدٍ وَ ابْنِ الزُّبَیْرِ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ ثُمَّ إِنَّ ابْنَ أَبِی رَافِعٍ أَخْبَرَ عَلِیّاً علیه السلام بِذَلِكَ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنْ بَقِیتُ وَ سَلِمْتُ لَهُمْ لَأُقِیمَنَّهُمْ عَلَی الْمَحَجَّةِ الْبَیْضَاءِ وَ الطَّرِیقِ الْوَاضِحِ قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ

ص: 18

الْعَاصِ لَقَدْ عَرَفَ مِنْ كَلَامِی وَ نَظَرِی إِلَیْهِ أَمْسِ أَنِّی أُرِیدُهُ وَ أَصْحَابَهُ مِمَّنْ هَلَكَ فِیمَنْ هَلَكَ قَالَ فَبَیْنَا النَّاسُ فِی الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصُّبْحِ إِذْ طَلَعَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَجَلَسَا نَاحِیَةً عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ طَلَعَ مَرْوَانُ وَ سَعِیدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَجَلَسُوا إِلَیْهِمَا ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ مِنْ قُرَیْشٍ فَانْضَمُّوا إِلَیْهِمْ فَتَحَدَّثُوا نَجِیّاً سَاعَةً ثُمَّ قَامَ الْوَلِیدُ بْنُ عُقْبَةَ فَجَاءَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّكَ قَدْ وَتَرْتَنَا جَمِیعاً أَمَّا أَنَا فَقَتَلْتَ أَبِی یَوْمَ بَدْرٍ صَبْراً وَ خَذَلْتَ أَخِی یَوْمَ الدَّارِ بِالْأَمْسِ وَ أَمَّا سَعِیدٌ فَقَتَلْتَ أَبَاهُ یَوْمَ بَدْرٍ فِی الْحَرْبِ وَ كَانَ ثَوْرَ قُرَیْشٍ وَ أَمَّا مَرْوَانُ فَسَخَّفْتَ أَبَاهُ عِنْدَ عُثْمَانَ إِذْ ضَمَّهُ إِلَیْهِ وَ نَحْنُ إِخْوَتُكَ وَ نُظَرَاؤُكَ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ نَحْنُ نُبَایِعُكَ الْیَوْمَ عَلَی أَنْ تَضَعَ عَنَّا مَا أَصَبْنَاهُ مِنَ الْمَالِ فِی أَیَّامِ عُثْمَانَ وَ أَنْ تَقْتُلَ قَتَلَتَهُ وَ إِنَّا إِنْ خِفْنَاكَ تَرَكْتَنَا وَ الْتَحَقْنَا بِالشَّامِ فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلَامُ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ وَتْرِی إِیَّاكُمْ فَالْحَقُّ وَتَرَكُمْ وَ أَمَّا وَضْعِی عَنْكُمْ مَا أَصَبْتُمْ فَلَیْسَ لِی أَنْ أَضَعَ حَقَّ اللَّهِ عَنْكُمْ وَ لَا عَنْ غَیْرِكُمْ وَ أَمَّا قَتْلِی قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَلَوْ لَزِمَنِی قَتْلُهُمُ الْیَوْمَ لَقَتَلْتُهُمْ أَمْسِ وَ لَكِنْ لَكُمْ عَلَیَّ إِنْ خِفْتُمُونِی أَنْ أُؤَمِّنَكُمْ وَ إِنْ خِفْتُكُمْ أَنْ أُسَیِّرَكُمْ فَقَامَ الْوَلِیدُ إِلَی أَصْحَابِهِ فَحَدَّثَهُمْ وَ افْتَرَقُوا عَلَی إِظْهَارِ الْعَدَاوَةِ وَ إِشَاعَةِ الْخِلَافِ فَلَمَّا ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ قَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا بِنَا إِلَی هَؤُلَاءِ النَّفَرِ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا عَنْهُمْ وَ رَأَیْنَا مِنْهُمْ مَا نَكْرَهُ مِنَ الْخِلَافِ وَ الطَّعْنِ عَلَی إِمَامِهِمْ وَ قَدْ دَخَلَ أَهْلُ الْجَفَاءِ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الزُّبَیْرِ وَ الْأَعْسَرِ الْعَاقِّ یَعْنِی طَلْحَةَ فَقَامَ أَبُو الْهَیْثَمِ وَ عَمَّارٌ وَ أَبُو أَیُّوبَ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ وَ جَمَاعَةٌ مَعَهُمْ فَدَخَلُوا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ انْظُرْ فِی أَمْرِكَ وَ عَاتِبْ قَوْمَكَ هَذَا الْحَیَّ مِنْ قُرَیْشٍ فَإِنَّهُمْ قَدْ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَ أَخْلَفُوا وَعْدَكَ وَ قَدْ دَعَوْنَا فِی السِّرِّ إِلَی

ص: 19

رَفْضِكَ هَدَاكَ اللَّهُ لِرُشْدِكَ وَ ذَاكَ لِأَنَّهُمْ كَرِهُوا الْأُسْوَةَ وَ فَقَدُوا الْأَثَرَةَ وَ لَمَّا آسَیْتَ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ الْأَعَاجِمِ أَنْكَرُوا وَ اسْتَشَارُوا عَدُوَّكَ وَ عَظَّمُوهُ وَ أَظْهَرُوا الطَّلَبَ بِدَمِ عُثْمَانَ فُرْقَةً لِلْجَمَاعَةِ وَ تَأَلُّفاً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ فَرَأْیَكَ فَخَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ مُرْتَدِیاً بِطَاقٍ مُؤْتَزِراً بِبُرْدٍ قِطْرِیٍّ مُتَقَلِّداً سَیْفاً مُتَوَكِّئاً عَلَی قَوْسٍ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ رَبَّنَا وَ إِلَهَنَا وَ وَلِیَّنَا وَ وَلِیَّ النِّعَمِ عَلَیْنَا الَّذِی أَصْبَحَتْ نِعَمُهُ عَلَیْنَا ظَاهِرَةً وَ بَاطِنَةً امْتِنَاناً مِنْهُ بِغَیْرِ حَوْلٍ مِنَّا وَ لَا قُوَّةٍ لِیَبْلُوَنَا أَ نَشْكُرُ أَمْ نَكْفُرُ فَمَنْ شَكَرَ زَادَهُ وَ مَنْ كَفَرَ عَذَّبَهُ فَأَفْضَلُ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً وَ أَقْرَبُهُمْ مِنَ اللَّهِ وَسِیلَةً أَطْوَعُهُمْ لِأَمْرِهِ وَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِهِ وَ أَتْبَعُهُمْ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ وَ أَحْیَاهُمْ لِكِتَابِهِ لَیْسَ لِأَحَدٍ عِنْدَنَا فَضْلٌ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ الرَّسُولِ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَ أَظْهُرِنَا وَ عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سِیرَتُهُ فِینَا لَا یَجْهَلُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ عَانِدٌ عَنِ الْحَقِّ مُنْكِرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثی وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ* فَإِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْكافِرِینَ ثُمَّ قَالَ یَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ أَ تَمُنُّونَ عَلَی اللَّهِ وَ رَسُولِهِ بِإِسْلَامِكُمْ بَلِ اللَّهُ یَمُنُّ عَلَیْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِیمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ وَ كَانَ یَقُولُهَا إِذَا غَضِبَ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ هَذِهِ الدُّنْیَا الَّتِی أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا وَ تَرْغَبُونَ فِیهَا وَ أَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ وَ تُرْضِیكُمْ لَیْسَتْ بِدَارِكُمْ وَ لَا مَنْزِلِكُمُ الَّذِی خُلِقْتُمْ لَهُ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ فَقَدْ حُذِّرْتُمُوهَا وَ اسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ لِأَنْفُسِكُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ الذُّلِّ لِحُكْمِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَأَمَّا هَذَا الْفَیْ ءُ فَلَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی أَحَدٍ فِیهِ أَثَرَةٌ فَقَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنْ قِسْمَتِهِ فَهُوَ مَالُ اللَّهِ وَ أَنْتُمْ عِبَادُ اللَّهِ الْمُسْلِمُونَ وَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بِهِ أَقْرَرْنَا وَ لَهُ أَسْلَمْنَا وَ عَهْدُ نَبِیِّنَا

ص: 20

بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَمَنْ لَمْ یَرْضَ بِهِ فَلْیَتَوَلَّ كَیْفَ شَاءَ فَإِنَّ الْعَامِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ الْحَاكِمَ بِحُكْمِ اللَّهِ لَا وَحْشَةَ عَلَیْهِ ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَصَلَّی رَكْعَتَیْنِ ثُمَّ بَعَثَ بِعَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حِسْلٍ الْقُرَشِیِّ (1) إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ هُمَا فِی نَاحِیَةِ الْمَسْجِدِ فَأَتَیَاهُمَا فَدَعَوَاهُمَا فَقَامَا حَتَّی جَلَسَا إِلَیْهِ علیه السلام فَقَالَ لَهُمَا نَشَدْتُكُمَا اللَّهَ هَلْ جِئْتُمَانِی طَائِعَیْنِ لِلْبَیْعَةِ وَ دَعَوْتُمَانِی إِلَیْهَا وَ أَنَا كَارِهٌ لَهَا قَالا نَعَمْ فَقَالَ غَیْرَ مُجْبَرَیْنِ وَ لَا مَقْسُورَیْنِ فَأَسْلَمْتُمَا لِی بَیْعَتَكُمَا وَ أَعْطَیْتُمَانِی عَهْدَكُمَا قَالا نَعَمْ قَالَ فَمَا دَعَاكُمَا بَعْدُ إِلَی مَا أَرَی قَالا أَعْطَیْنَاكَ بَیْعَتَنَا عَلَی أَنْ لَا تَقْضِیَ فِی الْأُمُورِ وَ لَا تَقْطَعَهَا دُونَنَا وَ أَنْ تَسْتَشِیرَنَا فِی كُلِّ أَمْرٍ وَ لَا تَسْتَبِدَّ بِذَلِكَ عَلَیْنَا وَ لَنَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَی غَیْرِنَا مَا قَدْ عَلِمْتَ فَأَنْتَ تَقْسِمُ الْقِسْمَ وَ تَقْطَعُ الْأَمْرَ وَ تُمْضِی الْحُكْمَ بِغَیْرِ مُشَاوَرَتِنَا وَ لَا عِلْمِنَا فَقَالَ لَقَدْ نَقَمْتُمَا یَسِیراً وَ أَرْجَأْتُمَا كَثِیراً فَاسْتَغْفِرَا اللَّهَ یَغْفِرْ لَكُمَا أَلَا تُخْبِرَانِنِی أَ دَفَعْتُكُمَا عَنْ حَقٍّ وَجَبَ لَكُمَا فَظَلَمْتُكُمَا إِیَّاهُ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ فَهَلِ اسْتَأْثَرْتُ مِنْ هَذَا الْمَالِ لِنَفْسِی بِشَیْ ءٍ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ أَ فَوَقَعَ حُكْمٌ أَوْ حَقٌّ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَجَهِلْتُهُ أَوْ ضَعُفْتُ عَنْهُ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ فَمَا الَّذِی كَرِهْتُمَا مِنْ أَمْرِی حَتَّی رَأَیْتُمَا خِلَافِی قَالا خِلَافَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِی الْقَسْمِ إِنَّكَ جَعَلْتَ حَقَّنَا فِی الْقَسْمِ كَحَقِّ غَیْرِنَا وَ سَوَّیْتَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ مَنْ لَا یُمَاثِلُنَا فِیمَا أَفَاءَ اللَّهُ تَعَالَی بِأَسْیَافِنَا وَ رِمَاحِنَا وَ أَوْجَفْنَا عَلَیْهِ بِخَیْلِنَا وَ رَجِلِنَا وَ ظَهَرَتْ عَلَیْهِ دَعَوْتُنَا وَ أَخَذْنَاهُ قَسْراً وَ قَهْراً مِمَّنْ لَا یَرَی الْإِسْلَامَ إِلَّا كَرْهاً فَقَالَ علیه السلام أَمَّا مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الِاسْتِشَارَةِ بِكُمَا فَوَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لِی فِی الْوَلَایَةِ رَغْبَةٌ وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِی إِلَیْهَا وَ جَعَلْتُمُونِی عَلَیْهَا فَخِفْتُ أَنْ أَرُدَّكُمْ فَتَخْتَلِفَ الْأُمَّةُ فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَیَّ نَظَرْتُ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ فَأَمْضَیْتُ مَا

ص: 21


1- كذا فی طبع الحدیث ببیروت من شرح ابن أبی الحدید، و فی أصلی من البحار: (عبد اللّٰه بن خل ...».

دَلَّانِی عَلَیْهِ وَ اتَّبَعْتُهُ وَ لَمْ أَحْتَجْ إِلَی رَأْیِكُمَا فِیهِ وَ لَا رَأْیِ غَیْرِكُمَا وَ لَوْ وَقَعَ حُكْمٌ لَیْسَ فِی كِتَابِ اللَّهِ بَیَانُهُ وَ لَا فِی السُّنَّةِ بُرْهَانُهُ وَ احْتِیجَ إِلَی الْمُشَاوَرَةِ فِیهِ لَشَاوَرْتُكُمَا فِیهِ وَ أَمَّا الْقَسْمُ وَ الْأُسْوَةُ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ فِیهِ بَادِئَ بَدْءٍ قَدْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَحْكُمُ بِذَلِكَ وَ كِتَابُ اللَّهِ نَاطِقٌ بِهِ وَ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِی لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا جَعَلْتَ فَیْئَنَا وَ مَا أَفَاءَتْهُ سُیُوفُنَا وَ رِمَاحُنَا سَوَاءً بَیْنَنَا وَ بَیْنَ غَیْرِنَا فَقَدِیماً سَبَقَ إِلَی الْإِسْلَامِ قَوْمٌ وَ نَصَرُوهُ بِسُیُوفِهِمْ وَ رِمَاحِهِمْ فَلَمْ یُفَضِّلْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله (1) فِی الْقَسْمِ وَ لَا آثَرَهُمْ بِالسَّبْقِ وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مُوَفٍّ السَّابِقَ وَ الْمُجَاهِدَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَعْمَالَهُمْ وَ لَیْسَ لَكُمَا وَ اللَّهِ عِنْدِی وَ لَا لِغَیْرِكُمَا إِلَّا هَذَا أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِنَا وَ قُلُوبِكُمْ إِلَی الْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاكُمُ الصَّبْرَ ثُمَّ قَالَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً رَأَی حَقّاً فَأَعَانَ عَلَیْهِ وَ رَأَی جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً لِلْحَقِّ عَلَی مَنْ خَالَفَهُ (2).

قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فَإِنْ قُلْتَ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَسَمَ بِالسَّوَاءِ وَ لَمْ یُنْكِرُوا ذَلِكَ كَمَا أَنْكَرُوهُ أَیَّامَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَسَمَ مُحْتَذِیاً لِقَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا وُلِّیَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ وَ نَفَّلَ قَوْماً عَلَی قَوْمٍ أَلِفُوا ذَلِكَ (3) وَ نَسُوا تِلْكَ الْقِسْمَةَ الْأُولَی وَ طَالَتْ أَیَّامُ عُمَرَ وَ أُشْرِبَتْ قُلُوبُهُمْ حُبَّ الْمَالِ

ص: 22


1- هذا هو الظاهر المذكور فی شرح ابن أبی الحدید، و فی ط الكمبانی من البحار: «فلا فضلهم [اللّٰه «خ»] رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله».
2- و قریبا منه جدا یجده الباحث فی المختار: (61- 62) من نهج السعادة: ج 1، ص 212 ط 2، و فی المعیار و الموازنة ص 109، ط 1.
3- كذا فی أصلی، و فی ط الحدیث من شرح ابن أبی الحدید: «و فضل قوما».

وَ كَثْرَةَ الْعَطَاءِ وَ أَمَّا الَّذِینَ اهْتَضَمُوا فَقَنِعُوا وَ مَرَنُوا عَلَی الْقَنَاعَةِ فَلَمَّا وُلِّیَ عُثْمَانُ أَجْرَی الْأَمْرَ عَلَی مَا كَانَ عُمَرُ یُجْرِیهِ فَازْدَادَ وُثُوقُ الْعَوَامِّ بِذَلِكَ وَ مَنْ أَلِفَ أَمْراً شَقَّ عَلَیْهِ فِرَاقُهُ فَلَمَّا وُلِّیَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَرَادَ أَنْ یَرُدَّ الْأَمْرَ إِلَی مَا كَانَ فِی أَیَّامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ نُسِیَ ذَلِكَ وَ رُفِضَ وَ تَخَلَّلَ بَیْنَ الزَّمَانَیْنِ اثْنَتَانِ وَ عِشْرُونَ سَنَةً فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْكَرُوهُ وَ أَكْبَرُوهُ حَتَّی حَدَثَ مَا حَدَثَ وَ لِلَّهِ أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ.

بیان:

قوله علیه السلام كنت كارها أی طبعا و إن أحبها شرعا أو كنت كارها قبل دعوتكم لعدم تحقق الشرائط و المراد بالوالی الوالی بغیر الاستحقاق و العامل بغیر أمر اللّٰه فیها فعلی الوجه الأول التعلیل للكراهة طبعا لعسر العمل بأمر اللّٰه فیها و علی الوجه الثانی التعلیل لعدم التعرض قبل تحقق الشرائط لأنها تكون حینئذ ولایة جور أیضا.

و قال الجوهری راقنی الشی ء أعجبنی و منه قولهم غلمان روقة و جوار روقة أی حسان.

و لعل مفعول القول محذوف أو هو حرمنا و قوله یقولون تأكید للقول أولا.

و قال الجوهری الطاق ضرب من الثیاب و قال القطر ضرب من البرود یقال لها القطریة.

«8»-(1)

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ أَیْضاً عَنِ الطَّبَرِیِّ وَ غَیْرِهِ أَنَّ النَّاسَ غَشُوهُ وَ تَكَاثَرُوا عَلَیْهِ یَطْلُبُونَ مُبَایَعَتَهُ وَ هُوَ یَأْبَی ذَلِكَ وَ یَقُولُ دَعُونِی وَ الْتَمِسُوا غَیْرِی فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لَا تَثْبُتُ عَلَیْهِ الْعُقُولُ وَ لَا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ

ص: 23


1- 8- رواه الطبریّ فی أوائل حوادث سنة: (35) من تاریخه: ج 1، ص 3076، و فی ط الحدیث ببیروت: ج 4 ص 434. ورواه عنه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: (١٩٨) من نهج البلاغة: ج ٣ ص ٥٧٢ ط الحدیث ببیروت.

قَالُوا لَهُ نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَ لَا تَرَی الْفِتْنَةَ أَ لَا تَرَی إِلَی مَا حَدَثَ فِی الْإِسْلَامِ أَ لَا تَخَافُ اللَّهَ فَقَالَ قَدْ أَجَبْتُكُمْ لِمَا أَرَی مِنْكُمْ وَ اعْلَمُوا أَنِّی إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِی فَإِنَّمَا أَنَا كَأَحَدِكُمْ بَلْ أَنَا أَسْمَعُكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّیْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ فَقَالُوا مَا نَحْنُ بِمُفَارِقِیكَ حَتَّی نُبَایِعَكَ قَالَ إِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَفِی الْمَسْجِدِ إِنَّ بَیْعَتِی لَا تَكُونُ خَفِیّاً وَ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ رِضَا الْمُسْلِمِینَ وَ فِی مَلَإٍ وَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَ النَّاسُ حَوْلَهُ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَ انْثَالَ عَلَیْهِ الْمُسْلِمُونَ فَبَایَعُوهُ وَ فِیهِمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ قَالَ وَ رَوَی أَبُو عُثْمَانَ الْجَاحِظُ (1) قَالَ أَرْسَلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام قَبْلَ خُرُوجِهِمَا إِلَی مَكَّةَ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَ قَالا لَا تَقُلْ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ قُلْ لَهُ یَا أَبَا الْحَسَنِ لَقَدْ فَالَ فِیكَ رَأْیُنَا وَ خَابَ ظَنُّنَا أَصْلَحْنَا لَكَ الْأَمْرَ وَ وَطَّدْنَا لَكَ الْإِمْرَةَ وَ أَجْلَبْنَا عَلَی عُثْمَانَ حَتَّی قُتِلَ فَلَمَّا طَلَبَكَ النَّاسُ لِأَمْرِهِمْ جِئْنَاكَ وَ أَسْرَعْنَا إِلَیْكَ وَ بَایَعْنَاكَ وَ قُدْنَا إِلَیْكَ أَعْنَاقَ الْعَرَبِ وَ وَطِئَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ أَعْقَابَنَا فِی بَیْعَتِكَ حَتَّی إِذَا مَلَكْتَ عِنَانَكَ اسْتَبْدَدْتَ بِرَأْیِكَ عَنَّا وَ رَفَضْتَنَا رَفْضَ التَّرِیكَةِ وَ مَلَّكْتَ أَمْرَكَ الْأَشْتَرَ وَ حَكِیمَ بْنَ جَبَلَةَ وَ غَیْرَهُمَا مِنَ الْأَعْرَابِ وَ نُزَّاعِ الْأَمْصَارِ فَكُنَّا فِیمَا رَجَوْنَاهُ مِنْكَ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ:

فَكُنْتُ كَمُهْرِیقِ الَّذِی فِی سِقَائِهِ***لِرَقْرَاقِ آلٍ فَوْقَ رَابِیَةٍ صَلْدٍ

فَلَمَّا جَاءَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَ أَبْلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ علیه السلام اذْهَبْ إِلَیْهِمَا فَقُلْ لَهُمَا فَمَا الَّذِی یُرْضِیكُمَا فَذَهَبَ وَ جَاءَ وَ قَالَ إِنَّهُمَا یَقُولَانِ وَلِّ أَحَدَنَا الْبَصْرَةَ وَ الْآخَرَ الْكُوفَةَ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنِّی لَا آمَنُهُمَا وَ هُمَا عِنْدِی بِالْمَدِینَةِ فَكَیْفَ آمَنُهُمَا وَ قَدْ وَلَّیْتُهُمَا الْعِرَاقَیْنِ اذْهَبْ إِلَیْهِمَا فَقُلْ أَیُّهَا الشَّیْخَانِ احْذَرَا مِنَ اللَّهِ وَ نَبِیِّهِ عَلَی أُمَّتِهِ وَ لَا تَبْغِیَا لِلْمُسْلِمِینَ غَائِلَةً وَ كَیْداً وَ قَدْ سَمِعْتُمَا قَوْلَ اللَّهِ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ

ص: 24


1- رواه عنه ابن أبی الحدید فی أواسط شرح المختار: (198) من نهج البلاغة: ج 3 ص 576 ط بیروت.

نَجْعَلُها لِلَّذِینَ لا یُرِیدُونَ عُلُوًّا فِی الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ فَأَتَاهُمَا وَ لَمْ یَعُدْ إِلَیْهِ وَ تَأَخَّرَا عَنْهُ أَیَّاماً ثُمَّ جَاءَاهُ فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْخُرُوجِ إِلَی مَكَّةَ لِلْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُمَا بَعْدَ أَنْ أَحْلَفَهُمَا أَنْ لَا یَنْقُضَا بَیْعَتَهُ وَ لَا یَغْدِرَا بِهِ وَ لَا یَشُقَّا عَصَا الْمُسْلِمِینَ وَ لَا یُوقِعَا الْفُرْقَةَ بَیْنَهُمْ وَ أَنْ یَعُودَا بَعْدَ الْعُمْرَةِ إِلَی بُیُوتِهِمَا بِالْمَدِینَةِ فَحَلَفَا عَلَی ذَلِكَ كُلِّهِ ثُمَّ خَرَجَا فَفَعَلَا مَا فَعَلَا قَالَ وَ لَمَّا خَرَجَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِأَصْحَابِهِ وَ اللَّهِ مَا یُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ وَ إِنَّمَا یُرِیدَانِ الْغَدْرَةَ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللَّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً (1).

وَ رُوِیَ عَنِ الطَّبَرِیِّ (2)

أَنَّهُ لَمَّا بَایَعَ النَّاسُ عَلِیّاً أَتَی الزُّبَیْرَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَیْهِ قَالَ أَبُو حَبِیبَةَ (3) مَوْلَی الزُّبَیْرِ فَأَعْلَمْتُهُ بِهِ فَسَلَّ السَّیْفَ وَ وَضَعَهُ تَحْتَ فِرَاشِهِ وَ قَالَ ائْذَنْ لَهُ فَأَذِنْتُ لَهُ فَدَخَلَ فَسَلَّمَ وَ هُوَ وَاقِفٌ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ الزُّبَیْرُ لَقَدْ دَخَلَ لِأَمْرٍ مَا قَضَاهُ قُمْ مَقَامَهُ وَ انْظُرْ هَلْ تَرَی مِنَ السَّیْفِ شَیْئاً فَقُمْتُ فِی مَقَامِهِ فَرَأَیْتُ ذُبَابَ السَّیْفِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ذَاكَ.

«9»-(4)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَی بْنِ الصَّلْتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ مِنْ كِتَابِهِ فِی رَبِیعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَ سَبْعِینَ وَ أَحْمَدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِیمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ الْهَرَوِیِ

ص: 25


1- اقتباس من الآیة العاشرة من سورة الفتح: (48).
2- رواه الطبریّ مسندا فی أوائل حوادث سنة: (35) من تاریخه: ج 1، ص 3073/ ط 1، و فی ط بیروت: ج 4 ص 432. ورواه عنه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: (١٩٨) من نهج البلاغة: ج ٣ ط الحدیث ببیروت ص ٥٧٧.
3- و مثله فی شرح ابن أبی الحدید، و فی تاریخ الطبریّ «لقد دخل المرء ما أقصاه ...».
4- 9- رواه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث الأخیر من المجلس: (26) من المجلد الثانی من أمالیه ص 735 ط بیروت.

وَ قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ وَ حَدَّثَنَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ الْحُسَیْنِیُّ عَنْ أَبِی الصَّلْتِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّعْجَةِ عَنْ أَبِی سُهَیْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: لَمَّا وُلِّیَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَسْرَعَ النَّاسُ إِلَی بَیْعَتِهِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ جَمَاعَةُ النَّاسِ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ إِلَّا نَفَرٌ یَسِیرٌ خَذَلُوا وَ بَایَعَ النَّاسُ وَ كَانَ عُثْمَانُ قَدْ عَوَّدَ قُرَیْشاً وَ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ وَ صُبَّتْ عَلَیْهِمُ الدُّنْیَا صَبّاً وَ آثَرَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ وَ خَصَّ أَهْلَ بَیْتِهِ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ جَعَلَ لَهُمُ الْبِلَادَ وَ خَوَّلَهُمُ الْعِبَادَ فَأَظْهَرُوا فِی الْأَرْضِ فَسَاداً وَ حَمَلَ أَهْلَ الْجَاهِلِیَّةِ وَ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ حَتَّی غَلَبُوهُ عَلَی أَمْرِهِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ مَا رَأَوْا مِنْ ذَلِكَ فَعَاتَبُوهُ فَلَمْ یُعْتِبْهُمْ وَ رَاجَعُوهُ فَلَمْ یَسْمَعْ مِنْهُمْ وَ حَمَلَهُمْ عَلَی رِقَابِ النَّاسِ حَتَّی انْتَهَی إِلَی أَنْ ضَرَبَ بَعْضاً وَ نَفَی بَعْضاً وَ حَرَمَ بَعْضاً فَرَأَی أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ یَدْفَعُوهُ وَ قَالُوا إِنَّمَا بَایَعْنَاهُ عَلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْعَمَلِ بِهِمَا فَحَیْثُ لَمْ یَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَلَیْهِمْ طَاعَةٌ فَافْتَرَقَ النَّاسُ فِی أَمْرِهِ عَلَی خَاذِلٍ وَ قَاتِلٍ فَأَمَّا مَنْ قَاتَلَ فَرَأَی أَنَّهُ حَیْثُ خَالَفَ الْكِتَابَ وَ السُّنَّةَ وَ اسْتَأْثَرَ بِالْفَیْ ءِ وَ اسْتَعْمَلَ مَنْ لَا یَسْتَأْهِلُ رَأَوْا أَنَّ جِهَادَهُ جِهَادٌ وَ أَمَّا مَنْ خَذَلَهُ فَإِنَّهُ رَأَی أَنَّهُ یَسْتَحِقُّ الْخِذْلَانَ وَ لَمْ یَسْتَوْجِبِ النُّصْرَةَ بِتَرْكِ أَمْرِ اللَّهِ حَتَّی قُتِلَ وَ اجْتَمَعُوا عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَبَایَعُوهُ فَقَامَ وَ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی قَدْ كُنْتُ كَارِهاً لِهَذِهِ الْوِلَایَةِ یَعْلَمُ اللَّهُ فِی سَمَاوَاتِهِ وَ فَوْقَ عَرْشِهِ عَلَی أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی اجْتَمَعْتُمْ عَلَی ذَلِكَ فَدَخَلْتُ فِیهِ وَ ذَلِكَ أَنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ أَیُّمَا وَالٍ وَلِیَ أَمْرَ أُمَّتِی مِنْ بَعْدِی أُقِیمَ یَوْمَ الْقِیَامَةِ عَلَی حَدِّ الصِّرَاطِ وَ نَشَرَتِ الْمَلَائِكَةُ صَحِیفَتَهُ فَإِنْ نَجَا فَبِعَدْلِهِ وَ إِنْ جَارَ انْتَقَضَ بِهِ الصِّرَاطُ انْتِقَاضَةً تُزِیلُ مَا بَیْنَ مَفَاصِلِهِ حَتَّی یَكُونَ بَیْنَ كُلِّ عُضْوٍ وَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ مَسِیرَةُ مِائَةِ عَامٍ یَخْرِقُ بِهِ الصِّرَاطَ فَأَوَّلُ مَا

ص: 26

یَلْقَی بِهِ النَّارَ أَنْفُهُ وَ حُرُّ وَجْهِهِ وَ لَكِنِّی لَمَّا اجْتَمَعْتُمْ عَلَیَّ نَظَرْتُ فَلَمْ یَسَعْنِی رَدُّكُمْ حَیْثُ اجْتَمَعْتُمْ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِی وَ لَكُمْ فَقَامَ إِلَیْهِ النَّاسُ فَبَایَعُوهُ فَأَوَّلُ مَنْ قَامَ فَبَایَعَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ ثُمَّ قَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ سَائِرُ النَّاسِ حَتَّی بَایَعَهُ النَّاسُ وَ كَانَ الَّذِی یَأْخُذُ عَلَیْهِمُ الْبَیْعَةَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ وَ هُمَا یَقُولَانِ نُبَایِعُكُمْ عَلَی طَاعَةِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِنْ لَمْ نَفِ لَكُمْ فَلَا طَاعَةَ لَنَا عَلَیْكُمْ وَ لَا بَیْعَةَ فِی أَعْنَاقِكُمْ وَ الْقُرْآنُ إِمَامُنَا وَ إِمَامُكُمْ ثُمَّ الْتَفَتَ عَلِیٌّ علیه السلام عَنْ یَمِینِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ وَ هُوَ عَلَی الْمِنْبَرِ وَ هُوَ یَقُولُ أَلَا لَا یَقُولَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ غَداً قَدْ غَمَرَتْهُمُ الدُّنْیَا فَاتَّخَذُوا الْعَقَارَ وَ فَجَّرُوا الْأَنْهَارَ وَ رَكِبُوا الْخُیُولَ الْفَارِهَةَ وَ اتَّخَذُوا الْوَصَائِفَ الرُّوقَةَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَیْهِمْ عَاراً وَ شَنَاراً إِنْ لَمْ یَغْفِرْ لَهُمُ الْغَفَّارُ إِذَا مُنِعُوا مَا كَانُوا فِیهِ وَ صُیِّرُوا إِلَی حُقُوقِهِمْ الَّتِی یَعْلَمُونَ یَقُولُونَ حَرَمَنَا ابْنُ أَبِی طَالِبٍ وَ ظَلَمَنَا حُقُوقَنَا وَ نَسْتَعِینُ بِاللَّهِ وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ أَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَ سَابِقَةٌ مِنْكُمْ فَإِنَّمَا أَجْرُهُ فِیهِ عَلَی اللَّهِ فَمَنِ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ دَخَلَ فِی دِینِنَا وَ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَ أَكَلَ ذَبِیحَتَنَا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ حُقُوقَ الْإِسْلَامِ وَ حُدُودَهُ فَأَنْتُمْ أَیُّهَا النَّاسُ عِبَادُ اللَّهِ الْمُسْلِمُونَ وَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ یُقْسَمُ بَیْنَكُمْ بِالسَّوِیَّةِ وَ لَیْسَ لِأَحَدٍ عَلَی أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَی وَ لِلْمُتَّقِینَ عِنْدَ اللَّهِ خَیْرُ الْجَزَاءِ وَ أَفْضَلُ الثَّوَابِ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ الدُّنْیَا لِلْمُتَّقِینَ جَزَاءً وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَیْرٌ لِلْأَبْرارِ وَ إِذَا كَانَ غَداً فَاغْدُوا فَإِنَّ عِنْدَنَا مَالًا اجْتَمَعَ فَلَا یَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ كَانَ فِی عَطَاءٍ أَوْ لَمْ یَكُنْ إِذَا كَانَ مُسْلِماً حُرّاً احْضُرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَاجْتَمَعُوا مِنَ الْغَدِ وَ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ فَقَسَمَ بَیْنَهُمْ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ الشَّرِیفِ وَ الْوَضِیعِ وَ الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ وَ لَمْ یُفَضِّلْ أَحَداً وَ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ إِلَّا هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ مَرْوَانُ بْنُ حَكَمٍ وَ نَاسٌ مَعَهُمْ

ص: 27

فَسَمِعَ عُبَیْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِی رَافِعٍ وَ هُوَ كَاتِبُ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ وَ هُوَ یَقُولُ لِلزُّبَیْرِ وَ طَلْحَةَ وَ سَعِیدِ بْنِ الْعَاصِ لَقَدِ الْتَفَتُّ إِلَی زَیْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقُلْتُ لَهُ إِیَّاكِ أَعْنِی وَ اسْمَعِی یَا جَارَةِ فَقَالَ لَهُ عُبَیْدُ اللَّهِ یَا سَعِیدَ بْنَ الْعَاصِ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ قَالَ عُبَیْدُ اللَّهِ فَأَخْبَرْتُ عَلِیّاً فَقَالَ لَئِنْ سَلِمْتُ لَأَحْمِلَنَّهُمْ عَلَی الطَّرِیقِ قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ الْعَاصِ لَقَدْ عَلِمَ فِی كَلَامِی أَنِّی أُرِیدُهُ وَ أَصْحَابَهُ بِكَلَامِی وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام أَكْثَرَ مَا یَسْكُنُ الْقَنَاةَ فَبَیْنَا نَحْنُ فِی الْمَسْجِدِ بَعْدَ الصُّبْحِ إِذْ طَلَعَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَجَلَسَا نَاحِیَةً عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام ثُمَّ طَلَعَ مَرْوَانُ وَ سَعِیدٌ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَجَلَسُوا وَ كَانَ عَلِیٌّ علیه السلام جَعَلَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ عَلَی الْخَیْلِ فَقَالَ لِأَبِی الْهَیْثَمِ بْنِ التَّیِّهَانِ وَ لِخَالِدِ بْنِ زَیْدٍ أَبِی أَیُّوبَ وَ لِأَبِی حَیَّةَ وَ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فِی رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُومُوا إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَإِنَّهُ بَلَغَنَا عَنْهُمْ مَا نَكْرَهُ مِنْ خِلَافَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِمَامِهِمْ وَ الطَّعْنِ عَلَیْهِ وَ قَدْ دَخَلَ مَعَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَ الْعَدَاوَةِ فَإِنَّهُمْ سَیَحْمِلُونَهُمْ عَلَی مَا لَیْسَ مِنْ رَأْیِهِمْ فَقَالَ فَقَامُوا وَ قُمْنَا مَعَهُمْ حَتَّی جَلَسُوا إِلَیْهِمْ فَتَكَلَّمَ أَبُو الْهَیْثَمِ بْنُ التَّیِّهَانِ فَقَالَ إِنَّ لَكُمْ لَقِدَماً فِی الْإِسْلَامِ وَ سَابِقَةً وَ قَرَابَةً مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكُمْ طَعْنٌ وَ سَخَطٌ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَإِنْ یَكُنْ أَمْرٌ لَكُمَا خَاصَّةً فَعَاتِبَا ابْنَ عَمَّتِكُمَا وَ إِمَامَكُمَا وَ إِنْ كَانَ نَصِیحَةً لِلْمُسْلِمِینَ فَلَا تُؤَخِّرَاهُ عَنْهُ وَ نَحْنُ عَوْنٌ لَكُمَا فَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ بَنِی أُمَیَّةَ لَنْ تَنْصَحَكُمَا أَبَداً وَ قَدْ عَرَفْتُمَا وَ قَالَ أَحْمَدُ عَرَفْتُمْ عَدَاوَتَهُمْ لَكُمَا وَ قَدْ شَرِكْتُمَا فِی دَمِ عُثْمَانَ وَ مَالَأْتُمَا فَسَكَتَ الزُّبَیْرُ وَ تَكَلَّمَ طَلْحَةُ فَقَالَ افْرُغُوا جَمِیعاً مِمَّا تَقُولُونَ فَإِنِّی قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ فِی كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ خُطْبَةً فَتَكَلَّمَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ أَنْتُمَا صَاحِبَا رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ

ص: 28

أَعْطَیْتُمَا إِمَامَكُمَا للطاعة [الطَّاعَةَ] وَ الْمُنَاصَحَةَ وَ الْعَهْدَ وَ الْمِیثَاقَ عَلَی الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ أَنْ یَجْعَلَ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ أَحْمَدُ وَ جَعَلَ كِتَابَ اللَّهِ إِمَاماً فَفِیمَ السَّخَطُ وَ الْغَضَبُ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَغَضَبُ الرِّجَالِ لِلْحَقِّ انْصُرَا نَصَرَكُمَا اللَّهُ فَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَقَالَ لَقَدْ تَهَذَّرْتَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ مَا لَكَ تَتَعَلَّقُ فِی مِثْلِ هَذَا یَا أَعْبَسُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَقَامَ الزُّبَیْرُ فَقَالَ عَجَّلْتَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ عَلَی ابْنِ أَخِیكَ رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ عَمَّارٌ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَسْمَعَ قَوْلَ مَنْ رَأَیْتَ فَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِینَ لَمْ یَهْلِكْ مَنْ هَلَكَ مِنْكُمْ حَتَّی اسْتَدْخَلَ فِی أَمْرِهِ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ فَقَالَ الزُّبَیْرُ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَسْمَعَ مِنْهُمْ فَقَالَ عَمَّارٌ وَ اللَّهِ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا خَالَفَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام لَمَا خَالَفْتُهُ وَ لَا زَالَتْ یَدِی مَعَ یَدِهِ وَ ذَلِكَ لِأَنَّ عَلِیّاً لَمْ یَزَلْ مَعَ الْحَقِّ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنِّی أَشْهَدُ أَنَّهُ لَا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ أَنَّ یُفَضِّلَ عَلَیْهِ أَحَداً فَاجْتَمَعَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ وَ رِفَاعَةُ وَ أَبُو أَیُّوبَ وَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَتَشَاوَرُوا أَنْ یَرْكَبُوا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام بِالْقَنَاةِ فَیُخْبِرُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ فَرَكِبُوا إِلَیْهِ فَأَخْبَرُوهُ بِاجْتِمَاعِ الْقَوْمِ وَ مَا هُمْ فِیهِ مِنْ إِظْهَارِ الشَّكْوَی وَ التَّعْظِیمِ لِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ قَالَ لَهُ أَبُو الْهَیْثَمِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ انْظُرْ فِی هَذَا الْأَمْرِ فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ دَخَلَ الْمَدِینَةَ وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْخَیْرِ وَ الْفَضْلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَ الْمُهَاجِرِینَ فَقَالُوا لِعَلِیٍّ علیه السلام إِنَّهُمْ قَدْ كَرِهُوا الْأُسْوَةَ وَ طَلَبُوا الْأَثَرَةَ وَ سَخِطُوا لِذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْسَ لِأَحَدٍ فَضْلٌ فِی هَذَا الْمَالِ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ وَ نَبِیُّكُمْ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله وَ سِیرَتُهُ ثُمَّ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَ تَمُنُّونَ عَلَیَّ بِإِسْلَامِكُمْ بَلْ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ الْمَنُّ عَلَیْكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِینَ وَ قَالَ أَحْمَدُ أَ تَمُنُّونَ عَلَی اللَّهِ (1) بِإِسْلَامِكُمْ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْقَرْمُ

ص: 29


1- من قوله: «بل لله و رسوله المن- إلی قوله: - باسلامكم» قد سقط عن الطبعة الكمبانی من هذا الكتاب و أخذناه من أمالی الطوسیّ.

وَ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ جَلَسَ نَاحِیَةَ الْمَسْجِدِ وَ بَعَثَ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَدَعَاهُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُمَا أَ لَمْ تَأْتِیَانِی وَ تُبَایِعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ فَمَا أَنْكَرْتُمْ أَ جَوْرٌ فِی حُكْمٍ أَوِ اسْتِیثَارٌ فِی فَیْ ءٍ قَالا لَا قَالَ أَوْ فِی أَمْرٍ دَعَوْتُمَانِی إِلَیْهِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِینَ فَقَصَّرْتُ عَنْهُ قَالا مَعَاذَ اللَّهِ قَالَ فَمَا الَّذِی كَرِهْتُمَا مِنْ أَمْرِی حَتَّی رَأَیْتُمَا خِلَافِی قَالا خِلَافَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِی الْقَسْمِ وَ انْتِقَاصِنَا حَقَّنَا مِنَ الْفَیْ ءِ جَعَلْتَ حَظَّنَا فِی الْإِسْلَامِ كَحَظِّ غَیْرِنَا فِیمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْنَا بِسُیُوفِنَا مِمَّنْ هُوَ لَنَا فَیْ ءٌ فَسَوَّیْتَ بَیْنَنَا وَ بَیْنَهُمْ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إِنِّی أُشْهِدُكَ وَ أُشْهِدُ مَنْ حَضَرَ عَلَیْهِمَا أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنَ الِاسْتِیثَارِ (1) فَوَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لِی فِی الْوِلَایَةِ رَغْبَةٌ وَ لَا لِی فِیهَا مَحَبَّةٌ وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِی إِلَیْهَا وَ حَمَلْتُمُونِی عَلَیْهَا فَكَرِهْتُ خِلَافَكُمْ فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَیَّ نَظَرْتُ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ مَا وَضَعَ وَ أَمَرَ فِیهِ بِالْحُكْمِ وَ قَسَمَ وَ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمْضَیْتُهُ وَ لَمْ أَحْتَجْ فِیهِ إِلَی رَأْیِكُمَا وَ دُخُولِكُمَا مَعِی وَ لَا غَیْرِكُمَا وَ لَمْ یَقَعْ أَمْرٌ جَهِلْتُهُ فَأَتَقَوَّی فِیهِ بِرَأْیِكُمَا وَ مَشُورَتِكُمَا وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا وَ لَا عَنْ غَیْرِكُمَا إِذَا لَمْ یَكُنْ فِی كِتَابِ اللَّهِ وَ لَا فِی سُنَّةِ نَبِیِّنَا صلی اللّٰه علیه و آله فَأَمَّا مَا كَانَ فَلَا یُحْتَاجُ فِیهِ إِلَی أَحَدٍ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِیهِ وَ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا قَدْ جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَمْ أَحْتَجْ فِیهِ إِلَیْكُمَا قَدْ فَرَغَ مِنْ قَسْمِهِ كِتَابُ اللَّهِ الَّذِی لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَكِیمٍ حَمِیدٍ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا جَعَلْتَنَا فِیهِ كَمَنْ ضَرَبْنَاهُ بِأَسْیَافِنَا وَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَیْنَا وَ قَدْ سَبَقَ رِجَالٌ رِجَالًا فَلَمْ یَضُرَّهُمْ وَ لَمْ یَسْتَأْثِرْهُمْ عَلَیْهِمْ مَنْ سَبَقَهُمْ، لَمْ یَضُرَّهُمْ حِینَ

ص: 30


1- هذا الكلام یدلّ بالصراحة علی أنهما ذكرا فی جملة معاذیرهما قولهما: «إنا أعطیناك ببیعتنا علی أن تستشیرنا و لا تستبد بأمر دوننا» أو نحوه كما مرّ فی روایة أبی جعفر الإسكافیّ، و قد سقط هذه الفقرة هاهنا من هذا الكتاب و من كتاب الامالی أیضا.

اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَ اللَّهِ مَا لَكُمْ وَ لَا لِغَیْرِكُمْ إِلَّا ذَلِكَ أَلْهَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمُ الصَّبْرَ عَلَیْهِ فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ یَتَكَلَّمُ فَأَمَرَ بِهِ فَوُجِئَتْ عُنُقُهُ وَ أُخْرِجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ وَ هُوَ یَصِیحُ وَ یَقُولُ ارْدُدْ إِلَیْهِ بَیْعَتَهُ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَسْتُ مُخْرِجَكُمَا مِنْ أَمْرٍ دَخَلْتُمَا فِیهِ وَ لَا مُدْخِلَكُمَا فِی أَمْرٍ خَرَجْتُمَا مِنْهُ فَقَامَا عَنْهُ وَ قَالا أَمَا إِنَّهُ لَیْسَ عِنْدَنَا أَمْرٌ إِلَّا الْوَفَاءُ قَالَ فَقَالَ علیه السلام رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً رَأَی حَقّاً فَأَعَانَ عَلَیْهِ أَوْ رَأَی جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً لِلْحَقِّ عَلَی مَنْ خَالَفَهُ (1).

بیان:

یخرق به الصراط أی من الأعوام التی یخرق بها الصراط أی یقطع بها.

و فی النهایة قناة واد من أودیة المدینة علیه حرث و مال و زرع و قال

فی حدیث علی علیه السلام أنا أبو حسن القرم.

أی المقدم فی الرأی و القرم فحل الإبل أی أنا فیهم بمنزلة الفحل فی الإبل.

قال الخطابی و أكثر الروایات القوم بالواو و لا معنی له و إنما هو بالراء أی المقدم فی المعرفة و تجارب الأمور.

«10»-الْكَافِیَةُ لِإِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ (2)، عَنِ الْحُسَیْنِ بْنِ عِیسَی عَنْ زَیْدٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَیْمُونَةَ عَنْ أَبِی بَشِیرٍ الْعَائِذِیِّ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِینَةِ حِینَ قُتِلَ عُثْمَانُ فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ فِیهِمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَأَتَوْا عَلِیّاً علیه السلام فَقَالُوا یَا أَبَا الْحَسَنِ هَلُمَّ نُبَایِعْكَ قَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِی أَمْرِكُمْ أَنَا بِمَنِ اخْتَرْتُمْ رَاضٍ قَالُوا مَا نَخْتَارُ غَیْرَكَ وَ اخْتَلَفُوا إِلَیْهِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ مِرَاراً.

ص: 31


1- رواه الشیخ الطوسیّ فی الحدیث الأخیر من المجلس: (26) من المجلد الثانی من أمالیه ص 735.
2- هذا الكتاب من تألیف معلم الأمة الشیخ المفید محمّد بن محمّد بن النعمان و مع الفحص الأكید عنه لم نظفر بعد به.

«11»-وَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِیدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِیِّ عَنْ أَبِی أَرْوَی قَالَ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا بِمَا رَأَتْهُ عَیْنَایَ وَ سَمِعَتْهُ أُذُنَایَ لَمَّا بَرَزَ النَّاسُ لِلْبَیْعَةِ عِنْدَ بَیْتِ الْمَالِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِطَلْحَةَ ابْسُطْ یَدَكَ لِلْبَیْعَةِ فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنِّی وَ قَدِ اسْتَجْمَعَ لَكَ النَّاسُ وَ لَمْ یَجْتَمِعُوا لِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لِطَلْحَةَ وَ اللَّهِ مَا أَخْشَی غَیْرَكَ فَقَالَ طَلْحَةُ لَا تخشی [تَخْشَنِی فَوَ اللَّهِ لَا تُؤْتَی مِنْ قِبَلِی أَبَداً فَبَایَعَهُ وَ بَایَعَ النَّاسُ.

«12»-وَ عَنْ یَحْیَی بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِیهِ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّ أَوَّلَ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ضَرَبَ عَلَی یَدِ عَلِیٍّ بِالْبَیْعَةِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ.

«13»-و عن محمد بن عیسی النهدی عن أبیه عن الصلت بن دینار عن الحسن قال بایع طلحة و الزبیر علیا علیه السلام علی منبر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله طائعین غیر مكرهین.

«14»-وَ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِیمِ بْنِ جُبَیْرٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ: إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَایَعَا عَلِیّاً.

«15»-وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُبَارَكٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عِیسَی قَالَ: إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَتَیَا عَلِیّاً علیه السلام بَعْدَ مَا بَایَعَاهُ بِأَیَّامٍ فَقَالا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ عَرَفْتَ شِدَّةَ مَئُونَةِ الْمَدِینَةِ وَ كَثْرَةَ عِیَالِنَا وَ أَنَّ عَطَاءَنَا لَا یَسَعُنَا قَالَ فَمَا تُرِیدَانِ نَفْعَلُ قَالا تُعْطِینَا مِنْ هَذِهِ الْمَالِ مَا یَسَعُنَا فَقَالَ اطْلُبَا إِلَی النَّاسِ فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَی أَنْ یُعْطُوكُمَا شَیْئاً مِنْ حُقُوقِهِمْ فَعَلْتُ قَالا لَمْ نَكُنْ لِنَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَی النَّاسِ وَ لَمْ یَكُونُوا یَفْعَلُوا لَوْ طَلَبْنَا إِلَیْهِمْ قَالَ فَأَنَا وَ اللَّهِ أَحْرَی أَنْ لَا أَفْعَلَ فَانْصَرَفَا عَنْهُ.

«16»-وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَتَیَا عَلِیّاً علیه السلام فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ فَقَالَ لَهُمَا لَعَلَّكُمَا تُرِیدَانِ الشَّامَ وَ الْبَصْرَةَ فَقَالا اللَّهُمَّ غَفْراً مَا نَنْوِی إِلَّا الْعُمْرَةَ.

«17»-و عن الحسین بن مبارك عن بكر بن عیسی أن علیا أخذ علیهما عهد اللّٰه و میثاقه و أعظم ما أخذ علی أحد من خلقه أن لا یخالفا و لا

ص: 32

ینكثا و لا یتوجها وجها غیر العمرة حتی یرجعا إلیها فأعطیاه ذلك من أنفسهما ثم أذن لهما فخرجا.

«18»-وَ عَنْ أُمِّ رَاشِدٍ مَوْلَاةِ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ دَخَلَا عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُمَا فَلَمَّا وَلَّیَا وَ نَزَلَا مِنْ عِنْدِهِ سَمِعْتُهُمَا یَقُولَانِ لَا وَ اللَّهِ مَا بَایَعْنَاهُ بِقُلُوبِنَا إِنَّمَا بَایَعْنَاهُ بِأَیْدِینَا قَالَتْ فَأَخْبَرْتُ عَلِیّاً علیه السلام بِمَقَالَتِهِمَا فَقَالَ إِنَّ الَّذِینَ یُبایِعُونَكَ إِنَّما یُبایِعُونَ اللَّهَ یَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفی بِما عاهَدَ عَلَیْهُ اللَّهَ فَسَیُؤْتِیهِ أَجْراً عَظِیماً (1).

«19»-(2)شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ حِینَ تَخَلَّفَ عَنْ بَیْعَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَ أُسَامَةُ بْنُ زَیْدٍ مَا رَوَاهُ الشَّعْبِیُّ قَالَ: لَمَّا اعْتَزَلَ سَعْدٌ وَ مَنْ سَمَّیْنَاهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ تَوَقَّفُوا عَنْ بَیْعَتِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ:

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ بَایَعْتُمُونِی عَلَی مَا بُویِعَ عَلَیْهِ مَنْ كَانَ قَبْلِی وَ إِنَّمَا الْخِیَارُ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ یُبَایِعُوا فَإِذَا بَایَعُوا فَلَا خِیَارَ لَهُمْ وَ إِنَّ عَلَی الْإِمَامِ الِاسْتِقَامَةَ وَ عَلَی الرَّعِیَّةِ التَّسْلِیمَ وَ هَذِهِ بَیْعَةٌ عَامَّةٌ مَنْ رَغِبَ عَنْهَا رَغِبَ عَنْ دِینِ الْإِسْلَامِ وَ اتَّبَعَ غَیْرَ سَبِیلَ أَهْلِهِ وَ لَمْ تَكُنْ بَیْعَتُكُمْ إِیَّایَ فَلْتَةً وَ لَیْسَ أَمْرِی وَ أَمْرُكُمْ وَاحِداً وَ إِنِّی أُرِیدُكُمْ لِلَّهِ وَ أَنْتُمْ تُرِیدُونَنِی لِأَنْفُسِكُمْ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأَنْصَحَنَّ لِلْخَصْمِ وَ لَأُنْصِفَنَّ لِلْمَظْلُومِ وَ قَدْ بَلَغَنِی عَنْ سَعْدٍ وَ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَ أُسَامَةَ وَ عَبْدِ اللَّهِ وَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أُمُورٌ كَرِهْتُهَا وَ الْحَقُّ بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ.

ص: 33


1- اقتباس من الآیة العاشرة من سورة الفتح: (48).
2- 19- رواه الشیخ المفید فی الفصل: (16) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 130. و للكلام مصادر أخر یجدها الباحث فی ذیل المختار: (59) من كتاب نهج السعادة: ج 1، ص 208 ط 2.

بیان:

و إنما الخیار أی بزعمكم و علی ما تدعون من ابتناء الأمر علی البیعة لم تكن بیعتكم إیای فلتة تعریض ببیعة أبی بكر.

«20»-(1)

قب، المناقب لابن شهرآشوب فی جمل أنساب الأشراف أنه قال الشعبی فی خبر لما قتل عثمان أقبل الناس لعلی علیه السلام لیبایعوه و قالوا إلیه فمدوا یده فكفها و بسطوها فقبضها حتی بایعوه (2) و فی سائر التواریخ أن أول من بایعه طلحة بن عبید اللّٰه و كانت إصبعه أصیبت یوم أحد فشلت فبصرها أعرابی حین بایع فقال ابتدأ هذا الأمر ید شلاء لا یتم ثم بایعه الناس فی المسجد و یروی أن الرجل كان عبید بن ذویب فقال ید شلاء و بیعة لا تتم و هذا عنی البرقی فی بیته:

و لقد تیقن من تیقن غدرهم***إذ مد أولهم یدا شلاء

«21»- جَبَلَةُ بْنُ سُحَیْمٍ عَنْ أَبِیهِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ عَلِیٌّ علیه السلام جَاءَ إِلَیْهِ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ إِنَّ مُعَاوِیَةَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ قَدْ وَلَّاهُ الشَّامَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَوَلِّهِ أَنْتَ كَیْمَا تَتَّسِقَ عُرَی الْإِسْلَامِ ثُمَّ اعْزِلْهُ إِنْ بَدَا لَكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَ تَضْمَنُ لِی عُمُرِی یَا مُغِیرَةُ فِیمَا بَیْنَ تَوْلِیَتِهِ إِلَی خَلْعِهِ قَالَ لَا قَالَ لَا یَسْأَلُنِیَ اللَّهُ عَنْ تَوْلِیَتِهِ عَلَی رَجُلَیْنِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لَیْلَةً سَوْدَاءَ أَبَداً وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّینَ عَضُداً الْخَبَرَ.

«22»-و لما بویع علی علیه السلام أنشأ خزیمة بن ثابت یقول:

ص: 34


1- 20- 22- رواه ابن شهرآشوب إلی آخر الأبیات المذكورة هاهنا فی آخر قضایا الحكمین و الخوارج من كتاب مناقب آل أبی طالب ج 2 ص 375 ط الغریّ.
2- و لذیل الكلام مصادر، و قد ذكره البلاذری بسندین فی الحدیث: (258) و ما بعده من ترجمة أمیر المؤمنین من أنساب الأشراف: ج 2 209- 210.

إذا نحن بایعنا علیا فحسبنا***أبو حسن مما نخاف من الفتن

وجدناه أولی الناس بالناس إنه***أطب قریش بالكتاب و بالسنن

و إن قریشا لا تشق غباره***إذا ما جری یوما علی ضمر البدن

ففیه الذی فیهم من الخیر كله***و ما فیهم مثل الذی فیه من حسن

وصی رسول اللّٰه من دون أهله***و فارسه قد كان فی سالف الزمن

و أول من صلی من الناس كلهم***سوی خیرة النسوان و اللّٰه ذی المنن

و صاحب كبش القوم فی كل وقعة***یكون لها نفس الشجاع لدی الذقن

فذاك الذی تثنی الخناصر باسمه*** إمامهم حتی أغیب بی [فی] الكفن

و قال أبو العباس أحمد بن عطیة:

رأیت علیا خیر من وطئ الحصا***و أكرم خلق اللّٰه من بعد أحمد

وصی رسول المرتضی و ابن عمه***و فارسه المشهور فی كل مشهد

تخیره الرحمن من خیر أسرة***لأطهر مولود و أطیب مولد

إذا نحن بایعنا علیا فحسبنا*** ببیعته بعد النبی محمد

بیان: أطب قریش أی أعلمهم و رجل طبّ بالفتح أی عالم تكون لها أی لشدة الواقعة نفس الشجاع و روحه للخوف منها عند الذقن أی مشرفة علی مفارقة البدن.

أقول: سیأتی فی أعمال یوم النیروز

عن المعلی بن خنیس عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أن الیوم الذی بویع فیه أمیر المؤمنین ثانیة كان یوم النیروز

«23»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا أُرِیدُ عَلَی الْبَیْعَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ دَعُونِی وَ الْتَمِسُوا غَیْرِی فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَ أَلْوَانٌ لَا یَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَ لَا تَثْبُتُ عَلَیْهِ الْعُقُولُ وَ إِنَّ الْآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَ الْحُجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ

ص: 35


1- 23- رواه السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (90) من كتاب نهج البلاغة.

وَ اعْلَمُوا أَنِّی إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَی قَوْلِ الْقَائِلِ وَ عَتْبِ الْعَاتِبِ وَ إِنْ تَرَكْتُمُونِی فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ وَ لَعَلِّی أَسْمَعُكُمْ وَ أَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّیْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ وَ أَنَا لَكُمْ وَزِیراً خَیْرٌ لَكُمْ مِنِّی أَمِیراً.

تبیین:

المخاطبون بهذا الخطاب هم الطالبون للبیعة بعد قتل عثمان و لما كان الناس نسوا سیرة النبی و اعتادوا بما عمل فیهم خلفاء الجور من تفضیل الرؤساء و الأشراف لانتظام أمورهم و أكثرهم إنما نقموا علی عثمان استبداده بالأموال كانوا یطمعون منه علیه السلام أن یفضلهم أیضا فی العطاء و التشریف و لذا نكث طلحة و الزبیر فی الیوم الثانی من بیعته و نقموا علیه التسویة فی العطاء و قالوا آسیت بیننا و بین الأعاجم و كذلك عبد اللّٰه بن عمر و سعید بن العاص و مروان و أضرابهم و لم یقبلوا ما قسم لهم فهؤلاء القوم لما طلبوا البیعة بعد قتل عثمان قال علیه السلام دعونی و التمسوا غیری إتماما للحجة علیهم و أعلمهم باستقبال أمور لها وجوه و ألوان لا یصبرون علیها و أنه بعد البیعة لا یجیبهم إلی ما طمعوا فیه و لا یصغی إلی قول القائل و عتب العاتب بل یقیمهم علی المحجة البیضاء و یسیر فیهم بسیرة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

قوله و إن الآفاق قد أغامت أی أظلمت بغیم سنن أرباب البدع و خفاء شمس الحق تحت سحاب شبه أهل الباطل و المحجة جادة الطریق و تنكّرها تغیرها و خفاؤها قوله علیه السلام ركبت بكم أی جعلتكم راكبین و تركهم إیاه عدم طاعتهم له و اختیار غیره للبیعة حتی لا تتم شرائط الخلافة لعدم الناصر

كقوله علیه السلام فی الشقشقیة لو لا حضور الحاضر و قیام الحجة بوجود الناصر لألقیت حبلها علی غاربها.

و لیس الغرض ردعهم عن البیعة الواجبة بل إتمام للحجة و إبطال لما علم علیه السلام من ادعائهم الإكراه علی البیعة كما فعل طلحة و الزبیر بعد النكث مع أن المرء حریص علی ما منع و الطبع نافر عما سورع إلی إجابته و الوزیر من یحمل عن الملك ثقل التدبیر.

ص: 36

و قال ابن أبی الحدید (1) كما هو دأبه أن یأتی بالحق ثم عنه یحید هذا الكلام یحمله أصحابنا علی ظاهره و یقولون إنه علیه السلام لم یكن منصوصا علیه بالإمامة و إن كان أولی الناس بها لأنه لو كان منصوصا علیه لما جاز أن یقول دعونی و التمسوا غیری.

ثم ذكر تأویل الإمامیة منه أن یسیر فیهم بسیرة الخلفاء و یفضل بعضهم علی بعض فی العطاء أو بأن الكلام خرج مخرج التضجر و التسخط لأفعال الذین عدلوا عنه علیه السلام قبل ذلك للأغراض الدنیویة أو بأنه خرج مخرج التهكم كقوله تعالی ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْكَرِیمُ أی بزعمك ثم قال و اعلم أن ما ذكروه لیس ببعید لو دل علیه دلیل فأما إذا لم یدل علیه دلیل فلا یجوز صرف اللفظ عن ظاهره.

و لا یخفی علی اللبیب أنه بعد الإغماض عن الأدلة القاهرة و النصوص المتواترة لا فرق بین المذهبین فی وجوب التأویل و لا یستقیم الحمل علی ظاهره إلا علی القول بأن إمامته علیه السلام كانت مرجوحة و أن كونه وزیرا أولی من كونه أمیرا و هو ینافی القول بالتفضیل الذی قال به فإنه علیه السلام إذا كان أحق الإمامة و بطل تفضیل المفضول علی ما هو الحق و اختاره أیضا كیف یجوز للناس أن یعدلوا عنه إلی غیره و كیف یجوز له علیه السلام أن یأمر الناس بتركه و العدول عنه إلی غیره مع عدم ضرورة تدعو إلی ترك الإمامة و مع وجود الضرورة كما جاز ترك الإمامة الواجبة بالدلیل جاز ترك الإمامة المنصوص علیها فالتأویل واجب علی التقدیرین و لا نعلم أحدا قال بتفضیل غیره علیه و رجحان العدول إلی أحد سواه فی ذلك الزمان.

ص: 37


1- ذكره فی شرح المختار: (91) من خطب نهج البلاغة من شرحه: ج 2 ص 597 طبع الحدیث ببیروت.

علی أن الظاهر للمتأمل فی أجزاء الكلام حیث علل الأمر بالتماس الغیر باستقبال أمر لا تقوم له القلوب و تنكر المحجة و أنه إن أجابهم حملهم علی الحق هو أن السبب فی ذلك المانع دون عدم النص و أنه لم یكن متعینا للإمامة أو لم یكن أحق و أولی به و نحو ذلك و لعل الوجه فی قوله علیه السلام لعلی أسمعكم و أطوعكم هو أنه إذا تولی الغیر أمر الإمامة و لم تتم الشرائط فی خلافته علیه السلام لم یكن لیعدل عن مقتضی التقیة بخلاف سائر الناس حیث یجوز الخطأ علیهم.

و أما قوله فأنا لكم وزیرا خیر لكم منی أمیرا فلعل المراد بالخیریة فیه موافقة الغرض أو سهولة الحال فی الدنیا فإنه علیه السلام علی تقدیر الإمامة و بسط الید لا یجب علیه العمل بمحض الحق و هو یصعب علی النفوس و لا یحصل به آمال الطامعین بخلاف ما إذا كان وزیرا فإن الوزیر یشیر بالرأی مع تجویز التأثیر فی الأمیر و عدم الخوف و نحوه من شرائط الأمر بالمعروف و لعل الأمیر الذی یولونه الأمر یری فی كثیر من الأمور ما یطابق آمال القوم و یوافق أطماعهم و لا یعمل بما یشیر به الوزیر فیكون وزارته أوفق لمقصود القوم فالحاصل أن ما قصدتموه من بیعتی لا یتم لكم و وزارتی أوفق لغرضكم و الغرض إتمام الحجة كما عرفت.

«24»-(1)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْحُسَیْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبَزَوْفَرِیِّ عَنْ حُمَیْدِ بْنِ زِیَادٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ صَالِحٍ الْأَنْمَاطِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: لَمَّا أَصْبَحَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ الْبَیْعَةِ دَخَلَ بَیْتَ الْمَالِ وَ دَعَی بِمَالٍ كَانَ قَدِ اجْتَمَعَ فَقَسَمَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ بَیْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ أَعْتَقْتُ هَذَا الْغُلَامَ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ مِثْلَ مَا أَعْطَی سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ.

ص: 38


1- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الأخیر من المجلد الثانی من أمالیه ص 697.

«25»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ وَ لَمَعَ لَامِعٌ وَ لَاحَ لَائِحٌ وَ اعْتَدَلَ مَائِلٌ وَ اسْتَبْدَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ قَوْماً وَ بِیَوْمٍ یَوْماً وَ انْتَظَرْنَا الْغِیَرَ انْتِظَارَ الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ وَ إِنَّمَا الْأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللَّهِ عَلَی خَلْقِهِ وَ عُرَفَاؤُهُ عَلَی عِبَادِهِ وَ لَا یَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ وَ لَا یَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَ أَنْكَرُوهُ وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی خَصَّكُمْ بِالْإِسْلَامِ وَ اسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ وَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْمُ سَلَامَةٍ وَ جِمَاعُ كَرَامَةٍ اصْطَفَی اللَّهُ تَعَالَی مَنْهَجَهُ وَ بَیَّنَ حُجَجَهُ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ وَ بَاطِنِ حُكْمٍ لَا تَفْنَی غَرَائِبُهُ وَ لَا تَنْقَضِی عَجَائِبُهُ فِیهِ مَرَابِیعُ النِّعَمِ وَ مَصَابِیحُ الظُّلَمِ لَا تُفْتَحُ الْخَیْرَاتُ إِلَّا بِمَفَاتِیحِهِ وَ لَا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِمَصَابِیحِهِ قَدْ أَحْمَی حِمَاهُ وَ أَرْعَی مَرْعَاهُ فِیهِ شِفَاءُ الْمُشْتَفِی وَ كِفَایَةُ الْمُكْتَفِی.

توضیح:

قیل هذه خطبة خطب بها علیه السلام بعد قتل عثمان و انتقال الخلافة إلیه و یمكن أن یكون المراد بطلوع الطالع ظهور إمرته و خلافته علیه السلام و أن یشیر بلموع اللامع إلی ظهورها من حیث هی حق له و سطوع أنوار العدل بصیرورتها إلیه و بلوح اللائح إلی الحروب و الفتن الواقعة بعد انتقال الأمر إلیه.

و قیل المراد بالجمیع واحد فیحتمل أن یكون المراد طلع ما كان طالعا فإن الخلافة كانت له علیه السلام حقیقة أی طلع ظاهرا ما كان طالعا حقیقة كقوله علیه السلام و اعتدل مائل أی الخلافة التی كانت مائلة عن مركزها أو أركان الدین القویم.

و لعل انتظار الغیر كنایة عن العلم بوقوعه أو الرضی بما قضی اللّٰه من ذلك و المراد بالغیر ما جری قبل ذلك من قتل عثمان و انتقال الأمر إلیه علیه السلام أو ما سیأتی من الحروب و الوقائع و الأول أنسب.

قوله علیه السلام قوام اللّٰه أی یقومون بمصالحهم و قیم المنزل هو

ص: 39


1- 25- رواه الشریف الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (150) من باب خطب نهج البلاغة.

المدبر له و العرفاء جمع عریف و هو القیم بأمور القبیلة و الجماعة یلی أمورهم و یتعرف الأمیر منه أحوالهم فعیل بمعنی فاعل إلا من عرفهم أی بالإمامة و عرفوه أی بالتشیع و الولایة و منكرهم من لم یعرفهم و لم یقر بما أتوا به من ضروریات الدین فهو منكر لهم.

قوله علیه السلام لأنه اسم سلامة أی الإسلام مشتق من السلامة و قال الجوهری جماع الشی ء بالكسر جمعه یقال الخمر جماع الإثم و المرابیع الأمطار التی تجی ء فی أول الربیع فیكون سببا لظهور الكلإ و یقال أحمیت المكان أی جعلته حمی.

قال ابن أبی الحدید أحماه أی جعله عرضة لأن یحمی أی عرض اللّٰه سبحانه حماه و محارمه لأن یجتنب و أرعی مرعاه لأن یرعی أی مكن من الانتفاع بمواعظه لأنه خاطبنا بِلِسانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ و یمكن أن یقال المعنی جعل له حرمات و نهی عن انتهاكها أو ارتكاب نواهیه و تعدی حدوده و رخصا أباح للناس التمتع بها.

أو المراد بقوله علیه السلام قد أحمی حماه منع المغیرین من تغییر قواعده و بقوله أرعی مرعاه مكن المطیعین من طاعته التی هی الأغذیة الروحانیة للصالحین كما أن النبات غذاء للبهائم.

«26»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی أَوَّلِ خِلَافَتِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِیاً بَیَّنَ فِیهِ الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ فَخُذُوا نَهْجَ الْخَیْرِ تَهْتَدُوا وَ اصْدِفُوا عَنْ سَمْتِ الشَّرِّ تَقْصِدُوا الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا إِلَی اللَّهِ تُؤَدِّكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی حَرَّمَ حَرَاماً غَیْرَ مَجْهُولٍ وَ أَحَلَّ حَلَالًا غَیْرَ مَدْخُولٍ وَ فَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَی الْحُرَمِ كُلِّهَا وَ شَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَ التَّوْحِیدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِینَ فِی مَعَاقِدِهَا فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لَا یَحِلُّ أَذَی الْمُسْلِمِ إِلَّا بِمَا یَجِبُ

ص: 40


1- 26- ذكره السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (165) من باب خطب نهج البلاغة. وقریبا منه رواه أیضا الطبری فی أوائل حوادث سنة: (٣٥) من تاریخه.

بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ وَ هُوَ الْمَوْتُ فَإِنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ وَ إِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا یُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ فِی عِبَادِهِ وَ بِلَادِهِ فَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّی عَنِ الْبِقَاعِ وَ الْبَهَائِمِ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ لَا تَعْصُوهُ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الْخَیْرَ فَخُذُوا بِهِ وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا عَنْهُ.

بیان:

و اصدفوا أی أعرضوا عن طریقه و القصد العدل و نصب الفرائض علی الإغراء.

قوله علیه السلام و شد بالإخلاص أی ربط الحقوق بها فأوجب علی المخلصین الموحدین المحافظة علی حقوق المسلمین.

قوله و خاصة أحدكم قال ابن أبی الحدید الموت و إن كان عاما لكل حیوان إلا أن له مع كل حیوان خصوصیة و كیفیة مخالفة مع غیره فإن الناس أمامكم أی سبقوكم إلی الموت و فی بعض النسخ البأس بالباء الموحدة مع الهمزة أی الفتنة تحدوكم أی تسوقكم و الحداء سوق الإبل و الغناء لها تخففوا أی بالقناعة من الدنیا بالیسیر و ترك الحرص علیها و ارتكاب المأثم فإن المسافر الخفیف أحری بلحوق أصحابه و بالنجاة إنما ینتظر أی للبعث و النشور.

«27»-(1)

فس، تفسیر القمی أَبِی عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ جَمِیلٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بَعْدَ مَا بُویِعَ لَهُ بِخَمْسَةِ أَیَّامٍ خُطْبَةً فَقَالَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ لِكُلِّ حَقٍّ طَالِباً وَ لِكُلِّ دَمٍ ثَائِراً وَ الطَّالِبُ كَقِیَامِ الثَّائِرِ بِدِمَائِنَا وَ الْحَاكِمُ فِی حَقِّ نَفْسِهِ هُوَ الْعَدْلُ الَّذِی لَا یَحِیفُ وَ الْحَاكِمُ الَّذِی لَا یَجُورُ وَ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ

ص: 41


1- 27- رواه علیّ بن إبراهیم رفع اللّٰه مقامه فی تفسیر الآیة: (25) من سورة النحل من تفسیره: ج 1، ص 384 و لفقرات الكلام شواهد و مصادر ذكر بعضها فی ذیل المختار: (68) من باب خطب نهج السعادة: ج 1، ص 235 ط 2.

وَ اعْلَمُوا أَنَّ عَلَی كُلِّ شَارِعِ بِدْعَةٍ وِزْرَهُ وَ وِزْرَ كُلِّ مُقْتَدٍ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ مِنْ غَیْرِ أَنْ یَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِ الْعَامِلِینَ شَیْئاً وَ سَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنَ الظَّلَمَةِ مأكل [مَأْكَلًا] بِمَأْكَلٍ وَ مشرب [مَشْرَباً] بِمَشْرَبٍ مِنْ لُقَمِ الْعَلْقَمِ وَ مَشَارِبِ الصَّبِرِ الْأَدْهَمِ فَلْیَشْرَبُوا الصُّلْبَ مِنَ الرَّاحِ السَّمَّ المذاف [الْمُدَافَ وَ لْیَلْبَسُوا دِثَارَ الْخَوْفِ دَهْراً طَوِیلًا وَ لَهُمْ بِكُلِّ مَا أَتَوْا وَ عَمِلُوا مِنْ أَفَارِیقِ الصَّبِرِ الْأَدْهَمِ فَوْقَ مَا أَتَوْا وَ عَمِلُوا أَمَا إِنَّهُ لَمْ یَبْقَ إِلَّا الزَّمْهَرِیرُ مِنْ شِتَائِهِمْ وَ مَا لَهُمْ مِنَ الصَّیْفِ إِلَّا رَقْدَةٌ وَ یَحْبِسُهُمْ و مَا تَوَازَرُوا وَ جَمَعُوا عَلَی ظُهُورِهِمْ مِنَ الْآثَامِ فَیَا مَطَایَا الْخَطَایَا وَ یَا زَوْرَ الزَّوْرِ وَ أَوْزَارَ الْآثَامِ مَعَ الَّذِینَ ظَلَمُوا اسْمَعُوا وَ اعْقِلُوا وَ تُوبُوا وَ ابْكُوا عَلَی أَنْفُسِكُمْ فَ سَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ لَتَحْمِلَنَّهَا بَنُو أُمَیَّةَ مِنْ بَعْدِی وَ لَیَعْرِفُنَّهَا فِی دَارِ غَیْرِهِمْ عَمَّا قَلِیلٍ فَلَا یُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ وَ عَلَی الْبَادِی یَعْنِی الْأَوَّلَ مَا سَهَّلَ لَهُمْ مِنْ سَبِیلِ الْخَطَایَا مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ وَ أَوْزَارِ كُلِّ مَنْ عَمِلَ بِوِزْرِهِمْ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِینَ یُضِلُّونَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما یَزِرُونَ

إیضاح:

و الطالب كقیام الثائر أی طلب الطالب للحق كقیام الطالب بدمائنا و الثأر بالهمز الدم و الطلب به و قاتل حمیمك و الثائر من لا یبقی علی شی ء حتی یدرك ثأره ذكره الفیروزآبادی و الحاكم فی حق نفسه و لعل المعنی أن فی قتلنا حقا لنا و حقا لله تعالی حیث قتلوا حجته و ولیه و القائم یطلب حقنا و اللّٰه العادل یحكم فی حق نفسه أن علی كل شارع بدعة وزره شرع لهم كمنع سن و قوله وزره اسم إن و خبره الظرف المقدم أی یلزم مبدع البدعة و محدثها وزر نفسه و وزر كل من اقتدی به من لقم العلقم اللقم جمع اللقمة و العلقم الحنظل و كل شی ء مر و الأدیم الأسود فلیشربوا الصلب أی الشدید الغلیظ فإن شربه أعسر أو هو تصحیف الصئب بالهمزة یقال صئب من الشراب كفرح إذا روی و امتلأ و الصبب بالباء محركة بمعنی المصبوب و الراح الخمر أطلق هنا تهكما و الدوف الخلط و البل بماء و نحوه و قال الفیروزآبادی الفرقة السقاء الممتلئ لا یستطاع یمخض حتی یفرق و الطائفة من الناس و الجمع فرق و جمع الجمع أفاریق

ص: 42

إلا الزمهریر من شتائهم أی لم یبق من شدائد الدنیا إلا ما أصابهم من تلك الشدة و لیس لهم فی ذلك أجر إلا رقدة بالهاء أی إلا نومة و فی بعض النسخ بالفاء مع الضمیر و الرفد بالكسر العطاء و بالكسر و الفتح القدح الضخم و الحاصل أنه لم یبق لهم من راحة الدنیا إلا راحة قلیلة ذهبت عنهم و یحبسهم ما توازروا أی یحبسهم یوم القیامة أوزارهم و فی بعض النسخ و ما توازروا أی یحبسهم اللّٰه و یا زور الزور قال فی القاموس الزورة الناقة التی تنظر بمؤخر عینها لشدتها و لعل فی بعض الفقرات تصحیفات.

«28»-(1)

شا، الإرشاد مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام النَّاسَ بِالْمَدِینَةِ فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ یَقْصِمْ جَبَّارِی دَهْرٍ قَطُّ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَمْهِیلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَمْ یَجْبُرْ كَسْرَ عَظْمِ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَزْلٍ وَ بَلَاءٍ أَیُّهَا النَّاسُ وَ فِی دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ خَطْبٍ وَ اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ عَتْبٍ مُعْتَبَرٌ وَ مَا كُلُّ ذِی قَلْبٍ بِلَبِیبٍ وَ لَا كُلُّ ذِی سَمْعٍ بِسَمِیعٍ وَ لَا كُلُّ ذِی نَاظِرِ عَیْنٍ بِبَصِیرٍ أَلَا فَأَحْسِنُوا النَّظَرَ عِبَادَ اللَّهِ فِیمَا یَعْنِیكُمْ ثُمَّ انْظُرُوا إِلَی عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَبَادَهُ اللَّهُ بعلمه [بِعَمَلِهِ] كَانُوا عَلَی سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَهْلَ جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ مَقامٍ كَرِیمٍ فَهَا هِیَ عَرْصَةُ الْمُتَوَسِّمِینَ وَ إِنَّها لَبِسَبِیلٍ مُقِیمٍ تُنْذِرُ مَنْ یأتها [نَابَهَا] مِنَ الثُّبُورِ بَعْدَ النَّضْرَةِ وَ السُّرُورِ وَ مُقِیلٌ مِنَ الْأَمْنِ وَ الْحُبُورِ وَ لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ فَوَاهاً لِأَهْلِ الْعُقُولِ كَیْفَ أَقَامُوا بِمَدْرَجَةِ السُّیُولِ وَ اسْتَضَافُوا غَیْرَ مَأْمُونٍ وَیْساً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْجَائِرَةِ فِی قَصْدِهَا الرَّاغِبَةِ عَنْ رُشْدِهَا لَا یَقْتَفُونَ أَثَرَ نَبِیٍّ وَ لَا یَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِیٍّ وَ لَا یُؤْمِنُونَ بِغَیْبٍ وَ لَا یَرْعَوُونَ مِنْ عَیْبٍ كَیْفَ

ص: 43


1- 28- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (52) مما اختار من كلام الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 155.

وَ مَفْزَعُهُمْ فِی الْمُبْهَمَاتِ إِلَی قُلُوبِهِمْ وَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ أَخَذَ مِنْهَا فِیمَا یَرَی بِعُرًی ثِقَاتٍ لَا یَأْلُونَ قَصْداً وَ لَنْ یَزْدَادُوا إِلَّا بُعْداً لِشِدَّةِ أُنْسِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِهِمْ وَ تَصْدِیقِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً حِیَاداً كُلُّ ذَلِكَ عَمَّا وَرَّثَ الرَّسُولُ وَ نُفُوراً عَمَّا أُدِّیَ إِلَیْهِ مِنْ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِینَ الْعَلِیمِ الْخَبِیرِ فَهُمْ أَهْلُ عَشَوَاتٍ وَ كُهُوفُ شُبُهَاتٍ قَادَةُ حَیْرَةٍ وَ رِیبَةٍ مِمَّنْ وُكِّلَ إِلَی نَفْسِهِ فَاغْرَوْرَقَ فِی الْأَضَالِیلِ هَذَا وَ قَدْ ضَمِنَ اللَّهُ قَصْدَ السَّبِیلِ لِیَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ فَیَا مَا أَشْبَهَهَا مِنْ أُمَّةٍ صَدَرَتْ عَنْ وَلَائِهَا وَ رَغِبَتْ عَنْ رُعَاتِهَا وَ یَا أَسَفاً أَسَفاً یَكْلِمُ الْقَلْبَ وَ یُدْمِنُ الْكَرْبَ مِنْ فَعَلَاتِ شِیعَتِنَا بَعْدَ مَهْلِكِی عَلَی قُرْبِ مَوَدَّتِهَا وَ تَأَشُّبِ أُلْفَتِهَا كَیْفَ یَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ تَحَوَّلَ أُلْفَتُهَا بُغْضاً فَلِلَّهِ الْأُسْرَةُ الْمُتَزَحْزِحَةُ غَداً عَنِ الْأَصْلِ الْمُخَیِّمَةُ بِالْفَرْعِ الْمُؤَمِّلَةُ الْفَتْحَ مِنْ غَیْرِ جِهَتِهِ الْمُتَوَكِّفَةُ الرَّوْحَ مِنْ غَیْرِ مَطْلَعِهِ كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ مُعْتَصِمٌ بِغُصْنٍ آخِذٌ بِهِ أَیْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ مَعَ أَنَّ اللَّهَ وَ لَهُ الْحَمْدُ سَیَجْمَعُهُمْ كَقَزَعِ الْخَرِیفِ وَ یُؤَلِّفُ بَیْنَهُمْ وَ یَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ یَفْتَحُ اللَّهُ لَهُمْ أَبْوَاباً یَسِیلُونَ مِنْ مُسْتَشَارِهِمْ إِلَیْهَا كَسَیْلِ الْعَرِمِ حَیْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَیْهِ قَارَةٌ وَ لَمْ تَمْنَعْ مِنْهُ أَكَمَةٌ وَ لَمْ یَرُدَّ رُكْنُ طَوْدٍ سَنَنَهِ یَغْرِسُهُمُ اللَّهُ فِی بُطُونِ أَوْدِیَةٍ یُسْلِكُهُمْ یَنابِیعَ فِی الْأَرْضِ یَنْفِی بِهِمْ عَنْ حُرُمَاتِ قَوْمٍ وَ یُمَكِّنُ لَهُمْ فِی دِیَارِ قَوْمٍ لِكَیْ لَا یَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا یُضَعْضِعُ اللَّهُ بِهِمْ رُكْناً وَ یَنْقُضُ بِهِمْ عَلَی الْجَنْدَلِ مِنْ إِرَمَ وَ یَمْلَأُ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّیْتُونِ

ص: 44

الْخِیَرَةُ بَلْ لِلَّهِ الْخِیَرَةُ وَ الْأَمْرُ جَمِیعاً (1).

بیان:

قوله علیه السلام إلی عرصات من قد أباده اللّٰه أی انظروا إلی دیار من قد أهلكه اللّٰه بعمله كالخلفاء الثلاثة خصوصا عثمان فها هی أی عرصات هؤلاء عرصة المتوسمین و المتفكرین فی الدنیا و عواقبها المعتبرین بها وَ إِنَّها لَبِسَبِیلٍ مُقِیمٍ أی عرصاتهم و منازلهم علی سبیلكم تنظرون إلیها صباحا و مساء تنذر تلك العرصة من یأتها معتبرا بلسان الحال بالویل و الثبور بعد ما كان أصحابها فی النضرة و السرور و الحبور كالسرور لفظا و معنی.

و استضافوا أی طلبوا الضیافة أو قبلوها ممن لا یؤمن من الغدر و هو الدنیا.

ویسا لهذه الأمة قال الفیروزآبادی فی القاموس ویس كلمة تستعمل فی موضع رأفة و استملاح للصبی و الویس الفقر.

و فی بعض النسخ و یا لهذه الأمة أی یا قوم اعجبوا لهم لا یألون قصدا أی لا یقصرون فی قصد الخیرات أو فی طلب قصد السبیل و وسطه بزعمهم لكن لقصور علمهم لا یزیدون إلا بعدا.

و فی بعض النسخ لا یأتون و هو أصوب و قد ضمن اللّٰه إشارة إلی قوله تعالی وَ عَلَی اللَّهِ قَصْدُ السَّبِیلِ فیا ما أشبهها (2) أی یا قوم ما أشبه هذه الأمة بأمة كذا تعریضا لهم و إعراضا عن التصریح بصدور هذه الأعمال منهم.

و الأظهر ما فی الكافی فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها و فی الصحاح تأشب القوم اختلطوا و ائتشبوا أیضا یقال جاء فلان فیمن تأشب

ص: 45


1- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (52) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد ص 155.
2- و كان فی اصلی مكتوب فوق هذه الجملة بین الاسطر: «فیا من اشبهها».

إلیه أی انضم إلیه و قال تزحزح تنحی و قال خیم بالمكان أی أقام و التوكف الترقب و الانتظار و الحاصل أنهم تفرقوا عن أئمة الحق و لم ینصروهم و تعلقوا بالأغصان و الفروع التی لا ینفع التعلق بها كمختار و أبی مسلم و زید و یحیی و إبراهیم و أمثالهم. (1) قوله علیه السلام سیجمعهم إشارة إلی اجتماعهم علی أبی مسلم لدفع بنی أمیة و الآنك بضم النون الأسرب.

قوله علیه السلام و لعل اللّٰه یجمع شیعتی إشارة إلی ظهور القائم علیه السلام و قد مر و سیأتی مزید توضیح للخطبة عند إیرادها بسند آخر.

«29»-(2)

نی، الغیبة للنعمانی الْكُلَیْنِیُّ عَنْ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ یَعْقُوبَ السَّرَّاجِ وَ عَلِیِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ خَطَبَ خُطْبَةً ذَكَرَهَا یَقُولُ فِیهَا أَلَا إِنَّ بَلِیَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَیْئَتِهَا یَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّكُمْ وَ الَّذِی بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً وَ لَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً حَتَّی یَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَیَسْبِقَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَیُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَ هَذَا الْیَوْمِ.

ص: 46


1- ذكر المثال فی القضیة بالمختار و أبی مسلم لیس بصواب اذ كل ما قیل فی حقّ المختار من جهات الضعف و الانحراف فهو من مفتریات شیعة بنی أمیّة، و أمّا أبو مسلم فهو من شیعة بنی العباس لا غیر.
2- 29- رواه النعمانیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث: (132) فی باب: «ما یلحق الشیعة من التمحیص ...» و هو الباب (12) من كتاب الغیبة ص 135، ط بیروت.

«30»-(1)

نهج، نهج البلاغة ذِمَّتِی بِمَا أَقُولُ رَهِینَةٌ وَ أَنَا بِهِ زَعِیمٌ إِنَّ مَنْ صَرَّحَتْ لَهُ الْعِبَرُ عَمَّا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْمَثُلَاتِ حَجَرَهُ التَّقْوَی عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ أَلَا وَ إِنَّ بَلِیَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَیْئَتِهَا یَوْمَ بَعَثَ اللَّهُ نَبِیَّهُ لَهُ وَ لَتُسَاطُنَّ سَوْطَ الْقِدْرِ حَتَّی یَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَ أَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ وَ لَیَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا وَ لَیُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا وَ اللَّهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً وَ لَا كَذَبْتُ كِذْبَةً وَ لَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَ هَذَا الْیَوْمِ أَلَا وَ إِنَّ الْخَطَایَا خَیْلٌ شُمُسٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ خُلِعَتْ لُجُمُهَا فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ فِی النَّارِ أَلَا وَ إِنَّ التَّقْوَی مَطَایَا ذُلُلٌ حُمِلَ عَلَیْهَا أَهْلُهَا وَ أُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ بَاطِلٌ وَ لِكُلٍّ أَهْلٌ فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِیماً فَعَلَ وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّمَا وَ لَعَلَّ وَ لَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَیْ ءٌ فَأَقْبَلَ.

بیان:

الزعیم الكفیل أن من صرحت أی كشفت و المثلات العقوبات و قحم فی الأمر و تقحمه رمی بنفسه فیه و الشبهات ما اشتبه حقیته و حلیته.

و قیل أراد بالشبهات ما یتوهم كونه حقا ثابتا باقیا من الأمور الزائلة الفانیة و قد مر تفسیر باقی الكلام فی باب شكایته علیه السلام.

ص: 47


1- 30- ذكره السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (16) من باب الخطب من نهج البلاغة ثمّ قال السیّد رحمه اللّٰه إن فی هذا الكلام الأدنی من مواقع الاحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان و إن حظ العجب منه أكثر من حظ العجب به و فیه مع الحال التی وصفنا زوائد من الفصاحة لا یقوم بها لسان و لا یطلع فجها إنسان و لا یعرف ما أقوله إلّا من ضرب فی هذه الصناعة بحق و جری فیها علی عرق و ما یعقلها الا العالمون.

«31»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام وَ قَدْ قَالَ لَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ نُبَایِعُكَ عَلَی أَنَّا شُرَكَاؤُكَ فِی هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ علیه السلام لَا وَ لَكِنَّكُمَا شَرِیكَانِ فِی الْقُوَّةِ وَ الِاسْتِعَانَةِ وَ عَوْنَانِ عَلَی الْعَجْزِ وَ الْأَوَدِ.

بیان:

قال ابن أبی الحدید أی إذا قوی أمر الإسلام بی قویتما أنتما أیضا و الاستعانة هنا الفوز و الظفر و عونان علی العجز و الأود أی العوج.

و قال ابن میثم رحمه اللّٰه أی علی رفع ما یعرض منهما أو حال وجودهما إذ كلمة علی تفید الحال.

وَ رَوَی ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ أَنَّهُ قَالَ فِی جَوَابِهِمَا أَمَّا الْمُشَارَكَةُ فِی الْخِلَافَةِ فَكَیْفَ یَكُونُ ذَلِكَ وَ هَلْ یَصِحُّ أَنْ یُدَبِّرَ أَمْرَ الرَّعِیَّةِ إِمَامَانِ وَ هَلْ یَجْمَعُ السَّیْفَانِ وَیْحَكَ فِی غِمْدٍ.

«32»-(2)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا عُوتِبَ عَلَی التَّسْوِیَةِ فِی الْعَطَاءِ أَ تَأْمُرُونِّی أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِیمَنْ وُلِّیتُ عَلَیْهِ وَ اللَّهِ لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِیرٌ وَ مَا أَمَّ نَجْمٌ فِی السَّمَاءِ نَجْماً لَوْ كَانَ الْمَالُ لِی لَسَوَّیْتُ بَیْنَهُمْ فَكَیْفَ وَ إِنَّمَا الْمَالُ لَهُمْ فَكَیْفَ وَ إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ علیه السلام أَلَا وَ إِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِی غَیْرِ حَقِّهِ تَبْذِیرٌ وَ إِسْرَافٌ وَ هُوَ یَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِی الدُّنْیَا وَ یَضَعُهُ فِی الْآخِرَةِ وَ یُكْرِمُهُ فِی النَّاسِ وَ یُهِینُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَمْ یَضَعِ امْرُؤٌ مَالَهُ

ص: 48


1- 31- ذكره السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (202) من قصار نهج البلاغة. وما ذكره المصنف عن ابن أبی الحدید، ذكره فی شرح الكلام فی ج ٥ ص ٤٨٨ ط الحدیث ببیروت.
2- 32- ذكره السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (125) من نهج البلاغة. وله مصادر أخر یجدها الباحث فی ذیل المختار: (٢٧٨) من نهج السعادة: ج ٢ ص ٤٥٣

فِی غَیْرِ حَقِّهِ وَ عِنْدَ غَیْرِ أَهْلِهِ إِلَّا حَرَمَهُ اللَّهُ شُكْرَهُمْ وَ كَانَ لِغَیْرِهِ وُدُّهُمْ فَإِنْ زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ یَوْماً فَاحْتَاجَ إِلَی مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَدِینٍ وَ أَلْأَمُ خَلِیلٍ.

إیضاح:

قوله علیه السلام أ تأمرونی أصله تأمروننی فأسكنت الأولی و أدغمت لا أطور به أی لا أقربه أبدا و لا أدور حوله و قال الفیروزآبادی فی القاموس السمر محركة اللیل و حدیثه.

و ما أفعله ما سمر السمیر أی ما اختلف اللیل و النهار و ما أم نجم أی قصد أو تقدم لأن النجوم لا تزال یتبع بعضها بعضا فلا بد فیها من تقدم و تأخر و لا یزال یقصد بعضها بعضا فإن زلت به النعل أی إذا عثر و افتقر و الخدین الصدیق.

«33»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمْ تَكُنْ بَیْعَتُكُمْ إِیَّایَ فَلْتَةً وَ لَیْسَ أَمْرِی وَ أَمْرُكُمْ وَاحِداً إِنِّی أُرِیدُكُمْ لِلَّهِ وَ أَنْتُمْ تُرِیدُونَنِی لِأَنْفُسِكُمْ أَیُّهَا النَّاسُ أَعِینُونِی عَلَی أَنْفُسِكُمْ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ وَ لَأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ حَتَّی أُورِدَهُ مَنْهَلَ الْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ كَارِهاً.

إیضاح:

الفلتة الأمر یقع من غیر تدبر و لا رویة و فیه تعریض ببیعة أبی بكر كما روت العامة عن عمر أنه قال كانت بیعة أبی بكر فلتة وقی اللّٰه المسلمین شرها و من عاد إلی مثلها فاقتلوه.

و قوله علیه السلام إنی أریدكم الخطاب لغیر الخواص من أصحابه علیه السلام و المعنی أنی أرید إطاعتكم إیای لله و تریدون أن تطیعونی للمنافع الدنیویة. و قال الجوهری خزمت البعیر بالخزامة و هی حلقة من شعر تجعل فی وترة أنفه لیشد فیها الزمام.

ص: 49


1- 33- ذكره السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (134) من نهج البلاغة.

«34»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام كَلَّمَ بِهِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَعْدَ بَیْعَتِهِ لِلْخِلَافَةِ وَ قَدْ عَتَبَا [عَلَیْهِ مِنْ تَرْكِ مَشُورَتِهِمَا وَ الِاسْتِعَانَةِ فِی الْأُمُورِ بِهِمَا لَقَدْ نَقَمْتُمَا یَسِیراً وَ أَرْجَأْتُمَا كَثِیراً أَلَا تُخْبِرَانِی أَیُّ شَیْ ءٍ لَكُمَا فِیهِ حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْهُ وَ أَیُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ عَلَیْكُمَا بِهِ أَمْ أَیُّ حَقٍّ رَفَعَهُ إِلَیَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِینَ ضَعُفْتُ عَنْهُ أَمْ جَهِلْتُهُ أَمْ أَخْطَأْتُ بَابَهُ وَ اللَّهِ مَا كَانَتْ لِی فِی الْخِلَافَةِ رَغْبَةٌ وَ لَا فِی الْوِلَایَةِ إِرْبَةٌ وَ لَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِی إِلَیْهَا وَ حَمَلْتُمُونِی عَلَیْهَا فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَیَّ نَظَرْتُ إِلَی كِتَابِ اللَّهِ وَ مَا وَضَعَ لَنَا وَ أَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِهِ فَاتَّبَعْتُهُ وَ مَا اسْتَسَنَّ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاقْتَدَیْتُهُ فَلَمْ أَحْتَجْ فِی ذَلِكَ إِلَی رَأْیِكُمَا وَ لَا رَأْیِ غَیْرِكُمَا وَ لَمْ یَقَعْ حُكْمٌ جَهِلْتُهُ فَأَسْتَشِیرَكُمَا وَ إِخْوَانِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا وَ لَا عَنْ غَیْرِكُمَا وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الْأُسْوَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِیهِ بِرَأْیِی وَ لَا وَلِیتُهُ هَوًی مِنِّی بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وَ أَنْتُمَا مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَلَمْ أَحْتَجْ إِلَیْكُمَا فِیمَا قَدْ فَرَغَ اللَّهُ مِنْ قَسْمِهِ وَ أَمْضَی فِیهِ حُكْمَهُ فَلَیْسَ لَكُمَا وَ اللَّهِ عِنْدِی وَ لَا لِغَیْرِكُمَا فِی هَذَا عُتْبَی أَخَذَ اللَّهُ بِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِنَا إِلَی الْحَقِّ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاكُمُ الصَّبْرَ رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا رَأَی حَقّاً فَأَعَانَ عَلَیْهِ أَوْ رَأَی جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَی صَاحِبِهِ.

توضیح:

قال ابن الأثیر فی النهایة نقم فلان إذا بلغت به الكراهة حد السخط.

و قال ابن أبی الحدید أی نقمتما من أحوالی الیسیر و تركتما الكثیر الذی

ص: 50


1- 34- ذكره السیّد الرضی قدس اللّٰه نفسه فی المختار: () من نهج البلاغة.

لیس لكما و لا لغیركما فیه مطعن فلم تذكراه فهلا اغتفرتما الیسیر للكثیر و لیس هذا اعترافا بأن ما نقماه موضع الطعن و العیب و لكنه علی جهة الاحتجاج.

و قال ابن میثم أشار بالیسیر الذی نقماه إلی ترك مشورتهما و تسویتهما لغیرهما فی العطاء فإنه و إن كان عندهما صعبا فهو لكونه غیر حق فی غایة السهولة و الكثیر الذی أرجآه ما أخراه من حقه و لم یؤتیاه إیاه.

و قیل یحتمل أن یرید أن الذی أبدیاه و نقماه بعض ما فی أنفسهما و قد دل ذلك علی أن فی أنفسهما أشیاء كثیرة لم یظهراه و الاستیثار الانفراد بالشی ء و دفع الحق عنهما أعم من أن یصیر إلیه علیه السلام أو إلی غیره أو لم یصر إلی أحد بل بقی بحاله فی بیت المال و الاستیثار علیهما به هو أن یأخذ حقهما لنفسه و جهل الحكم أن یكون اللّٰه قد حكم بحرمة شی ء فأحله الإمام و جهل الباب أن یصیب فی الحكم و یخطئ فی الاستدلال أو یكون جهل الحكم بمعنی التحیر فیه و أن لا یعلم كیف یحكم و الخطأ فی الباب أن یحكم بخلاف الواقع و الإربة بالكسر الحاجة و الأسوة بالضم و الكسر القدوة أی أسوتكما بغیركما فی العطاء و یقال للأمر الذی لا یحتاج إلی تكمیل مفروغ منه و العتبی الرجوع من الذنب و الإساءة.

«35»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی وَصْفِ بَیْعَتِهِ بِالْخِلَافَةِ وَ بَسَطْتُمْ یَدِی فَكَفَفْتُهَا وَ مَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَیَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِیمِ عَلَی حِیَاضِهَا یَوْمَ وُرُودِهَا حَتَّی انْقَطَعَتِ النَّعْلُ وَ سَقَطَتِ الرِّدَاءُ وَ وُطِئَ الضَّعِیفُ وَ بَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ بِبَیْعَتِهِمْ إِیَّایَ أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِیرُ وَ هَدَجَ إِلَیْهَا الْكَبِیرُ وَ تَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِیلُ وَ حَسَرَتْ إِلَیْهَا الْكِعَابُ.

ص: 51


1- 35- ذكره السیّد قدّس سرّه فی المختار: (227) و للكلام شواهد كثیرة بعضها مذكور فی الحدیث: (252) من ترجمة علی من أنساب الأشراف.

بیان:

تداككتم أی ازدحمتم ازدحاما شدیدا یدك بعضكم بعضا و الدكّ الدق و الهیم العطاش و قال الجوهری الهدجان مشیة الشیخ و هدج الظلیم إذا مشی فی ارتعاش و حسرت أی كشفت عن وجهها حرصا علی حضور البیعة و الكعاب بالفتح المرأة حین تبدو ثدیها للنهود و هی الكاعب و جمعها كواعب ذكره ابن الأثیر فی كتاب النهایة.

«36»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام یَعْنِی بِهِ الزُّبَیْرَ فِی حَالٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ یَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ بَایَعَ بِیَدِهِ وَ لَمْ یُبَایِعْ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَیْعَةِ وَ ادَّعَی الْوَلِیجَةَ فَلْیَأْتِ عَلَیْهَا بِأَمْرٍ یُعْرَفُ وَ إِلَّا فَلْیَدْخُلْ فِیمَا خَرَجَ مِنْهُ.

بیان:

الولیجة البطانة و الأمر یسر و یكتم قال ابن أبی الحدید كان الزبیر یقول بایعت بیدی لا بقلبی و كان یدعی تارة أنه أكره علیها و تارة یدعی أنه وری فی البیعة توریة فقال علیه السلام بعد الإقرار لا یسمع دعوی بلا بینة و لا برهان.

«37»-(2)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام وَ قَدْ أَرْعَدُوا وَ أَبْرَقُوا وَ مَعَ هَذَیْنِ الْأَمْرَیْنِ الْفَشَلُ وَ لَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّی نُوقِعَ وَ لَا نُسِیلُ حَتَّی نُمْطِرَ.

بیان:

یقال أرعد الرجل و أبرق إذا توعد و تهدد قوله علیه السلام حتی نوقع لعل المعنی لسنا نهدد حتی نعلم أنا سنوقع قوله علیه السلام حتی نمطر أی إذا أوقعنا بخصمنا أوعدنا حینئذ بالإیقاع غیره من خصومنا.

«38»-نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام أَلَا وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ خَیْلَهُ وَ رَجِلَهُ وَ إِنَّ مَعِی لَبَصِیرَتِی مَا لَبَسْتُ عَلَی نَفْسِی وَ لَا لُبِسَ عَلَیَّ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ لَا یَعُودُونَ إِلَیْهِ.

ص: 52


1- 36- رواها السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (8- 10) من الباب الأوّل من نهج البلاغة.
2- 36- رواها السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (8- 10) من الباب الأوّل من نهج البلاغة.

بیان:

قال ابن میثم هذا الفصل ملتقط و ملفق من خطبة له علیه السلام لما بلغه أن طلحة و الزبیر خلعا بیعته و هو غیر منتظم و الرجل جمع راجل.

و قال ابن أبی الحدید فی قوله لأفرطن لهم من رواها بفتح الهمزة فأصله فرط ثلاثی یقال فرط القوم سبقهم و رجل فرط یسبق القوم إلی البئر فیهیئ لهم الأرشیة و الدلاء و منه

قوله أنا فرطكم علی الحوض.

و یكون التقدیر لأفرطن لهم إلی حوض فحذف الجار و عدی الفعل بنفسه كقوله تعالی وَ اخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ و یكون اللام فی لهم إما للتقویة كقوله یُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِینَ أی یؤمن المؤمنین أو یكون اللام للتعلیل أی لأجلهم.

و من رواها لأفرطن بضم الهمزة فهو من قولهم أفرط المزادة ملأها و الماتح بالتاء المستقی من قولهم متح یمتح بالفتح و المائح بالیاء الذی ینزل إلی البئر فیملأ الدلو و قال معنی قوله أنا ماتحه أی أنا خبیر به كما یقول من یدعی معرفة الدار أنا بانی هذه الدار و حاصل المعنی لأملأن لهم حیاض حرب هی من دربتی و عادتی أو لأسبقنهم إلی حیاض حرب أنا متدرب بها مجرب لها إذا وردوها لا یصدرون عنها یعنی قتلهم و إزهاق أنفسهم و من فر منها لا یعود إلیها.

«39»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام أَلَا وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ لِیَعُودَ الْجَوْرُ إِلَی أَوْطَانِهِ وَ یَرْجِعَ الْبَاطِلُ فِی نِصَابِهِ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ

ص: 53


1- 39- رواها السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (22) من الباب الأوّل من نهج البلاغة، و للكلام مصادر و شواهد أخر یجدها الباحث فی المختار: (79- 93) من كتاب نهج السعادة: ج ١، ٢٥٨ و ٣٠٢ ط ٢.

حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ وَ دَماً هُمْ سَفَكُوهُ فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِیكَهُمْ فِیهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ لَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِی فَمَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ یَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَ یُحْیُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِیتَتْ یَا خَیْبَةَ الدَّاعِی مَنْ دَعَا وَ إِلَی مَا أُجِیبَ وَ إِنِّی لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ تَعَالَی عَلَیْهِمْ (1) وَ عِلْمِهِ فِیهِمْ فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَیْتُهُمْ حَدَّ السَّیْفِ وَ كَفَی بِهِ شَافِیاً مِنَ الْبَاطِلِ وَ نَاصِراً لِلْحَقِّ وَ مِنَ الْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ لَقَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ إِنِّی لَعَلَی یَقِینٍ مِنْ رَبِّی وَ غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِینِی.

بیان:

قوله علیه السلام قد ذمر یروی بالتخفیف و التشدید و أصله الحث و الترغیب و الجلب الجماعة من الناس و غیرهم یجمع و یؤلف.

قوله علیه السلام لیعود الجور إلی أوطانه یروی لیعود الجور إلی قطابه و القطاب مزاج الخمر بالماء أی لیعود الجور ممتزجا بالعدل كما كان و یجوز أن یعنی بالقطاب قطاب الجیب و هو مدخل الرأس فیه أی لیعود الجور إلی لباسه و ثوبه و النصاب الأصل و الذی أنكروه قتل عثمان و النِّصف بالكسر الاسم من الإنصاف.

قوله علیه السلام یرتضعون أما أی یطلبون الشی ء بعد فواته لأن الأم إذا فطمت ولدها فقد انقضی رضاعها و لعل المراد به أن طلبهم لدم عثمان لغو لا فائدة فیه.

ص: 54


1- كذا فی أصلی و فی غیر واحد ممّا عندی من نسخ نهج البلاغة: «بحجّة اللّٰه علیهم ...».

و قال ابن میثم استعار لفظة الأم للخلافة فبیت المال لبنها و المسلمون أولادها المرتضعون و كنی بارتضاعهم لها عن طلبهم منه علیه السلام من الصلاة و التفضیلات مثل ما كان عثمان یصلهم و كونها قد فطمت عن منعه علیه السلام و قوله یحیون بدعة قد أمیتت إشارة إلی ذلك التفضیل فیكون بمنزلة التأكید للقرینة السابقة.و یحتمل أن یكون المراد بالأم التی قد فطمت ما كان عادتهم فی الجاهلیة من الحمیة و الغضب و إثارة الفتن و بفطامها اندراسها بالإسلام فیكون ما بعده كالتفسیر له.

و النداء فی قوله یا خیبة الداعی كالنداء فی قوله تعالی یا حَسْرَةً عَلَی الْعِبادِ أی یا خیبة احضری فهذا أوانك و الداعی هو أحد الثلاثة طلحة و الزبیر و عائشة ثم قال علی سبیل الاستحقار لهم من دعا و إلی ما أجیب أی أحقر بقوم دعاهم هذا الداعی و أقبح بالأمر الذی أجابوه إلیه فما أفحشه و أرذله.

و قال الجوهری هبلته أمه بكسر الباء أی ثكلته و الهبول من النساء الثكول.

قوله علیه السلام لقد كنت قال ابن أبی الحدید أی ما زلت لا أهدد بالحرب و الواو زائدة و هذه كلمة فصیحة كثیرا ما یستعملها العرب و قد ورد فی القرآن العزیز كان بمعنی ما زال فی قوله وَ كانَ اللَّهُ عَلِیماً حَكِیماً

«40»-(1)

أَقُولُ: قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ إِیرَادِ تِلْكَ الْفِقَرَاتِ أَكْثَرُ هَذَا الْفَصْلِ مِنَ الْخُطْبَةِ الَّتِی ذَكَرْنَا أَنَّهُ علیه السلام خَطَبَهَا حِینَ بَلَغَهُ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ خَلَعَا

ص: 55


1- 40- رواها كمال الدین ابن میثم رفع اللّٰه مقامه فی شرح المختار: (22) من نهج البلاغة:ج ١، ص ٣٣٣ ط بیروت.

بَیْعَتَهُ وَ فِیهِ زِیَادَةٌ وَ نُقْصَانٌ وَ نَحْنُ نُورِدُهَا بِتَمَامِهَا وَ هِیَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِهِ- أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ الْجِهَادَ فَعَظَّمَهُ وَ جَعَلَهُ نُصْرَتَهُ وَ نَاصِرَهُ وَ اللَّهِ مَا صَلَحَتْ دِینٌ وَ لَا دُنْیَا إِلَّا بِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الشَّیْطَانُ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ خَیْلَهُ وَ مَنْ أَطَاعَهُ لِیَعُودَ لَهُ دِینُهُ وَ سُنَّتُهُ وَ [خُدَعُهُ وَ قَدْ رَأَیْتُ أُمُوراً قَدْ تَمَخَّضَتْ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ وَ دَماً سَفَكُوهُ فَإِنْ كُنْتُ شَرِیكَهُمْ فِیهِ فَإِنَّ لَهُمْ لَنَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ إِنْ كَانُوا لَوَلُوهُ دُونِی فَمَا الطَّلِبَةُ إِلَّا قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ لَا أَعْتَذِرُ مِمَّا فَعَلْتُ وَ لَا أَتَبَرَّأُ مِمَّا صَنَعْتُ وَ إِنَّ مَعِی لَبَصِیرَتِی مَا لَبَسْتُ وَ لَا لُبِسَ عَلَیَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فِیهَا الْحَمُّ وَ الْحُمَّةُ طَالَتْ جَلَبَتُهَا وَ انْكَفَّتْ جُونَتُهَا لَیَعُودَنَّ الْبَاطِلُ إِلَی نِصَابِهِ یَا خَیْبَةَ الدَّاعِی لَوْ قِیلَ مَا أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا إِمَامُهُ وَ فِیمَنْ سُنَنُهُ [وَ فِیمَا سُنَّتُهُ وَ اللَّهِ إِذاً لَزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ وَ انْقَطَعَ لِسَانُهُ وَ مَا أَظُنُّ الطَّرِیقَ لَهُ فِیهِ وَاضِحٌ حَیْثُ نَهَجَ وَ اللَّهِ مَا تَابَ مَنْ قَتَلُوهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ لَا تَنَصَّلَ عَنْ خَطِیئَتِهِ وَ مَا اعْتَذَرَ إِلَیْهِمْ فَعَذَّرُوهُ وَ لَا دَعَا فَنَصَرُوهُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِیٍّ وَ لَا یَعُبُّونَ حُسْوَةً أَبَداً وَ إِنَّهَا لَطَیِّبَةٌ نَفْسِی بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ عِلْمِهِ فِیهِمْ وَ إِنِّی دَاعِیهِمْ فَمُعَذِّرٌ إِلَیْهِمْ فَإِنْ تَابُوا وَ قَبِلُوا وَ أَجَابُوا وَ أَنَابُوا فَالتَّوْبَةُ مَبْذُولَةٌ وَ الْحَقُّ مَقْبُولٌ وَ لَیْسَ عَلَیَّ كَفِیلٌ وَ إِنْ أَبَوْا أَعْطَیْتُهُمْ حَدَّ السَّیْفِ وَ كَفَی بِهِ شَافِیاً مِنْ بَاطِلٍ وَ نَاصِراً لِمُؤْمِنٍ وَ مَعَ كُلِّ صَحِیفَةٍ شَاهِدُهَا وَ كَاتِبُهَا وَ اللَّهِ إِنَّ الزُّبَیْرَ وَ طَلْحَةَ وَ عَائِشَةَ لَیَعْلَمُونَ أَنِّی عَلَی الْحَقِّ وَ هُمْ مُبْطِلُونَ.

و قال رحمه اللّٰه تمخضت تحركت و التبعة ما یلحق الإنسان من درك و الحم بفتح و تشدید المیم بقیة الألیة التی أذیبت و أخذ دهنها و الحمة

ص: 56

السواد و هما استعارتان لأراذل الناس و عوامهم لمشابهتهم حم الألیة و ما أسود منها فی قلة المنفعة و الخیر و الجلبة الأصوات و جونتها بالضم سوادها و انكفت و استكفت أی استدارت و زاح و انزاح تنحی و تنصل من الذنب تبرأ منه و العب الشرب من غیر مص و الحسوة بضم الحاء قدر ما یحسی مرة واحدة و الجلاد المضاربة بالسیف و الهبول الثكلی و الهبل الثكل.

و اعلم أنه علیه السلام نبه أولا علی فضل الجهاد لأن غرضه استنفارهم لقتال أهل البصرة و قوله و قد رأیت أمورا إشارة إلی تعیین ما یستنفرهم إلیه و هو ما یحس به من مخالفة القوم و أهبتهم لقتاله و قوله و اللّٰه ما أنكروا إشارة إلی بطلان ما ادعوه منكرا و نسبوه إلیه من قتل عثمان و السكوت عن النكیر علی قاتلیه فأنكر أولا إنكارهم علیه تخلفه عن عثمان الذی زعموا أنه منكر و لما لم یكن منكرا كان ذلك الإنكار علیه هو المنكر.

و قوله و إنهم لیطلبون إشارة إلی طلبهم لدم عثمان مع كونهم شركاء فیه.

روی الطبری فی تاریخه (1)

أن علیا كان فی ماله بخیبر لما أراد الناس حصر عثمان فقدم المدینة و الناس مجتمعون علی طلحة فی داره فبعث عثمان إلیه یشكو أمر طلحة فقال أنا أكفیكه فانطلق إلی دار طلحة و هی مملوءة بالناس فقال له یا طلحة ما هذا الأمر الذی صنعت بعثمان فقال طلحة یا أبا الحسن أبعد أن مس الحزام الطبیین.

فانصرف علی علیه السلام إلی بیت المال فأمر بفتحه فلم یجدوا المفتاح فكسر الباب و فرق ما فیه علی الناس فانصرفوا من عند طلحة حتی بقی وحده فسر عثمان بذلك و جاء طلحة إلی عثمان فقال له یا أمیر المؤمنین إنی أردت

ص: 57


1- ذكره الطبریّ فی الحدیث: (9) من عنوان: «خلافة أمیر المؤمنین علی ...» فی حوادث سنة: (35) من تاریخه: ج 4 ص 430.

أمرا فحال اللّٰه بینی و بینه و قد جئتك تائبا فقال و اللّٰه ما جئت تائبا و لكن جئت مغلوبا اللّٰه حسیبك یا طلحة.

و

روی الطبری أیضا أنه كان لعثمان علی طلحة خمسون ألفا فقال له طلحة یوما قد تهیأ مالك فاقبضه فقال هو لك معونة علی مروتك فلما حصر عثمان قال علی علیه السلام لطلحة أنشدك اللّٰه إلا كففت عن عثمان فقال لا و اللّٰه حتی تعطی بنو أمیة الحق من أنفسها (1) فكان علی بعد ذلك یقول لحا اللّٰه ابن الصعبة أعطاه عثمان مثل ما أعطاه و فعل به ما فعل.

و روی أن الزبیر لما برز لعلی علیه السلام یوم الجمل قال له ما حملك یا أبا عبد اللّٰه علی ما صنعت قال أطلب بدم عثمان فقال له أنت و طلحة ولیتماه و إنما توبتك من ذلك أن تقدم نفسك و تسلمها إلی ورثته.

و بالجملة فدخولهم فی قتل عثمان ظاهر.

قوله علیه السلام و إن أول عدلهم أی إن العدل الذی یزعمون أنهم یقیمونه فی الدم المطلوب ینبغی أن یصنعوه أولا علی أنفسهم.

قوله و لا أعتذر أی الاعتذار الذی فعلته فی وقت قتل عثمان لم یكن علی وجه تقصیر فی الذی یوجب الاعتذار و التبرؤ منه.

و قوله علیه السلام طالت جلبتها كنایة عما ظهر من القوم من تهدیدهم و توعدهم بالقتال و انكفت جونتها أی استدار سوادها و اجتمع كنایة عن تجمع جماعتهم لما یقصدون.

و قوله علیه السلام لیعودن توعد لهم بعود ما كانوا علیه من الباطل فی الجاهلیة و استنفار إلی القتال.

ص: 58


1- إلی هنا رواه الطبریّ مسندا قبیل عنوان: «ذكر الخبر عن السبب الذی من أجله أمر عثمان ابن عبّاس أن یحج بالناس سنة: (35) من تاریخه: ج 4 ص 405.

و قوله علیه السلام یا خیبة الداعی خرج مخرج التعجب من عظم خیبة الدعاء إلی قتاله و من دعا و إلی ما أجیب استفهام علی سبیل الاستحقار للمدعوین لقتاله و المناصرین إذ كانوا عوام الناس و رعاعهم و للمدعو إلیه و هو الباطل الذی دعوا لنصرته.

و قوله لو قیل إلی قوله و انقطع لسانه متصلة معناه و لو سأل سائل مجادلا لهؤلاء الدعاة إلی الباطل عما أنكروه من أمری و عن إمامهم الذی به یقتدون و فیمن سنتهم التی إلیها یرجعون لشهد لسان حالهم بأنی أنا إمامهم و فی سنتهم فانزاح باطلهم الذی أتوا به و انقطع لسانه علی الاستعارة أو بحذف المضاف أی لسان صاحبه.

و قوله و ما أظن عطف علی قوله و انقطع لسانه و واضح مبتدأ و فیه خبره و الجملة فی محل النصب مفعول ثان لأظن أی ما أظن لو سأل السائل عن ذاك أن الطریق الذی یرتكبه المجیب له فیه مجال بین و مسلك واضح حیث سلك بل كیف توجه فی الجواب انقطع و قوله و اللّٰه ما تاب إلی قوله فنصروه إشارة إلی عثمان و ذم لهم من جهة طلبهم بدم من اعتذر إلیهم قبل موته فلم یعذروه و دعاهم إلی نصرته فی حصاره فلم ینصروه مع تمكنهم من ذلك.

و قوله و لا یعبون حسوة كنایة عن عدم تمكینه لهم من هذا الأمر أو شی ء منه.

و قوله و إنها لطیبة نفسی بحجة اللّٰه علیهم نفسی منصوب بدلا من الضمیر المتصل بأن أو بإضمار فعل تفسیر له و حجة اللّٰه إشارة إلی الأوامر الصادرة بقتل الفئة الباغیة كقوله تعالی فَقاتِلُوا الَّتِی تَبْغِی أی إنی راض بقیام حجة اللّٰه علیهم و علمه بما یصنعون.

و قوله و لیس علی كفیل أی لا أحتاج فیما أبذله لهم من الصفح و الأمان علی تقدیر إنابتهم إلی ضامن و شافیا و ناصرا منصوبان علی التمیز.

ص: 59

و قوله و مع كل صحیفة الواو للحال أی إنهم إن لم یرجعوا أعطیتهم حد السیف و الملائكة الكرام الكاتبون یكتب كل منهم أعمال من وكل به فی صحیفته و یشهد بها فی محفل القیامة انتهی.

قوله أی ابن میثم رحمه اللّٰه من اعتذر إلیهم الظاهر أنه حمل الكلام علی الاستفهام الإنكاری و یحتمل وجها آخر بأن یكون المراد نفی توبته و تنصله و اعتذاره و دعوته فیستحق النصرة لكن ما ذكره أوفق بالأخبار و الضمیر فی أنها یحتمل أن یكون للقصة.

«41»-أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (1) رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ مُسَافِرِ بْنِ عَفِیفِ بْنِ أَبِی الْأَخْنَسِ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ رُسُلُ عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ عِنْدِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ یُؤْذِنُونَهُ بِالْحَرْبِ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ رَاقَبْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ كَیْ یَرْعَوُوا أَوْ یَرْجِعُوا وَ وَبَّخْتُهُمْ بِنَكْثِهِمْ وَ عَرَّفْتُهُمْ بَغْیَهُمْ فَلَمْ یَسْتَجِیبُوا وَ قَدْ بَعَثُوا إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ إِنَّمَا تُمَنِّیكَ نَفْسُكَ أَمَانِیَّ الْبَاطِلِ وَ تَعِدُكَ الْغُرُورَ أَلَا هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ لَقَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ لَقَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا فَلْیُرْعِدُوا وَ لْیُبْرِقُوا فَقَدْ رَأَوْنِی قَدِیماً وَ عَرَفُوا نِكَایَتِی فَقَدْ رَأَوْنِی أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الَّذِی فَلَلْتُ حَدَّ الْمُشْرِكِینَ وَ فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّیَ الْیَوْمَ وَ إِنِّی لَعَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ التَّأْیِیدِ وَ عَلَی یَقِینٍ مِنْ أَمْرِی وَ فِی غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِینِی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ لَیْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحِیدٌ

ص: 60


1- رواه ابن أبی الحدید مع الخطبة التالیة فی شرح المختار: (22) من نهج البلاغة من شرحه: ج 1، ص 247- 249 ط الحدیث ببیروت.

وَ لَا مَحِیصٌ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ مَاتَ وَ إِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ أَهْوَنُ مِنْ مَوْتَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَی الْفِرَاشِ اللَّهُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ أَلَّبَ عَلَی عُثْمَانَ حَتَّی قَتَلَهُ ثُمَّ عَضَهَنِی بِهِ وَ رَمَانِی اللَّهُمَّ فَلَا تُمْهِلْهُ اللَّهُمَّ إِنَّ الزُّبَیْرَ قَطَعَ رَحِمِی وَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ ظَاهَرَ عَلَیَّ عَدُوِّی فَاكْفِنِیهِ الْیَوْمَ بِمَا شِئْتَ.

«42»-قَالَ وَ رَوَی أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: قَدِمْتُ مِنَ الْحِجَازِ أُرِیدُ الْعِرَاقَ فِی أَوَّلِ إِمَارَةِ عَلِیٍّ فَمَرَرْتُ بِمَكَّةَ فَاعْتَمَرْتُ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِینَةَ فَدَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا نُودِیَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَ خَرَجَ عَلِیٌّ علیه السلام مُتَقَلِّداً سَیْفَهُ فَشَخَصَتِ الْأَبْصَارُ نَحْوَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ قُلْنَا نَحْنُ أَهْلُهُ وَ وَرَثَتُهُ وَ عِتْرَتُهُ وَ أَوْلِیَاؤُهُ دُونَ النَّاسِ لَا یُنَازِعُنَا سُلْطَانَهُ أَحَدٌ وَ لَا یَطْمَعُ فِی حَقِّنَا طَامِعٌ إِذَا تَنَزَّی لَنَا قَوْمُنَا فَغَصَبُونَا سُلْطَانَ نَبِیِّنَا فَصَارَتِ الْإِمْرَةُ لِغَیْرِنَا وَ صِرْنَا سُوقَةً یَطْمَعُ فِینَا الضَّعِیفُ وَ یَتَعَزَّزُ عَلَیْنَا الذَّلِیلُ فَبَكَتِ الْأَعْیُنُ مِنَّا لِذَلِكَ وَ خَشُنَتِ الصُّدُورُ وَ جَزِعَتِ النُّفُوسُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَخَافَةُ الْفُرْقَةِ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَنْ یَعُودَ الْكُفْرُ وَ یَبُورَ الدِّینُ لَكُنَّا عَلَی غَیْرِ مَا كُنَّا لَهُمْ عَلَیْهِ فَوَلِیَ الْأَمْرَ وُلَاةٌ لَمْ یَأْلُوا النَّاسَ خَیْراً ثُمَّ اسْتَخْرَجْتُمُونِی أَیُّهَا النَّاسُ مِنْ بَیْتِی فَبَایَعْتُمُونِی عَلَی شَنْإٍ مِنِّی لِأَمْرِكُمْ وَ فِرَاسَةٍ تَصْدُقُنِی عَمَّا فِی قُلُوبِ كَثِیرٍ مِنْكُمْ وَ بَایَعَنِی هَذَانِ الرَّجُلَانِ فِی أَوَّلِ مَنْ بَایَعَ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَ قَدْ نَكَثَا وَ غَدَرَا وَ نَهَضَا إِلَی الْبَصْرَةِ بِعَائِشَةَ لِیُفَرِّقَا جَمَاعَتَكُمْ وَ یُلْقِیَا بَأْسَكُمْ بَیْنَكُمْ اللَّهُمَّ فَخُذْهُمَا بِمَا عَمِلَا أَخْذَةً رابِیَةً وَ لَا تَنْعَشْ لَهُمَا صَرْعَةً وَ لَا تُقِلْهُمَا عَثْرَةً وَ لَا تُمْهِلْهُمَا فُوَاقاً فَإِنَّهُمَا یَطْلُبَانِ حَقّاً تَرَكَاهُ وَ دَماً سَفَكَاهُ

ص: 61

اللَّهُمَّ إِنِّی اقْتَضَیْتُكَ وَعْدَكَ فَإِنَّكَ قُلْتَ وَ قَوْلُكَ الْحَقُّ لِمَنْ بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ اللَّهُمَّ فَأَنْجِزْ لِی مَوْعِدِی وَ لَا تَكِلْنِی إِلَی نَفْسِی إِنَّكَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ* ثُمَّ نَزَلَ.

«43»-وَ رَوَی الْكَلْبِیُّ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمَسِیرَ إِلَی الْبَصْرَةِ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ اسْتَأْثَرَتْ عَلَیْنَا قُرَیْشٌ بِالْأَمْرِ وَ دَفَعَتْنَا عَنْ حَقٍّ نَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ النَّاسِ كَافَّةً فَرَأَیْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَی ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِیقِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِینَ وَ سَفْكِ دِمَائِهِمْ وَ النَّاسُ حَدِیثُو عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَ الدِّینُ یُمْخَضُ مَخْضَ الْوَطْبِ یُفْسِدُهُ أَدْنَی وَهْنٍ وَ یَعْكِسُهُ أَقَلُّ خَلَقٍ فَوَلِیَ الْأَمْرَ قَوْمٌ لَمْ یَأْلُوا فِی أَمْرِهِمْ اجْتِهَاداً ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَی دَارِ الْجَزَاءِ وَ اللَّهُ وَلِیُّ تَمْحِیصِ سَیِّئَاتِهِمْ وَ الْعَفْوِ عَنْ هَفَوَاتِهِمْ فَمَا بَالُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ لَیْسَا مِنْ هَذَا الْأَمْرِ بِسَبِیلٍ لَمْ یَصْبِرَا عَلَیَّ حَوْلًا وَ لَا شَهْراً حَتَّی وَثَبَا وَ مَرَقَا وَ نَازَعَانِی أَمْراً لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمَا إِلَیْهِ سَبِیلًا بَعْدَ أَنْ بَایَعَا طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ یَرْتَضِعَانِ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ وَ یُحْیِیَانِ بِدْعَةً قَدْ أُمِیتَتْ أَ دَمَ عُثْمَانَ زَعَمَا یُطَالِبَانِ وَ اللَّهِ مَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ وَ فِیهِمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ أَنَا رَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ عِلْمِهِ فِیهِمْ فَإِنْ فَاءَا وَ أَنَابَا فَحَظَّهُمَا أَحْرَزَا وَ أَنْفُسَهُمَا غَنَّمَا وَ أَعْظِمْ بِهَا غَنِیمَةً وَ إِنْ أَبَیَا أَعْطَیْتُهُمَا حَدَّ السَّیْفِ وَ كَفَی بِهِ نَاصِراً لِحَقٍّ وَ شَافِیاً مِنْ بَاطِلٍ ثُمَّ نَزَلَ.

«44»-وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ زَیْدِ بْنِ صُوحَانَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِیّاً علیه السلام بِذِی قَارٍ وَ هُوَ مُعْتَمٌّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ مُلْتَفٌّ بِسَاجٍ یَخْطُبُ فَقَالَ فِی خُطْبَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی كُلِّ أَمْرٍ وَ حَالٍ فِی الْغُدُوِّ وَ الْآصَالِ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ابْتَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعِبَادِ وَ حَیَاةً لِلْبِلَادِ حِینَ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ فِتْنَةً وَ اضْطَرَبَ حَبْلُهَا وَ عُبِدَ الشَّیْطَانُ فِی أَكْنَافِهَا وَ اشْتَمَلَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِیسُ عَلَی عَقَائِدِ أَهْلِهَا فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الَّذِی أَطْفَأَهَا اللَّهُ بِهِ نِیرَانَهَا

ص: 62

وَ أَخْمَدَ بِهِ شِرَارَهَا وَ نَزَعَ بِهِ أَوْتَادَهَا وَ أَقَامَ بِهِ مَیْلَهَا إِمَامَ الْهُدَی وَ النَّبِیَّ الْمُصْطَفَی صلی اللّٰه علیه و آله فَلَقَدْ صَدَعَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ وَ بَلَّغَ رِسَالاتِ رَبِّهِ فَأَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ ذَاتَ الْبَیْنِ وَ آمَنَ بِهِ السُّبُلَ وَ حَقَنَ بِهِ الدِّمَاءَ وَ أَلَّفَ بِهِ بَیْنَ ذَوِی الضَّغَائِنِ الْوَاغِرَةِ فِی الصُّدُورِ حَتَّی أَتَاهُ الْیَقِینُ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ حَمِیداً ثُمَّ اسْتَخْلَفَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ یَأْلُ جُهْدَهُ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ فَلَمْ یَأْلُ جُهْدَهُ ثُمَّ اسْتَخْلَفَ النَّاسُ عُثْمَانَ فَنَالَ مِنْكُمْ وَ نِلْتُمْ مِنْهُ حَتَّی إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ أَتَیْتُمُونِی لِتُبَایِعُونِی فَقُلْتُ لَا حَاجَةَ فِی ذَلِكَ وَ دَخَلْتُ مَنْزِلِی فَاسْتَخْرَجْتُمُونِی فَقَبَضْتُ یَدِی فَبَسَطْتُمُوهَا وَ تَدَاكَكْتُمْ عَلَیَّ حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ قَاتِلِیَّ وَ أَنَّ بَعْضَكُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ فَبَایَعْتُمُونِی وَ أَنَا غَیْرُ مَسْرُورٍ بِذَلِكَ وَ لَا جَذِلٌ وَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنِّی كُنْتُ كَارِهاً لِلْحُكُومَةِ بَیْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَقَدْ سَمِعْتُهُ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَا مِنْ وَالٍ یَلِی شَیْئاً مِنْ أَمْرِ أُمَّتِی إِلَّا أُتِیَ بِهِ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مَغْلُولَةً یَدَاهُ إِلَی عُنُقِهِ عَلَی رُءُوسِ الْخَلَائِقِ ثُمَّ یُنْشَرُ كِتَابُهُ فَإِنْ كَانَ عَادِلًا نَجَا وَ إِنْ كَانَ جَائِراً هَوَی حَتَّی اجْتَمَعَ عَلَیَّ مَلَأُكُمْ وَ بَایَعَنِی طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ أَنَا أَعْرِفُ الْغَدْرَ فِی أَوْجُهِهِمَا وَ النَّكْثَ فِی أَعْیُنِهِمَا ثُمَّ اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ فَأَعْلَمْتُهُمَا أَنْ لَیْسَا الْعُمْرَةَ یُرِیدَانِ فَسَارَا إِلَی مَكَّةَ وَ اسْتَخَفَّا عَائِشَةَ وَ خَدَعَاهَا وَ شَخَصَ مَعَهُمَا أَبْنَاءُ الطُّلَقَاءِ فَقَدِمُوا الْبَصْرَةَ فَقَتَلُوا بِهَا الْمُسْلِمِینَ وَ فَعَلُوا الْمُنْكَرَ وَ یَا عَجَباً لِاسْتِقَامَتِهِمَا لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ بَغْیِهِمَا عَلَیَّ وَ هُمَا یَعْلَمَانِ أَنِّی لَسْتُ دُونَ أَحَدِهِمَا وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ وَ لَقَدْ كَانَ مُعَاوِیَةُ كَتَبَ إِلَیْهِمَا مِنَ الشَّامِ كِتَاباً یَخْدَعُهُمَا فِیهِ فَكَتَمَاهُ عَنِّی وَ خَرَجَا یُوهِمَانِ الطَّغَامَ وَ الْأَعْرَابَ أَنَّهُمَا یَطْلُبَانِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرَا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلَا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّ دَمَ عُثْمَانَ لَمَعْصُوبٌ بِهِمَا وَ مَطْلُوبٌ مِنْهُمَا یَا خَیْبَةَ الدَّاعِی إِلَامَ دَعَا وَ بِمَا ذَا أُجِیبَ وَ اللَّهِ إِنَّهُمَا لَعَلَی ضَلَالَةٍ صَمَّاءَ وَ جَهَالَةٍ عَمْیَاءَ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ لَهُمَا حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ مِنْهُمَا خَیْلَهُ وَ رَجِلَهُ لِیُعِیدَ الْجَوْرَ إِلَی أَوْطَانِهِ وَ یَرُدَّ الْبَاطِلَ إِلَی نِصَابِهِ

ص: 63

ثُمَّ رَفَعَ یَدَیْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ قَطَعَانِی وَ ظَلَمَانِی وَ أَلَّبَا عَلَیَّ وَ نَكَثَا بَیْعَتِی فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ انْكُثْ مَا أَبْرَمَا وَ لَا تَغْفِرْ لَهُمَا أَبَداً وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا عَمِلَا وَ أَمَّلَا قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فَقَامَ إِلَیْهِ الْأَشْتَرُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنَّ عَلَیْنَا فَأَفْضَلَ وَ أَحْسَنَ إِلَیْنَا فَأَجْمَلَ قَدْ سَمِعْنَا كَلَامَكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ لَقَدْ أَصَبْتَ وَ وُفِّقْتَ وَ أَنْتَ ابْنُ عَمِّ نَبِیِّنَا وَ صِهْرُهُ وَ وَصِیُّهُ وَ أَوَّلُ مُصَدِّقٍ بِهِ وَ مُصَلٍّ مَعَهُ شَهِدْتَ مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا فَكَانَ لَكَ الْفَضْلُ فِیهَا عَلَی جَمِیعِ الْأُمَّةِ فَمَنِ اتَّبَعَكَ أَصَابَ حَظَّهُ وَ اسْتَبْشَرَ بِفَلْجِهِ وَ مَنْ عَصَاكَ وَ رَغِبَ عَنْكَ فَإِلَی أُمِّهِ الْهَاوِیَةِ لَعَمْرِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَمْرُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ عَلَیْنَا بِمُخِیلٍ وَ لَقَدْ دَخَلَ الرَّجُلَانِ فِیمَا دَخَلَا فِیهِ وَ فَارَقَا عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ أَحْدَثْتَ وَ لَا جَوْرٍ صَنَعْتَ فَإِنْ زَعَمَا أَنَّهُمَا یَطْلُبَانِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَلْیُقِیدَا مِنْ أَنْفُسِهِمَا فَإِنَّهُمَا أَوَّلُ مَنْ أَلَّبَ عَلَیْهِ وَ أَغْرَی النَّاسَ بِدَمِهِ وَ أُشْهِدُ اللَّهَ لَئِنْ لَمْ یَدْخُلَا فِیمَا خَرَجَا مِنْهُ لَنُلْحِقَنَّهُمَا بِعُثْمَانَ فَإِنَّ سُیُوفَنَا فِی عوائقنا [عَوَاتِقِنَا] وَ قُلُوبَنَا فِی صُدُورِنَا وَ نَحْنُ الْیَوْمَ كَمَا كُنَّا أَمْسِ ثُمَّ قَعَدَ.

توضیح:

ارعوی عن القبیح أی كف و قال الجوهری القارة قبیلة سموا قارة لاجتماعهم و التقافهم لما أراد ابن الشداخ أن یفرقهم فی بنی كنانة و هم رماة و فی المثل أنصف القارة من راماها و قال الجوهری نكیت فی العدو نكایة إذا قتلت فیهم و جرحت و قال عضهه عضها رماه بالبهتان و قال التنزی التوثب و التسرع و فی بعض النسخ إذا انبری أی اعترض و هو أصوب و السوقة خلاف الملك قوله علیه السلام لم یألوا الناس خیرا فیه تقیة و مصلحة قال الجوهری ألا یألوا من باب دعا أی قصر و فلان لا یألوك نصحا أی لا یقصر فی نصحك.

و قال قال الفراء فی قوله تعالی أَخْذَةً رابِیَةً أی زائدة كقولك أربیت إذا أخذت أكثر مما أعطیت و قال الفواق ما بین الحلبتین من الوقت لأنهما تحلب ثم تترك سویعة یرضعها الفصیل لتدر ثم تحلب یقال ما أقام عنده إلا فواقا قوله علیه السلام لمن بغی علیه أی قال فی حق من بغی علیه و المقول لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ و الآیة هكذا وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَ

ص: 64

بُغِیَ عَلَیْهِ لَیَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ و الوطب بالفتح الزقّ الذی یكون فیه السمن و اللبن.

و المراد بالخَلَق إما قدم اللبن و مضی زمان علیه أو خلق الزقّ فإنه یفسد اللبن و أعظم بها للتعجب أی ما أعظمها و الجذل بالتحریك الفرح لمعصوب بهما أی مشدود علیهما.

«45»-(1)

نهج، نهج البلاغة: وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ وَ هُوَ عَامِلُهُ عَلَی الْكُوفَةِ وَ قَدْ بَلَغَهُ تَثْبِیطُهُ النَّاسَ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَیْهِ لَمَّا نَدَبَهُمْ لِحَرْبِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی عَنْكَ قَوْلٌ هُوَ لَكَ وَ عَلَیْكَ فَإِذَا قَدِمَ عَلَیْكَ رَسُولِی فَارْفَعْ ذَیْلَكَ وَ اشْدُدْ مِئْزَرَكَ وَ اخْرُجْ مِنْ جُحْرِكَ وَ انْدُبْ مَنْ مَعَكَ فَإِنْ حَقَّقْتَ فَانْفُذْ وَ إِنْ تَفَشَّلْتَ فَابْعُدْ وَ ایْمُ اللَّهِ لَتُؤْتَیَنَّ حَیْثُ أَنْتَ وَ لَا تُتْرَكُ حَتَّی تَخْلِطَ زُبْدَكَ بِخَاثِرِكَ وَ ذَائِبَكَ بِجَامِدِكَ وَ حَتَّی تُعْجَلَ عَنْ قِعْدَتِكَ وَ تَحْذَرَ مِنْ أَمَامِكَ كَحَذَرِكَ مِنْ خَلْفِكَ وَ مَا هِیَ بِالْهُوَیْنَا الَّتِی تَرْجُو وَ لَكِنَّهَا الدَّاهِیَةُ الْكُبْرَی یُرْكَبُ جَمَلُهَا وَ یُذَلُّ صَعْبُهَا وَ یُسَهَّلُ جَبَلُهَا فَاعْقِلْ عَقْلَكَ وَ امْلِكْ أَمْرَكَ وَ خُذْ نَصِیبَكَ وَ حَظَّكَ فَإِنْ كَرِهْتَ فَتَنَحَّ إِلَی غَیْرِ رَحْبٍ وَ لَا فِی نَجَاةٍ فَبِالْحَرِیِّ لَتُكْفَیَنَّ وَ أَنْتَ نَائِمٌ حَتَّی لَا یُقَالَ أَیْنَ فُلَانٌ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مَعَ مُحِقٍّ وَ مَا یُبَالِی مَا صَنَعَ الْمُلْحِدُونَ وَ السَّلَامُ.

بیان:

هو لك و علیك قال ابن أبی الحدید فإن أبا موسی كان یقول لأهل الكوفة إن علیا إمام هدی و بیعته صحیحة إلا أنه لا یجوز القتال معه لأهل القبلة انتهی.

و أقول: كون هذا الكلام له و علیه لاشتماله علی الحق و الباطل و الحق ینفعه و الباطل یضره أو ظاهر الكلام له تستحسنه العوام و باطنه حجة علیه إذ بعد

ص: 65


1- 45- و هذا هو المختار: من الباب الثانی- و هو باب الكتب- من نهج البلاغة. وما یذكره المصنف بعد عن ابن أبی الحدید ذكره فی أول شرحه علی هذا الكتاب.

الإقرار بصحة البیعة لا مجال للأمر بالمخالفة أو ظن أن هذا الكلام ینفعه و فی الواقع یضره أو ینفعه فی الدنیا و یضره فی العقبی.

و الأمر برفع الذیل و شد المئزر كنایتان عن الاهتمام فی الأمر و الخروج من الجحر استهانة به حیث جعله ثعلبا أو ضبعا و الجُحْر بالضم كل شی ء تحفره السباع و الهوام لأنفسها قوله علیه السلام فإن حققت أی أمرك مبنی علی الشك فإن حققت لزوم طاعتی فانفذ أی فسر حتی تقدم علی و إن أقمت علی الشك فاعتزل العمل أو إن أنكرت الطاعة فأظهر إنكارك و اعمل بمقتضاه.

و الخاثر اللبن الغلیظ و الزبد خلاصة اللبن و صفوته یقال للرجل إذا ضرب حتی أثخن ضرب حتی خلط زبده بخاثره و ذائبه بجامده كأنه خلط ما رق و لطف من أخلاطه بما كثف و غلظ منها و هذا مثل و معناه لیفسدن حالك و لیضطربن ما هو الآن منتظم من أمرك و القعدة بالكسر هیئة القعود كالحلبة و الركبة.

قوله و تحذر من أمامك قیل كنایة عن غایة الخوف و إنما جعل علیه السلام الحذر من خلف أصلا فی التشبیه لكون الإنسان من وراءه أشد خوفا و قیل حتی تخاف من الدنیا كما تخاف من الآخرة و یحتمل أن یكون المعنی حتی تحذر من هذا الأمر الذی أقبلت إلیه و أقدمت علیه و هو تثبیط الناس عن الجهاد كما تحذر مما خلفته وراء ظهرك و لم تقدم علیه و هو الجهاد.

و قال ابن أبی الحدید أی یأتیكم أهل البصرة مع طلحة و نأتیكم بأهل المدینة و الحجاز فیجتمع علیكم سیفان من أمامكم و من خلفكم.

و قال فی قوله علیه السلام و ما بالهوینا أی لیست هذه الداهیة بالشی ء الهین الذی ترجو اندفاعه بسهولة فإن قصد الجیوش الكوفة من كلا الجانبین أمر صعب المرام فإنه لیركبن أهل الحجاز و أهل البصرة هذا الأمر المستصعب لأنا نحن نطلب أن نملك الكوفة و أهل البصرة كذلك فیجتمع علیها الفریقان.

ص: 66

و قال ابن الأثیر فی النهایة الهون الرفق و اللین و التثبت و الهوینا تصغیر الهونی تأنیث الأهون.

و قوله فاعقل عقلك یحتمل المصدر و قیل هو مفعول به و خذ نصیبك و حظك أی من طاعة الإمام و ثواب اللّٰه و قیل أی لا تتجاوز إلی ما لیس لك فإن كرهت فتنح أی عن العمل فإنی قد عزلتك إلی غیر رحب أی سعة بل یضیق علیك الأمر بعده و قال فی النهایة بالحری أن یكون كذا أی جدیر.

و قال ابن أبی الحدید أی جدیر أن تكفی هذه المئونة التی دعیت إلیها و أنت نائم أی لست معدودا عندنا و عند الناس من الرجال الذین یفتقر الحرب و التدبیرات إلیهم فسیغنی اللّٰه عنك و لا یقال أین فلان.

«46»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی بَعْضِ أُمَرَاءِ جَیْشِهِ فَإِنْ عَادُوا إِلَی ظِلِّ الطَّاعَةِ فَذَاكَ الَّذِی نُحِبُّ وَ إِنْ تَوَافَتِ الْأُمُورُ بِالْقَوْمِ إِلَی الشِّقَاقِ وَ الْعِصْیَانِ فَانْهَدْ بِمَنْ أَطَاعَكَ إِلَی مَنْ عَصَاكَ وَ اسْتَغْنِ بِمَنِ انْقَادَ مَعَكَ عَمَّنْ تَقَاعَسَ عَنْكَ فَإِنَّ الْمُتَكَارِهَ مَغِیبُهُ خَیْرٌ مِنْ شُهُودِهِ وَ قُعُودُهُ أَغْنَی مِنْ نُهُوضِهِ.

توضیح: قال ابن میثم روی أن الأمیر الذی كتب إلیه عثمان بن حنیف عامله علی البصرة و ذلك حین انتهت أصحاب الجمل إلیها و عزموا علی الحرب فكتب عثمان إلیه یخبره بحالهم فكتب علیه السلام إلیه كتابا فیه الفصل المذكور.

و إن توافت الأمور أی تتابعت بهم المقادیر و أسباب الشقاق و العصیان إلیهما و یقال نهد القوم إلی عدوهم إذا صمدوا له و شرعوا فی قتالهم

ص: 67


1- 46- و هذا هو المختار الرابع من الباب الثانی من نهج البلاغة.

و تقاعس أبطأ و تأخر و المتكاره من یظهر الكراهة و لا یطیع بقلبه و النهوض القیام.

«47»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ عِنْدَ مَسِیرِهِ مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الْبَصْرَةِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی خَرَجْتُ مِنْ حَیِّی هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِیاً وَ إِمَّا مَبْغِیّاً عَلَیْهِ وَ أَنَا أُذَكِّرُ اللَّهَ مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِی هَذَا لَمَّا نَفَرَ إِلَیَّ فَإِنْ كُنْتُ مُحْسِناً أَعَانَنِی وَ إِنْ كُنْتُ مُسِیئاً اسْتَعْتَبَنِی.

بیان: لمّا نفر بالتشدید بمعنی إلا أی أذكره فی كل وقت إلا وقت النفور كقولهم سألتك لما فعلت.

و فی بعض النسخ بالتخفیف فكلمة ما زائدة كما قیل فی قوله تعالی لَمَّا عَلَیْها حافِظٌ فإنه قرئ بالتخفیف و التشدید معا و الاستعتاب طلب العتبی و هو الرجوع.

«48»-(2)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِیِّ عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَلَیْهِمَا السَّلَامُ قَالَ حَدَّثَنِی عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی عُمْرَةَ الْأَنْصَارِیُّ قَالَ: سَمَّانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً مَسِیرُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ

ص: 68


1- 47 و هذا هو المختار: (57) من الباب الثانی من نهج البلاغة. وله مصادر أخر یجد الباحث بعضها فی ذیل المختار: (٢٦) من باب الكتب من نهج السعادة: ج ٤ ص ٦٢ ط ١.
2- 48 رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث الثانی من المجلس: (25) من الجزء الثانی من أمالیه ص 87 ط 1.

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِی مَسِیرُ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ وَ اسْتِخْفَافُهُمَا حَبِیسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتِفْزَازُهُمَا أَبْنَاءَ الطُّلَقَاءِ وَ تَلْبِیسُهُمَا عَلَی النَّاسِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ هُمَا أَلَّبَا عَلَیْهِ وَ فَعَلَا بِهِ الْأَفَاعِیلَ وَ خَرَجَا لِیَضْرِبَا النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ اللَّهُمَّ فَاكْفِ الْمُسْلِمِینَ مَئُونَتَهُمَا وَ اجْزِهِمَا الْجَوَازِیَ وَ حَضَّ النَّاسَ عَلَی الْخُرُوجِ فِی طَلَبِهِمَا فَقَامَ إِلَیْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ الَّذِی یَفُوتُكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِی مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَجْلِسُكَ فِیمَا بَیْنَ قَبْرِهِ وَ مِنْبَرِهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَرْجُو مِنَ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تَسِیرُ لِحَرْبٍ فَقَدْ أَقَامَ عُمَرُ وَ كَفَاهُ سَعْدٌ زَحْفَ الْقَادِسِیَّةِ وَ كَفَاهُ حُذَیْفَةُ بْنُ الْیَمَانِ زَحْفَ نَهَاوَنْدَ وَ كَفَاهُ أَبُو مُوسَی زَحْفَ تُسْتَرَ وَ كَفَاهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِیدِ زَحْفَ الشَّامِ فَإِنْ كُنْتَ سَائِراً فَخَلِّفْ عِنْدَنَا شِقَّةً مِنْكَ نَرْعَاهُ فِیكَ وَ نَذْكُرُكَ بِهِ ثُمَّ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ:

بَكَتِ الْأَرْضُ وَ السَّمَاءُ عَلَی الشَّاخِصِ***مِنَّا یُرِیدُ أَهْلَ الْعِرَاقِ

یَا وَزِیرَ النَّبِیِّ قَدْ عَظُمَ الْخَطْبُ***وَ طَعْمُ الْفِرَاقِ مُرُّ الْمَذَاقِ

وَ إِذَا الْقَوْمُ خَاصَمُوكَ فَقَوْمٌ***نَاكِسُو الطَّرْفِ خَاضِعُو الْأَعْنَاقِ

لَا یَقُولُونَ إِذْ تَقُولُ وَ إِنْ*** قُلْتَ فَقَوْلُ الْمُبَرِّزِ السِّبَاقِ

فَعُیُونُ الحجار [الْحِجَازِ] تَذْرِفُ بِالدَّمْعِ***وَ تِلْكَ الْقُلُوبُ عِنْدَ التَّرَاقِی

فَعَلَیْكَ السَّلَامُ مَا ذَرَّتْ بِهِ الشَّمْسُ***وَ لَاحَ السَّرَابُ بِالرَّقْرَاقِ

فَقَالَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا عَلَی الْأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَیْنَا أَنْ یُقِیمَ فِینَا مِنْكَ لِأَنَّكَ نَجْمُنَا الَّذِی نَهْتَدِی بِهِ وَ مَفْزَعُنَا الَّذِی نَصِیرُ إِلَیْهِ وَ إِنْ فَقَدْنَاكَ لَتُظْلِمَنَّ أَرْضُنَا وَ سَمَاؤُنَا وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ لَوْ خَلَّیْتَ مُعَاوِیَةَ لِلْمَكْرِ لَیَرُومَنَّ مِصْرَ وَ لَیُفْسِدَنَّ الْیَمَنَ وَ لَیَطْمَعَنَّ فِی الْعِرَاقِ وَ مَعَهُ قَوْمٌ یَمَانِیُّونَ قَدْ أُشْرِبُوا قَتْلَ عُثْمَانَ وَ قَدِ اكْتَفَوْا بِالظَّنِّ عَنِ الْعِلْمِ وَ بِالشَّكِّ عَنِ الْیَقِینِ وَ بِالْهَوَی عَنِ الْخَیْرِ فَسِرْ بِأَهْلِ الْحِجَازِ وَ أَهْلِ الْعِرَاقِ ثُمَّ ارْمِهِ بِأَمْرٍ یَضِیقُ فِیهِ خِنَاقُهُ وَ یَقْصُرُ لَهُ مِنْ نَفَسِهِ فَقَالَ أَحْسَنْتَ وَ اللَّهِ یَا قَیْسُ وَ أَجْمَلْتَ.

وَ كَتَبَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام تُخْبِرُهُ بِمَسِیرِ عَائِشَةَ

ص: 69

وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَأَزْمَعَ الْمَسِیرَ فَبَلَغَهُ تَثَاقُلُ سَعْدٍ وَ أُسَامَةَ بْنِ زَیْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَقَالَ سَعْدٌ لَا أَشْهَرُ سَیْفاً حَتَّی یُعْرَفَ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ وَ قَالَ أُسَامَةُ لَا أُقَاتِلُ رَجُلًا یَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَوْ كُنْتَ فِی زُبْیَةِ الْأَسَدِ لَدَخَلْتُ فِیهِ مَعَكَ (1) وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَعْطَانِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَیْفاً وَ قَالَ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فَاضْرِبْ بِهِ عَرْضَ أُحُدٍ وَ الْزَمْ بَیْتَكَ وَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ دَعِ الْقَوْمَ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَضَعِیفٌ وَ أَمَّا سَعْدٌ فَحَسُودٌ وَ أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَذَنْبُكَ إِلَیْهِ أَنَّكَ قَتَلْتَ بِأَخِیهِ مَرْحَباً ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَ مَا تُقَاتِلُ الْمُحَارِبِینَ فَوَ اللَّهِ لَوْ مَالَ عَلِیٌّ جَانِباً لَمِلْتُ مَعَ عَلِیٍّ وَ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهُ بَلَغَكَ عَنَّا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا لَوْ كَانَ غَیْرُنَا لَمْ یَقُمْ مَعَكَ وَ اللَّهِ مَا كُلُّ مَا رَأَیْنَا حَلَالًا حَلَالٌ وَ لَا كُلُّ مَا رَأَیْنَا حَرَاماً حَرَامٌ وَ فِی النَّاسِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِعُذْرِ عُثْمَانَ مِمَّنْ قَتَلَهُ وَ أَنْتَ أَعْلَمُ بِحَالِنَا مِنَّا فَإِنْ كَانَ قُتِلَ ظَالِماً قَبِلْنَا قَوْلَكَ وَ إِنْ كَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَاقْبَلْ قَوْلَنَا فَإِنْ وَكَلْتَنَا فِیهِ إِلَی شُبْهَةٍ فَعَجَبٌ لِیَقِینِنَا وَ شَكِّكَ وَ قَدْ قُلْتَ لَنَا عِنْدِی نَقْضُ مَا اجْتَمَعُوا عَلَیْهِ وَ فَصْلُ مَا اخْتَلَفُوا فِیهِ وَ قَالَ

كَانَ أَوْلَی أَهْلِ الْمَدِینَةِ بِالنَّصْرِ***عَلِیٌّ وَ آلُ عَبْدِ مَنَافٍ

لِلَّذِی فِی یَدَیْهِ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ***وَ قُرْبِ الْوَلَاءِ بَعْدَ التَّصَافِی

ص: 70


1- كذا فی ط الكمبانی من البحار، و فی ط بیروت من كتاب الأمالی صلی اللّٰه علیه و آله 725: «و لو كنت فی فم الأسد ...».

وَ كَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ شِیعَةِ عُثْمَانَ وَ قَامَ الْأَشْتَرُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام فَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ یَحُضُّهُ عَلَی أَهْلِ الْوُقُوفِ فَكَرِهَ ذَلِكَ عَلِیٌّ علیه السلام حَتَّی شَكَاهُ وَ كَانَ مِنْ رَأْیِ عَلِیٍّ علیه السلام أَنْ لَا یَذْكُرَهُمْ بِشَیْ ءٍ فَقَالَ الْأَشْتَرُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا وَ إِنْ لَمْ نَكُنْ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَإِنَّا فِیهِمْ وَ هَذِهِ بَیْعَةٌ عَامَّةٌ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا عَاصٍ وَ الْمُبْطِئُ عَنْهَا مُقَصِّرٌ وَ إِنَّ أَدَبَهُمُ الْیَوْمَ بِاللِّسَانِ وَ غَداً بِالسَّیْفِ وَ مَا مَنْ ثَقُلَ عَنْكَ كَمَنْ خَفَّ مَعَكَ وَ إِنَّمَا أَرَادَكَ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ فَأَرِدْهُمْ لِنَفْسِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا مَالِكُ دَعْنِی وَ أَقْبَلَ عَلِیٌّ علیه السلام عَلَیْهِمْ فَقَالَ أَ رَأَیْتُمْ لَوْ أَنَّ مَنْ بَایَعَ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتَهُ أَ كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَ قِتَالَهُمْ قَالُوا نَعَمْ قَالَ وَ كَیْفَ تَحَرَّجُونَ مِنَ الْقِتَالِ مَعِی وَ قَدْ بَایَعْتُمُونِی قَالُوا إِنَّا لَا نَزْعُمُ أَنَّكَ مُخْطِئٌ وَ أَنَّهُ لَا یَحِلُّ لَكَ قِتَالُ مَنْ بَایَعَكَ ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتَكَ وَ لَكِنْ نَشُكُّ فِی قِتَالِ أَهْلِ الصَّلَاةِ فَقَالَ الْأَشْتَرُ دَعْنِی یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أُوقِعْ بِهَؤُلَاءِ الَّذِینَ یَتَخَلَّفُونَ عَنْكَ فَقَالَ لَهُ كُفَّ عَنِّی فَانْصَرَفَ الْأَشْتَرُ وَ هُوَ مُغْضَبٌ ثُمَّ إِنَّ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ لَقِیَ مَالِكاً الْأَشْتَرَ فِی نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ قَیْسٌ لِلْأَشْتَرِ یَا مَالِكُ كُلَّمَا ضَاقَ صَدْرُكَ بِشَیْ ءٍ أَخْرَجْتَهُ وَ كُلَّمَا اسْتَبْطَأْتَ أَمْراً اسْتَعْجَلْتَهُ إِنَّ أَدَبَ الصَّبْرِ التَّسْلِیمُ وَ أَدَبَ الْعَجَلَةِ الْأَنَاةُ وَ إِنَّ شَرَّ الْقَوْلِ مَا ضَاهَی الْعَیْبَ وَ شَرَّ الرَّأْیِ مَا ضَاهَی التُّهَمَةَ فَإِذَا ابْتُلِیتَ فَاسْأَلْ وَ إِذَا أُمِرْتَ فَأَطِعْ وَ لَا تَسْأَلْ قَبْلَ الْبَلَاءِ وَ لَا تَكَلَّفْ قَبْلَ أَنْ یَنْزِلَ الْأَمْرُ فَإِنَّ فِی أَنْفُسِنَا مَا فِی نَفْسِكَ فَلَا تَشُقَّ عَلَی صَاحِبِكَ فَغَضِبَ الْأَشْتَرُ ثُمَّ إِنَّ الْأَنْصَارَ مَشَوْا إِلَی الْأَشْتَرِ فِی ذَلِكَ فَرَضَّوْهُ مِنْ غَضَبِهِ فَرَضِیَ فَلَمَّا هَمَّ عَلِیٌّ علیه السلام بِالشُّخُوصِ قَامَ أَبُو أَیُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَیْدِ صَاحِبُ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ أَقَمْتَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهَا مُهَاجَرُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بِهَا قَبْرُهُ وَ مِنْبَرُهُ فَإِنِ

ص: 71

اسْتَقَامَتْ لَكَ الْعَرَبُ كُنْتَ كَمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ إِنْ وُكِلْتَ إِلَی الْمَسِیرِ فَقَدْ أَعْذَرْتَ فَأَجَابَهُ علیه السلام بِعُذْرِهِ فِی الْمَسِیرِ ثُمَّ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ تَوَجُّهَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ تَمَكَّثَ حَتَّی عَظُمَ جَیْشُهُ وَ أَغَذَّ السَّیْرَ فِی طَلَبِهِمْ فَجَعَلُوا لَا یَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَّا نَزَلَهُ (1) حَتَّی نَزَلَ بِذِی قَارٍ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّهُ لَیَحْزُنُنِی أَنْ أَدْخُلَ عَلَی هَؤُلَاءِ فِی قِلَّةِ مَنْ مَعِی فَأَرْسَلَ إِلَی الْكُوفَةِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ وَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ كِتَاباً فَقَدِمُوا الْكُوفَةَ فَخَطَبَ النَّاسَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ ذَكَرَ عَلِیّاً وَ سَابِقَتَهُ فِی الْإِسْلَامِ وَ بَیْعَةَ النَّاسِ لَهُ وَ خِلَافَ مَنْ خَالَفَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِكِتَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فَقُرِئَ عَلَیْهِمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَمْرِ عُثْمَانَ حَتَّی یَكُونَ سَمْعُهُ عِیَانَهُ إِنَّ النَّاسَ طَعَنُوا عَلَیْهِ وَ كُنْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أُكْثِرُ اسْتِعْتَابَهُ وَ أُقِلُّ عَیْبَهُ وَ كَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ أَهْوَنُ سَیْرِهِمَا فِیهِ الْوَجِیفُ وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ عَائِشَةَ فَلْتَةٌ عَلَی غَضَبٍ فَأُتِیحَ لَهُ قَوْمٌ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ بَایَعُونِی غَیْرَ مُسْتَكْرَهِینَ وَ كَانَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ عَلَی مَا بُویِعَ عَلَیْهِ مَنْ كَانَ قَبْلِی ثُمَّ إِنَّهُمَا اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ وَ لَیْسَا یُرِیدَانِهَا فَنَقَضَا الْعَهْدَ وَ آذَنَا بِحَرْبٍ وَ أَخْرَجَا عَائِشَةَ مِنْ بَیْتِهَا لِیَتَّخِذَانِهَا فِئَةً وَ قَدْ سَارَا إِلَی الْبَصْرَةِ اخْتِیَاراً لَهَا وَ قَدْ سِرْتُ إِلَیْكُمْ اخْتِیَاراً لَكُمْ وَ لَعَمْرِی مَا إِیَّایَ تُجِیبُونَ مَا تُجِیبُونَ إِلَّا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَنْ أُقَاتِلَهُمْ وَ فِی نَفْسِی مِنْهُمْ حَاجَةٌ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ قَیْسِ بْنِ سَعْدٍ

ص: 72


1- فی اللفظ تسامح، و المستفاد من كتب التاریخ أن البعد بینهما فی الارتحال و الإقامة كان أكثر من منزل و رحیل.

مُسْتَنْفِرِینَ فَكُونُوا عِنْدَ ظَنِّی بِكُمْ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (1) فَلَمَّا قُرِئَ الْكِتَابُ عَلَی النَّاسِ قَامَ خُطَبَاءُ الْكُوفَةِ شُرَیْحُ بْنُ هَانِی وَ غَیْرُهُ فَقَالُوا وَ اللَّهِ لَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ نَرْكَبَ إِلَی الْمَدِینَةِ حَتَّی نَعْلَمَ عِلْمَ عُثْمَانَ فَقَدْ أَنْبَأَنَا اللَّهُ بِهِ فِی بُیُوتِنَا ثُمَّ بَذَلُوا السَّمْعَ وَ الطَّاعَةَ وَ قَالُوا رَضِینَا بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ نُطِیعُ أَمْرَهُ وَ لَا نَتَخَلَّفُ عَنْ دَعْوَتِهِ وَ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَسْتَنْصِرْنَا لَنَصَرْنَاهُ سَمْعاً وَ طَاعَةً فَلَمَّا سَمِعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام ذَلِكَ قَامَ خَطِیباً فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیٍّ مَا تَكْفِیكُمْ جُمْلَتُهُ وَ قَدْ أَتَیْنَاكُمْ مُسْتَنْفِرِینَ لَكُمْ لِأَنَّكُمْ جَبْهَةُ الْأَمْصَارِ وَ رُؤَسَاءُ الْعَرَبِ وَ قَدْ كَانَ مِنْ نَقْضِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ بَیْعَتَهُمَا وَ خُرُوجِهِمَا بِعَائِشَةَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ وَ هُوَ ضَعْفُ النِّسَاءِ وَ ضَعْفُ رَأْیِهِنَّ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَمْ یَنْصُرْهُ أَحَدٌ لَرَجَوْتُ أَنْ یَكُونَ لَهُ فِیمَنْ أَقْبَلَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ وَ مَنْ یَبْعَثُ اللَّهُ لَهُ مِنْ نُجَبَاءِ النَّاسِ كِفَایَةٌ فَانْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْكُمْ ثُمَّ جَلَسَ وَ قَامَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنْ كَانَتْ غَابَتْ عَنْكُمْ أَبْدَانُنَا فَقَدِ انْتَهَتْ إِلَیْكُمْ أُمُورُنَا إِنَّ قَاتِلِی عُثْمَانَ لَا یَعْتَذِرُونَ إِلَی النَّاسِ وَ قَدْ جَعَلُوا كِتَابَ اللَّهِ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مُحَاجِّیهِمْ أَحْیَا مَنْ أَحْیَا وَ قَتَلَ مَنْ قَتَلَ وَ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَوَّلُ مَنْ طَعَنَ وَ آخِرُ مَنْ أَمَرَ ثُمَّ بَایَعَا أَوَّلَ مَنْ بَایَعَ فَلَمَّا أَخْطَأَهُمَا مَا أَمَّلَا نَكَثَا بَیْعَتَهُمَا عَلَی غَیْرِ حَدَثٍ كَانَ وَ هَذَا ابْنُ الرَّسُولِ یَسْتَنْفِرُكُمْ فِی الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ فَانْصُرُوا یَنْصُرْكُمُ اللَّهُ وَ قَامَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَوِ اسْتَقْبَلْنَا بِهِ الشُّورَی لَكَانَ عَلِیٌّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ فِی سَابِقَتِهِ وَ هِجْرَتِهِ وَ عِلْمِهِ وَ كَانَ قِتَالُ مَنْ أَبَی ذَلِكَ حَلَالًا وَ كَیْفَ وَ الْحُجَّةُ قَامَتْ عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ قَدْ بَایَعَاهُ وَ خَلَعَاهُ حَسَداً

ص: 73


1- و لفظ كتابه علیه السلام هذا قریب جدا ممّا رواه السیّد الرضی فی المختار الأوّل من باب الكتب من نهج البلاغة.

فَقَامَ خُطَبَاؤُهُمْ فَأَسْرَعُوا الرَّدَّ بِالْإِجَابَةِ فَقَالَ النَّجَاشِیُّ فِی ذَلِكَ:

رَضِینَا بِقَسْمِ اللَّهِ إِذْ كَانَ قَسْمُنَا***عَلِیٌّ وَ أَبْنَاءُ النَّبِیِّ مُحَمَّدٍ

وَ قُلْنَا لَهُ أَهْلًا وَ سَهْلًا وَ مَرْحَباً***نُقَبِّلُ یَدَیْهِ مِنْ هَوًی وَ تَوَدُّدٍ

فَمُرْنَا بِمَا تَرْضَی نُجِبْكَ إِلَی الرِّضَا***بِصَمِّ الْعَوَالِی وَ الصَّفِیحِ الْمُهَنَّدِ

وَ تَسْوِیدِ مَنْ سَوَّدْتَ غَیْرَ مَدَافِعَ***وَ إِنْ كَانَ مَنْ سَوَّدْتَ غَیْرَ مُسَوَّدٍ

فَإِنْ نِلْتَ مَا تَهْوَی فَذَاكَ نُرِیدُهُ***وَ إِنْ تَخْطَ مَا تَهْوَی فَغَیْرُ تَعَمُّدٍ

وَ قَالَ قَیْسُ بْنُ سَعْدٍ حِینَ أَجَابَ أَهْلُ الْكُوفَةِ:

جَزَی اللَّهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ الْیَوْمَ نُصْرَةً***أَجَابُوا وَ لَمْ یَأْتُوا بِخِذْلَانِ مَنْ خَذَلَ

وَ قَالُوا عَلِیٌّ خَیْرُ حَافٍ وَ نَاعِلٍ***رَضِینَا بِهِ مِنْ نَاقِضِ الْعَهْدِ مِنْ بَدَلٍ

هُمَا أَبْرَزَا زَوْجَ النَّبِیِّ تَعَمُّداً***یَسُوقُ بِهَا الْحَادِی الْمُنِیخُ عَلَی جَمَلٍ

فَمَا هَكَذَا كَانَتْ وُصَاةُ نَبِیِّكُمْ***وَ مَا هَكَذَا الْإِنْصَافُ أَعْظَمَ بِذَا الْمَثَلِ

فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مِنْ مَقَالٍ لِقَائِلٍ*** إِلَّا قَبَّحَ اللَّهُ الْأَمَانِیَّ وَ الْعِلَلَ

فَلَمَّا فَرَغَ الْخُطَبَاءُ وَ أَجَابَ النَّاسُ قَامَ أَبُو مُوسَی فَخَطَبَ النَّاسَ وَ أَمَرَهُمْ بِوَضْعِ السِّلَاحِ وَ الْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَیْنَا دِمَاءَنَا وَ أَمْوَالَنَا فَقَالَ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْباطِلِ ... وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِیماً وَ قَالَ وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِیها یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ.

هذا تمام الحدیث.

بیان:

شقة الثوب و العصا بالكسر ما شق منه مستطیلا و لعلها كنایة استعیرت هنا للأولاد و ترقرق تحرك و الشی ء لمع و الشمس صارت كأنها تدور.

قوله علیه السلام فی نفسی منهم حاجة أی لا أعلمهم مسلمین و لا أنتظر رجوعهم و عالیة الرمح ما دخل فی السنان إلی ثلثه و الصفیحة السیف العریض و المهند السیف المطبوع من حدید الهند.

ص: 74

«49»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ لَمَّا أَنْفَذَهُ إِلَی الزُّبَیْرِ یَسْتَفِیئُهُ إِلَی طَاعَتِهِ قَبْلَ حَرْبِ الْجَمَلِ لَا تَلْقَیَنَّ طَلْحَةَ فَإِنَّكَ إِنْ تَلْقَهُ تَجِدْهُ كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَهُ یَرْكَبُ الصَّعْبَ وَ یَقُولُ هُوَ الذَّلُولُ وَ لَكِنِ الْقَ الزُّبَیْرَ فَإِنَّهُ أَلْیَنُ عَرِیكَةً فَقُلْ لَهُ یَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ عَرَفْتَنِی بِالْحِجَازِ وَ أَنْكَرْتَنِی بِالْعِرَاقِ فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا.

قال السید رضی اللّٰه عنه هو علیه السلام أول من سمعت منه هذه الكلمة أعنی فما عدا مما بدا.

بیان:

یستفیئه أی یسترجعه إن تلقه تجده و فی روایة إن تلفه تلفه بالفاء أی تجده عاقصا أی عاطفا قد التوی قرناه علی أذنیه یقال عقص شعره أی ضفره و فتله و الأعقص من التیوس و غیرها ما التوی قرناه علی أذنیه من خلفه و عاقصا إما مفعول ثان لتجده أو حال عن الثور یركب الصعب أی یستهین المستصعب من الأمور و العریكة الطبیعة.

و التعبیر بابن الخال كقول هارون لموسی یا ابن أم للاستمالة بالإذكار بالنسب و الرحم.

قوله علیه السلام فما عدا مما بدا قال ابن أبی الحدید معنی الكلام فما صرفك عما بدا منك أی ظهر أی ما الذی صدّك عن طاعتی بعد إظهارك لها و مِن هاهنا بمعنی عن و قد جاءت فی كثیر من كلامهم و حذف ضمیر المفعول كثیر جدا.

و قال الراوندی له معنیان أحدهما ما الذی منعك مما كان قد بدا منك من البیعة قبل هذه الحالة الثانی ما الذی عاقك من البداء الذی یبدو

ص: 75


1- 49- ذكره السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (31) من كتاب نهج البلاغة. وللكلام مصادر وأسانید ذكر بعضها فی المختار: (٩٤) من كتاب نهج السعادة: ج ١، ص ٣٠٦ ط ٢.

للإنسان و یكون المفعول الأول لعدا محذوفا یدل علیه الكلام أی ما عداك یرید ما منعك عما كان بدا لك من نصرتی.

و قال ابن میثم أقول هذه الوجوه و إن احتملت أن تكون تفسیرا إلا أن فی كل منها عدولا عن الظاهر و الحق أن یقال إن عدا بمعنی جاوز و من لبیان الجنس و المراد ما الذی جاوز لك عن بیعتی مما بدا لك بعدها من الأمور التی ظهرت لك و تبقی الألفاظ علی أوضاعها الأصلیة مع استقامة المعنی و حسنه.

وَ رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ علیه السلام قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ تِلْكَ الرِّسَالَةِ فَقَالَ بَعَثَنِی فَأَتَیْتُ الزُّبَیْرَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ إِنِّی أُرِیدُ مَا تُرِیدُ كَأَنَّهُ یَقُولُ الْمُلْكَ وَ لَمْ یَزِدْنِی عَلَی ذَلِكَ فَرَجَعْتُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ فَأَخْبَرْتُهُ.

«50»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقِتَالِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ دَخَلْتُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِذِی قَارٍ وَ هُوَ یَخْصِفُ نَعْلَهُ فَقَالَ لِی مَا قِیمَةُ هَذِهِ النَّعْلِ فَقُلْتُ لَا قِیمَةَ لَهَا قَالَ وَ اللَّهِ لَهِیَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِیمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ یَقْرَأُ كِتَاباً وَ لَا یَدَّعِی نُبُوَّةً فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّی بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ وَ بَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ وَ اطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَفِی سَاقَتِهَا حَتَّی تَوَلَّتْ بِحَذَافِیرِهَا مَا عَجَزْتُ وَ لَا جَبُنْتُ وَ إِنَّ مَسِیرِی هَذَا لِمِثْلِهَا فَلَأَنْقُبَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّی یَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِ مَا لِی وَ لِقُرَیْشٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِینَ وَ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِینَ وَ إِنِّی لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْیَوْمَ.

ص: 76


1- 50- ذكره السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (33) من نهج البلاغة.

بیان:

ذو قار موضع قریب من البصرة حتی بوّأهم أی أسكنهم محلتهم أی ضرب الناس بسیفه علی الإسلام حتی أوصلهم إلیه.

و قال ابن میثم المراد بالقناة القوة و الغلبة و الدولة التی حصلت لهم مجازا من باب إطلاق السبب علی المسبب فإن الرمح أو الظهر سبب للقوة و الغلبة و الصَّفاة الحجارة الملساء أی كانوا قبل الإسلام متزلزلین فی أحوالهم بالنهب و الغارة و أمثالها.

إن كنت لفی ساقتها هی جمع سائق كحائك و حاكة ثم استعملت للأخیر لأن السائق إنما یكون فی آخر الركب و الجیش و شبه أمر الجاهلیة إما بعجاجة ثائرة أو بكتیبة مقبلة للحرب فقال إنی طردتها فولت بین یدی أطردها حتی لم یبق منها شی ء لمثلها أی لمثل تلك الحالة التی كنت علیها معهم فی زمن الرسول صلی اللّٰه علیه و آله فلأنقبن و فی بعض النسخ لأبقرن الباطل حتی أخرج الحق من خاصرته شبه علیه السلام الباطل بحیوان ابتلع جوهرا ثمینا أعن منه فاحتیج إلی شق بطنه فی استخلاص ما ابتلع.

و فی نسخة ابن أبی الحدید بعد قوله علیه السلام صاحبهم الیوم و اللّٰه ما تنقم منا قریش إلا أن اللّٰه اختارنا علیهم فأدخلناهم فی حیزنا كما قال الأول:

أدمت لعمری شربك المحض صابحا*** و أكلك بالزبد المقشرة البجرا

و نحن وهبناك العلاء و لم تكن***علیا و حطنا حولك الجرد و السمرا

أقول: المقشرة التمرة التی أخرج منها نواتها و البجر بالضم الأمر العظیم و العجب و لعله هنا كنایة عن الكثرة أو الحسن أو اللطافة و یحتمل أن یكون مكان المفعول المطلق یقال بجر كفرح فهو بجر امتلأ بطنه من اللبن و الماء و لم یرو و تبجر النبیذ ألح فی شربه و كثیر بجیر إتباع و الجرد بالضم جمع الأجرد و هو الفرس الذی رقت شعرته و قصرت و هو مدح و السمر جمع الأسمر و هو الرمح.

ص: 77

«51»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی مَعْنَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ وَ دَماً سَفَكُوهُ فَإِنْ كُنْتُ شَرِیكَهُمْ فِیهِ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ إِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِی فَمَا الطَّلِبَةُ إِلَّا قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ إِنَّ مَعِی لَبَصِیرَتِی وَ اللَّهِ مَا لَبَسْتُ وَ لَا لُبِسَ عَلَیَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فِیهَا الْحَمَأُ وَ الْحُمَّةُ وَ الشُّبْهَةُ الْمُغْدِفَةُ وَ إِنَّ الْأَمْرَ لَوَاضِحٌ وَ قَدْ زَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ وَ انْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغْبِهِ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِیٍّ وَ لَا یَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِی حَسْیٍ وَ مِنْهَا فَأَقْبَلْتُمْ إِلَیَّ إِقْبَالَ الْعُوذِ الْمَطَافِیلِ عَلَی أَوْلَادِهَا تَقُولُونَ الْبَیْعَةَ الْبَیْعَةَ قَبَضْتُ كَفِّی فَبَسَطْتُمُوهَا وَ نَازَعْتُكُمْ یَدِی فَجَاذَبْتُمُوهَا اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا قَطَعَانِی وَ ظَلَمَانِی وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ أَلَّبَا النَّاسَ عَلَیَّ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ لَا تُحْكِمْ لَهُمَا مَا أَبْرَمَا وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا أَمَّلَا وَ عَمِلَا وَ لَقَدِ اسْتَثَبْتُهُمَا قَبْلَ الْقِتَالِ وَ اسْتَأْنَیْتُ بِهِمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ فَغَمَطَا النِّعْمَةَ وَ رَدَّا الْعَافِیَةَ (2).

تبیین:

النصف بالكسر و التحریك الإنصاف و العدل أی إنصافا أو حكما ذا إنصاف و یقال ولی أمرا أی قام به و الطلِبة بكسر اللام ما طلبته من شی ء و قال فی النهایة لبست الأمر بالفتح إذا خلطت بعضه ببعض و ربما شدد للتكثیر.

و قال ابن أبی الحدید الحماء الطین الأسود و حمة العقرب سمها أی فی هذه الفئة الضلال و الفساد و یروی الحمی بألف مقصورة و هو كنایة عن الزبیر

ص: 78


1- أورده السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (35) من كتاب نهج البلاغة.
2- الوقاع علی زنة القتال لفظا و معنی.

لأن كل من كان نسیب الرجل فهم الأحماء واحدهم حما مثل قفا و أقفاء و ما كان نسیب المرأة فهم الأختان فأما الأصهار فیجمع الجهتین و كان الزبیر ابن عمة رسول اللّٰه ص

و قد كان النبی صلی اللّٰه علیه و آله أعلم علیا بأن فئة تبغی علیه فی أیام خلافته فیها بعض زوجاته و بعض أحمائه.

فكنی علیه السلام عن الزوجة بالحمة و هی سم للعقرب و الحماء یضرب مثلا لغیر الطیب الغیر الصافی.

و قال ابن میثم المغدفة الخفیة و أصله المرأة تغدف وجهها أی تستره و روی المغذفة بكسر الذال من أغذف أی أظلم و هی إشارة إلی شبهتهم فی الطلب بدم عثمان و قد زاح الباطل أی بعد و ذهب عن نصابه أی مركزه و مقره و الشغب بالتسكین تهییج الشر و قد یحرك و العب الشرب بلا مص و الحسی ماء كامن فی رمل یحفر عنه فیستخرج و یكون باردا عذبا (1) و هذه كنایة عن الحرب و الهیجاء و تهدید بهما و ما یتعقبهما من القتل و الهلاك.

و قال الجوهری العوذ حدیثات النتائج من الظباء و الخیل و الإبل واحدها عائد مثل حائل و حول و ذلك إذا ولدت عشرة أیام أو خمسة عشر یوما ثم هی مطفل.

و فی القاموس المطفل كمحسن ذات الطفل من الأنس و الوحش و الجمع مطافیل.

و قیل إن فی الجمع بین الوصفین تجوز و علی ما فی القاموس لا یحتاج إلی ذلك و ألَّبا بتشدید اللام من التألیب و هو التحریض قوله و استثبتهما استفعال من ثاب یثوب إذا رجع أی طلبت منهما أن یرجعا و روی بالتاء المثناة من التوبة و استأنیت أی انتظرت من الإناءة فغمطا بالكسر أی حقرا.

ص: 79


1- و قال ابن میثم: و «الحسی» بكسر الحاء و سكون السین: الماء الذی یشربه الرمل فینتهی إلی أرض صلبة تحفظه ثمّ یحفر عنه فیستخرج.

«52»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی ذِكْرِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ (2)

كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا یَرْجُو الْأَمْرَ لَهُ وَ یَعْطِفُهُ عَلَیْهِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا یَمُتَّانِ بِحَبْلٍ وَ لَا یَمُدَّانِ إِلَیْهِ بِسَبَبٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبُ [حَامِلُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ وَ عَمَّا قَلِیلٍ یُكْشَفُ قِنَاعُهُ بِهِ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِی یُرِیدُونَ لَیَنْتَزِعَنَّ هَذَا نَفْسَ هَذَا وَ لَیَأْتِیَنَّ هَذَا عَلَی هَذَا قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَأَیْنَ الْمُحْتَسِبُونَ وَ قَدْ سُنَّتْ لَهُمُ السُّنَنُ وَ قُدِّمَ لَهُمُ الْخَبَرُ وَ لِكُلِّ ضَلَّةٍ عِلَّةٌ وَ لِكُلِّ نَاكِثٍ شُبْهَةٌ وَ اللَّهِ لَا أَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ یَسْمَعُ النَّاعِیَ وَ یَحْضُرُ الْبَاكِیَ ثُمَّ لَا یَعْتَبِرُ.

إیضاح:

قوله علیه السلام كل واحد منهما أی طلحة و الزبیر لا یمتان قال فی النهایة المت التوسل و التوصل بحرمة أو قرابة أو غیر ذلك و قال السبب فی الأصل الحبل الذی یتوصل به إلی ماء ثم استعیر لكل ما یتوصل به إلی شی ء كقوله تعالی وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ أی الوصل و المودات و قال الضب الغضب و الحقد و الظاهر أن الضمیر المجرور فی قناعه راجع إلی كل واحد منهما و الباء فی به للسببیة و الضمیر للضب یكشف قناعه الذی استتر به و یظهر حاله بسبب حقده و بغضه فأین المحتسبون أی العاملون لله و الطالبون للأجر و یقال أیضا احتسب علیه أی أنكر و تقدیم الخبر هو إخبار النبی صلی اللّٰه علیه و آله بقتال الناكثین و القاسطین و المارقین و ضمیر فی قوله لهم فی الموضعین للمحتسبین أو للفئة الباغیة و علة ضلتهم هی البغی و الحسد و شبهتهم فی نكث البیعة الطلب بدم

ص: 80


1- 52- رواه السیّد الرضی قدس اللّٰه نفسه فی المختار: (52) من كتاب نهج البلاغة.
2- كذا فی طبع الكمبانی من البحار، و المذكور فیما لدی من نسخ المطبوعة من نهج البلاغة: «و من كلام له علیه السلام ...».

عثمان كما قیل أو المعنی أن لكل ضلالة غالبا علة و لكل ناكث شبهة بخلاف هؤلاء فإنهم یعدلون عن الحق مع وضوحه بغیر عذر و شبهة.

و مستمع اللدم الضبع و اللدم هو صوت الحجر یضرب به الأرض أو حیلة یفعلها الصائد عند باب جحرها فتنام و لا تتحرك حتی یجعل الحبل فی عرقوبها فیخرجها و المعنی لا أغتر و لا أغفل عن كید الأعداء فاستمع الناعی بقتل طائفة من المسلمین و یحضر الباكی علی قتلاهم فلا أحاربهم حتی یحیطوا بی.

و قیل لا أكون كمن یسمع الضرب و البكاء ثم لا یصدق حتی یجی ء لمشاهدة الحال.

و قال الجوهری اللدم ضرب المرأة صدرها و عضدیها فی النیاحة.

«53»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام: عِنْدَ مَسِیرِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ إِلَی الْبَصْرَةِ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَسُولًا هَادِیاً بِكِتَابٍ نَاطِقٍ وَ أَمْرٍ قَائِمٍ لَا یَهْلِكُ عَنْهُ إِلَّا هَالِكٌ وَ إِنَّ الْمُبْتَدَعَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ هُنَّ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ إِلَّا مَا حَفِظَ اللَّهُ مِنْهَا [كَذَا] وَ إِنَّ فِی سُلْطَانِ اللَّهِ عِصْمَةً لِأَمْرِكُمْ فَأَعْطُوهُ طَاعَتَكُمْ غَیْرَ مُلَوَّمَةٍ وَ لَا مُسْتَكْرَهٍ بِهَا وَ اللَّهِ لَتَفْعَلُنَّ أَوْ لَیَنْقُلَنَّ اللَّهُ عَنْكُمْ سُلْطَانَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَا یَنْقُلُهُ إِلَیْكُمْ أَبَداً حَتَّی یَأْرِزَ الْأَمْرُ إِلَی غَیْرِكُمْ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَمَالَئُوا عَلَی سَخْطَةِ إِمَارَتِی وَ سَأَصْبِرُ مَا لَمْ أَخَفْ عَلَی جَمَاعَتِكُمْ فَإِنَّهُمْ إِنْ تَمَّمُوا عَلَی فَیَالَةِ هَذَا الرَّأْیِ انْقَطَعَ نِظَامُ الْمُسْلِمِینَ وَ إِنَّمَا طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْیَا حَسَداً لِمَنْ أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَیْهِ فَأَرَادُوا رَدَّ الْأُمُورِ عَلَی أَدْبَارِهَا وَ لَكُمْ عَلَیْنَا الْعَمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَی وَ سِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ الْقِیَامُ بِحَقِّهِ وَ النَّعْشُ لِسُنَّتِهِ.

ص: 81


1- 53- ذكره السیّد الرضی رضی اللّٰه عنه فی المختار: (167) من كتاب نهج البلاغة.

بیان: و أمر قائم أی باق و حكمه غیر منسوخ و قیل أی مستقیم لیس بذی عوج لا یهلك عنه أی معرضا و عادلا عنه إلا هالك أی من بلغ الغایة فی الهلاك و المشبهات بالفتح أی التی أشبهت السنن و لیست منها أو بالكسر أی التی تشبه الأمر علی الناس.

و قوله علیه السلام إلا ما حفظ اللّٰه استثناء من بعض متعلقات المهلكات أی أنها مهلكة فی جمیع الأحوال إلا حال حفظ اللّٰه بالعصمة عن ارتكابها أو كل أحد إلا من حفظه اللّٰه فما بمعنی من.

قوله علیه السلام و إن فی سلطان اللّٰه أو دین اللّٰه أو حجة اللّٰه أو الإمام أی فی طاعته.

قوله علیه السلام غیر ملومة أی مخلصین غیر ملوم صاحبها بأن ینسب إلی النفاق و الریاء.

و فی بعض النسخ علی التفعیل للمبالغة و یروی غیر ملویة أی غیر معوجة من لویت العود إذا عطفته.

قوله حتی یأرز أی ینقبض و ینضم و یجتمع.

إن هؤلاء أی طلحة و الزبیر و عائشة قد تمالئوا أی تساعدوا و اجتمعوا أو تعاونوا و الفیالة الضعف أی إن بقوا علی ضعف رأیهم قطعوا نظام المسلمین و الفی ء الرجوع.

قوله فأرادوا رد الأمور أی أرادوا انتزاع الأمر منه علیه السلام كما انتزع أولا و النعش الرفع و الضمیران فی حقه و سنته راجعان إلی الرسول.

«54»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام: فِی ذِكْرِ السَّائِرِینَ إِلَی الْبَصْرَةِ لِحَرْبِهِ

ص: 82


1- 54- رواها السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (216) من كتاب نهج البلاغة.

علیه السلام فَقَدِمُوا عَلَی عُمَّالِی وَ خُزَّانِ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ الَّذِی فِی یَدَیَّ وَ عَلَی أَهْلِ مِصْرٍ كُلُّهُمْ فِی طَاعَتِی وَ عَلَی بَیْعَتِی فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ وَ أَفْسَدُوا عَلَی جَمَاعَتِهِمْ وَ وَثَبُوا عَلَی شِیعَتِی فَقَتَلُوا طَائفَةً منْهُمْ غَدْراً وَ طَائِفَةٌ عَضُّوا عَلَی أَسْیَافِهِمْ فَضَارَبُوا حَتَّی لَقُوا اللَّهَ صَادِقِینَ.

توضیح:

شتته فرقه و قال ابن الأثیر فی النهایة أصل العض اللزوم یقال عض علیه عضا و عضیضا إذا لزمه انتهی أی طائفة من الشیعة لزموا سیوفهم و یروی طائفة بالنصب أی و قتلوا طائفة شأنهم ذلك.

«55»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام كَلَّمَ بِهِ بَعْضَ الْعَرَبِ وَ قَدْ أَرْسَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمَّا قَرُبَ علیه السلام مِنْهَا یَعْلَمُ لَهُمْ مِنْهُ حَقِیقَةَ حَالِهِ مَعَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ لِتَزُولَ الشُّبْهَةُ مِنْ نُفُوسِهِمْ فَبَیَّنَ لَهُ علیه السلام مِنْ أَمْرِهِ مَعَهُمْ مَا عَلِمَ بِهِ أَنَّهُ عَلَی الْحَقِّ ثُمَّ قَالَ لَهُ بَایِعْ فَقَالَ إِنِّی رَسُولُ قَوْمٍ وَ لَا أُحْدِثُ حَدَثاً حَتَّی أَرْجِعَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ علیه السلام أَ رَأَیْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِینَ وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِداً تَبْتَغِی لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَیْثِ فَرَجَعْتَ إِلَیْهِمْ وَ أَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْكَلَإِ وَ الْمَاءِ فَخَالَفُوكَ إِلَی الْمَعَاطِشِ وَ الْمَجَادِبِ مَا كُنْتَ صَانِعاً قَالَ كُنْتُ تَارِكَهُمْ وَ مُخَالِفَهُمْ إِلَی الْكَلَإِ وَ الْمَاءِ فَقَالَ لَهُ علیه السلام فَامْدُدْ إِذاً یَدَكَ فَقَالَ الرَّجُلُ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِیَامِ الْحُجَّةِ عَلَیَّ فَبَایَعْتُهُ علیه السلام (2).

و الرجل یعرف بكلیب الجرمی.

ص: 83


1- 55- أورده السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (168) من كتاب نهج البلاغة.
2- كذا فی غیر واحد من مطبوعة نهج البلاغة و فی ط الكمبانی من البحار: «فبایعه».

بیان: المجادب محال الجدب.

«56»-(1)

نهج، نهج البلاغة مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام: إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ عِنْدَ مَسِیرِهِ مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الْبَصْرَةِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ جَبْهَةِ الْأَنْصَارِ وَ سَنَامِ الْعَرَبِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكُمْ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ حَتَّی یَكُونَ سَمْعُهُ كَعِیَانِهِ إِنَّ النَّاسَ طَعَنُوا عَلَیْهِ فَكُنْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِینَ أُكْثِرُ اسْتِعْتَابَهُ وَ أُقِلُّ عِتَابَهُ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ أَهْوَنُ سَیْرِهِمَا فِیهِ الْوَجِیفُ وَ أَرْفَقُ حِدَائِهِمَا الْعَنِیفُ وَ كَانَ مِنْ عَائِشَةَ فِیهِ فَلْتَةُ غَضَبٍ فَأُتِیحَ لَهُ قَوْمٌ قَتَلُوهُ وَ بَایَعَنِی النَّاسُ غَیْرَ مُسْتَكْرَهِینَ وَ لَا مُجْبَرِینَ بَلْ طَائِعِینَ مُخَیَّرِینَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ قَدْ قَلَعَتْ بِأَهْلِهَا وَ قَلَعُوا بِهَا وَ جَاشَتْ جَیْشَ الْمِرْجَلِ وَ قَامَتِ الْفِتْنَةُ عَلَی الْقُطْبِ فَأَسْرِعُوا إِلَی أَمِیرِكُمْ وَ بَادِرُوا جِهَادَ عَدُوِّكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

«57»-(2)

وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام: إِلَیْهِمْ بَعْدَ فَتْحِ الْبَصْرَةِ- وَ جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرٍ عَنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ أَحْسَنَ مَا یَجْزِی الْعَامِلِینَ بِطَاعَتِهِ وَ الشَّاكِرِینَ لِنِعْمَتِهِ فَقَدْ سَمِعْتُمْ وَ أَطَعْتُمْ وَ دُعِیتُمْ فَأَجَبْتُمْ.

بیان: أكثر استعتابه أی أكثر طلب العتبی منه و الرجوع إلی ما یرضی به القوم منه و أقل عتابه أی لائمته علی وجه الإذلال و المؤاخذة إما لعدم النفع أو للمصلحة و الوجیف السیر السریع قوله علیه السلام فلتة غضب أی فجاءة غضب و الحاصل أن هؤلاء الثلاثة كانوا أشد الناس علیه فأتیح له أی قدر و هیئ و جاشت غلت و المرجل القدر من النحاس و دار الهجرة المدینة و الغرض إعلامهم باضطراب حال المدینة و أهلها حین علموا بمسیر القوم إلی البصرة للفتنة.

ص: 84


1- 56- و هذا هو المختار الأوّل من الباب الثانی- و هو باب الكتب- من نهج البلاغة.
2- 57- و هذا هو المختار الثانی من الباب الثانی من نهج البلاغة.

أقول: قال ابن میثم رحمه اللّٰه كتب علیه السلام كتاب الأول حین نزل بماء العذیب متوجها إلی البصرة و بعثه مع الحسن علیه السلام و عمار بن یاسر.

«58»-(1)

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی الشَّرْحِ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ یَسَارٍ الْقُرَشِیِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلِیٌّ علیه السلام الرَّبَذَةَ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْبَصْرَةِ بَعَثَ إِلَی الْكُوفَةِ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ وَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ هَذَا الْكِتَابَ یَعْنِی الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ فَحَسْبِی بِكُمْ إِخْوَاناً وَ لِلدِّینِ أَنْصَاراً فَ انْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالًا وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

«59»-وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ قَالَ حَدَّثَنِی الصَّقْعَبُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُنَادَةَ یُحَدِّثُ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا نَزَلَ الرَّبَذَةَ بَعَثَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِی وَقَّاصٍ إِلَی أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ وَ هُوَ الْأَمِیرُ یَوْمَئِذٍ عَلَی الْكُوفَةِ لِیُنَفِّرَ إِلَیْهِ النَّاسَ وَ كَتَبَ إِلَیْهِ مَعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی بَعَثْتُ إِلَیْكَ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ لِتُشْخِصَ إِلَیَّ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ لِیَتَوَجَّهُوا إِلَی قَوْمٍ نَكَثُوا بَیْعَتِی وَ قَتَلُوا شِیعَتِی وَ أَحْدَثُوا فِی الْإِسْلَامِ هَذَا الْحَدَثَ الْعَظِیمَ فَاشْخَصْ بِالنَّاسِ إِلَیَّ مَعَهُ حِینَ یَقْدَمُ عَلَیْكَ فَإِنِّی لَمْ أُوَلِّكَ الْمِصْرَ الَّذِی أَنْتَ بِهِ وَ لَمْ أُقِرَّكَ عَلَیْهِ إِلَّا لِتَكُونَ مِنْ أَعْوَانِی عَلَی الْحَقِّ وَ أَنْصَارِی عَلَی هَذَا الْأَمْرِ وَ السَّلَامُ.

ص: 85


1- 58- رواه فی شرحه علی المختار الأول من باب الكتب من نهج البلاغة: ج 4 ص 290 طبع الحدیث ببیروت. وما ذكره المصنف هنا هو موجز ما رواه ابن أبی الحدید، ولم یذكر المصنف كلامه حرفیا.

«60»-وَ رَوَی مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ الْكُوفَةَ اسْتَنْفَرَا النَّاسَ فَمَنَعَهُمْ أَبُو مُوسَی فَلَحِقَا بِعَلِیٍّ علیه السلام فَأَخْبَرَاهُ بِالْخَبَرِ.

«61»-وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ: أَنَّ هَاشِمَ بْنَ عُتْبَةَ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ دَعَا أَبَا مُوسَی فَقَالَ اتَّبِعْ مَا كَتَبَ بِهِ إِلَیْكَ فَأَبَی ذَلِكَ فَبَعَثَ إِلَی هَاشِمٍ یَتَوَعَّدُهُ فَكَتَبَ إِلَی عَلِیٍّ بِامْتِنَاعِهِ وَ أَنَّهُ شَاقٌّ بَعِیدُ الْوُدِّ ظَاهِرُ الْغِلِّ وَ الشَّنَآنِ وَ أَنَّهُ هَدَّدَهُ بِالسِّجْنِ وَ الْقَتْلِ فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُهُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ قَدْ أَتَاهُ بِهِ الْمُحِلُّ بْنُ خَلِیفَةَ فَسَلَّمَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَدَّی الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ وَضَعَهُ مَوْضِعَهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ وَ قَدْ وَ اللَّهِ كَرِهُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ بَارَزُوهُ وَ جَاهَدُوهُ فَرَدَّ اللَّهُ كَیْدَهُمْ فِی نُحُورِهِمْ وَ جَعَلَ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَیْهِمْ وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَنُجَاهِدَنَّهُمْ مَعَكَ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ حِفْظاً لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ بَیْتِهِ إِذْ صَارُوا أَعْدَاءً لَهُمْ بَعْدَهُ فَرَحَّبَ بِهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ خَیْراً ثُمَّ أَجْلَسَهُ إِلَی جَانِبِهِ وَ قَرَأَ كِتَابَ هَاشِمٍ وَ سَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ وَ عَنْ أَبِی مُوسَی فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَثِقُ بِهِ وَ لَا آمَنُهُ عَلَی خِلَافِكَ إِنْ وَجَدَ مَنْ یُسَاعِدُهُ عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا كَانَ عِنْدِی بِمُؤْتَمَنٍ وَ لَا نَاصِحٍ وَ لَقَدْ أَرَدْتُ عَزْلَهُ فَأَتَانِی الْأَشْتَرُ فَسَأَلَنِی أَنْ أُقِرَّهُ وَ ذَكَرَ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ بِهِ رَاضُونَ فَأَقْرَرْتُهُ.

وَ رَوَی أَبُو مِخْنَفٍ قَالَ وَ بَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنَ الرَّبَذَةِ بَعْدَ وُصُولِ الْمُحِلِّ بْنِ خَلِیفَةَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَكْرٍ إِلَی أَبِی مُوسَی وَ كَتَبَ مَعَهُمَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَیْسٍ أَمَّا بَعْدُ یَا ابْنَ الْحَائِكِ

ص: 86

یَا عَاضَّ أَیْرِ أَبِیهِ فَوَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرَی أَنَّ بَعْدَكَ (1) مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِی لَمْ یَجْعَلْكَ اللَّهُ لَهُ أَهْلًا وَ لَا جَعَلَ لَكَ فِیهِ نَصِیباً سَیَمْنَعُكَ مِنْ رَدِّ أَمْرِی وَ الِافْتِرَاءِ عَلَیَّ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَ ابْنَ أَبِی بَكْرٍ فَخَلِّهِمَا وَ الْمِصْرَ وَ أَهْلَهُ وَ اعْتَزِلْ عَمَلَنَا مَذْؤُماً مَدْحُوراً فَإِنْ فَعَلْتَ وَ إِلَّا فَإِنِّی قَدْ أَمَرْتُهُمَا أَنْ یُنَابِذَاكَ عَلَی سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی كَیْدَ الْخائِنِینَ فَإِذَا ظَهَرَا عَلَیْكَ قَطَعَاكَ إِرْباً إِرْباً وَ السَّلَامُ عَلَی مَنْ شَكَرَ النِّعْمَةَ وَ وَفَی بِالْبَیْعَةِ وَ عَمِلَ بِرَجَاءِ الْعَافِیَةِ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ ابْنُ أَبِی بَكْرٍ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام وَ لَمْ یَدْرِ مَا صَنَعَا رَحَلَ عَنِ الرَّبَذَةِ إِلَی ذِی قَارٍ فَنَزَلَهَا قَالَ فَلَمَّا نَزَلَ ذَا قَارٍ بَعَثَ إِلَی الْكُوفَةِ الْحَسَنَ ابْنَهُ علیه السلام وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ زَیْدَ بْنَ صُوحَانَ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَ مَعَهُمْ كِتَابٌ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَقْبَلُوا حَتَّی كَانُوا بِالْقَادِسِیَّةِ فَتَلَقَّاهُمُ النَّاسُ فَلَمَّا دَخَلُوا الْكُوفَةَ قَرَءُوا كِتَابَ عَلِیٍّ علیه السلام وَ هُوَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَنْ بِالْكُوفَةِ مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی خَرَجْتُ مَخْرَجِی هَذَا إِمَّا ظَالِماً وَ إِمَّا مَظْلُوماً وَ إِمَّا بَاغِیاً وَ إِمَّا مَبْغِیّاً عَلَیَّ فَأَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا بَلَغَهُ كِتَابِی هَذَا إِلَّا نَفَرَ إِلَیَّ فَإِنْ كُنْتُ مَظْلُوماً أَعَانَنِی وَ إِنْ كُنْتُ ظَالِماً اسْتَعْتَبَنِی وَ السَّلَامُ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ الْحَسَنُ علیه السلام وَ عَمَّارٌ الْكُوفَةَ اجْتَمَعَ إِلَیْهِمَا النَّاسُ فَقَامَ الْحَسَنُ فَاسْتَقَرَّ فَاسْتَنْفَرَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا جِئْنَاكُمْ نَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَ إِلَی أَفْقَهِ مَنْ تَفَقَّهَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَعْدَلِ مَنْ تُعَدِّلُونَ وَ أَفْضَلِ مَنْ تُفَضِّلُونَ وَ أَوْفَی مَنْ

ص: 87


1- هذا هو الظاهر، و فی أصلی: «فو اللّٰه إن كنت لا أری إلّا بعدك ...» و فی شرح ابن أبی الحدید: «فو اللّٰه إنّی كنت لأری أن بعدك من هذا الأمر ...».

تُبَایِعُونَ مَنْ لَمْ یُعْیِهِ الْقُرْآنُ وَ لَمْ تُجَهِّلْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ تَقْعُدْ بِهِ السَّابِقَةُ إِلَی مَنْ قَرَّبَهُ اللَّهُ إِلَی رَسُولِهِ قَرَابَتَیْنِ قَرَابَةَ الدِّینِ وَ قَرَابَةَ الرَّحِمِ إِلَی مَنْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَی كُلِّ مَأْثُرَةٍ إِلَی مَنْ كَفَی اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَ النَّاسُ مُتَخَاذِلُونَ فَقَرُبَ مِنْهُ وَ هُمْ مُتَبَاعِدُونَ وَ صَلَّی مَعَهُ وَ هُمْ مُشْرِكُونَ وَ قَاتَلَ مَعَهُ وَ هُمْ مُنْهَزِمُونَ وَ بَارَزَ مَعَهُ وَ هُمْ مجمحون [مُحْجِمُونَ وَ صَدَّقَهُ وَ هُمْ مُكَذِّبُونَ إِلَی مَنْ لَمْ تُرَدَّ لَهُ رَایَةٌ وَ لَا تُكَافِئْ لَهُ سَابِقَةٌ وَ هُوَ یَسْأَلُكُمُ النَّصْرَ وَ یَدْعُوكُمْ إِلَی الْحَقِّ وَ یَسْأَلُكُمْ بِالْمَسِیرِ إِلَیْهِ لِتُوَازِرُوهُ وَ تَنْصُرُوهُ عَلَی قَوْمٍ نَكَثُوا بَیْعَتَهُ وَ قَتَلُوا أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ مَثَّلُوا بِعُمَّالِهِ وَ انْتَهَبُوا بَیْتَ مَالِهِ فَاشْخَصُوا إِلَیْهِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ احْضُرُوا بِمَا یَحْضُرُ بِهِ من الصَّالِحُونَ- قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ حَدَّثَنِی جَابِرُ بْنُ یَزِیدَ عَنْ تَمِیمِ بْنِ حِذْیَمٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَیْنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ یَسْتَنْفِرَانِ النَّاسَ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ مَعَهُمَا كِتَابُهُ فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ كِتَابِهِ قَامَ الْحَسَنُ وَ هُوَ فَتًی حَدَثٌ وَ اللَّهِ إِنِّی لَأَرْثِی لَهُ مِنْ حَدَاثَةَ سِنِّهِ وَ صُعُوبَةِ مَقَامِهِ فَرَمَاهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ وَ هُمْ یَقُولُونَ اللَّهُمَّ سَدِّدْ مَنْطِقَ ابْنِ بِنْتِ نَبِیِّنَا فَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی عَمُودٍ یَتَسَانَدُ إِلَیْهِ وَ كَانَ عَلِیلًا مِنْ شَكْوَی بِهِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِیزِ الْجَبَّارِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْكَبِیرِ الْمُتَعَالِ سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَنْ جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّیْلِ وَ سارِبٌ بِالنَّهارِ أَحْمَدُهُ عَلَی حُسْنِ الْبَلَاءِ وَ تَظَاهُرِ النَّعْمَاءِ وَ عَلَی مَا أَحْبَبْنَا وَ كَرِهْنَا مِنْ شِدَّةٍ وَ رَخَاءٍ وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ امْتَنَّ عَلَیْنَا بِنُبُوَّتِهِ وَ اخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ وَحْیَهُ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی جَمِیعِ خَلْقِهِ وَ أَرْسَلَهُ إِلَی الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ حِینَ عُبِدَتِ الْأَوْثَانُ وَ أُطِیعَ الشَّیْطَانُ وَ جُحِدَ الرَّحْمَنُ فَصَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ جَزَاهُ أَفْضَلَ مَا جَزَی الْمُرْسَلِینَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا تَعْرِفُونَ إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ أَرْشَدَ اللَّهُ أَمْرَهُ وَ أَعَزَّ نَصْرَهُ بَعَثَنِی إِلَیْكُمْ یَدْعُوكُمْ إِلَی الصَّوَابِ وَ إِلَی الْعَمَلِ

ص: 88

بِالْكِتَابِ وَ الْجِهَادِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ إِنْ كَانَ فِی عَاجِلِ ذَاكَ مَا تَكْرَهُونَ فَإِنَّ فِی آجِلِهِ مَا تُحِبُّونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ عَلِیّاً صَلَّی مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَحْدَهُ وَ أَنَّهُ یَوْمَ صَدَّقَ بِهِ لَفِی عَاشِرَةٍ مِنْ سِنِّهِ ثُمَّ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ جَمِیعَ مَشَاهِدِهِ وَ كَانَ مِنِ اجْتِهَادِهِ فِی مَرْضَاةِ اللَّهِ وَ طَاعَةِ رَسُولِهِ وَ آثَارِهِ الْحَسَنَةِ فِی الْإِسْلَامِ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ وَ لَمْ یَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله رَاضِیاً عَنْهُ حَتَّی غَمَّضَهُ بِیَدِهِ وَ غَسَّلَهُ وَحْدَهُ وَ الْمَلَائِكَةُ أَعْوَانُهُ وَ الْفَضْلُ ابْنُ عَمِّهِ یَنْقُلُ إِلَیْهِ الْمَاءَ ثُمَّ أَدْخَلَهُ حُفْرَتَهُ وَ أَوْصَاهُ بِقَضَاءِ دَیْنِهِ وَ عِدَاتِهِ وَ غَیْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنِّ اللَّهِ عَلَیْهِ ثُمَّ وَ اللَّهِ مَا دَعَاهُمْ إِلَی نَفْسِهِ وَ لَقَدْ تَدَاكَّ النَّاسُ عَلَیْهِ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِیمِ عِنْدَ وُرُودِهَا فَبَایَعُوهُ طَائِعِینَ ثُمَّ نَكَثَ مِنْهُمْ نَاكِثُونَ بِلَا حَدَثٍ أَحْدَثَهُ وَ لَا خِلَافٍ أَتَاهُ حَسَداً لَهُ وَ بَغْیاً عَلَیْهِ فَعَلَیْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ الْجِدِّ وَ الصَّبْرِ وَ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَ الْخُفُوفِ إِلَی مَا دَعَاكُمْ إِلَیْهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَصَمَنَا اللَّهُ وَ إِیَّاكُمْ بِمَا عَصَمَ بِهِ أَوْلِیَاءَهُ وَ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَ أَلْهَمَنَا وَ إِیَّاكُمْ تَقْوَاهُ وَ أَعَانَنَا وَ إِیَّاكُمْ عَلَی جِهَادِ أَعْدَائِهِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِیمَ لِی وَ لَكُمْ ثُمَّ مَضَی إِلَی الرَّحْبَةِ فَهَیَّأَ مَنْزِلًا لِأَبِیهِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ لِتَمِیمٍ كَیْفَ أَطَاقَ هَذَا الْغُلَامُ مَا قَدْ قَصَصْتَهُ مِنْ كَلَامِهِ فَقَالَ وَ مَا سَقَطَ عَنِّی مِنْ قَوْلِهِ أَكْثَرُ وَ لَقَدْ حَفِظْتُ بَعْضَ مَا سَمِعْتُ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ لَمَّا فَرَغَ الْحَسَنُ علیه السلام مِنْ خُطْبَتِهِ قَامَ عَمَّارٌ وَ خَطَبَ النَّاسَ وَ اسْتَنْفَرَهُمْ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو مُوسَی خُطْبَتَهُمَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَكْرَمَنَا بِمُحَمَّدٍ فَجَمَعَنَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَ جَعَلَنَا إِخْوَاناً مُتَحَابِّینَ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ وَ حَرَّمَ عَلَیْنَا دِمَاءَنَا وَ أَمْوَالَنَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَیْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ قَالَ تَعَالَی وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَ ضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ كُفُّوا عَنْ قِتَالِ إِخْوَانِكُمْ

ص: 89

إِلَی آخِرَ خُطْبَتِهِ الْمَلْعُونَةِ الَّتِی تَرْكُهَا أَوْلَی مِنْ ذِكْرِهَا وَ تُنَادِی بِكُفْرِ صَاحِبِهَا وَ نِفَاقِهِ قَالَ فَلَمَّا أَتَتِ الْأَخْبَارُ عَلِیّاً بِاخْتِلَافِ النَّاسِ بِالْكُوفَةِ بَعَثَ الْأَشْتَرَ إِلَیْهَا فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا صَاغِراً قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ لَمَّا نَزَلَ عَلِیٌّ علیه السلام ذَا قَارٍ كَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَی حَفْصَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی أُخْبِرُكِ أَنَّ عَلِیّاً قَدْ نَزَلَ ذَا قَارٍ وَ أَقَامَ بِهَا مَرْعُوباً خَائِفاً لِمَا بَلَغَهُ مِنْ عِدَّتِنَا وَ جَمَاعَتِنَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَشْقَرِ إِنْ تَقَدَّمَ عُقِرَ وَ إِنْ تَأَخَّرَ نُحِرَ فَدَعَتْ حَفْصَةُ جَوَارِیَ لَهَا یَتَغَنَّیْنَ وَ یَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ فَأَمَرَتْهُنَّ أَنْ یَقُلْنَ فِی غِنَائِهِنَّ مَا الْخَبَرُ مَا الْخَبَرُ عَلِیٌّ فِی السَّفَرِ كَالْفَرَسِ الْأَشْقَرِ إِنْ تَقَدَّمَ عُقِرَ وَ إِنْ تَأَخَّرَ نُحِرَ- (1) وَ جَعَلَتْ بَنَاتُ الطُّلَقَاءِ یَدْخُلْنَ عَلَی حَفْصَةَ وَ یَجْتَمِعْنَ لِسَمَاعِ ذَلِكَ الْغِنَاءِ فَبَلَغَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِیٍّ علیه السلام ذَلِكَ فَلَبِسَتْ جَلَابِیبَهَا وَ دَخَلَتْ عَلَیْهِنَّ فِی نِسْوَةٍ مُتَنَكِّرَاتٍ ثُمَّ أَسْفَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا فَلَمَّا عَرَفَتْهَا حَفْصَةُ خَجِلَتْ وَ اسْتَرْجَعَتْ فَقَالَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ لَئِنْ تَظَاهَرْتُمَا عَلَیْهِ الْیَوْمَ لَقَدْ تَظَاهَرْتُمَا عَلَی أَخِیهِ مِنْ قَبْلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِیكُمَا مَا أَنْزَلَ (2) فَقَالَتْ حَفْصَةُ كُفِّی رَحِمَكِ اللَّهُ وَ أَمَرَتْ

ص: 90


1- و الحدیث رواه أیضا یوسف بن حاتم الشامیّ فی قصّة حرب الجمل من كتاب الدر النظیم الورق 114//. ولكن وا أسفاه من بقاء هذا الكتاب وأمثاله غیر منشورة مع حاجة المجتمع إلیها، وإلی اللّٰه المشتكی من غفلة العلماء وكسلة الفضلاء وسفلة الزملاء وبخلة التجار والأغنیاء!!!.
2- إشارة إلی ما أجرمت هی و زمیلتها علی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم حتّی نزلت فی تهدیدهما و عظم جرمهما الآیة الأولی إلی الآیة الرابعة من سورة التحریم: (66) و هذا نصّ الآیة الرابعة: (إِنْ تَتُوبا إِلَی اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما، وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَیْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِیلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِیرٌ)

بِالْكِتَابِ فَمُزِّقَ وَ اسْتَغْفَرَتِ اللَّهَ- (1) فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَیْفٍ فِی ذَلِكَ:

عَذَرْنَا الرِّجَالَ بِحَرْبِ الرِّجَالِ***فَمَا لِلنِّسَاءِ وَ مَا لِلسِّبَابِ

أَ مَا حَسْبُنَا مَا أَتَیْنَا بِهِ***لَكَ الْخَیْرُ مِنْ هَتْكِ ذَاكَ الْحِجَابِ

وَ مَخْرَجُهَا الْیَوْمَ مِنْ بَیْتِهَا ***یُعَرِّفُهَا الذَّنْبَ نَبْحُ الْكِلَابِ

إِلَی أَنْ أَتَاهَا كِتَابٌ لَهَا*** مَشُومٌ فَیَا قُبْحَ ذَاكَ الْكِتَابِ

أقول: الأیر الذكر و قال ابن الأثیر فی النهایة و فیه

من تعزی بعزاء الجاهلیة فأعضوه بهن أبیه و لا تكنوا.

أی فقولوا له اعضض بأیر أبیك و لا تكنوا بالأیر عن الهن تنكیرا له و تأدیبا.

و أیضا قال فی مادة أیر فی

حدیث علی علیه السلام من یطل أیر أبیه ینطق به.

هذا مثل ضربه أی من كثرت إخوته اشتد ظهره بهم انتهی.

و لعل المعنی هنا أخذه بسنة أبیه الكافر و لزومه بجهله و عصبیته و معایبه أو قلة أعوانه و أنصاره و دناءته

ص: 91


1- قد أشرنا فی تعلیق ص: 20 رقم: (6) إلی أن المصنّف العلامة قد اختصر ما رواه ابن أبی الحدید، و بما أن فی هذا المقام الاختصار قد أخل بأمر عظیم نذكر هذا الجزء من الحدیث حرفیا من شرح ابن أبی الحدید، قال: [ثم] قال أبو مخنف: روی هذا [الحدیث] جریر بن یزید عن الحكم. ورواه [أیضا] الحسن بن دینار عن الحسن البصری. ثم قال ابن أبی الحدید. وذكر الواقدی مثل ذلك، وذكر المدائنی أیضا مثله [ثم] قال [المدائنی] فقال سهل بن حنیف فی ذلك هذه الاشعار...

«62»-و ذكر المفید قدس سره فی كتاب الكافیة قصة حفصة بسندین آخرین نحوا مما مر.

«63»-الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ، رَوَوْا أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا بَلَغَهُ وَ هُوَ بِالرَّبَذَةِ خَبَرُ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ قَتْلِهِمَا حَكِیمَ بْنَ جَبَلَةَ وَ رِجَالًا مِنَ الشِّیعَةِ وَ ضَرْبِهِمَا عُثْمَانَ بْنَ حُنَیْفٍ وَ قَتْلِهِمَا السَّبَابِجَةَ قَامَ عَلَی الْغَرَائِرِ فَقَالَ إِنَّهُ أَتَانِی خَبَرٌ مُتَفَظَّعٌ وَ نَبَأٌ جَلِیلٌ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَرَدَا الْبَصْرَةَ فَوَثَبَا عَلَی عَامِلِی فَضَرَبَاهُ ضَرْباً مُبَرِّحاً وَ تُرِكَ لَا یُدْرَی أَ حَیٌّ هُوَ أَمْ مَیِّتٌ وَ قَتَلَا الْعَبْدَ الصَّالِحَ حَكِیمَ بْنَ جَبَلَةَ فِی عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِ الْمُسْلِمِینَ الصَّالِحِینَ لَقُوا اللَّهَ مُوفُونَ بِبَیْعَتِهِمْ مَاضِینَ عَلَی حَقِّهِمْ وَ قَتَلَا السَّبَابِجَةَ خُزَّانَ بَیْتِ الْمَالِ الَّذِی لِلْمُسْلِمِینَ قَتَلُوهُمْ [طَائِفَةً مِنْهُمْ صَبْراً وَ قَتَلُوا طَائِفَةً منْهُمْ غَدْراً فَبَكَی النَّاسُ بُكَاءً شَدِیداً وَ رَفَعَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَدَیْهِ یَدْعُو وَ یَقُولُ اللَّهُمَّ اجْزِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ جَزَاءَ الظَّالِمِ الْفَاجِرِ وَ الْخُفُورِ الْغَادِرِ.

«64»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام فِی ذِكْرِ أَصْحَابِ الْجَمَلِ فَخَرَجُوا یَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله كَمَا تُجَرُّ الْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا مُتَوَجِّهِینَ بِهَا الْبَصْرَةَ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِی بُیُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِیسَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَهُمَا وَ لِغَیْرِهِمَا فِی جَیْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَ قَدْ أَعْطَانِیَ الطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِی بِالْبَیْعَةِ طَائِعاً غَیْرَ مُكْرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَی عَامِلِی بِهَا وَ خُزَّانِ بَیْتِ مَالِ الْمُسْلِمِینَ وَ غَیْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً فَوَ اللَّهِ لَوْ لَمْ یُصِیبُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مُعْتَمِدِینَ لِقَتْلِهِ بِلَا جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِی قَتْلُ ذَلِكَ الْجَیْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ یُنْكِرُوهُ وَ لَمْ یَدْفَعُوا بِلِسَانٍ وَ لَا بِیَدٍ دَعْ مَا إِنَّهُمْ

ص: 92


1- 64- رواه السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (170) من كتاب نهج البلاغة.

قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِینَ مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِی دَخَلُوا بِهَا عَلَیْهِمْ.

بیان: الحرمة ما یحرم انتهاكه و المراد بها هنا الزوجة كالحبیس و الضمیر فی حبسا راجع إلی طلحة و الزبیر و قوله علیه السلام صبرا أی بعد الأسر و غدرا أی بعد الأمان قوله علیه السلام جره أی جذبه أو من الجریرة قال فی القاموس الجر الجذب و الجریرة الذنب جر علی نفسه و غیره جریرة یجرها بالضم و الفتح جرا.

قال ابن میثم (1) فإن قلت المفهوم من هذا الكلام تعلیل جواز قتله علیه السلام لذلك الجیش بعدم إنكارهم للمنكر فهل یجوز قتل من لم ینكر المنكر قلت أجاب ابن أبی الحدید عنه فقال یجوز قتلهم لأنهم اعتقدوا ذلك القتل مباحا كمن یعتقد إباحة الزنا و شرب الخمر.

و أجاب الراوندی رحمه اللّٰه بأن جواز قتلهم لدخولهم فی عموم قوله تعالی إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا الآیة و هؤلاء قد حاربوا رسول اللّٰه

لقوله صلی اللّٰه علیه و آله یا علی حربك حربی.

و سعوا فی الأرض بالفساد.

و اعترض المجیب الأول علیه فقال الإشكال إنما هو فی التعلیل بعدم إنكار المنكر و التعلیل بعموم الآیة لا ینفعه.

و أقول: الجواب الثانی أسد و الجواب الأول ضعیف لأن القتل و إن وجب علی من اعتقد إباحة ما علم من الدین ضرورة لكن هؤلاء كان جمیع ما فعلوه من القتل و الخروج بالتأویل و إن كان معلوم الفساد فظهر الفرق بین اعتقاد حل الخمر و الزنا و بین اعتقاد هؤلاء إباحة ما فعلوه.

ص: 93


1- ذكره ابن میثم رحمه اللّٰه فی شرح المختار المتقدم و هو (170) من نهج البلاغة من شرحه: ج 3 ص 337.

و أما الاعتراض علی الجواب الثانی فضعیف أیضا لأن له أن یقول إن قتل المسلم إذا صدر عن بعض الجیش و لم ینكر الباقون مع تمكنهم و حضورهم كان ذلك قرینة علی الرضا من جمیعهم و الراضی بالقتل شریك القاتل خصوصا إذا كان معروفا بصحبته و الاتحاد به لاتحاد بعض الجیش ببعض و كان خروج ذلك الجیش علی الإمام محاربة لله و لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله و سعیا فی الأرض بالفساد و ذلك عین مقتضی الآیة انتهی ملخص كلامه.

و یمكن أن یجاب عن اعتراضه علی الجواب بأن هؤلاء كانوا مدعین لشبهة لم تكن شبهة محتملة لأنهم خرجوا علی الإمام بعد البیعة طائعین غیر مكرهین كما ذكره علیه السلام مع أن الاحتمال كاف له فتأمل.

و یمكن الجواب عن أصل السؤال بأن التعلیل لیس بعدم إنكار المنكر مطلقا بل بعدم إنكار هؤلاء لهذا المنكر الخاص أی قتل واحد من المسلمین المعاونین للإمام علیه السلام بالخروج علیه و ربما یشعر بذلك قوله علیه السلام لحل لی قتل ذلك الجیش.

و یمكن حمل كلام الراوندی علی ذلك و أما ما ذكره أخیرا من جواز قتل الراضی بالقتل فإن أراد الحكم كلیا فلا یخفی إشكاله و إن أراد فی هذه المادة الخاصة فصحیح.

و یرد علی جواب ابن أبی الحدید مثل ما أورده هو علی الراوندی رحمه اللّٰه بأن الإشكال إنما هو فی التعلیل بعدم إنكار المنكر لا فی استحلال القتل و لو قدر فی كلامه علیه السلام كأن یقول المراد إذ حضروه مستحلین فلم ینكروا لأمكن للراوندی أن یقول إذ حضروه محاربین.

و لو أجاب بأن الحضور مع عدم الإنكار هو الاستحلال فبطلانه ظاهر مع أن للراوندی رحمه اللّٰه أن یقول الحضور فی جیش قد قتل بعضهم أحدا من أتباع الإمام من حیث إنه من شیعته مع عدم الإنكار و الدفع محاربة لله و لرسوله صلی اللّٰه علیه و آله و لا ریب أنه كذلك.

ص: 94

«65»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام فِی مَعْنَی طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ أَنَا عَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ اللَّهِ مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ إِلَّا خَوْفاً مِنْ أَنْ یُطَالَبَ بِدَمِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَظِنَّتَهُ وَ لَمْ یَكُنْ فِی الْقَوْمِ أَحْرَصُ عَلَیْهِ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ یُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِیهِ لِیَلْتَبِسَ الْأَمْرُ وَ یَقَعَ الشَّكُّ وَ وَ اللَّهِ مَا صَنَعَ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ یَزْعُمُ لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یُؤَازِرَ قَاتِلِیهِ أَوْ یُنَابِذَ نَاصِرِیهِ وَ لَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَكُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِینَ عَنْهُ وَ الْمُعَذِّرِینَ فِیهِ وَ لَئِنْ كَانَ فِی شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی لَهُ أَنْ یَعْتَزِلَهُ وَ یَرْكُدَ جَانِباً وَ یَدَعَ النَّاسَ مَعَهُ فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلَاثِ وَ جَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ یُعْرَفْ بَابُهُ وَ لَمْ یَسْلَمْ مَعَاذِیرُهُ.

بیان: قوله علیه السلام قد كنت قال ابن أبی الحدید كان هاهنا تامة و الواو للحال أی خلقت و وجدت بهذه الصفة و یجوز أن یكون الواو زائدة و كان ناقصة و خبرها ما أهدد و تجرد فی الأرض أی جد فیه ذكره الجوهری.

و قال ابن الأثیر فی مادة جلب من كتاب النهایة و فی حدیث علی علیه السلام أراد أن یغالط بما أجلب فیه یقال أجلبوا علیه إذا تجمعوا و تألبوا و أجلبه أی أعانه و أجلب علیه إذا صاحبه و استحثه.

و قال الجوهری لبست علیه الأمر ألبس خلطت و قال أعذر أی صار

ص: 95


1- 65- رواها السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (172) من كتاب نهج البلاغة.

ذا عذر و فی النهایة فما نهنهها شی ء دون العرش أی ما منعها و كفها عن الوصول إلیه و الركود السكون و الثبات.

«66»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ قَالَ علیه السلام لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَ قَدْ كَانَ بَعَثَهُ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ لَمَّا جَاءَ إِلَی الْبَصْرَةِ یُذَكِّرُهُمَا شَیْئاً مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فِی مَعْنَاهُمَا فَلَوَی عَنْ ذَلِكَ فَرَجَعَ إِلَیْهِ فَقَالَ إِنِّی أُنْسِیتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَقَالَ علیه السلام لَهُ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَضَرَبَكَ اللَّهُ بِهَا بَیْضَاءَ لَامِعَةً لَا تُوَارِیهَا الْعِمَامَةُ یَعْنِی الْبَرَصَ فَأَصَابَ أَنَساً هَذَا الدَّاءُ فِیمَا بَعْدُ فِی وَجْهِهِ فَكَانَ لَا یُرَی إِلَّا مُتَبَرْقَعاً.

«67»-(2)

ج، الإحتجاج احْتِجَاجُهُ علیه السلام عَلَی النَّاكِثِینَ فِی خُطْبَةٍ خَطَبَهَا حِینَ نَكَثُوهَا فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ ذُو الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ وَ اخْتَارَ خِیَرَةً مِنْ خَلْقِهِ وَ اصْطَفَی صَفْوَةً مِنْ عِبَادِهِ وَ أَرْسَلَ رَسُولًا مِنْهُمْ وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ كِتَابَهُ وَ شَرَعَ لَهُ دِینَهُ وَ فَرَضَ فَرَائِضَهُ فَكَانَتِ الْجُمْلَةُ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ حَیْثُ أَمَرَ فَقَالَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَهُوَ لَنَا أَهْلَ الْبَیْتِ خَاصَّةً دُونَ غَیْرِنَا فَانْقَلَبْتُمْ عَلَی أَعْقَابِكُمْ وَ ارْتَدَدْتُمْ وَ نَقَضْتُمُ الْأَمْرَ وَ نَكَثْتُمُ الْعَهْدَ وَ لَمْ تَضُرُّوا اللَّهَ شَیْئاً وَ قَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَرُدُّوا الْأَمْرَ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ إِلَی أُولِی الْأَمْرِ مِنْكُمُ الْمُسْتَنْبِطِینَ لِلْعِلْمِ فَأَقْرَرْتُمْ ثُمَّ جَحَدْتُمْ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ لَكُمْ أَوْفُوا بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِیَّایَ فَارْهَبُونِ إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ وَ الْإِیمَانِ وَ آلَ إِبْرَاهِیمَ بَیَّنَهُ اللَّهُ لَهُمْ فَحَسَدُوهُ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ أَمْ یَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلی ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنا آلَ إِبْراهِیمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَیْناهُمْ مُلْكاً عَظِیماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفی بِجَهَنَّمَ سَعِیراً فَنَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ فَقَدْ حُسِدْنَا كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا

ص: 96


1- 66- ذكره السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (311) من الباب الثالث من نهج البلاغة.
2- 67- رواه الطبرسیّ فی كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 230، و فی ط بیروت ص 160.

وَ أَوَّلُ مَنْ حُسِدَ آدَمُ الَّذِی خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِیَدِهِ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ عَلَّمَهُ الْأَسْمَاءَ وَ اصْطَفَاهُ عَلَی الْعَالَمِینَ فَحَسَدَهُ الشَّیْطَانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِینَ ثُمَّ حَسَدَ قَابِیلُ هَابِیلَ فَقَتَلَهُ فَكَانَ مِنَ الْخاسِرِینَ وَ نُوحٌ علیه السلام حَسَدَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ یَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ وَ لِلَّهِ الْخِیَرَةُ یَخْتَارُ مَنْ یَشَاءُ وَ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ یُؤْتِی الْحِكْمَةَ وَ الْعِلْمَ مَنْ یَشَاءُ ثُمَّ حَسَدُوا نَبِیَّنَا صلی اللّٰه علیه و آله أَلَا وَ نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ الَّذِینَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنَّا الرِّجْسَ وَ نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ قَالَ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی كِتابِ اللَّهِ فَنَحْنُ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْرَاهِیمَ وَ نَحْنُ وَرِثْنَاهُ وَ نَحْنُ أُولُو الْأَرْحَامِ الَّذِینَ وَرِثْنَا الْكَعْبَةَ وَ نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ أَ فَتَرْغَبُونَ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی فَمَنْ تَبِعَنِی فَإِنَّهُ مِنِّی یَا قَوْمِ أَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ وَ إِلَی رَسُولِهِ وَ إِلَی كِتَابِهِ وَ إِلَی وَلِیِّ أَمْرِهِ وَ إِلَی وَصِیِّهِ وَ إِلَی وَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَاسْتَجِیبُوا لَنَا وَ اتَّبِعُوا آلَ إِبْرَاهِیمَ وَ اقْتَدُوا بِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَنَا آلَ إِبْرَاهِیمَ فَرْضاً وَاجِباً وَ الْأَفْئِدَةُ مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْنَا وَ ذَلِكَ دَعْوَةُ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام حَیْثُ قَالَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِی إِلَیْهِمْ فَهَلْ نَقَمْتُمْ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنْزِلَ عَلَیْنَا وَ لَا تَتَفَرَّقُوا فَتَضِلُّوا وَ اللَّهُ شَهِیدٌ عَلَیْكُمْ وَ قَدْ أَنْذَرْتُكُمْ وَ دَعَوْتُكُمْ وَ أَرْشَدْتُكُمْ ثُمَّ أَنْتُمْ وَ مَا تَخْتَارُونَهُ.

«68»-(1)

ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ قَاعِداً عِنْدَ

ص: 97


1- 68- رواه الطبرسیّ فی كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 230، و فی ط بیروت ص 161.

عَلِیٍّ علیه السلام حِینَ دَخَلَ عَلَیْهِ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَاسْتَأْذَنَاهُ فِی الْعُمْرَةِ فَأَبَی أَنْ یَأْذَنَ لَهُمَا وَ قَدْ قَالَ قَدِ اعْتَمَرْتُمَا فَأَعَادَا عَلَیْهِ الْكَلَامَ فَأَذِنَ لَهُمَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا یُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ قُلْتُ فَلَا تَأْذَنْ لَهُمَا فَرَدَّهُمَا ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا تُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ وَ مَا تُرِیدَانِ إِلَّا نَكْثاً لِبَیْعَتِكُمَا وَ إِلَّا فُرْقَةً لِأُمَّتِكُمَا فَحَلَفَا لَهُ فَأَذِنَ لَهُمَا ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَیَّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا یُرِیدَانِ الْعُمْرَةَ قُلْتُ فَلِمَ أَذِنْتَ لَهُمَا قَالَ حَلَفَا لِی بِاللَّهِ قَالَ فَخَرَجَا إِلَی مَكَّةَ فَدَخَلَا عَلَی عَائِشَةَ فَلَمْ یَزَالا بِهَا حَتَّی أَخْرَجَاهَا.

«69»-(1)

شاج، الإرشاد و الإحتجاج وَ رُوِیَ عَنْهُ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ تَوَجُّهِهِمَا إِلَی مَكَّةَ لِلِاجْتِمَاعِ مَعَ عَائِشَةَ فِی التَّأْلِیبِ عَلَیْهِ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ أَثْنَی عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله لِلنَّاسِ كَافَّةً وَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِینَ فَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَ بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَلَمَّ بِهِ الصَّدْعَ وَ رَتَقَ بِهِ الْفَتْقَ وَ آمَنَ بِهِ السُّبُلَ وَ حَقَنَ بِهِ الدِّمَاءَ وَ أَلَّفَ بِهِ بَیْنَ ذَوِی الْإِحَنِ وَ الْعَدَاوَةِ وَ الْوَغْرِ فِی الصُّدُورِ وَ الضَّغَائِنِ الرَّاسِخَةِ فِی الْقُلُوبِ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ حَمِیداً لَمْ یُقَصِّرْ فِی الْغَایَةِ الَّتِی إِلَیْهَا أَدَّی الرِّسَالَةَ وَ لَا بَلَّغَ شَیْئاً كَانَ فِی التَّقْصِیرِ عَنْهُ الْقَصْدُ وَ كَانَ مِنْ بَعْدِهِ مَا كَانَ مِنَ التَّنَازُعِ فِی الْإِمْرَةِ فَتَوَلَّی أَبُو بَكْرٍ وَ بَعْدَهُ عُمَرُ ثُمَّ تَوَلَّی عُثْمَانُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ أَتَیْتُمُونِی فَقُلْتُمْ بَایِعْنَا فَقُلْتُ لَا أَفْعَلُ قُلْتُمْ بَلَی فَقُلْتُ لَا وَ قَبَضْتُ یَدِی فَبَسَطْتُمُوهَا وَ نَازَعْتُكُمْ فَجَذَبْتُمُوهَا وَ حَتَّی تَدَاكَكْتُمْ عَلَیَّ كَتَدَاكُكِ الْإِبِلِ الْهِیمِ عَلَی حِیَاضِهَا یَوْمَ وُرُودِهَا حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ قَاتِلِیَّ وَ أَنَّ بَعْضَكُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ وَ بَسَطْتُ یَدِی

ص: 98


1- 69- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (17) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین فی كتاب الإرشاد ص 130. ورواه الطبرسی رحمه اللّٰه فی كتاب الاحتجاج: ج ١، ص ٢٣٥ ط الغری وفی ط بیروت ص ١٦١.

فَبَایَعْتُمُونِی مُخْتَارِینَ وَ بَایَعَنِی فِی أَوَّلِكُمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ ثُمَّ لَمْ یَلْبَثَا أَنِ اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ أَنَّهُمَا أَرَادَا الْغَدْرَةَ فَجَدَّدْتُ عَلَیْهِمَا الْعَهْدَ فِی الطَّاعَةِ وَ أَنْ لَا یَبْغِیَا الْأُمَّةَ الْغَوَائِلَ فَعَاهَدَانِی ثُمَّ لَمْ یَفِیَا لِی وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ نَقَضَا عَهْدِی فَعَجَباً لَهُمَا مِنِ انْقِیَادِهِمَا لِأَبِی بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ خِلَافِهِمَا لِی وَ لَسْتُ بِدُونِ أَحَدِ الرَّجُلَیْنِ وَ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ لَقُلْتُ اللَّهُمَّ اغْضَبْ عَلَیْهِمَا بِمَا صَنَعَا وَ أَظْفِرْنِی بِهِمَا.

بیان: اللم الإصلاح و الجمع و الإحن كعنب جمع إحنة بالكسر و هی الحقد و یقال فی صدره علی وغر بالتسكین أی ضغن و عداوة و توقد من الغیظ و المصدر بالتحریك قوله علیه السلام و لو شئت أن أقول لقلت كنایة أبلغ من الصریح فی ذم الرجلین و كفرهما.

«70»-(1)

ج، الإحتجاج وَ قَالَ علیه السلام فِی أَثْنَاءِ كَلَامٍ آخَرَ وَ هَذَا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ لَیْسَا مِنْ أَهْلِ بَیْتِ النُّبُوَّةِ وَ لَا مِنْ ذُرِّیَّةِ الرَّسُولِ حِینَ رَأَیَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ رَدَّ عَلَیْنَا حَقَّنَا بَعْدَ أَعْصُرٍ فَلَمْ یَصْبِرَا حَوْلًا كَامِلًا وَ لَا شَهْراً كَامِلًا حَتَّی وَثَبَا عَلَی دَأْبِ الْمَاضِینَ قَبْلَهُمَا لِیَذْهَبَا بِحَقِّی وَ یُفَرِّقَا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ عَنِّی ثُمَّ دَعَا عَلَیْهِمَا.

«71»-(2)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الضَّبِّیِّ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ نَصْرٍ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَیْدِیِّ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ رُسُلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنْ عِنْدِ طَلْحَةَ

ص: 99


1- 70- ذكره الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الاحتجاج: ج 1 ص 162، ط بیروت.
2- 71- رواه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث: (36) من الجزء السادس من كتاب الأمالی: ج 1، ص 106، و فی ط بیروت ص 171. وللحدیث مصادر وأسانید یجد الباحث بعضها فی المختار: (٩٥) من نهج السعادة: ج ١ ص ٣٠٩ ط ٢.

وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ یُؤْذِنُونَهُ بِالْحَرْبِ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی قَدْ رَاقَبْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ كَیْمَا یَرْعَوُوا وَ یَرْجِعُوا وَ قَدْ وَبَّخْتُهُمْ بِنَكْثِهِمْ وَ عَرَّفْتُهُمْ بَغْیَهُمْ فَلَیْسُوا یَسْتَجِیبُونَ أَلَا وَ قَدْ بَعَثُوا إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وَ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ فَإِنَّمَا مَنَّتْكَ نَفْسُكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْأَبَاطِیلِ هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ وَ أَنَا عَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ التَّأْیِیدِ وَ الظَّفَرِ وَ إِنِّی لَعَلَی یَقِینٍ مِنْ رَبِّی وَ فِی غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ أَمْرِی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ لَیْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحِیصٌ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ یَمُتْ (1) إِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسُ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ لَأَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ مَوْتٍ عَلَی فِرَاشٍ یَا عَجَباً لِطَلْحَةَ أَلَّبَ عَلَی ابْنِ عَفَّانَ حَتَّی إِذَا قُتِلَ أَعْطَانِی صَفْقَةَ یَمِینِهِ طَائِعاً ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ طَفِقَ یَنْعَی ابْنَ عَفَّانَ ظَالِماً وَ جَاءَ یَطْلُبُنِی یَزْعُمُ بِدَمِهِ وَ اللَّهِ مَا صَنَعَ فِی أَمْرِ عُثْمَانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ یَزْعُمُ حِینَ حَصَرَهُ وَ أَلَّبَ عَلَیْهِ إِنَّهُ كَانَ لَیَنْبَغِی أَنْ یُؤَازِرَ قَاتِلِیهِ وَ أَنْ یُنَابِذَ نَاصِرِیهِ وَ إِنْ كَانَ فِی تِلْكَ الْحَالِ مَظْلُوماً إِنَّهُ لَیَنْبَغِی أَنْ یَكُونَ مَعَهُ وَ إِنْ كَانَ فِی شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَیْنِ لَقَدْ كَانَ یَنْبَغِی أَنْ یَعْتَزِلَهُ وَ یَلْزَمَ بَیْتَهُ وَ یَدَعَ النَّاسَ جَانِباً فَمَا فَعَلَ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ وَاحِدَةً وَ هَا هُوَ ذَا قَدْ أَعْطَانِی صَفْقَةَ یَمِینِهِ غَیْرَ مَرَّةٍ ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتَهُ اللَّهُمَّ فَخُذْهُ وَ لَا تُمْهِلْهُ أَلَا وَ إِنَّ الزُّبَیْرَ قَطَعَ رَحِمِی وَ قَرَابَتِی وَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ نَصَبَ لِیَ الْحَرْبَ وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ لِی اللَّهُمَّ فَاكْفِنِیهِ بِمَ شِئْتَ.

ص: 100


1- هذا هو الصواب، و فی أصلی: «من لم یمت یقتل.

«72»-(1)

جا، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ یَزِیدَ الْجُعْفِیَّ یَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ علیهما السلام یَقُولُ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ جَدِّی قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی النَّاكِثِینَ بِالْبَصْرَةِ نَزَلَ الرَّبَذَةَ فَلَمَّا ارْتَحَلَ مِنْهَا لَقِیَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِیفَةَ الطَّائِیُّ وَ قَدْ نَزَلَ بِمَنْزِلٍ یُقَالُ لَهُ قَائِدٌ (2) فَقَرَّبَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی رَدَّ الْحَقَّ إِلَی أَهْلِهِ وَ وَضَعَهُ فِی مَوْضِعِهِ كَرِهَ ذَلِكَ قَوْمٌ أَمْ سُرُّوا بِهِ فَقَدْ وَ اللَّهِ كَرِهُوا مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَابَذُوهُ وَ قَاتَلُوهُ فَرَدَّ اللَّهُ كَیْدَهُمْ فِی نُحُورِهِمْ وَ جَعَلَ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَیْهِمْ وَ اللَّهِ لَنُجَاهِدَنَّ مَعَكَ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ حِفْظاً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ فَرَحَّبَ بِهِ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَجْلَسَهُ إِلَی جَنْبِهِ وَ كَانَ لَهُ حَبِیباً وَ وَلِیّاً وَ أَخَذَ یُسَائِلُهُ عَنِ النَّاسِ إِلَی أَنْ سَأَلَهُ عَنْ أَبِی مُوسَی الْأَشْعَرِیِّ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا أَنَا وَاثِقٌ بِهِ وَ مَا آمَنُ عَلَیْكَ خِلَافَهُ إِنْ وَجَدَ مُسَاعِداً عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا كَانَ عِنْدِی مُؤْتَمَناً وَ لَا نَاصِحاً وَ لَقَدْ كَانَ الَّذِینَ تَقَدَّمُونِی اسْتَوْلَوْا عَلَی مَوَدَّتِهِ وَ وَلَّوْهُ وَ سَلَّطُوهُ بِالْإِمْرَةِ عَلَی النَّاسِ وَ لَقَدْ أَرَدْتُ عَزْلَهُ فَسَأَلَنِیَ الْأَشْتَرُ فِیهِ وَ أَنْ أُقِرَّهُ فَأَقْرَرْتُهُ عَلَی كُرْهٍ مِنِّی لَهُ وَ عَمِلْتُ عَلَی صَرْفِهِ مِنْ بَعْدُ قَالَ فَهُوَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فِی هَذَا وَ نَحْوِهِ إِذْ أَقْبَلَ سَوَادٌ كَثِیرٌ مِنْ قِبَلِ جِبَالِ

ص: 101


1- 72- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الحدیث: (6) من المجلس: (35) من كتاب الأمالی ص 171. ورواه عنه الشیخ الطوسی فی الحدیث: (١٢) من الجزء الثالث من أمالیه: ج ١، ص ٦٧.
2- كذا فی ط الكمبانی من بحار الأنوار، و أمالی الطوسیّ، و فی أمالی الشیخ المفید:" قدید ".

طَیِ ءٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام انْظُرُوا مَا هَذَا السَّوَادُ وَ قَدْ ذَهَبَتِ الْخَیْلُ تَرْكُضُ فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ رَجَعَتْ فَقِیلَ هَذِهِ طَیِ ءٌ قَدْ جَاءَتْكَ تَسُوقُ الْغَنَمَ وَ الْإِبِلَ وَ الْخَیْلَ فَمِنْهُمْ مَنْ جَاءَكَ بِهَدَایَاهُ وَ كَرَامَتِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یُرِیدُ النُّفُوذَ مَعَكَ إِلَی عَدُوِّكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَزَی اللَّهُ طَیّاً خَیْراً وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِینَ عَلَی الْقاعِدِینَ أَجْراً عَظِیماً فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَیْهِ سَلَّمُوا عَلَیْهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلِیفَةَ فَسَرَّنِی وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ وَ حُسْنِ هَیْئَتِهِمْ وَ تَكَلَّمُوا فَأَقَرُّوا وَ اللَّهِ لِعَیْنِی مَا رَأَیْتُ خَطِیباً أَبْلَغَ مِنْ خَطِیبِهِمْ وَ قَامَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِیُّ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی كُنْتُ أَسْلَمْتُ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَدَّیْتُ الزَّكَاةَ عَلَی عَهْدِهِ وَ قَاتَلْتُ أَهْلَ الرِّدَّةِ مِنْ بَعْدِهِ أَرَدْتُ بِذَلِكَ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَ عَلَی اللَّهِ ثَوَابُ مَنْ أَحْسَنَ وَ اتَّقَی وَ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نَكَثُوا بَیْعَتَكَ وَ خَالَفُوا عَلَیْكَ ظَالِمِینَ فَأَتَیْنَاكَ لِنَنْصُرَكَ بِالْحَقِّ فَنَحْنُ بَیْنَ یَدَیْكَ فَمُرْنَا بِمَا أَحْبَبْتَ ثُمَّ أَنْشَأَ یَقُولُ:

فَنَحْنُ نَصَرْنَا اللَّهَ مِنْ قَبْلِ ذَاكُمْ ***وَ أَنْتَ بِحَقٍّ جِئْتَنَا فَسَنَنْصُرُ

سَنَكْفِیكَ دُونَ النَّاسِ طُرّاً بِنَصْرِنَا*** وَ أَنْتَ بِهِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ أَجْدَرُ

فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام جَزَاكُمُ اللَّهُ مِنْ حَیٍّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ خَیْراً فَقَدْ أَسْلَمْتُمْ طَائِعِینَ وَ قَاتَلْتُمُ الْمُرْتَدِّینَ وَ نَوَیْتُمْ نَصْرَ الْمُسْلِمِینَ وَ قَامَ سَعِیدُ بْنُ عُبَیْدٍ الْبَخْتَرِیُّ مِنْ بَنِی بَخْتَرٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقْدِرُ أَنْ یُعَبِّرَ بِلِسَانِهِ عَمَّا فِی قَلْبِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَا یَقْدِرُ أَنْ یُبَیِّنَ مَا یَجِدُهُ فِی نَفْسِهِ بِلِسَانِهِ فَإِنْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ شَقَّ عَلَیْهِ وَ إِنْ سَكَتَ عَمَّا فِی قَلْبِهِ بَرَّحَ بِهِ الْهَمُّ وَ الْبَرَمُ وَ إِنِّی وَ اللَّهِ مَا كُلُّ مَا فِی نَفْسِی أَقْدِرُ أَنْ أُؤَدِّیَهُ إِلَیْكَ بِلِسَانِی وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ لَأَجْهَدَنَّ عَلَی أَنْ أُبَیِّنَ لَكَ وَ اللَّهُ وَلِیُّ التَّوْفِیقِ أَمَّا أَنَا فَإِنِّی نَاصِحٌ لَكَ فِی السِّرِّ وَ الْعَلَانِیَةِ وَ مُقَاتِلٌ مَعَكَ الْأَعْدَاءَ فِی كُلِّ مَوْطِنٍ وَ أَرَی لَكَ مِنَ الْحَقِّ مَا لَمْ أَكُنْ أَرَاهُ لِمَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَ لَا لِأَحَدٍ الْیَوْمَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِكَ لِفَضِیلَتِكَ فِی الْإِسْلَامِ وَ قَرَابَتِكَ مِنَ الرَّسُولِ وَ لَنْ أُفَارِقَكَ أَبَداً حَتَّی تَظْفَرَ أَوْ أَمُوتَ بَیْنَ یَدَیْكَ

ص: 102

فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَدْ أَدَّی لِسَانُكَ مَا یَجِدُ ضَمِیرُكَ لَنَا (1) وَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَرْزُقَكَ الْعَافِیَةَ وَ یُثِیبَكَ الْجَنَّةَ وَ تَكَلَّمَ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَمَا حَفِظْتُ غَیْرَ كَلَامِ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ ثُمَّ ارْتَحَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ اتَّبَعَهُ مِنْهُمْ سِتُّمِائَةِ رَجُلٍ حَتَّی نَزَلَ ذَا قَارٍ فَنَزَلَهَا فِی أَلْفٍ وَ ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ.

«73»-(2)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَیْنٍ عَنْ قَیْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلِیٌّ بِالرَّبَذَةِ سَأَلْتُ عَنْ قُدُومِهِ إِلَیْنَا فَقِیلَ خَالَفَ عَلَیْهِ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَائِشَةُ وَ صَارُوا إِلَی الْبَصْرَةِ فَخَرَجَ یُرِیدُهُمْ فَصِرْتُ إِلَیْهِ فَجَلَسْتُ حَتَّی صَلَّی الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَامَ إِلَیْهِ ابْنُهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیهما السلام فَجَلَسَ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ بَكَی وَ قَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی لَا أَسْتَطِیعُ أَنْ أُكَلِّمَكَ وَ بَكَی فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَبْكِ یَا بُنَیَّ وَ تَكَلَّمْ وَ لَا تَحِنَّ حَنِینَ الْجَارِیَةِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ الْقَوْمَ حَصَرُوا عُثْمَانَ یَطْلُبُونَهُ بِمَا یَطْلُبُونَهُ إِمَّا ظَالِمُونَ أَوْ مَظْلُومُونَ فَسَأَلْتُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ النَّاسَ وَ تَلْحَقَ بِمَكَّةَ حَتَّی تَؤُبَّ الْعَرَبُ وَ تَعُودَ إِلَیْهَا أَحْلَامُهَا وَ تَأْتِیَكَ وُفُودُهَا فَوَ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ فِی جُحْرِ ضَبٍّ لَضَرَبَتْ إِلَیْكَ الْعَرَبُ آبَاطَ الْإِبِلِ حَتَّی تَسْتَخْرِجَكَ مِنْهُ

ص: 103


1- كذا فی النسخة المطبوعة من أمالی الشیخ المفید و طبع الكمبانی من بحار الأنوار، و فی المطبوع من أمالی الطوسیّ: «ما یكن ضمیرك لنا».
2- 73- رواه الشیخ الطوسیّ فی الحدیث: (37) من الجزء الثانی من أمالیه ص 32 ط 1. وللحدیث مصادر أخر یجد الباحث بعضها فی المختار: (٨٢) وما بعده من كتاب نهج السعادة: ج ١، ص ٨٢ ط ٢.

ثُمَّ خَالَفَكَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَسَأَلْتُكَ أَنْ لَا تَتْبَعَهُمَا وَ تَدَعَهُمَا فَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ فَذَاكَ وَ إِنِ اخْتَلَفَتْ رَضِیتَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَ أَنَا الْیَوْمَ أَسْأَلُكَ أَنْ لَا تَقْدَمَ الْعِرَاقَ وَ أَذْكُرَكَ بِاللَّهِ أَنْ لَا تُقْتَلَ بِمَضِیعَةٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ عُثْمَانَ حُصِرَ فَمَا ذَاكَ وَ مَا عَلَیَّ مِنْهُ وَ قَدْ كُنْتُ بِمَعْزِلٍ عَنْ حَصْرِهِ وَ أَمَّا قَوْلُكَ ائْتِ مَكَّةَ فَوَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأَكُونَ الرَّجُلَ الَّذِی یُسْتَحَلُّ بِهِ مَكَّةُ وَ أَمَّا قَوْلُكَ اعْتَزِلِ الْعِرَاقَ وَ دَعْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ فَوَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأَكُونَ كَالضَّبُعِ تَنْتَظِرُ حَتَّی یَدْخُلَ عَلَیْهَا طَالِبُهَا فَیَضَعَ الْحَبْلَ فِی رِجْلِهَا حَتَّی یَقْطَعَ عُرْقُوبَهَا ثُمَّ یُخْرِجَهَا فَیُمَزِّقَهَا إِرْباً إِرْباً وَ لَكِنَّ أَبَاكَ یَا بُنَیَّ یَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَی الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْهُ وَ بِالسَّامِعِ الْمُطِیعِ الْعَاصِیَ الْمُخَالِفَ أَبَداً حَتَّی یَأْتِیَ عَلَیَّ یَوْمِی فَوَ اللَّهِ مَا زَالَ أَبُوكَ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّهِ مُسْتَأْثَراً عَلَیْهِ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی یَوْمِ النَّاسِ هَذَا فَكَانَ طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ أَیَّ وَقْتٍ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِیثِ بَكَی.

«74»-(1)

جا، المجالس للمفید ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْجِعَابِیِّ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَبِی عَوَانَةَ مُوسَی بْنِ یُوسُفَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِیلَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِی قَیْسٍ عَنْ مَیْسَرَةَ بْنِ حَبِیبٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَخْبَرَنِی رَجُلٌ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ قَالَ:

ص: 104


1- 74- رواه الشیخ المفید فی الحدیث: (5) من المجلس: (39) من أمالیه ص 205. ورواه عنه الشیخ الطوسی فی الحدیث: (٢٧) من الجزء الرابع من أمالیه ١١٢. وللحدیث مصادر أخر ذكر بعضها فی ذیل المختار: (٨٩) من نهج السعادة: ج ١، ص ٢٨٤ ط ٢.

كُنَّا مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام بِذِی قَارٍ وَ نَحْنُ نَرَی أَنَّا سَنُخْتَطَفُ فِی یَوْمِنَا فَسَمِعْتُهُ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَنَظْهَرَنَّ عَلَی هَذِهِ الْفِرْقَةِ وَ لَنَقْتُلَنَّ هَذَیْنِ الرَّجُلَیْنِ یَعْنِی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ لَنَسْتَبِیحَنَّ عَسْكَرَهُمَا قَالَ التَّمِیمِیُّ فَأَتَیْتُ إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ فَقُلْتُ أَ مَا تَرَی إِلَی ابْنِ عَمِّكَ وَ مَا یَقُولُ فَقَالَ لَا تَعْجَلْ حَتَّی نَنْظُرَ مَا یَكُونُ قَالَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْبَصْرَةِ مَا كَانَ أَتَیْتُهُ فَقُلْتُ لَا أَرَی ابْنَ عَمِّكَ إِلَّا قَدْ صَدَقَ فَقَالَ وَیْحَكَ إِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله عَهِدَ إِلَیْهِ ثَمَانِینَ عَهْداً لَمْ یَعْهَدْ شَیْئاً مِنْهَا إِلَی أَحَدٍ غَیْرِهِ فَلَعَلَّ هَذَا مِمَّا عَهِدَ إِلَیْهِ.

«75»-(1)

ل، الخصال فِیمَا أَجَابَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْیَهُودِیَّ السَّائِلَ عَمَّا فِیهِ مِنْ خِصَالِ الْأَوْصِیَاءِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ أَمَّا الْخَامِسَةُ یَا أَخَا الْیَهُودِ فَإِنَّ الْمُتَابِعِینَ لِی لَمَّا لَمْ یَطْمَعُوا فِی تِلْكَ مِنِّی وَثَبُوا بِالْمَرْأَةِ عَلَیَّ وَ أَنَا وَلِیُّ أَمْرِهَا وَ الْوَصِیُّ عَلَیْهَا فَحَمَلُوهَا عَلَی الْجَمَلِ وَ شَدُّوهَا عَلَی الرِّحَالِ وَ أَقْبَلُوا بِهَا تَخْبِطُ الْفَیَافِیَ وَ تَقْطَعُ الْبَرَارِیَ وَ تَنْبَحُ عَلَیْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ تَظْهَرُ لَهُمْ عَلَامَاتُ النَّدَمِ فِی كُلِّ سَاعَةٍ وَ عِنْدَ كُلِّ حَالٍ فِی عُصْبَةٍ قَدْ بَایَعُونِی ثَانِیَةً بَعْدَ بَیْعَتِهِمُ الْأُولَی فِی حَیَاةِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی أَتَتْ أَهْلَ بَلْدَةٍ قَصِیرَةً أَیْدِیهِمْ طَوِیلَةً لِحَاهُمْ قَلِیلَةً عُقُولُهُمْ عَازِبَةً آرَاؤُهُمْ وَ هُمْ جِیرَانُ بَدْوٍ وَ وُرَّادُ بَحْرٍ فَأَخْرَجَتْهُمْ یَخْبِطُونَ بِسُیُوفِهِمْ مِنْ غَیْرِ عِلْمٍ وَ یَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ بِغَیْرِ فَهْمٍ فَوَقَفْتُ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَی اثْنَتَیْنِ كِلْتَاهُمَا فِی مَحَلَّةِ الْمَكْرُوهِ مِمَّنْ إِنْ كَفَفْتُ لَمْ یَرْجِعْ وَ لَمْ یَعْقِلْ [لَمْ یَرْجِعُوا وَ لَمْ یُقْلِعُوا] وَ إِنْ أَقَمْتُ كُنْتُ قَدْ صِرْتُ إِلَی الَّتِی كَرِهْتُ فَقَدَّمْتُ الْحُجَّةَ بِالْإِعْذَارِ وَ الْإِنْذَارِ وَ دَعْوَةِ الْمَرْأَةِ إِلَی الرُّجُوعِ إِلَی بَیْتِهَا وَ الْقَوْمِ الَّذِینَ حَمَلُوهَا عَلَی الْوَفَاءِ بِبَیْعَتِهِمْ لِی وَ التَّرْكِ لِنَقْضِهِمْ عَهْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِیَّ وَ أَعْطَیْتُهُمْ مِنْ نَفْسِی كُلَّ الَّذِی قَدَرْتُ عَلَیْهِ وَ نَاظَرْتُ بَعْضَهُمْ فَرَجَعَ وَ ذَكَّرْتُ فَذَكَرَ ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَی النَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ

ص: 105


1- 75- رواه الشیخ الصدوق فی الحدیث: (58) فی عنوان: «امتحان اللّٰه ... أوصیاء الأنبیاء ...» فی باب السبعة فی الجزء الثانی من الخصال: ج 2 ص 377.

فَلَمْ یَزْدَادُوا إِلَّا جَهْلًا وَ تَمَادِیاً وَ غَیّاً فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا هِیَ رَكِبْتُهَا مِنْهُمْ فَكَانَتْ عَلَیْهِمُ الدَّبْرَةُ وَ بِهِمُ الْهَزِیمَةُ وَ لَهُمُ الْحَسْرَةُ وَ فِیهِمُ الْفَنَاءُ وَ الْقَتْلُ وَ حَمَلْتُ نَفْسِی عَلَی الَّتِی لَمْ أَجِدْ مِنْهَا بُدّاً وَ لَمْ یَسَعْنِی إِذْ فَعَلْتُ ذَلِكَ وَ أَظْهَرْتُهُ آخِراً مِثْلُ الَّذِی وَسِعَنِی مِنْهُ أَوَّلًا مِنَ الْإِغْضَاءِ وَ الْإِمْسَاكِ وَ رَأَیْتُنِی إِنْ أَمْسَكْتُ كُنْتُ مُعِیناً لَهُمْ عَلَیَّ بِإِمْسَاكِی عَلَی مَا صَارُوا إِلَیْهِ وَ طَمِعُوا فِیهِ مِنْ تَنَاوُلِ الْأَطْرَافِ وَ سَفْكِ الدِّمَاءِ وَ قَتْلِ الرَّعِیَّةِ وَ تَحْكِیمِ النِّسَاءِ النَّوَاقِصِ الْعُقُولِ وَ الْحُظُوظِ عَلَی كُلِّ حَالٍ كَعَادَةِ بَنِی الْأَصْفَرِ وَ مَنْ مَضَی مِنْ مُلُوكِ سَبَإٍ وَ الْأُمَمِ الْخَالِیَةِ فَأَصِیرُ إِلَی مَا كَرِهْتُ أَوَّلًا وَ آخِراً وَ قَدْ أَهْمَلْتُ الْمَرْأَةَ وَ جُنْدَهَا یَفْعَلُونَ مَا وَصَفْتُ بَیْنَ الْفَرِیقَیْنِ مِنَ النَّاسِ وَ لَمْ أَهْجَمْ عَلَی الْأَمْرِ إِلَّا بَعْدَ مَا قَدَّمْتُ وَ أَخَّرْتُ وَ تَأَنَّیْتُ وَ رَاجَعْتُ وَ أَرْسَلْتُ وَ سَافَرْتُ [وَ شَافَهْتُ و أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ وَ أَعْطَیْتُ الْقَوْمَ كُلَّ شَیْ ءٍ الْتَمَسُوهُ بَعْدَ أَنْ عَرَضْتُ عَلَیْهِمْ كُلَّ شَیْ ءٍ لَمْ یَلْتَمِسُوهُ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا تِلْكَ أَقْدَمْتُ عَلَیْهَا فَبَلَغَ اللَّهُ بِی وَ بِهِمْ مَا أَرَادَ وَ كَانَ لِی عَلَیْهِمْ بِمَا كَانَ مِنِّی إِلَیْهِمْ شَهِیداً.

«76»-(1)

فس، تفسیر القمی أَبِی عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ ضُرَیْسٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام فِی قَوْلِهِ تَعَالَی وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ قَالَ نَزَلَتْ فِی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ الْجَمَلُ جَمَلُهُمْ.

«77»-(2)

فس، تفسیر القمی قَالَ عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فِی قَوْلِهِ وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ فِیهِمَا مَثَلًا فَقَالَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِینَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَیْنِ فَخانَتاهُما قَالَ وَ اللَّهِ مَا عَنَی بِقَوْلِهِ [فَخانَتاهُما إِلَّا الْفَاحِشَةَ].

ص: 106


1- 76- رواه علیّ بن إبراهیم فی تفسیر الآیة: (40) من سورة الأعراف من تفسیره.
2- 77- الحدیث من الأخبار الآحاد التی تراكمت الشواهد علی عدم صدقه.

بیان: المراد بفلان طلحة و هذا إن كان روایة فهی شاذة مخالفة لبعض الأصول و إن كان قد یبدو من طلحة ما یدل علی أنه كان فی ضمیره الخبیث مثل ذلك لكن وقوع أمثال ذلك بعید عقلا و نقلا و عرفا و عادة و ترك التعرض لأمثاله أولی.

«78»-(1)

فس، تفسیر القمی قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فِی كِتَابِهِ الَّذِی كَتَبَهُ إِلَی شِیعَتِهِ وَ یَذْكُرُ فِیهِ خُرُوجَ عَائِشَةَ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ عِظَمَ خَطَإِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَقَالَ وَ أَیُّ خَطِیئَةٍ أَعْظَمُ مِمَّا أَتَیَا أَخْرَجَا زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ بَیْتِهَا وَ كَشَفَا عَنْهَا حِجَاباً سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهَا وَ صَانَا حَلَائِلَهُمَا فِی بُیُوتِهِمَا مَا أَنْصَفَا لَا لِلَّهِ وَ لَا لِرَسُولِهِ مِنْ أَنْفُسِهِمَا ثَلَاثُ خِصَالٍ مَرْجِعُهَا عَلَی النَّاسِ فِی كِتَابِ اللَّهِ الْبَغْیُ وَ الْمَكْرُ وَ النَّكْثُ قَالَ اللَّهُ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْیُكُمْ عَلی أَنْفُسِكُمْ وَ قَالَ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ وَ قَالَ وَ لا یَحِیقُ الْمَكْرُ السَّیِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ وَ قَدْ بَغَیَا عَلَیْنَا وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ مَكَرَا بِی.

«79»-(2)

فس، تفسیر القمی لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ حَرَّمَ اللَّهُ نِسَاءَ النَّبِیِّ عَلَی الْمُسْلِمِینَ غَضِبَ طَلْحَةُ فَقَالَ یُحَرِّمُ مُحَمَّدٌ عَلَیْنَا نِسَاءَهُ وَ یَتَزَوَّجُ هُوَ بِنِسَائِنَا لَئِنْ أَمَاتَ اللَّهُ مُحَمَّداً لَنَرْكُضَنَّ بَیْنَ خَلَاخِیلِ نِسَائِهِ كَمَا رَكَضَ بَیْنَ خَلَاخِیلِ نِسَائِنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِیماً إِلَی قَوْلِهِ إِنْ تُبْدُوا شَیْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَیْ ءٍ عَلِیماً.

ص: 107


1- 78- رواه علیّ بن إبراهیم فی تفسیر الآیة: (35) من سورة فاطر من تفسیره. ورواه عنه البحرانی فی تفسیر الآیة من تفسیر البرهان: ج ٣ ص ٣٦٦ ط ٣. وتقدم بروایة المصنف فی أول الباب (١٦) من القسم الأول من هذا المجلد ص ١٨٤.
2- 79- رواه علیّ بن إبراهیم فی تفسیر الآیة: (35) من سورة: الأحزاب 33 من تفسیره و رواه عنه البحرانیّ فی تفسیر الآیة من تفسیر البرهان: ج 3 ص 333.

«80»-(1)

ل، الخصال سَمِعْتُ شَیْخَنَا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ یَرْوِی أَنَّ الصَّادِقَ علیه السلام قَالَ: مَا زَالَ الزُّبَیْرُ مِنَّا أَهْلَ الْبَیْتِ حَتَّی أَدْرَكَ فَرْخُهُ فَنَفَاهُ عَنْ رَأْیِهِ.

«81»-(2)

یر، بصائر الدرجات أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتِ الْتَمِسُوا لِی رَجُلًا شَدِیدَ الْعَدَاوَةِ لِهَذَا الرَّجُلِ حَتَّی أَبْعَثَهُ إِلَیْهِ قَالَ فَأُتِیَتْ بِهِ فَمَثُلَ بَیْنَ یَدَیْهَا فَرَفَعَتْ إِلَیْهِ رَأْسَهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا بَلَغَ مِنْ عَدَاوَتِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ قَالَ فَقَالَ لَهَا كَثِیراً مَا أَتَمَنَّی عَلَی رَبِّی أَنَّهُ وَ أَصْحَابَهُ فِی وَسَطِی فَضُرِبْتُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ یَسْبِقُ السَّیْفَ الدَّمُ قَالَتْ فَأَنْتَ لَهُ فَاذْهَبْ بِكِتَابِی هَذَا فَادْفَعْهُ إِلَیْهِ ظَاعِناً رَأَیْتَهُ أَوْ مُقِیماً أَمَا إِنَّكَ إِنْ رَأَیْتَهُ ظَاعِناً رَأَیْتَهُ رَاكِباً عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُتَنَكِّباً قَوْسَهُ مُعَلِّقاً كِنَانَتَهُ بِقَرَبُوسِ سَرْجِهِ وَ أَصْحَابُهُ خَلْفَهُ كَأَنَّهُمْ طَیْرٌ صَوَافُّ فَتُعْطِیهِ كِتَابِی هَذَا وَ إِنْ عَرَضَ عَلَیْكَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَهُ فَلَا تَنَاوَلَنَّ مِنْهُ شَیْئاً فَإِنَّ فِیهِ السِّحْرَ قَالَ فَاسْتَقْبَلْتُهُ رَاكِباً فَنَاوَلْتُهُ الْكِتَابَ فَفَضَّ خَاتَمَهُ ثُمَّ قَرَأَهُ فَقَالَ تَبْلُغُ إِلَی مَنْزِلِنَا فَتُصِیبُ مِنْ طَعَامِنَا وَ شَرَابِنَا وَ نَكْتُبُ جَوَابَ كِتَابِكَ فَقَالَ هَذَا وَ اللَّهِ مَا لَا یَكُونُ قَالَ فَسَاءَ خُلُقُهُ فَأَحْدَقَ بِهِ أَصْحَابُهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَسْأَلُكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ تُجِیبُنِی قَالَ نَعَمْ قَالَ فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ هَلْ قَالَتْ الْتَمِسُوا لِی رَجُلًا شَدِیداً عَدَاوَتُهُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَأْتُوهَا بِكَ فَقَالَتْ لَكَ مَا بَلَغَ مِنْ عَدَاوَتِكَ هَذَا الرَّجُلَ فَقُلْتَ كَثِیراً مَا أَتَمَنَّی عَلَی رَبِّی أَنَّهُ وَ أَصْحَابَهُ فِی وَسَطِی وَ أَنِّی

ص: 108


1- 80- رواه الشیخ الصدوق قدس اللّٰه نفسه فی عنوان «السفرجل فیه ثلاث خصال» فی باب الثلاثة فی ذیل الحدیث: (199) من كتاب الخصال: ج 1، ص 157. وقریبا منه رواه السید الرضی فی المختار: (٤٥٣) من الباب الثالث من نهج البلاغة عن أمیر المؤمنین علیه السلام. ورواه أیضا البلاذری فی الحدیث: (٣١٩) من ترجمة علی علیه السلام من كتاب أنساب الأشراف: ج ٢ ص ٢٥٥.
2- 81- رواه الصفار فی الباب: الخامس من كتاب بصائر الدرجات ص 67.

ضُرِبْتُ ضَرْبَةً بِالسَّیْفِ یَسْبِقُ السَّیْفُ الدَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ أَ قَالَتْ لَكَ اذْهَبْ بِكِتَابِی هَذَا فَادْفَعْهُ إِلَیْهِ ظَاعِناً كَانَ أَوْ مُقِیماً أَمَا إِنَّكَ إِنْ رَأَیْتَهُ ظَاعِناً رَأَیْتَهُ رَاكِباً عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مُتَنَكِّباً قَوْسَهُ مُعَلِّقاً كِنَانَتَهُ بِقَرَبُوسِ سَرْجِهِ وَ أَصْحَابُهُ خَلْفَهُ كَأَنَّهُمْ طَیْرٌ صَوَافُّ فَقَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَنَشَدْتُكَ بِاللَّهِ هَلْ قَالَتْ لَكَ إِنْ عَرَضَ عَلَیْكَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَهُ فَلَا تَنَاوَلَنَّ مِنْهُ شَیْئاً فَإِنَّ فِیهِ السِّحْرَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَمُبَلِّغٌ أَنْتَ عَنِّی قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَإِنِّی قَدْ أَتَیْتُكَ وَ مَا فِی الْأَرْضِ خَلْقٌ أَبْغَضَ إِلَیَّ مِنْكَ وَ أَنَا السَّاعَةَ مَا فِی الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْكَ فَمُرْنِی بِمَا شِئْتَ قَالَ ارْجِعْ إِلَیْهَا بِكِتَابِی هَذَا وَ قُلْ لَهَا مَا أَطَعْتِ اللَّهَ وَ لَا رَسُولَهُ حَیْثُ أَمَرَكِ اللَّهُ بِلُزُومِ بَیْتِكِ فَخَرَجْتِ تُرَدِّدِینَ فِی الْعَسَاكِرِ وَ قُلْ لَهُمَا مَا أَطَعْتُمَا اللَّهَ وَ لَا رَسُولَهُ حَیْثُ خَلَّفْتُمْ حَلَائِلَكُمْ فِی بُیُوتِكُمْ وَ أَخْرَجْتُمْ حَلِیلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ فَجَاءَ بِكِتَابِهِ حَتَّی طَرَحَهُ إِلَیْهَا وَ أَبْلَغَهَا مَقَالَتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَیْهِ فَأُصِیبَ بِصِفِّینَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا نَبْعَثُ إِلَیْهِ بِأَحَدٍ إِلَّا أَفْسَدَهُ عَلَیْنَا.

«82»-(1)

یج، الخرائج و الجرائح عَلِیُّ بْنُ النُّعْمَانِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ مِثْلَهُ.

«83»-(2)

قب، المناقب لابن شهرآشوب عَلِیُّ بْنُ النُّعْمَانِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَسَارٍ مِثْلَهُ.

بیان:

قوله فضربت علی بناء المجهول و حاصله أنه تمنی أن یكونوا مشدودین علی وسطه فیضرب ضربة علی وسطه یكون فیها هلاكهم و هلاكه و سبق السیف الدم كنایة عن سرعة نفوذها و قوتها.

«84»-(3)

یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ یَوْماً عَلَی عَلِیٍّ وَ الزُّبَیْرُ قَائِمٌ مَعَهُ یُكَلِّمُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 109


1- 82- رواه الراوندیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الخرائج.
2- 83- رواه ابن شهرآشوب فی عنوان: «مقاماته مع الأنبیاء و الأوصیاء» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 96 ط النجف.
3- 84- رواه الراوندیّ فی كتاب الخرائج.

مَا تَقُولُ لَهُ فَوَ اللَّهِ لَتَكُونَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ تَنْكُثُ بَیْعَتَهُ.

«85»-(1)

یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ عِیسَی بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَیْهِ أَمَرَ أَبَا الْهَیْثَمِ بْنَ التَّیِّهَانِ وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ عُبَیْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِی رَافِعٍ فَقَالَ اجْمَعُوا النَّاسَ ثُمَّ انْظُرُوا مَا فِی بَیْتِ مَالِهِمْ وَ اقْسِمُوا بَیْنَهُمْ بِالسَّوِیَّةِ فَوَجَدُوا نَصِیبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ فَأَمَرَهُمْ یَقْعُدُونَ لِلنَّاسِ وَ یُعطُونَهُمْ قَالَ وَ أَخَذَ مِكْتَلَهُ وَ مِسْحَاتَهُ ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَی بِئْرِ الْمَلِكِ یَعْمَلُ فِیهَا فَأَخَذَ النَّاسُ ذَلِكَ الْقِسْمَ حَتَّی بَلَغُوا الزُّبَیْرَ وَ طَلْحَةَ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَمْسَكُوا بِأَیْدِیهِمْ وَ قَالُوا هَذَا مِنْكُمْ أَوْ مِنْ صَاحِبِكُمْ قَالُوا بَلْ هَذَا أَمْرُهُ لَا نَعْمَلُ إِلَّا بِأَمْرِهِ قَالُوا فَاسْتَأْذِنُوا لَنَا عَلَیْهِ قَالُوا مَا عَلَیْهِ إِذْنٌ هُوَ ذَا بِبِئْرِ الْمَلِكِ یَعْمَلُ فَرَكِبُوا دَوَابَّهُمْ حَتَّی جَاءُوا إِلَیْهِ فَوَجَدُوهُ فِی الشَّمْسِ وَ مَعَهُ أَجِیرٌ لَهُ یُعِینُهُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ الشَّمْسَ حَارَّةٌ فَارْتَفِعْ مَعَنَا إِلَی الظِّلِّ فَارْتَفَعَ مَعَهُمْ إِلَیْهِ فَقَالُوا لَهُ لَنَا قَرَابَةٌ مِنْ نَبِیِّ اللَّهِ وَ سَابِقَةٌ وَ جِهَادٌ إِنَّكَ أَعْطَیْتَنَا بِالسَّوِیَّةِ وَ لَمْ یَكُنْ عُمَرُ وَ لَا عُثْمَانُ یُعْطُونَنَا بِالسَّوِیَّةِ كَانُوا یُفَضِّلُونَنَا عَلَی غَیْرِنَا فَقَالَ عَلِیٌّ أَیُّهُمَا عِنْدَكُمْ أَفْضَلُ عُمَرُ أَوْ أَبُو بَكْرٍ قَالُوا أَبُو بَكْرٍ قَالَ فَهَذَا قَسْمُ أَبِی بَكْرٍ وَ إِلَّا فَدَعُوا أَبَا بَكْرٍ وَ غَیْرَهُ وَ هَذَا كِتَابُ اللَّهِ فَانْظُرُوا مَا لَكُمْ مِنْ حَقٍّ فَخُذُوهُ قَالا فَسَابِقَتُنَا قَالَ أَنْتُمَا أَسْبَقُ مِنِّی بِسَابِقَتِی قَالُوا لَا قَالا قَرَابَتُنَا بِالنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ أَ هِیَ أَقْرَبُ مِنْ قَرَابَتِی قَالُوا لَا قَالُوا فَجِهَادُنَا قَالَ أَعْظَمُ مِنْ جِهَادِی قَالُوا لَا قَالَ فَوَ اللَّهِ مَا أَنَا فِی هَذَا الْمَالِ وَ أَجِیرِی هَذَا إِلَّا بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ قَالا أَ فَتَأْذَنُ لَنَا فِی الْعُمْرَةِ قَالَ مَا الْعُمْرَةَ تُرِیدَانِ وَ إِنِّی لَأَعْلَمُ أَمْرَكُمْ

ص: 110


1- 85- رواه الراوندیّ من كتاب الخرائج. و قریبا منه رواه ابن شهرآشوب فی اواخر عنوان: «المسابقة بالعدل و الأمانة» من مناقب آل أبی طالب: ج 1، ص 315، و فی ط النجف ص 378. ورویناه بلفظ أجود مما ها هنا عن مصدر آخر فی المختار: (٧١) من نهج السعادة: ج ١، ص ٢٤٠ ط ٢.

وَ شَأْنَكُمْ فَاذْهَبَا حَیْثُ شِئْتُمَا فَلَمَّا وَلَّیَا قَالَ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما یَنْكُثُ عَلی نَفْسِهِ.

«86»-(1)

شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْنَا نَحْنُ أَهْلُ بَیْتِهِ وَ عَصَبَتُهُ وَ وَرَثَتُهُ وَ أَوْلِیَاؤُهُ وَ أَحَقُّ الْخَلْقِ بِهِ لَا نُنَازَعُ حَقَّهُ وَ سُلْطَانَهُ فَبَیْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ نَفَرَ الْمُنَافِقُونَ وَ انْتَزَعُوا سُلْطَانَ نَبِیِّنَا مِنَّا وَ وَلَّوْهُ غَیْرَنَا فَبَكَتْ وَ اللَّهِ لِذَلِكَ الْعُیُونُ وَ الْقُلُوبُ مِنَّا جَمِیعاً مَعاً وَ خَشُنَتْ لَهُ الصُّدُورُ وَ جَزِعَتِ النُّفُوسُ مِنَّا جَزَعاً أَرْغَمَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَخَافَتِیَ الْفُرْقَةَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ أَنْ یَعُودَ أَكْثَرُهُمْ إِلَی الْكُفْرِ وَ یُعْوِزَ الدِّینُ (2) لَكُنَّا قَدْ غَیَّرْنَا ذَلِكَ مَا اسْتَطَعْنَا وَ قَدْ بَایَعْتُمُونِی الْآنَ وَ بَایَعَنِی هَذَانِ الرَّجُلَانِ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ عَلَی الطَّوْعِ مِنْهُمَا

ص: 111


1- 86- رواه الشیخ المفید فی الفصل: (18) مما اختار من كلام علیّ علیه السلام فی كتاب الإرشاد ص 131، ط النجف. وقریبا منه رواه أیضا فی آخر كتاب الجمل ص ٢٣٣ ط ١. وتقدم الحدیث تحت الرقم: (١٥) من الباب (١٥) وهو باب شكایته علیه السلام من القسم الأول من هذا المجلد، ص ١٧٢ ط الكمبانی. وقد ذكرنا هناك أن الشیخ المفید رحمه اللّٰه رواه فی الحدیث: (٦) من المجلس:[١٩] من أمالیه ص ٩٩.
2- لعله من قولهم: «عوز الشی ء عوزا»- علی زنة علم-: عز فلم یوجد مع الحاجة إلیه. و الأمر: اشتد. والأظهر أنه من باب الافعال من قولهم: " أعوز الشئ إعوازا: تعذر. أو من قولهم إعوز اعوزازا: اختلت حاله. وفی غیر واحد من المصادر والطرق: " ویبور الدین " یقال: بار السوق أو العمل: كسد. بطل. وبار فلان: هلك. وبار الطعام فسد.

وَ مِنْكُمْ وَ الْإِیثَارِ ثُمَّ نَهَضَا یُرِیدَانِ الْبَصْرَةَ لِیُفَرِّقَا جَمَاعَتَكُمْ وَ یُلْقِیَا بَأْسَكُمْ بَیْنَكُمْ اللَّهُمَّ فَخُذْهُمَا لِغِشِّهِمَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَ سُوءِ نَظَرِهِمَا لِلْعَامَّةِ ثُمَّ قَالَ انْفِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فِی طَلَبِ هَذَیْنِ النَّاكِثَیْنِ الْقَاسِطَیْنِ الْبَاغِیَیْنِ قَبْلَ أَنْ یَفُوتَ تَدَارُكُ مَا جَنَیَاهُ.

أقول: قد أوردناه بسند متصل مع زیادة فی باب شكایته علیه السلام نقلا عن كتاب جا.

«87»-(1)

وَ رَوَاهُ أَیْضاً الْمُفِیدُ فِی كِتَابِ الْكَافِیَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ أَبِیهِ علیه السلام قَالَ: كَتَبَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ مَعَ عَطَاءٍ مَوْلَی ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَنَفِیرِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ مِنْ مَكَّةَ فِیمَنْ نَفَرَ مَعَهُمْ مِنَ النَّاسِ فَلَمَّا وَقَفَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی الْكِتَابِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ مَا لِلَّذِینَ أَوْرَدُوا ثُمَّ أَصْدَرُوا غَدَاةَ الْحِسَابِ مِنْ نَجَاةٍ وَ لَا عُذْرٍ ثُمَّ نُودِیَ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَخَرَجَ النَّاسُ وَ خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَی لَمَّا قَبَضَ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَی آخِرِ مَا مَرَّ مِمَّا رَوَاهُ فِی كِتَابِ شا الْإِرْشَادِ.

«88»-(2)

شا، الإرشاد لَمَّا اتَّصَلَ بِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مَسِیرُ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مِنْ مَكَّةَ إِلَی الْبَصْرَةِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ

ص: 112


1- 87- الكافیة الورق ...
2- 88- رواه الشیخ المفید فی الفصل: (19) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 132.

قَدْ سَارَتْ عَائِشَةُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ كُلٌّ مِنْهُمَا یَدَّعِی الْخِلَافَةَ دُونَ صَاحِبِهِ وَ لَا یَدَّعِی طَلْحَةُ الْخِلَافَةَ إِلَّا أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ عَائِشَةَ وَ لَا یَدَّعِیهَا الزُّبَیْرُ إِلَّا أَنَّهُ صِهْرُ أَبِیهَا وَ اللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَا بِمَا یُرِیدَانِ لَیَضْرِبَنَّ الزُّبَیْرُ عُنُقَ طَلْحَةَ وَ لَیَضْرِبَنَّ طَلْحَةُ عُنُقَ الزُّبَیْرِ یُنَازِعُ هَذَا عَلَی الْمُلْكِ هَذَا وَ لَقَدْ عَلِمْتُ وَ اللَّهِ أَنَّ الرَّاكِبَةُ الْجَمَلَ لَا تَحُلُّ عُقْدَةً وَ لَا تَسِیرُ عَقَبَةً وَ لَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةً إِلَّا إِلَی مَعْصِیَةِ اللَّهِ حَتَّی تُورِدَ نَفْسَهَا وَ مَنْ مَعَهَا مَوْرِداً یُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ وَ یَهْرُبُ ثُلُثُهُمْ وَ یَرْجِعُ ثُلُثُهُمْ وَ اللَّهِ إِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ لَیَعْلَمَانِ أَنَّهُمَا مُخْطِئَانِ وَ مَا یَجْهَلَانِ وَ لَرُبَّ عَالِمٍ قَتَلَهُ جَهْلُهُ وَ عِلْمُهُ مَعَهُ لَا یَنْفَعُهُ وَ اللَّهِ لَتَنْبَحَنَّهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَهَلْ یَعْتَبِرُ مُعْتَبِرٌ وَ یَتَفَكَّرُ مُتَفَكِّرٌ لَقَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فَأَیْنَ الْمُحْسِنُونَ.

«89»-(1)

أَقُولُ وَ رَوَاهُ أَیْضاً مُرْسَلًا فِی الْكَافِیَةِ وَ زَادَ فِی آخِرِهِ مَا لِی وَ قُرَیْشٍ أَمَا وَ اللَّهِ لَأَقْتُلَنَّهُمْ كَافِرِینَ وَ لَأَقْتُلَنَّهُمْ مَفْتُونِینَ وَ إِنِّی لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ وَ مَا لَنَا إِلَیْهَا مِنْ ذَنْبٍ غَیْرُ أَنَّا خُیِّرْنَا عَلَیْهَا فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِی خَیْرِنَا أَمَا وَ اللَّهِ لَا یُتْرَكُ الْبَاطِلُ حَتَّی أُخْرِجَ الْحَقُّ مِنْ خَاصِرَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَلْتَضِجُّ مِنِّی قُرَیْشٌ ضَجِیجاً.

«90»-(2)

شا، الإرشاد لَمَّا تَوَجَّهَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِلَی الْبَصْرَةِ نَزَلَ الرَّبَذَةَ فَلَقِیَهُ بِهَا آخِرُ الْحَاجِّ فَاجْتَمَعُوا لِیَسْمَعُوا مِنْ كَلَامِهِ وَ هُوَ فِی خِبَائِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَتَیْتُهُ فَوَجَدْتُهُ یَخْصِفُ نَعْلًا فَقُلْتُ لَهُ نَحْنُ إِلَی أَنْ تُصْلِحَ أَمْرَنَا أَحْوَجُ مِنَّا إِلَی مَا تَصْنَعُ فَلَمْ یُكَلِّمْنِی حَتَّی فَرَغَ مِنْ نَعْلِهِ ثُمَّ ضَمَّهَا إِلَی صَاحِبَتِهَا وَ قَالَ لِی قَوِّمْهُمَا فَقُلْتُ لَیْسَ لَهُمَا قِیمَةٌ قَالَ عَلَی ذَاكَ قُلْتُ كَسْرُ دِرْهَمٍ

ص: 113


1- 89- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (19) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 131، ط النجف. و رواه أیضا فی الكافیة.
2- 90- رواه الشیخ المفید فی الفصل: (20) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین فی كتاب الإرشاد، ص 132.

قَالَ وَ اللَّهِ لَهُمَا أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَمْرِكُمْ هَذَا إِلَّا أَنْ أُقِیمَ حَقّاً أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا قُلْتُ إِنَّ الْحَاجَّ اجْتَمَعُوا لِیَسْمَعُوا مِنْ كَلَامِكَ فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أَتَكَلَّمَ فَإِنْ كَانَ حَسَناً كَانَ مِنْكَ وَ إِنْ كَانَ غَیْرَ ذَلِكَ كَانَ مِنِّی قَالَ لَا أَنَا أَتَكَلَّمُ ثُمَّ وَضَعَ یَدَهُ عَلَی صَدْرِی وَ كَانَ شَثْنَ الْكَفَّیْنِ فَآلَمَنِی ثُمَّ قَامَ فَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ وَ قُلْتُ نَشَدْتُكَ اللَّهَ وَ الرَّحِمَ قَالَ لَا تَنْشُدْنِی ثُمَّ خَرَجَ فَاجْتَمَعُوا عَلَیْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَیْسَ فِی الْعَرَبِ أَحَدٌ یَقْرَأُ كِتَاباً وَ لَا یَدَّعِی نُبُوَّةً فَسَاقَ النَّاسَ إِلَی مَنْجَاتِهِمْ أَمَ وَ اللَّهِ مَا زِلْتُ فِی سَاقَتِهَا مَا غَیَّرْتُ وَ لَا بَدَّلْتُ وَ لَا خُنْتُ حَتَّی تَوَلَّتْ بِحَذَافِیرِهَا مَا لِی وَ لِقُرَیْشٍ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِینَ وَ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِینَ وَ إِنَّ مَسِیرِی هَذَا عَنْ عَهْدٍ إِلَیَّ فِیهِ أَمَ وَ اللَّهِ لَأَبْقُرَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّی یَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ خَاصِرَتِهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَیْشٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَنَا عَلَیْهِمْ فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِی حَیِّزِنَا [فِی خَیْرِنَا] وَ أَنْشَدَ-

أَدَمْتَ لَعَمْرِی شُرْبَكَ الْمَحْضَ خَالِصاً***وَ أَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةِ التَّمْرَا

وَ نَحْنُ وَهَبْنَاكَ الْعَلَاءَ وَ لَمْ تَكُنْ***عَلِیّاً وَ حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ وَ السُّمْرَا

«91»-(1)

شا، الإرشاد وَ لَمَّا نَزَلَ علیه السلام بِذِی قَارٍ أَخَذَ الْبَیْعَةَ عَلَی مَنْ حَضَرَهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَأَكْثَرَ مِنَ الْحَمْدِ لِلَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ قَدْ جَرَتْ أُمُورٌ صَبَرْنَا عَلَیْهَا وَ فِی أَعْیُنِنَا الْقَذَی تَسْلِیماً لِأَمْرِ اللَّهِ فِیمَا امْتَحَنَنَا بِهِ رَجَاءَ الثَّوَابِ عَلَی ذَلِكَ وَ كَانَ الصَّبْرُ عَلَیْهَا أَمْثَلَ مِنْ أَنْ یَتَفَرَّقَ الْمُسْلِمُونَ وَ یُسْفَكَ دِمَاؤُهُمْ

ص: 114


1- 91- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (21) مما اختار من كلم أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتابه الإرشاد، ص 133، ط النجف.

نَحْنُ أَهْلُ الْبَیْتِ وَ عِتْرَةُ الرَّسُولِ وَ أَحَقُّ الْخَلْقِ بِسُلْطَانِ الرِّسَالَةِ وَ مَعْدِنُ الْكَرَامَةِ الَّتِی ابْتَدَأَ اللَّهُ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ وَ هَذَا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ لَیْسَا مِنْ أَهْلِ النُّبُوَّةِ وَ لَا مِنْ ذُرِّیَّةِ الرَّسُولِ حِینَ رَأَیَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ رَدَّ عَلَیْنَا حَقَّنَا بَعْدَ أَعْصُرٍ لَمْ یَصْبِرَا حَوْلًا وَاحِداً وَ لَا شَهْراً كَامِلًا حَتَّی وَثَبَا عَلَی دَأْبِ الْمَاضِینَ قَبْلَهُمَا لِیَذْهَبَا بِحَقِّی وَ یُفَرِّقَا جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِینَ عَنِّی ثُمَّ دَعَا علیه السلام عَلَیْهِمَا.

بیان: قوله علیه السلام علی ذاك أی قوّمهما علی ذاك التحقیر الذی تظهره قوله نشدتك اللّٰه لعله نشده علی أن یدع الكلام إلیه إذ كان یظن أن المصلحة فی ذلك.

و قال الجوهری المحض اللبن الخالص و هو الذی لم یخالطه الماء حلوا كان أو حامضا و قال الجرد فضاء لا نبات فیه و قال السمرة بضم المیم شجر الطلح و الجمع سمر و سمرات و أسمر.

«92»-(1)

شا، الإرشاد رَوَی عَبْدُ الْحَمِیدِ بْنُ عِمْرَانَ الْعِجْلِیُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَیْلٍ قَالَ: لَمَّا الْتَقَی أَهْلُ الْكُوفَةِ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِذِی قَارٍ حَیُّوا بِهِ ثُمَّ قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی خَصَّنَا بِجِوَارِكَ وَ أَكْرَمَنَا بِنُصْرَتِكَ فَقَامَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِیهِمْ خَطِیباً فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ قَالَ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنَّكُمْ مِنْ أَكْرَمِ الْمُسْلِمِینَ وَ أَقْصَدِهِمْ تَقْوِیماً وَ أَعْدَلِهِمْ سُنَّةً وَ أَفْضَلِهِمْ سَهْماً فِی الْإِسْلَامِ وَ أَجْوَدِهِمْ فِی الْعَرَبِ مَرْكَباً وَ نِصَاباً أَنْتُمْ أَشَدُّ الْعَرَبِ وُدّاً لِلنَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَ إِنَّمَا جِئْتُكُمْ ثِقَةً بَعْدَ اللَّهِ بِكُمْ لِلَّذِی بَذَلْتُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عِنْدَ نَقْضِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ خُلْفِهِمَا [خَلْعِهِمَا] طَاعَتِی وَ إِقْبَالِهِمَا بِعَائِشَةَ لِلْفِتْنَةِ وَ إِخْرَاجِهِمَا إِیَّاهَا مِنْ بَیْتِهَا حَتَّی أَقْدَمَاهَا الْبَصْرَةَ فَاسْتَغْوَوْا طَغَامَهَا وَ غَوْغَاءَهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِی أَنَّ أَهْلَ الْفَضْلِ مِنْهُمْ وَ خِیَارَهُمْ فِی الدِّینِ قَدِ اعْتَزَلُوا وَ كَرِهُوا مَا صَنَعَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ ثُمَّ سَكَتَ ع

ص: 115


1- 92- رواه محمّد بن محمّد بن النعمان فی الفصل: (22) من مختار كلام أمیر المؤمنین فی الإرشاد، ص 133.

فَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ نَحْنُ أَنْصَارُكَ وَ أَعْوَانُكَ عَلَی عَدُوِّكَ وَ لَوْ دَعَوْتَنَا إِلَی أَضْعَافِهِمْ مِنَ النَّاسِ احْتَسَبْنَا فِی ذَلِكَ الْخَیْرَ وَ رَجَوْنَاهُ فَدَعَا لَهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِمْ ثُمَّ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِینَ أَنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ بَایَعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ رَاغِبَیْنِ ثُمَّ اسْتَأْذَنَانِی فِی الْعُمْرَةِ فَأَذِنْتُ لَهُمَا فَسَارَا إِلَی الْبَصْرَةِ فَقَتَلَا الْمُسْلِمِینَ وَ فَعَلَا الْمُنْكَرَ اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا قَطَعَانِی وَ ظَلَمَانِی وَ جَنَیَانِی وَ نَكَثَا بَیْعَتِی وَ أَلَّبَا النَّاسَ عَلَیَّ فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا وَ لَا تُحْكِمْ مَا أَبْرَمَا وَ أَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِیمَا عَمِلَا.

بیان: الطغام بالفتح أوغاد الناس الواحد و الجمع فیه سواء و الغوغاء الجراد بعد الدباء و به سمی الغوغاء و الغاغة من الناس و هم الكثر المختلطون ذكره الجوهری.

«93»-(1)

شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام وَ قَدْ نَفَرَ مِنْ ذِی قَارٍ مُتَوَجِّهاً إِلَی الْبَصْرَةِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ وَ الصَّلَاةِ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَی فَرَضَ الْجِهَادَ وَ عَظَّمَهُ وَ جَعَلَهُ نُصْرَةً لَهُ وَ اللَّهِ مَا صَلَحَتْ دُنْیَا قَطُّ وَ لَا دِینٌ إِلَّا بِهِ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَ اسْتَجْلَبَ خَیْلَهُ وَ شَبَّهَ فِی ذَلِكَ وَ خَدَعَ وَ قَدْ بَانَتِ الْأُمُورُ وَ تَمَحَّضَتْ وَ اللَّهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَیَّ مُنْكَراً وَ لَا جَعَلُوا بَیْنِی وَ بَیْنَهُمْ نَصَفاً وَ إِنَّهُمْ لَیَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ وَ دَماً سَفَكُوهُ وَ لَئِنْ كُنْتُ شَرِكْتُهُمْ فِیهِ إِنَّ لَهُمْ نَصِیبَهُمْ مِنْهُ وَ لَئِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِی فَمَا تَبِعَتُهُ إِلَّا قِبَلَهُمْ وَ إِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَی أَنْفُسِهِمْ وَ إِنِّی لَعَلَی بَصِیرَتِی مَا الْتَبَسَتْ عَلَیَّ وَ إِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِیَةُ فِیهَا اللَّحْمُ وَ اللُّحْمَةُ قَدْ طَالَتْ هِینَتُهَا وَ أَمْكَنَتْ دِرَّتُهَا یَرْضَعُونَ أُمّاً فَطَمَتْ وَ یُحْیُونَ بَیْعَةً تُرِكَتْ لِیَعُودَ الضَّلَالُ إِلَی نِصَابِهِ مَا أَعْتَذِرُ مِمَّا فَعَلْتُ وَ لَا أَتَبَرَّأُ مِمَّا صَنَعْتُ

ص: 116


1- 93- رواه محمّد بن محمّد رحمه اللّٰه فی الفصل: (23) من مختار كلام علیّ علیه السلام فی الإرشاد 134.

فَیَا خَیْبَةً لِلدَّاعِی وَ مَنْ دَعَا لَوْ قِیلَ لَهُ إِلَی مَنْ دَعْوَتُكَ وَ إِلَی مَنْ أَجَبْتَ وَ مَنْ إِمَامُكَ وَ مَا سُنَّتُهُ إِذاً لَزَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ مَقَامِهِ وَ لَصَمَتَ لِسَانُهُ فَمَا نَطَقَ وَ ایْمُ اللَّهِ لَأُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ وَ لَا یَصْدُرُونَ عَنْهُ وَ لَا یَلْقَوْنَ بَعْدَهُ رِیّاً أَبَداً وَ إِنِّی لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَ عُذْرِهِ فِیهِمْ إِذْ أَنَا دَاعِیهِمْ فَمُعَذِّرٌ إِلَیْهِمْ فَإِنْ تَابُوا وَ أَقْبَلُوا فَالتَّوْبَةُ مَبْذُولَةٌ وَ الْحَقُّ مَقْبُولٌ وَ لَیْسَ عَلَی اللَّهِ كُفْرَانٌ وَ إِنْ أَبَوْا أَعْطَیْتُهُمْ حَدَّ السَّیْفِ فَكَفَی بِهِ شَافِیاً مِنْ بَاطِلٍ وَ نَاصِراً لِمُؤْمِنٍ.

بیان: قوله علیه السلام فیها اللحم و اللحمة لحم كل شی ء لبه و اللحمة بالضم القرابة أی فیها من یظن الناس أنهم لب الصحابة و فیهم من یدعی قرابة الرسول كالزبیر و فی بعض النسخ الحمأ و الحمة كما مر (1) قد طالت هینتها الهینة و الرفق و السكون شبه علیه السلام تلك الفئة و فتنتها بناقة طال سكونها و أمكنت من حلبها كنایة عن استمرار الفتنة و تمكنها فی أهل الجهل و فی بعض النسخ هلبتها قال الجوهری الهلبة ما غلظت من شعر الذنب و هلبة الزمان شدته.

«94»-(2)

قب، المناقب لابن شهرآشوب بَلَغَ عَائِشَةَ قَتْلُ عُثْمَانَ وَ بَیْعَةُ عَلِیٍّ بِسَرِفٍ فَانْصَرَفَتْ إِلَی مَكَّةَ تَنْتَظِرُ الْأَمْرَ فَتَوَجَّهَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِیزٍ فَعَزَمُوا عَلَی قِتَالِ عَلِیٍّ وَ اخْتَارُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لِلْإِمَامَةِ فَقَالَ أَ تُلْقُونَنِی بَیْنَ مَخَالِبِ عَلِیٍّ وَ أَنْیَابِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهُمْ یَعْلَی بْنُ مُنَبِّهٍ قَادِماً مِنَ الْیَمَنِ وَ أَقْرَضَهُمْ سِتِّینَ أَلْفَ دِینَارٍ وَ الْتَمَسَتْ عَائِشَةُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ الْخُرُوجَ فَأَبَتْ وَ سَأَلَتْ حَفْصَةَ فَأَجَابَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ عَائِشَةُ فِی أَوَّلِ نَفْرٍ فَكَتَبَ الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ:

ص: 117


1- تقدم فی شرح الحدیث: (37)- و هو المختار: (135) من نهج البلاغة- ص 408.
2- 94- رواه فی عنوان: «ما ظهر منه علیه السلام فی حرب الجمل» من مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 335 طبع النجف.

بَنِی هَاشِمٍ رُدُّوا سِلَاحَ ابْنِ أُخْتِكُمْ***وَ لَا تَهِبُوهُ لَا تَحِلُّ مَوَاهِبُهُ

وَ أَیْضاً أَنْشَأَ الْوَلِیدُ لَمَّا ظَفَرَ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام:

أَلَا أَیُّهَا النَّاسُ عِنْدِی الْخَبَرُ***بِأَنَّ الزُّبَیْرَ أَخَاكُمْ غَدَرَ

وَ طَلْحَةَ أَیْضاً حَذَا فِعْلَهُ***وَ یَعْلَی بْنَ مُنَبِّهٍ فِیمَنْ نَفَرَ

فَأَنْشَأَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَبْیَاتاً مِنْهَا:

فِتَنٌ تَحُلُّ بِهِمْ وَ هُنَّ شَوَارِعُ***تُسْقَی أَوَاخِرُهَا بِكَأْسِ الْأُوَلِ

فِتَنٌ إِذَا نَزَلَتْ بِسَاحَةِ أُمَّةٍ***أَذِنَتْ بِعَدْلٍ بَیْنَهُمْ مُتَنَفِّلٍ

فَقَدِمَتْ عَائِشَةُ إِلَی الْحَوْأَبِ وَ هُوَ مَاءٌ نُسِبَ إِلَی الْحَوْأَبِ بِنْتِ كُلَیْبِ بْنِ وَبَرَةَ فَصَاحَتْ كِلَابُهَا فَقَالَتْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ رُدُّونِی وَ ذَكَرَ الْأَعْثَمُ فِی الْفُتُوحِ وَ الْمَاوَرْدِیُّ فِی أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَ شِیرَوَیْهِ فِی الْفِرْدَوْسِ وَ أَبُو یَعْلَی فِی الْمُسْنَدِ وَ ابْنُ مَرْدَوَیْهِ فِی فَضَائِلِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُوَفَّقُ فِی الْأَرْبَعِینَ وَ شُعْبَةُ وَ الشَّعْبِیُّ وَ سَالِمُ بْنُ أَبِی الْجَعْدِ فِی أَحَادِیثِهِمْ وَ الْبَلاذُرِیُّ وَ الطَّبَرِیُّ فِی تَارِیخَیْهِمَا أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا سَمِعَتْ نُبَاحَ الْكِلَابِ قَالَتْ أَیُّ مَاءٍ هَذَا فَقَالُوا الْحَوْأَبُ قَالَتْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِنِّی لَهِیَهْ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَ عِنْدَهُ نِسَاؤُهُ یَقُولُ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ فِی رِوَایَةِ الْمَاوَرْدِیِّ أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَخْرُجُ فَتَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ یُقْتَلُ مِنْ یَمِینِهَا وَ یَسَارِهَا قَتْلَی كَثِیرَةٌ تَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ تُقْتَلُ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْخُرَیْبَةَ قَصَدَهُمْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ وَ حَارَبَهُمْ فَتَدَاعَوْا إِلَی الصُّلْحِ فَكَتَبُوا بَیْنَهُمْ كِتَاباً أَنَّ لِعُثْمَانَ دَارَ الْإِمَارَةِ وَ بَیْتَ الْمَالِ وَ الْمَسْجِدَ إِلَی أَنْ یَصِلَ إِلَیْهِمْ عَلِیٌّ فَقَالَ طَلْحَةُ لِأَصْحَابِهِ فِی السِّرِّ وَ اللَّهِ لَئِنْ قَدِمَ عَلِیٌّ الْبَصْرَةَ لَنُؤْخَذَنَّ بِأَعْنَاقِنَا فَأَتَوْا عَلَی عُثْمَانَ بَیَاتاً فِی لَیْلَةٍ ظَلْمَاءَ وَ هُوَ یُصَلِّی بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ وَ قَتَلُوا مِنْهُمْ خَمْسِینَ رَجُلًا وَ اسْتَأْسَرُوهُ وَ نَتَفُوا شَعْرَهُ وَ حَلَقُوا رَأْسَهُ وَ حَبَسُوهُ

ص: 118

فَبَلَغَ ذَلِكَ سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ فَكَتَبَ إِلَیْهِمَا أُعْطِی اللَّهَ عَهْداً لَئِنْ لَمْ تُخِلُّوا سَبِیلَهُ لَأَبْلُغَنَّ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَیْكُمَا فَأَطْلَقُوهُ ثُمَّ بَعَثَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ فِی جَمَاعَةٍ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ فَقَتَلَ أَبَا سَالِمَةَ الزُّطِّیَّ فِی خَمْسِینَ رَجُلًا وَ بَعَثَتْ عَائِشَةُ إِلَی أَحْنَفَ تَدْعُوهُ فَأَبَی وَ اعْتَزَلَ بِالْجَلْحَاءِ مِنَ الْبَصْرَةِ فِی فَرْسَخَیْنِ وَ هُوَ فِی سِتَّةِ آلَافٍ فَأَمَّرَ عَلِیٌّ سَهْلَ بْنَ حُنَیْفٍ عَلَی الْمَدِینَةِ وَ قُثَمَ بْنَ الْعَبَّاسِ عَلَی مَكَّةَ وَ خَرَجَ فِی سِتَّةِ آلَافٍ إِلَی الرَّبَذَةِ وَ مِنْهَا إِلَی ذِی قَارٍ وَ أَرْسَلَ الْحَسَنَ وَ عَمَّاراً إِلَی الْكُوفَةِ وَ كَتَبَ إِلَیْهِمْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَ وَلِیِّهِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ جَبْهَةِ الْأَنْصَارِ وَ سَنَامِ الْعَرَبِ ثُمَّ ذَكَرَ فِیهِ قَتْلَ عُثْمَانَ وَ فِعْلَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ قَدْ قَلَعَتْ بِأَهْلِهَا وَ قَلَعُوا بِهَا وَ جَاشَتْ جَیْشَ الْمِرْجَلِ وَ قَامَتِ الْفِتْنَةُ عَلَی الْقُطْبِ فَأَسْرِعُوا إِلَی أَمِیرِكُمْ وَ بَادِرُوا عَدُوَّكُمْ فَلَمَّا بَلَغَا الْكُوفَةَ قَالَ أَبُو مُوسَی الْأَشْعَرِیُّ یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ اتَّقُوا اللَّهَ وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِیماً وَ مَنْ یَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً الْآیَةَ فَسَكَّنَهُ عَمَّارٌ فَقَالَ أَبُو مُوسَی هَذَا كِتَابُ عَائِشَةَ تَأْمُرُنِی أَنْ تَكُفَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ فَلَا تَكُونَنَّ لَنَا وَ لَا عَلَیْنَا لِیَصِلَ إِلَیْهِمْ صَلَاحُهُمْ فَقَالَ عَمَّارٌ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی أَمَرَهَا بِالْجُلُوسِ فَقَامَتْ وَ أَمَرَنَا بِالْقِیَامِ لِنَدْفَعَ الْفِتْنَةَ فَنَجْلِسُ فَقَامَ زَیْدُ بْنَ صُوحَانَ وَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ فِی أَصْحَابِهِمَا وَ تَهَدَّدُوهُ فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَامَ زَیْدُ بْنَ صُوحَانَ وَ قَرَأَ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ الْآیَاتِ ثُمَّ قَالَ یَا أَیُّهَا النَّاسُ سِیرُوا إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَ انْفِرُوا إِلَیْهِ أَجْمَعِینَ تصببوا [تُصِیبُوا] الْحَقَّ رَاشِدِینَ ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ هَذَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ یَسْتَنْفِرُكُمْ فَأَطِیعُوهُ فِی كَلَامٍ لَهُ

ص: 119

وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ صلوات اللّٰه علیهما أَجِیبُوا دَعَوْتَنَا وَ أَعِینُونَا عَلَی مَا بُلِینَا بِهِ فِی كَلَامٍ لَهُ فَخَرَجَ قَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو وَ هِنْدُ بْنُ عَمْرٍو وَ هَیْثَمُ بْنُ شِهَابٍ وَ زَیْدُ بْنَ صُوحَانَ وَ الْمُسَیَّبُ بْنُ نَجَبَةَ وَ یَزِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ وَ ابْنُ مَخْدُوجٍ وَ الْأَشْتَرُ یَوْمَ الثَّالِثِ فِی تِسْعَةِ آلَافٍ فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلِیٌّ عَلَی فَرْسَخٍ وَ قَالَ مَرْحَباً بِكُمْ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَ فِئَةَ الْإِسْلَامِ وَ مَرْكَزَ الدِّینِ فِی كَلَامٍ لَهُ وَ خَرَجَ إِلَی عَلِیٍّ مِنْ شِیعَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ ربیعته [رَبِیعَةَ] ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَ بَعَثَ الْأَحْنَفُ إِلَیْهِ إِنْ شِئْتَ أَتَیْتُكَ فِی مِائَتَیْ فَارِسٍ فَكُنْتُ مَعَكَ وَ إِنْ شِئْتَ اعْتَزَلْتُ بِبَنِی سَعْدٍ فَكَفَفْتُ عَنْكَ سِتَّةَ آلَافِ سَیْفٍ فَاخْتَارَ علیه السلام اعْتِزَالَهُ..

الْأَعْثَمُ فِی الْفُتُوحِ أَنَّهُ كَتَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَیْهِمَا أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّی لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّی أَرَادُونِی وَ لَمْ أُبَایِعْهُمْ حَتَّی أَكْرَهُونِی وَ أَنْتُمَا مِمَّنْ أَرَادَ بَیْعَتِی ثُمَّ قَالَ علیه السلام بَعْدَ كَلَامٍ وَ دَفْعُكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِیهِ كَانَ أَوْسَعَ لَكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا.

الْبَلَاذُرِیُّ لَمَّا بَلَغَ عَلِیّاً قَوْلُهُمَا مَا بَایَعْنَاهُ إِلَّا مُكْرَهَیْنِ تَحْتَ السَّیْفِ قَالَ أَبْعَدَهُمَا اللَّهُ أَقْصَی دَارٍ وَ أَحَرَّ نَارٍ (1).

الْأَعْثَمُ وَ كَتَبَ إِلَی عَائِشَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ خَرَجْتِ مِنْ بَیْتِكِ عَاصِیَةً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ تَطْلُبِینَ أَمْراً كَانَ عَنْكِ مَوْضُوعاً ثُمَّ تَزْعُمِینَ أَنَّكِ تُرِیدِینَ الْإِصْلَاحَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ فَخَبِّرِینِی مَا لِلنِّسَاءِ وَ قَوْدِ الْعَسَاكِرِ وَ الْإِصْلَاحِ بَیْنَ النَّاسِ

ص: 120


1- رواه البلاذری فی الحدیث: (282) من ترجمة أمیر المؤمنین علیه السلام من أنساب الاشراف: ج 1/ الورق 172// و فی ط: 1، ج 2، ص 222.

وَ طَلَبْتِ كَمَا زَعَمْتِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ عُثْمَانُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ وَ لَعَمْرِی إِنَّ الَّذِی عَرَضَكِ لِلْبَلَاءِ وَ حَمَلَكِ عَلَی الْعَصَبِیَّةِ لَأَعْظَمُ إِلَیْكِ ذَنْباً مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَ مَا غَضِبْتِ حَتَّی أَغْضَبْتِ وَ لَا هِجْتِ حَتَّی هَیَّجْتِ فَاتَّقِی اللَّهَ یَا عَائِشَةُ وَ ارْجِعِی إِلَی مَنْزِلِكِ وَ أَسْبِلِی عَلَیْكِ سِتْرَكِ (1) وَ قَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ جَلَّ الْأَمْرُ عَنِ الْخِطَابِ احْكُمْ كَمَا تُرِیدُ فَلَنْ نَدْخُلَ فِی طَاعَتِكَ فَأَنْشَأَ حبیب [خُبَیْبُ] بْنُ یَسَافٍ الْأَنْصَارِیُّ:

أَبَا حَسَنٍ أَیْقَظْتَ مَنْ كَانَ نَائِماً***وَ مَا كَانَ مَنْ یُدْعَی (2) إِلَی الْحَقِّ یَتْبَعُ

وَ إِنَّ رِجَالًا بَایَعُوكَ وَ خَالَفُوا***هَوَاكَ وَ أَجْرَوْا فِی الضَّلَالِ وَ ضَیَّعُوا

وَ طَلْحَةُ فِیهَا وَ الزُّبَیْرُ قَرِینُهُ***وَ لَیْسَ لِمَا لَا یَدْفَعُ اللَّهُ مَدْفَعٌ

وَ ذِكْرُهُمْ قَتْلَ ابْنِ عَفَّانَ خُدْعَةٌ***هُمْ قَتَلُوهُ وَ الْمُخَادِعُ یُخْدَعُ

وَ سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَ قَیْسُ بْنُ عَبَّادٍ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَنْ قِتَالِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَقَالَ إِنَّهُمَا بَایَعَانِی بِالْحِجَازِ وَ خَلَعَانِی بِالْعِرَاقِ فَاسْتَحْلَلْتُ قِتَالَهُمَا لِنَكْثِهِمَا بَیْعَتِی.

تَارِیخَیِ الطَّبَرِیِّ وَ الْبَلاذُرِیِّ أَنَّهُ ذَكَرَ مَجِی ءَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ إِلَی الْبَصْرَةِ قَبْلَ الْحَسَنِ (3) فَقَالَ یَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَ مَا كَانَ لِلْقَوْمِ عُقُولٌ أَنْ یَقُولُوا وَ اللَّهِ مَا قَتَلَهُ غَیْرُكُمْ.

ص: 121


1- الحدیث مذكور فی وقعة الجمل من تاریخ الفتوح للأعثم: ج ص ... و فی ترجمته ص 174، ط 1. وللكلام مصادر بعضها مذكور فی ذیل المختار: (٢٨) من باب الكتب من نهج السعادة ج ٥ من ٦٦ ط ١.
2- هذا هو الظاهر، و فی الأصل المطبوع من بحار الأنوار: «و من كان یدعی إلی الحق یتبع».
3- هذا هو الصواب و المراد منه هو الحسن البصری، و فی طبع الكمبانی من البحار: «قبل الجیش».

تاریخ الطبری قال یونس النحوی: فكرت فی أمر علی و طلحة و الزبیر إن كانا صادقین أن علیا قتل عثمان فعثمان هالك و إن كذبا علیه فهما هالكان:

تاریخ الطبری قال رجل من بنی سعد:

صنتم حلائلكم و قدتم أمكم***هذا لعمری قلة الإنصاف

أمرت بجر ذیولها فی بیتها*** فهوت تشق البید بالإیجاف

عرضا یقاتل دونها أبناؤها*** بالنبل و الخطی و الأسیاف

و أنفذ أمیر المؤمنین زید بن صوحان و عبد اللّٰه بن عباس فوعظاها و خوفاها.

وَ فِی كِتَابِ رامش افزای أَنَّهَا قَالَتْ لَا طَاقَةَ لِی بِحُجَجِ عَلِیٍّ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا طَاقَةَ لَكِ بِحُجَجِ الْمَخْلُوقِ فَكَیْفَ طَاقَتُكِ بِحُجَجِ الْخَالِقِ.

«95»-(1)

شی، تفسیر العیاشی عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: إِنَّ الزُّبَیْرَ اخْتَرَطَ سَیْفَهُ یَوْمَ قُبِضَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لَا أَغْمِدُهُ حَتَّی أُبَایِعَ لِعَلِیٍّ ثُمَّ اخْتَرَطَ سَیْفَهُ فَضَارَبَ عَلِیّاً علیه السلام وَ كَانَ مِمَّنْ أُعِیرَ الْإِیمَانَ فَمَشَی فِی ضَوْءِ نُورِهِ ثُمَّ سَلَبَهُ اللَّهُ إِیَّاهُ.

«96»-(2)

شی، تفسیر العیاشی عَنْ سَعِیدِ بْنِ أَبِی الْأَصْبَغِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام وَ هُوَ یَسْأَلُ عَنْ مُسْتَقَرٍّ وَ مُسْتَوْدَعٍ قَالَ مُسْتَقَرٌّ فِی الرَّحِمِ وَ مُسْتَوْدَعٌ فِی الصُّلْبِ وَ قَدْ یَكُونُ مُسْتَوْدَعَ الْإِیمَانِ ثُمَّ یُنْزَعُ مِنْهُ وَ لَقَدْ مَشَی الزُّبَیْرُ فِی ضَوْءِ الْإِیمَانِ وَ نُورِهِ حَتَّی قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی مَشَی بِالسَّیْفِ وَ هُوَ یَقُولُ لَا نُبَایِعُ إِلَّا عَلِیّاً.

ص: 122


1- 95- رواه العیاشی فی تفسیر الآیة: (98) من سورة الأنعام من تفسیره: ج 1. ورواه عنه السید البحرانی رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة الكریمة فی تفسیر البرهان ج ١، ص ٥٤٤.
2- 96- رواه العیاشی فی تفسیر الآیة: (98) من سورة الأنعام من تفسیره: ج 1. ورواه عنه السید البحرانی رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة الكریمة فی تفسیر البرهان ج ١، ص ٥٤٤.

«97»-(1)

قب، المناقب لابن شهرآشوب عَمَّارٌ وَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا صَعِدَ عَلِیٌّ علیه السلام الْمِنْبَرَ قَالَ لَنَا قُومُوا فَتَخَلَّلُوا الصُّفُوفَ وَ نَادُوا هَلْ مِنْ كَارِهٍ فَتَصَارَخَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ اللَّهُمَّ قَدْ رَضِینَا وَ سَلَّمْنَا وَ أَطَعْنَا رَسُولَكَ وَ ابْنَ عَمِّهِ فَقَالَ یَا عَمَّارُ قُمْ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ فَأَعْطِ النَّاسَ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ وَ ارْفَعْ لِی ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ فَمَضَی عَمَّارٌ وَ أَبُو الْهَیْثَمِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ إِلَی بَیْتِ الْمَالِ وَ مَضَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی مَسْجِدِ قُبَاءَ یُصَلِّی فِیهِ فَوَجَدُوا فِیهِ ثَلَاثَ مِائَةِ أَلْفِ دِینَارٍ وَ وَجَدُوا النَّاسَ مِائَةَ أَلْفٍ فَقَالَ عَمَّارٌ جَاءَ وَ اللَّهِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهِ مَا عِلْمَ بِالْمَالِ وَ لَا بِالنَّاسِ وَ إِنَّ هَذِهِ لآَیَةٌ وَجَبَتْ عَلَیْكُمْ بِهَا طَاعَةُ هَذَا الرَّجُلِ فَأَبَی طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَقِیلٌ أَنْ یَقْبَلُوهَا الْقِصَّةَ.

«98»-(2)

شی، تفسیر العیاشی عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا علیهما السلام قَالَ: قُلْتُ الزُّبَیْرُ شَهِدَ بَدْراً قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنَّهُ فَرَّ یَوْمَ الْجَمَلِ فَإِنْ كَانَ قَاتَلَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَدْ هَلَكَ بِقِتَالِهِ إِیَّاهُمْ وَ إِنْ كَانَ قَاتَلَ كُفَّاراً فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ حِینَ وَلَّاهُمْ دُبُرَهُ.

«99»-(3)

شی، تفسیر العیاشی عَنْ إِسْمَاعِیلَ بْنِ السَّرِیِّ عَنْ قَوْلِهِ وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِیبَنَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَمَلِ.

ص: 123


1- 97- رواه ابن شهرآشوب فی عنوان: «مقامات علی مع الأنبیاء و الأوصیاء» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 95 ط النجف.
2- 98- رواه العیاشی فی تفسیر الآیة: (16) من سورة الأنفال: 8 من تفسیره: ج 1 و رواه عنه البحرانیّ فی تفسیر الآیة من تفسیر البرهان: ج 2 ص 69.
3- 99- رواه العیاشی فی تفسیر الآیة: (25) من سورة الأنفال: 8 من تفسیره: ج 1 و رواه عنه السیّد هاشم البحرانیّ فی تفسیر الآیة الكریمة فی تفسیر البرهان: ج 2 ص 72 و فیه: «عن الصیقل [قال سئل أبو عبد اللّٰه علیه السلام ...

«100»-(1)

جا، المجالس للمفید عَلِیُّ بْنُ خَالِدٍ الْمَرَاغِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ سُلَیْمَانَ بْنِ قَرْمٍ عَنْ أَبِی الْجَحَّافِ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِیِّ عَنْ أَبِی عُثْمَانَ مُؤَذِّنِ بَنِی أَفْصَی (2) قَالَ سَمِعْتُ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام حِینَ خَرَجَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ لِقِتَالِهِ یَقُولُ عَذِیرِی مِنْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ بَایَعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ ثُمَّ نَكَثَا بَیْعَتِی مِنْ غَیْرِ حَدَثٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآیَةَ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ

«101»-(3)

جا، المجالس للمفید مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْحَتْمِیُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [عَبْدَانَ عَنْ إِبْرَاهِیمَ الْخَوْلِیِّ عَنْ سَعِیدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ الزُّبَیْرِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِی سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِیهِ قَالَ: إِنِّی لَوَاقِفٌ مَعَ الْمُغِیرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عِنْدَ نُهُوضِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنَ الْمَدِینَةِ إِلَی الْبَصْرَةِ إِذْ أَقْبَلَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ فِی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ یَا مُغِیرَةُ فَقَالَ وَ أَیْنَ هُوَ یَا عَمَّارُ قَالَ تَدْخُلُ فِی هَذِهِ الدَّعْوَةِ فَتَلْحَقُ بِمَنْ سَبَقَكَ وَ تَسُودُ مَنْ خَلَفَكَ

ص: 124


1- 100- رواه الشیخ المفید فی أواخر المجالس (8) من أمالیه ص 53، ط النجف. وقریبا منه رواه عنه الشیخ الطوسی فی الحدیث: (٢٠) من الجزء الخامس من أمالیه ج ١، ص ١٣١، ط بیروت. ورواه عنهما البحرانی فی تفسیر الآیة: (١٢) من سورة التوبة من تفسیر البرهان:ج ٢ ص ١٠٧، ط ٣.
2- هذا هو الصواب الموافق لما فی أمالی المفید و الطوسیّ و ترجمة عثمان مؤذّن بنی أفصی من كتاب لسان المیزان ج 4 ص 158. و فی ط الكمبانی من أصلی: «أبی عمّار مؤذّن بنی أفصی».
3- رواه الشیخ المفید فی الحدیث: (4) من المجلس: (25) من أمالیه ص 135. ورویناه بسند آخر عن مصدر آخر فی المختار: (٧٨) من نهج السعادة: ج ١،

فَقَالَ لَهُ الْمُغِیرَةُ أَوْ خَیْرٌ مِنْ ذَلِكَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ قَالَ عَمَّارٌ وَ مَا هُوَ قَالَ نَدْخُلُ بُیُوتُنَا وَ نُغْلِقُ عَلَیْنَا أَبْوَابَنَا حَتَّی یُضِی ءَ لَنَا الْأَمْرُ فَنَخْرُجُ وَ نَحْنُ مُبْصِرُونَ وَ لَا نَكُونُ كَقَاطِعِ السِّلْسِلَةِ فَرَّ مِنَ الضَّحْلِ فَوَقَعَ فِی الْغَمْرِ (1) فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ هَیْهَاتَ هَیْهَاتَ أَ جَهْلٌ بَعْدَ عِلْمٍ وَ عَمًی بَعْدَ اسْتِبْصَارٍ وَ لَكِنِ اسْمَعْ لِقَوْلِی فَوَ اللَّهِ لَنْ تَرَانِی إِلَّا فِی الرَّعِیلِ الْأَوَّلِ قَالَ فَطَلَعَ عَلَیْهِمَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَقَالَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ مَا یَقُولُ لَكَ الْأَعْوَرُ فَإِنَّهُ وَ اللَّهِ دَائِماً یَلْبِسُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَ یُمَوِّهُ فِیهِ وَ لَنْ یَتَعَلَّقَ مِنَ الدِّینِ إِلَّا بِمَا یُوَافِقُ الدُّنْیَا وَیْحَكَ یَا مُغِیرَةُ إِنَّهَا دَعْوَةٌ تَسُوقُ مَنْ یَدْخُلُ فِیهَا إِلَی الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ الْمُغِیرَةُ صَدَقْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنْ لَمْ أَكُنْ مَعَكَ فَلَنْ أَكُونَ عَلَیْكَ.

«102»-(2)

كش، رجال الكشی رُوِیَ أَنَّ عَائِشَةَ كَتَبَتْ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَی زَیْدِ بْنِ صُوحَانَ إِلَی الْكُوفَةِ مِنْ عَائِشَةَ زَوْجَةِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ إِلَی ابْنِهَا زَیْدِ بْنِ صُوحَانَ الْخَالِصِ أَمَّا بَعْدُ إِذَا أَتَاكَ كِتَابِی هَذَا فَاجْلِسْ فِی بَیْتِكَ وَ خَذِّلِ النَّاسَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ حَتَّی یَأْتِیَكَ أَمْرِی فَلَمَّا قَرَأَ زَیْدٌ كِتَابَهَا قَالَ أُمِرَتْ بِأَمْرٍ وَ أُمْرِنَا بِغَیْرِهِ فَرَكِبَتْ مَا أُمِرْنَا بِهِ وَ أَمَرَتْنَا أَنْ نَرْكَبَ مَا أُمِرَتْ هِیَ بِهِ أُمِرَتْ أَنْ تَقِرَّ فِی بَیْتِهَا وَ أُمِرْنَا أَنْ نُقَاتِلَ حَتَّی لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ السَّلَامُ.

«103»-(3)

كشف، كشف الغمة مِنْ غَزَوَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَقْعَةُ الْجَمَلِ وَ الْمُجْتَمِعُونَ لَهَا لَمَّا

ص: 125


1- هذا هو الصواب الموافق للمختار: (78) من نهج السعادة: ج 1، ص 256، و فی ط الكمبانی من البحار: «كالقاطع السلسلة أراد الضحك فوقع فی الغم».
2- رواه الكشّیّ فی ترجمة زید بن صوحان العبدی تحت الرقم: (18) من تلخیص رجاله ص 63.
3- 103- رواه الإربلیّ رحمه اللّٰه فی وقعة الجمل من كتاب كشف الغمّة: ج 1، ص 238.

رَفَضُوا عَلِیّاً وَ نَقَضُوا بَیْعَتَهُ وَ نَكَثُوا عَهْدَهُ وَ غَدَرُوا بِهِ وَ خَرَجُوا عَلَیْهِ وَ جَمَعُوا النَّاسَ لِقِتَالِهِ مُسْتَخِفِّینَ بِعَقْدِ بَیْعَتِهِ الَّتِی لَزِمَهُمْ فَرْضُ حُكْمِهَا مُسِفِّینَ إِلَی إِثَارَةِ فِتْنَةٍ عَامَّةٍ بَاءُوا بِإِثْمِهَا لَمْ یَرَ إِلَّا مُقَاتَلَتَهُمْ عَلَی مُسَارَعَتِهِمْ إِلَی نَكْثِ بَیْعَتِهِ وَ مُقَاتَلَتَهُمْ عَنِ الْخُرُوجِ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ وَ لُزُومِ طَاعَتِهِ وَ كَانَ مِنَ الدَّاخِلِینَ فِی الْبَیْعَةِ أَوَّلًا وَ الْمُلْتَزِمِینَ لَهَا ثُمَّ مِنَ الْمُحَرِّضِینَ ثَانِیاً عَلَی نَكْثِهَا وَ نَقْضِهَا طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَأَخْرَجَا عَائِشَةَ وَ جَمَعَا مَنِ اسْتَجَابَ لَهُمَا وَ خَرَجُوا إِلَی الْبَصْرَةِ وَ نَصَبُوا لِعَلِیٍّ علیه السلام حَبَائِلَ الْغَوَائِلِ وَ أَلَّبُوا عَلَیْهِ مُطِیعَهُمْ مِنَ الرَّامِحِ وَ النَّابِلِ مُظْهِرِینَ الْمُطَالَبَةَ بِدَمِ عُثْمَانَ مَعَ عِلْمِهِمْ فِی الْبَاطِنِ أَنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَیْسَ بِالْآمِرِ وَ لَا الْقَاتِلِ وَ مِنَ الْعَجَبِ أَنَّ عَائِشَةَ حَرَّضَتِ النَّاسَ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ بِالْمَدِینَةِ وَ قَالَتِ اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَلَ اللَّهُ نَعْثَلًا فَلَقَدْ أَبْلَی سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ وَ هَذِهِ ثِیَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَ خَرَجَتْ إِلَی مَكَّةَ وَ قُتِلَ عُثْمَانُ وَ عَادَتْ إِلَی بَعْضِ الطَّرِیقِ فَسَمِعَتْ بِقَتْلِهِ وَ أَنَّهُمْ بَایَعُوا عَلِیّاً فَوَرِمَ أَنْفُهَا وَ عَادَتْ وَ قَالَتْ لَأُطَالِبَنَّ بِدَمِهِ فَقِیلَ لَهَا یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ أَنْتِ أَمَرْتِ بِقَتْلِهِ وَ تَقُولِینَ هَذَا قَالَتْ لَمْ یَقْتُلُوهُ حَیْثُ قُلْتُ وَ تَرَكُوهُ حَتَّی تَابَ وَ عَادَ كَالسَّبِیكَةِ مِنَ الْفِضَّةِ وَ قَتَلُوهُ وَ خَرَجَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ مِنَ الْمَدِینَةِ عَلَی خُفْیَةٍ وَ وَصَلَا إِلَیْهَا بِمَكَّةَ وَ أَخْرَجَاهَا إِلَی الْبَصْرَةِ وَ رَحَلَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنَ الْمَدِینَةِ یَطْلُبُهُمْ فَلَمَّا قَرُبَ مِنَ الْبَصْرَةِ كَتَبَ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنِّی لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّی أَرَادُونِی وَ لَمْ أُبَایِعْهُمْ حَتَّی أَكْرَهُونِی وَ أَنْتُمَا مِمَّنْ أَرَادُوا بَیْعَتِی وَ بَایَعُوا وَ لَمْ تُبَایِعَا لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ وَ لَا لِعَرَضٍ [غَرَضٍ حَاضِرٍ فَإِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَا طَائِعَیْنِ فَتُوبَا إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَمَّا أَنْتُمَا عَلَیْهِ وَ إِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَا مُكْرَهَیْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا السَّبِیلَ عَلَیْكُمَا بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَ إِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِیَةَ وَ أَنْتَ یَا زُبَیْرُ فَارِسُ قُرَیْشٍ وَ أَنْتَ یَا طَلْحَةُ شَیْخُ الْمُهَاجِرِینَ وَ دَفْعُكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِیهِ كَانَ أَوْسَعَ لَكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ

ص: 126

وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا إِنِّی قَتَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَبَیْنِی وَ بَیْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّی وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ یُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ وَ هَؤُلَاءِ بَنُو عُثْمَانَ إِنْ قُتِلَ مَظْلُوماً كَمَا تَقُولَانِ أَوْلِیَاؤُهُ وَ أَنْتُمَا رَجُلَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ قَدْ بَایَعْتُمَانِی وَ نَقَضْتُمَا بَیْعَتِی وَ أَخْرَجْتُمَا أُمَّكُمَا مِنْ بَیْتِهَا الَّذِی أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَقِرَّ فِیهِ وَ اللَّهُ حَسِیبُكُمَا وَ السَّلَامُ وَ كَتَبَ إِلَی عَائِشَةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ خَرَجْتِ مِنْ بَیْتِكِ عَاصِیَةً لِلَّهِ تَعَالَی وَ لِرَسُولِهِ تَطْلُبِینَ أَمْراً كَانَ عَنْكِ مَوْضُوعاً ثُمَّ تَزْعُمِینَ أَنَّكِ تُرِیدِینَ الْإِصْلَاحَ بَیْنَ النَّاسِ فَخَبِّرِینِی مَا لِلنِّسَاءِ وَ قَوْدِ الْعَسَاكِرِ وَ زَعَمْتِ أَنَّكِ طَالِبَةٌ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ عُثْمَانُ رَجُلٌ مِنْ بَنِی أُمَیَّةَ وَ أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِی تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ وَ لَعَمْرِی إِنَّ الَّذِی عَرَضَكِ لِلْبَلَاءِ وَ حَمَلَكِ عَلَی الْمَعْصِیَةِ لَأَعْظَمُ إِلَیْكِ ذَنْباً مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَ مَا غَضِبْتِ حَتَّی أَغْضَبْتِ وَ لَا هِجْتِ حَتَّی هَیَّجْتِ فَاتَّقِی اللَّهَ یَا عَائِشَةُ وَ ارْجِعِی إِلَی مَنْزِلِكِ وَ أَسْبِلِی عَلَیْكِ سِتْرَكِ وَ السَّلَامُ فَجَاءَ الْجَوَابُ إِلَیْهِ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ جَلَّ الْأَمْرُ عَنِ الْعِتَابِ وَ لَنْ نَدْخُلَ فِی طَاعَتِكَ أَبَداً فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ وَ السَّلَامُ.

«104»-(1)

فر، تفسیر فرات بن إبراهیم الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُعَنْعَناً عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَقُولُ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ.

ص: 127


1- 104- رواه الفرات بن إبراهیم فی الحدیث الأول من تفسیر الآیة (40): من سورة الأعراف من تفسیره ص 45.

«105»-(1)

كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ سَلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ وَ أَبُو عَلِیٍّ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ جَمِیعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ سَلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِیِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیٍّ وَ قَدْ سَمِعْتُهُ عَنْهُ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: بَعَثَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ رَجُلًا مِنْ عَبْدِ الْقَیْسِ یُقَالُ لَهُ خِدَاشٌ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ قَالا لَهُ إِنَّا نَبْعَثُكَ إِلَی رَجُلٍ طَالَمَا كُنَّا نَعْرِفُهُ وَ أَهْلَ بَیْتِهِ بِالسِّحْرِ وَ الْكِهَانَةِ وَ أَنْتَ أَوْثَقُ مَنْ بِحَضْرَتِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مِنْ أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُ وَ أَنْ تُحَاجَّهُ لَنَا حَتَّی تَقِفَهُ [تَفَقَّهَ عَلَی أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ دَعْوًی فَلَا یَكْسِرَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ وَ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِی یَخْدَعُ النَّاسَ بِهَا الطَّعَامُ وَ الشَّرَابُ وَ الْعَسَلُ وَ الدُّهْنُ وَ أَنْ یُخَالِیَ الرَّجُلَ فَلَا تَأْكُلْ لَهُ طَعَاماً وَ لَا تَشْرَبْ لَهُ شَرَاباً وَ لَا تَمَسَّ لَهُ عَسَلًا وَ لَا دُهْناً وَ لَا تَخْلُ مَعَهُ وَ احْذَرْ هَذَا كُلَّهُ مِنْهُ وَ انْطَلِقْ عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَیْتَهُ فَاقْرَأْ آیَةَ السُّخْرَةِ وَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ كَیْدِهِ وَ كَیْدِ الشَّیْطَانِ فَإِذَا جَلَسْتَ إِلَیْهِ فَلَا تُمَكِّنْهُ مِنْ بَصَرِكَ كُلِّهِ وَ لَا تَسْتَأْنِسْ بِهِ ثُمَّ قُلْ لَهُ إِنَّ أَخَوَیْكَ فِی الدِّینِ وَ ابْنَیْ عَمَّیْكَ یُنَاشِدَانِكَ الْقَطِیعَةَ وَ یَقُولَانِ لَكَ أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّا تَرَكْنَا النَّاسَ لَكَ وَ خَالَفْنَا عَشَائِرَنَا فِیكَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله فَلَمَّا نِلْتَ أَدْنَی مَنَالٍ ضَیَّعْتَ حُرْمَتَنَا وَ قَطَعْتَ رَجَاءَنَا ثُمَّ قَدْ رَأَیْتَ أَفْعَالَنَا فِیكَ وَ قُدْرَتَنَا عَلَی النَّأْیِ عَنْكَ وَ سَعَةِ الْبِلَادِ دُونَكَ وَ أَنَّ مَنْ كَانَ یَصْرِفُكَ عَنَّا وَ عَنْ صِلَتِنَا كَانَ أَقَلَّ لَكَ نَفْعاً وَ أَضْعَفَ عَنْكَ دَفْعاً مِنَّا وَ قَدْ وَضَحَ الصُّبْحُ لِذِی عَیْنَیْنِ (2) وَ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ انْتِهَاكٌ لَنَا وَ دُعَاءٌ عَلَیْنَا فَمَا الَّذِی یَحْمِلُكَ عَلَی ذَلِكَ فَقَدْ كُنَّا نَرَی أَنَّكَ أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ أَ تَتَّخِذُ اللَّعْنَ لَنَا دِیناً وَ تَرَی أَنَّ ذَلِكَ یَكْسِرُنَا عَنْكَ

ص: 128


1- 105- رواه ثقة الإسلام الكلینی فی باب: «ما یفصل به بین دعوی المحق و المبطل» من كتاب الحجة من أصول الكافی: ج 1، ص 343.
2- و قد أشار المصنّف فی متن الأصل من ط الكمبانی أن فی بعض نسخ كتاب الكافی: " وقد وضح الحق لذی عینی ".

فَلَمَّا أَتَی خِدَاشٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ صَنَعَ مَا أَمَرَاهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام وَ هُوَ یُنَاجِی نَفْسَهُ ضَحِكَ وَ قَالَ هَاهُنَا یَا أَبَا عَبْدِ قَیْسٍ وَ أَشَارَ لَهُ إِلَی مَجْلِسٍ قَرِیبٍ مِنْهُ فَقَالَ مَا أَوْسَعَ الْمَكَانَ أُرِیدُ أَنْ أُؤَدِّیَ إِلَیْكَ رِسَالَةً قَالَ بَلْ تَطْعَمُ وَ تَشْرَبُ وَ تُخَلِّی ثِیَابَكَ وَ تَدَّهِنُ ثُمَّ تُؤَدِّی رِسَالَتَكَ قُمْ یَا قَنْبَرُ فَأَنْزِلْهُ قَالَ مَا بِی إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا ذَكَرْتَ حَاجَةٌ قَالَ فَأَخْلُو بِكَ قَالَ كُلُّ سِرٍّ لِی عَلَانِیَةٌ قَالَ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِی هُوَ أَقْرَبُ إِلَیْكَ مِنْ نَفْسِكَ الْحَائِلُ بَیْنَكَ وَ بَیْنَ قَلْبِكَ الَّذِی یَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْیُنِ وَ ما تُخْفِی الصُّدُورُ أَ تَقَدَّمَ لَكَ الزُّبَیْرُ بِمَا عَرَضْتُ عَلَیْكَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ لَوْ كَتَمْتَ بَعْدَ مَا سَأَلْتُكَ مَا ارْتَدَّ إِلَیْكَ طَرْفُكَ فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ عَلَّمَكَ كَلَاماً تَقُولُهُ إِذَا أَتَیْتَنِی قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام آیَةَ السُّخْرَةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاقْرَأْهَا فَقَرَأَهَا وَ جَعَلَ عَلِیٌّ علیه السلام یُكَرِّرُهَا عَلَیْهِ وَ یُرَدِّدُهَا وَ یَفْتَحُ عَلَیْهِ إِذَا أَخْطَأَ حَتَّی إِذَا قَرَأَهَا سَبْعِینَ مَرَّةً قَالَ الرَّجُلُ مَا یَرَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام أَمْرَهُ بِتَرَدُّدِهَا سَبْعِینَ مَرَّةً قَالَ لَهُ أَ تَجِدُ قَلْبَكَ اطْمَأَنَّ قَالَ إِی وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ قَالَ فَمَا قَالا لَكَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ قُلْ لَهُمَا كَفَی بِمَنْطِقِكُمَا حُجَّةً عَلَیْكُمَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ* زَعَمْتُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَایَ فِی الدِّینِ وَ ابْنَا عَمِّی فِی النَّسَبِ أَمَّا النَّسَبُ فَلَا أُنْكِرُهُ وَ إِنْ كَانَ النَّسَبُ مَقْطُوعاً إِلَّا مَا وَصَلَهُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا إِنَّكُمَا أَخَوَایَ فَإِنْ كُنْتُمَا صَادِقَیْنِ فَقَدْ فَارَقْتُمَا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ عَصَیْتُمَا أَمْرَهُ بِأَفْعَالِكُمَا فِی أَخِیكُمَا فِی الدِّینِ وَ إِلَّا فَقَدْ كَذَبْتُمَا وَ افْتَرَیْتُمَا بِادِّعَائِكُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَایَ فِی الدِّینِ وَ أَمَّا مُفَارَقَتُكُمَا النَّاسَ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ مُحَمَّداً فَإِنْ كُنْتُمَا فَارَقْتُمَاهُمْ بِحَقٍّ فَقَدْ نَقَضْتُمَا ذَلِكَ الْحَقَّ بِفِرَاقِكُمَا إِیَّایَ أَخِیراً وَ إِنْ فَارَقْتُمَاهُمْ بِبَاطِلٍ فَقَدْ وَقَعَ إِثْمُ ذَلِكَ الْبَاطِلِ عَلَیْكُمَا مَعَ الْحَدَثِ الَّذِی أَحْدَثْتُمَا مَعَ أَنَّ صَفْقَتَكُمَا بِمُفَارَقَتِكُمَا النَّاسَ لَمْ یَكُنْ إِلَّا لِطَمَعِ الدُّنْیَا زَعَمْتُمَا وَ ذَلِكَ قَوْلُكُمَا قَطَعْتَ رَجَاءَنَا لَا تَعِیبَانِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَیَّ مِنْ دِینِی شَیْئاً

ص: 129

وَ أَمَّا الَّذِی صَرَفَنِی عَنْ صِلَتِكُمَا فَالَّذِی صَرَفَكُمَا عَنِ الْحَقِّ وَ حَمَلَكُمَا عَلَی خَلْعِهِ مِنْ رِقَابِكُمَا كَمَا یَخْلَعُ الْحَرُونُ لِجَامَهُ وَ هُوَ اللَّهُ رَبِّی لَا أُشْرِكُ بِهِ شَیْئاً فَلَا تَقُولَا هُوَ أَقَلُّ نَفْعاً وَ أَضْعَفُ دَفْعاً فَتَسْتَحِقَّا اسْمَ الشِّرْكِ مَعَ النِّفَاقِ وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا إِنِّی أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ وَ هَرَبُكُمَا مِنْ لَعْنِی وَ دُعَائِی فَإِنَّ لِكُلِّ مَوْقِفٍ عَمَلًا إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ وَ مَاجَتْ لُبُودُ الْخَیْلِ وَ مَلَأَ سَحْرَاكُمَا أَجْوَافَكُمَا فَثَمَّ یَكْفِینِیَ اللَّهُ بِكَمَالِ الْقَلْبِ وَ أَمَّا إِذَا أَبَیْتُمَا بِأَنِّی أَدْعُو اللَّهَ فَلَا تَجْزَعَا مِنْ أَنْ یَدْعُوَ عَلَیْكُمَا رَجُلٌ سَاحِرٌ مِنْ قَوْمٍ سَحَرَةٍ زَعَمْتُمَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَقْعِصِ الزُّبَیْرَ شَرَّ قِتْلَةٍ وَ اسْفِكْ دَمَهُ عَلَی ضَلَالَةٍ وَ عَرِّفْ طَلْحَةَ الْمَذَلَّةَ وَ ادَّخِرْ لَهُمَا فِی الْآخِرَةِ شَرّاً مِنْ ذَلِكَ إِنْ كَانَا ظَلَمَانِی وَ افْتَرَیَا عَلَیَّ وَ كَتَمَا شَهَادَتَهُمَا وَ عَصَیَانِی وَ عَصَیَا رَسُولَكَ فِیَّ قُلْ آمِینَ قَالَ خِدَاشٌ آمِینَ ثُمَّ قَالَ خِدَاشٌ لِنَفْسِهِ وَ اللَّهِ مَا رَأَیْتُ لِحْیَةً قَطُّ أَبْیَنَ خَطَأً مِنْكَ حَامِلَ حُجَّةٍ یَنْقُضُ بَعْضُهَا بَعْضاً لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهَا سَمَاكاً أَنَا أَبْرَأُ إِلَی اللَّهِ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام ارْجِعْ إِلَیْهِمَا وَ أَعْلِمْهُمَا مَا قُلْتُ قَالَ لَا وَ اللَّهِ حَتَّی تَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ یَرُدَّنِی إِلَیْكَ عَاجِلًا وَ أَنْ یُوَفِّقَنِی لِرِضَاهُ فِیكَ فَفَعَلَ فَلَمْ یَلْبَثْ أَنِ انْصَرَفَ وَ قُتِلَ مَعَهُ یَوْمَ الْجَمَلِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

توضیح:

خداش بكسر الخاء و تخفیف الدال و قول من أنفسنا بیان لمن أی من الذین هم منا و فی بعض النسخ فی أنفسنا و هو أظهر و قوله من أن تمتنع متعلق بقوله أوثق و من تعلیلیة و أن تحاجه معطوف علی أن تمتنع حتی تَفَقَّهَ أی تتفقه بحذف إحدی التاءین و تضمین معنی الاطلاع و الأظهر تَقِفه من وقفته بمعنی أطلعته و أن یخالی الرجل أی یخلو به فلا تمكنه من بصرك أی لا تنظر إلیه كثیرا و إنما نهیاه عن ذلك لئلا

ص: 130

یری محاسن أخلاقه و آدابه فیمیل إلی الحق و ابنی عمك إنما قالا ذلك لكونهما من قریش یناشدانك القطیعة أی یقسمان علیك أن لا تقطع الرحم فلما نلت أدنی منال أی أصبت أدنی مقدرة و جاه أ تتخذ اللعن لنا دینا غرضهما أن اللعن دأب العاجزین و كنا نظن أنك أشجع الفرسان و تخلی ثیابك أی من القمل و الأدناس و فی بعض النسخ و تحل و لعله أظهر الحائل بینك و بین قلبك أی یعلم من قلبك ما تغفل عنه أو هو أملك لقلبك منك و خائنة الأعین نظرها إلی ما لا ینبغی و مسارقة النظر و تحریك الجفون للغمز و نحوه ما ارتد إلیك طرفك كنایة عن الموت قال الرجل أی فی نفسه متعجبا من أمره بتكریره الآیة و كان ذلك لرفع سحرهما و شبههما عن قلبه و تنویر قلبه بالإیمان مع الحدث الذی أحدثتما أی من إبراز زوجة النبی صلی اللّٰه علیه و آله من بیتها و إحداث الفتنة بین المسلمین.

أو المعنی أنكم تعلمون أنی علی الحق و أن ما أردتم بی باطل فلزمكم الإثم من جهتین متناقضتین.

أو المراد نصرتهما له مع علمهما بكونه علی الباطل و لعل الأول أظهر زعمتما أی أنكما تصیبانها.

و قال الجوهری فرس حرون لا ینقاد و إذا اشتد به الجری وقف.

و هُوَ اللَّهُ رَبِّی أی الذی صرفنی عن صلتكما هو اللّٰه تعالی فلا تقولا هو أقل نفعا و أضعف دفعا فتكفرا.

أو صارفهما عن الحق أیضا هو اللّٰه مجازا لسلب توفیقه عنهما.

أو المراد أن صارفی عن الصلة هو سوء عقیدتكم و سریرتكم الذی حملكم علی نقض البیعة و الصارف عن الصلة حقیقة هو اللّٰه تعالی لأنه نهی عن صلة الكافرین.

و قیل الضمیر للشأن و لا یخفی ما فیه و هربكما فی بعض النسخ و هزؤكما و هو أظهر و اللبود جمع اللبد و هو الشعر المتراكم بین كتفی الفرس.

ص: 131

و السحر بالضم و التحریك الرئة و یقال للجبان قد انتفخ سَحْرُهُ ذكره الجوهری و قال ضربه فأقعصه أی قتله مكانه ما رأیت لحیة أی ذا لحیة أو المراد بقوله منك من لحیتك.

«106»-(1)

كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: لَمَّا خَرَجَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یُرِیدُ الْبَصْرَةَ نَزَلَ بِالرَّبَذَةِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ مُحَارِبٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی تَحَمَّلْتُ فِی قَوْمِی حَمَالَةً وَ إِنِّی سَأَلْتُ فِی طَوَائِفَ مِنْهُمُ الْمُوَاسَاةَ وَ الْمَعُونَةَ فَسَبَقَتْ إِلَیَّ أَلْسِنَتُهُمْ بِالنَّكَدِ فَمُرْهُمْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ بِمَعُونَتِی وَ حُثَّهُمْ عَلَی مُوَاسَاتِی فَقَالَ أَیْنَ هُمْ فَقَالَ هَؤُلَاءِ فَرِیقٌ مِنْهُمْ حَیْثُ تَرَی قَالَ فَنَصَّ رَاحِلَتَهُ فَادَّلَّفَتْ كَأَنَّهَا ظَلِیمٌ فَأَدْلَفَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فِی طَلَبِهَا فَلَأْیاً بِلَأْیٍ مَا لُحِقَتْ فَانْتَهَی إِلَی الْقَوْمِ فَسَلَّمَ عَلَیْهِمْ وَ سَأَلَهُمْ مَا یَمْنَعُهُمْ مِنْ مُوَاسَاةِ صَاحِبِهِمْ فَشَكَوْهُ وَ شَكَاهُمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَصَلَ امْرُؤٌ عَشِیرَتَهُ فَإِنَّهُمْ أَوْلَی بِبِرِّهِ وَ ذَاتِ یَدِهِ وَ وَصَلَتِ الْعَشِیرَةُ أَخَاهَا إِنْ عَثَرَ بِهِ دَهْرٌ وَ أَدْبَرَتْ عَنْهُ دُنْیَا فَإِنَّ الْمُتَوَاصِلِینَ الْمُتَبَاذِلِینَ مَأْجُورُونَ وَ إِنَّ الْمُتَقَاطِعِینَ الْمُتَدَابِرِینَ مَوْزُورُونَ قَالَ ثُمَّ بَعَثَ رَاحِلَتَهُ وَ قَالَ حَلْ [خَلِ .

بیان:

الربذة قریة معروفة قرب المدینة و محارب اسم قبیلة و الحمالة بالفتح ما یتحمله الإنسان من غیره من دیة أو غرامة و النكد الشدة و العسر و نص راحلته استخرج أقصی ما عندها من السیر ذكره الجوهری و قال

ص: 132


1- 106- رواه ثقة الإسلام الكلینی فی الحدیث: (18) من باب صلة الرحم من كتاب الإیمان و الكفر: ج 2 ص 153.

الدلف المشی الروید یقال دلف الشی ء إذا مشی و قارب الخطو و دلفت الكتیبة فی الحرب إذا تقدمت.

و قال الفیروزآبادی فی القاموس اندلف علی انصب و تدلف إلیه تمشی و دنا انتهی.

و المراد هنا الركض و التقدم و الظلیم ذكر النعامة و الضمیر فی طلبها راجع إلی الراحلة.

و قال الجوهری یقال فعل كذا بعد لأی أی بعد شدة و إبطاء و لآی لأیا أی أبطأ.

و قال فی النهایة فی حدیث أم أیمن فبلأی ما استغفر لهم أی بعد مشقة و جهد و إبطاء انتهی.

و ما زائدة للإبهام و المبالغة أی فلحقت راحلة بعض الأصحاب راحلته علیه السلام بعد إبطاء مع إبطاء و شدة فلأیا إما حال أو مفعول مطلق من غیر اللفظ و یمكن أن یقرأ لحقت علی بناء المفعول وصل امرؤ أمر فی صورة الخبر و النكرة للعموم كقولهم أنجز حر ما وعد و ذات یده أی ما فی یده من الأموال و قال حَل بالحاء المهملة و تخفیف اللام و هو زجر للناقة كما ذكره الجوهری و فی بعض النسخ بالخاء المعجمة و تشدید اللام فكان الرجل كان آخذا بزمام الناقة أو بغرزها فلما فرغ أمیر المؤمنین من وعظهم قال للرجل خَلِّ سبیل الناقة.

«107»-(1)

كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ عَنِ ابْنِ یَزِیدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَقَبِیِّ رَفَعَهُ قَالَ: خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ

ص: 133


1- 107- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (26) من كتاب الروضة من الكافی: ج 2 ص 69.

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ آدَمَ لَمْ یَلِدْ عَبْداً وَ لَا أَمَةً وَ إِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَحْرَارٌ وَ لَكِنَّ اللَّهَ خَوَّلَ بَعْضَكُمْ بَعْضاً فَمَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ فَصَبَرَ فِی الْخَیْرِ فَلَا یَمُنَّ بِهِ عَلَی اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ أَلَا وَ قَدْ حَضَرَ شَیْ ءٌ وَ نَحْنُ مُسَوُّونَ فِیهِ بَیْنَ الْأَسْوَدِ وَ الْأَحْمَرِ فَقَالَ مَرْوَانُ لِطَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مَا أَرَادَ بِهَذَا غَیْرَكُمَا قَالَ فَأَعْطَی كُلَّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ وَ أَعْطَی رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ وَ جَاءَ بَعْدَهُ غُلَامٌ أَسْوَدُ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِیرَ فَقَالَ الْأَنْصَارِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ هَذَا غُلَامٌ أَعْتَقْتُهُ بِالْأَمْسِ تَجْعَلُنِی وَ إِیَّاهُ سَوَاءً فَقَالَ إِنِّی نَظَرْتُ فِی كِتَابِ اللَّهِ فَلَمْ أَجِدْ لِوُلْدِ إِسْمَاعِیلَ عَلَی وُلْدِ إِسْحَاقَ فَضْلًا.

«1»-108 (1)

مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ إِلَی مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْهُ عَنْ أَبِیهِ عَنْ وَكِیعٍ عَنْ سُفْیَانَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِیهِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام قَالَ حَدَّثَنِی ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِی عَلِیٌّ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ یَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ فَقُلْتُ لَهُمَا إِنَّ أَخَاكُمَا یُقْرِئُكُمَا السَّلَامَ وَ یَقُولُ لَكُمَا هَلْ وَجَدْتُمَا عَلَیَّ حَیْفاً فِی حُكْمٍ أَوْ فِی اسْتِئْثَارٍ فِی فَیْ ءٍ أَوْ فِی كَذَا قَالَ فَقَالَ الزُّبَیْرُ لَا وَ لَا فِی وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَ لَكِنْ مَعَ الْخَوْفِ شِدَّةُ الْمَطَامِعِ.

«109»-(2)

مد، العمدة مِنَ الْجَمْعِ بَیْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ لِرَزِینٍ الْعَبْدَرِیِّ مِنْ مُوَطَّإِ

ص: 134


1- 108- رواه العلامة یحیی بن الحسن المعروف بابن البطریق فی الحدیث الأول من الفصل:[٣٦] من كتاب العمدة ص ١٦١. وهذا هو الحدیث (١٣٧) من فضائل أمیر المؤمنین من كتاب الفضائل - تألیف أحمد بن حنبل - ص ٩١ ط ١، وكان فی نسختی من البحار، وكتاب العمدة تصحیفات صححناها علیه. وللحدیث مصادر أخر یجد الباحث بعضها فی تعلیق المختار: (٩٨) من نهج السعادة: ج ١ ص ٣١٧ ط ٢، وتعلیق الحدیث: (١٣٧) من فضائل علی علیه السلام من كتاب الفضائل ص ٩١ ط ١.
2- 109- رواه یحیی بن الحسن فی أواخر الفصل الأخیر من كتاب العمدة ص 244.

مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِی وَائِلٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو وَائِلٍ وَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَی عَمَّارٍ حِینَ بَعَثَهُ عَلِیٌّ مَعَ الْحَسَنِ ابْنِهِ إِلَی الْكُوفَةِ یَسْتَنْفِرُهُمْ فَقَالا لَهُ مَا رَأَیْنَاكَ أَتَیْتَ أَمْراً أَكْرَهَ عِنْدَنَا مِنْ إِسْرَاعِكَ فِی هَذَا الْأَمْرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ فَقَالَ لَهُمَا عَمَّارٌ مَا رَأَیْتُ مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْراً أَكْرَهَ عِنْدِی مِنْ إِبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ كَسَاهُمَا ابْنُ مَسْعُودٍ حُلَّةً حُلَّةً.

«110»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا أُشِیرُ عَلَیْهِ بِأَنْ لَا یَتْبَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ لَا یَرْصُدَ [یُصْدِرَ] لَهُمَا الْقِتَالَ وَ اللَّهِ لَا أَكُونُ كَالضَّبُعِ تَنَامُ عَلَی طُولِ اللَّدْمِ حَتَّی یَصِلَ إِلَیْهَا طَالِبُهَا وَ یَخْتِلَهَا رَاصِدُهَا وَ لَكِنْ أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَی الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْهُ وَ بِالسَّامِعِ الْمُطِیعِ الْعَاصِیَ الْمُرِیبَ أَبَداً حَتَّی یَأْتِیَ عَلَیَّ یَوْمِی فَوَ اللَّهِ مَا زِلْتُ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّی مُسْتَأْثَراً عَلَیَّ مُنْذُ قَبَضَ اللَّهُ نَبِیَّهُ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی یَوْمِ النَّاسِ هَذَا.

بیان: اللدم علی زنة اللطم و الشتم صوت الحجر أو العصاء أو غیرهما یضرب بها الأرض ضربا لیس بشدید یحكی أن الضبع یستغفل فی جحرها بمثل ذلك فیسكن حتی یصاد و یضرب بها المثل فی الحمق.

«111»-(2)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كِتَابٍ لَهُ علیه السلام إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ مَعَ عِمْرَانَ بْنِ الْحَصِینِ الْخُزَاعِیِّ ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْإِسْكَافِیُّ فِی كِتَابِ الْمَقَامَاتِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وَ إِنْ كَتَمْتُمَا أَنِّی لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّی أَرَادُونِی وَ لَمْ أُبَایِعْهُمْ حَتَّی بَایَعُونِی وَ إِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِی وَ بَایَعَنِی وَ إِنَّ الْعَامَّةَ لَمْ تُبَایِعْنِی لِسُلْطَانٍ غَاصِبٍ

ص: 135


1- 110- رواه السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (6) من نهج البلاغة.
2- 111- رواها السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (52) من باب الكتب من نهج البلاغة.

وَ لَا لِحِرْصٍ حَاضِرٍ (1) فَإِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَانِی طَائِعَیْنِ فَارْجِعَا وَ تُوبَا إِلَی اللَّهِ مِنْ قَرِیبٍ وَ إِنْ كُنْتُمَا بَایَعْتُمَانِی كَارِهَیْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِی عَلَیْكُمَا السَّبِیلَ بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وَ إِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِیَةَ وَ لَعَمْرِی مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِینَ بِالتَّقِیَّةِ وَ الْكِتْمَانِ وَ إِنَّ دَفْعَكُمَا هَذَا الْأَمْرَ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَا فِیهِ كَانَ أَوْسَعَ عَلَیْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ وَ قَدْ زَعَمْتُمَا أَنِّی قَتَلْتُ عُثْمَانَ فَبَیْنِی وَ بَیْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّی وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ ثُمَّ یُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ فَارْجِعَا أَیُّهَا الشَّیْخَانِ عَنْ رَأْیِكُمَا فَإِنَّ الْآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَجْتَمِعَ الْعَارُ وَ النَّارُ وَ السَّلَامُ.

بیان: قوله علیه السلام من قبل متعلق بقوله فارجعا.

«112»-(2)

أَقُولُ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ قَالَ كُلُّ مَنْ صَنَّفَ مِنْ أَهْلِ السِّیَرِ وَ الْأَخْبَارِ إِنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَی عُثْمَانَ حَتَّی إِنَّهَا أَخْرَجَتْ ثَوْباً مِنْ ثِیَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَنَصَبَتْهُ فِی مَنْزِلِهَا وَ كَانَتْ تَقُولُ لِلدَّاخِلِینَ إِلَیْهَا هَذَا ثَوْبُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَمْ یَبْلَ وَ عُثْمَانُ قَدْ أَبْلَی سُنَّتَهُ وَ قَالُوا أَوَّلُ مَنْ سَمَّی عُثْمَانَ نَعْثَلًا عَائِشَةُ و النعثل الكثیر شعر اللحیة و الجسد وَ كَانَتْ تَقُولُ اقْتُلُوا نَعْثَلًا قَتَلَ اللَّهُ نَعْثَلًا

ص: 136


1- كذا فی أصلی من طبع الكمبانی من كتاب البحار، و فی النسخ الموجودة عندی من نهج البلاغة: «لسلطان غالب، و لا لعرض حاضر ...».
2- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: (79) و هو كلامه علیه السلام فی ذمّ النساء من نهج البلاغة: ج 2 ص 407 ط الحدیث ببیروت، و قد لخص المصنّف روایة ابن أبی الحدید.

وَ رَوَی الْمَدَائِنِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ قَالَ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ كَانَتْ عَائِشَةُ بِمَكَّةَ وَ بَلَغَ قَتْلُهُ إِلَیْهَا وَ هِیَ بِشَرَافِ فَلَمْ تَشُكَّ فِی أَنَّ طَلْحَةَ صَاحِبُ الْأَمْرِ وَ قَالَتْ بُعْداً لِنَعْثَلٍ وَ سُحْقاً إِیهِ ذَا الْإِصْبَعِ إِیهِ أَبَا شِبْلٍ إِیهِ یَا ابْنَ عَمِّ لَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَی إِصْبَعِهِ وَ هُوَ یُبَایِعُ لَهُ حَنُّوهَا لَا بَلْ وَ ذَعْذَعُوهَا- (1) قَالَ وَ قَدْ كَانَ طَلْحَةُ حِینَ قُتِلَ عُثْمَانُ أَخَذَ مَفَاتِیحَ بَیْتِ الْمَالِ وَ أَخَذَ نَجَائِبَ كَانَتْ لِعُثْمَانَ فِی دَارِهِ ثُمَّ فَسَدَ أَمْرُهُ فَدَفَعَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ فِی كِتَابِهِ إِنَّ عَائِشَةَ لَمَّا بَلَغَهَا قَتْلُ عُثْمَانَ وَ هِیَ بِمَكَّةَ أَقْبَلَتْ مُسْرِعَةً وَ هِیَ تَقُولُ إِیهِ ذَا الْإِصْبَعِ لِلَّهِ أَبُوكَ أَمَا إِنَّهُمْ وَجَدُوا طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ لَهَا كُفْواً فَلَمَّا انْتَهَتْ إِلَی شَرَافِ اسْتَقْبَلَهَا عُبَیْدُ بْنُ أَبِی سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهُ مَا عِنْدَكَ قَالَ قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَتْ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ ثُمَّ جَارَتْ بِهِمُ الْأُمُورُ إِلَی خَیْرِ مَجَارٍ بَایَعُوا عَلِیّاً فَقَالَتْ لَوَدِدْتُ أَنَّ السَّمَاءَ انْطَبَقَتْ عَلَی الْأَرْضِ إِنْ تَمَّ هَذَا انْظُرْ مَا تَقُولُ قَالَ هُوَ مَا قُلْتُ لَكِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فَوَلْوَلَتْ فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا أَعْرِفُ بَیْنَ لَابَتَیْهَا أَحَداً أَوْلَی بِهَا مِنْهُ وَ لَا أَحَقَّ وَ لَا أَرَی لَهُ نَظِیراً فِی جَمِیعِ حَالاتِهِ فَلِمَاذَا تَكْرَهِینَ وِلَایَتَهُ قَالَ فَمَا رَدَّتْ جَوَاباً

و فی روایة قیس بن أبی حازم ثم ردت ركائبها إلی مكة فرأیتها فی مسیرها تخاطب نفسها قتلوا ابن عفان مظلوما فقلت لها یا أم المؤمنین أ لم أسمعك آنفا تقولین أبعده اللّٰه و قد رأیتك قبل أشد الناس علیه و أقبحهم فیه قولا فقالت لقد كان ذلك و لكنی نظرت فی أمره فرأیتهم استتابوه حتی إذا تركوه كالفضة البیضاء أتوه صائما محرما فی شهر حرام فقتلوه قال و كتب طلحة و الزبیر إلی عائشة و هی بمكة كتابا أن خذّلی الناس عن

ص: 137


1- كذا فی المطبوع من البحار، و فی شرح النهج: ج 2 ص 408 ط بیروت: «حثوها لابل و دعدعوها». و سیأتی تفسیره من المصنّف فی آخر الحدیث ص 422.

بیعة علی و أظهری الطلب بدم عثمان و حملا الكتاب مع ابن أختها عبد اللّٰه بن الزبیر فلما قرأت الكتاب كاشفت و أظهرت الطلب بدم عثمان قال و لما عزمت عائشة علی الخروج إلی البصرة طلبوا لها بعیرا أیدا یحمل هودجها فجاءهم یعلی بن أمیة [منیة] (1) ببعیر یسمی عسكرا و كان عظیم الخلق شدیدا فلما رأته أعجبها و أنشأ الجمال یحدثها بقوته و شدته و یقول فی أثناء كلامه عسكر فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت و قالت ردوه لا حاجة لی فیه و ذكرت حیث سئلت أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله ذكر لها هذا الاسم و نهاها عن ركوبه و أمرت أن یطلب لها غیره فلم یوجد لها ما یشبهه فغیر لها بجلال غیر جلاله و قیل لها قد أصبنا لك أعظم منه خلقا و أشد منه قوة و أتیت به فرضیت:

قال أبو مخنف: و أرسلت إلی حفصة تسألها الخروج و المسیر معها فبلغ ذلك عبد اللّٰه بن عمر فأتی أخته فعزم علیها فأقامت و حطت الرحال بعد ما همت و كتب الأشتر من المدینة إلی عائشة و هی بمكة أما بعد فإنك ظعینة رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قد أمرك أن تقری فی بیتك فإن فعلت فهو خیر لك و إن أبیت إلا أن تأخذی منسأتك و تلقی جلبابك و تبدی للناس شعیراتك قاتلتك حتی أردك إلی بیتك و الموضع الذی یرضاه لك ربك فكتبت إلیه فی الجواب أما بعد فإنك أول العرب شب الفتنة و دعا إلی الفرقة و خالف الأئمة و سعی فی قتل الخلیفة و قد علمت أنك لن تعجز اللّٰه حتی یصیبك منه بنقمة ینتصر بها منك للخلیفة المظلوم و قد جاءنی كتابك

ص: 138


1- منیة اسم أمه و أمیّة أبوه و هو- علی ما فی مناقب یعلی من كتاب المستدرك: ج 3 ص 423 نقلا عن مصعب الزبیری- أمیة بن أبی عبید بن همام بن الحارث بن بكر.

و فهمت ما فیه و سنكفیك و كل من أصبح مماثلا لك فی غیك و ضلالك إن شاء اللّٰه:

قال أبو مخنف: لما انتهت عائشة فی مسیرها إلی الحوأب و هو ماء لبنی عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتی نفرت صعاب إبلها فقال قائل من أصحابها أ لا ترون ما أكثر كلاب الحوأب و ما أشد نباحها فأمسكت زمام بعیرها و قالت و إنها لكلاب الحوأب ردونی ردونی فإنی سمعت رسول اللّٰه یقول و ذكرت الخبر فقال لها قائل مهلا یرحمك اللّٰه فقد جزنا ماء الحوأب فقالت فهل من شاهد فلفقوا لها خمسین أعرابیا جعلوا لهم جعلا فحلفوا لها أن هذا لیس بماء الحوأب فسارت لوجهها و لما انتهوا إلی حفر أبی موسی قریبا من البصرة أرسل عثمان بن حنیف و هو یومئذ عامل علی علیه السلام علی البصرة إلی القوم أبا الأسود الدؤلی یعلم له علمهم فجاء حتی دخل علی عائشة فسألها عن مسیرها فقالت أطلب بدم عثمان قال إنه لیس بالبصرة من قتلة عثمان أحد قالت صدقت و لكنهم مع علی بن أبی طالب بالمدینة و جئت أستنهض أهل البصرة لقتاله أ نغضب لكم من سوط عثمان و لا نغضب لعثمان من سیوفكم فقال لها ما أنت من السوط و السیف إنما أنت حبیس رسول اللّٰه أمرك أن تقری فی بیتك و تتلی كتاب ربك لیس علی النساء قتال و لا لهن الطلب بالدماء و إن علیا لأولی بعثمان منك و أمس رحما فإنهما ابنا عبد مناف فقالت لست بمنصرفة حتی أمضی لما قدمت له أ فتظن یا أبا الأسود أن أحدا یقدم علی قتالی فقال أما و اللّٰه لتقاتلن قتالا أهونه الشدید ثم قام فأتی الزبیر فقال یا أبا عبد اللّٰه عهد الناس بك و أنت یوم بویع أبو بكر آخذ بقائم سیفك تقول لا أحد أولی بهذا الأمر من ابن أبی طالب و أین هذا المقام من ذاك فذكر له دم عثمان قال أنت و صاحبك ولیتماه فیما بلغناه قال فانطلق إلی طلحة فاسمع ما یقول فذهب إلی طلحة فوجده

ص: 139

مصرا علی الحرب و الفتنة فرجع إلی عثمان بن حنیف فقال إنها الحرب فتأهب لها قال و لما نزل علی علیه السلام البصرة كتبت عائشة إلی زید بن صوحان العبدی من عائشة بنت أبی بكر الصدیق زوج النبی إلی ابنها الخالص زید بن صوحان أما بعد فأقم فی بیتك و خذل عن علی و لیبلغنی عنك ما أحب فإنك أوثق أهلی عندی و السلام فكتب إلیها من زید بن صوحان إلی عائشة بنت أبی بكر أما بعد فإن اللّٰه أمرك بأمر و أمرنا بأمر أمرك أن تقری فی بیتك و أمرنا أن نجاهد و قد أتانی كتابك فأمرتنی أن أصنع خلاف ما أمرنی اللّٰه فأكون قد صنعت ما أمرك اللّٰه به و صنعت ما أمرنی اللّٰه به فأمرك عندی غیر مطاع و كتابك غیر مجاب و السلام.

بیان: حنوها أی جعلوا إصبعه منحنیة للبیعة لا بل و ذعذعوها أی كسروها و بددوها لهجومهم علی البیعة و الظعینة الامرأة فی الهودج و المنسأة العصا تهمز و لا تهمز.

«113»-(1)

الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ إِسْحَاقَ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَیْنِ الْخُزَاعِیَّ وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَبَعَثَهُ وَ بَعَثَ مَعَهُ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِیَّ إِلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ فَقَالَ انْطَلِقَا فَاعْلَمَا مَا أَقْدَمَ عَلَیْنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَ مَا یُرِیدُونَ قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ فَدَخَلْنَا عَلَی عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَیْنِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَقْدَمَكِ بَلَدَنَا وَ لِمَ تَرَكْتِ بَیْتَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِی فَارَقَكِ فِیهِ وَ قَدْ أَمَرَكِ

ص: 140


1- 113- 115- قد بخل و تولی أصحاب الثروة و المكنة عن السعی وراء تكثیر نسخة هذا الكتاب و نشره و ما ظفرت به بعد.

أَنْ تَقِرِّی فِی بَیْتِكِ وَ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّكِ إِنَّمَا أَصَبْتِ الْفَضِیلَةَ وَ الْكَرَامَةَ وَ الشَّرَفَ وَ سُمِّیتِ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ ضُرِبَ عَلَیْكِ الْحِجَابُ بِبَنِی هَاشِمٍ فَهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ عَلَیْكِ مِنَّةً وَ أَحْسَنُهُمْ عِنْدَكِ یَداً وَ لَسْتِ مِنِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِی شَیْ ءٍ لَوْ لَا لَكِ مِنَ الْأَمْرِ شَیْ ءٌ وَ عَلِیٌّ أَوْلَی بِدَمِ عُثْمَانَ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ احْفَظِی قَرَابَتَهُ وَ سَابِقَتَهُ فَقَدْ عَلِمْتِ أَنَّ النَّاسَ بَایَعُوا أَبَاكِ فَمَا أَظْهَرَ عَلَیْهِ خِلَافاً وَ بَایَعَ أَبُوكِ عُمَرَ وَ جَعَلَ الْأَمْرَ لَهُ دُونَهُ فَصَبَرَ وَ سَلَّمَ وَ لَمْ یَزَلْ بِهِمَا بَرّاً ثُمَّ كَانَ مِنْ أَمْرِكِ وَ أَمْرِ النَّاسِ وَ عُثْمَانَ مَا قَدْ عَلِمْتِ ثُمَّ بَایَعْتُمْ عَلِیّاً علیه السلام فَغِبْنَا عَنْكُمْ فَأَتَتْنَا رُسُلُكُمْ بِالْبَیْعَةِ فَبَایَعْنَا وَ سَلَّمْنَا فَلَمَّا قَضَی كَلَامُهُ قَالَتْ عَائِشَةُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ لَقِیتَ أَخَاكَ أَبَا مُحَمَّدٍ یَعْنِی طَلْحَةَ فَقَالَ لَهَا مَا لَقِیتُهُ بَعْدُ وَ مَا كُنْتُ لِآتِیَ أَحَداً وَ لَا أَبْدَأَ بِهِ قَبْلَكِ قَالَتْ فَأْتِهِ فَانْظُرْ مَا ذَا یَقُولُ قَالَ فَأَتَیْنَاهُ فَكَلَّمَهُ عِمْرَانُ فَلَمْ یَجِدْ عِنْدَهُ شَیْئاً مِمَّا یُحِبُّ فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَیْنَا الزُّبَیْرَ وَ هُوَ مُتَّكِئٌ وَ قَدْ بَلَغَهُ كَلَامُ عِمْرَانَ وَ مَا قَالَ لِعَائِشَةَ فَلَمَّا رَآنَا قَعَدَ وَ قَالَ أَ یَحْسَبُ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ أَنَّهُ حِینَ مَلَكَ لَیْسَ لِأَحَدٍ مَعَهُ أَمْرٌ فَلَمَّا رَأَی ذَلِكَ عِمْرَانُ لَمْ یُكَلِّمْهُ فَأَتَی عِمْرَانُ عُثْمَانَ فَأَخْبَرَهُ.

«114»-وَ عَنْ أسوس [أَشْرَسَ] الْعَبْدِیِّ عَنْ عَبْدِ الْجَلِیلِ بْنِ إِبْرَاهِیمَ إِنَّ الْأَحْنَفَ بْنَ قَیْسٍ أَقْبَلَ حِینَ نَزَلَتْ عَائِشَةُ أَوَّلَ مَرْحَلَةٍ مِنَ الْبَصْرَةِ فَدَخَلَ عَلَیْهَا فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا الَّذِی أَقْدَمَكِ وَ مَا أَشْخَصَكِ وَ مَا تُرِیدِینَ قَالَتْ یَا أَحْنَفُ قَتَلُوا عُثْمَانَ فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ مَرَرْتُ بِكِ عَامَ أَوَّلَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنَا أُرِیدُ مَكَّةَ وَ قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ وَ رُمِیَ بِالْحِجَارَةِ وَ حِیلَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ فَقُلْتُ لَكِ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ اعْلَمِی أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَقْتُولٌ وَ لَوْ شِئْتِ لَتَرُدِّینَ عَنْهُ وَ قُلْتُ فَإِنْ قُتِلَ فَإِلَی مَنْ فَقُلْتِ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ قَالَتْ یَا أَحْنَفُ صَفُّوهُ حَتَّی إِذَا جَعَلُوهُ مِثْلَ الزُّجَاجَةِ قَتَلُوهُ فَقَالَ لَهَا أَقْبَلُ قَوْلَكِ فِی الرِّضَا وَ لَا أَقْبَلُ قَوْلَكِ فِی الْغَضَبِ

ص: 141

ثُمَّ أَتَی طَلْحَةَ فَقَالَ یَا أَبَا مُحَمَّدٍ مَا الَّذِی أَقْدَمَكَ وَ مَا الَّذِی أَشْخَصَكَ وَ مَا تُرِیدُ فَقَالَ قَتَلُوا عُثْمَانَ قَالَ مَرَرْتُ بِكَ عَاماً أَوَّلَ بِالْمَدِینَةِ وَ أَنَا أُرِیدُ الْعُمْرَةَ وَ قَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ وَ رُمِیَ بِالْحِجَارَةِ وَ حِیلَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ الْمَاءِ فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله لَوْ تَشَاءُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَنْهُ فَعَلْتُمْ فَقُلْتَ دَبِّرْ فَأُدَبِّرُ فَقُلْتُ لَكَ فَإِنْ قُتِلَ فَإِلَی مَنْ فَقُلْتَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ مَا كُنَّا نَرَی أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ یَرَی أَنْ یَأْكُلَ الْأَمْرَ وَحْدَهُ.

«115»-وَ عَنْ حَرِیزِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِی سَلَمَةَ عَنْ أَبِی نَضْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ضُبَیْعَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ نَزَلَا طَاحِیَةَ رَكِبْتُ فَرَسِی فَأَتَیْتُهُمَا فَقُلْتُ لَهُمَا إِنَّكُمَا رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنَا أُصَدِّقُكُمَا وَ أَثِقُ بِكُمَا خَبِّرَانِی عَنْ مَسِیرِكُمَا هَذَا شَیْ ءٌ عَهِدَهُ إِلَیْكُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا طَلْحَةُ فَنَكَسَ رَأْسَهُ وَ أَمَّا الزُّبَیْرُ فَقَالَ حُدِّثْنَا أَنَّ هَاهُنَا دَرَاهِمَ كَثِیرَةً فَجِئْنَا لِنَأْخُذَ مِنْهَا.

وَ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ ابْنِ سِیرِینَ عَنْ أَبِی الْجَلِیلِ وَ كَانَ مِنْ خِیَارِ الْمُسْلِمِینَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ حِینَ قَدِمَا الْبَصْرَةَ فَقُلْنَا أَ رَأَیْتُمَا مَقْدَمَكُمَا هَذَا شَیْ ءٌ عَهِدَ إِلَیْكُمَا رَسُولُ اللَّهِ أَمْ رَأْیٌ رَأَیْتُمَاهُ فَقَالا لَا وَ لَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نُصِیبَ مِنْ دُنْیَاكُمْ.

«116»-(1)

أَقُولُ وَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ أَعْثَمَ الْكُوفِیُّ أَنَّهُ لَمَّا قَضَتْ عَائِشَةُ حَجَّهَا وَ تَوَجَّهَتْ إِلَی الْمَدِینَةِ اسْتَقْبَلَهَا عُبَیْدُ بْنُ سَلَمَةَ اللَّیْثِیُّ وَ كَانَ یُسَمَّی ابْنَ أُمِّ كِلَابٍ فَسَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنِ الْمَدِینَةِ وَ أَهْلِهَا فَقَالَ قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَتْ فَمَا فَعَلُوا قَالَ بَایَعُوا عَلِیَّ بْنَ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَتْ لَیْتَ السَّمَاءَ سَقَطَتْ عَلَی

ص: 142


1- 116- رواه أحمد بن أعثم الكوفیّ المتوفی نحو سنة: (314) فی كتاب الجمل من كتاب الفتوح.

الْأَرْضِ وَ لَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْكَ وَ اللَّهِ لَقَدْ قُتِلَ عُثْمَانُ مَظْلُوماً وَ لَأَطْلُبَنَّ بِثَأْرِهِ وَ وَ اللَّهِ إِنَّ یَوْماً مِنْ عُمُرِ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْ حَیَاةِ عَلِیٍّ فَقَالَ عُبَیْدٌ أَ مَا كُنْتِ تَثْنِینَ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام وَ تَقُولِینَ مَا عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَی اللَّهِ مِنْ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَمَا بَدَا لَكِ إِذْ لَمْ تَرْضَیْ بِإِمَامَتِهِ وَ أَ مَا كُنْتِ تُحَرِّضِینَ النَّاسَ عَلَی قَتْلِ عُثْمَانَ وَ تَقُولِینَ اقْتُلُوا نَعْثَلًا فَقَدْ كَفَرَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ كُنْتُ قُلْتُهُ وَ لَكِنِّی عَلِمْتُهُ خَیْراً فَرَجَعْتُ عَنْ قَوْلِی وَ قَدِ اسْتَتَابُوهُ فَتَابَ وَ غُفِرَ لَهُ فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَی مَكَّةَ وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهَا مَا سُتِرَ.

«117»-(1)

وَ رَوَی ابْنُ الْأَثِیرِ فِی الْكَامِلِ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَهَا عُبَیْدُ بْنُ سَلَمَةَ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَی بَیْعَةِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَتْ أَ یَتِمُّ الْأَمْرُ لِصَاحِبِكَ رُدُّونِی رُدُّونِی فَانْصَرَفَتْ إِلَی مَكَّةَ وَ هِیَ تَقُولُ قُتِلَ وَ اللَّهِ عُثْمَانُ مَظْلُوماً وَ اللَّهِ لَأَطْلُبَنَّ بِدَمِهِ فَقَالَ لَهَا لَقَدْ كُنْتِ تَقُولِینَ اقْتُلُوا نَعْثَلًا فَقَدْ كَفَرَ فَقَالَتْ إِنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ ثُمَّ قَتَلُوهُ وَ قَدْ قُلْتُ وَ قَالُوا وَ قَوْلِی الْأَخِیرُ خَیْرٌ مِنْ قَوْلِی الْأَوَّلِ فَقَالَ لَهَا ابْنُ أُمِّ الْكِلَابِ:

فَمِنْكِ الْبَدَاةُ وَ مِنْكِ الْغِیَرُ***وَ مِنْكِ الرِّیَاحُ وَ مِنْكِ الْمَطَرُ

وَ أَنْتِ أَمَرْتِ بِقَتْلِ الْإِمَامِ***وَ قُلْتِ لَنَا إِنَّهُ قَدْ كَفَرَ

فَهَبْنَا أَطَعْنَاكِ فِی قَتْلِهِ***وَ قَاتِلُهُ عِنْدَنَا مَنْ أَمَرَ

وَ لَمْ یَسْقُطِ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِنَا***وَ لَمْ یَنْكَسِفْ شَمْسُنَا وَ الْقَمَرُ

ص: 143


1- 117- ذكره ابن الأثیر فی حوادث سنة (36) فی عنوان: «ذكر ابتداء وقعة الجمل من كتاب الكامل: ج 3 ص 105، ط دار الكتاب العربی ببیروت.

وَ قَدْ بَایَعَ النَّاسُ ذَا بَدْرَةٍ***یُزِیلُ الشَّبَا وَ یُقِیمُ الصِّغَرَ (1)

وَ تَلْبَسُ لِلْحَرْبِ أَثْوَابَهَا***وَ مَا مَنْ وَفَی مِثْلَ مَنْ قَدْ غَدَرَ

فَانْصَرَفَتْ عَائِشَةُ إِلَی مَكَّةَ فَقَصَدَتِ الْحِجْرَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَیْهَا فَقَالَتْ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْغَوْغَاءَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَ أَهْلَ الْمِیَاهِ وَ عَبِیدَ أَهْلِ الْمَدِینَةِ اجْتَمَعُوا عَلَی هَذَا الرَّجُلِ الْمَقْتُولِ ظُلْماً بِالْأَمْسِ وَ نَقَمُوا عَلَیْهِ اسْتِعْمَالَ مَنْ حَدَثَ سِنُّهُ وَ قَدِ اسْتُعْمِلَ أَمْثَالُهُمْ مِنْ قَبْلِهِ وَ مَوَاضِعَ مِنَ الْحِمَی حَمَاهَا لَهُمْ فَتَابَعَهُمْ وَ نَزَعَ لَهُمْ عَنْهَا فَلَمَّا لَمْ یَجِدُوا حُجَّةً وَ لَا عُذْراً بَادَرُوا بِالْعُدْوَانِ فَسَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَ اسْتَحَلُّوا الْبَلَدَ الْحَرَامَ وَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَ أَخَذُوا الْمَالَ الْحَرَامَ وَ اللَّهِ لَإِصْبَعٌ مِنْ عُثْمَانَ خَیْرٌ مِنْ طِبَاقِ الْأَرْضِ أَمْثَالَهُمْ وَ وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ الَّذِی اعْتَدَوْا بِهِ عَلَیْهِ كَانَ ذَنْباً لَخَلَصَ مِنْهُ كَمَا یَخْلُصُ الذَّهَبُ مِنْ خَبَثِهِ وَ الثَّوْبُ مِنْ دَرَنِهِ إِذْ مَاصُوهُ كَمَا یُمَاصُ الثَّوْبُ بِالْمَاءِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ الْحَضْرَمِیُّ وَ كَانَ عَامِلَ عُثْمَانَ عَلَی مَكَّةَ هَا أَنَا أَوَّلُ طَالِبٍ بِدَمِهِ فَكَانَ أَوَّلَ مُجِیبٍ وَ تَبِعَهُ بَنُو أُمَیَّةَ وَ كَانُوا هَرَبُوا مِنَ الْمَدِینَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَی مَكَّةَ فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَ كَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمُوا بِالْحِجَازِ وَ تَبِعَهُمْ سَعِیدُ بْنُ الْعَاصِ وَ الْوَلِیدُ بْنُ عُتْبَةَ وَ سَائِرُ بَنِی أُمَیَّةَ وَ قَدِمَ عَلَیْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مِنَ الْبَصْرَةِ بِمَالٍ كَثِیرٍ وَ یَعْلَی بْنُ مُنْیَةَ مِنَ الْیَمَنِ وَ مَعَهُ سِتُّ مِائَةِ بَعِیرٍ وَ سِتَّةُ آلَافِ دِینَارٍ فَأَنَاخَ بِالْأَبْطَحِ

ص: 144


1- كذا فی تاریخ الكامل و تاریخ الطبریّ، و فی أصلی من البحار: وقد بایع الناس ذا بدرة ***یزید السماء ویعم الصغر وذو التدرأ، والتدرأة: ذو العزة والمنعة.

وَ قَدِمَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ مِنَ الْمَدِینَةِ وَ لَقِیَا عَائِشَةَ فَقَالَتْ مَا وَرَاءَكُمَا قَالا إِنَّا تَحَمَّلْنَا هُرَّاباً مِنَ الْمَدِینَةِ مِنْ غَوْغَاءَ وَ أَعْرَابٍ وَ فَارَقْنَا قَوْماً حَیَارَی لَا یَعْرِفُونَ حَقّاً وَ لَا یُنْكِرُونَ بَاطِلًا وَ لَا یَمْنَعُونَ أَنْفُسَهُمْ فَقَالَتِ انْهَضُوا إِلَی هَذِهِ الْغَوْغَاءِ فَقَالُوا نَأْتِی الشَّامَ فَقَالَ ابْنُ عَامِرٍ كَفَاكُمُ الشَّامَ مُعَاوِیَةُ فَأَتَوُا الْبَصْرَةَ فَاسْتَقَامَ الرَّأْیُ عَلَی الْبَصْرَةِ وَ كَانَتْ أَزْوَاجُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهَا عَلَی قَصْدِ الْمَدِینَةِ فَلَمَّا تَغَیَّرَ رَأْیُهَا إِلَی الْبَصْرَةِ تَرَكْنَ ذَلِكَ وَ أَجَابَتْهُمْ حَفْصَةُ إِلَی الْمَسِیرِ مَعَهُمْ فَمَنَعَهَا أَخُوهَا عَبْدُ اللَّهِ وَ جَهَّزَهُمْ یَعْلَی بْنُ مُنْیَةَ بِسِتِّمِائَةِ بَعِیرٍ وَ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ جَهَّزَهُمُ ابْنُ عَامِرٍ بِمَالٍ كَثِیرٍ وَ نَادَی مُنَادِیهَا إِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ شَاخِصُونَ إِلَی الْبَصْرَةِ فَمَنْ أَرَادَ إِعْزَازَ الْإِسْلَامِ وَ قِتَالَ الْمُسْتَحِلِّینَ وَ الطَّلَبَ بِثَأْرِ عُثْمَانَ وَ لَیْسَ لَهُ مَرْكَبٌ فَلْیَأْتِ فَحُمِلُوا عَلَی سِتِّمِائَةِ بَعِیرٍ وَ سَارُوا فِی أَلْفٍ وَ قِیلَ فِی تِسْعِمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِینَةِ وَ مَكَّةَ وَ لَحِقَهُمُ النَّاسُ فَكَانُوا فِی ثَلَاثَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَلَمَّا بَلَغُوا ذَاتَ عِرْقٍ بَكَوْا عَلَی الْإِسْلَامِ فَلَمْ یُرَ یَوْمٌ كَانَ أَكْثَرَ بَاكِیاً مِنْ ذَلِكَ الْیَوْمِ وَ كَانَ یُسَمَّی یَوْمَ النَّحِیبِ فَمَضَوْا وَ مَعَهُمْ أَبَانٌ وَ الْوَلِیدُ ابْنَا عُثْمَانَ وَ أَعْطَی یَعْلَی بْنُ مُنْیَةَ عَائِشَةَ جَمَلًا اسْمُهُ عَسْكَرٌ اشْتَرَاهُ بِمِائَتَیْ دِینَارٍ وَ یُقَالُ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِینَ دِینَاراً فَرَكِبَتْهُ وَ قِیلَ كَانَ جَمَلُهَا لِرَجُلٍ مِنْ عُرَیْنَةَ قَالَ الْعُرَنِیِّ بَیْنَمَا أَنَا أَسِیرُ عَلَی جَمَلٍ إِذْ عَرَضَ لِی رَاكِبٌ فَقَالَ أَ تَبِیعُ جَمَلَكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ بِكَمْ قُلْتُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ أَ مَجْنُونٌ أَنْتَ قُلْتُ وَ لِمَ وَ اللَّهِ مَا طَلَبْتُ عَلَیْهِ أَحَداً إِلَّا أَدْرَكْتُهُ وَ لَا طَلَبَنِی وَ أَنَا عَلَیْهِ أَحَدٌ إِلَّا فَتَّهُ قَالَ لَوْ تَعْلَمُ لِمَنْ نُرِیدُهُ إِنَّمَا نُرِیدُهُ لِأُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ فَقُلْتُ خُذْهُ بِغَیْرِ ثَمَنٍ قَالَ بَلِ ارْجِعْ مَعَنَا إِلَی الرَّحْلِ فَنُعْطِیَكَ نَاقَةً وَ دَرَاهِمَ قَالَ فَرَجَعْتُ وَ أَعْطَوْنِی نَاقَةً مَهْرِیَّةً وَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتَّمِائَةٍ وَ قَالُوا لِی یَا أَخَا عُرَیْنَةَ هَلْ لَكَ دَلَالَةٌ بِالطَّرِیقِ قُلْتُ أَنَا مِنْ أَدَلِّ النَّاسِ قَالُوا فَسِرْ مَعَنَا فَسِرْتُ مَعَهُمْ فَلَا أَمُرُّ عَلَی وَادٍ إِلَّا سَأَلُونِی عَنْهُ حَتَّی طَرَقْنَا الْحَوْأَبَ وَ هُوَ مَاءٌ فَنَبَحَتْهَا كِلَابُهُ فَقَالُوا أَیُّ مَاءٍ هَذَا فَقُلْتُ هَذَا

ص: 145

مَاءُ الْحَوْأَبِ فَصَرَخَتْ عَائِشَةُ بِأَعْلَی صَوْتِهَا فَقَالَتْ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ إِنِّی لَهِیَهْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ وَ عِنْدَهُ نِسَاؤُهُ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ ثُمَّ ضَرَبَتْ عَضُدَ بَعِیرِهَا وَ أَنَاخَتْهُ وَ قَالَتْ رُدُّونِی أَنَا وَ اللَّهِ صَاحِبَةُ مَاءِ الْحَوْأَبِ فَأَنَاخُوا حَوْلَهَا یَوْماً وَ لَیْلَةً فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ إِنَّهُ كَذَبَ وَ لَمْ یَزَلْ بِهَا وَ هِیَ تَمْتَنِعُ فَقَالَ لَهَا النَّجَا النَّجَا قَدْ أَدْرَكَكُمْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ فَارْتَحَلُوا نَحْوَ الْبَصْرَةِ انْتَهَی كَلَامُ ابْنِ الْأَثِیرِ.

«118»-(1)

وَ قَالَ الدِّمْیَرِیُّ فِی حَیَاةِ الْحَیَوَانِ رَوَی الْحَاكِمُ عَنْ قَیْسِ بْنِ أَبِی حَازِمٍ وَ ابْنِ أَبِی شَیْبَةَ مِنْ حَدِیثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِیَّ قَالَ لِنِسَائِهِ أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَسِیرُ أَوْ تَخْرُجُ حَتَّی تَنْبَحَهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ.

قال و الحوأب نهر بقرب البصرة و الأدبب الأدبّ و هو الكثیر شعر الوجه.

قال ابن دحیة و العجب من ابن العربی كیف أنكر هذا الحدیث فی كتاب العواصم و القواصم له و ذكر أنه لا یوجد له أصل و هو أشهر من فلق الصبح (2).

وَ رُوِیَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا خَرَجَتْ مَرَّتْ بِمَاءٍ یُقَالُ لَهُ الْحَوْأَبُ فَنَبَحَتْهَا الْكِلَابُ فَقَالَتْ رُدُّونِی رُدُّونِی فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ یَقُولُ كَیْفَ بِإِحْدَاكُنَّ إِذَا نَبَحَتْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ انْتَهَی كَلَامُ الدِّمْیَرِیِّ (3).

ص: 146


1- 118- ذكره الدمیری فی مادة: «الجمل» من كتاب حیاة الحیوان.
2- و كل من یراجع كتابه العواصم من القواصم یتجلی له أنّه و ابن تیمیة كفرسی رهان فی إنكار الضروریات و القطعیات.
3- و رواه أیضا أبو موسی المدینی محمّد بن أبی بكر ابن أبی عیسی الأصفهانیّ المتوفّی سنة:[٥٨١] كما فی مادة: " حوب " من كتاب النهایة.

«119»-(1)

وَ قَالَ السَّیِّدُ عَلَمُ الْهُدَی فِی شَرْحِ قَصِیدَةِ السَّیِّدِ الْحِمْیَرِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمَا رُوِیَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا نَبَحَتْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ وَ أَرَادَتِ الرُّجُوعَ قَالُوا لَهَا لَیْسَ هَذَا مَاءَ الْحَوْأَبِ فَأَبَتْ أَنْ تُصَدِّقَهُمْ فَجَاءُوا بِخَمْسِینَ شَاهِداً مِنَ الْعَرَبِ فَشَهِدُوا أَنَّهُ لَیْسَ بِمَاءِ الْحَوْأَبِ وَ حَلَفُوا لَهَا فَكَسَوْهُمْ أَكْسِیَةً وَ أَعْطَوْهُمْ دَرَاهِمَ قَالَ السَّیِّدُ وَ قِیلَ كَانَتْ هَذِهِ أَوَّلَ شَهَادَةِ زُورٍ فِی الْإِسْلَامِ.

«120»-(2)

وَ رَوَی الصَّدُوقُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِی الْفَقِیهِ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ شَهَادَةٍ شُهِدَ بِهَا بِالزَّورِ فِی الْإِسْلَامِ شَهَادَةُ سَبْعِینَ رَجُلًا حِینَ انْتَهَوْا إِلَی مَاءِ الْحَوْأَبِ فَنَبَحَتْهُمْ كِلَابُهَا فَأَرَادَتْ صَاحِبَتُهُمُ الرُّجُوعَ وَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ إِنَّ إِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فِی التَّوَجُّهِ إِلَی قِتَالِ وَصِیِّی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَشَهِدَ عِنْدَهَا سَبْعُونَ رَجُلًا أَنَّ ذَلِكَ لَیْسَ بِمَاءِ الْحَوْأَبِ فَكَانَتْ أَوَّلَ شَهَادَةٍ شُهِدَ بِهَا فِی الْإِسْلَامِ بِالزُّورِ.

«121»-(3)

كش، رجال الكشی جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ خُرَّزَادَ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ جَنَاحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ بَلَغَ بِهِ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ إِذَا رَأَی الْجَمَلَ الَّذِی یُقَالُ لَهُ عَسْكَرٌ یَضْرِبُهُ فَیُقَالُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تُرِیدُ مِنْ هَذِهِ الْبَهِیمَةِ فَیَقُولُ مَا هَذَا بِبَهِیمَةٍ وَ لَكِنْ هَذَا عَسْكَرُ بْنُ كَنْعَانَ الْجِنِّیُّ یَا أَعْرَابِیُّ لَا یُنْفِقْ جَمَلَكَ هَاهُنَا وَ لَكِنِ اذْهَبْ بِهِ إِلَی الْحَوْأَبِ فَإِنَّكَ تُعْطَی بِهِ مَا تُرِیدُ.

«122»-وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْبَطَائِنِیِّ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: اشْتَرَوْا عَسْكَراً بِسَبْعِمِائَةِ درهما [دِرْهَمٍ وَ كَانَ شَیْطَاناً.

ص: 147


1- 119- لم أظفر بعد بشرح السیّد المرتضی علی قصیدة السیّد الحمیری رضوان اللّٰه علیهما.
2- 120- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الباب: (35) و هو باب نوادر الشهادات من أبواب القضایا و الاحكام من كتاب من لا یحضره الفقیه: ج 3 ص 44 ط النجف.
3- 121- 122- رواه الكشّیّ رحمه اللّٰه فی أواسط ترجمة سلمان الفارسیّ رفع اللّٰه مقامه تحت الرقم الأول من رجاله ص 18.

«123»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ علیه السلام خَطَبَهَا بِذِی قَارٍ وَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَی الْبَصْرَةِ ذَكَرَهَا الْوَاقِدِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ فَصَدَعَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَ بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ فَلَمَّ اللَّهُ بِهِ الصَّدْعَ وَ رَتَقَ بِهِ الْفَتْقَ وَ أَلَّفَ بِهِ بَیْنَ ذَوِی الْأَرْحَامِ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ الْوَاغِرَةِ فِی الصُّدُورِ وَ الضَّغَائِنِ الْفَادِحَةِ فِی الْقُلُوبِ.

ص: 148


1- 123- رواه السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (229) من نهج البلاغة.

باب 2 باب احتجاج أم سلمة رضی اللّٰه عنها علی عائشة و منعها عن الخروج

«124»-(1)

ج، الإحتجاج رَوَی الشَّعْبِیُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ الْعَبْدِیِّ قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَأَرْسَلَا إِلَی عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَیْرِ فَأَتَاهُمَا وَ أَنَا مَعَهُ فَقَالا لَهُ إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ إِنَّا نَخَافُ أَنْ یُنْقَضَ أَمْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله فَإِنْ رَأَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَخْرُجَ مَعَنَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یَرْتُقَ بِهَا فَتْقاً وَ یَشْعَبَ بِهَا صَدْعاً قَالَ فَخَرَجْنَا نَمْشِی حَتَّی انْتَهَیْنَا إِلَیْهَا فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ مَعَهَا فِی سِتْرِهَا فَجَلَسْتُ عَلَی الْبَابِ فَأَبْلَغَهَا مَا أَرْسَلَاهُ بِهِ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا أُمِرْتُ بِالْخُرُوجِ وَ مَا یَحْضُرُنِی مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَّا أُمُّ سَلَمَةَ فَإِنْ خَرَجَتْ خَرَجْتُ مَعَهَا فَرَجَعَ إِلَیْهِمَا فَبَلَّغَهُمَا ذَلِكَ فَقَالا ارْجِعْ إِلَیْهَا فَلْتَأْتِهَا فَهِیَ أَثْقَلُ عَلَیْهَا مِنَّا فَرَجَعَ إِلَیْهَا فَبَلَّغَهَا فَأَقْبَلَتْ حَتَّی دَخَلَتْ عَلَی أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ مَرْحَباً بِعَائِشَةَ وَ اللَّهِ مَا كُنْتِ لِی بِزَوَّارَةٍ فَمَا بَدَا لَكِ قَالَتْ قَدِمَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فَخَبَرَا أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً قَالَ فَصَرَخَتْ أُمُّ سَلَمَةَ صَرْخَةً أَسْمَعَتْ مَنْ فِی الدَّارِ فَقَالَتْ یَا عَائِشَةُ أَنْتِ بِالْأَمْسِ تَشْهَدِینَ عَلَیْهِ بِالْكُفْرِ وَ هُوَ الْیَوْمَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَمَا تُرِیدِینَ قَالَتْ تَخْرُجِینَ مَعَنَا فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ بِخُرُوجِنَا أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 149


1- 124- رواه الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 166، ط بیروت.

قَالَتْ یَا عَائِشَةُ أَ تَخْرُجِینَ وَ قَدْ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَا سَمِعْنَا نَشَدْتُكِ بِاللَّهِ یَا عَائِشَةُ الَّذِی یَعْلَمُ صِدْقَكِ إِنْ صَدَقْتِ أَ تَذْكُرِینَ یَوْماً یَوْمَكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَصَنَعْتُ حَرِیرَةً فِی بَیْتِی فَأَتَیْتُهُ بِهَا وَ هُوَ عَلَیْهِ وَ آلِهِ السَّلَامُ یَقُولُ وَ اللَّهِ لَا تَذْهَبُ اللَّیَالِی وَ الْأَیَّامُ حَتَّی تَتَنَابَحَ كِلَابُ مَاءٍ بِالْعِرَاقِ یُقَالُ لَهُ الْحَوْأَبُ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِی فِی فِئَةٍ بَاغِیَةٍ فَسَقَطَ الْإِنَاءُ مِنْ یَدِی فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَیَّ وَ قَالَ مَا لَكِ یَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا یَسْقُطُ الْإِنَاءُ مِنْ یَدِی وَ أَنْتَ تَقُولُ مَا تَقُولُ مَا یُؤْمِنُنِی أَنْ یَكُونَ أَنَا هِیَ فَضَحِكْتِ أَنْتِ فَالْتَفَتَ إِلَیْكِ فَقَالَ بِمَا تَضْحَكِینَ یَا حَمْرَاءَ السَّاقَیْنِ إِنِّی أَحْسَبُكِ هِیَ وَ نَشَدْتُكِ بِاللَّهِ یَا عَائِشَةُ أَ تَذْكُرِینَ لَیْلَةَ أُسْرِیَ بِنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ مَكَانِ كَذَا وَ كَذَا وَ هُوَ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یُحَدِّثُنَا فَأَدْخَلْتِ جَمَلَكِ فَحَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ فَرَفَعَ مِقْرَعَةً كَانَتْ عِنْدَهُ یَضْرِبُ بِهَا وَجْهَ جَمَلِكِ وَ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ مَا یَوْمُهُ مِنْكِ بِوَاحِدٍ وَ لَا بَلِیَّتُهُ مِنْكِ بِوَاحِدَةٍ أَمَا إِنَّهُ لَا یُبْغِضُهُ إِلَّا مُنَافِقٌ كَذَّابٌ وَ أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ أَ تَذْكُرِینَ مَرَضَ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِی قُبِضَ فِیهِ فَأَتَاهُ أَبُوكِ یَعُودُهُ وَ مَعَهُ عُمَرُ وَ قَدْ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَتَعَاهَدُ ثَوْبَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَعْلَهُ وَ خُفَّهُ وَ یُصْلِحُ مَا وَهَی مِنْهَا فَدَخَلَ قَبْلَ ذَلِكِ فَأَخَذَ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ وَ هِیَ حَضْرَمِیَّةٌ وَ هُوَ یَخْصِفُهَا خَلْفَ الْبَیْتِ فَاسْتَأْذَنَا عَلَیْهِ فَأَذِنَ لَهُمَا فَقَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ كَیْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ أَصْبَحْتُ أَحْمَدُ اللَّهَ قَالا مَا بُدٌّ مِنَ الْمَوْتِ قَالَ أَجَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ قَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلِ اسْتَخْلَفْتَ أَحَداً قَالَ مَا خَلِیفَتِی فِیكُمْ إِلَّا خَاصِفُ النَّعْلِ فَخَرَجَا فَمَرَّا عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَ هُوَ یَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كُلُّ ذَلِكِ تَعْرِفِینَهُ یَا عَائِشَةُ وَ تَشْهَدِینَ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ یَا عَائِشَةُ أَنَا أَخْرُجُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام بَعْدَ الَّذِی سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَجَعَتْ عَائِشَةُ إِلَی مَنْزِلِهَا وَ قَالَتْ یَا ابْنَ الزُّبَیْرِ أَبْلِغْهُمَا أَنِّی لَسْتُ بِخَارِجَةٍ

ص: 150

بَعْدَ الَّذِی سَمِعْتُهُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَرَجَعَ فَبَلَّغَهُمَا قَالَ فَمَا انْتَصَفَ اللَّیْلُ حَتَّی سَمِعْنَا رُغَاءَ إِبِلِهَا تَرْتَحِلُ فَارْتَحَلَتْ مَعَهُمَا.

بیان: نباح الكلب صیاحه قاله الجوهری و یقال وهی السقاء یهی وهیا إذا تخرق و انشق و الرغاء صوت الإبل 125 (1) أقول: - روی السید المرتضی رضی اللّٰه عنه هذه الروایة فی شرح قصیدة السید الحمیری رحمه اللّٰه عن أبی عبد الرحمن المسعودی عن السری بن إسماعیل عن الشعبی إلی آخرها ثم قال قدس سره و من العجائب أن یكون مثل هذا الخبر المتضمن للنص بالخلافة و كل فضیلة غریبة موجودا فی كتب المخالفین و فیما یصححونه من روایاتهم و یصنفونه من سیرهم لكن القوم رووا و سمعوا و أودعوا كتبهم ما حفظوا و نقلوا و لم یتخیروا لیثبتوا ما وافق مذاهبهم دون ما خالفها و هكذا یفعل المسترسل المستسلم للحق انتهی كلامه رفع اللّٰه مقامه.

«126»-(2)

ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أُمَیَّةَ عَلَی عَائِشَةَ لَمَّا أَزْمَعَتِ الْخُرُوجَ إِلَی الْبَصْرَةِ فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَ صَلَّتْ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَتْ یَا هَذِهِ أَنْتِ سُدَّةٌ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَیْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ عَلَیْكِ مَضْرُوبٌ وَ عَلَی حُرْمَتِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَیْلَكِ فَلَا تَنْدَحِیهِ وَ ضُمَّ ضَفْرَكِ فَلَا تَنْشُرِیهِ وَ اسْكُنِی عُقَیْرَتَكِ فَلَا تُصْحِرِیهَا إِنَّ اللَّهَ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَانَكِ لَوْ أَرَادَ أَنْ یَعْهَدَ إِلَیْكِ فَعَلَ بِكِ فَقَدْ نَهَاكِ عَنِ الْفُرْطَةِ فِی الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الدِّینِ لَنْ یُثْأَبَ بِالنِّسَاءِ إِنْ مَالَ وَ لَا یُرْأَبُ بِهِنَّ إِنِ انْصَدَعَ حُمَادَی النِّسَاءِ غَضُّ الْأَطْرَافِ وَ ضَمُّ الذُّیُولِ وَ الْأَعْطَافِ وَ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَارَضَكِ فِی بَعْضِ هَذِهِ الْفَلَوَاتِ وَ أَنْتِ نَاصَّةٌ قَعُوداً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَی مَنْهَلٍ وَ مَنْزِلٍ إِلَی مَنْزِلٍ وَ لِغَیْرِ اللَّهِ

ص: 151


1- 125- لم أظفر بعد بشرح قصیدة السیّد الحمیری للسیّد المرتضی رفع اللّٰه مقامه.
2- 126- نقله الطبرسیّ رفع اللّٰه مقامه فی كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 167، ط بیروت.

مَهْوَاكِ وَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله تَرِدِینَ وَ قَدْ هَتَكْتِ عَنْكِ سِجَافَهُ وَ نَكَثْتِ عَهْدَهُ وَ بِاللَّهِ أَحْلِفُ لَوْ أَنْ سِرْتُ مَسِیرَكِ ثُمَّ قِیلَ لِیَ ادْخُلِی الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْیَیْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنْ أَلْقَاهُ هَاتِكَةً حِجَاباً ضَرَبَهُ عَلَیَّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ اجْعَلِیهِ حِصْناً وِقَاعَةَ السِّتْرِ مَنْزِلًا حَتَّی تَلْقَیِنَّهُ أَطْوَعَ مَا تَكُونِینَ لِرَبِّكِ مَا قَصُرْتِ عَنْهُ وَ أَنْصَحَ مَا تَكُونِینَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِیهِ وَ أَنْصَرَ مَا تَكُونِینَ لِلدِّینِ مَا قَعَدْتِ عَنْهُ وَ بِاللَّهِ أَحْلِفُ لَوْ حَدَّثْتُكِ بِحَدِیثٍ سَمِعْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله لَنَهَشْتِنِی نَهْشَ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقَةِ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ مَا أَعْرَفَنِی بِمَوْعِظَتِكِ وَ أَقْبَلَنِی لِنَصِیحَتِكِ لَیْسَ مَسِیرِی عَلَی مَا تَظُنِّینَ مَا أَنَا بِالْمُغْتَرَّةِ وَ لَنِعْمَ الْمُطَّلَعُ تَطَلَّعْتُ فِیهِ فَرَّقْتُ بَیْنَ فِئَتَیْنِ مُتَشَاجِرَتَیْنِ فَإِنْ أَقْعُدْ فَفِی غَیْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَخْرُجْ فَفِی مَا لَا غِنَاءَ عَنْهُ مِنَ الِازْدِیَادِ بِهِ فِی الْأَجْرِ قَالَ الصَّادِقُ علیه السلام فَلَمَّا كَانَ مِنْ نَدَمِهَا أَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ:

لَوْ كَانَ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةٍ أَحَدٌ***كَانَتْ لِعَائِشَةَ الرُّتْبَی عَلَی النَّاسِ

مِنْ زَوْجَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فَاضِلَةٍ***وَ ذِكْرِ آیٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٍ

وَ حِكْمَةٍ لَمْ تَكُنْ إِلَّا لِهَاجِسِهَا***فِی الصَّدْرِ یَذْهَبُ عَنْهَا كُلُّ وَسْوَاسٍ

یَسْتَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ عُقُولَهُمْ***حَتَّی یَمُرَّ الَّذِی یَقْضِی عَلَی الرَّأْسِ

وَ یَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ***تَبَدَّلَتْ لِی إِیحَاشاً بِإِینَاسٍ

فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ شَتَمْتِینِی یَا أُخْتِ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ لَا وَ لَكِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ غَطَّتْ عَیْنَ الْبَصِیرِ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ أَبْصَرَهَا الْعَاقِلُ وَ الْجَاهِلُ.

بیان: قولها و ضم ضفرك بالضاد قال الجوهری الضفر نسج الشعر و غیره عریضا و الضفیرة العقیصة یقال ضفرت المرأة شعرها و لها ضفیرتان و ضفران أیضا أی عقیصتان انتهی.

و العطاف بالكسر الرداء و عطفا كل شی ء جانباه و قال الجوهری فی الصحاح القعود من الإبل هو البكر حین یركب أی یمكن ظهره من الركوب و قال أبو عبید القعود من البعیر الذی یقتعده الراعی فی كل حاجة

ص: 152

و السجاف ككتاب الستر ما قصرت عنه الظاهر أن كلمة ما بمعنی ما دام فالضمیر فی عنه راجع إلی الأمر الذی أرادته أو إلی الرب أو إلی ترك الخروج فیكون عن بمعنی علی و الضمیر فی لزمتیه إما راجع إلی اللّٰه أی طاعته أو إلی ترك الخروج و لزوم البیت و الضمیر فی قولها ما قعدت عنه راجع إلی الدین أی نصره بالجهاد أو إلی النصر أو إلی الأمر الذی أرادت بین فئتین متشاجرتین أی متنازعتین و فی بعض النسخ متناجزتین و فی بعضها متناحرتین و المناجزة فی الحرب المبارزة و التناحر التقابل.

و قال ابن أبی الحدید (1) فئتان متناجزتان أی یسرع كل منهما إلی نفوس الأخری و من رواه متناحرتان أراد الحرب و طعن النحور بالأسنة رشقها بالسهام و الرتبی فعلی من الرتبة بمعنی الدرجة و المنزلة.

و فی بعض الروایات العتبی و هو الرجوع عن الإساءة و بعد ذلك فی سائر الروایات

كم سنة لرسول اللّٰه دارسة***و تلو آی من القرآن مدراس

یقال درس الرسم یدرس دروسا أی عفا و درسته الریح یتعدی و لا یتعدی و درست الكتاب درسا و دراسة و التلو كأنه مصدر بمعنی التلاوة.

و الهاجس الخاطر یقال هجس فی صدری شی ء یهجس أی حدث.

«127»-(2)

مع، معانی الأخبار مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِی مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ یَحْیَی عَنْ عُقْبَةَ الْأَزْدِیِّ عَنْ أَبِی الْأَخْنَسِ الأرجی قَالَ:

ص: 153


1- ذكره عند شرحه للحدیث فی شرح المختار: (79) من نهج البلاغة من شرحه: ج 2 ص 414 طبع الحدیث ببیروت.
2- 127- رواه الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی «باب معنی ما كتبته أم سلمة إلی عائشة ...» فی آخر كتاب معانی الأخبار، ص 356 ط النجف.

لَمَّا أَرَادَتْ عَائِشَةُ الْخُرُوجَ إِلَی الْبَصْرَةِ كَتَبَتْ إِلَیْهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهَا زَوْجَةُ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكِ سُدَّةٌ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ بَیْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ الْمَضْرُوبُ عَلَی حُرْمَتِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَیْلَكِ فَلَا تَنْدَحِیهِ وَ سَكَّنَ عُقَیْرَاكِ فَلَا تُصْحِرِیهَا اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَانَكِ لَوْ أَرَادَ أَنْ یَعْهَدَ إِلَیْكِ لَفَعَلَ وَ قَدْ عَهِدَ فَاحْفَظِی مَا عَهِدَ وَ لَا تُخَالِفِی فَیُخَالَفَ بِكِ وَ اذْكُرِی قَوْلَهُ فِی نُبَاحِ كِلَابِ الْحَوْأَبِ وَ قَوْلَهُ مَا لِلنِّسَاءِ وَ الْغَزْوِ وَ قَوْلَهُ انْظُرِی یَا حُمَیْرَاءُ أَنْ لَا تَكُونِی أَنْتِ عُلْتِ (1) بَلْ قَدْ نَهَاكِ عَنِ الْفُرْطَةِ فِی الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الْإِسْلَامِ لَنْ یُثْأَبَ بِالنِّسَاءِ إِنْ مَالَ وَ لَنْ یُرْأَبَ بِهِنَّ إِنْ صَدَعَ حُمَادَیَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الْأَبْصَارِ وَ خَفَرُ الْأَعْرَاضِ وَ قِصَرُ الْوَهَازَةِ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَارَضَكِ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ نَاصَّةً قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَی آخَرَ إِنَّ بِعَیْنِ اللَّهِ مَهْوَاكِ وَ عَلَی رَسُولِهِ تَرِدِینَ وَ قَدْ وَجَّهْتِ سِدَافَتَهُ وَ تَرَكْتِ عُهَیْدَاهُ لَوْ سِرْتُ مَسِیرَكِ هَذَا ثُمَّ قِیلَ لِیَ ادْخُلِی الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْیَیْتُ أَنْ أَلْقَی رَسُولَ اللَّهِ هَاتِكَةً حِجَاباً قَدْ ضَرَبَهُ عَلَیَّ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ اجْعَلِی حِصْنَكِ بَیْتَكِ وَ رِبَاعَةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ حَتَّی تَلْقَیْهِ وَ أَنْتِ عَلَی تِلْكِ الْحَالِ أَطْوَعَ مَا تَكُونِینَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِهِ وَ أَنْصَرَ مَا تَكُونِینَ لِلدِّینِ مَا جَلَسْتِ عَنْهُ لَوْ ذَكَّرْتُكِ بِقَوْلٍ تَعْرِفِینَهُ لَنَهَشْتِ نَهْشَ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا أَقْبَلَنِی لِوَعْظِكِ وَ مَا أَعْرَفَنِی بِنُصْحِكِ وَ لَیْسَ الْأَمْرُ عَلَی مَا تَظُنِّینَ وَ لَنِعْمَ الْمَسِیرُ مَسِیراً فَزِعَتْ إِلَیَّ فِیهِ فِئَتَانِ مُتَشَاجِرَتَانِ إِنْ أَقْعُدْ فَفِی غَیْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَنْهَضْ فَإِلَی مَا لَا بُدَّ مِنَ الِازْدِیَادِ مِنْهُ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ

لَوْ كَانَ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةٍ أَحَدٌ ***كَانَتْ لِعَائِشَةَ الْعُتْبَی عَلَی النَّاسِ

ص: 154


1- كذا هاهنا و مثله یأتی قریبا عند نقل المصنّف تفسیر الحدیث عن الصدوق. و فی طبع بیروت من كتاب معانی الأخبار هاهنا، و فیما یأتی عند تفسیر الحدیث: «علت علت».

كَمْ سُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ دَارِسَةٌ***وَ تِلْوِ آیٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٌ

قَدْ یَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ عُقُولَهُمْ ***حَتَّی یَكُونَ الَّذِی یَقْضِی عَلَی الرَّأْسِ

ثم قال رحمه اللّٰه تفسیره قولها رحمة اللّٰه علیها إنك سدة بین رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أی إنك باب بینه و بین أمته فمتی أصیب ذلك الباب بشی ء فقد دخل علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی حریمه و حوزته فاستبیح ما حماه فلا تكونی أنت سبب ذلك بالخروج الذی لا یجب علیك فتحوجی الناس إلی أن یفعلوا مثل ذلك.

و قولها فلا تندحیه أی لا تفتحیه فتوسعیه بالحركة و الخروج یقال ندحت الشی ء إذا أوسعته و منه یقال أنا فی مندوحة عن كذا أی فی سعة.

و ترید بقولها قد جمع القرآن ذیلك قول اللّٰه عز و جل وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّةِ الْأُولی و قولها و سكن عقیراك من عقر الدار و هو أصلها و أهل الحجاز یضمون العین و أهل نجد یفتحونها فكانت عقیرا اسم مبنی من ذاك علی التصغیر و مثله مما جاء مصغرا الثریا و الحمیا و هی سورة الشراب و لم یسمع بعقیرا إلا فی هذا الحدیث.

و قولها فلا تصحریها أی لا تبرزیها و تباعدیها و تجعلیها بالصحراء یقال أصحرنا إذا أتینا الصحراء كما یقال أنجدنا إذا أتینا نجدا.

و قولها علت أی ملت إلی غیر الحق و العول المیل عن الشی ء و الجور قال اللّٰه عز و جل ذلِكَ أَدْنی أَلَّا تَعُولُوا یقال عال یعول إذا جار.

و قولها بل قد نهاك عن الفرطة فی البلاد أی عن التقدم و السبق فی البلاد لأن الفرطة اسم فی الخروج و التقدم مثل غُرفة و غَرفة یقال فی فلان فرطة أی تقدم و سبق یقال فرطته فی الماء أی سبقته.

و قولها إن عمود الإسلام لن یثأب بالنساء إن مال أی لا یرد بهن إلی استوائه یقال ثبت إلی كذا أی عدت إلیه.

ص: 155

و قولها لن یرأب بهن إن صدع أی لا یسد بهن یقال رأبت الصدع لأمته فانضم.

و قولها حمادیات النساء هی جمع حمادی یقال قصاراك أن تفعل ذلك و حماداك كأنها تقول جهدك و غایتك و قولها غض الأبصار معروف.

و قولها و خفر الأعراض الأعراض جماعة العرض و هو الجسد.

و الخفر الحیاء أرادت أن محمدة النساء فی غض الأبصار و فی الستر للخفر الذی هو الحیاء و قصر الوهازة و هو الخطو تعنی بها أن تقل خطوهن.

و قولها ناصة قلوصا من منهل إلی آخر أی رافعة لها فی السیر و النص سیر مرفوع و منه یقال نصصت الحدیث إلی فلان إذا رفعه إلیه و منه الحدیث كان رسول اللّٰه یسیر العنق فإذا وجد فجوة نص یعنی زاد فی السیر.

و قولها إن بعین اللّٰه مهواك یعنی مرادك لا یخفی علی اللّٰه.

و قولها و علی رسول اللّٰه تردین أی لا تفعلی فتخجلی من فعلك و قد وجهت سدافته أی هتكت الستر لأن السدافة الحجاب و الستر و هو اسم مبنی من أسدف اللیل إذا ستر بظلمته و یجوز أن یكون أرادت من قولها وجهت سدافته یعنی أزلتیها من مكانها الذی أمرت أن تلزمیه و جعلتها أمامك.

و قولها و تركت عهیداه تعنی بالعهیدة الذی تعاهده و یعاهدك (1) و یدل علی ذلك قولها لو قیل لی ادخلی الفردوس لاستحییت أن ألقی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله هاتكة حجابا قد ضربه علی و قولها اجعلی

ص: 156


1- هذا هو الظاهر، و فی ط بیروت من كتاب معانی الأخبار: «تعنی بالعهیدة التی ..». وأما أصلی من طبع الكمبانی من البحار فقد جمع فیه بین اللفظتین ولكن وضع فیه لفظة " الذی " فوق " التی ". وقال ابن قتیبة قولها: " وتركت عهیدا " لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لما سلف من قولها: " عقیراك " و " حمادیات النساء ".

حصنك بیتك و رباعة الستر قبرك فالربع المنزل و رباعة الستر ما وراء الستر تعنی اجعلی ما وراء الستر من المنزل قبرك و هذا معنی ما یروی و وقاعة الستر قبرك هكذا رواه القتیبی و ذكر أن معناه و وقاعة الستر موقعه من الأرض إذا أرسلت و فی روایة القتیبی لو ذكرت قولا تعرفینه نهستنی نهس (1) الرقشاء المطرق فذكر أن الرقشاء سمیت بذلك لرقش فی ظهرها و هی النقط.

و قال غیر القتیبی الرقشاء من الأفاعی التی فی لونها سواد و كدورة قال و المطرق المسترخی جفون العین.

توضیح: كلامها رضی اللّٰه عنها مع عائشة متواتر المعنی رواه الخاصة و العامة بأسانید جمة و فسروا ألفاظه فی كتب اللغة و رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار من النهج و شرحه و قال ذكره ابن قتیبة فی غریب الحدیث.

وَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِی طَاهِرٍ فِی كِتَابِ بَلَاغَاتِ النِّسَاءِ بِأَدْنَی تَغْیِیرٍ وَ قَالَ بَعْدَ حِكَایَةِ كَلَامِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ یَا أُمَّ سَلَمَةَ مَا أَقْبَلَنِی لِمَوْعِظَتِكِ وَ أَعْرَفَنِی بِنُصْحِكِ لَیْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولِینَ مَا أَنَا بِمُغْتَمِرَةٍ بَعْدَ التَّغْرِیدِ وَ لَنِعْمَ الْمُطَّلَعُ مُطَّلَعٌ أَصْلَحْتُ فِیهِ بَیْنَ فِئَتَیْنِ مُتَنَاجِزَتَیْنِ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

و

رواه الزمخشری فی الفائق و قال بعد قولها سدافته و روی سجافته و بعد قولها فئتان متناجزتان أو متناحرتان.

ثم قال السدة الباب ترید أنك من رسول اللّٰه بمنزلة سدة الدار من أهلها فإن نابك أحد بنائبة أو نال منك نائل فقد ناب رسول اللّٰه و نال منه و ترك ما یجب فلا تعرضی بخروجك أهل الإسلام لهتك حرمة رسول اللّٰه و ترك ما یجب علیهم من تعزیزه و توقیره.

ص: 157


1- كذا- بالسین المهملة- فی طبع الكمبانی من البحار، و فی معانی الأخبار: «نهشتنی نهش ...» بالمعجمة فیهما.

و ندح الشی ء فتحه و وسعه و بدحه نحوه من البداح و هو المتسع من الأرض و العقیری كأنها تصغیر العقری فعلی من عقر إذا بقی مكانه لا یتقدم و لا یتأخر فزعا أو أسفا أو خجلا و أصله من عقرت به إذا أطلت حبسه كأنك عقرت راحلته فبقی لا یقدر علی البراح أرادت نفسها أی سكنی نفسك التی صفتها أو حقها أن تلزم مكانها أو لا تبرح بیتها و اعملی بقوله تعالی وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ و أصحر أی خرج إلی الصحراء و أصحر به غیره و قد جاء هاهنا متعدیا علی حذف الجار و إیصال الفعل.

و قال ابن الأثیر فی مادة عال فی النهایة فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة لو أراد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أن یعهد إلیك علت أی عدلت عن الطریق و ملت.

قال و قال القتیبی و سمعت من یرویه بكسر العین فإن كان محفوظا فهو من عال فی البلاد یعیل إذا ذهب و یجوز أن یكون من عاله یعوله إذا غلبه أی غلبت علی رأیك و منه قولهم عیل صبرك و قیل جواب لو محذوف أی لو أراد فعل فتركته لدلالة الكلام علیه و یكون قولها علت كلاما مستأنفا.

و قال فی مادة فرط من كتاب النهایة فی قولها إن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله سلم نهاك عن الفرطة فی الدین یعنی السبق و التقدم و مجاوزة الحد الفرطة بالضم اسم للخروج و التقدم و بالفتح المرة الواحدة.

و أیضا قال فی مادة رأب یقال رأب الصدع إذا شعبه و رأب الشی ء إذا جمعه و شده برفق و منه حدیث أم سلمة لا یرأب بهن إن صدع قال القتیبی الروایة صدع فإن كان محفوظا فإنه یقال صدعت الزجاجة فصدعت كما یقال جبرت العظم فجبر و إلا فإنه صدع أو انصدع.

و قال فی مادة حمد و فی حدیث أم سلمة حمادیات النساء أی غایاتهن و منتهی ما یحمد منهن یقال حماداك أن تفعل أی جهدك و غایتك.

ص: 158

و قال فی الفائق فی غض الأطراف أورده القتیبی هكذا و فسر الأطراف بجمع طرف و هو العین و یدفع ذلك أمران أحدهما أن الأطراف فی جمع طرف لم یرد به سماع بل ورد بردّه و هو قول الخلیل إن الطرف لا یثنی و لا یجمع و ذلك لأنه مصدر طرف إذا حرك جفونه فی النظر.

و الثانی أنه غیر مطابق لقولها خفر الأعراض و لا أكاد أشك أنه تصحیف و الصواب غض الإطراق و خفر الإعراض و المعنی أن یغضضن من أبصارهن مطرقات أی رامیات بأبصارهن إلی الأرض و یتخفرن من السوء معرضات عنه.

و قال فی مادة طرف من النهایة و فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة حمادیات النساء غض الأطراف أرادت قبض الید و الرجل عن الحركة و السعی تعنی تسكین الأطراف و هی الأعضاء ثم ذكر كلام القتیبی و الزمخشری و قال فی خفر الإعراض أی الحیاء من كل ما یكره لهن أن ینظرن إلیه فأضافت الخفر إلی الإعراض أی الذی تستعمل لأجل الإعراض.

و یروی الأعراض بالفتح جمع العرض أی إنهن یستحیین و یتسترن لأجل أعراضهن و صونها انتهی.

أقول: و العرض و إن ورد بمعنی الجسد لكن فی هذا المقام بعید قال الفیروزآبادی العرض بالكسر الجسد و كل موضع یعرق منه و رائحته رائحة طیبة كانت أو خبیثة و النفس و جانب الرجل الذی یصونه من نفسه و حسبه أن ینتقض و یثلب.

و قال فی الفائق الوهازة الخطو یقال هو یتوهز و یتوهس إذا وطئ وطئا ثقیلا.

و قال ابن الأعرابی الوهازة مشیة الخفرات و الأوهز الرجل الحسن المشیة.

ص: 159

و قال ابن الأثیر فی النهایة النص التحریك حتی یستخرج أقصی سیر الناقة و أصل النص أقصی الشی ء و غایته ثم سمی به ضرب من السیر سریع و منه حدیث أم سلمة ناصة قلوصا أی دافعة لها فی السیر و قال القلوص الناقة و الفجوة ما اتسع من الأرض و قال الزمخشری فی الفائق السدافة و السجافة الستارة و توجیهها هتكها و أخذ وجهها كقولك لأخذ قذی العین تقذیته أو تغییرها و جعلها لها وجها غیر الوجه الأول.

و فی النهایة العهیدی بالتشدید و القصر فعیلی من العهد كالجهیدی من الجهد و العجیلی من العجلة.

و أما ما ذكره الصدوق رحمه اللّٰه فكأنه قرأ علی فعیل مخففا قال الجوهری عهیدك الذی یعاهدك و تعاهده و أراد أنه مأخوذ من العهید بهذا المعنی.

و فی الفائق وقاعة الستر و موقعته موقعه علی الأرض إذا أرسلت و یروی وقاحة الستر أی وساحة الستر و موضعه.

قوله و فی روایة القتیبی إلی قولها نهستنی نهس الرقشاء لعل الاختلاف بین الروایتین فی السین المهملة و المعجمة و هما متقاربان معنی إذ بالمهملة معناه أخذ اللحم بأطراف الأسنان و بالمعجمة لسع الحیة و الأخیر أنسب و فی بعض النسخ نهست ففیه اختلاف آخر.

و قال فی النهایة فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة لو ذكرتك قولا تعرفینه نهشته نهش الرقشاء المطرق الرقشاء الأفعی سمیت به لترقیش فی ظهرها و هی خطوط و نقط و إنما قالت المطرق لأن الحیة تقع علی الذكر و الأنثی انتهی و لعله كنایة عن سمنها و كثرة سمها أو استغفالها و أخذها دفعة.

و فی روایة أحمد بن أبی طاهر و قد سكن القرآن ذیلك فلا تبدحیه و هدأ من عقیرتك فلا تصحلیها.

و فی مادة بدح من كتاب النهایة و فی حدیث أم سلمة قالت لعائشة قد جمع القرآن ذیلك فلا تبدحیه أی لا توسعیه بالحركة و الخروج و البدح العلانیة و بدح بالأمر باح به و یروی بالنون انتهی.

و هدأ علی التفعیل أی سكن و العقیرة علی فعیلة الصوت أو

ص: 160

صوت المغنی و الباكی و القاری.

و قال فی النهایة الصحل بالتحریك كالبحة و منه فإذا أنا بهاتف یهتف بصوت صحل و منه أنه كان یرفع صوته بالتلبیة حتی یصحل أی یبح.

ثم فی تلك الروایة اللّٰه من وراء هذه الأمة لو أراد أن یعهد فیك بله أن قد نهاك عن الفرطة فی البلاد قال الجوهری بله كلمة مبنیة علی الفتح مثل كیف و معناها دع و یقال معناها سوی.

و قال الفیروزآبادی بله ككیف اسم له كدع و مصدر بمعنی الترك و اسم مرادف لكیف و ما بعدها منصوب علی الأول مخفوض علی الثانی مرفوع علی الثالث و فتحها بناء علی الأول و الثالث إعراب علی الثانی و الفراطة بالضم أیضا بمعنی التقدم.

ثم فیها ما كنت قائلة لو أن كان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله عارضك بأطراف الفلوات ناصة قعودا من منهل إلی منهل إن بعین اللّٰه مثواك و علی رسول اللّٰه تعرضین و لو أمرت بدخول الفردوس لاستحییت أن ألقی محمدا هاتكة حجابا جعله اللّٰه علی فاجعلیه سترك وقاعة البیت قبرك حتی تلقینه و هو عنك راض.

قولها و ما أنا بمغتمرة بعد التغرید لعل المعنی أنی بعد ما أعلنت العداوة و علم الناس بخروجی لا أرجع إلی إخفاء الأمر و الإشارة بالعین و الحاجب.

و یمكن أن یقرأ بمغتمرة علی بناء المفعول أی لا یطعن علی أحد بعد تغریدی و رفعی الصوت بأمری قال الجوهری فعلت شیئا فاغتمزه فلان أی طعن علی و وجد بذلك مغمزا.

و قال الغَرَد بالتحریك التطریب فی الصوت و الغناء و التغرید مثله.

ص: 161

«128»-(1)

ختص، الإختصاص مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ یَحْیَی النَّحْوِیِّ أَبِی الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ یَحْیَی بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَیْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقُتَیْبِیِّ عَنْ أَبِی كبسة [كِیسَةَ] وَ یَزِیدَ بْنِ رُومَانَ قَالا لَمَّا اجْتَمَعَتْ عَائِشَةُ عَلَی الْخُرُوجِ إِلَی الْبَصْرَةِ أَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا وَ كَانَتْ بِمَكَّةَ فَقَالَتْ یَا ابْنَةَ أَبِی أُمَیَّةَ كُنْتِ كَبِیرَةَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْمَأُ فِی بَیْتِكِ وَ كَانَ یَقْسِمُ لَنَا فِی بَیْتِكِ وَ كَانَ یَنْزِلُ الْوَحْیُ فِی بَیْتِكِ قَالَتْ لَهَا یَا بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ لَقَدْ زُرْتِینِی وَ مَا كُنْتِ زَوَّارَةً وَ لِأَمْرٍ مَا تَقُولِینَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَالَتْ إِنَّ ابْنِی وَ ابْنَ أَخِی (2) أَخْبَرَانِی أَنَّ الرَّجُلَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ أَنَّ بِالْبَصْرَةِ مِائَةَ أَلْفِ سَیْفٍ یُطَاعُونَ فَهَلْ لَكِ أَنْ أَخْرُجَ أَنَا وَ أَنْتِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ بَیْنَ فِئَتَیْنِ مُتَشَاجِرَتَیْنِ فَقَالَتْ یَا بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ أَ بِدَمِ عُثْمَانَ تَطْلُبِینَ فَلَقَدْ كُنْتِ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَیْهِ وَ إِنْ كُنْتِ لَتَدْعِینَهُ بِالتَّبَرِّی أَمْ أَمْرَ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ تَنْقُضِینَ فَقَدْ بَایَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ إِنَّكِ سُدَّةٌ بَیْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ بَیْنَ أُمَّتِهِ وَ حِجَابُهُ مَضْرُوبَةٌ عَلَی حَرَمِهِ وَ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنُ ذَیْلَكِ فَلَا تُبَذِّخِیهِ وَ سَكِّنِّی عُقَیْرَاكِ فَلَا تَضْحَیْ [فَلَا تَفْضَحِی بِهَا اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَكَانَكِ وَ لَوْ أَرَادَ أَنْ یَعْهَدَ إِلَیْكِ فَعَلَ قَدْ نَهَاكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَنِ الْفَرَاطَةِ فِی الْبِلَادِ إِنَّ عَمُودَ الْإِسْلَامِ لَا تَرْأَبُهُ النِّسَاءُ إِنِ انْثَلَمَ وَ لَا یُشْعَبُ بِهِنَّ إِنِ انْصَدَعَ حُمَادَیَاتُ النِّسَاءِ غَضٌّ بِالْأَطْرَافِ وَ قِصَرُ الْوَهَادَةِ وَ مَا كُنْتِ قَائِلَةً لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَرَضَ لَكِ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ وَ أَنْتِ نَاصَّةٌ قَلُوصاً مِنْ مَنْهَلٍ إِلَی آخَرَ إِنَّ بِعَیْنِ اللَّهِ مَهْوَاكِ وَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ تَرِدِینَ وَ قَدْ وَجَّهْتِ سِدَافَتَهُ وَ تَرَكْتِ عُهَّیْدَاهُ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَوْ سِرْتُ مَسِیرَكِ هَذَا ثُمَّ قِیلَ لِی ادْخُلِی الْفِرْدَوْسَ لَاسْتَحْیَیْتُ أَنْ أَلْقَی مُحَمَّداً صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 162


1- 128- رواه الشیخ المفید رفع اللّٰه مقامه فی أواسط كتاب الاختصاص ص 113، ط النجف.
2- كذا فی طبعة الكمبانی من أصلی، و لعلّ الصواب: «و ابن أختی» و مرادها منه هو «عبد اللّٰه بن الزبیر».

هَاتِكَةً حِجَاباً قَدْ ضَرَبَهُ عَلَیَّ اجْعَلِی حِصْنَكِ بَیْتَكِ وَ قَاعَةَ السِّتْرِ قَبْرَكِ حَتَّی تَلْقَیْهِ وَ أَنْتِ عَلَی ذَلِكِ أَطْوَعُ مَا تَكُونِینَ لِلَّهِ مَا لَزِمْتِهِ وَ أَنْصَرُ مَا تَكُونِینَ لِلدِّینِ مَا جَلَسْتِ عَنْهُ ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَكَّرْتُكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله خَمْساً فِی عَلِیٍّ صلی اللّٰه علیه و آله لَنَهَشْتِنِی نَهْشَ الْحَیَّةِ الرَّقْشَاءِ الْمُطْرِقَةِ ذَاتِ الْخَبَبِ أَ تَذْكُرِینَ إِذْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یُقْرِعُ بَیْنَ نِسَائِهِ إِذَا أَرَادَ سَفَراً فَأَقْرَعَ بَیْنَهُنَّ فَخَرَجَ سَهْمِی وَ سَهْمُكِ فَبَیْنَا نَحْنُ مَعَهُ وَ هُوَ هَابِطٌ مِنْ قُدَیْدٍ وَ مَعَهُ عَلِیٌّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ یُحَدِّثُهُ فَذَهَبْتِ لِتَهْجُمِی عَلَیْهِ فَقُلْتُ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مَعَهُ ابْنُ عَمِّهِ وَ لَعَلَّ لَهُ إِلَیْهِ حَاجَةٌ فَعَصَیْتِنِی وَ رَجَعْتِ بَاكِیَةً فَسَأَلْتُكِ فَقُلْتِ بِأَنَّكِ هَجَمْتِ عَلَیْهِمَا فَقُلْتِ یَا عَلِیُّ إِنَّمَا لِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمٌ مِنْ تِسْعَةِ أَیَّامٍ وَ قَدْ شَغَلْتَهُ عَنِّی فَأَخْبَرْتِینِی أَنَّهُ قَالَ لَكِ أَ تُبْغِضِینَهُ فَمَا یُبْغِضُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِی وَ لَا مِنْ أُمَّتِی إِلَّا خَرَجَ مِنَ الْإِیمَانِ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ وَ یَوْمَ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله سَفَراً وَ أَنَا أَجُشُّ لَهُ جَشِیشاً فَقَالَ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَرَفَعْتُ یَدِی مِنَ الْجَشِیشِ وَ قُلْتُ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَهُ فَقَالَ وَ اللَّهِ لَا بُدَّ لِإِحْدَاكُمَا أَنْ تَكُونَهُ اتَّقِی اللَّهَ یَا حُمَیْرَاءُ أَنْ تَكُونِیهِ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ وَ یَوْمَ تَبَدَّلْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَلَبِسْتِ ثِیَابِی وَ لَبِسْتُ ثِیَابَكِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَلَسَ إِلَی جَنْبِكِ فَقَالَ أَ تَظُنِّینَ یَا حُمَیْرَاءُ أَنِّی لَا أَعْرِفُكِ أَمَا إِنَّ لِأُمَّتِی مِنْكِ یَوْماً مُرّاً أَوْ یَوْماً أَحْمَرَ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ وَ یَوْمَ كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَجَاءَ أَبُوكِ وَ صَاحِبُهُ یَسْتَأْذِنَانِ فَدَخَلْنَا الْخِدْرَ فَقَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَدْرِی قَدْرَ مُقَامِكَ فِینَا فَلَوْ جَعَلْتَ لَنَا إِنْسَاناً نَأْتِیهِ بَعْدَكَ قَالَ أَمَا إِنِّی أَعْرِفُ مَكَانَهُ وَ أَعْلَمُ مَوْضِعَهُ وَ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ لَتَفَرَّقْتُمْ عَنْهُ كَمَا تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ عَنْ عِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ فَلَمَّا

ص: 163

خَرَجَا خَرَجْتُ إِلَیْهِ أَنَا وَ أَنْتِ وَ كُنْتِ جَرِیئَةً عَلَیْهِ فَقُلْتِ مَنْ كُنْتَ جَاعِلًا لَهُمْ فَقَالَ خَاصِفَ النَّعْلِ وَ كَانَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ صلوات اللّٰه علیه یُصْلِحُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله إِذَا تَخَرَّقَتْ وَ یَغْسِلُ ثَوْبَهُ إِذَا اتَّسَخَ فَقُلْتِ مَا أَرَی إِلَّا عَلِیّاً فَقَالَ هُوَ ذَاكِ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ وَ یَوْمَ جَمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ فِی بَیْتِ مَیْمُونَةَ فَقَالَ یَا نِسَائِی اتَّقِینَ اللَّهَ وَ لَا یَسْفُرْ بِكُنَّ أَحَدٌ أَ تَذْكُرِینَ هَذَا یَا عَائِشَةُ قَالَتْ نَعَمْ مَا أَقْبَلَنِی لِوَعْظِكِ وَ أَسْمَعَنِی لِقَوْلِكِ فَإِنْ أَخْرُجْ فَفِی غَیْرِ حَرَجٍ وَ إِنْ أَقْعُدْ فَفِی غَیْرِ بَأْسٍ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا فَخَرَجَ رَسُولُهَا فَنَادَی فِی النَّاسِ مَنْ أَرَادَ أَنْ یَخْرُجَ فَلْیَخْرُجْ فَإِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ غَیْرُ خَارِجَةٍ فَدَخَلَ عَلَیْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَنَفَثَ فِی أُذُنِهَا وَ قَلْبِهَا فِی الذِّرْوَةِ فَخَرَجَ رَسُولُهَا تُنَادِی مَنْ أَرَادَ أَنْ یَسِیرَ فَلْیَسِرْ فَإِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ خَارِجَةٌ فَلَمَّا كَانَ مِنْ نَدَمِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ حَرْبِ الْجَمَلِ مَا كَانَ أَنْشَأَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ:

لَوْ أَنَّ مُعْتَصِماً مِنْ زَلَّةِ أَحَدٍ***كَانَتْ لِعَائِشَةَ الرُّتْبَی عَلَی النَّاسِ

كَمْ سُنَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ تَارِكَةٌ*** وَ تِلْوِ آیٍ مِنَ الْقُرْآنِ مِدْرَاسٌ

قَدْ یَنْزِعُ اللَّهُ مِنْ نَاسٍ عُقُولَهُمْ***حَتَّی یَكُونَ الَّذِی یَقْضِی عَلَی النَّاسِ

فَیَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ***كَانَتْ تُبَدِّلُ إِیحَاشاً بِإِینَاسٍ

قال أبو العباس ثعلب قوله یقمأ فی بیتك یعنی یأكل و یشرب و قد جمع القرآن ذیلك فلا تبذخیه البذخ النفخ و الریا و الكبر سكنی عقیراك مقامك و بذلك سمی العقار لأنه أصل ثابت و عقر الدار أصلها و عقر المرأة ثمن بضعها فلا تضحی بها قال اللّٰه عز و جل أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِیها وَ لا تَضْحی أی لا تبرز للشمس و

قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله لرجل محرم اضح لمن أحرمت له.

أی اخرج إلی البراز و الموضع الظاهر المنكشف من الأغطیة و الستور الفراطة فی البلاد السعی و الذهاب لا ترأبه النساء لا تضمه النساء و حمادی النساء ما یحمد منهن غض

ص: 164

بالأطراف أی لا یبسطن أطرافهن فی الكلام قصر الوهادة هی جمع وهد و وهاد و الوهاد الموضع المنخفض ناصة قلوصا النص السوق بالعنف و من ذلك

الحدیث عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أنه كان إذا وجد فجوة نص.

أی أسرع و من ذلك نص الحدیث أی رفعه إلی أصله بسرعة من منهل إلی آخر المنهل الذی یشرب منه الماء و مهواك الموضع الذی تهوین و تستقرین فیه قال اللّٰه عز و جل وَ النَّجْمِ إِذا هَوی أی نزل سدافته من السدفة و هی شدة الظلمة قاعة الستر و قاعة الدار صحنها و السدة الباب.

إیضاح:

قال فی النهایة فیه أنه علیه السلام كان یقمأ إلی منزل عائشة كثیرا أی یدخل و قمأت بالمكان قمأ دخلته و أقمت به كذا فسر فی الحدیث قال الزمخشری و منه اقتمأ الشی ء إذا جمعه.

و فی القاموس قمأت الإبل بالمكان أقامت لخصبه فسمنت و تقمأ المكان وافقه فأقام به كقماء.

و بذخ من باب تعب طال أو تكبر و لم أر فی كتب اللغة مجی ء بذخ بمعنی النفخ و لعله قرئ علی بناء الإفعال و استعمل فی هذا المعنی تجوزا أو كان هذا هو الأصل و استعمل فی الكبر تجوزا ثم صار حقیقة فیه.

و الخبب محركة ضرب من العدو و القدید كزبیر اسم واد و موضع قوله أجش له جشیشا بالجیم و الشین المعجمة قال الفیروزآبادی جشه دقه و كسره و الجشیش السویق و حنطة تطحن جلیلا فتجعل فی قدر و یلقی فیه لحم أو تمر فیبطخ و التبذل ترك التزین و لبس ثیاب المهنة و الابتذال ضد الصیانة و لعل المراد هنا جعلهما نفسهما عرضة للطفه كأنهما خلقتا و ابتذلتا كما ورد فی خبر آخر فی كیفیة معاشرة الزوجین و لم تبذل له تبذل الرجل و كان لفظ المصدر المأخوذ منه یحتمل الدال المهملة أیضا فالمراد الزینة و تغییر الثیاب.

أو یوما أحمر أی یوما صعبا شدیدا و یعبر عن الشدة بالحمرة یقال أحمر البأس أی اشتد إما لحمرة النار أو لحمرة الدم.

ص: 165

قوله صلی اللّٰه علیه و آله و لا یسفر بكن أحد قال الجوهری سفرت المرأة كشفت عن وجهها فهی سافر و یقال سفرت أسفر سفورا خرجت إلی السفر فأنا سافر انتهی.

و الظاهر فی الخبر المعنی الأخیر و إن كان المعنی الأول أیضا محتملا.

قوله فی الذروة أی كان هذا النفث حال كونه فی ذروتها و راكبا علی سنامها كنایة عن التسلط علیها و لعل فیه سقطا.

قال فی النهایة فی حدیث الزبیر سأل عائشة الخروج إلی البصرة فأبت علیه فما زال یفتل فی الذروة و الغارب حتی أجابته جعل فتل وبر ذروة البعیر و غاربه مثلا لإزالتها عن رأیها كما یفعل بالجمل النفور إذا أرید تأنیسه و إزالة نفاره انتهی.

و لا یخفی تصحیف الوهادة و بعد ما ذكره ثعلب فی السدافة و إن وردت فی اللغة بهذا المعنی.

و قال ابن أبی الحدید (1) قولها اللّٰه من وراء هذه الأمة أی محیط بهم و حافظ لهم و عالم بأحوالهم كقوله تعالی وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِیطٌ و قال إن بعین اللّٰه مهواك أی إن اللّٰه یری سیرك و حركتك و الهوی الانحدار فی السیر من النجد إلی الغور و علی رسول اللّٰه تردین أی تقدمین فی القیامة و قال وجهت سدافته أی نظمتها بالخرز و الوجیهة خرزة معروفة و عادة العرب أن تنظم علی المحمل خرزات إذا كان للنساء.

و قال و تركت عهیداه لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لقولها عقیراك.

ص: 166


1- ذكره فی شرحه علی المختار: (79) من نهج البلاغة: ج 2 ص 412 طبع الحدیث ببیروت.

قولها و أنت علی تلك أی علی تلك الحال.

قولها أطوع ما تكونین أطوع مبتدأ و إذا لزمته خبر المبتدإ و الضمیر فی لزمته راجع إلی العهد و الأمر الذی أمرت به.

قولها لنهشت به نهش الرقشاء المطرقة أی لعضك و نهشك ما أذكره لك و أذكرك به كما ینهشك أفعی رقشاء و الرقش فی ظهرها هو النقط و الأفعی یوصف بالإطراق و كذلك الأسد و النمر و الرجل الشجاع و كان معاویة یقول فی علی الشجاع المطرق.

«129»-أَقُولُ وَ رَوَی أَحْمَدُ بْنُ أَعْثَمَ الْكُوفِیُّ فِی تَارِیخِهِ أَنَّ عَائِشَةَ أَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهَا أَنْتِ أَقْرَبُ مَنْزِلَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی نِسَائِهِ وَ أَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ مَعَهُ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ یَبْعَثُ إِلَی بَیْتِكِ مَا یُتْحَفُ لَهُ ثُمَّ یَقْسِمُهُ بَیْنَنَا وَ أَنْتِ تَعْلَمِینَ مَا نَالَ عُثْمَانَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ لَا أُنْكِرُ عَلَیْهِمْ إِلَّا أَنَّهُمُ اسْتَتَابُوهُ فَلَمَّا تَابَ وَ رَجَعَ قَتَلُوهُ وَ قَدْ أَخْبَرَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَ كَانَ عَامِلَ عُثْمَانَ عَلَی الْبَصْرَةِ (1) أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ بِالْبَصْرَةِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَ الرِّجَالِ یَطْلُبُونَ بِثَأْرِهِ وَ أَخَافُ الْحَرْبَ بَیْنَ الْمُسْلِمِینَ وَ سَفْكَ الدِّمَاءِ بِغَیْرِ حِلٍّ فَعَزَمْتُ عَلَی الْخُرُوجِ لِأُصْلِحَ بَیْنَهُمْ فَلَوْ خَرَجْتِ مَعَنَا لَرَجَوْنَا أَنْ یُصْلِحَ اللَّهُ بِنَا أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ یَا بِنْتَ أَبِی بَكْرٍ أَ مَا كُنْتِ تُحَرِّضِینَ النَّاسَ عَلَی قَتْلِهِ وَ تَقُولِینَ اقْتُلُوا نَعْثَلًا فَقَدْ كَفَرَ وَ مَا أَنْتِ وَ الطَّلَبَ بِثَأْرِهِ وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ تَیْمِ بْنِ مُرَّةَ مَا بَیْنَكِ وَ بَیْنَهُ قَرَابَةٌ وَ مَا أَنْتِ وَ الْخُرُوجَ عَلَی عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَخِی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدِ اتَّفَقَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ عَلَی إِمَامَتِهِ

ص: 167


1- هذا هو الصواب، و فی الأصل الحاكی: «و كان عامل عثمان علی مكّة ...».

ثُمَّ ذَكَرَتْ طَرَفاً مِنْ مَنَاقِبِهِ وَ عَدَّتْ نُبْذَةً مِنْ فَضَائِلِهِ وَ قَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ وَاقِفاً عَلَی الْبَابِ یَسْمَعُ كَلَامَهَا فَنَادَاهَا یَا أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ عَلِمْنَا بُغْضَكِ لِآلِ الزُّبَیْرِ وَ مَا كُنْتِ مُحِبَّةً لَنَا وَ لَا تُحِبِّینَّا أَبَداً فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَ تُرِیدُ أَنْ نَخْرُجَ عَلَی خَلِیفَةِ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَنْ عَلِمَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَلَّاهُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَ مَا سَمِعْنَا ذَلِكِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَتْ إِنْ كُنْتَ لَمْ تَسْمَعْ فَقَدْ سَمِعَتْهُ خَالَتُكَ هَذِهِ فَاسْأَلِیهَا تُحَدِّثْكَ وَ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ یَقُولُ لِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَنْتَ خَلِیفَتِی فِی حَیَاتِی وَ بَعْدَ مَوْتِی مَنْ عَصَاكَ فَقَدْ عَصَانِی أَ هَكَذَا یَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ نَعَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَشْهَدُ بِهَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَاتَّقِی اللَّهَ یَا عَائِشَةُ وَ احْذَرِی مَا سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ قَدْ قَالَ لَكِ لَا تَكُونِی صَاحِبَةَ كِلَابِ الْحَوْأَبِ وَ لَا یَغُرَّنَّكِ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَإِنَّهُمَا لَا یُغْنِیَانِ عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً فَقَامَتْ عَائِشَةُ مُغْضَبَةً فَخَرَجَتْ مِنْ بَیْتِهَا.

«130»-(1)

وَ قَالَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ فِی شَرْحِ النَّهْجِ رَوَی هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِیُّ فِی كِتَابِ الْجَمَلِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَتَبَتْ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام مِنْ مَكَّةَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ أَشْیَاعَهُمْ أَشْیَاعُ الضَّلَالَةِ یُرِیدُونَ أَنْ یَخْرُجُوا بِعَائِشَةَ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ مَعَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِیزٍ وَ یَذْكُرُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ أَنَّهُمْ یَطْلُبُونَ بِدَمِهِ وَ اللَّهُ كَافِیهِمْ بِحَوْلِهِ وَ قُوَّتِهِ وَ لَوْ لَا مَا نَهَانَا اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْخُرُوجِ وَ أَمَرَنَا بِهِ مِنْ لُزُومِ الْبَیْتِ لَمْ أَدَعِ الْخُرُوجَ إِلَیْكَ وَ النُّصْرَةَ لَكَ وَ لَكِنِّی بَاعِثَةٌ نَحْوَكَ ابْنِی عِدْلَ نَفْسِی عُمَرَ بْنَ أَبِی سَلَمَةَ فَاسْتَوْصِ بِهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ خَیْراً قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ عَلَی عَلِیٍّ علیه السلام أَكْرَمَهُ وَ لَمْ یَزَلْ مُقِیماً مَعَهُ حَتَّی

ص: 168


1- 130- رواه ابن أبی الحدید فی شرح المختار: (79) من نهج البلاغة من شرحه: ج 2 ص 410 ط الحدیث ببیروت.

شَهِدَ مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا وَ وَجَّهَهُ عَلِیٌّ علیه السلام أَمِیراً عَلَی الْبَحْرَیْنِ وَ قَالَ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ بَلَغَنِی أَنَّ عُمَرَ یَقُولُ الشِّعْرَ فَابْعَثْ إِلَیَّ شَیْئاً مِنْ شِعْرِهِ فَبَعَثَ إِلَیْهِ بِأَبْیَاتٍ لَهُ أَوَّلُهَا:

جَزَتْكَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَرَابَةٌ***رَفَعْتَ بِهَا ذِكْرِی جَزَاءً مُوَفَّراً

فَعَجِبَ عَلِیٌّ علیه السلام مِنْ شِعْرِهِ وَ اسْتَحْسَنَهُ قَالَ وَ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ جَاءَتْ عَائِشَةُ إِلَی أُمِّ سَلَمَةَ تُخَادِعُهَا عَلَی الْخُرُوجِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ فَقَالَتْ لَهَا یَا بِنْتَ أَبِی أُمَیَّةَ أَنْتِ أَوَّلُ مُهَاجِرَةٍ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنْتِ كَبِیرَةُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِینَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقْسِمُ لَنَا مِنْ بَیْتِكِ وَ كَانَ جَبْرَئِیلُ أَكْثَرَ مَا یَكُونُ فِی مَنْزِلِكِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِأَمْرٍ مَا قُلْتِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَنِی أَنَّ الْقَوْمَ اسْتَتَابُوا عُثْمَانَ فَلَمَّا تَابَ قَتَلُوهُ صَائِماً فِی شَهْرٍ حَرَامٍ وَ قَدْ عَزَمْتُ الْخُرُوجَ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ مَعِیَ الزُّبَیْرُ وَ طَلْحَةُ فَاخْرُجِی مَعَنَا لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ یُصْلِحَ هَذَا الْأَمْرَ عَلَی أَیْدِینَا وَ بِنَا فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِنَّكِ كُنْتِ بِالْأَمْسِ تُحَرِّضِینَ عَلَی عُثْمَانَ وَ تَقُولِینَ فِیهِ أَخْبَثَ الْقَوْلِ وَ مَا كَانَ اسْمُهُ عِنْدَكِ إِلَّا نَعْثَلًا وَ إِنَّكِ لَتَعْرِفِینَ مَنْزِلَةَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَ فَأُذَكِّرُكِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ أَ تَذْكُرِینَ یَوْمَ أَقْبَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ نَحْنُ مَعَهُ حَتَّی إِذَا هَبَطَ مِنْ قُدَیْدٍ ذَاتَ الشِّمَالِ خَلَا بِعَلِیٍّ یُنَاجِیهِ فَأَطَالَ فَأَرَدْتِ أَنْ تَهْجُمِی عَلَیْهِمَا فَنَهَیْتُكِ فَعَصَیْتِنِی فَهَجَمْتِ عَلَیْهِمَا فَمَا لَبِثْتِ أَنْ رَجَعْتِ بَاكِیَةً فَقُلْتُ مَا شَأْنُكِ فَقُلْتِ إِنِّی هَجَمْتُ عَلَیْهِمَا وَ هُمَا تَتَنَاجَیَانِ فَقُلْتُ لِعَلِیٍّ لَیْسَ لِی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا یَوْمٌ مِنْ تِسْعَةِ أَیَّامٍ فَمَا تَدَعُنِی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ وَ یَوْمِی فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَلَیَّ وَ هُوَ غَضْبَانُ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ فَقَالَ ارْجِعِی وَرَاءَكِ وَ اللَّهِ لَا یُبْغِضُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَیْتِی وَ لَا مِنْ غَیْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَ هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْإِیمَانِ فَرَجَعْتِ نَادِمَةً سَاقِطَةً فَقَالَتْ عَائِشَةُ نَعَمْ أَذْكُرُ ذَلِكِ

ص: 169

قَالَتْ وَ أُذَكِّرُكِ أَیْضاً كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَنْتِ تَغْسِلِینَ رَأْسَهُ وَ أَنَا أَحِیسُ لَهُ حَیْساً وَ كَانَ الْحَیْسُ یُعْجِبُهُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَالَ لَیْتَ شِعْرِی أَیَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ فَتَكُونُ نَاكِبَةً عَنِ الصِّرَاطِ فَرَفَعْتُ یَدِی مِنَ الْحَیْسِ فَقُلْتُ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَی ظَهْرِكِ وَ قَالَ إِیَّاكِ أَنْ تَكُونِیهَا ثُمَّ قَالَ یَا بِنْتَ أَبِی أُمَیَّةَ إِیَّاكِ أَنْ تَكُونِیهَا ثُمَّ قَالَ یَا حُمَیْرَاءُ أَمَا إِنِّی فَقَدْ أَنْذَرْتُكِ قَالَتْ عَائِشَةُ نَعَمْ أَذْكُرُ هَذَا قَالَتْ وَ أُذَكِّرُكِ أَیْضاً كُنْتُ أَنَا وَ أَنْتِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی سَفَرٍ لَهُ وَ كَانَ عَلِیٌّ یَتَعَاهَدُ نَعْلَیْ رَسُولِ اللَّهِ فَیَخْصِفُهُمَا وَ یَتَعَاهَدُ أَثْوَابَهُ فَیَغْسِلُهَا فَنَقِبَتْ لَهُ نَعْلٌ فَأَخَذَهَا یَوْمَئِذٍ یَخْصِفُهَا فِی ظِلِّ سَمُرَةٍ وَ جَاءَ أَبُوكِ وَ مَعَهُ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَا عَلَیْهِ فَقُمْنَا إِلَی الْحِجَابِ وَ دَخَلَا فَحَادَثَاهُ فِیمَا أَرَادَا ثُمَّ قَالا یَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَدْرِی قَدْرَ مَا تَصْحَبُنَا فَلَوْ أَعْلَمْتَنَا مَنْ تَسْتَخْلِفُ عَلَیْنَا لِیَكُونَ لَنَا بَعْدَكَ مَفْزَعاً فَقَالَ لَهُمَا أَمَا إِنِّی قَدْ أَرَی مَكَانَهُ وَ لَوْ فَعَلْتُ لَتَفَرَّقْتُمْ عَنْهُ كَمَا تَفَرَّقَتْ بَنُو إِسْرَائِیلَ عَنْ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ فَسَكَتَا ثُمَّ خَرَجَا فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْتِ لَهُ وَ كُنْتِ أَجْرَأَ عَلَیْهِ مِنَّا مَنْ كُنْتَ یَا رَسُولَ اللَّهِ مُسْتَخْلِفاً عَلَیْهِمْ فَقَالَ خَاصِفَ النَّعْلِ فَنَظَرْنَا فَلَمْ نَرَ أَحَداً إِلَّا عَلِیّاً فَقُلْتُ [فَقُلْتِ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَی إِلَّا عَلِیّاً فَقَالَ هُوَ ذَاكِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ نَعَمْ أَذْكُرُ ذَلِكِ فَقَالَتْ فَأَیَّ خُرُوجٍ تَخْرُجِینَ بَعْدَ هَذَا فَقَالَتْ إِنَّمَا أَخْرُجُ لِلْإِصْلَاحِ بَیْنَ النَّاسِ وَ أَرْجُو فِیهِ الْأَجْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی فَقَالَتْ أَنْتِ وَ رَأْیَكِ فَانْصَرَفَتْ عَائِشَةُ عَنْهَا وَ كَتَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قَالَتْ وَ قِیلَ لَهَا إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام.

ص: 170

باب 3 باب ورود البصرة و وقعة الجمل و ما وقع فیها من الاحتجاج

«131»-(1)

شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ: حِینَ دَخَلَ الْبَصْرَةَ وَ جَمَعَ أَصْحَابَهُ فَحَرَّضَهُمْ عَلَی الْجِهَادِ وَ كَانَ مِمَّا قَالَ- عِبَادَ اللَّهِ انْهَدُوا إِلَی هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مُنْشَرِحَةً صُدُورُكُمْ بِقِتَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ نَكَثُوا بَیْعَتِی وَ أَخْرَجُوا ابْنَ حُنَیْفٍ عَامِلِی بَعْدَ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ وَ الْعُقُوبَةِ الشَّدِیدَةِ وَ قَتَلُوا السَّبَابِجَةَ وَ مَثَّلُوا بِحَكِیمِ بْنِ جَبَلَةَ الْعَبْدِیِّ وَ قَتَلُوا رِجَالًا صَالِحِینَ ثُمَّ تَتَبَّعُوا مِنْهُمْ مَنْ نَجَا یَأْخُذُونَهُمْ فِی كُلِّ حَائِطٍ وَ تَحْتَ كُلِّ رَابِیَةٍ ثُمَّ یَأْتُونَ بِهِمْ فَیَضْرِبُونَ رِقَابَهُمْ صَبْراً مَا لَهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّی یُؤْفَكُونَ* انْهَدُوا إِلَیْهِمْ وَ كُونُوا أَشِدَّاءَ عَلَیْهِمْ وَ الْقَوْهُمْ صَابِرِینَ مُحْتَسِبِینَ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ مُنَازِلُوهُمْ وَ مُقَاتِلُوهُمْ وَ لَقَدْ وَطَّنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَی الطَّعْنِ الدَّعْسِیِّ (2) وَ الضَّرْبِ الطِّلَحْفِیِّ وَ مُبَارَزَةِ الْأَقْرَانِ وَ أَیُّ امْرِئٍ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ رِبَاطَةَ جَأْشٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَ رَأَی مِنْ أَحَدٍ مِنْ

ص: 171


1- 131- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (24) مما اختار من كلم أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 134، ط النجف، و فیه: «و من كلامه علیه السلام حین دخل البصرة .. فكان ممّا قال».
2- هذا هو الصواب فی طبع النجف، من كتاب الإرشاد، و فی ط الكمبانی من البحار: «علی القتل الدعسی ...».

إِخْوَانِهِ فَشَلًا فَلْیَذُبَّ عَنْ أَخِیهِ الَّذِی فُضِّلَ عَلَیْهِ كَمَا یَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُ مِثْلَهُ.

بیان: نهد إلی العدو ینهد بالفتح أی نهض ذكره الجوهری و قال برح به الأمر تبریحا أی جهده و ضربه ضربا مبرحا و قال السبابجة قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة و حراس السجن و الدعسی بفتح الدال و الیاء المشددة قال فی القاموس الدعس شدة الوطء و الطعن و الطعان و المداعسة المطاعنة و الطلحف بكسر الطاء و فتح اللام و سكون الحاء الشدید و سیأتی شرح بعض الفقرات.

«132»-(1)

قب، المناقب لابن شهرآشوب جُمَلُ أَنْسَابِ الْأَشْرَافِ أَنَّهُ زَحَفَ عَلِیٌّ علیه السلام بِالنَّاسِ غَدَاةَ یَوْمِ الْجُمُعَةِ لِعَشْرِ لَیَالٍ خَلَوْنَ مِنْ جُمَادَی الْآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَ ثَلَاثِینَ عَلَی مَیْمَنَتِهِ الْأَشْتَرُ وَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ وَ عَلَی مَیْسَرَتِهِ عَمَّارٌ وَ شُرَیْحُ بْنُ هَانِئٍ وَ عَلَی الْقَلْبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ وَ عَلَی الْجَنَاحِ زِیَادُ بْنُ كَعْبٍ وَ حُجْرُ بْنُ عَدِیٍّ وَ عَلَی الْكُمَّیْنِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ وَ جُنْدَبُ بْنُ زُهَیْرٍ وَ عَلَی الرَّجَّالَةِ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِیُّ وَ أَعْطَی رَایَتَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ ثُمَّ أَوْقَفَهُمْ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ إِلَی صَلَاةِ الظُّهْرِ یَدْعُوهُمْ وَ یُنَاشِدُهُمْ وَ یَقُولُ لِعَائِشَةَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكِ أَنْ تَقَرِّی فِی بَیْتِكِ فَاتَّقِی اللَّهَ وَ ارْجِعِی وَ یَقُولُ لِطَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ خَبَأْتُمَا نِسَاءَكُمَا وَ أَبْرَزْتُمَا زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ اسْتَفْزَزْتُمَاهَا فَیَقُولَانِ إِنَّمَا جِئْنَا لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَ أَنْ یُرَدَّ الْأَمْرُ شُورَی وَ أُلْبِسَتْ عَائِشَةُ دِرْعاً وَ ضُرِبَتْ عَلَی هَوْدَجِهَا صَفَائِحُ الْحَدِیدِ وَ أُلْبِسَ الْهَوْدَجُ

ص: 172


1- 132- رواه محمّد بن علیّ بن شهرآشوب رحمه اللّٰه فی عنوان «ما ظهر منه علیه السلام فی حرب الجمل» من كتاب مناقب آل أبی طالب: ج 2 ص 339 ط النجف.

دِرْعاً وَ كَانَ الْهَوْدَجُ لِوَاءَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ هُوَ عَلَی جَمَلٍ یُدْعَی عَسْكَراً (1) رَوَی ابْنُ مَرْدَوَیْهِ فِی كِتَابِ الْفَضَائِلِ مِنْ ثَمَانِیَةِ طُرُقٍ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَالَ لِلزُّبَیْرِ أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً كُنْتَ مُقْبِلًا بِالْمَدِینَةِ تُحَدِّثُنِی إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ فَرَآكَ مَعِی وَ أَنْتَ تَتَبَسَّمُ إِلَیَّ فَقَالَ لَكَ یَا زُبَیْرُ أَ تُحِبُّ عَلِیّاً فَقُلْتَ وَ كَیْفَ لَا أُحِبُّهُ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مِنَ النَّسَبِ وَ الْمَوَدَّةِ فِی اللَّهِ مَا لَیْسَ لِغَیْرِهِ فَقَالَ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُهُ وَ أَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ فَقُلْتَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَ قَدْ تَظَاهَرَتِ الرِّوَایَاتُ أَنَّهُ قَالَ علیه السلام إِنَّ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لَكَ یَا زُبَیْرُ تُقَاتِلُهُ ظُلْماً وَ ضَرَبَ كَتِفَكَ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَ فَجِئْتَ تُقَاتِلُنِی فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام دَعْ هَذَا بَایَعْتَنِی طَائِعاً ثُمَّ جِئْتَ مُحَارِباً فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا فَقَالَ لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ لَا قَاتَلْتُكَ حِلْیَةُ الْأَوْلِیَاءِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِی لَیْلَی فَلَقِیَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ فَقَالَ جُبْناً جُبْناً فَقَالَ یَا بُنَیَّ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنِّی لَسْتُ بِجَبَانٍ وَ لَكِنْ ذَكَّرَنِی عَلِیٌّ شَیْئاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أُقَاتِلَهُ فَقَالَ دُونَكَ غُلَامَكَ فُلَانٌ أَعْتِقْهُ كَفَّارَةً لِیَمِینِكَ- نُزْهَةُ الْأَبْصَارِ عَنِ ابْنِ مَهْدِیٍّ أَنَّهُ قَالَ هَمَّامٌ الثَّقَفِیُ:

أَ یُعْتِقُ مَكْحُولًا وَ یَعْصِی نَبِیَّهُ***لَقَدْ تَاهَ عَنْ قَصْدِ الْهُدَی ثُمَّ عُوِّقَ (2)

لَشَتَّانَ مَا بَیْنَ الضَّلَالَةِ وَ الْهُدَی***وَ شَتَّانَ مَنْ یَعْصِی الْإِلَهَ وَ یُعْتِقُ

ص: 173


1- من أول الحدیث إلی قوله: «و ألبس الهودج درعا» ذكره البلاذری فی الحدیث: (269) من ترجمة أمیر المؤمنین من كتاب أنساب الأشراف: ج 2 ص 239.
2- كذا فی هامش البحار، و كتب بعده: «خ ل». و فی متن البحار «ثم عرق».

وَ فِی رِوَایَةٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: لَا وَ اللَّهِ بَلْ خِفْتَ سُیُوفَ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمَا إِنَّهَا طِوَالٌ حِدَادٌ تَحْمِلُهَا سَوَاعِدُ أَنْجَادٌ وَ لَئِنْ خِفْتَهَا فَلَقَدْ خَافَهَا الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكَ فَرَجَعَ إِلَی الْقِتَالِ فَقِیلَ لِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنَّهُ قَدْ رَجَعَ فَقَالَ دَعُوهُ فَإِنَّ الشَّیْخَ مَحْمُولٌ عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَ عَضُّوا عَلَی نَوَاجِذِكُمْ وَ أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ رَبِّكُمْ وَ إِیَّاكُمْ وَ كَثْرَةَ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ فَشَلٌ وَ نَظَرَتْ عَائِشَةُ إِلَیْهِ وَ هُوَ یَجُولُ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ فَقَالَتِ انْظُرُوا إِلَیْهِ كَأَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ أَمَا وَ اللَّهِ لَا یَنْتَظِرُ بِكَ إِلَّا زَوَالَ الشَّمْسِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا عَائِشَةُ عَمَّا قَلِیلٍ لَتُصْبِحُنَّ نَادِمِینَ فَجَدَّ النَّاسُ فِی الْقِتَالِ فَنَهَاهُمْ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّی أَعْذَرْتُ وَ أَنْذَرْتُ فَكُنْ لِی عَلَیْهِمْ مِنَ الشَّاهِدِینَ ثُمَّ أَخَذَ الْمُصْحَفَ وَ طَلَبَ مَنْ یَقْرَؤُهُ عَلَیْهِمْ وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَیْنَهُما الْآیَةَ فَقَالَ مُسْلِمٌ الْمُجَاشِعِیُّ هَا أَنَا ذَا فَخَوَّفَهُ بِقَطْعِ یَمِینِهِ وَ شِمَالِهِ وَ قَتْلِهِ فَقَالَ لَا عَلَیْكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَهَذَا قَلِیلٌ فِی ذَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ وَ دَعَاهُمْ إِلَی اللَّهِ فَقُطِعَتْ یَدُهُ الْیُمْنَی فَأَخَذَهُ بِیَدِهِ الْیُسْرَی فَقُطِعَتْ فَأَخَذَهُ بِأَسْنَانِهِ فَقُتِلَ فَقَالَتْ أُمُّهُ:

یَا رَبِّ إِنَّ مُسْلِماً أَتَاهُمْ***بِمُحْكَمِ التَّنْزِیلِ إِذْ دَعَاهُمْ

یَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ لَا یَخْشَاهُمْ***فَرَمَّلُوهُ رُمِّلَتْ لِحَاهُمْ

فَقَالَ علیه السلام الْآنَ طَابَ الضِّرَابُ [أی حلّ القتال وَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ الرَّایَةُ فِی یَدِهِ یَا بُنَیَّ تَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا تَزُلْ عَضَّ عَلَی نَاجِذِكَ أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَكَ تِدْ فِی الْأَرْضِ قَدَمَیْكَ ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَی الْقَوْمِ وَ غُضَّ بَصَرَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنَ اللَّهِ

ص: 174

ثُمَّ صَبَرَ سُوَیْعَةً فَصَاحَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ وَقْعِ النِّبَالِ فَقَالَ علیه السلام تَقَدَّمْ یَا بُنَیَّ فَتَقَدَّمَ وَ طَعَنَ طَعْناً مُنْكَراً وَ قَالَ

اطْعَنْ بِهَا طَعْنَ أَبِیكَ تُحْمَدْ ***لَا خَیْرَ فِی حَرْبٍ إِذَا لَمْ تُوقَدْ

بِالْمَشْرَفِیِّ وَ الْقَنَا الْمُسَدَّدِ*** وَ الضَّرْبِ بِالْخَطِّیِّ وَ الْمُهَنَّدِ

فَأَمَرَ الْأَشْتَرَ أَنْ یَحْمِلَ فَحَمَلَ وَ قَتَلَ هِلَالَ بْنَ وَكِیعٍ صَاحِبَ مَیْمَنَةِ الْجَمَلِ وَ كَانَ زَیْدٌ یَرْتَجِزُ وَ یَقُولُ:

دِینِی دِینِی وَ بَیْعِی وَ بَیْعِی

وَ جَعَلَ مِخْنَفُ بْنُ سُلَیْمٍ یَقُولُ

قَدْ عِشْتِ یَا نَفْسِ وَ قَدْ غَنَیْتِ*** دَهْراً وَ قَبْلَ الْیَوْمِ مَا عَیِیتِ

وَ بَعْدَ ذَا لَا شَكَّ قَدْ فَنِیتِ*** أَ مَا مَلِلْتِ طُولَ مَا حَیِیتِ

فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْیَثْرِبِیِّ قَائِلًا:

یَا رَبِّ إِنِّی طَالِبٌ أَبَا الْحَسَنِ***ذَاكَ الَّذِی یُعْرَفُ حَقّاً بِالْفِتَنِ

فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام قَائِلًا:

إِنْ كُنْتَ تَبْغِی أَنْ تَرَی أَبَا الْحَسَنِ***فَالْیَوْمَ تَلْقَاهُ مَلِیّاً فَاعْلَمَنْ

وَ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً مِجْزَمَةً [مِجْرَفَةً] فَخَرَجَ بَنُو ضَبَّةَ وَ جَعَلَ یَقُولُ بَعْضُهُمْ:

نَحْنُ بَنُو ضَبَّةَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ***وَ الْمَوْتُ أَحْلَی عِنْدَنَا مِنَ الْعَسَلِ

رُدُّوا عَلَیْنَا شَیْخَنَا بِمُرْتَحَلٍ***إِنَّ عَلِیّاً بَعْدُ مِنْ شَرِّ النَّذَلِ

وَ قَالَ آخَرُ:

نَحْنُ بَنُو ضَبَّةَ أَعْدَاءُ عَلِیٍّ***ذَاكَ الَّذِی یُعْرَفُ فِیهِمْ بِالْوَصِیِ

ص: 175

وَ كَانَ عَمْرُو بْنُ الْیَثْرِبِیِّ یَقُولُ:

إِنْ تُنْكِرُونِی فَأَنَا ابْنُ الْیَثْرِبِیِّ***قَاتِلُ عِلْبَاءٍ وَ هِنْدِ الْجَمَلِ

ثُمَّ ابْنِ صُوحَانَ عَلَی دِینِ عَلِیٍ

فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَمَّارٌ قَائِلًا:

لَا تَبْرَحِ الْعَرْصَةَ یَا ابْنَ الْیَثْرِبِیِّ*** أَثْبِتْ أُقَاتِلْكَ عَلَی دِینِ عَلِیٍّ

فَطَعَنَهُ وَ أَرْدَاهُ عَنْ فَرَسِهِ وَ جَرَّ بِرِجْلِهِ إِلَی عَلِیٍّ فَقَتَلَهُ بِیَدِهِ فَخَرَجَ أَخُوهُ قَائِلًا:

أَضْرِبُكُمْ وَ لَوْ أَرَی عَلِیّاً ***عَمَّمْتُهُ أَبْیَضَ مَشْرَفِیّاً

وَ أَسْمَراً عَنَطْنَطاً خَطِّیّاً*** أَبْكِی عَلَیْهِ الْوَلَدَ وَ الْوَلِیَّا

فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ علیه السلام مُتَنَكِّراً وَ هُوَ یَقُولُ:

یَا طَالِباً فِی حَرْبِهِ عَلِیّاً***یَمْنَحُهُ أَبْیَضَ مَشْرَفِیّاً

أَثْبِتْ سَتَلْقَاهُ بِهَا مَلِیّاً*** مُهَذَّباً سَمَیْدَعاً كَمِیّاً

فَضَرَبَهُ فَرَمَی نِصْفَ رَأْسِهِ فَنَادَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَلَفٍ الْخُزَاعِیُّ صَاحِبُ مَنْزِلِ عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ أَ تُبَارِزُنِی فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ وَیْحَكَ یَا ابْنَ خَلَفٍ مَا رَاحَتُكَ فِی الْقَتْلِ وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ أَنَا فَقَالَ ذَرْنِی مِنْ بَذَخِكَ یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ:

إِنْ تَدْنُ مِنِّی یَا عَلِیُّ فِتْراً***فَإِنَّنِی دَانٍ إِلَیْكَ شِبْراً

بِصَارِمٍ یَسْقِیكَ كَأْساً مُرّاً***هَا إِنَّ فِی صَدْرِی عَلَیْكَ وَتْراً

ص: 176

فَبَرَزَ عَلِیٌّ علیه السلام قَائِلًا:

یَا ذَا الَّذِی یَطْلُبُ مِنِّی الْوَتْرَا***إِنْ كُنْتَ تَبْغِی أَنْ تَزُورَ الْقَبْرَا

حَقّاً وَ تَصْلَی بَعْدَ ذَاكَ جَمْراً***فَادْنُ تَجِدْنِی أَسَداً هِزَبْراً

أُصْعِطُكَ الْیَوْمَ زُعَاقاً صَبْراً

فَضَرَبَهُ فَطَیَّرَ جُمْجُمَتَهُ فَخَرَجَ مَازِنٌ الضَّبِّیُّ قَائِلًا:

لَا تَطْمَعُوا فِی جَمْعِنَا الْمُكَلَّلِ***الْمَوْتُ دُونَ الْجَمَلِ الْمُجَلَّلِ

فَبَرَزَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَهْشَلٍ قَائِلًا:

إِنْ تُنْكِرُونِی فَأَنَا ابْنُ نَهْشَلٍ*** فَارِسُ هَیْجَا وَ خَطِیبُ فَیْصَلٍ

فَقَتَلَهُ وَ كَانَ طَلْحَةُ یَحُثُّ النَّاسَ وَ یَقُولُ عِبَادَ اللَّهِ الصَّبْرَ الصَّبْرَ: فِی كَلَامٍ لَهُ الْبَلاذُرِیُّ (1) قَالَ: إِنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَطْلُبُ ثَارِی بِعُثْمَانَ بَعْدَ الْیَوْمِ أَبَداً فَرَمَی طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ رُكْبَتَهُ وَ الْتَفَتَ إِلَی أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَ قَالَ لَقَدْ كَفَیْتُكَ أَحَدَ قَتَلَةِ أَبِیكَ:

مَعَارِفُ الْقُتَیْبِیِّ: إِنَّ مَرْوَانَ قَتَلَ طَلْحَةَ یَوْمَ الْجَمَلِ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ:

وَ قَالَ السَّیِّدُ الْحِمْیَرِیُ:

ص: 177


1- رواه البلاذری فی الحدیث: (304) و ما حوله فی عنوان: «مقتل طلحة» من ترجمة أمیر المؤمنین من أنساب الأشراف: ج 2 ص 246 ط 1.

وَ اخْتَلَّ مِنْ طَلْحَةَ الْمَزْهُوِّ جُنَّتُهُ***سَهْمٌ بِكَفِّ قَدِیمِ الْكُفْرِ غَدَّارٍ

فِی كَفِّ مَرْوَانَ مَرْوَانَ اللَّعِینِ أَرَی***رَهْطَ الْمُلُوكِ مُلُوكِ غَیْرِ أَخْیَارٍ

وَ لَهُ:

وَ اغْتَرَّ طَلْحَةَ عِنْدَ مُخْتَلَفِ الْقَنَا***عَبْلُ الذِّرَاعِ شَدِیدُ أَصْلِ الْمَنْكِبِ

فَاخْتَلَّ حَبَّةَ قَلْبِهِ بِمُدْلِقٍ***رَیَّانُ مِنْ دَمِ جَوْفِهِ الْمُتَصَبِّبُ

فِی مَارِقِینَ مِنَ الْجَمَاعَةِ فَارَقُوا***بَابَ الْهُدَی وَحْیاً الرَّبِیعُ الْمُخْصِبُ

وَ حَمَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی بَنِی ضَبَّةَ فَمَا رَأَیْتُهُمْ إِلَّا كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّیحُ فِی یَوْمٍ عاصِفٍ فَانْصَرَفَ الزُّبَیْرُ فَتَبِعَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ وَ جَزَّ رَأْسَهُ وَ أَتَی بِهِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام الْقِصَّةَ:

قَالَ السَّیِّدُ إِسْمَاعِیلُ الْحِمْیَرِیُّ (1)

أَمَّا الزُّبَیْرُ فَحَاصَ حِینَ بَدَتْ لَهُ***جَاءُوا بِبَرْقٍ فِی الْحَدِیدِ الْأَشْهَبِ

حَتَّی إِذَا أَمِنَ الْحُتُوفَ وَ تَحْتَهُ*** عَارِی النَّوَاهِقِ ذُو نَجَاءٍ صهلب

أَثْوَی ابْنُ جُرْمُوزٍ عُمَیْرٌ شِلْوَهُ*** بِالْقَاعِ مُنْعَفِراً كَشِلْوِ التَّوْلَبِ

وَ قَالَ غَیْرُهُ

طَارَ الزُّبَیْرُ عَلَی إِحْصَارِ ذِی خَضِلٍ*** عَبْلُ الشَّوَی لَاحِقُ الْمَتِینِ مِحْصَارٌ

حَتَّی أَتَی وَادِیاً لَاقَی الْحَمَامَ بِهِ***مِنْ كَفِّ مُحْتَبِسٍ كَالصَّیْدِ مِغْوَارٌ-

فَقَالُوا یَا عَائِشَةُ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ جُرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ كَذَا مِنْ یَدَیْ عَلِیٍّ فَصَالِحِی عَلِیّاً

ص: 178


1- من قوله: «قال الحمیری- إلی قوله- فقالوا: یا عائشة قتل طلحة» مأخوذ من كتاب المناقب و قد سقط عن طبع الكمبانی من بحار الأنوار.

فَقَالَتْ كَبِرَ عَمْرٌو عَنِ الطَّوْقِ وَ جَلَّ أَمْرٌ عَنِ الْعِتَابِ ثُمَّ تَقَدَّمَتْ فَحَزِنَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ قَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ فَجَعَلَ یَخْرُجُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَ یَأْخُذُ الزِّمَامَ حَتَّی قُتِلَ [قُطِعَ] ثَمَانٌ وَ تِسْعُونَ رَجُلًا ثُمَّ تَقَدَّمَهُمْ كَعْبُ بْنُ سُورٍ الْأَزْدِیُّ وَ هُوَ یَقُولُ:

یَا مَعْشَرَ النَّاسِ عَلَیْكُمْ أُمَّكُمْ*** فَإِنَّهَا صَلَاتُكُمْ وَ صَوْمُكُمْ

وَ الْحُرْمَةُ الْعُظْمَی الَّتِی تَعُمُّكُمْ***لَا تَفْضَحُوا الْیَوْمَ فِدَاكُمْ قَوْمُكُمْ

فَقَتَلَهُ الْأَشْتَرُ فَخَرَجَ ابْنُ جُفَیْرٍ الْأَزْدِیُّ یَقُولُ:

قَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ بِمَا لَمْ یُحْذَرْ***وَ النَّبْلَ یَأْخُذَنْ وَرَاءَ الْعَسْكَرِ

وَ أُمُّنَا فِی خِدْرِهَا الْمُشَمَّرِ

فَبَرَزَ إِلَیْهِ الْأَشْتَرُ قَائِلًا:

اسْمَعْ وَ لَا تَعْجَلْ جَوَابَ الْأَشْتَرِ***وَ اقْرُبْ تُلَاقِ كَأْسَ مَوْتٍ أَحْمَرَ

یُنْسِیكَ ذِكْرَ الْجَمَلِ الْمُشَمَّرِ

فَقَتَلَهُ ثُمَّ قَتَلَ عُمَرَ الْغَنَوِیَّ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ ثُمَّ جَالَ فِی الْمَیْدَانِ جَوْلًا وَ هُوَ یَقُولُ:

نَحْنُ بَنُو الْمَوْتِ بِهِ غُذِّینَا

فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَیْرِ فَطَعَنَهُ الْأَشْتَرُ وَ أَرْدَاهُ وَ جَلَسَ عَلَی صَدْرِهِ لِیَقْتُلَهُ فَصَاحَ عَبْدُ اللَّهِ اقْتُلُونِی وَ مَالِكاً وَ اقْتُلُوا مَالِكاً مَعِی فَقَصَدَ إِلَیْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ فَخَلَّاهُ وَ رَكِبَ فَرَسَهُ فَلَمَّا رَأَوْهُ رَاكِباً تَفَرَّقُوا عَنْهُ وَ شَدَّ رَجُلٌ مِنَ الْأَزْدِ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ وَ هُوَ یَقُولُ یَا مَعْشَرَ الْأَزْدِ كُرُّوا فَضَرَبَهُ ابْنُ الْحَنَفِیَّةِ فَقَطَعَ یَدَهُ فَقَالَ یَا مَعْشَرَ الْأَزْدِ فِرُّوا!!!

ص: 179

فَخَرَجَ الْأَسْوَدُ بْنُ الْبَخْتَرِیِّ السُّلَمِیُّ قَائِلًا:

ارْحَمْ إِلَهِی الْكَلَّ مِنْ سُلَیْمٍ***وَ انْظُرْ إِلَیْهِ نَظْرَةَ الرَّحِیمِ

فَقَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فَخَرَجَ جَابِرٌ الْأَزْدِیُّ قَائِلًا:

یَا لَیْتَ أَهْلِی مِنْ عَمَّارٍ حَاضِرِی***مِنْ سَادَةِ الْأَزْدِ وَ كَانُوا نَاصِرِی

فَقَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ خَرَجَ عَوْفٌ الْقَیْنِیُّ قَائِلًا:

یَا أُمِّ یَا أُمِّ خَلَا مِنِّی الْوَطَنُ***لَا أَبْتَغِی الْقَبْرَ وَ لَا أَبْغِی الْكَفَنَ

فَقَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِیَّةِ فَخَرَجَ بِشْرٌ الضَّبِّیُّ قَائِلًا:

ضَبَّةُ أَبْدِی لِلْعِرَاقِ عَمْعَمَةً***وَ أَضْرِمِی الْحَرْبَ الْعَوَانَ الْمُضْرِمَةَ

فَقَتَلَهُ عَمَّارٌ وَ كَانَتْ عَائِشَةُ تُنَادِی بِأَرْفَعِ صَوْتٍ أَیُّهَا النَّاسُ عَلَیْكُمْ بِالصَّبْرِ فَإِنَّمَا یَصْبِرُ الْأَحْرَارُ فَأَجَابَهَا كُوفِیٌ

یَا أُمِّ یَا أُمِّ عُقِقْتِ فَاعْلَمُوا***وَ الْأُمُّ تَغْذُو وُلْدَهَا وَ تَرْحَمُ

أَ مَا تَرَی كَمْ مِنْ شُجَاعٍ یُكْلَمُ***وَ تَجْتَلِی هَامَتُهُ وَ الْمِعْصَمُ

وَ قَالَ آخَرُ:

قُلْتُ لَهَا وَ هِیَ عَلَی مَهْوَاتٍ***إِنَّ لَنَا سِوَاكَ أُمَّهَاتٍ

فِی مَسْجِدِ الرَّسُولِ ثَاوِیَاتٍ

ص: 180

فَقَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عُمَرَ الْأَنْصَارِیُ:

یَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ قَدْ جَاءَ الْأَجَلُ***إِنِّی أَرَی الْمَوْتَ عِیَاناً قَدْ نَزَلَ

فَبَادِرُوهُ نَحْوَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ***مَا كَانَ فِی الْأَنْصَارِ جُبْنٌ وَ فَشَلٌ

فَكُلُّ شَیْ ءٍ مَا خَلَا اللَّهَ جَلَلٌ

وَ قَالَ خُزَیْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ:

لَمْ یَغْضَبُوا لِلَّهِ إِلَّا لِلْجَمَلِ*** وَ الْمَوْتُ خَیْرٌ مِنْ مُقَامٍ فِی خَمَلٍ

وَ الْمَوْتُ أَحْرَی مِنْ فِرَارٍ وَ فَشَلٍ***وَ الْقَوْلُ لَا یَنْفَعُ إِلَّا بِالْعَمَلِ

وَ قَالَ شُرَیْحُ بْنُ هَانِئٍ

لَا عَیْشَ إِلَّا ضَرْبُ أَصْحَابِ الْجَمَلِ*** مَا إِنْ لَنَا بَعْدَ عَلِیٍّ مِنْ بَدَلٍ

وَ قَالَ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ الْمَذْحِجِیُ:

یَا لَكَ حَرْباً جَثَّهَا جِمَالُهَا*** قَائِدَةً یَنْقُصُهَا ضَلَالُهَا

هَذَا عَلِیٌّ حَوْلَهُ أَقْیَالُهَا:

وَ قَالَ سَعِیدُ بْنُ قَیْسٍ الْهَمْدَانِیُ:

قُلْ لِلْوَصِیِّ اجْتَمَعَتْ قَحْطَانُهَا***إِنْ یَكُ حَرْبٌ أَضْرَمَتْ نِیرَانُهَا

وَ قَالَ عَمَّارٌ:

إِنِّی لَعَمَّارٌ وَ شَیْخِی یَاسِرٌ***صَاحٍ كِلَانَا مُؤْمِنٌ مُهَاجِرٌ

طَلْحَةُ فِیهَا وَ الزُّبَیْرُ غَادِرٌ*** وَ الْحَقُّ فِی كَفِّ عَلِیٍّ ظَاهِرٌ

وَ قَالَ الْأَشْتَرُ:

هَذَا عَلِیٌّ فِی الدُّجَی مِصْبَاحٌ***نَحْنُ بِذَا فِی فَضْلِهِ فِصَاحٌ

وَ قَالَ عَدِیُّ بْنُ حَاتِمٍ:

ص: 181

أَنَا عَدِیٌّ وَ نَمَانِی حَاتِمٌ*** هَذَا عَلِیٌّ بِالْكِتَابِ عَالِمٌ

لَمْ یَعْصِهِ فِی النَّاسِ إِلَّا ظَالِمٌ

وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ:

هَذَا عَلِیٌّ قَائِدٌ یُرْضَی بِهِ*** أَخُو رَسُولِ اللَّهِ فِی أَصْحَابِهِ

مِنْ عُودِهِ النَّامِی وَ مِنْ نِصَابِهِ

وَ قَالَ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ الْبَجَلِیُ:

إِنَّ الَّذِینَ قَطَعُوا الْوَسِیلَةَ***وَ نَازَعُوا عَلَی عَلِیٍّ الْفَضِیلَةَ

فِی حَرْبِهِ كَالنَّعْجَةِ الْأَكِیلَةِ

وَ شَكَّتِ السِّهَامُ الْهَوْدَجَ حَتَّی كَأَنَّهُ جَنَاحُ نَسْرٍ أَوْ شَوْكُ قُنْفُذٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مَا أَرَاهُ یُقَاتِلُكُمْ غَیْرُ هَذَا الْهَوْدَجِ اعْقِرُوا الْجَمَلَ وَ فِی رِوَایَةٍ أُخْرَی عَرْقِبُوهُ فَإِنَّهُ شَیْطَانٌ وَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ انْظُرْ إِذَا عُرْقِبَ الْجَمَلُ فَأَدْرِكْ أُخْتَكَ فَوَارِهَا فَعُرْقِبَ رِجْلٌ مِنْهُ فَدَخَلَ تَحْتَهُ رَجُلٌ ضَبِّیٌّ ثُمَّ عَرْقَبَ [رِجْل] أُخْرَی [مِنْهُ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَوَقَعَ عَلَی جَنْبِهِ فَقَطَعَ عَمَّارٌ نِسْعَهُ فَأَتَاهُ عَلِیٌّ وَ دَقَّ رُمْحَهُ عَلَی الْهَوْدَجِ وَ قَالَ یَا عَائِشَةُ أَ هَكَذَا أَمَرَكِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله أَنْ تَفْعَلِی فَقَالَتْ یَا أَبَا الْحَسَنِ ظَفِرْتَ فَأَحْسِنْ وَ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ فَقَالَ عَلِیٌّ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِی بَكْرٍ شَأْنَكَ وَ أُخْتَكَ فَلَا یَدْنُو أَحَدٌ مِنْهَا سِوَاكَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ فَقُلْتُ لَهَا مَا فَعَلْتِ بِنَفْسِكِ عَصَیْتِ رَبَّكِ وَ هَتَكْتِ سِتْرَكِ ثُمَّ أَبَحْتِ حُرْمَتَكِ وَ تَعَرَّضْتِ لِلْقَتْلِ فَذَهَبَ بِهَا إِلَی دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِیِّ فَقَالَتْ أَقْسَمْتُ عَلَیْكَ أَنْ تَطْلُبَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ جَرِیحاً كَانَ أَوْ قَتِیلًا

ص: 182

فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ هَدَفاً لِلْأَشْتَرِ فَانْصَرَفَ مُحَمَّدٌ إِلَی الْعَسْكَرِ فَوَجَدَهُ فَقَالَ اجْلِسْ یَا مَیْشُومَ [مَشْئُومَ أَهْلِ بَیْتِهِ فَأَتَاهَا بِهِ فَصَاحَتْ وَ بَكَتْ ثُمَّ قَالَتْ یَا أَخِی اسْتَأْمِنْ لَهُ مِنْ عَلِیٍّ فَأَتَی مُحَمَّدٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَاسْتَأَمَنَ لَهُ مِنْهُ فَقَالَ علیه السلام أَمِنْتُهُ وَ أَمِنْتُ جَمِیعَ النَّاسِ وَ كَانَتْ وَقْعَةُ الْجَمَلِ بِالْخُرَیْبَةِ وَ وَقَعَ الْقِتَالُ بَعْدَ الظُّهْرِ وَ انْقَضَی عِنْدَ الْمَسَاءِ فَكَانَ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِشْرُونَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْبَدْرِیُّونَ ثَمَانُونَ رَجُلًا وَ مِمَّنْ بَایَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ مِائَتَانِ وَ خَمْسُونَ وَ مِنَ الصَّحَابَةِ أَلْفٌ وَ خَمْسُمِائَةِ رَجُلٍ وَ كَانَتْ عَائِشَةُ فِی ثَلَاثِینَ ألف [أَلْفاً] أَوْ یَزِیدُونَ مِنْهَا الْمَكِّیُّونَ سِتُّ مِائَةِ رَجُلٍ قَالَ قَتَادَةُ قُتِلَ یَوْمَ الْجَمَلِ عِشْرُونَ أَلْفاً وَ قَالَ الْكَلْبِیُّ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَلْفُ رَاجِلٍ وَ سَبْعُونَ فَارِساً مِنْهُمْ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ وَ هِنْدٌ الْجَمَلِیُّ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدِیُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُقَیَّةَ وَ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ وَ الْكَلْبِیُّ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ مِنَ الْأَزْدِ خَاصَّةً أَرْبَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَ مِنْ بَنِی عَدِیٍّ وَ مَوَالِیهِمْ تِسْعُونَ رَجُلًا وَ مِنْ بَنِی بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثَمَانُمِائَةِ رَجُلٍ وَ مِنْ بَنِی حَنْظَلَةَ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ وَ مِنْ بَنِی نَاجِیَةَ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ وَ الْبَاقِی مِنْ أَخْلَاطِ النَّاسِ إِلَی تَمَامِ تِسْعَةِ آلَافٍ إِلَّا تِسْعِینَ رَجُلًا الْقُرَشِیُّونَ مِنْهُمْ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَكِیمِ بْنِ حِزَامٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَافِعِ بْنِ طَلْحَةَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَیِّ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِیُّ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَعَدٍّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعَدٍّ وَ عَرْقَبَ الْجَمَلَ أَوَّلًا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ یُقَالُ الْمُسْلِمُ بْنُ عَدْنَانَ وَ یُقَالُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ یُقَالُ رَجُلٌ ذُهْلِیٌّ وَ قِیلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صُرَدَ التَّنُوخِیِّ لِمَ عَرْقَبْتَ الْجَمَلَ فَقَالَ:

عَقَرْتُ وَ لَمْ أَعْقِرْ بِهَا لِهَوَانِهَا***عَلَیَّ وَ لَكِنِّی رَأَیْتُ الْمَهَالِكَا

ص: 183

إِلَی قَوْلِهِ:

فَیَا لَیْتَنِی عَرْقَبْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَا

(1) وَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَیْفٍ:

شَهِدْتُ الْحُرُوبَ فَشَیَّبْنَنِی*** فَلَمْ أَرَ یَوْماً كَیَوْمِ الْجَمَلِ

أَشَدَّ عَلَی مُؤْمِنٍ فِتْنَةً*** وَ أَقْتَلَ مِنْهُمْ لِحَرْقٌ بَطَلٌ

فَلَیْتَ الظَّعِینَةَ فِی بَیْتِهَا*** وَ یَا لَیْتَ عَسْكَرٌ لَمْ یَرْتَحِلْ

بیان: رحله بالدم أی لطخه و المشرفیة سیوف نسب إلی مشارف و هی قری من أرض العرب تدنو من الریف ذكره الجوهری و قال المهند السیف المطبوع من حدید الهند:

و قال الفیروزآبادی جرفه جرفا و جرفة ذهبت به كله و النذل الخسیس من الناس و الأسمر الرمح و العنطنط الطویل و الخط موضع بالیمامة تنسب إلیه الرماح الخطیة لأنها تحمل من بلاد الهند فتقوم به و الملئ بالهمز و قد یخفف الثقة و بغیر همز طائفة من الزمان و السمیدع بالفتح السید الموطوء الأكتاف و الكمی الشجاع المتكمی فی سلاحه لأنه كمی نفسه أی سترها بالدرع و البیضة و البذخ الكبر و الفتر بالكسر ما بین طرف السبابة و الإبهام إذا فتحتهما و الصارم السیف القاطع و الوتر بالفتح و الكسر الحقد و طلب الدم و الهزبر الأسد و سعطه الدواء كمنعه و نصره و أسعطه أدخله فی أنفه و أسعطه الرمح طعنه به فی أنفه و السعیط دردی الخمر و صعطه و أصعطه سعطه و اختله بسهم أی انتظمه و رجل عبل الذراعین أی ضخمهما و دلق السیف من غمده أخرجه و الحیا بالقصر الخصب و المطر:

قولها كبر عمرو عن الطوق أی لم یبق للصلح مجال

ص: 184


1- و إلیك بقیة الأبیات كاملة: وما زالت الحرب العوان تحثها *** بنوها بها حتی هوی القود باركا فأضجعته بعد البروك لجنبه *** فخر صریعا كالثنیة مالكا فكانت شرارا إذ أطیفت بوقعه *** فیا لیتنی عرقبته قبل ذالكا

قال الزمخشری فی المستقصی هو عمرو بن عدی ابن أخت جذیمة قد طوق صغیرا ثم استهوته الجن مدة فلما عاد همت أمه بإعادة الطوق إلیه فقال جذیمة ذلك:

و قیل إنها نظفته و طوقته و أمرته بزیارة خاله فلما رأی لحیته و الطوق قال ذلك انتهی و العماعم الجماعات المتفرقة و العوان من الحرب التی قوتل فیها مرة:

و الجلل بالتحریك العظیم و الهین و هو من الأضداد و شكه بالرمح انتظمه.

«133»-(1)

شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ سَمِعْتُهُ یَقُولُ دَخَلَ عَلَیَّ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَسَأَلُونِی عَنْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ فَقُلْتُ لَهُمْ كَانَا إِمَامَیْنِ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ إِنَّ عَلِیّاً یَوْمَ الْبَصْرَةِ لَمَّا صَفَّ الْخُیُولَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ لَا تَعْجَلُوا عَلَی الْقَوْمِ حَتَّی أُعْذَرَ فِیمَا بَیْنِی وَ بَیْنَ اللَّهِ وَ بَیْنَهُمْ فَقَامَ إِلَیْهِمْ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ هَلْ تَجِدُونَ عَلَیَّ جَوْراً فِی حُكْمٍ قَالُوا لَا قَالَ فَحَیْفاً فِی قَسْمٍ قَالُوا لَا قَالَ فَرَغْبَةٌ فِی دُنْیَا أَصَبْتُهَا لِی وَ لِأَهْلِ بَیْتِی دُونَكُمْ فَنَقَمْتُمْ عَلَیَّ فَنَكَثْتُمْ عَلَیَّ بَیْعَتِی قَالُوا لَا قَالَ فَأَقَمْتُ فِیكُمُ الْحُدُودَ وَ عَطَّلْتُهَا عَنْ غَیْرِكُمْ قَالُوا لَا قَالَ فَمَا بَالُ بَیْعَتِی تُنْكَثُ وَ بَیْعَةُ غَیْرِی لَا تُنْكَثُ إِنِّی ضَرَبْتُ الْأَمْرَ أَنْفَهُ وَ عَیْنَیْهِ وَ لَمْ أَجِدْ إِلَّا الْكُفْرَ أَوِ السَّیْفَ ثُمَّ ثَنَی إِلَی أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ فِی كِتَابِهِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ وَ اصْطَفَی مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ إِنَّهُمْ لَأَصْحَابُ هَذِهِ الْآیَةِ وَ مَا قُوتِلُوا مُنْذُ نَزَلَتْ.

ص: 185


1- 133- 134 و رواهما العیّاشیّ مع أحادیث أخر فی تفسیر الآیة: (11) من سورة الأنفال من تفسیره. ورواهما عنه السید هاشم البحرانی رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیر البرهان: ج ٢ ص ١٠٧.

«134»-(1)

ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِیدِ وَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ جَمِیعاً عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِیرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ.

«135»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی الطُّفَیْلِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ وَ هُوَ یُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَی قِتَالِهِمْ وَ یَقُولُ وَ اللَّهِ مَا رُمِیَ أَهْلُ هَذِهِ الْآیَةِ بِكِنَانَةٍ قَبْلَ الْیَوْمِ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ فَقُلْتُ لِأَبِی الطُّفَیْلِ مَا الْكِنَانَةُ قَالَ السَّهْمُ مَوْضِعَ الْحَدِیدِ فِیهِ عَظْمٌ یُسَمِّیهِ بَعْضُ الْعَرَبِ الْكِنَانَةَ.

بیان: الكنانة بهذا المعنی غیر معروف فیما عندنا من كتب اللغة.

«136»-(2)

جا، المجالس للمفید الْمَرَاغِیُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِیهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ یَزِیدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مُخْتَارٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ حُذَیْفَةَ الْیَمَانِیَّ قَبْلَ أَنْ یُقْتَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِسَنَةٍ وَ هُوَ یَقُولُ كَأَنِّی بِأُمِّكُمُ الْحُمَیْرَاءِ قَدْ سَارَتْ یُسَاقَ بِهَا عَلَی جَمَلٍ وَ أَنْتُمْ آخِذُونَ بِالشَّوَی وَ الذَّنَبِ مَعَهَا الْأَزْدُ أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ وَ أَنْصَارُهَا بَنِی ضَبَّةَ جَدَّ اللَّهُ أَقْدَامَهُمْ قَالَ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ وَ بَرَزَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ نَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا یَبْدَأَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِقِتَالٍ حَتَّی آمُرَكُمْ قَالَ فَرَمَوْا فِینَا فَقُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ رُمِینَا فَقَالَ كُفُّوا ثُمَّ رَمَوْنَا فَقَتَلُوا مِنَّا قُلْنَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ قَتَلُونَا فَقَالَ احْمِلُوا عَلَی بَرَكَةِ اللَّهِ قَالَ فَحَمَلْنَا عَلَیْهِمْ فَأَنْشَبَ بَعْضُنَا فِی بَعْضٍ الرِّمَاحَ حَتَّی لَوْ مَشَی مَاشٍ لَمَشَی عَلَیْهَا ثُمَّ نَادَی مُنَادِی عَلِیٍّ علیه السلام عَلَیْكُمْ بِالسُّیُوفِ فَجَعَلْنَا نَضْرِبُ بِهَا الْبِیضَ فَتَنْبُو لَنَا قَالَ فَنَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْكُمْ بِالْأَقْدَامِ قَالَ فَمَا رَأَیْنَا یَوْماً كَانَ أَكْثَرَ قَطْعَ أَقْدَامٍ مِنْهُ قَالَ فَذَكَرْتُ حَدِیثَ حُذَیْفَةَ أَنْصَارُهَا بَنِی ضَبَّةَ جَدَّ اللَّهُ أَقْدَامَهُمْ فَعَلِمْتُ

ص: 186


1- 134 رواه الحمیری رحمه اللّٰه فی الحدیث: (311) من كتاب قرب الإسناد، ص 46. ورواه عنه البحرانی فی تفسیر البرهان: ج ٢ ص ١٠٦.
2- 136 رواه الشیخ المفید فی الحدیث: (7) من أمالیه ص 59.

أَنَّهَا دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ ثُمَّ نَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْكُمْ بِالْبَعِیرِ فَإِنَّهُ شَیْطَانٌ قَالَ فَعَقَرَهُ رَجُلٌ بِرُمْحِهِ وَ قَطَعَ إِحْدَی یَدَیْهِ رَجُلٌ آخَرُ فَبَرَكَ وَ رَغَا وَ صَاحَتْ عَائِشَةُ صَیْحَةً شَدِیدَةً فَوَلَّی النَّاسُ مُنْهَزِمِینَ فَنَادَی مُنَادِی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَا تُجِیزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَبْتَغُوا مُدْبِراً وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ.

بیان: الشوی بفتح الشین الیدان و الرجلان و الرأس من الآدمیین و شوی الفرس قوائمه ذكره الجوهری و قال جددت الشی ء أجده جدا قطعته و قال نبأ السیف إذا لم یعمل فی الضریبة و قال قال الأصمعی أجهزت علی الجریح إذا أسرعت قتله و تممت علیه و لا تقل أجزت علی الجریح انتهی.

و الروایة مع ضبط النسخ تدل علی كونه فصیحا بهذا المعنی.

«137»-(1)

قب، المناقب لابن شهرآشوب دَعَا أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِیَّةِ یَوْمَ الْجَمَلِ فَأَعْطَاهُ رُمْحَهُ وَ قَالَ لَهُ اقْصِدْ بِهَذَا الرُّمْحِ قَصْدَ الْجَمَلِ فَذَهَبَ فَمَنَعُوهُ بَنُو ضَبَّةَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَی وَالِدِهِ انْتَزَعَ الْحَسَنُ رُمْحَهُ مِنْ یَدِهِ وَ قَصَدَ قَصْدَ الْجَمَلِ وَ طَعَنَهُ بِرُمْحِهِ وَ رَجَعَ إِلَی وَالِدِهِ وَ عَلَی رُمْحِهِ أَثَرُ الدَّمِ فَتَمَغَّرَ وَجْهُ مُحَمَّدٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَأْنَفْ فَإِنَّهُ ابْنُ النَّبِیِّ وَ أَنْتَ ابْنُ عَلِیٍّ.

«138»-(2)

كش، رجال الكشی جَبْرَئِیلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَی بْنِ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِیِّ عَنْ وَاصِلِ بْنِ سُلَیْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ

ص: 187


1- 137- رواه ابن شهرآشوب فی عنوان: «سیادة الحسن علیه السلام» فی ترجمته من مناقب آل أبی طالب: ج 3 ص 185.
2- 138 رواه الكشّیّ رحمه اللّٰه فی ترجمة زید بن صوحان تحت الرقم: (18) من رجاله ص 63.

عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا صُرِعَ زَیْدُ بْنُ صُوحَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَوْمَ الْجَمَلِ جَاءَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ رَحِمَكَ اللَّهُ یَا زَیْدُ قَدْ كُنْتَ خَفِیفَ الْمَئُونَةِ عَظِیمَ الْمَعُونَةِ قَالَ فَرَفَعَ زَیْدٌ رَأْسَهُ إِلَیْهِ ثُمَّ قَالَ وَ أَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَیْراً یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا بِاللَّهِ عَلِیماً وَ فِی أُمِّ الْكِتَابِ عَلِیّاً حَكِیماً وَ إِنَّ اللَّهَ فِی صَدْرِكَ لَعَظِیمٌ وَ اللَّهِ مَا قَتَلْتُ مَعَكَ عَلَی جَهَالَةٍ وَ لَكِنِّی سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِیِّ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِیٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ فَكَرِهْتُ وَ اللَّهِ أَنْ أَخْذُلَكَ فَیَخْذُلَنِیَ اللَّهُ.

«139»-(1)

ختص، الإختصاص جَعْفَرُ بْنُ الْحُسَیْنِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَایِخِنَا عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْیَرِیِّ عَنْ أَبِیهِ عَنْ مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ الدِّهْقَانِ عَنْ وَاصِلٍ مِثْلَهُ.

«140»-(2)

كشف، كشف الغمة لَمَّا تَرَاءَی الْجَمْعَانِ وَ تَقَارَبَا وَ رَأَی عَلِیٌّ تَصْمِیمَ عَزْمِهِمْ عَلَی قِتَالِهِ فَجَمَعَ أَصْحَابَهُ وَ خَطَبَهُمْ خُطْبَةً بَلِیغَةً قَالَ فِیهَا وَ اعْلَمُوا أَیُّهَا النَّاسُ أَنِّی قَدْ تَأَنَّیْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَ رَاقَبْتُهُمْ وَ نَاشَدْتُهُمْ كَیْمَا یَرْجِعُوا وَ یَرْتَدِعُوا فَلَمْ یَفْعَلُوا وَ لَمْ یَسْتَجِیبُوا وَ قَدْ بَعَثُوا إِلَیَّ أَنْ أَبْرُزَ إِلَی الطِّعَانِ وَ أَثْبُتَ لِلْجِلَادِ وَ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا أُدْعَی إِلَیْهَا وَ قَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا مِنْهَا (3) فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الَّذِی فَلَلْتُ حَدَّهُمْ وَ فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ فَبِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی وَ أَنَا عَلَی بَیِّنَةٍ مِنْ رَبِّی لِمَا وَعَدَنِی مِنَ النَّصْرِ وَ الظَّفَرِ وَ إِنِّی لَعَلَی غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ أَمْرِی

ص: 188


1- 139- رواه الشیخ المفید فی الحدیث: (134) فی أوائل كتاب الاختصاص ص 74 ط النجف.
2- 140- رواه الإربلیّ فی وقعة الجمل من كشف الغمّة: ج 1، 240.
3- هذا هو الظاهر الموافق لما رویناه عن مصادر فی المختار: (95) و تالیه من كتاب نهج السعادة: ج 1، ص 309- 316، و فی كشف الغمّة و طبع الكمبانی من البحار: «من راماها منها». فكلمة «منها» لا مورد لها.

أَلَا وَ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ وَ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ یَمُتْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسُ عَلِیٍّ بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ أَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ مِیتَةٍ عَلَی الْفِرَاشِ ثُمَّ رَفَعَ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ أَعْطَانِی صَفْقَةَ یَمِینِهِ طَائِعاً ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتِی اللَّهُمَّ فَعَاجِلْهُ وَ لَا تُمْهِلْهُ وَ إِنَّ الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ قَطَعَ قَرَابَتِی وَ نَكَثَ عَهْدِی وَ ظَاهَرَ عَدُوِّی وَ نَصَبَ الْحَرْبَ لِی وَ هُوَ یَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ لِی اللَّهُمَّ فَاكْفِنِیهِ كَیْفَ شِئْتَ وَ أَنَّی شِئْتَ ثُمَّ تَقَارَبُوا وَ تَعُبُّوا لَابِسِی سِلَاحِهِمْ وَ دُرُوعِهِمْ مُتَأَهِّبِینَ لِلْحَرْبِ كُلُّ ذَلِكَ وَ عَلِیٌّ علیه السلام بَیْنَ الصَّفَّیْنِ عَلَیْهِ قَمِیصٌ وَ رِدَاءٌ وَ عَلَی رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَ هُوَ رَاكِبٌ عَلَی بَغْلَةٍ فَلَمَّا رَأَی أَنَّهُ لَمْ یَبْقَ إِلَّا مُصَافَحَةُ الصِّفَاحِ وَ الْمُطَاعَنَةُ بِالرِّمَاحِ صَاحَ بِأَعْلَی صَوْتِهِ أَیْنَ الزُّبَیْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فَلْیَخْرُجْ إِلَیَّ فَقَالَ النَّاسُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تَخْرُجُ إِلَی الزُّبَیْرِ وَ أَنْتَ حَاسِرٌ وَ هُوَ مُدَجِّجٌ فِی الْحَدِیدِ فَقَالَ علیه السلام لَیْسَ عَلَیَّ مِنْهُ بَأْسٌ ثُمَّ نَادَی ثَانِیَةً فَخَرَجَ إِلَیْهِ الزُّبَیْرُ وَ دَنَا مِنْهُ حَتَّی وَاقَفَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا حَمَلَكَ عَلَی مَا صَنَعْتَ فَقَالَ الطَّلَبُ بِدَمِ عُثْمَانَ فَقَالَ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ قَتَلْتُمُوهُ فَیَجِبُ عَلَیْكَ أَنْ تُقِیدَ مِنْ نَفْسِكَ وَ لَكِنْ أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَا زُبَیْرُ أَ تُحِبُّ عَلِیّاً فَقُلْتَ وَ مَا یَمْنَعُنِی مِنْ حَبِّهِ وَ هُوَ ابْنُ خَالِی فَقَالَ لَكَ أَمَا أَنْتَ فَسَتَخْرُجُ عَلَیْهِ یَوْماً وَ أَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ فَقَالَ الزُّبَیْرُ اللَّهُمَّ بَلَی فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِی أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَی نَبِیِّهِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله مِنْ عِنْدِ ابْنِ عَوْفٍ وَ أَنْتَ مَعَهُ وَ هُوَ آخِذٌ بِیَدِكَ فَاسْتَقْبَلْتُهُ أَنَا فَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَضَحِكَ فِی وَجْهِی فَضَحِكْتُ أَنَا إِلَیْهِ فَقُلْتَ أَنْتَ لَا یَدَعُ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ زَهْوَهُ أَبَداً فَقَالَ لَكَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله مَهْلًا یَا زُبَیْرُ فَلَیْسَ بِهِ زَهْوٌ وَ لَتَخْرُجَنَ

ص: 189

عَلَیْهِ یَوْماً وَ أَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ فَقَالَ الزُّبَیْرُ اللَّهُمَّ بَلَی وَ لَكِنْ أُنْسِیتُ فَأَمَّا إِذَا ذَكَّرْتَنِی ذَلِكَ فَلَأَنْصَرِفَنَّ عَنْكَ وَ لَوْ ذَكَرْتُ هَذَا لَمَا خَرَجْتُ عَلَیْكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَی عَائِشَةَ فَقَالَتْ مَا وَرَاءَكَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ الزُّبَیْرُ وَ اللَّهُ وَرَائِی إِنِّی مَا وَقَفْتُ مَوْقِفاً فِی شِرْكٍ وَ لَا إِسْلَامٍ إِلَّا وَ لِیَ فِیهِ بَصِیرَةٌ وَ أَنَا الْیَوْمَ عَلَی شَكٍّ مِنْ أَمْرِی وَ مَا أَكَادُ أُبْصِرُ مَوْضِعَ قَدَمِی ثُمَّ شَقَّ الصُّفُوفَ وَ خَرَجَ مِنْ بَیْنِهِمْ وَ نَزَلَ عَلَی قَوْمٍ مِنْ بَنِی تَمِیمٍ فَقَامَ إِلَیْهِ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ الْمُجَاشِعِیُّ فَقَتَلَهُ حِینَ نَامَ وَ كَانَ فِی ضِیَافَتِهِ فَنَفَذَتْ دَعْوَةُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فِیهِ وَ أَمَّا طَلْحَةُ فَجَاءَهُ سَهْمٌ وَ هُوَ قَائِمٌ لِلْقِتَالِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ ثُمَّ حَلَفَ حِینَ قَرَأَهَا أَنَّهُ مَا قُوتِلَ عَلَیْهَا مُنْذُ نَزَلَتْ حَتَّی الْیَوْمِ وَ اتَّصَلَ الْحَرْبُ وَ كَثُرَ الْقَتْلُ وَ الْجُرُوحُ ثُمَّ تَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَجَالَ بَیْنَ الصُّفُوفِ وَ قَالَ أَیْنَ أَبُو الْحَسَنِ فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ وَ شَدَّ عَلَیْهِ وَ ضَرَبَهُ بِالسَّیْفِ فَأَسْقَطَ عَاتِقَهُ وَ وَقَعَ قَتِیلًا فَوَقَفَ عَلَیْهِ وَ قَالَ لَقَدْ رَأَیْتَ أَبَا الْحَسَنِ فَكَیْفَ وَجَدْتَهُ وَ لَمْ یَزَلِ الْقَتْلُ یُؤَجِّجُ نَارَهُ وَ الْجَمَلُ یُفْنِی أَنْصَارَهُ حَتَّی خَرَجَ رَجُلٌ مُدَجِّجٌ یُظْهِرُ بَأْساً وَ یُعَرِّضُ بِعَلِیٍّ [بِذِكْرِ عَلِیٍ خ ل] حَتَّی قَالَ:

أَضْرِبُكُمْ وَ لَوْ أَرَی عَلِیّاً*** عَمَّمْتُهُ أَبْیَضَ مَشْرَفِیّاً

فَخَرَجَ إِلَیْهِ عَلِیٌّ مُتَنَكِّراً وَ ضَرَبَهُ عَلَی وَجْهِهِ فَرَمَی بِنِصْفِ قِحْفِ رَأْسِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَمِعَ صَائِحاً مِنْ وَرَائِهِ فَالْتَفَتَ فَرَأَی ابْنَ أَبِی خَلَفٍ الْخُزَاعِیِّ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ فَقَالَ هَلْ لَكَ یَا عَلِیُّ فِی الْمُبَارَزَةِ فَقَالَ عَلِیٌّ مَا أَكْرَهُ ذَلِكَ وَ لَكِنْ وَیْحَكَ یَا ابْنَ أَبِی خَلَفٍ مَا رَاحَتُكَ فِی الْقَتْلِ وَ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ أَنَا فَقَالَ ذَرْنِی یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ مِنْ بَذَخِكَ بِنَفْسِكَ وَ ادْنُ مِنِّی لِتَرَی أَیُّنَا یَقْتُلُ صَاحِبَهُ

ص: 190

فَثَنَّی عَلِیٌّ عِنَانَ فَرَسِهِ إِلَیْهِ فَبَدَرَهُ ابْنُ خَلَفٍ بِضَرْبَةٍ فَأَخَذَهَا عَلِیٌّ فِی جَحْفَتِهِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَیْهِ بِضَرْبَةٍ أَطَارَ بِهَا یَمِینَهُ ثُمَّ ثَنَّی بِأُخْرَی أَطَارَ بِهَا قِحْفَ رَأْسِهِ وَ اسْتَعَرَّ [أی فشا] الْحَرْبُ حَتَّی عُقِرَ الْجَمَلُ فَسَقَطَ وَ قَدِ احْمَرَّتِ الْبَیْدَاءُ بِالدِّمَاءِ وَ خُذِلَ الْجَمَلُ وَ حِزْبُهُ وَ قَامَتِ النَّوَادِبُ بِالْبَصْرَةِ عَلَی الْقَتْلَی وَ كَانَ عِدَّةُ مَنْ قُتِلَ مِنْ جُنْدِ الْجَمَلِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفاً وَ سَبْعَمِائَةٍ وَ تِسْعِینَ إِنْسَاناً وَ كَانُوا ثَلَاثِینَ أَلْفاً فَأَتَی الْقَتْلُ عَلَی أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهِمْ وَ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام أَلْفٌ وَ سَبْعُونَ رَجُلًا وَ كَانُوا عِشْرِینَ أَلْفاً وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْمَعْرُوفُ بِالسَّجَّادِ قَدْ خَرَجَ مَعَ أَبِیهِ وَ أَوْصَی عَلِیٌّ علیه السلام أَنْ لَا یَقْتُلَهُ مَنْ عَسَاهُ أَنْ یَظْفَرَ بِهِ وَ كَانَ شِعَارُ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام حم* فَلَقِیَهُ شُرَیْحُ بْنُ أَوْفَی الْعَبْسِیُّ مِنْ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فَطَعَنَهُ فَقَالَ «حم» وَ قَدْ سَبَقَ كَمَا قِیلَ السَّیْفُ الْعَذَلَ فَأَتَی عَلَی نَفْسِهِ وَ قَالَ شُرَیْحٌ هَذَا:

وَ أَشْعَثُ قَوَّامٌ بِآیَاتِ رَبِّهِ*** قَلِیلُ الْأَذَی فِیمَا تَرَی الْعَیْنُ مُسْلِمٌ

شَكَكْتَ بِصَدْرِ الرُّمْحِ حَبِیبَ قَمِیصِهِ***فَخَرَّ صَرِیعاً لِلْیَدَیْنِ وَ لِلْفَمِ

عَلَی غَیْرِ شَیْ ءٍ غَیْرَ أَنْ لَیْسَ تَابِعاً***عَلِیّاً وَ مَنْ لَمْ یَتْبَعِ الْحَقَّ یَنْدَمُ

یُذَكِّرُنِی حم* وَ الرُّمْحُ شَاجِرٌ***فَهَلَّا تَلَا حم* قَبْلَ التَّقَدُّمِ

وَ جَاءَ عَلِیٌّ حَتَّی وَقَفَ عَلَیْهِ وَ قَالَ هَذَا رَجُلٌ قَتَلَهُ بِرُّهُ بِأَبِیهِ وَ كَانَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ قَدْ لَقِیَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَیْرِ فِی الْمَعْرَكَةِ وَ وَقَعَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَی الْأَرْضِ وَ الْأَشْتَرُ فَوْقَهُ فَكَانَ یُنَادِی اقْتُلُونِی وَ مَالِكاً فَلَمْ یَنْتَبِهْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ لِذَلِكَ وَ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ الْأَشْتَرُ لَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَفْلَتَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ یَدِهِ وَ هَرَبَ فَلَمَّا وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا وَ دَخَلَتْ عَائِشَةُ إِلَی الْبَصْرَةِ دَخَلَ عَلَیْهَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ وَ مَعَهُ الْأَشْتَرُ فَقَالَتْ مَنْ مَعَكَ یَا أَبَا الْیَقْظَانِ فَقَالَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ فَقَالَتْ أَنْتَ فَعَلْتَ بِعَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلْتَ فَقَالَ نَعَمْ وَ لَوْ لَا كَوْنِی شَیْخاً كَبِیراً وَ طَاوِیاً لَقَتَلْتُهُ وَ أَرَحْتُ الْمُسْلِمِینَ مِنْهُ قَالَتْ أَ وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ النَّبِیِ

ص: 191

ص إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا یُقْتَلُ إِلَّا عَنْ كُفْرٍ بَعْدَ إِیمَانٍ أَوْ زِنًی بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ النَّفْسِ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ قَتْلَهَا فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی أَحَدِ الثَّلَاثَةِ قَاتَلْنَاهُ ثُمَّ أَنْشَدَ:

أَ عَائِشَ لَوْ لَا أَنَّنِی كُنْتُ طَاوِیاً*** ثَلَاثاً لَأَلْفَیْتِ ابْنَ أُخْتِكِ هَالِكاً

عَشِیَّةَ یَدْعُو وَ الرِّجَالُ تَجُوزُهُ***بِأَضْعَفِ صَوْتٍ اقْتُلُونِی وَ مَالِكاً

فَلَمْ یَعْرِفُوهُ إِذْ دَعَاهُمْ وَ عَمُّهُ ***خِدَبٌّ عَلَیْهِ فِی الْعَجَاجَةِ بَارِكاً

فَنَجَّاهُ مِنِّی أَكْلُهُ وَ شَبَابُهُ***وَ أَنِّی شَیْخٌ لَمْ أَكُنْ مُتَمَاسِكاً

بیان: الحاسر الذی لا مغفر علیه و لا درع ذكره الجوهری و قال رجل مُدَجِّج و مُدَجَّج أی شاك فی السلاح تقول متنه مدجج فی شكته أی دخل فی سلاحه و قال الزهو الكبر و الفخر قوله و قد سبق كما قیل قوله كما قیل معترضة بین المثل و أصل المثل سبق السیفُ العذلَ و العذل بالتحریك الملامة.

قال المیدانی قاله ضبة بن أد بن طابخة بن إلیاس بن مضر لما لامه الناس علی قتله قاتل ابنه فی الحرم و ذكر لذلك قصة طویلة.

و قال الزمخشری یضرب فی الأمر الذی لا یقدر علی رده قال جریرة:

تكلفنی رد الغرائب بعد ما***سبقن كسبق السیف ما قال عاذله

و شجره بالرمح طعنه قوله قتله بره أی لم یكن یری الخروج جائزا لكن خرج لطاعة أبیه فقتل مع أنه لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق.

قوله و عمه یعنی نفسه و رجل خِدَبّ بكسر الخاء و فتح الدال و تشدید الباء أی ضخم.

ص: 192

«141»-(1)

فر، تفسیر فرات بن إبراهیم جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِیُّ مُعَنْعَناً عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِیِّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْبَرَ جَبْرَئِیلُ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ أُمَّتَكَ سَیَخْتَلِفُونَ مِنْ بَعْدِكَ فَأَوْحَی اللَّهُ إِلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِیَنِّی ما یُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِی فِی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ قَالَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ قَالَ فَقَالَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ إِنَّا عَلی أَنْ نُرِیَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ قَالَ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآیَةُ جَعَلَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله لَا یَشُكُّ أَنَّهُ سَیَرَی ذَلِكَ قَالَ جَابِرٌ بَیْنَمَا أَنَا جَالِسٌ إِلَی جَنْبِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ هُوَ بِمِنًی یَخْطُبُ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَی وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ أَ لَیْسَ قَدْ بَلَّغْتُكُمْ قَالُوا بَلَی فَقَالَ أَلَا لَا أُلْفِیَنَّكُمْ تَرْجِعُونَ بَعْدِی كُفَّاراً یَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَمَا لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَتَعْرِفُنَّنِی فِی كَتِیبَةٍ أَضْرِبُ وُجُوهَكُمْ فِیهَا بِالسَّیْفِ فَكَأَنَّهُ غُمِزَ مِنْ خَلْفِهِ فَالْتَفَتَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیْنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ أَوْ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَی فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِیَنَّكَ الَّذِی وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَیْهِمْ مُقْتَدِرُونَ وَ هِیَ وَاقِعَةُ الْجَمَلِ.

«142»-(2)

كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام خَطَبَ یَوْمَ الْجَمَلِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی أَتَیْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَ دَعَوْتُهُمْ وَ احْتَجَجْتُ عَلَیْهِمْ فَدَعَوْنِی إِلَی أَنْ أَصْبِرَ لِلْجِلَادِ وَ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ فَلِأُمِّهِمُ الْهَبَلُ وَ قَدْ كُنْتُ وَ مَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ وَ لَا

ص: 193


1- 141- رواه فرات بن إبراهیم الكوفیّ فی الحدیث: (353) فی آخر تفسیر سورة الحجّ من تفسیره ص 101، ط النجف. ورواه عنه الحسكانی مع أحادیث أخر فی معناه - فی تفسیر الآیة: (٩٣) من سورة " المؤمنون " فی الحدیث: (٥٦٢) من شواهد التنزیل ج ١، ص ٤٠٥ ط ١.
2- 142- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (4) من الباب: (25) من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 53، و له مصادر أخر.

أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا فَلِغَیْرِی فَلْیُبْرِقُوا وَ لْیُرْعِدُوا فَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الَّذِی فَلَلْتُ حَدَّهُمْ وَ فَرَّقْتُ جَمَاعَتَهُمْ وَ بِذَلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَی عَدُوِّی وَ أَنَا عَلَی مَا وَعَدَنِی رَبِّی مِنَ النَّصْرِ وَ التَّأْیِیدِ وَ الظَّفَرِ وَ إِنِّی لَعَلَی یَقِینٍ مِنْ رَبِّی وَ غَیْرِ شُبْهَةٍ مِنْ أَمْرِی أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْمَوْتَ لَا یَفُوتُهُ الْمُقِیمُ وَ لَا یُعْجِزُهُ الْهَارِبُ لَیْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحِیصٌ وَ مَنْ لَمْ یُقْتَلْ یَمُتْ (1) وَ إِنَّ أَفْضَلَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّیْفِ أَهْوَنُ عَلَیَّ مِنْ مِیتَةٍ عَلَی فِرَاشِی وَا عَجَبَا لِطَلْحَةَ أَلَّبَ النَّاسَ عَلَی ابْنِ عَفَّانَ حَتَّی إِذَا قُتِلَ أَعْطَانِی صَفْقَتَهُ بِیَمِینِهِ طَائِعاً ثُمَّ نَكَثَ بَیْعَتِی اللَّهُمَّ خُذْهُ وَ لَا تُمْهِلْهُ وَ إِنَّ الزُّبَیْرَ نَكَثَ بَیْعَتِی وَ قَطَعَ رَحِمِی وَ ظَاهَرَ عَلَیَّ عَدُوِّی فَاكْفِنِیهِ الْیَوْمَ بِمَا شِئْتَ.

«143»-(2)

مد، العمدة صَحِیحُ الْبُخَارِیِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَی الْحَسَنِ بْنِ أَبِی بَكْرَةَ قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِیَ اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَیَّامَ الْجَمَلِ لَمَّا بَلَغَ النَّبِیَّ صلی اللّٰه علیه و آله أَنَّ فارسا [فَارِسَ مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَی فَقَالَ لَنْ یُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً.

وَ بِإِسْنَادِهِ أَیْضاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِیَادٍ الْأَسَدِیِّ قَالَ: لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَائِشَةُ بَعَثَ عَلِیٌّ علیه السلام إِلَی عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ وَ حَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ فَقَدِمَا عَلَیْنَا الْكُوفَةَ فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ فَكَانَ الْحَسَنُ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فِی أَعْلَاهُ وَ قَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ

ص: 194


1- هذا هو الصواب، و فی أصلی: «و من لا یمت یقتل ...».
2- 143- رواه یحیی بن الحسن بن البطریق فی الحدیث: (900) و ما بعده قبیل آخر كتاب العمدة- بقلیل- ص أو الورق 236/ أ. ورواه أیضا ابن أبی الحدید من دون ذكر مصدر للحدیث فی شرح المختار: (٧٩) من نهج البلاغة: ج ٢ ص ٤١٦ ط الحدیث ببیروت. ورواه أیضا الحاكم النیسابوری بسند آخر فی أواسط كتاب الفتن والملاحم من كتاب المستدرك: ج ٤ ص ٥٢٤. والحدیث رواه البخاری فی كتاب الفتن من صحیحه: ج ٩ ص ٧٠.

الْحَسَنِ فَاجْتَمَعْنَا إِلَیْهِ فَسَمِعْتُ عَمَّاراً یَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ سَارَتْ إِلَی الْبَصْرَةِ وَ اللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ابْتَلَاكُمْ بِهَا لِیَعْلَمَ إِیَّاهُ تُطِیعُونَ أَمْ هِیَ.

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حُذَیْفَةَ الْیَمَانِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ الْمُنَافِقِینَ الْیَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَی عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ كَانُوا یَوْمَئِذٍ یُسِرُّونَ وَ الْیَوْمَ یُجْهِرُونَ (1).

«144»-(2)

نهج، نهج البلاغة مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام لِابْنِهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِیَّةِ لَمَّا أَعْطَاهُ الرَّایَةَ یَوْمَ الْجَمَلِ تَزُولُ الْجِبَالُ وَ لَا تَزُلْ عَضَّ عَلَی نَاجِذِكَ أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَكَ تِدْ فِی الْأَرْضِ قَدَمَكَ ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَی الْقَوْمِ وَ غُضَّ بَصَرَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

بیان: قوله علیه السلام تزول الجبال خبر فیه معنی الشرط فالمعنی إن زالت الجبال فلا تزل و النواجذ أقصی الأضراس و قیل الأضراس كلها.

و العض علی الناجذ یستلزم أمرین.

أحدهما رفع الرعدة و الاضطراب فی حال الخوف كما یشاهد ذلك فی حال البرد.

و ثانیهما أن الضرب فی الرأس لا یؤثر مع ذلك كما ذكر علیه السلام فی موضع آخر و قال و عضوا علی النواجذ فإنه أنبی للسیوف عن الهام فیحتمل أن یراد به شدة الحنق و الغیظ.

قوله أعر اللّٰه أمر من الإعارة أی ابذلها فی طاعة اللّٰه و الجمجمة عظم الرأس المشتمل علی الدماغ.

ص: 195


1- و الحدیث رواه أیضا الحاكم.
2- 144- رواه السیّد الرضی رحمه اللّٰه فی المختار: (10) من نهج البلاغة.

قیل و فی ذلك إشعار بأنه لا یقتل فی ذلك الحرب لأن العاریة مردودة بخلاف ما لو قال بع اللّٰه جمجمتك.

و هذا الوجه و إن كان لطیفا لكن الظاهر أن إطلاق الإعارة باعتبار الحیاة عند ربهم و فی جنة النعیم.

قوله علیه السلام تد أی أثبتها فی الأرض كالوتد قوله علیه السلام ارم ببصرك أی اجعل سطح نظرك أقصی القوم و لا تقصر نظرك علی الأدانی و احمل علیهم فإذا حملت و عزمت فلا تنظر إلی شوكتهم و سلاحهم و لا تبال ما أمامك.

قوله علیه السلام و غض بصرك أی عن بریق السیوف و لمعانها لئلا یحصل خوف بسببه.

«145»-(1)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی ابن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن جبارة عن سعاد بن سلمان عن یزید بن أبی زیاد عن عبد الرحمن بن أبی لیلی قال شهد مع علی علیه السلام یوم الجمل ثمانون من أهل بدر و ألف و خمسمائة من أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله.

«146»-(2)

الْكَافِیَةُ لِإِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ علیهما السلام أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَاقَفَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ فِی یَوْمِ الْجَمَلِ وَ خَاطَبَهُمَا فَقَالَ فِی كَلَامِهِ لَهُمَا لَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ فِی حَدِیثٍ آخَرَ مِنْ أَصْحَابِ عَائِشَةَ ابْنَةِ أَبِی بَكْرٍ وَ هَا هِیَ ذِهِ فَاسْأَلُوهَا أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری

ص: 196


1- 145- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی المجلس: (26) من المجلد الثانی من أمالیه ص 90 ط 1، و للكلام شواهد ذكرناه فی تعلیق المختار: (175) من كتاب نهج السعادة: ج 2 ص 91 ط 1.
2- 146- ما ظفرنا بعد علی مخطوطة هذا الكتاب.

فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ سُبْحَانَ اللَّهُ تَزْعُمُ أَنَّا مَلْعُونُونَ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عَشَرَةٌ مِنْ أَصْحَابِی فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام هَذَا حَدِیثُ سَعِیدِ بْنِ زَیْدِ بْنِ نُفَیْلٍ فِی وَلَایَةِ عُثْمَانَ سَمُّوا إِلَی الْعَشَرَةِ قَالَ فَسَمَّوْا تِسْعَةً وَ أَمْسَكُوا عَنْ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُمْ فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالُوا أَنْتَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَمَّا أَنْتُمْ فَقَدْ شَهِدْتُمْ لِی أَنِّی مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَنَا بِمَا قُلْتُمَا مِنَ الْكَافِرِینَ وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَعَهِدَ النَّبِیُّ الْأُمِّیُّ صلی اللّٰه علیه و آله إِلَیَّ أَنَّ فِی جَهَنَّمَ جُبّاً فِیهِ سِتَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ وَ سِتَّةٌ مِنَ الْآخِرِینَ عَلَی رَأْسِ ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَی أَنْ یُسْعِرَ جَهَنَّمَ عَلَی أَهْلِهَا أَمَرَ بِتِلْكَ الصَّخْرَةِ فَرُفِعَتْ إِنَّ فِیهِمْ أَوْ مَعَهُمْ لَنَفَراً مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ وَ إِلَّا فَأَظْفَرَكُمُ اللَّهُ بِی وَ إِلَّا فَأَظْفَرَنِیَ اللَّهُ بِكُمَا وَ قَتْلِكُمَا بِمَنْ قَتَلْتُمَا مِنْ شِیعَتِی.

«147»-(1)

ج، الإحتجاج عَنْ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ الْهِلَالِیِّ قَالَ: لَمَّا الْتَقَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ یَوْمَ الْجَمَلِ نَادَی الزُّبَیْرَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اخْرُجْ إِلَیَّ فَخَرَجَ الزُّبَیْرُ وَ مَعَهُ طَلْحَةُ فَقَالَ وَ اللَّهِ إِنَّكُمَا لَتَعْلَمَانِ وَ أُولُو الْعِلْمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری قَالَ الزُّبَیْرُ كَیْفَ نَكُونُ مَلْعُونِینَ وَ نَحْنُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمَا اسْتَحْلَلْتُ قِتَالَكُمْ فَقَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ أَ مَا سَمِعْتَ حَدِیثَ سَعِیدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ وَ هُوَ یَرْوِی أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَشَرَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِی الْجَنَّةِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام سَمِعْتُهُ یُحَدِّثُ بِذَلِكَ عُثْمَانَ فِی خِلَافَتِهِ فَقَالَ الزُّبَیْرُ أَ فَتَرَاهُ یَكْذِبُ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَسْتُ أُخْبِرُكَ بِشَیْ ءٍ حَتَّی تُسَمِّیَهُمْ قَالَ الزُّبَیْرُ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ عُثْمَانُ وَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ وَ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَعِیدُ بْنُ

ص: 197


1- 147- رواه الطبرسیّ فی كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 162.

عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام عَدَّدْتَ تِسْعَةً فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالَ أَنْتَ قَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام قَدْ أَقْرَرْتَ لِی بِالْجَنَّةِ وَ أَمَّا مَا ادَّعَیْتَ لِنَفْسِكَ وَ أَصْحَابِكَ فَأَنَا بِهِ مِنَ الْجَاحِدِینَ الْكَافِرِینَ قَالَ الزُّبَیْرُ أَ فَتَرَاهُ كَذَبَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ مَا أَرَاهُ كَذَبَ وَ لَكِنَّهُ وَ اللَّهِ الْیَقِینُ وَ وَ اللَّهِ إِنَّ بَعْضَ مَنْ ذَكَرْتَ لَفِی تَابُوتٍ فِی شِعْبٍ فِی جُبٍّ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَی ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُسْعِرَ جَهَنَّمَ رَفَعَ تِلْكَ الصَّخْرَةَ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَّا أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِی وَ سَفَكَ دَمِی عَلَی یَدَیْكَ وَ إِلَّا أَظْفَرَنِیَ اللَّهُ عَلَیْكَ وَ عَلَی أَصْحَابِكَ وَ عَجَّلَ أَرْوَاحَكُمْ إِلَی النَّارِ فَرَجَعَ الزُّبَیْرُ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَبْكِی.

«148»-ج، الإحتجاج رَوَی نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حِینَ وَقَعَ الْقِتَالُ وَ قُتِلَ طَلْحَةُ تَقَدَّمَ عَلَی بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله الشَّهْبَاءِ بَیْنَ الصَّفَّیْنِ فَدَعَا الزُّبَیْرَ فَدَنَا إِلَیْهِ حَتَّی اخْتَلَفَ أَعْنَاقُ دَابَّتَیْهِمَا فَقَالَ یَا زُبَیْرُ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ عَلِیّاً وَ أَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ جِئْتَ قَالَ جِئْتُ لِأُصْلِحَ بَیْنَ النَّاسِ فَأَدْبَرَ الزُّبَیْرُ وَ هُوَ یَقُولُ:

تَرْكُ الْأُمُورِ الَّتِی تُخْشَی عَوَاقِبُهَا*** لِلَّهِ أَجْمَلُ فِی الدُّنْیَا وَ فِی الدِّینِ

نَادَی عَلِیٌّ بِأَمْرٍ لَسْتُ أَذْكُرُهُ***إِذْ كَانَ عَمْرُ أَبِیكَ الْخَیْرِ مُذْ حِینٍ

فَقُلْتُ حَسْبُكَ مِنْ عَذْلٍ أَبَا حَسَنٍ*** فَبَعْضُ مَا قُلْتَهُ ذَا الْیَوْمَ یَكْفِینِی

فَاخْتَرْتُ عَاراً عَلَی نَارٍ مُؤَجَّجَةٍ***مَا إِنْ یَقُومُ لَهَا خَلْقٌ مِنَ الطِّینِ

أَخَاكَ طَلْحَةَ وَسَطَ الْقَوْمِ مُنْجَدِلًا*** رُكْنَ الضَّعِیفِ وَ مَأْوَی كُلِّ مِسْكِینٍ

قَدْ كُنْتُ أَنْصُرُ أَحْیَاناً وَ یَنْصُرُنِی*** فِی النَّائِبَاتِ وَ یَرْمِی مَنْ یُرَامِینِی

حَتَّی ابْتُلِینَا بِأَمْرٍ ضَاقَ مَصْدَرُهُ*** فَأَصْبَحَ الْیَوْمَ مَا یَعْنِیهِ یَعْنِینِی

قَالَ فَأَقْبَلَ الزُّبَیْرُ عَلَی عَائِشَةَ فَقَالَ یَا أُمَّهْ وَ اللَّهِ مَا لِی فِی هَذَا بَصِیرَةٌ وَ أَنَا مُنْصَرِفٌ قَالَتْ عَائِشَةُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَ فَرَرْتَ مِنْ سُیُوفِ ابْنِ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ إِنَّهَا وَ اللَّهِ طِوَالٌ حِدَادٌ تَحْمِلُهَا فِتْیَةٌ أَنْجَادٌ

ص: 198

ثُمَّ خَرَجَ الزُّبَیْرُ رَاجِعاً فَمَرَّ بِوَادِی السِّبَاعِ وَ فِیهِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَیْسٍ قَدِ اعْتَزَلَ فِی بَنِی تَمِیمٍ فَأُخْبِرَ الْأَحْنَفُ بِانْصِرَافِهِ فَقَالَ مَا أَصْنَعُ بِهِ إِنْ كَانَ الزُّبَیْرُ لَفَّ بَیْنَ غَارَیْنِ (1) مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ قُتِلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ثُمَّ هُوَ یُرِیدُ اللَّحَاقَ بِأَهْلِهِ فَسَمِعَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَخَرَجَ هُوَ وَ رَجُلَانِ مَعَهُ وَ قَدْ كَانَ لَحِقَ بِالزُّبَیْرِ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ وَ مَعَهُ غُلَامُهُ فَلَمَّا أَشْرَفَ ابْنُ جُرْمُوزٍ وَ صَاحِبَاهُ عَلَی الزُّبَیْرِ حَرَّكَ الرَّجُلَانِ رَوَاحِلَهُمَا وَ خَلَّفَا الزُّبَیْرَ وَحْدَهُ فَقَالَ لَهُمَا الزُّبَیْرُ مَا لَكُمَا هُمْ ثَلَاثَةٌ وَ نَحْنُ ثَلَاثَةٌ فَلَمَّا أَقْبَلَ ابْنُ جُرْمُوزٍ قَالَ لَهُ الزُّبَیْرُ إِلَیْكَ عَنِّی فَقَالَ ابْنُ جُرْمُوزٍ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّنِی جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنْ أُمُورِ النَّاسِ قَالَ تَرَكْتُ النَّاسَ عَلَی الرَّكْبِ یَضْرِبُ بَعْضُهُمْ وُجُوهَ بَعْضٍ بِالسَّیْفِ قَالَ ابْنُ جُرْمُوزٍ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَخْبِرْنِی عَنْ أَشْیَاءَ أَسْأَلُكَ عَنْهَا قَالَ هَاتِ قَالَ أَخْبِرْنِی عَنْ خَذْلِكَ عُثْمَانَ وَ عَنْ بَیْعَتِكَ عَلِیّاً وَ عَنْ نَقْضِكَ بَیْعَتَهُ وَ عَنْ إِخْرَاجِكَ أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ وَ عَنْ صِلَاتِكَ خَلَفَ ابْنِكَ وَ عَنْ هَذِهِ الْحَرْبِ الَّذِی جَنَیْتَهَا وَ عَنْ لُحُوقِكَ بِأَهْلِكَ قَالَ أَمَّا خَذْلِی عُثْمَانَ فَأَمْرٌ قَدَّمَ اللَّهُ فِیهِ الْخَطِیئَةَ وَ أَخَّرَ فِیهِ التَّوْبَةَ وَ أَمَّا بَیْعَتِی عَلِیّاً فَلَمْ أَجِدْ مِنْهَا بُدّاً إِذْ بَایَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ وَ أَمَّا نَقْضِی بَیْعَتَهُ فَإِنَّمَا بَایَعْتُهُ بِیَدِی دُونَ قَلْبِی وَ أَمَّا إِخْرَاجِی أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ فَأَرَدْنَا أَمْراً وَ أَرَادَ اللَّهُ غَیْرَهُ وَ أَمَّا صَلَاتِی خَلْفَ ابْنِی فَإِنَّ خَالَتَهُ قَدَّمَتْهُ فَتَنَحَّی ابْنُ جُرْمُوزٍ وَ قَالَ قَتَلَنِیَ اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ.

توضیح:

قال ابن الأثیر فی مادة غور من كتاب النهایة فی حدیث علی علیه السلام یوم الجمل ما ظنك بامرئ جمع بین هذین الغارین أی

ص: 199


1- هذا هو الصواب، و فی الأصل: «كف».

الجیشین و الغار الجماعة هكذا أخرجه أبو موسی فی الغین و الواو و ذكره الهروی فی الغین و الیاء و قال و منه حدیث الأحنف قال فی الزبیر منصرفة من الجمل ما أصنع به إن كان جمع بین غارین ثم تركهم.

و الجوهری ذكره فی الواو و الواو و الیاء متقاربان فی الانقلاب.

«149»-(1)

ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّهُ جِی ءَ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ بِرَأْسِ الزُّبَیْرِ وَ سَیْفِهِ فَتَنَاوَلَ سَیْفَهُ وَ قَالَ طَالَمَا جَلَا بِهِ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ لَكِنَّ الْحَیْنَ وَ مَصَارِعَ السَّوْءِ.

بیان: الحین بالفتح الهلاك أی الهلاك المعنوی أو أجل الموت.

«150»-(2)

ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّهُ علیه السلام لَمَّا مَرَّ عَلَی طَلْحَةَ بَیْنَ الْقَتْلَی قَالَ أَقْعِدُوهُ فَأُقْعِدَ فَقَالَ إِنَّهُ كَانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ لَكِنَّ الشَّیْطَانَ دَخَلَ مَنْخِرَیْكَ فَأَوْرَدَكَ النَّارَ.

«151»-(3)

ج، الإحتجاج رُوِیَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَیْهِ فَقَالَ هَذَا النَّاكِثُ بَیْعَتِی وَ الْمُنْشِئُ لِلْفِتْنَةِ فِی الْأُمَّةِ وَ الْمُجْلِبُ عَلَیَّ وَ الدَّاعِی إِلَی قَتْلِی وَ قَتْلِ عِتْرَتِی أَجْلِسُوا طَلْحَةَ فَأُجْلِسَ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا طَلْحَةَ وَ سَارَ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُكَلِّمُ طَلْحَةَ بَعْدَ قَتْلِهِ فَقَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعَ كَلَامِی كَمَا سَمِعَ أَهْلُ الْقَلِیبِ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ وَ هَكَذَا فَعَلَ علیه السلام بِكَعْبِ بْنِ سُورٍ لَمَّا مَرَّ بِهِ قَتِیلًا وَ قَالَ هَذَا الَّذِی خَرَجَ عَلَیْنَا فِی عُنُقِهِ الْمُصْحَفُ یَزْعُمُ أَنَّهُ نَاصِرُ أُمِّهِ یَدْعُو النَّاسَ إِلَی مَا فِیهِ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ مَا فِیهِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ أَمَّا إِنَّهُ دَعَا اللَّهَ أَنْ یَقْتُلَنِی فَقَتَلَهُ اللَّهُ.

ص: 200


1- 149- رواه الطبرسیّ فی عنوان: «احتجاج أمیر المؤمنین علی الزبیر ... و طلحة» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 162، ط بیروت.
2- 149- رواه الطبرسیّ فی عنوان: «احتجاج أمیر المؤمنین علی الزبیر ... و طلحة» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 162، ط بیروت.
3- 149- رواه الطبرسیّ فی عنوان: «احتجاج أمیر المؤمنین علی الزبیر ... و طلحة» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 162، ط بیروت.

«152»-(1)

الْكَافِیَةُ فِی إِبْطَالِ تَوْبَةِ الْخَاطِئَةِ رَوَی خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زِیَادِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ علیهم السلام قَالَ: مَرَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی طَلْحَةَ وَ هُوَ صَرِیعٌ فَقَالَ أَجْلِسُوهُ فَأُجْلِسَ فَقَالَ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ لَكَ صُحْبَةٌ وَ لَقَدْ شَهِدْتَ وَ سَمِعْتَ وَ رَأَیْتَ وَ لَكِنَّ الشَّیْطَانَ أَزَاغَكَ وَ أَمَالَكَ فَأَوْرَدَكَ جَهَنَّمَ.

أقول: و أورد الأخبار السابقة بأسانید عن الباقر علیه السلام و غیره تركناها حذرا عن الإطناب.

«153»-(2)

ج، الإحتجاج رُوِیَ: أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ هُوَ الَّذِی قَتَلَ طَلْحَةَ بِسَهْمٍ رَمَاهُ بِهِ:

وَ رُوِیَ أَیْضاً: أَنَّ مَرْوَانَ یَوْمَ الْجَمَلِ كَانَ یَرْمِی بِسِهَامِهِ فِی الْعَسْكَرَیْنِ مَعاً وَ یَقُولُ مَنْ أَصَبْتُ مِنْهُمَا فَهُوَ فَتْحٌ لِقِلَّةِ دِینِهِ وَ تُهَمَتِهِ لِلْجَمِیعِ وَ قِیلَ إِنَّ اسْمَ الْجَمَلِ الَّذِی رَكِبَتْهُ یَوْمَ الْجَمَلِ عَائِشَةُ عَسْكَرٌ وَ رُئِیَ مِنْهُ ذَلِكَ الْیَوْمَ كُلُّ عَجَبٍ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُبِینَ مِنْهُ قَائِمَةٌ مِنْ قَوَائِمِهِ ثَبَتَ عَلَی أُخْرَی حَتَّی نَادَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ اقْتُلُوا الْجَمَلَ فَإِنَّهُ شَیْطَانٌ وَ تَوَلَّی مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی بَكْرٍ وَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا عَقْرَهُ بَعْدَ طُولِ دُعَائِهِ.

«154»-ج، الإحتجاج رُوِیَ عَنِ الْبَاقِرِ علیه السلام أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ وَ قَدْ رُشِقَ هَوْدَجُ عَائِشَةَ بِالنَّبْلِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ اللَّهِ مَا أَرَانِی إِلَّا مُطَلِّقَهَا فَأَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَا عَلِیُّ أَمْرُ نِسَائِی بِیَدِكَ مِنْ بَعْدِی لَمَّا قَامَ فَشَهِدَ فَقَامَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِیهِمْ بَدْرِیَّانِ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَا عَلِیُّ أَمْرُ نِسَائِی بِیَدِكَ مِنْ بَعْدِی

ص: 201


1- 152- رواه الشیخ المفید فی كتاب الكافیة.
2- 153- رواه الطبرسیّ فی عنوان: «احتجاج أمیر المؤمنین علیه السلام علی الزبیر ...وطلحة » من كتاب الاحتجاج: ج ١، ص ١٦٤.

قَالَ فَبَكَتْ عَائِشَةُ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّی سَمِعُوا بُكَاءَهَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَقَدْ أَنْبَأَنِی رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بِنَبَإٍ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ اللَّهَ یَمُدُّكَ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِینَ.

بیان: رشقه رماه بالسهام و النبل السهام العربیة و لا واحد لها من لفظها فلا یقال نبلة ذكرهما فی النهایة.

«155»-(1)

ج، الإحتجاج عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْجَمَلِ فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّی وَقَفَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ كَبَّرَ الْقَوْمُ وَ كَبَّرْنَا وَ هَلَّلَ الْقَوْمُ وَ هَلَّلْنَا وَ صَلَّی الْقَوْمُ وَ صَلَّیْنَا فَعَلَی مَا نُقَاتِلُهُمْ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَی مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِی كِتَابِهِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ كُلَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی كِتَابِهِ أَعْلَمُهُ فَعَلِّمْنِیهِ فَقَالَ علیه السلام مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَیْسَ كُلَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِی سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَعْلَمُهُ فَعَلِّمْنِیهِ فَقَالَ علیه السلام هَذِهِ الْآیَةُ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَیِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ یَفْعَلُ ما یُرِیدُ فَنَحْنُ الَّذِی آمَنَّا وَ هُمُ الَّذِینَ كَفَرُوا فَقَالَ الرَّجُلُ كَفَرَ الْقَوْمُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ ثُمَّ حَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّی قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

ص: 202


1- 154- 155- رواهما الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الاحتجاج فی عنوان: «احتجاج أمیر المؤمنین علی الزبیر ...» و احتجاجه بعد دخوله البصرة، من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 164 و 170. والحدیث: (١٣٦) رواه أیضا الطوسی فی الحدیث (٤٠) من الجزء السابع من أمالیه ص ٢٠٠.

«156»-(1)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الْكُوفِیِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّلَّالِ عَنْ یَحْیَی بْنِ إِسْمَاعِیلَ الْمُزَنِیِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِیٍّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ بُكَیْرِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ الطَّوِیلِ وَ عَمَّارِ بْنِ أَبِی مُعَاوِیَةَ قَالا حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَجَلِیُّ مُؤَذِّنُ بَنِی قُصَیٍّ قَالَ بُكَیْرٌ أَذَّنَ لَنَا أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ: سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ یَوْمَ الْجَمَلِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ ثُمَّ حَلَفَ حِینَ قَرَأَهَا أَنَّهُ مَا قُوتِلَ أَهْلُهَا مُنْذُ نَزَلَتْ حَتَّی الْیَوْمِ قَالَ بُكَیْرٌ فَسَأَلْتُ عَنْهَا أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام فَقَالَ صَدَقَ الشَّیْخُ هَكَذَا قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام هَكَذَا كَانَ.

«157»-ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْزُبَانِیِّ عَنْ أَبِی دُرَیْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْحِیِّ قَالَ قَالَ الْأَصْمَعِیُّ وَلَّی عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَعْبَ بْنَ سُورٍ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ وَ كَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَ عُمَرَ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ زَوْجِی صَوَّامٌ قَوَّامٌ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلُ صَالِحٌ لَیْتَنِی كُنْتُ كَذَا فَرَدَّتْ عَلَیْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ عُمَرُ كَمَا قَالَ فَقَالَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ الْأَزْدِیُّ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّهَا تَشْكُو زَوْجَهَا بِخَیْرٍ وَ لَكِنْ تَقُولُ إِنَّهَا لَا حَظَّ لَهَا مِنْهُ فَقَالَ عَلَیَّ بِزَوْجِهَا فَأُتِیَ بِهِ فَقَالَ مَا بَالُهَا تَشْكُوكَ وَ مَا رَأَیْتُ أَكْرَمَ شَكْوَی مِنْهَا قَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنِّی امْرُؤٌ أَفْزَعَنِی مَا قَدْ نَزَلَ فِی الْحِجْرِ وَ النَّحْلِ وَ فِی السَّبْعِ الطِّوَالِ فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ إِنَّ لَهَا عَلَیْكَ حَقّاً یَا بَعْلُ فَأَوْفِهَا الْحَقَّ وَ صُمْ وَ صَلِّ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ اقْضِ بَیْنَهُمَا قَالَ نَعَمْ أَحَلَّ اللَّهُ لِلرِّجَالِ أَرْبَعاً فَأَوْجَبَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَیْلَةً فَلَهَا مِنْ كُلِّ أَرْبَعِ لَیَالٍ لَیْلَةٌ وَ یَصْنَعُ بِنَفْسِهِ فِی الثَّلَاثِ مَا شَاءَ فَأَلْزَمَهُ ذَلِكَ

ص: 203


1- 156- 158 رواه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه مقامه فی الحدیث: (19- 20 و 36) من الجزء (5) من أمالیه ص 130 و 147 و 137. والأول رواه عنه وعن الشیخ المفید السید البحرانی فی تفسیر الآیة: (١٢) من سورة التوبة من تفسیر البرهان: ج ٢ ص ١٠٧، ط ٣.

وَ قَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ اخْرُجْ قَاضِیاً عَلَی الْبَصْرَةِ فَلَمْ یَزَلْ عَلَیْهَا حَتَّی قُتِلَ عُثْمَانُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ خَرَجَ مَعَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ فِی عُنُقِهِ مُصْحَفٌ فَقُتِلَ هُوَ یَوْمَئِذٍ وَ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ لَهُ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَجَاءَتْ أُمُّهُمْ فَوَجَدَتْهُمْ فِی الْقَتْلَی فَحَمَلَتْهُمْ وَ جَعَلَتْ تَقُولُ:

أَیَا عَیْنُ أَبْكِی بِدَمْعٍ سَرَبٍ***عَلَی فِتْیَةٍ مِنْ خِیَارِ الْعَرَبِ

فَمَا ضَرَّهُمْ غَیْرُ حَیْنِ النُّفُوسِ***وَ أَیُّ امْرِئٍ لِقُرَیْشٍ غَلَبَ

158- ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ إِبْرَاهِیمَ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِی أَبِی عَنْ أَخِیهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عِیسَی قَالَ: لَمَّا اصْطَفَّتِ النَّاسُ لِلْحَرْبِ بِالْبَصْرَةِ خَرَجَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ فِی صَفِّ أَصْحَابِهِمَا فَنَادَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ الزُّبَیْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ لَهُ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ادْنُ مِنِّی لِأُفْضِیَ إِلَیْكَ بِسِرٍّ عِنْدِی فَدَنَا مِنْهُ حَتَّی اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ فَرَسَیْهِمَا فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ نَشَدْتُكَ اللَّهَ إِنْ ذَكَّرْتُكَ شَیْئاً فَذَكَرْتَهُ أَ مَا تَعْتَرِفُ بِهِ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ أَ مَا تَذْكُرُ یَوْماً كُنْتَ مُقْبِلًا عَلَیَّ بِالْمَدِینَةِ تُحَدِّثُنِی إِذْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَرَآكَ مَعِی وَ أَنْتَ تَبَسَّمُ إِلَیَّ فَقَالَ لَكَ یَا زُبَیْرُ أَ تُحِبُّ عَلِیّاً فَقُلْتَ وَ كَیْفَ لَا أُحِبُّهُ وَ بَیْنِی وَ بَیْنَهُ مِنَ النَّسَبِ وَ الْمَوَدَّةِ فِی اللَّهِ مَا لَیْسَ لِغَیْرِهِ فَقَالَ إِنَّكَ سَتُقَاتِلُهُ وَ أَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ فَقُلْتَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ فَنَكَسَ الزُّبَیْرُ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ إِنِّی أُنْسِیتُ هَذَا الْمَقَامَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ دَعْ هَذَا أَ فَلَسْتَ بَایَعْتَنِی طَائِعاً قَالَ بَلَی قَالَ أَ فَوَجَدْتَ مِنِّی حَدَثاً یُوجِبُ مُفَارَقَتِی فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لَا جَرَمَ وَ اللَّهِ لَا قَاتَلْتُكَ وَ رَجَعَ مُتَوَجِّهاً نَحْوَ الْبَصْرَةِ فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ مَا لَكَ یَا زُبَیْرُ مَا لَكَ تَنْصَرِفُ عَنَّا سَحَرَكَ ابْنُ أَبِی طَالِبٍ فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ ذَكَّرَنِی مَا كَانَ أَنْسَانِیهِ الدَّهْرُ وَ احْتَجَّ عَلَیَّ بِبَیْعَتِی لَهُ فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ لَا وَ لَكِنْ جَبُنْتَ وَ انْتَفَخَ سَحْرُكَ

ص: 204

فَقَالَ الزُّبَیْرُ لَمْ أَجْبُنْ وَ لَكِنْ أُذْكِرْتُ فَذَكَرْتُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ یَا أَبَهْ جِئْتَ بِهَذَیْنِ الْعَسْكَرَیْنِ الْعَظِیمَیْنِ حَتَّی إِذَا اصْطَفَّا لِلْحَرْبِ قُلْتَ أَتْرُكُهُمَا وَ أَنْصَرِفُ فَمَا تَقُولُ قُرَیْشٌ غَداً بِالْمَدِینَةِ اللَّهَ اللَّهَ یَا أَبَتِ لَا تُشْمِتِ الْأَعْدَاءَ وَ لَا تَشِنْ نَفْسَكَ بِالْهَزِیمَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ یَا بُنَیَّ مَا أَصْنَعُ وَ قَدْ حَلَفْتُ لَهُ بِاللَّهِ أَنْ لَا أُقَاتِلَهُ قَالَ لَهُ فَكَفِّرْ عَنْ یَمِینِكَ وَ لَا تُفْسِدْ أَمْرَنَا فَقَالَ الزُّبَیْرُ عَبْدِی مَكْحُولٌ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ كَفَّارَةً لِیَمِینِی ثُمَّ عَادَ مَعَهُمْ لِلْقِتَالِ فَقَالَ هَمَّامٌ الثَّقَفِیُّ فِی فِعْلِ الزُّبَیْرِ وَ مَا فَعَلَ وَ عِتْقِهِ عَبْدَهُ فِی قِتَالِ عَلِیٍّ علیه السلام (1)

أَ یُعْتِقُ مَكْحُولًا وَ یَعْصِی نَبِیَّهُ*** لَقَدْ تَاهَ عَنْ قَصْدِ الْهُدَی ثُمَّ عُوِّقَ

أَ یَنْوِی بِهَذَا الصِّدْقَ وَ الْبِرَّ وَ التُّقَی*** سَیَعْلَمُ یَوْماً مَنْ یَبَرُّ وَ یَصْدُقُ

لَشَتَّانَ مَا بَیْنَ الضَّلَالِ وَ الْهُدَی*** وَ شَتَّانَ مَنْ یَعْصِی النَّبِیَّ وَ یُعْتِقُ

وَ مَنْ هُوَ فِی ذَاتِ الْإِلَهِ مُشَمِّرٌ*** یُكَبِّرُ بِرّاً رَبَّهُ وَ یَصْدُقُ

أَ فِی الْحَقِّ أَنْ یَعْصِیَ النَّبِیَّ سَفَاهَةً***وَ یُعْتِقَ مِنْ عِصْیَانِهِ وَ یُطَلِّقَ

كَدَافِقِ مَاءٍ لِلسَّرَابِ یَؤُمُّهُ***أَلَا فِی ضَلَالٍ مَا یَصُبُّ وَ یَدْفُقُ

159 (2)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّیْرَفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَمَّدِیِّ عَنْ یَحْیَی بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ عَنِ الْمَسْعُودِیِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِیرَةَ عَنْ أَبِی مُحَمَّدٍ الْعَنَزِیِّ قَالَ حَدَّثَنِی ابْنُ عَمِّی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَنَزِیُّ قَالَ:

ص: 205


1- كذا فی ط الكمبانی من البحار، و جملة «حیث یقول» غیر موجودة فی أمالی الشیخ.
2- 159- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (10) من الجزء الثامن من أمالیه:ج ١، ص ٢١٣.

إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام یَوْمَ الْجَمَلِ إِذْ جَاءَهُ النَّاسُ یَهْتِفُونَ بِهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ نَالَنَا النَّبْلُ وَ النُّشَّابُ فَسَكَتَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَذَكَرُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالُوا قَدْ جُرِحْنَا فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام یَا قَوْمِ مَنْ یَعْذِرُنِی مِنْ قَوْمٍ یَأْمُرُونَنِی بِالْقِتَالِ وَ لَمْ یَنْزِلْ بَعْدُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالَ الْعَنَزِیُّ إِنَّا لَجُلُوسٌ وَ مَا نَرَی رِیحاً وَ لَا نُحِسُّهَا إِذْ هَبَّتْ رِیحٌ طَیِّبَةٌ مِنْ خَلْفِنَا وَ اللَّهِ لَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَیْنَ كَتِفَیَّ مِنْ تَحْتِ الدِّرْعِ وَ الثِّیَابِ قَالَ فَلَمَّا هَبَّتْ صَبَّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ دِرْعَهُ ثُمَّ قَامَ إِلَی الْقَوْمِ فَمَا رَأَیْتُ فَتْحاً كَانَ أَسْرَعَ مِنْهُ.

«160»-(1)

یج، الخرائج و الجرائح عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْغَنَوِیِّ مِثْلَهُ.

«161»-(2)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ سَعِیدٍ الْجُعْفِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِی الْبُهْلُولِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِی الْأَسْوَدِ عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِیدِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ التَّیْمِیِّ عَنْ ثَابِتٍ مَوْلَی أَبِی ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ عَلِیٍّ یَوْمَ الْجَمَلِ فَلَمَّا رَأَیْتُ عَائِشَةَ وَاقِفَةً دَخَلَنِی مِنَ الشَّكِّ بَعْضُ مَا یَدْخُلُ النَّاسَ فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ كَشَفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنِّی فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ أَتَیْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ و رَحِمَهَا اللَّهُ فَقَصَصْتُ عَلَیْهَا قِصَّتِی فَقَالَتْ كَیْفَ صَنَعْتَ حِینَ طَارَتِ الْقُلُوبُ مَطَایِرَهَا قَالَ قُلْتُ إِلَی أَحْسَنِ ذَلِكِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنِّی ذَلِكِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَقَاتَلْتُ مَعَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قِتَالًا شَدِیداً فَقَالَتْ أَحْسَنْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَلِیٌّ مَعَ الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنُ مَعَهُ لَا یَفْتَرِقَانِ حَتَّی یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ.

ص: 206


1- 160- رواه القطب الراوندیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث من كتاب الخرائج.
2- 161- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (37) من الجزء (16) من أمالیه:ج ١، ص ٤٧٤.

«162»-(1)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِیرٍ الطَّبَرِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ الْأَسَدِیِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَلِیِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْبَرِیدِ عَنْ أَبِیهِ عَنْ أَبِی سَعِیدٍ عَنْ ثَابِتٍ مِثْلَهُ بیان قوله إلی أحسن ذلك أی آل أمری و رجع إلی أحسن الأمور و الأحوال.

أقول: قد سبق خبر الیهودی الذی سأل أمیر المؤمنین عما فیه من خصال الأنبیاء.

«163»-(2)

شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام عِنْدَ تَطْوَافِهِ عَلَی الْقَتْلَی هَذِهِ قُرَیْشٌ جَدَعْتُ أَنْفِی وَ شَفَیْتُ نَفْسِی فَقَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَیْكُمْ أُحَذِّرُكُمْ عَضَّ السَّیْفِ وَ كُنْتُمْ أَحْدَاثاً لَا عِلْمَ لَكُمْ بِمَا تَرَوْنَ وَ لَكِنَّهُ الْحَیْنُ وَ سُوءُ الْمَصْرَعِ وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْمَصْرَعِ ثُمَّ مَرَّ عَلَی مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا هَذَا أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ حَیّاً لَكَانَ رَأْیُهُ أَحْسَنَ مِنْ رَأْیِ هَذَا فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی أَوْقَعَهُ وَ جَعَلَ خَدَّهُ الْأَسْفَلَ إِنَّا وَ اللَّهِ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَا نُبَالِی مَنْ عَنَدَ عَنِ الْحَقِّ مِنْ وَالِدٍ وَ وَلَدٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام رَحِمَكَ اللَّهُ وَ جَزَاكَ عَنِ الْحَقِّ خَیْراً قَالَ وَ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِیعَةَ بْنِ دَرَّاجٍ وَ هُوَ فِی الْقَتْلَی وَ قَالَ هَذَا الْبَائِسُ مَا كَانَ أَخْرَجَهُ أَ دِینٌ أَخْرَجَهُ أَمْ نَصْرٌ لِعُثْمَانَ وَ اللَّهِ مَا كَانَ رَأْیُ عُثْمَانَ فِیهِ وَ لَا فِی أَبِیهِ بِحَسَنٍ

ص: 207


1- 162- رواه الشیخ الطوسیّ رحمه اللّٰه فی الحدیث: (15) من الجزء (18) من أمالیه ص 518.
2- 163- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (26) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد، ص 135، ط النجف و رواه أیضا فی كتاب الجمل ص 209 ط النجف.

ثُمَّ مَرَّ بِمَعْبَدِ بْنِ زُهَیْرِ بْنِ أَبِی أُمَیَّةَ فَقَالَ لَوْ كَانَتِ الْفِتْنَةُ بِرَأْسِ الثُّرَیَّا لَتَنَاوَلَهَا هَذَا الْغُلَامُ وَ اللَّهِ مَا كَانَ فِیهَا بِذِی نَخِیرَةٍ وَ لَقَدْ أَخْبَرَنِی مَنْ أَدْرَكَهُ وَ إِنَّهُ لَیُوَلْوِلُ فَرَقاً مِنَ السَّیْفِ ثُمَّ مَرَّ بِمُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ فَقَالَ الْبِرُّ أَخْرَجَ هَذَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كَلَّمَنِی أَنْ أُكَلِّمَ لَهُ عُثْمَانَ فِی شَیْ ءٍ كَانَ یَدَّعِیهِ قِبَلَهُ بِمَكَّةَ فَأَعْطَاهُ عُثْمَانُ وَ قَالَ لَوْ لَا أَنْتَ مَا أَعْطَیْتُهُ إِنَّ هَذَا مَا عَلِمْتُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِیرَةِ ثُمَّ جَاءَ الْمَشُومُ لِلْحَیْنِ یَنْصُرُ عُثْمَانَ ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَیْدِ بْنِ زُهَیْرٍ فَقَالَ هَذَا أَیْضاً مِمَّنْ أَوْضَعَ فِی قِتَالِنَا زَعَمَ یَطْلُبُ اللَّهَ بِذَلِكَ وَ لَقَدْ كَتَبَ إِلَیَّ كُتُباً یُؤْذِی عُثْمَانَ فِیهَا فَأَعْطَاهُ شَیْئاً فَرَضِیَ عَنْهُ ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِیمِ بْنِ حِزَامٍ فَقَالَ هَذَا خَالَفَ أَبَاهُ فِی الْخُرُوجِ وَ أَبُوهُ حِینَ لَمْ یَنْصُرْنَا قَدْ أَحْسَنَ فِی بَیْعَتِهِ لَنَا وَ إِنْ كَانَ قَدْ كَفَّ وَ جَلَسَ حِینَ شَكَّ فِی الْقِتَالِ مَا أَلُومُ الْیَوْمَ مَنْ كَفَّ عَنَّا وَ عَنْ غَیْرِنَا وَ لَكِنَّ الْمُلِیمَ الَّذِی یُقَاتِلُنَا ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِیرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِیقٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقُتِلَ أَبُوهُ یَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ فِی الدَّارِ فَخَرَجَ مُغْضَباً لِقَتْلِ أَبِیهِ وَ هُوَ غُلَامٌ حَدَثٌ جَبُنَ لِقَتْلِهِ ثُمَّ مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِی عُثْمَانَ بْنِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِیقٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَكَأَنِّی أَنْظُرُ إِلَیْهِ وَ قَدْ أَخَذَتِ الْقَوْمُ السُّیُوفَ هَارِباً یَعْدُو مِنَ الصَّفِّ فَنَهْنَهْتُ عَنْهُ فَلَمْ یَسْمَعْ مَنْ نَهْنَهْتُ حَتَّی قَتَلَهُ وَ كَانَ هَذَا مِمَّا خَفِیَ عَلَی فِتْیَانِ قُرَیْشٍ أَغْمَارٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْحَرْبِ خُدِعُوا وَ اسْتَنْزَلُوا فَلَمَّا وَقَفُوا لُحِجُوا فَقُتِلُوا

ص: 208

ثُمَّ مَشَی قَلِیلًا فَمَرَّ بِكَعْبِ بْنِ سُورٍ فَقَالَ هَذَا الَّذِی خَرَجَ عَلَیْنَا فِی عُنُقِهِ الْمُصْحَفُ یَزْعُمُ أَنَّهُ نَاصِرُ أُمِّهِ یَدْعُو النَّاسَ إِلَی مَا فِیهِ وَ هُوَ لَا یَعْلَمُ مَا فِیهِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ فَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ أَمَا إِنَّهُ دَعَا اللَّهَ أَنْ یَقْتُلَنِی فَقَتَلَهُ اللَّهُ أَجْلِسُوا كَعْبَ بْنَ سُورٍ فَأُجْلِسَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا كَعْبُ لَقَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا كَعْباً وَ مَرَّ عَلَی طَلْحَةَ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ فَقَالَ هَذَا النَّاكِثُ بَیْعَتِی وَ الْمُنْشِئُ الْفِتْنَةَ فِی الْأُمَّةِ وَ الْمُجْلِبُ عَلَیَّ وَ الدَّاعِی إِلَی قَتْلِی وَ قَتْلِ عِتْرَتِی أَجْلِسُوا طَلْحَةَ بْنَ عُبَیْدِ اللَّهِ فَأُجْلِسَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَا طَلْحَةُ قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِی رَبِّی حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتَ مَا وَعَدَكَ رَبُّكَ حَقّاً ثُمَّ قَالَ أَضْجِعُوا طَلْحَةَ وَ سَارَ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُكَلِّمُ كَعْباً وَ طَلْحَةَ بَعْدَ قَتْلِهِمَا فَقَالَ أَمَ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعَا كَلَامِی كَمَا سَمِعَ أَهْلُ الْقَلِیبِ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ بَدْرٍ.

إیضاح:

جدعت أنفی أی لم أكن أحب قتل هؤلاء و هم من قبیلتی و عشیرتی و لكن اضطررت إلی ذلك.

قوله بذی نخیرة النخیر صوت بالأنف أی كان یقیم الفتنة لكن لم یكن له بعد قیامها صوت و حركة بل كان یخاف و یولول یقال ولولت المرأة إذا اعولت و ما علمت أی فیما علمت و فی علمی ممن أوضع علی بناء المعلوم أی ركض دابته و أسرع أو علی بناء المجهول قال الجوهری یقال وضع الرجل فی تجارته و أوضع علی ما لم یسم فاعله فیهما أی خسر فنهنهت عنه أی كففت و زجرت.

و كان هذا مما خفی علی أی لم أعلم بوقت قتله.

فتیان قریش مبتدأ و الأغمار خبره و هو جمع الغمر بالضم و بضمتین و هو الذی لم یجرب الأمور ذكره الجوهری و قال لحج السیف و غیره بالكسر یلحج لحجا أی نشب فی الغمد فلا یخرج و مكان لحج أی ضیق.

ص: 209

ثم استفتح إشارة إلی قوله تعالی وَ اسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ أی سألوا من اللّٰه الفتح علی أعدائهم أو القضاء بینهم و بین أعدائهم من الفتاحة.

«164»-(1)

كا، الكافی الْحُسَیْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِیُّ عَنْ مُعَلَّی بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِی حَمْزَةَ الثُّمَالِیِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ علیهما السلام إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام سَارَ فِی أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ سِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ الشِّرْكِ قَالَ فَغَضِبَ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ سَارَ فِیهِمْ وَ اللَّهِ بِسِیرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَوْمَ الْفَتْحِ إِنَّ عَلِیّاً كَتَبَ إِلَی مَالِكٍ وَ هُوَ عَلَی مُقَدِّمَتِهِ یَوْمَ الْبَصْرَةِ بِأَنْ لَا یَطْعُنَ فِی غَیْرِ مُقْبِلٍ وَ لَا یَقْتُلَ مُدْبِراً وَ لَا یُجْهِزَ عَلَی جَرِیحٍ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَوَضَعَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ عَلَی الْقَرَبُوسِ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَقْرَأَهُ ثُمَّ قَالَ اقْتُلُوا فَقَتَلَهُمْ حَتَّی أَدْخَلَهُمْ سِكَكَ الْبَصْرَةِ ثُمَّ فَتَحَ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِیاً فَنَادَی بِمَا فِی الْكِتَابِ.

«165»-(2)

نی، الغیبة للنعمانی مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَابُنْدَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هُلَیْلٍ عَنِ ابْنِ أَبِی عُمَیْرٍ عَنْ أَبِی الْمَغْرَاءِ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام لَمَّا الْتَقَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ نَشَرَ الرَّایَةَ رَایَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَتَزَلْزَلَتْ أَقْدَامُهُمْ فَمَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ حَتَّی قَالُوا آمِنَّا یَا ابْنَ أَبِی طَالِبٍ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَا تَقْتُلُوا الْأُسَرَاءَ وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَتْبَعُوا مُوَلِّیاً وَ مَنْ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَ لَمَّا كَانَ یَوْمُ صِفِّینَ سَأَلُوهُ نَشْرَ الرَّایَةِ فَأَبَی عَلَیْهِمْ فَتَحَمَّلُوا عَلَیْهِ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ وَ عَمَّارِ بْنِ یَاسِرٍ فَقَالَ لِلْحَسَنِ یَا بُنَیَّ إِنَّ لِلْقَوْمِ مُدَّةً یَبْلُغُونَهَا وَ إِنَّ هَذِهِ رَایَةٌ لَا یَنْشُرُهَا بَعْدِی إِلَّا الْقَائِمُ علیه السلام.

ص: 210


1- 164- رواه ثقة الإسلام الكلینی رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (5) من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 33.
2- 165- رواه النعمانیّ فی أول الباب: (19) من كتاب الغیبة ص 208 ط 3.

«166»-د، (1) العدد القویة فی تاریخ المفید: فی النصف من جمادی الأول سنة ست و ثلاثین من الهجرة كان فتح البصرة و نزول النصر من اللّٰه تعالی علی أمیر المؤمنین علیه السلام:

و فی كتاب التذكرة: فی هذه السنة أظهر معاویة الخلافة و فیها بایع جاریة بن قدامة السعدی لعلی بالبصرة و هرب منها عبد اللّٰه بن عامر و فیها لحق الزبیر بمكة و كانت عائشة معتمرة فأشار علیهم ابن عامر بقصد البصرة و جهزهم بألف ألف درهم و مائة بعیر و قدم یعلی بن منیة من البصرة فأعانهم بمائة ألف درهم و بعث إلی عائشة بالجمل الذی اشتراه بمائتی دینار و سار علی علیه السلام إلیهم و كان معه سبعمائة من الصحابة و فیهم أربعمائة من المهاجرین و الأنصار منهم سبعون بدریا و كانت وقعة الجمل بالخریبة یوم الخمیس لخمس خلون من جمادی الآخرة قتل فیها طلحة و قتل فیها محمد بن طلحة و كعب بن سور و أوقف علی الزبیر ما سمعه من النبی صلی اللّٰه علیه و آله و هو أنك تحاربه و أنت ظالم فقال أ ذكرتنی ما أنسانیه الدهر و انصرف راجعا فلحقه عمرو بن جرموز بوادی السباع و هو قائم یصلی فطعنه فقتله و هو ابن خمس و سبعین سنة:

و قیل: إن عدة من قتل من أصحاب الجمل ثلاثة عشر ألفا و من أصحاب علی أربعة آلاف أو خمسة آلاف و سار أمیر المؤمنین علیه السلام إلی الكوفة و استخلف علی البصرة عبد اللّٰه بن عباس و سیر عائشة إلی المدینة

ص: 211


1- 166- رواه علیّ بن سدید الدین یوسف بن علیّ بن مطهر الحلی فی كتاب العدد القویة. و لا یزال الكتاب غیر منشور.

و فی هذه السنة صالح معاویة الروم علی مال حمله إلیهم لشغله بحرب علی علیه السلام.

«167»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام لَمَّا مَرَّ بِطَلْحَةَ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِیدٍ وَ هُمَا قَتِیلَانِ یَوْمَ الْجَمَلِ لَقَدْ أَصْبَحَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِهَذَا الْمَكَانِ غَرِیباً أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قُرَیْشٌ قَتْلَی تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ أَدْرَكْتُ وَتْرِی مِنْ بَنِی عَبْدِ مَنَافٍ وَ أَفْلَتَتْنِی أَعْیَانُ بَنِی جُمَحٍ لَقَدْ أَتْلَعُوا أَعْنَاقَهُمْ إِلَی أَمْرٍ لَمْ یَكُونُوا أَهْلَهُ فَوُقِصُوا دُونَهُ.

بیان:

عبد الرحمن من التابعین و أبوه كان أمیر مكة فی زمن الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و الوتر الجنایة التی یجنیها الرجل علی غیره من قتل أو نهب أو سبی.

و أعیان بنی جمح فی بعض النسخ بالرای أی ساداتهم أو جمع عیر بمعنی الحمار و هو ذم لجماعة من بنی جمح حضروا الجمل و هربوا و لم یقتل منهم إلا اثنان و أتلعوا أعناقهم أی رفعوها و الوقص كسر العنق یقال واقص الرجل فهو موقوص.

«168»-(2) و قال ابن أبی الحدید: ركبت عائشة یوم الحرب الجمل المسمی عسكرا فی هودج قد ألبس الرفوف ثم ألبس جلود النمر ثم ألبس فوق ذلك دروع الحدید:

و روی الشعبی عن مسلم بن أبی بكرة عن أبیه قال: لما قدم طلحة و الزبیر البصرة تقلدت سیفی و أنا أرید نصرهما فدخلت علی عائشة و إذا هی تأمر و تنهی و إذا الأمر أمرها فذكرت حدیثا كنت سمعته

من رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله

ص: 212


1- 167 رواه السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (217) من نهج البلاغة.
2- 168- رواه ابن أبی الحدید فی آخر شرحه علی المختار: (79) من نهج البلاغة: ج 2 ص 416 ط الحدیث ببیروت.

لن یفلح قوم یدبر أمرهم.

امرأة فانصرفت و اعتزلتهم:

و قد روی هذا الخبر علی صورة أخری: إن قوما یخرجون بعدی فی فئة رأسها امرأة لا یفلحون أبدا و كان الجمل لواء عسكر البصرة لم یكن لواء غیره فلما تواقف الجمعان قال علی علیه السلام لا تقاتلوا القوم حتی یبدءوكم فإنكم بحمد اللّٰه علی حجة و كفكم عنهم حتی یبدءوكم حجة أخری و إذا قاتلتموهم فلا تجهزوا علی جریح فإذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا و لا تكشفوا عورة و لا تمثلوا بقتیل و إذا وصلتم إلی رحال القوم فلا تهتكوا سترا و لا تدخلوا دارا و لا تأخذوا من أموالهم شیئا و لا تهیجوا امرأة بأذی و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم و صلحاءكم فإنهن ضعفاء القوی و الأنفس و العقول و لقد كنا نؤمر بالكف عنهن و إنهن لمشركات و إن كان الرجل لیتناول المرأة بالهراوة و الجریدة فیعیر بها و عقبه من بعده قال و قتل بنو ضبة حول الجمل فلم یبق فیهم إلا من لا نفع عنده و أخذت الأزد بخطامه فقالت عائشة من أنتم قالوا الأزد قالت صبرا فإنما یصبر الأحرار و رمی الجمل بالنبل حتی صارت القبة علیه كهیئة القنفذ فقال علی علیه السلام لما فنی الناس علی خطام الجمل و قطعت الأیدی و سالت النفوس ادعوا لی الأشتر و عمارا فجاءا فقال اذهبا فاعقرا هذا الجمل فإنهم قد اتخذوه قبلة فذهبا و معهما فتیان من مراد یعرف أحدهما بعمر بن عبد اللّٰه فما زالا یضربان الناس حتی خلصا إلیه فضربه المرادی علی عرقوبیه فأقعی و له رغاء ثم وقع لجنبه و فر الناس من حوله فنادی علی اقطعوا أنساع الهودج ثم قال لمحمد بن أبی بكر اكفنی أختك فحملها محمد حتی أنزلها دار عبد اللّٰه بن خلف الخزاعی.

«169»-(1)

كا، الكافی عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ وَ الْقَاسَانِیُّ جَمِیعاً عَنِ الْأَصْبَهَانِیِّ عَنِ الْمِنْقَرِیِّ عَنْ فُضَیْلِ بْنِ عِیَاضٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَوْمَ الْبَصْرَةِ نَادَی

ص: 213


1- 169- رواه ثقة الإسلام الكلینی فی آخر الحدیث الثانی من «باب وجوه الجهاد» و هو الباب (3) من كتاب الجهاد من الكافی: ج 5 ص 12.

فِیهِمْ لَا تَسْبُوا لَهُمْ ذُرِّیَّةً وَ لَا تُجْهِزُوا عَلَی جَرِیحٍ وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَ أَلْقَی سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ.

«170»-(1)

أَقُولُ قَالَ السَّیِّدُ بْنُ طَاوُسٍ فِی كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ نَقْلًا مِنْ كِتَابِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِی عَلِیٍّ بِرِوَایَةِ أَبِی بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِیِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ یَاسِینَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الكند [كِنْدَةَ] عَنْ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَی عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ سَعِیدِ بْنِ كُرْزٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مَوْلَایَ یَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ اللِّوَاءِ فَأَقْبَلَ فَارِسٌ فَقَالَ یَا أُمَّ الْمُؤْمِنِینَ قَالَتْ عَائِشَةُ سَلُوهُ مَنْ هُوَ قِیلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَمَّارُ بْنُ یَاسِرٍ قَالَتْ قُولُوا لَهُ مَا تُرِیدُ قَالَ أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ الَّذِی أَخْرَجَ الْكِتَابَ عَلَی نَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی بَیْتِكِ أَ تَعْلَمِینَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَ عَلِیّاً وَصِیَّهُ عَلَی أَهْلِهِ قَالَتِ اللَّهُمَّ نَعَمْ.

«171»-(2)

كا، الكافی الْعِدَّةُ عَنْ سَهْلٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِیٌّ عَنْ أَبِیهِ جَمِیعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِیسَی عَنْ سَوَّارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ عَلِیّاً علیه السلام لَمَّا هَزَمَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ أَقْبَلَ النَّاسُ مُنْهَزِمِینَ فَمَرُّوا بِامْرَأَةٍ حَامِلٍ عَلَی ظَهْرِ الطَّرِیقِ فَفَزِعَتْ مِنْهُمْ فَطَرَحَتْ مَا فِی بَطْنِهَا حَیّاً فَاضْطَرَبَ حَتَّی مَاتَ ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ مِنْ بَعْدِهِ فَمَرَّ بِهَا عَلِیٌّ علیه السلام

ص: 214


1- 170- و لیلاحظ الحدیث: من كتاب سعد السعود، ص 236.
2- 171- رواه ثقة الإسلام الكلینی فی «باب المقتول لا یدری من قتله» من كتاب الدیات من الكافی:ج ٧ ص ٣٥٤. ورواه أیضا الشیخ الصدوق رفع اللّٰه مقامه فی الباب: (١٥٣) وهو باب میراث الجنین والمنقوس والسفط من كتاب من لا یحضره الفقیه: ج ٤ ص ورواه عنه ابن شهرآشوب فی فصل قضایا علی بعد بیعة العامة له من مناقب آل أبی طالب: ج ٢ ص ١٩٤.

وَ أَصْحَابُهُ وَ هِیَ مَطْرُوحَةٌ وَ وَلَدُهَا عَلَی الطَّرِیقِ فَسَأَلَهُمْ عَنْ أَمْرِهَا فَقَالُوا لَهُ إِنَّهَا كَانَتْ حُبْلَی فَفَزِعَتْ حِینَ رَأَتِ الْقِتَالَ وَ الْهَزِیمَةَ قَالَ فَسَأَلَهُمْ أَیُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَقِیلَ إِنَّ ابْنَهَا مَاتَ قَبْلَهَا قَالَ فَدَعَا بِزَوْجِهَا أَبِی الْغُلَامِ الْمَیِّتِ فَوَرَّثَهُ مِنِ ابْنِهِ ثُلُثَیِ الدِّیَةِ وَ وَرَّثَ أُمَّهُ ثُلُثَ الدِّیَةِ ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوْجَ أَیْضاً مِنَ الْمَرْأَةِ نِصْفَ ثُلُثِ الدِّیَةِ الَّذِی وَرِثَتْهُ مِنِ ابْنِهَا وَ وَرَّثَ قَرَابَةَ الْمَرْأَةِ الْمَیِّتَةِ الْبَاقِیَ ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوْجَ أَیْضاً مِنْ دِیَةِ امْرَأَتِهِ الْمَیِّتَةِ نِصْفَ الدِّیَةِ وَ هُوَ أَلْفَانِ وَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ وَرَّثَ قَرَابَةَ الْمَرْأَةِ الْمَیِّتَةِ نِصْفَ الدِّیَةِ وَ هُوَ أَلْفَانِ وَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ یَكُنْ لَهَا وَلَدٌ غَیْرُ الَّذِی رَمَتْ بِهِ حِینَ فَزِعَتْ قَالَ وَ أَدَّی ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ بَیْتِ مَالِ الْبَصْرَةِ.

أقول: شرح الخبر لا یناسب هذا المقام و قد شرحناه فی موضعه.

(1)

وَجَدْتُ فِی كِتَابِ سُلَیْمِ بْنِ قَیْسٍ قَالَ أَبَانٌ سَمِعْتُ سُلَیْماً یَقُولُ شَهِدْتُ یَوْمَ الْجَمَلِ عَلِیّاً علیه السلام وَ كُنَّا اثْنَیْ عَشَرَ أَلْفاً وَ كَانَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ زِیَادَةً عَلَی عِشْرِینَ وَ مِائَةِ أَلْفٍ وَ كَانَ مَعَ عَلِیٍّ علیه السلام مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِمَّنْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَدْراً وَ الْحُدَیْبِیَةَ وَ مَشَاهِدَهُ وَ سَائِرُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَّا مَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ الْحِجَازِ لَیْسَتْ لَهُ هِجْرَةٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَ جُلُّ الْأَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ لَمْ یُكْرِهْ أَحَداً عَلَی الْبَیْعَةِ وَ لَا عَلَی الْقِتَالِ إِنَّمَا نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبُوا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعُونَ وَ مِائَةُ رَجُلٍ وَ جُلُّهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ شَاهَدَ أُحُداً وَ الْحُدَیْبِیَةَ وَ لَمْ یَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ وَ لَیْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ إِلَّا وَ هَوَاهُ مَعَهُ یَتَوَلَّوْنَهُ وَ یَدْعُونَ لَهُ بِالظَّفَرِ وَ النَّصْرِ وَ یُحِبُّونَ ظُهُورَهُ عَلَی مَنْ نَاوَاهُ وَ لَمْ یُخْرِجْهُمْ وَ لَا یُضَیِّقُ عَلَیْهِمْ وَ قَدْ بَایَعُوهُ وَ لَیْسَ كُلُّ أُنَاسٍ یُقَاتِلُ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ الطَّاعِنُ عَلَیْهِ وَ الْمُتَبَرِّئُ مِنْهُ قَلِیلٌ مُسْتَتِرٌ عَنْهُ مُظْهِرٌ لَهُ الطَّاعَةَ غَیْرَ ثَلَاثَةِ رَهْطٍ بَایَعُوهُ ثُمَّ شَكُّوا فِی الْقِتَالِ مَعَهُ وَ قَعَدُوا فِی بُیُوتِهِمْ وَ هُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَ سَعْدُ بْنُ أَبِی وَقَّاصٍ

ص: 215


1- 172- كتاب سلیم بن قیس الهلالی رحمه اللّٰه ص 187، ط 1.

وَ ابْنُ عُمَرَ وَ أَمَّا أساتر [أُسَامَةُ] بْنُ زَیْدٍ فَقَدْ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَ رَضِیَ وَ دَعَا لِعَلِیٍّ علیه السلام وَ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَ بَرِئَ مِنْ عَدُوِّهِ وَ شَهِدَ أَنَّهُ عَلَی الْحَقِّ وَ مَنْ خَالَفَهُ مَلْعُونٌ حَلَالُ الدَّمِ.

قَالَ أَبَانٌ قَالَ سُلَیْمٌ لَمَّا الْتَقَی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ یَوْمَ الْجَمَلِ نَادَی عَلِیٌّ علیه السلام الزُّبَیْرَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اخْرُجْ إِلَیَّ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ تَخْرُجُ إِلَی الزُّبَیْرِ النَّاكِثِ بَیْعَتَهُ وَ هُوَ عَلَی فَرَسٍ شَاكٍ فِی السِّلَاحِ وَ أَنْتَ عَلَی بَغْلَةٍ بِلَا سِلَاحٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام إِنَّ عَلَیَّ جُنَّةً وَاقِیَةً لَنْ یَسْتَطِیعَ أَحَدٌ فِرَاراً مِنْ أَجْلِهِ وَ إِنِّی لَا أَمُوتُ وَ لَا أُقْتَلُ إِلَّا عَلَی یَدَیْ أَشْقَاهَا كَمَا عَقَرَ نَاقَةَ اللَّهِ أَشْقَی ثَمُودَ فَخَرَجَ إِلَیْهِ الزُّبَیْرُ فَقَالَ أَیْنَ طَلْحَةُ لِیَخْرُجْ فَخَرَجَ طَلْحَةُ فَقَالَ نَشَدْتُكُمَا اللَّهَ أَ تَعْلَمَانِ وَ أُولُو الْعِلْمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِی بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَهْلَ النَّهْرِ مَلْعُونُونَ عَلَی لِسَانِ مُحَمَّدٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَری فَقَالَ الزُّبَیْرُ كَیْفَ نَكُونُ مَلْعُونِینَ وَ نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ عَلِیٌّ علیه السلام لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمَا اسْتَحْلَلْتُ قِتَالَكُمْ فَقَالَ الزُّبَیْرُ أَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ یَوْمَ أُحُدٍ أُوجِبَ طَلْحَةَ الْجَنَّةُ وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ یَنْظُرَ إِلَی شَهِیدٍ یَمْشِی عَلَی الْأَرْضِ حَیّاً فَلْیَنْظُرْ إِلَی طَلْحَةَ أَ وَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله یَقُولُ عَشَرَةٌ مِنْ قُرَیْشٍ فِی الْجَنَّةِ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام فَسَمِّهِمْ فَقَالَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ حَتَّی عَدَّ تِسْعَةً فِیهِمْ أَبُو عُبَیْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَ سَعِیدُ بْنُ زَیْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَیْلٍ فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام عَدَّدْتَ تِسْعَةً فَمَنِ الْعَاشِرُ قَالَ الزُّبَیْرُ أَنْتَ فَقَالَ أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَقْرَرْتَ أَنِّی مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ أَمَّا مَا ادَّعَیْتَ لِنَفْسِكَ وَ أَصْحَابِكَ فَإِنِّی بِهِ لَمِنَ الْجَاحِدِینَ وَ اللَّهِ إِنَّ بَعْضَ مَنْ سَمَّیْتَ لَفِی تَابُوتٍ فِی جُبٍّ فِی أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَی ذَلِكَ الْجُبِّ صَخْرَةٌ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ یُسْعِرَ جَهَنَّمَ رَفَعَ تِلْكَ الصَّخْرَةَ فَأَسْعَرَ جَهَنَّمَ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ إِلَّا أَظْفَرَكَ اللَّهُ بِی وَ سَفَكَ دَمِی بِیَدِكَ وَ إِلَّا فَأَظْفَرَنِیَ اللَّهُ بِكَ وَ أَصْحَابِكَ فَرَجَعَ الزُّبَیْرُ إِلَی أَصْحَابِهِ وَ هُوَ یَبْكِی ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَی طَلْحَةَ فَقَالَ یَا طَلْحَةُ مَعَكُمَا نِسَاؤُكُمَا قَالَ لَا قَالَ عَمَدْتُمَا إِلَی امْرَأَةٍ مَوْضِعُهَا فِی كِتَابِ اللَّهِ الْقُعُودُ فِی بَیْتِهَا فَأَبْرَزْتُمَاهَا وَ صُنْتُمَا

ص: 216

حَلَائِلَكُمَا فِی الْخِیَامِ وَ الْحِجَالِ مَا أَنْصَفْتُمَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ لَا یُكَلَّمْنَ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَخْبِرْنِی مِنْ صَلَاةِ ابْنِ الزُّبَیْرِ بِكُمَا أَ مَا یَرْضَی أَحَدُكُمَا بِصَاحِبِهِ أَخْبِرْنِی عَنْ دُعَائِكُمَا الْأَعْرَابَ إِلَی قِتَالِی مَا یَحْمِلُكُمَا عَلَی ذَلِكَ فَقَالَ طَلْحَةُ یَا هَذَا كُنَّا فِی الشُّورَی سِتَّةً مَاتَ مِنَّا وَاحِدٌ وَ قُتِلَ آخَرُ فَنَحْنُ الْیَوْمَ أَرْبَعَةٌ كُلُّنَا لَكَ كَارِهٌ فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام لَیْسَ ذَاكَ عَلَیَّ قَدْ كُنَّا فِی الشُّورَی وَ الْأَمْرُ فِی یَدِ غَیْرِنَا وَ هُوَ الْیَوْمَ فِی یَدِی أَ رَأَیْتَ لَوْ أَرَدْتُ بَعْدَ مَا بَایَعْتُ عُثْمَانَ أَنْ أَرُدَّ هَذَا الْأَمْرَ شُورَی أَ كَانَ ذَلِكَ لِی قَالَ لَا قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنَّكَ بَایَعْتَ طَائِعاً فَقَالَ عَلِیٌّ علیه السلام وَ كَیْفَ ذَلِكَ وَ الْأَنْصَارُ مَعَهُمُ السُّیُوفُ مُخْتَرَطَةً یَقُولُونَ لَئِنْ فَرَغْتُمْ وَ بَایَعْتُمْ وَاحِداً مِنْكُمْ وَ إِلَّا ضَرَبْنَا أَعْنَاقَكُمْ أَجْمَعِینَ فَهَلْ قَالَ لَكَ وَ لِأَصْحَابِكَ أَحَدٌ شَیْئاً مِنْ هَذَا وَقْتَ مَا بَایَعْتُمَانِی وَ حُجَّتِی فِی الِاسْتِكْرَاهِ فِی الْبَیْعَةِ أَوْضَحُ مِنْ حُجَّتِكَ وَ قَدْ بَایَعْتَنِی أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ طَائِعِینَ غَیْرَ مُكْرَهِینَ وَ كُنْتُمَا أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ لَمْ یَقُلْ أَحَدٌ لَتُبَایِعَانِ أَوْ لَنَقْتُلُكُمَا فَانْصَرَفَ طَلْحَةُ وَ نَشِبَ الْقِتَالُ فَقُتِلَ طَلْحَةُ وَ انْهَزَمَ الزُّبَیْرُ.

بیان: قوله أ كان ذلك بی أی بحسب معتقدكم أو هل كانوا یسمعون منی ذلك. و اعلم أن الدلائل علی بطلان ما ادعوا من ورود الحدیث ببشارة العشرة أنهم من أهل الجنة كثیرة قد مر بعضها و كفی بإنكاره علیه السلام و رده فی بطلانه و مقاتلة بعضهم معه علیه السلام أدل دلیل علی بطلانه للأخبار المتواترة بین الفریقین عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله

كقوله علیه السلام لَا یُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ.

و

قوله حربك حربی.

و غیر ذلك مما مر و سیأتی فی المجلد التاسع و العشرة بزعمهم أمیر المؤمنین علیه السلام و أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبیر و سعد بن أبی وقاص و سعید بن زید بن عمرو بن نفیل العدوی و عبد الرحمن بن عوف و أبو عبیدة عامر بن عبد اللّٰه بن الجراح علی التسعة اللعنة.

ص: 217

تذنیب:

قال أبو الصلاح رحمه اللّٰه فی تقریب المعارف (1) تناصر الخبر من طریقی الشیعة و أصحاب الحدیث بأن عثمان و طلحة و الزبیر و سعدا و عبد الرحمن من جملة أصحاب العقبة الذین نفروا برسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و أن عثمان و طلحة القائلان أ ینكح محمد نساءنا و لا تنكح نساءه و اللّٰه لو قد مات لأجلنا علی نسائه بالسهام.

و قول طلحة لأتزوجن أم سلمة (2) فأنزل اللّٰه سبحانه وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً و قول عثمان لطلحة و قد تنازعا و اللّٰه إنك أول أصحاب محمد تزوج بیهودیة فقال طلحة و أنت و اللّٰه لقد قلت ما یحبسنا هاهنا إلا نلحق بقومنا.

و قد روی من طریق موثوق به ما یصحح قول عثمان لطلحة فروی أن طلحة عشق یهودیة فخطبها لیتزوجها فأبت إلا أن یتهود ففعل و قدحوا فی نسبه بأن أباه عبید اللّٰه كان عبدا راعیا بالبلقاء فلحق بمكة فادعاه عثمان بن عمرو بن كعب التیمی فنكح الصعبة بنت دزمهر الفارسی و كان بعث به كسری إلی الیمن فكان بحضرموت خرازا.

و أما الزبیر فكان أبوه ملاحا بجدة و كان جمیلا فادعاه خویلد و زوجه عبد المطلب صفیة.

و قال العلامة قدس اللّٰه روحه فی كشف الحق و مؤلف كتاب إلزام النواصب و صاحب كتاب تحفة الطالب ذكر أبو المنذر هشام بن محمد الكلبی

ص: 218


1- لا عهد لی بهذا الكتاب و لعله لا یزال غیر منشور.
2- كذا فی ط الكمبانی من أصلی، و لعلّ الصواب: «عائشة» كما رواه من طریق القوم العلّامة الحلّی فی أواسط المطلب الخامس فی الإمامة فی مطاعن عثمان من كتاب كشف الحق و نهج الصدق ص 304- 307 ط بیروت.

من علماء الجمهور (1) أن من جملة البغایا و ذوات الرایات صعبة بنت الحضرمی كانت لها رایة بمكة و استبضعت بأبی سفیان فوقع علیها أبو سفیان و تزوجها عبید اللّٰه بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تیم فجاءت بطلحة بن عبید اللّٰه لستة أشهر فاختصم أبو سفیان و عبید اللّٰه فی طلحة فجعلا أمرهما إلی صعبة فألحقته بعبید اللّٰه فقیل لها كیف تركت أبا سفیان فقالت ید عبید اللّٰه طلقة و ید أبی سفیان نكرة.

و قال العلامة فی كشف الحق أیضا (2) و ممن كان یلعب به و یتخنث عبید اللّٰه أبو طلحة فهل یحل لعاقل المخاصمة مع هؤلاء لعلی علیه السلام انتهی.

و قال مؤلف كتاب إلزام النواصب و صاحب تحفة الطالب قد ورد أن العوام كان عبدا لخویلد ثم أعتقه و تبنّاه و لم یكن من قریش و ذلك أن العرب فی الجاهلیة كان إذا كان لأحدهم عبد و أراد أن ینسب إلی نفسه و یلحق به نسبه أعتقه و زوجه كریمة من العرب فیلحق بنسبه و كان هذا من سنن العرب.

و یصدق ذلك شعر عدی بن حاتم فی عبد اللّٰه بن الزبیر بحضرة معاویة و عنده جماعة قریش و فیهم عبد اللّٰه بن الزبیر فقال عبد اللّٰه لمعاویة یا أمیر المؤمنین ذرنا نكلم عدیا فقد زعم أن عنده جوابا فقال إنی أحذركموه فقال لا علیك دعنا و إیاه فرضی معاویة فقال یا أبا طریف متی فقئت عینك فقال یوم فر أبوك و قتل شر قتلة و ضربك الأشتر علی استك فوقعت هاربا من الزحف و أنشد یقول:

ص: 219


1- فیه سهو عظیم.
2- رواه و ما قبله العلامة فی أواخر المسألة الخامسة فی الإمامة فی عنوان «نسب» طلحة بعد ذكر زلات عمر من كتاب كشف الحق و نهج الصدق، ص 356 ط بیروت. وأیضا ذكر قبل ذلك فی أواسط ذكر زلات عثمان ص ٣٠٤ - ٣٠٦ بعض الخلال المذمومة المشتركة بین عثمان وطلحة.

أما و أبی یا ابن الزبیر لو أننی*** لقیتك یوم الزحف رمت مدی شحطا

و كان أبی فی طی ء و أبو أبی*** صحیحین لم ینزع عروقهما القبطا

قال معاویة قد حذرتكموه فأبیتم.

و قوله:

صحیحین لم ینزع عروقهما القبطا

تعریض بابن الزبیر بأن أباه و أبا أبیه لیسا بصحیحی النسب و أنهما من القبط و لم یستطع ابن الزبیر إنكار ذلك فی مجلس معاویة.

أقول: و روی صاحب كتاب تحفة الطالب الأبیات هكذا:

أما و أبی یا ابن الزبیر لو أننی (1)*** لقیتك یوم الزحف ما رمت لی سخطا.

و لو رمت شقی عند عدل قضاؤه*** لرمت به یا ابن الزبیر مدی شحطا

ص: 220


1- ما بین المعقوفین زیادة توضیحیة منا، و كان المصنّف رحمه اللّٰه أسقطه ثمّ ذكر الشطر الثانی ثمّ قال: إلی قوله: ولو رمت شقی عند عدل قضاؤه *** لرمت به یا ابن الزبیر مدی شحطا

باب 4 احتجاجه علیه السلام علی أهل البصرة و غیرهم بعد انقضاء الحرب و خطبه علیه السلام عند ذلك

«173»-(1)

ج، الإحتجاج رَوَی یَحْیَی بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِیهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَخْطُبُ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ دُخُولِهَا بِأَیَّامٍ فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنِی مَنْ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْفُرْقَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام وَیْحَكَ أَمَّا إِذَا سَأَلْتَنِی فَافْهَمْ عَنِّی وَ لَا عَلَیْكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ عَنْهَا أَحَداً بَعْدِی أَمَّا أَهْلُ الْجَمَاعَةِ فَأَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِی وَ إِنْ قَلُّوا وَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِهِ

ص: 221


1- 173- رواه الطبرسیّ رفع اللّٰه مقامه فی عنوان «احتجاج أمیر المؤمنین علیه السلام بعد دخوله البصرة ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1، ص 168، ط بیروت. ورواه السیوطی بصورة مطولة فی الحدیث: (١٧٨١) من مسند علی علیه السلام من كتاب جمع الجوامع: ج ٢، ١٢٩. ورواه أیضا المتقی الهندی نقلا عن وكیع فی الحدیث: (٣٥٢٩) من كتاب كنز العمال: ج ٨ ص ٢١٥ ط ١. وقد رواه أیضا فی كتاب المواعظ من منتخب العمال المطبوع بهامش مسند أحمد بن حنبل: ج ٦ ص ٣١٥ ط ١. وقد رویناه حرفیا - وذكرنا لكثیر من فقراته شواهد ومصادر - فی المختار: (١٢٢) من كتاب نهج السعادة: ج ١، ص ٣٧٢ ط ٢.

وَ أَمَّا أَهْلُ الْفُرْقَةِ فَالْمُخَالِفُونَ لِی وَ لِمَنِ اتَّبَعَنِی وَ إِنْ كَثُرُوا وَ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَالْمُتَمَسِّكُونَ بِمَا سَنَّهُ اللَّهُ لَهُمْ وَ رَسُولُهُ وَ إِنْ قَلُّوا وَ أَمَّا أَهْلُ الْبِدْعَةِ فَالْمُخَالِفُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَی وَ كِتَابِهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ الْعَامِلُونَ بِرَأْیِهِمْ وَ أَهْوَائِهِمْ وَ إِنْ كَثُرُوا وَ قَدْ مَضَی مِنْهُمُ الْفَوْجُ الْأَوَّلُ وَ بَقِیَتْ أَفْوَاجٌ وَ عَلَی اللَّهِ فَضُّهَا وَ اسْتِیصَالُهَا عَنْ جَدَدِ الْأَرْضِ فَقَامَ إِلَیْهِ عَمَّارٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ النَّاسَ یَذْكُرُونَ الْفَیْ ءَ وَ یَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا فَهُوَ وَ مَالُهُ وَ وُلْدُهُ فَیْ ءٌ لَنَا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ یُدْعَی عَبَّادَ بْنَ قَیْسٍ وَ كَانَ ذَا عَارِضَةٍ وَ لِسَانٍ شَدِیدٍ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ اللَّهِ مَا قَسَمْتَ بِالسَّوِیَّةِ وَ لَا عَدَلْتَ بِالرَّعِیَّةِ فَقَالَ وَ لِمَ وَیْحَكَ قَالَ لِأَنَّكَ قَسَمْتَ مَا فِی الْعَسْكَرِ وَ تَرَكْتَ النِّسَاءَ وَ الْأَمْوَالَ وَ الذُّرِّیَّةَ فَقَالَ علیه السلام أَیُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْیُدَاوِهَا بِالسَّمْنِ فَقَالَ عَبَّادٌ جِئْنَا نَطْلُبُ غَنَائِمَنَا فَجَاءَنَا بِالتُّرَّهَاتِ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَلَا أَمَاتَكَ اللَّهُ حَتَّی یُدْرِكَكَ غُلَامُ ثَقِیفٍ فَقِیلَ وَ مَنْ غُلَامُ ثَقِیفٍ فَقَالَ رَجُلٌ لَا یَدَعُ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا فَقِیلَ أَ فَیَمُوتُ أَوْ یُقْتَلُ فَقَالَ یَقْصِمُهُ قَاصِمُ الْجَبَّارِینَ بِمَوْتٍ فَاحِشٍ یَحْتَرِقُ مِنْهُ دُبُرُهُ لِكَثْرَةِ مَا یَجْرِی مِنْ بَطْنِهِ یَا أَخَا بَكْرٍ أَنْتَ امْرُؤٌ ضَعِیفُ الرَّأْیِ أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْخُذُ الصَّغِیرَ بِذَنْبِ الْكَبِیرِ وَ أَنَّ الْأَمْوَالَ كَانَتْ لَهُمْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَ تَزَوَّجُوا عَلَی رِشْدَةٍ وَ وُلِدُوا عَلَی فِطْرَةٍ وَ إِنَّمَا لَكُمْ مَا حَوَی عَسْكَرُهُمْ وَ أَمَّا مَا كَانَ فِی دُورِهِمْ فَهُوَ مِیرَاثٌ لِذُرِّیَّتِهِمْ فَإِنْ عَدَا عَلَیْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذْنَاهُ بِذَنْبِهِ وَ إِنْ كَفَّ عَنَّا لَمْ نَحْمِلْ عَلَیْهِ ذَنْبَ غَیْرِهِ یَا أَخَا بَكْرٍ لَقَدْ حَكَمْتُ فِیهِمْ بِحُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فِی أَهْلِ مَكَّةَ فَقَسَمَ مَا حَوَی الْعَسْكَرُ وَ لَمْ یَتَعَرَّضْ لِمَا سِوَی ذَلِكَ وَ إِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَهُ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ

ص: 222

یَا أَخَا بَكْرٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ یَحِلُّ مَا فِیهَا وَ أَنَّ دَارَ الْهِجْرَةِ یَحْرُمُ مَا فِیهَا إِلَّا بِحَقٍّ فَمَهْلًا مَهْلًا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِی وَ أَكْثَرْتُمْ عَلَیَّ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِی هَذَا غَیْرُ وَاحِدٍ فَأَیُّكُمْ یَأْخُذُ عَائِشَةَ بِسَهْمِهِ فَقَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَصَبْتَ وَ أَخْطَأْنَا وَ عَلِمْتَ وَ جَهِلْنَا فَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَی وَ نَادَی النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَصَبْتَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ الرَّشَادَ وَ السَّدَادَ فَقَامَ عَمَّارٌ فَقَالَ أَیُّهَا النَّاسُ وَ اللَّهِ إِنِ اتَّبَعْتُمُوهُ وَ أَطَعْتُمُوهُ لَنْ یَضِلَّ عَنْ مَنْهَلِ نَبِیِّكُمْ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی قِیسِ شَعْرَةٍ وَ كَیْفَ لَا یَكُونُ ذَلِكَ وَ قَدِ اسْتَوْدَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله عِلْمَ الْمَنَایَا وَ الْوَصَایَا وَ فَصْلَ الْخِطَابِ عَلَی مَنْهَجِ هَارُونَ علیه السلام وَ قَالَ لَهُ أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِیَّ بَعْدِی فَضْلًا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ وَ إِكْرَاماً مِنْهُ لِنَبِیِّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَیْثُ أَعْطَاهُ مَا لَمْ یُعْطِهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ ثُمَّ قَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ انْظُرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ فَامْضُوا لَهُ فَإِنَّ الْعَالِمَ أَعْلَمُ بِمَا یَأْتِی بِهِ مِنَ الْجَاهِلِ الْخَسِیسِ الْأَخَسِّ فَإِنِّی حَامِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِنْ أَطَعْتُمُونِی عَلَی سَبِیلِ النَّجَاةِ وَ إِنْ كَانَتْ فِیهِ مَشَقَّةٌ شَدِیدَةٌ وَ مَرَارَةٌ عَتِیدَةٌ وَ الدُّنْیَا حُلْوَةُ الْحَلَاوَةِ لِمَنِ اغْتَرَّ بِهَا مِنَ الشِّقْوَةِ وَ النَّدَامَةِ عَمَّا قَلِیلٍ ثُمَّ إِنِّی أُخْبِرُكُمْ أَنَّ جِیلًا مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَمَرَهُمْ نَبِیُّهُمْ أَنْ لَا یَشْرَبُوا مِنَ النَّهَرِ فَلَجُّوا فِی تَرْكِ أَمْرِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِیلًا مِنْهُمْ فَكُونُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْ أُولَئِكَ الَّذِینَ أَطَاعُوا نَبِیَّهُمْ وَ لَمْ یَعْصُوا رَبَّهُمْ وَ أَمَّا عَائِشَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْیُ النِّسَاءِ وَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حُرْمَتُهَا الْأُولَی وَ الْحِسَابُ عَلَی اللَّهِ یَعْفُو عَمَّنْ یَشَاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشَاءُ.

بیان: فلان ذو عارضة أی ذو جلد و صرامة و قدرة علی الكلام ذكره الجوهری و قال قال الأصمعی الترهات الطرق الصغار غیر الجادة تتشعب عنها الواحدة ترهة فارسی معرب ثم استعیر فی الباطل و قال یقال بینهما قیس رمح و قاس رمح أی قدر رمح و العتید الحاضر المهیأ.

ص: 223

«174»-ج، الإحتجاج عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ رَجُلٍ ذَكَرَهُ قَالَ: أَتَی رَجُلٌ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ الْجَمَلِ فَقَالَ لَهُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ رَأَیْتُ فِی هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَمْراً هَالَنِی مِنْ رُوحٍ قَدْ بَانَتْ وَ جُثَّةٍ قَدْ زَالَتْ وَ نَفْسٍ قَدْ فَاتَتْ لَا أَعْرِفُ فِیهِمْ مُشْرِكاً بِاللَّهِ تَعَالَی فَاللَّهَ اللَّهَ فَمَا یُحَلِّلُنِی مِنْ هَذَا فَإِنْ یَكُ شَرّاً فَهَذَا یَتَلَقَّی بِالتَّوْبَةِ وَ إِنْ یَكُ خَیْراً ازْدَدْنَا أَخْبِرْنِی عَنْ أَمْرِكَ هَذَا الَّذِی أَنْتَ عَلَیْهِ أَ فِتْنَةٌ عُرِضَتْ لَكَ فَأَنْتَ تَنْفَحُ النَّاسَ بِسَیْفِكَ أَمْ شَیْ ءٌ خَصَّكَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَهُ عَلِیٌّ علیه السلام إِذاً أُخْبِرُكَ إِذاً أُنَبِّئُكَ إِذاً أُحَدِّثُكَ إِنَّ نَاساً مِنَ الْمُشْرِكِینَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ أَسْلَمُوا ثُمَّ قَالُوا لِأَبِی بَكْرٍ اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله حَتَّی نَأْتِیَ قَوْمَنَا فَنَأْخُذَ أَمْوَالَنَا ثُمَّ نَرْجِعَ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ فَقَالَ عُمَرُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یُرْجَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَی الْكُفْرِ قَالَ وَ مَا عِلْمُكَ یَا عُمَرُ أَنْ یَنْطَلِقُوا فَیَأْتُوا بِمِثْلِهِمْ مَعَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ أَتَوْا أَبَا بَكْرٍ فِی الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَسَأَلُوهُ أَنْ یَسْتَأْذِنَ لَهُمْ عَلَی النَّبِیِّ صلی اللّٰه علیه و آله فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ وَ عِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ فَغَضِبَ النَّبِیُّ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا أَرَاكُمْ تَنْتَهُونَ حَتَّی یَبْعَثَ اللَّهُ عَلَیْكُمْ رَجُلًا مِنْ قُرَیْشٍ یَدْعُوكُمْ إِلَی اللَّهِ فَتَخْتَلِفُونَ عَنْهُ اخْتِلَافَ الْغَنَمِ الشَّرَدِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فِدَاكَ أَبِی وَ أُمِّی یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا هُوَ فَقَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ فَأَنَا هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ لَا قَالَ عُمَرُ فَمَنْ هُوَ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَومَی إِلَیَّ وَ أَنَا أَخْصِفُ نَعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ هُوَ خَاصِفُ النَّعْلِ عِنْدَكُمَا ابْنُ عَمِّی وَ أَخِی وَ صَاحِبِی وَ مُبَرِّئُ ذِمَّتِی وَ الْمُؤَدِّی عَنِّی دَیْنِی وَ عُدَّتِی وَ الْمُبَلِّغُ عَنِّی رِسَالَتِی وَ مُعَلِّمُ النَّاسِ مِنْ بَعْدِی وَ یُبَیِّنُ لَهُمْ مِنْ تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ مَا لَا یَعْلَمُونَ فَقَالَ الرَّجُلُ أَكْتَفِی مِنْكَ بِهَذَا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا بَقِیتُ فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَشَدَّ أَصْحَابِ عَلِیٍّ علیه السلام فِیمَا بَعْدُ عَلَی مَنْ خَالَفَهُ.

بیان: قال الجوهری نفحه بالسیف تناوله من بعید و فی بعض النسخ تنصح بالصاد المهملة و الأول أظهر قوله علیه السلام غنم الشرد من

ص: 224

قبیل إضافة الموصوف إلی الصفة و فی بعض النسخ الغنم بالتعریف و هو أظهر و الشَّرَد إما بالتحریك جمع شارد كخَدَم و خادم أو بضمتین جمع شرود كزبور و زبر من شرد البعیر إذا نفر.

«175»-(1)

ج، الإحتجاج عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنْ قِتَالِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَضَعَ قَتَباً عَلَی قَتَبٍ ثُمَّ صَعِدَ عَلَیْهِ فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ فَقَالَ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ یَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ یَا أَهْلَ الدَّاءِ الْعُضَالِ یَا أَتْبَاعَ الْبَهِیمَةِ یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَرَبْتُمْ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ وَ دِینُكُمْ نِفَاقٌ وَ أَحْلَامُكُمْ دِقَاقٌ ثُمَّ نَزَلَ یَمْشِی بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَمَشَیْنَا مَعَهُ فَمَرَّ بِالْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ وَ هُوَ یَتَوَضَّأُ فَقَالَ یَا حَسَنُ أَسْبِغِ الْوُضُوءَ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ قَتَلْتَ بِالْأَمْسِ أُنَاساً یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ یُصَلُّونَ الْخَمْسَ وَ یُسْبِغُونَ الْوُضُوءَ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام قَدْ كَانَ مَا رَأَیْتَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تُعِینَ عَلَیْنَا عَدُوَّنَا فَقَالَ وَ اللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَقَدْ خَرَجْتُ فِی أَوَّلِ یَوْمٍ فَاغْتَسَلْتُ وَ تَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَیَّ سِلَاحِی

ص: 225


1- 174- 175- رواهما الطبرسیّ رحمه اللّٰه فی عنوان: «احتجاج أمیر المؤمنین علیه السلام بعد دخوله البصرة ...» من كتاب الاحتجاج: ج 1 ص 170- 171. والحدیثان مرسلان لم یعلم حال روایتهما - كحدیث آخر بعد الحدیث الثانی ذكره فی الاحتجاج أیضا - فلا یمكن بلا قرینة قطعیة علی صدقهما أو كذبهما الاستدلال بهما علی إثبات شئ أو نفیه كما تحقق فی علم الأصول. إذا فلا یمكن جعلهما دلیلا علی انحراف الحسن البصری لا سیما مع قیام شواهد كثیرة علی حسن حاله وإنه كان یدافع عن علی علیه السلام ویذكر خصائصه وأنه كان علی الحق وأن من خالفه كان علی الباطل. والحق أن الرجل لم یكن من المنحرفین عن أهل البیت علیهم السلام وإن لم یكن من حواریهم أیضا.

وَ أَنَا لَا أَشُكُّ فِی أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَلَمَّا انْتَهَیْتُ إِلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَیْبَةِ نَادَی مُنَادٍ یَا حَسَنُ ارْجِعْ فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِی النَّارِ فَرَجَعْتُ ذَعِراً وَ جَلَسْتُ فِی بَیْتِی فَلَمَّا كَانَ الْیَوْمُ الثَّانِی لَمْ أَشُكَّ أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِینَ عَائِشَةَ هُوَ الْكُفْرُ فَتَحَنَّطْتُ وَ صَبَبْتُ عَلَیَّ سِلَاحِی وَ خَرَجْتُ أُرِیدُ الْقِتَالَ حَتَّی انْتَهَیْتُ إِلَی مَوْضِعٍ مِنَ الْخُرَیْبَةِ فَنَادَانِی مُنَادٍ مِنْ خَلْفِی یَا حَسَنُ إِلَی أَیْنَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَی فَإِنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ فِی النَّارِ قَالَ عَلِیٌّ صَدَقْتَ أَ فَتَدْرِی مَنْ ذَاكَ الْمُنَادِی قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ أَخُوكَ إِبْلِیسُ وَ صَدَقَكَ أَنَّ الْقَاتِلَ وَ الْمَقْتُولَ مِنْهُمْ فِی النَّارِ فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِیُّ الْآنَ عَرَفْتُ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَنَّ الْقَوْمَ هَلْكَی.

بیان: قال الفیروزآبادی الخریبة كجهینة موضع بالبصرة تسمی البصرة الصغری.

«176»-(1)

فس، تفسیر القمی وَ الْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوی قَالَ الْمُؤْتَفِكَةُ الْبَصْرَةُ وَ الدَّلِیلُ عَلَی ذَلِكَ قَوْلُ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ یَا أَهْلَ الْمُؤْتَفِكَةِ یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ أَتْبَاعَ الْبَهِیمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَهَرَبْتُمْ مَاؤُكُمْ زُعَاقٌ وَ أَحْلَامُكُمْ دِقَاقٌ وَ فِیكُمْ خَتْمُ النِّفَاقِ وَ لُعِنْتُمْ عَلَی لِسَانِ سَبْعِینَ نَبِیّاً إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرَنِی أَنَّ جَبْرَئِیلَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَوَی لَهُ الْأَرْضَ فَرَأَی الْبَصْرَةَ أَقْرَبَ الْأَرَضِینَ مِنَ الْمَاءِ وَ أَبْعَدَهَا مِنَ السَّمَاءِ وَ فِیهَا تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ وَ الدَّاءُ الْعُضَالُ الْمُقِیمُ فِیهَا مُذْنِبٌ وَ الْخَارِجُ مِنْهَا بِرَحْمَةٍ وَ قَدِ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا مَرَّتَیْنِ وَ عَلَی اللَّهِ تَمَامُ الثَّالِثَةِ وَ تَمَامُ الثَّالِثَةِ فِی الرَّجْعَةِ.

ص: 226


1- 176- رواه علیّ بن إبراهیم رحمه اللّٰه فی تفسیر الآیة: (53) من سورة: «و النجم» من تفسیره: ج 2 ص 339 ط 2. ورواه عنه السید هاشم البحرانی رفع اللّٰه مقامه فی تفسیر الآیة الكریمة من سورة " النجم " من تفسیر البرهان: ج ٤ ص ٢٥٦.

بیان: قال البیضاوی المؤتفكة القری التی ائتفكت بأهلها أی انقلبت و قال فی النهایة فی حدیث أنس البصرة إحدی المؤتفكات یعنی أنها غرقت مرتین فشبه غرقها بانقلابها و قال الجوهری داء عضال أی شدید أعیا الأطباء.

«177»-(1)

فس، تفسیر القمی وَ الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ الْمُؤْتَفِكَاتُ الْبَصْرَةُ وَ الْخَاطِئَةُ فُلَانَةُ.

بیان: قال البیضاوی بِالْخاطِئَةِ أی بالخطإ أو بالفعلة أو بالأفعال ذات الخطإ و أما التأویل الذی ذكره علی بن إبراهیم

فَقَدْ رَوَاهُ مُؤَلِّفُ تَأْوِیلِ الْآیَاتِ الْبَاهِرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِیِّ عَنْ سَیْفِ بْنِ عَمِیرَةَ عَنْ أَخِیهِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ علیه السلام یَقْرَأُ وَ جاءَ فِرْعَوْنُ یَعْنِی الثَّالِثَ وَ مَنْ قَبْلَهُ یَعْنِی الْأَوَّلَیْنِ وَ الْمُؤْتَفِكاتُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بِالْخاطِئَةِ الْحُمَیْرَاءُ.

فالمراد بمجی ء الأولین و الثالث بعائشة أنهم أسسوا لها بما فعلوا من الجور علی أهل البیت علیهم السلام أساسا به تیسر لها الخروج و الاعتداء علی أمیر المؤمنین علیه السلام و لو لا ما فعلوا لم تكن تجترئ علی ما فعلت و المراد بالمؤتفكات أهل المؤتفكات و الجمع باعتبار البقاع و القری و المحلات.

«178»-(2)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی الْمُفِیدُ عَنِ الْكَاتِبِ عَنِ الزَّعْفَرَانِیِّ عَنِ الثَّقَفِیِّ عَنْ أَبِی الْوَلِیدِ

ص: 227


1- 177- رواه علیّ بن إبراهیم رضی اللّٰه عنه فی تفسیر الآیة: (9) من سورة الحاقة من تفسیره: ج 2 ص ...ورواه السید البحرانی عنه وعن شرف الدین النجفی فی كتاب تأویل الآیات الباهرة فی تفسیر الآیة الكریمة من سورة الحاقة من تفسیر البرهان: ج ٤ ص ٣٧٥ ط ٣.
2- 178- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (29) من الجزء الخامس من أمالیه ص 134. وقریبا منه جدا رواه السید الرضی فی المختار: (٢٦٢) من باب قصار نهج البلاغة.

الضَّبِّیِّ عَنْ أَبِی بَكْرٍ الْهُذَلِیِّ قَالَ: دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ حَوْطٍ اللَّیْثِیُّ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَا أَرَی طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرَ وَ عَائِشَةَ أَضْحَوْا إِلَّا عَلَی حَقٍّ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَا حَارِ إِنَّكَ نَظَرْتَ تَحْتَكَ وَ لَمْ تَنْظُرْ فَوْقَكَ جُزْتَ عَنِ الْحَقِّ إِنَّ الْحَقَّ وَ الْبَاطِلَ لَا یُعْرَفَانِ بِالنَّاسِ وَ لَكِنِ اعْرِفِ الْحَقَّ بِاتِّبَاعِ مَنِ اتَّبَعَهُ وَ الْبَاطِلَ بِاجْتِنَابِ مَنِ اجْتَنَبَهُ قَالَ فَهَلَّا أَكُونُ تَبَعاً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَ سَعْداً خَذَلَا الْحَقَّ وَ لَمْ یَنْصُرَا الْبَاطِلَ مَتَی كَانَا إِمَامَیْنِ فِی الْخَیْرِ فَیُتَّبَعَانِ.

بیان: إنك نظرت تحتك لعله كنایة عن الغفلة عن معالی الأمور أو أنه اقتصر علی النظر إلی أمثاله و من هو أدون منه و لم یتبع من یجب اتباعه ممن هو فوقه.

«179»-(1)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْهُذَلِیِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِیرِینَ قَالَ سَمِعْتُ غَیْرَ وَاحِدٍ مِنْ مَشِیخَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ یَقُولُونَ لَمَّا فَرَغَ عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام مِنْ حَرْبِ الْجَمَلِ عُرِضَ لَهُ مَرَضٌ وَ حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ فَتَأَخَّرَ عَنْهَا وَ قَالَ لِابْنِهِ الْحَسَنِ انْطَلِقْ یَا بُنَیَّ فَاجْمَعْ بِالنَّاسِ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ إِلَی الْمَسْجِدِ فَلَمَّا اسْتَقَلَّ عَلَی الْمِنْبَرِ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ تَشَهَّدَ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ

ص: 228


1- 179- رواه الشیخ الطوسیّ رفع اللّٰه مقامه فی الحدیث: (30) من الجزء (3) من أمالیه ج 1، ص 80.

أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنَا لِنُبُوَّتِهِ وَ اصْطَفَانَا عَلَی خَلْقِهِ وَ أَنْزَلَ عَلَیْنَا كِتَابَهُ وَ وَحْیَهُ وَ ایْمُ اللَّهِ لَا یَنْتَقِصُنَا أَحَدٌ مِنْ حَقِّنَا شَیْئاً إِلَّا یَنْقُصُهُ اللَّهُ فِی عَاجِلِ دُنْیَاهُ وَ آجِلِ آخِرَتِهِ وَ لَا یَكُونُ عَلَیْنَا دَوْلَةٌ إِلَّا كَانَتْ لَنَا الْعَاقِبَةُ وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِینٍ ثُمَّ جَمَعَ بِالنَّاسِ وَ بَلَغَ أَبَاهُ كَلَامُهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَی أَبِیهِ علیه السلام نَظَرَ إِلَیْهِ فَمَا مَلَكَ عَبْرَتَهُ أَنْ سَالَتْ عَلَی خَدَّیْهِ ثُمَّ اسْتَدْنَاهُ إِلَیْهِ فَقَبَّلَ بَیْنَ عَیْنَیْهِ وَ قَالَ بِأَبِی أَنْتَ وَ أُمِّی ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ.

«180»-(1)

مع، معانی الأخبار مَاجِیلَوَیْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنِ الْكُوفِیِّ عَنْ سُفْیَانَ الْحَرِیرِیِّ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحَزَوَّرِ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام مِنَ الْبَصْرَةِ تَلَقَّاهُ أَشْرَافُ النَّاسِ فَهَنَّوْهُ وَ قَالُوا إِنَّا نَرْجُو أَنْ یَكُونَ هَذَا الْأَمْرُ فِیكُمْ وَ لَا یُنَازِعَكُمْ فِیهِ أَحَدٌ أَبَداً فَقَالَ هَیْهَاتَ فِی كَلَامٍ لَهُ أَنَّی ذَلِكَ وَ لِمَا تَرْمُونَ بِالصَّلْعَاءِ قَالُوا یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَا الصَّلْعَاءُ قَالَ یُؤْخَذُ أَمْوَالُكُمْ قَهْراً فَلَا تَمْنَعُونَ [فَلَا تَمْتَنِعُونَ .

بیان: قال فی النهایة الصلعاء الأرض التی لا تنبت و فی حدیث عائشة أنها قالت لمعاویة حین ادعی زیادا ركبت الصلیعاء أی الداهیة و الأمر الشدید أو السوءة الشنیعة البارزة المكشوفة.

«181»-(2)

یج، الخرائج و الجرائح رُوِیَ عَنْ أَبِی الصَّیْرَفِیِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُرَادٍ قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً عَلَی رَأْسِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام یَوْمَ الْبَصْرَةِ إِذْ أَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ الْقِتَالِ فَقَالَ إِنَّ لِی إِلَیْكَ حَاجَةً فَقَالَ علیه السلام مَا أَعْرَفَنِی بِالْحَاجَةِ الَّتِی جِئْتَ فِیهَا تَطْلُبُ الْأَمَانَ لِابْنِ الْحَكَمِ قَالَ نَعَمْ أُرِیدُ أَنْ تُؤْمِنَهُ قَالَ آمَنْتُهُ

ص: 229


1- 180- رواه الشیخ الصدوق رحمه اللّٰه فی «باب معنی الرمی بالصلعاء» و هو الباب من كتاب معانی الأخبار، ص 163.
2- 181- رواه قطب الدین الراوندیّ رحمه اللّٰه فی كتاب الخرائج.

وَ لَكِنِ اذْهَبْ إِلَیْهِ وَ جِئْنِی بِهِ وَ لَا تَجِئْنِی بِهِ إِلَّا رَدِیفاً فَإِنَّهُ أَذَلُّ لَهُ فَجَاءَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رِدْفاً خَلْفَهُ فَكَأَنَّهُ قِرْدٌ فَقَالَ لَهُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ أَ تُبَایِعُ قَالَ نَعَمْ وَ فِی النَّفْسِ مَا فِیهَا قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِی الْقُلُوبِ فَلَمَّا بَسَطَ یَدَهُ لِیُبَایِعَهُ أَخَذَ كَفَّهُ عَنْ كَفِّ مَرْوَانَ فَتَرَّهَا فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِی فِیهَا إِنَّهَا كَفٌّ یَهُودِیَّةٌ لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ عِشْرِینَ مَرَّةً لَنَكَثَ بِاسْتِهِ ثُمَّ قَالَ هِیهِ یَا ابْنَ الْحَكَمِ خِفْتَ عَلَی رَأْسِكَ أَنْ تَقَعَ فِی هَذِهِ الْمَعْمَعَةِ كَلَّا وَ اللَّهِ حَتَّی یَخْرُجَ مِنْ صُلْبِكَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ یَسُومُونَ هَذِهِ الْأُمَّةَ خَسْفاً وَ یَسْقُونَهُ كَأْساً مُصَبَّرَةً.

بیان: قوله فترها كذا فی أكثر النسخ بالتاء و الراء المهملة قال الفیروزآبادی فی القاموس تر العظم یتر و یتر علی زنة یمد و یفر ترا و ترورا بان و انقطع و قطع كأتر و تر عن بلده تباعد و التترتر التزلزل و التقلقل و ترتروا السكران حركوه و زعزعوه و استنكهوه حتی یوجد منه الریح.

و فی بعض النسخ فنثرها بالنون و الثاء المثلثة أی نفضها و فی بعضها بالنون و التاء المثناة من النتر و هو الجذب بقوة و قال فی القاموس یقال لشی ء یطرد هیه هیه بالكسر و هی كلمة استزادة أیضا و فی النهایة المعامع شدة الموت و الجد فی القتال و المعمعة فی الأصل صوت الحریق و المعمعان شدة الحر.

«182»-(1)

شا، الإرشاد وَ مِنْ كَلَامِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ بِالْبَصْرَةِ حِینَ ظَهَرَ عَلَی الْقَوْمِ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَی وَ الثَّنَاءِ عَلَیْهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَ مَغْفِرَةٍ دَائِمَةٍ وَ عَفْوٍ جَمٍّ وَ عِقَابٍ أَلِیمٍ قَضَی أَنَّ رَحْمَتَهُ وَ مَغْفِرَتَهُ وَ عَفْوَهُ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ بِرَحْمَتِهِ اهْتَدَی

ص: 230


1- 182- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (27 و 28) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام فی كتاب الإرشاد ص 137. و القسم الأوّل- أعنی خطبته علیه السلام- رواه أیضا الشیخ المفید فی كتاب الجمل ص 214 ط النجف.

الْمُهْتَدُونَ وَ قَضَی أَنَّ نَقِمَتَهُ وَ سَطَوَاتِهِ وَ عِقَابَهُ عَلَی أَهْلِ مَعْصِیَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَ بَعْدَ الْهُدَی وَ الْبَیِّنَاتِ مَا ضَلَّ الضَّالُّونَ فَمَا ظَنُّكُمْ یَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ قَدْ نَكَثْتُمْ بَیْعَتِی وَ ظَاهَرْتُمْ عَلَیَّ عَدُوِّی فَقَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ نَظُنُّ خَیْراً وَ نَرَاكَ قَدْ ظَهَرْتَ وَ قَدَرْتَ فَإِنْ عَاقَبْتَ فَقَدِ اجْتَرَمْنَا ذَلِكَ وَ إِنْ عَفَوْتَ فَالْعَفْوُ أَحَبُّ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَقَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكُمْ فَإِیَّاكُمْ وَ الْفِتْنَةَ فَإِنَّكُمْ أَوَّلُ الرَّعِیَّةِ نَكَثَ الْبَیْعَةَ وَ شَقَّ عَصَا هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ بَایَعُوهُ ثُمَّ كَتَبَ علیه السلام بِالْفَتْحِ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ إِلَی أَهْلِ الْكُوفَةِ سَلَامٌ عَلَیْكُمْ فَإِنِّی أَحْمَدُ إِلَیْكُمُ اللَّهَ الَّذِی لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ حَكَمٌ عَدْلٌ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ أُخْبِرُكُمْ عَنَّا وَ عَمَّنْ سِرْنَا إِلَیْهِ مِنْ جُمُوعِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَ مَنْ تَأَشَّبَ إِلَیْهِمْ مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهِمْ مَعَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ نَكْثِهِمْ صَفْقَةَ أَیْمَانِهِمْ فَنَهَضْتُ مِنَ الْمَدِینَةِ حِینَ انْتَهَی إِلَیَّ خَبَرُ مَنْ سَارَ إِلَیْهَا وَ جَمَاعَتِهِمْ وَ مَا فَعَلُوا بِعَامِلِی عُثْمَانَ بْنِ حُنَیْفٍ حَتَّی قَدِمْتُ ذَا قَارٍ فَبَعَثْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ وَ عَمَّارَ بْنَ یَاسِرٍ وَ قَیْسَ بْنَ سَعْدٍ فَاسْتَنْفَرْتُكُمْ بِحَقِّ اللَّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ وَ حَقِّی فَأَقْبَلَ إِلَیَّ إِخْوَانُكُمْ سِرَاعاً حَتَّی قَدِمُوا عَلَیَّ فَسِرْتُ بِهِمْ حَتَّی نَزَلْتُ ظَهْرَ الْبَصْرَةِ فَأَعْذَرْتُ بِالدُّعَاءِ وَ قُمْتُ بِالْحُجَّةِ وَ أَقَلْتُ الْعَثْرَةَ وَ الزَّلَّةَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ مِنْ قُرَیْشٍ وَ غَیْرِهِمْ وَ اسْتَتَبْتُهُمْ مِنْ نَكْثِهِمْ بَیْعَتِی وَ عَهْدَ اللَّهِ عَلَیْهِمْ فَأَبَوْا إِلَّا قِتَالِی وَ قِتَالَ مَنْ مَعِی وَ التَّمَادِیَ فِی الْغَیِّ فَنَاهَضْتُهُمْ بِالْجِهَادِ فَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ نَاكِثاً وَ وَلَّی مَنْ وَلَّی إِلَی مِصْرِهِمْ وَ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَیْرُ عَلَی نَكْثِهِمَا وَ شِقَاقِهِمَا وَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ عَلَیْهِمْ أَشْأَمَ مِنْ نَاقَةِ الْحِجْرِ فَخُذِلُوا وَ أَدْبَرُوا وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ

ص: 231

الْأَسْبابُ فَلَمَّا رَأَوْا مَا حَلَّ بِهِمْ سَأَلُونِیَ الْعَفْوَ عَنْهُمْ فَقَبِلْتُ مِنْهُمْ وَ غَمَدْتُ السَّیْفَ عَنْهُمْ وَ أَجْرَیْتُ الْحَقَّ وَ السُّنَّةَ فِیهِمْ وَ اسْتَعْمَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ عَلَی الْبَصْرَةِ وَ أَنَا سَائِرٌ إِلَی الْكُوفَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَیْكُمْ زَحْرَ بْنَ قَیْسٍ الْجُعْفِیَّ لِتُسَائِلُوهُ فَیُخْبِرَكُمْ عَنَّا وَ عَنْهُمْ وَ رَدِّهِمُ الْحَقَّ عَلَیْنَا وَ رَدِّ اللَّهِ لَهُمْ وَ هُمْ كَارِهُونَ وَ السَّلَامُ عَلَیْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.

توضیح:

كلمة ما فی قوله علیه السلام ما ضل زائدة أو مصدریة و الأول أظهر و شق العصا مثل یضرب لتفریق الجماعة و أصله من أن الأعرابیین إذا اجتمعا كانت لهما عصا واحدة فإذا تفرقا شقا العصا و أخذ كل منهما شقا منها.

و قال الجوهری تأشب القوم اختلطوا و ائتشبوا أیضا یقال جاء فلان فیمن تأشب إلیه أی انضم إلیه و قال ناهضته أی قاومته و تناهض القوم فی الحرب إذا نهض كل فریق إلی صاحبه و قال فولی عنه أی أعرض و ولی هاربا أی أدبر و الحجر بالكسر منازل ثمود قال تعالی كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِینَ

«183»-(1)

شی، تفسیر العیاشی عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ علیهما السلام عَلَی هَذَا الْمِنْبَرِ وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ أَمْرِ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ

ص: 232


1- 183- رواه العیّاشیّ مع الحدیثین التالیین فی تفسیر الآیة: (12) من سورة التوبة من تفسیره. ورواها البحرانی مع أحادیث أخر عنه وعن غیره فی تفسیر الآیة الكریمة من تفسیر البرهان: ج ٢ ص ١٠٧، ط ٣.

أَیُّهَا النَّاسُ وَ اللَّهِ مَا قَاتَلْتُ هَؤُلَاءِ بِالْأَمْسِ إِلَّا بِآیَةٍ تَرَكْتُهَا فِی كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ یَنْتَهُونَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ عَهِدَ إِلَیَّ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ قَالَ لِی یَا عَلِیُّ لَتُقَاتِلَنَّ الْفِئَةَ الْبَاغِیَةَ وَ الْفِئَةَ النَّاكِثَةَ وَ الْفِئَةَ الْمَارِقَةَ.

«184»-شی، تفسیر العیاشی عَنِ الشَّعْبِیِّ قَالَ: قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ إِلَی آخِرِ الْآیَةِ ثُمَّ قَالَ مَا قُوتِلَ أَهْلُهَا بَعْدُ فَلَمَّا كَانَ یَوْمُ الْجَمَلِ قَرَأَهَا عَلِیٌّ علیه السلام ثُمَّ قَالَ مَا قُوتِلَ أَهْلُهَا مُنْذُ یَوْمَ نَزَلَتْ حَتَّی كَانَ الْیَوْمُ.

«185»-شی، تفسیر العیاشی عَنْ أَبِی عُثْمَانَ مَوْلَی بَنِی أَقْصَی قَالَ سَمِعْتُ عَلِیّاً علیه السلام یَقُولُ عَذَرَنِیَ اللَّهُ مِنْ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ (1) بَایَعَانِی طَائِعَیْنِ غَیْرَ مُكْرَهَیْنِ ثُمَّ نَكَثَا بَیْعَتِی مِنْ غَیْرِ حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وَ اللَّهِ مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآیَةِ مُذْ نَزَلَتْ حَتَّی قَاتَلْتُهُمْ وَ إِنْ نَكَثُوا أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُوا فِی دِینِكُمْ الْآیَةَ.

«186»-(2)

كا، الكافی مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِیسَی عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نُعْمَانَ أبو [أَبِی] جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ سَلَامِ بْنِ الْمُسْتَنِیرِ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ: إِنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام لَمَّا انْقَضَتِ الْقِصَّةُ فِیمَا بَیْنَهُ وَ بَیْنَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَیْرِ وَ عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَی عَلَیْهِ وَ صَلَّی عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله ثُمَّ قَالَ أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْیَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ تَفْتِنُ النَّاسَ بِالشَّهَوَاتِ وَ تُزَیِّنُ لَهُمْ

ص: 233


1- كذا.
2- 186- رواه ثقة الإسلام الكلینی فی الحدیث: (368) من كتاب الروضة من الكافی: ج 8 ص 256.

بِعَاجِلِهَا وَ ایْمُ اللَّهِ إِنَّهَا لَتَغُرُّ مَنْ أَمَّلَهَا وَ تُخْلِفُ مَنْ رَجَاهَا وَ سَتُورِثُ غَداً أَقْوَاماً النَّدَامَةَ وَ الْحَسْرَةَ بِإِقْبَالِهِمْ عَلَیْهَا وَ تَنَافُسِهِمْ فِیهَا وَ حَسَدِهِمْ وَ بَغْیِهِمْ عَلَی أَهْلِ الدِّینِ وَ الْفَضْلِ فِیهَا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً وَ بَغْیاً وَ أَشَراً وَ بَطَراً وَ بِاللَّهِ إِنَّهُ مَا عَاشَ قَوْمٌ قَطُّ فِی غَضَارَةٍ مِنْ كَرَامَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِی مَعَاشِ دُنْیَا وَ لَا دَائِمِ تَقْوَی فِی طَاعَةِ اللَّهِ وَ الشُّكْرِ لِنِعَمِهِ فَأَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَغْیِیرٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ تَحْوِیلٍ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَ الْحَادِثِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَ قِلَّةِ مُحَافَظَةٍ وَ تَرْكِ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ تَهَاوُنٍ بِشُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِی وَ كَسَبَةَ الذُّنُوبِ إِذَا هُمْ حُذِّرُوا زَوَالَ نِعَمِ اللَّهِ وَ حُلُولَ نَقِمَتِهِ وَ تَحْوِیلَ عَافِیَتِهِ أَیْقَنُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِمَا كَسَبَتْ أَیْدِیهِمْ فَأَقْلَعُوا وَ تَابُوا وَ فَزِعُوا إِلَی اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِصِدْقٍ مِنْ نِیَّاتِهِمْ وَ إِقْرَارٍ مِنْهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ إِسَاءَتِهِمْ لَصَفَحَ لَهُمْ عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَ إِذاً لَأَقَالَهُمْ كُلَّ عَثْرَةٍ وَ لَرَدَّ عَلَیْهِمْ كُلَّ كَرَامَةِ نِعَمِهِ ثُمَّ أَعَادَ لَهُمْ مِنْ صَالِحِ أَمْرِهِمْ وَ مِمَّا كَانَ أَنْعَمَ بِهِ عَلَیْهِمْ كُلَّ مَا زَالَ عَنْهُمْ وَ أَفْسَدَ عَلَیْهِمْ ف اتَّقُوا اللَّهَ أَیُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقاتِهِ وَ اسْتَشْعِرُوا خَوْفَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَ أَخْلِصُوا النَّفْسَ وَ تُوبُوا إِلَیْهِ مِنْ قَبِیحِ مَا اسْتَنْفَرَكُمُ الشَّیْطَانُ مِنْ قِتَالِ وَلِیِّ الْأَمْرِ وَ أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله وَ مَا تَعَاوَنْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ تَفْرِیقِ الْجَمَاعَةِ وَ تَشَتُّتِ الْأَمْرِ وَ فَسَادِ صَلَاحِ ذَاتِ الْبَیْنِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقْبَلُ التَّوْبَةَ ... وَ یَعْفُوا عَنِ السَّیِّئاتِ وَ یَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ.

«187»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام قَالَهُ لِمَرْوَانَ بْنِ حَكَمٍ بِالْبَصْرَةِ

ص: 234


1- 187- رواه السیّد الرضی رضی اللّٰه عنه فی المختار: (71) من كتاب نهج البلاغة.

قَالُوا أُخِذَ مَرْوَانُ بْنُ حَكَمٍ أَسِیراً یَوْمَ الْجَمَلِ فَاسْتَشْفَعَ بِالْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام فَكَلَّمَاهُ فِیهِ فَخَلَّی سَبِیلَهُ فَقَالا لَهُ یُبَایِعُكَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ فَقَالَ علیه السلام أَ وَ لَمْ یُبَایِعْنِی بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ لَا حَاجَةَ لِی فِی بَیْعَتِهِ إِنَّهَا كَفٌّ یَهُودِیَّةٌ لَوْ بَایَعَنِی بِیَدِهِ لَغَدَرَ بِسَبَّتِهِ أَمَا إِنَّ لَهُ إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ أَنْفَهُ وَ هُوَ أَبُو الْأَكْبُشِ الْأَرْبَعَةِ وَ سَتَلْقَی الْأُمَّةُ مِنْهُ وَ مِنْ وُلْدِهِ یَوْماً أَحْمَرَ.

إیضاح:

الحكم بن أبی العاص أبو مروان هو الذی طرده رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و آواه عثمان كما مر و الضمیر فی أنها یعود إلی الكف المفهوم من البیعة لجریان العادة بأن یضع المبایع كفه فی كف المبتاع و النسبة إلی الیهود لشیوع الغدر فیهم و السبة بالفتح الاست أی لو بایع فی الظاهر لغدر فی الباطن و ذكر السبة إهانة له و الإمرة بالكسر مصدر كالإمارة و قیل اسم و لَعِقَه كسمعه لحسه و الغرض قصر مدة إمارته و كانت تسعة أشهر و قیل ستة أشهر و قیل أربعة أشهر و عشرة أیام.

و الكبش بالفتح الحمل إذا خرجت رباعیته و كبش القوم رئیسهم و فسر الأكثر الكبش ببنی عبد الملك الولید و سلیمان و یزید و هشام و لم یل الخلافة من بنی أمیة و لا من غیرهم أربعة إخوة إلا هؤلاء و قیل هم بنو مروان لصلبه عبد الملك الذی ولی الخلافة و عبد العزیز الذی ولی مصر و بشر الذی ولی العراق و محمد الذی ولی الجزیرة و لكل منهم آثار مشهورة.

و الولد بالتحریك مفرد و جمع و الیوم الأحمر الشدید و فی بعض النسخ موتا أحمر و هو كنایة عن القتل.

«188»-(1)

ما، الأمالی للشیخ الطوسی بِإِسْنَادِهِ قَالَ خَطَبَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ:

ص: 235


1- 188- رواه الشیخ الطوسیّ قدس اللّٰه نفسه فی الحدیث: (6) من المجلس: (22) من أمالیه: ج 2 ص 78 ط 1.

یَا جُنْدَ الْمَرْأَةِ وَ یَا أَصْحَابَ الْبَهِیمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَ عُقِرَ فَانْهَزَمْتُمْ اللَّهُ أَمَرَكُمْ بِجِهَادِی أَمْ عَلَی اللَّهِ تَفْتَرُونَ ثُمَّ قَالَ یَا بَصْرَةُ أَیُّ یَوْمٍ لَكِ لَوْ تَعْلَمِینَ وَ أَیُّ قَوْمٍ لَكِ لَوْ تَعْلَمِینَ أَنَّ لَكِ مِنَ الْمَاءِ یَوْماً عَظِیماً بَلَاؤُهُ وَ ذَكَرَ كَلَاماً كَثِیراً.

«189»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام أَنْتُمُ الْأَنْصَارُ عَلَی الْحَقِّ وَ الْإِخْوَانُ فِی الدِّینِ وَ الْجُنَنُ یَوْمَ الْبَأْسِ وَ الْبِطَانَةُ دُونَ النَّاسِ بِكُمْ أَضْرِبُ الْمُدْبِرَ وَ أَرْجُو طَاعَةَ الْمُقْبِلِ فَأَعِینُونِی بِمُنَاصَحَةٍ خَلِیَّةٍ مِنَ الْغِشِّ سَلِیمَةٍ مِنَ الرَّیْبِ فَوَ اللَّهِ إِنِّی لَأَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ.

بیان: قال ابن أبی الحدید قاله للأنصار بعد فراغه من حرب الجمل ذكره المدائنی و الواقدی فی كتابیهما (2).

و بطانة الرجل خاصته و أصحاب سره و المدبر من أدبر و أعرض عن الحق قوله علیه السلام و أرجو أی من أقبل إلی إذا رأی أخلاقكم الحمیدة أطاعنی بصمیم قلبه و یمكن أن یراد بالمقبل من كان من شأنه الإقبال و الطاعة.

«190»-(3)

شا، الإرشاد مِنْ كَلَامِهِ علیه السلام حِینَ قُتِلَ طَلْحَةُ وَ انْفَضَّ جَمْعُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ

ص: 236


1- 189- رواه السیّد الرضی فی المختار: (116) من نهج البلاغة، و ما ذكره المصنّف فی ذیل الكلام عن ابن أبی الحدید، ذكره ابن أبی الحدید فی ذیل هذا الكلام من شرحه: ج 2 ص 779.
2- كتب فی هامش الأصل المطبوع بأن هاهنا كان فی النسخة بیاضا.
3- 190- رواه الشیخ المفید رحمه اللّٰه فی الفصل: (25) مما اختار من كلام أمیر المؤمنین علیه السلام من كتاب الإرشاد، ص 135.

بِنَا تَسَنَّمْتُمُ الشَّرَفَ وَ بِنَا انْفَجَرْتُمْ عَنِ السِّرَارِ وَ بِنَا اهْتَدَیْتُمْ فِی الظَّلْمَاءِ وُقِرَ سَمْعٌ لَمْ یَفْقَهِ الْوَاعِیَةَ وَ كَیْفَ یُرَاعِی النَّبْأَةَ مَنْ أَصَمَّتْهُ الصَّیْحَةُ رُبِطَ جَنَانٌ لَمْ یُفَارِقْهُ الْخَفَقَانُ وَ مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ وَ أَتَوَسَّمُكُمْ بِحِلْیَةِ الْمُغْتَرِّینَ سَتَرَنِی عَنْكُمْ جِلْبَابُ الدِّینِ وَ بَصَّرَنِیكُمْ صِدْقُ النِّیَّةِ أَقَمْتُ لَكُمُ الْحَقَّ حَیْثُ تَعْرِفُونَ وَ لَا دَلِیلَ وَ تَحْتَفِرُونَ وَ لَا تُمِیهُونَ الْیَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْمَاءَ ذَاتَ الْبَیَانِ عَزَبَ فَهْمُ امْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنِّی مَا شَكَكْتُ فِی الْحَقِّ مُنْذُ رَأَیْتُهُ كَانَ بَنُو یَعْقُوبَ عَلَی الْمَحَجَّةِ الْعُظْمَی حَتَّی عَقُّوا أَبَاهُمْ وَ بَاعُوا أَخَاهُمْ وَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ كَانَ تَوْبَتُهُمْ وَ بِاسْتِغْفَارِ أَبِیهِمْ وَ أَخِیهِمْ غُفِرَ لَهُمْ.

بیان: هذا الكلام

رواه السید الرضی فی النهج بأدنی تغییر و أوله بنا اهتدیتم فی الظلماء و تسنمتم العلیاء و بنا انفجرتم عن السرار وقر سمع. إلی قوله أقمت لكم علی سنن الحق فی جواد المضلة حیث تلتقون و لا دلیل إلی قوله ما شككت فی الحق مذ أریته لم یوجس موسی خیفة علی نفسه أشفق من غلبة الجهال و دول الضلال.

الیوم تواقفنا علی سبیل الحق و الباطل من وثق بماء لم یظمأ (1) قوله و تسنمتم العلیا أی ركبتم سنامها و سنام كل شی ء أعلاه أی بتلك 9 الهدایة علی قدركم و بنا انفجرتم و روی أفجرتم.

ص: 237


1- رواه السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار الرابع من نهج البلاغة.

قال ابن أبی الحدید هو نحو أغد البعیر أی صرتم ذوی فجر و عن للمجاوزة أی متنقلین عن السرار و السرار اللیلة و اللیلتان یستتر فیهما القمر فی آخر الشهر.

أقول: و علی الروایة الأخری لعل المعنی انفجرتم انفجار العین من الأرض أو الصبح من اللیل وقر سمع دعاء علی السمع الذی لم یفقه كلام الداعی إلی اللّٰه بالثقل و الصمم كیف یراعی النبأة أی من أصمته الصیحة القویة فإنه لم یسمع الصوت الضعیف و المعنی من لم ینتفع بالمواعظ الجلیة كیف ینتفع بالعبر الضعیفة و لعله كنایة عن ضعف دعائه بالنسبة إلی دعاء اللّٰه و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله.

ربط جنان دعاء للقلوب الخائفة الوجلة التی لا تزال تخفق من خشیة اللّٰه و الإشفاق من عذابه بالسكینة و الثبات و الاطمئنان و التقدیر ربط جنان نفسه و من روی بضم الراء فالمعنی ربط اللّٰه جنانا كانت كذلك و هو أظهر.

و الخفقان بالتحریك التحرك و الاضطراب ما زلت أنتظر بكم الخطاب لبقیة أصحاب الجمل أو مع المقتولین أو الأخیر فقط.

و إضافة عواقب الغدر بیانیة أو لامیة و التوسم التفرس أی كنت أتفرس منكم أنكم ستغترون بالشبه الباطلة.

سترنی عنكم جلباب الدین أی الدین حال بینی و بینكم فلم تعرفوا ما أقوی علیه من الغلظة علیكم و قتلكم و سترنی من عین قلوبكم ما وقفنی علیه الدین من الرفق و الشفقة و سحب ذیل العفو علی الجرائم.

و یحتمل أن یكون المعنی إظهاركم شعار الإسلام عصمكم منی مع علمی بنفاقكم فأجریتكم مجری المخلصین و هذا أنسب بما رواه بعضهم ستركم عنی و بصرنیكم صدق النیة أی جعلنی بصیرا بكم إخلاصی لله تعالی و به صارت مرآة نفسی صافیة كما

قال النبی صلی اللّٰه علیه و آله المؤمن ینظر بنور اللّٰه.

ذكره ابن میثم و الراوندی.

ص: 238

و یحتمل أن یكون المراد بصدق النیة العلم الصادق الحاصل له علیه السلام بنفاقهم من العلامات كما قال تعالی فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِیماهُمْ وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِی لَحْنِ الْقَوْلِ أی أنزلكم منزلة المخلصین لظاهر إسلامكم مع علمی واقعا بنفاقكم.

و قال الراوندی رحمه اللّٰه و یحتمل وجها آخر و هو أن یكون المعنی إنما أخفی رتبتی و منزلتی علیكم ما أنا متباطئة من التخلق بأخلاق الدیانة و هو أنه لا یعرفهم نفسه بمفاخرها و مآثرها فیكون من باب قوله إن هاهنا علما جما لو أصبت له حملة و علی هذا یكون معناه أنكم إن صدقت نیاتكم و نظرتم بعین صحیحة و أنصفتمونی أبصرتم منزلتی.

أقمت لكم علی سنن الحق أی قمت لكم علی جادة طریق الحق حیث یضل من تنكب عنه و لا دلیل غیری و حیث تحتفرون الآبار لتحصیل الماء و لا تمیهون أی لا تجدون ماء.

الیوم أنطق لكم العجماء كنی بالعجماء ذات البیان عن العبر الواضحة و ما حل بقوم فسقوا عن أمر ربهم و عما هو واضح من كمال فضله علیه السلام و عن حال الدین و مقتضی أوامر اللّٰه تعالی فإن هذه الأمور عجماء لا نطق لها مقالا ذات البیات حالا و لما بینها علیه السلام و عرفهم ما یقوله لسان حالها فكأنه علیه السلام أنطقها لهم.

و قیل العجماء صفة لمحذوف أی الكلمات العجماء و المراد بها ما فی هذه الخطبة من الرموز التی لا نطق لها مع أنها ذات بیان عند أولی الألباب.

عزب أی بعد و یحتمل الإخبار و الدعاء و فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً أضمر.

الیوم تواقفنا أی أنا واقف علی سبیل الحق و أنتم علی الباطل و من وثق بماء لعل المراد من كان علی الحق و أیقن ذلك و اعتمد علی ربه لا یبالی بما وقع علیه كما أن من وثق بماء لم یفزعه عطشه.

ص: 239

و قال الشارحون أی إن سكنتم إلی قولی و وثقتم به كنتم أبعد عن الضلال و أقرب إلی الیقین.

- و قال القطب الراوندی رحمه اللّٰه فی شرحه علی هذه الخطبة من نهج البلاغة أخبرنا بهذه الخطبة جماعة عن جعفر الدوریستی عن أبیه محمد بن العباس عن محمد بن علی بن موسی عن محمد بن علی الأسترآبادی عن علی بن محمد بن سیار عن أبیه عن الحسن العسكری عن آبائه عن أمیر المؤمنین.

«191»-(1)

نهج، نهج البلاغة وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ علیه السلام خَاطَبَ بِهِ أَهْلَ الْبَصْرَةِ عَلَی جِهَةِ اقْتِصَاصِ الْمَلَاحِمِ فَمَنِ اسْتَطَاعَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ یَعْتَقِلَ نَفْسَهُ عَلَی اللَّهِ فَلْیَفْعَلْ فَإِنْ أَطَعْتُمُونِی فَإِنِّی حَامِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَی سَبِیلِ الْجَنَّةِ وَ إِنْ كَانَ ذَا مَشَقَّةٍ شَدِیدَةٍ عَظِیمَةٍ وَ مَذَاقَةٍ مَرِیرَةٍ وَ أَمَّا فُلَانَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْیُ النِّسَاءِ وَ ضِغْنٌ غَلَا فِی صَدْرِهَا كَمِرْجَلِ الْقَیْنِ وَ لَوْ دُعِیَتْ لِتَنَالَ مِنْ غَیْرِی مَا أَتَتْ إِلَیَّ لَمْ تَفْعَلْ وَ لَهَا بَعْدُ حُرْمَتُهَا الْأُولَی وَ الْحِسَابُ عَلَی اللَّهِ.

وَ مِنْهُ:

سَبِیلٌ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ أَنْوَرُ السِّرَاجِ فَبِالْإِیمَانِ یُسْتَدَلُّ عَلَی الصَّالِحَاتِ وَ بِالصَّالِحَاتِ یُسْتَدَلُّ عَلَی الْإِیمَانِ وَ بِالْإِیمَانِ یُعْمَرُ الْعِلْمُ وَ بِالْعِلْمِ یُرْهَبُ الْمَوْتُ وَ بِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْیَا وَ بِالدُّنْیَا تُحْرَزُ الْآخِرَةُ

ص: 240


1- 191- رواه السیّد الرضی رفع اللّٰه مقامه فی المختار: (154) من نهج البلاغة. ورویناه بزیادات كثیرة وشواهد جمة فی المختار: (١٢٢) من نهج السعادة: ج ١، ص ٣٧٢ ط ٢.

وَ إِنَّ الْخَلْقَ لَا مَقْصَرَ لَهُمْ عَنِ الْقِیَامَةِ مُرْقِلِینَ فِی مِضْمَارِهَا إِلَی الْغَایَةِ الْقُصْوَی:

وَ مِنْهُ:

قَدْ شَخَصُوا مِنْ مُسْتَقَرِّ الْأَجْدَاثِ وَ صَارُوا إِلَی مَصَایِرِ الْغَایَاتِ لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا لَا یَسْتَبْدِلُونَ بِهَا وَ لَا یُنْقَلُونَ عَنْهَا وَ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْیَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِنَّهُمَا لَا یُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَ لَا یَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ وَ عَلَیْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ الْحَبْلُ الْمَتِینُ وَ النُّورُ الْمُبِینُ وَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ وَ الرِّیُّ النَّاقِعُ وَ الْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ وَ النَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ لَا یَعْوَجُّ فَیُقَامَ وَ لَا یَزِیغُ فَیُسْتَعْتَبَ وَ لَا تُخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ وَ وُلُوجُ السَّمْعِ مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَ مَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ وَ قَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ فَقَالَ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ أَخْبِرْنَا عَنِ الْفِتْنَةِ وَ هَلْ سَأَلْتَ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله فَقَالَ علیه السلام لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَوْلَهُ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَكُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ عَلِمْتُ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا وَ رَسُولُ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله بَیْنَ أَظْهُرِنَا فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِی أَخْبَرَكَ اللَّهُ بِهَا فَقَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ أُمَّتِی سَیُفْتَنُونَ مِنْ بَعْدِی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ وَ لَیْسَ قَدْ قُلْتَ لِی یَوْمَ أُحُدٍ حَیْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ وَ حِیزَتْ عَنِّی الشَّهَادَةُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَیَّ فَقُلْتَ لِی أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ فَقَالَ لِی إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذَنْ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ وَ لَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَی وَ الشُّكْرِ وَ قَالَ یَا عَلِیُّ إِنَّ الْقَوْمَ سَیُفْتَنُونَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ یَمُنُّونَ بِدِینِهِمْ عَلَی رَبِّهِمْ وَ یَتَمَنَّوْنَ رَحْمَتَهُ وَ یَأْمَنُونَ سَطْوَتَهُ وَ یَسْتَحِلُّونَ حَرَامَهُ بِالشُّبُهَاتِ الْكَاذِبَةِ وَ الْأَهْوَاءِ السَّاهِیَةِ فَیَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ بِالنَّبِیذِ وَ السُّحْتَ بِالْهَدِیَّةِ وَ الرِّبَا بِالْبَیْعِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَبِأَیِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ أَ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ فَقَالَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ.

ص: 241

بیان: قوله علیه السلام أن یعتقل أی یحبس نفسه علی طاعة اللّٰه و فلانة كنایة عن عائشة و لعله من السید رضی اللّٰه عنه تقیة.

قوله علیه السلام و ضغن أی حقد و كان من أسباب حقدها لأمیر المؤمنین علیه السلام سد النبی صلی اللّٰه علیه و آله باب أبیها من المسجد و فتح بابه و بعثه علیه السلام بسورة براءة بعد أخذها من أبی بكر و إكرام رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لفاطمة علیها السلام و حسدها علیها إلی غیر ذلك من الأسباب المعلومة.

و المرجل كمنبر القدر و القین الحداد أی كغلیان قدر من حدید قوله علیه السلام من غیری یعنی به عمر كما قیل أو الأعم و هو أظهر أی لو كان عمر أو أحد من أضرابه و لی الخلافة بعد قتل عثمان علی الوجه الذی قتل علیه و نسب إلیه أنه كان یحرض الناس علی قتله و دعیت إلی أن تخرج علیه فی عصابة تثیر فتنة و تنقض البیعة لم تفعل و هذا بیان لحقدها له علیه السلام.

و البلوج الإضاءة قوله علیه السلام لا مقصر أی لا محبس و لا غایة لهم دونه مرقلین أی مسرعین قد شخصوا أی خرجوا و الأجداث القبور و الخلق بالضم و بضمتین السجیة و الطبع و المروءة و الدین و الرجل إذا روی من الماء فتغیر لونه یقال له نقع قوله علیه السلام لا یزیغ فیستعتب أی لا یمیل فیطلب منه الرجوع. و العتبی الرجوع و المراد بكثرة الرد التردید فی الألسنة.

قوله علیه السلام لا تنزل بنا قال ابن أبی الحدید لقوله تعالی وَ ما كانَ اللَّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِیهِمْ و حیزت عنی أی منعت و الأهواء الساهیة أی الغافلة قوله علیه السلام بمنزلة فتنة أی لا یجری علیهم فی الظاهر أحكام الكفر و إن كانوا باطنا من أخبث الكفار.

ص: 242

أَقُولُ قَالَ ابْنُ مِیثَمٍ وَ ابْنُ أَبِی الْحَدِیدِ (1) هَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ كَثِیرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِینَ عَنْ عَلِیٍّ علیه السلام قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی اللّٰه علیه و آله قَالَ لِی إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَیْكَ جِهَادَ الْمَفْتُونِینَ كَمَا كَتَبَ عَلَیَّ جِهَادَ الْمُشْرِكِینَ قَالَ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِی كُتِبَ عَلَیَّ فِیهَا الْجِهَادُ قَالَ قَوْمٌ یَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّی رَسُولُ اللَّهِ وَ هُمْ مُخَالِفُونَ لِلسُّنَّةِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَامَ أُقَاتِلُهُمْ وَ هُمْ یَشْهَدُونَ كَمَا أَشْهَدُ قَالَ عَلَی الْإِحْدَاثِ فِی الدِّینِ وَ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ كُنْتَ وَعَدْتَنِی الشَّهَادَةَ فَاسْأَلِ اللَّهَ أَنَّ یُعَجِّلَهَا لِی بَیْنَ یَدَیْكَ قَالَ فَمَنْ یُقَاتِلُ النَّاكِثِینَ وَ الْقَاسِطِینَ وَ الْمَارِقِینَ أَمَا إِنِّی قَدْ وَعَدْتُكَ الشَّهَادَةَ وَ سَتُسْتَشْهَدُ تُضْرَبُ عَلَی هَذِهِ فَتُخْضَبُ هَذِهِ فَكَیْفَ صَبْرُكَ إِذاً فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَیْسَ هَذَا بِمَوْطِنِ صَبْرٍ هَذَا مَوْطِنُ شُكْرٍ قَالَ أَجَلْ أَصَبْتَ فَأَعِدَّ لِلْخُصُومَةِ فَإِنَّكَ تُخَاصَمُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ بَیَّنْتَ لِی قَلِیلًا فَقَالَ إِنَّ أُمَّتِی سَتُفْتَنُ مِنْ بَعْدِی فَتَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ وَ تَعْمَلُ بِالرَّأْیِ وَ تَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ بِالنَّبِیذِ وَ السُّحْتَ بِالْهَدِیَّةِ وَ الرِّبَا بِالْبَیْعِ وَ تُحَرِّفُ الْكِتَابَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ تَغْلِبُ كَلِمَةُ الضَّلَالِ فَكُنْ حِلْسَ (2) بَیْتِكَ حَتَّی تُقَلَّدَهَا فَإِذَا قُلِّدْتَهَا جَاشَتْ عَلَیْكَ الصُّدُورُ وَ قُلِبَتْ لَكَ الْأُمُورُ فَقَاتِلْ حِینَئِذٍ عَلَی تَأْوِیلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِیلِهِ فَلَیْسَتْ حَالُهُمُ الثَّانِیَةُ بِدُونِ حَالِهِمُ الْأُولَی فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ فَبِأَیِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلُ هَؤُلَاءِ الْمَفْتُونِینَ أَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ فَقَالَ أَنْزِلْهُمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ یَعْمَهُونَ فِیهَا إِلَی أَنْ یُدْرِكَهُمُ الْعَدْلُ فَقُلْتُ یَا رَسُولَ اللَّهِ أَ یُدْرِكُهُمُ الْعَدْلُ مِنَّا أَمْ مِنْ غَیْرِنَا قَالَ بَلْ مِنَّا فَبِنَا فَتَحَ اللَّهُ وَ بِنَا یَخْتِمُ وَ بِنَا أَلَّفَ بَیْنَ الْقُلُوبِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی مَا وَهَبَ لَنَا مِنْ فَضْلِهِ.

ص: 243


1- رواه ابن میثم رحمه اللّٰه فی آخر شرحه علی المختار: (156)- و هو المختار المتقدم الذكر من نهج البلاغة: ج 3 ص 265 ط 3. وأما ابن أبی الحدید فهو أیضا رواه فی شرح المختار المذكور: ج ٣ ص ٢٧٧ ط بیروت وفی ط مصر: ج ٩. ص ٢٠٦.
2- أی كن ملازما لبیتك كملازمة الجلس لظهر البعیر. و الحلس: الكساء الذی یلی ظهر البعیر تحت القتب.

بیان: كن حلس أی ملازما له غیر مفارق بالخروج للقتال و دفع أهل الضلال و الضمیر فی تقلدها و قلدتها علی المجهول فیهما راجع إلی الخلافة و الإمارة و التقلید مأخوذ من عقد القلادة علی الاستعارة و تقلیدهم إطاعتهم و تركهم العناد و جاش القدر بالهمز و غیره غلا و قلبت لك الأمور أی دبروا أنواع المكاید و الحیل لدفعك.

«192»-(1)

نهج، نهج البلاغة قِیلَ إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ حَوْطٍ أَتَاهُ علیه السلام فَقَالَ أَ تَرَانِی أَظُنُّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ كَانُوا عَلَی ضَلَالَةٍ فَقَالَ یَا حَارِ إِنَّكَ نَظَرْتَ تَحْتَكَ وَ لَمْ تَنْظُرْ فَوْقَكَ فَحِرْتَ إِنَّكَ لَمْ تَ